کامل الصناعه الطبیه المجلد2

اشاره

سرشناسه : مجوسی، علی بن عباس، - ق 384

عنوان و نام پدیدآور : کامل الصناعه الطبیه تالیف علی بن العباس المجوسی (و بهامشه) کتاب مختصر تذکره الامام السویدی فی الطب/ الامام الشوانی

وضعیت فهرست نویسی : فهرستنویسی قبلی

یادداشت : عربی

شماره کتابشناسی ملی : 24931

المقاله السادسه فی صفه الأمور الخارجه عن الأمر الطبیعی و هی الأمراض و أسبابها و الأعراض

اشاره

المقاله السادسه

[من کتاب کامل الصناعه الطبیه المعروف بالملکی[1]]

فی [صفه[2]] الأمور الخارجه عن الأمر الطبیعی [و هی الأمراض و أسبابها و الأعراض[3]]

و هی سته و ثلاثون باباً:

الباب الأول: فی جمله الکلام عن الأمور الخارجه عن [المجری الطبیعی[4]].

الباب الثانی: فی ذکر الأمراض [و أجناسها و أنواعها[5]] و أولًا فی الأمراض المتشابهه الأجزاء.

الباب الثالث: فی [صفه[6]] الأمراض الآلیه.

الباب الرابع: فی جمله الکلام علی أسباب الأمراض[7].

الباب الخامس: فی جمله الکلام علی الأسباب الممرضه.

الباب السادس: و فی صفه أسباب الأمراض المتشابهه الأجزاء، [و أولًا فی أسباب المرض الحار[8]].

الباب السابع: فی أسباب الأمراض الآلیه

الباب الثامن: فی صفه [أسباب[9]] أمراض تفرق الاتصال.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 8

الباب التاسع: فی صفه[10] الأعراض التابعه للأمراض.

الباب العاشر: فی صفه[11] أجناس الأعراض و أنواعها.

الباب الحادی عشر: فی صفه[12] الأعراض الداخله علی الأفعال النفسانیه.

الباب الثانی عشر: فی [ذکر[13]] أسباب الأعراض الداخله علی الأفعال الحس و فعل البصر[14].

الباب الثالث عشر: فی الأعراض الداخله[15] فی حاسه المذاق[16].

الباب الرابع عشر: فی الأعراض الداخله علی السمع[17].

الباب الخامس عشر: فی الأعراض الحادثه لحاسه الشم.

لباب السادس عشر: فی الأعراض الداخله علی حاسه[18] اللمس.

الباب السابع عشر: فی [ذکر[19]] کیفیه الوجع و اللذه.

الباب الثامن عشر: فی الأعراض الواقعه[20] فی فعل شهوه الطعام[21].

الباب التاسع عشر: فی الأعراض الداخله علی فعل الدماغ [الذی هو حس الحواس[22]] و القلب.

الباب العشرون: فی الأعراض الداخله علی حاس الحواس[23].

الباب الحادی و العشرون: فی الأعراض الداخله علی فعل الحرکه الارادیه.

الباب الثانی و العشرون:

فی الحرکه الحادثه علی غیر ما ینبغی[24].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 9

الباب الثالث و العشرون: فی اسباب الاعراض الحادثه عن المرض[25].

الباب الرابع و العشرون: فی صفه الأعراض الحادثه عن فعل الطبیعه و المرض [معاً[26]].

الباب الخامس و العشرون: فی صفه الأعراض الداخله علی الافعال الحیوانیه و أسبابها.

الباب السادس و العشرون: فی صفه الأعراض الداخله علی الأفعال الطبیعیه و أسبابها.

الباب السابع و العشرون: فی الأعراض الداخله علی فعل الجذب و الامساک و الدفع [و اولا فی اعراض الهضم الاول[27]].

الباب الثامن و العشرون: فی صفه الأعراض الداخله علی الهضم الثانی الذی هو مولد الدم فی الکبد.

الباب التاسع و العشرون: فی الاعرض الداخله علی الهضم الثالث.

الباب الثلاثون: فی الأعراض الداخله علی حالات الأبدان.

الباب الحادی و الثلاثون: فی الأعراض الداخله علی ما یبرز من البدن و أسبابها.

الباب الثانی و الثلاثون: فی الأعراض التی تظهر فی البراز و أسبابها.

الباب الثالث و الثلاثون: فی الأعراض التی تظهر فی البول و أسبابها.

الباب الرابع و الثلاثون: فی الأعراض التی تدخل لخروج[28] الطمث.

الباب الخامس و الثلاثون: فی الأعراض الداخله علی العرق و أسبابه.

الباب السادس و الثلاثون: فی الاستفراغات الخارجه عن الطبع [و علی بروز الدم[29]].

[ابتداء المقاله السادسه فی الامراض الحادثه عن الامر الطبیعی[30]]

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 10

الباب الأول فی [جمله[31]] الکلام علی الامور الخارجه عن الطبیعه

و إذ قد بینا فیما تقدم من قولنا «قسمین من أقسام الجزء النظری من أجزاء الصناعه الطبیه و هما الأمور الطبیعیه و التی لیست بطبیعیه»، و قد بقی علینا أن نذکر [القسم الثالث الذی هو:[32]] الامور الخارجه عن الامر الطبیعی، و هو تمام الکلام فی الجزء النظری.

فأقول: [إن القسم الثالث و هو[33]] الامور الخارجه عن الامر الطبیعی هی الأمراض و الأسباب الفاعله لها و الأعراض التابعه لها

و ذلک أن قوام البدن و صحته إنما هو باعتدال الامور الطبیعیه کما قد بینا ذلک فی آخر الکلام فی الامور الطبیعیه، و هذا الاعتدال موجود فی البدن الصحیح فی مزاج أعضائه المتشابهه الاجزاء و فی ترکب أعضائه الآلیه.

و اعتدال الاعضاء المتشابهه الاجزاء إنما یکون من اعتدال[34] الاخلاط، و اعتدال الاعضاء الآلیه یکون من اعتدال الماده التی منها یکون الجنین و من جوده القوّه المصوره، و من اعتدال الاعضاء الآلیه یکون اعتدال الأفعال و صحتها فإذا کان الامر کذلک، فإن اعتدال الامور الطبیعیه فی البدن إنما یکون فی الاخلاط و فی

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 11

الاعضاء و فی الافعال، فإذا زال واحد من هذه الثلاثه عن اعتداله أحدث حاله خارجه عن الامر الطبیعی فإن زالت الأخلاط عن الاعتدال أحدثت سبباً للمرض، و إن زالت الاعضاء عن الاعتدال أحدثت مرضاً، و إن زالت الافعال عن الاعتدال أحدثت عرضاً، فلهذا صارت الامور الخارجه عن الطبیعه ثلاثه:

و هی الأمراض و الأسباب الفاعله لها، و الأعراض التابعه لها، و الفرق بین کل واحد من هذه الثلاثه و بین صاحبه أن المرض[35] یضر بالفعل اضراراً أولیاً بغیر متوسط آخر بینهما بمنزله أضرار الحراره فی الحمی بسائر الافعال بغیر متوسط اما الحدث فی العین بالبصر بغیر[36] متوسط بمنزله إضرار الورم فی الحلق بالنفس و الازدراد من غیر توسط بشی ء آخر غیره.

و أما السبب: فیکون إضراره بالفعل بتوسط شی ء[37] غیره بمنزله العفن فی الحمی فإن العفن هو سبب للحمی و لیس یضر بالفعل بنفسه لکن بتوسط الحراره الحادثه عنه، و بمنزله الظفره الصغیره التی تکون علی الطبقه القرنیه و لم تغطی بعد نور البصر[38] فهی تمنع من أن ینفذ الروح الباصر فی

الطبقه القرنیه جیداً فإضرارها بالبصر بتوسط الطبقه القرنیه، لأن البصر قد ناله[39] الضرر من الضعف[40] اللاحق للطبقه القرنیه فهو سبب لضرر البصر.

و أما العرض: فهو ضرر الفعل نفسه الحادث عن المرض بمنزله امتناع البصر الحادث عن الماء الذی فی العین.

فأن الماء هو المرض و امتناع البصر هو العرض، و بمنزله قله الاستمراء للطعام فی الحمی، فإن الحمی هی المرض و قله الاستمراء هو العرض، فالمرض یضر بالفعل بغیر توسط و السبب یضر بالفعل بتوسط غیره و العرض هو ضرر الفعل نفسه التابع للمرض، و نحن نبتدئ أوّلًا بالأمراض فنبین أجناسها و أنواعها.

[فأعلم ذلک إنشاء الله[41]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 12

الباب الثانی فی ذکر الأمراض و أجناسها و أنواعها و أولًا فی الأمراض المتشابهه الاجزاء

اشاره

إن جالینوس و أبقراط یذکران الأمراض تکون بخروج الاعضاء فی ترکیبها عن الاعتدال الطبیعی و أصناف ترکیب الأعضاء ثلاثه:

أحدها: ترکیب الاعضاء المتشابهه الاجزاء عن الاخلاط؛ فإذا خرجت هذه الاعضاء عن الاعتدال قیل لذلک مرض متشابه الأجزاء لأن اسمه مشتق من الأعضاء الحادث فیها.

و الثانی: ترکیب الأعضاء[42] الآلیه من الأعضاء المتشابهه الأجزاء، فإذا خرجت هذه الأعضاء عن الاعتدال فی الترکیب قیل لذلک مرض آلی.

[الثالث:] و منها ترکیب جمله البدن و ترکیبه من الاعضاء الآلیه باتصال بعضها ببعض، فإذا زالت هذه الاعضاء عن الترکیب و انفصل بعضها عن بعض قیل لذلک مرض تفرق الاتصال و انفصال الاتصال، و هو مرض یعم الاعضاء الآلیه و الاعضاء المتشابه الاجزاء، فاجناس الأمراض علی هذا الرأی ثلاث:

و هی جنس المرض المتشابه الاجزاء، و جنس المرض الآلی، و جنس المرض العام للاعضاء المتشابهه الاجزاء و الاعضاء الآلیه و هو تفرق الاتصال.

فأما الأمراض المتشابهه الاجزاء فصنفان: و لذلک أن منها مفرده و منها مرکبه.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 13

و الأمرض المفرده أربعه:

و هی

الحاره و البارده و الرطبه و الیابسه.

و الامراض المرکبه أربعه: و هی الحاره الرطبه و الحاره الیابسه و البارده الرطبه، و البارده الیابسه.

[فی الأمراض المفرده]

و الامراض المفرده: إما أن تکون من کیفیه [مفرده[43]] ساذجه خلواً من ماده و إما مع ماده، و المرض الحار الحادث من کیفیه ساذجه فهو کحمی الدق و حمی یوم و الاحتراق من الشمس و الحراره التی تعرض من التعب و المرض الحار الحادث مع ماده منصبه إلی العضو، فهو الورم الحادث عن الدم و الحمی الحادثه عن العفن و ما اشبه ذلک.

و أما المرض البارد الحادث عن کیفیه ساذجه: فکالجمود و التشنج العارضین لمن ناله البرد الشدید من الثلج.

و أما المرض البارد [الیابس[44]] الحادث عن ماده: فمثل الفالج و السکته و الصرع و ما اشبه ذلک من الامراض الحادثه عن الکیموسات البلغمیه.

و أما المرض الیابس الحادث عن غیر ماده:[45] فمثل التشنج الحادث عن الأستفراغ و مرض الذبول.

و أما المرض الیابس الحادث مع ماده: فمثل السرطان و الجذام و داء الفیل و ما اشبههما من الامراض الحادثه عن کیموسات یابسه.

و أما المرض الرطب الحادث عن کیفیات ساذجه من غیر ماده: فمثل رطوبه البدن[46] و ترهله.

و أما المرض الرطب الحادث مع ماده: بمنزله الاستسقاء الحادث عن کیموس رطب.

[فی الأمراض المرکبه]

و أما المرض المرکب: فلا یمکن أن یکون خلواً من الماده لأن المرض الحار

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 14

و الرطب حدوثه من قبل الدم و هو الورم المسمی فلغمونی، و المرض الحار الیابس یکون من قبل الصفراء مثل الورم المعروف بالحمره، و المرض البارد الرطب یکون من قبل البلغم بمنزله الورم الرخو، و المرض البارد الیابس حدوثه من قبل السوداء مثل الورم الصلب [و یسمی اسیفدوس][47] [فافهم ذلک[48]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 15

الباب الثالث فی الامراض الآلیه

اشاره

فأما الامراض الآلیه فأصنافها أربعه:

أحدها: المرض الحادث فی هیئه الاعضاء و صورتها.

و الثانی: المرض الحادث فی مقدارها.

و الثالث: المرض الحادث فی [هیئه[49]] عددها.

و الرابع: المرض الحادث فی وضعها.

[فی المرض الحادث فی الهیئه]

فأما المرض الحادث فی الهیئه: فعدد أصنافه خمسه:

[الاول]

و هی المرض الحادث فی شکل العضو کالرأس المسقط و الساق المعوج.

و الثانی: المرض الحادث فی تجویف الاعضاء کباطن القدم اذا کان به رجج[50]، و باطن الراحه إذا کان ممتلئاً غیر مقعره.

و الثالث: المرض الذی یکون فی المجاری و المنافذ و هو صنفان

أحدهما: اتساع المجاری، کالذی یعرض من انفتاح العروق التی فی المقعده و انتشار ثقب الحدقه.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 16

و الثانی: ضیقها بمنزله ما یعرض للعروق من ضغط أو شده.

[الثالث][51]: المرض الحادث فی المجاری فربما حدث فی مجری [أو منفذ[52]] له منفعه عامیه [تعم جمیع البدن[53]] فمتی حدث فی مجری لیس له منفعه عامیه فقد حدث له به مرض واحد، و متی حدث فی مجری أو منفذ فقد حدث به أمراض فهو إذا انسد و کانت سدته بسبب ورم فقد حدث به مرضان، لأن الورم مرض حدث به فی نفس جوهره، و السده مرض حدث به فی مجراه، و إن کانت السده حدثت من خلط لزج یلجج[54] فی المجری فإنما حدث به مرض واحد و هو السده.

مثال لذلک: إن العرق الاجوف إذا انسد إن کانت سدته بسبب ورم فقد حدث به مرضان إذ کان له فعلان:

أحدهما: تولید الدم فقد عاقته السده [عنه الورم، و الآخر تنفیذ الغذاء الی جمیع البدن و هذا قد عاقته السده[55]] الحادثه عن الورم [عنه[56]] و إن کانت السده بسبب خلط قد لحج فیه؛ فإنما حدث به مرض واحد.

و الرابع: المرض الحادث من الخشونه

و هو تملیس العضو الذی الذی طبعه[57] خشناً بمنزله ما یعرض للمعده[58] أن یتملسا إذا کانا بالطبع خشنین.

و الخامس: [و المرض الحادث فی الملاسه و هو انه بمنزله ما یعرض للمعده و الرحم أن یلمسا اذا کان باطبع خشنیین][59] و هو أن یخشن العضو الذی هو بالطبع املس بمنزله خشونه قصبه الرئه إذ کانت طبیعتهما الملاسه.

[فی المرض الحادث فی المقدار]

فأما المرض الذی یکون فی مقدار الاعضاء فهو صنفان:

أحدهما: أن یعظم العضو بأکثر مما ینبغی کالذی یعرض للرأس و اللسان أن

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 17

یعضما بأکثر مما ینبغی من المقدار.

الثانی: أن یصغر العضو عما یجب کالذی یعرض للرأس أو المعده أن یصغر عن المقدار الذی ینبغی.

[فی المرض الحادث فی العدد]

و أما المرض الحادث فی عدد الاعضاء فهو أیضاً صنفان:

أحدهما: مرض الزیاده، و هذه الزیاده إما أن تکون طبیعیه بمنزله الاصبع الزائده، و اما خارجه عن الطبع بمنزله الثوالیل و السلع[60] و الدود و حب القرع و الحصی الحادث فی المثانه.

و الثانیه: مرض النقصان، و هذا النقصان إما أن یکون نقصاناً کاملًا بمنزله قطعا یعرض للأصابع[61] بأسرها، و إما نقصاناً جزئیاً بمنزله قطع[62] سلامیه من سلامیات الأصابع،

[فی المرض الحادث فی الموضع]

و أما المرض الحادث فی الموضع فصنفان:

أحدهما: أن یزول العضو عن موضعه بمنزله الخلع و الوثی و الفتق الذی تنزل معه الأمعاء إلی کیس الأنثیین[63].

و الثانی: فساد مشارکته لما یشارکه من الاعضاء بمنزله الشفتین و الأصابع اذا اتصلت بعضها ببعض فلم تتفرق أو تفرقت فلم تجتمع، بمنزله ما یعرض لرباطات اللسان حتی لا یمکنه إدلاعه.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 18

فأما المرض العام للاعضاء المتشابهه الاجزاء و الاعضاء الآلیه فهو تفرق الاتصال، و إنما صار عاماً لهما لأنه ربما حدث فی العظم، و ربما حدث فی اللحم، و ربما حدث فی غیرهما من الأعضاء المتشابه الاجزاء، و ربما حدث فی جمله الید، او[64] جمله الرجل أو فی جمله الکف أو فی غیرهما من الاعضاء المرکبه؛ فیعم سائر الاعضاء المتشابهه الاجزاء التی فی ذلک العضو و یسمی بأسماء مختلفه بحسب الاعضاء الحادث فیها.

فإن حدث فی العظم سمی کسراً، و إن حدث فی اللحم سمی جرحاً، فإن طالت مدته سمی قرحه، فإذا حدث فی العصب سمی رضَّاً، فان حدث فی عرق ضارب سمی أبورسما و معناه ام الدم، و إن حدث فی عرق غیر ضارب سمی فزراً، و إن حدث فی العضل و کان ذلک فی طرف العضله قیل له هتکاً،

و إن کان فی وسط العضله سمی فسخاً و إن حدث فی الاعضاء الآلیه سمی قطع ذلک العضو، مثل قطع الید و الرجل و الاصبع و ما اشبه ذلک.

و کل واحد من اصناف الامراض الآلیه و المتشابهه الأجزاء او تفرق[65] الاتصال ربما حدث فی العضو مفرداً، و ربما ترکبت[66] منها

[فی ترکیب الامراض]

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 19

فترکیبه علی سته أوجه:

أحدها: ترکیب الأمراض المتشابهه الاجزاء بعضها مع بعض بمنزله الحراره و الرطوبه و البروده و الیبوسه[67].

و الثانی: ترکیب الامراض المتشابهه الاجزاء مع الامراض الآلیه بمنزله الورم الحار مع الحمی فالورم [مرض[68]] آلی و الحمی مرض متشابه الاشیاء.

و الثالث: إن ترکیب[69] المرض الآلی مع المرض الآلی بمنزله الورم الحادث فی عضو من الاعضاء التی فیها مجار، فتضیق تلک المجاری بضغط الورم لها؛ فیکون بها مرضان:

أحدهما: الورم و هو مرض آلی فی مقدار الاعضاء.

و الثانی: ضیق المجاری و هو مرض آلی [فی منافذ الاعضاء[70]]

و الرابع: ترکیب المرض[71] المتشابهه الاجزاء مع [المرض الآلی و[72]] تفرق الاتصال بمنزله ما یحدث مع الجراحه فی العضو ورم حار فیحمی منه العضو، فیکون بذلک العضو[73] ثلاثه امراض:

أحدها: تفرق الاتصال و هو الجراحه.

و الثانی: الورم و هو مرض آلی.

و الثالث: المرض المتشابه الاجزاء و هو حمی العضو.

و الخامس: ترکیب المرض الآلی [الذی یکون فی المعده[74]] مع تفرق الاعضاء بمنزله قطع سلامیه[75] من سلامیات الاصابع فانه یکون بالاصبع مرضان:

أحدهما: تفرق الاتصال و هو القطع.

و الثانی: نقصان العدد أعنی ذهاب السلامیه.

و السادس: أن تترکب الأمراض الثلاثه بعضها مع بعض بمنزله العینین إذا کان

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 20

بهما رمد و قرحه قد انفجرت و نتأت الطبقه العنبیه و زال ثقب الحدقه عن موضعه و نزل فیها الماء

و نبت فیها الظفره، فان کان ذلک [کذلک[76]] فقد حدث فیها سته أمراض:

احدها: الرمد[77] و هو ورم حار، و الورم الحار مرض آلی داخل فی باب العظم، و الحراره مرض متشابهه الأجزاء.

و الثانی: انفجار القرحه و هو مرض تفرق الاتصال.

[و الثالث: نتوء العنبیه و هو مرض آلی داخل فی المقدار[78]].

و الرابع: زوال الثقب عن موضعه و هو مرض آلی داخل فی باب الوضع.

و الخامس: نزول الماء، و هو مرض آلی داخل فی باب السده.

و السادس: الظفره و هو مرض من الامراض الآلیه داخل فی باب زیاده العدد و هذه سته أمراض مرکبه حادثه فی عضو واحد فأعلم ذلک.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 21

الباب الخامس فی جمله الکلام عن الأسباب الممرضه

اشاره

فأما الأسباب الممرضه التی تکون عنها الامراض و هی التی تضر بالفعل بتوسط المرض أو بتوسط عضواً آخر ینتفع به فی ذلک العضل[79].

أما بتوسط المرض: فبمنزله عفن الخلط المحدث للحمی المضر بسائر الافعال، و ذلک أن العفن لیس یضر بالافعال بنفسه لکن بتوسط الحمی الحادثه عنه.

و أما بتوسط العضو المنتفع به فی ذلک الفعل المعین للعضو علی فعله بمنزله الثرب الذی منفعته اسخان المعده و الکبد، فمتی نالته آفه أضر ذلک بالکبد و المعده و برّدهما، و لا سیما إن انقطع منه مقدار کثیر، و بمنزله الطبقه القرنیه من العین [اذا[80]] عرض فیها قرحه منعت النور الخارج من الجلیدیه أن یلقی الاشیاء المبصوره[81].

[أجناس اسباب الامراض]

فإذا کان الأمر کذلک فأجناس أسباب الأمراض ثلاثه:

أحدها: البادیه، و هی التی تعرض للبدن من خارج بمنزله قطع الحدید و رض الحجر و لذع الهوام و نهشه و أکل السباع و حر الشمس [و النار[82]] و برد الثلج

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 22

و غیر ذلک مما یرد علی البدن من خارج.

و الثانی: الأسباب التی [یقال[83]] لها السابقه و المتقادمه و هی التی تتحرک من داخل البدن و تفعل أفعالها بتوسط شی ء آخر بمنزله کثره الاخلاط و لزوجتها إذا کانت سبباً للحمی فإن، الحمی لا تحدث عنها إلا إذا عفنت فیکون العفن هو المتوسط بین الأخلاط و بین الحمی.

و الثالث: [جنس[84]] الأسباب التی یقال لها الواصله و اللازمه و تفعل ما تفعله بغیر متوسط بمنزله عفن الخلط المحدث للحمی، فإن العفونه ما دامت فی الخلط فالحمی باقیه فإن زال العفن انقضت الحمی.

و کل واحد من اجناس هذه الأسباب إما أن یکون سبباً للامراض المتشابهه الاجزاء، أو سبباً للأمراض الآلیه، أو سبباً لأمراض تفرق

الاتصال.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 23

الباب السادس فی صفه [أسباب[85]] الامراض المتشابهه الاجزاء و أولًا فی أسباب المرض الحار

اشاره

فأما أسباب الأمراض المتشابهه الاجزاء و یقال لها أمراض سوء المزاج و رداءه سوء المزاج و هی أربعه اصناف:

أحدها: أسباب المرض الحار.

و الثانی: أسباب المرض البارد.

و الثالث: أسباب المرض الرطب.

و الرابع: أسباب المرض الیابس.

[اسباب المرض الحار]

فأما أسباب المرض الحار فسته:

أحدها: الحرکه المفرطه، إما من حرکات النفس مثل الغضب الشدید، و إما من حرکات البدن مثل التعب و لا سیما إذا کان صاحبه ممن لم یعتد الکد و التعب.

الثانی: ملاقاه البدن للأشیاء المسخنه بالفعل کحراره الشمس فی الصیف و حراره النار إذا طالت ملاقاتها للبدن و هواء الحمام إذا أطیل المکث فیه.

و الثالث: تکاثف المسام و استحصافها فتمتنع الحراره من أن تنحل بمنزله من یمشی فی الثلج او یستحم بماء بارداً او قابض[86] کماء الشب فتتکاثف المسام و تنقبض.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 24

و الرابع: العفونه بمنزله العفونه المحدثه للحمی لأن کل ما یعفن فهو یسخن.

و الخامس: قله الغذاء لأن الحراره إذا لم تجد ما تعمل فیه عطفت الحراره علی الاخلاط و الأعضاء فأسخنتها و جففت رطوبتها.

و السادس: تناول الاشیاء الحاره بالقوّه بمنزله من یأکل الثوم و البصل و الفلفل و ما اشبه ذلک من الاغذیه و الادویه الحاره [فأعلم ذلک إنشاء الله[87]].

و أما أسباب المرض البارد فثمانیه:

أحدها: ملاقاه البدن للأشیاء التی تبرد بالفعل کالذی یعرض لمن یلقی بدنه الثلج و الهواء البارد، إذا طال لقاؤه لهما حتی تخمد[88] الحراره الغریزیه لأنه متی لم یطل مکثه أسخن بما یحقن من الحراره الغریزیه إلی داخل البدن، و إذا طال مکثه و لقاؤه لذلک غارت الحراره الغریزیه إلی داخل عمق البدن و خمدت[89].

الثانی: تناول الاشیاء البارده بالقوّه بمنزله الماء البارد و أکل الخس و الخشخاش و تناول الافیون.

و الثالث: الاستکثار من الطعام و الشراب حتی یغمر[90] الحراره الغریزیه و یطفئها بمنزله ما یعرض للنار إذا ألقی فیه علیها حطب کثیر و السراج إذا القی ء زیت کثیر غزیر لم یلبث أن ینطفئ.

و الرابع: إفراط عدم الغذاء مثل ما

یعرض للنار إذا عدمت الحطب أن تخمد.

و الخامس: تکاثف المسام المفرط الذی یحقن الفضول التی کانت تتحلل فتغمر الحراره الغریزیه و تطفئها.

و السادس: تخلخل البدن المفرط حتی تتحلل الحراره [الغریزیه کالذی یعرض لمن یطیل مکثه فی الحمام من تحلیل الحراره[91]] و استفراغ مادتها بالعرق.

و السابع: إفراط الحرکه حتی تتحلل الحراره الغریزیه و تفشها فیبرد لذلک البدن.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 25

و الثامن: الافراط فی استعمال الدعه و الراحه حتی تکثر الفضول فی البدن فیغمر الحراره الغریزیه و یطفئها.

فهذه أسباب المرض الحار و المرض البارد إلا أنه ینبغی أن [تعلم أن فی أسباب هذین المرضین سبب واحد و هو التکاثف، و لیس ینبغی انه[92]] تعلم[93] تبرد البدن أو تسخنه علی الإطلاق فی کل الأبدان، لأن فعلها الأبدان یختلف لثلاثه أسباب:

أحدها: کیفیه التکاثف.

و الثانی: مقدار الخلط الذی یحویه البدن

و الثالث: طبیعه ما تتحلل منه

[سبب کیفیّه التکاثف]

أما بسبب کیفیه التکاثف: فإن التکاثف متی کان مفرطاً أحدث فی البدن مرضاً بارداً و ذلک لما یعرض من هرب الحراره الغریزیه و غوصها إلی قعر البدن فتخمد[94] لامتناع دخول الهواء المرّوح للحراره الغریزیه من ضیق المسام. و إن کان التکاثف یسیراً سخن البدن لامتناع ما یتحلل من الحراره الغریزیه و التهابها إلی داخل البدن.

[سبب مقدار الخلط فی البدن]

و أما بسبب مقدار الخلط الذی فی البدن: فإنه متی کان الخلط الذی فی البدن کثیراً جداً و استحصف البدن، بأفرط[95] بردّ البدن لامتناع الخلط من التحلل و غمر الحراره الغریزیه و أطفأها، و إن کان الخلط قلیلًا و کان جیداً و کان التکاثف لیس بالمفرط قویت الحراره [الغریزیه[96]] و غزرت، و إن کان الخلط حاراً ردیئاً أحدث حمی یوم.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 26

[سبب طبیعه ما یتحلل من البدن]

و أما بسبب [طبیعه[97]] ما یتحلل من البدن: فإن من الأبدان ما الاخلاط فیها جیده بمنزله الدم الجید، فإن امتنع البخار المنحل[98] منها بالبخار المنحل فیها، قویت الحراره الغریزیه و غزرت فیها.

و منها ما الأخلاط فیها ردیئه أما خلط مراری فالبخار المنحل منه ردی ء الکیفیه، فإن امتنع ما یتحلل منها أحدث حمی [الغب[99]].

و منها ما الاخلاط فیها بلغمیه لزجه فالبخار المنحل منها یکون غلیظاً بارداً رطباً فإن امتنع من أن یتحلل منها أحدث فیها برداً و رطوبه و غمر الحراره الغریزیه فیتولد منها أمراض بلغمیه.

و منها ما یکون الخلط الغالب فیها خلطاً سوداویاً فیکون البخار المتحلل[100] منها بارداً یابساً، فإذا امتنع ما تحلل منها أحدث فی البدن برداً و یبساً و أمراضاً سوداویه.

[اسباب المرض الرطب[101]]

و أما أسباب المرض الرطب فخمسه:

أحدها: ملاقاه الشی ء الرطب بالفعل بمنزله الاستحمام بالماء العذب و الهواء المرطب[102].

و الثانی: الاستکثار مما یؤکل و یشرب.

و الثالث: تناول الاغذیه و الادویه التی ترطب البدن بمنزله الخس و القرع و السرمق و الشراب الممزوج.

و الرابع: استعمال الخفض و الدعه فتجتمع لذلک الفضول الرطبه فی البدن فترطبه.

و الخامس: امتناع ما یتحلل من البدن و احتقانه إذا کان ما یتحلل منه رطباً.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 27

[أسباب المرض الیابس[103]]

و أما أسباب المرض الیابس فخمسه، و هی أضداد لأسباب المرض الرطب:

أحدها: ملاقاه البدن الشی ء المجفف بالفعل بمنزله المشی فی السمایم و الاندفان فی الرمل و التراب، و بمنزله الاستحمام بماء البحر و ماء الشب و ما الکبریت.

الثانی: قله ما یتناول من الغذاء حتی تفنی الرطوبه من البدن.

و الثالث: تناول الاشیاء الیابسه بالقوّه بمنزله العدس و الخل و الملح.

و الرابع: کثره التعب و الکد الذی یتحلل معه رطوبه البدن.

و الخامس: افراط تخلخل البدن و فناء الرطوبه من کثره الحرکه.

فهذه أسباب الامراض المتشابهه الاجزاء المعروفه بسوء المزاج إن کانت مفرده من غیر ماده.

[فی الاسباب الامراض المرکبه]

و أما ما کان منها مرکبا: فأسبابه مرکبه علی حسب عدد الامراض المرکبه یکون عدد الأسباب المرکبه، و علی نوع الأسباب یکون نوع الامراض، و ذلک أنه إن کانت الأسباب کثیره، و کان ما تفعله فی البدن فعلًا واحداً حدث عنها نوع واحد من أمراض سوء المزاج قوی مثل من تناول دواءً حاراً بالقوّه و تحرک حرکه کثیره [و استحم بماء فیحدث به نوع واحد من الامراض المتشابهه الاجزاء و هو مرض سوء المزاج الحار، و إن کانت الاسباب کثیره[104]] و کانت أفعالها فی البدن متضاده فبعضها یسخن و بعضها یبرد و بعضها یرطب و بعضها یجفف. فهو إما أن یغلب واحد من هذه الأسباب أو اثنان منها بکثره مقداره أو شده قوته فیحدث فی البدن سوء المزاج الذی من شأنه أن یفعله. و إما أن یفعل کل واحد منها فی البدن فعله المخصوص به فیحدث عنها سوء مزاج مختلف.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 28

[فی الاسباب انصباب المواد]

[105]

و أما أسباب المرض الذی یکون مع سوء مزاج مع ماده تنصب إلی العضو.

و هی سته:

أحدها: قوّه العضو الدافع الذی یدفع عن نفسه ما یتولد فیه من فضل غذائه او ما[106] یصیر إلیه من الفضول من غیره من الأعضاء، و الأعضاء التی تفعل ذلک هی الأعضاء الرئیسیه لقوّتها، بمنزله الدماغ و القلب و الکبد و العروق الضوارب و غیر الضوارب.

الثانی: ضعف العضو القابل لما تدفعه الأعضاء القویه فلا یقدر علی دفعه عن نفسه. و ضعف الأعضاء یکون إما بالطبع بمنزله الجلد فإنه جعل أضعف الأعضاء لیقبل ما تدفعه إلیه الأعضاء الباطنه و کاللحم الغددی الذی فی الابطین و الاربیتین و أصل الاذن، فإن هذه کلها جعلت ضعیفه بالطبع لتقبل ما

تدفعه الأعضاء الرئیسیه إلیها، و إما خارج عن الطبع بمنزله الأعضاء التی بها آفات، إما منذ وقت جبلتها فی الرحم، و إما فیما بعد ذلک، فأی عضو رأیته بمرض کثیر و تنصب إلیه مواد فاعلم أنه أضعف أعضاء البدن، و انه کالمفیض.

و الثالث: کثره الماده الفاضله فی البدن و الماده تکثر فی البدن و تفضل إذا ساء الانسان فی تدبیر صحته، بمنزله من یکثر من الاغذیه الردیئه، و یقل من الریاضه و الاستحمام فیتولد لذلک فی بدنه دم ردی ء کثیر الفضول لا تفی الآلات المنقیه له بتنقیته، أعنی الطحال الذی یجذب[107] المراره السوداء و المراره التی تجذب المراره الصفراء و الجلد یجذب الفضول [البخاریه[108]] إلیه [فیجتمع بهذا السبب فی البدن فضول کثیره[109]] او تصیر[110] مواد منصبه من بعض الأعضاء إلی بعض.

و الرابع: ضعف القوّه الغاذیه إذا لم یمکنها أن تحیل ما یصیر إلی العضو من الغذاء و تغیره إلی طبیعته.

و الخامس: سعه المجاری التی یجری فیها الفضل الذی یدفعه العضو القوی

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 29

إلی العضو الضعیف.

و السادس: إذا کان العضو القابل للماده أسفل البدن حتی یکون أسهل لانصباب المواد إلیه فهذه هی أسباب الأمراض المتشابهه الاجزاء إذا کانت مع ماده فاعلم ذلک.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 30

الباب السابع فی أسباب الأمراض الآلیه

اشاره

فأما أسباب الأمراض الآلیه فأربعه أصناف:

أحدها: صنف أسباب المرض الذی یکون فی صور الأعضاء.

الثانی: أسباب المرض الذی یکون فی مقدارها.

و الثالث: أسباب المرض الذی یکون فی عددها.

و الرابع: أسباب المرض الذی یکون فی وضعها[111].

[الصنف الاول: اسباب المرض الذی یکون فی المقدار]

اشاره

فأما أسباب المرض الذی یکون فی الصوره فهی [اربعه][112]:

أحدها: أسباب المرض الذی یکون فی الشکل.

الثانی: [أسباب[113]] المرض الذی یکون فی التجویف.

و الثالث: [أسباب[114]] المرض الذی یکون فی الخشونه [من داخل أو من خارج[115]].

[و الرابع][116]: [أسباب[117]] المرض الذی یکون من الملاسه.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 31

[فی أسباب المرض مرض الذی یکون فی الشکل]

فأما أسباب المرض الذی [یحدث[118]] فی شکل العضو: فإن المرض الذی یکون الشکل، إما أن یکون حدوثه فی الرحم أعنی فی وقت تولد الجنین فی الرحم، فإما فی وقت الولاده، و إما فی وقت التربیه، و إما لعله تعرض فی بعض هذه الأوقات، أو فیما بعد.

أما فی الرحم فیکون: إما من کثره الماده إذا کان المنی کثیراً فعملت منه الطبیعه عضواً کبیراً غیر مستو، و إما من قله الماده إذا کان المنی قلیلًا وسخاً فلم یمکن الطبیعه أن تعمل منه عضواً تاماً علی ما یحتاج إلیه، و إما لقله موافقه کیفیه المنی لما یحتاج إلیه فی ذلک العضو إذا کان غلیضاً فلم یوآت القوّه المصوره و لم یتمدد معها أو إذا کان رقیقاً سیالًا لا یثبت لها.

و أما فی وقت الولاده: فتعرض له آفه اذا خرج المولود خروجاً علی غیر ما ینبغی إما علی ظهره، و إما علی رکبتیه فیفسد لذلک شکل العضو و یتعوج لرطوبته.

و أما فی وقت التربیه: إذا لم تحسن الظئر قماطه و شیله و وضعه علی ما ینبغی فیفسد لذلک شکل العضو، و إذا أرضع من اللبن أکثر مما ینبغی فیکثر الفضل الرطب فی بدنه فیفسد لذلک شکل بعض الأعضاء.

و أما فی العله التی تعرض فی أحد هذه الأوقات أو فیما بعد فیفسد شکل العضو من قبل ثمانیه أسباب:

أحدها: الدایه إذا اطلقت للصبی المشی من غیر

حینه فتعوج ساقه و تزول قدماه[119].

الثانی: الکسر بمنزله ما إذا انکسر الافریز الذی حول حفره مفصل الورک فلم یضبط العظم الداخل فیها.

و الثالث: الطبیب إذا لم یحسن جبر العظم المکسور.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 32

و الرابع: المریض إذا حرک العضو المجبور قبل أن یبرأ المرض و لم یشتد و یقوی فیفسد لذلک شکل العضو.

و الخامس: من قبل المرض بمنزله الضربه التی تقع بالانف فتعرض من ذلک [الفطسه[120]].

و السادس: من فضل الماده الردیئه کالذی یعرض للمجذومین من فساد شکل أعضائهم بسبب یبس الماده.

و السابع: من نقصان الماده کالذی یعرض لأصحاب السل من ذوبان[121] اللحم المحیط [بالعظم[122]] و الرباطات التی بها تتصل الأعضاء بعضها ببعض.

و الثامن: من عله تعرض للعصب و العضل کقطع عصب یسترخی معه العضو أو یتشنج فیمیل العضو [و یجذبه[123]] إلی جانب [او یتقلص الی فوق او استرخاء یمیل العضو الی جانب[124]] أو أثر قرحه أو ورم یفسد به الشکل من العضو أو صورته و التشنج و الاسترخاء یفسدان شکل العضو و یمیلانه و یجذبانه إلی جانب، و إن کانت الآفه تشنجاً من جانب [واحد[125]] انجذب الجانب الصحیح إلی الجانب العلیل بمنزله القوّه الحادثه عن التشنج، و إن کانت الآفه استرخاء انجذب الجانب العلیل إلی الجانب الصحیح بمنزله القوه الحادثه عن الاسترخاء، [فهذه صفه أسباب الأمراض التی تجذب فی شکل العضو[126]].

[فی اسباب المرض الذی یکون فی التجویف]

فأما أسباب الأمراض التی تحدث فی المجاری و المنافذ: فإن المجاری کما قلنا إما أن تضیق، و إما أن تتسع. فبضیق المجاری تحدث إذا انقبضت و انضمت أو التحمت أو عرضت فیها سده.

و انقباضها إما أن یکون بسبب شده القوّه الماسکه، و إما لضعف من القوّه الدافعه، و إما من البرد إذا جمع

فم المجری و لززه، و إما من القبض إذا قبض

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 33

المجری و کثفه، و إما من الیبس فیجففه و یجمعه، و إما بسبب ضغط یعرض للعضو کالذی یعرض إذا وقع ببعض الأعضاء شده وثاق، و إما لآفه تدخل علی شکل العضو فیعوج العضو فیضیق لذلک المجری الذی فیه، و إما لورم یحدث فیه فیضغطه فیضیق بسبب ضغط الورم له.

و إما للالتحام: فیکون إذا حدثت فی المجری قرحه ثم اندملت فالتحم جانبا المجری.

و السده تکون إما لیبس[127] یقع فی تجویف المجری مثل کیموس غلیظ لزج أو حجر أو دم جامد أو مده، و إما لشی ء ینبت فی تجویف المجری مثل لحم زائد أو ثؤلول.

و أما سعه المجری: فتکون إما لأن القوی الدافعه تتحرک بحرکه مفرطه فتوسع المجری، و إما لضعف القوّه الماسکه، و إما لغلبه الحراره و الرطوبه المرخیه الموسعه للمجاری، و إما بسبب أدویه فتاحه توضع علی الموضع کالنطرون.

[فی أسباب مرض الخشونه]

و أما أسباب المرض الذی یکون من خشونه فشیئان:

أحدهما: من داخل، بمنزله الخلط الحاد الحریف کالذی ینزل من الدماغ إلی المری ء و الحنجره و قصبه الرئه من ذلک فیخشنها.

[و الآخر]

و إما من خارج فیکون: إما من غذاء حریف حار، و إما من غبار، أو دخان کالذی یعرض للحنجره و قصبه الرئه و المری ء من الخشونه عن ذلک.

[فی أسباب مرض الملاسه]

و أما أسباب المرض الذی یحدث فی العضو من الملاسه فیکون عن سببین:

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 34

[الأول]

إما من داخل بمنزله رطوبه دسمه أو لزجه تنحدر من الدماغ أو من غیره إلی الرحم.

[الثانی]

و إما من خارج او بمنزله تناول الشی ء الرطب بمنزله اللعوق و الحساء و السمن.

فهذه أسباب الأمراض التی تکون فی الصوره [فأعلم ذلک[128]].

[الصنف الثانی: فی أسباب المرض الذی یکون فی مقدار الأعضاء]

فأما أسباب الأمراض التی تکون فی مقدار الأعضاء: فإن منها أسباباً لکبرها، و منها أسباباً لصغرها.

فأما الکبر: فیکون إما من کثره الماده، و إما من فضل القوّه، و إما من اجتماعهما.

و هذا یکون: إما طبیعیاً بمنزله ما یحدث إذا کان المنی کثیراً و القوّه المصوره قویه، و إما غیر طبیعی بمنزله ما یحدث للعضو أن یصیبه ورم[129].

و أما الصغر: فیکون إما من قله الماده [الجیده][130] [و نقصانه عن الغذاء الذی یحتاجه و اما لزیادتها حتی تکون موافقه للقوه المصوره، و اما لفرط غلظها و کثافتها او لفرط لطافتها و رقتها[131]] و إما من ضعف القوّه المصوره، و إما من قطع، أو من عفونه تحرق بعض أجزاء العضو، أو من برد شدید مثل الثلج الذی یسقط [و یعم[132]] علی البدن فیذهب ببعض أجزاء العضو.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 35

[الصنف الثالث: فی أسباب المرض الذی یکون فی العدد]

و أما أسباب الأمراض التی تکون فی عدد الاعضاء: فمنها أسباب الزیاده، و منها أسباب النقصان.

فأما أسباب الزیاده فسببان:

أحدهما: أن تکون الزیاده من أسباب طبیعیه و ذلک یکون من فضل المنی و من[133] أن القوّه المصوره لم تکن بالقویه و لا بالضعیفه فإنها لو کانت قویه ارتفع ذلک الفضل و لو کانت ضعیفه لم یختلق عوضاً زائداً[134].

الثانی: یکون من أسباب غیر طبیعیه، و

هذا یکون من فضل ماده غیر جیده و من قوّه لیست بالضعیفه و لا بالقویه فإنها لو کانت ضعیفه لم تدفع الفضل إلی خارج و لو کانت قویّه لکانت تدفع هذا الفضل دفعاً تاماً و تخرجه عن البدن حتی لا یتولد منه شی ء و ذلک مثل الثالول[135] و السلع و الظفره.

و أما سبب نقصان عدد الأعضاء فسببان:

أحدهما: من داخل و هو قله المنی و ضعف القوّه المصوره.

السبب الثانی: من خارج و هو قطع الحدید و حرق النار و عفونه أو برد شدید.

[الصنف الرابع: أسباب المرض الذی یکون فی الوضع[136]]

و أما أسباب المرض الذی یکون فی وضع الأعضاء فصنفان:

أحدهما: أسباب زوال العضو عن موضعه.

و الثانی: [فساد[137]] أسباب مشارکت[138] [العضو[139]] لما یشارکه.

فأما أسباب زوال العضو عن موضعه فسببان:

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 36

أحدهما: الحرکه المفرطه کالذی یعرض عند القفز و الطفر من انخراق المجری النافذ فی الصفاق إلی الانثیین فینزل فیه الأمعاء و الثرب فیسمی قیله الأمعاء إن کانت الأمعاء نزلت أو قیله الثرب إن کان الثرب نزل، و ربما انخرق الصفاق الذی علی البطن فخرج الثرب و الأمعاء، و ربما انخرق المراق فخرجت عنه زائده من زوائد الکبد و کالذی یعرض فی انخلاع مفصل الورک عند خروج الزائده التی فی عظم الفخذ من حفره حق الورک و الانکسار اقرین[140] الحفره و تهشمه عن شده الحرکه و قوّتها.

و السبب الثانی: زوال العضو عن موضعه بسبب رطوبه مفرطه ترخی العضو و تزیله عن موضعه کالذی یعرض للثرب و المعی إذا حدث فی المجری النافذ من الصفاق إلی الانثیین رطوبه لزجه أن ینزلا و ینحدرا إلی الأنثیین فتحدث عنهما القیله، و کالذی یعرض للمفاصل إذا غلبت علیها رطوبه [اللزجه أن یزول العضو عن موضعه یعرض

فی الاسترخاء و الفالح عند ما یسترخی لعضو و ینخلع عنم الرباطات.

فأما فساد اسباب مشارکه العضو لما یشرکه من الأعضاء فصنفان:

احدهما: أسباب اجتماع العضو مع الذی یشارکه إذا کان فی طبیعته متفرقا.

و الثانی: افتراق ما هو فی طبیعته مجتمعا.

فأما الاجتماع: فیکون إما من الجبله کالإصبعین المجتمعین و الأجفان الملتحمه، و إما من قرحه حدثت بین عضوین فالتحمت و اندملت کالذی یعرض للأصابع اذا خرجت فیما بینهما قرحه، و اما عن اثر قرحه، و اما عن تشنج.

فهذه أسباب الأمراض التی یکون فی الأعضاء الآلیه فاعلم ذلک إنشاء اللّه.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 37

الباب الثامن فی صفه أمراض تفرق الاتصال

اشاره

و اما اسباب تفرق الاتصال: فهو صنفان:

احدهما: صنف الاسباب التی من خارج.

و الثانی: الأسباب التی تکون من داخل.

[الصنف الاول: الاسباب التی من خارج]

فاما الاسباب التی من خارج: فهو اما من شی ء یقطع کالسیف، و اما من شی ء یصدع و یهتک مثل الحرکه القویه، و اما من شی ء یحرق بمنزله النار و الدواء المحرق، و اما مما یشدخ و یرض مثل الحجر، و اما مما یمدد مثل الحبل.

[الصنف الثانی: الاسباب التی من داخل]

فاما الأسباب التی من داخل: فهو نظائر الأسباب التی یکون من خارج و اما من کیموس حاد یقطع مثل السیف من خارج، و اما کیموس غلیظ یهتک کما یفعل الحجر، و اما من ریح غلیظه تمدد کما یفعل الحبل، و اما من خلط عفن حار یحرق مثل ما یفعل النار من خارج.

فهذا جمله الکلام علی أسباب الأمراض کلها و یتبع ذلک الکلام علی الأعراض فاعلم ذلک.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 38

الباب التاسع فی ذکر الأعراض التابعه للأمراض

قد ذکرنا جنسین من أجناس الأمور الخارجه عن الأمر الطبیعی و هو الأمراض و أسبابها و نحن نذکر فی هذا الموضع الأعراض التابعه لها و أسبابها.

فنقول: انا قد تقدم فذکرنا فی صدر کلامنا فی الأمور الخارجه عن الأمر الطبیعی أن المرض هو ما اضر بالفعل بنفسه من غیر توسط، و العرض هو ضرر الفعل التابع للمرض، و اذا کان ذلک کذلک کانت الأمراض أسبابا للأعراض، و کانت الأعراض علامات یستدل بها علی الأمراض کالذی یعرض اذا حدث بالمعده سوء المزاج أن یتبعه سوء الهضم فیستدل من سوء الهضم علی سوء مزاج المعده.

و سوء مزاج المعده هو سبب سوء الهضم فقد صار سوء الهضم من جهه انه تابع لسوء مزاج المعده عرض و صار من جهه ما استدل به علی سوء مزاج المعده علامه فلا فرق بین الأعراض و الدلائل الّا فی جهه استعمالنا لها، و ذلک انا اذا قصدنا الی الأمراض لیعرف منها الأمراض التابعه لها سمینا تلک الأمراض للأعراض و اذا قصدنا الی الأعراض لیعرف منها الأمراض الفاعله لها سمینا تلک الأعراض دلائل و علامات الأمراض.

فاذا کان الامر علی هذا فالأصلح الاوفق أن نذکر أولًا فی هذا الموضع من کتابنا اصناف الأعراض و

الأمراض الفاعله لها و یسمی هذا الباب اسباب الأعراض، ثم نذکر بعد ذلک کل واحد من الأمراض أی الأعراض یتبعه و یدل

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 39

علیه.

و یسمّی هذا الباب علم الدلائل لیکون المناظر فی کتابنا هذا جیدا لمعرفته بالأمراض و الأعراض متدربا فیها لیزداد بالنظر فیهما، و نحن نبتدأ أولا بذکر الأعراض و أسبابها فاعلم ذلک إنشاء اللّه.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 40

الباب العاشر فی صفه أجناس الأعراض

اشاره

فاقول: إن اجناس الأعراض العامیه لها ثلاثه أوجه:

احدها: الجنس الذی یظهر فی ضرر الأفعال.

و الثانی: الجنس الذی یظهر فی حالات الأبدان.

و الثالث: الذی یظهر فی حالات ما یبرز من البدن.

و السبب فی الجنسین الأخریین: هو الجنس الأول و هو ضرر الفعل یکون من المرض اذا کان سببا للعرض و ذلک أن حالات الأبدان و حالات الفضول البارزه منها تابعه لحالات الافعال و حالات الأفعال تابعه لحالات الآفه الفاعله لها.

فاذا زالت الآفه العضو اضر ذلک بفعله و اذا انال الضرر للفعل أضر ذلک بالمفعول فیکون الضرر الذی ینال المفعول بحسب مقدار الآفه التی ینال الفعل، مثال ذلک انه اذا أضعفت القوه الجاذبه التی فی المراره من جذب المره الصفراء و تنقیه الدم منها و بقی المولد فی الدم و انتشر فی سایر البدن مع الدم حدث عن ذلک تغیّر لون البدن الی الصفره و هو الیرقان و تغیر لون البول و صار الی الصفره الزردیجیه اذ کان البول مائیه الدم و یغیر لون البراز الی البیاض، و ذلک من قله ما ینصب من المراره الی الأمعاء من المرار فسبب تغیر حال البدن الی الصفره و تغیر لون ما یخرج منه بالبراز و البول هو الضرر اللاحق لفعل القوه الجاذبه التی فی المراره

و نحن نبتدی بصفه الأعراض الداخله علی الأفعال.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 41

[فی الامراض الداخله علی الافعال]

فنقول: إن کل عضو من الأعضاء اذا نالته آفه اضر ذلک یفعله و الآفه.

قد تنال العضو: اما من فساد مزاجه الطبیعی عند ما یزول عنه الی الحراره و البروده او الی الرطوبه او الیبس و اما [من] رداه هیئته اذا لحقه ورم او خلع او نقصان فی عدده او غیر ذلک من الأمراض الألیه. و اما من تفرق الاتصال: عند ما یلحقه قطع او فسخ او کسر او وهن و ما اشبه ذلک الأفعال کما فی بینا غیر هذا موضع ثلاثه:

و هی الافعال النفسانیه، الأفعال الحیوانه، الأفعال الطبیعیه.

و کل واحد من هذه الافعال یناله الضرر علی ثلاثه اوجه:

اما أن یبطل البته: بمنزله العمی و الطرش و ذلک اذا کانت الافه اللاحقه للعظو مفرطه عظیمه.

و اما أن تنقض: بمنزله الظلمه فی البصر و رداه السمع و ذلک یکون اذا کانت الآفه لیست بالمفرطه.

و اما أن یتغیر عن حالته الطبیعیه: ضعیفه یسره کما یتخیل للانسان قدام عینیه بقاً او ذباباً او شبیها بالشعر و الخیوط و بمنزله من یتغیر سمعه، و ذلک اذا کانت الآفه یسره ضعیفه فیسمع کالطنین او صوت الطبل فاعلم ذلک إنشاء الله.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 42

الباب الحادی عشر فی ذکر اسباب الأعراض الداخله علی الأفعال النفسانیه

اشاره

فاما الافعال النفسانیه فثلاثه:

و هی الافعال المدبره المعروفه بالسیاسه، الافعال الحساسه، الأفعال المحرکه باراده.

[فی الافعال المدبّره]

اشاره

فامّا الافعال المدبّره: هی فعل التخیل، و فعل الفکر، و فعل الذکر، و یقال:

لجمله هذه الافعال الذهن، و المضره تعرض للذهن علی ثلاثه أوجه:

اما أن یبطل: و یکون السبب فی ذلک اما سوء مزاج بارد یغلب علی جرم الدماغ فان کان حدوث ذلک قلیلًا قلیلًا و تحلل قلیلًا قلیلًا حدث عنه السبات و الاستغراق فی النوم، و اما أن یکون سوء المزاج بارد مع ماده اعنی خلطا بلغمیا یملئ بطون الدماغ و یسدها کلّها دفعه حدث عنها السکته فان ملاء بعض البعض البطون و بقی بعضه و لن ینسدّ انسداد محکماً حدث عنه الصرع.

و اما أن ینقص الذهن: و یکون السبب فی ذلک: [اما] سوء المزاج البارد الضعیف الذی یغلب علی الدماغ فیحدث عن ذلک اضطراب فی الفکر و الذهن او نوم مفرط. و اما سوء مزاج حار فتحدث عن ذلک اختلاط الذهن، و اما سوء مزاج رطب فیحدث عن ذلک السبات، و اما سوء مزاج یابس فتحدث عن ذلک السهر.

و اما من سوء مزاج مع ماده: فان کانت الماده بلغمیه احدثت ورما فی البطنین المقدمین من الدماغ حدث عن ذلک العله المعروفه بلیثرغس و هی النسیان، و إن کانت

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 43

ماده حاره مریه غلبت علی الدماغ او علی اغشیه الدماغ فاحدث ورماً عرض من ذلک العله المسماه فراسطس و هو السرسام و یتبعها حمی و اختلاط فی الذهن، و إن لم یکن ورم حدث عنها الجنون و تبعه اختلاط الذهن من غیر حمی.

و إن کانت الماده المرکبه من[141] البلغم و الصفراء حدث عن ذلک العله المعروفه [بقوما

و هو[142]] السبات السهری، و إن کانت الماده سوداویه من غیر ورم حدث عن ذلک العله المسماه بالمالیخولیا، و هو الوسواس السوداوی، فإن غلبت هذه الماده السوداویه علی البطن المؤخر من بطون الدماغ حدث عن ذلک العله المعروفه بالشخوص و الجمود.

و أما أن یجری امر الذهن علی غیر ما ینبغی، و هذا أیضاً یکون:

إما من سوء مزاج حار، أو بخار یتصاعد إلی الدماغ فیحدث عنه اختلاط الذهن کالذی یعرض فی الحمیات، أو سوء مزاج بارد یابس ضعیف فیحدث عن ذلک بعض الخوف و الفزع.

و إما بخار بارد یابس فیحدث عن ذلک المالیخولیا المعروف بالمراقی، و إما من خلط مراری، أو بلغمی یکثر فی العروق التی حول الدماغ فیحدث عنها الدوار و السدر. فهذه هی الأعراض التی تعرض لجمله الذهن و أسبابها.

و لما کان الذهن هو التخیل و الفکر و الذکر و کل واحد من هذه محله جزء من أجزاء الدماغ صار متی عرضت لبعض هذه الأجزاء آفه أضر ذلک بفعل الجزء و سلم الفعلین الآخرین.

[اذا عرضت الآفه فی الجزء المقدم فی الدماغ]

فإن عرضت الآفه للجزء المقدم من أجزاء الدماغ أضر ذلک بالتخیل، فإما إن بطل أصلا[143] حتی یری ما لیس بحضرته کالذی ذکر جالینوس أنه عرض للرجل الطبیب أنه کان یتوهم أن معه فی البیت قوماً یرمونه، و کان بسبب صحه فکره یأمر بإخراج من فی البیت و بسبب صحه ذکره کان یعرف من یدخل علیه.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 44

[و إما أن ینقص فیری الأشیاء علی غیر هیئتها و شکلها[144]] و إما أن یجری علی غیر ما ینبغی [فیتخیل الأشیاء تخیلا ضعیفاً][145] [فیری الأشیاء علی غیر هیئتها و شکلها، و إما أن ینقص فیتخیل الإنسان تخیلًا ضعیفا[146]].

و إن حدثت الآفه بالجزء الوسط من أجزاء الدماغ

فإما أن یبطل الفکر حتی لا یمیز بین ما ینبغی أن یفعل و بین ما لا ینبغی أن یفعل کالذی ذکر جالینوس أنه عرض للرجل الذی کان یلقی الأوانی و غیرها من فوق البیت إلی أسفل، لأنه لم یکن یتفکر فی أنه لا یجب أن یرمی بها و کان بسبب صحه تخیله و ذکره یعرف شیئاً شیئاً مما یرمی به.

و إما أن ینقص فیعرض من ذلک سوء الفکر، و یقال لذلک ذهاب العقل و الحمق.

و إما أن یجری الأمر فیه علی غیر ما ینبغی فیکون تفکره و رأیه لیس بالجید، و یقال لذلک اختلاط الذهن.

[اذا عرضت الآفه فی الجزء المؤخر فی الدماغ]

و إن حدثت الآفه بالجزء المؤخر من أجزاء الدماغ أضر ذلک بالذکر، فإما أن یبطل الذکر من الانسان بته حتی ینسی جمیع ما یفعله و یقال لذلک: عدم الذکر کالذی ذکر جالینوس عن بعض القدماء (أن القوم الذین یخلصون من الوباء نسو اسمائهم و انکروا نفوسهم و اصدقاءهم).

و إما أن ینقص فلا یذکر إلا ما قرب عهده، و یقال لذلک: النسیان.

و إما أن یجری الذکر علی غیر ما ینبغی، و یقال لذلک: رداءه الذکر.

و حدوث هذه الأعراض بکل واحد من هذه الأفعال الثلاثه من أفعال الذهن یکون عن مثل تلک الأسباب التی حدثت عنها أعراض جمله الذهن، أعنی: عن سوء مزاج بارد أو من ماده بارده و الدلیل علی ذلک أن الأفیون و الیبروح یفعلان

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 45

هذه الأعراض لما هما علیه من بروده المزاج و قد اتینا علی ذکر الأعراض [التی تعرض للأفعال المدبره و أسبابها فینبغی أن تقبل علی الاعرض[147]] الداخله علی الأفعال الحساسه، و أولًا فی الأعراض الداخله علی حاسه البصر.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص:

46

الباب الثانی عشر فی ذکر أسباب الأعراض الداخله علی الأفعال الحساسه

اشاره

قد ذکرنا فی الموضع الذی شرحنا فیه حال الأفعال [الحساسه[148]] أن الأفعال الحساسه خمسه:

و هی حاسه البصر، و حاسه السمع، و حاسه الشم، و حاسه الذوق، و حاسه اللمس.

و نحن نبتدئ أولًا بذکر الأعراض الداخله [الوارده[149]] علی حاسه البصر إذ کانت أول الحواس الخمس و ألطفها.

[فی الاعراض الداخله علی حاسه البصر]

فأقول: إن المضره تنال حاسه البصر علی ثلاثه أوجه:

إما أن یبطل أصلا و یقال لذلک العمی.

و إما أن ینقص و یقال لذلک الظلمه و العشاء.

و إما أن یجری أمره علی غیر استقامه فیری الإنسان أشیاءً لیست بموجوده.

و هذه المضار العارضه للبصر تعرض من قبل ثلاثه أسباب:

[السبب الاول] إما من قبل الآله الأولی من الآت البصر و هی الرطوبه الجلیدیه إذا نالتها آفه.

[السبب الثانی] و إما من قبل أن الروح الباصر لا یجری فی العین

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 47

[السبب الثالث] أو لأن واحداً من الأعضاء التی أعدت لمنفعه الرطوبه الجلیدیه قد نالته آفه.

[و الآفه تنالها[150]] إما من مرض متشابه الأجزاء إذا هی بردت أو سخنت أو رطبت أو یبست.[151]

کامل الصناعه الطبیه ؛ ج 2 ؛ ص47

و إما من الأمراض الآلیه و هی[152] إذا زالت عن موضعها إما إلی قدام، و إما إلی خلف، و إما یمنه، و إما یسره، و إما إلی فوق، و إما إلی أسفل.

فإن زالت إلی قدام صارت العین لذلک زرقاء، و إن زالت[153] إلی خلف صارت العین لذلک کحلاء، و هذان لا یضران بالبصر، و إن زالت العین إلی فوق أو إلی أسفل عرض من ذلک أن ینظر الإنسان إلی الشی ء شیئین، و ذلک لأن نور البصر ینبعث من إحدی العینین من فوق و من العین الأخری من أسفل [منخفضاً][154] [فیری الإنسان[155]] بالعین التی ینبعث

منها النور من [أسفل الشی ء منخفضاً و العین التی ینبعث منها النور من فوق[156]] مرتفعاً فیراه اثنین، و یقال لهذا العارض: الحول.

و أما زوالها یمنه او یسره[157]: فیعرض منه[158] أن یری الإنسان الشی ء الواحد أیضاً اثنین و ذلک لأن النور یخرج من کل واحده من العینین علی خط واحد، و لذلک صارت هذه الآفه لا تضر بالبصر.

[فی الآفه العارضه للبصر سبب الروح الباصر]

فأما المضار التی تعرض للبصر بسبب أن الروح الباصر لا یجری مستویاً، فذلک یکون إما لأن الباعث للروح الباصر و هما بطنا الدماغ المقدمان قد نالتهما آفه، و إما لأن الآفه قد لحقت العصبه المجوفه، و إما لأن الروح فی نفسه قد خرج عن طبیعته.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 48

[فی الآفه العارضه لبطنی الدماغ]

فأما الآفه العارضه لبطنی الدماغ: فتکون إما من سوء مزاج حاراً و بارداً و رطب أو یابس، و إما من مرض آلی بمنزله الورم، و إما من تفرق الاتصال.

[فی الآفه العارضه للعصبه المجوفه]

و أما الآفه العارضه للعصبه المجوفه: فتکون بسبب سده.

و السده تعرض لها إما من خلط غلیظ لزج، و إما من ضغط، و إما خروج الروح عن طبیعته، فذلک یکون: أما کیفیته، و إما فی کمیته، و إما فیهما جمیعاً.

إما فی کیفیته: فیکون إذا غلظ فیعرض من ذلک قله البصر و إذا لطف فیجود لذلک البصر.

و أما فی کمیته: فإذا هو زاد و کثر فتکون من ذلک جوده البصر، فإذا هو نقص فیعرض من ذلک ضعف البصر.

فإذا ترکبت الکمیه مع الکیفیه حدث عنهما أربع تراکیب علی هذه الصفه فإن کان الروح کثیراً لطیفاً أبصر الإنسان الشی ء من قریب و من بعید بصراً حاداً[159] و ذلک أن من شأن الروح الکثیر الامتداد إلی المواضع البعیده [و من شأن اللطیف أن یدرک الاشیاء ادرکا مستقصی، و إن کان کثیرا غلیظا أبصر الإنسان الشی ء البعید لکثرته و لم یبصره بعیدا لغلظه[160]].

و إن کان الروح قلیلًا لطیفاً أبصر الشی ء القریب بصراً جیداً للطافته و لم یبصر الشی ء البعید لقلته، لأن القلیل لا یمتد إلی المواضع البعیده، و إن کان الروح قلیلًا غلیظاً لم یبصر الشی ء البعید لقلته و لم یبصر الشی ء القریب جیداً لغلظه.

[فی الاعراض التی تعرض للبصر]

و أما الأعراض التی تعرض للبصر بسبب آفه تعرض لواحد من الأعضاء التی تقوم لمنفعه[161] الرطوبه الجلیدیه

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 49

فتکون إما لآفه تعرض لثقب الحدقه، أو للرطوبه البیضیه، او للطبقه القرنیه، أو للأجفان.

[فی الآفه التی تعرض ثقب الحدقه]

فأما الثقب فالآفه التی تناله علی أربعه ضروب:

أحدها: أن یتسع.

الثانی: أن یضیق.

و الثالث: أن یزول.

و الرابع: أن ینخرق.

فأما الاتساع: فإما أن یکون طبیعیاً أو خارجاً عن الطبع و کلاهما ردیئآن لأن نور العین یتبدد و لا یجتمع و ذلک یکون من شیئین:

[الاول]

إما عن یبس الطبقه العنبیه فتجتمع الأجزاء إلی[162] حول الثقب و تنقص[163] و تتباعد عن المرکز و هذه عله یعسر برؤها، و إما لورم یحدث فیها فیمددها.

الثانی: لکثره الرطوبه البیضیه التی تملؤها فیتمدد الثقب لذلک.

فأما الضیق: فیکون إما طبیعیاً، و إما خارجاً عن الأمر لطبیعی.

فإن کان طبیعیاً فإنه محمود، لأنه یجمع النور و هو الروح الباصر و لا یبدده.

و إن کان غیر طبیعی فإنه ردی ء و حدوثه عن أسباب مضاده لأسباب الاتساع، و ذلک یکون إما لأن الطبقه القرنیه تسترخی بسبب رطوبه زائده، و إما لأن الرطوبه الشبیهه ببیاض البیض تستفرغ فلا یکون لهذه الطبقه شی ء یملؤها و یدعمها[164] فتسترخی بهذا السبب و تقع أجزاؤها بعضها علی بعض، و استفراغ الرطوبه البیضیه آفه علی البصر لأنه یتبع ذلک جفاف الرطوبه الجلیدیه فیبقی النور الخارج

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 50

بلا متوسط بینها و بینه.

و أما زوال الثقب: فإنه إما أن یکون طبیعیاً، و إما خارجاً عن الطبع.

و الخارج عن الطبع یکون إذا انخرقت الطبقه القرنیه فی غیر موضع الثقب و نتأت الطبقه العنبیه و التحم ذلک الخرق و هذه الآفه أعنی زوال الثقب یضر[165] بالبصر إضراراً بیناً.

و أما انخراق الثقب:

فإنه إن کان یسیراً لم ینفذ إلی الرطوبه البیضیه و لم یضر بالبصر اضراراً بیناً، و إن کان الخرق نافذاً حتی تسیل منه الرطوبه البیضیه فتلقی القرنیه، حدث عن ذلک ضراران:

أحدهما: أن العنبیه تلاقی الجلیدیه و لا یکون للجلیدیه ما یسترها و لا ما یرطبها.

و الآخر: إن الروح الباصر لا یجتمع فی الثقب لأنه یخرج و یتبدد من سعه الثقب.

[فی الآفه التی تعرض للرطوبه البضیه]

و أما الآفات اللاحقه للرطوبه البیضیه: فإنها إما أن تعرض فی کمیتها، و إما فی کیفیتها.

فأما فی کمیتها: فإذا کثرت و حالت بین الجلیدیه و بین النور الخارج أو قلت فصارت الجلیدیه تلقی الضوء الخارج بغیر متوسط.

و أما فی کیفیتها: فیکون إما فی قوامها، و إما فی لونها، أما فی قوامها.

فإذا غلظت، و غلظها یکون إما یسیرا، و إما مفرطاً.

فإن کان یسیراً منع العین أن تری البعید و کان نظرها إلی القریب نظراً صحیحاً.

و إن کان غلظها مفرطاً فإنه: إن کان فی کلها منع البصر و سمیت هذه آفه الماء، و إن کان فی بعضها: فإنه إما أن یکون فی أجزاء متصله، و إما فی أجزاء متفرقه.

فإن کان فی أجزاء متصله: فإنه إما أن یکون فی الوسط و حول الوسط، فإن کان فی الوسط عرض من ذلک فی کل جسم یراه کان فیه کوه؛ لأنه یظن أن کل ما

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 51

یراه من الاجسام فیه عمق، و إن کان حول الوسط منع العین أن تری أجساماً کثیره فی وقت واحد حتی یحتاج أن یری کل جسم علی حده لصغر صنوبره البصر.

فإن کان الغلظ فی اجزاء متفرقه مختلفه: حدث عن ذلک أن یری الإنسان قدام عینیه شبیهاً بالذباب و البق و الشعر، و أکثر

ما یعرض من ذلک وقت القیام من النوم لا سیما للصبی و المحموم.

فأما تغیر لون هذه الرطوبه فیکون علی ثلاثه أوجه:

أحدها: أن یمیل إلی السواد فیعرض من ذلک أن یری الإنسان کل ما یراه کأنه فی دخان أو فی ضباب.

و الثانی: یغلب علیه الحمره بمنزله ما یعرض لمن یصیب عینه طرفه فتحمر فیظن الإنسان أن کل ما یراه لونه أحمر.

و الثالث: أن تغلب علیه الصفره فیعرض للانسان أن یظن أن الأشیاء التی یراها أن ألوانها مصفره بمنزله ما یعرض فی الیرقان.

فأما الجزء الذی یحاذی الثقب من الطبقه القرنیه: فالآفه إما تناله من نفسه، و إما من غیره.

فأما آفاته التی من نفسه: فتکون إما من مرض متشابه الأجزاء، و إما من مرض آلی، و إما من تفرق الإتصال.

فأما المرض المتشابه الاجزاء: فیکون إما من رطوبه فیحدث عنه أن یظن الإنسان فی الأشیاء التی یراها أنها فی ضباب أو دخان، و أما أن یجف فیحدث عنه تشنج فیضعف لذلک البصر و یعرض ذلک کثیراً للشیوخ فی أواخر أعمارهم.

و قد تتشنج القرنیه أیضاً من نقصان الرطوبه البیضیه إلا أن نقصان الرطوبه البیضیه یحدث عنه ضیق الثقب، [و ما کان عن یبس القرنیه فلا یحدث عنه ضیق الثقب[166]].

و أما الآفه التی تحدث عن المرض الآلی: فالغلظ و التکاثف، و الغلظ و التکاثف یکونان من ورم فیحدث عنه غشاوه و ظلمه فی البصر علی مقدار کثرته و قلته.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 52

و أما الآفه التی تحدث عن تفرق الاتصال: فمثل القرحه [و القرحه ربما کانت غیر نافذه و ربما کانت نافذه[167]] و القرحه إن کانت غیر نافذه أضرت بها لشیئین:

أحدهما: لما یجتمع فیها من الفضول و الوسخ فیمتنع النور

الداخل من ملاقاه النور الخارج.

و الثانی: لإن الجلیدیه تکون قد قربت من النور الخارج، و إن کانت نافذه أضرّت بالبصر من جهه الاستفراغ للرطوبه البیضیه.

[فی الآفه التی تعرض القرنیه]

فأما الآفه العارضه للجزء من القرنیه المحاذی للثقب من غیرها فتکون: إما فی[168] الغشاء الملتحم و إما فی[169] الاجفان.

أما من الملتحم فإذا نبتت فیه ظفره فغطت ما یحاذی الثقب من القرنیه، فإذا حدث فیها الرمد[170] المسمی حیموسیس، و هو ورم[171] یکون فی بیاض العین و فی سوادها فیغطی الثقب.

فأما الأجفان فتضر بالقرنیه: إما لورم یحدث فیها فیغطی ما یحاذی الثقب منها. و إما لجرب یغلظ الأجفان [و یثقلها[172]] و یسبلها فیستر الثقب، أو برد یحدث فیها و هو ورم مستطیل یکون فی ظاهر الجفن.

فهذه صفه الأعراض الداخله علی حس البصر، [فأعلم ذلک ان شاء الله تعالی[173]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 53

الباب الثالث عشر فی الأعراض الداخله علی [حس[174]] السمع.

اشاره

فأما الأعراض الداخله علی حس السمع فحدوثها یکون علی ثلاثه أوجه:

إما أن یبطل بته و یقال لذلک الصمم.

و إما أن ینقص و یکون من ذلک الطنین.

و إما أن یجری علی غیر ما ینبغی و یقال لذلک رداءه السمع.

و المضاره تعرض لحاسه السمع:

إما لآفه تعرض للقوّه التی بها یکون السمع، و إما للآله الأولی من آلات السمع و قوّه السمع یعرض لها الآفه، إما من قبل الباعث لها و هو الدماغ، و إما من قبل العصبه التی تؤدی قوّه السمع إذا حدث بها آفه.

و الآفه تحدث فی هذین: إما من مرض متشابه الاجزاء مثل سوء المزاج الحار أو البارد أو الرطب أو الیابس الذی یعرض لها، و إما من مرض آلی بمنزله الورم أو السده، [و اما من تفرق الاتصال العارض من ضرب او صدمه[175]].

[فی الآفه العارضه للآله الأولی]

فأما الآفه العارضه للآله الأولی من آلات السمع، و هو الجزء العریض من عصبه السمع المغشی لثقب السمع الذی فی العظم فیعرض له إما من ذاته، و إما من بسبب آفه تعرض لبعض الأعضاء التی تخدمه و تعینه علی فعله.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 54

فأما فی ذاته: فیکون إما من سوء مزاج حار أو بارد أو رطب أو یابس، و إما من قبل مرض آلی بمنزله الورم، و إما من قبل تفرق الاتصال [بمنزله القطع و الفسخ[176]].

فأما ما یعرض للاعضاء التی تخدمه و هی الثقب الخارج و العصب التی یجری[177] فیها قوّه السمع فالآفه تعرض لهما من قبل السده.

و السده تعرض: إما من ورم، و إما من ثؤلول، و إما من لحم [زائد او[178]] نابت، و إما من وسخ، و إما من حجر یقع فی الثقب [او ریح[179]] فأعلم ذلک، انتهی.

کامل

الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 55

الباب الرابع عشر فی الأعراض الداخله[180] فی حاسه المذاق

فأما الأعراض الحادثه لحاسه المذاق فحدوثها یکون علی ثلاثه أوجه:

إما أن تبطل البته فلا یحس الإنسان بطعم شی ء البته.

و إما أن تنقص إن کان حس الإنسان بالطعم حساً ضعیفاً.

و إما بأن یجری الأمر فیها علی غیر ما ینبغی.

إذا أحس الإنسان بالطعوم من غیر أن یذوق شیئاً أو یحس بطعم الأشیأ التی یذوقها علی غیر طعومها، و ذلک عند ما تغلب علی اللسان کیفیه بعض[181] الطعوم إما مراره و یکون ذلک من المره الصفراء، و إما من حموضه و یکون ذلک من البلغم الحامض، و إما ملوحه و یکون ذلک من البلغم المالح.

فإن کان الخلط الغالب کثیراً أحس الإنسان ببعض هذه الطعوم من غیر أن یدنی من لسانه شیئاً من الأطعمه، فإن کان یسیراً أحس الإنسان بالطعم الغالب علی لسانه عند ما یذوق شیئاً من الأطعمه لأن الطعام یحرک ذلک الخلط الغالب.

و هذه المضار تعرض لحاسه الذوق: إما لآفه تعرض للقوّه [الذائقه[182]] أو للآله الأولی التی لحس الذوق.

فأما الآفه التی تعرض للقوّه [الذائقه[183]] فتکون: اما من قبل العضو، و اما من

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 56

قبل الحس من قبل الدماغ الذی ینبعث منه العصبه التی یکون بها حس الذوق[184]، و إما من قبل المؤدی لها و هی العصبه المؤدیه لحس الذوق.

فإما من قبل العضو فیکون: إما بسبب آفه تنال العضو الذی هو الآله الأولی للمذاق و هو جرم اللسان أعنی لحمه، و إما بسبب الأعضاء التی تخدم هذه الآله و هی الطبقه المغشاه علیه فاعلم ذلک.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 57

الباب الخامس عشر فی الأعراض الحادثه لحاسه[185] الشم

فأما حاسه الشم فإن الأعراض الحادثه لها تکون: إما بسبب ما ینال قوّه الشم من المضره، و إما بسبب ما ینال الآله الأولی من آلات

الشم.

و المضره تنال الشم[186] من سوء مزاج ینال البطنین المقدمین من بطون الدماغ، بمنزله ما یعرض من امتلاء الرأس فضولًا رطبه من حر الشمس و من برد الهواء.

و المضره تنال الآله الأولی: إما فی ذاتها، و إما بسبب الأعضاء التی تخدمها.

و أما الآله الأولی و هی الزائدتان الشبیهتان بحلمتی الثدی فتنالها الآفه: إما من مرض متشابه الأجزاء عند ما تبرد أو تسخن أو ترطب أو تجفف، و إما من مرض آلی بمنزله السده التی تعرض لها.

فأما الأعضاء التی تخدم هذه الآله فهی مجری الأنف و العظام المثقبه [الشبیهه بالمصافی[187]] و الغشاء المثقب.

و الآفه تعرض لمجری الأنف: إما من مرض آلی، و إما من تفرق الاتصال.

أما المرض الآلی: فهو بمنزله الورم و اللحم النابت فی الأنف فیسده و یمنع من وصول الرائحه إلی آلتی الشم.

و أما تفرق الاتصال: فالرض و الشدخ الذی یعرض فی الأنف فیضغط

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 58

المجری أو یسده، فأما ما یعرض للعظام المثقبه و الغشاء فهو: إما من خلط غلیظ فیسد تلک الثقب و یمنع من الشم، و إما خلط عفن فیحس الإنسان برائحه منتنه من غیر أن یکون بحضرته شی ء منتن، فأعلم ذلک ان شاء الله[188].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 59

الباب السادس عشر فی الأعراض الداخله علی حاسه اللمس

فأما حاسه اللمس فعامه لسائر أعضاء البدن إذ کان کل واحد من الأعضاء: إما أن یأتیه عصب یکون به الحس و الحرکه الارادیه معاً، أو عصب یکون به الحس، و عصب تکون به الحرکه الإرادیه علی ما ذکرنا من ذلک فی الموضع الذی ذکرنا فیه أمر الأعصاب.

و قد تعرض الآفه لحاسه اللمس علی مثال ما یعرض لسائر الحواس إلا أنه لیس یسمی کل واحد من الآفات العارضه فی هذه

الحاسه باسم مخصوص، یستدل به علیه کما یقال للآفه الحادثه فی حاسه السمع الصمم و الطرش، و الآفه الحادثه لحاسه البصر العشاء و الظلمه و العمی إلا أنه قد یسمی بعضها باسم عام کالخدر و الاسترخاء إذ کان هذان العارضان قد یحدثان فی سائر الأعضاء و یحدثان بعضو دون عضو بمنزله ما یحدث من ذلک فی الیدین و الرجلین، و یقال له:

استراخاء الیدین و الرجلین أو خدرهما.

فأما اللذه و الوجع فقد یحدثان فی سائر الأعضاء و لیس لهما اسم خاص إذا حدثا فی عضو دون عضو، و الآفات تحدث لحاسه اللمس علی مثال ما یحدث فی سائر الحواس علی ثلاثه أوجه:

إما بأن یبطل معه الحس و الحرکه الإرادیه و أکثر ما یحدث ذلک للیدین و الرجلین.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 60

و إما أن ینقص و یقال لذلک: قله اللمس و ضعفه و خدر[189] العضو.

و إما أن یجری الأمر علی غیر ما ینبغی، و یقال لذلک الالم و الوجع.

و أسباب الاسترخاء هی أسباب الخدر إلا أن الآفه المحدثه للاسترخاء قویه عظیمه یبطل معها الحس و الحرکه الإرادیه بته. و الآفه المحدثه للخدر یسیره یعسر معها الحس و الحرکه جمیعاً.

و أما فی عضر واحد و یکون ذلک: إما مع عسر الحرکه، و إما مع خلواً من عسر الحرکه بمنزله الضرس، فإن الضرس هو خدر الأسنان و حدوثه یکون مع مضغ الأشیاء الحامضه و السبب فی حدوث الخدر إنما هو امتناع نفوذ القوّه الحساسه من الدماغ فی العصب الذی یأتی العضو، و ذلک یکون:

إما من سبب بادی ء بمنزله الم البرد و الثلج الذی یلقی العضو فیجمع أجزاء العصب[190] و یکثف فیمنع ذلک من نفوذ القوّه الحساسه فیه و

بمنزله من یمسک السمکه المخدره المسماه فارقا. [قال جالینوس:[191]] «فإن هذه السمکه إذا أمسکها الإنسان بیده خدرت الید من قوه بردها و عسرت حرکتها».

و أما من سبب سابق فیکون ذلک: إما من سبب سوء مزاج بمنزله أخلاط بارده غلیظه یتغذی منها العصب فیکثفه و یلززه[192]، و إما من سده. و السده تکون فی الأعصاب المجوفه من أخلاط غلیظه لزجه تلجج فی تجویف العصب بمنزله عصبتی العینین.

أما فی عصب غیر مجوف فیکون: إما من ورم یغلظ جوهر العصب، و إما من ضغط یقع به بمنزله الرباط و العظم المکسور أو المخلوع فمن مثل هذه الأسباب یحدث الخدر و الاسترخاء.

و حدوثهما یکون: إما فی البدن کله إذا کانت الآفه فی الدماغ، و اما فی أعضاء کثیره إذا کانت الآفه فی النخاع، و إما فی عضو واحد و ذلک یکون اذا حدثت[193]

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 61

الآفه بالعصبه التی تأتی ذلک العضو فقط.

فأما الدماغ: فمتی حدثت به آفه صار البدن کله عدیم الحرکه و الحس و کان موت صاحبه مع حدوث الآفه.

فأما النخاع: فمتی حدثت به آفه فی موضع الفقاره الأولی فإن صاحبه یعیش بمقدار ما یعیش المخنوق بالوهق، و ذلک لأن الآفه تنال البطن المؤخر من الدماغ، و کذلک أیضاً لا یعیش من حدثت به الآفه فی الموضع الذی بعد الفقاره الأولی و بعد الثانیه و بعد الثالثه، إلا أن یکون موت هؤلاء یکون لعدم البدن التنفس لا بما ینال البطن المؤخر من الضرر، و ذلک أن الأعصاب التی تأتی عضل الصدر إنما تنشأ من بعد هذه المواضع.

فأما متی حدثت الآفه بالنخاع فی الموضع الذی بعد الفقاره الرابعه فإن صاحبها تتحرک منه الأجزاء العالیه من الرقبه، و

متی حدثت الآفه فی الموضع الذی بعد الفقاره الخامسه أبطلت الحرکه من سائر أعضاء الصدر ما خلا الحجاب فإنه لا یناله من الضرر شی ء کثیر و یبقی أیضاً شی ء یسیر من الحرکه المواضع العالیه من عضل الصدر، و کذلک أیضاً تبقی الحرکه فی عظم الکتف و یبقی الحس فی مقدم العضد؛ لأن الروح الحساس من العصب الذی یأتی الید بالحس و الحرکه منشؤه من هذا الموضع.

و إن حدثت الآفه فی الموضع الذی بعد الفقاره السادسه بطلت حرکه المواضع العلیه من الصدر و لا ینال الحجاب ضرر کثیر و یبقی الحس و الحرکه فی الکتف و العضد و الساعد فیتحرک و لا یحس.

و إن حدثت الآفه فی الموضع الذی بعد الفقاره السابعه فان[194] الحجاب و کثیر من عضل الصدر یتحرک، و الید تحس و تتحرک ما خلا الکتف فإنه یتحرک و لا یحس.

فإن حدثت الآفه فیما بعد الفقاره الثامنه و بعد التاسعه کانت حرکه الصدر کله باقیه و الید کلها سلیمه الحس و الحرکه، و کذلک الامر سائر الفقار الذی تناله آفه

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 62

فإن الضرر یلحق الأعضاء التی یصیر إلیها العصب النابت من أسفل تلک الفقاره.

فأما الأعصاب التی تأتی کل واحد من الأعضاء علی [قدر[195]] الانفراد متی حدثت بواحد منها آفه أضر ذلک بحس العضو و حرکته، و أنت تعرف کل واحد من الأعصاب التی تأتی کل واحد من الأعضاء للحس و الحرکه من نظرک فی الموضع الذی ذکرنا فیه أمر الأعصاب[196] عند ذکرنا منابت الأعصاب، فتعلم من ذلک أن الآفه متی نالت أحد أزواج العصب.

فإما أن یتعطل الحس و الحرکه من العضو [الذی یأتی ذلک العصب، و هو یکون إذا کان ذلک

العصب یأتی العضو[197]] بالحس و الحرکه معاً و کانت الآفه [مع ذلک[198]] عظیمه.

[و إما أن یتعطل الحس و الحرکه من العضو بالحس و الحرکه معاً و کانت الآفه مع ذلک عظیمه[199]].

و أما یتعطل الحس و تبقی الحرکه، و هذا یکون إذا کان العضو یأتیه عصبتان:

احداهما تؤدی إلی العضله المحرکه، و الأخری تؤدی إلی الجلد الملبس علیها حس اللمس فتکون الآفه قد نالت العصبه المؤدیه للحس.

و إما أن تتعطل الحرکه و یبقی الحس، و هذا یکون إذا نالت الآفاه العصبه التی تأتی العضو بالحرکه، و متی کان العضو یأتیه عصبه واحده بالحس و الحرکه معاً ثم کانت الآفه عظیمه بطل الحس و الحرکه جمیعاً من ذلک العضو، و إن کانت لیست بالعظیمه أضر ذلک بالحرکه و بقی الحس سلیماً، لأن الحرکه تحتاج من القوّه إلی مقدار کثیر و الحس إلی مقدار یسیر، فاعلم ذلک.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 63

الباب السابع عشر فی [ذکر][200] کیفیه الوجع و اللذه

اشاره

إن اللذه و الوجع یکونان فی جمیع الحواس باستحاله الحاسه إلی طبیعه الشی ء المحسوس کما قد بینا ذلک فی الموضع الذی ذکرنا فیه کیفیات الحواس إلا أن اللذه هی استحاله من حال خارجه عن الأمر الطبیعی إلی حاله طبیعته[201] بمنزله الاستحاله من السقم إلی الصحه.

و الوجع هو استحاله من حال طبیعیه إلی حال خارجه عن الأمر الطبیعی بمنزله استحاله البدن من الصحه إلی السقم، و هذه الاستحاله متی کانت یسیره لم تحدث لذه و لا وجعاً بمنزله ما إذا وقع علی بدن الإنسان شراره من النار لم یوجع و إذا لمس شیئاً ناعماً معتدل الحراره و کان یسیراً لم یلتذ به، و کذلک إن کانت الاستحاله إلی الشی ء المحسوس قلیلًا قلیلًا لم یحدث لذه و لا وجعاً

بمنزله ما إذا اجتمع فی بدن الانسان خلط [ردی ء[202]] مؤذ علی طول المده لم یحدث وجعاً، و إذا انتقل الخلط المؤذی إلی الجوده قلیلًا قلیلًا علی طول المده لم یحدث لذه.

و متی کانت الاستحاله عظیمه أحدثت لذه أو وجعاً بمنزله ما إذ وقع علی بدن الإنسان جمره عظیمه من النار احرقته و أوجعته، و إذا لمس الإنسان مقداراً کثیراً من شی ء ناعم معتدل[203] الحراره استلذ غایه اللذه، و متی کانت الاستحاله فی دفعه احدثت له لذه أو وجعاً بمنزله ماء انصبت إلی عضو من الأعضاء ماده حاره أو بارده

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 64

دفعه أحدثت وجعاً، و إذا استفرغ من بدنه ماده مؤذیه دفعه أصابت الإنسان لذلک لذه بمنزله ما یستفرع من المده من الخراجات.

فاللذه و الوجع یکونان فی حاسه اللمس أقوی منهما فی سائر الحواس؛ لأنها أغلظ الحواس و لیست تتغیر و تستحیل إلی طبیعه الشی ء المحسوس بسهوله بل بابطاء و عسر لأن الشی ء المحسوس لا یؤثر فیها بسرعه لغلظها فهی مقاومه و ممانعه و کل شی ء یمانع فعل الفاعل و یقاومه فهو یزید فی أذی نفسه فأما سائر الحواس الباقیه فلیس ینالها من اللذه و الوجع من محسوساتها شی ء کثیر کالذی ینال حاسه اللمس و ذلک لسرعه استحالتها إلی طبیعه الشی ء المحسوس و مؤاتاتها إیاه بسهوله إلا أن بعضها یکون فیه اللذه و الوجع أکثر من بعض علی حسب مقدار غلظها.

فحاسه البصر للطافتها أسرع استحاله و تغیر إلی طبیعه محسوسها، و هی الألوان فهی لا ینالها من محسوسها من الأذی و اللذه شی ء کثیر منها، فان الحاستان أعنی حاسه البصر و حاسه اللمس فی اللذه و الوجع فی الطرفین المتضادین.

فأما سائر الحواس الباقیه

فإن أمرها یجری فی هذا الباب علی حال متوسط إلا أن اللذه و الاذی[204] فی حاسه المذاق أکثر منها[205] فی حاسه [السمع او[206]] اللمس لأنها دون حاسه اللمس فی الغلظ، و فی حاسه السمع تکون اللذه و الوجع فیها أقوی منها فی حاسه البصر لأنها اغلظ منها

فأما حاسه الشم فانها متوسطه بین حاسه السمع و حاسه المذاق ر فی اللطافه و الغلظ و سرعه الاستحاله و إبطائها و الذی ینالها من اللذه و الوجع متوسط فاعلم ذلک.

و ینبغی أن تعلم أن سبب الوجع فی سائر الحواس إنما هو تفرق الاتصال و ذلک أنه یکون فی حاسه اللمس إما من شی ء حاد یقطع، و إما من شی ء ثقیل یرض و یشدخ، و إما من شی ء یمدد، و إما من الحراره، و إما من البروده.

و الحراره و البروده إنما یؤلمان بتفریقهما اتصال الأعضاء، و ذلک لأن من

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 65

شأن الحار المفرط أن یخلخل و یفرق أجزاء العضو، و من [شأن[207]] البارد أن یجمع و یکثف حتی تنبو أجزاء العضو بعضها عن بعض فیفرق اتصالها، بمنزله ما یعرض للطین إذ جف أن یتشقق.

و ینبغی أن تعلم أن سوء المزاج إنما یحدث الألم و الوجع متی کان مختلفاً و لم یکن مستویاً فی جمیع البدن لأنه متی کان سوء المزاج مستویاً فی جمیع البدن لم یحدث وجعاً لأنه یصیر للأعضاء شبیهاً بالمزاج الطبیعی، و لیس شی ء من الأعضاء یتأذی بطبیعته بمنزله ما یعرض من ذلک فی أصحاب حمی الدق و الاستسقاء فإن [هذا[208]] المزاج الردی ء مستو فی جمیع أعضائهم فهم لا یحسون بأذاهم[209] لأنه لیس بدنهم عضو سلیم یحس بألم العضو المؤوف به، و لذلک صارت

الحمی العفنیه النائبه فی أول نوبتها یحس صاحبها بوجع و ضربان شدید لأنه قد یحدث بها شی ء غریب لا عهد لها به، و إذا طالت بها المده و انتشرت فی سائر البدن لم یحس بالألم و الوجع.

فأما سوء المزاج المختلف فإنه لا یکون مستویا[210] فی سائر الأعضاء بل یکون: إما فی بعض الأعضاء دون بعض، و إما أن یکون فی بعضها أکثر من بعض فلذلک یحدث الوجع لأن الأجزاء المختلفه یفعل بعضها فی بعض و یقبل بعضها الفعل من بعض[211]، فاعلم ذلک.

و الوجع یکون فی حاسه البصر إما من اللون الأبیض الذی یفرق و یبدد کما یفعل الحار، و إما من اللون الأسود الذی یجمع جمعاً شدیداً فیحدث تفرق الاتصال کما یحدث البارد.

و یکون ذلک فی المذاق إما من الطعم الحامض و الحریف اللذین یفرقان أجزاء اللسان کما یفعل الحار، و إما من الطعم القابض[212] و العفص فیفترقان[213] کما یفعل البارد.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 66

و یکون فی السمع من الصوت العظیم و الحار اللذین یفرقان ایصا [اتصال[214]] حاسه السمع کما یفرق اللون الأبیض للبصر.

فکل واحد من الحواس تناله اللذه و الوجع إما من خارج بمنزله البصر و السمع و الشم فإنها تلتذ و تتألم بالألوان و الأصوات و الروائح من خارج و ینالها الوجع من داخل فقط،

و إما من داخل و من خارج معاً بمنزله حاسه المذاق و حاسه اللمس، فأما حاسه المذاق فینالها ذلک من خارج من الأشیاء المطعومه و إما من داخل فتلتذ بطعم الدم و البلغم الحلو و تألم من المرار و البلغم المالح و الحامض إذ غلبا علی جرم اللسان أو صارا إلیه من المعده.

فأما حاسه اللمس فإنه ینالها الألم

من خارج من الأشیاء التی تفرق الاتصال کالقطع و الرض، و من داخل بمنزله المزاج الحار و البارد و الفضول الغلیظه التی تهتک الخلط الحاد الذی یقطع.

و ینال اللذه من خارج من الأشیاء اللینه المعتدله من الحراره و البروده و تنالها من الأشیاء اللذه من داخل عند ما تنضج الماده الردیئه المؤذیه و تنهضم فإن النضج و الانهضام تتبعهما لذه، أو عند ما یتحلل الفضل الردی ء بمنزله ما یعرض فی الحمام من اللذه إذا تحللت الفضول الحاده الحریفه، أو عند ما یخرج[215] الشی ء المؤذی الردی ء فیستفرغ استفراغاً ظاهراً.

[فی لذه الجماع]

بمنزله ما یعرض فی الجماع من اللذه عند خروج المنی و ذلک لأن المنی إذا کثر فی أوعیته تأذت به الطبیعه و دفعته إلی خارج الا أن[216] اللذه التی تکون عن استفراغ المنی أعظم من الأذی الذی یکون من اجتماعه لأن استفراغه یکون دفعه فتستحیل الحاسه منه دفعه فتکون اللذه أعظم، فأما اجتماعه فأنه یکون قلیلًا قلیلًا فلا تستحیل منه الحاسه دفعه و لا یؤثر الوجع فی الحاسه کثیراً.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 67

و اللذه التی تنالها النساء من الجماع أعظم من اللذه التی ینالها الرجال من الجماع، و ذلک لأن اللذه فی النساء تکون بسبب استفراغ المنی و بسبب اجتذاب الرحم المنی من الذکر و اللذه فی الرجل تکون بسبب استفراغ المنی من الذکر فقط فاعلم ذلک [إنشاء الله[217]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 68

الباب الثامن عشر فی الأعراض الداخله علی فعل شهوه الطعام

اشاره

إنه لما کان فم المعده یأتیه من الدماغ عصب یکون به حس الشهوه صارت الأعراض اللاحقه له داخله فی باب الأعراض اللاحقه لحس اللمس.

و الآفات اللاحقه لحس فم المعده منها ما یضر بفعلها فی ذاتها، و منها ما یضر بفعل غیرها من الأعضاء.

و الآفات التی تضر بفعل هذه الحاسه فی ذاتها هی الآفات المضره بالشهوه.

و الآفات التی تضر بغیرها من الأعضاء إما أن تضرها بمشارکتها لها، بمنزله الآفات العارضه للدماغ عن الآفات الحادثه فی فم المعده فیعرض من ذلک أعراض مختلفه بحسب طبیعه الآفه، بمنزله الصرع و اختلاط الذهن و الوسواس السوداوی. و إما أن تضرها بمجاورتها لها، بمنزله ما یعرض للقلب من الغشی إذ کان فم المعده قریباً فی الوضع فی[218] موضع القلب، و إما أن تضر بهما جمیعاً فیحدث من ذلک بطلان النفس و عسره.

[فی الاعراض الحادثه بفعل الشهوه]

و أما الأعراض الحادثه بفعل الشهوه فیکون حدوثها علی مثال ما یحدث لغیرها من الافعال علی ثلاثه أوجه:

إما أن تبطل، و إما بأن تنقص، و إما بأن یجری أمرها علی حال ردیئه.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 69

فأما بطلان الشهوه فیکون: إما لأن البدن لیس یستفرغ و لا یحلل منه الهواء شیئاً یحتاج معه إلی ما یخلفه مکانه، لأن العروق لیست تجذب من الکبد شیئاً، و إما لأن فم المعده لیس یحس بنقصان ما تجذبه العروق و الجداول و الکبد منها.

و ذهاب حس فم المعده یکون: إما بسبب آفه تنال فم المعده نفسه إذا حدث بها سوء مزاج حار[219] کالذی یعرض فی الحمیات من ذهاب الشهوه و إما بسبب آفه تنال الدماغ بمنزله ما یعرض فی عله اختلاط الذهن من ذهاب الشهوه، و إما بسبب آفه تنال العصب الذی

یصیر من الدماغ إلی فم المعده فیکون ذلک إما من شده وثاق أو من العلاج بالحدید.

و أما نقصان الشهوه فیکون إذا کانت الأسباب المحدثه لبطلان الشهوه ضعیفه.

و أما رداءه الشهوه: فتکون إما للطعام و إما للشراب.

[فی رداءه شهوه الطعام]

و رداءه شهوه الطعام تکون إما فی کمیته و إما فی کیفیته.

أما فی کمیته: فعند ما یشتهی الإنسان الإکثار من الطعام کالذی یعرض لصاحب الشهوه الکلبیه، و هذا یکون إما بسبب خلط حامض محتقن[220] فی فم المعده و یتبع ذلک کثره البراز و رطوبته، و إما بسبب أن الاستفراغ الذی یکون بالتحلیل قد أسرف.

و إسرافه یکون إما بسبب حراره تتحلل و تفنی. و إما [بسبب[221]] ضعف القوّه الماسکه و إما رداءه شهوه الطعام فی کیفیته: فهو أن تمیل شهوه الإنسان إلی الأشیاء الحامضه أو المالحه أو الحریفه، و ربما اشتهی الفحم و الطین و الجص و ذلک من خلط ردی ء [بارد][222] [فیتولد[223]] فی فم المعده.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 70

[فی شهوه الطین للنساء الحوامل]

و کثیراً ما تعرض هذه العله للنساء الحوامل و یقال لها: الوحم، و یکون حدوث ذلک بهن فی الشهر الأول و الثانی و الثالث إذا کان الجنین صغیراً ضعیفاً لا یمکنه أن یتغذی بالکثیر من دم الطمث لکن یغتذی منه بالیسیر مما هو أجود شی ء فیه فینفی الفضل الردی ء فیجتمع ذلک فی فم المعده فیحدث الشهوات الردیئه، فإن کان الشهر الرابع زالت هذه الشهوه، لأن الجنین یکون قد کبر و قوی علی اجتذاب الکثیر من الدم، و لأن کثیراً من تلک الفضول قد فنیت بعضها [بالقی ء الذی یعرض للحوامل و بعضها[224]] لقلّه الغذاء التابع لذهاب الشهوه.

و قد تعرض هذه الشهوه لغیر الحوامل أیضاً عند ما یجتمع فی فم المعده منه فضل ردی ء فإن کان ذلک الخلط المجتمع فی فم المعده حریفاً نقص من شهوه الطعام و زاد فی شهوه الشراب، فإن کان حامضاً زاد فی شهوه الطعام و نقص من شهوه الشراب، و ذلک لأن

الخلط الحامض یجمع فم المعده و یجمع المواد التی فیها و یقبضها فینقص من مقدارها و یغوص فی جرمها فیحدث فیه مواضع خالیه تشتاق لذلک الی أن[225] تملأ تلک المواضع فتحدث فیه لذلک الشهوه کما تحدث عن الاستفراغ و التحلل، و أیضاً فإن الخلط الحامض یجمع فی فم المعده و یقویه فیکون جذبه أشد و أقوی، و إن کان ذلک الخلط حلواً نقص من شهوه الطعام و الشراب جمیعاً و ذلک لأن الشی ء الحلو یملأ الخلل و یرخی فم المعده.

[فی رداءه شهوه الشراب]

فأما رداءه شهوه الشراب فیکون له[226] اما فی کمیته، و إما فی کیفیته.

أما فی کمیته: فإذا کان الإنسان یعطش فیسرف فی شرب الماء [البارد[227]] و ذلک یکون: إما بسبب حراره قویه بمنزله حراره الحمی، و إما بسبب خلط مالح أو حریف أو مراری محتقن فی فم المعده.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 71

و أما فی کیفیته:[228] إذا مال الإنسان إلی شرب أشربه ردیئه الکیفیه، و هذا یکون بسبب خلط ردی ء محتقن فی فم المعده فهذه.

هی الأعراض الداخله علی فعل فم المعده [فی ذاته فاعلم ذلک[229]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 72

الباب التاسع عشر فی الأعراض الداخله علی فعل الدماغ الذی هو حس الحواس و القلب لمشارکه[230] فم المعده

[فی الأعراض الداخله علی فعل الدماغ بمشارکه فم المعده]

اشاره

أما الأعراض التی تحدث لفعل الدماغ التابعه للآفات الحادثه بفم المعده فهی اختلاط الذهن و السبات و الاستفراق و الصرع و الوسواس السوداوی.

[فی اختلاط الذهن]

فأما اختلاط الذهن فی هذه الحال فیکون من ورم حار یحدث فی فم المعده.

[فی الاستفراغ و السبات]

و أما الاستفراق و السبات: فیکونان عن برد فم المعده، و ذلک یکون اما عن سوء مزاج بارد یغلب علیه، و إما من خلط بلغمی محتقن فیه، و إما من دواء بارد بمنزله الافیون و الاسفیذاج، و إما من غذاء بارد بمنزله الفطر و اللبن الحامض، و إما بسبب بخار بارد یرتفع إلیه من الرحم بسبب احتباس الطمث و المنی فیتأدی ذلک إلی الدماغ بالمشارکه التی بینهما، و کذلک أیضاً الصرع قد یکون من رطوبات بلغمیه [تغلب[231]] علی فم المعده [و ترقی إلی الدماغ، و إما من البخارات السوداویه

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 73

ترتقی إلیه[232]].

[فی الوسواس السوداوی]

و أما الوسواس السوداوی: فیکون من خلط سوداوی یحتقن فی فم المعده فتتراقی بخاراته إلی الدماغ.

و هذه الأعراض تعرض للدماغ عن الآفات الحادثه بفم المعده إذا اتفق أن تکون الآفه عظیمه أو یکون حس فم المعده قویاً أو یکون الدماغ ضعیفاً سریع القبول للآفات، و ضعفه یکون إما بالطبع و إما لعله تحدث به.

فی الاعراض الداخله علی القلب بمشارکه قم المعده]

اشاره

فأما أسباب الأعراض[233] التی تعرض للقلب و الشرایین التابعه للآفات الحادثه بفم المعده فهی الغشی، و رداءه النبض، و العله التی یقال لها بولیموس.

[فی الغشی]

فأما الغشی: فیکون إما لشده الوجع الذی یکون فی فم المعده، و إما لقوّه حسه و إما لضعف القلب و العروق الضوارب فیسرع قبولها للآفات.

[فی عله بولیموس]

فأما العله التی یقال لها بولیموس فتحدث عن سوء مزاج بارد یعرض لفم المعده و عن قله الغذاء و ضعف القوّه.

فهذه صفه أسباب الأعراض التی تعرض للقلب و العروق الضوارب من عله تکون فی فم المعده.

فی الاعراض التی تعرض القلب و الدماغ معاً بسبب مشارکه قم المعده]

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 74

فأما أسباب الأعراض التی تعرض للقلب و الدماغ معاً بسبب مشارکه فم المعده فهی رداءه التنفس و غیره[234]، و ذلک یکون إذا ضغط فم المعده و الحجاب بسبب ورم حدث فیه أو بسبب آفه قد نالت الدماغ عن عله فم المعده فیضعف الحجاب عن فعل التنفس بسبب الورم الصاعد الیه[235] و بسبب ضعف العصب عن تحریکه.

فهذه جمله القول فی الأعراض الحادثه فی حاسه اللمس و أسبابها، [فأعلم ذلک ان شاء الله تعالی[236]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 75

الباب العشرون فی الأعراض الداخله فعل حاس الحوس و هو الدماغ[237]

فأما الأعراض الحادثه فی الجسم بحس العام لسائر الحواس[238] فهی النوم المفرط [و السهر المفرض[239]].

و النوم المفرط: یکون إما من سوء مزاج بارد یغلب علی الدماغ فیخدره، و یقال لهذا السبات و الاستغراق، و إما من رطوبه کثیره تبله و یقال لهذا: النوم المجاوز لحد الاعتدال، و أما من تناول أدویه مخدره بمنزله الافیون و الخشخاش المصری.

و أما السهر: فیکون من أسباب هی أضداد الأسباب المحدثه للنوم، أعنی أن یکون إما أن یکون من سوء مزاج یابس أو حار یابس یغلبان علی الدماغ، و إما من تناول أدویه حاره یابسه، [فأعلم ذلک إنشاء الله تعالی[240]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 76

الباب الحادی و العشرون فی الأعراض الداخله علی فعل الحرکه الارادیه

اشاره

فأما الأعراض التی تعرض للحرکه الإرادیه: فهی کما ذکرنا فی سائر الأعراض الداخله علی الأفعال و هی علی ثلاثه ضروب:

إما أن تبطل[241] کالتی یعرض علی عله الاسترخاء.

و إما أن تنقص کالتی تعرض فی عله الخدر.

و إما أن تجری مجری ردیئاً فتکون[242] عن ذلک أعراض ردیئه[243] بعضها یحدث عن فعل الطبیعه، و هی النافض و القشعریره[244] و السعال و العطاس و التثاؤب و التمطی الفواق و الجشاء و الإعیاء، و بعضها [یحدث[245]] عن المرض و هو التشنج و الاختلاج، و بعضها یحدث عن فعل الطبیعه و المرض معاً، و هی الرعشه، و الحرکات التی تکون مع الخدر و الاسترخاء.

و نعنی بالطبیعه فی هذا الموضع إما القوّه المدبره للبدن، و إما القوّه النفسانیه.

[فی بطلان الحرکه]

فأما بطلان الحرکه: و هو الاسترخاء فحدوثه یکون إذا عرض للعصب المحرک للعضو آفه تمنع من نفوذ القوّه المحرکه بإراده إلیه، و هذا یکون کما قلنا قبل إما من سوء مزاج بارد یکثف العصب، و إما من ورم یغلظ العصب، و إما من

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 77

خلط غلیظ یلحج فیه متی کان مجوفاً، و إما من ضغط یحدث بالعصب.

و هذه الآفات[246] إذا حدثت فی مبدأ النخاع استرخی بسببها جمیع البدن، و یسمی [ذلک العارض[247]] السکته و الفالج، فإن کان فی بعض الأعصاب حدث عنها استرخاء العضو الذی یحرکه ذلک العصب فإن عرض الاسترخاء فی عضل الحنجره قیل لذلک انقطاع الصوت، و إن کان فی عضل الصدر قیل لذلک بطلان النفس، و إن کان فی عضل المثانه کان منه خروج البول من غیر اراده، و إن کان فی عضل المقعده کان منه خروج البراز بغیر اراده.

و إن قلت: إن خروج البراز و البول انما

هو من فعل الطبیعه بحرکه القوّه الدافعه و إن خروجهما بالاراده إنما هو من فعل القوّه النفسانیه و ذلک أن خروج البول إنما یکون بانقباض المثانه و دفع القوّه الدافعه لما فیها و استرخاء العضله المستدیره علی فمها و ذلک من فعل القوّه النفسانیه.

و کذلک أیضاً البراز یکون خروجه بانقباض الأمعاء علی ما فیها و استرخاء العضله التی حول [طرف[248]] المعی المستقیم فی موضع الدبر، و لذلک صار استرخاء المثانه یحدث عنه[249] عسر البول، و هو عرض من الأعراض الطبیعیه، و استرخاء العضله التی علی فمها یعرض عنه خروج البول بلا إراده، و هو عرض من الأعراض النفسانیه [و کذا عسر[250]] البراز[251] عرض من الأعراض الطبیعیه و خروجه بلا إراده عرض من الأعراض النفسانیه. فهذه هی أسباب بطلان الحرکه

[فی نقصان الحرکه]

فأما نقصان الحرکه فیعرض مع[252] الخدر، و الأسباب المحدثه للخدر و هی الأسباب المحدثه للاسترخاء إلا أنها لیست بالقویه التی تبطل معها الحرکه البته و هذا العرض یکون من فعل الطبیعه و فعل المرض، لأن الحس و الحرکه لیس

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 78

یبطلان فی الخدر کما یبطلان فی الاسترخاء لأن العضو لیس یرسب إلی أسفل و لا یتحرک و لا یمکنه أن یتحرک الحرکه التامه و لا یحس حساً خالصاً لتأثیر المرض فی الطبیعه [فأعلم ذلک إنشاء الله[253]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 79

الباب الثانی و العشرون فی الحرکه الحادثه علی غیر ما ینبغی اعنی علی حاله ردیئه و ما یحدث عن الأعراض المختلفه

اشاره

إن الحرکه الإرادیه إذا جری أمرها علی حال ردیئه حدث عنها النافض[254] و القشعریره و السعال و العطاس و التثاؤب و التمطی و الفواق و الجشاء و الإعیاء.

و کل [واحد من[255]] هذه الأعراض قد یکون عن[256] فعل الطبیعه، و قد یحدث فی هذا الباب عن فعل المرض، التشنج و الاختلاج، و قد یحدث عن فعل الطبیعه و المرض معاً أعنی الرعشه و الحرکات التی تکون مع الخدر.

و أنا مبتدأ[257] بذکر الأعراض التی عن فعل الطبیعه [و أسبابها[258]] و أولًا فی القشعریره و النافض.

[فی القشعریره و النافض]

اشاره

فأقول: إن هذین العرضین یحدثان عن خلط ردی ء لذّاع ینصب علی الأعضاء الحساسه التی هی العضل و العصب فیلذعها [و یؤذیها[259]] فیقشعر لذلک العضو و ینقبض لقوّه حسّه فتروم القوّه الدافعه دفع ذلک الخلط المؤذی لها، و قد یعرض[260] ذلک إذا صب علی البدن ماء شدید البرد فإنه یقشعر منه البدن و ینقبض

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 80

لقوه حسه کذلک یعرض إن وقع علی البدن شراره نار أقشعر منها حراره و ذلک لما تتحرک الطبیعه لدفع الشی ء المؤذی [لها فیقشعر (1)] و لذلک صارت الأسباب الفاعله للنافض ثلاثه:

أحدها: الحراره.

الثانی: البروده.

و الثالث: ضعف الحراره الغریزیه و کثره الماده.

[السبب الأول]

فأما الحراره فتکون: إما من داخل بمنزله المره الصفراء و یتبع ذلک حمی لا محاله، و إما من خارج بمنزله ما إذا وضعنا علی قرحه دواء حاد (2) لذّاع فإنه یعرض لصاحبه علی المکان اقشعراراً و رعده، [و نجد (3)] أیضاً من کان بدنه مملوء فضولًا حاره دخانیه إذا دخل الحمام یقشعر بدنه و ربما ارتعد و ذلک لأن هواء الحمام یجتذب هذا الفضل إلی ظاهر البدن فیلذعه.

[السبب الثانی]

فأما البروده: فإنها [إما أن (4)] تعرض من خارج بمنزله الماء البارد و الهواء البارد و إما من داخل.

و هذا یکون: إما من مره سوداء و تتبعه حمی لأنه لا یحدث هذا الخلط قشعریره إلا أن یعفن فإذا عفن تبعته الحمی، و إما من بلغم زجاجی و هذا البلغم إن کان عفناً حدث عنه نافض مع حمی نائبه فی کل یوم و إن کان غیر عفن حدث عنه نافض لا یسخن من غیر حمی، و إن عفن بعضه و لم یعفن البعض حدثت هذه الحمی المعروفه بانتیالس (5) و هی حمی یتجمع فیها النافض و الحراره معاً، لأن النافض یکون عن بلغم قد عفن (6) [و الحمی تکون عن بلغم قد عفن[261]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 81

[السبب الثالث]

فأما السبب الذی هو ضعف الحراره الغریزیه و کثره الماده فانه یتبعه الموت و ذلک أن الماده الکثیره إذا صادفت الحراره الغریزیه ضعیفه غمرتها و قهرتها فانطفأت، و إن کانت الحراره الغریزیه قویه و الماده قلیله لطفت الخلط و أذابته [و حللته][262] [بته[263]].

و النافض مرکبه من البرد و الرعده.

فی الرعده]

فأما الرعده فتکون من شده حرکه القوّه الدافعه التی فی العضل لدفع الخلط المؤذی[264] و کذلک متی کان السبب المحدث للنافض حاراً کانت الرعده أشد لأن الحراره أقوی حرکه و أکثر أذی، و إن کان السبب المحدث للنافض بارداً کانت الرعده أقل لأن البروده أقل حرکه و أقل اذی و لذلک صار النافض فی الحمی البلغمیه أقل منها فی حمی الغب لأن الحمی البلغمیه تکون معها قشعریره.

و السبب البرد الذی یکون فی النافض هو من هرب الحراره الغریزیه إلی عمق البدن لما ینال ظاهره من الوجع و الأذی من الخلط المؤذی، و لذلک نسبت هذه الأعراض إلی فعل الطبیعه. أعنی القوّه النفسانیه:

[فی السعال]

[265]

فأما السعال: فیعرض من فعل الطبیعه المدبره للبدن و ذلک أنه حرکه قویه من القوّه الدافعه لدفع الشی ء المؤذی الکائن فی آلات النفس لخروج الهواء الذی یکون بانقباض الصدر علی الرئه قبضاً قویاً فیخرج الهواء بحمیه فیندفع معه ما فی الصدر و قصبه الرئه من الفضول فلذلک تحتاج الطبیعه فی تمام السعال الی أن تکون القوّه قویه لتقوی علی دفع الفضل.

و یحتاج أیضاً أن تکون الماده لیست بالغلیظه اللزجه التی لا یمکن للقوّه أن

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 82

تقلعها[266] لتشبثها بالمجاری وسدها طرق النفس، و لا بالرقیقه التی تزلق عن المجری و ترجع إلی موضعها الذی کانت فیه، و لذلک متی کانت الماده غلیظه

احتاج الطبیب إلی أن یلطفها و یعدلها عدلها بالزوفا و الحاشا، و متی کانت رقیقه غلظها بالحساء، و إن کانت لزجه قطعها بالسکنجبین و ما یجری هذا المجری.

[فی سبب حدوث السعال]

و السبب فی حدوث السعال إما من سوء مزاج مختلف حار أو بارد یغلب علی عضل الصدر و الرئه و قصبتها و الحنجره فتروم الطبیعه دفع الشی ء المؤذی بالقوّه الدافعه، و إما من ماده تکون فی آلات التنفس تعجز[267] الطبیعه دفعها و إخراجها، و هذه الماده تحدث [اما من خارج و[268]] إما من داخل.

و إما من خارج بمنزله الطعام و الشراب الذی یدخل فی قصبه الرئه و الغبار و الدخان.

و أما من داخل فیکون إما من ماده تنحدر من الرأس إلی الحنجره و قصبه الرئه و الرئه و الصدر کالذی یعرض فی النزلات، و إما من کیموس یصعد من حدبه الکبد و إما من شی ء[269] یحتقن فی أقسام قصبه الرئه بمنزله الخلط الغلیظ و بمنزله الماده التی تکون فی ذات الجنب و ذات الرئه و تحتقن فی الصدر بمنزله المده التی تکون فی قروح الصدر و الرئه ایضا.

فی العطاس

فاما العطاس: فإنه یکون علی مثال ما یکون السعال أعنی من قبل الطبیعه المدبره للبدن إذا تحرکت القوّه الدافعه لدفع الشی ء المؤذی الذی یکون فی بطون الدماغ فیخرج ذلک الشی ء لشده القوّه و حمیه الهواء إلی خارج و ینقی به الدماغ و المنخران إلا أن السعال ینقی به الصدر و الرئه فقط، و أما العطاس فإن کان ینقی به الدماغ و المنخران فإنه قد ینقی به مع ذلک الصدر و ذلک لأن الدماغ إذا تحرک لدفع

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 83

ما فیه من الفضل البخاری[270] انفتح المجریان النافذان إلی المنخرین لینفذ فیهما الفضل الغلیظ بسهوله و قبض علی عضل الصدر[271] بالقصب فیتبع ذلک خروج الهواء و یخرج معه ما فی الصدر و الرئه من الفضول و ذلک

لأن العطاس یکون بقوّه أشد من القوّه التی یکون بها السعال لما تحتاج إلیه الطبیعه من اخراج الفضل من مواضع معوجه شی ء لأنه یکون إذا سخن الدماغ و رطبت المواضع الخالیه التی فی الرأس و انحدر الهواء الذی فیه فیسمع له صوت لأن خروج ذلک من موضع ضیق، و قد یکون العطاس من فضل لذاع یلذع بطون الدماغ فتشتاق الطبیعه إلی دفعه کما یعرض فی السعال و الفواق[272] فاعلم ذلک.

فأما الفواق و الجشاء و التمطی و التثاؤب و الإعیاء؛ فإنها تکون کلها من حرکه القوّه المدبره للبدن لدفع الفضول المستکنه فی الأعضاء المؤذیه لها.

[فی الفواق]

و الفواق و الجشاء یکونان لدفع فضول کثیره أو لذاعه تکون فی المعده إلا أن الفواق قد یکون لخلو المعده إذا حدث لها تشنج من کثره الاستفراغ، و هذا العرض یکون من فعل القوّه النفسانیه.

[فی الجشاء]

و أما الجشاء: فیکون من حرکه القوّه الدافعه لدفع فضل ریحی محتقن فی المعده، و یکون إما من طعام مولّد للریاح، و إما من ریاح تتولد من ضعف الحراره المنضجه للغذاء. و قد یکون الجشاء من قوّه الحراره المحرقه للغذاء فیتولد عن ذلک الجشاء الدخانی.

[فی التشاؤب]

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 84

و أما التثاؤب: فهو من فضل بخاری محتقن فی عضل الفکین[273] تنفیه الطبیعه و تخرجه بالتحلیل.

[فی التمطی]

و التمطی یکون من فضل بخار محتقن فی جمیع عضل البدن أو أکثرها تروم الطبیعه[274] تحلیله.

[فی الإعیاء]

و أما الإعیاء: فحدوثه أیضاً یکون من دفع الطبیعه للشی ء المؤذی للأعضاء الذی جلبه التعب فیحدث عنه التمطی، و الإعیاء علی جنسین:

أحدهما: الإعیاء الحادث عن التعب.

الثانی: الإعیاء الحادث من داخل البدن، و أصناف الإعیاء الحادث عن التعب أربعه:

أحدها: الإعیاء [الذی یقال له[275]] القروحی، و حدوثه [إما[276]] عن أخلاط رقیقه حاده تتولد فی وقت الحرکات القویه،

و إما لذوبان بعض الأخلاط الغلیظه و انحلالها إذا لم تخرج[277] عن البدن، و إما لذوبان الشحم و اللحم اللین.

الثانی: الإعیاء الذی یکون معه تمدد و حدوثه یکون من کثره التعب و إفراطه فیمدد العضل و العصب و لیس یتحلل[278] إلی العضل و العصب من الفضول فی هذا الحال إلا الیسیر النزر؛ لأن الأخلاط تکون فی مثل هذه الحال جیده و إنما یعرض مع هذا النوع کسل عن الحرکه عن الانحلال قلیل[279] و لیس یضمر بدن صاحب هذا النوع.

و الثالث: الإعیاء الورمی: و هو الذی یکون معه ضربان [شبیه بضربان[280]]

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 85

الورم الحار، و حدوثه یکون عند ما یسخن العضل سخونه شدیده بسبب الحرکه [القویه[281]] و التعب الشدید فتنجذب إلیه سائر الفضول القریبه منه، و یتبع هذا الصنف من الإعیاء وجع شدید عند ما یلمس بدن صاحبه، و تکون أعضاؤه کلها وارمه و أکثر ما یعرض هذا الصنف لمن لم یعتد التعب و لم تجربه[282] عادته.

و الصنف الرابع: هو الذی یحدث عن یبس شدید ینال العضل و تصیر به الأعضاء قحله یابسه و لا یمکنها الحرکه بسهوله.

فأما أصناف الاعیاء العارض من داخل البدن فثلاثه:

أحدها: الإعیاء الذی یقال له القروحی و حدوثه یکون

عن خلط حار مراری یتولد[283] فی وقت الحرکه القویه و لذلک یحس صاحبه کأن فی أعضائه قروحاً.

و الثانی: الإعیاء الذی یکون معه تمدد، و هذا یکون إما من کثره الأخلاط الغلیظه فتثقل[284] الأعضاء و تمددها، و إما من ریح تمددها فیحدث عن ذلک التمطی الشدید.

و الثالث: الورمی و یحدث عن خلط حار[285] دموی یکون معه لهیب و تمدد، و یکون معه ضربان شبیه بضربان الورم الحار فاعلم ذلک [إنشاء الله[286]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 86

الباب الثالث و العشرون [فی أسباب[287]] الأعراض الحادثه عن المرض [وحده[288]]

فأما الأعراض الحادثه عن المرض وحده فهی التشنج و الاختلاج

[فی التشنج]

و ذلک أن التشنج یفعل فی العصب و العضل مثل ما تفعل القوّه المحرکه بإراده عند ما یجذب[289] للعضل و تقلیصه[290] إلی ناحیه منشئه.

و کذلک یفعل التشنج لأنه یحدث إما عن الامتلاء و إما عن الاستفراغ، و حدوثه[291] عن الامتلاء فعند ما تمتلی ء العصبه و العضله من الاخلاط فتمددها عرضاً، و تتقلص إلی ناحیه رأسها فینقص[292] من طولها بمنزله ما یعرض فی الأوانی التی من الجلود کالجراب فإنک إذا حشوته حشواً مفرطاً تمدد عرضه و ینقص من طوله.

و أما حدوثه عن الاستفراغ: فیکون إذا خرجت الرطوبات من العصب و العضل فیبست و تقلصت إلی نحو منشئها کالذی یعرض للشعر و السیور إذا اذیبت فی النار فإنها تجف و تتقلص، و کالذی یعرض لأوتار العیدان إذا وضعت فی الهواء الحار الیابس فإنها تجف و تنقطع و تنقص لأنها تتقلص و هی مشدوده فتنقطع، و لذلک صار الضارب بالعود إذا فرغ من ضربه أرخی أوتاره.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 87

فقد بان من هذا أن التشنج إنما هو عرض تابع للمرض فقط، و التشنج إذا کان فی جمیع البدن قیل له الصرع، و إن حدث فی عضل الأجفان کان بعض الجفن منطبقاً و

بعضه مفتوحاً و إن حدث فی عضل العین سمی حولًا، و إن حدث فی المعده کان منه الفواق، و إن حدث فی أوعیه المنی سمی امذاءً، و إن حدث فی عضل اللحیین کان منه تقصقص الاسنان.

[فی الاختلاج]

و أما الاختلاج: فإن حدوثه یکون عن ریح بخاریه غلیظه تحتقن فی العضو و تبسطه و تقبضه علی مثال ما یتبسط الشریان و ینقبض. و الفرق بین النبض و الاختلاج أن النبض لا یکون دائماً و الاختلاج یعرض لجمیع الأعضاء التی یمکن فیها أن تنبسط بمنزله الجلد و جمیع العضل و القلب و العروق الضوارب و غیر الضوارب و المعده و الامعاء و سائر الأعضاء المعتدله فی الصلابه و اللین، و أما العظام و الغضاریف فلا یحتقن فیها الریح لصلابتها، و کذلک الدماغ لرطوبته لا یمکن فیها[293] الاختلاج، و لهذه الأسباب صار الاختلاج عرضاً من الأعراض الحادثه عن المرض لأنه یحدث عن الریح فقط، [فأعلم ذلک[294]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 88

الباب الرابع و العشرون فی صفه الأعراض الحادثه عن فعل الطبیعه و المرض [معاً[295]]

فأما الأعراض الحادثه عن فعل الطبیعه و المرض معاً: فهی الرعشه، و الحرکه التی تکون عن الخدر.

[فی الرعشه]

و ذلک أن الرعشه هی حرکه العضو إلی فوق و إلی أسفل و ذلک لأن القوه المحرکه تروم دفع العضو إلی فوق، و المرض یحط العضو إلی أسفل و ذلک أن القوّه تکون فی هذه الحال ضعیفه لا یمکنها أن تشیل [العضو[296]] شیلًا ما یقهر به المرض.

و حدوث هذا العارض أعنی الرعشه یکون: إما عن بعض الأعراض النفسانیه و إما من قبل مرض یحیل القوّه.

فأما الأعراض النفسانیه: فهی بمنزله الغضب و الفزع من السباع و السلطان، أو من الارتفاع علی المواضع العالیه فیحدث عن ذلک ضعف القوّه المحرکه للعضو.

و أما المرض الذی یحیل القوّه فیکون: إما من مرض متشابه الأجزاء بمنزله سوء المزاج البارد کالذی یعرض للمشایخ و لمن یکثر من شرب الماء البارد و ینطله[297] علی نفسه، و بمنزله ما یعرض لمن یکثر من شرب الشراب حتی یغمر

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 89

الحراره الغریزیه، و إما من مرض آلی بمنزله السده العارضه فی

العصب عن خلط غلیظ لزج [یلحج[298]] فیمنع القوّه المحرکه من الوصول إلی العضو، فإن کان الخلط راسخاً فی العصب رسوخاً کثیراً و کانت القوّه ضعیفه جداً لم یمکنها أن تقلع الخلط و تشیل العضو بعض الشیل إلا أن الخلط یثقله فیحط العضو إلی أسفل فیحدث عن ذلک الرعشه هذا من قبل الحرکتین المتضادتین الذین احدهما الطبیعه، و الأخری و المرض[299]، فعلی هذا المثال یکون حدوث الأعراض عن الطبیعه و المرض معاً، و اللّه أعلم.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 90

الباب الخامس و العشرون فی صفه الأعراض الداخله علی الأفعال الحیوانیه و أسبابها

اشاره

و إذا قد أتینا علی ذکر أسباب الأعراض الداخله علی الأفعال النفسانیه فإنا نأخذ فی ذکر الأعراض الداخله علی الأفعال الحیوانیه [و أسبابها[300]].

فنقول: إن الأفعال الحیوانیه، علی ما قد بینا[301] فی غیر هذا الموضع هی انبساط القلب و العروق الضوارب.

[فی النبض]

و یقال لذلک: النبض، و النبض[302] إما أن یبطل، و یقال لذلک: ذهاب النبض، و هذا یکون مع الموت و بطلان الحیاه، و إما أن ینقص و یقال لذلک: النبض الصغیر، و إما أن یجری أمره علی غیر ما ینبغی و یقال لذلک: النبض المختلف.

[فی النبض الصغیر]

فأما النبض الصغیر: فیحدث إما عن شده الوجع عند ما تغوص الحراره الغریزیه إلی قعر البدن و تقل فیعرض من ذلک النبض الصغیر، و إما من ضعف القوّه الحیوانیه إذا لم تقدر أن تبسط الشریان إلی جمیع أقطاره بمنزله ما یعرض فی الغشی.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 91

[فی النبض المختلف]

و أما النبض المختلف: فإختلافه یکون عن أسباب کثیر، خارجه عن الأمر الطبیعی بمنزله الأمراض و الأعراض، و اختلاف النبض یزید و ینقص بحسب زیاده الأمور الخارجه عن الطبع و نقصانها، و نحن نذکر اختلاف النبض و أسبابه فیما یستأنف عند ذکرنا أحوال النبض فأعلم ذلک إن شاء اللّه تعالی.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 92

الباب السادس و العشرون فی صفه الأعراض الداخله علی الأفعال الطبیعیه و أسبابها و أولًا فی أعراض الهضم الأول

اشاره

إن الأعراض الداخله علی الأفعال الطبیعیه تکون بحسب الأفعال الطبیعیه، و الأفعال الطبیعیه جنسها فی أبدان المستکملین جنس واحد و هو الاغتذاء، و الاغتذاء هو تشبه[303] الغذاء بالعضو المتغذی، و هذا یتم بفعل الشهوه و فعل الانهظام.

فأما الأعراض الحادثه فی الشهوه و أسبابها فقد ذکرناها عند ذکرنا أسباب الأعراض النفسانیه.

[فی أصناف الهضم]

أحدها: الانهضام الذی یکون فی المعده و هو کون الغذاء کیموسا[304]، و یقال له: الهضم الأول.

الثانی: الانهضام الذی یکون فی الکبد و هو تولد الدم من عصاره الغذاء، و یقال له: الهضم الثانی.

و الثالث: الانهضام الذی یکون فی الأعضاء و هو استحاله الدم إلی طبیعه العضو و یقال له: الهضم الثالث.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 93

و کل واحد من أصناف الانهضام یتم بأربعه قوی علی ما ذکرنا فی الکلام فی القوی الطبیعیه و هی الجاذبه و الماسکه و الهاضمه و الدافعه.

فأما الانهضام الأول و هو الذی یکون فی المعده و یقال له: الاستمراء، و المضره تناله علی مثال ما تنال سائر الافعال إما أن یبطل کالذی یعرض فی التخمه و إما أن ینقص بمنزله الجشاء الدخانی و الجشاء الحامض، و إما بأن یجری مجری ردیئاً بمنزله من یستحیل الغذاء فی معدته إلی الریاح.

و أسباب الأعراض الداخله علی الاستمراء إثنان: أحدهما من داخل و الآخر من خارج.

فأما السبب الذی من داخل فهو الآفات التی تنال القوّه الهاضمه، و الآفه تنال القوّه الهاضمه إما من أمراض المتشابه[305] الأجزاء یحدث بالمعده فإن کان حاراً غیّر الطعام إلی التدخن و الزفوره[306]، و إن کان بارداً غیّره إلی الحموضه، و إما من أخلاط محتقنه المعده فإن کان الخلط مراریاً أحدث جشاءً دخانیاً أو کان بلغمیاً أحدث جشاء حامضاً، و إن

کان البرد مع ذلک مفرطاً کان عنه بطلان الهضم و زلق الامعاء، و إن کان البرد لیس بمفرط تولد عنه الریاح. و إما من مرض من الأمراض الآلیه بمنزله الورم الحار و البارد الذی یعرض ر المعده أو فی فمها فتضعف قوّتها.

و اعلم أن فساد الهضم الذی یکون من قبل ضعف القوّه الهاضمه هو أقوی المضار، و أردأ ذلک ما حدث عن سوء المزاج الحار و البارد، و أما الرطب و الیابس فهما ینقصان من الهضم إلا أنهما لا یبطلانه إلا أن یؤول الأمر بصاحب المزاج الیابس إلی الذبول و یئول بصاحب المزاج الرطب إلی الاستسقاء، و عند ذلک یبطل الهضم، فأما غیر ذلک فلا.

و أما السبب الذی من خارج فیکون: إما من قبل الطعام، و إما من قبل النوم.

[فاما الذی من قبل النوم[307]] فإنه متی کان النوم کثیراً کان الإنهضام جیداً، و إن کان قلیلًا کان الهضم ردیئاً.

و أما سوء الاستمراء الذی یکون بسبب الطعام فإن ذلک یکون لأربعه

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 94

أسباب:

أحدهما: بسبب کمیته.

الثانی: بسبب کیفیته.

و الثالث: بسبب تقدم الوقت و تأخره.

و الرابع: ترتیب ما یتناوله منه.

[السبب الاول]

فأما الاستمراء الذی یکون بسبب کمیه الطعام فإن الطعام إما أن یکون کثیراً و إما قلیلًا.

فإن کان قلیلًا و کانت المعده حاره استحال الغذاء إلی التدخین، و إن کان کثیراً و کان مع کثرته عسر الفساد، و القوّه قویه و النوم طویلًا عرض من ذلک بطء انهضامه فقط، و إن کان سریع الفساد و کانت الحراره قویه عرض له الفساد قصر النوم أم طال، و إن کانت الحراره ضعیفه و الطعام کثیر عسر الفساد و النوم قلیلًا عرض عن ذلک التخمه.

[السبب الثانی]

و أما الاستمراء الذی

یکون بسبب کیفیه الطعام فإن الطعام متی کان حاراً و مزاج المعده حاراً استحال إلی المرار بمنزله العسل إذا تناوله [الشاب[308]] و أصحاب المزاج الحار فإنه قد یستحیل فی معدهم إلی المرار، و متی کان الغذاء بارداً او کان[309] مزاج المعده کذلک استحال فیها إلی الحموضه بمنزله اللبن و القرع إذا تناوله المشایخ و أصحاب المزاج البارد فإنه یستحیل فی معدهم إلی الحموضه.

[السبب الثالث] و أما الفساد الذی یکون بسبب ترتیب الغذاء فإنه متی تناول الإنسان أغذیه حابسه للبطن بمنزله السفرجل و الکمثری ثم تناول بعده أغذیه ملیّنه للبطن بمنزله السلق و الاسفاناخ المعمول بالزیت و المری ء، عرض عن ذلک أن تعتقل البطن، و تفسد الأغذیه الملینه للبطن، و کذلک إن تناول أغذیه بطیئه

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 95

الانهضام کاللحم و البیض المسلوق[310] ثم تناول بعده أغذیه سریعه الانهضام بمنزله المشمش و القرع و البطیخ عرض للاغذیه السریعه الانهضام أن تفسد لأن الغذاء الغلیظ یبطئ انحداره عن المعده لبطء انهضامه، و الغذاء السریع الانهضام إذا انهضم لا یجد سبیلًا إلی الخروج فیفسد فی المعده فهذا هو السبب فی [فساد الغذاء بسبب[311]] تقدیم ما ینبغی أن یؤخر و تأخیر ما ینبغی أن یقدم من الأغذیه [فأعلم ذلک[312]].

فینبغی للطبیب أن یفرّق بین ما یعرض للانهضام من المضار بسبب القوّه الهاضمه و بین ما یعرض بسبب الطعام و بسبب النوم فإن المضار العارضه بسبب القوّه تکون عسره البرء و ربما لم تبرأ و آل أمرها إلی زلق الامعاء و إلی أن لا یتغیر الطعام فی المعده البته او یستحیل[313] فیها إلی الریاح.

[السبب الرابع] و أما المضار العارضه بسبب الغذاء أو غیره من الأسباب العارضه من خارج فتکون سهله

البرء، و یمکنک أن تفرق بینهما بأن تنظر فإن کان ما یعرض من سوء الاستمراء عند تناول الغذاء الکثیر و القلیل أو الحار أو البارد أو فی غیر الوقت الذی ینبغی أو علی خلاف الترتیب و بعقب السهر فإن الطعام هو السبب فی فساد الهضم، و إن کان ذلک و الغذاء معتدل فی مقدار کمیته و کیفیته بحسب العاده و فی الوقت الذی ینبغی و علی الترتیب الذی ینبغی؛ فإن الفساد إنما نال الانهضام بسبب ضعف القوّه الهاضمه فمن قبل هذه الأسباب یکون دخول الأعراض علی فعل الهضم الأول الذی یقال له الاستمراء، فاعلم ذلک، [إنشاء الله تعالی[314]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 96

الباب السابع و العشرون فی الأعراض الداخله علی فعل الجذب و الإمساک و الدفع [و الهضمی]

إنه لما کان الهضم یتم بفعل الأربع قوی التی هی الجاذبه و الماسکه و الهاضمه و الدافعه و قد کنا ذکرنا أسباب الأعراض الداخله علی فعل الهضم الأول الذی یکون فی المعده وجب لنا أن نذکر الأعراض الداخله علی الأفعال الثلاثه التی هی الجذب و الامساک و الدفع الذی یکون فی الهضم الأول.

[فی القوه الجاذبه]

فأما الجذب الذی یکون فی المعده فإن الضرر یناله علی مثال ما ینال جمیع الأفعال من البطلان و النقصان و الرداءه، و حدوث ذلک یکون إما بسبب مرض من سوء المزاج و إما بسبب مرض آلی.

و مرض سوء المزاج یکون إما من حراره، و إما من بروده، و إن کان ذلک مفرطاً لم تجتذب المعده، [شیئا أصلا و بطل الجذب منها و یسمی ذلک استرخاء المعده و إن کان یسیرا کان جذب المعده جذبا ضعیفا کالذی یعرض فی ابتداء الاسترخاء.

فأما الورم الآلی فبمنزله الورم الحادث بالمری ء او بفم المعده او لحم نابت فی احدهما فیسد المجری حتی لا

ینفذ فیه ما تجتذبه المعده إلیها.

و هذا أیضا إن کانت السده عظیمه بطل الجذب، و إن کانت لیست بالعظیمه نقص الجذب، و إن کانت یسیره کان الجب ردیئا علی عیر ما نبغی کاجذب التشنجی و الارتعاشی و الاختلاجی.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 97

و هذه الأعراض تحدث اذا لم تکن القوه بالقویه التی یمکنها أن تقهر المرض حتی تجذب جذبا مستویا[315]]. و إن کان یسیراً کان جذب المعده جذباً مستویاً، و لا تکون بالضعیفه التی تقهر المرض فیبطل جذبها لکی[316] یکون الأمر فی ذلک کالذی یعرض عن الطبیعه و المرض معاً بمنزله الارتعاش، و قد بینا أسباب ذلک فیما تقدم عند ذکرنا أسباب الأعراض الواقعه لفعل الحرکه الإرادیه.

[فی القوه الماسکه]

و أما الإمساک الذی یکون فی المعده فإنه أیضاً:

إما أن یبطل إمساکها للغذاء البته کالذی یعرض فی [عله[317]] زلق الأمعاء، فإن الطعام فی هذه العله لا تمسکه المعده فیخرج عنها من غیر أن یتغیر.

و إما أن ینقص إمساکها فیحدث عن ذلک إما ریاح أو نفخ أو قراقر إذا هی لم تنقبض علی الغذاء انقباضاً محکماً، و هذا یکون عن سوء مزاج بارد أو غذاء مولد للریاح.[318]

کامل الصناعه الطبیه ؛ ج 2 ؛ ص97

و إما أن تحدث قله استمراء الطعام و سرعه خروج البراز، و هذا یکون إذا لم یدم إمساک المعده للغذاء فلا ینهضم[319] جیداً و لا تنفذ عصاره الغذاء إلی الکبد فیخرج البراز نیاً رطبا.

و إما أن یفسد الطعام فی المعده فیعرض من ذلک أن تنتن رائحته رائحه البراز، [کان ذلک لفساد من سوء مزاج حار او من قبل المرار تبع ذلک لذع[320]] و إن کان الفساد[321] من سوء مزاج بارد أو من قبل البلغم تبع

ذلک نفخ و ریاح.

و إما أن یکون إمساک المعده للطعام إمساکاً ردیئاً، فیحدث من ذلک إمساک من جنس التشنج و الرعده کالفوق و القی ء فإن هذین العرضین حرکتهما حرکه تشنجیه و لیست تشنجاً علی الحقیقه[322]، لأن التشنج الصحیح إنما یکون فی

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 98

العصب و العضل علی ما ذکرنا آنفاً فی الأعراض الداخله علی [أفعال[323]] الحرکه الارادیه.

[فی الفواق و القی ء]

و أما الفواق و القی ء: فإنهما یکونان عن فعل القوّه الماسکه و القوّه الدافعه معاً و ذلک [أن القوه الماسکه تروم امساک ما فیها فان کان ما فی المعده شی ء مؤذی رامت القوه[324]] دفعه و أخرجه[325]، فإن کان ذلک الشی ء المؤذی فی نفس جرمها حدث عنه الفواق لأن المعده بکلیتها تروم دفع[326] عن نفسها الشی ء المؤذی، و إن کان ذلک الشی ء المؤذی فی قعر المعده حدث عنه القی ء فإن المعده تروم أن تدفع ما هو محتقن فی تجویفها من الشی ء المؤذی خلطاً ردیئاً کان أو غذاءً حتی أن قعر المعده فی هذه الحال یرتفع حتی یقرب من فمها.

فهذه هی الأعراض الداخله علی فعل الإمساک و أسبابها.

[فی القوه الدافعه]

و أما فعل الدفع الذی یکون فی المعده فإن الأعراض الداخله علیه تکون علی ثلاثه أوجه:

[الوجه الأول] إما أن یبطل کالذی یعرض فی القولنج المعروف بایلاوس و هو أصعب أصناف القولنج.

و حدوثه یکون: إما أن یکون عن ورم حار یحدث فی الأمعاء الدقاق و یتبع ذلک حمی و عطش. و إما عن ضعف القوّه الدافعه فلا یکون مع ذلک عطش و لا حمی.

و حدوثه یکون إما عن سوء مزاج بارد أو بسبب تناول غذاء بارد، و إما عن سده حادثه من قبل براز یابس یرتبک فی لفائف

الأمعاء، و یکون معه ثقل[327] فی

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 99

الأمعاء و تهوع و قراقر و نفخ، و ربما تقدم هذا القولنج ذرب قوی.

[الوجه الثانی] و إما أن ینقص فعل الدفع فیعسر انحدار البراز و خروجه.

[الوجه الثالث] و إما أن یجری امره مجری أمر ردی ء فیحدث عن ذلک زلق الأمعاء عند ما تتحرک القوّه الدافعه قبل تغییر الغذاء فی المعده و ذلک یکون بسبب خلط حاد یلذع المعده أو غذاء من الأغذیه اللذاعه کالخردل و الخل الثقیف أو یثقل علیها فتتأذی به و تدفعه، فهذه هی أسباب الأعراض الداخله علی فعل القوّه الدافعه التی فی المعده.

فکل ما ذکرناه فی امر المعده من فعل الدفع و الإمساک و الجذب یجب أن تعمله فی أمر الامعاء و لا سیما فعل القوّه الدافعه فإن هذه القوه فی الأمعاء أقوی من سائر القوی، و المضار تعرض لفعل هذه القوّه فی الأمعاء أیضاً کالذی یعرض لسائر الأفعال.

یعنی: إما أن تبطل و إما أن تنقص و إما أن یجری الأمر علی غیر ما ینبغی.

ینبغی أن تعلم أنه قد یعرض للمعده و الأمعاء أن یستعملان فی بعض الحالات القوّه الجاذبه و الدافعه علی خلاف الامر الطبیعی، و ذلک أن من شأن المعده أن تجذب الغذاء من المری ء و تدفعه إلی الأمعاء، و من شأن الأمعاء أن تجذب الثقل بعضها من بعض و تدفعه إلی خارج، و ربما عرض لکل واحد منها حال خارجه عن الأمر الطبیعی یضطره الأمر إلی استعمال القوّه الجاذبه و الدافعه إلی خلاف الجهه الطبیعیه فیعرض للمعده أن تجذب الثقل من الامعاء و تدفعه إلی المری ء بالقی ء، و یعرض للامعاء أن تجذب الثقل من أسفل و تدفعه إلی المعده

بمنزله ما یعرض من ذلک فی القولنج المعروف بایلاوس و فی الحقنه و فی الحصر.

[فی إیلاوس]

فأما فی إیلاوس فإن القوّه الدافعه فی هذه العله إذا تحرکت لدفع البراز إلی أسفل و لم تجد سبیلًا إلی إخراجه بسبب السدّه دفعته إلی فوق فتدفعه الأمعاء بعضها إلی بعض إلی أن ینتهی إلی المعده فتدفعه المعده إلی المری ء و إلی خارج

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 100

بالقی ء عند ما تدفعها الأمعاء إلی فوق.

[فی الحصر]

و أما الحصر فقد یعرض کثیراً لمن یرید البراز و إخراج ریح من أسفل فتمنعه الحشمه من إخراج الریح أو [شغله[328]] شغل عن القیام إلی البراز فیحبسه، فإذا لم یجد سبیلًا إلی الخروج رجع إلی فوق من معا إلی معا[329] إلی أن ینتهی إلی المعده فیحدث له القی ء و فساد الشهوه.

فهذه صفه الأعراض الداخله علی الهضم الأول و أسبابها فاعلم ذلک، [ان شاء الله[330]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 101

الباب الثامن و العشرون الکبد

[فی الهظمه الثانی]

فأما الهضم [الثانی[331]] الذی هو تولد الدم فی الکبد و فی العروق غیر الضوارب فإن المضار تناله علی ثلاثه أوجه:

إما أن یبطل اصلا[332] فلا تستحیل عصاره الغذاء الصائره من الأمعاء إلی الکبد و العروق إلی الدم البته بل تبقی بیضاء علی حالها.

و إما أن ینقص فتتغیر العصاره فی الکبد و العروق بعض التغیر فتنهضم بعض الانهضام.

و إما أن یجری أمره علی خلاف ما ینبغی فتتغیر العصاره فی الکبد إما إلی الصفره کالذی یعرض لأصحاب الیرقان، و إما إلی السواد کالذی یعرض لأصحاب البهق الأسود و الجذام، و إما إلی البلغم کالذی یعرض لأصحاب البرص[333] و أصحاب الاستسقاء.

و أسباب هذه الأعراض الداخله علی هذا الهضم جنسان[334]:

أحدها من داخل، و الآخر من خارج.

فأما الأسباب التی من داخل

فثلاثه:

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 102

أحدها: سوء المزاج و هذا یکون: إما حار و تستحیل العصاره عنه إلی المره الصفراء، و إن کانت الحراره مفرطه استحالت العصاره إلی المره السوداء لإحراقها لها، [و إما من سوء مزاج بارد[335]] فتصیر العصاره دماً مائیاً، فإن کانت البروده مفرطه تتغیر شی ء من[336] العصاره و لم تغیرها البته [و لم یحل[337]].

الثانی: مرض آلی بمنزله السدّه التی تعرض فی العروق: إما من خلط غلیظ لزج، و إما من قبل ورم یضغطها.

و الثالث: من قبل طبیعه العصاره التی تنفذ من المعده إلی الکبد و ذلک إنها متی کانت کثیره لم یمکن الکبد أن یحیلها إلی الدم، و إن کانت قلیله أحالتها إلی المرار، و إن کانت حاره المزاج أحالتها إلی المرار أیضا، و إن کانت بارده أحالتها إلی البلغم و إلی الریاح علی حسب قوّه البروده و ضعفها.

و أما أسباب المضار الواقعه بالهضم الثانی من خارج فهی ما یستعمله الإنسان من التصرف و الاستحمام و الغذاء و الجماع و غیر ذلک مما یلقی البدن من خارج، فإن هذه الأشیاء متی استعملت علی غیر ما ینبغی فی الکمیه و الکیفیه و الوقت و الترتیب کثرت منها الکیموسات الردیئه فی البدن، و ذلک أنه متی أکثر الإنسان من استعمال الأغذیه المسخنه المولده للصفراء کالخردل و الثوم و البصل کثر تولید الصفراء فی بدنه، [و متی استعمل الاغذیه المولده للسوداء کالحم البقر و العدس و الکرنب کثرت السوداء فی بدنه[338]] و متی أکثر من استعمال الأغذیه المولده للبلغم کاللبن و الفطر[339] و السمک الطری ولد فی بدنه البلغم، و کذلک إن استعمل[340] الإنسان الدعه و الراحه أکثر من تناول الغذاء و ترک الاستحمام أو

استعمل الاستحمام بعد الطعام او انهمک[341] فی الجماع کثر تولید البلغم فی بدنه، فإن هو استعمل الکد و التعب و أکثر من الاستحمام قبل الطعام و قلل الغذاء و استعمل الصوم کثر تولید المره الصفراء فی بدنه، و کذلک یجری الأمر فی

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 103

استعمال الأشیاء التی یکثر منها الأخلاط فی البدن فیتولد عن کل واحد من هذه الاخلاط إذا کثر فی البدن أعراض کثیره.

أما عن [المره[342]] الصفراء فالیرقان إذا کانت فی سائر البدن و النمله و الحمره إذا کانت فی عضو واحد و الذی یحدث عن المره السوداء إذا کثرت[343] فی جمیع البدن البهق[344] الأسود و الجذام، فإن کانت فی بعض الأعضاء فالسرطان و الأورام الصلبه، و الذی یحدث عن الخلط البلغمی إذا کثر فی جمیع البدن فالاستسقاء اللحمی و البرص، و إذا کثر فی بعض الأعضاء الورم المعروف بالرخو المسمی أودیما[345] و الذی یحدث عن الفضل المائی إذا کثر، [فهذه الأعراض تحدث][346] [الاستسقاء الزقی و إذا کثر فی بعض الأعضاء النفاخات فمثل هذه الأعراض تحدث[347]] فی البدن عند ما تنال المضره الهضم الثانی، فاعلم ذلک، [ان شاء الله تعالی[348]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 104

الباب التاسع و العشرون فی الأعراض الداخله علی الهضم الثالث

[فی الهظمه الثالث]

فأما الهضم الثالث الذی یکون فی الأعضاء و هو تشبیه الغذاء بالعضو المغتذی به فإن المضره تناله کما تنال سائر الأفعال.

أعنی به: إنه إما أن یبطل فلا یغتذی البدن منه البته کالذی یعرض فی الهلاس و السل و إما أن ینقص کالذی یعرض فی الهزال و إما أن یجری الأمر علی خلاف ما ینبغی کالذی یعرض فی البرص و البهق.

و أما بطلان الغذاء و عدمه فیکون: إما لعدم ما یؤکل و یشرب و إما لمضره

تنال إحدی القوی الأربعه الطبیعیه فتضعف عن فعلها من قبل سوء المزاج و ذلک أن القوّه المغیره إذا ضعفت لم یمکنها أن تشبه الغذاء بالمغتذی فیجتمع من ذلک فی البدن فضول کثیره، فإن کانت القوّه الدافعه مع ذلک قویّه دفعت ذلک الفضل و دفعت معه شیئاً آخر من الغذاء مما ینتفع به فیعرض من ذلک عدم الغذاء، و إن کانت القوّه الدافعه ضعیفه بقیت تلک الفضول فی الأعضاء و أحدثت فیها أمراضاً مختلفه.

و أما القوی الجاذبه فإنها إذا کانت قویه حتی تجتذب من الغذاء مقداراً کثیراً و کانت القوّه الهاضمه ضعیفه حتی لا تقدر أن تغیره فیصیر فضلًا فی البدن فإن ضعفت القوّه الدافعه عن دفع ذلک الفضل المجتمع فی البدن أحدثت فیه أعراض

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 105

ردیئه مختلفه بحسب طبیعه الفضل [المجتمع[349]].

و أما الهزال: فیکون أیضاً لقله ما یؤکل و یشرب أو لمضرّه تدخل علی إحدی القوی الأربع علی ما ذکرنا.

و أما الیرقان و البهق و البرص و الجذام و ما أشبه ذلک فإن الغذاء فی هذه الحال لا یتشبه بالمغتذی لکن المغتذی یتشبه بالغذاء[350] و ذلک لرداءه الماده التی یغتذی بها العضو، فاعلم ذلک.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 106

الباب الثلاثون فی الأعراض الداخله علی حالات البدن[351]

فأما الأعراض الموجوده فی حالات الأبدان فإن أسبابها هی رداءه الافعال التی تعرض فی الهضم الثانی و الثالث و هذه الأعراض هی بمنزله الیرقان الأصفر و الأسود و الجذام و البهق الأسود و البرص و البهق الأبیض و سواد اللسان و ما أشبه ذلک من الألوان الظاهره فی سطح البدن.

[فی الیرقان]

فأما الیرقان فحدوثه یکون: إما من قبل سوء مزاج، و إما من قبل مرض آلی.

و ما کان حدوثه عن سوء مزاج فیکون: إما

من شده حراره الکبد حتی یکون تولیدها للدم الصفراوی أکثر [من الدم الجید[352]] فیسری ذلک فی العروق إلی سائر الأعضاء و ینتشر فی جمیع البدن فتعرض من ذلک الصفره، و إما أن تکون الحراره غالبه علی مزاج العروق فتحیل الدم إلی طبیعه الصفراء و یسری إلی سائر البدن فیصفره.

و أما المرض الآلی المحدث للیرقان فهو السده التی تکون فی المجری الذی بین المراره و الکبد [حتی[353]] لا یکون للمرار الذی تجذبه المراره من الکبد سبیل إلی الوصول الیها فیبقی مخالطاً للدم، و ینتقل ذلک الدم[354] إلی سائر الأعضاء

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 107

و ینتشر فی جمیع البدن.

و قد تکون السده من قبل خلط غلیظ لزج یلحج بالمجری أو من قبل ورم الکبد یضغط المجاری.

و أما الیرقان الاسود: فحدوثه یکون کما یحدث الیرقان الأصفر إما قبل من سوء مزاج حار یابس قوی یغلب علی الکبد فیولد دماً محترقاً سوداویاً أو من سوء مزاج بارد یابس فیحیل الدم إلی طبع السوداء و یصیر[355] ذلک الدم إلی سائر أعضاء البدن فیعرض منه الیرقان الأسود، و إما من قبل سده تکون فی المجری الذی یجتذب به الطحال المرار الاسود من الکبد فلا یمکن أن یصیر[356] عکر الدم و ثقله إلی الطحال فیبقی مخالطاً للدم و یسری إلی سائر البدن و یسوده، و یقال لذلک: الیرقان الأسود.

[فی الجذام]

و أما الجذام: فیکون إذا استحال جوهر الدم إلی المرار الأسود اعنی المره السوداء، بسبب شدّه[357] الاحتراق فیسری ذلک الدم إلی سائر البدن فتغتذی به الأعضاء فیستحیل جوهرها إلی جوهر السوداء.

و إما أن یصیر مزاج سائر الأعضاء قوی الحراره[358] فیحرق ما یصیر[359] إلیه من الغذاء او بسبب استیلاء البروده علی الدم فیبرد و

یغلض فلا یقدر علی الجریان فی العرق و یصیر مزاجها[360] بارداً یابساً سوداویاً فیقلب جمیع ما یصل إلیه من الغذاء إلی طبیعته حتی یستحیل جوهر الأعضاء إلی طبیعه المره السوداء.

[فی البهق الاسود]

و أما البهق الأسود فیکون إذا استحال سائر[361] الأعضاء إلی طبیعه السوداء

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 108

و لون الجلد إلی السواد و یکون جوهر العضو[362] سلیماً و یکون السبب فی ذلک خفیاً من الأسباب التی ذکرناها.

[فی البرص و البهق الابیض]

و أما البرص فیکون إذا استحال جوهر الدم إلی البلغم بسبب سوء مزاج بارد رطب یغلب علی الکبد [فیسری[363]] ذلک البلغم إلی الأعضاء فتغتذی به[364] و یصیر جوهرها کجوهره و یصیر العضو أبیض، و أما أن یصیر مزاج العضو بارداً رطباً فیقلب جمیع ما یصیر إلیه من الدم إلی طبیعه البلغم فیصیر لذلک جمیع جوهر العضو بلغمیاً أبیض، [و کذلک[365]] البهق الأبیض إلا أن البهق الأبیض یکون فی الجلد و ظاهر الأعضاء.

[فی سواد اللسان]

و أما سواد اللسان فیکون من بخار حار [یابس[366]] یرقی إلی اللسان: إما من الکبد و إما من الصدر، و إما من المعده فیشیط اللسان و یسوده، و کذلک یجری الأمر فی سائر ما یعرض فی ظاهر الجلد، فاعلم ذلک.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 109

الباب الحادی و الثلاثون فی الأعراض الداخله علی ما یبرز من البدن و أسبابها

و إذ قد وصفنا الأعراض الداخله علی الأفعال الثلاثه و أسبابها و ذکرنا الأعراض التی تظهر فی حالات البدن[367] الحادثه عن رداءه الأفعال فلنذکر الآن الأعراض الداخله علی ما یبرز من البدن.

فنقول: إن جمیع ما یبرز من البدن إما أن یکون طبیعیاً أو خارجاً عن الامر[368] الطبیعی.

و الأعراض الداخله علی ما یبرز من البدن بالطبع تکون إما فی کیفیته و إما فی کمیته.

أما فی کمیته: فبمنزله البراز

و البول الکثیر و الطمث المفرط.

و أما فی کیفیته: فبمنزله البراز الأسود إذا کان سواده لیس بالطبیعی[369].

و أما الشی ء الخارج عن الطبع البارز من البدن فبمنزله الرعاف و غیره إذا کان خروج الدم من أوعیته من ذات نفسه لیس بطبیعی.

و جمیع ما یبرز من البدن إذا کان خارجاً عن المجری الطبیعی فبروزه یکون من قبل ثلاثه أسباب:

أحدها: من قبل [ضعف[370]] القوّه.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 110

و الثانی: من قبل الماده.

و الثالث: من قبل العضو الذی یبرز منه ما یبرز.

[الاول]

أما من قبل القوّه فإذا کانت القوّه الماسکه ضعیفه لا یمکنها إمساک الماده، و کانت القوّه الدافعه قویه تمنع القوّه الماسکه عن إمساک الماده فتخرجها.

[الثانی]

و أما من قبل الماده فیکون: إما من قبل کمیتها إذا کانت کثیره فتثقل القوّه و تحوجها إلی دفعها بمنزله ما یفعل الطعام إذا کان کثیراً و انفجار الدم إذا کثر فی أوعیته. و أما من قبل کیفیتها، فإذا کانت الماده لذّاعه فتحوج الطبیعه إلی نفی ما یلذعها أو یؤذیها أو حاده[371] تأکل العروق بحدتها أو رطبه ترقق العروق و تلینها[372] حتی یسرع إلیها الانخراق بمنزله ما یکون ذلک فی انفجار الدم.

[الثالث]

و إما من قبل العضو الذی یبرز منه ما یبرز: فیکون إذا کان العضو سخیفاً متخلخلًا فیسرع خروج ما یخرج من الماده عنه أو لشده صلابته فیسرع إلیه الانصداع و الاستفراغات الطبیعیه هی البراز و البول و درور الطمث و العرق[373]، فاعلم ذلک.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 111

الباب الثانی و الثلاثون فی الأعراض التی تظهر فی البراز و أسبابها

فأما البراز فإن الأعراض التی تظهر فی خروجه تکون من[374] ثلاثه أشیاء:

[الأول]

إما الوقت.

[الثانی]

و إما فی الکمیه.

[الثالث]

و إما فی الکیفیه.

[أما فی الوقت [البراز]

[375]

[فأما الأعراض التی تظهر فی وقت البراز[376]] فبأن یسرع خروج البراز قبل انهضام

الغذاء أو یبطی ء عن الوقت الذی کان یخرج فیه.

و سرعه خروجه تکون إما من کثره الغذاء حتی تثقل القوّه فتدفعه و تخرجه و إما من غذاء لذاع یلذع الأمعاء فتدفعه عن نفسها، و أما لرطوبه الغذاء و لزوجته

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 112

بمنزله السرمق و الاسفاناخ و الآجاص و إما لقله غذائه و إما من قوّه حس الأمعاء حتی تتأذی بثقل الأغذیه.

و أما بطء خروج البراز فیکون: إما من ضعف القوّه الدافعه و شده القوّه الماسکه، و إما من ضعف حس الأمعاء [و اما من قبل الأغذیه الماسکه[377]] و إما من قبل الأغذیه إذا کانت قلیله حتی تحتاج الطبیعه إلی الاستقصاء علی جذب ما فی الغذاء [الأمعاء[378]] من العصاره، و اما من أغذیه قابضه ممسکه، و إما لضعف العضل الذی علی البطن عن القبض علی الأمعاء.

[اما فی الکمیه [البراز]]

و أما الأعراض التی تظهر فی کمیه البراز فتکون: إما فی کثرته، و إما فی قلته، و إما فی عدد المرات التی یتبرز فیها الإنسان.

أما کثرته: فتکون إما من کثره الغذاء، و إما لأن عصارته لیست تنفذ إلی الکبد، و إما لرطوبات کثیره تنصب إلی الأمعاء.

و أما قله البراز فتکون: إما من قله الغذاء، و إما من کثره ما ینفذ من عصاره الغذاء إلی الکبد، و إما من قله ما ینصب إلی الأمعاء من الرطوبات.

و أما کثره عدد المرات التی یتبز فیها الإنسان فتکون: إما لضعف القوّه الماسکه، و إما لفضل حرکه من القوّه الدافعه، و إما لاسترخاء العضله المستدیره علی طرف المقعده.

و فضل حرکه القوّه الدافعه یکون: إما من قبل تناول دواء مسهل أو تناول طعام فیه قوّه مسهله، و إما لفساد الطعام، و إما لانصباب

مواد حاده[379] إلی الأمعاء من جمیع البدن، و إما أن یکون لتولید فضل فی الأمعاء بمنزله ما یعرض لمن به قرحه فی أمعائه، و إما لقوّه حس الأمعاء بالطبع.

و أما قله عدد المرات التی یخرج فیها البراز فتکون: عن أسباب هی ضد

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 113

أسباب خروج البراز[380].

[أما فی الکیفیه [البراز]]

فأما خروج البراز فی کیفیته عن المجری الطبیعی فیکون: إما عن سبب من خارج، و إما عن سبب من داخل.

أما السبب الذی من خارج فالطعام، و هذا یکون: إما من قبل کمیته، و إما من قبل کیفیته، [و إما من قبل فساده[381]].

أما من قبل کمیته فإذا کان الطعام کثیراً، و الطعام یقال فیه إنه کثیر: اما من قبل مجاوزته للمقدار المعتدل، و إما لأن القوّه لا تطیقه، و إما من قبل الأمرین جمیعاً.

و أما ما کان من قبل کیفیه الطعام فإذا کان مولداً لبعض الأخلاط الردیئه أو مولداً للریاح.

[فی ریاح البطن]

و الریاح تتولد فی المعده و الأمعاء: إما من قبل الطعام الذی یولد الریاح بمنزله اللوبیا و الباقلا و ما اشبههما، و إما من قبل ضعف الحراره التی فی المعده و الأمعاء و نقصانها، و ذلک أنه متی کانت المعده بارده [جداً[382]] لم یتولد شی ء من الریاح کما لا تحدث الریاح و لا الضباب عند شده البرد[383]، و متی کانت المعده و الأمعاء قویه الحراره لم تولد الریاح [لأن[384]] الحراره القویه تحلل الریاح و تفشها من الطعام و غیره کما أنه لا یکون فی وقت الصیف الشدید فی الجو ریاح[385] و لا ضباب لأن الحراره تحلل ذلک.

فأما متی کانت المعده[386] ضعیفه الحراره لم تقوی علی تلطیف الغذاء

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 114

و تحلیل ما

فیه من الریاح فتتولد حینئذ الریاح فیها، کما قد تکثر الریاح فی الزمان الربیعی و الخریفی لضعف حراره الهواء.

و الریاح المتولده فی المعده و الأمعاء: لیس تخلو من أن تخرج، أو تبقی داخل.

فإن هی خرجت من فوق أعنی من الفم قیل لذلک جشاء، و إن هی خرجت من أسفل فخروجها یکون: إما مع صوت، و إما من غیر صوت.

فإن خرجت مع صوت: فمنه ما یکون صوته صافیاً، و منه ما یکون بقرقره، و منه متوسط بین الحالین.

فالذی یکون صافیاً یکون من خلو المعده و الأمعاء و یبسهما، و الذی یکون مع قرقره یکون من ریح تخالطها رطوبه.

فأما الصوت المتوسط: فیکون عن حال متوسط بین الحالین، فتکون من ذلک ریاح غلیظه و ریاح منفخه، و خروج ما یخرج منها یکون ضعیف الصوت و ربما خرج مع قرقره إذا کان هناک براز رطب، و ذلک أن الریح مع القرقره تدل علی أن الإنسان سیقوم[387] بتبرز برازاً رطباً.

و أما خروج البراز عن الحال الطبیعیه فی کیفیته بسبب من داخل فیکون لخلط ینصب إلی الأمعاء.

و هذا یکون: إما من قبل الطبیعه وحدها بمنزله الإسهال الذی یکون به البحران و هذا مما ینتفع به، و إما من المرض وحده بمنزله الذرب الذی یکون مثل [من ذوبان الأعضاء، و أما منهما جمیعا بمنزله الإسهال الذی یکون شبیها[388]] بغساله اللحم الطری.

[فی أصناف اسهال الدم]

و الدم الذی یخرج بالإسهال أربعه أصناف:

أحدها: إسهال الدم وحده کالذی یعرض لمن قطع منه عضو کبیر بمنزله الید أو الرجل فیخرج[389] ما کان من الدم الذی ینصرف فی غذاء ذلک العضو فی البدن

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 115

فتخرجه الطبیعه بالإسهال، و بمنزله ما یکون[390] قد اعتاد الریاضه فیترکها

فیجتمع لذلک فی بدنه الدم الذی کان یتحلل بالریاضه فتستفرغه الطبیعه بالإسهال، و خروج هذا الدم یکون بأدوار[391].

و الصنف الثانی: الإسهال الذی یکون شبیهاً بغساله اللحم [الطری[392]] و هذا یکون من ضعف القوّه المغیره التی تکون فی الکبد.

و الصنف الثالث: إسهال دم [أسود[393]] براق، و هذا یکون إذا کانت الکبد تغیر الدم علی ما ینبغی إلا أنه لا یصل إلی سائر البدن بسبب سده عارضه تعوقه عن النفوذ، فإذا بقی فی الکبد احترق بحرارتها و مال إلی طبع السوداء فتتأذی به الکبد و تدفعه إلی الامعاء فیخرج بالإسهال.

و الصنف الرابع: خروج الدم قلیلًا قلیلًا فیما بین أوقات قریبه المدّه[394]، و ربما کان الدم فیه صحیحاً جیدا، و ربما کان جامداً، و ربما خرجت معه مدّه و خراطه و قشور القروح، و هذا یکون عن سحج و قرحه تکون فی بعض الأمعاء، فإن کان معه برد شدید قیل لذلک زحیر، و إن لم یکن معه برد و زحیر قیل له ذوسنطاریا.

و الذوسنطاریا تکون: إما من الکبد، و إما من الأمعاء، فاعلم ذلک. [إنشاء الله[395]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 116

الباب الثالث و الثلاثون فی الأعراض التی تظهر فی البول و أسبابها

فأما الأعراض التی تظهر فی البول فتکون: إما من قبل الکلی، و إما من قبل المثانه.

[الاعراض التی تظهر فی قبل الکلی]

و الذی یکون من قبل الکلی فیعرض: إما فی کمیته، و إما فی کیفیته.

أما فی کمیته فیکون: إذا أفرط خروجه و إما إذا احتبس فلم یخرج، و إما أن یخرج بعسر و إبطاء قلیلًا قلیلًا.

[فی الکمیّه [البول]]

و أما[396] [و أما کثره کمیه البول] فتکون: إما من سوء مزاج حار یعرض للکلی حتی تحتاج إلی اجتذاب جمیع المائیه التی فی الدم لتطفی ء به حرارتها فتدفعها إلی المثانه اذا

کثر ذلک فیهما[397]، و یعرض مع ذلک عطش یحتاج معه الکبد إلی أن یخلف مکان ما قد اجتذبت منه الکلی، و یقال لهذه العله ذیابیطا[398] و هی سلسل البول، و إما من سوء مزاج بارد [رطب[399]] یغلب علی الکبد فتکثر المائیه فی الدم فتجذبها الکلی فتدفعها إلی المثانه و تدفعها المثانه إلی خارج، و اما[400] من ضعف

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 117

القوّه الماسکه التی فی الکلی، و شده القوّه الدافعه.

فی احتباس البول

و احتباس البول یکون: إما من شده القوّه الماسکه، و إما بسبب سده تعرض فی مجری بربخی[401] البول، و هذه السده تکون من خلط غلیظ لزج، و إما بسبب الرمل و الحصی الذی یتولد فی الکلی، و إما بسبب ورم یکون فیها یضغط المجری و الرمل و الحصی یتولدان عن خلط غلیظ بلغمی و حراره قویه تجفف ذلک الخلط و تصلبه. و هذه الأسباب متی کانت ضعیفه أحدثت عسر البول.

[فی الکیفیه [البول]]

و أما الأعراض الظاهره فی کیفیه البول فتکون: إما فی لونه إذا کان أسود، و ذلک یکون: إما من شده الحراره و الاحتراق، و إما من شده البرد.

و إما أن یکون أبیض کالذی یعرض من قبل السدد[402].

و إما من قبل رائحته کالبول المنتن بمنزله ما یکون ذلک فی الحمیات العفنه.

[الاعراض التی تظهر من قبل المثانه]

فأما الأعراض الظاهره فی البول من قبل المثانه فتکون: إما فی کمیته، و إما کیفیته.

[فی الکمیه [البول]]

أما فی کمیته فتکون: إما من إفراط خروج البول و کثرته، و إما من احتباسه و عسره.

إما من [خروجه فکالذی یعرض اذا استرخت العضله المستدیره حول رقبه المثانه و هذا یکون من[403]] إفراط الرطوبه، و إما لضعف القوّه الماسکه و شده القوّه

کامل الصناعه

الطبیه، ج 2، ص: 118

الدافعه، و إما لکثره شرب الماء، و إما لسبب قروح تکون فی المثانه فیلذعها البول فتدفعه عنها و تخرجه و یکون مع حرقه.

[فی حبس البول من قبل المثانه]

و أما حبس البول و عسره من قبل المثانه فیکون: إما لضعف القوّه الدافعه، و إما لشده القوّه الماسکه، و إما من سوء مزاج یابس یغلب علی المثانه بإفراط فینشف البول کالذی یعرض فی الحمیات المحرقه، و إما من قبل سده.

و السده تعرض: إما من خلط غلیظ یلحج فی مجری البول من المثانه، و إما بسبب دم جامد أو من مده غلیظه، و إما من لحم زائد أو ثؤلول ینبت فی المجری، و إما لانضمام فم المثانه.

[فی الکیفیه [البول]]

و هذا یکون: إما من ورم، و إما من یبس مفرط یقبضه و یجمعه.

فأما الأعراض التی تکون فی کیفیه البول فتکون: إما فی رائحته إذا کان منتناً بسبب قروح عفنه أو خلط عفن، و إما فی لونه إذا کان أسوداً أو أبیضاً أو غیره من الألوان، و إما فی قوامه إذا کان رقیقاً أو ثخیناً، و إما فی جوهره إذا کان مخالطاً للمده و الدم بسبب قروح فی المثانه أو بسبب ورم قد انفجر، فاعلم ذلک.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 119

الباب الرابع و الثلاثون فی الأعراض التی تعرض بخروج الطمث

فأما خروج دم الطمث فهو أیضاً طبیعی و خروجه عن الطبیعی[404] یکون: إما فی کمیته، و إما فی کیفیته.

[فی الکمیّه [الدم الطمث]]

أما فی کمیته: فإذا کان خروجه أکثر مما ینبغی أو أقل مما ینبغی، فإذا[405] احتبس فلم [یستفرغ و لم یخرج[406]]

[فی کثره خروج دم الطمث]

[و خروجه[407]] أکثر مما ینبغی یکون: إما من قبل القوّه، و إما من قبل الماده، و إما من قبل العضو.

أما من قبل

القوّه: فإذا کانت القوّه الدافعه قویه و القوّه الماسکه ضعیفه.

و أما من قبل الماده: إذا کانت الماده أرق مما ینبغی و ألطف أو إذا کانت أکثر مقداراً حتی تثقل علی الطبیعه فتدفعها.

و إما من قبل العضو: فإذا[408] کان العضو متخلخلًا، و إذا کانت أفواه العروق التی فی الرحم قد اتسعت و انفتحت أفواهها و الرحم قد تخلخل.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 120

[فی احتباس الطمث]

و أما احتباسه فیکون لأسباب هی أضداد هذه و هی غلظ الماده و قلتها و تکاثف أفواه العروق التی فی الرحم و انسدادها و ضعف القوّه الدافعه و شده القوّه الماسکه.

[فی الکیفیّه [الدم الطمث]]

فأما خروج الطمث عن الطبع فی کیفیته: فإذا کان أسود و هذا یکون من شده الاحتراق و الحراره[409] و استحاله الدم إلی السواد أو إلی الحمره الناصعه أو إلی الصفره، و هذا یدل علی [غلبه[410]] الحراره و غلبه الصفراء الدم، و أما إلی الرقه و البیاض مع زبد یعلوه و هذا یدل علی الرطوبه و غلبه البلغم، فأعلم ذلک، [إنشاء الله[411]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 121

الباب الخامس و الثلاثون فی الأعراض الداخله علی العرق و أسبابه

فأما العرق: فمنه طبیعی بمنزله العرق الذی یکون فی وقت البحران الجید و فی الریاضه المعتدله و فی الحمام و فی هذه الأحوال من کان مزاجه أسخن و الأعضاء الباطنه منه قویه کان عرقه أکثر [و أغزر[412]] و منه ما یکون خارجاً عن المجری الطبیعی و هو العرق الذی یکون عن ذوبان اللحم فإن هذا العرق إنما یستفرغ من البدن ما ینتفع به فقط.

و قد یکون العرق عن سبب متوسط بین الحالین بمنزله العرق الذی یکون من الریاضه المفرطه فإنه قد یخرج فی هذه الحال الشی ء النافع و غیر النافع.

[فی العرق الخارج عن

الحال الطبیعیه]

و خروج العرق عن الحال الطبیعیه یکون: إما فی الکیفیه و إما فی الکمیه.

أما خروجه فی الکمیه فیکون: إما بسبب کثرته و ذلک یکون بسبب کثره الرطوبه، و إما لرقتها، و إما لاتساع المسام، و إما لشده القوّه الدافعه، و إما [لقلته[413]] و هذا عن أسباب هی اضداد هذه الأسباب.

أعنی: إما لقله الرطوبه، و إما لیبسها، و إما لغلظها، و إما لضیق المسام.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 122

[فی الکیفیّه]

و أما خروج العرق فی کیفیته فیکون ذلک: إما فی لونه بمنزله العرق الأحمر الدال علی الدم و الأصفر الدال علی الصفراء، و إما فی رائحته بمنزله العرق المنتن الدال علی العفونه، فاعلم ذلک، [ان شاء الله[414]].

الباب السادس و الثلاثون فی الاستفراغات الخارجه عن الطبع

فأما الاستفراغات الخارجه عن المجری الطبیعی فی جمله جنسها فهی خروج الدم إذا کان خروجه من البدن لیس بطبیعی بمنزله الرعاف.

و خروج الدم یکون لأجل ثلاثه أسباب عامیه:

أحدها: من قبل القوّه.

و الثانی: من قبل الماده.

و الثالث: من قبل الآله.

أما من قبل القوّه فإذا کانت القوّه الدافعه قویه جداً و الماسکه ضعیفه جداً.

و أما من قبل الماده فیکون: إما بسبب کمیتها إذا کانت کثیره تملأ العروق و تمددها حتی تنفتح العروق، و إما بسبب کیفیتها إذا کانت حاده حتی تأکل العروق.

و أما من قبل الآله فبسبب إفراط الصلابه حتی تنصدع لأنها لا تؤاتی.

و کل خرق و صدع فحدوثه یکون: إما عن سبب من خارج، و إما عن سبب

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 123

من داخل.

أما السبب الذی من داخل فلکثره الماده التی تمدد و تهتک بثقلها و لین الآله التی یسرع إلیها الانصداع.

و أما السبب الذی من خارج فبمنزله السقطه و الصدمه و الوثبه و الصیحه.

فهذا ما أردنا أن نذکره فی

هذا الباب[415] من أسباب الأعراض التی تکون فیما یبرز من البدن، و هو[416] آخر الکلام فی أسباب الأعراض.

و نحن نقطع کلامنا فی هذا الموضع و نأخذ فیما یتلوه و هو ذکر الدلائل و العلامات التی تدل علی سائر العلل و الأمراض لیکون کلامنا فی الأمور الخارجه عن المجری[417] الطبیعی تاماً واضحاً و اللّه المسؤول علی معونتنا علی تمام ما نقصد إلیه أنه علی ما یشاء قدیر و هو حسبی و نعم الوکیل.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 125

المقاله السابعه فی علم الدلائل العامیه علی الأمراض و العلل

اشاره

المقاله السابعه

من کتاب کامل الصناعه الطبیّه

فی علم الدلائل العامیه علی الأمراض و العلل[418]

و هی ثمانیه عشر باباً:

الباب الأول: فی جمله الکلام علی الدلائل و تقسیمها.

الباب الثانی: فی جمله الکلام عن النبض [و کیفیه الاستدلال به[419]].

الباب الثالث: فی أجناس النبض و أصنافه [و کیفیاته[420]]

الباب الرابع: فی الأسباب المحدثه لکل واحد من أصناف النبض [و الامور الطبیعیه و کیفیاته[421]].

الباب الخامس: فی تغییر النبض من [قبل[422]] الأمور التی لیست بطبیعیه.

الباب السادس: فی تغییر النبض من قبل الأمور الخارجه من المجری[423] الطبیعی.

الباب السابع: فی تغییر النبض من قبل الأسباب المثقله للقوّه.

الباب الثامن: فی النبض الدال علی أنواع الأورام.

الباب التاسع: فی النبض الدال علی العلل الحادثه فی الدماغ.

الباب العاشر: فی النبض الدال علی العلل الحادثه فی آلات التنفس.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 128

الباب الحادی عشر: فی النبض الدال علی العلل الحادثه فی أعضاء الغذاء.

الباب الثانی عشر: فی الاستدلال فی البول علی ما یحدث فی البدن من العلل و الأمراض.

الباب الثالث عشر: فی کیفیه الاستدلال بالبول و تقسیمه و فی صفه البول و الاستدلال علی لونه[424].

الباب الرابع عشر: فی صفه قوام البول و ما یدل علیه.

الباب الخامس عشر: فی الاستدلال من الثفل الراسب فی

البول[425].

الباب السادس عشر: فی الاستدلال من قبل البراز[426] علی ما یحدث فی البدن.

الباب السابع عشر: فی الاستدلال من قبل النفث و البصاق.

الباب الثامن عشر: فی الاستدلال من العرق[427] علی ما یحدث فی البدن.

[ابتداء المقاله السابعه من علم الدلائل علی الامراض و العلل][428]

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 129

الباب الأول فی جمله الکلام عن الدال علی الأمراض و تقسیمها

قد بیّنا الحال فی کل واحد من الأعراض و الأسباب الفاعله لها و هی الأمراض و هو الباب الذی سمیناه علم أسباب الأعراض و نحن نبیّن فی هذا الموضع کل واحد [من العلل و الأمراض بالأعراض[429]] التابعه لها و هی الدلائل التی یستدل بها علیها، و یسمی ذلک علم الدلائل.

فنقول: إن أجناس الدلائل ثلاثه:

منها ما یدل علی الصحه.

و منها ما یدل علی المرض.

و منها ما یدل علی الحال التی لیست بصحه و لا مرض.

و کل واحد من أجناس هذه الدالائل: إما أن یدل علی ما قد سلف من الحال التی دلت علیها و یقال لها: المذکره، و إما أن یدل علی ما هو حاضر [فیها منها[430]] و یقال لها: الداله، و إما أن یدل علی ما هو کائن فیها و تسمی: المنذره و تقدمه المعرفه.

و هذه الدلائل: منها ما هی عامیه، أعنی: أنها تدل علی جمیع أحوال البدن، و منها ما هی خاصه، أعنی: أنها تدل علی حال دون حال من أحوال البدن.

و نحن نقدم أولًا ذکر الدلائل العامیه إذ کان ذلک أوفق فیما یحتاج إلیه من أراد معرفه الأمراض و العلل لا سیما الحمیات التی نحن نقدم ذکرها علی سائر

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 130

الأمراض.

[فی الدلائل العامیه]

فنقول: إن الدلائل العامیه مأخوذه من الأفعال العامیه أعنی: الأفعال التی یکون بها قوام جمیع البدن إذ کانت الصحه و المرض

إنما قوامها فی الأفعال، و ذلک أن الصحه إنما یستدل علیها بجوده الأفعال، و الأمراض یستدل علیها برداءه الأفعال، و جوده الأفعال و رداءتها إنما یکونان من صحه الأعضاء و رداءتها، و صحه الأعضاء و رداءتها تکونان من اعتدال الأخلاط و فساد اعتدالها.

و الأفعال العامیه لا تؤخذ من الدلائل العامیه و هی أفعال القوی الحیوانیه، و افعال القوی الطبیعه إذ کان بها قوام بدن الحیوان و بقائه[431] و ذلک أن بصحه القوی الحیوانیه یکون قوام الحراره الغریزیه التی بها تکون الحیاه، و بفسادها یکون الموت، و باعتدالها تکون الصحه و بخروجها عن الاعتدال یکون المرض، و بالقوی الطبیعیه یکون قوام الأخلاط الأربعه التی منها تستمد جمیع أعضاء البدن [الغذاء[432]] الذی بها یکون قوامها و هیئتها علی الحاله الطبیعیه علی ما قد بینا فی غیر هذا الموضع من کتابنا هذا، و إذ کان الأمر علی هذا فبالواجب ما اختاره الأوائل و استدلت[433] علیه علماء الأطباء علی کثیر من أحوال الصحه و المرض بأفعال هاتین القوتین.

فاستدلوا من أفعال القوّه الحیوانیه علی صحه القوّه و ضعفها، و علی اعتدال الحراره الغریزیه و خروجها عن الاعتدال و ما یحدثه کل واحد من الأمور الطبیعیه و التی لیست بطبیعیه و الخارجه عن الأمر الطبیعی فیها و فی القلب الذی هو معدن لها، و معرفه أفعال هذه القوی تکون من حرکه العروق الضوارب التی هی مساویه لحرکه القلب، و یقال لذلک العلم: علم النبض.

و استدلوا علیه من أفعال القوی الطبیعیه علی اعتدال الأخلاط الأربعه و خروجها عن الاعتدال و اختلاف أحوالها حال الصحه و المرض من النضج الذی

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 131

یکون فی العروق غیر الضوارب [و العروق الضوارب[434]] و

عدمه و من النضج [الذی یکون فی المعده و الامعاء و عدمه و من النضج الذی[435]] یکون فی آلات التنفس [و من التنفس[436]] و عدمه، و الاستدلال علی هذه الأحوال یکون مما یبرز من البدن.

أما النضج الذی یکون فی العروق [و عدمه[437]] فیعرف حاله من البول الذی یکون فی[438] مائیه الدم.

و أما النضج الذی یکون فی المعده و الأمعاء و عدمه فیعرف حالهما من البراز الذی [یخرج من البدن الذی[439]] هو فضل الغذاء الکائن فی المعده.

فأما النضج الذی یکون فی آلات التنفس و عدمه فیتعرف حاله بما یخرج بالنفث و البزاق[440] الذی هو فضل الغذاء الذی تتغذی به هذه الأعضاء.

و قد یستدل من العرق أیضاً دلاله هی أقل عموماً من هذه علی النضج الذی یکون فی سائر أعضاء [البدن[441]] کافه إذا کان فضلًا لطیفاً تدفعه الأعضاء إلی ظاهر البدن و تخرجه من مسام الجلد.

و إذا کان الأمر علی ما ذکرناه فیجب علینا أن نذکر کل واحد من أجناس هذه الدلائل و أصنافها و ما یدل علیه من اختلاف أحوال البدن فی الصحه و المرض و الحال التی لیست بصحه و لا مرض، و نبتدئ من ذلک بعلم النبض إذ کان أشرف علماً و أعظم نفعاً و اعم[442] دلاله علی سائر أحوال البدن، [و الله الموفق لذلک[443]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 132

الباب الثانی فی جمله الکلام عن النبض [و کیفیه الاستدلال به[444]]

أقول: إن العلم بأمر النبض صعب و معرفته عسره المأخذ و ذلک من قبل ثلاثه أشیاء:

أحدها: إنه لا یسهل علی الإنسان أن یتدرب فی مجسه العروق دربه یصیر بها إلی معرفه التغیر الیسیر الحادث فی النبض.

و الثانی: إنه یحتاج الطبیب عند جس الشریان أن یعرف أجناس النبض کلها فی زمان یسیر و هی عشره

أجناس.

و الثالث: إن نبضات العروق لیس لها شبیه و لا مثال یقاس به و یتعلم علیه.

و لذلک قد یجب علی طبیب أن یرتاض فی جس العروق زماناً طویلًا ریاضه تامه بعنایه و فهم حتی لا یذهب علیه شی ء مما نذکره من أجناس النبض و أنواعه فیما بعد، و حتی یمکنه أن یعرف فی زمان لا عرض له العشره أجناس من النبض، التی نحن ذاکروها فی هذا الموضع بعد أن نذکر النبض و ما هیته و ما ینبغی أن یعلم من کیفیه مجسه الشریان، [ان شاء الله[445]]

[تعریف النبض]

فنقول: إن النبض حرکه مکانیه یتحرکها القلب و العروق الضوارب

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 133

بالانبساط و الانقباض لحفظ الحراره الغریزیه علی اعتدالها و الزیاده فی[446] الروح الحیوانی و لتولد الروح النفسانی، و حفظ الحراره الغریزیه یکون بدخول الهواء البارد المروّح لها الذی یکون بالانبساط و خروج البخار الدخانی المتراکم علیها، و یکون ذلک بالانقباض.

و الانبساط: هو حرکه القلب و الشرایین من المرکز إلی خارج.

و الانقباض: هو حرکه القلب و الشرایین من خارج إلی المرکز.

و قد شرحنا أمر هذا الحد عند وصفنا أمر القوی الحیوانیه بما فیه مقنع، و قد حدد الأوائل النبض حداً آخر لیس بجوهری و هو أن النبض رسول لا یکذب و مناد أخرس یخبر عن أشیاء خفیه بحرکاته الأضداد الظاهره.

و القلب و العروق الضوارب تتحرک کلها حرکه واحده علی مثال واحد فی زمان واحد، أعنی:[447] إن حرکه کل واحد منها مساویه لحرکه الآخر [لا یخالف[448]] بعضها بعضاً فی جمیع حالاتها حتی أنه یمکن أن یقاس بواحد منها علی جمیعها، و لذلک صرنا نعرف حال حرکه القلب من حرکه الشریان إذ کانت الحاجه إلی الاستدلال بنبض العروق

إنما هی لمعرفه القوّه الحیوانیه التی فی القلب إلا أنه لیس یمکن إدراک حرکتها علی الحقیقه من جس سائر الشرایین التی فی البدن و ذلک لثلاثه أسباب:

أحدها: إن بعض الشرایین یکون فی عمق البدن بمنزله الشریان المدود[449] علی الصلب، و بعضها غائر فی اللحم بمنزله الشریان الذی فی باطن الفخذ و بعضها مستور بعظم بمنزله الشریان الذی فی الصدر، فإن هذه لا تظهر حرکتها للجس ما دام البدن علی الحاله الطبیعیه فی حسن اللحم إلا أن یعرض فی البدن هزال و نقصان فی اللحم.

الثانی: إن بعض الشرایین یکون بعیداً عن موضع القلب فلا تتبین حرکته فی

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 134

سائر الأحوال علی الاستقصاء بمنزله الشریان الذی فی العقب و الذی فی القدم.

و الثالث: أن یکون وضع الشریان وضعاً غیر مستقیم فلا تستوی الأصابع الأربعه علیه، بمنزله الشریان الذی وراء الاذن.

و إذا کان الأمر کذلک فینبغی أن یختار من الشرایین ما کان علی خلاف ما ذکرنا[450]، أعنی أن یکون فی عضو معرّی من اللحم، و أن یکون موضعه لیس بالبعید من موضع القلب، و أن یکون وضعه وضعاً مستقیماً، فلهذه الأسباب اختار القدماء الشریانین اللذین فی المعصمین لأن جسهما أسهل و أوفق و أجمل.

أما کونه أسهل فلأن المعصمین قلیلا اللحم و الشریانین فیهما أظهر، و أما کونه أوفق فلأن موضعهما لیس بالبعید عن القلب کبعد العقبین و وضعهما وضعاً مستقیماً یدرکه بسائر الأصابع.

و أما کونه أجمل من جس سائر الشرایین فلأنه لیس یضطر الطبیب فی جسّهما إلی کشف شی ء من الأعضاء المستوره إذ کان فی ذلک قبح و لا سیما فی النساء.

[کیفیه وضع الاصابع علی الشریان]

[فی کیفیّه الجنس]

و إدراک نبض العروق یکون بوضع الأربع أصابع

علی موضع الشریان فی[451] المعصمین فی طوله، و أن تکون الید لیست بالمبطوحه و لا بالمکبوبه بل علی جانب.

و کیفیه وضع الأصابع علی الشریان تختلف فمنه ما یحتاج فیه إلی أن یغمز الاصابع علی الشریان و ذلک فی معرفه النبض القوی و ذلک لأن الأصابع إذا کبست الشریان و کان قویاً دفع الانامل بقوّه حتی یخیل للامس أنه یدفعها، و فی جس الشریان الذی علیه لحم کثیر لتدرک الأصابع حرکه الشریان جیداً.

و منه ما یحتاج فیه إلی أن تشال[452] الأصابع عن الشریان و ذلک فی معرفه النبض الضعیف و فی جس الشرایین المعراه [اذا کان الشریان الضعیف اذا غمزت عله الاصابع لم یمکنه أن یتحرک[453]]- من اللحم فلیس یحتاج إلی غمز کثیر لأنه بیِّن.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 135

و منه ما یکون وضع الاصبع علیه وضعاً معتدلًا لیست بالغامره[454] علیه و لا بالمنشاله[455] عنه و ذلک فی معرفه النبض المعتدل فی القوّه و فی جس الشرایین التی لیست بغائره فی اللحم و لا معراه عنه.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 136

الباب الثالث فی أجناس النبض و کیفیاته و أصنافه

[اختلاف أحوال النبض الی اجناس]

إن أحوال النبض تختلف اختلافاً کثیراً بحسب اختلاف القوّه المحرکه، و بحسب اختلاف الحراره الغریزیه، و بحسب اختلاف أحوال الشریان و ما یحتوی علیه من الدم و الروح إن کانت هذه علی الطبع أو خارجه عن الطبع.

و قد حصر الأوائل أجناس اختلاف هذه الأحوال فی عشره أجناس:

أحدها: الجنس المأخوذ من مقدار الانبساط.

الثانی: المأخوذ من زمان الحرکه.

الثالث: [ألمأخوذ[456]] من مقدار القوّه.

الرابع: من قوام جرم الشریان.

الخامس: مما یحتوی علیه جرم الشریان.

السادس: من کیفیه جرم الشریان.

السابع: من وقت السکون.

الثامن: من زمان الحرکات و الفترات.

التاسع: من خاصه[457] الکمیه.

العاشر: من عدد نبضات العرق.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2،

ص: 137

[الجنس الاول [الجنس المأخوذ من مقدار الانبساط]]

أما الجنس المأخوذ من مقدار الانبساط فینقسم: إلی النبض العظیم، و الصغیر، و المعتدل. و إلی النبض القصیر، و الطویل، و المعتدل. و إلی النبض العریض، و الدقیق، و المعتدل. و إلی الشاخص، و الغائر، و المعتدل.

و ذلک إنه لما کان الشریان جسماً و کل جسم فان له طول و عرض و عمق صار متی انبسط الشریان إلی نهایه اقطاره الثلاثه قیل له: عظیم، و متی کان انبساطه إلی دون نهایه اقطاره [الثلاثه[458]] و کان ذلک إلی المرکز أقرب قیل له: صغیر، و متی کان انبساطه إلی الوسط فیما بین الأقطار و المرکز قیل له: معتدل بین العظیم و الصغیر.

و إن کان انبساطه فی الطول أکثر من انبساطه فی [العرض و العمق[459]] و هو إذا کان انبساطه یتجاوز حد الأصابع الأربع قیل له: طویل.

و إن کان انبساطه إلی دون نهایه الأصابع الأربع قیل له: قصیر.

و إن کان انبساطه مع نهایه الاربع الاصابع[460] قیل له: معتدل فی الطول و القصر.

و کذلک أیضاً إن کان انبساطه فی العرض أکثر قیل له: عریض، و هو إذا جاوز حد أطراف الأنامل فی العرض.

و إن کان انبساطه ناقصاً عن أطراف الأنامل فی العرض قیل له: دقیق.

و إن کان انبساطه مع[461] الأنامل مستویاً فی العرض قیل له: معتدل فیما بین [الدقیق[462]] و العریض.

و إن کان انبساطه زائداً فی العلو قیل له: شاخص و هو إذا کان الشریان شبیهاً بالعالی.

و إن کان ناقصاً عن ذلک و کان من المرکز أقرب قیل له: غائر.

و إن کان إلی الوسط بین المرکز و النهایه قیل له: معتدل فیما بین الشاخص

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 138

و الغائر.

و إن کان

انبساطه فی العرض و العمق و کان ناقصاً فی الطول قیل له: غلیظ.

و ربما ترکبت هذه الأصناف بعضها مع بعض بمنزله ما یترکب الطویل مع العریض أو مع الدقیق أو مع المعتدل فیما بین الدقیق و العریض أو مع الغائر أو مع الشاخص أو مع المعتدل، و کذلک یجری الأمر فی ترکیب الأصناف الباقیه بعضها مع بعض.

فهذه هی أصناف الجس المأخوذ من مقدار الانبساط و حدوثها یکون عن ثلاثه أسباب:

فالنبض العظیم: یحدث عن شده القوّه الحیوانیه التی تبسط الشریان، و عن کثره الحراره التی تحتاج إلی الترویح الشدید، و عن لین الشریان الذی یؤاتی الانبساط و یمتد معه.

و النبض الصغیر یکون عن أضداد هذه الأسباب و هی ضعف القوّه و قله الحراره 0 و صلابه جرم الشریان.

و النبض المعتدل یکون من اعتدال هذه الأسباب.

و أما الأصناف الاخر: فتکون من الزیاده و النقصان من بعض هذه الأسباب، و نحن نبین ذلک فیما یستأنف عند ذکرنا الأسباب المغیره للنبض.

[الجنس الثانی [الجنس المأخوذ من زمان الحرکه]]

و أما الجنس المأخوذ من زمان الحرکه فیقسم إلی: النبض السریع، و البطی ء، و المعتدل.

و النبض السریع: هو الذی یقطع مسافه بعیده فی زمان قصیر.

و النبض البطی ء: هو الذی یقطع مسافه قریبه فی زمن طویل.

و النبض المعتدل: هو الذی یکون فی هاتین الحالتین متوسطاً.

و کل واحد من أصناف هذا الجس یکون عن سببین:

أحدهما: القوّه.

و الآخر: المزاج.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 139

فالنبض السریع: یکون عن قوّه صحیحه، و عن حراره قویه تدعو إلی استجلاب الهواء البارد.

و البطی ء: یکون عن ضعف القوّه المحرکه، و عن نقصان الحراره.

[الجنس الثالث [الجس المأخوذ من مقدار القوّه]]

و أما [الجس[463]] المأخوذ من مقدار القوّه فینقسم إلی: النبض القوی، و الضعیف

و المعتدل.

و النبض القوی: هو الذی یقرع الأنامل بقوّه حتی یکاد یدفعها.

و النبض الضعیف: هو الذی یقرع الأنامل قرعاً رقیقاً بغیر قوّه.

و المعتدل: هو الذی یکون فیما بین هاتین الحالتین.

و کل واحد من هذه الأصناف الثلاثه یکون عن سببین:

فالنبض القوی: یکون عن صحه القوی و شدّتها، و من لین جرم الشریان و مؤاتاته.

و الضعیف: یکون عن ضعف القوّه و قله مواتاه الشریان.

و المعتدل: یکون عن اعتدال هذین السببین.

[الجنس الرابع [الجس المأخوذ من قوام جرم الشریان]]

و أما [الجس[464]] المأخوذ من قوام جرم الشریان [فینقسم إلی النبض الصلب، و اللین، و المعتدل.

و النبض الصلب: هو الذی یجس فیه الأنامل من الشریان بصلابه حتی یخیل للحاس له انه قوی، و الفرق بینه و بین القوی أن النبض القوی یکون عظیما لان القوه تبسط الشریان جیدا، و النبض الصلب یکون صغیرا لان الشریان الصلب لا یوأتی القوه و لا یبسط معها.

و النبض اللین: هو الذی تحس فیه الأنامل من الشریان بنعمه و لین حتی تکاد الأنامل تغوص فی جرمه.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 140

و النبض المعتدل بین الصلب و اللین: هو المتوسط فیما بین الحالین.

و النبض الصلب یکون من یبس جرم الشریان، و اللین من رطوبته، و المعتدل فیما بین ذلک یکون من الحال المتوسطه.

[فی الجنس الخامس [الجنس المأخوذ من الشی ء المحتوی علی جرم الشریان]]

[فاما الجنس المأخوذ من الشی ء المحتوی علی جرم الشریان[465]] فینقسم إلی: النبض الممتلی ء، و الفارغ، و إلی المعتدل بین هذین.

فأما النبض الممتلی ء: فهو الذی یتبین تحت الأنامل کأنه مملوء رطوبه.

و النبض الفارغ: هو الذی یتبین تحت الأنامل کان تجویفه منفوخ و إذا کبسته الأنامل أحست بأنها تغوص فی شی ء فارغ.

و النبض الممتلی ء یکون من امتلاء

الشریان من الدم و الروح و کثرتهما. و الفارغ یکون لقله الدم و الروح.

و المعتدل یکون من اعتدال هذین.

[فی الجنس السادس [الجنس المأخوذ من کیفیه جرم العرق]]

و أما [الجنس[466]] المأخوذ من کیفیه جرم العرق أعنی: الشریان، فینقسم إلی: النبض الحار، و إلی النبض البارد، و إلی النبض المعتدل.

فالنبض الحار: هو الذی تحس فیه الأنامل بسخونه فی جرم الشریان.

و کذلک النبض البارد: یحس فیه[467] ببروده.

و النبض المعتدل: هو الذی لا تحس فیه الأنامل من الشریان لا بحراره و لا ببروده ظاهره.

و حراره جرم الشریان تکون من حراره الماده المصبوبه فی تجویفه أعنی:

الدم و الروح، و برودته تکون من بروده مزاجهما، و اعتداله یکون من اعتدال مزاجهما.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 141

[الجنس السابع [و أما المأخوذ من وقت السکون]]

و أما [الجس] المأخوذ من وقت السکون فینقسم إلی: المتواتر و المتفاوت و المعتدل و ذلک أن جالینوس ذکر أن للنبض عند الانبساط و الانقباض سکونین:

أحدهما: السکون الذی یکون فی وقت الانبساط عند[468] قرع الشریان للانامل، و یقال له السکون الخارج و هذا السکون یدرک حساً[469].

الثانی: السکون الذی یکون فی وقت الانقباض عند رجوع الشریان إلی المرکز، و هذا لا یدرک [جساً[470]]

و النبض الذی یکون زمان سکونه قصیراً هو المتواتر.

و النبض الذی یکون زمان سکونه طویلًا یقال له: متفاوت.

و الذی یکون زمان سکونه متوسطاً یقال له: المعتدل بین المتواتر و المتفاوت.

و المتواتر یکون عن قوّه الحراره و افراطها حتی یحتاج إلی ترویح کثیر، و عن نقصان القوّه حتی تحتاج الطبیعه معه إلی استعمال التواتر لیفی بالمقدار الذی یحتاج إلیه من دخول الهواء. و المتفاوت یکون من ضعف الحراره و قلتها و شده القوّه. و المعتدل فیما بینهما یکون من

اعتدال المزاج و القوّه.

[الجنس الثامن [الجس المأخوذ من وقت الحرکات و الفترات]]

و أما الجس المأخوذ من وقت الحرکات و الفترات فینقسم إلی: النبض الحسن الوزن، و السیئ الوزن.

و الوزن هو المقایسه و المناسبه، و هذه المقایسه تکون: إما بمقایسه زمان حرکه إلی زمان حرکه بمنزله ما تکون حرکه الانقباض الثانی فی زمان مساو لزمان حرکه الانبساط الأول أو مخالف له، و إما [بمقایسه[471]] زمان سکون إلی زمان سکون بمنزله ما یکون زمان السکون الداخل مساویاً لزمان السکون الخارج [أو[472]

کامل الصناعه الطبیه ؛ ج 2 ؛ ص141

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 142

بخلافه[473]]. و أما قیاس زمان سکون إلی زمان حرکه فبمنزله ما یکون زمان الانبساط مساویاً لزمان السکون الداخل أو بخلافه [او زمان الانقباض مساویا لزمان السکون الداخل او بخلافه، او زمان الانقباض مساویا لزمان السکون الخارج او بخلافه[474]]

فالنبض الحسن الوزن: هو الذی یکون بینه و بین نبض نظیر صاحبه [مقایسه[475]] و مشاکله بمنزله نبض الصبی إذا کان مشاکلًا لنبض الصبی و مناسباً له، و نبض الشباب مناسباً لنبض الشباب، و نبض أصحاب المزاج الحار [مناسب[476]] لنبض أصحاب المزاج الحار.

و أما النبض السی ء الوزن:

فمنه ما یکون متغیر الوزن بمنزله ما یکون نبض الغلام مشاکلا لنبض الرجل الشاب[477].

و منه ما یکون مبایناً للوزن بمنزله ما یکون نبض الصبی مشاکلًا لنبض الشیخ.

و منه ما یکون خارجاً عن الوزن و هو أن یکون النبض غیر مناسب و لا مشاکل لنبض شی ء من الاسنان[478].

و معرفه هذا الجنس من أجناس النبض صعبه عسره یحتاج فیها إلی لطافه ذهن و دربه طویله فی جس العروق.

و ذلک أن مقدار زمان الحرکه و السکون الذی به ینفصل[479] بعض النبض عن[480] بعض منه ما یکون

أن ینطق بمقدار مساحته، و یغیّر[481] عنه بمنزله ما تقول زمان الانبساط ضعف زمان السکون الخارج أو ثلاثه أضعافه أو مثله مره و نصفاً أو مره و ربعاً و غیر ذلک مما یجری[482] هذا المجری. و منه ما لا یمکن أن یغیّر[483]

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 143

عن مقدار مساحته بمنزله زمان الانبساط و زمان الانقباض أو زمانهما جمیعا.

و کل واحد من هذه الأزمنه لا یخلو من أن یکون: إما قلیل المجاوزه للذی یقاس به، و إما کثیر المجاوزه، و إما مفرط المجاوزه، فلهذه الأسباب صار هذا الباب من علم النبض عسراً جداً.

[الجنس التاسع [الجنس المأخوذ من کیفیه الانبساط]]

و أما الجنس المأخوذ من کیفیه الانبساط فینقسم إلی: النبض المستوی، و النبض المختلف.

و هذان الجنسان أعنی الاستواء و الاختلاف موجودان فی جمیع أصناف النبض التی ذکرناها و ذلک.

أن النبض المستوی: هو الذی تکون قرعاته للأصابع [دائمهً (1)] علی حاله واحده بمنزله ما تکون نبضات کثیره عظیمه متساویه العظم لیس فیها و لا نبضه واحده صغیره أو نبضات کثیره دائمه [الصغر (2)] لیس فیها و لا نبضه واحده عظیمه (3) أو سریعه أو بطیئه دائمه مستویه لا تخالف واحده أخری.

و النبض المختلف: هو الذی لا تکون قرعاته للأنامل دائمه علی حاله واحده بل تکون مختلفه.

أما فی الحرکه فیکون النبض: مره سریعاً، و مره بطیئاً، و مره متواتراً، و مره متفاوتاً.

أما فی المقدار الانبساطی فیکون: مره عظیما، و مره صغیراً.

و أما فی القوّه فیکون: مره ضعیفاً و مره قویاً.

و فی غیر ذلک من أنواع النبض.

اما أن یکون مستویا فی جمیع اجناس النبض و یقال له: النبض المستوی مطلقاً[484].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 144

أما أن یکون مستویاً فی بعضها فیقال

له: المستوی فی ذلک الجنس الذی هو فیه بمنزله ما یکون مستویاً فی العظم مختلفاً فی السرعه و الإبطاء و القوّه و الضعف و غیر ذلک.

أو یکون مستویاً فی السرعه [و الابطاء[485]] مختلفاً فی العظم، و یکون مستویاً[486] فی القوّه مختلفاً فی الاجناس الاخر، و کذلک یجری أمره فی الاجناس الاخر الباقیه.

و أما النبض المختلف: فمنه أیضاً ما هو مختلف فی جمیع الاجناس لا یدوم علی حاله واحده و یقال له: المختلف بقول مطلق، و منه ما هو مختلف فی بعضها و یقال له: المختلف فی ذلک الجنس، بمنزله ما یکون النبض مره عظیماً و مره صغیراً و مره عریضاً و مره دقیقاً، و یکون فی سائر الاجناس متساویاً و دائماً علی حاله واحده.

و النبض المختلف فی أی جنس کان: منه ما یکون اختلافه فی نبضات کثیره، [و منه ما یکون فی نبضه واحده.

[فی الاختلاف الذی یکون فی بنضات کثیره]

[و الذی یکوم فی بنضات کثیره:[487]] منه ما یجری اختلافه علی استواء، و منه ما یجری اختلافه علی غیر استواء.

[فی الاختلاف الجاری علی استواء]

[فی نبض ذنب الفأره]

فأما ما یجری أمره علی استواء فبمنزله النبض المعروف بذنب الفأره، و هو الذی فیه نبضه واحده عظیمه ثم من بعدها نبضه هی دونها فی العظم ثم نبضه

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 145

أصغر منها ثم أصغر من هذه، کذلک[488] یجری أمره فی کل نبضه تأتی، أعنی[489] أن تکون أصغر من التی قبلها إلی أن ینتهی إلی واحده هی [أصغرها[490]]

[اصناف نبض ذنب الفأره]

و أصناف النبض المعروف بذنب الفأره ثلاثه:

أحدها: أن ینقضی النبض [و یفنی[491]] و نعنی أنه لا یزال یصغر نبضه بعد نبضه حتی لا یحس له بحرکه، و یقال له

ذنب الفأره المنقضی.

و الثانی: أن ترجع أعنی: أن النبضات لا تزال تصغر نبضه بعد نبضه إلی أن تنتهی إلی مقدار من الصغر ثم ترجع إلی العظم أعنی: أنه إذا انتهی إلی أصغر ما یکون رجع إلی نبضه هی أعظم من تلک النبضه التی انتها الیها[492] [ثم یرجع إلی العظم ثم[493]] إلی ما هو أعظم منها و یتزاید عظمه فی کل نبظه علی ترتیب حتی ینتهی إلی العظم الأول و یقال لذلک ذنب الفأره الراجع.

و رجوعه یکون: إما إلی عظم مساو لعظمه الأول، و إما إلی عظم دون عظمه الأول، و رجوعه إلی عظم مساو لعظمه الأول یکون إما بمقادیر مساویه للمقادیر التی أخذ منها إلی النقصان، و إما بمقادیر هی أعظم، و إما بمقادیر هی أصغر.

و الثالث: أن یعود النبض إلی ما کان علیه من العظم الأول و یحفظ الترتیب، و هو أن یبتدی ء بالنبضه العظیمه الأولی ثم بالصغیره التی کانت بعدها حتی یجری أمر النبض علی الترتیب الاول[494].

و قد یکون [هذا النبض المعروف بذنب الفأر فی[495]] الجنس المأخوذ من [السرعه و الابطاء عند ما یکون و نبضه شدیده السرعه و نبض اقل سرعه حتی ینتهی علی ترتیب الی نبض فی غایه ما یکون من الابطاء.

و قد یکون ایضا فی الجنس المأخوذ من[496]] مقدار القوّه إذا کانت نبضه

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 146

قویه جداً و نبضه دونها فی القوّه و لا تزال قوّه کل نبضه تأتی بنقص، و ضعفها (1) یتزاید حتی ینتهی إلی نبضه فی غایه الضعف، کالذی یجری فی النبض العظیم، و علی هذه الجهه یجری أمر النبض المسمی بذنب الفأره.

و إنما سمی ذنب الفأره لمشابهته لذنب الحیوان المسمی الفأر إذ کان ذنب

الفأره ابتداؤه غلیظاً و ینتهی إلی طرف دقیق علی ترتیب فی النقصان، فهذه صفه الاختلاف الجاری علی الاستواء.

[فی الاختلاف الجاری علی غیر الاستواء]

فأما الاختلاف الجاری علی غیر الاستواء فأصنافه غیر محدوده، لأنه یجری علی غیر ترتیب، و ذلک أن منه المختلف الذی یفنی و ینقضی و یرجع علی غیر استواء بالزیاده و النقصان، و منه النبض الواقع فی الوسط علی غیر استواء بمنزله ما تکون نبضتان عظیمتان و واحده صغیره و واحده معتدله و اثنتان صغیرتان و واحده معتدله و واحده عظیمه و واحده صغیره و غیر ذلک من الاختلاف الجاری علی غیر ترتیب فی سائر أجناس النبض التی تقدم ذکرها، و منه ما یقع فیه أیضاً فترات علی غیر استواء. فهذه صفه الاختلاف الذی یکون فی نبضات کثیره.

[فی الاختلاف الذی یکون فی نبضه واحده]

و أما الاختلاف الذی یکون فی نبضه واحده: فمنه ما یکون اختلافه فی جزء واحد من أجزاء العرق، و منه ما یکون اختلافه فی أجزاء کثیره من أجزاء العرق.

فأما ما کان اختلافه فی جزء واحد من أجزاء العرق فهو ثلاثه أصناف:

أحدها: أن تکون حرکه الشریان تنقطع و تنبتر.

الثانی: أن تبقی حرکته حرکه متصله علی حالها من غیر أن تنقطع إلا أنها تکون غیر متساویه فی السرعه و الإبطاء.

الثالث: إن یعود الشریان فی انبساطه فیقرع الید مرتین[497].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 147

[فی النبض الغزالی]

[و النبض[498]] المنقطع و المنبتر هو أن یبتدی ء بسرعه و یعرض له من قبل أن یقرع الأنامل فتره و سکون ثم یبطی ء تمام انبساطه أو یبتدئ بابطاء ثم تعرض له الوقفه ثم یسرع فی تمام انبساطه أو یبتدئ معتدلًا و تعرض له فتره ثم یبطئ أو یسرع أو یبتدئ

بسرعه و ینقطع ثم یعتدل، و یکون فی هذا النوع من الاختلاف النبض المسمی الغزالی و هو النبض الذی یبتدئ بسرعه ثم تعرض له من قبل أن یقرع الأنامل وقفه ثم یتحرک بسرعه.

و إنما سمی هذا النبض الغزالی لمشابهته لطفر الغزال، و ذلک أن الغزال إذا طفر و وثب یبقی متعلقاً مده یسیره ثم ینحط إلی الأرض بسرعه.

و أما النبض المتصل فی هذا الموضع أعنی فی هذا النوع، و هو الذی تکون فیه حرکه الشریان غیر منقطعه لکنها تکون غیر متساویه فی السرعه و الإبطاء فهو أن یبتدئ النبض بسرعه ثم یتغیر إلی الإبطاء و ذلک أنه یبتدئ بتحریک حرکه سریعه، فإذا توسط المسافه التی ینبسط فیها تحرک حرکه بطیئه فیکون ابتداؤه سریعاً و انتهاؤه بطیئاً.

و قد یکون الأمر علی خلاف ذلک أعنی: أن یبتدئ بابطأ ثم یتغیر إلی السرعه فیکون ابتداؤه بطیئاً و انتهاؤه سریعاً أو یبتدئ معتدلًا و یتغیر إلی السرعه أو إلی الابطاء، و علی هذا القیاس یجری أمر هذا النوع فی سائر الاصناف.

[فی النبض ذو القرعتین «المطرقی»]

و أما النبض الذی یقرع الأنامل مرتین و یقال له: ذو القرعتین و هو الذی یبسط فیه الشریان، فإذا قرع الید و أراد الانقباض رجع قبل أن یبلغ إلی المرکز فقرع الأنامل ثانیه.

و هذا النوع یکون عن صلابه جرم العرق إذا قرع الأنامل نبا عنها الموضع الصلابه ثم عاد ثانیه فقرعها کالذی یعرض فی المطرقه و السندان، و ذلک أن

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 148

المطرقه إذا ضربت علی السندان ثبت[499] عنه بسبب الصلابه و ارتفعت و عادت ثانیه فضربته، و ربما ارتفعت و عادت ثالثه، و لذلک قد یسمی هذا النوع المطرقی.

و هذا الاختلاف العارض

فی جزء واحد من أجزاء العرق لا یوجد إلا فی الجنس الذی فی کیفیه الحرکه، و فی الجنس الذی من مقدار القوّه، و أما فی سائر الأصناف فلا، و ذلک إنه لا یمکن أن یکون الجزء الواحد من العرق یتحرک تحت الاصبع الواحده عظیماً ثم یصیر صغیراً، أو صغیراً ثم یصیر عظیماً فی نبضه واحده و فی جزء واحد من أجزاء العرق، و ذلک إن النبض العظیم یحتاج أن یجاوز فی انبساطه حد الأصابع الأربع، و لا یمکن أن یکون عریضاً و دقیقاً[500] أیضاً فی نبضه واحده، و لا حاراً و لا بارداً، و لا لیناً و لا صلباً، و لا فارغاً و لا ممتلئاً، فعلی هذا القیاس یجری أمر الاختلاف الذی یکون فی جزء واحد من أجزاء الشریان فی النبضه الواحده.

فأما الاختلاف الذی فی نبضه واحده فی أجزاء کثیره من أجزاء الشریان فمنه أیضاً ما تکون الحرکه فیه متصله لا تنبتر، و منه[501] ما تقطع فیه الحرکه و تنبتر.

أما المتصل الحرکه فهو الذی یتحرک تحت بعض الأصابع سریعاً و تحت بعضها بطیئاً و تحت بعضها معتدلًا کالذی یعرض أن یکون تحت اثنتین من الأصابع سریعاً و تحت اثنتین بطیئا و تحت اثنتین بطیئاً و سریعاً، و تحت اثنتین معتدلًا، [او[502]] یکون تحت ثلاثه سریعا، و تحت واحده بطیئاً أو بخلاف ذلک، أو یکون تحت اثنتین سریعاً و تحت واحده معتدلًا و تحت واحده بطیئاً أو بخلاف ذلک، أو یکون تحت کل واحده من الانامل نوع من الحرکه.

و کذلک یجری الأمر فی القوی و الضعیف علی هذا المثال[503] أعنی أن یکون تحت بعض الأنامل قویاً و تحت بعضها ضعیفاً، و قد یکون فی هذا النوع

من الاختلاف [فی[504]] النبضه الواحده النبض المسمی ذنب الفأر، [و النبض المسمی المائل و المنحنی.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 149

فاما النبض المسمی ذنب الفأر[505]]

فیکون إذا انبسط الشریان تحت الاصبع الأولی التی تلی الساعد غلیظاً و تحت الثانیه أقل غلظاً و تحت الثالثه صغیراً و تحت الرابعه صغیراً جداً و کذلک یجری أمره فی القوّه و الضعف و المتواتر و المتفاوت إذا تحرک تحت الاصبع الاولی حرکه ما من هذه الحرکات و تحت الثانیه أنقص منها و تحت الثالثه و الرابعه انقص من الثالثه، و یکون نقصانها علی ترتیب و تدریج.

و أما النبض المنحنی: فهو الذی یتحرک تحت الاصبعین الوسطیین غلیضاً و تحت الاصبعین اللتین فی الطرفین دقیقاً أو یکون الوسط منه شاخصاً و الطرفان غائرین فیخیل إلی الجاس أن طرفی الشریان مائلان إلی أسفل و ذلک یکون لضعف القوّه التی لا یمکنها أن تشیل الجزء من الشریان الذی یلی المرفق لما علیه من اللحم و لا تبلغ إلی آخر المعصم لضعفها عن ذلک.

و قد یقال: أیضاً لما کان علی هذه الصفه من الحرکه القویه و الضعیفه و السریعه و البطیئه المنحنی و المائل فی الحرکه و فی القوّه.

و أما النبض المنبتر: فهو الذی یکون من النبض المختلف فی [نبضه واحده[506]] فی أجزاء کثیره من الشریان و هو الذی تنقطع حرکته تحت الأنامل.

و ذلک أنه إما أن یتحرک تحت الاصبع الاولی و یکون تحت الثلاث الاصابع الباقیه ساکناً، و إما أن یتحرک تحت الاصبعین الأولیین و یکون تحت الآخریین ساکناً، و إما أن یتحرک تحت الثلاث الأول منها و یبقی تحت الأخیره ساکناً، و إما أن یتحرک تحت الاصبع الأولی [و الثالثه[507]] و یکون تحت [الثانیه[508]]

و الرابعه ساکناً أو علی خلاف ذلک أعنی: أن یتحرک تحت الثانیه و الرابعه، و یکون تحت الأولی و الثالثه ساکناً.

و حرکته تحت کل واحده من الاصابع إما سریعه، و إما بطیئه، و إما معتدله، و إما قویه، و إما ضعیفه، و إما معتدله.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 150

[فی النبض المنشاوی]

و ربما انقطع النبض تحت الانمله الواحده فیکون عن ذلک النبض المنشاری، [و انما سمی المنشاری من مشاکلته بأسنان المشار[509]].

فإذا أضفت أنواع هذا الاختلاف و أنواع الاختلاف الذی یکون فی نبضه واحده وجدت ذلک ینقسم إلی أصناف کثیره و لیس بنا حاجه إلی تعدیدها إذ کان من نظر فیما کتبناه نظر عنایه. أمکنه أن یصف جمیع ما ذکرناه من أنواع النبض المختلف.

و قد یعرض فی هذین النوعین من الاختلاف الذی یکون فی نبضه واحده [فی أجزاء کثیره من العرق[510]] أن یتحرک بعض أجزاء العرق إلی فوق و بعضها إلی أسفل و بعضها یمنه و بعضها یسره، و أن یتقدم بعض الحرکه و یتأخر بعضها، و قد تترکب أنواع الاختلاف بعضها مع بعض فتحدث عنها أنواع کثیره مختلفه غیر محدوده و بعض هذه الأنواع له اسم خاص یعرف به و هو الموجی و الدودی و النملی و السلی و المرتعشی.

[فی النبض الموجی]

فأما النبض الموجی: فیکون إذا ترکب الإختلاف الذی یکون من تقدم بعض أجزاء العرق و تأخر بعضها مع الإختلاف الذی یکون فی أجزاء کثیره من العرق فی جنس مقدار، الانبساط و ذلک یکون إذا کان طرف العرق الذی یلی الخنصر مشرفاً أعنی إنه یتحرک إلی فوق و تکون حرکته أشد تقدماً و کان الجزء الذی [یأتی[511]] بعده یتحرک منخفضاً بطیئاً أعنی إنه یتحرک إلی أسفل

دونه و أشد منه تأخراً، و الجزء الثالث تکون حرکته إلی فوق دون حرکه الأول و أشد تقدماً، و الجزء الرابع یتحرک إلی أسفل دون حرکه الثانی و أشد تأخراً منه و یحس ببعض أجزائه یمیل یمنه و بعضها یسره و بعضها عریض و بعضها دقیق کالذی یعرض فی

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 151

حرکه الأمواج فإن الأمواج تری منها الموج الأول مشرفاً سریع الحرکه و الذی بعده منخفضا عنه بطی ء الحرکه.

و کذلک سائر الأمواج [فتری الامواج[512]] بعضها یتحرک علی ستقامه و بعضها إلی أحد الجانبین، و منها ما یکون فی الکبیر من الطول اشراف [یسیر[513]] و منها ما تکون کثیره العرض، و منها ما تکون قلیله العرض.

[فی النبض الدودی]

أما النبض الدودی: فترکیبه مثل ترکیب الموجی و حرکته مثل حرکته إلا أن انبساط حرکه العرق فی الموجی أعظم و فی الدودی أصغر و أضعف و أشد سرعه و تواترا، لإن حدوث هذا النبض إنما یکون عند ضعف القوّه و یحس به تحت الأصابع شبیها بحرکه الدود.

[فی النبض النملی]

و أما النملی: فحرکته شبیهه بحرکه الدودی إلا أنه أصغر و أضعف و أشد تواتراً لأنه إنما یحدث عند سقوط القوّه، و الطبیعه تستعمل شده التواتر لیقوم لها مقام العظم و السرعه فی الترویح، و إنما سمی النملی لأن الاصابع تحس بحرکه العرق شبیهه بدبیب النمل، [و أرجنجانس یری أنه سریع، و لیس کما ظن لأن السریع تکون القوّه فیه قویه، و هذا فی غایه الضعف و غایه سقوط القوّه[514]]

[فی النبض السلی]

و أما النبض الثابت و هو النبض السلی فهو مع ما ذکرنا أشد تقدماً و أکثر ارتفاعاً و أضعف قوّه مع صلابه فی الآله، و إنما سمی السلی

لأنه نبض ثابت علی حاله واحده لا یتغیر عن حاله بمنزله ما یکون علیه مرض السل من الثبات و إنما صار باقیاً ثابتاً لا یتغیر عن حاله لأن جوهر البدن کله قد استحال إلی المرض

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 152

و القوّه قد قهرها المرض قهراً تاماً فلیس فیها فضل تقاوم به المرض و ذلک أن القوّه إذا قهرت المرض صار النبض عظیماً قویاً [او[515]] سریعاً، و إن قهرها المرض کان النبض صغیراً ضعیفاً بطیئاً، و متی کانت القوّه مره قاهره و مره مقهوره کان النبض مره قویاً و مره ضعیفاً فتختلف لاختلاف حال البدن.

[فی النبض الارتعاشی]

و أما النبض الارتعاشی: فحرکته تکون متواتره تلقی فیه الأنامل بعض أجزاء الشریان، و یتأخر بعضها بتواتر و ضعف کمثل حرکه الارتعاش فهذه صفه الجنس المأخوذ من کمیه الانبساط.

[الجنس العاشر [الجنس المأخوذ من عدد نبضات العرق]]

و أما الجنس المأخوذ من عدد نبضات العرق فینقسم: إلی النبض المنتظم، و غیر المنتظم.

فأما النبض المنتظم: فموجود فی النبض المختلف، و ذلک أن النبض المختلف: منه ما یکون اختلافه علی نظام و فی أدوار متساویه، و منه ما یکون علی غیر نظام، و قد ذکرنا الاختلاف الذی یکون علی غیر نظام.

و أما الذی یکون علی نظام و أدوار فهو الذی یتحرک فیه الشریان حرکات [ما[516]] مختلفه ثم یرجع فیها من أولها متحرکاً تلک الحرکات بأعیانها إلی أن ینتهی إلی الحرکه التی انتهی إلیها [أولًا[517]] ثم یعود فی الحرکه الأولی علی ذلک الترتیب بمنزله ما یتحرک ثلاث نبضات عظام متساویه و ثلاث نبضات صغار متساویه و اثنتین عظیمتین متساویتین و اثنتین صغیرتین متساویتین ثم یعود إلی الأول فینبض ثلاث نبضات عظام و ثلاث نبضات صغار

و اثنتین عظیمتین و اثنتین صغیرتین، ثم یعود فینبض علی ذلک الترتیب بعینه.

و کذلک أیضاً یجری الأمر فی السریع و البطی ء علی هذا المثال بمنزله ما

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 153

یکون بنبضتین سریعتین و نبظه بطیئه ثم یعود فینبض نبضتین سریعتین و نبضه بطیئه.

و کذلک یجری الامر[518] فی سائر أجناس النبض الذی یکون فیها الاختلاف و هی الأربعه الأجناس الأول.

[و قد یقسم هذا المعنی علی لون آخر لیکون أکثر شرحاً و أجود فهما.

فأقول: إن النبض المنتظم و غیر المنتظم إنما یدخل فی النبض المختلف، و إذا کان الاختلاف فیما بین عدد نبضات معلومه قیل: إنه مختلف منتظم مثال ذلک إذا کان الشریان ینبض ثلاث نبضات عظام و واحده صغیره ثم ثلاث نبضات عظام و واحده صغیره و یجری الأمر علی هذا المثال قیل: أنه مختلف منتظم.

و المختلف غیر المنتظم أن یتحرک الشریان نبضتین عظیمتین و واحده صغیره ثم نبضه عظیمه و نبضتین صغیرتین، و هذا مختلف غیر منتظم.

و کذلک الحال فی السریع و البطی ء کالقوی و الضعیف[519]] و ذلک أنه ینبغی أن تعلم أن النبض الحسن الوزن و السیئ الوزن و المستوی و المختلف و المنتظم و غیر المنتظم لا یکون إلا فی أربعه أجناس من أجناس النبض و هی:

الجنس الذی من کمیه الانبساط و الذی فی کیفیه الحرکه، و فی الذی من مقدار القوّه، و الذی من وقت الفتور و السکون و ذلک أن الحسن الوزن و السیئ الوزن و المستوی و المختلف و المنتظم و غیر المنتظم یعمّها کلها الاختلاف.

و الاختلاف لا یوجد فی شی ء سوی هذه الأربعه

و أما فی جنس قوام الشریان و جنس کیفیته و جنس ما یحتوی علیه فلا توجد

فیه و ذلک أنه لا یمکن أن یتغیر الشریان من حال الصلابه إلی حال اللین و من اللین إلی الصلابه و من الحراره إلی البروده و من البروده إلی الحراره و من الامتلاء إلی الاستفراغ و من الاستفراغ إلی الامتلاء فی مقدار من الزمان الذی یتحرک فیه الشریان فی نبضه واحده أو نبضتین أو ثلاث أو أربع إلی العشره، و إذا کان ذلک کذلک فإن الاختلاف لا یکون إلا فی الأجناس الأربعه التی ذکرناها.

و ینبغی أن تعلم أیضاً أن النبض المعتدل لا یوجد إلا فی سته أجناس من

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 154

أجناس النبض:

و هی الجنس الذی فی مقدار الانبساط، و الذی من کیفیه الحرکه، و الذی من قوام جرم العرق، و الذی من کیفیه جرم العرق و الذی مما هو مصبوب من تجویف العرق، و الذی من وقت الفتور و السکون.

فأما جنس القوی و الضعیف و الأجناس التی یعمّها الاختلاف- فهی: الحسن الوزن و السیئ الوزن، و المستوی و المختلف، و المنتظم و غیر المنتظم،- فلا یوجد فیها المعتدل، و ذلک أن بین کل صنفین من أصناف الأجناس السته صنفاً متوسطاً و هو المعتدل بمنزله المتوسط فیما بین العظیم و الصغیر، و فیما بین السریع و البطی ء، و فیما بین الصلب و اللین، و المتواتر و المتفاوت، و الممتلئ و الفارغ، و الحار و البارد.

و المتوسط فیما بین هذه کلها هو المعتدل، و المعتدل من النبض هو الطبیعی.

و أما النبض القوی و الضعیف: فلیس بینهما معتدل لأن النبض المعتدل لا یکون إلا فی الأبدان الصحیحه المعتدله المزاج، و الصحه لا تکون إلا مع قوّه صحیحه فالنبض المعتدل یجب أن یکون قویاً، فکل ما کان

أقوی کان أدل علی الصحه.

و النبض الضعیف: لا یکون إلا من ضعف القوّه و ضعف القوّه لا یکون إلا من المرض، و المتوسط بین القوی و الضعیف: لیس بقوی بل ضعیف خارج عن الاعتدال؛ لأن القوی لا یتغیر إلا فی الضعیف.

و کذلک أیضاً النبض المستوی و المختلف لیس بینهما معتدل لأن النبض المستوی هو الطبیعی الصحی و المختلف: خارج عن الطبع و لا یکون إلا عن مرض و المتوسط بینهما لیس بمستوٍ بل مختلف إذ کان النبض المستوی لا یتغیر إلا إلی المختلف.

و قد ینبغی أن تعلم أن لیس کل نبض مستو هو الطبیعی[520] إلا النبض الدائم الاعتدال لأنه قد یکون نبضاً ردیئاً مستویاً دائم الرداءه بمنزله النبض السلی الذی قد استحال فیه جوهر البدن إلی حال [جنس[521]] المرض.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 155

فأما جنس النبض السی ء الوزن و جنس النبض المنتظم [و غیر المتظم[522]] فلأن هذین الجنسین لا یکونان إلا فی النبض المختلف فلا یجوز أن یکون بینهما معتدل لأن النبض المتوسط بین المختلف و غیر المختلف مختلف.

فهذه صفه [أصناف[523]] النبض العشره و أصناف کل واحد منها و إذ قد شرحنا من ذلک ما فیه الکفایه لمن أراد أن یتعرف حال کل صنف منها، فیجب أن نأخذ[524] الآن فی ذکر الأسباب المحدثه لکل واحد من هذه الأصناف لیعلم من ذلک ما یدل علیه کل واحد منها من الصحه و المرض و الحال التی لیست بصحه و لا مرض، [فعلم ذلک[525]]

الباب الرابع فی الأسباب المحدثه لکل واحد من أصناف النبض و فیما تحدث الامور الطبیعیه فی النبض.

فأقول: إن کل واحد من أصناف النبض التی ذکرتها[526] إنما یوصف بالحال التی وصفناه بها إما بقیاسه إلی النبض المعتدل، و إما ما بقیاسه إلی النبض الخاص بکل واحد من الناس.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2،

ص: 156

فأما النبض المعتدل: فإنه یکون فی الأبدان الصحیحه المعتدله المزاج التی لا یشوبها شی ء من الأمور التی تغیر مزاجها، و قد وصفنا علامات هذه الأبدان عند ذکرنا أمر المزاج، فمتی وجدت النبض فیمن هذه حاله متوسطاً فیما بین أصناف النبض التی ذکرناها حتی یکون بعده من کل واحد منها بعداً سواء، فإن ذلک الإنسان یکون علی الحاله الطبیعیه من الصحه و اعتدال المزاج، و متی کان خارجاً عن الاعتدال حتی یوصف ببعض الأوصاف التی ذکرناها فی الأصناف التی لیست بمعتدله دل ذلک علی أن الإنسان قد زال عن حال الصحه إلی حال المرض [أو[527]] إلی الحال التی لیست بصحه و لا مرض.

و أما النبض الخاص بکل واحد من الناس: فیحتاج الإنسان المتطبب أن یجس شریان الإنسان فی حال صحته مده من الزمان طویله و یرتاض فیه ریاضه جیده حتی یعرف جمیع أحواله الطبیعیه و أن یکون مجسّه للشریان، و الإنسان بحال من الصحه لا یذم منها شی ء و بحال من الإمساک عن الحرکات القویه و قله استعمال الراحه و الدعه و لا یکون ممتلئاً من الغذاء و لا خاویاً منه[528]، و کذلک لا یکون مستعملًا للشراب و لا للاستحمام و لا للجماع و لا متعرضاً للحر و البرد، فانه إذا فعل ذلک أمکنه أن یعرف النبض الطبیعی لکل إنسان أعنی لکل من أراد أن یعرف ذلک فیه فیکون متی وجد نبضه قد تغیر عن تلک الحال علم من ذلک أن حال الإنسان قد تغیرت عن الطبع و زال إما إلی المرض و إما إلی الحال التی لیست بصحه و لا بمرض.

و لما کان المتطبب[529] لا یمکنه أن یعرف نبض جمیع الناس بل لا یمکنه

أن یتعرف نبض أهل مدینه واحده بالدربه و الریاضه حتی لا یذهب علیه من أمره شی ء، و إن أمکنه أن یعرف نبض قوم ما علی هذا السبیل لم یخل من أن یأتیه فی وقت واحد من الأوقات إنسان لم یکن یعرف نبضه [قبل ذلک][530] [و من اجل ذلک[531]] إحتاج المتطبب لذلک أن[532] یعلم کیف یمکنه أن یعرف النبض الطبیعی فی کل من یحضره، و السبیل إلی ذلک أن یعرف الأمور الطبیعیه التی تزیل النبض عن حال الاعتدال [الطبیعه[533]]

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 157

[فی تغیر النبض من قبل الامور الطبیعیه]

[534]

فهذه الأمور هی طبیعه الذکر و الانثی، و أصناف المزاج، و سحنه البدن، و السن و الوقت الحاضر من أوقات السنه، و البلد و حال الهواء [الحمام[535]]، و النوم، و الیقظه و الحمل.

فی نبض الذکر و الأنثی

فأما نبض الذکر و الانثی: فإن نبض الرجال أعظم من نبض النساء و أقوی، و ذلک لأن الرجال أسخن مزاجاً من النساء و أشد قوّه و لأنهم أکثر حرکه و أکثر ریاضه، و أن الطبیعه جبلتهم علی هذه الصفه.

و أما نبض النساء: فهو أصغر من نبض الرجال و أضعف و أسرع، و صار أضعف لأن النساء اضعف لما جبلتهن الطبیعه علی ذلک لقله حاجتهن إلی الأعمال و الحرکات القویه، و صار أصغر لضعف حرارتهن [الغریزیه[536]] و نقصانها عن حراره الرجال، و صار أسرع من نبض الرجال لتقوم لهن السرعه فی إدخال الهواء مقام العظم و ذلک لأن النبض العظیم لا یکون إلا من صحه القوّه التی تبسط الشریان إلی نهایه أقطاره من شده الحراره المحتاجه بها إلی الترویح الشدید، لأنه متی کانت الحراره قویه احتاجت الطبیعه أن تدخل هواء کثیراً.

و إذا

کانت القوّه مع ذلک قویه بسطت الشریان بسطاً کثیراً فدخل لذلک الهواء کثیراً بمقدار الحاجه فیکون النبض لذلک عظیماً.

و متی کانت الحراره أزید استعملت الطبیعه مع العظم السرعه لیکون ما یدخل من الهواء بتتابع الانبساط أکثر، و إن کانت الحراره مفرطه احتاجت الطبیعه إلی ترویح أکثر و استعملت مع السرعه التواتر لیکون ما یدخل من الهواء فی مرار کثیره شی ء کثیر فی زمان یسیر.

و متی کانت الحراره أزید و القوّه ناقصه لا یمکنها أن تعظم الشریان لیدخل

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 158

هواء کثیر [فی مرات کثیره فی زمان یسیر مساو للزمان الذی ینبسط فیه الشریان إذا کان عظیماً[537]]

[و متی کانت الحراره زائده و القوه ناقصه لا یمکنها أن تعظّم الشریان لا یدخل هواءً کثیراً و استعملت الطبیعه السرعه لتقوم بها مقام العظم فی ادخال هواء کثیر فی مرات کثیره فی زمان مساویاً للزمان الذی ینبسط فیه الشریان اذا کان النبض عظیما[538]]

و متی کانت القوّه ضعیفه احتاجت الطبیعه إلی استعمال التواتر لینوب عن العظم و السرعه فی ادخال هواء کثیر بمقدار الحاجه بتتابع الانبساط، فإذا کان الأمر علی هذا فبالواجب صار نبض النساء أسرع من نبض الرجال.

فی الأمزجه

فأما الأمزجه: فما کان منها حاراً فإنه یصیر النبض عظیماً سریعاً لموضع الحاجه إلی ترویح الحراره، و ما کان منها بارداً فإنه یصیِّر النبض صغیراً بطیئاً لقله الحاجه إلی شده الترویح، و ما کان منها رطباً فإنه یجعل النبض لیناً، و ما کان منها یابساً فإنه یجعل النبض صلباً.

فی السحنه

فأما السحنه: فإن الأبدان القضیفه[539] یکون النبض فیها أعظم منه فی الأبدان العبله الکثیره اللحم و أقوی، و فی الأبدان العبله الکثیره اللحم یکون أصغر و أضعف لأن الشریان فی

البدن العبل یستره و یثقله کثره اللحم إلا أن النبض [من اصحاب[540]] الأبدان العبله أشد تواتراً و ذلک لضعف القوّه عن تعظیم الشریان فتستعمل التواتر لیقوم لها مقام العظم.

و قد ینبغی أن تتفقد أصحاب الأبدان القضیفه و تنظر لئلا تکون قضافتها بسبب سوء المزاج الخارج عن الطبع فإنه متی کان الأمر کذلک لم یکن النبض علی ما ذکرنا و نحن نذکر هذا النبض عند ذکرنا تغیر النبض عن الأسباب الخارجه

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 159

عن الطبع فهذه صفه النبض الذی یکون من قبل السحنه.

و قد ینبغی أن تعلم أنه ربما اتفق فی الندره أن یکون نبض أصحاب الأبدان العبله أعظم و أقوی من نبض أصحاب الأبدان القضیفه و ذلک أنه إذا کان مزاج البدن العبل أشد حراره من مزاج البدن القضیف، و کذلک ربما اتفق أن یکون نبض بعض النساء أقوی و أعظم من نبض بعض الرجال، و ذلک یکون إذا کان مزاج المرأه أسخن من مزاج الرجل، قلما یکون[541] [الأمر[542]] کذلک.

فی السن

فأما تغیر النبض من قبل السن: فإن نبض الصبیان یکون سریعاً متواتراً لحاجتهم إلی تبرید الحراره التی فیهم إذ کانت الحراره الغریزیه فی أبدان الصبیان [کثیره، و یکون مع ذلک معتدلا فی القوه لیس بالکثیر العظم، و من کان من الصبیان[543]] أصغر سناً کان نبضه أشد سرعه و تواتراً، و ذلک لأن قوتهم أضعف فیقوم کذلک التواتر[544] مقام العظم فی إدخال الهواء.

و أما نبض الشباب: فقوی جداً عظیم جداً معتدل فی السرعه و ذلک لکثره حرارتهم و شده قوّتهم و لذلک ما اکتفوا بالعظم و السرعه المعتدله عن شده السرعه و التواتر.

و أما المشایخ: فنبضهم صغیر ضعیف بطی ء متفاوت و ذلک لبرد مزاجهم

و قله حاجتهم إلی الترویح الشدید و ضعف قوّتهم.

و أما سائر الأسنان: فیکون النبض فیها بحسب بعدها و قربها من کل واحد من هذه الأسنان و ذلک أنه لما کان نبض الطفل فی غایه السرعه و التواتر و معتدلًا العظم و الصفر، و نبض الشیخ الفانی فی غایه الإبطاء و التفاوت ضعیفاً صغیراً، و نبض الشباب الذین هم فی نهایه[545] الشباب فی غایه العظم و القوّه معتدلًا فی السرعه و الابطاء و للأسباب التی قدمنا ذکرها صار نبض الصبیان کلما ازدادوا نماءً

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 160

و قوّه نقص من السرعه و التواتر و زاد فی العظم إلی أن ینتهوا[546] إلی الشباب فیصیر نبضهم فی غایه العظم و القوّه و معتدلًا فی السرعه، فإذا صاروا فی سن الکهول ابتدأ نبضهم ینقص فی جمیع هذه الأحوال، و لا یزال کلما ازدادوا فی السن نقصت هذه الأحوال قلیلًا قلیلًا إلی أن ینتهو إلی سن الشیخوخه فیصیر نبضهم صغیراً بطیئاً، فعلی هذه الصفه یتغیر النبض من قبل السن.

فی الوقت [النبض]

فأما تغیر النبض من قبل[547] أوقات السنه فأوقات السنه أربعه:

و هی الربیع و الصیف و الخریف و الشتاء.

و لأن مزاج الربیع و الخریف معتدلان فی الحر و البرد صار النبض فیهما قویاً عظیماً إذ کان اعتدال المزاج یزید فی القوّه و یحفظها. و أما السرعه و التواتر فیکونان فیهما معتدلین لاعتدال الحراره.

و أما الصیف: 0 فلأن مزاجه شدید الحراره یکون النبض فیه صغیراً ضعیفاً إذ کان کل سوء مزاج من شأنه أن ینقص من القوّه و یضعفها، و إذا کانت القوّه ضعیفه لم یمکنها أن تبسط الشریان و تصیِّره عظیماً و لذلک صار النبض فی هذا الوقت سریعاً متواتراً

یعجز[548] عن العظم فی إدخال الهواء.

و أما الشتاء: فلأن مزاجه بارد رطب یکون النبض فیه صغیراً ضعیفاً بطیئاً.

أما صغره و ضعفه فلأن القوّه تضعف بسبب سوء المزاج، و أما بطؤه فلقله الحاجه إلی الترویح الشدید بسبب البرد فی الشتاء إلا أن النبض [فی الشتاء یکون أقوی[549]] منه فی الصیف لاجتماع القوّه فی داخل البدن بسبب حصر البرد لها، و لأن القوّه تنحل فی الصیف بسبب ما یجتذبه الهواء الحار من أبداننا، و النبض فی الصیف یکون أعظم منه فی الشتاء بسبب الحراره فعلی هذه الصفه یکون تغیر النبض ر أوقات السنه.

و ینبغی أن تعلم أن النبض یکون علی هذه الصفه فی وسط زمان کل واحد

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 161

من هذه الأوقات و هو فی الشهر الثانی من ذلک [الربع[550]] أو فی أطرافها و هو الشهر الأول من [الربع[551]] و الشهر الثالث منه فیکون النبض فیه بحسب قرب الوقت و بعده من الوسط.

مثال ذلک: النبض فی أوّل الربیع یکون أعظم و أقوی و أسرع منه فی زمن الشتاء، و یکون أصغر و أضعف و أبطأ منه فی وسط زمن الربیع و فی زمن آخر الربیع یکون أصغر و أضعف و أشد تواتراً من النبض فی وسطه، و یکون أعظم و أقوی و أکثر سرعه و تواتراً منه فی الصیف لقرب الوقت من زمن الربیع و زمان الصیف و کذلک یجری الأمر فی أوائل أوقات السنه و أواخرها، و یکون النبض أقرب مشاکله و أبعد مشاکله من النبض فی کل واحد من الأزمنه بحسب بعد الوقت من کل ربع و قربه منه فهذه صفه تغیر النبض الذی یکون فی أوقات السنه.

[النبض] فی البلدان

فأما تغیر النبض من

قبل البلدان: فإن الذین یسکنون البلاد الحاره بمنزله بلاد الحبشه یکون نبضهم شبیهاً بالنبض الذی یکون فی الصیف، و الذین یسکنون البلاد البارده بمنزله بلاد الصقالبه یکون نبضهم شبیهاً بالنبض الذی یکون فی الشتاء.

و البلدان المعتدله، المزاج بمنزله البلاد الموضوعه علی خط الاستواء یکون نبض سکانها شبیهاً بالنبض الذی یکون فی الربیع و الخریف.

فأما البلدان التی تکون مزاجها فیما بین هذه الأمزجه فإن نبض أهلها یکون متوسطاً بین نبض سکان کل واحد منها و الآخر یختلف فی الزیاده و النقصان بحسب قرب الموضع من کل واحد من هذه البلدان و البعد منه.

[ [النبض] فی الهواء]

و علی هذا المثال یجری الأمر فی حالات الهواء فإن الهواء الحار یجعل النبض شبیهاً بالنبض [الصیفی، و الهواء البارد یجعل النبض شبیها بالنیض

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 162

الشتوی، و المعتدل یجعل النبض شبیهاً بالنبض الربیعی[552]].

فی الحمل

[تاثیر الحمل فی النبض]

فأما المرأه الحامل: فإن نبضها یکون عظیماً شدید السرعه و التواتر و ذلک لأن الحراره الغریزیه فی أبدان الحوامل قویه بسبب ما ینضاف إلی مزاجهن من حراره الجنین لما یتأدی من حرارته إلی شرایین المرأه لاتصال شرایین الجنین التی فی المشیمه بشرایینها علی ما قد بیّنا فی الموضع الذی ذکرنا فیه صفه کون الجنین فی الرحم.

و أما نبضهنّ فی القوّه و الضعف: فإنه یکون إلی تمام الشهر الخامس متوسطاً لأن قوّتهن فی هذا الوقت تکون کذلک لأن الجنین فی هذا الوقت یکون خفیفاً لصغره لا یجتذب من أبدانهنّ غذاءً کثیراً و یکون معتدلًا فی السرعه و التواتر، و إذا کان فی الشهر السادس ابتدأت قوتهن تنقص لأن الجنین یکبر فیثقل علی الطبیعه و یضغطها و یجتذب من الغذاء مقداراً کثیراً أکثر مما

کان یجتذبه قبل فتضعف قوّه الحامل فیصیر النبض لذلک ضعیفاً بطیئاً.

[النوم] فی النوم و الیقظه

فأما النوم: فلأن الحراره الغریزیه فی وقت النوم تغوص إلی عمق البدن لتهظم الغذاء علی ما قد بینا فی غیر هذا الموضع فیکون النبض فی أول النوم صغیراً بطیئاً، فإن غاص الإنسان فی النوم صار النبض متواتر فاذا انهظم الغذاء و نفذ الی سائر البدن قویت الحراره و القوه فصار النبض لذلک عظیماً قویاً إلا أنه یصیر أبطأ و أشد تفاوتاً، و إن امتدّ بهم النوم بعد انهضام الغذاء حتی یثقلون بفضول الغذاء صار النبض مع ضعفه و إبطائه صغیراً علی مثل ما کان علیه أولًا و لذلک ینبغی لنا بعد إنهضام الغذاء أن ینتبه[553] لتخرج الفضول التی تتولد من الغذاء بمنزله المخاط و البصاق و البراز و البول.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 163

و متی انتبه النائم دفعه بسبب من الأسباب إما بصرخه أو و حیهً[554] أو ریح یخرج منه أو غیر ذلک فتضطرب له الطبیعه کان النبض لذلک عظیماً قویاً سریعاً متواتراً مضطرباً مرتعداً، فإذا سکن المنتبه من نومه و هدأ عاد النبض إلی حالته الطبیعیه، فهذه صفه، الأسباب الطبیعیه.

التی تغیر النبض عن حال الاعتدال و تجعل لکل إنسان نبضاً خاصاً طبیعیاً یعرف به فی کل زمان و کل موضع و کل حال.

و ینبغی للطبیب متی رأی[555] نبض کل إنسان ما قد تغیر عن النبض الخاص به و زال إلی حال من الأحوال المخالفه له أن یستدل بذلک علی أن البدن قد تغیر عن حالته الطبیعیه تغیراً ما بحسب الأسباب المغیره للنبض الطبیعی.

و الأسباب التی تغیر النبض الطبیعی جنسان و هما:

جنس الأمور التی لیست بطبیعیه، و جنس الأمور الخارجه عن

الأمر الطبیعی.

و نحن نبیّن أصناف هذین الجنسین و الحال فی کل واحد منهما، و ما السبب فی تغییره للنبض فی هذا الموضع و نبتدئ أولًا بالأمور التی لیست بطبیعیه، فاعلم ذلک، [ان شاء الله[556]]

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 164

الباب الخامس فی تغییر النبض من قبل الأمور التی لیست بطبیعیه

فنقول: إن جنس الأسباب التی لیست بطبیعیه من[557] الأسباب المتوسطه بین الأسباب الطبیعیه و الأسباب الخارجه عن الأمر الطبیعی و هی أربعه أجناس:

الریاضه، و الاستحمام، و الأطعمه، و الأشربه.

[فی الریاضه]

و نحن نبتدئ أولًا بما تحدثه الریاضه من التغییر فی النبض.

فأقول: إن الریاضه المعتدله تجعل النبض قویاً عظیماً سریعاً متواتراً و ذلک أن الریاضه إذا کانت باعتدال تحلل الفضول و تقوّی الأعضاء و تزید فی الحراره الغریزیه علی ما بیّنا من ذلک عند ذکرنا أفعال الریاضه فی البدن.

فأما الریاضه الزائده علی الاعتدال: فإنها تجعل النبض صغیراً ضعیفاً صلباً بطیئاً متفاوتاً و ذلک أن الإنسان إذا أفرط فی الریاضه و تعب تعباً شدیداً ضعفت قوّته فیضعف لذلک النبض و تتحلل الحراره الغریزیه و تنقص، و ابطاء النبض و تفاوته لقله الحراره و صلابته تکون من تحلل الرطوبه و إفاده الیبس فهذا هو حدّ النبض الذی تحدثه الریاضه.

فی الاستحمام بالماء

فأما النبض الذی یحدثه الاستحمام: فإن الاستحمام ینقسم إلی جزأین:

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 165

أحدهما: الهواء الحار و البارد[558].

و الثانی: الماء[559].

[و الماء ینقسم الی جزئن: احدهما الحار، و الثانی البارد[560]]

فأما الماء الحار و الهواء الحار: فإنهما إذا استعملا باعتدال صار النبض قویاً عظیماً سریعاً متواتراً و ذلک أن الاستحمام المعتدل یزید فی القوّه لما یتحلل[561] من البدن من الفضول فیقوی النبض و یسخن البدن و یجعله سریعاً عظیماً متواتراً، و یکون مع ذلک لیناً لما تکسبه الأعضاء من الرطوبه و

لا سیما إن کان الاستحمام بالماء العذب، فإن أبطأ الإنسان فی الحمام[562] صار النبض أصغر مما کان و أضعف و بقیت السرعه و التواتر علی حالهما و ذلک أن الإنسان إذا طال لبثه فی الحمام ضعفت قوّته لکثره ما یتحلل من بدنه من الماده فیضعف لذلک النبض و تزید السخونه فی بدنه فتزید سرعته و یکون معتدلًا فی اللین و الصلابه.

و إن طال لبثه حتی تنحل الحراره الغریزیه صار النبض معه صغیراً ضعیفاً بطیئاً متفاوتاً کالذی یعرض للمفرطین فی الریاضه.

و أما الاستحمام بالماء البارد: فإن کان المستحم خصب البدن و کان لبثه فیه لبثاً معتدلًا جعل النبض عظیماً قویاً سریعاً و ذلک لأن البرد إذا کان باعتدال جمع القوّه و الحراره الغریزیه و حصرهما فی داخل البدن، فإذا أطال اللبث فی الماء البارد حتی تغوص الحراره الغریزیه الی عمق[563] البدن صار النبض صغیراً بطیئاً متفاوتاً و ذلک لما ینال القوّه من الاختناق[564]، و متی کان المستحم بالماء البارد قضیفاً قلیل اللحم، و کان لبثه فیه معتدلًا صار النبض ضعیفاً بطیئاً لأن البرد فی مثل هذه الأبدان یصل إلی الأعضاء الباطنه بسرعه لقله اللحم فتضعف الحراره الغریزیه و تنقص من القوّه و یکون مع ذلک صلباً لتکثیف البروده أجزاء العرق.

و متی طال اللبث فیه حتی تغوص الحراره الغریزیه إلی عمق البدن و یلقی البرد الأعضاء الرئیسه و یغوص فی جوهرها صار النبض فی غایه الصغر و الضعف و التفاوت، فیکون مع ذلک صلباً فعلی هذه الصفه یکون تغیر الإستحمام للنبض.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 166

[فی الأطعمه]

[565]

اما الاطعمه: فانها تغیر النبض اما بحسب کیفیتها، و اما بحسب کمیتها[566].

[أما بحسب کمیتها[567]]

إنه متی تناول الإنسان غذاء کثیراً فإن النبض

فی أول الأمر یصیر مختلفاً غیر منتظم و ذلک لأن الغذاء إذا ثقل علی القوّه فمره ینهض لانضاجه فیصیر النبض قویاً عظیماً، و مره یقهرها[568] الغذاء فیصیر النبض صغیراً ضعیفاً، و یکون فی اختلافه لیناً و ذلک لما یحدثه الطعام من الرطوبه.

و إذا انهضم الغذاء انهضاماً تاماً و نفذ إلی [الاعضاء صار النبض عظیما قویا سریعا، و ذلک لان الغذاء اذا انهضم حسن زاد[569]] الأعضاء صار النبض عظیماً قویاً سریعاً و ذلک أن الغذاء إذا انهضم غذاء حسناً زاد فی القوّه و الحراره الغریزیه و یکون مع ذلک لیناً.

فإن کان ما یتناوله من الطعام بمقدار یسیر حتی أنه یسرع النفوذ إلی الأعضاء فإنه یجعل النبض أقل عظماً و أنقص قوّه و أقل سرعه من النبض الذی یکون فی حال انهضام الغذاء و یکون معتدلًا فی اللین و الصلابه.

و أما تغییر الطعام للنبض بسبب کیفیته

فإن ما کان من الطعام مزاجه حاراً أحدث مع ما ذکرناه فی النبض سرعه و تواتراً، و ما کان بارداً أحدث فی النبض بطءاً و تفاوتاً، و ما کان رطباً فإنه یزید فی لین جرم العرق.

[فی الأشربه]

[570]

فأما الأشربه: فإنها تجعل النبض بحسب مزاجها.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 167

أما الماء: فإنه لما کان مزاجه بارداً رطباً یغذو[571] اغذاء نزراً، و ذکر قوم أنه لا یغذو البته فلذلک صار تغییره للنبض تغییراً یسیراً، و لأنه بطی ء النفوذ صار یحدث نبضاً شبیهاً [قلیلا[572]] بالنبض الحادث عن الغذاء، و یکون بقاء التغییر بحسب بقائه فی المعده، و إن کان الماء شدید البرد صیّر[573] النبض صلباً و إن کان فاتراً صغیراً لیناً.

[فی النبیذ]

[574]

[اما الشراب اعنی[575]] النبیذ فإنه یفعل فی النبض مثل ما یفعله الطعام المنهضم فیجعله عظیماً

قویاً سریعاً إلا أن قوّته تکون دون القوّه التی یحدثها الطعام المنهضم و ذلک لأن الطعام یغذو غذاء [اکثر[576]] مما یغذو الشراب، و الغذاء یزید فی القوّه، و السرعه یکون من الشراب أزید و أشد إلا أن ما یحدثه فی النبض یکون بسرعه رمده یسیره لسرعه نفوذه فی العروق و سرعه انقلابه إلی الدم.

و أما سائر الأشربه الاخر: فما کان منها بارداً فإنه یصیر النبض إلی الصغر و الإبطاء و ما کان منها حاراً [فأنه یصیر النبض[577]] إلی السرعه و التواتر، فهذه صفه النبض الذی تحدثه[578] الاسباب التی لیست بطبیعیه، فاعلم ذلک.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 168

الباب السادس فی تغیر النبض من قبل الأمور الخارجه عن الأمر الطبیعی

فأما النبض الحادث عن الأسباب الخارجه عن الأمر الطبیعی: فنحن نبتدئ بذکرها فی هذا الموضع.

فأقول: إن الأسباب الخارجه عن الأمر الطبیعی التی تغیر النبض هی الأمراض و الأعراض التابعه لها، و حدوثها یکون عن الأسباب التی[579] لیست بطبیعیه عند ما یفرط الإنسان فی استعمالها فینقل البدن عن الحال الطبیعیه إلی حال خارجه عن الطبع کما قد بیّنا فی غیر هذا الموضع من کتابنا هذا، و لما کانت الأمراض و الأعراض کثیره الأصناف حصرها القدماء فی جنسین عامین لها.

فقالوا: «إن الأسباب التی تغیر النبض تغییراً خارجاً عن المجری الطبیعی جنسان:

و ذلک أنها إما أن تفش القوّه و تحللها، و إما أن تثقلها و تضغطها.

فأما الأسباب التی تفش القوّه و تحللها: فهی عدم الغذاء و خبث الأمراض و الأعراض النفسانیه و الوجع الشدید و الاستفراغ المفرط.

فأما الأسباب التی تثقل القوّه و تضغطها: فهی الامتلاء و کثره الاختلاط و الغلظ الخارج عن الطبع بمنزله الأورام الحاره البارده و غیرها.

و نحن نبتدئ أولًا بما تفعله الأسباب التی تفش القوّه فی النبض».

فنقول: إن

الأمور التی تفش القوّه و تحللها و تجعل النبض صغیراً ضعیفاً

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 169

سریعاً متواتراً و کلما ازدادت القوّه انحلالًا و ضعفاً ازداد النبض صغراً و ضعفاً و یصیر مع ذلک بطیئاً [الی أن یؤول عند سقوط القوه الی النبض الدودی، ثم بأخره اذا سقطت القوه[580]] یؤول النبض إلی النملی الذی فی غایه الضعف و الصغر و التواتر، و إنما تستعمل الطبیعه التواتر فی هذا الحال لینوب لها فی إدخال الهواء عما کان تفعله القوّه بالعظم و السرعه.

و ربما حدث النبض الدودی دفعه عند ما تتحلل[581] القوّه دفعه فی الاستفراغات التی تکون دفعه بمنزله انفجار الدم من العروق و الشرایین فی الخراجات أو فی الفصد أو بالرعاف او[582] بالإسهال المفرط و غیر ذلک مما أشبهه.

و قد یحدث النبض النملی أیضاً دفعه عند ما تسقط القوّه سقوطاً مفرطاً دفعه و ذلک یکون عند الغشی الذی هو سقوط القوّه الحیوانیه دفعه، و ذکر قوم أنه لا بد من أن یتقدم النبض الدودی النملی بمقدار من الزمان له عرض إلا أن فی الغشی لا یصیر النبض دودیاً بمقدار بین للحس لأنه إذا حدث النبض الدودی انتقل علی المکان إلی النملی و لم یثبت علی الدودی، فهذه صفه النبض العام للأسباب التی تفش القوّه و تحللها.

فأما علی التفصیل فإن عدم الغذاء فی أول الأمر یجعل النبض صغیراً ضعیفاً فأن[583] الحراره الغریزیه فی أول الأمر تکون علی حالها و ربما ازدادت حدّه فیکون النبض سریعاً متواتراً، و إن دام عدم الغذاء حتی تنقص الحراره الغریزیه صار النبض صغیراً ضعیفاً بطیئاً متفاوتاً، و إن دام عدم الغذاء [حتی تنقض الحراره[584]] إلی أن تنحل القوّه [حلًا کثیراً[585]] فإن النبض یصیر

فی غایه الصغر و الضعف و الإبطاء، و لأن القوّه إذا انحلت و کان الإنسان بعد حیاً و یحتاج إلی استنشاق الهواء فیصیر النبض من أجل ذلک کثیر التواتر لیجذب به هواء بمقدار الحاجه. فهذه صفه النبض الذی یکون من عدم الغذاء.

فأما تغیر النبض بسبب خبث الأمراض: فإن الأمراض الخبیثه تجعل النبض

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 170

نملیاً لأن المرض الخبیث یهدّ القوّه و یسقطها.

[فی الاعراض النفسانیه]

و أما الأعراض النفسانیه فهی: [الفزع[586]] و الغضب و الفرح و الغم و الهم[587].

فإن النبض فی وقت الغضب یکون عظیماً قویاً سریعاً متواتراً لأن القوّه و الحراره الغریزیه فی وقت الغضب یخرجان إلی ظاهر البدن دفعه و یقومان لطلب الغلبه و الانتقام من المؤذی، و یکون معتدلًا فی الصلابه و اللین.

فأما الفرح: فلأن الحراره تخرج منه إلی ظاهر البدن قلیلًا قلیلًا یکون عظیماً متوسطاً فیما بین الضعیف و القوی و فیما بین السریع و البطی ء لأن الحاجه فی مثل هذه الحال إلی الترویح لیست شدیده لاعتدال الحراره.

و أما الهم: فإن الحراره الغریزیه تدخل إلی عمق البدن قلیلًا قلیلًا فالنبض یکون صغیراً ضعیفاً متفاوتاً، فإذا طال الهم و الغم حتی ینهک القوّه جعل النبض أولًا دودیاً ثم بالآخره یصیر نملیاً عند ما تنحل القوّه و تسقط.

و أما الفزغ: فلأن الحراره الغریزیه تغوص فیه إلی عمق البدن دفعه واحده فإن القوّه مره تهرب من الشی ء المخوف و مره تظهر عند ما ترجو الظفر فیکون النبض فیه بهذا السبب سریعاً مضطرباً مرتعداً لما یحدث للانسان من الرعده عند الفزع، و یکون مع ذلک مختلفاً غیر منتظم بسبب التغیر الذی یحدث للمفزوع فإن دام الفزع و کان الفکر ثابتاً علی حاله واحده فإن النبض

یکون شبیهاً بنبض المغمومین.

و إذا طال ذلک بالإنسان حتی تنحل القوّه آل الأمر إلی النبض الدودی ثم إلی النبض النملی، فهذه صفه النبض الذی یحدث الأعراض النفسانیه.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 171

[النبض الموجی[588]]

و أما یحدثه الوجع: فإن الوجع إما أن یکون فی بعض الأعضاء الشریفه بمنزله الکبد و المعده فیحدث عنه بعض نبض ردی ء، و إما أن یکون فی أعضاء لیست بشریفه بمنزله الید و الرجل و یکون شدیداً مفرطاً فیحدث عنه مثل ما یحدث عن وجع الأعضاء الرأیسه من رداءه النبض، و الوجع متی کان فی أعضاء رئیسه أو غیر رئیسه فإنه یجعل النبض فی أول الأمر قویاً سریعاً متواتراً و ذلک لأن الطبیعه تتحرک فی ذلک الوقت لدفع الشی ء المؤلم فتتحرک لذلک القوّه الحیوانیه و الحراره الغریزیه، و إذا دام الوجع حتی ینهک القوّه جعل النبض صغیراً ضعیفاً و بسبب الحراره یکون سریعاً متواتراً، و یکون [النبض[589]] مع ذلک مختلفاً کثیر الإختلاف و ذلک بسبب ما یعرض من هیجان الوجع وقتاً بعد وقت من زیاده و نقصان، فهذه صفه النبض الذی یحدثه الوجع.

[النبض الاستفراغی]

و أما النبض الذی یحدثه الاستفراغ بمنزله الاسهال و الذرب و الرعاف و النزف و انفجار الدم الذی یکون من العروق و الشرایین، فإن النبض فی أول هذه العلل یکون صغیراً ضعیفاً بطیئاً متفاوتاً و یکون مع ذلک فارغاً، خاویاً لاستفراغ المواد من العروق، فإذا دام ذلک الاستفراغ آل الأمر إلی الدودی ثم بآخره عند سقوط القوّه یصیر نملیاً، و متی کان [الاستفراغ[590]] دفعه کان النبض أولًا دودیاً ثم ینتقل فیصیر نملیاً.

فهذه صفه أصناف تغیر النبض الذی یکون بسبب[591] انحلال القوّه، [فأعلم ذلک ان شاء الله[592]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص:

172

الباب السابع فی تغیر النبض عن الأسباب المثقله للقوّه

فأما تغیر النبض الذی یحدث عن الأسباب التی تثقل القوّه و تضغطها[593]: فأصنافه أکثر من أصناف النبض الحادث عن الأسباب التی تحل القوّه [و ذلک لان العلل التی تحدث عن الاسباب التی تثقل القوه و تضغطها اکثر من العلل التی تحدث عن الاسباب التی تحل القوه[594]] لأن القوّه تثقل[595] فتنضغط عن کثره الاخلاط و الامتلاء.

و الاخلاط إذا کثرت أحدثت أمراضاً تعم البدن فإذا کثرت فی عضو دون عضو أحدثت فی کل واحد من الأعضاء مرضاً ما[596] بحسب نوع الخلط المجتمع و بحسب حال العضو فی جوهره و فعله و لذلک صارت الأمراض التی تحدث عن الامتلاء أکثر من التی تحدث من الاستفراغ.

و نحن نبتدئ أولًا بذکر ما یحدث من الأمراض عن الامتلاء و کیف یکون حال النبض فی کل واحد منها بعد أن نصف النبض العام لجمیعها.

[فی النبض العام لاصحاب الأمتلاء]

فنقول: إن النبض العام للامراض التی تحدث عن الأسباب المثقله للقوّه فهو النبض الصغیر الضعیف الممتلی ء و ذلک أن القوّه تضعف لما یثقلها من الأخلاط

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 173

فیصیر[597] لذلک النبض [ضعفاً[598]] و الصغر تابع لضعف القوّه التی لا یمکنها بسط الشریان بسطاً حسناً و الامتلاء یکون لامتلاء الشریان من الفضل و یکون مع ذلک متواتراً بسبب ارهاق الحاجه و النیابه عن العظم و لأن القوّه مره تقهر الأشیاء التی تثقلها و تغلبها، و مره تقهرها تلک الأشیاء فیصیر النبض لذلک مختلفاً غیر منتظم بمنزله ما یعرض للهیب النار التی یلقی علیها الحطب کثیراً [دفعه[599]] لاختلاف حرکته فإن اللهیب تاره یعمل فی الحطب فیلتهب و تاره تغلبه کثره الحطب فینطفی ء اللهیب و تاره یعمل فیه عملًا ضعیفاً فیتحرک حرکه ضعیفه، و تاره یعمل

فیه عملًا قویاً فیتحرک حرکه قویه، و غیر ذلک من اختلاف الحرکه التی تجری علی [غیر ترتیب[600]] و الاستواء و الاختلاف و عدم النظام فی هذه الحال موجود فی جمیع الاصناف التی یکون فیها الإختلاف أعنی: فی العظم و القوّه و السرعه و التواتر فإذا کانت القوّه مثقله جداً کان الاختلاف أصناف کثیره.

و إذا کان ثقلها قلیلًا کان الاختلاف فی أصناف قلیله.

إما فی العظم و إما فی القوّه و إما فی السرعه و إما فی صنفین من هذه و أکثر ما یقع الاختلاف فی أصناف النبض القوی و الضعیف و العظیم و الصغیر و ذلک أنه متی کانت القوّه مقاومه للماده کان عدد النبضات العظیمه و القویه مثل عدد النبضات الضعیفه و الصغیره، و إن کانت الماده قاهره للقوّه کانت النبضات الصغیره و الضعیفه أکثر من عدد النبضات القویه و العظیمه، و إن کانت القوّه قاهره للماده کانت النبضات العظیمه و القویه أکثر من الصغیره و الضعیفه.

و ربما تحرکت القوّه بغته لحال یدفعها إلی ذلک فتقرع الأنامل [دفعه[601]] فی وقت السکون حتی یظن بهذه القرعه أنها زائد، و ذلک أن الطبیعه فی وقت السکوت ربما عرض لها حاله مؤذیه من الشی ء الذی یثقلها فاحتاجت إلی الحرکه لمدافعه ذلک الشی ء المؤذی، و أیضاً فربما کانت القوّه قد ضعفت فی وقت الحرکه حتی تحتاج أن یستریح و یسکن فیسقط لذلک نبضه من ثلاث نبضات أو

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 174

أربع نبضات أو غیر ذلک من العدد.

فهذه صفه أصناف النبض العام لأصحاب الامتلاء، و الذین قوتهم مثقله من کثره الأخلاط.

فأما علی التصنیف و التفصیل فإنا نشرح ذلک فی هذا الموضع.

فنقول: إنه متی کان الامتلاء فی سائر البدن کان

النبض علی ما ذکرناه فی الأمر العام لهذه الحال إلا أنه متی کان الامتلاء من الدم: کان النبض مع ما ذکرنا عظیماً سریعاً متواتراً لموضع حراره الدم، و یکون معتدلًا فی اللین و الصلابه و یکون ملمسه حاراً.

و متی کان الامتلاء من المره الصفراء: کان النبض أشد سرعه و تواتراً لموضع شده سخونه المره الصفراء و یکون مع ذلک مائلًا إلی الصلابه بسبب الیبس و یکون الاختلاف فیه أکثر لکثره حرکه المره الصفراء.

فإن کان الامتلاء من البلغم: کان النبض أصفر و أبطأ و أشد تفاوتاً و ألین حساً و أقل أختلافاً.

و إن کان الامتلاء من المره السوداء: کان مکان ما ذکرنا من اللین صلابه و ذلک لیبس المره السوداء و لأن الصلابه لا تؤاتی القوّه فی الانبساط جیداً فیکون النبض أصغر و أکثر اختلافاً.

و متی عرض لهذه الاخلاط أن تعفن فی البدن حتی تحدث عنها حمیات کان النبض سریعاً عظیماً متواتراً مختلفاً حار الملمس، و تکون الزیاده و النقصان فی هذه الأحوال بحسب کمیه الخلط و مزاجه الطبیعی.

و ذلک أنه إذا کان الخلط العفن من المره الصفراء و کان مقداره کثیراً کان النبض أکثر عظماً و أشد تواتراً و صلابه و أکثر اختلافاً، و إن کان مقداره یسیراً کان ناقصاً فی هذه الأحوال.

و إن کان الخلط العفن من البغلم و کان مقداره کثیراً کان النبض أقل عظماً و سرعه، و إن کان مقداره قلیلًا کان [النبض[602]] ناقصاً فی هذه الأحوال و أقل صلابه

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 175

و اختلافاً بسبب رطوبه البلغم.

و إن کان الخلط [العفن[603]] من المره السوداء کان [مع[604]] فی ذلک أکثر صلابه بسبب یبس المره السوداء.

فهذه صفه النبض المستدل به علی کثره

الخلط و قلته إذا کان فی سائر البدن.

[فاما اذا کان فی عضو من الاعضاء حتی یحدث اصنافاً من العلل فنحن نذکره فی هذا الموضع[605]]

و أما إذا کان فی عضو [واحد[606]] من الأعضاء حتی یحدث أصنافاً من الأمراض فنحن نذکره فی هذا الموضع.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 176

الباب الثامن فی النبض الدال علی أنواع الأورام

فنقول: إن کل واحد من الأعضاء إذا اجتمع فیه خلط ما فهو: إما أن یحدث ورما، و إما أن یحدث نوعاً من انواع[607] الأمراض.

و نحن نقدم أولًا ذکر الأورام و ما تحدثه من النبض.

فنقول: إن الأورام تختلف اختلافاً کثیراً:

إما من قبل الخلط المحدث لها بمنزله الورم [الحار[608]] الحادث عن الدم و یسمی الفلغمونی، أو عن المره الصفراء و یسمی الحمره و الورم البارد الحادث عن البلغم و یقال له: [الورم[609]] الرخو، او عن[610] المره السوداء و یقال له: [الورم] الصلب.[611]

و إما من قبل [موضع[612]] العضو الحادث فیه بمنزله ما یحدث: إما فی الدماغ و إما [فی الکبد[613]] و إما المعده و إما فی الید و إما فی الرجل و إما من قبل جوهر العضو بمنزله ما یحدث: إما فی عضو لحمی أو عصبی أو کثیر العروق أو کثیر الشرایین و ما أشبه ذلک.

و إما من قبل مقداره إذا کان عظیماً، أو صغیراً.

و إذا کانت الأورام تختلف هذا الاختلاف فالنبض لذلک یتغیر بحسب کل

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 177

نوع منه، و نحن نبتدئ [أولًا[614]] بالنبض الذی یحدثه الورم الحار المسمی فلغمونی فنبیّن الحال فیه و فی أصناف التغایر[615] التی تحدث له و نصف أولًا النبض الذی تحدثه طبیعه هذا الورم[616] علی الإطلاق.

فنقول: إن الورم الحار المسمی فلغمونی هو انتفاخ ما خارج عن الأمر الطبیعی یحدث عن انصباب فضل ردی ء

دموی إلی العضو فیملؤه و یمدده و یمدد العروق و الشرایین التی فیه و یتبع ذلک صلابه و وجع [شدید[617]] و سده فی المجاری بسبب الضغط و یتبع السده عدم التنفس[618] فتعفن لذلک الماده و تحمی.

فإن کان الورم عظیماً أو فی بعض الأعضاء الرئیسه تبع ذلک حمی، و إن کان الأمر کذلک فإن، النبض یکون فی الورم الحار صلباً، صغیراً، متواتراً سریعاً، مختلفاً، اختلافاً [منشاریاً[619]].

أما صلابته فلموضع تمدد الشریان لتمدد العضو. و أما صغره فلموضع صلابه جرم الشریان و لموضع ضعف القوّه إذا کان الشریان الصلب لا یؤاتی القوّه و لا ینبسط معها انبساطاً تاماً. و القوّه الضعیفه تعجز عن بسط الشریان جیداً.

و أما تواتره [و سرعته[620]] فلموضع الحاجه إلی کثره الترویح بسبب حراره الورم إذ کان لیس یمکن القوّه أن تبسط الشریان بسطاً یفی بما یحتاج إلیه.

و أما اختلافه المنشاری فلأن الصلابه لا تترک الشریان إلی أن یبلغ غایته فی الانبساط لکنها تضطره إلی أن تنبسط انبساطاً [منقطعا فینبسط بعض اجزائه انبساطا عظیما و بعضه انبساطا[621]] صغیراً فیصیر شکله تحت الانامل[622] علی مثال شکل المنشاری.

فلهذه الأسباب صار النبض فی الورم الحار صلباً صغیراً سریعاً متواتراً مختلفاً اختلافاً منشاریاً.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 178

و لما کان کل مرض له أربعه أوقات:

أحدها وقت ابتدائه یکون اول حدوثه، و وقت تزیده فی قوته، و وقت منهاه و هو اصعب ما یکون و اشده، و وقت انحطاطه[623] و هو وقت نقصانه و سکونه، [فصار[624]] الورم له هذه الأوقات الأربعه.

و النبض یکون فی کل واحد من هذه الأوقات بخلافه فی الوقت الآخر و ذلک أن النبض فی ابتداء الورم یکون قلیل الصلابه عظیماً قویاً سریعاً متواتراً، و یکون الاختلاف

[المنشاری[625]] فیه قلیلًا و ذلک لأن الورم یکون فی أوله ضعیفاً فتکون الصلابه فی النبض یسیره و القوّه قویه فیه و الشریان لا یمنع علی القوّه من الإنبساط فیصیر عظیماً و لأن الحراره فی ابتداء الورم الحار تکون قویه و السرعه و التواتر یکونان کذلک أشد. فأما قله الاختلاف المنشاری فیکون أقل لأن الصلابه قلیله.

و أما فی وقت تزیده: فیکون النبض بهذه الأوصاف التی ذکرناها إلا أنها تکون فیه أقوی و أشد صلابه و لا سیما الصلابه التابعه للامتلاء و التمدد و الاختلاف المنشاری فإنهما یکونان قویین فی هذا الوقت و یکون لذلک صغیراً.

و أما فی وقت المنتهی: فتکون هذه الأشیاء کلها أیضاً متزایده و لا سیما الصلابه و الاختلاف [المنشاری[626]] فإنهما یکونان قویین جداً للسبب الذی ذکرناه و یکون مع ذلک أصغر مما کان إلا أنه لا یکون أضعف مما کان الا أن یکون الألم[627] قد مس القوّه.

و أما السرعه و التواتر: فإنهما یزیدان فی هذا الوقت بسبب قوّه الحراره الداعیه إلی شده الترویح إذ کانت الحراره أقوی ما تکون فی هذا الوقت و لینوبان أیضاً عن العظم.

و أما فی وقت الانحطاط: فلأنه الوقت الذی ینقص فیه الورم و یزول.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 179

و زوال هذا المرض یکون إما بأن یتحلل الخلط و ینفش و ینقضی فیرجع النبض لذلک إلی الحال الطبیعیه التی کان علیها فی حال الصحه، و إما بأن یتحلل منه الشی ء اللطیف و یبقی منه الشی ء الغلیظ فیصلب و یتحجر فی العضو و ینتقل الورم إلی الصلابه فیصیر النبض لذلک أصلب مما کان و أدق و ذلک أن الشریان لا یمکن أن ینبسط فی العرض و العمق کثیراً بسبب الصلابه

و یکون مع ذلک أقل سرعه و تواتراً لنقصان الحراره و قله الترویح.

فهذه صفه تغیر النبض من قبل طبیعه الورم الحار.

و أما تغیر النبض بسبب طبیعه جوهر العضو الوارم: فإن الورم الحار متی کان عضو لحمی کان النبض علی ما ذکرناه صلباً إلا أن صلابته تکون أنقص، و إذا کان ذلک کذلک کان الاختلاف المنشاری فیه لیس بالمفرط و کذلک الصغر.

و أما متی کان الورم فی عضو عصبی: فإن النبض یکون أشد صلابه لموضع شده الصلابه التی تحدث للعصب من التمدد إذ کان العصب تعرض له من التمدد صلابه قویه بمنزله ما یعرض للعصب الذی یعمل منه أوتار القسی إذا مدت یکون أکثر صغراً بسبب الصلابه، و لما ینال القوّه من الوجع بسبب [الصلابه، و لما ینال القوّه من الوجع بسبب[628]] قوّه حس العضو.

و الاختلاف المنشاری یکون فیه أشد بسبب أفراط الصلابه، و متی کان الورم أعظم کان النبض مع ذلک مرتعداً و ذلک أن التمدد و الصلابه یکونان فی هذه الحال أشد لموضع عظم الورم و لصلابه[629] العصب و یصیر الشریان أشد تمدداً و صلابه فیعرض له من ذلک ما یعرض للوتر الممدود علی القوس إذا تحرک فإنه لا یؤاتی النقره[630] لکنه یبقی مرتعداً مده ما.

و متی کان الورم فی عضو کثیر العروق فإن النبض یکون أقل صلابه و أزید لیناً لأن هذه الأعضاء ألین من العصب فیکون ذلک النبض أعظم مقداراً و أقل [منشاریه[631]] للسبب الذی ذکرناه.

و متی ما کان الورم فی عضو کثیر الشرایین کان النبض عظیماً لموضع لکثره

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 180

الحراره الغریزیه، و مختلفاً غیر منتظم لما یتأدی إلی القلب من الأحوال المغیره للنبض بسرعه من غیر أن یکون

بینهما متوسط، فعلی هذه الحال یکون تغیر النبض بسبب جوهر العضو الوارم.

و أما تغیره بسبب موضع العضو فإنه إن کان الورم فی الدماغ کان النبض مشاکلًا لنبض الورم الذی [یحدث للاعضاء العصبیه فان کان فی الکبد کان النبض مشاکلا لنبض الورم الذی][632] [یکون فی عضو کثیر العروق فإن کان فی بعض الاعضاء القریبه من القلب کان النبض مشاکلًا لنبض الورم[633]] الحادث فی الأعضاء العصبیه، فإن کان فی بعض الکبد و کان فی بعض الأعضاء القریبه من القلب کان النبض مشاکلًا لنبض الورم [الحادث[634]] فی عضو کثیر الشرایین.

و إنما قلنا فی الاعضاء القریبه[635] من القلب لأن القلب متی حدث[636] فیه ورم لم یلبث الإنسان حتی[637] یموت، فعلی هذه الصفه یکون یُغّیر الورم الحار النبض[638] بحسب طبیعته و طبیعه العضو الذی یحدث فیه، و ربما عرض للورم الحار عرض یصیر تغیر النبض من أجله مرکباً من النبض الحادث عن الورم و من النبض الذی یحدثه العرض.

و هذا العرض: إما أن یکون بسبب مشارکه العضو الوارم لغیره من الأعضاء بمنزله التشنج العارض[639] عن ورم الحجاب بسبب مشارکه الحجاب للدماغ بالعصب الوارد إلیه.

و إما أن یکون بسبب فعل العضو الوارم بمنزله ما یحدث عن ورم المعده من فساد الهضم و ما یحدث عن ورم الرئه من ضیق النفس و الاختناق.

و إما أن یکون عرض غریب یعرض[640] فی حال الورم بمنزله الغشی و الصداع و غیرهما من الأعراض الغریبه.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 181

و نحن نبین النبض الذی یحدثه کل واحد من هذه الأعراض عند ذکرنا النبض الذی تحدثه أصناف العلل التی تحدث فی کل واحد من الأعضاء فهذه صفه تغیر النبض من قبل الورم الحار الحادث عن الدم و

ما یتبعه من الأعراض.

[فی الورم الحادث عن الصفراء]

و أما الورم الحادث عن الصفراء: و هو المعروف بالحمره، فلأن الحراره تکون فی هذا الورم أقوی فیکون النبض أشد سرعه و تواتراً، و لأن الیبس غالب فی المره الصفراء فیکون أیضاً لذلک أشد صلابه فیکون الاختلاف المنشاری فیه أکثر.

[فی الورم البارد]

و أما الورم البارد: فما کان منه حادثاً عن البلغم فإنه یجعل النبض بطیئاً صغیراً متفاوتاً لقله الحاجه إلی الترویح الکثیر بسبب برد مزاج البلغم، و یکون مع ذلک إلی اللین بسبب رطوبه البلغم و لا یکون الاختلاف فیه شدیداً بسبب قله الصلابه، و ما کان من الورم حادثاً عن السوداء فإن النبض یکون فیه دقیقاً صلباً بطیئاً متفاوتاً و الاختلاف [المنشاری[641]] فیه أشد و أقوی.

کل ذلک لموضع الصلابه و قله الحراره فعلی هذا الوجه یکون تغییر النبض من قبل الأورام إلا أنه ینبغی أن تعلم أن مقدار التغییر الذی یحدث للنبض فی قلته و کثرته یکون بحسب مقدار الورم و بحسب شرف العضو و خساسته و ذلک أنه متی کان الورم عظیماً أو کان فی عضو شریف بمنزله الدماغ و الکبد و المعده کان التغییر فی النبض [کثیر[642]] قویاً و إن کان صغیراً أو کان فی الید و الرجل کان التغییر قلیلًا ضعیفاً، [فأعلم ذلک[643]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 182

الباب التاسع فی النبض الدال علی العلل الحادثه فی کل من الاعضاء و اولا فی النبض الدال علی علل الأعضاء النفسانیه و هی الدماغ

و إذ[644] قد شرحنا النبض المستدل به علی انواع الأورام فنحن نأخذ الآن فی شرح النبض الذی یستدل به علی أنواع أخر من العلل التی تحدث فی کل واحد من أعضاء البدن.

فنقول: إن أنواع العلل التی تحدث فی أعضاء البدن کثیره و تغیر النبض فی کثیر منها مشاکل بعضه لبعض و مناسب له فی أکثر أحواله،

و لذلک قد یستدل بنوع من أنواع النبض علی أنواع کثیره من العلل.

و ذلک یکون: إما لأن تلک العله متفقه فی النوع أعنی أنها من نوع واحد، و إما لأنها متفقه فی السبب المحدث لها، و إما لأنها متفقه ر جوهر العضو الحادثه فیه.

و لذلک نحن مقتصرون فی هذا الموضع علی ذکر علل ما یستدل بالنبض منها علی علل کثیره و نبتدئ أولًا بالعلل الحادثه فی الأعضاء النفسانیه و هی الدماغ و ما ینشأ منه و ما یحدثه من التغییر فی النبض.

[فی العلل الحادثه فی الدماغ]

فنقول: إن العلل الحادثه فی الدماغ منها السرسام، و منها النسیان[645]، و منها

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 183

السبات السهری، و منها السبات، و منها الجمود، و منها الصرع، و منها السکته، و منها التشنج. و منها الاسترخاء.

[فی السرسام]

فأما السرسام: فإنه ورم حار یعرض فی أغشیه الدماغ، و طبیعه أغشیه الدماغ الطبیعه عصبیه تجعل النبض صلباً صغیراً متواتراً قویاً مختلفاً[646] و یخیل للجاس له أنه ینتقل عن موضعه.

أما صلابته فلشده التمدد الحادث عن الورم إذ کان الورم فی عضو عصبی، و أما صغره فلسبب الصلابه التی تمنع من الانبساط، و أما تواتره فلشده الحاجه إلی الترویح ببسب[647] المزاج الحار، و أما قوته فلأن القوّه فی هذه العله تکون قویه، و لذلک تری العلیل فی بعض الأوقات کأنه یواثب[648] و یصیح الصیاح الشدید و ذلک لفساد الذهن، و أما اختلافه المنقطع فلامتناع الشریان من الانبساط جیداً بسبب الصلابه و التمدد و بسبب شده القوّه التی تبسط بعض أجزاء الشریان و تعجز عن بعضها، و لذلک یظن [الجاس[649]] أنه ینتقل من موضعه مره إلی فوق و مره إلی أسفل.

و متی کانت العله عن

ماده صفراویه: کان النبض لذلک مرتعداً و لذلک للسبب الذی ذکرناه آنفاً أنه یعرض للنبض فی أورام الأعضاء العصبیه من شده التمدد و الصلابه ما یعرض للوتر المدود عند النقر من الارتعاد و لا سیما إذا کانت الماده یابسه المزاج فإنها تزید فی صلابه جرم الشریان.

و ربما کان النبض فی هذه العله فی الندره عظیماً لذلک، و ذلک إذا کان الورم یسیراً فلم یمتد الغشاء تمدیداً کثیراً حتی یصلب لذلک الشریان، و إن کان من ماده بلغمیه فیکون الشریان أقل صلابه فتؤاتی القوّه للانبساط و قد یعرض للنبض فی هذه العله فی بعض الأوقات أن یکون الانبساط أسرع من الانقباض أعنی أن یکون زمان الانبساط أقل من زمان الانقباض و فی بعضها أن یکون الانقباض

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 184

أسرع من الانبساط أعنی أن یکون زمن الانقباض أقل من زمن الانبساط، و السبب فی ذلک أنه لما کانت هذه العله إنما هی ورم حار فی اغشیه الدماغ و حمی لازمه، و کانت الحمی تحدث فیه سبب عفن الخلط المحدث للورم بسبب حراره الورم، صار متی کانت الحراره أکثر کان الانبساط أسرع لشده الحاجه إلی دخول الهواء الذی یکون بالانبساط لتبرید شده حمی القلب.

[فی النبض الانقباضی]

و الانقباض أبطأ لیکون مکث الهواء البارد فی القلب أکثر، و متی کان الخلط العفن أکثر کان الانقباض أسرع و الانبساط أبطأ و ذلک لشدّه[650] الحاجه الی دفع الفضل و إخراجه الذی یکون بالانقباض، و یقال: لهذا النبض الانقباضی، و کذلک یجری الأمر فی سائر الحمیات العفنیه متی کانت الحراره فیها أکثر من العفن کان الانبساط أسرع من الانقباض حتی أنه یکون النبض فی ابتداء الانبساط تسرع حرکته و فی تمامه

یبطی ء و متی کان الخلط العفن أکثر من الحراره کان الانقباض أسرع حتی أنه یکون ابتداء الانبساط بطیئاً ثم فی آخره یسرع الحرکه حتی یسرع الانقباض للسبب الذی ذکرناه آنفاً.

فهذه صفه نبض أصحاب السرسام و الذین قد اختلطت عقولهم، و علی هذا المثال یکون نبض أصحاب الوسواس السوداوی علی الأمر الاکثر.

[فی نبض أصحاب النسیان و السبات]

و أما نبض أصحاب النسیان و السبات: فیکون عظیماً ضعیفاً لیناً بطیئاً متفاوتاً مختلفاً اختلافاً موجیاً و ذلک لأن هذه العله تکون من ماده بلغمیه رطبه تتولد فی الدماغ أو تصیر إلیه من عضو آخر، و الدماغ عضو رطب و لذلک یکون النبض لیناً و لأن البلغم فی هذه العله یعفن فیحدث حمی ضعیفه و جرم الشریان لا یمنع من الانبساط جداً فیصیر النبض عظیماً، و لأن الرطوبه تغلب فیکون النبض ضعیفاً و یصیر بسبب ضعف القوّه مع الرطوبه مختلفاً اختلافاً موجیاً، و لأن مزاج الماده

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 185

بارد و الحاجه لا ترهق[651] و صار النبض لذلک بطیئاً متفاوتاً.

و ذکر جالینوس «أنه ربما حدثت فی هذا النبض المسمی ذا القرعتین»، و ذلک یکون إذا کثر هذا الخلط فی الدماغ حتی یتمدد و یمدد الأغشیه معه فیصلب لذلک الشریان و ینتقل عن حرکته الموجیه إلی ذی القرعتین الذی یحدث عن الصلابه.

[فی نبض السبات السهری]

فأما العله المعروفه بقوما[652] و هی السبات السهری فلأن هذه العله تحدث عن أسباب مختلطه من أسباب السرسام[653] و أسباب النسیان، و یکون النبض فی أصحابها متوسطاً بین نبض أصحاب النسیان و نبض أصحاب السرسام[654] و یکون فی أکثر الحالات مشاکلًا لنبض أصحاب السرسام[655] إلا أنه أعظم منه و ألین بسبب رطوبه البلغم و بسبب رطوبه

الدماغ، و یکون معتدلًا فی السرعه و التواتر للسبب الذی ذکرناه، و أیضاً فإن هذا النبض لا یکون منقطعاً مرتعداً لأن هاتین الحالتین تعرضان للمبرسمین و الموسوسین بسبب یبس الماده و بسبب طبیعه العضو أعنی عصبه غشاء الدماغ.

[فی نبض أصحاب الجمود][656]

کامل الصناعه الطبیه ؛ ج 2 ؛ ص185

و أما نبض أصحاب الجمود و هی عله تحدث فی الدماغ عن سده تحدث لبطنه المؤخر من ماده بارده یابسه فإن نبضهم یکون علی مثال نبض أصحاب النسیان إلا أنه یخالفه فی أن نبض أصحاب هذه العله یکون أقوی و أصلب و أقل إختلافاً و ذلک بسبب الیبس لأن الرطوبه ترخی قوه الشریان و تضعفه. و الاختلاف یتبع الضعف و النبض فی أصحاب هذه العله یکون حار الملمس.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 186

[فی نبض السکته و الصرع]

و أما السکته و الصرع: فلأنهما یحدثان من سده تحدث فی بطون الدماغ من الخلط البلغمی الفلیظ فإن الأفعال المدبره و الأفعال المحرکه ینالها الضرر علی ما سنبین فی المستأنف من کتابنا هذا فیکون النبض فی أول حدوث هاتین العلتین متمدداً و ذلک لتمدد أغشیه الدماغ بکثره الخلط فیها و لا یتغیر النبض عن حاله الطبیعی بأکثر من التمدد، فإذا قوی المرض صار النبض صغیراً ضعیفاً [بطیئاً[657]] متفاوتاً و ذلک لضعف القوّه، و إن ضعفت القوّه جداً صار النبض متواتراً و آل أمره إلی الدودی ثم إلی النملی، فهذه صفه نبض أصحاب الصرع [و السکته[658]]

[فی نبض أصحاب التشنج]

و أما نبض أصحاب التشنج: فإنه کما یعرض فی التشنج للأعضاء من الانقباض و الاجتماع إلی نحو منشئها، و التمدد بالعرض، کذلک یعرض للشریان من شده التمدد و الصلابه ما لا یمکنه أن ینبسط انبساطاً

جیداً فیصیر ذلک النبض کالمرتعد و لیس هو مرتعداً فی الحقیقه و لکن حرکته شبیهه بالوثوب[659] إذا انبسط حتی کأنه فی انبساطه بمنزله سهم انقلب[660] من قوس، و کذلک إذا انقبض کان شبیهاً بالغائص فی العمق حتی یظن به فی وقت الانبساط أنه عظیم و یظن به أیضاً بسبب ما فیه من الصلابه أنه قوی، و لیس هو کذلک بل هو معتدل بین العظیم و الصغیر و القوی و الضعیف إلا أن أعتداله لا یظهر بسبب الارتعاد، فعلی هذه الجهه یکون نبض أصحاب السوداء[661] إذا کان تمدد الشریان تمدداً [متساویاً[662]] فی جمیع أجزائه.

فأما متی کان الشریان متمدد تمدداً غیر مساو جمیع أجزائه حتی یکون بعض أجزائه شدید التمدد و بعضها ضعیف[663] التمدد [کان النبض منبترا منقطعا

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 187

حتی انه یکون شبیها[664]] بالنبض[665] المنشاری و یکون متوسطاً فی السرعه و الابطاء لقله الحاجه، فهذه صفه نبض أصحاب التشنج.

[فی نبض أصحاب الاسترخاء و الفالج]

و أما نبض أصحاب الاسترخاء و الفالج: فلأن هذه العله إنما یکون حدوثها عن سده تحدث فی ابتداء النخاع، و فی ابتداء العصب الذی یأتی العضو المسترخی فلا یمکن لذلک القوّه أن تنفذ جیداً حتی تصل إلی الأعضاء فیصیر لذلک النبض هولاء صغیراً ضعیفاً صلباً، و إذا قویت العله صار بطیئاً متفاوتاً و بالآخره عند قوه هذه العله یصیر متواتراً، و لیس یکون تواتره مستویاً لکنه بعد نقرات کثیره متفاوت، لذلک سمی جالینوس هذا النبض المفتر [المتواتر[666]]

فهذه صفه أصناف النبض التی یکون حدوثها عن العلل العارضه فی الدماغ و الأعصاب و قد تدخل فی أنواع علل الأعصاب القشعریره التی تکون فی ابتداء نوائب الحمیات و النبض فی هذه العله یکون باجتماع

الشرایین من جمیع جهاته إلی ناحیه المرکز حتی کأنه ینضم أو کأنه یغوص إلی العمق و ذلک لانقباض الحراره و غوصها إلی عمق البدن، و إذ قد أتینا علی ذکر النبض الدال علی علل الدماغ و سائر الأعضاء النفسانیه فنحن نذکر النبض الدال علی العلل التی تحدث فی الصدر و ما یلیه من أعضاء التنفس و هی الذبحه و انتصاب النفس و ذات الرئه و ذات الجنب و قرحه السل و نفث الدم و الذبول، [و الله أعلم[667]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 188

الباب العاشر فی النبض الدال علی العلل الحادثه فی آلات التنفس و أولًا فی الذبحه

[فی نبض الذبحه]

فأما الذبحه: فإنها ورم حار یعرض[668] فی عضل الحنجره، و لأن العضل جوهره جوهر مختلف فأعلاه لحمی و أسفله عصبی، و یری علی ما بینا من ذلک فی غیر هذا الموضع، فمتی کان هذا الورم فی الأجزاء العصبیه من العضل کان النبض متمدداً صلباً منشاریاً شبیهاً بالمنتسج صغیراً متواتراً، للاسباب التی ذکرناها آنفاً فی أورام الأعضاء العصبیه، و إن کان فی الأجزاء اللحمیه کان النبض عظیماً موجیاً، و متی کان النبض فی هذه العله أکثر لیناً و موجیاً انذر بعله ذات الرئه، و ذلک لأن الماده إذا کثرت فی هذه الأجزاء اللحمیه من العضل و لم یمکن أن تبقی فیها انتقلت إلی الرئه و احدثت ذات الرئه، و متی کان أکثر صلابه و أشد تمدداً و الاختلاف المنشاری فیه أغلب أنذر بتشنج سیحدث للعلیل، لأن الورم إذا قوی تأدی إلی الأعصاب [و إلی العضل[669]] و إلی[670] الدماغ فأحدث تشنجاً للمشارکه التی بین الجزء العصبی من العضله و بین الدماغ.

و متی قویت هذه العله حتی یختنق العلیل و یشرف منها علی الخطر صار النبض صغیراً متفاوتاً، و إن سقطت القوّه سقوطاً

تاماً صار النبض [نملیاً[671]] و هذا

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 189

یکون عند قرب الموت.

فأما انتصاب النفس فلأنه یکون مع [سده[672]] تحدث فی أقسام قصبه الرئه عن خلط غلیظ بلغمی یصیر النبض له مختلفاً غیر منتظم و ذلک لأن الخلط إذا أثقل القوّه و أضغطها صار النبض صغیراً ضعیفاً، و إذا قهرت القوّه الخلط صار النبض إلی العظم و القوّه.

و أما التواتر و التفاوت فإنه متی کان المرض متوسطاً فی القوّه کان النبض متواتراً فإذا قوی المرض و عرض لصاحبه اختناق انتقل إلی التفاوت لخمود الحراره الغریزیه، فأما عند سقوط القوّه فإن النبض یصیر نملیاً، و أما ذات الرئه فإن النبض فیها یکون شبیهاً بنبض أصحاب السبات[673] فی العظم و اللین و الموجیه و ذلک أن اللین و الموجیه یحدثان بسبب لین جوهر العضو إلا أن الم[674] وجیه فی النسیان تحدث بسبب رطوبه الخلط المحدث لها و هو البلغم و الاختلاف و التقطیع فی أصحاب ذات الرئه یکون أکثر و ذلک بسبب ما یحدثه الورم الحار و الحمی التابعه له من الأضطراب، و ربما حدث أیضاً فی هذا النبض الاختلاف المسمی ذا القرعتین عند عظم الورم و شده تمدد جرم الرئه حتی یتمدد معها الغشاء المغشی علیها[675] فتحدث فی الشریان بذلک السبب صلابه کثیره یصیر له بسببها الحرکه المسماه ذات القرعتین.

و أما حاله فی القوّه و الضعف و السرعه و التواتر فإن النبض فی أصحاب هذه العله یکون ضعیفاً لصعوبه المرض و جهاد الطبیعه له و بهذا السبب ربما وقع النبض نبضه زائده و نبضه ناقصه و ذلک أنه متی قهرت القوّه المرض أحدثت نبضه زائده فیما بین نبضتین أو ثلاث أو أکثر، و إن قهر

المرض القوّه عجزت الطبیعه وکلت عن الحرکه فنقصت نبضه فیما بین نبضتین أو ثلاث أو أکثر.

و أما السرعه و التواتر فلأن هذه العله قد تتبعها أعراض أُخر و هی حمی حاده بسبب عفن الخلط المحدث للورم و قرب الورم من موضع القلب و سباته و بسبب

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 190

مشارکه الدماغ الرئه فی العله فإن کانت الحمی أغلب کان النبض سریعاً متواتراً و إن کان السبات أغلب کان النبض متفاوتاً فهذه صفه النبض الدال علی ذات الرئه.

[فی نبض ذات الجنب]

و أما ذات الجنب: فهی ورم حار یعرض للغشاء المستبطن للاضلاع و لأن جوهر هذا الغشاء عصبی صلب و تشتد صلابته بسبب تمدد الورم له فیصیر لذلک النبض صلباً مختلفاً اختلافاً منشاریاً للسبب الذی ذکرناه آنفاً فی أورام العصب، و لأن هذه العله تتبعها حمی قویه وجب أن یکون النبض عظیماً و لموضع الصلابه لا ینبسط الشریان جیداً صار سریعاً متواتراً لیقوم فی اجتذاب الهواء مقام العظم و لأن ذات الجنب تحدث إما عن الصفراء و إما عن الدم و ربما حدثت عن البلغم، و لا یکاد یکون ذلک إلا فی الندره لأن الغشاء الرقیق لرقته لا یکاد یقبل إلا ماده لطیفه، و البلغم غلیظ فمتی کان حدوثها [عن المره الصفراء کان النبض شدید التواتر و متی کان حدوثها[676]] عن الدم کان متوسطاً فی التواتر، و متی کان حدوثها عن البلغم کان التواتر فیه قلیلًا و إنما یحدث التواتر فی هذا الحال بسبب صغر العضو و بسبب طبیعه البلغم.

و قد ینبغی أن یستدل بزیاده التواتر و نقصانه علی الماده المحدثه لهذه العله و علی ما تنذر به هذه العله من العلل و ذلک أنه متی

کان أشد تواتراً أنذر إما بذات الرئه و إما بغشی یحدث للمریض و إما بذبول، و ذلک لأن شده التواتر تدل علی أن الماده صفراویه و المره الصفراء للطافتها تنتقل إما إلی الرئه فتحدث ذات الرئه و إما إلی القلب فتحدث إما الغشی أو خفقان یؤول بصاحبه إلی الذبول، و ذلک لقرب هذین العضوین من موضع العله.

و متی کان النبض قلیل التواتر، أنذر إما بسبات أو بسکته أو سرسام بارد، و ذلک أن قله التواتر تدل علی أن الماده بلغمیه، فإذا تصاعد البخار البارد الرطب المنحل من البلغم إلی الدماغ أحدث فیه هذه العلل.

فعلی هذه الصفه یستدل بکثره التواتر و قلته علی ماده هذه العله و ما تحدثه

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 191

من العلل، و قد یستدل أیضاً بالاختلاف المنشاری علی ما تؤول إلیه هذه العله من السلامه و العطب، و ذلک أنه متی کان الاختلاف المنشاری ضعیفاً یسیراً أنذر ذلک بسرعه انقضاء المرض و ذلک لأنه یدل علی ضعف الورم و نقصانه.

و متی کان الاختلاف المنشاری کثیراً شدیداً أنذر بطول المرض، فإن کانت القوّه مع ذلک ضعیفه انذر بموت سریع، و إن کانت القوّه قویه أنذر بانقضاء المرض فی مده طویله.

و یکون انقضاؤه: إما بتحلیل الماده و بفشها، و إما باستفراغ [الماده[677]] و انتقالها إلی عضو آخر بمنزله ما ینتقل إلی فضاء الصدر، و یقال له التقیح بقول مطلق، و بمنزله[678] ما یصیر إلی الرئه فیحدث فیها قرحه، و یقال لذلک السل، فهذه صفه النبض الذی یستدل به علی ذات الجنب و اختلاف أحوالها و الأعراض التابعه لها.

[فی نبض السل]

و أما نفث [الدم[679]] من الصدر و الرئه و هو السل: فإنه لما کانت المده

إنما تحدث فی منتهی الأورام الحاره الحادثه فی أعضاء الصدر صار النبض فی هذا الوقت ر فی غایه الصلابه و المنشاریه سریعاً متواتراً.

و إذا تغیرت الماده إلی القیح فإن الطبیعه مره تقهر القیح بإنضاجها إیاه، و مره تتأذی به فیصیر النبض لذلک مختلفاً غیر منتظم، فإذا صار الخلط قیحاً[680] [محضاً[681]] سکن الاختلاف و صار النبض لذلک عریضاً لیناً ضعیفاً متفاوتاً.

فأما عرضه فبسبب ترطیب الماده للأعضاء و تغریقها[682] إیاها، و أما ضعفه فبسبب الاستفراغ الذی بحدث دفعه، و أما تفاوته فلقله إرهاق الحاجه. فهذه صفه النبض الدال علی نفث[683] الدم و قرحه السل.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 192

[فی الذبول]

و أما الذبول: فهو جفاف الأعضاء و یبسها و أصناف الذبول ثلاثه:

أحدها: الصنف الذی یکون حدوثه بسبب ورم حار یحدث فی الصدر فتتأدی تلک الحراره إلی القلب بالمجاوره فتنشف رطوبته و رطوبه الشرایین حتی تجففها و تجفف معها الأعضاء الأصلیه.

و الصنف الثانی: هو الذی یکون حدوثه بسبب غشی یتبع حمی حاده فیضطر الطبیب إلی أن یدفع إلی العلیل شراباً [بسبب الغشی[684]] فیزول الغشی و یکتسب القلب یبساً و یسری الیبس إلی سائر الاعضاء الاصلیه.

و الصنف الثالث: یکون حدوثه عن سوء مزاج حار یابس یغلب علی البدن فیدفع الطبیب إلی المریض لذلک السبب ماء بارداً مفرط البرد و بعض[685] الفاکهه البارده فیبقی الیبس علی حاله و تنتقل الحراره إلی البروده التی هی ضدها فتجف لذلک الرطوبه من البدن و یصیر البدن بمنزله أبدان المشایخ و لذلک یسمی هذا الصنف من الذبول الشیخوخی، و لکل واحد من هذه الثلاثه نبض یخصه دون الآخر و لها نبض یعمها.

أما الصنف الأول: فالنبض یکون فیه ضعیفاً صغیراً صلباً سریعاً متواتراً، فأما ضعفه فلأن

القوّه فی هذا الصنف قد ضعفت فی طول الزمان الذی بین ابتداء الورم و بین وصول الحراره إلی القلب، و أما صغره فلضعف القوّه عن جوده بسط الشریان، و أما الصلابه فلموضع الیبس الذی قد عم جمیع البدن، و أما السرعه و التواتر فلموضع الحراره.

و أما الصنف الثانی: فإن النبض یکون فیه مساویاً لنبض أصناف الصنف الأول إلا أنه أقل سرعه و تواتراً منه لأن الیبس فی هذا الصنف أغلب من الحراره إذا[686] کان ربما زالت الحراره فی هذا الصنف و بقی الیبس.

و أما الصنف الثالث: فإن النبض یکون فیه علی مثل ما علیه الصنف الأول من

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 193

الصغر و الضعف و الصلابه، و أما فی السرعه [و التواتر][687] [فان النبض فی هذا الضنف یکون بطیئا متواترا لانه لیس[688]] فی هذا الصنف حراره بل بروده و یبس، فهذه هی أصناف النبض الذی یخص کل واحد من أصناف الذبول.

[فی العام لها]

[النبض العام]

و أما النبض العام لها: و هو النبض الذی یقال: له الثابت و هو النبض السلی، و هو النبض الصغیر الضعیف الصلب المتواتر إلا أن التواتر لا یکون إلا فی الصنف الثالث لغلبه البرد فی هذا الصنف و فی هذه العله نقصان القوّه أغلب فیصیر النبض شبیهاً بذنب الفأره الذی یکون من الاختلاف فی نبضه واحده.

و الذی یکون من الاختلاف فی نبضات کثیره و ذلک عند ضعف القوّه عن البلوغ إلی طرف الشریان، و قد یعرض أیضاً فی هذا المرض النبض المسمی المنحنی الذی یکون طرفاه دقیقین و وسطه غلیضاً علی ما بینا فی صفه أجناس النبض و أنواعه و ذلک أن هذا النوع یکون حدوثه عن ضعف القوّه التی لا یمکنها

أن تشیل طرف الشریان الذی یلی المرفق لما علیه من اللحم و لا یبلغ جیداً إلی الطرف الذی یلی الکف لضعفها فهذه صفه النبض الذی یستدل به علی حدوث ما یحدث من الأمراض فی أعضاء الصدر، فأعلم ذلک.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 194

الباب الحادی عشر فی النبض الدال علی العلل الحادثه فی [آلات[689]] الغذاء

فأما العلل الحادثه فی [آلات[690]] الغذاء فمنها [العلل العارضه فی الهضم الأول و هو[691]] ما یعرض فی المعده و الأمعاء، و منها العلل العارضه فی الهضم الثانی و هو ما یعرض فی الکبد، و منها ما یعرض للهضم الثالث و هو ما یعرض لسائر الأعضاء من العلل.

فأما العلل العارضه فی المعده: فکثیره و ذلک أنه کثیراً ما تعرض فیها الأورام الحاره و الأورام البارده إذا انصبت إلیها ماده مراریه أو دمویه أو بلغمیه أو سوداویه و ربما لم تحدث هذه المواد أوراماً بل تحدث أعلالًا أخر بمنزله اللذع و الفواق و الکرب و الغشی و القی ء و الزیاده فی شهوه الطعام و الشراب و نقصان الشهوه لهما و کثره تناولهما، و التخم العارضه عن ذلک و تناول أغذیه ردیئه الکیفیه تحدث لذعاً او غثیاناً[692] و غیر ذلک من الأعراض مما نحن مبینوه عند ذکرنا علل الأعضاء الباطنه.

[فی النبض العام للعل العارضه فی المعده]

و النبض العام لهذه الأعراض کلها: النبض الصغیر و الضعیف، و ذلک بسبب ما یعرض للقوه من الثقل مره و من الإنحلال أخری.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 195

و أما النبض الذی یخص کل[693] واحد من هذه الأعراض.

فإن الورم الحار إذا عرض لفم المعده صیر النبض متواتراً صلباً متمدد منشاریاً[694]، و التمدد یعرض فی هذه الحال لأن فم المعده عصبی و لما یعرض فی هذه الحال من عدم الغذاء بسبب ضعف

المعده عن الهضم یکون النبض ضعیفاً و بالآخره إذا طال عدم الغذاء صار النبض بطیئاً [متفاوتاً[695]].

و إن عرض لفم المعده ورم بارد کان صلباً ضعیفاً بطیئاً متفاوتاً، و إن عرض لفم المعده لذع أو کرب أو غثیان أو غیر ذلک مما یحدث عن خلط لذاع فإن النبض یکون صغیراً ضعیفاً متواتراً جداً بسبب الحراره الحادثه، و فی بعضها یکون النبض بطیئاً إذا کان ما یحدث من ذلک عن خلط بارد.

[فی کثره الغذاء]

و إن کان ما یعرض من ذلک عن کثره غذاء أثقل القوّه أو کیموس کثیر غلیظ و لم تکن هناک حراره کان النبض مع ذلک متفاوتاً، هذا إذا کانت العله فی أوائلها.

و أما إذا تزایدت هذه الأعراض و قویت فإن ما کان منها من کیفیه مریه لذاعه مثل الکرب و الفواق و التثاؤب جعل النبض دودیاً بسبب تزید التواتر و الاختلاف مع ضعف القوّه.

و ما کان منها من الامتلاء حتی تثقل القوّه بمنزله التخمه فإنها تجعل النبض صغیراً ضعیفاً بطیئاً متفاوتاً کثیر الاختلاف.

و إن کان الامتلاء من خلط بارد بمنزله العله المسماه [بولیموس[696]] کان النبض فیها أشد تفاوتاً و أصغر و أضعف، و اختلافه یکون فی نبضه واحده، یعنی أنه یکون منقطعاً، و تقطعه یکون فی أجزاء منه قریبه بعضها من بعض غایه القرب حتی یظن الجاس للعرق أن تحت إصبعه رملًا منشوراً علی جرم العرق.

فعلی هذه الصفه یکون نبض أصحاب علل فم المعده.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 196

[فی شرب الادویه المسهله]

و قد یدخل فی التغییر العارض للنبض بسبب علل المعده و الأمعاء التغییر الحادث عن شرب الأدویه المسهله، و ذلک أن الدواء المسهل إذا استقر فی المعده جذب الاخلاط المشاکله له إلی المعده

بما فیه من القوّه الجاذبه ثم تدفعها القوّه الدافعه إلی الأمعاء و إلی خارج، فالنبض فی أول مصیر الاخلاط إلی المعده و قبل أن یندفع الخلط یصیر عریضاً ضعیفاً.

أما عرضه فلا ینال الشریان بالاخلاط المجتمعه فی المعده، و أما ضعفه فبسبب أثقال الخلط للقوه.

فإذ ابتدأ الدواء یأخذ فی الاسهال و حدوث الکرب و اضطربت القوّه صار النبض مع ذلک مختلفاً غیر منتظم، فإذا تزاید الاستفراغ و خف الثقل و الکرب صار النبض مع اختلافه منتظماً، فإذا تم الاستفراغ و خرجت الفضول الردیئه کلها [و تراجعت[697]] القوّه صار النبض لذلک متواتراً [مستویاً، فاذا اسرف الاستفراغ و حتّد المزاج صار النبض لذلک متواتراً[698]] مختلفاً، فإن عرض للمعده لذع صار النبض أشد تواتراً و أضعف قوه الاستعمال[699] الطبیعه التواتر بسبب الضعف، فإن عرض مع ذلک الغشی آل الأمر إلی النبض الدودی کالذی ذکرنا أنه یعرض فی الغشی الحادث عن الاستفراغ لکثره ما یتحلل من الروح الحیوانی کان الاستفراغ إذا أفرط خرج مع الشی ء الردی ء الشی ء الجید الذی تحتاج إلیه الطبیعه، فإن عرض من کثره الاستفراغ الفواق و التشنج صار النبض مع ما ذکرنا صلباً مرتعداً، فإن قصر الدواء عما یحتاج إلیه من الاستفراغ صار النبض ضعیفاً صغیراً لإثقاله القوّه، فإن جذب الدواء الرطوبات و الاخلاط من أقاصی البدن إلی نواحی المعده و الامعاء و لم یخرج أثقل القوّه و صیر النبض مختلفاً غیر منتظم عریضاً موجیاً لبتلال الشریان بالرطوبات المجتمعه هذه المواضع[700]، فهذه صفه نبض من تناول دواء مسهلًا.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 197

[فی تناول ادویه القی ء]

و کذلک یجری الأمر [فی نبض[701]] من تناول أدویه القی ء بمنزله الخربق [الابیض[702]] فإنه فی أول الأمر یجعل النبض عریضاً ضعیفاً فإذا

استفرغ الانسان بالقی ء مقدار الحاجه جعل النبض أعظم مما کان قبل تناول الخربق، فأما متی عرض من شرب الخربق [الابیض[703]] الاختناق صار النبض معه صغیراً ضعیفاً متفاوتاً، [فأعلم ذلک[704]]

[فی نبض العلل التی تعرض للکبد]

و أما العلل التی تعرض للکبد: و هی آله الهضم الثانی فهی: لضعفها[705] الحادث عن سوء مزاج، و ما یتبع ذلک من علل الاستسقاء، و الیرقان و غیرهما.

[فی الاستسقاء]

فأما الاستسقاء فأصنافه ثلاثه: و هی: الزقی و الطبلی و اللحمی.

[فی الزقی]

فأما الزقی: فإنه یجعل النبض صغیراً متواتراً إلی الصلابه ما هو مع شی ء من تمدد أما صغره فلإثقاله القوّه و منعها من بسط الشریان، و أما التواتر فللضعف، و أما الصلابه فتابعه لتمدد الصفاق.

[فی الطبلی]

و أما الطبلی: فالنبض الحادث عنه یکون سریعاً متواتراً مائلًا إلی الصلابه و إلی التمدد قلیلًا، أما التواتر فللضعف، و أما الصلابه فلأن هذا الصنف من الاستسقاء حادث عن الیبس، و أما التمدد فلتمدید الریح صفاق البطن.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 198

[فی اللحمی]

و أما الاستسقاء اللحمی: فإن النبض الحادث عنه یکون عریضاً لیناً موجیاً و ذلک لأن هذا الصنف یحدث عن کثره الرطوبه

[فی الیرقان]

فأما الیرقان: فإنه إذا کان من غیر حمی فإنه یجعل النبض صغیراً متواتراً صلباً لیس بالضعیف و تواتره یکون بسبب حراره المره الصفراء و یبسها و کذلک صلابته بسبب الیبس.

[فی الجذام]

و أما الأعراض التی تحدث فی الأعضاء عن رداءه الهضم الثالث بمنزله الجذام فإنه یجعل البنض صغیراً ضعیفاً متواتراً، أما صغره و ضعفه فلأن هذا الخلط المحدث لهذه العله غلیظ ثقیل یضغط القوّه و یصلب جرم العرق فلا[706] یمکن فیه الانبساط، و التواتر تابع للضعف.

[فی البرص]

و أما البرص: فإنه یجعل النبض عریضاً، لیناً بطیئاً بسبب البلغم

و بروده المزاج، و فیما ذکرناه من الاستدلال بالنبض علی جمیع الأحوال البدن[707] کفایه.

و قد ینبغی أن تقیس نبض کل واحد من هذه العلل و الأعراض التی ذکرناها بما یشاکله من الأعراض و العلل التی لم نذکرها لتعلم بذلک ما یحدثه کل واحد من الأعراض و العلل من النبض، [فأعلم ذلک[708]]

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 199

الباب الثانی عشر فی جمله الکلام عن الاستدلال بالبول علی ما حدث فی البدن من [و العلل[709]] الأمراض

قد بینا فی غیر هذا الموضع من کتابنا هذا أن البول [انما هو[710]] مائیه الدم [و مصاله الأخلاط[711]] تمیزها الکلیتان و تنقیها منه من بعد الهضم و عند خروجه إلی العرق المعروف بالأجوف تجتذ بانه إلیهما و یمکث فیهما مده ما حتی یأخذان ما فیه مما یخالطه من الدم الیسیر فیغتذیان به ثم یدفعانه إلی المثانه فی المجریین المعروفین ببربخی البول، و إذا کان الأمر کذلک.

فإن البول إنما یستدل به علی أحد سببین:

إما علی حال الکبد و العروق و حال البدن بمشارکته لهما.

و إما علی العلل التی تکون فی آلات البول التی هی الکلیتان و بربخا البول و المثانه.

[فی السبب الاول [حال الکبد و العروق]]

أما دلالته علی حال الکبد و العروق: فبمنزله دلاله البول الأبیض الرقیق فی التخمه علی ضعف الکبد و علی هضم الکیلوس، و کدلاله هذا البول أیضاً علی سدد فی العروق.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 200

و أما دلالته علی البدن بمشارکته للکبد فی العروق[712]: فبمنزله دلالته فی الحمی، أما فی حمی العفن فعلی رداءه الاخلاط و فجاجتها.

و أما فی حمی یوم فعلی جوده الأخلاط و نضجها علی ما سنبین[713] هذا فیما یستقبل.

[فی السبب الثانی [العلل التی تکون فی آلات البول]]

و أما دلالته علی العلل التی تکون فی آلات البول: فکالذی یستدل البول الذی فیه القیح أو

قشره علی قرحه فی الکلی أو المثانه أو بربخی البول أو القضیب أو الفرج من النساء، أو یکون فیه رمل أو حصاه فیدل علی حجاره فی الکلی أو حصاه فی المثانه، فعلی ما یعرض فی هذه الأعضاء من العلل یستدل بالبول.

و أما الأعضاء الاخر بمنزله الصدر و الرئه و الدماغ و أوجاع المفاصل فإن الاستدلال بالبول علی ما فیها من العلل غیر موثوق به، [فأعلم ذلک ان شاء الله[714]]

[فی کیفیه اخذ القاروره]

فإذا أردت أن تصح لک الدلاله بالبول فینبغی أن تأمر العلیل أن یأخذ البول فی قاروره بیضاء کبیره نقیه صافیه، و أن یأخذ البوله کلها بعد انتباهه من نومه الأطول و قبل أن یشرب الماء، و بعد أن ینهضم غذاؤه و ینحدر عن المعده و الأمعاء الدقاق، و لا یأخذه عند الجوع و العطش.

و أن یترک القاروره ساعه جیده حتی یستغرق فیها الرسوب إن کان البول من شأنه أن یرسب فیه ثفل، و إنما تفعل هذه الأشیاء لئلا تشکل الدلاله و تفسد، و ذلک أن القاروره إذا کانت بیضاء نقیه یتبین[715] فیها البول علی حقیقته و جمیع أجزائه، و إذا کانت کبیره وسعت البوله کلها فیتبین منها جمیع ما فیها [لا سیما[716]] مما یحتاج أن یستدل به فإنه ربما خرج فی أجزاء البوله أشیاء من الثفل مما لم یخرج

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 201

فی أولها.

و أما أخذه عند انتباهه من النوم الأطول فلکی ینهضم الغذاء جیداً و یستحیل إلی الدم استحاله جیده.

و أما أخذه قبل الطعام و الشراب فکی لا یغیر [الماء[717]] البول و لا ینعطف[718] المرار إلی هضم الغذاء و لا یصبغ البول علی حسب ما یجب و ربما جعلت البول أبیض فیغلط

لذلک الطبیب.

و أما أخذه البول من غیر أن یکون جائعاً أو عطشاناً فإن الجوع و العطش یصبغان البول [لحدّه[719]] المرار و زیادته فی البدن عند هذه الحال.

فلهذه الأسباب ما ینبغی أن یأخذ البول علی الدستور الذی ذکرناه لئلا یقع فی الاستدلال علی العلل خطأ من الطبیب فیجنی علی العلیل جنایه فیصفه[720] له عند ما یحتاج إلیه.

فلهذا ینبغی أن یتقدم فیعرفه من أراد أن یستدل بالبول علی أحوال البدن و نحن نأخذ الآن فی وصف کیفیه الاستدلال بالبول علی ما یحتاج إلیه، [ان شاء الله[721]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 202

الباب الثالث عشر فی کیفیه الاستدلال بالبول[722] و تقسیمه فی صفه ألوانه و ما تدل علیه

إن الاستدلال المأخوذ من البول یکون من المائیه المسکوبه فی القاروره، و من الشی ء الذی یتمیز و یرسب فیها.

[فی الاستدلال من مائیه البول]

أما المائیه فتنقسم إلی قسمین:

أحدها: اللون، و الثانی: القوام.

[فی لون البول]

أما اللون: فیستدل منه علی حال الأخلاط و نضجها و عدمها للنضج، و اللون ینقسم إلی سته أقسام:

و هی الأبیض، و الأصفر، و الاترجی، و الناری و هو لون النار، و الأحمر الناصع و هو یشبه لون [شعر[723]] الزعفران، و الأحمر القانی و هو لون الدم، و الاسود.

[فی اللون الابیض]

فأما اللون الابیض فیکون: إما لأنه لم یخالط البول شی ء من المرار، و إما بسبب بلغم کثیر یخالط البول.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 203

[فی اللون الاصفر]

و أما اللون الأصفر: فیکون لأن المرار الذی یخالطه البول یسیر یصبغه صبغاً یسیرا.

[فی اللون الناری]

و أما الناری: فیکون المرار کثیراً یخالطه أکثر من الذی صبغ الأصفر.

[فی اللون الأحمر الناصع]

و أما اللون الأحمر الناصع: فیکون لمخالطه مرار کثیر أکثر من الذی صبغ الناری.

[فی اللون الأحمر القانی]

و أما الأحمر القانی: فیکون من مخالطه الدم للبول، و قد یعرض للبول أن یصیر

بهذا اللون أعنی الأحمر القانی فی الأوجاع الشدیه بمنزله وجع القولنج و النقرس و وجع الأذن و غیر ذلک من الأوجاع الشدیده المبرحه، و کذلک یعرض لمن یختضب بالحناء و ذلک لأن فی الحناء قوه لطیفه تنفذ فی مسام البدن حتی تصل إلی آلات البول فیصبغ البول.

و کذلک قد یعرض عند تناول شی ء من الزعفران او الخیارشنبر[724] إلا أن الخیارشنبر یجعل البول أحمر إلی الکموده ما هو، و الزعفران یجعله مائلًا إلی النصاعه و الصفره، فینبغی لهذه الأسباب أن لا تحکم علی البول الأحمر بشی ء دون أن تعرف رائحه البول.

فإن کانت منتنه دل ذلک علی العفونه و علی حمی، و إن لم تکن منتنه فینبغی أن تستعمل المساءله عن الأسباب التی ذکرناها لئلا یقع بک الغلط فإن وقع الغلط [فی] مثل هذا عظم الضرر.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 204

[فی اللون الاسود]

و أما البول الأسود: فیدل إما علی بروده مفرطه [تجمد[725]] البول و تسوده، و إما علی شده الحراره و الاحتراق.

و الفرق بین اللون الأسود الذی یکون من شده [البرد و بین الذی یکون من شده[726]] الاحتراق هو أن البول الأسود الذی یکون من شده البرد یکون أولًا أبیض ثم یصیر کمداً ثم ینتقل إلی السواد، و أما الذی یکون عن شده [الاحراق[727]] الحراره فیکون أولًا أحمر ثم ینتقل إلی القانی[728] ثم ینتقل إلی السواد کالذی یعرض فی الیرقان.

و قد یکون لون البول أسود لمخالطه المرار الأسود للبول.

و أحمد هذه الألوان کلها لون البول الأصفر الذی لیس بمشبع الصفره و هو الأترجی، و أردؤها البول الأسود الرقیق، [فأعلم ذلک[729]]

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 205

الباب الرابع عشر فی صفه قوام البول و ما یدل علیه

فأما القوام فإنه ینقسم إلی ثلاثه أصناف:

و هی: الرقیق، و الثخین، و

المعتدل.

[فی البول الرقیق]

فأما البول الرقیق: فیکون إما بسبب تخمه، و ذلک لأن التخمه تکون من عدم الهضم لأن الهضم یثخن البول و سائر المواد، و إما من قبل سدد و ذلک لأن المجاری الضیقه لا یمکن أن تجری فیها المواد الثخینه بل یتصف و منها الرقیق و یخرج عنها و یبقی فیها الخاثر.

[فی البول الثخین]

و أما ثخن البول: فیکون إما من نضج الاخلاط و انهضامها، و إما من خلط غلیظ یخالط البول، و لهذا السبب [ما[730]] صار البول الرقیق فی الصبیان أردأ منه فی الشبان و ذلک لأن البول الطبیعی للصبیان أن یکون ثخیناً لرطوبه مزاجهم و قوه حرارتهم الغریزیه المنضجه للمواد، و إذا رق فقد خرج عن الحال الطبیعی، و أما الشباب فالبول الرقیق فیهم لیس بردی ء لأن أبوالهم بالطبع رقیقه لقوه المرار[731] فیهم.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 206

[فی البول المعتدل]

و أما اعتدال قوام البول: فیکون من اعتدال الاخلاط فی الکمیه و الکیفیه و نضجها.

و کل واحد من البول الرقیق و الثخین ینقسم إلی قسمین:

و ذلک لأن البول الرقیق: إما أن یبال رقیقاً و یبقی علی رقته فهذا یدل علی أن الطبیعه لم تبتدأ بعد إنضاج الماده المحدثه للمرض، و إما أن یبال رقیقاً ثم یثخن بعد ذلک، و هذا یدل علی أن الطبیعه قد أخذت فی الانضاج للماده.

و أما البول الثخین: فأما أن یبال ثخیناً أو یبقی علی ثخنه، و إما أن یبال ثخیناً ثم[732] یصف [و یرق[733]]

فأما البول الذی یبال ثخیناً و یبقی علی ثخنه: فإنه یدل علی أن الماده قد [انتهی غلیانها[734]] و هذا یکون إذا ثخن البول بعد أن کان فی أول المرض رقیقاً، و إذا کان بعد قلیل رسب

فیه رسوب.

و أما متی کان هذا البول متداول المرض لا یصفو فهذا یدل علی هلاک المریض، لأن ثخنه [إنما أتی[735]] من قبل غلیان غلبه الأخلاط بالحراره الناریه و هو یدل علی ضعف من الطبیعه عن انضاج الاخلاط و تمیزها.

و متی کان البول مع ثخنه شبیهاً ببول الدواب دل علی صداع إما سالف و إما حاضر أو کائن.

و ذلک لأن الحراره الخارجه عن الطبع إذا عملت فی ماده غلیظه تولدت منها ریاح غلیظه فإذا اجتمعت الحراره مع الریاح الغلیظه أسرع صعودهما إلی الدماغ.

و أما البول الذی یبال ثخیناً ثم یرق و یصفو: فإنه یدل [إما[736]] علی أن الطبیعه قد أخذت فی [انحطاط[737]] المرض و أن غلیانها قد سکن [و أخذ فی التمییز[738]] و هذا یکون إذا رسب فی البول بعد قلیل رسوب.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 207

و أما أن یدل علی ضعف الطبیعه عن نضج المرض بعد أن کانت قد أخذت فی عمل النضج، فإذا صار البول رقیقاً بعد أن کان ثخیناً کدراً متداول المرض دل علی طول المرض، و لذلک قال ابقراط: فی کتاب ابذیمیا «إذا رق البول بعد ثخنه فی التاسع و العشرین فإنه یدل علی أن البحران لا یتم إلا فی الأربعین».

[علامات اللون مع القوام]

و کل واحد من الألوان إذا کان مع صنف من أصناف القوام دل علی حال من أحوال البدن.

[البول الابیض الرقیق]

أما البول الأبیض إذا کان رقیقاً: فإنه فی حال الصحه یدل علی ضعف من الطبیعه بسبب بروده المزاج بمنزله ما یکون فی المشایخ و فی غیرهم ممن هذه حاله، و قد یدل أیضاً علی التخمه.

فأما فی حال المرض فإنه یدل علی أحوال ردیئه مختلفه فی الرداءه و ذلک أنه فی

الأمراض المزمنه یدل علی أن الماده المحدثه للمرض لم تنضج بمنزله ما یکون ذلک فی حمی الربع و فی الفالج و فی اللقوه و ما یجری هذا المجری.

و أما فی الأمراض الحاده بمنزله الحمی المحرقه فإنه متی لم یکن حدث بالمرض اختلاط [الذهن[739]] فإنه یدل علی سرسام سیحدث، و ذلک أنه ینذر بصعود المرار إلی الدماغ.

و متی کان قد حدث للمریض اختلاط ذهن فإنه یدل علی الهلاک لأنه یدل علی أن المرار قد صعد إلی الدماغ و أحرقه، و إذا کان هذا البول مع علامات ردیئه فإنه یدل علی الهلاک لا محاله، و متی ظهر هذا البول مع أعراض ردیئه فی الیوم الرابع فإن المریض یموت قبل السابع لا سیما إذا کانت القوّه ضعیفه، و إن کانت الأعراض لیست فی غایه الرداءه فإن المریض یموت فی الیوم التاسع و قد یسلم من یبول من المرضی هذا البول فی الندره إذا کانت القوّه قویه مع بعض العلامات

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 208

الجیده بعد طول المرض إما بخراج و إما باستفراغ قوی.

و من یسلم من هولاء بغیر هذین النوعین من البحران فیدل علی عوده من المرض بشر[740] مما کان.

و متی ظهر هذا البول فی مرض من الأمراض الحاده بعد البحران فإنه یدل علی عوده من المرض، و قد یدل هذا البول علی حراره قویه فی الکلی، و هو[741] المرض المعروف بدیابیطس فإن هذا المرض یکون بول صاحبه شبیهاً بالماء فی لونه و قوامه لأن صاحبه حین یشرب الماء یبوله و[742] لا یلبث فی الکبد حتی ینضج و یُصبغ بالمرار، و قد یکون هذا البول فی أصحاب الحصی و تقطیر البول، و قد یدل أیضاً هذا البول علی

السدد کما ذکرنا آنفاً.

و قد یکون البول الأبیض بسبب شرب الماء الکثیر و یکون إذا بال الإنسان بولًا کثیراً فینبغی أن یسأل عن هذه الأشیاء لئلا یغلط فی الاستدلال علیها بهذا.

[فی البول الأبیض الثخین]

و أما البول الأبیض الثخین: فإنه یدل علی خلط بلغمی غلیظ قد اجتمع فی العروق، و أن الطبیعه قد استفرغت ذلک الخلط و أخرجته بالبول.

و أما فی الامراض الحاده: فإنه متی ما ظهر فی مرض[743] یتوقع لصاحبه خروج الخراج فإن المریض یسلم من خروج الخراج بذلک البول و لا سیما إن ظهر ذلک البدل فی یوم من أیام البحران فإذا کان البول شبیهاً بالمنی قوامه فإنه ربما کان به بحران مرض من الأمراض الحادثه فی المعده و الأمعاء التی لیس معها حراره قویه.

[فی البول الأصفر الرقیق]

و أما البول الأصفر الرقیق: فإنه یدل علی أن الطبیعه لا یمکنها انضاج الماده

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 209

جیداً لضعفها و أنها قد أخذت فی انضاجها و ابتدأت باللون فغیرته إلی الصفره و ذلک لأن الطبیعه تبتدی ء أولًا بإنضاج اللون لأنه أسهل علیها ثم تأخذ بعد ذلک [فی] إنضاج القوام.

و إذا کان لون البول أصفر خفیف الصفره کلون الاترج مع قوام رقیق فإنه یدل علی السلامه من المرض إلا أنه یدل علی طول قلیل.

و إن کان مع قوام معتدل دل ذلک علی سرعه انقضاء المرض.

و قد [یستدل[744]] بهذا النوع من البول- أعنی: البول الأصفر- علی النوع الذی یسمی الزیتی و هو الشبیه بالزیت فی لونه و قوامه و هو أن تکون صفرته یسیره و قوامه شبیه بقوام زیت العَسِل[745]، و إذا کان البول کذلک کان ردیئاً و دلیلًا علی الهلاک لأن ذلک یکون من ذوبان شحم الأحشاء

لا سیما إذا کان هذا البول کثیر المقدار.

و أما متی کان قلیلًا فإنه یدل علی أن المریض لیس یهلک سریعاً، و کذلک[746] یدل البول الذی یطفو فوقه الذی هو شبیه الدسم علی ذوبان شحم الکلی من سوء مزاج حار یعرض لهما.

[فی البول الناری الرقیق]

و أما الناری الرقیق: فإنه یدل علی أن الطبیعه قد عملت فی اللون عملًا جیداً و لم تعمل فی القوام شیئاً بته، و اللون الناری لا یجتمع مع قوام الغلیظ.

[فی البول الأحمر الناصع الرقیق]

و أما البول الأحمر الناصع إذا کان رقیقاً: فإنه یدل علی أن الماده لم تنضج بعد [لا سیما[747]] متی دام علی ذلک مده طویله، و إما علی قله الماده و غورها کالذی یوجد ذلک فی الشباب إذا صاموا، و إما علی حراره شدیده فی باطن البدن یتولد منها مراراً کثیراً کالذی یعرض فی حمی الغب، و إما علی أرق و سهر و غم قد

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 210

أسخن البدن إسخاناً قویاً و لیس یکون اللون الناصع مع القوام الغلیظ لأن القوام الغلیظ یکون من النضج و البول الناصع لیس یدل علی نضج.

[فی البول الأحمر القانی]

و أما البول الأحمر القانی: فلیس یمکن أن یکون رقیقاً بل ثخیناً لأن البول الأحمر القانی لا یکون إلا من الدم، و الدم لا یکون إلا من النضج التام، و النضج التام من شأنه أن یثخن البول و غیره من المواد.

و أما دلالته فإن یدل دلاله کلیه علی کثره الدم و أمراض دمویه، و أما علی التفصیل فإنه یدل فی الحمیات علی الحمی المطبقه المسماه سونوخس.

و إن کان هذا البول غلیظاً کدراً متداول المرض لا یصفو فإنه یدل علی ورم حار فی الکبد من

دم خالطه خلط نی ء فحمرته من قبل مائیه الدم، و غلظه من قبل الخلط الفج إذا حرکته الحراره الناریه التی من شأنها أن تحدث بثوراً، و هذا البول متی کان مع دلائل السلامه دل علی طول الأمراض و السلامه منها، و متی کان مع دلائل الهلاک دل علی الموت بعد طول من المرض.

و إذا بال المریض بولًا أحمر کدراً فی الیوم العشرین دل علی أن البحران یتأخر إلی الیوم الأربعین، و ربما تأخر عن الأربعین فعلی هذه الأسباب یدل الاحمر الغلیظ القوام.

[فی البول الأسود الرقیق]

و أما البول الأسود: فمتی کان رقیقاً متداول المرض فإنه یدل علی الهلاک لا محاله إذا کان سواده إنما أتی عن شده الاحتراق و عن برد شدید و انطفاء الحراره الغریزیه ورقته من قبل الفجاجه و ضعف القوه عن النضج و هذه کلها دلائل ردیئه مهلکه.

[فی البول الأسود الثخین]

و أما البول الأسود الثخین: فإنه یدل کما ذکرنا إما علی غلبه البرد بمنزله ما

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 211

یعرض ذلک لمن قد طفئت حرارته الغریزیه و خمدت، و إما علی احتراق الدم[748] بمنزله ما یعرض ذلک لمن یحترق بدنه احتراقاً شدیداً، و إما علی استفراغ المره السوداء بمنزله ما یعرض ذلک فی وقت انحطاط[749] حمی الربع [و انقضاء[750]] الوسواس السوداوی، لأن بحران هذین المرضین یکون باستفراغ الخلط بالبول و بمنزله ما یعرض للنساء اللواتی یمرضن من احتباس [دم الطمث[751]] و دم النفاس إذا هن تخلصن من ذلک المرض یبلن بولًا أسوداً ثخیناً کثیراً، و ذلک لأن الجنین یغتذی فی بطن أمه بجید الدم و صافیه و یبقی ثفله و عکره، فإن احتبس فی وقت الولاده حدث للمرأه مرض.

و بحران هذا المرض یکون

باستفرغ ذلک الخلط[752] العکر و کلما کان البول الأسود أغلظ کان أردأ، هذا إذا لم یکن غلظه بسبب استفراغ الماده السوداویه التی ذکرناها فی حمی الربع و الوسواس و غیر ذلک.

فهذا ما یجب أن تعلمه من أمر مائیه البول فی لونها و قوامها، [فهم ذلک[753]] إن شاء اللّه تعالی.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 212

الباب الخامس عشر فی صفه الثفل الراسب

[فی القاروره[754]] و ما یدل علیه

و أما الثفل الراسب فی القاروره فینقسم إلی ثلاثه أصناف:

أحدها: الغمامه و هو ما یتمیز فی أعلی القاروره.

الثانی: المتعلق و هو ما یتمیز فی وسطها.

الثالث: الرسوب[755] و هو ما یتمیز فی أسفلها.

و کل واحد من هذه الثلاثه یختلف:

إما فی لونه فیکون: إما أبیضاً [أو أصفراً[756]] أو أحمراً أو أسوداً أو کمداً.

و إما فی قوامه فیکون: إما أملساً و إما منقطعاً و إما جریشاً أو کالصفائح أو کالحشیش أو شبیهاً بالرمل، أو شبیهاً بالنخله أو بحب الکرسنه أو من جنس الدم أو من جنس القیح.

[الصنف الاول: الغمامه]

أما الغمامه: فإنها تدل علی ریح غلیظه ترفع الماده إلی فوق و علی أن الطبیعه قد ابتدأت تنضج الماده، و لذلک قال أبقراط: «إذا ظهرت فی البول فی الیوم الرابع غمامه بیضاء دل ذلک علی أن البحران یکون فی السابع».

[الصنف الثانی فی الثفل المتعلق]

و أما الثفل المتعلق: فیدل علی نضج وسط و علی أن الریح التی تدفعها[757]

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 213

یسیره قد أخذت فی الانحطاط و الانفشاش.

و أما الثفل الأبیض الراسب: فیدل علی نضج تام کامل و أن الریح قد لطفتها الحراره و حللتها، هذا إن کان أبیضاً أملساً مستویاً فی جمیع مده أیام المرض کلها و کان لون البول مع ذلک أترجیاً.

فأما متی کان الثفل الراسب بهذه[758] الصوره و

کان یری فی بعض الأیام کذلک و فی بعضها لا یری فإنه یدل علی أن القوّه ضعیفه و أنها تکل فی بعض الأوقات عن انضاج الماده المحدثه للمرض.

فإذا کان الثفل الراسب فی أسفل القاروره أبیضاً متشتتاً فإنه یدل علی أن الطبیعه قد عجزت عن أن تنضج الماده [المحدثه للمرض[759]] نضجاً تاماً، و أن ریحاً غلیظه تتولد الماده التی تروم الطبیعه إنضاجها فتقطعها و تشتتها.

و هذا الثفل المتقطع أردأ من الثفل الأملس الذی یری فی بعض الأیام و فی بعضها لا یری، و أردأ ما یکون هذا الثفل المتشتت إذا دام علی هذه الحال فی أیام المرض کلها فإنه یدل علی أن الریح التی تفعل بالثفل هذا الفعل کثیره لیس یمکن الطبیعه أن تلطفها و تحللها فلذلک هی أردأ و قد قال أبقراط: فی کتاب [المسمی[760]] أبذیمیاً: «أن رجلًا ظهر فی بوله فی الیوم [الثامن[761]] ثفل أحمر أملس راسب و تم له البحران و انحل و تخلص من مرضه، و رجل ظهر فی بوله ثفل راسب أبیض متشتت فی الیوم العشرین فمات من غد [ذلک الیوم[762]]».

و ینبغی أن تعلم أن الثفل الأبیض الأملس أحمد الأثفال کلها و أدلها علی النضج و البرء إلا أنه أحمد ما یکون هذا الثفل إذا کان راسباً مستقراً فی أسفل القاروره، فإن تلک الدلاله حسنه داله علی سلامه المریض و حسن حاله و انقضاء مرضه.

و لذلک قال ابقراط: «أن الثفل الراسب الأبیض الأملس إذا ظهر فی الیوم الرابع کان البحران فی الیوم السابع».

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 214

و قال: فی موضع آخر «إذا ظهر فی هذا البول[763] ثفل راسب أملس کثیر فیمن به حمی و اختلاط الذهن بعد تساقط شعر الرأس

فإنه یدل علی رجوع الذهن و العقل، و ذلک لأن الماده فی هذه العله تکون قد ترقت إلی الدماغ فإذا ظهر هذا البول دل علی أنها قد نزلت إلی أسفل».

و هذا دلیل علی جوده الثفل الأبیض الاملس المستقر فی أسفل القاروره [فان ذلک دلیل علی السلامه[764]] و قوه دلالته علی السلامه.

و أما متی کان الثفل وسط القاروره: فإن دلالته علی السلامه دون الراسب، و إن کان طافیاً کانت الدلاله علی الخیر أضعف من المتعلق، و أجود ما یکون الثفل الراسب الأبیض و أدله علی السلامه ما کان بعد نضج المرض و بعد أن قد کان قبل ذلک رقیقاً [ثم[765]] یمیز فیه [الثفل[766]].

[فأما متی کان فی أول المرض قبل النضج فإن ذلک غیر محمود، و قد یرسب فی البول ثقل أبیض من ماده بغلمیه غلیظه لزجه لا سیما مع البول الأبیض، و الفرق بینه و بین الثفل الأبیض الأملس الدال علی النضج أن الثفل الأبیض یکون متصل الأجزاء لیس فیه شی ء من الخلل بل شدید الملاسه[767]].

و أما الثفل البلغمی: فیکون غیر متصل الاجزاء بل تکون فیه أجزاء صغار [تتبین[768]] مثل الرمل.

و أما الثفل [الأصفر[769]] فیدل علی حراره قوته[770] و علی خبث و رداءه من المرض.

فأما الثفل الأحمر: فإنه یدل علی عدم النضج، و ذلک أنه یکون عن دم صدیدی لم یستحکم [انهضامه[771]] و نضجه فهو لذلک یدل علی طول المرض و السلامه منه لأن الطبیعه تحتاج فی کمال نضج الدم إلی مده طویله.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 215

و المرض إنما ینقضی إذا تم انهضامه و نضجه، و إن کان هذا الثفل مع علامات ردیئه فإنه یدل علی الموت بعد مده.

و أما الثفل الکمد: فإنه یدل علی

إفراط غلبه البرد و موت من القوّه لا سیما إذا کان مع ذلک مع علامات ردیئه.

و أما الثفل الأسود الراسب: فهو أردأ الأثفال کلها و أقواها دلاله علی الموت لأنه یدل کما قلنا: إما علی احتراق شدید، و إما علی برد شدید مفرط [یخمد[772]] الماده و یسودها.

و الفرق بین الثفل الأسود الحادث عن البرد و بین الحادث عن الحراره و الاحتراق أن تنظر فإن کان الثفل أولًا کمداً ثم صار بعد ذلک أسود فإن سواده إنما حدث عن قوه البرد المفرط، و إن کان أولًا أحمر ثم صار بعد ذلک أسود فإن سواده إنما حدث عن قوه الحراره الغریزیه.

و أما الثفل الشبیه بالحشیش و الجلال[773] من سویق الشعیر: فإنه ردی ء لأن حدوثه یکون عن احتراق الدم الغلیظ و من[774] ذوبان اللحم و انحلاله إلی قطع مختلفه و ذلک لأن الحراره الناریه تجفف اللحم الذائب و تصلبه و تصیره بمنزله الشی ء الذی یقلی فی المقلی.

و أما الثفل الشبیه بالصفائح[775]: فإنه أردأ من الشبیه بالحشیش[776] من قبل أنه إنما یکون إذا انحلت الأعضاء الاصلیه انحلالًا مختلفاً و تقطعت طبقاتها.

و أما الثفل الشبیه بالنخاله: فهو أیضاً أردأ من الصفائح من قبل أنه یدل علی انجراد العروق أو علی جرب[777] المثانه.

[ [الصنف الثالث] فی الرمل الراسب فی البول]

فأما الرمل الراسب فی البول: فإنه یدل علی حجاره تتولد: إما فی الکلی، و إما فی المثانه.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 216

و هذا الرمل: منه ما یکون لونه مثل لون الکرسنه، و منه ما لونه مثل لون الزرنیخ الأحمر و هذان یکونان فی بول من مثانته او فی کلاه[778] عله، و منه ما لون البول[779] لون الرمل و هذا یدل علی حجاره

فی المثانه، و منه ما لونه شبیه بلون الرماد، و هذا یکون من رطوبه بلغمیه أو جنس المده مخالطه للبلغم تنعقد بحراره الکلی، و بمنزله ما ینعقد علی الحجاره من المیاه الحمئیه و بمنزله ما ینعقد فی قدور الحمامات، و منه ما لونه أسود و هذا یدل علی حجاره فی الکلی متولده من رطوبه بلغمیه قد خالطها شی ء من عکر الدم.

[فی المده الراسبه فی أسفل القاروره]

و أما المده الراسبه فی أسفل القاروره: فإنها تدل [اما] علی قرحه فی بعض آلات البول کالکلی و بربخی البول و المثانه و القضیب قد انفجرت، و أما علی قرحه فی الأعضاء التی هی أعلی موضع من هذه.

و الفرق بین المده التی تجی ء من آلات البول و بین التی من الأعضاء التی هی فوق هذه أن المده التی من آلات البول یکون جریانها دائماً مده طویله، و أما التی تجی ء من الأعضاء التی فوق هذه فإن مجیئها یکون یوماً أو یومین أو ثلاثه أو أکثر قلیلًا.

و أیضاً فإنه متی کان ما یجری مع البول قشور و کان منتن الرائحه فأنه یدل علی أن القرحه فی المثانه و متی کان مع القیح الذی یبال ثفل راسب أملس فإنه یدل علی أن فی المثانه ورماً حاراً و ذلک أن هذا الورم إذا نضج أنصبت الاخلاط التی قد نضجت إلی المثانه و خرجت مع البول فظهرت فی البول علامه النضج، و قد ینبغی أن تفرق بین المده البیضاء الظاهره فی البول و بین الثفل الراسب و بین الثفل الحادث عن البلغم لئلا تغلط و یشتبه علیک ذلک.

و الفرق بین المده [البیضاء[780]] و هاتین العلّتین[781] أن المده تکون منتنه الرائحه.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص:

217

فهذه جمله کافیه عن الاستدلال بالبول علی الأمراض الحاضره [و الکائنه فأعلم ذلک[782]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 218

الباب السادس عشر فی الاستدلال بالبراز علی ما یحدث فی البدن

و إذ قد شرحنا أمر البول و الاستدلال منه علی ما یدل علیه من اختلاف أحوال البدن من النضج و غیره فالنقبل علی النظر فی أمر البراز و ما یدل علیه من هذه الأحوال.

فنقول: إن الاستدلال من البراز علی أحوال البدن و هو أقل عموماً من الاستدلال بالبول، [لان الاستدلال بالبول[783]] یکون علی ما فی العروق و فی الکبد و فی آلات البول من العلل.

فأما البراز: فإنه یدل علی ما فی المعده و الأمعاء من الأمراض، و علی ما هی علیه من القوّه علی الهظم و ضعفه.

و الاستدلال من البراز علی ما یدل علیه من أحوال البدن یختلف من قبل أربعه أشیاء:

أحدها: من قبل الکمیه.

و الثانی: من قبل الکیفیه.

و الثالث: من قبل وقت خروجه.

و الرابع: من قبل الحال التی یخرج علیها.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 219

[الاستدلال من قبل الکمیه]

أما من الکمیه: فإن البراز فی کمیته ینقسم إلی ثلاثه أقسام:

کثیر، و قلیل، و معتدل.

و کل واحد من هذه یحکم علیه بالمقایسه: إما إلی کمیه الغذاء، و إما إلی کیفیته.

فأما المأخوذ من کمیته: فإنه متی کان الطعام کثیراً و البراز مقداره[784] فإنه یدل علی قوه آلات الغذاء و سلامتها و کذلک إن کان الطعام قلیلًا و البراز قلیلًا، و أما متی کان الطعام کثیراً و البراز قلیلًا فإنه یدل علی شده [ضعف القوه الدافعه فان کان البراز کثیرا و الطعام قلیلا فانه یدل علی شده[785]] القوه الدافعه و ضعف القوّه الغاذیه و علی فضول تدفعها الطبیعه مع البراز علی حسب کیفیه البراز الذی یخرج و ما یخرج معه.

و أما

المقایسه الی کیفیه الغذاء: فإن من الغذاء ما ینال منه البدن أکثر مما یخرج من الثفل بمنزله الجوز و الموز، و منه ما یکون الثفل الخارج أکثر مما یتناول من الغذاء بمنزله الجزر و السلجم، و منه ما یکون الذی ینال البدن من الغذاء مثل ما یخرج منه من البراز بمنزله الخبز الخشکار و اللحم الحولی، و الاستدلال علی هذه الأصناف یکون من الغذاء و مشاکله البراز لکیفیه الغذاء و من اعتداله فی[786] القوام.

فأما البراز المعتدل الکمیه: فهو البراز الطبیعی إذا کان بحسب مقدار الغذاء.

[الاستدلال من قبل الکیفیه]

و أما الاستدلال من [کیفیه[787]] البراز: علی ما یدل علیه فإنه ینقسم إلی ثلاثه أقسام:

أحدها: القوام.

و الثانی: اللون.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 220

و الثالث: الرائحه.

[فی القوام]

أما القوام: فإن البراز إما أن یکون رطباً و إما یابساً.

[فی البراز الرطب]

أما الرطب: فإنه یدل علی أن عصاره الغذاء لم تنفذ إلی الکبد، و إما لأن الاخلاط انصبت إلی المعده فدفعت الغذاء قبل أن ینهظم و تنفذ عصارته إلی الکبد، و إما [لأن[788]] الاخلاط انصبت إلی الامعاء[789] فخالطت البراز و رطبته، و هذا یعرف من لون البراز، و ذلک أنه إن کان بلون الغذاء فإنه یدل علی أنه لم ینفذ إلی الکبد منه شی ء، و إن کان لونه علی لون بعض الاخلاط فإنه یدل علی أن الاخلاط انصبت إلی البطن.

[فی البراز الیابس]

و أما البراز الیابس [الأسود:[790]] فإنه یدل علی حراره قویه [شدیده[791]] فی آلات الغذاء نشفت رطوبته، أو علی حاجه شدیده بالبدن إلی الغذاء فتجذب الکبد عصاره الغذاء جذباً قویاً.

[فی لون البراز]

و أما الاستدلال من لون البراز: فإن البراز منه ما لونه مائل إلی لون النار، و منه ناری مشبع، و منه

ما لیس فیه صفره أصلا، و منه ما لونه أصفر، و منه ما لونه أخضر، و منه ما لونه أسود.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 221

[فی البراز الناری الذی لیس بمشبع]

فأما الناری الذی لیس بمشبع: فهو البراز الطبیعی الدال علی الصحه إذ کان ذلک مع اعتدال فی الیبس و الرطوبه.

[فی البراز الناری المشبع]

و أما الناری المشبع: فإنه یدل علی غلبه الصفراء بانصبابها إلی الأمعاء فمتی ظهر فی أول المرض فإنه یدل علی کثره المره الصفراء و إذا ظهر فی انحطاط المرض فإنه یدل علی نقاء[792] البدن.

[فی البراز الذی لیس فیه صفره أصلًا]

و أما البراز الذی لیس فیه صفره أصلًا: فإنه یدل علی أنه لیس ینحدر إلی الأمعاء [من المرار شی ء من المجری الذی فیه المرار من المراره الی الامعاء[793]] و إما لأن المرار ینصرف و ینصب إلی موضع آخر بمنزله ما یکون ذلک فی الیرقان، فأما البراز الأصفر فإنه یدل علی انصباب مرار ازید[794] مما ینبغی إلی الأمعاء.

[فی البراز الأخضر]

و أما البراز الأخضر: فإنه یدل علی [انصباب[795]] مرار حاد زنجاری[796] و حراره مفرطه قد غلبت علی البطن و الأمعاء، و إن کانت خضرته بلون الکراث کان ذلک أقل رداءه.

[فی البراز الأسود]

و أما البراز الأسود: فإنه یدل علی إفراط المره السوداء و علی انطفاء الحراره الغریزیه، و هذا النوع من البراز ردی ء جداً و دلیل علی الموت إلا أن یصفّر[797]

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 222

قلیلًا قلیلًا.

[فی الرائحه]

و أما الاستدلال من رائحه البراز: فإن کانت رائحته [رائحه الحموضه فانه یدل علی برد او بلغم حامض یخالط البراز، و متی کانت رائحته[798]] منتنه فإنه یدل علی العفونه.

[فی الاستدلال من قبل وقت خروجه]

و أما الاستدلال من الوقت الذی یخرج فیه

البراز: فإن أوقات خروج البراز تختلف و ذلک أنه إما أن یسرع خروجه، و إما أن یبطی ء، و إما أن یخرج فی وقت العاده.

أما الذی یبطی ء: فیدل إما علی ضعف القوّه الدافعه، و إما علی أن البراز لا یصیر إلی الأمعاء بسرعه، و إما علی إبطاء الهضم.

و أما الذی یسرع خروجه: فإنه یدل إما علی ضعف القوّه الماسکه، و إما لأن شیئاً یحرک القوّه الدافعه.

و هو إما مرار ینصب فیلذع المعده، و إما غذاء حریف، و إما لبثور و قروح فی المعده فیلذعها الغذاء فتدعو القوّه الدافعه الحرکه فی غیر وقتها.

و أما البراز الذی یخرج فی وقت العاده: فإنه یدل علی صحه القوّه المدبره للبدن.

[فی الاستدلال من قبل الحال التی یخرج علیها]

و أما الحال التی یخرج علیها البراز: فإن البراز إما أن یخرج مع صوت، و اما[799] مع دهنیه أو لزوجه، و إما أن یکون زبدیاً، و إما أن یکون خفیفاً یطفو علی الماء، و إما أن یخرج معه دم، و إما أن تخرج معه مده.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 223

[فی البراز الذی معه صوت]

فأما الذی یخرج معه صوت: فإنه یدل علی أن البراز قد خالطته رطوبه معها ریاح نافخه، و أن الأمعاء قد تکاثفت بسبب بروده قد غلبت علیها.

[فی البراز الدهنی]

و أما البراز الدهنی الذی یعلوه دسم: فإنه یدل علی ذوبان الشحم و السمین فإن کان مع ذلک لزجاً فإنه یدل علی ذوبان الأعضاء الأصلیه.

[فی البراز الزبدی]

و أما البراز الزبدی: فإنه یدل إما علی حراره قویه بمنزله ما یعرض فی القدور إذا أغلیت، [و إما[800]] علی ریاح تخالط البراز کالذی نجده فی البحر من الزبد عند هبوب الریاح و کثره[801] الأمواج.

[فی البراز الخفیف الذی

یطفو فوق الماء]

و أما البراز الخفیف الذی یطفو فوق الماء: فإنه یدل علی ریاح تخالط البراز کالذی یعرض لأصحاب القولنج.

[فی البراز الذی یخرج معه دم]

و أما البراز الذی یخرج معه دم أو مده: فإن الدم یدل علی جرح[802] یکون إما فی الأمعاء الدقاق، و إما فی الأمعاء الغلاظ.

[فی البراز الذی یخرج معه مدّه]

فأما المدّه:[803] فإنها تدل عن أن قرحه[804] تکون فی الأمعاء فإن کان خروج

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 224

الدم و المده قبل خروج البراز فإنه یدل علی أن القرحه فی الأمعاء الدقاق[805]، و إن کان الدم و المده مخالطین للبراز دل علی أن القرحه فی الأمعاء الوسطی، [و إن کان خروجه بعد البراز فإنه یدل علی أن القرحه فی الأمعاء الدقاق[806]] فهذا ما وجب أن نذکره فی حال البراز و من حال الاستدلال به، [و اللّه أعلم[807]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 225

الباب السابع عشر فیما یدل علیه النفث و البزاق[808] [علی أحوال البدن[809]]

فأما الاستدلال من النفث [و البصاق:[810]] فإن الشی الذی تدفعه الطبیعه من آلات التنفس فی ذات الجنب و ذات الرئه فما کان منه غیر نضیج فإنه یسمی بزاقاً[811] و ما کان منه نضیجاً سمی نفثاً، و الاستدلال من النفث و البزاق[812] علی العلل الحادثه فی آلات التنفس تختلف من قبل أربعه أشیاء:

أحدها: من قبل الکمیه.

و الثانی: من قبل الکیفیه.

و الثالث: من وقت خروجه.

و الرابع: من قبل الوجه الذی یخرج به.

[الأول: فی الاستدلال من قبل الکمیه]

أما من قبل الکمیه: فإن النفث ربما کان کثیراً، و ربما کان قلیلًا، و ربما کان متوسطاً، و ربما لم ینفث العلیل شیئا.

أما النفث الکثیر، فإنه یدل علی النضج و إن المرض قد انتهی منتهاه.

و إن کان النفث قلیلًا، فإنه یدل علی أن الطبیعه قد أخذت فی النضج

و أن المرض قد تجاوز الابتداء و أخذ فی التزید.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 226

و إن کان النفث معتدلًا فی الکثره و القله، فإنه یدل علی أن الطبیعه قد أنضجت المرض بعض النضج، و أن المرض فی التزید.

و متی لم ینفث العلیل شیئاً أصلًا، فإنه یدل علی أن المرض فی ابتدائه.

[الثانی: فی الاستدلال من قبل الکیفیه]

و أما الاستدلال من قبل الکیفیه: فإن الکیفیه تنقسم إلی أربعه أقسام:

أحدها: اللون.

و الثانی: القوام.

و الثالث: الرائحه.

و الرابع: الشکل.

[فی القوام]

أما القوام: فإن النفث فیه إما أن یکون رقیقاً، و هذا یدل علی أن الطبیعه قد أخذت فی النضج أخذاً ضعیفاً، و إما أن یکون غلیظاً و هذا یدل علی غلظ الخلط و تأخر النضج، و إما أن یکون النفث معتدلًا فیما بین الرقه و الغلظ فانه یدل علی أن الماده نضجت نضجاً صالحاً و أن المرض قد ابتدأ فی الأمعاء.

[فی اللون]

و أما اللون: فمن النفث ما هو أصفر شدید الصفره و هذا یدل علی کثره المرار و قوته، و منه ما هو أبیض و هذا یدل علی أن الماده بلغمیه، و منها ما هو أحمر ناصع و هذا یدل علی أن الماده دمویه، و منه ما هو أحمر مشبع و هذا یدل علی أن الماده دمویه قویه الحراره، و منه ما هو أسود و هذا یدل علی غلبه السوداء و علی شده الاحتراق فی أعضاء التنفس، و منه ما هو کمد و هذا یدل:

إما علی حراره، و إما علی شده برد.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 227

[فی الرائحه]

و أما أصناف الرائحه: فإن من النفث ما یکون منتناً و هذا یدل علی شده العفونه، و منه ما لا رائحه له و هذا

سلیم من العفن.

[فی الشکل]

أما الشکل: فإن من النفث ما یکون مستدیراً فی شکله عند خروجه، و هذا یدل علی أن الماده غلیظه لزجه قد اجتمعت فی قصبه الرئه بسبب قوه الحراره فی هذا الموضع، فإن طالت مدّه ذلک أدی إلی السل و الحراره القویه.

و ذکر أبقراط فی کتاب ابذیمیا «أن البزاق[813] المستدیر فیمن لیس به حمی یدل علی الذبول» و أنه رأی کثیراً ممن نفث هذا النفث آل بهم الحال إلی حدوث السل، و قال: أیضاً فی هذا الکتاب: «إن من نفث نفثاً مستدیراً مع حمی و کان مع ذلک أدنی دلاله تدل علی اختلاط الذهن» فإن الذهن مختلط [فأعلم ذلک[814]] و منه ما یخرج مختلف الشکل، و هذا یدل علی أن الماده رقیقه و أن الحراره المنضجه لها قلیله.

[الثالث: فی الاستدلال من وقت الخروج]

و أما الاستدلال من وقت الخروج: فإن من النفث ما یکون خروجه فی أول المرض، و هذا یدل علی قصر المرض و سرعه النضج، و منه ما یتأخر خروجه و هذا یدل علی طول المرض.

[الرابع: فی الاستدلال من قبل الوجه الذی یخرج به]

و أما الوجه الذی به یخرج ما ینفث: فإن من النفث ما یکون خروجه سهلًا بغیر سعال [او یکون سعال خفیف[815]] و هذا یدل علی کمال النضج و قوه الطبیعه، و منه ما یکون خروجه بعسر و سعال شدید و هذا یدل علی عدم النضج و ضعف

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 228

القوّه.

و أجود النفث و أدله علی سرعه إنقضاء المرض ما کان أبیضاً نضیجاً کثیر المقدار متصلًا سهل الخروج بغیر سعال عدیم الرائحه، و کان خروجه فی أول المرض، و أردأ النفث ما کان رقیقاً یسیراً غیر نضیج متشتتاً،

و یکون خروجه بعسر و سعال شدید و لونه إما أسود و إما أخضر و إما أصفر شدید الصفره أو کمد، و کانت رائحته منتنه فإن هذه کلها دلائل مذمومه توجب العطب، [فأعلم ذلک ان شاء الله[816]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 229

الباب الثامن عشر فی الاستدلال بالعرق [علی ما یحدث فی البدن[817]]

الاستدلال بالعرق علی ما یکون من أحوال [البدن[818]] یختلف من قبل أربعه أشیاء:

أحدها: العضو الذی یظهر فیه.

و الثانی: من تواتر.

و الثالث: من کمیته.

و الرابع: من کیفیته.

[الأول: فی الاستدلال من قبل العضو الذی یظهر فیه]

أما من قبل العضو الذی یظهر منه[819]: فإنه من أی عضو ابتدأ من البدن فانه دل علی أن العله فی ذلک العضو من [البدن][820].

[الثانی: فی الاستدلال من قبل تواتره]

و أما من قبل تواتره: فإن کان من العرق دروراً متواتراً سریعاً کان ذلک محموداً لأنه یدل علی أن الطبیعه قد قویت علی دفع الفضل و نفیه عن البدن، فإن کان خروجه متشتتاً أعنی: أنه یکون مجیئه عن عضو دون عضو و یعرق بعض[821]

کامل الصناعه الطبیه ؛ ج 2 ؛ ص229

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 230

الأعضاء أقل و بعضها أکثر، او یکون (1) مجیئه فی وقت ما (2) ثم ینقطع ثم یعود فذلک ردی ء لأنه یدل علی أن الطبیعه لیس فیها من القوّه ما تدفعه دفعاً جیداً.

[الثالث: فی الاستدلال من قبل کمیته]

و أما من کمیته: فإن من العرق ما یکون معتدلًا فی الکثره و القله و هو أفضله و أدله علی الصلاح، و منه ما یکون أکثر من المقدار المعتدل حتی یسرف فی خروجه و ذلک ردی ء لأنه مما یحل القوّه و یضعفها، و منه ما یکون أقل من المعتدل حتی لا یفی بمقدار الماده المحدثه للمرض، و هذا یدل علی أن

الطبیعه فیها أدنی (3) ضعف عن دفع الماده [للمرض] (4).

[الرابع: فی الاستدلال من قبل کیفیته]

و أما من کیفیته فیکون من قبل سته أشیاء:

أحدها: من حرارته و برودته.

و الثانی: من لونه.

و الثالث: من رائحته.

و الرابع: من طعمه.

و الخامس: من قوامه.

و السادس: من استوائه و اختلافه.

[الأول: فی الحراره و البروده]

أما من حرارته و برودته: فإنه متی کان العرق معتدلًا فی الحراره و البروده کان ذلک محموداً، و إن کان ذلک خارجاً عن الاعتدال [فی الحراره (5)] کان [أقل[822]]

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 231

رداءه، [الا انه خروجه عن الاعتدال فی البرد ردی ء جدا و الخارج عن الاعتدال فی الحراره اقل رداءه[823]].

[الثانی: فی اللون]

و أما من لونه: فما کان لونه أبیض فهو محمود جداً، و ما کان لونه أصفر فهو یدل علی غلبه الصفراء، و ما کان لونه أحمر فهو یدل علی غلبه الدم، و ما کان لونه کمداً أو أسود أو أخضر فهو یدل علی غلبه السوداء.

فمتی کانت العله من خلط من هذه الاخلاط، و کان العرق علی لون ذلک الخلط کان ذلک محموداً جداً لأنه یدل علی دفع[824] الطبیعه للخلط المحدث للمرض و إخراجه عن البدن، فإن کان علی خلاف ذلک کان ردی ء لأنه یدل علی خروج الخلط الذی یحتاج إلیه.

[الثالث: فی الرائحه]

و أما من رائحته: فإنه منه ما رائحته رائحه الحموضه و هو یدل علی أن الخلط المحدث للمرض هو بلغم حامض، و منه حاد الرائحه و هو یدل علی خلط [مراری حریف، و منه ما رائحته منتنه و هذا یدل علی خلط[825]] عفن.

[الرابع: فی الطعم]

و أما من طعمه: فإنه منه ما هو حلو، و منه ما هو مالح، و منه ما هو حامض، فالحکم علی

الانتفاع و المضره منه کالحکم علی ما تقدم من اللون و الرائحه.

[الخامس: فی القوام]

و أما من قوامه: فإنه منه ما هو رقیق و هذا یدل علی خلط لطیف، و منه غلیظ و هو یدل علی خلط غلیظ.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 232

[السادس: فی الاستواء و الاختلاف]

و أما من استوائه و اختلافه: فإنه منه هو سابغ مستوفی جمیع الکیفیات التی ذکرناها و هو محمود، و منه ما هو مختلف فی ذلک و هو ردی ء [و اللّه أعلم[826]].

تمت المقاله السابعه

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 233

المقاله الثامنه فی الاستدلال علی الأمراض الظاهره للحس و أسبابها

اشاره

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 235

المقاله الثامنه

[من کتاب کامل الصناع الطبیه المعروف بالملکی[827]]

فی الاستدلال علی الأمراض الظاهره للحس و أسبابها

و هی إثنان و عشرون باباً:

الباب الاول: فی تقسیم الدلاله الخاصه.

الباب الثانی: فی أجناس الحمیات و أصنافها و علاماتها[828].

الباب الثالث: فی صفه حمی یوم و أسبابها [و علاماتها[829]].

الباب الرابع: فی صفه الحمیات العفنیه [و أصنافها و أسباب أدوارها[830]].

الباب الخامس: فی دلائل حمی العفونه و أصنافها و علاماتها[831].

الباب السادس: فی صفه الحمیات المرکبه [و أسبابها و علاماتها[832]].

الباب السابع: فی صفه حمی الدق و أسبابها و علاماتها.

الباب الثامن: فی صفه الأورام و أسبابها و علاماتها.

الباب التاسع: فی صفه الورم [المسمی[833]] الفلغمونی [و أسبابه و علاماته[834]].

الباب العاشر: فی صفه الورم الصفراوی و أسبابه و علاماته.

الباب الحادی عشر: فی صفه الورم البلغمی و أسبابه.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 236

الباب الثانی عشر: فی صفه الورم السوداوی و أسبابه و علاماته.

الباب الثالث عشر: فی صفه العلل الحادثه[835] فی سطح البدن.

الباب الرابع عشر: فی الجدری و الحصبه[836].

الباب الخامس عشر: فی الجذام و أسبابه و علاماته.

الباب السادس عشر: فی صفه [البرص[837]] و البهق الأبیض و الأسود و القوابی[838].

الباب السابع عشر:

فی صفه الحکه و الجرب و تقشیر الجلد و القمل و الشری و البثور و الحصف و الثآلیل و الورم المسمی ابو رسمی و القروح التی تحدث عن الاحراق[839].

الباب الثامن عشر: فی ذکر العلل الظاهره التی تخص بعض الأعضاء دون بعض.

الباب التاسع عشر: فی ذکر [الخراجات[840]] و القروح.

الباب العشرون: فی صفه نهش الحیوان ذی السم و لذغه، و أولًا فی عضه الکلب [الکلب[841]].

الباب الحادی و العشرون: فی صفه نهش الأفاعی و نهش الحیات [و إن سمها الخارج محرق[842]].

الباب الثانی و العشرون: فی لذع العقرب و الجراره و الزنابیر و الرتیلاء و غیرها[843].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 237

الباب الأول فی تقسیم الدلائل الخاصه

و إذ قد شرحنا القول فی علم الدلائل العامیه التی هی علم النبض و علم البول و البراز و النفث و العرق، فنحن آخذون[844] الآن فی ذکر الدلائل الخاصیه لکل واحد من الأمراض و العلل.

فنقول: إنا کنا قد ذکرنا أن کل واحد من الدلائل التی تدل علی الصحه و المرض و الحال التی لیست بصحه و لا مرض، إما أن یدل علی ما قد سلف منها، و إما أن یدل علی ما هو منها حاضر، و إما أن یدل علی ما هو کائن.

فأما الدلائل التی تدل علی ما هو حاضر: فما کان منها من جنس دلائل الصحه فقد أوضحناه عند ذکرنا أصناف المزاج الطبیعی، و ما کان منها من جنس دلائل المرض فنحن نذکر فی هذا الموضع، و فی المقاله الثالثه[845] لهذه.

[فأما الدلائل التی تدل علی ما کان و انقضی: فلا حاجه للمتطبب الی ذکرها.

و اما ما کان منها یدل علی ما هو کائن: و هی الدلائل النذره فنحن نذکرها فی المقاله العشره[846]].

فأما الدلائل التی لا تدل علی

صحه و لا مرض: فقد یعرفها من قد عرف دلائل الصحه و دلائل المرض علی الاستقصاء فی کل واحد من الأبدان فإنه إذا عرف هذین النوعین [من الدلائل علی الانفراد معره صحیحه امکنه أن یمیز

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 238

و یعرف الدلائل التی فیما بین هذین النوعین[847]] او الدلائل[848] التی تدل علی الصحه من وجه و علی المرض من وجه آخر فی بدن کل واحد کالذی یوجد فی بدن من فی بصره و سمعه أو غیر ذلک من الأفعال ضرر و سائر الافعال الباقیه سلیمه.

و العلامات الداله علی [الافعال المضروره یقال لها: علامات المرض، و العلامات الداله علی الافعال السلیمه[849]] یقال لها: علامات الصحه.

و قد یمکنک أن تعلم العلامات التی لا تدل علی صحه و لا علی مرض من الموضع الذی نذکر فیه العلامات التی تدل علی ما هو کائن عند ما نذکر فیه العلامات المنذره بالمرض فی الأبدان الصحیحه و فی الموضع الذی نذکر فیه العلامات المبشره[850] بالسلامه فی أبدان المرضی، و ذلک أن العلامات المنذره بالمرض فی البدن الصحیح لا تدل علی مرض قدیم[851] إذ کان حد المرض انما[852] هو ضرر الفعل المحسوس، و الأبدان التی قد أشرفت علی أن تمرض، و أفعالها[853] باقیه علی الحال الطبیعیه إلا أنها قد تغیرت بعض التغیر.

إما فی المقدار: بمنزله شهوه الطعام إذا زادت أو نقصت و البراز إذا زاد علی مقدار الغذاء و أقل. و إما فی کیفیته: بمنزله شهوه الغذاء إذا مالت إلی الحلاوه و الحموضه و البراز و البول إذا مالا إلی الصفره أو إلی الحمره و أما فی الوقت:

فبمنزله شهوه الغذاء إذا کانت قبل وقت العاده أو بعده.

فإن هذه العلامات و ما أشبهها

لا تدل علی مرض کامل و لا علی صحه کامله و لذلک صارت لا تدل علی صحه و لا علی مرض.

و کذلک العلامات التی تدل علی السلامه[854] فی أبدان المرضی: لیست تدل علی صحه تامه من قبل انها تدل علی مرض حاضر، و لا یقال لها: داله علی

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 239

المرض من قبل أنها تدل علی قوه الطبیعه و قهرها للمرض فقد صارت علامه لا تدل علی مرض و لا صحه.

و کذلک أیضاً قد یقال: للعلامات الموجوده فی أبدان الناقهین و أبدان المشایخ [مثل ذلک[855]] فإن هذه الأبدان لیست الأفعال فیها علی غایه الکمال و القوّه کالذی یعرض فی أبدان الأصحاء و لا هی [مؤفه[856]] کالذی یعرض فی أبدان المرضی بل هی ناقصه ضعیفه لضعف الحراره الغریزیه فیهم.

فنحن نبین جمیع هذه العلامات فی الموضع الذی نذکر فیه علامات الأمراض المزمنه علی الحدوث، و نذکر فی هذا الموضع العلامات التی تدل[857] علی الأمراض [الظاهره[858]].

فنقول: إن الأمراض و العلل الحادثه فی البدن، و منها ما یعرض فیما یظهر للحس من الأعضاء و الاستدلال علیها سهل هین، و منها ما یعرض فیما یخفی عن الحس و هی الأعضاء الباطنه و الاستدلال علیه صعب.

و نحن نقدم أولًا ذکر ما کان منها ظاهراً للحس لأن ذلک أوفق فیما یحتاج إلیه المتعلم أذ[859] کان ذهنه یرتاض فی معرفه العلل البینه للحس و یترّقی منها إلی معرفه الامراض[860] الخفیه فیسهل علیه علم ذلک.

[فی الأمراض و العلل الظاهره للحس]

و الامراض[861] الظاهره للحس منها ما هو عائد لظاهر البدن و باطنه و هی الحمیات و الأورام، و منها ما یخص ظاهر البدن دون باطنه.

و هذه منها ما حدوثها عن أسباب من داخل

و هی الامراض[862] العارضه فی سطح البدن، و منها ما حدوثه عن أسباب من خارج و هذه[863] تکون

إما من أجسام غیر متنفسه بمنزله الحجر و السیف و غیرهما، و إما من حیوان

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 240

ذی سم بمنزله النهش و اللدغ.

و نحن نذکر دلائل[864] الحمیات و أسبابها و نتبعه بذکر باقی الأقسام التی تعمّ[865] الأمراض الظاهره للحس.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 241

الباب الثانی فی ذکر أجناس الحمیات و أصنافها و أسبابها و علاماتها

إن الحمی هی مرض من سوء مزاج حار یشتمل علی جمیع البدن و لذلک حُدَّت[866] الحمی بأنها حراره خارجه عن المجری الطبیعی تنبعث من القلب و تنفذ فی العروق الضوارب إلی جمیع أعضاء البدن و تضر بأفعالها.

و ذلک أن هذا الحد مأخوذ من نفس جوهر الحمی، و هی الحراره الخارجه عن المجری الطبیعی، لا من الأعراض اللاحقه لها بمنزله ما فعل[867] قوم من الأطباء حیث عدوا الحمیات من الأعراض البعیده اللاحقه لها.

فبعض قال: «إن من الحمیات] ما یتبعها اورام رخوه و منها ما یتبعها اورام صلبه»، و بعض قال:[868]] «ما یکون معها نافض».

«و منها ما یکون معها تکسیر، و منها ما یکون معها صداع و غیر[869] ذلک من الأعراض البعیده.»

و لم یقسم الحمیات من نفس طبیعه الحراره الخارجه عن الطبع کالذی فعل أبقراط فی کتاب ابذیمیا حیث قسم الحمیات من نفس طبیعه الحراره [الخارجه عن الطبع و من حرکتها.

اما من نفس طبیعه الحراره.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 242

فحیث قال:[870]] «إن من الحمیات ما یلذع البدن، و منها طیبه الملمس»، و هذان فصلان مأخوذان من کیفیه الحراره.

و قال: «و منها غیر لذاعه»، ثم یزید و هذا فصل مأخوذ من کمیه الحراره.

و أما من نفس حرکتها فحیث قال: «إن منها ما نجدها حاده تحرق

الید[871]، و منها شدیده الاحراق منذ اول[872] أمرها، و منها نفاخه».

فهذه الفصول کلها مأخوذه من طبیعه الحراره.

و قد حدها أیضاً من الأعراض القریبه حیث قال: «إن من الحمیات ما هی فی غایه الصفره، و منها ما هی فی غایه الحمره، و منها ما هی فی غایه الخضره و الکموده».

فإن هذه الفصول مأخوذه من الأعراض القریبه الحادثه عن الاخلاط الفاعله للحمیات لا من الأعراض البعیده کالأورام و الصداع و النافض.

[فی أجناس الحمیات]

و أجناس الحمیات ثلاثه:

[حمی یوم]

أحدها: جنس الحمی التی تحدث فی الروح، و منه تبتدی ء و تنتهی إلی القلب فتسخنه و تنفذ منه فی الشرایین إلی سائر[873] البدن، و یقال لها: حمی یوم، و ذلک أن الروح إذا حمیت و أحالت الحراره الغریزیه إلی حراره ناریه أسخنت القلب و نفذت تلک السخونه من القلب فی الشرایین فأسخنتها، ثم تصیر تلک السخونه من الشرایین إلی جمیع أعضاء البدن فتنتشر فیها.

[حمی عفن]

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 243

و الجنس الثانی: جنس الحمی التی تحدث فی الاخلاط، و منها تبتدی ء الحراره و تسخن عضواً بعد عضو و تنفذ إلی أن تنتهی إلی القلب و تنفذ من القلب فی الشرایین إلی سائر أعضاء البدن و تنتشر فیها، و یقال لها: حمی العفن.

[حمی الدق]

و الجنس الثالث: جنس الحمی التی تحدث فی الأعضاء الأصلیه، و منها تبتدی ء و تنتهی إلی القلب و تنفذ من القلب فی الشرایین إلی جمیع أعضاء البدن و یقال لها: حمی الدق.

فهذه أجناس الحمیات، و إنما صارت أجناس الحمیات ثلاثه من أجل أن الحمی لا تظهر إلا فی ماده، و مواد البدن ثلاثه و هی:

الأرواح، و الاخلاط الأربعه، و الأعضاء الأصلیه.

فإذا تشبثت الحراره بکل واحد من هذه المواد أحدثت

حمی علی ما ذکرنا، و قد مثل جالینوس علی هذه الثلاث حمیات بأمثله متشاکله فقال:

«إن مثل حمی یوم هو مثل هواء حار یملأ به زقاً فیسخن ذلک الزق بسخونه الهواء کذلک الروح إذا أسخنت القلب و سائر البدن، و مثل حمی العفونه مثل ماء حار یملأ به إناء بارد فیسخن ذلک بسخونه الماء، کذلک إذا سخنت الأخلاط تنفذ سخونتها إلی القلب و إلی جمیع البدن، و مثل حمی الدق مثل إناء حار صب فیه ماء بارد فیسخن الماء من سخونه الإناء کذلک الأعضاء الأصلیه إذا سخنت سخنت جمیع أعضاء البدن». [و اللّه تعالی أعلم[874]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 244

الباب الثالث فی صفه حمی یوم و أسبابها و علاماتها

فأما حمی یوم فهی حمی تمکث فی البدن [أربعاً[875]] و عشرین ساعه و هی یوم و لیله ثم تنقضی، و ربما انقضت قبل هذه المده، و ربما مکثت فی البدن أکثر من أربع و عشرین ساعه إلی ثمان و أربعین ساعه و إلی اثنین و سبعین ساعه.

و هذه الحمی تحدث عن أسباب بادیه.

[فی الأسباب البادیه المحدثه لحمی یوم]

و الأسباب البادیه المحدثه لحمی یوم أربعه أجناس:

أحدها: جنس الأشیاء التی تلقی البدن من خارج، أما ما یسخنه بالفعل فبمنزله حر الشمس و حر النار و هواء الحمام إذا أطیل [المکث[876]] فیه.

و أما ما یسخنه بالقوّه فهواء الاستحمام بالمیاه التی تخالطها قوه الأدویه الحاده[877] بمنزله ماء القیر و ماء الکبریت.

و أما ما یکثف المسام بالفعل فبمنزله الماء البارد الذی یحقن الفضل الدخانی فی باطن البدن.

و أما ما یکثفها بالقوّه فهو الاستحمام بماء الشب، و لیست کل الأبدان إذا تکاثفت حدث بها حمی یوم لکن الأبدان التی یتحلل منها بخار حار رطب و بخار

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 245

حار یابس

فهی إذا استحصفت امتنعت تلک البخارات من التحلیل منها و اجتمعت فیها الحراره، فإن کانت المواد التی فیها غیر مستعده للعفن حدث عنها حمی یوم و إن کانت مستعده للعفن حدث عنها حمی العفونه[878] بحسب نوع الخلط الکائن فی البدن، و الحمی الحادثه عن ذلک تکون حمی مطبقه حاره[879] صعبه[880] فیها خطر علی ما نحن ذاکروه فیما بعد.

و الجنس الثانی: جنس الأشیاء التی ترد إلی داخل [البدن[881]] بمنزله الأغذیه و الأدویه الحاره.

و الثالث: جنس الحرکه المفرطه إما للبدن فبمنزله الریاضه المتعبه، و إما للنفس فبمنزله الغضب و الهم و الغم و الارق.

و الرابع: جنس العلل التی تعرض فی الأعضاء الظاهره من أسباب بادیه، بمنزله الورم الحادث فی الحالب بسبب قرحه حدثت فی الرجل، فتتأدی الحراره من الحالب إلی عضو بعد عضو إلی أن تنتهی إلی القلب و تنفذ من القلب فی الشرایین إلی سائر أعضاء البدن.

[فی علامات حمی یوم]

و الأشیاء التی یستدل بها علی الحمی إذا حدثت فی البدن أنها حمی یوم هی:

أن تکون قد تقدمها سبب من الأسباب البادیه المحدثه لحمی یوم، و هو و أن یکون المحموم فی ابتداء حماه لا یجد ألماً، و یکون نبضه مستویاً و ربما کان فیه اختلاف یسیر غیر بیّن و یزول سریعاً، و أن تکون الحراره اذا لُمِست [البدن] ساکنه لینه غیر لذاعه شبیهه بحراره الحمام، و أن یکون المریض محتملًا لما فیه احتمالًا سهلًا، و أن یکون فی البول ثفل راسب أملس فی سائر أوقات الحمی، و لا یکون فیه نتن شدید، و إذا أقلعت الحمی کان إقلاعها إما بعرق أو برشح، و تقلع إقلاعاً تاماً لا یبقی معه شی ء من دلائل الحمی کما تبقی فی

الحمیات العفنیه بقایا الحمی فی النبض و البول، و یکون المحموم إذا استحم بعد إقلاع الحمی عنه لا یحس فی

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 246

الحمام بنافض و لا بلذع بل یرجع إلی الحاله الطبیعیه.

فبهذه الدلائل یستدل علی الحمی أنها حمی یوم.

و اما الدلائل التی یستدل بها علی هذه الحمی من أی أصناف الأسباب البادیه[882] هی، فهی ما أضف.

[فی الحمی الحادثه عن احراق الشمس و الهواء الحار]

أما الحمی الحادثه عن احراق الشمس و الهواء الحار: فتکون عینا صاحبها حارتی الملمس، و الرأس ملتهب و الجلد و الوجه یابس، و إذا وضعت الید علی الجلد وجدته حاراً و النبض صغیراً سریعاً.

[فی الحمی الحادثه عن الاستحصاف]

و أما الحمی الحادثه عن الاستحصاف: فمن علاماتها أن الجلد یکون من صاحبها مکتنزاً متکاثفاً، و إذا وضعت الید علیه أحسست فی أول الأمر بحراره قلیله، فإذا طال لبث الید علی البدن أحست بالحراره أقوی و ذلک أن الحراره لا یمکنها أن تظهر جیداً بسبب التکاثف، فإذا طال لبث الید علی الجلد حمی موضعها فاتسعت المسام و ظهر بخار الحراره، و أن تکون العینان و الوجه فیهما نفخه قلیلًا، و النبض لا یکون صغیراً لأن القوّه علی حالها و الحراره الغریزیه فی عمق البدن لم تتحلل، و یکون فیه اختلاف یسیر خفی، و البول من صاحب هذه الحمی یکون إما مائلًا إلی الصفره و إما إلی البیاض و ذلک لأن الفضول المائیه التی کانت من شأنها أن تستفرغ من البدن إذا هی أحست بسبب استحصاف البدن خالطت البول و غیرت لونه و نقصت من حمرته، و لأن هذه الحمی ربما آل أمرها إلی حمی العفن إذا کان فی البدن فضول مستعده للعفن فینبغی

أن یفرق بین ما کان منها حمی یوم و ما کان منها یؤول أمره إلی حمی العفن لا محاله، و ذلک أنه متی سکنت بنداوه و عرق و بول غزیر [کان محموداً[883]] و کان النبض مستویاً [دل[884]]

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 247

ذلک علی أنها حمی یوم لا محاله و أما متی طال مکث الحمی علی البدن و لم تبلغ بعد منتهاها و لم ینق البدن من حرارتها و کان فی النبض اختلاف و البول غیر منهظم فیه نتن فإن أمرها یؤول إلی [حمی[885]] العفن لا محاله و أما متی طالت نوبه الحمی و لم تقلع فی الایام الاول[886] و کانت شبیهه بالمطبقه، و کان النبض مختلفاً، و البول لیس یدل علی العفن فینبغی أن تسی ء ظنک بهذه الحمی و تحذر من أن یؤول أمرها إلی حمی الدق، و أکثر ما تؤول إلی الحمی المطبقه لأن الخلط العفن لا یتحلل لا بعرق و لا بانفشاش بسبب الاستحصاف فینبغی أن تبادر فی حسمها[887] بالتدبیر الذی نصفه عند ذکرنا مداواه هذه الحمی قبل أن یتعفن الخلط فتحدث عنه حمی ردیئه.

[فی الحمیات التی تحدث عما یرد إلی داخل البدن من الأغذیه]

و أما الحمی التی تحدث عما یرد إلی داخل البدن من الأغذیه: [فمنها ما یفعل ذلک بکمیتها بمنزله الاکثار من الغذاء کالحمی العارضه[888]] عن التخمه و الهیضه، و منها ما یفعل ذلک بکیفیتها بمنزله الغذاء الحار و الدواء الحار.

[فی الحمی الحادثه عن التخم]

و أما الحمی الحادثه عن التخم: فعلاماتها بینه و هی الجشا الدخانی السهک[889]، و یکون معها عطش و لهیب بسبب فساد الغذاء، و الحمی الحادثه عن ذلک ربما کان معها لین فی الطبیعه و ربما کان معها

احتباس، و ما کان منها مع لین فهو أقل رداءه، و ما کان منها مع احتباس فهو أصعب بسبب احتباس الکیموس الردی ء.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 248

[فی الحمی التی تحدث عن تناول الاغذیه و الأدویه الحاره]

و اما ما یحدث عن تناول الاغذیه و الأدویه الحاره: فمن علاماتها أحمرار الوجه و العینین و إذا لمستا وجدتا حارتین، و کذلک الکبد إذا لمستها وجدتها حاره و یجد صاحبها فی ناحیه الکبد و المعده تلهباً و جفافاً فی الفم و مراره و ما أشبه ذلک و ذلک لأن الحراره تبدأ فی هذه الحمی من الروح الطبیعی الذی معدنه الکبد و لأن الغذاء الحار یسخن أولًا المعده ثم الکبد الذین هما معدتان للغذاء و یکون البول مع ذلک أحمراً ناصعاً.

[فی الحمی التی تحدث عن حرکه البدن و التعب]

و أما الحمی التی تحدث عن حرکه البدن و التعب: فإنه متی کان التعب شدیداً صار الجلد یابساً قحلًا و یبقی الیبس فیه إلی بعد[890] انقضاء الحمی، و یکون النبض مع ذلک صغیراً لانحلال القوّه من شده التعب.

فإن کان التعب قلیلًا کان الیبس فی الجلد إلی وقت منتهی الحمی، ثم یخرج من الجلد بخار ندی یتحلل من الاخلاط فیرطب الجلد و یوسع المسام و یکون النبض مع ذلک عظیما، و ذلک لأن القوّه فی هذه الحاله قویه و الحراره زائده إذا کان التعب الذی لیس بمفرط یزید فی حراره البدن، و ملمس الجلد فی التعب یکون بحسب الهواء الذی یرتاض فیه، فإن کان الهواء حاراً بمنزله السمائم و حر الشمس فملمس الجلد یکون شدید الیبس حاراً، فإن کان الهواء بارداً کان ملمس الجلد بارداً قلیل الیبس.

[فی الحمی التی تحدث عن حرکات النفس]

و

أما الحمی التی تحدث عن حرکات النفس: فما کان منها حادثاً عن الغضب فمن علاماتها أن تکون العینان بارزدتین، و الوجه أحمر منتفخ لأن الحراره تخرج فی هذه الحال إلی ظاهر البدن بقوه طلباً للانتقام من المؤذی، و یکون النبض عظیماً،

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 249

و البول أحمراً، أو یجد صاحبها عند خروج البول لذعاً و حرقه بسبب الحراره.

و ما کان منها حادثاً عن الهم و الغم: فإن العینین تکونان غائرتین، و الوجه یکون [یابس[891]] أصفراً بسبب دخول الحراره و الروح إلی عمق البدن، و النبض صغیراً، و ذلک بسبب نقصان الحراره و الروح و انقباضهما، و البول أحمر یجد صاحبه عند خروجه حرقه.

[فی الحمی التی تحدث عن الأرق]

و أما الحمی التی تحدث عن الأرق: فإن صاحبها تکون عیناه غائرتین رطبتین مائلتین إلی النعاس، و الجفنان ثقیلان عسری الحرکه، [و الوجه[892]] و جمیع البدن منتفخاً، و اللون مائلًا إلی الصفره، و النبض صغیراً، و البول أبیض، و ذلک لقله انهضام[893] الغذاء إذا کان انهضام الغذاء یعسر مع السهر، و إذا لم ینهظم الغذاء لم یتولد [الدم[894]] و الروح النفسانی، و إذا لم یتولد الدم کان اللون حائلًا و بیاض البول تابعاً لعسر الإنهظام.

[الحمی التی تحدث من ورم الغدد التی فی الحالب و غیره من الأعضاء الوارمه]

و أما الحمی التی تحدث[895] من ورم الغدد التی فی الحالب و غیره من الأعضاء الوارمه: فمن علاماتها أن یکون الوجه شدید الحمره و الانتفاخ بسبب [الورم[896]]، و تکون حراره البدن غیر لذاعه و إذا بلغت الحمی منتهاها تراقی من البدن بخار [حار[897]] زائد الحراره، و یکون النبض عظیماً سریعاً متواتراً، و البول مائلًا إلی البیاض.

أما عظم النبض و سرعه

تواتره: فلقوه الحراره و کثرتها و ذلک أن بصاحبها

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 250

مرضین حارین: أحدهما الورم الحار، و الثانی الحمی.

و أما بیاض البول: فلأن المرار الذی یصبغ البول یمیل إلی الورم الذی فی اللحم الرخو إذ کان کل وجع من شأنه اجتذاب المواد اللطیفه إلیه.

فهذه صفه الدلائل التی یستدل بها علی جمیع أنواع حمی یوم [فافهم ذلک و اللّه أعلم[898]].

الباب الرابع فی دلائل الحمی العفنیه و اصنافها و علاماتها[899]

فأما الحمیات العفنیه فحدوثها یکون عن عفونه الاخلاط الأربعه، و ذلک لأن الأخلاط إذا عفنت سخنت و أسخنت العضو الذی تعفن فیه و تسخن العضو الذی بمجاورته له، و کذلک تسخن عضواً بعد عضو بالمجاوره إلی أن تنتهی الحراره إلی القلب و تنبث فی الشرایین إلی جمیع البدن.

[فی الأسباب التی یکون عنها تعفن الاخلاط]

و الأسباب التی عنها تعفن الاخلاط خمسه:

[الاول] [و هی[900]] کثره مقدار الاخلاط.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 251

[الثانی] و غلظه.

[الثالث] و لزوجته.

[الرابع] و السده العارضه عنه.

[الخمس] و عدم التنفس التابع للسده.

فإن الخلط إذا عدم التنفس عفن کما یعرض للرطوبات التی من خارج إذا عدمت الهواء.

[فی و أنواع حمی العفونه]

و أنواع حمی العفونه کثیره فمنها بسیطه و منها مرکبه.

[فی حمی العفونه البسیطه]

فأما الأنواع البسیطه: و هی المعروفه بالخالصه فأربعه بحسب عدد الأخلاط:

أحدها: نوع الحمی المطبقه، و یقال لها: سونوخس و حدوثها یکون عند عفن الدم و هذه الحمی معها خطر لأنها لیست تریح المریض.

و الثانی: نوع الحمی التی تحدث عن عفن الصفراء و یقال لها: الغب، و هی تنوب یوماً و یوماً لا و هذه الحمی قصیره سلیمه، أما سلامتها فلأن البدن یستریح فیها [یوما و لان نوبتها قصیره و اما قصر مدتها لان خلطها لطیف سریع النضج سهل

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص:

252

التحلل.

و الثالث: نوع الحمی التی تحدث عن عفن المرّه السوداء و یقال لها: الربع و هی تنوب یوما و یومین لان هذه الحمی سلیمه طویله، اما سلمتها فان البدن یستریح فیها[901]] یومین، و أما طولها فلأن الخلط المحدث لها غلیظ بطی ء النضج عسر التحلل.

و الرابع: نوع الحمی الحادثه عن عفونه البلغم و یقال لها: الحمی المواظبه و هی تنوب فی کل یوم و هذه الحمی طویل مکثها و معها خطر، أما طول مکثها فلغلظ الخلط و لزوجته و هو لذلک لا [ینضج[902]] و لا یتحلل بسرعه، و أما خطرها فلأنها تنوب کل یوم و لا یستریح البدن فیها.

و کل واحده من هذه الحمیات الأربع ینقسم إلی أصناف أخر.

[فی اصناف حمی الدم]

أما حمی الدم فأصنافها تکون ثلاثه:

[المتساویه]

و ذلک أن منها ما تکون من أولها [الی آخرها علی حاله واحده و یقال لها:

المتساویه، و ذلک اذا کان ما ینقی من الدم مثل ما یعفن.

[المتزایده]

و منها ما یکون من اولها ضعیفه ثم لا یزال یزید حتی یکون فی آخرها[903]] شدیده صعبه ثم لا تزال تزید حتی تکون فی آخرها صعبه قویه و یقال لها:

المتزایده، و ذلک إذا کان ما یعف من الدم أکثر مما یفنی.

[المتناقصه]

و منها ما تکون منذ اولها[904] شدیده صعبه ثم لا تزال تتناقص حتی تکون فی آخرها ضعیفه و یقال لها: المنتاقصه، و ذلک إذا کان ما یفنی من الدم أکثر مما یعفن.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 253

[حمی العفونه المرکبه]

و أما الحمیات التی من عفونه الأخلاط الثلاثه الاخر فکل واحد منها ینقسم إلی صنفین:

أحدهما: أن تکون دائمه بغیر فتور.

و الثانی: أن تکون لها أوقات تنوب فیها علی ما ذکرنا.

و ذلک أن ما کان من الاخلاط

داخل العروق و الأورده إذا عفن أحدث حمی دائمه، و ما کان خارجاً عن الأورده و العروق إذا عفن أحدث حمی لها فترات و لذلک صارت الحمی الحادثه عن عفن الدم مطبقه لأن الدم داخل الأورده و العروق إلا أن حمی الدم صارت مطبقه لأن الدم إذا عفن جزء منه سری ذلک فی جمیعه و اشتعلت الحراره فیه بالسواء، و لا تزال الحمی دائمه حتی یفنی ذلک الشی ء الذی قد عفن کله أو ینضج أو یصلح أو یناله الأمران جمیعاً.

فأما حمی الأخلاط الأخر فصارت دائمه لأن الخلط إذا عفن داخل العروق و الأورده امتنع أن یتحلل أو یستفرغ بوجه من الوجوه لا بالعرق و لا بغیره، و لکثافه جرم العرق و تلززه صار لذلک تبقی من الحراره بعد انقضاء النوبه الأولی بقیه تدوم حتی تلحقها النوبه الثانیه، و کذلک تبقی من النوبه الثانیه حراره تتصل بحراره النوبه الثالثه حتی تصیر کأنها مطبقه.

و أما الاخلاط إذا عفنت خارج الأورده و العروق و صارت تحدث حمی بنوائب لأن الخلط الذی یعفن لیس کله فی موضع واحد لکن یجتمع منه شی ء بعد شی ء إلی الموضع الذی یعفن فیه، و اجتماعه یکون فی المدّه[905] التی فیما بین کل نوبتین من نوائب الحمیات.

و قد یعرض للدم أن یعفن خارج الأورده و العروق فیحدث حمی مطبقه، و ذلک إذا اجتمع فی عضو من الأعضاء مقدار کثیر و أحدث ورماً و عفناً بسبب السده العارضه من الورم فیسخن بسبب العفن و یسخن لذلک العضو الوارم و تتأدی تلک السخونه من ذلک العضو بالمجاوره إلی عضو بعد عضو فی الشرایین الصائره إلی ذلک العضو إلی أن تصل السخونه إلی القلب، ثم تصیر تلک

کامل

الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 254

الحراره من القلب فی الشرایین إلی جمیع البدن، ثم لا تزال الحمی لازمه إلی أن ینضج ذلک الورم و یستفرغ ما فیه، فلهذه الأسباب صارت بعض الحمیات مطبقه و بعضها بنوائب و أدوار.

[فی الأسباب التی من أجلها اختلفت أدوار الحمیات النائبه]

فأما الأسباب التی من أجلها اختلفت أدوار الحمیات النائبه فثلاثه أسباب:

أحدها: سرعه اجتماع الخلط الذی یعفن و إبطاؤه.

و الثانی: سهوله عفونه الخلط و عسره.

و الثالث: سرعه استفراغه و إبطائه و ذلک أن البلغم صار یحدث حمی تنوب فی کل یوم لسرعه اجتماعه إلی الموضع الذی یعفن فیه بسبب کثره مقداره فی البدن و سهوله تعفنه بسبب رطوبته و إبطاء استفراغه بسبب لزوجته.

و المره السوداء تحدث حمی تنوب یوماً أو یومین لا لأنها بطیئه الاجتماع بسبب قله مقدارها و عسر تعفنها بسبب بردها و یبسها و هی سریعه الاستفراغ لأنها لیست لزجه.

فأما المره الصفراء فإنها صارت تحدث حمی تنوب یوماً و یوماً لا لأنها متوسطه فیما بین السوداء و البلغم فی الأحوال التی ذکرناها، و ذلک أنها أقل مقداراً من البلغم و أکثر مقداراً من السوداء، و أیبس مزاجاً من البلغم، و أرطب مزاجاً من السوداء، و هی ألطف جوهراً من الصنفین جمیعاً.

فلهذه الأسباب صارت أدوار نوائب الحمیات تختلف، و لهذه الأسباب بأعیانها اختلفت مده زمان نوائب الحمیات و ذلک أن الحمی المواظبه علی أکثر الأمر تکون نوبتها ثمان عشره ساعه بسبب غلظ البلغم و لزوجته فهو لا یتحلل بسرعه.

و حمی الربع علی الأمر الاکثر تمکث أربعاً و عشرین ساعه و ذلک بسبب غلظ الخلط و یبسه فهو لا یعفن بسرعه فإذا عفن لم یتحلل أیضاً سریعاً [و ذلک أن

کامل الصناعه الطبیه،

ج 2، ص: 255

منزلته منزله الحجاره و الحدید فان النار لا تعمل فیها بسرعه[906]] فإذا عملت فیها لم تنطفی ء و لم تبرد بسرعه.

و أما حمی الغب الخالصه فأکثر ما تمکث أثنتی عشره ساعه و ذلک للطافه الخلط المحدث لها و قله لزوجته فهو یعفن بسرعه و یستفرغ بالعرق بسرعه.

و قد تکون مده زمان نوبه کل واحده من هذه الحمیات مره أقصر من هذا الزمان و مره أطول. و ذلک لثلاثه أسباب:

أحدها: طبیعه الخلط، و هو أنه متی کان الخلط أغلظ و أشد لزوجه و أبرد مزاجاً کان زمان نوبه الحمی أطول، و متی کان أقل و ألطف و أسخن مزاجاً و أقل لزوجه کانت النوبه کذلک أقصر مده.

و الثانی: مقدار قوه المریض و ذلک أنه متی کانت قوه المریض قویه حتی تدفع الخلط و تخرجه بالعرق کانت النوبه لذلک أقصر مده فإن کانت ضعیفه کانت نوبه الحمی لذلک أطول مده.

و الثالث: سخونه البدن و ذلک أن البدن إذا کان متخلخلًا واسع المسام کانت نوبه الحمی لذلک أقصر زماناً لأن الخلط یتحلل منه بسهوله و سرعه، فإذا کان البدن متلززاً کثیفاً ضیق المسام کانت نوبه الحمی لذلک أطول مده لأن الخلط لا یتحلل بسرعه، و متی اجتمعت أسباب قصر نوبه الحمی کلها کان مده زمان نوبه الحمی أقصر ما یکون، و متی اجتمعت أسباب طول نوبه مدّه الحمی کانت المده [زمان نوبه الحمی اطول ما یکون و اذا کانت نوبه الحمی اقصر مدّه[907]] کان المحموم لذلک من وقت انقضاء نوبه الحمی إلی وقت النوبه الثانیه نقی[908] البدن من الحمی مستریحاً، لکن متی کانت اطول[909] مده لم ینق المحموم من حماه حتی تلحقه النوبه الثانیه فلا یکون بین

النوبتین وقت یستریح فیه حتی تصیر الحمی لذلک شبیهه بالدائمه.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 256

و ینبغی أن تعلم أن أدوار نوائب الحمیات لا تزال لأزمه للنظام و الترتیب ما دام الخلط العفن لم یتغیر عن حاله و لم یخالطه نوع آخر من الاخلاط و تدبیر المریض لم یقع فیه خطأ، و متی تغیر الخلط العفن عن حاله و استحال إلی نوع آخر من الاخلاط بمنزله ما یستحیل الدم إذا هو احترق، أو عفن، فما کان منه لطیفاً استحال إلی الصفراء، و ما کان منه غلیظاً استحال إلی السوداء، و متی خالطه خلط آخر عفن أو یعفن خلطاً آخر أثر حمی تنوب بحسب طبیعته، و إن استعمل المریض تدبیراً ردیئاً تولد منه فی بدنه أخلاط اخر أثارت حمیات مختلفه بحسب طبیعه کل واحد منها ففسد لذلک نظام أدوار الحمیات، فإما أن تتقدم قبل وقتها و إما أن تحدث أدوار أخر غیر الأدوار التی کانت قبل، و تکون الزیاده فیها و النقصان منها بحسب مقدار تغیر الاخلاط مقدار[910] حدوثها.

فهذه صفه أصناف حمیات العفن البسیطه و أسبابها و أسباب اختلاف أدوارها، فاعلم ذلک.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 257

الباب الخامس فی ذکر دلائل الحمیات العفنیه و أسبابها و علاماتها

فأما العلامات الداله علیه: فمنها ما یدل علی جنسها، و منها ما یدل علی نوعها،

فأما العلامات الداله علی جنسها فهی ما أصف.

فأقول: إن العلامات الداله علی الحمی إذا حدثت دلت علی أنها حمی عفن بعضها مأخوذ من أوقات نوبه الحمی، و هی أنها تبتدی ء ضعیفه ثم أنها تشتد و تصعب فإذا أقلعت بقیت فی البدن منها بقایا الحراره و لم تقلع عن البدن اقلاعاً تاماً، و بعضها مأخوذ من جوهر الحراره و هی أن الحراره فیها تکون لذاعه [تلفح[911]] البدن،

[و لفحها[912]] کأنه لهیب النار، و منها مأخوذ مما یتبع الحمی و هو أنه یتبعها نافض أو قشعریره فی ابتدائها و اختلاف بیّن فی النبض و عدم النضج فی البول، و هو أن لا یکون فی البول ثفل راسب أبیض أملس، فإذا رأیت هذه العلامات فاقض علی الحمی أنها عفنیه.

فأما الاستدلال علی کل واحد من أنواعها فیکون بهذه العلامات.

[فی علامات الحمیات التی تنوب بأدوار]

أما الحمیات التی تنوب بأدوار: فإن حمی الغب یستدل علیها إما من الأشیاء الطبیعیه، و إما من الأشیاء التی لیست بطبیعیه، و إما من الأشیاء الخارجه عن الأمر

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 258

الطبیعی.

فأما من الأشیاء الطبیعیه: بأن یکون مزاج العلیل حاراً یابساً تغلب علیه الصفراء و أن یکون السن سن الشباب و الوقت الحاضر من أوقات السنه صیفاً و الهواء حاراً یابساً.

و أما الأشیاء التی لیست بطبیعیه: فإنه یکون قد تقدم صاحب الحمی فتناول أطعمه و أشربه حاره یابسه أو لحقه هم أو أرق أو تعب تعباً شدیداً أو صام زماناً طویلًا، أو [صناعته[913]] صناعه الحدادین و الوقادین فإن هذه الأشیاء کلها تسخن البدن و تجففه و تولد فیها صفراء.

و أما الأشیاء الخارجه عن الأمر الطبیعی: فهی أن یکون مع الحمی نافض شدید و معه لذع أو نخس کنخس الابر و ذلک[914] لحده الصفراء، و أن تکون الحراره إذا لمست البدن قویه حاده لذاعه، و أن یکون النبض فی أول ابتداء النوبه صغیراً ضعیفاً متفاوتاً إلا أن ذلک لا یثبت إلا یسیراً حتی یکون عظیماً قویاً مختلفاً، أما قوته فلأن المره الصفراء لطیفه خفیفه لا تثقل القوّه و تجحف به[915]، و أما عظمه فللحاجه إلی تبرید الحراره الشدیده. و أما الاختلاف فإن

الاختلاف مخصوص بسائر الحمیات العفنیه إلا أن الاختلاف فی هذه الحمی لا یکون کثیراً لأن الخلط المحدث لها لطیف خفیف لا یضغط القوّه یثقلها، و أن یکون البول فی هذه الحمی بلون النار منتن الرائحه، و یکون مع الحمی عطش شدید و کرب و غثیان و قی ء مره صفراء و عرق کثیر للطافه الخلط، و ربما دفعت الطبیعه بمرار أصفر.

فمتی وجدت هذه العلامات او أکثرها[916] حکمت علی الحمی أنها حمی غب خالصه و لا سیما إذا کان مع ذلک قد حدثت هذه الحمی بکثیر من الناس فی ذلک الوقت من السنه.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 259

[فی علامات حمی الربع]

فأما حمی الربع: فإن الاستدلال علیها أیضاً یکون: إما من الأشیاء الطبیعیه، و إما من الأشیاء التی لیست بطبیعیه و إما من الأشیاء الخارجه عن الأمر الطبیعی.

أما من الأشیاء الطبیعیه: فأن یکون مزاج العلیل بارداً یابساً [یغلب علیه المرّه السوداء او السن بین الکهوله و الوقت الحاضر من اوقات السنه الخریف و الهواء فی ذلک الوقت باردا یابساً[917]].

و أما الأشیاء التی لیست بطبیعیه: فأن یکون العلیل قد أکثر فیما تقدم من تناول الأغذیه المولده للسوداء بمنزله العدس و الکرنب و القنبیط و لحم التیوس.

و أما الأشیاء الخارجه عن الأمر الطبیعی: فمنها ما هی متقدمه[918] و هی أن تکون قد تقدمت الحمی حمیات مختلطه[919] و صلابه فی الطحال، و منها حاضره فی وقت نوبه الحمی.

أما فی ابتدائها: فأن یکون معها نافض مع ثقل و تکسیر و برد شدید فی سائر البدن و النبض بطیئاً متفاوتاً شدید الاختلاف، و أما فی صعودها فتکون الحراره غیر حاده و لا لذاعه کحراره حمی الغب و یکون النبض أسرع و أشد تواتراً

منه فی ابتداء النوبه إلا أنه إذا قیس إلی حمی الغب کان صغیراً متفاوتاً و العطش قلیلًا و البول [منتن[920]] غیر نضیج، و أما فی وقت انحطاط الحمی [فالحراره[921]] تکون أقل منها فی حمی الغب، و فی وقت انقضائها یکون النبض بطیئاً متفاوتاً مختلفاً، و البول یکون مختلف اللون غیر نضیج [منتن[922]].

فإذا وجدت هذه الدلائل أو أکثرها مع الحمی علمت بذلک أنها حمی ربع خالصه، و إن کان مع هذه الدلائل حمی الربع قد حدثت فی ذلک الوقت من السنه بکثیر من الناس کان ذلک أوکد الدلاله علی أنها حمی ربع.

فأما الدلائل التی تدل علی الحمی المواظبه: فهی أیضاً مأخوذه إما من الأشیاء الطبیعیه، و إما من الأشیاء التی لیست بطبیعیه، و إما من الأشیاء الخارجه عن

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 260

الأمر الطبیعی.

[فی علامات حمی المواظبه]

أما من الأشیاء الطبیعیه: فأن یکون مزاج العلیل بارداً رطباً یغلب علیه البلغم، و السن، إما سن الصبیان و إما سن المشایخ، أما سن الصبیان فلکثره نهمهم[923] و شرههم تتولد فیهم الرطوبه، و أما المشایخ فلکثره البلغم فیهم، و الوقت [الحاضر[924]] من أوقات السنه شتاء و مزاج الهواء و البلد بارد رطب، و أما من الأشیاء التی لیست بطبیعیه فأن یکون العلیل فی صحته نهماً کثیر الأکل و الشرب، کثیر الراحه و الدعه، و یستحم کثیراً بعد الطعام.

و أما من الأشیاء الخارجه عن الأمر الطبیعی: فأن یجد العلیل وجعاً فی فم معدته و رطوبه فی لسانه و نفخه فی الجنبین و اللون الحائل و یکون عطشه قلیلًا، و أن یکون فیها قشعریره و برد شدید فی الأطراف یکِّون مکثه فضل قلیل، و إذا لمس البدن وقت نوبه الحمی لم تبن

الحراره فی أول الأمر لکن بعد أن یحمی موضع البدن و تتسع المسام و یلطف الخلط البلغمی و ترق و ترتفع الحراره و یکون مع الحراره رطوبه بسبب البلغم و مع رطوبتها حده و ذلک بسبب العفونه فربما لم یکن معها عرق و ربما کان معها عرق یسیر، و تکون نوبتها طویله حتی تبقی الحراره فی البدن إلی ابتداء النوبه الثانیه.

و یکون النبض أصغر من نبض أصحاب حمی الربع و أشد تواتراً، أما صغره فإن البلغم یضعف القوّه ببرودته و یحلها و یضغطها بکثره مقداره و لذلک یصیر أکثر اختلافاً، و أما تواتره فلیقوم بما فات من بلوغ الحاجه بعظمه.

و یکون البول مره رقیقا [أبیض[925]] و مره ثخینا کدراً أحمر. أما الرقیق الأبیض فرقته تأتی من قبل السده العارضه عن غلظ الخلط و لزوجته و بیاضه من قبل برد مزاج البلغم، و أما الثخین [الکدر[926]] الأحمر فثخنه و کدره یأتی من قبل أن الطبیعه

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 261

ربما اسخنت[927] تلک السده و دفعت تلک الرطوبه الغلیظه اللزجه التی کانت أحدثت السده و حمرته من قبل أن الخلط البلغمی إذا طال مکثه عفن و ثخن، فمتی ظهرت هذه الدلائل فی الحمی أو أکثرها کانت[928] تلک الحمی مواظبه خالصه لا سیما إن کانت حمی البلغم قد فشت فی ذلک الوقت من أوقات السنه إلا أنه ینبغی أن تعلم مع ما ذکرنا أنه متی کانت هذه الحمی عن عفن البلغم الزجاجی کان فی ابتدائها نافض یسیر، و إن کانت من بلغم مالح کان فی ابتدائها قشعریره، و ما کان منها عن عفن البلغم الحامض کان فی ابتدائها برد و ما کان حدثها عن البلغم الحلو فلیس یکون

فی ابتدائها من هذا شی ء. فمن هذه الدلائل التی وصفت یعرف کل واحده من الحمیات العفنیه الخالصه التی تنوب بإدوار.

و مما ینبغی أن تعلمه من أمر النافض فی سائر الحمیات أنها فی النساء تبتدی ء من الظهر، و فی الرجال من أطراف الیدین و الرجلین [فإعلم ذلک][929].

[فی علامات الحمی المطبقه]

فأما الحمیات المطبقه فإن الدلیل العام علیها هو أن لا تنقضی عند تمام أربع و عشرین ساعه و أن لا یکون فیها نافض و لا قشعریره و لا شی ء من العلامات التی تظهر فی الحمیات التی تکون بادوار، و أنها لا تقلع اقلاعاً تاماً دون انقضائها و زوالها، و لا یکون معها عرق له قدر عند انقضائها و زوالها، و أن یکون النبض فیها کثیر الاختلاف[930]، و البول غیر نضیج فإذا وجدت هذه العلامات فی الحمی علمت من ذلک أنها حمی مطبقه.

[فی علامات الحمی الکائنه عن عفن الدم]

و أما علامات کل واحد من أصنافها: فما کان منها حدوثه عن عفن الدم، فمن علاماته أن یجد العلیل فی بدنه ثقلًا و کسلًا و یتنفس تنفساً متواتراً و یحدث له

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 262

کرب و قلق و عطش، و تکون عیناه حمراوان و عروقهما حمر الوجه و سائر البدن شبیه بالبنفسج و عروقه ممتلئه، و النبض عظیم کثیر الاختلاف، و البول أحمر قانیاً.

و ما کان منها حدوثه عن عفن الاخلاط الاخر فإن الاستدلال الخاص علیه یکون بالفتور الحادث فیها فی أوقات نوائبها.

[فی علامات الحمر الکائنه عن عفونه الصفراء]

بمنزله ما یحدث فی الحمی الدائمه الحادثه عن عفونه [المره[931]] الصفراء و هی الحمی المحرقه من فتور الحراره و انکسارها فی یوم ترکها، و اشتدادها و قوتها فی یوم نوبتها، و

تتبعها حراره شدیده و عطش شدید [و کرب[932]] وحده و إشراف علی التلف [و أرق[933]] و اختلاط ذهن، کلما کانت أحدّ کان البحران فیها أسرع، و أکثر ما تحدث هذه الحمی فیمن یجتمع فی العروق منه مرار کثیر لا سیما فی العروق التی فی الجانب المقعر من الکبد أو فی الرئه أو فی فم المعده و لذلک صار العطش تابعاً لکل حمی محرقه فیجب لذلک أن یکون تبریدنا لهذه الحمی أکثر من غیرها.

[فی علامات الحمی الکائنه عن عفونه البلغم]

و أما الحمی المواظبه الحادثه عن البلغم: إذا کانت دائمه فیحدث لها فتور فی کل یوم فی وقت ترکها و تقوی الحراره فی وقت نوبتها.

[فی علامات الحمی الکائنه عن عفونه المرّه السوداء]

و حمی الربع الحادثه عن عفن المره السوداء إذا کانت دائمه فإن الفتور یحدث لها یومین و تصعب فی یوم نوبتها و تقوی حرارتها، فبهذه الدلائل التی ذکرناها یستدل علی کل واحده من الحمیات [العفنیه[934]] إذا کانت بسیطه، [فاعلم ذلک[935]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 263

الباب السادس فی صفه الحمیات المرکبه و أسبابها و علاماتها

فأما الحمیات المرکبه: فأصنافها کثیره و ذلک أنها [اما ان[936]] تترکب غباً مع نائبه، أو غباً مع ربع، أو غباً مع مطبقه، أو نائبه مع ربع، أو مواظبه مع مطبقه، أو ربعاً مع مطبقه، او نائبه مع غب دائمه[937]، أو مواظبه نائبه مع مواظبه دائمه، أو ربعاً نائبه مع ربع دائمه، أو غباً دائمه مع مواظبه نائبه.

و ربما ترکبت ثلاث من هذه الحمیات، و ربما ترکبت أربعتها و غیر ذلک من اختلاف التراکیب.

و ترکیبها بعضها مع بعض علی جهتین:

إما علی جهه الامتزاج، و إما علی جهه المجاوره.

أما علی جهه الامتزاج: فإن کان الخلطان المحدثان الحمیان جمیعاً مختلطان ممتزجان فعند ذلک یکون

ابتداء نوبتها و انقضائها فی زمان واحد.

و أما علی جهه المجاوره: فإذا کان کل واحد من الخلطین منفرداً عن صاحبه فعند ذلک تکون نوبتها فی وقتین مختلفین و کذلک انقضاؤهما.

و کل [واحد من[938]] الاخلاط المرکبه: إما أن تکون متساویه فی المقدار، و إما أن یکون بعضها أکثر و بعضها أقل.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 264

[فی الحمی المرکبه ایطویطاوس]

و الحمیات المرکبه منها ما لیس لها اسم خاص تعرف به، و ما لها اسم خاص تعرف به، فالحمی التی لها اسم خاص هی الحمی المسماه ایطریطاوس[939] و هی ایطریطاوس شطر الغب فإن هذه الحمی ترکبت من حمی بلغمیه دائمه و من حمی غب تنوب بأدوار، هذا إذا کانت خالصه.

و أما غیر الخالصه: فإنها تترکب إما من غب دائمه و بلغمیه نائبه، و إما من غب دائمه و بلغمیه دائمه، و إما من غب تنوب بأدوار و بلغمیه تنوب بأدوار.

و ربما ترکبت هذه الحمی من حمیین متساویتین من القوی، [و ربما ترکبت من حمیین[940]] احداهما أقوی من الأخری، فهذه صفه أنواع الحمیات المرکبه.

و أما العلامات الداله علیها فما کان منها ترکیبه علی جهه المجاوره فمعرفتها سهله من أوقات نوائب کل واحد منها و مده زمانها، و إن ترکبت حمی دائمه مع حمی نائبه استدللت علی الحمی النائبه بالنافض الذی یحدث فی وقت نوبه الحمی و علی المطبقه بدوامها، و أما ما کان ترکیبه علی جهه الممازجه فمعرفته عسره شاقه و ذلک لاختلاط [العلامات بعضها ببعض لا سیما اذا کانت الاخلاط[941]] الممتزجه المتساویه فإن ذلک یکون أصعب و اعسر، و إن کان أحد الخلطین أغلب فی ترکیبها کانت معرفتها أسهل لأن علامه الخلط الغالب تکون أظهر.

و قد ینبغی أن

تستعمل فی ذلک جوده التمییز و حسن النظر و لا تثقن فی الحمیات المرکبه بنوائبها و لا تعتمد فی المتطببین[942] فی الاستدلال علیها فإنه ربما کانت حمیا غب تنوبان فی کل یوم فیقدر رعاع الأطباء أنها حمی مواظبه، و ربما کانت حمی ربع ینوب[943] غبا فیتوهم أنها حمی غب فیستعمل فیها من العلاج غیر ما ینبغی فتزداد بذلک الحمی قوه و تشتد حتی أنه ربما هلک المریض بذلک العلاج إذا کان یستعمل فیه ضد ما یحتاج إلیه، و لذلک ینبغی أن یستدل علی الحمی من نفس طبیعتها و من الأعراض الخاصه بها علی ما ذکرنا فیما تقدم[944]

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 265

لتصح الدلاله و یقع العلاج موقعه و لا تغیّر بنوائب[945] الحمیات.

[فی الحمی المرکبه من الصفراء و البلغم]

و أما الحمی المرکبه من الصفراء و البلغم: و هی شطر الغب فإنها إذا کانت خالصه استدل علیها بأربعه دلائل:

أحدها: أن تکون دائمه و ذلک بسبب الحمی البلغمیه الدائمه.

و الثانیه: تکون لها نوائب فی کل یوم و تکون یوماً خفیفه سهله و یوماً شدیده صعبه. أما خفتها فلأن الحمی البلغمیه الدائمه إذا تحرکت فی أوقات نوائبها فی کل یوم مفرده لم یکن معها نافض لأن الخلط داخل الأورده و العروق.

و أما صعوبتها الیوم الآخر فإنه یوم نوبه الحمی الغب النائبه و یحدث معها النافض الشدید الذی من شأنه أن یحدث مع حمی الغب، و ربما حدثت النافض و القشعریره فیها فی الیوم مرتین أو ثلاثاً أو أربعاً و تتحرک مع ذلک الحمی البلغمیه التی لها أن تنوب فی کل یوم فلذلک تشتد و تصعب.

و الثالثه: إن تحدث فیها فی أوقات النوائب الصعبه نافض شدیده و ربما کثر النافض

و القشعریره فیها فی الیوم مرتین أو ثلاثاً أو أربعاً.

و الرابعه: أن تکون نوبتها متساویه فی القوّه الشدیده و مساویه للشدیده و الضعیفه [و مساویه للصعبه[946]].

فأما شطر الغب غیر الخالصه: فمنها ما تکون مرکبه من حمیات متساویه فی القوّه، و منها ما تکون احدی الحمیین أغلب فی ترکیبها.

فأما ما کان منها مساویاً فی الترکیب: فما کان منها مرکباً من غب نائبه و مواظبه نائبه فإن النافض یکون فیها فی کل یوم إلا أنها تکون فی یوم ضعیفه مع قشعریره و برد شدید فی الأطراف و یوم مع نافض شدیده و رعده و لذع وحده، و ما کان منها مترکباً من حمی غب دائمه و مواظبه نائبه [فلیس یکون فیها نافض و لا

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 266

قشعریره، و إن کان منها مرکبا من حمی غب دائمه و موظبه نائبه[947]] فإنها تکون شبیهه بالخالصه إلا أنها تخالفها فی أن النافض التی تکون معها لا تکون شدیده لأن نافض هذه الحمی بسبب الحمی البلغمیه.

و النافض فی الحمی البلغمیه لا تکون شدیده بل شبیهه بالقشعریره و لا یکون معها نخس بل یکون شبیهاً بالامتلاء، و متی کان ترکیب هذه الحمی من حمیات غیر متساویه عن الاخلاط المحدثه لها فأجتمع منها حمی متساویه[948]، فإن علامات أغلب الحمیین یکون أظهر و أبین[949] و علامات ضعفها یکون أخفی، فهذه صفه العلامات الداله علی الحمیات العفنیه المرکبه.

و قد تعرض فی الحمیات البسیطه و المرکبه أحوال یخالف بعضها بعضاً إما بسبب اختلاف الحراره، و إما بسبب الماده.

و یسمی کل واحد منها باسم مشتق من الحال[950] التی تعرض فیها فمنها ما تکون الرطوبه المخالطه لها کثیره و یقال لها: الودیس.

و منها ما تکون حرارتها

شدیده محرقه و یقال لها: قوسس[951]، و یتبعها عطش شدید و سواد فی اللسان و لذع فی [فم[952]] المعده و إذا لمس البدن أحس به کأنه یحترق احتراقاً [شدیداً[953]].

و منها ما یجد المحموم فیها برداً و حراره معاً فی باطن البدن و فی ظاهره، أعنی جمیع أعضاء [البدن[954]] معاً و هذا یکون فی الحمی البلغمیه التی تحدث عن عفن البلغم الزجاجی فإن الحراره تکون فی هذه الحمی بسبب البلغم الذی قد عفن و البرد بسبب البلغم الذی لم یعفن و یقال لهذه الحمی: ایقیالس[955].

و منها ما یجد صاحبها فی باطن [البدن[956]] حراره شدیده و فی ظاهره فتوراً و ذلک بسبب [غلظ[957]] الخلط المحدث لها و لزوجته فلا یمکن الحراره أن تخرج

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 267

من باطن البدن إلی ظاهره و یقال لهذه الحمی[958]: لیغوریا[959]،.

و منها ما یکون معها فی ظاهر البدن برد شدید و هذا یکون عن بلغم شدید البرد و تسمی: افروموذیس[960] و هی الزمهریه، و منها ما یکون معها فی باطن البدن حراره تشدید مؤذیه یرتفع منها إلی ظاهر البدن بخار حاد [و ذلک لان الرطوبه المحدثه لها لیست شدیده اللزوجه فهو ینحل منها بخار حار بسهوله[961]] و یقال لهذه الحمی: طیفودس[962].

فهذه صفه جمیع أصناف الحمیات الحادثه عن عفن الاخلاط، [فاعلم ذلک ترشد إن شاء اللّه تعالی[963]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 268

الباب السابع فی حمی الدق و اسبابها و علاماتها

فأما الحمی المعروفه بافطیقوس[964] فإنها تنقسم إلی قسمین:

أحدهما: یقال له: الشیخوخه و هو فناء الرطوبه و غلبه الیبس علی أعضاء البدن حتی یجف و یقحل و تضعف الحراره الغریزیه و تتلاشی، و إنما سمی بمرض الشیخوخه لأن المشایخ إذا هرموا انطفئت حرارتهم الغریزیه و غلب الیبس علی أعضائهم و فنیت

رطوباتها فلذلک اشتق لهذا المرض اسم من الشیخوخه.

و النوع الثانی: و هو حمی الدق الحقیقه[965] و هو تشبث الحراره الخارجه عن الطبع بالأعضاء الأصلیه حتی تفنی [معه[966]] رطوبات البدن.

[فی اصناف حمی الدق الحقیقه]

و أصنافها ثلاثه:

[حمی الدق بقول مطلق]

أحدها: الصنف الذی تفنی معه الرطوبه التی فی العروق الصغار التی تخص کل واحد من الأعضاء و تسخن الرطوبه التی فی الأعضاء الرخصه مثل الشحم و اللحم، و یقال لهذه: حمی الدق بقول مطلق.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 269

[فی حمی الدق الذبولیه]

و الثانی: الصنف الذی تفنی معه الرطوبه التی فی اللحم الرخص و تأخذ الحراره فی الرطوبه [التی فیما بین الاجزاء التی هی بمنزله الندی و الطل، و منها یغتذی هذه الاعضاء و یقال لهذا الصنف: حمی دق ذبولیه.

[فی حمی الذبول و السل]

و الصنف الثالث: الذی تفنی معه هذه الرطوبه و تأخذ الحاره فی الرطوبه[967]] التی بها تتصل أجزاء الأعضاء الأصلیه بعضها ببعض و یقال لهذه الحمی: الذبول و السل، و إنما سمیت الذبول لفناء الرطوبه من الأعضاء الأصلیه و یبسها و استرخاء الأعضاء لفناء الرطوبه التی تصل الأعضاء بعضها ببعض کالذی یعرض للنبات إذا ابتدأ أن یجف من الاسترخاء و الذبول.

فأما الأسباب التی عنها تحدث هذه الحمی: فإن حمی الدق تحدث إما من أسباب سابقه، و إما من أسباب بادیه.

أما من أسباب سابقه: فبمنزله الحمیات العفنیه إذا کانت محرقه و إذا طالت مدتها و عملت الحراره فی رطوبه القلب [و رطوبه الاعضاء[968]] الأصلیه و افنتها، و ما حدث من حمی الدق عن هذه الأسباب فهی من أولها ذبولیه بمنزله [الدق][969] الحادثه عن الحمی المعروفه بشطر الغب و بمنزله ورم[970] حار یحدث[971] فی الصدر فتتأدی تلک الحراره إلی

القلب بالمجاوره فتنشف رطوبته و رطوبه الشرایین و تجفف معها [الاعضاء[972]] الأصلیه، و ربما حدث بسبب غشی یعرض لمن به مرض حاد فیضطر الطبیب لذلک إلی إعطاه العلیل شراباً فیکسب القلب یبساً و یتأدی ذلک الیبس إلی الأعضاء الأصلیه.

و أما الأسباب البادیه: فبمنزله الهم و الغم و الغضب و التعب و السهر و عدم الطعام و الشراب لا سیما إن اتفق ذلک فی سن الفتوه و الشباب و من مزاجه حار

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 270

یابس أو فی وقت صائف و تدبیر صاحبه تدبیر حار، و ما حدث منها عن مثل هذه الأسباب فهی فی أولها تعرف بالدق، فإن تزایدت قیل لها: الذبولیه و السل، فحمی الدق تحدث عن هذه الأسباب.

و أما العلامات الداله علیها فإن هذه الحمی فی أول أمرها و ابتداء حدوثها الوقوف علیها عسر و ذلک لأن سوء المزاج الحار مستولی علی[973] جمیع البدن غیر مختلف، و المحموم لا یحس فی بدنه بحراره الحمی و لا بألم و لا تکسیر و لا غیر ذلک من أعراض الحمی العفنیه لأن الحراره [الغریبه[974]] تکون قد غلبت علی جمیع أعضاء البدن بالسواء و لیس فیه عضو خال من الحراره [الغریبه[975]] فیحس بما خالفه، و لم تعمل الحراره بعد رطوبات البدن جیداً[976] فتظهر العلامات الداله علیها و لذلک صارت هذه الحمی عسره البرء، و لأنه لا یوقف علیها منذ أول الأمر فتعالج، فإذا صارت إلی حد الذبول فظهرت علاماتها [فصارت[977]] معرفتها سهله لم یمکن فیها البرء لأن البدن قد صار فیها إلی حد العطب.

و علامات هذه الحمی فی ابتداء حدوثها ما تراه یظهر فی أکثر الأحوال، من ذلک أنه متی حدث فی البدن حمی دامت ثلاثه

أیام و لم تکن بالقویه الحراره و لم یکن معها شی ء من أعراض الحمیات العفنیه بمنزله النافض و العطش و الکرب و یبس اللسان و سواده و التکسیر و الضربان و الصداع و نتن البول و عظم [التنفس[978]] و النبض و اختلافه و غیر ذلک من الأعراض التابعه لحمیات العفن، و کانت مع ذلک الحراره ساکنه دائمه هادیه علی حال واحده ثلاثه أیام او أکثر و کانت تشتد عند تناول الغذاء أی وقت کان ذلک و باللیل فی وقت النوم.

فینبغی أن تعلم أن تلک الحمی الدق فهذه صفه العلامات الداله علی ابتدائها.

فإذا تزایدت هذه الحمی و قویت و أخذت الحراره فی الرطوبات التی فی العروق هزل العلیل و نقص لحمه و یبس جلده و ضمر وجهه و غارت عیناه فإذا

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 271

صار البدن إلی حال الذبول و أخذت[979] الحراره فی الرطوبه الباقیه فعلاماته أن تکون العینان غائرتین و علیهما رمص و الأجفان تنجذب إلی أسفل بمنزله فعلها فی وقت النعاس فذلک لضعف القوّه و الوجه ضامر و سائر البدن یابس قحل قد ذهب عنه نضاره الحیاه و إشراقها و تکون جلده الجبهه متمدده یابسه کأنها جلده قد جفت علی عظم الوجه و البدن کله مثل ذلک و الصدغان لاطئین و الاذنان معقفتین و لونهما أصفر و الکتفان منشالین و مراق البطن یابسه ذابله، و إذا لمست المواضع التی دون الشراسیف وجدت سائر ما فیه من الأحشاء یابسه لم تظهر تحت الید جیداً و تکون مراق البطن قحله متمدده ملتصقه بالظهر، و تکون حراره البدن فی أول ما تلمس ضعیفه حتی طال لبث الید علی البدن أحس بحراره حاده، و یکون النبض فی

أصحاب هذا المرض صلباً متواتراً کأنه وتر ممدود[980] ضعیف.

فهذه صفه أصناف حمی الذبولیه[981] و أسبابها و العلامات الداله علیها، فاعلم ذلک.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 272

الباب الثامن فی صفه الأورام و أسبابها و علاماتها

أقول: إن الورم هو غلظ و انتفاخ یحدث للعضو من فضل ماده تمدده و تملأ تجاویفه، و هذه الماده إما أن تنصب إلیه من عضو آخر یدفعها أو ینفیها عن نفسه و إما أن تتولد فیه.

و انصباب ماده العضو إلی عضو آخر یکون لاجتماع سته أسباب التی ذکرناها عند ذکرنا أسباب الأمراض و هی: قوه العضو الدافع، و ضعف العضو القابل، و کثره الماده، وسعه المجاری، و ضعف القوّه الغاذیه التی فی العضو القابل، و أن یکون العضو القابل أسفل من موضع العضو الدافع.

و أما تولد الماده فی العضو لضعف القوّه الغاذیه التی فیه فلا ینهظم الغذاء الصائر إلیه انهظاماً تاماً فیبقی فیه فضله و یتزاید ذلک قلیلًا قلیلًا حتی یملأ العضو و یتمدد فیحدث فیه الورم فمتی حدث فی عضو من الأعضاء ورم دفعه فذلک یکون من فضل ماده انصبت إلیه من عضو آخر، و هذا یکون فی الأورام الحاره.

و متی حدث فی اولا فأولًا[982] و تزاید قلیلًا قلیلًا فذلک یکون إما من انصباب الفضل شیئاً بعد شی ء، و إما من فضل یتولد فی العضو، و هذا یکون فی الأورام البارده.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 273

[فی اجناس الاورام]

و أجناس الأورام جنسان:

أحدهما: جنس الورم الحار.

و الثانی: جنس الورم البارد.

[فی الورم الحار]

فأما جنس الورم الحار: فیکون من [سوء[983]] مزاج حار مع ماده تنصب إلی العضو.

فإن کانت حاره رطبه دمویه: حدث عنها الورم المعروف بفلغمونی. و قد ذکر جالینوس «أن من الفلغمونی ما یحدث عن سوء مزاج حار مفرد من غیر

ماده فیحدث فی العضو لهیب و حمره، فإذا قوی و اشتد حدث عنه موت العضو»، و هذا النوع شبیه بحمی تحدث فی العضو.

و إن کانت الماده حاره یابسه صفراویه: حدث عنها الورم المعروف بالنمله.

[فی الورم البارد]

و أما جنس الورم البارد: فحدوثه عن سوء مزاج بارد مع ماده، إما أن تنصب إلی العضو، و إما أن تتولد فیه، فإن کانت الماده بارده یابسه سوداویه حدث عنها الورم المعروف باسقروس[984]، و هو الورم الصلب، و إن کانت الماده بارده رطبه بلغمیه حدث عنها الورم الرخو المعروف بأوذیما.

فتصیر أصناف الأورام أربعه:

أحدها: الورم الدموی و یسمی فلغمونی.

و الثانی: الورم الصفراوی المعروف بالنمله.

و الثالث: الورم البلغمی المعروف بأذویما.

و الرابع: الورم السوداوی المعروف باسقروس[985].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 274

و کل واحد من هذه الأورام: إما أن یکون مفرداً بسیطاً و حدوثه یکون من خلط واحد و هی هذه الأربعه، و إما أن یکون مرکباً و حدوثه یکون عن أکثر من خلط واحد.

و أصناف هذه الأورام کثیره و ذلک أنه ربما ترکبت من خلطین من الاخلاط، و ربما ترکبت من ثلاثه، و ربما ترکبت من أربعه.

و ترکیبه یکون: إما من اخلاط متساویه فی الکمیه، و إما أن یکون أحد الاخلاط فیها أکثر، و لهذا صارت الأورام المرکبه کثیره بحسب الزیاده و النقصان فی الترکیب.

و تعرف هذه الأورام تکون من الدلائل المختلطه فما کان منها مرکباً من أخلاط متساویه فتعرف علیها یکون عسراً و تمییزه صعباً، و ما کان منها مرکباً من اخلاط مختلفه فی الکمیه فإن معرفتها یکون من دلائل الخلط الغالب.

و هذه الأورام المرکبه منها ما لها اسم تعرف به، و منها ما لا اسم لها.

فالورم المرکب من المره و الدم

یقال له: الحمره، فإن کان الخلط الصفراوی أغلب قیل له: حمره فلغمونیه، و إن کان الخلط الدموی أغلب قیل له: فلغمونی یمیل إلی الحمره.

و کل واحد من أسباب هذه الأورام مختلف الأحوال من قبل الأسباب الفاعله له، و من قبل العضو الحادث فیه، و من قبل ما یحتوی علیه من الماده.

و نحن نذکر کل صنف من هذه الأورام و أسبابه و علاماته [إن شاء اللّه تعالی[986]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 275

الباب التاسع فی صفه الورم المسمی فلغمونی و أسبابه و علاماته

فأما الورم المسمی فلغمونی: فحدوثه یکون إما من أسباب بادیه، و إما من أسباب سابقه.

[فی الأسباب البادیه]

أما الأسباب البادیه: فهی بمنزله الجراحه و الفسخ[987] و القطع و حرق النار و الخلع و الوثی و الکسر و القروح الحادثه عن أسباب من خارج، فإن کل واحد من هذه الأسباب إذا حدث بالعضو إنصبت إلیه ماده دمویه، و ذلک أن من شأن الطبیعه أن ترسل إلی کل واحد من الأعضاء دماً لتغذیه لا سیما الأعضاء الضعیفه لتشفیها، و إذا کانت بالعضو آفه لم یمکنه إحاله ذلک الدم إلی طبیعته و لم یکن فیه قوه تنفیه عن نفسه حصل فی العضو و صار فضل فیه و امتلأ العضو لذلک و تمدد و انتفخ و حمی الدم لعدم التنفس بسبب ظغط الورم للشرایین.[988]

کامل الصناعه الطبیه ؛ ج 2 ؛ ص275

[فی الاسباب السابقه]

و أما الاسباب السابقه: فهی الامتلاء من الدم، و هذا الدم[989] إن کان جیداً معتدلًا فی مزاجه و جوهره، و کانت العفونه قد حدثت بعد حصوله فی العضو حدث عنه الورم المسمی فلغمونی خالصاً، و علاماته انتفاخ فی العضو و وجع، إلا

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 276

أن یکون العضو قلیل الحس، و ضربان و تمدد و شده

الحراره و الالتهاب و حمره و مدافعه [بالید[990]] إذا غمز علیه، إلا أن هذه الأعراض لا تکون فیه قویه لاعتدال الماده فإن کان العضو کثیر الشرایین قلیل[991] الحس کان الضربان أشد، و إن کان قلیل الشرایین قوی الحس کان معه وجع و ثقل من غیر ضربان، فإن کان الدم المحدث له معتدل المزاج غلیظ الجوهر حدث عنه الفلغمونی فی اللحم.

و تکون تلک العلامات التی ذکرناها أقوی التمدد و الضربان أشد، و إن کان الدم مع اعتداله رقیق الجوهر حدث عنه الفلغمونی فی الجلد و کانت العلامات التی ذکرنا فیه أنقص و لم یکن معه ضربان.

و إن کان الدم لیس بالجید و لا معتدل المزاج بل شدید الحراره و کان مع ذلک رقیقاً حدث عنه الورم المسمی الحمره، و یقال له: الحمره الخالصه، و هذه الحمره أقل رداءه من الحمره المرکبه من الدم و الصفراء.

و من علامات هذا الورم أن یکون معه لهیب أشد من لهیب الفلغمونی و حمره ناصعه أشد من حمرته، و إذا لمست الورم و حدث الدم الذی فیه یتنحی[992] عن موضع الغمز ثم یرجع إلا أن ضربانه و وجعه أقل، و إن کان الدم مع رداءته غلیظ الجوهر حدث عنه الورم المعروف بالحمره و هو المسمی: بالجدری و یسمیه العرب: بنات النار.

و نحن نذکر أسباب هذا الورم و علاماته فی الموضع الذی نذکر فیه الاعلال التی تکون فی سطح الجلد[993]، و قد تختلف أحوال هذا الورم أعنی الدموی بحسب العضو الحادث فیه فمتی کان فی الرأس و الوجه سمی ماشراً، و علامته الحمره الشدیده فی الوجه و انتفاخ الرأس و جمیع ما فیه و وجع و ضربان، فإن حدث فی غشاء الدماغ

قیل له: سرسام، و إن حدث فی الملتحم من طبقات العین قیل له: رمد، و إن حدث فی الغشاء المستبطن للاضلاع قیل له: ذات الجنب، و إن حدث فی الرئه قیل له: ذات الرئه، و إن حدث فی الحجاب قیل له: برسام، و إن حدث بالقرب من الاظفار قیل: له داحس، و إن حدث فی اللحم الرخو الذی تحت

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 277

الابطین و الأربیتین أو فی العنق أو خلف الاذن و تولدت فیه المده بسرعه قیل له:

طاعون و خراج.

فإن کان فلغمونی یضرب إلی الحمره أو حمره تضرب إلی الفلغمونی و قد جرت[994] فیه المده قیل له: فوجلبن[995] و هو الطاعون، و ما حدث من ذلک فی الغدد التی تحت الابطین کان طاعوناً خبیثاً ردیئاً، لأن هذه الغدد تقبل فضول القلب و هی أشد حراره، و إذا حدث فی غیر هذه الأعضاء قیل له: ورم فلغمونی مطلق، و إذا انفتح هذا الورم قیل له: انسطاما[996] و هو اسم یدل علی التباعد و التفرق و ذلک أن العضو الوارم اذا انصبت إلیه ماده من عضو آخر و کان تولدها فیه فلا بد من أن تتفرق أجزاؤه و یبقی فیه موضع خال تحصل فیه الماده و هذه الماده إما أن تکون قیحاً، و إما أن تکون دماً، و إما أن تکون مختلطه منهما جمیعاً، و ذلک أن الماده إذا أنضجتها الطبیعه و شبهتها بطبیعه الأعضاء الأصلیه کان منها المده البیضاء، و إن لم تمکن الطبیعه انضاجها و تغییرها إلی الحال الطبیعیه لضعفها فسدت و صار منها دم غلیظ عکر، و إن عملت الطبیعه فیها عملًا ضعیفاً فانضجت بعضها و بعضها لم تنضجه صار منها مده و

دم.

و یقال لما کان من الأورام مثل هذه: خراج و علامته أن یکون معه وجع و ضربان و لا سیما ما دامت المده فی الحدوث فإذا انضجت المده نضجاً تاماً و استحالت بکلیتها إلی المده خف الوجع، و ذلک لأن المده تصیر بحال واحده غیر مختلفه، و علامه الخراج الذی فیه المده أنک إذا لمسته بإصبعک وجدته یتطامن و ینخفض تحت الأصابع، و إذا کان فیه دم أحسست فی الخراج بتمدد.

و ینبغی أن تنظر فی هذا الباب نظراً شافیاً لئلا یغلطک غلظ العضو الذی فیه بالمدّه[997] فلا تحس بغمزها فتجلب علی العلیل مضره عظیمه بإفساد المده العضو و أکلها إیاه، [و اللّه تعالی أعلم[998]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 278

الباب العاشر فی صفه الورم الصفراوی و أسبابه و علاماته

إعلم أن المره الصفراء إذا کانت خالصه و انصبت إلی بعض الأعضاء حدث عنها النمله فإن خالطها شی ء من الدم الرقیق حدث عنها الورم المعروف بالحمره.

[فی ورم النمله الساذجه]

و أما النمله: فإن کان حدوثها عن مره صفراء رقیقه کانت منها النمله الساذجه التی تحدث فی الجلد، و علاماتها أن یکون فی الجلد احتراق.

[فی ورم النمله المتأکلهٍ]

فإن کانت مع رقتها حاده حدثت عنها النمله التی تأکل الجلد و تغوص إلی اللحم فیقال لها: النمله المتأکله.

و علاماتها أنها تدب و تسعی فی الجلد من موضع إلی موضع کما تدب النمله و تکون معها حکه و حرقه و حراره فی الملمس و یسرع إلیها التقرح.

[فی ورم النمله الجاورسیه]

و إن کانت معتدله فی الرقه و الغلظ قلیله الحده حدثت عنها النمله الجاورسیه، و علاماتها أن یکون ر الجلد قروح شبیهه بحب الجاورس.

و أما الحمره الحادثه عن مخالطه الدم الرقیق للمره الصفراء فعلاماتها الحمره

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 279

فی ظاهر الجلد

و اللهیب و الحراره [و الضربان[999]] و الوجع الشدید، و سائر هذه الأعراض یکون أشد منها فی الورم المعروف بفلغمونی و الحمره الفلغمونیه و أزید [فاعلم ذلک[1000]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 280

الباب الحادی عشر فی صفه الورم البلغمی [و اسبابه و علاماته[1001]]

فأما الورم الحادث عن البلغم:

[فی الورم الحادث عن بلغم معتدل فی الرقه و الغلظ و اللزوجه]

فما کان منه حدوثه عن بلغم معتدل فی الرقه و الغلظ و اللزوجه و کان انصبابه إلی العضو دفعه حدث عنه الورم المسمی: أوذیما بالحقیقه.

و قد یحدث مثل هذا الورم عن ریح بخاریه مثل[1002] ما یحدث عن ذلک فی أبدان المستسقین عن الریح و فی أبدان أصحاب السل و الذین قد فسد مزاج أعضائهم الأصلیه.

و علامه هذا النوع من الورم أن یکون أبیض اللون مسترخیاً عدیم الوجع و إذا غمز علیه بالاصبح بقی موضع الاصبع غائراً إلا ما کان منه عن ریح بخاریه لا تغوص فیه الاصبع، و إذا ضرب علیه کان له صوت، و ما کان من هذا الورم حدوثه عن بلغم غلیظ حدث عنه السلع و الدبیلات و الثآلیل و الخنازیر و التخم و العقد التی تکون مثل الغدد.

و الماده فی هذه کلها إنما تتولد فی العضو الوارم.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 281

[الورم الحادث عن بلغم غلیظ یخالطه مرّه سوداء]

و ما کان منها حدوثه عن بلغم غلیظ یخالطه مرّه[1003] سوداء: حدثت عنه الثآلیل، فإن کان البلغم مالحاً مخالطاً للدم حدثت عنه البثور الشهدیه و السلع، و ورم غلیظ مختلف فی العظم فمنه ما یکون مثل الحمصه، و منه ما یکون أعظم من ذلک إلی أن یصیر فی العظم کمقدار البطیخه و أعظم، و تکون فی کیس لها و یحتوی علیها من کل جانب.

و علاماتها أنک إذا

قبضت علیها و حرکتها لم تجدها ملتزقه بنفس العضو لکن کأنها مفارقه له، و إن کان اتصالها به إنما هو بالجلد.

[اصناف السلع]

و أصناف السلع أربع:

و هی الشحمیه، و العسلیه، و الأردهالجیه[1004]، و الشیرازیه.

[الاول: فی الشحمیه]

فالشحمیه: تولدها من بلغم غلیظ و علامتها أن یکون أصلها ضیقاً و یکون معها حس و تحتوی علی ماده شبیهه بالشحم، و إذا أنت غمزت علیها لم تتطامن و لم تنغمز لکن تجد ملمسها شبیهاً بملمس الشحم.

[الثانی: فی العسلیه]

و أما العسلیه: فتولدها عن بلغم عفن و تحتوی علی ماده شبیهه بالعسل فی قوامها و لونها، و إذا لمستها تطامنت و انغمزت غمزاً أقل من غمز المده و ترجع سریعاً و یکون شبیهاً بملمس زق فیه عسل.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 282

[الثالث: فی الأردهالجیه]

و أما الأردهالجیه[1005] و الشیرازیه: فحدوثهما یکون عن بلغم مثل البلغم الذی تحدث عنه العسلیه و علاماتهما أن أصلهما یکون واسعاً و جسمهما قلیلًا و ملمسهما لیناً.

إلا أن الاردهالجیه[1006] تحتوی علی ماده شبیهه بالاردهالج[1007] و هو الحسو الذی یعمل من الدقیق.

[الرابع: فی الشیرازیه]

و أما الشیرازیه فإنها تحتوی علی ماده شبیهه بالشیراز الذی یعمل من اللبن.

[فی الدبیلات]

و أما الدبیلات: فتولدها یکون من مواد غلیظه ردیئه یخالطها شی ء من الدم الغلیظ العکر، و مثل هذه تحتوی علی ماده شبیهه بالحماه و الرمل[1008] أو عکر الزیت أو دردی الشراب أو الطین أو الفحم أو غیر ذلک، و علاماتها أن مغمزها یکون أقل تطامناً من مغمز المده [و الورم[1009]] إلی الصلابه ما هو.

[فی الخنازیر]

و أما الخنازیر: فهی ورم صلب شبیه بالغدد یحدث إما فی اللحم الرخو الذی العنق أو فی الذی فی الاربیتین أو فی الذی تحت الابطین، و أکثر ما یکون هذا

الورم فی مقدم العنق أو فی جوانبه، و یکون إما غده أو غدتین أو ثلاثاً أو أکثر من ذلک و کل واحد منها فی صفاق لها خاص بها کما یکون ذلک فی السلع.

و انما سمی[1010] هذا الصنف بالخنازیر فلأن هذه الغده تکون کثیراً فی رقاب الخنازیر، و قال قوم: «إن الخنازیر کثیره الاولاد و هذا الورم کثیر الغدد فاشتق له من أجل ذلک اسم الخنازیر».

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 283

[فی الثآلیل]

و أما الثآلیل: فهی نتوء[1011] مستدیره تکون فی البدن صلبه الملمس کأنها مسامیر العقد الغددیه، فهی ورم صلب بمقدار البندقه و الجوزه تحدث فی المواضع [المعراه[1012]] من اللحم و علی الامر الأکثر إذا غمز علیها بالأصابع و الابهام غمزاً شدیداً [انصدعت[1013]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 284

الباب الثانی عشر فی صفه الورم السوداوی

فأما الورم الحادث عن السوداء: فمنه ما یکون حدوثه عن [ضعف[1014]] الخلط السوداوی الذی هو عکر الدم و ثفله و یقال له: سقیروس[1015] خالص، و علامته أن یکون صلباً عدیماً للوجع و لونه أبیض أو کمد أو فی لون البدن، فإن کانت هذه الماده متولده فی نفس العضو و کان بعضها فی العروق خارجاً عن العروق حدث عنها الورم المعروف بالسرطان، و علامته أن یکون صلباً متمدداً شدید الصلابه بمنزله الحجاره، و یکون شکله شبیهاً بشکل السرطان، و ذلک انک تجد العروق التی فی ذلک العضو عن جنبی هذا الورم شدیده الجساوه و ممتلئه من الفضل السوداوی شبیهه بشکل أرجل السرطان.

و منه ما یکون حدوثه عن المره السوداء المتولده عن احتراق المره الصفراء فیحدث عنها السرطان الذی معه تأکل و تقرح، و علامته أن یکون التقرح الذی فیه غلیظ الشفاه منقلبه إلی خارج و یکون فیها شی ء شبیه بالشحم

و لونها أحمر و أخضر و التقرح أسود اللون، فهذه صفه أحوال الأورام و أسبابها و الدلائل علی کل واحد منها، [فاعلم ذلک[1016]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 285

الباب الثالث عشر فی صفه العلل الحادثه فی سطح البدن و أسبابها و علاماتها

إن العلل الحادثه[1017] فی ظاهر البدن: منها ما حدوثه عن أسباب من داخل و هی الأسباب السابقه، و منها ما حدوثه عن أسباب من خارج و هی الأسباب البادیه.

[فی الأسباب السابقه]

فأما ما کان حدوثه عن أسباب سابقه فمنها ما یظهر فی جمیع البدن و یعمّه بمنزله الجدری و الجذام و البهق و البرص، و منها ما یخص بعض الأعضاء دون بعض بمنزله داء الثعلب الخاص بالرأس و ما أشبه ذلک، مثل الکلف الخاص بالوجه و السعفه الخاص بالرأس.

[فی الأسباب البادیه]

فأما ما کان حدوثه عن أسباب بادیه: فهو تفرق الاتصال، و تفرق الاتصال منه ما یکون حدوثه عن أجسام غیر حساسه بمنزله قطع الحدید[1018] و رض الحجر و کسره و فسخه، و ما أشبه ذلک من الأجسام الثقیله[1019]، و منه ما حدوثه عن أجسام حساسه بمنزله الحیوان.

و الحیوان الذی یفعل ذلک فمنه ما یعض و ینهش، [و منه ما یلذع و الحیوان

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 286

الذی یعض او ینهش[1020]] و منه ما لا اسم له بمنزله الانسان[1021] و الکلب غیر الکلب، و منه ما له سم بمنزله الکلب [الکلب[1022]] و الأفاعی و الحیات و ما أشبه ذلک.

و نحن نبتدئ أولًا و نبین فی هذا الموضع ما یعرض من العلل فی ظاهر البدن عن الأسباب التی من داخل، و نبتدئ من ذلک بما یعم حدوثه لسائر الأعضاء و هو الجدری و الجذام و البهق الأبیض و البرص و البهق الأسود و القوابی و الحصبه و الجرب و الحکه،

و القمل و البثر الصغار و الثآلیل و القروح، التی تحدث عن الاحتراق و الشری و الحصف و الورم المسمی أبورسما و درور العرق و حبسه و النار الفارسیه، و نحن نبتدئ أولًا بذکر الجدری و أسبابه و علاماته، فاعلم ذلک.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 287

الباب الرابع عشر فی صفه الجدری و الحصبه و علاماتهما[1023]

[فی الجدری]

فأما الجدری: فهو بثور کثیره صغار تنفرش فی جمیع البدن أو فی أکثره و ربما حدثت فی بعض الأعضاء دون بعض و هو الذی یسمیه القدماء الجمره[1024] و یسمیه السریانیون[1025] بنات النار، و هذه البثور تحدث بأکثر الناس فی زمن النشوء و ذلک لان[1026] الجنین فی الرحم یغتذی من دم الطمث الذی هو فضل من فضول بدن المرأه و تدفعه الطبیعه من الکبد فی العروق إلی الرحم کالذی ذکرنا فی غیر هذا الموضع.

و هذا الدم مختلف فی جوهره، و کیفیته.

أما فی جوهره: فربما کان الغالب علیه [جوهر الدم، و ربما کان الغالب[1027]] جوهر الصفراء أو السوداء، أو ربما کان الغالب البلغم.

و أما فی کیفیته: فیکون إما من دم محمود، و إما من دم ردی ء.

و الجنین یتغذی بأجود ما فیه و تتربی به أعضاؤه و یبقی الباقی فی أعضائه و عروقه فإذا خرج الجنین من بطن أمه فغذاؤه أیضاً من اللبن، و اللبن کونه من دم الطمث و الأعضاء تغتذی بأجوده و یبقی الباقی فی فضل بدنه إلی أن تحرکه

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 288

الطبیعه بسبب ما إلی الظهور فیظهر.

و تحرکه یکون: إما عن سبب من خارج بمنزله الهواء الوبائی أو جلوس فی المواضع التی یأویها المجدورون[1028].

فیستنشقوا الهواء الذی قد خالطه البخار المنحل من قروح المجدرین، و أما من داخل فبمنزله تدبیر الصبی بالأغذیه الحاره الرطبه الغلیظه الجوهر بمنزله

الإکثار من أکل اللحمان و الحلواء و التمر و غیر ذلک من الأغذیه الملائمه للفضل الردی ء المجتمع فی البدن فیزید فی کمیته فیحدث له غلیان فتقوی علیه الطبیعه فتدفعه إلی ظاهر البدن فتحدث عنه البثور المعروفه بالجمر[1029]، و تکون فی قوه الرداءه و ضعفها بحسب کیفیه الفضل الردی ء و جوهره.

فإن کان الدم المحدث له حار المزاج غلیظ الجوهر و لیس بردی ء الکیفیه کان من النوع من الجدری الذی هو أول حدوثه بثور صغار حمر و تزید فی العظم حتی ینتهی إلی قدر العدسه الکبیره فیستدیر و یتقبب و یصیر لها بریق و تنفتح سریعاً، فإذا تقیحت[1030] کان لونها أبیضاً براقاً شبیهاً بحب اللؤلؤ و تحدث لها مع ذلک التقیح خشکریشه صلبه، و هذا الصنف منها أسلم ما یکون.

و إن کان حدوث الجدری من دم غلیظ سوداوی ردی ء الکیفیه فإن ابتداء حدوثه یکون بثوراً کمده اللون فی وسطها نقط سود، فإذا عظمت تفرطحت و انبسطت و اتصل بعضها ببعض و لم تستدر بل یصیر شکلها مختلف الجوانب.

و لونها شدید الکموده إما فی لون الرصاص، و إما مائلًا إلی السواد کلون الرماد، و إما مائلًا إلی الصفره، أو الباذنجانیه، فإذا انفجرت تصیر لها خشکریشه سوداء شبیهه بحرق النار و ربما لم تتقیح، و ما کان منها کذلک فهو ردی ء مهلک.

[فی النار الفارسیه]

فإذا خالط الدم صدید حدث فیما بین هذه القروح نفاخات [فیها صدید[1031]]

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 289

شبیهه بالتنفط[1032] الذی یحدث عن حرق النار و یقال له: النار الفارسیه، و هذا أیضاً ردی ء جداً.

[فی الحصبه]

و فی [الجدری[1033]] نوع یقال له: الحصبه و حدوثه عن دم حار رقیق لیس بالقوی الرداءه و هذا النوع إذا انتهی منتهاه کان

شبیهاً بحب الجاورس أو أکبر منه قلیلًا و کان لونه أحمر و لا یتقیح[1034] بل تصیر له خشکریشه.

و الدلائل العامه فی ابتداء حدوث الجدری هی الحمی و انتفاخ الوجه و الاصداغ و الاوداج و حکه فی الأنف و تلهب و حمره فی الوجه و فی العضو الذی یحدث فیه ذلک و ثقل فی الرأس و خشونه فی الحلق، و إذا رأیت هذه العلامات مع الحمی اللازمه فاعلم أنها تدل علی حدوث الجدری، [فاعلم ذلک[1035]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 290

الباب الخامس عشر فی صفه الجذام و أسبابه و علاماته

فأما الجذام: فهو مرض یجفف سائر أعضاء البدن و یفسدها بالیبس و هو بمنزله سرطان حادث فی جمیع البدن، و حدوثه یکون من ضعف القوّه المغیره التی فی اللحم إذا کان ذلک من سوء مزاج بارد یابس، و من غلبه الخلط السوداوی علی الدم، و إفساده إیاه فیصیر إلی سائر الأعضاء لیغذوها فیجففها و یفسدها بالیبس فیفسد مع ذلک اخلاط [البدن[1036]] و یفسد [اخلاط البدن و فسد المنی[1037]] إذا کانت الاخلاط و المنی إنما حدوثهما عن الدم حتی أن هذه العله تغذی النسل فتحدث بالأولاد و ذلک أن جوهر المنی ممن هذه حاله یکون مختلطاً بالاخلاط الردیئه المحدثه لهذه العله، و المولود المتکون من هذا المنی تکون اخلاط بدنه متشاکله لهذه الاخلاط و أعضاؤه[1038] الأصلیه متکونه من جوهرها فلهذا تتعدی هذه العله من الآباء إلی الأولاد، و قد یتعدی هذا المرض إلی من یجالس أصحابه و یأوی معهم لما یتحلل من أبدانهم من البخار الردی ء و یستنشقه من یحضرهم.

[فی انواع الجذام]

و الجذام نوعان:

فمنه ما حدوثه عن الخلط السوداوی الذی هو عکر الدم و ثفله، و هذا الجذام

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 291

لا یکون منه تساقط الأعضاء

و ربما أنجب فیه العلاج و برئ منه صاحبه برءاً تاماً إذا تلوحق فی أول حدوثه.

و الثانی: یکون حدوثه عن المره السوداء الحادثه عن احتراق المره الصفراء، و هذا النوع یکون معه تأکل الأعضاء و تساقطها و لا یکاد یبرأ صاحبه.

و علامه الجذام فی أول حدوثه أن یکون فی بیاض العین کموده و تراها [کأنها[1039]] مستدیره الشکل و لذلک سمیت هذه العله داء الأسد فإذا استحکمت کان معها تساقط الأعضاء و انتشار شعر الأجفان و الحاجبین، و یحدث فی الحلق بحوحه و یصیر الوجه منتفخاً متعجراً مائلًا إلی الحمره و تتشقق الأنامل و تتیبس الخیاشیم و تغلظ عروق اللسان و ربما سقط الأنف فهذه صفه الجذام و دلائله.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 292

الباب السادس عشر فی البرص و البهق الأبیض و الأسود و القوابی [و أسبابها و علاماتها[1040]]

[فی البرص]

فأما البرص: فهو بیاض یحدث فی ظاهر البدن، و ربما کان فی بعض الأعضاء دون بعض، و ربما کان فی سائر الأعضاء حتی یصیر لون البدن کله أبیض، و حدوثه یکون من غلبه الخلط البلغمی علی الدم و من ضعف القوّه المغیره التی فی العضو [اذا[1041]] کان ذلک من سوء مزاج بارد.

و علاماته أن یکون العضو أبیض اللون و الشعر الذی فیه أیضاً أبیض، فإذا نخس الجلد بمبضع أو بإبره لم یخرج منه دم بل رطوبه بیضاء، فما کان منه کذلک فلا برء له و ما خرج منه دم أو رطوبه مورده فلا یأس من برئه.

[فی البهق الأبیض]

و أما البهق الأبیض: فهو بیاض رقیق فی ظاهر البدن و حدوثه یکون من السبب المحدث للبرص إذا کان ضعیفا.

و الفرق بینهما: أن حدوث البهق یکون فی ظاهر الجلد و حدوث البرص یکون فی عمق العضو و یکون لون الشعر النابت علی الموضع أبیض.

کامل

الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 293

[فی البهق الأسود]

و أما البهق الأسود: فهو تغیر لون الجلد إلی السواد ما هو، و حدوثه یکون من مخالطه المره السوداء للدم.

و علامته أن یکون لون الجلد إلی السواد ما هو، و إذا دلک العضو تناثر منه شی ء شبیه بالنخاله و یبقی موضعه أحمر.

و أکثر ما یحدث هذا البهق بالذین قد فارقوا[1042] سن الشباب و بالشباب، لاحتراق الصفراء فی أبدانهم و میلها إلی السوداء.

[فی القوابی]

[و اما القوابی: فهی خشونه تحدث فی ظاهر الجلد و یکون لونها مائلًا الی السواد[1043]] و مره[1044] مائله إلی الحمره، و حدوثها یکون عن دم [حاد[1045]] لطیف تخالطه مره سوداء، و ربما حدث من مخالطه رطوبه غلیظه و بلغم مالح للدم الحاد و یکون ذلک [بالقوابی[1046]] المزمنه التی یتقشر فیها الجلد.

و علاماتها أن تکون فی قعر العضو و یتقشر منها قشور مدوره علی مثال فلوس السمک، [فاعلم ذلک[1047]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 294

الباب السابع عشر فی الجرب و الحکه و تقشیر الجلد و القمل و الشری و البثور و الورم المسمی ابو رسما و الحصف و الثآلیل و القروح التی تحدث عن الاحتراق[1048]

[فی الجرب و الحکه و تقشیر الجلد]

فأما الجرب و الحکه و تقشیر الجلد: فحدوثها یکون من مخالطه البلغم المالح للدم المراری إذا دفعته الطبیعه من الأعضاء الداخله إلی ظاهر الجلد فیبقی تحت الجلد، فإن کانت هذه الاخلاط رقیقه لطیفه أحدثت الحکه السریعه البرء، و إن کانت غلیظه أحدثت الحکه المتطاوله [الیابسه[1049]].

و الجرب و العله التی یتقشر فیها الجلد: و ربما حدثت هذه الأعراض بسبب ضعف الجلد إذا دفعت الطبیعه الفضول و أخرجتها إلی ظاهر البدن علی جهه التنقیه للأعضاء الداخله لم یقوی الجلد علی إخراجها إلی خارج و تحلیلها فیبقی فی الجلد، و أکثر ما یحدث ذلک بمن[1050] یکثر من الأطعمه الردیئه [و یدمن من تناول الأغذیه الردیئه[1051]] الکیموس و یقلل من الاستحمام.

و الحکه

خاصه: تحدث بمن لا یستحم و یکثر الوسخ علی بدنه و یتراکم، و قد

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 295

تحدث الحکه کثیراً بالمشایخ لضعف جلودهم و لکثره[1052] توالد الخلط المالح فی أبدانهم.

و علامه الجرب هو بثر صغار، یبتدی أحمر ثم ینفتح و یکون معه حکه شدیده، و أکثر ما تعرض فی الیدین و ما بین الأصابع و فی المرفقین و فی العصعص و ما یلیه و ربما صار فی سائر الجسد[1053].

[فی القمل]

و أما القمل: فحدوثه یکون من فضول رطبه غلیظه ردئه تدفعها الطبیعه إلی ظاهر الجلد فلا تخرج عن المسام لغلظها فتخالطها الأوساخ فیتولد عنها القمل، و لذلک صار القمل أکثر ما یحدث لمن لا یستحم و لا ینضف بدنه من الوسخ بمنزله ما یعرض للمسافرین، و ذلک لأن العرق إذا خرج عن البدن و لحج فی المسام فما کان منه لطیفاً تحلل و ما کان منه غلیظاً عفن و تولد عنه هذا الحیوان، و ربما حدث القمل من مداومه أکل التین الیابس إذا کان البدن غیر نقی.

[فی البثور الصغار]

و أما البثور الصغار: فحدوثها من رطوبات ردیئه تدفعها الطبیعه إلی خارج الجلد فإن کانت تلک الرطوبه حاره حاده کانت البثور محدده الرؤوس[1054]، فإن کانت تلک الرطوبه غلیظه أو بارده کانت البثور عراضاً مبسوطه، و أکثر ما تحدث البثور فیمن کان جلده صلباً کثیفاً.

[فی الشری]

و أما الشری: فهو بثر بعضه صغار و بعضه کبار مبسوطا عریض[1055] الرأس یبتدئ [بحکه[1056]] شدیده حتی إذا حک سالت منه رطوبه صدیدیه.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 296

و حدوثه یکون: إما من دم یخالطه مرار و یکون لونه أحمر فیهیج أکثر ذلک بالنهار و یصیب العلیل معه حراره و وهج و یکون نبض

صاحبه عظیماً فیه سرعه، و أما من تخالطه الرطوبه البلغمیه المالحه لدم رقیق و یکون لونه أبیض و أکثر ما یهیج باللیل، و ربما کان حدوثه من اجتماع هذه الأسباب الثلاثه، و یکون لونه لیس بالشدید الحمره.

[فی الحصف]

و أما الحصف: فهو بثر صغار شبیه بالجاورس ینفرش فی ظاهر الجلد و تولده یکون من رطوبه رقیقه حاده صفراویه تخالط الدم و أکثر ما یحدث ذلک فی الصیف لا سیما من صب الماء البارد علی [الرأس و[1057]] البدن فتحتقن الفضول التی تخرج من باطن البدن إلی الجلد فی المسام.

[فی الثآلیل و المسامیر]

و أما الثآلیل: فهی بثور صغار شدیده الصلابه مستدیره، و منها شی ء یقال له:

المسامیر و هی بثور صلبه تأخذ إلی داخل العضو کأنها مسامیر تحدث فی کثیر من أعضاء البدن من مخالطه الرطوبه البلغمیه للمرار الأسود.

[فی القروح]

و أما القروح: التی تحدث عن الاحتراقات، فإن حدوثها یکون عن دم غلیظ محترق سوداوی تدفعه الطبیعه إلی ظاهر البدن فیحدث أولًا بثور کبار و تنفخ[1058] و تنبسط و تنفجر و تصیر لها خشکریشه سوداء.

[فی الورم المسمی أبورسما]

و أما الورم المسمی أبورسما: فهو ورم یحدث من دم و ریح.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 297

و حدوثه یکون [اما[1059]] من انخراق الشریان [اذا عرضت لبعض الاعضاء ضربه و نخرق الشریان من تحت الجلد او جراحه او تقع فی موضع الشریان و یلتحم الجلد الذی علیه و یبقی انخراق الشریان[1060]] مفتوحاً لا یلتحم و لا ینبت علیه الدُشبِذ.

و علامه هذا الورم أن یکون موضعه ینبض و إذا غمز علیه بالید ذهب أکثر الورم و یسمع له فی بعض الأوقات صریر، و یکون لون الورم علی مثال لون الباذنجان و البنفسج.

و ذکر جالینوس «أن

جمیع القروح و البثور التی تعرض فی الأبدان الشدیده البیاض و الأبدان البرشه تکون [خبیثه[1061]] عسره البرء». و ذلک أن الأبدان الشدیده البیاض یکون الدم فیها [قلیلًا[1062]] و الأبدان البرشه [یکون[1063]] الاخلاط فیها ردیئه، و لهذین السببین یعسر برء القروح أعنی: الخلط الردی ء الذی یعرض منه التأکل من القروح و نقصان الدم الجید الذی یکون منه تولد اللحم الجید فی القروح و إصلاح ما قد تآکل، [فاعلم ذلک[1064]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 298

الباب الثامن عشر فی ذکر العلل الظاهره الخاصه بکل واحد من الأعضاء

و إذ قد ذکرنا من العلل الخاصه بظاهر البدن ما کان منها یعم ظهوره لسائر الأعضاء فلنذکر فی هذا الباب ما کان من هذه العلل یخص بعض الأعضاء دون بعض.

[ما یخص الرأس]

و ذلک أن منها ما یخص الرأس: بمنزله داء الثعلب، و داء الحیه، و السعفه، [و الحزاز[1065]] و الأبریه، و عظم الرأس الذی یکون [تحت جلده الرأس الذی یکون[1066]] من تفسخ الشؤون، و الورم الرخو الذی یکون تحت جلده الرأس [و[1067]] فوق القحف.

[ما یخص الوجه]

و منها ما یخص الوجه: کالکلف، و النمش، و البثر الصغار المسماه بالعدسیه، و شقاق الوجه، و التوثه التی فی تکون فی الخد، و الاحتراق.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 299

[ما یخص الرجلین]

و منها ما یخص الرجلین: کداء الفیل، و العروق المعروفه [بالدوالی، و القرحه المعروفه[1068]] بالبلخیه.

[ما یحدث فی الیدین و الرجلین]

و منها ما یحدث فی الیدین و الرجلین: و هو العرق المعروف بالمدینی، و الشقاق العارضه فی الکف و أسفل القدم و العقب و عقر الخف، و سحج الرکب.

[ما یعرض للاصابع]

و منها ما یعرض للاصابع: و هی الداحس، و برص الاظفار و رقتها.

و نحن نبتدئ اولًا بذکر العلل العارضه الخاصه بالرأس و أولها داء الثعلب.

[فی داء الثعلب

و داء الحیّه]

فأما داء الثعلب و داء الحیّه: فهما علتان یسقط فیهما شعر الرأس و اللحیه و شعر الحاجبین، و إنما اشتق لهما هذا الإسم من الداء العارض لهذین الحیوانین و ذلک أن الثعلب یعرض له مراراً أن یسقط شعره و یتقرع تجلده، و الحیه یعرض لها أن ینسلخ جلدها و لذلک صار داء الحیه یکون معه انسلاخ الجلد، و قال قوم:

«إنه سمی داء الحیه من جهه أن شکل انحلاق الشعر فی هذا المرض یکون معوجاً کمثال[1069] تعوج الحیه»، و لیس الأمر کذلک.

و حدوث هاتین العلتین یکون: إما من صفراء حاره یخالطها الدم الصائر إلی الأعضاء التی فیها الشعر فیسقط الشعر لذلک بسبب ما یعرض له من الاحتراق، و علامته أن یکون لون الموضع مائلًا إلی الصفره ما هو.

و إما من مره سوداء یخالطها الدم فیسقط الشعر بتجفیفها إیاه، و علامته أن یکون لون الموضع مائلًا إلی السواد، ما هو.

و إما من خلط بلغمی مالح یخلط الدم فیسقط لذلک الشعر.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 300

و إما من بلغم غلیظ لزج یسد المواضع التی ترتقی فیها البخارات المحدثه للشعر، و علاماته أن یکون لون الموضع إلی البیاض ما هو.

و ربما عرض لشعر سائر الجلد[1070] أن یسقط من هذه الأسباب کما قال أبقراط: «إذا کان بإنسان داء الثعلب ثم حدثت به العله المعروفه بالدوالی عاد شعر رأسه، و من کان به داء الثعلب فلیس یکاد تحدث له الدوالی، و ربما عرض لشعر الرأس أن ینتثر و یتساقط لنقصان الغذاء و قله البخارات الجیده المنبته للشعر، و ربما عرض عن تخلخل المسام حتی إذا خرج البخار المحدث للشعر تفشی و تبدد و لم یتجمع لحدوث الشعر، بمنزله الدخان

إذا خرج من موضع واسع و ربما حدث عن ضیق المسام المتولده عن الرطوبه و البلغم و ذلک أن البخار الذی یکون عنه الشعر إذا خرج من بین هذه الرطوبه إلی خارج عادت الرطوبه فسدّت[1071] المسام و قطعت بین البخار الخارج و بین البخار الداخل و لم یتصل بعضه ببعض فیمنع ذلک من تولد الشعر، و ربما حدث سقوط الشعر بعقب الأمراض الحاده بسبب الحراره الشدیده و رداءه البخارات، و ربما حدث سقوط الشعر بسبب فناء الرطوبات الجیده من البدن بمنزله ما یعرض لأصحاب السل و الدق.

[فی السعفه]

و أما السعفه: فهی قروح تعرض فی الرأس لها خشکریشه و هی أنواع:

منها نوع یقال له: الشهدی و حدوثها تکون عن بلغم مالح، و علامتها أنها قروح یتثقب معها جلد الرأس ثقوباً دقیقه، و یکون فیها رطوبه شبیهه بالشهد.

و منها نوع یقال له: التینی و هی قروح مستدیره صلبه یعلوها حمره و جوفها فیه شی ء شبیه بحب التین.

و منها نوع یسمی: اجود[1072] و هی قروح تکون معها فی الرأس ثقوب دقیقه إلا أن ثقوبها أقل من ثقوب السعفه الشهدیه، و تخرج منها رطوبه شبیهه [بماء اللحم.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 301

و منها نوع آخر و هو بثر صغار احمر یشبه شکله[1073]] بحلمتی الثدی، و تخرج منها رطوبه شبیهه بمائیه الدم.

و منها نوع آخر یابس أبیض اللون شبیه بالصورج[1074] ینتثر منها قشور بیض.

[فی الحزاز و الأبریه]

و أما الحزاز و الأبریه: فهی أجسام صغار دقاق شبیهه بالنخاله تنتثر من جلده الرأس من غیر تقرح، و حدوث ذلک یکون من بخارات بلغمیه مالحه او من[1075] دم تخالطه مره سوداء.

[فی عظم الرأس و استطالته و تعویجه]

و أما عظم الرأس و استطالته و

تعویجه: فحدوث ذلک یکون من ریح غلیظه ترتبک فیما بین الشؤون فتفرقها و تباعد بین أعظم الرأس بعضها من بعض فیعظم لذلک الرأس.

[فی الورم الذی یکون تحت جلده الرأس]

و أما الورم الذی یکون تحت جلده الرأس: فإذا دفعته بإصبعک اندفع بسهوله و حدوثه یکون من فضل ماده رقیقه تجتمع بین جلده الرأس و عظم القحف.

[فی الکلف و النمش]

و أما الکلف و النمش: فحدوثهما أکثر ما یکون فی الخدین و الوجنتین و یکون من بخار الدم المحترق و من أخلاط سوداویه تکون فی المعده أو فی سائر البدن بمنزله ما یعرض للنساء الحوامل إذا اجتمعت فی أبدانهن الفضول الردیئه.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 302

[فی التوثه التی تکون فی الخد]

و أما التوثه التی تکون فی الخد: فإن حدوثها یکون من خلط غلیظ فیه حده و تکون فی الخد او الوجنه[1076] فی أکثر الأمر و هی بثره متقرحه تأخذ فی داخل الخد فی أکثر الأمر.

[فی الاحتراقات التی تکون فی الوجنه و الأنف]

و أما الاحتراقات التی تکون فی الوجنه و الأنف: فهی شبیهه بالسعفه الحمراء کمده الحمره کثیراً ما تتقرح.

و ینبغی أن تعلم أن ما کان من هذه القروح المذکوره فی هذه الأعضاء أو سائر البدن مستدیراً عمیقاً فهو أخبث و أردأ و ذلک أن حدوث هذه یکون عن ماده حاده غلیظه [حاده[1077]].

فأما ما کان حدوثه فی الرجلین و الساقین فهو مثل داء الفیل، و العروق المسماه الداولی [و القرحه المسماه البلخیه[1078]].

[فی داء الفیل]

فأما داء الفیل: فهو ورم سوداوی یحدث فی الساق و القدم، و علامته أن یکون شکل الرجل فیه کشکل رجل الفیل مستویه غیر مخصره.

[فی الدوالی]

و أما الدوالی: فإنها امتلاء عروق الساقین و غلظهما و حدوثها أیضاً

من خلط سوداوی ینصب إلی هذه العروق و یملؤها، فإن أکثر ما یکون حدوثها من الذین یدیمون تعب الرجلین و القیام علیهما مع نصب البدن فتنحدر الأخلاط إلی العروق التی فی الساقین و لذلک صار أکثر ما یحدث ذلک بالفلاحین و الحمّالین و الملاحین، و علامه هذه العله أن تکون هذه العروق ملتویه غلیظه إلی الخضره أو

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 303

إلی السواد ما هو.

[فی البلخیه]

و أما البلخیه: فإنها تحدث فی الساق و علامتها أنها قرحه یتقور موضعها و یستدیر و یأکل ما حولها بالفساد و برؤها عسر.

و أما ما یحدث فی الیدین و القدمین [معاً[1079]] فهو العرق المدینی [و الشقاق العارض فی الیدین و القدمین.

[فی العرق المدنی]

و العرق المدنی[1080]] و هو یحدث فی الساقین[1081] و المعصمین، و ربما حدث فی الصبیان فی الندره فی الجنبین، و أکثر ما تحدث هذه العله فی البلدان الحاره نحو بلاد الهند و بلاد مصر و الحبشه و هی عله تحدث تحت الجلد شبیهه بالعرق و تتحرک حرکه بینه کما یتحرک الدود، فإذا انفتح موضع الرأس هذا العرق یحدث منها أوجاع.

[فی شقاق الیدین و أسفل القدمین و العقب]

و أما شقاق الیدین و أسفل القدمین و العقب: فحدوثه یکون من المره السوداء أو من سوء مزاج یابس یغلب علی هذه المواضع و معرفه ذلک بینه ظاهره.

[فی الداحس]

و أما

[الداحس[1082]]

فهو ورم حار یعرض بالقرب من الأظفار یکون معه وجع و ضربان [فاعلم ذلک[1083]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 304

الباب التاسع عشر فی ذکر الجراحات و القروح و علاماتها

و إذ قد قلنا: عند ذکرنا أصناف الأمراض إن تفرق الاتصال إذا کان فی اللحم قیل له: جرح، فإذا تقادم عهده سمی قرح، و إذا کان فی العظم قیل له کسر.

فأما الجراحات: فمنها ما

هی مفرده بسیطه، و منها ما هی مرکبه مع غیرها.

[فی الجراحات البسیطه]

فأما الجراحات البسیطه: فهی إما قطع، و إما شق فقط من غیر أن یذهب معه شی ء من أجزاء العضو.

و هذا القطع و الشق: منه ما هو صغیر، و منه ما هو عظیم مفرد لا تتبعه أعراض البته.

و الشق العظیم: منه ما هو خال ناشف، و منه ما یحدث فیه صدید و وسخ، و هذا یکون فی القرحه بسبب ضعف العضو عن هظم ما یصل إلیه من الغذاء. و ذلک أن کل عضو له فضلتان:

إحدهما: لطیفه تنحل من المسام.

و الاخری: غلیظه یتولد منها الوسخ علی الجلد.

و الصدید الحادث من القروح: یکون من الفضله الرقیقه الغلیظه إذا لم تکن الحراره الغریزیه تلطفها و تحللها، و الوسخ یکون من الفضله الغلیظه.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 305

و ما کان من الجراحات و القروح کذلک فأمره ضاهر بیّن لیس یحتاج فیه إلی الاستدلال.

[فی القرحه المرکبه]

و أما القرحه المرکبه: فمنها ما هی مرکبه مع سبب، أو مع مرض، أو مع عرض.

أما مع سبب: فإذا کانت هناک ماده تنصب إلی القرحه، و علامات ذلک کثره الرطوبه فی القرحه و سیلانها.

و أما المرض: فربما کان من سوء مزاج [او ربما کان آلیاً.

اما ما کان من سوء مزاج فمنه سوء مزاج[1084]] حار و علامته حمره العضو و تلهبه، و الوجع الشدید فیه، و منه ما یکون عن سوء مزاج بارد[1085] و علامته کموده اللون و قله الحراره، و منه ما یکون من سوء مزاج رطب و علامته أن تکون القرحه کثیره الرطوبه و الصدید رخوه اللحم، و أما [ما یکون[1086]] من سوء مزاج یابس و علامته أن تکون القرحه یابسه قحله ناشفه.

و أما

المرض الآلی: فمنه مرض النقصان و هو نقصان اللحم فی القرحه و سقوط جزء من العضو، [و منه مرض العظم و هو الورم الحادث مع الجراحه القرحه[1087]]، و منه مرض تفرق الاتصال بمنزله قطع العصب او کسر[1088] العظم.

و أما ترکیب القرحه مع العرض فبمنزله الوجع الذی یکون معها.

[فی الناصور]

و کل واحد من القروح البسیطه و المرکبه إذا تقادمت و جاوزت لها أربعین یوماً قیل لها: ناصور، لأن الناصور علی الحقیقه هو ما کان من القروح له غور و فمه ضیق و قعره واسع و فیه لحم صلب أبیض و لا یکون معه وجع، و تراها فی بعض الأوقات یابسه قحله و فی بعض الأوقات کثیره الرطوبه و کثیر[1089] ما تسیل الرطوبه منها دائماً و ربما انقطعت أحیاناً و ینسد فم الناصور و أحیاناً ینفتح، و ربما انتهت النواصیر إلی العظم فعفنته و ربما انتهت إلی عصب أو إلی عرق أو إلی بعض

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 306

الأعضاء الشریفه فأکلتها.

[و أما تجویفاتها[1090]] فربما کان تجویفها یمتد إلی استقامه، و ربما مر علی تأریب و تعویج، و ربما کان الناصور الواحد له أفواه کثیره.

فما ذکرنا من نوع تفرق الاتصال الذی یکون فی اللحم أعنی الجراحات و القروح کفایه لمن أراد أن یعرف اختلاف أحوالها لیعالجها صواباً علی ما ینبغی.

[و أما فی صفه کسر العظام[1091]]

فأما تفرق الاتصال الحادث فی العظم و هو الکسر: فمنه ما یکون مفرداً [ساذجا[1092]] و هو الکسر فقط، و منه ما یکون مرکباً: إما مع جراحه، و إما مع ورم.

و معرفه جمیع ذلک سهله لیس یحتاج معها إلی الاستدلال إذ[1093] کانت ظاهره للحس.

أما الکسر: فبین الملمس إذا أمررت الید علی العضو فوجدت أجزاء العظم

متفرقه مختلفه الشکل و شکل العضو غیر مستو.

و أما الجراحه و الورم فظاهره بینه.

[فی نهش الحیوان]

و أما تفرق الاتصال الذی یکون من قبل الحیوان: فما کان منه من حیوان غیر ذی سم: فلیس بینه و بین سائر القروح فرق و أمره مشتبه یحتاج فیه إلی مسأله العلیل عما عضه أو نهشه.

فأما نهشه الحیوان ذی السم: فإنه لما کان نهش کل واحد منها و لدغه تتبعه أعراض ردیئه مختلفه بحسب ما یتبع نهشه کل واحد من أصنافها من الأعراض، رأیت أن أذکر الأعراض التی یستدل بها علی نهش الحیوان و لدغ الهوام من أی نوع هو، لیعالج کل نوع منها بما یحتاج إلیه من الأدویه المتنافیه[1094] من سم ذلک الحیوان و الهوام لئلا یغلط المعالج لذلک.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 307

الباب العشرون فی نهش الحیوان ذی السم و لدغه

و أولًا فی عظه الکلب [الکلب[1095]]

الحیوان ذو السم: منه ما یعض، و منه ما ینهش، و منه ما یلدغ.

[فی العض]

فأما ما یعض: فالکلب [الکلب[1096]] و ابن عرس و الحیوان الذی یسمی سقالابوطس[1097]، و الحیوان الذی یسمی [السلاء[1098]].

[فی النهش]

فأما ما ینهش: فهی أنواع الأفاعی و الحیات. [فأما الأفاعی[1099]]

فمنها الأفعی المعروفه بالمعطشه، و منها البلوطیه، و منها الحیه التی تغوص فی الماء، و منها الحیه التی تسمی فیحرسوس و المسماه اسمیوس[1100]، و الحیه ذات القرون.

[فی اللذع]

فأما الحیوان الذی یلذع: فالعقرب و الزنبور و الرتیلاء و العنکبوت و العقرب

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 308

الجراره و قمله النسر، و نحن نبین أولًا اعلام ما کان منها یعض، و أول ذلک الکلب [الکلب[1101]]

فأقول: إن سم الکلب [الکلب[1102]] یابس مجفف و أکثر مضرته بالدماغ و لذلک صار یحدث عنه التشنج و الفزع من الماء، و الکلب الکلب متی عض إنساناً عرضت

له أعراض ردیئه فمتی لم یتدارک المعضوض بعلاجه هلک.

فینبغی لذلک أن تعرف أولًا علامات الکلب الکلب لیتوقی منه و یحذر لیعلم أن نهشته نهشه کلب کلب فیعالج بما ینبغی أن یعالج به.

و علامته أن یصیر کالمجنون و یمتنع من الأکل و الشرب و یشتد عطشه و یلهث[1103]، و لا یقرب الماء و یهرب منه و یفتح فمه و یخرج لسانه و یخرج من فیه زبد شبیه بالزبد الذی یخرج من أفواه الجمال إذا هاجت، و یکون رأسه إلی جانب وعیناه حمراوین و أذناه مسترخیتین و یکثر تحریکهما و یتصاعد منها فضل زبدی، و إذا نبح کان صوته أبح و ربما انقطع صوته و یتمایل فی مشیه و لا یعرف أربابه و یهر علی الناس و الکلاب، و علی سائر من یری من غیر أن ینبح، و إذا رأته الکلاب هربت منه خوفاً أن یعضها.

و ذکر روفس «أن هذه الأشیاء تعرض لکلب الکلب[1104] من غلبه المره السوداء علیها، و إنه نوع من أنواع المالیخولیا» [و اکثر ما یعرض ذلک للکلاب فی الصیف و قلّما یعرض لها ذلک فی الشتاء[1105]].

فأما الأعراض التی تعرض للإنسان من عض هذا الکلب فإنه فی أول الأمر لا یعرض له شی ء سوی الوجع الحادث عن الجرح، و لا یکون بین الجرح الذی یعرض من العضه و بین سائر الجراحات فرق، فإذا تمادت به الأیام حدث للمنهوش تمدد و حمره فی جمیع البدن و خاصه فی الوجه و عرق و غشی و فزع من الماء و إذا رآه ارتعد و ارتعش و لا یشربه، و کذلک یهرب من کل رطب، و ربما عرض لهم أن ینبحوا کنباح الکلاب، و ربما عضو إنساناً و

تعرض لمن عضوه مثل

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 309

هذه الأعراض.

[و حدوث هذه الاعراض[1106]] یکون: إما بعد أربعین یوماً، و إما بعد سته اشهر أو بعد [تسعه[1107]] أشهر.

و السبب فی حدوث هذه الأعراض ما خلا الفزع من الماء إنما هو اسراء[1108] السم فی جمیع البدن.

و أما السبب فی الفزع من الماء [فقد ذکر بعض «الفلاسفه أن ذلک بسبب ما یعرض من إفراط الیبس علی البدن[1109]]» لأن سمه سم مجفف یابس فیهرب من الرطوبه لأنها ضد المزاج العارض فی جسمه.

و أما روفس: فإنه ذکر «أن هذه العله هی نوع من أنواع المالیخولیا العارض من المره السوداء، و أن الکلب تغلب علیه المره السوداء الردیئه الکیفیه الشبیهه بالسم و کما أن کثیراً ممن تعرض له المالیخولیا یعرض له الفزع من أشیاء أخر کذلک یعرض من هذه العله الفزع من الماء و یذکرون أنهم یرون صوره الکلب الذی عضهم فی الماء».

و حدثنی بعض القوم عن الموسوسین فی البیمارستان البدری أنه کان فی البیمارستان رجل قد عضه کلب [کلب[1110]] و کان إذا جاؤه بالماء فزع منه و لم یشربه و یزعم أن فیه مصارین الکلاب و قذرهم.

و ذکر بعض المتطببین أن المعضوضین من کلب کلب إذا جاؤوهم بالماء فی إناء خشب و وضع علی جلد الضبعه العرجاء قبلوه و شربوه.

فبهذه الدلائل تعرف عضه الکلب [کلب[1111]] من غیرها، إلا أنه لما کانت هذه الأعراض إنما تعرض للمعضوضین إما بعد أربعین یوماً و إما بعد سته أشهر و إما بعد تسعه أشهر، و أما فی أول الامر فلا فرق بین عضه الکلب [کلب[1112]] و بین عضه [الکلب[1113]] غیر الکلب و بین غیره من الحیوان الذی لیس بذی سم احتجنا

کامل الصناعه الطبیه، ج 2،

ص: 310

لذلک إلی معرفه [علامات[1114]] هذه العظه فی أول حدوثها قبل أن یعرض له الفزع من الماء فإنه متی عرض الفزع من الماء، لم یکد یتخلص من الموت[1115] [و کذلک اذا لم یعف و وجهه فی المرآه فلا مطبع فی برئه[1116]].

فأما متی تلوحق قبل أن یعرض له الفزع[1117] من الماء فإنه [یتخلص المعضوض من الموت و یبرأ بإذن اللّه تعالی[1118]] إذا اتفق له طبیب حاذق عارف بالمداواه.

و من العلامات التی یفرق بها بین عضه الکلب [الکلب[1119]] و بین عضه غیره أن یضمد موضع العضه بجوز مدقوق ناعم یوماً و لیله ثم یلقیه إلی دیک أو دجاجه جائعه لتأکله فإن عاشت بعد أکلها إیاه فلیست العضه من کلب [کلب[1120]] و إن ماتت فالعضه من کلب [کلب[1121]] و ینبغی أن ینظر الدیک أو الدجاجه یومها ذلک إلی الغد فإنها [ربما[1122]] لا تموت إلی الغد، و ذکر بعض القدماء «انه متی أخذ إنسان خبزاً فلطخه بالدم الخارج من العضه و القاه إلی کلب لم یأکله، فبهذه الدلائل یفرق بین عضه الکلب [الکلب[1123]] و غیرها فی أول حدوثها».

[فی عضه ابن عرس]

و أما عضه ابن عرس: فیعرض للمعضوضین منها وجع شدید و یکون موضع العضه کمد اللون.

[فی عضه القرد]

و أما عضه القرد: فإنها شبیهه بعضه الإنسان و تعرف بآثار الأسنان فی موضع العضه.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 311

[فی عضه السلاء]

و أما عضه السلاء: فقد یعرض فی موضع العضه وجع شدید مع نخس و حمره و نفاخات مملوأه رطوبه دمویه و یکون حول العظه کمد اللون، فإذا فتحت النفاخات ظهر الجرح أبیض اللون و کثیراً ما یتآکل العضو المعضوض.

[فی عضه العظایه]

و أما عضه العظایه: فإن أسنانها تبقی فی موضع العضه فیعرض

منه الوجع الشدید إلی أن تسقط الأسنان من موضع العضه.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 313

الباب الحادی و العشرون فی صفه نهش الأفاعی و الحیات و علاماتها

فأما الأفاعی و الحیات: فإن سمها حار محرق و الأعراض التی تعرض فیمن نهشته أفعی وجع فی موضع النهشه، ثم یصیر الوجع إلی جمیع البدن و تری فی موضع النهشه ثقبین مفتوحین و فیهما موضع النابین، ثم بعد ذلک تسیل منه رطوبه تشبه الزیت، و من بعد ذلک تسیل منه رطوبه زنجاریه و تعرض فیما یلی الموضع أورام حاره فیها حمره کمده و نفخات شبیهه بما یعرض من حرق النار و یتغیر لون البدن و یعرض للمنهوش غثیان و قی ء مره، و غشی و رعده شدیده و عرق بارد، و یعرض للعضو تآکل فیسعی ذلک التآکل إلی ما یقرب من ذلک العضو و تدمی لثه المنهوش و یبول دماً.

[فی نهش البلوطیه]

و أما [الحیه[1124]] المسماه اورس: [و هی البلوطیه[1125]] و هی التی تأوی إلی أصول شجره البلوط، و هی منتنه الریح یفوح نتنها من بعید، و زعم قوم أن من مر علیها تتسلخ رجلاه و یحدث به ورم فی الساقین، و من أراد علاج من نهشته هذه الحیه تتسلخ یداه، و متی قتل إنسان هذه الحیه تصیر رائحته رائحه منتنه و لا یشم شیئاً من الروائح سوی رائحتها.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 314

و علامه من نهشته هذه الحیه الورم من موضع اللسعه مع حمره و تنفط[1126] ما حولها من الأعضاء، و ربما سالت من موضع النهشه رطوبه شبیهه بمائیه الدم، و یعرض لهم وجع فی فم المعده.

[فی نهش الافعی المعطش]

و أما الأفعی المسماه بالمعطش: فإن الذین تلدغهم یعرض لهم فی موضع النهشه وجع شدید دائم، و یخرج من موضع النهشه دم

[و یعرض لهم وجع فی فم المعده و[1127]] یعرض معه عطش و یکثرون من شرب الماء و لا یروون منه لشده حراره سم هذه الحیه و شده احتراق أفواههم، و لا یکاد ینجو من نهشته هذه الحیه من الموت.

[فی نهش الحیه ادرس]

و أما ادرس[1128]: فهی التی تغوص فی الماء و تعرض لمن نهشته هذه الحیه سعه فی موضع النهشه و یکون لون الموضع کمداً و تخرج منه رطوبه سوداء کثیره منتنه الرائحه شبیهه بصدید الموتی.

[فی نهش الحیه فنحرسوس]

و أما الحیه المسماه فنحرسوس: فهی حیه تکون أصغر من الأفعی و أعرض عنقاً، و من نهشته هذه الحیه یکون حاله شبیهاً بحال من نهشته الأفعی و یعرض له مع ذلک استرخاء فی اللحم و ورم شبیه بورم الاستسقاء حتی یسیل اللحم من شده الرطوبه.

[فی نهش الحیه اسنبیس]

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 315

و أما الحیه المسماه اسنبیس[1129]: فهی حیه ترفع عنقها و تمده إلی فوق و تنفث السم من فیها و الجرح الذی یکون من نهشها یکون صغیراً جداً شبیهاً بغرز إبره و یسیل منها دم قلیل و لا یحدث ورم، و یعرض لمن نهشته هذه الحیه غشاوه فی بصره بسرعه و وجع فی جمیع البدن ثم بآخره یذهب حس البدن و لا یکاد یسلم من نهشته هذه الحیه.

[فی نهش الحیه ذات القرون]

و أما الحیه ذات القرون: فهی المسماه بأسلیقوس[1130] فإن موضع نهشها یصیر

أصفر و یحدث لصاحبها إنعاظ الذکر و خروج ریح من أسفل.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 316

الباب الثانی و العشرون فی لدغ العقرب الجراره و غیر الجراره و الزنابیر و الرتیلاء [و قمله النسر[1131]] و غیر ذلک

[فی العقرب]

فأما العقرب: فسمها بارد و لذلک صار الملدوغ منها یظن کأنه یرمی بالثلج و أکثر مضرته بالقلب، و العقرب إذا لدغت فإن موضع اللدغ یرم من ساعته و

یکون مع الورم حمره و صلابه و تمدد و وجع، و مره یعرض فیه التهاب، و مره برد و مره یهیج الوجع، و مره یسکن الوجع، و یکون الوجع کأنه ینخس بالابره، و ربما أحدثت غشیا إذا وقعت علی شریان و ربما أحدثت صرعاً إذا وقعت علی عصبه.

فی الزنابیر و النحل

و أما الزنابیر و النحل: فإنه یعرض لمن لسعته ورم حار علی المکان و حمره و وجع، و الحمه من النحل تبقی فی موضع اللسعه، [و ربما حدث معه عرق و غشی و اختلاج الشفه و انتفاخ الارنبه و توتر الذکر[1132]].

[فی قمله النسر]

[و أما قمله النسر: فإنه یعرض لمن لسعته علی المکان حمره و وجع شدید، و ربما حدث معه عرق و غثیان و اختلاج الشفه و انتفاخ الأربیه و توتر لذبول الدم أو

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 317

قیأه، و یتغیر من لسعتها الجسد تغیراً قبیحاً، و هی دویبه صغیره بیضاء مثل القمله و یستدل علیها من قبل الأعراض التی تتولد عنها لأنها تکون فی بعض الأوقات أقل من أن تدرک بالبصر و تحس عند الحرکه، و قال جالینوس: «إن أکثرها لا تقبل الدواء» و هذه الدویبه تکون فی لحاء شجره الدلب[1133]].

[فی الرتیلاء]

و أما الرتیلاء: فهی عنکبوت کبیره و أنواعها کثیره و أردؤها الرقطاء، یعرض من لدغته وجع شدید فی الموضع [اللذعه[1134]] و حمره یسیره من غیر ورم و قی ء و حکه، و یعرض معه نافض و برد و رعده فی جمیع البدن و ثقل و عرق [بارد[1135]] و صفره فی اللون، و یعرض لبعض من لسعته عسر البول و تمدد شدید فی [القضیب[1136]] و ما بین الارنبه[1137] و الرکبتین و تمدد فی المعده و

انتشار فی اللسان حتی لا یتبین الکلام، و یعرض لهم قی ء و رطوبه[1138] شبیهه بنسج العنکبوت أو تسهل بطونهم رطوبه مثل هذه، و إذا انغمسوا فی الماء الحار سکنت عنهم الأوجاع ثم یعاد لهم الوجع إذا خرجوا من الماء الحار.

[فی العنکبوت]

و أما العنکبوت: فیعرض لمن لسعته وجع فی موضع اللسعه و حمره و وجع فیما دون الشراسیف و عسر البول و برد الاطراق و انتشار القضیب.

[فی العقرب الجراره]

و أما العقرب الجراره: فإنها تکون صغیره صفراء علی مقدار ورق الانجدان لها أذناب تجرها تکون بعسکر مکرم و أکثر ما توجد فی [کوارک[1139]] السکر و فی الطین الذی هو قوالب السکر.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 318

و الموضع الملسوع لا یناله فی أول یوم وجع شدید لکن فی الیوم الثانی و الثالث، و تعرض له أعراض ردیئه بمنزله ورم اللسان و بول الدم و الخفقان و الغشی و الکرب و قد مات ممن لذعته هذه العقرب خلق کثیر من الناس، فهذه هی أصناف أمراض تفرق الاتصال الحادثه فی ظاهر البدن و ما کان منها حادثاً عن حیوان ذی سم، و العلامات الداله علیها و هو آخر الکلام فی العلل العارضه فی ظاهر البدن و أسبابها و علاماتها، و الحمد لله رب العلمین و الصلاه علی محمد و آله أجمعین[1140].

تمت المقاله الثامنه

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 319

المقاله التاسعه فی الاستدلال علی علل الأعضاء الباطنه

اشاره

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 321

المقاله التاسعه

[من کتاب کامل الصناعه الطبیه المعروف بالملکی تألیف علی بن عباس المتطبب[1141]]

فی الاستدلال علی علل الأعضاء الباطنه

و هی إحدی و أربعون باباً:

الباب الاول: فی الطرق العامه التی یستدل بها علی الأمراض الاعضاء الباطنه.

الباب الثانی: فی الاستدلال علی علل الأعضاء الباطنه و تقسیمها.

الباب الثالث: فی ذکر

الصداع و أصنافه و أسبابه و علامته.

الباب الرابع: فی دلائل البرسام و السرسام و أورام الدماغ و اختلاط الذهن و أسبابها و علامتها.

الباب الخامس: فی دلائل النسیان و أسبابه و علاماته و هی العله المعروفه بلیثرغوس[1142].

الباب السادس: و فی دلائل السکته [و الصرع[1143]] و الکابوس و أسبابها و علاماتها.

الباب السابع: فی صفه المالیخولیا و القطرب و العشق و أسبابها و علاماتها [الداله علیها التی لا تعرف، إلا بذکرها[1144]].

الباب الثامن: فی العلل العارضه فی النخاع، و أولًا فی الخدر و الاسترخاء

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 322

و اللقوه و الفالج و الایلیمسا و أسبابها و علاماتها.

الباب التاسع: فی صفه التشنج الحادث عن الامتلاء [و أسبابه و علامته الداله علیه[1145]].

الباب العاشر: فی صفه التشنج الحادث عن الاستفراغ و أسبابه و علامته.

الباب الحادی عشر: فی الرعشه و الاختلاج و أسبابهما و علاماتهما.

الباب الثانی عشر: فی صفه الحدب و أسبابه و علاماته.

الباب الثالث عشر: فی العلل العارضه فی أعضاء الحس، و أولًا فی علل العینین و أسبابها و علاماتها.

الباب الرابع عشر: فی العلل العارضه فی الأذن [و أسبابها و علاماتها[1146]].

الباب الخامس عشر: فی علل عضاء الشم و اسبابها و علاماتها[1147].

الباب السادس عشر: فی علل اللسان و ما یلیه من أجزاء الفم و أسبابها و علاماتها.

الباب السابع عشر: فی العلل العارضه فی أعضاء الفم و أسبابها و علاماتها.

الباب الثامن عشر: فی العلل العارضه فی أعضاء التنفس [و علاماتها[1148]].

الباب التاسع عشر: فی العلل الحادثه فی لباس الحلق و قصبه الرئه.

الباب العشرون: فی العلل العارضه فی الرئه.

الباب الحادی و العشرون: فی العلل الحادثه فی أعضاء الصدر و الغشاء المستبطن للأضلاع.

الباب الثانی و العشرون: فی العلل الحادثه فی الحجاب.

الباب الثالث و العشرون: فی العلل

الحادثه فی القلب [و أسبابها و علاماتها[1149]].

الباب الرابع و العشرون: فی العلل الحادثه فی آلات الغذاء، و أولا فی العلل العارضه فی فم المعده.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 323

الباب الخامس العشرون: فی العلل العارضه فی قعر المعده [و علاماتها[1150]].

الباب السادس و العشرون: فی العلل العارضه فی الأمعاء.

الباب السابع و العشرون: فی علل القولنج و أصنافه و أسبابه و علاماته.

الباب الثامن و العشرون: فی الدود و حب القرع.

الباب التاسع و العشرون: فی علل المقعده و أسبابها و علامتها.

الباب الثلاثون: فی علل الکبد و أسبابها و علاماتها.

الباب الواحد و الثلاثون: فی صفه الاستسقاء و أنواعه و أسبابه و علاماته.

الباب الثانی و الثلاثون: فی علل الطحال و أسبابها و علاماتها.

الباب الثالث و الثلاثون: فی علل المراره و أسبابها و علاماتها.

الباب الرابع و الثلاثون: فی علل الکلی و أسبابها و علاماتها.

الباب الخامس و الثلاثون: فی علل المثانه و أسبابها و علاماتها.

الباب السادس و الثلاثون: فی علل الصفاق و أسبابها و علاماتها.

الباب السابع و الثلاثون: فی علل أعضاء التناسل، و أولًا فی علل الانثیین و أسبابها و علاماتها.

الباب الثامن و الثلاثون: فی العلل العارضه فی القضیب.

الباب التاسع و الثلاثون: فی علل الرحم و أسبابها و علاماتها.

الباب الاربعون: فی علل الثدیین و أسبابها و علاماتها.

الباب الحادی و الاربعون: فی العلل الحادثه فی الورکین و أسبابها و علاماتها.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 324

الباب الإول فی الطرق العامه التی یستدل بها علی الأمراض الباطنه

أقول: إن العلل التی تحدث فی باطن البدن لیس التعرف علیها سهلًا کالتعرف علی علل الأعضاء الظاهره، لکن یحتاج فیها إلی أن یکون الطبیب[1151] عارفاً بفعل کل واحد من الأعضاء، و مزاجه و جوهره و منفعته و مقداره و شکله و موضعه فی البدن و مشارکته لما یشارکه من

الأعضاء و ما یحتوی علیه من الرطوبات و غیرها علی ما قد بینا من ذلک فی الموضع الذی ذکرنا فیه أحوال الأعضاء.

فتعلم من ذلک الطرق التی تسلک فی تعرّف[1152] کل واحد من [العلل[1153]] و الأمراض الباطنه فی أی الأعضاء حدث و فی أی موضع من العضو و حال المرض و مقداره و سلامته و رداءته.[1154]

کامل الصناعه الطبیه ؛ ج 2 ؛ ص324

إذا کان الأمر کذلک فیجب أن نبین الطرق التی تسلک فی معرفه کل واحد من العلل و الأمراض الباطنه و الدستورات التی یبنی علیها فی معرفه الأمراض و هذه الطرق و الدستورات ثمانیه:

إحداها: الطریق المأخوذه من ضرر الفعل.

و الثانیه: الطریق المأخوذه مما یبرز من البدن.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 325

و الثالثه: الطریق المأخوذ من الوجع الذی یخص کل واحد من الاعضاء[1155].

الرابعه: الطریق المأخوذ من موضع العضو العلیل[1156].

و الخامسه: الطریق المأخوذه من الورم.

و السادسه: الطریق المأخوذه من الأعراض الخاصیه بالمرض[1157].

و السابعه: [الطریق المأخوذ من مشارکه العضو لما یشارکه[1158]].

الثامن: الطریق المأخوده من البحث و المساءله.

[الطریق الأول [ضرر الفعل]]

أما ضرر الفعل: فیستدل منه علی العضو العلیل.

و ذلک أن کل فعل یناله الضرر یدل علی أن العضو الفاعل له علیل إما عله تخصه فی نفسه، و إما لمشارکته لعضو آخر علیل بمنزله نقصان الشهوه الداله علی آفه قد لحقت فم المعده.

و هذه الآفه إما أن تکون خاصه بها، و إما لمشارکه الدماغ لها فی العله.

[الطریق الثانی [ما یبرز من البدن]]

و أما ما یبرز من البدن فیستدل به علی العضو العلیل و علی طبیعه العله.

و الاستدلال به یکون إما من جوهره، و إما من مقداره، و إما من موضعه.

أما الاستدلال من جوهره: فبمنزله الثفل الراسب فی البول فان[1159] کان

شبیهاً بالنخاله دل علی أن العله فی المثانه، و إن کان شبیهاً بقطع اللحم دل ذلک علی أن العله فی الکلی، و کذلک متی خرج بالسعال جرم شبیه بالغشاء[1160] دل ذلک علی أن جرم الغشاء الشبیه [بلسان[1161]] المزمار عفن و تأکل و خرج بالسعال.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 326

و أما الاستدلال من مقداره: فبمنزله ما إذا خرجت فی البراز قطع لحم و کانت کباراً دل ذلک علی قرحه فی الأمعاء الغلاظ، و إذا کانت صغاراً دل ذلک علی أن القرحه فی الأمعاء الدقاق، و بمنزله من نفث قطعه عرق بالسعال[1162] فإنها إن کانت کبیره دل علی أن الرئه مریضه، و إن کانت صغیره دل علی أن العله فی قصبه الرئه، و ذلک أن العروق التی فی الرئه کبار و التی فی قصبه الرئه صغار.

و کذلک متی خرج بالسعال حلق من حلق قصبه الرئه و کانت[1163] تلک الحلق صغاراً دل ذلک علی أن جرم الرئه قد عفن و أن تلک الحلق الخارجه إنما هی من أقسام قصبه الرئه [و إن کان الحلق کبارا دل ذلک أن قصبه الرئه قد تعفیت رباطاتها[1164]] و انحلت تلک الحلق و خرجت بالسعال إذ کانت تلک الحلق لا تکاد تعفن لصلابتها و إنما العفن یلحق الرباطات لرخاوتها[1165].

و أما [الاستدلال[1166]] من موضعه: فبمنزله [فی قشره[1167]] قرحه خرجت من البدن فإن کان خروجها بالسعال دل ذلک علی أن القرحه فی آلات التنفس، [و إن کان خروجها بالقی ء دل علی أن القرحه فی المعده[1168]] و إن کان خروجها بالبراز دل علی أن القرحه فی الأمعاء [و[1169]] بمنزله الصدید الشبیه بماء اللحم [إن کان بالبراز دل علی أن العله فی الجانب المقعر من الکبد[1170]]، و

إن کان خروجها بالبول دل علی أن العله فی الجانب المحدب من الکبد، و أیضاً فإنه متی وقعت جراحه فی مراق البطن و خرقت الصفاق و وصلت إلی ما تحته من الأحشاء فإن خرج من الموضع الطعام أو الکیلوس دل علی أن الجراحه قد وصلت إلی [تجویف[1171]] المعده، و إن خرج براز دل علی أن الجراحه قد وصلت إلی تجویف الأمعاء، و إن خرج بول دل علی أن الجراحه قد وصلت إلی المثانه و إن وقعت فی الصدر و خرجت من الموضع ریح دل علی أن الجراحه قد نفذت فی الغشاء المستبطن للاضلاع.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 327

و أیضاً متی رأیت دماً قد انبعث من بعض الأعضاء و کان یسیرا[1172] دل علی أن عرقاً قد انخرق فی ذلک العضو، و إن کان خروج الدم مع ذلک بتوثب و کان لونه أحمر ناصعاً دل ذلک علی أن العرق الذی قد انخرق عرق ضارب.

[الطریق الثالث [الاستدلال من الوجع الخاص]]

و أما الاستدلال من الوجع الخاص: بالاعضاء فیستدل منه علی جوهر العضو العلیل، و علی العله الفاعله للوجع.

أما دلالته علی جوهر العضو العلیل: فإنه إن کان الوجع معه ضربان دل علی أن العله [فی عرق ضارب او عضو کثیر العروق الضوارب، و إن کان معه نخس فهو یدل علی أن العله فی غشاء، و إن کان معه ثقل دل علی أن العله[1173]] فی عضو قلیل الحس، و إن کان الوجع یمتد و یجد صاحبه کأن وتره یمتد إلی الناحیتین فهو یدل علی أن العله فی عصبه، فإن کان مع تمدد رخو فهو یدل علی أن العله فی اللحم، و إن کان مع الوجع تکسیر دل علی أن العله فی

غشاء مجلل للعظام.

و أما دلالته علی السبب الفاعل للوجع: فإنه إن کان مع الوجع لهیب فهو یدل علی [سوء مزاج حار، و إن کان الوجع فی سکون فهو یدل علی أن العله فی سوء مزاج بارد، و إن کان مع الوجع نخس و لذع فهو یدل علی[1174]] أن الوجع من خلط مراری حار[1175]، و إن کان معه تمدد فهو یدل علی أن الوجع من ریح، و إن کان مع الوجع حکه و تقرح دل ذلک علی أن العله من خلط حریف.

[الطریق الرابع [الاستدلال من موضع عضو الالم]]

و أما الاستدلال من موضع عضو الالم: فإنه إن کان الوجع من الجانب الأیمن دل علی أن العله فی الکبد، و إن کان الوجع فی الجانب الایسر دل علی أن العله فی الطحال، و کذلک مواضع سائر الأعضاء.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 328

[الطریق الخامس [الاستدلال من الورم]]

و أما الاستدلال من الورم: [فیه[1176]] أیضاً علی العضو العلیل من شکله و ذلک أنه إن کان الورم فی الجانب الأیمن و کان شکله شکل الهلال فهو فی نفس الکبد، و إن کان شکله مطاولًا أو مربعاً فهو فی العضل الذی یتعلق بالکبد[1177] من عضل البطن.

[الطریق السادس [الأعراض الخاصیه]]

و أما الأعراض الخاصیه[1178]: فیستدل منها علی ماهیه العله، و علی العضو العلیل.

و یکون ذلک إما من قبل اللون فمثل حمره الوجنتین الداله علی ذات الرئه و اللون الحائل الدال علی عله الکبد و سواد اللسان الدال علی حمی محرقه، و أما من الشکل فبمنزله نقوس[1179] الأظفار الداله علی العله المعروفه بالسل. و أما ما [یبرز[1180]] من البدن فبمنزله البراز الشبیه بغساله اللحم الطری الدال علی ضعف الکبد.

[الطریق السابع [الاستدلال من المشارکه فی العله]]

و أما

الاستدلال من المشارکه فی العله: فإنه یستدل به علی العضو العلیل بمنزله ما إذا نال الاصبع ضرراً فی حسها من غیر أن یکون قد أصاب الید شیئاً استدللنا علی أن العله فی الزوج العصبی الذی یأتی فی الیدین.

و مما یستدل به علی أن العله حدثت فی عضو ما بمشارکه غیره من الأعضاء فی العله کثرتها و تزیدها مع عله أخری.، مثال ذلک: اختلاط الذهن فإنه إن کان یتزید فیقوی مع الحمی و یسکن بسکونها فإن اختلاط الذهن حدث بمشارکه الدماغ لعضو آخر فی العله، و إن کان الاختلاط فی الذهن دائماً ثابتاً علی حاله

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 329

واحده و لا یسکن بسکون غیره من العلل فإن العله فی الدماغ نفسه.

و کذلک سائر العلل متی کانت [فی العضو[1181]] ثابته دائمه فإنها تدل علی أن العله فی ذلک العضو خاصه، و إن کانت تسکن بسکون غیرها من العلل و تهیج بهیجان غیرها فإنما حدثت بمشارکه ذلک العضو الذی فیه تلک العله.

[الطریق الثامن [الاستدلال من البحث و المساءله]]

و أما الاستدلال من البحث و المساءله فیستدل منه علی العضو العلیل، و علی نفس طبیعه العله، و علی المشارکه فی العله.

أما دلالته علی العضو العلیل: فبمنزله ما یسأل الطبیب العلیل فی العله و هو یشکو وجعاً فیما دون الشراسیف عن الموضع الذی یجد فیه الوجع، [فان ذکر أن الوجع فی الجانب الایمن دلّ علی أن العله فی الکبد[1182]]، فإن ذکر أن الوجع فی الجانب الایسر دل علی أن العله فی الطحال، و إن ذکر أن [الوجع[1183]] فی الوسط دل علی أن العله فی المعده، و کذلک أیضاً یسأل عن کیفیه الوجع الخاص بالعضو.

و أما دلالته علی نفس طبیعه العله:

فبأن یسأل العلیل عما یوافق العله و ینافرها بمنزله ما إذا شککنا فی عله ما هل هی من سوء مزاج حار أو بارد سألت العلیل عن أی الأشیاء الحاره أو البارده بالفعل أو بالقوه یسکن علیه ذلک الوجع، فإن قال: یسکن علی الأشیاء التی تکون حاره علمنا أن العله من سوء مزاج بارد، و إن قال: أنه یسکن علی الأشیاء البارده علمنا أن العله من سوء مزاج حار.

و لذلک ذکر حذاق الأطباء أنه متی اشتبه علی الطبیب مرض من الأمراض و لم یعرف حقیقته یجب أن یمتحن ذلک بأن یسخن بعض التسخین أو یبرد أو یرطب أو یجفف علی سبیل حذر و توقی[1184] و یتفقد ما یظهر[1185] بعد فعله ذلک من المنفعه أو المضره فیعمل بحسب ما تبین له من ذلک.

و أیضاً إن کانت العله حدثت دفعه و کان سکونها سهلًا دل ذلک علی أنها من

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 330

سوء مزاج حار [أو بارد[1186]] و إن کان حدوثها قلیلًا قلیلًا و طالت مدته فحدوثها عن خلط بارد.

و أما دلالته علی سبب المرض: فبمنزله ما إذا شککنا فی مرض ما هل هو من سوء مزاج حار أو بارد، سألنا العلیل عن تدبیره کیف[1187] کان قبل ذلک.

فإن ذکر أنه کان یتدبر بتدبیر مسخن بمنزله الأغذیه الحاره و شرب الشراب و استعمال الریاضه الکثیره و کثره الاستحمام و التعرض للشمس، علمنا أن العله من سوء مزاج حار.

و إن [قال: انه قد[1188]] کان یتدبر بتدبیر بارد بمنزله الأغذیه البارده و قله التعب و الراحه و النوم و التعرض للهواء البارد و الثلج، علمنا من ذلک أن العله من سوء مزاج بارد، و بمنزله ما یسأل صاحب التشنج هل

تقدم له تدبیر یوجب الامتلاء بمنزله کثره تناول الأغذیه الغلیظه و استعمال الراحه و الاستحمام من بعد التغذی، فإن کان ذلک دل علی أن التشنج حدث عن الامتلاء، أو هل تقدم ذلک تعب و ریاضه شدیده أو استفراغ إما بالعرق أو بالفصد أو بالاسهال أو حمی حاده، فإن کان ذلک دل علی أن التشنج إنما حدث عن استفراغ، و بمنزله ما یسأل صاحب عسر البول هل تقدمه بتدبیر غلیظ أو تقدمه بول دم أو مده أو رمل.

فإن قال: إنه یتدبر بتدبیر غلیظ علمنا أن عسر البول إنما حدث عن سده من خلط غلیظ لزج، [و إن تقدم بول دم علمنا إن عسر البول عن سده من قبل علقه دم.

و إن قال: انه[1189]] تقدمه بول مده علمنا أن ذلک من سده حدثت عن أثر قرحه.

فإن قال: إنه تقدمه بول فیه رمل أو حصا صغار علمنا من ذلک أن السده عرضت عن حصاه واقعه فی المجری، فإن لم یدل شی ء من ذلک علمنا أن ذلک إنما حدث عن ضعف القوّه [الدافعه[1190]] التی فی المثانه. [لا سیما إن اخبرک العلیل او خدمه انه اذا استلقی علی ظهره و عسرت مثانته فان ذلک اوکد دلاله علی ضعف القوه الدافعه التی فی المثانه[1191]].

و ایضاً فإنه متی عرض للإنسان خروج البراز بلا إراده فاسأل هل تقدم ذلک

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 331

قعود العلیل علی موضع شدید البرد [و هل وقعت به ضربه؟.

فان قال: انه قد قعد علی موضع شدید البرد[1192]] و علمنا من ذلک أن العضله المطیفه بالمقعده قد أضر بها البرد و ضعفت منها القوّه الماسکه و استرخت لذلک و بطل حسها.

فإن قال: إن ضربه تقدمت و وقعت علی الصلب

علمنا من ذلک أنه قد لحقت العصبه الصائره إلی العضله المطیفه بالمقعده أو النخاع آفه.

فإن قال: إنها وقعت بنفس العضله؛ علمنا من ذلک أنه قد لحق العضله ورم لم یبادر إلی علاجه فصلبت و استرخت لذلک العضله.

و کذلک أیضاً متی کان خروج البول بلا إراده فینبغی أن تسأل العلیل هل قد تقدم ذلک سقطه أو ضربه علی نواحی القطن أو لحق المثانه برد شدید بمنزله القعود فی الماء البارد أو علی جسم شدید البرد بمنزله الحجر، فإن قال ذلک علمنا أن السبب فیه ما[1193] ذکرنا فی عضله المقعده.

و أما دلالته علی المشارکه[1194] فی العله: فبمنزله ما یسأل من یجد قدام عینیه خیالات شتی هل یجد فی فم معدته لذعاً أو تمددا.

فإن قال: إنه کذلک، دل علی أن ذلک بسبب بخارات ترتقی من المعده إلی الدماغ أو بسبب ألم فی [فم[1195]] المعده.

و کذلک یجب علی من أراد أن یتعرف علی علل الأعضاء الباطنه أن یسأل العلیل عما یحتاج أن یسأل عنه ما لا یمکن الطبیب أن یعرفه إلا بالاستبحاث من العلیل، و من خدمه[1196]، مما نبینه فیما یستأنف من قولنا فی الاستدلال علی کل واحد من الأمراض.

و إذ قد شرحنا من أمر القوانین التی علیها مبنی الأمر فی معرفه علل الأعضاء الباطنه ما فیه کفایه فنبتدئ بتعریف صنف صنف من العلل التی تحدث فی کل واحد من الأعضاء الباطنه من هذا الموضع، [فاعلم ذلک[1197]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 332

الباب الثانی فی الاستدلال علی علل الأعضاء الباطنه و تقسیمها

فنقول: إن العلل التی تحدث فی الأعضاء الباطنه:

منها ما تحدث فی الأعضاء النفسانیه التی هی الدماغ و النخاع و ما ینشأ منها من الاعصاب[1198] و آلات الحس.

و منها ما یحدث فی آلات التنفس و هی الصدر و

الحجاب [و القلب[1199]] و الرئه و قصبتها و الحنجره.

و منها ما یحدث فی آلات الغذاء و هی المری ء و المعده و الأمعاء و الکبد و الطحال و المراره و غیر ذلک من آلات الغذاء.

و منها ما یحدث فی أعضاء التناسل و هی الفرج و الرحم و الاحلیل و الانثیان.

[فی علل الأعضاء النفسانیه]

و نحن نبتدئ أولًا بذکر العلامات الداله علی العلل التی تحدث فی الأعضاء النفسانیه التی هی فی باطن البدن، و نبتدئ أولًا بالعلل التی تحدث فی الدماغ و أغشیته بما یتبعه من الأعضاء علی ترتیب و توال من فوق إلی أسفل بعد أن نقدم الاعتذار فی علل یسیره من علل الأعضاء الظاهره نذکرها مع ذلک إذ لم یجز لنا أن نخرجها عن حد هذا الکلام و ذلک لئلا یکون الکلام فی ذلک ناقصاً و لا تکون صفه الأمراض علی توالی الأعضاء و ترتیبها.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 333

[اسماء علل الدماغ]

فأقول: إن العلل التی تحدث فی الدماغ و أغشیته هی: الصداع، و السرسام، و البرسام، و الأورام اللاحقه له، و اختلاط الذهن، و العله المعروفه بلیثرغس[1200] و هی النسیان، و السبات، و السهر المعروف بقوما و هو الجمود[1201]، و فساد الفکر، و الذکر، و السدر، و الدوار، و الکابوس، و الصرع، و السکته، و العله المعروفه بالمالنخولیا، و القطرب، و العشق.

و أنا مبتدی ء بذکر الصداع و أسبابه و علاماته و أصنافه.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 334

الباب الثالث فی ذکر الصداع و أسبابه و علاماته

فأما الصداع فمنه ما یکون فی جمیع الرأس، و منه ما یکون فی النصف منه و یقال له: الشقیقه، و کل واحد من هذین:

إما أن یکون لعله فی الغشاء المستبطن لجلده الرأس، و إما لعله فی الغشاء المجلل للدماغ.

فالذی[1202]

یکون فی جمیع الرأس: منه ما یکون علی جهه البحران، و منه [ما[1203]] یکون تابعاً للحمی، [و] منه مفرد بنفسه،

أما ما هو تابع للحمی: فحدوثه من امتلاء الرأس من الاخلاط و البخارات الحاده، و هذا یکون: إما من خلط ردی ء محتقن فی المعده و علامته الغثیان و الخفقان، و إما لخلط یجتمع فی جمیع البدن، و إما لضعف الرأس، و إما لشده حراره الحمی کالذی یعرض فی حمی الغب و الحمی المحرقه.

و أما ما کان من صداع[1204] مفرداً بنفسه: فمنه ما یکون خاصاً بالرأس، [و منه ما یکون حدوثه بمشارکه الرأس للمعده.

أما ما کان منه خاصا بالرأس:[1205]] فمنه ما یکون من سوء مزاج، و منه ما یکون من مرض آلی، و منه ما یکون من ریح، و منه ما یکون من ضربه.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 335

أما ما کان من سوء مزاج: فمنه ما یکون عن سوء مزاج ساذج [مفرد[1206]] و منه ما یکون مع ماده.

و سوء المزاج الساذج: إما أن یکون حاراً، و حدوثه یکون: إما من سبب من داخل، و هذا: إما أن یکون إذا سخن مزاج أغشیه الدماغ، و إما لتناول الإنسان أدویه و أغذیه حاره مصدعه للرأس بمنزله الجوز العتیق و الثوم و البصل.

و إما من سبب من خارج: بمنزله ما یحدث من الصداع لمن یصیبه الاحتراق من الشمس، و علامه ذلک أن یلمس الرأس فیوجد حاراً، [و الرأس[1207]] و إذا وضعت علیه الأشیاء البارده بالفعل سکن و إذا شممته الریاحین البارده و الطیب البارد یسکن أیضاً [الصداع[1208]] بمنزله ما إذا شممته الکافور و الصندل و الریاحین المبرده.

و یکون البراز و البول معتدلین لیس یغلب علیهما المرار، و ربما کان مع

ذلک فی الوجه و العینین حمره، و أن یکون تدبیر صاحبه فیما تقدم تدبیراً مسخناً و السن و الوقت مزاجهما حاراً.

و إما أن یکون بارداً و یکون أیضاً: إما من سبب من داخل [اذا[1209]] برد مزاج أغشیه الدماغ، فأما من خارج فبمنزله ما یعرض لمن یکشف رأسه فی الهواء البارد و لمن شرب الماء الشدید البروده.

و علامه هذا الصداع إذا کان من سوء مزاج بارد أن یکون الرأس إذا لمس[1210] وجده بارداً، و إذا وضع علیه الأشیاء الحاره بالفعل سکن و لا یکون فی الوجه حمره و لا یشتهون الأشیاء البارده، و أن یکون تدبیر صاحبه فیما تقدم تدبیراً مبرداً و السن و الوقت الحاضر و البلد مزاجها بارد.

و أما من سوء المزاج الیابس: فالصداع الحادث عنه ضعیف.

و أما الرطوبه إذا کانت مفرده و لا تحدث صداعاً إلا أن یکون مع ماده کثیره فتحدث الصداع بالتمدد الحادث عن کثره الماده.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 336

[فی الصداع الحادث من سوء مزاج مع ماده]

و أما ما یکون من سوء مزاج مع ماده:

فمنه ما یکون مع ماده دمویه.

و علامته أن یکون صاحبه یستریح إلی الأشیاء البارده بالقوّه و الفعل، و أن یکون مع الصداع ضربان و الوجه أحمر ممتلی ء و عروقه ممتلئه و النبض منه عظیم و البول [ثخینا[1211]] غلیظ أحمر و عروق العین ممتلئه حمره، و إذا لمس الرأس وجده حارا.

و منه ما یکون من ماده صفراویه.

و علامته أن یستریح صاحبه إلی الأشیاء البارده إذا وضعت علی الرأس، و إذا لمس الرأس وجده حاراً، و یکون لون الوجه إلی الصفره ما هو، و یجد فی فیه مراره[1212]، و الوجه فیه یبس و النبض سریع متواتر إلی الدقه

ما هو فیه صلابه، و یکون البول من صاحب ذلک أبیض لتراقی المرار إلی الرأس، و یعرض لصاحبه سهر.

و منه ما یکون من ماده بلغمیه.

و علامته شبیهه بعلامات من یکون صداعه من سوء مزاج بارد إلا أنه یکون مع هذا ثقل [و کسل[1213]] و سبات و رطوبه فی الفم و انتفاخ یسیر فی الوجه [و البدن[1214]] و البول أبیض غلیظ] و النبض غلیظ بطی ء[1215]].

و منه ما یکون من ماده سوداویه.

و علامته کعلامه صداع الرأس الحادث عن سوء مزاج بارد إلا أنه یکون مع هذا جفاف فی الوجه و کموده فی اللون و فکر و ضیق صدر و سهر، و یکون البول أبیض رقیقاً، و النبض بطی ء رقیق.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 337

[فی الصداع الحادث عن مرض آلی]

و أما ما کان من الصداع حادثاً عن مرض آلی: فحدوثه یکون عن سده.

و السده تحدث إما من کثره الاخلاط الغلیظه اللزجه.

و یستدل علیها بما کان صاحبه یستعمل من الإکثار من الغذاء و الراحه و ترک الاستحمام، و أن یکون الوجه و البدن من صاحبه ممتلئین، و أن یجد مع الصداع ثقلًا و تمدداً.

و أما عن ورم، و حدوث الورم یکون:

إما من سبب من خارج بمنزله الضربه و الصدمه عند ما یتأدی الورم من الغشاء المبسوط تحت جلده الرأس إلی الأم الغلیظه بالمشارکه لجرم ذلک[1216] الآم.

و إما من داخل فیحدث کحدوث سائر الاورام التی تعرض فی الرأس.

و علامه الصداع الذی یکون عن ورم [حار[1217]] أن یجد صاحبه مع الصداع ضرباناً و ثقلًا.

[و إذا کان الورم حاراً یکون معه[1218]] حمی و التهاب فی الرأس و حمره فی الوجه. و إن کان بارداً کان الصداع قلیل الضربان، و إذا کان لورم

المحدث للصداع فی الغشاء المحیط بالدماغ أحس العلیل کأن عینیه تنجذبان إلی داخل و إن لم یحس العلیل بشی ء من ذلک فإن العله فی الغشاء المحیط بالقحف من خارج.

و أما ما کان من الصداع حادثاً عن ریح فعلامته أن یکون معه تمدد و أما ما کان من الصداع حادثاً عن ضربه أو صدمه فلیس یحتاج فیه إلی دلیل سوی مسأله العلیل إذا کان السبب فیه ظاهراً بینا فهذه صفه [علامات[1219]] الصداع إذا کان خاصاً بالرأس.

و أما ما کان حدوثه بمشارکه الرأس للمعده فی عله بها، و هذا یکون.

إما لخلط مراری فی المعده، و علامته أن یکون مع الصداع لذع و کرب و خفقان و التهاب و احتراق فی الرأس، و أن یستریح بعقب القی ء و یشتد[1220] عند

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 338

الحرکه و أکل الاطعمه الحاره و فی وقت خلو المعده و بعقب النوم و علی الریق.

و اما لعفن البلغم فی المعده[1221]، و علامته أن یجد صاحبه غثیاناً و أن یستریح بعقب القی ء و یشتد عند الامتلاء و أکل الأطعمه البارده و یکون الجشاء حامضاً.

و قد یحدث أیضاً الصداع بعقب إلاکثار من الطعام بسبب التخمه، و علامه ذلک ظاهره [بینّه[1222]] من ذهاب شهوه الطعام و الکسل و الاسترخاء و ضعف المعده، و أن یجد صاحبه الصداع فی الیافوخ و وسط الرأس موازیاً للمعده.

و أما من شرب الشراب عند ما تتراقی البخارات الحاره إلی الدماغ و یقال له:

الخمار، و هذا یکون من قبل ضعف الدماغ و قبوله للبخارات.

و کل صداع یکون من قبل المعده فإنه یخف بخفه المعده و یشتد و یثقل بثقلها و فساد الطعام فیها.

فهذه صفه دلائل أصناف الصداع الذی یکون فی جمله الرأس

إلا أن منه ما یکون حاداً سریع التحلل و الانقضاء و یعرف بالصداع مطلقاً، و منه ما یکون بطیئاً عسر التحلل و یعرق بالبیضه و الخوذه.

[فی البیضه و الخوذه]

و صاحب هذا الصداع یهیج به ذلک من أدنی سبب و یتأذی من الاصوات و النظر إلی ضوء النار و الشمس و باستنشاق الروائح التی تملاء بطون الدماغ و من شرب الشراب.

و حدوث هذا النوع أکثر ما یکون من خلط بارد بلغمی غلیظ، و من السده، و یحدث أیضاً عن ریح شدیده و قد یحدث أیضاً عن خلط حاد.

و قال جالینوس: فی کتابه فی مواضع الالمه[1223] «الصداع الذی یسمی البیضه ما من أحد یشک فیه و لا یرتاب به أنه [شر[1224]] مرض من أمراض الرأس» و ذلک أن هذه العله فی المثل إذا وصفها الإنسان و حصلها بکلام وجیز قال: إنها صداع مزمن

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 339

عسر الإنقلاع یصیر بالاسباب الیسیره إلی أن ینوب بنوائب عظیمه جداً حتی أن صاحبه لا یحتمل صوت شی ء یقرع و لا صوت کلام له فضل شده و لا ضوء ساطع و لا حرکه، لکن یکون أحب الأشیاء إلیه أن یبقی مستلقیاً فی هدوء و سکون و ظلمه لعظم ما یناله من الوجع، و ذلک أن بعضهم یظن أن رأسه من صفر، و الوجع یبلغ فی کثیر منهم إلی أصول العینین.

و هذه النوائب أیضاً تکون لها أوقات راحه و سکون کما یکون ذلک فی أصحاب الصرع، و یکون فیما بین النوبتین بحال لا تذم بوجه من الوجوه، و الأمر فی هذه المرض بین أن الذی فیه من سرعه قبول الرأس للعله و هو من جنس ما یوجد فی سائر من یصدع

إلا فیه[1225] شی ء یفضل به علی سائر من یصدع و هو أن الأجزاء العلیله من الرأس بها من الضعف أکثر مما بأجزاء رؤوس أولئک.

و قال أیضاً: «و الذین یسرع الامتلاء إلی رؤوسهم [و أبدانهم مستعده للامتلاء فقد[1226]] تکون المواضع من الرأس الممکنه لقبول العله مهیأه موافقه لذلک، و إذا تدبروا بتدبیر سوء وقعوا فی العله المعروفه بالبیضه [و الخوذه[1227]]» و لیس ببعید عن الحق أن الذی یحس الوجع فی بعض هؤلاء فی أغشیه الدماغ و فی بعضهم فی الغشاء المحیط بالقحف من خارج و الفرق بین هذین أن الوجع فیمن تکون علته من داخل القحف یبلغ إلی أصل العینیین، و أما متی کان الوجع لا یبلغ إلی أصل العینین فإن العله فی الغشاء الذی علی عظم القحف من خارج، و الطبائع المستعده لتملأ الرأس هی الابدان التی تتولد فیها ریاح الحاده بخاریه[1228] و یجتمع منها فی فم المعده فضول مراریه.

و قال أیضاً: «السهر الطویل یصدع الرأس. لأنه [یمنع الهضم و یرفع البخارات الی الدماغ»، کذلک ایضا الیوم الطویل یصدع لانه[1229]] من کثره الهظم یملأ الرأس رطوبه حاره.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 340

[فی الشقیقه]

و أما الصداع المعروف بالشقیقه: فیکون فی نصف الرأس، و حدوثه یکون

إما من أخلاط ردیئه الکیفیه حاره أو بارده تملأ أغشیه الدماغ

و إما من بخار یتصاعد إلیه من المعده، و علامته أن صاحبه یجد الوجع الشدید فی داخل قحف الرأس من شق و جانب واحد.

و قد یعرض هذا الوجع الذی یعرض فی داخل القحف أیضاً کالذی ذکرنا نوع الصداع المعروف بالبیضه و الخوذه، و إذا کان کذلک حدثت فی العینین أعراض ردیئه و کثیراً ما یعطب منها البصر و کثیراً ما تعرض هذه

العله بأدوار معلومه.

و قد یکون الصداع من قبل الاستفراغ لما یعرض من الیبس بمنزله الرعاف المسرف و نزف دم الحیض أو دم البواسیر او انطلاق[1230] الطبیعه کالذی یعرض للنساء کثیراً من کثره خروج دم النفاس، و قد یعرض لأصحاب ذلک خفه و طیران[1231] و هوس.

و قد یعرض أیضاً الصداع بعقب الحمام[1232]، و ذلک من ضعف الدماغ و امتلاء البدن و یحدث عن البلغم[1233] و نقصان الدم.

و یحدث عن ضعف الدماغ و کثره حسه کالذی قال جالینوس: [فی] المقاله الرابعه من معرفه[1234] علل الأعضاء الباطنه. «و قد یکون صداع دائم من ضعف الرأس و آخر من کثره حسه، و إذا رأیت صداعاً مزمناً لا یسکن بالعلاجات و لا معه علامات ظاهره فاحدس أنه أحد هذین النوعین» و فرق حینئذ بینهما «بأن الذی یکون من ذکاء الحس تکون الحواس معه نقیه صافیه و المجاری نقیه یابسه».

و قال: فی کتابه فی حفظ الصحه «أما الرأس الذی تکون أوجاعه متواتره فمن جوده حس العصب الذی ینبت من الدماغ و یصیر إلی المعده».

و قد یحدث الصداع من بخار کثیر فی الرأس، و علامته الدوی و الطنین فی

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 341

الاذن و درور الأوداج و انتقال الالم من جانب إلی جانب.

و قد یعرض الصداع من ورم حار یکون فی الرحم و بعقب الولاده و الاسقاط و من قله النقاء من النفاس، و یکون الالم من ذلک فی الیافوخ.

و ینبغی أن تعلم بعد ما ذکرنا أن الصداع الذی یکون من عله عضو ما فإن ألم ذلک العضو یبتدی ء أولًا ثم یتبعه الصداع، و الذی یکون عن عله تخص الرأس یکون ثابتاً علی أکثر الأمر.

و قال: «إنه ربما عرض من الصداع

الشدید انقطاع الصوت» و ذلک لآفه تعرض للعصب الذی یأتی عضل الحنجره و الحلق.

و قال جالینوس: فی کتاب المیامر «إنه قد یکون صداع فی بعض الرأس دون بعض، و ربما کان فی الاغشیه، و ربما کان فی العروق، و ربما کان خارج القحف، و ربما کان داخله».

و الوقوف علی حقیقه ذلک یعسر [و یعرف ذلک[1235]] بالتخمین و الحدس وسل عن السبب البادی.

فهذه صفه أنواع الصداع و أسبابه و علاماته الداله علیه.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 342

الباب الرابع فی دلائل السرسام و البرسام و أورام الدماغ [و اختلاط الذهن[1236]] و أسبابها و علاماتها

[فی السرسام]

فأما السرسام فحدوثه یکون: إما عن سوء مزاج حار یعرض للدماغ أو یعرض للغشاء المجلل للدماغ، و إما من قبل ورم حار یحدث فی أغشیه الدماغ، [و اما فی الدماغ نفسه، و اما اذا کثر المرار فی العروق التی فی الدماغ[1237]].

و ما کان حدوثه عن ورم کان أصعب و أقوی.

و الورم الحار: اما أن یحدث عن الدم، و إما عن المره الصفراء او ربما[1238] خالط ذلک شی ء من البلغم.

و علامه جمیع ذلک حمی مطبقه حرارتها لیست قویه تحت الملمس بل ساکنه هادیه، و أن یکون ملمس الوجه و الرأس أسخن من سائر البدن، و یتبع ذلک اختلاط الذهن و سهر، و ربما عرض لبعضهم نوم مضطرب [مع خیالات ظاهره[1239]] و ینتبهون منه بصیاح و وثوب و یخشن منه اللسان و یسود و یلقطون زبیر الثیاب[1240] بسبب رداءه التخیل، و تجری دموعهم فی بعض الأوقات و یکون فی أعینهم رمص و فی وقت آخر تکون جافه.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 343

و من عرضت له هذه العله عن [ورم[1241]] دموی فإن هذه الأعراض تکون مع ضحک و نوم و حمره فی العینین و هذیان، و تکون الحراره ظاهره الحس و

اللمس[1242] مع حده و لذع و لون الوجه لیس بالاحمر الشدید الحمره بل ربما مال إلی الصفره مع یبس.

و من عرض له ذلک عن ورم صفراوی، فعلامته أن تکون هذه الأعراض مع غضب و سوء خلق و لجاج، و إن کان ذلک عن ورم سوداوی فتکون هذه الأعراض مع جنون و وثوب و کثره الهذیان و الفزع و الخوف و البکاء.

فأما متی خالط هذه المواد شی ء من البلغم عرض مع ذلک سبات أرقی، و النبض فی جمیع هؤلاء صغیر ضعیف فیه صلابه یسیره و اختلاف کثیر، و التنفس یکون متواتراً مختلفاً، و یضیق النفس أحیاناً.

[فی البرسام]

و أما البرسام: فإنه یحدث فی الدماغ بسبب ورم یحدث فی الحجاب بمشارکه العصب المنحدر إلیه من الدماغ، و جمیع الأعراض التابعه للسرسام تظهر فی البرسام إلا أنها تکون أضعف و الحمی تکون أقوی و الحراره فی سائر الجسم أظهر لقرب موضع العله من القلب و الشراسیف و مادونها ینجذب إلی فوق و یضیق النفس أحیاناً، و یکون الصدر و الجانبان و الشراسیف کلها حاره لأن هذه الأعضاء مجاوره للحجاب کالذی یعرض[1243] فی الرأس و الوجه، و السرسام أقوی حراره لمجاوره هذه الأعضاء للدماغ و هاتان العلتان حارتان[1244] [ذواتا[1245]] خطر فهذه صفه السرسام و البرسام، و العلامات الداله علیهما [و الأسباب الناشئه عنها[1246]].

و ینبغی أن تعلم أن من حدث به السرسام من الکهول علی الأمر الأکثر لا

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 344

یکاد یتخلص لأن هذا المرض مضاد لمزاج هذا السن.

و أما الأورام الحاره التی تعرض فی الدماغ فمنها الورم المعروف بالحمره، و منها الورم المعروف بالماشرا.

[فی الماشرا]

أما الماشرا: فإنه ورم دموی یعرض للدماغ و الشرایین و الوجه و جمیع ما

فیه یرم حتی یظن بالشؤون أنها ستنفرق[1247]، و یعرض مع ذلک وجع شدید دائم و حمره فی الوجه، و نتوء فی العینین یتبع[1248] ذلک غثیان بسبب مشارکه الدماغ للمعده.

فأما الحمره فیعرض معها وجع شدید فی جمیع الرأس و التهاب کلهیب النار، و إذا لمس الوجه کان بارداً [جاسیاً لکمون الحراره[1249]] و یکون لونه إلی الصفره ما هو، و یعرض فی الفم جفاف شدید، و هذا الباب قد دخل فی عله البرسام و السرسام.

[فی اختلاط الذهن]

و أما اختلاط الذهن: فمنه ما یکون مع حمی، و منه ما یکون خلوا من الحمی.

أما ما کان مع حمی: فمنه ما یکون فی السرسام بسبب الورم الحار الذی یحدث فی أغشیه الدماغ.

و منه ما یکون فی البرسام، و هذا یکون لما یتأدی من الحراره الحادثه عن ورم الحجاب إلی الدماغ و أغشیته بالمشارکه.

و منه ما یکون بسبب قوه حراره الحمیات الحاده، و هذا یکون بسبب تراقی بخارات الحمی و ضعف الرأس.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 345

الباب الخامس فی دلائل النسیان و اسبابه و علاماته، و هی العله المعروفه بلیثرغس[1250]]

و هذه العله إن تحدث معها حمی ضعیفه لیست بحاده و ذلک بسبب عفن البلغم و سبات و نوم یعسر معه الانتباه، فإذا سألوا عن شی ء لم یجیبوا[1251] الا بکد و یعرض لهم اختلاط فی الذهن و تثاؤب کثیر و تکون أفواههم مفتوحه کأنهم ینسون أن یطبقونها، و بعضهم یعرض له إسهال البلغم و بعضهم تستمسک بطونهم، و یکون بولهم منثورا[1252] کبول الحمیر و یعرض لبعضهم ارتعاش و عرق فی الأطراف، و یکون الوجه منهم مائلًا إلی السواد ما هو، و فیه بعض النفخه، و النبض من هؤلاء یکون [لیناً[1253]] عظیماً مختلفاً اختلافاً موجیاً علی مثال نبض أصحاب ذات الرئه، و التنفس بطیئاً جداً

ضعیفاً مختلفاً، فإن کان النسیان عرض عن الیبس عرض مکان السبات سهر.

[فی السبات السهری المعروف بقوما]

و أما السبات السهری المعروف بقوما: فإن السبات نفسه یکون إما من سوء مزاج بارد رطب یعرض للدماغ، و إما من ماده بلغمیه، و إما بسبب حمی حاده، و إما بسبب ضربه تصیب عضل الصدغین، و إما بسبب ضغط یعرض للدماغ، و إما من کسر یعرض لقحف الرأس، و إما من الصفیحه التی توضع تحت عظم القحف

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 346

المکسور إذا أراد الطبیب أن یعالجه.

[فی السهر]

و أما السهر: فیحدث عن سوء مزاج یابس یعرض للدماغ إما من ماده سوداویه أو صفراویه، فمتی ترکبت هذه الأسباب المحدثه للسهر مع الاسباب المحدثه للسبات[1254] حدث عن ذلک العله المعروفه بقوما و هو السبات السهری و إذا کان البلغم أغلب کان السبات أظهر، و إن کان الیبس أغلب کان السهر أظهر و کان صاحبها کأنه نائم یقظان وعیناه مفتوحتان و ذهنه مختلط و یعرض له ما یعرض لأصحاب السرسام من الهذیان.

و بالجمله فإن العلامات الداله علی هذه العله مرکبه من علامات السرسام و علامات العله المعروفه بالنسیان.

فأما العلامات الخاصه: بهذا المرض فهی أن یکون العلیل مستلقیاً علی ظهره متمدداً کأنه میت وعیناه شاخصتان و وجهه فی بعض الأوقات منتفخاً و لونه إلی السواد ما هو، و فی بعض الأوقات تعلوه حمره و ربما عرض له مع ذلک فی بعض الأوقات عسر البول و فی بعضها سلس البول و متی کانت هذه العله ضعیفه وصب فی فم العلیل شی ء من الرطوبات ازدرده، و متی کانت قویه وصب فیه شی ء رطب لم یبتلعه لکن یشرق به و یخرج من منخریه، و یعرض لمن هذه

حاله سهر شدید و عسر البول و لا یتبین له نفس و النبض یکون ضعیفاً صغیراً متواتراً، و الفرق بین هذه العله و السدر[1255] أن صاحب هذه العله لا یتنفس نفسا صحیحا[1256]، و متی حدثت هذه العله بامرأه فیفرق بین من یعرض له ذلک منهن و بین من بها[1257] اختناق الرحم فالتی بها اختناق الرحم یکون استلقاؤها استلقاء العاده، و فی بعض الأوقات تخف هذه العله عنها فتفهم ما یقال لها و فی بعض الأوقات یعرض لها غشی شدید.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 347

[فی الجمود]

و أما العله التی یقال لها: قوطوخس: و هی الجمود فحدوثها عن سده تحدث[1258] للبطن المؤخر من بطون الدماغ عن خلط بارد [یابس غلیظ و ربما عرض من قبل شرب الماء البارد و الاستحمام بالماء البارد[1259]] و أکل الفاکهه المبرده علی الثلج[1260].

و من علامات ذلک أن یکون البدن من صاحب هذه العله کله عدیم الحس و الحرکه و یکون مستلقیاً کاستلقاء المیت.

و الفرق بین هذه العله و بین السبات أن فی السبات تکون العین مغمضه و فی وقت الجمود تکون مفتوحه، و متی عرضت هذه العله للإنسان بقی علی الحال التی أدرکته علیها إما جالساً و إما قائماً أو نائماً أو مفتوح العین أو مغمض العین، و کذلک إن کان یعمل عملًا فإنک تصیبه علی تلک الحال التی حدثت به العله و هو بها من الأعمال.

و أما سائر العلامات غیر هذه فتشبه علامات السهر المسمی قوماً.

[فی فساد الفکر و الذکر]

و أما فساد الفکر و الذکر: فربما فسد أحدهما علی الانفراد و یقال له فساد الذکر، و أما فساد الفکر. و ربما فسد جمیعاً و یقال لذلک: حمق، بمنزله ما یعرض للمشایخ

و ذلک أنه یعرض لهؤلاء بسبب ضعف الدماغ.

[و الفساد یلحقهما اما من سوء مزاج بارد ساذج یعرض للدماغ[1261]] و أما من ماده بلغمیه.

فمتی کانت هذه العله من سوء مزاج بارد عرض للعلیل مع النسیان و رداءه[1262] الذکر کسل و ثقل عن الحرکه و کثره نوم، و إن کان مع البرد رطوبه عرض له سبات و استغراق و نسیان و سدر فإن کان مع البروده یبس عرض موضع السبات

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 348

سهر شدید، و متی حدثت هذه العله عن ماده بلغمیه عرض للعلیل استفراغ رطوبات من الانف و الفم و الاذنین.

[فی السدر و الدوار]

و أما السدر و الدوار: فیکونان إما من قبل الدماغ نفسه، و إما بمشارکته لعضو آخر فی العله.

و أما السدر: فإنه إن کان من قبل الدماغ فإن حدوثه یکون: إما من سوء مزاج بارد رطب، و إما من خلط بلغمی یغلب علی الجزء المقدم من الدماغ فیحدث عن ذلک السدر [و الاستغراق[1263]] و الاسترسال.

[فی الدوار]

و أما الدوار: فإنه یکون [أما] عن خلط بلغمی یجتمع فی العروق المستدیره حول الدماغ و إما من خلط صفراوی أو دموی یکون فی العرق لا[1264] یمکنه التحلیل فیدور فی العروق حول الدماغ فیحدث لهم عن ذلک الدوار، و إما من قبل ریح غلیظ یحتقن فی هذه العروق فلا یتحلل لکنها تدور حول الدماغ فیحدث عن ذلک الدوار، و [و أما] یکون أیضاً عن ضغط یعرض لمقدم الدماغ بسبب کسر عظم القحف أو غیره من الأسباب التی تضغط الدماغ.

و علامه السدر أن یکون الإنسان شبیهاً بالمهووس و أعضاؤه شبیهه بالمسترخیه لما یعرض للأعصاب من الاسترخاء بالرطوبه البلغمیه الغالبه علی الدماغ.

و علامه الدوار أن یکون الإنسان یری جمیع

ما حوله کأنه یدور و یهم بالسقوط لا سیما إن رأی شیئاً یدور کرحی أو دولاب فإنه یشتد به الدوار.

[و کذلک[1265]] متی دار الإنسان نفسه مراراً کثیره عرض له دوار و هوس، و إذا کان الدوار من قبل البلغم فإن طعم الفم یکون مالحاً أو حامضاً، و إن کان من قبل

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 349

الصفراء کان طعم الفم مراً.

و العلامات العامه لهاتین العلتین أعنی السدر و الدوار ظلمه البصر و ثقل السمع و الدوی فی الاذنین.

فأما متی کان حدوث هذه العله بمشارکه الدماغ لغیره من الأعضاء فی العله.

فمنه ما یکون لعله تحدث بالعروق الضوارب التی خلف الاذنین من سوء مزاج بارد و خلط بلغمی أو صفراوی و علامته أن تکون هذه العروق مع ما ذکرنا ممتلئه متمدده.

و منه ما یکون لعله تحدث فی العرقین المعروفین بعرقی السبات عن سوء مزاج بارد أو خلط بلغمی أو صفراوی، و علامته أن تکون مع ذلک الرقبه [ممتلئه[1266]] متمدده.

و منه ما یکون لعله تعرض فی المعده عن سوء مزاج بارد أو خلط بلغمی، و علامته أن یکون معه غثیان و خفقان و أن تشتد العله عند الإکثار من الطعام و عند التخم و ربما حدث السدر من دوام حده الحمی، فاعلم ذلک.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 350

الباب السادس فی دلائل السکته و الصرع و الکابوس و أسبابها و علاماتها الداله علیها

فأما السکته و الصرع: فحدوثهما یکون من سده تحدث فی بطون الدماغ.

[فی السکه]

أما السکته: فتکون إذا انسدت بطون الدماغ الثلاثه بأسرها کله دفعه فتمتنع القوی الحساسه و المحرکه بإراده من النفوذ إلی الأعضاء الحساسه و المتحرکه بإراده فتعطل الحرکه و تنقص الأفعال السیاسیه حتی یکاد أن تعطل.

و حدوث السده من هذه العله یکون: إما من خلط بلغمی غلیظ لزج، و إما

من بلغم یخالط السوداء، و إما من دم غلیظ، و ربما کان ذلک من مره سوداء، و ربما حدث عن الامتلاء من الشراب و السکر العنیف منه.

و هذا النوع من السکته قتال و قد قال أبقراط: فی کتاب الفصول «إذا حدثت بسکران سکته بغته فإنه یتشنج و یموت إلا أن تحدث به حمی أو یتکلم فی الساعه التی ینحل فیه خماره».

و یتقدم هذه العله وجع حاد فی الرأس و انتفاخ الأوداج و ظلمه فی البصر و دوار و شعاع یتخیل و برد فی الأطراف و الاختلاج فی البدن کله.

و علامات هذه العله قریبه من علامات العله المعروفه بقوطوخس[1267] و هی الجمود و ذلک أن العلیل یکون ملقی کالنائم لا یحس بما یلقی بدنه من الأشیاء

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 351

المؤلمه و یسمع لنفسه غطیطاً و کلما کانت العله أقوی کان النفس أشد عظماً، و ربما سمعت له خرخره فی الصدر و ذلک لصعوبه التنفس و استکراهه.

و إذا کانت العله لیست بالقویه کان الغطیط أقل و تنفسه أسهل، و إذا صبت فی فیه الأشیاء الرطبه ابتلعها و إن کانت قویه لم یبتلعها و خرجت من الانف.

فإن حدثت هذه العله عن الدم أو عن خلط بلغمی مخالط للدم کان الوجه أحمر.

و إن کان من المره السوداء کان الوجه مائلًا إلی السواد.

و متی عرضت هذه العله وعینا العلیل مفتوحتان أو مغمضتان بقیتا علی حالهما و کذلک إن کان ملقی علی ظهره أو جنبه أو جالساً بقی علی تلک الحال.

و أما سائر العلامات سوی هذه فتکون علی ما تکون علیه علامات الجمود، و هذا العرض لیس یکاد یبرأ صاحبه إذا کانت العله قویه فلا یسهل برؤه، و إذا کانت

ضعیفه فإنها تؤول إلی الفالج و اللقوه، کما قال ابقراط فی کتاب الفصول إن السکته إذا کانت قویه لم یمکن أن یبرأ صاحبها منها و إن کانت ضعیفه لم یسهل أن تبرأ.

[فی الصرع]

و أما الصرع: فهو تشنج یعرض لجمیع البدن حتی یسقط العلیل إلی الأرض، [و ربما کان ذلک بأدوار معلومه و اوقات محدوده[1268]] و ربما کانت أوقاته مختلفه، و حدوثه یکون عن أسباب مثل الأسباب المحدثه للسکته [الا انها دونها فی الشدّه و القوه، لان الاسباب المحدثه للصرع لیس یکون فی بطون الدماغ کلها کما یکون ذلک فی السکته لکن تکون السدّه فی بعض البطون او فی مجاری الاعصاب المحرکه للاعضاء، و الخلط المحدث له دون المحدث للسکته[1269]] فی کیفیته و کمیته و جوهره، أعنی أنه أقل برداً و أقل مقداراً و أقل غلظاً و لذلک صار البدن فی وقت نوبه الصرع یتحرک و یحس.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 352

و أما السکته فلا، و لذلک قیل: إن السبب المحدث للصرع نصف السبب المحدث للسکته.

و الصرع منه ما یکون من قبل الدماغ، و منه ما یکون من تشنج الأعصاب و یقال له: ابیلمسیا.

و الذی یکون من قبل الدماغ فمنه ما یکون من قبل الدماغ نفسه، و منه ما یکون بمشارکته لفم المعده أو لغیره من الأعضاء.

[و اما الصرع[1270] الذی یکون من قبل الدماغ نفسه فحدوثه کما ذکرنا من سده تعرض[1271] فی بطون الدماغ فتمنع الروح و القوّه المحرکه من النقوذ فی أعصاب الی الأعضاء المتحرکه بإراده.

و هذه السده تکون إما من خلط بلغمی غلیظ لزج ینصب إلی بطون الدماغ فی وقت النوبه أو خلط سوداوی غلیظ، و إما من قبل ضغط یعرض للدماغ عند ما

ینکسر عظم القحف و یعرض معه وجع شدید.

و ربما عرض هذا النوع إذا أدار[1272] الإنسان نفسه فیدور رأسه و یسخن فتتحرک الاخلاط و الروح التی فیه فیسقط الإنسان إلی الأرض و یضطرب، و تتقدم هذا الصرع الذی یکون من قبل الدماغ أوجاع شدیده فی الرأس مع ثقل و ظلمه فی البصر و رداءه فی الحس و السمع و الشم و الذوق، فإن کان حدوثه عن البلغم کان البدن ممتلئاً، خصباً و لونه إلی البیاض ما هو، و أن یکون تدبیره فیما تقدم تدبیراً مبرداً مرطباً مولداً [للبلغم و إن کان حدوثه عن السوداء فان صاحبه یکون قضیفا و لونه الی السواد و أن تدبیره فیما تقدم قد کان تدبیرا مولدا[1273]] للسوداء.

فأما الذین یعرض لهم الصرع من قبل فم المعده فإن حدوثه یکون من قبل بخارات بلغمیه أو سوداویه تتراقی إلی الرأس و تملأ بطون الدماغ و تسدها، و یتقدم هذا النوع قبض علی فم المعده و غثیان و خفقان و لذع و أشد ذلک اذا[1274] یتأخر غذاؤهم أو کان[1275] قلیلًا، فإذا عرضت لهم النوبه فإنهم یسقطون بغته و ربما

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 353

[تقدم ذلک غشی و ربما لم یسقطوا إلی الأرض بل یعرض لهم غشی و ربما عرضت لهم صرخه فی ساعه تعرض لهم النوبه و ربما نالهم غشی أو إغماء، و یسیل من أفواههم لعاب[1276]].

و أما ما یعرض من الصرع من قبل عضو آخر من أعضاء البدن فإن ذلک یکون أیضاً من قبل بخارات بارده ترتقی إلی الدماغ من ذلک العضو بمنزله ما یعرض ذلک فی علل الیدین و الرجلین و الأصابع، و فی عله القولنج و فی عله الرحم علی مثال ما

تحدث من قبل فم المعده من تراقی البخارات إلی الدماغ.

و قد یعرض لبعض النساء فی وقت الحمل و کان[1277] یزول عنهم فی وقت الولاده و ربما حدثت هذه العله من قبل لدغ العقرب إذا وقعت علی عصبه.

و علامه الصرع الحادث عن مثل هذه الأسباب أن یحس الإنسان ببخارات بارده ترتقی من العضو الذی فیه الخلط فی أسرع وقت من عضو إلی عضو إلی أن یتأدی إلی الدماغ ثم یسقط و لذلک قد یتقدم أصحاب هذه العلل فیخبرون بنوبه الصرع قبل وقتها بقلیل مما یجدون من هذه الحال.

و أما الصرع الذی یحدث عن التشنج و هو الذی یسمی ابیلمسیا و هو أردأ أنواعه و أقتلها، و یکون من تشنج جمیع الاعضاء[1278] و ذلک عند ما تمتلی ء بطون الدماغ و جمیع الأعصاب من العضل فیلحق الضرر لافعال الاعضاء[1279] الرئیسه لا سیما الافعال المدبره و یکون ذلک کما وصفنا إما من خلط بلغمی غلیظ أو خلط سوداوی غلیظ یمدد الاعصاب عرضاً فیتشنج لذلک و ینجذب نحو أصلها فیسقط الإنسان إلی الارض فیضطرب، و قد یکون حال الإنسان فی هذا النوع قریب من حال السکته.

و اعلم أنه قد یتقدم عله الصرع قبل حدوثها خبث نفس و نسیان و صداع و امتلاء فی الرأس و آلام مختلفه فإذا استحکمت هذه العله فإن من علاماتها

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 354

الخاصه بسائر أصنافها فهی ظهور الزبد فی الفم و الاضطراب، و السبب فی الزبد هو دفع من الطبیعه للخلط المحدث لهذه العله.

و أما الاضطراب فلموضع حرکه هذه القوّه الدافعه لدفع الخلط المؤذی.

و أما ما یحدث لبعضهم دون بعض فهو السقوط و الصیاح و مضغ اللسان و خروج البول و الزبل بغیر إراده،

و ربما خرج من بعضهم المنی.

و الذی یستدل به علی هذه العله و یظهرها أن تبخر العلیل بالخمر و المرو و قرن المعز و أن یطعم کبد التیس مشویاً و ینتشق[1280] رائحته فإنه عند ذلک یسقط إلی الأرض و یظهر فیه بعض العلامات التی ذکرنا.

و ذکر بعض الأطباء، أنه إذا لبس العلیل جلد شاه حین یسلخ و ینغمس فی الماء فإنه یصرع علی المکان و کثیراً من أصحاب هذه العله یموتون فی وقت الدور لما یعرض لهم فی ذلک الوقت من صعوبه الأعراض.

و أکثر ما تعرض هذه العله بالصبیان الصغار و من بعدهم المراهقون و الشباب و قلما تحدث هذه بالکهول و الشیوخ لیبس مزاجهم[1281]، و إنما یعرض ذلک للصبیان لسببین:

أحدهما: لرطوبه مراجهم و لا سیما مزاج أدمغتهم بالطبع.

و الثانی: رداءه التدبیر، و اذا[1282] کان [ذلک[1283]] بسبب سوء المزاج الطبیعی فإن ذلک یحدث بهم فی أول زمان الولاده و إذا کان بسبب سوء التدبیر کان حدوثه بعد ذلک و لا یکاد صاحب هذه العله یبرأ إذا حدثت به من بعد نبات الشعر فی العانه أعنی الاحتلام و الادراک.

و أما فی وقت الصبا فإن کثیراً منهم إذا عولجوا علی ما ینبغی برأوا من هذه العله [برءاً تاماً[1284]] و تخلصوا منها کما قال أبقراط: فی کتاب الفصول «من أصابه الصرع قبل نبات الشعر فی العانه فبرؤه منه بانتقاله فی السن و التدبیر و البلد».

و أما من أتی علیه من السنین خمس و عشرون سنه فإنه یموت و هو به [فاعلم

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 355

ذلک[1285]].

[فی الکابوس]

و أما العله المعروفه بالکابوس: فحدوثها أیضاً یکون من خلط بلغمی، و ربما عرضت هذه العله للسکاری و لمن به سوء الاستمراء

و لمن یکثر [من الاکل لا سیما[1286]] من الأغذیه الغلیظه و یقل الریاضه و الاستحمام.

و هذه العله من العلل التی تتقدم السبات و الفالج و السکته و الصرع فینبغی[1287] أن لا نغفل[1288] عن حسمها [متی ظهرت[1289]] بالانسان.

و العلامات الداله علیها هی أن یری الإنسان فی نومه کأن شیئاً ثقیلًا یقع علیه و یکبسه، أو کأن إنساناً یخنقه و یروم أن یصیح و لا یسمع له صوت، و ربما رأی کأن إنساناً یرید أن یجامعه.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 356

الباب السابع فی صفه المالنخولیا و القطرب و العشق و أسبابها و علاماتها

[فی المالنخولیا السوداوی]

فأما المالنخولیا السوداوی: فهو اختلاط العقل من غیر حمی، و حدوثه یکون إما من قبل علّه[1290] فی الدماغ نفسه، و إما من مشارکته لغیره، من الأعضاء فی العله.

فأما ما کان من عله فی الدماغ نفسه: فحدوثه یکون من اجتماع خلط غلیظ سوداوی یتولد فیه أو یصیر إلیه من المعده فیجتمع قلیلًا قلیلًا فیحدث له فی مثل هذه العله بدیا[1291] عند ما تحترق الاخلاط التی فیه فتکدر لذلک النفس و یتغیر الفکر.

و أما ما یکون [بسبب[1292]] مشارکه الدماغ لغیره من الأعضاء: فمنه ما یکون من بخارات و اخلاط سوداویه ترتقی من المعده إلی الدماغ عن أخلاط تحترق فی المعده و فی المواضع التی دون الشراسیف و یقال لهذه العله: المراقیه.

و منه ما یکون حدوثه عما ترتقی إلیه من جمیع البدن من الاخلاط المحترقه و ربما حدثت هذه العله من خوف و حزن.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 357

[فی العلامات العامه]

و العلامات العامه لجمیع أصحاب الوسواس السوداوی هی الغم و الفزع و سوء الظن، و بعض [الناس[1293]] ممن یعرض له هذه العله یخاف من الموت و منهم من یشتهیه و یتمناه و منهم من یکثر من الضحک

و منهم یکثر من البکاء و منهم من ینکر نفسه یزعم أنه لیس هو [و منهم من یتوهم انه آنیه من فخار فیحذر علی نفسه أن ینکسر[1294]] و منهم من یتوهم أنه من بعض الحیوان غیر الناطق فیصیح صیاح ذلک الحیوان و بعضهم من یتکهن و یزعم انه یخبر بما یکون.

[فی العلامات الخاصه]

فأما العلامات التی تخص کل واحد من أصنافها

فما کان منها حدوثه عن أخلاط سوداویه تحترق من الدماغ فإن علاماتها اختلاط الذهن و کثره الهذیان و الهیمان و الهم و الغم و الخوف و الفزع و التوهمات و التخیلات الردیئه و ما شاکل ذلک.

و أما ما کان حدوثه من قبل المعده و هی العله المعروفه بالمراقیه و النافخه و علامتها الجشاء الحامض و الدخانی و قله الاستمراء و کثره التبزق و أن یجد العلیل فیما دون الشراسیف وجعاً و حرقه و لهیباً و تمدداً و قراقراً، و کذلک فیما بین الکتفین و تحدث بهم هذه الأعراض بعد الطعام بوقت صالح، و ربما هاج بهم بعد ذلک وجع فی البطن لا یسکن حتی یستمرئ الطعام و تعرض له هذه العله علی أکثر الأمر عند نبات الشعر فی العانه ثم یطول[1295] بهم.

فأما ما کان حدوثه عن بخارات ترتقی إلی الدماغ من جمیع البدن. فإن ما کان حدوثه عن الدم فمن علاماته أن یکون ما یعرض له من اختلاط الذهن یکون مع ضحک و فرح، [و أن یکون بدن[1296]] صاحبه مائلًا إلی الهزال و لونه آدم إلی الحمره، و الشعر علی بدنه کثیراً لا سیما فی الصدور، و عروقه واسعه وعیناه حمراوان

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 358

و النبض منه عظیم و سرعته قلیله.

و إن کان السن سن

الشباب و کان تدبیره فیما تقدم تدبیراً مسخناً مرطباً بمنزله کثره أکل اللحوم و التمور الحلوی[1297] أو شرب الشراب الحلو الغلیظ کان ذلک أوکد الدلاله علی أن العله إنما حدثت من کثره الدم فی البدن.

و کذلک إن کان یجد فی بدنه ثقلًا و کسلًا و کان العلیل ممن یعتاد خروج الدم من المقعده و انقطع أو کانت امرأه فانقطع طمثها، [فان ذلک اوکد الدلاله علی أن العله من قبل کثره الدم فی البدن[1298]].

فإن کان الخلط الذی فی البدن صفراویاً، فمن علاماته الهیمان و الجنون و کثره العبث و الصیاح [و الهذیان] و کثره الاضطراب و السهر و قله الهدوء و القرار[1299] و کثره الغضب و الحده و حراره ملمس البدن من غیر حمی مع القضافه و یبس البدن و اضطراب فی العینین و نظر کنظر السباع و صفره فی اللون.

فإن کان صاحب ذلک شاباً و مزاجه الطبیعی حاراً فی طبعه حاداً سریع الکلام و تدبیره فی غذائه فیما تقدم حاراً یابساً بمنزله أکل الثوم و البصل و الخردل و البقول الحریفه و کثره التعب و الغضب و کثره الصوم و التقلیل من الغذاء او شرب[1300] الخمور العتیقه الحاده و ما أشبه ذلک من التدبیر کان ذلک أوکد الدالاله علی أن العله من قبل الصفراء المحترقه فی البدن، و تکون الأعراض التی ذکرناها أشد و أصعب.

فإن کان الخلط الذی فی البدن مراراً أسود فإن صاحب ذلک یکون کثیر الهم و الفکر و الخوف و الفزع و البکاء و التخیلات الردیئه و حب الوحده، و سائر الأعراض التی ذکرناها عامه لجمیع أصحاب الوسواس السوداوی موجوده فی هذا الصنف أعنی الصنف الحادث عن المره السوداء إن کان هذا

الخلط فی [الدماغ، و إن کان الخلط فی جمیع[1301]] البدن لا سیما الخوف و الفزع فإنهما عارضان لازمان لهذه العله بسبب سواد الخلط و إدخاله الظلمه و الوحشه علی

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 359

النفس و تکدیره إیاها.

فبهذه العلامات یستدل علی أصناف هذه العله و أسبابها.

و ذکر أبقراط فی کتاب ابذیمیا فی المقاله الثانیه منه «أن من کان مزاج قلبه حاراً یابساً و مزاج دماغه رطباً یکون سهل الوقوع فی الوسواس السوداوی»، و ذلک لأن المره الصفراء [تکون غالبه علیه الی منتهی الشباب فإذا صار الی هذه السن احترقت الصفراء[1302]] و صارت مره سوداء و مزاج الدماغ إذا کان بارداً رطباً یکون مسترخیاً لأن الدماغ فی طبعه بارداً رطباً فیزداد بسبب خروجه عن الطبع إلی البرد و الرطوبه استرخاءاً و ضعفاً فیقبل لذلک البخارات السوداویه المتراقیه من البدن إلیه فیظلمه[1303] و یغلب علیه الرعب و الحزن و هذان عرضان تابعان للوسواس السوداوی، و لذلک قال أبقراط فی کتاب الفصول: «من عرض له فزع و غم زماناً طویلًا فعلته سوداویه». و أکثر ما تعرض هذه العله فی الخریف [فاعلم ذلک].

[فی القطرب]

و من المالنخلویا نوع یقال له: القطرب، و صاحبه یتشبه بالدیوک و یصیح صیاحها و یتشبه بالکلاب و ینبح نباحها و یخرج لیلًا إلی المقابر و یمکث فیها إلی الصباح.

و من علاماته أن یکون صاحبه أصفر اللون وعیناه مظلمتین جافتین غائرتین و لسانه و فمه یابس عدیم للریق و یکثر عطشه و تخرج فی رجله جراحات أو قروح و بوجهه مثل ذلک لأنه یعثر[1304] کثیراً و ینکب علی وجهه و یری فی ساقیه أثر عض الکلاب، و لا یکاد صاحب هذه العله یبرأ، و ینبغی أن تعلم

أن هذه العلل تتوارث عن الآباء.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 360

[فی العشق]

فأما العشق: فهو إلهام النفس لمن یعشقه و إدامه الفکر فیه، و من علاماته غور العینین و کثره حرکاتها و حرکه أجفانها و قله الدموع، و یکون فیها غنج و تغیر سائر الأعصاب و هزال ما سوی العینین فإنهما لا یهزلان.

و أما نبضهم فیکون کنبض اصحاب الهم الا انه[1305] إذا ذکر له المعشوق تغیر عن حالته الطبیعیه و اختلف و اضطرب.

فهذه صفه أصناف العلل الحادثه فی الدماغ و أسبابها [و علاماتها[1306]] و الدلائل علی کل واحد منها، و قد ینبغی أن تعلم أن الدلائل التی ذکرناها انها[1307] تدل علی کل واحد من العلل بعضها مشترک العلتین و ثلاث بمنزله اختلاط الذهن العارض لأصحاب البرسام و السرسام و لأصحاب الوسواس السوداوی، و بمنزله السبات العارض لأصحاب عله النسیان و عله السبات السهری المسمی قوما، و بعضها خاص بکل واحد منها، و بمنزله الغم و الجزع[1308] الدال علی الوسواس السوداوی، و بمنزله الزبد الدال علی الصرع فینبغی أن لا تتکل علی الدلائل المشترکه إلا إذا انضافت إلیها دلاله خاصه فحینئذ یحکم علی العله ما هی [فاعلم ذلک ترشد إن شاء اللّه تعالی[1309]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 361

الباب الثامن فی العلل العارضه فی النخاع اولًا فی الخدر و الاسترخاء و اللقوه و الفالج و الابریلقسیا[1310] و أسبابها و علاماتها

فأما العلل الحادثه فی النخاع و ما ینشأ من الأعصاب فهی خمسه أنواع:

و هی: الاسترخاء، و العله المعروفه بابریلقسیا[1311]، و الفالج، و الخدر، و التشنج و الرعشه [و الحدب[1312]].

[فی الاسترخاء]

فأما الاسترخاء: فیکون إذا حدثت سده فی مبدأ عصب من الأعصاب التی تأتی بعض الأعضاء فتمتنع القوّه المحرکه أن تأتی ذلک العضو فیسترخی فلا یحس و لا یتحرک.

و إن کانت السده فی مبدأ نبات جمیع العصب حدث عن ذلک بطلان

الحس و الحرکه من جمیع أعضاء البدن مع ضرر یلحق الأفعال المدبره و یقال لذلک ابریلقسیا[1313]، و هذا یکون من بلغم بارد یملأ بطون الدماغ.

و إن حدثت السده فی جانب واحد حدث من ذلک استرخاء ذلک الشق کله مع جانب الوجه و یقال لذلک: الفالج و اللقوه معا و هو الخلع.

[و إن حدثت السده فی مبدأ النخاع عرض الاسترخاء للاعضاء التی دون

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 362

اوجه[1314]] و إن حدثت السده بأحد جانبی النخاع عرضت الاسترخاء للاعضاء التی فی ذلک الشق، و إن عرض السده فی مبدأ العصب التی تأتی عضل الوجه و کان ذلک فی أحد الجانبین عرض من ذلک استرخاء ذلک الشق من الوجه و هی اللقوه.

[و قد تحدث اللقوه من الاسرخاء و من التشنج معا فیسترخی عضل احد الفکین و یتشنج الاخر[1315]] و إن حدثت السده فی مبدأ العصب الذی یأتی الحنجره عرض من ذلک انقطاع الصوت، [و إن حدثت فی العصب الذی یأتی عضل الصدر عرض من ذلک ضیق النفس[1316]] و إن حدثت فی العصب الذی یأتی عضل المثانه عرض من ذلک خروج البول من غیر إراده و کذلک[1317] إن حصلت فی العصب الذی یأتی عضل المقعده عرض من ذلک خروج البراز من غیر إراده، و کذلک یجری أمر سائر الأعضاء إذا حدثت السده فی مبدأ العصب الذی یأتی عضل کل واحد منها استرخی[1318] ذلک العضو و بطلت حرکته و حسه.

و السده تعرض فی هذه العله [اما[1319]] من خلط غلیظ بلغمی، و إما من ضغظ.

و الضغط یحدث: إما من رباط، و إما من ورم یحدث للنخاع، و إما من عظم یزول عن مکانه فیضغط العصب.

و قد یعرض الاسترخاء للعضو أیضاً إما

من قطع العصبه التی تأتی ذلک العضو أو رضها إذا کان القطع عرضاً و هذا لا یبرأ، فإن کان القطع طولًا لم ینل العضو ضرراً البته.

و ذکر جالینوس «أن هذه العله أکثر ما تحدث بالکهول إذا کانت رؤوسهم ممتلئه خلطاً بارداً فمتی أصابتهم حراره بغته أو بروده قویه أذابت ذلک الخلط و أحدرته إلی مواضع نبات الأعصاب، و أکثر ما یعرض ذلک لمن کان عصبه ضعیفاً بالطبع، و اما[1320] کان عصبه قویاً فقلما یعرض له ذلک».

و العلامه الداله علی استرخاء العضو بینه [ظاهره[1321]] من استرخائه و استرساله

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 363

و بطلان حرکته و حسه، فإن کانت تلک السده من خلط بلغمی کان حدوثه [دفعه[1322]] من غیر سبب من خارج [ظاهر[1323]] و إن کان ذلک من سده حدثت من ضغط استدل علیه بما یتقدمه من شده ذلک العضو و وثاقته، و إن کان من قطع عصبه أو رضها فإنه یکون قد تقدمه ضربه أو سقطه علی موضع العصب المحرک للعضو.

و قد یکون الاسترخاء من [انخلاع[1324]] العضو عن مفصله بسبب رطوبه لزجه تبل الرطوبات و تزلق العظم و تخرجه عن موضعه، و ربما کان سبب حدوث ذلک من قبل ماده تدفعها بعض الاعضاء[1325] [الرئیسیه و غیرها رغم منها الی بعض الاعضاء[1326]] علی جهه البحران و انقضاء الأمراض کالذی یعرض عند انقضاء الامراض الحاده بمنزله البرسام و السرسام من اسرخاء الاعضاء[1327].

و قد یعرض کثیراً فی مرض القولنج الاسترخاء و اللخلخ لبعض الأعصاب عند انقضاء المرض علی جهه البحران إذا دفعت الطبیعه الفضل من عمق البدن إلی الأطراف، و قد رأیت قوماً کان بهم قولنج صعب شدید الالم فانخلع منهم المنکبان و منهم من انخلع منکباه و

ورکاه، و قد رأیت من تعطلت حرکه کتفیه إلا أن هؤلاء کان جسمهم جیداً.

و کذلک ذکر: فولس فی کتابه «أنه عرض لقوم فی زمانه کثیرین وجع القولنج و کان خلاص من تخلص منهم باسترخاء الاطراف و أن الحس لم یبطل منها»، فاعلم ذلک.

[فی العله المعروفه بابریلقسیا]

و أما العله المعروفه بابریلقسیا: فعلامتها أن یکون صاحبها مستلقیاً علی ظهره[1328] عدیم الصوت و الحس و الحرکه الارادیه، و یتقدم هذه العله وجع فی

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 364

الرأس شدید و امتلاء فی الاوداج و دوران و ظلمه فی البصر و برود فی الاطراف و اختلاج فی جمیع البدن و ثقل فی الحرکه و تقصقص[1329] فی الأسنان فی وقت النوم، و یکون البول إلی السواد ما هو، و یکون فیه ثقل شبیه بالسویق و القشار، و أکثر ما تحدث هذه العله فی المشایخ و أصحاب المزاج البارد الرطب، أو لمن یدمن استعمال التدبیر الغلیظ المولد للبلغم.

و إن عرضت هذه العله بالشباب فی الأوقات الحاره لا یکاد ینجو منها العلیل، و أردأ أصحاب هذه حالًا من کان نفسه ردیئاً مختلفاً من شده الاختلاف منقطعاً.

و أما علامه الخلع فإنک تری عیاناً الزائده من العظم الداخله فی حفره المفصل خارجه عن الموضع و تجدها بحاسه اللمس منفصله[1330].

و اعلم أنه قد یترکب استرخاء مع الخلع و التشنج فی بعض الناس حتی أنک تری بعض أعضائهم مسترخیه أو منخلعه و بعضها متشنجه ترتفع إلی نحو منشئها و ربما[1331] رأیت العضو منخلعاً و به تشنج و ارتعاد، و قد رأیت ذلک فی غیر إنسان [واحد[1332]] فینبغی أن تتفقد ذلک جیداً لیکون علاجک لصاحبها صواباً.

[فی القوه]

و أما اللقوه: فعلامتها تعویج [الفم[1333]] و الوجه و میل الشدق

إلی جانب، و حدوثها یکون من امتناع نفوذ القوّه المحرکه إلی عضل الوجه و العینین، و قد تحدث اللقوه أیضاً من تشنج عضل أحد الکفین فیحذب[1334] الفک الصحیح إلی نفسه، و من علاماتها أن یکون العلیل لا یمکنه تغمیض عینه التی فی الجانب الصحیح، و ذلک أنک إذا أمرته أن یغمض عینیه و أغمضها بقیت العین التی فی الجانب الصحیح مفتوحه و ذلک لاجتذاب عضل الجفن الأسفل إلی أسفل، و إن أمرته أن ینفخ رأیت النفخ یخرج من جانب الفم و ذلک لانجذاب عضل الفک إلی

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 365

جانبه [الأسفل[1335]].

و أما سائر أنواع الاسترخاء فعلاماتها ظاهره [بینه[1336]] من بطلان الحس و الحرکه الارادیه التی لذلک العضو.

[فی الخدر]

و أما الخدر: فحدوثه یکون من الأسباب المحدثه للاسترخاء أعنی السده الا أن[1337] تلک الأسباب فی الاسترخاء قویه و فی الخدر ضعیفه، و لذلک صار الاسترخاء یبطل معه الحس و الحرکه الارادیه، و أصحاب الخدر یحسون و یتحرکون بعض الحرکه و الحس.

و قد یحدث الخدر من سوء مزاج بارد یکثف العصبه و یجمع أجزاءها فتحدث عن ذلک سده یسیره فیکون ما ینفذ فیها من القوّه النفسانیه إلی العضو شی ء ضعیف و لا ینفذ ذلک فیها نفوذاً مستویاً.

و ربما حدث عن ملاقاه البرد الشدید و الثلج فیتکاثف العصب بعض التکثیف فیحدث فیه مثل ذلک.

و قد یحدث الخدر أیضاً عن ضغط العصب بمنزله من یتکئ علی عضو ما أو بسبب شد و رباط.

و ربما حدث الخدر عن ریاح تحتقن تحت الفقار فیضغط النخاع فیحدث بذلک السبب سده تمنع القوّه المحرکه من النفوذ فی العصب إلی العضو.

و علامه الخدر أن یحس الإنسان فی العضو شبیهاً بدبیب النمل و غزران[1338] غیر

مؤلم مع عسر الحرکه و رداءه الحس کالذی یعرض کثیراً فی الرجلین لمن یطیل الجلوس أو یضغطه شی ء أو تقع به ضربه فی بعض أعضائه، و اللّه أعلم.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 366

الباب التاسع فی التشنج الحادث عن الامتلاء و أسبابه و علاماته

أما التشنج: فهو قصر العضو العلیل و نقصانه فی الطول عن مقداره الطبیعی، و یکون ذلک إما فی جمیع البدن و یقال لذلک: التمدد و هو أن یتمدد البدن، أو العضو [من الجانبین بالسواء فیکون منتصباً لا یمیل إلی جانب البته، و التشنج لا یتبین لتمدد الأعضاء إلی الجانبین.

و التمدد من الأمراض الحاده: إما فی الأعضاء التی من قدام و یقال لذلک تشنج من قدام و ذلک: یکون إذا کانت العله فی العضل التی من قدام، و إما فی الأعضاء التی من خلف و یقال له تشنج من خلف و ذلک إذا کانت العله فی العصب الذی یأتی عضل ذلک العضو[1339]].

و حدوث جمیع هذه الأصناف یکون: إما من الامتلاء، و إما من الاستفراغ، و إما من سوء مزاج بارد، و إما من ورم حار یحدث فی العصب.

فأما ما کان حدوثه عن الامتلاء: فیکون إذا امتلأت الأعصاب فضولًا ردیئه رطبه بلغمیه فتربطها و تمدها عرضاً فینقص من طولها فینجذب لذلک العضل الذی تأتیه تلک الأعصاب نحو منشئها فیقصر العضو، کالذی یعرض للأوعیه

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 367

المعموله من الجلود إذا حشیت شیئاً ما، و زید فی حشوها فوق ما تسع أن یتمدد عرضها و ینقص من طولها.

و أکثر ما یعرض هذا الصنف من التشنج للصبیان الذین یرتضعون من لبن غلیظ و یعرض لهم ذلک ایضا بسبب کثره ما یتناولون من الأغذیه من غیر توق و بسبب ضعف العصب فیهم و لینه و سهوله

تمدده و لذلک صار برؤهم أسهل.

و الدلاله المقدمه علی حدوث التشنج بالصبیان حمی حاده دائمه و سهر و یبس بطن و صفره اللون و سواد الأسنان و جفاف الریق و تمدد الجلد.[1340]

کامل الصناعه الطبیه ؛ ج 2 ؛ ص367

ا الرجال فلأن أعضاءهم قویه شدیده یابسه قلما یحدث لهم التشنج الامتلائی، و إذا حدث بأحدهم [لم[1341]] یسهل برؤه.

و علامه هذا الصنف من التشنج أن یحدث بالإنسان بغته و أن یکون قد تقدمه تدبیر یوجب الامتلاء بمنزله کثره الأطعمه و الأشربه الغلیظه و الراحه و ترک التعب و ترک الاستحمام أو کثره الاستحمام بعد الطعام، و ربما حدث ذلک بعقب السکر أکثر الإنسان من شرب الشراب.

و قد قال أبقراط: فی کتاب الفصول «متی کان بإنسان تشنج و حدثت به حمی ربع زال عنه التشنج» لأن هذه الحمی تکون عن عفن الخلط الغلیظ السوداوی و شده سخونته، و إذا عفن و سخن تحلل من الأعصاب وفنی منها.

و ینبغی أن تعلم أن هذه العلل أعنی الفالج و اللقوه و السکته و التشنج الامتلائی أردأ ما تکون و أعظمها إذا حدث بالشباب و الصبیان و فی الزمان الصیفی و ذلک لأن هذه الأسباب المحدثه لهذه العلل غیر ملائمه لأمزجتهم و أقلها رداءه و اضعفها ما حدث بالمشایخ فی الزمان الشتوی و ذلک لملاءمه هذه العلل لأمزجتهم و مزاج الوقت فاعلم ذلک.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 368

الباب العاشر فی التشنج الحادث عن الاستفراغ و أسبابه و علامته [الداله علیه[1342]]

فأما التشنج الذی یکون من[1343] الاستفراغ: فحدوثه یکون عن یبس الأعصاب و جفافها فتتقلص لذلک و ینجذب معها العضل الذی یأتیها إلی نحو منشئها فیقصر لذلک العضو کالذی یعرض للسیور، و الشعر إذا أدنی من النار تقلص، و کأوتار العیدان وضعت فی الهواء الحار

أن تتقطع.

و الاستدلال علی هذا الصنف من التشنج مما تقدم العله من أنواع الاستفراغ بمنزله الاسهال المفرط أو نزف الدم من النساء و غیرهم [بالخراجات[1344]] و الرعاف أو غیر ذلک من الأسباب المجففه بمنزله التعب و السهر و الجوع و الحمی الحاده المحرقه.

و هذا النوع من التشنج أردأ من الذی یحدث من الامتلاء، و هذا النوع لا یحدث دفعه کما یحدث التشنج الامتلائی لکن قلیلًا قلیلًا.

و قد قال أبقراط: [فی التشنج[1345]] فی کتاب الفصول هذا القول: «لأن تکون الحمی بعد التشنج خیر من أن یکون التشنج بعد الحمی». و إنما قال: ذلک لأن الحمی إذا حدثت بعد التشنج الذی یکون من الامتلاء و الرطوبه لطفت الخلط و حللته و جففت الرطوبه بشده الحراره و کان به برء العله.

و أما متی حدث التشنج بعد الحمی فحدوثه انما یکون بسبب الیبس و فناء

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 369

الرطوبه من شده حراره الحمی، و هذا النوع من التشنج أردأ من الأول و أکثر ما یعرض التشنج فی الحمیات الکائنه مع ورم الدماغ.

و قد قال جالینوس: « [لیس[1346]] کل تشنج یحدث بعد الحمی ردی ء لکن متی[1347] کان حدوثه بعقب حمی محرقه قد طالت مدتها».

فأما التشنج الحادث عن سوء مزاج بارد: فحدوثه یکون إما من داخل بمنزله خلط بارد [یجمد[1348]] عضلات البدن و یکثف اجزائها[1349] و یجمعها فیحدث عن ذلک التشنج،

[فی الکزاز]

و إما من خارج فبمنزله المتعرض للبرد الشدید و الثلج فتجمد لذلک عضلات البدن و تتکاثف أجزاؤها فتتقلص لذلک و تقصر و یقال لهذا النوع من التشنج: الکزاز.

و یقال: إن الکزاز هو جمود العضل الذی علی فقار الصلب و ربما کان ذلک من جمود العضل الذی علی فقار الرقبه،

و متی کان هذا النوع فی الاعضاء[1350] التی من قدام البدن قیل له کزاز من قدام و متی کان فی الاعضاء[1351] التی من خلف قیل له کزاز من خلف، و متی کان فی جمیع البدن قیل له کزاز بقول مطلق.

فالعلامات الداله علی التشنج الکزازی هی أن یکون وجه العلیل مائلًا إلی الحمره أو إلی الخضره أو إلی الکموده، و العینان ناتئتان، و أن یریا بأعظم مما کانا قبل، و أن یری العلیل کأنه یظحک و یمدد[1352] یدیه کثیراً و تتفقع أصابعه و تنقبض و یعرض له سهر و عسر البول و یبس الطبیعه، و ربما بال قلیلًا قلیلًا شیئاً شبیها بالدم، و یعرض له فی ابتداء العله فواق و وجع فی الرأس و المنکبین و الصلب، و ربما عرض لبعضهم رعشه و یسقطون عن الاسره التی هم علیها بسبب التشنج.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 370

و أصحاب هذه العله و أصحاب التمدد یخاف علیهم الموت إلی الیوم الرابع، فإن تجاوز الرابع انحطت علتهم و سهل برؤهم.

و أما التشنج الحادث بسبب الورم الحار: الذی یحدث بالعصب فیکون إذا تأدت العله إلی الدماغ من العصب فیرم لذلک الدماغ و تصل الآفه إلی بطونه.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 371

الباب الحادی عشر فی الرعشه و الاختلاج و أسبابهما و علاماتهما

فأما الرعشه: فتکون لضعف القوّه المحرکه التی فی العضو المرتعش، و هذا الضعف یحدث إما من أسباب من داخل، و إما من أسباب من خارج.

أما من داخل فیکون: إما من سوء مزاج بارد بمنزله ما یحدث للمشایخ و فیمن یشرب الماء البارد أو من یستحم به أو فیمن یشرب الشراب شرباً مفرطاً، لأن الإفراط فی شربه یبرد المزاج و یحل القوّه، و أما من سده تحدث من اخلاط غلیظه لزجه

فتمنع القوّه المحرکه من النفوذ فی العصب نفوذاً جیداً فتضعف لذلک حرکه العضو، و إما من خلط غلیظ یرسخ فی العصب فتروم القوّه المحرکه لذلک العضو أن تشیله إلی فوق. و الخلط الغلیظ لثقله ینزل بالعضو و یحطه إلی أسفل فیحدث فیما بین ذلک حرکتین مضادتین یسمیان باسم واحد و هو الرعشه.

و قد تحدث الرعشه بمن یکثر من الجماع و بمن یستفرغ استفراغاً مفرطاً، و جمیع الأعراض التی تضعف القوّه تورث الرعشه.

و أما الاسباب التی من خارج: فهی الغم و الغضب.

و الفزع یکون: إما من حیوان مفسد بمنزله من یری الاسد و الحیات العظام، [أو من سلطان کبیر[1353]]، و من الوقوف علی المواضع الشاهقه [فی العلو[1354]]، و علامه هذه العله ظاهره [بینه[1355]] من حرکه العضو المرتعش.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 372

و أما الاختلاج: فیکون من ریاح غلیظه بخاریه، و الدلیل علی ذلک أنک تری الاختلاج أکثر ما یعرض فی الأزمنه البارده الشدیده البرد و فی الأبدان البارده البلغمیه و من الاستحمام بالماء البارد و ما أشبه ذلک، فاعلم ذلک.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 373

الباب الثانی عشر فی صفه [الحدب[1356]] و أسبابه و علامته

فأما الحدب فیکون: إما من قدام و حدوثه یکون من زوال أحد فقرات الصلب إلی قدام، و أما من خلف و حدوثه یکون من زوال الفقار إلی خلف، و ربما زال الفقار إلی أحد الجانبین و یقال لذلک الالتواء.

و زوال الفقار یکون: إما من أسباب من داخل، و إما من أسباب من خارج.

أما من الأسباب التی من داخل: فبمنزله الخلط الغلیظ اللزج یمدد النخاع و یبطل رباطات الفقارات و یزلقها فتنخلع و تزول عن مواضعها، و بمنزله ورم حار یحدث فی العضل الذی یلی الفقار فیضغطه و یزیله عن موضعه. و

إما من ریح تحتقن تحت الفقارات فتدفعه و تزیله عن موضعه.

و إما الأسباب التی من خارج: فبمنزله الضربه و السقطه و ما أشبه ذلک، و الحدب ظاهر بین لیس یحتاج فی تعریفه إلی دلائل إلا أن ما کان حدوثه عن ورم [فانه یتبع ذلک سعال و ضیق النفس و ربو.

و ینبغی أن تعلم أن من اصابه الحدب عن ورم[1357]] الصدر قبل أن یحتلم فإنه یموت سریعاً، و ذلک أن ورم الصدر إذا حدث بمن أعضاؤه فی النشوء فإن الورم یتزاید، و الصدر بسبب الآفه الحادثه عن الورم لا ینمو و لا یتسع و الأضلاع لا تکبر، فأما القلب و الرئه فإنهما ینمیان و یزیدان عظماً، و إذا کان ذلک [کذلک[1358]] فإن

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 374

الصدر یضیق ضیقاً شدیداً بسبب عدم الاظلاع للنمو و بسبب عظم الورم و عظم القلب و الرئه فیحدث عن ذلک ضیق النفس و عسره فیهلک العلیل بذلک السبب، و لذلک قال أبقراط: «من أصابته [حدبه[1359]] مع ربو و سعال قبل أن ینبت شعر العانه فإنه یهلک».

و [اما][1360] موضع الفقارات المؤفه فأنک تعرفها بأن تمر بالید علی فقار الظهر من موضع ابتداء الفقارات التی آخره فإن وقعت الید علی فقاره ناتئه أو زائله عن الوسط أو منخسفه فإن العله فی تلک الفقاره، فهذه صفه أصناف العلل التی تحدث فی الدماغ، و فیما ینشأ منه عن الأعصاب و اسبابها [و علاماتها[1361]] و الدلاله علی کل واحد منها [فاعلم ذلک ترشد[1362]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 375

الباب الثالث عشر فی العلل الحادثه فی أعضاء الحس و أولًا فی علل العین و اصنافها و دلائلها و علاماتها[1363]

فأما العلل الحادثه فی الأعضاء الحساسه و هی العینان و الاذنان و المنخران و اللسان فنحن نذکرها فی هذا الموضع و نبتدئ من ذلک بذکر علل العینین.

فنقول:

إن علل العینین: إما أن تحدث فی الملتحم، و إما فی الطبقه القرنیه، و إما فی الطبقه العنبیه، و إما فی الرطوبه البیضیه، و إما فیما بین العنبیه و الجلدیه، و إما فی الأجفان، و إما فی الآماق، و إما فی عصبتی البصر، و إما فی العضل المحرک للعین و الجفن، و إما العروق التی تصیر من غشاء الدماغ إلی العینین.

[فی العلل التی تحدث من الملتحم]

فأما العلل التی تحدث من الملتحم فهی: الرمد، و الانتفاخ، و الجسا، و الحکه، و السبل، و الظفره، و الطرفه.

[فی الرمد]

فأما الرمد: فهو ورم حار یحدث فی الملتحم و هو ثلاثه أصناف:

أحدها: یحدث عن أسباب بادیه بمنزله الشمس و الغبار و الدخان و الهواء الحار و ما اثبته ذلک، و هی حمره تعرض للعین من غیر ورم فإذا انقطع السبب

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 376

المحدث له سکن و زال، و علامته دمعه و حمره یسیره و حرقه قلیله.

و الصنف الثانی: هو تکدر یعرض للعین و أشد حمره من الأول و أشد ألماً، و حدوثه یکون: إما عن سبب من خارج و هو أحد تلک الأسباب المحدثه للنوع الأول إذا کانت أعظم و أقوی، و إما من سبب من داخل فهو ورم حار یحدث فی الغشاء الملتحم من انصباب ماده حاره من الدماغ إلی الغشاء الملتحم من العین بسبب ضعف فی العضو[1364].

و هذا النوع: منه ما یکون لیس بالشدید و علامته أنه إذا انقطع السبب المحدث له لم یسکن و یکون معه حمره و ألم و وجع، و منه ما یکون صعب شدید و علامته انتفاخ العین و ألمها و صلابتها و کثره الدموع و شده الحمره و امتلاء عروقها، و

حدوث هذا یکون عن کثره الماده[1365] و شده حرارتها.

و أما النوع الثالث: فهو أصعب من الثانی، و الأعراض الداله علیه تکون فیه أصعب و أشد و الورم أعظم حتی أن الجفنین جمیعاً یرمان و ینقلبان إلی خارج و تعسر حرکتهما و یکون بیاض العین أعلی من سوادها، و هذا یکون من کثره الماده الدمویه.

[فی الانتفاخ]

و أما الانتفاخ فهو أربعه أنواع:

أحدها: یعرض بغته و أکثر ما یعرض فی الصیف[1366] للشیوخ، و علامته أن یکون لونه أبیض و یعرض قبله فی المآق مثل ما یعرض من عض[1367] الذباب و البق.

[و النوع[1368]] الثانی: من الانتفاخ یکون أردأ و أکثر نفخه و أشد برداً و إذا غمز علیه بالاصبع غارت فیه و بقی أثر [موضع[1369]] الاصبع فیه ساعه و ربما کانت معه دموع و ربما لم تکن معه دموع بل یکون معه ألم یسیر، [سببها ریح یخالطها

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 377

بلغم[1370]].

و أما النوع الثالث: فنفخته تکون أشد و الإصبع تغور فیه إلا أنه لا یبقی أثرها و لونه لون البدن و لیس معه وجع [سببه ریح یخالطها بلغم أکثر من الثانی[1371]].

و أما النوع الرابع: فیکون الورم فیه أشد و أعظم حتی أن الورم یکون فی جمیع أجزاء العین و الاجفان و یمتد إلی الحاجبین و الوجنتین، و هو ورم صلب لا تغور فیه الإصبع و لونه کمد لیس معه ألم و أکثر ما یعرض فی الجدری و فی الرمد المزمن و خاصه فی النساء[1372] [سببه خلط غلیظ سوداوی[1373]].

[فی الجسا]

و أما الجسا: فهو صلابه تعرض للعین کلها مع الاجفان، و یعرض معه ألم و حمره و عسر حرکه و جفاف شدید و اجتماع رمص یسیر[1374] صلب، و یعسر فتح

العین عند الانتباه.

[فی الحکه]

و أما الحکه: فعلامتها دمعه مالحه بورقیه تحرق العین و حکه و حمره فی الأجفان و العین.

[فی السبل]

و أما السبل: فهو عروق تمتلی ء دماً غلیظاً و تنتئ و تحمر و تغلظ و کثیراً ما یکون دمعها دموع و حمره و حکه، و تری العین کأن علیها غشاوه شبیهه بالدخان.

[فی الطرفه]

و أما الطرفه: فهی دم ینصب إلی الملتحم من تجویف العروق التی فیه و حدوثها یکون عن ضربه و ربما کان ذلک عن خراج یفجر.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 378

[فی الظفره]

و أما الظفره: فهی زیاده عصبیه تنبت من المآق الأکبر[1375] و تمتد حتی تنبسط علی السواد و تعظم حتی تغطی الناظر و تمنع النظر.

فهذه صفه العلل التی تحدث فی الملتحم فی العین.

[فی العلل الحادثه فی الطبقه القرنیّه]

و أما العلل الحادثه فی الطبقه القرنیه: فهی السرطان، و القروح، و المده، و البثر، و النتوء، و البیاض.

[فی سرطان العین]

فاما السرطان: فهو ورم صلب یحدث فی هذه الطبقه و إذا حدث فیها عرض معه ألم شدید و تمدد العروق[1376] التی فی العین و حمره و نخس شدید، و تنتهی إلی الصدغین لا سیما عند الحرکه و یعرض معه صداع و ذهاب شهوه الطعام، و تسیل إلی العین ماده حریفه لا تحتمل الکحل الحاد.

[فی قروح العن]

و أما القروح: [الحادثه فی القرنیه[1377]] فهی سبعه أنواع: [اربعه] تعرض فی سطحها، و ثلاثه غائره فیها.

أما الأربعه العارضه فی سطحها:

فأحدها: قرحه شبیهه فی لونها بالدخان تأخذ من سواد العین موضوعاً کبیراً

و الثانیه: قرحه أعمق من هذه قلیلًا و أصغر منها و لونها أشد بیاضاً [من الأولی][1378] [و تأخذ من البیاض جزءاً یسیراً[1379]].

و الثالثه: قرحه تحدث علی إکلیل السواد و تأخذ من

البیاض جزءاً یسیراً،

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 379

[و فیها لونان فما کان منها علی البیضان فلونه احمر و کذلک سائر القروح و البثور،[1380]] و ما کان منها إلی السواد فلونه أبیض لأنه علی القرنیه، و ما کان منه علی البیاض یکون أحمر لأنه علی الملتحم [و کذلک سائر القروح و البثور[1381]].

و الرابعه: قرحه فی ظاهر القرنیه شبیهه بالشعب.

و أما القروح الغائره فی القرنیه فثلاثه أنواع:

الأول منها: قرحه عمیقه ضیقه.

و الثانی: قرحه واسعه قلیله العمق.

و الثالث: قرحه وسخه کبیره الخشکریشه عمیقه، و إذا اثقبت[1382] سالت منها رطوبات العین لما یحدث فی الطبقات من التآکل.

[فی البثر]

و أما البثر: فتحدث من رطوبه تجتمع فی قشور الطبقه القرنیه، و أصناف البثر کثیره و یخالف بعضها بعضاً، إما فی اللون، و إما فی الألم، [و اما فی العاقبه فیه.

اما فی اللون: فمنه ما هو اسود، و منه ما هو ابیض.

و اما فی الالم:[1383]] فمنه ما یکون معه وجع شدید، و منه ما یکون معه وجع یسیر.

و أما فی العاقبه: فمنها ما هی سلیمه العاقبه، و منها ما تعقب آفات عظیمه أهونها العمی، و هذا الاختلاف یکون: إما من قبل مادتها، و إما من قبل موضعها.

أما من قبل مادتها: فربما کانت کثیره، و ربما کانت قلیله، و ربما کانت حاده حریفه أو بورقیه، أو رطبه، و ربما کانت غلیظه.

و أما اختلافها من قبل الموضع: فربما کانت البثره من خلف القشره الأولی من قشور القرنیه، و ربما کانت من خلف القشره الثانیه، و ربما کانت خلف القشره الثالثه.

فما کان منها من ماده کثیره لطیفه حاده کان أشد وجعاً و أعظم بلیه، لأن الکثره

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 380

تحدث تمدداً و الحده تحدث

لذعاً، و ما کان منها من ماده قلیله غلیظه کان أسلم و أقل وجعاً، و ما کان منها تحت القشره الأولی کان أقل ألماً و کان لونه أسود لأنها تحجز بین البصر و بین سواد العنبیه، و ما کان منها خلف القشره الثانیه فهو متوسط بین الحالین.

و أسلم البثر ما کان فی ظهر القرنیه زائلًا عن ثقب الحدقه لأنه متی تأکلت القرنیه او انخرق[1384] شی ء منها لم یکن إلا فی الشی ء الیسیر، و إذا بقی الاثر لم یمنع البصر لأنه لیس علی نفس الثقب [شی ء منه[1385]] و أردأ البثر ما کان خلف القشره الثالثه[1386] و ما کان منها علی نفس الثقب لأنه متی تأکلت الطبقه القرنیه و انحرقت نفذت إلی العنبیه، و إذا بقی أثر القرحه امتنع البصر من النفوذ فی الثقب.

فأما کمیّه المده: فحدوثها یکون خلف القرنیه: إما من قرحه، و إما من صداع، و إما من رمد، و منها ما یأخذ موضعاً قلیلًا من القرنیه و یشبه فی شکله بالظفره، و منها ما یأخذ موضعاً کبیراً و هی أردأ من الأولی.

[فی النتوء]

و أما النتوء: فیحدث عند ما تنخرق الطبقه القرنیه و تبرز العنبیه و یکون ذلک:

إما من تأکل القروح و البثر، و إما عند ما [یخرقها[1387]] شی ء من خارج.

و أنواع النتوء أربعه:

أحدها: إذا نتأ من العنبیه جزء یسیر یشبه رأس النمله و یسمی: الموسرخ[1388]، و یتوهم من یراه أنه بثر.

و الفرق بین النتوء و البثر أن النشوء یکون لونه علی لون العنبیه و ذلک أنه إن کانت العنبیه کحلاء کان النتوء أکحل و إن کانت شهلاء أو زرقاء کان النتوء کذلک، و یکون أصله أبیض اللون، و البثر یکون معها فی بیاض العین

حمره و ضربان فی العین.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 381

و النوع الثانی: أن یکون النتوء عظیماً یشبه العنبیه.

الثالث: هو أن یعلو النتوء حتی یجاوز الاجفان [و یصاک[1389]] الاشفار فیؤلم معه العین.

و النوع الرابع: النوع المسمی مسماراً، و هو أن یکون إذا أزمن النتوء و التحم علیه خرق القرنیه فیصیر شبیهاً برأس المسمار.

فأما البیاض: فمنه رقیق فی ظاهر القرنیه، و منه غلیظ غائر.

فهذه أنواع العلل التی تعرض للقرنیه.

[فی علل العنبیه]

و أما العلل التی تعرض للعنبیه فهی اتساع الثقب و ضیقه.

فأما اتساع الثقب فهو علی ضربین:

أحدهما: یکون: إما من الجبله، و إما لورم یحدث فی العنبیه فیمددها، و إما عن کثره الرطوبه البیضیه، و أکثر ما یعرض هذا النوع للنساء و الصبیان.

و من عرض له ذلک إما أن لا یبصر شیئاً البته مما هی علیه و إما أن یبصر، فمن أبصر کان بصره ضعیفاً و یری الأشیاء أصغر مقداراً مما هی علیه.

و الضرب الثانی: یحدث إما عن ضربه، و إما عن ورم یحدث فی العنبیه و هو مرض حار.

و أما ضیق الحدقه: فیحدث إما من قبل وقت الجبله، أو من استرخاء الطبقه العنبیه، و قد بینا أسباب الاسترخاء العارض لهذه الطبقه عند ذکر أسباب الأمراض، و علامه هاتین العلتین ظاهره للحس بینه إذا أقمت العلیل فی الشمس و استقبلت بالعین جرم الشمس فإنک تری الثقب الذی فی العنبیه إما أوسع و إما أضیق من المقدار الذی ینبغی.

[فی العلل العارضه بین الطبقه العنبیه و الرطوبه الجلیدیه]

و أما العلل العارضه فیما بین الطبقه العنبیه و الرطوبه الجلیدیه [فهو الماء

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 382

و البخارات المتراقیه من المعده.

اما الماء فحدوثه یکون من رطوبه غلیظه تخمد فیما بین الرطوبه الجلیدیه

و بین ثقب العنبیه علی الناظر فیمتنع نفوذ الروح الباصر من داخل الی خارج.

و علامه[1390]] هذه العله فی إبتدائها أن یری الإنسان قدام عینیه بقا أو ذباباً أو قضباناً أو شعراً أو شعاعاً إلا أن هذه الأعراض قد تحدث عن عله تکون فی الدماغ و عن عله تکون فی فم المعده تتراقی بخاراتها إلی الدماغ و العین.

و یستدل علی ذلک أنه متی کانت العله من قبل المعده فعلامتها أن تری ثقب العین إذا نظرت إلیه صافیاً نقیاً لا یشوبه شی ء، و أن یکون التخیل یعرض فی بعض الأوقات و یسکن فی بعضها و یزید تاره و ینقص آخری و یکون التخیل فی العینین جمیعاً و یعرض لصاحبه لذع فی فم المعده و إذا استعمل القی ء أو تناول أیارج فیقرا سکن عند ذلک التخیل، و یشتد به التخیل أکثر عند التخم و الاکثار من الطعام و یسکن عنه عند خفه المعده و استمرائها الطعام جیداً.

فأما متی کان التخیل من قبل الدماغ [فإما[1391]] أن یعرض مع المرض المسمی السرسام و البرسام [و أما فی أوقات البحارین[1392]].

أما التخیل الذی یکون من قبل الماء، فإنه یکون التخیل دائماً علی حال واحده من الزیاده و النقصان و لا یجد فی معدته لذعاً و لا یسکن عند خلوا المعده من الغذاء و لا یزید عند کثرته فیها و لا یسکن عند تناول الایارج و القی ء، و ربما کان ابتداؤه فی إحدی العینین.

و أما الماء إذا استحکم فإن البصر یمتنع، و هو أنواع.

فمنه ما لونه شبیه بلون الهواء، و منه ما یشبه لون الزجاج، و منه ما هو أبیض، و منه ما لونه أسمانجونی، و منه أخضر، و منه مائل إلی الزرقه،

و قد تحدث الزرقه فی العینین من سبب غیر الماء و هو من جفاف الرطوبه البیضیه، و الفرق بینه و بین الزرقه التی تکون من الماء أن [صاحب[1393]] الماء یری فی ابتدائه تلک الخیالات التی ذکرناها و إذا قدح أبصر بالعین.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 383

و أما ما حدث من جفاف الرطوبه البیضه و نقصانها فلا تکون قبله خیالات و العین معه تصغر و تهزل و یقال لذلک: هزال العین، و یسمی سل العین، و الماء منه ما إذا انقدح انجب و منه ما لا ینجب عند القدح، و امتحان ذلک بأن تضع یدک علی إحدی العینین فإن رأیت ثقب العین الاخری یتسع علمت من ذلک أنه متی قدحت انجب القدح فیها و أبصر الإنسان، و إن لم یتسع فإنها إن قدحت لم ینجب و لم یبصر الإنسان، و تمتحنه أیضاً بأن تقیم العلیل فی الشمس و تأمره أن ینظر إلیک جیداً و تضع إبهامک علی جفنه الأعلی و تحرک بها العین و تنحیها بسرعه ثم تفتح العین و تنظر فإن تحرک الماء حین تنحی إبهامک عنه فتفرق إن ذلک الماء لا ینجب فیه القدح و إن بقی مجتمعاً لا یتفرق [و اتسع الثقب و ضاق[1394]] فإن الماء قد استحکم، و القدح قد ینجب فیه، [فاعلم ذلک[1395]].

[فی العلل العارضه فی الاجفان[1396]]

فأما العلل العارضه فی الأجفان خاصه دون سائر البدن فهی أوراطس و یقال له: الشرناق و البرد و الجرب و التحجر و الالتصاق و الکمنه[1397] و الشتره و الشعیره و التوثه[1398] و السعفه و النمله و السلع و القمل و الشعر الزائد و المنقلب[1399] و انتشار الأجفان و الوردینج[1400] و السلاق.

[فی الاوراطس]

فأما أوراطس: فهو جسم

شحمی لزج منتسج بعصب و أغشیه[1401] تحدث فی باطن الجفن الأعلی و یکون ذلک بسبب أعراض ردیئه فی بعض الناس لا سیما فی الصبیان لرطوبه مزاجهم، و ذلک أنه یثقل العین و یعرض لها نزلات.

و علامه ذلک أن الاجفان تکون مسترخیه و لا ترتفع علی ما ینبغی و لا یقدر صاحبها علی النظر إلی شعاع الشمس حتی تسرع إلیه الدمعه و یعرض له الرمد

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 384

کثیراً.

[فی الجرب]

و أما الجرب: فهو أربعه أنواع:

أحدها: یحدث فی ظاهر باطن الجفن الأعلی بخشونه.

و الثانی: یکون أظهر خشونه و أشد حمره و دمعه، و معه وجع و ثقل و یعمها جمیعاً رطوبه فی العین.

و أما الثالث: فهو أقوی و أظهر خشونه حتی یری فی باطن الجفن تشقق مثل تشقق التین و یکون أشد حمره و وجعاً و ثقلًا و حکه شدیده.

و أما النوع الرابع: فهو أصعب من الثالث و أشد حمره و أصعب وجعاً و حکه و أکثر خشونه، و تکون الأجفان ثقیله مع صلابه جداً و هذا النوع من العلل المتطاوله.

[فی البرد]

و أما البرد: فهو رطوبه تجمد فی باطن الجفن بیضاء شبیهه [بالجمود[1402]] و حدوثها من فضله بارده بلغمیه.

[فی التحجر]

و أما التحجر: فهو فضله تحجر فی الأجفان.

[فی الالتصاق]

و أما الالتصاق: فهو إما التصاق الجفن ببیاض العین و سوادها، و إما التصاق الجفنین أحدهما بالآخر.

و هذان یحدثان إما من قرحه تحدث فی العین، و إما من علاج الظفره أو السل و ما أشبه ذلک.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 385

[فی الکمنه]

و أما الکمنه: فهی ثقل فی الأجفان تحدث عن ریح غلیظه و صاحبها إذا انتبه من النوم وجد فی عینیه شیئاً شبیهاً بالرمل و التراب.

[فی الشتره]

و أما الشتره،

فثلاثه أنواع:

أحدها: ارتفاع الأعلی حتی لا یغطی العین، و حدوثه یکون إما من وقت خیاطه الجفن إذا لم یکن علی ما ینبغی.

و الثانی: قصر الأجفان بالطبع.

و الثالث: انقلاب الجفن الأسفل إلی خارج، و هذا یعرض إما من أثر قرحه، و إما من زیاده لحم ینبت فی قرحه تعرض فی الأجفان.

[فی الشعیره]

و أما الشعیره: فإنها ورم یحدث فی طرف الجفن مستطیل علی شکل الشعیره.

[فی القمل]

و أما القمل: فهو تولد قمل کثیر صغار فی الأجفان و أکثر ما یحدث هذا بمن یتدبر تدبیر یولد[1403] الفضول بمنزله من یکثر الأطعمه و یستعمل الراحه و یترک الاستحمام.

[فی التوثه]

و أما التوثه[1404]: فهی لحمه حمراء إلی السواد ما هی متعلقه من داخل العین و حدوثها من دم فاسد.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 386

[فی النمله]

و أما النمله: فهی شقاق تعرض فی أطراف الأجفان مع انتشار شعر الاجفان.

[فی السعفه]

و أما السعفه: فهی مرض شبیهه بالنمله إلا أنها تضرب إلی [الغبوه و[1405]] السواد.

[فی الشعر الزائد]

و أما الشعر الزائد: فهو شعر ینبت فی الأجفان مما یلی العین منقلباً إلی داخل فینخسها و یجلب إلیها ماده فیسترخی لذلک الجفن و یحصل فی الجفن[1406] غرزان بسبب النخس، و حدوث ذلک عن رطوبه عفنه تجتمع فی شعر الأجفان.

[فی الانتشار]

و أما الانتشار: فمنه ما یکون من رطوبه حاده أو من داء الثعلب و منه ما یکون من غلظ الأجفان و صلابتها و حمرتها و وجع یکون فیها.

[فی السلع]

و أما السلع: فتحدث من خلط غلیظ متولد فی الجفن بمنزله تولدها فی سائر أعضاء البدن.

[فی الوردینج]

[و أما الوردینج: فهو نوعان:

أحدهما: یکون من ماده دمویه تسیل إلی الجفن الواحد و إلی کلیهما و لونه أحمر مع ورم شدید و ثقل و رطوبه

کثیره.

و الآخر: یحدث من دم فرفیری یمیل إلی الخضره و الروم فیه الحمره أقل

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 387

و الضربان و الحرکه و الغرزان فیه أکثر.

[فی السلاق]

و أما السلاق: فنوع واحد یکون من رطوبه بورقیه لطیفه و إذا تمادی و عتق أحدث معه تناثر الهدب[1407]].

فی أمراض المآق

فأما أمراض المآق: فهی الغرب، و الغده، و السیلان.

[فی الغرب]

فأما الغرب فإنه خراج یخرج فیما بین المآق و الأنف و ینفتح و تخرج منه مده [بالعلاج] و ربما صار ناصوراً فأفسد عظم الأنف متی لم یبادر بالعلاج، و ربما سالت منه مده إلی المنخرین فی الثقب الذی من الأنف إلی العین. و ربما جرت[1408] مده تحت جلده الأجفان و أفسدت غضاریفها و یتبین ذلک أنک إذا غمزت علی الأجفان سالت المده من الخراج.

[فی الغده]

و أما الغده: فهی عظم اللحمه التی فی المآق الأکبر و زیادتها علی المقدار الذی ینبغی.

[فی السیلان]

[و أما السیلان: فهو نقصان اللحمه التی فی المآق الأکبر عما ینبغی[1409]] حتی لا یمکنها أن تمنع الرطوبات التی تسیل إلی العین من الثقب الذی بین المآق و المنخرین.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 388

و نقصانها یکون [اما] من الاستقصاء فی قطع هذه الغده[1410] إذا عظمت، و إما من کثره استعمال الأدویه الحاده بافراط فی [علاج[1411]] الظفره و الجرب[1412].

فی العلل العارضه فی عصبتی البصر

و أما العلل العارضه فی عصبتی البصر: فهی السده، و الهتک، و الغشاوه، و الشبکره[1413].

[فی السده]

فأما السده: فحدوثها یکون: إما من رطوبه کثیره تتولد حوالی العصبه فتضغطها [أو ورم یلحقها فیضغطها[1414]] فیبطل لذلک البصر أو ینقص، و علامه ذلک ثقل الرأس و لا سیما مما یلی قعر العینین.

و إما أن یکون ذلک من خلط غلیظ ینصب إلی جوف

العصبه فیسدها، و علامه ذلک أن تخیل الإنسان فی ابتداء العله بالبق و الشعر و الذباب و الشعاع و غیر ذلک من التخیل الردی ء من غیر أن تظهر فی العینین علامات الماء او عله[1415] أخری، و أن یکون إذا غمضت إحدی العینین لم تتسع الأخری، و هذا أردأ ما یکون من السده لأن الروح لا ینفذ منه شی ء إلی العین الأخری فیتسع الثقب.

[فی الهتک]

و أما الهتک: فحدوثه یکون إما من ضربه أو سقطه أو صدمه شدیده تقع علی الرأس أو عن قی ء شدید، و علامه الهتک أن تنتأ العین [اولا[1416]]، ثم من بعد ذلک تغور و تضمر و یکون مع ذلک ذهاب البصر او نقصانه[1417].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 389

[فی الغشاوه]

و أما الغشاوه: [فیکون من ضعف الروح الباصر المنبعث من الدماغ و قلته[1418]].

[فی الشبکره]

[اما الشبکره[1419]]

فهی عله التی لا یبصر الإنسان معها باللیل شیئاً و حدوث ذلک یکون من غلظ الروح النفسانی[1420] [المنبعث[1421]] و کدوره الأخلاط، و قد تکون هذه الأسباب ضد العله التی یری الإنسان فیها ما بعد عنه و لا یری ما قرب کالذی یعرض للمشایخ فهذه العلل التی تحدث فی تجویف عصبتی البصر[1422] [و أسبابها الداله علیها، انتهی[1423]].

[فی العلل التی تحدث فی العصب و العضل المحرک للعین و الجفن[1424]]

و أما العلل التی تحدث فی العصب و العضل المحرک للعینین و الجفن: فهو الاسترخاء و التشنج.

فأما ما یلحق العصبه المحرکه للعین من ذلک فإن ذلک ربما کان من قبل [الدماغ[1425]] نفسه، و علامه ذلک أن تفسد حرکه العینین جمیعاً، أو ربما کان ذلک فی إحدی العصبتین اللتین یأتیان العین، و علامته أن تفسد حرکه العین التی تأتیها تلک العصبه و ربما کان ذلک فی

بعض أقسام إحدی العصبتین فتفسد لذلک حرکه العضل الذی یحرک ذلک القسم.

و أما العضل المحرک للعین: فقد ذکرنا فی الموضع الذی ذکرنا فیه أمر الأعضاء أن لکل واحده من العینین تسع عضلات، منها ست تحرک العین نفسها

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 390

و منها ثلاثه تقبض أصل العصبه التی یجری فیها الروح و تشیل العین إلی فوق، و أما السته التی تحرک العین فما کان منها من [فوق فان استرخت مالت العین الی اسفل و إن تشنجت مالت العین الی فوق، و ما کان منها من[1426]] أسفل إذا استرخت زالت[1427] العین إلی فوق[1428] و إذا تشنجت مالت العین إلی اسفل[1429].

و أما التی فی المآق فإذا استرخت مالت العین إلی اللحاظ، و إذا تشنجت مالت العین إلی [فوق و ما کان منها من أسفل إذا استرخت مالت العین إلی أسفل و إذا تشنجت مالت العین إلی المآق[1430]] و أما التی فی اللحاظ فاذا استرخت مالت العین إلی المآق و إذا تشنجت مالت العین إلی اللحاظ.

و أما العضلتان اللتان یدبران العین فإذا استرخت أو تشنجت أحدثت للعین [اعوجاجاً[1431]].

و أما العضلات الثلاث التی فی أصل العصبه التی تخرج فیها الروح فمنفعتها کما قلنا أن تقبض العصبه و تمنعها من أن تزول و أن تشیل العین إلی فوق، فمتی تشنجت لم یضر ذلک بالعین، و إن استرخت أضر ذلک بالعین لأنها تنتأ.

و حدوث ذلک یکون إما من داخل فمن مواد تنصب إلی العصب و العضل، و إما من خارج من ضربه.

و أما 0 ما کان من داخل فمتی نتأت العین و کان البصر سلیماً فإن ذلک یدل علی أن العصبه النوریه امتدت من استرخاء العضل القابض لها فإن کان البصر

قد بطل دل ذلک علی أن العصبه نفسها قد استرخت.

و متی نتأت العین من سبب من خارج مثل الضربه و الصدمه فإن کان البصر سلیماً فإن العضله وحدها انهتکت؛ و إن کان البصر قد بطل علمنا أن العصبه قد انهتکت.

فأما العضل المحرک للجفن: فهی کما ذکرنا ثلاث عضلات منها واحده ترفعه إلی فوق و عضلتان یجذبانه إلی أسفل.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 391

أما العضله التی ترفعه إلی فوق فمتی استرخت لم ترفع الجفن و متی تشنجت لم ینطبق الجفن.

و أما العضلتان اللتان یجذبانه إلی أسفل فمتی استرختا [جمیعاً[1432]] لم یرتفع الجفن و إن لحقت الآفه واحده منهما کان نصف الجفن یرتفع و نصفه ینطبق، و إن کانت الآفه استرخاء کان میلان نصف الجفن إلی جانب العضله الصحیحه، و إن کان تشنجاً کان الجفن مائلًا إلی ناحیه العضله [المتشنجه[1433]].

فهذه هی العلل التی تحدث فی العضل [و العصب[1434]] المحرک للعین.

و أما ما یحدث بالعروق التی تصیر إلی العینین من قحف الرأس فإنه یحدث فیهما جمیعاً سیلان الرطوبه من الرأس إلی العینین.

و سیلانها یکون إما فی العروق التی تعلو قحف الرأس و علامته امتداد عروق الجبهه و الصدغین، و إما من العروق التی تحت[1435] قحف الرأس و علامته کثره العطاس و طول مکث السیلان، و أن لا تکون عروق الجبهه و الصدغین متمده[1436].

و إذ قد أتینا علی جمیع علل العین و أسبابها و علاماتها فیجب أن نقبل علی ما یتبع ذلک من علل الحواس الباقیه، [و الله أعلم[1437]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 392

الباب الرابع عشر فی العلل العارضه فی الأذنین و أسبابها و علامتها

و أما العلل العارضه لأعضاء السمع فمنها ما هی عامه لجمیع أعضاء السمع، و منها ما تحدث فی بعضها دون بعض.

فأما العلل العامه: فهی الآلام

التی تحدث عن أصناف سوء المزاج، [و اصناف الاورام، و تفرق الاتصال.

فمتی کان الوجع عن سوء مزاج حار[1438]] کان معه[1439] التهاب و حراره و حمره مما یلی الاذن من الأعضاء، و إذا أدنیت من الاذن الأشیاء البارده بالفعل سکن الالم لا سیما متی کان تدبیر العلیل[1440] فیما تقدم تدبیراً مسخنناً.

و متی کان الوجع عن سوء مزاج بارد کان الالم من غیر تلهب و لا حمره فی الاذن، و إذا أدنیت منها الأشیاء الحاره بالفعل انتفع بها العلیل لا سیما إن کان تدبیره فیما تقدم تدبیراً مبرداً.

و أما سوء المزاج الرطب و الیابس فلیس یکاد یحدث عنهما فی الاذن ألم و لا وجع.

و أما أصناف الأورام فما کان منها حاراً فعلامته شده الالم و الضربان و الثقل فی الرأس و الجبهه و التمدد و اللهیب و حمره الوجه فإن کان الورم عظیماً تبع ذلک

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 393

حمی و ما کان منه بارداً فعلامته الثقل و التمدد من غیر ضربان و لا ألم شدید، و ما کان من هذه العلل فی ثقب الاذن کانت العلامات التی ذکرناها و الالم فی قعر الاذن، و ما کان منها فی الآله الأولی [التی هی فی[1441]] عصب السمع کان الالم داخل قحف الرأس مما یلی قعر الاذن، و ما کان منها فی الأعضاء الخارجه عن الثقب فعلامته ظاهره بینه للحس.

و أما تفرق الاتصال: فبمنزله الفسخ و الهتک فما کان منه فی ثقب السمع و فی الاجزاء[1442] الخارجه عنه فمعرفته بالحس بما یخرج عن الثقب من الدم، و ما کان منه فی الآله الأولی من آلات السمع و فی عصبه السمع و فی الأجزاء الاخر فمنه ما یکون حدوثه من

سبب من داخل، و هذا لیس یتبین لنا علامته إلا بما یحدث [للعل من ضرر السمع، و منه ما یحدث عن سبب من خاج بمنزله الضربه و الصدمه فمتی حدث[1443]] للانسان ألم من داخل مما یلی الاذن، أو حدث بالسمع ضرر و کان قد تقدمه ضربه أو صدمه، فإن سبب ذلک هتک أو فسخ لحق آله السمع أو العصبه التی یکون منها السمع.

و أما العلل التی تحدث فی عضو من أعضاء السمع: فمنها ما یحدث فی الثقب اللولبی[1444] و فی الأجزاء الخارجه عنه، و منها ما یحدث فی العصبه التی تؤدی قوه السمع و فی الآله الأولی من آله السمع.

أما العلل التی تحدث فی ثقب السمع فهی: إما قرحه و إما ثؤلول و إما لحم نابت و إما دود یتولد فی الموضع و إما وسخ و إما جسم من الأجسام قد سقط فیه من خارج، بمنزله الحصی و الحبوب و الماء الذی یدخل فی الاذنین من الصب علی الرأس أو الغوص فی الماء، أو بعض الحیوان بمنزله الذباب و البق و الدود و ما أشبه ذلک من دبیب أو ریح.

و أما القروح: فتکون من انفجار الأورام و یستدل علیها بما یخرج من الآذان من المده و الضربان المتقدم العله.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 394

و أما الدود: فتولده یکون من رطوبه فاسده[1445]، و علامته أن یجد العلیل حکه و انتعاشاً و دغدغه فی داخل الاذن و ربما خرج بعض الدود إلی خارج.

و أما ما ینبت فی المجری من الثآلیل و اللحم الزائد و الوسخ، و حدوثها فیکون من فضل ماده و معرفه ذلک تتبین جیداً لحس البصر إذا أقیم العلیل فی الشمس و حوذی به عین

الشمس، و کذلک أیضاً ما یسقط فی الآذان من الأجسام یتبین بهذا الوجه، و ربما یحس به الإنسان فی وقت دخوله إلی الأذن.

و أما الماء: فیعلم ذلک انه یکون بعقب الاستحمام وصب الماء علی الرأس.

و أما [من[1446]] الحیوان فیتبین ذلک بحرکته و دبیبه و وشوشته[1447].

و جمیع هذه العلل متی کانت عظیمه [حتی[1448]] تسد مجری السمع أحدثت الطرش و الصمم، فإن کانت یسیره أحدثت ضعف السمع و ثقله، فهذه صفه العلل الحادثه فی الثقب.

[العلل الحادثه فی آله السمع]

و أما العلل الحادثه فی آله السمع و فی عصبته فهی الطنین و الدوی و الأصوات الکاذبه [الهائله[1449]] و ثقل السمع و الطرش.

[فی الدوی و الطنین]

أما الدوی و الطنین و الأصوات التی تحدث من غیر أن یکون من خارج شی ء یصوت، فحدوثه یکون إما عن ریح تحتقن فی غشاء الدماغ مما یلی عصبه الاذن أو فیما یلی عصبه السمع أو آله السمع الاولی أو من خلط ینتقل فی هذه المواضع التی ذکرناها.

فمتی کان حدوث ذلک عن خلط غلیظ وجد العلیل مع الطنین ثقلًا فی هذه المواضع أو فی الرأس، و إن کان من ریح کان من ذلک فی هذه المواضع تمدد.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 395

[فی الطرش و الصمم]

و أما ثقل السمع و الطرش المسمی صمماً إذا حدث عن آفه[1450] تعرض لأحد هذه الأعضاء، فحدوثه یکون إما عن سوء مزاج، و إما من مرض آلی بمنزله السده الحادثه عن ورم أو عن خلط غلیظ، و إما من تفرق الاتصال مثل الفسخ و الهتک، و ربما حدث ثقل السمع و الصمم من قبل الدماغ إذا ناله أحد هذه الأمراض، فمتی رأیت السمع قد بطل من إحدی الاذنین أو من الاثنین

معاً و کان مع ذلک مضره قد نالت الحواس کلها أو بعضها فإن ذلک یدل علی آفه قد نالت الدماغ، و إن کان ذلک فی إحدی الاذنین أو کان فی الاذنین جمیعاً و کانت الحواس الباقیه سلیمه فإن ذلک یدل علی أن العصب الذی یأتی الاذنین و الآله السمعیه قد نالتهما آفه.

و متی کان السمع قد بطل أو ثقل و لم یتبین أن فی ثقب السمع أو فی الأعضاء الخارجه عنه عله و کان العلیل یجد مع ذلک ثقلًا فی عمق الرأس مما یلی الاذنین علمنا أن سبب ذلک إنما هو خلط غلیظ انصب إلی العصب الذی یکون به السمع و الآله السمعیه، و إن کان مع ذلک تمدد و ضربان فإن سببه ورم حار لحق المواضع، و إن کان قد تقدم العله ضربه أو صدمه علی الرأس دل ذلک علی أن العصبه قد انهتکت و قد یعرض ضعف السمع من ضعف القوّه السامعه بمنزله ما یعرض عند کبر السن.

و ربما کان الصمم فی وقت عن جبله المولود عند ما تعجز الطبیعه عن العنایه بثقب السمع و الآله إما لضعفها و إما لغلظ ماده فیها.

و ربما عرض الطرش من الأمراض الحاره عند ما یتصاعد إلی الدماغ خلط مراری، و أصحاب هذه العله ینتفعون باستفراغ المرار کما قال أبقراط: فی کتاب الفصول «من کان به اختلاف مرار فأصابه صمم انقطع عنه ذلک الاختلاف، و من کان به صمم فحدث له اختلاف مرار زال ذلک الصمم عنه [ذلک الصمم[1451]]»

فهذه صفه العلل العارضه فی آلات السمع و أسبابها و علاماتها، و الله أعلم[1452].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 396

الباب الخامس عشر فی علل أعضاء الشم و أسبابها و علاماتها

فأما العلل التی تحدث فی أعضاء الشم فمنها ما یحدث

فی المنخرین، [و منها ما یحدث فی الغشاء المستبطن للمنخرین، و منها ما یحدث فی العظم الشبیه بالمصفی و فی غشاء الدماغ المستبطن له[1453]]، و منها ما یحدث فی الغشاء المستبطن للقحف، و منها ما یحدث فی الآله الأولی من آلات الشم و هی البطنان المقدمان من بطون الدماغ الشبیهان بحلمتی الثدی و فی غشاء الدماغ.

أما العلل الحادثه فی المنخرین فتکون: إما من سوء مزاج، و إما من مرض آلی، و إما من تفرق الاتصال.

أما سوء المزاج: فیکون حدوثه عن الأسباب المحدثه لکل واحد من أصنافه علی ما بینا فی غیر هذا الموضع، و کذلک أیضاً علاماته تعرف بما ذکرنا من علامات سوء المزاج فی غیر هذا الموضع.

و أما الامراض الآلیه التی تحدث فی المنخرین: فهی الاورام و القروح و اللحم النابت فی الانف الشبیه بالحیوان المسمی الکثیر الارجل، و ذلک أن هذا اللحم یشبه لحم ذلک الحیوان، و کما أن ذلک الحیوان من أراد صیده یسد منخریه بأرجله کذلک هذا اللحم یسد المنخرین.

و هذه العلل بینه ظاهره للحس لا سیما إذا أقیم العلیل فی الشمس و حوذی بمنخریه عین الشمس، و جمیع هذه العلل متی کانت عظیمه حتی تسد مجری

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 397

الأنف بطل الشم، و إن لم یسد المنخرین[1454] کان الشم ضعیفاً ناقصا.

و أما تفرق الاتصال: فبمنزله رض الانف و کسره، و هذا أیضاً متی کان الکسر عظیماً حتی یضغط المجری و یسده بطل الشم، و متی کان یسیراً أحدث نقصاناً فی الشم.

و أما العلل الحادثه للعصب[1455] المستبطن لثقبی المنخرین فهی: إما سوء مزاج، أو ورم حار أو ورم صلب.

و علامه الورم إذا کان حاراً أن یجد العلیل فی ثقبی الأنف

ثقلًا و تمدداً و ضرباناً، و إن کان صلباً فثقلًا و تمدداً من غیر ضربان، و إذا حدثت العله فی هذه المواضع تبع ذلک مضره فی الصوت.

و أما العلل الحادثه فی العظم الشبیه بالمصفاه و فی غشاء الدماغ المستبطن لهذا العظم فهی السده و نتن الرائحه.

و السده: تحدث فی العظم بسبب خلط غلیظ یلحج فی ثقبه و یجد العلیل مع ذلک ثقلًا فی داخل الرأس مما یلی المنخرین.

و اما الغشاء فتحدث السده إما من خلط غلیظ، و إما من ورم حار أو صلب [لتحدث فی العظم بسبب خلط غلیظ یلحج فی ثقبه[1456]] و یجد العلیل من ذلک ما یجده صاحب الورم الحار أو الصلب فی داخل الرأس مما یلی المنخرین.

و أما نتن الرائحه: فیکون إما من عفن العظم الشبیه بالمصفاه، و إما من خلط عفن یلحج فی ثقبه أو فی ثقب الغشاء المستبطن له فتتادی رائحته إلی الآله الأولی من آلات الشم و إلی الدماغ و قد تکون أیضاً نتن الرائحه إذا کان فی الدماغ خلط عفن و یتبع ذلک حمی و صداع، و إن کان نتن الرائحه من خلط یعفن فی العظام المثقبه تبع ذلک نقصان فی الصوت.

أما العلل الحادثه فی آله الشم: فهی العله المعروفه بالزکام، و نقصان الشم و عدمه و هی العله المعروفه بالخشم.

أما الزکام: فهو تحلب فضول رطبه من بطنی الدماغ المقدمین إلی المنخرین.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 398

و حدوثه یکون إما من سوء مزاج حار أو بارد یعرض للدماغ بمنزله ما یعرض لمن تصیب رأسه الشمس فتذیب الفضول التی فی دماغه أو یصیبه الهواء البارد فیحقن الفضول التی کانت تنحل من دماغه قبل ذلک و تکثر فتنحدر إلی المنخرین.

و

أما نقصان الشم و عدمه: م فیکون إما من سوء مزاج مفرط، و إما من مرض آلی مثل السده الحادثه عن ورم أو ضغط أو عن خلط غلیظ لزج و إما عن تفرق الاتصال فإن هذه کلها متی کانت یسیره أحدثت نقصاناً فی الشم، و متی کانت عظیمه أحدثت الخشم و هو عدم الشم.

و قد بینت علامات هذه الأسباب کلها فی غیر هذا الموضوع فمتی وجد العلیل علامه شی ء من ذلک فی مقدم دماغه مما یلی المنخرین فإن تلک العله التی حدثت إنما هی من قبل آفه نالت البطنین المقدمین من بطون الدماغ أو الآله الأولی من آله الشم و هی طرفا هذین البطنین، و أیضاً إن وجدت العلیل کأنه یتکلم من أنفه، فاعلم أن الآفه فی العظم الشبیه بالمصفاه، و إن کان کلامه جیداً فاعلم أن العله فی البطنین المقدمین من بطون الدماغ و هما آلتا الشم و فی الغشاء المستبطن لهما.

فهذه صفه العلل الحادثه فی أعضاء الشم.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 399

الباب السادس عشر فی [ذکر[1457]] علل اللسان و ما یلیه من أحوال الفم و أسبابه و علاماته[1458]

و أما العلل العارضه فی اللسان و ما یلیه من الفم.

[أما العلل العارضه فی اللسان[1459]] فمنها ما یعرض فی جسم اللسان، و منها یلیه من الفم و [منها] ما یعرض فی العصب الذی یأتی اللسان و الجزء من الدماغ الذی ینبت منه عصب اللسان.

فأما ما یعرض فی اللسان نفسه: من العلل: فهی البثر المعروفه بالقلاع و أصناف الأورام و فساد المذاق.

[فی القلاع]

و أما البثر المعروفه بالقلاع فهی بثور عراض مبسوطه تعرض للطبقه الخارجه من اللسان و تعرض لجمیع أجزاء الفم و لونها أبیض، و أکثر ما یعرض ذلک للصبیان و الأطفال من رداءه لبن المرضعه و هی بثر ردیئه، و ذلک

أنها ربما عرضت للفم کله، و کان انتهاؤها إلی الطبقه الداخله من المعده و المری ء و ربما کان لونه إلی السواد ما هو، و هذا النوع ردی ء.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 400

[فی اورام اللسان]

و أما الورم: فمنه الورم الذی یعظم به اللسان حتی یخرج عن الفم و یقال له.

ادلاع اللسان، و منه الورم المعروف بالضفدع و هو ورم یحدث تحت اللسان شبیه بالغده. و منه أورام حاره دمویه تعرض لجمیع أجزاء الفم و هو نوع من القلاع.

[فی فساد المذاق]

فأما ما یعرض من فساد المذاق: فإن المذاق ربما یتغیر إلی المراره حتی یحس الإنسان أن طعم فمه مر و کذلک یحس بسائر الطعوم أنها مره، و هذا یعرض إذا غلب علی جرم اللسان الخلط المراری، فأما إذا غلب علی جمیع أجزاء الفم المرار بمنزله ما یعرض فی حمیات الغب و فی الیرقان.

و ربما أحس الإنسان بطعم فمه أو طعم سائر الأطعمه حلوا، و هذا یکون إذا غلب علی جرم اللسان أو علی سائر البدن الدم و البلغم الحلو.

و ربما أحس بالطعوم أنها حامظه، و هذا یکون من البلغم الحامض.

و ربما أحس بالطعوم أنها مالحه و هذا یکون من البلغم المالح.

[فی مرض عصب اللسان]

و أما ما یعرض للعصب الذی یأتی اللسان من العلل فمنها ما یعرض للعصب الذی یکون به حس المذاق و هی نقصان المذاق و عدمه، و هذا یکون إذا لم یحس الإنسان بشی ء من الطعوم فی فمه البته. و منها ما یعرض للعصب الذی یکون به الکلام و الحرکه و هی ثقل اللسان و عدم الکلام الذی یقال له: الخرس.

و هذه الأشیاء تعرض: إما لسوء المزاج الغالب علی العصب، و إما لسده تعرض فیه

و إما من ورم و إما من ضعف، و إما من خلط بلغمی غلیظ ینصب إلی الأعصاب، و إما أن یکون ذلک من تفرق الاتصال یعرض للعصب بمنزله الهتک أو یکون ذلک من خلط حار أو من ضربه أو من صدمه تقع علی الدماغ.

و العلامات الداله علی کل واحد من هذه الاسباب کالعلامات الداله علی علل

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 401

الحواس التی ذکرناها قبل.

و قد یعرض ثقل اللسان و عدم الکلام لعله تکون فی الجزء المتقدم من الدماغ الذی ینبعث منه العصب الذی یأتی اللسان و فی الدماغ نفسه.

و ذلک یکون: إما من سوء مزاج، و إما من مرض آلی [مثل الورم[1460]] بمنزله ما یعرض ذلک فی[1461] 5 سرسام، 1 السرسام و الامراض الحاده [الحادثه[1462]] عن سوء مزاج حار و الورم الحار، و بمنزله ما یعرض فی الفالج و اللقوه و ما شاکل ذلک من العلل الحادثه عن سوء المزاج البارد الرطب، فهذه أمراض اللسان.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 402

الباب السابع عشر فی العلل العارضه فی أعضاء الفم و أسبابها و علاماتها

أما ما یعرض من العلل فی الأعضاء التی فی فم الانسان: فمنها ما یعرض فی الشفتین، و منها ما یعرض للأسنان، و منها ما یعرض للثه [و لحم الأسنان[1463]] و منها ما یعرض للحم الذی فی جمیع الفم، و منها ما یعرض للهاه و اللوزتین.

[فی العلل الشفتین]

فأما ما یعرض للشفتین فهی: الشقاق، و البواسیر، و البثر.

أما الشقاق: فتحدث عن سوء مزاج یابس یغلب علی الشفتین.

و البواسیر: تعرض من ماده دمویه.

و البثر: یحدث عن الدم و الصفراء[1464].

[فی العلل الاسنان]

و أما الأسنان: فإنها یعرض لها: الوجع الشدید، و التأکل، و الضرس، و الخدر، و الحفر، و السقوط.

[فی الاوجاع]

و الأوجاع تعرض فی الأسنان إما عن سوء مزاج حار

أو بارد یعرض للعصب الذی یأتیها و یعرف ذلک بما یلائم العله أو ینافرها من الاشیاء الحاره او البارده

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 403

بالفعل، و إما بسبب ورم یعرض للحم الأسنان.

و ینبغی أن تعلم أن الأسنان فی نفسها لا یعرض لها الوجع، لأنها لا حس لها و الدلیل علی ذلک أنه متی انکسر منها شی ء لم تؤلم الانسان و إنما الألم یعرض للانسان بسبب سوء مزاج یعرض للعصب أو لورم حار أو بارد و إنما یسکن الالم عند قلع السن لأن العصبه لا تتمدد لأن الموضع قد اتسع علیها و صار للورم موضع ینحل منه و صار الدواء یلقی الموضع و یماسه.

[فی التآکل]

و أما التأکل: فیحدث للاسنان و الأضراس من العفن، و ذلک یکون من رطوبه حاده ردیئه تنصب إلیها فتعفن فیها و تأکلها.

[فی الحفر]

و أما الحفر: فهو جسم أصغر یتلبس علی الأسنان من البخارات التی ترتفع من المعده.

[فی الضرس]

و أما الضرس: فیعرض للأسنان إما من خارج عند مضغ الأشیاء الحامضه، و إما من داخل فمن خلط حامظ فی المعده.

[فی الخدر]

و أما الخدر: فیعرض لها من تناول الأشیاء البارده بالفعل بمنزله الثلج و الماء الشدید البرد.

[فی سقوط الاسنان]

و أما سقوط الأسنان و تحریکها فیکون: إما من رطوبه اللثه و العصب الذی یربط الأسنان و استرخائها فلا یمسکان الأسنان، و إما من عفن اللثه و تأکلها، و إما من سعه الأواری التی هی مرکوزه فیها.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 404

وسعتها تکون: إما من قبل الطبیعه بمنزله سقوط أسنان الصبیان الذی یقال: له [الثغر[1465]] و ذلک أن الطبیعه تسقط أسنان الصبیان لضعفها و إفساد اللبن لها و حاجتها إلی ما هو أقوی منها بسبب الأغذیه الیابسه و

کسر الأشیاء الصلبه و لتوسیع الأواری فتحدث[1466] مکانها أسنان هی أعظم من الأولی و أقوی منها.

و إما [من[1467]] یبسها فبمنزله ما یحدث للمشایخ من سقوط الأسنان و ذلک أن الأسنان و الاواری التی هی فیها إذا جفت نقصت من مقدارها فیتغیر لذلک هندامها و لا تثبت[1468] [لذلک[1469]] الاسنان فی حفرها فتسقط، و قد سمعت قوماً یقولون أنهم رأوا بعض المشایخ قد سقطت أسنانهم و نبت غیرها مکانها و لست متحققاً من صحه ذلک لأن المواد المستعده لنبات الأسنان معدومه فی أبدان المشایخ.

[فی علل اللثه و لحم الاسنان]

و أما ما یعرض للثه و لحم الأسنان: فمنه الورم المعروف بالورم الحار و یحدث للعلیل منه وجع و ضربان فی اللثه و الاسنان، و منه العله المسماه فارولیس[1470] و هی تغیر الورم الحار إلی المده و تعفن اللثه و یعرض من ذلک سقوط اللثه و رداءه رائحه الفم، و منه العله المسماه أیرلیس[1471] و هی لحم زائد یحدث فی الضرس الأقصی بعقب ورم حار، و یظن الإنسان کأن فی ضرسه شیئاً من المأکول ملتصقاً به، و منه خروج الدم من اللثه، و هذا یکون من ضعف القوّه الغاذیه التی فی اللثه.

و أما سائر لحم الفم: فقد یعرض له من العلل مثل ما یعرض فی اللثه من الورم الحار و التعفن و خروج الدم.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 405

[فی البخر]

و أما البخر: فقد یعرض للفم نتن الرائحه، و هذا یکون: إما من عفن بعض الأسنان و الأضراس، و إما من تعفن اللثه، و إما من بلغم عفن یکون فی فم المعده، و قد یعرض ذلک من سیلان اللعاب، و هذا یکون من رطوبه فی الدماغ تتحلب فی اللهات و

علامته إذا کان من قبل المعده أن لا یکون فی الفم شی ء مما ذکرنا و أن تنقص الرائحه عند تناول الطعام بعض النقصان.

[فی علل اللهاه]

و أما اللهاه: فیعرض لها الورم الحار و یجد صاحبه وجعاً و ضرباناً فی أقصی الفم و یتأذی عند البلغم و یعرض لها الاسترخاء و السقوط، و علامه ذلک أن یجد العلیل کأن شیئاً متعلقاً فی حلقه، و إذا فتح فمه و أخرج لسانه رأیت اللهاه أطول مما کانت، و ربما رأیت أصلها قد دق و طرفها قد استدار، و إذا طالت مده سقوطها فحینئذ ینبغی أن تقطع.

فهذا ما کان ینبغی لنا أن نذکره من أصناف العلل العارضه فی أعضاء الحس [و[1472]] فی الفم و ما یلیه من الحلق، فاعلم ذلک.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 406

الباب الثامن عشر فی العلل العارضه فی أعضاء التنفس و أسبابها و علاماتها

أما العلل العارضه فی أعضاء التنفس، فمنها ما یعرض فی الحلق و الحنجره و قصبه الرئه، و منها ما یعرض للغشاء المستبطن للأضلاع، و منها ما یعرض فی الرئه، و منها ما یعرض فی عضل الصدر، و منها ما یعرض فی الحجاب، و منها ما یعرض القلب.

أما ما یعرض فی الحلق: فمنه ما یحدث فی الغدتین المسمیین باللوزتین و هما مولدتان للعاب، و منها ما یحدث فی [اللسان[1473]] الملبس علی الحق و الحنجره و الرئه، و منها ما یحدث فی [المنخرین[1474]].

[فی اللوزتان]

أما اللوزتان: فیعرض لهما الورم الحار، و علامته أن یعرض لصاحبه وجع فی موضع اللوزتین، و هما الغدتان اللتان عن جنبتی الحلق، و أکثر ما تعرض ذلک عند البلع و یعرض مع ذلک حمره من خارج الحلق.

و أما ما یعرض فی العضل فهی الذبحه، و الخوانیق.

[فی الذبحه]

أما الذبحه: فیکون حدوثها من ورم حار یعرض

إما لعضل الحلق، و إما لعضل

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 407

المری ء.

فإن کان الورم فی العضل الداخل قیل له: سوتنجی[1475]، و هذه عله ردیئه تمنع صاحبها الازدراد.

و إن کان فی العضل الخارج قیل له: قوینجی، و یعرض لأصحاب هذه العله عسر التنفس و ضیقه و انتصابه و حمی و نقصان فی الصوت و وجع فی الحلق و حمره فی العنق و الوجه و تمدد و عسر فی البلع و غور فی العینین.

[فی الخوانیق]

فأما الخوانیق: فحدوثها یکون من ورم حار یعرض لعضل الحنجره فإن کان الورم فی العضل [الذی من خارج قیل له: خوانیق بقول مطلق، و إن کان الورم فی العضل[1476]] الذی من داخل قیل له: الخوانیق الکلبی، و تعرض لأصحاب هذه العله الأعراض التی تعرض لأصحاب الذبحه بعینها إلا أن ذلک یکون أصعب و أشد، و یکون فم صاحب هذه العله مفتوحاً لا یقدر أن یبتلع شیئاً من الأطعمه و ربما لم ینزل فی حلقه شی ء من الأطعمه و الأغذیه الرطبه بمنزله الحساء حتی یکون بمنزله المخنوقین[1477] و ذلک لانسداد فم المری ء بالورم، و ربما اجتهد أصحاب هذه العله فی ازدراد الغذاء فلم یمکنهم ذلک فیصعد إلی فوق و إلی [الثقبین[1478]] النافذین من الحنک إلی الانف فیخرج الغذاء من الأنف، و ربما عرضت هذه العله أعنی الخوانیق الکلبیه من زوال فقار الرقبه، و أکثر ما یحدث ذلک للصبیان لضعف رباط الفقار فیهم، و ربما حدث ذلک من سقطه أو ضربه [أو صدمه[1479]].

و هذا النوع من الخوانیق لا ینجح فیه العلاج، و أرجی الخوانیق و أسلمها ما یظهرا الورم فیه عند فتح الفم و اخراج اللسان، و ربما ظهر الورم و الحمره من خارج فی نواحی

الحلق و الصدر، و أردؤها ما لا یظهر فیه الورم فی الفم، و الله أعلم[1480].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 408

الباب التاسع عشر فی لباس الحلق و قصبه الرئه و أسبابها [و علاماتها[1481]]

[فی البحبوحه]

أما ما یحدث فی لباس الحلق و الحنجره و قصبه الرئه فهی النزلات، و هو نزول فضول رطبه من الدماغ إلی المنخرین و إلی الحلق و المری ء و الحنجره و قصبه الرئه.

فإذا نزلت هذه الفضله إلی المنخرین سمی الحادث عن ذلک: زکام، فإذا نزلت إلی الحنجره و قصبه الرئه و خشن لذلک الغشاء المجلل لها حدث لذلک البحوحه و السعال الخفیف [و یسمی عن ذلک: نزله[1482]] و إذا نزلت إلی الرئه و الصدر حدث عن ذلک سعال ردی ء.

و حدوث النزلات یکون: إما من حراره بمنزله ما یعرض للرأس فی الصیف عن إحراق الشمس، و إما من برد بمنزله ما یعرض للرأس من بروده هواء الشتاء.

فمن عرضت له النزلات من حراره أحس بلهیب فی الوجه و الرأس و یحس بمواد حریفه تسیل إلی المنخرین و الحلق و خشونه تعرض فی الحنجره و قصبه الرئه.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 409

و متی عرضت له النزله من بروده یجد[1483] فی مقدم الدماغ و الجبهه تتمدد و یعرض له فی منفذ المنخرین إلی الفم سده حتی یکون الشم ناقصاً أو معدوماً و الصوت ناقصاً بذلک السبب[1484].

و کثیراً ما یتبع النزلات حمی صعبه و صداع شدید و قشعریره، و البحوحه التی تعرض عن النزلات إلی الحنجره و قصبه الرئه [یحس صاحبها بالخشونه و اللذع فی الحلق و الحنجره و قصبه الرئه[1485]] و فی أول الأمر یعرض فی هذا الموضع شی ء شبیه بالدغدغه.

و قد تحدث الخشونه و البحوحه و السعال فی قصبه الرئه من أسباب أخر غیر النزلات، و ذلک ربما

حدثت عن سوء مزاج حار کالذی یعرض فی الحمیات، أو سوء مزاج بارد بمنزله ما یعرض عند هبوب الریاح الشمالیه من البحوحه، و السعال الذی[1486] یحدث عن هذین لا یکون معه نفث شی ء من الرطوبه بل یکون یابساً، و قد تحدث البحوحه عن سوء مزاج رطب یعرض فی الحنجره و قصبه الرئه [فیبلهما[1487]] و یرخیهما، و إذا خرج الهواء من الرئه و مر بهذه المواضع لم یکن الصوت صافیاً لرطوبه هذه الأعضاء، و أصحاب هذه العله لا یحسون بخشونه هذه المواضع و [لا[1488]] بألم.

و قد تحدث ایضاً البحوحه و السعال إما من أسباب من خارج بمنزله الغبار و الدخان الذی تحدث عنه الخشونه و إما عن الصیاح الشدید فتعرض خشونه أو ورم و ألم فی قصبه الرئه و الحنجره.

و ینبغی أن تعلم أن النزلات و البحوحات فی المشایخ لا تکاد تنضج سریعاً.

و قد قال أبقراط: «إن البحوحه و النزل فی الشیخ الفانی لا تنضج»، فهذه أصناف العلل العارضه فی الحلق و الحنجره و قصبه الرئه.

فأما ما یعرض فی نفس مجری الحلق: فهو العلق الذی یشرب مع الماء و یتشبث بجرم الحلق و شوک السمک و غیر ذلک من الأجسام، و أنت تعرف ذلک من مساءله العلیل هل کان بعقب شرب الماء أو أکل السمک أو غیره مما یوجب ذلک.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 410

الباب العشرون فی علل الرئه [و الصدر[1489]] و أسبابها و علاماتها

أما العلل العارضه فی الرئه فهی: السعال الشدید، و الربو، و البهر، و ضیق النفس و انتصابه، و ذات الرئه، و نفث الدم و المده و هی علل السل.

[فی السعال]

فأما السعال الحادث من قبل الرئه: فحدوثه یکون إما عن نزله، و إما عن سوء مزاج.

أما ما کان حدوثه عن نزله: فقد

قلنا أن الفضول المنصبه من الرأس إذا صارت إلی الرئه و الصدر أحدثت سعالًا شدیداً لا سیما متی کانت الماده حاده [رقیقه[1490]] أکاله فإن السعال الحادث عن ذلک ردی ء حتی أنه یحدث قروحاً فی الصدر، و أصحاب هذا السعال ینفثون فی بعض الأوقات ماده رقیقه حاده.

و هذه الماده ردیئه جداً إن نفثها العلیل و إن لم ینفثها، لأنه إن لم ینفثها بقیت فی الصدر لم تنضج بسهوله و غلظت و عقرت الرئه، و إن نفثها هیجت سعالًا شدیداً و ذلک لأن الماده الرقیقه لا تصعد من الصدر بالسعال بسهوله لأنها لرقتها إذا صعدت من الصدر بسعال رجعت منحدره إلی موضعها فیشتد لذلک السعال و یهز الصدر و الرئه و لا یؤمن علی الرئه فی تلک الحال أن تنصدع بعض عروقها فیحدث من ذلک نفث الدم و یئول صاحبه إلی أن تتقرح رئته.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 411

و قد ینفث أصحاب هذا السعال أیضاً فی بعض الأوقات بلغماً رقیقاً و فی بعضها بلغماً أخضراً، و یعرض لبعضهم حمیات مختلفه، [و ذلک بسبب ما یعفن بعض هذه الفضول فی الرئه و اذا طالت مدّه هذا السعال نفذوا انواعا[1491]] و قد زعم بعض الأطباء أن قوماً ممن کان بهم سعال مزمن [تقیئوا شیئا شبیها بالبرد، و زعم بعضهم انه رای من کان به سعال مزمن[1492]] نفث حجراً شبیهاً بالحجاره التی تتولد فی المثانه، و کان بذلک سکون العله و انقضاء مرضه، و السبب فی ذلک أن ماده السعال غلیظه طال لبثها و مکثها مجاری الرئه فتحجرت.

فأما ما کان من السعال حدوثه عن سوء مزاج [فمنه ما یکون عن سوء مزاج[1493]] حار، و علامته أن یجد صاحبه حراره فی

التنفس و عطشاً و التذاذ بالاستنشاق الهواء البارد و حمره فی الوجه، و ربما نفثوا شیئاً أصفر [شبیهاً بالزعفران[1494]] أو مراً.

و منه ما یکون عن سوء مزاج بارد، و علامته أن یکون الوجه من صاحبه کمداً و لا یحس بعطش و لا بحراره و یضرهم [الهواء البارد و ینتفعون باستنشاق[1495]] الهواء الحار و الحمام.

[و قد یحدث السعال فی علل کثیره من علل الصدر و الرئه و غیره[1496]] بمنزله ذات الجنب، و ذات الرئه، و نفث الدم و المده، و وجع الکبد و غیر ذلک مما سنذکره. انتهینا إلی ذکر هذه العلل.

و قد یحدث أیضاً السعال فی بعض الأوقات إما من خشونه تعرض للحنجره إما بسبب أطعمه حریفه أو قابظه [أو حامضه[1497]] أو غبار أو من شی ء فی قصبه الرئه، و السعال الذی یکون من ذلک یکون یابساً و قد یکون السعال الیابس من رطوبه غلیظه تلحج فی مجاری الرئه و لا تخرج مع السعال.

و إما من رطوبه رقیقه تتفرق و تنحدر قبل أن تصعد و لا یخرج منها مع السعال[1498]

کامل الصناعه الطبیه ؛ ج 2 ؛ ص411

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 412

شی ء کما ذکرنا آنفاً.

[فی الربو و البهر و عله انتصاب التنفس و ضیق النفس]

و أما العله المعروفه بالربو و البهر و عله انتصاب التنفس و ضیق النفس: فإنها کلها تحدث عن ضیق یحدث فی مجاری الرئه، و ذلک أنه متی کان الضیق فی العروق الضوارب التی فیها؛ حدث عن ذلک الربو و البهر.

و متی کان فی أقسام قصبتها؛ حدث عن ذلک انتصاب التنفس.

و الضیق الذی تحدث عنه هذه العله یکون من خلط بارد غلیظ [لزج[1499]] یلحج فی هذه المجاری، و یستدل علی هذه العله

بالسعال الذی معه مضغی و دغدغه و عظم التنفس و تواتره من غیر حمی بمنزله ما یعرض للذین قد أحضروا احضاراً شدیداً و تعبوا تعباً شدیداً من تواتر النفس، و إذا استلقی صاحب هذه العله [اشتدت هذه الاعراض عیله و اذا انتصب خف ذلک عنه، و یکون مع ذلک صاحب هذه العله[1500]] قلیل النوم، و یکون إخراجه النفس أحب إلیه من استنشاق الهواء.

أما السعال فیحدث لأن الطبیعه تروم إخراج هذا الخلط الغلیظ من مجاری الرئه.

فأما عظم التنفس: فلأن القوّه فی هذه العله لا تکون ضعیفه.

و أما تواتره: فلأن الهواء لا یدخل فیه بمقدار ما یحتاج إلیه لضیق المجاری فتستعمل الطبیعه التواتر لتجتذب من الهواء فی دفعات کثیره بمقدار ما کانت تجذبه [دفعه[1501]] فی زمان واحد.

فأما الانتصاب و الجلوس: فلأن عضل الصدر و أغشیته عند الاستلقاء علی الظهر تقع علی الرئه و تضغط مجاری الهواء فیزداد ضیقاً فلا یمکن العلیل أن یتنفس حتی یستوی جالساً و لذلک سمیت هذه العله [انتصاب التنفس.

و اما ضیق النفس: فأنه عرض عام لجمیع اصحاب هذه العله[1502]] و أکثر العلل

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 413

الحادثه فی آلات التنفس [بعلل السل[1503]] و ذلک أن هذه الأعضاء إذا نالتها آفه نقص فعلها و ضعف.

و ینبغی أن تعلم أن هذه العله متی لم یکن معها سعال فإن أمر صاحبها یؤول إلی الاستسقاء، و قد تحدث هذه العله أعنی: البهر و انتصاب التنفس من قبل الحراره الحادثه من کثره بخار القلب فیملأ الصدر و الرئه.

و العلامات الداله علی ذلک عظم التنفس و النبض و شده التواتر و العطش و المیل إلی استنشاق الهواء أکثر من إخراجه کالذی یعرض من ذلک فی ذات الرئه، و ربما

حدث ضیق النفس من ورم الطحال و النفس عند ذلک یکون منقطعاً.

و قد تعرض هذه العله من استرخاء عضل الصدر و ضعف الحراره الغریزیه و النبض فی أصحاب هذه العله یکون عریضاً لیناً و النفس بطیئاً لا نفخ معه.

فأما ذات الرئه: فإنها ورم حار یعرض للرئه، و هذا الورم ربما کان حدوثه عن ماده دمویه أو صفراویه تنصب إلی الرئه [و ربما کان نزله تنصب من الرأس، و ربما کان بسبب ذبحه و ذات الجنب او غیر ذلک من علل الصدر عند ما تنتقل الماده الی الرئه[1504]] بسبب المجاوره و ذلک عند ما تکون الرئه ضعیفه تقبل ما تنفیه إلیها هذه الأعضاء.

و العلامات[1505] الداله علی هذه العله من الحمی الدائمه الضعیفه و السعال و ضیق النفس الشدید و وجع ثقیل فی مقدم الصدر و حمره الوجنتین و العینین و امتلاء عروقهما و ورم أجفانهما و أن یجد تلهباً فی الوجه و عطشاً شدیداً و جفافاً اللسان و توقاناً إلی استنشاق الهواء البارد.

أما الحمی فبسبب تأدی حراره الورم إلی القلب، و أما السعال فتابع [لحمی[1506]] جمیع العلل العارضه فی آلات التنفس، و کذلک ضیق النفس و لموضع الورم و تضیقه للصدر و الوجع تابع للورم الحار و حمره الوجنتین و العینین فهو من تصاعد البخارات الحاره من الرئه إلی الرأس و الوجه، و إنما صارت حمره

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 414

الوجنتین عرضاً لازماً لذات الرئه لأن الوجنتین لحمیتان متخلخلتان فهما یقبلان البخارات الحاره أکثر من غیرهما من أجزاء الوجه. و أما اللهیب و العطش و یبس اللسان و کل ذلک لحراره القلب و الصدر.

فإذا کانت العله عن ماده صفراویه کانت دلائل الحراره قویه و الحمی صعبه

و جمیع الأعراض التی ذکرناها صعبه، و إن کانت الماده دمویه کانت دلائل الحراره أنقص و النبض من أصحاب هذه العله موجی، و متی آل أمر الورم إلی التقیح حدثت فی وقت تولید الماده حمی صعبه و قشعریره و نافض، فإن کان [التقیح[1507]] من جانب واحد أصاب العلیل ثقل فی ذلک الجانب، و إذا أضطجع إلی الجانب الصحیح خیل له کأن جانبه ثقیل أو أن شیئاً متعلقاً فی جانبه الأعلی، و قد تحدث فی الصدر فی بعض الأوقات أوجاع و آلام من غیر أن یتبع ذلک سعال یدل علی أن العله تمدد من ریح و أنه لم ینل الرئه و الغشاء المستبطن للاضلاع شی ء من الألم.

و أما سائر نفث الدم: فیکون إما من الرئه، أو من سائر آلات التنفس، أو من الأعضاء الباطنه.

[و لما[1508]] کان کلامنا إنما هو فی علل الرئه فقد یضطرنا[1509] الأمر إلی ذکر ما یحتاج من الدم من سائر الأعضاء الباطنه لیکون الکلام فی نفث الدم واحداً منتظماً غیر متشتت لیکون أسهل علی من أراد علم ذلک.

فأقول: إن نفث الدم من الأعراض الردیئه کما قال أبقراط: «خروج الدم من فوق علامه ردیئه، و خروجه من أسفل علامه جیده [لا سیما إذا خرج فیه شی ء أسود[1510]]». فإنما عنی بخروجه من أسفل خروجه من أفواه العروق التی فی المقعده و هی البواسیر، و نفث الدم یکون إما من سبب من خارج، و إما من سبب من داخل.

أما الأسباب التی من خارج: فبمنزله الضربه و السقطه و الصراخ الشدید [و القفزات القویه[1511]] و الوثوب القوی التی تنخرق معها العروق و تنفرز أو تنقطع

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 415

و خروج الدم عن ذلک یکون [کثیراً[1512]] دفعه.

و

أما من داخل: فیکون من تآکل العروق و هذا یکون من النزلات التی تنزل من الرأس إلی الصدر و الرئه إذا کانت الماده حاره مریه أو بلغماً مالحاً و خروج الدم فی هذه الحال أولًا یکون قلیلًا ثم یتزاید حتی یصیر خروجه کثیراً.

و إما من انفتاح[1513] أفواه العروق: فیکون عن الامتلاء، و امتلاؤها یکون: إما من کثره الاخلاط، و إما من دم کان یستفرغ: إما بالطمث، و إما من العروق التی فی المقعده فاحتبس و امتلأت منه العروق امتلاءاً شدیداً فانفتحت.

و ربما کان انفتاح افواه العروق عند التدبیر المسخن المرطب بمنزله الافراط فی استعمال الاستحمام، و ربما کان من سوء مزاج بارد یابس یکثف العروق تکثیفاً شدیداً أو یجمع أجزاءها حتی ینتأ بعضها من بعض فتنفتح کالذی یعرض للطین[1514] [اذا] جف أن یتشقق.

[فی نفث الدم]

و نفث الدم: إما أن یکون من الرأس: و یستدل علیه بالتنخع.

[و اما من الفم: و خروجه بالتبزق و یستدل عله بالبصاق.

و اما من الحلق و الحنجره: فیستدل علیه بالتنحح[1515]].

و إما من المری ء:[1516] و یستدل علیه بالوجع الذی یکون بین الکتفین.

و إما من فم المعده: [و یستدل عله بالوجع الذی یکون فی موضع فم المعده.

و اما من قعر المعده[1517]]

و یستدل علیه بالقی ء و الوجع الخفیف.

و إما من قصبه الرئه: و یستدل علیه بالتنحنح و بسعال یسیر و وجع قلیل فی

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 416

[اللبه (1)].

و إما من الرئه: و یستدل علیه بالسعال الشدید و إن خروجه یکون دفعه من غیر وجع إذا کانت الرئه لا حس لها و یکون خروجه کثیراً و لونه ناصع فیه زبد، کالذی قال أبقراط: فی کتاب الفصول «من قذف دماً زبدیاً فقذفه إیاه من رئته».

و

إما من الصدر: و یستدل علیه بالسعال [الشدید (2)] و أن یکون ما یخرج منه مقداراً یسیراً شبیهاً بالعلق.

و أکثر ما یعرض نفث الدم من الصدر لمن کانت النزلات تسرع إلیه و کان صدره ضیقاً و کان ما ینحدر (3) من رأسه إلی صدره فضول رقیقه حاده (4) تسحج بحدتها و تجرح هذه الأعضاء لأن الصدر الضیق یسرع الانصداع إلی عروقه إذا کانت العروق فیه ضیقه دقیقه.

[فی نفث المدّه]

و أما نفث المده فیکون: إما من ورم حار یعرض للصدر او الرئه (5) إذا صار خراجاً أو لعضل الصدر او للغشاء (6) المستبطن للاضلاع و الحجاب فیصیر منه إلی الرئه [بإنشافها (7)] إیاه لسخافتها و اجتذابها إیاه إلیها کالذی یعرض فی ذات الجنب إذا صار الورم خراجاً أو بعقب نفث الدم أو عقر لم یلتحم و آل أمره إلی التقیح فتخرج الطبیعیه المده بالنفث.

و أما ما کان من ذلک عن ورم حار أو دبیله فینبغی أن تعلم من أمره أن کل ورم یحدث فی هذه المواضع و یئول أمره إلی جمع المده فإن الحمی و النافض و القشعریره[1518] تعرض لصاحبه و ذلک عند تولد المده.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 417

و من هذا الوقت یتوقع الانفجار أعنی [من[1519]] الوقت الذی حم فیه المریض و عرضت النافض.

[فی الانفجار]

و الانفجار [إما أن[1520]] یکون فی الیوم السابع أو فی الیوم العشرین أو فی الیوم الأربعین أو فی الیوم الستین علی ما ذکره أبقراط: فی کتاب تقدمه المعرفه.

و ذلک بحسب بروده الماده و حرارتها و غلظها و لطافتها، لأنه متی کانت الماده حاره المزاج لطیفه الجوهر کان الانفجار فی الیوم السابع، فإن انضاف إلی ذلک أن یکون مزاج العلیل حاراً و

سنه فی منتهی الشباب و الوقت الحاضر صیفاً کان أوکد الدلاله علی الانفجار فی السابع.

و إن کانت الماده حاره [لطیفه[1521]] غلیظه الجوهر کان الانفجار فی الیوم العشرین، و إن کان مع ذلک مزاج العلیل و سنه و الوقت الحاضر متوسطاً فی الحراره کان ذلک أوکد.

فإن کانت الماده متوسطه فی الحراره غلیظه فی الجوهر فینبغی أن یتوقع الانفجار فی الأربعین.

و إن کانت الماده بارده غلیظه کان الانفجار فی الستین لا سیما إذا کان مزاج العلیل بارداً یابساً و السن سن الشیخوخه و الوقت الحاضر شتاء کان ذلک أوکد علی تأخر الانفجار إلی الستین، و إذا قرب الانفجار اشتدت الحمی و الثقل و النافض.

و إن کان الورم و الدبیله فی وسط الصدر کان الالم و الثقل أشد فی مقدم الصدر.

و إن کان الورم من أحد جانبی الصدر کان العلیل إذا اضطجع علی الجانب الصحیح أحس فی الجانب العلیل کأن شیئاً ثقیلًا متعلقاً فیه.

و إن کان الورم فی الجانبین أحس بالالم[1522] و الثقل فی الجانبین و علی أی جانب[1523] اضطجع العلیل وجد الثقل فی الجانب الأعلی.

فإذا انفجر الخراج فربما کان انفجاره إلی فوق [فیخرج[1524]] بالنفث الذی

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 418

یکون بالسعال أو إلی أسفل فتصیر المده إلی المعده و الأمعاء إذا صرفت الطبیعه الماده إلی العرق العظیم المعروف بالاجوف فیصیر منه إلی الکبد فینصرف[1525]، إما إلی المعده و الأمعاء و العروق المعروفه بالجداول، و إما فی المثانه عند ما تصیر المده إلی الکلی فی العرق الأجوف الذی یتمیز فیه البول. و أصحاب هذه العله تعرض لهم حمی دائمه إلا أن ینقوا من المده سریعاً فإنه إن طال الأمر فی نفث المده آل أمر صاحبها إلی السل.

کذلک قال

أبقراط: «من آلت به الحال من ذات الجنب أو ذات الرئه إلی التقیح فإنه إن لم ینق فی أربعین یوماً من الیوم الذی انفجرت فیه المده آل أمره إلی السل» و ذلک لأن المده تأکل جرم الرئه و تعفنها.

و کذلک یفعل نفث الدم إذا آل الأمر بصاحبه إلی نفث المده لا محاله و أکثر ما یعرض السل لمن کان سنه ما بین[1526] ثمان عشره سنه إلی خمس و ثلاثین سنه و ذلک لغلبه الحراره علی مزاج هذا السن، و لأن أعضاءهم لینه و الرئه منهم ألین فالمده تأکلها بسهوله و سرعه.

و یعرض أیضاً أکثر ذلک لمن کان بدنه مستعداً لحدوث هذه العله و هو من کان بدنه نحیفاً و حنجرته ناتئه و صدره ضیق و کتفاه منشالتان بارزتان إلی خلف.

و من کان النزلات الحاده تسرع إلیه فإن من کان صدره ضیقاً فإن العروق التی فیه یسرع إلیها الانصداع لضیق الصدر منه و ضعفه.

و أما النزلات الحاده فلأنها [تخرج[1527]] و تقطع الرئه بحدتها، و ینبغی أن تعلم أن هذه العله تعدی [بالمجالسه[1528]] و تتوارث عن الآباء و الاجداد.

[فی العلامات الداله علی السل]

و العلامات الداله علی السل هی حمی لازمه ساکنه هادئه بالنهار و تقوی باللیل، و کذلک یعرض لها بعد تناول الغذاء فإنه یعرض لهذه الحراره فی هذا

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 419

الوقت کما یعرض للنوره إذا رش علیها الماء من ثوران الحراره.

قد یعرض لأصحاب هذه العله إن یعرقوا عرقاً کثیراً و تغور أعینهم و تحمر وجناتهم و تتعقف أظفار أناملهم و تسخن أطراف أناملهم و یحدث فی القدمین منهم أورام رخوه و تقل شهوتهم للطعام.

و بالجمله فإن علامات الدق التی ذکرناها تکون فیهم بینه أما

غور أعینهم فیعرض ذلک بسبب ذوبان رطوبات العین و جفافها، و أما احمرار الوجنه فبسبب تراقی البخارات الحاره من الرئه إلی الوجنه، و أما تعقف الأظفار فبسبب ذوبان اللحم الذی یشدها و یدعمها، و أما سخونه الأطراف و الأصابع فلتشبث الحراره بالأعضاء الأصلیه التی هی العظام و غیرها فإن الأصابع یغلب علیها العظام، و أما ورم القدمین فبسبب بعدهما من معدن الحراره الغریزیه و القوّه الحیوانیه فهما لذلک[1529] یموتان و یعرض فیهما من الورم ما یعرض فی أبدان الموتی من الانتفاخ، و أما انقطاع الشهوه فلضعف القوّه الغاذیه.

فبهذه العلامات یستدل علی السل.

[تمیز المدّه من البلغم]

و ربما تشکک الطبیب فیما ینفث العلیل هل هو مده أو بلغم فینبغی أن یلقی النفث فی الماء و یصبر علیه ساعه أو أکثر فإن رسب إلی أسفل فإنه مده و إن طفا إلی فوق فإنه بلغم.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 420

الباب الحادی و العشرون فی العلل الحادثه فی عضل الصدر و الغشاء المستبطن للأضلاع و أسبابها و علاماتها

أما العلل الحادثه فی الغشاء المستبطن للاضلاع، و عضل الصدر، و أصناف الأورام و الجراحات و الدبیلات.

فإن حدث الورم فی الغشاء المستبطن للأضلاع قیل له ذات الجنب، و متی حدث فی عضل الصدر قیل له وجع الجنب[1530].

[فی ذات الجنب]

أما ذات الجنب: فهی ورم حار یعرض للغشاء المستبطن للاضلاع، و الأعراض اللازمه لهذه العله المستدل بها علیه هی الحمی اللازمه التی لا تفارق منذ أول الأمر إلی وقت المنتهی، و السعال الذی لا نفث معه فی أول الأمر، و ضیق النفس، و الوجع الناخس، و إذا کانت العله صعبه فإن الوجع یأخذ من ناحیه الأضلاع صاعداً إلی ناحیه الترقوه فی الجانب الذی فیه الورم، و ربما نزل إلی أسفل إلی ناحیه الکبد.

أما کون الحمی فلموضع وصول الحراره إلی القلب لقرب

موضعه من العضو العلیل. و أما السعال فلحرکه القوه الدافعه لدفع الفضل[1531] المؤذی، و أما ضیق النفس فلضغط الورم لمجاری التنفس، و أما النخس فلکون الورم فی الغشاء، و أما

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 421

صعود الوجع إلی ناحیه الترقوه فلجذب الغشاء المستبطن للأضلاع إلی الترقوه إلی أسفل لأن الورم إذا کان فی الأجزاء العالیه من الغشاء فإن هذه الأشیاء إذا ورمت اشترکت معها فی وجع الترقوه و الثدی و الساعد، و أما نزول الوجع إلی المواضع السفلانیه [فلأن الورم یکون فی الاجزاء السفلی[1532]] من أجزاء الغشاء فإن هذه المواضع ورمت اشترکت معها فی الوجع المواضع التی دون الشراسیف، فاعلم ذلک.

و أما ذات الجنب فإذا کان معها نفث فی اول الأمر تکون سلیمه قصیره المده[1533]، و ذلک أنه متی بدأ النفث فی الیوم الرابع کان البحران فی الیوم السابع و الحادی عشر[1534] و أقصاء الرابع عشر. و إن تأخر النفث إلی الثامن تطاول المرض و تأخر البحران إلی الیوم الثلاثین و ما بعده.

و قد یستدل بالنفث علی نوع الورم و ذلک أنه إن کان النفث أحمر مشبع الحمره دل ذلک علی أن الورم دموی، و إن کان أصفر أو أحمر ناصعاً أو یضرب إلی الصفره دل ذلک علی أن الورم صفراوی، و إن کان لونه أبیض زبدیاً دل علی أن الورم بلغمی، و إن کان أسود أو کمداً دل علی أن الورم سوداوی.

و هذان الورمان أعنی البلغمی و السوداوی قلما یحدثان فی الغشاء المستبطن للاضلاع لغلظهما، و لأن هذا الغشاء ضیق لا یقبل إلا ماده لطیفه لأنها أسهل نفوذاً فی أجزائه من الماده الغلیظه و الدم و المره الصفراء هما ألطف و الورم الحادث عنهما کثیراً

ما یحدث فی هذا الغشاء و لذلک قال أبقراط فی کتاب الفصول: «إن أصحاب الجشاء الحامض لا یکاد یصیبهم ذات الجنب».

و ذلک أن الجشاء الحامض إما أن یکون من خلط بلغمی یغلب علی بدن الإنسان، أو یکثر فی معدته، و البلغم غلیظ لزج لا یقبله الغشاء المستبطن للاضلاع یعنی: أنه لا ینفذ فی جرمه فلذلک لا یکاد یعتری أصحاب هذا العرض ذات الجنب إلا أنه یتفق [فی بدنهم[1535]] لهم فی الندره أن یجتمع لهم خلط مراری أو یخالطه المرار فینصب إلی الغشاء فیحدث عنه الورم، فاعلم ذلک.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 422

[فی وجع الجنب]

و أما وجع الجنب: فهو ورم یحدث فی عضل الصدر، و منه ما یحدث فی العضل الذی داخل الصدر و هو العضل الذی فیما بین الاضلاع، و یستدل علیه بالحمی و الالم و الضربان الذی یکون فی الجانب الذی فیه العله من غیر نخس لا سیما وقت التنفس، و لا یکون معه سعال و لا نفث، فإن کان سعال کان خفیفاً بلا نفث، و إن کان الضربان یشتد فی وقت استنشاق الهواء دل علی أن العله فی العضل الذی یبسط الصدر فإن کان یشتد فی وقت خروج الهواء دل علی أن العله فی العضل الذی یقبض الصدر، و من الورم ما یحدث فی العضل الخارج من الصدر و یستدل علیه باللمس لأن الورم یکون له رأس محدود.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 423

الباب الثانی و العشرون فی العلل الحادثه فی الحجاب و أسبابها و علاماتها

فأما العلل الحادثه فی الحجاب: فمنها ما یخصه، و منها ما یحدث فیه بالمشارکه لغیره فی العله.

أما العله التی تخصه: فهی ما تعرض له من سوء المزاج و أصناف الأورام بمنزله ما یعرض له من العله المعروفه بالبرسام و هی

ورم یحدث فی الحجاب و یتبع ذلک أختلاط[1536] الذهن لما یتأدی منه[1537] من الضرر إلی الدماغ بالمشارکه.

و أما العله التی تحدث بالمشارکه لغیره: إما أن یکون ذلک من قبل الدماغ، و إما من قبل الکبد.

أما من قبل الدماغ: فبمنزله ما یعرض له من العله إذا حدث فی الدماغ ورم حار و یتبع ذلک اختلاط الذهن.

و الفرق بین اختلاط الذهن العارض بسبب الحجاب نفسه و بین الاختلاط العارض من قبل الدماغ أن الأعراض التی تحدث من قبل اختلاط الذهن بمنزله السهر و النسیان و الدموع و الرمص و لقط التبن من الحیطان و نتف زبیر[1538] الثیاب، و جفاف الفم لا یظهر أولًا فی عله الحجاب لکن بعد أن تقوی العله، و یعرض له فی أول الأمر فی العینین حمره و انجذاب المراق إلی فوق و عسر النفس.

و أما من قبل الکبد: إذا حدثت فیه عله بمنزله ما یعرض فی ورم الکبد من

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 424

السعال و ضیق النفس للمشارکه التی بین حدبه الکبد و الحجاب من اوسطها[1539] بها، و به یستدل علی ذلک و بما یجده العلیل من الثقل و الوجع من الجانب الأیمن من موضع الشراسیف، و اللّه أعلم.

الباب الثالث و العشرون فی علل القلب و أسبابه و علاماته

أما العلل التی تحدث فی القلب: فمنها ما یخص القلب و هو[1540] ما یعرض [له[1541]] من الالم، و الخفقان، و منها ما یحدث بمشارکته لعضو آخر فی العله و هو الغشی.

[فی وجع القلب]

أما وجع القلب فیکون: إما من سوء مزاج، و إما من مرض آلی، و إما من تفرق الاتصال.

و سوء المزاج یکون: إما حاراً و یستدل علیه بعظم النبض، و إما بارداً و یستدل علیه بصغر النبض، و إما رطباً و یستدل علیه

بلین النبض، و إما یابساً و یستدل علیه بصلابه النبض.

و إن کان سوء المزاج مرکباً کان النبض مع ذلک مرکباً، و أردأ أصناف سوء المزاج العارض للقلب المزاج الیابس و الحار [الیابس[1542]] لأن ذلک یعرض منه

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 425

الدق سریعاً، و من بعد ذلک سوء المزاج المختلف العارض منه الغشی.

و أما المرض الآلی فیکون: إما من ورم دموی، و إما من ورم صفراوی یعرض للقلب أو لغلافه المحیط به، و من[1543] عرض له ذلک فإنه لا یعیش کثیراً بل یموت سریعاً و یستدل علی ذلک بالالتهاب و الثقل و التمدد.

و أما تفرق الاتصال: فبمنزله الجراحه النافذه من الصدر إلیه، و متی وصلت الطعنه[1544] إلی أحد تجویفاته لا سیما تجویفه الأیسر مات الإنسان لساعته، و إن لم یصل إلی شی ء من تجویفه مات الإنسان بعد قلیل، و کذلک جمیع الأسباب المحدثه لألم القلب من الأورام و غیرها لا یعیش صاحبها إلا بمقدار قوه الآفه و ضعفها.

[فی الخفقان]

و أما الخفقان: فیکون إما من رطوبه مائیه تکون محتقنه فی غشاء القلب، و علامته أن یحس صاحبه کأن قلبه یترجرج لأنه لا یمکنه أن ینبسط و ینقبض بسبب الرطوبه، و إما من ورم یعرض له فإن کان الورم حاراً مات الإنسان و إن کان صلباً تبعه الغشی و مات بالغشی، و إما من رطوبه دمویه [تعرض[1545]] بمنزله ما یعرض للرجل الشاب الذی ذکر جالیونس أنه کان یعرض له اختلاج القلب فی کل سنه فعالجه بالفصد ثلاث سنین متوالیه فکان یبرأ من الاختلاج فلما کان فی السنه الرابعه قبل حدوث العله استعمل الفصد فلم یحدث به الاختلاج فی تلک[1546] السنه و کان کل سنه یبادر إلی استعمال الفصد

قبل حدوث العله فلم یعاوده الاختلاج بعد ذلک، و قد یحدث الخفقان من قبل بخارات سوداویه تتراقی إلی القلب.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 426

[فی الغشی]

و أما الغشی: فهو انحلال القوّه الحیوانیه دفعه، و انحلال هذه القوّه یکون: إما من الامتلاء الذی یثقل القوّه و یضغطها بمنزله ما یعرض فی الغشی الحادث عن امتلاء العروق من الاخلاط، و امتلاء المعده من الطعام کالذی یعرض فی التخم، و بمنزله ما یعرض من ذلک فی امتلاء الدماغ کالذی یعرض فی السکته. و إما من الاستفراغ المفرط الذی یحل القوّه و یفشها[1547] بمنزله ما یحدث فی ذلک من استطلاق البطن و شرب الدواء و العرق المفرط، و خروج الدم بالفصد و الرعاف، و النزف الذی یعرض للنساء بالطمث، و نقاء النفاس من بعد الولاده و خروج المده من الجراح، و الامساک عن الطعام و التعب الشدید و نحو ذلک من أنواع الاستفراغات إذا کانت بافراط حتی تستفرغ مع الشی ء الردی ء الذی لا حاجه بالطبیعه [إلا إلی[1548]] الشی ء الجید النافع.

و أما سوء المزاج الحار: فبمنزله ما یعرض فی الحمیات او البارد[1549] بمنزله ما یعرض فی عله فم المعده التی یقال لها: بولیمیس[1550] و غیر ذلک من أنواع سوء المزاج اذا تغیر دفعه.

و أما الوجع الشدید: فإنه یحلل القوّه و یستفرغ الروح بمنزله الوجع الذی یکون فی فم المعده و فی وجع القولنج و فی [وجع[1551]] المفاصل و الجراحات التی تقع فیها و فی العصب أو رؤوس العضل أو غیر ذلک من العلل التی تحدث عنها الأوجاع الشدیده.

و قد یحدث الغشی أیضاً فی اختناق الرحم عند ما ترتفع بخارات بارده من الرحم إلی القلب.

و ربما حدث الغشی عن فساد جوهر العضو

[وموبه[1552]] عند ما یتأدی منه بخارات بارده إلی القلب [فیحدث عشیاً.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 427

و یحدث الغشی ایضا من ورم یعرض القلب[1553]] و یقال لذلک الغشی القلبی، و هذا النوع یحدث عنه موت الفجأه.

و قد یعرض الغشی أیضاً فی ابتداء [نوائب[1554]] الحمیات إما بسبب الوجع الذی یحدث من الحراره، و إما بسبب انصباب الخلط العفن و فی وقت نوبه الحمی إلی المعده فتثقل القوّه الحیوانیه، و إما أن یکون بصاحب الحمی ورم فی بعض أعضائه الجلیله الخطره فإذا انصب الخلط فی ذلک الوقت إلی ناحیه الورم زاد فیه و اشتد وجعه فیحدث غشیاً، و إما أن یکون بصاحب الحمی ضعف فی فم معدته فیقبل ما ینصب إلیه من الاخلاط فإن کانت الاخلاط غلیظه اثقلت القوّه و ضغطتها و أحدثت الغشی، و إن کانت ردیئه المزاج و حدث عنها وجع و تبع ذلک غشی.

و قد یحدث الغشی من عوارض النفس إما من فزع فلدخول الحراره الغریزیه و القوّه الحیوانیه إلی قعر البدن دفعه، و إما من غضب فبسبب خروج الحراره و تبددها، فهذه أسباب الغشی.

و أما علامات الغشی: فهی برد الأطراف و ضعف النفس و برده و صغر النبض و ضعفه و صفره اللون، و إذا صیح بالمغشی علیه لم یسمع سماعاً جیداً لکن یسمع کأنه فی مکان بعید أو من وراء جدار.

فهذه أصناف العلل التی تحدث فی القلب فی جمیع آلات التنفس، فاعلم ذلک.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 428

الباب الرابع و العشرون فی العلل الحادثه فی آلات الغذاء و أسبابها و علاماتها

و أولًا فی العلل العارضه فی فم المعده

فأما العلل التی تحدث فی آلات الغذاء: فمنها ما یحدث فی المری ء، [و منها ما یحدث فی المعده[1555]]، و منها ما یحدث فی الأمعاء، و منها ما یحدث

فی الکبد، و منها ما یحدث فی الطحال، و منها ما یحدث فی المراره، و منها ما یحدث فی الکلی، و منها ما یحدث فی المثانه.

[فی علل المری ء]

أما العلل التی تحدث فی المری ء: فمنها ما یحدث فی جرمه، و منها ما یحدث فی مجراه الذی ینفذ فیه الغذاء إلی المعده.

[فی ضعف القوّه الجاذبه]

أما ما یحدث فی جرمه: و هو ضعف القوّه الجاذبه التی بها یجتذب الغذاء من الفم و یورده إلی المعده و ضعف القوّه التی بها یکون القی ء.

و هذه القوی تضعف: إما بسبب سوء مزاج، و إما بسبب مرض آلی، و إما بسبب تفرق الاتصال، و إما بسبب آفه تنال العضل الذی یقوم بفعله.

أما من سوء مزاج فیکون: إما حاراً و یستدل علیه [بالعطش و الانتفاع بشرب

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 429

البارد، و اما باردا و یستدل عله[1556]] بخلاف ذلک أعنی: قله العطش و الانتفاع بشرب [الماء[1557]] الحار، و إما رطباً و یستدل علیه برطوبه الفم و کثره التبزق، و إما یابساً و یستدل علیه بجفاف الفم.

و أما الأمراض الآلیه: فبمنزله الورم الحار و یستدل علیه بالحمی و العطش الشدید و الوجع الشدید الذی یصیب العلیل بین الکتفین، أو الورم البارد و یستدل علیه بالثقل من غیر وجع.

و أما تفرق الاتصال: فیتبعه قی ء الدم و الوجع الذی بین الکتفین، فما کان منه بالطول أحدث نقصاناً [فی الجذب، و ما کان فیه بالعرض احدث نقصانا بالدفع للقی ء[1558]][1559] فهذه أصناف العلل الحادثه فی المری ء.

[فی السده التی تحدث فی المری ء]

فأما ما یحدث فی مجراه فهی السده و السده تحدث إما من ورم یحدث فیه من داخل فیسده، و إما یحدث فی العضل الذی یقوم بفعله من خارج

فیضغط المجری[1560] و یسده.

و علامات الورم إذا کان حاراً هو الوجع و الحمی و العطش الشدید، و إذا [تقیح[1561]] الورم اشتدت الحمی و عرض لصاحبه نافض و قشعریره، و إن کان الورم بارداً حدث عنه ثقل فی الموضع و تمدد و أکثر الدلائل علی السده التی تحدث فی المری ء هو امتناع نفوذ الغذاء إلی المعده[1562].

[فی علل المعده]

و أما العلل التی تحدث فی المعده:[1563] فمنها ما یحدث فی فمها، و منها ما

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 430

یحدث فی قعرها.

[فی فم المعده]

فأما ما یحدث فی فم المعده من العلل و الألم فصعب شدید لأنه فی عضو قوی الحس یؤلم من أدنی سبب ألما شدیداً حتی أنه ربما أدی ذلک إلی التلف لمجاورته للقلب و مشارکته للدماغ.

و الأوجاع العارضه لفم المعده.

منها ما هو عام له و لسائر الأعضاء و هو سوء المزاج و الأورام و تفرق الاتصال.

و منها ما یشارک فیها غیره من الأعضاء بمنزله الدماغ و القلب.

إما بمشارکته للدماغ: فبمنزله الارق و ذهاب العلل فی الحمیات و الوسواس و الأحلام الردیئه و الصرع و التشنج و السبات.

و قد ذکر جالینوس: [فی کتابه[1564]] [فی حیله البرء[1565]] «أنه [رای من عرض له من الحمی تشنج بغته من غیر أن تظهر فیهم علامات التشنج[1566]] من عرض له بعد ذلک قی ء مراری فسکن عنه ذلک التشنج علی المکان» و قد یعرض لمن یکثر من الأطعمه الردیئه من أعراض ردیئه بمنزله التثاؤب و الفواق، و إذا تقیئوا ما کان فی معدهم من ذلک الخلط سکن عنهم ما کانوا یجدونه.

و أما بمشارکه القلب: فبمنزله الغشی و الخفقان و غیر ذلک.

و منها ما هو خاص بفم المعده و هو فساد الشهوه و الشهوه الکلبیه

و العله المعروفه بیتمولیموس[1567] و بطلان الشهوه و وجع الفؤاد و العطش و طفو الطعام علی فم المعده.

و أما ما یعرض [لفم[1568]] المعده من سوء مزاج فإنه متی کان حاراً أحدث عطشاً و حراره یجدها العلیل فی موضع فم المعده و استلذاذه بشرب الماء البارد

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 431

و الأشیاء البارده بالفعل[1569] إذا وضعت من خارج، فإن کان مع ذلک ماده صفراویه عرض معه[1570] غثیان و مراره فی الفم و غشی و متی کان سوء المزاج بارداً فإن صاحبه یکون قلیل العطش و ینتفع بوضع الأشیاء الحاره بالفعل من خارج علی فم المعده و یتناول الأشیاء الحاره الحریفه، و إن کان مع ذلک ماده سوداویه أو بلغمیه فإن العلیل یجد فی فمه طعم الحموضه.

و إذا أردت أن تفرق بین ما یعرض لفم المعده من سوء المزاج المفرد و بین ما یعرض له من سوء مزاج مع ماده فانظر إلی ما یبرز من البدن بالقی ء بعد تناول الإنسان غذاءً محموداً فإن کان مختلطاً ببعض الکیموسات فإن سوء المزاج مع ماده، [و إن لم یشبه شی ء من الاخلاط فإن سوء المزاج مفرد بغیر ماده[1571]]، و البول أیضاً یدل علی ذلک فإنه متی کان بول الإنسان بعد تناول الغذاء المعتدل و شرب الماء المعتدل ثخیناً غلیضاً دل ذلک علی أن سوء المزاج مع ماده و إن کان رقیقاً صافیاً دل ذلک علی سوء مزاج مفرد بغیر ماده.

و أما المزاج الرطب و الیابس فلا یکاد یحدث عنهما ألم إلا طالت المده بهما فإنهما یحدثان أعراضاً ردیئه فیحدث عن سوء المزاج الرطب الاستسقاء، و عن سوء المزاج الیابس الذبول و هی العله المعروفه بالشیخوخه.

و أما ما یعرض فی فم

المعده من الأورام فإنه: إما أن یعرض فیه الورم الحار و یستدل علیه بالحمی و الضربان و الثقل و العطش و الکرب و الغثیان و الغلظ الذی یکون تحت الملمس فی موضع فم المعده مع حراره، فإذا نضج هذا الورم و صار خراجاً کان الضربان أشد و الحمی أقوی و انضاف إلی ذلک القشعریره و النافض لأن هذین العرضین یحدثان بسبب حده الماده[1572] و لذعها لفم المعده، و إذا انفتح الخراج و خرجت المده استفرغت بالقی ء، و إما أن یعرض فیه الورم البارد و یستدل علیه بالثقل و الغلظ فی موضع فم المعده من غیر حراره و لا عطش.

و أما تفرق الاتصال: فحدوثه یکون کما یحدث فی المری ء و یستدل علیه بتلک الدلائل.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 432

[فی فساد الشهوه]

فأما فساد الشهوه فیکون: إما بزیاده فیها، و إما بالنقصان منها أو بطلانها.

و الزیاده تکون: إما فی کیفیه الأطعمه بمنزله ما یعرض للنساء الحوامل و یقال: لذلک الوحم، و إما فی کمیتها و یقال: له الجوع، و إن کان ذلک مفرطاً قیل له الجوع الکلبی و الشهوه الکلبیه.

و أما النقصان فهو نقصان الشهوه و ذهابها بمنزله العله التی یقال لها فولیموس[1573].

[فی الوحم]

فإما الوحم: فهو شهوه الأطعمه الردیئه الکیفیه، و حدوثه یکون: إما من خلط ردی ء الکیفیه یحتقن فی فم المعده فیشتهی الإنسان الأطعمه الحامضه أو المالحه أو القابضه أو الحریفه، و ربما اشتهی أکل الطین و الجص و الفحم و الخزف و غیر ذلک من الأشیاء الردیئه الکیفیه بمنزله ما یعرض للحوامل عند ما یجتمع فی معدهن فضل ما یغتذی به الجنین من دم الطمث، و ذلک أن دم الطمث هو فضل فی بدن المرأه أعدته

الطبیعه لیکون غذاء للجنین فإن کان فی وقت الحمل احتبس ذلک و لم یخرج فی وقت تطمث المرأه و یصیر أجود شی ء فیه و أنفعه غذاء للجنین، و ما هو دون ذلک فی المنفعه و الجوده یرتفع إلی الثدیین و یصیر لبناً، و ما کان منه ردیئاً[1574] فإنه یبقی فی بدن المرأه فیصیر بعضه إلی فم المعده فیحدث الشهوات الردیئه، و هذا ربما یعرض للمرأه فی الشهر الأول و الثانی و الثالث و ینقطع فی الشهر الرابع، و ذلک لأن الجنین ما دام صغیراً فإنه یتغذی من هذا الدم القلیل[1575] و یبقی منه الکثیر، و أما إذا کبر الجنین فإنه یحتاج إلی غذاء کثیر فیغتذی بأکثر من ذلک الدم و لا تحدث للمرأه هذه الشهوات لأن الدم قد انصرف أکثره فی غذاء الجنین.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 433

و أما الزیاده فی شهوه الطعام و هو الجوع الفرط فیکون من سوء مزاج بارد یعرض لفم المعده یستدل علیه بما یتبع ذلک من الجشاء الحامض.

[فی الجوع الکلبی]

و أما الإفراط فی الشهوه و هو الجوع الکلبی الذی لا یشبع صاحبه فحدوثه یکون: إما من خلط حامض یحتقن فی فم المعده فیما بین أجزاء جرمها، و یستدل علیه بالجشاء الحامض و بنقصان شهوه شرب ماء و البراز الکثیر الرطب.

[و اما[1576]] من استفراغ کثیر یعرض فی جمیع البدن فتشتاق الأعضاء إلی أن تخلف مکان ما قد استفرغ منها[1577] بمنزله ما یعرض فی عقب الحمیات التی یکون انقضاؤها بالاستفراغ، و یستدل علی ذلک بما تقدمه من الاستفراغ و ذلک أن الأعضاء إذا خلت من الغذاء اجتذبت ما فی العروق، و إذا خلت العروق اجتذبت الغذاء من الکبد، و إذا خلت الکبد

اجتذبت من الماساریقا، و إذا خلت الماساریقا اجتذبت ما فی الأمعاء الدقاق، و إذا خلت الأمعاء الدقاق اجتذبت ما فی المعده فیحدث حینئذ الجوع، و یستدل علی ذلک بما تقدمه من الاستفراغ.

و الدلیل علی هذه العله شده الجوع و قله الصبر علیه و السرف فی الأکل حتی یثقل علی المعده فتدفعه إما بالقی ء و إما بالبراز، و الفرق بین ما یحدث من هذه العله عن الاستفراغ و ما یحدث عن خلط حامض أن الذی یحدث عن الاستفراغ یکون معه انحلال الطبیعه.

[فی سقوط الشهوه]

أما سقوط الشهوه فیکون: إما من سوء مزاج حار یرخی فم المعده و یحل ما فیه، و یستدل علیه بما یعرض من الجشاء الدخانی و الذی یشبه رائحه الحماه و العطش و التبرم بالاغذیه و الاستراحه إلی شرب الماء البارد و وضع الأشیاء البارده بالفعل علی فم المعده.

و إما من خلط مراری أو مالح، و یستدل علیه بما یعرض لفم المعده من اللذع

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 434

و الغثیان و القی ء و شده التوقان إلی شرب الماء [البارد[1578]] و مراره الفم أو ملوحته و ذلک لأن الخلط المراری و المالح[1579] یحدثان العطش و شده شهوه الشراب و ینقصان من شهوه الطعام.

و ربما حدث نقصان الشهوه عن خلط [غلیظ[1580]] لزج یلطخ فم المعده و یملأه و لیس یتبع ذلک لذع و لا عطش.

و ربما حدثت قله الشهوه من خلط عفن [فی فم[1581]] المعده فیحدث عن ذلک قله الشهوه للغذاء و شبیه بالقبض و المغص علی فم المعده.

و قد یحدث بطلان الشهوه عند ما تعرض للعصب الذی یأتی فم المعده آفه تبطل حسه، و یستدل علی ذلک بما یکون معه من علل الدماغ بمنزله اختلاط

الذهن.

[فی الجوع المفرط مع بطلان الشهوه]

فأما العله المسماه بولیمس[1582] و هو الجوع المفرط مع بطلان الشهوه، فحدوثها یکون من إفراط سوء مزاج بارد علی فم المعده و نقصان الغذاء و ضعف القوّه، و یستدل علی هذه العله بما یجد الإنسان باللمس موضع فم المعده بارد أو سقوط الشهوه و الامتناع عن الغذاء و الوجع و الغشی العارضین مع ذلک، و هلاس الجسم، و الالم[1583] العارض فی هذه العله لیس هو عرض لفم المعده لکن لقوه شهوه سائر الأعضاء.

و الفرق بین هذه العله و بین الشهوه الکلبیه [أن فولیمس یبطل فیها الشهوه و یعف القوه و یهزل الجسم، و فی الشهوه الکلبیه[1584]] القوّه الشهوانیه قویه و الأعضاء، ممتلئه.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 435

[فی الوجع العارض فی الفؤاد[1585]]

فأما العله المسماه وجع الفؤاد فهی: وجع یعرض لفم المعده و یسمیه الأطباء و غیرهم وجع الفؤاد لقرب هذا العضو من موضع القلب بالمجاوره.

و حدوث هذه العله یکون: إما من سوء مزاج حار، و یستدل علیه بکون العله و الالم عند وضع الأشیاء البارده بالفعل من خارج علی موضع فم المعده و بتناول الأشیاء البارده بالقوّه.

و إما من خلط مراری ینصب إلی فم المعده، و یستدل علیه بما یعرض مع ذلک من الغشی الشدید و برد الأطراف.

و هذه العله صعبه شدیده و ربما هلک صاحبها من شده الوجع لقوه حس هذا العضو و قربه من موضع القلب.

و قد ینصب المرار أحیاناً إلی فم المعده عند الأوجاع الشدیده و الغم الشدید و عند الإبطاء عن تناول الغذاء فیحدث عن ذلک ألم شدید حتی أنه ربما جلب ذلک الموت، و کل ذلک لذکاء حس فم المعده و قربه من موضع القلب.

و ربما

انصب إلی فم المعده بلغم عفن فأحدث لصاحبه کرباً و قلقاً کما یحدث عن الخلط المراری.

و أما طفو الطعام علی فم المعده: فیکون من ضعف القوّه الدافعه للغذاء، و علامته أن یحس صاحبها قبل تناول الغذاء بثقل فی فم المعده و أذی بما اغتذی به.

[فی العطش المفرط]

و أما العطش المفرط و شرب الماء الکثیر فیکون: إما من حراره فم المعده و إما من یبسها، و إما من حرارتها و یبسها معاً، و إما من خلط مالح یجتمع فی طبقاتها أو فی الأمعاء الدقاق أو فی المعا الماساریقا، أو من حراره الکبد، و قد یکون العطش من حراره الصدر و الرئه.

و الفرق بین ما یحدث من العطش من حراره الصدر و الرئه و بین ما یحدث

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 436

من قبل المعده و الأمعاء و الکبد أن العطش الذی یکون من قبل الصدر و الرئه یسکنه استنشاق الهواء البارد و ما کان من قبل المعده و غیرها لا یسکنه إلا شرب الماء البارد، و ذکر جالینوس: «أن قوماً عرض لهم عطش شدید فلم یسکن بشرب الماء البارد و لا باستنشاق الهواء فماتوا عطشاً، و ذلک أن منهم من أکل أفاعی معطشه، و منهم من شرب خمراً قد وقعت فیه أفاعی و منهم من شرب خمراً عتیقاً فسخن معدته إسخاناً شدیداً، و منهم من کان راکباً البحر فعدم الماء العذب و شرب ماء البحر فغلب علیه الیبس فمات عطشاً، و منهم من شرب ماء البحر فلانت طبیعته و استفراغ رطوبات بدنه».

و أما الأورام العارضه فی فم المعده: فتکون بعضها حاره، و یستدل علیها بالضربان و الثقل و الحمی و العطش و الکرب و الغثیان و الغلظ

الذی یکون تحت اللمس مع حراره فی موضع فم المعده، و إذا انفتح[1586] هذا الورم و صار خراجاً کان الضربان أشد و الحمی أقوی و انضاف إلی ذلک القشعریره و النافض و ذلک أن هذین العرضین یحدثان بسبب حده الماده و تلذیعها العضو، و إذا انفجر استفرغت المده بالقی ء و إما ورم بارد، و یستدل علیه بالغلظ من غیر حراره و لا عطش و لکن بثقل.

و أما تفرق الاتصال العارض لفم المعده: فحدوثه یکون علی قیاس ما یحدث فی المری ء، و یستدل علیه بمثل تلک الدلائل إلا أن الألم یکون فی هذا فی موضع فم المعده.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 437

الباب الخامس و العشرون فی العلل العارضه فی قعر المعده و أسبابها و علاماتها

فأما العلل العارضه فی قعر المعده: فهی سوء الاستمراء، و التخم، و الهیضه، و الذرب، و العله المعروفه بزلق الأمعاء، و القی ء، و الفواق، و النفخ، و الجشاء [الحامض[1587]]، و الدم و اللبن الجامدین فی المعده.

أما سوء الاستمراء و التخمه العارضه عنه و هی بطلان الهظم فحدوث هذه الأشیاء تکون إذا ضعفت المعده عن الهظم و ذلک أن المعده إذ لم ینحدر عنها الطعام بسرعه قیل لذلک: إبطاء الهظم، و إن لم ینهظم الطعام إنهضاماً تاماً و کان[1588] انهضامه انهضاماً ردیئاً و تغیر إلی بعض الکیفیات الردیئه قیل لذلک: سوء الهظم، و متی لم ینهظم و لم ینحدر و فسد فیها قیل لذلک: التخمه، و یقال للذین تعرض لهم هذه الأعراض کثیراً: ممعودین[1589].

و جمیع هذه العلل تحدث عن أسباب واحده إلا أن إبطاء الهظم یکون إذا کانت الأسباب ضعیفه، و التخمه تحدث إذا کانت الأسباب قویه، و سوء الهظم یحدث إذا کانت الأسباب متوسطه.

و هذه الأسباب تکون: إما من داخل، و إما من خارج.

فأما

الأسباب التی من داخل فهی سوء مزاج المعده و الاخلاط المحتقنه فیها و الأورام.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 438

و تفرق الاتصال: إما من سوء المزاج فیکون.

إما حاراً فیفسد الأطعمه فی المعده و یمیلها إلی بعض الأنواع الردیئه العفنه لأن الحراره القویه فی المعده تعفن الأغذیه و یستدل علیها بالجشاء الدخانی و سهوکه الریق الشبیه برائحه الحمأه أو برائحه السمک و هظم الأطعمه البارده العسره الإنهضام و العطش. و یعرض مع ذلک وجع و یسکن عند استعمال الأشیاء المبرده بالفعل و بالقوّه.

و أما أن یکون سوء المزاج بارداً و یستدل علیه بما یحدث لصاحبه من الجشاء الحامض و قله العطش و الانتفاع بالأطعمه الحاره، و یحدث مع ذلک وجع یسکنه استعمال الأشیاء المسخنه بالقوّه و الفعل فإن کان البرد مفرطاً لم یتغیر الغذاء فی المعده البته و لم یحدث الجشاء الحامض لأن البرد المفرط لا یتغیر عنه الغذاء.

و إما یابساً أو رطباً، [و یستدل علیه[1590]] بأنهما لا یعوقان الهظم بل ینقصان منه فی أول الأمر و لا یحدثان ألماً إلا أنهما یحدثان حالهً أخری ردیئه علی طول المده و ذلک أن المزاج الیابس إذا غلب علی المعده و أفرط حدث عنه المرض المسمی افطیقوس[1591] و هو الدق، لا سیما إذا انضافت إلی الیبس الحراره فإن هذا المرض أعنی الدق حینئذ یعم سائر البدن فیحدث عنه الهلاس و الذبول.

و أما المزاج الرطب إذا غلب علی المعده فإنه یحدث عنه الاستسقاء لانقلابها[1592] الغذاء إلی الرطوبه لا سیما إذا انضافت إلی الرطوبه البروده فإن ذلک یکون أقوی فی حدوث الاستسقاء.

و نحن نبین کیف یکون حدوث الاستسقاء عن سوء مزاج المعده فی غیر هذا الموضع.

و أما الخلط المحتقن: فإما أن

یکون حاراً و یستدل علیه ایضا بقله الشهوه و بالجشاء[1593] الدخانی و سهوکه الریق و زفورته[1594]، و هذا الخلط: إما أن یکون

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 439

منصباً فی تجویف المعده و یستدل علیه بأن صاحبه إذا تناول طعاماً یعسر فساده بمنزله الحنطه و الشعیر إن قذفه أو برزه (1) خرج معه مرار، و إما أن یکون قد تشربته طبقاتها و یستدل علیه بالغثیان و القی ء الذی لا یخرج معه شی ء و شده العطش.

و إما أن یکون الخلط بارداً و یستدل علیه بنقصان الشهوه للطعام و بالجشاء الحامض، و هذا أیضاً: إما أن یکون منصباً تجویف المعده، و یستدل علیه بأن صاحبه إذا تناول طعاماً فیه قوه جلاءه بمنزله العسل و قذفه او یبزقه (2) خرج معه البلغم، و إما أن یکون قد تشربته طبقه المعده و یستدل علیه [بالغثان الذی لا تهوع معه الا أن یکون فی المده طعاماً (3)] بقله العطش و الزیاده فی شهوه الطعام.

و ینبغی أن یفرق بین ما یعرض للمعده من سوء المزاج و بین ما یعرض لها من خلط من الاخلاط بوجه آخر، و هو أن تنظر فإن کان البدن ممتلئاً او العروق (4) منتفخه و البدن کذلک، و کان ما یخرج من البراز عند تناول الأغذیه المعتدله مختلطاً بأحد الاخلاط و البول ثخیناً لیس بالرقیق الصافی فإن العله الحادثه فی المعده إنما هی عن اخلاط محتقنه فیها لا من سوء مزاج مفرد.

[فی الأورام الحادثه فی المعده]

و أما الأورام الحادثه فی المعده: فهی أنواع الدبیلات و هی.

إما أن تکون حاره و یستدل علیها بالوجع و الضربان فی موضع قعر المعده و الجشاء و الحراره التی تکون تحت اللمس و الحمی

و العطش، و إذا آل الأمر الی التقیح اشتدت الحمی و حدثت قشعریره.

و إما بارده، و یستدل علیها بالثقل و الجشاء من غیر حراره و لا وجع.

و أما من تفرق الاتصال فیکون إما من أسباب من خارج بمنزله الجراحه الواقعه فی المعده، و إما من [أسباب[1595]] من داخل بمنزله الانتفاخ و التآکل.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 440

و أما الأسباب التی من خارج: فهی قله موافقه الطعام، و قله موافقه الطعام تکون: إما من کمیته إذا کان الطعام کثیراً فلم تقدر المعده علی هظمه بمنزله النار الیسیره إذا وضع علیها حطب کثیر فلم تقدر علی اضرامه، و إما من قبل کیفیته إذا کانت ردیئه بمنزله اللبن الحامض و السمک و الفجل و الغذاء المطجن و المدخن[1596] بمنزله النار [اذا القی علیها حطب رطب فلم یقدر علی اشعاله، و اما من قبل جوهوه اذا کان العام غلیظا لمنزله لحم البقر و الخبز الفطیر[1597]] [الضعیفه[1598]] إذا ألقی علیها حطب متین، و إما من قبل ترتیبه إذا أکل انسان طعاماً غلیظاً أو حابساً للبطن فیفسد الثانی [و اتبعه بطعام لطیف او ملین للبطن[1599]] قبل أن ینحدر الأول عن المعده، و إما أن یکون الانسان قد تناول طعاماً لم یستمرئه و اتبعه بطعام آخر فلا ینهظم، و الاستدلال علی هذه الأسباب یکون من مساءله المریض.

[فی الهیضه]

أما الهیضه: فهی استفراغ المرار بالقی ء و الاسهال و تکون: إما من کثره الطعام إذا أثقل علی المعده و آذاها و قویت علی دفعه و أخرجت ما کان منه قریباً من فم المعده بالقی ء و ما کان راسباً فی قعرها بالاسهال.

و إما من قبل کیفیه ردیئه تکون فی الطعام: إما لذاعه تلذع المعده لاذائه[1600] إیاها

إلی إخراجه و نفیه، و إما لزجه تزلق الطعام و تخرجه.

و إما بسبب فساد الطعام بنوع من أنواع الفساد الذی تحیله إلی المرار و تدفعه المعده عنها لتأذیها به فتدفع ما کان لطیفاً [طافیاً[1601]] فی علو المعده بالقی ء و ما کان راسباً فی قعرها بالاسهال.

و إما أن یکون من انصباب خلط مراری.

و إما من المراره و إما من عضو آخر فیلذع المعده فتدفعه عنها.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 441

و الاستدلال علی ذلک بما یبرز من البدن بالقی ء و الاختلاف و من قبل الکرب و الغشی و العطش.

و هذه العله فی أول الأمر یکون أذاها قلیلًا، و إذا استفرغ الطعام الفاسد اشتد الوجع عند ما یخرج الخلط الحادث عن فساد الطعام فیلذع المعده و الأمعاء بما یخرج من أسفل من الخلط المراری او الحامض[1602] و تلذع المری ء بما یخرج بالقی ء فتتألم لذلک المعده و الأمعاء و یحدث فیها وجع و کرب و قلق حتی یعرض من ذلک الغشی و ینخرط الوجه و یلطأ الصدغان و یدق الأنف و تبرد الأطراف، و هذا إذا کانت الآفه قویه عند ما تکون فی البدن اخلاط مستعده للفساد.

[فی الذرب]

و أما الذرب: فهو استفراغ مواد مختلفه رقیقه و حدوثه یکون: إما من رداءه التدبیر فی الغذاء، و إما من امتلاء فی العروق، و إما من سده تعرض للماساریقا، و إما من أخلاط تنحلب إلی المعده.

أما ما کان حدوثه من رداءه التدبیر فی الغذاء فیکون: إما فی[1603] کمیته إذا کان کثیراً فیثقل علی المعده فتدفعه و تتبعه مواد أخر، و إما فی کیفیته إذا تناول طعاماً سریع الفساد بمنزله البطیخ و التوت و القرع و ما أشبه ذلک فیفسد فی المعده فتدفعه

و تخرجه و یتبع ذلک مواد أخر تنجذب معه، و إما من قبل ترتیبه إذا قدم الإنسان الغذاء البطی ء الانحدار علی الغذاء السریع الانحدار.

و أما ما کان حدوثه عن سده فی العروق المعروفه بالجداول: فإن هذه العروق إذا عرضت لها سده لم تنفذ فیها عصاره الغذاء إلی الکبد فیخرج بالاسهال.

و قد ذکر أبقراط: فی کتابه فی الأمراض الحاده «أنه قد یعرض السحج فی الأمعاء من امتناع الریاح من النفوذ و الخروج و رجوعها إلی فوق و سقوط القوّه و برد الاطراف»، و زاد[1604] جالینوس فی ذلک «وجعاً فی المعده و امتلاء الرأس و ألمه».

و السبب فی ذلک أن الأمعاء المنسحجه تتأذی بجمیع الأشیاء التی تنفذ فیها

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 442

لا سیما فی الأشیاء اللذاعه فإن تأذت بذلک و لم یبادر ساعه یعرض اللذع لاسهال[1605] ذلک اللذع رجع صاعداً إلی فوق و احدث ریاحاً و آلاماً فی المعده و امتلاء فی الدماغ لتصاعد بخرات تلک الماده إلی الرأس و یتبع اللذع العارض و الالم فی الأمعاء ضعف القوّه و برد الأطراف لمصیر الحراره إلی موضع الالم لتشفیه.

و أما ما کان حدوثه عن امتلاء فی البدن و العروق: فلأن الغذاء إذا انهظم فی المعده و الأمعاء الدقاق علی ما ینبغی لم یمکن[1606] أن ینفذ إلی الکبد و إلی سائر أعضاء الجسد من أجل الامتلاء فیخرج من الامعاء الدقاق إلی الأمعاء الغلاظ و هو غیر منهظم فیکون منه الذرب.

و أما ما کان حدوثه عن أخلاط کثیره تنجلب إلی المعده فیکون: إما من سائر البدن، و إما من عضو واحد، و هذا یکون: إما من قبل الطبیعه بمنزله ما یکون ذلک فی وقت البحران إذا دفعت الأعضاء الفضل

المؤذی لها إلی المعده بمنزله ما یدفع الدماغ الفضل الردی ء إلی المعده و الأمعاء فإن کثیراً ما یجتمع فی الدماغ فضول مختلفه فتدفعها، و ربما کان هذا الفضل مالحاً أو حریفاً فیحدث اسهال[1607] الدم و السحج لما یسحج المعده و الأمعاء و یقرحها، و علامه ما یکون منه مالحاً أن یجد العلیل طعم الملوحه فی فمه، و ما کان حریفاً فإنه یحدث اللذع فی المعده و یکون معه عطش، و ما کان من ذلک لیس بمالح و لا حریف لیس یحدث سحجاً لکن یحدث عنه ضعف القوّه و قله العطش.

[الفرق بین الذرب و الهیضه]

و الفرق بین الذرب و الهیضه أن الهیضه یکون معها قی ء، و یکون أکثر ما یخرج فیها المرار الأصفر و الذرب و لا یکون معه قی ء و ما یخرج معه یکون مختلفاً لیس بنوع واحد. و أیضاً فإن الهیضه مرض حاد سریع الانقضاء، و الذرب مرض متطاول.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 443

[فی أنواع الذرب الذی یکون من انصاب الفضول الی المعده]

و أنواع الذرب الذی یکون من انصباب الفضول إلی المعده کثیره بحسب الفضول المنصبه من الأعضاء إلی المعده و الأمعاء [و[1608]] بحسب کیفیه انصبابها، و ذلک أن منها ما ینصب من الدماغ إلی المعده إذا ضعفت بسبب سوء مزاج حار أو بارد فتکثر الفضول فیه فینحدر بعض ذلک إلی المنخرین، و بعضه إلی الحنک و یجری من الحنک إلی المعده.

و منها إلی الأمعاء فیفسد مزاجها و ینقص هظمها و تضعف لذلک قوتها و ربما جلب ذلک الموت، و منه نوع لا یکون الاسهال فیه کثیراً بل یکون قلیلًا مراریاً، و هذا یکون اذا کثرت الکیموسات فی البدن و لم تصلح أن تغتذی

بها الأعضاء فتدفعها إلی نواحی المعده و الأمعاء.

و منها نوع یکون الاسهال فیه بأدوار معلومه فیهیج لذلک یومین أو ثلاثه ثم یسکن أیاماً ثم یعود ذلک الإسهال إلی حالته الأولی، و ذلک یکون علی قدر اجتماع الفضل فی العضو الذی یندفع منه إلی المعده و الأمعاء بمنزله ما یجتمع الفضل العفن فی الحمیات النائبه و إذا کان تدبیر العلیل تدبیراً واحداً تکون أدوار الاسهال لازمه للنظام، و قد یعرض مثل هذا فی حمیات الغب عند ما تدفع الطبیعه الفضل الردی ء فی یوم النوبه و تخرجه.

و منه نوع یعرض من سده تکون فی العروق المعروفه بالجداول و ذلک أن الإنسان یأکل حتی یشبع فیهظم الطعام فی المعده و ینحدر فلا یتهیأ له أن تقبله الاعضاء[1609] بسبب السده العارضه [للماساریقا[1610]] و إذا لم تنفذ عصاره الغذاء جیداً إلی الکبد فی الماساریقا فینفذ منها ما کان رقیقاً إلی الکبد و ما کان غلیظاً، فینحدر إلی الامعاء[1611] بمنزله ما یکون ذلک فی الاستسقاء الحادث من السده، و یتبع هذا النوع هزال و جفاف فی البدن لأنه لا یصل إلی البدن من عصاره الغذاء شی ء له قدر و کذلک أنواع الذرب إذا طالت مدتها یتبعها الهزال.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 444

و منه 0 نوع یکون من تولد الرطوبات البلغمیه فی الأمعاء فیحدث لصاحبها نفخه و مغص و یکون ما یبرز قلیلًا قلیلًا فی مدد[1612] متباعده حتی یطول مکث صاحبها و جلوسه علی الخلاء.

[فی زلق الامعاء]

و أما زلق الأمعاء: فهو خروج الطعام من المعده سریعاً کالذی أکل من غیر أن یتغیر، و حدوث ذلک یکون: إما لإفراط ضعف القوّه الماسکه إذا لم تمسک الطعام، و ذلک یکون بسبب مزاج بارد رطب

لزج یغلب علی المعده و الأمعاء الدقاق فیزلق الغذاء و یخرجه و هذا من ضعف المعده و الأمعاء حتی لا یمکنها أن تغیر الغذاء تغیراً جیداً، لکن یصیر بلغماً و رطوبه لزجه.

و إما من شده القوّه الدافعه إذا تحرکت علی غیر ما ینبغی أعنی: فی غیر الوقت الذی ینهظم فیه الغذاء، و هذا یکون بسبب قروح و بثور تکون فی الطبقه الداخله من المعده، و إذا ورد الطعام إلیها و لقی تلک القروح لذعها و آذاها فتدفعه عن نفسها و تخرجه عن المکان و لا تمسکه.

و یستدل علی ذلک بما یظهر فی الفم و اللسان من البثور و ربما یجده الانسان فی فمه من الحراره و الیبس.

و أما زلق الأمعاء فهو ما ذکرنا من قله لبث الغذاء فی المعده و خروجه للوقت.

و لذلک قال أبقراط: «إذا حدث الجشاء الحامض فی العله التی یقال: لها زلق الأمعاء بعد تطاولها و لم یکن قبل ذلک فهو علامه محموده»، و ذلک أن الجشاء الحامض لا یکون إلا من لبث الطعام فی المعده و ضبط القوّه الماسکه له.

[فی الغثیان و القی ء]

و أما الغثیان و القی ء فیکون: إما من کمیه الغذاء، و إما من کیفیته، و إما من قبل تعفن الاخلاط.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 445

أما من کمیته: فإذا کان کثیراً او أثقل[1613] المعده و طفا علی فمها و تأذت به فتدفعه إلی المری ء و تخرجه.

و أما من کیفیته: فإذا کان طعاماً کریهاً أو زفراً[1614] أو مراً او لذاعاً[1615] فتأذت[1616] به و دفعته[1617] [و اخرجته عنها.

و اما بسبب بعض الاخلاط اللذاعه تتأذی به المعده و تدفعه[1618]] و هذا الخلط إذا کان فی تجویفها و کان غلیظاً تفهاً أحدث قیئاً و

إن کان[1619] فیما بین طبقاتها و قد لصق بطبقاتها [و نشر به[1620]] خملها أحدثت غثیاناً، و ربما کان هذا الخلط یتولد فی المعده، و ربما کان ینصب إلیها من عضو آخر، و ما کان منه متولداً فی المعده فإن تولده فیها یکون دائماً إذا کان رداءه مزاجها یولد هذا الخلط، [فیکون آذاها[1621]].

و ما کان منه ینصب إلیها من عضو آخر فإنه یسکن أحیاناً إلی أن یجتمع فیها ما ینصب إلیها، و الاستدلال علی نوع هذا الخلط یکون من طعم الشی ء الذی یخرج بالقی ء فإن کان طعمه مراً دل علی مره صفراء، و إن کان حامضاً أو مالحاً أو حلواً دل علی نوع البلغم.

و قد یکون القی ء علی جهه البحران عند ما تدفع الطبیعه الخلط المحدث للمرض و تخرجه من فوق.

[فی الفواق]

و أما الفواق: فهو تشنج طبقه المعده الداخله و حدوثه یکون کحدوث التشنج الذی یکون فی العصب: إما من الامتلاء، [و اما من الاستفراغ، و اما من لذع، و اما عن سوء مزاج بارد[1622]] فبمنزله ما یحدث من الفواق عند ما یتناول الطعام الکثیر، و یستدل علیه بما تقدم من کثره تناول الأطعمه، أو من التدبیر المولد لکثره الفضول فی البدن بمنزله الطعام الکثیر الغلیظ و ترک الریاضه و الاستحمام.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 446

و إما من الاستفراغ: فبمنزله ما یحدث ذلک بعقب الحمیات و بعقب استطلاق البطن و عند الامتناع الطویل من الغذاء، و یستدل علیه بما تقدمه من الاستفراغ فی الحمیات و ترک الغذاء.

و ما یحدث من لذع فیکون: إما من قبل خلط مری یتولد فی المعده و ینصب إلیها، و إما من تناول غذاء، أو دواء حریف أو شراب عتیق صرف، و

إما لسوء المزاج البارد، فیحدث الفواق إما بسبب تناول أغذیه بارده أو أدویه بارده تکثف جرم المعده و تشنجها إذا عرض للمعده سوء مزاج بارد یکثف أجزاءها بمنزله ما یعرض للمشایخ و لأصحاب الأمراض المتطاوله.

[فی النفخه و القراقر]

و أما النفخه و القراقر فتکون: إما بسبب من داخل إذا کانت المعده لیست بالقویه الحراره التی تهظم الغذاء و تلطفه و تفشی منه الریاح و لا بالبارده التی لا تتغیر البته بل تکون حرارتها ضعیفه لا یمکنها هظم الغذاء و تلطیفه جیداً بل تحیله إلی الریاح البخاریه فیحدث فی المعده نفخه.

و إما بسبب من خارج بمنزله الطعام المولد للریاح کالباقلا و اللوبیا و ما شاکلها، و الریاح المتولده عن ذلک تکون قلیله المکث تنحل بالجشاء القلیل، و یستدل علی ذلک بما تقدم من تناول الإنسان الأغذیه المولده للریاح.

[فی الجشاء]

و أما الجشاء: فحدوثه یکون عن ریاح منفخه للمعده تتراقی إلی الفم و البخارات تتراقی، إما من الاخلاط الحاره فیکون الجشاء دخانیاً، و إما أن تکون من اخلاط بارده بلغمیه فیکون حامضاً.

و الجشاء الحامض یکون: إما من الأطعمه البارده المزاج، و إما من أطعمه کثیره لا تقدر المعده علی هظمها لضعف حرارتها فتحمض فی المعده. و ربما کان الجشاء قویاً فیخرج الغذاء من المعده و یمنع من الهظم، و متی احتبس الجشاء تولد عنه نفخ و ریاح ردیئه جداً.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 447

[فی الدم الجامد]

و أما الدم الجامد: فیکون من دم ینزل إما من الدماغ، و إما من المری ء إلی المعده فیجمد فیها، و إما من انخراق عروق مع برد مزاج المعده.

[فی اللبن الجامد]

و أما اللبن الجامد: فحدوثه یکون عن تناول لبن الحلیب فإذا کانت المعده بارده المزاج

جمد ذلک اللبن فی المعده.

[فهذه صفه أصناف العلل التی تحدث فی المعده، فاعلم ذلک[1623]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 448

الباب السادس و العشرون فی العلل الحادثه فی الأمعاء و أسبابها و علاماتها

أما العلل التی تحدث فی الأمعاء: فمنها[1624] العله المعروفه بالدوسنطاریا و هی إسهال الدم، و قرحه الأمعاء، و الزحیر، و القولنج، و العله التی یقال لها:

ایلاوس، و الریاح التی تحدث فی المعی، و الدود و الحیات، و المغص.

[فی الدوسنطاریا]

أما العله المعروفه بالدوسنطاریا: فمنها ما یکون من قبل الکبد و یقال لها:

دوسنطاریا [کبدیه، و نحن نذکرها فیما بعد، و منها ما یکون من قبل الامعاء و یقال:

لها دوسنطاریا[1625]] بقول مطلق.

و حدوث هذه العله یکون: إما بعقب زحیر شدید یسحج الأمعاء بشده الحرکه، و إما من قبل ورم حار یعرض فی الأمعاء و ینفجر، و إما ما ینصب إلی الأمعاء فی عله الهیضه أو الذرب إذا کانت موادهما حاده مراریه أو بلغماً مالحاً یعفن طبقه الأمعاء.

و أصحاب هذه العله یستفرغون أولًا اخلاطاً مراریه مختلفه و من بعد ذلک یستفرغون رطوبه بلغمیه و ذلک هو ما[1626] ینجرد من الأمعاء من الرطوبه اللزجه المطلیه علیها من داخل ثم تستفرغ بعد ذلک الخراطه و شی ء من جسم المعی

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 449

و ذلک عند ما ینجرد شی ء من جسمها، فإن کانت هذه الخراطه قطع لحم کبار کان فیها تلف العلیل لأن ذلک یدل علی أن جرم المعی قد عمل فیه التآکل حتی بلغ إلی الطبقه الثانیه من طبقاتها و مثل هذا لا یمکن أن یبرأ ثم یستفرغ من بعد ذلک الدم عند ما تنفتح أفواه العروق التی فی الأمعاء.

و ربما خرج مع ذلک شی ء شبیه بالصدید الذی یسیل من أجساد الموتی منتن الرائحه، و ربما کان شبیهاً بالشحم[1627] الذائب فی

لونه و قوامه و هذا یکون من إذابه الحراره للشحم الذی فی الأعضاء السمینه و إذا طالت المده صار شبیهاً بالدردی[1628] بسبب احراق الحراره له و یتبع ذلک حمی لینه دقیقه، و ربما حدثت هذه العله من انخراق العروق إذا کثر فیها الدم فتترقق و تنفرز[1629]، و قد یتوهم قوم أن ذلک من دم البواسیر و لیس الأمر کذلک لأن دم البواسیر یکون من العروق التی فی المقعده[1630] و تفتح أفواه العروق التی فی الأمعاء یکون من فوق.

و ربما کانت هذه العله من انصباب المره السوداء الردیئه الکیفیه إلی الأمعاء و یستدل علیها بالاسهال للمره السوداء، و ربما کان ذلک من خراج سرطانی یحدث فی الأمعاء، و علامته أیضاً اسهال الدم السوداوی و هذان النوعان ردیئان جداً قاتلان و لا سیما إن کان مع ذلک [دم[1631]] منتن الرائحه کالذی قال أبقراط: فی کتاب الفصول «الاسهال إذا کان ابتداؤه من المره السوداء دل علی الموت».

[فی قروح الامعاء]

و القروح التی تحدث فی الأمعاء: إما أن تکون فی الأمعاء الغلاظ، و یستدل علیها بأن الإنسان یقوم للبراز فی الوقت الذی یجد فیه اللذع و لا یکون معه مغص، و أن یکون ما یخرج من القرحه غیر مخالط للبراز مخالطه [یسیره[1632]] و هذا یدل علی أن القرحه فی المعی [المستقیم، و إن کانت مخالطه للبراز مخالطه یسیره دل

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 450

علی أن القرحه فی المعی[1633]] الأعور و فی[1634] المعی القولون، و اذا[1635] کان العلیل یجد اللذع فی السره فإن القرحه فی الأمعاء الغلاظ، و إن کان [بحد ذلک فی[1636]] حوالی السره فإن القرحه فی الأمعاء الدقاق، و أیضاً فإنه إذا کان الإنسان یجد اللذع قبل خروج البراز

بمده ما و یکون ما یخرج من القرحه مختلطاً بالبراز فإن القرحه فی الأمعاء الدقاق و ذلک لبعد المسافه، فلا یختلط البراز بالمده و الدم، [فقی ء هذا[1637]] إن کانت مخالطته مخالطه شدیده فان القرحه فی الأمعاء[1638] التی فوق الصائم، ثم فإن کانت مخالطته لیست بالشدیده فإن القرحه فی معی الصائم.

و قد ذکر أبقراط: فی کتاب الأمراض الحاده «أنه قد یعرض السحج فی الأمعاء من امتناع [خروج[1639]] الریاح [من النفوذ[1640]] و الخروج و رجوعها إلی فوق و سقوط القوّه و برد الأطراف» و زاد جالینوس فی ذلک وجع المعده و امتلاء الرأس.

قال: «و السبب فی ذلک أن الأمعاء المنسحجه تتأذی بجمیع الاشیاء التی تنفذ فیها لا سیما الأشیاء اللذاعه، فإن تأذت بذلک و لم یبادر ساعه یعرض اللذع لاسهال ذلک الشی ء اللاذع، رجع صاعداً إلی فوق و أحدث آلاماً و ریاحاً فی المعده و امتلاء فی الدماغ لتصاعد بخارات تلک الماده إلی الرأس و یتبع اللذع العارض و الوجع فی الأمعاء ضعف القوّه و برد الأطراف بمصیر الحراره إلی موضع الألم لتشفیه علی ما سنبینه».

[فی الذوسنطاریا الکبدیه]

و أما الذوسنطاریا[1641] الکبدیه: فهی اختلاف الدم المحض الذی لا یخالطه

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 451

البراز و فی أول الأمر یکون شبیهاً بغساله اللحم ثم من بعد ذلک یصیر أحمر ثم بآخره یکون أسود من نوع المره السوداء.

و الفرق بین الدوسنطاریا الکبدیه و المعائیه أن الدم الذی یخرج من الامعاء[1642] یکون بالتقطیر و یکون خروجه متصلًا مع خراطه، و الذی یکون من قبل الکبد فإن خروجه یکون دفعه من غیر خراطه، و یکون فیما بین أوقات متباعده من غیر وجع و یکون دماً محضاً شبیهاً بغساله اللحم الطری و لا

یخالطه غیره، و ربما کان مجیئه بادوار.

و یتبع هذه العله هزال البدن لعدم الأعضاء الغذاء الذی یصیر إلیها من الکبد، فإن کان العلیل یحس مع ذلک بوجع فی ناحیه الکبد کان ذلک أوکد للدلاله علی الذوسنطاریا [فلذلک ینبغی للطبیب فی علاج الذوسنطاریا أن یتثبّت جیداً و ینظر حسنا الا یقع فیه الغلط فی تعریف هذه العله فانه ربما کانت ذوسنطاریا الکبدیه فیقدّر الطبیب انّها من قبل الامعاء فیعالجه بعلاج الذوسنطاریا[1643]] المعائیه و یهمل أمر الکبد فیهلک العلیل.

فقد قال جالینوس: فی ذلک «إنی لأعرف قوماً ممن حدثت بهم هذه العله أهلکهم الأطباء لقله معرفتهم بالتفرقه بین الدوسنطاریا الکبدیه و المعائیه، و ربما وقع بهم الخلط من قبل أن الدم الجاری من الکبد یکون معه خلط مراری حاد فیجرد الأمعاء فیخرج لذلک مع الدم الخراطه فیقدروا أن ذلک إنما هو سحج فی الأمعاء».

و السبب فی حدوث هذه العله أعنی: الدوسنطاریا الکبدیه یکون إما من امتلاء الکبد و العروق من الدم فتدفعه و تخرجه الطبیعه عن[1644] الکبد إذا تأذت بثقله و لا یتقدمه إسهال مراری و لا صدید و لا غیره مما یتقدم إسهال الدم، و إما بسبب بطاله و عطله من الحرکه فیجتمع لذلک دم کثیر فی الکبد فیثقلها فتدفعه و تخرجه عنها، إما بسبب قطع عضو کبیر مثل الیدین و الرجلین فیبقی ما کان ینصرف فی غذاء هذه الأعضاء فی الکبد فیثقلها فتدفعه إلی العروق المعروفه بالجداول و من هناک إلی الأمعاء، و مثل هذه الأعراض تکون دفعه و لا تطول مدتها

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 452

بل تنقطع سریعاً و لا تبطل معها شهوه الغذاء.

و منها ما یکون حدوثه لضعف القوّه المغیره التی فی الکبد و

مثل هذا النوع یتبعه قله الشهوه للغذاء و یتقدمه صدید و دم شبیه بغساله اللحم الطری علی ما ذکرنا فی الزحیر.

[فی الزحیر]

فأما الزحیر: فهو حرکه من المعی المستقیم تدعوا إلی البراز اضطراراً و لا یخرج منه إلا شی ء یسیر من رطوبه مخاطیه یخالطها دم ناصع.

و حدوثه یکون: إما من رطوبه حاده لذاعه تسیل إلی المعی المستقیم فتلذعه و تدعو الإنسان إلی البراز اضطراراً، و یستدل علیه بما یخرج من الرطوبه الصفراویه أو الرطوبه المالحه.

و اما[1645] من ورم حار یحدث فی هذا المعی فیخیل إلی العلیل أن فی امعائه ثقلًا محتقناً فیدعوه ذلک إلی البراز، و یستدل علیه بالضربان و الثقل الذی یجده العلیل فی المعی المستقیم.

و إما من زبل یابس یحتقن فی الأمعاء الدقاق فیدعوه ذلک إلی البراز فیعسر خروجه و یضطر الإنسان إلی استعمال التزحّر[1646] و ینحل معه ریاح غلاظ تمدد جرم المعی فیحدث لذلک وجع شدید.

و هذا النوع أکثر ما یحدث فی القولنج لأنه یکون من ضعف یلحق المعی[1647] بسبب سوء مزاج فلا یقدر علی هظم الفضل و تنفیذه، و ربما خرجت مع ذلک رطوبه و شی ء من خراطه الأمعاء فیقدر جهال الأطباء أن ذلک إسهال فیستعملون معه ما یحبس الطبیعه فیهلک العلیل، و ذکر جالینوس أنه رأی من کان به زحیر فخرج منه حجر فبری ء من ذلک الزحیر بخروج ذلک الحجر.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 453

الباب السابع و العشرون فی ذکر علل القولنج و أسبابه و علاماته

[فی القولنج]

فأما القولنج: فهو وجع شدید یعرض فی المعی المسمی قولون، و حدوثه:

إما من خلط غلیظ بلغمی یحتقن فی طبقات المعی المسمی قولون و تنحل منه ریح غلیظه تمدد جرم المعی فیحدث لذلک وجع شدید، و هذا النوع أکثر ما یحدث من القولنج لأنه یکون من

ضعف یلحق المعی بسبب سوء مزاج و لا یقدر علی هظم الفضل و تنفیذه، و إما من ریح غلیظه بارده تحتقن فی هذا المعی و تمدده، و إما من ورم حار یعرض له، و إما من خلط حریف لذاع.

فأما الخلط البلغمی: فیستدل علیه بما یجد العلیل من الوجع الشدید الذی یجد صاحبه کأن أمعاءه تثقب بالثقب و بالجشاء الحامض و الغثیان و القی ء الذی یخرج معه البلغم و استمساک البطن الشدید الذی لا یمکن[1648] معه خروج ریح من أسفل و بروده أسفل السره إذا لمس و بما یتقدم العلیل من التدبیر المولد للبلغم الغلیظ.

و أما ما کان حدوثه عن ریح: فیستدل علیه بالوجع الذی معه تمدد فی موضع المعی المسمی قولون و انتقال الوجع الذی فی نواحی الامعاء[1649] مع قرقره من غیر ثقل و وجع شدید و مغص و غثیان، و أن یکون البراز خفیفاً یطفو فوق الماء شبیهاً

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 454

بأحثاء البقر.

و أما ما کان حدوثه عن ورم: فیستدل علیه بما یجد العلیل من الحراره و الالتهاب فی موضع المعی و الوجع الذی معه نخس و الحمی و العطش و الحرقه و الغثیان و القی ء الذی یخرج معه أنواع المرار من غیر أن یجد العلیل خفه و هذا النوع من القولنج أردأ ما یکون و من أصعبه، و کثیراً ما ینقل إلی العله المسماه ایلاوس.

و أما ما کان حدوثه عن اخلاط حریفه لذاعه: فعلامته أیضاً شده العطش و الحمی الخفیفه و جفاف الفم و اللسان و البول الحاد[1650] الأحمر، و ربما خرج منهم براز مراری و یکون الوجع عند ذلک أشد، و إن کان قد تقدم ذلک تناول أغذیه او أشربه[1651] حاره

من شأنها تولید المرار کان ذلک أوکد للدلاله علی أن العله من خلط حاد.

و ینبغی أن تعلم أن عله القولنج ربما انتقلت إلی وجع المفاصل، و قد رأیت ذلک، و رأیت من انتقلت علته إلی خلع الکتفین، فینبغی للطبیب أن یجید النظر فإنه ربما کانت العله فی الکلی و قدّر الطبیب أن ذلک من علل القولنج، و ذلک أنه قد یتبع وجع الکلی أعراض هی شبیهه بالأعراض التابعه لعله القولنج و هو الوجع الشدید و الغثیان و القذف و احتباس البراز الشدید و الریاح الخارجه من فوق و من أسفل.

و الفرق بین هاتین العلتین أن هذه الأعراض تکون فی علل القولنج أشد و أصعب و أدوم و أن الوجع لا یکون فی موضع واحد بعینه، و فی وجع الکلی تکون هذه الأعراض أخف و تکون فی موضع الکلی لا تنتقل عنه.

[فی إیلاوس]

و أما العله المسماه إیلاوس: المستعاذ باللّه منه و تفسیرها فهی: وجع شدید یعرض فی الامعاء[1652] و هی عله حاده ردیئه جداً و هی فی أکثر الأمر مهلکه لشده

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 455

الوجع لا سیما إذا قذف صاحبها البراز.

و حدوث هذه العله تکون: إما من ورم حار یحدث فی الأمعاء الدقاق، و إما من سده تحدث من زبل یابس، و ربما کان ذلک من خلط غلیظ لزج یرتبک فی هذه الأمعاء، و إما من فتق یعرض لصفاق البطن فیخرج المعی، و إما من خلع یعرض للمعی، و ربما حدثت هذه العله من عدم الغذاء و تناول دواء قتال.

فأما ما کان حدوثه عن ورم: فعلامته الوجع و التمدد معاً و ضربان و نفخه فیما یلی السره و غثیان و قی ء الزبل.

و أما ما کان

حدوثه عن السده: الحادثه عن الزبل الیابس، فعلامته الوجع الذی یکون معه شبیه بما یعرض من ثقب المثقب.

و أما ما کان حدوثه عن الفتق و خلع الامعاء[1653]، فعلامته ظاهره بینه إذا القیت العلیل علی ظهره ثم لمسته فانک تجد المعی کله بارزاً إلی خارج و إذا غمزت علیه رجع الی موضعه.

و أما ما کان حدوثه عن ضعف القوه الغاذیه، فعلامته ما یتقدم العلیل من عدم الغذاء.

و ینبغی أن تعلم أن هذه العله مهلکه من أی سبب کان حدوثها و لا سیما ما کان معه القی ء المنتن، و خروج الزبل مع القی ء و إن کان مع ذلک رائحه البدن منتنه فهی أوحی و أسرع قتلًا.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 456

الباب الثامن و العشرون فی الدود و حب القرع و أسبابه و علاماته

فأما الدود و الحیات المتولده فی الأمعاء: فإنها تکون من رطوبه بلغمیه تعفن فی الأمعاء فتتولد فیها حراره غریبه فیتولد منها الحیوان، و لا یمکن أن یتولد ذلک من المرار و لا من الدم لأن المرار لمرارته وحدته و یبسه یقتل الدود و الحیات، و الدم لیس ینصب إلی الأمعاء، و لا یخرج عن الأوراد و العروق و إذا خرج عنها أحدث أوراماً و أمراضاً أخر و لذلک صارت هذه العله أکثر ما تحدث بالصبیان و لمن تتولد فی بطنه رطوبات بلغمیه غلیظه لزجه لاستعمالهم التدبیر الغلیظ و الاکثار من الأغذیه [لا سیما بتناول الاغذیه[1654]] الغلیظه العسره الانهضام و ترک الاستحمام و إهمال تنقیه البدن، و أکثر ما یکون فی الخریف [بسبب الإکثار[1655]] من أکل الفواکه.

و أنواع الدود ثلاثه:

[النوع الاول] فمنها النوع الذی یقال له: الحیات و هی: تشبه العیدان التی للبقله الحمقاء، و أکثر ما یتولد هذا النوع فی الأمعاء الدقاق لکثره الرطوبات التی تتولد

عن عصاره الغذاء فی هذه الأمعاء.

[النوع الثانی] و منها عراض شبیهه بحب القرع، و أکثر ما یتولد هذا النوع فی الأمعاء الغلاض لا سیما فی المعی الأعور.

[النوع الثالث] و منها صغار شبیهه بالدود المتولد فی الخل و أکثر هذا النوع

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 457

یتولد فی المعی المستقیم.

و العلامات الداله علی هذه العله هی أن الدیدان العراض الشبیهه بحب القرع و الصغار الشبیهه بدود الخل یستدل علیها بما یخرج منها مع البراز فإن هذه لسعه الأمعاء المتولده فیها و لتفرقها منها ما ینحدر منها و یخرج مع البراز بسهوله.

و قد یعرض لمن به الدود الصغیر حکه فی المقعده و لذع و اشتیاق للقیام إلی البراز.

[فی الحیات]

و أما الحیات: فلأنها لیست تکاد أن تظهر و لا تخرج مع البراز لبعد موضعها من المعی المستقیم أو لضیق موضعها و التفافها و تشبثها بالأمعاء الدقاق، و إنما تخرج فی بعض الأوقات عند ما تقوی الطبیعه علی دفع الفضول الردیئه بالبراز کالذی یعرض من خروجها فی وقت البحران.

و لذلک قد یجب أن یستدل علی هذا النوع من الأعراض اللازمه له و هی المغص و اللذع و الغثیان عند خلو الأمعاء الدقاق من الأغذیه، لأن الحیات إذا احتاجت إلی الغذاء و لم تجده امتصت المعی[1656]، و إذا عظمت و طال لبثها فی الأمعاء ضعفت لذلک القوه بانصراف الکیموس إلی غذاء الحیات فیعرض لذلک ضعف فی النبض و برد فی ظاهر البدن و صریر فی الاسنان و حکه فی الشفتین و غثیان و قذف حتی أنه ربما صعدت الحیات إلی المعده و خرجت مع القذف، فاعلم ذلک.

[فی المغص]

أما المغص: فحدوثه یکون: إما من فضل حاد لذاع مراری ینصب إلی الأمعاء، و

إما من ریاح تمدد الأمعاء، و إما من خلط غلیظ بلغمی یرتبک فی الأمعاء، و إما من قبل زبل یحتقن فی الأمعاء، فاعلم ذلک.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 458

الباب التاسع و العشرون فی علل المقعده و أسبابها و علاماتها

إعلم أن علل المقعده تالیه لعلل الأمعاء لأنها طرف المعی المستقیم، و عللها هی: البواسیر، و التوث، و النواصیر، و الشقاق، و خروج المقعده، و الأورام الحاره.

[فی البواسیر]

فأما البواسیر: فهی زیاده تنبت علی أفواه العروق التی فی المقعده، و کذلک التوث.

و الفرق بین التوث و البواسیر أن التوث لها رأس مدور محدود احمر و محبب و أسفلها مخصر دقیق علی شکل التوثه.

و البواسیر نوعان:

[النوع الاول [مستدیر الرأس]]

فمنها مستدیر الرأس کالعنبه و أسفله مخصر و لونه ارجوانی.

[النوع الثانی [غلیظ الرأس]]

و منها ما هو غلیظ الرأس دقیق الأسفل.

و هذان النوعان: [نوع یسیل منه دم، و نوع لا یسیل منه دم[1657]].

و أیضاً فإن الدم الذی یخرج من التوثه یکون خروجه بتزریق و الذی یخرج

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 459

من البواسیر یسیل سیلانا و یتقطر.

[فی البواسیر الدمویه]

و الدم الذی یسیل من البواسیر ربما یکون بأدوار معلومه فی أوقات محدوده، و ربما کان بغیر أدوار.[1658]

کامل الصناعه الطبیه ؛ ج 2 ؛ ص459

متی احتبس هذا الدم أحدث أوجاعاً شدیده فی موضع المقعده و حکه، و تحدث من ذلک علل کثیره اعضائهم[1659]، و لذلک إذا عولجت هذه العله بالحدید ترک منها واحد لیخرج منه الدم لئلا یعرض من احتقانه أمراض منها الاستسقاء و السل و الوسواس السوداوی.

و ذلک أن حدوث هذه العلل یکون من کثره تولد الدم السوداوی فی الکبد، و إذا کثر علیها دفعته إلی أسفل فی العروق التی تنقسم فیها[1660] و یصیر إلی نواحی المقعده فمتی احتبس هذا الدم و لم

یخرج عن الکبد أحدث فیها ورماً صلباً و أطفأ حرارتها الغریزیه لکثرته فیها، و غمر حرارتها و ضغط عروقها فیبردّ مزاجها، فیکون ما یتولد من الدم فیها مائیاً بلغمیاً فیحدث لذلک الاستسقاء.

و إن قویت الکبد علی دفع هذا الدم عنها إلی العروق التی فی الصدر و الرئه کثر فی تلک العروق و امتلأت منه امتلاءاً شدیداً، و تمددت و انصدعت و أحدثت قرحه و کان من ذلک السل، فإن مال هذا الخلط إلی نواحی الدماغ أحدث الوسواس السوداوی.

فلذلک [قال[1661]] أبو قراط: «إذا عولجت البواسیر بالحدید ینبغی أن تترک منها واحده لیستفرغ ما یتولد فی الکبد من هذا الدم».

و کذلک متی أفرط خروج هذا الدم أحدث عللًا ردیئه بمنزله فساد المزاج و رداءه اللون و قبح السحنه و الاستسقاء و قله الشهوه للطعام، و ذلک لأن حراره الکبد تنقص و قوتها تضعف لکثره استفراغ الدم فیبرد مزاجها و تضعف عن تولید الدم فیفسد مزاج البدن، و یحدث من ذلک فساد المزاج و الاستسقاء.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 460

فإن أسرف خروج الدم و أفرط هلک [کبد[1662]] العلیل، إلا أن من حدثت به هذه العله لا یکاد تعرض له الأورام الحاره و القروح الخبیثه و [لا[1663]] العلل العارضه من رداءه الاخلاط و الکیموس السوداوی کالبهق الاسود و تقشیر الجلد و لا ذات الجنب و لا ذات الرئه.

[فی البواسیر العمیاء]

و أما النوع الذی لا یسیل منه دم: فمنه ما تکون أفواهه غیر مفتوحه و تسمی العمی، و الاستدلال علی جمیع ذلک بما[1664] یظهر للحس مما وصفنا من علاماته إلا أنه متی کان من داخل المعی فینبغی أن تلقم المقعده القدح و هو أن تأخذ قدحاً صغیراً أو محجمه و

تلقی فیها ناراً بقطنه و تلقمها المقعده فإن طرف المعی المستقیم ینقلب إلی خارج فتظهر لک هذه العله فتعلم ما هی.

[فی النواصیر]

و أما النواصیر: فهی قروح غائره تحدث فی المقعده فی طرف المعی و هو الموضع المعروف بالمصرّه[1665] [و ربما کان الغور غیر نافذا الی المعی فإذا علج بالادویه المجففه بری[1666]]، و ربما کان بعید الغور نافذ الی المعی فلیس [ینجح[1667]] فیه العلاج.

و یستدل علیه بإدخال طرف المجس أو المیل الدقیق و استعمال البخور و یحصر النفس، و ذلک أنه متی أدخلت طرف المیل فی موضع القرحه أدخلت إصبعک [مع المیل[1668]] الی داخل المقعده و انفذ اصبعک مع المیل[1669] علمت من ذلک أنه نافذ، و متی وضعت طرف قمع فی فم القرحه و بخرته تحته بخور فوجد العلیل حس البخور قد نفذ الی الأمعاء علمت من ذلک أن الناصور نافذ الی

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 461

الامعاء[1670] و کذلک إن أنت سددت موضع المقعده بالقطن أو بالید و أمرت العلیل أن یحصر نفسه و یدفعه إلی داخل و إلی أسفل فوجدت الریح تخرج من موضع الناصور و علم من ذلک أن الناصور نافد، و إن لم یکن شی ء من ذلک فالناصور لیس بنافذ فیجب أن تثق بانجاب العلاج فیه.

[فی خروج المقعده]

و أما خروج المقعده: فیکون إما من استرخاء العضله المستدیره حول المقعده، و إما من الزحیر الشدید الذی یکون فی عله الزحیر أو الذی یکون بسبب زبل یابس.

[فی الشقاق]

و أما الشقاق: فحدوثه یکون إما بعقب إسهال إذا کان ما یخرج بالاسهال خلطاً حاداً [مریاً[1671]] و إما لکثره القیام للبراز، و أما یبس [بعقب[1672]] الطبیعه الشدید لما یمر بالموضع من خشونه الزبل الیابس.

[فی اورام المقعده]

و أما الأورام

التی تعرض للمقعده: فتکون عن الأسباب التی تعرض عنها الأورام فی سائر الأعضاء، و یستدل علیها بالانتفاخ و الوجع و تقطیر البول، فما کان منه حاراً فبالحمره الظاهره و بالسکون إذا وضع علیه الأشیاء المبرده بالفعل و التأذی بالأشیاء المسخنه، و ما کان منه بارداً فلونه یکون کلون البدن و یسکن بوضع الأشیاء المسخنه بالفعل علیه و یتأذی من الأشیاء المبرده.

فهذه صفه ما یعرض للمقعده من العلل و هو آخر الکلام فی العلل العارضه فی الأمعاء، فاعلم ذلک.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 462

الباب الثلاثون فی علل الکبد و أسبابها و علاماتها

فأما علل الکبد: فمنها ما یحدث فی خاصه نفسها، و منها ما یحدث فی غیرها من الأعضاء بمشارکتها له فی علتها.

فأما ما یحدث فی خاصه نفسها: فهو ضعف الکبد و یقال لأصحاب هذه العله: المکبودین، و ورم، و سده حادثه فی مجاریها.

و أما ما یحدث فی غیرها بسبب مشارکتها له فی العله فهی أنواع الاستسقاء.

[فی ضعف الکبد]

فأما ضعف الکبد: فیکون إما من ضعف قوتها الجاذبه التی تجذب عصاره الغذاء من معی الصائم و من[1673] الجداول، و یستدل علیه [بالبراز الذی یمیل إلی البیاض و ذلک لضعفها عن جذب عصاره الغذاء من الجداول.

و إما من ضعف قوتها الماسکه: و یستدل علیه[1674]] بما یحدث فی البدن من الترهل لنفوذ الغذاء عنها فجاء غیر نضیج إلی أعضاء البدن إذ کان لا یمکنه إمساکه حتی ینضج و یتغیر فیصل إلی الأعضاء غذاء غیر صحیح[1675].

و إما من ضعف القوه المغیره: التی تهظم عصاره الغذاء و تصیرها دماً أعنی الهاضمه.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 463

و هذا یکون: إما من سوء مزاج حار، و علامته ذهاب الشهوه و الاحراق و التلهب و کثره العطش و الحمی و القی ء و

الاسهال الذی یخرج معه الاخلاط المراریه و البول الأحمر حتی أنه یؤول الأمر بالعلیل إلی حدوث أمراض حاده بارده، فإن طال الزمان بهذه العله أحدث ذوبان الکیموسات ثم ذوبان الکبد نفسها حتی یخرج بالبراز، و یکون ما یخرج بالبراز ردی ء الرائحه جداً و ینقص مع ذلک لحم البدن و یذوب.

و إما من سوء مزاج بارد، و علامته فی أول الأمر کثره الشهوه للطعام من غیر حمی و قله العطش و أن یکون ما یخرج من البراز قلیلًا شیئاً بعد شی ء لیس بردی ء الرائحه. و إذا طال الزمان بهذه العله حدث بصاحبها حمی، لأن الدم یعفن فی هذه الحال لغلظه و تذهب عنه شهوه الطعام و یکون ما یخرج بالبراز شبیهاً بدردی الدم، و یعرض لصاحبه فیما بین الأیام اختلاف کثیر دفعه، و یصیر لون البدن مثل لون الرخام و یبیض و یتبین نقصان اللحم فی الوجه.

و إما [من[1676]] سوء مزاج یابس، و یستدل علیه بقضافه البدن و یبسه و قله البول و البراز و غلظه و العطش.

و إما من سوء مزاج رطب، یستدل علیه بما یخالف هذه الأعراض و هو ثبات البدن علی حاله و قله العطش.

و إما من ضعف القوه الدافعه: فیستدل علیها بفساد سحنه البدن و سوء حاله لأن الدم الذی یصیر إلی سائر البدن لیس بنقی لأن القوه الدافعه لا یمکنها نفی[1677] فضوله، و غیر ذلک من الأعراض التی قد ذکرناها عند ذکر أسباب الأعراض.

[فی ورم الکبد]

فأما الورم الذی یعرض فی الکبد فمنه ما یکون حاراً، و منه ما یکون بارداً.

أما الورم الحار: فعلامته أن یجد العلیل فی الجانب الایمن تحت الشراسیف وجعاً یرتفع إلی الترقوه و ینزل إلی ناحیه الاضلاع مع

حمی و عطش و التهاب

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 464

و حرقه فی الموضع و سعال یابس، فإذا استلقی العلیل علی ظهره وجدت بحاسه اللمس ما تحت الشراسیف من الجانب الأیمن غلیظاً صلباً.

فإن کان الورم من المره الصفراء کانت الحمی و الالتهاب أشد و جمیع الأعراض أصعب.

و إذا کان الورم فی الجانب المقعر من الکبد کان مع ذلک ذهاب الشهوه و الفواق، و فی المرار الشبیه بمح البیض فی أول الأمر ثم الزنجاری و احتباس البطن [و غشی[1678]] و برد فی الاطراف، و یکون السعال و ضیق [و ضیق النفس اقل.

و اذا کان الورم فی الجانب المحدب من الکبد کان السعال و ضیق[1679]] النفس أشد و أصعب، و یجد العلیل کأن ترقوته تنجذب إلی أسفل مع ثقل تحت الشراسیف، و ذلک أن العرق الأجوف فی هذه الحال یجذب الترقوه إلی أسفل بسبب الورم و فی أول الأمر یصفر اللسان ثم یسود، و إذا لمس الموضع الذی دون الشراسیف من الجانب الأیمن أحس بغلظ الورم کأن شکله شکل الهلال و ملمسه حاراً، و إذا أنت أمرت العلیل أن یستلقی علی ظهره و لا یضع تحت رأسه شیئاً و أن یثنی رکبتیه و یصف قدمیه و لمست الموضع وجدته کما ذکرته لک، و ربما عرض الورم الحار فی عضل البطن، فیفرق بینه و بین ورم الکبد أن ورم عضل البطن إذا لمسته بالید وجدت شکله مستطیلًا أو مربعاً و یکون أحد طرفیه أغلظ و الطرف الآخر أدق.

و أما الورم البارد: إذا عرض للکبد فإن العلیل یجد ثقلًا فی الجانب الأیمن فیما تحت الشراسیف مع سعال خفیف من غیر وجع و لا حمی، و إذا جس الموضع وجد مع

الغلظ إما صلابه إذا کان الورم سوداویاً، و إما لیناً إذا کان الورم بلغمیاً.

و إذا اجتمع فی الکبد الضعف و الورم انضاف إلی هذه العلامات [لین[1680]] البراز الشبیه بغساله اللحم.

و ینبغی أن تعلم أن جساوه الکبد و ضعفها مرض ردی ء مزمن یؤول بصاحبه

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 465

إلی التلف.

[فی السده التی تکون الکبد]

فأما السده: فتکون إما من ورم و قد ذکرنا دلالات الورم، و إما من خلط غلیظ یلحج فی أفواه العروق التی تنقسم من العرق المعروف بالباب[1681]، أو من العرق الذی فی حدبه الکبد، و علامته الوجع و الثقل و التمدد فی الجانب الأیمن مما دون الشراسیف من غیر حمی، و إن کانت السده فی الجانب المحدب کان البول مع ذلک رقیقاً مائیاً و إن کانت فی المقعر کان البراز رطباً، و الله أعلم[1682].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 466

الباب الحادی و الثلاثون فی صفه الاستسقاء [و اصنافه[1683]] و أسبابه و علاماته

[فی الاستقاء]

فأما ما یحدث من العله فی أعضاء أخر بمشارکه الکبد: فهو جمیع أنواع الاستسقاء [و ذلک أن جمیع انواع الاستقساء[1684]] یحدث عن ضعف القوه المولده للدم إذا قصرت عن فعلها.

و هذا یکون: إما لآفه تعرض للکبد التی هی معدنها فیبرد مزاجها فلا تقلب عصاره الغذاء إلی الدم جیداً.

و یکون أیضاً لآفه تعرض لبعض الأعضاء المشارکه للکبد و المجاوره له بمنزله المعده فإنها ربما نالتها آفه لم یمکنها أن [تهضم الغذاء جیداً فیصل عصاره الغذاء الی الکبد فجاً فلا یمکنها[1685]] تحیلها إلی الدم الجید فتصل إلی جمیع البدن بتلک الحال فلا یمکن الأعضاء أیضاً أن تقلبها إلی طبیعتها و بمنزله المعی الصائم و العروق المعروفه بالجداول إذا ضعفت عن تغییر عصاره الغذاء و تنفیذه[1686] إلی الکبد فتضعف لذلک القوه المولده للدم إذ لم یصل إلیها

الغذاء.

و ربما حدث الاستسقاء عن فساد مزاج الرئه حتی لا یمکنها أن تغتذی بالرطوبه التی فی الدم فتبقی تلک الرطوبه فی الدم فتغتذی بها الأعضاء فیرطب

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 467

مزاجها.

و ربما حدث بسبب ضعف الکلی عن جذب مائیه الدم فیبقی مخالطاً للدم و یصیر هذا الدم المائی إلی الأعضاء فتغتذی به فیرطب لذلک مزاجها.

و أنواع الاستسقاء ثلاثه:

أحدها: الطبلی.

و الثانی: الزقی.

و الثالث: اللحمی.

[فی الاستسقاء الطبلی]

فأما الطبلی: فحدوثه یکون: إما عن ضعف حراره الکبد، أو عن بروده غیر مفرطه فتحیل الغذاء إلی الریاح فتجتمع تلک الریاح [المائیه[1687]] فیما بین صفاق البطن و الأمعاء، و إما من کثره تناول أغذیه مولده للریاح، و علامه هذا النوع إذا قرعت مراق البطن سمعت له صوتاً کصوت الطبل.

[فی الاستسقاء الزقی]

و أما [الزقی[1688]]

فحدوثه یکون عن إفراط المزاج البارد الرطب علی الکبد فیحیل الغذاء إلی الرطوبه المائیه فتجتمع تلک الرطوبه المائیه فیما بین صفاق البطن و الأمعاء، و أکثر ما یکون ذلک من تناول البقول البارده المزاج و من کثره شرب الماء البارد، و علامه هذا النوع من الاستسقاء انک إذا حرکت البطن تخضخضت کتخضخض الزق المملوء رطوبه.

[فی الاستسقاء اللحمی]

و أما الاستسقاء اللحمی: فیکون من تغیر الغذاء فی الکبد إلی الرطوبه البلغمیه

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 468

بسبب إفراط البرد و الرطوبه فتنفذ إلی سائر أعضاء البدن فترطبها و تصیرها بلغمیه.

و حدوث ذلک فی الکبد: إما من ورم صلب یعرض فی الکبد فیضغط مجاریها و یسدها فیمنع التنفس من الوصول إلیها فتبرد لذلک الکبد فتفسد لذلک القوه المولده للدم و تحیل الغذاء إلی البلغم.

و أما لورم: یعرض فی الطحال فیضعف عن تنقیه الدم عن المره السوداء فتکثر فی الکبد فتطفأ حرارتها، إما من

نزف الدم المفرط، و إما من جراحه، و إما من دم الطمث، و إما من العروق التی فی [المعده[1689]] إذا خلت الکبد من الدم فبردت لذلک الکبد، و إما من احتباس دم الطمث، و إما من احتباس دم البواسیر إذا احتقنت الحراره الغریزیه التی فی الکبد و بردت من کثره الدم کما ینطفئ السراج من کثره الزیت، و إما من برد مزاج المعده إذا نفذ الغذاء منها إلی الکبد غیر منهظم فیعسر علیه احالته للدم فیصیر دماً بلغمیاً، و إما من اخلاط غلیظه بلغمیه لزجه تحدث سدداً فی مجاری الکبد فیمتنع التنفس من وصوله إلیها فیبرد مزاجها فلا ینفذ أیضاً الدم علی حاله إلی سائر الأعضاء بسبب السدد لکن ینفذ منه ما کان رقیقاً مائیاً فیرطب لذلک الأعضاء. و أکثر ما یحدث هذا النوع من الاستسقاء عن هذا السبب أعنی السده.

و قد یحدث عن ضعف المعی الصائم و العروق المعروفه بالجداول، و قد یحدث کثیراً بعقب الحمیات المتطاوله بسبب شرب الماء الکثیر و بسبب قله انهضام الغذاء فی المعده من أجل حراره الحمی فیحدث سدداً، و قد یحدث أیضاً هذا النوع من الاستسقاء من قبل الأمراض الحاده[1690] عند ما یسخن مزاج الکبد فتحل قواها و لا یمکنها تولید الدم.

و هذا النوع منه لا یکاد یتخلص صاحبه، و ذلک أنه لا یمکن أن یستعمل مع صاحبه الأشیاء المسخنه و لا الأشیاء البارده لأن الأشیاء المسخنه تزید فی الحمی و المبرده تزید فی الاستسقاء.

و علامه هذا النوع من الاستسقاء أن تکون أعضاء البدن کلها وارمه ورماً

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 469

رخواً رطباً إذا غمزت فیه الاصبع بقی أثرها غائراً. و أول ما یرم من البدن الوجه و

القدمان و یصیر لون البدن أبیض شبیهاً بلون بدن الموتی، و إذا طالت بالعلیل المده ترطب لحم البدن و یصیر کالشی ء السیال و ربما تفطرت الأعضاء و سالت منها رطوبه مائیه.

و لذلک قال أبقراط: «إن القروح فی أبدان أصحاب الاستسقاء لا تبرأ»، و ذلک أن القروح برؤها إنما هو بالتجفیف و أبدان المستسقین رطبه لا ینجب فیها الدواء المجفف.

و یعم أنواع الاستسقاء ثلاثتها ورم القدمین و ذلک لأن البخار المتولد فی هذه الأبدان غلیظ لضعف الحراره الغریزیه فهو لغلظه یرسب [و ینحدر إلی أسفل[1691]] نحو القدمین و لبعدهما عن معدن الحراره الغریزیه اللذین هما القلب و الکبد لا یکاد ینحل ما یصل إلیهما من الفضل الرطب و الریحی.

و قد یخص ما کان من الاستسقاء حدوثه من قبل المعده و معی الصائم و الجداول و الذرب الدائم الذی [لا[1692]] ینحل به الوجع، و ذلک یکون بسبب الآفه التی قد عرضت للمعده من البرد فهی لا یمکنها أن تهظم الغذاء جیداً بل یبقی فجئاً فیثقل علیها فتدفعه و تخرجه و إذا وصل إلی المعی الصائم لا یمکن أن یصفو جمیع ما فیه من العصاره إلی الجداول فیخرج إلی الأمعاء الغلاظ و یبرز إلی خارج، و إما لأن الجداول قد نالتها آفه فهی لا یمکنها أن تنفذ عصاره الغذاء إلی الکبد فیبقی فی المعی الصائم و یثقل علیها فتدفعه إلی أسفل فیکون سبباً لحدوث الذرب.

و یخص النوع الذی یکون ابتداؤه من ورم الکبد، السعال، و یبس الطبیعه.

أما السعال: فلأن الکبد الوارمه تضغط الحجاب لمجاورته لها فیضیق لذلک الصدر علی الرئه و یضغط مجاریها فیدعو ذلک الإنسان إلی السعال لتوهمه أن السعال مما ینتفع به، و إذا ابتدأ بسعال

و لم یر من الطبیعه معاونه علی ذلک و لم ینفث شیئاً یعتد به أمسک عن ذلک.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 470

و أما یبس الطبیعه: فلأن المعی الصائم و الجداول فی هذا النوع سلیمه قویه تنفذ عصاره الغذاء إلی الکبد تنفیذاً جیداً و مجاری المرار من الکبد إلی المراره مسدوده بسبب ضغط الورم لها فلا یصل إلی المراره من المرار الا الیسیر اللطیف فیقل ما یصل إلی الأمعاء من المرار فتکون الاثفال بذلک السبب یابسه، و الله أعلم[1693].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 471

الباب الثانی و الثلاثون فی علل الطحال و أسبابها و علاماتها

فأما العلل التی تحدث فی الطحال فهی ما یعرض له من الضعف، و السده، و الورم، و الریح العارضه فیه.

[فی ضعف الطحال]

أما ضعفه فیکون: إما من قبل ضعف القوه الجاذبه إذا ضعفت عن جذب المره السوداء من الکبد و تنقیه الدم منها، فیحدث عن ذلک الیرقان الأسود عند ما تصیر المره السوداء مع الدم إلی سائر الأعضاء.

و إما من ضعف القوه الماسکه فیحدث عند ذلک استفراغ الخلط السوداوی مره بالقی ء و مره بالإسهال، و قد یکون هذا العارض بسبب دفع الطبیعه للخلط السوداوی علی جهه النفی للشی ء الضار إلا أن ما کان منه من عمل الطبیعه ینتفع به العلیل و یسهل احتماله، و ما کان من ضعف القوه الماسکه یکون الأمر فیه بالضد.

و إما من ضعف القوه الدافعه التی تدفع بها المره السوداء إلی فم المعده فیحدث عن ذلک ذهاب الشهوه للطعام، و هذه الأعراض تعرض للطحال کما تعرض للکبد من قبل سوء المزاج الحار و البارد.

[فی سدّه الطحال]

و أما السده: فتعرض إما من قبل أخلاط غلیظه لزجه تلحج فی مجاریه و علامتها الثقل، و إما ریح و علامتها التمدد.

کامل الصناعه الطبیه،

ج 2، ص: 472

و السده تعرض: إما فی المجری الذی تصیر فیه المره السوداء من الکبد إلی الطحال و یعرض من ذلک الیرقان الأسود و غیر ذلک من العلل التی تحدث عن المره السوداء.

و إما أن یکون المجری الذی یدفع فیه المره السوداء إلی فم المعده فیحدث له من ذلک أصناف الأورام لکثره ما یحتقن فیه من المره السوداء و یتبع ذلک ضعف شهوه الطعام.

[فی ورم الطحال]

و أما الورم الحادث فیه: فمنه حار و یستدل علیه بحراره الملمس و الوجع و الثقل و التمدد و الحمی و العطش، و فی بعض الأوقات یعرض الوجع نحو الترقوه و الکتف من الجانب الأیسر، و ذلک بسبب مجاوره الطحال للحجاب و اتصال الحجاب بالترقوه.

و اما من ورم بارد فیکون إما من بلغم و یستدل علیه برخاوه الورم تحت الملمس و تغیر لون البدن و إما من مره سوداء و یستدل علیه بالغلظ و الثقل و الصلابه تحت الملمس و بیاض[1694] لون البدن، إلی الکموده، و الخضره، و هذا النوع من الورم أکثر ما یحدث فی الطحال للغلظ الخلط السوداوی الذی هو معدنه، و ربما حدث فیه هذا الورم بعقب الورم عند ما یتحلل لطیف الماده و یبقی غلیظها.

و ربما عرض الورم فی الطحال من قبل ریح نافخه تحتبس فیه و یستدل علیه بمدافعه الورم للمس و التمدد الشدید من غیر ثقل، و هذا ربما تحلل ثم عاد ثانیاً بسبب تناول أغذیه نافخه.

و قد یتبع جمیع أورام الطحال و عظمه هزال البدن و لذلک قال أبقراط: «إذا عظم الطحال هزل البدن و إذا ضمر الطحال حصب البدن».

و قد قال جالینوس: فی کتابه فی ذکر المواضع الآلمه «إن صغر الطحال یدل

کامل

الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 473

علی جوده الکیموسات، و عظمه یدل علی رداءه الکیموسات».

و ذکر أبقراط: فی کتاب ابیذیمیا «أن من حدث به ورم فی النواحی السفلیه من الطحال فإن دمه یصیر رقیقاً و اطرافه تکون حاره و أذناه تکون باردتین».

أما رقه الدم: فلأن الطحال یجتذب عکر الدم و إذا کان فیه ورم کان اجتذابه لذلک أکثر و أقوی فیبقی لذلک الدم رقیقاً.

و أما حراره الأطراف: فلأن الحراره الغریزیه التی فی [الطحال تهرب عنه بسبب الورم.

و أما برد الاذنین: فلأن الدم رقیق[1695]] و الذی یصل إلی الاذن أرق ما فیه و أقله حراره و لا سیما و الاذن بارزه للهواء البارد، و قد قال: فی هذا الکتاب أیضاً «إنه لا یحدث لمن هو ملقی من النزلات و الزکام ورم فی طحاله»، و ذلک لأن النزلات تحدث عن رطوبه بلغمیه أو رقیقه مائیه و أورام الطحال تحدث عن اخلاط غلیظه سوداویه، و اللّه أعلم.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 474

الباب الثالث و الثلاثون فی علل المراره و أسبابها و علاماتها

و أما العلل الحادثه من قبل المراره فهی نوع الیرقان الذی یکون من السدد و من ضعف القوه الجاذبه التی فیها.

و ذلک أن الیرقان یکون: إما من قبل الطبیعه إذا دفعت الصفراء إلی ظاهر البدن علی جهه البحران عند ما تدفع الطبیعه الفضل المراری إلی ظاهر البدن علی جهه النقی له، و هذا یکون إذا حدث فی الیوم السابع من المرض و من بعد النضج، و یکون به سکون الحمی و راحه المریض و انحطاط المرض، و ما کان علی خلاف ذلک فلیس علی جهه البحران.

و أما أن یکون الیرقان: [إما[1696]] من سوء مزاج حار یابس یعرض للکبد فیحیل الغذاء إلی المره الصفراء و یصل فی العروق إلی

سائر البدن، و إما من سخونه مزاج العروق غیر الضوارب و غلبه الحراره علیها فتحیل ما فیها[1697] من الدم إلی المره الصفراء [و یصیر الی سائر البدن و یغیر لونه الی الصفراء، و اما من استحاله بعض الاخلاط فی الاعضاء الی المرّه الصفراء][1698].

و هذا یکون إما من سم حیوان ذی [سم[1699]] حار، و إما من ذی سم قتال حار، و إما من سوء مزاج حار یکون فی الأعضاء فیحیل الاخلاط إلی المره الصفراء، و إما من ضعف القوه الجاذبه التی فی المراره التی تجتذب بها المرار من الکبد و یبقی

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 475

منه الدم فیبقی المرار فی الکبد مخالطاً للدم و یصیر مع الدم فی العروق إلی سائر أعضاء البدن، و إما من سده تعرض: إما فی المجری الحامل للمرار من[1700] الکبد إلی المراره فیمتنع المرار من المصیر إلی المراره فیبقی فی الدم مخالطاً له فیصیر مع الدم فی العروق إلی سائر أعضاء البدن.

و إما أن تکون السده فی المجری الذی یصیر فیه المرار من المراره إلی الأمعاء فیکثر فی المراره و یغزر و ینعکس راجعاً إلی الکبد فینصرف مع الدم إلی سائر البدن، و یستدل علی الیرقان بالصفره التی تعرض لبیاض العین و لجمیع البدن.

و الصفره التی تکون فی الزبد الذی یعلو البول و ربما کان البول أسوداً لشده الاحتراق و زبده أصفراً و یکون البراز أبیضاً لعدم المرار الاصفر الذی یصیر إلیه من المراره.

و الاستدلالات علی هذه الاسباب المحدثه للیرقان فهو أن ما کان حدوثه عن سده فی مجری المراره الاعلی منها و الاسفل کان البراز مع ذلک أبیضاً و البول شدید الصفره، و إن لم یکن عن سده فی المراره

بل من عله فی الکبد فإن البراز یکون منصبغاً بالمرار، و إن کان الیرقان من قبل ورم فی الکبد أو فی المرار عرض مع ذلک اختلاف مرار و حمی و ثقل فی الجانب الأیمن، و إن کان حدوث الیرقان من شده حراره الکبد و العروق [کان البول شدید الحمره یعلوه زبد اصفر، و إن کانت الحراره مفرطه فان البول یکون اسود یعلوه زبد اصفر، و إن کانت الکبد و العروق سلیمه کان لون البول الون الطبیعی.

و ینتغی أن یعلم أن الیرقان اذا کان حدوثه من سوء مزاج الکبد و العروق[1701]] فإن حدوثها یکون بغته، و أما سائر أنواع الیرقان فإن حدوثها یکون قلیلًا قلیلًا و یتزاید علی ممر الأیام، فاعلم ذلک.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 476

الباب الرابع و الثلاثون فی العلل الحادثه فی الکلی و أسبابها و علاماتها

أما العلل الحادثه فی الکلی فهی: تولد الرمل و الحصی، و أصناف الأورام و القروح، و بول الدم، و العله المسماه دیانیطس[1702] و هو سلس البول.

[فی تولد الرمل و الحصی]

فأما تولد الرمل و الحصی فی الکلی: فیکون من حراره شدیده فی الکلی و من خلط غلیظ لزج تنشف الحراره رطوبته و یبقی غلیظه فیجف علی طول المده و یتحجر لا سیما إذا انضاف إلی ذلک ضیق المجاری التی یصیر فیها البول من الکلی إلی المثانه فیصفوا رقیق البول و لا یخرج معه الشی ء الغلیظ لضیق المجاری.

[فی الرمل]

و أما الرمل: فیکون إذا کانت الماده قلیله الغلظ و اللزوجه و صارت إلی فضاء الکلی و انعقد منها شی ء بعد شی ء فتدفعه القوه الدافعه مع البول أولًا فأولًا فیرسب منه فی البول رمل.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 477

[فی الحصی]

و أما الحصی: فیکون إذا کانت الماده کثیره شدیده الغلظ و اللزوجه و لحجت

فی فضاء الکلی و لم تخرج فتنعقد هناک بقوه الحراره و ینضاف إلیها شی ء بعد شی ء و ینعقد أولًا فأولًا حتی یصیر حصاه و یکون ما یعرض للماده من ذلک شبیهاً بما یعرض للطین[1703] إذا طبخ بالنار أن ینحرق و یتجعر، و شبیهاً بما یعرض خاصه فی قدور الحمامات و الأوانی التی یسخن فیها الماء، فربما[1704] أن ینعقد فی أسفلها حجاره و ذلک أن ثفل الماء و عکره إذا رسب فی أسفل القدر و عملت فیه حراره النار انعقد و تحجر، ثم لا یزال عکر الماء و ثفله یلتصق بذلک و یتثبت به شیئاً بعد شی ء یوماً بعد یوم و یصلب حتی تصیر منه حجاره.

و ذکر جالینوس: «أنه ربما حدث الحصی فی الکلی بسبب قرحه تکون فی الکلی فتتقیح و لا تستفرغ ذلک القیح فیجمد و ینجمد و یتجعر فی الکلی»، فمن مثل هذه الأسباب و علی هذا المثال تتولد الحصاه فی الکلی و المثانه.

و ینبغی أن تعلم أن الحصاه فی الکلی تعرض أکثر للمشایخ، و الحصی فی المثانه تتولد للصبیان اکثر. و السبب فی أن الحصی فی الکلی تتولد فی المشایخ شیئان:

أحدهما: إن الحراره فی أبدان المشایخ ضعیفه و الخلط البلغمی یتولد فیهم کثراً لضعف القوه الهاضمه.

و الثانی: إن المجاری و الطرق التی یجری فیها البول من الکلی إلی المثانه ضیقه لبرد مزاجهم إذ کان من شأن البرد أن یضیق الطرق و المجاری بتکثیفه لها، و الماده الغلیظه إذا صارت إلی الکلی لم تجر بکلیتها إلی المثانه لضیق المجاری بل یتصفی رقیقها و یبقی الغلیظ منها راکداً فی تجویف الکلی فتنشف الحراره رطوبتها و تجففها فتتجعر فیها و تصیر حصاً.

و الحصا المتولد فیها یکون

صغاراً بسبب ضیق تجویف الکلی و الحصا المتولد فی المثانه یکون کباراً بسبب سعه تجویف المثانه.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 478

فأما الصبیان فصار الحصا یتولد فیهم أکثر [فی المثانه لسببین:

احدهما: أن الاخلاط الغلیظه اللزجه تتولت فیهمم اکثر[1705]] ذلک بسبب نهمهم و شرههم و قله توقیهم من سائر الأغذیه الغلیظه و استعمالهم الحرکه الکثیره بعد الغذاء و أبوالهم ذلک و لرطوبه مزاجهم غلیظه.

و الثانی: لأن الطرق و المجاری التی یجری فیها البول من الکلی إلی المثانه واسعه بسبب کثره حرارتهم الغریزیه و شده القوه الدافعه، و الماده تجری بکلیتها لطیفها و غلیظها إلی المثانه بسهوله، و لأن المجری الذی یجری فیه البول من المثانه إلی القضیب، و هو عنق المثانه ضیق لصغر سنهم و صغر أعضائهم فلا یجری فیه غلیظ الماده بل رقیقها و یبقی الجزء الغلیظ فی المثانه فیتجعر بسبب حراره المثانه و یصیر حصا و حجاره علی مثال ما ذکرناه.

و لهذه الأسباب صار الشباب لا تتولد فی مثانتهم الحجاره لأن أبوالهم تکون رقیقه لأن الحراره فیها أکثر من الرطوبه، و توقیهم فی التدبیر بالغذاء أکثر من توقی الصبیان، و لأن عنق المثانه من الشباب أوسع فیخرج منه غلیظ البول و رقیقه.

و لهذا السبب صار الحصی لا یتولد فی مثانه النساء لأن عنق المثانه منهن قصیر واسع فالبول الغلیظ ینفذ فیه بسهوله، و لأضداد هذه الأسباب صارت علل الکلی و المثانه فی المشایخ عسره البرء لضیق المجاری فیهم و برد مزاجهم، و قد ذکر قوم «أن الحصی تتولد فی الکبد و المعی الاعور و القولون و فی المفاصل»، و ذکر جالینوس أنه «رأی من کان به سعال دائم فنفث حجراً أو کان به سکون سعاله»

و السبب فی ذلک شده الحراره و تولد الخلط الغلیظ اللزج فی هذه الأعضاء.

[فی علامات وجود الرمل و الحصی فی الکلی]

و العلامات التی یستدل بها علی الرمل و الحصی إذا کان فی الکلی فهو خروج البول قلیلًا قلیلًا مع حرقه، و أن یکون فی البول رمل، و أن یصیب العلیل

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 479

الثقل و الوجع فی الخاصره مما یلی القطن و هو موضع الکلیه، و ربما کان مع الوجع غزران[1706]، و ربما عرض مع ذلک ألم فی الخصیه المحاذیه للکلیه العلیله، و وجع فی العجز و الرجل التی تلی الکلیه من ذلک الجانب مع خدر و ذلک لمشارکه الرجلین مع الکلی بالعروق الضوارب.

[فی ألوان الرمل الخارج]

و أما ألوان الرمل الخارج فقد تختلف فمنها ما لونه أصفر مشبع، و منها ما لونه لون الزرنیخ الأحمر، و منها ما لونه لون الرمل، و منها ما لونه لون الرماد[1707].

و قد ینبغی للطبیب أن یجید النظر فی هذه العله و یتثبت[1708] فإنه ربما کانت العله فی الأمعاء مما یلی الخاصره [فیقدر انها فی الکلی، فقد قال جالینوس: «انه عرض له وجع مرّه فی القطن مما یلی الخاصره[1709]] حتی ظن أن الموضع ینثقب بالمثقب و لا سیما فی المکان الذی یصیر منه البول من الکلی إلی المثانه فاحتقن بالزیت فخرج منه مع الدهن کیموس یشبه الزجاج الذائب فسکن الوجع».

قال: «و قد کنت أظن أن بی حصاه فی المجری الذی بین الکلی و المثانه و کان الوجع فی أحد الأمعاء الغلیظه».

[فی ورم الکلی]

و أما الورم الذی یحدث فی الکلی: فمنه ما یکون حاراً، و یستدل علیه بالوجع، و الثقل، و الالتهاب فی القطن فی جانب الکلیه العلیله، و العطش،

و الحمی، و الصداع، و السهر، و القی ء الذی یخرج معه المرار الأصفر، و عسر البول.

فإذا صار الورم خراجاً عرض من ذلک حمیات مختلفه الأدوار و قشعریره مختلفه و یشتد الوجع، و إذا اضطجع صاحب هذه العله علی الجانب الصحیح أحس بالکلیه العلیله کأنها معلقه.

فأما الورم البارد فعلامته الثقل الذی یجده العلیل فی القطن مما یلی

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 480

الخاصرتین بیّن من غیر وجع، و فی أول حدوث الورم قد یغلط بعض المتطببین ممن لیس له درایه فی مداواه الأمراض فیتوهم أنها عله القولنج.

[فی الفرق بین عله القولنج و عله الکلی]

و الفرق بینهما أن عله الکلی ترتفع إلی نواحی القطن و الوجع یکون فی موضع واحد و متی حقن صاحب وجع الکلی اشتد به الوجع لأن الأمعاء تمتلی ء من الحقنه و تضغط الکلیه الوجعه، و وجع القولنج ینتقل فی مواضع الامعاء[1710].

[فی قروج الکلی]

فأما القروح الحادثه فی الکلی فحدوثها: إما من أسباب من خارج بمنزله [الضربه و السقطه التی تفسخ و تهتک، و اما من اسباب من داخل بمزله[1711]] خلط حاد یقطع و یأکل.

و العلامات الداله علی قروح الکلی هی الوجع الذی یجده العلیل فی القطن و من وراء الخاصره من غیر ثقل و لا تمدد، و خروج الدم و المده و قشره القرحه فی البول، و ربما خرج قطعاً شبیهه بفتات اللحم و ذلک عند ما یتأکل لحم الکلیتین، و البول یکون فی قروح الکلیتین سلساً غیر عسر و یکون معتدلًا فی قوامه.

[فی بول الدم]

فأما بول الدم: فحدوثه یکون: [اما من سبب من داخل و[1712]] إما من سبب من خارج.

و اما من سبب من داخل: یکون إما إذا ضعفت القوه المغیره التی فی الکلی

فلم تغیر مائیه الدم جیداً، و إما إذا ضعفت القوه الماسکه التی فی العروق و لا تضبط الدم فیخرج مع البول، و إما لاتساع مجاری البول إلی الکلی فیجری فیها البول بسرعه، و یجری معه شی ء من الدم، و لا یکون مع هذه الأحوال وجع فإن

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 481

کان وجع کان یسیراً، و ربما کان خروج الدم من الکلی بأدوار کالذی یعرض فی خروج الدم الذی من المقعده، و یعرض لصاحب هذه العله ألم نحو القطن فإذا خرج الدم فی وقت الدور سکن الالم. و إما من تأکل العروق کما ذکرنا و خروج الدم فی هذه الحال یکون قلیلًا قلیلًا. و إما أن یدر خروجه بسبب انخراق بعض عروق الکلی بسبب کثره الدم و کثره ترقق العروق و خروج الدم فی هذه الحال یکون بغته من غیر سبب و یکون کثیر المقدار.

و أما خروج الدم من سبب من خارج: فبمنزله السقطه و الضربه التی تفسخ و تهتک، و یستدل علیه بما یتقدم العلیل من هذه الأسباب.

[فی دیابیطس]

فأما العله المسماه دیابیطس: و هی المعروفه بالبرکاریه و هی القیام المتصل للبول و یسمی سلس البول، و حدوثها من شده القوه الجاذبه التی بها تجذب الکلی مائیه الدم و هو البول، و لشده شهوه الکلی للرطوبه و ذلک یکون من إفراط سوء المزاج الحار علی الکلیتین، و یشتاق العلیل بذلک السبب إلی المائیه لتطفی ء و تبرد ما یعرض لها من اللهیب و الحراره فیجذب[1713] إلیها الرطوبه من الکبد و من سائر الأعضاء فیعرض من ذلک شده العطش و توقان الأعضاء إلی الرطوبه المائیه و من ضعف القوه الماسکه التی تکون فی الکلی عن ضبط المائیه التی

تصیر إلیها من الکبد لکثرتها و اثقالها ایاها.

فأما العلامات الداله علی هذه العله: فهی شده العطش من غیر حمی و لا یبس یظهر فی البدن، و خروج البول الدائم من غیر حرقه، و أن یکون البول رقیقاً أبیضاً شبیهاً بالماء و ذلک أن الإنسان إذا شرب الماء یبوله بسرعه لأن الکلی تجتذبه من الکبد من غیر أن یلبث فیها فیتغیر و یدفعانه عنهما أیضاً بسرعه من غیر أن یلبث فیهما لأنهما لا یطیقان إمساکه لکثرته.

و ینبغی أن «تعلم أن من حدث به من الکهول وجع فی الکلی فإنه لا یکاد یبرأ منه لأن ما یعرض من الأمراض المتطاوله بالکهول فی أکثر الأمر یموتون و هی بهم» کما قال: أبقراط، فاعلم ذلک.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 482

الباب الخامس و الثلاثون فی العلل الحادثه فی المثانه و أسبابها و علاماتها

فأما العلل الحادثه فی المثانه فهی: الحصا المتولد فیها، و الورم، و القرحه، و تقطیر البول، و عسره، و خروجه من غیر إراده.

[فی حصاه المثانه]

أما الحصاه: فتولدها عن الأسباب التی ذکرناها فی الکلی و هی الخلط الغلیظ اللزج، و حراره جرم المثانه، و ضیق رقبتها.

و أکثر ما تحدث هذه العله فی الصبیان لرطوبه مزاجهم و شرههم و قوه شهوتهم للأغذیه کما ذکرنا آنفاً، و کثره ما یستعملون من الأغذیه المولده للفضول الغلیظه. و یحدث أیضاً فی الشباب فیمن یدبر نفسه بالتدبیر المولد للاخلاط الغلیظه اللزجه.

و العلامات الداله علی هذه العله هو الوجع الحادث فی موضع المثانه و نواحیها، و حکه تعرض للقضیب و توتره أحیاناً و استرخاؤه بغیر سبب، و فجاجه البول ورقته و بیاضه، و الرمل الخارج مع البول، و عسر خروج البول.

فإذا رأیت هذه العلامات فاعلم أن فی المثانه حصاه فإن شککت فی ذلک و دام عسر

البول فینبغی أن تأمر العلیل أن یستلقی علی ظهره و یرفع رجلیه و یحرکهما تحریکاً شدیداً و ینطل[1714] الماء الحار علی المثانه مع الدهن و تمرخها

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 483

بیدک إلی فوق لتزول الحصاه عن موضعها ثم تأمر العلیل أن یبول فإن بال جیداً و إلا فادفع الحصاه بالقاباطیر[1715] فإنها تزول عن المجری و یبول العلیل بعد ذلک بولًا صالحاً فإن کان ذلک علمت أن فی المثانه حصاه.

و إما [لورم[1716]] و یستدل علیه بالعلامات التی یستدل بها علی الورم [الذی یکون فی الکلی، الا أن الوجع فی هذا الموضع یکون العانه و یظهر الورم[1717]] فیما تحت اللمس، و یکون عسر البول فی هذه العله أکثر و یتبع ذلک احتباس الطبیعه بسبب ضغط المثانه الوارمه للمعی.

[فی قروح المثانه]

و أما القروح الحادثه للمثانه: فحدوثها یکون فی مثل تلک الأسباب التی ذکرناها فی الکلی و کذلک علاماتها إلا أن ذلک یکون فی المثانه أکثر مع عسر البول و حرقته و نتنه، و فی بعض الأوقات یظهر فی البول قطع شبیهه بالصفائح الرقیقه و شی ء یشبه النخاله.

[فی عسر البول و تقطیره]

و أما عسر البول و تقطیره: فیکون إما من العلل التی ذکرناها آنفاً فی الکلی و المثانه بمنزله الحصی.

و أما [من[1718]] ضعف القوه الدافعه عند ما یسترخی جرم المثانه و تضعف عن الانقباض و الانضمام علی البول و عسره، و یستدل علی ذلک أن تأمر العلیل أن یستلقی علی ظهره و تعصر مثانته فإن اندفع البول إلی ناحیه القضیب فإن البول عند ذلک یخرج و یستریح العلیل.

و إما من ورم یحدث فی رقبه المثانه أو العضله المطیفه بها.

و إما من خلط لزج یلحج فی مجری البول من المثانه

إلی القضیب فیحدث

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 484

سده، و یستدل علی ذلک بما تقدم [العلیل من التدبیر بالاغذیه الغلیظه اللزجه و الدعه و الراحه[1719]].

و إما من مده أو دم جامد فی المجری، و قد یحدث عسر البول من خلط حاد[1720] لذعاً فی المثانه.

و اما من[1721] کیفیه حاده تکون فی البول فتلذع فی المثانه فتدفعه الطبیعه بسبب التأذی فیحدث عن ذلک تقطیر البول، و یستدل علی ذلک من حمره البول و الحرقه التی یجدها العلیل فی طرف الاحلیل و من التدبیر المسخن الذی تقدم للعلیل.

[فی خروج البول من غیر اراده]

و أما خروج البوم من غیر إراده: فبمنزله ما یعرض لمن یبول فی فراشه فیعرض ذلک:

إما من استرخاء العضله المحیطه بعنق المثانه و ضعف القوه الماسکه بسبب رطوبه تحدث لها و أکثر ما یحدث هذا للصبیان لرطوبه أعضائهم.

و إما من زوال الفقار المحاذی للمثانه إلی خارج فیقطع رباطات المثانه و یسترخی لذلک و لا یضبط [البول[1722]].

فهذه صفه الأمراض الحادثه فی المثانه، و ینبغی «أن تعلم أن هذه العله إذا حدثت بالمشایخ کانت عسره البرء» کما قال: أبقراط.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 485

الباب السادس و الثلاثون فی علل الصفاق و أسبابها و علاماتها

أما العلل العارضه لصفاق البطن فهو ما یعرض له من الخرق، و الفتق، و التخلخل، فیعرض منه خروج الثرب او الأمعاء[1723] إلی خارج الصفاق إلی ما یلی البطن و عضلها[1724].

و هذا الخرق و الفتق بما کان فیما یلی السره و ما دونها فیکون خروج الثرب أو الامعاء[1725] إلی تلک الناحیه و هذا و یکون شبیهاً بالورم و یقال لذلک: فتق.

و إما أن یکون الخرق فی ناحیه الحالبین فی المجری الذی یصیر إلی الانثیین فیکون خروج المعی أو الثرب و نزوله إلی تلک الناحیه، فإذا وقف

فی الاربیه فیقال لذلک قیله الاربیه وقروا الأربیه، فإن نزل إلی کیس الانثیین قیل لذلک: قیله المعی، و القرو المعوی أو الثربی.

و حدوث هذه العلل یکون: إما من حرکه مفرطه بمنزله الوثبه و الصرخه و الطفره لا سیما بعقب الغذاء، و الرکله أو شیل شی ء ثقیل، أو ضربه تقع علی البطن فتهتک الصفاق.

و إما من خلط غلیظ یفعل مثل ذلک.

و إما من ریح منفخه للبطن و المعی فتمدد الصفاق و تهتکه أو تخلخله.

و إما من رطوبه لزجه تزلق المعی و تجذبه إلی ناحیه الأربیه.

و یفرق بین هذه العلل و بین الورم بأن یستلقی العلیل علی ظهره و تغمز

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 486

الموضع الناتی ء من البطن و الانثیین[1726] بالید و تدفعه إلی داخل فإن دخل و غاب النتوء فإن العله هی خرق فی موضع الصفاق، و یقال لذلک الفتق، فإن لم یدخل و یغب فإن ذلک من جنس الورم.

و ینبغی أن تعلم أن ما کان من الفتق فوق السره بقلیل یکون مؤذیاً مؤلماً و ذلک أن الأمعاء الدقاق هناک إذا برزت تضاغطت لما فیها من فضول الغذاء فینال الانسان من ذلک ألم و کرب و ربما تقیأ صاحبها الزبل، و ما کان من الفتق فوق السره بکثیر فإنه یکون غیر مؤلم لأن هذا الموضع بعید من موضع الأمعاء و إنما یبرز منه الثرب فقط، و ما کان من الفتق دون السره فإنه فی أول الأمر لم یؤلم لأن فی هذا الموضع الأمعاء الغلاظ فهی لغلظها و کبرها لا تبرز فی أول الأمر فلا تؤلم حتی طالت المده و اتسع الفتق حینئذ برزت الأمعاء فحدث التضاغط و الألم.

[فی نتوء السره]

و أما نتوء السره: فیکون من خرق

الصفاق فی موضع السره و خروج الأمعاء و الثرب إلی خارج الصفاق کما ذکرنا، و ربما کان ذلک من رطوبه بلغمیه تصیر إلی السره أو من لحم ینبت هناک، و ربما کان من عرق ینخرق أو لشریان یتفزر فیخرج الدم منه إلی تحت الجلد کالورم المسمی أبورسما، و ربما کان من ریح.

فما کان من ذلک من قبل انخراق الصفاق فإن الورم یکون کلون البدن و یکون لمسه لیناً من غیر وجع فإن کان المعی قد خرج، قال إذا غمزت علیه بالید اندفع إلی داخل و رجع و تکون معه قرقره أحیاناً، و إذا دخل صاحبه الحمام عظمت السره، إذا کان فتق السره عن رطوبه فإن ملمسها یکون رطباً و لا یوجع عند الغمز و لا یزید.

و إن کان نتوء السره بسبب خرق عین أو شریان فإن لون الموضع یکون بنفسجیاً أو أسوداً.

و إن کان نتوء السره من قبل لحم نابت فإنها تکون صلبه و لا تزید و لا تنقص.

و إذا کان ذلک من ریح فإن ملمسها یکون لیناً.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 487

الباب السابع و الثلاثون فی علل أعضاء التناسل و أسبابها [و علاماتها[1727]]

أما العلل الحادثه فی آلات التناسل: فمنها ما یحدث فی الانثیین، و منها ما یحدث فی القضیب، و منها ما یحدث فی الرحم، و منها ما یحدث فی الثدیین.

[فی علل الانثیین]

أما العلل التی تحدث فی الانثیین: فمنها ما یحدث فی نفس جرمها، و منها ما یحدث فی صفاقها[1728] و جرمها، و منها ما یحدث فیما بین جلدتها و الصفاق، و منها ما یحدث فی عروقها، و منها ما یحدث فی جلدتها من خارج.

[فی نفس جرمها]

فأما ما یحدث فی نفس جرمها: فهو ذهاب شهوه الجماع و عدم التولید، و قله سیلان المنی، و

أصناف الورم و القروح التی تعرض لها.

أما ذهاب شهوه الجماع فیکون: إما من خلع یعرض لهذه الأعضاء کالذی یعرض فی الفالج، و إما من قله المنی، و قله المنی تکون:

إما لعدم الغذاء الذی یکون بسبب استفراغ کثیر یعرض للبدن، و إما لسوء مزاج بارد یابس یغلب علی الانثیین و لا تحیل ما یصیر إلیها من الماده إلی جوهر المنی.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 488

و أما عدم التولید فیکون: [إما[1729]] من إفراط سوء المزاج علی الانثیین حتی یکون إما حاراً فیحرق ماده المنی، [و اما باردا فیجمدها، او رطبا فیفرقها، او یابسا فیغلظها.

و اما سیلان المنی: فهو خروج المنی[1730]] من غیر إراده و لا انعاظ، و هذا یکون من صنف القوه الماسکه التی فی الانثیین، و شده القوه الدافعه التی فیها مع حراره و رطوبه کثیره تغلب علی مزاجها و قد یکون ذلک عن تشنج الآت المنی کالذی یعرض فی وقت الصرع فإن هذه الأعضاء إذا تشنجت حدثت لها حرکه خارجه عن الطبع و دفعت لذلک ما فیها من المنی بالامذاء.

و أما الورم العارض للانثیین: فمنه حار و معرفته تکون لعظمهما و حمره لونهما و ما یعرض فیهما من الوجع و الحراره، و إما أن یکون بارداً بلغمیاً و یستدل علیه ببیاض اللون و رخاوه الملمس و قله الوجع، فإن کان سوداویاً فبالصلابه و کموده اللون.

[فی ما یعرض صفاقها]

و أما ما یعرض فیما بین جرم الانثیین [و صفاق المحیط بها: فمنه اجتماع رطوبه مائیه بارده فیما بین جرم الانثیین[1731]] و صفاقهما، بمنزله ما یعرض فی الاستسقاء، و یستدل علیه بما یعرض من الانتفاخ و التمدد و بیاض اللون و البریق و ظهور الماء تحت الملمس، و

منه نزول الثرب و المعی إلی هذا الموضع.

و حدوث ذلک یکون: إما من فتق الصفاق المجلل للأحشاء و حرقه فی موضع الأربیه، و إما من خلع المعی و انتهاک الرباطات التی تربطه، و إما من تمدد الصفاق و تخلخله.

و الأسباب العامه لهذه هی: إما وثبه، و إما ضربه، و إما صیحه قویه لا سیما بعد الاغتذاء، و إما من رطوبه ترخی و توسع المجاری التی عند الحالبین و إلی الانثیین فتزلق الأمعاء و تحدرها إلی کیس الانثیین، و أکثر ما یعرض ذلک للصبیان لرطوبه

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 489

مزاجهم و لمن کان من الشباب أکثر رطوبه.

و الدلائل العامه التی یستدل بها علی ما کان من انخراق الصفاق أو تمدده و خلع المعی هو الورم الظاهر فی الخصی فإن أصحابه إذا استعملوا شیئاً من ریاضه التوثب أو حبس النفس أو شیئاً آخر مما یشبه ذلک یصیر الورم أعظم مما کان، و اذا غمز علیه یکون رجوعه إلی فوق بطیئاً و یکون نزوله أیضاً بطیئاً و یبقی المعی من فوق علی شکله الخاص و فی موضعه حتی یقوم العلیل قائما، و کثیرا ما یصیر شی ء من الزبل الی هذا الموضع و یحتبس هناک، و کثیراً ما یعرض من ذلک الموت و کثیراً ما یعرض منه وجع و قرقره لا سیما إذا غمزت علیه.

و أما علامه من کانت علته من امتداد: فهی أن حدوث الورم، و نزول المعی لا یکون دفعه بل قلیلًا قلیلًا فی زمان طویل، و یکون الورم مستویاً فی العمق و ذلک لأن الصفاق یعصر[1732] المعی الذی قد خرج الیه من شق الصفاق، و یستدل علی أنه من شق الصفاق أن المعی ینزل الی کیس

الانثیین دفعه، و یکون الورم لذلک متداول الامر عظیماً، و یکون مختلف الشکل ظاهراً تحت الجلد و ذلک لخروج المعی و مصیره الی خارج الصفاق.

[فی ما بین جلدتها و الصفاق]

و أما ما یحدث بین جلده الخصی و الصفاق فهو القرو اللحمی، و حدوث ذلک یکون: إما من انصباب ماده غلیظه[1733] الی هذا الموضع، و إما من ضربه؛ و إما [من[1734]] علاج القرو المائی إذا جری علی غیر احکام و قد یحدث فی الانثیین أیضاً شبیه بالقرو، و یکون حدوثه من تمدد الصفاق و خلع المعی و زواله الی ذلک الموضع.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 490

[فی عروقها]

و أما ما یحدث فی عروق الانثیین التی فی الجلد أو فی جرمها: فهی الدوالی و هو القرو المعروف بقر و الدالیه، و حدوثه یکون عن الأشیاء التی تحدث عنها الدوالی فی الساقین أعنی من انصباب مواد غلیظه الی هذه العروق و إلی جرم الانثیین، و یستدل علی ذلک بظهور عروق ممتلئه ملفوفه ملتویه کأنها عنقود، و استرخاء الانثیین و عسر حرکتهما و عسر فی المشی، و أکثر ما یعرض ذلک فی الخصیه الیسری و ذلک لضعف هذه الخصیه و نقصان الحراره فیها.

[فی جلدتها من خارج]

و أما ما یعرض [فی جلده الانثیین فهی أنواع البثور و القروح و الحکه و غیر ذلک مما یعرض[1735]] فی ظاهر البدن و استرخاء الجلده من خارج من غیر أن تسترخی الأجرام التی من داخل.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 491

الباب الثامن و الثلاثون فی علل القضیب و أسبابها و علاماتها

أما العلل التی تعرض للقضیب: فمنها ما یعرض فی نفس جرمه، و منها ما یعرض فی مجراه.

[فی العلل التی تعرض فی نفس جرم القضیب]

أما ما یعرض فی نفس جرمه فهی العله المعروفه التی تسمی فریاقسموس[1736]،

و هی کثره انتشار القضیب و انعاظه و اختلاج العارض فیه [و هو[1737]] ما یعرض فیه من الأورام و القروح.

و أما ما یعرض فی مجراه: فهی السده العارضه فیه.

[فی کثره انعاظ الذکر]

فأما کثره انعاظ الذکر و دوامه: فیکون إما من ریح تتولد فی نفس القضیب، و إما من رطوبه غلیظه لزجه و حراره معتدله، و یستدل علیه بما یکون معه من الاختلاج، و إما بأن تصیر الیه ریح فی العروق الضوارب، و یستدل علی ذلک بالانعاظ الذی لا یکون معه اختلاج و ربما تقدم الإنسان من ترک الجماع فی مده طویله و الإدمان علی أکل الأشیاء الحریفه.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 492

[فی اختلاج الذکر]

و أما اختلاج الذکر: فحدوثه یکون من ریح قویه تحتقن فی نفس جرم القضیب، و یعرض أکثر ذلک من ورم حار و انعاظ شدید، و کثیراً ما یعرض من هذه العله استرخاء أوعیه المنی و انخلاعها و ربما عرض منه تشنج، و من صار من أصحاب هذه العله إلی التشنج مات سریعاً عند ما تتورم بطونهم و یعرقون عرقاً بارداً.

[فی الورم و القروح العارضه للقضیب]

و أما الورم و القروح العارضه للقضیب فحدوثها بمنزله حدوثها فی جمیع الأعضاء الظاهره و دلائلها کدلائلها.

[فی السده التی تعرض فی مجری القضیب]

و أما السده التی تعرض فی مجراه: فتکون إما من خلط غلیظ لزج یلحج فیه، و إما من قرحه، و یستدل علیها بما یعرض من حرقه البول و عسر خروجه و ما یخرج من الخلط الغلیظ و المده[1738] أو الدم و قشور القرحه التی تخرج مع البول من غیر أن تخالطها مده، و الله اعلم[1739].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 493

الباب التاسع و الثلاثون فی علل [العارضه فی[1740]] الرحم و أسبابها و علاماتها

أما العلل العارضه فی الرحم فهی:

النزف، و احتباس الطمث، و السیلان، و العله المعروفه باختناق الرحم، و النفخ و الریاح العارضه له، و الأورام العارضه له، و الدبیله، و العله المعروفه بالرجاء، و العله المعروفه بالقب، و البواسیر، و الشقاق، و سائر القروح، و استرخاء الرحم و خروجه إلی خارج، و میله إلی جانب، و انقلاب فم الرحم، و بطلان الحبل، و کثره اسقاط الأجنه، و عسر الولاده، و القروح الحادثه فیه.

[فی احتباس الطمث]

فأما احتباس الطمث: فینبغی أن تعلم أولًا درور الطمث الطبیعی و انقطاعه و ذلک أن الطمث للمرأه یکون عند تمام عشره سنین[1741] و أکثر من ذلک فی أربعه عشر سنه.

و أما انقطاعه فقد ینقطع فی بعضهن فی السنه السادسه و الثلاثین و فی بعضهن فیما بعد ذلک إلی تمام الستین سنه و الخنثی من النساء لا تطمث.

و أما مکث أدوار الطمث الصحیحه فأقلها یومان و أکثرها سبعه أیام و ما زاد علی ذلک فلیس بطبیعی، و بدن المرأه یثقل علیها عند قرب نوبه [الطمث][1742]، و من

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 494

کانت من النساء یجی ء حیضها فی أوقات متباعده فإنه یعرض لها أذی شدید لأنها تستفرغ استفراغاً کثیراً دفعه.

و أما الزمان الذی یکون بین کل دورتین[1743] فهو من عشرین و ما فوق ذلک إلی شهرین، و ما کان حدوثه بعد ذلک فهو خارج عن المجری الطبیعی و یقال لذلک: احتباس الطمث.

و احتباسه یکون: إما بسبب عله فی الرحم، و إما بسبب غلظ الدم، و إما بسبب ضربه تقع بالرحم، و إما بسبب عله تکون فی جمیع البدن و فی عضو واحد.

أما من قبل الرحم: فیکون [إما بسبب ورم[1744]]، و إما بسبب تعویج الرحم، [و اما بسبب غلظ الدم[1745]]

و إما بسبب اسقاط، و إما بسبب ضربه تقع الرحم، و إما بسبب سده تعرض: فی العروق التی یصیر فیها الدم إلی الرحم.

و السده تعرض إما بسبب سوء مزاج بارد یکثف الرحم و یضم أفواه العروق، و إما من خلط غلیظ یلحج فی المجاری، و إما من ورم، و إما من أثر قرحه إذا اندملت.

و قد یعرض احتباس الطمث من خروج دم من المقعده أو من رعاف مفرط أو من نزف الدم أو خروجه من الصدر.

فأما ما یکون بسبب عله تعرض فی جمیع البدن: فیکون إما بسبب حمی، أو فساد المزاج عند حدوث الاستسقاء.

و أما ما یکون من عضو واحد: فبمنزله عله تکون فی الصدر أو فی المعده أو فی الکبد، و قد یکون أیضاً بسبب خصب البدن المفرط فیضغط العروق و یضیقها.

[فی علامات احتباس الطمث]

و العلامات الداله علی احتباس الطمث ثقل فی أسفل البطن و فی جمیع البدن، و وجع فی الظهر و الرقبه، و احتباس البول و البراز، و ربما کان البول أسوداً و ذهاب شهوه الطعام، و ربما اشتهت المرأه الاطعمه الردیئه، و کثیراً ما تعرض

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 495

لأصحاب هذه العله أعراض ردیئه کالغشی و الغثیان و رداءه الذهن، و یعرض لهن أیضاً النافض و الخراج[1746] فی مواضع الحالب.

[فی نزف الدم]

و أما النزف: فهو کثره خروج الدم من الرحم، و حدوثه یکون إما من إفراط استفراغ دم الطمث، و هذا یکون: إما من ضعف القوه الماسکه، و إما من رقه الدم و لطافته.

و حدوثه: إما من کثره الدم و امتلاء العروق و تمددها، و إما من انخراق بعض عروق الرحم بسبب خلط حاد أو تأکل أو صدع و یکون النزف

من إفراط استفراغ [غیر[1747]] دم النفاس، و إما من خروج الجنین المیت إذا کان سقطا.

و إذا أفرط النزف عرض من ذلک تغیر لون البدن و تهیجه و انتفاخ القدمین و فساد الهظم، و إذا أسرف فربما أتلف المرأه.

[فی سیلان الرطوبه من الرحم]

و أما السیلان: فهو رطوبه تسیل من فم الرحم، و هذه الرطوبه: إما أن یکون تولدها فی الرحم نفسه إذا ضعفت القوه الغاذیه، و إما من فضول تصیر إلیه من جمیع البدن علی جهه الاستفراغ و التنقیه، و یستدل علی نوع ذلک الفضل من لون الرطوبه و جوهرها و ذلک أنها، ربما کانت حمراء فتدل علی أنها دمویه، و ربما کانت بیضاء فتدل علی أنها بلغمیه، و ربما کانت صفراء فتدل علی أنها صفراویه، و ربما کانت سوداء فتدل علی أنها سوداویه و کثیراً ما تکون مائیه شدیده السیلان، و ربما کانت غلیظه لزجه.

و مما یستدل به علی أنه من نوع هذا الفضل أن تأمر المرأه أن تتحمل بخرقه نظیفه ثم تنظر إلی تلک الخرقه بعد أن تجف فإن کان لونها أحمراً [قانیاً[1748]] کان الفضل دمویاً، و إن کان ناصعاً أو أصفراً فإن الفضل صفراوی، و إن کان أبیضاً فإن

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 496

الفضل بلغمی، و إن کان أسوداً أو کمداً فإن الفضل سوداوی [فاعرفه[1749]].

[فی اختناق الرحم]

و أما اختناق الرحم: فهو بطلان التنفس العارض من قبل الرحم، و هی عله ردیئه جداً و تعرض منها بالمشارکه للدماغ و القلب علل کثیره ردیئه بمنزله الصداع الشدید و السکته و الصرع و الغشی الشدید، و غیر ذلک من الأعراض [و العلل[1750]] التی ذکرناها فی موضعها.

و کثیراً ممن تعرض لهن هذه العله من النساء تهلک فی

وقت صعوبه العله و ذلک أن لها أوقاتاً تصعب و تشتد فیها و أوقاتاً [تخف[1751]] و ربما کانت لها نوائب کنوائب الصرع.

و حدوث هذه العله [أما] من الامتلاء الذی یکون فی الرحم عند احتباس المنی عند ما یبعد عهد النساء اللواتی[1752] قد اعتدن الجماع فیکثر المنی فی أوعیتهم[1753] و یتراکم و یغمر الحراره الغریزیه فیطفئها و یبرد مزاج الرحم.

و أما [من[1754]] احتباس دم الطمث إذا طال به الزمان و کثر فی الرحم فیعرض منه مثل ما یعرض من المنی [إذا کثر[1755]] من اختناق الحراره الغریزیه و انطفائها و لذلک صار أکثر ما تعرض هذه العله للنساء الشباب العواتق لشده شوقهن[1756] إلی الجماع، و لأن مجی ء الطمث فیهن کثیر فإذا احتبس أحدث هذه العله، و لا تکاد تحدث هذه العله للمزوجات من النساء و لمن یجامعن، لأن المنی لا یحتقن فی أرحامهن إذ کان احتقان المنی أعظم الأسباب فی حدوث هذه العله، و قد یحدث ایضاً کثیراً لغیر العواتق اللواتی لا یلدن بسبب آفه عرضت لآلات المنی و العروق التی یجری فیها دم الطمث فیحتبسان و لا سیما إن کانت المرأه لا تلد بسبب دواء تناولته لقطع النسل. و حدوث هذه العله یکون بأدوار معلومه کالذی یعرض فی

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 497

الصرع.

و العلامات الداله علی هذه العله فی أول النوبه و قبل أن تصعب و تشتد هی اختلال فی الذهن، و کسل، و ضعف فی الساقین، و صفره فی الوجه، و رطوبه فی العینین، و إذا استحکمت النوبه و صعبت عرض منها اختلاط الذهن، و الغشی، و بطلان الحس و انقطاع الصوت، و تواتر النبض و اختلافه[1757] و ضعفه و بطلانه فی آخر الأمر حتی

یقدر فی صاحبه هذه العله أنها قد ماتت فیمتحن أمرها بشی ء من القطن المربد[1758] یوضع عند المنخرین لیمتحن به التنفس هل یتحرک أم لا ثم یصیر الوجه إلی الحمره ما هو، کأنه منتفخ و ینجذب الرحم إلی فوق و کذلک[1759] ینجذب عضل الساقین، فإذا ابتدأت النوبه تخف و تسکن فیسترخی الرحم و ینزل إلی أسفل و تخرج منه رطوبه یسیره تعرض فی البطن قراقر و خروج الریح من أسفل.

[فی النفخ و الریاح التی تعرض فی الرحم]

و أما النفخ و الریاح التی تعرض فی الرحم: فتکون إما من سوء مزاج بارد فتضعف لذلک الحراره الغریزیه و تنحل مما یصل إلیها من الغذاء إلی الریاح، و إما من إسقاط، و إما من علق دم یسد فم الرحم، و إما من عسر الولاده، و إما من انضمام فم الرحم.

و ربما کانت الریح فی عمق الرحم، و ربما کانت فیما بین أجزائه المتخلخله، و یعرض لمن بها ذلک ورم فی العانه و ما یلیها من أسفل البطن و صلابه و وجع مع تمدد و ینتهی إلی الاربتین و إلی فم المعده و الحجاب.

و العلامه الخاصه التی یستدل بها علی هذه العله هی انک متی قرعت ما دون السره من البطن سمعت له صوتاً کصوت الطبل.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 498

[فی اورام الرحم]

و أما الأورام التی تعرض للرحم: فإن أکثر ما یعرض له الورم الحار، و الورم الصلب.

فأما الورم الحار: فإنه یعرض للرحم: إما من أسباب من خراج بمنزله الضربه و الرفسه، و إما من داخل: فیکون إما من احتباس دم الطمث أو احتباس دم النفاس أو من إسقاط جنین أو من عسر الولاده، و ذلک لما یعرض لهذا العضو

من شده الحرکه و الألم [فیجذب[1760]] له ماده.

و هذا الورم: إما أن یکون فی جمیع أجزائه، و یستدل علیه بالحمی الحاده المطبقه، و وجع فی الرأس و الرقبه و لا سیما فی الیافوخ و ثقل العینین و استرخاء فی الاطراف و فساد المعده و العطش و احتباس البراز و عسر البول و تقطیره، کالذی قال أبقراط: فی کتاب الفصول «إن من عرض له ورم فی المقعده أو فی الرحم تبع ذلک تقطیر البول و ذلک لما یعرض للمعی و المثانه و رقبتها من الضغط و انضمام فم الرحم بسبب الورم».

و إما أن یکون فی جزء دون جزء و یستدل علیه بما یعرض لذلک الجزء و ما یلیه من الوجع، و ذلک أنه إما أن یکون فی مؤخر الرحم فیعرض منه وجع الظهر و احتباس البراز، و إن کان الورم فی مقدمته عرض معه وجع فی العانه و عسر البول و تقطیره و إن کان فی أعلاه عرض الوجع فوق السره و مما یلی المعده، و إن کان فی أحد جانبیه عرض الوجع فی الاربیتین و الفخذین و الساقین، و إن کان فی أسفله کان الوجع فی أسفل السره، و إن کان فی فم الرحم کان الوجع مما یلی الدبر، و إذا لمس فم الرحم بالاصبع وجد صلباً.

[فی الدبیله]

و أما الدبیله: فهی إذا صار الورم خراجاً، فإن الأعراض التی ذکرناها تکون أشد و أقوی، و ینضاف إلیها حمیات مختلفه الأدوار و قشعریره و إذا قارب أن

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 499

ینفجر أشتد الالم و قویت الحمیات و عرض مع ذلک نخس، و إذا کان الورم من أسفل الرحم أحس الإنسان إذا لمس موضع العانه بالمده حساً

بیناً، و هذا یکون إذا کان الخراج کبیراً و کذلک إذا کان الخراج فی فم الرحم ظهرت المده تحت اللمس عند ما تدخل الإصبع فی فم الرحم.

[فی الورم الصلب المسمی اسقیروس]

و أما الورم الصلب الذی یعرض للرحم فهو الورم المسمی اسقیروس[1761]، و یعرض کثیراً للرحم فیما یلی رقبته من غیر أن یتقدمه ورم حار و لا غیره من العلل التی یعرض بعقبها الجسا، و تولده یکون من ماده سوداویه تتولد فی الرحم و یتبع هذا الورم میل الرحم إلی جانب، و متی لم یتدارک و یعالج عرض منه الاستسقاء، و علامه هذا الورم هی الصلابه التی تکون فی موضع العانه و فم الرحم و الثقل فی الموضع و اضطراب حرکه الأعضاء لا سیما الساقین و کسل عن الحرکه، و قد یؤول هذا الروم إلی الورم المعروف بالسرطان، و هو ورم صلب متحجر و حدوثه یکون کما قلنا من ماده سوداویه أو مره سوداء [تتولد فی الموضع.

و أکثر حدوثه یکون مما یلی فم الرحم[1762]] و ربما کان السرطان مع تقرح، و ربما کان بغیر تقرح.

أما ما کان من غیر تقرح: فیستدل علیه بالوجع الشدید فی الاربیتین و أسفل البطن و العانه و الظهر و الغلظ الصلب الظاهر فی العانه و أسفل البطن و فم الرحم، و یکون لونه کلون دردی الخمر، و ربما کان لونه إلی السواد.

و إذا کان السرطان مع تقرح فإنه یعرض مع ما ذکرنا من الأعراض تأکل و عقور مختلفه وسخه و یکون لونه إلی البیاض ما هو، و ربما کان منه ما لیس معه وسخ و یکون لونه إلی الحمره أو الخضره أو إلی السواد، و کثیراً ما تسیل منها رطوبه مائیه

منتنه الرائحه و لونها إما إلی البیاض، و إما إلی السواد، و إما إلی الحمره، و تعرض مع ذلک أعراض کثیره من أعراض الورم الحار، و هذه العله لا برء لها.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 500

[فی الرجا]

و أما العله المعروفه بالرجا:[1763] فهی ورم صلب یعرض إما فی فم الرحم، و إما فی الرحم کله فیصیر الرحم لذلک صلباً متحجراً، و یستدل علی هذه العله بما یعرض للبدن من القضف و سماجه اللون و نقصان شهوه الطعام و احتباس الطمث و ورم الثدیین و البطن حتی یظن بمن یعرض لها هذا منذ أول الأمر أنها حامل، و إذا تمادی بها الزمان توهم أن بها استسقاء، و یفرق بین هذه العله و بین الاستسقاء بالجسا و الصلابه التی فیها، و أن العلامات التی تظهر فی أنواع الاستسقاء لا یظهر منها فی هذه العله شی ء مع أن هذه العله إذا تطاولت آل أمر صاحبها إلی الاستسقاء.

[فی القب]

و أما العله التی یقال لها القب: فهی انضمام فم الرحم انضماماً شدیداً مع صلابه، هذا یعرض عن الورم الحار المعروف بالفلغمونی إذا حدث فیما یلی فم الرحم من خارج عند ما یتحلل لطیفه و یبقی غلیظه[1764] فیصلب و یتحجر، و یستدل علی هذه العله بما یتقدمها من الورم الحار و بما یظهر للمس من صلابه فم الرحم و انضمامه.

[فی ثآلیل الرحم]

و أما الثآلیل التی تعرض فی فم الرحم: فحدوثها یکون من خلط غلیظ سوداوی، و تعرف هذه العله بأن یفتح فم الرحم بالآله التی یفتح بها الرحم فإنها تتبین بحاسه اللمس و البصر معاً.

[فی بواسیر الرحم]

و أما البواسیر فحدوثها یکون أیضاً من خلط سوداوی کما یعرض فی المقعده، و معرفه هذه

العله أیضاً تکون بحاسه البصر إذا فتح فم الرحم فإنها تظهر

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 501

ناتئه، و إذا کان فی وقت هیجان الألم کان لونها أحمراً و إذا کان فی وقت السکون سالت منها رطوبه شبیهه بالدردی و لونها إلی السواد ما هو.

[فی الشقاق]

و أما الشقاق: فیعرض من شده الطلق و لا یتبین فی أول الأمر لقرب عهدهن بالطلق و شده الوجع الحادث عنهن، فإذا کان بعد ذلک یحسن بألمه قلیلًا قلیلًا، و عند ما یلمسنه بالاصبع، و فی وقت الجماع إذا خرج منه الدم بسبب الدلک[1765] و یظهر ظهوراً بیناً إذا فتح فم الرحم.

[فی البثور]

و أما البثور فحدوثها من أخلاط [ردیئه[1766]] دمویه أو مواد مخالطه للدم، و أکثر ما یعرض ذلک لفم الرحم، و الوقوف علیها یکون بفتح فم الرحم و النظر فیه و بحاسه اللمس إذا لمس بالاصبع.

[فی القروح]

و أما القروح العارضه فی الرحم فحدوثها یکون: إما من بسبب من خارج بمنزله الضربه و الرفسه التی تقع علی موضع الرحم فتهتک أو تفسخ، و إما من داخل فیکون ذلک من [عسر[1767]] الولاده و شده الطلق او من[1768] جذب المشیمه أو من جذب الجنین المیت فیعرض منه الفسخ و الهتک، و إما من خلط مراری حاد یقطع أو یأکل، و إما من انفجار ورم أو بثور تنفجر.

و ربما کان العقر فی فم الرحم و یستدل علیه بما یظهر للحس فی فم الرحم عند فتحها بالآله التی تفتح بها الرحم، و یستدل علی کیفیته و جوهره بما یخرج من اختلاف الرطوبه و ذلک أنه متی کان ما یخرج من الرحم شیئاً کثیراً شبیهاً بالدردی

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 502

مع [وجع فهو یدل علی خراج انفجر،

و إن کان دما اسود منتنا مع وجع شدید[1769]] فهو یدل علی التأکل، و إن کان الدم الذی یخرج أحمراً فهو یدل علی فسخ أو هتک، فإذا کان الخراج أو القرحه وسخه کان ما یخرج من ذلک شبیهاً بماء اللحم و یکون الالم أقل، فإن کانت القرحه او الجرح[1770] نقیتین کان ما یخرج منهما مده ثخینه بیضاء قلیله المقدار مع لذع و لیس لها رائحه.

[فی بروز الرحم و خروجه إلی خارج]

و أما بروز الرحم و خروجه إلی خارج: فیکون حدوثه إما من سبب من داخل، و إما من سبب من خارج.

أما الأسباب التی من خارج: فتکون إما من جذب المشیمه فی وقت الولاده إذا عسر خروجها، و إما لجذب جنین میت إذا کان جذبه علی غیر ما ینبغی فیجذب لذلک و یبرز إلی خارج، و إما لسقوط المرأه من موضع علی عجزها، و إما لفزع شدید یعرض[1771] عنه ضعف و استرخاء فی الأعضاء فیزلق لذلک الرحم و یخرج إلی خارج، بمنزله ما یعرض من ذلک للذین تقع بهم الغارات و الذین یرکبون البحر و الذین یخبرون بهلاک أولادهم.

و أما من داخل: فیکون بسبب رطوبه بلغمیه لزجه یزلق منها الرحم بمنزله ما یعرض من ذلک للنساء اللواتی قد یتجاوزن سن الشباب لکثره ما تجتمع فی أبدانهن من هذه الرطوبه.

[فی تعویج الرحم و میله إلی جانب]

و أما تعویج الرحم و میله إلی جانب: فحدوثه یکون عن کیموس غلیظ لزج یکثر فی أحد جانبی الرحم فیمیله و یمنع من الحبل لاعوجاج آله المنی.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 503

[فی عدم الحبل]

فإذا عدم الحبل فیکون: إما من قبل المرأه، و إما من قبل الرجل.

فأما عدم الحبل الذی یکون من قبل

المرأه: فیکون إما من سوء مزاج الرحم، و إما من مرض آلی، و إما من خلط مصبوب تجویفه.

و سوء المزاج إذا کان مفرط أحدث العفن[1772] و إن کان لیس بالمفرط أحدث عدم الحبل، و ذلک: إما من سوء مزاج حار فیحرق المنی و یفسده، و إذا کان بارداً کثّف الرحم و ضم أفواه العروق التی یصیر فیها المنی و دم الطمث إلی الرحم فإن ورد إلیه المنی برده و جمده و لا یتولد أیضاً فی الانثیین منی کثیر و لذلک[1773] لا یتم فیه التولید، و إن کان سوء المزاج رطباً لم یقدر الرحم علی ضبط المنی الذی یصل إلیه لما یحدث فیه من الملاسه فیزلق و یخرج، و إن کان سوء المزاج یابساً [جفف[1774]] المنی و أفسده بالیبس، و یکون ما یتولد فیه من المنی غلیظاً منتناً لا یتمدد مع القوه المتولده.

و أما المرض الآلی الذی یکون فی الرحم و یمنع من الحبل: فیکون إما من سده تعرض فی العروق التی یجری فیها الطمث إلی الرحم، أو فی مجاری المنی و إما ورم، و إما غیر ذلک من العلل التی ذکرناها فی الرحم، و یستدل علیها بما ذکرنا من ذلک فی بابه.

و أما عدم الحبل الذی یکون بسبب خلط مصبوب فی تجویف الرحم:

فیکون إما من رطوبه بلغمیه أو صفراویه أو سوداویه و یستدل علیها بما یخرج من هذه الرطوبات إلی خارج.

و کثیراً ما یعرض عدم الحبل بسبب سمن المرأه و ذلک لما یعرض من ضغط الثرب لفم الرحم و لا یصل إلیه منی الرجل و یضغط مجاری المنی و دم الطمث و یعرض من ذلک أن لا یجری دم الطمث و المنی إلی الرحم و

إن هو جری یکون قلیلًا رتحا، و لذلک قال أبقراط: فی کتاب الفصول «إذا کانت المرأه علی حال

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 504

خارجه من الطبیعه فی السمن فلم تحبل فإن الغشاء الباطن من غشائی البطن یزاحم فم الرحم منها [فیمنع الحبل[1775]] [و لیست تحبل حتی تهزل[1776]]».

[فی عدم الحبل الذی یکون من قبل الرجل]

و أما عدم الحبل الذی یکون من قبل الرجل: فیکون إما من قبل رداءه مزاج المنی، و إما من مرض آلی.

أما من رداءه مزاج المنی: فیکون إما حاراً محرقاً، و أما بارداً مجمداً، و إما رطباً سیالًا لا یثبت فی [فم[1777]] الرحم، و إما یابساً لا ینبسط فی الرحم.

و هذا یکون أیضاً إذا کان مزاج منی المرأه و مزاج رحمها معتدلًا أو مشاکلًا لمزاج منی الرجل فی هذه الحال.

و أما متی کان مزاج منی المرأه أو مزاج رحمها مضاد لمزاج منی الرجل فإن التولید: یکون کثیراً إلا أنه إذا امتزج المنی الحار [مع المنی البارد او[1778]] الرطب مع الیابس اعتدلا و کان منهما التولید.

فأما المرض الآلی الذی یمنع الرجل من التولید فهو تعویج مجری القضیب و التواؤه فإذا خرج المنی لم یمر بالحذاء علی الاستقامه إلی أقصی الرحم لکن ینزل فی فم الرحم، و أنت تعرف هذا من بول الرجل إذا بال أنه لا یزرق و یمر علی الاستقامه لکنه یجری إلی أسفل من غیر أن یزرق.

[فی معرفه عدم الحبل هل من المرأه او من الرجل]

و ینبغی أن تعلم هل عدم الحبل من قبل المرأه أو من قبل الرجل: من الامتحان الذی أمر به أبقراط فی کتاب الفصول حیث یقول: «إن أردت أن تعلم هل عدم الحبل من قبل المرأه أو من قبل

الرجل فاقعد المرأه علی کرسی [من خشب مثقوب الوسط[1779]] و غطها بثیاب، ورد علیها ثیابها و بخر تحتها بخور فإن

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 505

رأیت البخور ینفذ فی بدنها و یصل إلی منخریها و إلی فمها حتی تجد طعمه فی فمها فاعلم أن لیس تعذر الحبل من قبلها، لکن من قبل الرجل».

و ذلک أنه متی کانت فی الرحم سده فی أفواه العروق التی یجری فیها المنی و دم الطمث إلی الرحم بسبب برد أو یبس أو مرض آلی فإن دخان رائحه البخور لا ینفذ فی بدن المرأه، و کذلک إن کانت هناک رطوبه فإنها تطفی ء الدخان کما تطفی ء حراره المنی و إن کانت هناک حراره قویه فإنها تحیل البخور و تفسده.

و ذکر بعض العلماء «أنه ینبغی أن یصب منی الرجل علی الماء فإن انبسط علی وجه الماء و تحلل فإنه بارد رقیق و لا ینجب، و إن رسب فی الماء و لم یطف دل ذلک علی إنجابه فی التولید، و أن عدم الحبل لیس من قبل الرجل».

و أیضاً فإنه متی کان الرحم بعیداً فی وضعه أو کبیراً و کان الذکر قصیراً لم یمکن أن یجتذب الرحم المنی إلیه فلم یتم الحبل، و یکون عدمه من قبل الرجل.

و أنت أیضاً تقدر علی أن تعرف ذلک من الدلائل التی ذکرناها أنها تدل علی سوء المزاج الطبیعی فی الرجل و المرأه فی الانثیین بمنزله القضافه و السمن و السواد و البیاض و الصلابه و اللین و کثره المنی و قلته و غلظه ورقته.

و ینبغی أن تعلم أن المرأه تحبل إلی أن ینقطع طمثها و الرجل یلد إلی أن یمضی من عمره سبعون سنه و إلی تسعین سنه و

علی قدر قوه الحراره الغریزیه فی کل واحد من الناس و حراره مزاج انثییه، و قد یکون حدث لا یولد له فإذا طعن فی السن ولد له، و علی خلاف ذلک و السبب فیه أنه متی کان مزاج بدنه و مزاج انثییه بارداً رطباً فإنه قبل منتهی الشباب یکون قلیل الولد فإذا صار إلی منتهی الشباب و قویت الحراره الغریزیه فی بدنه و سخنت انثیاه أنجب الولد و ربما کان ذلک بسبب الانتقال من المبرد المربد المرطب إلی التدبیر المسخن المجفف فیعتدل المزاج.

فأما من کان فی حداثته کثیر التولید و إذا طعن فی السن لم یولد له فإن ذلک یکون لأن مزاج بدنه و مزاج انثییه فی حداثته حاراً رطباً و إذا صار إلی سن الشباب و سن الکهوله غلب علی مزاج بدنه و مزاج أنثییه الحراره و الیبس فاحرق المنی و جففه و لم ینجب فی التولید.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 506

و أما من یکون فی حداثته قلیل التولید فإذا صار إلی سن الشباب و الکهوله أنجب فی التولید، و ذلک یکون إما من قبل أن مزاجه حار یابس قوی الاحراق فإذا طعن فی السن نقصت تلک الحراره و اعتدل المزاج و المنی فینجب حینئذ التولید، و ربما کان ذلک بسبب الانتقال من التدبیر المفرط فی الحراره و البرد إلی التدبیر المعتدل و لهذا السبب ایضا قد یری بعض الرجال فی حداثته یلد الاناث فإذا طعن فی السن ولد الذکر و أنجب فی ذلک و ذلک لأن مزاج أنثییه فی حداثته بارد رطب فإذا صار إلی منتهی الشباب و التکهل سخن مزاج انثییه و یبس قلیلًا فأولد الذکر و ربما کان ذلک بسبب الانتقال

فی التدبیر، [فاعلم ذلک[1780]].

[فی معرفه الحامل و غیر الحامل]

و مما ینبغی أن نذکره فی هذا الموضع مما هو مشاکل له العلامات الداله علی أن المرأه حامل أم لا؟ و هذه العلامات هی أن الرجل فی وقت الجماع یجد کأن الرحم یمتص إحلیله کما یمتص العلق فإن المنی لا یخرج عن الرحم البته و یجد فمه منضماً انضماماً شدیداً حتی لا یمکن الرجل أن یدخل فیه طرف المیل من غیر ورم و لا صلابه و ذلک لمحبه الرحم للمنی و عشقه إیاه، و ربما عرض للمرأه عند الجماع قشعریره یسیره و ألم یسیر فی أسفل السره إلی ما یلی الفرج و أن المرأه لا یجری منها دم الطمث علی ما کان یجری بالطبع و لا تشتهی الجماع، و یکون لون العروق التی فی بدنها الی الخضره و الثدیان ناهدین أکثر مما کانا، و یکون بیاض العین کمداً إلی الخضره و لون الوجه کذلک مع نمش و برش و یعرض لها غثی و قله شهوه الغذاء و تمیل إلی الشهوات الردیئه، و مما یؤکد الدلاله علی الحبل ما ذکره أبقراط: فی کتاب الفصول حیث یقول: «اسق المرأه فی وقت النوم ماء العسل فإن حصل لها مغص حوالی السره فهی حامل» و إن لم یعرض لها فلیست بحامل، و إنما یفعل ماء العسل فی ذلک لأنه یولد[1781] نفخاً و ریاحاً و لضغط الرحم للمعی المستقیم لا تنفذ الریاح فیه بل یدور فی الامعاء[1782]

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 507

فیکون منها المغص و یجب أن یکون ماء العسل نیاً لیکثر تولیده للریاح[1783].

[فی معرفه الجنین ذکر او انثی]

و مما یعلم به أن الجنین ذکر أو أنثی فإنه إن کان ذکراً کان

لون المرأه حسناً و حرکتها خفیفه و بطنها مستدیره و لون حلمتی ثدییها أحمر یمیل إلی السواد، و إذا کان لون المرأه سمجاً و حرکتها بطیئه و بطنها متطاولًا و بها کلف کان الجنین انثی و ربما عرضت لها فی ساقیها أورام أو قروح فإن الجنین أنثی.

[فی اسقاط الاجنه]

و أما کثره إسقاط الأجنه: فیکون إما من قبل أسباب من داخل، و إما من أسباب من خارج.

أما من داخل: فلرطوبه لزجه تکون فی الرحم تزلق الجنین، و إما من رداء مزاج الرحم فیضعف[1784] القوه الماسکه بمنزله الحمی، و إما لورم یعرض للرحم، و إما لدرور الطمث فی وقت الحمل فیقل غذاء الجنین و یموت فتدفعه الطبیعه و تخرجه.

فأما ما یکون من ذلک من أسباب من خارج: فبمنزله الوثبه و الطفره و الصوت الشدید و الفزع الشدید و الغضب الشدید و الفرح دفعه و العطاس إذا دام، أو سقطه أو ضربه تقع علی البطن أو علی الظهر أو دواء مسهل أو من فصد یقع قبل أن یکبر الجنین أو بعد کبره أو خروج دم مفرط من موضع آخر من[1785] البدن.

[فی عسر الولاده]

و عسر الولاده یکون: إما من قبل الوالده[1786]، و إما من قبل المشیمه، و إما من قبل الجنین.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 508

[و اما من قبل الوالده: فاذا کانت سمینه او صغیره الرحم او بکرا او جبانه او ضعیفه القوه فلا تقدر علی دفع الجنین او بها ورم فی الرحم او غیر ذلک من العلل او یکون بها عله فی عضو آخر او تکون الولاده فی غیر وقتها.

و اما من قبل الجنین[1787]] إذا کان کبیراً جداً أو سمیناً فلا یخرج أو صغیراً خفیفاً و لا ینزل

إلی أسفل أو کبیر الرأس أو ذا رأسین أو کان میتاً أو یکون أکثر من جنین واحد، فإنه قد ذکر بعضهم أنه رأی مرأه ولدت خمسه أجنه، فأما ثلاثه و أربعه فقد رأیت ذلک.

و إما من قبل أن الجنین یخرج من الرحم علی غیر الشکل الذی ینبغی، و خروج الجنین علی ما ینبغی هو أن یخرج أولًا رأسه و تکون یداه مبسوطتین علی فخذه، من غیر أن یمیل إلی جانب، و أما أن یخرج أولًا رجلیه من غیر أن یمیل إلی جانب فمتی خرج الجنین علی غیر الصفه التی ذکرنا فخروجه علی غیر ما ینبغی.

و أما عسر الولاده من قبل المشیمه: فیکون إما لأنها لا تنقطع لغلظها، و إما لأن قلعها یعرض من قبل الوقت الذی ینبغی، و إما لرقتها.

و أما عسر الولاده الذی یکون من قبل الأشیاء التی تعرض من خارج: فیکون إما من قبل الهواء البارد فیجمع أجزاء الرحم و یکثفها او الهواء الحار الذی یخلخل البدن و یحل[1788] القوه، فلا یمکنها دفع الجنین، و فی هذه الأحوال کلها إذا عرض للمرأه عطاس سهّل ولادتها کما قال أبقراط: فی کتاب الفصول «إذا کان بالمرأه عله الارحام و عسر ولادتها فأصابها عطاس کان ذلک دلیلًا محموداً». و قد ذکرت القوابل أن الطلق فی ولاده الإناث کثیر الاذیه إلا أنه ضعیف و فی ولاده الذکور أحد و أشد، فإذا خرج دم المرأه قبل الولاده عسر ولادتها و إذا تأخر سهل ولادتها، فاعلم ذلک.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 509

الباب الأربعون فی علل [العارضه[1789]] الثدیین و أسبابها و علاماتها

أما العلل العارضه فی الثدیین: فمنها ما هو عام و حدوثه فیها [کحدوثه[1790]] بمنزله حدوثه فی سائر الأعضاء الظاهره و هو بمنزله سوء المزاج و أصناف الأورام،

و معرفه ذلک یکون بما ذکرناه فی غیر هذا الموضع، و منها ما هو خاص لها و هو الورم الحار الذی یحدث عن تجبن[1791] اللبن فیهما و یستدل علیه بالانتفاخ و الصلابه و الوجع و حمره اللون فیهما.

و أما انعقاد الدم: فیستدل علیه بالصلابه و الانتفاخ الیسیر و ظهور الدم عند الحلب، و قد ذکر أبقراط «أن هذا یدل علی [جنین[1792]]» و جالینوس یقول: «إن ذلک لا یکون دائماً بل فی الندره عند ما تتراقی بخارات الدم إلی الدماغ».

و قد یعرض أیضاً للثدیین أن [أن یضمر احدهما او[1793]] یضمرا معاً فی وقت الحمل، و هذا یدل علی مضره قد نالت الجنین أو علی إسقاط، [و إن کان الذی ضمر هو الثدیان جمیعا و أن الجنین واحدا او توئما اسقطت المراه ذلک[1794]] و إن کان الذی ضمر هو أحد الثدیین و کان الحمل توأماً أسقطت أحد الجنینین، فإن کان الضامر هو الثدی الأیمن أسقطت الذکر، و إن کان الذی ضمر هو الأیسر أسقت الأنثی.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 510

و السبب فی ذلک أن الدم یقل و ینقص فی العروق التی تصیر إلی الثدی[1795] من الرحم و أن الدم أیضاً یمیل إلی نواحی الرحم لما یعرض للطبیعه من المجاهده فی دفع الجنین و إخراجه، فتمیل لذلک المواد من الثدیین و نواحیهما و تنحدر إلی نواحی الرحم.

و قد یعرض [أیضاً للثدیین[1796]] فی وقت الحمل صلابه فتدل علی أوجاع تعرض للحامل فی الرکبتین و الورکین و العینین علی ما ذکر أبقراط، و ذلک أن الدم إذا کثر فی أوعیه الثدیین دفعته الطبیعه إما إلی أسفل البدن نحو الرکبتین و الورکین و إما إلی فوق، و تعرض من ذلک أو

جاع فی العینین بمنزله الرمد[1797] و الحراره.

و هذا تمام القول فی أصناف العلل التی تحدث فی أعضاء التناسل، و الله أعلم[1798].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 511

الباب الحادی و الأربعون فی العلل العارضه فی الورکین و الرجلین و أسبابها و علاماتها[1799]

أما العلل التی تعرض فی الورکین و الرجلین فهی: عرق النسا، و وجع المفاصل، و النقرس.

[فی عرق النسا]

فأما عرق النسا: فهو نوع من أنواع وجع المفاصل و ذلک أن هذه العله تکون فی ظاهر عظم[1800] الفخذ و یفرق بینها و بین وجع المفاصل بأن الوجع فی هذه العله یکون فی ظاهر عظم الفخذ[1801]] و ینتهی إلی مفصل الرکبه، و ربما انتهی إلی الکعب و إلی طرف الرجل من الجانب الوحشی.

و حدوثها یکون: إما من خلط دموی غلیظ، و إما من خلط بلغمی غلیظ محتقن فی مفصل الورک، و ربما انخلع الورک فی هذه العله بسبب لزوجه هذا الخلط فإذا طال الزمان علی هذه العله ضمرت الرجل و حدث عنه العرج، و ذلک إن الرجل لا یصل إلیها الغذاء علی ما ینبغی فتضمر، و لذلک[1802] قال أبقراط: «من اعتراه وجع الورک و من کان [ورکه[1803]] ینخلع فإن رجله کلها تضمر و یعرج [إن لم یکو[1804]]» و أشد ما تکون هذه العله إذا عرضت فی الجانب الأیسر.[1805]

کامل الصناعه الطبیه ؛ ج 2 ؛ ص511

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 512

[فی وجع المفاصل و النقرس]

و أما وجع المفاصل: فهو [وجع أو[1806]] ورم یحدث فی مفاصل الأعضاء و ربما حدث ذلک فی أحد مفاصل القدمین و بمنزله مفصل الکعب و الأصابع و لا سیما الابهام و یقال له: النقرس، و إن کان[1807] فی غیر هذه المفاصل مثل مفصل الرکبتین و الید و المرفقین و سائر المفاصل البدن قیل لذلک: وجع المفاصل.

و ربما حدثت هذه

العله [فی مفصل اللحیین و الاذنین و الغفار و الکبد و الطحال و غیر ذلک من الاعضاء حتی لا یعرف السبب الذی تولت من هذه العله[1808]].

و حدوث هذه العله یکون من ضعف المفصل و من ماده تنصب إلیه فتملؤه و تمدد الأعصاب و الرباطات التی فیه فیحدث لذلک وجع شدید.

أما الوجع الشدید [فیحدث[1809]] فی هذه العله لسببین:

أحدهما: لما فی الرباط و العصب من قوه الحس. [و الآخر: أن الفضل اذا وقع فی الحفر التی للمفاصل لم ینحل بسرعه لصلابه هذه المواضع[1810]]، لأن [المفصل[1811]] لیس له موضع یسری و ینتقل إلیه کما یعرض فی الأعضاء الرخوه.

فأشد هذه العلل وجعاً عله النقرس، و إنما کان النقرس أشد وجعاً من سائر أوجاع المفاصل لأن الماده فی وجع النقرس تنصب إلی مفصل الابهام و هو مفصل صغیر لا یسعها فتمدده لذلک تمدیداً شدیداً و ذلک أنه متی کانت الماده کثیره و کان اندفاعها إلی مفصل صغیر مثل مفصل الابهام کان ردیئاً لأنها تمدد العضل تمدا شدیداً[1812] و متی کان اندفاعها إلی مفصل کبیر مثل الورک کان محموداً و ذلک أنها تتفرق فی المفصل و لا تمدده.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 513

[فی ضعف المفاصل]

و ضعف المفاصل یکون: إما بالطبع منذ وقت جبله الإنسان، و إما بسبب تعب کثیر أتعب مفاصله بمنزله الرکوب الدائم الذی تضعف معه مفاصل الرجلین و لا سیما الابهام، و إما بسبب عثره یعثرها، و إما بسبب ضربه تقع علی موضع المفصل.

و المواد تنصب إلی المفاصل: إما من فضل یکون فی بعض الأعضاء الرئیسه تدفعها إلیها، و إما من کثره استعمال التعب و الاحضار الشدید و الرکوب الدائم و کثره استعمال الجماع، و هو من أقوی الأسباب

لهذه العله لا سیما إذا استعمل بعد الامتلاء من الطعام.

و لذلک قال أبقراط: فی کتاب الفصول[1813] «إنه و إن کان [الصبان و الخصیان لا یعرض لهما النقرس»، و انما قال: ذلک لان الصبان[1814]] و الخصیان لا یستعملون الجماع، لان[1815] الجماع أحد الاسباب القویه فی حدوث النقرس لا سیما بعد الامتلاء من الطعام.

و قال جالینوس: فی تفسیر ما ذکره ابقراط فی ذلک «إنه و إن کان الصبیان[1816] لا یستعملون الجماع فإنهم ربما استعملوا من التدبیر ما یملأ أبدانهم فضولًا بمنزله الأغذیه الکثیره و السکر الکثیر و الخفض و الدعه و ترک الریاضه و الاستحمام، فیحدث [لهم ذلک النقرس عند استعمالهم هذا التدبیر».

فاما الصبیان فانه ذکر «انه لم یری احدا منهم عرضت له هذه العله عند ما یحدث لهم وجع المفاصل فی الیدین و الرکبتین فیحدث[1817]] مع ذلک فی الجمله الوجع فی مفصل القدمین».

و قال: «إن المرأه لا یصیبها النقرس إلا أن ینقطع طمثها»، و ذلک لأن الفضول التی تجتمع فی بدنها[1818] تخرج عنها بانبعاث الطمث.

و ذکر جالینوس أنه «قد رأی من النساء من حدث بها النقرس و لم یکن

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 514

طمثها انقطع لأنها کانت تکثر من تناول الأغذیه الردیئه».

و قال أبقراط: أیضاً فی فصل آخر «علل النقرس تتحرک فی الربیع و الخریف علی الأمر الأکثر». و قال جالینوس: فی تفسیر ذلک «إن حدوث هذه العله فی الربیع یکون لما یستعمله الإنسان فی الشتاء کثیراً من الأغذیه الردیئه فتجتمع منها فی البدن فضول فإذا جاء الربیع ذابت تلک الاخلاط فتأذت بها الأعضاء التی فیها تلک الفضول و دفعتها إلی المواضع الضعیفه، فمن[1819] کانت مفاصله ضعیفه مستعده لقبول الفضل إنصبت إلیها و أحدثت هذه العله».

و

أما فی الخریف فتجتمع أیضاً فی أبدان الناس فضول کثیره لکثره استعمالهم الفواکه فی الصیف فإذا جاء الخریف و تکامل الفضل و تأذت به الأعضاء دفعته إلی المواضع الضعیفه» و إذا اتفق أن تکون الأسباب التی بها یتم انصباب المواد المستعده و هی الاسباب التی ذکرناها فیما تقدم[1820]، فهذا ما قاله جالینوس: لتفسیر قول أبقراط: فی النقرس.

و قد یکون ایضاً وجع النقرس من قبل الجنس أعنی ما ورثه عن[1821] الآباء و ذلک [انه متی کان عضو من اعضاء بدن الاب ضعیفا کان ذلک العضو من الولد ضعفا قابلا للمواد و ذلک[1822]] أن الأعضاء الأصلیه یکون تکونها من المنی، و المنی فی هذه الحال مختلط بالأخلاط الردیئه المحدثه لهذا المرض، و الولد المتولد من هذا المنی یکون بدنه مستعداً فقبول هذا المرض لأن القدمین یکونان منه ضعیفین بالطبع، و کذلک [کل عضو ضعیف فان الطبیعه تستعمره و ترسل الیه المواد و لذلک متی[1823]] رأیت فی البدن عضواً یمرض کثیراً او تنصب[1824] إلیه المواد فاعلم أنه أضعف الأعضاء البدن و أنه قد صار [کالمقبض[1825]] لسائر الأعضاء.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 515

و ربما عرض النقرس و وجع المفاصل عن هم و غم یعرض للانسان أو سهر أو غیر ذلک من الأعراض النفسانیه عند ما تتحرک الفضول التی فی باطن البدن فتصیر إلی بعض المفاصل فتحدث عنها هذه العله.

و أکثر ما تحدث هذه العلل أعنی وجع المفاصل و النقرس و عرق النسا بمن یکثر الامتلاء من الأطعمه و الأشربه و یستعمل الدعه و الراحه و یدمن استعمال الجماع لا سیما بعد الغذاء و یقلل من استعمال الریاضه فتکون مفاصله ضعیفه إما بالطبع أو بالعرض.

[فی الموارد التی تنصب الی المفاصل]

فأما

المواد التی تنصب إلی المفاصل: فإما أن تکون دمویه: و یستدل علیها بما یعرض فی المواضع من الانتفاخ و الحمره و الوجع الشدید و الضربان و الانتفاع بما یوضع من الأشیاء المبرده و تأذیه بالأشیاء المسخنه، و أن یکون العلیل قد تدبر فیما تقدم بتدبیر مولد للدم.

و إما مراریه: و یستدل علیها بصفره اللون و شده الوجع و قله الانتفاخ و انقشاره فی المواضع القریبه من المفصل و الانتفاخ بالاشیاء المبرده و التأذی بالأشیاء المسخنه، و أن یکون العلیل قد تدبر بتدبیر فیما تقدم بتولید مولد للصفراء.

و إما سوداویه: یستدل علیها بکموده اللون و میله إلی السواد و صلابه الورم و ینتفع صاحبه بالأشیاء المسخنه المرطبه و أن یکون العلیل قد تدبر فیما تقدم بتدبیر یأذیه من شأنها تولید السوداء[1826].

و إما بلغمیه: و یستدل علیها ببیاض اللون و قله الورم و الوجع الذی یکون فی عمق المفاصل و الانتفاع بوضع الأشیاء الحاره بالفعل علی الموضع، و أن یکون العلیل قد تدبر فیما تقدم بتدبیر مولد للبلغم بمنزله الأغذیه البارده الرطبه و الراحه و قله الریاضه و ترک الاستحمام و غیر ذلک مما یولد فضولًا بلغمیه.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 516

و ما یتولد من هذه العله عن هذا الخلط البلغمی اللزج فإنه إذا طال مکثه فی المفصل فإن غلظه و لزوجته تزداد حتی تتولد منه حجاره و حصی کالذی یتولد فی المثانه، و إذا کان کذلک فلیس إلی برء ذلک المفصل سبیل البته.

و إما أن تکون الماده المحدثه لذلک مختلطه عن المواد الأربع، و یستدل علیها بما یظهر من اختلاف العلامات، و ما کان حدوثه عن مثل هذه الماده کان الوقوف علیه عسراً، و أسباب هذه

العلل کثیره علی ما ذکرنا و بینا و لذلک صارت عسره البرء.

و ینبغی أن تعلم أن أکثر الأورام التی تعرض فی المفاصل لا تجمع المده لأن الرطوبه التی فیها غلیظه مخاطیه و إذا کثرت حتی تبل اللحم الذی حول المفصل أحدثت أوراماً شبیهه بأورام أصحاب الاستسقاء المعروف باللحمی، و إذا کان مع وجع النقرس ورم فإن أکثر ما تطول مدته و یسکن فی أربعین یوماً، هذا إذا کانت الماده غلیظه، و أما إذا کانت لطیفه فإنها تسکن فی أقل من ذلک.

فهذه صفه أصناف الدلائل علی العلل و الأعراض الحادثه فی کل واحد من الأعضاء الباطنه و هی المعروفه بالعلامات الداله، و إذا قد أتینا علی جمیع العلامات المعروفه بالداله و ذکرنا من ذلک ما یقدر به الطبیب علی معرفه ما هو حاضر فی البدن من الأعراض و الأمراض فینبغی لنا أن نقبل علی العلامات الداله علی ما هو کائن و هی العلامات المعروفه بالمنذره [و الله اعلم با صواب[1827]].

تمت المقاله التاسعه

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 517

المقاله العاشره فی دلائل الامراض الظاهره للحس

اشاره

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 519

المقاله العاشره

[من کتاب کامل الصناعه الطبیه المعروف بالمکی فی دلائل الامراض الظاهره للحس[1828]].

و هی اثنا عشر باباً:

الباب الاول: فی جمله الکلام علی الدلائل المنذره بما هو کائن و تقسیمه[1829].

الباب الثانی: فی معرفه الدلائل المنذره بما یحدث فی ابدان الاصحاء و علامات الامتلاء[1830].

الباب الثالث: فی [ذکر صفه[1831]] الدلائل الخاصه المنذره بحدوث الأمراض و أسبابها و علاماتها.

الباب الرابع: فی العلامات المنذره باوقات المرض[1832].

الباب الخامس: فی العلامات التی یستدل بها علی المرض الحاد و المتطاول[1833].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 520

الباب السادس: فی [ذکر صفه[1834]] معرفه البحران و أسبابه و علاماته.

الباب السابع: فی [ذکر صفه[1835]] معرفه الشی ء

الذی یکون به البحران اعنی[1836] الاستفراغ] و أسبابه و علاماته[1837]].

الباب الثامن: فی [ذکر صفه[1838]] معرفه أیام البحران [و أسبابه و علاماته[1839]].

الباب التاسع: فی ذکر صفه معرفه العلامات الداله علی البحران [و أسبابه و علاماته[1840]].

الباب العاشر: فی [ذکر صفه معرفه[1841]] العلامات الردیئه المنذره بالموت [و أسبابها و علاماتها[1842]].

الباب الحادی عشر: فی ذکر صفه معرفه العلامات المنذره بالخلاص من المرض و أسبابه و علاماته.

الباب الثانی عشر: [و هو تمام أبواب المقاله العاشره من کتابنا هذا المعروف بالملکی و هو کامل الصناعه الطبیه، و هو[1843]] فی ذکر صفه معرفه ما ینبغی أن یعلمه من أراد أن یتقدم فینذر بالسلامه للمریض أو بهلاکه و ما جری علیه هذا المجری.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 521

الباب الأول فی الدلائل النذره و تقسیمه[1844]

اقول: إن المنفعه بعلم العلامات الداله علی[1845] ما هو کائن لیست هی بدون المنفعه بعلم العلامات الداله علی ما هو حاضر[1846] بل هی تکون أعظم نفعاً و أجل خطراً.

و ذلک أن العلامات المنذره: منها ما ینذر لمرض سیحدث، و هذا یکون فی أبدان الأصحاء، و منها ما یبشر[1847] بالسلامه من المرض، و منها ما ینذر برداءه المرض و الخطر فیه، و منها ما ینذر بالهلاک.

و هذه الثلاثه توجد فی أبدان المرضی، و الطبیب إذا تقدم فعلم ما یحدث فی الأبدان من الأمراض و العلل و استعمل التدبیر و العلاج الذی یحسم أسباب تلک الأمراض و العلل و یمنعها من الحدوث فیحفظ لذلک صحه الأبدان علی حالها و إذا تقدم فعلم أن المریض یسلم من مرضه و یتخلص کان علاجه له علی ثقه و یقین منه ببرئه و انجاح علاجه و انجابه فیه، و إذا علم بأن المریض یهلک بما یتلبس بشی ء من مداواته و لم

یتعب نفسه فی ذلک منفعه عظیمه للطبیب و ذلک أن الطبیب إذا تقدم و انذر بهذه[1848] الأمور مال الیه الناس فی معالجه المرض و ازدادوا به ثقه و إلیه استرسالًا فیکسب بذلک حسن الثناء و جمیل الذکر [فی الناس

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 522

و الطب[1849]] و الصیت بحسن حذق الصناعه و المهاره فیها و إصابه المنفعه و الفائده، و إذا کان الأمر کذلک فإن المنفعه بتقدمه المعرفه بما هو کائن فی الأصحاء و المرضی عظیمه جلیله.

و نحن نبتدئ [إن شاء اللّه تعالی[1850]] أولًا فی هذا الموضع بذکر العلامات المنذره فی أبدان الأصحاء من العلل و الأمراض [فإفهم ذلک ترشد إن شاء اللّه تعالی[1851]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 523

الباب الثانی فی [ذکر صفه[1852]] معرفه الدلائل المنذره بما قد یحدث فی أبدان الأصحاء و أولًا فی ذکر صفه العلامات الداله علی الامتلاء و غلبه الاخلاط [و أسبابها و علاماتها[1853]]

اقول:[1854] أن العلامات المنذره بما یحدث فی أبدان الأصحاء من العلل و الأمراض منها عامه، و منها خاصیه.

أعنی بالعلامات العامه: فی هذا الموضع التی هی العلامات الواحده منها هی التی تنذر بحدوث أمراض کثیره، و هذه العلامات هی الداله یومئذ علی الامتلاء و رداءه الاخلاط.

أعنی أیضاً بالعلامات الخاصه: التی هی العلامه الواحده منها تنذر بعله واحده.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 524

[فی العلامات العامه]

و نحن نبتدأ [إن شاء اللّه تعالی[1855]]

أولًا بذکر العلامات العامیه[1856] التی هی علامات الامتلاء و رداءه الاخلاط.

[فأقول باللّه التوفیق[1857]]

[فی الأمتلاء]

أما الامتلاء: فهو یکون کما قد ذکرنا فی غیر هذا الموضع من کتابنا هذا و هو ما یکون من کثره الامتلاء من الأطعمه و الأشربه و ترک الریاضه و الاستحمام و کثره الدعه و الراحه فیکون لذلک ما قد یجتمع فی البدن من الفضول أکثر مما قد یتحلل منه، و إن کان [الفضل[1858]] جیداً متولداً من غذاء محمود، و أکثر ما ینجذب ذلک فی الأبدان [المسخنه[1859]]

المستحصفه فإن هذه الأبدان یکون الامتلاء یسرع إلیها لقله ما یتحلل منها، و قد قال [فاضل الأطباء[1860]] جالینوس: فی تفسیره فی المقاله الثالثه من کتاب أبذیمیا «من دام علی التعب الشدید طویلًا فی کل یوم حتی یناله منه الأعیاء و یشرب شراباً کثیراً و یکون بغته[1861] فی غیر أوقاته یعنی بعد الطعام و قبل[1862] أن یستحیل غذاؤه فیصیر دماً اجتمع فی بدنه مراراً کثیراً بسبب التعب و خلط نیّ[1863] کثیر بسبب الشراب و ادمان التعب فی غیر أوقاته، و أشد الأمراض و أصعبها ما اجتمع فیها أن یکون من مرار و خام مقدارهما جمیعاً مقدار کثیر».

و أما رداءه الاخلاط: فهی تکون من کثره تناول الأغذیه الردیئه المذمومه الکیموس، و یکون ما یحصل فی البدن: منها من المواد أردأ مما یتحلل.

و أما الامتلاء الذی فی البدن: فهو یکون إما بحسب ما قد یحتوی الأوعیه و التجاویف، و إما بقیاسه إلی القوه.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 525

[فی امتلاء الاوعیه و هی غلبه الدم]

و أما الامتلاء الذی یکون بحسب الأوعیه: فهو کثره الکیموسات فی داخل الأورده و العروق حتی یملئها[1864] أکثر مما تسع، فیمددها و یرفعها علی مثال ما تمتلئ الازقاق[1865] من الرطوبات، و أکثر ما یکون ذلک من الروح و الدم.

و من علاماته أن یکون البدن عظیماً ممتلئاً، و عروقه [ممتلئه[1866]] غلاظاً منتفخه ممتده، و لون البدن أحمر، و ملمسه حار من غیر أن یکون سبب ذلک تعباً فإن ذلک یحدث فی البدن تمدداً [و ضجراً[1867]] من غیر أن یکون السبب فی ذلک أیضاً الاستحمام بالماء الحار أولقی الهواء الحار، فإن کل ذلک مما یمیل الدم إلی ظاهر البدن و یملأ العروق و یصیر لون البدن أحمراً

و ملمسه حاراً و یعتری صاحبه مع ذلک کسل و استرخاء و تمط و تثاؤب، و یکثر من النوم و یحصل له أیضاً ثقل فی رأسه و صداع و تبداً[1868] فی الحواس و تکدر فی الفکر و ربما کثر الرعاف و لانت الطبیعه منه، او[1869] یکون قد تقدم ذلک أسباب توجب الامتلاء بمنزله کثره الأطعمه و الأشربه الحاره و کثره استعمال الدعه و الراحه و قله الاستحمام.

[و أما[1870]] الدلائل التی یستدل بها علی کثره الامتلاء [فهی تکون[1871]] بحسب الأوعیه و هی دلائل [حرکه[1872]] کثره الدم، و إن کان مع ذلک یری الإنسان فی منامه کثره الأشیاء التی تکون ساره مفرحه للنفس کالتی ألوأنها حمراء کان یومئذ أوکد للدلاله علی غلبه الدم.

[فی الامتلاء بحسب القوه]

و أما الامتلاء الذی یکون فیه القوه: فهو أن تکون القوه ضعیفه فلا تطیق حمل الفضل الذی یکون فی البدن و أن کان[1873] قلیلًا فیحس الإنسان فی بدنه ثقلًا من

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 526

غیر أن یظهر فی البدن امتلاء، و لا یکون معه ألم[1874] و لا أذی، لأن الفضل فی هذه الحاله لا یکون ردیئاً.

فهذا الامتلاء یکون: إما بقیاسه إلی القوه النفسانیه المحرکه للبدن فیکون البدن کذلک[1875] ثقیلًا و الأعضاء عسره الحرکه، و إما أن یکون ذلک بقیاسه إلی القوه المدبره للبدن أعنی الطبیعه بأن تضعف عن هظم الأغذیه التی تناولها الإنسان فتفضل منها فی البدن فضول تثقل علی البدن حملها فلا تطیقها القوه لضعفها و إن کانت[1876] الفضول هی لیست بالکثیره التی تملأ البدن.

و من علامات ذلک الکسل و الفتور و قله الشهوه للطعام، و أن یری صاحب ذلک فی منامه کأن علیه حملًا ثقیلًا، و یکون البول منه غیر

منضج[1877]، و العرق فی النوم کثیراً و لا یری فی هذه الحال[1878] انتفاخاً و لا تمدداً و لا حمره، و النبض لیس بالعظیم و ذلک أن کمیه الکیموس التی تفعل هذا لیس بالکثیر الذی یملأ الأعضاء لکنه کثیر بقیاسه إلی ضعف القوه التی لا تطیق حمله.

[فی علامات غلبه خلط الدم]

و أما العلامات الداله علی رداءه الاخلاط فی البدن فهی:

متی ما کان الخلط الردی ء فی البدن هو الدم فإن علاماته هی العلامات الداله علی الامتلاء الذی یکون بحسب الأوعیه أعنی أن صاحبه یجد کسلًا و ثقلًا عن الحرکه و تلهباً و حمره فی الوجه و فی سائر البدن الا انه[1879] یعلوها إما کموده و إما صفره و تکون عروق البدن حینئذ ممتلئه و النبض مختلفاً قلیل العظم و یجد أیضاً فی الفم حلاوه إلا أنه لما کان الدم لیس یخلو من ممازجه[1880] بعض الاخلاط الاخر صارت حلاوته تعلوها إما مراره و إما ملوحه و إما حموضه، و یکون فی البدن حمی فی ظاهره[1881]، و ربما ظهر مع ذلک بثور، و یکون صاحبه قد تقدم قبل ذلک

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 527

بتدبیر حار رطب من[1882] تناوله أغذیه حاره رطبه بمنزله الإکثار من أکل اللحمان و الحلواءات، و إن کان السن مع ذلک سمیت الفتره و الزمان ربیع، و البلد جنوبی کان أوکد الدلاله علی غلبه الدم و کذلک لمن[1883] کان یری فی منامه الأشیاء التی ألوأنها حمر و مع ذلک لها نتن [فائحه[1884]] او[1885] کأنه یتناول أغذیه حلوه یعلوها مراره و ملوحه کان ذلک أوکد للدلاله علی غلبه الخلط الدموی الردی ء المزاج، فإذا ظهرت هذه العلامات[1886] فإنها تنذر بأمراض دمویه کالحمیات المطبقه المعروفه بسونوخس و الورم المعروف

بالفلغمونی و الجدری و الحصبه و الطواعین و الماشرا و الخوانیق و نفث الدم و الرعاف المفرط و الرمد و انتفاخ أفواه العروق التی فی المعده، و ما أشبه ذلک من العلل الحادثه من امتلاء الدم.

[فی علامات غلبه الخلط الصفراوی]

و أما العلامات الداله أیضاً علی رداءه الاخلاط فإنه متی کان الغالب علی البدن الخلط الصفراوی الردی ء فإن البدن یصیر حینئذ مائلًا إلی الصفره و الشقره، و تکون الشهوه للطعام ضعیفه و یجد صاحب ذلک المرض مراره فی الفم و لذعاً و حرقه فی فم المعده و غثیاً و کرباً و قی ء أشیاء مراریه و إسهالًا و عطشاً و یبساً فی اللسان و غور العین و قشعریره، و البول الأحمر الناصع الرقیق و النبض الدقیق السریع المتواتر، و ظهور بثور صفراویه، و أن یکون الإنسان قد تقدم و تدبر بتدبیر مسخن مجفف بمنزله الإکثار من الثوم و البصل و الخردل و العسل و ما شاکل ذلک، و أکثر أیضاً من التعب و الصوم و الاستحمام، و إن کان مع ذلک الزمان صیفاً و السن سن منتهی الشباب و البلد حاراً یابساً کان ذلک یومئذ أوکد الدلاله علی غلبه المره الصفراء، و إن کان یری مع ذلک فی المنام النیران و الحریق و الصواعق و الأشیاء الصفر و ما أشبه ذلک کان ذلک یدل علی غلبه هذا الخلط، و الذی یتوقع فی مثل

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 528

هذا الحال حدوث أمراض صفراویه بمنزله حمیات الغب المحرقه و الأمراض الحاده[1887] بمنزله البرسام و السرسام و ذات الجنب الحادثه عن الصفراء و الیرقان و الأورام المعروفه بالجمره و النمله و سخونه الکبد و حرقه البول و ورم الأمعاء و

قله شهوه الطعام و کثره العطش.

[فی علامات غلبه الخلط السوداوی]

و أما العلامات الداله علی الخلط السوداوی و هو أنه متی کان لون البدن اسوداً[1888] أو کمداً بأن یجد صاحبه حموضه فی فمه و یبساً و قله النوم و یدیم کثره الفکر و خبث[1889] النفس و تقطیب الوجه و قبضاً علی فم المعده، و یظهر فی بدنه البهق الأسود، و یکون النبض دقیقاً بطیئاً صلباً و البول أبیضاً رقیقاً، و أن یکون الانسان فیما تقدم استعمل تدبیراً مولداً للسوداء بمنزله الإکثار من لحم البقر و الجزور و التیوس و الباذنجان و العدس و الکرنب و ما شاکل ذلک، و أکثر أیضاً من التعب و التعرض للسمائم و اعتراض الهموم و الغموم، فإن کان مع ذلک یفزع فی نومه و یری أحلاماً مفزعه هائله بمنزله الأشیاء السود او الظلمه[1890] القبیحه المنظر النتنه الرائحه کان ذلک أوکد الدلاله علی غلبه السوداء.

و إن کان مع ذلک السن سن الکهوله و الوقت الحاظر خریفاً، و البلد بارداً یابساً کان ذلک یومئذ أوثق للدلاله علی المره السوداء، فإن ظهرت هذه العلامات فإنها تنذر بحدوث أمراض سوداویه بمنزله الکلف و البهق الأسود و الجذام و الوسواس و ذهاب العقل و الأورام السرطانیه[1891] [و ما شاکل ذلک من الأمراض السوداویه[1892] [] و تقشیر الجلد و الدوالی و داء الفیل و حمیات الربع و اوجاع الطحال و ما شاکل ذلک من الامراض السوداویه[1893]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 529

[فی علامات غلبه الخلط البلغمی]

و أما البلغم الردی ء فمن علاماته الکسل [و الفشل[1894]] و ابطاء الذهن و البلاده و الاسترخاء و سیلان اللعاب و کثره التبزق و النوم و ثقل الرأس و تهیج الوجه و البدن و

میل اللون إلی البیاض و قله شهوه الطعام و قله الهظم و قله العطش إلا أن یکون بلغماً مالحاً و علامته أن یجد صاحبه فی فمه طعماً مالحاً.

و یکون النبض من صاحب هذه العله و هذا الخلط غلیظاً لیناً بطیئاً، و البول أبیضاً کدراً، و أن یکون الإنسان قد تدبر بتدبیر مولد للبلغم [و اکثر من الاغذیه لا سیما الاغذیه المولده للبلغم[1895]] بمنزله السموک الطریه و الکمئته[1896] و لحوم الخرفان و الفاکهه الطریه و الألبان و ما شاکل ذلک، و ترک الریاضه و الاستحمام او استعمال[1897] الاستحمام بعقب الغذاء فإن کان مع ذلک السن سن الشیخوخه و الوقت الحاضر من أوقات السنه شتاء و البلد بارداً رطباً کان ذلک یومئذ أوکد للدلاله علی غلبه البلغم، فإن کان مع ذلک أیضاً یری فی منامه کأنما یصب علیه ماءً بارداً أو کأنه یسبح أو یری الأمطار و الأنهار [و الأمواج تتلاطم و هو فیها[1898]] [و الثلوج او یعرض له الکابوس و ما شاکل ذلک[1899]] کان ذلک یومئذ أوکد الدلاله علی غلبه البلغم.

فإذا ظهرت[1900] هذه العلامات أنذرت بحدوث أمراض بلغمیه بمنزله الفالج و اللقوه و السکته و الصرع و الدوار و النسیان و الحمی المواظبه و ما شاکل ذلک من الأمراض [البلغمیه[1901]].

و من رأی فی منامه کأنه فی موضع منتن دل ذلک علی أن فی بدنه خلط عفن و من ظهر فی سطح بدنه من الأصحاء الحکه و البثور و القوابی دل ذلک علی أن فی البدن خلط ردی ء.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 530

فهذه هی الدلائل التی یستدل بها علی العلل[1902] الاخلاط التی تکون فی البدن فینبغی حینئذ للانسان أن یتقدم و یحسم الأسباب التی تکون محدثه لهذه

بما یضادها قبل حدوث الأمراض علیها علی ما قد سنبینه و نشرحه فی الموضع الذی نصف فیه التقدم بالتحرز من حدوث الأمراض إن شاء اللّه تعالی، فافهم ذلک.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 531

الباب الثالث فی الدلائل الخاصه المنذره بحدوث کل واحد من الامراض[1903]

[إعلم أرشدک اللّه تعالی[1904]] أن الدلائل الخاصه بکل واحد من العلل و الأمراض فهی تکون [المرتفعه[1905]] علی الحدوث: فمنها ما هی مأخوذه من الأمور الطبیعیه، و منها ما هی مأخوذه من الأمور الخارجه عن الأمر الطبیعی.

[فی العلامات المأخوذه من الأمور الطبیعیه]

أما العلامات المأخوذه من الأمور الطبیعیه: فهی أنها متی تعرف حال من أحوال البدن الصحیح عن الطبع و عما کانت العاده قد جرت علیه فی المقدار أو الحال أو الوقت فإنه ینذر بمرض أو بحال لیست بصحه و لا مرض.

بمنزله شهوه الطعام إذا تزایدت أو نقصت، أو تحرکت قبل وقت العاده أو بعدها، أو مال الانسان[1906] إلی اطعمه لم تجر بها العاده، أو استلذت شیئاً لم تکن استلذته أو کرهت شیئاً کانت تستلذه.

[و کذلک[1907]] و شهوه الشراب، إذا کثرت أو قلت أو مالت إلی نوع لم تجربه العاده، او اشتاقت إلی الأشیاء الحاره أو البارده.

و کذلک متی[1908] کان یبرز من البدن أکثر أو أقل مما ینبغی أو یکون تغیر عن

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 532

لونه أو قوامه أو وقته کالبراز إذا کان أقل مقداراً مما اغتذی به أو کثر أو تقدم أو تأخر عن الوقت الذی کان یخرج فیه، أو کان رقیقاً[1909] أو ثخیناً أو أصفراً أو أسوداً أو منتناً أو ما أشبه ذلک.

و البول[1910] إذا کان أکثر من مقدار الشرب أو أقل منه أو أحمر أو أبیض أو غیر ذلک من الألوان [او رقیقاً او ثخینا او ممتنا او تأخر عن

وقت عادته او تقدم[1911]] و کذلک الریح التی تخرج من أسفل إن زادت أو نقصت، و العرق إذا کان أقل أو أکثر أو متغیر اللون أو متغیر الرائحه.

و کذلک[1912] دم الطمث إذا کان کثیراً أو قلیلًا أو متغیر الرائحه أو اللون عما کان علیه إذا[1913] احتبس فلم یجی ء.

و کذلک الدم الذی یجی ء من أفواه العروق التی فی المقعده إذا کانت قصته هذه القصه.

و النوم إذا کان أکثر أو أقل مما جرت به العاده أو عرض فی غیر وقته، و [کذلک[1914]] الاحلام إذا کثرت أو قلت.

و کذلک العطاس و الجشاء و الفضول التی تجری من المنخرین و اللهات[1915]، و الوسخ الذی یخرج من الأذن إذا کان أقل أو أکثر أو خرج عن العاده فی الوقت و الحال.

و کذلک الجماع إذا مالت النفس إلیه أکثر مما جرت به العاده [أو عرض فی غیر وقته[1916]] أو انقطعت شهوته.

و کذلک النسیان و البلاده التی لم یطبع إلیها الإنسان، و الحواس إذا [ایضا[1917]]

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 533

ضعفت و البدن إذا زاد أو نقص أو مال إلی بعض الألوان کالحمره و الصفره او الکموده[1918] و ما أشبه ذلک من الأمور الطبیعیه إذا تغیرت مقدارها أو کیفیتها أو فی حال من الأحوالها[1919] التی قد جرت بها العاده.

و إن رأی فی منامه رؤیا من نوع واحد أو رأی رؤیا واحده فانتبه و رأی أیضاً تلک الرؤیا بعینها، فإنها تدل علی أن صاحبها لیس بباق علی صحته.

[فهذه الدلائل کلها[1920]] فإنها تدل علی مرض سیحدث أو حال لیست بصحه و لا مرض.

و من أراد أن یعرف ما تدل علیه هذه الأعراض التی ذکرناها علی الاستقصاء فهو قادر علی أن یعرفه من المواضع التی قد

ذکرنا فیها أسباب الأعراض فإنه لن یخفی علیه منها ما قد ینذر به کل واحد من هذه الدلائل التی قد وصفناها.

[و قد[1921]] و ینبغی [للانسان[1922]] أن یتفقد أیضاً هذه الأحوال [کلها فی الاصحاء[1923]] و یبحث عنها بالمسأله فإنه إن فعل ذلک الشی ء لم یذهب علیه ما قد یریده مما قد یحدث علیه فی الأبدان حتی ینذر به بعمل الحیله[1924] فی [دفعه و حسمه[1925]] [بإذن اللّه تعالی[1926]].

[فی علامات المأخوذه من الامور الخارجه عن الامر الطبیعی]

و أما الدلائل التی هی مأخوذه من الأمور الخارجه عن الطبع فهی ما قد أصف لک من ذلک و هو أنه.

متی وجد الإنسان مس للاعیاء[1927]] من غیر تعب أنذر ذلک بحمی، و کذلک متی[1928] عرق الإنسان عرقاً منتناً دل ذلک أیضاً علی حمی ستحدث و ذلک أن

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 534

البدن دل علی عفونه فیه.

و کذلک یدل البول المنتن الرائحه علی حمی ستحدث بسبب العفونه.

و إذا کان بإنسان حمی مع سعال یابس و انقطعت الحمی و بقی السعال أنذر ذلک بخراجات ستحدث فی المفاصل و ذلک أن بقاء السعال یدل علی بقیه ماده الفاعله للمرض[1929] لم تنضج و بحران هذه الماده هو یکون [و کذلک[1930]] بخراج.

و إذا حدَّث بإنسان حمی مع سعال و بحوحه فی الحلق و حمره فی الوجه کمده أنذر ذلک بجذام یحدث.

و إذا کثر[1931] 5 بهق، 1 البهق الأبیض فی البدن و عسر یومئذ علی الطبیب علاجه أنذر ذلک أیضاً ببرص سیحدث، و إذا کثرت الدمامیل بالإنسان أنذر ذلک أیضاً بخراج سیحدث.

و إذا کثرت السلع بالانسان أنذر بحدوث الدبیله، [خاصه اذا کان بعد البرئ و من مرض حاد.

و من برئ من مرض حار فکل موضع بدنه ینذر بخراج

سیحدث.

فی ذلک الموضع و لا سیما اذا کان فیه طویلا و کذلک اکثر البثور[1932]].

و إذا دام الصداع بالکهول دل ذلک علی حدوث العمی و الوسواس السوداوی و ذلک إذا ضعفت الطبیعه عن إصلاح الماده فینصب [اما[1933]] إلی العین فیحدث من ذلک نزول الماء او الانتشار[1934] أو إلی بطون الدماغ فیحدث الوسواس السوداوی.

و کذلک إذا عرض الصداع و الشقیقه بغیر الکهول و دام بهم دل ذلک أیضاً علی نزول الماء فی العین او الانتشار[1935]، و السبب فی ذلک ما تقدم ذکره.

و إذا رأی الإنسان کأن بقاً أو عیداناً، أو ذباباً قدام عینیه دل ذلک علی حدوث الماء فی العین.

أیضاً إذا عرض للإنسان اختلاج فی الوجه کثیراً دل ذلک علی حدوث اللقوه، و ذلک أن الاختلاج هو یکون من فضل بلغمی أو ریح محتق فی عضل

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 535

الوجه، و إذا انصب هذا الفضل إلی عضل الفکین أحدث اللقوه و إذا عرض الاختلاج فی جمیع البدن دل ذلک علی تشنج سیحدث و ذلک لأن الاختلاج فی هذه الحاله یکون یومئذ عن امتلاء العصب و إذا عرض الخدر للإنسان کثیراً أنذر ذلک بالفالج [و انه سیحدث[1936]] و ذلک لأن الخدر کما ذکرنا یکون حدوثه عن سده هی تکون فی العصب فلا تجری القوه المحرکه و الحساسه إلی الأعضاء علی حسب ما یجب و إذا دامت السده و قویت أحدثت الاسترخاء. و إذا عرض الکابوس للإنسان أو کثر به الدوار فإنه ینذر بالصرع، و ذلک أن الکابوس إنما یکون من خلط بلغمی غلیظ یغلب علی البدن، و الدوار أکثر ذلک یکون من هذا الخلط إذا غلب علی الدماغ و کثر فی عروقه، و لذلک صار هذان العرضان

یعقبان الصرع.

و إذا عرضت للصبیان الأطفال حمی حاده و کانت الطبیعه منهم یابسه معتقله و عرض لهم سهر و بکاء و کانت ألوانهم مائله إلی الحمره و الکموده أو الخضره فإن ذلک یدل علی تشنج یعرض لهم.

و إذا عرض[1937] للإنسان امتلاء مفرط و ثقل فی الرأس و کدر فی الحواس أنذر ذلک بسکته و ذلک أن هذه الأعراض إنما تکون من امتلاء الدماغ و فضول غلیظه، و إذا کثرت انصبت إلی بطونه وسدته فکان منها یومئذ السکته.

و من تزعزع دماغه من ضربه أو سقطه أصابته علی المکان سکته[1938] و ذلک أن الدماغ تلحقه فی هذه الضربه آفه او ینهتک ما قد ینبث منه فی الاعضاء و النخاع فیتعطل لذلک[1939] الحس و الحرکه، و من أصابه منذ أول مرضه صداع [أو وجع[1940]] الفؤاد اشتد به [وجعه[1941]] ذهب یومئذ عقله، و من أصابه أیضاً فی أول مرضه ثقل فی رأسه إذا اشتدت شوکه مرضه أصابه سبات.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 536

و إذا رأیت عروق العین قد أحمرت و غلظت و الوجه منتفخ و عرض مع ذلک صداع فإن ذلک ینذر بالبرسام، و ذلک أن هذه الأعراض إنما تحدث من غلبه الدم علی الدماغ فإذا امتلأ حدث منه الورم الحار.

و إذا عرض للإنسان غم و خبث نفس من [غیر[1942]] سبب فإن ذلک ینذر بالوسواس السوداوی و ذلک لأن الغم و خبث النفس یعرضان من المره السوداء الردیئه، فإذا غلب هذا الخلط علی الدماغ حدثت عنه هذه العله.

و إذا کان الإنسان تعرض له النزلات کثیراً فإنه ینذر [اما[1943]] بربو أو بذات الرئه أو بقروح تحدث فیها أو فی الصدر لا سیما إن کان صاحبه نحیفاً و صدره ضیقاً لأن

النزلات هی ما تنزل من الدماغ إلی الحنجره و الرئه و الصدر فإن هذا الخلط غلیظ، و نزوله[1944] إلی الرئه یحدث فیها سدداً و یحدث من ذلک الربو، فإن کان هذا الخلط حاداً جرح هذه الأعضاء و أحدث فیها قروحاً، إذا کان صاحب هذا المرض نحیفاً کان أقوی الدلاله علی حدوث هذا المرض.

[و أما[1945]] الاختلاج المتواتر [للکبد[1946]] من الموضع الذی دون ذلک فإنه یدل فی أکثر الأمر علی ورم یحدث فی الحجاب و إذا نفث صاحب ذات الجنب المده و لم ینق فی أربعین یوماً فإن أمره یؤول یومئذ إلی السل، لأن المده إذا طالت مدتها فی الصدر و نواحیه و سرت إلی الرئه و انتقلت إلیها أسرعت تاکلها لسخافتها.

[و أما[1947]] النفث[1948] المستدیر فی ذات الجنب إذا طالت مدته أنذر أیضاً بحدوث السل، و إذا کان هذا النفث مع علامه اختلاط الذهن فإنه یدل علی اختلاط ذهن سیحدث.

و إذا کان الإنسان یجد فی الناحیه الیمنی عند الشراسیف ثقلًا أو نخساً أو تمدداً أنذر ذلک بعله تعرض[1949] للکبد و ذلک لأن الکبد موضوعه[1950] فی هذا

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 537

الجانب، فإن وجد صاحبه ثقلًا دل علی سدد، و إن وجد نخساً دل علی خلط حاد أو ورم حار.

و إذا کان البراز إلی البیاض ما هو أنذر بیرقان سیحدث.

و ذلک لأن المرار فی هذه الحال لا ینبعث إلی أسفل لکنه یتصرف مع الدم إلی سائر البدن و ذلک یکون من سده فی المراره.

و إذا رأیت الوجه متهیجاً و الجفن الأسفل منتفخاً أنذر ذلک بالاستسقاء و ذلک لأن القوه الهاضمه إذا ضعفت لم تبلغ إلی هذه المواضع فلم تهظم ما یصیر الیها من الغذاء فیحدث لذلک النفخ.

و إذا

عرض أیضاً للانسان مغص أو وجع حول السره و لا یسکن بدواء مسهل و لا بالتکمید و غیره من العلاج فإنه ینذر بالاستسقاء الطبلی.

و إذا سقطت الشهوه مع غثیان او عرضت[1951] ریاح فی الناحیه الیسری مما دون الشراسیف أنذر ذلک بالقولنج و ذلک لأن البراز إذا احتبس امتنع المرار من الخروج و تراقی إلی نواحی المعده فأحدث غثیاً و قیئاً، و لأن المعی القولون أکثره موضوع فی الجانب الایسر فإذا أحتقن[1952] البراز احتقنت الریاح فی هذا الموضع إذا لم یجد سبیلًا إلی الخروج.

و إن عرض فی القطن و الخاصرتین ثقل و تمدد فإنه ینذر بعله تعرض فی الکلی فإن کان مع ذلک وجع فی المواضع الخارجه فتوقع خراجاً یخرج من خارج، فإن کان ذلک الوجع من داخل فتوقع الخراج من داخل.

و إذا کان الإنسان یبول بولًا مثل المرداسنج و الآجر المسحوق فإنه ینذر بحصول الحصی فی المثانه.

و إذا دام بالإنسان[1953] حرقه البول أنذر بقروح تحدث فی المثانه و القضیب.

و إذا کان بإنسان إسهال یجد[1954] معه مغص و حرقه فی المعده أنذر ذلک بسحج و ذلک لأنه یدل علی أن ذلک الخلط الخارج بالإسهال مراری ذا تقطیع[1955].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 538

و إن دامت الحکه بالمقعده أنذر ذلک أیضاً ببواسیر.

و إذا حدث بالمرأه الحامل استطلاق البطن [و الحّ علیها دل ذلک علی تسقط، و ذلک لان استطلاق البطن[1956]] ینقص معه غذاء الجنین، و إذا نقص غذاؤه مات فتدفعه الطبیعه و تخرجه.

و إذا کانت المرأه حاملًا و ضمر ثدییها فإنها تسقط، فإن ضمر أحد ثدییها و کانت حاملًا بتوأم فإنها تسقط أحد الجنینین، و إن کان الضامر الثدی الأیمن أسقطت الذکر، و إن کان الضامر الثدی الأیسر

أسقطت الانثی.

و ذلک لأن غذاء الجنین إنما هو من دم الطمث [و اکتناز الثدیین انما یکون من اللبن المتولد من دم الطمث] فإذا نقص دم الطمث الذی هو غذاء الجنین قل اللبن فی الثدیین و ضمرا، و إذا قل غذاء الجنین رکض برجلیه و خرق الأغشیه التی تعلوه فتجری الرطوبات علی جرم الرحم فتلذعه فتدفعه الطبیعه و تخرجه، فلأن الجنین إذا کان ذکراً کان تولده فی الجانب الأیمن من الرحم، و إذا کان انثی ففی الجانب الأیسر فلذلک متی ضمر الثدی الأیمن دل ذلک علی أن غذاء الجنین الذکر قد قل فیسقط، و کذلک إذا ضمر الثدی الأیسر دل ذلک أیضاً علی أن غذاء الجنین الانثی قد قل فتسقط.

[و أما[1957]] إذا انعقد للمرأه فی ثدییها دم دل ذلک علی جنون سیحدث بها و ذلک لأن دم الطمث إذا صار إلی الثدیین و لم یکن بهما قوه علی إحالته إلی اللبن و بقی علی حالته سخن و استحال إلی طبیعه خببه سوداویه فتراقت منه بخارات حاره لذاعه إلی الدماغ فأحدثت هیماناً[1958] و جنوناً.

و اذا کانت المرأه ذات هزال مفرط و حبلت فإنها تسقط قبل أن تسمن، و ذلک لأن المرأه المهزوله إذا حملت لم تسمن و طفلها باق علی سلامته لأن السمن لا یکون إلا أن یتصرف الدم فی غذاء أعضائها، و إذا انصرف الدم فی غذاء سائر الأعضاء بقی الجنین بغیر غذاء فیموت و یسقط.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 539

و إذا عرضت للمرأه الحامل صلابه فی الثدیین أنذر ذلک بوجع فی الثدیین و الورکن فالرکبتن و العینین[1959] و لا تسقط، و ذلک أن صلابه الثدیین تکون من کثره الدم فیها، و إذا کثر الدم تبع

ذلک صلابه و تمدید، فترید الطبیعه دفع ذلک الدم إلی بعض هذه الأعضاء فیحدث فیها وجع، و لا یسقط الجنین لأنه لیس یعدم غذاءه الذی هو الدم.

و إذا کانت المرأه الحامل یجری طمثها فی [غیر[1960]] أوقاته فإن [طفلها یکون ضعیفا[1961]] مریضاً، و ذلک لأن غذاء الجنین إنما هو من دم الطمث، و إذا کان [دم الطمث[1962]] یجری فی أوقاته فإن الجنین یکون ضعیفاً لیس یمکنه اجتذاب ذلک الدم و الاغتذاء به.

و کذلک إذا کان لبن المرأه الحامل یجری جریاناً کثیراً فإذا حلب و کان ما یخرج من اللبن غزیراً دل ذلک علی ضعف الجنین لأن کون اللبن إنما هو من دم الطمث و العله فی ذلک غلبه[1963] جریان الطمث.

إذا لم تنق المرأه من دم النفاس أحدث بها مرضاً لأن ذلک الدم المحتقن هو دم ردی ء إذا کان أجود ما فیه اغتذی به الجنین. و أکثر ما یعرض فی هذه الحاله ورم الرحم أو ورم الکبد لا سیما متی کان الدم الذی قد انقطع شدید [الرقه.

فانه یدل علی[1964]] الرداءه.

[و هلاک[1965]] من عرضت له جراحه و أصابه بسببها ورم ثم غاب ذلک الورم دفعه، و إن کانت الجراحه من خلف أصابه تشنج و تمدد، و إن کانت الجراحه من قدام أصابه جنون أو ذات الرئه أو اختلاف دم أو تقیح أو ذات الجنب و ذلک لأن الورم إذا کان ظاهراً من الإنسان من حدوث الأعراض [الردیئه[1966]] و إذا غاب دفعه مال الخلط المحدث للورم إلی بعض الأعضاء الرئیسه فأحدث الأعراض الردیئه، و إذا کانت الجراحه من خلف أعنی فی الظهر أحدثت تشنجاً و تمدداً لأن هذا

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 540

الموضع من البدن الغالب علیه العصب، فإذا

کانت الجراحه من قدام أعنی الصدر و ما یلیه أحدثت ذات الرئه و ذات الجنب [و التقیح[1967]] و ما یجری مجراه إذا مال الورم إلی الصدر و الرئه.

و أما إن مال الورم إلی المعده و الامعاء، أحدث اختلاف الدم، و إذا حدث أیضاً جراحه فی الرأس فإن الموضع الذی یلی المراره[1968] یسترخی و الموضع المقابل له یتشنج، أو إلی عضو من الأعضاء سخن أو برد فإنه یکون به مرض.

و کذلک أی عضو ظهر فیه عرق فإنه فیه مرضاً، و ذلک لأن الجراحه و البروده الزائده علی طبع العضو من سبب من داخل کان أو من خارج توجب مرضاً، و أما العرق فیوجب فضلًا حار یکون فی العضو، [فإفهم ذلک ترشد[1969]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 541

الباب الرابع فی ذکر العلامات المنذره بأوقات الأمراض[1970]

[اعلم أرشدک اللّه تعالی أننا[1971]] قد أتینا بذکر العلامات المنذره بحدوث الأمراض فی أبدان الاصحاء و لنشرع الآن [إن شاء اللّه تعالی[1972]] بذکر العلامات المنذره بالسلامه من المرض و العلامات المنذره بالهلاک فی أبدان المرضی.

فأقول [و باللّه التوفیق[1973]]: إن العلم بهذه الأسباب ینقسم قسمین:

أحدهما: العلم بالعلامات الکلیه، و الثانی: العلم بالعلامات الجزئیه.

[فی العلم بالعلامات الکلیه]

أما العلامات الکلیه فتنقسم أیضاً إلی ثلاثه أقسام:

أحدها: العلم بالعلامات الداله علی أوقات الأمراض.

الثانی: العلم بالعلامات الداله علی الأمراض الحاره و المتطاوله.

الثالث: العلم بأمر البحران و العلامات الداله علیه.

[القسم الاول: العلم بالعلامات الداله علی اوقات المرض]

و نحن نأخذ فی ذکر العلامات الکلیه و نبتدئ [إن شاء اللّه تعالی[1974]] بذکر

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 542

علم أوقات المرض إذا کانت الحاجه للطبیب إلیه ضروره بسبب وقت المنتهی و اضطرار الطبیب أیضاً إلی معرفه هذا الوقت لسببین:

أحدهما: بسبب تقدم المعرفه بما قد یؤول إلیه المرض و یأمن البحران.

الثانی: بسبب

تدبیر المریض.

أما بسبب تقدمه المعرفه فإن أکثر من قد یموت من المرضی فإنه یموت فی وقت المنتهی إذا کان أقوی أوقات المرض، و قد یموت المریض فی أوقات التزید، و أما فی وقت الانحطاط فلا یکاد یموت المریض إلا من عله حادثه أو خطأ یقع فی التدبیر.

و الخطأ یعرض إما من قبل المریض: و إما من قبل الطبیب، و إما من قبل الخدم.

فأما ما کان من قبل المریض: فإذا لم یقبل من الطبیب و یتبع شهواته فإنه لا یحصل له یومئذ برء، و أما ما قد کان من قبل الطبیب فهو یکون إذا حصل منه أیضاً خطأ یقع منه فی التدبیر، و أما ما کان من قبل الخدم فهو یکون بمنزله الصیحه و الوجبه و ازعاجهم المریض و تحریکه فیعاوده المرض بهذه الأسباب.

و کثیراً ما یهلک المریض إذا کانت المعاوده صعبه.

و إذا کان المرض من الأمراض السلیمه و القوه یومئذ قویه تقدم الطبیب و انذر بأن انقضاء المرض یکون فی المنتهی، و إن کانت القوه ضعیفه لا تفی بالبلوغ إلی وقت المنتهی استعمل الطبیب حینئذ الأشیاء المقویه للقوه من الغذاء و غیره.

[و إن کان المرض من الأمراض المهلکه یعلمهم الطبیب بأن المریض قد یموت فی وقت المنتهی[1975]] و إن کانت القوه مع ذلک ضعیفه انذرت أیضاً الطبیب بموت المریض قبل المنتهی بحسب مقدار الضعف فی الکثره و القله.

و أما تدبیر[1976] أمر المریض فإنه متی قد کان بلغ منتهاه لطف غذاء المریض لئلا تنفعل القوه بالغذاء عن مقاومه المرض، فإن کان المرض لم یبلغ منتهاه غلظ

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 543

غذاء المریض لئلا تنحل قوته إلی وقت بلوغ المنتهی.

[فی اوقات المرض]

و أما أوقات المرض: فهی أربعه:

الابتداء،

و التزید، و المنتهی، و الانحطاط.

أما وقت الابتداء فیقال: علی ثلاثه أوجه:

الأول: الوقت الذی لا عرض له أعنی الآن فهو وقت غیر محسوس.

الثانی: الوقت الذی حده ثلاثه أیام، فهذا غیر صحیح فی سائر الأمراض لأنه لیس یصح فی القیاس.

الثالث: الوقت الذی یحس المریض فیه بالتغییر و عدم[1977] الفعل و التأذی بذلک إلی الوقت الذی یبتدئ فیه المرض بالنضج، و هذا هو وقت الابتداء علی الصحه.

و أما وقت التزید: فهو یکون من الوقت الذی تبتدئ فیه الطبیعه بانضاج المرض، و المرض یزداد قوه و القوه [تزداد[1978]] تضعف.

و أما وقت المنتهی: فهو یکون کمال النضج و هو الوقت الذی یقف فیه المرض و لا یزید و تکون الأعراض علی أصعب ما یکون.

و أما وقت الانحطاط: فهو یکون عند وقت المنتهی عند ما تسکن الأعراض و یأخذ أیضاً فی النقصان و یقهر القوُه المرض[1979] و یستریح المریض إلی أن ینقضی مرضه.

[فی الاستدلال علی اوقات المرض]

و یستدل علی هذه الأوقات بثلاثه أشیاء:

و هی طبیعه المرض، و الاعراض اللاحقه له، و النضج و عدمه.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 544

[الأول [الأعراض الخاصه]]

أما ما کان من طبیعه المرض بمنزله أن تنظر فی الأشیاء التی باجتماعها یکون المرض، و هی[1980] الأعراض الخاصه بمنزله ذات الجنب [و ذات الرئه[1981]] علی ما قد ذکرنا فی غیر هذا الموضع من کتابنا هذا، فإن الأعراض الخاصه بها هی الحمی و الوجع الناخس و السعال و ضیق النفس، فإن کانت هذه الأعراض منذ وقت ابتداء المرض لم تتغیر و لم تزد فإن المرض یکون حینئذ فی ابتدائه، و إن کانت تزداد قوه و عظما و أیضاً بدن المریض یثقل علیه و قوته تنقص فإن المرض یکون فی التزید،

فإن کانت قد انتهت فی القوه و العظم و وقفت علی ذلک الشی ء وقفه فإن المرض قد انتهی منتهاه، و إذا تناقصت عما هی علیه و وجد المریض مع ذلک راحه و خف فإن المرض یکون قد انحط.

[الثانی [الأعراض اللاحقه]]

و أما الأعراض اللاحقه: فهی أن یحدث فی بعض الحمیات صداع و فی بعضها اختلاط ذهن و فی بعضها سهر و غیر ذلک من الأعراض، فإن هذه الأعراض متی ازدادت قوه کان المرض یومئذ فی الزائده، و متی انتهت فی القوه و وقفت علی حال واحده و لم یتبین فیه زیاده [دل] ذلک علی منتهی المرض، فإن هی قد تناقصت و حسن حال العلیل مع ذلک دلت علی أن المرض یکون فی الانحطاط.

[الثالث [النضج]]

و أما النضج: فإنه إن لم یکن یظهر فی المرض شی ء من علامات النظج فی البول و لا فی البراز و لا فی النفث فإن المرض یکون یومئذ فی ابتدائه، و متی ظهر شی ء من ذلک أعنی من علامات النظج فإن المرض یکون أیضاً فی التزید، و متی کمل النضج فإن المرض یکون قد انتهی منتهاه فی منتهاه، و یبتدئ حینئذ فی

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 545

الانحطاط و یتبین انحطاطه عند استراحه المریض و خفته.

فإن کان المرض من الحمیات التی تنوب بأدوار و نظرت أیضاً فی الأعراض اللاحقه لها و فی أوقات النوائب و فی زیادتها و فی نقصانها و فی النضج و عدمه کما ذکرنا فی تقدمه نوبه الحمی و تأخرها و قصرها و طول مده سکونها و راحه البدن فیها معها و فی مساواتها فی التقدم و التأخر و اعتدالها فی الطول و القصر، فإنه متی کانت تقدمه نوبه الحمی عن

وقتها الذی تنوب فیه دل ذلک علی أن الحمی فی التزید، و إن تأخرت النوبه عن وقتها فإن الحمی تکون أیضاً [فی] الانحطاط و النقصان.

و فی الباب ینبغی أیضاً أن تنظر جیداً فإن کثیراً من الحمیات لها فی طبیعتها أن تقدم نوبتها عن الوقت فی کل دور و کثیراً منها لها أن تتأخر.

فینبغی أن تنظر فإن کانت الحمی تتقدم عن الوقت الذی من شأنها أن تتقدم فیه فإنها تکون فی الزیاده، و إن کانت تأخرت عن ذلک الوقت فإن الحمی تکون یومئذ فی الانحطاط.

و أما الزیاده فی طول النوبه و قصرها: فإنها متی کان زمان نوبه الحمی أطول مما کان فإن الحمی تکون فی التزاید، و إن کان أقصر فإن الحمی تکون أیضاً الانحطاط.

و أما التساوی فی النوبه: فمتی کانت نوبه الحمی فی وقت واحد و کان زمان أخذها متساویاً فإن الحمی قد انتهت منتهاها.

فإن کانت لها فی طبعها أن تتقدم و تتأخر و کان التقدم أو التأخر بمقدار واحد فإن الحمی تکون أیضاً قد انتهت منتهاها فی منتهاها.

و أما طول مده مکوثها و الراحه منها: فإنه متی کان سکون نوبه الحمی و فتورها طویلًا و البدن مع ذلک نقیاً و الحراره خفیفه دل ذلک علی أن الحمی فی الانحطاط، و إن کان مده زمان ترکها قصیراً و البدن غیر نقی و لا خفیف فإن الحمی تکون [فی] التزید، و إن کان زمان نوبه الحمی مساویاً لزمان ترکها و هی علی حاله واحده و لم یصب المریض فی وقت فتور الحمی خفه و لا راحه فقد انتهت الحمی منتهاها فی منتهاها.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 546

و ینبغی أن تعلم أن مده زمان کل واحد من

هذه الأوقات الأربعه یکون بحسب طول المرض و قصره، و ذلک أن زمان الابتداء و التزید فی الأمراض الحاده یکون قصیراً و کذلک زمان الانتهاء و الانحطاط و ذلک أن الخلط المحدث لهذه الأمراض لطیف و الحراره قویه فهی تسرع فی نضج المرض.

و أما الأمراض المتطاوله: فإن زمان کل واحد من الأوقات الأربعه یکون طویلًا و ذلک أن الخلط المحدث لهذه الأمراض غلیظ و الحراره ضعیفه و النضج بطی ء فیها فیطول لذلک زمانها، و لذلک صارت الأمراض المتطاوله فی زمان الصیف قصیره المده لمعاونه حراره الصیف علی نضج الماده و تلطیف الخلط، و الأمراض الحاده فی الشتاء تطول مدتها قلیلًا لأن برد الهواء یفجج الاخلاط و یبطئ النضج، و الدلیل علی ذلک [قصر[1982]] نوبه حمی الربع [و قصرها[1983]] فی الزمان الصیفی [و الاوقات الحاره[1984]] و طولها فی الخریف و الشتاء و الأوقات البارده، و الحمیات المطبقه إذا حدث لصاحبها عرق و لم یتم به البحران فإن مدتها تطول و ذلک یدل علی کثره الخلط، [فافهم ذلک ترشد إن شاء اللّه تعالی[1985]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 547

الباب الخامس فی ذکر العلامات التی یستدل بها علی المرض الحاد و المتطاول[1986]

أما معرفه المرض الحار و المرض المتطاول فإن الحاجه إلیهما لسببین:

أحدهما: بسبب تقدم المعرفه بما قد یؤول إلیه المرض.

الثانی: بسبب تقدیر غذاء المریض.

أما بسبب تقدم المعرفه فإن الأمراض الحاره یکون انقضاؤها بالبحران و الأمراض المتطاوله یکون انقضاؤها بالنضج و التحلیل، و الطبیب فی الأمراض الحاده ینذر بخلاص المریض أو بتلفه فی وقت البحران و فی الأمراض المتطاوله ینذر بخلاص المریض بالنضج و التحلیل و بتلفه عند عدم النضج و نقصان القوه و انحلالها.

و أما بسبب تقدیر الغذاء فإنه لما کانت الأمراض الحاده[1987] تصیر إلی المنتهی بسرعه و احتیج بذلک

السبب إلی أن یغذی المریض بأغذیه لطیفه لئلا تشتغل القوه بهضم الغذاء عن انضاج المرض، و فی الأمراض المتطاوله یحتاج[1988] إلی أن یغذی المریض بأغذیه غلیظه لئلا تنحل قوه المریض فی طول زمان المرض، فإذا انتهی المرض منتهاه غذی یومئذ بأغذیه لطیفه.

فلهذه الأسباب احتاج الطبیب ضروره إلی تقدم المعرفه بالمرض الحار

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 548

و المرض المتطاول، فالمرض الحاد[1989] هو الذی یکون فی زمان یسیر و یکون معه خطر، و لذلک قال [الفاضل[1990]] أبقراط: «إن التقدم بالقضیه [فی الامراض الحاده[1991]] بالموت و الحیاه فی الأعراض الحاده لیس یکون علی غایه الثقه [لا علی الموت و لا علی الصحه[1992]]».

و إنما قال: ذلک فیه لما فیه من الخطر و لصعوبه الأعراض لأنه کما یرجی للمریض الحیاه کذلک یتخوف علیه الموت، و کما یخاف الموت یرجی له الحیاه.

[مراتب الأمراض الحاره فی الحده]

و للامراض الحاره مراتب فی الحده، فمنها الحاره فی الغایه القصوی و هی التی یأتی فیها البحران فی الیوم الثالث و الرابع[1993] أو ما قبله [او فی الیوم السابع[1994]] [و منها ما یقال لها: الحاره فی الغایه، و هی التی یأتی فیها البحران فی الیوم السابع[1995]] و منها ما یقال لها: الحاده[1996] بقول مطلق، و هی التی یأتی فیها البحران فی الرابع عشر و السابع [عشر[1997]] و العشرین، و منها ما یقال لها: الحاده المنتقله و هی التی یأتی فیها البحران فیما بین العشرین إلی الأربعین.

و لیس یقال لما کان انقضاؤه من الأمراض بعد الأربعین منها مرض حاد لکن یقال له: مرض متطاول، و المرض المتطاول یکون انتهاؤه فی زمان طویل و انقضاؤه لا یکون بالبحران لکن یکون بالتحلیل الذی یظهر للحس، و ینضج [المواد[1998]] المحدث

له [و تلف المریض[1999]] و هلاکه یومئذ یکون بنقصان القوه و عدم النضج.

و [أما[2000]] الاستدلال علی المرض هل هو من نوع الأمراض الحاده التی یکون انقضاؤها [بالبحران] أو هو نوع من الأمراض المتطاوله التی یکون انقضائها

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 549

بالنضج و التحلیل؟، و یؤخذ من نوع المرض و من حرکته و من النبض و من السحنه فی حال البدن و من الدلائل التی یستدل بألتئامها و مخالفتها[2001].

و أما ما یکون من نوع المرض: فهو یکون من الحمیات [المحرقه و حمیات الغب الخالصه و حمی سنوخیس و سائر الحمیات[2002]] التی تتبعها أورام الأحشاء بمنزله السرسام و البرسام و ذات الجنب و ذات الرئه و الذبحه [و التشنج[2003]] و السکته، و جمیع ذلک یکون من الأمراض الحاده[2004] التی یکون فیها البحران، و حمیات الربع لا سیما الخریفیه و الشتویه، و الحمی المواظبه و حمی الغب غیر الخالصه و شطر الغب و الحمی المعروفه بلثقوریا و طقورس[2005] و غیر ذلک من الأمراض و البلغمیه و السوداویه من الأمراض المتطاوله التی یأتی فیها البحران[2006].

و أما حرکه المرض فإنه متی کانت حرکته سریعه و الحراره قویه و الأذی و الالم فیه أکثر دل ذلک علی أنه یکون من الأمراض الحاده، و إن کان علی خلاف ذلک [دل علی أنه یکون[2007]] من الأمراض المتطاوله.

و أما النبض فإنه متی کان سریعاً عظیماً متواتراً دل علی أن ذلک المرض [مرض حاد، و إن کان علی خلاف ذلک اعنی صغیرا او بطیئا او متفاوتا فانه[2008]] یکون ایضا من الأمراض المتطاوله.

و أما من السحنه و حال البدن فإنه إن بان فی أول أیام مرض[2009] العلیل نقصان فی اللحم[2010] و جفاف فی وجهه و تغیر

فی اللون إما إلی الحمره و إما إلی الصفره دل ذلک علی أن المرض من الأمراض الحاده، و إن کان الأمر علی خلاف ذلک دل

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 550

ذلک أیضاً علی أن المرض یکون أیضاً من الأمراض المتطاوله التی لا یکون فیها البحران[2011].

و أما الأشیاء التی یستدل بإتمامها و موافقتها فهی الأشیاء الطبیعیه و هی سن المریض و مزاجه و الوقت الحاضر و البلد، و ذلک أنه متی انضاف إلی ما ذکرنا أن یکون العلیل شاباً و مزاجه حاراً [و الوقت الحاضر صیفاً و مزاج البلد و الهواء فی ذلک الوقت حاراً[2012]] کان ذلک یومئذ أوکد للدلاله علی حده المرض و انقص فی الدلاله علی تطاوله، و متی کان المریض کهلًا أو شیخاً و البلد بارداً و الوقت الحاضر شتاء و الهواء فی ذلک بارداً کان ذلک أوکد للدلاله علی طول المرض و أنقص فی الدلاله علی حدته.

فبهذه الأشیاء یستدل علی معرفه المرض الحار، و المرض المتطاول، فإن کانت العلامات متوسطه فی الأحوال التی ذکرناها فإن المرض یکون متوسطاً فیما بین المرض الحاد[2013] و المرض المتطاول، فینبغی [للطبیب الحاذق[2014]] أن یستعمل فی هذا الباب جوده[2015] التمییز بأن یقیس الدلاله بعضها ببعض مع القوه و الضعف فإنه إذا فعل ذلک أمکنه أن یعرف المرض القصیر و المرض الطویل [و ما جری علیه هذا المجری و ما شاکل ذلک من الأمراض، فافهم ذلک ترشد إن شاء اللّه تعالی[2016]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 551

الباب السادس فی ذکر صفه[2017] معرفه البحران و أسبابه و علاماته

[اعلم أرشدک اللّه تعالی إننا[2018]] قد ذکرنا أمر أوقات المرض الحاد، و أوقات المرض المتطاول، و الآن نشرع فی ذکر أمر البحران و أسبابه و علاماته فی هذا الباب.

فأقول [و باللّه

التوفیق:[2019]] إن السلامه من المرض و الموت منه یکون بتغیر المرض، و انقلابه.

و تغیره و انقلابه: إما أن یکون دفعه أعنی فی زمان یسیر و یئول بصاحبه إما إلی الصحه، و إما إلی الموت.

فما آل منه إلی الصحه فیقال له: بحران جید، و ما آل إلی الموت، یقال له:

بحران ردی ء، و هذان یکونان فی الأمراض الحاده.

و ما یکون بالتغییر[2020] قلیلًا فی زمان طویل و یئول بصاحبه إلی السلامه و ذلک یکون بزیاده القوه و نقصان المرض قلیلًا قلیلًا عند ما تنضج ماده المرض و تحلل شیئاً بعد شی ء و أما أن یکون التغیر قلیلًا قلیلًا و یئول بصاحبه إلی الموت و ذلک یکون بنقصان القوه و زیاده المرض قلیلًا قلیلًا، و هذا عند ما تذوب الأعضاء و الرطوبات و تجمد الحراره الغریزیه، و هذان یکونان فی الأمراض المتطاوله.

و إما أن یکون التغیر فیما بین البطی ء و السریع و یئول بصاحبه إلی الصحه

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 552

و هذا یکون بانقلاب المرض إلی حال أصلح دفعه ثم یتناقص قلیلًا قلیلًا و تزداد القوه إلی أن ینقص المرض.

و إما أن یکون التغییر متوسطاً فیما بین السریع و البطی ء و یئول بصاحبه إلی الموت، و هذا یکون بانقلاب المرض إلی حال أردأ دفعه ثم تضعف قوه المریض و تنحل قلیلًا قلیلًا إلی أن یموت المریض، و هذان یکونان فی الأمراض المتوسطه بین الحاده و المتطاوله.

[فی اصناف البحران]

فإذا کان الأمر علی هذا فإن أصناف البحران حینئذ سته:

الأول: تغییر المرض دفعه إلی حال هی أصلح و یقال له: بحران جید.

الثانی: تغیر المرض دفعه إلی حال هی أردأ و یقال له: بحران ردی ء.

الثالث: تغیر المرض قلیلًا قلیلًا و یئول بصاحبه إلی

السلامه و یقال له:

التحلیل.

الرابع: تغیر المرض قلیلًا قلیلًا و یئول بصاحبه إلی التلف و یقال له: الذوبان و الذبول.

الخامس: تغیر المرض دفعه إلی حال هی أصلح ثم یتناقص المرض قلیلًا قلیلًا حتی ینقضی و یصح البدن.

السادس: تغیر المرض دفعه إلی حال هی أردأ ثم تضعف قوه المریض قلیلًا قلیلًا حتی یتادی أمره و یقال لهذان: بحرانان مرکبان.

و البحران الجید: هو ما یکون فی وقت المنتهی من الأمراض الحاده عند ما تکون الاخلاط قد لطفت و تحرکت الطبیعه لتمییز الشی ء الجید منها بالشی ء الردی ء و قویت علی دفع الشی ء الردی ء و اخراجه عن البدن.

و البحران الردی ء: یکون فی وقت المنتهی عند ما [ینتهی المرض أو[2021]] یقوی علی الطبیعه و یقهرها، کما قد قال فاضل الأطباء جالینوس: «البحران تغییر

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 553

أما سرعه التغییر: فهو یکون بسبب الحراره إذا کانت الحراره من شأنها سرعه الحرکه و الانتقال.

و أما صعوبه الأعراض و جهاد المریض: فیکون بسبب بلوغ المرض منتهاه فی القوه و هیجان الخلط المحدث له بسبب مقاومه القوه للمریض و مجاهدتها له و ذلک أن القوه تنازع المرض و تجاذبه و تجتهد فی قهره و غلبته و دفع مادته أو إخراجها عن البدن، و کذلک المرض یقاوم القوه و یجتهد فی غلبتها و الظهور علیها، فمتی ظهرت القوه علی المرض کان البحران جیداً و سلم المریض، و متی ظهر المرض [علی القوه[2022]] کان البحران یومئذ ردیئاً و هلک المریض.

[معنی البحران فی السریانیه]

و لذلک سمی: بحراناً لأن معنی هذه اللفظه فی السان السریانی الحکیم الفاضل، لأنه فی هذا الوقت تبین للطبیب الماهر الحاذق الفاضل الکثیر الریاضه و المداوله للامراض الحاره الامر الذی یؤول إلیه حال المرض

[بمعرفته بمقدار حدّ المرض و مقدار قوه المریض، و لذلک ینبغی أن یعنی بمعرفه قوه المریض فأن فی ذلک منفعته عظیمه بما یؤول الیه حال المریض[2023]] و لیس یمکن للطبیب أیضاً الحاذق معرفه ذلک المرض بالقیاس لکن یعرف ذلک الشی ء بالدرایه و کثره مداوله المرض زماناً طویلًا.

و العلم بأمر البحران ینقسم إلی ثلاثه أقسام:

أحدها: العلم بالشی ء الذی یکون به البحران.

الثانی: العلم بالأیام التی تکون فیها البحران.

و الثالث: العلم بالعلامات الداله علی البحران، و هی الأعراض الصعبه التی تکون معه، فافهم ذلک.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 554

الباب السابع فی معرفه الشی ء الذی یکون به البحران اعنی الاستفراغ[2024]

[إعلم أرشدک اللّه تعالی[2025]] أن العلم بالشی الذی یکون به حدوث البحران هو أن القوه إذا قویت علی المرض إما أن تسرع مادته، و إما أن تدفعها إلی بعض الأعضاء الضعیفه التی لا شرف لها، و استفراغها الماده یکون إذا کان المرض شدید الحده و کانت الماده أعنی الخلط المحدث للمرض لطیفه.

و ذلک یکون: إما بالعرق و إما بالقی ء، و إما بالاسهال، و إما بالرعاف، و إما بالطمث إذا کان العلیل امرأه، و إما بخروج الدم من العروق التی فی المقعده.

و کل واحد من هذه الاستفراغات یکون به البحران فی بعض الأمراض أکثر منه فی بعض بحسب الماده المحدثه للمرض و بحسب موضع العضو العلیل.

أما بحسب الماده: فإن العرق و الاسهال و القی ء یکون بها بحرانات الأمراض الصفراویه [و السوداویه[2026]] و الحمیات المحرقه، و أما الرعاف و درور الطمث و خروج الدم من العروق التی فی المقعده فیکون بها بحرانات الأمراض الدمویه و الحمیات التابعه لأورام الاحشاء إذا کانت من ماده حاده.

و أما بحسب العضو العلیل [إما بحسب الماده[2027]] فإن عله السرسام و البرسام یکون أکثر بحرانهما

بالرعاف و العرق الکثیر فی الرأس و الرقبه، و الحمی التابعه

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 555

لورم الکبد إذا کان ذلک فی الجانب المحدب کان[2028] أکثر بحرانها بالرعاف من الجانب الأیمن أو بعرق سابغ عام لسائر البدن او ببول[2029] نضیج، و إن کان[2030] الورم فی الجانب المقعر من الکبد کان البحران أکثر ذلک بالإسهال أو بالقی ء أو بالعرق أو بإدرار الطمث أو باستفراغ دم من المقعده و إن کانت الحمی تابعه لورم الطحال کان البحران یومئذ بالرعاف من الجانب الأیسر، و قد ذکر فاضل الأطباء جالینوس:

فی المقاله الأولی من تفسیره لکتاب ابذیمیا «أن الحمی المحرقه الخاصه و هی التی تکون من المرار الصرف أکثر ما یکون بحرانها بالرعاف»، لأن قوه الحراره فی هذه الحمی ترفع الدم إلی العلو و تحلله[2031] ضروره و ترتفع منه[2032] ریحاً کثیراً فتنفتح العروق و تنصدع.

و أما دفع الماده إلی بعض الأعضاء: فیحدث إما خراجات، و إما ورماً ردیئاً، و إما بتسوید بعض الأعضاء، و ذلک یکون إذا کان المرض لیس بقوی الحده، و کانت الماده غلیظه و القوه بها بعض ضعف، و کان البول رقیقاً، و أکثر ما یکون ذلک فی الأمراض التی یکون بحرانها بعد العشرین فإن مادته بارده غلیظه عسره النضج و التحلیل و لذلک تطول مده المرض إلی العشرین یوماً و ما بعده.

و إذا کان الأمر کذلک و قویت الطبیعه علیها دفعتها إلی بعض الأعضاء فیحدث فیه إما خراج، و إما ورم [ردی ء[2033]] و إما تسوید بعض الأعضاء.

أما الخراج: فیکون إما فی بعض المفاصل إذا کانت المفاصل ضعیفه، و العلیل مما قد یعتاده وجع المفاصل بمنزله مفصل الیدین و الرجلین، أو من کان فی صحته کثیر التعب، أو

قد أتعب بعض أعضائه، فإن الخراج یحدث فی ذلک المفصل، کما قد قال الفاضل أبقراط: فی کتاب الفصول «صاحب الأعیاء فی الحمی أکثر ما یخرج به الخراج فی مفاصله». و قال أیضاً أبقراط: فی فصل آخر «من کان قد تقدم فاتعب عضواً من أعضائه من قبل أن یمرض ففی ذلک العضو یتمکن المرض».[2034]

کامل الصناعه الطبیه ؛ ج 2 ؛ ص555

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 556

و أما أن یحدث فی بعض الأعضاء التی هی بالطبع ضعیفه بمنزله ما یحدث من ذلک فی أصل الاذن [اذا] کانت العله فی الدماغ، و بمنزله ما یحدث فی اللحم الرخو الذی فی الرقبه فی عله الخوانیق، أو فی اللحم الذی تحت الابطین فی عله الصدر و الرئه و ذات الجنب، و بمنزله ما یحدث من ذلک فی لحم الاربیتین فی الحمیات التابعه لورم الکبد و الطحال و غیرهما من الأعضاء التی دون الشراسیف.

و أما الورم الردی ء: الذی یحدث فی العضو فبمنزله الأورام التی تسود معها الأعضاء الحادثه فیها، و هذا یکون فی الحمیات التی تتبع ورم الأحشاء.

فهذه الأشیاء یکون انقضاء الأمراض الحاده و کل مرض ینقص بغیر هذه الأشیاء فیکون من شأنه أن یعاود ثانیاً بأشّر مما کان[2035] أولًا، و إذا حدث الورم فی أصل الاذن و لم [ینضج[2036]] و ینفتح فإنه ینذر بعوده من المرض دائماً و ربما دل علی حدوث الخراجات فی المفاصل، [فاعلم ذلک[2037]].

و لذلک بقی انقضاء المرض من غیر أن یحدث لصاحبه شی ء مما ذکرنا من الاستفراغات و الخراجات و الأورام الا [أن] یوثق[2038] بذلک منه و لا یؤمن المعاوده.

و إذا استعمل فی أمره التوقی و التحرز الشدید و خیر التدبیر علی ما سنذکره فی موضع

تدبیر الناقهین من المرض فإنک إذا فعلت ذلک و کان المرض ضعیفاً لم یعاوده و انقضی انقضاء تاماً و [إن] کان المرض قویاً، و إن دبرت المریض بهذا التدبیر فانه یعاود إلا أن معاودته لا تکون قویه و یکون البرء منه سهلًا، و إن أهملت و لم تکن تدبره علی حیث ما ینبغی و تتحرز علی ما یجب أن یتحرز منه و کان المرض ضعیفاً عاود المرض أصعب مما قد کان علیه، و إن کان المرض قویاً عاود بصعوبه و خطر شدید.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 557

الباب الثامن فی ذکر معرفه أیام البحران [و أسبابه و علاماته[2039]]

أما الأیام التی یکون فیها البحران فهی علی ما قد أصفه فی هذا الموضع.

فأقول: [و باللّه التوفیق[2040]] إن البحران هو یکون فی أیام معلومه و یقال لها: باحوریه[2041] و هی الیوم الثالث، و الرابع، و الخامس، و السابع، و الثامن، و التاسع، و الحادی عشر، و الثالث عشر، و الرابع عشر، و الخامس عشر، و السابع عشر، و التاسع عشر، و العشرون، و الحادی و العشرون، و الرابع و العشرون، و السابع و العشرون، و الحادی و الثلاثون، و الرابع و الثلاثون، [و اسابع و الثلاثون و الیوم[2042]] الأربعون، و لیس یکون انقضاء الأمراض بعد الأربعین ببحران لکن بالنضج و التحلیل.

و قد ذکر الفاضل أبقراط «أن البحران فی الستین و الثمانین و المائه و العشرین».

و قال أیضاً فی فصل آخر. «إن الأمراض التی تحدث فی الصبیان منها ما ینقضی فی سبعه أشهر، و منها ما ینقضی فی سبع سنین، و منها ما ینقضی عند نبات الشعر فی العانه.

إلا أن [فاضل الأطباء[2043]] جالینوس یذکر «أن الأمراض التی تنقضی بعد

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 558

الأربعین تکون ببحران لأن حرکه هذه

الأمراض بعد هذا الوقت تکون بطیئه، کما أنه لیس تکون حرکه البحران فی الأیام التی بعد العشرین بسرعه کالتی تکون فی الأیام التی قبل العشرین».

و الأیام الباحوریه[2044] هی التی ذکرنا أنها إلی الأربعین، و أما الأیام التی فیما بین هذه الأیام التی حددناها فلیس [یکاد[2045]] یکون بها البحران فإن کان فی الندره لم یتم فکان إما بحران سوء ردیئاً مهلکاً و إما أن یعاود فیه المرض بأشر[2046] مما قد کان.

و هذه الأیام تحسب من الوقت الذی یحس فیها المریض بتغیر الأفعال و الضرر لأحوالها و النقصان فیها.

أما العلل التی تلحق فی النساء بعد الولاده فإنها تحسب من الیوم الذی تکون فیه الولاده، علی ما ذکره الفاضل أبقراط.

أن أیام البحران تختلف فی أربعه أشیاء:

الأول: فی کثره ما قد یحدث فیها من البحران و قلته.

الثانی: فی الانذار بما قد یکون بعدها.

الثالث: فی جوده البحران و رداءته.

الرابع: فی قوه البحران و ضعفه.

أما اختلافها فی کثره حدوث البحران و قلته: فإن من الأیام الباحوریه[2047] [منها] ما یحدث فیها البحران فی أکثر الأمر، و منها ما لا یحدث فیها إلا فی الندره، و منها ما تکون متوسطه فیما بین ذلک.

[فی الأیام التی یحدث فیها البحران کثیرأ]

و أما الأیام التی یحدث فیها البحران [و هو یومئذ[2048]] کثیراً: فإن بعضها یکون فیه البحران أکثر من بعض و یجری أمرها علی أربع مراتب لتقدم بعضها بعضاً فی

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 559

الکثره:

فأما التی تتقدم فی المرتبه الأولی: فهی الیوم السابع و الرابع عشر.

و أما التی فی المرتبه الثانیه: فهی الیوم التاسع و الحادی عشر و العشرون.

و أما التی فی المرتبه الثالثه: فهی الیوم الرابع و السابع عشر و الحادی و العشرون.

و أما التی

فی المرتبه الرابعه: فهی الیوم الثالث و الثامن عشر.

[فی الأیام التی قد یأتی فیها البحران فی الندره]

و أما الأیام التی قد یأتی فیها البحران فی الندره: فهی أیضاً فی أربع مراتب یتقدم بعضها بعضاً فی قله ما یأتی فیها البحران:

فأما المرتبه الأولی: فهی الیوم الثانی عشر و السادس.

و أما المرتبه الثانیه: فهی الیوم الثامن.

و أما المرتبه الثالثه: فهی الیوم السادس [عشر[2049]].

و أما المرتبه الرابعه: فهی الیوم التاسع عشر.

[فی الأیام المتوسطه فی کثره البحران و قلته]

و أما الأیام المتوسطه فی کثره البحران و قلته: فهی الیوم الثالث عشر و الخامس عشر و الرابع و العشرون و السابع و العشرون.

و أما اختلاف الأیام الباحوریه[2050] [فی الابدان و ما یندر به فان منها ما یندر بها یکون فی البحران فی الیوم الباحوری الذی بعد، و هی[2051]] هذه التی أصفها، فالیوم الرابع ینذر بما یکون من البحران فی الیوم السابع و بما یکون من رداءه الحال فی الیوم السادس، و ذلک أنه إن ظهرت فی هذا الیوم علامه صالحه بمنزله النضج فی البول و البراز و النفث و استفراغ[2052] یسیر کنداوه البدن و تقطیر الدم من الأنف

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 560

و صلاح بعض الافعال بمنزله الشهوه او[2053] النوم او صلاح[2054] الذهن کان تمام انقضاء المرض فی الیوم السابع، فإن ظهرت علامه ردیئه بمنزله صغر النفس و برد الأطراف و العرق المتقطع الذی لا یعم البدن و ثقل المریض بعد ذلک، فإن موت المریض یکون فی الیوم السادس، و الیوم التاسع منذر بالبحران الذی یکون فی الحادی عشر، و الحادی عشر منذر بالرابع عشر، و الیوم السابع عشر منذر بالعشرین.

و أما فی اختلاف الأیام فی جوده البحران و رداءته

فإن من الأیام ما یکون البحران فیها جیداً تاماً موثوقاً بجودته، و البحران الجید هو الذی یکون به انقضاء المرض و یکون قد تقدمته دلائل النضج، و یکون سلیماً من الأعراض الردیئه التی یخاف منها بمنزله الخفقان و وجع الفؤاد، و یکون ببعض الاستفراغات، و یکون قد تقدم الانذار له بذلک، فهذه الأیام یتقدم بعضها بعضاً فی الجوده.

فالمتقدم منها الیوم السابع و من بعده الیوم الرابع عشر، و من بعد هذین فی الجوده الیوم الرابع و الیوم العشرون، و دون هذه فی الجوده الیوم الحادی عشر و من بعده الیوم السابع عشر ثم الخامس عشر ثم الحادی و العشرون، و من بعد هذا الیوم الثالث.

و من الایام ما یکون البحران فیه ردیئاً و البحران الردی ء هو الذی لا تتقدمه دلائل النضج و تکون الأعراض فیه صعبه ردیئه عظیمه الخطر و هی الیوم السادس و الثانی عشر فإن البحران فی هذه لا یکون معه استفراغ و لا یتقدمه انذار و یکون ناقصاً أعنی أن المرض یعاود فیه و ینتکس المریض، و من بعد السادس و الثانی عشر الیوم الثامن ثم الیوم العاشر ثم الیوم الثالث عشر[2055] الیوم السادس عشر و الثامن عشر.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 561

[فی اختلاف الایام فی قوه البحران و ضعفه]

و أما اختلاف الأیام فی قوه البحران و ضعفه فهو علی ما أصفه [إن شاء اللّه ر هذا الموضع[2056]].

فأقول: [و باللّه التوفیق[2057]] إن أیام البحران منها ما یجری أمرها علی أدوار معلومه و هی أیام البحران بالحقیقه، و منها ما لا یجری أمرها علی أدوار معلومه، و منها ما یجری[2058] علی جهه الارابیع و هی الیوم الرابع و السابع عشر و الحادی عشر

و الرابع عشر و السابع عشر و العشرون و الرابع و العشرون، و کذلک یجری الأمر إلی أن ینتهی الأمر إلی الأربعین علی ما ذکره [الفاضل[2059]] أبقراط: «إن البحران الذی یکون بعد الأربعین تکون أدواره فی کل عشرین یوماً إلی المائه و العشرین، و البحران الذی یکون فی الارابیع أقوی ما یکون إلی العشرین فإذا جاوز الیوم العشرین ضعفت قوه البحران الذی یکون فی الأرابیع، و تکون القوه للبحران الذی یکون فی الأسابیع، و البحران الذی یکون فی الأرابیع و الأسابیع، أقوی البحرانات و أسرعها حرکه».

[فی أیام البحران التی لا یجری أمرها علی أدوار معلومه]

و أما أیام البحران التی لا یجری أمرها علی أدوار معلومه: فهی الأیام التی فیما بین الارابیع و الأسابیع و حرکه البحران فیها دون حرکته فی الأرابیع و الأسابیع و قوه البحران فیها إلی الیوم العشرین، فإذا جاوز الیوم العشرین فلا یکاد یحدث فیها بحران، و إن حدث کان یومئذ ضعیفاً.

و [أما[2060]] السبب الذی من أجله صاحب البحران الذی یکون فی الأرابیع و الأسابیع [یکون أیضاً[2061]] اقوی و أسرع حرکه من غیره و هو مسیر القمر و ذلک أنه لما أن کانت الکواکب السیاره سبباً لجمیع ما یتکون[2062] و یفسد فی هذا العالم،

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 562

و کان کل واحد منها له خاصیه فی کون شی ء من الأشیاء أو فساده دون غیره و کان للقمر خاصیه علی الدلاله فی الأشیاء السریعه الحرکه و التغییر و له مع هذا شرکه مع جمیع الکواکب فی تغییرات الأشیاء لقرب فلکه من العالم السفلی، و أفعاله تظهر فی کل شهر و أکثر ذلک فی وقت اجتماعه مع الشمس و فی الوقت الذی یکون بینه

و بینها خمسه و أربعون درجه[2063] و هو[2064] شکل نصف التربیع.

و هذا یکون فی الیوم الرابع من وقت مستهله و فعله فی هذا الوقت یکون ضعیفاً و فی الوقت الذی یکون بینه و بینها تسعون درجه و یقال لها: الشکل التربیعی أعنی أن یکون [بینه و بینها[2065]] ربع الدائره و هذا یکون فی الیوم السابع من الاجتماع و فعله فی هذا الوقت یکون قویاً، و فی الوقت الذی یکون بینه و بینها مائه و خمس و ثلاثون درجه یکون شکله شکل ثلاثه أرباع الدائره، و هذا یکون فی الیوم الحادی عشر من الاجتماع [و فعله[2066]] فی هذا الوقت تکون الدلاله أضعف من التی قبلها[2067] و فی الوقت الذی یکون بینه و بین الشمس مائه و ثمانون درجه[2068] و یقال لذلک: المقابله، و هذا یکون فی الیوم الرابع عشر، و شکل القمر یکون یومئذ دائره کامله تامه و فعله فی هذا الوقت یکون قویاً، و کذلک أیضاً کلما تباعد من موضع مقابله الشمس خمساً و أربعین درجه أو تسعین أو مائه و خمساً و ثلاثین یظهر فعله فی تغییر الأشیاء، و هذا یکون کل أربعه أیام، و إذا کان القمر فی هذه الأوقات مسعوداً أحدث خیراً و صلاحاً فی الأشیاء التی تدل علیها و فی کثیر من الأشیاء التی تحدث فی هذا العالم، و إن کان منحوساً أحدث شراً و فساداً.

و لما کانت الأمراض الحاده هی من الأشیاء السریعه الحرکه و التغیر و کان حدوثها عن منحسه القمر فی مولد کل إنسان صار إذا تباعد القمر عن موضع النحسه التی کانت فی وقت المرض بخمسه و أربعین جزءاً و قویت حرکه المرض، و هذا یکون فی

الیوم الرابع، و إذا تباعد عنها بتسعین درجه فهو علی

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 563

شکل التربیع من موضع النحسه، و هذا یکون فی الیوم السابع و تکون حرکه القمر[2069] حینئذ أقوی و أشد و کذلک یجری الأمر فی مسیره الباقی عن موضعه فی وقت المرض علی مثال ما یجری علیه فی تباعده من موضع اجتماعه مع الشمس، فإذا کانت حرکه المرض[2070] و قوته فی کل أربعه أیام کانت الدلاله لانصاف الترابیع، و إن کانت فی کل سبعه أیام کانت الدلاله للتربیع.

و أما البحران الذی یکون فی غیر هذه الأیام التی ذکرناها، فإما أن تکون قبل [الاربوع[2071]] و الأسبوع[2072] الذی قد ازمعه أن یحدث فیه البحران أو بعده[2073].

و هذا یکون: إما لأسباب ترهق[2074] الطبیعه [و تدفعها إلی أن یحدث البحران قبل الاربوع أو الاسبوع، و إما لأسباب أخر تعوق الطبیعه عن تمام البحران الذی وقع فیه.

أما الأشیاء التی تزهق الطبیعه[2075]] و تهیجها: فهی قوه المرض و سرعه حرکته و لطافه الخلط بالهواء الحار الذی یلطف الخلط و یحرک الماده فیهیج بذلک السبب دفع ماده المرض، و ربما کان ذلک لخطأ یعرض فی التدبیر من غذاء حار [و دواء حار[2076]] أو غضب یعرض للمریض فیتقدم البحران.

و البحران الذی یحدث بهذه الأسباب تکون معه أعراض صعبه شدیده فإن کانت مع ذلک علامات مذمومه تدل علی الهلاک فیموت حینئذ المریض، و إن کانت علامات جیده تدل علی الخلاص فإن البحران یومئذ لا یکون تاماً و ینذر بعوده المرض و نکسه.

و أما الأسباب التی تعوق الطبیعه عن حدوث البحران حتی یتأخر الاربوع و الاسبوع[2077] الذی قد وقع فیه، فهی الهواء البارد الذی قد یمنع الطبیعه و یعوقها عن انضاج الخلط

دفعه و الخطأ فی التدبیر.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 564

و هذا الخطأ[2078] یکون: إما من الطبیب إذا أخطأ فی التدبیر، و إما من المریض [اذا لم یقبل من الطبیب و تبع شهواته، و اما من خدم المریض[2079]] إذا استعملوا عنده الضجه و الصیاح، [أو من المریض أیضاً بأن لم یکن یقبل من الطبیب ما یوقعه له من الاستعمال من أدویه و غیرها و یتبع یومئذ شهواته و یخالفه أو أن خدام المریض قد حرکوه و أزعجوه من غیر معرفه الطبیب و درایه بذلک الشی ء، فحینئذ[2080]] تنهزم طبیعه المریض من ذلک و تضعف عن عملها.

و هذا الخطأ إن کان عظیماً و کانت العلامات منذره بالخلاص منع ذلک من حدوث البحران و طول المرض، و إن کانت العلامات منذره بالهلاک فإن الموت یتقدمه، و إن کان الخطأ یسیراً و کانت العلامات جیده نقص ذلک من جوده البحران و ضعفه، و إن کان المرض عظیماً و العلامات جیده طول المرض. و کثیراً ما یکون المرض لیس بالعظیم فیعرض خطأ عظیماً فحینئذ یهلک المریض بذلک.

فینبغی أن تعلم أن البحارین التی تتقدم عن أوقاتها تکون قویه.

و التی تتأخر عن أوقاتها لا تکون یومئذ قویه، و مما ینبغی أیضاً أن تعلمه هو أن الأرابیع و الأسابیع تحسب علی جهتین: إما حساب، اتصال و إما حساب إنفصال.

فأما ما تحسب من الأرابیع علی جهه الاتصال: فهی الأربوع الأول مع الثانی و ذلک أنک إذا انتهیت فی العدد إلی الیوم الرابع و عددت منه کان الرابع هو السابع، و کذلک الحادی عشر هو متصل بالرابع عشر لأنه الرابع من الحادی عشر، و کذلک الیوم السابع متصل بالرابع عشر لأنه الرابع من الرابع عشر، و

کذلک الیوم العشرون متصل بالسابع لأنه الرابع من السابع عشر، و الیوم الرابع و العشرون متصل بالسابع و العشرین لأنه الرابع من السابع[2081] و العشرین، و کذلک السابع و العشرون متصل بالثلاثین لأنه الیوم الرابع من السابع و العشرین، و الرابع و الثلاثون متصل بالسابع و الثلاثین. [لانه الرابع من الرابع و الثلاثین، و السابع[2082]] و الثلاثون متصل بالاربعین

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 565

لأنه الرابع من [السابع و الثلاثین[2083]].

و أما ما قد تحسب من الاسابیع المتصله: فهی الاسبوع الثالث فقط لأنه السابع من الرابع عشر، و أما ما تحسب ایضاً علی جهه الانفصال فالاربوع[2084] الثانی منفصل عن الثالث لأنک إذا انتهیت فی العدد إلی السابع عددت أربعه من الثامن إلی الحادی عشر، و کذلک الرابع و العشرون منفصل عن العشرین و الواحد و الثلاثون منفصل عن السابع و العشرین لأنک ر اذا انتهیت [أیضاً فی العدد إلی العشرین[2085]] عددت من الحادی و العشرین، و الحادی و الثلاثون [منفصل[2086]] من السابع و العشرین، [لانک اذا انتهیت الی السابع و العشرین عددت من الثامن و العشرین الی الواحد و الثلاثین[2087]].

و أما الأسابیع فهو أن الأسبوع الثانی منفصل عن الأسبوع الأول لأن الاسبوع الأول ینتهی إلی السابع فیحسب الأسبوع [الثانی[2088]] من الیوم الثامن و ینتهی إلی الرابع عشر، و کذلک الاسبوعان اللذان بعد العشرین یحسبان حساب انفصال من الیوم السابع و العشرین إلی الیوم الرابع و الثلاثین فعلی هذه الجهات تحسب الأرابیع و الاسابیع فمن قبل جمیع هذه الأسباب التی قد ذکرناها تختلف أیام البحران، [فافهم ذلک ترشد إن شاء اللّه تعالی[2089]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 566

الباب التاسع فی ذکر العلامات الداله علی کون البحران[2090]

[اعلم أرشدک اللّه تعالی[2091]] فاما[2092] العلامات الداله أیضاً علی البحران: منها

ما قد یدل علی البحران الحاضر، و منها ما قد یدل أیضاً علی البحران الکائن.

[فی العلامات الداله علی البحران الکائن]

فأما العلامات المنذره بکون البحران فهی سرعه حرکه المرض و هیجانه و قوه الحراره و ظهور علامات النضج فی البول و البراز و البدن و عظم النبض و سرعته، فإن کانت الحمی من الحمیات التی تنوب بأدوار فیقدم نوبه[2093] الحمی و سرعه حرکتها [و مبدأ زمنها[2094]] بأن تکون مما تنوب غباً[2095].

فإن هذه العلامات کلها قد تدل علی سرعه کون البحران، فإن کان المرض مع ذلک شاباً[2096] و الوقت الحاضر من أوقات السنه حاراً و ماده[2097] الحمی صفراویه و القوه[2098] قویه کان ذلک دالًا علی سرعه البحران، و أما إذا کانت العلامات أضداد هذه أعنی أن یکون المریض ساکن الحرکه و الحراره یومئذ ضعیفه و لم یکن یظهر

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 567

شی ء من علامات النضج و کان النبض یومئذ صغیراً بطیئاً و أدوار الحمی تتأخر و نوبتها ضعیفه، فتکون إما من الحمیات التی تنوب فی کل یوم [او تنوب یوماً و یوم لا[2099]] أو التی تنوب یوماً و یومین و المرض مع ذلک کبیر السن و الوقت الحاضر من أوقات السنه بارد دل ذلک علی تأخر البحران و إبطائه، فإن کانت العلامات متوسطه فیما بین هذه العلامات و العلامات الاول دل ذلک علی أن البحران لا یکون سریعاً و لا یتأخر کثیراً.

فبهذه العلامات یستدل بها علی البحران الذی یرید أن یکون قبل أن یکون.

[فی العلامات الداله علی البحران الحاضر]

و أما العلامات الداله أیضاً علی البحران الحاضر: فهی الأعراض [الضعیفه[2100]] التی تکون مع البحران و ذلک أنه یتقدم الاستفراغ و الخراج الذی یکون به البحران قلق شدید

و اضطراب و أعراض صعبه شدیده مخوفه عند من لم یکن مرتاضاً فی معاناه البحران.

فإن کان البحران نهاراً کان القلق و الاضطراب لیلًا و إن کان البحران لیلًا کان ذلک القلق نهاراً و هذه الأعراض هی قلق المریض و توثبه و تبدله[2101] الاماکن فی استلقائه و الصداع ایضاً و السبات و اختلاط الذهن و ثقل الحواس و اللمع و التخیلات الردیئه و الظلمه الشدیده و سیلان الدموع من غیر [اراده و لا[2102]] بکاء و حمره العینین من غیر رمد و حرکه اللحی الأسفل و حمره الوجه و ضیق النفس و خفقان الفؤاد و وجع الرقبه و انجذاب[2103] المراق إلی فوق و اختلاج الشفه السفلی و لذع المعده و وجع الظهر و النافض و الرعده و الرعشه و عسر البول و احتباس الطبیعه و العطش الشدید، و غیر ذلک من الأعراض الصعبه.

فبهذه الأعراض یستدل علی أن البحران قد حضر و ذلک أنه متی ظهرت هذه العلامات أو بعضها لیلًا فإنها تدل علی أن البحران یکون من غد تلک اللیله، و إن

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 568

ظهرت نهاراً فإنها تدل علی أن البحران یکون فی اللیله التالیه للنهار[2104].

و کل واحد من هذه العلامات الداله علی البحران إما أن یدل علی بحران ردی ء، و إما أن یدل علی بحران جید.

[فی العلامات تدل علی البحران الجید]

[فاما العلامات التی تدل علی البحران الجید: فهی[2105]] ما کان فی یوم من أیام البحران الجیده علی ما قد ذکرناه فیما تقدم و کان النبض مع ذلک قویاً و کان قد تقدمه نضج بین فإنها متی ظهرت فی مثل هذه الحال تبع ذلک أحد الاستفراغات التی ذکرناها، و کان به یومئذ إما برء العلیل

و إما انتقاله إلی حال أصلح، و إن کان مع ذلک الاستفراغ نوع من أنواع الخلط المحدث للمرض من ناحیه العضو العلیل کان ذلک أوکد فی الدلاله علی البرء و الصلاح.

و یستدل أیضاً علی أنواع الاستفراغ من الأعراض المتقدمه لکل واحد منها و ذلک أنه.

متی عرضت للمریض حمره فی الوجه و الأنف[2106] أو ثقل فی الصدغین أو وجع فی الرقبه، و أن ینظر أیضاً المریض قدام عینیه لمعاً و شعاعاً أو یری ظلمه أو یحس فیما دون الشراسیف بتمدد دل ذلک علی أن البحران یکون بالرعاف، و إن عرض مع ذلک فی الانف حکه و احمرار و ولع العلیل بأنفه دل ذلک علی أن الرعاف لا یتأخر عن ذلک الوقت کثیراً، و إذا کان العلیل حدثاً کانت الدلاله علی الرعاف أقوی لأن الدم فی أبدان الأحداث أکثر، و أما الشبان و الکهول فالرعاف فیهم یکون قلیلًا.

و متی عرض للمریض ثقل فی الرأس و وجع فی فم المعده و غثیان و کرب و ضیق صدر و دوار و انجذاب المراق إلی فوق دل ذلک علی کون البحران یومئذ بالقی ء، و ذلک لأن المرار یطوف فی فم المعده لخفته و الوجع یکون لکثره الحس فی فم المعده و اختلجت مع ذلک الشفه السفلی و کان مع ذلک مادون الشراسیف

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 569

باردا [و إن کان[2107]] ذلک أوکد فی الدلاله علی أن القی ء أسرع حدوثاً[2108].

و متی عرض للمریض اختلاط الذهن و احتباس البول و البراز و حمره فی ظاهر البدن و سخونه و بخار حار ترتفع[2109] من البدن مع نداوه و کان النبض مع ذلک لیناً شبیهاً بالموجی دل ذلک علی أن البحران یکون بالعرق.

و متی

لم یظهر شی ء من هذه العلامات التی ذکرناها، و کان العلیل یجد لذعاً و ثقلًا فی أسفل السره أو قرقره دل ذلک علی أن البحران یکون بالاسهال لا سیما إذا قل البول و احتبس.

و إن عرض للعلیل وجع [و تمدد فی[2110]] الظهر [و القطن[2111]] و کان العلیل یعتاد خروج الدم من المقعده[2112] و کان دور خروجه قد حضر دل ذلک علی أن البحران یکون بانبعاث الدم من أفواه العروق التی فی المقعده، و إن کان العلیل أمرأه و کان دور الحیض قد قرب فإن البحران یکون بدور الحیض، و أن البحران بأحد الاستفراغات فی یوم من أیام البحران الجیده و کان قد تقدم نضج بین و النبض قوی و وجد العلیل بعقب ذلک راحه و خفه و تناقصت الأعراض التی کانت مع البحران و سکنت الحراره و حسن لون العلیل و قوی نبضه دل ذلک علی أن یکون البحران جیداً تاماً.

[فی العلامات التی تدل علی البحران الردی ء]

و أما العلامات التی تدل علی أن البحران الردی ء: فهی أضداد علامات البحران الجید و ذلک أنه إن ظهرت تلک الأعراض التی ذکرناها أو بعضها فی یوم أو لیله لیست من أیام البحران أو لیست بنوب بحران جید و لا یکون معه شی ء من علامات النضج، و یکون النبض مع ذلک ضعیفاً و یکون الاستفراغ من غیر الخلط

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 570

المحدث للمرض فإنه إذا کان الأمر کذلک کان البحران یومئذ ردیئاً مهلکاً، فإن ظهرت علامات البحران مع أحوال متوسطه بین أحوال البحران الجید و بین أحوال البحران الردی ء فإن البحران یکون یومئذ ناقصاً [غیر تام[2113]] أعنی: أن المرض لا ینقضی به لکن یتأخر انقضاؤه إلی الیوم البحوری

الذی یتلوه بمنزله ما یکون البحران فی الیوم السابع فلا ینقضی فیه المرض بل تبقی منه بقایا یتأخر بحرانها إلی الیوم التاسع و الیوم الحادی عشر، فإن کان به انقضاء المرض عاود المریض و ینتکس المریض، و النکسه متی کانت مع أعراض ردیئه و ضعف من القوه کانت مهلکه، فإن کانت القوه قویه سلم منها المریض.

و ینبغی أن تعلم أن الأمراض المهلکه علی الأمر الأکثر یتقدم کون البحران فیها فیحدث إما فی الخامس و إما فی السادس، و الأمراض السلیمه یتأخر بحرانها علی الأمر الأکثر بحسب قوه حدثها و ضعفه، و الله اعلم[2114].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 571

الباب العاشر فی [ذکر صفه معرفه[2115]] العلامات الردیئه المنذره بالموت [و أسبابها و علاماتها[2116]]

[إعلم أرشدک اللّه تعالی إننا[2117]] قد أتینا ببیان ما قد یحتاج من الدلائل الکلیه المنذره بالسلامه و العطب التی هی أوقات المرض الحاد و المرض المتطاول و علم کیفیه البحران[2118].

[فی الدلائل الجزئیه المنذره بالسلامه و العطب]

فنحن نأخذ فی ذکر الدلائل الجزئیه المنذره بالسلامه و العطب فی کل واحد من الأمراض علی ما ذکره الفاضل أبقراط: فی کتاب تقدمه المعروفه، و فی کتاب الفصول، و فی غیرهما من الکتب، و ما ظهر لنا بکثره ملازمتنا للمرضی، و ما قد عاینا من هذه العلامات فیهم و نبتدئ اولًا من ذلک بذکر العلامات الردیئه المنذره أیضاً بالهلاک، ثم من بعد ذلک بالعلامات المنذره بالسلامه بعد أن تعلم أن هذه العلامات الردیئه قد یفضل بعضها بعضاً فی الدلاله علی الهلاک فبعضها قویه جداً و بعضها ضعیفه و بعضها متوسطه فی القوه و الضعف.

و قد بین الفاضل أبقراط مرتبه کل واحد من هذه الدلائل فی القوه و الضعف

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 572

بألفاظ ألحقها بکل فصل حیث یقول: «مهلک أو قتال جداً[2119]

أو الموت منه قریب».

فإن ذلک یدل علی الموت لا محاله، و حیث یقول: «ردی ء أو مذموم» فإن ذلک یدل علی أنه قد یمکن أن یتخلص المریض من مرضه لا سیما إذا ظهرت فیه علامات محموده، فإن ظهرت من هذه العله علامتان أو ثلاث من غیر أن تظهر علامه محموده فإنها تدل علی الهلاک. و نحن نبتدئ [إن شاء اللّه تعالی[2120]] بوصف العلامات الردیئه من هذا الموضع.

فنقول: [و باللّه التوفیق[2121]] إن من العلامات ما یدل علی الرداءه فی الأمراض الحاده، و منها ما یدل علی ذلک فی الأمراض المتطاوله.

[فی أقسام العلامات التی تدل علی الرداءه فی الامراض الحاده]

و نحن نذکر أولًا العلامات التی علی هذا الحال فی الأمراض الحاده.

فنقول: ایضاً [و باللّه الاعانه[2122]]: إن هذه العلامات: منها مأخوذه من الأعراض الداخله علی حالات البدن و ملمسه، و منها مأخوذه من الأعراض الداخله علی [رداءه[2123]] الأفعال، و منها مأخوذه مما قد یبرز من البدن، و منها مأخوذه من حالات الأمراض و العلل و ما شاکل ذلک.

[الأول: فی العلامات المأخوذه من حالات البدن و ملمسه]

أما العلامات المأخوذه من حالات البدن فهی ما أصفه فی هذا الموضع، أما الوجه الذی لا یشبه وجوه الأصحاء فهو یکون دلیلًا ردیئاً و قوته و ضعفه فی الدلاله علی الرداءه تکون بحسب بعده من الوجه الصحیح و قربه منه، فالوجه

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 573

الذی یکون قحلًا منخسفاً علی المثال الذی قد ذکره الفاضل أبقراط «و هو أن یکون الأنف حاداً و العینان غائرتین و الصدغان لاطئین و الاذنان بارزتین [متفضضتین[2124]] و شحماتهما متقلصتین و جلده الوجه ممتده و لونه کمداً [أو أخضر[2125]] و تعلوه غبره فإنه یدل علی الهلاک إلا أن تکون

هذه الأعراض قد حدثت بسبب إسهال أو تعب أو سهر أو وجع شدید فإنه یکون أقل رداء»، و ذلک أن الوجه یکون بهذه الصفه فی الأمراض المتطاوله و عند التعب[2126] الشدید و الاستفراغ الکثیر.

و أما الامراض المتطاوله فلطول إنهاک المرض للبدن و ذوبان الرطوبات من الأعضاء [الاصلیه و[2127]] اللحمیه و تجفیفها[2128] له و نقصان الروح و الدم فی البدن.

و أما التعب و السهر [و النفث[2129]] و الوجع فلکثره ما یتحلل من البدن من الروح و الرطوبه و اکتسابه الیبس فتضعف لذلک الحراره الغریزیه [و الروح[2130]] فلا یقومان[2131] أن یبلغا إلی هذه المواضع أعنی أطراف البدن فتهزل لذلک أطراف البدن لا سیما الوجه فتظهر فیه هذه الأعراض، لأن الوجه قلیل الدم لبعده من القلب و الکبد الذین هما معدن الروح و الدم و لأن العظام أیضاً فی الوجه کثیره فإذا ذاب اللحم [و الرطوبات[2132]] تبینت[2133] العظام و الجلد، و إذا کانت هذه الأعراض تحدث أیضاً فی الأمراض المتطاوله علی طول المده فإنها اذا عرضت فی الأمراض الحاده و زمانها یسیر دل ذلک علی قوه المرض [و ضعفه[2134]] فلذلک صارت تدل علی الخطر و الهلاک فمتی کانت هذه الأعراض بسبب تعب أو إسهال أو سهر أو وجع کانت یومئذ أقوی رداءه، و کذلک لون الوجه الردی ء إن أتی عن برد شدید أو بلد بارد أو سن الشیخوخه کان أقل رداءه إلا أن یجاوز المریض ثلاثه أیام.

و هذه الأعراض هی یومئذ باقیه علی حالتها فإنها إذا کانت کذلک دلت علی أنها عن المرض و أنها ردیئه قتاله، و إذا کان بیاض العین أحمراً و عروقها کمده أو سوداً دل ذلک أیضاً علی هلاک المریض لا محاله و ذلک

أن احمرار العینین إذا لم

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 574

یکن عن رمد[2135] فإنه یدل علی امتلاء الدماغ و أغشیته بمواد دمویه، و کموده عروق العین و سوادها یدل علی بروده العین و هذا دلیل خاص علی الهلاک أیضاً.

و نتوء العین فی الأمراض الحاده هو أیضاً ردی ء إذا لم یکن عن رمد و لا عن قی ء و ذلک أنه إذا لم یکن عن هذه الأسباب دل علی ماده کثیره انصبت حینئذ إلی العین، و إن کانت العینان شاخصتین جامدتین لا تتحرکان فإن ذلک یکون دلیلًا ردیئاً أیضاً جداً و ذلک مما یدل علی برد العینین و موتهما، و إن کان بیاض العین فی وقت النوم ظاهراً و الجفنان مطبقین، و لم یکن ذلک عن بعض الاستفراغات و لا کانت تلک عاده المریض فی صحته فإن ذلک [دلیل ردی ء قتّال، اذ کان ذلک[2136]] مما یدل علی ضعف الدماغ، و إن کان الجفن و الشفه و الأنف ملتویه کمده فالموت یکون أیضاً یومئذ قریباً و ذلک أن هذه الأعراض تکون عن تشنج الدماغ و الکموده تکون عن البرد و الموت.

و برد الاطراف فی الحمیات المحرقه هو أیضاً ردی ء و ذلک أنه یدل إما علی ورم عظیم فی الاحشاء، و إما علی أخلاط بارده کثیره فی الاطراف، و إذا کانت فی اللسان بثور و برد فی الأطراف دل ذلک علی أن الموت یکون قریباً و ذلک مما یدل علی أن فی المری ء و المعده قروحاً کثیره، و إذا کانت الأصابع و الاظفار خضراً تضرب إلی الکموده و النبض قد ضعف فالموت یکون أیضاً قریباً لأن هذه الأعراض تحدث عن انطفاء الحراره الغریزه، و إذا اسودت کان ذلک أقل دلاله

علی الهلاک من الخضره و الکموده، فإن کانت القوه مع السواد قویه و المریض محتملًا لمرضه و کان ذلک فی یوم من أیام البحران دل ذلک علی السلامه، و أن المرض ینقضی بخراج أو تسقط المواضع المسوده و ذلک أن هذا العرض ربما کان عن دفع الطبیعه للماده المحدثه للمرض إلی بعض الأعضاء علی جهه البحران و یستدل علی ذلک بقوه المریض و احتماله لما به و ظهور علامه محموده، و إذا کان ذلک دل علی السلامه فإن کان الأمر خلاف ذلک دل ذلک علی الهلاک.

و إذا کان فی بدن العلیل قرحه متقدمه فاخضرت أو اسودت فتلک علامه

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 575

ردیئه و ذلک أن العلیل إذا آل أمره إلی الموت فإن العضو المؤوف یموت قبل کل عضو لضعف الحراره الغریزیه فیه.

و إذا ظهرت فی الأمراض الحاده نقط صغار کحب الجاورس فهو ردی ء، و ذلک أنه یدل علی ابطاء نضج الماده التی تولد منها المرض، و إذا کانت کباراً کان أقل رداءه.

و إذا حدث[2137] الیرقان قبل الیوم السابع کان دلیلًا ردیئاً، و ذلک أن الیرقان الذی یکون به البحران لا یکون قبل السابع و إنما تکون سدّه[2138] تعرض فی الکبد فیسد مجاری المرار التی یتصرف فیها المرار من الکبد إلی المراره.

و إذا کان مادون الشراسیف مهزولًا کان ذلک ردیئاً، لأنه یدل علی [جفاف آلات الغذاء و یبسها و اذا کانت هذه الوضع عالیه مع ألم کان ذلک ایضا ردیئاً لانه یدل علی[2139]] ورم.

و إذا کان بانسان حمی و ظاهر بدنه بارداً، و باطنه یلتهب مع عطش فإن ذلک دلیل علی الموت لأن ذلک یدل علی ورم حار فی باطن البدن و إذا کانت الحراره

منعکسه نحو الورم یصیر إلیه الدم فیحترق باطن البدن.

فإن کانت الحراره فی بدن المحموم غیر مستویه فی جمیع الأعضاء حتی یکون الرأس حاراً و الکفان و القدمان باردین، و فی نواحی البطن و الجنبین قویت الحراره، کان ذلک دلیلًا ردیئاً لأنه یدل علی ورم حار فی نواحی الدماغ و الکبد و المعده[2140].

و إذا کانت الحمی خبیثه فإن رداءتها تکون فی أیام البحران أزید و اقوی، و إذا کانت الحمی النائبه تترک و تنوب بأصعب مما کانت فهی تکون خبیثه، و إذا حدث بصاحب المرض الحاد تهیج فی الوجه و القدمین[2141] قبل الیوم الرابع عشر کان ذلک أیضاً ردیئاً، فإن کان قد حدث بصاحب ذلک المرض یرقان فإنه یموت فی الیوم الرابع عشر لا محاله أو قبله فإن ذلک یدل علی فساد مزاج الکبد، و إذا کان

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 576

بإنسان أیضاً حمی حاده قویه الحراره و سکنت[2142] الحراره و طاب ملمس بدنه، و هذا من غیر سبب موجب أعنی عرقا أو رعافاً او برازا او بولا و غیر ذلک[2143] من البحرانات دل ذلک علی أن الموت سریع و ذلک لأن الحراره تغور إلی قعر البدن فتحرق باطنه [بالقوه[2144]] الحیوانیه تثبت بکلیتها لدفع[2145] ماده المرض [و لا یکون لها بها جلد[2146]] فعند ذلک تسقط القوه فیموت المریض.

و أما الحمی المحرقه إذا کان أشتدادها فی الأرواح فیکون ذلک أیضاً ردیئاً من قبل البحران الذی یکون فیها، [السادس و هو یوم بحران ردی ء[2147]] فهذه صفه الدلائل المأخوذه من حالات البدن علی رداءه الحال و علی الهلاک [و رداءه الحال[2148]] فاعلم ذلک ترشد إن شاء اللّه تعالی.

[الثانی: فی الدلائل المأخوذه من الأفعال]

و أما الدلائل المأخوذه من الأفعال: فهو

ما أصف لک فی هذا الموضع و هو اذا کانت عینا المریض تحیدان عن الضوء و تدمعان من غیر اراده، فذلک دلیل ردی ء، و إن کان مع ذلک حرکتها کثیره و هما مضرورتان[2149] و إحداهما أصغر من الاخری فإنها من العلامات الردیئه المهلکه[2150]، و ذلک لأن احاده[2151] العین عن الضوء یدل علی ضعف القوه الباصره الحادثه عن ضعف الدماغ لا عن غیره من أعضاء العین، و سیلان الدموع یدل أیضاً علی ضعف القوه الماسکه التی فی الدماغ فإن کان مع ذلک حمی محرقه و علامات ردیئه دل ذلک علی الهلاک، و إن کانت الحمی یومئذ سلیمه دلت علی رعاف سیحدث.

و أما ازورار العین فیدل علی تشنج الدماغ لا تشنج عضل العین کما یعرض فی الحول، و صفر إحدی العینین و کثره حرکتها یکون من رعشه عرضت للعضل

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 577

و الجفون، و هذان العرضان دالان علی الهلاک.

فإن کان فم العلیل مفتوحاً لا ینطبق فإن ذلک یدل علی الهلاک لأنه یدل إما علی تشنج، و إما علی ضعف القوه المحرکه.

و إذا وجد العلیل ینحدر من فراشه نحو قدمیه، فإن ذلک دلیل علی الموت و ذلک أن هذا العارض یدل علی أن القوه التی تحمل البدن قد ماتت، فإن وجدته مستلقیاً علی قفاه و رقبته و یداه و رجلاه ممدوده فذلک ردی ء أیضاً إلا أنه أقل رداءه مما قد ذکرنا قبله، و إن وجدت المریض مکشوف القدمین و ملمسهما لیس بالحار و یداه و رجلاه مختلفه الشکل فی استلقائه مضطربه فذلک دلیل ردی ء لأن هذه الأعراض تدل علی ضعف فی القوه و حراره فی الأحشاء تحدث له کرباً و لذلک صار یکشف قدمیه استلذاذاً بالهواء

البارد، و إن رأیت أیضاً العلیل مستلقیاً علی قفاه و رجلاه مثنیتان مشتبکتان فذلک دلیل ردی ء، [من اجل أن هذا الاستلقاء لیس یفعله من الاصحاء و اذا کان البدن ثقیلا مسترخیا و الرجلان کذلک فذلک ایضا دلیل ردی ء لان[2152]] هذه الأعراض تدل علی ضعف القوه المحرکه للأعضاء.

و أما نوم العلیل علی بطنه من غیر عاده قد جرت له بذلک فی صحته فذلک أیضاً دلیل ردی ء، إلا أنه یدل علی الم[2153] فی نواحی البطن، و إن رأیت المریض وقت منتهی مرضه یتوثب[2154] للجلوس و یتعلق بما لحق و وجد فذلک دلیل ردی ء مهلک و ذلک لأنه قد یجب فی وقت منتهی المرض أن یکون العلیل ساکتاً هادئاً فإذا کان بهذه الصفه کان ذلک مذموماً جداً لا سیما فی عله ذات الرئه لأنه یدل علی کرب و اختلاط عقل و عسر التنفس لأنه یحس فی صدره و رئته بتضیق شدید إذا استلقی علی قفاه لأن أجزاء الصدر تقع علی الصلب فیعرض من ذلک تضیق الرئه فلا یدخل إلیها الهواء بمقدار الحاجه، و إذا جلس کان تنفسه أجود.

و إن رأیت المریض یصرر أسنانه من غیر عاده جرت له فی منذ صباه فإن ذلک دلیل ردی ء و ذلک أن هذه الأعراض تکون إما بالطبع إذا کان عضل الفکین ضعیفاً، و إما لأنه یعرض لهما تشنج، و هذا یدل علی الهلاک، و إما بسبب آفه تنال

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 578

الدماغ و هذا یدل علی الجنون.

فإن عرضت هذه الأعراض و العقل مختلط کان ذلک دلیلًا علی الهلاک، و إن رأیت یدی العلیل فی ذات الرئه و السرسام و الصداع یشیلهما نحو الوجه کأنه یصد بهما شیئاً أو یلتقط بهما عیداناً

أو ینتف بهما زئبر الثیاب أو یأخذ بهما تبناً من الحطیان، فذلک دلیل ردی ء قتال و ذلک لأن حرکه الیدین لتناول هذه الأشیاء إنما هو لسبب ما یتخیله و یراه الإنسان أمام عینیه و ذلک أن التخیل الذی یعرض فی مثل هذه الأشیاء من امتلاء الدماغ من الاخلاط فیصیر منها شی ء إلی العین فذلک یدلک علی الهلاک.

و إن کان المریض یتخیل له کأن إنساناً أسوداً وحش الخلقه یؤذیه أو یرید قتله فإن ذلک دلیل ردی ء، و کذلک أن رأیت العلیل ینادی[2155] بأسماء الموتی فذلک أیضاً دلیل ردی ء لأنه یدل علی أن فی الدماغ اخلاطاً سوداویه محترقه، و أن الدماغ نفسه قد ناله احتراق.

و إذا رأیت المریض یبکی من الأمراض الحاده فذلک دلیل ردی ء، و ذلک لأن البکاء یحدث إما من خلط سوداوی ردی ء، و إما لرداءه التنفس و ضیقه لحده و سرعه من الرجل الحکیم فی الأمراض الحاده، و ذلک یکون ردیئاً لأنه یدل علی الخروج الکثیر عن الطبع.

و کذلک السکوت من الرجل الکثیر الکلام یکون دلیلًا ردیئاً، و کذلک کثره الکلام و سرعته من الرجل الذی یکون مشهوراً لیس هو یکون بردی ء.

فإذا لم یسمع العلیل و لم یبصر[2156] و قد ضعفت قوته فالموت منه یکون قریباً و ذلک مما یدل علی أن الحاس[2157] الأول قد ماتت منه القوه [الحساسه[2158]].

و إذا رأی المریض فی منامه عند منتهی المرض کأن الثلج یسقط علیه فإن ذلک أیضاً یکون دلیلًا ردیئاً لأنه یدل علی غلبه الاخلاط البارده علی البدن و إذا کان النفس متواتراً کان ذلک أیضاً ردیئاً لأنه یدل علی ألم و علی إلتهاب، [لا سیما اذا کان تواتره احیانا وسیکن ثم یعود الی التواتر، فان ذلک

یدل علی ضعف القوه

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 579

استرخائها احیانا[2159]] و إذا کان أیضاً عظیماً متفاوتاً کان ذلک أیضاً ردیئاً لأن هذا التنفس یدل علی اختلاط العقل و إذا کان مع ذلک یحس المریض بالتنفس بارد عند خروجه دل ذلک أیضاً علی الهلاک و قرب الموت و ذلک لأن بروده التنفس تدل علی برد الحراره الغریزیه و موتها، و إذا کان التنفس یتغیر فی مجاریه کان ذلک دلیلًا ردیئاً و ذلک لأنه یدل علی أن عضل الصدر قد ناله التشنج و دخول الهواء و خروجه یکون مضطرباً متغیراً.

و أما نتن النفس فإنه دلیل ردی ء لأنه یدل أیضاً علی العفونه فی آلات النفس.

و أما نفس البکاء فی الأمراض الحاده فهو یکون ردیئاً و ذلک لأن هذا البکاء یعرض للصبیان بسبب ضعف أعضاء التنفس فإذا عرض للمستکملین ذلک دل أیضاً علی خلط سوداوی قد عرض لأعضاء التنفس.

و إذا کان العلیل ینام بالنهار و یسهر باللیل کان ذلک أیضاً دلیلًا ردیئاً فإن کان ینام ایضاً فی أول النهار إلی أن یمضی منه ثلثه کان ذلک أقل رداءه و ذلک أنه لما کان من عاده الناس بالطبع أن یناموا باللیل و ینتبهوا بالنهار، صار متی خالف الأمر الطبیعی کان ردیئاً.

إلا أن یکون ذلک من عاده المریض فی صحته، فإن کان ذلک کذلک فلیس یکون ردیئاً فإن کان العلیل لا ینام باللیل و لا بالنهار کان ذلک ردیئاً و ذلک [لأنه[2160]] یدل إما علی وجع شدید، و إما علی اختلاط الذهن الحادث عن [السوداء[2161]] و إن کان النوم یحدث وجعاً فذلک یکون من علامات الموت و ذلک أن الحراره الغریزیه من شأنها فی وقت النوم أن تغور إلی قعر البدن

لهظم الغذاء و اصلاح[2162] المواد، فإذا کانت مواد المرض قویه و الحراره الغریزیه ضعیفه قهرت[2163] الماده للحراره الغریزیه و ازداد المرض قوه و المریض فی سوء حال، و إذا فعل المریض جمیع ما ینبغی أن یفعله و لم ینتفع بشی ء منه فمرضه یکون صعباً شدیداً، فاعلم ذلک ترشد إن شاء اللّه.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 580

[الثالث: فی الدلائل المأخوذه فیما یبرز من البدن[2164]]

و أما الدلائل المأخوذه فیما: یبرز من البدن فهی اربعه أنواع[2165]:

أحدها: الدلائل المأخوذه من البراز.

الثانی: الدلائل المأخوده من البول.

الثالث: الدلائل المأخوذه من النفث و العرق[2166].

[الرابع: الدلائل المأخوذه من القی ء الرعاف و خروج دم النفاس[2167]]

[فی الدلائل المأخوذه من البراز]

أما الدلائل المأخوذه من البراز فهی أن البراز الاسود و الأخضر و المنتن الرائحه و الدسم فی الأمراض [الحاده کلها[2168]] دلیل علی الموت، لأن البراز الأسود یدل علی احتراق الاخلاط، و الدسم یدل علی ذوبان الأعضاء، و الشحم من قوه الحراره، و الاخضر یدل علی مرار زنجاری، و المنتن یدل علی شده العفونه، و البراز المائی الرقیق[2169] الأبیض و الشدید الصفره و الزبدی ردی ء. و ذلک لأن رقه البراز تدل علی رداءه الهظم، و الابیض یدل علی أن المرار لیس ینحدر إلی الامعاء[2170] و المعده لکنه ینصرف إلی سائر البدن و یدل علی یرقان، و الشدید الصفره یدل علی کثره انحدار المرار إلی المعده و الأمعاء الزبدی علی مخالطه الریح للبراز کالذی یعرض فی البحر عن هبوب الریاح من الزبد الحادث عن تضرب الأمواج.

و إما علی حراره مفرطه جداً کالذی یحدث من الزبد فی القدور عند الغلیان و إذا کان البراز یسیراً أملساً لزجاً [ابیض[2171]] أو أصفراً کان ذلک دلیلًا ردیئاً، [و أن المرض یطول[2172]] و

ذلک أن هذا البراز یدل علی ذوبان الشحم، و ما کان منه أصفر

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 581

دل علی أن الحراره المذوبه للشحم قویه، و إما علی أن الشحم [عتیق[2173]] قد عفن.

و إذا کان البراز مختلف الألوان أعنی أن یکون اصفر أو أحمر أو أسود کان ذلک أیضاً ردیئاً [و دل علی أن المرض یطول[2174]] و ذلک أن هذه الألوان إذا اجتمعت دلت علی أن فی البدن یومئذ أمراضاً کثیره فبسبب رداءتها تکون مذمومه ردیئه، و بسبب[2175] أن الطبیعه تحتاج إلی زمن طویل فی مقاومتها و إصلاحها یدل[2176] علی طول المرض.

[و البراز الخبیث هو أیضاً ردی ء لأنه لذاع و بإزعاجه للمریض إلی القیام المتواتر تسقط قوته[2177]] و إن کان البراز أیضاً مریاً صرفاً و أذهب[2178] عنه شهوه الطعام.

فذلک أیضاً ردی ء لأنه یدل علی اخلاط قد استحالت إلی المرار فانقطعت أیضاً شهوه الطعام و کذلک إذا کان بإنسان إسهال دم [یتهادم[2179]] و امتنع أیضاً من الطعام کان ذلک ایضاً دلیلًا ردیئاً و ذلک أن[2180] إسهال الدم قد یحدث عن سحج الأمعاء، فإذا تمادت العله و تأکلت الأمعاء و تئادت[2181] الآفه لعظمها إلی المعده فی فمها فتبطل لذلک شهوه الطعام [اذا تبع اختلاف الدم حمی کان ذلک دلیلا ردیئا لان ذلک یدل علی ورم حاد عظیم فی الاحشاء[2182]] و إذا خرج من صاحب السحج قطع لحم فذلک أیضاً یکون من علامات الموت لأن هذا یدل علی أن القرحه قد أکلت الأمعاء و بلغت إلی آخر الطبقه الثانیه فجردتها جرداً شدیداً، و إذا کانت الآفه بهذه[2183] القوه فلا یمکن أن یبرأ صاحبها منها[2184] [اذا کان مجی ء البراز قلیلا قلیلا متواترا فذلک ردی ء لانه یزعج المریض فی کل وقت

الی القیام بتواتر فیضعف

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 582

یوته لا سیما اذا کانب لذاعه[2185]].

[و أما[2186]] البراز الصرف إذا حدث بعقبه اختلاف الدم کان ذلک أیضاً دلیلًا ردیئاً و ذلک لأن الأمعاء تنجرد بحده المرار.

[و أما[2187]] البراز الأسود الذی یجی ء من تلقاء إن نفسه کان مع حمی أو مع غیر حمی فإنه یکون من أردأ العلامات الا أن ینقص و یستقر و کذلک سائر ما یبرز من البدن من البول و البراز [و البصاق[2188]] و التخنع[2189] فإنه إذا کان ردی ء اللون کانت دلالته یومئذ ردیئه إلا أن یتناقص و یستقر و کذلک اللون الأسود للبراز و غیره یدل علی احتراق الاخلاط و رداءتها، فإذا استقر قلیلًا قلیلًا دل علی قوه الطبیعه و قهرها للمرض و افنائها للخلط.

و کل مرض قد یخرج فی ابتدائه المره السوداء من فوق أو من أسفل فإنه یدل علی الموت، و ذلک أنه إذا خرج هذا الخلط فی ابتداء المرض دل: إما علی کثره، و إما علی ضعف من القوه الماسکه، و أیهما کان فهو مذموم یدل علی الهلاک لأن القوه لا یمکنها مقاومه الخلط و من انهکه مرض حاد أو مزمن أو غیر ذلک ثم خرجت منه المره السوداء فإنه یموت من غد ذلک الیوم.

و کذلک إن عرض هذا للمرأه التی تسقط فإنها تموت من الغد و ذلک لأن القوه فی مثل هذه الحاله قد سقطت و لیس یظن بها أنها دفعت الخلط عن البدن بقوتها[2190] بل خروجه إنما هو لکثرته و صاحب الحمی المحرقه إذا اعتقلت طبیعته فإن ذلک دلیل ردی ء و ذلک لأن الحراره تتصاعد إلی فوق و صاحب الاسهال إذا کان ما دون الشراسیف منه رقیقاً فهو یکون

أیضاً خطراً و ذلک لأنه إذا کان ما دون الشراسیف مهزولًا أضر ذلک بالمعده و الکبد و غیرهما من آلات الغذاء و إذا کان مع ذلک اسهال زاد فی هزاله ورقته و فی ضرر المعده و الکبد فذلک صار أیضاً مذموماً یخاف منه الموت.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 583

[و أما[2191]] خروج الریح التی یکون لها صوت فمن لیس من شأنه هذا و من یکون یستحی أن یظهر منه مثل هذا فتحدث له الأمراض الحاده فیکون ذلک دلیلًا ردیئاً و ذلک أن من کان ثابت العقل و یستحی أن یظهر منه شی ء عن هذا فمتی خرج منه شی ء من هذا الریح و فعل ذلک اختیاراً فإنه یدل علی وجع شدید فی نواحی البطن، و إذا کان ذلک من غیر اختیار منه فإنه یدل علی اختلاط الذهن و الحالتان جمیعاً مذمومتان، فاعلم ذلک.

[فی الدلائل المأخوذه من البول]

[و أما الدلائل المأخوذه[2192]] من البول: فهی أن البول إذا کان أسود من الرجال و النساء دل ذلک علی الهلاک و کلما کان البول الأسود أقل کان اردأ فإنه یدل علی أن رطوبه الدم قد فنیت، و علی أن الآله الجاذبه للبول قد صارت فی حد الموت.

و أما الصبیان: فإن البول الرقیق المائی فیهم ردی ء و ذلک لأن البول الأسود یکون من احتراق الاخلاط من شده الحراره فهو یدل کذلک علی الهلاک فی جمیع الاسنان[2193] الا أنه لما کان بول الصبیان بالطبع غلیظاً و فیه رسوب کثیر لشده القوه المغیره فی أبدانهم و انضاجها للمواد و من شأن[2194] المواد إذا انضجت أن یغلظ کالذی یعرض البصاق[2195] فی ذات الجنب و للمخاط فی الزکام و المده فی الخراج فإنها کلما کانت أغلظ

کانت أنضج، فإذا کان بول الصبیان رقیقاً مائیاً مده من الزمان طویله کان ذلک ردیئاً و دل راسباً علی الهلاک لمضادته للبول الطبیعی.

و إذا کان فی البول ثفل راسب أسود فی أسفل القاروره أو غمامه [سوداء[2196]] تهوی إلی أسفل دل ذلک علی الهلاک، لأن [الثفل[2197]] الأسود یدل علی شده الاحتراق أو شده البرد، فإذا کان راسباً فی أسفل القاروره للغمامه أو یهوی إلی أسفل دل ذلک علی قوه المرض و عظمه و قهره للقوه کما أن الثفل الأبیض الاملس

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 584

الراسب یدل علی الصحه و تمام النضج کذلک الثفل الأسود إذا کان بهذه الصوره دل علی عدم النضج.

و البول المائی الرقیق فی الأمراض الحاده ردی ء مهلک و ذلک أن هذا البول یدل علی عدم النضج و عجز الطبیعه عن مقاومه الماده، و یدل أیضاً علی تراق الحراره [و البخارات[2198]] إلی علو البدن و علی اختلاط الذهن[2199] سیحدث، فإن کان ذلک و الذهن مختلط دل ذلک علی الهلاک و ذلک أن الحراره تکون قد تمکنت من الدماغ أو حرقته، فإن طالت مده المرض و البول یومئذ بهذه الصفه و ظهرت علامات تدل علی السلامه و الذهن سلیم فإنه یدل علی خراج سیحدث فیما دون الشراسیف و ذلک أن المرض إذا طالت مدته دل علی أن الاخلاط المحدثه له غلیظه بارده عسره النضج و الطبیعه إذا قویت علی هذه الماده دفعتها إلی أسفل لأنه لیس یمکنها أن تصلحها.

و أما البول المنتن الغلیظ: فهو أیضاً ردی ء و ذلک لأن المنتن یدل یومئذ علی العفن و الغلیظ یدل علی غلظ الخلط و إن الطبیعه قد تضعف عن إصلاحه.

و أما البول الثخین المنثور[2200]: الذی لا یصفو و

إن صفا کان ما یرسب فیه قلیلًا فهو ردی ء و ذلک أنه یدل علی قوه الحراره الخارجه عن الطبع حتی یحدث شبیهاً بالغلیان و علی ضعف من الحراره الغریزیه حتی تجوز[2201] و لا یمکنها إنضاج الاخلاط، و إذا کان بالبول ثفل راسب شبیه بجلال السویق مع حمی قویه کان ذلک أیضاً دلیلًا ردیئاً، و أردأ منه الثفل الشبیه بالصفائح أو الشبیه أیضاً بالنخاله و ذلک أن هذه الاثفال تدل علی ذوبان الأعضاء.

[فی الدلائل المأخوذه من الثفل]

و أما الثفل الذی یشبه بجلال السویق: فیکون إما من احتراق الدم الغلیظ و انطباخه، و إما من ذوبان اللحم [الغلیظ[2202]] إذا انحلت الأجزاء اللینه منه من شده

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 585

الحراره فصار صدیداً وجفت الأجزاء الصلبه و یبست بمنزله و ما یقلی علی الطابق[2203].

و أما [الثفل[2204]] الشبیه بالصفائج: فهو یکون من انجراد الأعضاء الصلبه و ذلک هو أردأ من الشبیه بالسویق.

و أما الثفل الشبیه بالنخاله: فهو یدل علی انجراد العروق و لذلک صار هذا أردأ.

و ینبغی أن تعلم أنه ربما کانت هذه الاثفال تخرج من المثانه و الکلی فلا تدل علی الهلاک و یعلم ذلک بما یجده العلیل من الالم و الوجع فی نواحی هذه الأعضاء، فإن لم یکن ذلک و کانت الحمی فیه [قویه[2205]] و العله جمیع البدن فالعلامه صحیحه الرداءه[2206].

و قله البول ردیئه لأنه یدل إما علی احتراق و فناء الرطوبه و إما علی ضعف القوه الممیزه للبول من الدم و إما علی ضعف القوه الدافعه.

[فی الدلائل المأخوذه من القی ء[2207]]

أما القی ء و دلالته: فإنه إن کان أسوداً أو أخضراً شبیهاً بالزنجار کان ذلک یومئذ ردیئاً، و إن کان مع ذلک منتناً دل علی الموت و السبب

فیه ما قد ذکرنا آنفاً من البراز و البول من شده الاحتراق أو من شده البرد، فإن تقیأ الإنسان هذه الألوان کلها کان ذلک أدل علی الهلاک [و ذلک لان هذا یدل علی أن المواد الردیئه قد کثرت، فان کان معها نتن کان ذلک اقوی فی الدلاله علی الهلاک[2208]] لموضع العفونه، فاعلم ذلک.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 586

[فی الدلائل المأخوذه من النفث[2209]]

و أما الدلائل التی تدل علی النفث: فهی متی کان ما ینفثه العلیل فی علل الصدر أصفراً، أو أحمراً صرفاً و لم یکن یومئذ مخالطاً للریق و کان خروجه بسعال شدید کان ذلک حینئذ ردیئاً، و ذلک لأن النفث الصرف یوجب غلبه ذلک الخلط المنفوث.

و شده السعال تدل أیضاً علی غلظ الخلط و اجتهاد الطبیعه فی إخراجه، فإن کان النفث أخضراً أو زبدیاً کان ذلک أردأ و ذلک لرداءه هذا الخلط، أعنی: الأخضر و الزبدی کالذی بیناه آنفاً عند ذکرنا دلاله البراز، و النفث الکمد أیضاً هو یکون ردیئاً و أردأ من هذا کله النفث الأسود إذ کان هذا اللون یدل علی شده الاحتراق.

و اللون الکمد یدل إما علی حراره قویه، و إما علی برد المزاج[2210].

و کل نفث لا یکون به سکون الوجع فهو یکون ردیئاً لا سیما إذا کان أسوداً، [و کل ما کان به سکون الوجع یکون محمودا[2211]] و ذلک أنه یدل علی أن الشی ء الذی فی الصدر من الخلط کثیر ردی ء و أن الطبیعه لیست[2212] تقدر علی قهره و لا علی افنائه.

[و کل نفث یکون به سکون الألم فهو محمود[2213]] و ما کان من النفث فی أصحاب السل قلیلًا قلیلًا و بشکل شدید فهو یکون أخبث و قد یقتل[2214] بسرعه لأنه

یدل علی ضعف من القوه و فجاجه الخلط، و ما کان من النفث کثیراً [و کان نفثه ایاه[2215]] بسهوله فهو یکون أقل رداءه و أطول مده.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 587

[الدلائل المأخوذه من] [فی العرق[2216]]

و أما العرق: فإنه متی کان فی یوم لیس بیوم بحران و لم یکن فی سائر البدن و لم تسکن به الحمی و لم یخف به بدن المریض بل ساءت حاله کان ذلک[2217] ردی ء، و إن کان العرق مع ذلک بارداً و کان فی الرأس و الرقبه فقط کان ذلک أردأ، فإن کان مع ذلک حمی حاده دل ذلک ایضاً علی الموت، و إن کان مع حمی ساکنه لیست بالحاده أنذر بطول من المرض [فی ذلک[2218]]، و ذلک أن[2219] العرق البارد یدل علی برد الاخلاط و ضعف الحراره الغریزیه.

و إذا حدث العرق قبل دلائل النضج دل إما علی کثره الرطوبه، و إما علی ضعف من القوه الماسکه، و إذا تبع الاقشعرار [و الکزاز[2220]] عرق دل علی شده المرض [و قویه[2221]] و أن ذلک إنما یکون بسبب حقن العله للبدن.

[فی الدلائل المأخوذه من الرعاف[2222]]

و أما الرعاف: فما قد کان منه قطرات و کان أسوداً فإنه یدل علی الهلاک لا سیما فی الحمیات المحرقه، و ذلک لأن هذا دلیل علی أنه قد عرض فی الدماغ طاعون أعنی ورماً دمویاً و قد فسد فیه الدم فإن حدث ذلک فی یوم من أیام البحران، فإما أن یموت صاحبه بسرعه و إن تخلصّ[2223] کان خلاصه بعد زمان طویل بحدوث بحرانات أخر، فإن سال من أنف العلیل مرار أخضر أو أصفر فإن ذلک ردی ء لأن ذلک مما یدل علی أن الدماغ قد غلب المرار الردی ء فأحرقه.

فهذه صفه

الدلائل الردیئه المأخوذه مما یبرز من البدن.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 588

[الرابع: فی العلامات المأخوذه من الامراض[2224]]

و أما صفه الدلائل المأخوذه من الأمراض و العلل: فهی ما أصف لک فی هذا الموضع و هو أن المرض الذی یکون بعقب مرض کان قبله إذا کان أصعب منه أو موضع أشرف منه فهو ردی ء جداً إذا أوجد العلیل وجعاً شدیداً فی الرأس مع الحمی [او دام مع الحمی[2225]] و ظهرت فیه أدنی دلاله ردیئه دل ذلک علی الموت لا محاله و ذلک أن الوجع الشدید فی الرأس مع الحمی یدل علی ورم حار فی الدماغ و أغشیته، و إذا کان مع ذلک علامه ردیئه دل ذلک علی أن القوه قد قهرها المرض فإن لم تظهر علامه ردیئه دل علی أن المریض یتخلص برعاف أو خراج.

و الرعاف یحدث فی هذا الحال بمن کان شاباً و لم یکن قد أتی علی المریض عشرین یوماً فإن کان المریض قد جاوز العشرین و کان کهلًا أو شیخاً فإن خلاصه یکون بالخراج، و إذا دام الصداع و ثقل الرأس و الرقبه بصاحب السرسام أصابه یومئذ کزاز، و تقیأ مراراً شبیهه بالدسم[2226] و لم یلبث[2227] أن یموت و ذلک أن الصداع یعرض بسبب حده المرار المتراقی إلی الدماغ و الکزاز یعرض بسبب یبس الدماغ و أغشیته[2228] و القی ء یکون بسبب کثره المرار الاصفر الردی ء و غلبته.

و أما سرعه موته فلخبث مرضه و قوته و لأن موضع العله منه شریف، و إذا کان المریض ضعیف القوه فإنه حین یعرض له الکزاز و القی ء یموت، و إن کان قویاً فإن موته یتأخر إلی الیوم الثالث إذا اختلط الذهن بسبب الضربه علی الرأس أو وهنه فذلک

یکون ردیئاً و ذلک دلیل علی أن الدماغ و بطونه قد لحقها آفه إذا حدثت بالدماغ جراحه[2229] و نفذت إلی بطونه دل ذلک علی الموت و ذلک أن بطون الدماغ تحوی الروح النفسانی فإذا وقعت الآفه بها بطل الروح و بادت الحیاه.

و إذا عرض عن شرب الشراب اختلاط الذهن و قشعریره کان ذلک دلیلًا ردیئاً و ذلک لامتلاء بطون الدماغ من بخار الشراب و اسخانه إیاه، فإذا حدث مع ذلک قشعریره دل ذلک علی أن الشراب بکثرته قد غمر الحراره الغریزیه

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 589

فأخمدها، و إذا حدثت السکته بسکران بغته فإنه یتشنج و یموت إلا أن یحدث به حمی فی الساعه التی ینحل فیها خماره و ذلک لأن السکته فی مثل هذه الحال تحدث عن امتلاء بطون الدماغ و الأعضاء من الشراب، و لما کان فی الشراب لطافه بها یتحلل ما یحدثه من الامتلاء فی الوقت الذی یتحلل فیه الخمار و کانت الحمی أیضاً متی حدثت أطفأت الماده و حللتها صار متی لم یبقی[2230] فی الساعه التی ینحل فیها خماره و لا بالحمی التی تحدث تشنجاً و مات لعظم الآفه.

و من عرض له و هو صحیح بغته وجع فی رأسه ثم سکن علی المکان و عرض له غطیط فإنه یموت فی سبعه أیام إلا أن تحدث به حمی و ذلک لأن السکته کما قد ذکرنا[2231] تکون عن امتلاء بطون الدماغ من فضل غلیظ، و الغطیط إذا حدث فی السکته دل علی عظمها و قوتها و ذلک لأن الآفه لقوتها قد نالت العضل المحرک للصدر علی ما قد قال [الفاضل[2232]] أبقراط: «السکته إذا کانت قویه [لا تتجاوز الیوم السابع»، و قال: فی فصل آخر

«اذا کانت السکته قویه[2233]] لم یکن أن یبرأ صاحبها منها، و إذا کانت ضعیفه لم یسهل أن یبرأ».

لأن السکته من الأمراض الحاده التی یکون انقضاؤها فی الرابع و السابع، و لأن العله فی عضو شریف[2234] لا یمکن أن تتجاوز هذا الوقت.

و لا یحتمل [الدماغ[2235]] الصبر علی الأمراض الصعبه أکثیر من [أهل[2236]] هذا الزمان فإن حدثت الحمی حللت[2237] الفضل و لطفته زال بذلک المرض، و إذا عرض مع الحمی المطبقه القویه وجع شدید فی داخل الاذن کان ذلک دلیلًا ردیئاً و ذلک لأن الوجع الشدید فی هذا الموضع یوجب ورماً حاراً قد عرض فی عصب السمع فیتأدی الالم إلی الدماغ لقربه منه، و لذلک یعرض معه اختلاط الذهن فیکون منه[2238] الهلاک، و قد یموت قوم ممن یعرض لهم هذا ألالم بغته کالذی یعرض فی السکته، فاذا[2239] کان المریض شاباً فإنه یموت فی الاسبوع الأول

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 590

و ذلک لأن الحمی فی هذا السن تکون أقوی بسبب قوه الحراره و کثره المرار فی هذا السن، فإن کان المریض شیخاً فإن موته یکون بعد ذلک بکثیر و ذلک لأن حراره الحمی فی أبدان المشایخ تکون أضعف لضعف الحراره و قله المرار فی أبدانهم، و بهذا السبب یکون الخطر علی المشایخ أقل لأنه بسبب تطاول المرض، ربما تفتحت آذانهم فیسلموا، و أما الشباب فیموتون قبل أن تنفتح آذانهم للسبب الذی ذکرناه و إن تفتحت آذانهم و خرجت المده منها و ظهرت[2240] مع ذلک علامه محموده فیهم رجی لهم یومئذ السلامه.

و إذا ظهر فی اللسان بثور [کبار[2241]] و کانت کالحمص و بردت الأطراف دل ذلک علی أن الموت قریب و ذلک مما یدل علی أن المری ء و المعده

و ما یلیهما قد عرضت فیها تلک البثور.

و إذا ظهر فی الرقبه ورم أسود فیه نفاخات مع اختلاط الذهن أو سهر أو سوء تنفس کان ذلک [دلیلا[2242]] ردیئاً و ذلک لأن المرار المحدث لذلک الورم ردی ء.

و متی ظهر فی الحلق قرحه مع حمی دائمه کان ذلک دلیلًا ردیئاً لا سیما متی ظهرت مع ذلک علامه ردیئه مذمومه فإن ذلک یدل علی خطر، و ذلک لأن القرحه فی هذه الموضع[2243] تمنع من الأزدراد بسبب الوجع، و یمتنع أیضاً من استنشاق الهواء فیختنق العلیل و یموت إذ کان المختنق[2244] یحتاج إلی هواء کثیر بسبب الحراره.

و کذلک إذا عرض للمحموم اختناق بغتهً[2245] و لم یقدر علی أن یبتلع شیئا الا بکد[2246] فإن ذلک دلیل ردی ء یدل علی الموت، و کذلک متی عرض أیضاً للمحموم تعویج الرقبه و عسر علیه البلع و لم یکن یظهر أیضاً فی رقبته انتفاخ دل ذلک أیضاً علی الموت و ذلک أن هذا العارض یدل علی أنه قد حدث فی المری ء او فی العضل المستبطن له[2247] ورم آلی فی مجری المری ء، و الورم قد جذب

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 591

العصب او النخاع فانجذبت[2248] معه الفقار فاعوجت لذلک الرقبه.

و إذا کان بانسان ذبحه و لم یظهر معاً فی الرقبه و لا فی الحلق شی ء من الورم أو الحمره و کان الوجع شدیداً، و إذا أراد التنفس انتصب جالساً و لم یمکنه الاضطجاع فإنه یموت فی الاربوع[2249] الأول قبل ذلک، و ذلک أنه إذا لم یتبین الورم فی ظاهر الرقبه و لا فی داخل الحلق فی الموضع الذی فیه منفذ المری ء و الحنجره دل ذلک علی أن الورم دخل الحنجره و أنه قد سد مجری التنفس

فیختنق العلیل لذلک ضروره.

و أما انتصاب التنفس فی هذه العله فلأن العلیل إذا استلقی علی القفار[2250] سقطت الأعضاء التی من قدام علی الذی من خلف فیسد مجری التنفس حتی تحتاج المریض إلی نصب رقبته لینفتح مجری الحنجره قلیلًا قلیلًا، فلذلک صار المریض یهلک، أعنی بسبب انسداد مجری التنفس.

و أما الذبحه التی علی هذا المثال فإن کانت معها حمره و ورماً فی الحلق فإنها قتاله إلا أن قتلها أبطأ من ذلک و ذلک لأن الورم فی هذه الذبحه یکون فی طرف الحنجره و المری ء فیکون الالم[2251] فیه أقل، و انتصاب التنفس لیس بالصعب فیتأخر لذلک هلاکه.

و أما الذبحه التی تحمر معها الرقبه و الصدر فإنها أبطأ مده و أخری أن یسلم منها العلیل إلا أن تغیب الحمره إلی داخل دفعه، و ذلک أن الحمره إذا ظهرت إلی خارج الصدر و الرقبه دل ذلک علی أن الماده قد دفعتها الطبیعه إلی خارج و سلم داخل الحنجره، و إذا غابت الحمره إلی داخل بغته دل ذلک علی أن الورم قد صار إلی الرئه و الحنجره فکان ذلک مهلکاً، فإن کانت غیبوبه الحمره فی یوم من أیام البحران و ظهر فی ظاهر البدن خراج أو قذف العلیل شیئاً من المدّه[2252] دل ذلک علی السلامه من المرض، فإن کانت غیبوبه الحمره من غیر أن یظهر شی ء من هذه العلامات، و رأیت المریض کأنه قد هان وجعه دل ذلک علی الموت[2253] أو علی

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 592

عوده من المرض.

و إنما یجد العلیل راحه من الوجع لأن الورم یصیر إلی الرئه، و الرئه لیست بحساسه و لذلک لا یحس العلیل بالالم، و إذا عرض لأنسان ذبحه و تخلص منها و مال[2254]

الفضل إلی رئته فإنه یموت فی سبعه أیام، و ذلک لأن الرئه لا تحتمل نزول الآفه بها أکثر من سبعه أیام، و إذا اختنق انسان بوهق أو بغیره و لم یمت و کان قد ظهر فی فیه زبد فإنه لا یتخلص من الموت و ذلک لأن الخنّاق إذا وقع علی الحلق و ضغط الحنجره و قصبته امتنع الهواء من الدخول و الفضل الدخانی من الخروج فیتراکم الفضل الدخانی علی القلب و الرئه فتروم الرئه اخراج ذلک و تجاهده مجاهده شدیده فیخرج الشی الیسیر من البخار و یخرج معه رطوبه لطیفه و هو الزبد و ذلک لأن حدوث الزبد فی هذه الحال إنما یکون من الریح و الرطوبه کما یحدث فی أمواج البحار إذا ضربتها الریاح من الزبد.

و من کانت به ذات الجنب و لم ینفث شیئاً و عرض له انتصاب النفس حتی لا یمکنه أن یتنفس و هو مضطجع فإنه یموت، و ذلک یکون بسبب عظم الورم و ضعف القوه عن انضاجه و دفع ما تحصل فیه، و لأن أعضاء الصدر تقع فی وقت الاضطجاع[2255] علی الورم فتسد مجاری النفس فیعرض لذلک انتصاب النفس، و ما کان من أوجاع ذات الجنب لا یسکن عند التنفس و البصاق و لا عند الفصد و الدواء المسهل [و التکمید[2256]] و غیره من التدبیر و العلاج کان ذلک یومئذ ردیئاً، لأنه یؤول إلی التقیح، و ذلک إن کل ورم حار لا یصلح الا بالادویه المانعه و المحلله فإن أمره یؤول إلی جمع المده.

و إذا حدث التقیح فی ذات الرئه و ذات الجنب و المرار بعد غالب علی البصاق حتی ینفث المریض مره مراراً و مره مده، أو ینفثهما معا،

فذلک دلیل ردی ء إذا کان ذلک مما یدل علی أن الطبیعه قد عجزت عن انضاج الورم، و أنه لیس یمکنها أن تحیل کل الماده إلی المده لرداءه الخلط، و إذا ابتدأ نفث المده فی الیوم السابع فإن العلیل یموت فی الیوم الرابع عشر إلا أن تظهر علامه محموده

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 593

فیتأخر الموت إلی السابع عشر، و ذلک لأن الیوم السابع یوم بحران، و من شأن الأمراض أن تنقضی ببعض الاستفراغات کما قد ذکرنا فی غیر هذا الموضع، فإذا ظهرت فیه علامه ردیئه و ازداد المریض فیه سوء حال دل ذلک علی الموت کما أنه لو نقصت المده فی هذا الیوم دل علی الصلاح للسبب الذی ذکرناه و صار یموت فی الیوم الرابع عشر لأن هذه الدلاله قتاله فی هذا الیوم.

فإن ظهرت فی المریض علامه تدل علی الخلاص فإن المریض یتأخر موته إلی السابع عشر أو إلی الیوم العشرین علی حسب قوه الدلاله [فی الصلاح، فان ظهرت دلاله ردیئه فکانت الدلاله محموده فان المریض یموت فی التاسع او الحادی عشر علی حسب قوه الدلاله[2257]] علی الهلاک و ضعفها، و إذا اسود موضع من الجنب فی مرض ذات الجنب فالموت الیه یکون سریعاً و ذلک لأن الماده الردیئه تتأدی من داخل إلی خارج لعظمها و السواد دلیل علی رداءه الماده، و متی حدثت عن ذات الجنب ذات الرئه فإن ذلک أیضاً دلیل ردی ء و ذلک لأن الخلط الذی حدثت عنه ذات الجنب إذا کان کثیراً لا یسعه الصدر صار منه شی إلی الرئه فعظمت الآفه علی هذه الأعضاء الجلیله.

و ینبغی أن تعلم أن أکثر من یموت من أصحاب التقیح الحادث عن ذات الرئه و ذات

الجنب فی الکهول و المشایخ، و أما سائر أنواع التقیح الباقیه کقرحه أصحاب السل و الأورام التی تکون فیما دون الشراسیف فان الاحداث یهلکون فیها لکون ذلک[2258] أن ذات الجنب و ذات الرئه یحتاج صاحبها إلی قوه تنفث بها جمیع ما یجتمع فی صدره و رئته، و قوه المشایخ ضعیفه لا یمکنها تنقیه هذه الأشیاء بالنفث، و لأن الحمی فیهم لا تکون قویه فلا ینالهم من الأذی مثل ما ینال الأحداث.

و أما الأحداث فصاروا یتخلصون من ذات الجنب و ذات الرئه لأنهم أقویاء یمکنهم نفث ما یحصل فی صدورهم و رئاتهم من التقیح بسهوله و لأن حرارتهم قویه و صارت سائر الأورام الأخر یتبعها حمی صعبه حتی تتأدی إلی أعضائهم الأصلیه فتفنی رطوباتهم و تحل قواهم، و من کان به ذات الجنب أو ذات الرئه و حدث به إسهال کان ذلک حینئذ مذموماً لا سیما إن حدث ذلک قبل السابع و ذلک

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 594

لأن الاسهال لیس مما ینقی به الصدر و الرئه لکنه مما یضعف القوه حتی لا یمکنها دفع ماده المرض بالنفث.

فإذا حدث الاسهال قبل السابع کان ذلک دلیلًا علی أن الطبیعه لم تقو بعد علی انضاج[2259] الماده و انضاج المرض، و إنما حدث ذلک عن ضعف القوه الماسکه و کذلک إذا حدث بمن به [سل[2260]] اسهال فإنه یموت و السبب فیه ظعف القوه الماسکه، و أن الأعضاء الأصلیه هی تذوب و تنحل.

و إذا ظهر بمن به ذات الجنب و ذات الرحم الخراجات فی نواحی الرجلین و کان ما ینفث[2261] بالبصاق عسر[2262] الخروج قلیل المقدار غیر نضیج و لم کن یظهر فی البول ثفل راسب محمود دل علی أن [العضو[2263]] الذی

حدث فیه ذلک الخراج یزمن، لأن الماده تکون باقیه علی حال رداءتها، فإن غابت تلک الخراجات و الحمی لازمه و النفث علی حالته من عسر الخروج و قلته فإن المریض یختلط عقله و یموت، و إذا کانت هذه الأعراض تدل علی أن الماده الردیئه قد رجعت إلی موضعها.

و متی حدث الزکام لمن به ذات الجنب أو ذات الرئه کان ذلک دلیلًا ردیئاً و ذلک لأن الماده فی هذه العله کثیراً ما تنحدر إلی الصدر و الرئه فتنکئ الموضع [العلیل[2264]] و تزید فی أذاه.

و من کان به تقیح فی صدره و کوی فخرج منه مده شبیهه بالدردی و الحمأه فإنه یموت، و ذلک لأن الماده لم تنضجها الطبیعه و تحیلها إلی طبیعه الأعضاء الأصلیه فقد بقیت علی رداءتها.

فإذا کان ما ینفثه صاحب السل منتن الرائحه حین یلقی علی الجمر دل ذلک علی الموت، و ذلک لأن نتن النفث یدل علی تعفن الرئه او علی[2265] تعفن الاخلاط فیها، فإذا فسدت الرئه کان الهلاک.

و إذا حبس النفث من صاحب السل دل ذلک علی الموت و ذلک لأنه یدل

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 595

علی ضعف من القوه، و المده إذا لم تنفث أکلت الرئه و صارت إلی نواحی القلب.

و کذلک متی کان بإنسان إسهال ردی ء بمنزله [البراز[2266]] الأسود و الأخضر و المنتن ثم احتبس دل أیضاً علی الموت إذ[2267] کانت هذه مواد ردیئه إذا احتبست و لم تخرج أفسدت الأعضاء.

و اختلاط الذهن من صاحب السل دلیل ردی ء لأنه عرض غریب، و إذا تساقط شعر الرأس من صاحب السل و حدث به اختلاف فقد قرب منه الموت و ذلک أن هذین العرضین یدلان علی ضعف القوه الماسکه. و فناء الرطوبه.

إذا

حدث صداع بأصحاب السل فذلک دلیل ردی ء لأنه عرض غریب یدل علی تصاعد الماده الردیئه إلی الدماغ، و صاحب السل إذا کان یعرق عرقاً کثیراً فذلک ردی ء لأنه ذلک یدل علی فناء الرطوبه التی فیما بین أجزاء الأعضاء و کان ما ینفثه صاحب السل قلیلًا [قلیلًا[2268]] غیر نضیج و کان نفثه إیاه بکد[2269] فإن موته یکون سریعاً، و إذا کان ما ینفثه کثیراً بسهوله کانت حیاته أطول و موته أبطأ و ذلک لأن النفث الکثیر السهل الخروج یدل علی قوه قویه تنقی الرئه من القیح و ماده نضیجه قلیله الغلظ و اللزوجه.

و أما النفث القلیل العسر الخروج فیکون: من ضعف القوه عن تنقیه الرئه، و من غلظ الماده و فجاجتها.

و من یصیبه[2270] غشی مراراً کثیره من غیر سبب ظاهر فإنه یموت فجأه، و ذلک لأن حدوث الغشی من غیر سبب ظاهر یکون عن اخلاط ردیئه تنصب إلی نواحی القلب، فإذا تطاولت المده فی انصباب هذا الخلط زاد[2271] ضعف القلب و انصبت ماده قویه غمرت الحراره الغریزیه و أطفأتها[2272].

و إذا عرض للانسان خفقان شدید دائماً فإنه یموت فجأه، و ذلک لان الخفقان انما[2273] یکون: إما عن سوء مزاج، و إما عن ماده ردیئه [تنصب الیه[2274]] فإذا

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 596

دام ذلک علی القلب حل قوته و أطفأ حرارته.

و إذا وقعت فی الصدر جراحه و نفذت إلی تجویفه و نواحی القلب دل ذلک علی الموت لا محاله إذ کان الصدر و القلب معدن الحیاه.

و إذا حدث بصاحب القی ء فواق و حمره فی العین کان ذلک دلیلًا ردیئاً، لأن الفواق هو تشنج یعرض للمعده و یکون: إما من امتلاء، و إما من استفراغ، فإذا حدث مع القی ء

دل علی أنه من استفراغ، و هو أردأ من التشنج الذی یکون من الامتلاء، و إذا احمرت العین دل علی أن الآفه قد تراقت إلی الدماغ. و کذلک متی حدث الفواق عن الاسهال و غیره من الاستفراغات.

و أما الاستسقاء الردی ء فهو یکون بعقب الأمراض الحاده إذا کان معه حمی و ألم فإنه ردی ء قتال، و ذلک لأنه لما کان الاستسقاء حدوثه من برد الکبد و ضعف القوه المولده للدم کان شفاؤه بالتسخین و استعمال الأدویه الحاره، فمتی استعملنا مثل هذه الاشیاء زدنا فی قوه الحمی و الالم إذا کان الالم إنما یکون بسبب ورم حار، و إما بسبب لذع حراره الحمی فمتی استعملنا الأشیاء المبرده لتسکین الحمی زدنا الاستسقاء فیهلک ذلک المریض فی أکثر الأحوال.

و إذا حدث بصاحب الاستسقاء إسهال شبیه بالدردی فذلک یکون ردیئاً و ذلک أنه لما کان الاستسقاء إنما کان حدوثه عن ماده بارده صار متی استفرغ من بدن الماده الحاره قویت ماده المرض فیهلک المریض، و إذا حدث بصاحب الاستسقاء سعال فذلک دلیل ردی ء جداً و ذلک إذا کان السعال بسبب غلبه الرطوبه علی الرئه فیضر بها فإن کان من غیر ذلک السبب فرداءته تکون أقل، و إذا حدث فیما دون الشراسیف ورم حار و کان مع ذلک العینان تتحرکان حرکه متواتره دل ذلک علی جنون یحدث و علی خطر، لان هذا[2275] مما یدل علی أن العله و الورم فی فم المعده و الحجاب و ذلک مما یوجب اختلاط الذهن لمشارکه هذین العضوین للدماغ بالاعصاب[2276] و مما یدل علی ذلک حرکه العینین إذا کانتا مشارکتین للدماغ.

و إذا کان فی المعده و الکبد و الطحال ورم حار کان ذلک ردیئاً، فإن کان

عظیما

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 597

دل علی الهلاک و ذلک لأن هذه الأعضاء شریفه عظیمه المنفعه بها قوام البدن، فإذا نالتها آفه کان ذلک ردیئاً، فإذا کانت الآفه عظیمه بطل یومئذ فعلها فهلک العلیل.

و إذا حدث عن ورم الکبد الفواق کان ذلک دلیلًا ردیئاً، و ذلک أنه إذا کان ورم الکبد عظیماً حاراً حتی تتأدی الآفه إلی المعده فیتولد فیها مرار کثیر یلذعها فیحدث الفواق، و إذا کان الورم الذی دون الشراسیف علی عضل البطن لم دل[2277] ذلک علی خطر [لا سیما إن کان[2278]] عظیماً و ذلک لعظم الآفه و عجز الطبیعه عن مقاومته و کل الأورام التی دون الشراسیف فی أول الأمر تدل علی خطر فإن جاوزت العشرین یوماً، و الحمی باقیه و الورم لم ینحل فإنها تتقیح.

و ما کان من هذه الأورام المتقیحه لیس له رأس محدد [مال[2279]] إلی خارج بل کان عظیماً عریضاً فهو یدل علی خطر و ذلک لأن ما کان رأسه یتحدد فهو یدل علی لطافه الماده و رقتها و سخونتها فهی تنضج و تنقیح [لذلک[2280]] سریعاً و میلانه إلی خارج نحو الجلد یدل علی سلامه[2281] الأعضاء الشریفه منه.

و ما کان عظیماً عریض الصدر فهو یدل علی کثره الماده و غلظها و عجز الطبیعه عن انضاجها بسبب غلظها و عن دفعها إلی خارج بسبب کثرتها، و إذا انفجر الورم و کان انفجاره إلی داخل حدث عنه ذبول التنفس و سقوط القوه و کان الخطر شدیداً، فإن کان انفجاره إلی [یداخل و إلی[2282]] خارج کان ذلک دلیلا علی الموت[2283]، لأن الانفجار إذا کان إلی داخل و إلی خارج دل علی عظم الآفه.

جمیع الأورام إذا کانت عظیمه مؤلمه صلبه دلت علی خطر

و علی الموت و ذلک بسبب عظم الآفه و قوتها و قهرها الطبیعه.

و إذا کان بإنسان استسقاء فی کبده ثم انفجر ذلک الماء إلی الغشاء المعروف بالصفاق و امتلأت بطنه ماءاً مات[2284] و ذلک لأن الاستسقاء الذی یکون فی الکبد إنما هو نفاخات تحدث فی الغشاء المجلل لها و تکون مملوءه ماء، فإذا انفجرت هذه النفاخات انصب الماء إلی الصفاق أو إلی الثرب فتمتلی ء به هذه المواضع ماء

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 598

صدیدیاً فیأکل الغشاء و یخرقه فیهلک لذلک المریض.

[من بطا ولوی من المستسقین او المتقیعین فجری منه من المدّه و الماء شی ء کثیر دفعه فانه یهلک[2285]]، و ذلک لأن کل استفراغ کثیر دفعه [فانه] یحلّ القوّه و یضعفها حتی لا یمکن أن تتلافی لأنه یخرج من الروح مع الماء شی ء کثیر المقدار.

و من کان به ورم فیما دون الشراسیف [أو فی[2286]] المعده أو غیرها من الأعضاء الباطنه فانفجر و خرج منه مده شبیهه بالدردی أو الزیت العکر کان ذلک دلیلًا ردیئاً مهلکاً، و ذلک لأن الماده لم تعمل فیها الطبیعه و تنضجها حتی تصیرها ماده بیضاء.

[اما[2287]] و صاحب الیرقان إذا کان کبده صلباً فذلک أیضاً دلیل ردی ء و ذلک مما یدل علی ورم صلب، و الورم الصلب فی الکبد یؤول یومئذ أمر صاحبه إلی الاستسقاء أکثر الأحوال، و إذا کان ما دون الشراسیف من مراق البطن رقیقاً مهزولًا فی أصحاب الاسهال المزمن فذلک ردی ء و ذلک لأنه یدل علی فناء الرطوبه من آلات الغذاء و جفافها إذا حدث بها ذلک[2288].

و إذا حدث عن القولنج المعروف بایلاوس قی ء و فواق[2289] فذلک [دلیل[2290]] ردی ء، و إن کان معه تشنج دل علی الهلاک و ذلک أن هذا

النوع من القولنج ینسد[2291] معه الأمعاء الدقاق و لا یمکن الطبیعه دفع البراز إلی أسفل فتدفعه إلی المعده فیخرج بالقی ء فتنال المعده آفه و تتادی تلک الآفه إلی الدماغ فیحدث عنه یومئذ التشنج و اختلاط الذهن فهذان عرضان مهلکان.

و من حدث به من تقطیر البول فی القولنج المعروف بإیلاوس فإنه یموت فی سبعه أیام إلا أن تحدث به حمی فیجری منه بول کثیر، وجدت هذا الفصل فی المقاله السادسه من فصول الفاضل أبقراط [و الفاضل[2292]] جالینوس قد تعذر علیه الوقوف علی السبب فی ذلک فانکر أنه لأبقراط.[2293]

کامل الصناعه الطبیه ؛ ج 2 ؛ ص598

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 599

و متی کان بانسان وجع فی القطن مع حمی و تراقی ذلک الوجع إلی الحجاب و سکن عن المواضع السفلیه کان ذلک دلیلًا قتالًا لا سیما إن ظهرت أدنی دلائله ردیئه فإن ذلک دلیل علی الموت لا محاله، و ذلک لأن الأوجاع فی هذه المواضع مع الحمی تکون من ورم حار، فإن تراقی ذلک الورم الی الحجاب أحدث اختلاط الذهن لمشارکه الحجاب إلی الدماغ فکان ذلک قتالًا فإن حدثت أدنی دلاله ردیئه کان الموت لا محاله، فإن حدثت دلاله محموده قویت القوه علی انضاج المرض و آل الأمر فیه إلی التقیح.

و متی کان فی المثانه ورم صلب و کان مع ذلک حمی لا تفارق کان ذلک أیضاً قتالًا و ذلک لأن الورم الحار إذا حدث فی المثانه ضغط المعی فلم یخرج البراز، فإذا کانت معه حمی دائمه و وجع کان ذلک حینئذ قتالًا إلا أن یبول المریض بولًا نضیجاً، و فیه مده فیسلم بذلک فإنه لم یکن من ذلک شی ء و لم تزل الحمی کان الموت حینئذ

قریباً أما فی الأسبوع الأول أو قبل ذلک.

و إذا حدث بالمرأه الحامل الورم المعروف بالحمره[2294] فی الرحم کان ذلک من علامات الموت.

و إذا حدث بالمعده و الکبد و المثانه جراحه و کانت عظیمه دلت یومئذ علی الموت، و متی کانت یسیره فقد یمکن أن یبرأ صاحبها منها و قد رأیت من قد وقعت به جراحه فی أمعائه الغلاظ و کان البراز یخرج منها فلم یبرأ، و قد رأیت من وقعت به أیضاً جراحه فی دماغه و نفذت إلی الغشاء الرقیق فعالجنا صاحبه فبرئ من ذلک.

و أما [فاضل الأطباء] جالینوس فإنه ذکر: «أنه رأی من وقعت به جراحه فی نواحی کبده و قطعت طرفان من أطراف کبده فبرئ منها»، و أما متی وقعت جراحه فی الجانب المقعر أو المحدب فلیس یعیش صاحبها.

و أما المثانه فمتی وصلت الجراحه إلی شحومها فلا یمکن أن یبرأ لأن جوهرها عصبی لا یکاد أن یلتحم.

و أما الکلی فإنها لحمیه فمتی کانت الجراحه لیست بالعظیمه التی یعطل[2295]

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 600

فعلها فهی تلتحم و تبرأ، و إذا عرض فی الحمی المطبقه نافض مرار کثیره و کانت القوه ضعیفه فإنها تدل علی الموت[2296] لأن النافض إذا کثرت علی البدن الضعیف أزعجته و هزته بالرعده و زادته ضعفاً و سقطت القوه.

و إذا عرض فی الحمی التهاب [فی المعده[2297]] و خفقان فذلک علامه ردیئه و ذلک لأن الخفقان یعرض لفم المعده لکثره المرار و قوته.

و إذا کان فی عضو من الأعضاء ورم أو وجع وهاج بغته و یعقبه کرب و عطش دل ذلک علی الموت، و ذلک لأن الحراره تنعکس إلی داخل البدن و نواحی القلب و المعده فیلهبهما.

و من عرضت له حمی حاده

منذ أولها شی ء مما یکون به البحران أعنی بعض الاستفراغات فلم تنتفع به فإن ظهرت به فی الیوم الثالث علامه ردیئه فهو یکون هالکاً لا محاله فإن کان الرابع شبیهاً بالثالث فهلاکه یکون فی السادس أو السابع.

و إذا حدث فی الحمی المحرقه التمدد و التشنج کان ذلک دلیلًا ردیئاً و ذلک لأن التشنج یحدث فی هذه الحال عن استفراغ الرطوبه و جفافها و لذلک صار ردیئاً.

و إذا حدث الفواق عن [احد[2298]] الاستفراغات الکثیره مثل الدم و القی ء و الاسهال و غیره ذلک کان ذلک ردیئاً و ذلک لأن الفواق هو نوع من التشنج یحدث عن الامتلاء و الاستفراغ.

و ما حدث من التشنج عن الاستفراغ فهو مذموم جداً عسر البرء، و من أصابه التمدد فإنه یموت فی أربعه أیام فإن تجاوزها فإنه یبرأ و ذلک لأن التمدد [من الامراض الحاده جدا فبحرانه یکون فی الرابع اذ کانت القوه لا تتحمل التعب عن حده الاعصاب[2299]] مده هی أطول من الأولی.

و إذا حدث عن الاستفراغ للدم اختلاط الذهن و التشنج فذلک مذموم، و ذلک لأن الدم[2300] إذا أسرف فی الاستفراغ حدث عنه الیبس و یحدث عن الیبس التشنج، و إذا تأدت الآفه إلی الدماغ اختلط الذهن و خیف[2301] علی العلیل الموت.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 601

و إذا حدثت فی البدن جراحات عظیمه و لم یحدث معها ورم فذلک ردی ء، لأنه یدل ذلک علی أن الورم فی باطن البدن.

و إذا حدثت بالأطفال قروح خبیثه دل ذلک علی الهلاک، لأن الاطفال لا یحتملون الالم و لا یصبرون علی العلاج.

و إذا حدث فی الجفن الأعلی تهیج [فیمن کانت علته الحمی[2302]] دل ذلک علی عوده المرض، لأن حدوث ذلک یکون عن ضعف

الحراره الغریزیه لأن الأعضاء التی تشرف علی الموت تنتفخ کما تنتفخ جثث الموتی.

و من کان به ألم و تقدم فی قطنه فحدث به فی جنبه بثور متعفنه کان ذلک أیضاً دلیلًا ردیئاً و ذلک لانتقال الماده عن الأعضاء الخسیسه إلی الأعضاء الشریفه.

و إذا کان المرض غیر ملازم لطبیعه المریض و سنه و الوقت الحاضر من أوقات السنه فذلک دلیل ردی ء و صاحبه منه علی خطر و ذلک لأن مزاج المرض یکون قد قاوم مزاج هذه کلها و قهرها و ظهر علیها بقوته و شدته و لذلک [ما[2303]] یدل علی خطر لأن الطبیعه لیس یمکنها مقاومه المرض، فهذا ما أردنا إیضاحه و ذکره من الدلائل الردیئه الداله علی الخطر و المنذره بالهلاک [علی ما ذکره الفاضل أبقراط، فافهم ذلک[2304]].

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 602

الباب الحادی عشر فی العلامات المبشره بالخلاص من المرض[2305]

[إعلم أرشدک اللّه اننا[2306]] قد أتینا فی کتابنا هذا بذکر سائر العلامات و الدلائل الردیئه ما کان منها یدل علی خطر، و ما کان منها ینذر بالهلاک، فلنذکر الآن الدلائل المنذره بالسلامه من المرض و التی یؤمن معها علی العلیل [منها من[2307]] الموت و الدلائل التی تدل علی انقضاء المرض و البرء منه.

فهذه الدلائل أیضاً کما ذکرنا، منها مأخوذه من حال البدن و هیئته و قوته[2308]، و منها مأخوذه من جوده الأفعال، و منها مأخوذه مما قد یبرز من البدن، و منها مأخوذه من طبیعه المرض.

[الاول: فی الدلائل المأخوذه من حال البدن]

أما الدلائل المأخوذه من حال البدن: فهی انک متی رأیت وجه المریض شبیهاً بوجوه الأصحاء لا سیما الوجه الذی کان علیه فی صحته کان ذلک دلیلًا علی السلامه من المرض، و ذلک إن کثیراً ما تکون هیئه وجه المریض الطبیعیه الجفاف

و الانخراط و احتداد الأنف و اللون الرصاصی و بعض الألوان الردیئه، فإن کان فی حال مرضه علی تلک الحاله لم یتغیر و لم یدل علی حاله مخوفه بل علی السلامه.

و إن کانت الحراره فی بدن المریض مستویه فی جمیع البدن غیر مختلفه دل

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 603

ذلک أیضاً علی سلامه [اذ کان ذلک مما یدل علی سلامه[2309]] الأحشاء من الورم.

و إذا حدث الیرقان فی الیوم السابع أو فیما بعده فی یوم من أیام البحران دل ذلک أیضاً علی السلامه من المرض، و ذلک مما یدل علی أن الطبیعه قد قویت علی دفع الفضل[2310] المراری إلی ظاهر البدن، و إذا کان ما دون الشراسیف سلیماً من الغلظ سمیناً دل ذلک أیضاً علی السلامه من المرض لأن هذه الدلائل توجب سلامه الغذاء [و قوتها[2311]] فاعلم ذلک.

[الثانی: فی ما یدل علی جوده الافعال من السلامه]

[و اما ما یدل علیه جوده الافعال من السلامه: فمنها ما یأخذ من الافعال النفسانیه، و منها ما یأخذ من الافعال الحیوانیه، و منها ما یأخذ من الافعال الطبیعیه[2312]].

و أما الدلائل المأخوذه من جوده الافعال الحیوانیه: فمنها ما یؤخذ من الأفعال الطبیعیه.

[فی الدلائل المأخوذه من الافعال النفسانیه[2313]]

أما الأفعال النفسانیه: فهی صحه الذهن و جوده النظر وصفاء الحواس و سهوله تقلب المریض و حرکته و حسن اضطجاعه لا سیما الاضطجاع الذی کان من عادته أن یضطجعه کل ذلک دلیل علی السلامه من المرض [و الا منی علی المریض[2314]] لان ذلک[2315] یدل علی [جوده[2316]] سلامه الدماغ و قوه ما ینشأ منه و جوده القوه المحرکه بإراده و قوه الطبیعه علی طلب العاده فإذا کان العلیل ینام باللیل و یستیقظ بالنهار، و إذا انتبه من

نومه تبین من نفسه صلاح و قوه کان ذلک دلیلًا محموداً [و کذلک متی کان العلیل به اختلاط الذهن فأنتبه من نومه و قد

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 604

تراجع عقله کان ذلک دلیلا محموداً[2317]] لأن الطبیعه فی وقت النوم تکون قد قهرت ماده المرض و انضجتها بقوتها[2318] إلا أنه ینبغی أن تعلم أنه لیس فی کل عله أن جوده الذهن علامه جیده لأن أصحاب الذرب و أصحاب السل قد یهلکون و ذهنهم سلیم لکن ر فی الأمراض الحاده و أمراض الرأس.

و أما فساد الذهن: فعلامته ردیئه فی کل مرض لأنه یدل علی أن الدماغ [الذی هو العضو الشریف[2319]] قد نالته الآفه فإذا حدث العطاس بصاحب السرسام کان ذلک محموداً فی ذلک، و ذلک أن الدماغ یکون قد قوی علی دفع الفضل و الشی ء المؤذی و لذلک] قال جالینوس: فی کتاب العلل و الاعراض: «إن العطاس اذا لم یکن عن زکام[2320]] صار العطاس أنفع الشی ء للدماغ المملوء بخاراً»، [إلا أنه ینبغی أیضاً أن تعلم أن العطاس إنما یجمد فی أمراض الدماغ[2321]]. و أما فی أمراض الصدر فإنه مذموم لأنه یزعج الصدر و یحدر إلیه ماده.

و من کان به وجع أیضاً فی رأسه من قبل ورم دموی أو رطوبات غیر نضیجه مجتمعه فی الرأس فإنه إن سال من [أذنه[2322]] أو منخره دم أو مده أو ماء سکن عند ذلک الوجع و انقضی.

[فی الدلائل المأخوذه من الأفعال الحیوانیه[2323]]

و أما الدلائل المأخوذه من الأفعال الحیوانیه: فهی أن التنفس إذا کان حسناً جیداً لیس یکون بالتواتر و لا بالتفاوت و لا بالمنقطع و کان النبض یومئذ قویاً منتظماً کان ذلک من أقوی الدلائل و العلامات علی الأمن و السلامه و

خلاص المریض من کل مرض لأن ذلک مما یدل علی سلامه أعضاء التنفس التی بها تکون الحیاه قوتها کما أن رداءه [التنفس[2324]] و النبض علامه ردیئه بکل مرض لأنه یدل علی ضعف القوه الحیوانیه.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 605

[فی الدلائل المأخوذه من الأفعال الطبیعیه[2325]]

و أما الدلائل المأخوذه من الأفعال الطبیعیه: فإنه متی کانت شهوه المریض للغذاء أو هشاشه الطعام قویه و کان هظمه جیداً کان ذلک دلیلًا جیداً [علی سلامه المریض[2326]]، و ذلک مما یدل علی سلامه آلات الغذاء و قوه الطبیعه المدبره للبدن و میلها إلی أن تخلف مکان ما قد حلله المرض.

[الثالث: فی الدلائل المأخوذه مما یبرز من البدن[2327]]

و أما الدلائل التی تدل علی السلامه المأخوذه مما یبرز من البدن [الداله علی السلامه[2328]] و هی أن البراز المعتدل فی الرقه و الغلظ المنحل الدهنی[2329] اللون الذی لیس بالشدید الصفره دلیل علی سلامه المریض إذا کان ذلک مما قد یدل علی جوده القوه الهاضمه و قوه المعده و الأمعاء.

و إذا خرجت مع البراز حیات فی یوم من أیام البحران کان ذلک دلیلًا علی السلامه، و ذلک لأن الطبیعه تکون قد قویت علی دفع الماده المؤذیه لها فاندفعت الحیات مع ما قد دفعت بقوتها فکذلک إذا دفعت الطبیعه الفضل بالبول[2330] فی یوم من أیام البحران و کان العلیل یجد مع ذلک خفاً و سکون الحمی کان ذلک دلیلًا علی السلامه المریض و انقضاء المرض.

و من کان به صمم حادث عن [حمی حادثه بغته فأصابه اسهال مری ء ذهب عنه الصمم و ذلک لان الصمم عن[2331]] تراقی المرار إلی الرأس، فإذا انحدر ذلک المراری إلی أسفل انقضی الصمم، و کذلک[2332] متی کان بإنسان اختلاف مراری فأصابه صمم

انقطع عنه ذلک الاختلاف، [و السبب[2333]] فی ذلک ضد ما قلته.

و إذا حدث بصاحب المالیخولیا إسهال الدم من أفواه العروق التی فی

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 606

المقعده کان ذلک یومئذ محموداً إلا أنه یدل علی أن الماده السوداویه التی کانت فی الرأس قد انحدرت إلی نواحی البطن، و کذلک قد ینتفع بخراج الدم من المقعده من أوجاع الطحال.

و اذا حدث استسقاء لمن به اسهال بلغمی و رطوبه مائیه انحل بذلک مرضه.

و إذا کان بإنسان إسهال قدیم و حدث له قی ء انقطع إسهاله، و ذلک لأن الماده التی تخرج بالاسهال تنصرف إلی فوق و تندفع بالقی ء.

و إذا کان بإنسان رمد و حدث به اختلاف کان ذلک دلیلًا محموداً لأن الماده المحدثه للمرض تنحدر إلی أسفل.

و أما البول إذا کان لونه حسناً لیس بالمشبع الصفره علی تلون[2334] الاترج و کان فیه غمامه بیضاء تهوی إلی أسفل القاروره دل ذلک علی السلامه من المرض، و أفضل ذلک الثفل الراسب الأملس المستقر فی أسفل القاروره فیدل ذلک أیضاً علی السلامه و علی أن الطبیعه قد أنضجت ماده المرض و شبهته بالأعضاء الأصلیه، إلا أنه ینبغی أن تعلم أن رداءه البول فی کل عله ردیئه، و لیس حسنه و جودته دلیلًا علی السلامه إلا فی الحمیات و أورام الأحشاء و علل الکبد.

و أما فی علل الدماغ و القلب فلانحدار الاخلاط المؤذیه إلی أسفل البدن، و ظهور [القیح[2335]] فی البول من أعظم الدلائل و أجلها علی السلامه من المرض.

[فی البصاق]

و أما الدلائل المأخوذه من البصاق: فإنه متی کان صاحب ذات الجنب و ذات الرئه ینفث فی ابتداء المرض بصاقاً أبیضاً رقیقاً ثم یغلظ بعد ذلک قلیلًا قلیلًا و یکون نفثه له

بسهوله من غیر شده[2336] و دفعه له بقوه و لا یکون فیه لون من الألوان الردیئه کالأسود و الأخضر و الأصفر المشبع الصفره و لم تکن فیه رائحه کریهه کان ذلک دلیلًا علی نضج المرض و السلامه منه و قصر مدته.

و إذا انفجر الخراج من صاحب ذات الجنب و ذات الرئه و نفث المده بقوه

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 607

و کانت مده بیضاء نقیه و سکنت الحمی من یومها و اشتهی المریض الطعام، کانت تلک العلامه علامه جیده تبشره[2337] بالسلامه و خلاص المریض، و ذلک أن[2338] هذه الدلائل تدل علی قوه الطبیعیه و ظهورها علی المرض.

[فی العرق[2339]]

و أما الدلائل المأخوذه بالعرق: متی ظهر بمن کان به حمی مطبقه فی یوم من ایام البحران و کان معتدل الحراره سریعاً[2340] مستویاً فی جمیع البدن و کانت مده زمانه معتدله و لونه ابیضاً و رائحته لیست بالکریهه دل ذلک أیضاً علی السلامه من المرض و انقضائه.

[فی الرعاف[2341]]

و أما الدلائل المأخوذه بالرعاف: فهی متی کان الرعاف فی یوم من أیام البحران فی الحمیات الدمویه التی تحدث عن ورم الدماغ أو ورم بعض الأحشاء دل ذلک علی السلامه من المرض و قوه المریض.

[الرابع فی الدلائل المأخوذه من الامراض[2342]]

و أما الدلائل من العلل و الأمراض علی السلامه: فهی ینبغی أن تعلم أن المرض الذی یکون بعقب مرض کان قبله اذا کان[2343] أخف منه و فی موضع أشرف منه فهو یکون سلیماً.

و من کان به صداع فی رأسه و وجع شدید فانحدر من أذنیه أو من منخریه[2344] قیح أو ماء فإنه یبرأ بذلک لأنه یدل علی أن هذا الوجع کان بسبب ورم، فلما إن خرجت المده و الماء سکن ذلک الالم[2345].

کامل الصناعه

الطبیه، ج 2، ص: 608

و إذا حدث بصاحب السرسام و الوسواس داء البواسیر کان ذلک دلیلًا محموداً و ذلک یکون بسبب انحدار الماده من العلو إلی الأسفل.

[و اما[2346]] و صاحب الذبحه إذا ظهرت فی صدره حمره و ورم و لم ینفث و لم یرجع[2347] شی ء من ذلک إلی داخل کان ذلک دلیلًا علی السلامه، و ذلک لأن الطبیعه تکون قد دفعت ماده الورم [الی خارج، و کذلک إن ظهر فی الحلق و اللسان ورم فانه یدل علی سلامه[2348]] من الذبحه، و کذلک متی غاب[2349] الورم و الخضره دفعه ثم عادا و خرجا دلا علی السلامه[2350] من تلک العله.

و إذا حدث بصاحب السعال المزمن ورم فی الانثیین انقضی بذلک سعاله و ذلک للمشارکه التی بین أعضاء الصدر و أعضاء التولید[2351] عند ما تنتقل الماده التی کان بها[2352] السعال إلی الانثیین.

و إذا ظهرت بصاحب ذات الرئه العظیمه خطر الخراجات فی الرجلین و کان ما ینفثه بالبصاق نضیجاً و خروجه سهلًا و ظهر فی البول ثفل راسب [أبیض[2353]] أملس کان ذلک دلیل موجب للسلامه و ذلک لأن الطبیعه تکون قد قویت علی دفع الماده و باعدتها عن الأعضاء الشریفه إلی الأعضاء التی لا شرف لها و إن الخراج یسکن و ینقضی فی أسرع الأوقات.

و إذا ظهر بمن به ذات الرئه المزمنه خراج فی أصل الاذن و نواحی الصدر من خارج أو فی المواضع التی فیها دون الشراسیف دل ذلک علی السلامه من المرض و الخلاص و أن تلک الخراجات تصیر نواصیر و ذلک أن عله ذات الرئه و غیرها إنما تطول مدتها من قبل غلظ الخلط و لزوجته، و إذا کانت المواد بهذه الصوره و لم تتمکن الطبیعه انضاجها

و اصلاحها، فإذا ظهرت دلائل النضج و السلامه دفعت هذا الفضل و صرفته إلی هذه المواضع و لرداءه هذه الماده تطول

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 609

مده الخراجات الحادثه عنها حتی تصیر نواصیراً.

و إذا حدثت النافض[2354] بمن به حمی مطبقه [فی یوم من ایام البحران[2355]] کان ذلک دلیلًا علی انقضائها، و ذلک لأن الحمی المطبقه تکون عن الخلط العفن داخل الأورده و العروق [و النافض تکون حدوثها عند خروج ذلک الخلط عن الاورده و العروق و انصبابه[2356]] الحساسه[2357].

و إذا ظهرت بصاحب حمی الغب قروح فی المنخرین او الشفتین[2358] دل ذلک علی انقضاء الحمی.

و إذا حدثت الدوالی بأصحاب النقرس و وجع المفاصل و علل الکلی [و الربو[2359]] انقضی بذلک مرضهم[2360].

و إذا حدث لمن به داء الثعلب العله المعروفه بالدوالی عاد شعر رأسه و ذلک لانتقال الماده من الرأس إلی الرجلین.

و إذا حدث بصاحب زلق الأمعاء المزمن الجشاء الحامض کان ذلک دلیلًا محموداً، و ذلک لأن عله زلق الأمعاء کما قد ذکرنا فی غیر هذا الموضع من کتابنا هذا هو خروج ما یکون قد أوکل[2361] لوقته من غیر أن یتغیر، فإذا حدث الجشاء الحامض دل ذلک علی أن الطعام قد لبث فی المعده حتی صار[2362] إلی الحموضه.

و من کان به تشنج من امتلاء و حدثت به حمی بری ء من تشنجه و ذلک لأن هذا التشنج یکون عن خلط غلیظ فإن حدثت الحمی لطفت ذلک الخلط، و متی ظهرت حمی الربع بمن به التشنج بری ء [أیضاً[2363]] من تشنجه [و ذلک أن هذا التشنج یکون أیضاً عن خلط غلیظ[2364]] فتعمل الحراره و العفونه فی ماده التشنج فتحرقها، و کذلک الحمی قد [تبرأ[2365]] من الصرع و تمنع من حدوثه و السبب

فی

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 610

ذلک ما قد ذکرناه فی التشنج[2366].

و إذا کان بانسان فواق و حدث به عطاس انقطع عنه ذلک الفواق.

و من کان به وجع شدید فی کبده[2367] من سوء مزاج بارد و حدثت به حمی حلت عنه ذلک الوجع، و کذلک متی حدث فی المعده أو الأمعاء و الطحال وجع من ریح أو سوء مزاج بارد ثم عرض به حمی انحل بها ذلک الوجع.

و إذ خرجت فی مجری الاحلیل بثور[2368] و انفجرت انقضی بها وجعه و ذلک أن حده البول إذا مرّت بالقرحه ادملتها و جففتها[2369].

[و متی عرض بمن ینسل من مرضه کان بدنه نقیاً من بثور و من حکه و من قوابی و غیرها دل علی أن الطبیعه[2370]] قد قویت علی دفع الفضل الردی ء فدفعته عن الأعضاء الشریفه إلی الخسیس و هو الجلد و کان بذلک سلامه البدن و صحته [و کان مانعاً من حدوث الأمراض الحاده[2371]] و ینبغی أن تعلم أن الصبیان أکثر سلامه من الأمراض الصعبه و ذلک لسرعه نمو أبدانهم [و بما ینحل من أبدانهم[2372]] فی وقت المراهقه.

و أما المشایخ [و من کانت قوته ضعیفه فقلما ینجوا من الامراض القویه، و متی رایت المریض لا یفعل شیئا مما ینبغی أن یفعله و رأیت مرضه باقیاً علی حالته فمرض سلیم و برئ سهل و الله أعلم[2373]].

فإن من کان منهم قوته ضعیفه فقلیل من یکون ینجو منهم من الأمراض التی تکون قویه لأن أعضاءهم صارت رقیقه بارده فلهذا صاروا لا ینجون من الأمراض القویه، فافهم ترشد.

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 611

الباب الثانی عشر فیما ینبغی أن یعلمه من أراد أن یتقدم فینذر بالسلامه للمریض أو بهلاکه[2374]

[إعلم أننا قد أتینا فی کتابنا هذا[2375]] بذکر العلامات المحموده المنذره بالسلامه و انقضاء المرض، و العلامات المذمومه المنذره

بالهلاک مما فیه کفایه لمن أراد أن یتقدم فینذر بموت من یموت و سلامه من یسلم و انقضاء مرضه من الأمراض الحاده و غیرها.

فقد ینبغی لمن أراد أن یکون بذلک عارف أن یدیم النظر و یجید التمییز و یطیل الفکر و یستعمل القیاس بین العلامات الجیده و الردیئه، و لینظر أیهما أکثر عدداً و أقوی دلاله و أیهما أقل عدداً و أضعف دلاله علی ما قد بینا من الأشیاء فی کل دلاله من قولنا إن هذه دلاله تدل علی الموت فإنها تدل علی الموت لا محاله و إنها تدل علی الموت القریب، و قولنا فی بعضها ردیئه بقول مطلق و أنها ردیئه جداً، و کذلک قولنا فی الدلائل علی السلامه فی أن هذه الدلاله محموده أو أنها قویه جداً فی الدلاله علی السلامه فتزن هذه الدلائل و تستقصی معرفه قواها ثم تحکم علی المریض بما تدل علیه من العلامات الاغلب و الأقوی.

و ینبغی أیضاً أن تعلم أن العلامات القویه الداله علی الهلاک لا تکاد تجتمع مع العلامات القویه الداله علی السلامه إذا کان کل واحد من هذین فی الطرفین

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 612

الضدین لا یجتمعان فی موضع واحد، و هذه العلامات لا تتغیر دلالتها فی سائر البلدان و الأوقات و الاسنان فما قد کان منها محموداً فهو یدل علی خیر، و ما کان منها مذموماً فهو یدل علی شر.

و کذلک متی رأیت العلیل قد أصاب خفه[2376] و راحه مع العلامات الردیئه و لم یظهر فیه شی ء من العلامات الجیده بمنزله قوه النبض و جوده التنفس و نضج البول و غیر ذلک و رأیته قد عرضت له أعراض صعبه بمنزله القلق و اختلاط الذهن و

التخیلات و غشاوه فی البصر و وجع فی الفؤاد فلا یجب أن یفزع من ذلک فإن هذه الأشیاء من الأعراض التی زوالها یکون سریعاً لسلامه المریض من مرضه، و لذلک قال الفاضل أبقراط: فی کتاب الفصول «لا ینبغی أن یغتر بخف یجده العلیل علی غیر[2377] القیاس و لا تهولک أمور صعبه تحدث علی غیر القیاس فإن أکثر ما یعرض لیس بثابت و لا تطول مدته».

و إنما أراد بذلک أن العلامات الجیده أبداً تدل علی خیر و العلامات الردئیه أبداً تدل علی شر و لا تبطل.

غیر أنه مع ذکرنا لیس یمکن الإنسان أن یصیب أبداً حتی لا یخطأ فیما یحکم به فإنه قد یقع لحذاق الأطباء الخطأ فی ذلک و أکثر ما یقع من ذلک فی الأمراض الحاده لسرعه تنقلها من حال إلی حال، و أما باقیها من الأمراض المزمنه فلیس یکاد یقع الخطأ فیما یحکم به علیها.

و لذلک قال أیضاً [الفاضل] أبقراط: «إن الحکم و القضیه بالموت و الحیاه فی الأمراض الحاده لیس علی غایه الثقه [لا علی الموت و لا علی الصحه».

و ذلک[2378]] للطافه مادتها و سرعه حرکتها و تنقلها من حال إلی حال إلا أنه إذا کان الطبیب ماهراً قد اطال النظر فی الکتب بارتیاض فی مداوات المرضی مده من الزمان طویله و نظر نظراً شافیاً لم یکد یخطأ فیما یحکم به إلا الیسیر و لذلک قد یجب علی الطبیب أن یکثر مزاوله[2379] المرضی، و أن یتحفظ ما قد یعاینه و یجید التمییز و یحسن القیاس، و یکثر تدبیر ما قد ذکرناه فی کتابنا هذا فإنه إذا فعل ذلک

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 613

کان صوابه کثیراً و خطؤه یسیراً.

و ینبغی أیضاً أن تعلم

أنه لیس یمکنک فی کل الأمراض فی أول أیام المرض أن تحکم بسلامه من یسلم و موت من یموت إلا فی الأمراض التی یکون انقضاؤها فی الرابع و السابع فإن علامات هذه الأمراض تظهر فی أول المرض، و أما الأمراض التی یکون انقضاؤها فی الرابع عشر و العشرین و ما بعد ذلک فإنه لا یمکنک أن تعرف السلیم منها من المهلک فی اول الامر[2380] بل ینبغی أیضاً أن تتفقد العلامات فی کل أربعه أیام فتنظر إلی تغیر المریض و حرکته إلی أی حال یؤول و ذلک أن منتهی هذه الأمراض تبعد و حرکتها تبطی ء لغلظ مادتها و العلامه فیها لا تکاد تظهر فی الأیام الأول و تتأخر أیضاً بحسب طول المرض.

و لذلک [قد[2381]] ینبغی أیضاً أن تتفقد أحوالها فی کل أربوع [مره لتعلم منها کیف تکون و کیف تصیر، فافهم ذلک ترشد إن شاء اللّه تعالی، و لکن[2382]] هذا آخر ما قد أردنا أن نبینه و نذکر فی کتابنا هذا من أمراض العلامات المنذره بالخلاص من المرض و أسبابه و علاماته و ما جری علیه هذا المجری[2383]، [و هو آخر المقاله العاشره من کتابنا.

تمت المقاله العاشره

من کتاب کامل الصناعه الطبیه المعروف بالملکی تألیف علی بن عباس المجوسی المتطبب، و لواهب العقل الحمد بلا نهایه[2384]]

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 615

الفهارس العامّه

فهرس الأعلام

فهرس الأمکنه

فهرس الأشهر و الکواکب

فهرس الحیوانات

فهرس الأمراض

فهرس الکتب

فهرس الأدویه المرکبه

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 617

فهرس الأعلام

أبقراط، 12، 207، 212، 213، 227، 241، 300، 350، 351، 354، 359، 367، 368، 374، 395، 409، 414، 416، 417، 418، 421، 441، 444، 449، 450، 469، 472، 473، 481، 484، 498، 503، 504، 506، 508، 509، 510، 511، 513،

514، 548، 555، 557، 558، 561، 571، 572، 588، 598، 601، 612

بارد، 23، 25، 26، 42، 43، 44، 48، 54، 60، 63، 69، 72، 73، 75، 76، 81، 82، 93، 94، 97، 98، 102، 107، 108، 113، 116، 148، 158، 160، 166، 167، 185، 190، 192، 195، 243، 248، 259، 260، 273، 290، 292، 295، 305، 313، 316، 317، 327، 329، 330، 335، 336، 337، 338، 340، 344، 345، 347، 348، 349، 353، 359، 361، 362، 365، 366، 369، 371، 384، 392، 393، 398، 402، 403، 409، 411، 412، 415، 417، 424، 426، 429، 431، 433، 434، 436، 438، 439، 443، 444، 445، 446، 447، 453، 461، 463، 472، 473، 487، 488، 492، 494، 497، 503، 504، 505، 506، 528، 529، 550، 555، 567، 569، 573، 574، 575، 578، 583، 586، 596، 609، 610

الأطباء، 130، 241، 264، 329، 354، 411، 435، 451، 452، 524، 552، 555، 557، 599، 612

السریانیون، 287

الصقالبه، 161

الفلاسفه، 310

القدماء، 44، 168، 287، 311

القوم، 44، 310

أبو قراط، 459

أرجنجانس، 151

بالفلاحین، 302

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 618

جالینوس، 12، 43، 44، 60، 141، 185، 187، 243، 273، 297، 317، 338، 340، 341، 362، 369، 430، 436، 441، 450، 451، 452، 472، 477، 478، 479، 509، 513، 514، 524، 552، 555، 557، 598، 599، 603

رجل، 213، 284، 302، 310، 396

عباس، 321

فولس، 363

للسکاری، 355

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 619

فهرس الأمکنه

البیمارستان البدری، 310

الحبشه، 161

الهند، 303

مصر، 303

و الحبشه، 303

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 620

فهرس الأشهر و الکواکب

أیار، 382

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 621

فهرس الحیوانات

ابن عرس، 308، 311

البقر، 102، 440، 454، 528

الثعلب، 285، 298، 299، 300، 386، 609

الجمال، 309

الحمیر، 345

الحیات، 236،

286، 308، 313، 371، 448، 456، 457، 605

الحیه، 298، 299، 308، 313، 314، 315

الحیّه، 299

الحیه التی تغوص فی الماء، 308

الدجاجه، 311

الدیک، 311

الزنبور، 308

السلاء، 308، 312

العقرب، 236، 308، 316، 317، 318، 353

العنکبوت، 308، 317

الکلاب، 309، 310، 359

الکلّب، 236، 286، 308، 309، 310، 311

المعز، 354

بالکلاب، 359

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 622

فهرس الأمراض

الوجع، 8، 59، 60، 63، 64، 65، 66، 73، 81، 90، 168، 171، 179، 277، 279، 280، 305، 309، 312، 313، 316، 317، 325، 327، 329، 339، 340، 392، 402، 403، 413، 415، 420، 424، 426، 427، 429، 434، 435، 441، 450، 453، 454، 455، 461، 465، 469، 472، 479، 480، 482، 483، 488، 498، 501، 509، 511، 512، 513، 515، 537، 544، 568، 569، 572، 584، 585، 587، 589، 590، 591، 598، 604، 607، 609

الحمی، 11، 13، 19، 21، 22، 65، 70، 80، 81، 184، 189، 200، 207، 210، 241، 242، 243، 245، 246، 247، 248، 249، 250، 251، 252، 253، 254، 255، 257، 258، 259، 260، 261، 262، 264، 265، 266، 267، 268، 269، 270، 289، 328، 334، 343، 344، 349، 367، 368، 369، 413، 414، 416، 417، 420، 427، 429، 430، 431، 436، 439، 454، 463، 464، 468، 472، 474، 479، 507، 529، 534، 544، 545، 549، 554، 555، 566، 567، 575، 576، 582، 584، 586، 587، 588، 589، 593، 594، 596، 598، 599، 600، 605، 606، 608، 609

الورم، 11، 13، 14، 16، 19، 20، 33، 48، 53، 54، 57، 74، 85، 93، 96، 103، 176، 177، 178، 179، 180، 181، 183، 184، 188، 189، 190، 191، 192، 195، 216، 235، 236، 245،

249، 250، 253، 254، 272، 273، 275، 276، 277، 278، 279، 280، 281، 282، 284، 286، 294، 296، 297، 298، 301، 305، 306، 314، 316، 325، 328، 337، 342، 343، 344، 370، 373، 374، 376، 377، 392، 397، 400، 401، 404، 405، 406، 407، 413، 414، 416،

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 623

417، 419، 420، 421، 422، 425، 427، 429، 431، 436، 463، 464، 465، 470، 471، 472، 473، 479، 480، 482، 483، 485، 486، 487، 488، 489، 492، 498، 499، 500، 509، 515، 527، 536، 539، 540، 555، 556، 575، 589، 590، 591، 592، 596، 597، 598، 599، 600، 602، 607

عسر، 60، 64، 68، 74، 77، 94، 95، 117، 118، 132، 142، 143، 249، 252، 254، 264، 270، 274، 297، 303، 317، 330، 338، 339، 346، 365، 369، 374، 377، 407، 423، 478، 479، 480، 482، 483، 484، 490، 492، 493، 497، 498، 501، 502، 507، 508، 516، 526، 534، 555، 567، 577، 583، 590، 593، 594، 600

المده، 63، 64، 65، 82، 115، 191، 216، 223، 224، 244، 253، 255، 277، 281، 282، 376، 378، 380، 387، 393، 404، 410، 411، 416، 418، 421، 426، 431، 436، 438، 439، 449، 469، 476، 480، 486، 492، 499، 516، 536، 546، 573، 583، 589، 591، 592، 594، 595، 597، 606، 607

اختلاف الدم، 450، 540، 581

اختناق الرحم، 346، 426، 496

استسقاء، 500، 597، 605

استطلاق، 426، 446، 538

اسود، 475، 502، 592

الأبریه، 298، 301

الاحتراق، 13، 107، 117، 120، 204، 210، 215، 226، 286، 298، 299، 335، 475، 583، 585

الاسترخاء، 32، 59، 60، 76، 77، 78، 96، 183، 187، 269، 321، 338،

348، 361، 362، 363، 365، 381، 389، 405، 529، 535

الإسهال، 114، 115، 443

الاسهال، 171، 196، 368، 440، 443، 449، 463، 554، 582، 593، 595، 598، 600

الانتفاخ، 249، 375، 376، 419، 439، 488، 509، 515

الأورام، 103، 127، 168، 176، 181، 182، 191، 194، 235، 239، 272، 273، 274، 277، 284، 333، 343، 392، 393، 399، 420، 423، 425، 430، 431، 436، 437، 439، 458، 460، 461، 472، 476، 491، 493، 498، 509، 516، 528، 556، 593، 596، 597

الاورام، 273، 337، 392، 396

البثر الصغار، 286، 298

البثور، 236، 281، 287، 288، 295،

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 624

297، 379، 444، 490، 501، 529، 534، 589

البثور الصغار، 295

البرد، 13، 32، 60، 79، 81، 93، 113، 117، 156، 160، 165، 167، 192، 193، 204، 210، 215، 230، 266، 267، 331، 347، 359، 365، 372، 383، 384، 403، 438، 468، 469، 477، 506، 573، 583، 585

البرص، 101، 103، 104، 105، 106، 108، 198، 236، 285، 286، 292

البواسیر، 340، 402، 414، 449، 458، 459، 468، 493، 500، 607

البهق، 101، 103، 104، 105، 106، 107، 108، 236، 285، 286، 292، 293، 528، 534

البیاض، 40، 120، 246، 249، 297، 300، 352، 378، 381، 499، 505، 529، 537

التحجر، 383، 384

التشنج، 13، 32، 76، 79، 86، 87، 97، 180، 183، 186، 187، 196، 309، 322، 330، 353، 361، 362، 364، 366، 367، 368، 369، 370، 389، 430، 445، 492، 549، 578، 595، 598، 600، 609

التوثه، 298، 302، 383، 385، 458

الجدری، 236، 285، 286، 287، 288، 289، 377، 527

الجذام، 13، 101، 103، 105، 106، 107، 198، 236، 285، 286، 290، 291، 528

الجرب، 236، 286، 294، 295، 383، 384،

388

الجرح، 309، 312، 315، 502

الجشاء، 76، 79، 83، 93، 338، 357، 421، 433، 437، 438، 439، 444، 446، 532، 609

الحزاز، 298، 301

الحصف، 236، 286، 296

الحکه، 236، 286، 294، 295، 375

الخنازیر، 280، 282

الخناق، 591

الداحس، 299، 303

الدق، 13، 65، 235، 243، 247، 268، 269، 270، 271، 300، 419، 425، 438

الدم الجامد، 447

الدوالی، 300، 302، 490، 528، 608

الذبحه، 187، 188، 406، 407، 549، 590، 591، 607

الذوسنطاریا، 115، 450، 451

الربع، 161، 207، 211، 251، 254، 259، 260، 262، 528، 546، 549، 609

الربو، 410، 412، 536، 609

الزحیر، 448، 452، 461

الزکام، 397، 473، 583، 594

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 625

السرسام، 43، 182، 183، 184، 185، 321، 333، 342، 343، 344، 346، 360، 363، 401، 528، 549، 554، 577، 587، 603، 607

السرطان، 13، 284، 378، 499

السعال، 76، 79، 81، 82، 83، 408، 409، 410، 411، 412، 413، 420، 424، 464، 469، 534، 544، 585، 596، 607، 608

السعفه، 285، 300، 383، 386

السکته، 13، 77، 183، 186، 321، 333، 350، 351، 352، 353، 355، 367، 426، 496، 529، 535، 549، 588، 589

السلاق، 383، 387

الشبکره، 388، 389

الشتره، 383، 385، 388

الشری، 236، 286

الشعیره، 383، 385

الشق، 304، 361، 362

الشقاق، 299، 303، 402، 458، 461، 493، 501

الصرع، 13، 42، 68، 72، 87، 183، 186، 321، 333، 339، 350، 351، 352، 353، 354، 355، 360، 430، 488، 496، 497، 529، 535، 609

الضرس، 60، 402، 403، 404

العرق المدنی، 303

العسر، 438، 456، 595

العشق، 321، 333، 356، 360

العقد، 280، 283

الغب، 26، 81، 209، 251، 255، 257، 259، 264، 265، 269، 334، 400، 443، 527، 549، 608

الغرب، 387

القب، 500

القرحه، 20، 52، 216، 224، 299، 302، 304، 305، 326، 380، 449، 450، 460، 480،

482، 492، 502، 581، 589

القرحه المرکبه، 305

القروح، 115، 236، 275، 286، 288، 296، 297، 302، 304، 305، 306، 378، 379، 380، 393، 396، 444، 449، 460، 469، 476، 480، 483، 487، 490، 491، 492، 493، 501

القطرب، 321، 333، 356، 359

القوابی، 236، 286، 292، 293، 529

القی ء، 24، 97، 98، 100، 194، 197، 337، 338، 382، 428، 434، 437، 439، 444، 445، 453، 454، 455، 463، 479، 554، 569، 579، 585، 587، 588، 595، 600

الکسر، 31، 275، 306، 397

الکلف، 285، 301، 528

اللبن الجامد، 437، 447

المالیخولیا، 43، 309، 310، 321، 605

المغص، 434، 448، 457، 507

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 626

الناصور، 305، 306، 460، 461

النتوء، 378، 380، 381، 486

النزلات، 82، 408، 409، 415، 416، 418، 473، 536

النزله، 408

النفخ، 364، 414، 437، 493، 497، 537

النمش، 298، 301

الوبائی، 288

الوباء، 44

الوردینج، 383، 386

الورم الرخو، 14، 273، 298

إیلاوس، 99، 454

أبورسما، 18، 286، 296، 486

أعظم الرأس، 301

بثر، 295، 296، 301، 302، 380، 399، 609

بثور صغار، 288، 296

بثور کبار، 296

برص الاظفار، 299

تقشیر الجلد، 236، 294، 460، 528

تقطیر البول، 208، 461، 482، 484، 498، 598

ثؤلول، 33، 54، 118، 393

حمیات، 174، 243، 256، 259، 265، 266، 400، 411، 443، 479، 498، 527، 528، 549

حمی الربع، 207، 211، 254، 259، 260، 262، 546، 609

حمی العفن، 200، 243، 246

حمی الغب، 81، 209، 255، 257، 259، 265، 334، 549، 608

داء الفیل، 13، 302، 528

درور الطمث، 110، 493، 554

ذات الجنب، 82، 187، 190، 191، 225، 276، 411، 413، 416، 418، 420، 421، 460، 528، 536، 539، 540، 544، 549، 556، 583، 591، 592، 593، 594، 606

زلق الأمعاء، 93، 95، 97، 99، 444، 609

سحج الرکب، 299

سرسام، 190، 207، 276

سرطان، 290، 378

سوء مزاج

حار، 42، 43، 48، 54، 69، 97، 107، 116، 192، 209، 241، 273، 327، 329، 330، 342، 392، 398، 401، 402، 409، 433، 435، 443، 463، 474، 503

سوء مزاج رطب، 42، 305، 409، 463

سیلان المنی، 487، 488

شقاق الوجه، 298

صداع، 206، 241، 334، 336، 338، 340، 341، 353، 378، 380، 397، 409، 525، 535، 536، 544، 594، 607

صداعاً، 335، 340

ظفره، 52

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 627

عظم، 36، 61، 66، 67، 131، 145، 151، 157، 158، 159، 160، 161، 179، 185، 189، 197، 203، 249، 270، 271، 281، 298، 301، 339، 345، 348، 352، 362، 369، 374، 376، 377، 379، 387، 404، 412، 413، 472، 489، 496، 511، 521، 566، 591، 597، 606

عظم الرأس، 298، 301

عفن، 21، 22، 37، 58، 80، 118، 184، 189، 231، 251، 253، 254، 256، 257، 261، 262، 266، 267، 281، 295، 325، 326، 338، 345، 367، 397، 403، 405، 434، 435، 529، 580

عقر الخف، 299

غثیاناً، 194، 338، 445

غشیاً، 316، 427

قروح، 82، 118، 222، 278، 288، 300، 359، 378، 444، 449، 460، 480، 483، 507، 600، 608

قمله النسر، 236، 309، 316

قویاً، 73، 81، 134، 143، 148، 152، 154، 160، 162، 163، 164، 165، 166، 167، 170، 171، 173، 178، 181، 183، 210، 220، 258، 362، 446، 556، 562، 568، 588، 593، 604

قی ء، 258، 313، 317، 388، 429، 430، 442، 455، 524، 527، 573، 598، 605

کسر العظام، 306

نهش الحیوان، 236، 306، 308

نهشه الحیوان ذی السم، 306

ورم الدماغ، 369، 607

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 628

فهرس الکتب

کتاب ابذیمیا، 207، 227، 241، 359، 524

کتاب الفصول، 350، 351، 354، 359، 367، 368، 395، 416، 421، 449، 498، 503،

504، 506، 508، 513، 555، 571، 612

کتاب المیامر، 341

کتاب کامل الصناعه الطبیه المعروف بالملکی، 7، 321، 613

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 629

فهرست الکتاب

المقاله السادسه فی صفه الأمور الخارجه عن الأمر الطبیعی و هی الأمراض و أسبابها و الأعراض

الباب الأول فی [جمله] الکلام علی الامور الخارجه عن الطبیعه 10

الباب الثانی فی ذکر الأمراض و أجناسها و أنواعها و أولًا فی الأمراض المتشابهه الاجزاء 12

الباب الثالث فی الامراض الآلیه 15

الباب الرابع فی صفه امراض تفرق الاتصال 18

الباب الخامس فی جمله الکلام عن الأسباب الممرضه 21

الباب السادس فی صفه الامراض المتشابهه الاجزاء و أولًا فی أسباب المرض الحار 23

الباب السابع فی أسباب الأمراض الآلیه 30

الباب الثامن فی صفه أمراض تفرق الاتصال 37

الباب التاسع فی ذکر الأعراض التابعه للأمراض 38

الباب العاشر فی صفه أجناس الأعراض 40

الباب الحادی عشر فی ذکر اسباب الأعراض الداخله علی الأفعال النفسانیه 42

الباب الثانی عشر فی ذکر أسباب الأعراض الداخله علی الأفعال الحساسه 46

الباب الثالث عشر فی الأعراض الداخله علی [حس] السمع 53

الباب الرابع عشر فی الأعراض الداخله فی حاسه المذاق 55

الباب الخامس عشر فی الأعراض الحادثه لحاسه الشم 57

الباب السادس عشر فی الأعراض الداخله علی حاسه اللمس 59

الباب السابع عشر فی [ذکر] کیفیه الوجع و اللذه 63

الباب الثامن عشر فی الأعراض الداخله علی فعل شهوه الطعام 68

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 630

الباب التاسع عشر فی الأعراض الداخله علی فعل الدماغ الذی هو حس الحواس و القلب لمشارکه فم المعده 72

الباب العشرون فی الأعراض الداخله فعل حاس الحوس و هو الدماغ 75

الباب الحادی و العشرون فی الأعراض الداخله علی فعل الحرکه الارادیه 76

الباب الثانی و العشرون فی الحرکه الحادثه علی غیر ما ینبغی اعنی علی

حاله ردیئه و ما یحدث عن الأعراض المختلفه 79

الباب الثالث و العشرون [فی أسباب] الأعراض الحادثه عن المرض [وحده] 86

الباب الرابع و العشرون فی صفه الأعراض الحادثه عن فعل الطبیعه و المرض 88

الباب الخامس و العشرون فی صفه الأعراض الداخله علی الأفعال الحیوانیه و أسبابها 90

الباب السادس و العشرون فی صفه الأعراض الداخله علی الأفعال الطبیعیه و أسبابها و أولًا فی أعراض الهضم الأول 92

الباب السابع و العشرون فی الأعراض الداخله علی فعل الجذب و الإمساک و الدفع 96

الباب الثامن و العشرون الکبد 101

الباب التاسع و العشرون فی الأعراض الداخله علی الهضم الثالث 104

الباب الثلاثون فی الأعراض الداخله علی حالات البدن 106

الباب الحادی و الثلاثون فی الأعراض الداخله علی ما یبرز من البدن و أسبابها 109

الباب الثانی و الثلاثون فی الأعراض التی تظهر فی البراز و أسبابها 111

الباب الثالث و الثلاثون فی الأعراض التی تظهر فی البول و أسبابها 116

الباب الرابع و الثلاثون فی الأعراض التی تعرض بخروج الطمث 119

الباب الخامس و الثلاثون فی الأعراض الداخله علی العرق و أسبابه 121

الباب السادس و الثلاثون فی الاستفراغات الخارجه عن الطبع 122

المقاله السابعه فی علم الدلائل العامیه علی الأمراض و العلل

الباب الأول فی جمله الکلام عن الدال علی الأمراض و تقسیمها 129

الباب الثانی فی جمله الکلام عن النبض [و کیفیه الاستدلال به] 132

الباب الثالث فی أجناس النبض و کیفیاته و أصنافه 136

الباب الرابع فی الأسباب المحدثه لکل واحد من أصناف النبض و فیما تحدث الامور الطبیعیه فی النبض 155

الباب الخامس فی تغییر النبض من قبل الأمور التی لیست بطبیعیه فی الاستحمام بالماء 164

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 631

الباب السادس فی تغیر النبض من قبل الأمور الخارجه عن

الأمر الطبیعی 168

الباب السابع فی تغیر النبض عن الأسباب المثقله للقوّه 172

الباب الثامن فی النبض الدال علی أنواع الأورام 176

الباب التاسع فی النبض الدال علی العلل الحادثه فی کل من الاعضاء و اولا فی النبض الدال علی علل الأعضاء النفسانیه و هی الدماغ 182

الباب العاشر فی النبض الدال علی العلل الحادثه فی آلات التنفس و أولًا فی الذبحه 188

الباب الحادی عشر فی النبض الدال علی العلل الحادثه فی [آلات] الغذاء 194

الباب الثانی عشر فی جمله الکلام عن الاستدلال بالبول علی ما حدث فی البدن من [و العلل] الأمراض 199

الباب الثالث عشر فی کیفیه الاستدلال بالبول و تقسیمه فی صفه ألوانه و ما تدل علیه 202

الباب الرابع عشر فی صفه قوام البول و ما یدل علیه 205

الباب الخامس عشر فی صفه الثفل الراسب [فی القاروره] و ما یدل علیه 212

الباب السادس عشر فی الاستدلال بالبراز علی ما یحدث فی البدن 218

الباب السابع عشر فیما یدل علیه النفث البزاق [علی أحوال البدن] 225

الباب الثامن عشر فی الاستدلال بالعرق [علی ما یحدث فی البدن] 229

المقاله الثامنه فی الاستدلال علی الأمراض الظاهره للحس و أسبابها

الباب الأول فی تقسیم الدلائل الخاصه 237

الباب الثانی فی ذکر أجناس الحمیات و أصنافها و أسبابها و علاماتها 241

الباب الثالث فی صفه حمی یوم و أسبابها و علاماتها 244

الباب الرابع فی دلائل الحمی العفنیه و اصنافها و علاماتها 250

الباب الخامس فی ذکر دلائل الحمیات العفنیه و أسبابها و علاماتها 257

الباب السادس فی صفه الحمیات المرکبه و أسبابها و علاماتها 263

الباب السابع فی حمی الدق و اسبابها و علاماتها 268

الباب الثامن فی صفه الأورام و أسبابها و علاماتها 272

الباب التاسع فی صفه الورم المسمی فلغمونی و

أسبابه و علاماته 275

الباب العاشر فی صفه الورم الصفراوی و أسبابه و علاماته 278

الباب الحادی عشر فی صفه الورم البلغمی [و اسبابه و علاماته] 280

الباب الثانی عشر فی صفه الورم السوداوی 284

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 632

الباب الثالث عشر فی صفه العلل الحادثه فی سطح البدن و أسبابها و علاماتها 285

الباب الرابع عشر فی صفه الجدری و الحصبه و علاماتهما 287

الباب الخامس عشر فی صفه الجذام و أسبابه و علاماته 290

الباب السادس عشر فی البرص و البهق الأبیض و الأسود و القوابی 292

الباب السابع عشر فی الجرب و الحکه و تقشیر الجلد و القمل و الشری و البثور و الورم المسمی ابو رسما و الحصف و الثآلیل و القروح التی تحدث عن الاحتراق 294

الباب الثامن عشر فی ذکر العلل الظاهره الخاصه بکل واحد من الأعضاء 298

الباب التاسع عشر فی ذکر الجراحات و القروح و علاماتها 304

الباب العشرون فی نهش الحیوان ذی السم و لدغه و أولًا فی عظه الکلب 308

الباب الحادی و العشرون فی صفه نهش الأفاعی و الحیات و علاماتها 313

الباب الثانی و العشرون فی لدغ العقرب الجراره و غیر الجراره و الزنابیر و الرتیلاء 316

المقاله التاسعه فی الاستدلال علی علل الأعضاء الباطنه

الباب الإول فی الطرق العامه التی یستدل بها علی الأمراض الباطنه 324

الباب الثانی فی الاستدلال علی علل الأعضاء الباطنه و تقسیمها 332

الباب الثالث فی ذکر الصداع و أسبابه و علاماته 334

الباب الرابع فی دلائل السرسام و البرسام و أورام الدماغ و أسبابها 342

الباب الخامس فی دلائل النسیان و اسبابه و علاماته، و هی العله المعروفه بلیثرغس 345

الباب السادس فی دلائل السکته و الصرع و الکابوس و أسبابها و علاماتها الداله علیها 350

الباب

السابع فی صفه المالنخولیا و القطرب و العشق و أسبابها و علاماتها 356

الباب الثامن فی العلل العارضه فی النخاع اولًا فی الخدر و الاسترخاء و اللقوه و الفالج و الابریلقسیا و أسبابها و علاماتها 361

الباب التاسع فی التشنج الحادث عن الامتلاء و أسبابه و علاماته 366

الباب العاشر فی التشنج الحادث عن الاستفراغ و أسبابه و علامته [الداله علیه] 368

الباب الحادی عشر فی الرعشه و الاختلاج و أسبابهما و علاماتهما 371

الباب الثانی عشر فی صفه [الحدب] و أسبابه و علامته 373

الباب الثالث عشر فی العلل الحادثه فی أعضاء الحس و أولًا فی علل العین و اصنافها و دلائلها و علاماتها 375

الباب الرابع عشر فی العلل العارضه فی الأذنین و أسبابها و علامتها 392

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 633

الباب الخامس عشر فی علل أعضاء الشم و أسبابها و علاماتها 396

الباب السادس عشر فی [ذکر] علل اللسان و ما یلیه من أحوال الفم و أسبابه و علاماته 399

الباب السابع عشر فی العلل العارضه فی أعضاء الفم و أسبابها و علاماتها 402

الباب الثامن عشر فی العلل العارضه فی أعضاء التنفس و أسبابها و علاماتها 406

الباب التاسع عشر فی لباس الحلق و قصبه الرئه و أسبابها [و علاماتها] 408

الباب العشرون فی علل الرئه [و الصدر] و أسبابها و علاماتها 410

الباب الحادی و العشرون فی العلل الحادثه فی عضل الصدر و الغشاء المستبطن للأضلاع و أسبابها و علاماتها 420

الباب الثانی و العشرون فی العلل الحادثه فی الحجاب و أسبابها و علاماتها 423

الباب الثالث و العشرون فی علل القلب و أسبابه و علاماته 424

الباب الرابع و العشرون فی العلل الحادثه فی آلات الغذاء و أسبابها و علاماتها و أولًا فی العلل العارضه

فی فم المعده 428

الباب الخامس و العشرون فی العلل العارضه فی قعر المعده و أسبابها و علاماتها 437

الباب السادس و العشرون فی العلل الحادثه فی الأمعاء و أسبابها و علاماتها 448

الباب السابع و العشرون فی ذکر علل القولنج و أسبابه و علاماته 453

الباب الثامن و العشرون فی الدود و حب القرع و أسبابه و علاماته 456

الباب التاسع و العشرون فی علل المقعده و أسبابها و علاماتها 458

الباب الثلاثون فی علل الکبد و أسبابها و علاماتها 462

الباب الحادی و الثلاثون فی صفه الاستسقاء [و اصنافه] و أسبابه و علاماته 466

الباب الثانی و الثلاثون فی علل الطحال و أسبابها و علاماتها 471[2385]

کامل الصناعه الطبیه ؛ ج 2 ؛ ص633

باب الثالث و الثلاثون فی علل المراره و أسبابها و علاماتها 474

الباب الرابع و الثلاثون فی العلل الحادثه فی الکلی و أسبابها و علاماتها 476

الباب الخامس و الثلاثون فی العلل الحادثه فی المثانه و أسبابها و علاماتها 482

الباب السادس و الثلاثون فی علل الصفاق و أسبابها و علاماتها 485

الباب السابع و الثلاثون فی علل أعضاء التناسل و أسبابها [و علاماتها] 487

الباب الثامن و الثلاثون فی علل القضیب و أسبابها و علاماتها 491

الباب التاسع و الثلاثون فی علل [العارضه فی] الرحم و أسبابها و علاماتها 493

الباب الأربعون فی علل [العارضه] الثدیین و أسبابها و علاماتها 509

الباب الحادی و الأربعون فی العلل العارضه فی الورکین و الرجلین و أسبابها و علاماتها 511

کامل الصناعه الطبیه، ج 2، ص: 634

المقاله العاشره فی دلائل الامراض الظاهره للحس

الباب الأول فی الدلائل النذره و تقسیمه 521

الباب الثانی فی [ذکر صفه] معرفه الدلائل المنذره بما قد یحدث فی أبدان الأصحاء و أولًا فی ذکر صفه العلامات الداله علی

الامتلاء و غلبه الاخلاط [و أسبابها و علاماتها] 523

الباب الثالث فی الدلائل الخاصه المنذره بحدوث کل واحد من الامراض 531

الباب الرابع فی ذکر العلامات المنذره بأوقات الأمراض 541

الباب الخامس فی ذکر العلامات التی یستدل بها علی المرض الحاد و المتطاول 547

الباب السادس فی [ذکر صفه] معرفه البحران و أسبابه و علاماته 551

الباب السابع فی معرفه الشی ء الذی یکون به البحران اعنی الاستفراغ 554

الباب الثامن فی ذکر معرفه أیام البحران [و أسبابه و علاماته] 557

الباب التاسع فی ذکر العلامات الداله علی کون البحران 566

الباب العاشر فی [ذکر صفه معرفه] العلامات الردیئه المنذره بالموت 571

الباب الحادی عشر فی العلامات المبشره بالخلاص من المرض 602

الباب الثانی عشر فیما ینبغی أن یعلمه من أراد أن یتقدم فینذر بالسلامه للمریض أو بهلاکه 611

الفهارس العامّه 615

فهرس الأعلام 617

فهرس الأمکنه 619

فهرس الأشهر و الکواکب 620

فهرس الحیوانات 621

فهرس الأمراض 622

فهرس الکتب 628

فهرس الأدویه المرکبه 629

فهرست الکتاب 630

________________________________________

[1] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[2] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[3] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[4] ( 4) فی نسخه م: الطبیعیه.

[5] ( 5) فی نسخه م فقط.

[6] ( 6) فی نسخه م فقط.

[7] ( 7) فی نسخه م: فی صفه تفرق الاتصال.

[8] ( 8) فی نسخه م فقط.

[9] ( 9) فی نسخه م فقط.

[10] ( 1) فی نسخه م: ذکر.

[11] ( 2) فی نسخه م: ذکر صفه.

[12] ( 3) فی نسخه م: ذکر أسباب.

[13] ( 4) فی نسخه م فقط.

[14] ( 5) فی نسخه م: الأفعال الحساسه.

[15] ( 6) فی نسخه م: الحادثه.

[16] ( 7) فی نسخه م: الباب الثالث عشر: فی الأعراض الداخله علی السمع.

[17] ( 8) فی نسخه م: 14

فی الأعراض الحادثه فی حاسه المذاق.

[18] ( 9) فی نسخه م: الحادثه لحاسه.

[19] ( 10) فی نسخه م فقط.

[20] ( 11) فی نسخه م: الداخله.

[21] ( 12) فی نسخه أ:[ الباب الثامن عشر: فی الأعراض الداخله مشارکه فی المعده].

[22] ( 13) فی نسخه م فقط.

[23] ( 14) فی نسخه م: علی فعل الدماغ الذی هو حاس الحواس.

[24] ( 15) فی نسخه م: فی صفه الحرکات الجاریه علی غیر ما ینبغی أعنی علی حال ردیئه و ما تحدثه من الأعراض المختلفه.

[25] ( 1) فی نسخه م: فی الأعراض الحادثه عن المرض وحده.

[26] ( 2) فی نسخه م فقط.

[27] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[28] ( 4) فی نسخه م: تعرض بخروج الطمث.

[29] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[30] ( 6) فی نسخه أ فقط.

[31] ( 1) فی نسخه م فقط.

[32] ( 2) فی نسخه م فقط.

[33] ( 3) فی نسخه م فقط.

[34] ( 4) فی نسخه م: باعتدال.

[35] ( 1) فی نسخه م: المریض.

[36] ( 2) فی نسخه م: بسائر شی ء غیره و بمنزله.

[37] ( 3) فی نسخه م: من.

[38] ( 4) فی نسخه م: تغط بعض ثقب.

[39] ( 5) فی نسخه م: البصر.

[40] ( 6) فی نسخه م: الضرر.

[41] ( 7) فی نسخه أ فقط.

[42] ( 1) فی نسخه م: الآلیه و هی من.

[43] ( 1) فی نسخه م فقط.

[44] ( 2) فی نسخه م فقط.

[45] ( 3) فی نسخه م: عن کیفیه ساذجه من ماده.

[46] ( 4) فی نسخه م: الجسم.

[47] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[48] ( 2) فی نسخه م فقط.

[49] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[50] ( 2) فی نسخه م:

إذا کان ممتلئاً غیر أخمص.

[51] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[52] ( 2) فی نسخه م فقط.

[53] ( 3) فی نسخه م فقط.

[54] ( 4) فی نسخه م: لحج.

[55] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[56] ( 6) فی نسخه أ فقط.

[57] ( 7) فی نسخه م: فی طبیعته.

[58] ( 8) فی نسخه م: للعظم و الرحم.

[59] ( 9) فی نسخه أ فقط.

[60] ( 1) فی نسخه م: الثآلیل.

[61] ( 2) فی نسخه م: بمنزله قطع الاصبع.

[62] ( 3) فی نسخه م: سلامی.

[63] ( 4) فی نسخه م: و الفتق الذی تنزل فیه الامعاء بمنزله الشفتین.

[64] ( 1) فی نسخه م: و ربما حدث فی جمله الرجل.

[65] ( 2) فی نسخه م: و تفرق.

[66] ( 3) فی نسخه م: و ربما ترکب و ما ترکب منها.

[67] ( 1) فی نسخه م: الحراره مع الرطوبه و الحراره مع الیبوسه.

[68] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[69] ( 3) فی نسخه م: ترکیب المرض.

[70] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[71] ( 5) فی نسخه م: الامراض.

[72] ( 6) فی نسخه أ فقط.

[73] ( 7) فی نسخه م: لذلک فی العضو.

[74] ( 8) فی نسخه م فقط.

[75] ( 9) فی نسخه م: سلامی.

[76] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[77] ( 2) فی نسخه م: الرعد.

[78] ( 3) فی نسخه م فقط.

[79] ( 1) فی نسخه م: العضو.

[80] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[81] ( 3) فی نسخه م: المبصره.

[82] ( 4) فی نسخه م فقط.

[83] ( 1) فی نسخه م فقط.

[84] ( 2) فی نسخه أ: جنس.

[85] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[86] ( 2) فی نسخه م: و قابض.

[87]

( 1) فی نسخه أ فقط.

[88] ( 2) فی نسخه م: تجمد.

[89] ( 3) فی نسخه م: و جمدت.

[90] ( 4) فی نسخه م: یعم.

[91] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[92] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[93] ( 2) فی نسخه م: یقال فیها أنها تبرد.

[94] ( 3) فی نسخه م: فیحمل.

[95] ( 4) فی نسخه م: أفرط.

[96] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[97] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[98] ( 2) فی نسخه م: من التحلل.

[99] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[100] ( 4) فی نسخه م: المنحل.

[101] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[102] ( 6) فی نسخه م: الرطب.

[103] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[104] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[105] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[106] ( 2) فی نسخه م: و ما.

[107] ( 3) فی نسخه م: یحدث.

[108] ( 4) فی نسخه أ: الجاذبه.

[109] ( 5) فی نسخه م فقط.

[110] ( 6) فی نسخه م: و تصیر.

[111] ( 1) فی نسخه م: وصفها.

[112] ( 2) فی نسخه الاصل و م فخمسه، و عند ما دققنا لم نری الا اربعه.

[113] ( 3) فی نسخه م فقط.

[114] ( 4) فی نسخه م فقط.

[115] ( 5) فی نسخه م فقط.

[116] ( 6) فی نسخه أ و م و الخامس، و الصحیح هو و الرابع.

[117] ( 7) فی نسخه م فقط.

[118] ( 1) فی نسخه م فقط.

[119] ( 2) فی نسخه م: أو تزول قدمه.

[120] ( 1) فی نسخه أ: العطسه.

[121] ( 2) فی نسخه م: فناء.

[122] ( 3) فی نسخه م فقط.

[123] ( 4) فی نسخه م فقط.

[124] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[125]

( 6) فی نسخه م فقط.

[126] ( 7) فی نسخه م فقط.

[127] ( 1) فی نسخه م: لشی ء.

[128] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[129] ( 2) فی نسخه م: ان یرم

[130] ( 3) فی نسخه م فقط.

[131] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[132] ( 5) فی نسخه م فقط.

[133] ( 1) فی نسخه م: أو من

[134] ( 2) فی نسخه م: فإنها لو کانت قویه لم تعجزها کثره الماده عن لزوم النظام فی فعلها و لو کانت ضعیفه لم تحل عضواً زائداً.

[135] ( 3) فی نسخه م: الثآلیل.

[136] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[137] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[138] ( 6) مشارکته.

[139] ( 7) فی نسخه أ فقط.

[140] ( 1) فی نسخه م: لإنکسار افریز.

[141] ( 1) فی نسخه أ فقط.) فی هذا القسم سقط کبیر فی نسخه م.

[142] ( 2) فی نسخه م فقط.

[143] ( 3) فی نسخه م: إن یبطل تخیل الإنسان حتی.

[144] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[145] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[146] ( 3) فی نسخه م فقط.

[147] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[148] ( 1) فی نسخه م فقط.

[149] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[150] ( 1) فی نسخه م فقط.

[151] مجوسی، علی بن عباس، کامل الصناعه الطبیه، 4جلد، جلال الدین - قم، چاپ: اول، 1387 ه.ش.

[152] ( 2) فی نسخه م: مرض آلی و هو.

[153] ( 3) فی نسخه م: صارت.

[154] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[155] ( 5) فی نسخه أ: او.

[156] ( 6) فی نسخه م فقط.

[157] ( 7) فی نسخه م: و یسره

[158] ( 8) فی نسخه م: فلا یعرض معه.

[159] ( 1) فی

نسخه م: جیداً.

[160] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[161] ( 3) فی نسخه م: بمنفعه.

[162] ( 1) فی نسخه م: التی.

[163] ( 2) فی نسخه م: و تنقبض.

[164] ( 3) فی نسخه م: أو یدعمها.

[165] ( 1) فی نسخه م: لا یضر.

[166] ( 1) فی نسخه م فقط.

[167] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[168] ( 2) فی نسخه م: من.

[169] ( 3) فی نسخه م: من.

[170] ( 4) فی نسخه م: المرض.

[171] ( 5) فی نسخه م: خیموسیس.

[172] ( 6) فی نسخه م فقط.

[173] ( 7) فی نسخه أ فقط.

[174] ( 1) فی نسخه م فقط.

[175] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[176] ( 1) فی نسخه م فقط.

[177] ( 2) فی نسخه م: تخرج.

[178] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[179] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[180] ( 1) فی نسخه م: الحادثه.

[181] ( 2) فی نسخه م: تغیر.

[182] ( 3) فی نسخه أ: الدافعه.

[183] ( 4) فی نسخه أ: الدافعه.

[184] ( 1) فی نسخه م: فتکون إما من الجزء المقدم من الدماغ الذی تنبعث منه العصبه التی بها یکون حس الذوق.

[185] ( 1) فی نسخه م: فی حاسه.

[186] ( 2) فی نسخه م: القوّه.

[187] ( 3) فی نسخه م فقط.

[188] ( 1) فی نسخه م: انتهی.

[189] ( 1) فی نسخه م: و حذر.

[190] ( 2) فی نسخه م: العضو.

[191] ( 3) فی نسخه م فقط.

[192] ( 4) فی نسخه م: فتحصل فیه کیفیه فتبرده و تکثفه و تلززه.

[193] ( 5) فی نسخه م: واحد إذا کانت الآفه ..

[194] ( 1) فی نسخه م: تحرک الحجاب.

[195] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[196] ( 2) فی نسخه

م: الأعضاء.

[197] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[198] ( 4) فی نسخه م فقط.

[199] ( 5) فی نسخه م فقط.

[200] ( 1) فی نسخه م فقط.

[201] ( 2) فی نسخه م: طبیعیه.

[202] ( 3) فی نسخه م فقط.

[203] ( 4) فی نسخه م: مقدار.

[204] ( 1) فی نسخه م: و الوجع.

[205] ( 2) فی نسخه م: أقل.

[206] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[207] ( 1) فی نسخه م فقط.

[208] ( 2) فی نسخه م فقط.

[209] ( 3) فی نسخه م: بأذاه.

[210] ( 4) فی نسخه م: سبباً.

[211] ( 5) فی نسخه م: و یقل بعضها لفعل من بعض.

[212] ( 6) فی نسخه م: الحامض.

[213] ( 7) فی نسخه م: اللذین یجمعان.

[214] ( 1) فی نسخه م فقط.

[215] ( 2) فی نسخه م: یجتمع.

[216] ( 3) فی نسخه م: لأن.

[217] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[218] ( 1) فی نسخه م: الموضع من.

[219] ( 1) فی نسخه م: صار.

[220] ( 2) فی نسخه م: یحتقن.

[221] ( 3) فی نسخه م فقط.

[222] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[223] ( 5) فی نسخه م فقط.

[224] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[225] ( 2) فی نسخه م: إن کانت.

[226] ( 3) فی نسخه م: فتکون إما فی.

[227] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[228] ( 1) فی نسخه م: فإذا.

[229] ( 2) فی نسخه م فقط.

[230] ( 1) فی نسخه م: بمشارکه.

[231] ( 2) فی نسخه م فقط.

[232] ( 1) فی نسخه م فقط.

[233] ( 2) فی نسخه م: الأمراض.

[234] ( 1) فی نسخه م: و عسره.

[235] ( 2) فی نسخه م: الضاغط له.

[236] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[237]

( 1) فی نسخه م: فی الأعراض الداخله علی فعل الدماغ الذی هو حس الحواس.

[238] ( 2) فی نسخه م: فأما الأعراض الداخله علی الدماغ الذی هو حس الحواس فهی.

[239] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[240] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[241] ( 1) فی نسخه م: بها الحرکه.

[242] ( 2) فی نسخه م: فتحدث.

[243] ( 3) فی نسخه م: مختلفه.

[244] ( 4) فی نسخه م: و الاقشعرار.

[245] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[246] ( 1) فی نسخه م: الآفه.

[247] ( 2) فی نسخه م فقط.

[248] ( 3) فی نسخه م فقط.

[249] ( 4) فی نسخه م: حصر.

[250] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[251] ( 6) فی نسخه م: و لذلک احتباس البراز.

[252] ( 7) فی نسخه م: من.

[253] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[254] ( 1) فی نسخه م: النابض.

[255] ( 2) فی نسخه م فقط.

[256] ( 3) فی نسخه م: من.

[257] ( 4) فی نسخه م: و إنما نبتدئ.

[258] ( 5) فی نسخه م فقط.

[259] ( 6) فی نسخه أ فقط.

[260] ( 7) فی نسخه م: نظیره.

[261] ( 7) فی نسخه م: لم یعفن.

[262] ( 1) فی نسخه م فقط.

[263] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[264] ( 3) فی نسخه م: و لذلک.

[265] ( 4) فی نسخه م فقط.

[266] ( 1) فی نسخه م: تدفعها.

[267] ( 2) فی نسخه م: تروم.

[268] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[269] ( 4) فی نسخه م: من خلط ردی ء یحتقن.

[270] ( 1) فی نسخه م: المؤذی.

[271] ( 2) فی نسخه م: بالعصب.

[272] ( 3) فی نسخه م: الفواق و السعال.

[273] ( 1) فی نسخه م: الکتفین.

[274] (

2) فی نسخه م: تخلیله.

[275] ( 3) فی نسخه م فقط.

[276] ( 4) فی نسخه م فقط.

[277] ( 5) فی نسخه م: و إما لانحلالها لم تخرج.

[278] ( 6) فی نسخه م: یصیر.

[279] ( 7) فی نسخه م: عند الاحتیاج.

[280] ( 8) فی نسخه أ فقط.

[281] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[282] ( 2) فی نسخه م: تخرجه.

[283] ( 3) فی نسخه م: یکون.

[284] ( 4) فی نسخه م: التی تنقل.

[285] ( 5) فی نسخه م: حاد.

[286] ( 6) فی نسخه أ فقط.

[287] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[288] ( 2) فی نسخه م فقط.

[289] ( 3) فی نسخه م: تحدث.

[290] ( 4) فی نسخه م: و تخلصه.

[291] ( 5) فی نسخه م: فأما حدوثه.

[292] ( 6) فی نسخه م: فتتقلص.

[293] ( 1) فی نسخه م: عنه.

[294] ( 2) فی نسخه م فقط.

[295] ( 1) فی نسخه م فقط.

[296] ( 2) فی نسخه م فقط.

[297] ( 3) فی نسخه م: أو ینطله.

[298] ( 1) فی نسخه م فقط.

[299] ( 2) فی نسخه م: هما الطبیعه و المرض.

[300] ( 1) فی نسخه م فقط.

[301] ( 2) فی نسخه م: ثبت ذکره.

[302] ( 3) فی نسخه م: و هو.

[303] ( 1) فی نسخه م: تشبیه.

[304] ( 2) فی نسخه م: کیلوسیاً.

[305] ( 1) فی نسخه م: من مرض متشابه.

[306] ( 2) فی نسخه م: و الذفاره.

[307] ( 3) فی نسخه م فقط.

[308] ( 1) فی نسخه أ: الشباب.

[309] ( 2) فی نسخه م: و کان.

[310] ( 1) فی نسخه م: المشتد.

[311] ( 2) فی نسخه م فقط.

[312] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[313] ( 4) فی نسخه

م: و یستحیل.

[314] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[315] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[316] ( 2) فی نسخه م: لکنّ.

[317] ( 3) فی نسخه م فقط.

[318] مجوسی، علی بن عباس، کامل الصناعه الطبیه، 4جلد، جلال الدین - قم، چاپ: اول، 1387 ه.ش.

[319] ( 4) فی نسخه م: و لا ینهضم.

[320] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[321] ( 6) فی نسخه م: فإن کان ذلک لفساد من سوء.

[322] ( 7) فی نسخه م: بالحقیقه.

[323] ( 1) فی نسخه م فقط.

[324] ( 2) فی نسخه م فقط.

[325] ( 3) فی نسخه م: و ذلک أن القوّه الدافعه دفعته و أخرجته.

[326] ( 4) فی نسخه م: أن تدفع.

[327] ( 5) فی نسخه م: و یکون مع ذلک ثقل فی الأمعاء.

[328] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[329] ( 2) فی نسخه م: فوق من معی إلی معی.

[330] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[331] ( 1) فی نسخه م فقط.

[332] ( 2) فی نسخه م: البته.

[333] ( 3) فی نسخه م: الیرقان.

[334] ( 4) فی نسخه م: اثنان.

[335] ( 1) فی نسخه أ: و اما سوء المزاج البارد.

[336] ( 2) فی نسخه م: مفرطه لم تحل العصاره.

[337] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[338] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[339] ( 5) فی نسخه م: و الفطیر.

[340] ( 6) فی نسخه م: و متی استعمل.

[341] ( 7) فی نسخه م: و انهمک.

[342] ( 1) فی نسخه أ: المرار.

[343] ( 2) فی نسخه م: کانت.

[344] ( 3) فی نسخه م: فالبهق.

[345] ( 4) فی نسخه م: فالورم الرخو المعروف بإوذیمیا.

[346] ( 5) فی نسخه م فقط.

[347] ( 6) فی نسخه أ

فقط.

[348] ( 7) فی نسخه أ فقط.

[349] ( 1) فی نسخه م فقط.

[350] ( 2) فی نسخه م: لکن یشتبه المغتذی بالغذاء و ذلک.

[351] ( 1) فی نسخه م: الأبدان.

[352] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[353] ( 3) فی نسخه أ: فمتی.

[354] ( 4) فی نسخه م: فیبقی مخالطاً للدم و یسری ذلک إلی سائر الأعضاء.

[355] ( 1) فی نسخه م: و یسری.

[356] ( 2) فی نسخه م: یسری.

[357] ( 3) فی نسخه م: نبذه.

[358] ( 4) فی نسخه م: إلی الحراره.

[359] ( 5) فی نسخه م: یصل.

[360] ( 6) فی نسخه م: إلیه من الغذاء و یحیله إلی جوهر السوداء و یصیر.

[361] ( 7) فی نسخه م: ظاهر.

[362] ( 1) فی نسخه م: الأعضاء.

[363] ( 2) فی نسخه أ: فیصری.

[364] ( 3) فی نسخه م: منه.

[365] ( 4) فی نسخه أ: و لذلک.

[366] ( 5) فی نسخه م فقط.

[367] ( 1) فی نسخه م: الأبدان.

[368] ( 2) فی نسخه م: المجری.

[369] ( 3) فی نسخه م: إذ کان سواد هذه لیس بطبیعی.

[370] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[371] ( 1) فی نسخه م: حاره.

[372] ( 2) فی نسخه م: و تلهبها.

[373] ( 3) فی نسخه م: هی البراز و درور العرق و الطمث و البول.

[374] ( 1) فی نسخه م: فی.

[375] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[376] ( 3) فی نسخه م فقط.

[377] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[378] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[379] ( 3) فی نسخه م: حاره.

[380] ( 1) فی نسخه م: أضداد هذه الأسباب التی ذکرناها ..

[381] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[382] ( 3) فی نسخه م فقط.

[383]

( 4) فی نسخه م: عنده عن شده البرد.

[384] ( 5) فی نسخه أ: فان.

[385] ( 6) فی نسخه م: الشدید الحر ریاح و لا ضباب.

[386] ( 7) فی نسخه م: الأمعاء.

[387] ( 1) فی نسخه م: یقوم.

[388] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[389] ( 3) فی نسخه م: فیبقی.

[390] ( 1) فی نسخه م: من یکون.

[391] ( 2) فی نسخه م: بادرار.

[392] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[393] ( 4) فی نسخه م فقط.

[394] ( 5) فی نسخه م: المعده.

[395] ( 6) فی نسخه أ فقط.

[396] ( 1) فی نسخه م: و أما کثره کمیه البراز و فی نسخه أ: و أما فی کیفیته.

[397] ( 2) فی نسخه م: فیکثر ذلک فیها.

[398] ( 3) فی نسخه م: ذیابیطس.

[399] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[400] ( 5) فی نسخه م: و هذا.

[401] ( 1) و هی الحالب.

[402] ( 2) فی نسخه م: البرد.

[403] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[404] ( 1) فی نسخه م: الطبیعه.

[405] ( 2) فی نسخه م: أو إذا.

[406] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[407] ( 4) فی نسخه أ: او خروجه.

[408] ( 5) فی نسخه م: إذا.

[409] ( 1) فی نسخه م: و حرارتها.

[410] ( 2) فی نسخه م فقط.

[411] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[412] ( 1) فی نسخه م فقط.

[413] ( 2) فی نسخه أ: لغلبته.

[414] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[415] ( 1) فی نسخه م: الموضع.

[416] ( 2) فی نسخه م: و هذا.

[417] ( 3) فی نسخه م: الأمر.

[418] ( 1) فی نسخه م: تتضمن الکلام فی معرفه الدلائل العامیه علی الأمراض و العلل.

[419] ( 2) فی

نسخه أ فقط.

[420] ( 3) فی نسخه م فقط.

[421] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[422] ( 5) فی نسخه م فقط.

[423] ( 6) فی نسخه م: الأمر.

[424] ( 1) فی نسخه م: فی وصف ألوانه و ما یدل علیه.

[425] ( 2) فی نسخه م: فی صفه الثفل الراسب فی القاروره و ما یدل علیه.

[426] ( 3) فی نسخه م: الاستدلال بالبراز.

[427] ( 4) فی نسخه م: بالعرق.

[428] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[429] ( 1) فی نسخه م فقط.

[430] ( 2) فی نسخه م فقط.

[431] ( 1) فی نسخه م: البدن و ثباته و ذلک.

[432] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[433] ( 3) فی نسخه م: استدل الأوائل من علماء الأطباء،

[434] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[435] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[436] ( 3) فی نسخه م فقط.

[437] ( 4) فی نسخه م فقط.

[438] ( 5) فی نسخه م: الذی هو مائیه.

[439] ( 6) فی نسخه أ فقط.

[440] ( 7) فی نسخه م: بالنفس و البساق.

[441] ( 8) فی نسخه م فقط.

[442] ( 9) فی نسخه م: و أشرف.

[443] ( 10) فی نسخه أ فقط.

[444] ( 1) فی نسخه م فقط.

[445] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[446] ( 1) فی نسخه م: و لزیاده الروح.

[447] ( 2) فی نسخه م: یعنی.

[448] ( 3) فی نسخه أ: لا یغادر.

[449] ( 4) فی نسخه م: الذی.

[450] ( 1) فی نسخه م: ذلک.

[451] ( 2) فی نسخه م: من.

[452] ( 3) فی نسخه م: تنشال.

[453] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[454] ( 1) فی نسخه م: بالغامزه.

[455] ( 2) فی نسخه م: بالمشتاله.

[456] ( 1) فی نسخه

م فقط.

[457] ( 2) فی نسخه م: خاصیه.

[458] ( 1) فی نسخه م فقط.

[459] ( 2) فی نسخه أ: فی الجهات الاخری.

[460] ( 3) فی نسخه م: بقدر الأصابع الأربع.

[461] ( 4) فی نسخه م: فی.

[462] ( 5) فی نسخه أ: الطویل.

[463] ( 1) فی نسخه أ: الجنس.

[464] ( 2) فی نسخه أ: الجنس.

[465] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[466] ( 2) فی نسخه م 0: الجس.

[467] ( 3) فی نسخه م: منه.

[468] ( 1) فی نسخه م: عن.

[469] ( 2) فی نسخه م: جساً.

[470] ( 3) فی نسخه أ: بالحس.

[471] ( 4) فی نسخه م فقط.

[472] مجوسی، علی بن عباس، کامل الصناعه الطبیه، 4جلد، جلال الدین - قم، چاپ: اول، 1387 ه.ش.

[473] ( 1) فی نسخه م فقط.

[474] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[475] ( 3) فی نسخه أ: مناسبه.

[476] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[477] ( 5) فی نسخه م: ما یکون نبض الکهل مساویاً لنبض الرجل الشاب.

[478] ( 6) فی نسخه م: الإنسان.

[479] ( 7) فی نسخه م: یتصل.

[480] ( 8) فی نسخه م: من.

[481] ( 9) فی نسخه م: و یعبر.

[482] ( 10) فی نسخه م: یحتوی.

[483] ( 11) فی نسخه م: یعبر.

[484] فی نسخه م: و النبض المستوی بقول مطلق.

[485] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[486] ( 2) فی نسخه م: أو مستویاً.

[487] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[488] ( 1) فی نسخه م: و کذلک.

[489] ( 2) فی نسخه م: یعنی.

[490] ( 3) فی نسخه م فقط.

[491] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[492] ( 5) فی نسخه م: التی تنتهی إلی مقدار من الصغر.

[493] ( 6) فی نسخه م

فقط.

[494] ( 7) فی نسخه م: علی الترتیب إلی نبضه فی غایه ما یکون من الابطاء.

[495] ( 8) فی نسخه أ فقط.

[496] ( 9) فی نسخه أ فقط.

[497] فی نسخه م: ضربتین.

[498] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[499] ( 1) فی نسخه م: نبت.

[500] ( 2) فی نسخه م: دقیقاً و عریضاً.

[501] ( 3) فی نسخه م: لاثنتین.

[502] ( 4) فی نسخه أ: ان.

[503] ( 5) فی نسخه م: المنهاج.

[504] ( 6) فی نسخه م فقط.

[505] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[506] ( 2) فی نسخه م فقط.

[507] ( 3) فی نسخه أ: الثانیه.

[508] ( 4) فی نسخه أ: الثالثه.

[509] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[510] ( 2) فی نسخه م فقط.

[511] ( 3) فی نسخه م فقط.

[512] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[513] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[514] ( 3) فی نسخه م فقط.

[515] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[516] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[517] ( 3) فی نسخه م فقط.

[518] ( 1) فی نسخه م: النبض.

[519] ( 2) فی نسخه م فقط.

[520] ( 1) فی نسخه م: مستو طبیعیاً.

[521] ( 2) فی نسخه م فقط.

[522] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[523] ( 2) فی نسخه أ: انواع.

[524] ( 3) فی نسخه م: منها فلنأخذ.

[525] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[526] ( 5) فی نسخه م: ذکرناها.

[527] ( 1) فی نسخه أ: والی.

[528] ( 2) فی نسخه م: و لا خلوا منه.

[529] ( 3) فی نسخه م: الطبیب.

[530] ( 4) فی نسخه م فقط.

[531] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[532] ( 6) فی نسخه م: الطبیب.

[533] ( 7) فی نسخه أ فقط.

[534]

( 1) فی نسخه أ فقط.

[535] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[536] ( 3) فی نسخه م فقط.

[537] ( 1) فی نسخه م فقط.

[538] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[539] ( 3) فی نسخه م: الضعیفه.

[540] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[541] ( 1) فی نسخه م: یوجد.

[542] ( 2) فی نسخه م فقط.

[543] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[544] ( 4) فی نسخه م: لهم بالتواتر.

[545] ( 5) فی نسخه م: غایه من.

[546] ( 1) فی نسخه م: ینتهی.

[547] ( 2) فی نسخه م: بسبب.

[548] ( 3) فی نسخه م: لینوبان.

[549] ( 4) فی نسخه م فقط.

[550] ( 1) فی نسخه أ: الربیع.

[551] ( 2) فی نسخه أ: الربیع.

[552] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[553] ( 2) فی نسخه م: نتنبه.

[554] ( 1) فی نسخه م: وجبه.

[555] ( 2) فی نسخه م: وجد.

[556] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[557] ( 1) فی نسخه م: هی.

[558] ( 1) فی نسخه م: أحدهما: الحار.

[559] ( 2) فی نسخه م: و الآخر: البارد.

[560] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[561] ( 4) فی نسخه م: ینحل.

[562] ( 5) فی نسخه م: الجماع.

[563] ( 6) فی نسخه م: قعر.

[564] ( 7) فی نسخه م: الاحتقان.

[565] ( 1) فی نسخه م فقط.

[566] ( 2) فی نسخه م: فأما تغییر الأطعمه للنبض فبحسب کمیتها و کیفیتها.

[567] ( 3) فی نسخه م فقط.

[568] ( 4) فی نسخه م: یثقلها.

[569] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[570] ( 6) فی نسخه م فقط.

[571] ( 1) فی نسخه م: و یغذوا.

[572] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[573] ( 3) فی نسخه م: صار.

[574] ( 4)

فی نسخه م فقط.

[575] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[576] ( 6) فی نسخه م: کثیراً.

[577] ( 7) فی نسخه أ فقط.

[578] ( 8) فی نسخه م: یحدثه النبیذ من الأسباب.

[579] ( 1) فی نسخه م: عند أسباب لیست.

[580] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[581] ( 2) فی نسخه م: تنحل.

[582] ( 3) فی نسخه م: و الإسهال.

[583] ( 4) فی نسخه م: و لأن.

[584] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[585] ( 6) فی نسخه أ فقط.

[586] ( 1) فی نسخه م فقط.

[587] ( 2) فی نسخه م: و الغم و الغضب و الفرح، فإن النبض.

[588] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[589] ( 2) فی نسخه م فقط.

[590] ( 3) فی نسخه م فقط.

[591] ( 4) فی نسخه م: عن.

[592] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[593] ( 1) فی نسخه م: و تضعفها.

[594] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[595] ( 3) فی نسخه م: تستثقل.

[596] ( 4) فی نسخه م: إما.

[597] ( 1) فی نسخه م: فیضعف.

[598] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[599] ( 3) فی نسخه م فقط.

[600] ( 4) فی نسخه م فقط.

[601] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[602] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[603] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[604] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[605] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[606] ( 4) فی نسخه م فقط.

[607] ( 1) فی نسخه م: نوعاً آخر من الأمراض.

[608] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[609] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[610] ( 4) فی نسخه م: و عن.

[611] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[612] ( 6) فی نسخه أ فقط.

[613] ( 7) فی نسخه

م فقط.

[614] ( 1) فی نسخه م فقط.

[615] ( 2) فی نسخه م: التغیر.

[616] ( 3) فی نسخه م: المرض.

[617] ( 4) فی نسخه م: المرض.

[618] ( 5) فی نسخه م: و یتبع ذلک عدم النفس.

[619] ( 6) فی نسخه أ: متساویا.

[620] ( 7) فی نسخه أ فقط.

[621] ( 8) فی نسخه أ فقط.

[622] ( 9) فی نسخه م: الأصابع.

[623] ( 1) فی نسخه م: و لما کان کل مرض له أربعه أوقات أحدها ابتدائیه ما یکون و أشده، و الرابع وقت انحطاطه.

[624] ( 2) فی نسخه م فقط.

[625] ( 3) فی نسخه أ: المنشاری.

[626] ( 4) فی نسخه أ: المتساوی.

[627] ( 5) فی نسخه م: لأن الألم قد مس القوّه.

[628] ( 1) فی نسخه م فقط.

[629] ( 2) فی نسخه م: و صلابه.

[630] ( 3) فی نسخه م: إذا نقر فإنه لا یوالی النقره.

[631] ( 4) فی نسخه أ: متساویه.

[632] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[633] ( 2) فی نسخه م فقط.

[634] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[635] ( 4) فی نسخه م: و إنما قلنا فی عضو قریب من القلب.

[636] ( 5) فی نسخه م: حصل.

[637] ( 6) فی نسخه م: أن.

[638] ( 7) فی نسخه م: تغیر الورم الحار للنبض.

[639] ( 8) فی نسخه م: الحادث.

[640] ( 9) فی نسخه م: أن یکون لعرض یعرض فی حال الورم.

[641] ( 1) فی نسخه أ: المتساوی.

[642] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[643] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[644] ( 1) فی نسخه م: فی النبض الدال علی علل الأعضاء النفسانیه.

[645] ( 2) فی نسخه م: السرسام و البرسام.

[646] ( 1) فی نسخه م: منقطعاً.

[647]

( 2) فی نسخه م: بحسب.

[648] ( 3) فی نسخه م: یثب.

[649] ( 4) فی نسخه أ: الحاس.

[650] ( 1) فی نسخه م: لقله الحاجه.

[651] ( 1) فی نسخه م: لاثرها.

[652] ( 2) فی نسخه م: لقوما.

[653] ( 3) فی نسخه م: البرسام.

[654] ( 4) فی نسخه م: البرسام.

[655] ( 5) فی نسخه م: البرسام.

[656] مجوسی، علی بن عباس، کامل الصناعه الطبیه، 4جلد، جلال الدین - قم، چاپ: اول، 1387 ه.ش.

[657] ( 1) فی نسخه م فقط.

[658] ( 2) فی نسخه م فقط.

[659] ( 3) فی نسخه م: بالوتر.

[660] ( 4) فی نسخه م: حرکه سهم انبعث من قوس.

[661] ( 5) فی نسخه م: التشنج.

[662] ( 6) فی نسخه أ: غیر متساویاً.

[663] ( 7) فی نسخه م: یسیر.

[664] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[665] ( 2) فی نسخه م: کالنبض.

[666] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[667] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[668] ( 1) فی نسخه م: یحدث.

[669] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[670] ( 3) فی نسخه م: إلی الأعصاب أو الی الدماغ.

[671] ( 4) فی نسخه أ: صلباً.

[672] ( 1) فی نسخه أ: شدّه.

[673] ( 2) فی نسخه م: النسیان.

[674] ( 3) فی نسخه م: الموجبه.

[675] ( 4) فی نسخه م: لها.

[676] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[677] ( 1) فی نسخه أ: المدّه.

[678] ( 2) فی نسخه م: أو بمنزله.

[679] ( 3) فی نسخه أ: المده.

[680] ( 4) فی نسخه م: قبیحاً.

[681] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[682] ( 6) فی نسخه م: و تعریفها.

[683] ( 7) فی نسخه م: المده.

[684] ( 1) فی نسخه م فقط.

[685] ( 2) فی نسخه م:

أو بعض.

[686] ( 3) فی نسخه م: إذ.

[687] ( 1) فی نسخه أ: و الابطاء.

[688] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[689] ( 1) فی نسخه أ: اعضاء.

[690] ( 2) فی نسخه أ: اعضاء.

[691] ( 3) فی نسخه م فقط.

[692] ( 4) فی نسخه م: و غثیاناً.

[693] ( 1) فی نسخه م: النبض الخاص بکل واحد.

[694] ( 2) فی نسخه م: انتشاریاً.

[695] ( 3) فی نسخه م فقط.

[696] ( 4) فی نسخه أ: فولیموس.

[697] ( 1) فی نسخه أ: او تراجعت.

[698] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[699] ( 3) فی نسخه م: فتستعمل.

[700] ( 4) فی نسخه م: المجتمعه فی غیر هذه المواضع.

[701] ( 1) فی نسخه م فقط.

[702] ( 2) فی نسخه أ: الاسود.

[703] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[704] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[705] ( 5) فی نسخه م: ضعفها.

[706] ( 1) فی نسخه م: و لأنه.

[707] ( 2) فی نسخه م: البدنیه.

[708] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[709] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[710] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[711] ( 3) فی نسخه م فقط.

[712] ( 1) فی نسخه م: للکبد و العروق.

[713] ( 2) فی نسخه م: و سنبین.

[714] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[715] ( 4) فی نسخه م: یبین.

[716] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[717] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[718] ( 2) فی نسخه م: و ینعطف.

[719] ( 3) فی نسخه أ: بخلو.

[720] ( 4) فی نسخه م: أو صفه.

[721] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[722] ( 1) فی نسخه م: فی البول.

[723] ( 2) فی نسخه م فقط.

[724] ( 1) فی نسخه م: و الخیار.

[725] (

1) فی نسخه أ: تحمرّ.

[726] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[727] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[728] ( 4) فی نسخه م: الغبره.

[729] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[730] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[731] ( 2) فی نسخه م: المواد.

[732] ( 1) فی نسخه م: و لم.

[733] ( 2) فی نسخه أ: او عرق.

[734] ( 3) فی نسخه أ: انتهی منتهاه.

[735] ( 4) فی نسخه أ: اما أن یکون.

[736] ( 5) فی نسخه م فقط.

[737] ( 6) فی نسخه أ: انضاج.

[738] ( 7) فی نسخه م فقط.

[739] ( 1) فی نسخه م فقط.

[740] ( 1) فی نسخه م: بأسرع.

[741] ( 2) فی نسخه م: و هذا.

[742] ( 3) فی نسخه م: و لا یثبت.

[743] ( 4) فی نسخه م: فی الامراض الحادثه فإن ظهر مرض یتوقع.

[744] ( 1) فی نسخه أ: یدخل.

[745] ( 2) فی نسخه م: الغسیل.

[746] ( 3) فی نسخه م: و لذلک.

[747] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[748] ( 1) فی نسخه م: شدید.

[749] ( 2) فی نسخه م: من انحطاط.

[750] ( 3) فی نسخه أ: اما علی الوسواس.

[751] ( 4) فی نسخه م فقط.

[752] ( 5) فی نسخه م: الدم.

[753] ( 6) فی نسخه أ فقط.

[754] ( 1) فی نسخه م فقط.

[755] ( 2) فی نسخه م: الراسب.

[756] ( 3) فی نسخه م فقط.

[757] ( 4) فی نسخه م: ترفعها.

[758] ( 1) فی نسخه م: لهذه.

[759] ( 2) فی نسخه م فقط.

[760] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[761] ( 4) فی نسخه أ: الثمانین.

[762] ( 5) فی نسخه م فقط.

[763] ( 1) فی نسخه أ: فی الیوم السابع کان البحران

فی الحادی عشر و قال فی موضع آخر اذا ظهر فی البول.

[764] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[765] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[766] ( 4) فی نسخه م فقط.

[767] ( 5) فی نسخه م فقط.

[768] ( 6) فی نسخه أ: ینشر.

[769] ( 7) فی نسخه أ: الاصغر.

[770] ( 8) فی نسخه م: قویه.

[771] ( 9) فی نسخه م فقط.

[772] ( 1) فی نسخه أ: یجمد.

[773] ( 2) فی نسخه م: بالدشیش و الحلال.

[774] ( 3) فی نسخه م: أو من.

[775] ( 4) فی نسخه م: بالصفائحی.

[776] ( 5) فی نسخه م: بالدشیش.

[777] ( 6) فی نسخه م: علی انجراد جرم المثانه.

[778] ( 1) فی نسخه م: و کلاه.

[779] ( 2) فی نسخه م: ما لونه.

[780] ( 3) فی نسخه م فقط.

[781] ( 4) فی نسخه م: الفضلتین.

[782] ( 1) فی نسخه م فقط.

[783] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[784] ( 1) فی نسخه م: و البراز کثیراً.

[785] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[786] ( 3) فی نسخه م: و من اعتدال القوام.

[787] ( 4) فی نسخه م فقط.

[788] ( 1) فی نسخه م فقط.

[789] ( 2) فی نسخه م: المعی.

[790] ( 3) فی نسخه م فقط.

[791] ( 4) فی نسخه م فقط.

[792] ( 1) فی نسخه م: بقاء.

[793] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[794] ( 3) فی نسخه م: زائد.

[795] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[796] ( 5) فی نسخه م: مرار بخاری و حراره.

[797] ( 6) فی نسخه م: یستفرغ.

[798] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[799] ( 2) فی نسخه م: أو.

[800] ( 1) فی نسخه م فقط.

[801] ( 2) فی نسخه م:

و حرکه.

[802] ( 3) فی نسخه م: خراج.

[803] ( 4) فی نسخه م: المعده.

[804] ( 5) فی نسخه م: فإنها تکون عن قرحه تکون.

[805] ( 1) فی نسخه م: الغلاظ.

[806] ( 2) فی نسخه م فقط.

[807] ( 3) فی نسخه م فقط.

[808] ( 1) فی نسخه م: فیما یستدل به من النفث و البصاق علی أحوال البدن.

[809] ( 2) فی نسخه م فقط.

[810] ( 3) فی نسخه م فقط.

[811] ( 4) فی نسخه م: بصاقاً.

[812] ( 5) فی نسخه م: و البصاق.

[813] ( 1) فی نسخه م: البصاق.

[814] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[815] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[816] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[817] ( 1) فی نسخه م فقط.

[818] ( 2) فی نسخه أ: الامراض.

[819] ( 3) فی نسخه م: فیه.

[820] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[821] مجوسی، علی بن عباس، کامل الصناعه الطبیه، 4جلد، جلال الدین - قم، چاپ: اول، 1387 ه.ش.

[822] فی نسخه م فقط.

[823] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[824] ( 2) فی نسخه م: نفی.

[825] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[826] ( 1) فی نسخه م فقط.

[827] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[828] ( 2) فی نسخه م: فی ذکر أجناس الحمیات و أسبابها.

[829] ( 3) فی نسخه م فقط.

[830] ( 4) فی نسخه أ: و اسبابها.

[831] ( 5) فی نسخه م: و أسبابها.

[832] ( 6) فی نسخه م فقط.

[833] ( 7) فی نسخه أ فقط.

[834] ( 8) فی نسخه م فقط.

[835] ( 1) فی نسخه م: العارضه.

[836] ( 2) فی نسخه م: فی الجدری و أسبابه و علاماته ..

[837] ( 3) فی نسخه م فقط.

[838] ( 4)

فی نسخه م: و البهق الأبیض و الأسود و أسبابه و علاماته.

[839] ( 5) فی نسخه م: فی صفه الحکه و الجرب و تقشیر الجلد و داء الفیل و البثر و الشری و الثآلیل و الحصف و الورم المسمی أبورسما.

[840] ( 6) فی نسخه أ: الجراحات.

[841] ( 7) فی نسخه أ فقط.

[842] ( 8) فی نسخه أ فقط.

[843] ( 9) فی نسخه م: فی صفه لدغ العقارب الجراره و قمله النسر.

[844] ( 1) فی نسخه م: نأخذ.

[845] ( 2) فی نسخه م: التالیه.

[846] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[847] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[848] ( 2) فی نسخه م: و الدلائل.

[849] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[850] ( 4) فی نسخه م: المنذره.

[851] ( 5) فی نسخه م: قد تم.

[852] ( 6) فی نسخه م: إما.

[853] ( 7) فی نسخه م: علی أن الأمراض و آثارها باقیه.

[854] ( 8) فی نسخه م: السلام.

[855] ( 1) فی نسخه م فقط.

[856] ( 2) فی نسخه أ: ماؤوفه.

[857] ( 3) فی نسخه م: تدر.

[858] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[859] ( 5) فی نسخه م: إن.

[860] ( 6) فی نسخه م: العلل.

[861] ( 7) فی نسخه م: و العلل.

[862] ( 8) فی نسخه م: العلل.

[863] ( 9) فی نسخه م: و هی.

[864] ( 1) فی نسخه م: أولًا.

[865] ( 2) فی نسخه م: التی تدر علی الأمراض.

[866] ( 1) فی نسخه م: حدث.

[867] ( 2) فی نسخه م: یفعل.

[868] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[869] ( 4) فی نسخه م: أو غیر.

[870] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[871] ( 2) فی نسخه م: البدن.

[872] ( 3) فی

نسخه م: الاحراق متداول أمرها.

[873] ( 4) فی نسخه م: جمیع.

[874] ( 1) فی نسخه م فقط.

[875] ( 1) فی نسخه م فقط.

[876] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[877] ( 3) فی نسخه م: الحاره.

[878] ( 1) فی نسخه م: العفن.

[879] ( 2) فی نسخه م: حاده.

[880] ( 3) فی نسخه م: ضعیفه.

[881] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[882] ( 1) فی نسخه م: المادیه.

[883] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[884] ( 3) فی نسخه م فقط.

[885] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[886] ( 2) فی نسخه م: فی الیوم الأول.

[887] ( 3) فی نسخه م: جسمها.

[888] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[889] ( 5) فی نسخه م: السهل.

[890] ( 1) فی نسخه م: وقت.

[891] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[892] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[893] ( 3) فی نسخه م: استمراء.

[894] ( 4) فی نسخه م فقط.

[895] ( 5) فی نسخه م: تعرض.

[896] ( 6) فی نسخه أ: الدم.

[897] ( 7) فی نسخه أ فقط.

[898] ( 1) فی نسخه م فقط.

[899] ( 2) فی نسخه م: فی ذکر الحمیات العفنیه و أسبابها.

[900] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[901] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[902] ( 2) فی نسخه أ: ینهظم.

[903] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[904] ( 4) فی نسخه م: مداولتها.

[905] ( 1) فی نسخه م: المره.

[906] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[907] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[908] ( 3) فی نسخه م: فی البدن.

[909] ( 4) فی نسخه م: أقصر.

[910] ( 1) فی نسخه م: و مدار.

[911] ( 1) فی نسخه أ: ننفخ.

[912] ( 2) فی نسخه أ: نفختها.

[913] (

1) فی نسخه أ فقط.

[914] ( 2) فی نسخه م: و تلک.

[915] ( 3) فی نسخه م: و تجفف.

[916] ( 4) فی نسخه م: و أکثرها.

[917] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[918] ( 2) فی نسخه م: مقدمه.

[919] ( 3) فی نسخه م: مختلفه.

[920] ( 4) فی نسخه م فقط.

[921] ( 5) فی نسخه أ: فی نسخه م فقط. البروده.

[922] ( 6) فی نسخه م فقط.

[923] ( 1) فی نسخه م: فلنهمهم.

[924] ( 2) فی نسخه م فقط.

[925] ( 3) فی نسخه م فقط.

[926] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[927] ( 1) فی نسخه م: فتحت.

[928] ( 2) فی نسخه م: و کانت.

[929] ( 3) فی نسخه م فقط.

[930] ( 4) فی نسخه م: الأخلاط.

[931] ( 1) فی نسخه م فقط.

[932] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[933] ( 3) فی نسخه م فقط.

[934] ( 4) فی نسخه م فقط.

[935] ( 5) فی نسخه م فقط.

[936] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[937] ( 2) فی نسخه م: أو غباً نائبه مع دائمه.

[938] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[939] ( 1) فی نسخه م: امطریطاوس.

[940] ( 2) فی نسخه م فقط.

[941] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[942] ( 4) فی نسخه م: النوائب.

[943] ( 5) فی نسخه م: حمیا ربع تنوبان.

[944] ( 6) فی نسخه م: نقدم.

[945] ( 1) فی نسخه م: و الا تعتبر نوائب.

[946] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[947] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[948] ( 2) فی نسخه م: غیر متساویه أعنی أن الاخلاط المحدثه لها غیر متساویه.

[949] ( 3) فی نسخه م: و أغلب.

[950] ( 4) فی نسخه م: الأحوال.

[951] ( 5)

فی نسخه م: قارسوس.

[952] ( 6) فی نسخه م فقط.

[953] ( 7) فی نسخه م فقط.

[954] ( 8) فی نسخه م فقط.

[955] ( 9) فی نسخه م: ابنالیس.

[956] ( 10) فی نسخه أ: البطن.

[957] ( 11) فی نسخه أ فقط.

[958] ( 1) فی نسخه م: و یقال لها.

[959] ( 2) فی نسخه م: لیفوریا.

[960] ( 3) فی نسخه م: قرومودیس.

[961] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[962] ( 5) فی نسخه م: طیقودیس.

[963] ( 6) فی نسخه م فقط.

[964] ( 1) فی نسخه م: بأقطیقوس.

[965] ( 2) فی نسخه م: بالحقیقه.

[966] ( 3) فی نسخه م فقط.

[967] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[968] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[969] ( 3) فی نسخه الأصل: الحمی.

[970] ( 4) فی نسخه م: دم.

[971] ( 5) فی نسخه م: یعرض.

[972] ( 6) فی نسخه م: یعرض.

[973] ( 1) فی نسخه م: مستوفی.

[974] ( 2) فی نسخه أ: الغریزیه.

[975] ( 3) فی نسخه أ: الغریزیه.

[976] ( 4) فی نسخه م: شیئاً.

[977] ( 5) فی نسخه أ: فکانت.

[978] ( 6) فی نسخه م فقط.

[979] ( 1) فی نسخه م: و أحدثت.

[980] ( 2) فی نسخه م: متواتر.

[981] ( 3) فی نسخه م: حمی الدق.

[982] ( 1) فی نسخه م: و متی حدث فی أول الأمر.

[983] ( 1) فی نسخه م فقط.

[984] ( 2) فی نسخه م: بأسقیروس.

[985] ( 3) فی نسخه م: بأسیقروس.

[986] ( 1) فی نسخه م فقط.

[987] ( 1) فی نسخه م: و الفتح.

[988] مجوسی، علی بن عباس، کامل الصناعه الطبیه، 4جلد، جلال الدین - قم، چاپ: اول، 1387 ه.ش.

[989] ( 2) فی نسخه م: الورم.

[990] ( 1) فی

نسخه م فقط.

[991] ( 2) فی نسخه م: قوی.

[992] ( 3) فی نسخه م: یتخبی.

[993] ( 4) فی نسخه م: البدن.

[994] ( 1) فی نسخه م: حدثت.

[995] ( 2) فی نسخه م: فوجتلن.

[996] ( 3) فی نسخه م: ابسطاما.

[997] ( 4) فی نسخه م: الماده.

[998] ( 5) فی نسخه م فقط.

[999] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1000] ( 2) فی نسخه م فقط.

[1001] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1002] ( 2) فی نسخه م: بمنزله.

[1003] ( 1) فی نسخه م: من.

[1004] ( 2) فی نسخه م: الأزدهالجیه.

[1005] ( 1) فی نسخه م: الأزدهالجیه.

[1006] ( 2) فی نسخه م: الأزدهالجیه.

[1007] ( 3) فی نسخه م: بالازدهالج.

[1008] ( 4) فی نسخه م: و الزبل.

[1009] ( 5) فی نسخه أ: الدم.

[1010] ( 6) فی نسخه م: و أما تسمیه.

[1011] ( 1) فی نسخه م: بثور.

[1012] ( 2) فی نسخه أ: المفرقه.

[1013] ( 3) فی نسخه أ: انفدعت.

[1014] ( 1) فی نسخه أ: صنف.

[1015] ( 2) فی نسخه م: سقیریس.

[1016] ( 3) فی نسخه م فقط.

[1017] ( 1) فی نسخه م: العارضه.

[1018] ( 2) فی نسخه م: السیف.

[1019] ( 3) فی نسخه م: الصلبه.

[1020] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1021] ( 2) فی نسخه م: الأسباب.

[1022] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[1023] ( 1) فی نسخه م: فی صفه الجدری و أسبابه و علاماته.

[1024] ( 2) فی نسخه م: الحمره.

[1025] ( 3) فی نسخه م: الیونانیون.

[1026] ( 4) فی نسخه م: بأن.

[1027] ( 5) فی نسخه م فقط.

[1028] ( 1) فی نسخه م: التی فیها المجدرون.

[1029] ( 2) فی نسخه م: بالحمر.

[1030] ( 3) فی نسخه م: انفتحت.

[1031] (

4) فی نسخه أ فقط.

[1032] ( 1) فی نسخه م: بالنفط.

[1033] ( 2) فی نسخه أ: الجمر.

[1034] ( 3) فی نسخه م: ینفتح.

[1035] ( 4) فی نسخه م فقط.

[1036] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1037] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1038] ( 3) فی نسخه م: أو أعضاؤه.

[1039] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1040] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1041] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1042] ( 1) فی نسخه م: قاربوا.

[1043] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1044] ( 3) فی نسخه م: أو مره.

[1045] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[1046] ( 5) فی نسخه أ: من القوابی.

[1047] ( 6) فی نسخه م فقط.

[1048] ( 1) فی نسخه م: فی الحرب و الحکه و تقشیر الجلد و القمل و الشری و البثور الصغار و الحصف و الثآلیل و الورم المسمی ابو رسما و القروح التی تحدث عن الاحتراقات.

[1049] ( 2) فی نسخه م فقط.

[1050] ( 3) فی نسخه م: فیمن.

[1051] ( 4) فی نسخه م فقط.

[1052] ( 1) فی نسخه م: و کثره.

[1053] ( 2) فی نسخه م: الجلد.

[1054] ( 3) فی نسخه م: الرأس.

[1055] ( 4) فی نسخه م: عراض.

[1056] ( 5) فی نسخه أ: بحده.

[1057] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1058] ( 2) فی نسخه م: و تنتفح.

[1059] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1060] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1061] ( 3) فی نسخه م فقط.

[1062] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[1063] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[1064] ( 6) فی نسخه م فقط.

[1065] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1066] ( 2) فی نسخه م فقط.

[1067] ( 3) فی نسخه م فقط.

[1068] (

1) فی نسخه أ فقط.

[1069] ( 2) فی نسخه م: کما.

[1070] ( 1) فی نسخه م: الأعضاء.

[1071] ( 2) فی نسخه م: و فسدت.

[1072] ( 3) فی نسخه م: أجرد.

[1073] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1074] ( 2) فی نسخه م: بالسورح، و فی حاشیه المخطوطه« الصورج» معرب الشورج.

[1075] ( 3) فی نسخه م: و من.

[1076] ( 1) فی نسخه م: فی نحو الوجنه.

[1077] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1078] ( 3) فی نسخه م فقط.

[1079] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1080] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1081] ( 3) فی نسخه م: الساق.

[1082] ( 4) فی نسخه أ: الداخس.

[1083] ( 5) فی نسخه م فقط.

[1084] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1085] ( 2) فی نسخه م: رطب.

[1086] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[1087] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[1088] ( 5) فی نسخه م: و کسر.

[1089] ( 6) فی نسخه م: کثیراً.

[1090] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1091] ( 2) فی نسخه م فقط.

[1092] ( 3) فی نسخه م فقط.

[1093] ( 4) فی نسخه م: إذا.

[1094] ( 5) فی نسخه م: الشافیه.

[1095] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1096] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1097] ( 3) فی نسخه م: سفالادوطیس.

[1098] ( 4) فی نسخه أ: العلاء.

[1099] ( 5) فی نسخه م فقط.

[1100] ( 6) فی نسخه م: أسوس.

[1101] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1102] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1103] ( 3) فی نسخه م: و یلتهب.

[1104] ( 4) فی نسخه م: الکلاب.

[1105] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[1106] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1107] ( 2) فی نسخه أ: سبعه.

[1108] ( 3) فی

نسخه م: تأثیر.

[1109] ( 4) فی نسخه م فقط.

[1110] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[1111] ( 6) فی نسخه أ فقط.

[1112] ( 7) فی نسخه أ فقط.

[1113] ( 8) فی نسخه أ فقط.

[1114] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1115] ( 2) فی نسخه م: یتخلص العضو من الموت.

[1116] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[1117] ( 4) فی نسخه م: الخوف.

[1118] ( 5) فی نسخه م فقط.

[1119] ( 6) فی نسخه أ فقط.

[1120] ( 7) فی نسخه أ فقط.

[1121] ( 8) فی نسخه أ فقط.

[1122] ( 9) فی نسخه أ فقط.

[1123] ( 10) فی نسخه أ فقط.

[1124] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1125] ( 2) فی نسخه م فقط.

[1126] ( 1) فی نسخه م: و یضغط.

[1127] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1128] ( 3) فی نسخه م: فی نسخه م: أورس.

[1129] ( 1) فی نسخه م: أسیس.

[1130] ( 2) فی نسخه م: بأسلیقون.

[1131] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1132] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1133] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1134] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1135] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[1136] ( 4) فی نسخه أ: العصب.

[1137] ( 5) فی نسخه م: الأربیه.

[1138] ( 6) فی نسخه م: لهم فیه رطوبه.

[1139] ( 7) فی نسخه أ: کرکاهات.

[1140] ( 1) فی نسخه م: فاعلم ذلک.

[1141] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1142] ( 2) فی نسخه م: بلیثرغس.

[1143] ( 3) فی نسخه م فقط.

[1144] ( 4) فی نسخه م فقط.

[1145] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1146] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1147] ( 3) فی نسخه م: فی صفه أعضاء الفم و أسبابها و علاماتها.

[1148] (

4) فی نسخه م فقط.

[1149] ( 5) فی نسخه م فقط.

[1150] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1151] ( 1) فی نسخه م: المتطبب.

[1152] ( 2) فی نسخه م: معرفه.

[1153] ( 3) فی نسخه م فقط.

[1154] مجوسی، علی بن عباس، کامل الصناعه الطبیه، 4جلد، جلال الدین - قم، چاپ: اول، 1387 ه.ش.

[1155] ( 1) فی نسخه م: و الثالثه: الطریق المأخوذه من موضع العضو العلیل.

[1156] ( 2) فی نسخه م: الرابعه:؟؟؟ ....

[1157] ( 3) فی نسخه م: للمرض.

[1158] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[1159] ( 5) فی نسخه م: إن.

[1160] ( 6) فی نسخه م: بالغضروف.

[1161] ( 7) فی نسخه م فقط.

[1162] ( 1) فی نسخه م: باللسان.

[1163] ( 2) فی نسخه م: فإن کانت.

[1164] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[1165] ( 4) فی نسخه م: للزوجتها.

[1166] ( 5) فی نسخه م فقط.

[1167] ( 6) فی نسخه أ فقط.

[1168] ( 7) فی نسخه أ فقط.

[1169] ( 8) فی نسخه أ فقط.

[1170] ( 9) فی نسخه أ فقط.

[1171] ( 10) فی نسخه م فقط.

[1172] ( 1) فی نسخه م: کثیراً.

[1173] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1174] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[1175] ( 4) فی نسخه م: حاد.

[1176] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1177] ( 2) فی نسخه م: یعلو الکبد.

[1178] ( 3) فی نسخه م: الخاصه.

[1179] ( 4) فی نسخه م: نقوش.

[1180] ( 5) فی نسخه أ: یخرج.

[1181] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1182] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1183] ( 3) فی نسخه م فقط.

[1184] ( 4) فی نسخه م: وثوق.

[1185] ( 5) فی نسخه م: یظره.

[1186] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1187] ( 2)

فی نسخه م: ما کان.

[1188] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[1189] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[1190] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[1191] ( 6) فی نسخه أ فقط.

[1192] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1193] ( 2) فی نسخه م: فیما.

[1194] ( 3) فی نسخه م: المشاکله.

[1195] ( 4) فی نسخه م فقط.

[1196] ( 5) فی نسخه م: خدمه.

[1197] ( 6) فی نسخه م فقط.

[1198] ( 1) فی نسخه م: الأعضاء.

[1199] ( 2) فی نسخه م فقط.

[1200] ( 1) فی نسخه م: بلیثرغش.

[1201] ( 2) فی نسخه م: و الجمود.

[1202] ( 1) فی نسخه م: أو الذی.

[1203] ( 2) فی نسخه م فقط.

[1204] ( 3) فی نسخه م: کان الصداع.

[1205] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[1206] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1207] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1208] ( 3) فی نسخه م فقط.

[1209] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[1210] ( 5) فی نسخه م: یکون إذا لمس الرأس.

[1211] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1212] ( 2) فی نسخه م: و تحدث فی فیه حراره.

[1213] ( 3) فی نسخه م فقط.

[1214] ( 4) فی نسخه م فقط.

[1215] ( 5) فی نسخه م فقط.

[1216] ( 1) فی نسخه م: فترم لذلک.

[1217] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1218] ( 3) فی نسخه م فقط.

[1219] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[1220] ( 5) فی نسخه م: و أن یشتد.

[1221] ( 1) فی نسخه م: و إما لبلغم عفن فی المعده و علامته.

[1222] ( 2) فی نسخه م فقط.

[1223] ( 3) فی نسخه م: الاکمه.

[1224] ( 4) فی نسخه أ: لیس.

[1225] ( 1) فی نسخه م: أنه.

[1226] ( 2)

فی نسخه م فقط.

[1227] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[1228] ( 4) فی نسخه م: الریاح الحاره البخاریه.

[1229] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[1230] ( 1) فی نسخه م: و انطلاق.

[1231] ( 2) فی نسخه م: و طنین.

[1232] ( 3) فی نسخه م: الجماع.

[1233] ( 4) فی نسخه م: الغم.

[1234] ( 5) فی نسخه م: من معرفه علی علل.

[1235] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1236] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1237] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1238] ( 3) فی نسخه م: و ربما.

[1239] ( 4) فی نسخه م فقط.

[1240] ( 5) فی نسخه م: زئبر الشیاب.

[1241] ( 1) فی نسخه أ: مرض.

[1242] ( 2) فی نسخه م: و یکون ملمس الحراره مع حده.

[1243] ( 3) فی نسخه م: یکون.

[1244] ( 4) فی نسخه م: حادتان.

[1245] ( 5) فی نسخه أ: ذات.

[1246] ( 6) فی نسخه م فقط.

[1247] ( 1) فی نسخه م: ستتفرق.

[1248] ( 2) فی نسخه م: و یتسع.

[1249] ( 3) فی نسخه م فقط.

[1250] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1251] ( 2) فی نسخه م: فإذا سألوا عن شی ء لا یجیبون الا بکد.

[1252] ( 3) فی نسخه م: منتناً.

[1253] ( 4) فی نسخه م فقط.

[1254] ( 1) فی نسخه م: فمتی ترکبت هذه الأسباب المحدثه للسبات حدث عن ذلک العله.

[1255] ( 2) فی نسخه م: و السکته.

[1256] ( 3) فی نسخه م: العله یتنفس تنفساً.

[1257] ( 4) فی نسخه م: و بین من یعرض له اختناق الرحم.

[1258] ( 1) فی نسخه م: تحدث.

[1259] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1260] ( 3) فی نسخه م: المبرده بالثلج.

[1261] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[1262]

( 5) فی نسخه م: و فساد.

[1263] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1264] ( 2) فی نسخه م: فی العروق و لا یمکنه.

[1265] ( 3) فی نسخه م فقط.

[1266] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1267] ( 1) فی نسخه م: بقطاخس.

[1268] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1269] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1270] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1271] ( 2) فی نسخه م: تحدث.

[1272] ( 3) فی نسخه م: أراد.

[1273] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[1274] ( 5) فی نسخه م: وقت أن یتأخر.

[1275] ( 6) فی نسخه م: یکون.

[1276] ( 1) فی نسخه أ: عرضت لهم صرخه ساعه یعرض لهم النوبه ربما نالهم غشی و ربما لم یسقطوا الی الارض بل یعرض لهم غشی او اغماء و یسیل من افواههم لعاب.

[1277] ( 2) فی نسخه م: و قد.

[1278] ( 3) فی نسخه م: الأعصاب.

[1279] ( 4) فی نسخه م: الأعصاب.

[1280] ( 1) فی نسخه م: و ینشق.

[1281] ( 2) فی نسخه م: أعضائهم.

[1282] ( 3) فی نسخه م: ان.

[1283] ( 4) فی نسخه م فقط.

[1284] ( 5) فی نسخه م فقط.

[1285] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1286] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1287] ( 3) فی نسخه م: فلا ینبغی.

[1288] ( 4) فی نسخه م: أن نغفل.

[1289] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[1290] ( 1) فی نسخه م: علامه.

[1291] ( 2) فی نسخه م: فیحدث له مثل ذلک عند ما.

[1292] ( 3) فی نسخه م فقط.

[1293] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1294] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1295] ( 3) فی نسخه م: یؤول.

[1296] ( 4) فی نسخه م فقط.

[1297] ( 1) فی

نسخه م: الحلوه.

[1298] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1299] ( 3) فی نسخه م: و القراقر.

[1300] ( 4) فی نسخه م: و شرب.

[1301] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[1302] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1303] ( 2) فی نسخه م: فیظلم.

[1304] ( 3) فی نسخه م: یغیر.

[1305] ( 1) فی نسخه م: صاحب الغرام إذا.

[1306] ( 2) فی نسخه م فقط.

[1307] ( 3) فی نسخه م: إنما.

[1308] ( 4) فی نسخه م: و الحزن.

[1309] ( 5) فی نسخه م فقط.

[1310] ( 1) فی نسخه م: والابلیمسیار.

[1311] ( 2) فی نسخه م: بایریلقسیا.

[1312] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[1313] ( 4) فی نسخه م: ایریلقسیا.

[1314] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1315] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1316] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[1317] ( 4) فی نسخه م: و لذلک.

[1318] ( 5) فی نسخه م: استرخاء.

[1319] ( 6) فی نسخه أ فقط.

[1320] ( 7) فی نسخه م: و ما.

[1321] ( 8) فی نسخه م فقط.

[1322] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1323] ( 2) فی نسخه م فقط.

[1324] ( 3) فی نسخه أ: انحلال.

[1325] ( 4) فی نسخه م: الأعصاب.

[1326] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[1327] ( 6) فی نسخه م: فی استرخاء الأعصاب.

[1328] ( 7) فی نسخه م: فعلی ظاهر عدیم الصوت و الحس.

[1329] ( 1) فی نسخه م: و تقضقض.

[1330] ( 2) فی نسخه م: متصله.

[1331] ( 3) نسخه م: أو ربما.

[1332] ( 4) فی نسخه م فقط.

[1333] ( 5) فی نسخه م فقط.

[1334] ( 6) فی نسخه م: فیحدث.

[1335] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1336] ( 2) فی نسخه م فقط.

[1337] ( 3) فی

نسخه م: لا أن.

[1338] ( 4) فی نسخه م: و غرزان.

[1339] ( 1) فی نسخه أ: و اما التی من قدام و یقال لذلک التشنج من قدام و ذلک یکون اذا کانت العله فی العضل الذی من خلف و اما فی الاعضاء التی من خلف و یقال بالسواء فیکون منتصبا الی جانب البته، و التشنج لا یتبین للتمدد الاعضاء الی الجانبین و التمدد من الامراض الحاده، و اما من خلف و یقال له التشنج من خلف و ذلک اذا کانت العله فی العضل الذی من قدام، و اما فی عضو دون عضو و ذلک اذا کانت العله فی العصب الذی یاتی ذلک العضو.

[1340] مجوسی، علی بن عباس، کامل الصناعه الطبیه، 4جلد، جلال الدین - قم، چاپ: اول، 1387 ه.ش.

[1341] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1342] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1343] ( 2) فی نسخه م: التشنج الحادث عن الاستفراغ.

[1344] ( 3) فی نسخه أ: بالجراحات.

[1345] ( 4) فی نسخه أ: فی هذا القول.

[1346] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1347] ( 2) فی نسخه م: ما.

[1348] ( 3) فی نسخه أ: یخمد.

[1349] ( 4) فی نسخه م: أجرامها.

[1350] ( 5) فی نسخه م: الأعصاب.

[1351] ( 6) فی نسخه م: الأعصاب.

[1352] ( 7) فی نسخه م: و یحدد.

[1353] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1354] ( 2) فی نسخه م فقط.

[1355] ( 3) فی نسخه م فقط.

[1356] ( 1) فی نسخه أ: الجذب.

[1357] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1358] ( 3) فی نسخه م فقط.

[1359] ( 1) فی نسخه أ: جذبه.

[1360] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1361] ( 3) فی نسخه م فقط.

[1362] ( 4) فی نسخه

م فقط.

[1363] ( 1) فی نسخه م: فی العلل الحادثه فی أعضاء الحس و أولًا فی علل العینین و أسبابها.

[1364] ( 1) فی نسخه م: العین.

[1365] ( 2) فی نسخه م: المده.

[1366] ( 3) فی نسخه م: هذا الصنف.

[1367] ( 4) فی نسخه م: قرص.

[1368] ( 5) فی نسخه م فقط.

[1369] ( 6) فی نسخه م فقط.

[1370] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1371] ( 2) فی نسخه م فقط.

[1372] ( 3) فی نسخه م: الشتاء.

[1373] ( 4) فی نسخه م فقط.

[1374] ( 5) فی نسخه م: شدید.

[1375] ( 1) فی نسخه م: المآق إلی الأکبر.

[1376] ( 2) فی نسخه م: و تمدد فی العروق.

[1377] ( 3) فی نسخه م فقط.

[1378] ( 4) فی نسخه م فقط.

[1379] ( 5) فی نسخه أ فقط. فی حاشیه المخطوطه.

[1380] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1381] ( 2) فی نسخه م فقط.

[1382] ( 3) فی نسخه م: فقئت.

[1383] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[1384] ( 1) فی نسخه م: و احترف.

[1385] ( 2) فی نسخه م فقط.

[1386] ( 3) فی نسخه م: الثانیه.

[1387] ( 4) فی نسخه أ: یخرجها.

[1388] ( 5) فی نسخه م: المرسرج.

[1389] ( 1) فی نسخه أ: و یصال.

[1390] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1391] ( 2) فی نسخه م فقط.

[1392] ( 3) فی نسخه م فقط.

[1393] ( 4) فی نسخه م فقط.

[1394] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1395] ( 2) فی نسخه م فقط.

[1396] ( 3) فی نسخه م: فی أمراض الأجفان:.

[1397] ( 4) فی نسخه م: و الکمه.

[1398] ( 5) فی نسخه م: و التوته.

[1399] ( 6) فی نسخه م: و المنقاب.

[1400] ( 7) فی

نسخه م: و الوردبنج.

[1401] ( 8) فی نسخه م: ببعضه و أغشیته.

[1402] ( 1) فی نسخه أ: بالبرد.

[1403] ( 1) فی نسخه م: بول.

[1404] ( 2) فی نسخه م: التوته.

[1405] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1406] ( 2) فی نسخه م: العین.

[1407] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1408] ( 2) فی نسخه م: خرجت.

[1409] ( 3) فی نسخه م فقط.

[1410] ( 1) فی نسخه م: العله.

[1411] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1412] ( 3) فی نسخه م: و السبل.

[1413] ( 4) فی نسخه م: و الشتره.

[1414] ( 5) فی نسخه م فقط.

[1415] ( 6) فی نسخه م: و عله

[1416] ( 7) فی نسخه أ فقط.

[1417] ( 8) فی نسخه م: و نقصانه.

[1418] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1419] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1420] ( 3) فی نسخه م: الباصر.

[1421] ( 4) فی نسخه م فقط.

[1422] ( 5) فی نسخه م: العینین.

[1423] ( 6) فی نسخه م فقط.

[1424] ( 7) فی نسخه م فقط.

[1425] ( 8) فی نسخه أ فقط.

[1426] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1427] ( 2) فی نسخه م: مالت.

[1428] ( 3) فی نسخه م: أسفل،

[1429] ( 4) فی نسخه م: فوق.

[1430] ( 5) فی نسخه م فقط.

[1431] ( 6) فی نسخه أ: اوجاعا.

[1432] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1433] ( 2) فی نسخه أ: المأؤوفه.

[1434] ( 3) فی نسخه م فقط.

[1435] ( 4) فی نسخه م: التی تحدث فی قحف الرأس.

[1436] ( 5) فی نسخه م: عروق الجبهه ممتده و الصدغین ممتده.

[1437] ( 6) فی نسخه أ فقط.

[1438] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1439] ( 2) فی نسخه م: تحدث عن أصناف

سوء المزاج الحار و یکون معها التهاب.

[1440] ( 3) فی نسخه م: العلل.

[1441] ( 1) فی نسخه أ: و فی.

[1442] ( 2) فی نسخه م: الأشیاء.

[1443] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[1444] ( 4) فی نسخه م: اللؤلؤی.

[1445] ( 1) فی نسخه م: شدیده.

[1446] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1447] ( 3) فی نسخه م: و وسوسته.

[1448] ( 4) فی نسخه م فقط.

[1449] ( 5) فی نسخه م فقط.

[1450] ( 1) فی نسخه م: لآفه.

[1451] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1452] ( 3) فی نسخه م: فاعلم ذلک.

[1453] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1454] ( 1) فی نسخه م: تسد المجری.

[1455] ( 2) فی نسخه م: للغشاء.

[1456] ( 3) فی نسخه م فقط.

[1457] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1458] ( 2) فی نسخه م: فی ذکر علل اللسان و ما یلیه من أجزاء الفم و أسبابها و علاماتها.

[1459] ( 3) فی نسخه م فقط.

[1460] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1461] ( 2) فی نسخه م: من ذلک السرسام.

[1462] ( 3) فی نسخه م فقط.

[1463] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1464] ( 2) فی نسخه م: الصفراوی.

[1465] ( 1) فی نسخه أ: الاثغار.

[1466] ( 2) فی نسخه م: لتحدث.

[1467] ( 3) فی نسخه م فقط.

[1468] ( 4) فی نسخه م: و لا تنبت.

[1469] ( 5) فی نسخه م فقط.

[1470] ( 6) فی نسخه م: نارولیس.

[1471] ( 7) فی نسخه م: أبرلسی.

[1472] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1473] ( 1) فی نسخه أ: اللباس.

[1474] ( 2) فی نسخه أ: المجری.

[1475] ( 1) فی نسخه م: قوینجی.

[1476] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1477] ( 3) فی نسخه م:

المخنوق.

[1478] ( 4) فی نسخه أ: النفس.

[1479] ( 5) فی نسخه م فقط.

[1480] ( 6) فی نسخه م: فاعلم ذلک.

[1481] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1482] ( 2) فی نسخه أ فقط، فی حاشیه المخطوطه.

[1483] ( 1) فی نسخه م: تحدث.

[1484] ( 2) فی نسخه م: حتی یکون الشم ناقصاً أو معدوماً و الصوت ناقصاً أو معدوماً و الصوت ناقصاً بذلک السبب.

[1485] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[1486] ( 4) فی نسخه م: و الذی.

[1487] ( 5) فی نسخه أ: و یزیلهما.

[1488] ( 6) فی نسخه م فقط.

[1489] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1490] ( 2) فی نسخه م فقط.

[1491] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1492] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1493] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[1494] ( 4) فی نسخه م فقط.

[1495] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[1496] ( 6) فی نسخه م فقط.

[1497] ( 7) فی نسخه م فقط.

[1498] مجوسی، علی بن عباس، کامل الصناعه الطبیه، 4جلد، جلال الدین - قم، چاپ: اول، 1387 ه.ش.

[1499] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1500] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1501] ( 3) فی نسخه م فقط.

[1502] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[1503] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1504] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1505] ( 3) فی نسخه م: فأما العلامات.

[1506] ( 4) فی نسخه م فقط.

[1507] ( 1) فی نسخه أ: النفخ.

[1508] ( 2) فی نسخه أ: فان.

[1509] ( 3) فی نسخه م: تظهرنا.

[1510] ( 4) فی نسخه م فقط.

[1511] ( 5) فی نسخه م فقط.

[1512] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1513] ( 2) فی نسخه م: انتفاخ.

[1514] ( 3) فی نسخه م: للبطن.

[1515]

( 4) فی نسخه أ فقط.

[1516] ( 5) فی نسخه م: الفم.

[1517] ( 6) فی نسخه أ فقط.

[1518] فی نسخه م: و الاقشعرار.

[1519] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1520] ( 2) فی نسخه م فقط.

[1521] ( 3) فی نسخه م فقط.

[1522] ( 4) فی نسخه م: بالورم.

[1523] ( 5) فی نسخه م: جنب.

[1524] ( 6) فی نسخه م فقط.

[1525] ( 1) فی نسخه م: فیصرف.

[1526] ( 2) فی نسخه م: من ثمان.

[1527] ( 3) فی نسخه م فقط.

[1528] ( 4) فی نسخه م فقط.

[1529] ( 1) فی نسخه م: کذلک.

[1530] ( 1) فی نسخه م: الصدر.

[1531] ( 2) فی نسخه م: العضل.

[1532] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1533] ( 2) فی نسخه م: قصیره سلیمه و ذلک.

[1534] ( 3) فی نسخه م: أو الحادی عشر.

[1535] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[1536] ( 1) فی نسخه م: أخلاط.

[1537] ( 2) فی نسخه م: عنه.

[1538] ( 3) فی نسخه م: زئبر.

[1539] ( 1) فی نسخه م: ارتباطها.

[1540] ( 2) فی نسخه م: و منها.

[1541] ( 3) فی نسخه م فقط.

[1542] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[1543] ( 1) فی نسخه م: و متی.

[1544] ( 2) فی نسخه م: الطبیعه.

[1545] ( 3) فی نسخه م فقط.

[1546] ( 4) فی نسخه م: کل.

[1547] ( 1) فی نسخه م: و یغشیها.

[1548] ( 2) فی نسخه أ: الیه.

[1549] ( 3) فی نسخه م: و البارد.

[1550] ( 4) فی نسخه م: بولیس.

[1551] ( 5) فی نسخه أ: خروج.

[1552] ( 6) فی نسخه أ فقط.

[1553] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1554] ( 2) فی نسخه م فقط.

[1555] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1556]

( 1) فی نسخه أ فقط.

[1557] ( 2) فی نسخه م فقط.

[1558] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[1559] ( 4) فی نسخه م: أحدث نقصاناً فی الدفع للقی ء.

[1560] ( 5) فی نسخه م: المری ء.

[1561] ( 6) فی نسخه أ: انفتح.

[1562] ( 7) فی نسخه م: هو امتناع نفوذ الغذاء إلی المعده فی أمراض المعده.

[1563] ( 8) فی نسخه م: فی فم المعده.

[1564] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1565] ( 2) فی نسخه م فقط.

[1566] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[1567] ( 4) فی نسخه م: بییمولیموس.

[1568] ( 5) فی نسخه م فقط.

[1569] ( 1) فی نسخه م: البارده، و بالفعل.

[1570] ( 2) فی نسخه م: عنه.

[1571] ( 3) فی نسخه م فقط.

[1572] ( 4) فی نسخه م: المده.

[1573] ( 1) فی نسخه م: بولیموس.

[1574] ( 2) فی نسخه م: و ما کان من الشی ء الردی ء.

[1575] ( 3) فی نسخه م: فإنه یتغذی بالقلیل من هذا الدم و یبقی.

[1576] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1577] ( 2) فی نسخه م: فیها.

[1578] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1579] ( 2) فی نسخه م: أو المالح.

[1580] ( 3) فی نسخه م فقط.

[1581] ( 4) فی نسخه م فقط.

[1582] ( 5) فی نسخه م: بولیموس.

[1583] ( 6) فی نسخه م: و الجوع.

[1584] ( 7) فی نسخه أ فقط.

[1585] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1586] ( 1) فی نسخه م: تقیح.

[1587] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1588] ( 2) فی نسخه م: أو کان.

[1589] ( 3) فی نسخه م: موعوکون.

[1590] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1591] ( 2) فی نسخه م: افطیقس.

[1592] ( 3) فی نسخه م: لاقلابها.

[1593] ( 4)

فی نسخه م: و الجشاء.

[1594] ( 5) فی نسخه م: و ذفارته.

[1595] فی نسخه م فقط.

[1596] ( 1) فی نسخه م: و الدخن.

[1597] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1598] ( 3) فی نسخه م فقط.

[1599] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[1600] ( 5) فی نسخه م: لادائه.

[1601] ( 6) فی نسخه م فقط.

[1602] ( 1) فی نسخه م: و الحامض.

[1603] ( 2) فی نسخه م: من.

[1604] ( 3) فی نسخه م: و أوراد.

[1605] ( 1) فی نسخه م: بإسهال.

[1606] ( 2) فی نسخه م: یکن.

[1607] ( 3) فی نسخه م: فیسهل.

[1608] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1609] ( 2) فی نسخه م: الأعصاب.

[1610] ( 3) فی نسخه م فقط.

[1611] ( 4) فی نسخه م: المعی.

[1612] ( 1) فی نسخه م: مده.

[1613] ( 1) فی نسخه م: و أثقل.

[1614] ( 2) فی نسخه م: ذفراً

[1615] ( 3) فی نسخه م: و لذاعاً.

[1616] ( 4) فی نسخه م: فتتأذا.

[1617] ( 5) فی نسخه م: و تدفعه.

[1618] ( 6) فی نسخه أ فقط.

[1619] ( 7) فی نسخه م: أو.

[1620] ( 8) فی نسخه أ: و یشربه جمهلها.

[1621] ( 9) فی نسخه أ فقط.

[1622] ( 10) فی نسخه أ فقط.

[1623] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1624] ( 1) فی نسخه م: فهی.

[1625] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1626] ( 3) فی نسخه م: مما.

[1627] ( 1) فی نسخه م: باللحم.

[1628] ( 2) فی نسخه م: بالدودی.

[1629] ( 3) فی نسخه م: و تنفزر.

[1630] ( 4) فی نسخه م: المعده.

[1631] ( 5) فی نسخه م فقط.

[1632] ( 6) فی نسخه م فقط.

[1633] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1634] ( 2)

فی نسخه م: أو فی.

[1635] ( 3) فی نسخه م: و إن.

[1636] ( 4) فی نسخه م: و إن.

[1637] ( 5) فی نسخه م فقط.

[1638] ( 6) فی نسخه م: شدیده فی القرحه ر الأمعاء التی.

[1639] ( 7) فی نسخه أ فقط.

[1640] ( 8) فی نسخه م فقط.

[1641] ( 9) فی نسخه م: الدوسنطاریا.

[1642] ( 1) فی نسخه م: المعی.

[1643] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1644] ( 3) فی نسخه م: من.

[1645] ( 1) فی نسخه م: أو.

[1646] ( 2) فی نسخه م: الزحیر.

[1647] ( 3) فی نسخه م: الأمعاء.

[1648] ( 1) فی نسخه م: لا یکون.

[1649] ( 2) فی نسخه م: المعی.

[1650] ( 1) فی نسخه م: الحار.

[1651] ( 2) فی نسخه م: و أشربه.

[1652] ( 3) فی نسخه م: المعی.

[1653] ( 1) فی نسخه م: المعی.

[1654] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1655] ( 2) فی نسخه م فقط.

[1656] ( 1) فی نسخه م: الأمعاء.

[1657] ( 1) فی نسخه أ: و هذان النوعان: منهما ما یخرج منه دم و منه ما لا یخرج منه دم.

[1658] مجوسی، علی بن عباس، کامل الصناعه الطبیه، 4جلد، جلال الدین - قم، چاپ: اول، 1387 ه.ش.

[1659] ( 1) فی نسخه م: فی أعضاء أخر.

[1660] ( 2) فی نسخه م: منها.

[1661] ( 3) فی نسخه أ: امر.

[1662] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1663] ( 2) فی نسخه م فقط.

[1664] ( 3) فی نسخه م: إنما.

[1665] ( 4) فی نسخه م: بالمسربه.

[1666] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[1667] ( 6) فی نسخه أ: ینجب.

[1668] ( 7) فی نسخه م فقط.

[1669] ( 8) فی نسخه م: و الثقب بإصبعک بطرف.

[1670] ( 1)

فی نسخه م: المعی.

[1671] ( 2) فی نسخه م فقط.

[1672] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[1673] ( 1) فی نسخه م: أو من.

[1674] ( 2) فی نسخه م فقط.

[1675] ( 3) فی نسخه م: نضیج.

[1676] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1677] ( 2) فی نسخه م: أن تنقی.

[1678] ( 1) فی نسخه أ: وعشی.

[1679] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1680] ( 3) فی نسخه أ: مجی ء.

[1681] ( 1) فی نسخه م: بالبواب.

[1682] ( 2) فی نسخه م: فاعلم ذلک.

[1683] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1684] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1685] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[1686] ( 4) فی نسخه م: أو تنفیذه.

[1687] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1688] ( 2) فی نسخه أ: الدقی.

[1689] ( 1) فی نسخه أ: المقعده.

[1690] ( 2) فی نسخه م: الحادثه.

[1691] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1692] ( 2) فی نسخه م فقط.

[1693] ( 1) فی نسخه م: فاعلم ذلک.

[1694] ( 1) فی نسخه م: و تغیر.

[1695] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1696] ( 1) فی نسخه أ: من قبل.

[1697] ( 2) فی نسخه م: قبلته.

[1698] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[1699] ( 4) فی نسخه م فقط.

[1700] ( 1) فی نسخه م: أو من الکبد.

[1701] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1702] ( 1) فی نسخه م: دیابیطس.

[1703] ( 1) فی نسخه م: للبطن.

[1704] ( 2) فی نسخه م: دائماً.

[1705] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1706] ( 1) فی نسخه م: غرران.

[1707] ( 2) فی نسخه م: الرمان.

[1708] ( 3) فی نسخه م: و یتشبث.

[1709] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[1710] ( 1) فی نسخه م: الأعضاء.

[1711] (

2) فی نسخه أ فقط.

[1712] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[1713] ( 1) فی نسخه م: فیحدث.

[1714] ( 1) فی نسخه م: و ینقل.

[1715] ( 1) فی نسخه م: بالفاثاطیر.

[1716] ( 2) فی نسخه أ: الورم.

[1717] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[1718] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[1719] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1720] ( 2) فی نسخه م: حادث.

[1721] ( 3) فی نسخه م: أو کیفیه.

[1722] ( 4) فی نسخه م فقط.

[1723] ( 1) فی نسخه م: و الأمعاء.

[1724] ( 2) فی نسخه م: عضل البطن.

[1725] ( 3) فی نسخه م: المعی.

[1726] ( 1) فی نسخه م: و الأربیتین.

[1727] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1728] ( 2) فی نسخه م: صفاتها.

[1729] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1730] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1731] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[1732] ( 1) فی نسخه م: یقصر.

[1733] ( 2) فی نسخه م: عظیمه.

[1734] ( 3) فی نسخه م فقط.

[1735] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1736] ( 1) فی نسخه م: قریافسموس.

[1737] ( 2) فی نسخه م فقط.

[1738] ( 1) فی نسخه م: أو المده.

[1739] ( 2) فی نسخه م: فاعلم ذلک.

[1740] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1741] ( 2) فی نسخه م: عند ثمان سنین.

[1742] ( 3) فی نسخه أ: الجدث.

[1743] ( 1) فی نسخه م: دورین.

[1744] ( 2) فی نسخه م فقط.

[1745] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[1746] ( 1) فی نسخه م: و الخروج.

[1747] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1748] ( 3) فی نسخه أ: نقیاً.

[1749] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1750] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1751] ( 3) فی نسخه أ: تجف.

[1752]

( 4) فی نسخه م: اللاتی.

[1753] ( 5) فی نسخه م: أوعیته.

[1754] ( 6) فی نسخه م فقط.

[1755] ( 7) فی نسخه م فقط.

[1756] ( 8) فی نسخه م: شهوتهن.

[1757] ( 1) فی نسخه م: أو اختلافه.

[1758] ( 2) فی نسخه م: المربذ.

[1759] ( 3) فی نسخه م: و لذلک.

[1760] ( 1) فی نسخه أ: فیحدث.

[1761] ( 1) فی نسخه م: سقیرس.

[1762] ( 2) فی نسخه م فقط.

[1763] ( 1) فی نسخه م: بالرحا.

[1764] ( 2) فی نسخه م: کثیفه.

[1765] ( 1) فی نسخه م: ذلک.

[1766] ( 2) فی نسخه م فقط.

[1767] ( 3) فی نسخه م فقط.

[1768] ( 4) فی نسخه م: و من.

[1769] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1770] ( 2) فی نسخه م: و الخراج.

[1771] ( 3) فی نسخه م: یحدث.

[1772] ( 1) فی نسخه م: السقم.

[1773] ( 2) فی نسخه م: و کذلک.

[1774] ( 3) فی نسخه أ: حفظ.

[1775] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1776] ( 2) فی نسخه م فقط.

[1777] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[1778] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[1779] ( 5) فی نسخه م فقط.

[1780] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1781] ( 2) فی نسخه م: یوجد.

[1782] ( 3) فی نسخه م: تدور المعی.

[1783] ( 1) فی نسخه م: تولید الریاح عنه.

[1784] ( 2) فی نسخه م: فتضغط.

[1785] ( 3) فی نسخه م: فی.

[1786] ( 4) فی نسخه م: الولاده.

[1787] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1788] ( 2) فی نسخه م: و یخلخل.

[1789] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1790] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1791] ( 3) فی نسخه م: من ثخن.

[1792] ( 4) فی نسخه أ:

جنون.

[1793] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[1794] ( 6) فی نسخه أ فقط.

[1795] ( 1) فی نسخه م: الثدیین.

[1796] ( 2) فی نسخه م فقط.

[1797] ( 3) فی نسخه م: الدم.

[1798] ( 4) فی نسخه م: فاعلم ذلک.

[1799] ( 1) فی نسخه م: فی علل الورکین و الرجلین و أسبابها و علاماتها.

[1800] ( 2) فی نسخه م: تحدث فی مفصل.

[1801] ( 3) فی نسخه م فقط.

[1802] ( 4) فی نسخه م: تهزل و کذلک قال أبقراط.

[1803] ( 5) فی نسخه أ: رجله.

[1804] ( 6) فی نسخه م فقط.

[1805] مجوسی، علی بن عباس، کامل الصناعه الطبیه، 4جلد، جلال الدین - قم، چاپ: اول، 1387 ه.ش.

[1806] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1807] ( 2) فی نسخه م: فإذا.

[1808] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[1809] ( 4) فی نسخه م فقط.

[1810] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[1811] ( 6) فی نسخه أ: الفضل.

[1812] ( 7) فی نسخه م: تمدد المفصل تمدیداً و متی.

[1813] ( 1) فی نسخه م: فی ذلک.

[1814] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1815] ( 3) فی نسخه م: إلا أن.

[1816] ( 4) فی نسخه م: الخصیان.

[1817] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[1818] ( 6) فی نسخه م: ثدییها.

[1819] ( 1) فی نسخه م: فمتی.

[1820] ( 2) فی نسخه م: للفضل انصبت إلیها و أحدثت هذه العله.

[1821] ( 3) فی نسخه م: یعنی أن یکون ورث من الآباء.

[1822] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[1823] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[1824] ( 6) فی نسخه م: و تنصب.

[1825] ( 7) فی نسخه أ: کالمقیص.

[1826] ( 1) فی نسخه م: فیما تقدم بتدبیر مولد للسوداء.

[1827] ( 1) فی

نسخه أ فقط.

[1828] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1829] ( 2) فی نسخه م: فی ذکر صفه جمله الکلام علی الدلائل المنذره و أسبابها و علاماتها ..

[1830] ( 3) فی نسخه م: فی ذکر صفه علامات الامتلاء و غلبه الاخلاط و أسبابها و علاماتها ..

[1831] ( 4) فی نسخه م فقط.

[1832] ( 5) فی نسخه م: 4 فی ذکر صفه العلامات و الدلائل المنذره المستدل بها أیضاً علی أوقات الأمراض و أسبابها و علاماتها ..

[1833] ( 6) فی نسخه م: 5 فی ذکر صفه معرفه الدلائل المنذره التی یستدل بها علی معرفه المرض الحاد و المرض المتطاول و أسبابها و علاماتها.

[1834] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1835] ( 2) فی نسخه م فقط.

[1836] ( 3) فی نسخه م: و هو.

[1837] ( 4) فی نسخه م فقط.

[1838] ( 5) فی نسخه م فقط.

[1839] ( 6) فی نسخه م فقط.

[1840] ( 7) فی نسخه م فقط.

[1841] ( 8) فی نسخه م فقط.

[1842] ( 9) فی نسخه م فقط.

[1843] ( 10) فی نسخه م فقط.

[1844] ( 1) فی نسخه م: فی ذکر صفه جمله الکلام علی الدلائل المنذره و تقسیمها و أسبابها و علاماتها.

[1845] ( 2) فی نسخه م: إعلم أرشدک اللّه تعالی أن الدلائل المنذره الداله علی.

[1846] ( 3) فی نسخه م: خاص.

[1847] ( 4) فی نسخه م: ما قد ینذر.

[1848] ( 5) فی نسخه م: منه فائده لهذه.

[1849] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1850] ( 2) فی نسخه م فقط.

[1851] ( 3) فی نسخه م فقط.

[1852] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1853] ( 2) فی نسخه م فقط.

[1854] ( 3) فی نسخه م: إعلم أرشدک اللّه.

[1855]

( 1) فی نسخه م فقط.

[1856] ( 2) فی نسخه م: العامه.

[1857] ( 3) فی نسخه م فقط.

[1858] ( 4) فی نسخه أ: العضل.

[1859] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[1860] ( 6) فی نسخه م فقط.

[1861] ( 7) فی نسخه م: تعبه.

[1862] ( 8) فی نسخه م: أو قبل.

[1863] ( 9) فی نسخه م: و قی ء.

[1864] ( 1) فی نسخه م: تملأ.

[1865] ( 2) فی نسخه م: الازقه.

[1866] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[1867] ( 4) فی نسخه م فقط.

[1868] ( 5) فی نسخه م: و کدر.

[1869] ( 6) فی نسخه م: و هو أن.

[1870] ( 7) فی نسخه أ: و هذه.

[1871] ( 8) فی نسخه م فقط.

[1872] ( 9) فی نسخه م فقط.

[1873] ( 10) فی نسخه م: یکون.

[1874] ( 1) فی نسخه م: ثقل.

[1875] ( 2) فی نسخه م: لذلک.

[1876] ( 3) فی نسخه م: إذا.

[1877] ( 4) فی نسخه م: نضیج.

[1878] ( 5) فی نسخه م: یری فی البدن مع هذه انتفاخاً.

[1879] ( 6) فی نسخه م: لأنه.

[1880] ( 7) فی نسخه م: مزاجه.

[1881] ( 8) فی نسخه م: و یکون ظاهر البدن حامیاً.

[1882] ( 1) فی نسخه م: فی.

[1883] ( 2) فی نسخه م: إن.

[1884] ( 3) فی نسخه أ: رائحه.

[1885] ( 4) فی نسخه م: و مع ذلک.

[1886] ( 5) فی نسخه م: الأمراض.

[1887] ( 1) فی نسخه م: الحاره.

[1888] ( 2) فی نسخه م: أحمراً.

[1889] ( 3) فی نسخه م: و خشونه.

[1890] ( 4) فی نسخه م: المنظلمه.

[1891] ( 5) فی نسخه م: الصلبه.

[1892] ( 6) فی نسخه م فقط.

[1893] ( 7) فی نسخه أ فقط.

[1894] ( 1) فی

نسخه أ فقط.

[1895] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1896] ( 3) فی نسخه م: السموک الغرائیه و الکلماه.

[1897] ( 4) فی نسخه م: و استعمال.

[1898] ( 5) فی نسخه م فقط.

[1899] ( 6) فی نسخه أ فقط.

[1900] ( 7) فی نسخه م: حضرت.

[1901] ( 8) فی نسخه أ فقط.

[1902] ( 1) فی نسخه م: غلبه.

[1903] ( 1) فی نسخه م: فی صفه الدلائل الخاصه المنذره بحدوث العلل و الأمراض و أسبابها و علاماتها.

[1904] ( 2) فی نسخه م فقط.

[1905] ( 3) فی نسخه أ: المزمعه.

[1906] ( 4) فی نسخه م: أو مالت إلی.

[1907] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[1908] ( 6) فی نسخه م: شی ء ما.

[1909] ( 1) فی نسخه م: کثیفاً.

[1910] ( 2) فی نسخه م: کالبول.

[1911] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[1912] ( 4) فی نسخه م: و أیضاً.

[1913] ( 5) فی نسخه م: فإذا.

[1914] ( 6) فی نسخه أ فقط.

[1915] ( 7) فی نسخه م: و النوم إذا کان أکثر أو أقل مما جرت به العاده أو عرض فی غیر وقته، و[ کذلک] 1930 الاحلام إذا کثرت أو قلت و إن رأی فی منامه رؤیا من نوع واحد أو رأی رؤیا واحده فانتبه و رأی أیضاً تلک الرؤیا بعینها، فإنها تدل علی أن صاحبها لیس بباق علی صحته و کذلک العطاس و الجشاء و الفضول التی تجری من المنخرین و اللهات.

[1916] ( 8) فی نسخه م فقط.

[1917] ( 9) فی نسخه أ فقط.

[1918] ( 1) فی نسخه م: و الکموده.

[1919] ( 2) فی نسخه م: الأحوال.

[1920] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[1921] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[1922] ( 5) فی نسخه

م فقط.

[1923] ( 6) فی نسخه أ فقط.

[1924] ( 7) فی نسخه م: الجبله الجسم.

[1925] ( 8) فی نسخه أ فقط.

[1926] ( 9) فی نسخه م فقط.

[1927] ( 10) فی نسخه م: مکین الإعیاء.

[1928] ( 11) فی نسخه م: إذا.

[1929] ( 1) فی نسخه م: بقیه ماده من الماده لم.

[1930] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1931] ( 3) فی نسخه م: دام.

[1932] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[1933] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[1934] ( 6) فی نسخه م: و الانتشار.

[1935] ( 7) فی نسخه م: و الانتشار.

[1936] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1937] ( 2) فی نسخه م: حصل.

[1938] ( 3) فی نسخه م: فأسکتته.

[1939] ( 4) فی نسخه م: و ذلک أن الدماغ تلحقه فی هذه الحال آفه و یتهتک ما قد ینبت منه فی الأعضاء أو النخاع فیتعطل لذلک.

[1940] ( 5) فی نسخه أ: وجع.

[1941] ( 6) فی نسخه أ: مرضه.

[1942] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1943] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1944] ( 3) فی نسخه م: أو نزوله.

[1945] ( 4) فی نسخه م فقط.

[1946] ( 5) فی نسخه م فقط.

[1947] ( 6) فی نسخه م فقط.

[1948] ( 7) فی نسخه م: النفس.

[1949] ( 8) فی نسخه م: تحدث.

[1950] ( 9) فی نسخه م: موضعه.

[1951] ( 1) فی نسخه م: و عرضت.

[1952] ( 2) فی نسخه م: احتبس.

[1953] ( 3) فی نسخه م: و إذا دام علی الإنسان.

[1954] ( 4) فی نسخه م: یحدث.

[1955] ( 5) فی نسخه م: مراری حاد.

[1956] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1957] ( 2) فی نسخه م فقط.

[1958] ( 3) فی نسخه م: هیجاناً.

[1959] ( 1)

فی نسخه م: بوجع فی الورکین و الیدین و الرکبتین و القدمین و لا تسقط.

[1960] ( 2) فی نسخه م فقط.

[1961] ( 3) فی نسخه م فقط.

[1962] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[1963] ( 5) فی نسخه م: عله.

[1964] ( 6) فی نسخه أ فقط.

[1965] ( 7) فی نسخه م فقط.

[1966] ( 8) فی نسخه أ فقط.

[1967] ( 1) فی نسخه أ: تفتح.

[1968] ( 2) فی نسخه م: الجراحه.

[1969] ( 3) فی نسخه م فقط.

[1970] ( 1) فی نسخه م: فی ذکر صفه العلامات و الدلائل المنذره المستدل بها علی أوقات الأمراض و أسبابها و علاماتها.

[1971] ( 2) فی نسخه م فقط.

[1972] ( 3) فی نسخه م فقط.

[1973] ( 4) فی نسخه م فقط.

[1974] ( 5) فی نسخه م فقط.

[1975] ( 1) فی نسخه م فقط.

[1976] ( 2) فی نسخه م: ندب.

[1977] ( 1) فی نسخه م: و ضرر.

[1978] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1979] ( 3) فی نسخه م: للمریض.

[1980] ( 1) فی نسخه م: تکون فهی الأعراض.

[1981] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[1982] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[1983] ( 2) فی نسخه أ: و المواظبه.

[1984] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[1985] ( 4) فی نسخه م فقط.

[1986] ( 1) فی نسخه م: فی ذکر صفه معرفه الدلائل المنذره التی یستدل بها علی معرفه المرض الحار و المرض المتطاول و أسبابها و علاماتها.

[1987] ( 2) فی نسخه م: الحاره.

[1988] ( 3) فی نسخه م: و لا یحتاج.

[1989] ( 1) فی نسخه م: الحار.

[1990] ( 2) فی نسخه م فقط.

[1991] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[1992] ( 4) فی نسخه م فقط.

[1993] ( 5)

فی نسخه م: أو الرابع.

[1994] ( 6) فی نسخه أ فقط.

[1995] ( 7) فی نسخه م فقط.

[1996] ( 8) فی نسخه م: الحاره.

[1997] ( 9) فی نسخه أ فقط.

[1998] ( 10) فی نسخه أ فقط.

[1999] ( 11) فی نسخه أ فقط.

[2000] ( 12) فی نسخه م فقط.

[2001] ( 1) فی نسخه م: بإتمامها و موافقتها.

[2002] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[2003] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[2004] ( 4) فی نسخه م: الحاره.

[2005] ( 5) فی نسخه م: ودطینودس.

[2006] ( 6) فی نسخه م: و حمیات الربع لا سیما الخریفیه و الشتویه و البلغمیه و السوداویه من الأمراض المتطاوله التی یأتی فیها البحران، و الحمی المواظبه و حمی الغب غیر الخالصه و شطر الغب و الحمی المعروفه بلثقوریا ودطینودس و غیر ذلک من الأمراض.

[2007] ( 7) فی نسخه م فقط.

[2008] ( 8) فی نسخه أ فقط.

[2009] ( 9) فی نسخه م: فإنه إن یکن قد تبین للرئییس فی أول أیام مرض.

[2010] ( 10) فی نسخه م: من لحمه.

[2011] ( 1) فی نسخه م: البحران یأتی.

[2012] ( 2) فی نسخه م فقط.

[2013] ( 3) فی نسخه م: الحار.

[2014] ( 4) فی نسخه م فقط.

[2015] ( 5) فی نسخه م: ماده.

[2016] ( 6) فی نسخه م فقط.

[2017] ( 1) فی نسخه م فقط.

[2018] ( 2) فی نسخه م فقط.

[2019] ( 3) فی نسخه م فقط.

[2020] ( 4) فی نسخه م: و یکون التغییر.

[2021] ( 1) فی نسخه م فقط.

[2022] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[2023] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[2024] ( 1) فی نسخه م: فی ذکر صفه معرفه الشی ء الذی یکون به البحران و هو

الاستفراغ و أسبابه و علاماته.

[2025] ( 2) فی نسخه م فقط.

[2026] ( 3) فی نسخه م فقط.

[2027] ( 4) فی نسخه م فقط.

[2028] ( 1) فی نسخه م: فان.

[2029] ( 2) فی نسخه م: و ببول.

[2030] ( 3) فی نسخه م: إذا.

[2031] ( 4) فی نسخه م: و تحله.

[2032] ( 5) فی نسخه م: و تولد فیه.

[2033] ( 6) فی نسخه أ: دموی

[2034] مجوسی، علی بن عباس، کامل الصناعه الطبیه، 4جلد، جلال الدین - قم، چاپ: اول، 1387 ه.ش.

[2035] ( 1) فی نسخه م: أن یعاد ثانیاً بأسرع ما قد کان أولًا.

[2036] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[2037] ( 3) فی نسخه م فقط.

[2038] ( 4) فی نسخه م: بتوتر.

[2039] ( 1) فی نسخه م فقط.

[2040] ( 2) فی نسخه م فقط.

[2041] ( 3) فی نسخه م: بحوریه.

[2042] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[2043] ( 5) فی نسخه م فقط.

[2044] ( 1) فی نسخه م: البحوریه.

[2045] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[2046] ( 3) فی نسخه م: بأکثر.

[2047] ( 4) فی نسخه م: البحوریه.

[2048] ( 5) فی نسخه م فقط.

[2049] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[2050] ( 2) فی نسخه م: البحوریه.

[2051] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[2052] ( 4) فی نسخه م: و البراز و کان مع استفراغ یسیر.

[2053] ( 1) فی نسخه م: فی.

[2054] ( 2) فی نسخه م: و صلاح.

[2055] ( 3) فی نسخه م: و من بعده الیوم السادس عشر و الثامن عشر ..

[2056] ( 1) فی نسخه م فقط.

[2057] ( 2) فی نسخه م فقط.

[2058] ( 3) فی نسخه م: ما یحسب.

[2059] ( 4) فی نسخه م فقط.

[2060] ( 5)

فی نسخه م فقط.

[2061] ( 6) فی نسخه م فقط.

[2062] ( 7) فی نسخه م: ما یکون.

[2063] ( 1) فی نسخه م: جزء.

[2064] ( 2) فی نسخه م: أو هو.

[2065] ( 3) فی نسخه م فقط.

[2066] ( 4) فی نسخه م فقط.

[2067] ( 5) فی نسخه م: فی هذا الوقت یکون أضعف مما قبله و فی الوقت.

[2068] ( 6) فی نسخه م: جزء.

[2069] ( 1) فی نسخه م: المرض.

[2070] ( 2) فی نسخه م: القمر.

[2071] ( 3) فی حاشیه المخطوطه: الرابوع.

[2072] ( 4) فی نسخه م: أو الأسبوع.

[2073] ( 5) فی نسخه م: الذی قد وقع فیه أن یکون البحران قبله أو بعده و هذا یکون.

[2074] ( 6) فی نسخه م: تزهق.

[2075] ( 7) فی نسخه م فقط.

[2076] ( 8) فی نسخه أ فقط.

[2077] ( 9) فی نسخه م: أو الاسبوع.

[2078] ( 1) فی نسخه م: الخلط.

[2079] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[2080] ( 3) فی نسخه م فقط.

[2081] ( 4) فی نسخه م: الرابع.

[2082] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[2083] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[2084] ( 2) فی نسخه م: فهو الاربوع.

[2085] ( 3) فی نسخه م فقط.

[2086] ( 4) فی نسخه م فقط.

[2087] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[2088] ( 6) فی نسخه أ فقط.

[2089] ( 7) فی نسخه م فقط.

[2090] ( 1) فی نسخه م: فی ذکر صفه معرفه العلامات الداله علی البحران و أسبابه.

[2091] ( 2) فی نسخه م فقط.

[2092] ( 3) فی نسخه م: إن.

[2093] ( 4) فی نسخه م: بأدوار و تقلع و تتقدم مرتبه الحمی.

[2094] ( 5) فی نسخه م فقط.

[2095] ( 6) فی نسخه م: عنه.

[2096]

( 7) فی نسخه م: فی ذلک.

[2097] ( 8) فی نسخه م: أو ماده.

[2098] ( 9) فی نسخه م: أو القوه.

[2099] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[2100] ( 2) فی نسخه أ: الصعبه.

[2101] ( 3) فی نسخه م: و ترکه.

[2102] ( 4) فی نسخه م فقط.

[2103] ( 5) فی نسخه م: و انحدار.

[2104] ( 1) فی نسخه م: فی اللیله التی تکون تالیه النهار.

[2105] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[2106] ( 3) فی نسخه م: أو الأنف.

[2107] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[2108] ( 2) فی نسخه م: و ذلک لأن المرار یطوف فی فم المعده لخفته و الوجع یکون لکثره الحس فی فم المعده فإن کان مع ذلک مادون الشراسیف بارداً و اختلجت مع ذلک الشفه السفلی کان ذلک أوکد فی الدلاله علی أن القی ء أسرع حدوثاً.

[2109] ( 3) فی نسخه م: و نقع.

[2110] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[2111] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[2112] ( 6) فی نسخه م: المعده.

[2113] ( 1) فی نسخه م فقط.

[2114] ( 2) فی نسخه م: فافهم ذلک ترشد إن شاء اللّه تعالی.

[2115] ( 1) فی نسخه م فقط.

[2116] ( 2) فی نسخه م فقط.

[2117] ( 3) فی نسخه م فقط.

[2118] ( 4) فی نسخه م: التی هی اوقات المرض و علم المرض الحاد و المرض المتطاول و علم.

[2119] ( 1) فی نسخه م: أحد.

[2120] ( 2) فی نسخه م فقط.

[2121] ( 3) فی نسخه م فقط.

[2122] ( 4) فی نسخه م فقط.

[2123] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[2124] ( 1) فی نسخه م فقط.

[2125] ( 2) فی نسخه أ: و اخضر.

[2126] ( 3) فی نسخه م:

النفس.

[2127] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[2128] ( 5) فی نسخه م: و تخفیفها.

[2129] ( 6) فی نسخه م فقط.

[2130] ( 7) فی نسخه أ فقط.

[2131] ( 8) فی نسخه م: ینوبان.

[2132] ( 9) فی نسخه أ فقط.

[2133] ( 10) فی نسخه م: یبست.

[2134] ( 11) فی نسخه أ: و عظمه.

[2135] ( 1) فی نسخه م: مرض.

[2136] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[2137] ( 1) فی نسخه م: جذب.

[2138] ( 2) فی نسخه م: لورم.

[2139] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[2140] ( 4) فی نسخه م: أو الکبد أو المعده.

[2141] ( 5) فی نسخه م: و الیدین.

[2142] ( 1) فی نسخه م: أو تنکست.

[2143] ( 2) فی نسخه م: أو رعافاً کان أو بثوراً أو غیر ذلک.

[2144] ( 3) فی نسخه أ: و القوه.

[2145] ( 4) فی نسخه م: و تثبت بکلیتها دفع.

[2146] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[2147] ( 6) فی نسخه أ فقط.

[2148] ( 7) فی نسخه أ فقط.

[2149] ( 8) فی نسخه م: مزرورتان.

[2150] ( 9) فی نسخه م: فإنها تکون علامه مهلکه.

[2151] ( 10) فی نسخه م: حید.

[2152] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[2153] ( 2) فی نسخه م: تشنج.

[2154] ( 3) فی نسخه م: یثب.

[2155] ( 1) فی نسخه م: یتأذی.

[2156] ( 2) فی نسخه م: یتغیر.

[2157] ( 3) فی نسخه م: الحال.

[2158] ( 4) فی نسخه أ: بالحساسه.

[2159] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[2160] ( 2) فی نسخه م فقط.

[2161] ( 3) فی نسخه أ: الیبس.

[2162] ( 4) فی نسخه م: و لصلاح.

[2163] ( 5) فی نسخه م: هربت.

[2164] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[2165] ( 2) فی نسخه

م: ثلاثه انواع.

[2166] ( 3) فی نسخه م: من النفث و القی ء و العرق و الرعاف.

[2167] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[2168] ( 5) فی نسخه م فقط.

[2169] ( 6) فی نسخه م: و الرقیق.

[2170] ( 7) فی نسخه م: المعی.

[2171] ( 8) فی نسخه أ فقط.

[2172] ( 9) فی نسخه م فقط.

[2173] ( 1) فی نسخه م فقط.

[2174] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[2175] ( 3) فی نسخه م: و السبب.

[2176] ( 4) فی نسخه م: ما قد یدل.

[2177] ( 5) فی نسخه م فقط.

[2178] ( 6) فی نسخه م: فأذهب.

[2179] ( 7) فی نسخه أ: متقام.

[2180] ( 8) فی نسخه م: لأن.

[2181] ( 9) فی نسخه م: و تساقطت فتصل.

[2182] ( 10) فی نسخه أ فقط.

[2183] ( 11) فی نسخه م: تهد.

[2184] ( 12) فی نسخه م: و إذا کانت الآفه بهذه 2201 القوه فلا یمکن أن یبرأ صاحبها منها و إذا تبع اختلاف الدم حمی کان ذلک أیضاً دلیلًا ردیئاً لأن ذلک مما یدل علی ورم حار عظیم فی الأمعاء.

[2185] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[2186] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[2187] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[2188] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[2189] ( 5) فی نسخه م: و السحج.

[2190] ( 6) فی نسخه م: بثبوتها.

[2191] ( 1) فی نسخه م فقط.

[2192] ( 2) فی نسخه م فقط.

[2193] ( 3) فی نسخه م: الإنسان.

[2194] ( 4) فی نسخه م: سائر.

[2195] ( 5) فی نسخه م: للبزاق.

[2196] ( 6) فی نسخه م فقط.

[2197] ( 7) فی نسخه أ فقط.

[2198] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[2199] ( 2) فی نسخه م: عقل.

[2200] (

3) فی نسخه م: المبثور.

[2201] ( 4) فی نسخه م: تفور.

[2202] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[2203] ( 1) فی نسخه م: ما نقل عن الطائف.

[2204] ( 2) فی نسخه م فقط.

[2205] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[2206] ( 4) فی نسخه م: و هی فاعله جمیع البدن و العلامه للرداءه صحیحه و قله البول.

[2207] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[2208] ( 6) فی نسخه أ فقط.

[2209] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[2210] ( 2) فی نسخه م: قوی.

[2211] ( 3) فی نسخه م فقط.

[2212] ( 4) فی نسخه م: لا تکون.

[2213] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[2214] ( 6) فی نسخه م: أقبل.

[2215] ( 7) فی نسخه أ فقط.

[2216] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[2217] ( 2) فی نسخه م: بل یسلم ارتحاله فإن ذلک ردی ء.

[2218] ( 3) فی نسخه م فقط.

[2219] ( 4) فی نسخه م: لان.

[2220] ( 5) فی نسخه م فقط.

[2221] ( 6) فی نسخه أ فقط.

[2222] ( 7) فی نسخه أ فقط.

[2223] ( 8) فی نسخه م: یخلص.

[2224] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[2225] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[2226] ( 3) فی نسخه م: بالسم.

[2227] ( 4) فی نسخه م: یثبت.

[2228] ( 5) فی نسخه م: أو أغشیته.

[2229] ( 6) فی نسخه م: آفه.

[2230] ( 1) فی نسخه م: متی یفیق.

[2231] ( 2) فی نسخه م: قلنا.

[2232] ( 3) فی نسخه م فقط.

[2233] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[2234] ( 5) فی نسخه م: العله فی خصوصیتها.

[2235] ( 6) فی نسخه أ فقط.

[2236] ( 7) فی نسخه م فقط.

[2237] ( 8) فی نسخه م: حال.

[2238] ( 9) فی نسخه

م: معه.

[2239] ( 10) فی نسخه م: فإن.

[2240] ( 1) فی نسخه م: منهم أو ظهرت.

[2241] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[2242] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[2243] ( 4) فی نسخه م: المواضع.

[2244] ( 5) فی نسخه م: إذا کان المحموم.

[2245] ( 6) فی نسخه م: اختناق فی رقبته و لم.

[2246] ( 7) فی نسخه م: أن یبتلع الاکل.

[2247] ( 8) فی نسخه م: قد حدث فی العضل المستبطن للمری ء ورم.

[2248] ( 1) فی نسخه م: یحدث للعصب و النخاع و انجذبت معه.

[2249] ( 2) فی نسخه م: الاسبوع.

[2250] ( 3) فی نسخه م: قفاه.

[2251] ( 4) فی نسخه م: الوجع.

[2252] ( 5) فی نسخه م: المعده.

[2253] ( 6) فی نسخه م: البرء.

[2254] ( 1) فی نسخه م: و آل.

[2255] ( 2) فی نسخه م: الاظطجاع.

[2256] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[2257] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[2258] ( 2) فی نسخه م: دون الشراسیف فإنها فی الأحداث تکون أکثر منهم و ذلک أن ذات الجنب.

[2259] ( 1) فی نسخه م: دفع.

[2260] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[2261] ( 3) فی نسخه م: یبعث.

[2262] ( 4) فی نسخه م: عن.

[2263] ( 5) فی نسخه أ: المفصل.

[2264] ( 6) فی نسخه أ فقط.

[2265] ( 7) فی نسخه م: و علی.

[2266] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[2267] ( 2) فی نسخه م: إذا.

[2268] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[2269] ( 4) فی نسخه م: بکل.

[2270] ( 5) فی نسخه م: و من یکون یصیبه.

[2271] ( 6) فی نسخه م: قوی.

[2272] ( 7) فی نسخه م: و لطفتها.

[2273] ( 8) فی نسخه م: و ذلک لأنه یکون.

[2274]

( 9) فی نسخه أ فقط.

[2275] ( 1) فی نسخه م: خطر و هذا.

[2276] ( 2) فی نسخه م: للدماغ فی الأعضاء.

[2277] ( 1) فی نسخه م: دل.

[2278] ( 2) فی نسخه أ: الان أن یکون.

[2279] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[2280] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[2281] ( 5) فی نسخه م: ثخانه.

[2282] ( 6) فی نسخه أ فقط.

[2283] ( 7) فی نسخه م: دل ذلک علی الموت.

[2284] ( 8) فی نسخه م: بطنه فیموت.

[2285] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[2286] ( 2) فی نسخه م فقط.

[2287] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[2288] ( 4) فی نسخه م: ذلک الشی ء.

[2289] ( 5) فی نسخه م: أو فواق.

[2290] ( 6) فی نسخه أ فقط.

[2291] ( 7) فی نسخه م: تنسل.

[2292] ( 8) فی نسخه م فقط.

[2293] مجوسی، علی بن عباس، کامل الصناعه الطبیه، 4جلد، جلال الدین - قم، چاپ: اول، 1387 ه.ش.

[2294] ( 1) فی نسخه م: بالحمه.

[2295] ( 2) فی نسخه م: ما یغلظ.

[2296] ( 1) فی نسخه م: الهلاک.

[2297] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[2298] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[2299] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[2300] ( 5) فی نسخه م: التمدد.

[2301] ( 6) فی نسخه م: و خیلت.

[2302] ( 1) فی نسخه م فقط.

[2303] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[2304] ( 3) فی نسخه م فقط.

[2305] ( 1) فی نسخه م: فی ذکر صفه العلامات المنذره بالخلاص من المرض و أسبابه و علاماته.

[2306] ( 2) فی نسخه م فقط.

[2307] ( 3) فی نسخه م فقط.

[2308] ( 4) فی نسخه م: و وقته.

[2309] ( 1) فی نسخه م: الدلائل المأخوذه من حال

البدن.

[2310] ( 2) فی نسخه م: الخلط.

[2311] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[2312] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[2313] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[2314] ( 6) فی نسخه أ فقط.

[2315] ( 7) فی نسخه م: إذ کان یدل علی.

[2316] ( 8) فی نسخه م فقط.

[2317] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[2318] ( 2) فی نسخه م: بقوتها و انضجتها.

[2319] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[2320] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[2321] ( 5) فی نسخه م فقط.

[2322] ( 6) فی نسخه أ: انفه.

[2323] ( 7) فی نسخه أ فقط.

[2324] ( 8) فی نسخه م فقط.

[2325] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[2326] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[2327] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[2328] ( 4) فی نسخه أ فقط.

[2329] ( 5) فی نسخه م: و الغلظ المستحیل الشکل الذهبی.

[2330] ( 6) فی نسخه م: بالبراز.

[2331] ( 7) فی نسخه أ فقط.

[2332] ( 8) فی نسخه م: کذلک.

[2333] ( 9) فی نسخه أ: فالقصه.

[2334] ( 1) فی نسخه م: لون.

[2335] ( 2) فی نسخه أ: النضج.

[2336] ( 3) فی نسخه م: ماده.

[2337] ( 1) فی نسخه م: منذره.

[2338] ( 2) فی نسخه م: إذ کانت هذه الدلائل.

[2339] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[2340] ( 4) فی نسخه م: سائغاً.

[2341] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[2342] ( 6) فی نسخه أ فقط.

[2343] ( 7) فی نسخه م: یومئذ قبله رکان أخف.

[2344] ( 8) فی نسخه م: بمنخریه.

[2345] ( 9) فی نسخه م: سکن الوجع.

[2346] ( 1) فی نسخه أ فقط.

[2347] ( 2) فی نسخه م: و لم یغب و رجع شی ء.

[2348] ( 3) فی نسخه أ

فقط.

[2349] ( 4) فی نسخه م: غلب.

[2350] ( 5) فی نسخه م: الورم و الحمره دفعه ثم عادی و خرجا دلا علی السلامه.

[2351] ( 6) فی نسخه م: البراز.

[2352] ( 7) فی نسخه م: التی دام معها.

[2353] ( 8) فی نسخه م فقط.

[2354] ( 1) فی نسخه م: النوافض.

[2355] ( 2) فی نسخه أ فقط.

[2356] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[2357] ( 4) فی نسخه م: إلی الأعضاء الظاهره و انصبابه علی الأعضاء الحساسه.

[2358] ( 5) فی نسخه م: و الشفتین.

[2359] ( 6) فی نسخه م فقط.

[2360] ( 7) فی نسخه م: و الربو انتفعوا به و شفاهم.

[2361] ( 8) فی نسخه م: هو خروج ما یؤکل لوقته.

[2362] ( 9) فی نسخه م: یتغیر.

[2363] ( 10) فی نسخه م فقط.

[2364] ( 11) فی نسخه م فقط.

[2365] ( 12) فی نسخه أ: تشفی.

[2366] ( 1) فی نسخه م: ذکرناه آنفاً.

[2367] ( 2) فی نسخه م: معدته.

[2368] ( 3) فی نسخه م: بثره.

[2369] ( 4) فی نسخه م: وجعه و ذلک أن حده البول إذا انفجرت من القرحه ادملتها و خففتها.

[2370] ( 5) فی نسخه أ: و متی عرض بمن انشل من مرض و من کان بدنه غیر نقی بثور و حکه و قوابی دل علی أن الطبیعه.

[2371] ( 6) فی نسخه م فقط.

[2372] ( 7) فی نسخه م فقط.

[2373] ( 8) فی نسخه أ فقط.

[2374] ( 1) فی نسخه م: فی ذکر صفه معرفه ما ینبغی أن یتعلمه من أراد أن یتقدم فینذر بالسلامه للمریض أو بهلاکه و ما جری هذا المجری.

[2375] ( 2) فی نسخه م فقط.

[2376] ( 1) فی نسخه م: خفاء.

[2377] ( 2)

فی نسخه م: العلیل بخلاف القیاس.

[2378] ( 3) فی نسخه أ فقط.

[2379] ( 4) فی نسخه م: مداوله.

[2380] ( 1) فی نسخه م: أن تعرف السلیم منها و الذی یکون مهلکاً فی أول الأمر.

[2381] ( 2) فی نسخه م فقط.

[2382] ( 3) فی نسخه م فقط.

[2383] ( 4) فی نسخه م: و هو تمام أبواب المقاله العاشره و هی تمام النصف الأول من کتابنا هذا المعروف بالملکی و هو کامل الصناعه الطبیه

[2384] ( 5) فی نسخه أ فقط.

[2385] مجوسی، علی بن عباس، کامل الصناعه الطبیه، 4جلد، جلال الدین - قم، چاپ: اول، 1387 ه.ش.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَالَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ
الزمر: 9

المقدمة:
تأسّس مرکز القائمیة للدراسات الکمبیوتریة في أصفهان بإشراف آیة الله الحاج السید حسن فقیه الإمامي عام 1426 الهجري في المجالات الدینیة والثقافیة والعلمیة معتمداً علی النشاطات الخالصة والدؤوبة لجمع من الإخصائیین والمثقفین في الجامعات والحوزات العلمیة.

إجراءات المؤسسة:
نظراً لقلة المراکز القائمة بتوفیر المصادر في العلوم الإسلامیة وتبعثرها في أنحاء البلاد وصعوبة الحصول علی مصادرها أحیاناً، تهدف مؤسسة القائمیة للدراسات الکمبیوتریة في أصفهان إلی التوفیر الأسهل والأسرع للمعلومات ووصولها إلی الباحثین في العلوم الإسلامیة وتقدم المؤسسة مجاناً مجموعة الکترونیة من الکتب والمقالات العلمیة والدراسات المفیدة وهي منظمة في برامج إلکترونیة وجاهزة في مختلف اللغات عرضاً للباحثین والمثقفین والراغبین فیها.
وتحاول المؤسسة تقدیم الخدمة معتمدة علی النظرة العلمیة البحتة البعیدة من التعصبات الشخصیة والاجتماعیة والسیاسیة والقومیة وعلی أساس خطة تنوي تنظیم الأعمال والمنشورات الصادرة من جمیع مراکز الشیعة.

الأهداف:
نشر الثقافة الإسلامیة وتعالیم القرآن وآل بیت النبیّ علیهم السلام
تحفیز الناس خصوصا الشباب علی دراسة أدقّ في المسائل الدینیة
تنزیل البرامج المفیدة في الهواتف والحاسوبات واللابتوب
الخدمة للباحثین والمحققین في الحوازت العلمیة والجامعات
توسیع عام لفکرة المطالعة
تهمید الأرضیة لتحریض المنشورات والکتّاب علی تقدیم آثارهم لتنظیمها في ملفات الکترونیة

السياسات:
مراعاة القوانین والعمل حسب المعاییر القانونیة
إنشاء العلاقات المترابطة مع المراکز المرتبطة
الاجتنباب عن الروتینیة وتکرار المحاولات السابقة
العرض العلمي البحت للمصادر والمعلومات
الالتزام بذکر المصادر والمآخذ في نشر المعلومات
من الواضح أن یتحمل المؤلف مسؤولیة العمل.

نشاطات المؤسسة:
طبع الکتب والملزمات والدوریات
إقامة المسابقات في مطالعة الکتب
إقامة المعارض الالکترونیة: المعارض الثلاثیة الأبعاد، أفلام بانوراما في الأمکنة الدینیة والسیاحیة
إنتاج الأفلام الکرتونیة والألعاب الکمبیوتریة
افتتاح موقع القائمیة الانترنتي بعنوان : www.ghaemiyeh.com
إنتاج الأفلام الثقافیة وأقراص المحاضرات و...
الإطلاق والدعم العلمي لنظام استلام الأسئلة والاستفسارات الدینیة والأخلاقیة والاعتقادیة والردّ علیها
تصمیم الأجهزة الخاصة بالمحاسبة، الجوال، بلوتوث Bluetooth، ویب کیوسک kiosk، الرسالة القصیرة ( (sms
إقامة الدورات التعلیمیة الالکترونیة لعموم الناس
إقامة الدورات الالکترونیة لتدریب المعلمین
إنتاج آلاف برامج في البحث والدراسة وتطبیقها في أنواع من اللابتوب والحاسوب والهاتف ویمکن تحمیلها علی 8 أنظمة؛
1.JAVA
2.ANDROID
3.EPUB
4.CHM
5.PDF
6.HTML
7.CHM
8.GHB
إعداد 4 الأسواق الإلکترونیة للکتاب علی موقع القائمیة ویمکن تحمیلها علی الأنظمة التالیة
1.ANDROID
2.IOS
3.WINDOWS PHONE
4.WINDOWS

وتقدّم مجاناً في الموقع بثلاث اللغات منها العربیة والانجلیزیة والفارسیة

الکلمة الأخيرة
نتقدم بکلمة الشکر والتقدیر إلی مکاتب مراجع التقلید منظمات والمراکز، المنشورات، المؤسسات، الکتّاب وکل من قدّم لنا المساعدة في تحقیق أهدافنا وعرض المعلومات علینا.
عنوان المکتب المرکزي
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.