سرشناسه : ابن سینا، حسین بن عبدالله، ق 428 - 370
عنوان و نام پدیدآور : ... القانون فی الطب/ للشیخ الرئیس ابی علی ابن سینا
مشخصات نشر : [بی جا.
وضعیت فهرست نویسی : فهرستنویسی قبلی
یادداشت : عربی
یادداشت : سربی
شماره کتابشناسی ملی : 200252
الماهیه: المسک سرّه دابه کالظبی، أو هو بعینه، و نابان أبیضان معقفان إلی الأنسی کقرنین.
الاختیار: أجوده بسبب معدنه التبتی، و قیل بل الصینی، ثم الجرجیری، ثم الهندی البحری، و من جهه الرعی، ثم قرون ما یرعی البهمنین و السنبل، ثم المر. و أجوده من جهه لونه و رائحته الفقاحی الأصفر.
الطبع: حار یابس فی الثانیه، و یبسه عند بعضهم أرجح.
الأفعال و الخواص: لطیف مقو.
الزینه: یبخر إذا وقع فی الطبیخ.
أعضاء الرأس: إذا أسعط بالمسک مع زعفران و قلیل کافور نفع الصداع البارد، و وحده أیضاً لما فیه من التحلل و القوه، و هو مقو للدماغ المعتدل.
أعضاء العین: یقوّی العین و ینشف رطوباتها و یجلو البیاض الرقیق.
أعضاء النفس و الصدر: یقوّی القلب و یفرح، و ینفع من الخفقان و التوحش.
السموم: هو تریاق السموم، و خصوصاً البیش.
الماهیه: منه رومی أبیض، و منه نَبَطی إلی السواد. و شجرته مرکبه من مائیه قلیله و أرضیه کثیره، و هو ألطف و أنفع من الکندر.
الاختیار: أجوده الأبیض الجلاء النقی، و إصلاحه تحلیله و ترکه فی الخل أیاماً، ثم یجفف.
الطبع: حار یابسَ فی الثانیه، و هو أقل تسخیناً و تجفیفاً من الکندر، و لیس فی شجرته تبرید و تسخین شدید، و فیه تسخین أکثر مما فی شجرته.
الأفعال و الخواص: قابض محلل، و جمیع أجزاء شجرته قابض، و ترکیبه من جوهر مائی
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 6
مفتر و جوهر أرضی، و أصوله و قشور أصوله یقوم مقام أقاقیا و هیوفسطیداس، و بدله، و کذلک عصاره ورقه، یتخذ من ثمرتها دهن شدید القبض. و أما جالینوس فیشبه أن یری أن فی جمیع أجزائها مع القبض تلییناً، و کذلک أدهانه، و النبطی الذی یضرب
إلی السواد قبضه أقل، و تجفیفه أکثر، فهو أوفق بما یحتاج إلی تحلیل قوی. و کل ما فیه من قبض و تلیین و تجفیف، فهو بلا أذی. دهنه لطیف جداً و یذیب للطافته و تلیینه و حرارته الرقیقه البلغم. و هو مع ذلک أقل حده و کثافه من سائر الصموغ.
الزینه: یقع فی السنونات و الغمر فیورث حسناً.
الأورام و البثور: ینفع لما فیه من القبض و التلیین من أورام الأحشاء. و الأسود النبطی أوفق للصلابات الباطنه، و الأسود نافع للأورام النملیه.
الجراح و القروح: یمنع عصارته و طبیخ ورقه من الساعیه، و دهن شجرته ینفع من الجرب، حتی جرب المواشی و الکلاب، و یصب طبیخ ورقه و عصارته علی القروح فینبت اللحم، و کذلک علی العظام المکسوره فیجبر.
أعضاء الرأس: و مضغه یحلب البلغم من الرأس و ینقیه، و کذلک المضمضه به تشد اللثّه.
أعضاء العین: یلصق به الهدب المتقلب.
أعضاء النفس: ینفع من السعال و نفث الدم، و خصوصاً طبیخ أصله و قشره.
أعضاء الغذاء: یقوی المعده و الکبد و یفتّق الشهوه و یطیب المعده و الکبد فی وقتها.
أعضاء النفض: یقوی الکبد و الإمعاء و ینفع من أورامها. و طبیخ أصله و قشره ینفع من الاختلاف و دوسنطاریا و السحج، و کذلک نفس ورقه من نزف الدم من الرحم، و جمیع أوجاع الأرحام و سیلان رطوباتها الردیئه، و من نتوّ الرحم و المقعده، و کذلک دهن شجرته و بزره.
الماهیه: هو قطاع مختلفه الشکل فی لون غاریقون، و له غبار یضرب إلی قبض و مراره، و هو طیب الرائحه یحذو اللسان، و هو أصل نبات إنما یستعمل منه أصله، و یکثر ببلاد مقدونیا.
الاختیار: أجوده الأبیض الجلاء النقی، و إصلاحه تحلیله
و ترکه فی الخل أیاماً، ثم یجفف.
الطبع: حار یابس فی الثالثه، و فیه رطوبه غریبه غیر نضیجه تافهه.
الخواص: لطیف جلآء مفتح شبیه بالسنبل فی قوّته، لکنه أسخن و أقبض.
آلات المفاصل: ینفع شرباً و طلاءً من أوجاع المفاصل.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 7
أعضاء الرأس: یصدع الإکثار منه، و ذلک لفضل رطوبه فجّه فیه.
أعضاء الغذاء: ینفع الکبد البارده و النفخ فیها.
أعضاء النفض: نافع من عسر البول شرباً و ضماداً، و کذلک من أوجاع المثانه و إتقان الفضول فیها، و یدر الطمث، و ینفع من وجع الأرحام حتی الجلوس فی مائه، و ینفع من المغص و القراقر، و النفخ.
الماهیه: یتّوع کبیر، و هو ضربان. أحدهما ما ورقه کبیر رقیق، و الآخر صغیر الورق ثخینه، و هذا أردؤهما، و ما کان أسود فهو قتّال.
الأختیار: أجود المازریون ما کان ورقه کثیراً و شبیهاً بورق الزیتون و ألطف. و الصغیر الورق جعدها فردی ء، و قد یکسر غائله المازریون بالتحلیل.
الطبع: حار یابس فی الرابعه.
الأفعال و الخواص: و هو جال منق مقشر، و حرافته شدیده.
الزینه: جمیع أصنافه یستعمل فی البهق و البرص و النمش طلاء من خارج، و قد یخلط به الکبریت فی ذلک.
الجراح و القروح: جمیع أصنافه یستعمل للقوابی و القروح الوسخه بالعسل، فیقلع الخشکریشات لما فیه من الجوهر المحلل الأکال و کذلک یجفف الجرب.
أعضاء الرأس: یتمضمض بطبیخه، و خصوصاً بطبیخ الأسود، فیسکن وجع السنّ و قد یلصق شی ء منه مع فلفل و قطعه موم علی السن الوجعه.
أعضاء الغذاء: المازریون یضر بالکبد جداً.
أعضاء النفض: یسهّل الماء و خصوصاً المأخوذ رطباً وقت زهوه، و تکسر حدته بأن ینقع فی الحل، ثم یجفف، و الشربه منه منقوعاً ست درخمیات یطبخ فی
رطل و نصف ماء، حتی ینقی منه نصف و ربع، و یشرب و یسهّل الحیات و حب القرع، و خصوص أکسوثافن منه فی طبیخ الفوتنج الجبلی، و قد ینقع منه إثنان و عشرون درهماً فی جرتین من شراب، و یترک شهرین، ثم یصفّی، ثم یترک شهرین، ثم یشرب للإستسقاء و لتنقیه النفاس. و طبیخه ینفع من عسر البول الشدید. قال بعضهم: أنه أیضاً یسهّل السوداء و الأخلاط البلغمیه، و خصوصاً إذا خلط به مثلًا أفسنتین. و منهم من یأخذ منه مثقالًا بضعفه أفسنتین معجوناً بالعسل المطبوخ، و یتخذ منه شیافاً، و یجب إن أرید به إسهال الماء. الأصفر أن یخلط به المسهلات الأخری له، و أن أرید به إسهال السوداء فعل به مثل ذلک فیخلط بما یسهل السوداء.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 8
السموم: المازریون یسقی بالشراب لنهش الهوام، و هو خصوصاً الأسود قاتل، إذا خلط بالسویق و جمع بماء وزیت، قتل الفار و الکلاب و الخنازیر، و القاتل منه للناس وزن درهمین یقتل بالکرب و القی ء و الإسهال.
الماهیه: قالت الهند: إنه أنواع، نوع طیب الرائحه و هو مرماخور، و هو أحر و أیبس. و نوع آخر، و هو أقل ریحاً، و یقال له سموساً، و هو حار لیّن. و نوع ثالث یسمی المرو الأبیض، معتدل و فیه قوه مفرحه. و أظن أن الذی فیه قوه مفرحه هو لسان الثور. و نوع یسمی مروماهوس، و هو حار یابس ملطف. و نوع یسمی میشبهار و هو بارد فیما قال واصفه.
الطبع: حار یابس فی الثانیه، ثم یختلف.
الأفعال و الخواص: جمیع أصنافه مفش للریح، لطیف محلل للنفخ و البلغم، مفتّح للسدد البارده حیث کانت.
أعضاء الرأس: یقطر
مع اللبن فی الأذن الوجعه و میشبهار، نافع من الصداع الحار و سائر أصناف المر، و ینفع الصداع البارد، لکن العطر منه یصدع، خصوصاً إذا شم علی الشراب.
أعضاء الغذاء: یحلل البلغم من المعده، و ینفع من وجع المعده و یقویها.
أعضاء النفض: یقوی الأمعاء، و بزره إذا قلی ینفع من السحج و من دوسنطاریا، و إن لم یقل أسهل بلغماً.
الماهیه: معروف، و زهره أغبر إلی الخضره، طیب الرائحه عطر.
الطبع: قال الدمشقی، إن المرماخور أسخن من المرزنجوش و أقوی، و هو حار فی الثالثه یابس فی الثانیه.
الأفعال و الخواص: لطیف محلل فسکن للریاح مفتح للسدد البلغمیه حیث کانت.
أعضاء الرأس: یسکر سریعاً إذا جعل فی الشراب، و یصدع شمّه علیه، لکنه محلل شمه أو الإکباب علی نطوله جمیع البخار و الصداع البارد، یشبه الشیح فی ذلک.
أعضاء الغذاء: یقوّی المعده و یفتح سدد الأحشاء و ینشّف رطوبه المعده.
أعضاء النفض: یقوّی الامعاء.
الماهیه: مقل الیهود منه صقلبی، و منه عربی و هو غیر مقل الدودم، و کلاهما من الدوادم و الصموغ، و أما المکّی فهو ثمره شجره الدوم.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 9
الاختیار: الأجود من الصمغین هو الأزرق الصافی المر الطعم النقی من العیدان السهل الانحلال الطیب الرائحه، لدخانه رائحه الغار، و إذا عتق مقل الیهود خرج من التلیین إلی التجفیف.
الطبع: المکی بارد یابس، و الآخر حار فی آخر الأولی ملین، و خصوصاً الصقلبی، و العربی یجففه الرمان.
الأفعال و الخواص: محلل حتی الدم الجامد ملین منضج کاسر للریاح، و الصقلبی أشد تلییناً، و العربی أیبس منه إلا طریّه.
الأورام و البثور: یحلل الأورام الصلبه، و خصوصاً مدوفاً بریق الصائم، و کذلک یحلل سائر الأورام البارده، و العربی الذی لیس هو ثمره الدوم، و هو مقل الیهود، یزیل الخنازیر، و یشرب مطبوخاً للأورام الباطنه و الصلبه.
الجراح و القروح: یطلی بالخل علی السعفه.
آلات المفاصل: ینفع من فسخ العضل و من التشنج و صلابه الأعصاب و تعقدها.
أعضاء النفس: ینفع من أوجاع قصبه الرئه و أورامها، و ینفع من السعال المزمن، و ینفع أوجاع الجنب. و العربی نافع من أورام الحنجره
و الحلق.
أعضاء النفض: ینفع من البواسیر شرباً و حمولًا و بخوراً، و یحبس دمها، و ینفع من حصاه الکلی، و إذا وقع فی المسهلات منع السحج، و یدر البول و الطمث. و قد یظن بالمکی أیضاً أنه یدر، و لا شک فی أنه یعقل و یفتت الحصاه. و المقل العریی الصافی الأحمر إذا سحق منه مقدار مثقالین و شرب بماء العسل حطم البلغم. و المقلان جمیعاً یحللان أدره الماء، و یفتحان فم الرحم المنضم، و یحدران الجنین، و ینقیان الرحم و یحللان أورام المقعده و الأنثیین.
السموم: نافع من لسع الهوام.
الإختیار: المیاه الفاضله و المحموده قد ذکرناها فی الکتاب الأول، فلیعلم من هناک. و المیاه الردیئه، هی الراکده البطائحیه، و الغالب علیها طعم غریب، و رائحه غریبه. و الکدره الغلیظه الثقیله الوزن، و المبادره إلی التحجر، و التی یطفو علیها غثاء ردی ء، و تحمل فوقها شیئاً غریباً.
و اعلم أن البورقیه من المیاه یتدارک ضررها باللبن و الشراب الغلیظ و النشاستج، و الشبیه بالشراب الرقیق الریحانی و الغبیراء النی ء و القثاء الفج و البقول الملطفه و المدره و المیاه الغلیظه الکدره، یصلحها الملطفات، کالثوم و البصل و الکراث. و شرب الشراب علیها یذهب غائلتها،
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 10
خصوصاً مخلوطاً فیها. و الماء الخشن هو، إما الغلیظ، و إما الحاد الجلاء. و قد یقال ماء خشن للذی یکون شدید التنقیه لما یغسل به. و الماء المر یصلحه الحلاوات. و المالح یصلحه الخرنوب الشامی و حبّ الآس و الزعرور و الطین الحر و السویق. و الماء الردی ء بالجمله یصلحه الخل.
الطبع: ماء البحر حریف حاد و الماء البورقی مسخن مجفف، و الماء النحاسی و الحدیدی ینفع
الأحشاء.
الخواص: الماء البارد یضر أصحاب السدد، لکنه ینفع أصحاب التخلخل و السیلان، أی سیلان کان من أی عضو کان، و من یعرض لهم بسببه أمراض. و یقوی القوی کلها علی أفعالها إذا کان باعتدال، أعنی الهاضمه و الجاذبه و الماسکه و الدافعه.
الزینه: ماء البحر ینفع من الشقاق العارض من البرد قبل أن یتقرج، و یقتل القمل، و یحلل الدم المنعقد تحت الجلد. و المیاه الکبریتیه جیده للبهق و البرص.
الأورام و البثور: المیاه الکبریتیه نافعه من أورام المفاصل و الصلابات و الثآلیل المتعلقه.
الجراح و القروح: الماء القراح ردی ء للقروح بما یرطب. و هو خلاف واجب تدبیر القروح. و ماء البحر ینفع استعماله من الحکه و الجرب و القوابی. و المیاه الکبریتیه أیضاً جیده للجرب و القوابی أستحماماً بها، و کذلک من السعفه.
آلات المفاصل: ماء البحر و نحوه ینفع من أمراض العصب، و خصوصاً إذا استحم به، مثل الرعشه و الفالج و الخدر و نحوه، و المیاه الکبریتیه کذلک، و ینفع من جمیع أوجاع المفاصل و العصب البارده.
أعضاء الرأس: المصرعون ینتفعون بالماء الفاتر، و یستضرون بالماء الحار. و بخار ماء البحر ینفع مده من الصداع البارد، و ماء النحاس ینفع الفم و الأذن.
أعضاء العین: ماء القفر ردی ء للعین.
أعضاء الصدر و النفس: الماء البارد جداً ردی ء للصدر، علی أن الماء ضار لقصبه الرئه للترطیب الذی فیه، و هو یحتاج إلی تجفیف، و الماء الفاتر جید لأورام الحلق، و اللهاه و الصدر. ماء البحر ینطل به اورام الثدی. الماء البورقی ربما نفع الرئه. ماء الشبّ نافع من نفث الدم.
أعضاء الغذاء: الماء الحدیدی ینفع الطحال و المعده. و الماء النحاسی قریب منه.
الماء البارد جداً خصوصاً یضر أصحاب السدد. ماء البحر
و نحوه ردی ء للمعده. بخار ماء البحر ینفع من الاستسقاء. و شرب الماء البورقی ربما نفع لبورقیته المعده الرطبه. و ماء الشب ینفع من القی ء و یمنعه، و کذلک میاه الحمآت القابضه. و المیاه الکبریتیه نافعه من أورام الطحال و أوجاعها، و کذلک الکبد.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 11
أعضاء النفض: ماء البحر یحقن به للمغص، و قد یسقی فیسهل، ثم یشرب بعده مرق الدجاج فیسکن لذعه. و الماء الشبّی یمنع لإسقاط و نزف الحیض. و المیاه الکبریتیه نافعه من أوجاع الرحم.
الماء البارد جداً ردی ء للباه، و یعقل البطن، و. یسکن حرکات المنی و سیلانه. الماء المالح یسهل، ثم یمسک بتجفیفه. و جمیع الماء المعدنی یعسر البول و الحیض و الولاده. و أکثرها یطلق و یجفف، و بعضها کالشبی یعقل، و قد یحدث القولنج أیضاً. و المیاه الحدیدیه و النحاسیه جیده للکلی و القولنج. و المیاه الکدره تحدث الحصاه فی الکلیه و المثانه. و الماء المطفأ فیه الحدید ینفع من نفث الدم.
الحمیات: المیاه الکبریتیه و الطینیه و الراکده المیته تحدث الحمیّات، و الغلیظه تحدث الربع منها.
السموم: من لسعته الأفعی، فجلس فی ماء البحر انتفع به، و کذلک سائر الهوام القتاله.
الخواص: قوّته جلاءه.
الأورام و البثور: یحلل الأورام الحاره.
أعضاء الغذاء: ینفع من الأوجاع الرخوه و الثقیله فی الأحشاء.
أعضاء النفض: ینفع من حصاه الکلیه و یفتتها طبیخه، و أصله نافع لقروح المعی.
الماهیه: قال بعضهم: إنه عرق الرمان البری، و لیس یوافق هذا ما یذکر من أن بزره یوافق الباه و یحرکها بقوه.
الطبع: حار إلی الثانیه رطب فی الثالثه.
الخواص: هو مقو للأعضاء.
الزینه: هو مسمن.
آلات المفاصل: هو نافع إذا ضُمِّد به من الوثی و الکسر، و وهن العضل، و ینفع من النقرس و التشنج، و هو جید للدشبذ و صلابه المفاصل.
أعضاء النفس: ملین لصلابات الحلق و الرئه.
أعضاء النفض: یحرک الباه خصوصاً بزره.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 12
الماهیه: إن المرداسنج هو الآنک المحرق، و قد یتّخذ من غیر الأنک، و قد یبالغ فی إصلاحه، إما بأن یطبخ فی خل أو خمر، ثم یحرق مره أو مرتین، أو یحرق علی الجمر و ینزع عنه ما یعلوه، أو یطبخ بالماء و الحنطه و الشعیر حتی یتشقّق، و یعزل عنه الحنطه، و کذلک الماء، و یطبخ بماء جدید حتی یخلص، ثم یرسب عن ذلک الماء، یفعل هذا به مراراً حتی ینقی کالملح یعمل غیر ذلک.
الطبع: قال جالینوس: هو إلی التجفیف، لکنه ضعیف الإسخان و التبرید، و عند غیره أنه إلی البرد ما هو، و المغسول منه بارد لا محال.
الخواص: قابض مجفّف یجلو قلیلًا مع قبض و تغریه، و یلطف الغلیظ، و قبضه و جلاؤه یسیران، و هو ماده للمراهم یجمع الأدویه و یکسر إفراط التحلیل و التأکل و القبض أیضاً.
الزینه: یطیب رائحه البدن و الإبط، و یمنع سحج الفخذ و یجلو الکلف، و الآثار السود، و الدم المیت، و خصوصاً المغسولَ، و یذهب آثار الجدری، و یمنع العرق.
الجراح و القروح: ینبت اللحم فی القروح بالعرض، لکن قال جالینوس،: إنه لا منقّ، و لا موسّخ، و لا منبت، و لا
ناقص، بل هو ماده المراهم، و ینفع سحج المغابن و الأفخاذ.
أعضاء العین: المغسول الأبیض منه یقع فی الأکحال و یجلو العین.
أعضاء النفض: إن شرب منع البول، و النساء فی بلادنا یسقینه للصبیان للخلفه، و قروح الأمعاء، و قد یلقینه فی کیزان الماء لیقل ضرره.
السموم: هو قاتل یحبس البول، و ینفخ البطن و الحالبین، و یبیّض اللسان، و یخنق، و یضیق النفس.
الماهیه: قضبان یشبه الشاهسفرم، و الیابس لا یوجد منه فی أول الطعم کثیر طعم و لا رائحه، ثم یعقب مراره وحده، و إذا رعته الغنم حلبت دماً، و هو ینوب عن الفوتنج، بل هو أقوی منه بکثیر، و هو صنفان: أحدهما المشک طرامشیر الحق، و الآخر المزور الکاذب، و هو یشبهه، لکنه أضعف أحوالًا منه.
الطبع: هو حار یابس إلی الثالثه.
أعضاء الصدر و النفس: هو یخرج الرطوبات اللزجه من الصدر و الرئه.
أعضاء الغذاء: شرابه نافع من الکرب و الغشی.
أعضاء النفض: یدر الطمث بقوه و البول حتی یبول الدم، و یخرج الأجنّه شرباً و تبخّراً و احتمالًا، و شرابه یَحدُرُ دم النفاس.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 13
الاختیار: أقوی مرارات ذوات الأربع، مراره البقر، ثم الظبی و الدب، ثم الماعز، ثم الضأن. و أسلم مرارات الطیر مراره الدیک، و الدرّاج و القبّج. و سائر مرارات الطیر أقوی من مرارات ذوات الأربع، إذا قست البغاث منها بالماشیه، و الصید بالجوارح.
و المرارات القویه اللذاعه جداً مرارات الجوارح، و خصوصاً الکبار منها، و المختار منها کان لونه أصفر طبیعیاً. و أما الزنجاری و اللازوردی فردی ء، و کذلک الناصع الحمره. و أضعف المرارات مراره الخنزیر، و مراره الشیوط و السمک المسی بالعقرب. و السلحفاه فهی أقوی من مراره ذوات الأربع. قال دیسقوریدوس: یشد طرف المرار و یغلی فی الماء قدر ما یعد الإنسان ثلاث غلوات، ثم یخرج و یجفف فی ظل لا ندی فیه و یحفظ.
الطبع: حاره یابسه کلّها فی الرابعه.
الأفعال و الخواص: المرارات کلها حاره جلاءه، و تختلف بحسب الذکر و الأنثی و تختلف بحسب حال العطش و الجوع، و حال الارتواء، و حال الدعه، و حال الریاضه.
الزینه:
مراره الحمار الوحشی تقلع التوث، و تنفع طلاء علی اثار الأورام.
الأورام و البثور: تقع فی مراهم الحمره فتمنعها.
الجراح و القروح: إذا خلطت المراره بالنطرون و الریتیانج و طین قیمولیا نفع من الجرب المتقرح. و مراره البقر تقع فی المراهم المانعه للجراحات غیر الحمره و الأوجاع الشدیده.
و مراره التیس تقلع اللحم التوثی. و القروح تختلف حاجتها إلی المرارات القویه و الضعیفه بحسب أوقاتها، و بحسب نقائها و توشخها. و مراره الذئب جیده للجراحات العصبیه، و فی زمان البرد یمنع التشتج و الکزاز المخوف فی أمثالها.
آلات المفاصل: مراره التیس تجعل علی داء الفیل و الدوالی، فتنفع، و کذلک مراره الحمار الوحشی، خصوصاً. و مراره الذئب تمنع التشنج و الکزاز اللذین یتبعان جراحات العصب خصوصاً من البرد.
أعضاء الرأس: مراره التیس و الثور للقروح الطریه فی الأذان. مراره الرخمه فی الزیت تقطر فی الأذن الثقیله، و التی بها طرش، و مع عصاره الکرَاث النبطی للطنین، و لثقد السمع. و مراره الثور بالنطرون و القیمولیا للحزاز، یغسل بها الرأس.
و قد قیل أن مراره الدب إذا لعقت تنفع من الصرع. و مراره السلحفاه نافعه من القلاع الخبیث فی أفواه الصبیان فیما یقال، و ینفع الاستنشاق بها المصروع و المرارات کلها نافعه للخیشوم مفتحه جداً لسدد المصفاه.
أعضاء العین: المرارات کلها تنفع من ظلمه البصر. و مراره الجوارح خصوصاً الیابس
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 14
تنفع من ابتداء الماء و الانتشار، و لا یجوز أن تستعمل إلا بعد تنقیه البدن و الرأس. و أنفع المرارات للعین، أما من دواب الأربع، فمراره الظبی. و أما من الطیر، فمراره القبّج، و أما من السموک، فمراره الشبوط. و مراره العنز تنفع من الغشاء و خصوصاً
الجبلی.
أعضاء النفس: و مراره الثور یتحنک بها مع العسل للخناق، و کذلک مراره السلحفاه.
أعضاء النفض: مراره الثور تفتح أفواه عروق البواسیر. و کل مراره مسهّله مطلقه حتی مراره الخنزیر إذا مسح بها السره أو احتملت. و مراره الثور مع العسل طلاء علی قروح المقعده، و یتخذ منه لطوخ الرحم و الأنثیین، و یجعل علی أورام الصفن.
السموم: مراره التیوس الجبلیه تریاق للمنهوش، و کذلک مراره الثور.
الماهیه: الموم الصافی، هو جدران بیوت النحل التی تبیض فیها، و تفرخ و تخزن فیها العسل و الموم الأسود هو وسخ کوائره.
الطبع: معتدل.
الخواص: ملیّن یملا القروح وسخاً، و یرطب، بالعرض لأنه یتدبق، فیسد المسام، و هو ماده المراهم المبرده و المسخنه کلها، و لا شک أن فیه نضجاً یسیرأ و قلیل تحلیل من کثیر العسل، و فی الموم الأسود، الذی هو وسخ الکواره، جذب من العمق شدید یجذب السلاء و الشوک، و فیه لطافه و تنقیه یسیره و تلیین بالغ.
الأورام و البثور: یلین صلابه الأورام.
القروح: یلین الخشکریشات، و یملا القروح وسخاً. و الأسود یجذب السلاء و الشوک.
آلات المفاصل: یلین الأعصاب.
أعضاء الرأس: الموم الأسود یعطس بقوّه رائحته.
أعضاء النفس: ینفع من خشونه الصدر طلاءً و لعقاً خصوصاً و قد ضرب بدهن البنفسجٍ، و یمنع اللبن من التعقد فی أثداء المرضعات. و أظن دیسقوریدوس یقول مشروباً حبوباً کالجاورسات عشره عدداً.
أعضاء النفض: یشرب منه عشر جاورسات فی بعض الأحساء الجاورسیه، أو الأرزیه لقروح الأمعاء.
السموم: قیل أنه یجذب السموم، و یجعل علی جراحات النصول المسمومه طلاء و لا یضر.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 15
الماهیه: هو الحجر الذی یجذب الحدید، و إذا أحرق صار ساذجه، و قوته قوته.
الإختیار: أجوده الأسود المشرب حمره، الخالص الذی لا خلط فیه.
الأفعال و الخواص: جال منقّ.
أعضاء النفض: یسقاه من شراب براده الحدید، و من احتبس فی بطنه خبث الحدید، فإنه یجذبه و یستصحبه عند الخروج، و قیل إنه إذا سقی منه ثلاث أنولوسات بماء القراطن أسهل کیموساً غلیظاً.
الماهیه: حجر، هو أصناف، ذهبی، و فضی، و نحاسی، و حدیدی، و کل صنف منه یشبه الجوهر الذی ینسب إلیه فی لونه. و الفرس یسمونه حجر الروشنا، أی حجر النور للمنفعه للبصر.
الطبع: حار فی الثانیه یابس فی الثالثه.
الأفعال و الخواص: فیه قبض و إسخان و إنضاج و تحلیل و جلاء، و قوته قویه، لکنه ما لم ینعم دقه، لم تظهر منفعته.
الزینه: ینفع إذا طُلی بالخل علی البرص و البهق و النمش، و یحلل الرطوبات المحتقنه تحت الجلد، و یرقق الشعر، و یجعّده.
الأورام و البثور: إذا خلط بالریتیانج نفع الأورام الصلبه،: و حلّلها، و یقع فی المراهم المحلله لما فیه من الإنضاج و التحلیل.
الجراح و القروح: مع الریتیانج یلحم القروح، و مع الزرنیخ یقلع اللحم الزائد.
آلات المفاصل: یحلل ما یجتمع فی أجزاء العضل من الماده الشبیهه بالمده.
أعضاء الرأس: قیل إنه إذا علق علی عنق الصبی لم یفزع.
أعضاء العین: یجلو العین و یقوّیها محرقاً و غیر محرق.
الماهیه: هو فی أحوال مارقشیثا و أجود منه.
الماهیه: معروف.
الاختیار: أجوده أخفه وزناً، و أحلکه سواداً.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 16
الطبع: حار کله مجفّف إلا الهندی، فإن الهند و بولس یعدّونه من المبرِّدات.
الخواص: کله مجفف.
الأورام و البثور: زعم بعضهم أن الهندی یجعل علی الأورام الحاره فینفعها.
الجراح و القروح: المتخذ من دخان خشب الصنوبر مع صمغ و مقل یجعل فی حرق النار، و یترک حتی یسقط.
الطبع: حار یابس فی الثالثه.
الأفعال و الخواص: لطیف مفتّح محلل، و قوه دهنه مسخنه مطلقه حاده.
الزینه: یجعل ماؤه فی المحجمه، و یطلی العضو بعد الفراغ من الحجم، فإنه یمنع البیاض الذی یحدث عند المشارطه بعد الحجامه، و یطلی یابسه علی کهبه الدم و اخضراره، و خصوصاً تحت العین.
الأورام و البثور: هو طلاء علی الأورام البلغمیه.
آلات المفاصل: یقع فی القیروطی، فیطلی علی التواء العصب، و ینفع من وجع الظهر و الأربیه، کذلک و مع العسل علی الاعیاء، و دهنه أیضاً ضمّاد للفالج الممیل للعنق إلی خلف، و لغیره من الفالج.
أعضاء الرأس: یفتح سدد الدماغ، و ینفع من الشقیقه، و من الصداع و الرطوبه، و الصداع السوداوی، و الریاح الغلیظه، و من وجع الأذن نطولًا و قطوراً، و یجعل فیها قطعه مغموسه فی دهن المرزنجوش، فینفع من سدادها.
أعضاء الغذاء: ینفع طبیخه من الاستسقاء.
أعضاء النفض: ینفع طبیخه من عسر البول و المغص و دهنه یسخن و یلطف و ینفع انضمام الرحم المؤدی إلی اختناقها.
السموم: هو مع الخل ضماده للسع العقرب.
الماهیه: هو الزبیب الجبلی: و هو حبِّ أسود متغضن کالحمص الأسود.
الطبع: حارّ یابس فی الثالثه.
الأفعال و الخواص: مُحرق أکال حاد حریف.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 17
الزینه: یقتل القمل و خصوصاً مع الزرنیخ.
الجراح و القروح: و مع الزرنیخ أو وحده علی الجرب و التقشیر.
أعضاء الرأس: یمضغ لیتحلب البلغم و الرطوبه عن الدماغ، و یطبخ فی الخلّ فیتمضمض به لوجع الأسنان و رطوبه اللثّه، و یبرئ مع العسل القلاع الردی ء.
أعضاء الغذاء: یسقی منه خمس عشره حبه بماء القراطن، فیقی ء کیموساً لزجاً.
أعضاء النفض: فی سقیه خطر فإنه یقرح المثانه، و إذا کان مع المصلحات، و بقدر معتدل نقاها.
الماهیه: هو. فی قوّه الزفت و القفر المخلوطین و طبیعتهما، إلا أنه بالغ واسع المنفعه.
الطبع: حار فی الثالثه.
الأفعال و الخواص: لطیف محلّل.
الأورام و البثور: ینفع من الأورام البلغمیه.
آلات المفاصل: جید لأوجاع الخلع و الکسر و السقطه و الضربه و الفالج و اللقوه شرباً و مروخاً.
أعضاء الرأس: ینفع من الشقیقه و الصداع البارد و الصرع و الدوار، یسعط منه بقدر حبه بماء المرزنجوش، و فی الأذن الوجعه حبه فی الزئبق، و لسیلان القیح من الأذن شعره بدهن الورد، و ماء الحصرم بفتیله، و لثقل اللسان قیراط بطبیخ الصعتر الفارسی، و للبیض و الصداع العتیق حبه مع حبه جندبادستر بدهن البان سعوطاً.
أعضاء النفس: یمنع نفث الدم من الرئه ثلاق شعرات فی نبید جمهوری. قد جُرب للخناق قیراط بسکنجبین، و لوجع الحلق فیراط برب التوت، أو طبیخ العدس و للسعال طسوج بماء العناب و ماء الشعیر و سیسبان ثلاثه أیام متوالیه علی الریق، و للخفقان قیراط بماء الکمّون و النانخواه، و الکراویا.
أعضاء الغداء: لضعف المعده قیراط بماء الکمون و النانخواه و
الکراویا، و کذلک للتهوع البلغمی و للسقطه علی الصدر و المعده. و للکبد قیراط بدانقین من طین أرمنی و دانق زعفران فی ماء عنب الثلعب أو خیارشنبر و للفواق حبه بطبیخ بزر الکرفس و لوجع الطحال قیراط بماء السکر.
أعضاء النفض: جید لقروح الاحلیل و المثانه و یسقی قدر قیراط منه بالبن و إن خلط شی ء منه بدقیق و احتمل نفع من قله الصبر علی حبس البول.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 18
السموم: و للسموم حبتین بطبیخ الحسک و الأنجدان، و للعقارب قیراط بخمر صرف، و علی لسعها قیراط بسمن البقر.
الماهیه: صمغ منه خالص، و منه مشوب مغشوش.
الاختیار: أجوده ما هو إلی البیاض و الحمره غیر مخالط بخشب شجر له طیب الرائحه، و قد یغش ببعض الیتّوعات القتّاله، فیصیر قتالًا، و هذا الیتّوع یسمی بارفاسیس و هی شجره قتاله.
الطبع: حار یابس فی الثانیه.
الأفعال و الخواص: مفتّح محلّل للریاح، و فیه قبض و إلزاق و تلیین، و دخانه یصلح لما یصلح هو، و لکنه أشد تجفیفاً، و هو لطیف غیر لذاع، و فی مجانسه دخان الکندر، و یقع فی الأدویه الکبار لکثره منافعه، و یمنع التعقن حتی إنه یمسک المیت، و یحفظه عن التغیر و النتن، و یجفّف الفضول الخامه. و المجلوب من الاقلیطیا أشد تسخیناً و إنضاجاً و تلییناً.
الزینه: إذا خلط بدهن الآس و اللاذن أعان علی تقویه الشعر و تکثیفه، و یجلو آثار القروح، و یطیّب نکهه الفم إذا أمسک فیها، و یزیل البخر و یلطخ بالشراب و الشبّ علی الأباط، فیزیل صنانها، و یلطخ بالعسل و السلیخه علی الثآلیل.
الأورام و البثور: نافع من الأورام البلغمیه.
الجراح و القروح: یدمل و یکسو العظام العاریه،
و یستعمل بالخل علی القوابی، و یبرئ الجراحات المتعفنه.
آلات المفاصل: یلطخ مع لحم الصدف علی الغضاریف المؤفه کالأذن و غیره. أعضاء الرأس: قال جالینوس: رائحه المر یصدع الأصحاء فضلًا عن المصروعین، و هو من الأدویه خصوصاً مع الثافسیا و الأفیون و الجندبادستر الذی ینفع فی رض الأذن، و یسد و ینوم و یتمضمض به بشراب وزیت، فیشد الأسنان جداً، و یقویها، و یمنع تأکّلها، و یشد اللثه، و یذهب رطوبتها، و یذر علی قروح الرأس فیجففها. و یستعمل مع جندباستر و مامیثا و أفیون لقروح الأذن الموجعه، و للقیح، و یلطخ به المنخران للنوازل المزمنه فیحبسها، و قد یسعط بوزن دانق منه، فینقی الدماغ.
أعضاء العین: یجلو آثار القروح فی العین، و یملأ قروحها، أو یجلو بیاضها، و ینفع من خشونه الأجفان، و یحلل المده فی المعین بغیر لذع، و ربما خلّل الماء فی ابتداء نزوله إذا کان رقیقاً. و أقواه فی الأکحال المغشوش الیتِّوعی.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 19
أعضاء النفس و الصدر: جید للسعال المزمن الرطب، و من البرد و عسر النفس و الانتصاب، و أوجاع الجنب، و یصفی الصوت، کل ذلک لجلائه اللطیف من غیر تخشین و یؤخذ تحت اللسان، و یبتلع ماؤه لخشونه الخلق.
أعضاء الغذاء: ینفع المر الخالص استرخاء المعده، و للماء الأصفر، و للنفخه فی المعده.
أعضاء النفض: یدر الحیض، خصوصاً حقنه بماء السذاب، أو ماء الأفسنتین، أو ماء الترمس، و یخرج الأجنه و الدیدان و حبّ القرع لمرارته، و یلین انضمام فم الرحم، و یشرب بقدر باقلاه لقروح الأمعاء و السحج و الإسهال.
الحمّیات: باقلاه منه بفلفل فی ابتداء النافض تمنعه.
السموم: یسقی للسع العقارب بالشراب.
الابدال: بدله نصف وزنه فلفل أسود فیما
یقال و لیس بشی ء.
الماهیه: ثمر شجره قد یؤکل علی شده عفوصته المفرطه.
الخواص: فیه قبض و جفیف.
الجراح و القروح: حراقه قشره بالماء علی الجرب المتقرّح، و هو بالجمله قد بلغ من شده القبض أنّ ثمرته تدمل الجراحات الغلیظه.
السموم: عصاره المران بالشراب، إن شربت، أو ضفد بها نفعت من نهشه الأفعی، قیل: إن نشاره خشبه تقتل إذا شربت.
الماهیه: هی أمثال بلالیط صفر اللون إلی السواد سهله الکسر، فیه مراره و جوهر مائی و أرضی. و بروده مائیته غیر شدیده، بل کماء الغحران، و أصلها حشیشه تکون بمنبج ساطعه الرائحه مرّه الطعم زعفرانیه العصاره.
الطبع: بارده یابسه فی الأولی.
الخواص: قابض قبضاً صالحاً.
الأورام و البثور: نافع من الأورام الحاره الغلیظه، و یشفی الحمره الغیر القویه العظیمه فی الأبدان الصلبه دون الصغیره، و الأبدان الناعمه لأنه یفرط علیها بالتجفیف.
أعضاء العین: ینفع فی أدویه الرمد فی ابتدائه.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 20
الماهیه: قالوا: الرطب، منها ما یتحلب بنفسها صمغاً، و منها ما یستخرج بالطبیخ. و المتحلب بنفسه أصفر، و إذا عتّق ضرب إلی الذهبیه، و هو عزیز. و المستجلب بالقشر هو، الأسود، و ذلک أنه یستحلب بطبخ قشر تلک الشجره، فما یحلب فهو المیعه الرطبه، و ما بقی کالثفل و الثجیر فهو الیابسه.
الخواص: قد تکلمنا فی قوی الرطبه و الیابسه إن فیها قبضاً و تجفیفاً.
أعضاء الرأس: قال بعضهم أنها حاره یابسه تنزل الرطوبه من الدماغ و تنقّیه، و هذا خلاف المنعقد فیها لأنها مصدّعه.
أعضاء الغذاء: الیابسه تنفع بله المعده.
أعضاء النفض: المیعه الیابسه تمسک الطبیعه.
الاختیار: أجوده الأبیض اللون اللؤلؤی الصافی.
الطبع: حار فی الأولی لیس بشدید الیبس.
الأفعال و الخواص: جلّاء لطیف محلل مسکن للأوجاع.
آلات المفاصل: جید لأوجاع الخاصره و الظهر.
أعضاء النفس: نافع للغشی مشروباً بماء العسل.
أعضاء النفض: نافع من القولنج و الحصاه فی الکلیه و المثانه، نافع للظهر مشروباً بماء العسل.
مغره الاختیار: أجودها النقی و الذی یربو و یزید فی الماء.
الطبع: بارده فی الأولی یابسه فی الثانیه.
الخواص: فیها تغریه و قبض.
أعضاء الغذاء: تنفع من أوجاع الکبد.
أعضاء النفض: هی أقوی فی حبس البطن من المختوم، و تقتل الدود.
الماهیه: هو الذی یقال حب الملوک، و شجرته فی بلادنا، تسقی فی بلادنا السیسبان،
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 21
و یشبه ورقه السمک الصغار، فی طول أصبع، و ثمرتها ثلاث ثلاث مثل البنادق الکبار، و قد یکون أصغر، له فی کل ثمره ثلاث حبات سود.
الطبع: حار یابس فی الثالثه.
آلات المفاصل: نافع بإسهاله من أوجاع المفاصل و النقرس و عرق النسا.
أعضاء الغذاء: ینفع من الاستسقاء، و یقی بقوه و لا یوافق المعده.
أعضاء النفض: یسهل کالیتوعات، و یطبخ ورقه فی مرقه الدیک الهوم، فینفع من القولنج، و یدرِّ و إذا أخذ من حبه سبع أو ست، و حبب، أو شرب بلا تحبیب، ثم شرب بعده ماء بارد أسهل مره و بلغماً، و أکثر ما یشرب منه خمس عشره حبه من حبه الکبار، و عشرون من حبه الصغار، و إذا أرید أن یکون إسهاله أبلغ و أکثر أجید مضغه، و إذا أرید أن یکون إسهاله ألین ابتلع بحاله.
الماهیه: هو أصل الأنجدان، و هو دون الحلتیت فی القوه و المنافع، و قد قیل فی باب الأنجدان ما یجب أن ینقل إلی المحروت.
الخواص: ملین منضج.
أعضاء الغذاء: فیه عسر انهضام و مضرّه للمعده، إلا أن یکون بارد فتتقوی به.
الماهیه: حبه تشبه البطم مثلثه التقطیع إلی الصفره طیبه الرائحه مما یتبخر بها، منها بستانی ذو ثلاثه أوراق، و بری، و مصری، یتخذ منه خبز و یشبه أن یکون هو الحربه.
الطبع: البستانی متعدل، و البری فی الثانی فی الحر و الیبس.
الخواص: البستانی الذی له ثلاثه أوراق، قوته مجففه قلیلًا، و البری أقوی.
الماهیه: دواء شامی معروف هناک بهذا الاسم، و هی خشب کالعقد منقط، و هی إلی السواد قلیلًا.
آلات المفاصل: درخمی بماء القراطن، ینفع شدخ العضل.
الماهیه: زهر و قضبان دقاق منفرکه إلی الغبره و الصفره، و قوته کالباذاورد عند بعضهم، و قد یکون منه ما هو أشد میلًا إلی البیاض، و قد یکون منه ما هو أمیل إلی الصفره. قال ابن
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 22
ماسه: هو الآس البری. و قال الآخرون: إنه عفار رومی قال ابن ماسرجویه: إنه کالباذاورد. قال الخوزی: هو فی قوه الافسنتین الردی ء، و أشد قبضاً.
الطبع: حار یابس فی الثانیه.
أعضاء الرأس: نافع للصرع و الرطوبات فی الدماغ.
أعضاء الغذاء: یقوی المعده و الکبد، و ینفع من السقطه علی الاحشاء.
أعضاء النفض: یحتمل لدیلان المقعده.
الماهیه: هو کالعوسج، ورقه کورق الزیتون و أعرض، و یؤکل کالبقَول.
الخواص: فیه ملوحه و قبض و رطوبه فخه ینفخ بها.
أعضاء النفس: درخمی بمالی قراطون، یدر اللبن.
أعضاء الغذاء: درخمی بماء القراطن یسکن المغص.
الماهیه: خشب کعقد مائله إلی السواد، فیها انعطاف قلیل، و هو أحدّ من عروق الصباغین.
الطبع: حار یابس فی آخر الثانیه.
الخواص: جال منق.
الزینه: یجلو بیاض الأظفار.
أعضاء الرأس: عصارته تجلب الرطوبه الغلیظه من الرأس، و تنقی فضول الدماغ، و أصله نافع من وجع الأسنان.
أعضاء العین: ینقی البیاض فی العین و یدل البصر إذا اکتحل به، و یجلو الرطوبه الغلیظه و خاصهً عصارته.
أعضاء الغذاء: أصله نافع من الیرقان.
أعضاء النفض: ینفع من المغص و فیه إدرار.
الماهیه: هی شجره کأنها شجره الشبرم، إلا أنها أزید طولًا، فی لونها غبره إلی صفره، و قد یعتبرها بعض الناس من الیتّوعات.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 23
الطبع: حار یابسه فی الثالثه.
الخواص: إذا طرح منه فی الغدیر أسکر السمک و أطفاها.
آلات المفاصل: نافع للنقرس و وجع النسا، و المفاصل و الظهر و الورک، و یبدد الریاح إذا وضع فی الأدویه المسهّله.
أعضاء النفض: یسهل الأخلاط الغلیظه.
الماهیه: هو قریب الجوهر من البافلا، و أفضل أوقات استعماله الصیف.
الطبع: معتدل فی الرطوبه و الیبوسه، مقشره معتدل و غیر مقشره، هو إلی الیبوسه لأن فی قشره عفوصه.
الخواص: لیس له نفخ الباقلا، و إن کان فیه نفخ مائل هو فیه دونه، و لیس فیه جلاء الباقلا، و لا فیه برد العدس، و إذا جعل معه قلیل قرطم صلح به.
آلات المفاصل: هو ضماد لوجع الأعضاء خصوصاً مع طلاء العنب، و الشراب المطبوخ مع زعفران و یوضع علی الرض و الفسخ.
أعضاء الغذاء: کیموسه محمود و خصوصاً المقشر، و لیس فیه بطء انحدار الباقلا، و إذا طبخ مع دهن اللوز الحلو کان أحمد خلطاً.
أعضاء النفض: إذا طبخ فی ماء بعد ماء مطبوخ فیه مصبوب عنه عقل الطبیعه، و خصوصاً إذا حمض بحبَ الرمان و السماق، و فیه مضره بالباه کما قاله بعضهم.
الماهیه: المن طل یقع علی حجر أو شجر، فیحلو، و ینعقد عسلًا، و یجفّ جفاف المصموغ، مثل النرنجبین و الشیرخشک و العسل المجلوب من جبال قصران بالری، و قد ذکرنا کل واحد فی بابه، و یأخذ من طبیعه ما یسقط علیه قوه، فیضیفها إلی ما یوجبه لینه و حلاوته.
الماهیه: قضبان بیض زغبیه تشبه الجعده، لکنها أکثر زغبیه، بل کله زغب و رائحته کرائحه المر.
الطبع: حاره إلی قلیل طیب.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 24
الماهیه: معروت فی الملح مراره و قبض، و المر قریب من البورق، و منه هش، و منه محتفر، و منه دارانی کالبلور، و منه نفطی سواده من جهه نفطیه فیه، و إذا دخن حتی طار عنه النفطیه بقی کالدارانی، و منه هندیی أسود، و لیس سواده لنفطیه فیه، بل فی جوهره، و البحری یذوب کما یصیبه الماء و لا کذلک البری.
الطبع: حار یابس فی الثانیه، و کل ما کان أمر فهو أحر.
الخواص: جلاء محلل قابض مجفف لتحلیله و قبضه، و قبضه أشدّ أفعاله، و هو یکثر من الریاح، و المحرق منه أشد تجفیفاً و تحلیلًا، و هو مانع من العفونه، و ینفع من غلظ الأخلاط. و زهره ألطف منه و من محرقه، و غباره قریب منهما، و یحلان أکثر من الملح، و یقبضان أقل. و المحتفر أقل تحلیلًا و أقل لطفاً، إلا أن یکون قوی الطعم کالکشنی، فإنه قابض محلل للطافته، و المحتفر إذا غسل مرات جفف بلا لذع. و الهش أحلی. و إذا خلط المحرق بالأطعمه البارده أحالها. و الأندرانی یطرد الریاح. و الأمر أشد تحلیلًا. و جمیع ذلک یذیب الأخلاط الجامده. و المر أشدّ تحلیلًا و إسخاناً.
الزینه: الملح الرق ینقی الأسنان من الحفر، و یزیل سوالح الدم حیث کان طلاء، و استعماله بالعدل یحسن اللون.
الأورام و البثور: هو مع العسل و الزبیب ضماد للدمامیل، و مع فوذنج و عسل علی الأورام البلغمیه، و یمنع النمله من الإنتشار.
الجراح و القروح: أکال للحوم الزائده و التوتیه، نافع من
الجرب المتقرح و القوابی. و یلطخ به مع الزیت و الخل بقرب النار لیعرق فیسکن الحکّه، خصوصاً البلغمیه، و بالزیت علی حرق النار یمنع التنفط، و خصوصاً البورقی و الافریقی، و البوارق لا تلحق شیئاً من الملح فی الجمع و التجفیف، فإن الملح أشد تحلیلًا و تجفیفاً لما یکون من رطوبه، ثم جمعاً و قبضاً لما یبقی فی أجزاء العضو.
آلات المفاصل: مع الدقیق و العسل علی التواء العصب، و یضمد به النقرس، و یخلط بالزیت، و یتمسّح به للاعیاء.
أعضاء الرأس: یطلی به مع شحم الحنظل لبثور الرأس، و الاندرانی یحد الذهن. و الملح یشد اللثه المسترخیه، خصوصاً الدارانی، و بالخل ضماداً لوجع الأذن.
أعضاء العین: یأکل اللحم الزائد فی الأجفان و الظفره. و زهره خاصه من الغشاوه و البیاض و الملح مع الزیت و العسل یضمد علی العین، فیحلل کهوبه الدم المنعقد فیها.
أعضاء الصدر: الملح الاندرانی و النفطی و سائر أنواعه یقطع البلغم اللزج فی الصدر.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 25
أعضاء النفس: یتحنک بالنفطی بعسل و خل، فینفع من الخناق و ورم اللهاه و النغانغ.
أعضاء الغذاء: الملح معین علی القی ء، و خصوصاً الملح النفطی و الاندرانی خاصهً منه، و ینفع من أوجاع المعده البارده.
أعضاء النفض: الملح کله یسهل خروج الثفل و انحدار الطعام، و النفطی ینفض بلغماً عفناً و ماء و مره و سوداء، و یقطع فی الحقن، و الأسود الشدید السواد الذی لیس بنفطی یسهّل البلغم، و السوداء و الملح المر أیضاً یسهل السوداء بقوه. و الاندرانی یسهل البلغم بقوّه، و یسهّل السوداء. و الملح نفسه غایه لدوسنطاریا، و یعین الأدویه المسهله علی قلع السوداء و الرطوبات اللزجه من أجزاء العضو، و بالفوتنج
الجبلی و السمن و الخمیر لأورام الانثیین البلغمیه، و کذلک بالفوتنج و العسل، و ینفع من قروح الذکر.
السموم: یضمّد به مع بزر البهتان للسع العقرب، و مع الفوتنج الجبلی و الزوفا و العسل لنهشه المقرنه، و مع الخل و العسل لنهشه فی الأربعه و الأربعین و الزنابیر، و بالسکنجبین لمضره الأفیون و الفطر القتال.
الماهیه: هو الخبازی، و قد استقصی ذکره فی فصل الخاء عند ذکرنا الخبازی.
الطبع: بارد فی الأولی رطب فی الثانیه.
أعضاء الغذاء: یفتح سدد الکبد فیما یقال.
الاختیار: أجوده الأرمنی، فإنه لا یسرع إلیه الفساد و الحموضه، و إذا تنوول المشمش، فیجب أن یؤخذ من المصطکَی و الأنیسون بالسویه وزن درهم، أو درهمین فی خمر صرف، أو نبیذ زبیب، أو نبید عسل.
الطبع: بارد رطب فی الثانیه، و دهن نواه حار یابس فی الثالثه.
الخواص: خلطه سریع للعفونه.
أعضاء الغذاء: نقیعه یسکن العطش، و المشمش أوفق للمعده من الخوخ، و الأرمنی لا یفسد فی المعده و لا یحمض بسرعه، و مما یمنع ضرره أن یؤخذ بعده أنیسون و مُصْطَکَی فی میبه، أو نبیذ زبیب، و للمبرودین بالعسل الصرف.
أعضاء النفض: دهن نواه ینفع من البواسیر.
الحمیات: یولد الحمیات لسرعه تعفنه، لکن نقیع المقدد ینفع من الحمیّات الحاره.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 26
الماهیه: هو معروف، و له ورق عریض طوال شبیه بورق المارزوان، ینبت فی البلدان الحاره لا غیر.
الخواص: یغذو یسیراً و هو ملین، و الإکثار منه یولد السدد، و یزید فی الصفراء و البلغم بحسب المزاج.
أعضاء الصدر: نافع لحرقه الحلق و الصدر.
أعضاء الغذاء: ثقیل علی المعده، و الإکثار منه یثقل علی المعده جداً، و یجب أن یتناول بعده المحرور سکنجبیناً بزوریاً، و المبرود عسلًا.
أعضاء النفض: یزید فی المنی، و یوافی المنی، و یوافق الکلی، و یدر البول.
الاختیار: أوفقها مخ العجل و الأیل، ثم الثور، ثم الماعز، ثم الضأن. و مخاخ التیوس الفحوله، و الثیران،- و خصوصاً الفحوله- أیبس، و مخ الأطراف أدسم.
الخواص: مسخّنه ملینه جالیه کثیره الغذاء إن استمرئت.
الأورام و البثور: جید للصلابات و التحجّر، ما کان منه مثل مخ العجل و الأیل لیس کمخ التیوس و الأوعال، فإنها یابسه لا خیر فیها.
أعضاء الغذاء: یلطخ المعده و یذهب بالشهوه، و یجب أن یؤکل بالأفاویه و الأبازیر.
أعضاء النفض: یحتمل من المخاخ المحموده فرزجه فی الرحم، فتنفع من صلابتها.
السموم: قیل أنّ التلطیخ بمخ الأیل یطرد الهوام.
الطبع: حار یابس إلی الثالثه، قال ابن ماسریه: السمکی أقل حرارهً و یبساً من الشعیری، و لست أصدقه.
الخواص: یجلو الأخلاط الغلیظه و یلین و ینشف، و فیه قبض و تنقیه للبلغم.
الزینه: یطیب النکهه.
الجراح و القروح: جیّد للقروح العفنه، و المعمول من السمک و اللحوم المالحه یمنع سعی الخبیثه فیما یقال.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 27
آلات المفاصل: نافع لوجع الورک و عرق النسا.
أعضاء العین: یکتحل به فی أوائل الجدری، فیمنع البثور من العین.
أعضاء الغذاء: ینفع من رطوبه المعده و یجلو الرطوبات من الأحشاء.
أعضاء النفض: ینفع من القولنج، و یقع فی أدویته و حقن تنقیه قروح السحج خصوصاً.
السموم: ینفع من نهشه الکَلْب الکَلِب فیما یقال.
الماهیه: هو عصیر العنب المطبوخ.
أعضاء النفس: یعین علی النفث و یقع فی شراب الخشخاش المعروف بدیاقوذا لذلک.
أعضاء النفض: نافع لوجع الکلی و المثانه.
الخواص: ردی ء لأصحاب السوداء جداً، فإذا طبخ باللحم السمین صلح یسیراً.
أعضاء الغذاء: ضارللمعده.
أعضاء النفض: ضار للمقعده.
الماهیه: قال دیسقوریدوس: هو نبات یستعمل فی وقود للنار، و هو فی المحتر إلی الخشونه ما هو، له ساق واحد، و له ورق مستدیر، و فی أصول الورق ثمر کالترس ذو طبقتین، فیصیر إلی العرض ما هو، و ینبت فی مواضع جبلیه، و أماکن وعره. إذا شرب طبیخه سکن الفواق إذا کان بلا حمی، و کذلک یفعل إمساکه بالید أو النظر إلیه، و إذا أسحق و خلط بالعسل و لطخ علی الکلف و البرق نقاه، و قد یظن به أنه إذا دق و صیر فی طعام و أکل منه نفع من عضه الکلب. و یقال: أنه إذا علق فی بیت حفظ علی من فیه صحه الأبدان من الناس و المواشی، و إذا ربط لحوضه و علق فی أعناق المواشی دفع عنها الأسقام و الآفات.
الماهیه: زعم دیسقوریدوس أن منعور هو الخشخاش المصری، و نحن نذکره فی فصل الخاء.
فهذا آخر الکلام من حرف المیم، و جمله ذلک أربعه و خمسون دواء.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 28
الخواص: أصله یجذب من المقعر، و یجفف و یجلو و یغسل، و دهنه فی أحوال دهن الیاسمین، لکنه أضعف.
الزینه: أصله یخرج الشوک و السلاء، و خصوصاً مع دقیق الشیلم و العسل، و النرجس یجلو الکلف و البهق، و خصوصاً أصله بالخل، و ینفع أصله من داء الثعلب.
الأورام و البثور: أصله یعجن مع العسل الکرسنه فیفجر الدبیلات العسره النضج، و یضمد بأصله من أورام العصب.
الجراح و القروح: یجفف الجراحات و یلزقها إلزاقاً شدیداً حتی قطع الوتر، و مسحوقاً مع العسل علی حرق النار و جراحات العصب و القروح الغائره، و إن خلط بالکرسنه و العسل نقی أوساخ القروح. آلات المفاصل: ینفع دهنه للعصب، و یضمد بأصله أورام العصب و عقدها و أوجاع المفاصل ..
أعضاء الرأس: یفتح سدد الدماغ، و ینفع من الصداع الرطب السوداوی، و کذلک دهنه، و هو أوفق، و یصدع الرؤوس الحاره.
أعضاء الصدر: دهنه یحلّل الأورام الصلبه و البارده فی الحجاب إذا مرخ علی الصدر.
أعضاء الغذاء: أصله إذا أکل کما هو یهیج القی ء، و کذلک سلاقته.
أعضاء النفض: ینفع أوجاع الرحم و المثانه، إذا شرب منه أربعه دراهم بماء العسل أسقط الأجنه الأحیاء و الموتی، و دهنه یفتح انضمام فم الرحم، و ینفع من أوجاعها،
ذکر فی باب السنبل، فإنه السنبل الرومی.
الماهیه: منه بستانی، و منه بری، و فعله فعل البستانی.
الطبع: حار فی الأولی، یابس فی الثانیه.
الأفعال و الخواص: قابض یمنع النزف، و یجفف البستانی منه تجفیفاً قویاً بلا لذع، و فی البری حده، و هو أشدّ تجفیفاً، و یجذب المواد من العمق.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 29
الزینه: یجلو الکلف و البهق، و ینفع داء الثعلب.
الأورام و البثور: النیل یضمر ورم الترهل، و ینفع من الجراحات الردیئه فی الأعضاء الصلبه. و بالجمله ینفع من کل ورم فی الابتداء و من النمله و الحمره، و یستعمل مع دقیق الشعیر علیها.
الجراح و القروح: یدمل الجراحات الحازه فی الأبدان الصلبه لقوّه تجفیفه، هذا ثمره البستانی. و فی البری حقق، و هو جید للقروح العفنه عجیب الفعل فیها، و البستانی أجود فی علاج القروح لقله حدته، و ینفع من القروح العتیقه مع عسل مسحوقاً علی حرق النار و جراحات العصب، و یخرج الشوک خصوصاً مع دقیق الشیلم.
أعضاء الصدر: نافع لسعال الصبیان الشدید الذی یقیهم، و عصارته أیضاً، و لقروح الرئه، و ینفع من الشوصه السوداویه.
أعضاء الغذاء: ینفع الطحال و خصوصاً البری.
الماهیه: هو کالیاسمین فی القوه و أضعف منه، و کالنرجس، و دهنه قریب القوّه من دهن الیاسمین و أضعف.
الطبع: حار یابس فی الثانیه.
الخواص: کل أصنافه منق ملطف، و زهره أخصق بذلک.
آلات المفاصل: ینفع من برد العصب فیما یقال.
أعضاء الرأس: یقتل الدیدان فی الأذان، و ینفع من الطنین و الدوی، و ینفع من وجع الأسنان، و البری تلطخ به الجبهه فیسکّن الصداع. و أصنافه تفتح سدد المنخرین.
أعضاء الصدر: ینفع أورام الحلق و اللوزتین.
أعضاء الغذاء: إذا شرب منه أربع درخمیات یسکن القی ء، و یسکن الفُواق، و خصوصاً البری منه.
الماهیه: هو السیسنبر.
الطبع: حار فی الثالثه یابس إلیها یقاوم العفونات.
الزینه: یقتل القمل.
الأورام و البثور: ینفع من الأورام الباطنه و من الفلغمونی الشدید الصلابه.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 30
أعضاء الرأس: یطبخ فی الخل، و یخلط بدهن الورد، فینفع من النسیان إذا لطخ به الرأس، و کذلک من اختلاط الذهن و لثیرغس و قرانیطس، و یطبخ بالخل، و یوضع مع دهن الورد علی الصداع فینفع، و یتضمد بورق البری منه علی الرأس و الجبهه للصداع فینفع.
أعضاء الغذاء: نافع للفواق إذا شرب بشراب، و بزره أقوی، و ینفع من أورام الکبد البارده.
أعضاء النفض: ینفع من الدیدان و حبّ القرع، و یخرج الجنین المیت، و یدر البول و الطمث، و خصوصاً الصخری. و البرّی منه إذا شرب بشراب منع تقطیر البول، و یخرج الحصاه و ینفع من المغص بالشراب أیضاً.
السموم: ینفع اللسوع و یضفد به لسع الزنابیر، و یشرب للسعها منه وزن درهمین فی السکنجبین.
الماهیه: قال" جالینوس": هو کرنب الماء، و یسمی حدث العروس فیما یقال، و فیه خلاف، و أصل الذیلوفر الهندی فی حکم الیبروح.
الاختیار: أقواه الأبیض الأصل، فإنه أقوی من الأسود الأصل، و بزره أقوی من حبه.
الطبع: هو بارد فی الثالثه، و شرابه شدید التطفئه، و طبع الهندی طبع الیبروح.
الخواص: شرابه ملطف جداً.
الزینه: أصله علی البهق بالماء و خصوصاً الأسود، و أصله، مع الزفت علی داء الثعلب، و خصوصاً الأسود و أصله.
الأورام و البثور: أصله ینفع من الأورام الحاره و ورم الطحال.
القروح: بزره و أصلح للقروح.
أعضاء الرأس: منوم مسکّن للصداع الحار و الصفراوی، لکنه یضعف.
أعضاء الصدر: شرابه جید للسعال و الشوصه.
أعضاء الغذاء: ینفع أصله أورام الطحال شرباً و ضماداً.
أعضاء النفض: ینقص الاحتلام و یکسر
شهوه الباه إذا شرب منه درهم بشراب الخشخاش، و یجمد المنی بخاصیه فیه، و خصوصاً أصله. و ینفع أصله للإسهال المزمن و لقروح المعی، و ینفع أصله أوجاع المثانه ضماداً. و بزره أقوی فی کل شی ء حتی إنه یمنع نزف
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 31
الحیض. و أصل الأصفر منه و بزره إذا شرب باللبن مرات- نفع سیلان الرطوبه المزمنه من الرحم، و شرابه یلیّن البطن.
الحمیات: شرابه نافع من الحمیات الحاده شدید التطفئه.
الطبع: حار یابس فی الثانیه، و فیه رطوبه فضلیه.
الخواص: فیه قوه مسخنه قابضه تمنع، و هو من ألطف البقول المأکوله جوهراً، و إذا ترک طاقات منه فی اللبن لم یتجبَن، و إذا شربت عصارته بالخل قطعت سیلان الدم من البطن.
الأورام و البثور: مع السویق ضماد للدبیلات و لا یشبه الفودنج، لأن الفوذنج لا عفوصه فیه، و فیه تحلیل و تسخین و تجفیف مفرط مؤذ.
أعضاء الرأس: یضمد به الجبهه للصداع، و خصوصاً مع سویق الشعیر و تدلک به خشونه اللسان، فتزول و تخلط عصارته بماء القراطن، و یقطر فی الأذان الوجعه.
أعضاء الصدر: یمنع قذف الدم و نزفه، و یعقد اللبن فی الثدی ضماداً، و یسکن ورمه.
أعضاء الغذاء: یقوی المعده، و یسخنها، و یسکّن الفواق، و یهضم، و یمنع القی ء البلغمی و الدموی، و ینفع من الیرقان، و خصوصاً شرابه.
أعضاء النفض: یعین علی الباه لنفخ فیه لرطوبته البستانیه التی لیست فی الفوذنج، و یشدد أوعیه المنی، و یقتل الدیدان، و إذا احتمل قبل الجماع منع الحبل، و إذا شربت منه طاقات بحب الرمان سکن الهیضه.
السموم: نافع لعضه الکَلْب الکَلِب، و خصوصاً بزره.
الماهیه: هو فُقّاح و قشور و أقماع تشبه البسباسه، بل أقل حمره إلی الصفره، عطره، و لها قلیل عفوصه، یقارب الناردین فی القوه، و یقال له ناغبشت.
الطبع: حار یابس فی الثالثه.
الخواص: لطیف محلّل.
أعضاء الغذاء: جید للمعده و الکبد الباردین، فینفع منفعه السنبل.
الأبدال: بدله ربع وزنه زنجبیل، و نصف وزنه فستق و سدس وزنه سنبل.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 32
الطبع: حار یابس فی الأولی.
الخواص: فیها جلاء و تلیین و تنقیه، کثیر، و لا تبلغ الکرسنه، و تحلّل الریاح و البلغم.
الأورام و البثور: بالخل الثقیف علی ابتداء الورم الحار، و تبل بالشراب، فیضمد بها أورام الثدی الحاره، و تفش أورام البلغم و الریح.
الجراح و القروح: بالخل الثقیف علی تقرح الجرب یضمد بها حاراً.
أعضاء النفس و الصدر: یلین الصدر بجلائه، و خصوصاً حسو مائه بالسکر مع دهن اللوز، و یبل بالشراب، فینفع من أورام الثدی.
أعضاء النفض: یحرک الأمعاء علی دفع ما فیها، و حسوه إذا تحسّی لیّن البطن.
السموم: ینفع من لسعه العقرب و الأفعی ضماداً.
الطبع: طبعها بحسب شجرها.
الخواص: نشاره المتأکل منقیه، و لها، و جفیف إن کان فی شجرها.
الجراح و القروح: نشاره الخشب المتأکّل تدمل، و خاصهً التی تکون عن أشجار قابضه، مثل بعض أجناس الشوک، ثم تجمع مع مثلها أنیسون بشراب، و تحرق ثم تسحق، فإذا ذرت علی القروح النملیه نفعتها.
الطبع: بارد یابس فی الأولی.
الخواص: فیه تقویه و تلیین، و یجب أن یطبخ النشا بثلاثه أمثاله ماء.
الزینه: بالزعفران علی الکلف یذهبه.
القروح: یدمل القروح و یصلحها.
أعضاء العین: یمنع سیلان المواد إلی العین.
أعضاء النفس و الصدر: یلیّن الصدر، و الحسو المتّخذ منه یمنع النوازل عن الصدر.
أعضاء النفس: النشاستج وحده، و بالعدس یعقل الطبیعه، و یمنع اختلاف المرار.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 33
الماهیه: هذا دواء حار، و فی جوفه شحم أخضر قباض، و مع الزیت یدر العرق.
أعضاء الرأس: ینفخ فی المنخرین، فیقطع الرعاف.
أعضاء النفس و الصدر: لبه الرطب ینفث ما یجتمع فی الصدر من الدم.
أعضاء النفض: لبه یمنع الإسهال المزمن.
السموم: إذا شرب بالشراب نفع لنهش الأفعی.
الماهیه: معروف، و فیه مراره یسیره و حرافه.
الاختیار: أنفع ما فیه بزره.
الطبع: یابس فی الثالثه.
الخواص: یفتح السدد، و فیه مع التجفیف تلیین.
الزینه: شربه و الطلاء به یحیل اللون إلی الصفره، و یقع فی أدویه البهق و البرص، و یعجن بالعسل، فیذهب کهبه الدم حیث کان.
أعضاء الصدر: ینفع من قیح الصدر و تقلب القلب.
أعضاء الغذاء: ینفع من بله المعده، و یسکّن الغثیان و تقلب النفس، و هو جیّد للکبد و المعده الباردتین.
أعضاء النفض: یسقی بالشراب، فیدر، و یزیل عسر البول، و یخرج الحصاه. و بالجمله ینقی الکلی و المثانه، و ینفع من الریاح و المغص، و تبخر به الرحم مع الراتینج فینقیها.
الحمیات: ینفع من الحمیات العتیقه جداً.
السموم: طبیخه یصبّ علی لدغ العقرب، فیسکن و یشرب لنهش الهوام.
الماهیه: هو البورق الأرمنی، و قد قیل فیه فی فصل الباء، و لیس علینا أن نکرر.
الماهیه: هی المترمد من الأجسام الحجریه و الخزفیه.
الطبع: أما التی لم یصبها الماء و التی أصابها الماء فی الحال فمحرقتان، و إذا بقیت
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 34
المطفأه یومین أو ثلاثه، فحینئذ لا تحرق بل تسخن فقط، و المغسوله معتدله یابسه.
الخواص: تقطع نزف الدم، و المغسوله مجفّفه بلا لذع، و النوره إذا غلیت بالدهانات صارت منضجه.
القروح: تأکل اللحم الزائد، و المغسوله تدمل و تنفع من حرق النار جداً.
الماهیه: أظن أن فیه تصحیفاً للعرب، و هو برسیان دارو، بالباء لا بالنون، و هو عصا الراعی، و نتکلم فیه فیما بعد.
الماهیه: هو شجره التمر المعروفه، و جمیع أجزائه قباض، و القول فی التمر قد مضی.
الاختیار: أجوده البیکالی الصافی البلوری.
الطبع: حار یابس فی آخر الثالثه.
الأفعال و الخواص: ملطف مذیب.
أعضاء العین: ینفع من بیاض العین.
أعضاء النفس: یشیل اللهاه الساقطه، و ینفع من الخرانیق.
الماهیه: من النحاس أحمر إلی الصفره، و هو القبرصی، و هو الفاضل، و أحمر ناصع، و أحمر إلی السواد. و جنس من النحاس یقال له الطالیقون، و النحاس المحرق حریف فیه قبض أیضاً، فإذا غسل کان نعم الدواء للختم فی الأجساد اللینه، و بغیر غسل للصلبه.
الاختیار: زهره النحاس ألطف منه.
الطبع: حار یابس فی الثالثه.
الأفعال و الخواص: النحاس المحرق فیه قبض وحده و إدمال، و مما یرجف به أن النتف بمنقاش من نحاس طالقون یمنع النبات فیما یقال.
الزینه: یسود الشعر.
الجراح و القروح: هو یدمل الخبیثه الساعیه و یمنعها عن السعی و یأکل اللحم الزائد.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 35
و المغسول یدمل الجراحات، و قیل: إنه إذا طلی بالعسل یصلح للقروح المتصلبه المجتمعه فی الأبدان الصلبه.
أعضاء العین: یحد البصر و ینفع من صلابه الأجفان.
أعضاء الغذاء: یسهّل الماء الأصفر إذا شرب بأدرومالی، و إن حنک به هیج القی ء. و الشربه مثقال و نصف، و یخرج المائیه بغیر أذی.[1]
القانون فی الطب (طبع بیروت) ؛ ج 2 ؛ ص35
السموم: یجب أن یحذر ترک ما فیه ملوحه، أو مراره، أو دسومه، کالأدهان و اللحمان، أو حموضه، أو حلاوه فی آنیه النحاس، و الشرب منها، فإنها ترسل لا محاله زنجاریه، و الزنجار سُم قاتل.
الماهیه: الأبیض معروف النوع، و الأسود هو صفوه القار البابلی و غیره.
الطبع: حار یابس إلی الرابعه.
الخواص: لطیف، و خصوصاً الأبیض، محلل مذیب مفتح للسدد.
آلات المفاصل: ینفع من أوجاع الورکین و أوجاع المفاصل، و خصوصاً الأبیض.
أعضاء الرأس: النفط الأزرق ینفع من أوجاع الأذن البارده.
أعضاء العین: ینفع بیاض العین و الماء النازل.
أعضاء النفس و الصدر: ینفع من الربو و السعال العتیق، شرب قلیل منه بالماء الحار.
أعضاء النفض: یسکن
المغص و الریاح، و إذا اتخذ منه فتیله قتل الدیدان، و خصوصاً، الأسود، و کل یدر البول و الطمث، و یکسر ریاح المثانه و برد الرحم.
السموم: ینفع من اللسوع.
الماهیه: هو شجره عظیمه متشوکه، و لها ثمر مثلی البندق و لونه أحمر یؤکل طیب الطعم، و یکون أکثر ذلک فی البلدان الحاره، و عندهم بأکتاف تلک البلاد له أسماء بحسب اختلاف ألسنتهم، فبعضهم یسمیها کتار.
الطبع: الرطب و الیابس فیه تجفیف و تلطیف، و ذلک فی جمیع أجزاء شجرته، و دخان السدر شدید القبض.
الخواص: قابض، و خصوصاً سویقه.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 36
الزینه: یمنع تساقط الشعر و یطوله و یقویه و یلینه. و للسدر صمغ یذهب الأبر و الحزاز و یحمر الشعر.
الأورام و البثور: ورق السدر یلین الورم الحار و یحلله.
أعضاء الرأس: صمغ السدر یذهب الحرار اغتسالًا به، و ینقی الرأس و یجعد الشعر.
أعضاء الصدر: ورقه للربو و أمراض الرئه.
أعضاء الغذاء: مقو للمعده.
أعضاء النفض: عاقل للطبیعه، و ینفع من نزف الحیض، و الطمث، و من قروح الامعاء، خصوصاً سویقه. و ینفع من الإسهال الکائن لسبب ضعف المعده، و السدر یحتقن من طبیخه، و یشرب لهذه العلل و لسیلان الرحم، و الطری منه حکمه حکم ما یجانسه من السفرجل، و الزعرور، و التفاح، و الکمثری، فإن المعتدل منه یعقل، و الکثیر بسبب أنه لا ینهضم، و تدفعه الطبیعه یهیج الهیضه.
الخواص: فیه قبض و تغریه.
القروح: ینفع محرقه من القروح الخبیثه.
أعضاء العین: یحرق و یطفأ و یغسل، فیقوم فی الأکحال بدل التوتیا، و یحسن الهدب، و ینبته مع الناردین، و هو جید لقروح العین و إنبات الأشفار.
الجراح: یلزق الجراحات الدامیه.
أعضاء النفض: طبیخه یخرج الحصاه، و بزره یدر و یعقل.
الماهیه: هو الیتوع المسمّی بخمسه أوراق.
الخواص: قوی التجفیف بلا حده، و لا حرافه، و لا لذع، و یضمد به للنزف فیقطعه.
الأورام و البثور: یضمد به الدبیلات و الخنازیر و الصلابات البلغمیه و الداحس و الجرب.
آلات المفاصل: ینفع من أوجاع المفصل و عرق النسا، و ینفع من القیله شرباً و ضماداً.
أعضاء الرأس: طبیخ أصله للسن الوجعه، إذا تمضمض به، و للقلاع، و ورقه، بالشراب للصرع یشرب ثلاثین یوماً.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 37
أعضاء الصدر: یغرغر بطبیخه لخشونه الحلق، و عصاره أصله لوجع الرئه.
أعضاء الغذاء: أصله إذا اعتصر نافع لوجع الکبد و الیرقان إذا شرب أیاماً مع الماء و العسل، و الشربه ثلاث قوانوسات.
أعضاء النفض: ینفع أصله من الإسهال من قروح الامعاء و البواسیر، و کذلک طبیخ أصله.
الحمیات: ورقه بأدرومالی، أو بالشراب للربع و الثانیه.
السموم: عصاره أصله دواء قتال.
الماهیه: بعض الأطباء یبنی علی لحمه بناء ظیماً.
الطبع: ذکر بعض الأطباء أن لحمه حار دسم، یبسط الطعام، و یقوی الجسم، و یصلحه، و هو غلیظ لا ینهضم.
أعضاء النفض: یزید من الباه.
الماهیه: هو حیوان معروف.
أعضاء المفاصل: قال الخوزی، أن شحمه أعظم دواء للفالج.
السموم: مرارته قاتله من ساعته.
فهذا آخر الکلام من حرف النون، و جمله ما ذکرنا من الأدویه سته و عشرون عدداً.
الماهیه: قال دیسقوریدوس: هو أصل نبات له ورق یشبه الکراث، غیر أنه أطول و أرق و أصلب، و له ساق طولها ذراع، أو أکثر، و ساقه لیست مستقیمه، بل فیها اعوجاج علی زوایا شبیهه بساق الإذخر، علی طرفها أوراق صغار نابته و بزر، و أصوله کأنها زیتون، منه طوال، و منه مدور منشبک بعضه مع بعض، سود طیبه الرائحه، فیها مراره، و ینبت فی أماکن غامره، و أرض رطبه، و قد یکون ببلاد طرسوس و ببلاد سوریا، و قد یکون فی الجزائر اللواتی یقال لها قوقلادس، و زعم اصطفن، أن بعض الأدهان تربی بعفص، أو بأشیاء قابضه، ثم تطیب به، و قد یکون ببلاد الهند و الکوفه.
الاختیار: أجوده الکثیف الرزین العسیر الإرضاض، العطر الذی حشیشته قصیره، و حرافته شدیده، و یدخل فی المراهم.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 38
الزینه: یحسن اللون و یطیب النکهه، و الهندی کما یقال یحلق الشعر.
الأورام و البثور: یدمل العسیره الاندمال و اللیفیه و المتأکله.
آلات المفاصل: مع دهن الحبه الخضراء لوجع الخاصره، و یشد الصلب، و الإکثار منه یورث الجذام.
أعضاء الرأس: ینفع من عفن الأنف و الفم و القلاع و استرخاء اللثّه، و یزید فی الحفظ جداً، و ینفع من قروح الفم المتأکلّه.
أعضاء النفض: یخرج الحصاه و یدرها، و ینفع من تقطیر البول، و ضعف المثانه جداً، و من بردها منفعه شدیده، و کذلک یفعل بالکلی، و ینفع من برد الرحم جداً، و ینفع من البواسیر و انضمام فم
الرحم، و ینفع الاستسقاء.
الحمّیات: ینفع من الحمیات العتیقه.
السموم: نافع من لسعه العقرب و الحشراب جداً.
الماهیه: قال: دیسقوریدوس: هو صمغ شجره تکون فی بلاد العرب، و بلاد الهند، فیها شبه یسیر من المرّ، و هو کریه الطعم، و قد یتدخن به الناس، و یدخن به الثیاب مع المر و المیعه، و تلک الصموغ تطبخ بالنار، و تصیر سندروساً.
الطبع: حار یابس فی الثانیه.
الخواص: فیه قبض، و خاصیه یحبس الدم، و یستعمله المصارعون لیخفوا و یقوا و لا یُبْهروا.
الزینه: فیه قوّه مهزله جداً، إذا شرب منه کل یوم ثلاثه أرباع درهم و سکنجبین.
القروح: یجفف النواصیر إذا دخن به.
أعضاء الرأس: یمنع دخانه النوازل، و منفعته فی تسکین وجع الأسنان عظیمه جداً لا یعدله فها شی ء، و یصلح اللثه.
أعضاء الصدر: ینفع من الخفقان کالکهرباء، و یمنع من نزف الدم، و یمنع من الربو الرطب بتجفیفه، و لذلک یستعمله المصارعون لئلا یبهروا.
أعضاء العین: یجلو الآثار التی فی العین جلیاً سریعاً، و یبرئ من ضعف البصر إذا دیف بشراب، و اکتحل به.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 39
أعضاء الغذاء: یسمی منه المطحولون فینفع.
أعضاء النفض: جید للإسهال المزمن، و دخانه ینفع من البواسیر.
الماهیه: قال الحکیم دیسقوریدوس: إن السرخس صنفان، منه ذکر، و هو نبات لیس له أوراق و لا زهر و لا ثمر، و له رفرف ثابت فی قضیب، طوله ذراع، و أکبر، و الورق مشرف مغتثر و دقاق کأنه جناح، و له رائحه فیها شی ء مرس و له أصل ظاهر أسود طویل، له شعب کثیره، فی طعمه قبض، و ینبت هذا النبات، أما فی مواضع جبلیه، و أما فی أماکن صخریه، و أصله ینفض حب القرع. و من القدماء من یسمیه قولورهون، و من الناس من یسمیه بلخرون، و بعضهم یسمیه بلونطریس الذکر، و
بطبرستان یسمونه حار. و صنف آخر الأنثی، من الناس من یسمیه نبقا اطاریس، و هو نبات له ورق شبیه بورق الذکر، غیر أن له قضباناً کثیره أطول منه. و عروقه عراض طوال عظام حمر کثیره إلی السواد ما هی، و بعضها أحمر کالدم. و ینبغی لمن یرید شربه أن یقدم أکل شی ء من الثوم أولًا، و الذکر أقوی فعلًا من الآخر.
الطبع: حار یابس فی الثانیه.
الخواص: یجفف بلا لذع، و فیه مراره و قبض.
القروح: مدمّل، و من الأنثی یجفف و یسحق و یدر علی القروح الرطبه العسیره البرء فتبرأ.
أعضاء النفض: یقتل الدیدان و حب القرع إذا شرب منه وزن أربعه مثاقیل بماء العسل، و خصوصاً بسقمونیا، أو بالخربق الأسود، وزنه سته قراریط أو تسعه، کان أبلغ نفضاً و أقوی فعلًا فی ذلک، و إذا شرب من الأنثی ثلاثه مثاقیل مع الشراب، أخرج الدود الطوال. إن شربت المرأه منه مسحوقاً لم تحبل، و أن شربته حبلی أسقطت. و قد یجفف و یطلی علی البطن، و إن شرب قتل الجنین، و ورقه فی أول ما یطلع یؤکل مطبوخاً، فیلیّن البطن.
الماهیه: قریب القوه من السنبل، إلا أنه ألین، و هی أوراق تظهر علی وجه الماء و قضبان کالشاهسفرم، و له زهو منفرک ینبت فی بلاد الهند فی میاه تستنقع فی أراض حمئه فیعوم علی وجه الماء، کالنبات المعروف بعدس الماء من غیر تعلق بأصل. و قد یستدل علی المکان بخیط و یجفف، ربما توهم قوم أنه ورق الناردین الهنلی لمشابهته له فی القوه و لدهنه قوه دهن الأقحوان و لحدن الزعفران، بل هو أقوی، قال دیسقوریدوس: إن أقواماً یغلطون حیث یتوهمون أنه ورق الناردین من تشابه الرائحه، إذ
قد توجد أشیاء کثیره رائحتها رائحه الناردین، مثل الفو و الاسارون و الوج، و لیس هو کما ظنوا أو توهموا بل الساذج جنس آخر ینبت فی أماکن
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 40
بلاد الهند، و هو ورق یظهر علی وجه الماء. و أن الماء إذا جف فی الصیف یحرق الأرض هناک بحطب یوقد فی ذلک الموضع، لأنه إن لم یفعل لم ینبت الورق، و من الساذج قسم منه المتفتت الذی رائحه الشی ء المتکرج، فإنه ردی ء و قوّه هذا القسم شبیهه بقوّه الناردین.
الاختیار: أجوده الحدیث الضارب إلی البیاض الذی لا یتفتت، و تکون رائحته ساطعه ناردینیه، و لا یکون متکرّجاً و لا مالحاً و لا مسترخیاً.
الطبع: حار یابس فی الثانیه.
الخواص: إذا جعل فی الثیاب حفظها من السوس فیما یقال.
الزینه: یطیّب النکهه إذا أخذ تحت اللسان و یمنع التأکّل.
الأورام و البثور: یطبخ فی ماء الورد و یضمد به الورم الحار بعد السحق، و هو دواء جید للأورام الحاره.
أعضاء الغذاء: هو أنفع للمعده و الکبد من الناردین جداً.
أعضاء العین: الساذج صالح لأورام العین الحاره.
أعضاء النفض: هو أشد إدراراً من الناردین.
الأبدال: بدله وزنه طالیسفرم أو سنبل.
الماهیه: دواء رومی معروف.
الطبع: حار یابس إلی الرابعه.
الخواص: یحرق الجلد.
أعضاء الرأس: ینفع من اللقوه إذا سعط منه حبه بماء السلق.
اعضاء العین: ینفع أورام الأجفان و تهیجها و الأورام العارضه تحت العین.
الماهیه: شجره طویله معروفه لا یثور ورقه فی الخریف و الشتاء، و یبقی کما هو أخضر لقوته، و فی طعمه حده و حرافه یسیره، و مراره کثیره. و عفوصته أکثر من المراره، و حرارته وحدته بمقدار ما تغوص قوته، و یوصل القبض بلا لذع، و یخالف سائر المسخنات بأنه لا یجذب.
الطبع: حار فی الأولی یابس فی الثانیه، و زعم بعضهم أنه بارد جداً، و قضوا بأن قوته مرکبه، و حرارته بقدر ما یعرض قبضه فی الأعضاء.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 41
الأفعال و الخوص: ورقه و جوزه قابض، و فیه تحلیل یحلل الرطوبات، و جوزه أقوی فی کل شی ء من ورقه، و فیه إلزاق و قطع للدم حتی. إنه یذهب بالعفن، و قد یظن، و جوز السرو و الأغصان و الورق إذا دخن أنه یطرد البق قطعاً.
الزینه: إذا طبخ مع الخل و الترمس و طلی علی الأظفار أذهب اًثارها، و ورقه یذهب بالبهق و هو، مسود للشعر.
الجراح و القروح: ورقه و قضبانه و جوزه إذا کانت طریه لینه تدمل الجراحات التی فی الأعضاء الصلبه، و تنفع النمله و الحمره، و خصوصاً مع دقیق الشعیر.
آلات المفاصل: ورقه الطری و جوزه جید للفتق إذا ضتد به، و ینفع مع دقیق الشعیر للحمره و نحوها، و یقوی الأعصاب و یضمر القیله ضماداً، و یقوی الاسترخاء و یشده.
أعضاء الرأس: إذا دق جوز السرو ناعماً مع اللبن و جعل فتیله فی الأنف أبرأ اللحم الزائد، و طبیخه بالخل
یسکن وجع الأسنان.
أعضاء العین: نافع من أورام العین ضماداً.
أعضاء النفس: یسقی جوزه بالشراب لنفث الدم و لعسر النفس، و نفس الانتصاب و السعال العتیق، و کذلک طبیخه نافع جداً.
أعضاء النفض: یشرب ورقه بالطلاء، فینفع من عسر البول و سیلان الفضول إلی المثانه، و ینفع أیضاً لقروح الامعاء و البطن التی تسیل إلیها الفضول.
الأبدال: بدله نصف وزنه قشور الرمان، و وزنه أنزروت أحمر.
الماهیه: هو الثوم البری، و هو أصغر بکثیر من البستانی له ورق و ساق متطاول، علیه زهر أبیض، و قد استقصی أمره فی الفصل الثالث.
الطبع: حار یابس إلی الثالثه، بل إلی الرابعه عند قوم آخر.
الخواص: لطیف مفتح جلآء.
الجراح و القروح: یدمل الجراحات العظیمه و الخبیثه.
آلات المفاصل: جید لفسخ العضل.
الماهیه: إن السک الأصلی هو الصینی المتخذ من الأملج، و الآن لما عز ذلک، فقد یتخذونه من العفص و البلح علی نحو عمل الرامک.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 42
الطبع: الساذج منه حار فی الأولی، یابس فی الثانیه، و للطیب حار یابس فی الثالثه.
الخواص: قابض مقو للأحشاء، و فی المطیب تحلیلِ و تفتیح جداً.
آلات المفاصل: جید لأوجاع العصب.
أعضاء النفض: زعم بعضهم أن السک المطیّب، یزید فی الباه، و یعقل الطبیعه، و ینفع من النزف.
الخواص: هو حیوان عسیر الهضم، کثیر الغذاء و یصلحه الطبخ بالماش.
الخواص: یخرج الأزجه و الشوک، و البحری ألطف.
الزینه: رماده مع العسل المطبوخ جید لشقاق الرجلین من البرد، و محرقه واقع فی أدویه البهق واقع فی أدویه البهق و الکلف.
الأورام و البثور: السرطان النهوی یحلّل الأورام الجاسیه إذا وضع علیها.
أعضاء الصدر: لحمه ینفع من السلّ خصوصاً بلبن الأتن، و مرقها أیضاً.
أعضاء النفض: رماده جیّد مع العسل لشقاق المقعده.
السموم: ینفع من لسع العقارب و الرتیلاء ضمّاداً و أکلًا، و رماده مع العسل لعضّه الکَلْب الکَلِب شرباً، و قد یتّخذ منه مع الجنطیانا دواء لعضه الکَفب الکَلِب معروف، و یعلم کیفیه المعالجه به فی باب السموم، و زعم أنه إذا قرب مع الباذروج من العقرب مات العقرب علی المکان.
الماهیه: إذا قیل سرطان بحری، فلیس نعنی به کل سرطان من البحر، بل ضرب منه خاص حجری الأعضاء کلها، و قال من نثق بقوله: إن هذا السرطان فی بحر الصین یخرج من ماء البحر، و یدخل فی ماء آخر بجنب البحر، و هو غیر ماء البحر فلما یدخل فی ذلک الماء یموت فی الماء، أو عند خروجه، و یصیر صلباً حجراً، و حدثنی هذا الحال من شاهد ذلک مراراً فی الصین.
الخواص: محرقه ألطف من سائر المحرقات.
الزینه: محرقه یجلو الأسنان و یذهب الکلف و النمش.
القروح: یجفف محرقه القروح، و ینفع من الجرب.
أعضاء العین: یمنع الدمع، و یحک مع الملح، یبری ء الظفره، و یتخذ منه شیاف یحک به الجرب من الجفن، و یجلو العین جداً.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 43
قد ذکرنا أحواله و أفعاله حین ذکرنا أحوال النبق فی فصل النون.
الماهیه: هو نبت قریب من الزوفا. قال دیسقوریدوس: هو نبات له زهر شبیه بالخربق، و فی لونه فرفیریه یعمل منه أشیاف، و زهره کأنه سراج علی رأس نبت خضر، و منه صنف آخر بری، و هو شبیه بالبستانی فی خصاله کلها.
الاختیار: الستعمل منه بزره.
الطبع: حار فی الأولی یابس فی الثانیه، و هو فی آخر الثانیه منها.
الخواص: هو مفتح، و الأغلب علیه القبض یقطع النزف کیف کان.
القروح: مدمل جداً.
أعضاء الرأس: یضمد به فیقطع الرعاف.
أعضاء النفس: یمنع نفث الدم.
أعضاء النفض: ینفع لقروح الإمعاء حقنه به، و زعم قوم أن بزر البرّی إذا أخذ منه مقدار درهمین أسهل البطن.
السموم: بزره إذا شرب بالشراب نفع من لسع العقرب و نهشه، و زعم قوم أن بزر، البرّی إذا وضع علی العقارب خدرها و أبطل فعلها، و جعلها کالمیته.
الماهیه: قال دیسقوریدوس: من الناس من یسمیه طریفالی، و معناه ذو ثلاث ورقات، لأن أکثر ذلک ینبت بثلاث ورقات، و هی مائله نحو الأرض شبیهه فی میلها بورق الحماض أو زهر السوسن، إلا أن ورق هذا أصغر من ورق الحماض، و أشد حمره، و حمرته مائله إلی الدم، و ساقه رقیق، طوله نحو من ذراع، و زهره شبیه بزهر السوسن الأبیض، و له أصل شبیه ببصل البُلبوس مقدار تفاحه، أحمر الظاهر، أبیض الباطن کبیاض البیض، حلو الطعم. و نبات آخر یشبهه، و یسمی باسمه، له بزر یشبه بزر الکتان، و قشر أصله دقیق أحمر، و داخله أبیض طیب الطعم حلو، و ینبت فی أماکن جبلیه مصاحبه للشمس.
الخواص: قد یقال: إن أصل هذا النبات إذا أمسکه الإنسان بیده حرکه للجماع فی لحال، و إن شربه بالشراب یهیّج الجماع کالسقنقور.
آلات المفاصل: و کذلک إذا
شرب بشراب قابض أسود، نفع من الفالج الذی یمیل لرأس و الرقبه إلی خلف فیما یقال.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 44
الماهیه: هو أصل نبات له ورد أبیض و أصفر، و یفصح أول ما تفصح الأنوار فی سفوح الجبال و فی الروابی، و ورقه لاطی ء بالأرض.
الاختیار: أجوده الأبیض داخلًا، و باطناً الصلب المکسر، و الأحمر و الأسود ردیئان.
الطبع: حار یابس إلی الثانیه، و فیه رطوبه فضلیه، زعم بعضهم أن فی الأبیض حراره لطیفه، و فی غیره قوه قویه، و الألم یسهله، و زعم آخرون أنه لو کان حاراً للذع القروح شیئاً، و لا لذع فیه البته، و زعم الآخرون أنه حار جداً.
الخواص: معه قوه مسهّله، و إن کان فیه قبض فیما یقال.
القروح: الأبیض جید للجراحات العتیقه.
آلات المفاصل: ینفع من النقرس، و یسکن الوجع فی الوقت ضماداً و أن استکثر منه ضماداً صلب الورم، و هو حجر، و کذلک هو تریاق جمیع المفاصل، و خصوصاً فی أوقات النوازل.
أعضاء الغذاء: ردی ء للمعده مضعف لها، و الأحمر و الأسود یحبسان أدویه الإسهال فی المعده، و یجلبان آفه عظیمه.
أعضاء النفض: فیه قوه مسهله، و یزید فی الباه، خصوصاً مع الزنجبیل و الفوتنج و الکمون.
السموم: الأحمر و الأسود منه سم.
الأبدال: بدله فی أوجاع المفاصل، وزنه من ورق الحناء، و نصف وزنه مقلّا أزرق.
قیل فی باب الحیه.
الطبع: بارد فی الثانیه، یابس فی الثالثه.
الخواص: یحبس الدم.
الزینه: یمنع انتشار الشعر بخاصیته.
الابدال: بدله فیدرهوج وزنه، و ثلثه أصول القصب.
الماهیه: قال دیسقوریدوس: السوسن نبات له ورق یشبه کسیقون، غیر أنه أعظم منه
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 45
و أعرض و ألزج، و له ساق علیه زهر منحن، فیه ألوان یشبه بعضها بعضاً، و هی مختلفه، منها بیاض، و صفره، و فرفیر، و لون السماء، و من أجل اختلاف الألوان فیه شبه بالایرسا، و هی قوس قزح، و له أصول صلبه ذات عقد طیبه الرائحه، و ینبغی أذا قلعت أن تجفف فی ظلّ، و تنظم فی خیط کتان، و تخزن، و صنف آخر لونه أبیض مر، و قوته دون القوه التی ذکرنا، و إذا عتّق الإیرس السوسن و تثقب، غیر أنه یکون حینئذ أطیب رائحه منه، و الإیرس هو أصل هذه السوسن. و بالجمله هو کثیر المنافع فی الأمراض، و الإیرسا قد قلنا فیه. و أما السوسن البستانی، ففیه أرضیه لطیفه اکتسبت مراره، و فیه مائیه معتدله المزاج.
الطبع: الأبیض البستانی المعروف بسوسن أزاد حار یابس فی الثانیه، و الایرسا البریه أشدّ تسخیناً و تجفیفاً.
الخواص: جلاء یجفّف باعتداله، و أصله أجلی، و دهنه ألطف لأن زهره ألطف، و دهنه أشد تحلیلًا و تلییناً مطیباً أو غیر مطیّب، و الایرسا أقوی فی جمیع ذلک، و هو قابض مع ذلک، و فیه شفاء للأوجاع و العفونات، و قوته مسخنه ملطفه.
الزینه: ینفع من الکلف و النمش، و خصوصاً أصله، و ینقی الوجه غسلًا به، و یصقله و یزیل تشنجه.
الأورام و البثور: إن دن الورق و البزر ناعماً و عمل منه ضماداً بالشراب علی الحمره نفعها جداً، و کذلک
علی الأورام الفخه البلغمیه و الجرب المتقرح و الخشکریشات و السعفه، خصوصاً إذا خلطناه بأدویه آخری.
الجراح و القروح: یملأ القروح لحماً جیداً، و أصله ینفع من حرق الماء الحار لأنه مجفف مع جلاء باعتدال، و کذلک ورقه مطبوخاً، و یدمل، و الأحسن أن یکون استعماله بدهن الورد. و عصاره الایرسا و غیره یطبخ فی العسل و الخل فی إناء من نحاس للقروح المزمنه و الجراحات. و البستانی أفضل الأدویه لحرق الماء الحار.
آلات المفاصل: جید لانقطاع العصب و الذین بهم تشنج فی العصب، و ینفعهم جداً، و ینفع من عرق النسا.
أعضاء الرأس: یتخذ من طبیخ أصله مضمضه لوجع الأسنان، خصوصاً من البری منه، و یجلب النوم، و یوافق دهنه قروح الرأس و النخاله، و إذا قطر فی الأذن یسکن الدوی، و مع الخل و دهن الورد ضماده نافع من الصداع، و إذا لطخ به الأنف یزیل الرطوبه اللینه التی تظهر من ظاهر الأنف.
أعضاء الصدر: ینفع أصله من نفس انتصاب خصوصاً الایرسا، و یصلح للسعال، و یلطف ما عسر تنقیه من الرطوبات التی فی الصدر.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 46
أعضاء الغذاء: ینفع الطحال، و هو ردی ء للمعده و خصوصاً دهنه.
أعضاء النفض: دهنه مفتح محلّل ملیّن صلابه الرحم شرباً و تمریخاً، و کذلک إذا طبخ أصله بدهن الورد و لا نظیر له فی أمراض الرحم، و کذلک دهن الایرسا، و یخرج الجنین، و ینفع من المغص، إن طبخ أصله وحده بالخل، أو مع بزر البنج و دقیق الحنطه سکن الأورام الحاره العارضه للانثیین. و إذا شرب دهنه أسهل مقدار أوقیه و نصف منه، و یصلح لأصحاب إیلاوس الصفراوی. و دهن الایرسا یفتح أفواه البواسیر، و کذلک
أصل السوسن کیف کان، و إذا شرب بالشراب أدر الطمث، و إذا شرب بالخل نفع الذین یمذون بالجماع، و إذا سلق و کمد بمائه النساء کان نافعاً لهن من أوجاع الرحم لتلیینه الصلابه التی تکون فیه و فتحه فمها.
الحمیات: ینفع من البرد و النافض.
السموم: ینفع من لسع الهوام، خصوصاً العقرب هو و عصارته و شرابه و بزره شرباً، و هو نافع لجمیع اللسوع، و دهنه تریاق البنج و الکزبره و الفطر.
الماهیه: هو فی قوه الحاشا، و شرابه کشراب الحاشا أیضاً.
الاختیار: أقواه البری.
الطبع: حار یابس فی الثالثه.
الخواص: محلل منشر ملطف.
آلات المفاصل: ینفع من أوجاع الورکین.
أعضاء الرأس: یمضغ فیسکّن وجع السن و یشفی اللثه المترهله لقوته المحرقه.
أعضاء الصدر: دهنه ینفع الصدر و الرئه.
أعضاء الغذاء: ینفع الکبد و المعده.
أعضاء النفض: یدرهما و یخرج الدیدان و حبّ القرع جداً.
الماهیه: قال دیسقوریدوس: هو نبات معروف فی أرض مسالو طیفیه، و له ورق شبیه بورق الرازیانج، إلا أنه أغلظ و ساقه أخشن، علیه إکلیل کإکلیل الشبث، و فیه ثمر إلی الطول ما هو، مر أو حریف یسرع إلیه التأکل، و له أصل طویل طیب الرائحه، و منه صنف آخر له ورق شبیه بورق اللبلاب الکبیر، إلا أنه أصغر منه مستطیل، و هو ثمنش عظیم، له قضبان طولها نحو شبر، و رءوس شبیهه برؤوس الشبث، و بزر أسود کثیف، و هو أشد حرافه، و أطیب رائحه من
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 47
الأول، و هو لذیذ الطعم، و ینبت فی مواضع مشرفه کثیره المیاه، و قوّته و فعله مثل الأول. و منه صنف آخر یکون فی جزیره فالوفرنیس، ورقه شبیه بورق فربیون، إلا أنه أخشن و أغلظ، و له ساق أکبر من سیسالیوس الأول، کالقثاء، و یعلو صفرتها بیاض علیه إکلیل واسع، فیه ثمر أعرض و أکبر و أطیب رائحه من ثمره، و قوتهما واحده، و ینبت فی مواضع وعره و تلول صنابیه، و زعم قوم أنه الأنجدان الرومی، لکنه أطول منه قلیلًا و أشد بیاضاً جداً.
الطبع: حار یابس فی الثانیه.
الخواص: محلل ملطف مفش، و کذلک أصله و بزره مسکن للأوجاع الباطنه، مذیب للبلغم الجامد. و یسقی منه المواشی فیکثر
نتاجها، و یشرب فی الشراب، فیمنع البرد و ضرره فی الأشفار، و خصوصاً مع الفلفل.
آلات المفاصل: نافع لأوجاع الظهر.
أعضاء الرأس: ینفع جداً من الصرع و تبلّه العقل.
أعضاء الصدر: نافع من الربو و عسر النفس، و نفس الانتصاب، و السعال المزمن، خاصهً أصله، و بزره معاً، و إذا عجن أصله بالعسل و لُعق نقی الصدر من الرطوبات اللزجه.
أعضاء النفض: یحلل النفخ و یسکن أوجاع الأحشاء و یهضم أصله، خصوصاً الطعام، هو جید للمعده.
أعضاء النفض: یحلل المغص الریحی، و یسهل الولاده فی جمیع الحیوان، و یزیل عسر البول، و یحلل أوجاع الرحم و اختناق الرحم، و ینفع أوجاع الأحشاء، و عصاره ساق هذا النبات و بزره إذا کان طریاً و شرب منه ثلاث أثولوسات بمیبختج عشره أیام أبرأ وجع الکلی، و هو نافع بالجمله للکلی. و إذا شرب منه نفع من تقطیر البول، و یدر الطمث، و ینفع من الأوجاع الباطنه.
الحمیات: نافع من الحمی البلغمیه فیما یقال.
الطبع: أصله معتدل، فإن ضرب إلی شی ء، ضرب إلی حراره و رطوبه.
الأورام: عصارته علی الداحس، و کذلک أصله.
القروح: عصا رته للجراحات.
أعضاء النفض: أصله ینفع من الظفره، و عصارته أقوی.
أعضاء الصدر: یلین قصبه الرئه و ینقیها، و ینفع الرئه و الحلق، و یصفی الصوت.
أعضاء الغذاء: یسکن العطش لرطوبته، و کذلک ینفع من التهاب المعده.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 48
أعضاء النفض: ینفع حرقه البول، و ینفع من قروح الکلی و المثانه و جربها.
الحمیات: ینفع من الحمیات العتیقه.
الماهیه: قریب القوه من الساذنج، بل هو أقوی.
الطبع: بارد یابس.
الخواص: قابض فیه من الاسفیذاج المبرد، لکنه ألطف کثیراً یمنع النزوف.
القروح: یوضع بقیروطی علی حرق النار.
أعضاء النفض: یمنع نزف الدم بقوه.
الماهیه: قال دیسقوریدوس،: هو نبات له ثلاثه أغصان کبیره، مخرجها من أصل واحد، کل واحد منها ثلاثه أفرع أو أربعه، دسمه مرکبه، و له ورق شبیه بورد العسنی، أو ورق اللبلاب، إلا أنه ألین منه، و له ثلاث زوایا، و له زهر أبیض مستدیر أجوف، شبیه فی شکله بالقرطاله، ثقیل الرائحه و له أصل طویل غلیظ مثل الساعد أبیض ممتلی ء لبناً، و یؤخذ لبناً، و یؤخذ لبنه من رأسه الأعلی من أصله، و ذلک بأن یشق الأصل و یجوف علی استدارتها، فإن اللبن یسیل فی ذلک التجریف، ثم یجمع فی صدف. و من الناس من یحفر الأرض علی استداره حول الأصل، و یأخذ ورق الجوز و یبسطه و یصیره فی الحفره، ثم یشق الأصل و یدعون اللبن حتی یسیل و یجف قلیلًا، ثم یرفعونه. و أجوده ما کان صافیاً خفیفاً رخواً، و لا ینبغی لمن یمتحن هذه الصمغه أن یقتصر علی بیاض لونها إذا قربت من اللسان، لأن ذلک یکون إذا خلط به لبن الیتوع و دقیق الکرسنه.
الاختیار: الأجود الجلال الأزرق إلی البیاض کأنه کسر الصدف، و هو المتفرک السریع الانحلال الأزرق الذی إذا أنحل فی الماء صیره کاللبن، و الأجود فی استعماله أن یشوی فی التفاح، و یخلط بماء الکرفس فیذهب غائلته و الجرمقانی ردی ء، و قد یصلح السقمونیا بأن یشوی فی تفاحه مأخوذه فی عجین، و أن یخلط بالأنیسون و الدوقو و یُلَت بدهن اللوز أیضاً. قال دیسقدریدوس: و من علامه الجید أن
لا یحذو اللسان حذواً شدیداً، فإن اللذع یعرض من مخالطه ذلک اللبن. و أردأ أصنافه ما کان من الشام و من فلسطین. فإن هذین الصنفین هما ردیئان متکاثفان لأنهما یُغشان بلبن الیتوع.
الطبع: حار یابس فی الثالثه، و حرارته أکثر من یبسه.
الخواص: فیه جلاء و تحلیل، و هو عدو للمعده و الکبد خاصه.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 49
الزینه: ینقی البهق و البرص و الکلف.
الجراح و القروح: إذا طبخ بالعسل و الزیت و ضمد به الجراحات حللَها.
البثور: یطلی بالخل علی الجرب المتقرح.
آلات المفاصل: بالخلّ و السوسن علی أوجاع المفاصل و الورک ضماداً، و ینفع من عرق النسا.
أعضاء الرأس: أصله و عصارته علی الصداع المزمن مع الخلّ و دهن الورد و السقمونیا وحده، إذا خلط بهما و جعل علی رأس من به صداع مزمن شفی.
أعضاء الصدر: هو مما یوذی القلب. أعضاء الغذاء: یضر بالمعده و الکبد جداً، و تکسر سورته بالتسویه، و بزر الکرفس، أو الأنیسون، و هو مکرب مغثّ، یذهب شهوه الطعام و یعطش.
أعضاء النفض: یسهل الصفراء بقوه، و یختلف فی البلدان حتی إنی رأیت فی بعض کتب الأطباء له شربه کبیره الوزن، لکن الطبیب ینبغی أن یراعی قوه المریض، و قوه أعضائه الرئیسه، و هواء البلد الحاضر. و السمقونیا یضر بالأمعاء، و یحتمل الإسقاط. و أصل شجرته إذا شرب منه درخمی أسهل مرّه و بلغماً.
و ذکر بعضهم أن السقمونیا إذا شرب منه المقدار المفرط، و هو نصف درهم أمسک أولًا، ثم أکرب و غثَّی و عرق عرقاً بارداً، ثم ربما انبعث إسهاله بإفراط، و هو قاتل. و أصل هذا النبات مسهل البطن، و قد یکتفی منها بسته قراریط للإسهال إذا خلط بسمسم، أو ببعض
البزور. و من القدماء من کان یقول: إن الشربه التامه ثلاث ملاعق، و الشربه الوسطی ملعقتان و الدون معلقه واحده، و ذلک بأنهم کانوا یأخذون من اللبن الذی أخذ من هذا النبات قدر ست قوانوسات، و من الملح ست قوانوسات، و یسقون الإنسان بخلاف ما نأمر نحن فی زماننا هذا. و قال بعضهم: إن العتیق إذا تنوول منه مقدار قلیل أدرّ و لم یسهل، و سقیه مع الصبر أقل لهذا، و کذلک مع ترمس و الملح و البزور العطره، و إذا احتمل فی صوفه قتل الجنین.
السموم: ینفع من لسع العقرب شرباً و طلاء علی العضو.
الماهیه: شجره لا منفعه فیها بل فی صمغها، و قد قیل: إن من القنه نوعاً یستحیل فیصیر سکبینج. قال دیسقوریدوس: هو صمغ نبات شبیه بالقثاء فی شکله، ینبت فی بلد ماء. و الجید منه، ما کان صافیاً، و کان خارجه أحمر، و داخله أبیض، و رائحته فیما بین رائحه الحلتیت و رائحه القنه، حریف، و قد یغش بنوع من الصمغ.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 50
الاختیار: أجود نوعیه الأکثف الأصفی الذی یضرب داخله إلی الحمره، و خارجه إلی البیاض، و ینحلّ سریعاً فی الماء، لا کالمغشوش بالقنه، و إن کان یشبه القنه البیضاء، و خیره الأصفهانی.
الطبع: حار فی الثالثه یابس فی الثانیه.
الخواص: محلل ملطف مفش مسخن جال.
الزینه: إذا استعمله أحد فی طعامه حسن لونه.
آلات المفاصل: ینفع من الفالج و من هتک العضل و أوتارها، و یسهل الماده التی فی الورکین حقنه و شرباً، و کذلک أوجاع المفاصل البارده.
أعضاء الرأس: یحلل الصداع البارد. و الریحی نافع من الصرع.
أعضاء العین: ینفع من ظلمه العین کحلًا، و من غلظ الأجفان، و من
الاثار فی العین، و هو من أفضل الأدویه للماء النازل فی العین، و أن سحق بالخل و جعل علی الشعیره ذهب بها، و قد یجلو القروح العارضه فی العین.
أعضاء الصدر: نافع من وجع الصدر و الجنب و السعال المزمن، یسقی بماء السذاب المعصور ثلاثه أرباع درهم لسوء التنفس، و هو ینقی الصدر بقوه، و یخرج الأخلاط النیئه.
أعضاء الغذاء: نافع من الاستسقاء و یخرج الماء الأصفر، و ضماده مع اللوز المر، أو السذاب، أو العسل، أو الخبز الحار ینفع من وجع الکبد.
أعضاء النفض: نافع من القولنج حقنهً و شرباً و من المغص، و یخرج الحصاه منهما، و یزید فی الباه، و ینفع أوجاع الرحم، و إذا شرب بأإدرومالی أدر الطمث، و قتل الجنین، و تلیینه البطن برفق، و یخرج الخلط اللزج و الماء الأصفر.
الحمیات: نافع من الحمیات الدائره.
السموم: یسقی فی الشراب للسع الهوام، و من جمیع السموم القتاله، و فعله أقوی من، فعل القنه، و قد ینفم لطوخاً فی جمیم ذلک.
الماهیه: قیل: إنه نبات صخری ینبت فی المکان الکثیر الفی ء و قال قوم: إنه ضرب من الأشقیل و قیل: غیر ذلک.
الطبع: حار فی الأولی یابس فی الثانیه.
الأفعال و الخواص: لطیف محلل لیس فیه کثیر حراره.
أعضاء الغذاء: ینفع الطحال منفعه عجیبه، إذا تنوول بسکنجبین اتخذ بخلْ طبخ فیه ورقه أربعین یوماً أذهب الطحال، و ینفع من الفواق و الیرقان.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 51
أعضاء النفض: یفتت الحصاه فی الکلیه و المثانه، و قیل: إنه إن علق منع الحبل فیما یقال.
الماهیه: هو من جرهر حار و جوهر مائی.
الطبع: هو حار حریف باعتدال.
الأورام و البثور: ورمه یفجر الدبیلات و یحللها فی حال ابتدائها، و الطرفی منه ینضج الأورام العاصیه فی النضج.
القروح: الطری منه یقلع الجرب المتقرح.
أعضاء العین: یقع فی الأدویه المحدّه للبصر.
أعضاء الصدر: قیل إنه أفضل دواء للسعال و نفس الانتصاب حتی التبخر به.
الماهیه: هو خشب الشونیز، و فیه مراره و قبض.
الطبع: حار یابس فی الثانیه.
الأفعال و الخواص: فیه تحلیل و قبض یسیر.
أعضاء الغذاء: طبیخ أصله ینفع المعده.
أعضاء العین: طبیخ أصله یدر.
الماهیه: هو قرّه العین یکون فی المیاه القائمه، فیه عطرته، و قد قیل فیه فی باب القاف.
أعضاء النفض: إنه مطبوخأ و غیر مطبوخ ینفع من الحصاه و یدر، و ینفع من الدوسنطاریا.
ماهیه: قیل: إنه حی العالم، و قیل: إنه ضرب من اللفّاح، و قیل: غیر هذا. و هو نوعان: صخری، و غیر صخری.
الطبع: الغالب علیه ألبرد و الیبس، و فیه رطوبه حاره معتدله و لطف به یقطع، و لزوجه
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 52
عنصلیه بها یحلل، و معنی به یجمع و یقبض، و لا رائحه له و لا حلاوه ما، و یجلب اللعاب، و یجمع بین أجزاء اللحم فی القدر حتی یصیر شیئاً واحداً.
آلات المفاصل: طبیخه لفسخ الأعصاب و العضل فی أوساطها و أطرافها، و یلحم الطریات.
أعضاء النفس: یشفی خشونه الحلق، و یمنع النفث من الدم، و فی ماء العسل ینقّی الرئه.
أعضاء النفض: ینفع من قروح الأمعاء و من السحج، و لفتق المعی المائی و أوجاع الکلیه و یحبس نزف الحیض فیما یقال.
الماهیه: منه خراسانی، و منه شامی أصغر من الخراسانی، أحمر عدسی، و هو یصلح لما یصلح له الأقاقیا و الورد، و إذا طبخ بالماء، ثم قوم طبیخه کالعسل، صلح لما یصلح له الحُضَض.
الطبع: بارد فی الثانیه، یابس فی الثالثه.
الأفعال و الخواص: قابض، مقو، ساد، و الخل ألطف منه، یمنع النزف، حتی إن قوماً یقولون: إنّ تعلیقه یفعل ذلک، و یمنع تحلب الصفراء إلی الأحشاء.
الزینه: طبیخ سماق الدباغین یسود الشعر.
الأورام: یضمد به الضربه، فیمنع الورم و الحصره، و ینفع من الداحس، و یمنع تزید الأورام.
القروح: ینفع من سعی الخبیثه.
آلات المفاصل: ینطل بطبیخه الوثی فلا یرم.
أعضاء الرأس: یمنع قیح الأذن و صمغه، إذا وضع فی أکال الأسنان سکّن وجعها.
أعضاء الغذاء: دباغ للمعده مقو لها یسکن العطش، و یشهی لحموضته، و یسکن الغثیان الصفراوی.
أعضاء النفض: عاقل یحبس الطمث و النزف، و یمنع من السحج،
و یحقن به للدوسنطاریا و لسیلان الرحم و البواسیر، و یوافق إذا وقع فی الطعام من کان به إسهال مزمن و قرحه الأمعاء و من الذرب.
الماهیه: معروف. قال دیسقوریدوس: إن السلق صنفان، أسود، و أبیض. و کلا الصنفین
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 53
ردی ء الکیموس للنطرونیه التی فیهما، و قال أصطفن: أصبنا فی الدجله العوراء بناحیه البصره سلقاً بریأ له قضبان متفرقه من أصل واحد، طولها شبر، و لون ورقه لون الجرجیر، و بزره متفرق علی تلک القضبان عند أصل الورق، و أصله واحد.
الطبع: عند بعضهم هو حار یابس فی الأولی. و فی الحقیقه أنه مرکب القوه، و عند بعضهم هو بارد، فلا إشکال، فی أصله رطوبه.
الأفعال و الخواص: السلق فیه بورقیه ملطفه، و فیه تحلیل و تفتیح أشد من تفتیح السوسن، و تلیین، و فی الأسود منه قبض، و خاصه مع العدس، و البورقیه التی فیه محلله، و الأرضیه مقبضه. و جمیع السلق ردی ء الکیموس، و جمیعه قلیل الغذاء کسائر البقول.
الزینه: تنفرد عصارته و طبیخ ورقه من شقاق البرد، و ینفع من داء الثعلب، و ینفع من الکلف إذا استعمل ورقه ضماداً بعد غسل الموضع بنطرون، و یقلع الثآلیل عصیره، و عصیره یقتل القمل.
الأورام: تضمد به الأورام مسلوقاً، فیحلها و ینضجها، و ینفع من التوت ضمّاداً بحاله، و ینفع من الأورام الحاره إذا تضمد بها مع السوسن.
القروح: ورقه جید مطبوخاً لحرق النار، و ینفع من القوابی طلاء بالعسل، و إذا تضمّد به للقروح الخبیثه یبری ء من کل ذلک.
أعضاء الرأس: یسعط بمائه مع مراره الکرکی، فتذهب اللقوه، و ینفع قروح الأنف. و ماؤه فاتراً یقطر فی الأذن، فیسکن الوجع و یغسل بمائه الرأس
فتذهب النخاله.
أعضاء الغذاء: أصله ردی ء للمعده مغث، و أکثر ذلک لبورقیته اللذاعه، و هو ردی ء الکیموس و یغسل ببورقیته حتی إنه یلذع المعده القویه الحس. و غذاؤه یسیر و تفتیحه لسدد الکبد أشد من تفتیح الملوخیا، خاصه مع الخردل و الخل، و کذلک الطحال، و یجب أز یؤکل بالمری و التوابل.
أعضاء النفض: قیل: إن الأسود منه یعقل و خاصه مع العدس، کما أن الآخر یلین و خاصه مع العدس، و لا شک أن المسلوق المهرأ ماؤه إذا طحن عقل، و یحقن به لآخراج الثفل، و جمیعه یولد النفخ و القراتر و یمغص، و هو جید للقولنج إذا أخذ بالتوابل و المرّی.
الماهیه: قال دیسقوریدوس: منه بستانی، و منه برّی، و منه جبلی. أما الجبلی فهو أحد و أشدّ حرافهً من البستانی، و لیس بمأکول فی الطعام. و أما الذی ینبت منه عند شجره التین فأوفق. و البری صنف یقال له: منعانوراعریون، و له اسم عند کل قوم، و یدعی عند بعضهم: مولی. مخرجه من أصل واحد، و له قضبان کثیره، و ورقه أطول من ورق السذاب الآخر بکثیر،
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 54
ثقیل الراحه، له زهر أبیض، و رءوس أکبر قلیلًا من رؤس السذاب الآخر مثلثه، فیها بزر لونه إلی الحمره ما هو، ذو ثلاث زوایا مر شدید المراره، و البزر هو المستعمل، و نضجه فی الخریف، و صنف آخر أصله أسود، و فی أرض رطبه.
الاختیار: أوفق السذاب البستانی ما ینبت عشد شجره التین.
الطبع: حار یابس فی الثانیه، و الیابس حار یابس فی الثالثه، و الیابس البری حار یابس فی الرابعه، فیما یقال.
الخواص: مقطع محلل مفش جداً منقّ للعروق مقرح قابض.
الزینه: مع النطرون
علی البهق الأبیض و الثآلیل و التوث، و یذهب رائحه الثوم و البصل، و ینفع من داء الثعلب.
الأورام و البثور: البرّی إذا دق و ضمّد به مع الملج عضو أحدث علیه ورماً حاراً، و اذا جعل علی خنازیر الحلق و الإبط حلّلها، و الصمغ أقوی فی جمیع ذلک.
الجراح و القروح: یجعل مع السمن و العسل علی القوابی، و مع الخلّ و الأسفیداج علی النمله و الحمره، و یبرئ العتیقه، و إذا جعل لصوقاً مع مر نفع من القروح.
آلات المفاصل: ینفع من الفالج و عرق النسا و أوجاع المفاصل شرباً و ضماداً بالعسل.
أعضاء الرأس: یذهب رائحه الثوم و البصل، و یضمد به مع السویق للصداع المزمن، و قد یسعط به مع الخلّ فی الأنف للرعاف، فیحبسه. و عصارته المسخّنه فی قشور الرمان تقطر فی الأذن فینقیها، و یسکن الوجع و الطنین و الدوی، و یقتل الدود و یخرجها من الأذن إن کان حیاً، و یطلی به قروح الرأس.
أعضاء العین: یحد البصر، و خصوصاً عصارته مع عصاره الرازیانج و العسل کحلًا و أکلًا، و قد یضمد به مع السویق علی ضربان العین، و إذا صنع منه طلاء مع الرازیانج و مرّ و عسل و طلی به حول العین، نفع من ضعف البصر.
أعضاء الصدر: طبیخ الرطب منه مع الشبث الیابس، نافع لوجع الصدر و عسر النفس، علی ما یشهد به روفس، و ینفع من أوجاع الرئه و الجنب و السعال و وجع الأ ضلاع.
أعضاء الغذاء: یضمد به مع التّین للاستسقاء اللحمی و الزقی، و یسقی شراب طبخ فیه السذاب أیضاً، و إذا شرب من بزره من درهم إلی درهمین للفواق البلغمی سکّنه، و هو یمری ء و یُشهّی و
یقوی المعده، و ینفع من الطحال.
أعضاء النفض: یجفف المنی، و یقطعه، و یسقط شهوه الباه، و یعقل صنفاه، و یسکّن المغص، و یحقن به مع الزیت القولنج، و یوضع بالعسل علی قروح المقعده، و یغلی
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 55
بالزیت، و یشرب للدیدان. و النوعان یستفرغان فضول البدن بالادرار، و کذلک یعقلان و یضمّد به بورق الغار علی الأنثیین لأورامهما، و إذا سحق و عجن بالعسل و لطخ علی فرج المرأه إلی المقعده، أو احتملته، نفع من الوجع الذی یعرض منه الاختناق.
الحمیات: ینفع من النافض أکله و التمریخ بدهنه.
السموم: یقاوم السموم، و یشرب من یحاذر سقی السم أو النهش من بزره وزن درهم مع ورقه بشراب، و خصوصا إن شربه بالتین و الجوز مدقوقاً کله مخلوط، و الإکثار من کل البری قاتل.
الماهیه: ورل نیلی یصاد بمصر، و یزعمون أنه من نتاج التمساح فی البر.
الاختیار: أجود ما فیه ناحیه کلاه.
أعضاء النفض: قد ینهض الباه حتی لا یسکن إلا بحسو مرق الخس و العدس.
الطبع: کالمعتدل.
الخواص: ملین.
أعضاء الصدر: یلین الصدر و الحلق.
أعضاء الغذاء: یسکّن العطش، و خصوصاً مع بزره.
أعضاء النفض: یلین البطن.
الماهیه: هی القَطفُ، و هی بقله معروفه، و هی جنسان، أحدهما بری، و الآخر بستانی، و قد یطبخ أیهما کان و یؤکل.
الطبع: بارد رطب فی الأولی، و عند بعضهم معتدل.
الماهیه: هو الوزغ و یقال خلافه.
الزینه: یضمد به علی الشوک و السلاء، و علی الثآلیل مدقوقاً فیجذب، و علی الثآلیل و المسماریه فیقلعها، و قیل: إن المجفّف منه إذا خُلط بالزیت أنبت الشعر علی القرع.
الخواص: بوله و دمه عجیب النفع من فتق الصبیان إذا جلسوا فی طبیخه، و قد یجعل فی بوله أو دمه شی ء من المسک، و یجعل فی إحلیل الصبی فیکون بالغ النفع فی العنق.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 56
أعضاء الرأس: قیل إن کبده یسکن وجع الضرس، و إذا لحق رأسه و وضع علی المواضع المتأکله من الأسنان سکن وجعها فی الحال.
السموم: یُشق و یوضع علی لسع العقرب.
الماهیه: صنفان برّی و بحری.
أعضاء الرأس: دم البرّی منه قد قیل إنه ینفع من الصرع مشویاً، و مراره السلحفاه للقلاع، و یقطر فی منخری المصروع.
أعضاء الصدر: بیضه لسعال الصبیان، و مرارته لطوخ للخناق.
السموم: دم البحری منه مع الأنفحه جید من نهش الهوام، و لمن سقی الیتوع.
الماهیه: معروف.
آلات المفاصل: أکل لحمه یخاف منه التمدد و التشنج، لا لأنه یأکل الخربق فقط، بل لأن فی جوهره هذه القوه، و إذا ظن أن اغتذاءه بالخربق، فهو لمشاکله المزاج.
الماهیه: قصب السکر فی طبع السکّر و أشد تلییناً منه.
الطبع: أبرده الطبرزذ، و هو ألطف. و بالجمله هو حار فی آخر الأولی، رطب فیها، و العتیق إلی الیبس فی الأولی، رطب فیها، و کلما عتق جف.
الخواص: ملیّن جلاء غسال، و السلیمانی أکثر تلییناً، و خصوصاً الفانیذ، بل عسل القصب و السکر لیس دون العسل فی الجلاء و التنقیه، و کلما عتق السکّر صار ألطف.
أعضاء العین: المأخوذ کالصمغ عن القصب یجلو العین.
أعضاء الصدر: یلیّن الصدر و یزیل خشونته.
أعضاء الغذاء: جید للمعده إلا التی تتولد فیه الصفراء، فإنه یضرّها بالاستحاله إلی الصفراء، و هو مفتح للسدد، و فیه تعطیش دون تعطیش العسل، خاصه العتیق. و العتیق یولّد دماً عکراً و یجلو البلغم عن المعده، و فی قصب السکّر معونه علی القی ء.
أعضاء النفض: یسهّل، و خصوصاً الذی یوجد علی قصبه کالملح و السلیمانی و الأحمر أشدّ تلییناً، و ربما نفخ، و ربما سکّن النفخ، و هو مع دهن اللوز نافع للقولنج.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 57
الماهیه: هو مَن علی العشر، و هو کقطع الملح و فیه مع الحلاوه قلیل عفوصه و مراره، فمنه یمانی أبیض، و منه حجازی إلی السواد.
الخواص: جلاء مع عفوصه فیه.
أعضاء العین: سُکر العُشَر یحد البصر.
أعضاء الصدر: هو نافع للرئه.
أعضاء الغذاء: نافع من الاستسقاء مع لبن اللقاح، لیس یعطّش کسائر أنواع السکر لأن حلاوته قلیله، و هو جیّد للمعده و الکبد.
أعضاء النفض: ینفع الکلی و المثانه.
الماهیه: معروف، و هو یفعل أفعال الزبد، و هو أقوی فی الإنضاج و الإرخاء و التلیین فلیقرأ ما قیل فی فصل الزای عند ذکرنا الزبد و یضاف إلی هذا.
الطبع: حار فی الأول رطب فیها.
الخواص: منضج محلّل، إنما یفعل فی الأبدان الناعمه و المتوسطه دون الصلبه.
الأورام و البثور: یُنضِجُ الأورام، و خصوصاً التی فی أصل الأذن، خصوصاً فی الصبیان و النساء و لا یقدر علی مثله فی الأبدان الصلبه.
أعضاء الرأس: ینضج الأورام التی خلف الأذن الناعمه.
أعضاء الصدر: یلین الصدر: و ینضج الفضول فیه و خصوصاً مع العسل و السکر و اللوز المرّ.
أعضاء النفض: مع اللوز المرّ بما عقل البطن لقبض فیه و ربما أطلق.
السموم: هو تریاق للسموم المشروبه.
الماهیه: السُنْبُل سُنْبُلان: سُنْبُل الطیب و هو سُنْبُل العصافیر و الناردین و هو السُنْبُل الرومی. و الأقلیطی أضعف من الهندی، و السوری فی جمیع خصاله إلا فی الإدرار. و الغلیظ قریب القوه من السوری، و شجرته صغیره یقلع بطنها و یخرج، و قد یُغش بنبات یشبهه. و یفرق بینهما أن ذلک النبات زهم الرائحه. و من الناردین جبلی ورقه کورق العصفر، و کذلک أغصانه کلها صفر ملس غیر شائکه کثیره الأصوال، إثنان أو أکثر، و لیس له ساق و لا ثمره و لا زهره. قال
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 58
دیسقوریدوس: هو جنسان، منه ما یقال له الهندی، و منه ما یقال له السوری، لا لأْنه یوجد بسوریا، لکن لأن الجبل الذی فیه یوجد منه مما یلی سوریا، و منه ما یلی بلاد الهند. و أما الذی یقال له الهندی، فمنه ما یقال غنغیطس، و اشتق له هذا الاسم من اسم نهر یجِری بجنب الجبل الذی یقال
له غنطس ینبت بالقرب منه، و هو أضعف قوه لرطوبه الأماکن التی ینبت فیها، و أطوله أوفره سنبلًا و مخرج سنبله من أصل واحد، و جمام سنبله وافره، و هو ملتف بعضهم ببعض، زهم الرائحه، و منه ما هو داخل فی الجبل الذی وصفنا فهو أطیب رائحه قصیر السنبل، رائحته شبیهه برائحه السُّعْد، و فیه کل ما وصفنا فی الناردین السوری، و قد یوجد نبات باردس سقاریطفی، و اشتق هذا الاسم من اسم الأماکن التی بیبت فیها کثیراً، سنبلًا أشد بیاضاً من الذی وصفنا، و ربما کان له فی وسطه ساق، رائحته مثل رائحه البیش، فینبغی أن یرفض هذا الصنف، و ربما بیع الناردین و قد أنقع بالماء. و یستدل علی ذلک من بیاض السنبل و قحله، و من أن لیس فیه تراب. و قد یغشّ بأن یُرشق علیه إثمد بماء و سکر لیتلبد و یبقل، و قد ینبغی أن ینقی عند الحاجه إلیه إن کان فی أصوله شی ء من طین، و ینخل و یؤخذ ترابه، فإنه یصلح لغسل الید.
الاختیار: قال دیسقوریدوس: أجوده ما وفر شعره و کان إلی الشقره، طیب الرائحه کالسعد صغیر السنبل یحذو اللسان، و هذا هو السوری. و الهندی أضعف و أطول و أکثر سنبلًا، ملتف زهم الرائحه یتفرّک سریعاً بکلیه لوفه، و یتناثر منه غبار أسود عظیم، و یغش بأن یطبخ بعد النقع فی ماء حار، ثم یثقل بإثمد، ثم یباع. و یدل علیه بیاضه و فحله و ضعف قوته و ضعف طعمه و رائحته. و الأسود الهندی خیر من الأحمر، و أجود النماردین الحدیث الطیب الرائحه الکثیر الأصول الممتلی ء الذی لا یتفرک. و أما الذی له ساق إلی البیاض
و خصوصاً فی وسطه فلیس بشی ء، خصوصاً الزهم الرائحه.
الطبع: حار فی الأولی یابس فی الثانیه.
الأفعال و الخواص: مفتح محلل، و فی الهندی قبض کثیر و حراره أقل، بل خفیفه، أول ما یذاق یکون مسخناً، ثم تنبعث منه حراره و حرافه. و من سنبل الطیب ذریره تمنع العرق الکثیر، و طین السنبل غسول طیب جید. الأورام و البثور: محلل للأورام.
القروح: یجفف الرطوبه السائله من القروح.
أعضاء الرأس: یمنع النوازل و یقوّی الدماغ.
أعضاء العین: ینبت الأشفار إذا وقع فی الأکحال أو أمر سحیقه بالمیل علی الأجفان، و الناردین أقوی فی ذلک علی ما أحسب.
أعضاء الصدر: ینفع جمیعه من الخفقان و ینقی الصدر و الرئه و یمنع انصباب المواد إلی المعده.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 59
أعضاء الغذاء: مفتّح لسدد الکبد و المعده و یقویها، و ینفع جمیعها من الیرقان و یمغ انصباب المواد إلی المعده، و یسکن لذعها، و إذا شرب أی نوع کان منه بالشراب نفع الطحال، و إذا شرب بالماء البارد سکن الغثیان.
أعضاء النفض: جمیعه یدر، و الأقلیطی أقوی لأنه أسخف و أقل قبضاً، و ینفع أورام الرحم کلها جلوسأ فی طبیخه، و ینفع من أوجاع الکلی، و یمنع سیلان المواد إلی الأمعاء، و له خاصیه فی حبس النزف المفرط من الرحم.
الماهیه: هی أصناف، فمنها صنف أحمر طیب الطعم و الریح، و صنف یشبه طعمه طعم السذاب، و صنف أسود إلی فرفیریه شبیه الرائحه بالورد، و صنف أسود کریه الرائحه رقیق القشر متشقّق، و صنف إلی البیاض کرّاثی الرائحه، و صنف دقیق الأنبوب أجوف. و ذکروا أنه قد یوجد شی ء شبیه بالسیلخه یستحیل إلی الدارصینی، و ذکر بعضهم أنه قد یوجد علی شجره الدارصین
سلیخه بهذه الصفه، و ربما کان متصلًا بالدارصینی نفسه.
و قد سمعت من الثقه أن السلیخه قشر شجره مثل شجره الدارصینی، و یجلب من ناحیه الصین. و السلْیخه فی قوه دارصینی ضعیف. و الجید منها یلحق بالدارصینی. قال دیسقوریدوس: السلیخه أصناف کثیره تکون فی بلاد العرب المنبته للأفاویه، و لها ساق غلیظ القشر، و ورق شبیه بورق النوع من السوسن، و الأصناف الآخر ردیئه.
الاختیار: أجوده الأحمر اللون، الصافی الأملس، المستطیل العود، غلیظ الأنبوب، دقیق الثقب، مکسر ممتلی ء ذکی الرائحه، یلذع اللسان و یقبضه. و الأسود ردی ء، و المستعمل لحاؤه و لا خیر فی خشبه.
الطبع: حاره یابسه فی الثالثه.
الخواص: محلل للریاح الغلیظه، و فیه قبض قلیل مع حرافه أکثر، و لطافه کثیره و تقطیع الحرافه، و هو بقبضه یعین القابضه، و بتحلیله یعین المسهله، و هو بما فیه من التحلیل و القبض و اللطافه یقوی الأعضاء.
الأورام: یحلل الأورام الحاره و البارده فی الأحشاء.
القروح: یطلی بالعسل علی اللینه.
أعضاء العین: یقع فی أدویه العین لما فیها من القبض مع التحلیل.
أعضاء الصدر: ینفع الصدر.
أعضاء الغذاء: شرابه للکبد، أو الشراب الذی تقع فیه السلیخه، ینفع المعده.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 60
أعضاء النفض: یدرهما، خصوصاً ما کان السبب فیه منهما الأخلاط الغلیظه، و ینفع من أوجاع الکلی و المثانه، و إذا جلس فی طبیخه نفع اتساع الرحم و زلقه، و کذلک دخانه و شرابه و الشراب الذیا ینفع فیه جیّد لعسر البول، و زعم بعضهم أنه یسقط الأجنه.
السموم: یسقی لسم الأفعی.
الأبدال: بدلها فی الأدویه من الدارصینی ضعیف ما یحلل منها.
الماهیه: قد ذکر فی فصل الحنظه و الشعیر.
أعضاء الصدر: ینفع الصدر.
الماهیه: هو أکثر البزور دهنیه، و لذلک یزنخ بسهوله. قال بعضهم: لا منفعه دهنه إلا لأصحاب السوداء الطعم یسخنهم و یرطَبهم، و أرسیمون، جنس من السمسم کریه الطعم.
الاختیار: جرمه أقوی من دهنه.
الطبع: حار فی وسط الأولی رطب فی آخرها.
الخواص: مغر ملین معتدل الاسخان، و کذلک دهنه و طبیخه، و هو مرخ، و فی دهنه غلظ، و مقلوه أقلِّ ضرراً.
الزینه: یحلل حضره الضربه و الدم الجامد، و هو نافع للشقاق و الخشونه و السوداوین شرباً و طلاء، و هو مسمن، و خصوصاً المقشر، و یطول الشعر، و خصوصا عصاره شجره و ورقه و یلینه، و یذهب الأبریه. و دهنه المطبوخ فیه الآس یحفظ الشعر و یقویه و یصلبه.
الأورام: یحلل الأورام الحاره.
الجراح و القروح: علی حرق النار، و شرب دهنه یذهب الحکه البلغمیه و الدمویه، خاصه بنقیع الصبر و ماء الزبیب.
آلات المفاصل: یضمد به غلظ الأعصاب.
أعضاء الرأس: ینفع دهنه مع فوه من الورد للصداع الاحتراقی. عصاره شجرته تذهب الإبریه.
أعضاء العین: علی ضربان، العین و ورمها.
أعضاء الصدر: جید لضیق النفس و الربو.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 61
أعضاء الغذاء: ردی ء للمعده مغث مسقط الشهوه مشبع بسرعه، و إذا أکل بالعسل أذهب ضرره، و یبطئ بهضمه و یرخی الأحشاء. و المقلو منه أقل ضرراً، و غذاؤه دهنی جداً، و فیه تعطیش و یسرع نزوله بقشره، فإذا قشر أبطأ نزوله.
أعضاء النفض: نافع لقولون، و نقیع السمسم شدید فی إدرار الحیض حتی یسقط الجنین، و إذا نفع و کل مع بزر الخشخاش و بزر الکتان بالاعتدال زاد فی المنی و الباه.
السموم: ینفع من عض الحیه المقرنه.
الاختیار: أفضل السمک فی جثته ما کان لیس بکبیر جدأ، و لا صلب اللحم،
و لا یابسه، و لا دسومه فیه، کأنه یفتت، و لا مخاطیه و لا سهوکه فیه. و طعمه لذیذ، فإن اللذیذ مناسب، و ما هو دسم دسومه غیر مفرطه، و لا غلیظه و لا شحمیه، و لا حریفه، و الذی لا یسرع إلیه النتن إذا فصل عن الماء. و یختار من السمک الصلب اللحم ما هو أصغر، و من رخص اللحم ما هو أکبر إلی حد ما، و صلب اللحم مملوحاً خیر منه طریاً. و أما فی الأجناس، فالشبابیط أفضلها، ثم البنی و المارماهیج، و الساج البحری لا بأس به، و الرجز و السثمُ غلیظان. و أما المارماهیج و الکنعد فجید، و الفرسیوک جید جداً.
و أما فی مأواه فالذی یأوی الأماکن الصخریه، ثم الرملیه و المیاه العذبه الجاریه التی لا قذر فیها، و لا حمأه، و لیست بطیحیه، و لا بریه، و لا من البحیرات الصغار التی لا تشقها الأنهار، و لا فیها عیون. و السمک البحری محدود لطیف، و أفضل أصنافها الذی لا یکون إلا فی البحر و اللجه، و الذی یأوی ماء مکشوفاً لترفرف الریاح علیه، أجود من الذی بخلافه، و الذی یأوی ماء کثیر الاضطراب و التموج أجود، لأنه أشدّ حاجه إلی الارتیاض من الذی یأوی الراکد.
و السمک البحری فاضل لطیف اللحم، لا سیما إذا کان مأواه من الشطوط صخراً و رملًا. و اللجی من البحری کثیر الارتیاض، و الذی یصیر من البحر إلی أنهار عذبه یعارض جریه الماء بالطبع أیضاً لطیف کثیر الریاضه.
و اما فی غذائه، فالذی یغتندی جیّد الحشیش و أصول النبات خیر من الذی یغتذی الأقذار التی تطرح فی البلاد إلی المستنقعات و أصول النبات الردی ء، و إن کان
فی غایه الطبیعه.
و أفضل ما یؤکل السمک الاسفیدباج، ثم المشوی علی الطابق. و أما المقلی، فیصلح لأصحاب المعد القویه مع الأبازیر. و المشوی أغذی و أبطأ نزولًا، و المطبوخ بالضد و أفضل طبیخه أن یطبخ الماء حتی یغلی، ثم یلقی فیه. و أما المالح، فخیره ما کان طریاً، ثم کان قریب العهد بالتملیح، و أحمده الممقور بالخلّ و التوابل، و الماء الذی یسلق فیه السمک المالح خصوصاً الجِری، شدید التنقیه و یقع فی الحقن المجفّفه.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 62
الطبع: جمیع السمک بارد رطب، لکن بعض السمک أسخن بالقیاس إلی مزاج السمک، ثم الکوسج و الجری و المارماهیج. و المالح حار یابس، و کلما عتق ازداد منهما. و ماء السمک الملیح شبیه بالمری فی أحواله.
الأفعال و الخواص: الطری مولّد للبلغم المائی مرخ للأعصاب غیر موافق إلا للمعده الحاره جداً، و دمه إلی الرقّه. و جلد السمک المعروف بسیفیانوس فی ناحیه بیت المقدس، إن ذرّ رماد جلده فی عیون المواشی، أذهب بیاضها. و المالح من أصناف السمک یخرج السلی من المناشب و خصوصاً الجِرِّی.
الجراح و القروح: رأس سمارس محرقاً یقلع اللحم الزائد فی القروح، و یمنع سعیها و یقلع الثاًلیل و التوت. و ماء السمک المالح ینفع من القروح العفنه و یغسلها، و الصحناه و السمیکات جیده فی مداواه القروح العفنه.
آلات المفاصل: إذا احتقن بسلافه المالح مراراً نفع جدأ من وجع الورک، و الطری منه یرخی الأعصاب.
أعضاء الرأس: السمک الصغار الذی یسمّیه أهل الشام الصیر، إذا تمضمض صاحب القلاع الخبیث بالمری الذی یتخذ منه نفعه، و الرعاد الحی إذا قرب من رأس المصدوع أخدره عن الحس بالصداع.
أعضاء العین: جلد سیفیانوس یحک به الأجفان الجربه
فینفع، و جلده المحرق أیضاً یدخل فی أدویه العین، و یذهب الأکتحال به مع الملح الظفره، و أکله مقلیاً یورث غشاوه العین، بل جمیع السمک.
أعضاء الصدر: الجِرِّی الطری ینقی قصبه الرئه و یصفی الصوت، و کذلک المملوح رؤوس السمیکات المملوحه المجفّفه نافعه للهاه الوارمه، و غراء السمک یلقی فی الأحساء فیمنع نفث الدم.
أعضاء النفض: حوصله سیفیانوس تلین البطن مع صعوبه انهضامها، و لحم الجری یلین البطن إذا أکل طریاً، و جمیع مرق السمک یلیّن البطن، و رءوس السمیکات المملوحه المقدده علاج جید من شقاق المقعده و الکوسج خاصه. و السک و المارماهیج و القوس و الجری کله یزید فی الباه، و کل سمک طری و یؤکل حاراً، و ماء ملح الجراد المالح، جلس فیه من به قرحه الأمعاء فی ابتداء العلّه.
السموم: رأس المالح من سماروس محرقاً یجعل علی عضه الکَلْب الکَلِب و لسعه العقرب فینفع و کذلک کل سمک. و مرقتها و مرقه کل سمک تنفع من السموم المشروبه و المنهوشه. و السمک المسمی أوهوطادس الینه. فإن شرب مرقه و ألقی علیه مراراً: الاتصال
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 63
نفع من نهش الحیه المقرنه، و الکلب الکَلِب. لحم قونیون إذا تضمد به نفع عضه الکَلْب الکَلِب، و من نهشه الهوام. لحم السمک المسمی الینه إذا استعمل مالحاً نفع من نهشه الأفعی، و إذا ضمِّد نفع من عضه الکَلْب الکَلِب.
الأورام و البثور: یجعل مع السذاب علی النمله.
الجراح و القروح: یجعل مع السذاب علی النواصیر.
أعضاء الرأس: یدخن به المسبوت، و یمرخ به مع الزیت رأس صاحب فرانیطس و لیثارغس، و یقطر عصاره رطبه فی الأذن المتقیّحه، و هو نافع جداً من الصداع.
أعضاء الصدر: ینفع من
عسر النفس و الربو.
أعضاء الغذاء: ینفع أصله من أوجاع الکبد و ینفع من الیرقان.
أعضاء النفض: یسهّل البلغم، و ینفع من اختناق الرحم.
الماهیه: معروف إذا غسل برماد أغصانه، و ورقه کان کالتوتیاء، و ربه یبقی لصحه قبضه، و رب التفاح یحمض لما فیه من رطوبه مائیه بارده.
الاختیار: المشوی أخف و أنفع، و تشویته بأن یقور و یخرج حبه و یجعل فیه العسل و بطین جرمه و یودع الرماد.
الطبع: بارد فی آخر الأولی، یابس فی أول الثانیه.
الخواص: قابض مقوّ و زهره قابض أیضاً، و کذلک دهنه، و الحلو أقلّ قبضاً، و حبه ملین بلا قبض، و هو یمنع سیلان الفضول إلی الأحشاء.
الزینه: یحبس العرق، و ینفع دهنه من شقاق البرد.
الأورام و البثور: ینفع دهنه من النمله جیداً.
القروح: دهنه للقروح الخبیثه.
آلات المفاصل: کثره کله تولد وجع العصب.
أعضاء العین: مشویه یوضع علی أورام العین الحاره.
أعضاء الصدر: عصارته نافعه من انتصاب النفس و الربو، و یمنع نفث الدم، و حبّه ینفع من خشونه الحلق، و یلین قصبه الرئه، و لعابه أیضاً یرطّب یبس القصبه.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 64
أعضاء الغذاء: ینفع من القی ء و الخمار، فیسکن العطش و یقوی المعده القابله للفضول شرباً به، و نقیعه و مطبوخه یتنقل به علی الشراب فیمنع الخمار، و یتخذ منه شراب مقو للشهوه الساقطه جداً، ونیئه یقوی المعده و یمنع القی ء البلغمی.
أعضاء النفض: مدر و قد قیل: إن ذلک بالعرض، و نافع لعقله. و المطبوخ بالعسل أشد إدراراً، و لکنه ربما أطلق و لم یعقل، و یولّد القولنج و المغص، و ینفع من الدوسنطاریا، و یحبس نزف الطمث، و ینفع من حرقه البول إذا قطر عصارته أو دهنه فی الاحلیل،
و ینفع دهنه للکلی و المثانه، و إذا تنوول علی الطعام أطلق، حتی أنه إذا استکثر أخرج الطعام قبل الانهضام، و یحقن بطبیخه لنتوء المقعده و الرحم.
الطبع: حار یابس فی الثالثه.
الخواص: حریف حاد.
السموم: ینفع من السموم کلها.
سمرنیون الماهیه: هو الکرفس البری و قد ذکر.
الماهیه: قال دیسقوریدوس: إن سفیدوس هو قثاء الحمار، و نحن نذکر ذلک فی فصل القاف عند ذکرنا قثاء الحمار، فلیطلب جمیع ما یتعلق بذلک من الأحوال و الأفعال من هناک.
الماهیه: قال دیسقوریدوس: زعم بعض الناس إن سلوتون نبات یسمّیه أهل الشام العنکبوت، و له ورق شبیه الأبیض من خامالاون، و یؤکل إذا کان رطباً مع ملح و دهن بعد أن یسلق.
أعضاء الغذاء: إذا شرب من لبنه أودمعته المستخرج من أصله زنه مثقال مع ماء العسل قیأ بإفراط فی الیوم.
الماهیهء: هی بقله بریه طعمه إلی الحرافه ما هو، فیه شی ء من مراره، و یؤکل نیئاً و مطبوخاً.
أعضاء الغذاء: جید للمعده، و طبیخه إذا شرب نفع من وجع المثانه و الکلیتین و الکبد.
أعضاء النفض: مسهل البطن.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 65
الماهیه: قال دیسقوریدوس: یسمیه بعض الناس سریش إذ هو نبات یتخذ منه السریش معروف، و له ورق کورق الکَرًاث الشامی، و ساق أملس، و علی طرفه زهر یُسمّی أنباریقون، و له أصول طوال مستدیره شبه شکل البلوط الکبار، و قوتها حاره.
الطبع: حار فی الأولی.
الخواص: مسخن.
الأورام و البثور: إذا خلط بالسویق نفع من الأورام الحاره فی ابتدائها.
الجراح و القروح: ینفع من القروح الوسخه الخبیثه ضماداً، و من الجراحات و الدمامیل المتقرحه، و من حرق النار.
الزینه: رماده ینبت الشعر فی داء الثعلب ضماداً بعد أن یدلک موضعه بخرقه صوف، و إذا دُلک البهق الأبیض بخرقه فی الشمس ثم لطخ علیه الأصل مع الخل قلعه.
أعضاء الرأس: إن کان وحده أو خلط بکندر و عسل و شراب و مر و فُتر و قطر فی الأذن إلی المخالفه لناحیه الضرس الوجع سکَن وجعه. و ماء أصله إذا خلط بشراب عتیق حلو و مرّ مطبوخاً دواء للأذن.
أعضاء العین: و کذلک هذا الترکیب دواء فاضل لطلاء أوجاع العین المختلفه.
أعضاء الصدر: إذا شرب مثقالان بالطلاء نفعت من وجع الجنبین و السعال
و وهن العضل. أصله مطبوخاً بدردی الشراب ضماداً، نافع لأورام الثدی جداً.
أعضاء النفض: إذا شرب منه وزن مثقال بالطلاء أدر البول و الطمث.
السموم: یسقی منه وزن ثلاثه مثاقیل، ینفع من نهش الهوام، ورقه أیضاً نافع من نهشه الهوام إذا تضمد به، و إذا شرب ثمره و زهره بشراب نفع منفعهً عظیمهً من لسعه العقرب. فهذا آخر الکلام من حرف السین، و جمله ما ذکرنا من الأدویه إثنان و خمسون عدداً.
الماهیه: هو السرو الجبلی فمنه صغیر و منه کبیر.
الطبع: هو إلی حر و یبس، و حبه حار فی الأولی، یابس فی الثانیه.
الخواص: مسخن ملطف مفش، و فی ثمرته مع ذلک قبض، و لیس فی قبض سائر أجزاء شجرته.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 66
آلات المفاصل: جید لشدخ العضل.
أعضاء الصدر: جید لأوجاع الصدر و السعال.
أعضاء الغذاء: ینقی و یفتح السدد فیهما، و هو جید للمعده شرباً، و للنفخ فیها نافع جداً.
أعضاء النفض: یدرهما، و جید لخناق الرحم و أوجاعها.
السموم: یدفع ضرر لسع الهوام و التدخین بأیهما کان، و بأی أجزاء شجرهما کان یطرد الهوام و الذباب.
الماهیه: هو البطباط، و هو ذکر و أنثی، و ذکَره أقوی. الخواص: فیه قبض، لکن الجزء المائی فیه کثیر، و لکثره ردعه المواد المنصبّه یظن أنه مجفّف، و کذلک یمنع النزوف.
الأورام و البثور: و ضماد الفلغمونی و الحمره و النمله، نافع جداً لأورام القروح.
الجراح و القروح: یدمل الجراحات الطریّه جداً.
أعضاء الرأس: عصارته تقتل دود الأذن و تجفف قروحها.
أعضاء الصدر: ماؤه ینفع من نفث الدم.
أعضاء الغذاء: یضمّد به من التهاب المعده، مبرد، نافع.
أعضاء النفض: یمنع نزف الدم من الرحم، و یشفی قروح الأمعاء، زعم دیسقوریدوس أنه یدرّ البول و یعافی صاحب الحصر.
الخواص: محلل.
أعضاء الرأس: نافع من الأمراض البارده فی الدماغ، و یمنع زکام البروده.
أعضاء العین: ماؤه یحد البصر کحلًا.
الماهیه: قد تکلمنا فی علک الأنباط، و الراتینج و غیر ذلک فی موضعه.
الطبع: علک الأنباط، حار، ثم علک السرو ثم الراتینج.
الخواص: محلل، و لیس الراتینج و علک السرو أشد تحلیلًا من علک الأنباط و إن کان أسخن منه.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 67
الماهیه: المستعمل أصله، و قیل: إنه هو بخور مریم، و قد قلنا فیه. قال دیسقوریدوس: إن له کأقماع الحمص، و ورقه کورق الکرنب، و أصله أسود مثل أصل اللفت، و هذه الصفه لیس صفه ما نعرفه نحن فی زماننا، فإن المعروف بالعرطنیثا هو شوک کثیف قصیر، له أصل أبیض یغسل به الصوف من الوسخ. قال دیسقوریدوس: ینبت فی المزارع بین الحنطه، و الخواص التی نذکرها هی لهذا، و یشبه أن یکون الغلط من المترجم.
الخواص: محلل مقطع.
آلات المفاصل: جیّد لأوجاع الورکین.[2]
القانون فی الطب (طبع بیروت) ؛ ج 2 ؛ ص67
أعضاء الرأس: معطش شدید التفتیح للجسم وسد المصفاه.
أعضاء الصدر: یدفع الفواق.
أعضاء النفض: یسقط الجنین.
السموم: طبیخه علی اللسوع، و کذلک شربه.
الأبدال: بدله فی الأسقاط، و المنفعه من السموم، وزنه زراوند طویل و حب الأترج و نوتنج.
الماهیه: قال دیسقوریدوس: هو نبات له ورق طوال مشرف خشن مشوّک، و ساق طولها نحو من ذراعین بلا شوکه، علیها رؤوس مدوّره مثل حب الزیتون الکبار، و زهر شبیه بالزعفران، و نور أبیض، و منه ما یضرب إلی الحمره، و قد یستعمل زهره فی الطعام.
الطبع: حار فی الأولی یابس فی الثانیه.
الخواص: فیه قبض معتدل مع إنضاج.
الزینه: ینقّی الکلف و البهق.
الجراح و القروح: یجعل بالخل علی القوابی.
أعضاء الرأس: العصفر البری إذا اتخذ منه لطوخ بالعسل نفع من قلاع الصبیان.
الماهیه: هو بصل الفار، و ورقه کورق السوسن، و له زهر إلی السواد.
الطبع: حار یابس فی الثانیه.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 68
الخواص: مقطع فیه لزوجه.
الزینه: محرقه یعجن بالعسل، فیجعل علی داء الثعلب و الحیه.
أعضاء الصدر: یخشن الحلق و یصلب لحمه، و هو جید للربو و الحشرجه و السعال مزمن.
الماهیه: أکثر ما یستعمل من هذا النبات أصله. قال دیسقوریدوس: هو نبات له مثل ساق المازریون، و إکلیل مثل إکلیل الشبث، و هو شبیه بالشعر، و عرق فی غلظ الأصابع، إلا أنه یحذو اللسان إذا ذیق حذواً شدیداً.
الاختیار: أجوده الحار المحرق للسان، حجمه فی قدر الأصبع.
الطبع: زعم بعض من لا یؤبه به أنه بارد لطیف، و إنما هو حار یابس فی الثالثه.
الأفعال و الخواص: یجلب البلغم مضغاً، و قوته محرقه یدر العرق إذا تمسح به مع زیت.
الزینه: إن خلط بزیت و تمسح به أدر العرق.
آلات المفاصل: الدلک به و بطبیخه و بدهنه ینفع من استرخاء العصب المزمن و خدره، و یمنع تولد الکزاز ممن یتولّد فیه الکزاز.
أعضاء الرأس: هو شدید التفتیح لسدد المصفاه و الخشم، و طبیخه نافع من وجع الأسنان، و خصوصاً البارده. و أصله یشد الأسنان المتحرکه إن طُبِخَ بالخل و أمسک فی الفم.
الحمیات: إذا دلک به البدن قبل نوبه النافض مع زیت نفع من النافض الکائن مع حمی و بلا حمی فیما زعم قوم.
الماهیه: قال دیسقوریدوس: هو أصناف کثیره: أحدها البستانی، و هو نبات یؤکل و لیس بعظیم، و له أغصان کثیره و ورق لونه إلی لون السواد و أکبر و أعرض من ورق الباذروج، و ثمره مستدیر یظهر خضراً، ثم یسود، و إذا نضج احمر و إذا کل هذا النبات لم یضر أکله.
و الصنف الثانی منه یسمی التعفین، ورقه شبیه بورق الصنف الأول، إلا أنه أعرض منه، و قضبانه إذا طالت انحنت إلی أسفل، و له ثمر فی علو مستدیر کالمثانه، و هو أحمر أملس مثل حبه العنب، و قد یستعمل فی الأکالیل، و قوّته کقوه الصنف الأول، غیر أن
هذا لا یؤکل.
و قد تستخرج عصاره الصنفین، و یجفّف کل فی الظل و یخزن، و فعلهما واحد.
و الصنف الثالث منه و هو منوم هو نبات له أغصان کثیره کثیفه متشعبه، عسره الرض
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 69
مملوءه ورقاً دسماً شبیهاً بورق التفاح المطعم بالسفرجل، و زهره کبار حمر، و ثمره فی غلف، لونه لون الزعفران. و أصل قشره أحمر صالح العظم، و ینبت فی أماکن صخریه.
و الصنف الرابع منه هو المجنن، و أهل طبرستان یسمونه کوبریل، و له أسماء کثیره عند الیونانیین، و هو نبات ورق شبیه بورق الجرجیر إلا أنه أکبر منه، و أغصان کباره تخرج من الأصل عددها عشره، أو اثنا عشر. طولها نحو من ذراع، و فی أطرأفها رؤوس شبیهه بالزیتون، إلا أن علیها زغبا مثل زغب جوز الدلب، و هی أکبر من الزیتون و أعرض. و زهره یکون له خمل شبیه بالعناقید، فیه عشر حبات، أو اثنا عشر. و الحب مستدیر رخو أسود، فی رخاوه العنب، شبیه بحبّ اللبلاب، و له أصل طیّب غلیظ، و جوف طوله نحو من ذراع، و ینبت فی أماکن جبلیه و مواضع تحرقها الریاح، و فیما بین أشجاب الدلب.
و الصنف الخامس یسمیه بعض الناس وریطموس، و هو نبات شبیه بشجر الزیتون فی أول ما ینبت، و له أغصان طولها أقل من ذراع، و هو خشن جداً، و له زهر أبیض جعد یشبه زهر الحمص، و فیه بزر نحو من خمس، أو ست حبات یشبه الحمص، ملس صلب مختلفه الألوان، و له آصل فی غلظ إصبع، و طوله ذراع، و ینبت بین صخور لیست ببعیده من البحر، أو الماء. و هذا أیضاً ینوم، و إن
أکثر من أکله قتل. و زعم قوم أن أصله یستعمل للمحبه.
الاختیار: یستعمل منه الأخضر الورق، الأصفر الثمره، و هو کما ذکرنا خمسه أنواع.
الطبع: بارد فی الأولی، یابس فی الثانیه، و المخدّر بارد یابس فی الثانیه.
الأفعال و الخواص: البستانی منه بزره مقبض، و منه جنس مخدر منوم یشبه الأفیون فی خصاله، إلا أنه أضعف منه، و منه جنس قاتل کما قلنا.
الأورام و البثور: ضماده جید للأورام الحاره کلها ظاهرها و باطنها، و یُشرب ماؤه للأورام الحاره الباطنه، و یجعل ماؤه بالإسفیداج و دهن الورد علی الحمره و النمله تضمیداً، و لحا أصله شدید التجفیف، و کذلک ورقه مع الجنطیانا نافع من الحمره و النمله.
أعضاء الرأس: إن شرب من المخدّر منه فوق اثنی عشر حبه أحدث الجنون، و إذا تغرغر بمائه نفع من أورام اللسان، و إن شرب من لحا أصوله وزن مثقال بالشراب جلب النوم و عنب الثعلب إذا نعم دقه و تضمد به أبرأ الصداع، و حلّل أورام أصل الأذن و أورام حجب الدماغ، و ینفع قطوراً من وجع الأذن. و قشور أصل الثالث إذا طبخ بالشراب و أمسک طبیخه فی الفم نفع من وجع الأسنان، و إن شرب من الصنف الرابع مثقال بالشراب خُیل به خیالات لیست بوحشیه، و یری رؤیا غیر ضاره و أنسیه.
أعضاء العین: یبری ء الغرب المتفجّر. و عصاره أصنافه حتی المنوم منه، إذا اکتحل بها قوی البصر. و قد یداف به الشیاف الذی یعمل لأوجاع العین بدله الماء، و بدل، بیاض البیض.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 70
أعضاء الغذاء: إذا تضمد به وحده نفع التهاب المعده و الکلی.
أعضاء النفض: بزر المخدر منه مدرّ البول منقّ للکلی و المثانه، و جمیع
أصنافه إذا احتمل قطع نزف الحیض، و هو مما یبرد و یمنع الاحتلام.
السموم: نوع من عنب الثعلب غیر الکاکنج، و غیر البستانی، و غیر المخدر المذکور، إذا أکل منه أربع مثاقیل قتل، و ما دونه یورث الجنون، و لیس فیه شی ء من منافع عنب الثعلب إلا تضمید.
الماهیه: العنبر فیما یظن نبع عین فی البحر، و الذی یقال من أنه زبد البحر، أو رَوَث دابه بعید. إلا أنه أخبرنی من أثق بقوله أنه کان ببحر فی زمن الشباب، و کان یسافر سفر البحر، فقال إنی لما دخلت بلداً من بلاد البحر المسمی عندهم بخاخ، و جاء ضحوه النهار، کنت مع أقوام علی ساحل البحر، و عند تموج البحر فی الساحل کنا نجد العنبر علی أقطاع و ألوان مختلفه، و کل من سبق و أخذه منا کان له، و سألت من ساکنی تلک البلاد عن ذلک و سببه، فقالوا عاده هذا البحر هکذا، و یکَون دائماً فی کثیر من الأوقات.
الاختیار: أجوده الأشهب القوی السلاهطی، ثم الأزرق، ثم الأصفر، و أرجاء الأسود، و یغشّ من الجص و الشمع و اللاذن و المنده، و هو صنفه الأسود الردی ء الذی کثیراً ما یؤخذ من أجواف السمک الذی یأکله و یموت.
الطبع: حار یابس، یشبه أن تکون حرارته فی الثانیه، و یبسه فی الأولی.
الخواص: ینفع المشایخ بلطف تسخینه.
الزینه: من المنده صنف یخضب الید، و یصلح لیتبع به نصول الخضاب.
أعضاء الرأس: ینفع الدماغ و الحواس.
أعضاء الصدر: ینفع القلب جداً.
الماهیه: هو خشب، و أصول خشب یؤتی به من بلاد الصین، و من بلاد الهند و بلاد العرب، شبیه بالصلابه فی صلابته و تلززه، و بعضه منقط مائل إلی السواد، طیب الرائحه، قابض فیه مراره یسیره، و له قشر کأنه جلد.
الاختیار: أجود أصنافه العود المندلی، و یجلب من وسط بلاد الهد عند قوم، ثم الذی یقال له الهندی، و هو جبلی أصولی، و یفضل علی المندلی بأنه لا یولد القمل، و هو أعبق بالثیاب. و من الناس من لا یفرق
بین المندلی و الهندی الفاضل. و من أفضل العود السمندوری،
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 71
و هو من سفاله، و ذلک بلد من بلاد الصین آخر بلاد الهند، ثم القماری، و هو من سفاله الهند. و الصنفی و هو صنف من السفاله، و من بعد ذلک القاقلی، و البری، و القطفی، و الصینی، و یسمّی بالقشموری، و هو رطب حلو و دون ذلک الجلائی و المانطاقی و اللوامی و الربطانی. و المندلی عامته جیده. ثم أجود السمندوری الأزرق الرزین الصلب الکثیر الماء الغلیظ، الذی لا بیاض فیه، الباقی علی النار. و قوم یفضلون الأسود منه علی الأزرق. و أجود القماری، الأسود النقی من البیاض الرزین علی النار الغلیظ الکثیر الماء، و بالجمله فأفضل العود أرسبه فی الماء، و الطافی عدیم الحیاه و لروح، ردی ء. و العود عروق، و أصول أشجار تقلع و تدفن فی الأرض حتی یتعفّن، منها الخشبیه، و القیر و یبقی العود الخالص فیما یقال.
الطبع: حار یابس فی الثانیه کما أظن.
الخواص: لطیف مفتح للسدد کاسر للریاح، ذاهب بفضل الرطوبه، و یقوی الأحشاء جمیع الأعضاء.
الزینه: مضغه یطیب النکهه جداً.
آلات المفاصل: یقوی الأعصاب و یفیدها و دهانه و لزوجه لطیفه.
أعضاء الرأس: العود ینفع الدماغ جداً، و یقوی الحواس.
أعضاء الصدر: یقوّی القلب و یفرحه.
أعضاء الغذاء: إن شرب من العود وزن درهم و نصف أذهب الرطوبه العفنه من المعده، و قواها و قوّی الکبد.
الماهیه: معروف.
الطبع: حار یابس إلی الثانیه.
الخواص: فیه جلاء قوی.
أعضاء الرأس: ینفع مضغه من وجع الأسنان.
أعضاء العین: عصارته نافعه جداٌ فی تحدید البصر، و جلاء ما قدام الحدقه من الماء و البیاض.
أعضاء الغذاء: نافع من الیرقان الکائن من السدد،، و خصوصا مع أنیسون
و شراب أبیض.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 72
الماهیه: ثمره شجره معروفه، أکثر ذلک بجرجان، و ما دون ذلک من البلدان فهو أصغر من الجرجانی.
الاختیار: أجوده أعظمه، و أحسنه، و أحمره لوناً.
الطبع: بارد إلی الأولی معتدل فی الیبوسه و الرطوبه، و هو إلی قلیل رطوبه.
الخواص: قال جالینوس: لا أری فی ذلک منفعه، لا فی حفظ الصحه الموجوده، و لا فی استرداد الصحه المفقوده. و قال غیره: ینفع حده الدم الحار، أظن ذلک لتغلیظه الدم و تدریجه إیاه، و الذی یظن من أنه یصفی الدم و یغسله ظن لست أمیل إلیه، و غذاؤه یسیر، و هضمه عسیر. و القول الجیّد فیه ما قال الحکیم الفاضل جالینوس حیث قال: ما وجدت له أثراً لا فی الصحه، و لا فی المرض، لکنی وجدته عسر الهضم قلیل الغذاء.
أعضاء الصدر: جیّد للصدر و الرئه.
أعضاء الغذاء: ردی ء للمعده عسر الهضم.
أعضاء النفض: زعم قوم أنه نافع لوجع الکلیه و المثانه.
الماهیه: ثمره شجره کبیره فی بعض البلاد، منه ما یوجد من شجره، و هو غض صغیر مضرس ملزز لیس بمثقب، و یسمی أمغافنطس لأنه غض. و منه ما هو أملس خفیف منثقب.
الاختیار: أجوده الفج و الرزین و الصلب، و أما الأصفر الرخو فقلیل القوه و یحرق علی الجمر.
الطبع: بارد فی الأولی یابس فی الثانیه.
الخواص: قبضه شدید، و یمنع الرطوبات من السیلان، و جوهره أرضی بارد.
الزینه: یسود الشعر ماؤه و ماء غسله.
الجراح و القروح: یطلی بالخل علی القوابی، فیذهب بها، و إن نثر سحیقه علی اللحم الرخو الزائد أضمره.
أعضاء الرأس: یمنع سیلان الرطوبات الفاسده إلی اللسان و اللثه، و ینفع من القلاع، خصوصاً فی الصبیان، و خصوصاً بالخل، و ینفع إذا جعل فی أکال الأسنان.
أعضاء النفض: یذر سحیقه علی الماء، و
یشرب لقروح المعی و الإسهال المزمن، و کذلک إذا جعل فی الأغذیه یصلح لهذا.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 73
الماهیه: قال بعضهم: أنه العوسج، و صنف منه یسمی علیق الکلب، له ثمره کالزیتون صوفیه الداخل، و هذا الصنف یوجد ببلاد شهرزور، و ببلاد فاسوس، و عندی أن العلیق نبات سوی العوسج، لأن دیسقوریدوس بین فی کتابه الموسوم بالحشائش فی هیولی الطب ماهیه العلیق، و ماهیه العوسج، و کلاهما یخالفان فی النبت و الأفعال. و قال: العلیق نبات معروف، و منه صنف ینبت فی جبل أندی، اشتق له هذا الإسم من ذلک، فهو ألین أغصاناً بکثیر من العلّیق الأول، و فیه شوک صغار، و منه صنف بلا شوک البته و فعل هذا شبیه بفعل المتقدم، إلا أنه یفضل علیه بأن زهر هذا إذا دق ناعماً مع العسل و لطخ علی العین نفع من الورم الحار.
الاختیار: عصارته المنعقده بالتجفیف فی الشمس أقوی فعلًا.
الطبع: هو بارد یابس، و ثمرته النضیجه فیها حراره ما.
الأفعال و الخواص: قابض مجفف بجمیع أجزائه و ورقه أقل فی ذلک لمائیته.
الزینه: طبیخ أغصانه بورقه یصبغ الشعر.
الأورام و البثور: یمنع ضماده و ورقه من سعی النمله، و هو جید علی الحمره غلیظ، فإن جفّف قبض قبضاً ظاهراً، و کذلک زهرته، و فی أصل العلیق لطافه مع قبض، فلذلک یفتت الحصی.
الجراح و القروح: ینفع من القروح علی الرأس، و یدمل الجراحات.
أعضاء الرأس: إذا مضغت أوراقه سدت اللثه، و أبرأت القلاع، و کذلک ثمرته النضجه. و عصاره ثمره و ورقه تبری ء أوجاع الفم الحاره، و ورقه یبری ء قروح الرأس، و الإکثار من ثمر العلیق یصدع.
أعضاء العین: ینفع من نتو العین.
أعضاء الصدر: تنفع أجزاؤه من نفث
الدم.
أعضاء الغذاء: یضمد بورقه المعده الضعیفه القابله للمواد فیقویها.
أعضاء النفض: یعقل البطن. و علیق الکلب إذا أخذ عن ثمرته الصوف الذی فیها، و طبخ عقل طبیخه البطن، و یقطع سیلان الرطوبه المزمنه من الرحم، و ینفع من البواسیر النابته فی المقعده التی یسیل منها الدم ضماداً، و هو و زهرته ینفع من قروح المعی و الاستطلاق، و یفتت الحصی للطف فیه.
السموم: یوافق نهشه الحیوان المعروف بقرطس.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 74
الماهیه: قال قوم: إن العوسج هو العلّیق. و قال دیسقوریدوس: شجره تنبت فی السباخ لها أغصان قائمه متشوّکه مثل الشجره التی یقال لها داوکسوافیبس فی قضبانها و شوکها، و ورق إلی الطول ما هو، یعلوه شی ء من رطوبه لزجه تدبق بالید. و من العوسج صنف آخر غیر هذا الصنف أبیض منه، و منه صنف آخر، و ورقه أسود من ورقه و أعرض، مائلًا قلیلًا إلی الحمره، و أغصانه طوال یکون طولها نحواً من خمسه أذرع، و هی أکثر شوکاً منه و أضعف، و شوکه أقل حده، و ثمره عریض دقیق کأنه فی غلف و للعوسج ثمره مثل التوت تؤکل، و منبته یکون فی البلاد البارده أکثر.
الخواص: زعم قوم أنه إذا علقت علی الأبواب أو الکوی أبطلت فعل السحره.
البثور: ورق جمیع أصنافه نافع من الحمره و النمله ضماداً.
الأفعال و الخواص: نسجه یقطع نزف الدم إذا جعل علی الجراحات.
الجراح و القروح: إذا وضع نسجه علی القروح و علی الجراح منعها أن ترم.
أعضاء الرأس: إذا طبخ العنکبوت الغلیظ النسج الأبیض بدهن ورد، و قطر فی الأذن سکن وجعها.
الحمیات: قال بعضهم: إن نسج العنکبوت إذا خلط ببعض المراهم، و لطخ علی خرقه کتان، و ألزقت علی الجبهه أو علی الصدغین أبرأ من حمّی الغب. و زعم قوم أن نسج الصنف الذی یکون نسجه کثیفاً أبیض، إذا شد فی جلد، و علق علی العنق، أو العضد أبرأ حمی الغب. و قال دیسقوریدوس: أبرأ من حمی الربع.
الماهیه: من العدس جنس مأکول، و هو المشهور، و من العدس جنس برّی ردی ء. و العدس المر ظاهر الحراره، و فیه یبس و قبض قلیل، و هو علی ما یقول دیسقوریدوس: حشیشه طویله کثیره الأغصان، مرتفعه القضبان سفرجلیه الورق، أطول و أضیق، فیها خشونه ما، و هی إلی البیاض، و هو یزرع بجبال طبرستان کثیرا، و یسمونه باسم العدس، و ینسبونه إلی الحیه، و هو بلسانهم مار مرجو، و له حب کعدس صغیر فی غلف طوال.
الاختیار: أجوده ما هو أسرع نضجاً، و هو الأبیض العریض، و إذا وقع فی الماء لم یسوده، و یجب أن ینضج جداً فی الطبخ.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 75
الطبع: جالینوس: إنه إما معتدل فی الحر و الیبس، و إما مائل یسیراً إلی الحراره، و لذلک لا یبرد عند أکله، و لا و هو فی المعده، و لا منحدراً.
الخواص: نفّاخ مرکّب من قوه قابضه و جلاءه، و یُری أحلاماً ردیئه. و قبض قشره کثیر قابض، و فی جملته نفخ کثیر، یغلظ الدم، فلا یجری
فی العروق، و هو یقل البول و الطمث لذلک، و یتولد منه خط سوداوی و أمراض سوداویه، و ربما کان کشک الشعیر مضاداً له لما کان یجتمع من خلطهما غذاء جید جداً یکاد یکون من جمله أفضل الأغذیه، و یجب أن یکون کشک الشعیر أقل قدراً من العدس. و العدس مع السلق أیضاً یجود غذاؤه، لأنهما أیضاً متضادا الأحوال معتدلان، و یجعل فیه شعیر و فوتنج. و شره ما یطبخٍ مع العدس النمکسود، و یجب أن یلقی علی من من العدس سبعه أمناء ماء، و ینضج جیداً.
الأورام: إذا طبخ بالخل و ضمّد به حلل الخنازیر و الأورام الصلبه، و فیه مع الردع جمع مدّه، و الإکثار منه یولد السرطان و الأورام الصلبه المسماه سفیروس.
الجراح و القروح: إذا طبخ بالخل ملأ القروح العمیقه و قلع خبث القروح، فیقل وسخها، و إن کانت عظیمه فیما هو أقبض مثل قشور الرمان و غیره، و مع ماء البحر للآکله و الحمره و النمله و الشقاق العارض من البرد.
آلات المفاصل: ردی ء للأعصاب و أن وضع مع السویق ضماداً علی النقرس نفع، و الإکثار منه یورث الجذام.
أعضاء العین: من أکثر أکله أظلم بصره لشده تجفیفه، و إذا ضمد به مع إکلیل الملک و السفرجل و دهن الورد أبرأ أورام العین الحاره جداً.
أعضاء الصدر: یضمد به مطبوخاً فی ماء البحر علی أورام الثدی الکائنه من احتقان الدم و اللبن.
أعضاء الغذاء: هو عسر الهضم ردی ء للمعده، مولّد للنفخ ثقیل، و إذا قشرت منه ئلاثون حبه و ابتلعت نفعت فیما یقال من استرخاء المعده، و لا یجب أن یخلط بالعدس حلاوه، فإنه یورث حینئذ سدداً کثیره فی الکبد، و مما یرجف به من أمر
العدس إنه نافع من الاستسقاء، و یشبه أن یکون لتجفیفه.
أعضاء النفض: إذا طبخ بغیر قشره عقل البطن، أو بقشره إذا طبخ بماء و أریق عنه ماؤه الأول، فکذلک الماء الأول یسهل البطن، و المطبوخ بالقشر المهراق الماء أعقل للبطن من المقشر، لأن فی قشره قوه قبض شدید جداً، و یشتدّ عقل البطن إذا طبخ مع هندبا و لسان الحمل و الحمقاء، و مع السلق المسمّی بالأسود لشده خضرته، أو مع ورد، أو شی ء من القوابض بعد أن یسلق سلقاً جیداً قبل ذلک و إلا حرک البطن، و یضمّد به مع إکلیل الملک و السفرجل و دهن الورد
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 76
لورم المقعده، و أن کان عظیماً فمع ما هو أقبض. و العدس البری، و هو العدس المرّ یسهل الدم، و العدس یقل البول و الطمث لتغلیظه الدم، فلا یقربنه صاحب آفه فی البول من جهه تعصیر، و أما المر فیحدرهما و یدرهما، و إذا استعمل البری بالخلٌ نفع من عسر البول و سکن الزحیر و المغص.
الماهیه: العسل طل خفی یقع علی الزهر و علی غیره فیلقطه النحل، و هو بخار یصعد فینضج فی الجو فیستحیل و یغلظ فی اللیل، فیقع عسلًا، و قد یقع العسل کما هو بجبال قصران، و یختلف بحسب ما یقع علیه من الشجر و الحجر، و أکثر الظاهر منه یلقطه الناس، و الخفیِ یلقطه النحل، و أظن أن لتصرف النحل فیه تأثیراً، و إنما یلقطه النحل لیغتذی و لیدخره، و من العسل جنس حریف سمی.
الاختیار: أجود العسل الصادق الحلاوه، الطیب الرائحه، المائل إلی الحرافه، و إلی الحمره، المتین الذی لیس برقیق، اللزج الذی لا ینقطع. و أجوده
الربیعی، ثم الصیفی، و الشتائی ردی ء فیما یقال.
الطبع: عسل النحل حار یابس فی الثانیه، و عسل الطبرزد، و القصب حار فی الأولی لیس بیابس، و یجوز أن یکون رطباً فی الأولی.
الأفعال و الخواص: قوته جالیه مفتحه لأفواه العروق، محلله للرطوبات تجذب الرطوبات من قعر البدن، و تمنع العفن به و الفساد من اللحوم.
الزینه: التلطّخ به یمنع القمل و الصیبان و یقتلها، و مع القسط لطوخ خاصه المزمن، و بالملح لآثار الضربه الباذنجانیه.
الجراح و القروح: ینقی القروح الوسخه الغائره، و المطبوخ منه حتی یغلظ یلزق الجراحات الطریه، و إذا لطخ به مع الشبث أبرأ القوابی.
أعضاء الرأس: یخلط به الملح الأندرانی، و یقطر فاتراً فی الأذن فینقیه، و ینقی قروحه و یجففها، و یقوی السمع، و شم الحریف السمی منه یذهب العقل فکیف کله.
أعضاء العین: العسل یجلو ظلمه البصر.
أعضاء النفس: التحنک به و التغرغر یبری ء الخوانیق، و ینفع اللوزتین.
أعضاء الغذاء: ماء العسل یقوی المعده و یشهی.
أعضاء النفض: عسل القصب یلین البطن، و عسل الطبرزد لا یلین، و العسل الغیر المنزوع الرغوه ینفخ و یسهل البطن، فإن نزعت قل ذلک، و المطبوخ لا یحرک البطن، بل ربما عقل
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 77
المبلغمین، و یغفو کثیراً، و المطبوخ بالماء یدر البول أکثر، و نقول: إن العسل و ماءه إن تمکن من تنفیذ الغذاء عقل، فإن رأی حرکه و قله استعداد من الغذاء للنفوذ أطلق الوجع.
السموم: إن شرب العسل مسخناً بدهن ورد نفع من نهش الهوام، و من شرب الأفیون، و لعقه و علاج عضه الکَلْب الکَلِب، و أکل الفطر القتال، و المطبوخ منه نافع للسموم، و المتقیئ به یتخلص. و الحریف من العسل الذی یعطس شمه
یورث ذهاب العقل بغته و العرق البارد، و علاجه أکل السمک المالح، و شرب ماء أدرومالی و التقیؤ به.
الماهیه: شجره أعرابیه یمانیه، و هو أحد الیتوعات، و حکی أن من العشر ضرباً یقتل الجلوس فی ظله.
الطبع: حار یابس، و حرّه إلی الثالثه، و یبسه فی الرابعه.
الأفعال و الخواص: فیه قبض معتدل.
الزینه: ینفع من السعف و القوباء طلاء.
أعضاء الرأس: یطلی علی الرأس فیذهب الحراره، و یطلی بالعسل علی القلاع فی فم الصبیان فیذهب به.
أعضاء النفض: یطلق البطن و یضعف الأمعاء.
السموم: منه صنف إن قعد الإنسان فی ظله ضره، و ربما قتله فلیحذر منه، و ثلاثه دراهم من لبنه تقتل فی یومین تقتیتاً للرئه و الکبد.
أعضاء الرأس: زیت العقارب نافع من أوجاع الأذن جداً.
أعضاء النفض: العقرب المحرق إذا شرب منه یفتت الحصاه فی المثانه و الکلی
الماهیه: قال دیسقوریدوس: إن العظاءه یسمیه بعض الناس سورا، و هو حیوان مثل سام أبرص، إلا أن هذا أخضر اللون بطی ء الحرکه مختلف الألوان، و زعم قوم أنه إذا دخل النار لا یحترق، و له قوه ضعیفه، و یخزن مثل ما یخزن الذراریح، و کذلک تخرج أمعاؤه و تقطع یداه و رجلاه، و یخرن العسل.
الجراح و القروح: ینفع من الجرب مثل ما ینفع الذراریح، و یقع فی المراهم المؤکله و الملائمه.
الزینه: ذنبه إذا طبخ حتی یتهری یحلق الشعر.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 78
الماهیه: قال دیسقوریدوس: إن عنعیلی هو الشلجم البستانی، و نحن نؤخر الکلام فی ذلک، و نذکره فی فصل الشین.
الماهیه: زعم قوم أن عالوسیس یسمیه أهل طبرستان بربهم، و هو نبات یشبه القریص فی جمیع الأشیاء، إلا أن ورقه أشد ملاسه من ورق القرّیص، و إذا فرک ورقه فاحت منه رائحه منتنه جداً، و له زهر دقاق و ثمر صغار فرفیری، و ینبت فی السباخات و فی الطرق و الخرابات فیما یقال.
الخواص: قوته محلله للجسا.
القروح: نافع من القروح الخبیثه و الآکله.
الأورام: نافع من الأورام السرطانیه و الخنازیر و الأورام الآخر ضماداً فاتراً فی النهار مرتین.
أعضاء الرأس: قوه الورق و القضبان نافعه لورم خلف الأذن و اللوزتین.
الماهیه: و من الناس من یسمّیه: عالیون، و قوم یسمونه عالیون، و اشتقاق الإسمین جمیعاً من إجماد اللبن لأنه یجمّده کالأنفحه، و هو نبات له ورق و قضبان شبیهان بورق و قضبان النبات المسمی الحرینان، و علیه زهر أبیض مائل إلی صفره دقاق، کثیف کثیر طیب الرائحه، و ینبت فی الآجام و الغیاض.
الخواص: زهره إذا تضمد به نفع من انفجار الدم.
القروح: و کذلک زهره و ورقه ینفع من حرق النار.
آلات المفاصل: و قد یخلط بقیروطی متخذ بدهن الورد و یکسر بالملح حتی یبیض، فینفع من التعب و وجع الإعیاء.
أعضاء النفض: أصله یهیج شهوه الجماع.
زعم دیسقوریدوس، أن عرقون نبت له ورق شبیه بورق شقائق النعمان مشقّق طویل، و له أصل مستدیر حماس یؤکل، و إذا شرب منه وزن درخمی بشراب حلل الریاح. و قد ذکر أنه یکون منه صنف آخر، و له أغصان دقاق رؤی علیها ورق شبیه بورق الملوخیه، و فی أطراف الأغصان شی ء
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 79
ناتی ء شبیه برأس الکرکی، و منقاره، و لیس له مندوحه فی صناعه الطب، بل فی صناعه آخری لا یلین بنا أن نذکر ذلک فی هذا المقام.
أعضاء النفض: وزن درخمی منه بشراب یحلل الریاح النافخه للرحم.
الخواص: العظام الرقه محلّله مجففه.
الزینه: قیل إن کعب الخنزیر إذا طلی به علی البرص نفع.
آلات المفاصل: قیل إن عظام الناس ینفع سقیها من وجع المفاصل.
أعضاء الرأس: قیل إن عظام الناس تشفی من الصرع. و قال جالینوس: کان إنسان یسقی الناس هذا سراً فیزیل صرعهم، و قد أدرِک ذلک الإنسان.
أعضاء الغذاء: قیل إن کعب التیس بالسکنجبین یذوب الطحال.
أعضاء النفض: قیل إن کعب التیس یهیّج الباه، و سوق البقر المحرقه یقطع نزف الدم و الدوسنطاریا و استطلاق البطن.
الاختیار: الأبیض أحمد من الأسود إذا تساویا فی سائر الصفات من المتانه و الرقه و الحلاوه و غیر ذلک، و المتروک بعد القطف یومین أو ثلاثه خیر من المقطوف فی یومه.
الطبع: قشر العنب بارد یابس بطی ء الهضم، و حشوه حار رطب، و حبّه بارد یابس.
الخواص: المقطوف فی الوقت منفخ، و المعلق حتی یضمر قشره جید الغذاء مقوّی البدن، و غذاؤه شبیه بغذاء التین فی قله الرداءه و کثره الغذاء، و إن کان أقل من غذاء التین و النضیج أقلّ ضرراً من غیر النضیج، و إذا لم ینهضم العنب کان غذاؤه فجاً نیئاً، و غذاء العنب بحاله أکثر من غذاء عصیره، لکن عصیره أسرع نفوذاً و انحداراً. و العنب القابض یرجی أن یحلله التعلیق، و الحامض لیس کذلک، و الزبیب صدیق الکبد و المعده.
أعضاء الغذاء: العنب و الزبیب بعجمه جید لأوجاع المعی، و الزبیب ینفع الکلی و المثانه، و العنب المقطوف فی الوقت یحرک البطن و ینفخ، و کل عنب فإنه یضرّ بالمثانه.
الماهیه: العرق مائیه الدم خالطها صدید مراری، یجب أن یستعمل منه ما لم یجف بعد، بل ما فیه رطوبه و هو أنضج من البول، فإنه من فضل لدونه و رطوبه بعد الهضم الأخیر. و البول من فضل الهضم الثانی.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 80
الخواص: هو أنضج من البول و یختلف بحسب الحیوان و فیه تحلیل لیس بیسیر.
الأورام: عرق المصارعین مع دهن الحناء ینفع ورم الأربیه بل یحلّلها.
أعضاء الصدر: الیابس من عرق المصارعین مع دهن الحناء یجعل علی أورام الثدی فیجللها، و مع دهن الورد لجمود اللبن فی الثدی.
أما عزیز الکبیر و عزیز الصغیر، فهما القنطوریون الکبیر و الصغیر، و نؤخّر الکلام علی ذلک إلی الفصل الذی نذکر فیه حرف القاف.
الماهیه: زعم دیسقوریدوس أن عود الصلیب یسمّیه بعض الناس ذا الأصابع، و یسمّیه قوم آخرون علعیسی، و معناه بالعربیه حلوه الریح، هو نبات له ساق نحو من شبرین یتشعب منه شعب کثیره، و ورق الذکر منه یشبه ورق الشاه بلوط، و ورق الأنثی یشبه ورق سمرنیون مشرّف، و علی طرف الساق غلف شبیهه بغلف اللوز، و إذا انفتحت تلک الغلاف، ظهر منها حب أحمر مثل الدم کثیره، صغار تشبه حبّ الرمان، و ما بین ذلک الحب أسود إلی الفرفیریه خمسه أو سته، و أصل الذکر فی غلظ إصبع، و طوله شبر أبیض، مذاقته قابضه، أصل الأنثی له شعب شبیه بالبلوط، و هو سبعه أو ثمانیه مثل أصول الخنثی.
أعضاء الرأس: إذا شرب منه خمس عشره حبه مع ماء القراطن نفع من الکابوس، أعضاء الغذاء: کله کما هو ینفع من لذع المعده.
أعضاء النفض: و قد یسمی من أصله مقدار لوزه النساء اللواتی لم تستنظف أبدانهن من فْضل الطمث بعد النفاس فینفعن بإدراره، و إذا شرب بالشراب نفع من وجع الأرحام و البطن و الکلی و المثانه و الیرقان، و إذا طبخ بالشراب و شرب عقل البطن، و إذا شرب من حبه الأحمر عشر حبّات أو اثنتا عشره حبه بشراب أسود قابض قطع نزف الدم من الرحم، و إذا أکله الصبیان أو شربوه ذهب بابتداء الحصی عنهم، و عشر حبّات من حبه بالشراب العسلی تنفع من الاختناق العارض من وجع الأرحام.
الماهیه: زعم دیسقوریدوس إن عرن نبات له ورق شبیه بورق العدس الصغیر، إلا أنه أطول منه، و له ساق طوله نحو شبر، و زهره أحمر و أصل صغیر، ینبت فی أماکن بطیئه معطله، و هذا النبات موجود
فی بعض البلاد.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 81
الخواص: ضماد ورقه یدرّ العرق إذا ضمد به مع الزیت.
الأورام: إذا دق و تضمد به حلل الخراجات و البثر الملتهبه.
أعضاء النفض: إذا شرب بالشراب أبرأ من تقطیر البول.
الماهیه: عکر الزیت إذا طبخ فی إناء من نحاس قبرسی إلی أن یثخن و یصیر مثل العسل کان صالحاً لما یصلح له الحُضَض، و یفضل علی الحُضَض.
أعضاء الرأس: إذا طبخ بماء الحصرم إلی أن یثخن، و لطخ به الأسنان المتأکله قلعها.
أعضاء العین: قد یقع فی أخلاط الأدویه للعین.
أعضاء النفض: إذا عتق کان أجود له و تهیأ منه حقنه نافعه للمعده و لقروح الرحم.
آلات المفاصل: و ما کان منه حدیثاً لم یطبخ، فإنه إذا سحق وصب علی المنقرسین و الذین بهم وجع المفاصل نفعهم، فهذا آخر الکلام من حرف العین، و جمله ما ذکرنا من الأدویه اثنان و ثلاثون عدداً.
الماهیه: مشهور.
الطبع: مبرد مجفّف.
الخواص: خبثها قابض جداً، و فیها جذب و تجفیف، و إذا خلطت سحالتها بالأدویه الآخری نفعت من الرطوبات اللزجه.
الأورام و البثور: جیده جداً للجرب و الحکه.
أعضاء الرأس: سحالتها نافعه من البخر إذا خلط بأخلاط آخری.
أعضاء العین: إذا اکتحل بِمِیلٍ من فضه یزید فی البصر، و یجلو العین.
أعضاء الصدر: سحالتها مع الأخلاط نافع من الخفقان.
الماهیه: هو عصاره قصب مطبوخه إلی أن یثخن، و یعمل منه الفانیذ، و یکون ذلک ببلاد مکران من ناحیه کرمان، و یحمل من ثم إلی البلاد، و لا یعمل الفانید إلا فی بلاد مکران لا غیر.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 82
الاختیار: أجوده الأبیض الرقاق الحرّانی.
الطبع: حار رطب فی الأولی خصوصاً الأبیض فهو أرطب.
الخواص: أغلظ من السکّر و أحر بکثیر.
أعضاء النفس: جیّد للسعال.
أعضاء النفض: ملین للبطن ینفع من برد الرحم و الأمعاء.
الماهیه: نبات له ورق کورق الکرفس العظیم الورق، و له ساق قدر ذراع أو أکبر، أملس ناعم غلظ أعلاه قریب من غلظ إصبع، أرجوانی ذو عقد، و له زهر کالنرجس و أکبر من النرجس، و فی بیاضه کالفرفیریه، و یتشعب أصله شعباً، و فی أصله عطریه، و قوته شبیهه بالسنبل فی أشیاء کثیره، و لهذا یسمیه قوم ناردین بری، و یتشعّب من أسفل الأصل شعب معوجه مثل الإذخر و الخربق الأسود مشتبکه بعضها ببعض، لونها إلی الشقره ما هو و ینبت فی البلاد التی یقال لها نیطس.
الخواص: قوه أصله مسخنه.
أعضاء الصدر: ینفع من وجع الجنب.
أعضاء النفض: یدر البول، إن شرب یابساً أو طبیخاً یدر الطمث، و إدراره أکثر من إدرار السنبل الهندی و الرومی، و هو کالمنجوشه فی ذلک.
الماهیه: ثمره نببات فی الهند یشبه شکله شکل الجوزبوا إلا أن الفوفل أحمر اللون شدید الکسر، و یتفرک أجزاؤه عند الکسر، له رائحه طیبه، و أهل الهند یتناولونه لطیب النکهه، و یحمر الأسنان، و قوته قریبه من قوه الصندل.
الطبع: بارد فی الثالثه یابس فیها.
الخواص: مبرد بقوه، قابض.
الأورام: جید للأورام الحاره الغلیظه.
أعضاء العین: موافق بمن به التهاب فی عینه، و یمنع المواد من المطبقات ضماداً.
الماهیه: زعم قوم أن فلنجمشک أغذی من المرزنجوش و النمام و أقل یبساً.
أعضاء الرأس: یفتح السدد العارضه فی الدماغ و المنخرین شفا و طلاءً و أکلًا.
أعضاء الصدر: ینفع الخفقان العارض من البلغم و السوداء فی القلب أکلًا.
أعضاء النفض: جید للبواسیر شرباً و طلاءً.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 83
الماهیه: هو عفص الطعم.
الخواص: یجلو باعتدال.
الزینه: یجعل علی القوابی بالخلّ فیبرئها، و یلطخ بالخل أیضاً علی البهق الأبیض فیبرئه، و ینقّی الجلد من کل أثر.
آلات المفاصل: یسقی بماء القراطن فینفع من عرق النسا و الفالج الذی مع آفه فی الحس، و یسقی منه درهم مع درهمین من راوند صینی للضربه و السقطه بقدح نبیذ.
أعضاء الغذاء: یسقی ثمره بسکنجبین لأورام الطحال، و ینقی الکبد و یفتح سددهما و هو خاصیته.
أعضاء النفض: یدرّ البول شدیداً، حتی ربما أبال دماً، و یجب للذی یشربه أن یستحم فی کل یوم، و إذا احتمل أدر الطمث و أحدر الجنین.
السموم: أغصانه مع ورقه تنفع من نهش الهوام.
الماهیه: هو البنجنکشت، و قد قیل فیه ما یتعلق بأحواله و أفعاله فی فصل الباء.
الماهیه: قیل هو دواء هندی معروف، قوته کقوه الیبروح و اللفاح.
أعضاء الرأس: إن ضمّد به نفع من الصداع.
الماهیه: حب یشبه الحمص له حب کالمحلب، و فی جوفه حب أسود کالشهدانج یحمل من السفاله.
الطبع: حاره یابسه فی الثالثه.
الخواص: فیها تحلیل و قبض.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 84
أعضاء الغذاء: یدخل فی الأدویه المصلحه للمعده و الکبد الباردتین، و ینفع من سوء الاستمراء البارد.
أعضاء النفض: ینفع من الإسهال البارد و یعقل البطن.
الماهیه: قال جالینوس: أول ما یطلع ثمره یکون دارفلفل، ثم ینفصل عن، حب الفلفل، و لذلک کان الدار فلفل أرطب، و لذلک یتأکل و یلذع بعد قلیل من أول ذوقه و أصله یشبه القسط الأسود، و هو أشد حرافه، و الأبیض أضعف حراره و رطوبه، و أما قوم فیقولون: إن الأسود قد جف، فسقطت قوه جذبه و بقیت فی الأبیض الذی لم یبلغ شد الجفاف.
الطبع: حار یابس إلی الرابعه.
الخواص: فیه جذب و تحلیل و جلّاء یمضغ من الزبیب فیقلع البلغم، و هو یستأصل البلغم اللزج، و هو من المسکنه للوجع، و یسکن العصب، و هو موافق للأصحاء.
الزینه: و هو بالنطرون جلاء للبهق و یهزل بالنطرون.
الأورام و البثور: بالزفت یحلل الخنازیر.
آلات المفاصل: یسخن العصب و العضلات تسخیناً لا یوازیه فیه غیره.
أعضاء الرأس: ینفع الأسنان مع الخل.
أعضاء العین: یقع الأبیض فی الأکحال و یجلو.
أعضاء الصدر: إذا استعمل فی اللعوقات وافق السعال و أوجاع الصدر، و هو نافع مع العسل تحنکاً من الخناق، و ینقی الرئه.
أعضاء الغذاء: هاضم مشه، و یشرب مع ورق الغار الطری، و ینفع من النفخ و المغص، و هو بالخل شرباً و طلاء جید لورم الطحال، و الأبیض أصلح للمعده و أشد تقویه لها، و الدار فلفل یحدر الطعام بسهوله.
أعضاء النفض: یدر البول و یحدر الجنین، و بعد الجماع یفسد
الزرع بقوه، و کثیره و قلیله یطلق علی خلاف السقمونیا، و هو یجفف المنی بشده، و أما الدار فلفل فیزید فی الباه لرطوبته الفضلیه، و إذا شرب من ورق الغار الطری ینفع من المغص.
الحمیات: یمسح به مع الدهن فینفع من النافض.
السموم: یقع الأبیض فی التریاقات، و کذلک الدار فلفل نافع من نهش الهوام و طلاء بالدهن أیضاً.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 85
الماهیه: قالوا: هو أقل الفلفل.
الخواص: قیل: خاصیته النفع من الأوجاع البارده و التشنج منفعه شدیده.
آلات المفاصل: ینفع من النقرس.
أعضاء النفض: له خاصیه فی القولنج و الریاح البارده فیما یقال.
الماهیه: هو أشد تجفیفاً من القلقطار مع أنه أقل لذعاً، فهو ألطف.
القروح: یذهب الجرب.
الماهیه: قال قوم: هو الهزارجشان و هو الکرمه البیضاء.
الطبع: حار یابس إلی الثالثه.
الخواص: حاد حریف یجلو و یجفف و یلطف و یسخن إسخاناً معتدلًا.
الزینه: أصله بالکرسنه و الحلبه یجلو شدیداً، ظاهو البدن، و ینقیه و یصفیه و یذهب بالکلف و الآثار الْسوداء الباقیه بعد القروح، و کذلک إذا طبخ بالزیت حتی یتهری، و یذهب کهبه الدم تحت العین.
الأورام و البثور: أصله یقطع الثآلیل و البثور اللبنیه، و بالشراب یسکن الداحس، و یحلل الصلبه، و یفجر الدبیله، و إن شرب ثلاثین یوماً، کل یوم ثلاث أثولوسات بالخل حلل أورام الطحال. و ضماداً مع التین أیضاً للطحال، و یسکن الطحال من الوجع، و یسکن الداحس إذا ضمد به مع الشراب.
القروح: أصله ضماداً مع الملح علی القروح الردیئه، و یقع فی المراهم الآکله للحمه، و ثمرته للجرب المتقرح و غیر المتقرح ملطخاً به و یقشر.
آلات المفاصل: أصله ضماداً بالشراب یخرج العظام، و یشرب منه کل یوم درخمی للفالج و لشدخ العضل طلاء و شرباً.
أعضاء الرأس: یشرب منه کل یوم درخمی سنه فینفع من الصرع و السدر، و یحدث أحیاناً فی العقل تخلیطاً.
أعضاء الصدر: قد یتخذ منه بالعسل لعوق للمختنقین و لفساد النفس و السعال و وجع الجنب، و إذا شرب عصارته مع حنطه مطبوخه أغزر اللبن.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 86
أعضاء الغذاء: قال جالینوس: من أکل أطرافه فی أول ما یطلع ینفع المعده بقبضها و حرافتها مع قلیل مراره و حرافه.
أعضاء النفض: قلب هذا النبات أول ما یطلع إن أکل کما هو، أو طُبخ أدر البول و أسهل البطن. و من أصله
درخمی یقتل الجنین، و إذا احتمل أخرج الجنین، و ینقی الرحم جلوساً فی طبیخه. و عصارته تسهل البلغم، و هو من الأدویه الجیده للطحال، و إذا طُبخ بالدهن نفع من النواصیر التی فی المقعده، و الماء الذی یطبخ به إذا صبّ علی الأورام، و جلس فیه نقاها، و أخرج المشیمه، و کذلک عصارته مع العسل تفعل ذلک.
السموم: أصله درخمی ینفع من نهش الأفعی، و کذلک من لسع جمیع الهوام.
الأبدال: بدل وزنه درونج و ثلثا وزنه بسباسه.
الماهیه: هذا عن جنس الفاشرا له ورق کاللبلاب الکبیر، و أصله أسود الخارج، أصفر الداخل.
الخواص: مثل الفاشرا فی أفعاله، لکنه أضعف قلیلًا.
آلات المفاصل: ینفع أیضاً من الفالج جداً.
أعضاء الرأس: قلبه أول ما یطلع یؤکل فیفعل فی الصرع مثل ما یفعل الفاشرا.
أعضاء الصدر: ینقی الصدر.
أعضاء النفض: قلبه أول ما یطلع إذا کل أدر البول و الحیض، و یفعل ما یفعل الفاشرا فی جمیع ذلک.
الماهیه: قال الحکیم دیسقوریدوس: هو صمغ شجره شبیهه بالقثاء فی شکلها، تنبت فی لینوی من أرض سدد، أو بلاد موروشیا، و هذه الشجره مملوءه صمغاً مفرط الحرافه و الحراره و الحده، و مستخرجوها یخافون منها لزیاده حرارتها، فیعمدون إلی کروش الغنم فیغسلونها و یعلقونها فی ساق الشجر، ثم یطعنونه من البعد برمح أو بمرراق، فینصب منه فی الکروش صمغ کثیر علی المکان کأنه ینصب من إناء، و قد ینصبّ منه فی الأرض أیضاً لِحَمِیهِ خروجه من شجره، و هو صنفان، أحدهما صاف یشبه العنزروت، و عظمه فی مقدار الکرسنه، و الآخر متّصل شبیه بالعکر، و قد یغش بعنزروت و صمغ یخلطان به، و محنته بالمذاق عسره لأنه إذا لذع اللسان مرّه واحده دام لذعه، فکلما لقی اللسان بعد الذوق من حرافته مده علم أنه الخالص. و أول من وقع علی هذا الدواء و استنبط علمه، یوناس ملک لینوی، و تتغیر قوّته بعد ثلاث أو أربع سنین،
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 87
و العتیق منه یضرب إلی الصفره و الشقره، و لا ینداف فی الزیت إلا بصعوبه، و الحدیث خلاف ذلک کله، و زعم قوم أن قوته تحفظ إذا جعل مع الباقلا المنشّر فی وعاء.
الاختیار: جیده الحدیث الصافی الأصفر إلی الشقره، الحاد
الرائحه الشدیده الحرافه، و غیر هذا فهو مغشوش کما قلنا.
الطبع: حار و له قوه لطیفه محرقه جلآءه، و الحدیث منه أشد إسخاناً من الحلتیت، علی أنه لا صمغ کالحلتیت فی إسخانه.
آلات المفاصل: یخلط ببعض الأشربه المعموله بالإفاویه، فینفع من عرق النسا و یطرح قشور العظام من یومه، و لکن یجب أن یوقی اللحم الذی حول العظام بقیروطی مفتر فی الدهن، و یمرخ به الفالج و الخمر فینفع جداً.
أعضاء العین: إذا اکتحل بها کانت جالیه، و تحلل الماء الأزرق فی العین، و لکن یدوم لذعها النهار کله، فلذلک یخلط بالعسل و سائر الشیافات.
أعضاء النفض: ینفع من الماء الأصفر و برد الکلی، و ینفع أصحاب القولنج. و الشربه منه مع بعض البزور الطیّب الرائحه و ماء العسل ثلاث أثولوسات. قالت الخوز: إنه یضم فم الرحم ضمًا شدیداً حتی یمنع الأدویه المسقطه للجنین، قال: و یسهل البلغم اللزج الناشب فی الورکین و الظهر و الأمعاء فیما قالوا.
السموم: قال بعضهم، أنه من نهشته الأفعی أو شی ء من الهوام، و شق جلده رأسه و ما یلیه حتی یظهر القحف، و جعل فیه هذا الصمغ مسحوقاً و حنط، لم یصبه مکروه، و یقتل منه ثلاثه دراهم فی ثلاثه أیام تقریحاً للمعده و المعی.
قد ذکرنا ما یلیق فی فصل الکاف.
و کذلک قد فرغنا من هذا فی فصل الحاء عند ذکرنا الحناء.
الماهیه: قیل: إنه شجره الحُضَض و له ثمره کالفلفل، و الحضض قد یتّخذ منه، و یتخذ من الزرشک و الأعرابی نوع آخر، و قوه الفیلرهرج قریبه من قوه الحضض الذی یتخذ منه، و أضعف یسیراً.
الزینه: یقوی الشعر طلاء فرادی، و مع زیت.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 88
أعضاء الغذاء: تطبخ فروعه بالخل و یشرب للطحال، فینفع نفعاً بالغاً و کذلک للیرقان.
أعضاء النفض: طبیخ ورقه و فروعه یدر الحیض، و کذلک هو، و إن شرب من ثمرته وزن مطروس أسهل خلطاً بلغمیاً کثیراً.
الماهیه: حشیشه مره الطعم.
الطبع: قال أربیاسیوس: إسخانه و تجفیفه بقوتین، و قال غیره أنه حار فی الثانیه یابس فی الثالثه.
الخواص: مفتح یجلو، و یذهب و یحلّل و یقطع.
أعضاء الرأس: عصارته لوجع الأذن المزمن، و ینقی، و یفتح منافذ السمع، و یزیل القدیم من وجعه.
أعضاء العین: عصارته مع العسل لتحدید البصر.
أعضاء الصدر: ینقی الصدر و الرئه بالنفث.
أعضاء الغذاء: مفتّح لسدد الکبد و الطحال جداً.
أعضاء النفض: یدر الطمث و ینقی الرحم.
السموم: هو مع الملح ضماده لعضه الکَلْب الکَلِب.
الماهیه: منه نهری، و منه جبلی شبیه الزوفا فی العظم، و کذلک ورقه یشبهها، و منه نوع یسمی غلیجن، و نوع یسمی فوذنج التیس، و قوته کقوه غیره، حریف، و قوه شرابه مثل قوه شراب الحاشا، و الفوذنج جوهر لطیف، و الجبلی أقوی من النهری.
الخواص: یلطف تلطیفاً قویاً بحدته و مرارته، و خصوصاً البرّی، و کذلک هو محمر مقرح، و إذا شرب وحده أدر العرق، و یسخن شدیداً و یجذب من عمق البدن، و یقطع و یجفف و یسخن جداً.
الزینه: إذا طبخ، خصوصاً طریه بشراب، و ضمد به أذهب الآثار السود من البدن و الکهبه التی تعرض تحت العین.
الجراح و القروح: الجبلی ینفع الشجوج و الفتوق، و یستحمٌ بطبیخ الجبلی للحکّه و الجرب.
آلات المفاصل: شرب طبیخه ینفع من رض العضل فی لحومها و أطرافها، و قد یضمّد به لعرق النسا فیحرق الجلد و یبدل مزاج العضو و یجذب من العمق، و إذا أکل و شرب بعده ماء
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 89
الجبن أیاماً متوالیه نفع من داء الفیل و الدوالی، و المعروف بغلیجن إذا شرب نفع من التشنج، و یطلی به النقرس فینفع بتحمره.
الجراح و القروح: ینفع
شرب الفوذنج من الجذام لا لتحلیله فقط، بل لتقطیعه و تلطیفه أیضاً.
أعضاء الرأس: عصارته تقتل الدیدان فی الأذن، و فیه تصدیع، و الجبلی ینفع من قروح الفم، و یحدر الفضول من المنخرین، و حراقه غلیجن تشد اللثه جداً.
أعضاء النفس: طجیخه ینفع من انتصاب النفس، و هو قوی فی إخراج الأخلاط. الغلیظه اللزجه من الصدر، و خصوصاً إذا کل مع التین، و ینفع من وجع الأضلاع، و البجلی أقوی فی ذلک، و غلیجن ینفع فی جمیع ذلک، و یرش علیه الخل و یؤخذ المخلل منه القریب العهد بالتخلیل، فیشمه المغشی علیه فیفیق، و فوذنج التیس ینفع من الخفقان.
أعضاء الغذاء: ینفع من قله الشهوه، و ضعف المعده، و خاصه البرّی، و من الفواق، و ینفع أصحاب الیرقان بجلائه و تفتیحه و تلطیفه السوداوی و الصفراوی، و کذلک طبیخه، و قد یستحم بطبیخ الجبلی لذلک فیعرق الیرقان، و ینفع من الاستسقاء إذا أکل بالتین الجبلی تشهیه للطعام، و سلاقته نافعه للاستسقاء أیضاً. و غلیجن یسکن الغثیان و یتخذ منه ضماد بالقیروطی علی الطحال فیضمره، و کذلک فوذنج التیس، و هو شدید المنفعه من الخفقان المعدی و الکرب و الغثیان.
أعضاء النفض: طبیخه یدر البول، و ینفع من المغص و الهیضه، و إذا دق بحاله أو طبخ و شرب بالعسل قتل الأجنه و أدر الطمث، و قد یقی ء البلغم. قال بعضهم: الأهلی یقطع الباه و خصوصاً البری و یمنع الاحتلام، و البری منه مطلق للبطن إطلاقاً صالحاً و نافع للرحم و یقتل الدیدان، لا سیما الصغیره. و البری و الجبلی منه یسهل مراراً أسود. و الشربه ثمانیه عشر قیراطاً بالجلٌاب، و ذلک قد یفعله ضرب من الفوتنج البری. و جمیع
ذلک یقوی إذا خلط بخل و مبیختج یسیر، و الصواب أن یسحق و ینثر علی الخل الممزوج بالماء و الملح و یشرب. و المعروف بلغیجن یخرج الخلط السرداوی من طریق البول، و الفوتنج البری قد یفعل جمیع هذه الأفعال کلها.
الحمیات: یشرب طبیخه من النافض، و کذلک التمریخ بدهن قد طبخ هو فیه.
السموم: إذا شرب، أو تضمد به نفع من نهش الهوام، و یقارب التضمید به فی ذلک فعل الکی، و إذا تقدم فشرب بالشراب، ثفع السموم القاتله. و التدخین بورقه یرد الهوام، و إن افترش به فعل ذلک أیضاً. و البری للدغ العقارب، و الجبلی إذا شربت سلاقته مع المطبوخ نفع من عض السباع.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 90
الماهیه: دواء ترکی.
السموم: جید لشرب الشوکران و لسع الهوام سقیاً بالماء البارد، و کذلک من جوز مائل و جمیع السموم جداً.
الماهیه: هو عود الصلیب، منه ذکر و أنثی. و الذکر اصول بیض غلاظ کالأصابع، قابضه المذاق و الأنثی کثیره الأصل و فروعه.
الطبع: حار لیس بشدید.
الأفعال و الخواص: فیه تجفیف و قبض مع تحلیل و تفتیح و تلطیف و تقطیع و جلاء، و إذا مضغ ساعه ظهر بعدها فیه حده إلی قبض.
الزینه: یجلو الاثار السود فی البشره.
آلات المفاصل: نافع من النقرس.
أعضاء الرأس: ینفع من الصرع حتی تعلیقاً، و قد جرب تعلیقه فوجد مانعاً بحیث کانت إبانته یعود معها الصرع. قال الیهودی: التدخین بثمرته ینفع المجانین و المصروعین و یبریهم، و کذلک إن أخذت ثمرته فشربت مع الجلنجبین نفعت نفعاً شدیداً. أقول: عسی أن یکون هذا ضرباً من الفاوانیا الرومی، فإن الذی یقع إلینا من الهند لیس له أمر کبیر فی هذا الباب، و یشرب من بزره خمس عشره حبه بمالی قراطن أو الشراب فینفع الکابوس.
أعضاء الغذاء: یحبس الطبیعه إذا طبخ بالأشربه العفصیه، و یمنع المواد المنصبه إلی المعده، و بزره یقوی المعده و یسکن أوجاعها و لذعها، و ینفع أصله من الیرقان و یفتح سدد الکبد.
أعضاء النفض: إذا شرب بالشراب و بالمدرات حرک الطمث، و شربه یدر البول إیضاً، و إذا أخذ من بزره خمس عشره حبه بشراب، أو بمالی قراطن، و شرب نفع من اختناق الرحم، لان شرب اثنتا عشره حبه منه بشراب قطع نزف الدم، و إذا سقی النفساء من أصله قدر لوزه نقاها عن فضول النفاس بإدرار الفضول. و ینفع أصله قدر لوزه منه من وجع الکلی و المثانه. و طبیخه فی
الشراب یعقل البطن و یدر.
الماهیه: هی البقله الحمقاء، و قد فرغنا من بیان ذلک فی فصل الباء.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 91
الطبع: قال دیسقوریدس: هو صنفان، أحدهما یؤکل، و الآخر یقتل. و الأسباب التی من أجلها یکون الفطر قاتلًا کثیره، منها نباته بالقرب من مسامیر صدئه، أو خرق متعفّنه، أو أعشاش بعض الهوام الضاره، و أصول شجر، خاصتها أن یکون الفطر الذی ینبت بالقرب منها قاتلًا، و قد یوجد علی هذا الصنف من الفطر رطوبه لزجه أو عفونه کنسج العنکبوت، فإذا جذ و قطف فسد من ساعته و تعفّن سریعاً، و أما الآخر فإنه یستعمل فی الأمراق، و یؤکل، و هو لذیذ، و إذا أکثر منه أضر، و ربما قتل لأنه لا ینهضم، و ربما خنق أو أورث هیضه، و یهیّج الأمراض السوداویه، و علاج الضرر العارض من کل جمیعه أن یسقی البورق أو النطرون أو ماء الرماد بالخل و الملح أو طبیخ الشعیر، لکن أصله النوع المعروف بالقلاعی لم یقتل أحداً، و لکن یعرض منه الهیضه، و المجفّف منه أقل رداءه.
الطبع: بارد فی آخر الثالثه رطب فی قربها.
الخواص: یولد خلطاً ظیظاً ردیئاً، و استصلاحه بأن یسلق و یجعل معه الکمّثری الرطب و الیابس و الحبق الجبلی، و یشرب علیه نبیذ شدید.
أعضاء الرأس: یورث الخدر و السکته.
أعضاء النفس: یعرض من الذی لا یقتل اختناق.
أعضاء الغذاء: یعرض من الذی لا یقتل منه هیضه إذا أکثر، و هو عسر الهضم کثیر الغذاء، و یعرض من القاتل غشی و عرق بارد.
أعضاء النفض: یورث عسر البول.
السموم: منه ما هو قاتل، و هو الذی ینبت فی جوار حدید صدی ء، أو أشیاء عفنه، او بقرب مسکن بعض الهوام، أو عند بعض الأشجار
التی من خاصیتها أن یفسد ما ینبت عندها من الفطر، کالزیتون، و من علامته أن یکون علیه رطوبه لزجه متعفنه و یسرع إلیه التغیر و التعفّن، و یعرض منه ضیق نفس و غشی. و علاجه المقطعات و السکنجبین بالفوذنج، أو درک الدیک و الدجاج بالخل، أو یطعم العسل الکثیر، و ربما قتل فی یومه و وقته فی الأکثر.
الماهیه: أقوی ما فیه بزره، ثم قشره، ثم ورقه، ثم لحمه. و دهنه فی قوّه دهن الخروع، إلا أنه أشد حراره منه، و البری فی جمیع الأوصاف مشارک له، لکنه أقوی.
الاختیار: أقوی ما فیه بزره، و أغذاه المسلوق.
الطبع: أصله حار فی الأولی رطب، و بزره حار فی الثالثه.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 92
الأفعال و الخواص: مولد للریاح، لکن بزره یحللها، و فیه تلطیف قویّ، و خصوصاً بزره، و البری ملهب. و مسلوقه أغذی لمفارقته الدوائیه، و غذاؤه بلغمی و قلیل مع ذلک، و فیه جوهر سریع إلی التعقن، و ذلک بسبب ما فیه من المضار، و ورقه الربیعی إذا سلق و أکل بالزیت و المری غذی أکثر من الأصل.
الزینه: إن خلط معه دقیق الشیلم أنبت الشعر فی داء الحیّه و داء الثعلب، و إذا تضمد به مع العسل قلع الآثار العارضه تحت العین التی مع کهوبه، و ینفع بزره من النمش الکائن فی الأعضاء، و سائر الألوان الغریبه و آثار الضرب و الکلف، و هو مع الکندس بخل طلاء یذهب البهق الأسود، و خصوصاً فی الحمام، و هو یکثر القمل فی الجسد.
البثور: مع دقیق الشیلم للبثور اللبنیه یجلوها.
الجراح و القروح: إذا تضمد به مع العسل قلع القروح الخبیثه و القروح اللبنیه، و بزره مع الخل
یقلع قرحه غنغرانا قلعاً تاماً، و کذلک علی القوباء.
آلات المفاصل: بزره یدفع الضربان الذی فی المفاصل، و هو جید لوجع المفاصل جداً.
أعضاء الرأس: ضار بالرأس و الأسنان و الحنک، و عصارته و دهنه نافع من الریح فی الأذن جداً.
أعضاء العین: ضار بالعین، إلا أنه یجلوها إذا قطر فیها ماؤه، و یذهب الاثار التی تحت المآق. قال ابن ماسویه: إن ورقه یحدّ البصر.
أعضاء النفس و الصدر: المطبوخ منه صالح للسعال العتیق المزمن و الکیموس الغلیظ المتولد فی الصدر، و هو ینفع الاختناق العارض من الفطر القتّال و إن طبخ بسکنجبین، ثم تغرغر به نفع من الخناق. و فیه مع ذلک مضره بالحلق، و هو یزید فی اللبن.
أعضاء الغذاء: ردی ء للمعده یجشی، و بعد الطعام یلین البطن، و ینفذ الغذاء، و قبل طعام یطفی الطعام و لا یدعه یستقر، و لذلک یسهل القی ء، و خصوصاً قشره بالسکَنجبین، یوافق الجنب و الطحال ضماداً، و بزره بالخل یقی ء جداً، و یحلل ورم الطحال. قال ابن ماسویه: إن أکل بعد الطعام هضم، و خاصه ورقه. و ماء ورقه یفتح سدد الکبد و یزیل الیرقان. قال بعضهم: ورقه یهضم، و جرمه یغثی، و بزره یحلل النفخ فی البطن، و یسهّل خروج الطعام، و یشهی، و یذهب وجع الکبد، و ماؤه جیّد للإستسقاء.
السموم: ینفع من نهش الأفعی، و بالشراب من نهشه المقرنه أیضاً، و بزره ینفع من السموم و الهوام، و إن وضع شدخه منه علی العقرب ماتت، و جرب ماؤه فی ذلک فکان أقوی، و إن لدغت العقرب من أکل فجلًا لم تضره.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 93
الماهیه: شجره معروفه موجوده فی بعض البلاد.
الطبع: قیل إنه أشدّ حراره
من الجوز، و هو حار فی آخر الثانیه، و فیه رطوبه، و زعم بعضهم أنه بارد، و قد أخطأ.
الخواص: یفتح سدد الکبد لمرارته و عطریته، و فیه عفوصه، و غذاؤه یسیر جداً.
أعضاء الغذاء: جید للمعده، و خصوصاً الشامی الشبیه بحب الصنوبر لما فیه من المراره مع العفوصه، و یفتح سدد الکبد لمرارته و عطریته و ینقّیها خاصهً، و یفتح سدد الکبد و منافذ الغذاء. و دهنه ینفع من وجع الکبد الحادث من الرطوبه و الغلظ، فإن قال قائل لم أجد له فی المعده کبیر مضره و لا منفعه، أقول بل یمنع الغثیان و قلب المعده و یقوّی فمها.
أعضاء النفض: لا یلین البطن و لا یعقله.
السموم: ینفع من نهش الهوام خصوصاً مطبوخاً بالشراب الشدید.
الماهیه: حیوان کالقراد معروف بالشام یکون فی الأسره، و یشبه أن یکون المعروف عندنا بالأنحل.
أعضاء النفس: إذا شرب بالخلّ أو بالشراب أخرج العلق من الحلق.
أعضاء النفض: إذا شقت نفعت من اختناق الرحم و أنعشت، فإذا شحقت و جعلت فی ثقب الإحلیل أبرأت من عسر البول.
الحمیات: إذا أخذ منه سبعه عدداً، و جعلت فی باقلاه، و ابتلعت قبل أخذ الحمی الربع نفعت.
السموم: إذا ابتلعت بغیر الباقلاء نفعت من لسع الهوام.
الزینه: دمه یقطع الثآلیل، و زبل الفار علی داء الثعلب نافع، و خصوصاً لطخاً بالعسل، و خصوصاً المحرق.
أعضاء الرأس: إذا شوی و جفّف و أطعم الصبی انقطع سیلان اللعاب من فمه.
أعضاء النفض: إن شرب زبل الفار بالکندر وأونومالی فتّت الحصاه، و إن حمل شیافه أطلق بطن الصبی، فإذا طبخ بالماء و قعد فیه من به عسر البول نفع.
السموم: اتفق الناس أنه إذا شق و وضع علی لدغ العقرب نفع.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 94
الخواص: یفعل زبله فعل زبل الحمار.
الأورام و البثور: جلد المهر إذا أحرق و طلی بالماء علی البثور بدّدها.
أعضاء الرأس: قیل أن الزوائد التی فی رکب الفرس إذا دقت و شربت بخلّ أبرأت، الصداع.
أعضاء النفض: أنفخه الفرس خاصه موافقه للإسهال المزمن و قروح الأمعاء و الذرب.
الماهیه: قیل هو بخور مریم و هو جنس من العرطنیثا.
الخواص: قوّته منقیه بجلاء و تقطیع مفتحه محلّله، و هو معرّق جداً إذا شرب أصله و یسدر.
الزینه: إن شرب منه ثلاث مثاقیل لا یجاوز ذلک بطلاء، أو بمالی قراطن ممزوجاً بالماء أبرأ الیرقان. و یجب أن یضطجع و یتغطّی بثیاب کثیره لیعرق عرقاً شدیداً فی لون المره، و أصله ینقی البشره، و یذهب بالکلف، و ینفع طبیخه من الشقاق العارض من البرد، و کذلک الزیت الذی یسخن فی أصله مقوراً علی رماد حار.
الأورام و البثور: أصله یذهب بالبثر، و عصارته تحلل الصلابات، و یحلّل ورم الطحال و الخنازیر و الجراحات طریاً، أو یابساً، و یذهب بالحصف أیضاً.
الجراح و القروح: إن خلط، أصله بالخل و بالعسل، أو وحده و استعمل أبرأ الجراحات قبل أن تعتق، و إن صب طبیخه علی الرأس وافق القروح التی فیه.
آلات المفاصل: ینفع من التواء العصب، و من النقرس، کل ذلک ضماداً.
أعضاء الرأس: إذا خلط بالشراب أسکر سکراً شدیداً، و قد یسعط بمائه لتنقیه الرأس، و إذا صب طبیخه علی الرأس وافق القروح التی فیه، و یسکن الصداع البارد.
أعضاء العین: ماؤه بالعسل یوافق الماء العارض فی العین و ضعف البصر و کذلک مسعوطاً.
أعضاء الصدر: من الناس من یسقی أصله لأصحاب الربو.
أعضاء الغذاء: یضمّد به للطحال مع الخل.
أعضاء النفض: إذا شرب بأدرومالی أسهل بلغماً و کیموساً مائیاً، و أدر
الطمث شرباً و احتمالًا. و زعم بعضهم أن رطبه مسقط إذا شد فی الرقبه أو العضد منع الحبل، و یتحمل بصوفه
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 95
لإسهال البطن، و کذلک إن لطخ به السره و المراق و الخاصره لین الطبیعه و أسقط الجنین، و هو یقتل الجنین قتلًا قویاً، و عصارته أقوی فی ذلک. و إن خلط ماؤه بالخل و لطخ علی المقعده الناتئه ردّها إلی داخل. و عصارته تفتح أفواه العروق التی فی المقعده. و أصله یدر الطمث شرباً و احتمالًا، و إن شرب من أصله خمسه دراهم بالعسل أسهل إسهالًا قویاً. و الشربه إلی أربع درخمیات.
السموم: یشرب بشراب للأدویه القتّاله و السموم، و خاصهً الأرنب البحری.
الماهیه: معروف.
الاختیار: أصله المتخذ من خبز الحواری و نعنع و کرفس، فإنه لیس المتّخذ من الخبز المطبوخ کالمتخذ من الخبز العجین الفطیر.
الخواص: نفاخ یولد أخلاطاً ردیئه، ردی ء الغذاء، و مضرته بأعضاء الحیوان أنه بحیث إن نقع فیه العاج لینَه فیسهل علیه العمل، و الذی یتخذ من الخبز الحواری و الکرفس و النعنع جید الکیموس موافق جداً للمحرورین.
آلات المفاصل: یضر بالعصب جداً.
أعضاء الرأس:: یضر بحجب الدماغ.
أعضاء الغذاء: المتّخذ منه من الحواری جید للمعده الحاره.
أعضاء النفض: المتخذ بالشعیر یدر البول، و یضر بالکلی و المثانه.
الماهیه: هذا دواء للجرب یُتخذ من مرداسنج و ضعفه قلقدیس، یسحقان بخل شدید الثقافه، و یجعل فی قدر جدیده مطینه، و یدفن فی السرقین أربعین یوماً فی القیظ.
الخواص: هو أشد تجفیفاً من القلقطار، و مع أنه أقل لذعاً، فهو ألطف.
الجراح و القروح: یذهب بالجرب.
الماهیه: زعم دیسقوریدوس أن فلیلون ینبت فی مواضع صخریه، و منه صنف یسمی بلعون، أی الأنثی، و یشبه الطحلب، و ورقه أشد خضره من ورق الزیتون، و ساقه رقیق قصیر، و له زهر أبیض، و بزرَ صغار أکبر من بزر الخشخاش. و منه آخر یسمی أریبوعیون، أی المولّد
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 96
ذکراً، و هو یشبه الأول، غیر أنه یخالفه فی بزره لأن ثمره هذا شبیهه بثمره الزیتون، و فی شکل عنقود.
الخواص: یقال انه إذا شربت منه الحامل کان الولد ذکراً، و إذا شربت الآخر کان أنثی، و قد قال ذلک فواسطوس، الحکیم، اللهم إلا أنه قد جرَّب ذلک و أظهر بعد التجربه إلی الناس و یوشک أنه هو قول فقط، و هذا آخر الکلام فی حرف الفاء.
الماهیه: خشب غلاظ یؤتی به من حد بلاد الصین، و هو علی أصناف ثلاثه: أصفر، و أحمر، و صنف آخر أصفر مائل إلی البیاض، یسمیه بعض الناس مقاصیری، و لهذا رائحه أکثر من رائحه الصنفین المذکورین.
الاختیار: قال جالینوس، و ابن ماسویه: الآحمر أقوی. و قال بعضهم: الآصفر أقوی. و قال آخرون: المقاصیری أجود و أقوی.
الطبع: بارد فی آخر الثانیه یابس فی الثانیه.
الخوص: یمنع التحلب خصوصاً الأحمر.
الأورام: یحلل الأورام الحاره خصوصاً الأحمر و یطلی علی الحمره فإنه نافع.
أعضاء الرأس: ینفع من الصداع.
أعضاء الصدر: یتفع من الخفقان العارض فی الحمیات طلاء و شرباً.
أعضاء الغذاء: ینفع من ضعف المعده الحاره طلاء و شرباً.
الحمیات: ینفع من الحمیات الحاره خصوصاً الأبیض المقاصیری.
الخواص: لحم الصحف البری إذا سحق و طلی به البدن جفف بقوه، و محرق الصدف الفرفیر له قوه مفشیه جالیه، و قوته قوه حرافه نیطش، و فی جمیعها جذب السلی، و العظام إذا استعملت بحالها.
الزینه: جمیع أغطیه الصدف و قشورها إذا أحرقت جلت البهق، و کذلک الصدف بحاله یخرج السلی العظیمه. صدف الفرفیر إذا طبخ بزیت، و دهن به الشعر أمسک تساقطه.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 97
الأورام و البثور: لزوجه الحلزون، و یسمی صدیده، مع الکندر و الصبر و المر حتی یصیر فی ثخن العسل یجفف الأورام الحادثه فی أصل الأذن، و لو صادف رطوبه غائره فیها فإنه یشفی ذلک.
الجراح و القروح: حراقه الصدف الفرفیری تجلو القروح و تنقیها و تحملها، و ینفع المحرق مع الملح لحرق النار ذروراً یترک علیه حتی یجف، و کل حراقه صدف نافع للجرب. و الصدف بلحمه نافع للجراحات، و خصوصاً التی علی العصب مسحوقه مع کُندُر و مر، فیلزق، و
کذلک مع غبار الرحی، و قد جرب جالینوس الحلزون کله کما هو.
آلات المفاصل: یسکن الصدف أوجاع النقرس و أورامه، یضمد به کما هو علی جمیع أورام المفاصل.
أعضاء الرأس: حراقه الصدف الفرفیری تجلو الأسنان، و خصوصاً ما أحرق مع الملح، و أن سحق الصدف کما هو بخل قطع الرعاف.
أعضاء العین: إذا غسل حراقه کل صدف بلحمه وقع فی الأکحال، فأذاب غلظ الجفن و البیاض و الغشاوه، و إذا أحرق لحم المعروف بالطیلس العتیق و خلط بقطران و سحق و قطر علی الجفن لم یدع الشعر ینبت، و اللزوجه التی تکون علی البرّی منه تلزق الشعر المنقلب علی الجفن، و لزوجه الحلزون التی ذکرت قبل- إن طلی بها الجبهه تمنع الموالح المنصبّه إلی العین و تلزق الشعر أیضاً.
أعضاء الغذاء: لحم الصدف المعرف بفروفس جید للمعده، و لحوم الصدف غیر مطبوخه و لا مشویه تسکن وجع المعده. صدف الفرفیر إذا شرب بخلّ أزال الطحال، و إذا ضمد الاستسقاء بالصدف لم یفارق حتی یحطه، و ینبغی أن یترک حتی یسقط من ذاته، و الصدف البری قوی فی ذلک لشده تجفیفه.
أعضاء النفض: لحم الفرفیری لا یلین الطبیعه، و لحم الصمف المسمی بالشام طالبیس، إذا کان طریاً لیّن البطن خصوصاً مرقه، و کذلک مرق صغار الصدف و صدف الفرفیر إذا بخر به ذوات اختناق الرحم نفع و هذا البخور یخرج المشیمه و بخور العطر الرائحه، و البابلی القلزمی الذی علی الساحل أیضاً ینفع من اختناق الرحم، و ینبه المصروعین أیضاً، و فیه جندبیدستریه فی رائحته. و الصدف یدر الطمث احتمالًا. قال: و المعروف بفوحیل إذا حرق کما هو، و خلط برماده عفص أخضر و فلفل أبیض نفع من القروح الحادثه فی
الأمعاء ما دامت طریه و لم تفسد نفعاً عظیماً، و الوزن رماد الصدف أربعه و عفص جزآن فلفل، جزء یذر علی الطعام و یسقی فی الشراب.
السموم: ینفع لحمه من عضه الکَلْب الکلِب.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 98
الاختیار: أجوده العربی الصافی القلیل الخشب.
الطبع: إنواع الصموغ کلها حاره جداً.
الخواص: قابض و مغرّ مع تجفیف و تقویه، و صمغ الأقاقیا أقوی جداً، و لذلک یقع فی التریاقات.
أعضاء الصدر: یلین السعال الحار، و یدفع ضرر قروح الرئه، و یصفّی الصوت.
أعضاء الغذاء: یقوّی المعده.
الخواص: مقرح معفن.
أعضاء النفض: یُحِل القولنج و یُسَهل الخام.
الخواص: مجفف جلّاء ردی ء الخلط.
الجراح و القروح: یورث الجرب و الحکه.
آلات المفاصل: ینفع من وجع الورک البلغمی.
الزبنه: یزیل البخر الکائن من المعده و فسادها.
أعضاء الغذاء: یجلو رطوبه المعده و یجفّفها.
الماهیه: شجره معروفه، فأما حب الصنوبر فقد تکلمنا فیه فی فصل الحاء، و إنما نرید الآن أن نتکلم فی سائر أجزاء شجره الصنوبر.
الطبع: قوه لحاء الکبار أقوی، و لحاء المسمی فوفی أضعف.
الخواص: فی لحائه قبض کثیر، و الدود الذی فیه فی قوّه الذراریح قطعاً.
الجراح و القروح: لحاؤه ینفع من القروح الحرفیه، و فیه قوه مدمله، و فی لحائه من القبض ما یبلغ أن یشفی السحج إذا وضع علیه ضماداً، و ذرور لحائه نافع من إحراق الماء الحار، و یلزق ورقه للجراحات ذروراً، و یصلح لحاؤه لمواقع الضربه، و یدمل. و ورقه أصلح لذلک لأنه أرطب.
أعضاء الرأس: یغرغر بطبیخ قشره فیجلب بلغماً کثیراً، و سلاقه لحائه بالخلّ صالحه إذا تمضمض بها لوجع الأسنان، فإذا جعل فیها خل و تغرغر به أحدر بلغماً کثیراً.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 99
أعضاء العین: دخانه نافع من انتشار الأشفار و لتأکّل الماق.
أعضاء الصدر: ینفع حبّه من السعال العتیق.
أعضاء الغذاء: قشره و ورقه إذا شرب نفع من وجع الکبد.
أعضاء النفض: حبه یحبس البطن، و بزره مع بزر القثاء بالطلاء یدر، و ینفع قروح الکلی و المثانه، ول حاؤه بحبس البطن أیضاً.
السموم: الدود الأخضر الذی فی الصنوبر هو فی طبع الذراریح.
الماهیه: عصاره جامده بین حمره و شقره، منه أسقوطری، و منه عربی، و منه سمنجانی. قال قوم: إن نباته کنبات الراسن، و لیس کذلک.
الاختیار: أجوده الأسقوطری، و ماؤه کماء الزعفران، و رائحته کالمر، بصاص، متفرک، نقی من الحصی، و العربی دونه فی الصفره و الرزانه و البصیص، و ألزج منه و أصلب، و السمنجانی ردی ء منتن الرائحه، غمر قلیل الصفره، لا بصیص له، و إذا عتق الصبر یکون أسود.
الطبع: حار
إلی الثانیه یابس فیها و قیل: حار یابس فی الثالثه و لیس کذلک.
الخواص: قوته قابضه مجففه للأبدان منومه، و الهندی کثیر المنافع مجفف بلا لذع، و فیه قبض یسیر، و من قله لذعه أن لا یلذع الجراحات الردیئه.
الزینه: بالعسل علی آثار الضربه و یدمل الداحس المتقرح، و بالشراب علی الشعر المتساقط، فیمنع تساقطه.
الأورام و البثور: ینفع أورام الدبر و المذاکیر، و خاصه أورام العضل التی عن جنبتی اللسان إذا کان بالشراب أو العسل.
الجراح و القروح: صالح للقروح العسره الإندمال، و خصوصاً فی الدبر و المذاکیر و الأنف و الفم و النواصیر.
آلات المفاصل: ینفع أوجاع المفاصل.
أعضاء الرأس: ینقی الفضول الصفراویه التی فی الرأس، و إذا طلی علی الجبهه و الصدغ بدهن الورد نفع من الصداع و أبرأه، و ینفع من قروح الأنف و الفم، و هو من الأدویه النافعه من رض الأذن و أورام العضل التی فی جنبی اللسان طلاء بالشراب و العسل. فی الطب القدیم أن الصبر یسهل السوداء، و ینفع من المالیخولیا. و الصبر الفارسی یذکی العقل و یحدّ الفؤاد.
أعضاء العین ینفع من قروح العین و جربها و أوجاعها و من حکه المآق، و یجفّف رطوبتها.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 100
أعضاء الغذاء: ینقی الفضول الصفراویه و البلغمیه التی فی المعده إذا شرب منه ملعقتان بماء بارد أو فاتر، و یرد الشهوه الباطله و الفاسده، و یصلح الحرقه و الالتهاب الکائن فی اللهاه من حراره صفراء المعده، و قد یتناول منه بکرهً و عشیهً حبات مخلوطه بمصلحانه، فیسهل البطن و لا یفسد الطعام، و ربما ینفع من أوجاع المعده فی یوم واحد، و یفتح سدد الکبد، لکنه یضر بالکبد، و یزیل الیرقان بإسهاله.
أعضاء
النفض: درخمی و نصف منه بماء حار یسهل، و ثلاث درخمیات ینقی تنقیه کامله، و المعتدل درخمیان بماء العسل یسهل بلغماً و صفراء، و إذا وقع مع المسهّله دفع ضررها للمعده، و هو أصلح مسهّل للمعده، و المغسول أضعف إسهالًا، لکنه أنفع للمعده خلطه بالعسل ینقص قوته حتی یکاد لا یسهل جذباً، بل یخرج ما یلقاه. علی أن قوه الصرف منه لا تنفذ إلی المعده، بل لا یجاوز الکبد، و إذا شرب العربی أکرب و أمغص و أسهل و بقیت قوته فی صفاقات المعده إلی یوم و یومین. و سقی الصبر فی أیام البرد خطر، فربما أسهل دماً کیف کان الصبر، و قد یجعل بالشراب الحلو علی البواسیر النابته و شقاق المقعده و یقطع الدم السائل منها و یشفی أورام الدبر و الذکر طلاء بالشراب و العسل.
السموم: إذا سقی فی أیام البرد خیف أن یسهّل دماً.
الأبدال: بدله مثلاه حُضَض.
الجراح و القروح: الصوف المحرق نافع للقروح و اللحم الزائد.
الماهیه: طائر اسمه هذا بالافرنجیه.
الخواص: یقال أنه إذا شرب من جوفه قلیلًا قلیلًا فتّت الحصاه.
الخواص: فیه تبرید و قبض.[3]
القانون فی الطب (طبع بیروت) ؛ ج 2 ؛ ص100
أعضاء النفض: ینفع من نزف النساء.
و هو الجدد.
أعضاء الرأس: إذا طبخ فی الزیت أو مرس فیه، ثم طبخ و قطر فی الأذن أذهب وجعها و ضربانها.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 101
الماهیه: هو الخلاف و نحن نؤخر الکلام و نبینه فی فصل الخاء. فهذا آخر الکلام فی حرف الصاد، و جمله ما ذکرنا من الأدویه أحد عشر عدداً.
الماهیه: نبات فی حد الصین، و القرنفل ثمره ذلک النبات، و هو یشبه الیاسمین، لکنه أسود، و ذکره کنوی الزیتون و أطول و أشد سواداً، و علکه فی قوه علک البطم.
الاختیار: أجوده الشبیه بالنوی الجاف العذب الذکی الرائحه.
الطبع: حار یابس فی الثالثه.
الزینه: یطیّب النکهه.
أعضاء العین: یحد البصر و ینفع الغشاوه أکلًا و کحلًا.
أعضاء الغذاء: یقوی المعده و الکبد، و ینفع من القی ء و الغثیان.
الماهیه: منها کبار، و منها صغار. و الکبار مثل الجوزه الصغیره، أسود یتفرک عن حبّ أبیض یحذو اللسان کالکبابه، فیه عطریه. و الصغار مثل القرنفل فی الشکل عطره أیضاً.
الطبع: حار یابس فی الثالثه.
الخواص: فیه مع. التسخین قبض، و خصوصاً الذی له قمع، و خصوصاً القمع نفسه.
أعضاء الغذاء: ینفع من القی ء و الغثیان مع ماء المُصْطَکی و ماء الرمانین، و یقوی المعده.
الماهیه: قرفه القرنفل قشور غلاظ فی لون القرفه، و له طعم القرنفل فهو أضعف فی أفعاله من القرنفل.
الطبع: حار یابس فی الثالثه.
الماهیه: یقال أنها من الدارصینی، و یقال بل هی من جنس آخر، و هو صلب کالدارصینی،
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 102
و منه ما لیس بصلب، و منه ما هو مخطط، و منه أبیض، و منه سریع التفتت، و هو اْضعف من الدارصینی.
الطبع: حار یابس فی الثانیه.
الماهیه: شجره تنبت بأرمینیه و البلاد التی یقال لها قماعینا، و قد یکون أیضاً ببلاد الهند و بلاد العرب، و القردمانا تؤخذ من ذلک النبات، و قد یکون فی غیر ذلک من البلاد.
الاختیار: أجوده ما یؤتی به من بلاد الهند و أرمینیه، و ما کان منه عسر الرض ممتلئاً منضماً، و ما کان بخلاف هذا، فهو مردود مرذول، و کذلک ما کان منه ساطع الرائحه، طعمه حریف مع شی ء من مراره.
الطبع: حار یابس فی الثالثه.
الخواص: قوته مسخّنه محمره، و فیه قوّه مذیبه، و خاصیته تقویم الأعضاء الباطنه.
القروح: هو نافع من الجرب و القوباء طلاء بالخل.
آلات المفاصل: ینفع من أمراض العصب، و من وجع الورک من البلغم، و ینفع من الفالج و رضّ العضل.
أعضاء الرأس: ینفع من الصرع شرباً فی الماء.
أعضاء الصدر: منق للصدر مسکّن للسعال.
أعضاء النفض: ینفع من المغص و من الدیدان و حب القرع، و بالشراب لوجع الکلی و عسر البول، و یسقی منه درخمی مع قشر أصل الغار للحصاه، و دخانه یقتل الجنین.
السموم: ینفع من لدغ العقرب و سائر النهوش.
الأبدال: بدله حرمل أو أذخر.
الماهیه: القصب علی أنواع کثیره، منه المصمّت، و هو الذی یعمل منه النشاب.
و منه الأنثی، و هو الذی منه ألسن النایات، و منه غلیظ الجرم، کثیر العقد، یصلح للکتابه. و منه ما هو غلیظ مجوف ینبت علی شواطی ء الأنهار، و منه السباخی إلی الرقّه ما هو، لونه أبیض. و جلّ الناس یعرف أصله. و منه رقاق مجوّف فی غایه الرقّه یعمل منه الحصر. و منه غلیظ جداً طوال شدید المکسر یؤتی به من الهند یعمل منه الرمح.
الطبع: شدید التبرید، و رماده حار.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 103
الخواص:
فی أصله جلاء یسیر بلا حده، و فی ورقه أیضاً، و یجذب السلی و الشوک و شظایا القصب و النشاب من عمق اللحم ضماداً.
الزینه: قشوره و أصله نافع من داء الثعلب، و قشوره و أصله یجلو الأوساخ و أصله مع البصل البرّی یجذب السلی.
الأورام و البثور: یجعل ورقه الرطب علی الجمره و الأورام الحاره فینفع.
آلات المفاصل: یسکن انفتال العصب.
أعضاء الرأس: زهره إذا وقع فی الأذن أحدث الصمم و لحج فلم یخرج، و القصب المحرق نافع من السعفه و القوباء فی الرأس.
أعضاء النفض: یدر البول و الطمث.
السموم: ینفع من لدغ العقرب.
الماهیه: قصب الذریره ینبت فی بلاد الهند.
الاختیار: أجوده ما کان منه لونه یاقوتی متقارب العقد، إذا هشم یتهشم الی شظایا کثیره، أنبوبته ملأی من شی ء لونه إلی البیاض ما هو، شبیه بنسج العنکبوت، لزج إذا مضغ، قابض، فیه شی ء من حرافه، و مسحوقه عطر إلی الصفره و البیاض.
الطبع: حار یابس إلی الثانیه.
الخواص: ملطف، و فیه قبض یسیر مع حرافته، و فی جوهره أرضیّه و هوائیه حسنتا التمازج إلی الاعتدال، و تجفیفه أأکثر، و فیه جوهر لطیف کما فی جمیع الأفاویه.
الزینه: ینفع من کموده الدم المیت.
الأورام: یحلل الأورام.
آلات المفاصل: ینفع من شدخ العضل.
أعضاء العین: یجلو البصر.
أعضاء الصدر: یبخّر به فی قمع فی الحلق فینفع من السعال وحده، أو مع صمغ البطم.
أعضاء الغذاء: ینفع من ورم الکبد و المعده مع العسل و بزر الکرفس، و هو نافع من الجبن.
أعضاء النفض: هو مع بزر الکرفس نافع للکلی، و للتقطیر من البول، و ینفع طبیخه من وجع الرحم شرباً و جلوساً فیه، و یشرب مع العسل، و بزر الکرفس لأورام الرحم.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 104
الماهیه: دیسقوریدوس: من الناس من یقول أنه الداری الرومی، و یسمّی بالعربیه لوقا الصغیر. و من الناس من سمّاه لمبیسون، و اشتق له هذا الاسم من المنی، و هو الماء القائم لأنه ینبت عند المیاه و البطائح، و هو یشبه هیوفاریقون، و هو الفوتنج الجبلی و له ساق طوله أکثر من شبر، و زهر أحمر إلی لون الفرفیریه، شبیه بزهر النبات الذی یقال له لحمدس، و ورق صغار إلی الطول یشبه ورق السذاب، و ثمر شبیه بالحنطه و أصل صغیر لا ینتفع به. و طعم هذا النبات مر جداً، و یستخرج
هذا النبات شجراً حاملًا مثمراً بعد أن ینقع خمسه أیام، ثم یوضع فی قدر، و یجعل علیه من الماء، و یرمی بالثفل، و یعاد ما صفی الی القدر، و یصفّی، و یطبخ بنار لینه إلی أن ینقعد و یصیر فی قوام العسل. و من الناس من یأخذ هذا النبات و هو طری أخضر و بزره و یدقّه و یخرج عصارته، و یودعها فی إناء خزف، و یضعه فی الشمس، و یحرکه بعود نظیف حتی یختلط بها ماء یطفو فوقها شبه القمامه، و یقبضه باللیل من الندی و الطلّ، لأن الندی یمنع العصارات و الرطوبات من أن تثخن أو تجمد فأما ما کانت من الأصول و العقاقیر یابسه فتستخرج عصارتها بالطبخ الذی ذکرنا فی طبیخ الجنطیانا، و ما کان من الأصول و القشور رطباً و النبات الطری، فإنه یعصر و یوضع فی الشمس، و یحرّک کما وصفنا و بالجمله هو ضربان، منه صغیر، و منه کبیر، ینبتان فی آخر الربیع و قد یکون ببلاد فارس، و ببلاد الروم، و هی حشیشه ذات أوراق.
الاختیار: أجوده الدقیق الصغیر المائل الی الصفره الذی یحذو اللسان.
الطبع: حار یابس إلی الثالثه.
الأفعال و الخواص: فیه جلاء و قبض و حرافه و قلیل حلاوه و تجفیف بلا لذع، و یقال إن طبخ مع اللحم المقطع جمعه.
الجراح و القروح: ینقی الجراحات الطریه، و یختم القروح العتیقه، و یابسه یقع فی المراهم فیدمل النواصیر و القروح العمیقه و الجراحات الردیئه، و قد یملأ الناسور قنطوریوناً و یشد فیُصْلِحه.
آلات المفاصل: ینفع من الفسخ فی العضل و القیح فیها، و الدقیق خاصه قد تنفع الحقنه المتخذه منه من عرق النسا و من أوجاع العصب و رضها، بل
الدقیق أنفع لجمیع ذلک، فإذا أسهل شیئاً من الدم تم نفعه، و قد یحقنون برماده مع الماء لذلک فینتفع به.
أعضاء العین: عصاره الرقیق مع العسل نافعه للبیاض العارض من اندمال القرحه فی العین.
أعضاء الصدر: ینفع نفث الدم لقبضه، و ینفع غلیظه و دقیقه من عسر النفس، و یسقی منه وزن درهمین فی الشراب لذات الجنب البارد و نفث الدم.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 105
أعضاء الغذاء: ینفع من سدد الکبد و صلابه الطحال.
أعضاء النفض: یدر الطمث، و یخرج الجنین، و یقتل الدیدان، و یدر البول، و یسقی منه وزن درهمین للمغص، و أوجاع الرحم، و ینفع من القولنج، و الصغیر قد یسهل طبیخه مع البلغم و الخام الصفراء و یسقاه، و إذا أقرطه أسهل دماً خصوصاً الدقیق.
الحمیات: نافع للحمیات، و الشربه للمحموم درهمین.
الماهیه: تمر الأدفال، و هو القسب عند أهل الحجاز، و أهل نجد یسمّونه العرق و الیرسوم.
الطبع: معتدل الحر یابس، و قیل أنه حار فی الدرجه الثانیه.
الخواص: فیه قبض.
أعضاء النفض: یحبس الطبع.
أعضاء الغذاء: یقوّی المعده.
الماهیه: هو صنفان، بستانی، و بری. و من الناس من یسمی البری أطریطولس، و هو شوکه شبیهه بالقرطم البستانی إلا أنها أطول ورقاً من ورق القرطم البستانی بکثیر، و ورقها إنما ینبت فی طرف القضیب، و باقی القضیب مجرد، و لها زهر أصفر و أصل رقیق لا ینتفع به، و إذا سحق ورقها أو ثمرها فهو نافع.
الطبع: البری منه حار فی الثانیه یابس فی الثالثه، و المعروف حار فی الأولی یابس فی الثانیه.
الخواص: یقرب دهنه من دهن الأنجره إلا أنه أضعف، و هو مما یجبن اللبن و یمیز مائیته، و قد زعم مسیح أنه یحلل اللبن الجامد، و یجمد اللبن السائل، و غذاؤه شدید القله، و زعم دیسقوریدوس أن البری منها مهما أمسکها الملسوع معه لم یجد وجعاً، و اذا هو طرحها عاد إلیه الوجع.
أعضاء الصدر: ینقّی الصدر و یصفی الصوت.
أعضاء الغذاء: ردی ء للمعده، و هو یجبن اللبن فی المعده.
أعضاء النفض: ینفع من القولنج و یسهّل البلغم المحترق إذا خلط بتین أو عسل، و ینفع الباه. و دهن البستانی منه یطلق البطن، و قد یستسهل به بأن یجعل لب حبّه فی المرق، أو یتخذ
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 106
منه و من اللوز و العسل حبّ، و الشربه منه أربع درخمیات، و إذا أخذ من لبه و من القسط و من اللوز المر ثلاثه أثولوسات، و من الأنیسون و النطرون من کل واحد درخمی بالتین الیابس و العسل، فیؤخذ منه
جوزه، و جوزتان أسهل المائیه، و قد یتّخذ منه ناطف لذلک، وصفته أن یخلط بلوز مقشّر و أنیسون و عسل مطبوخ و یعمل ناطفاً فیؤخذ منه علی التفاریق قبل العشاء، و قد یشرب من لبّه الطرفی عشرون درهماً مغموساً فی رطل من ماء حار مع عشره دراهم فانیذاً أبیض مسحوقاً فیسهل البلغم.
السموم: ینفع ورق البرّی أو ثمرته أو مجموعهما اذا أسقی للسعه العقرب، و قد یدعی بعض الناس أن الملذوع إن أمسک فی فمه البرّی أو ثمرته لم یجد وجعاً، و إذا أبانه عن نفسه عاد الوجع.
الماهیه: هو عصاره شجره تسمّی الشربین، قوّه دخانه کدخان الزفت، و یکون منه دهن یمیز منه بالصوف کما یمیز بالزفت.
الطبع: حار یابس فی الرابعه.
الخواص: یحفظ جثه المیت و یحمّر و یکوی.
الزینه: ینفع من القمل و الصیبان و یقتلهما حتی فی المواشی.
الجراح و القروح: یقوی اللحم الرخو و ینفع من الجَرْب حتی جرب الحیوان، و خصوصاً دهنه ذوات الأربع و الکلاب و الجمال.
آلات المفاصل: ینفع من شدخ العضل و اجتماع الدم و القیح فیهما و هو دواء لداء الفیل و الدوالی لعوقاً و لطوخاً.
أعضاء الرأس: هو أعظم شی ء فی تسکین الصداع البارد طلاء للرأس بالقطران، و یقطر فی الأذن فیقتل. دود الأذن، و یقطر فیهما مع ماء الزوفا للطنین و الدوی، و یقطر مع ماء الزوفا أیضاً للسنّ الوجعه، فیسکن وجعها و ینفع الأسنان المتأکله.
أعضاء العین: یحد البصر و یجلو آثار القروح فی العین.
أعضاء الصدر: یطلی علی الحلق للوزتین و وجعهما، و ینفع لعق أوقیه و نصف منه لقروح الرئه و یبرئها، و ینفع من السعال العتیق.
أعضاء الغذاء: ثمره شجرته ردیئه للمعده.
أعضاء النفض: یقتل الدود فی الأمعاء و خصوصاً
حقنه به، فیقتل جمیع الدود، و یدر
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 107
الطمث و یقتل الجنین و یفسد المنی، و إذا لطخ به الذکر قبل الجماع منع الحبل، و اذا حقن یجذب الجنین، و ینفع من تقطیر البول.
السموم: یضمّد به علی نهشه الحیه ذات القرن فیشفی بالطلاء، و یسقی بالطلاء لسقی الأرنب البحر، و یذاب فی شحم الإبل، و یمسح به الأعضاء فلا تقربها الهوام.
الماهیه: دیسقوریدوس: القسط ثلاثه أصناف، أحدها عربی و هو أبیض خفیف عطر مائل إلی الصفره، و الثانی هندی أسود خفیف مثل القثاء، و الثالث یأتی من بلاد سوریا، و هو یقتل، و لونه لون الخشب الذی یقال له رائحه ساطعه، و من هذه الأضناف الدون ما رائحته رائحه الصبر، و هو إلی السواد. و الشامی من هذه الأصناف یشبه المسمار، و له رائحه ساطعه، و قد یُغش القسط الجید بأصول الراسن الصلبه و المعرفه به هیئته، لأن الراسن لا یحذو اللسان، و لیست رائحته بقویه و لا بساطعه، و من هذه الأصناف صنف مر الطعم یظن أنه هندی.
الاختیار: أجوده العربی الأبیض الحدیث الممتلی ء غیر متأکل و لا زهم، یلذع و یحذی اللسان، ثم الهندی الأسود الخفیف، و الأسود الشامی، أجوده البحری الرقیق القشر.
الطبع: حار فی الثالثه یابس فی الثانیه.
الخواص: فیه کیفیه مره جداً حریفه و حراره حتی إنه یقرح، و هو نافع لکل عضو یحتاج أن یسخن و یجتذب منه الخلط من عمقه.
الزینه: یجلو الکلف من الجلد لطوخاً بماء و عسل.
الجراح و القروح: فیه تقریح، و المرّ منه یجفف القروح الرطبه.
آلات المفاصل: نافع من استرخاء العضل و العصب، و فسخ العضل، جید من عرق النسا ضماداً.
أعضاء الرأس: ینفع من
لیثرغس.
أعضاء الصدر: ینفع من أوجاع الصدر.
أعضاء النفض: یدر الطمث شرباً و تبخیراً فی قمع، و یقتل الجنین، و یدر البول، و یخرج حب القرع و الدیدان، و یقوّی علی الباه، و هو حمول لوجع الرحم، فإنه ینفع من وجع الرحم البارد شرباً و جلوساً فی طبیخه، و یحرک الطبیعه إذا شرب بشراب، و إنما یقوی علی الباه الرطوبه فضلیه نافخه فیه.
الحمیات: ینفع من النافض لطوخاً بالزیت.
السموم: ینفع من النهوش کلها، نهشه الأفعی و غیر ما، إذا سقی یشراب و أفسنتین.
الأبدال: بدله من العاقرقرحا نصف وزنه.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 108
الماهیه: قیل أنه ثفل دهن الزعفران.
الاختیار: أجوده الطیب الرائحه الرزین الأسود الذی لا عیدان فیه، و إذا دیف صبغ الماء بلون الزعفران، و إذا مُضِغَ صبغ الأسنان صبغاً شدیداً باقیاً.
الخواص: مسخن منضج.
أعضاء العین: قوته جالیه للعین مذهبه لظلمتها.
أعضاء النفض: مدر للبول.
الماهیه: قیل أنه دهن الخروع.
الجراح و القروح: یصلح للجرب و القروح التی فی الرأس.
أعضاء النفض: یصلح لانضمام فم الرحم و لو بطلائه، و للأورام الحاره فی المقعده، و إذا شرب أسهل، و یُخرج المود الذی فی البطن و هو جید جداً.
الماهیه: دیسقوریدوس: هو صمغ نبات یشبه القنا فی شَکلِه، ینبت فی بلاد سوریا یعنی الشام یسمیه بعض الناس مکانیون، و قد یغش بالراتینج و دقیق الحمص و الباقلا، و بالجمله هو صنفان، صنف زبدی خفیف الوزن أشد بیاضاً، و الآخر أکثف و أثقل.
الاختیار: أجودهما الأکثف الشبیه بالکندر الذی یدق بالید، لیس فیه کثیر من الخشب، و فیه شی ء من بزر نباته.
الطبع: حار فی الثانیه مجفف فی الثالثه.
الخواص: قوته ملینه محلله یفش الریاح، و هو مما یفسد اللحم، و فیه تسخین و إلهاب و جذب و تحلیل.
الزینه: یقطع العدسیات.
الأورام: ینفع من الخنازیر.
القروح: یطلی علی القروح اللبنیه بالخل.
آلات المفاصل: ینفع من الإعیاء و من الکزاز و من تشنج العضل.
أعضاء الرأس: ینفع من الصداع و من الصرع، فإذا شمه المصروع انتعش، و ینفع من السدر،
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 109
و ینفع من وجع الضرس و السن المتأکله فی الحال، و ینفع من الأجاع البارده فی الأذن، و یحلل أورامهما و أوجاعهما بلا أذی، و ذلک إذا جعل فی دهن السوسن و فتر و قطر.
أعضاء الصدر: ینفع من الربر و السعال المزمن.
أعضاء النفض: یدر الطمث بقوه، و یخرج الأجنه، و یسقطها حمولًا، و ینفع من اختناق الرحم سقیاً بالشراب، و یزیل عسر البول.
السموم: هو تریاق السموم الذی یسقاه السهام إذا سقی بشراب، و لسموم الحیات و العقارب، و دخانه یطرد الهوام، و إذا تمسح به لم
یقربن المتمسح، و إذا تلطخ به مع سقندولیون وزیت قتل، ما یقرب صاحبه من الهوام، و هو یقاوم کل سم دون مقاومه السکبینج.
الأبدال: بدله السکبینج.
الماهیه: هو بزور رملیه یعلوها حمره ثون حمره الورس.
الطبع: حار یابس فی الثالثه.
الخواص: قال ابن ماسویه: فیه قبض شدید.
أعضاء النفض: یقتل الدیدان و حب القرع، و یخرجه شرباً و طلاء فیما یقال.
الماهیه: دیسقوریدرس: إن القفر، قد یکون ببلاد أفریقیه، و مدینه صیلون، و مدینه أقریش، و قد یکون ببلاد صقلیه. منه ما ینبع من بعض الجبال، و منه ما یطفو علی میاه العیون، یستعمله الناس فی السراج بدل الزیت. و أما الأسود منه الوسخ فردی ء، لأنه یغش بزفت یخلط به، و لذلک، إذا مضغ خرج منه طعم القار، لکنّه متفرک، و هو قطع سود خفیفه.
الاختیار: أجوده الفرفیری البصاص القوی الرزین، و أما الأسود الوسخ فردی ء.
الطبع: حار فی الثالثه یابس إلیها.
الخواصا: قوته قریبه من قوه الزفت، و هو یقوی الأعضاء و یذوب الدم الجامد فی البطن إذا شرب.
الزینه: ینفع من بیاض الاظفار لطوخاً.
الأورام و البثور: ینضج الخنازیر.
الجراح و القروح: یطلی علی القوابی و علی تورُم الجراحات فینفعها.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 110
آلات المفاصل: هو ضماد للنقرس، و یشرب و یطلی لعرق النسا.
أعضاء الصدر: ینفع من السعال و من قروح الرئه، و یعین علی الفث و یخرج المدّه من الصدر و ینفع من أورام اللوزتین و من الخناق.
أعضاء النفض: ینفع من صلابه الرحم، و إذا احتمل هو أو دخانه نفع من نتوء الرحم و أوجاعه، و إذا احتقن به مع ماء الشعیر نفع من دوسنطاریا.-.
الاختیار: أفضله الذهبی العنقودی، الرمادی اللون، الطری، و الصفائحی أغلظ.
الطبع: معتدل إلی یبس فی الثالثه.
الخواص: هو و مغسوله ألطف من قلیمیا الفضه، و فیه تجفیف و جلاء.
الجراح و القروح: یملأ الجراحات و ینقی أوساخها و یأکل لحومها الزائده و یدمل القروح الخبیثه.
أعضاء العین: ینفع من بیاض العین و ابتداء الماء و یقوّی العین.
الماهیه: قد یتخذ القلیمیا من الذهب و الفضه، و قد یُتخذ من النحاس، و من المارقشیتا، و هو ثفل یعلو السبک، أو دخان، و الذی یرسب صفائحی.
الطبع: قریب من قلیمیا الذهب و أبرد.
الخواص: فیه تجفیف و جلاء باعتدال بلا لذع، و خصوصاً المغسول منه، و هو أصلح فی المراهم. و تجفیفه و جلاؤه فی الأبدان المعتدله دون الصلبه اللحم.
الجراح و القروح: ینفع من الجرب و القروح العسره و الرطبه فی المراهم ذروراً.
الطبع: حار یابس إلی الرابعه.
الخواص: مجفف مصلب مکثّف للبدن أکال، فیه قبض و إحراق.
الجراح و القروح: ینفع من نواصیر الأنف.
أعضاء الرأس: یمنع الرعاف، و إذا قطر منه قطره محلوله فی الماء فی الأنف نقی الرأس، و هو من جمله الأدویه المنقیه للأذن، النافعه من أوجاعه البارده، و یقتل الدیدان التی فی الأذن.
أعضاء النفض: یسقی منه درخمی بعسل للدیدان و حب القرع.
السموم: یدفع مضره الفطر.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 111
الماهیه: قال جالینوس: إن قلقدیس قد یستحیل قلقطاراً.
الطبع: حار یابس فی الثالثه.
الأفعال و الخواص: فیه إحراق شدید و قبض للسیلانات الدمویه و تجفیف، و المحرق منه أکثر تجفیفاً و أقل لذعاً، و فیه مع القبض الکثیر حراره کثیره.
الأورام و البثور: ینفع من النمله و الحمره إذا طلی بماء الکزبره، و یذر علی الخبیثه و الساعیه، و یحرق اللحم الزائد، و یحدث الخشکریشه.
أعضاء الرأس: ینفع من الرعاف و من أورام اللثّه، و ینفع من أورام النغانغ.
أعضاء العین: یقع فی الأکحال للجلاء و لترقیق خلط الأجفان.
أعضاء النفض: یقطع نزف الدم من الرحم.
الطبع: حار فی الأولی.
الأفعال و الخواص: لطیف جلاء مقطع، قال فولس: یولّد السوداء، و خاصهً ما کُبس منه بالملح.
الزینه: یجلو الکلف و البهق، و بالحقیقه هو أنفع شی ء للوضح أکلًا و ضماداً، یذهبه فی أیام یسیره، و هذا مما تعرفه العرب.
الجراح و القروح: إذا تضمد بورقه ینفع من القروح الخبیثه فی الثدی.
أعضاء الرأس: أصله إذا استعط به نفع من الرطوبات الغلیظه فی الدماغ.
أعضاء النفس: یفتح سدد الرئه و ینقیها.
أعضاء الغذاء: یفتح سدد الکبد و الطحال.
أعضاء النفض: ماؤه یطلق الطبیعه، و هو ضماد للبواسیر، و یزیل المغص، و یحلل صلابه الرحم، و یخرج الکیموسات الغلیظه.
السموم: القنابری: ضماد للسع الهوام کلّها.
الماهیه: أصنافه ثلاثه، أسود و أبیض، و أحمر، و جمیعه حریف قابض، و أحد أصنافه یکون منه شی ء یسمی اللاذن، و القسوس فی الأصل هو اللاذن أو غیره، فإنهما متقاربا الأحوال.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 112
الطبع: طبیعته إلی الحراره، و ربما کان فی بعض أجناسه بارداً، لکنَ اللاذن نفسه حار فی آخر الثانیه.
الخواص: ضار للعصب، فیه قبض و خاصه فی ورقه، و فی زهره عقل. و أما المعروف من جملته باللأذن، فهو مسخن مفتّح لأفواه العروق و ملین.
الزینه: دمعته قاتله للقمل حالقه للشعر، و إذا خلط اللاذن بشراب أدرومالی و طلی به علی آثار القروح حسنها، و إذا خلط بالشراب و المر، و دهن الآس، منع تساقط الشعر، لکنه لا یبلغ أن ینفع مثل داء الثعلب لأن تحلیله قلیل.
الجراح و القروح: طبیخه بالشراب ینفع کثیراً من القروح، و یتضمد به فیمنع سعی الخبیثه، و یتّخذ منه قیروطی لحرق النار.
آلات المفاصل: ضارّ للعصب.
أعضاء الرأس: إذا استعمل عصیره سعوطاً بدهن الإیرسا و العسل و النطرون حلل
الصداعات المزمنه، و إذا أخذت عصاره رؤوس الأسود منه و سخنت فی قشر الرمان، و قطرت فی أذن الجهه المخالفه للسن الوجعه نفع. و ماؤه سعوطاً جیّد لتنقیه الرأس و یبرئ السیلان المزمن من الأنف، و یجفف قروحه.
أعضاء الغذاء: إذا ضمّد الطحال یطریه بالخل نفعه.
أعضاء النفض: إذا سقی مقدار ما تحمله ثلاثه أصابع من زهره الأبیض بشراب نفع من دوسنطاریا، و ینبغی أن یسقی فی النهار مرتین و إذا ضمد بطریه و رءوسه، فإنه یدر الطمث، و إذا تبخّر بمقدار درخمی منه بعد الطهر منع الحبل. و القضیب منه إذا احتمل من جهه رأسه أدر الطمث، و أخرج الجنین. و اللاذن یبخر به للمشیمه فتسقط زهره، عاقل للطبیعه.
السموم: إذا سقیت أصوله بخل و شراب نفع من نهشه الرتیلاء.
الماهیه: صمغ کریه الطعم یجلب من بلاد العرب. و زعم بعضهم أنه السندروس، و لیس یثبت، و قد یتدخن به مع المر و المیعه.
الأفعال و الخواص: فیه تغریه یسیره.
الزینه: ینقی آثار القروح سریعاً، و فیه قوه مهزله إذا شرب کلّ یوم ثلاثه أرباع درهم بسکنجبین أو ماء.
أعضاء الرأس: لا یعدله شی ء فی إزاله وجع الأسنان و تساقط اللثه.
أعضاء العین: یجلو البصر.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 113
أعضاء النفس: ینفع من الربو بماء العسل، یستعمله المصارعون.
أعضاء الغذاء: إذا شرب منه ثلاثه أیام بسکنجببن أهزل الطحال جداً.
أعضاء النفض: یدر الطمث بماء العسل.
الماهیه: معروف.
الخواص: حبه مسخن ملین.
أعضاء الصدر: حبه جید للصدر جدًا، نافع من السعال.
أعضاء النفض: حبه ملین للبطن، و عصاره ورقه تنفع لإسهال الصبیان.
الخواص: بزره یطرد الریاح و یجفف، و هو عسر الانهضام، ردی ء الخلط، قوی الإسخان، و مقلوه أقل ضرراً، و السکنجبین السکّری یدفع ضرره.
الأورام و البثور: طبیخ أصول البری منه ضماد للأورام الحاره و الحمره.
أعضاء الرأس: تنفع عصارته و دهنه لوجع الأذن، و یغسل بعصاره ورقه الرأس فینفع من الأبریه، و بزره مصدّع لشده إسخانه و تبخیره.
أعضاء الغذاء: حبه عسر الانهضام ردی ء للمعده.
أعضاء النفض: بزره إذا استکثر منه قطع المنیّ.
الماهیه: قیل فی صمغه فی باب الکاف، و صمغه هو الکثیراء.
الطبع: بارد یابس.
الطبع: حار محرق جلًاء أکَّال أقوی من الملح.
الزینه: ینفع من البهق.
الجراح و القروح: ینفع من الجرب، و یأکل اللحم الزائد.
الماهیه: صفائح کالرخام بیض براقه طیبه فی طعمها کافوریه، و منه ما لا بریق له، و کله سریع التفرک.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 114
الجراح و القروح: ینفع من حرق النار خاصه بالماء و الخل، و محرقه المغسول، نافع للقروح العسره الاندمال.
الماهیه: هو نبات فیه مشابهه من الأشنان.
الطبع: حار یابس فی الأولی.
الخواص: فیه ملوحه مع قبض، و أجزاؤه غیر متشابهه مع تفتح یسیر.
أعضاء النفس و الصدر: یغرغر به مع اللبن و یملحه.
أعضاء النفض: یسهل. الماء الأصفر، و خصوصاً بزره و عصاره نباته، و یقلّل لئلا یضعف، و یدر البول، و یولد المنی، و هو مسهل للصفراء و المائیه بالرفق، و الشربه منه من ثلث رطل إلی ثلثی رطل.
الطبع: حار فی الأولی یابس فی الثانیه.
الأفعال و الخواص: یمنع محرقه من نفث الدم.
الأورام و البثور: المحرق منه ینفع من السعفه.
أعضاء الرأس: محرقه یمنع الرعاف.
الطبع: حار فی الأولی یابس فی الثالثه.
الخواص: لطیف، مر، فیه أرضیه و تلطیف، قال جالینوس: زهره أبلغ من الأفسنتین، و فیه تلقیح.
الزینه: المحرق منه ینفع داء الثعلب، خصوصاً مع دهن الخروع، أو دهن الفجل، أو الزیت. و القیصوم ینفع فی إنبات اللحیه البطیئه النبات إذا طبخ ببعض الأدهان المسخنه لتفتیحه، و یقبض اللثه.
الأورام و البثور: یحلّل الأورام البلغمیه، و إذا طبخ مع السفرجل نفع من الأورام العسره التحلیل.
الجراح: لا یوافق الطریه من الجراح، بل یلذعها.
آلات المفاصل: طبیخه ینفع من فسخ العضل و عرق النسا المزمن العسر.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 115
أعضاء الرأس: إذا طبخ بالزیت سخن الرأس و أزال برودته.
أعضاء النفض: طبیخه ینفع من عسر النفس الانتصابی، و أفضله طبیخ فُقاحه.
أعضاء الغذاء: إذا طبخ بالزیت سخن المعده و أزال بردها.
أعضاء النفض: یدر الطمث، و یخرج الجنین، و یفتت حصا المثانه و الکلیه، و دهنه مسخناً نافع لانضمام الرحم و من عسر البول.
الحمیات: ینفع من النافض إذا مزج بالدهن.
السموم: إذا سقی بشرب نفع من السموم، و إذا افترش به طرد الهوام.
الخواص: قوته قوّه خانق النمر، إلا أنه یختص بالذئاب.
أعضاء الرأس: یحدث الرعاف.
أعضاء النفس: یحدث نفث الدم.
السموم: یقتل الکلاب بسرعه، و یحدث فی الناس رعافاً، و نفث الدم.
الماهیه: هو السرمق.
الطبع: بارد إلی الثانیه رطب فیها.
أعضاء النفض: فی بزره قوه ملینه لأصحاب الصفراء.
الماهیه: هو جرجیر الماء، و یقال له أیضاً کرفس الماء، و هو عطر الرائحه، و نباته فی المیاه الراکده.
الأفعال و الخواص: مسخّن محلّل.
أعضاء النفض: یدر الطمث و البول، و یفتت الحصاه فی الکلی إن أکل نیاً أو مطبوخاً، و ینفع من قروح الامعاء.
الطبع: بارد رطب فی الثانیه.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 116
الخواص: المسلوق منه یغذو غذاء یسیراً، و هو سریع الإنحدار، و إن لم یفسد قبل الهضم لم یتولد منه خلط ردی ء، و یفسد فی المعده بمخالطه خلط ردی ء، أو أبطأ مناماً کسائر الفواکه. و الخلط الذی یتولّد منه تفه، إلا أن یغلب علیه شی ء یخالطه، و إن خلط بالسفرجل کان محموداً للصفراویین. و کذلک ماء الحصرم و ماء الرمان، لکن ضرره بالقولون یتضاعف. و من خاصیته أنه یتولّد منه غذاء یجانس لما یصحبه، و إن أکل بالخردل تولد منه خلط حریف، أو بالملح تولد منه خلط مالح، أو مع القابض تولّد منه خلط قابض. و هو بالجمله ضار لأصحاب السوداء و، البلغم، جیّد للصفراویین. و المربی منه لا یدخل فی الأدویه، و لا یؤثر شیئاً من تبرید و لا تسخین، و لکنه ربما استعمل للذه.
أعضاء الرأس: عصارته تسکن وجع الأذن الحار، و خصوصاً مع دهن الورد، و ینفع الأورام الدماغیه و السرسام، و هو نافع لوجع الحلق.
أعضاء النفس: سویق القرع نافع من السعال و وجع الصدر الکائنین من حراره.
أعضاء الغذاء: طبیخه ینفع من الفضول الحاره فی المعده و یزلقها، و کذلک شراب صبّ فی تجویفه ثم استعمل، و یسعط بعصارته لوجع الأسنان جداً، و یقطع العطش، و هو مما یتولد منه بلّه بالمعده. و النی ء منه ضار بالمعده جداً، حتی بالمعده
للصبیان و الفتیان، و لا دواء لآفته فی المعده إلا القی ء، و مضرّته بالقولون عظیمه.
أعضاء النفض: إذا طبخ ماؤه بالعسل و جعل فیه نطرون لیّن البطن، و کذلک إذا دفن فی الجمر و طبخ کما هو و شرب ماؤه بالسکر، و هو شدید المضره بالامعاء و قولون خاصه.
الحمیات: ینفع من الحمیات الحاده.
الاختیار: بزره خیر من بزر الخیار، و أفضله و ألطفه النضیج.
الطبع: بارد رطب إلی الثانیه.
الأفعال و الخواص: یسکن الحراره و الصفراء، و لکن کیموسه ردی ء مستعدّ للعفونه، و مهیج لحمیات صعبه. و البطیخ أسرع منه فساداً، و فی نضیجه جلاء، و بزره خیر من بزر الخیار. و الخیار أبعد استمراء منه، و یذهب فی العروق نیئاً، و یولد حمیات مزمنه، و یدفع مضرّته النانخواه، أو شده التهاب المعده.
الأورام و البثور: یوضع ورقه مع العسل علی الشری البلغمی، فینفع منه.
أعضاء النفس: إذا شمه صاحب الغشی الحار انتفع به و انتعش.
أعضاء الغذاء: یسکن العطش جید للمعده، إلا أنه قلما یستمرأ جیداً، و إذا شرب من أصله أتولسات فی أدرومالی قیأ خلطاً رقیقاً.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 117
أعضاء النفض: فیه إدرار و تلیین، و ینفع من أوجاع المذاکیر، و هو موافق للمثانه، و هو دون النضیج فی الإدرار.
السموم: ورقه ینفع من عضه الکَلْب الکَلِب.
تتخذ عصارته بأن تؤخذ ثمرته آخر الصیف بعد أن تصفر، و تعلق فی خرقه لیسیل ماؤها، و تتروق و تجفّف فی غضاره علی رماد، و توضع علی لوح فی الظل.
الاختیار: جیده الأصفر المستقیم کالقثاء الصادق المراره، و جیّد عصارته الأبیض الأملس الخفیف الذی یشبه العنصل، و قد أتی علیه سنه.
الطبع: حار یابس فی الثالثه.
الأفعال و الخواص: لطیف محلل، و أصله و ورقه و ثمره یجلو و یحلل، و یجفف قشره أکثر، و قوه عصاره أصله و ورقه واحد.
الزینه: عصارته و عصاره أصله و ورقه نافع من الیرقان، و الذرور من یابسه یذهب آثار الإندمآلات السود، و ینقی أوساخ الوجه.
الأورام و البثور: إذا اتخذ من أصله ضماد مع دقیق الشعیر حلل کل ورم
بلغمی عتیق، و هو یفجر الجراحات، خصوصاً مع صمغ البطم، و خصوصاً عصارته.
الجراح و القروح: إذا ذر یابسه علی الجَرَب و القوابی نفع منهما.
آلات المفاصل: ینفع من أوجاع المفاصل، و طبیخه حقنه نافعه من عرق النسا، و یتضمد به مع الخل علی النقرس.
أعضاء الرأس: عصارته تحلّل الشقیقه الغلیظه سعوطاً باللبن، و إن لطخ به المنخر باللبن أفرغ فضولًا کثیره، و ینفع من البیضه و الصداع المزمن، و عصاره الورق منه أضعف، و إذا قطرت العصاره فی الأذن سکن أوجاعها.
أعضاء النفس: الإسهال بعصارته شدید الموافقه لمن به سوء فی النفس، و یلطخ الحنک بعصارته للخناق البلغمی مع العسل و الزیت العتیق.
أعضاء الغذاء: ینفع من الاستسقاء بإخراج المائیه منفعه عجیبه بلا ضرر، إذا سقی من أصله أتولوس و نصف، أو إذا طبخ نصف رطل منه مع قسطین من شراب، و سقی فی کل ثلاثه أیام ثلاث قوانوسات إلی خمسه، و إذا أخذ من أصله أوثولوس و نصف، أو من قشره ربع إکسوثافن الیوم، قیأ بلغماً و مره صفراء. و یشرب بماء العسل، فینفع نفعاً بیناً، و یدرهما بسهوله و من غیر أذی و لا ضرر بالمعده. و مما یجود الاستسهال به أن یخلط بعصارتها ضعفها ملحاً، ثم
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 118
یحبّب کالکرسنّه و یتجرع بالماء. و أما للقی ء، فیؤخذ منها شی ء مداف فی الماء، و یلطّخ به أصل اللسان و ما یلیه، و إن شئت أن یکون أسرع و أقوی، فافعل به ذلک بالزیت و دهن السوسن، فإذا أفرط سقی الشارب شرباً بزیت، فإنه یهدأ فی الوقت، فإن لم ینجع، فسویق الشعیر بالماء البارد و الخل.
أعضاء النفض: یسهل البلغم و الدم، و عصارته تدر
البول و الطمث، و تفسد الجنین حمولًا.
أعضاء الرأس: قرن الأیل و العنز المحرقان یجلو الأسنان بقوّه، و یشدّ اللثه، و یسکِّن وجعها الهائج، و یجب أن یحرق حتی یبیض.
أعضاء العین: قرن الأیل المحرق المبیض کالملح المغسول یمنع المواد عن العین.
أعضاء النفس: قرن الأیل المحرق المغسول نافع من نفث الدم.
أعضاء الغذاء: یضمر الجبن و لا یضر بالمعده، و ینفع من الیرقان.
أعضاء النفض: قرن الأیل المحرق المغسول نافع من دوسنطاریا.
الماهیه: هو الأنجره.
الطبع: ضعیف الحراره شدید الیبوسه.
الأفعال و الخواص: یولّد السوداء.
أعضاء الغذاء: ینفع من الإستسقاء.
أعضاء النفض: ینفع من الإستطلاق.
الخواص: قوانص الطیر کثیره الغذاء، و التی للدجاج لا تنهضم بسرعه.
أعضاء الغذاء: یزعمون أن الطبقه الداخله من القانصه مجففه، تنفع فم المعده و وجعها، ابن ماسویه و خصوصاً قوانص الدیوک.
الماهیه: حیوان بحری، قوّته قریبه من قوّه حیوان جندبیدستر.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 119
أعضاء الرأس: ینفع لحمه من الصرع.
أعضاء النفض: ینفع من اختناق الرحم.
الماهیه: البری منه معروف، و الجبلی هو الدلدل ذو الشوک السهمی، قریب الطبع من البری و أما البحری فهو ضرب من السمک ذیِ الصدف.
الأفعال و الخواص: شحمه یمنع انصباب المواد إلی الأحشاء، ر کذلک کبده المجففه، و فی رماد البرّی و البحری جلاء و تحلیل و تجفیف.
الزینه: المملح من القنفذ البری ینفع من داء الفیل، و ینفع لحم البرّی من الجذام لشده تحلیله و تجفیفه. حراقه جلد القنفذ البری نافع من داء الثعلب مخلوطاً بالزفت.
الأورام و البثور: القنفذ البحری ینفع جلده فی أدویه الجَرَب، و لحمه نافع جداً من الخنازیر.
الجراح و القروح: رماد جلده نافع من القروح الوسخه، و یفنی اللحم الزائد، و لحمه نافع جداً من الخنازیر و العقد الصلبه.
آلات المفاصل: لحم البری المملح ینفع من الفالج و التشنج و أمراض العصب کلها و داء الفیل.
أعضاء النفس: ینفع لحم القنفذ البری من السل.
أعضاء الغذاء: ینفع لحم البری من سوء المزاج، و مملوحه مع السکنبجبین جید للاستسقاء، و کذلک کبده مجفّفه فی الشمس علی خرقه.
أعضاء النفض: القنفذ البحری جید للمعده، و یلین البطن و یدر. و لحم القنفذ البری المملح بالسنکجبین ینفع من وجع الرأس و الکلی. و لحم القنفذ البری ینفع لمن یبول فی الفراش من الصبیان، حتی إن إدمان أکله ربما عسر البول.
الحمّیات: ینفع لحم البری منه للحمیات المزمنه.
السموم: القنفذ لحمه ینفع من نهش الهوام.
الماهیه: معروف، و الطهیوج یشارکه فی صفاته.
الخواص: لحمه ألطف اللحمان.
الزینه: لحمه یسمن.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 120
أعضاء النفس: لحمه یجلو الفؤاد.
أعضاء الغذاء: ینفع لحم القَبَج من الأستسقاء، و ینفع المعده.
أعضاء النفض: لحمهما خفیف یعقلان و یزیدان فی الباه.
أعضاء الغذاء: إذا استمرئ غذی غذاء کثیراً، و لکنه بطی ء الهضم.
قیل فی باب التنوب.
أعضاء النفض: جید لوجع الکلی و المثانه.
الماهیه: هو الماش الهندی، و هو مثل بزر الکتان، و أکبر، قلیلًا إلی الغبره.
الطبع: بارد فی الثانیه، رطب فی الأولی.
أعضاء الغذاء: یذهب بالفواق.
أعضاء النفض: یفتت حصاه الکلی و المثانه جید لاستطلاق البطن.
الماهیه: هو الفینک، و ذکر فی باب زبد البحر.
الماهیه: هو الأسفست أی الرطبه، و هو علف الدواب.
آلات المفاصل: دهن القت أنفع شی ء للرعشه یذهب بها.
الماهیه: دیسقوریدوس: و من الناس من یسمیه أقاکیا، و بعضهم یسمیه أقاقیا، و هو عصاره شجره تنبت بمصر و غیر مصر، و هی شوکه لاحقه فی عظمها بالشجر، و أغصانها و شعبها لیست بقائمه، و لها زهر أببض، و ثمر مثل الترمس أبیض، فی علف منه تعمل العصاره، و یجفف فی ظل، و إذا کان الثمر نضیجاً کان لون عصارته أسود، و إذا کان فجا کان لون عصارته إلی لون الیاقوت ما هو، فاختر منها ما کان فی لونها شی ء من لون الیاقوت، و کانت إذا أضیفت إلی سائر الأقاقیا طیبت الرائحه.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 121
و قوم یجمعون ورقه مع ثمره، و یخرجون عصارتهما.
و الصمغ العریی أیضاً یکون من هذه الشوکه، و قد یغسل الأقاقیا، لیستعمل فی أدویه العین بأن یسحق بالماء، و یصب الذی یطفو علیه، و لا یزال یفعل به ذلک حتی یظهر الماء نقیاً. ثم إنه یعمل منه أقراص.
و قد یحرق الأقاقیا فی قمر من طین یصیر فی أتون مع ماء یراد به أن یصیر فی فخار، و قد یشوی علی جمر فینفخ علیه، و الجید من صمغ هذه الشوکه ما کان شبیهاً بالدود، و لونه مثل لون الزجاج صافی لیس فیه خشب، و الثانی بعد الجید ما کان منه أبیض، و أما ما کان منه شبیهاً بالدود، و لونه مثل لون الزجاج صافی لیس فیه خشب، و الثانی بعد الجید ما کان منه أبیض، و أما ما کان منه شبیهاً بالراتینج وسخاً، فإنه ردی ء، و قوته مغریه بقمع حده الأدویه الحاره
إذا خلط بها.
و کذلک من شجره الأقاقیا ما ینبت فی قیادوقیا صنف آخر شبیه بالأقاقیا الذی ینبت بمصر، غیر أنه أصغر منه بکثیر، و أغض منه، و هو فمی ممتلی ء شوکاً کأنه السلاء، و له ورق شبیه بورق السذاب، و یبزر فی الخریف بزراً فی غلف مزدوجه، کل غلف فیه ثلاثه أقسام، أو أربعه. و بزره أصغر من العدس، و هذا الأقاقیا یقبض أیضاً، و تخرج عصاره شجرته کما هو، و قوه هذه الأقاقیا أضعف من قوه الأقاقیا النابت بمصر، و هذا الصنف لیس یصلح أن یستعمل فی الأدویه الداخله فی العین، و نحن إنما أوردناه هنا و بینا ماهیته، إذ من الناس من یسقیه القرظ، و سمعت من ثقه أهل کرمان أنهم یسقون الأقاقیا عصاره القرظ، لکنا قد فرغنا من جمیع أفعالها و أحوال ما یتعقق بالبدن، و قد سبق ما ذکرنا فی فصل الألف.
الماهیه: قال دیسقوریدوس: إن قمر قریش یسقیه بعض الناس فنطونداس و هو ثمره التنوب، و هو یکون فی غلف، و الغلف قد یسمی الصنوبر.
الخواص: قوته قابضه مسخنه إسخاناً یسیراً.
أعضاء الصدر: إن استعمل وحده أو بالعسل ینفع من السعال، و من وجع الصدر، فهذا آخر الکلام فی حرف القاف. و جمله ما ذکرنا من الأدویه فی هذا الفصل إثنان و خمسون عدداً.
الماهیه: نبت معروف ذو صنفین.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 122
أعضاء النفض: ینفع من البواسیر طلاء بعد أن یدق، أو یؤخذ دهنه و یصیر مرهماً، فإنه نافع للنفخ العارض فی المعده.
الماهیه: نبات یوجد بجبال أصفهان، و یشبه الشبث الرطب، و قیل: ورقه کالخطمی، و فُقَاحه صغار یلتوی علی الشجره کاللبلاب، یشبه أن یکون فی اختلاف، و یشبه أن یکون القول الثانی یشیر إلی أنه النبت الذی یسمی جمسفرم، فإن العامه یحسبون أن جما هو سلیمان.
الخواص: لطیف مجفف.
الأورام: یُطلی بالخل علی الحمره فینفع، و یُطلی علی الأورام البلغمیّه، و ورقه و أیضاً دهنه یُطلی علی الأورام البلغمیه.
القروح: یُطلی بالخل علی القروح الساعیه.
آلات المفاصل: یُطلی علی النقرس فینفع منه، و هو خاصیته.
أعضاء الرأس: ینفع من اللقوه.
أعضاء النفض: یُحتمل بدهن الورد لوجع الرحم.
السموم: یُطلی علی لذغ العقرب.
الماهیه: حشیش له حب کحب الآس، أو قریب منه، لکنّه أشد منه غبره، و یشابه لبه فی اللون و الطعم العدس المقشر، فیه أدنی حلاوه.
الطبع: حار فی الأولی، رطب یابس فی الثانیه.
الجراح و القروح: یدمل الجراحات، و یمنع سعی الخبیثه إذا ضمدت به مع الخل.
الأورام و البثور: یحلل الأورام البلغمیه.
الزینه: طبیخه یسود الشعر.
أعضاء النفض: طبیخ أغصانه یدر البول و الطمث، و یخرج الجنین، و یُسکن الحکّه العارضه فی القُروح إذا اغتسل به.
الطبع: حار لطیف مجفف فی الثانیه.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 123
الخواص: یقال أن الإبل إنما لا یضرها سمّ الحیات و الهوام لما یحصل لها من هذا الرعی من التریاقیه.
السموم: یسقی لنهش الهوام.
الماهیه: هو البندق الهندی، و هو ثمره فی عظم البندق متخشخش، و ینفلق عن حب کالنارجیل.
الطبع: حار یابس.
الأورام: هو یطلی علی الخنازیر بخل ینفعه.
القروح: ینفع من الجرب و الحکه.
آلات المفاصل: یکسر الریاح المؤذیه فی الظهر.
أعضاء الرأس: یسعط به فی اللقوه فیکثر النفع به، و کذلک ینفع من الشقیقه و الصداع، و هو سعوط نافع من السدر و الصرع و الجنون و المالیخولیا، و قد جرّب سعوطه فی اللقوّه ثلاثه أیام فکان یسیل رطوبه من المنخرین و بلغماً کثیراً، و تزول العلّه فی الیوم الثالث، و یجب أن یلزم الملقو بیتاً مظلماً، و ینفع من ریح الخام.
أعضاء العین: ینفع من الماء فی العین کحلًا، و خصوصاً عصاره صغیره، و من ریح السبل و الغشاوه سعوطاً بماء المرزنجوش، و یکتحل به مع الإثمد للحَوَل.
أعضاء الصدر: یسقی من أصله وزن درهمین فی الشراب لذات الجنب البارد، و للربو، و السعال المزمن، و نفث الدم من الصدر لما فیه من القبض.
أعضاء الغذاء: ینفع من الهیضه، و یسقی منه وزن درهمین للمعده البارده.
أعضاء النفض: یسقی لوجع الرحم. و الفرزجه المحتمله من محلوله تدر الطمث، و تخرج الجنین، و کذلک عصارته، و یسهل المره السوداء و البلغم و المائیه أیضاً، و الصفراء من البدن کله من غیر إکراه، حتی إنه یعافی البرص، و الیرقان، و الکلف و نحوه، و یحلّل القولنج، و الشربه ثلاث کرمات، و الکرمه ست قراریط یسقی مع شراب حلو أو سکنجبین، و یعطی
مع فطراسالیون. و دوقو و السقمونیا یحرک إسهاله إذا خلط به و یقویه، و مقداره لکل درخمی ثلاث أثولوسات من السقمونیا، و ربما أخذ منه وزن درهمین، و یدق و یجعل فی شراب حلو أو فی سکنجبین، و یترک مده، ثم یطبخ ذلک الشراب، أو السکنجبین بالعدس، أو بالشعیر بلحم الدجاج، و یتحسی مرقه، و یخلط به من السقمونیا.
الحمیات: نافع من الحمیات خصوصاً الربع.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 124
السموم: تریاق للدغ العقرب و الرتیلاء، و یجتهد أن یؤخذ من قشره الأعلی کعدسه، و یسعط فی شق اللسعه.
الماهیه: زعم قول أن الراوند أصول بهمن فی الصین، و یجلب من ثم إلی، البلاد، و قد یغش بأن یطبخ و تؤخذ مائیته و تجفف عصارته، ثم یجفّف جوهره بعد ذلک و یباع کما هو، لکنه حینئذ یکون متکاثفاً و أشد قبضاً، و الخالص أشد تخلخلًا و أقل قبضاً، زعفرانی الممضغ.
الخواص: جوهر شجرته ممتزج من المائیه و الهوائیه، و فیه أرضیه مره لفعل الناریه فیه، و کذلک رخاوته و قبضه من أرضیته، و تلدنّه أیضاً فی قبضه أرضیه، بل ینفع فیه و یتم فعله بکیفیه أرضیه، و الخالص منه أقل قبضاً.
الزینه: ینفع من الکلف و الآثار الباقیه علی الجلود إذا طلی بالخل و استفراغاً به.
الأورام: یضمد به مع بعض الرطوبات الأورام الحاره.
القروح: ینفع من القوباء طلاء بالخل.
آلات المفاصل: نافع جداً من السقطه و الضره، قال الخوزی: و الشربه درهمان فی طلاء ممزوج، و للفسوخ إذا سقی بشراب ریحانی، و کذلک إذا دهن بدهنه لفسخ العضل و أوجاعها و الامتداد، و ینفع من الفتق. أعضاء الصدر: نافع من الربو و نفث الدم.
أعضاء الغذاء: و هو نافع للکبد
و المعده و ضعفهما و أوجاعهما، و من الأوجاع الباطنه و الفواق، و یضمر الطحال.
أعضاء النفض: ینفع من الذرب و المغص و دوسنطاریا و وجع الکبد و المثانه و أوجاع الرحم و نزف الدم.
الحمیات: نافع من الحمیات المزمنه و ذوات الأدوار.
السموم: نافع من نهش الهوام و مقدار شربته کمقدار الشربه من غاریقون فحسب.
الماهیه: بزره یشبه بزر الکرفس قریب القوّه من قوه البری، لکنه أضعف و أقوی من البرّی بکثیر.
الطبع: البری أشد حراره و یبساً و أولی بالثالثه، و أما البستانی فیکون حرارته فی الثانیه.
الخواص: یفتح السدد.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 125
أعضاء العین: یحد البصر خصوصاً صمغه، و ینفع من ابتداء الماء و عند نزوله، و زعم ابقراطیس أن الهوام ترعی بزر الرازیانج الطری لیقوی بصرها، و الإذاعی و الحیات تحک بأعیانها علیها إذا خرجت من مأواها بعد الشتاء استضاءه للعین.
أعضاء الصدر: رطبه یغزر اللبن، و خصوصاً البستانی مع الترنجبین.
أعضاء الغذاء: ینفع إذا سقی بالماء البارد من الغثیان، و التهاب المعده، و هضمه بطی ء، و غذاؤه ردی ء جداً.
أعضاء النفض: یدر البول و الطمث، و البری خاصه، یفتت الحصاه. و فی البری و النهری منفعه الکلیه و المثانه، و ینفع خصوصاً البری منه من تقطیر البول، فینقی النفساء، و إذا أکل أصله مع بزره عقل.
الحمیات: ینفع من الحمیات المزمنه، فیسمی بالماء البارد، فینفع من الغثیان فی الحمییّات، و من التهاب المعده منها.
السموم: ینفع طبیخه بالشراب من نهش الهوام، و یُدق أصله و یجعل طلاء علی عضه الکَلْب الکَلِب فینفع.
الطبع: بارد یابس.
الخواص: قابض لطیف عاقل یمنع انصباب المواد و یسکن الحراره.
أعضاء الغذاء: یقوی المعده إذا سقی مع ماء الآس.
النفض: یعقل البطن.
الاختیار: الجنی من کل نوع.
الطبع: حار فی الدرجه الثانیه، رطب فی الأولی، و قیل: إن حرارته أکثر من رطوبته، و لیس تتساوی جمیع أصنافه، بل کل ما کان أشد حلاوه کان أشد حراره.
الخواص: الدم المتولد منه مریع التعقن ردی ء، و یصلحه اللوز و الجلنجبین و تقدم الخس و الاختتام بالخل و السکنجبین.
أعضاء الغذاء: هو نافع للمعده البارده.
أعضاء النفس: یضر الحنجره و الصوت.
أعضاء النفض: یلین الطبع، و یزید فی جوهر المنی.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 126
الماهیه: هو نوع من صمغ شجره الصنوبر.
الطبع: حار إلی الثالثه یابس فی الأولی.
الخواص: منبت للحم فی الأبدان الجاسیه، و لکنه یهیج الألم فی الأبدان الناعمه، و قد تبرأ به القروح و بالجلنار و ما أشبههما.
الماهیه: منه بستانی، و منه نوع کل ورقه منه من شبر إلی ذراع، مفرش علی الأرض کالنمام، و ورق العدس، و أنفع ما فیه أصله.
الاختیار: قوه شرابه قویه فی أفعاله و أفضل و المربی منه بالخل مکسور الحر.
الطبع: حار یابس فی الثانیه، فیه رطوبه فضلیه، و لذلک لیس یسخن البدن کله کلما یلقاه.
الخواص: ینفع من جمیع الأورام و الأوجاع البارده و هیجان الریاح و النفخ، فیه قوه محمّره، و فیه جلاء بالغ.
آلات المفاصل: ینفع من عرق النسا و وجع المفاصل، و أصله و ورقه ضماداً، و ینفع من الأوجاع البارده، و من شدخ العضل.
أعضاء الرأس: مصدع، و لکنّه یحلل الشقیقه البلغمیه و خصوصاً نطولًا.
أعضاء الصدر: یعین علی النفث لعوقاً بعسل، و هو جید الفعل إذا خلط فی اللعوقات المنقیه للصدر، و هو مما یفرح و یقوی القلب، و قد یتخذ منه شراب بأن یؤخذ منه خمسون مثقالًا، و یجعل فی ست أثولوسات عصیر، و یشرب منه بعد ثلاثه أشهر فینقی الصدر و الرئه.
أعضاء النفض: طبیخ أصله یدرهما، و خصوصاً شرابه، و من تعهّد استعمال الراسن لم یحتج أن یبول کل ساعه.
السموم: ینفع من نهش الهوام و خصوصاً المصری.
الخواص: جلاء مجفف أکله و إن اختلف، و الغسل یقلل جلاءه و یورثه تغریه، و التجفیف بلا لذع، و ماء الرماد داخل فی الأدویه المعفنه، و أقواها ماء رماد التین و الیتوع و جلاء سائر میاه الرماد، و یبسه أقل من هذین، و رماد المازریون جلّاء معفن، و رماد الخشب القابض کالبلوط و غیره یحبس الدم.
الأورام و البثور: رماد العظایه للجرب، و القوابی یطلی علیها.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 127
الجراح و القروح: ماء رماد التین
یبری ء القروح الخبیثه، و یأکل اللحم الزائد فی القروح، و ینفع القروح العمیقه العظیمه، لأنه یبلغ اللحم الفاسد فی القروح، و ینبت اللحم، و یلزق مثل ما تلزق أدویه الجراحات الملزقه.
آلات المفاصل: و قد یسمی من ماء الرماد خصوصاً رماد التین بماء، أو مع شی ء یسیر من زیت للسقطه من موضع عال، و الوهن، و إذا خالط به زیت و تمسح به حللت العرق، و ینفع من وجع العصب و الفالج نفعاً بیناً.
أعضاء الرأس: ماء الرماد یشد اللثه، و خصوصاً ماء رماد البلوط.
أعضاء العین: رماد المازریون یحد البصر.
أعضاء الصدر: رماد المازریون ینفع من الرائحه، و خصوصاً مع دواء الخطاطیف.
أعضاء الغذاء: ماء رماد التین مع زیت، إذا شرب ینفع جمود الدم فی المعده.
أعضاء النفض: و قد یحقن ماء رماد التین أو البلوط لقرحه الامعاء، و من السیلان المزمن و البواسیر و النواصیر.
السموم: قد یشرب من نهشه الرتیلاء، و کذلک ماء رماد البلوط و التین ینفع من شرب الجبسین.
الماهیه: یجری مجری البقله الیمانیه.
أعضاء النفس: ینفع من السل.
الحمیات: ینفع طبیخاً منفعه السرمق و غیره فی حمیات الربع، و المطبقَه و الطربطاوس نفعاً بلیغاً.
أعضاء النفض: أصل هذه الحشیشه إذا طبخ، نفع من الإسهال المزمن، و ذکر بولس، و غیره أنه ینفع من القولنج أیضاً، و یعمل عمل السورنجان من غیر مضره.
الطبع: الحلو منه بارد إلی الأولی، رطب فیها، و الحامض بارد یابس فی الثانیه.
الخواص: الحاض یقمع الصفراء، و یمنع سیلان الفضول إلی الأحشاء، و خصوصاً شرابه، و فی جمیع أصنافه حتی الحامض جلاء مع القبض.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 128
الأورام: حب الرمان مع العسل طلاء للداحس.
الجراح و القروح: حب الرمان مع العسل طلاء للقروح الخبیثه الخشنه، و أقماعه للجراحات، و لا سیما محرقاً، و الجلنار یلزق الجراحات بحرارتها، و الحلو منه ملین، و جمیعه قلیل الغذاء جیده، لکن حبه ردی ء و أقبض أجزائه أقماعه، و جمیعه حبه الحلو کان أو غیر الحلو.
أعضاء الرأس: حبّ الرمان بالعسل ینفع من وجع الأذن، و هو طلاء لباطن الأنف، و ینفع حبه مسحوقاً مخلوطاً بالعسل من القلاع طلاء، و إن طبخت الرمانه الحلوه بالشراب، ثم دقت کما هی، و ضمّد به الأذن نفع من ورمها منفعه جیده، و شراب الرمان و ربه نافع من الخِمَار، و خصوصاً ربّه الحامض.
أعضاء العین: تنفع عصاره الحامض من الظفره مع العسل، و عصاره الحلو و المر مع العسل المشمس أیاماً تنفع حراره العین و الجهر.
أعضاء الصدر: الحامض یخشن الحلق و الصدر، و الحلو یلینهما و یقوی الصدر، و إذا سقی حب الرمان فی ماء المطر نفع من نفث الدم، و ینفع جمیعه من الخففان و یجلو الفؤاد.
أعضاء الغذاء: کله جیّد الکیموس، و جید للمعده الرمّان المز، و ینفع من التهاب المعده، و الحلو موافق للمعده لما فیه من قبض لطیف، و الحامض یضرّ
المعده، و مع ذلک، فإن حبّ الرمان ردی ء للمعده محرق، و سویقه مصلح لشهوه الحبالی، و کذلک ربّه خصوصاً الحامض، و لأن یمصه المحموم بعد غذائه فیمنع صعود البخار، أولی من أن یقدّمه فیصرف المواد عن أسفل، و جمیعه قلیل الغذاء.
و المز منه ربما کان أنفع للمعده من التفاح، و السفرجل.
أعضاء النفض: الحامض أکثر إدراراً للبول من الحلو، و کلاهما یدر، و حبّ الرمان بالعسل ینفع من قروح المعده، و الحامض منه یضر المعده و المعی، و سویقه ینفع من الإسهال الصفراوی و یقوی المعده، و قشور أصل الرمان بالنبیذ یخرج الدیدان، و حبّ القرع ینزل بحاله أو ینزل بطبیخه.
الحمیات: الرمان المز ینفع من الحمیات و الالتهاب، و أما الحلو فکثیراً ما ضرّ أصحاب الحمیات الحاره.
الماهیه: نبات ینبت فی الربیع علی الجبل، و له قوّه حماض الأترج و الحصرم.
الطبع: بارد یابس فی الثانیه.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 129
الخواص: مطفی ء قاطع للدم مسکن للحراره.
الأورام: ینفع من الطاعون.
أعضاء العین: یحد البصر إذا اکتحل بعصارته.
أعضاء النفض: نافع من الإسهال الصفراوی.
الحمیات: ینفع من الحصبه و الجدری و الطاعون.
الخواص: غذاؤه قلیل یمیل إلی البلغمیه، و فیه نظر.
الجراح و القروح: رئه الجمل تشفی السحج من الخف إذا جعلت علیه حاره، و کذلک رئه الخنازیر تفعل ذلک، و تمنع منه الورم.
أعضاء الصدر: رئه الثعلب إذا جففت و شربت نفعت من الربو.
أعضاء الغذاء: إنهضامها سهل.
أعضاء النفض: فیها عقل للبطن.
أعضاء الرأس: تقطر مرارته بدهن البنفسج فی الجانب المخالف للشقیقه و المخالف من وجع الأذن، و یسعط به الصبیان، أو یقطر فی أذنهم لما یکون بهم من ریح الصبیان.
أعضاء العین: یکتحل بمرارته لبیاض العین بالماء البارد.
أعضاء الغذاء: قیل أن زبله یسقط الجنین تبخراً.
السموم: قال ابن البطریق أن مرارته تجفف فی أناء زجاج فی الظل، و یکتحل به فی جانب لسعه الأفعی، و لست أصدق به، و قد ذکر بعضهم أنه جُرب لسم العقرب و الحیه و الزنبور فکان نافعاً و أحسبه لطوخاً.
القانون فی الطب (طبع بیروت) ؛ ج 2 ؛ ص129
الماهیه: قد قیل فی باب الأسرب، و هذا هو القلعیّ، و أما أسفیذاجه و أصناف اتخاذه، فنذکره فی الأقراباذین.
الاختیار: لطیفه هو المحرق و الإسفیذاج، و یجب أن یتوقّی رائحته عند الإحراق.
الطبع: بارد رطب.
الخواص: محرقه فیه تلطیف و تلیین و تحلیل، یقطع الدم، و أسفیذاجه مغر مبرّد، قوّته کقوّه
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 130
التوتیا المحرق، و خبث الرصاص فی مثل قوّه الرصاص المحرق.
الأورام و البثور: إذا حکّ بشراب و غیره أو بشی ء من العصارات البارده نفع الأورام.
الجراح و القروح: ینفع القروح الخبیثه و الساعیه، و الإسفیذاج یملأ القروح الغائره لحماً.
السموم: إذا دلک إسفیذاجه علی لسعه العقرب البحری و التنین البحری نفع.
. أعضاء الرأس: قیل أن الرعاده إذا وضعت علی رأس المصدوع أذهبن الصداع. قال جالینوس: أظنّ أنها إنما تفعل و هی حیّه، و أما المیته فقد جربتها فلم تفعل من ذلک شیئاً، و هی السمکه المخدره.
آلات المفاصل: قال بولس: الدهن الذی تطبخ فیه هذه السمکه یسکّن أوجاع المفاصل الحدیثه إذا دهنت به.
أعضاء النفض: و إن احتمل شد المقعده من ساعته التی تبزر إلی خارج، و یضم البواسیر.
الماهیه: قال جالینوس: إن الحال فیه کالحال فی السرطان.
الطبع: قال ماسرجویه، إنه حار رطب باعتدال قبل أن یملّح.
الخواص: إذا ملح و عتق یولد سوداء و حکه ردیئه.
الأورام: قال جالینوس: إنه یحلل الأورام الصلبه.
أعضاء الغذاء: یغذو غذاء صالحاً.
أعضاء النفض: یزید فی المنی، و یزید فی الباه، و یلیّن البطن، و یستفرغ حب القرع.
الماهیه: هی القتّ، و قد فرغنا من بیان ذلک فی فصل القاف.
الطبع: قال ابن ماسویه هی أسخن من الروبیان.
أعضاء الغذاء: نافعه للمعده تجفف الرطوبات التی فیها، لا سیما إذا أکلت بالسذاب و الشونیز و الکرفس و الزیت.
أعضاء النفض: نِعْم العون علی الباه.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 131
الطبع: قال ابن ماسویه، أنه حار یابس فی الثانیه ردی ء الخلط جیّد للمعده الحاره.
أعضاء النفض: یلیّن البطن إن احتمل منه شیاف.
أعضاء الغذاء: غذاؤه بطی ء الانهضام جداً.
الماهیه: قیل أن الرقاقس دواء فارسی یشبه الثوم، و هما إثنان ملتویان، رأسهما مشقّق.
أعضاء النفض: یزید فی المنی جداً.
الماهیه: حجر کالسرطان.
الطبع: بارد رطب فی الثانیه.
الخواص: ینشف و یجلو.
أعضاء العین: یحد البصر.
فهذا آخر الکلام من حرف الراء، و جمله ما ذکرنا من الأدویه خمسه و عشرون عدداً.
قال الحکیم الفاضل دیسقوریدوس: من الناس من یسمیه أرمیون، و أیضاً عامینون. و هو صنفان، أحدهما البرّی، و الآخر البستانی، و من البستانی ما زهره أحمر، و منه ما زهره إلی البیاض من لون اللبن إلی الأرجوانیه، و له ورق شبیه بورق الکزبره، إلا أنه أرق. قشرها من، الأرض قریب منبسط علیها أغصان دقاق خضر، علی أطرافها زهر مثل الخشخاش، و فی وسط الزهر رؤوس، لونها أسود أو کحلی، و أصله فی عظم زیتونه و أعظم، و کله معقد.
و ما البری، فإنه أعظم من البستانی، و أعرض ورقاً، و أصلب. و رءوسه أطول، و لون زهره أحمر قانی، و له أصول دقاق کثیره، و منه ما یکون أسود، و هو أشد حرافه من الآخر.
و من الناس من یجعل و لا یفرق بین شقائق النعمان البری، و بین الدواء المسمی لدحمونیا البرّی، و بین الخشخاش الذی له رؤوس یشابه زهرها فی الحمره. و الأرغامونی نبات یشبه هذا، یخرج منه دمعه لونها لون الزعفران، و دمع الرؤوس إلی
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 132
البیاض أقرب، لکن العلامه بین الشقائق و هذا النبات الآخر أنه لیس للشقائق دمعه، و لا خشخاشه، أو رمان، لکن له شی ء شبیه بأطراف الهِلْیَوْن.
الطبع: حار فی الثانیه رطب.
الخواص: جلّاء محلل. قال جالینوس: هو جاله غساله جاذب منضج.
الزینه: یسوّد الشعر مخلوطاً بقشور الجوز، و إذا استعمل ورقه و قضبانه کما هو، أو مطبوخاً یحسّن الشعر.
الأورام و البثور: یطبخ فیطلی علی الأورام التی لیست بصلبه، و
یستفرغ به بسبب الدمامل و الأورام الحاره.
الجراح و القروح: ینفع یابسه من القروح الوسخه، و یدملها، و من التقشر، و هو منقّ للقروح بالغ للتقشر و الجرب المتقرّح، و ینقّی القروح الوسخه جداً.
أعضاء الرأس: عصارته سعوطاً لتنقیه الرأس و الدماغ، و أصله یمضغ لجذب الرطوبات من الرأس، و یقلع القوباء.
أعضاء العین: عصارته مع العسل نافعه لظلمه العین، و بیاضها و آثار قروحها، و إذا طبخ بالطلاء و تضمد به أبرأ الأورام الصلبه من نواحی العین.
أعضاء الصدر: إذا طبخ ورقه بقضبانه بحشیش الصعتر و أکل أدر اللبن کما ینبغی.
أعضاء النفض: یدر الطمث إذا احتمل.
الماهیه: هو بزر شجره القِنب، و قد تکلمنا فی القِنّب، فیجب أن نجمع بین النظر فی البابین جمیعاً، و من الشهدانج بستانی معروف، و منه بری. و قال حنین: إن البری شجره تخرج فی القفار علی قدر ذراع، ورقها یغلب علیه البیاض، و ثمرها کالفلفل، و یشبه حبّها السمنه، و هو حب ینعصر عنه الدهن، و قد تکملنا فی حدث السمنه.
الطبع: حار یابس فی الثالثه.
الخواص: یحلل الریاح و یجفف بقوه، و خلطه قلیل ردی ء.
الأورام و البثور: القنب البری إذا طبخت أصوله، و ضمّد بها الأورام الحاره فی المواضع الصلبه التی فیها کیموسات لاحجه، سکّن الحاره، و حلل الصلبه.
أعضاء الرأس: یصلحع بحرارته، و عصارته تقطر لوجع الأذن السددی، و لرطوبه الأذن، و کذلک دهنه و ورقه قلاع للحزاز فی الرأس.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 133
أعضاء العین: یطلم البصر.
أعضاء الغذاء: یضرّ المِعَد فیما یقال.
أعضاء النفض: یجفف المنی، و لبن الشهدانج البری یسهّل برفق، و نصف رطل من عصیره یحل الاعتقال، و یطلق البلغم و الصفراء، و یذهب مذهب القرطم.
الاختیار: جیّده الأخضر الحدیث المر.
الطبع: بارد فی الأولی یابس فی الثانیه.
الأفعال و الخواص: یصفی الدم و یفتح السدد، و فیه برد لما فیه من طعم القبض، و حرّ لما فیه من طعم المراره، و کان برده أقوی.
القروح: یشرب للحکه و الجرب.
أعضاء الرأس: یشدّ اللثّه.
أعضاء الغذاء: یقوی المعده و یفتح سدد الکبد.
أعضاء النفض: یلین الطبیعه و یدر البول، و الشربه منه من عشره دراهم إلی نصف رطل إلی ثلثی رطل مع سکر، و من یابسه مع الأدویه فی المطبوخ إلی عشره دراهم، و کما هو مسحوقاً من ثلاثه إلی سبعه.
الأبدال: بدله فی الجرب و الحمیات العتیقه نصف
وزنه سنامکی.
الماهیه: الهندی منه قطاع خشب صغار دقاق، و قشور کقشور الدارصینی، و المکسر إلی الحمره و السواد، و ینبت الشیطرج فی الحیطان العتیقه، و حیث لا یثلج، و له ورق کورق الحرف، و یکون فی الصیف کثیر الورق، و یصغر و یزداد صغراً حتی لا یکاد یری، و لیست فیه رائحه، و هو کالحرف، طعمه و رائحته تشبه القردمانا، و قوّته مثله.
الطبع: حار یابس فی آخر الثانیه.
الخواص: جال مقرّح یشبه طعمه و رائحته، و کذلک قوته القردمانا.
الزینه: ینفع طلاء بالخلّ علی البهق و البرص.
الجراح و القروح: یطلی علی التقشر و الجرب بالخلّ فیقلعه.
آلات المفاصل: یشرب لوجع المفاصل فینفع نفعاً بلیغاً.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 134
أعضاء الغذاء: یطلی علی الطحال فیضمره.
أعضاء النفض: إذا علق أصله علی أذن من به وجع المثانه یسکنه فیما یقال.
الأبدال: بدله مثله فوه.
الماهیه: حشیشه تنبت بین الحنطه. و قال جالینوس: یجوز أن یجعل فی الأولی من الأشجار.
الطبع: یجوز أن یجعل فی مبدأ الدرجه الأولی من الإسخان، و فی نهایه الثاتیه من التجفیف.
الخواص: لطیف جلاء محلل.
الزینه: یطلی علی البهق مع الکبریت فینفع.
الأورام و البثور: یحلل الأورام و الخنازیر مع بزر الکتان، و یفجرها مع خرء الحمام، و بزر الکتان.
الجراح و القروح: یطلی النابت منه مع الحنطه علی القروحٍ، و یذر علیها فینفع، و یطلی علی القوباء، و قد یجعل علی الجروح مع قشر الفجل ضماداً فینفع.
آلات المفاصل: یطبخ بماء القراطن و یضمد به عرق النسا.
أعضاء الرأس: یسکر و یسد.
أعضاء النفض: إذا بخّر به أعان علی الحبل خصوصاً مع سویق الشعیر.
الماهیه: الشیح جنسان، رومی، و ترکی. أحدهما شَاک سروی الورق، أجوف العود، و إنما یستعمل فی الدخن، و الآخر طرفائی الورق، و قد یوجد له صنف ثالث یسمّی سبرینون الأرمنی الأصفر.
قال الحکیم الفاضل دیسقوریدوس: من الناس من یسمیه ساریقون، و هو الشیح، و من الناس من یسمّیه الأفسنتین البحری، و هو ینبت کثیراً فی جبل طوریس، و بمصر فی موضع یدعی بوصیر، و هو عشبه دبق الثمره یشبه الأبهل الأصفر، ممتلئه بزراً، و الغنم إذا اعتلفته تسمن، خاصه بأرض بقیادوقیا.
و قال أیضاً: من الأفسنتین نوع ثالث، و هو ینبت فی المواضع التی فی أرض غلاظیه، و یدعوه أهل تلک البلاد سندونیقون، إستخرجوا له هذا الاسم من الموضع الذی ینبت فیه، و هو
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 135
سندونیه، و هو شبیه بالأفسنتین، و لیس بکثیر البزر، إلا أنه إلی المراره، و قوته قوه ساریقون.
الاختیار: أجوده الأرمنی.
الطبع: حار فی الثانیه یابس فی الثالثه.
الأفعال و الخواص: جمیع أصنافه مقطّع
محلل للریاح، و فیه قبض دون قبض الأفسنتین، و تسخینه أکثر من تسخینه، و مرارته أکثر و فیه ملوحه.
الزینه: رماده بزیت أو بدهن اللوز طلاء نافع من داء الثعلب، و دهنه ینبت اللحیه المتباطئه.
الأورام و البثور: یسکن الأورام و الدمامیل.
القروح: یمنع الأکله و السوداء.
أعضاء الرأس: یصدع.
أعضاء العین: یکمد بمائه الرمد فیحلله. و رماده یملأ حفره العین العارضه من القرحه.
أعضاء النفس: ینفع من عسر النفس.
أعضاء الغذاء: ضار بالمعده و خصوصاً الثالث.
أعضاء النفض: یخرج الدیدان و حب القرع و یقتلها و یدر الطمث و البول، و هو أقوی فی ذلک من الأفسنتین الآخر. الحمیات: دهنه ینفع من برد النافض.
السموم: ینفع من لسع العقارب و الرتیلاء و من السموم.
الماهیه: هو خس الحمار، أنواعه کثیره، و له ورق کورق الخس، محَدد شاک إلی السواد، و یحمر فی الصیف، عوده کالدم بحیث یصبغ الید.
الاختیار: ورقه أضعف ما فیه.
الطبع: بارد فی الأولی یابس فی الثانیه.
الخواص: المسمّی منه أنوقلیا قابض فیه مراره و المسمی فلوسی أشد قبضاً، و المسمی أنولوس أشدّ منهما و أحرف، و الذی لا اسم له قریب منه، و فی جمیعه قبض و تجفیف، و إذا خُلط بالدهن و مرخ به عرق.
الزینه: طلاء نافع من البهق و الیرقان.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 136
الأورام: یضمّد به مع شحم و یطلی علی التقشّر و مع دهن السعتر علی الجمره خصوصاً النوع المسمی فالوس.
القروح: یدمل القروح إذا استعمل فی القیروطی.
أعضاء الرأس: أنفع شی ء لأوجاع الأذن.
أعضاء الغذاء: ینفع من الیرقان شرباً خصوصاً أنوقلیا، و خصوصاً من أوجاع الطحال، و قشره دابغ للمعده.
أعضاء النفض: إذا أسقی من الذی لا اسم له مثقال و نصف مع قردمانا أو زوفا أو الحرف، أخرج
الدیدان و حب القرع، و الذی یسمی أنوقلیا نافع لوجع الکلی.
السموم: المسمی یافسوس نافع من نهشه الأفعی جداً إذا استعمل ضماداً، أو مشروباً، و الذی لا اسم له قریب من ذلک.
الماهیه: دواء هندی یشبه الزنجبیل.
الطبع: حار یابس فی الثانیه.
الخواص: هو مرّ قابض حریف یکسر الریاح و فی قوّه العسل، له تحلیل عجیب و تلطیف.
آلات المفاصل: نافع للعصب و الفسوخ.
الماهیه: قال دیسقوریدوس: یسمّیه أهل جرجان البوط، و هو نبات له ساق ذو عقد مثل ساق الرازیانج، و هو کبیر، له ورق شبیه بورق بارنعس، إلا أنه أرق منه ثقیل الرائحه، فی أعلاه شعب و إکلیل فیه زهر أبیض و بزر شبیه بالأنیسون، إلا أنه أبیض منه و له أصول أجوف، و لیس بمتقعر فی أصل.
و هذا الدواء أحدّ الأدویه القتاله، و یقتل بالبرد، و قد یؤخذ جمله هذا النبات، ورقه قبل أن یجفّ البزر، و یدق و یُعصر، و تؤخذ العصاره، و تجفف فی الشمس، و ینتفع بها من أشیاء کثیره.
قال روفس: ورقه کورق الیبروح و أصفر و أشد صفره، و أصله رقیق لا ثمره له و بزره فی لون النانخواه أکبر بلا طعم و رائحه، و له لعاب.
قال مسیح: هو ضرب من البیش، و لم یحسن.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 137
أقول: إنه قد جاء قوبیون بالیونانیه، و ترجم بالشوکران، و قد ترجم بالبیش، و قد نسب إلی قوبیون أعراض البیش، فاختلف الناس فیه.
الطبع: بارد یابس فی الثالثه إلی الرابعه.
الأختیار: أجوده ما یکون باقریطی و أطبعی و قالیقلا.
الخواص: یمنع نزف الدم، مجمد للدم محدر.
الزینه: إذا طلی علی موضع النتف منع تبریده نبات الشعر ثانیاً، و یضمّد به الثدی فلا یعظم.
الأورام و البثور: عصارته تسکّن الجمره و النمله.
آلات المفاصل: طلاء علی النقرس الحار.
أعضاء الرأس: عصارته جیده للرطوبات التی تعرض فی الأذن فیما یقال.
أعضاء العین: عصارته تستعمل فی أوجاع العین.
أعضاء الصدر: یضمد به الثدی فلا
یعظم، و یمنع درور اللبن.
أعضاء النفض: یحبس الدم، و ینفع من وجع الأرحام، و یضمد به الخصیه، فلا تعظم و یمرخ به أعضاء المنی فیمنع الاحتلام.
السموم: هو سم قاتل، و علاجه شرب الشراب الصرف.
الطبع: حار فی الثانیه إلی رطوبه ما.
الخواص: فیه تلیین، و قوه المربی منه قوه الجزر المربی.
أعضاء النفض: یهیج شهوه الباه.
الأبدال: بدله البورندان.
الماهیه: هو بخور مریم، و قد قیل فیه فی فصل المیم عند ذکرنا مقلا مینوس، و هی ثلاثه أنواع، نوع بلا ثمره، و نوعان بثمره.
أعضاء الرأس: ینفع من الزکام البارد.
أعضاء العین: نافع لنزول الماء فی العین.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 138
الطبع: حار یابس فی الثانیه.
الخواص: محلّل ملطف جداً، و إذا وضع تحت وساد الصبیان نفع من لعاب أفواههم.
آلات المفاصل: ینفع من الفالج طلاء و سعوطاً و شرباً بالشراب.
أعضاء الرأس: إذا سعط بمائه نقی الدماغ، و ینفع أیضاً من اللقوه و الصرع شرباً بالشراب.
أعضاء الغذاء: ینفع من رطوبات المعده، و ینفع من لعاب أفواه الصبیان إذا وضع تحت رؤوسهم فیما زعموا.
أعضاء النفض: ینفع من ریاح الرحم.
الماهیه: قال دیسقوریدوس: أصناف الشب کثیره، و الداخل منها فی علاج الطبّ ثلاثه، المشقّق، و الرطب، و المدحرج. فالمشقق هو الیمانی، و هو أبیض إلی صفره قابض، فیه حموضه و کأنه فقاح الشب، و یوجد صنف حجری لا قبض فیه عند الذوق، و لیس هو من قبیل الشبّ.
الطبع: حار یابس فی الثانیه.
الخواص: فیه منع و تجفیف، و ینفع نزف کل دم، و یمنع سیلان الفضول و انصبابها، و قبضه أکثر من قبض الباذاورد، و خصوصاً فی قشره و أصله، و کذلک هما أقوی فی کل شی ء منه.
الزینه: مع ماء الزفت علی الخزاز و القمل و البحر و صنان الإبط.
الجراح و القروح: مع دردی الخمر بمثل الشب عفصاً للقروح العسره و المتأکله، و مع مثلیه ملحاً للأکله و حرق النار.
أعضاء الرأس: طبیخه نافع إذا تمضمض به من وجع الأسنان.
الماهیه: هو نبات له أصل شبیه بالسعْد شدید المراره، و قد یسمی کثیر العقد.
الأفعال و الخوص: قبضه أکثر من قبض الباذاورد، و خصوصاً فی قشره و أصله، و کذلک أقوی فی کل ثی ء منه.
أعضاء الرأس: طبیخه نافع إذا تمضمض به من وجع الأسنان، و ینفع هو و أصله من ورم اللهاه.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 139
أعضاء الغذاء: ینفع المعده و الکبد.
أعضاء النفض: طبیخ أصله یمنع من نزف النساء، و هو حمولًا و جلوساً فیه لأورام المقعده.
الحمیات: نافع من الحمیات العتیقه و خصوصاً للصبیان.
هو طل یقع علی شجر الخلاف و الکثیراء بهراه.
الخواص: جال.
الطبع: إلی الاعتدال.
أعضاء النفض: هو قریب من الترنجبین فی إسهاله و أفعاله، بل أقوی منه.
الطبع: حار یابس فی الثالثه.
الخواص: حریف مقطع للبلغم جلاء، و یحلل الریاح و النفخ، و تنقیته بالغه.
الزینه: یقطع الثآلیل المنکوسه و الخیلان و البهق و البرص خصوصاً.
الأورام و البثور: یجعل مع الخَل علی البثور اللبنیه، و یحل الأورام البلغمیه و الصلبه.
القروح: مع الخل علی القروح البلغمیه و الجرب المتقرح.
أعضاء الرأس: ینفع من الزکاه خصوصاً مقلوا مجعولًا فی صره من کتان، و یطلی علی جبهه من به صداع بارد، و إذا نقع فی الخلٌ لیله، ثم سحق من الغد، و استعط به و تقدم إلی المریض حتی یستنشقه، نفع من الأوجاع المزمنه فی الرأس، و من اللقوه. و هو من الأدویه المنفخه جداً، لسدد المصفاه. و طبیخه بالخل ینفع من وجع الأسنان مضمضه، و خصوصاً مع خشب الصنوبر.
أعضاء العین: إذا سعط مسحوقه بدهن الإیرسا منع ابتداء الماء.
أعضاء النفس: ینفع أیضاً من انتصاب النفس إذا شرب مع نطرون.
أعضاء النفض: یقتل الدیدان و حب القرع و لو طلاء علی السره، و یدر الطمث إذا استعمل أیاماً، و یسقی بالعسل و الماء الحار للحصاه فی المثانه و الکلیه.
الحمیات: یحل الحمیات البلغمیه و السوداویه خاصه، و یذهب بهما.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 140
السموم: من دخانه تهرب الهوام، و زعم قوم أن الإکثار منه قاتل، و هو مما ینفع من لسعه الرتیلاء إذا شرب منه درخمی.
الطبع: إسخانه بین الثانیه و الثالثه، و تجفیفه بین الأولی و الثانیه، و إذا أحرق صار فیهما فی الثانیه.
الخواص: منضج للأخلاط الباره، مسکن للأوجاع یفشً الریاح، و کذلک دهنه.
و فیه تلیین بالغ، و مزاجه قریب من المنضج المفتح، لکنه أسخن، و رطبه أشد إنضاجاً، و یابسه أشد تحلیلًا.
الأورام: منضج للأورام.
القروح: رماده ینفع من
القروح الرهله.
آلات المفاصل: ینفع دهنه من أوجاع الأعصاب و ما یشبهها.
أعضاء الرأس: منوم، و خصوصاً دهنه، و عصارته تنفع من وجع الأذن السوداوی و یبس رطوبه الأذن.
أعضاء العین: إدمان أکله یضعف البصر.
أعضاء الصدر: الشبث و بزره یدر اللبن خصوصاً فی الأحشاء المکثره للبن.
أعضاء الغذاء: ینفع من فواق الامتلاء الکائن من طفو الطعام، قال جالینوس: و یضر بالمعده، و فی بزره تقیئه.
أعضاء النفض: ینفع من المغص و یقطع المنی إذا حقن به و جلس فی مائه، و بزره یقطع البواسیر النابته، و رماده جید لقروح المقعده، و الذکر.
الماهیه: قیل فیه فی فصل الموم.
أعضاء النفض: یزید فی الباه.
الماهیه: ینبت فی البساتین، له قصب دقیق مستوٍ، و زغب و ورق کورق الطرخون فیما أقدر و لبن.
الاختیار: أجوده الخفیف الذی إلی الحمره کجلد ملفوف رقیق اللحاء، و الذی بقضیبین
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 141
الخفیف اللحاء، و الغلیظ القلیل الحمره الصلب الخیوطی ردی ء، و الفارسی ردی ء، لا ینبغی أن یستعمل منه شی ء.
الطبع: قال حنین، حار فی أول الثانیه، یابس فی آخر الثالثه، و أما لبنه فبالغ فیهما جمیعاً، بل فی الرابعه.
الخواص: فیه قبض وحده و تفجیر لأفواه العروق، و ذلک أحد ما یهجر له، و إذا أصلح لم ینتفع به لما ذکر فی موضعه، و هو بالجمله ضار و خصوصاً بالأمزجه الحاره.
أعضاء الرأس: لبنه معین فی قلع الأسنان.
أعضاء الغذاء: یضر بالمعده و الکبد، و یسقی فی علاج الاستسقاء، فیجب أن ینفع أولًا فی عصیر الهندبا و الرازیانج و عنب الثعلب ثلاثه أیام، ثم یجفف، و یقرص بشی ء مم الملح الهندی و التربد و الهلیلج و الصبر، فیکون قوی النفع.
أعضاء النفض: یسهل السوداء و البلغم و الماء، و قد کان فی الطمث القدیم یستعمل فی المسهلات، ثم ترک لضرره بالباه و المنی و تفجیره لعروق المقعده، و إذا أصلح لم ینتفع به و ذلک لأن إصلاحه بأن ینفع فی اللبن الحلیب یوماً و لیله غیر مدقوق، و یجمد ذلک مراراً. و ذلک مما یضعفه، و یبطل قلعه الأخلاط الردیئه، و من لم یجد بداً من استعماله، فلیخلط به أنیسون و رازیانج و کمون. و الشربه منه من دانق إلی أربعه دوانیق، و هذا من حشیشه. و أکل لبنه فلا خیر فیه، و لا أری
شربه، و إذا أفرط إسهاله فمما یقطعه القعود فی الماء البارد، و إذا سقی للقولنج مع الأشق و المقل و السکبینج و شی ء من زبل الذئب الموصوف فی باب القولنج.
الحمّیات: هُجِر لتولیده الحمیات.
السموم: یقتل منه وزن درهمین.
الماهیه: قال دیسقوریدوس: منه بری، و منه بستانی. و البرّی هو نبت کثیر الأغصان، طوله نحو من ذراع، ینبت فی الخربه، أملس الطرف، له ورق أملس، عرضه مثل عرض الإبهام أو یزید قلیلًا، و له ثمر فی غلف کالباقلی، و تنتفخ تلک الغلف فیظهر فیها غلاف آخر، فیها بزر صغار سود، إذا کُسر کان داخله أبیض، و قد نفع البرد فی أخلاط الغمر و الأدویه التی تنقی، مثل الأدویه التی تعمل من دقیق الترمس و غیره من دقیق الحنطه و الباقلی و الکرسنّه، و قد یکون صنف آخر من الشلجم، و هو أقل غذاء ممّا تقدم ذکره، و إذا تقدم فی شرب بزره بطل الأدویه القتاله.
الطبع: کلاهما حاران فی الثانیه رطبان فی الآولی.
الخواص: قال جالینوس: أکله مطبوخاً طبخاً جیداً یغذی غذاء غلیظاً کثیراً، و إدمان
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 142
أکله یولد السدد و الریاح. و المطبوخ بالماء و الملح أقلّ غذاء، و الأجود منه ما کان مطبوخاً مع اللحم السمین.
الزینه: و إن أخذت شلجمه و أحرقت و أذیب فی تجویفها شمع بدهن الورد علی رماد حار کان نافعاً من داء الثعلب العتیق.
القروح: و کذلک هذا العمل بعینه ینفع الشقاق المتقرح العارض من البرد و الشلجم المطبوخ یفعل مثل ذلک ضماداً.
أعضاء الصدر: المطبوخ مع اللحم السمین یلیّن الحلق و الصدر.
أعضاء الغذاء: و کذلک المطبوخ مع اللحم یغذی غذاء کثیراً و یسخّن الکلی، و الشلجم یبطی ء فی المعده.
آلات
المفاصل: طبیخه یصب علی النقرس، کثیر المنفعه، و المطبوخ مع اللحم یسخن الظهر.
أعضاء العین: قیل أن الشلجم تناله مطبوخاً أو نیاً ینفع البصر.
أعضاء النفض: جرمه یولّد المنی، و ماؤه یدر البول، و هاتان القوتان ظاهرتان فیه، و المطبوخ مع اللحم یدرّ البول و یهیّج الباه، و کذلک البزر یحرّک شهوه الجماع، و أکل ورق الشلجم یدر البول، و المطبوخ بالماء و الملح أقل تهییجاً للباه.
الماهیه: قد یوجد فی المعدن، و قد یحفر علی حجر الشاذنج من معادن مصر، و قد یغش، بأن یؤخذ من حجر بأن یکسر، و جزء من حجر مدوّر، و یدفنان فی رماد حار فی جوف أجاجین، و یترک ساعه، ثم یؤخذ منه فیحکّ علی مسن، و ینظر، إنْ کان لون محکه بلون الشاذنج کفاه، و إلا فلیرده إلی النار.
الاختیار: أجود هذا الجنس ما یتفتت سریعاً، المستوی الصلابه، و لا یختلط به وسخ، و لیس فیه خطوط و ألوان مختلفه، و الفرق بین المغشوش و غیر ذلک بأنه لا یری فیه النفاخات، و بانکسار الحجر أنه لیس بشاذنج علی خطوط مستقیمه، و الشاذنج بخلافه، و أیضاً یستدل علیه باللون، و ذلک أن الحجر الذی لیس بشاذنج إذا حکّ کان لونه أقل حمره.
الطبع: غیر المغسول حار فی الأولی، یابس إلی الثالثه، و المغسول بارد إلی الثانیه، یابس إلی الثالثه.
الخواص: فیه قبض شدید و یظهر إذا حک فی الماء حتی یتحلل فیه و یثخنه، و قوته مانعه،
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 143
و فیها إسخان ما، و تلطیف و تجفیف بالغ. قال بعضهم: إنه قوه المارقشیثا، لکنه أیبس و أقل حرا من غیر تلطیف و جلاء.
القروح: یستعمل کالذرور علی اللحم الزائد فیضمره
جداً.
أعضاء العین: یجلو قروح العین و یدملها إذا استعمل ببیاض البیض، و ینفع وحده من خشونه الأجفان، فإن کان هناک أورام حاره استعمل أولًا بالماء بحیث أن یکون رقیقاً، ثم یثخن بالتدریج أو ینز کالغبار علی اللحم الزائد، و ربما نفع وحده من آثار قروح العین، و ینفع من الرمد مع اللبن، و ینفع مع الفتق فی بعض الحجب. و قد أصاب الأطباء فی خلطهم الشاذنج فی شیافات العین، و قیل: استعمال الشاذنج وحده فی مداواه خشونه الأجفان أولی، فإن کانت الخشونه مع أورام حاره قیل: یداف ببیاض البیض، أو بماء الحلبه المطبوخ، و قیل: إن کانت خشونه الأجفان خلواً من الورم الحار، فحله بالماء، و هو رقیق و قطر فی العین حتی إذا رأیت العلیل قد احتمل قوه ذلک، فزد فی ثخنه دائماً حتی یحمل بالمیل، و یکحل به تحت الجفن بعد أن یقلب. و قیل: جمله ذلک قد امتحن و جرّب فوجد نافعاً.
أعضاء النفض: یسمی بالشراب لعسر البول و لدوام سیلان الطمث، و الشادنج یصلح لقذف المنی.
الماهیه: نبات یقلع بعروق، و لونه بین حمره و سواد، عروقه و أعالیه منبسطه متعفقه.
الطبع: حار یابس.
أعضاء الصدر: ینقی الصدر و الرئه.
الماهیه: قیل هو شبیه بالقیصوم فی القوه.
الطبع: حار یابس فی الثانیه.
أعضاء الرأس: ینفع من الصرع، و یقطع اللعاب السائل، و خصوصاً من أفواه الصبیان.
الأبدال: بدله فی منفعته من الصرع و غیره مرزنجوش.
الماهیه: هو شجره القطران، و قد قلنا فی القطران کلاماً مستوفی، فلنورد الأفعال التی تختص بشجرته، و هذه الشجره من جنس شجره الصنوبر، و لها ثمره کثمره السرو، و لکنها أصغر منها، و لها شوکه، و هی نوعان: طویل، و قصیر. قال دیسقوریدوس: هی شجره عظیمه
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 144
کالسرو، و منها ما یکون منه القطران، لها ثمر شبیه بثمر السرو، غیر أنه أصغر منه بکثیر، و قد یکون من شجره الشربین ما هو صغیر أیضاً، متشوّک، و لها ثمر شبیه بثمر العرعر مثل حب الآس مستدیر، و أما قدرنا، و هو القطران، فأجوده ما کان ثخیناً صافیاً قویاً، کریه الرائحه، إذا قطر منه ثبتت قطراته علی حالها، غیر متبدده، و هذه الشجره تسمی بالفارسیه أوِرْس.
الأفعال و الخواص: فی قشر هذه الشجره قبض. قال دیسقوریدوس: للقطران قوه قابضه مخالفه للعفن، تقبض الأجساد الحیه، و تحفظ الأجساد المیته، و لذلک سماه قوم حیاه. الموتی.
أعضاء الرأس: من أکثر من تناول ثمره هذه الشجره صدع بالتسخین، و لمشارکه المعده فی لذعها لها، و إذا تمضمض بخلّ طبخ فیه ورقها سکن وجع الأسنان.
أعضاء الصدر: ثمرته نافعه من السعال.
أعضاء الغذاء: الغذاء: ثمرته ردیئه للمعده لذاعه لها، لکنها تنفع الکبد.
أعضاء النفض: ثمرته نافعه من تقطیر البول، و إن شربت مع الفلفل أدزت البول، و إذا تبخّر بقشرها أخرج الجنین و المشیمه، و إذا شرب حبس البطن، و ربما حبس البول.
السموم: تسقی ثمرته بالشراب لشرب الأرنب البحری،
و إن خلطت بشحم الأیل، و تمسح به البدن لم تقربه الهوام.
الماهیه: معروف، و الشلت توع بلا قشر، و فعله قریب من فعله.
الطبع: بارد یابس فی الأولی.
الخواص: فیه جلاء، و غذاؤه أقل من غذاء الحنطه، و ماء الشعیر أقوی من سویقه، و کلاهما یکسران حده الأخلاط، و ماء شعیر الشلت أرطب، و جمیع ماء الشعیر نافع.
الزینه: یستعمل علی الکلف منه طلاء حار.
الأورام و البثور: یتّخذ منه مطبوخاً بالماء، کالحسو مع الزفت و الراتینج ضماداً علی الأورام الصلبه، و وحده، و بکشکه علی الأورام الحاره.
القروح: إذا لطخ بخل ثقیف و وضع ضماداً علی الجرب المتقرح أبرأه.
آلات المفاصل: یضمد به مع السفرجل و الخل علی النقرس، و یمنع سیلان الفضول إلی المفاصل.
أعضاء الصدر: ماؤه ینفع من أمراض الصدر، و إذا شرب ببزر الرازیانج أغزر اللبن، و یضمّد بدقیقه. و إکلیل الملک و قشر الخشخاش لوجع الجنب.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 145
أعضاء الغذاء: ماؤه ردی ء للمعده.
أعضاء النفض: سویقه یمسک البطن، و کذلک طبیخ سویقه و کشکه یدر البول، و ماء کشک الحنطه أشد إدراراً.
الحمیات: ماؤه مبرد مرطب للحمیات أما للحاره فساذجا و أما للبارده فمع الکرفس و الرازیانج، و یسقی أیضاً المطبوخ منه بالتین ممزوجاً بماء القراطن للحمیات البلغمیه.
الماهیه: معروف.
الطبع: شحم الفحل أسخن و أیبس، ثم شحم الخصی، و شحم المسن أخب.
الخواص: شحم البط لطیف جداً و أسخن من شحم الدجاج، و شحم الدیک وسط، و شحم الأیل شدید السخونه، و شحم البقر متوسط بین شحم الأسد و الماعز، و شحم الدب لطیف، و شحم الذکر فی جمیعه أقوی، و شحم المسن أخف، و شحم العنز أقبض الجمیع، و شحم التیس أشد تحلیلًا.
الزینه: شحم الدب و شحم الوز نافعان من داء الثعلب، و شحم الحمار نافع
علی آثار الجلد، و شحم الوز ینفع من شقاق الوجه و الشفه جداً.
الأورام و البثور: شحم الخنزیر نافع من الأورام، شحم الأسد یحلل الأورام الصلبه.
القروح: شحم الحمیر نافع لحرق النار.
أعضاء الرأس: شحم الوز یسکن وجع الأذن، و کذلک شحم الثعلب، فإنه نافع لذلک جداً شحم الدجاج نافع لخشونه اللسان.
آلات المفاصل: شحم الإبل نافع من التشنج.
أعضاء العین: شحم السمک نافع لماء العین، و یحد البصر مع العسل، و شحم الأفعی الطری نافع من الغشاوه، و الماء النازل فی العین و ینبت الشعر المنتوف من الجفن.
أعضاء النفض: شحم الماعز نافع للذع الأمعاء إذا استعمل، و ینفع من قروحها، و شحم العنز أقوی فی علاج قروح الأمعاء من شحم الخنزیر، و ذلک لسرعه جموده، و لکن شحم الخنزیر أشد تسکیناً للذع. سنام الجمل بخوراً نافع للبواسیر، و جمیع الشحوم اللینه، کشحم الدجاج و غیره نافعه من أوجاع الرحم، و العتیق ردی ء لها، و کذلک شحم الوز ینفع الرحم.
السموم: شحم الخنزیر نافع من لسع الهوام،، و شحم الفیل و الأیل إذا لطخ به طرد الهوام و شحم العنز ینفع من الذراریح.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 146
الخواص: الشعر المحرق مسخن مجفف بقوه جداً.
الزینه: المحرق یجلو الأسنان، و ماؤه ینبت الشعر.
القروح: الشعر المحرق یجفف الفروح الوسخه و الرهله بقوه.
أعضاء الرأس: الشعر المحرق یجلو الأسنان.
السموم: شعر الإنسان بالخلٌ ضماداً لعضه الکلب الکَلِب.
الخواص: له قوه حاره تشرب عصارته للأوجاع.
الزینه: طریه بالشراب یطلی علی البهق.
القروح: یلزق القروح المزمنه، و یذر علی اللحم الزائد.
آلات المفاصل: یطلی بالخل علی النقرس، و یتخذ منه قیروطی لوجع الصلب.
أعضاء الصدر: یتخذ منه بالحلاوات لعوق للسعال.
أعضاء الغذاء: یسقی منه درهمان بإدرومالی للذع المعده.
أعضاء النفض: درهمان بإدرومالی لدوسنطاریا و عسر البول، و إذا احتملته النساء أدر الطمث برفق فیما یقال.
قیل فیه فی فصل الدال عند ذکرنا دردار، و هی شجره البق.
الماهیه: قیل: أنه الباذاورد، ینبت فی جبال و غیاض، و له ورق شبیه بورق الخامالاون الأبیض، غیر أنه أدق و أشدّ بیاضاً منه، و علیه شی ء شبیه بالذهب، و هو مشوک، و له ساق طوله أکبر من ذراعین فی غلظ إصبع الإبهام، و هو أبیض مجوف، و علی طرفه رأس مشوّک شبیه بشوک القنفذ البحری، إلا أنه أصغر منه مستطیل، و له زهر، لونه مثل لون الفرفیریه، و بزره شبیه بحب القرطم، إلا أنه أشد استداره منه، و أصله أحمر.
الطبع: بارده یابسه فی الأولی.
الخواص: قیل إذا علق فی موضع طرد الهوام.
الأورام و البثور: أصله یضمد به الأورام البلغمیه.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 147
أعضاء الرأس: أصله إذا طبخ و تمضمض بطبیخه کان صالحاً لوجع الأسنان.
آلات المفاصل: ینفع طبیخها النقرس.
أعضاء الصدر: إذا شرب أصله کان صالحاً لنفث الدم.
أعضاء الغذاء: نافع لاسترخاء المعده.
أعضاء النفض: أصله إذا شرب ینفع الإسهال المزمن، و یدر البول.
السموم: ینفع من لذع الهوام.
الطبع: حار.
الخواص: لطیفه محلله.
آلات المفاصل: ینفع من الکزاز.
أعضاء الرأس: یتمضمض بطبیخها من وجع الضرس، و ینفع من النوازل کلها، و هکذا أفاعیل أصوله.
أعضاء النفس: ینفع من نفث الدم من الصدر.
أعضاء الغذاء: أصله ینفع من تتابع القی ء.
أعضاء النفض: أصله یوافق سیلان الرطوبات المزمنه من الرحم.
الطبع: بارده فی الأولی یابسه فی الثانیه.
الخواص: مجففه قاطعه للنوازل.
الجراح و القروح: أصله، و خاصه بزره، شدید الإدمال.
أعضاء الصدر: ینفع من ورم الحلق.
أعضاء الغذاء: ینفع من ورم المعده.
الماهیه: أعنی به القهوه.
الخواص: یعدل الفضول التی من جنس المرار. و النبیذ الطری و الغلیظ الکدر، یجمعان فی العروق امتلاء و أخلاطاً نیئه.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 148
الاختیار: أجوده العتیق الرقیق الصافی العنبی، و یختلف تناوله بحسب الأمزجه، أما للشباب فالقدر القلیل منه مع الرمان، و أما للشیوخ کما هو من غیر مزج. و الأفضل أن یأخذ الإنسان من الشراب بقدر معتدل، إذ فی إکثاره مضره عظیمه، و الأولی للشباب عند شرب الشراب العتیق شرب الماء، لتکسر سوره الشراب و عادیته.
الزینه: یحسن البشره، و یسمن بعض الأشخاص، و یزیل البهق و البرص مع الأدویه المذکوره، و یجلو البشره.
الجراح و القروح: صب الشراب علی القروح الخبیثه و الآکله التی تسیل إلیها الفضول ینفعها، و إذا غسل الناصور بالشراب نفعه، و کذلک القروح اللبنیه.
أعضاء الرأس: یسکر و یسبت، و یزیل الحفظ، و یحدر القوی النفسانیه.
آلات المفاصل: إدمان شربه یضر بالأعصاب، و یورث الرعشه، و إدمان السکر فی کل یوم یورث استرخاء العصب و ضعفه، و أما الشراب المعسل فینفع من وجع المفاصل.
أعضاء العین: قال ابن ماسویه: الشراب العتیق جداً یضرّ بالبصر، و الشراب العتیق تعجن به أدویه الظفره، فیحکّ به الشیاف المعروف بقیصر، و تکحل به الظفره المزمنه، فإنه ینفعها.
أعضاء الصدر: ینمی الحراره الغریزیه و یفرح القلب، و الشراب الحلو ینقّی مجاری الرئه، و یبسط النفس.
أعضاء الغذاء: سریع الانحدار و الانهضام، کثیر الغذاء، یولّد کیموساً صالحاً، و فی أوقات یغثی و یقی ء و ینقی المعده من الفضول،
و یشهّی الطعام عند الاعتدال من الشرب. و الإکثار منه یورث السدد فی الکبد و الکلی، و تقلیل الشراب ینفذ الغذاء، و یجوّد الهضم، و یسرع استحالته إلی الدم، و یربی الشهوه الکلیه.
أعضاء النفض: و أما الأبیض الرقیق، فیدر ألبول، جید للحرقه فی المثانه، و العتیق یضر بالمثانه، و المعسل ملیّن للبطن. و أما ما یعمل بماء البحر، فنافخ مسهّل للبطن، یذهب باسترخاء المقعده، و المعسل ینفع من أوجاع الرحم، و المائی أکثرها إدراراً من الصرف. و أما الحلو فلا یدر، و الممزوج یضر بالأمعاء بأن یرخیها و ینفخها، و الصرف یقویها بقبضه و یسخنها و یحلّ النفخ منها.
السموم: الشراب العتیق نافع للسع جمیع الهوام شرباً و غسلًا، و المعمول بماء البحر نافع لمن شرب السموم المخدّره، و من شرب المرتک، و أکل الفطر، و لسع الهوام البارده. لنحمد اللّه الذی جعل الشراب دواء معیناً للقوی الغریزیه. فهذا آخر الکلام من حرف شین، و جمله ما ذکرنا إثنان و ثلاثون دواء.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 149
الماهیه: معروف، یؤتی به من الهند.
الاختیار: التمر الهندی، أفضله و أجوده الحدیث الطری، الذی لم یذبل، و لم یتحشف، و حموضته صادقه.
الطبع: بارد یابس فی الثانیه.
الخواص: مسهّل ألطف من الإجاص و أقلّ رطوبه.
أعضاء الغذاء: ینفع من القی ء، و العطش فی الحمّیات، و یقبض المعده المسترخیه من کثره القی ء.
أعضاء النفض: یسهّل الصفراء، و الشربه من طبیخه قریب من نصف رطل.
الحمیات: ینفع من الحمیّات ذات الغشی و الکرب، و خصوصاً مع الحاجه إلی لین الطبیعه.
الماهیه: قال دیسقوریدوس: عشبه شبیهه الورق بورق الفراسیون، مربع الجذر، و جذره قدر نصف ذراع، له أقماع فیها بزر مستطیل أسود، و هذا هو المستعمل من التودری، و أما البرّی فبزره مدحرج.
الطبع: حار فی الثانیه رطب فی الأولی.
الخواص: له حرافه کحرافه الحرف، و فیه تقریج.
الأورام و البثور: ینفع من السرطانات التی لیست بمتقرحه طلاء بماء و عسل و ینفع من جمیع الأورام الصلبه، و یضمد علی التهیج.
آلات المفاصل: یضمد به صلابه النقرس فینفع.
أعضاء الرأس: ینفع من أورام أصول الأذن.
أعضاء العین: إذا اکتحل به مع العسل نقی قروح العین.
أعضاء الصدر: یعین إذا وقع فی اللعوقات علی نفث الأخلاط بعد أن ینقع و یغلی فی ماء، ثم یجعل فی صره و یلبس بالعجین، ثم یشوی.
أعضاء النفض: ینفع فی الباه، و خصوصاً المطبوخ من الشراب.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 150
الماهیه: شجره معروفه، و الفوفی ضرب منها و قضم قریش ثمره شجرته، و الزفت البرّی یُتَخذ منه.
الخواص: أما بزره، و هو قضم قریش فقوته قابضه لطیفه الإسخان.
الأورام و البثور: ورق هذه الشجره ضماداً للأورام الحاره.
الجراح و القروح: ورقه و بزره إذا خلط بشحم الأوز، و مرداسنج، و دقاق الکندر، ینفع من القروح الظاهره. و إذا خلط بشمع و دهن الآس ینفع فی قروح الناعمه من الأبدان، و جمیع القروح الحاره و الرطبه. و قشره موافق للجرح ذروراً، و إذا استعمل ورقه علی الجراحات الطریه منع فسادها.
أعضاء الرأس: یتمضمض به و بطبیخه، خصوصاً بالخل لوجع الأسنان، و قد یشقق خشبه فیطبخ فی الخل لذلک.
أعضاء العین: دخانه یقع فی أکحآل العین.
أعضاء الصدر: بزره یعین علی النفث من الصدر، و صمغ التنوب عظیم النفع من السعال المزمن جداً، و
هو ضرب من الزفت.
أعضاء الغذاء: ینفع منه وزن مثقال بماء العسل للکبد المؤوفه.
أعضاء النفض: إن شرب عقل و أمسک البول.
الماهیه: هذا طل، أکثر ما یسقط بخراسان و ما وراء النهر، و أکثر وقوعه فی بلادنا علی الحاج.
الاختیار: أجوده الطری الأبیض.
الطبع: هو معتدل إلی الحراره.
الخواص: ملین صالح للجلاء.
أعضاء الصدر: ینفع من السعال و یلین الصدر.
أعضاء الغذاء: یسکن العطش.
أعضاء النفض: یسهل الصفراء برفق، و إسهاله بخاصیه فیه، و الشربه من عشره مثاقیل إلی عشرین مثقالًا بحسب الأمزجه.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 151
الماهیه: أصل التوتیا دخان یرتفع حیث یخلص الأسرب و النحاس من الحجاره التی یخالطا، و الآنک الذی یخالطه، و ربما صعد الإقلیمیا فکان مصعده توتیا جیداً، و رسوبه قلیمیا یسمّی سقودیون و التوتیا منه أبیض، و منه أصفر، و منه أخضر، و منه رقیق، و منه غلیظ، و منه إلی الحمره، و هذه کلها تعمل ببلاد کرمان، و الهندی غساله التوتیا یجتمع کالدردی تحت الماء الذی یغسله، و ذلک سقودیون، و الفرق بین یون سقودیون و التوتیا، أن التوتیا یصعد، و ذلک یبقی أسفل الأمانیق التی یسیل فیها النحاس. و هذا کالإقلیمیا للنحاس، و هذا إذا صعد صعد منه التوتیا، و قیل: إن فی البحر حیواناً مدوراً صلب الخدج یموت فی البحر، و الأمواج ترمی به إلی الساحل یجعل منه التوتیا، و هو لطیف جداً.
الاختیار: أجوده الأبیض الطیار، ثم الأصفر، ثم الفستقی الکرمانی، و أطرأ الجمیع أفضله.
الطبع: بارد فی الأولی، یابس فی الثانیه.
الخواص: یجفف بلا لذع، و مغسوله أفضل المجففات.
الزینه: نافع من الصنان.
الجراح و القروح: یفع مغسوله من القروح حتی من القروح السرطانیه.
أعضاء العین: نافع من وجع العین، و یمنع الفضول الخبیثه المحتقنه فی عروق العین، و النفوذ فی الطبقات، خصوصاً المغسول.
أعضاء النفض: نافع من قروح المعده و المذاکیر و أورامها.
الماهیه: منه معدنی، و منه مصنوع، و یقال: إنه لحام الذهب یستعمله الصائغون.
أعضاء الرأس: ینفع من وجع الضرس، و أکال الأسنان لخاصیه فیه.
الطبع: حار یابس.
الخواص: قابض بقوه.
الماهیه: زعم دیسقوریدوس أن الترمس، منه ما هو بستانی، و منه ما هو برّی.
و البری أصغر من البستانی، و هو شبیه بالبستانی، و یصلح لکل ما یصلح له البستانی. و کلاهما حب مفرطح الشکل، مرّ الطعم، منقور الوسط، و هو الباقلی المصری.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 152
الاختیار: البرّی منه أقوی فی جمیع ما یوصف من أفعاله، لکنه أصغر.
الطبع: حار فی الأولی، یابس فی الثانیه.
الأفعال و الخواص: الترمس الذی فیه مراره یجلو و یحلل بلا لذع فیه. قال جالینوس: الترمس المنزوع المراره غلیظ و لا یبعد أن یکون مغریاً، و لا تبقی فیه حلاوه. و بالجمله هو ردی ء، عسر الهضم، یولّد خاماً فی العروق إذا لم ینهضم جیداً. و المطیب کثیر الغذاء إذا أحکم طبیخه فانهضم، غیر ردی ء الخلط، و فیه تیبیس و لزوجه، و هو المنقوع لتزول مرارته، ثم یطحن. و بالجمله هو إلی الدواء أقرب منه إلی الغذاء.
الزینه: یرقق الشعر و یجلو الکلف و البهق و الآثار و الکهبه و البثور، و یجلو الوجه، و خصوصاً إذا طبخ بماء المطر حتی یتهوی، و ینفع استعمال نطل طبیخه من البرص.
الأورام و البثور: ینفع من البثور فی الوجه، و القروح، و الأورام الحاره، و الخنازیر، و الصلابه بالخل، أو بالخل و العسل، و کما یجب فی بدن بدن، و طبیخه إذا صبّ علی الغنغرانا منع فساده.
الجراح و القروح: ینفع من الجرب، حتی إنه مع أصل الماذریون الأسود قد یذهب جرب المواشی، و ینفع من الآکله و الحصف و القروح الردیئه و الخبیثه، و یسکّن دقیقه بدقیق الشعیر أوجاع الحراحات، و ینفع من النار الفارسی.
آلات المفاصل: یتّخذ من الترمس ضماداً
علی عرق النسا فینفع.
أعضاء الرأس: ینفع دقیقه من قروح الرأس الرطبه.
أعضاء الغذاء: یفتح سدد الکبد و الطحال، خصوصاً إذا طبخ بالخلّ و العسل، و خصوصاً مع العسل و السذاب و الفلفل. و الذی لا مراره له یسکن الغثیان، و یفتق الشهوه، و لکن الذی أخرجت مرارته ثقیل النفوذ.
أعضاء النفض: یخرج الدیدان و حبّ القرع طبیخاً و طلاء علی السره، و لعقاً بالعسل، أو شرباً بالخل الممزوج، و ینفع من أوجاع عرق النسا، و یدر الطمث، و یخرج الأجنه مع السذاب و الفلفل شرباً و حمولًا، و قد یحمل مع المرّ و العسل، لذلک و یخرج الدیدان شرباً مع العسل و الخل، و کذلک یدر البول، و فیه عقل للبطن، و لکن المحلی فیما ذکر بعضهم لا مطلو و لا عاقل.
السموم: قال جالینوس: یشقّ و یوضع علی عضّته فینفع، و یوضع علی ضربه التنین البحری الحیوان طریغلن فینفع.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 153
أعضاء العین: زبله ینفع من بیاض العین، قیل: أنه إذا أخذ من حوالی کلیته وزن مثقال، و شرب بشراب هیّج شهوه الجماع، و بزر الخس یسکن شهوه الجماع الذی هیجه.
السموم: شحمه ضماداً علی عضته یسکّن وجعه فی الساعه.
الماهیه: أوراق شجره تنبت فی الهند، و فی موضع یقال له النغر، ورقه شبیه بورق اللیمون، و کذلک أغصانه. و أهل الهند یتناولونه مع النوره و الفوفل، و عند المضغ یصبغ الأسنان صبغاً أحمر، و له رائحه طبیه. و أهل الهند یحبون تناوله و لا یزالون یتناولونه فی أکثر أوقاتهم، و یفتخرون بذلک.
الزینه: یطیب النکهه، و یزیل البخر، و یحمر الأسنان. قیل: أن عصاره ورقه مع الشراب تجلو البهق.
أعضاء الرأس: یقوّی العمور و یشد اللثه، و یمضغون الهندی لذلک دائماً.
أعضاء الغذاء: یقوی فم المعده و یقوی علی الهضم، و یکسر الریاح و یطیب الجشاء، و لذلک یمضغه الهند دائماً.
الماهیه: معروف.
الطبع: حار رطب فی الأولی، و حرارته أکثر من رطوبته، و هو یزید المنی، و یصدع، و یصلحه اللوز و الخشخاش و بعده سکنجبین ساذج.
الماهیه: هو صمغ السذاب البری، و قد یقال بالثاء، لا ینفع إلا بطریه، و إذا أتی علیه سنه ضعف، و لم ینتفع به لتحلل ما فیه من الرطوبات الفضلیه.
الطبع: حار جداً محرق، قوی الإسخان و التجفیف، و فیه رطوبه فضلیه غریبه لسببها لا یلذع فی الحال.
الخواص: منق مسهل منضج مفجر، و بسبب رطوبته الفضلیه لا یحرق إلا بعد ساعه، و هو مما یجذب جذباً شدیداً عتیقاً من دهن البدن، و لکن بعد مده لرطوبته الفضلیه، و لا نظیر له فی تغییر المزاج إلی الحراره.
الزینه: ینبت الشعر، و ینفع من الثعلب جداً، و قلما یوجد له فیه نظیر. و قد ذکرنا استعماله
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 154
فی بابه. و ینفع من کهبه الدم، و لا یترک علیها دون ساعه، و کذلک ینفع من الآثار و الکلف و البرص.
آلات المفاصل: یمسح علی الاسترخاء، و علی النقرس، و علی المفاصل البارده، و یحتقن به لعرق النسا.
أعضاء الصدر: ینفع من نفث القیح و عسر النفس، نافع من وجع الجنبین، و خصوصاً القدیم من أوجاعها طلاء و ضماداً و استفراغاً به، و یعین علی نفث الفضول طلاء و تلطیفاً فی استعماله فی اللعوقات.
أعضاء النفض: و فی أصله و قشوره و دمعه إسهال.
الحمیات: یؤخذ من قشره ثلاث درخمیات، و من العصاره ثلاث أثولوسات، و من الدمعه درخمی، و إذا أکثر منه ضر.
الأبدال: بدله ثلثا وزنه کثیراء و مثله حُرفا.
الاختیار: أعدله الشامی، و التفه منه ردی ء قلیل المنافع، و لا یفعل شیئاً إلا فعْلَهُ الخاص به، و کذلک الفج.
الطبع: المسخ منه أبرد و أرطب لما فیه من المائیه، و العفص و القابض و الحامض بارد غلیظ، و الحلو مائی
أمیل إلی الحراره من غیره، و إن کان الغالب البرد فهی مختلفه و کذلک أوراقها و أشجارها مختلفه، و بالجمله فإن الغالب فی جوهره رطوبه فضلیه بارده، و لعل شدید الحلاوه فی الحر معتدل و یمیل إلیه.
الخواص: فیه منع للفضول، و خصوصاً فی ورقه، و فی التفاح نفخ، و خصوصاً فیما لیس یحلو. و العفص و القابض منه مائی أرضی، و الحلو مائی، و التفه مائی جداً إلی جهه رطوبه فضلیه، و لذلک تغلی عصارته بسرعه. و العسل یحفظ عصارته، و یتولد من عفصه و قابضه خلط أرضی، و الحامض و الفج یولد العفونات، و الحمیات لخامیه خلطه و فجاجته و قبوله العفونه، و خلط الحامض ألطف من خلط القابض و شراب التفاح و غیره، عتیقه خیر من طریه لتحلّل البخارات الردیئه.
الأورام و البثور: ینفع ورقه و عصارته من ابتداء الأورام الحاره و النمله.
الجراح و القروح: ورقه ول حاؤه یدمل، و کذلک عصاره القابض منه.
آلات المفاصل: إدمان أکل التفاح یحدث وجع العصب، و خصوصاً الربیعی.
أعضاء الصدر: یقوی القلب، خصوصاً العطر الشامی و العطر الحلو و الحامض، و إن کان هناک غمر من الحراره کان عظیم المنافع، و سویقه أیضاً.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 155
أعضاء الغذاء: یقوّی ضعف المعده، و القابض منه ینفع المعده، و إن کان لحراره أو لرطوبه، و کذلک العفص و الحامض ینفع ضعف المعده إذا کان فیها خلط غلیظ غیر بارد جداً لغلظه. و المشوی فی العجین نافع لقلّه الشهوه. و سویق التفاح یقوّی المعده و یمنع القی ء.
أعضاء الغذاء: الحلو و الحامض إذا صادف فی المعده خلطاً غلیظاً ربما أحدره فی البراز، و إن کانت خالیه حبس، و المشوی فی
العجین ینفع من الدود و من دوسنطاریا، و أوفقه لدوسنطاریا العفص و سویقه، اللهم إلا أن یغلبه لین السکر.
الحمیات: قد یتولد من خامه حمیات کثیره لخامیه خلطه.
السموم: نافع من السموم، و کذلک عصاره ورقه.
الماهیه: قطاع خشبه غلاظ و دقاق یؤتی به من الهند.
الاختیار: أجوده الأبیض الغیر المسوس الملتف کأنابیب القصب الدقیق الأنبوب، و الأملس السریع التفتت لیس بغلیظ، و قد یتأکل و تضعف قوّته، و الخفیف جدأ و الثقوب ضعیف، و إصلاحه أن یحک قشره الأغبر حتی ینقی البیاض، و یجمع مسحوقه بدهن اللوز.
الخواص: یورث استعماله یبساً و جفافاً فی البدن لأنه یخرج الرطوبات الرقیقه، و لذلک یستعمل مع دهن اللوز.
أعضاء النفض: یسهل بلغماً کثیراً، و یسهل شیئاً من الأخلاط المحرقه قلیلًا، هذا إذا أخذ مسحوقاً. و أما مطبوخاً فبالعکس، قال ماسرجویه یسهل الأخلاط الغلیظه اللزجه. و قال بعضهم: یسهّل الخام من الورکین، و الأصحّ أنه یسهّل المحرقیق من البلغم، فإن قوی بالزنجبیل و ما له حِدَه قوته أسهل الغلیظ و الخام، و أما وحده فلیس یسهل الغلیظه، إلا إن صادفه متبرئاً فی المعده و الأمعاء، و الشربه منه إلی درهمین، و فی المطبوخات إلی أربعه.
الماهیه: التین فی نفسه له طبع، و لأوراقه و لبنه قوه یتوعیه، و إذا لم توجد أوراقه طبخ أغصان البری منه مکسوره مرضوضه، و أخذ ماؤها، و اتخذت منه عصاره کما تتخذ من سائر الحشیشات، و عقید التین یشبه العسل فی أفعاله.
الاختیار: أجوده الأبیض، ثم الأحمر، ثم الأسود، و شدید النضج فیه خیره و قریب من أن لا یضر، و الیابس محدود فی أفعاله، إلا أن الدم المتولد منه غیر جید، و لذلک یقمل، إلا أن یکون مع الجوز فیجود کیموسه، و بعد الجوز اللوز، و أخف الجمیع الأبیض.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 156
الطبع: الرطب منه حار قلیلًا، و رطبه کثیر المائیه قلیل الدوائیه، و الفج منه جلاء إلی البرد
فیما هو، إلا لبنه، و الیابس منه حار فی الأولی، و فی آخرها لطیف.
الخواص: الیابس منه و خصوصاً الحریف- قوی الجلاء منضج محلل، و اللحیم أکثر إنضاجاً و فیه تغریه و تقطیع و تلطیف، و البری أحرف و أشد، و التین أغذی من سائر الفواکه، و الشدید النضج قریب من أن لا یضر، و فیه نفخ، و ربما خرج الحریف و الیابس من الجلاء إلی التقریح، حتی إن الیابس و ورقه- إذا طبخ مع أصل المازریون الأسود- کان علاجاً لجرب البهائم، و عصارته و ورقه قوی التسخین و الجلاء، و فیه تلیین بالغ یدفع العفونات إلی الجلد، و یعرق، و فی تناوله تسکین الحراره لذلک فیما أظن، و الیابس أیضاً یدفع إلی خارج، و یعرق، و لبنه یجمد الذائب من الدماء، و یذیب الجامد، و الرطب منه سریع الغور و النفوذ فی المعده و فی البدن، و غذاء التین و إن لم یکن فی اکتنازا غذاء اللحم و الحبوب، فهو أشد اکتنازاً من غذاء جمیع الفواکه. و قوه عصاره قضبانه- قبل أن یورق قریبه من قوه لبنه، و یسمی ماء رماد خشبه المکرر لجمود اللبن فی الباطن، و ماه رماد خشب البلوط قریب منه فی المعانی. و شراب التین لطیف ردی ء الخلط، و لقضبان التین من اللطافه ما یهری اللحم إذا طبخ بها. و فی الخمیر قوه جاذبه من دهن و تحلیل لما جذب بسرعه.
الزینه: الفج منه یطلی به و یضمد علی الخیلان و الثآلیل و أصنافها و البهق، و کذلک ورقه، و تناوله یصلح اللون الفاسد بسبب الأمراض، و الأورام الحاره الرخوه. و ینضج الدمامیل، و خصوصاً بالإیرسا و النطرون، أو النوره بقشر الرمان
علی الداحس، و لبن الجمیز نافع للأورام العسره التحلیل و الخنازیر و العضله، و کذلک طبیخ الجمیز و ینفع التوث، و خصوصاً الجمیز، و عصاره ورقه تقطع آثار الوشم، و بقیروطی علی شقاق البرد، و کذلک لبنه فی جمیع ذلک. و هو مسمن سمناً کثیراً لتحلیل، و هو یقمل مره لفسد خلطه. و قیل: لأنه سریع الإندفاع إلی خارج صالح للحیوانیه.
الأورام و البثور: یضمد به الأورام الصلبه و بالجمیز مطبوخاً مع دقیق الشعیر. و الفج منه علی البهق، و ینضج الدمامیل، و یحدث رطبه الحصف إذا استعمل، و ینفع طبیخه لأورام الحلق، و أورام أصول الأذنین غرغره لذلک مع قشور الرمان، و الداحس مع الفانیذ. و یضر الیابس أورام الکبد و الطحال بحلاوه، و إذا کان الورم صلباً لم یضر و لم ینفع، إلا أن یخلط بالملطفات المحللات فینفع جداً. و الجمیز شدید التحلیل للأورام العسره.
الجراح و القروح: عصاره ورقه تفرّح، و یطلی بطبیخه مع رغوه الخردل علی الحکه، و ورقه ینفع من القوباء، و ورقه یجعل علی الشری و علی القروح الغلیظه الرطوبات، و الماء المکرر فیه رماد خشبه کال منقّ للقروح العفنه العتیقه، إن استعمل مع قشور الرمان أبرأ الداحس، و مع القلقند لقروح الساقین الخبیثه، و لبن الجمیز ملزق للجراحات.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 157
آلات المفاصل: یجعل مع الفج منه، و الورق ورق الخشخاش، فیجعل علی قشور العظام. و ماء رماد خشبه المکرر یصبِّ علی العصب الرجع، و قد یسقی منه قدر أوقیه و نصف.
أعضاء الرأس: ینفع رطبه و یابسه من الصرع، و یقطر طبیخه مع رغوه الخردل فی الأذن التی بها طنین، و ینفع لبنه، أو عصاره قضبانه قبل
أن یورق إذا جعل فی السن المتأکّله، و ینفع استعماله علی أورام ما تحت الأذن ضماداً. و الفجّ منه یبری ء قروح الرأس ذروراً.
أعضاء العین: لبنه مع العسل ینفع من الغشاوه الرطبه، و ابتداء الماء و غلظ الطبقات، و یدلک بورقه خشونه الأجفان و جربها.
أعضاء الصدر: ینفع الرطب و الیابس منه من خشونه الحلق، و یوافق الصدر و قصبه الرئه، و شراب التین یدر اللبن، و کذلک شرابه ینفع من السعال المزمن، و أوجاع الصدر، و ینفع من أورام القضیب، و الرئه.
أعضاء الغذاء: یفتّح سدد الکبد و الطحال. قال جالینوس: رطبه ردی ء للمعده، و یابسه لیس بردی ء، و إذا أکل بالمری نقی فضول المعده، و هو مما یقطع العطش الذی من بلغم مالح، و یابسه یهیج العطش، و ینفع من الاستسقاء خصوصاً بالأفسنتین و کذلک شرب شرابه نافع للمعده، و یقطع شهوه الطعام. و التین سریع الانحدار سریع النفوذ بجلائه، و الیابس یضر بالکبد و الطحال الورمین بجلائه فقط، فإن کان الورم صلباً لم یضر و لم ینفع، و لاستعماله علی الریق منفعه عجیبه فی تفتیحه مجاری الغذاء، و خصوصاً مع اللوز و الجوز، علی أن غذاءه مع الجوز أکثر من غذائه مع اللوز، فإن أکل مع المغلظه صار حینئذ ضرره عظیماً. و الجمیز ردی ء جداً للمعده، قلیل الغذاء، لکنه نافع لجساوه الطحال ضماداً بالأشق، أو بلبنه. و جمیع أصناف التین غیر موافق لسیلان المواد إلی المعده.
أعضاء النفض: ینفع الکلی و المثانه رطبه و یابسه، و یصبر علی حبس البول، و لا یوافق سیلان المواد إلی الأمعاء، و عصاره ورقه تفتح أفواه عروق المقعده، و رطبه ملین و مسهل قلیلًا، و خصوصاً إذا تنوول منه بلوز
مدقوق، و کذلک لصلابه الرحم، و کذلک إن خلط بالنطرون و القرطم و أخذ قبل الطعام، و یحمل لبنه بصفره البیض، فینقی الرحم و یدر الطمث و یدر البول، و یتخذ فی ضماد الأرحام مع الحلبه فی حقن المغص مع السذاب. و التین، و خصوصاً لبنه یخرج من الکلیه رملًا إذا استعمل، و إذا اتخذ ماء الجبن بلبنه المقطر علی اللبن المحرک بقضیبه یسیراً، کان أقوی فی إطلاق الطبیعه و تنقیه الکلیه. و یسقی من ماء رماد خشبه المکرر لمن به إسهال دوسنطاریا أوقیه و نصف، و یحتقن به و فی الحالین یخلط بالزیت، و شراب التین یدر و یلین و هو بجلائه سریع الانحدار من البطن سریه النفوذ.
السموم: لبنه ینفع من لسعه العقرب مروخاً، و کذلک الرتیلاء، و یجعل الفج منه أو الورق
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 158
الطرقی علی عضه الکلب الکَلِب فینفع، و یضمد بها مع الکرسنه علی عضه ابن عرس فینفع. و ماء رماد خشبه المکرر نافع من لسع الرتیلاء مسحاً و سقیاً. و الجمیز نافع للنهوش شرباً و طلاءً.
الماهیه: التوث صنفان، أحدهما هو الفرصاد الحلو، و هو یجری مجری التین فی الإنضاج، إلا نه أردأ غذاء، و أقل، و أفسد دماً، و أقل و أردا للمعده، و له سائر أحوال التین، و لکن دونه، و أما المر الذی یعرف بالتوث الشامی، فلیکن الان أکثر کلامنا فیه و الفج منه إذا جفف قام مقام السماق.
الطبع: الحلو حار رطب، و الحامض الشامی هو إلی البرد و الرطوبه.
الأفعال و الخوص: فیه قبض و تبرید و عصاره التوث قباضه، خصوصاً إذا طُبخت فی إناء نحاس، و یمنع سیلان المواد إلی الأعضاء، و
خصوصاً الفج منه و الفج کالسماق.
الزینه: إذا طبخ ورقه و ورق الکرم و ورق التین الأسود بماء المطر سود الشعر.
الأورام و البثور: الحامض یحبس أورام الحلق و الفم، و ورقه نافع للذیحه و الخوانیق.
الجراح و القروح: الحامض منه ینفع القروح الخبیثه مجففه، و عصارته أیضاً.
أعضاء الرأس: رب الحامض نافع لبثور الفم، و طبیخ أصله یرخی الآسنان، و التمضمض بعصاره ورق الحامض جید للسن الوجع.
أعضاء الغذاء: التوث ردی ء للمعده یفسد فیها، خصوصاً الفرصاد، و إذا لم یفسد الفرصاد فی المعده بسرعه و لم یضر، فیجب أن یؤکل جمیع أصنافه قبل الطعام و علی معده لا فساد فیها. و أما الشامی فلا یضر معده صفراویه، و لیس فیه رداءه، و لا تغثیه فیه، و غذاؤه قلیل، و یشهی الطعام، و یزلقه و یخرجه بسرعه. و بالجمله انحداره من المعده سریع، لکنه من المعی بطی ء.
أعضاء النفض: العفص المملح المجفف من التوث یحبس البطن شدیداً، و ینفع من دوسنطاریا. و دمعه، الترث تسهل، و فی لحائه تنقیه و إسهال، و إسهاله أکثر. و فی التوث الحلو سرعه انحدار. إما لرطوبته، و إما لحرافه ما تخالطه. أرحخانس قال: هو بطی ء الخروج مدر، أظن أنه الحامض، و مع ما به من طبیعه مطلقه، فقد یمنع الإسهال المزمن، و قروح المعی، و خصوصاً مجفّفه، و فی جمیع أصناف التوث إدرار من البول، و التوث الشامی و إن أسرع من المعده، فهو یبطی ء من الأمعاء.
السموم: قشر التوث تریاق للشوکران، و إذا شرب من عصاره ورقه أوقیه و نصف نفع من لسوع الرتیلاء، و لین الطبیعه للزوجته و نفخه.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 159
الماهیه: هو آلوسن، و قد فرغنا من بیان
أفعاله ذلک فی فصل الألف عند ذکرنا آلوسن.
الاختیار: أقواه توبال الحدید، و هو ما یتساقط من الطرق علیها، و جمیعها مجففه. و قد قیل أیضاً فیها.
فهذا آخر الکلام من حرف التاء، و جمله ذلک تسعه عشر عدداً.
الماهیه: الثوم، منه البستانی المعروف، و منه الثوم الکراثی، و الثرم البرّی. و فی البری مراره و قبض، و هو المسمی ثوم الحیه، و الکراثی مرکب القوه من الثوم و الکراث.
الطبع: مسخن و مجفف فی الثالثه إلی الرابعه، و البری أکثر من ذلک.
الخواص: ملین یحل النفخ جداً، مقرح للجلد ینفع من تغیر المیاه.
الزینه: یشرب بطبیخ الفوتنج الجبلی، فیقتل القمل و الصئبان، و یمرخ علیها. و رماده إذا طلی بالعسل علی البهق و کهبه العین نفع، و ینفع من داء الثعلب الکائن من المواد العفنه.
الأورام و البثور: یفتح الدبیلات الباطنه، و رماده علی البثور.
الجراح و القروح: یقزح الجلد، و رماده بالعسل علی القوابی و الجرب المتقرح. و الثوم البری یلرق الجراحات الخبیثه إذا وضع علیها طریاً.
آلات المفاصل: إذا احتقن به، نفع من عرق النسا لأنه یسهل دماً و أخلاطاً مراریه.
أعضاء الرأس: الثوم مصدع، و طبیخ الثوم و مشویه یسکن وجع الأسنان، و المضمضه بطبیخه تنفع أیضاً من وجع السن، و خصوصاً إذا خلط به الکندر.
أعضاء العین: یضعف البصر، و یجلب بثوراً فی العین.
أعضاء الصدر: یصفی الحلق مطبوخاً، و ینفع من السعال المزمن، و ینفع من أوجاع الصدر، و من البرد، و یخرج العلق من الحلق.
أعضاء الغذاء: نافع من الحبن، و خصوصاً الطبیخ الذی تستعمله النصاری من الثوم و الزیتون و الجزر.
أعضاء النفض: إذا جلس فی طبیخ ورق الثوم و ساقه، أدر البول و الطمث، و أخرج
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 160
المشیمه، و کذلک إذا
احتمل أو شرب. و کذلک طعام النصاری المتخذ منه المذکور نافع جداً. و إذا دق منه مقدار درخمیین مع ماء العسل أخرج البلغم، و هو یخرج المود، و فیه إطلاق للطبع. و أما فعله فی الباه، فإنه لشده تجفیفه، و تحلیله قد یضر، فإن طبخ بالماءٍ حتی انحلت فیه حدته، لم یبعد أن یکون ما یبقی منه فی مسلوقه، قلیل الحراره لا یجفف، و یتولد منه ماده المنی، و أن یجعل المواد البلغمیه فی الأمزجه البلغمیه ریاحاً، و لا یقدر علی تفشیها، و إذا انحلت فی العروق ریاحاً لم یبعد أن یغیر شهوه الباه.
السموم: نافع من لسع الهوام و نهش الحیات إذا سقی بشراب. و قد جرّبنا ذلک، و کذلک من عضه الکلب الکَلِب، و إذا ضمد بالثوم و بورق التین و بالکمون علی عضه موعالی، نفع نفعاً بیناً فیما یقال.
الطبع: بزره قوی الحراره.
أعضاء النفض: یدر و یخرج الجنین المیت، و یسهل دماً و أخلاطاً مراریه، و الشربه نصف درهم و یخرج الدیدان.
الماهیه: قیل: إنه یندکنا، و أهل طبرستان یسمونه بنداوش، و هو نبات معروف، و له أغصان ذات عقد یسعی علی وجه الأرض، و یضرب من أغصانه عروق فی الأرض، طعمها حلو، و لها ورق عراض حاعه الأطراف صلب مثل ورق القصب الصغیر، و یعتلفه البقر و سائر الدواب. و قال دیسقوریدوس: قد رأینا من الثیل نوعاً آخر، و هو صنفان: أحدهما ورقه و أغصانه و عروقه أکثر من الذی قدمنا ذکره، و هو نافع فی صناعه الطبّ، هذا الصنف إذا أکلته المواشی قتلها، و خاصه النابت ببلاد بابل علی الطرق. و الصنف الثانی ینبت ببلاد أورسوس، و ورقه کورق اللبلاب، و هو أکثر أغصاناً من غیره، و زهره أبیض طیب الرائحه، و له ثمر صغار ینتفع به، و عروقه خمسه أو سته فی غلظ إصبع، بیض لینه حلوه منتنه، و إذا أخرجت عصارتها و طبخت بالشراب أو عسل کل واحد منهما مساو، فی المقدار، و نصف جزء من مر، و ثلث جزء من فلفل، و مثله من الکندر کان دواء نافعاً، و ینبغی أن یخزن فی حق من نحاس لأمراض شتی. و طبیخ الأصول یفعل مثل ما یفعله النبات، و بزر هذا النبات یدخل فی الأدویه، و منه صنف ثالث ینبت بقالیقلا، و یسمیه أهلها نبتاً، و إذا أکلته الدابه رطباً شبعت سریعاً، و إذا أکلته البقر تورّمت إن کثر ذلک.
الطبع: بارد یابس فی الأولی، خصوصاً أصله الطری.
الأفعال و الخواص: قوته قابضه، و فیه لذع، و تمنع عصارته تحلب المواد إلی الأحشاء.
القانون
فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 161
الجراح و القروح: ینفع من الجراحات الردیئه الطریه یلحمها ضماداً إذا جعل علیها، خصوصاً أصله، و فیه إدمال.
أعضاء الرأس: یمنع النوازل کلها.
أعضاء العین: عصارته مطبوخه فی الشراب و العسل المتساوی الأجزاء، و المر الکندر نصف جزء، و الصبر ربع جزء، یقع فی دواء جید للعین. و جعلوا تألیفاً آخر، و هو، تؤخذ العصاره نصفها مر، و ثلثها فلفل، و ثلثها کندر، و یخلط، و هو دواء جیّد للعین.
أعضاء الغذاء: یقطع بزره و أصله القی ء، و یمنع التحلب إلی المعده، و بزره بالجمله صالح للمعده.
أعضاء النفض: بزره لعوقاً مدر مفتّت للحصی لما فیه من یبس مع مراره، و کذلک أصله، و طبیخهما ینفع من قروح المثانه. و شرب طبیخه صالح للمغص، و عسر البول و القروح العارضه فی المثانه.
الاختیار: أجوده ثفل دهن الزعفران الرزین.[5]
القانون فی الطب (طبع بیروت) ؛ ج 2 ؛ ص161
الطبع: ثفل عصیر الزیت فی الأولی من الحراره.
الخواص: قد ذکرنا أن ثفل دهن الزعفران یصبغ اللسان و الأسنان صیغاً یبقی ساعات.
الجراح و القروح: ثفل عصیر الزیت من المدملات للقروح العارضه فی الأبدان الیابسه.
الخواص: ردی ء للمشایخ و لمن یتولد فیه الأخلاط البارده.
أعضاء الرأس: ماء الثلج یسکن وجع الأسنان الحاره.
آلات المفاصل: الثلج ضار بالعصب لحقنه البخارات الحاره الجاریه فیها و حبسه إیاها عن التحلل.
أعضاء الغذاء: ضار للمعده، خصوصاً التی یتولد فیها أخلاط بارده، و هو یعطش لجمع الحراره.
الخواص: فیه تحلیل. و فراؤه أسخن الفراء، ینتفع بها المرطوبون لتحلیلها.
آلات المفاصل: إذا طبخ الثعلب فی الماء و طلیت المفاصل الوجعه به، نفع نفعاً شدیداً،
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 162
و کذلک الزیت الذی یطبخ فیه حیاً، بل هذا أقوی جداً، و یجب أن یطیل الجلوس فیه. و الأجود أن یکون بعد الاستفراغ و التنقیه، لئلا یجذب بقوه جذبه و تحلیله خلطاً إلی المفاصل، و إذا استفرغ البدن بعد ذلک أیضاً، لم یتحلب إلی المفاصل شی ء. فإن عاود کان خفیفاً، و کذلک شحم الثعلب ربما جذب شیئاً أکثر مما یتحلل. و قد یطبخ فی الزیت حیا، و یطبخ فیه مذبوحاً، فأیهما استعمل حلل ما فی المفاصل.
أعضاء الرأس: شحمه یسکن وجع الأذن إذا قطر فیها.
أعضاء الصدر: رئته المجففه نافعه لصاحب الربو جداً، و الشربه وزن درهم.
الماهیه: هو صمغ السذاب البری.
الاختیار: لا ینتفع إلا بطریه، و إذا أتی علیه سنه ضعف، و لم ینتفع به لتحلل ما فیه من الرطوبات الفضلیه.
الطبع: حار جداً محرق، قوی الإسخان و التجفیف، و فیه رطوبه فضلیه غریبه بسببها لا یلذع فی الحال.
الأفعال و الخواص: منق مسهل منضج مفجر و بسبب رطوبته الفضلیه لا یحرق إلا بعد ساعه، و هو مما یجذب جذباً شدیداً عنیفاً من دهن البدن، و لکن بعد مده لرطوبته الفضلیه، و لا نظیر له فی تغییر المزاج إلی الحراره.
الزینه: ینبت الشعر، و ینفع من داء الثعلب جداً، و قلما یوجد له فیه نظیر، و قد ذکرنا استعماله فی بابه و ینفع من کهوبه الدم، و لا یترک علیها دون ساعه، و کذلک ینفع من الاثار و الکلف و البرص.
آلات المفاصل: یمسح علی الاسترخاء، و علی النقرس،
و علی المفاصل البارده، و یحتقن به لعرق النسا.
أعضاء النفس: ینفع من نفث القیح و عسر النفس، نافع من وجع الجنبین، و خصوصاً القدیم من أوجاعها طلاء و ضماداً، و استفراغاً به، و یعین علی نفث الفضول طلاء و تلطفاً فی استعماله فی اللعوقات.
أعضاء النفض: فی أصله و قشوره، و دمعه إسهال.
الحمیات: یؤخذ من قشره ثلاث درخمیات، و من العصاره ثلاث أوثولوسات، و من الدمعه درخمی، و إذا أکثر منه ضر.
الأبدال: بدله ثلثا وزنه کثیراء بمثله حرف. فهذا آخر الکلام من حرف الثاء، و عدد ذلک سبعه من الأدویه.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 163
الماهیه: قال دیسقوریدوس: من الناس من یسمیه منقور، و هو أصناف کثیره: منها البستانی، و یتّخذ من بزره خبز یؤکل فی الصحه، و قد یستعمل أیضاً مع العسل بدل السمسم، و مع الناطف و رءوس هذا الصنف مستطیله، و بزره أبیض. و منه البری، له رؤوس إلی العرض ما هو، و بزره أسود. و من الناس من یسمیه راوس لأنه تسیل منه رطوبه لینه، و منها صنف ثالث بری أصغر من الصنفین، و أشد کراهه، له رؤوس مستطیله. و قوّه الثلاثه الأصناف مبرده، و ینبغی أن تدق الرؤوس و هی طریه، و یعمل منها أقراص. و تجفّف و تخزن. و أما عمل استخراج الأفیون، فإن من الناس من یأخذ رؤوس الخشخاش الأسود، و ورقه و یدقهما، و یخرج عصارتهِما بالمعصره، و یصیر العصاره فی صلابه، و یسحقها، ثم یعمل منها أقراصاً و یسمی هذا الصنف من الأفیون منفونیون، و هو أضعف قوه من الأفیون الذی إنما هو صمغه. و أما صمغه الخشخاش، فإنما تستخرج إذا زال عنه الطلّ الذی
یقع علی النبات، بأن یشق بالسکین حول رأس الخشخاش شقا رقیقاً بقدر ما لا ینقب، و یشرط جوانب الخشخاش شرطاً، ابتداؤه من الشق الأوّل ماراً علی استقامه، و لا یدهن الشرط، فإذا نبع لبنه و صمغه، أخذ بالإصبع و یجمع فی صدفه، و علی هذا کل ما نبع مسح و جمع فیها وقتاً بعد وقت، فإنه إذا مسح موضع الشرط و ترکه قلیلًا، وجد من الصمغه شیئاً قد ظهر طول النهار و من الغد، و ینبغی أن تؤخذ هذه الصمغه و تسحق علی صلابه، و یعمل منها أقراص الخشخاش، و تخزن. و من الخشخاش صنف آخر یسمیه بعض الناس مار الول، و معناه السواحلی، و هو نبات له ورق أبیض، علیه زغب یشبه ورق قلومس، مشرف الطرف کتشریف المنشار مثل ورق الخشخاش البری، و ساق شبیه بساقه، و له زهر أصفر و ثمر صغار بغلف منحن کالقرون، و فیه بزر أسود صغار شبیه ببزر الخشخاش الأسود، و ینبت أصله علی وجه الأرض، غلیظ أسود، و ینبت فی سواحل البحر و أماکن خشنه. و من الناس من غلط و ظن أن المامیثا إنما یستخرج من هذا النبات، و إنما غلطوا من تشابه الورق. و من
الخشخاش صنف آخر یسمی الخشخاش الزبدی، و إنما سمی بهذا الاسم لأنه یشبه الزبد فی بیاضه. و من الناس من سماه منقور أفردوس، و له ساق طوله نحو من شبر، و ورق صغار شبیه بورق أسمطوریون، و له ثمر. و هذا النبات کله أبیض، و ساقه و ورقه و ثمره یشبه الزبد، و له أصل دقیق و یجمع ثمره إذا استکمل العظم، و ذلک یکون فی الصیف، و إذا جمع جفف و
خزن.
الاختیار: أجوده و أسلمه الأبیض، یجب أن تدق رؤوس الخشخاش من کل صنف طریاً، و یقرص و یخزن و یستعمل، و أجود ما یکون من صمغه ما کان کثیفاً، رزیناً، شدید الریح، مر الطعم، هیّن الذوب، لیناً أملس أبیض، و لیس بخشن، و لا محبب، و لا یجمد إذا دیف بالماء
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 164
کما یجمد الموم، و إذا وضع فی الشمس ذاب، و إذا قرب من لهیب السراج اشتعل و لم یکن له مظلماً، و إذا أطفی ء کانت رائحته قویه، و قد یغش بأن یخلط به مامیثا، أو عصاره ورق الخسّ البری أو بالصمغ. و الذی یغش بمامیثا یصیر زعفرانی اللون و الرائحه إذا دیف، و الذی یغش بعصاره الخس البری إذا دیف، کانت رائحته ضعیفه، و کان خشن الملمس. و الذی یغشّ بالصمغ یصیر لونه صافیاً، و تضعف قوته. و من الناس من یبلغ به خبثه إلی أن یغشه بشحم. و قد قال حکیم من حکماء الیونان: إنه ینبغی أن یعفی من هذا الدواء و ما أشبهه من کان به وجع العین، أو الأذن، لأنه یظلم العین، و یثقل السمع. و قال آدریوس الحکیم: إن الدواء لو لا أن یغش لکان یعمی من یکتحل به. و قال آخر: إنما ینتفع به من الرائحه فقط لینوم، و أما فی سائر الأشیاء فهو ضار. و قد لعمری أنهم غلطوا، و خالفوا ما یتعرف بالتجارب من قوّه هذا الدواء، فإن ما یظهر منه عند التجارب یدل علی حقیقه ما أخبرنا من فعله.
الطبع: البستانی بارد یابس فی الثانیه، و قیل الی الرابعه. و الأسود فی الثالثه، و قیل إلی الرابعه.
الأفعال و الخواص: أصناف الخشخاش
مبرده، و لیس فیه تغذیه یغتذی بها، و الأسود منه مغلظ مجفف، و الخشخاش البحری المقرن الذی ثمرته معقفه کقرن الثور، جال، مقطع شدید الجلاء، و زهره البری منه ینقی اًثار قروح عین المواشی.
الأورام و البثور: قد تطلی أصنافه سوی البحری علی الحمره.
الجراح و القروح: ورق المقرن الساحلی نافع من القروح الوسخه، و یأکل اللحم الزائد لجلائه، و یقلع الخشکریثات، و کذلک زهره، و لا یصلح للقروح الظاهره لفرط جلائه. و البری یتخذ منه ضماد بالزیت علی القروح فیقلعها.
آلات المفاصل: یطلی البحری مع اللبن علی النقرس فینفع، و إذا طبخ أصل الخشخاش البری فی الماء إلی أن یذهب النصف و سقی، نفع من عرق النسا.
أعضاء الرأس: منوم و خاصه الأسود منه، مخدر، یحتمل فی الفتیله، فیرقد، و یمنع النزله، و صاحب السهر إذا ضمد به جبهته انتفع به. و کذلک إذا نُطل بطبیخه، و الزبدی منه إذا تقی ء به شرباً بقدر أکسوثافن ماء القراطن، انتفع به المصروعون من جهه أن ینقّی معدهم خاصه. و دهنه مع دهن الورد صالح للصداع إذا مرخ به الرأس، علی أن اجتنابه ما أمکن أولی، و قد یقطر طبیخه فی الأذن الشدیده الألم، فیسکن وجعها.
أعضاء العین: العین: یستعمل البارد منه فی أوجاع العین الشدیده عند الضروره، و فیه خطر کما قلنا فی الأفیون، إلا أن یخلط ببعض الأدویه المانعه لمضرته فیقل ضرره.
أعضاء الصدر: نافع من السعال الحار و النوازل إلی الصدر، و من نفث الدم، و قد یتخذ منه لعوق نافع لذلک جداً، و خصوصاً إذا خلط بأقاقیا، و عصاره لحیه التیس قال ابن ماسه:
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 165
إن بزر الأسود ینقی الصدر، و أما القشر فالأظهر
من حاله أنه یعسر النفث، و فی جمیع بزره تنقیه.
أعضاء الغذاء: نافع من رطوبات المعده، و البحری المقرن منه- إذا طبخ أصله بالماء حتی ینتصف الماء نفع من علل الکبد، و لمن فی بطنه خلط غلیظ. و بزر الزبدی منه یقی ء، و قیل مثل هذا فی البری أیضاً.
أعضاء النفض: الأبیض الأسود إذا دق ناعماً و سقی بالشراب الأسود العفص، قطع الإسهال المزمن، و لیس تخلو طبیعتبما من قوه مطلقه، و مع ذلک ینحل فی الماء. و طبیخه القوی الطبخ إذا حقن به نفع لدوسنطاریا، و إذا شرب بزره بشراب قراطن لین الطبیعه، و إذا سقی من الزبدی قدر إکسوثافن ماء القراطن قیأ، و یسهل بزر الزبدی البلغم و الخام، و کذلک بزر ضرب من المصری یسمی فی الناطف و الأطریه، و بزر البستانی منه بالعسل یزید فی المنی.
الماهیه: إسمه بالیونانیه مشتقّ من اسم کثیر المنافع.
الطبع: حار باعتدال.
الخواص: فیه تلیین و إنضاج و إرخاء و تحلیل، و بزره و أصله فی قوته، و أقوی و أکثر تجفیفاً و ألطف.
الزینه: یطلی به علی البهق بالخلّ، و یجلس فی الشمس، و بزره أقوی فی ذلک.
الأورام و البثور: یلیّن الأورام و یمنعها، و یحلل الدمویه، و ینضج الدمامیل، و ینفع من الأورام النفخیه، و من الخنازیر، و یحتمل مع صمغ البطم لصلابه الرحم، و یجعل بالکبریت علی الخنازیر مع صمغ.
آلات المفاصل: یسکّن وجع المفاصل، و خصوصاً مع شحم الأوزّ، و ینفع من عرق النسا و من الارتعاش و شدخ أوساط العضل، و تمدّد الأعصاب.
أعضاء الرأس: إذا ضمّد به نفع من الأورام التی تکون فی غدد الأذن.
أعضاء العین: یحلل التهیّج و النفخه التی تکون فی الأجفان.
أعضاء الصدر: بزره نافع
من السعال الحار، و یسهل النفث، و یمنع نفث الدم لقوه قابضه فیه، و ینفع ورقه من أورام الثدی، و یقع فی ضمادات ذات الجنب و الرئه.
أعضاء الغذاء: صمغه یسکّن العطش.
أعضاء النفض: طبیخ أصوله ینفع إذا شرب من حرقه البول، و من حرقه المعی أیضاً، و أورام المقعده، و کذلک ورقه، و کذلک من الإسهال الردی ء، و یحتمل بزره مع صمغ البطم
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 166
لصلابه الرحم و انضمامه، و کذلک طبیخه وحده، و ینقی النفاس. و طبیخ أصله إذا سقی بالشراب نفع من عسر البول، و من الحصاه، و خصوصاً بزره و صمغه یحبس البطن.
السموم: إذا طلی بالخل و الزیت منع مضره الهوام، و ینفع طبیخه بخل ممزوج أو شراب من لسعِ النحل طلاء، و ذلک طلاء کما قدر.
الماهیه: هو بقله معروفه.
الطبع: حار یابس إلی الرابعه.
الأفعال و الخواص: یقطع البلغم، و ذهنه أسخن من دهن الفجل، و تهرب من دخانه الهوام، و البری منه یولد خلطاً ردیئاً، و فیه جلاء و تحلیل، و الناس یأکلون ورقه و أصوله مطبوخه.
الزینه: ینقی الوجه و یزیل الکهبه و أثر الدم المیت. و البری ضماده جید للبهق، و یجفف اللسان، و ینفع من داء الثعلب.
الأورام و البثور: یحلل الأورام الحاره و کل ورم مزمن، و یوضع بالکبریت علی الخنازیر.
الجراح و القروح: ینفع من الجرب و القوابی.
آلات المفاصل: ینفع من وجع المفاصل و عرق النسا.
أعضاء الرأس: ینقّی رطوبات الرأس و یضمد به رأس من به لیثرغس، و ماؤه قطوراً لوجع الأذن و الضرس، و کذلک دهنه، خصوصاً و قد طبخ فیه حلتیت، و هو من الأدویه المفتّحه لسدد المصفاه. قال بعضهم: إن شُرب علی الریق
ذکی الفهم.
أعضاء العین: یستعمل فی أکحال الغشاوه و الخشونه.
أعضاء الصدر: إن دق و شرب بماء العسل أذهب الخشونه المزمنه فی قصبه الرئه.
أعضاء الغذاء: یزیل الطحال و یعطش.
أعضاء النفض: ینفع من اختناق الرحم، و یشفی الباه.
الحمیات: نافع من الحمیات الدائره و العتیقه.
الماهیه: قال دیسقوریدوس: هو نبات، ورقه مفروش علی وجه الأرض، و هو أخضر شبیه بورق الزیتون الناعم، إلا أنه أدق منه و أطول، و له أغصان طولها شبر، علیها زهر، لونه فرفیری، و له أصل ضبیه ببصل البُلْبُوس، إلا أنه إلی الطول ما هو، و هو یتضاعف زوانج مثل
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 167
زیتونتین، إحداهما فوق الآخری رخوه منسحبه، و قد یؤکل هذا الأصل کما یؤکل البلبوس مسلوقاً. و قد یقال فی هذا الأصل أنه إذا أکل الرجل القسم الأعظم منه ولد الذکران، و أن القسم الأصغر إذا أکله النساء ولدن الإناث. و هذا الصنف ینبت فی مواضع حجریه و مواضع رملیه.
و من خصی الثعلب صنف آخر یسمیه بعض الناس أندریاس لکثره منافعه، و هو نبات ورقه یشبه ورق الکراث إلی الطول، إلا أنه أعرض منه، رخص فیه رطوبه دبقیه، و له ساق طوله نحو من شبرین، و زهر لونه إلی لون الفرفیر ما هو، و أصل شبیه بالخصیتین. و قیل: فی هذا الأصل ما قیل فی الذی قبله، و حشیش کلیهما خشن حلو.
الطبع: حار فی الأولی رطب فیها، رطوبته فضلیه.
آلات المفاصل: ینفع من التشنج و التمدد اللذین إلی خلف، و من الفالج، نفعاً بلیغاً. یشهی الباه، و یعین علیها، و خصوصاً بالشراب، و یقوم منام أسقنقور.
أعضاء النفض: ضماد یفتح النواصیر، و إذا شرب فی الشراب عقل سیلان البطن فیما زعم قوم.
الماهیه: هو نبات شبیه بنبات خُصی الثعلب، حتی إن قوماً اشتبهوا فی الفرق بینهما، فقال واحد منهم: إن ذاک هذا، و قال آخرون: إن هذا النبات ذاک لمشابهه الأصول و النبات، و هما فریبا الأفعال، و هو صنفان: أحدهما أصغر، و
هو زوجان، زوج تحت، و زوج فوق، و أحدهما رخو، و الآخر ممتلی ء، و نوع آخر أعظم من ذلک.
الخواص: فی النوع العظیم رطوبه فضلیه.
الأورام: یحلّل الأورام البلغمیه.
القروح: ینقّی القروح، و یمنع النمله أن تنتشر، و یفتح النواصیر، و یدمل القروح الخبیثه و المتأکله.
أعضاء الرأس: ینفع من القلاع.
أعضاء النفض: إذا تناول الرجل أکبرهما صار مذکاراً، و إذا تناولت المرأه أصغرهما صارت مئناثاً، و یقال: إن الرطب منه یزید فی الجماع، و الیابس یقطعه، و یبطل کل منهما فعل الآخر. و قد قیل جمیع ذلک فی الأعظم و الأصغر.
الماهیه: هی من جنس اللحم الرخو من أعضاء الحیوان.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 168
الاختیار: أجود خصی، ما هو جید الخصی، خصی الفتیان، و خصی الکبار مثل التیوس و ما أشبهها من الکباش، و الثور لا ینهضم و لیس کخصی الدیوک، لا سیما المسمنه فإنها جیده جداً.
الأفعال و الخواص: لیس له جوده غذاء الثدیین إلا کخصی الدیک المسمنه، فهو جیّد الغذاء کثیره. و جمیع أصناف الخصی، إذا انهضم، خاصه ما هو أعسر انهضاماً، فإنه یغذو غذاء کثیراً.
أعضاء الغذاء: أکثرها عسره الهضم کثیره الغذاء، و خصوصاً ما کان من الحیوان الکبیر الغلیظ اللحم.
الماهیه: قال دیسقوریدوس: من الناس من یسمیه مالینودیون، و سمی بهذا لأنه کان رجل اسمه مالینوس، أسهل بنات فروطوس بهذا النبات فبرأن من الجنون، و هو نبات له ورق أخضر شبیه بورق الدلب، إلا أنه أصغر منه و أکبر تشریفاً، مثل سفندولیون، و هو أشد منه سواداً، و فیه خشونه، و له ساق قصیره، و زهر أبیض فیه لون فرفیری فی هیئه الورد، و فی العنقود ثمر یشبه القرطم، و یسمونه سمسمونداس، و له عروق دقاق سود، مخرجها من أصل واحد کأنه رأس بصله، و إنما یستعمل من الخربق الأسود عروقه، و ینبت فی المواضع الخشنه و الکهوف و التلول و أماکن صلبه یابسه.
و من الناس من یطرحه فی الماء و یرش به البیوت، و ذلک أنهم یظنون أنه طهور، و لذلک إذا أرادوا قلعه من الأرض قاموا فی وقت ما یحفرون حوله، یصلون للمعبود و یقلعونه، و هم یصلون و یحذرون فی وقت احتفاره أن تمرّ بهم عقاب، لأن من مذهبهم أنه یتخوف علی قالعه الموت إن رأی العقاب الخربق محفوراً
عنه، فینبغی لمن یحفر عنه أن یسرع الحفر لأنه یعرض من رائحته ثقل فی الرأس. و ینبغی أن یحتاطوا قبل ذلک بأکل الثوم و شرب الشراب دفعاً لمضره ذلک. و یعملون به مثل ما یعمل بالخربق الأبیض، و یسقونه مثل ما یسقی.
الإختیار: أجوده المتوسط من العتیق و الحدیث، و السمین و المهزول، الرمادی اللون السریع الإنکسار، الغیر النخر الذی فی جوفه مثل نسج العنکبوت، الحاد الطعم، الحاذیَ اللسان، و الجید مما یستعمل منه، أن تؤخذ العیدان الصغار التی عند أصله و تبلّ بقلیل ماء و تقشر، و تؤخذ تلک القشور و تجفف فی الظل، و یستعمل مسحوقاً منخولًا. و الشربه ثلاث کرمات. و الأجود أن یسقی مع فطراسالیون و دوقوا، و قد یسقی إلی درخمی بحسب اختلاف مزاج الإنسان و یجب علی الطبیب النظر فی ذلک، و یتصرف فیه بحسب السن و العاده و الزمان و الوقت الحاضر و السبب الموجب لذلک.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 169
الطبع: حار یابس إلی الثالثه.
الأفعال و الخواص: هو محلل ملطف قوی الجلاء، حتی إنه یأکل اللحم المیت، لما ذا نبت عند أصول کرمه صارت قوه شرابه مسهله. و من خواص الخربق أن یحیل البدن عن مزاجه، و یفیده مزاجاً جدیداً شبابیاً. و کثیر ممن یتناول الخربق الأبیض للقی ء فلم یقیئه و لم یسهله، لکنه یفعل فعل ما یقی ء و یسهل. و مرافقته للرجال، و للمذکرات من النساء، و الأقویاء و الشبان، و الذین لهم خصب فی البدن و کثره دم أکثر، و لا یصلح للحبنان و الرخو، و موافقته فی نیسان، ثم فی تشرین، إلا أنه یجب أن یتقدم قبله ثلاثه أیام بالحمیه عن المطاعم و المشارب
الغلیظه، و أن یستعمل اللهو و السرور، و أن یتقیأ بعد العشاء مرتین أو ثلاثه، ثم یتناول.
الزینه: یطلی علی البهق بالخل، و کذلک علی الوضح.
الجراح و القروح: یطلی بلبن الأسود و الأبیض علی الجرب، و القوابی بالخل، و القشر طلاء و استفراغاً به، و الناسور الصلب یقلع صلابته، و یتخذ منه کالقالب، و یدخل فی الناسور، و یترک أیاماً ثلاثه، فإنه إذا أخرج منه قلع محرقه.
آلات المفاصل: ینفع من الفالج و أوجاع المفاصل، و الاستفراغ به دواء لها قوی.
أعضاء الرأس: إذا طبخ بالخل و قطر فی الأذن سکن الدویّ، و إذا تمضمض بذلک الخل سکن وجع الأسنان، و إذا قطر طبیخه فی أذن الضعیف السمع قواه، و ینفع من الوسواس و المالیخولیا و الصرع و الشقیقه و أمراض الرأس جمله.
أعضاء العین: یقوی البصر إذا وقع فی الأکحال.
أعضاء النفض: ینفع من السواد و غلبتها، و یسهلها إسهالًا من جمیع البدن من غیر إکراه، و یخرج الصفراء و البلغم کذلک، و یخرج کل فضل یخالط الدم حتی من أقصی البدن و من الجلد، و یجب أن یجعل سریع الإسهال بالسقمونیا، و یخلط به فطراسالیون و دوقوا، و قد یسقی بأن ینقع فی سکنجبین أو شراب حلو، و یترک فیه مده، ثم یطبخ ذلک الشراب بعدس، و بماء الشعیر، أو بالدجاجه، و یتحسی مرقه، قد یخلط بالدرخمیین منه قدر ثلاث أوثولوسات سقمونیا، و قد یطبخ فی العسل. و قد قیل فی لوح الخواص من تدبیره ما یجب أن یتأمل فی هذا الموضع أیضاً، و هو نافع جداً للأورام فی الأمعاء و المثانه، و یدر الطمث و البول.
الأبدال: بدل الأسود نصف وزنه مازریون، و ثلثا وزنه غاریقون، و ذکر
ماسویه أن بدله کندس.
الماهیه: قال ماسرجویه: هو خولنجان، و قال غیر. بخلاف ذلک.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 170
الطبع: حار یابس.
الأفعال: محلل مذیب.
أعضاء النفض: ینفع من القولنج و وجع الکلی، و یزید فی الباه، و أکثر خاصیته فی أوجاع اکلی.
الماهیه: قال دیسقوریدوس: هو نبات له ورق مثل لسان الحمل، أو السلق البری، إلا أنه أضر منه، و هو ثخین أسود یضرب إلی الحمره قلیلًا، و له ساق طوله نحو من أربع أصابع مضمومه، أجوف. و إذا ابتدأ جفافه یتقشر، و عروقه کثیره دقاق، مخرجها من رأس واحد مستطیل شبیه ببصله، و ینبت فی أماکن جبلیه، و ینبغی أن یقلع فی زمان حصاد الحنطه، و أجوده ما کان منبسط السطح انبساطاً معتدلًا، و کان أبیض هین التفتت کثیر اللحم، و لا یکون حار الأطراف شبیهاً بالأذخر، و إذا فتت ظهر منه شی ء شبیه بالغبار و نسج العنکبوت فی المحرقه، و لا یلذع اللسان لذعاً شدیداً علی المکان و یجلب اللعاب. فإن هذا الصنف منه ردی ء، و قد وصف الأولون الذین کانوا من الحذاقین قوته و منافعه علی ما یحق و ینبغی. و أوضحهم صفه و أقبلها عندنا، فلونیدس المتطبب، و القول فی وصفه طویل لأنه أوفق فی صناعه الطدت من سائر الأدویه. و بعض الناس قد یسقون منه قلیلًا فی الأحشاء مع السویق، و من کان ضعیف الجسم إذا أخذه علی هذه الصفه، لم یضره شی ء لأنه لا یقرب من الأعضاء الرئیسه وحده بغیر واسطه شی ء آخر. و أهل أنطیقون یسمون الدواء المسمی بلغه غیرهم سمرنداس الخربق، لأنه یخلط بالخربق الأبیض، و هو أیضاً فاضل، یدخل فی الأدویه التی یقع فیه الخربق الأبیض، و هو نبات یشبه
الفوتنج، و له ورق طوال و زهر أبیض، و أصل دقیق لا ینتفع به، و بزر شبیه بالسمسم من الطعم، و له منافع کثیره.
الاختیار: المخًتار منه المنبسط السطح باعتدال، الأبیض السریع التفتت، الکبیر الحجم، الرقیقه، لا یلذع اللسان فی الحال لذعاً شدیداً، و یجلب اللعاب. و أما الشدید اللذع فی الحال، فخانق، و أفعال المدبرات فیه مذکوره فی باب الخواص.
الطبع: حار یابس فی أوساط الثالثه.
الأفعال و الخواص: الأبیض أشدّ مراره، و الأسود أشد حراره، و إذا أکله الفار مات، و یتعمد ذلک و یطعم الفار منه فی سویق و عسل، و إذا طبخ مع اللحم هراه. و أضعفه المنقوع منه خمس درخمیات من المقطع فی تسع أواق من ماء المطر ثلاثه أیام یصفّی و یفتّر و یشرب، ثم المبطوخ منه رطل فی قسطین من ماء المطر مقطعاً بعد الإنقلاع ثلاثه أیام، و یطبخ حتی یبقی الثلث، ثم یخرج عنه الخربق و یطرح علی الماء عسل فائق مصفی قدر رطلین، و یقوم و یؤخذ منه
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 171
ملعقه کبیره کما هو، أو مع ماء حار، و هذا سلیم مأمون، ثم القشر المقطع، ثم الجریش فی مثل ماء الشعیر لئلا یبقی شی ء فی الحلق و المعده، ثم السحیق منه معقوداً مع ماء العسل. و هذا هو الذی یقتل فی أکثر لبقائه فی المسالک، و یجب أن یعد شاربه أشیاء یدرأ بها ما یکاد یقع به من التشنج، مثل مرقه الدجاج، و شراب الزوفا بالفوتنج، أو السَّذاب و العدس، و الأدهان العطره، کالمتّخذ من السعد و السوسن و الترمس، و أن یکون عنده خل حاد الرائحه، و تفاح و سفرجل، و خبز حار، و
شراب ریحانی، و دواء معطس، و ریشه و کرسی و سرر و فراش وطی ء، و محاجم مختلفه.
فإذا استسهلوا بسهوله حسوا ماء بارداً، و شموا روائح طیبه، و یغذون بما یجود کیموسه، و إن کان قد عرض تشنج و ضعف، فخبز مثرود فی شراب، أو ماء العسل و ربما وجب أن یعاد بعد ذلک فیطعم خبزاً مغموسآ فی ماء بارد، فإن عرض لهم فواق فی وسط العمل أعطوا ماء العسل مطبوخاً فیه الفجل. فإن لم یتحرک الدواء فیهم بعد مده جرعوا ماء عسل بماء حار مطبوخاً فیه السذاب، أو سقوا ماء و دهناً و قبئوا بریشه مدهونه بدهن السعد، أو السوسن، و أرجحوا فی أرجوحه، فإن عرض کالاختناق سقوا طبیخ الخربق مقدار ثلاث أواق، فإن ذلک یغیر الدواء و یزیل العارض، فإن لم ینجع، فالحقن الحاره. و سقی ثلاث أوثولوسات منه لا لیقی ء، بل لیدفع الاختناق و یعطشهم بالمعطشات، فإن لم یزل الفواق بالقی ء، استعملنا المحاجم علی الفقره الکبری التی بین الأکتاف، و علی سائر خرز الظهر، فإن المحجمه تسوی الإلتواء العارض بعد الفواق، و تدهن الأعضاء المتشنّجه بدهن شدید الإسخان، و بماء الحمام و الأبزن.
الزینه: یفعل فی هذا الباب مثل ما یفعل الأسود.
الجراح و القروح: یفعل فی هذا الباب فعل الأسود.
أعضاء الرأس: إذا شم سحیقه یهیج العطاس.
أعضاء العین: یحد البصر.
أعضاء الغذاء: الأبیض یقی ء بقوه، و فیه خطر لأنه یخنق، و قد یجعل فی الخبیص لیقی ء، و من خیف علیه الاختناق، فیجب أن لا یسقی و المعده خالیه، و هؤلاء هم الضعفاء.
السموم: یقتل الإفراط منه الناس، و هو سم للکلاب و الخنازیر، و رجع شاربه یقتل الدجاج.
الماهیه: منه کابلی، و منه بصری، و یمکن أن
لا ینبت فی البصره إذ یحمل من الهند إلی البصره و إلی غیرها من البلاد.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 172
الاختیار: أجوده ما یؤخذ عن القصب، و ما هو أبرق و أدسم، و أجود قصبه أیضاً البراق الأملس.
الطبع: معتدل فی الحر و البرد، و هو رطب.
الخواص: محلِّل ملین.
الأورام و البثور: ینفع من الأورام الحاره فی الأحشاء، خصوصاً فی الحلق إذا تغرغر به بماء عنب الثعلب، و یطلی علی الأورام الصلبه فینتفع به.
آلات المفاصل: یطلی به النقرس و المفاصل الوجعه.
أعضاء الصدر: إذا مرس فی ماء الکزبره الرطبه بلعاب بزرقطونا، ثم تغرغر به نفع من الخوانیق.
أعضاء الغذاء: منقّ للکبد، نافع من الیرقان و وجع الکبد.
أعضاء النفض: ملین للبطن یخرج المره المحرقه و البلغم، و إسهاله إسهال بلا أذی، حتی إنه یصلح للحبالی و یسهلهن.
الأبدال: بدله نصف وزنه ترنجبین و ثلاثه أوزانه لحم الزبیب، و دهن وزنه تربد، و قد یجعل بدل الزبیب ربّ السوس فیما زعم قوم.
الماهیه: البرّی منه فی قوّه الخشخاش الأسود.
الطبع: قال جالینوس: لیس بروده البستانی منه بالغه، بل مثل برد ماء الغدران، و رطوبته أغلظ من رطوبه السلق و ألطف من رطوبه الخبازی. و قیل: إنه فی الترطیب و التجفیف بین الکرنب و القطف و الیمانیه. أقول: من قال إنه بارد فی الثالثه، حکم علیه أنه ردی ء الغذاء قلیله، و لیس کذلک فیشبه أن یکون فی الثانیه.
الخواص: لا جلاء فیه و لا قبض و لا إطلاق لخلوه عن الملوحه و العفوصه و سائر ذلک، و الدم المتولّد منه أحمد من الدم المتولّد من البقول. و أغذاه المطبوخ، و هو نافع من اختلاف المیاه، و غیر المغسول عنه أجود. و الغسل یزیده نفخاً،
و کذلک جمیع البقول البارده، و هو سریع الهضم، و إذا استعمل فی وسط الشراب منع إفراط السکْر، و البری منه فی قوّه الخشخاش الأسود.
الأورام و البثور: ینفع من الأورام الحاره و الحمره طلاء إذا لم یکونا عظیمین شدیدین.
آلات المفاصل: هو ضماد علی الوثی نافع.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 173
أعضاء الرأس: ینوم و یزیل السهر مسلوقاً ونیاً، و ینفع من الهذیان و إحراق الشمس للرأس، و هو دواء لسدّه المنخرین.
أعضاء العین: لبن البرّی منه یجلو قروح القرنیه، و لبن البستانی قریب منه، و هو ضماد للرِمد الحار، و لبن البرّی ینفع من الغرب، و إدامه أکله تظلم العین.
أعضاء الصدر: یزید فی اللبن.
أعضاء الغذاء: نافع من العطش و حراره المعده و التهابها. و البستانی جیّد للمعده سریع الهضم، و تناوله بالخل یشهّی، و ینفع کله من الیرقان.
أعضاء النفض: بزره یجفّف المنی و یسکن شهوه الجماع، و ینفع من کثره الاحتلام.
و بقله أقل فی ذلک من بزره. و لبن الخسّ إذا سقی منه نصف درهم بماء أسهل کیموساً مائیاً، و لبن البستانی إذا عظم قریب من لبن البرّی، و نفس الخس لا یعقل و لا یطلق لأنه لا مالح و لا عفص و لا جال، لکنه مدر، و البری منه یدر الطمث.
السموم: لبن البری یسقی للسعه الرتیلاء و العقرب.
الماهیه: ورقه کالکَرَّاث الشامی، و له ساق أملس علی رأسه زهر، و له ثمره طوال مستدیره کالبلوط، و هو حریف.
الطبع: هو حار یابس، و قال بعض: إنه بارد رطب، و أبعد.
الأفعال و الخواص: جلآء محلل، و خصوصاً أصله، و إذا أحرق صار مسخناً مجففاً محللًا، و أکثر منه أصله، و قوته کقوه اللوف الجعد.
الزینه: ینفع من
داء الثعلب و الحیه، و خصوصاً رماد أصله، و إذا طلی برماده البهق الأبیض و جلس فی الشمس نفع.
الأورام و البثور: أصله بدردی الشراب علی أورام الغدد کلها و علی الدمامیل، و إذا ضمد بدقیق الشعیر نفع فی ابتداء الأورام الحاره.
الجراح و القروح: إذا جعل أصله بدردی الشراب علی القروح، الخبیثه و الوسخه نفعها.
آلات المفاصل: ینفع من وهن العضل و الوثی.
أعضاء الرأس: إذا قطرت عصارته وحدها أو مع کندر و عسل و شراب و مر، نفع من قیح الأذن، و لوجع الضرس إذا قطر فی الأذن فی الجانب المضاد للضرس الوجع.
أعضاء العین: فی عصاره أصله منفعه للعین.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 174
أعضاء النفس: إذا سقی منه وزن درخمی بشراب، نفع من وجع الجنبین و السعال، و أصله بدردی الشراب جید لأورام الثدی.
أعضاء الغذاء: نافع من الیرقان.
أعضاء النفض: یدر البول و الطمث، و ثمرته و زهره إذا سقیا بشراب أسهلا، أصله بدردی الشراب ضماد جید لأورام الخصی.
السموم: یسقی منه ثلاث درخمیات لنهش الهوام، و إذا سقیت ثمرته و زهره فی شراب نفع نفعاً عظیماً من لدغ العقرب، وذی الأربعه و الأربعین، مع أنه یسهل.
الماهیه: قطاع ملتویه حمر و سود حاد المذاق، له رائحه طیبه خفیف الوزن، یؤتی به من بلاد الصین. قال ماسرجویه: هو خسرودارو بعینه.
الطبع: حار یابس فی الثانیه.
الأفعال و الخواص: لطیف محلل للریاح.
الزینه: یطیب النکهه.
أعضاء الغذاء: جید للمعده هاضم للطعام.
أعضاء النفض: ینفع من القولنج و وجع الکلی و یعین علی الباه، و بدله وزنه من قرفه قرنفل.
الماهیه: هو کورق الخس الدقیق کثیر العدد إلی السواد، أزغب، و أوراقه لاصقه بالأصل ثابته تحبسه، و لون أصله إلی الحمره و بصبغ الید و الأرض أحمر، و ینبت فی أرض طیبه، و هو من جوهر مائی و أرضی، و هو الشنجار و قد قیل فیه.
الاختیار: الأصفر أقوی، و الأبیض مائی ضعیف.
الطبع: حار یابس فی أول الثانیه.
الخواص: جال مفتح و یابس، زهره أقوی فی ذلک، و طبع أصله قریب من طبع بزره، و الأصل أقوی، و خصوصاً الیابس. قال بولس: فیه قوه جذابه من عمق حتی إنه یجذب السلا.
الأورام: ینفع الأورام الصلبه حیث کانتَ.
القروح: إذا اتخذ منه بالقیروطی أدمل و کذلک ماؤه بالقیروطی.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 175
آلات المفاصل: هو بعروقه ضماد علی النقرس، و کذلک بالخل علی عرق النَّسا.
أعضاء الرأس: عصارته منقّیه للرأس سعوطاً، و یستعمل بالعسل فی القلاخ فینفع لطوخاً.
أعضاء العین: یابسه ینقّی الأثر الباقی فی العین و غلظ الطبقات.
أعضاء الغذاء: منق للکبد، و المکبوس بالخل نافع للطحال أکلًا و ضماداً.
أعضاء النفض: یدر الطمث بقوه، و یخرج الجنین المیت، و یقتل الجنین الحیّ، و هو ینفع من الأورام الصلبه فی الرحم حمولًا و جلوسا فی مائه، و هو أدر شی ء للطمث و أصلحه، و المبلغ مثقال واحد شرباً و احتمالًا، و یستعمل بالقیروطی علی شقاق
المقعده.
الاختیار: أصلحه الشامی المجفَف.
الطبع: النبطی أشد یبساً و بروده.
الأفعال و الخواص: الشامی مجفف قابض، و کذلک ثمرته، إلا أن فیه حلاوه، و مع ذلک یعقل. و النبطی أشد یبساً و تجفیفاً، و لا یلذع، و النبطیّ یؤکل رطباً، و خلطه ودی ء. ثقیل.
الزینه: إذا دلکت الثآلیل بالخرنوب النبطی الفجّ دلکاً شدیداً أذهبها البته.
أعضاء الرأس: المضمضه بطبیخه جیده لوجع الأسنان.
أعضاء الغذاء: الشامی الرطب ردی ء للمعده، و لا ینهضم، و الیابس أبطأ انهضاماً و نزولًا قال جالینوس: نبت هذه الثمره لم یجلب إلی بلاد أخری، و الینبوت جید للیرقان.
أعضاء النفض: الجلوس فی طبیخه یقوی المعده، و فیه إدرار، و خصوصاً ما یربی بعقید العنب و الرطب من الشامی یطلق، و الیابس یعقل و ینفع من الخلفه. و النبطی نافع من سیلان الطمث المفرط احتملا و أکلًا، و الینبوت هو جید للمغص و الإسهال.
الخواص: مجفف جلآء، و خاصه خزف التنور، و ألطف الأخزاف خزف السرطان البحری، و القرامید فی طبیعه السنباذج.
الزینه: خزف السرطان البحری مجفّف، یجلو الکلف و النمش.
الأورام: یتّخذ من الخزف قیروطی علی الخنازیر ینفعه.
الجراح و القروح: المرهم المتخذ من الخزف قوی الإدمال، و ینفع من القروح، و یجلو الجرب، و خصوصاً خزف السرطان البحری.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 176
أعضاء العین: خزف العضائر الصینی المدقوق مع دهن حب القطن یقلع الظفره المزمنه، و خزف السَرطان البحری مع الملح المحتفر ینفع من المره، و یقلع البیاض العارض من اندمال القرحه.
آلات المفاصل: خزف التنور یطلی علی النقرس.
الماهیه: یقال أن. شیرزق ورق لبنه، و یقال بوله.
الطبع: فی شیرزق جلاء شدید الحراره.
الزینه: دهن الخفاش یمنع أثداء الأبکار عن العظم، و یمنع نبات الشعر فیما یقال، و لیس بصحیح.
أعضاء العین: دماغه مع العسل نافع لابتداء الماء فی العین، و رماده یحد البصر، و الشیرزق نافع للظفره و البیاض.
الخواص: دواء یخنق الذئاب و الخنازیر و الکلاب، معفن جداً لا یستعمل لا داخلًا و لا خارجاً.
السموم: هو قاتل للذئاب، و قد قیل فیه فی باب القاف.
الماهیه: قال دیسقوریدوس،: هو نبت له قضبان دقاق طوال، عسره الرض، و له ورق شبیه بورق اللبلاب، إلا أنه ألین منه و أحد طرفاً، ثقیل الرائحه ریان من رطوبه لزجه صفراء، و له حمل شبیه بغلف الباقلا فی طول أصبع، و فی جوفه بزر صغار صلب أسود.
الخواص: و ورق هذا النبات إذا خلط بالشحم و خبز بالخبز و أطعمه للذئاب و الکلاب و الثعالب و النمور قتلها. و هو یضعف قواتها ساعه تأکله، و لا یستعمل لا داخلًا و لا خارجاً.
السموم: سم قتال قیل إذا قرزبَ من العقرب أخمدها.
هو قاتل النمر و قد قیل فیه.
الماهیه: معروف، و قد یخرج لورقه- إذا شدخ- صمغ قوی.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 177
الأفعال و الخواص: ثمرته و ورقه قابض بلا لذع، و له تجفیف کاف، و رماده شدید التجفیف، و إذا تضمد به رطباً حبس نزف الدم، و قد یشدخ ورقه فیخرج له صمغ شدید ملطف.
الزینه: رمادد یقلع الثآلیل طلاء بالخل.
الجراح و القروح: ضماد للجراحات الواقعه فی العظام، و خصوصاً ثمرته و ورقه، و رماده یزیل النمله إذا طلبت به بالخلّ.
أعضاء الرأس: فقاحه و ماؤه مسکن للصداع، و عصیر ورقه، لا شی ء أبلغ منه فی قلاع المده التی تسیل من الأذن.
أعضاء العین: توضع ثمرته و ماؤه علی ضربه الحدقه، و صمغه نافع جداً للبصر الضعیف.
أعضاء الغذاء: ماؤه نافع من سدد الکبد و من الیرقان.
أعضاء النفض: ثمرته نافعه لأصحاب اختلاف الدم.
الماهیه: نوع من الملوخیا، و قیل: الخبازی، هو البری، و الملوخیا هو البستانی. و من الخبازی نوع یقال له ملوخیا السحره، و هو الخِطمِی. و بقله الیهود لیس بعیداً أن یکون من أصنافه، و هو أحمر.
الاختیار: البری ألطف و أیبس، و شده مائیه البستانی تنقص من قوته.
الطبع: بارد رطب فی الأولی، و قیل: إن البستانی حار یابس، و قائل هذا القول هو المسمی بولس، یشبه أن یکون ذهب إلی البقله الیهودیه، فإنها تسمی ملوخیا.
الخواص: فیه تلیین و قیل: هو ألطف من السرمق و أغلظ من السلق، و البری ألطف و أیبس، و قیل: إن البستانی یسخن قلیلًا، و ینحدر سریعاً لرطوبته و لزوجته، و خاصهً مع المری و الزیت، و هو معتدل الانهضام، و رطوبته- فیما یقال أغلظ رطوبه من الخس. قال بولس: و هو یقبض و یقشر و یحلّل بلا.
لذع، و یشبه أن یعنی به البقله الیهودیه.
الأورام: هو نافع للنمله و الحمره، و ورق البری مع الزیتون نافع لحرق النار، و کذلک طبیخه تطولًا، و البستانی نافع لابتداء الورم الحار و تزیده.
القروح: إذا مُضغ مع الملح نیئا و جعلی علی النواصیر، و خصوصاً الصغار، و فی العین.
أعضاء الرأس: یضمّد به قروح الرأس مع البول، فینفع جداً و یمضغ للقلاع.
أعضاء العین: إذا مضغ ورقه و استعمل منه مع ملح یسیر نقی نواصیر العین و أنبت اللحم.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 178
أعضاء الصدر: ورقه و زهره، کل ملین للصدر، و مغزر للبن، مسکن للسعال الحادث عن الحراره و الیبس، و بزره أجود منه فی إزاله خشونه الصدر.
أعضاء الغذاء: البستانی ردی ء للمعده، و فیه تفتیح لسدد الکبد.
أعضاء النفض: زهره نافع لقروح الکلی و المثانه شرباً و ضرباً بالزیت، و بزر الملوخیا ینفع من السحج. و قروح المعی و قضبان الخبازی البستانی نافع للأمعاء و المثانه، ملیّن للبطن و أوجاعها، و ذلک إذا شرب ماؤه، أو اتخذ منه شراب. و طبیخه نافع لصلابات الرحم جلوساً فیه، و احتقاناً، و فیه قوّه مدره للبول. و من الخُبَّازَی البری یدور مع الشمس ما یسهل خاماً و مره، و ربما أفرط و أسهل الدم.
السموم: ورقه یسکّن لسع الزیتون ضماداً، و خصوصاً مع الزیت، و من السموم یشرب بزره و یتقیأ دائماً، و ینفع من لسع الرتیلاء.
الطبع: فیه حراره، و أما یبوسته و رطوبته فبقدر کثره ملحه، و بورقه و قلتهما.
الخواص: فیه قوه جلّاءه للملح و البورقیه و الحنطیه، و فیه قوه مبرده للحموضه، یجذب المواد العمیقه إلی ظاهر البدن و یحلل.
آلات المفاصل: یضمد به الوجع الذی یکون فی
أسفل القدم.
الطبع: بارد فی آخر الثانیه، رطب فی الأولی دون آخرها.
الخواص: رطوبته سریعه العفونه، ملیّن، فیه قبض ما، و أقبضه المقدد، و فیه منع لسیلان، الفج قابض.
الزینه: یقطع ورقه إذا طلی به رائحه النوره.
أعضاء الرأس: یقطر ماء ورقه فی الأذن فیقتل الدیدان، و ینفع دهنه من الشقیقه و أوجاع الأذن الحاره و البارده.
أعضاء الغذاء: النضیج منه جید للمعده، و فیه تشهیه للطعام، و یجب أن لا یؤکل علی غیره فیفسد علیه و یفسده، بل یقدمه علی الطعام. و قدیده بطی ء الهضم لیس بجیّد الغذاء، و إن کان أکثر غذاء.
أعضاء النفض: یضمّد بورقه السره فیقتل دیدان البطن، و کذلک إن شربت عصاره فقاحه و ورقه. و النضیج منه یلیّن البطن، و الفج عاقل. و قد قال بعضهم: إنه یزید فی الباه، و یشبه أن یکون ذلک فی الأبدان الیابسه الحاره.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 179
الماهیه: طیر معروف.
أعضاء الرأس: قال دیسقوریدوس: إذا أخذ فرخه فی زیاده القمر، و کان أول ما أفرخ، و شق، و أخذ من الحصی الموجود فی جوفه حصاتان إحداهما، ذات لون واحد، و الأخری کثیره الألوان، فإن أخذتا قبل أن تقعا علی الأرض ثم صرتا فی قطعه جلد عجل، أو أیل قبل أن یصیبهما تراب، و ربطتا علی عضد من اختلط عقله، أو من به صرع، أو علی رقبته، تنتفع به. و کثیراً ما فعل ذلک فأبرأ من به صرع برءاً تاماً. قال: و قد جربت ذلک.
أعضاء العین: أکل الخطاف یحد البصر، و قد یجفف و ینقی، و الشربه مثقال، و خصوصاً حراقه الألم، و الولد فی الزجاجه إذا اکتحل به بالعسل، و قیل: إن دماغه بعسل نافع من ابتداء الماء،
و کذلک دماغ الخفش.
أعضاء النفس: یحد الخناق برمادها لینفع، و کذلک إذا ملحت و جففت و شرب منها وزن درخمی بماء، نفغَ من السعال و ورم اللهاه و اللوزتین.
: من المشهور عند الاطباء أن عش الخطاطیف إذا حل فی ماء وصفی و شرب أسهل الولاده.
الطبع: مرکب من حار و بارد، و کلا جوهریه لطیف. و البارد أغلب، و الذی فیه حرافه أسخن، و أن لم یکن فهو بارد و رطب، و الطبخ ینقص من برودته.
الأفعال و الخواص: قویّ التجفیف، و یمنع انصباب المواد إلی داخل و یلطف و یقطع، و قد یشرب أو یصب علی نزف الدم إن کان خارجاً فیمنعه، و یمنع الورم حیث یرید أن یحدث، و یعین علی الهضم و یضاد البلغم، و هو نافع للصفراویین ضار للسوداویین.
الزینه: یطلی مع عسل علی آثار الدم، فینفع لکن الإکثار منه یصفر.
الأورام و البثور: یمنع حدوث الأورام وسعی الغانغرینا، و یشفی الحمره أکلًا و نطلًا، و یمنع من سعی کل ورم، و ینفع من الداحس، و یمنع من النمله و الجمره فإذا طلی به أن یحدث منه الورم.
الجراح و القروح: إذا وضع علی الجراحات صوف مبلول بخل منعها أن ترم، و ینفع سعی القروح الساعیه و الجرب و القوباء، و ینفع من حرق النار أسرع من کل شی ء.
آلات المفاصل: هو ضار للعصب، و اذا طلی مع الکبریت علی النقرس نفع.
أعضاء الرأس: إذا خلط بدهن زیت، و دهن ورد، و ضرب به ضرباً، وبل به صوف غیر
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 180
مغسول و وضع علی الرأس نفع من الصداع الحار، و یشد اللثّه، و کذلک التنطیل به و التمضمض به، و خصوصاً مع الشب ینفع من حرکه الأسنان و دمویتها. و بخار الخل الحاو ینفع من عسر السمع و یحدّه، و یفتح سدد المصفاه و یحلل الدودی.
أعضاء العین: یلطّخ بالعسل علی
الکهبه تحت العین، و إدمانه یضعف البصر.
أعضاء الصدر: ینفع اللهاه، و یمنع التغرغر به سیلان الخلط إلی الحلق، و یبرئ اللهاه الساقطه، و یتحسّی للعلق و السعال المزمن و لنفس الانتصاب مسخناً.
أعضاء الغذاء: صالح للمعده الحاره الرطبه مقو للشهوه، و یعین علی الهضم، کل ذلک لدیغه المعده. و بخار الخلّ یحلل الاستسقاء. و الإدمان منه ربما أدی إلی الاستسقاء.
أعضاء النفض: یبرد الرحم و یحقن بالخل المسخّن و الملح لقروح الأمعاء الساعیه بعد الحقن اللینه.
السموم: یصب علی النهوس، و ینفع من الأفیون و الشوکران. و الخلّ المتّخذ من العنب البری بملح ینفع من عضه الکَلْبِ الکَلِب، و غیر ذلک. و قد یشرب مسخناً علی الأدویه القتاله فینفع.
أعضاء الرأس: زیته الذی یغلی فیه نافع لوجع الأذن إذا صب فیه، و کذلک أجرامها مسحوقه.
الاختیار: یجب أن یکون الخبز نقیاً، مملوحاً مملّک العجین، مخمراً جیّد النضج فی التنّور، غاباً بائتاً غیر مأکول حاراً، کما هو. و الخبز الحار غیر مقبول عند الطبیعه، و یتلو التنوری الفرنی و سائره ردی ء. و الخبز السمین أفضل من الرقیق. و کلما کان أنقی فیجب أن یخمّر و یترک حتی یدرک أکثر، و یملک عجینه أکثر و یملح أکثر. و خبز الفرنی لیس کخبز التنّور الواحد للنضج من الجانبین، و خبز المله خام الباطن، و المغسولی مبرد قلیل للغذاء، طاف علی المعده، صاح للمحرورین و لا یولد سدداً، و لا یسخن. و صفه غسله أن یؤخذ الخبز الثابت، و یؤخذ لبابه، و ینقع فی الماء الحار، ثم یصب عنه الماء الذی یطفو، و یجدد علیه الماء حتی تذهب عنه قوه الخمیر و غیره، و یبلغ غایه انتفاخه.
الخواص: السمیذ أغذی من غیره و أجود غذاءً، لکنه أبطأ نفوذاً، و الحواری تتبعه فی أحواله. و الخشکار الکثیر النخاله سریع النفوذ، لکنه أقل غذاء و أردؤه و الذی ینضج جیداً أکثر غذاءً، و کذلک قلیل الخمیر، لکن غذاؤه لزج مسدّد لا یصلح إلا لکثیری الریاضه. و خبز
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 181
الملّه من هذا القبیل، فإن باطنه قلّما ینضج جیداً. و الخبز المغسول قلیق الغذاء، بعید عن التسدید، خفیف النضج و الوزن. و خبز الحنطه السخیفه فی حکم الخشکار، و خبز القطائف یولد خلطاً غلیظاً و الفتیت بطی ء الهضم. و أجوده المخلوط بدهن اللوز، و یجب أن یکون تجفیفه فی الظلّ. و الخبز المعمول باللبن کثیر الغذاء، بطی ء الإنحدار،
مسدد و ضماد الخبز أسخن من ضماد الحنطه بسبب الملح ..
الزینه: الخبز الندی من الحنطه الحدیثه یسمن بسرعه.
الأورام و البثور: خبز الحنطه مع ماء القراطن و العصارات الموافقه جیّد للأورام الحاره یلینها و یبردها.
الجراح و القروح: الخبز إذا خلط بماء و ملح، و دُلک به القوابی نفع.
أعضاء الغذاء: الخبز الحار یعطش لحرارته، و یطفو فی المعده لرطوبته البخاریه، و یشبع بسرعه لذلک، و الحار أسرع إنهضاماً و أبطأ انحداراً.
أعضاء النفض: الخبز الخشکار ملین للطبیعه، و الحواری عاقل و المخمر یلین، و الفطیر یعقل، و المله مما یعقل، و الخبز العتیق الیابس یعقل، و أن لم یخلط به غیره، و خبز القطائف یعقل البطن، و الخبز الرقیق یعقل البطن أکثر من السمین.
الاختیار: أقوی الخبث تجفیفاً خبث الحدید.
الطبع: خبث الحدید یابس فی الثالثه، و خبث النحاس قریب منه، و سائر الخبث أقل حراره.
الأفعال و الخواص: کلها تجفّف و أقواها تجفیفاً خبث الحدید.
الأورام: خبث الحدید یحلّل الأورام الحاره.
القروح: خبث الفضه ینفع من الجرب و السعفه، و یدمل القروح، و یمنع نزف النواصب.
أعضاء العین: خبث الحدید نافع من خشونه الجفن، و خبث الرصاص نافع من قروح العین بدل المرداسنج.
أعضاء الغذاء: خبث الحدید یقوّی المعده، و ینشف فضله، و یذهب باسترخائه إذا سقی فی نبیذ عتیق، أو شرب بالطلاء.
أعضاء النفض: خبث الحدید یمنع نزف البواسیر، و خصوصاً إذا قعد فی نبیذ مخلوط به عتیق، و یمنع الحبل، و یقطع نزف الحیض، و هو غایه فیه، و کذلک فی البول، و یشد الدبر. طلاء خبث الحدید بالسکنجبین ینفع من مضره الدواء المسمی فرینطس.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 182
الماهیه: حال بعضهم: و هو العروق، و یقال له مامیران، و قال آخرون: صغیره المامیران، و کبیره الزردجوق.
الخواص: منه جنس صغیر حار مقرح.
أعضاء الرأس: یمضغ أصله فیسکّن وجع السن.
أعضاء العین: إذا أغلیت عصارته علی جمر حتی ینتصف أحدّ البصر، و إذا عمی فرخ الخطاطیف حملت إلیه الأم هذا النبات فیرتد بصیراً، و لذلک سُمی الخطافی، فسبحان من أعطی کل شی خلقه ثم هدی.
الماهیه: هو قنطافلون.
الخواص: فوی التجفیف بلا حده و لا حرافه و لا لذع، و یضمد به للنزف فیقطعه.
الأورام و البثور: یضمّد الدبیلات و الخنازیر و الصلابات البلغمیه و الداحس. و طبیخ أصله للقروح الساعیه. و المطبوخ منه بالخل للنمله. و ینفع الجمره و الداحس و الجرب.
آلات المفاصل: ینفع من أوجاع المفاصل و عرق النساء و ینفع من القیله شرباً و ضماداً.
أعضاء الرأس: طبیخ أصله للسنّ الوجعه إذا تمضمض به، و للقلاع، و ورقه بالشراب للصداع یشرب ثلاثین یوماً.
أعضاء النفس و الصدر: یغرغر بطیخه لخشونه الحلق، و عصاره أصله لوجع الرئه.
أعضاء الغذاء: عصاره أصله لوجع الکبد و الیرقان، إذا شرب أیاماً مع الملح و العسل، و الشوبه منه ثلاث قوانوسات.
أعضاء النفض: ینفع أصله من الإسهال و قروح الأمعاء و البواسیر، و کذلک طبیخ أصله الحمیات، و ورقه بإدرومالی أو بالشراب للربع و النائبه.
السموم: عصاره أصله دواء قتال.
الماهیه: هو الحنطه الرومیه.
الطبع: غذاؤه أبرد من غذاء الحنطه و أقل، و هو مع ذلک جید کثیر قوی غلیظ،.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 183
الخواص: لا یشرب فی شی ء، و لکن یستعمل من خارج، و فی جمله الجالیات من خارج، و فی الملینات القله من الأضمده.
الزینه: یطلی علی البهق.
القروح: یطلی علی الجرب و القوابی و یضمد به القروح المتأکله.
أعضاء الغذاء: یسقی من أصول الأبیض إکسوباً بشراب، فینتفع به صاحب الاستسقاء.
أعضاء النفض: أصول الآبیض منه تقتل الدیدان.
السموم: فی الأسود منه شی ء قتال.
الماهیه: ذکر فی فصل الزای عند بیاننا الزبل.
الخواص: کله مسخن محلّل مجفّف.
الطبع: یجب فیما أقدر أن یکون حاراً.
القروح: یضمد بمدقوقه جراحات الأعصاب، و لا یُحَل عنها ثلاثه أیام، فیکون نافعاً جداً.
أعضاء الرأس: طبیخه بشحم الوزّ نافع من وجع الأذن، و قد یقطر بالزیت فی الجانب المخالف للسن الوجعه.
أعضاء الغذاء: یبری ء إذا شرب بالطلاء الیرقان.
أعضاء النفض: یدق ناعماً و یسقی بالطلاء فیدر البول، و ینفع من الحصاه ذلک أیضاً.
الماهیه: حب صغار مثل القاقله الصغار، یجلب من السفاله.
الطبع: حار یابس فی الثالثه.
الخواص: قوته قوه القرنفل یجلو و یلطّف، و هو ألطف من القاقلّه.
أعضاء الغذاء: جید للمعده و الکبد الباردتین، و هو أجود للمعده من القاقله و یحبس القی ء.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 184
الماهیه: قال دیسقوریدوس: من الناس من یسمیه قراوطیا و هو القراد، و إنما سمّوه بهذا لأن حبه شبیه بالقراد، و هو شجره صغیره فی مقدار شجره صغیره من التین، و لها ورق شبیه بورق الدلب، إلا أنه کبر و أملس و أشدّ سواداً، و ساقها و أغصانها مجوفه مثل القصب، و لها ثمره فی عناقید خشنه، و إذا قشر الثَمَرُ بدا الحب فی شکل القراد، و منه یعصر الدهن المسمّی أقنقس، و هو دهن الخروع، و هذا لا یصلح للطعام، و إنما یصلح للسراج و أخلاط بعض المراهم و بعض الأدویه. و إن لقی من حبه ثلاثون حبه عدداً و دقّت و سحقت و شربت أسهلت بلغماً.
الأفعال و الخواص: قال الدمشقی: إن الخروع محلل ملین، و دهنه ملطف ألطف من الزیت الساذج.
الزینه: إذا دق و تضمّد به قلع الثآلیل و الکلف.
الأورام: ورقه إذا دق بدقیق الشعیر سکن الأورام البلغمیه.
القروح: دهنه یصلح للجرب و القروح الرطبه.
أعضاء الغذاء: إذا سحقت ثلاثون حبه و شربت هیجت القی ء لأنه یرخی المعده جداً و یغثی.
أعضاء الصدر: إذا تضمد به وحده، و مع الخل سَکَن أورام الثدی.
أعضاء النفض: حبه مسحوقاً مشروباً یسهل بلغماً و مرّه، و یخرج الدود من البطن.
الماهیه: الخمر هو القهوه، و قد ذکرناها فی فصل الشین، فهذا آخر الکلام من حرف الخاء، و جمله ما ذکرنا سبعه و ثلاثون دواء.
الماهیه: جوهر شریف.
الطبع: لطیف معتدل.
الخواص: سحالته تدخل فی أدویه السوداء، و أفضل الکیّ و أسرعه برءاً ما کان بمکوی من ذهب.
الزینه: إمساکه فی الفم یزیل البخر، تدخل سحالته فی أدویه داء الثعلب و الحیه طلاء، و فی مشروباته.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 185
أعضاء العین: یقوی العین کحلًا.
أعضاء الصدر: ینفع من أوجاع القلب، و من الخفقان و حدیث النفس نفعاً بلیغاً.
الماهیه: قیل فی فصل القاف عند قصب الذریره، إلا أنا نذکر طرفاً آخر من الأفعال.
القروح: قیل أنه لا شی ء أفضل لحرق النار من الفریره بدهن ورد و خل.
أعضاء الغذاء: ینفع من أورام المعده و الأمعاء، و من أورام الکبد و الاستسقاء.
الماهیه: نبات ینبت فی الحفائر و الخنادق، له قضبان مجوفه إلی الحمره، خشنه صلبه معقده بعقد متداخله و عند العقد کورق الإذخر، دقاق متکاثفه تتشبث بما یقرب من الشجر، ثم یتدلی منه أطراف کثیره کذنب الخیل، و له أصل صلب.
الطبع: بارد فی الأولی یابس فی الثانیه.
الخواص: قابض، و خصوصاً عصارته شدید التجفیف بلا لذع، نافع جداً لنزف الحد.
الجراح و القروح: یدمل القروح و الجراحات إدمالًا عجیباً، و لو کان فیها عصب أدمل أیضاً.
آلات المفاصل: ینفع أیضاً إذا طلی به، أو ضمد من شدخ أوساط العضل، و یضمر قیله الأمعاء.
أعضاء الغذاء: ینفع من أورام المعده و الکبد و من الاستسقاء.
الماهیه: حیوان شبیه بالفسافس، إلا أنه أحمر، و إن ما یوجد منه فی الحنطه و یتولد فیها هو أحدها، و یصلح أن یخزن، و لکن ینبغی أن یجعل فی إناء فخّار، و یشد علی رأسه خرقه کتان سخیفه نقیه، و یقلب و یصیر فم الإناء علی بخار خل خمر ثقیف مغلی، و لا یزال یمسک الإناء علی بخاره إلی أن یموت الذراریح، ثم یشد بعد موته فی خیط کتان، و یخزن.
الاختیار: و أقوی الذراریح فعلًا ما کان منه مختلف الألوان، و فی أجنحته خطوط صفر بالعرض، شبیه فی العظم ببنات وردان، و ما کان منه لونه واحداً غیر مختلف فعله ضعیف.
الطبع: قال بعضهم: هو مفرط الحر، و قال آخرون هو حار یابس فی الثانیه، و الأول أصح.
الخواص: حار حریف معفن محرق.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 186
الزینه: یقلع الثآلیل طلاء، و یتخذ منه قیروطی، فطلی به بیاض الأظفار، فینتفع به، و یقطع الأظفار المستوجبه للقلع بسرعه إذا ضمدت به، و یزیل البهق و البرص طلاء
بالخل، و إذا طلی به مسحوقاً مع الخردل أنبت الشعر، و کذلک إذا طبخ بزیت حتی یغلظ.
الأورام: یطلی علی الأورام السرطانیه فیحللها.
القروح: یطلی به علی الجرب و القوابی.
أعضاء العین: قیل یقلع الظفره جداً.
أعضاء النفض: القلیل منه مدر البول جداً حتی ینفع من الاستسقاء، و قلیله أیضاً یعین الأدویه المدره من غیر مضره، و یدر الطمث، و یسقط. قال بعضهم: سقی واحد منها لمن یشکو مثانته، و لا ینفغ فیها العلاج نافع، و سی ثلاث طساسیج منه یقرح المثانه، قال جالینوس: تقریحه للمثانه هو لإمالته الماده الحاده إلیها التی لا یخلو عنها بدن مع خاصیه فیها.
السموم: من الناس من یزعم أن أجنحه الذراریح و أرجلها مضاده لها إذا شربت بعد ذلک، و قیل من شرب منه مثقالًا ورم بدنه و صار بوله دماً، ثم قتله من یومه.
السموم: قال عیسی: قد جربته مراراً فوجدته نافعاً، إذا دُلک الذباب علی لسع العقرب نفع نفعاً بیِّناً.
أعضاء النفض: قیل زبل الذئب عجیب فی القولنج.
فهذا آخر الکلام من حرف الذال، و جمله ما ذکرنا من الأدویه سته أعداد.
الماهیه: الضرو معروف، و رب الضرو، و هو صمغه، یجلب إلی مکّه، و یسمّی بهذا الاسم.
الطبع: حار فی الثالثه رطب فی الأولی.
الخواص: جلّاء محلّل جذّاب من دهن البدن، و صمغه صمغ فی شجره الکمکام، و هو کالذن فی القوه، طیّب یدخل فی طیب النساء بحلب.
أعضاء الرأس: ربّ الضرو نافع جداً لسیلان الرطوبه من الفم و قروحه.
أعضاء النفض: فیه قوه عاقله للبطن.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 187
الماهیه: قیل هو شاهسفرم الحماحم.
الطبع: قال ابن ماسویه: فیه حراره، و هو یابس فی الثانیه، و کثیر من الناس یقولون أنه بارد إذ لم یتأذ بحرارته محرور، بل الحمام بارد فی الأولی، و الأصحّ أن قوّته مرکّبه من حراره مع بروده، و یجوز اْن تکون البروده غالبه فیه.
الخواص: نافع للمحرورین خصوصاً إذا رش علیه ماء ورد.
القروح: یضمّد به الاحتراق.
أعضاء الرأس: نافع جداً من القلاع و الحماحم، مفتّح لسدد الدماغ.
أعضاء النفض: یسقی بزره المقلی للإسهال المزمن بدهن الورد و ماء بارد.
الطبع: بارد یابس بسبب العصب الکبیر الذی فیه.
الغذاء: غذاء الضرع الممتلی ء لبناً إذا استمرئ، قریب من غذاء اللحم، و أحمده ما یکون فیه لبن، و بالأفاویه فإنها تعجل بانحداره، و هو من الحیوان الجید اللحم جداً، جید الخلط غلیظه قویه.
الخواص: رماد الضفدع إذا جعل علی موضع الدم حبسه.
الزینه: هو إذا طبخ بملح وزیت کان فیما یقال بادزهر الجذام، و الهوام کلها مأکولًا.
الأورام: مرقه نافع لأورام الأوتار إذا صبّ علیها.
أعضاء الرأس: قیل: إن الضفادع النهریه بتمضمض بسلاقتها لوجع الأسنان، و أظن أنه من الشجری البستانی، فإن هذا الصنف ما تشهد به الأطباء، و أصحاب التجربه من العامه تقول: إنها تسقط أسنان البهائم إذا نالته فی العلف و الرعی.
السموم: من أکل دمه أو جرمه ورم بدنه، و کمد لونه، و قذف المنی حتی یموت، و قیل: أنه إذا طبخ بملح وزیت و أکل، کان بادزهر الجذام و الهوام.
الخواص: قوه مرارته کقوه مراره البقر.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 188
الماهیه: الضب غیر الورل الموجود فی بلادنا، و إن کان یشبهه و کان قریب الأحوال و القوی منه، و کان الضب یقل إلا فی بادیه العرب.
الزینه: یطلی بعره علی الکلف و النمش فینتفع.
أعضاء العین: زبله نافع لبیاض العین و نزول الماء.
الخواص: قد ذکرنا فی الکتاب الثالث مبلغ الانتفاع به من النقرس و وجع المفاصل، و لا حاجه بنا أن نکرر ذلک فلیطلب الغرض من هناک. فهذا آخر الکلام من حرف الضاد، و جمله ذلک سبعه أعداد من الأدویه.
الماهیه: قیل فیه فی فصل النون عند ذکرنا النعام.
الماهیه: معروف.
الزینه: إذا طلی داء الثعلب برماد ظلف الماعز مخلوطاً بالخل، أو بالشراب، نفع منفعه بینه.
فهذا آخر الکلام من حرف الظاء، و ما ذکرنا فیه أکثر من دواءین.
الطبع: بارد فی أول الأولی، یابس فی آخر الثانیه.
الخواص: یحبس کل سیلان، و هو أقل قبضاً و عقلًا من الزعرور، یقمع الصفراء المنصبّه إلی الاحشاء، و إذا تنقل به أبطأ السکر.
أعضاء الصدر: ینفع من السعال الحار.
أعضاء الغذاء: یحبس القی ء.
أعضاء النفض: ینفع من السحج الصفراوی، و یحبس البطن و القی ء، و کذلک الزعرور ینفع
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 189
من إکثار البول، و دقیقه أقل حبساً للبطن من الزعرور، و کلاهما یحبسان البطن، و لا یحبسان البول.
الماهیه: قال دیسقوریدوس: هو ذکر و أنثی، و من الغاریقون ما یشبه أصل الأنجدان، و لکن ظاهوه لیس باستحصاف ظاهر أصل الانجدان، و یقول قوم: إنه یتولد فی الأشجار المتأکله علی سبیل العفونه، و فی طعمه حراره و حرافه و قبض، و جوهره مائی هوائی أرضی لطیف، و الفرق بین الذکر و الأنثی أن فی داخل الأنثی توجد طبقات مستقیمه. و الذکر مستدیر لیس بذی طبقات، بل هو شی ء واحد، و کلاهما فی الطبع متشابهان أول ما بدا، فإنه یوجد فی طعمهما حلاوه، ثم من بعد یتغیر طعمه عما کان یظهر فیه من الحلاوه إلی أن یظهر فیه شی ء من مراره، و ینبغی أن یسقی منه علی حسب العلّه، و مقدار القوه و السن و العاده و الهواء الحاضر، إذ النظر فی هذه الأمور من الواجبات حاله المعالجه.
الاختیار: جیده الأملس الأبیض السریع التفتّت الحصیف جداً الأملس الأطراف الذی یوجد فی مرارته حلاوه، و المتفرک ذو شظایا، و هو الأنثی، و الذکر لیس بجید، و الصلب و الأسود ردیئان جداً.
الطبع: حار فی الأولی یابس فی الثانیه.
الخواص: محلل مقطع للأخلاط الغلیظه مفتتح لجمیع السدد ملطف. یقول بعضهم: فیه قوه قابضه،
فی أول طعمه کالحلاوه، ثم المراره.
الأورام: نافع لجمیع الأورام.
آلات المفاصل: یسقی بالسکنجبین لعرق النساء و هو مما ینقی فضول العصب لخاصیه فیه، و ینفع من وهن العضل، و من السقطه و الشربه من ذلک ثلاثه قراریط، فإن کان حمی فماء القراطن أو الجلاب.
أعضاء الرأس: ینفع أصحاب الصرع و ینقی فضول الدماغ الخاصیه فیه.
أعضاء الصدر: ینفع من الربو و قرحه الرئه إذا سقی بالطلاء، و الشربه إلی درخمی، و إذا شرب ثلاث أنولوسات بالماء نفع من نفث الدم من الصدر.
أعضاء الغذاء: ینفع من الیرقان و یسقی بالسکنجبین لورم الطحال، و إذا مضغ وحده أو ابتلع نفع من وجع المعده، و من الجشاء الحامض، و یسقی منه درخمی لوجع الکبد.
أعضاء النفض: یسهّل الأخلاط الغلیظه المختلفه من السوداء و البلغم، و الشربه من درخمی إلی درخمیین، و خصوصاً بماء القراطن، و قد یعین الأدویه المسهّله و یبلغها إلی أقاصی البدن،
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 190
و یدر البول و الطمث، و یسکّن وجع الکلی، و الشربه لذلک درخمی و ینفع اختناق الرحم.
الحمّیات: ینفع من النافض و من الحمیّات العتیقه الغلیظه: إذا سقی مثقال بشراب قتل الدود، فیمنع النافض.
السموم: یضمد به للسع الهوام، إذا سقی بشراب إلی درخمیین فهو عظیم النفع جداً لذلک، و یضمد به للسع الهوام البارده السموم.
الماهیه: حبه علی شکل البندق الصغار، علیها قشور سود دقاق، تتفزک بالغمز فلقتین عن حبّ أسود إلی الصفره، طیّب الطعم و الرائحه، عطر، و ورقه کورق الآس غیر أنه أکبر، و ثمرته حمراء، و ینبت فی المواضع الجبلیه، و قوّته فی ثمرته و ورقه.
الطبع: حبّه أسخن، و قشوره أقل حراره، و هو بالجمله حار یابس فی الثانیه.
الخواص: فی
حبّه إرخاء، و فی جمیعه تسخین، و حبه أحر من ورقه، و تسخین أجزائه و تجفیفه أقوی، و الحبُّ أبلغ، و اللحاء أضعف، و أقل حراره و دهنه أحر من دهن الجوز.
الزینه: یطلی علی البهق بشراب.
الأورام و البثور: ینفع مع خبز و سویق للأورام الحاره.
آلات المفاصل: ینفع من أوجاع العصب کلها، و دهنه یحلّل الإعیاء.
أعضاء الرأس: یحلل الصداع دهنه أیضاً، و کذلک لأوجاع الأذن البارده، و یعید السمع و ینفع من الطنین و النزلات.
أعضاء الصدر: نافع من ضیق النفس، و نفس الانتصاب لعوقاً بعسل أو طلاء، و کذلک لسیلان الفضول إلی الرئه، و یتخذ منه لعوق بالعسل لقروح الرئه و نفس الأنتصاب، و خصوصاً حبه نافع.
أعضاء الغذاء: دهنه نافع من وجع الکبد إذا سقی بالشراب الریحانی، و کذلک قشره، لکنه و حبّه مرخ للمعده یحرک القی ء.
أعضاء النفض: دهنه یغثی و یقی ء، و فیه إدرار للحیض و للبول، و طبیخ ورقه ینفع من أمراض المثانه و الرحم حتی جلوساً فیه، و الشربه منه للإسهال درهمان مع ماء العسل أو السکنجبین، و إذا شرب من قشره درخمی فتت الحصاه و قتل الجنین لمرارته الزائده علی مراره غیره، و الشربه تسع قراریط، وحئه یفتت أیضاً.
الحمیات: ینفع دهنه من القشعریره مروخاً.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 191
السموم: یسمی للدغ العقرب بالشراب، و الطری ضماده جیّد للزنابیر و النحل إذا لسعت، و فی الجمله هو تریاق للسموم المشروبه کلها.
الأبدال: بدله ورق النمام.
الماهیه: هذا من الحشائش الشائکه، و له ورق کورق الشهدانج أو ورق القنطافلون، و زهره کالنیلوفر، و هو المستعمل، أو عصارته.
الطبع: حار فی الأولی، یابس فی الثانیه.
الخواص: لطیف قطاع جلاء بلا جذب و لا حراره ظاهره، و
فیه قبض یسیر و عفوصه، و مرارته شدیده کمراره الصبر.
الزینه: جید من إبتداء داء الثعلب و داء الحیه.
الجراح و القروح: یطلی بشحم عتیق علی القروح العسره و الاندمال، عصارته نافعه من الجرب و الحکّه إذا شربت بماء الشاهترج و السکنجبین، و کذلک زهره، و العصاره أقوی.
أعضاء الغذاء: نافع من أوجاع الکبد و سددها و یقویها، و من صلابه الطحال و أورام الکبد و أورام المعده حشیشاً و عصاره، و ینفع من سوء القنیه و أعراض الاستسقاء.
أعضاء النفض: یسقی بالشراب فینفع من قروح المعی.
الحمیات: نافع من الحمیّات المزمنه و العتیقه، خصوصاً عصارته، و خصوصاً مع عصاره الأفسنتین.
الأبدال: بدله وزن أسارون و نصف وزنه أفسنتین.
الماهیه: حجر خفیف له رائحه القفر.
آلات المفاصل: ینفع من النقرس.
أعضاء الرأس: إذا تدخن به المصروع نفعه.
أعضاء النفض: ینفع من اختناق الرحم.
السموم: یطرد دخانه الهوام.
الطبع: غراء الجلود حار یابس فی الأولی، و غراء السمک أقل حراره لکنه یابس.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 192
الخواص: لکل غراء قوه مغریه مجففه.
الزینه: غراء السمک یقع فی الغمره، و یقع فی أدویه البرص، و إذا أحرق غراء الجلود و غراء جلد البقر و غسل، قام منام التوتیا فی علاج الصنان.
القروح: غراء الجلود یطلی علی السعفه، و یمنع تنفط الحرق، و کذلک غراء السمک و غراء جلد البقر، إذا طلی بالخل علی القوبا، و الجرب المتقشر، إذا لم یکن شدید الغور نفع، و إذا طلی بالعسل و الخل علی الجراحات نفع منها، و یقع غراء السمک فی مراهم الجرب المتقرحه.
أعضاء الرأس: غراء السمک یقع فی مراهم قروح الرأس.
أعضاء الصدر: غراء السمک یسقی بالخل لنفث الدم، و یدخل فی أحشاء نفث الدم.
الماهیه: دواء طیب الرائحه.
الخواص: مجفف یجمد اللبن، و فیه یسیر حدّه، و یمنع من انفجار الدم.
القروح: ینفع من حرق النار.
الماهیه: جنس من الکمأه و الفطر یجفف، فینضم کغضروف، و شکله شکل کأس علی کرش صغیره متشنّجه یغسل به الثیاب و یؤکل فی الحموضات، و له لذه کلذه الغضاریف و أکثر.
الطبع: لیس فی برد سائر الکمأه.
الخواص: لیس بردی ء الخلط کالکمأه، ر لکن فی طبعه تًخمیر أو قلویه.
الاختیار: یستعمل لحاؤه و یستعمل صمغه، و صمغه یخرج بالمشرط، و یتولد علیه بورق جید، من أجود أصناف البوارق للأکل.
الخواص: زهره و ورقه و عصارتهما من المجفّفه بلا لذع، و فیه عفوصه، ول حاؤه فی قوته، لکنه أیبس، و یتخذ من ورقه عصاره یحفظونه فیجفّف بلا لذع.
الزینه: رماد شجره بالخلّ یجفّف الثآًلیل، و یسقطها منکوسه کانت أو غیر منکوسه، و لحاء أصله یدخل فی خضاب الشعر.
الجراح و القروح: قشوره و ورقه مسحوقه إذا جعلت علی القطع و الجراحات الردیئه الطریه نفع.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 193
آلات المفاصل: طبیخه نطول جیّد للنقرس.
أعضاء الرأس: إذا قطرت عصاره ورقه مع دهن الورد مغلاه فیم قشر الرمان فی الأذن نفعت من وجع الأذن، و کذلک قشره الرطب إذا فعل به ذلک، و طبیخه غسول للحزاز.
أعضاء العین: یجلو صمغه و زهره لظلمه البصر.
أعضاء الصدر: ثمرته نافعه من نفث الدم، و قشره أیضاً نافع.
أعضاء الغذاء: عصارته تخرج العلق.
الماهیه: دواء معروف.
الأورام و البثور: الغالیه تلیّن الأورام الصلبه.
أعضاء الرأس: الغالیه یداف فی دهن البان أو الخیری، و یقظر فی الأذن الوجعه، و شمه ینفع المصروع و ینعشسه، و المسکوت، و یسکن الصداع البارد، و إذا جعل منه فی الشراب أسکر.
أعضاء الصدر: شمّ الغالیه یفرح القلب.
أعضاء النفض: الغالیه نافعه من أوجاع الرحم البارده حمولًا و من أورامها الصلبه و البلغمیه، و تدر الطمث و تستنزل الرحم المختنقه و المائله، و تنقیها و تهیئها للحبل جدأً.
الماهیه: دواء طیّب الرائحه لونه لون السفرجل.
الأفعال و الخواص: یجمد اللبن و قوته مجفّفه مع حدّه یسیره، زهره نافع لانفجار الدم.
الجراح و القروح: قد یظن أن هذا الدواء یشفی من حرق.
فهذا آخر الکلام من حرف الغین.
و جمله ما ذکرنا من الأدویه فی هذا الفصل أحد عشر عدداً، و هو آخر الکلام من الکتاب الثانی.
و إذا قد وفینا بما وعدنا فلنشرع الآن فی الکتاب الثالث.
فی نسخه بدل آخر الکلام من الکتاب الثانی، تم الکتاب الثانی و بعد، تمّ الکتاب الثانی ما نصه تفسیر کلمات یونانیه و غیرها مستعمله فی الطب.
مالی قراطون: هو ماء العسل.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 194
أونومالی: هو أن یؤخذ الشهد، فیغسل بالماء و یحفظ ذلک الماء من غیر طبخ.
إدرومالی: هو أن یؤخذ من العسل جزء و من ماء المطر المعتق، جزآن و یخلط و یوضع. فی الشمس.
الشراب المعسل: هو أن یؤخذ من عصیر فیه قبض خمسه أجزاء، و من العسل جزء واحد، یلقی فی إناء واسع لمکان الغلیان، و یلقی علیه من الملح شی ء یسیر حتی یقذف رغوته، فإذا سکن غلیانه خزن فی الخوابی.
شراب العسل: هو أن یؤخذ من الشراب العتیق القابض جزآن، و من العسل
الجیّد جزء، و یخزن فی الأوانی لیدرک.
الطلاء: هو أن یؤخذ العنب و یشمس و یعصر و یطبخ.[6]
القانون فی الطب (طبع بیروت) ؛ ج 2 ؛ ص194
أوکسومالی: هو أن یؤخذ من الخل قوطولان، و من ملح البحر منوان، و من العسل عشره أمناء، أو من العسل عشر قوطولات حتی یغلی عشر غلیات و یرفع.
رودومالی: هو شراب متخذ من عصاره الورد مع العسل.
تم الکتاب الثانی، و الحمد لله رب العالمین، و صلّی اللّه علی سیدنا محمد و آله.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 195
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 197
بسم الله الرحمن الرحیم الحمد لله و سلام علی عباده و الصلاه علی أنبیائه اعلم أنا قد فرغنا من الکتاب الاول و الثانی عن ذکر جل العلم النظری و الادویه المفرده و جاز لنا أن نشرع فی هذا الکتاب الثالث و نذکر فیه الجزء العلمی الحافظ للصحه و العلمی المفید للصحه.
و قسمنا هذا الکتاب علی اثنین و عشرین فنا و کل فن یشتمل علی عده مقالات و کل مقاله منقسمه علی فصول و نستوفی الکلام فی الامراض الجزئیه الواقعه بأعضاء الانسان ظاهرها و باطنها.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 199
قال جالینوس: إن الغرض فی خلقه الرأس لیس هو الدماغ و لا السمع و لا الشمّ و لا الذوق و لا اللمس، فإن هذه الأعضاء و القوی موجوده فی الحیوان العدیم الرأس، و لکن الغرض فیه هو حسن حال العین فی تصرّفها الذی خلقت له. و لیکون للعین مطلع و مشرف علی الأعضاء کلّها فی الجهات جمیعها، فإن قیاس العین إلی البدن قریب من قیاس الطلیعه إلی العسکر. و أحسن المواضع للطلائع و أصلحها هو الموضع المشرف ثم أیضاً لا حاجه إلی خلق الرأس لکل عین علی الإطلاق، بل للحیوان اللین العین المحتاجه عینه إلی فضل حرز و وثاقه موضع، فإن کثیراً من الحیوانات العدیمه الأرؤس خلق له زائدتان مشرفتان من البدن، و هندم علیهما عینان لیکون لکل منهما مطلع و مشرف لبصره ثم لم یحتج فی تصرفات عینه إلی خلقه رأس لصلابه مقلته، و إنما الحاجه إلی الرأس للحیوانات التی تحتاج أعینهم إلی کنّ و تحتاج إلی أن تأتیها أعصاب لحرکات شتّی من حرکات المقله و
الأجفان، لا یصلح لمثلها عضو واحد متباعد متضائل و نحن نستقصی ذلک فی باب العین و أجزاء الرأس الذاتیه و ما یتبعها هی: الشعر ثم الجلد ثم اللحم ثم الغشاء ثم القحف ثم الغشاء الصلب ثم الغشاء الرقیق المشیمی ثم الدماغ جوهره و بطونه، و ما فیه ثم الغشاءان تحته ثم الشبکه ثم العظم الذی هو القاعده للدماغ.
فأما تشریح الدماغ، فإن الدماغ ینقسم إلی جوهر حجابیّ و إلی جوهر مخی و إلی تجاویف فیه مملوءه روحاً. و أما الأعصاب، فهی کالفروع المنبعثه عنه لأعلی، إنها أجزاء الخاص به. و جمیع الدماغ منصّف فی طوله تنصیفاً نافذاً فی حجبه و مخّه و بطونه لما فی التزویج من المنفعه المعلومه، و إن کانت الزوجیه فی البطن المقدم وحده أظهر للحس، و قد جوهر الدماغ بارداً رطباً.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 200
أما برده قلیلًا، فلشغله کثره ما یتأذی إلیه من قوی حرکات الأعصاب و انفعالات الحواس و حرکات الروح فی الاستحالات التخیلیه و الفکریه و الذکریه، و لیعتدل به الروح الحار جداً النافذ إلیه من القلب فی العرقین الصاعدین منه إلیه، و خلق رطباً لئلا تجففه الحرکات و لیحسن تشکّله و خلق لیّنماً دسماً.
أما الدسومه فلیکون ما ینبت منه من العصب علکاً.
و أما اللین فقد قال جالینوس: إن السبب فیه لیحسن تشکله و استحالته بالمتخیلات، فإن اللین أسهل قبولًا للاستحالات. فهذا ما یقوله.
و أقول: خلق لیناً لیکون دسماً و لیحَسن غذاؤه للأعصاب الصلبه بالتدریج، فإن الأعصاب قد تغتذی أیضاً من الدماغ و النخاع، ثم الجوهر الصلب لا یمد الصلب بما یمدّه اللین، و لیکون ما ینبت عنه لدنا، إذا کان بعض النابت منه محتاجاً إلی
أن یتصلّب عند أطرافه لما سنذکره من منافع العصب، و لما کان هذا النابت محتاجاً إلی التصلب علی التدریج و تکون صلابته صلابه لدنٍ، وجب أن یکون منشؤه جوهراً لدناً دسماً و الدسم اللزج لین لا محاله.
و أیضاً لیکون الروح الذی یحویه الذی یفتقر إلی سرعه الحرکه ممداً برطوبه، و أیضاً لیخص بتخلخله فإن الصلب من الأعضاء، أثقل من اللین الرطب المتخلخل.
لکن جوهر الدماغ أیضاً متفاوت فی اللین و الصلابه، و ذلک لأن الجزء المقدم منه ألین و الجزء المؤخر أصلب، و فرق ما بین جزأین باندراج الحجاب الصلب الذی نذکره فیه إلی حد ما، و إنما لین مقدم الدماغ لأن أکثر عصب الحسّ و خصوصاً الذی للبصر و الشتم ینبت منه، لأن الحس طلیعه البدن و میل الطلیعه إلی جهه المقدم أولی. و عصب الحرکه أکثره ینبت من مؤخره و ینبت منه النخاع الذی هو رسوله و خلیفته فی مجری الصلب و حیث یحتاج إلی أن ینبت منه أعصاب قویه و عصب الحرکه یحتاج إلی فضل صلابه لا یحتاج إلیه عصب الحس، بل اللین أوفق له فجعل منشؤه أصلب و إنما أدرج الحجاب فیه لیکون فضلًا، و قیل لیکون اللین مبرأ عن مماسه الصلب لأن ما یغوص فیه صلب و لیّن جداً. و لهذا الطی منافع أخری، فإن الأورده النازله إلی الدماغ المفترقه فیه تحتاج إلی مستندٍ و إلی شی ء یشدها فجعل هذا الطی دعامه لها و تحت آخر هذا العطف، و إلی خلفه المعصره و هی مصبّ الماء إلی فضاء کالبُرکه، و منها تتشعب جداول یفترق فیها الدم و یتشبه بجوهر الدماغ ثم تنسفها العروق من فوهاتها و تجمعها إلی عرقین کما سنذکره
فی تشریح ذلک.
و هذا الطی ینتفع به فی أن یکون مثبتاً لرباطات الحجاب اللصیق بالدماغ فی موازاه الدروز من القحف الذی یلیه. و فی مقدم الدماغ منبت الزائدتین الحلمیتین اللتین بهما یکون الشم، و قد فارقتا لین الدماغ قلیلًا و لم تلحقهما صلابه العصب، و قد جلل الدماغ کله بغشاءین أحدهما رقیق یلیه، و الآخر صفیق یلی العظم و خلقا لیکونا حاجزین بین الدماغ و بین العظم. و لئلا یماس
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 201
الدماغ جوهر العظم و لا یتأدی إلیه الآفات من العظم و إنما تقع هذه المماسه فی أحوال تزید الدماغ فی جوهره، أو فی حال الانبساط الذی یعرض له عقیب الانقباض، و قد یرتفع الدماغ إلی القحف عند أحوال مثل الصیاح الشدید. فلمثل هذا من المنفعه ما جعل بین الدماغ و عظم القحف حاجزان متوسطان، بینهما فی اللین و الصلابه و جعلا اثنین لئلا یکون الشی ء الذی تحسن ملاقاته للعظم بلا واسطه هو بعینه الشی ء الذی تحسن ملاقاته الدماغ بلا واسطه، بل فرق بینهما فکان القریب من الدماغ رقیقاً و القریب من العظم صفیقاً، و هما معاً کوقایه واحده و هذا الغشاء مع أنه وقایه للدماغ، فهو رباط للعروق التی فی الدماغ ساکنها و ضاربها و هو کالمشیمه یحفظ ألم. ضاع العروق بانتساجها فیه. و کذلک ما یداخل أیضاً جوهر الدماغ فی مواضع کبیره مزرده. و یتأدی إلی بطونه و ینتهی عند المؤخر منقطعاً لاستغنائه بصلابته عنه.
و الغشاء الثخین غیر ملتصق بالدماغ و لا بالرقیق التصاقاً یتهندم علیه فی کل موضع بل مستقل عنه، إنما یصل بینهما العروق النافذه فی الثخین إلی الرقیق و الثخین مسمر إلی القحف بروابط غشائیه
تنبت من الثخین تشده إلی الدروز لئلا تثقل علی الدماغ جداً. و هذه الرباطات تطلع من الشؤون إلی ظاهر القحف، فتثبت هناک حتی ینتسج منها الغشاء المجلل للقحف. و بذلک ما یستحکم ارتباط الغشاء الثخین بالقحف أیضاً.
و للدماغ فی طوله ثلاثه بطون، و إن کان کل بطن فی عرضه ذا جزأین فالجزء المقدّم محسوس الانفصال إلی جزأین یمنه و یسره، و هذا الجزء یعین علی الاستنشاق و علی نفض الفضل بالعطاس و علی توزیع أکثر الروح الحساس و علی أفعال القوی المصوره من قوی الإدراک الباطن. و أما البطن المؤخر، فهو أیضاً عظیم لأنه یملأ تجویف عضو عظیم و لأنه مبدأ شی ء عظیم، أعنی النخاع و منه یتوزّع أکثر الروح المحرّک و هناک أفعال القوّه الحافظه لکنه أصغر من المقدم، بل من کل واحد من بطنی المقدم. و مع ذلک فإنه یتصاغر تصاغراً متدرجاً إلی النخاع، و یتکاثف تکاثفاً إلی الصلابه و أما البطن الوسط، فإنه کمنفذ من الجزء المقدم إلی الجزء المؤخر و کدهلیز مضروب بینهما. و قد عظم لذلک و طول لأنه مؤدّ من عظیم إلی عظیم، و به یتّصل الروح المقدّم بالروح المؤخر و تتأدی أیضاً الأشباح المتذکّره، و یتسقف مبدأ هذا البطن الأوسط بسقف کری الباطن کالازج، و یسمی به لیکون منفذاً و مع ذلک مبعداً بتدویره من الآفات و قویاً علی حمل ما یعتمد علیه من الحجاب المدرج، و هناک یجتمع بطنا الدماغ المقدمان اجتماعاً یتراءیان للمؤخر فی هذا المنفذ و ذلک الموضع یسمی مجمع البطنین و هذا المنفذ نفسه بطن.
و لما کان منفذاً یؤدی عن التصور إلی الحفظ، کان أحسن موضع للتفکّر و التخیل علی ما علمت و یستدل
علی أن هذه البطون مواضع قوی تصدر عنها هذه الأفعال من جهه یعرض لها من الآفات، فیبطل مع آفه کل جزء فعله أو یدخله آفه و الغشاء الرقیق یستبطن بعضه فیغشی بطون الدماغ إلی الفجوه التی عند الطاق و أما ما وراء ذلک، فصلابته تکیفه تغشیه الحجاب إیاه و أما
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 202
التزرید الذی فی بطون الدماغ، فلیکون للروح النفسانی نفوذ فی جوهر الدماغ کما فی بطونه، إذ لیس فی کل وقت تکون البطون متّسعه منفتحه أو الروح قلیلًا بحیث تسعه البطون فقط.
و لأن الروح إنما تکمل استحالته عن المزاج الذی للقلب إلی المزاج الذی للدماغ، بأن ینطبخ فیه انطباخاً یأخذ به من مزاجه، فهو أول ما یتأدی إلی الدماغ یتأدّی إلی جوفه الأول فیطبخ فیه ثم ینفذ إلی البطن الأوسط فیزداد فیه انطباخاً، ثم یتمّ انطباخه فی البطن المؤخر و الانطباخ الفاضل إنما یکون لمخالطه و ممازجه و نفوذ فی أجزاء المطبوخ من أجزاء الطابخ کحال الغذاء فی الکبد علی ما نصفه فیما یستقبل، لکن زرد المقدّم أکثر إفراداً من زرد المؤخّر لأن نسبه الزرد إلی الزرد کنسبه العضو إلی العضو بالتقریب، و السبب المصغر للمؤخر عن المقدم موجود فی الزرد و بین هذا البطن و بین البطن المؤخر، و من تحتهما مکان هو متوزعّ العرقین العظیمین الصاعدین إلی الدماغ اللذین ذکرناهما إلی شعبهما التی تنتسج منها المشیمه من تحت الدماغ. و قد عمدت تلک الشعب بجرم من جنس الغد، یملأ ما بینها و یدعمها کالحال فی سائر المتوزعات العرقیه، فإن من شأن الخلاء الذی یقع بینها أن یملأ أیضاً بلحم غددی، و هذه الغده تتشکّل بشکل الشعب الموصوفه و
علی هیئه التوزعّ الموصوف. فکما أن التشعب و التوزع المذکور یبتدئ من مضیق و یتفرع إلی سعه یوجبها الانبساط، کذلک صارت هذه الغدّه صنوبریه، رأسها یلی مبدأ التوزعّ من فوق و تذهب متوجهه نحو غایتها إلی أن یتم تدلی الشعب و یکون هناک منتسج علی مثال المنتسج فی المشیمه فیستقر فیه. و الجزء من الدماغ المشتمل علی هذا البطن الأوسط، خاصه أجزاؤه التی من فوق دودیه الشکل مزرده من زرد موضوعه فی طوله، مربوط بعضها ببعض لیکون له أن یتمدد، و أن یتقلّص کالدود و باطن فوقه مغشی بالغشاء الذی یستبطن الدماغ إلی حد المؤخر و هو مرکب علی زائدتین من الدماغ مستدیرتین، إحاطه الطول کالفخذین یقربان إلی التماس و یتباعدان إلی الانفراج ترکیباً بأربطه تسقی وترات لئلا یزول عنها، تکون الدوده إذا تمددت و ضاق عرضها، ضغطت هاتین الزائدتین إلی الاجتماع فینسد المجری، و إذا تقلصت إلی القصر و ازدادت عرضاً، تباعدت إلی الافتراق فانفتح المجری و ما یلی منه مؤخر الدماغ أدقّ و إلی التحدّب ما هو فیتهندم فی مؤخر الدماغ کالوالج منه فی مولج، و مقدمه أوسع من مؤخره علی الهیئه التی یحتملها الدماغ.
و الزائدتان المذکورتان تسمیان: العنبتین و لا تزرید فیهما البته بل هما ملساوان لیکون سدهما و انطباقهما أشد، و لتکون إجابتهما إلی التحریک بسبب حرکه شی ء آخر أشبه بإجابه الشی ء الواحد.
و لدفع فضول الدماغ مجریان أحدهما فی البطن المقدم و عند الحدّ المشترک بینه و بین الذی بعده، و الآخر فی البطن الأوسط و لیس للبطن المؤخر مجری مفرد، و ذلک لأنه موضوع فی الطرف و صغیر أیضاً بالقیاس إلی المقدم فلا یحتمل المجری و یکفیه.
القانون فی الطب (طبع
بیروت)، ج 2، ص: 203
و للأوسط مجری مشترک لهما و خصوصاً و قد جعل مخرجاً للنخاع یتحلل بعض فضوله و یندفع من جهته و هذان المجریان إذا ابتدآ من البطنین، و نفذا فی الدماغ نفسه توربا نحو الالتقاء عند منفذ واحد عمیق مبدؤه الحجاب الرقیق و آخره و هو أسفله عند الحجاب الصلب، و هو مضیق فإنه کالقمع یبتدئ من سعه مستدیره إلی مضیق، فلذلک یسقی قمعاً، و یسمی أیضاً مستنقعاً، فإذا نفذ فی الغشاء الصلب لاقی هناک مجری فی غده، کأنها کره مغموزه فی جانبین متقابلین فوق و أسفل و هی بین الغشاء الصلب، و بین مجری الحنک ثم هناک المنافذ التی فی مشاشیه المصفی فی أعلی الحنک.
یجب أن یعلم أن الأمراض المعدوده کلها، الرأس و لکن غرضنا ههنا فی قولنا الرأس هو الدماغ و حجبه و لسنا نتعرض لأمراض الشعر، ههنا فی هذا الموضع فنقول: إنه یعرض للدماغ أنواع سوء المزاجات الثمانیه المفرده و الکائنه مع ماده و هی: إما بخاریه و إما ذات قوام.
و یکثر فیه أمراض الرطوبه، فإن کل دماغ فیه أول الخلقه رطوبه فضلیه، تحتاج إلی أن تتنقّی إما فی الرجم، و إما بعده. فإن لم تنق عظم منها الخطب و کلها إما فی جره الدماغ، و إما فی عروقه و إما فی حجبه.
و یعرض له أمراض الترکیب إما فی المقدار مثل أن یکون أصغر من الواجب، أو أعظم من الواجب أو فی الشکل مثل أن یکون شکله متغیراً عن المجری الطبیعی، فیعرض من ذلک آفه فی أفعاله.
أو تکون مجاریه و أوعیته منسده، و السدد إما فی البطن المقدم، و إما فی البطن المؤخر و إما فی البطنین جمیعاً ناقصه
أو کامله، و إما فی الأورده و إما فی الشرایین و إما فی منابت الأعصاب، و إما أن تنخلع رباطات حجبه أو یقع افتراق به بین جزأین.
و یعرض له أمراض الاتصال لانحلال فرد فیه نفسه، أو فی شرایینه و أوردته أو القحف.
و یعرض له الأورام إما فی جوهر الدماغ نفسه أو فی غشائه الرقیق أو الثخین أو الشبکه أو الغشاء الخارج و کله عن ماده من أحد الأخلاط الحاره أو البارده، أما من البارده العفنه فیلحق بالأورام الحاره و البارده الساکنه تفعل أوراماً هی التی ینبغی أن تسمّی بارده و کأنک لا تجد من أمراض الدماغ شیئاً إلا راجعاً إلی هذه أو عارضاً من هذه.
و أمراض الدماغ تکون خاصیه، و تکون بالمشارکه و ربما عظم الخطب فی أمراض
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 204
المشارکه فیه حتی تصیر أمراضاً خاصیه قتّاله، فإنه کثیراً ما یندفع إلیه فی أمراض ذات الجنب و الخوانیق مواد خنّاقه قتّاله، و کثیراً ما تصیبه سکته قاتله بسبب أذی فی عضو آخر مشارک.
فنقول المبادی التی منها نصیر إلی معرفه أحوال الدماغ، هی من الأفعال الحسیه و الأفعال السیاسیه أعنی التذکر و التفکر و التصوّر و قوّه الوهم و الحدس و الأفعال الحرکیه، و هی أفعال القوّه المحرکه للأعضاء بتوسّط العضل و من کیفیه ما یستفرغ منه من الفضول فی قوامه و لونه و طعمه، أعنی حرافته و ملوحته و مرارته أو تفهه. و من کمیته فی قلّته و کثرته، أو من احتباسه أصلًا و من موافقه الأهویه و الأطعمه إیّاه و مخالفتها و إضرارها به، و من عظم الرأس و صغره و من جوده شکله المذکوره فی باب العظام و
رداءته، و من ثقل الرأس و خفّته، و من حال ملمس الرأس و حال لونه و لون عروقه، و ما یعرض من القروح و الأورام فی جلدته و من حال لون العین و عروقها و سلامتها و مرضها و ملمسها خاصه و من حال النوم و الیقظه، و من حال الشعر فی کمیته أعنی قلّته و کثرته و غلظه و رقّته و کیفیته، أعنی شکله فی جعودته و سبوطته و لونه فی سواده و شقرته و صهوبته و سرعه قبوله الشیب و بطئه، و فی ثباته علی حال الصحه أو زواله عنها بتشقّقه أو انتثاره أو تمرّطه و سائر أحواله.
و من حال الرقبه فی غلظها و دقّتها و سلامتها أو کثره وقوع الأورام و الخنازیر فیها، و قلتهما و کذلک حال اللهاه و اللوزتین و الأسنان.
و من حال القوی و الأفعال فی الأعضاء العصبانیه المشارکه للدماغ، و هی مثل الرحم و المعده و المثانه.
و الاستدلال علی المشارکه یکون علی وجهین: أحدهما من حال العضو المشارک للدماغ، فیما یعرض للدماغ علی ما عرض للدماغ، و الثانی من حال العضو الذی ألم الدماغ بمشارکته إیاه أنه أی عضو هو و ما الذی به و کیف یتأدی إلی الدماغ.
و هذه الاستدلالات قد یستدل منها علی ما هو حاضر من الأفعال و الأحوال، و علی ما یکون و لم یحضر بعد، مثل ما یستدلّ من طول الحزن و الوحوش علی المنالنخولیا المطلّ أو القطرب الواقع عن قرب، و من الغضب الذی لا معنی له علی صرع أو مالنخولیا حاراً و مانیا و من الضحک بلا سبب علی حمق أو علی رعونه.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 205
أما الدلاله المأخوذه من جنس الأفعال، فإن الأفعال إذا کانت سلیمه أعانت فی الدلاله علی سلامه الدماغ، و إن کانت مؤفه دلت علی آفه فیها، و آفات الأفعال کما أوضحنا ثلاث هی: الضعف و التغیر و التشوش ثم البطلان. و القول الکلی فی الاستدلال من الأفعال، أن نقصانها و بطلانها یکون للبرد و لغلظ الروح من الرطوبه و السدّه، و لا یکون من الحر إلا أن یعظم فیبلغ أن تسقط القوه و أما التشوش، أو ما یناسب الحرکه فقد یکون من الحرّ و قد یکون من الیبس.
فنقول هذه الأفعال قد تدخلها الآفه علی ما عرف من بطلان، أو ضعف أو تشوّش مثال ذلک: إما فی الحواس فلنبدأ بالبصر: فإن البصر تدخله الآفه، إما بأن یبطل، و إما بأن یضعف، و إما بأن یتشوّش فعله و یتغیّر عن مجراه الطبیعی، فیتخیّل ما لیس له وجود من رج مثل الخیالات و البقّ و الشعل و الدخان. و غیر ذلک فإن هذه الآفات إذا لم تکن خاصه بالعین، استدل منها علی آفه فی الدماغ. و قد تدل الخیالات بألوانها، و لقائل أن یقول إن الخیال الأبیض کیف یدلّ منها علی البلغم الغالب و هو بارد، و أنتم نسبتم التشوش إلی الحرّ، فنقول ذلک بحسب المزاج لا بحسب اعتراض المواد للقوه الصحیه الکامله الحراره الغریزیه.
و أما فی السمع فمثل أن یضعف فلا یسمع إلا القریب الجهیر أو یتشوّش فیسمع ما لیس له وجود من خارج، مثل الدوی الشبیه بخریر الماء، أو بضرب المطارق، أو بصوت الطبول، أو بکشکشه أوراق الشجر أو حفیف الریاح أو غیر ذلک. فیستدلّ بذلک إمّا علی مزاج یابس حاضر فی ناحیه الوسط من الدماغ
أو علی ریاح و أبخره محتبسه فیه، أو صاعده إلیه و غیر ذلک مما یدل علیه. و إما أن یبطل أصلًا و الضعف و البطلان لکثره البرد و الذی یسمع کأنه یسمع من بعید، فلرطوبه.
و أما فی الشم فبأن یعدم أو یضعف أو یتشوش فیحس بروائح لیس لها وجود من خارج منتنه أو غیر منتنه فیدلّ فی الأکثر علی خلط محتبس فی مقدم الدماغ، یفعله إن لم یکن شیئاً خاصاً بالخیشوم.
و أما الذوق و اللمس فقد یجریان هذا المجری إلا أن تغیرهما عن المجری الطبیعی فی الأکثر یدل علی فساد خاص فی الإنهاء القریبه، و فی الأقل علی مشارکه من الدماغ خصوصاً
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 206
مثل ما إذا کان عاماً کخدر جمیع البدن، و قد تشترک الحواس فی نوع من الضعف و القوه، یدل علی حاله فی الدماغ دائمه و هی الکدوره و الصفاء. و لیس مع کل ضعف کدوره فقد یکون ضعف مع الصفاء مثل أن یکن الإنسان یبصر الشی ء القریب و القلیل الشعاع إبصاراً جیّداً صافیاً، و یری الأشیاء الصغیره منها ثم إذا بعدت أو کثر شعاعها، عجز عن إدراکها فإذن الکدوره و الصفاء قد یکونان معاً فی الضعف و الصفاء قد یکون لا محاله مع القوه، لکن الکدوره دائماً تدل علی ماده، و الصفاء علی یبوسه. و هذه الکدوره ربما استحکمت بغته فکان منها السَدر و هو یدلّ علی ماده بخاریه فی عروق الدماغ و الشبَکه و الحکم فی الاستدلالات عن هذه الآفات أن ما یجری مجری التشوش، فهو فی أکثر الأمر تابع لمزاج حار یابس. و ما یجری مجری النقصان و الضعف، فهو فی الأکثر تابع لبرد إلا
أن یکون مع شده ظهور فساد و سقوط قوّه، فربما کان مع ذلک من الحراره و لکن الحراره ملائمه للقوی بالقیاس إلی البرد. فما لم یعظم استضرار المزاج به و فساده، لم یورد فی القوی نقصاناً فیجب أن لا یعوّل حینئذ علی هذا الدلیل، بل تتوقّع الدلائل الأخری المذکوره لکل مزاج من المزاجین، و البطلان قد یدل علی تکّد أسباب النقصان إن کان لسبب دماغی، و لم یکن لسبب آفات فی الآلات من فساد و انقطاع و سدّه، و بالجمله زوال عن صلوحها للأداء أو لسبب فی العضو الحسّاس نفسه، و من الأعضاء الحساسه، ما هو شدید القرب من الدماغ فیقلّ أن لا تکون الآفه فیهما مشترکه مثل السمع و الشم، فأکثر آفاته التی لا تزول بتنقیه و تعدیل مزاج یکون من الدماغ. و لذلک ما یکون سائر الحواس إذا تأذت بمحسوساتها دلّت علی آفه فیها من حر أو یبس لم یبلغا أن یسقط القوه و السمع ثم الشمّ و فی الأکثر یدل علی أن ذلک المزاج فی الدماغ.
و أما الأفعال السیاسیه: فإن قوه الوهم و الحدس داله علی قوه مزاج الدماغ بأسره و ضعفه دالّ علی آفه فیه موقوفه إلی أن یتبین أیّ الأفعال الأخری اختلّ، فمنها فساد قوه الخیال و التصور و آفتها، فإن هذه القوّه إذا کان قویه، أعانت فی الدلاله علی صحه مقدم الدماغ و هذه القوه إنما تکون قویه، إذا کان الإنسان قادراً علی جوده تحفظ صور المحسوسات مثل الأشکال و النقوش و الحلو و المذاقات و الأصوات و النغم و غیرها، فإن من الناس من یکون له فی هذا الباب قوّه تامه، حتی إن الفاضل من المهندسین ینظر فی
الشکل المخطوط نظره واحده فترتسم فی نفسه صورته و حروفه و یقضی المسأله إلی آخرها مستغنیاً عن معاوده النظر فی الشکل.
و کذلک حال قوم بالقیاس إلی النغم و حال قوم بالقیاس إلی المذاقات و غیر ذلک، و بهذا الباب تتعلّق جوده تعرف النبض، فإنه یحتاج إلی خیال قویّ ترتسم به فی النفس قوی الملموسات و هذه القوه إذا عرضت لها الآفه.
أما بطلان الفعل فلا تقوی فیه صوره خیال محسوس بعد زواله عن النسبه التی تکون بینه و بین الحاسه، حتی یحسّ بها و إما ضعف و إما نقصان و إما تغیر عن المجری الطبیعی، بأن یتخیّل
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 207
ما لیس موجوداً دل ضعفه و تعذره، و بطلان فعله فی الأکثر علی إفراط برد أو یبس فی مقدم الدماغ أو رطوبه. و البرد هو السبب بالذات و الآخران سببان بالعرض لأنهما یجلبانه. و دل تغیر فعله و تشوّشه علی فضل حراره و هذا کلّه بحسب أکثر الأمور و علی نحو ما قیل فی القوی الحساسه، و قد یعرض هذا المرض لأصحاء العقل حتی تکون معرفتهم میل و القبیح تامه و کلامهم مع الناس صحیحاً، لکنهم یتخیّلون قوماً حضوراً لیسوا بموجودین خارجاً، و یتخیّلون أصوات طبالین و غیر ذلک کما حکی جالینوس، أنه کان عرض لروطلس الطبیب و منها فساد فی قوه الفکر و التخیّل، إما بطلان و یسمّی هذا: ذهاب العقل، و إما ضعف، و یسمی حمقاً و مبدؤهما برد مقدّم الدماغ أو یبوسته أو رطوبته، و ذلک فی الأکثر علی ما قیل و إما تغیّر و تشوّش حتی تکون فکرته فی ما لیس.
و یستصوب غیر الصواب و یسمّی: اختلاط العقل فیدلّ:
إما علی صرم، و إما علی ماده، صفراویه حاره یابسه، و هو الجنون السبعی و یکون اختلاطه مع شراره، و إما علی ماده سوداویه و هو المالنخولیا و یکون اختلاطه مع سوء ظن و مع فکر بلا تحصیل. و المائل من تلک الأخلاق إلی الجبن أدلّ علی البردَ و المائل منها إلی الاجتراء و الغضب، أدلّ علی الحر و بحسب الفروق التی بینها و نحن نوردها بعد، و ربما کان هذا بمشارکه عضو آخر. و یتعرف ذلک بالدلائل الجزئیه التی نصفها بعد.
و بالجمله إذا تحرکت الأفکار حرکات کثیره، و تشوشت و تفنّنت فهناک حراره.
و قد یقع أیضاً تشوّش الفکر فی أمراض بارده الماده، إذا لم تخل عن حراره مثل اختلاط العقل فی لیثرغس، و منها آفه فی قوه الذکر إما بأن یضعف و إما بأن یبطل کما حکی جالینوس، أن وباء حدث بناحیه الحبشه کان عرض لهم بسبب جیف کثیره بقیت بعد ملحمه بها شدیده، فصار ذلک الوباء إلی بلاد یونان فعرض لهم أن وقع بسببه من النسیان ما نسی له الإنسان اسم نفسه و أبیه. و کثر ما یعرض من الضعف فی الذکر، یعرض لفساد فی مؤخر الدماغ من برد أو رطوبه أو یبس و یتشوّش فیقع له أنه یذکر ما لم یکن له به عهد، فیدلّ علی مزاج حار مع ماده أو بلا ماده. و الماده الیابسه أولی بذلک. کل ذلک إذا لم یفرط المزاج فتسقط القوّه، و نقول قولًا مجملًا أن بطلان هذه الأفاعیل، ربما یکون لغلبه البرد إما علی جرم الدماغ، فیکون مما یستولی علی الأیام أو علی تجاویفه و قد یکون لبرد مع رطوبه و ربما جلبه الیبس. و کذلک
ضعفها و إما تغیرها فلورم أو مزاج صفراوی أو سوداوی، أو جسم مجرد و الاستدلال من أحوال الأحلام مما یلیق أن یضاف إلی هذا الموضع، فإن کثره رؤیه الأشیاء الصفر و الحارّه، تدل علی غلبه الصفراء و کذلک کثره رؤیه أشیاء تناسب مزاجاً مزاجاً و لا یحتاج إلی تعدیدها. و الأحلام المتشوشه تدل علی حراره و یبوسه، و لذلک تنذر بأمراض حاره دماغیه و کذلک الأحلام المفزعه و التی لا تذکر تدل علی برد و رطوبه فی الأکثر، و رؤیه الأشیاء کما هی تدل علی ذلک.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 208
و أما الدلائل المأخوذه من جنس الأفعال الحرکیه، فأما بطلانها و ضعفها فیدل علی رطوبه فضلیه فی آلاتها رقیقه کثیره، و یدل فی أی عضو کان علی آفه قی الدماغ إلا أن الأخص به ما کان فی جمیع البدن کالسکته أو فی شق واحدٍ کالفالج و اللقوه الرخوه. و ربما اتفقا أعنی البطلان و الضعف من حرّ الدماغ أو یبسه فی نفسه أو فی شی ء من الأعصاب النابته عنه، لکن ذلک یکون بعد أمراض کثیره، و قلیلًا قلیلًا و علی الأیام و الذی فی عضو واحد کالاسترخاء و نحو ذلک. فربما کان لأمراض خاصه بذلک العضو، و ربما کان عن اندفاع فضل من الدماغ إلیه و أما تغیرها فإن کان بغته دلّ علی رطوبه أیضاً و إن کان قلیلًا قلیلًا فعلی یبوسه، أعنی فی الآلات و الذی یخصّ الدماغ فمثل تغیّر حرکات المصروع بالصرع الذی هو تشنّج عام و لا یکون إلا عن رطوبه، لأنه کائن دفعه أو بمشارکه عضو آخر بحسب ما تبیّن، و یدلّ علی سدّه غیر کامله و مثل
رعشه الرأس، فإن جمیع هذه یدلّ علی ماده غلیظه فی ذلک الجانب من الدماغ أو ضعف أو یبوسه إن کان بعض أمراض سبقت و کان حدوثه قلیلًا قلیلًا.
و أما ما کان فی أعضاء أبعد من الدماغ، فالقول فیه ما قلنا مراراً و هذه کلّها حرکات خارجه عن المجری الطبیعی، و نقول أیضاً إن کان الإنسان نشیطاً للحرکات فمزاج دماغه فی الأصل حاراً و یابس، و إن کان إلی الکسل و الاسترخاء فمزاجه بارد أو رطب. و إذا کان به مرض و کانت حرکاته إلی القلق هو حار. و إن کانت إلی الهدء و لم تکن القوّه شدیده السقوط، فهو إلی البرد.
و مما یناسب هذا الباب الاستدلال من حال النوم و الیقظه: فاعلم أن النوم دائماً تابع لسوء مزاج رطب مرخٍ أو بارد مجمّد لحرکه القوی الحسیه، أو لشدّه تحلّل من الروح النفسانی لفرط الحرکه أو لاندفاع من القوی إلی الباطن لهضم الماده، و یندفع معها الروح النفسانی بالاتباع کما یکون بعد الطعام. فما لم یجر من النوم علی المجری الطبیعی و لم یتبع تعباً و حرکه، فسببه رطوبه أو جمود فإن لم تقع الأسباب المجمّده و لم تدلّ الدلائل علی إفراط برد مما سنذکره، فسببه الرطوبه ثم لیس کل رطوبه توجب نوماً. فإن المشایخ مع رطوبه أمزجتهم، یطول سهرهم و یَرَی جالینوس أن سبب ذلک من کیفیه رطوباتهم البورقیه، فإنها تسهر بأذاها للدماغ، إلا أن الیبوسه علی کل حال مسهّره لا محاله.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 209
و أما الدلائل المأخوذه من جنس أفعال الطبیعه، فتظهر من مثل الفضول بانتفاضها فی کمیتها و کیفیتها أو بامتناعها و انتفاضها، یکون من الحنک و الأنف
و الأذن و بما یظهر علی الرأس من القروح و البثور و الأورام، و بما ینبت من الشعر، فإن الشعر ینبت من فضول الدماغ و یستدلّ من الشعر بسرعه نباته أو بطئه و سائر ما قد عدد من أحواله.
فلنذکر طریق الاستدلال من انتفاضات الفضول عن المسالک المذکوره، و هذه الفضول إذا کثرت دلت علی المواد الکثیره و دلّت علی السبب الذی یکثر به فی العضو الفضول، کما قد علمته و علی أن الدافعه لیست بضعیفه.
و أما إذا امتنعت أو قلّت و وجد مع ذلک إما ثقل، و إمّا وخز و إما لذع و إما تمدد و إما ضربان و إمّا دوار و طنین، دل علی سدد و ضعف من القوّه الدافعه و امتلاء. و یستدلّ علی جنسه بأن اللاذع الواخز المحرق القلیل الثقل المصفر للون فی الوجه و العین، یدلّ علی أن الماده صفراویه.
و الضربانی الثقیل المحمّر للّون فی الوجه و العین و النافخ للعروق، یدلّ علی أنها دمویه.
و المکسِّل المبلد المصبِّر اللون معه إلی الرصاصیّه الجالب للنوم و النعاس، یدل علی أنها بلغمیه.
فإنَ کمد اللون فی تلک الحال و فسد الذِّکر و کان الرأس أخف ثقلًا و لم یکن النوم بذلک المستولی و لم یکن سائر العلامات، دل علی أنها سوداویه.
فإنّ کان شی ء من هذه مع طنین و دوار و انتقال، دل علی أن الماده تولّد ریحاً و نفخاً و بخاراً، و أن له حراره فاعله فیها و أما إن کان احتباس الفضول مع خفّه الرأس، دل علی الیبس علی الإطلاق.
و هذا الباب الذی أوردناه یختص بکمیّه الانتفاض و الامتناع، و إما من کیفیته فمثل الضارب إلی الصفره و الرقّه و الحراره و المراره
و اللذغ، یدلّ علی أنها صفراویه و إلی الحمره و الحلاوه مع حمره الوجه و العینین و درور العَرَق و الحراره، یدل علی أنها دمویّه. و المالح أو الحلو مع عدم سائر العلامات أو البور فی البارد المَلْمَس أو الحار الملمس یدلّ علی بلغم فعلت فیه حراره، و التفه الغلیظ البارد الملمس، یدل علی بلغم فجّ و هذه الاستدلالات من کیفیه المنتفض فی طعمه و لونه و لمسه و قوامه.
و أما من الرائحه فعفن الرائحه وحدتها یدلّ علی الحر و عدم الرائحه ربما دل علی البرد لیس بدلاله الأوّل علی الحر.
و أما ما یتعلق بالأشیاء التی تظهر علی جلده الرأس و ما یلیها من القروح و البثور و الأورام، فإنها تدلّ فی الأکثر علی مواد کانت فانتفضت و لا تدل علی حال الدماغ فی الوقت دلاله
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 210
واضحه، اللهم إلا أن یکون فی التزید و لأنک عارف بأسباب الأورام الحاره و البارده و الصلبه منها و السرطانیّه و القروح الساعیه و الساکنه و غیر ذلک، فلیس بصعب علیک الاستدلال منها علی حال الرأس و الشعر أیضاً، فقد عرفت فی الکتاب الأوّل أسباب حدوثه و عرفت السبب فی جعودته و سبوطته و رقّته و غلظه و کثرته و قلته و سرعه شیبه و بطئه، و ستعلم سبب تشقّقه و تمرطه و انتثاره فی أبواب مخصوصه، فیعرف منها کیفیه الاستدلال من الشعر، و نحن نحیل بذلک علی ذلک الموضع هرباً من التطویل و التکثیر.
أما العلامات المأخوذه من جنس الموافقه و المخالفه و سرعه الانفعال و بطئه، فإنّ الموافقات و المخالفات لا تخلو إمّا أن تعتبر فی حال لا ینکر صاحبها من
صحّته التی یحسبه شیئاً أو فی حال خروجه عن الصحه و تغیر مزاجه عن الطبیعه، فموافقه فی حال صحّته التی یحسبه هو الشبیه لمزاجه فمزاجه. یعرف من ذلک و مخالفه فی تلک الحاله ضدّ مزاجه. و أما فی حال خروجه عن صحته و تغیّر مزاجه عنه فالحکم بالضدّ و قد قلنا فیما سلف من الأقاویل الکلیّه أنّ الصحّه لیست فی الأبدان کلها علی مزاج واحد و أنه یمکن أن تکون صحه بدن عن مزاج یکون مثله مما یجلب مرضاً لبدن آخر، لو کان له ذلک المزاج إلّا أنه یجب أن یعتبر ما یخالفه فی الطرف الآخر أیضاً مقیساً بما یخالفه فی هذا الطرف حتی یعلم بالحدس المقدار الذی له من المزاج. فإنّ الإفراطین معاً مخالفان مؤذیان لا محاله، و إنما یوافق صحه ما، من الخارج عن الاعتدال، ما لم یفرط جداً و الدماغ الذی به سوء مزاج حار، ینتفع بالنسیم البارد و الأطلیه البارده و الروائح البارده طیبه، کانت کالکافوریّه أو الصندلیّه و النیلوفریّه و نحوها أو منتنه کالحمئیه و الطحلبیه. و ینتفع بالدعه و السکون و الذی به سوء مزاج بارد، ینتفع بما یضاد ذلک فینتفع بالهواء الحار و الروائح الحاره الطیبه و المنتنه أیضاً المحلِّله المسخّنه و بالریاضات و الحرکات، و الذی به سوء مزاج یابس یتأذّی بما یستفرغ منه و ینتفض عنه. و الذی به سوء مزاج رطب ینتفع بما یستفرغ منه و ینتفض عنه.
و أما الاستدلال من سرعه انفعالاته مثل أن یسخن سریعاً أو یبرد سریعاً، فالذی یسخن سریعاً یدل علی حراره مزاج علی الشریطه المذکوره فی الکتاب الکلّی، و کذلک الذی یبرد سریعاً و کذلک الذی یجفّ سریعاً، فقد یکون
ذلک لقلّه رطوبته أو لحراره مزاجه، و لکنّ الفرقان بینهما، أنّ الأوّل یوجد معه سائر علامات یبوسه الدماغ مثل السهر و غیره مما نذکره فی باب علامات مزاج الدماغ. و هذا الثانی إما یعرض له الیبوسه فی الأحایین عند حرکه عنیفه أو حراره شدیده، أو ما یجری مجراه من أسباب الیبوسه ثم لا یکون له فی سائر الأوقات دلیل الیبوسه. و الذی لحراره مزاجه، فیکون معه سائر علامات الحراره فی المزاج.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 211
و الذی یرطب سریعاً فقد یکون لحراره جوهره، و قد یکون لبرد جوهره و قد یکون لأنّ مزاج جوهره الأصلی رطب و قد یکون لأنّ مزاج جوهره الأصلی یابس، فإن کانت من حراره کانت هناک علامات الحراره ثم کان ذلک الترطیب لیس مما یکون دائماً و لکنه عقیب حراره مفرطه وقعت فی الدماغ، فجذبت الرطوبات إلیه فملأته، ثم إن بقی المزاج الحار غالباً أعقبه الیبس النفض و إن غلبت الرطوبات عاد الدماغ فصار بارداً رطباً، و إن استویا حدثت فی أکثر الأمر العفونه و الأمراض العفنه و الأورام، لأن هذه الرطوبه لیست بغریزیّه فتتصرف فیها الحراره الغریزیّه تصرفاً طبیعیّاً، بل إنما تتصرف فیها تصرفاً غریباً و هو العفونه.
و أما إن کان لبرد المزاج لم یکن حدوث الرطوبه دفعهً، بل علی الأیام ثم یصیر الترطّب و یکون بسرعه و تکون علامات بروده مزاج الدماغ موجوده و إن کان ذلک لرطوبه الدماغ نفسه فتکون السرعه فی ذلک لأحد شیئین: إمّا لأن الرطوبه بفعل البرد و یفسد البرد القوه الهاضمه المغیره لما یصل إلی الدماغ من الغذاء، فیظهر ترطب فما ذا حدث ذلک البرد دفعهً، کان الترطب بسرعه بعده دفعه. و
إذا حدث مع ذلک سدد فی المجاری، عرض أن تحبس الفضول، ثم هذا یکون دائماً و لازماً لیس مما یکون نادراً و کائناً دفعهً دفعهً.
و أمّا الکائن لیبوسه الدماغ، فسببه النشف الذی یقع دفعه إذا وقعت یبوسه، و یکون مع علامات الیبوسه المتقدمه و یکون شبیهاً بما یقع من الحراره إلا فیما یختلفان فیه من علامات الحراره و علامات الیبوسه.
فهذه الدلائل المأخوذه من سرعه الانفعال و لیس یجب أن یعتبر سرعه الانفعال بحسب ضعف القوی الطبیعیه لا سیّما فی الترطب، لأن ضعف القوی الطبیعیه تابع لأحد هذه الأسباب، و لیس کل الموافقات و المخالفات مأخوذه من جهه الکیفیّات، بل قد تؤخذ من جهه الهیئات و الحرکات کما یری صاحب العلّه المعروفه بالبیضه، یؤثر الاستلقاء علی سائر أوضاع ضجعته.
و أمّا التعرُّف الکائن بحسب صغر الرأس و کبره، فیجب أن تعلم أنّ صغر الرأس سببه فی الخلقه قلّه الماده، کما أنّ سبب کبره کثره الماده، أعنی الماده النطفیّه المتوزعه فی التوزیع الطبیعی للرأس ثم إن کان قله الماده مع قوه من القوه المصوره الأولی، کان حسن الشکل و کان أقل رداءه من الذی یجمع إلی صغر الرأس رداءه الشکل فی الخلقه التی تدلّ، علی ضعف القوّه، علی أنه لا یخلو من ردِاءه فی هیئه الدماغ و ضعف من قواه و ضیق لمجال القوی السیاسیه و الطبیعیه فیه. و لذلک ما بتّ أصحاب الفراسه القضیه، بأنّ هذا الإنسان یکون لجوجاً جباناً سریع الغضب متحیّراً فی الأمور.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 212
و قال جالینوس: إنّ صغر الرأس لا یخلو البته عن دلاله علی رداءه هیئه الدماغ، و إن کان کبر الرأس لیس دائم الدلاله علی جوده
حال الدماغ ما لم یقترن إلیه جوده الشکل و غظ العنق وسعه الصدر، فإنها تابعه لعظم الصلب و الأضلاع التابعین لعظم النخاع و قوته التابعین لقوّه الدماغ، فإنّ کثره الماده إذا قارنها قوه من القوّه المصوره کان الرأس علی هذه الهیئه.
و مما یؤکد ذلک أن یکون هناک مناسبه لسائر الأعضاء، فإن قارنه ضعف منها کان ردی ء الشکل ضعیف الرقبه صغیر الصلب، أو مؤفّ ما یحیط به.
و ینبت عنه علی أنّه قد یعرض من زیاده الرأس فی العظم، ما لیس بطبیعی مثل الصبیان یعرض لهم انتفاخ الرأس، و تعظمه ما لیس فی الطبع بل علی سبیل المرض، و یکون السبب فیه کثره ماده تغلی، و کذلک یعرض أیضاً للکبار فی أوجاع الرأس الصعبه و قد یعرض أن یصغر الیافوخ و یلطأ الصدغ عند استعلاء الحمره علی الدماغ، فقد عرفت إذاً دلائل صغر الرأس و کبره.
و من علامات جوده الدماغ أن لا ینفعل من أبخره الشراب و ما سنصفه معها، و ینفعل من تلطیفه و حرارته فیزداد ذهنه.
أمّا دلائل شکله، فقد عرفناک فی باب عظم القحف أن الشکل الطبیعی للرأس ما هو، و الردی ء منه ما هو، و أن الرداءه للشکل إذا وقعت فی جزء من أجزاء الرأس، أضرت لا محاله بخواص أفعال ذلک الجزء من الدماغ کالذی قد قال جالینوس: إن المسفط و المربّع مذموم دائماً و الناتئ الطرفین مذموم إلّا أن یکون السبب فیه قوّه من القوه المصوره، أی تکون أفرطت فی فعلها، و یدلّ علی قوه هذه القوه شکل العنق و مقداره و الصدر.
و أما الدلائل المأخوذه من ثقل الرأس و خفته فإن ثقل الرأس دائماً یدلّ علی ماده فیه لکن الماده الصفراویه تفعل ثقلًا أقل و إحراقاً أشد.
و السوداویه ثقلًا أکثر من ذلک و وسوسه أکثر.
و الدمویه ثقلًا أشد منهما، و ضرباناً و وجعاً فی أصول العین لنفوذ الکیموس الحار و حمره و انتفاخاً فی العروق أشدَ.
و البلغم ثقلًا أکثر من الجمیع و وجعاً أقل من الدموی و الصفراوی و نوماً أکثر من السوداوی و بلاده فکر و کسلًا و قله نشاط.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 213
و أما الدلائل المأخوذه من الحراره و البروده أعنی ما یلمسه الرأس منهما فی نفسه و ما یلمسه غیره من خارج، فلا یخفی علیک: أما الحار فدلیل علی حراره إن دام فمزاجیّه و إن حدث و آذی فعرضیه. و کذلک حکم البارد علی قیاسه، و کذلک حکم القشف الیابس و علی قیاسه إن لم یکن برد من خارج مخشّن مقشف، و کذلک الرطب إنْ لم یکن حرّ من داخل معرق و الأوجاع الأکاله التی تخیل أن فی رأس الإنسان دبیباً یأکل، و اللذّاعه فإنها تدلّ علی ماده حاره، و
الضربانیه علی ورم حار. و یؤکد دلالتها لزوم الحمّی، و الثقیله الضاغطه علی ماده ثقیله بارده، و الممدده علی ماده ریحیّه. و الانتقال یؤکد ذلک. و الوجع الذی کأنه یطرق بمطرقه، یدل علی مثل البیضه و الشقیقه المزمنه، و الوجع أیضاً یدل بجهته مثل أن الوجع الذی بمشارکه المعده، یکون علی وجه و الذی بمشارکه الکبد، علی هیئه أخری کما سنذکره و قد یدل مع ذلک بدوامه، فإنّ الوجع إذا دام فی مقدم الرأس و مؤخّره، أنذر بالعلّه المعروفه بقرانیطس.
أما الاستدلال من العین، من جملتها فمن حال عروقها، و من حال ثقلها و خفتها، من حال لونها فی صفرته أو کمودته أو رصاصیته أو حمرته، و حال ملمسها و جمیع ذلک یقارب جداً فی الدلاله لما یکون فی الدماغ نفسه. و قد یستدل بما یسیل منها من الدمع و الرمص، و ما یعرض لها من التغمیض و التحدیق و أحوال الطرف، و من الغور و الجحوظ و العظم و الصغر و الآلام و الأوجاع، فإن جفاف العین قد یدلّ علی یبس الدماغ و سیلان الرمص و الدموع إذا لم یکن لعله فی العین نفسها یدلّ علی رطوبه مقدم الدماغ، و عظم عروق العین یدل علی سخونه الدماغ فی الجوهر و سیلان الدمع لغیر سبب ظاهر یحلّ فی الأمراض الحاره علی اشتعال الدماغ و أورامها، و خصوصاً إذا سالت من إحدی العینین، و إذا أخذ یغشی الحدقه رمص کنسج العنکبوت، ثم یجتمع فهو قریب وقت الموت. و العین التی تبقی مفتوحه لا تطرف کما قد یکون فی قرانیطس و أحیاناً فی لیثرغس، و یکون أیضاً فی فرانیطس عند انحلال القوّه یدل علی آفه عظیمه فی
الدماغ، و الکثیره الطرف تدل علی اشتعال و حراره و جنون. و اللازمه ینظرها موضعاً واحداً و هی المبرسمه، تدل علی وسواس و مالنخولیا، و قد یستدل من حرکاتها علی أوهام الدماغ، من اعتقادات الغضب و الغم و الخوف و العشق و الجحوظ، یدل علی الأورام أو امتلاء أوعیه الدماغ و الصغر و الغور، یدل علی التحلل الکثیر مِن جوهر الدماغ، کما یعرض فی السهر و القطرب و العشق. و إن اختلفت هیئاتها فی ذلک کما سنفصله فی موضعه، و کذلک قد یدل علی حمره الدماغ وقوبا فیه. و أما المأخوذه من حال اللسان، فمثل أن اللسان کثیراً ما یدل بلونه علی حال الدماغ، کما یدلّ ببیاضه علی لیثرغس و بصفرته أولًا، و اسوداده ثانیاً، علی فرانیطس، و کما یدلّ بغلبه الصفره علیه و اخضرار العروق التی تحته علی مصروعیه صاحبه و لیس الاستدلال بلون
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 214
اللسان، کالاستدلال بلون العین فإنّ ذلک شدید الاختصاص بالدمغ و أما لون اللسان، فقد یستدل به علی أحوال المعده لکنه إذا علم أن فی الدماغ آفه، لم یبعد الاستدلال به.
و أما المأخوذ من الوجه، فإما من لونه فأنت تعلم دلاله الألوان علی الأمزاجه، و إما من سمنه و هزاله، فإن سمنه و حمرته یدل علی غلبه الدم و هزاله مع الصفره یدلّ علی غلبه الصفراء و هزاله مع الکموده، یدل علی غلبه الیبس السوداویّ، و التهیّج یدلّ علی غلبه الدم، و المائیه بعد أن تکون هذه أحوالًا عارضه لیست أصلیّه، و بعد أن یعلم أن لا علّه فی البدن تغیر السحنه إلا فی جانب من الدماغ، و أما المأخوذه من حال الرقبه، فإنها إن
کانت قویه غلیظه، دلت علی قوه من قوی الدماغ و وفوره، و إن کانت قصیره دقیقه فبالضد، و إن کانت مهیأه لقبول خنازیر و أورام، فالسبب فی ذلک لیس ضعفاً فیها، و لا إذا خلت عن ذلک فالسبب فیه قوّه لها، بل السبب فی ذلک ضعف القوه الهاضمه التی فی الدماغ، لشی ء من أنواع المزاج الذی نذکره، و قوّه من القوه الدافعه فإنّ نواحی العنق، قابله لما یدفعه الدماغ باللحم الرخو الغددی الذی فیها. و کذلک حال الدلائل المأخوذه من حال اللهاه و اللوزتین و الأسنان أیضاً، و أمّا المأخوذه من حال الأعضاء العصبانیه الباطنه، فذلک من طریق أحکام المشارکه، فإنها من الواجب أن تشارک الدماغ و النخاع، کما إذا دامت الآفات علیها جلبت إلی الدماغ النوع من المرض الذی بها أو ربما أحدث بها ذلک من الدماغ، فالأعصاب إذاً قویت و غلظت و قویت مسالکها التی تتحقق علیها دلت علی قوّه الدماغ و دل ضد ذلک علی ضدها.
إذا کانت الأعضاء المشارکه للدماغ قویه، فالدماغ قوی و إن کانت کثیره الآفات لا لأسباب ظاهره تصل إلیها، فإن الدماغ ضعیف أو مؤف، و ربما کانت تلک الآفات فی الأعضاء الأخری بمشارکه آفه الدماغ مثل ما یتّفق أن لا ینهض المریض لبول، أو براز محتاج إلیه لعدم الحس، کما یتفق فی لیثرغس و قد السبات السهری و نحوه، أو أثقل الحرکه علیه کما فیهما. و فی فرانیطس و مثل العجز عن الازدراد، و الغصص و الشرق فی هذه الأمراض و مثل دلائل النفس فإن النفس قد ینقطع، و یبطل بسبب آفه فی الدماغ متعدیه إلی الحجاب و أعضاء النفس، و کما أن کبر النفسِ و عظمه
أدلّ علی صبار أو ضیقه و صغره علی السباب السهری و اللیثرغس و قد یستدل من طریق المشارکات فی الأوجاع أیضاً علی أحوال الدماغ و علی النحو المذکور، و قد یستدل من کیفیه المشارکه، مثل إنه إن بلغ الوجع أصول العینین فی الصداع، دلّ علی أن السبب خارج القحف و قد یستدل أیضاً من امتلاء العروق و خلائها و من لون الجلده و غیر ذلک مما سلف بعضه فی خلل أبواب أخری.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 215
إن أکثر الأعضاء إیذاء للدماغ بالمشارکه هی: المعده، فیجب أن یستدل علی ذلک من حال الشهوه و الهضم، و حال الجشاء و القراقر، و حال الفواق و الغثیان، و حال الخفقان المعدی.
و ینظر فی کیفیه الاستدلال من هذه علی المعده حیث تکلمنا فی المعده.
و یستدل أیضاً من حال الخواء و الامتلاء، فإن مشارکات الدماغ للمعده و هی ممتلئه أو ذات نفخه، یظهر فی حال امتلائها.
و أما مشارکته إیاها بسبب الحراره و المرّه الصفراء و أوجاعها التی تکون من ذلک و من شدّه الحس، فیظهر فی حال الخواء، و کثیراً ما یکون الامتلاء سبباً لتعدل المزاج و ساداً بین البخار الحار و بین الدماغ.
و أخص ما یستدلّ به موضع الوجع فی ابتدائه و استقراره، فإن أمراض الدماغ بمشارکه المعده، قد یدلّ علیها الوجع إذا ابتدأ من الیافوخ، ثم انصبّ إلی ما بین الکتفین، و یشتدّ عند الهضم، و قد یمرض الرأس بمشارکته الکبد، فیکون المیل من الأوجاع إلی الیمین، کما إذا کان بمشارکه الطحال، کان المیل من الأوجاع إلی الیسار، و قد تکثر مشارکه الدماغ للمراق و ما یلی الشراسیف، فیکون الوجع مائلًا إلی قدام جداً و
قد یشارک الرحم فیکون مع أمراض الرحم. و دلائلها المذکوره فی بابه و یقف الوجع حاق الیافوخ و أکثر مشارکات الدماغ للأعضاء یقع بأبخره تصعد إلیه، و طریق صعودها إما ما یلی قدام الشراسیف فیحس أولًا بتمددها إلی فوق و توتر و ضربان فی العرق الذی یلیها، و یحس ابتداء الألم من قدام. و أما ما یلی ناحیه القفا فیحس ابتداء الألم من خلف، و توتر العروق و الشرایین الموضوعه من خلف، و یحس هناک بالضربان، و إذا راعیت أعراض العضو المشارک، فیجب أن لا یکون العرض عرض لذلک العضو فی نفسه، بل لسبب مشارکته للدماغ لا مشارکه الدماغ له. فإنک کما تستدلّ من الغثیان علی أن العله الدماغیه بشرکه المعده، فلا یبعد أن تغلط فتکون العله فی الدماغ أولًا، و تکون خفیفه و إما یظهر الغثیان فی المعده لمشارکتها للدماغ فی عله خفیه به، فیجب أن ترجع إلی الأصول التی أعطیناک فی الکتاب الأول التی تمیز بها الأمراض الأصلیه، من أمراض المشارکه.
فالدماغ المعتدل فی مزاجه، هو القوی فی الأفاعیل الحساسیه و السیاسیه و الحرکیه المعتدل فی انتفاض ما ینتفض منه، و احتباسه القوی علی مقاومه الأعراض المؤذیه أشقر شعر الطفوله ناریه، أحمر شعر الترعرع، و إلی السواد عند الاستکمال من الخلقه و النشو، وسط فی الجعوده و السبوطه و نباته و مده شبابه کل فی وقته و شبیه غیر مستعجل و لا متأخر عن الوقت الطبیعی و لا یسرع إلیه الصلع.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 216
یری جالینوس أن الحراره تولد اختلاط العقل و الهذیان، و لیلحق بهذا الطیش و سرعه وقوع البداءات و افتتان العزائم و أن البروده تولد البلاده، و سکون الحرکه و لیلحق بهذا بطء الفهم و تعذر الفکر و الکسل، و أن الیبوسه تفعل السهر و یدل علیها السهر و لیشرط فی هذا ما لم یکن من الرطوبات البورقیه، و لم یکن مع ثقل فی الدماغ، و دوام استفراغ الفضول أو غیر ذلک من دلائل الرطوبه، فإن الرطوبه المالحه و البورقیه بشهاده جالینوس نفسه، تفعل أرقاً کما فی المشایخ و أما الرطوبه، فتفعل النوم المستغرق، و اشترط مع نفسک الشرط المذکور.
و یری جالینوس أن الدلاله علی أن مزاجاً غالباً بلا ماده، و هو عدم سیلان الفضول مع دلاله سوء المزاج، و الدلاله علی أنه غالب بماده سیلان الفضول، و نحن نقول إن لم یکن سد أو ضعف من القوه الدافعه، و علامه ذلک ما ذکرناه فرغنا عنه، فالدلائل حراره المزاج للدماغ سرعه نبات الشعر فی أول الولاده، أو فی البطن و سواده فی الابتداء. أو تسوده بعد الشقره سریعاً، و جعودته و سرعه الصلع و سرعه امتلاء الرأس، و ثقله
من الأسباب الواقعه مثل الروائح و نحوها، و تأذیه بالروائح الحاده، و قله استعمال النوم مع خفته و ظهور عروق العینین، و ذکاء ما سرعه التقلب فی الآراء و العزائم، کحال الصبیان، و یدل علیه اللمس و حمره اللون، و نضج الفضول المنصبه المنتصبه و المنتفضه و اعتدالها فی القوام بالقیاس إلی غیره.
و إما دلائل المزاج البارد، فزیاده نفض الفضول علی ما ذکر من الشرط و سبوله الشعر، و قله سواده و سرعه الشیب، و سرعه الانفعال من الآفات و کثره النوازل و عروض الزکام لأدنی سبب، و خفاء العروق فی العینین، و کثره النوم، و تکون صورته مثل صوره الناعس، بطی ء حرکه الأجفان و الثبات علی العزائم کحال المشایخ.
و أما دلائل المزاج الیابس، فنقاء مجاری الفضول وصفاء الحواس، و القوه علی السهر و قوه الشعر و سرعه نباته لدخانیه المزاج فی السنّ الأوّل، و سرعه الصلع، و جعوده الشعر.
و أما دلائل المزاج الرطب، فسبوطه الشعر بوطء النبات منه، و بطء الصلع و کدوره الحواس، و کثره الفضول و النوازل و استغراق النوم.
و أما دلائل المزاج الحار الیابس، فعدم الفضول وصفاء الحواس و قوه السهر، و قلّه النوم، و إسراع نبات الشعر فی الأول، و قوته و سواده و جعودته و سرعه الصلع جداً، و حراره ملمس الرأس و جفوفه مع حمره بیّنه فیه، و فی العین، و تنقّل فی العزائم و عجله فیها و قوّه الفهم و الذکر و سرعه الأفعال النفسیه.
و أما دلائل المزاج الحار الرطب، فإنه إن کان ذلک المزاج غیر بعید جداً من الاعتدال، کان اللون حسناً و العروق واضحه و الملمس حاراً لیّناً و کون الفضول أکثر و أنضج، و
الشعر أسبط إلی الشقره غیر سریع الصلع، و یکون التسخّن و الترطب سریعین إلیه. و أما إن کان بعیداً منه، فیکون مسقاماً قبولًا للنکایات من الحر و البرد، و الأمراض العفنیه فی جوهره سریعاً، و تکون
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 217
حواس صاحبه ثقیله کدره وعیناه ضعیفتان، و لا یصبر عن النوم، و یری أحلاماً مشوّشه.
و أما دلائل المزاج البارد الیابس، فأن یکون الرأس بارد الملمس، حائل اللون خفی العروق فیه و فی العینین، بطی ء نبات الشعر أصهبه رقیقه بطی ء الصلع، خصوصاً إن لم یکن یبسه أغلب من برده، و یکون متضرراً بالمبردات علی الشرط المذکور و تکون الحواس صافیه فی الشیبه، فإذا طعن فی السن ضعف بسرعه و هرم، و ظهر التشنج و التعفن و التقبض فی نواحی رأسه، و یکون سریع الشیخوخه و تکون صحته مضطربه، فتاره یکون خفیف الرأس منفتح المسالک، و تاره یکون بالخلاف. و أما المزاج البارد الرطب، فیکون الإنسان فیه کثیر النوم مستغرقاً فیه ردی ء الحواس، کسلان بلیداً کثیر استفراغ الفضول من الرأس، و یدلّ علیه أیضاً بطء الصلع و سرعه وقوع النوازل، و أما دلائل الأورام و غیرها فسنقوله فی التفصیل.
هذا الباب و الذی قبله، کالنتیجه من الأصول التی أعطیناها فی الاستدلال علی أحوال الرأس، و یجب أن تحفظ هذه الدلائل، فلا یحتاج أن تعاد فی کل باب من الأبواب التی نتکلم علیها فی أمراض نواحی الرأس، فإنَا إن أعدناها فی باب ما، فإنما نعیدها لیکون ذلک معیناً علی معرفه کیفیه الرجوع إلی هذه القوانین الکلیه فی أبواب أخری، قد اقتصرنا فیها علی ما یکون أوردناه فی ذلک الباب الواحد. و کذلک یجب أن توطن نفسک
علیه من الرجوع إلی القوانین الکلیه فی المعالجات الجزئیه للرأس، اللهم إلا فیما لا یکون قد ذکر فی الکلّیات، و وجب تخصیص ذکره فی الجزئیات.
فی علامه سوء المزاج الحار بلا ماده: یدل علیه التهاب مع عدم ثقل و سهر و قلق فی الحرکات، و تشوّش فی التخاییل و إسراع إلی الغضب، و حمره عین و انتفاع بالمبردات و تقدم المسخّنات.
فی علامه سوء المزاج البارد بلا ماده: برد یحس مع عدم ثقل و کسل و فتور و بیاض لون الوجه، و العین و نقصان فی التخیلات، و میل إلی الجبن و انتفاع بالمسخنات، و تضرر بالمبرّدات.
فی علامه سوء المزاج الیابس بلا ماده: خفه و تقدم إستفراغات و جفاف الخیشوم، و غلبه سهر.
فی علامه سوء المزاج الرطب بلا ماده: کسل و فتور مع قله ثقل و قله سیلان ما یسیل، أو اعتداله و إفراط نسیان و غلبه نوم.
فی علامه الأمزجه المرکبه التی تکون بلا ماده: امتزاج علامتی المزاجین و استدل علی غلبه الحر، مع الیبوسه بسهر و اختلاط عقل، و علی غلبه البرد معه بحاله تشبه المرض المعروف
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 218
بالجمود، و ربما تأدت إلیه و استدلّ علی غلبه الرطوبه مع الحراره، بغلبه نوم لیس شدید الإسبات و علی غلبه البروده مع الرطوبه بالنوم السباتی.
و أضیف إلی ما أوردناه سائر الدلائل المرکّبه من دلائل الأفراد، فی علامه غلبه المواد: أما الصفراویه فنقل لیس بالمفرط و لذع و التهاب و إحراق شدید و یبس فی الخیاشیم، و عطش و سهر، و صفره لون الوجه و العین.
فی علامه غلبه المواد الدمویه: یدلّ علیها زیاده ثقل، و ربما صحبه ضربان، و یکون معه انتفاخ الوجه، و
العینین، و حمره اللون و درور العروق و سبات.
فی علامات المواد البارده البلغمیه: برد محسوس و طول الأذی، و أزماته و قلّه حمره اللون و الوجه و العین، و قله صفرته مع ثقل محسوس. لکن ذلک الثقل فی الماده البلغمیه أکثر، و مع کسل و بلاده و سبات و نسیان، و رصاصیه اللون فی الوجه، و العین و اللسان.
فی علامه المواد السوداویه: یکون الثقل أقلّ، و یکون السهر أکثر و وساوس و فکر فاسده، و کموده لون الوجه و العین، و جمیع الأعضاء.
فی علامه الأورام الحاره: فحمی لازمه و ثقل و ضربان، و وجع یبلغ أصل العین، و ربما جحظت معه العینان، و اختلاط عقل و سرعه نبض، فإن کان فی نفس الدماغ، کان النبض مائلًا إلی الموجبه و إن کان فی الحجب، کان الألم أشد و کان النبض مائلًا إلی المنشاریه.
و أما علامات الأورام البلغمیه: فنسیان و سبات و کثره الثقل، و نبض موجی و ترهل و تهیج.
و أما علامات الأورام السوداویه: فسهر، و وسواس مع ثقل مخصوص، و صلابه نبض و قد ترکنا ما یجب أن نذکر ههنا دلائل ضعف الدماغ و قوّته، و علامات الخلط الغالب علیه و دلائل أمراضه الخاصیه، و التی تکون بالمشارکه تعویلًا علی ما أوردناه من ذلک فی باب الصداع، فلیتأمل من هِناک فإنه مورد هذا الموضع و لینقل منه إلی الأبواب.
إنا إذا أردنا أن نستفرغ ماده، فإن دلت الدلاله علی أن معها دماً وافراً و لیس فی الدم نقصان أی ماده کانت، بدأنا بالفصد من القیفال، و من عروق الرأس المذکوره فی باب الفصد، مثل عروق الجبهه و الأنف و عروق ناحیه الأذن. و یجب أن
یقع فصدها فی خلاف جانب الوجع.
فإن کان الأمر عظیماً و الدم غالباً، فصدنا الوداج و إنما یمیل إلی الفصد، و إن غلبت الأخلاط الأخری أیضاً فنبدأ به لأن الفصد استفراغ مشترک للأخلاط، فإن کانت الماده دماً فقط، کفی الفصد التام و إن کانت أخلاطاً أخری، نظرنا فإن کان ذلک بشرکه البدن کله استفراغنا
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 219
البدن کله، ثم فصدنا الرأس وحده و استعملنا الاستفراغات التی تخصه، و لا نقدم علیها البته إلا بعد استفراغ البدن کله إن کان فی البدن خلط، و ذلک إن علمنا أن الماده فیه نضجیه، و ذلک بمشاهده ما ینجلب إلیه، و إن لم یکن رقیقاً جداً أو غلیظاً جداً. و إن کان المرض قد وافی المنتهی، و کنا قد تقدمنا بالإنضاج بالمروخات و النطولات، و الضمادات المنضجه استفرغنا من الرأس خاصه بالغرغره إن لم نخف آفه فی الرئه، و لم تکن النوازل المستنزله بالغرغره من جنس خلط حاد لاذع، و لم یکن الإنسان قابلًا لأمراض الرئه، و کان یمکنه الاحتراس عن نزول شی ء ردی ء إلی الرئه، و کان حال الرأس أشدّ اهتماماً له من حال الرئه. و استعملنا أیضاً المشمومات المفتحه المعطسه و السعوطات و النطولات لتجذب المواد من الرأس.
و ربما ضمدنا الرأس بعد الحلق بأدویه مسهله لحبس الخلط الذی فیه إذا لم نخف من تلک الضمادات إفساد مزاج، و کنا نثق أن الماده منضجه سهله الاستفراغ و مع هذا کله، فنتوقی فی استفراغ الأخلاط البارده أن لا نسهل منها الرقیقه، و نحبس الغلیظه و سبیل وصولنا إلی هذا الغرض، أن نستفرغ بعد التلیین بالملینات المنضجات. و کلما استعملنا استفراغاً، أتبعناه تلییناً و نتوقی فی إستفراغات
الأخلاط الحاده التی یضطر فیها لا محاله إلی أدویه حاره فی بعض الأوقات، مثل الأیارج و السقمونیا، و التربد مع الاسطوخودس أن یبقی بعدها سوء مزاج حار، بل نجتهد فی أن لا یبقی بعدها ذلک، و ذلک بأن نتدارک الإسهال الکائن بها، و الاستفراغ الواقع بالغرغره، و غیر ذلک تدارکاً بالضمادات المبرده، و أن نتوقی استعمالها إلا بعد نقه مأخوذه من عاده المریض، إنّ ما یشربه من ذلک یسهله، و یستفرغه حتی لا یکون سقینا إیاه سبباً لهلاک أو فساد، فإن کانت الأخلاط غیر نضیجه أنضجنا أولًا کلًا بواجبه کما نذکر، و إن کانت الأخلاط متصعده من جانب أو من البدن کله جذبنا إلی الخلاف مثلًا إن کان من أسافل، أو من البدن کله استعملنا الحقن، و الحمولات و عصبنا الأطراف، و خصوصاً الرجل و استفرغنا العضو مثلًا إن کانت المعده فبأیارج فیقرا أو کان الطحال فیما یخصه، و کذلک کل عضو و دبرنا کلًا بحسب تدبیره الذی یخصه، فهذه قوانین کلیه فی أمر المواد، و أی ماده استفرغت و حدث بسببها سوء مزاج عالجنا بالضد. و مما تشترک فیه المواد المختلفه فی الرأس من الرطوبات علی مذهب أصحاب الکی، أن یکون حیث ینتهی إلیه السبابه و الخنصر، ممسوحاً من طرف الأنف أو حیث ینتهی إلیه نصف خیط طوله من الأذن إلی الأذن، و لیحلق أولًا الرأس، و لنرجع الآن إلی التفصیل. أما الدم، فإن کان فی البدن کله، و کان حصل فی الرأس ماده وافره، فصدت القیفال، و إن کان یعد لم یحصل و هو فی الحصول فصحت الأکحل، و إن خفت الحصول قبل أن یأخذ فی الحصول، مثل أن یقع سبب جذاب للأخلاط
حول الرأس من حر خارجی أو ضربه أو غیر ذلک، فصدت الباسلیق و إن شئت أن تجذب أکثر من ذلک، فصدت الصافن و حجمت الساق فوق الکعب بشبر، و فصدت عروق الرجل، و إن کان بمشارکه عضو فصدت العرق المشترک لهما، إن أردت أن تستفرغ منهما
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 220
جمیعاً، و کانت المادقاره و إن أردت الجذب إلی ناحیه مع استفراغ العضو المشارک، فصحت عرقاً یشارک العضو المتقدم بالعله، و یقع فی خلاف جهه الرأس ثم إذا توجهت نحو الرأس وحده أو کان الدم من أول الأمر وحده فیه، فما کان واقعاً فی الحجب الخارجه من القحف علی ما سنذکره من الأمراض الجزئیه، أو کان الوجع محسوساً بقرب الشؤون و أردت علاجاً خفیفاً فالحجامه عند النقره، و کان غائراً و کان لا یرجی انجذابه إلی خارج القحف، فصدت عرق الجبهه خاصه إن کان الوجع مؤخراً، و بعد أخذ الدم یتناول المستفرغات المتخذه من الهلیلج و عصارات الفواکه، إن بقیت حاجه و یستعمل الحقن و إن کانت العله صعبه، مثل سکته دمویه مثلًا فصدت من الوداج.
و أما المنضجات: فإن کانت الماده بلغمیه، فأمهات الأدویه التی تستعمل فی إنضاجها هی ما فیه تلطیف و تقطیع و تحلیل، کالمرزنجوش،، و ورق الغار، و الشیح، و القیسوم، و الأذخر، و البابونج، و إکلیل الملک، و الشبث، و البسفانج، و الأفتیمون و هما: أخصّ بالسوداویه، و حاشا و زوفا، و الفوذنج و السذاب، و البرنجاسف، و کل مما کتبناه فی جداول التحلیل، و الإنضاج من الأدویه و الحاره، و إن کان تحصیل التدبیر فی البلغمی و السوداوی مختلفاً بما سنذکره.
و هذه الأدویه یجب أن یتصاعد فی درجاتها
بمقدار الماده، فإن کانت کثیره الکمیه شدیده الکیفیه، جعلنا الأدویه الحاره قویه حتی فی الدرجه الرابعه، مثل العاقرقرحا، و الفربیون، و غیر ذلک، اللهم إلا أن یخاف غلیان المواد، و ذلک إن کانت کثیره جداً، و خفنا أنها إذا سخنت، إزداد حجمها و أوجب تمدداً مؤلماً، أو ورماً فهنالک یجب أن نبدأ فنستفرغ منها شیئاً، ثم نأخذ فی إنضاج الباقی، و الأصوب فی إنضاج الأخلاط اللیّنه الفجه، أن یکون العلاج و التضمید بأدویه معتدله التسخین، و تستعمل الهدّ و التعصیب لینضج برفق، و إن کانت قلیله الکمّیه، أو کانت ضعیفه الکیفیه اقتصرنا من التی لا کثیر تسخین فیها علی اللطیفه فی الدرجه الأولی، و إن کانت متوسّطه فعلی المتوسّطه، و إن کانت الماده سوداویه، لم نقتصر علی هذه الأدویه حتی لا یزید فی التخفیف. و لا سیما إن کان السوداء غیر طبیعی، بل حراقیاً، بل یحتاج فی إنضاج الماده السوداویه إلی التلیین و الترطیب، لا محاله ثم یعقب بالمنضجات المحلله اللطیفه التحلیل التی فی درجه الثانیه، و الثالثه، و الأولی أن یجمع الملینه، و المرطبه مع الحاره المقطّعه المحلله.
و أما الماده الحاره، فإنضاجها یجمع قوامها، و یفتح مع ذلک و یقطع و هذه هی المبردات المرطبه التی فیها جلاء و غسل، مثل ماء الشعیر، و لبن الماعز الحلیب، و یجتنب اللبن من کان به ضعف قوّه مع الصداع و المنضجات التی بهذا الشرط و یستعمل المیاه التی طبخ فیها أوراق الخلاف، و البنفسج و النیلوفر، و عصا الراعی، و البقول البارده کلها المکتوبه فی جداولها من الأدویه المفرده مخلوطه بشی ء من الخلّ، لیغوِّصها و ینفذ قوّتها. فإن کان فیها أدنی غلظ، زید
القانون فی الطب (طبع
بیروت)، ج 2، ص: 221
البابونج، و الخطمی و إن کان بصاحب العله سهر و أراد أن لا یسهر، جعل فیها قشور الخشخاش. و أقول أن الخلّ مشترک لجمیع المواد، فإن تبریده یمکن أن یکسر بأدنی شی ء ثم یبقی غوصه بالأدویه، و تقطیعه هذا إذا استعمل فی المواد البارده، و أما فی إنضاج المواد الحاره، فلا إیثار علیه و الأدهان الحاره کلّها المذکوره فی القراباذین المتخذه من الریاحین، و الزهر، و النبات داخله فی إنضاج البارده. و إن کانت المواد شدیده البرد، أو کثیره الکمیه، أو عسره الانحلال، فالأدهان المتّخذه بالصموغ الحاره و الأفاویه القویه، و دهن البان، و الزنبق، و النرجس، و السوسن، و الأقحوان، و الغار و المرزنجوش، و الناردین، أو زیت قد طبخ فیه سذاب رطب، أو فوذنج رطب، أو شبث رطب أو بابونج رطب، و ما أشبهه مما یذکر فی القراباذین، و النفط، و أما دهن البلسان فللطفه، یتحلّل بسرعه فلا ینتفع فیه فی الأطلیه و المروخات انتفاعا کثیراً یلیق بقوّته، و نحن نقابل الماده بالاستفراغ، و بالجذب إلی خلاف، و بهما جمیعاً و الجذب إلی الخلاف هو الجذب إلی الید و الرجل، و یعین علیه دلکها بملح و دهن بنفسج، أو دهن بابونج بحسب المزاج، و مما یستعمل فیما نحن فیه الریاضه التی یحفظ فیها الرأس حتی لا یتحرّک مع البدن، و إنما تحرّک الأسافل وحدها و هی ریاضه یکون الإنسان فیها متعلقاً فی حبل، أو متدلیاً من جدار یتماسک علیه أعالی بدنه و لا یزال یحرّک الرجل، و یتعبها و هذا بعد الاستفراغ و ذلک الأطراف و شدّها من فوق إلی أسفل من هذا القبیل، و خصوصاً عند التغذیه، و قد
یبقی الرأس وحده بالریاضه الخفیفه کالدلک، و الغمز حتی المشط، و استعمال الأراجیح من المنقّیات الخاصه، کما یفعل فی آخر لیثرغس حسب ما تعلم.
و أما الأمر الجامع للتدبیرین جمیعاً فالحقن و الحمولات، و المُدرَات و المعرقات بحسب الماده و القوه، و کلها معدَوده فی القراباذین.
و أما المسهّلات التی تستفرغ الرأس بشرکه البدن، فبحب الأیارج و حبّ القوقایا، و حب أسطوخودوس، و هذه هی أوفق للأخلاط المحترقه التی الغلبه علیها المرار، و فیها مع ذلک غلط بل هی کالمشترکه للمراریه و البلغمیه، و أقوی من کله نقیع الصبر المتخذ بماء الهندبا، و خصوصاً الذی هو أقوی منه و هو المکتوب فی القراباذین، أو نقیع الأیارج، و القی ء بالسکنجبین مع بزر السرمق.
و أما طبیخ الهلیلج و الإجاص، و الشاه ترج و شراب الفواکه، و شراب البنفسج و طبیخ الخیارشنبر و ما أشبه هذه مقوّاه بالسقمونیا، و غیر مقواه بحسب حال البدن، و خلوه عن الحمی، أو کونه فیها. و بحسب السنّ و القوه، و أمثال ذلک فی موافقه للأخلاط المراریه الرقیقه، و أما أیارج أرکاغانیس و أیارج روفس و أیارج لوغادیا و أیارج جالینوس و الحب المتخذ بحجر اللازورد، و الخربق علی ما نذکره فموافقه للأخلاط الغلیظه، و السوداویه، و کذلک کل ما وقع فیه أسطوخودوس، و یصلح لها أیضاً القی ء بشرب السکنجبین، و بزر الفجل، و شحم
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 222
الِحنظل مع سائر الأدویه المخرجه للأخلاط الغلیظه اللزجه، مما حددنا و ذکرنا، و سائر المرکبات المفصّله فی القراباذین علی أن لها طبقات الأولی ما کان بأیارج، و تربد و أفتیمون، و غاریقون، و جندبادستر و ما أشبهه، ثم الحبوب الکبار ثم الأیارجات، ثم الخربقان
الأسود للسوداء، و الأبیض للبلغم مع حذر و تقیه، و اللازورد، و الحجر الأرمنی للسوداء بلا حذر و لا تقیه، و یجب أن یبتدأ من الأضعف، و یتدرج حتی یعلم من حال العله أنها قد انقطعت.
و أما المسهلات الرقیقه لتنقیه الرأس، فهی: الشبیارات التی یتخذ منها حبّ کبار لیفعل الوزن القلیل الفعل الکافی باللبث و لا یضرّ لقلّته تکریره، و ینام علیه لئلا یبطل الحرکه و الیقظه فعله، و کان القانون و العمده فیها الصبر، و الأیارج ثم تقع معها المصطکی لتقویه المعده، و یقع فیها الهلیلج لیمنع البخار الحاد أن تولد منها فی المعده عن الرأس، فإن أرید للأخلاط المراریه استعین فیها بالسقمونیا، و ما أشبهه، و ربما کان استعمال السقمونیا مع الصبریات المستعمله لسبب تنقیه الرأس نفسه، أو المعده، و إن کان مرض الدماغ بمشارکتها مانعاً لتسخینها المفرط لفضل مکثها و تهییجها المقصر عن تمام التنقیه بما یعین علی التنقیه.
و إن أرید المعین فی إخراج الأخلاط البلغمیه استعین بشحم الحنظل مع الزنجبیل، و التربد و الأسطوخودوس.
و إن أرید للأخلاط السوداویه، استعین بالخربق القلیل، أو الأفتیمون و البسفائج، و ما أشبهه و هی حبوب کثیره بنسخ مختلفه تجدها فی القراباذین، و یعرف منافعها و اختیارها هناک.
و أما المنقّیات الخاصه بالرأس، فمن ذلک الغرغرات و کان المرِّی مستعمل فی جمیعها، فإن کانت الأخلاط مراریه صرفه لم تستعمل فی تنقیتها الغرغره، خوفاً من نزولها إلی الصدر، و قد اکتسبت فضل حده من الأدویه المنقّیه الحاده، فإن المطلقه للصفراء برفق و لطف و اعتدال مزاج، لا تؤثر فی الغرغره أثراً کبیراً، فإن کان شی ء من ذلک نافعاً فالسکنجبین البزوری مع الهندبا وحده، و السکنجبین العنصلی المتّخذ بالسقمونیا،
و ماء اللبلاب و ماء الإجاص، و شراب البنفسج، و التمر هندی، مع قلیل سقمونیا و ما یجری هذا المجری.
و أما إن کانت الأخلاط مراریه مع غلظ: فالغرغره تکون بالمرّی و الصبر، أو بالأیارج أو السکنجبین البزوری، و العنصلی مع الأیارج و لک أن تقوِّی ذلک بالسقمونیا، و قلیل تربد، و لا نزید علی هذا.
و أما إن کانت الأخلاط الغلیظه بلغمیه، فزد علیها شحم الحنظل، و الزنجبیل و الأسطوخودوس، و التربد، و أیارج أرکاغانیس ویوسطوس، و ربما احتجت إلی أن تستعمل معها الخردل، و العاقرقرحا، و الفلفل مع المصطکی تزید بذلک تقویه فعل الدواء إذا کانت الأخلاط شدیده القوه، و کذلک ربما مضغت العاقرقرحا و الفلفل، و الزنجبیل، و الوج حتی المیویزج، و ما أشبهها و قد یخلط بها الملطّفات مثل الزوفا، و الدار صینی و السلیخه، و الصعتر
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 223
و قشور أصل الکبر، و الفودنج و ما یجری مجراها.
و أما العطوسات، فللأخلاط المراریه مثل بخار الخل المذاب فیه قلیل سقمونیا، و شمِّ الفقاع الحامض الحاد، و للبلغمیه الکندس، و الفلفل و البصل و الثوم، و الحرف و الخردل، و البزور الحاده و ما جری مجراها، و قد یتّخذ من هذه الأدویه ضمّادات، و یتّخذ منها أطلیه علی الأصداغ. و أما السعوطات فمنها ما یراد به التبرید و الترطیب، و منها ما یراد به التحلیل، و منها ما یراد به التقویه، و إذا استعملت السعوطات المحلله القویه، فتدرج فی استعمالها. و استعملها أول مره بدهن الورد، أو باللبن أو بما یجری مجراهما، و فی المره الثانیه، بعصاره السلق، و نحوها و فی المره الثالثه بماء المرزنجوش، و نحوه فإن کان
مبدأ الماده و البخارات، إنما هو من المعده، فتأمل جوهر الخلط الحاصل فی المعده، و تعرفه بما تعلم فی باب أمراض المعده و استفرغه.
و أما إذا کانت الماده الرأسیه بخارات و ریاح محتقنه: فیجب أن تحتلها بماء طبخ، فیه الشیح و الأفتیمون و الحاشا و الأدویه المذکوره فی أبوابه، و تقطر أیضاً دهن الیاسمین، و المرزنجوش، و الغار فی الأذن، و أما إذا أردت أن تقوی جرم الدماغ، و تمنع الأخلاط المراریه عن الصعود إلیه من المعده، و ما یلیها فیجب أن تطعمه الفواکه الحامضه، و خاصه الرمان الحامض، و التفاح و الکمثری، و الحصرم و خصوصاً بعد الطعام.
و أما معالجتک السدد: فبالنطولات المفتحه دائماً، و یجب أن یکن سکبها و سکب کل نطول یستعمل فی کل غرض سکباً من مکان علو لیکون غوص قوتها أکثر، و الرأس منتصب لیقع علی الیافوخ فوق مؤخر الرأس، و العظام الصلیه و یکون أیضاً بالمضوغات، و حبوب الشبیار و الأدهان المحلله.
و إن کان سبب الألم ریاحاً، فی المعده نقیت، ثم أعطیت دهن اللوز الحلو و المر بماء طبیخ الأصول، و الحلبه و القردمانا و ما أشبهه، و أعطیت دهن الخروع مع نقیع الصبر.
و أما معالجتک للأورام الحاره: فیجب أن یبتدأ فیها أولًا بما یدفع من المبردات المذکوره، مخلوطه بالخل و ماء الورد إلا أن یکون هناک وجع شدید، و حینئذ فاجتنب الخلّ، و ینفع فیها استعمال دهن الورد مبرداً مقداراً صالحاً غیر مفرط مضروباً بالخل الکثیر، أو القلیل فی الجبهه و الرأس، و ماء عنب الثعلب، و القرنفل، و الزعفران، و الصندل، و شیاف مامیثا و الطین الأرمنی، و العدس المقشر و نحو ذلک، و میاه قد طبخت
فیها القوابض البارده، و من الحاره القابضه القویه، ما فیها ترکیب أیضاً فی مزاجها بالبرد کالأثل، و اجتنب الأدویه الشدیده البرد المتخذه من مثل الخشخاش، و الأفیون و غیر ذلک، إلا عند حاجه شدیده و وجع شدید، و البابونج قد یکسر قوه المخدرات فی الأنطله، و القی ء مما لا ینتفع به فی معالجات أمراض الرأس، إلا أن یکون بمشارکه ماده فی المعده، أصلح وجوه دفعها القی ء قال جالینوس: لیس
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 224
حال الصداع فی شده الحاجه إلی المخدرات، حال القولنج فإن وجع القولنج، قد یبلغ أن یقتل، و لا کذلک الصداع فی کثر الأمر فإن کانت المواد شدیده الحده، استعملت ماء الفواکه المذکوره، ثم تشتغل بالمنضجات المذکوره للمواد الحاده، ثم تستعمل ما فیه أدنی تحلیل مثل میاه قد طبخ فیها الکشک، و أصول الآس، و من الأدهان دهن البابونج الطری وحده، أو مخلوطاً بدهن الورد بحسب حده المرض و قوام الماده، و قرب العهد من المبتدی و بعده، ثم میاه قد طبخ فیها أصول الکِرَفس و الرازیانج، و بزورهما، و النخاله، و الحلبه، و الخطمی، و إکلیل الملک و الأقحوان الأبیض، و من الأدهان دهن الشبث، و نحوه أیضاً حتی ینتهی فیحلل حینئذ. و أیضاً ضمادات متخذه من هذه و أما الاستفراغات الواجبه، فتتقدم بها بحسب الماده، و یستعمل فی تغذیه صاحب الورم الصفراوی خاصه الأغذیه الخفیفه الرطبه.
و أما الأورام البارده، فیبدأ فیها أولًا کما فی غیرها بالاستفراغ، و یستعمل فیها ما یقع فیه دهن الخروع، و دهن اللوز المر و الفیقرا و نحو ذلک من أصناف الأشربه المعروفه. بمیاه الأصول، و یقتصر من الرادعات فی ابتدائه علی دهن الورد، و
یخلط بها الملطفات کالحاشا، و الفودنج، و الجندبیدستر خاصه، ثم یستحمل العنصل و خلّه ضماداً أو غرغرهً إن أمکن ذلک، و ربما سقوا من الجندبیدستر ثلثی مثقال و خصوصاً لأصحاب لیثرغس، ثم یستعمل المنضجات التی فیها إرخاء، و قلیل تحلیل مما ذکرناه، ثم بعد ذلک و عند الانتهاء، فیستعمل فی جمیع البارده و الحاره المرخیات، و یکون المستعمل فی البارده المرخیات التامه و المحللات القویه من المیاه و الضمادات و الأدهان.
و اعلم أن جمیع من یشکو عله مادیه فی رأسه، فإنه یتضرر بالخمر، و بالإبطاء فی الحمام، و جمیع من به مرض فی حجب الدماغ، فإنه یتضرر بالماء البارد جداً.
و أما معالجات سوء المزاج الحار وحده: فما فیه تبرید من البقول و الأدهان البارده المبرده، کدهن الورد، و الخلاف، و النیلوفر، و البنفسج و خیر ذلک که دهن الورد، و دهن حب القرع، و دهن بزر الخس، و دهن بزر الخشخاش، و ربما استعملوا دهن بزر البنج عند شده الوجع، و خیر هذه الأدهان، ما أصله زیت معتصر من زیتون إلی الفجاجه غیر مملح، و قد أکثر ورق ما یربی فیه و کان طریاً.
و أما البقول البارده، و ما یجری مجراها فأنت تعرفها کلها و هی: مثل الخس، و البقله الحمقاء، و جراده القرع، و ما یشبه ذلک و أیضاً ورق الخلاف، و ورق النیلوفر، و عنب الثعلب، و عصا الراعی، و حیّ العالم، أو ماء الخیار، و القرع و سویق الشعیر مع الخلّ، و ماء الورد و الکافور، و الصندل، و أقاقیا، و اللخلخه بدهن الورد، و الخلّ و لا یتجاوز ذلک إلی ما فیه تخدیر و إجماد للروح، إلا لضروره شدیده. و قالوا:
و لا یجب أن یکون الخلّ شدید الحدّه، و الخمریه فإن فیه ضرراً و من ذلک لعاب بزر القطونا بالخل، و ماء الکزبره و أوراقه، و یجب أن یجنب هذه
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 225
الأضمده و الأطلیه مؤخّر الدماغ الذی هو منشأ العصب، فإن هذه الأشیاء إنما تنفع الدماغ من طریق الشأن الذی فی الیافوخ، و الشأن الأکلیلی، و أما من طریق الخلف، فلا یصل إلی صمیم الدماغ و تفسد منابت الأعصاب. أیضاً مما یعالجون به أن یتشمّموا الروائح البارده، و یسعطوا بمثل هذه الأدهان و العصارات، و یجعل الأغذیه من العدس و المحّ، أعنی الماش و الکشک، و الأسفاناخ، و القطف، و الطفشیل، و ما أشبه ذلک، و یفرش هذه البقول و الأوراق فی مسکنه، حتی یکون فی بیت بارد مفروشاً فیه الأغصان المبرّده، و قد أمر أن یکون فیها ماء الشاهسفرم، فاغیه الحنّاء، و أظن إن الأصوب أن یکون القرب منه من الشاهسفرم مرشوشاً بالماء البارد، و کذلک ینفعه تقریب الفواکه البارده، و الجمد أو المیاه الغزیره، فإن لم یجد مع الحراره یبوسه بل رطوبه بلا ماده، و هذا قلیل جداً فی أمراض الدماغ، فاجعل الأطلیه من میاه الفواکه التی فیها قبض کما ذکرنا، و لا سیما فی ابتداء الأورام الحاره، و جمیع هؤلاء یجب أن یمنعوا الحرکات النفسانیه الباطنه، و تردید الحدقه فی الملامح، و یجنبوا النظر فی التباریق، و التراویق و کذلک یخفّف علی أسماعهم.
و أما إن کان سوء المزاج بارداً، فاستعمل الضمّادات و المیاه المتخذه من الأدویه الحاره المذکوره، و الأدهان المذکوره، خاصهً دهن السذاب المسخن، و إن احتیج فیه إلی زیاده تقویه، خلط به فربیون، کذلک دهن
الغار و المرزنجوش، و نحوها و إن کان مع ذلک سوداویاً، و کان سوداء طبیعیاً أو بلغمیاً، فسخّنه مع ترطیب.
و أما إن کان إحتراقیاً، فاجتنب کل ما یجفّف أو یسخن، و اقتصر علی المرطبات من الألبان، و الأدهان، و النطولات، و الأضمده و الأغذیه.
فإن کان مع البرد یبس جمعت أیضاً بین الترطیب و التسخین.
و إن کان مع البرد رطوبه، استعملتَ المفرغات المذکوره، و الأدویه التی فیها نشف مع الحراره، مما ذکر لک فی الجداول.
و یجب أن تعلم أن السیالات تستعمل علی الرأس قطراً علی ما ذکرنا، و تستعمل حبساً فی محبس من عجین أو صوف مبلول، یکلّل به الرأس و یکون مصبّها مما یلی المقدم من الیافوخ، و ما کان منها لیّناً فیجب أن لا یترک علیه اللطخ منه، بل یغسل و لا یحبس نفسه فی المحبس الإکلیلی مدّه کثیره، بل یجدد فإنه سریع التعفّن، و أجود ذلک أن یستعمل بعد الحلق، و کذلک جمیع الضمّادات و المروخات، و إذا غذوت أصحاب أمراض الرأس المادیه، فادلک الأطراف، و جفف جانب الرأس، و قوِّه بالرادعات، ثم أغذه حسب ما تری من کمیه الماده و کیفیتها، و قس علی ذلک نظائره.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 226
الصداع ألم فی أعضاء الرأس، و کل ألم فسببه تغیّر مزاج دفعه، و اختلافه أو تفرق اتصال، أو اجتماعهما جمیعاً و تغیّر المزاج هو أحد السته عشر المعروفه، و إن کان الرطب هو غیر مؤثر ألماً إلا أن یکون مع ماده تتحرک، فتفرق الاتصال، و تفرُّق الاتصال معلوم، و أصنافه بحسب أسبابه معلومه، و اجتماع سببی الألم معاً یکون فی الأورام، و الأورام کما علمت معدوده الأصناف، و أصنافها
أربعه، و جمیع ذلک قد یکون فی جوهر الدماغ نفسه، و قد یکون فی الحجاب المطیف به، و قد یکون فی الجانبین المطیفین به، و قد یکون فی العروق، و قد یکون فی الأغشیه الخارجه عن القحف لما بینها من العلائق المعروفه فی التشریح الموصوف، و قد یکون السبب المؤذی لأی هذه الأعضاء کان ثابتاً فی العضو نفسه، و قد یکون بمشارکه غیره له: إما عضو یصل بینه و بین أعضاء الرأس واشجه العصب مثل المعده، و الرحم، و الحجاب، و أعضاء أخری إن کانت، أو عضو یصل بینه و بین الدماغ، واشجه العروق من الأورده و الشرایین مثل القلب، و الکبد، و الطحال، و إما عضو یجاوره مجاوره أخری مثل الرئه الموضوعه تحته، فیؤدی إلیه آفته، و إما عضو مشارک لعضو من جهه، و للدماغ من جهه أخری مثل مشارکته للکلیه فی أوجاعها. و إما بمشارکه البدن کله کما یکون فی الحمّیات، و ما کان بمشارکه فقد یکون بأدوار و نوائب، بحسب أدوار و نوائب السبب الذی فی العضو المشارک، مثل ما یکون بمشارکه المعده، إذا کان لانصباب المواد المراریه أو غیرها إلیها أدوار، و مثل ما یکون مع أدوار تزید أصناف الحمیات و الصداع، فقد ینقسم من جهه أخری فإن منه ما سببه صنف من الأسباب البادیه، مثل صداع الخمار ما دام صداع خمار، و لم یرسخ لرسوخ سبب أرید من ذلک متولّد من ذلک و مثل صداع کل شی ء حار نحو الثوم و غیره، و منه ما سببه سابق، قد وصل فهو لابث فیلبث هو لأجله، و ربما کان عرضاً ثم صار مرضاً، و إذا بقی مرضاً بعد الحمیات الحاره، أنذر بعلل
دماغیه، و دلّ علی عجز الطبیعه عن دفع الماده بالکمال برعاف أو غیره من العلل التی ینذر بها سبات، و سکات، و جنون أو استرخاء، أو صمم بحسب جوهر الماده و بحسب حرکاتها.
و الصداع قد ینقسم من جهه مواضعه، فإنه ربما کان فی أحد شقی الرأس و ما کان من ذلک معتاداً لازماً، فإنه یسقی شقیقه، و ربما کان فی مقدّم الرأس، و ربما کان فی مؤخر الرأس، و ربما کان محیطاً بالرأس کله، و ما کان من ذلک معتاداً لازماً، فإنما یسمّی: بیه، و خوذه تشبیهاً ببیضه السلاح التی تشتمل علی الرأس کله.
و الصداع قد یختلف أیضاً بالشده و التوسّط، و الضعف، فمن الصداع ما هو شدید جداً حتی إنه إذا صادف یافوخ صبی لین العظام، مرقه و صدع درزه، و منه ما هو ضعیف مثل أکثر ما یکون فی لیثرغس، و من الضعیف ما هو لازم، و منه ما هو غیر لازم، و ربما کان الصداع الذی سببه ضعیف
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 227
یعرض لبعض دون بعض، فیعرض لمن حسّ دماغه قوی، و لا یعرض لمن حس دماغه ضعیف، و بالجمله فإن من هو قوی حسّ الدماغ ممنوّ بالتصدع من کل سبب مصدع، و إن ضعف.
و بالجمله فإن الدماغ یکون سریع القبول للمصدعات: إما لضعفه: و قد عرف فی الکلیات أن الضعف تابع لسوء مزاج. و إما لقوه حسه فیتأذی عن کل سبب، و إن خفّ، و أیضاً فإن من الصداع، ما لا أعراض له و منه ما یؤدی إلی أعراض تختفی بنواحی الرأس: مثل أن یحدث أعنی الصداع لشده الوجع أوراماً فی نواحی الرأس، و منه ما یؤدی إلی أعراض
تتعدی إلی أعضاء أخری، مثل أن یتأدی أفاه و أضراره، أو إیلامه إلی أصول الأعصاب، فیحدث التشنّج أو یتعدّی شی ء من ذلک إلی المعده، فیحدث سقوط الشهوه، و الفواق، و الغثیان، و ضعف الهضم، و نحو ذلک.
و اعلم أن الصداع المزمن إما أن یکون لبلغم، أو لسوداء، أو ضعف رأس، أو ورم صلب مبتدا، أو حار قد صلب و هو الکثیر و الصادع، و جمیع الأمراض قد تختلف، فربما کان المرض مسلماً، و المسلم هو الذی لا مانع من تدبیره بما یجب له فی نفسه، و منه ما لیس بمسلم بل هو ذو قرینه، و ربما منعت عن تدبیره بالواجب مثل أن یکون صداع و نزله، فتعارض النزله الصداع فی واجبه من التدبیر.
و الصداع أیضاً قد ینقسم باعتبار آخر فإن من الصداع ما یعرض. أحیاناً للصحیح، لا قلبه به، و منه ما إنما قد یعرض لذی أورام و أوصاب، و من الأبدان أبدان مستعده للصداع و هی: الأبدان الضعیفه الرؤوس، الضعیفه الأعضاء الهاضمه، فتتولّد فیها بخارات و تنصب إلی معدهم أخلاط مراریه، فتصدع. و أیضاً فإن من التناولات أشیاء مصدّعه، قد ذکرت فی جداول الأدویه المفرده، و جمیع الأفاویه مصدّعه، خصوصاً السلیخه، و القسط، الزعفران، و الدارصینی، و الحماما. و جمیع المبخرات مصدّعه حاره کانت أو بارده، لکنها إذا تعاقبت تدافعت، أعنی إذا کان قد تقدّم ما آذی بحراره بخاره، و عقبه ما یبخر بخاراً بارداً أو بالعکس. و أما إذا کان الأذی لیس بالکیفیه وحدها، بل و بالکمیّه فلا ینفع تعاقبها، بل یضر و قد یکثر الصداع البارد للاحتقان فی الشتاء، و إذا کان الصیف شمالیاً قلیل المطر، و کان الخریف جنوبیاً مطیراً، کثر
الصداع فی الشتاء، و کثیراً ما یکون الصداع بسبب تأدیه الریان البخارات الخبیثه إلی الرأس.
فلنأت بکلام یفصل کل واحد من هذه الجمل، و هذا هو التفصیل الأول فنقول: أما الجمله المزاجیه، فإن المزاج الحار و المزاج البارد، و المزاج الیابس و الرطب، قد یحدث عنها الآلام علی نحو ما علمنا فی الأصول الکلیه، و إن کان الحال فی المزاج الیابس، ما علمت من أنه قلیل التأثیر للألم، و المزاج الرطب بما هو رطب فلیس یؤلم، إلا أن یکون هناک ماده رطبه مؤلمه من جهه تبخیر أو إحداث ریح، یفعل تفرّق الاتصال و الحار الیابس، و البارد الیابس،
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 228
یؤلمان بالکیفیتین، و یؤلمان أیضاً بالحرکات المفرّقه للاتصال.
و أما الحار الرطب، و البارد الرطب، فلا یؤلمان إلا من حیث هما حار و بارد، لا من حیث هما رطبان، إلا علی الجهه المذکوره.
و المزاج الحار، إما أن یکون سببه ماده حاره دمویه، أو صفراویه أو مرکبه محتدّه ملتهبه، تفعل بکیفیتها التأثیر، و إما أن یکون سببه ریحاً و بخاراً حاراً، و إما أن یکون سببه حرکه مسخّنه بدنیه، أو نفسانیه علی ما علمت من أقسامها فی الأصول الکلّیه، أو یکون سببه مثل ملاقاه نار. أو إحراق شمس، أو تناول غذاء، أو دواء مسخّن، أو مجاوره أعضاء قد سخنت، و مشارکتها و أسباب المزاج البارد المصدع، مقابلات هذه مما إلیک عده.
و أسباب الیابس، إما مجفّفات منا خارج بالتحلیل و الإحراق، و کالسمائم و الأضمده الحاره، أو مجمّدات طبیعیه أو عارضه بغته و غیر بغته تمنع الغذاء من أن ینفذ إلی الرأس، فتجف أعضاؤه لانقطاع الشرب، و تحلل الرطوبه الأصلیه، أو مجفّفات من داخل
بتحلیلها أو باستفراغها، أو بأن قوّتها مجفّفه، أو أن الغذاء الکائن منها یابس، أو قلیل الرطوبه و مجاوره أعضاء قد یبست و مشارکتها، و الحرکات النفسانیه و البدنیه المفرطه مجفّفات بطریق الاستفراغ و التحلیل. و کذلک الجماع و الإدرار و النزف، و الریاضه القویه. و الاستفراغات منها إستفراغات فی أعضاء غیر أعضاء الرأس یشارکها الرأس مثل الاستفراغات الکلیه من البدن کله، أو الاستفراغات الجزئیه من عضو دون عضو، و منها إستفراغات فی أعضاء الرأس، مثل الزکام و النزله، و الرعاف، و أصناف التحلب المکتسب بالسعوطات و العطِوسات و الغراغر، و من أسباب الیبوسه انقطاع مواد الرطوبه، و إن لم یکن باستفراغ مثل الصیام، و ترک الطعام أو فقدانه.
تفرّق الاتصال قد یعرض فی حجب الدماغ، و قد یعرض فی جوهره، و قد یعرض فی العروق فتفتق، و ربما کان کما تعلم من حرکه البخارات و الریاح ابتداء أو لسدّه، و ربما کان لخلط أکّال، و ربما کان من ضربه أو سقطه أو قطع من خارج، و الذی یکون من داخل فربما لم یلتحم، و بقی قرحه تؤذی الرأس و تدیم التصدیع و الضربه و السقطه ربما کانت خفیفه المؤنه، فتعالج، و ربما بلغت أن یتقلقل لها الدماغ، و یهلک، و قد ذکر بعض أطباء الهند، أنه ربما کان السبب فی الصداع دوداً یتولد فی نواحی الرأس، فتؤذی بحرکتها و تمزیقها و أکلها، و قد استبعد هذا قوم، و لیس بالواجب أن یستبعد، فإن الدود کثیراً ما یتولد فیما بین مقدم الرأس، و أعلی الخیاشیم، فیجوز أن یتولد عن الحجب و إن کان الندره.
الورم الذی یحدث عنه الصداع ربما کان فی حجب الدماغ، و ربما کان حاراً و یسمی:
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 229
سرساماً حاراً، و ربما کان بارداً و یسمی: لیثرغس أی النسیان، و ربما کان مرکباً و یسمی حال صاحبه السبات السهری، و ربما کان صلباً، و قد یکون فی نفس الدماغ و جوهره فیکون إما حاراً فلغمونیاً، أو حمره، و إما بارداً و تفصیل جمیع ذلک مما یأتیک عن قریب، و هذه کثیراً ما تنحل، بأن یخرج من الرأس فی الأذن و غیره قیح أو صدید أو ماده مائیه.
نقول: إن المواد تکون سبباً للصداع إما بالذات و إما بالعرض، و الذی بالذات فبأن تغیر المزاج بالذات، أو تفرق الاتصال بالذات. و إنما تغتر المزاج بالذات علی وجهین، إما بالمجاوره، و إما بالتحلیف.
أما الذی بالمجاوره فبأن یکون الخلط مخالطاً حاراً، أو بارداً، فیسخن أو یبرد تسخیناً، أو تبریداً، إذا فارق الخلط مما خالطه، ففنی و تلاشی و لم یلبث لبثاً یعتد به.
و أما الذی بالتحلیف، فأن یکون الخلط قد أرسخ الأثر وثبته فلو فارق باستفراغ و تحلّل بقیت الکیفیه راسخه.
و أما کونها سبباً للصداع بالذات علی سبیل تفرّق الاتصال، فذلک بحرکتها و نفوذها، أو بلذعها و تأکّلها، و أکثر ما یصدع بالتحریک أن یهیّج ریاحاً، و أکثر ما یفعل ذلک مواد بارده ضربتها حراره طارئه، أو أغذیه ریحیه مخالطه لحراره، و أما اللذّاعه الأکّاله فهی الأخلاط الحاره، و أما الصداع الکائن عنها بالعرض، فإذا حدثت سده و رمیه أو غیر و رمیه، و السده یتبعها تغیّر المزاج، کما علمت و یتبعها تفرّق الاتصال، و ذلک لأن الموادّ التی تحرکها الطبیعه فی البدن إما
علی سبیل نفض، أو علی سبیل تمییزه و قسمته غذاء فإنما تحرکه فی منافذ طبیعیه، إذا سدت منعت و إذا منعت قاومت. و المقاومه توجب التمدید، و التمدید یوجب تفرق الاتصال، و السدد قد تعرض فی جوهر الدماغ، و قد تحدث فی الأورده التی فیه، و قد تحدث فی شرایینه و قد تحدث فی ذینک من حجبه، و السده تعرض عن الأخلاط إما للزوجتها، و إما لغلظها، و إما لکثرتها، و اللزوجه لا قصاب إلا فی البلغم، و الغلظ یصاب فی البلغم، و السوداء و البلغم یسد باللزوجه و بالغلظ و بالکثره و السوداء بالغلظ أو الکثره، و الصفراء تسد بالکثره و کذلک الدم، و الصداع البحرانی، یکون من قبیل الصداع الذی سببه تحریک طبیعی علی سبیل النفض، و الصداع الذی یکون بعقب انهضام الطعام، یکون من قبیل الصداع الذی سببه تحریک طبیعی علی سبیل التمییز.
و أما حصول الماده المؤذیه فی العضو، فیجب أن نذکره من الأصول الکلیه بعد أن تعلم أنها إما أن تکون متقادمه الحصول و الاحتباس، و إما أن تکون غذائیه أی تولدت فی الوقت عن الغذاء تولد کیموس ردی ء فی جوهره و کیفیته، لفساد فی نفس الغذاء أو ترتیبه، أو قدره أو
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 230
هضمه، أو سائر وجوه فساده المذکوره فی بابه، و من هذا القبیل، صداع أکل الثوم، و البصل، و الخردل، و صداع الخمار و صداع من تناول الباردات و حرکات المواد فی الأعضاء، یجب أن تتذکّرها من الأصول الکلیه و الریح من جمله المواد المصدعه، و یصدع بالتحدید و ذلک إذا ضاق علیه منفذ طبیعی، قد خلق أضیق مما ینبغی له فی وقته، أو
طلب أن یحدث منفذاً غیر طبیعی.
و البخار أیضاً من جمله ذلک و یفعل إما بکیفیته، و إما لمزاحمه الأخلاط فی الأمکنه، فتحرکها، و الریاح و البخارات قد تتولد فی البدن و فی الدماغ نفسه، و قد تستنشق من خارج، أو تأتی من جهه المسام، ثم تحتقن فی الدماغ فیصدع. و من هذا القبیل صداع النتن، و صداع الطیب.
و اعلم أن الریاح البلغمیه و البخارات البلغمیه، ثقیله بطیئه الحرکه محتبسه، و السوداویه موحشه ثابته، أقل کماً أو أردأ کیفاً و الأخلاط الحاده لا تهیج ریاحاً، بل أبخره و الأبخره الدمویه عذبه، أقل من الأبخره ضرراً، بل أکثرها بکمیتها، و الصفراویه حاده ملتهبه، فاعلم جمیع ما قلناه.
الصداع الکائن بالمشارکه، منه ما هو بمشارکه مطلقه و منه ما هو بمشارکه غیر مطلقه، و المشارکه المطلقه، هو أن لا یتأدی إلی ناحیه الدماغ من العضو المشارک شی ء جسمانی البته، إلا نفس الأذی، و أما المشارکه الغیر المطلقه، فأن یتأدی إلی جوهر الدماغ من ذلک العضو ماده خلطیه، أو بخار.
و من القسم الأول: أصناف الصداع الکائن فی التشنج، و الکزاز و التمدد، و ریاح الأفرسه، و أوجاع المفاصل و مثل ما یکون فی النقرس و عرق النسا القویین. و ربما کان المتأدی من الکیفیات المشارکه کیفیه ساذجه من الیکفیات الطبیعیه، أو کیفیه غریبه ردیئه لا تنسب إلی حر أو برد مثل الکیفیات السمیه، فربما یکون فی بعض الأعضاء خلط سمی ردی ء الجوهر، فتتأذی کیفیته، و ربما کان المتأدی من المواد مواد غیر غریبه فی طبائعها، و إنما أدت باشتداد کیفیاتها، أو تزاید کمیاتها، و ربما کان المتأدی ماده غریبه تولدت فی بعض الأعضاء تولداً غریباً فاسداً، کما یکون فی
احتقان الرحم، أو یکون لمن طال عهده بالجماع، أو حدث فی مرات خلط ردی ء، و فی شی ء من أطرافه، و ربما صارت الکیفیه المؤذیه المتأدیه سبباً لحصول ماده مؤذیه أیضاً، و ذلک علی وجهین.
أحدهما: أن تفسد تلک الکیفیه ما تجده فی نواحی الدماغ من المواد الجیده، أو ما یتأدی إلیها من الغذاء الجید.
و الثانی: أن یجعل الدماغ قابلًا للمواد الردیئه، و هذا القبول علی وجهین، أحدهما قبول عن جذب منه مثل أن یسخن منه الدماغ، فیجذب إلیه بالسخونه المواد. و الثانی: قبول عن
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 231
ضعف مقاومه، قد علمت فی الأصول أن العضو إذا ضعف قبل ما یصیر إلیه من المواد.
و المشارکه التی تکون مع البدن کله، فإما لماده فاشیه فی البدن کله، و الصداع البحرانی من قبیله، و إما لکیفیه فاشیه فی البدن کله، کما تکون فی الحمیات.
و إذا اشتد الصداع فی الحتیات الحاده، کان اشتداده علامه ردیئه بل قاتله إذا قارنه سائر العلامات الردیئه فإن انفرد دل علی بحران برعاف. و ربما محلی علی بحران بقی ء.
و الأعضاء المشارکه للرأس أولها و أولاها المعده فإنه قد یفضل فی المعده أخلاط، أو یتولد فیها أو ینصب إلیها مرار علی أدوار، و غیر أدوار، و تکون حلقه المرار بحیث ینصب المرار من وعائها الغلیظ دون الرقیق إلی المعده علی ما شرحناه فی بابه، أو یحتبس فیها ریاح أو یتصعد منها أبخره، فیکون منه صداع، و الخمار یصدع و یسرع إلیه البرد لتخلخل أطرافه، و الرحم مما یشارکه الدماغ مشارکه قویه و المراق أیضاً و الکبد أیضاً و الطحال، و الحجاب، و الکلیه، و الأطراف کلها و ناحیه الظهر و أول ما یشارک
الدماغ ما یطیف به من الغشاء المجلل للقحف، و کثیراً ما یکون صدع المشارکه عند انتقال الماده من أورام الأعضاء الباطنه المشارکه إذا تحرکت إلی فوق.
أما الصداع الکائن عن الأسباب الکائنه من خارج، مثل ضربه أو سقطه و ملاقاه أشیاء حاره أو بارده أو سمائم مجففه أو ریاح ذفره طیبه أو منتنه أو احتقان ریح فی الأنف و الأذن، فالاستدلال علیها من وجودها، فإن غفل عنها رجع إلی آثارها فاشتغل بالاستدلال منها علی نحو ما نبین.
و الذی یکون عن ضعف الدماغ، فیدل علیه هیجانه مع أدنی سبب و مع کدوره الحواس و وجود الآفه فی الأفعال الدماغیه، و الذی یکون عن قوه حس الدماغ، فیدل علیه سرعه الانفعال أیضاً عن أدنی سب محسوس فی الدماغ عن الأصوات و المشمومات و غیرها، لکن الحس یکون ذکیاً و المجاری نقیه و أفعال الدماغ غیر مؤفه.
و أما الکائن عن الأسباب المادیه کلها، فیشترک فی الثقل الموجوَد و رطوبه المنخر، و إذا کانت الماده حاده و کان مع النقل حمره و حراره، و خصوصاً فیما هو من المواد أغلظ، و ربما صحبها ضربان، و أما رطوبه المنخر، فقد ثقل إذا کانت المواد غلیظه، و لا یکون یبس الخیاشیم فی مثلی ذلک الصداع دلیلًا عدم المواد إذا صحبه ثقل، و الصفراوی یختصَ باللذع و الحرقه الشدیده النخس و یکون ذلک فیه أشد مما فی غیره، مع یبس الخیاشیم و العطش و السهر و صفره اللون، و یکون الثقل فیه أقلّ و البارد قد یدل علیه: البول و الأزمان، و اللون، و إن کان ذلک الامتلاء عن تخمه دل علیه ذهاب الشهوه و الکسل، و المواد الرطبه بارده کانت أو
حاره فقد یدل
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 232
علیها السبات، و البلغمی و السوداوی لا یؤلمان جداً، و المواد الیابسه یقلّ معها الثقل و یکثر السهر، و البارده تخلو عن الالتهاب و یکثر معها الفکر الفاسد و تکمّد اللون، و قد یستدل علی کل خلط بلون الوجه و العین.
و ربما اختلف ذلک فی القلیل، و السبب فی ذلک إما اندفاع من الخلط الملتهب إلی العمق أو احتقان فیه، و إما انجذاب من مواد حاره غیر المواد الموجعه البارده إلی ناحیه العینین، و الوجه بسبب الوجع. فإن الوجع إذا حل فی عضو جذب إلیه و إلی ما یجاوره، و أکثر ما ینجذب فی مثل هذه الحال إلی العضو هو الدم، و قد ینجذب غیره أحیاناً، و أما الکائن عن الریاح فیقل معه الثقل و یکثر معه التمدّد، و ربما کان معه نخس و ربما کان کالتآکل. و لا یکون فی الریحی ثقل، و قد یدل علی الریحی و البخاری الدویّ و الطنین، و ربما ردت معه الأوداج کثیراً و قد یکثر معه الانتقال، أعنی انتقال الوجع من موضع إلی موضع.
و إذا کثر البخار اشتدّ ضربان الشرایین و خیل تخییلات فاسده، و صحبه سدر و دوار، و أما الکائن عن أمزجه ساذجه فعلاماته الإحساس بتلک الأمزجه مع عدم ثقل، و مع یبس الخیاشیم فإن یبس الخیاشیم دلیل مناسب لهذا و أما الحاره، فیحس العلیل نفسه و یحس لامس رأسه حراره، و التهاباً، و یکون هناک حمره عین و ینتفع بالمبردات و البرد، و أما البارد فیکون الأمر فیها بالضد، و لا یکون فی وجههم نحافه الهزال، و لا حمره اللون و لا یکون الوجع مفرطاً و
إن کان مزمناً.
و أما الیابسه فیدل علیها تقدّم إستفراغات أو ریاضات، أو شهر کثیر أو جماع کثیر أو غموم، و یکون من شأنها أن تزداد مع تکرّر شی ء من هذه.
و أما الکائنه بالمشارکه، فأن تحدث و تبطل و تشتد و تضعف بحسب ما. یحدث بالعضو المشارک من الألم، أو یبطل و یشتد و یضعف و إن لم یکن بمشارکه کان فی سائر أفعال الدماغ، کظلمه فی العین و سبات و ثقل دائم، مع صلاح حال سائر الأعضاء، و إذا کانت الآفه فی نفس حجب الدماغ، و کانت قویه، دل علی ذلک تأدی الألم إلی أصول العینین، و إن کانت الآفه فی الغشاء الخارج، أو فی موضع آخر، لم یتأد الألم إلی أصول العینین، و أوجع مس جلده الرأس، و الکائن بمشارکه المعده فیدل علیه وجود کرب و غثی، أو قله شهوه أو بطلانها أو رداءه هضم، أو قلته أو بطلانه بعد وجود الدلیل السابق، و إذَا کان بسبب انصباب مرار إلیها اشتد علی الخواء، و علی النوم ریقاً.
و ربما کان الصداع بسبب فی الدماغ، فأوجب فی المعده هذه الأحوال، و الآفات علی سبیل مشارکه من المعده للدماغ، لا علی سبیل ابتداء من المعده، و مشارکه من الدماغ، فیجب أن تثبّت فی مثل هذا، و تتعرف حال کل واحد من العضوین فی نفسه، فتحدس السابق من المسبوق، و مما یدلّ علی ذلک فی المعده خاصه اختلاف الحال فی الهضم، و غیر الهضم،
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 233
و اختلاف الحال فی الخواء، و الامتلاء. فمان ألم المعده إن کان من صفراء هاج علی الخواء، و إن کان من خلط بارد کان فی الخواء أقل و
یسکّنه الجوع. و ربما هیّج الجوع منه بخاراً، فآذی لکنه مع ذلک لا یسکّنه الأکل تمام التسکین فی أکثر الأمر، و ربما سکّنه فی الندره، لکن الالتهاب و الحرقه و الجشاء یفرق بینهما، و أنت ستعرف دلائل الجشاء فی موضعه، و کذلک یفرق بینهما سائر العلامات التی تذکر فی باب المعده، و قد یدل علی ذلک ما یخرج بالقی ء، و یدلّ علیه اختلاف الحال فی الصداع، بحسب اختلاف حال ما یرد علی المعده و کثیر من الناس ینصبّ إلی معدتهم مرار بأدوار، فإذا هاج الصداع و أکلوا شیئاً سکن فیکون ذلک دلیلًا علی أنه بمشارکه المعده، و کذلک یسکن أن قذفوا مراراً. و یدل ذلک الدلیل و قد یستدلّ علیه من جهه الألم، فإن الذی بمشارکه المعده أکثره یبتدئ فی الجزء المقدم من الیافوخ، و ربما کان مائلًا إلی وسط الیافوخ، ثم قد ینزل و الذی یکون من الکبد، یکون مائلًا إلی الجانب الأیمن، و الذی یکون من الطحال یکون مائلًا إلی الجانب الأیسر، و الذی یکون بسبب المراق یکون مائلًا إلی قدام جداً، و الذی یکون بسبب الرحم یکون فی حاق الیافوخ و یکون أکثره بعد ولاده، أو إسقاط، أو احتباس طمث، أو قلّته. و أما علامه ما یدعی من صداع یتولّد من دود، قال الهندی: و علامه الصداع الکائن من الدود أن یکون أکّال شدید، و نتن رائحه، و اشتداد الصداع مع الحرکه، و سکونه مع السکون، و الذی یکون من الکلیه، و أعضاء الصلب، فیکون مائلًا إلی خلف جداً و الذی یکون بمشارکه الأوجاع الحادثه فی أعضاء أخری، فیکون مع هیجانها و اشتدادها، و الذی یکون مع الحمیات و البحرانات فیکون معها،
و یسکن و یضعف بسکونها و ضعفها، و قد یدلّ علیها ابیضاض البول مع شده الحمی، لمیل الأخلاط المراریه إلی فوق، و کثیراً ما تکون الأشیاء الملطّفه سبباً للصداع، بما یفتح من طریق الأبخره إلی الدماغ، و إن کانت غیر حاره مثل السکنجبین. و کذلک حال الشقیقه، و التدبیر اللطیف ضار، لمن صداعه یوجب العلاج بالتدبیر الغلیظ، بسبب المرار و ربما زاد الصداع فی نفسه لشده وجعه، فتجلب شدّه وجعه مزیداً فیه فاعلم هذه الجمله.
البول الشبیه بأبوال الحمیر یحلّ علی أن الصداع کان فانحل، أو هو کائن ثابت، أو سیکون، و کذلک ابیضاض البول، ورقته فی الحمیّات، و أوقات البحران، یدل علی انتقال المواد إلی الرأس، و ذلک مما یصدع لا محاله.
: انت تعلم أن الصداع إسوه بغیره من العلل، فی وجوب قطع سببه، و مقابلته بالضدّ. و بعد ذلک فإن من الأمور النافعه فی إزاله الصداع، قله الأکل و الشرب و خصوصاً من الشراب، و کثره النوم، علی أن الإفراط فی قلّه الأکل ضار فی الصداع الحار. مضرّه الزیاده فیه فی الصداع
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 234
المزمن و لا شی ء للصداع کالتودیع، و ترک کل ما یحرّک من الجماع و من الفکر، و غیر ذلک.
و یجب أن یجتهد فی علاج المادیات منه فی جذب المواد إلی أسفل، و لو بالحقن الحاره و یجب أن تقوی، حتی یمکنها أن تستفرغ من نواحی الکبد و المعده، و من الأشیاء القویه فی جنب ماده الصداع إلی أسفل، و التسلیم من الصداع، دلک الرجلین فإن کثیراً ما ینام علیه المصدوع و قد یلحّ علی الرجل، فی ذلک إلی أن ینحلّ الصداع. و إذا أردت أن تستعمل أطلیه و ضمّادات و کانت العله قویه مزمنه حاره کانت أو بارده، فیجب أن یحلق الرأس، و ذلک أعون علی نفوذ قوه الدواء فیه، و مما یعین علیه تکلیل الیافوخ، إما بعجین أو بصوف لیحبس ما یصبّ علیه، من الأشیاء الرقیقه عن السیلان، فیستوفی الدماغ منه الانتشاق، و لا یسلب قوتها الهواء بسرعه. قال فیلغریوس: إن فصد العرق من الجبهه و إلزام الرأس المحاجم إلی أسفل، و دلک الأطراف و وضعها فی الماء
الحار، و التمشّی القلیل و ترک الأغذیه النافخه، و المبخره البطیئه الهضم نافعه جداً لمن یؤثر أن یزول صداعه و لا یعاوده.
أقول: و ربما صببنا الماء الحار علی أطراف المصدوع و ندیم ذلک، فیحس بأن الصداع ینزل من رأسه إلی أطرافه نزولًا ینحلّ معه. و اعلم أن الأغذیه الحامضه لا تلائم المصدوعین، إلا ما کان من الصداع بمشارکه المعده، و کان ذلک الغذاء من جنس ما یدبغ فم المعده، و یقویه و یمنع انصباب المرار إلیه، و إذا صحب الصداع المزمن من الآلام مؤذ فانح فی تدبیرک نحوه، فإنه ربما کان ذلک العارض سبباً للزیاده فی الأصل الذی عرض له العارض مثل السهر، فإنه إذا عرض بسبب الصداع ثم اشتدّ، کان من أسباب زیاده الصداع، فیحتاج أن ننطله، مثلًا یحتاج فیما مثلنا به أن یستعمل مثل دهن القرع، و دهن الخلاف، و دهن النیلوفر، و مثل الألبان معطره بالکافور و غیره. و ربما احتجت فی مثالنا إلی أن یخدر قلیلًا و ینوّم.
و کل صداع صحبته نزله فلا تمل إلی تبرید الرأس و ترطیبه بالأدهان و نحوها، بل أفزع إلی الاستفراغ و شدّ الأطراف و دلکها و وضعها فی ماء حار، و إذا أردت أن تجعل علی الرأس ما ینفذ قوته إلی باطن الرأس، فلا حاجه بک- کما علمت- إلی غیر ناحیه مقدّم الدماغ حیث الدرز الإکلیلی، و غیر الیافوخ، فعندهما یتوقع نفوذ ما ینفذ، و أما مؤخّر الدماغ، فإن العظم الذی یحیط به أصل من ذلک فلا ینفذ ما یحتاج إلی نفوذه إلی الدماغ، فإن شدد فی ذلک لم ینتفع به منفعه تزید علی المنتفع بها لو اقتصر علی ناحیه المقدم و حاق الیافوخ. و
مع ذلک فإن کان الدواء مبرّداً ضرّ مبادی العصب و أصل النخاع ضرراً عنه غنی.
و الصداع الضربانی قد یصحب الحار و البارد من الأورام، و هو الذی کأنه ینبض، فإن کان السبب حاراً، فاستعمل المبرّدات التی فیها لین، و استعمل أیضاً حجامه النقره، و إرسال العلق علی الصدغین، و ربط الأطراف. و إن کان بارد أفل إلی ما یفش، و اخلط معه أیضاً ما فیه تقویه و برد ماء مثل أن یخلط بدهن الورد سذاباً أو نعناعاً، و إذا اشتد مثل هذا الصداع حتی یبلغ
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 235
بالصبیان إلی أن تنفتق دروزهم، فقد حمد فی علاجهم العروق المسحوقه ناعماً المخلوطه بدهن الورد و الخل طلاء بعد أن یغسل الرأس بماء و ملح، و إذا استعملت السعوطات المحلله القویه فتمزج فی استعمالها علی ما قیل فی القانون، و علیک أن لا تمیل نحو المخدرات ما أمکنک، و لکنا سنذکر منها وجوهاً فی باب مسکّنات الصداع بالتخدیر. و اعلم أن القی ء لیس من معالجات الصداع، و هو شدید الضرر بصاحب الصداع، إلا أن یکون بسبب المعده و بمشارکتها، فینتفع بالقی ء. و الصداع الذی یکون فی مؤخر الرأس، فإنه إن لم یکن حمی کان علاجه بالاستفراغ بالمطبوخ، أولًا بقدر القوه، ثم الفصد. و من وجد صداعاً ینتقل فی رأسه و یسکنه البرد، فلعل الفصد لا بد منه، أو الحجامه لئلا تجذب مداومه الوجع فضولًا إلی الرأس.
الغرض فی علاج هذا الصداع التبرید. و المتبدئ منه لا أنفع فیه من دهن الورد الخالص المبرد، یصب علی الرأس صباً، و أفضل ذلک أن یحوّط حول الیافوخ الحائط المذکور، و لا یجب کما علمت أن یستقل بمؤخر
الدماغ. و إن لم ینفع دهن الورد وحده خلطت به عصارات البقول، و أصناف النبات البارده، و مما یکاد أن لا یکون أنفع منه، أن یسعط العلیل باللبن و دهن البنفسج، أو دهن الورد مبردین علی الثلج، و یصلح أن یخلط دهن الورد بالخل، فإن الخل لا یعین علی التنفیذ علی الشرط المذکور فی القانون. و ربما نفع سقی الخل الممزوج بماء کثیر منفعه شدیده.
و أما الکائن من هذه الجمله عن إحراق الشمس، فإن علاجه هذا العلاج أیضاً، مع زیاده احتیاط فی تعدیل الهواء و تبریده، و الإیواء إلی المساکن البارده، و استعمال الأضمده و النطولات، و المروخات من الأدهان کلها بارده بالطبع مبرده بالثلج، و کذلک النشوقات و النطولات و الشمومات. و قد عرفت ذلک، و یجب أن تجتنب فی ذلک و غیره کل ما یحرک بعنف من صیاح، و إکثار فکر، و جماع، و جوع. و الذی من إحراق الشمس، فإنه إذا تلون فی ابتدائه سهل تغییره، و إذا أهمل فلا یبعد أن یتعذر علاجه، أو یتعسر، أو یصیر له فضل شأن. و کثیراً ما یعرض من الشمس صداع لیس من حیث یسخن فقط، بل من حیث یثیر أبخره و یحرک أخلاطاً ساکنه. فمثل هذا لا یستغنی معه عن استفراغات علی الوجوه المذکوره، و ربما احتیج أیضاً فیما لم یثر أبخره، و لم یحرک أخلاطاً إلی الاستفراغ، و ذلک عند ما یحدث بامتلاء یُخْشی. و انجذاب الماده فیه إلی الموضع الألِم علی ما علمته من الأصول، فهناک إن أغفل أمر استفراغ الخلط الغالب لم یؤمن استعجال الآفه، و إذا التهب الرأس جداً فی أنواع الصداع الحار و سخن جداً مجاوز للحد، أخذ سویق
الشعیر و بزرقطونا و عجنا بماء عصا الراعی، و برد و ضُمد به الرأس.
و أما الکائن عن ماده حاره دمویه، فیجب أن یبادر فیها إلی الفصد، و إخراج الدم بحسب
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 236
الحاجه و احتمال القوه، و إن لم یکف الفصد من عروق الساعد، و لم یبلغ به المراد، و بقی الوجع بحاله، و عرّت العروق علی جملتها، و رأیت فی الرأس و الوجه و العین امتلاء واضحاً، فیجب أن تقصد فصد العروق التی یستفرغ فصدها من نفس الدماغ کفصد العروق التی فی الأنف من کل جانب، و فصد العروق التی فی الجبهه، فإنه عرق یستأصل فصده کثیراً من آلام الرأس. و یجب أن یراعی فی ذلک جهه الوجع، فإن کان من الجانب المؤخَّر فصد العروق التی تلی جهه القدام، و إن کان فی جانب آخر فصد العرق الذی یقابله فی الجهه، و إذا أعوز فی الجهه المقابله عرق اعتمدت الحجامه بدل الفصد. و قد قال الحکیم أرکیغایس: إن ذلک إن لم یغن فالواجب أن یحجم علی الکاهل، و یسرح منه دم کثیر، و یمسح موضع الحجامه بملح مسحوق، و یلزم الموضع صوفاً مغموساً فی زیت، ثم یوضع علیه من الغد دواء خراجی، و لیس ذلک فی هذا بعینه، بل فی جمیع أنواع الصداع المزمن من ماده خبیثه، أیه ماده کانت. و قد ینتفع کثیراً فی هذا النوع من الصداع و ما یجری مجراه بفصد الصافن، و حجامه الساق، فهذا تدبیرهم من جهه الفصد. و إذا أحس أن هناک شوباً من ماده صفراویه فلا بأس باستفراغها بما یلین الطبیعه، و یزلق الماده مما یذکر فی باب الصداع الصفراوی، و یجب أن
یدام تلیین الطبیعه بالجمله بمثل المرقه النیشوقیه، و الإجاصیه و مرقه العدس و المج، أعنی الماش دون جرمهما، و أن یغذی المشتکی بأغذیه مبرّده تولّد دماً بارداً إلی الیبس و الغلظ ما هو، یمیل إلی القبض مثل السماقیه، و الرمانیه، و العدسیّه بالخل، و الطِفشیل، إلا أن یتوقی یبس الطبیعه و أنت فی معالجه أمراض الرأس کثیر الحاجه إلی اللین من الطبع، و فی مثل هذه الحاله ذلک أن تعدل هذه القوابض بالترنجبین، و الشرخشک، و جمیع ما یحلی مع تلیین، و یجب أن تکون هذه الأغذیه حسنه الکیموس، و یقلل من مقدارها و لا یتملأ منها. و إذا استعملت النطولات و المروخات، استعملت منها ما فیه تبرید و لیس فیه ترطیب شدید، بل فیه ردع ما و قبض ما مثل ماء الرمان، و العصارات البارده القابضه من الفواکه، و الأوراق و الأصول، و لعاب بزرقطونا بالخل و ماء عصا الراعی.
و أما علاج الکائن من ماده صفراویه، فإن رأیت معه أدنی حرکه للدم، فالعلاج هو أن یستفرغ الدم قلیلًا، و إلا جعلت الابتداء من الاستفراغ بمثل الهلیلج، إن لم یکن حمی، و إلا فبالمزلقه، و التی لیس فیها خشونه و عصر شدید مثل الشرخشک، و شراب الفواکه، و میاه و اللبلاب، و قد یستفرغ بالشاهترج أیضاً، و الحقن اللیّنه. و إن کانت المواد الصفراویه غلیظه، أو کانت متشرّبه فی طبقات المعده، لا تنقذف بالقی ء، و لا تنزلق بالمسهّلات المزلقه، احتجت أن تستفرغ بأیارج فیقرا مع سقمونیا علی النسخ المذکوره، أو تزیدها و تحملها علی المزلقات أو تستفرغ بطبیخ الهلیلج علی ما تراه فی القراباذین، ثم تبدل المزاج بما فیه تبرید و ترطیب. أما من البدن،
فبالأغذیه و الأشربه، و أما من الرأس- إن کان السبب فیه وحده- فبالمعالجات المذکوره فی القانون، و بکل ما یعالج به سوء المزاج الحار الیابس، و بحسب الأسباب العامیه للحرّ
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 237
و العامیه للیبس.
و من اللطوخات النافعه من الصداع الحار أقراص الزعفران، و ینفع من السهر أیضاً. و نسخته، یؤخذ من الزعفران سبعه مثاقیل، و من المر مثقالان، و من عصاره الحصرم و القلقدیس و الصمغ، من کل واحد مثقال و نصف، و من الشبّ الیمانی ثمانیه مثاقیل، و من القلقطار خمسه مثاقیل، تدق هذه الأدویه دقاً ناعماً، و تُعجن بشراب عفص و تقرّص، و إذا احتیج إلیها دیف الواحد منها بخل ممزوج بماء الورد، و یطلی علی الصدغین. و الصداع الحار فی الحمیات، یکره استعمال الأدویه العاطفه للأبخره علیه، و یعافیه کثره استنشاق الخل و ماء الورد.
ینفع من ذلک التکمید بما هو مسخن بِالفعل من الخرق المسخنه، و من الجاورس المسخن، و الملح المسخّن. و الجاورس ألطف و أعدل، و قد ینفع جماعتهم، و خصوصاً المصرودین منهم، إذا کانت أبدانهم نقیه، و لم یخش منهم حرکه الأخلاط، أن یحسروا عن رؤوسهم فی الشمس مقیمین فی شرقها إلی أن یعافوا، و ینحلّ صداعهم. و المصرود یجب أن یقلل غذاؤه، و تسهل طبیعته و لو بالحقن، و یحال بینه و بین الحرکات البدنیه و النفسانیه و الفکریه، و یمنع الشراب البارد، و یحرم علیه البروز للبرد. و ینفع جمیع من به صداع من البرد بعد التنقیه- إن احتیج إلیها- المروخات و السعوطات و النشوقات و الشمومات و النطولات و الأضمده المسخنه المذکوره. و مما ینفعهم سقی الشراب الریحانی الرقیق القوی
مع البزور، أعنی مثل بزر الکرفس، و بزر الرازیانج، و بزر الجزر و الأنیسون و الکمّون و الدوقو، و فطراسالیون، و ما جری مجری ذلک. و هذا عند ما یؤمّن حصول أخلاط فی المعده مستعده للثور، و عند ما لا یکون بالعلیل حمی فیخاف أن تشتد. و ینفعهم ضماد الخردل و جمیع الأضمده المحمّره، و خصوصاً إذا وقع فیها خردل و ثافسیا، و قد جرب الرماد بالخلّ طلاء، و کذلک العروق بدهن اللوز المر مروخاً، کل ذلک بعد الحلق. و کل الثوم أیضاً مما یقطع الصداع البارد.
فأما علاج الصداع البارد مع ماده بلغمیه، فهو أن یستفرغ البدن إن کان الخلط مشترکاً فیه، ثم یستعمل تقلیل الغذاء أو تلطیفه، و یستعمل الأبازیر التی لیست مصدعه، و یستعمل المنضجات المذکوره و الاستفراغات المحدوده مبتدئاً من الأقل، فالأقل، ثم المعالجات الأخری الموصوفه فی القانون. و یستعمل أیضاً ما یسکّن أوجاعها، و جمیع ما یجب أن یستعمل فی علاجی البارد و الرطب. و استعمال التریاقات من المعاجین فی الأسبوع مره واحده نافع.
و أما علاج الصداع البارد مع ماده سوداویه، فإن الواجب فیها أیضاً أن یعمل علی حسب ما قیل فی القانون من الفصد، إن احتیج إلیه لکون الدم غالباً، أو فاسداً، و الاستفراغات بدرجاتها بعد الإنضاجات المفصّله، ثم تبدیل المزاج بالطرق المذکوره، و استعمال ما یولد دماً لطیفاً محموداً رطباً رقیقاً، و قد و فی الکلام فیه. و مما ینفع منه جیّداً، حب القرنفل، و نذکر ههنا
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 238
أیضاً ما ذکره أرکاغانیس فی باب فصد الکابل و قد أوردناه.
صفه أطلیه نافعه للصداع البارد: ینبغی أن یبدأ بحلق الرأس أوّلًا، ثم یؤخذ مثقالان من أوفربیون،
و مثقال من بورق، و مثقالان من السذاب البری، و مثقال من بزر الحرمل، و مثقالان من الخردل، تدق و تعجن بماء المرزنجوش، و یطلی به الرأس.
أخری: و من الأطلیه الجیده النافعه أن یؤخذ فلفل مثقال، ثقل دهن الزعفران مثقال و ثلث، أوفربیون حدیث مثقال، زبل الحمام مثقالان، یجمع الجمیع بعد السحق الشدید بالخل الثقیف، ثم یطلی به موضع التحمیر. و أیضاً طلاء من مرّ و أوفربیون و ملح و بورق. و أیضاً فربیون و مرّ و صبر و صمغ عربی و جندبیدستر و زعفران و أفیون و أنزروت و قسط و کندر، یتّخذ منه طلاء بماء السذاب.
أخری: و من الأطلیه الجیده لکل من الخوذه و الشقیقه الباردین، أن یطلی بالحجر المصری، فإنه شدید النفع جداً.
أخری: یؤخذ فلفل أبیض و زعفران من کل واحد درهمان، فربیون درهم، خرء الحمام البرّی وزن درهم و نصف، یعجن بخلّ و یطلی به الجبهه.
أخری: یؤخذ صبر و مر و فربیون و جندبیدستر و أفیون و قسط و عاقرقرحا و فلفل یطلی بشراب عتیق. و أیضاً دواء زبل الحمام، و هو قوی.
أخری: فلفل و خلط الزعفران أی قرص الزعفران المذکور من کل واحد مثقالان فربیون نصف مثقال، زبل الحمام مثقال و نصف، مداد مثقال و نصف، الخلّ مقدار الحاجه، و هذه الأدویه تاره تستعمل مکسوره بالدقیق، أو بمزاج لین، أو بیاض بیض و تاره صفره، و درجات ذلک مختلفه.
صفه سعوطات نافعه للصداع البارد: منها سعوط الشونیز المذکور فی المفردات و منها المومیاء مع الجندبیدستر و المسک. و زعم بعضهم أنه إذا سعط بسبع ورقات سعتر، و سبع حبات خردل مسحوقه بدهن البنفسج کان نافعاً. و مما جرّب مسک و میعه
و عنبر، و یؤخذ عدسه منه، و یسعط به کل وقت. و مما یسعط به لذلک فیسخّن و یستفرغ دهن شحم الحنظل، أو دهن دیف فیه عصاره قثاء الحمار، و ما زعم قوم أنه شدید النفع، من ذلک أن یؤخذ عصاره ورق الحاج معتصراً بلا ماء، و یسعط منه فی الأنف ثلاث قطرات علی الریق، ثم یتبع بدهن البنفسج بعد ساعه، و یحسی إسفیدباجاً کثیر الدسم. و مما یمدح لهذا الشأن أن یؤخذ من مراره الثور الأشقر وزن ثلاثه دراهم، و من المومیاء وزن درهمین، و من المسک درهم و من الکافور وَزن نصف درهم و یسعط منه.
أخری: یؤخذ ثافسیا مثقال و نصف، أصل السوسن مثقال، فربیون مثقال و نصف، عسل
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 239
مصفی مثقال و نصف، یجمع الجمیع بعصاره أصل السلق، و یسعط منه بحبه جاورس مقطراً من طرف المیل.
أخری: یؤخذ فربیون و ثلثاه خضَض هندی، و یعجن بعصاره السلق، و یقطر فی الأنف.
أخری: یؤخذ بخور مریم یابس ثمانیه مثاقیل، بورق و سماق، من کل واحد أربعه مثاقیل لیسحق صحقاً ناعماً، و ینفخ فی الأنف. بأنبوبه، و یرفع العلیل رأسه و یستنشقه بقوه.
أخری: یؤخذ شونیز أربعه مثاقیل، عصاره قثاء الحمار مثقالان، نوشادر مثقالان، یعجن بدهن الحنا و بدهن قثاء الحمار یطلی به داخل الأنف، و یستنشق العلیل ریحه بقوه، فإذا نزل من ساعته من رأسه شی ء کثیر، فحینئذ یغسل الأنف بماء حار.
صفه أدهان یمرخ بها رأس من به صداع بارد: و ذلک أنه ینفع منه جمیع الأدهان الحاره، و الأدهان التی قد طبخ فیها، مثل الشبث و الفودنج و المرزنجوش و الشیح و النمام و السذاب و ورق الغار و
ما قد ذکرناه فی القانون. و أما دهن البلسان، فحاله ما قد عرفته هناک، و هذه أیضاً تصلح سعوطات و قطورات فی الأذن.
صفه نفوخ نافع من الصداع المزمن: و هو أن یؤخذ عصاره قثاء الحمار و شونیز و قلیل ثافسیا و یسحق و ینفخ فی الأنف، أو بخور مریم و نطرون و عصاره قثاء الحمار.
فی علاج الصداع الیابس: أما الیابس الذی یکون مع ماده صفراویه أو دمویه، فقد مضی الکلام فیه، و إنما بقی الکلام فی الصداع الیابس بلا ماده، فأول علاجه تدبیر العلیل بالأغذیه المرطبه الجیّده الکیموس، و خصوصاً الکثیره الغذاء مثل محّ البیض، و مثلا مرق الفراریج السمینه و القباج و الطیاهیج و الأحساء الدسمه بالأدهان الرطبه، ثم یمال من جهه الحار و البارد إلی ما هو أوفق. و مما ینتفع به استعمال السعوطات المرطبه بالأدهان المحموده، کدهن اللوز، و دهن القرع، و غیر ذلک. و إن احتیج فی شی ء منها إلی تعدیل مزاج بتبرید، أو تسخین مزج به من الأدهان ما یعدّله، و ربما أوقع الیبس نقصاناً بیناً فی جوهر الدماغ و هیئه للأوجاع. و یجب هنالک أن یستعملوا السعوطات بالأمخاخ المنقّاه من عظام سوق الغنم و العجاجیل، و شحوم الدجاج و الدراریج و الطیاهیج و التدارج و الزبد، زبد البقر و الماعز. و مما ینفعهم تضمید الرأس بالفالوذج الرقیق المتّخذ من سمیذ الحنطه الشعیر بحسب الحاجه، و بالسکر الأبیض و دهن اللوز أو القرع، أو صبّ الرقیق منه علی الیافوخ، و قد طوق بإکلیل من عجین یحبس ما یصبّ علی الرأس.
فی علاج الصداع الورمی: و أما علاج أصناف الصداع الکائن عن الأورام فنذکر کل واحد فی باب مفرد فی المقاله التی
بعد هذه.
فی علاج صداع السدّه: و أما صداع السده، فعلاجه بالإنضاج بما تعلم، ثم الاستفراغ،
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 240
و استعمال الشبیارات، ثم التحلیل بالنطولات و الأضمده و الشمومات و الغرغرات، ثم بالإنضاج، ثم الاستفراغ، ثم التحلیل حتی یزول، و قد علم کیفیه ذلک فی موضعه، فإن کان المزاج فی الرأس حاداً و السدّه غلیظه صعب علیک العلاج، فیجب أن یستعمل التفتیح، ثم إذا هاج صداع أو تضرّر الرأس بالعلاج الحار، تدارکت ذلک بالمبرّدات التی معها إرخاء، و لا قبض فیها، ثم إذا سکن عاودت، لا تزال تفعل ذلک حتی تفتح السدّه، و قد فصلنا کل هذا.
أما الکائن عن ریاح غلیظه فیعالج أولًا باجتناب کل ما یبخر، و ینفخ، مثل الجوز و التمر و الخردل، حاراً کان أو بارداً، و یستعمل النطولات و الضمادات المذکوره و الشمومات و السعوطات الموصوفه فی القانون، و یشم الجندبیدستر و المسک خاصه. و لدخول الحمام علی الریق منفعه فی هذا الباب، و إن کان مبدؤها من المعده، استعملت فی علاجها الاستفراغات المذکوره، و خاصه النسخ التی یقع فیها دهن الخروع، و بدله الزیت العتیق، و استعملت الکمونی و ما یجری مجراه مما یذکر فی علل المعده، و قویت الرأس بعد المعالجه بدهنی الآس و اللاذن، و دهن السوسن، و بعصاره السرو و الأثل و السعد، و ما فیه تسخین و قبض، و یستعمل أیضاً فی الأطراف لیجذب إلی الخلاف.
و أما الکائن عن الأبخره، فإن کان تولّدها فی الرأس نفسه، و لم یکن العلیل یجد فی المعده نفخاً و قراقر، و لا کان ذلک یزداد و ینتقص بحسب الامتلاء و الفراغ، و بحسب الأغذیه المبخره و قلیله
البخار، فعلاجهم النطولات المفشّشه المعروفه، و تقویه الرأس بالأضمده المحلّله، و فیها قبض یسیر، و المشمومات الملطّفه، و بها کفایه. و إن کان من المعده، فما ینفعها ما یقوّی المعده، کالمصطکی و الجلنجبین، ثم الکمّونی و ما أشبهه. و إذا تناول الطعام و أخذ یبخر و یصدع، فلیتناول علیه لعاب بزرقطونا، أو الکزبره الیابسه مع السکر، و إن خاف برد المعده من لعاب بزرقطونا استعمل لعاب بزر کتّان مع الکزبره الیابسه. و تقوّی الرأس بما عرفته بعد أن تعالجه، فتسکنه بما یجب من النطولات و الشمومات الموصوفه، و خصوصاً المرزنجوش، فربما کان هو وحده سبباً للخلاص التام، و یستعمل الجذب إلی الخلاف. و إذا أحسست أن فی الماده البخاریه فضل حراره بما تجد من علامات الحراره، اجتنب المحلّلات الکثیره التسخین، کالأوفربیون و غیره اجتنابا شدیداً، بل ابتدأت أولًا بالجذب إلی الخلاف، و التنقیه بالغراغر، ثم استعملت النطولات المعتدله فی الحمام.
و أما الصداع الحادث من ریح نفذت إلی داخل الرأس من خارج فیتأمّل هل کانت الریح حاره صیفیه، أو بارده شتویه، ثم یتأمل موضع دخولها، فإن کانت حاره، و مدخلها الأذن، قطر فیها دهن البابونج مفتر أ وَ دهن الخیری، أو دهن الشبث مکسوراً بدهن الورد القلیل، و کذلک إن
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 241
کان مدخلها الأنف، قطر ذلک فی الأنف، و استعمل التنطیل بما یحلل برفق مما ذکرناه، فإن تعقبه سوء مزاج حار، عولج بالرفق و ابتدئ بما هو أقلّ برداً، فإن لم ینفع زید. و أما إن کان بارداً جعلت الأدهان من أی الطریقین وجب استعمالها حاره، و فیها جندبیدستر أو مسک، و یقلل و یکثر بمقدار الحاجه، و یستعمل النطولات
و الضمادات المذکوره بحسب ذلک محلّله حاره، و یجتنب کل ما ینفخ و یلیّن الطبیعه.
و کذلک علاج البخارات الردیئه الواصله من خارج، و إنما تکون بارده فی الأقل مثل بخارات المواضع المتکرجه الحمامیه، و أما فی الأکثر فتکون حاره و تحللها بالنطولات المعتدله، إن احتبس منها شی ء کثیر، و تخیل سدر و دوار، و یتشمم الروائح الطیبه المعتدله، مثل ماء الورد و دهنه، و النیلوفر و البنفسج، و إن أحسّ بحراره شدیده، فالکافور و الصندل. و یستعمل تحمیم الرأس فی الحمام بالماء الحار و الخطمی. و أما البارده، فینفع منها شمّ المسک و الجندبیدستر، و ذلک کاف، فإن کانت الأبخره دخانیه احتاج إلی ترطیب شدید بالادهان المذکوره، و بالمرطّبات المعدوده، و احتیل فی غسل الأنف بمثل هذه الأدهان، یستنشق منها استشناقاً شدیداً جاذباً إلی فوق حافظاً فیه، ثم یخلی لینصب، ثم یجدّد، یعمل ذلک دائماً، و کذلک بماء الورد و ماء الخلاف و ماء القرع، و لیکب علی أبخره هذه المیاه إکباباً کثیراً، فإن تولد منها آفه و سوء مزاج، کما یکون عن دخان الکبریت، و دخان الزرنیخ و ما أشبهه، استعمل الکافور فی دهن القرع لیرطب أحمدهما، و یبرد الآخر، و کذلک یستعمل الکافور فی دهن الخسّ، و دهن البنفسج، و یفرش الموضع بأوراق الخلاف و الریاحین المرطّبه.
أما الکائن عن الروائح الطیبه، فإن کانت حاره و ضرت بحرارتها لا بالیبوسه وحدها، عولج بالروائح الطیبه البارده، مثل ما أن الضرر اللاحق من شمّ المسک و الزعفران یعالج بالکافور و الصندل، و اللاحق من الکافور یعالج بالمسک و الزعفران، و الزعفران و إن کانت إنما تضرّ مع ذلک بالتجفیف و الیبس، فالعلاج أن لا یقتصر فی علاج ضرر المسک مثلًا بالکافور، بل إن أمکن أن یتدارک بإسعاط الأدهان الرطبه
مبرده، فقد کفی، و إلا فمع الکافور مدوفاً فیها، و کذلک بالعکس.
و أما الصداع الکائن عن الروائح المنتنه، فعلاجه بالطیبه المضاده لها فی المزاج، فإن کان لتلک الروائح تجفیف احتیل أن تکون الروائح التی تقابل بها مرطبه، مثل روائح النیلوفر و البنفسج الذکیین، و لدهن الخلاف الذکی مزیه علی جمیع الروائح لمقابله الروائح الطیبه و المنتنه الضاره
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 242
بالحر لتعلم ذلک.
و أما صداع الخمار، فأوّل ما یجب فیه أن یستعمل تنقیه المعده، إما بقی ء بسکنجبین و بزر الفجل، أو بالسکنجبین و عصاره الفجل، أو بالسکنجبین بماء فاتر، و بالمقیئات اللینه و المتوسطه مما تعلمه فی الاقراباذین، و إن لم یجب القی ء أو أبقی استعماله أسهلت بأیارج مقوی بسقمونیا لئلا یطول لبثه، و إن کان هناک مانع عن استعمال ما هو حار من مرض حاراً، أطلقت بطبیخ الهلیلج الکابلی، أو شراب الفواکه المطلق، و إن کرهت النفس أمثال هذه الأشیاء، أطلقت بماء الرمانین مع الشحم علی ما نقوله فی القراباذین مقوی بسقمونیا یسیر. و لا تبال من حرارته، فإن کان عن الاستفراغات بأی وجه کان حائل، ألزمتهم النوم إلی أن یهضم ما فی معدهم من الشراب، و یظهر ذلک بتلون البول و انصباغه، و تدلک منهم الرجل بالملح و ثمن البنفسج، و تصب علی الأطراف منهم نطول البابونج، ثم لیدخلوا الحمام و لیغرقوا رؤوسهم بدهن الورد مبرّداً غیر شدید التبرید، و یغذوا بالعدس و الحصرم و ما أشبهه، و بالکرنب لخاصیه فیه یمنع بها البخار عن الرأس. قال جالینوس: فإن غذوته بفراخ الحمام لم تخط، و یشبه أن یکون السبب رقه الدم المتولد منه و قوته علی تحلیل الأبخره، و یجب أن تعطیهم الفاکهه القابضه، و لیکن الشراب الماء لا غیر،
اللهم إلا أن تکون المعده ضعیفه و یخاف استرخاؤها، فتمنعه الاستکثار من شرب الماء البارد، و تسقیه ماء الرمان الحامض و الریباس خاصه و ربه، و حماض الأترج و ربه خاصه، و السفرجل و التفاح و ما أشبهه. و استفاف الکزبره الیابسه مع السکر وزناً بوزن نافع له، ثم تنوّمه و تسکنه، فهو الأصل فی علاجه، و إن لم یسکن بذلک عاودته به من یومه و من الغد، و جعلت غذاءه ما یبرد و یرطب، أو یلطف بمثل صفره البیض، و صببت علیه ماء حاراً کثیراً لیحلل، و اشتغل بتنویمه ما استطعت. ثم إذا زال الغثیان إن کان و بقی الصداع، قطعت دواء الورد عنه، فإنه ضار له بعد ذلک إذ کانت الحاجه إلیه أولًا لتقویه الرأس و منع البخار و قد زالت الآن. و یجب أن تستعمل الآن دهن البابونج مکانه غرقاً لتحلل، فإن لم یزل بذلک، فإن السوسن، فإنه غایه و مجرب. ثم إذا جعل الخمار یخفّ و ینحطّ مشیته یسیراً یسیراً و رجحته، و اغذه حینئذ أیضاً بالسمک الرضراضی، و خصی الدیوک و الفراریج بالبقول البارده، و ینبغی أن لا یمشی علی الطعام، بل بعد ثلاث ساعات. و بالجمله الأولی أن ینتظر الهضم بالنوم، أو بالسکون الطویل حتی تجف معدته قلیلًا، ثم یستعمل السکنجبین السکری إن کان محروراً، أو العسلی إن کان مرطوباً، و یقبل علی ذلک قدمیه، ثم یمشی مشیاً غیر متعب، أو یحرک حرکه أخری غیر متعبه، و علی أنه ینبغی أن یجتنب الخل الساذج و المری، و إن لم یکن بد، فلیصطبغ بغیر الحاذق منه، و إذا مشیته قلیلًا، فاستعمل له الأبزن. و الحمام أیضاً، ثم یجب آخر الأمر
أن تنطله بالنطولات المعتدله التحلیل و تغذوه بما یخف من
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 243
اللحوم.
صفه دواء جید للخمار:
الهندبا و بزر الکرنب و الأمیر باریس منقی من حبّه و السماق و العدس المقشر و الورد و الطباشیر بالسویه، یجمع الجمیع و یشرب منه وزن ثلاثه دراهم مع قیراط کافور، و أوقیه ماء الرمان، و أو ماء الریباس، أو ماء حماض الأترج، أو ربه.
هذا الصداع یحدث إما بسبب ما یورثه ذلک من الیبس، و علاجه ما ذکرناه فی باب معالجه الصداع الیابس بعد أن یمال بالمرطبات. و أما بسبب امتلاء فی البدن فطرأ علیه الحرکه الجماعیه المرکبه من البدنیه و النفسیه، فتثیر الأبخره الخبیثه، فیجب لمن یعتریه ذلک عقیب الجماع و به امتلاء، أن یبدأ بالفصد، ثم بالإسهال إن وجب کل واحد منهما، أو أحدهما، ثم یقوی الدماغ بالأدهان المقویّه مثل دهن الورد و دهن الآس، و بالمیاه المقویه المطبوخ فیها، مثل الورد و الآس، و یتغذّی بما یسرع هضمه، و یجود کیموسه، و یهجر الجماع، فإن لم یجد منه بداً فلا یجامعن علی الخواء.
یجب أن یکون قصاراک و غایه قصدک فی معالجه من به صداع حادث عن ضربه، أو سقطه، أن تسکن الوجع ما أمکن، و تبعد الماده عن موضع الألم، إما باستفراغ، و إمّا بجذب إلی الخلاف لئلا یرم، و تعالج الجراحه إن حدثت لتندمل، و لا یمکن أن تندمل، و سوء المزاج ثابت، بل یجب أن یعدل فی إدمالها مزاج ناحیتها. و اعلم أنه إذا ظهرت بصاحب هذه الآفه حمی و اختلط العقل، فقد أخذ فی التورم، فأول ما ینبغی أن یعمل فی علاجه هو فصد القیفال، أو الأکحل لتمنع التورّم، و إن کان هناک امتلاء، فیجب أن یستعمل الحقن الحاره، و لو بشحم الحنظل، إلا أن یکون به حمی، فیعدل الحقن، و إن لم یجب الحقن وجب أن یستفرغ بمثل حبّ القوقایا إن لم یکن حمّی، و إن کان هناک حراره ما دون الحمی لم تترک سقیه، فلا بد من تعدیل الموضع فی مزاجه حتی یقبل العلاج، و إن لم یکن ضمد الموضع
بما یقوی مثل أضمده میاه الآس و الخلاف و أدهانهما، و أدهان الآس و السوسن و الورد و أخلاطها، و ما فیه قبض لطیف و تحلیل یسیر، مثل الورد و إکلیل الملک، و قصب الذریره و البابونج و الطین الأرمنی، و الشبّ الیمانی بشراب ریحانی، و ربما اقتصر منها علی الأدهان، و قد یصیب من یستعملها مفتره، و ربما أوجب الوجع، و خوف الورم أن یبرد سریعاً. و یجب أن یحذر الحمام و الشراب و الغضب و المبخرات، و المسخّنات من الأغذیه، و إن ابتدأ الموضع یرم، فلا بد حینئذ من استعمال القوابض القویه القبض و التبرید، مثل قشر الرمان و الجلنار و العدس و الورد، و ینطل الرأس بمیاهها و یضمد بأثقالها، ثم بعد ذلک ینتقل إلی ما فیه مع ذلک تلطیف ما، مثل السرو و الطرفا
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 244
و السفرجل و الکندر، و إذا کانت الضربه مزعزعه الرأس، فینبغی أن تبادر إلی سقی الأسطوخودوس بماء أو شراب العسل، فإنهم یتخلّصون به. و اعلم أن الألم إذا وصل إلی حجب الدماغ کان فیه خطر، و إذا خرج بسبب الضربه دم من الدماغ، فیجب أن
یسقی صاحبه أدمغه الدجاج ما أمکن، ثم یسقی علیه ماء الرمان الحامض، و إذا حللت الورم أکثر من سقی الأدمغه إلی بعد الثالث و بعد الفصد.
علاجه تبدیل سوء المزاج الذی به، و تقویته بمقویات الرأس من الأدویه العطریه التی فیها تلطیف و قبض باجتماع الأسباب المحرکه، و کثیراً ما یکون السبب الفاعل المقارن للسبب المنفعل الضعفی اجتماع أخلاط ردیئه حاره أو غیر حاره فی المعده، فیجب أن نستفرغ بما یلیق بها، و أن تورد غذاء یجمع
إلی حمد ما یتولّد عنه قوه محلله و قبولًا للانهضام، و إن لم یوجد الخلتان الأخیرتان فآثر الأولی علیهما. و أجود وقت یغذی فیه بعد دخول الحمام، و یجب أن یخفف عشاؤهم، و أن یختموا طعامهم بمثل القصب و الزیتون مع الخبز لیقوی فم المعده منهم. و بقراط یرخص لهم فی شرب الشراب مطلقاً، و جالینوس یؤثر أن یکون ممزوجاً أو رقیقاً ریحانیاً أو جامعاً لذینک و لیتناولوه بالخبز.
علاجه أن یبلد الحس یسیراً مما یغلظ غذاء الدماغ من الأغذیه، کالهرایس المتخذه من الحنطه و الشعیر و لحوم البقر إن کان الهضم قویّاً، أو بالأغذیه المتخذه بالخسّ و العرفج و لحم السمک و ربما استعمل شی ء من المخدّرات، مثل شراب الخشخاش، و مثل بزر الخس، و قد یستعمل طلاء.
من هذا ما یعرض مع اشتداد المرض أو النوبه ثم یزول. و منه ما یبقی بعد زوال المرض أو إقلاع النوبه، و الذی یعرض منه فی الحمیات، فقد یقلق المریض حتی یزید فی سببه الذی هو الحمی، و قد یدل علیه أیضاً إبیضاض البول دفعهً، و استحالته إلی مشاکله بول الحمیر. لکن لمشابهته لبول الحمیر ربما دلّ علی کونه فی الحال، و ربما دل علی الانحلال، فیجب أن یرجع إلی سائر الدلائل. و أما صواب علاجه، فأن یغرق الرأس فی زیت الأنفاق متخذاً منه دهن الورد المعتاد، أو بدهن الورد مخلخلًا بالخل مفتّراً فی الشتاء، و فی لین الحمی مبرداً فی الصیف، و فی شده الحمّی، و ینفع منه النطول من طبیخ الشعیر و الخشخاش و البنفسج و الورد، إن کانت الأبخره توفی بحدّتها،. و إن آذت بکثرتها، فلا تفعل من ذلک شیئاً، بل استفرغ و استعمل ما یحلل بالرفق مثل زیت قد طبخ فیه النمام و عصا الراعی و مرزنجوش مع عصا الراعی إن رأیت أن
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 245
تحلل، و حتی إن بعض القدماء رأی أن یُطلی ببابونج. و إن اضطررت لشده الوجع إلی المخدرات و المنومات، فعلت مع حذر و تقیه، و قد یمنع ارتفاع المواد فیه بالسویق و بزر القطونا فی الابتداء، و یسقیان أیضاً. و قد یمنع
بالکزبره و دهن الورد، و قد یحتجم فیه. و أما ربط الأطراف و دلکها و استعمال تدبیر المخمور فیه فصواب جداً، و إذا استعملت ربط الأطراف، فیجب أن تضعها عند الخل فی ماء حار، فإن لم یسکن بجمیع ذلک حُلق الرأس و ضُمِّد بالبابونج و الخطمی و البنفسج و الحسک مخیضه، و ذلک بعد حلق الرأس، و ربما احتجنا إلی الحجامه و العلق، و ربما بقی الصداع بعد الحمی و بعد الأمراض الحاده. و علاجه تبرید الأغذیه و ترطیبها، و تقویه الرأس بدهن الورد مع دهن البابونج، و أن یصبّ علی الیدین و الرجلین ماء حار فی الیوم مرتین غدوه و عشیه، و یمرخ بدهن البنفسج ثم یعان بالملطفات إذا ظهر الانحطاط البین حسب ما تعلم العلامات.
أما الصداع البحرانی، فینظر هل یجد العلیل غثیاناً و تقلب نفس، و اختلاجاً فی الشفه و دواراً، و بالجمله علامات میل الطبیعه بالماده إلی فوق، فیعان علی القی ء بالسکنجبین المسخن، و بالمقیئات البارده أو هل یجد قراقر و نفخاً فی الجنبین، و بالجمله علامات میل الطبیعه بالماده إلی تحت، فیعان علی تلیین الطبیعه بالمزلقات الخفیفه، مثل شراب الإجاص. و الإجاص المنقع فی الجلاب بعد غرغره لیربو و شراب البنفسج و شراب التمر الهندی و الشرخشت وزناً غیر کثیر، بل مقدار خمسه دراهم و ما جری مجری ذلک. أو هل یجد ثقلًا فی نواحی الکلی و تحت أضلاع الخلف إلی خلف، و بالجمله علامات میل الحاده إلی طریق البول، فیعالج بالإدرار بالسکنجبین ملقی علیه وزن درهمین بزر البطیخ، و بزر الخیار مناصفه، و یطعم السفرجل، فإنه یمنع البخار و یدر. أو هل یجد شعاعاً و حمره قدام العین و
خیالات صفر أو تطاولًا، و لا یرعف، فیعطس بالخل و بخاره، و ینفخ فی أنفه، و یخلخل أنفه ببعض الخشونات، أو یقابل بعینه شعاع الشمس إن أمکن مغافصه، و یتأملها ثم یترکه. و إن وجد نبضاً مرخیاً و وجد لیناً فی الجلد، استعمل المعرقات دلکاً و شرباً و نطلًا علی الرأس، و یجب أن تکون معتدله، و إن وجد شبه لذع و وجع اعتاد تحت أذنه أو فی إبطه، أو فی أرنبته استعمل علیه الأضمده الحاره الجاذبه کالنعناع و الکرفس مع السمن العتیق، و ربما احتاج أن یضع المحاجم بلا شرط لتندفع الماده من الدماغ إلی ما مالت إلیه و تو.
یجب أن یبدأ بتنقیه البدن و الدماغ، ثم یسعط بأیارج فیقرا قلیل، و یکرّر ذلک فی الأسبوع مراراً، و یستعمل جمیع الأدویه التی تذکر فی باب نتن الأنف، و جمیع ما یقتل الدود فی البطن مثل عصاره ورق الخوخ، و عصاره أصل التوت و الصبر، و یتبع بالسعوطات و العطوسات المنقیه
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 246
حسبما تعلم جمیع ذلک.
یجب أن ینقّی معه البدن و الرأس بما قد علمت، و ینفع منه أن یضمّ الصدغان و الجبهه برماد و خل. و أفضل الرماد له رماد خشب التین.
نبتدئ بکلام جامع فیها فنقول: یجب فی جمیع أصناف الصداع الکائن بمشارکه أعضاء أن یُعتنی یتلک الأعضاء، و أن یستفرغها بما یخصّها، و أن یبدل مزاجها، و مع ذلک یقوی الرأس بالمقوّیات لئلا یقبل، فإن کان فی الابتداء، فبالبارده کدهن الورد و الخل. و أما یعد ذلک، فإن کانت الماده حاره أو الکیفیّه حاره، عملت ذلک العمل بعینه دائماً، و إن کانت بارده انتقلت إلی دهن البابونج مع دهن الآس، أو دهن دیف فیه صمغ السرو، أو اتخذ بورق السرو و عصارته، أو الأثل، و إذا فرغت من العضو تأمّلت هل استحال العرض مرضاً بنفسه، و هل صار سبب الصداع راسخاً فی الرأس، و تتعرف الماده و الکیفیه فتفعل ما علمته. و الذی یکون بمشارکه الساق و یحسّ صاحبه کأن شیئاً یرتفع من ساقیه، فجب إذا کان هناک امتلاء أن تفصد الصافن أو تحجم الساقین و تنقی بدنه بالأسطمخیقون، و إن لم یکن هناک امتلاء ظاهر، فشد الساقین إلی الأربیه و دلک قدمیه بملح و دهن خیری، و إن عرف الموضع الذی منه کواه، و استعمل علیه دواء مقرحاً لیقرح و یتقیح. و أما علاج الصنف الکائن بسبب أبخره تتصاعد من أعضاء البدن، فإن کان السبب بخارات تصعد، فیتناول قبل الدور الفاکهه، فإن لم تحضر، فالماء البارد و لو علی الریق، و أکثر الفواکه موافقه هو السفرجل. و الکزبره مما ینتفع به، و هو مما یمنع صعود البخارات، و کذلک حال ما یکون بمشارکه الکبد، و ینفع
من ذلک خاصه الإدرار و تضمید الکبد بالضمّادات التی بحسب الماده.
و أما علاج الصنف الکائن بمشارکه المعده أمّا ما یکون منه بسبب ضعف المعده، و خصوصاً ضعف فمها، حتی تقبل المواد و تفسد فیها الکیموسات، و ذلک إنما یهیج فی الأکثر علی الخواء، فلیلقم لقماً مغموسه فی ماء الحصرم و ماء الریباس و ما أشبه ذلک، أو فی ربوب الفواکه القابضه الطیّبه الرائحه، و لیحسُ حساء من خبز أو دقیق الحنطه محمضاً بمثل حبّ الرمان و نحوه، فإنّه إذا استکثر من هذا قوی فم معدته و إلی أن یعمل ذلک، فإن وجد غثیاناً تقیأ لیقذف الصفراء المنصب و یستریح. فإن کانت المعده مع ذلک بارده استعملت هذه الأشیاء مبزّره بالأفاویه الطیّبه الرائحه الحاره، أو اتخذ له جلّاب بالأفاویه، و لیغمس اللقم فیما یتّخذ له من ذلک. و إن کانت الحموضه و اللذع لا تلائمها و تهیّج من أذاها اقتصر علی لقم فی الجلّاب، إما ساذجاً، و إما بأفاویه بحسب الحاجه. و هذا الإنسان ینتفع جداً بأن یبادر قبل الصداع، فلیلقم
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 247
لقماً أو یتحسّی حسواً، و إذا حسّ بانحدار طعامه و انهضامه تناول شیئاً مما فیه قبض، کلقم خبز فی ربّ فاکهه، أو نفس الفاکهه، أو خبز بقسب أو زیتون.
و أما ما یکون بسبب أخلاط فیها، فأوّل ما یجب أن یبادر إلیه التنقیه، و بعد ذلک و معه أن یغتذی بالأغذیه اللطیفه المحموده الخفیفه الهضم، الجیده الکیموس، ثم یمیل بالکیفیه إلی الواجب، فیکون مع ذلک فیه تحلیل و هضم و إطلاق، و إن لم یجد الحمد، و تولید الدم الجیّد مقارناً للجنسین الآخرین آثر الحمد و تولید الدم الجید علیهما.
و أحمد ذلک أن یکون بعد دخول الحمام، و یجب لهؤلاء أن یجفف بخارهم، فإن کانت الأخلاط مراریه، فعالج بما علمناک فی القانون من المعالجات مع تقویه الدماغ بدهن الورد، أو دهن الآس و إن کانت الأخلاط بلغمیه بارده تهیج منها ریاح شدیده، فالمقیئات التی هی أقوی، و الملطفات، فإن لم تزل فالأیارجات الکبار بطبیخ الأفتیمون، و ینفع فی ذلک قطع شریانی الصدغ، أو کیّتان خفیفتان علی الصدغین بحیث لا یحرق الرأس، و لکن یضیق علی الشرایین. و کثیراً ما یسل الشریان أو یقطع أو یُکوی. و أصلح الکی أن یکشف عن الشریان، ثم یُکویالشریان نفسه حتی لا یقع أثر علی الجلد، و المکاوی مِسَلات محماه. و أما ما أمکن أن یدافع، لا سیّما فی الصیف دوفع، و یجب أن یجعل غذاؤه أحساء، و لا یمضغ شیئاً إلی عشره أیام، و تکون وقت تغذیته فی الصیف وقت البرد. و یجّب أیضاً أن لا یکثر الکلام، و کذلک أن یلصق القوابض علی الشرایین، و یخلط بها الأنزروت و الزعفران، و نحن نصفها فی الأقرباذین، و قد یوضع علیها الأسرب و یُشدّ بعصابه لئلا ینبض فیوجع، و کذلک الخشب. و أما الکیّ القوی المذکور لهذا، فثلاثه علی أم الرأس، و اثنان علی الصدغین، و واحد فوق النقره و عند مؤخر الرأس. و یجب أن یجتنب الخمر علی کل حال و إن کان السبب أبخره تصعد من المعده، فهو علی جمله ما أمرنا به فی علاج الصداع الکائن عن أبخره تصعد إلی الدماغ من الأعضاء الأخری، و من هذا القبیل علاج الصداع الذی یهیج مع شرب الماء، فإنّ هذا أیضاً یکون لضعف المعده. و أجود العلاج له أن
یسقی صاحبه شراباً ریحانیاً قلیلًا یمزج أیضاً به ماؤه الذی یشربه لئلا ینکی فی المعده.
و أما الکائن بمشارکه الکلیه و المراق و الرحم و غیر ذلک، فیکفی فی تدبیره ما قدمناه فی أول الباب و صداع الحمّیات قد قلنا فیه.
ینفع منه الاستفراغ و استعمال الشبیار. و إن کان دمویاً، فعلاجه بالفصد، ثم فصد عرق الجبهه، خصوصاً إن کان الثقل إلی خلف، و أیضاً فصد عرق الحشا و الشریان الذی خلف الأذن، و خصوصاً إذا کان الثقل إلی قدام.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 248
هذا النوع من الصداع یسمّی بیضه و خوده لاشتماله علی الرأس کله، و هو صداع مشتمل لابث ثابت مزمن، و تهیج صعوبته کل ساعه و لأدنی سبب من حرکه، أو شرب خمر، أو تناول مبخر، و یهیجه الصوت الشدید، و ربما هاجه الصوت المتوسط. حتی أن صاحبه یبغض الصوت و الضوء و المخالطه مع الناس، و یحب الوحده و الظلمه و الراحه و الاستلقاء. و یختلفون فیما یؤذیهم من الأسباب المذکوره، فبعضهم یؤذیه شی ء من ذلک، و بعضهم شی ء آخر، و یحسّ کل ساعه کأنّ رأسه یطرق بمطرقه، أو یجذب جذباً أو یشق شقاً، و یتأدی وجعه إلی أصول العین. و جالینوس یجعل السبب الجالب لهذه العلّه ضعف الدماغ أو شده حسه. و السبب المولّد لها خلط ردی ء أو ورم حار أو بارد. علی أنه کثیراً ما یکون عن ورم سوداوی أو صلب و أکثر ما یکون فی وسط الحجاب، إما الخارج من القحف، و إما الداخل، و قد علمت أنه إذا کان السبب ورماً أو غیره إنما هو فی الحجاب الداخل فی القحف، أحس الوجع ممتداً إلی العین، لأن ذلک الغشاء یشتمل علی العصمه المجوفه، و یمتد جزء منه إلی الحدقه. و إذا کان فی الحجاب الخارج أحس الوجع بمسّ الید، و کره صاحبه وقوع المسّ علیه بالعنف. و أکثر ما یحدث عن أمراض سبقت، فضعف جوهر الدماغ
و حجبه الداخله و الخارجه حتی صارت تتأذی بالحرکات الیسیره من حرکات البدن الغذائیه و البخاریه و الحرکات الخارجه، و یقبل الفضول المؤذیه. و من الأطباء من لا یرعی فی البیضه هذه الشرائط، بل یقول بیضه لکل وجع یشتمل علی الرأس کله خارج القحف أو داخلًا کان سببه من بخارات فی المعده، أو بخارات فی الرأس أو مواد، أو فلغمونی فی نفس الدماغ، أو حجبه، فیکون مع ثقل و ضربان أو حمره، و یکون مع تلهب و لذع بلا کثیر ثقل، أو عن الأخلاط الأخری إن لم تکن حمره، و کان ثقل و کان هناک علامات الأخلاط البارده. و یعالج کلًا بحسبه إلا أن اسم البیضه فی الحقیقه مستعمل عند المهره من الأطباء علی ما هو بالشرائط المذکوره.
العلاج:
إن علمت أن دماً کثیراً، و أن سببه الأول، أو سببه المحرّک هو الدم فصدت. و أما إن قامت الدلائل علی أن الأخلاط بارده و کانت المده طالت علی العله، و کنت قد استعملت فی الأول أیضاً ما یرح، فاستعمل النطولات بمیاه فیها محللات یسیره مسخنه مع قمع یسیر و قبض، مثل فقاح الإذخر و البابونج و النعنع و سائر ما علمته فی القانون، و تدرج إلی القویه و استفرغ بما یلیق به. و استعمال حب الصنوبر بالمصطکی مما هو نافع جداً فیه، و تتعهده کل ثلاث لیال، و یستعمل القوقایا فی استفراغاته إن احتیج إلیها و إلی القوی منها، ثم یسقی طبیخ الخیارشنبر مع أربعه مثاقیل دهن الخروع. و اعلم أنک إذا استفرغت فقد بقی لک أن تنقتی الدماغ و حجبه بالأشیاء التی تقوّیه مما علمته، و من ذلک شمومات المسک و العنبر و الکافور أیضاً یخلط
بهما و ربما خلطوا مع ذلک الصبر لیجمعوا مع التقویه التحلیل، و ألزمه الضمادات الحاره و المخدره
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 249
التی علمتها، فإذا انحط، فاستعمل الحمام و الأضمده القویه، و أما ما دام فی الابتداء، و علمت أن المواد حاره، فدبر بما بین لک، و علمته فی قانون تدبیر الدماغ، و واتر سقیه لبّ الخیارشنبر مع دهن اللوز أیاماً متواتره، و قد ینفعهم السعوط بمومیا و دهن البنفسج.
و اعلم أن البیضه إذا طالت، فقد استحالت إلی مزاج البرد، و إن کان عن سبب حار.
و اعلم أن البیضه المزمنه لا یقلعها إلا ما هو قوی التحلیل و الإسخان، و قد ینفعهم أن یسعطوا بأقراص الکوکب و شیلیثا و دواء المسک و ما یجری مجراها، یداف أی ذلک کان فی لبن مرضعه جاریه، و خصوصاً عند اشتداد الوجع و غلبه السهر. و أما الکی و فصد الشرایین و قطعها و عرق الجبهه فی البیضه، فعلی ما کان فی الصداع العتیق. و أما الغذاء فما لا یخبر کما علمت، حتی العدس بدهن اللوز للحار، و کذلک مرق البقول، و لا بأس أن تغذی المبرود منهم بمثل ذلک بسبب قله بخاره. و أما الأطلیه فیجب أن تمال تاره إلی ما یخدر ملیلًا و یکون، الغرض الأعظم التحلیل، و من هذه الأطلیه أفیون و دم الأخوین و زعفران و صمغ یطلی به من الصدغ إلی الصدغ عند الضروره المحوجه إلی التخدیر، و منها الزعفران و العفص و أقراص الکوکب، فإن ذلک إذا طلی به جمیع الجبهه کان نافعاً، و ارجع إلی الأقرباذین و إلی ألواح الأدویه المفرده.
فنقول هی وجع فی أحد جانبی الرأس یهیج، و یحدها
جالینوس بأنها الساتره المتوسطه، و ربما کان سببه من داخل القحف، و ربما کان فی الغشاء المجلِّل للقحف، و أکثر ما یکون یکون فی عضل الصدغ، و ما کان خارجاً، فقد یبلغ إلی أن لا یحتمل المس، و تکون المواد واصله إلی موضعه، إما من الأورده و الشرایین الخارجه، و إما من الدماغ نفسه و حجبه، فیصعد أکثر ذلک من طریق الدروز، و قد یکون من بخارات تندفع من البدن کله، أو عضو من ذلک الشق. و أکثر ما تکون الشقیقه تکون ذات أدوار، و إنما تکون علی الأغلب عن الأخلاط، و لا تکون شقیقه لها قدر من سوء مزاج مفرد. و التی تکون من الأخلاط، فقد تکون من أخلاط حاره، و من أخلاط بارده، و من ریاح و بخارات. و قد علمت العلامات، و تجد مع البارد سکوناً بالتسخین و تمدداً قریباً، و مع الحار سخونه بالملمس و ضرباناً فی الأصداغ و راحه بالمبردات، و أیضاً فإن البارد یحسّ معه ببرد، و الحار یحس معه بحر و ذلک عند اشتداد الوجع.
العلاج: علاجها الفصد علی نحو ما علمت فی البیضه و غیرها، و خصوصاً عرق الجبهه و الصدغ و الإسهال و الحقن و الجذب کل بحسبه علی ما حد لک فی القانون. و مما ینفع الحاره نقیع الصبر فی ماء الهندبا المذکور فی الأقراباذین. و الشربه منه ما بین أوقیه إلی ست أواق، و ینفع فیها فصد الجبهه، و فصد عرق الأنف جداً، و إذا کان دوراً فیجب أن ینقّی البدن قبله و یبدل المزاج بعد التنقیه، فإن کانت الماده حاره جعلت المخدرات علی الصدغین من الأفیون و قشور أصل اللفاح و الشب و البنج
و الکافور، و بردت الموضع بما تدری مما ذکر فی القانون،
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 250
و قد ینتفعون بمداد الکتاب یطلی به الشق الذی فیه الشقیقه و من أطلیه جباه أصحاب الشقیقه الزعفران و ینتفعون بضماد متّخذ من سذاب و نعنع بخبز و دهن ورد، و کذلک الطلاء بأقراص بولس المذکوره فی الأقراباذین، و کذلک استعمال ضمّاد حب الغار و ورق السذاب جزء جزء، خردل نصف جزء یجمع بالماء و یستعمل. و أبلغ منه قیروطی متّخذ من الذراریح حتی ینفط الموضع أو من ثافثیا، و هو مقرّح یحاکی منفعه الکیّ، و إن کانت الماده البارده شدیده البرد جدا، ضمدت بفربیون و خردل و عاقرقرحا و ما أشبه ذلک. و أما المزمن الذی طالبت مدته، فهو بارد علی کل حال، و یحتاج إلی التحلیل و إلی ما یسخّن بقوه. و قد ذکرنا أطلیه و نطولات مشترکه، و خاصه بالشقیقه فی الأقراباذین فیستعمل ذلک، لما ذا استعملت الأطلیه و کنت قد استفرغت البدن و نقیته، فتقدّم بتمریخ عضل الصدغ فی جهه الوجع بأصابعک و بمندیل خشن عند وقت الدور، ثم اطلِ و إذا احتجت إلی التخدیر و اشتدّ الوجع الضربانی، فقد ینفع أن یطلی علی الشریان فی الصدغ الذی یلی الموضع بأفیون مع الأنزروت و القوابض، و أن یشدّ الآنک أو خشبه مهندمه علیه لتمنع من النبض القوی المحدث للوجع الضربانی، کما قد بیناه فیما سلف من القانون فی الکی. و قد ذکر بعض المتقدّمین علاجاً للشقیقه المزمنه مجرباً نافعاً مأخوذاً من امرأه، و ذلک أن یطبخ أصول قثاء الحمار و أفسنتین فی ماء وزیت حتی یتهربا، ثم تنطل شقّ الألم بالماء و الزیت حارین،
و تضمّد بالثقل، و کان کما استعمل هذا أبرأ الشقیقه کانت بحمّی، أو بغیر حمی، و لیس من الأضمده کضمّاد الخردل، و إذا طالت العله ضمّدت بثافسیا و قشور أصل الکبر و العنصل و الفربیون مسحوقه منخوله معجونه بشراب ریحانی، فإنه علاج عظیم النفع منها. و مما ینتفعون به أن یتبدئوا فیدخلوا الحمام، و یکثروا الإکباب علی الماء الحار، ثم یسعطوا بدهن الفستق، فإن ذلک یخدر الوجع إلی الکتفین من ساعته، و التقط النسخ المکتوبه فی الأقراباذین و المفردات المورده فی ألواح الأدویه المفرده.
یقال قرانیطس للورم الحار فی حجاب الدماغ الرقیق، أو الغلیظ دون جرمه، و إن کان جرمه قد یعرض له ورم، و لیس کما ظنّ بعض المتطبّبین أن الدماغ لا یرم بنفسه، محتجاً بأن ما کأن لیّناً کالدماغ أو طلباً کالعظام، فإنه لا یتمدّد. و ما لا یتمدّد، فإنه لا یرم، فإن هذا الکلام خطأ، و ذلک لأن اللین اللزج یتمدّد و العظام أیضاً ترم. و قد أقرّ به جالینوس، و سنبیّن القول فیه فی باب الأسنان، بل نقول أن کل ما یتغذی، فإنه یتمدد و یزداد بالغذاء، و کذلک یجوز أن یتمدد و یزداد بالفضل، و ذلک هو الورم، و لکنه و إن کان الدماغ قد یتورّم فإن قرانیطس و السرسام
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 251
اسم مخصوص بورم حجاب الدماغ إذا کان حاراً، و إن کان فی بعض المواض قد أُطلق أیضاً علی ورم جوهر الدماغ، و هو الاستعمال الخاص لهذا الاسم، إلا أنه منقول من اسم العرض الذی یلزمه و هو الهذیان و اختلاط العقل مع حراره محرقه، فالاسم العامیّ واقع علی هذا العرض، و الصناعیّ علی هذا
الورم. و هذا النقل شبیه بنقل اسم العرض و هو النسیان إلی مرض یوجبه و یقتضیه، و هو السرسام البارد، و إذا استعمل السرسام بالاستعمال العامیّ، دخل فیه السرسام الدماغی، و هو هذا. و من الناس ممن لا یعرف اللغات یحسب أن البرسام اسم لهذا الورم، و أن السرسام أخفّ منه، و لیس ذلک بشی ء، فإن البرسام هو فارسی، و البرّ هو الصدر، و السام هو الورم و السرسام أیضاً فارسی، و السر هو الرأس، و السام هو الورم، و المرض و السرسام الکائن فی الحمیات و الکائن لأخلاط فی فِم المعده محرقه، و الذی ربما کان لأورام فی نواحی الرأس خارجه أو فی الغشاء الخارج. و السرسام الکائن مع البرسام، و هو الذی یکون بمشارکه الحجاب و أورامه و سائر عضلات الصدر، و الکائن فی ورم المثانه، و الرحم، و المعده.
و الاشتراک الواقع فی هذا الاسم تختلف أوصاف المصنفین له، کما تختلف أوصاف المصنّفین للیثرغس الذی هو السرسام البارد الذی یسمی النسیان، لکن السرسام الحقیقی بحسب الاستعمال الصناعی هو ما قلناه، و ربما ورم معه جوهر الدماغ أیضاً مشارکه أو انتقالًا، و ذلک شدید الرداءه یقتل فی الرابع، فإن جاوزه نجا و أکثر من یموت بالسرسام یموت لآفه فی النفس.
و لهذا الورم مواضع مختلفه بحسب أجزاء الدماغ المختلفه، و ربما اشترک فیه جزءان، أو عمّ المواضع کلها. و أکثر ما یکون إنما یستقر عموده إلی ما یلی التجویف المقدم، و إلی الأوسط، و مبدأه دم أو صفراء صحیحه، أو حمراء صحیحه، أو محرقه ضاربه إلی السوداء، و هو ردی ء جداً، و کأنه لیس یکون فی الأکثر إلا عن دم مراری دون الدم النقی، أو
عن صفراء و کأنه لا ینقضی إلا بعرق أو رعاف، و کثیراً ما یرم الحجاب و العروق التی تخرج من الرأس حتی تکاد تتفتّح الشؤون معه.
و ما کان منه اختلاط عقل مرکب من بکاء و ضحک ساعه بعد أخری، فهو ردی ء، و کذلک إذا کان انتقالًا من ذات الرئه، لأنه یدلِّ علی شده حراره الخلط، و کذلک لو انتقل إلی غیر الحقیقی، و إذا کان عرض أن دام الثقل فی نواحی الرأس و الرئه، ثم عرض تشنّج و قی ء زنجاری مات العلیل فی ساعته، و أطول مهلته یوم أو یومان إن کانت القوه قویه، و أرجی أصناف قرانیطس أن یذکر العلیل ما کان یهذی به بعد خفّ حمّاه، و إذا عرض لهم هموریذوس کان دلیلًا محموداً، و إذا شخص المبرسم فتقیأ مراراً أحمر، و هو ضعیف فإنه یموت فی یومه، أو قوی فبعد یومین. و ما رؤی أحد به ورم فی نواحی الدماغ یکون بوله مائیاً، فیخلص، و کثیراً ما ینحل قرانیطس بالبواسیر إذا سالت، و قد یبرد و ینتقل إلی لیثرغس، و ربما تخلّص عنه فأوقع فی دق أو جنون، و کثیراً ما ینتقل الغیر الحقیقی إلی الحقیقی، و قلما یتخلص المشایخ من عله قرانیطس.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 252
و قد زعم بعض المتطببین أنه ربما عرض مرض شبیه بقرانیطس من غیر حمّی، و کونه من غیر حمّی دلیل علی خلوّه من الورم. قال: لکنه یکون شدید القلق و التوثّب لا یملک صاحبه قراراً، و یکاد یتسلّق الحیطان و یشتد ضجره و غمه، عطشه و ضیق نفسه، و إذا شرب الماء شرق به و قذفه، قیل: و هو قاتل من یومه فی
الأکثر، و ربما امتدّ إلی أربعه أیام، و لن ینجو منه أحد، بل یعرض لهم أن یسوّد وجوههم و ألسنتهم، و تکون أعینهم جامده و حالتهم کحاله الملهوفین، ثم تلین حرکاتهم و یسقط نبضهم و یموتون، و أکثر موتهم بالاختناق، و تراه یعدو، ثم تراه إثر ذلک قد سقط و مات.
أقول: لا یبعد أن یکون السبب فی ذلک مشارکه من الدماغ لعضو آخر کریم، مثل عضل النفس إذا عرض له تشنّج عظیم، أو فساد آخر ینحو نحو الخناق، و یتأدّی إلی الدماغ، فیشوّشه و یفسده و یخلط العقل و یعطش بتجفیف نواحی الحلق و الصدر.
أما علاماته المشترکه لأصنافه الحقیقیه، فحمی لازمه یابسه تشتدّ فی الظهائر علی الأکثر، و هذیان یفرط تاره و ینقطع أخری کراهه للکلام و کسلًا عنه، و یختلط العقل و أکثره بقرب الرابع، و عبث الأطراف و نفس مضطرب غیر منتظم، و لکنه عظیم، و امتداد من الشراسیف إلی فوق کثیراً، و اختلاج أعضاء معه و قبله ینذر به، و ربما کان معه نوم مضطرب ینتبهون عنه فیصیحون، و تاره ینامون، و تاره یسهرون، و یکون فی الأکثر نومهم مضطرباً مشوّشاً مع خیالات و أحلام فاسده هائله، و انتباه مشوّس مع صیاح، و یکون هناک وقاحه و جساره و غضب فوق المعهود، و یبغضون الشعاع و یعرضون عنه، و تضطرب ألسنتهم اضطراباً شدیداً و تخشن و یعضون علیها، و ربما ورمت. و کثیراً ما ینقطع صوتهم، و یشتهون الماء فیشربون منه قلیلًا لا یکثرون، و لیس أیضاً شهوتهم له کثیره.
و کثیراً ما تبرد أطرافهم من غیر برد من خارج یوجبه.
و أما أبوالهم فتکون مائله إلی الرقّه و اللطافه، و أما نبضهم
فیکون صلباً بسبب کون الورم فی عضو عصبی صعب لصلابه العرق، و ضعف القوه مضغوطاً للماده فی نبضهم قوه ما، إلا أن یقاربوا الخطر، لأن الیبس یجمع و یشد. و یکون آخر الانقباض و أول الانبساط أسرع، و لا تخلو منشاریته عن موجیه ما لأن الدماغ جوهر رطب. و قد یعرض لنبضهم أن یعرض مراراً، أو یعظم للحاجه، و أن یتواتر، و أن یختلف فی أجزاء الوضع و یرتعش، و ذلک مما ینذر بغشی، اللهم إلا أن یکون جنساً من الاختلاف و الارتعاش و الارتعاد توجبه صلابه العرق، و قوه القوه، فلا ینفر به. و قد یعرض للنبض منهم أن یکون تشنجیاً، فینذر بتشنّج.
و إذا رأیت علامات أمراض حاده و حمیات صعبه و اعتقلت الطبیعه، فإن ذلک ینذر
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 253
بسرسام، و کأنه من المنذرات القویه، و یتقدّم قرانیطس نسیان للشی ء القریب، و حزن بلا علّه و أحلام ردیئه و صداع کثیر و ثقل و امتلاء، و یتقدمه فی الأکثر صفار الوجه، و سهر طویل و نوم مضطرب. و تشتدّ هذه الأعراض ما دامت المواد تتوجه إلی الدماغ، و تدور فی عروقه، و تترقرق. و إذا قربوا منه و تشرب الدماغ الماده، وجدوا ابتداء وجع من خلف الرأس عند القفا، و خصوصاً فی الصفراوی. و إذا وقعوا فیها و ورم الدماغ، تیبّست أولًا أعینهم یبساً شدیداً، ثم أخذت تدمع، و خصوصاً من إحدی العینین و رمصت، و کثیراً ما یعرض أن تحمر عروقها حمره شدیده، و ربما عقبه قطرات دم من الأنف، و کثیراً ما یدلکون أعینهم، و مالوا إلی سکون و هدوّ فی أکثر البدن، إلا فی الیدین، فإنه ربما
یعبث بهما و یلقط التبن و الزئبر. و قد یکون ذلک فی الأکثر مع تغمیض و قد یکون مع تحدیق و ضجر، و ربما کسلوا عن الکلام الفصیح لا یزیدون علی تحریک اللسان، و ربما حدث بهم تقطیر بول بمعرفه منهم أو بغیر معرفه. و هو فی الحمیات من الدلالات القویه علی السرسام الحاضر، و یغفلون عن الآلام إن کانت بهم فی أعضائهم، بل لو مس شی ء من أعضائهم الألمه بعنف لم یشعروا به. و نزید فنقول: إذا وقع الورم فی الجانب المقدم أفسد التخیل، فأخذوا یلقطون الزئبر من الثیاب و التبن و ما أشبهه من الحیطان، و تخیلوا أشباحاً لا وجود لها.
و إن کان إلی الوسط أفسد الفکر فخلط فیما یعلمه، و یلفظ الهذیان الکثیر، و إذا وقع إلی ما یلی خلف نسی ما یراه و یفعله فی الحال، حتی أنه ربما دعا بالشی ء فیقدم إلیه فلا یذکر أنه طلبه، و ربما دعا بالطشت لیبول فیه فیقدّم إلیه فینساه، و إن اشتمل الورم علی الجهات کلها ظهرت هذه العلامات کلها، و إن تورّم معه الدماغ إحمرّ الوجه و العین و جحظت العینان جحوظاً شدیداً، أو احمرتا إن کانت الماده المورمه دماً، و اصفرتا إن کانت الماده المورمه صفراء صرفاً. و أما الکائن من الاختلاط بالمشارکه، فیدلّ علیه وقوعها دفعه، و تابعاً لسوء حال عضو آخر، و نائباً مع نوائب اشتداد ینقص لنقصان فی حال غیره، و تزید بزیادتها.
و الکائن عن السرسام الدماغی یحدث قلیلًا قلیلًا، و یلزم.
و علامات السرسام الحقیقی تتقدّم، ثم یعرض المرض، و أما الغیر الحقیقی، فتتقدّمه أمراض أعضاء أخری، ثم تظهر علاماته.
و أما الکائن من جهه الحجاب الحاجز، و عضلات الصدر،
فتتقدّمه علامات السرسام، و ذات الجنب من وجع ناخس فی الجنب عند التنفّس، و ضیق نفس و نبض منشاری و سعال یابس، أولًا، ثم یرطب فی الأکثر و ینفث، و یکون مع حمّی لازمه، أکثر حرارتها فی نواحی الصدر، و فی الحقیقی فی نواحی الرأس، و یکثر فیه تمدد الشراسیف إلی فوق، و یختصّ به حسّ وجع فوق الجمجمه غیر شامل، و لا تکون العلامات المذکوره فیما سلف قویه کثیره، و نفسه یکون مختلفاً یضعف مره فیتواتر و یعظم أخری، و یکون میله إلی الصغر و الضعف أکثر، و یکون
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 254
مره کالزفره.
و أما فی قرانیطس الحقّ، فیکون النفس أعظم، بل عظیماً، و یشترک السرسامان فی قوه الاختلاط، و لکن یفارق السرسام التابع للسرسام الحقّ، بأنها تتبع فی قوتها قوه الحمی و تخفی معه خفه الحمی.
و أما الکائن لخلط فی فم المعده، فإنه یحسّ معه بلذع فی فم المعده و غثیان و عطش و مراره فم.
و الکائن بسبب أورام أعضاء أخری، فیعلم ما یظهر من أحوالها، فإنها ما لم تکن ظاهره جلیه لم تؤد إلی اختلاط العقل و السرسام البین لیعلم ذلک.
فنقول: أما الکائن عن الدم فأول علاماته أن عامه عوارضه المذکوره المشترکه تعرض مع الضحک، و تعرض له قطرات رعاف، و یعظم نفَسُهُ، و تدمع عینه و ترمص، و لا یکون السهر الذی یعتریه بذلک و تکون خشونه اللسان فیه إلی حمره مائله إلی السواد، ثم یسود، و یکون اللسان فیه ثقیلًا، و ربما کسل عن الکلام لثقل اللسان، و تکون خیالات التی تتشنج له حمراً، و تکون عروق وجهه حمراً، و عینه ممتلئه، و یعرض له تواتر
قعود و قیام من غیر حاجه إلیهما.
و أما الکائن عن صفراء صحیحه، فإنه یسهر کثیراً، و تجف معه العینان شدیداً جداً، و یخشن اللسان شدیداً، و یصفر أولًا ثم یسود، و تشتد الحمی و یکثر الولوع بمسح العینین، و یتخیلون أشیاء صفراً و تدخل فی أخلاقهم سبعیه و سوران و حرص علی الخصام و کأنه فی هیئه من یرید أن یقاتل، و تدق أنوفهم خصوصاً فی أطرافها، و یعرض لجباههم انجذاب شدید إلی فوق.
و أما الکائن من صفراء محترقه، و هو الردی ء المهلک، فأول علاماته، أن عامه عوارضه تعرض مع جنون و ضجر، و نفس عظیم و عبث، و تکون أعینهم کدره، و تشبه صبار أو کأنه هو. و أما علامات انتقاله، فإن کان ینتقل إلی لیثرغس- و ذلک أجری لهم- رأیت العین تغور، و التغمیض یدوم، و الریق یسیل، و النبض یبطئ و یلین.
و أما علامات انتقاله إلی سفاقلوس و الورم الدماغی: أن تظهر علامه سفاقلوس، و یغیب سواد العین، و یظهر البیاض فی الأحیان، و یأبی الاضطجاع إلا مستلقیاً، و ینتفخ بطنه، و تمتد شراسیفه، و یکثر اختلاج أعضائه. و علامه انتقاله إلی الدقّ غؤور العینین، و هدو الحمی، و قحل البدن، و صغر النبض و صلابته. و أما علامات انتقاله إلی التشنّج، فقد أوردناه فی باب التشنج.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 255
أما المشترک لأصنافه الحقیقیه، فالفصد من القیفال، و إخراج دم صالح، بل کثیر جداً و تبادر إلی ذلک کما تبتدئ الأخلاط إن لم یمنع من ذلک مانع قوی، و یجب أن یکون فصده مع احتیاط فی تعرّف حاله من الغشی، هل وقع فیه أو قرب منه، و یحبس
الدم عند القرب من الغشی، و یحتال فی معرفه ذلک، فإنه لا یظهر فیهم حال الإفاقه من حال الغشی ظهوراً کثیراً، و لکن النبض قد یدل علیه، فإنه إذا ارتعش، أو انخفض، و اختلف بلا نظام حتی تجد واحده عظیمه، و أخری صغیره دل علی قرب الغشی. و یجب أن یحتاط فی عصب العصابه علیه حتی یکون موثقاً لا تحله حرکاته و اضطراباته التی لا عقل له معها، فربما حله و أرسله بنفسه بخیال فاسد یستدعیه إلیه، ثم بعد ذلک یفصد عرق الجبهه إن کانت القوه قویه، و أوجبته الحال و قوه المرض، و أما إن لم تساعد القوه و الأحوال علی فصده الکلی من یده، أو لم یُمَکَنْکَ من یده، و أحوجه ما یراود علیه من ذلک إلی قلق و ضجر شدید، فافصده من الجبهه، و اجعل علی رأسه فی الابتداء دهن الورد مع الخل مبرداً، و سائر ما عددنا لک من العصارات المبرّده، و ینتفع الصفراوی بتضمید رأسه بورق العلّیق جداً، و أسکنه بیتاً معتدل الهواء ساذجاً لا تزاویق و لا تصاویر فیه، فإن خیالاته تولع بها بتأملها و ذلک مما یؤذی دماغه و حجب دماغه. و یجب أن یکون فی مسکنه و بالقرب منه من المشمومات البارده، مثل النیلوفر و البنفسج و الورد و الکافور و التی عددناها لک فی القانون. و أصْحِبْه أصدقاءه الظرفاء المَحبوبین إلیه المشفقین علیه، و من یستحی منه، فیکف بسببه عن تخلیطه و اضطرابه الضارین، و اجتهد فی تنویمه، و لو بتقریب شی ء من الأفیون من جبینه و أنفه، إن کانت القوه قویه، و إلا فإیاک، و ذلک فإنه مهلک، بل استعمل مثل شراب الخشخاش، و ضمّد
رأسه بالخس، و اسقه بزر الخشخاش فی ماء الشعیر. علی أن الأصوب أن یدافع بالفصد إن احتمله الوقت و لم یکن فی تأخیره خطر، تفعل ذلک فی الابتداء یومین أو ثلاثه، ثم إذا افتصد لم یبالغ إن أمکن حتی یبقی فی البدن دم تقوی به الطبیعه علی مصارعه البحرانات، و علی فقد الغذاء إن أوجبه الوقت، و بعد فصدک إیاه، فإن من الصواب أن تحقنه بحقنه لیّنه جداً مثل دهن ورد مع ماء شعیر، أو الماء و الزیت، و إن احتجت إلی ما هو أقوی من هذا بعد أن یکون فی درجه اللّینه فعلت، و اجذب المواد إلی أسفل من کل وجه، من دلک الیدین و الرجلین و غمزهما، و صبّ الماء الحار علیهما، بل بالعَصْبِ و الشدّ المذکورین، بل بتعلیق المحاجم علیهما، و خصوصاً فی حال هبوط الحمی و قبل اشتدادها، إن کان لها ذلک. و ربما وجب فی ابتداء العله أن تلزم المحجمه کاهله، و خذه أولًا بغایه تلطیف الغذاء، حتی یقتصر علی السکنجبین السکری، ثم بعد ذلک بیوم أو یومین، فانقله إلی ماء الشعیر الرقیق مع السکنجبین، ثم الغلیظ، و راع فی ذلک القوه و العلّه، و کلما رأیت أعراض العله أشدّ، فحدّه بتلطیف الغذاء أکثر، إلا أن یخاف سقوط القوه فیغذوا، و جنّبهم الماء الشدید البرد، خاصه إن
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 256
کان فی الحجاب الحاجز ورم، أو فی الأحشاء، و کلما تری العلّه تنحطّ، فدرج فی الغذاء، وَ زِدْ منه، و اجعله من القرع و البقول البارده و الماش و الحبوب البارده، إمَّا إسفیذباجه، و إما محمّضه بالفواکه البارده، و فی هذا الوقت ینتفعون بالخبز السمیذ منقوعاً فی
ماء بارد جداً، أو جلاب مبرّد بالثلج جداً.
و یجب أن یستعمل فی الابتداء الرادعات الصرفه، إلّا أن یکون من الجنس العظیم الذی ترم فیه العروق التی تخرج من الرأس مشارکه للحجاب، فهناک یحتاج أن یبدأ بما فیه قلیل إرخاء و تسکین وجع، ثم القوابض، و تلتجئ إلی الحقن التجاء شدیداً، ثم استعمل فی الأکثر نطولات مبرّده لیست بقابضه، و اجعل فیها قلیل خشخاش لینوم، و قلیل بابونج أیضاً لیقاوم الخشخاش، و یحلّل أدنی تحلیل. و إذا انتقصت العلّه بهذه العلاجات و بقی الهذیان، فاحلب علی الرأس اللبن من الضرع و الثدی، أما إن کانت القوه قویه، فلبن الماعز، و إن کانت ضعیفه، فلبن النساء، و کل حلبه أتت علیها ساعه، فاعقبها غسله بالنطولات المعتدله التی یقع فیها بنفسج، و أصل السوسن، و بابونج مع سائر المبردات کما قال بقراط فی القراباذین.
فإن طالت العلّه و لم تزل بهذه المعالجات، أو کانت ثقیله سباتیه، و جاوز حد الابتداء، و کان السکون فیها أکثر من الحرکیه، فجنبه المبرّدات الشدیده التبرید، و خاصه الخشخاش، و زد فی النطولات حینئذ بعد السابع نماماً و فودنجاً، و سذاب و عصاره النعناع، و إکلیل الملک، و اجعل علی الرأس لعاب بزر الکتان بالزیت و الماء، و عرق البدن فی أدهن، مسخّن دائماً.
و إذا أردت أن تحفظ القوه بعد طول العله و مجاوزه السابع فما فوقه، فلک أن تسقیه قلیل شراب ممزوج. و کثیراً ما یعرض لهم القی ء فینتفعون به و ربما سقی بعضهم ماء ممزوجاً بدهن بارد رطب، فیسهّل قذفهم و یرطبهم، و إذا لم یبولوا لفقدان العقل و ضعف الحسّ، مرخت مثانتهم بدهن فاتر، و أفضله الزیت أو نطلتها بماء حار،
أو بماء طبخ فیه البابونج، ثم غمرت علیها حتی یحرّ البول، و اعتن بهذا منهم کل وقت، و اغمر مثانتهم فی کل حین یتوقع فیه بوله، فإن لم یجب بذلک استعمل النطولات علی ما ذکر، و یجب أن تشدهم رباطاً إن وجدتهم یکثرون التقلب فی الاضطراب و یتضررون به تضرراً شدیداً، و خاصه إذا کنت فصدتهم و لم یلتحم الشقّ بعد، ثم إذا أمعنوا فی الانحطاط و خرجوا عن عمود العله أکثر الخروج، دبرتهم تدبیر الناقهین، و ألزمتهم الأرجوحات، و جنبتهم الأهویه و الریاح الردیئه و الحاره، و السموم، و الشمس لئلا ینتکسوا، و إن أردت تحمّمهم، حممهم فی میاه عذبه تحمیمات خفیفه لتنوِّمَهُمْ، ففی تنویمهم منافع کثیره، و أطعمهم اللحوم الکثیره الخفیفه. فهذا هو القول الکلی فی علاجهم.
و أما الذی یختلف فیه الصفراوی و الدموی، فإن الصفراوی یحتاج فی علاجه إلی إسهال الصفراء أکثر و فصد أقلّ، و یکون إسهال الصفراء منه بما یسهِّل شرباً من المزلقات اللطیفه المذکوره و المنقِّیات للدم، و لک أن تجعل فیها الشاهترج إن علمت أن الطبیعه تجیب علی کل حال،
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 257
و ربما جعلوا فیها سقمونیا إذا کانوا علی ثقه من إجابه الطبیعه بحسب عاده العلیل، و لا یبلغ الصفراوی عند الفصد قرب الغشی، بل یفصد فصداً صالحاً مع تحرز من ذلک، ثم یستفرغ بالإسهال، و أیضاً لتجعل أدویته بارده رطبه.
و أما أغذیه الدموی فبارده، و یجوز أن تکون قابضه إذا وقع الفراغ من الإسهال و الحقن، مثل الحصرمیه و الرمانیه و السفرجلیه و التفاحیه.
و أما الصفراوی، فلا تصلح له هذه بل مثل القرعیه و الکشکیه، أعنی المتّخذ من الشعیر المقشر و الإسفیدباجیه
و القطفیه و المُحیه و ما أشبه ذلک، و یکون تحمیضها بخل و سکر أو بالنیشوق أو بالإجاص و ما أشبه ذلک.
و اعلم أن الصفراوی محتاج إلی تطفئه أکثر، و الدموی إلی تحلیل أکثر، و لا تحذر فی الصفراوی من التبرید کل الحذر الذی تحذر فی الدموی، و لا تجنبه الماء البارد کل ذلک التجنب، و یجب أن تعتنی فیه بالتنویم أکثر، و ذلک بمثل النطولات المرطّبه، و باستعمال أدهان الخسّ و القرع و ما أشبههما سعوطات، و ما کان من الصفراوی صفراؤه محترقه أکثرت العنایه بالترطیب، و استعملت الحقن المبرده و المرطّبه فیهم ما أمکن.
أکثر ما یعرض هذا یعرض من دم عفن یورم الدماغ، و ربما فرق الشؤون و خلخل الشبکه، و یکاد الرأس معه أن ینصاع و ینشق، و یشتدّ معه الوجع و تحمرّ العیان و تجحظان جداً و تحمرّ الوجنتان جداً، و ربما عرض معه قی ء و غثیان بمشارکه المعده، و یمیل إلی الاستلقاء جداً علی خلاف المعتاد من الاستلقاء، و علی خلاف النظام، و هو یقتل فی الأکثر فی الثالث، فإن جاوزه رجی. و اعلم أن العلّه لیست بصعبه جداً، و إلا لما احتملها عضو بهذا القوام و بهذا الشرف. و علاجه علاج السرسام و أقوی، و ینفع منه فصد العرق الذی تحت اللسان منفعه شدیده، و ذلک بعد فصد العرق المشترک و العروق الأخری.
ربما عرض أیضاً فی الدماغ نفسه حمره و قوباء، و یکون الوجع شدیداً و الالتهاب شدیداً، لکن الوجه یعرض فیه برد لکمون الحراره و صغره لذلک، و خاصه فی العین، ثم یسخن دفعه و یحمر، و أما فی الأغلب فیکون إلی الصفره و البرد، و یکون الیبس شدیداً فی الفم، و لا یکون معه من السّبات کما فی الفلغمونی، و لکن الأعراض فیه أهول، و الحمّی أشدّ. و علاجه علاج صباری، و أکثره قاتل فی الثالث، فإن لم یقتل نجا. و یعرض للصبیان الحمره فی الدماغ، فیغور معه الیافوخ و العینان، و تصفرّ العین و ییبس البدن کله، فیعالجون بمخ البیض مع دهن الورد مبرّداً
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 258
مبدّلًا کل ساعه، و بالعصارات و البقول الرطبه البارده علی الرأس، خاصه القرع و قشور البطیخ و القثاء و غیر ذلک حسب ما تعلم.
یقال صباری لجنون مفرط یعرض مع سرسام حار صفراوی حتی یکون الإنسان- مع أنه مسرسم- یهذی مجنوناً مضطرباً مشوّشاً، و القرانیطس الساذج یکون بعد هذیان و اختلاط عقل، و لا یکون معه جنون، فإن کان فهو صباری، و أیضاً کأنه مانیا مرکّب مع قرانیطس. کما أن قرانیطس کأنه مالنخولیا مرکب مع ورم و حمی، و کثیراً ما یتقدّم فیه الجنون، ثم یعقبه الورم و الحمی. و إنما یکون صباری إذا کان قرانیطس عن الحمراء الصرف و المحترقه، فإنها إذا اندفعت إلی الدماغ و أحدثت جنوناً بأول وصولها، و أحدثت معه أو بعده ورماً، کانت سبب صباری. و فی قرانیطس یکون الجنون عارضاً عن الورم، و فی صباری الجنون و الورم حادثان معاً عن الماده، لیس أحدهما سبباً للآخر منه وجد
الآخر، و إن کان ربما صار کل واحد منهما سبباً للزیاده فی الآخر، و إذا جعل صباری یظهر، کان سهر طویل، و نوم مضطرب، و فزع فی النوم، و وثب و نَفس کثیر متواتر، و نسیان و جواب غیر شبیه بالسؤال، و احمرار العینین و اضطرابهما و ثقل فیهما، و کأنهما قذیتان، و ربما کان فیهما علی نحو ما ذکرناه اصفرار، و یکون هناک إحساس تمدد عند القفا، و وجع لتصاعد البخار، و یکون أیضاً فیهما سیل من الدمع بغیر إراده من عین واحده، ثم إذا استقرّ المرض صلبت الحمّی و خشن اللسان و یبس، ثم فی آخره تسکن حرکات الجفون للضعف، و تثقل الحرکه حتی تحریک الجفون، و یبقی من الجنون الهذیان المتقطّع مع عجز عن الکلام و قلّه منه، و یقبل فی الأکثر علی التقاط الزیبر و التبن، و یزداد النبض ضعفاً و صغراً و صلابه للیبس. و قد یقع منَ صباری ما لیس بمحض صرف فتختلف حالاته من الکلام و الذکر و الحرکات، فتکون تاره منتظمه، و تاره غیر منتظمه. و علاجه بعینه علاج السرسام الصفراوی مع زیاده فی الترطیب کثیره، و یجب أن یدام ربط أطرافه.
یقال لیثرغس للورم البلغمی الکائن داخل القحف، و هو السرسام البلغمی، و أکثره یکون فی مجاری جوهر الدماغ دون الحجب و البطون و جرم الدماغ، لأنّ البلغم قلّما یجتمع و ینفذ فی الأغشیه لصلابتها، و لا فی جوهر الدماغ للزوجته، کما أن ذات الجنب أیضاً فی الأکثر صفراویه، و قلما تکون بلغمیه لقله نفوذ البلغم فی جوهر صفاقی عصبی صلب. علی أنه یمکن أن یکون ذلک الأقل منهما جمیعاً، فیمکن أن یقع هذا الورم فی
جوهر الدماغ، و فی حجبه. و هذه العفَه مسماه باسم عرضها لأن ترجمه لیثرغس هو النسیان، و هذه العله یلزمها النسیان. و من
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 259
اسمها أخطأ فیها کثیر من الأطباء، فلم یعرفوا أن الغرض فیها هو المرض الکائن من ورم بارد، بل حسبوا أن هذه العله هی نفس النسیان، و علی أن بعض الأطباء یسمی لیثرغس، کل ورم بارد فی الدماغ سوداویاً کان أو بلغمیاً، إلا أن کثر المتقدمین یخصّون بهذا الاسم البلغمی، و لک أن تسقی به کلیهما. و ماده هذه العله قریبه من ماده السدر، لکنها أشدّ استحکاماً، و هذه العله تتولد عن کل ما یولد خلطاً بلغمیاً و فیه تبخیر، و لذلک کثیراً ما تتولد عن أکل البصل، و تتولّد عن التخمه الکثیره و کثره الشرب و کثره أکل الفواکه.
العلامه:
صداع خفیف و حمی لینه، فإنه لا بد من الحمی فی کل ورم عن خلط عفن، و بذلک یفارق السُبات، لکنها تکون لینه لأن الماده بلغمیه، و هذه الحمی ربما لم یحس بها، و یکون معها سُبَات ثقیل کلما یفتح صاحبه العین یغمض، و یکون معها نسیان و نَفَس متخلخل بطی ء وجداً ضعیف، و کله مع ضیق یسیر و بزاق، و کثره تثاؤب و فتح فم و ضمه، و ربما بقی فمه بعد التثاؤب و نحوه مفتوحاً لنسیانه أنه یجب أن یضم، أو لکسله عنه، و إن أراده، و یکون به فواق لمشارکه المعده، و بیاض فی اللسان، و کسل عن الجواب، و عن حرکه الأجفان، و اختلاط عقل، و یکون البرازقی الأکثر رطباً، و إن جف جف جفافاً معتدلًا، و البول کبول الحمیر.
و ربما عرض لهم الارتعاش
و عرق الأطراف. و هم بخلاف أصحاب قرانیطس یتصدعون، و یکون النبض عظیماً متفاوتاً بطیئاً زلزلیاً متموجاً بنبض ذات الرئه أشبه، لکنه أقلّ عرضاً و طولًا، و أبطأ و أشدّ تفاوتاً و أقل اختلافاً، لأن تأذی القلب به أقل، و یقع فی نبضه الواقع فی الوسط أکثر، لأن القوه الحیوانیه فیه أسلم، و الحمی معه أقل لبعده من القلب، و سباته أکثر لأن الماده ههنا فی نفس الدماغ، و فی ذات الرئه متصاعده من ورم الرئه.
و أما إن قیل للسوداوی أنه لیثرغس، فعلامته أن الوجع یکون أشد، و یکون معه ضجر و هذیان، و تکون العین مفتوحه مبهوته و إذا کان اللیثرغس فی جوهر الدماغ، کان السبات أشد، وَ عسر الحرکات أکثر، و بیاض اللسان فیه شدیداً جداً، و العین إلی الجحوظ و عسر الحرکه و الوجع إلی الرخاوه. و إن کان فی الحجاب، کان الوجع أشد، و الحرکات أخف، و یقع فیه کثیراً احتباس البول للنسیان و لضعف العضل المبوله. و من علامات مصیر الإنسان إلی لیثرغس کثره اختلاج رأسه مع کسل و ثقل، و إذا اشتدت أعراض لیثرغس، و کثر العرق جداً، فهو قاتل لإسقاط العرق للقوّه، و إذا اتسع النفس و جاد و انحطت الأعراض، فهو إلی السلامه، و خصوصاً إن ظهرت أورام خلف الأذن، فإنَ کثیراً من بحراناته تکون بها.
العلاج: إن لم یعق عائق، فصدت أولًا، ثم استعملت الحقن الحاره، و جذبت المواد إلی أسفل، و قیأته بریشه لطختها خردلًا و عسلًا، و أسکنته بیتاً مضیئاً، و منعته الاستغراق فی السبات ملحاً
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 260
علیه بالانتباه، و منعت الماده فی أول الأمر بدهن الورد و الخل، ثم
بعد یومین من ابتدائه تخلط به جندبیدستر، و تجعل الخلّ خل العنصل و لم تسقه الماء البارد إلا قلیلًا، و فی الابتداء خاصه و عند الانتهاء، و خاصه فی آخره تمنعه ذلک منعاً، ثم یمرخ البدن بزیت و نطرون و بزر الأنجره و بزر المازریون و فلفل و عاقرقرحا و ما أشبهه، و تستعمل النطولات القویه التحلیل و الشمومات و العطوسات و غراغر ملطفه فیها حاشا و زوفا و فودنج و صعتر و غراغر بعسل و عنصل، و سائر ما علمته فی القانون. و إذا استعملت العنصل علی رأسه- خصوصاً الرطب- انتفع به جداً، و یستعمل أیضاً سائر المحمرات علی الرأس و لطوخ الخردل، و تدیم دلک أطرافه و تغمزها حتی تحمر و تتألم، فإنه عظیم المنعه.
و إذا غرقوا فی السبات مددت شعور رؤوسهم، و تنفف بعضها، و تضع علی أقفائهم عند النقره محاجم کثیره بنار من غیر شرط، و ربما احتجت إلی شرط عند ما کان محتاجاً إلی استفراغ دم، و إذا غذوت أحداً منهم غفوته بمثل ماء الترمس، و ماء الحمص مع ماء الکشک، و إذا غفوته، فأقبل علی غمز أطرافه ساعات لئلا ینجذب البخار إلی فوق، فإن احتجت لطول العله أن تسقیه مسهلًا- و خاصه إذا ظهر به ارتعاش- سقیته ثلثی مثقال جندبیدستر مع قلیل سقمونیا أقل من دانق، فإن خفت إفراطاً فی الحمی اجتنب السقمونیا و اقتصر علی جندبیدستر و علی تبدیل المزاج دون الاستفراغ، و أولی الاستفراغات به ما یکون بالحقن، فإن اضطررت إلی غیرها، سقیت أیارج فیقرا وزن درهم مع ربع درهم شحم الحنظل، و ثلث درهم هلیلج، و دانق مصطکی، إن لم تکن الحمی شدیده الحراره و کنت
علی ثقه من أنه یسهل، فإن لم تثق بذلک، فحمله حمولًا أو شیافه لیتعاون السببان علی ذلک، ثم نبّهه و کلفه أن یتکلف البراز، و إذا عرض له نسیان البراز و البول، نطلت الحالبین و البطن بالمیاه المطبوخ فیها بابونج، و إکلیل الملک و بنفسج، و أصول السوسن، و غمزت المثانه لیبول، ثم إذا انتبهت العله، استعملت الأراجیح و الحمل، ثم الریاضه الیسیره، و تدبیر الناقهین حسب ما أنت تعلم ذلک.
إنه قد تجتمع رطوبات مائیه داخل القحف و خارجه، فإن کان خارج القحف دلّ علیه ما سنذکره عن قریب، و إن کان داخل القحف- و موضعه فوق الغشاء الصلب- أحس بثقل داخل و عسر معه تغمیض العین، فلا یمکن، و ترطبت العین جداً، و دمعت دائماً، و شخصت، و لا حیله فی مثله.
قد یعرض فی الحجب التی من خارج الرأس أورام حاره و بارده، و قد یعرض- و خصوصاً
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 261
للصبیان- علّه، هی اجتماع الماء فی الرأس، و قد یعرض للکبار أیضاً هذه العله، و هذه العلّه هی رطوبات تحتبس بین القحف و بین الجلد، أو بین الحجابین الخارجین مائیه، فیعرض انخفاض فی ذلک الموضع من الرأس و بکاء و سهر. أما الصبیان فیعرض لهم ذلک فی أکثر الأمر إذا أخطأت القابله، فغمزت الرأس ففرقته، و فتحت أفواه العروق و سال إلی ما تحت الجلد دم مائی، و قد یکون أخلاط أخری غیر الرطوبات المائیه، فإن کان لون الجلد بحاله، و کان متعالیاً متغمزاً مندفعاً، فهو الماء فی الرأس، و إن کان اللون متغیراً و اللمس مخالفاً، و ثم قوّه و امتناع علی الدفع، أو یحسّ بلذع و وجع فهو ورم من خارج القحف، و أما فی الصبیان و غیرهم إذا کان فی رؤسهم ماء، و أکثر ما یکون هذا للصبیان، فیجب أن یتعرف هل هو کثیر، و هل هو مندفع من خارج إلی داخل إذا قهر، فإن کان کذلک، فلا یعالج، و إن کان قلیلًا و مستمسکاً بین الجلد و القحف، فاستعمل إما شقاً واحداً فی العرض، و إما إن کان کثیراً شقّین متقاطعین، أو ثلاثه شقوق متقاطعه،
إن کان أکثر و تفرغ ما فیه، ثم تشد و تربط و تجعل علیه الشراب و الزیت إلی ثلاثه أیام، ثم تحلّ الرباط و تعالج بالمراهم و الفتل إن احتجت إلیها، أو بالخیط و الدرز إن کفی ذلک، و لم تحتج إلی مراهم، و إن أبطأ نبات اللحم، فقد أمروا بأن یُجرد العظم جرداً خفیفاً لینبت اللحم، و إن کان الماء قلیلًا جداً کفاک أن تحل الخلط المانع بالأضمده. و أما الأورام الحاره، فأنت تعرف حارها و باردها باللمس و اللون، و بموافقه ما یصل إلیه، و تحسّ فی کلها بألم ضاغط للقحف، فإذا لمست أصبت الألم، و تعالجه بأخفّ من علاج السرسام علی أنک فی استعمال القوی فیه آمن، و الحجامه تنفع فیه أکثر من الفصد قطعاً، و أما عطاس الصبیان فینبغی أن تسقی المرضع ماء الشعیر، أو ماء سویقه، إن کان بالصبی إسهال، و تسقی حینئذ شیئاً من الطباشیر المقلو و بزر البقله مقلواً، فإن الأسهال فی هذه العله ردی ء، و لتجتنب المرضع التحمیم، و یجعل علی یافوخه بنفسج مبرد.
قد یسقیه بعض الأطباء الشخوص، و لیس به، بل الشخوص نوع من الجمود، فنقول: هذه عله سرسامیه مرکبه من السرسام البارد و الحار، لأن الورم کائن من الخلطین معاً، أعنی من البلغم و الصفراء، و سببه امتلاء ولده النهم، و إکثار الأکل و الشرب و السکر، و قد یعتدل الخلطان، و قد یغلب أحدهما فتغلب علاماته، فإن غلب البلغمی سقی سباتاً سهریاً، و إن غلب الصفراوی سمی سهراً سباتیاً، و قد یتفق فی مرض واحد بالعدد أن یکون لکل واحد منهما کره علی الآخر، فتاره یغلب البلغم فیفعل فیه البلغم سباتاً و ثقلًا
و کسلًا و تغمیضاً، و یشق علیه الجواب عما یخاطب به، فیکون جوابه جواب متمهل متفکر. و تاره تغلب فیه الصفراء، فتفعل فیه أرقاً و هذیاناً و تحدیقاً متصلًا، و لا تدعه یستغرق فی السبات، بل یکون سباته سباتاً ینبه عنه إذا نبه.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 262
و عند ما یغلب علیه البلغم یثقل السبات و یتغمّض الجفن إذا فتحه، و عند ما تغلب الصفراء یتنبه بسرعه إذا نبه، و یهذی و یقصد الحرکه و یفتح العین بلا طرف، و لا تغمیض، بل ینجذب طرفه الأعلی کما یعرض لأصحاب السرسام، و یشتهی أن یکون مستلقیاً، و یکون استلقاؤه غیر طبیعی، و یتهیّج وجهه و یمیل إلی الخضره و الحمره، و علی أنه فی أغلب حالاته ینجذب جفنه إلی فوق، و یغط، فإذا فتح عینه فتح فتحاً کفتح أصحاب الشخوص، و الجمود بلا طرف، و إذا نطق لم یکن لکلامه نظام و یشرق بالماء، حتی إنه ربما رجع الماء من منخره، و کذلک یشرق بالإحساء، و هذه علامه رداءته.
و کثیراً ما یعرض فیه احتباس البول و البراز معاً، أو قلتهما، و یعرض له ضیق نفس، و قد یشبه فی کثیر من أحوال اختناق الرحم، و لکن الوجه یکون فی اختناق الرحم بحاله، و یکون سائر علامات اختناق الرحم المذکور فی بابه، و هاهنا یمکن أن یجبر فیه العلیل علی الکلام بشی ء ما، و أن یکلّف التفهم.
و المختنق رحمها، لا یمکن ذلک فیها ما دامت فی الاختناق، و هذه العلّه تشبه لیثرغس أیضاً، و لکن تفارقه بأن الوجه فیها لا یکون بحاله کما فی أصحاب لیثرغس، و أیضاً یعرض لهم سهر و تفتیح عین غیر
طارف، و الحمّی فیه أشدّ، و تشبه قرانیطس، و لکن یفارقه بأن السبات فیه أکثر، و الهذیان أقلّ، و أما بالنبض، فنبضه سریع متواتر بسبب الورم و الاختلاط الحموی، فیخالف نبض لیثرغس، و عریض، و قصیر بسبب البلغم و ورمه، فیخالف قرانیطس، و قصره لعرضه، ثم هو أقوی من نبض لیثرغس و أضعف من نبض قرانیطس، و یکون النبض غیر متمدّد متشنّج متفاوت کما فی اختناق الرحم، و لا تکون القوه فیه باقیه و لا خارجه عن النظم کل ذلک الخروج، کما تکون فی اختناق الرحم، بل تکون القوّه ساقطه و النبض متواتر.
العلاج:
أما العلاج المشترک فالفصد کما علمت، ثم الحقن تزید فی حدّتها و لینها بقدر ما تجد علیه الماده بالعلامات المذکوره حین یتعرف، هل الغالب مره، أو بلغم، و یمنع الغذاء أیضاً علی ما فی قرانیطس، و خاصه إن کان سببه إکثار الطعام، و إن کان سببه إکثار الطعام، قیأت المریض، و نقّیت منه المعده، و إن کان سببه السکر لم یعالج البته حتی ینقطع السکر، ثم یقتصر علی مرطبات رأسه، ثم یعالج أخیراً بما یعالج به آخر الخمار.
و تشترک أصنافه فی النطولات و الضمادات و العطوسات المذکوره و الاستفراغات اللطیفه بما یشرب، و یحقن مما علمت، و تکون هذه الأدویه فیه لا فی حدّ ما یؤمر به فی قرانیطس من البرد، و لا فی حدّ ما یؤمر به فی لیثرغس من السخونه، بل تکون مرکبه منهما، و یغلب فیهما ما یجب بحسب ما یظهر من أن أیّ الخلطین أغلب.
و قد سبق لک فی القانون جمیع ما یجب أن تعمله فی مثل هذا، و یجب أن تجعل فی
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص:
263
نطولاته إن کانت المرّه غالبه أوراق الخلاف، و البنفسج، و أصول السوسن، و الشعیر مع بابونج، و إکلیل الملک و شبث، و ربما سقیته شراب الخشخاش إن لم تخف علیه من غلبه البلغم. و الغرض فی سقیه إیاه هو التنویم، فإن کانت المادتان متساویتین، زید فیه الشیح و المرزنجوش، و إن کان البلغم غالباً زید فیه ورق الغار و السذاب و الفودنج و الزوفا و الجندبادستر و الصعتر، و کذلک الحال فی الأضمده و الحقن علی حسب هذا القانون، و یمکنک التقاطها له من القراباذین. و أما فی آخر المرض و بعد أن تنحطّ العلّه، فجنبه النطولات البارده و اقتصر علی الملطّفات التی علمتها، ثم حمّمه و دبره تدبیر الناقهین.
التفرّق الواقع فی الرأس، أما فی الجلد و اللحم، و أما فی العظم موضحه، أو هاشمه، أو مثقله، أو سمحاقاً. و من السمحاق الفطره، و هو أن یبرز الحجاب إلی خارج، و یرم، و یسمن، و یصبر کفطره، و منها الآمه و الجائفه، و فیها خطر. و یحدث فی الجراحات الواصله إلی غشاء الدماغ استرخاء فی جانب الجراحه، و تشتج فی مقابله، و إذا لم یصل القطع إلی البطون، بل إلی حدّ الحجاب الرقیق، کان أسلم، و إذا وصل القطع إلی الدماغ ظهر حمّی و قی ء مراری، و لیس مما یفلح إلا القلیل.
و أقربه إلی السلامه ما یقع من القطع فی البطنین المقدّمین إذا تدورک بسرعه فیضم. و اللذان فی البطنین المؤخرین أصعب، و الذی فی الأوسط أصعب من الذی فی المؤخر، و أبعد أن یرجع إلی الحاله الطبیعیه، إلا أن یکون قلیلًا یسیراً، و تقع المبادره إلی ضمّه و إصلاحه سریعاً. و أما العلاج،
فالمبادره إلی منع الورم بما یحتمل.
فأما تفصیله، فقد ذکرنا علاج الجراحه الشجیّه التی فی الجلد و اللحم، حیث ذکرنا القروح فی الکتاب الرابع، و ذکرنا علاج الکسِر منها فی باب الکسر و الجبر. و للأطباء فی کسر القحف المنقلع الذی هو المنقله مذهبان، مذهب من یمیل إلی الأدویه الهادئه الساکنه الشدیده التسکین للألم، و مذهب من یری استعمال الأدویه الشدیده التجفیف، و یستعملون نبعد قطع المنکسر و قلع المنقلع و جذب انکساره بالأدویه الجذابه من المراهم و غیرهما علی الموضع من فوقه من خارج، لطخاً من خلّ و عسل، و کانت السلامه علی أیدی هؤلاء المتأخرین منها أکثر منها علی أیدی الأوّلین، و لیس ذلک بعجب، قال جالینوس: فإن مزاج الغشاء و العظم یابس.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 264
یقال سبات للنوم المفرط الثقیل، لا لکل مفرط ثقیل، و لکن لما کان ثقله فی المدّه و الکیفیه معاً، حتی تکون مدّته أطول، و هیئته أقوی، فیصعب الانتباه عنه، و إن نبّه، فالنوم منه طبیعی فی مقداره و کیفیته، و منه ثقیل، و منه سبات مستغرق. و النوم علی الجمله، رجوع الروح النفسانی عن آلات الحسّ و الحرکه إلی مبدأ تتعطل معه آلاتها عن الرجوع بالفعل فیها، إلا ما لا بدّ منه فی بقاء الحیاه، و ذلک فی مثل آلات النفس.
و النوم الطبیعی علی الإطلاق ما کان رجوعه مع غور الروح الحیوانی إلی باطن لإنضاج الغذاء، فیتبعه الروح النفسانی، کما یقع فی حرکات الأجسام اللطیفه الممازجه لضروره الخلاء، و ما کان أیضاً للراحه، و لیجتمع الروح إلی نفسه ریثما یغتذی، و ینمی و یزداد جوهره، و ینال عوض ما تحلّل فی الیقظه منه، و
قریب من هذا ما یعرض لمن شارف الإقبال من مرضه، فإنه یعرض له نوم غرق، فیدل علی سکون مرضه، لکنه لا یدلّ فی الأصحّاء علی خیر. و قد یعرض أیضاً من هذا القبیل لمن استفرغ کثیراً بالدواء، و ذلک النوم نافع له رادّ لقوّته، و قد یعرض نوم لیس طبیعیاً علی الإطلاق، و ذلک إذا کان الرجوع إلی المبدأ، لفرط تحلّل من الروح لا یحتمل جوهره الانبساط، لفقد زیادته علی ما یکفی الأصول، بسبب التحلّل الواقع من الحرکه فیغور، کما یکون حال التعب و الریاضه القویه، و ذلک لإستفراغ مفرط یعرض للروح النفسانی، فتحرص الطبیعه علی إمساک ما فی جوهرها إلی أن یلحقها من الغذاء مدد. و الفرق بین هذا و بین الذی قبله، کالفرق بین طلب البدن الصحیح للغذاء لیقوم بدل التحلّل الطبیعی منه، و طلب البدن المدنف بالإسهال و النزف للغذاء، فإن الأوّل من النومین یطلب بدل تحلیل الیقظه، و هو أمر طبیعی، و الثانی یطلب بدل تحلیل التعب، و هو غیر طبیعی.
و قد یعرض نوم غیر طبیعی علی الإطلاق أیضاً، و هو أن یکون رجوع الروح النفسانی عن الآلات بسبب مبرّد مضادّ لجوهر الروح، إما من خارج، و إما من الأدویه المبرّده، فتکتسب الآلات برداً منافیاً لنفوذ الروح الحیوانی فیها علی وجهه، أو مخدراً للتصبّب الحاصل فیها من الروح النفسانی یفسد المزاج الذی به یقبل القوه النفسانیه عن المبدأ، فیعود الباقی غائراً من الضدّ، و یتبلّد عن الانبساط لبرد المزاج، و هذا هو الخدر. و قد یعرض أیضاً بسبب مرطّب للآلات، مکدر لجوهر الروح، سادّ لمسالکه، مُرَخ لجواهر العصب و العضل إرخاء یتبعه سدد، و انطباق، فیکون مانعاً لنفوذ الروح، لأن جوهر
الروح نفسه قد غلظ و تکدر، لأن الآلات قد فسدت بالرطوبه و لاسترخائها جمیعاً، و هذا نوم السکر.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 265
و قریب من هذا، ما یعرض بسبب التخمه و طول لبث الطعام فی المعده، و هؤلاء یزول سباتهم بالقی ء. و هذان السببان هما بعینهما سبباً أکثر ما یعرض من السبات إذا استحکما، و قد یجتمع البرد و الرطوبه معاً فی أسباب النوم، إلا أن السبب المقدّم منهما حینئذ یکون هو البرد و تعینه الرطوبه، کما یجتمع فی السهر الحر و الیبوسه، و یکون السبب، الحقیقی هو الحَر و تعینه الیبوسه. و للسبات أسباب أخر، من ذلک اشتداد نوائب الحمّی، و إقبال الطبیعه بکنهها علی العله، و انضغاطها تحت الماده، فیتبعها الروح النفسانی کما قیل، و خصوصاً إن کانت ماده الحمّی بلغمیه بارده و إنما سخنت بالعفونه.
و قد یکون لرداءه الأخلاط و البخارات المتصعّده إلی مقدّم الدماغ من المعده و الرئه فی عللهما و سائر الأعضاء.
و قد یکون من کثره الدیدان و حبّ القرع، و قد یکون من انضغاط الدماغ نفسه تحت عظم القحف، أو صفحه، أو قشره إذا أصاب الدماغ ضربه.
و أشد البطون إسباتاً عند القطع هو أشدّها منه إسباتاً عند الضغط، و قد یکون لوجع شدید من ضربه تصیب عضلات الصدغ، أو علی مشارکته لأذی فی فم المعده، أو فی الرحم، فینقبض منه الدماغ، و تنسدّ مسالک الروح الحساس انسداداً تعسر معه حرکه الروح إلی بارز، و قد یکون لشدّه ضعف الروح و تحلله، فیعسر انبساطه. و لأنّ أول الحواس التی تتعطل فی النوم و السبات هو البصر و السمع، فیجب أن تکون الآفه فی السبات فی مقدم الدماغ، و
بمشارکه فساد التحلیل، فإنه لو کان قد سلم مقدم الدماغ، و إنما عرض الفساد لمؤخره، لم یجب أن یصیب البصر و السمع تعطل، و لم یکن نوم، بل کان بطلان حرکه أو لمس وحده، و لکانت الحواس الأخری بحالها، کما یقع ذلک فی أمراض الجمود و الشخوص و لم یکن ضرر السبات بالحسّ فوق ضرره بالحرکه، فإنه یبطل الحس أصلًا، و لا یبطل الحرکه أصلًا، فإنها تبقی فی التنفس سلیمه. و یجب أن تکون السده الواقعه فی السبات لیست بتامّه، و لا بکثیفه جداً، و إلا لأضرت بالتنفس. و کل سبات یتعلق بمزاج فهو للبرد أولًا، و للرطوبه ثانیاً، و قد ینتقل إلی السبات من مثل ذات الجنب و ذات الرئه و نحو ذلک.
و من الناس من تکون أخلاطه ما دام جالساً منکسره غیر مؤذیه، فیغلبه النعاس، فإذا طرح نفسه غارت الحراره الغریزیه فتثوّرت و هاجت أبخره إلی الدماغ، فلم یغشه النوم، لا سیما فی یابس المزاج. و إذا کثر غشیان النوم أنفر بمرض، و قیل: ماء الرمان مما یبطئ فی المعده، و یحبس البخارات و یخلص من السهر. و قد ذکرنا کیف ینبغی أن تکون هیئات المضطجع علی الغذاء. و نقول الآن: إن استعمال الاستلقاء للغذاء کثیراً یوهن الظهر و یرخیه، و علاجه استعمال الانتصاب الکثیر. و النوم فی الشمس و فی القمر علی الرأس مخوف منه، مورث لتنخّع الدم لما یحرک من الأخلاط، و الخرخره سببها انطباق فم القصبه، فلا یخرج النفس إلا بضرب رطوبه.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 266
علامات أصناف السبات:
أما إذا کان السبات من برد ساذج من خارج، فعلامته أن یکون بعقب برد شدید یصیب الرأس من خارج، أو
لبرد فی داخل البدن و الدماغ، و لا یجد فی الوجه تهیجاً و لا فی الأجفان، و یکون اللون إلی الخضره، و النبض متمدد إلی الصلابه مع تفاوت شدید، و إن کان السبات من برد شی ء مشروب من الأدویه المخدره، و هو الأفیون، و البنج، و أصل الیبروح، و بزر اللفاح، و جوز ماثل، و الفطر، و اللبن المتجبن فی المعده، و الکزبره الرطبه، و بزرقطونا الکثیر، و یستدلّ علیه بالعلامات التی نذکرها لکل واحد منها فی باب السموم، و بأن یکون السبات مع أعراض أخری من اختناق، و خضره أطراف، و بردها، و ورم لسان، و تغیر رائحه، و یکون النبض ساقطاً نملیاً ضعیفاً لیس بمتفاوت، بل متواتر تواتر الدودی و النملی.
و إن کان متفاوتاً لم یکن له نظام و لا ثبات، بل یعود من تفاوت إلی تواتر، و من تواتر إلی تفاوت، فیعلم أنه قد سقی شیئاً من هذه، أو شربها فیعالج کلًا بما ذکرنا فی باب السموم.
و من الناس من قال: إن سبات البرد الساذج أخفّ من سبات الماده الرطبه، و لیس ذلک بالقول السدید الصحه، بل ربما کان قویاً جداً، و جمیع أصناف السبات الکائن عن برد الدماغ فی جوهره، أو لدواء مشروب، فإنه یتبعه فساد فی الذکر و الفکر.
و أما إن کان السبات من رطوبه ساذجه، فعلامته أن لا یری علامات الدم و لا ثقل البلغم. و أما الکائن من البلغم، فیعلم ذلک من تقدم امتلاء و تخمه، و کثره شرب و لین نبض، و موجیه مع عرض، و یعلم باستغراق السبات و ثقله، و بیاض اللون فی الوجه و العین و اللسان، و ثقل الرأس، و من التهتج فی
الأجفان، و برد اللمس، و التدبیر المتقدم، و السن و البلد و غیر ذلک.
و أما الکائن عن الدم، فیعلم ذلک من انتفاخ الأوداج، و حمره العینین و الوجنتین، و حمره اللسان و حس الحراره فی الرأس و ما أشبه ذلک مما علمت. و إن کان الدم أو البلغم مع ذلک مجتمعاً اجتماع الأورام، رأیت علامات قرانیطس أو لیثرغس أو السبات السهری. و إن کان السبب فیه بخارات تجتمع و ترتفع من البدن فی حمّیات، و خاصه عند وجع الرئه و الورم فیها المسمی ذات الرئه و البخارات من المعده، علمت کلًا بعلاماته، فإنه إن کان من المعده تقدّمه سدر و دوار و دوی و طنین و خیالات، و کان یخفّ مع الجوع، و یزید مع الامتلاء، و إن کان من ناحیه الرئه و الصدر تقدّمه الوجع الثقیل، أو الوجع فی نواحی الصدر و ضیق النفس و السعال، و أعراض ذات الجنب، و ذات الرئه. و کذلک إن کان من الکبد تقدّمه دلائل مرض فی الکبد، و إن کان من الرحم تقدمه علل الرحم و امتلاؤها. و الذی یکون من ضربه علی الهامه أو علی الصدغ، فیعرف بدلیله.
و الفرق بین السبات و بین السکته، أن المسبوت یمکن أن یفهم و ینبه، و تکون حرکاته أسلس من إحساسه، و المسکوت معطل الحسّ و الحرکه.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 267
و جمله الفرق بین المسبوت و بین المغشی علیه لضعف القلب، أن نبض المسبوت أقوی و أشبه بنبض الأصحاء، و نبض المغشی علیه أضعف و أصلب، و الغشی یقع یسیراً یسیراً مع تغیر اللون إلی الصفره و إلی مشاکله لون الموتی و تبرد الأطراف.
و أما السبات فلا
یتغیر فیه لون الوجه، إلا إلی ما هو أحسن و لا ینحف رقعه الوجه و الأنف، و لا یتغیر عن سحنه النوام إلا بأدنی تهیج و انتفاخ.
و الفرق بین المسبوت و بین المختنقه الرحم، أن المسبوت یمکن أن یفهم و یتکلم بالتکلف، و المختنقه الرحم تفهم بعسر و لا تتکلم البته، و تکون الحرکه- خاصه حرکت العنق و الرأس و الرجل- أسهل علی المسبوت، و الحس و فتح الأجفان أسهل علی المختنق رحمها، و یکون اختناق الرحم سبباً یقع دفعه، و یقضی سلطانه، و ینقضی أو یقتل. و السبات قد یمتد و یکون الدخول فی الاستغراق فیه متدرجاً، و یبتدئ بنوم ثقیل إلا أن یکون سببه برداً یصیب دفعه، أو دواء یشرب، فیعلم ذلک قطعاً.
علاج السبات و النوم الثقیل الکائن فی الحمیات:
أما السبات الذی هو عرض مرض فی بعض الأعضاء، فطریق علاجه فصد ذلک العضو بالتدبیر لیتنقی و یزول ما به، و یقویه الدماغ حتی لا یقبل الماده، و ذلک بمثل دهن الورد و الخل الکثیر لئلا ینوم الدهن إذا انفرد وحده و بعصارات الفواکه المقویه، و بعد ذلک النطولات المبرده، ثم ینتقل إلی المحلله إن کان احتبس فی الدماغ شی ء، و قد عرفت جمیع ذلک فی القانون الذی یکون فی الحمیات، و فی ابتداء الأدوار، فیجب أن یبادر إلی ربط الأطراف، و تحریک العطاس دائماً، و تشمیم الخل و بخاره، و تعریق الرأس بدهن الورد و الخل الکثیر، أو ماء الحصرم و الرمان، و القوابض التی تکون لشرب المخدرات، فیعالج بحسب ذلک المخدر و سقی تریاقه کما نقول فی الکتاب الخامس.
و أما السبات الکائن من برد یصل من خارج، فعلاجه سقی التریاق و المثرودیطوس،
و دواء السمک و تنطیل الرأس بالمیاه المطبوخ فیها سذاب و جندبیدستر و عاقرقرحا، و تمریخ الرأس بدهن البان، و دهن الناردین مع جندبیدستر، و دهن المسک، و دهن القسط مع جندبیدستر، و کذلک الضمّاد المتخذ من جندبیدستر، و العنصل، و المسک من جندبیدستر جزءان، و من العنصل جزء، و من المسک قدر قلیل، و یشمم المسک دائماً، و یستعمل ما قیل فی تسخین مزاج الدماغ، و لکن بعنف دون رفق.
و أما الکائن لغلبه الدم، فیجب أن یبادر إلی الفصد من القیفال، و حجامه الساق، أو فصد الصافن، و یستعمل الحقنه المعتدله و یلطف الغذاء، و یستعمل ماء حمص، و أما الکائن لغلبه الرطوبه الساذجه التی لیست مع ماده، فیجب أن یعالج بالضمادات المتخذه من جندبیدستر،
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 268
و فقاح الإذخر، و القسط، و جوز السرو، و الأبهل، و الفربیون، و العاقرقرحا، و یخفف الغذاء، و یجتنب الأدهان و النطولات إلا بالاحتیاط، فإن الترطیب الذی فی الأذهان ربما غلب قوه الأدویه، إلا أن یکون قویاً جداً، و یجب أن یستعمل تمریخ الرأس و تخمیره و تشمیم المسک، و إن کانت الرطوبه مع ماده بلغم، فیجب أن یستفرغ بالحقن القویه أولًا، و یحتال له لیتقیأ، و أکثر ما یکون عن بلغم فی المعده أیضاً، فیجب أن تنقیه بما ینفع البلغم مما نذکره فی موضعه، و یستعمل النطولات المنضجه القویه و السعوطات و العطوسات و الغرغرات و سائر ما علمت فی القانون کما مضی لک. و من معالجاته أنه یسمع صاحبه و یری ما یغمّه، فإن الغمّ فی أمثال هذه الأمراض التی یضعف فیها الفکر و یجمد، فهو مما یحرک النفس و یرده
إلی الصلاح. و من الأدویه المشهوره طلی المنخر بالقلقند، و مسح الوجه بالخلّ، و شد الأعضاء السافله، و استعمال المعطسات.
أما الیقظه، فحال للحیوان عند انتصاب روحه النفسانی إلی آلات الحسّ و الحرکه یستعملها، و أما السهر فإفراط فی الیقظه و خروج عن الأمر الطبیعی، و سببه المزاجی، و هو الحر و الیبس لأجل ناریه الروح، فیتحرّک دائماً إلی خارج، و الحرّ أشدّ إیجاباً للسهر و أقدم إیجاباً، و قد یکون السهر من بورقیه الرطوبه المکتنه فی الدماغ، أو للوجع، أو للفکر العامه.
و من السهر ما یکون بسبب الضوء و استناره الموضع إذا وقع مثله للمستعد للسهر، و من السهر ما یکون بسبب سوء الهضم و کثره الامتلاء، و من السهر ما یکون بسبب ما ینفخ و یشوش الأخلاط و الأحلام، و یفزع فی النوم مثل الباقلا و نحوه، و من السهر ما یکون فی الحمّیات لتصعّد بخارات یابسه لاذعه إلی الدماغ، و الوجع الذی یعرض للمشایخ من السهر فهو لبورقیه أخلاطهم و ملوحتهما و یبس جوهر دماغهم، و من السهر مما یکون بسبب ورم سوداوی أو سرطان فی ناحیه الدماغ. و قد قیل: إن من اشتد به السهر، ثم عرض له سعال مات، و قد ذکرنا، فی باب النوم ما یجب أن یتذکر.
العلامات:
أما علامه ما یکن من یبس ساذج بلا ماده و لا مقارنه حرّ، فهی خفه الحواس و الرأس، و جفاف العین و اللسان و المنخر، و أن لا یحسّ فی الرأس بحر و لا برد، و أما ما یکون من حراره مع یبوسه، فعلامته وجود علامه الیبس مع التهاب و حرقه، و ربما کان مع عطش و احتراق فی أصل العین، و
ما کان من بورقیه الأخلاط فعلامته وجود بله فی المنخر، و رمص فی العین، و إحساس ثقل یسیر، و سرعه انتباه عن النوم، و وثوب، و یستدلّ علیه بالتدبیر الماضی و السنّ. و ما کان من استضاءه الموضع أو من الغذاء، فعلامته أیضاً سببه، و أما کان من ورم
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 269
سوداوی، فعلاماته العلامات المذکوره مراراً، و أما ما کان من وجع أو أفکار عامه، أو حمّیات حادّه فعلامته سببه.
المعالجات:
أما ما کان سببه الیبس، فینبغی أن یستعمل صاحبه الغذاء المرطّب و الاستحمامات المعتدله، خاصه، فإن لم ینوّمه الحمام، فهو غیر معتدل البدن و لا جیّد المزاج، و إن هو إلا فی سلطان الیبس،، أو فی سلطان أخلاط ردیئه یثیرها الحمام، و یجب أن یهجر الفکر و الجماع و التعب، و یستعمل السکون و الراحه و إدامه تعریق الرأس بالأدهان المذکوره، و حلب اللبن علی الرأس، و النطولات المرطبه المذکوره، و استنشاق الأدهان، و استسعاطها، و تقطیرها فی الأذن و خصوصاً دهن النیلوفر، لا سیما سعوطاً، و ذلک أسفل القدم.
و أما ما کان من حر مع ذلک، فتدبیره الزیاده فی تدبیر هذه الأدویه و استعمالها، مثل جراده القرع، و البقله الحمقاء و لعاب بزرقطونا، و عصا الراعی، و حی العالم و ما أشبه ذلک. و من المنوّمات الغناء اللذیذ الرقیق الذی لا إزعاج فیه، و إیقاعه ثقیل أو هزج متساو، و لأجل ذلک ما صار خریر الماء و حفیف الشجر منوماً. و أما ما کان من وجع، فتدبیره تسکین الوجع، و علاجه بما یخصّ کل وجع فی بابه. و أما ما کان فی الحمیات، فکثیراً ما یسقی صاحبه الدیافود الساذج، فینوم، و یجب
أن یستعمل صاحبه غسل الوجه، و النطولات، و تفریق الصدغ، و الجبهه بدهن الخشخاش و الخس، و أن تجعل فی أحشائه بزر الخشخاش الأبیض، و ربما بخر بالمخدرات التی نسختها فی الأقراباذین و أقراص الزعفران المذکوره فی باب الصداع الحار إذا دیفت فی عصاره الخشخاش، أو ماء ورد طبخ فیه الخشخاش، أو ماء خس و طلی علی الجبهه کان نافعاً.
و مما جرِّب فی ذلک، أن یؤخذ السلیخه و الأفیون و الزعفران، فیداف بدهن الورد، و یمسح به الأنف، و کذلک الطلاء المتّخذ من قشور الخشخاش، و أعمل الیبروح علی الصدغین، و الاشتمام منه أیضاً. و من أخذ من هؤلاء قدر حبّه کرسنّه نام نوماً معتدلًا، و إن کان الخلط المتصاعد إلیه غلیظ أضمدّت الجبهه بإکلیل الملک مع بابونج و میبختج.
و مما ینوم أصحاب الحمیات و غیرهم، أن یربط أطراف الساهر منهم ربطاً موجعاً، و یوضع بین یدیه سراج، و یؤمر الحضور بالإفاضه فی الحدیث و الکلام، ثم یحل الرباط بغته و یرفع السراج، و یؤمر القوم بالسکوت بغته فینام.
و أما الکائن من رطوبه بورقیه مالحه، فیجب أن یجتنب تناول کل حریف و مالح، و یغتذی بالسمک الرضراضی و اللحوم اللطیفه شورباجه قلیله الملح، و یستفرغ بحب الشبیار، و یدیم تفریق الرأس بالأدهان العذبه المفتّره. و إذا عرض هذا النوع من السهر فی سن الشیخوخه، کان علاجه صعباً، و لکن ینبغی أن یستعمل صاحبه التنطیل بماء طبخ فیه الصعتر و البابونج و الأقحوان لا غیر
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 270
کل لیله، فإنه ینوّم تنویماً حسناً، و کذلک ینشق من دهن الأقحوان أو دهن الإیرسا أو دهن الزعفران، و ربما اضطررنا إلی أن نسقی صاحب
السهر المفرط الذی یخاف انحلال قوته قیراطاً و نحوه من الأفیون لینوّمه.
و من لیس سهره بذلک المفرط، فربما کفاه أن یتعب و یرتاض و یستحم، ثم یشرب قبل الطعام بعض ما یسدد، و یأکل الطعام، فإنه ینام فی الوقت نوماً معتدلًا.
إن أصناف الضرر الواقعه فی الأفعال الدماغیه هی لسببین، و تتعرف من وجوه ثلاثه، فإنه إذا کان الحق من الإنسان سلیماً، و کان یتخیل أشباح الأشیاء فی الیقظه و النوم سلیماً، ثم کانت الأشیاء و الأحوال التی رآها فی یقظته أو نومه مما یمکن أن یعبر عنها و قد زالت عنه، و إذا سمعها أو شاهدها لم یبق عنده، فذاک آفه فی الذکر، و فی مؤخر الدماغ.
فإن لم یکن فی هذا آفه، و لکن کان یقول ما لا ینبغی أن یقال، و یستحسن ما لا ینبغی أن یُستحسَن، و یرجو ما لا یجب أن یرجی، و یَطلب ما لا یجب أن یُطلب، و یصنع ما لا یجب أن یُصنع، و یحذر ما لا ینبغی أن یُحذر، و کان لا یستطیع أن یروی فیما یروی فیه من الأشیاء، فالآفه فی الفکره و فی الجزء الأوسط من الدماغ.
فإن کان ذکره و کلامه کما کان، و لم یکن یحدث فیما یفعله و یقوله شیئاً خلاف السدید، و کان یتخیل له أشیاء محسوسه، و یلتقط الزئبر، و یری أشخاصاً کاذبه و نیراناً و میاهاً، أو غیر ذلک کاذبه، أو کان ضعیف التخیل لأشباح الأشیاء فی النوم و الیقظه، فالآفه فی الخیال، و فی البطن المقدم من الدماغ.
لأن اجتمع اثنان من ذلک، أو ثلاثه، فالآفه فی البطنین أو الثلاثه، و لأن یمرض الفکر و یقع فیه تقصیر بمشارکه آفه
فی الذکر سبقت أولًا، اسهل من أن یمرض الفکر، فیتبعه مرض الذکر.
و ما کان من هذا یمیل إلی النقصان، فهو من البرد، و ما کان یمیل إلی التشوش و الاضطراب، فهو من الحر.
و زعم بعضهم أنه قد یمیل إلی النقصان لنقصان جوهر الدماغ، و لیس هذا ببعید، و جمیع ذلک، فأما أن یکون سببه بدیاً فی الدماغ نفسه، و إما من عضو آخر، و قد یکون من خارج کضربه، أو سقطه.
فأما المعالجات، فیجب أن یعول فیها علی الأصول التی ذکرت فی القانون، و تلتقط من ألواح أمراض أعضاء الرأس. و فی الکتاب الثانی أدویه نافعه من جمیع ذلک لتستعملها علیه، و تتأمل منها و من الأغذیه ما یضرها فیجتنبها فیه.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 271
أما اختلاط الذهن و الهذیان من بین ذلک، فالکائن بسبب الدماغ نفسه، فهو إما مره سوداء، و إما دم حار ملتهب، و إما مره صفراء، و إما مرّه حمراء، إما حرّ ساذج، و إما بخار حار، و ذلک مما تخفّ المؤنه فی مثله، و إما یبس لتقدم سهر، أو فکر، أو غیر ذلک مما یجفف، فیعدم الدماغ ماده روح غریزیه، بمثلها یمکن أن یحفظ طریقه العقل.
و الکائن بسبب عضو آخر، أو البدن، فذلک العضو هو کالمعده، أو فمها، أو المراق، أو الرحم، أو البدن کله، کما فی الحمیات. و کل ذلک، إمّا لکیفیه ساذجه تتأدّی إلیه کما یرتفع عن الإصبع من الرجل، و من الید إذا ورمت، و من الأعضاء الفاسده المزاج المتورِّمه، و إما من بخار حار من مرّه أو بلغم قد عفن و احتدّ. و أسلم اختلاط العقل ما کان مع ضحک و ما کان مع
سکون، و أردؤه ما کان مع اضطراب و ضجر و إقدام.
العلامات:
اعلم إن کل من به وجع شدید و لا یشکوه و لا یحسّ به فیه اختلاط. و البول الذهبی قد یدلّ فی الحمیات علی اختلاط العقل.
أما الکائن من السوداء، فیکون مع غموم و ظن شی ء و مع علامات المالنخولیا التی نذکرها فی بابه، و إن کانت السوداء صفراویه، کان معه سبعیه و إقدام، و إن کان السوداء دمویه، کان هناک طرب و ضحک مع درور العروق.
و أمّا الکائن عن الصفراء فیکون مع التهاب، و حراره، و ضجر، و سوء خلق، و اضطراب شدید، و تخیّل نار و شرار، و حرقه آماق، و صفره لون، و التهاب رأس، و امتداد جلد الجبهه، و غئور العینین و وثب إلی المقابله.
و الذی من الحمراء فتکون هذه الأعراض فیه أشدّ و أصعب. و من هذا القبیل اختلاط العقل الذی فی الحمیات، و أکثرِ ما یکون فی الوبائیات.
و أما الکائن من حرّ و یبس ساذج، فلا یکون معه ثقل و لا علامات المواد المذکوره فی القوانین و فی الأبواب المقدمه.
و الکائن من بلغم قد عفن و احتد، فیعرض لأصحابه أن یکون بهم مع الاختلاط رزانه، و أن یشیلوا حواجبهم بأیدیهم کل وقت، و أن تثقل رؤوسهم و یسبتوا لجوهر البرد، کما تختلط عقولهم لعارض الحراره، و هؤلاء لا یفارقون ما یمسکونه، و ربما عرض لهم أن یتوهموا أنفسهم دواب و طیور. أو بالجمله، فإن اختلاط العقل إذا عرض عن حراره یابسه، فإنه یدل علیه السهر، أو عن حراره رطبه من دم أو بلغم عفن، فإنه یدل علیه السبات.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 272
و أما الذی سببه بخار متصاعد
من عضو، فیعرف من حال ذلک العضو الألم إن کان عضواً، أو البدن کله إن کان شاملًا، کما فی الحمّیات المشتمله، و یعرف هل هو ساذج أو مع ماده أو بخار، فعلامات جمیع ذلک مذکوره فی باب الصداع.
العلاجات:
أما علاج المالنخولیا، فسنذکره فی باب المالنخولیا، و أمّا علاج الاختلاط الکائن من الدم، فینبغی أن یبادر به إلی الفصد، و إلی جمیع یعدّل الدم، و یبرّده، و یصلح قوامه.
و أما الکائن من الصفراء و الحمراء، فعلاجه أن یبادر و یستفرغ و یبدّل المزاج، إما من البدن کله، و إما من الرأس خاصه، و یستعمل التدبیرات و الترطیبات المذکوره فی القانون، و یستعمل أضمدته بعد حلق الرأس، و إن اشتدّ و قوی دبّر تدبیر مانیا، و مما یصلح لاختلاط الذهن الحار قیروطی مبرد من دهن الورد و الخلّ علی الیافوخ، أو دهن البنفسج و اللبن إن لم یکن حمی، أو دهن الورد و الخشخاش مع محاذره انعطاف البخَارات. و إذا کان سهر فجمیع الأطلیه غیر نافعه، و ربما أورثته حقن حاده فلا یستعطن، فیزید فی الجذب، بل اتّبع حقناً لیّنه.
و أما الکائن بسبب شرکه عضو، فلیستعمل فیه تقویه الرأس و تبریده و الجذب إلی الخلاف، و قد علم کل هذا فی القوانین الماضیه الکلّیه و الجزئیه، و إذا لم یکن مع الاختلاط ضعف و علامات أورام، فیجب أن یلطم صاحبه لطماً شدیداً، و ربما وجب ضربه لیثوب إلیه عقله، و ربما احتیج إلی أن یکوی رأسه کیاً صلیبیاً إن لم ینفع شی ء.
و من الأشیاء النافعه له أن یصبّ علی الرأس منه طبیخ الأکارع و الرءوس، و کثیراً ما یعافیهم الفاشرا إذا سقوا منه أیاماً کما هو، أو فی
شی ء آخر من الثمار و الحلاوه مما یخفیه یستسره فیه، فإنه نافع.
الفرق بین اختلاط الذهن و بین الرعونه و الحمق، و إن کانا آفتی العقل و کان السبب المحدث لهما جمیعاً، قد یکون واقعاً فی البطن الأوسط من الدماغ، إن اختلاط الذهن آفه فی الأفعال الفکریه بحسب التغیر، و الرعونه و الحمق آفه بحسب النقصان، أو البطلان، و حاله شبیهه بالخرفیه و الصبوبه، و قد عرفت أن أصناف آفات الأفعال ثلاثه. و أما أسباب هذا المرض، فإما بروده ساذجه، و إما مع یبس مشتمل علی جوهر البطن الأوسط من الدماغ فی طول الأیام و المدد، و إما بروده مع بلغمیه فی تجاویف أوعیته. و إنما کان سبب هذا الضرب من البروده، و لم یکن من الحراره، لأن هذا ضرر بطلان و نقصان، لأن الحراره فعاله للفکره التی هی حرکه ما من حرکات الروح، فیحرک بها مقدم الدماغ إلی مؤخره و بالعکس، و الحراره تثیر الحرکه
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 273
و تعینها و الجمود یمنعها، و لذلک جعل مزاج هذا الجزء من الدماغ مائلًا إلی الحراره، و جعل فی الوسط لیکون له الرجوع من التخیل إلی التذکر، و قد عرفت التخیل و التذکر فی موضعه. و هذه العله تعالج بتسخین الدماغ و ترطیبه إن کان مع یبوسه، أو بتحلیل ما فیه الاستفراغات بالأدویه الکبار و القی ء بالسکنجبین العنصلی و بزر الفجل إن کان عن ماده، و مع ذلک، فیجب أن یقبل علی تنبیه القلب بالأدویه الخاصیه به، مثل دواء المسک و المثرودیطوس و المفرح و ما أشبه ذلک. و لا یجب أن نطول القول فی هذا الباب، فقد عرف وجه مثل هذا التدبیر
فی القوانین فیما سلف. و یجب أن یکون مسکنه بیتاً مضیئاً، و بالجمله فإن الیقظه و السهر و تلطیف الغذاء و تقلیله و المیل إلی مزاج أیبس و إلی تلطیف الدم و تعدیله و تقلیله و تسخینه بحیث لا یکون شدید الغلیان و التبخیر، بل حاراً لطیفاً غیر غالٍ، هو مما یذکی الذهن و یصفیه، و لا أعدی للذهن من الامتلاء عن أغذیه الرطوبات، و الیبس یضر بالذهن لا من حیث النقصان، و لکن من حیث الإفراط فی سرعه الحرکه، أو من حیث قله الروح جداً، و انحلاله مع أدنی حرکه.
هو نظیر الرعونه، إلا أنه فی مؤخر الدماغ لأنه نقصان فی فعل من أفاعیل مؤخر الدماغ، أو بطلان فی جمیعه، و سببه الأول عند جالینوس هو البرد، إما ساذجاً، و إما مع یبوسه، فلا ینطبع فیه المثل، و إما مع رطوبه فلا یحفظ ما ینطبع فیه. فإن کان مع یبوسه دل علیه السهر، و أنه یحفظ الأمور الماضیه، و لا یقدر علی حفظ الأمور الحالیه و الوقتیه.
و إن کان مع رطوبه، دل علیه السبات، و أنه لا یحفظ الماضیه البته و لعله یحفظ الوقتیه الحالیه مدّه أکثر من الماضیه، فإن کان هناک برد ساذج کان خَدر و سَدر.
و ربما کان من یبس مع حر، و یکون معه اختلاط الذهن، و ذلک إما فی ذلک الجزء من الدماغ نفسه، أو فی بطن منه أو فی وعائه.
و قد یکون لاختلاط أو سوء مزاج فی الصدغین یتادی إلی الدماغ. فقد ذکر هذا بعض المتقدّمین، و هو مما جُرِّب و شوهد.
و أکثر ما یعرض النسیان و فساد الذکر إنما یعرض عن برد و رطوبه، و قد یکون عن
أورام الدماغ، و خصوصاً البارده. و اعلم أن النسیان إما عرض مع صحه أنذر بأمراض الدماغ القویه، مثل الصرع و السکته و لیثرغس.
علامات أسبابه و أصنافه:
ینبغی أن یتعرّف ذلک من القوانین المذکوره و لا نکررها فی کل علّه.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 274
المعالجات:
أما المقارن للحرّ و الیبس، فهو أسهل علاجاً، و معالجته هو بما قیل مراراً.
و أما الکائن عن یبس مجرد، فیجب فیه أن یغذّی العلیل بالأغذیه المرطبه المعتدله، و أن یستعمل ریاضه ناحیه الرأس بالدلک و الغمز بالخرقه الخشنه، و تحریک الیدین و الرجلین. و بالجمله الریاضه التی لیست بقویه، بل بمقدار ما یجیع و یقتضی الزیاده فی الغذاء و الدعه و النوم و الحمّام، و یسخن بالضمّادات المسخنه المعروفه التی لا نکرر ذکرها و بالمحاجم علی الرأس بلا شرط، و بالأدویه المحمّره، و ربما احتیج إلی أن یکوی کیتین خلف القفا، و یستعمل میاهاً طبخ فیها بابونج، و إکلیل الملک و کرعان الماعز، و من الأدهان دهن السوسن و النرجس و الخیری، و أمّا ما کان من ماده ذات برد و رطوبه فاستفرغه بعد الإنضاج بما تدری، و لیسکن بیتاً کثیر الضوء، و لیبتدئ أولًا من الاستفراغات التی هی أخف مثل أیارج و شحم الحنظل و جندبیدستر، ثم تدرج إلی الأیارجات الکبار، ثم استعمل- إن أمنت سوء المزاج الحار- معجون البلاذر، فإنه أقوی شی ء فی تقویه الذهن و إفاده الحفظ، و استعمل أیضاً سائر المسخّنات من المحمرات و الغراغر و الشمومات التی تدری، و لا تستعجل فی تجفیفه، بل تدرّج و احذر أن یبلغ تجفیفک إفناء الرطوبات الأصلیه، فیتبعها برد المزاج، و ذلک مما یزید فی النسیان، و یجب أن یجتنبوا
السکر، و مهاب الریاح، و الامتلاء، و یجتنبوا الاغتسال بالماء أصلًا، أما الحار فلما فیه من الإرخاء، و أما البارد فبما یخدر و یضر بالروح الحاس، فإن عرض لهم امتلاء لطفوا التدبیر بعده، و یجب أن یجتنبوا الأغذیه المسکته المنقله و المخدره و المبخّره، و أما الشراب فإن الامتلاء منه ضار جداً، و أما القلیل فإنه ینشط النفس و یقوّی الروح و یذکّیها و یغنی عن الاستکثار من الماء. و الاستکثار منه أضرّ شی ء لهم، و القیلوله الکثیره، و بالجمله النوم الکثیر ضار لهم، و خصوصاً علی امتلاء کثیر، و الإفراط من السهر أیضاً یضعف الروح و یحلّه، و مع ذلک فیملأ الدماغ أبخره، و قد جرب لهم الوجّ المربّی، و الدار فلفل المربّی، و وجدا یزیدان فی الحفظ زیاده بیّنه، و قد جرب هذا الدواء. وصفته: یؤخذ کندر و سعد و فلفل أبیض، و زعفران و مرّ أجزاء سواء، تعجن بعسل و تتناول کل یوم وزن درهم واحد. و جرّب أیضاً هذا، و نسخته: یؤخذ فلفل کمون جزءان، سکر طبرزد ثلاثه أجزاء، و جرّب أیضاً کل یوم علی الریق، یسقی مثقال فیه من الکندر ثلاثه أرباع، و من الفلفل ربع. و أیضاً کمون خمسه، فلفل واحد، وجّ اثنین، سعد اثنین، إهلیلج أسود اثنین، عسل البلافر واحد، العسل ضعف الجمیع، و یجب أن یرجع إلی الأدویه المفرده المکتوبه فی الکتاب الثانی، و موضعها فی ألواح علل الرأس، و یجب أن یکون مسکن مثله بیتاً فیه الضوء.
و أما الکائن عن أورام الدماغ، فیعالج بما قیل فی قرانیطس و لیثرغس و السبات السهری.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 275
هو بعینه من الأسباب و العلامات الموصوفه
فی الأبواب الأخر، إلا أنه فی مقدم الدماغ، و فساده، إما بأن یتخیل ما لیس موجوداً و یری أموراً لا وجود لها، و ذلک لغلبه مرار علی مقدم الدماغ، أو لغلبه سوء مزاج حار بلا ماده، و إما أن ینقص التخیّل و یضعف عن تخیّل الأمور التخیّلیه و لا یری الرؤیا و الأحلام إلا قلیلًا، و ینساه و ینسی صور المحسوسات کیف کانت، و لا یتخیّلها، و یکون سببه بعینه سبب نقصان الذکر، إلا أن فساد الذکر إنما یکون أکثره عن البرد و الرطوبه، و أقله عن الیبوسه. و الأمر ههنا بالعکس، و لأن هذه الآله خلقت لیّنه لیسرع انطباعها بما تتخیّله، و تلک صله لیعسر تخلیتها عما انطبع فیها، فالأمور تقع فیها بالضد، و فساد الذکر یقع فی معانی المحسوسات و بسبب ترکیبها و فساد التخیّل، یقع فی مثل المحسوسات و أشباحها. و هذا یعلم من صناعه أخری، و أدل ما یدل علی أن العله من رطوبه أو یوبسه حال النوم و السهر، و حال جفاف العین، و الأنف و رطوبته، و حال لون اللسان و رطوبته أو جفافه، و إذا کانت العله فساد التخیل لا نقصانه فأنت یمکن أن تتعرّف أیضاً أنه عن سوداء أو صفراء أو مزاج حار مفرد بما قیل و عرف، و أن المعالجات فبحسب المعالجات فی العلل الماضیه، إلا أنَّ العلاج یجب أن یکون فی ناحیه مبادی الحسّ، و إن احتیج إلی دلوک أو وضع حجامه إلی مقدم الدما، فاعمل حسب ما تعلم.
تفسیر المانیا هو الجنون السبعی، و أما داء الکَلْب، فإنه نوع منه یکون مع غضب مختلط بلعب و عبث و إیذاء مختلط باستعطاف کما هو من
طبع الکلاب، و اعلم أن الماده الفاعله للجنون السبعی هو من جوهر الماده الفاعله للمالنخولیا، لأن کلیهما سوداویان، إلا أن الفاعل للجنون السبعی سوداء محترق عن صفراء، أو عن سوداء، و هو أردأ. و الفاعل للمالنخولیا سوداء طبیعیه کثیره، أو احتراقیه، و لکن عن بلغم أو عن دم عذب، و قلیلًا ما یکون عن بلغم محترق و جنون، و إن کان یکون عنه المالنخولیا. و أکثر ما یکون المالنخولیا إنما یکون بحصول الماده السوداویه فی الأوعیه، و أکثر ما یکون المانیا إنما یکون بحصولها فی مقدم الدماغ و جوهره، لأنّ وصوله إلی الدماغ کوصول ماده قرانیطس، و یکون المالنخولیا مع سوء ظن و فکر فاسد و خوف و سکون و لا یکون فیه اضطراب شدید. و إما المانیا فکله اضطراب و توثّب و عبث و سبعیه و نظر لا یشبه نظر الناس، بل أشبه شی ء به نظر السباع، و یفارق صنفاً من قرانیطس یشبهه فی جنون صاحبه، بأنّ هذه العله لا یکون معها حمی فی أکثر الأمر، و فرانیطس لا یخلو عنها، و داء الکلب هو نوع من مانیا فیه معاسره شدیده، و مصاعبه مع مساعده و موافقه معاً، و لیس فیه من الاعتقاد
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 276
السوء کل ما فی المانیا، و کأنه إلی الدمویه أقرب. و أکثر ما تعرض هذه العله فی الخریف لرداءه الأخلاط، و قد تکثر فی الربیع و الصیف، و یکون له عند هبوب الشمال هیجان لتجفیف الشمال، و هذه العله کثیراً ما یحلها البواسیر و الدوالی، و إذا عرض عقیبها الاستسقاء حقها برطوبته خصوصاً إن کان سببها حر الکبد و یبوستها، و کثیراً ما تحدث هذه
العله بمشارکه المعده فیشفیه القذف.
العلامات:
للمانیا جمله علامات، و لأصنافه علامات، فعلامات جملته أن تتغیر الأفعال السیاسیه و الحرکیه التغیر المذکور، و العلامات المنذره به، فمثل الکابوس مع حراره الدماغ، و مثل أن یمتلئ القدمان دماً، و یحمران، و ینعقد الدم فی ثدی المرأه، فیدل علی حرکات مفسده للدم، و الأول قد یدل علی ذلک، و قد یدل علی أنه سیصیر سبباً لفساد الدم فی عضو لا حار غریزی قوی فیه، فیدبر الدم تدبیراً جیداً، بل یفسد فیه الدم نوعاً من الفساد یوفی الدماغ.
و إذا عرضت العلامه الأولی فی آخر المانیا فربما دلّ علی انحلاله دلاله الدوالی، و کثیراً ما یعرض المانیا فی الأمراض الحاده دلیلًا للبُحران، فإن شهدت الدلائل الأخری شهاده جوده، دل علی بُحران سیکون حینئذ، و ربما کان اشتدا المانیا دلیلًا علی بُحران مانیا نفسه. أما علامه الکائن من سوداء محترقه، فاعلم أنّ جنونه و سبعیته یکون مع فکر و سکون یمتد مده، ثم إذا تحرک و تکلّم ابتدأ یتعاقل متفکراً، ثم إذا کرر علیه لم یمکن الخلاص منه، و لا إسکاته و تکون نحافه البدن فیه أشدّ، و اللون إلی السواد أمیل، و الأحلام أردأ، و ربما تقیأ شیئاً حامضاً تغلی منه الأرض. و أما الذی عن السوداء الصفراوی، فیکون الانبعاث إلی الشرّ أسرع و السکون عنه أسرع، و لا یذکر من الشر و الحقد ما یذکره الأول، و یقلّ سکونه، و تکثر حرکته و ضجره و اضطرابه.
المعالجات:
إن رأیت امتلاء من الأخلاط فافصد، و إن رأیت غلبه مرار فی البدن بالبول و سائر العلامات فاستفرغ بطبیخ الأفتیمون، أو بطبیخ الهلیلج إن کان صفراء سوداویه، و إن کان سوداء صرفه، فربما احتجت أن
تستفرغ بالأفتیمون الساذج وزن ثمانیه دراهم مع السکنجبین، و بحجر اللازورد، ثم أقبل علی الرأس و استفرغ، إن کان به امتلاء دموی أو سوداوی من العرق الذی تحت اللسان، و أدم استفراغه بهذا الحب.
وصفته: یؤخذ أیارج، و أفتیمون، و أسطوخولحس، من کل واحد جزء، و سقمونیا نصف جزء، هلیلج جزء، یتّخذ منه حب کبار، و یشرب بعد الاستفراغ الکلی فی لیال متفرقه، کل لیله وزن درهمین.
و مما ینفع منه حب بهذه الصفه، و نسخته: یؤخذ أفتیمون و بسفائج من کل واحد وزن
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 277
خمسه دراهم حجر أرمنی درهم، هلیلج کابلی درهم، أسطوخدس عشره دراهم، ملح هندی شحم الحنظل أربعه، بلیلج أملج حاشا خربق أسود من کل واحد ثلاثه دراهم، تربد عشرون درهماً، یعجن بکسنجبین عسلی و یستعمل، و یُغرغر بالسکنجبین السقمونیا، و لا یفرط فی استعمال حبّ الشبیار، بل استعمله مده ما دمت تجد به خِفه، فإذا أحسست سوء مزاج حار، فاقطع، و بعد الاستفراغ فأقبل علی التبرید و الترطیب بالنطولات و غیرها، و ربما احتیج إلی أن ینطلوا فی الیوم خمس مرات، و یطلی رؤوسهم بطبیخ الأکارع و الرءوس، و بحلیب اللبن و یوضع علیها الزبد، و لیکن قصدک الترطیب أکثر من قصدک التبرید، إلا أنک لا تجد أدویه شدیده الترطیب إلا بارده، فاجعل معها البابونج.
و ربما احتجت فی تنویمه إلی سقیه دیاقوذا، فاسقه ماء الرمان الحلو لیرطب، أو مع شراب الأجاص لیلین، أو مع ماء الشعیر، و ینطله أیضاً بماء طبخ فیه الخشخاش للتنویم، و لکنّ الأصوب أن تجعل فیه قلیل بابونج، و تحلب اللبن علی رأسه. و الأدهان نافعه فی ذلک جداً.
و إذا استعملت النطولات و السعوطات
المرطبه و الأدهان، فاحتل أن ینام بعدها علی حال بما ینوّم من النطولات و الأدهان المسبته، خاصه دهن الخس، و اسقه من الأشربه ما یرطب کماء الشعیر، و لا تسقه ما یجری مجری السکنجبین، و ما فیه تلطیف و تجفیف و تقطیع.
و کلما رأیت الطبیعه صلبه، فاحقن لئلا ترتفع إلی الرأس بخارات مؤذیه من النقل، و یجب أن یسقوا فی میاههم أصول الرازیانج البرّی، و بزره، و أصل الکرمه البیضاء، و هو الفاشرا، فإنها نافعه. و الشربه منه کل یوم مثقال، فإن لم یشربوا دُسّ ذلک فی طعامهم، و یجلس بین یدی العلیل من یستحی منه و یهابه، و یشدّ فخذاه و ساقاه دائماً لیجذب البخار إلی أسفل، و إن خیف أن یَجْنوا علی أنفسهم، ربطوا ربطاً شدیداً، و أدخلوا فی قفص و علقوا فی معلاق مرتفع کالأرجوحه، و یجب أن تکون أغذیتهم رطبه علی کل حال، إلا أنها مع رطوبتها یجب أن لا تکون مما یحدث السدد، مثل النشاء و ما أشبهه، فإن ذلک ضار لهم جداً، و لا یعطون ما یدرّ البول کثیراً، فإن ذلک یضرّهم. و سائر علاجاتهم فیما یجب أن یتوقّوه و یحذروه هو علاج المالنخولیا، و نذکره فی بابه، و إذا انحطوا فلا بأس بأن یسقوا شراباً کثیر المزاج، فإن ذلک یرطبهم و ینومهم، و علیک أن تجتنب من الأشیاء الحاره المسخّنه.
یقال مالنخولیا لتغیّر الظنون و الفکر عن المجری الطبیعی إلی الفساد و إلی الخوف و الرداءه، لمزاج سوداوی یوحش روح الدماغ من داخل و یفزعه بظلمته کما توحش و تفزع الظلمه الخارجه، علی أنّ مزاج البرد و الیبس منافٍ للروح مضعف، کما أن مزاج الحرّ و الرطوبه کمزاج
الشراب ملائم للروح مقوّ.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 278
و إذا ترکت مالنخولیا مع ضجر و توثّب و شراره، انتقل فسمّی مانیا، و إنما یقال مالنخولیا لما کان حدوثه عن سوداء محترقه، و سبب مالنخولیا، إما أن یکون فی الدماغ نفسه، و إما من خارج الدماغ.
و الذی فی الدماغ نفسه، فإنه إمّا أن یکون من سوء مزاج بارد یابس بلا ماده تنقل جوهر الدماغ و مزاج الروح النیّر إلی الظلمه، و إمّا أن یکون مع ماده. و الذی یکون مع ماده، فإما أن تکون الماده فی العروق صائره إلیها من موضع آخر، أو مستحیله فیها إلی السواد باحتراق ما فیها، أو تعکّره، و هو الأکثر أو تکون الماده متشرّبه فی جرم الدماغ، أو تکون مؤذیه للدماغ بکیفیتها و جوهرها فتنصبّ فی البطون، و کثیراً ما یکون انتقالًا من الصرع.
و الذی یکون سببه خارج الدماغ. بشرکه شی ء آخر، یرتفع منه إلی الدماغ خلط، أو بخار مظلم، فإما أن یکون ذلک الشی ء فی البدن کله إذا استولی علیه مزاج سوداوی، أو الطحال إذا احتبس فیه السوداء، و لم یقدر علی تنقیتها، أو عجز، و لم یقدر علی جذب السوداء من الدم، و إما لأنه قد حدث به ورم، أو لم یحدث، بل آفه أخری، أو لسبب شده حراره الکبد، و إما أن یکون ذلک الشی ء هو المراق إذا تراکمت فیه فضول من الغذاء و من بخار الأمعاء و احترقت أخلاطه و استحالت إلی جنس سوداوی، أحدثت ورماً، أو لم تحدث، فیرتفع منها بخار مظلم إلی الرأس، و یسمی هذا نفخه مراقیه، و مالنخولیا نافخاً، و مالنخولیا مراقیاً، و هو کثیراً ما یقع عن ورم أبواب الکبد،
فیحرق دم المراق، و هو الذی یجعله جالینوس السبب فی المالنخولیا المراقی. و روفس جعل سببه شده حراره الکبد و المعی.
و قوم آخرون یجعلون سببه السده الواقعه فی العروق المعروف بالماساریقا مع ورم.
و آخرون یجعلون السبب فیه اسدد الواقعه فی الماساریقا، و إن لم یکن ورم.
و استدلّ من جعل السبب فی ذلک السدد الواقعه فی الماساریقا، بأن غذاء هؤلاء لا ینفذ إلی العروق، فیعرض له فساد.
و استدلّ من قال أن ذلک من ورم بطول احتباس الطعام فیهم نیئاً بحاله فی الأکثر، فلا یکون هذا الورم حاراً، لأنه لا یکون هناک حمّی و عطش و قی ء مرار.
و ربما کَان سبب تولده هو من خارج الدماغ، و مبدأ تولده هو فی الدماغ، کما إذا کان فی المعده ورم حار، فأحرق بخاره رطوبات الدماغ، أو کان فی الرحم أو سائر الأعضاء المشارکه للرأس.
و الذی یکون عن برد و یبس بلا ماده فسببه سوء مزاج فی القلب سوداوی بماده أو بلا ماده، یشرکه فیه الدماغ، لأن الروح النفسانی متصل بالروح الحیوانی، و من جوهره، فیفسد مزاجه الفاسد السوداوی مزاج الدماغ، و یستحیل إلی السوداویه، و قد یکون لأسباب أخری مبرده
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 279
میبّسه لا من القلب وحده علی أنه لا یمکن أن یکون بلا شرکه من القلب، بک عسی أن یکون معظم السبب فیه من القلب، و لذلک لا بد من أن یکون علاج القلب مع علاج الدماغ فی هذا المرض.[7]
القانون فی الطب (طبع بیروت) ؛ ج 2 ؛ ص279
و اعلم أن دم القلب إذا کان صقیلًا رقیقاً صافیاً مفرحاً قاوم فساد الدماغ و أصلحه. و لا عجب أن یکون مبدأ ذلک فی أکثر الأمر
من القلب، و إن کان إنما تستحکم هذه العلل فی الدماغ، لأنه لیس ببعید أن یکون مزاج القلب قد فسد أولًا، فیتبعه الدماغ أو یکون الدماغ قد فسد مزاجه، فیتبعه القلب، ففسد مزاج الروح فی القلب و استوحش، ففسد ما ینفذ منه إلی الدماغ، و أعان الدماغ علی إفساده، و قد یعرض فی آخر الأمراض المادیه خصوصاً الحاده مالنخولیا فیکون علامه موت. وحینئذٍ یعرض لذلک الإنسان أن یذکر الموت و الموتی کثیراً، و بالجمله، فإن السوداء تکثر فتتولد تارهً بسبب العضو الفاعل للغذاء، و هو الکبد إذا أحرق الدم أو ضعف عن دفع الفضل السوداوی، و هو الأقل، و تاره بسبب العضو الذی هو مفرغه للسوداء، و هو الطحال، إذا ضعف عن أمرین: أحدهما: جذب ثقل الدم و رماده عن الکبد، و الآخر: دفع فضل ما ینجذب إلیه منه إلی المدفع الذی له، و قد یتولد السوداء فی عضو آخر، إما بسبب شده إحراقه لغذائه، أو بسبب عجزه عن دفع فضل غذائه، فیتحلل لطیفه، و یتعکر کثیفه سوداء، أو بسبب شدید تبریده و تجفیفه لما یصل إلیه، و قد یکون السبب فی تولده أیضاً الأغذیه المولده للسوداء. و قد رأی بعض الأطباء أن المالنخولیا قد یقع عن الجن، و نحن لا نبالی من حیث نتعلم الطب أن ذلک یقع عن الجن أو لا یقع بعد أن نقول: إنه إن کان یقع من الجن، فیقع بأن یحیل المزاج إلی السوداء، فیکون سببه القریب السوداء، ثم لیکن سبب تلک السوداء جنّاً أو غیر جن، و من الأسباب القویه فی تولید المالنخولیا فراط الغم أو الخوف.
و یجب أن تعلم أن السوداء الفاعل للمالنخولیا قد تکون، إما السوداء الطبیعیه،
و إما البلغم إذا استحال سوداء بتکاثف، أو أدنی احتراق، و إن کان هذا یقل و یندر. و أما الدم إذا استحال بانطباخ، أو بتکاثف دون احتراق شدید.
و أما الخلط الصفراوی، فإنه إذا بلغ فیه الاحتراق الغایه فعل مانیا، و لم یقتصر علی المالنخولیا.
فکل واحد من أصناف السوداء إذا وقع من الدماغ الموقع المذکور، فعل المالنخولیا، لکن بعضه یفعل معه المانیا. و أسلم المالنخولیا ما کان عن عکر الدم،، و ما کان معه فرح، و کثیراً ما ینحل المالنخولیا بالبواسیر و الدوالی، و قد یقل تولد هذه العله فی البیض السمان، و یکثر فی الأدم الزب القضاف، و یکثر تولدها فیمن کان قلبه حاراً جداً، و دماغه رطباً فتکون حراره قلبه مولّده للسوداء فیه، و رطوبه دماغه قابله لتأثیر ما یتولد فی قلبه، و من المستعدین له اللثغ الأحذاء الخفاف الألسنه، و الطرف الأشد حمره الوجه و الأدم الزب، و خصوصاً فی صدورهم السود
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 280
الشعور، الغلاظها الواسعو العروق، الغلاظ الشفاه، لأن بعض هذه دلائل حراره القلب، و بعضها دلائل رطوبه الدماغ، و کثیراً ما یکونون فی الظاهر بلغمیین، و هذه العله تعرض للرجال أکثر، و للنساء أفحش. و تکثر فی الکهول و الشیوخ، و تقلّ فی الشتاء، و تکثر فی الصیف و الخریف، و قد تهیج فی الربیع کثیراً أیضاً، لأن الربیع یثیر الأخلاط خالطاً إیاها بالدم، و ربما کان هیجانه بأدوار فیها تهیج السوداء و تثور. و المستعد للمالنخولیا یصیر إلیها بسرعه إذا أصابه خوف أو غم أو سهر، أو احتبس منه عاده سیلان الدم أو قی ء سوداوی أو غیر ذلک.
العلامات:
علامه ابتداء المالنخولیا، ظن ردی ء، و خوف بلا
سبب، و سرعه غضب، و حُب التخلی، و اختلاج و دوار و دوی، و خصوصاً فی المراق، فإذا استحکم فالتفزغ و سوء الظن، و الغم و الوحشه و الکرب، و هذیان کلام، و شبق لکثره الریح، و أصناف من الخوف مما لا یکون أو یکون، و أکثر خوفه مما لا یخاف فی العاده، و تکون هذه الأصناف غیر محدوده. و بعضهم یخاف سقوط السماء علیه، و بعضهم یخاف ابتلاع الأرض إیاه، و بعضهم یخاف الجن، و بعضهم یخاف السلطان، و بعضهم یخاف اللصوص، و بعضهم یتقی أن لا یدخل علیه سبع.
و قد یکون للأمور الماضیه فی ذلک تأثیر، و مع ذلک فقد یتخیلون أموراً بین أعینهم لیست، و ربما تخیلوا أنفسهم أنهم صاروا ملوکاً، أو سباعاً، أو شیاطین، أو طیوراً، أو آلات صناعیه.
ثم منهم من یضحک خاصه الذی مالنخولیاه دموی، لأنه یتخیل ما یلذه و یسره. و منهم من یبکی خاصه الذی مالنخولیاه سوداوی محض، و منهم من یحب الموت، و منهم من یبغضه.
و علامه ما کان خاصاً بالدماغ، إفراط فی الفکره، و دوام الوسواس، و نظر دائم إلی الشی ء الواحد، و إلی الأرض. و یدل علیه لون الرأس، و الوجه و العین، و سواد شعر الرأس و کثافته، و تقدم سهر و فکر، و تعرض للشمس و ما أشبهه، و أمراض دماغیه سبقت، و أن لا تکون العلامات التی نذکرها للأعضاء الأخری المشارکه للدماغ خاصه، و أن لا یظهر النفع إذا عولج ذلک العضو و نقی، و أن تکون الأعراض عظیمه جداً.
و أما الکائن بمشارکه البدن کله، فسواد البدن، و هلاسه، و احتباس ما کان یستفرغ من الطحال و المعده، و ما کان یستفرغ
بالإدرار، أو من المقعده، أو من الطمث، و کثره شعر البدن، و شدّه سواده، و تقدم استعمال أغذیه ردیئه سوداویه مما عرفته فی الکتاب الثانی.
و الأمراض المعقبه للمالنخولیا هی مثل الحمّیات المزمنه و المختلطه.
و علامه ما کان من الطحال کثره الشهوه لانصباب السوداء إلی المعده مع قله الهضم لبرد المزاج و کثره القراقر ذات الیسار، و انتفاخ الطحال، و ذلک مما لا یفارقهم، و شبق شدید
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 281
للنفخه، و ربما کان معه حمّی ربع، و ربما کانت الطبیعه لینه، و ربما أوجب للذع السوداء ألماً.
و ما کان من المعده، فعلامته وجود علامات ورم المعده المذکوره فی باب أمراض المعده، و زیاده العلّه مع التخمه و الامتلاء، و فی وقت الهضم، و کثیراً ما قد یهیج به عند الأکل إلی أن یستمرأ أوجاع، ثم یسکن عند الاستمراء فإن کان حاراً دل علیه الالتهاب فی المراق، و قی ء المرار و عطش.
و أکثر من به مالنخولیا فإنه مطحول، و علامه المراقی ثقل فی المراق، و اجتذاب إلی فوق، و تهوّع لازم، و خبث نفس و فساد هضم، و جشاء حامض، و بزاق رطب، و قرقره و خروج ریح، و تلهّب، و أن یجد وجعاً فی المعده، أو وجعاً بین الکتفین، و خصوصاً بعد الطعام إلی أن یستمرأ بالتمام، و ربما قذف البلغم المراری، و ربما قذف الحامض المضرس، و عرض له هذه الأعراض مع التناول للطعام، بل بعده بساعات فیکون برازه بلغمیاً مراریاً، و یخف بجوده الهضم و یزید بنقصانه، و ربما تقدمه ورم فی المراق، أو کان معه، و یجد اختلاجاً فی المراق فی أوقات، و تزداد العلّه مع التخمه، و سرعه
الهضم. و نقول: إن السوداء الفاعل للمالنخولیا إن کان دمویاً کان مع فرح و ضحک، و لم یلزم علیه الغمّ الشدید، و إن کان من بلغم کان مع کسل و قلّه حرکه و سکون، و إن کان من صفراء کان مع اضطراب و أدنی جنون، و کان مثل مانیا، و إن کان سوداء صرفاً کان الفکر فیه کثیراً، و العادیه أقلّ إلا أن یحرک، فیضجر و یحقد حقداً لا ینسی.
المعالجات:
یجب أن یبادر بعلاجه قبل أنیستحکم، فإنه سهل فی الابتداء صعب عند الاستحکام، و یجب علی کل حال أن یفرح صاحبه و یطرب و یجلس فی المواضع المعتدله، و یرطّب هواء مسکنه، و یطیّب بفرش الریاحین فیه، و بالجمله یجب أن یشمم دائماً الروائح الطیبه و الأدهان الطیّبه، و یناول الأغذیه الفاضله الکیموس المرطّبه جداً، و یدبّر فی تخصیب بدنه بالأغذیه الموافقه، و بالحمّام قبل الغذاء، و یُصبّ علی رأسه ماء فاتر، لیس بشدید الحراره، و إذا خرج من الحمّام- و به قلیل عطش- فلا بأس أن یسقی قلیل ماء، و یستعمل الدلک المخصب المذکور فی باب حفظ الصحه و اعتن بترطیبه فوق اعتنائک بتسخینه ما أمکن، و لیجتنب الجماع و التعرّق الشدید، و یجتنب الباقلاء و القدید و العدس و الکرنب و الشراب الغلیظ و الحدیث، و کل مملّح و مالح و حریف، و کل شدید الحموضه، بل یجب أن یتناول الدسم و الحلو، و إذا أرید تنویمهم، فلک أن تنطل رؤوسهم بماء الخشخاش و البابونج و الأقحوان، فإن النوم من أوفق علاجاتهم، و یتدارک بما یفیده من الصلاح ما یورثه الخشخاش من المضرّه، فإما إن کان المالنخولیا من سوء مزاج مفرط برد و یبس،
فینبغی أن یشتغل بتسخین القلب، و بالمفرّحات، و أدویه المسک و التریاق و المثرودیطوس و ما أشبه ذلک، و یعالج الرأس بما مرّ، و ذکر فی باب الرعونه.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 282
و القویّ منه یعرض عقیب مرض آخر حار، فیسهل علاجه حتی إنه یزول بالتنطیلات. و أما إن کان من ماده سوداویه متمکنه فی الدماغ، فملاک علاجه ثلاثه أشیاء.
أولها: استفراغ الماده، و ربما کان بالحقن و بالقی ء، إلا من کانت معدته ضعیفه، فلا تقیّئه فی هذه العله البتّه حتی و لا فی المراقی أیضاً.
و الثانی: أن یستعمل مع الاستفراغ الترطیب دائماً بالنطولات و الأدهان الحارّه، و یجعل فیها من الأدویه مثل البابونج و الشبث و إکلیل الملک، و أصل السوسن، لئلا یغلظ الخلط بتحلیل ساذج لا تلیین فیه و لا یغلظ بما یرطب و لا تحلیل فیه، و إن کان السوداء بعیداً من الحراره، فلک أن تزید الشیخ و ورق الغار، و الفوتنج مع الترطیب، و لا تبالی و تستعمل الأغذیه المولده للدم المحموده، مثل السمک الرضراضی، و اللحوم الخفیفه المذکوره و فی الأوقات بالشراب الأبیض الممزوج دون العتیق القوی.
و الثالث: أن تستعمل تقویه القلب إن أحسّ بمزاج بارد، فبالمفرّحات الحارّه، و إن أحسّ بمزاج یمیل إلی الحراره فبالمفرحات المعتدله، و إن کانت الحراره شدیده جداً استعمل المفرحات البارده الغیر المفرطه البرد، و یتعرّف ذلک من النبض و لنشرع فی تفصیل هذا التدبیر، فنقول:
أما الاستفراغ، فإن رأیت أن العروق ممتلئه کیف کان، و أن السوداءَ دموی، فافصد من الأکحل، بل یجب علی کل حال أن تبتدی بالفصد، إلا أن تخاف ضعفاً شدیداً، أو تعلم أن المواد قلیله، و هی فی الدماغ فقط،
و أن الیبس مستول علی المزاج، ثم إن فصدت و وجدت دماً رقیقاً، فلا تحبس الدم لذلک، فإنه کثیراً ما یتقدم فیه الرقیق، و لذلک یجب أن یوسّع الفصد لئلا یتروق الرقیق و یحتبس الغلیظ، فیزید شراً و انظر أی الجانبین من الرأس أثقل، فافصد الباسلیق الذی یلیه، و ربما احتجت أن تفصد من الباسلقین إذا وجدت العلامه عامه و قبل فصد عروق الجبهه تحرک أکثر ثم إن وجدت الخلط سوداویاً بالحقیقه، و إلی البرد، فاستفرغ بالحبوب المتخذه من الأفتیمون و الصبر و الخربق و ابتدئ بالإنضاج، ثم استفرغ فی أول الأمر بأدویه خفیفه یقع فیها أفتیمون و شحم الحنظل و سقمونیا یسیر، ثم بطبیخ الأفتیمون و الغاریقون، ثم إن لم ینجع استعملت الأیارجات الکبار ثم لم احتجت بعد ذلک إلی استفراغ استعملت الخربق مع خوف و حذر، و حجر اللاؤورد، و الحجر الأرمنی و الحب المتخذ منهما بلا خوف و لا حذر. و کثیراً ما ینفعهم استعمال هذه الأدویه المذکوره فی ماء الجبن علی المداومه و تقلیل المبلغ من الدواء، فإن لم ینجع عاودت من رأس، و یکون فی کل أسبوع یستفرغ مره بحب لطیف وسط، و تستعمل فیما بین ذلک الإطریفل الأفتیمونی، و قد جرب سقیهم الأطریفل بالأفتیمون علی هذه الصفه، و هو أن یؤخذ من الإطریفل ثلاثه دراهم، و من الأفتیمون درهم، و من الأیارج نصف درهم، و فی کل شهر یستفرغ بالقوی من الأیرجات الکبار و الحبوب الکبار إلی أن تجد العله قد زالت.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 283
و یستعمل أیضاً القی ء، خصوصاً إن رأیت فی المعده شیئاً یزید فی العله، و لم تکن المعده بشدیده الضعف، و یجب
أیضاً أن یکون القی ء بمیاه قد طبخ فیها فوذنج، و کرکند، و بزر الفجل، و یتناول عصاره فجل غرز فیه الخربق، و ترک أیاماً حتی جرت فیه قوته مع سکنجبین، أو یتناول هذا الفجل نفسه منقعاً فی السکنجبین، و لیکن مقدار السکنجبین ثلاثه أساتیر و مقدار عصارته أستار، و یزید ذلک و ینقصه بقدر القوه، و أما إن خِفْت ضعف القوه، فاجتنب الخربق، و إذا نقیت، فاقصد القلب بما ذکرناه مراراً، و هذا الإطریفل الأفتیمونی مجرّب النفع فی هذا الباب.
و إذا أزمنت العلّه استعملت القی ء بالخربق، و استعملت المضوغات و الغرغرات المعروفه، و استعملت الشمومات الطیبه و المسک و العنبر و الأفاویه و العود، فإن کانت الماده إلی المرار الصفراوی، فاستفرغ بطبیخ الأفتیمون و حب الأصطمحیقون المعتدل، و بما نستفرغ الصفراء المحرقه، و ما یقال فی بابه، و زد فی الترطیب، و قلل من التسخین، علی أنه لا بد لک من البابونج، و ما هو فی وقته إذا استعملت النطولات، و لا سبیل لک إلی استعمال المبرِّدات الصرفه علی الرأس و قد حمد بعض القدماء فی مثل هذا الموضع أن یأخذ من الصبر کل یوم شیئاً قلیلًا، أو ینجرع کل یوم ماء طبخ فیه أفسنتین ثلاث أوق، أو عشره قراریط من عصاره الأفسنتین مدوفاً فی الماء، و قد حمد أن یتجرع کل لیله خلًا ثقیفاً، سیما خلّ العنصل. و أما أنا فأخاف غائله الخلّ فی هذه العله، إلا أن یکون علی ثقه أن الماده متولده عن صفراء محترقه، و أنها حاره فیکون الخل أنفع الأشیاء له، و خصوصاً العنصلی و السکنجبین المتخذ بخل العنصل، و کذلک الخل الذی جعل فیه جعده أو زراوند. و قد
ینفع الخل أیضاً إذا کان المرض بمشارکه الطحال و الماده فیه، و یجب أن تطیب مشمه من الترکیبات المعتدله التی یقع فیها کافور و مِسک مع دهن بنفسج کثیر غالب برائحته یبوسه الکافور و المسک و سائر الروائح البارده الطیبه، خصوصاً النیلوفر.
و أما إن کان سبب المالنخولیا ورماً فی المعده و الأحشاء، أو مزاجاً حاراً فیها محرقاً، تدارکت ذلک، و بردت الرأس، و رطبته و قویته لئلا یقبل ما یتأدّی إلیه من غیره، و إن کان السبب فی المراق و وجدت ریاحاً و قراقر، فإن کان فی المراق ورم حار عالجته و حلّلته بما یجب مما یقال فی باب الأورام، و قویت الرأس و عرّقته فی أدهان مقوّیه و مرطبات، و استعملت المحاجم بشرط لیستفرغ الدم، و لا تسخن فی مثل هذه الحال الکبد، بل علیک أن تبرّده إذا وجدته حاراً محرقاً للدم بحرارته، و قو الطحال وضع علی المراق المحاجم و دواء الخردل و نحوه، و ذلک لئلا یرسل الطحال الماده إلی الدماغ.
و إن کان المراق بارد المزاج نافخه و لم یکن ثَمَّ ورم و لا لهیب، سقیته ماء طبیخ الأفسنتین و عصارته علی ما ذکر، و تنطل معدته بالنطولات الحاره المذکوره و تضمدها بتلک الضمّادات و استعمل فیها بزر الفنجنکشت، و بزر السذاب، و أصل السوسن، و شجره مریم، و تمسک
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 284
الأضمده علیها مده طویله، ثم إذا نزعتها وضعت علی الموضع قطناً مغموساً فی ماء حار، أو صوفاً منفوشاً، أو إسفنجه. و ینفع استعمال ضماد الخردل علی ما بین الکتفین، و ضمادات ذروروتیس أیضاً المذکوره فی القراباذین، فینفع أن یستعمل علیه المحاجم بغیر شرط، إلا أن یکون
هناک ورم أو وجع، فیمنع ذلک. و کثیراً ما ینتفع أصحاب المالنخولیا المراقی بالأشیاء المبرِّده من حیث أن تکون مرطبه مضاده لیبس السوداء، و لأنها تکون مانعه من تولد الریح و البخار اللذین یؤذیان بتصعّدهما إلی الرأس، و إن کان الانتفاء بالبارد لیس انتفاعاً خفیفاً قاطعاً للمرض: و لکن البارد إذا کان رطباً لم یتولد منه السوداء و انحسمت مادته، و لم یبخر أیضاً الماده الحاصله و رجی أن یستولی علیها الطبیعه فیصلحها.
و اعلم أن التدبیر الغلیظ المولد للبلغم، و ربما قاوم السوداء، و التدبیر الملطّف لما یفعل من الاحتراق بسهوله ربما أعانه، و لا یغرنّک انتفاع بعضهم ببلغم یستفرغه قذفاً أو برازاً، فإن ذلک لیس لأن استفراغ البلغم ینفعه، بل لأن الکثره و انضغاط الأخلاط بعضها ببعض یزول عنهم.
و أما النافع بالذات، فاستفراغ السوداء، و قانون علاج المالنخولیا أن یبالغ فی الترطیب، و مع ذلک أن لا یقصر فی استفراغ السوداء، و کلما فسد الطعام فی بطون أصحاب المالنخولیا، فاحملهم علی قذفه، و خصوصاً حین یحسّون بحموضه فی الفم، فیجب أن تقیئهم لا محاله حینئذ، و یحرم علیهم أن یأکلوا علیه طعاماً آخر و یستعمل الجوارشنات المقوّیه لفم المعده، و لیحذروا إدخال طعام علی طعام قد فسد، و یجب أن یشغل. صاحب المالنخولیا بشی ء کیف کان و أن یحضره من یحتشمه، و من یستطیبه، و الشرب المعتدل للشراب الأبیض الممزوج قلیلًا، و یشغل أیضاً بالسماع و المطربات، و لا أضر له من الفراغ و الخلوه، و کثیراً ما یغتمُّون بعوارض تقع لهم أو یخافون أمراً، فیشتغلون به عن الفکره و یعاقون، فإن نفس أعراضهم عن الفکره علاج لهم أصیل، فإن کان السبب دروراً احتبس
من طمث أو مقعده أو غیر ذلک فادرأ، فإن حدث سقوط الشهوه فالعله ردیئه، و الجفاف مستول، و إن عرضت فی أبدانهم قروح دلّ علی موت قریب.
و من کانت السوداء فی بدنه منهم متحرّکه فهو أقبل للعلاج ممن لم تکن سوداؤه کذلک، و الذی تکون فیه السوداء متحرکه فهو الذی یظهر سوداؤه فی القی ء، و فی البراز، و البول، و فی لون الجلد، و البهق، و الکلف، و القروح، و الجرب، و الدوالی، و داء الفیل، و السیلان من المقعده و نحو ذلک، فإن ذلک کله یدل علی أنه قاتل للتمییز عن الدم. و إذا ظهر بهم شی ء من هذا فهو علامه خیر، و إذا عرض لبعضهم تشنّج بعد الإسهال و الاستفراغ، فإنهم أولی بذلک من غیرهم لیبسهم فیجب أن یقعدوا فی ماء فاتر و یطعمون خبزاً منقوعاً فی جلَّاب و قلیل شراب و یسقوا ماء ممزوجاً، ثم ینومون و یحمّمون بعده، ثم یغذون کما یخرجون.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 285
هو نوع من المالنخولیا، أکثر ما یعرض فی شهر شباط، و یجعل الإنسان فرَّاراً من الناس الأحیاء، محبّاً لمجاوره الموتی و المقابر، مع سوء قصد لمن یغافصه، و یکون بروز صاحبه لیلًا، و اختفاؤه و تواریه نهاراً، کل ذلک حباً للخلوه، و بعداً عن الناس، و مع ذلک فلا یسکن فی موضع واحد أکثر من ساعه واحده، بل لا یزال یتردّد و یمشی مشیاً مختلفاً لا یدری أین یتوجه مع حذر من الناس، و ربما لم یحذر بعضهم غفله منه و قله تفطن لما یری و یشاهد.
و مع ذلک فإنّه یکون علی غایه السکون، و العبوس، و التأسف، و التحزّن، أصفر اللون،
جاف اللسان، عطشان، و علی ساقه، قروح لا تندمل، و سببها فساد مادته السوداویه، و کثره حرکه رجله، و تنزل المواد إلیها، و لا سیما هو کل وقت یعثر، و یساک رجله شی ء، أو یعضّه کلب، فیکون ذلک سبباً لکثره انصباب المواد إلی ساقیه، فیکون فیها القروح، و لبقائها علی حالها و حال أسبابها لا تندمل، و یکون یابس البصر، لا یدمع بصره، و یکون بصره ضعیفاً و غائراً، کل ذلک لیبس مزاج عینه.
و إنما سمی هذا قطرباً لهرب صاحبه هرباً لا نظام له، و لأجل مشیه المختلف، فلا یعلم وجهه، و کما یهرب من شخص یظهر له، فإنه لقله تحفظه و غور صواب رأیه یأخذ فی وجهه فیلقی شخصاً آخر، فیهرب من الرأس إلی جهه أخری، و القطرب دویبه تکون علی: وجه الماء تتحرک علیه حرکات مختلفه بلا نظام، و کل ساعه تغوص و تهرب، ثم تظهر و قیل دویبه أخری لا تستریح، و قیل: الذکر من السعالی، و قیل: الأمعط. و الأشبه لموضعنا القولان الأولان و سبب هذه العله السوداء و الصفراء المحترقه.
المعالجات:
علاجه علاج المالنخولیا بعینه، إذا کان من صفراء أو سوداء محترقه، و یجب أن تبالغ فی فصده حتی یخرج منه دم کثیر و یقارب الغشی، و یدبّر بالأغذیه المحموده و الحمامات الرطبه، و یسقی ماء الجبن ثلاثه أیام، ثم بعد ذلک یستفرغ بأیارج أرکاغانیس، ثم یُحتال فی تنویمه، ثم یقوی قلبه بعد الاستفراغ بالتریاق و ما یجری مجراه، و مع ذلک یرطب جداً و ینطل بالمنومات لئلا یجتمع تسخین تلک الأدویه التی لا بدّ منها مع حرکات ریاضیه، بل یحتاج أن یسخن قلبه بما یقویه، و یرطّب بدنه، و ینوّم لیعتدل
مزاجه. و تمام علاجه التنویم الکثیر، و أن یسقی الأفتیمون أحیاناً لتهدأ طبیعته، و یقطع فکره، و إذا لم ینجع فیه الدواء و العلاج، أُدِّب و أُوجِعَ، و ضُرِبَ رأسه، و وجهه، و کوِیَ یافوخه، فإنه یفیق، فإن عاد أعید.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 286
هذا مرض وسواسی شبیه بالمالنخولیا، یکون الإنسان قد جلبه إلی نفسه بتسلیط فکرته علی استحسان بعض الصور و الشمائل التی له، ثم أعانته علی ذلک شهوته أو لم تعن، و علامته غؤر العین و یبسها، و عدم الدمع إلا عند البکاء، و حرکه متّصله للجفن ضحاکه، کأنه ینظر إلی شی ء لذیذ، أو یسمع خبراً ساراً، أو یمزح، و یکون نفَسه کثیر الانقطاع و الاسترداد، فیکون کثیر الصعداء و یتغیّر حاله إلی فرح و ضحک، أو إلی غم و بکاء عند سماع الغزل، و لا سیما عند ذکر الهجر و النوی، و تکون جمیع أعضائه ذابله خلا العین، فإنها تکون مع غور مقلتها کبیره الجفن سُمّیته لسهره و تزفره المنجز إلی رأسه، و لا یکون لشمائله نظام، و یکون نبضه نبضاً مختلفاً بلا نظام البته، کنبض أصحاب الهموم.
و یتغیر نبضه و حاله عند ذکر المعشوق خاصهً، و عند لقائه بغته، و یمکن من ذلک أن یستدلّ علی المعشوق أنه من هو إذا لم یتعرّف به، فإن معرفه معشوقه أحد سبل علاجه. و الحیله فی ذلک أن یذکر أسماء کثیره تعاد مراراً، و یکون الید علی نبضه، فإذا اختلف بذلک اختلافاً عظیماً، و صار شبه المنقطع، ثم عاود و جرّبت ذلک مراراً، علمت أنه اسم المعشوق، ثم یذکر کذلک السکک و المساکن و الحرف و الصناعات و النسب و البلدان،
و تضیف کلًا منها إلی اسم المعشوق و یحفظ النبض حتی إذا کان یتغیر عند ذکر شی ء واحد مراراً، جمعت من ذلک خواص معشوقه من الاسم و الحلیه و الحرفه و عرفته، فإنا قد جربنا هذا و استخرجنا به ما کان فی الوقوف علیه منفعه، ثم إن لم تجد علاجاً إلا تدبیر الجمع بینهما علی وجه یحلّه الدین و الشریعه فعلت، و قد رأینا من عاودته السلامه و القوه، و عاد إلی لحمه، و کان قد بلغ الذبول و جاوزه، و قاسی الأمراض الصعبه المزمنه، و الحمیات الطویله بسبب ضعف القوه لشدّه العشق لما أحس بوصل من معشوقه بعد مطل معاوده فی أقصر مده قضینا به العجب، و استدللنا علی طاعه الطبیعه للأوهام النفسانیه.
المعالجات:
تتأمل هل أدّت حاله إلی احتراق خلط بالعلامات التی تعرفها، فتستفرغ، ثم تشتغل بترطیبهم و تنویمهم و تغذیبتهم بالمحمودات، و تحمیهم علی شرط الترطیب المعلوم و إیقاعهم فی خصومات و إشغال و منازعات، و بالجمله أمور شاغله، فإن ذلک ربما أنساهم ما أدنفهم، أو یحتال فی تعشیقهم غیر المعشوق ممّن تحله الشریعه، ثم ینقطع فکرهم عن الثانی قبل أن تستحکم، و بعد أن یتناسوا الأول، و إن کان العاشق من العقلاء، فإن النصیحه و العظه له و الاستهزاء به و تعنیفه و التصویر لدیه أن ما به إنما هو وسوسه و ضرب من الجنون مما ینفع نفعاً، فإن الکلام ناجع فی مثل هذا الباب، و أیضاً تسلیط العجائز علیه لیبغضن المعشوق إلیه، و یذکرن
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 287
منه أحوالًا قذره و یحکین له منه أموراً منفراً منها، و یحکین له منه الجفا الکثیر، فإن هذا مما یسکّن کثیراً، و
إن کان قد یغری آخرین. و مما ینفع فی ذلک أن تحاکی هؤلاء العجائز صوره المعشوق بتشبیهات قبیحه، و یمثلن أعضاء وجهه بمحاکیات مبغضه، و یُدِمنَ ذلک و یُسهبن فیه، فإنّ هذا عملهن، و هنّ أحذق فیه من الرجال إلا المخنثین، فإن المخنثین لهم أیضاً فیه صنعه لا تقصر عن صنعه العجائز.
و کذلک یمکنهن أن یجتهدن فی أن ینقلن هوی العاشق إلی غیر ذلک المعشوق بتدریج، ثم یقطعن صنیعهن قبل تمکن الهوی الثانی.
و من الشواغل المذکوره اشتراء الجواری، و الإکثار من مجامعتهن، و الاستجداد منهن، و الطرب معهن. و من الناس من یسلّیه، إمّا الطرب و السماع، و منهم من یزید ذلک فی غرامه، و یمکن أن یتعرف ذلک.
و أما الصعید و أنواع اللعب و الکرامات المتجدّده من السلاطین، و کذلک تنوعّ الغموم العظیمه، و کلها مسلّ، و ربما احتیج أن یدبّر هؤلاء تدبیر أصحاب المالنخولیا وَ المانیا و القطرب، و أن یستفرغوا بالأیارجات الکبار، و یرطّبوا بما ذکر من المرطبات، و ذلک إذا انتقلوا بشمائلهم و سحنه أبدانهم إلی مضاهاه أولئک، و علیک أن تشتغل بترطیب أبدانهم.
الدوار هو أن یتخیل لصاحبه أن الأشیاء تدور علیه، و أن دماغه و بدنه یدور، فلا یملک أن یثبت، بل یسقط، و کثیراً ما یکره الأصوات، و یعرض له من تلقاء نفسه مثل ما یعرض لمن دار علی نفسه کثیراً بالسرعه، فلم یملک أن یثبت قائماً أو قاعداً، و أن یفتح بصره، و ذلک لما یعرض للروح الذی فی بطون دماغه، و فی أوردته و شرایینه من تلقاء نفسه، ما یعرض له عند ما یدور دوراناً متصلًا. و الفرق بین الصرع و الحوار، أن الدوار قد یثبت
مده، و الصرع یکون بغته و یسقط صاحبه ساکناً و یفیق، و أما السَدَر، فهو أن یکون الإنسان إذا قام أظلمت عینه و تهیأ للسقوط. و الشدید منه یشبه الصرع، إلا أنه لا یکون مع تشنّج کما یکون الصرع.
و هذا الدوار قد یقع بالإنسان بسبب أنه دار علی نفسه فدارت البخارات و الأرواح فیه، کما یدور الفنجان المشتمل علی ماء مده، و یسکن فیبقی ما فیه دائراً مده، و إذا دار الروح تخیل للإنسان أنّ الأشیاء تدور لأنه سواء، اختلف نسبه أجزاء الروح إلی أجزاء العالم المحیط به من جهه الروح، أو اختلف ذلک من جهه العالم إذا کان الإحساس بها و هی دائره یکون بحسب المقابله، فإذا تحرّک الحاس استبدل المقابلات، کما إذا تحرک المحسوس.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 288
و قد یکون هذا الدوار من النظر أیضاً إلی الأشیاء التی تدور حتی ترسخ تلک الهیئه المحسوسه فی النفس، و لهذا قیل: إن الأفاعیل الحسیه کلها متعلقه بآلات جسدانیه منفعله، أولها و أولاها الروح الحساس، و تبقی فیه عن کل محسوس مئه بعد مفارقته إذا کان المحسوس قویاً، فإن کل محسوس إنما یفعل فی الآله الحاسه هیئه هی مثاله، ثم تثبت تلک الهیئه و تبطل بمقدار قبول الآله، و قوه المحسوس، و شرح هذا فی العلم الطبیعی.
و کلما کان البدن أضعف، کان هذا الانفعال فیه أشدّ کما فی المرضی، فإنه قد یبلغ المریض فی ذلک مبلغاً بعیداً حتی إنه لیدار به بأدنی حرکه منهم، لأنهم یحتاجون فی الحرکه إلی تکلف شدید یتمکنون به من الحرکه لضعفهم، فیعرض لروحهم أذی و انفعال و تزعزع.
و قد یکون الدوار إما من أسباب بدنیه حاضره فی جوهر
الدماغ، حاصله فیه من بخارات حائله فی العروق التی فیه و فی العصب. و إما من أخلاط محتقنه فیه من کل جنس فیتبخر بأدنی حرکه أو حراره، فإذا تحرکت تلک الأبخره حرکت بحرکتها الروح النفسانی الذی إنما ینضج و یتقوّم فی تلک العروق، ثم یستقرّ فی جوهر الدماغ، ثم یتفرّق فی العصب إلی البدن.
و إما بسبب کثره بخارات قد احتقنت فیه متصعده إلیه من مواضع أخری، ثم مستقره فیه باقیه عن مرض حاد متقدم، أو مرض بارد فتکون ریاح فجّه تحرکها القوه المنضجه و المحلله.
و قد یکون لا لحرکه بخارات فی الدماغ، و لکن لسوء مزاج مختلف بغته یلزم منه هیجان حرکه مضطربه فی الروح لا لمحرّک جرمانی یخالطه من بخار أو غیره، کما یعرض ذلک من الحرکه المختلفه الحادثه من الماء و النار إذا اجتمعا، و قد یکون من محرّک للروح من خارج، مثل ضارب للرأس، أو کاسر للقحف حتی یضغط الدماغ، و الروح الساکن، فیتبعه حرکات مختلفه دائره متموّجه، کما یحدث فی الماء من وقوع ثقل علیه، أو وقوع ضرب عنیف علی متنه فیستدیر موجه، و وقوع مثل ذلک فی الهواء و الجرم الهوائی أولی، لکنه لا یحس.
و قد یکون من بخارات متصاعده إلی الدماغ حال تصاعدها و إن لم تکن متولده فی جوهره و لا محتقنه فیه قدیماً، فإذا تصاعدت حرکت و یکون تصاعدها إلیه، إما فی منافذ العصب، فیکون من المعده و المراره بتوسط المعده و المثانه و الرحم و الحجاب إذا أصابها أمراض، أو تحرّکت الأخلاط التی فیها. و أکثر ذلک من المعده، و بعده من الرحم القابله للفضول، و إما فی الأورده و الشرایین. أما الغائره، و أما الظاهره.
و
ماده البخار قد تکون صفراء، و قد تکون بلغماً. و الدوار البلغمی شبیه بصرع، و کثیراً ما تکون المشارکه المسمره و المدیره، لا لأجل ماده تصل، بل لأجل تأذّ بکیفیه تتصل بالدماغ، فتورث السدر و الدوار، مثل الذی یعرض عند الخوی و الجوع لبعض الناس، و خصوصاً لمن لا یحتمل الجوع، لأن فم المعده منه یتأذی فیشارکه الدماغ، و قد یکون الدوار و السدر علی
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 289
طریق البخران و الدوار المتواتر، خصوصاً فی المشایخ ینذر بسکته، و کذلک الدوار الحادث عقب خمر لازم لعضو، و قد یحلّ الدوار صداع عارض، و قد یحل الصداع دوار عارض.
علامات أصنافه:
أما الکائن من دوران الإنسان علی نفسه، أو من نظره إلی الأشیاء الدائره أو المستضیئه، أو المرتفعه فمعلوم بنفسه، و کذلک ما کان عن ضربه أو سقطه. و أما الذی یکون لاحتقان بخارات قدیمه فی الدماغ، أو متولّده فی نفس الدماغ، فتکون العله دائمه غیر تابعه لمرض فی بعض الأعضاء، و لا هائجه مع الامتلاء ساکنه مع الخوی، و یکون قد تقدمه أوجاع الرأس، و الدویّ و الطنین، و الثقل فی الرأس، و یجد ظلمه بصره ثابته، و یجد فی الحواس تقصیراً حتی فی الذرق و الشم، و یحس فی الشریانات المتقدمه ضرباناً شدیداً، و یصیب ثقلًا فی الشم، فإن کان الخلط الذی فی الدماغ أو فی غیره الذی منه تهیج البخارات بلغماً، کان ثقل و جبن، و کثره نوم، و عسر حرکه، و علامات البلغم المذکوره فی القانون. و إن کان صفراء، کان سهر و التهاب یحس بلا کثیر ثقل، و خیالات صفر ذهبیه.
و إن کان دماً کانت العروق منتفخه و الوجه و
الرأس و العین حمراً حاره و کان ثقل و إعیاء و نوم و ضربان.
و إن کان عن سوداء کان ثقل بقدر و سهر و تخیل شعر و صفائح سود و دخان و فکر فاسد و سائر العلامات المذکوره.
و أما إن کان سببه من المعده کان مع بطلان من الشهوه، أو آفه فیها و فساد فی الهضم و خفقان و فتور من النفس و تقلب من المعده، و میل من الأذی إلی مقدم الرأس و وسطه، و لا یبعد أن یتأدی إلی مؤخّره و اختلاف حال الوجع، فتاره یسکن، و تاره یزید بحسب الامتلاء و الخوی، و یکون لحمی قد سلفت.
و یجد أیضاً وجعاً فی المعده و نفخاً فی الأحایین، و یکون طریق مشارکته. العصب، و یجد قبله و عند اشتداده فی آخره، وجعاً خلف الیافوخ عند منبت الزوج السادس، و فی نواحی القفا.
و إن کان من الرحم تقدمه اختناق الرحم، و احتباس المنی أو الطمث، أو أورام فیه، و کذلک إن کان من المثانه و إن کان المبدأ من الأعضاء کلها، أو من ینبوع الغذاء، و هو الکبد أو ینبوع الروح، و هو القلب کان نفوذه فی العروق و الشرایین النابتین منهما.
أما الذی خلف الأذن، أو الذی فی القفا، و علامه ذلک أن یکون مع ضربان شدید و توتّر من العروق التی فی الرقبه، و إن لا یجد وجعاً یعتریه فی الرقبه و أعصابها و لا فی سائر العصب، و إذا رأیت الشرایین الخارجه متمدّده عند القفا و کان إذا منعت النبض بیدک، أو بالرباط
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 290
الأعجمی، أو بالأسرب، أو طلیت علیه القوابض المذکوره قبل، فإن علمت أن المسالک فیها
و إلا ففی الآخر، و لذلک جرّب فی الآخر فإن لم یجد فهی فی الغائره.
و أما الذی یکون عن سوء مزاج مختلف فیعرف بخفه الدماغ و عدم الأسباب المذکوره و وقوع برد أو حرّ معافص من خارج أو من المتناولات المبرده و المسخنه دفعه، فیتبعه الدوار و صاحب السدر لا ینتفع بالشراب انتفاعه بشرب الماء، و اعلم أن السدر و الدوار إذا طال فالعله بارده، و علامه البحرانی ظاهره.
المعالجات:
أما الکائن بسبب فی دوران الإنسان علی نفسه و نظره إلی الدورات أو نظره من مکان عالٍ، فیعالج بالسکون و القرار و النوم إن لم یسکن سریعاً، و یتناول القوابض الحاره، و یکسر لقماً فیها و یتناولها.
و أما الکائن عن دم و أخلاط محتقنه فی البدن فیعالج بالفصد من القیفال، ثم من العرق الساکن الذی خلف الأذن، فإنه أفضل علاج لجمیع أصناف الدوار المادی.
و ربما کُوی کیاً و خاصه فیما کان سببه صعود أبخره من البدن فی أی الطریق صعدت، و تنفع الحجامه علی النقره و علی الرأس أیضاً.
و إن کان مع الدم أخلاط مختلفه، أو کان سببه الأخلاط دون الدم فلیبادر بالاستفراغ بحب الأیارج، أو نقیع الصبر، إن کانت الأخلاط حاره، أو طبیخ الهلیلج، أو طبیخ الأفتیمون و حب الإصطمحیقون، إن کانت مختلفه.
و بعد الاستفراغ یستعمل حقنه بماء القنطریون و الحنظل، ثم یحتجم علی الرأس و النقره، ثم یقبل علی الغرغرات و العطوسات و الشمومات التی فیها مسک جوجِندبادستر و شونیز و مرزنجوش، و إذا هاجت النوبه فلیستعن بالدلک للأسافل، و إن کان السبب فی ذلک من المعده و أخلاط فیها، فلیستعمل القی ء بما طبخ فیه شبث و فجل، و جعل فیه عسل و ملح و
سائر المقیئات المعتدله، ثم یستفرغ بالقوقایا إن کانت القوه قویه، أو حب الأیارج و نقیع الصبر إن کانت القوه دون القویه. و إذا علم أن الأخلاط مره ساذجه فبطبیخ الهلیلج مع الشاهترج، و یعلم ذلک بالدلائل المذکوره فی هذا الباب و فی باب المعده.
و إن کان السبب فی عضو آخر عالجت کلًا بما وجب، و قویت الرأس فی ابتدائه بدهن الورد مع قلیل دهن بابونج، و بعد الاستحمام بدهن البابونج المفرد.
و إذا علم أن الماده فی الرأس وحدها احتجم علی الرأس و النقره و فصد العرق الذی خلف الأذن و استعمل الشبیارات و الغرغرات و النطولات، و الشمومات و العطوسات، و السعوطات المذکوره و ما أشبهها بحسب المواد علی ما علمت فی القانون.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 291
و إن رأی أن السبب سوء مزاج مختلف، فیجب أن تعرف سببه و علامته بما علم، و تعالج بالضد لیستوی مزاجاً طبیعیاً.
و إن کان السبب ضربه أو سقطه عالجتها أولًا بما قیل فی بابه، فان برأت و بقی الدوار عالجت الدوار بما بین، و یجب أن یجتنب صاحب الدوار النظر إلی کل شی ء دائر بالعجله، و یجتنب الإشراف من المغارات و من القلل و الآکام و السطوح العالیه.
و أما السدر و الدوار الکائن بسبب خوی المعده فیسکّنه تناول لقم مغموسه فی رب الفواکه القابضه و میاهها، و خصوصاً الحصرم.
و یعرض للبدن من جهه تواتر الامتلاء و نحوه فی العضل و العروق حاله کالإعیاء، تتمدد له العروق، و یکثر التثاؤب و التمطی لکثره الریح و البخار و یحمر معه الوجه و العین، و یستدعی التَلَوی و التمدد، و إذا کثر بالإنسان ذلک، دَل علی امتلاء، فیجب
أن یستفرغ الخلط الدموی و الصفراوی، و یستعمل الماء البارد، فإن ذلک ربما سکنه فی الحال بما یفشّ الغلیان، و للوج خاصیه فی إزالته إذا مضغ و استف و شرب، و لعله بما یجلّل الریح المغلیه، و کذلک الکزبره بالسکر و الحمامیون یشقون صاحبه بشد الید علی العرق السباتی حتی یصیب الإنسان کالغشی، و لعله بما یزعج من الروح المتصعد إلی الدماغ بحمله عنیفه مستولیه علی المواد بالتحلیل، و فیه خطر، و یجب أن لا یحبس الید علی العرق بقدر ما لا یطیق الإنسان أن یمسک معه نفسه.
و یسمی الخانق، و قد یسمی بالعربیه الجاثوم، و النیدلان. الکابوس مرض یحسّ فیه الإنسان عند دخوله فی النوم خیالًا ثقیلًا یقع علیه، و یعصره و یضیق نفسه، فینقطع صوته و حرکته، و یکاد یختنق لانسداد المسام و إذا تقضی عنه انتبه دفعه، و هو مقدمه لإحدی العلل الثلاث، إما الصرع، و إما السکته، و إما المانیا، و ذلک إذا کان من مواد مزدحمه، و لم یکن من أسباب أخری غیر مادیه، و لکن سببه فی الأکثر بخار مواد غلیظه دمویه أو بلغمیه أو سوداویه ترتفع إلی الدماغ دفعه فی حال سکون حرکه الیقظه المحلّله للبخار، و یتخیل کل خلط بلونه. و علامه کل خلط ظاهره بالقوانین المتقدمه.
و قد یکون من برد شدید یصیب الرأس دفعه عند النوم، فیعصره، و یکثفه، و یقبضه، و یختل منه تلک الخیالات بعینها، و لا یکون ذلک إلا لضعف أیضاً من الدماغ لحرارته، أو سوء مزاج به.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 292
المعالجات:
علاجه الفصد و الإسهال بما یخرج کل خلط، و إن کانت الأخلاط غلیظه کثیره ینتفع بهذا المسهل، و
نسخته: یؤخذ من الخربق مقدار درهم، مع ثلث درهم سقمونیا، و ربع درهم شحم حنظل، و دانقین أنیسون إن کانت القوه قویه، و إلا حب اللازورد، أو حب الأصطمحیقون الأفتیمونی، أو الأیارجات الکبار: أیارج قثاء الحمار، و أیارج روفس خاصه، ثم یقوی الرأس بما تعلمه من القانون الکلی.
و مما ینفع منه سقی حب الفاواینا علی الاتصال، و إن کان السبب فیه برداً یصیب الدماغ فیؤثر فیه هذا الخیال، فیجب أن یستعمل الأدهان الحاره المسخنه القابضه و الضمادات المحمره و غیر ذلک، و یجب أن لا یطول الکلام فیه، فقد تقدم منا ما یغنی.
الصرع عله تمنع الأعضاء النفسیه عن أفعال الحسّ و الحرکه و الانتصاب منعاً غیر تام، و ذلک لسده تقع، و کثره لتشتج کلی یعرض من آفه تصیب البطن المقدم من الدماغ، فتحدث سمه غیر کامله، فیمنع نفوذ قوه الحس و الحرکه فیه، و فی الأعضاء نفوذاً تاماً من غیر انقطاع بالکلیه، و یمنع عن التمکّن من القیام، و لا یمکن الإنسان أن یبقی معه منتصب القامه، لأن کلّ تشنّج کما نبینه، فإما عن امتلاء، و إما عن یبس، و إما عن قبض بسبب مؤذٍ، و کذلک الصرع، لکنه لا یکون عن الیبوسه، لأن الصرع یکون دفعه، و التشنج الیابس لا یکون دفعه، و لأن الدماغ لا یبلغ الأمر من یبسه أن یتشنّج له، أو یعطب البدن قبله، فیبقی أن سببه، إما بقبض الدماغ لدفع شی ء مؤذٍ هو، إما بخار، و إما کیفیه لاذعه، أو رطوبه ردیئه الجوهر، و إما خلط یحدث سده غیر کامله فی بطن الدماغ، أو أصول منابت العصب. و قد یکون ذلک من الخلط لحرکه موجیه تقع فی الخلط،
أو لغلیان من حراره مفرطه فیما یقع من السده، لا تنفذ قوه الحس و الحرکه نفوذه الطبیعی، و بما لا تتم ینفذ منه شی ء بمقدار ما، فلا یعدم الأعضاء قوه الحسّ و قوه الحرکه بالتمام و إما لریح غلیظه تحتبس فی منافذ الروح علی ما یراه الفیلسوف الأکبر أرسطاطالیس و یراه أحد أسباب الصرع، و إذا کان هناک خلط ساد، فإن الدماغ مع ذلک أیضاً ینقبض لدفع المؤذی، مثل ما یعرض للمعده من الفواق و التهوع، و مثل ما یعرض من الاختلاج إذ کان التقبّض و الانعصار أصلًا فی دفع الأعضاء ما تدفعه، و إذا تقبض الدماغ اختلفت حرکاته، و تبعه تقبض العصب فی الوجه و غیره، و اختلاف حرکاته.
و أما الإفاقه، فإما أن تقع لاندفاع الخلط أو لتحلل الریح، أو لاندفاع المؤذی، و أما التشنج النازل إلی الأعضاء الذی یصحب الصرع فسببه أن الماده التی تغشی الدماغ، أو الأذی الذی یلحقه یلحق العصب أیضاً، فتکون حالها حاله، و ذلک لعلل ثلاث اتباعها لجوهر الدماغ،
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 293
و تأذّیها بما یتأذی به، و امتلاؤها من الخلط المندفع إلیها فی مبادیها لیزداد عرضُها و ینقص طولُها، و إنما کان الصرع یجری مجری التشنّج لیس مجری الاسترخاء، فیفعل انقباضاً من الدماغ و یقصلها، و لا یفعل استرخاء و انبساطاً، لأن الدماغ یحاول فی ذلک دفع شی ء عن نفسه.
و الدفع إنما یتأتی بالانقباض و الانعصار، و کل تشنج مادی، فإنه ینتفع بالحمی و الصرع تشنج مادی، فهو ینتفع بالحمی و الأورام إذا ظهرت به، فربما حلّته و نقصت مادته. و کثیراً ما ینتقل المالنخولیا إلی الصرع، و کثیراً ما ینتقل الصرع إلی المالنخولیا. و
قد ظن بعض الناس أنه قد یکون من الصرع ما لیس عن ماده، فإن عنی بهذا أن السبب فیه بخاراً، و کیفیه تضرّ بالدماغ، فیفعل فیه التقلص المذکور، فلقوله معنی، و إن عنی أن سبب ذلک هو نفس المزاج الساذج إذا کان فی الدماغ فیفعل الصرع، فذلک ما لا وجه له، لأن تلک الکیفیه إذا کانت قد تکیف بها الدماغ، وجب أن یکون الصرع ملازماً إیاها، و لا یکون مما یزول فی الحال، بل سبب الصرع هو مما یکون دفعه و یزول فی الحال، أو یغلب فیقتل. و مثل ذلک لا یکون کیفیه حاصله فی نفس الدماغ، بل ماده و کیفیه تتأدّی إلیه و تنقطع، و ذلک من عضو آخر لا محاله، و الذی یعرض فی الصرع لاضطراب حرکه النفس لاختناقه، و ذلک الاضطراب لاضطراب التشنج، و یعرض فی السکته للاختناق و لاستکراء التنفس، فکان الصرع تشنج یخص أولًا الدماغ، و التشنّج صرع یخص أولًا عضواً ما، و کأن حرکه العطاس حرکه صَرَع خفیف، و کأن الصرع عطاس کبیر قوی، إلا أن أکثر دافع العطاس إلی جهه المقدّم لقوّه القوّه، و ضعف الماده، و دفع الصرع إلی أی وجه کان أمکن و أسهل. و یجب أن یحصل مما قیل: إن الصرع إذا کان فی الدماغ نفسه، فالسبب فیه ماده لا محاله تفعل ریحاً محتبسه فی مجاری الحس و الحرکه، أو تملأ البطنین المقدّمین بعض المل ء، و هذه الماده، إما دم غالب و کثیر، و إما بلغم، و إما سوداء، و إما صفراء، و هو قلیل جداً، و بعده فی القلّه الدم الساذج.
و أما الدم الذی یضرب مزاج السوداء و البلغم، فقد یکثر کونه سبباً لکن
السبب الأکثر هو الرطوبه مجرده، أو إلی السوداء، فإن أغلب ما یعرض الصرع یغلب عن بلغم، و قد قال بقراط: إن أکثر الغنم التی تصرع إذا شرح عن أدمغتها وجد فیها رطوبه ردیئه منتنه، و کل سبب للصرع دماغی، فإنه یستند إلی ضعف الهضم فیه فلا یخلو، إما أن یکون فی جوهر الدماغ و مخّیته، و هو أردأ، و إما أن یکون فی أغشیته، و هو أخف. و الصرع السوداوی القوی أردأ، و إن کان البلغمی أکثر، فإن السوداوی أسد لمنافذ الروح، و المخصوص عند بعضهم باسم أم الصبیان قاتل جداً، و إذا اتصلت نوائب الصرع قَتلَ.
و أما الصرع الذی یکون سببه فی عضو آخر فذلک، إما بأن یرتفع منه إلی الدماغ بخارات و ریاح مؤذیه بالکمّیه حتی یجتمع منها علی سبیل التصعید، ثم یتکاثف بعده ماده ذات قوام تفعل بقوامها، أو بما یتکون منها من ریح، و إما أن یرتفع إلیه بخار، أو ریح مؤذ، لا لکمیه، بل
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 294
بالکیفیه، إما بالإجماد، و إمّا بالإحراق، و إما بالسمیه و رداءه الجوهر، و إما أن ترتفع إلیه کیفیه ساذجه فقط، و إمّا أن یرتفع إلیه ما یؤذی من الوجهین. و أما العضو الذی یرتفع منه إلی الدماغ بخارات تصرع بکثرتها، فهو، إما جمیع البدن، و إما المعده، و إما الطحال، و إما المراق. و یقع ذلک أیضاً فی سائر الأعضاء.
و أما المؤذی ببخار ردی ء الجوهر و الکیفیه، فهو فی جمیع البدن أیضاً، حتی إصبع الرجل و الید، و یکون سبب ذلک احتباس دم أو خلط فی منفذ قد عرضت له سده، فتنقطع عنه الحراره الغریزیه فیموت فیه، و یعفن، و
یستحیل إلی کیفیه ردیئه، و ینبعث منه علی الأدوار، أولًا علی الأدوار ماده بخاریه، أو کیفیه سمّیه، أو یکون وقع علیها بعض السموم، فأثرت فی العصب کما یؤثّر لسع العقرب علی العصب، فتندفع سمیته بوساطه العصب إلی الدماغ، فیؤذّیه، فینقبض منه و یتشنّج و تضطرب حرکاته، کما یصیب المعده عند تناول ما له لذع علی الخلاء، مثل الفواق، و عند کون فم المعده قوی الحس.
و الفواق نوع من التشنّج، و إذا عرض للدماغ من مثل هذا السبب تشنج و انقباض، فإنه حینئذ یتبعه انقباض جمیع العصب و تشنجه. و حکی جالینوس عن نفسه أنه کان یصیبه الفواق عند تناوله الفلافلی، ثم الشرب للشراب بعلی لتأذّی فم المعده بالحدّه. و قد شاهدنا قریباً من ذلک لغیره، و قد حکی جالینوس و غیره، و شاهدنا نحن أیضاً بعده أنّ کثیراً ما کان یحس المصروع بشی ء یرتفع من إبهام رجله لریح بارده، و یأخذ نحو دماغه فإذا وصل إلی قلبه و دماغه صرع. قال جالینوس: و کان إذا ربط ساقه برباط قوی قبل النوبه امتنع ذلک، أو خف. و قد شاهدنا نحن من هذا الباب أموراً عجیبه، و قد کُوی بعضهم علی إبهامه، و بعضهم علی إصبع آخر، کان البخار من جهته فبرأ. و من هذا الباب، الصرع الذی یعرض بسبب الدیدان، أو حب القرع، و ضرب من الصرع مرکّب بالغشی یکاد الأطباء یخرجونه من باب الصرع، و هو فیه، و ضرب منه و من قبیله یسمی اختناق الرحم، و هو أن المرأه إذا عرض لها أن احتبس طمثها لا فی وقته فاحتقن، أو احتبس منیها لترک الجماع، استحال ذلک فی رحمها إلی کیفیه سمّیه، و کان له
حرکات و تبخیرات، إما بأدوار، و إما لا بأدوار، فیعرض أن یرتفع بخارها إلی القلب و الدماغ فتصرع المرأه، و کذلک قد یتفق للرجل أن یجتمع فی أوعیه المنیّ منه کثیر و یتراکم و یبرد و یستحیل إلی کیفیه سمیه، فیصیبه مثل ذلک.
کذلک یتفق للمرأه صرع فی الحمل، فإذا وضعت و استفرغت الماده الردیئه الطمثیه زال ذلک. و قد حکی لنا صرع یبتدئ من الفقار، و صرع یبتدئ من الکتف و غیر ذلک، و أما أن یکون من المعده، و من المراق و بسبب تخم تورث سدداً فی العروق، فلا تقبل الغذاء المحمود، و یفسد فیها الخلط، أو یبقی فیها الغذاء المحمود مختنقاً للسدد، فیفسد، و کثیراً ما یتراجع إلی المعده فاسداً، فیفسد الغذاء الجدید المحمود الکیموس، و کثیراً ما یعرض بسبب ذلک القی ء
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 295
للطعام غیر منهضم، و علی کل حال کان الصرع بشرکه أو بغیر شرکه، فإنّ مبدأ الصرع القریب، هو الدماغ، أو البطن المقدّم منه، و البطون الأُخر معه، لأن أول آفه یعتد بها تقع فی حسّ البصر، و السمع، و فی حرکات عضل الوجه و الجفن، و إن کان سائر الحواس و الأعضاء المتحرکه تشترک فی الآفه، و لو لا المشارکه فی الآفه لسائر البطون لما بطل الفهم، و لما تضرروا فی التنفس. و الصرع فی أکثر الأمر یتقدمه التشنج ثم یکون من بعده الصرع، و ذلک لأنه إذا استحکم التشنّج کان الصرع، فإذا اندفع السبب المؤذی أو تحلل الریح عادت الأفعال الحسّیه و الحرکیّه، و ربما ظهر الخلط المندفع معاینه فی المنخر و فی الحلق. و کثیراً ما یکون الصرع بلا تشنّج محسوس، و ذلک
لأنّ الماده الفاعله له تکون رقیقه و تفعل بالامتلاء لا بالرداءه الشدیده.
و الصرع یصیب الصبیان کثیراً بسبب رطوباتهم، فربما ظهر بهم أول ما یولدون، و قد یکون بعد الترعرع، فإن أصیب فی تدبیرهم زال و إلا بقی، و یجب أن یجتهد أن یزال عنهم ذلک قبل الإنبات. و أبعد الصبیان من ذلک من یعرض له فی ناحیه رأسه قروح و أورام، و یکون سائل المنخرین. و للدماغ رطوبه فی أصل الخلقه من حقها أن تنبثق، فربما تنبثق فی الرحم، و ربما انبثقت بعد الولاده، فإن لم تنبثق لم یکن بد من صرع. و أکثر الصرع الذی یصیب الصبیان، فإنه قد یخفّ علاجه و یزول بالبلوغ إذا لم یعنه سوء التدبیر و ترک العلاج. و الصرع قد یصیب الشبان، فإنّ کثر بعد خمس و عشرین سنه لعلّه فی الدماغ، و خاصه فی جوهره، کان لازماً، و لا یفارق و یکون غایه فعل العلاج فیهم تخفیف من عادیته و أبطأ بنوائبه. و قد قال بقراط: إن الصرع یبقی بهم إلی أن یموتوا، و أما المشایخ، فقلما یصیبهم الصرع السددی، و قد یعین الأسباب المحرکه للصرع أسباب من خارج، مثل التغذی فی المطعم و المشرب و التخم، و مثل التعرّض الکثیر لشمس، مما یجذب من المواد إلی الرأس، و ذلک لما یمنع من انتشار المواد فی جهتی البدن، فیحرکها إلی فوق. و الجماع الکثیر من أسبابه، و من أسبابه التنغم و السکون و قله الریاضه، و من أسبابه الریاضه علی الامتلاء کما تتحرک لها الأخلاط إلی تحلّل غیر تام، و تملأ التجاویف، و من أسبابه ما یضعف القلب من خوف، أو وقع هده و صیحه بغته. و من
أسبابه الصوم لصاحب المعده الضعیفه و شرب الشراب الصرف أیضاً لما یؤذی المعده، و هذه أسباب بعیده توجب الأسباب القریبه. و نحن نجعل لهذه الأسباب باباً مفرداً، و قیل: إن المصروع إذا لبس مسلاخ عنز کما سلخ، و شرع فی الماء صرع، و کذلک إذا دخن بقرن الماعز و المر و الحاشا، و کثیراً ما ینحل الصرع بحمیات یقاسیها صاحبه، و خصوصاً ما طال، و الربع خاصه لشده طوله و لإنضاجه الماده السوداویه حتی ینحلّ و النافض القوی، فإن النفض یزعج ما تلحج بالدماغ من الفضول، و العرق الذی یتبع النافض ینفضه. و کما أن السکته تنحلّ إلی فالج، فکذلک کثیر من الصرع ینحل إلی فالج، و قد زعم بعضهم أن البلغمی یصحبه ارتعاش و اضطراب، لأن البلغم لا یبلغ من کثافته أن یسد المجاری سداً تاماً و أما السوداوی، فقد یسد سداً تاماً، فیعرض منه قله الاضطراب و زعم بعضهم أن الذی یکثر معه الاضطراب، فبالحری أن یکون سببه الخلط الأقل
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 296
مقداراً و الأقل نفاذاً فی المجاری، فجعل الأمر بالعکس، و لا شی ء من القولین بمقطوع به.
قال روفس: إذا ظهر البرص بنواحی الرأس من المصروع دلّ علی انحلال ماده الصرع، و علی البرء، و کثیراً ما ینحل الصرع إلی فالج و مالنخولیا.
المهیئون للصرع:
یعرض الصرع للمرطوبین بأسنانهم، کالصبیان و الأطفال و المرطوبین بتدبیرهم، کأصحاب التخم، و الذین یسکنون بلاداً جنوبیه الریح، لأنها تملأ الرأس رطوبه. و الصرع للنساء و الصبیان و کل من هو قلیل الدم ضیق العروق أقلّ.
العلامات:
یقولون: إن العلامات المشترکه لأکثر أصناف المصروعین، ضفره ألسنتهم، و خضره العروق التی تحتها، و کثیراً ما یتقدمه تغیّر من البدن
عن مزاجه، و ثقل فی الرأس، خصوصاً إذا غضب، أو حدث به نفخ فی البطن، و یتقدّمه ضعف فی حرکه اللسان، و أحلام ردیئه، و نسیان، أو فزع و خوف و جبن، و حدیث النفس، و ضیق الصدر، و غضب وحده، و لیس کل صنف منه یقبل العلاج، و المؤذی منه هو الذی یتقدّمه هزّ شدید و اضطراب کثیر قوی، ثم یتبع سکون شدید مدید، و ازدیاد، و ضرر فی التنفس، فیدلّ علی کثره ماده، و ضعف قوه، فإذا أردت أن تعلم أن العله فی الرأس، أو فی الأعضاء الأخری، فتأمل هل یجد دائماً ثقلًا فی الرأس، و دواراً و ظلمه فی العین و ثقلًا فی اللسان و الحواس، و اضطراباً فی حرکاته، و صفره فی الوجه. فإذا وجدت ذلک مع اختلاط فی العقل، و نسیان دائم، أو بلاده، أو رعونه، و لم یکن یقل و ینقص علی الخلاء، و ربما یحدث من لین الطبیعه، بالمستفرغات، فاحکم أن العله من الدماغ وحده، ثم إن لم تجد فی الأعضاء العصبیه، و فی الطحال و الکبد، و لا فی شی ء من الأطراف و المفاصل آفه، و لا أحس العلیل بشی ء یصعد إلی رأسه و دماغه من موضع، صح عندک أن الآفه فی الدماغ. و علامه الصرع السهل أن تکون الأعراض أسلم، و أن یکون صاحبه یثوب إلیه العقل بسرعه فیخجل کما یفیق، و أن تسرع إلیه إفاقته بالعطوسات و الشمومات، و بما یحرک القی ء مما یدخل فی الحلق، قاء به، أو لم یقئ. و علامه الصعب منه، عسر النفس، و طول الاضطراب، ثم طول الخمود بعده، و قلّه إفاقه بالتشمیم و التعطیس، و دون هذا ما یطول
فیه الاضطراب، و لا یطول الخمود، أو یطول فیه الخمود، و یقل الاضطراب. فعلامه ما کان سببه من ریح غلیظه تتولّد فیه أن لا یجد معه و قریباً منه ثقلًا، بل یجد دویّاً و تمدداً، و لا یکون تشنّجه شدیداً. و علامه ما کان منه سببه البلغم، فأن یکون الریق حاراً زبدیاً غلیظاً کثیراً، و یکون فی البول شی ء کالزجاج الذائب، و یکثر فیه الجبن و الفزع و الکسل و الثقل و النسیان. و قد یتعرف من القی ء أیضاً، و من لون الزبد، و أیضاً من لون الدم. و قد یتعرف من السن و البلد و الأسباب الماضیه من الأغذیه
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 297
و التدابیر، و بما یدل علیه السکون و الدعه و لون الوجه و العین و سائر ما علمته فی القانون، فإن کان البلغم مع ذلک فخاً بارداً، کان النسیان و البلاده و ثقل الرأس و البدن و السبات أکثر، و یکون الصرع أشد إرخاء و إضعافاً. و هذا النوع ردی ء جداً.
و أما الکائن عن البلغم المالح، فیکون السبات فیه أقل، و برد الدماغ أخف، و الحرکات أسلم. و أما علامه ما کان سببه السوداء فقی ء السوداء، أما الشبیه بالدم الأسود، و أما الجریف المحترق، و أما الحامض الذی تغلی منه الأرض، و یکون طباع صاحبه مائلًا إلی الاختلاط فی ذهنه، و إلی حاله المالنخولیا، و لا یصفو عقله عند الأفواق. و یستدلّ علی السوداء أیضاً من لون الوجه، و العین، و من جفاف المنخر و اللسان، و التدابیر المولّده للسوداء، فإن کان السوداء عکر دم طبیعی، کان الصرع مع استرخاء، و قلّه کلام، و مع سکون، و یکون صاحبه
صاحب أفکار ساکنه هادئه. فإن کان السوداء من جنس الصفراء المحترق، و هو الحریف، فإن اختلاطه یکون جنونیاً و مع کثره کلام و صیاح، و یکون صرعه مضطرباً و خفیف الزوال، و ربما کان مع حمی، و لا سیما إذا کان سوداؤه رقیقاً.
و إن کان عن دم سوداء دموی، کان أحواله مع ضحک، و أنت تقدر علی أن تتعرف جوهر السوداء من القی ء، هل هو شبیه بثقل الدم، فهو سوداء طبیعی، أو شبیه بثقل النبیذ، فهو سوداء محترق، أو خشن فهو عفص یخشن الحلق و یدل علی غایه برده و یبسه، أو حامض رقیق مع رغوه، فهو یغلی علی الأرض، أو غلیظ لا رغوه له. و أما علامه مما یکون سببه الدم، فإنا فقول: أن الدم إن فعل الصرع بالغلیان و الحرکه دون الکمیه، لم یظهر له کثیر فعل فی اللون و الأوداج، و لا حال کالاختناق فی أوقات قبل الصرع، و لکن یظهر منه ثقل و بلاده و استرخاء و کثره ریق و مخاط، کما یظهر من البلغم، و لکن مع حراره و حمره فی العین، و بخار علی الرأس دموی، فإن فعل بالکمیه کان مع العلامات درور فی الأوداج و تقدم حال، کالاختناق. و علامه ما کان من الصرع بسبب ماده صفراویه، و ذلک فی الأقل، هو أن یکون التأذی و الکرب عنه أشد، و التشنّج معه أقل، و مدته أقصر، و لکن الحرکات تکون فیه أشد اضطراباً، و یدل علیه القی ء و الالتهاب، و شده اختلاط العقل، و صفره اللون و العین.
و أما ما کان سببه من المعده، فعلامته اختلاج فی فم المعده، لا سیما عند تأخر الغذاء، و رعده و ارتعاش،
و اهتزاز عند الصرع، و صیاح، و خصوصاً فی ابتداء الأخذ، و یکون معه انطلاق و براز، و درور بول و إمذاء و إمناء و خفقان و صداع شدید. و خفه الصرع أو زواله باستعمال القی ء، و أحوال تدل علی فساد المعده و زیاده من الصرع و نقصان بحسب تلطخ المعده و نقائها، و ربما یقتل هذا بتواتر الأدوار، فمن ذلک أن یفعل الخلط الذی فیها بکثرته و کثره بخاراته. و هذا هو الخلط البلغمی فی الأکثر، و ربما خالطه غیره، فعلاماته أن یعرض الصرع فی
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 298
أوقات الامتلاء و التخمه، و یخف عند الخواء و عند قوه استطلاق الطبیعه بالطعام، و یکون علی ترادف من التخم، فإن کان مع ذلک مخالط الماده صفراویه، وجد عطشاً و لهیباً و لذعاً و احتراقاً.
و إن کان بعد ذلک سوداء، کثرت شهوته فی أکثر الأحوال، و أحس بطعم حامض، و تولد منه الفکر و الوسواس، علی أن الدلائل البلغمیه تکون أغلب، و من ذلک أن یفعل الخلط الذی فیه براءته لا بکثرته، فعلامته أن یعرض الصرع فی أوقات الخواء، و مصادفه الماده فم المعده خالیاً و انقطاع الصرع مع الغذاء الموافق و المحمود، فإن کان الخلط حاداً من جنس الصفراء، عرفته بالدلائل التی ذکرناها. و إن کان من المراق، فعلامته جشاء حامض نفخ و قراقر موجعه بطیئه السکون و التهاب فی المراق، و ربما هاج معه وجع بین الکتفین بعد تناول الطعام بیسیر لا یسکن إلا عند هضمه، ثم یعود بعد تناول الطعام.
و إذا عرض علی الخلاء، فإنما یعرض مع صلابه و یبطل تلین الطبیعه، و خاصه إن کان یجد تمدداً فی المراق
إلی فوق و رعده، و یعرض لهؤلاء فی الطعام الغیر المنهضم لما بیناه من تراجع غذائهم لفساد و انسداج مسالکه، فمن ذلک ما یکون بخار المراق الفاعل للصرع صفراویاً یعرف ذلک بالالتهاب الحادث، و من اللون و اختلاط العقل المائل إلی الضجر و إلی التعنت، و من ذلک ما یکون بخاره سوداویاً یحدث معه شعبه من المالنخولیا، و جبن و حدیث نفس و خوف لظلمه الماده، و یعرض منه حب الموت أو بغض له و خوف سائر ما قبل فی المالنخولیا. و أما ما کان سببه و مبدؤه من الکبد أو من جمیع البدن، فیدل علی اللون و الشعر یبوسه الجلد و قحله، أو رهله و سمنه و هزاله و کثره تندیه ببخار الدم، و یدل علی النبض و البول و حال الأغذیه المتقدمه، و التدبیر السالف، و یدل علیه علی احتباس ما کان یستفرغ من المقعده و الرحم و العرق و غیر ذلک، فإن کان دمویاً إلی الاحتراق، رأیت حمره لون و موجیه عرق و ضحکاً عند الوقوع، و إن کان صفراویاً أو بلغمیاً و سوداویاً، عرفته بعلاماته المذکوره، و أما ما کان سببه الرحم فیکون لا محاله مع احتباس طمث، أو منی، أو رطوبات تنصب إلی الرحم، و یتقدمه وجع فی العانه و الاربتین و نواحی الظهر، و ثقل فی الرحم.
و أما ما کان سببه الطحال، فیعرف ذلک بأن العله سوداویه، و یحس الوجع فی جانب الطحال، و یکون مع نفخه الطحال أو صلابته، و مع قراقر فی جانبه، و مع مشارکه البدن له فی أکثر الأمر. و أما ما کان من ماده سمیه تطلع من بعض الأعضاء بواسطه العصب، فإما أن یکون
مبدؤه من خارج، و علامه ذلک ظاهره مثل لسع عقرب أو رتیلاء، أو زنبور إذا وقع شی ء من هذا اللسع علی العصب، و إما أن یکون من داخل فیحس بارتفاع بخار منه إلی الرأس یظلم له البصر، فیسقط و ذلک العضو و إما الرجل و إما الید و إما الظهر، و إما العانه، و إما شی ء من الأحشاء کالمعده أو الرحم. و أما علامه ما یکون من الدیدان، فسیلان اللعاب، و سقوط الدیدان، و حب القرع.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 299
فی الأسباب المحرکه للصرع:
من الأسباب المحرکه للصرع، الانتقال إلی هواء معین للصرع کما أن من الأسباب المزیله له، الانتقال إلی هواء معین علیه، و کل حر مفرط شمسی، أو ناری، و کل برد و الجماع الکثیر. و الصرع قد یثیره کثره الأمطار و ریحا الشمال و الجنوب معاً. أما الشمال و البلاد الشمالیه، فلحقنه المواد و منعه التحلل. و أما الجنوب و البلاد الجنوبیه، فلتحریکه الأخلاط، و ملئه الدماغ و ترقیقه إیاها و تثویره لها، و یهیج فی الشتاء کثیراً، کما یهیج فی الشمال و فی الخریف لفساد الأخلاط، و یقل فی البلاد الشمالیه، لکنه یکون قاتلًا لأنه لو لا سبب قوی لم یعرض. و الروائح الطیبه و غیر الطیبه ربما حرکته، و الحرکه و مطالعه الحرکات السریعه و الدائره، و الاطلاع من الاشراف، و طول اللبث فی الحمام، و الحمام قبل الهضم، وصب الماء الحار علی الرأس، و تناول ما یولد دماً بخاریاً عکراً، أو مظلماً مثل الشراب العکر. و العتیق أیضاً یضره، و الذی لم یصفّ من الحدیث و لم یتروق، و الصرف الناکی فی الدماغ، و الکرفس خاصه بخاصیه فیه،
و العدس لتولیده دماً سوداویاً، اللهم إلا أنه یخلط بکشک الشعیر و الباقلا أیضاً، و الثوم لملئه الرأس بخاراً، و البصل کذلک، و لأن جوهره یستحیل رطوبه ردیئه و اللبن أیضاً، و الحلاوی و کثره الدسم فی الطعام کل غلیظ و نفّاخ و قباض و بارد، و کل حادّ حریف، و الهیضه أیضاً مما یحرّک الصرع لتثویرها الأخلاط و تحریکه إیاها، و التخمه و سوء الهضم و السهر و الآلام النفسانیه القویه، من الغمّ و الغضب و الخوف و الانفعالات الحسیه القویه، من سماع أصوات عظیمه مثل الرعد و ضرب الطبول و زئیر الأسد، و الأصوات الصلّاله مثل صوت الجلاجل و الصرّاره مثل صریف الناب الحاد، و کذلک من إبصار أنوار باهره مثل البرق الخاطف للبصر و نور عین الشمس، و من ملامسه حرکات قویه کحرکات الریاح العاصفه. و قد یهیج الصرع من الریاضه علی الامتلاء، أرید بها التحلیل أو لم یرد.
فی الأدویه الصارعه:
و قد ذکرنا الأدویه التی تصرع، و تکشف عن المصروع فی جداول أمراض الرأس بعلامه، مثل التبخیر بالقنّه، و المر، و قرون الماعز، و أکل کبد التیس، و شمّ رائحته، و کذلک إذا جعل المرّ فی أنفه.
المعالجات:
أما صرع الصبیان، فیجب أن یعالج بأن یصلح غذاء المرضعه، و یجعل مائلًا إلی حراره لطیفه مع جوده کیموس، و تجتنب المرضعه کل ما یولِّد لبناً مائیاً، أو فاسداً أو غلیظاً، و تمنع الجماع و الحبل، و یجب أن یجنب هذا الصبی کل شی ء فیه مغافصه ذعر، أو إزعاج مثل الأصوات العظیمه، و الجشّ کصوت الطبل و البوق و الرعد و الجلاجل و صیاح الصائحین، و أن یجنب السهر و الغضب و الخوف و البرد الشدید
و الحرّ الشدید و سوء الهضم، و أن یکلّف الریاضه
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 300
قبل الطعام برفق، و یحرم علیه الحرکه بعد الطعام، فإن احتمل استفراغاً بالأدویه المستفرغه للبلغم رقیقاً فعل ذلک. و ینفعهم أن یقیئوا أحیاناً بماء العسل و أن یسقوا الجلنجبین السکری و العسلی، و یشمموا السذاب و سائر الملطّفات فإن التشمیم بالشمومات التی نذکرها، ربما کفی الخطاب فیهم، ثم یعم المصروعین کلهم، أن یستعملوا الأغذیه المحموده التی لها ترطیب محمود غیر مفرط، و لیحترزوا من الامتلاء، و لیحذروا سوء الهضم، و ذلک بأن یکفوا و لا یبلغوا تمام الشبع، و من لم تجر عادته بالوجبه، قسّم غذاءه الذی هو دون شبعه ثلاثه أقسام، فیتناول ثلثه غداء، و ثلثیه عشاء بعد ریاضه لطیفه، و لا یستکثروا من الخمر، فإنها شدیده المل ء للدماغ، ثم إن لم یکن بدّ من أن یستعملوا من الشراب شیئاً، فقلیل عتیق مروّق، إلی العفوصه. و أضرّ الأشیاء بهم الشرب عقیب الاستحمام، و أیضاً البرد المغافص، بل یجب أن یوقوا الرأس ملاقاه کل حرّ مفرط، أو برد مفرط، و لا یبطئوا فی الحمّام، و علی المصروع أن یجتنب اللحوم الغلیظه کلها، و القویه الغذاء، و السمک کله، بل لحوم جمیع ذوات الأربع الکبار، و یقتصر علی الفراریج، و الدراریج، و الطیاهیج، و العصافیر الأهلیه و الجبلیه، و القنابر، و الشفانین، و الجداء و الغزلان، و الأرانب. و قد قیل أن لحم الخنزیر البری شدید النفع له، و قد یمدح لهم لحوم الماعز لما فیها من التجفیف و قله الترطیب، کما تکره لهم الحلاوات و الدسومات و نحوها، و یجتنب البقول کلها، و خصوصاً الکرفس، فإن له خاصیه فی
تحریک الصرع، فإن کان و لا بدّ، فلیستعمل الشاهترج و الهندبا، و قد رخص لهم فی الخس و أنا لا أحمده لهم کثیر حمد، و کذلک رخص لهم فی الکزبره لمنعها البخار من الرأس، و أنا أکرهها، و استکثارها لهم إلا فی الدموی و الصفراوی.
و أما السلق المسلوق فی الماء، ثم المصلح بالزیت و المری و ما یجری مجراه، فإن قدم تناوله علی الغذاء لتلیین الطبیعه جاز، و السذاب من جمله البقول نافع برائحته شممّاً، و إذا وقع الشبث و السذاب فی طعامهم کان نافعاً. و یجب أن یجتنبوا الفواکه الرطبه کلها و جمیع الفواکه الغلیظه، إلا بعض القوابض علی الطعام بقدر خفیف یسیر جداً لیشدّ فم المعده، و یحدر الغذاء، و یلین الطبیعه، و یمنع البخار.
و یجب أن یجتنب جمیع الأغذیه الثقیله الجاریه مجری اللفت، و الفجل، و الکرنب، و الجزر. و یجب أیضاً أن یجتنبوا کل حریف مبخر. و الخردل من جمله ما یؤذیهم بتبخیره، و إرساله الفضول إلیه، و توجیهه إیاها نحوه، و بقرعه الدماغ لحرافته، و یجتنبوا السکر، و مهاب الریاح، و الامتلاء، و یجتنبوا الاغتسال بالماء أصلًا.
أما الحار فلما فیه من الإرخاء، و أما البارد فبما یخدّر، فیضرّ بالروح الحاس، فإن عرض للمصروع امتلاء من طعام قذفه، و لطف التدبیر بعده.
و یجب أن یجتنب الأغذیه المیبّسه المنقله و المخدره و المبخّره. و أما الشراب، فإن الامتلاء
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 301
منه ضار جداً، و أما القلیل، فإنه ینشط النفس و یقوی الروح و یذکّیها، و یغنی عن الاستکثار من الماء، فالاستکثار منه أضر شی ء، و القیلوله الکبیره، و بالجمله النوم الکثیر ضار، و خصوصاً علی امتلاء کثیر. و
الإفراط من السهر أیضاً یضعف الروح، و یحله، و مع ذلک فیملأ الدماغ أبخره. و أول تدبیر الصراع اجتناب الأسباب المحرکه للصرع التی ذکرناها. و السکون و الهدوء أولی به.
فإن احتیج إلی ریاضه بعد الاستفراغ و تنقیه البدن اللذین نذکرهما، فیجب أن یستعمل لا علی المل ء ریاضه لا تبلغ الإعیاء، ثم یراح بعدها، و یجتهد فی أن یکون رأسه منتصباً و لا یدلینه ما أمکن، و لا یحرّکنه کثیراً فیجذب إلیه المواد.
و یجب أن یحرک الأسافل فی تحریکه الأعالی، و مما یجذب الماده إلی أسفل، دلک البدن متحرجاً من فوق إلی أسفل، یبتدئ من الصدر و ما یلیه، فیدلکه بخرق خشنه حتی یحمر، ثم ینزل بالتدریج إلی الساق، و یکون کل ثان أشدّ من الأول، و یکون الرأس فی الحالات منتصباً، و بعد ذلک یکلّفه المشی، و یجب أن یریحه فی موضع الریاضه لیعود إلیه نفسه و یهدأ اضطرابه، و إنما یفارق موضعَه بعد ذلک، فإذا جذب المواد کلها إلی أسفل، جاز له حینئذ أن یدلک الرأس و یمشطه لیسخنه بذلک و یغیر مزاجه.
و مما ینفعه المحاجم علی الرأس و الکی علیه تسخیناً للدماغ، و بعد التنقیه و الإسهال و الإراحه أیاماً، لا بأس أن یدخلوا الحمّام، و أن یضع المحاجم علی ما تحت الشراسیف منهم، و تسخن رؤوسهم بما علمت، و قد یلقم فی وقت النوبه کره تقع بین أسنانه، و خصوصاً من الشعر لینه لیبقی فمه مفتوحاً. و یجب أن یبدءوا بالاستفراغ للماده بحبسها، ثم یقصد تنقیه الرأس بالغراغر الجاذبه، و إن کان یعتریه ذلک بأدوار، أو یکثر مع کثره الأخلاط فیستفرغ مع الربیع للاستظهار، و لیخرج الخلط الذی یغلب علیه علی ما
سنذکره و إن کان لا مانع له من الفصد افتصد، فإن افتصاده فی الربیع- و خصوصاً من الرجلین- مما ینفعه إذا لم یبلغ به تبرید دماغه و علی ما سنذکره.
و إذا حان وقت النوبه، و تمکنت من تقیئته بریشه مدهونه بدهن السوسن یدخلها فمه، و خصوصاً إن کان للمعده فی ذلک مدخل لیقذفوا رطوبه انتفعوا بها فی الحال. و إن کان استعمال القی ء الکثیر ضاراً بالصرع الدماغی، و من الوجورات فی حال الصرع و غیره حلتیت و جندبیدستر فی سکنجبین عسلی، و من النفوخات للصرع شحم الحنظل، و قثاء الحمار و عصارته و النوشادر و الشونیر و نحوه، و الکندس و الخربق الأبیض، و الفلفل و الزنجبیل، و المرّ، و الفربیون، و الجندبیدستر، و الاسطوخودس تفاریق، و مرکّبه، و الحلتیت، و الزفت و القطران، و من البخورات الفاواینا، و من المشمومات السذاب فی الصرع، و فی وقت الراحه. و مما اختاره حنین ثافسیا یعجن بدقیق شعیر، و خل خمر، و یتخذ منه نفّاخات، و یدام شمّها.
و من الأشربه السکنجبین العنصلی خاصه یسقاه کل یوم، و کذلک شراب الأفسنتین و طبیخ
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 302
الزوفا بالصعتر، أو السکنجبین الذی یتّخذ منهما، و السکنجبین العنصلی أیضاً یسقی بماء حار فی الشتاء، و فی الصیف بماء بارد.
و من المروخات الجیّده لهم مما قد قیل، منح ساق الجمل بدهن الورد علی الأصداغ و الشئون و الفقار و الصدر. و أما تعلیق الفاواینا، فقد جرب الأوائل منعه للصرع، و یشبه أن یکون ذلک بالرومی الرطب أخصّ. و من الأدویه التی یجب أن تسقی أبداً الغاریقون، و أصل الزراوند المدحرج، و السیسالیوس، و سفردیون، و الفاواینا، یسقون منه
فی کل وقت بالماء. و قد استوفق أن یشرب کل یوم نبقه من التیادریطوس مرتین غدواً، و عند النوم، فإنه مما برأ به عالم، و استجب له بعضهم أن یسقوا من زبد البحر کل یوم مرتین، و من الجعده لخاصیه فی الجعده و الحساء أیضاً، و مما ینفعهم دواء الإشقیل بهذه الصفه، و نسخته: یؤخذ الإشقیل، و یجعل فی برنیه قد کان فیها خلّ، و یشدّ رأسها بصمام قوی، ثم یعلی بجلد ثخین، و یترک فیه أربعین یوماً، أولها قیل طلوع الشعری بعشرین یوماً، و ینصب البرنیه فی الشمس معترضه للجنوب، و لتقلب کل حین قلیل، لیکون ما یصل إلی أجزائه من الحر متشابه الوصول، ثم تفتح البرنیه فتجد الأشقیل کالمطبوخ المتهرّی فتعصره، و تأخذ عصارته و تخلطه بعسل و تسقی منه کل یوم قدر ملعقه، و إن أعجل الوقت طبخ الاشقیل فی ماء و خلّ، و اتخذ منه سکنجبین عسلی.
و من الأدویه الجیده لهم، أن یؤخذ من السیسالوس ثلاثه مثاقیل، و من حبّ الغار ثلاثه مثاقیل، و من الزروند المدحرج مثقالان، و من أصل الفاواینا مثقالان، و من الجندبیدستر و أقراص الاشقیل من کل واحد مثقال، یعجن بعسل منزوع الرغوه، و یستعمل کل یوم مع السکنجبین. و مما ینفعهم الانتقال فإن الانتقال إلی البلدان حتی یصادف هواء ملائماً ملطفاً مجففاً، کالانتقال فی الأسنان من الصبا إلی الشباب فی المنفعه من المصروعین، و إذا عرض للمصروعین التواء عضو و تشنّجه، سوی بالدلک بالدهن و الماء الفاتر و الغز القوی.
و إذا کان الصرع دماغیاً، فالأولی به الاستفراغ بالخربق و ما یجری مجراه، و شحم الحنظل، و سقمونیا و أیارج، و طبیخ الغاریقون، إسهالًا بعد إسهال فی
السنه، و إذا وجب الفصد من أی خلط کان، فیجب أن لا یقصر بل یفصد، و لو من القیفالین معاً، و یتّسع بفصد العروق التی تحت اللسان.
و قد یحجم علی القفا لجنب الماده فی الأسبوع عن الدماغ إن لم یکن هناک من مزاج الدماغ و ضعفه ما یمنعه، و ربما احتجت أن تکثر الفصد، فإذا فعلت ذلک، فالواجب أن تریح أسبوعاً، ثم تسهل بمشروبات و بحقن قویه من قنطریون، و شحم الحنظل و الخروع و غیر ذلک، ثم تریح، ثم یحجم عند الکاهل و الرأس و نقره القفا و علی الساق، ثم تریح، ثم تسهل، و لا تزال تستمر علی إراحات و تعاود إلی أن یتنقی.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 303
و یستعمل بعد ذلک الغراغر و العطوسات و ما ینقی الرأس وحده مما علمته، و إذا سعطوا بالشلیثا، ثم بالشابانک، و بماء المرزنجوش، کان نافعاً.
و یجب أن تتلقی التوبه بنقاء المعده، و إن أمکن له أن یتقیأ قبل الطعام، و خصوصاً عن مثل السمک الملیح و غیره، کان موافقاً. و بعد ذلک فیدل علی مزاج الدماغ بالمقویات المسخنه من الأضمده بالخردل و ما یجری مجراه مما عرفته، و أشممه السذاب، و یجب أن لا تحمل علیه بالمسخّنات و مبدلات المزاج دفعه، بل بتدریج فی ذلک، فإن عرض من ذلک ضرر فی أفعاله، فأرح و ما کان منه سببه البلغم فأفضل ما یستفرغون به أیارج شحم الحنظل، و أیارج هرمس، و إن استعملوا من أیارج هرمس کل یوم وزن نصف درهم بکره، و نصف درهم عشیه، عظم لهم فیه النفع، و إن کان مع البلغم امتلاء کلّی، فالفصد علی ما وصفناه نافع لهم، و
کذلک الاستفراغ بالتربد، و الغاریقون، و الاسطوخودوس، و أیارج روفس خاصه.
و أما السوداوی، فیسهل بمثل طبیخ الأفتیمون، و الخربق، و حجر اللازورد، و الحجر الأرمنی، و الاسطوخودوس، و البسفائج، و الهلیلج. و من المروخات مخّ ساق الجمل بدهن الورد علی الفقار، و الأصداغ، و الصدر. و الصرع الصفراوی، فیجب أن یعتنی فیه بالتبرید و الترطیب، و خصوصاً بالحقن.
و إن کان محترقاً فهو فی حکم السوداوی، أو بین الصفراوی و السوداوی. و المسمّی بأم الصبیان عسی أن یکون من قبیل الصفراوی عند بعضهم، و لذلک نأمر فی علاجه بالأبزن، و السعوطات البارده الرطبه، و حلب اللبن علی الرأس، و استعمال الترطیب القوی للبدن. و إن کان صبیاً، فإننا نأمر أن تسقی مرضعته ما یبرّد لبنها، و نأمر أن تسکن موضعاً بارداً سردابیاً، و یشبه أن یکون هذا عنده صرع صباری، أو مانیا، و لیس استعمال هذا الاسم مشهوراً عند محقّقی الأطباء، و إذا عرض لبعض أعضاء المصروع التواء و تشنّج، فإنه ینفعه الدلک بالدهن و الماء الفاتر، و أن یحمل علیها بالغمز.
و أما إذا کان الصرع معدیاً، فأرفق ما یستفرغون به شحم الحنظل، و الأسطوخودوس، و یستعمل ذلک فی السنه مراراً، و یجب بعد التنقیه للمعده أن یتعهدها بالتقویه، و لا یورد علیها إلا أغذیه سریعه الهضم جیده الکیموس، و نوردها علی ما نصف فی موضعه، و یجتهد فی تحصیل جوده الهضم، و یجب أن یترکوا المعده خالیه زماناً طویلًا، و ما کان یهیج من ذلک علی الجوع، فلتیدارک بما قیل فی باب الصداع و غیره.
و أما الذی یکون مع تصعد شی ء من عضو، فیجب أن یبطّ فوق العضو عند النوبه، فربما منع النوبه، و یستفرغ
الخلط الذی فی العضو، إما بالاستفراغات المعروفه- إن کان قد یصل إلیه قوه الاستفراغ- أو بالتقریح و التصدید فی وقت السکون بالأدویه التی تقرح و تسیل القیح، و بإحراق الماده بمثل طلاء ثافسیا و فربیون و غیر ذلک. و هذه الأدویه تعرفها من ألواح الکتاب
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 304
الثانی، و ربما وجب أن یستعمل فیها درجه استعمال الذراریح، و الکیبکج، و خرء البازی، و البلاذر و غیر ذلک.
و إن احتجت إلی شرط البدن، فاشرطه.
و أما الذی یصعد عن البدن کله فقال بعضهم: لو لا الخطر فی فصد شریانی السبات، و إن کان یمکن حبس الدم، و لکن بما یحدث من تبرید الدماغ و انقطاع الروح، و یتبعه من السکته، لکان فیه برء تام لمن به صرع بمشارکه البدن کله، و ربما یتصعّد إلی الدماغ منه. و نقول: إن کان لیس یمکن هذا، فما کان من الشرایین الصاعده لیس فی قطعه هذا الخطر، فلا یبعد أن یعظم ببتره النفع، فاعلم جمیع ما قلنا.
السکته تعطّل الأعضاء عن الحس و الحرکه لانسداد واقع فی بطون الدماغ، و فی مجاری الروح الحساس و المتحرک، فإن تعطّلت معه آلات الحرکه و التنفس، أو ضعفت فلم تسهل النفس، کان هناک زبد، و کان ذا فترات کالاختناق، أو کالغطیط، فهو أصعب، یدل علی عجز القوه المحرّکه لأعضاء النفس. و أصعبه أن لا یظهر النفس، و لا الزبد و لا الغطیط، و إن لم تعظم الآفه فی التنفس، و نفذ فی حلقه ما یوجر، و لم یخرج من الأنف، فهو و إن کان أرجی من الآخر، فلیس یخلو من خطر عظیم. و قد قال بقراط: إن السکته إذا کانت
قویه لم یبرأ صاحبها، و إن کانت ضعیفه لم یسهل برؤه، و هذا الانسداد یکون، إما لانطباق، و إما لامتلاء. و الانطباق هو أن یصل إلی الدماغ ما یؤلمه أو یؤذیه، فیتحرّک حرکه الانقباض عنه، أو تکون الکیفیه الواصله إلیه قابضه مکثفه لطباعها کالبرد الشدید. و أما الامتلاء، فأما أن یکون امتلاء مورماً، أو یکون غیر مورم. و الامتلاء المورم، هو أن یحصل هناک ماده فتسدّ من جهه الامتلاء، و تسدّ من جهه التمدید، و هذا من أنواع السکته الصعبه، و سواء کانت الماده حاره، أو کانت بارده. و الذی یکون بغیر ورم- و هو الذی یکون فی الأکثر- فإما أن یکون فی نفس الدماغ، و بقربه فی مجاری الروح من الدماغ، و إما أن یکون فی مجاری الروح إلی الدماغ.
و الذی یکون فی مجاری الروح من الدماغ و فی الدماغ، فإما خلط دموی ینصبّ إلی بطون الدماغ دفعه، و إما خلط بلغمی،- و هو الغالب الأکثری- و أما الذی یکون فی مجاری الروح إلی الدماغ، فذلک عند ما یسدّ الشریانات و العروق من شده الامتلاء، و کثره الدم، فلا یکون للروح منفذ، فلا یلبث أن یختنق، و یعرض من ذلک ما یعرض عند الشدّ علی العرقین السباتیین من سقوط الحس و الحرکه، فإن مثل ذلک إذا وقع من سبب بدنی، فعل ذلک الفعل.
فهذه أنواع السکته و أسبابها، و ربما قالوا سکته، و عنوا بها الفالج العام للشقّین جمیعاً،
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 305
و إن کانت أعضاء البدن سلیمه، و ربما قالوا الاسترخاء شق سکته ذلک الشق قد جاء ذلک فی کلام بقراط، و قد یعرض أن یسکت الإنسان، فلا یفرّق بینه و
بین المیت، و لا یظهر منه تنفس و لا شی ء، ثم أنه یعیش و یسلم، و قد رأینا منهم خلقاً کثیراً کانت هذه حالهم، و أولئک فإن النفس لا یظهر فیهم، و النبض یسقط تمام السقوط منهم، و یشبه أن یکون الحار الغریزی فیهم لیس بشدید الافتقار إلی الترویح، و یفضی البخار الدخانی عنه إلی نفس کثیر لما عرض له من البرد، و لذلک استحبّ أن یؤخر دفن المشکل من الموتی إلی أن تستبین حاله، و لا أقل من اثنتین و سبعین ساعه.
و السکته تنحل فی أکثر الأمر إلی فالج، و ذلک لأن الطبیعه إذا عجزت عن دفع الماده من الشقین جمیعاً دفعتها إلی أقبل الشقین الموصب و أضعفهما و نفذتها فی خلل المجاری مبعده إیاها عن الدماغ و بطونه.
و قد یدل علی أن السده فی السکته مشتمله علی البطون، إنها لو کانت فی البطن المؤخّر وحده لما کان یجب أن یتعطل الحسّ فی مقدّم الرأس و الوجه، و قد قال بقراط: من عرض له- و هو صحیح- وجع بغته فی رأسه، ثم أسکت، فإنه یهلک قبل السابع، إلا أن یعرض به حمی، فیرجی أی الحمی یرجی معها أن تنحلّ الفضله.
و اعلم أن أکثر ما تعرض السکته تعرض لذوی الأسنان، و الأبدان، و التدابیر الرطبه، و خصوصاً إذا کان هناک مع الرطوبه برد، فإن عرض لحار المزاج و یابسه، فالأمر صعب، فإن المرض المضاد للمزاج لن یعرض إلا لعظم السبب.
و قد یکون المزاج بعیداً منه غیر محتمل له، و قلما تعرض سکته عن حراره، و إذا انبسطت ماده الفالج فی الجانبین أحدثت سکته، کما إذا انقبضت ماده السکته إلی جانب أحدثت فالجاً. و کثر سبب
السکته فی البطنین المؤخرین، و إذا کان مع السکته حمّی، فهناک ورم فی الأکثر، و الذی یحوجون إلی فصد کثیر لسوداویه مائهم، فینتفعون بکثره الفصد، یخسرون فی العقبی، فیقعون فی السکته و نحوها.
الاستعداد للسکته الدائره:
تناول الأدویه الحاده معجل لاستعجال الأخلاط المتوانیه، و قد ذکرنا إنذار الدوائر بالسکته، فلتقرأ من هناک.
العلامات:
الفرق بین السکته و السبات، أنّ المسکوت یغطّ، و تدخل نفسه آفه، و المسبوت لیس کذلک، و المسبوت یتدرّج من النوم الثقیل إلی السبات، و المسبوت یعرض ذلک له دفعهً.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 306
و السکته یتقدمها فی أکثر الأوقات صُداع، و انتفاخ الأوداج، و دُوار، و سَدر، و ظلمهُ البَصر، و اختلاج فی البدن کله، و تریف الأسنان فی النوم، و کسل و ثقل، و کثیراً ما یکون بوله زنجاریاً و أسود، و فیه رسوب نشاری و نخالی. أما ما کان عن أذی و ضربه و سقطه و مشارکه عضو، فتعرفه من الأصول التی تکرّرت علیک. و أما ما کان من ورم، فلا یخلوَ من حمی ما. و من تقدم العلامات التی ذکرناها للأورام و ما کان من الدم. فیدل علیه علامات الدم المذکوره مراراً کثیره، و یکون الوجه محمراً، و العینان محمرّتین جداً، و تکون الأوداج و عروق الرقبه متمدّده و یکون العهد بالفصد بعیداً، و تناول ما یولد السوداء سابقاً، و أما ما کان من بلغم، فیدل علیه السحنه، و لون العین، و بلّه الخیاشیم، و غیر ذلک مما قیل إذا حدث بالتشنّج دوار لازم، أو متکرّر فذلک ینذر بسکته.
المعالجات:
أما العلاج الکائن من أذی من خارج، فهو تدبیر ذلک السبب البادی، و الذی من مشارکه، فهو تدبیر العضو الذی یشارکه بما
مر لک فی القانون، و مرّ لک فی أبواب أخری. و الذی یکون من الدم فتدبَیره الفصد فی الوقت و إرسال دم کثیر، یفیق فی الحال، و بعد الفصد، فیحقن بما عرفت من الحقن لینزل الماده عن الرأس، و یلطف تدبیره، و یقتصر به علی الجلّاب، و ماء الشعیر الرقیق، و ماء الجبن، و یشمم ما یقوی الدماغ، و لا یسخن مما قد عرفت. و أما الکائن من البلغم، فإن وجد معه علامات الدم فصد أیضاً، ثم حُقن بحقن قویه و حمل شیافات قویه یقع فیها الصموغ و مراره البقر، ثم جرع بما یسهل أن تقذفه، و من الحبوب المعتمده فی سقیهم حب الفربیون، و أکب بعد ذلک علی رأسه و أعضائه بالکمادات المسخنه، و بالنطولات المتخذه من میاه طُبخ فیها الحشائش المسخّنه، مثل الشبث، و الشیح، و المرزنجوش، و ورق الأترج، و المفوتنج، و الحاشا، و الزوفا، و أکلیل الملک، و الصعتر، و القیسوم، و بأدهان فیها قوه هذه الحشائش، و دهن السذاب قد فتق فیه عاقرقرحا، و جندبیدستر و جاوشیر، و قنه، و ادهن بدنه کله بزیت فیه کبریت، و إن کانت الکمّادات من القرنفل، و الهال و البسباسه، و جوزبَوا، و الوجّ، کان صواباً، و تدلک رجله بالدهن الحار المسخن و الماء الحار و الملح، و تمرّخ الخرز بالمیعه و الزئبق، و یجعل علی أصل النخاع الخردل، و السکبینج، و الجندبیدستر و الفربیون.
و من الأدهان الجیده لهم، دهن قثاء الحمار، و دهن السذاب، و دهن الاشقیل المتخذ بالزیت العتیق، إما إنقاعاً للرطب فیه أربعین یوماً، أو طبخاً إیاه فیه بأن یؤخذ من الزیت العتیق قسط، و من الاشقیل، أوقیتان، یطبخ فیه حتی
ینهرس، و کذلک دهن العاقرقرحا علی الوجهین المذکورین. و أی دهن استعمل علیهم، فأصلح ذلک بأن یخثر بالشمع حتی یقف، و لا یزلق، و ینبغی أن یبتدأ بالأضعف من المروخات، فإنّ أنجح، و إلّا زید و انتقل الأقوی، و لا بأس بعد استفراغه بالحقن و غیره من أن یقرب إلی أنفه، و خصوصاً الکندس و السعوطات القویه،
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 307
و بالأدهان القویّه، و أن تحمی الحدید و تحاذیه رؤوسهم، و أن یضمّد رأسه بالضمادات المحلله التی عرفتها.
و أما إن أمکن تقیئته بریشه تدخل فی حلقه ملطخه بدهن السوسن، أو الزیت، و خصوصاً إذا حدس أن فی معدته امتلاء، ویقون قد تقدمه تخمه انتفع به نفعاً شدیداً. و فی القی ء فائده أخری، فإن التهوّع و تکلف القی ء، یسخّن مزاج رؤوس من سکتته بارده رطبه، و یجب أن تسهل ریاحهم بما یخرجها، فیجدون به خفاً. و قد یبادر إلی إلقامهم ما تقدم ذکره قبل لئلا تفسد أسنانهم بعضها ببعض، و یجب إذا بقوا یسیراً، أن یسقوا دهن الخروع المطبوخ بماء السذاب کلّ یوم درهمین مع ماء الأصول، و یدرج حتی یسقی کل یوم خمسه دراهم، و إن أمکن بعد الاستفراغ أن یوجروا قدر بندقه من التریاق و المثرودیطوس، و من الشلیثا و الأنقردیا و الشجرینا و ما أشبه ذلک، و من البسیط: جندبیدستر، مثقال بماء العسل، و السکنجبین العسلی فعل. و أیضاً إذا شرب منه باقلاه، و شرابهم ماء العسل الساذج، أو بالأفاویه بحسب الحاجه، و إذا رأیت خفّاً غرغرت، و عطست، و وضعت المحاجم علی القفا و النقره، بشرط، أو بغیر شرط، علی حسب الماده، و رجحتهم فی أرجوحه، ثم تحمّمهم بعد
ثلاثه أسابیع، و تمرخهم یوم الحمّام بأدهان مسخّنه.
و من الغراغر النافعه لهم بعد تنقیه الکلیه، طبیخ الحاشاء و الفوتنج، و السعتر، و الزوفا و نحو ذلک، فی الخلّ یخلط به عسل، و أیضاً ماء سلق طبخ فیه العاقرقرحا، المیویزج، و الحاشا، و السّماق. و أقوی من ذلک أن یؤخذ الفلافل، و الدارفلفل، الزنجبیل و المیویزج، و البورق و الورد، و السّماق، فیُدقّ و یُعجن بمیبختج، و یتخذ منه شیافات، ثم تستعمل مضوغاً، أو غرغره فی طبیخ الزوفا بالمصطکی. و مما یقرب منه إذا فعل ذلک، الفلفل، و الدارفلفل، و الخردل، و الفوتنج و من المضوغات الفوتنج، و المیویزج، و الفلفل، و المرزنجوش، و الخردل، إفراداً و مجموعه، و یخلط بها مثل الورد و السّماق لا بدّ منه. و الوجّ مما ینفع فی هذا الباب و یقوی تأثیره، و ینفعهم التدهین بالأدهان الحاره المقویّه للروح الذی فی الأعصاب، و لجوهر الأعصاب المحلّله للفضول فی التی لا عنف فیها، مثل دهن السوسن و بعده دهن المرزنجوش، و دهن البابونج و الشبث، و دهن الإذخر، و خصوصاً علی الرأس، فإنه الذی یجب أن یعتمد علیه فی أمر الرأس، خصوصاً و قد أخذ قوّه من الزوفا، و السعتر، و الفوتنج، و الحاشا و نحو ذلک. و تغذیه أصحاب السکته ألطف من تغذیه أصحاب الصرع.
و الأصوب أن یقتصر بهم فی الغدوات علی الخبز وحده. و الخبز بالتین الیابس جید لهم، الشرب علی الطعام من أضرّ الأشیاء لهم، و إذا أرادوا أن یتعشوا فلا بأس أن یقوموا قبله ریاضه خفیفه، و حرّکوا الأعضاء المسترخیه تحریکاً. و إذا تناولوه لم یناموا علیه بسرعه، بل یصبرون ریث ما ینزل، و ینهضم انهضاماً، و
لا یسهرون أیضاً کثیراً، فإن ذلک یُعی الدماغ و یُحلّل
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 308
من الأغذیه بخارات غیر منهضمه لمنعه الهضم. و قوم یستحبون لهم الشعیر بالعدس و الزبیب و اللوز و التین من الأنقال الموافقه لهم. و الشراب الحدیث لا یوافقهم لما فیه من الفضول، و العتیق لما فیه من سرعه النفوذ إلی الدماغ، و ملئه، بل أوفق الشراب لهم ما بین بین، و إذا حُمَّ المسکوت فتوقف فی أمره حتی ینکشف، فربما کان بُحراناً. و المهله إلی اثنین و سبعین ساعه، فإن کان لیس کذلک، بل الحمّی لورم و عفونه فهو مهلک. و اعلم أن السکته و الفالج تضیق المجاری إلیهما فلا تکاد الأدویه المستفرغه تستفرغ من الماده الفاعله لها خاصه، فاعلم جمیع ذلک.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 309
أمّا نفس العصب، فقد عرفت منشأه و توزّعه و شکله و طبعه و تشریحه.
و أما أمراضه، فاعلم أنه قد تعرض له أصناف الأمراض الثلاثه أعنی المزاجیه و الآلیه، و انحلال الفرد المشترک، و تظهر الآفه فی أفعاله الطبیعیه و الحاسّه و المحرّکه.
و الحرکات العنیفه فی إحداث علل العصب مدخل عظیم فوق ما فی غیرها، فإنها آلات الحرکات. و الحرکات العنیفه، هی مثل التمدید بالحبل، و رفع الشی ء الثقیل، و کل ما فیه تمدید قوی، أو عصر و تقبیض، و مأخذ الاستدلال فی أحواله من أفعال الحسّ و الحرکه، و من الملمس فی اللین و الصلابه، و من مشارکه الدماغ و الفقار إیاه، و من الأوجاع و المواد التی تختصّ بالعصب، و أکثر العلامات التی یتوصل منها إلی معرفه أحوال الدماغ من ضرّ الأفعال و من الملمس، و إذ أشکل فی
مرض من أمراض العصب أنه رطب، أو یابس تؤمل کیفیه عروضه، فإنه إن کان قد عرض دفعهً، لم یشک أنه رطب.
و أیضاً یعتبر انتشاف العضو للدهن، فإنه إن نشفه بسرعه، لم یشک أنه یابس بعد أن لا یکون العضو قد سخن سخونه غریبه.
و الریاضه بعد التنقیه أفضل مبدّل لمزاجه، و لکل عضو بحسبه، و یجب أن یبدأ بالأرفق، و یتدرّج إلی ما فیه قوّه معتدله.
و أما وجه العلاج، فی تنقیه الأعصاب و تبدیل أمزجتها، فإن أکثر ما یحتاج أن یستفرغ عنه بالکلیه إنما هو من المواد البارده. و مستفرغاتها هی الأدویه القویه، مثل شحم الحنظل، و الخربق، و خصوصاً الأبیض إذا قی ء به، و الفربیون، و الأشج، و السکبینج، و سائر الصموغ القویه و الأیارجات الکبار القویه. و من استفراغاتها اللطیفه الحمام الیابس و الریاضه المعتدله. و أما مبدّلات أمزجتها فهی المذکوره فی باب الدماغ، و خصوصاً ما کان فیه دهنیه، أو کان دهناً، و إذا استعملت شحوم السباع، و إعکار الأدهان الحاره، مثل عکر الزیت، و عکر دهن الکتّان، کان موافقاً لأمراض العصب البارده، و ملائماً لصلابته. و دهن القسط، و دهن الحندقوقی، شدید الاختصاص بالأعصاب، ثم الأنطله و العصارات بحسب الأمزجه، و لکنها
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 310
تحتاج أن تکون أقوی جداً، و أن تبالغ فی التدبیر فی تنفیذها بتحلیل البدن و تفتیح المسام مبالغه أشدّ.
و أکثر ما یحتاجون إلیه من المبدّلات ما یسخن، مثل ضمّاد الخردل، و الثافسیا، و ضمّاد الزیت، و استعمال الزیت المطبوخ فیه الثعالب الذی نصفه فی باب أوجاع المفاصل، و کذلک المطبوخ فیه الضباع، و ینتفعون بالصمغ الصنوبری جداً. و اعلم أن أکثر أمراض العصب،
یقصد فی علاجها فصد مؤخر الدماغ إلا ما کان فی الوجه، ثم بعد ذلک مبدأ العصب الذی یحرک ذلک العضو المریض عصبه. و العصب قد یضرّ بأشیاء، و ینتفع بأشیاء، قد ذکرنا کثیراً منها فی ألواح الأدویه المفرده، و إنما یعتبر ذلک فی أحواله و أمراضه التی هی أخص به. فالأشیاء المقویّه للأعصاب من المشروبات الوج المربّی، و جندبادستر، و لب حب الصنوبر، و دماغ الأرنب البری المشوی، و الاسطوخودوس خاصه. و الشربه منه کل یوم وزن درهم محبباً، أو بشراب العسل. و أوفق المیاه لهم ماء المطر، و تنفعهم الریاضه المعتدله و الأدهان الحاره. و الأشیاء الضاره بالأعصاب الجماع الکثیر المفرط، و النوم علی الامتلاء، و شرب الماء البارد المثلوج، و الکثیر السکر، و الشرب الکثیر لشده لذع الشراب، و لاستحالته إلی الخلیه، فیبرد مع ذلک، و یضرهم کل حامض نافخ و مبرّد بقوه. و الفصد الکثیر یضرهم، و نحن نرید أن نذکر فی هذه المقاله ما کان من أمراض العصب مزاجیاً، أو سددیاً. و أما أورامها و قروحها فنحن نؤخّرها إلی الکتاب الرابع الذی یتلو هذا الکتاب. و اعلم أن الماء البارد یضرّ بالعصب لما یعجز عن هضم الرطوبات فیه، فینقلب خاماً. و اعلم أن الغاریقون مقو للعصب مسخن منق جداً.
الفالج قد یقال قولًا مطلقاً، و قد یقال قولًا مخصوصاً محقّقاً، فأما لفظه الفالج علی المذهب المطلق، فقد تدلّ علی ما یدل علیه الاسترخاء فی أی عضو کان، و أما الفالج المخصوص فهو ما کان من الاسترخاء عاماً لأحد شقّی البدن طولًا، فمنه ما یکون فی الشق المبتدأ من الرقبه، و یکون الوجه و الرأس معه صحیحاً، و منه ما یسری فی
جمیع الشق من الرأس إلی القدم. و لغه العرب تدل بالفالج علی هذا المعنی، فإن الفلج قد یشیر فی لغتهم إلی شق و تنصیف، و إذا أخذ الفالج بمعنی الاسترخاء مطلقاً، فقد یکون منه ما یعم الشقین جمیعاً سوی الأعضاء الرأس التی لو عمها کان سکته، کما یکون منه ما یختص بإصبع واحد.
و معلوم أن بطلان الحس و الحرکه یکون لأن الروح الحساس، أو المتحرک، إما محتبس عن النفوذ إلی الأعضاء، و إما نافذ، و لکن الأعضاء لا تتأثر منه لفساد مزاج. و المزاج الفاسد، إما حار، و إما بادر، و إما رطب و إما یابس، و یشبه أن یکون الحال لا یمنع تأثیر الحس فیها ما لم یبلغ الغایه، کما تری فی أصحاب الذبول و المدقوقین، فإنهم مع حرارتهم لا تبطل حرکتهم
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 311
و حسهم. و الیابس أیضاً قریب الحکم منه، بل المزاج الذی یمنع علی الحس و الحرکه فی الأکثر هو البرد و الرطوبه، و لیس ذلک ببعید، فإن البرد ضد الروح، و هو یخدره، و الرطوبه لا یبعد أن تجعل العضو مهیأ للبلاده، فإن من أسباب بطلان الحرکه برد أو رطوبه بلا ماده.
و لکن مثل ما یسهل تلافیه بالتسخین، و کأنه لا یکون مما یعم أکثر البدن، أو شقاً واحداً منه دون شق، بل إن کان و لا بد، فیعرض لعضو واحد، فیشبه أن یکون الفالج و الاسترخاء الأکثری ما یکون بسبب احتباس الروح، و سبب الاحتباس الانسداد، أو افتراق المسام، و المنافذ المؤدیه إلی الأعضاء بالقطع، و الانسداد، إما علی سبیل انقباض المسام، و إما علی سبیل امتناع من خلط ساد، و إما علی سبیل أمر
جامع للأمرین و هو الورم، فیکون سبب الاسترخاء و الفالج الفاعل لانقطاع الروح عن الأعضاء انقباضاً من المسام، أو امتلاء، أو ورماً، أو انحلال فرد، فالانقباض من المسام، قد یعرض لربط من خارج بما یمکن أن یزال، فیکون ذلک الاسترخاء، و ذلک البطلان من الحس و الحرکه أمراً عرضیاً یزول بحل الرباط، و قد یکون من انضغاط شدید کما یعرض عند ضربه أو سقطه، و کما یعرض إذا مالت الفقرات و انکسرت إلی أحد جانبی یمنه و یسره، فتضغط العصب الخارج منها فی تلک الجهه، أو إلی قدام و خلف، فیعرض منه أکثر الأمر تمدید لا ضغط، لأن التقاء الفقرات فی جانبی قدام و خلف لیس علی مخارج العصب، لأن مخارج العصب علی ما علمت لیست من جهتی قدام و خلف. و قد تنقبض المسام بسبب غلظ جوهر العضو. و أما الامتلاء الساد فیکون من المواد الرطبه السیاله التی ینتفع بها العضو، فتجری فی خلل الأعصاب کلها أو تقف فی مبادی الأعصاب أو شغب الأعصاب، و تسد طریق الروح الساری فیها.
و أما الورم، فذلک أن یعرض أیضاً فی منابت الأعصاب و شعبها ورم، فیه المنافذ، و أما القطع الذی یعرض للعصب فما کان طولًا، فلا یضر الحس و الحرکه، و ما کان عرضاً، فیمنع الحس و الحرکه من الأعضاء التی کانت تستقی من المجاری التی کانت متصله بینه و بین اللیف المقطوع الآن، و اعلم أن النخاع مثل الدماغ فی انقسامه إلی قسمین، و إن کان الحس لا یمیزه، و کیف لا یکون کذلک، و هو ینبت أیضاً عن قسمی الدماغ، فلا یستبعد أن تحفظ الطبیعه إحدی شقیه، و تدفع الماده إلی الشق الذی هو
أضعف، أو الذی هو أقبل للماده أولًا، أو الذی عرضت له الضربه و الصدمه، أو الذی اندفع إلیه فضل من الشق الذی یلیه من الدماغ، و لا ینبغی أن یتعجب من اختصاص العله بشق دون شق، فإن الطبیعه بإذن خالقها تعالی قد تمیز ما هو أدق من هذا، و تذکر هذا من أصول أعطیناک فی الکتاب الأول.
و اعلم أنه کثیراً ما تندفع الماده الرطبه إلی أطراف العلیه حر علی البدن أو لحرکه مغافصه من خوف أو جزع أو غضب أو کدر أو غم.
و اعلم أنه إذا کانت الآفه و الماده التی تفعل الفالج فی شق من بطون الدماغ، عم شق
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 312
البدن کله و شق الوجه معه، أو مجاریه کانت سکته، فإن کانت عند منبع النخاع، کان البدن کله مفلوجاً دون أعضاء الوجه، و ربما وقع فی ذلک خدر فی جلده الرأس، إن امتنع نفوذ الحس، لأن جلده الرأس یأتیها العصب الحاس من العنق کما بینا، و إن کان فی شق من منبت النخاع، عم الشق کله دون الوجه، و إن کان نازلًا عن المنبت مستغرقاً أو فی شق من استرخی و فلج ما یلیه العصب منه عن الأعضاء، و إن لم یکن من النخاع بل من العصب استرخی ما یخص ذلک العصب إن کان فی جل العصب، أو فی نصفه، أو بعض منه، استرخی ما یتحرک بما یأتیه من ذلک المؤف بسبب ماده أو انحلال فرد أو ورم. و من الفالج ما یکون بحراناً للقولنج، و کثیراً ما یبقی معه الحس، لأن الماده تکون معه فی أعصاب الحرکه دون الحس. و ذکر بعض الأولین أن القولنج عم بعض السنین،
فقتل الأکثر و من نجا نجا بفالج مزمن أصابه کأن الطبیعه نفضت تلک الماده التی کانت تأتی الأمعاء و ردّتها إلی خارج، و کانت أغلظ من أن تنفذ بالعرق، فلحجت فی الأعصاب و فعلت الفالج. و أکثر ما یقع من هذا یکون مع ثبات الحسّ بحاله. و من الفالج ما یکون بُحراناً فی الأمراض الحادّه ستنتقل به الماده إلی الأعصاب، و ذلک إذا لم تقو الطبیعه للسن، أو الضعف علی تمام استفراغ، فبقیت بواق من الماده فی نواحی الدماغ، فبقی بعد المنتهی صداع، و ثقل رأس، ثم دفعته الطبیعه دفع ثقل لا دفع استفراغ تام، فأحدثت فالجاً و نحوه. و أکثر ما یعرض الفالج، یعرض فی شدّه برد الشتاء، و قد یعرض فی الربیع لحرکه الامتلاء، و قد یعرض فی البلاد الجنوبیه لمن بلغ خمسین سنه و نحوه علی سبیل نوازل مندفعه من رؤسهم لکثره ما یملأ المزاج الجنوبی الرأس. و نبض المفلوج ضعیف بطی ء متفاوت، و إذا أنهکت العلّه القوه، ضعف النبض و تواتر، و وقعت له نترات بلا نظام. و البول قد یکون فیه علی الأکثر أبیض، و ربما أحمر جداً لضعف الکبد عن تمییز الدم عن المائیه، أو ضعف العروق عن جذب الدم، أو لوجع ربما کان معه، أو لمرض آخر یقارنه، و قد یعرض أن یکون الشقّ السلیم من الفالج مشتعلًا کله فی نار، و الآخر المفلوج بارداً کأنه ثلج، و یکون نبض الشقین مختلفاً، فیکون نبض الشق البارد ساقطاً إلی ما توجبه أحکام البرد، و ربما تأذی إلی أن تصغر العین من ذلک الشقّ، و ما کان من الأعضاء المسترخیه و المفلوجه علی لون سائر البدن لیس یصغر و لا
یضمر فهو أرجی مما یخالفه، و قد ینتقل إلی الفالج من السکته، و من الصرع، و منَ القولنج، و من اختناق الأرحام، و من الحمیات المزمنه علی سبیل البحران أیضاً. و الفالج الحادث عن زوال الفقار قابل فی الأکثر، و الذی عن صدمه لم یدقّ العصب دقاً شدیداً، فقد یبرأ، فإن أفرط لم یرج أن یبرأ، و الذی یرجی منه یجب أن یبدأ فیه بالفصد. و قد ذکرنا کیف تنبسط ماده الفالج إلی السکته و بالعکس.
العلامات:
أما إن کان عن التواء، أو سقطه، أو ضربه، أو قطع، فالسبب یدلّ علیه، و ربما خفی
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 313
السبب فی القطع إذا کان العصب غائراً، فیدل علیه أنه یقع دفعه و لا ینفعه تدبیر. و أما الذی یقبل العلاج، فهو ما لیس عن قطع، بل مع ورم و نحوه، و إن کان عن ورم حار، فالتمدد و الوجع و الحمّی یدلّ علیه، و إن کان عن ورم صلب، فیدل علیه اللمس، و تعقد محسوس فی العصب، و وجع متقدم، فإنه فی الأکثر بعد ضربه أو التواء أو ورم حار.
و أما إن کان عن ورم رخو، فالاستدلال علیه شاق، إلا أنه علی الأحوال لا یخلو عن وجع یسیر و خدر، و عن حمّی لینه، و عن زیاده الوجع و نقصانه بحسب الحرکات و الأغذیه، و لا یکون حدوثه دفعه. و من جمیع هذا فإن العلیل یحسّ عند إراده الحرکه کأنَّ مانعاً له فی ذلک الموضع بعینه. و أما الفالج الکائن عن الرطوبه الفاشیه، فیحسّ صاحبه بسبب فاش فی جمیع العضو المفلوج.
و أما الکائن عن غلظ العصب، فیدل علیه عسر ارتداد العضو عن قبض یتکلّفه العلیل إن
أمکنه، أو یفعله غیر إلی الانبساط و الاسترخاء، و لا تکون الأعضاء لینه کما فی الفالج المطلق، و إن کانت الماده مع دم، دلّت علیه الأوداج، و العروق، و العین، و امتلاء النبض، و الدلائل المتکرره مراراً، و إن کان من رطوبه مجرّده دلّ علیه البیاض و الترهّل، و إن کان عقیب قولنج أو حمیّات حاده دل علیه القولنج و الحمّیات الحاده. و أما إن کان سببه سوء مزاج مفرد بارد، أو رطب، فأن لا یقع دفعه، و لا یکون هناک علامات أخری و یحکم علیه باللمس و الأسباب المؤثره فی العضو. قیل: إذا رأیت بول الصبی أخضر، فانذر منه بفالج أو تشنج.
المعالجات:
یجب أن یکون فصدک فی أمراض العصب الخمسه، أعنی الخَدَر، و التشنّج، و الرعشه، و الفالج، و الاختلاج قصد مؤخر الدماغ و لا تعجّل باستعمال الأدویه القویه فی أول الأمر، بل أخّر إلی الرابع أو السابع، فإن کانت العله قویه فإلی الرابع عشر، و فی هذا الوقت فلتقتصر علی أشیاء لطیفه مما یلیّن و ینضج و یسهّل. و الحقن لا بأس بها فی هذا الوقت، ثم بعد ذلک فاستفرغ بالمستفرغات القویه. و أما تدبیر غذائهم، فإنه یجب أن تقتصر بالمفلوج فی أول ما یظهر علی مثل ماء الشعیر، و ماء العسل یومین أو ثلاثه، فإن احتملت القوه، فإلی الرابع عشر، فإن لم تحتمل غذّیته بلحوم الطیر الخفیفه، و اجتهد فی تجویعه و إطعامه الأغذیه الیابسه علیه، ثم تعطّشه تعطیشاً طویلًا، و ینفعهم الانتقال بلبّ حب الصنوبر الکبار لخاصیه فیه. و اعلم أن الماء خیر لهم من الشراب، فإن الشراب ینفذ المواد إلی الأعصاب، و الکثیر منه ربما حمض فی أبدانهم، فصار خلًا، و
الخلّ أضرّ الأشیاء بالعصب.
و أما ما کان عن التواء أو انضغاط، فتعالج بما حددناه فی باب الالتواء و الانضغاط من بعد، و إن کان عن سقطه أو ضربه، فعلاجه صعب، علی أنه علی کل حال یعالج بأن ینظر هل أحدث ذلک الالتواء ورماً، أو جذب ماده، فتعالج کلًا بواجبه، و یجب أن توضع الأدویه فی
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 314
علاج ذلک فی أی عرض کان علی مواضع الضربه، و علی المبدأ الذی یخرج منه العصب المتجه إلی العضو المفلوج، و أما وضع الأدویه علی العضو المفلوج نفسه، فمما لا ینفع نفعاً یُعتد به، و علیک بمنابت الأعصاب سواء کان الدواء مقصوداً به منع الورم، أو کان مقصوداً به الإرخاء، أو کان مقصوداً به التسخین و تبدیل المزاج. و ربما احتیج أن یوضع بقرب العضو المضروب و المتورّم الآخذ فی الانحلال محاجم تجنب الدم عنه إلی جهه، أو إلی ظاهر البدن. و أما إن کانت العله هی الفالج الحقیقی الکائن لاسترخاء العصب، فالذی یجب بعد التدبیر المشترک هو استفراغ مادته بما ذکرناه و رسمناه و حمدناه فی استفراغ المواد الرقیقه بعینه بلا زیاده و لا نقصان. و أنفع ما یستفرغون به حبّ الفربیون، و الحبّ البیمارستانی، و حبّ الشیطرج، و حب المنتن، و أیارج هرمس، و التنقیه بالخربق الأبیض بحاله، أو بعصاره فجل فیه قوّته، و کذلک سائر المقیّئات نافعه له، و ربما درج علیه فی ذلک فیسقی التریاق من دانق دانق، ثم یزید یسیراً یسیراً، و لا یزاد علی الدرهم، و قد یخلط بسمسم مقشّر و سکر، و قد یتناول السکنجبین بحاله و الجاوشیر بحاله، و الجندبادستر بحاله بشراب العسل. و الشربه مقدار
باقلاه، و هی نافعه لهم جداً.
و یجب أن یحقنوا بالحقن القویّه، و یحملوا الشیافات القویه، و تمال موادهم إلی أسفل، و تمرخ فقارهم بالأدهان القویّه، و ینفعهم المروخات الحاره من الأدهان و الضمادات المحمره التی تکرر ذکرها مراراً، خصوصاً إذا بطل الحسّ.
و أصل السوسن من الأدویه الجیده التحمیر یحکّ تحکیکاً مروخیاً، و ینفعهم وضع المحاجم علی رؤوس العضل من غیر شرط، و لکن بعد الاستفراغ، و إنما ینفعهم من جهه ما یسخن العضل، و ربما احتیج إلی شرط ما، و یجب أن تکون المحاجم ضیقه الرؤوس و تلصق بنار کثیره و مصّ شدید عنیف و تقلع بسرعه، و إذا استعملت المحاجم، فیجب أن تستعمل متفرقه علی مواضع کثیره إن کان الاسترخاء کثیراً متفرقاً، و إن کان غیر کثیر فتوضع مجتمعه، و یستعمل علیها بعد ذلک الزفت، و صمغ الصنوبر، و تستعمل علیها الضمّادات الحاره المحمره، مثل ضمّاد دقیق الشیلم و السوسن بعسل.
و ضمّاد الخردل أیضاً مما ینفعهم، و یبدل کلما ضعف إلی أن یحمّر العضو و إلی أن یتنفّط. و ضماد الشیطرج عظیم النفع من الفالج، و هو عند کثیر منهم مغن عن الثافسیا و الخردل. و ضماد الزفت أیضاً نافع، و خصوصاً بالنطرون و الکبریت و الدلک بالزیت و النطرون و المیاه الکبریتیه و ماء البحر و النطولات الملطّفه.
و إذا کان الحس ضعیفاً، فربما نکأ الضمّاد القوی، و لم یحس به و تأدّی ذلک إلی آفه و تقریح شدیدین، فیجب أن یتحرّز من ذلک و أن یتأمل حال أثر الضماد، فإن حمّر و نفخ تحمیراً و نفخاً لا یتعدّی الجلد، و یتعرّف بغمز الإصبع غمزاً لطیفاً و یبیضّ مکانه، فالأثر لم یجاوز الجلد، و
إن کان التحمیر أثبت، و الحراره أظهر فامسک. و وجه تعرّف هذا أن تزید الضمّاد کل
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 315
وقت و تطالع الحال، فإن أوجبت الإمساک أمسکت، و إن أوجبت الإعاده أعدت.
و اعلم أن نفخ الکندس فی انافهم نافع جداً، و کذلک ما یجری مجراه، لأنه ینقّی الدماغ و یصرف المواد الفاعله للعله عن جهه العله، و الشراب القلیل العتیق نافع جداً من أمراض العصب کلها، و الکثیر منه أضرّ الأشیاء بالعصب، و استعمال الوجّ المربی مما ینفعهم، و کذلک تدریجهم فی سقی الأیارجات و مخلوط بمثله جندبیدستر حتی یبلغوا أن یسقی منه وزن سته دراهم، و کذلک سقی دهن الخروع بماء الأصول نافع جداً.
و من الناس من عالج الفالج بأن سقی کل یوم مثقال أیارج، بمثقال فلفل فشفی. و یجب إذا سقوا شیئاً من هذا أن لا یسقوا ماء لیطول بقاؤه فی المعده، و ربما مکث یوماً أجمع، ثم عمل، و ربما سقوهم لیلًا مثِقالًا من فلفل مع مثقال جندبیدستر، و لا شی ء لهم کالتریاق، و المثریدیطوس، و الشلیثا، و الأنقردیا، خاصه. و الحلتیت أیضاً شدید النفع شرباً و طلاء، و خصوصاً إذا أخذ فی الیوم مرتین، و المرقه عجیبه أیضاً، و إذا أقبل العضو، فیجب أن تروّضه بعد ذلک و تقبضه و تبسطه لتعود إلیه تمام العافیه، و قد ینتفعون بالحمّی و ینتفعون بالصیاح و القراءه الجهیره، و بعد الاستفراغات و الانتفاع بها یستعملون الحمام الطویل الیابس، أو ماء الحمّامات، و فی آخر الأمر و بعد الاستفراغات و حیث یجب أن یحلّل ینبغی أن لا تکون التحلیلات بالملیّنه الساذجه، و لکن مع أدنی قبض، و لذلک یجب أن یکون التحلیل
بماء الأنیسون، و المیعه، و الأذخر، و الجندبیدستر و ما أشبهه من الحاره القابضه.
و أما الکائن بعد القولنج، فینفعهم الدواء المتخذ بالجوز الرومی المکتوب فی القراباذین، و ینفعهم الأدهان التی لیست بشدیده القوه و کثره الترکیب، و لکن مثل دهن السوسن، و دهن الناردین، و دهن الخروع، و دهن النرجس، و دهن الزنبق، و جرب دهن الجوز الرومی، و دهن النرجس المتخذ بصمغ البلاذر، فوجد جمیعه نافعاً لخاصیته.
و قد انتفع منهم خلق کثیر بما یقوّی و یبرد و یمنع الماده، و کان إذا عولج بالحراره زادت العله، و ذلک لأن الماده الرقیقه کان ینبسط بها أکثر، و کان إذا برد العضو یقوی العضو بالبرد، و یصغر حجم الماده، و صار إلی التلاشی، و لا یجب أن یبالغ فی تسخینهم، و لکن یحتاج أن تکون الأدویه مقوّاه بمثل البابونج، و إکلیل الملک، و المرزنجوش، و النعناع و الفوتنج، و یخلط بها غیرها أیضاً مما له أدنی تبرید، مثل رب السوس، و بزر الهندبا و غیره، فهذه الأشیاء إذا استعملت نفعت جداً.
و أما الکَائن عن القطع فلا علاج له البته، و أما الکائن عن مزاج بارد، فبالمسخّنات المعروفه، و من کان سبب مزاجه ذلک شرب الماء الکثیر، فلیستعمل الحمّام الیابس. و اعلم أنه إذا اجتمع الفالج و الحمّی فأخّر الفالج و السکنجبین مع الجلنجبین نعم الدواء لهذا الوقت.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 316
التشنج عله عصبیه تتحرّک لها العضل إلی مبادیها، فتعصی فی الانبسَاط، فمنها ما تبقی علی حالها، فلا تنبسط، و منها ما یسهل عوده إلی البساط کالتثاؤب و الفواق. و السبب فیه، إما ماده، و إما سبب غیر الماده، مثل حر أو یبس.
و ماده التشنّج فی الأکثر تکون بلغمیه، و ربما کانت سوداویه، و ربما کانت دمویه، و ذلک فی أورام العضل إذا تحللت الماده المورمه قرح لیف العصب، فزادت فی عرضه و نقصت من طوله.
و کل تشنّج مادی، فإما أن تکون الماده الفاعله له مشتمله علی العضل کله، و ذلک إذا کان تشنجاً بلا ورم، و إما أن تکون حاصله فی موضع واحد، و یتبعها سائر الأجزاء، کما تکون عن التشنج الکائن للورم عن ماده منصبه لضربه، أو لقطع، أو لسبب آخر من أسباب الورم، و لا یبعد أن یکون من التشنج ما یحدث من ریح نافخه کثیفه.
و أری أنه مما یعرض کثیراً و یزول فی الوقت. و التشنج المادی، قد یعرض کثیراً علی سبیل انتقال من الماده کما یعرض عقیب الخوانیق، و عقیب ذات الجنب، و عقیب السرسام. و أما الذی یکون من التشنج لفقدان الماده و الرطوبه و غلبه لیبس، فیعرض من ذلک أن ینتقص طولًا و عرضاً و ینشوی، فیجتمع إلی نفسه کحال السیر المقدّم إلی النار و أنت تعلم حال الأوتار أنها تقصر فی الشتاء للترطب، و تقصر فی الصیف للتجفف، و کذلک حال العصب، و قد یکون من التشنّج الذی لا ینسب إلی ماده ما تقع بسبب شی ء مؤذٍ ینفر عنه العصب، و یجتمع لدفعه.
و ذلک السبب، إما وجع من سبب موجع و کثیراً ما یکون من خلط حار لاذع و إما کیفیه سمیه تتأدی إلی الدماغ و العصب، کما تعرض لمن لسعته العقرب علی عصبه، و إما کیفیه غیر سمیه مثل ما یعرض التشنّج من برد شدید یجمع العصب و العضل و یکتفه، فیتقلص إلی رأسه و کما أن الاسترخاء
قد کان یختلف فی الأعضاء بحسب مبادی أعضائه، فکذلک التشنّج.
و القیاس فیهما واحد فیما یکون دون الرقبه، و فی قدام و خلف فی جهه، و ما یکون فوق الرقبه. و التشنّج الامتلائی الرطب سببه الذاتی، أما الرطوبه و البرد یعینه علی إجماده و تغلیظه فلا ینبسط و أما الیبوسه و الحرّ یعین علی مبالغته بتحلیل الرطوبه. و الماده الفاعله للتشنج إنما تشنج و لا ترخی لغلظها و لأنها غیر مداخله لجوهر اللیف مداخله ساریه منتفعه فیها، و لکنها مزاحمه فی الفرج، و کأن التشنج صرع عضو کما أن الصرع تشنج البدن کله. و الفرق بینهم العموم و الخصوص، و أن أکثر الصرع ینحلّ بسرعه و قد یکون بأدوار و غیر ذلک من فروق تعلمها.
و من التشنج الرطب ما یعرض للمرضعات بمجاوره الثدی، و ترطیب اللبنیه للأوتار، و جمود اللبن فیها، و منه ما یعرض للسکاری، و منه ما یعرض للصبیان لرطوبتهم، و کثیراً ما یعرض لهم فی حمیّاتهم الحاده، و عند اعتقال بطونهم، و فی سهرهم و کثره بکائهم یتشنّجون أیضاً فی حمّیاتهم، و إن کانت حمیاتهم خفیفه. و بالجمله فإن الصبیان یسهل وقوعهم فی التشنج
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 317
لضعف قوی أدمغتهم و أعصابهم، و ضعف عضلهم، و یسهل خروجهم عنه لقوه قوی أکبادهم و قلوبهم، و لأن أخلاطهم لیست بعاصیه شدیده الغلظ، و لذلک یعافون عن التشنج الیابس بسرعه لرطوبه مزاجهم و رطوبه غذائهم. و أما البالغون فلا یسهل أحد الأمرین فیهم. علی أنه قد یعرض للصبیان تشنج ردی ء عقیب الحمیات الحاده، و تکون معه العلامات التی تذکر، فقلما یتخلصون منها.
و أما من جاوز سبع سنین فلا یتشنج إلا لحمی صعبه
جداً، و من التشنّج ما یعرض للخوف، و السبب فیه أن الروح الباسط یغور دفعه و یستتبع العضل متحرکه إلی المبادی، ثم تجمد علی هیئتها. و من التشنج ما یقع بسبب الاعتماد علی بعض الأعضاء و هو منقبض، فتنصب إلیه ماده و تحتبس فیه و فی هیئته و علی هندام انقباضه، و ربما کان عن ضربه فعلت ذلک، أو حمل حمل ثقیل أو نوم علی مهاد صلب، و هذا مما یزول بنفسه، و ربما کان هذا الخدر یصیب العضو لامتلاء من ماد منصبه تزاحم الروح المحرّک، و تمنع نفوذه فلا یمکن أن یحرک إلی الانبساط، و إذا عادت القوه، و فرّقت الماده انبسط. و قد یکون من الامتداد مثله، و هذا کثیراً ما یکون بعد النوم عند الانتباه إذا بقیت الأعضاء المقبوضه لا تتمدد، لأن الروح أیضاً فی النوم أکسل، فلا یلج فی الانبساط لمیله إلی الاستبطان.
و أما التشنج الیابس، فمنه ما یکون عقیب الدواء المسهل، و هو ردی ء جداً، و کذلک عقیب کل استفراغ، و منه ما یکون أیضاً عقیب الحمیات المحرقه، أو خصوصاً فی حمّیات السرسام، و عقیب الحرکات العنیفه البدنیه و النفسانیه، کالسهر، و الغم و الخوف، و ذلک مما یضل التخلص عنه، و قد یکون من التشنج ما یعرض فی الحمّیات مع ذلک، و لیس بردی ء جداً، و هو الذی یکون من تسییلها المواد فی العصب و العضل، و خصوصاً إذا کان البدر ممتلئاً، و ربما عرض ذلک فیها بمشارکه فم المعده، و یزیله القی ء. و مثل هذا التشنّج من الحمیات لیس بذلک الصعب الردی ء، إنما الصعب الردی ء ما کان فی الحمیات المحرقه، و السرسام الذی یجفف العصب و العضل و
یشوی الدماغ، و ما کان فی الحمّیات المزمنه الذی یجفف العصب و العضل، بل الدماغ و یفنی الرطوبه الغریزیه فیشنّج، و قد یکون من هذا الیابس ما یکون و یبطل سریعاً، و السبب فیه یبوسه الدماغ للضعف، فیتبعه یبوسه الأعصاب، فإنه إذا أصاب الدماغ أدنی سبب مجفف، استرجع الرطوبه من الأعصاب و النخاع، فانقبضت الأعصاب، ثم إذا عنیت الطبیعه بإفاده الدماغ رطوبه کافیه عادت الأعضاء مطیعه للانبساط بتکلف، و کما یقع من شده برد، فإنه کثیراً ما ینفع التشنج لبروده الدماغ و مشارکه العضل له. و التشنّج المؤذی هو الکائن عن الیبوسه، و من التشنج الکائن بالیبوسه ما یکون بنوع جمود الرطوبه، فیقل حجمها و یتکاثف جماً، فیشنج العضو کما یقع من شده البرد، و کما یقع لمن شرب الأدویه المخدره کالأفیون. و أما التشنج الکائن بسبب الأذی فکتشنج شارب الخربق، فإنه یشنج بعد الإسهال بالیبوسه و یشنج أیضاً قبله لمضادته و سمیته، فیؤذی العصب أذی شدیداً ینقبض معه. و من هذا القبیل تشنج من قاء خلطاً زنجاریاً
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 318
نکأ فی فم المعده، و التشنّج الکائن بسبب قوه حس فم المعده إذا اندفع إلیه مرار، و التشنج الکائن بمشارکه الدماغ للرحم فی أمراضها و المثانه و غیر ذلک، و التشنج الکائن عن لسعه العقرب و الرتیلاء و الحیه علی العصبه، أو قطع یصیب العصب، أو کله، و الکائن لعله فی المعده و الرحم و الأعضاء العصبیه.
و قریب من هذا التشنج العارض بسبب الدیدان.
و من التشنج الردی ء ما کان خاصاً فی الشفه و الجفن و اللسان، فیعلم أن سببه من الدماغ نفسه، و إذا مال البدن فی تشنجه إلی قدام، فالتشنج
فی العضلات المتقدمه، أو إلی خلف فالتشنج فی عضلات الخلف، أو مال إلیهما جمیعاً، فالعله فیهما جمیعاً مثل ما کان فی الفالج.
و ربما اشتد التشنج حتی یلتوی العنق، و تصطک الأسنان، و کل من مات من التشنج مات و بدنه بعد حار، و ذلک مما یقتل بالخنق و إنما یقتل بالخنق لأن عضل التنفس تتشنّج و تبطل حرکتها، و کل تشنج یتبع جراحه، فهو قتال و هو من علامات الموت فی أکثر الأمر.
العلامات:
نبض المتشنّجین متمدد مختلف فی الموضع یصعد و ینزل کسهام تنقلب من قوس رام، و تختلف حرکات نقراته فی السرعه و البطء، و یکون العرق حاراً أسخن من سائر الأعضاء و یکون جرم العرق مجتمعاً کاجتماع العرق فی النافض، لا کالمنضغط، و کما یکون عند صلابه العرق لطول المرض، أو الکائن مع وجع الأحشاء، و لکن کاجتماع أجزاء مصران متمدد من طرفیه. و سنذکر أمارات الوجع فی التشنج من بعد قلیل، أما التشنج الکائن عن الامتلاء، فعلامته أن یحدث دفعه و لا یتشرب سریعاً ما یجعل علیه من دهن إلا أن یکون أصابته حراره قریبه العهد. و أما الکائن عن الیبوسه، فیکون قلیلًا قلیلًا، و عقیب أمراض استفراغیه أی جنس کان، أو استفراغ بأدویه أو هیضه و استفراغ من ذاته. و أما الکائن عن الأذی، فتعرفه بالسبب الخارج و المشروبات، مثل الأفیون و الخربق و غیره، و مثل أنه إذا کان الأذی من المعده، فیشارکها الدماغ، ثم العصب أحس قبل ذلک بغشی و کرب و انعصار المعده، و ربما کان یجد ذلک مده التشنج، و ربما کان ذلک التشنج عقیب قی ء کراثی، أو زنجاری، و کذلک الذی یکون لِقُوه حسّ فم المعده، فکلما
انصب إلیه ماده تشنج صاحبها، و لکن یتقدمه أذی فی فم المعده و لذع.
و قد یقع مثل ذلک فی أمراض الرحم و المثانه و غیرهما إذا قویت، و یکون مع ألم و وجع شدید و آفه فی ذلک العضو و یتقدم التشنج. و أما سائر التشنج، فإما أن لا یکون معه ألم، أو یکون الألم حادثاً عن التشنج، لا التشنج حادثاً عن الألم. و أما الکائن عن الورم، فیعرف بما قد قلناه.
و من الدلائل الداله علی حدوث التشنّج، صغر النبض و تفاوته أولًا، ثم انتقاله إلی ما قیل
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 319
و کثیراً ما یحمر الوجه و یظهر بالعینین حول و میلان، و فی التنفس انقطاع و انبهار، و ربما عرض ضحک لا علی أصل، و تعتقل الطبیعه، و تجفّ. و البول أیضاً کثیراً ما یحتبس و کثیراً لا یحتبس، و یخرج کمائیه الدم، و یکون ذا نفاخات، و یعرض لهم فواق و سهر، و صداع، و رعشه، و وجع تحت مفصل العنق بین الکتفین، و عند مفصل القطن، و العصعص، و دون ذلک، و یدلّ علی أن التشنج الواقع بسبب الحمی، و ینذر به فی الحمیات عوج فی العین، و حمره فی الطرف، و حول و تصریف الأسنان، و سواد اللسان، و امتداد جلده الرأس، و احمرار البول أولًا، ثم ابیضاضه لصعود الماده إلی الرأس، و ضربان الأصداغ و عروق الرأس، و ربما جف به البطن، أو تشنج. و قد قال بقراط: لأن تعرض الحمی بعد التشنج، خیر من أن یعرض التشنج بعد الحمی، معناه أن الحمّی إذا طرأت علی التشنج الرطب حللته، و أما التشنج الذی یحدث من الحمی، فهو
الیابس الذی قلما یقبل العلاج، و یعرض قبله تفزع فی النوم، و تحول من اللون إلی حمره، و خضره، و کموده، و اعتقال من الطبیعه. و البول القیحی فی الحمّی و القشعریره إذا صحبه عرق فی الرأس و ظلمه فی العین، دلّ علی تشنّج سببه دبیله فی الأحشاء، فإن کان التشنّج مع الحمی، و لم یکن من قوه تلک الحمّی و طول مدتها أن تحرق الرطوبات أو تفشیها، فذلک من الجنس الذی لیس به ذلک الیابس کله، و من العلامات الردیئه فی التشنّج الرطب أن فی الریح فی الأعضاء، و خصوصاً إذا انتفخ معه البطن، و خصوصاً إذا کان فی ابتدائه. و البول الحار فی التشنّج و فی التمدّد ردی ء، یدل علی أن السبب حراره ساذجه، و إذا کان مع التشنّج ضربان فی الأحشاء أو اختلاج، فذلک دلیل ردی ء، فإن الضربان یدل علی أحد أمرین، إما ورم فی الأحشاء معظم للضربان، أو نحافه فیها، فیظهر النبض العظیم الذی للضارب الکثیر، و الخوانیق إذا مالت موادها إلی العصب منتقله إلیه لتحدث التشنّج، دلّ علیه ظهور التشنّج فی النبض. و ذات الجنب إذا مالت مادتها إلی ذلک، دل علیه شدّه ضیق النفس، و أن لا تکون الحمی شدیده جداً، و إذا انتقل ماده السرسام إلی ذلک ابتدأ بکثره طرف، و تصریف أسنان، ثم احولت العین، و اعوجّ العنق، ثم فشا التشنّج.
المعالجات:
أما الکائن عن ضربه، فیجب أن تستعمل فیه النَطُولات المرخیّه المتخذه بکشک الشعیر، و البابونج، و الخطمی، و دقیق الحلبه و ما أشبه ذلک. و قد بینا فی القانون موضع استعماله.
و أما الکائن من الأذی، فإن کان لشرب شی ء، فیعالج بما تعرفه فی أبواب السموم، و إن
کان لحمّی، فیعالج بالترطیب الشدید للدماغ و العصب و العضلات بالمروخات الشدیده الترطیب مما قد عرف، و یلزم البیت البارد، و إن کان لوجع، فیسکن الوجع بعد أن ینظر ما هو و یقطع سببه، و إن کان من لسعه، فیعالج بما نقوله فی أبواب اللسوع، و إن کان عن ورم، فیعالج بما نقوله فی علاج أورام العصب، و إن کان عن یبس، فعلاجه یصعب.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 320
و أوفق علاجه الآبزن، و التمریخ بالدهن المرطب بعده، و تکریره مراراً، و ذلک إن لم یکن حمی بحیث لا تفتر البته، و تتعهد للمفاصل کلها بذلک، و إن أمکن أن یجعل الآبزن من لبن فعل، و إلا فمن میاه طبخ فیها ورق الخلاف، و الکشک، و البنفسج، و النیلوفر، و القرع، و الخیار، و یتخذ له آبزن کله من عصاره القرع، أو عصاره القثاء، أو یکون کل ذلک من ماء الورد الذی طبخ فیه شی ء من هذه، أو ماء بطیخ هندی، أو ما أشبه ذلک.
و إذا اتخذ لهم حقن من هذه العصارات و الأدهان و السلاقات المرطبه الدسمه کان شدید النفع، و یستعمل علی المفاصل و علی منابع العضلات، الأدهان تعرق تعریقاً بعد تعریق مع عنایه بالدماغ جداً، و ترطیب ما علمناکه فی ترطیب الدماغ، و یسقی العلیل اللبن الحلیب شیئاً صالحاً إن لم یکن حمی، و ماء الشعیر، و ماء القرع، و ماء البطیخ الهندی، و الجلاب، کان حمی أو لم یکن، فإن مزج بشی ء من هذه قلیل شراب أبیض رقیق لینفذ، کان صالحاً، و کذلک یجعل ماؤه ممزوجاً بشی ء من شراب، و یجب أن یدام علیه هذا العلاج من غیر أن یحرّک،
أو یلزم ریاضه، و إن أمکن أن یغمس بکلیه بدنه فی دهن مفتر فعل، و لیسعط بالمرطبات من الأدهان و العصارات، و لیرطّب رأسه بما قد عرفته من المرطبات، و یجب أن یبیتوا علی بزرقطونا، و دهن الورد. و مما ینفعهم أن یسقوا الترنجبین، و خصوصاً الأطفال، و إن لم یمکن فالمرضعات.
و صاحب التشنج الرطب إن کان ضعیف القوه لم یقطع عنه اللحوم، و لکن یجب أن یجعل لحمه من اللحوم الیابسه، مثل لحوم العصافیر و القباج و القنابر و الطیاهیج، و إن لم تکن القوه ضعیفه جعل غذاؤه الخبز بالعسل و ماء الحمص بالشبث و بالخردل، و أیضاً المری بالزیت، و لیجعل فیما یتناوله الفلفل.
و أما غذاء أصحاب التشنّج الیابس فکل ما یرطب و یلین، و جمیع الأحساء الدسمه اللینه المتخذه من ماء الشعیر، و دهن الوز و السکر الفائق، و ماء اللحم المتخذ من لحوم الخرفان و الجدیان و قد جعل فیه من البقول المرطّبه ما یکسر أذی اللحم إن کان هناک حراره، و إن مزج الشراب القلیل بذلک لینفذه، لم یکن بعیداً من الصواب، خصوصاً إذا لم تکن حراره مفرطه، و کذلک إن مزج الشراب بما یسقونه من الماء جاز.
و أما العلاج فإن الرطب یجب أن یعالج بالاستفراغات و التنقیات القویه المذکوره عند ذکرنا استفراغ الخلط الغلیظ من العصب بالمسهّلات و الحقن الحاده، و إن رأیت علامات غلبه الدم واضحه جداً فافصد أولًا، و خصوصاً إن کان سبب الامتلاء شرب الشراب الکثیر، و لا تخرج جمیع ما یحتاج إلیه من الدم، کان إخراجه بسبب التشنج، أو بسبب عله أخری یقتضی إخراجه، بل آبق منه شیئاً لیقاوم التشنّج و یتحلل بتحلیل حرکات التشنج.
و
من علاجاته الانغماس فی میاه الحمّامات، و الجلوس فی زیت الثعالب و الضباع الذی نذکره فی باب أوجاع المفاصل، فإنه نافع. و کذلک التمریخ بشحم الضباع، و بدهن السوسن، إن
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 321
لم یکن حمی. و کذلک طبیخ جراء الکلاب، و الجلوس فی میاه طبخ فیها العقاقیر الملطّفه، مثل القیصوم و ورق السعد، و قصب الفریره، و ورق الغار، و اللطوخ المتخذه من أصل الشوکه الیهودیه، و بزر الشوکه البیضاء، و بزر الشوکه المصریه، و عصاره القنطوریون الدقیق مفرده و مرکبه.
و اعلم، أن طول مده المقام فی الآبزن، زیتاً کان أو غیره مما یضره بسبب إرخاء القوه، فیجعل کثره العدد بدل طول المده، فأجلسه فی الیوم مرتین، و مما ینفع من به التشنج العامی المسمی طاطالس و التمدد الکائنین عن ماده، أن ینضغط دفعه فی الماء البارد علی ما ذکره بقراط، فإن الظاهر من البدن یتکاثف به، و ینحصر الحار الغریزی فی الباطن، و یقوی و یحلل الماده، و لیس کل بدن یحتمل هذا سالماً عن الخطر، بل البدن القوی الشباب، اللحیم، الذی لا قروح به، و فی الصیف.
و قد عوفی بهذا قوم و استعمل المحاجم علی المواضع التی یمتد إلیها آخر الوتر بلا شرط، إن کان الأمر خفیفاً، و إن لم یکن کذلک احتجت إلی شرط، فإنک إن لم تشرط حینئذ، ربما أضررت بجذب الماده و مواضع المحاجم فی الرقبه، و فقار الظهر من الجانبین، و الأجزاء العضلیه من الصدر. و أما قدام المثانه و علی موضع الکلیه، فإنما نفعل به ذلک عند خوفنا و إشفاقنا أن یکون خروج دم، و ینبغی أن لا تستعمل المحاجم کثیره و لا دفعه
معاً، و تراعی موضع المحاجم فتحفظ أن لا یبرد فیبرد البدن.
و من علاجه أیضاً أن یسوی ما تشنج بالرفق.
و من علاجه الواقع بالطبع عروض الحمّی الحاده، و لذلک قال بقراط: لأن تعرض الحمی بعد التشنج، خیر من أن یعرض التشنّج بعد الحمّی و الربع تنفع فی ذلک لزعزعه نافضها و لکثره تعریقها. و من یعتریه الربع فقلما یعتریه التشنج، فإنه أمان منه.
و من المعالجات العجیبه المجرّبه للتشنّج أن یلصق علی العضو المتشنج الألیه، و تترک علیه حتی تنتن، ثم تبدل بغیرها.
و التشنج الذی یعم البدن قد ینفع فیه فصد الدماغ أیضاً بالتنقیه بالعطوسات منفعه عظیمه.
و قد جرب علیهم أن یقلدوا قلاده من صوف کثیر رخو، و یرشّ علیها کل وقت دهن حار.
و الحمّام الیابس ینفعهم منفعه عظیمه، و أن یکبّوا علی حجاره محماه یرش علیها الشراب، و أن یعرقوا أیضاً بالتزمیل. و من أضمدتهم الجیده مرهم یتّخذ من المیعه السائله، و الفربیون و الجندبیدستر، و الشمع الأصفر، و دهن السوسن، و مراهم ذکرت فی القراباذین، و الشحوم و غیرها، و التمریخ بعکر دهن السمسم، و دهن بزر الکتان، و لعاب الحلبه. و من کماداتهم الجیده المخ المسخن علی مخارج العصب، و مما یسقونه مما یجلب الحمّی جندبادستر و حلتیت
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 322
معجونین بعسل قدر جوزه، فإنه یجلب الحمّی و یحلّل التشنج علی المکان، و کذلک دهن الخروع و ماء العسل بالحلتیت، و طبیخ حب البلسان.
و مما ینفعهم جداً سقی التریاق و المعاجین الکبار، و قد ینتفع بتناول المدرات، و قد جرب هذا الدواء، و هو أن یسقی من أصل الفطر عشرون درهماً یطبخ برطلین من ماء حتی یبقی الثلث، و یشرب
منه أربعه أواق فاتراً بدرهمین دهن اللوز، و ذلک نافع خصوصاً للتشنج إلی خلف. و قد یطبخ بدل أصل الفطر حبّ البلسان عشره دراهم، و الشربه ثلاث أواق، و کذلک الفوتنج البرّی.
و مما هو شدید النفع سقی الجاوشیر، یسقی منه القوی مثقالًا واحداً، و الوسط درهماً واحداً و الضعیف ما یلی ربع درهم، و لیراع حینئذ المعده، فإنها تضعف به شدیداً، و الحلتیت أیضاً قدر حبه کرسنه فی قدر أربع أواق و نصف عسل، و کذلک الأشق، و قد یسقی ذلک کله، و طبیخ الزوفا و طبیخ الانجدان. و أما الجندبادستر، فهو أکثر نفعاً و أقل ضرراً و یشرب به منه قدر ملعقتین إلی ثلاث یسقی فی مرار کثیره یکون مبلغ المشروب منها القدر المذکور، و أقلّ ما یضر فیه أن یکون بعد الطعام کیف کان، فلا خطر فیه.
و من معالجاته أن یمرخ بالأدهان القویه التحلیل المذکوره، کدهن قثاء الحمار، و دهن الخروع، و دهن السذاب، و دهن القسط مع جندبادستر، و عاقرقرحا، فإنه نافع جداً، و الألیه المذابه، و دهن النرجس، و دهن هذه صفته: و هو أن یؤخذ من دهن الناردین قسط واحد، و من دهن الحضض قسط، و من الشمع أوقیتان، و من الجعده و الحماما و المیعه و المصطکی من کل واحد أوقیه، و من الفلفل و الفربیون من کل واحد أربعه مثاقیل، و من السنبل أوقیه، و من دهن البلسان أوقیه، و یجمع، و مما ینفع أن یستعمل علیها ضماد الفربیون، فإنه نافع جداً.
و أما العارض من التشنج للمرضعات، فیکفیهن أن یضمد مفاصلهن بعسل عجن به زعفران، و أصل السوسن، و أنیسون، علی أن یکون أصل السوسن أکثرها، ثم الأنیسون،
و یکون من الزعفران شی ء یسیر، و یدام وضع أعضائهن فی میاه طبخ فیها بابونج، و إکلیل الملک، و حلبه، و ربما نفع دهن البابونج وحده. و الشراب القلیل نافع لأصحاب التشنج الرطب یحلله کما یحلل الحمی، و أما الکثیر فهو أضر أسبابه و یجب أن یسقی القلیل العتیق و علی غذاء قلیل.
و اعلم أن التشنج إذا کان عاماً للبدن دون أعضاء الوجه، فإن الأطباء یفصدون بالأضمده و المروخات فقار العنق، و إن کان فی أعضاء الوجه أیضاً فصدوا الدماغ مع ذلک، و إذا کان التشنج من مشارکه المعده و رأیت العلامه المذکوره، فبادر إلی تنقیه ذلک الإنسان، فإنه ربما قاء مره واحده حاده أو خلطاً عفناً، و یبرأ فی الوقت.
التمدد مرض آلی، یمنع القوه المحرکه عن قبض الأعضاء التی من شأنها أن تنقبض لآفه فی العضل و العصب، و أما لفظ الکزاز، فقد یستعملونه علی معان مختلفه فتاره یقولون کزاز،
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 323
و یعنون به ما کان بمتدئاً من عضلات الترقوه، فیمددها إلی قدام و إلی خلف، و إما فی الجهتین جمیعاً. و ربما قالوا کزازاً لکل تمدد، و ربما قالوا کزازاً للتشنج نفسه، و ربما قالوه لتشنج العنق خاصه، و ربما عنوا به التمدد الذی یکون من تسخین، أو تمددین من قدام و من خلف، و ربما خصوا باسم الکزاز ما کان من التمدد بسبب برد مجمد. و التمدد بالحقیقه هو ضد التشنج، و داخل فی جنس التشنّج دخول الأضداد فی جنس واحد، و اعتراؤهما إلی سبب واحد یقع وقوعاً متضاداً، إلا أن التشنج یکون إلی جهه واحده، فإذا اجتمع تشنجان فی جهتین متضادتین صاراً تمدداً، یعرض له
التشنج من قدام و خلف جمیعاً، فیعرض له من الحرکتین المتضادتین فی أعضاء بدنه أن یتمدد، و لما کان هذا التمدد تشنجاً مضاعفاً، وجب أن یکون أحد من التشنج البسیط، فیکون بحرانه أسرع. و قد یکون هذا المضاعف لیس من تسخین، بل من تمددین، و لا یخلو التشنج فی أکثر الأمر من وجع شدید.
و أسباب الکزاز شبیهه بأسباب التشنّج من وجه، مخالفه لها من وجه. أما مشابهتها لها، فلأن الکزاز قد یکون من امتلاء، و قد یکون من یبوسه، و قد یکون لأذی یلحق الأعضاء العصبیه، و قد یکون من أورام. و أما مخالفته له، فلأن التشنج فی النادر یکون من الریح، و الکزاز کثیراً ما یکون عن ریح ممدده، بل الکزاز الذی هو مرکب من تشنجین قد یکون کثیراً من الریح إذا استولی علی البدن، و یکون مع ذلک عله صعبه، و إن کان التشنج المفرد العارض فی عضو واحد من الریح، فلا یکون صعباً، و ذلک لأن هذا یکون لاستیلاء الریح علی البدن کله، و قد کان التشنج المفرد إذا غلب معه الریح، کان هناک خطر و علامه موت، فکیف المضاعف.
و یخالف من وجه آخر، و هو أن السبب فی التشنج المادی کان یقع فی موضع من العصب وقوعاً علی هیئه تمنع الانبساط، لأنه یمدد اللیف عرضاً أو یقبضه إلی أصله فیشنج.
و أما السبب فی الکزاز المادی، فإن وقوعه فی الخلاف، فإنه إما أن تکون الرطربه الکازه جرت خلال اللیف، ثم جمدت و بقیت علی الصلابه، فیعسر رجوعها إلی الانقباض، أو تکون وقعت دفعه فملأت اللیف من غیر أن تختلف نسبتها من نسبه اللیف، بل وقعت علی امتداد اللیف، فعرضت من غیر أن
نقصت من الطول نقصاناً، لکنها تحفظ الطول بمیلها للفرج.
و أما التشنج، فإن الماده الفاعله له مختلفه الوضع فی خلل العصب، غیر نافذه فیها نفوذاً متشابهاً و لا نفاذاً کثیراً، و یشبه أن یکون نفوذ ماده الکزاز الذی علی هذه الصفه یشبه نفوذ ماده الاسترخاء، إلا أن تلک الماده رقیقه مرخیه، و هذه جامده صلبه لا تدع العضو أن ینعطف و ینقبض.
و إما أن تکون الماده فی الکزاز لم تقع فی واسطه العضله، أو الوتر، أو العصبه، و لکن فی مبدئه، فحفرت العصب، أو الوتر طولًا، فهو لا یقدر علی أن ینقبض.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 324
و إما أن یکون هناک ورم، و إما أن تکون الماده وقعت خلال اللیف وقوعاً، إذا قبضت احتاجت إلی أن یتضاغط لها اللیف و یتأذی و یوجع. و إما أن یکون السبب الموجع و المؤذی مادّه، أو غیر ماده وقعت فی مبادی العضل، أو الأوتار، فهی تهرب عنها طولًا، کما یقع عن نوع من الکزاز عقیب القی ء العنیف و الاستفراغ الکثیر للأذی، لأن الأوتار و العصب تتأذّی عن المعده.
هذا و إن کان السبب فی الکزاز الیبوسه فیکون، لأن العضل لما انتقص عرضاً بانحلال الرطوبات ازداد طولًا و تقبّضت منه المنافذ فتعسّر نفوذ القوه المحرّکه فیها، فضعفت عن نقل الأعضاء إلی التقبّض، و خصوصاً إذا أعان التصلّب الحادث عن الجفاف علی العصبات، و أما مثله من التشنّج الیابس فقد ینقص من الطول و العرض جمیعاً علی سبیل الاستواء، فلذلک کان التشنّج الیابس أردأ من الکزاز الیابس، و کما أن الاسترخاء ربما وقع للقطع، فکذلک التمدّد قد یقع للجراحه إذا عرضت فتأذّت العضل عن الانقباض.
و الکزاز قد یقع منه شی ء
عظیم بسبب قوی و ماده قویه کثیره، و قد یقع علی نحو وقوع التشنج لخدر امتلائی یسدّ مسالک الروح، فتبقی الأعضاء الممدوده لا تنقبض کما تبقی الأعضاء المقبوضه لا تمتد إلی أن تجد الروح سبیلًا و منفذاً، فهو کثیراً ما یکون بعد النوم، لأن الروح منه أذهب إلی الباطن و لما قلنا فی التشنّج، و قد یقع لأجل هیئه غیر طبیعیه شاقه تعرض للعضل فتقلّ قوتها أو تصیر وجعه غیر محتمله لتحریک، فتبقی علی ذلک الشکل کمن مدد بحبل، أو رفع شیئاً ثقیلًا، أو حمل علی ظهره حملًا ثقیلًا، أو نام علی الأرض، فآذت الأرض عضلاته و رضّتها، أو أصابته سقطه أو ضربه راضه للعضل، أو قطع، أو حرق نار، توجعت لها فهی عاجزه عن الانقباض، و ربما کان مع ذلک ماده منصبّه إلیها، أو ریح. غلیظه متولّده فیها، أو صائره إلیها تمددها.
و کما أن التشنّج الخاص بأعضاء الوجه، کذلک التمدد إذا لحق الجفن، أو اللسان، أو الشفه وحدها، و قد یقع من الکزاز نوع ردی ء یبوسی تتقدمه حمیّات لازمه مع قلق و بکاء و هذیان، و یصفر لها اللون، و ییبس الفم، و الشفه، و یسودّ اللسان، و تعتقل الطبیعه، و یستحصف الجلد، و یتمدد و هو ردی ء. و کل کزاز عن ضربه یصحبه فواق و مغص و اختلاط و ذهاب عقل، فهو قتال یصحب تجفیف العضل، و غلیان رطوبتها، حتی یمددها طولًا، ثم یحفظ ذلک علیه بالجفاف البالغ الحافظ للهیئات. و الکزاز یعرض کثیراً للصبیان، و یسهل علیهم کلما کانوا أصغر علی ما قیل فی التشنج، و قد یتقدم الکزاز کثیراً اختلاج البدن، و ثقله، و ثقل الکلام. و صلابه فی العضلات، و
فی ناحیه القفا إلی العصعص، و عسر البلع، و احتکاک إذا حکوه لم یلتذوا به.
و إذا کان فی البول، کالمده، و القیح، و کان قشعریره، و غشاوه فی البصر، و عرق فی الرأس
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 325
و الرقبه، دل علی امتداد فی الجانبین سیکون، لأن مثل هذه الماده یکثر فیها أن لا تستنقی من أسفل بالتمام، بل یصعد منها شی ء فیما بین ذلک إلی الدماغ و یؤذیه و یکسر البدن، و إذا بدأ الکزاز العام، انطبق الفم و احمرّ الوجه، و اشتد الوجع، و صار لا یسیغ ما تجرعه، و یکثر الطرف و تدمع العین.
و قد رأینا نحن إذ بدأ الکزاز العام بامرأه انطبق فمها، و اصفر وجهها، و ظهر لها اصطکاک أسنانها، ثم بعد زمان مدید اخضرّ وجهها، و کانت لا تقدر أن تفتح فاها حتی بقیت زماناً طویلًا ممتده مستلقیه، بحیث لا یمکن لها أن تنقلب، ثم بعد ذلک انحلّ عنها الکزاز و انقلبت إلی الجانبین، و تکلمت و نامت إلی الغد، فهذا ما شاهدنا من حالها و عالجناها کل مره و کل مده.
ثم الفرق بین التشنج و التمدد، أن التشنّج یبتدئ فی العضله بحرکه، و التمدّد یکون ابتداؤه فی العضله بسکون، و قد یقع الانتقال إلی التمدد من الخوانیق، و ذات الجنب، و السرسام علی نحو ما کان فی التشنج.
و قد یکثر فی البلاد الجنوبیه للامتلاء و حرکه الأخلاط،. و خصوصاً فی البلغمیین، و قد یعرض فی البلاد الشمالیه لاحتقان الفضول، و خصوصاً للنساء، فإنهن أضعف عصباً.
العلامات:
أما علامات التمدّد مطلقاً، فأن لا یجیب العضو إلی الانقباض. و أما علامات الکزاز إن کان إلی قدام، فأن یکون الشخص کالمخنوق مختنق
الوجه و العین، و ربما خیل أنه یضحک لتمدد عضل الوجه منه، و یکون رأسه منجذباً إلی قدام بارزاً مع امتلاء العنق لا یستطیع الالتفات، و ربما لم یقدر أن ببول لتمددِ عضل البطن و ضعف الدافعه.
و ربما بال بلا إراده، لأن عضله المثانه منه تکون متمدده غیر منقبضه، و ربما بال الدم لأنفجار العروق لشده الانضغاط، و ربما عرض له الفواق.
و إن کان الکزاز إلی خلف وجدت الرأس و الکتفین و العضله منجذبه إلی خلف، و یعرض ذلک لامتداد عضل البطن إلی خلف بالمشارکه، و امتداد عضله المقعده، و لا یقدر أن یحبس ما فی المعی المستقیم، و لا یقدر أن یستنزل ما فی المعی الدقاق، و یشترکان فی الاختناق، و السهر، و الوجع، و مائیه البول، و کثره نفاخات فیه للریح، و فی السقوط عن الأسرّه.
و أما علامه الرطب، و الیابس، و الورمی، و الکائن عن الأذی، فعلی ما قیل فی التشنّج. و کثیراً ما یصیبهم القولنج للبرد إن کانت العله بارده.
المعالجات:
علاجه بعینه علاج التشنّج و یستعمل ههنا من المحاجم علی الأعضاء أکثر مما یستعمل فی
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 326
التشنج، و ذلک لتسترجع الحراره و أن یکون بشرط، خاصه علی عضل العنق، و الفقارات، و الشراسیف، و مما یجب أن یراعی فی المکزوز أنه إذا عرق بدنه بشده الوجع، أو من العلاج، لم یترک أن یبرد علیه، فإنه یؤذیه، و لکن یجب أن ینشّف بصوفه مبلوله، و ربما أجلس فی زیت مسخن، فإنه قوی التحلیل، و یسقی الجاوشیر إلی درهم بحسب القوه، و من الحلتیت أیضاً.
و الکزاز أولی بأن یبادر إلی علاجه من التشنج، لأن الکزاز مؤذ خانق قاتل.
و مما
ذکر أنه نافع جداً فی علاج الکزاز و التشنج، أن تغلی سلاقه الشبث، و یطرح فیه جرو ضبع، أو جرو کلب، أو جرو ثعلب، و یطبخ حتی یتهری، ثم یستنقع العلیل فیه مرتین، و کذلک ینفعهم التمریخ شحم الحمام الوحشی، و شحم الأیل، و بشحم الأسد و الدب و الضبع مفرده، أو مع الأدویه. و ینفعهم الحقنه بدهن السذاب مع جندبادستر، و قنطوریون، و کل الحمولات اللاذعه الحاده التی فیها بورق و شحم الحنظل و ما أشبهه، فإن أحرقت بإفراط حقن بعدها بلبن الأتن، أو السمن، أو دهن الألیه مفرده، أو مع شحم من المذکوره.
و أنفع الأشیاء للتمدد البارد و الرطب جندبادستر، فإنه یجب أن یتعاهد و إذا غذی أصحاب الکزاز، فیجب أن لا یلقموا من الطعام إلا لقماً صغاراً ضعافاً جداً، و أن یزجوا بالحسو الرقیق لأن البلع یصعب علیهم فیزید فی مناخرهم و یضطربون، فیزید ذلک فی علتهم، و قد ذکرنا أدویه یسقونها و یمسح بها أعضاؤهم و مقاعدهم فی القراباذین، و کذلک المروخات النافعه لهم مثل دهن الخیار و غیر ذلک مما قیل، و کذلک السعوطات و العطوسات. و خیر العطوسات لهم، میعه المومیا ببعض الأدهان. و الحمّی التی تقع بالطبع خیر علاج لما کان منه رطوبیاً.
هی عله آلیه فی الوجه ینجذب لها شق من الوجه إلی جهه غیر طبیعیه، فتتغیر هیئته الطبیعیه، و تزول جوده التقاء الشفتین و الجفنین من شق. و سببه، إما استرخاء، و إما تشنج لعضل الأجفان و الوجه. و قد عرفتهما و عرفت منابتهما. و أما الکائن عن الاسترخاء، فإنه إذا مال شق جذب معه الشقّ الثانی فأرخاه و غیّره عن هیئته إن کان قویاً، و
إن کان ضعیفاً، استرخی وحده. و عند بعضهم أن الاسترخاء فی الجانب السلیم، و هو جذب الأعوج، و لیس بمعتمد و منهم فولس، و هذا الکائن عن الاسترخاء یکون لأسباب الاسترخاء المعدوده التی قد فرغنا من بیانها، و لا حاجه بنا أن نکرّرها. و أما الکائن عن التشنّج و هو الأکثری، فلأنه إذا تشنّج شق جذب الشق الثانی إلیه، و السبب فیه هو السبب فی التشنّج، و ما قیل فی باب التشنّج الیابس مثل الکائن فی حمیات حاده و استفراغات من اختلاف و قی ء و رعاف و غیر ذلک، فإنه قاتل ردی ء، و قد قال بعضهم: إن الجانب المریض فی اللقوه هو الجانب الذی یری سلیماً، و أن السبب فیه، و الجانب الصحیح یحاول جذبه للتسویه، و هذا غیر سدید فی أکثر الأمر. و التشریح و ما علمته من حال عضل الوجه یعرفک فساد وقوع هذا عاماً، و لأن الحس یبطل معه لمن بطل فیه منهم من
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 327
جانب اللقوه. و کثیر من الناس ما یعرض له ورم فی عضل الرقبه فیکون من جمله الخوانیق، فیصیبه من ذلک لقوه، و یصیبهم أیضاً فالج یمتدّ إلی الیدین لأن العصب الذی یسقی منه عضل الیدین القوه المحرّکه منبته أیضاً من فقار الرقبه، و کل لقوه امتدت سته أشهر فبالحری أن لا یرجی صلاحها.
و اعلم أن اللقوه قد تنذر بفالج بل کثیراً ما تنذر بسکته، فتأمل هل تصحبها مقدمات الصرع و السکته، فحینئذ بادر باستفراغ قوی. و قد زعم بعضهم أن الملقو یخاف علیه الفجأه إلی أربعه أیام، فإن جاوز نجا، و یشبه أن یکون ذلک بسبب سکته قویه کانت اللقوه تنذر بها.
العلامات:
هی
أن تقع النفخه و البزقه من جانب و لا یستمسک الریح و لا یستمسک الریق من شق، و کثیراً ما یلحق معها صداع، و خاصه فی التشنجیه منها، و معرفه الشق المؤف من الشقین أنه هو الذی إذا مد و أصلح بالید سهل رجوع الآخر بالطبع إلی شکله. و أما علامات اللقوه الاسترخائیه فأن تکون الحرکه تضعف و الحواس تکدر، و یحسّ فی الجلد لین، و فی العضل أیضاً، و لا یحس تمدّد، و یکون الجفن الأسفل منحدراً، و تری نصف الغشاء الذی علی الحنک المحاذی لتلک العین مسترخیاً أیضاً رطباً رهلًا، و یظهر ذلک بأن یغمز اللسان إلی أسفل، و یتأمل.
و السبب فی ذلک اتصال هذا الصفاق بالصفاق الخارج من طریق اللسان القاطع للحنک طولًا، فهو یشرکه و یکون الجلد مائلًا عن نواحی الرقبه یتباعد عنها و یعسر رده إلیها. و أما علامات التشنجی، فأن لا تکون الحواس کدره فی أکثر و تکون جلده الجبهه متمدده تمدداً تبطل معه الغضون، و عضل الوجه صلبه، و یکون تمدد هذا الشقّ إلی الرقبه، و یقلّ الریق و البزاق فی أکثر، و میل الجلد إلی نواحی الرقبه أکثر قطعاً وردها عنها أعسر. و أما علامه الرطب و الیابس من التشنجی فیما تعرف. و من علامات حدوث اللقوه أن یجد الإنسان وجعاً فی عظام وجهه و خدراً فی جلدته و کثره من اختلاجه.
المعالجات:
الحزم هو أن لا یحرک الملقوّ إلی السابع، و قال قوم إلی الرابع، و یغذّی أیضاً بما یلطف تلطیف ماء الحمص بزیت، و لا یجفف تجفیف العسل و الفراخ، و إن کانت الطبیعه یابسه، فحرک فی الیوم الثانی بحقنه شدیده اللین، کان موافقاً. و المبادره إلی
الغراغر فی الابتداء ضاره، و ربما جذبت القریب و لم تحلل الفج القریب.
و التشنجی أولی بقویّ، فلا یستفرغ بضعیف غیر کاف إلی أن ینضج مره. و الاستعجال إلی الدواء الحاد من أضر الأشیاء.
و أردأ المعالجه أن تجفف الماده و تغلظها و ییبس العصب، فیصعب تأثیر المواء فیه، بل
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 328
الصبر أولی، و یجب أن یعالج بعلاج الفالج، أو التشنج کما تعرف بحسب ما یناسب. و أنت تعلم جمیع ذلک، و قد جرب أن الملقوّ إذا سقی کل یوم وزن درهمین من أیارج هرمس شهراً متصلًا أثر أثراً قویاً.
و مما جرب أن یسقی کل یوم زنجبیلًا و وجّاً معجونین بالعسل بکره و عشیه قدر جوزه، و یجب أن لا یقطع عنهم ماء العسل.
و قد ذکر بعض أطباء الهند أن من أبلغ ما یعالج به اللقوه أن یخبص العضو الألم و الرأس بلحم الوحش مطبوخاً، و یشبه أن یکون أولی الوحش بهذا الأرنب و الضبع و الثعلب و الأوعال و الأیل و الحمر الوحشیه دون الظباء و ما یجری مجراها مما لا تسخین للحمه، و یجب إن کان المریض رطباً أن یربط الشقّ بالذی فیه مبدأ العله علی الهیئه الطبیعیه، فإن کان تشنّجاً بدأت بتلیینه أولًا، ثم بتحلیله.
و علیک أن تعرق مؤخّر رأسه بالأدهان اللینه الرطبه، کدهن البنفسج، و دهن اللوز، و القرع، و لا بأس بدهن البابونج، و یستنشق بهذه الأدهان فی یومه و لیلته مره بعد مره، و یشرب الشراب الممزوج دون السکر.
و إن وجدت علامات الدم فصدت العرق الذی تحت اللسان، و حجمت علی الفقره الأولی بلا شرط، و لا شک أن الماده الفاعله للقوه مستکنه فی عبادی العصب
و عضل الوجه، و لذلک یستحبّ أن تستعمل الأدویه المحمّره علی فقرات العنق، و علی الفک أیضاً إذا کان اللیف الکثیر یأتی منها إلی العضل التی فی الوجه، هذا إذا کان استرخائیاً، و أما إن کان تشنّجیاً یابساً، فإیاک و الأشیاء الحاره من الطلاء و التکمید و الأدهان و المتناولات.
و قد شاهدنا نحن من کان به لقوه تشنجیه یابسه، فعالجه بعض الأطباء بالتکمید و المتناولات المحاره، فصار شق وجهه أردأ مما کان، و ثقل لسانه عند المکالمه، و قد طال علیه زمان فلما داویته أنا بضد ذلک برئ من ذلک بعد مقاساه فی المعالجه.
و أما عضل الجفن، فلیست من تلک الجمله، و تدبیرها تنقیه الجزء المقدم من الدماغ، و کذلک التکمید الیابس علیِ هذه الفقرات و اللحی، و دلکها و دلک الرأس أیضاً، و خصوصاً علی جوع شدید. و مما ینفع الملقو أیضاً إدامه غسل وجهه بالخل و لطخ المواضع المذکوره بالخلّ، و خصوصاً إذا طبخ فیه الملطفات. أو کان خلًا سحق فیه خردل، فهو عجیب حیث یکون الاسترخاء بخلاف التشنّجی، و أن یکب علی طبیخ الشیح، و القیصوم، و الحرمل، و الغار، و البابونج و نحوه، و یوقد تحته بمثل الطرفاء، و الأثل، و إذا لم ینفعه الأدویه، کوی العرق الذی خلف أذنه، و یجتنب الحمام إذا کان استرخائیاً، و یواظب علیه کل یوم مراراً فی التشنّجی، و یجب أن یکلف الغرغره أکثر من غیرها بما أنت تعلم ذلک، و تستعمل المضوغات، و خاصه الوفی، و جوزبوا، و عاقرقرحا. و من مضوغاتهم الهلیلج الأسود، و یجب أن یمسک المضوغ فی
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 329
الشق الألم، و یکون فی بیت مظلم. و
قیل من یمشی فی حوائجه، فلا بأس بذلک، و یسعط بمراره الکرکی، أو باشق، أو ذئب، أو شبوط، أو عصاره الشهدانج، أو الموزنجوش، أو السلق، أو ماء السکبینج بدهن السوسن، أو فربیون مقدار عدسه بلبن امرأه، و یعالج الرأس بما ینقیه مما ذکرنا فی قانون أمراض الرأس من کل وجه. و من العطوسات المجربه لهم الرته، و هو الفندق الهندی، و خاصه قشره الأعلی و آذان الفار، و عصاره قثاء الحمار، و العرطنیثا، و قد یخلط ذلک بما یسخن مع التعطیس، مثل الجندبادستر، و الشونیز و غیره، و أفضل ما یسعط به ماء آذان الفار، و هو المسمی أباغلس، و إذا سعط بوزن درهمین من مائه مع دانق سکبینج و نصف درهم زیت نفع، بل أبرأ فی خمسه أیام، و قد یؤمرون بالنظر فی المرأه الصینیه لیتکلفوا دائماً تسویه الوجه. و أوفقها المرآه المشوشه فی إبراء الوجه و هی الضیقه، و الصبیان إذا ضربتهم اللقوه فی آخر الربیع شفاهم الاطریفل الأصفر أیاماً إلی سبعه، و الغذاء ماء حمص.
هی علّه آلیه تحدث لعجز القوه المحرکه عن تحریک العضل علی الاتصال مقاومه للنقل المعاوق المداخل بتحریکه لتحریک الإراده فتختلط حرکات إرادیه بحرکات غیر إرادیه، أو ثبات إرادی بتحریکات غیر إرادیه، و هی آفه فی القوه المحرکه، کما أن الخمر آفه فی الحساسه. و هذا السبب إما فی القوه، و إما فی الآله، و إما فیهما جمیعاً، فإن القوه إذا ضعفت لاعتراض الخوف، أو لوصول شی ء مفظع هائل، کالنظر من موضع عال، أو المشی علی حائط، أو مخاطبه محتشم مهیب، أو غیر ذلک مما یقبض القوی النفسانیه، أو غم أو حزن، أو فرح مشوش لنظام حرکات القوه،
عرضت الرعشه. و الغضب قد یفعل ذلک لأنه یحدث اختلافاً فی حرکه الروح. و من أسبابها علی سبیل إیهان القوه، کثره الجماع علی الامتلاء و الشبع. و أما الکائن عن الآله، فقد یکون بأن یسترخی العصب بعض الاسترخاء و لا یبلغ به الفالج، فلا یتماسک عند التحریک کما یعرض عند الشرب الکثیر، و السکر المتواتر، و کثره شرب الماء البارد، أو شربه فی غیر وقته، أو بأن یقع فی الأعصاب سدد لامتلاء کثیر حادث عن الأسباب المعلومه من التخمه و ترک الریاضه، فلا تنفذ لأجلها القوه تمام النفوذ. و الماده الساده، إما منفعله عن المجاری متحرکه فیها، تاره تطرق النفوذ، و تاره تمنع، و إما غیر منفعله البته، و قد یکون من أن تجف الآله جفوفاً، فلا تطاوع للعطف مطاوعه مسترسله.
و أما المشترکه، فأن یصیب الآله ضرر یتأذی إلی الإضرار بالقوه، کما یصیبها برد شدید من خارج، أو من لسع حیوان، أو من خلط، أو من حر شدید، کما یعترض عند الاحتراق و غیره، فیصیب معها القوه آفه، أو یصیب القوه علی حدتها آفتها التی تخصها، و یصیب العضو علی حدته آفه تخصه، و یتوافی الضرران معاً.
و الرعشه ربما کانت فی جمیع الأعضاء، و ربما کانت فی الیدین، و ربما کانت فی الرأس
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 330
وحده بحسب وصول الآفه إلی عضل دون عضل، و قد تکون الرعشه فی الیدین دون الرجلین، إما لأن السبب لیس فی أصل النخاع، بل فی الشعب النافذه إلی الیدین من العصب، و إما لأن السبب فی أصل النخاع، لکنه ینفضه إلی أقرب المواضع و أقرب الجوانب.
و الطبیعه تحوط النخاع من أن ینفذ ذلک السبب فیه، فیبلغ
أقصاه، و إما لأن الروح المحرک فی أصافل البدن أقوی و أشد لحاجه تلک الأعضاء إلی مثله، فلا ینفعل عن الأسباب التی لیست بقویه جداً انفعالا شدیداً، و إن انفعلت الآله قوی علی قهرها، و الید لیست کذلک. و السبب الغالب فی إحداث الرعشه الثانیه برد یضعف العصب و الروح معاً، أو رطوبه بآله مرخیه دون إرخاء الرطوبه الفاعله للفالج. و قد قال بقراط: من عرضت له فی الحمی المحرقه رعشه، فإن اختلاط الذهن یحلها، و لم یض جالینوس هذا الفصل، و لیس مما لا وجه له. و اعلم أن أصعب الرعشه ما یبتدئ من الیسار. و الرعشه فی المشایخ لا تزول بعلاج.
العلامات:
هی الأسباب المذکوره و هی الظاهره.
المعالجات:
یعمل ما قیل فی سائر الأبواب من تفتیح السدد، و إبطاء الاسترخاء، و الاستفراغ، و تقویه العصب، و الترطیب إن احتیج إلیه، و الإنعاش إن کان لضعف عن مرض، و التسخین إن وقع لبرد مغافص، أو مشروب، و الغمز و الدلک و النفض إن وجب، و علی ما بین فی القانون و الاستحمام بمیاه الحمآت، مثل الماء النطرونی، أو الزرنیخی، أو القفری، أو الکبریتی، و ماء البحر نافع أیضاً.
و إن کان سببه الماء البارد، کمد بالنطرون و الخردل، و مرخ بدهن القسط، و إن کان سببه شرب الخمر الکثیر، استفرغ و استعمل دهن قثاء الحمار و ما یجری مجراه، و أدیم التمریخ بدهن القت. و لدهن الحندقوقی خاصیه عجیبه فی ذلک، و کذلک إن ضمد بالرطبه وحدها، و إن کان من أخلاط متشربه أو غلیظه، أو رسخت العله، فلیستعمل وضع المحجمه علی الفقره الأولی، و لیجلس فی أبزن دهن مسخن، و فی مرق الحیوان المذکور فی باب الفالج
و التشنج و الکزاز، و آخر الأمر یسقی جندبیدستر فی شراب العسل، أو بالایارجات الکبار، و یسقی الحب المتخذ بالسذاب و سقولوقندریون، و ینتفعون بدماغ الأرنب جداً، فلیکلوا منه مشویاً. و مما ینفع المرعش أن یسقی ضراب العسل بماء طبخ فیه حب الخطمی و ورق دامامون نصف أوقیه، و کذلک یسقون عصاره الغافت مع الماء، و یستعملون علاج الاسترخاء بعینه، فإن کانت الرعشه خاصت فی الرأس، فقد جرب لهم استعمال الاسطوخودوس وزن درهم، أو درهمین وحده، و مع أیارج فیقرا، إما محبباً، و إما فی شراب العسل، و جرب لهم شرب حب القوقای من درهم إلی درهم
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 331
و نصف، کل عشره أیام مره، و یجب أن یکون الغذاء ما یسرع هضمه، و الشراب یضرهم، و کذلک الماء البارد. و أسلم المیاه لهم و أقلها ضرراً ماء المطر، و کذلک لکل مرض عصبی، و یتضررون بکثره الغذاء الغلیظ و الرطب و الفصد.
لفظه الخَدر تستعمل فی الکتب استعمالًا مختلفاً، فربما جعل لفظه الخدر مرادفه للفظه الرعشه، و أما نحن و کثیر من الناس فنستعمله علی هذا الوجه. الخدر عله آلیه تحدث للحس اللمسی آفه، إما بطلاناً و إما نقصاناً مع رعشه إن کان ضعیفاً، أو استرخاء إن استحکم، لأن القوه الحسیه لا تمتنع عن النفوذ إلا و الحرکیه تمتنع کما أوضحنا مراراً، و إن کان فی الأحایین قد یوجد خَدر بلا عسر حرکه لاختلاف عصب الحرکه و الحس.
و سبب الخَدر، إما من جهه القوه، فأن یضعف کما فی الحمیات القویه و الحاده المؤدیه إلی الخدر، و کما فی الذی یرید أن یغشی علیه، و عند القرب من الموت، و إما
من جهه الآله، فأن یفسد مزاجها ببرد شدید من شرب دواء، أو لسع حیوان، کالعقرب المائی، أو مس الرعاده المسمی نارقا، أو شرب دواء کالأفیون، فیحدث ذلک غلظاً فی الروح التی هی آله القوه، و ضعفاً، أو یفسد مزاجها بحر شدید، کمن لسعته الحیه، أو بقی فی حمام شدید الحر، أو فی الحمیات المحرقه، أو لغلظ جوهر العصب، فلا ینفذ فیه الروح نفوذاً حسناً، و لذلک ما تجد فی لمس الرجل بالقیاس إلی لمس الید کالخدر، أو یکون لسدد من أخلاط غلیظه، إما لحم، و إما بلغم، و إما سوداء، و قد یمکن أن یکون من الصفراء، أو لسدد من ضغط ورم، أو خراج، أو ضغط شد و رباط، أو ضغط وضع یلوی العصب، أو معصره شدیداً، أو لأجل وضع ینصب إلی العضو معه دم أو خلط غیره کثیر، فیسد المسالک.
و هذا أکثره عن الدم و لذلک إذا بدل وضعه فزال و رجع عنه ما انصب إلیه، عاد لحس، و ربما عرض ذلک من الیبس و الِجفاف، فتنسد المسالک لاجتماع اللیف و انطباقه، و هذا ردی ء.
و قد تعرض السده للاسترخاء الکائن عن رطوبه مزاجیه دون ماده، یتبع ذلک لاسترخاء انطباق المجاری.
و أسباب الخَدر، قد تکون فی الدماغ نفسه، فإن کان کَلّیاً یعمّ البدن کله، فهو قاتل من یومه، و ربما کانت فی النخاع، و ربما کان ابتداؤها من فقره واحده، و ربما کان فی شعبه عصب، فإن أَزْمَنَ الخدر البارد و طال، أدّی إلی الاسترخاء.
و الخدر الغالب ینذر بسکته، أو صرع، أو تشنّج، أو کزاز، أو فالج عام، و خدر کل عضو إذا دام و اشتدّ، ینذر بفالج، أو تشنّج یصیبه.
و خدر الوجه ینذر باللّقوه،
و کثیراً ما یعقب ذات الرئه و ذات الجنب و السرسام البارد خدر.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 332
و اعلم أن الخدر إذا دام فی عضو و لم نر له الاستفراغ، ثم أعقب دواراً فهو منذر بسکته.
العلامات:
العلامات بعینها هی الأسباب، و کما قیل فی الرعشه، و یدلّ علی ذلک منها، و زیاده الخدر بزیادته و نقصانه بنقصانه، و العلاج علی ما قیل فی الرعشه بعینه، إلا أنه إن کان عن دم غالب، و قامت دلاله من امتلاء العروق، و انتفاخ الأوداج، و ثقل البدن، و نوم، و حمره وجه و عین، و غیر ذلک، فینبغی أن یفصد فصداً بالغاً، فإنه فی أکثر یزیل الخدر وحده، و مع إصلاح التدبیر و تجفیف الغذاء، و إذا ظهر الخدر بعضو من الأعضاء بسبب سابق، أو باد، مثل برد أو غیر ذلک نال مبدأ العصب، فیجب أن لا یقتصر علی معالجه الموضع، بل یکوی، و کذلک علاج مبدأ العصب السالک إلیه. و من المعالجات النافعه للخدر، ریاضه ذلک العضو و دوام تحریکه.
و اعلم أن القرطم الواقع فی الحقن مسخن للعصب.
الاختلاج حرکه عضلانیه، و قد یتحرک معها ما یلتصق بها من الجلد، و هی من ریح غلیظه نفّاخه، أما الدلیل علی أنها من ریح، فسرعه الانحلال، و أنه لا یکون إلا فی الأبدان البارده، و الأسنان البارده، و شرب الأشیاء البارده، و یسکنها المسخنات و النفوذ. و أما الدلیل علی أنها غلیظه، فهو أنها لا تنحل إلا بتحریک العضو، و الدلیل علی أنها عضلانیه لحمیه عصبیه أن ما لانَ جداً مثل الدماغ، فإن الریح لا تحتقن فیه، و کذلک ما صلب مثل العظم، بل یعرض فی الأکثر لما
توسّط فی الصلابه و اللین. و أسباب الاختلاج قوه مبرّده، و ماده رطبه، و قد یعرض الاختلاج من الأعراض النفسانیه کثیراً، خصوصاً من الفرح، و کذلک یعرض من الغم و الغضب و غیر ذلک، لأن الحرکه من الروح قد تحلّل المواد ریاحاً. و اعلم أن الاختلاج إذا عمّ البدن أنذر بسکته، أو کزاز. و إذا دام بالمراق، أنذر بالمالنخولیا و الصرع، و إذا دام بالوجه، أنذر باللقوه و اختلاج ما دون الشراسیف، ربما دلّ علی ورم فی الحجاب، فإنه من توابعه.
علاج الاختلاج المتواتر:
یکمد بالکمادات المسخنه، فإن زال، و إلا استعملت الأدهان المحلله مبتدئاً من الأضعف إلی الأقوی، فإن زال و إلا سقی المسهل، و یدام بعد ذلک تمریخ العضو بالأدویه المسخّنه. و للجندبیدستر مع الزنبق خاصیه فی هذا الباب، و لا یتناول ماء الجمد، و لا الخدر الکثیر، و ما له نفخ و تبرید، و یقرب علاجه من علاج أخواته، فلنختم الکلام فی أمراض العصب ههنا، و لنقتصر علی الحسیّه و الحرکیه و الوضعیه منها. و أما الأورام و تفرقات الاتصال و غیر ذلک، فلتأخر إلی الکتاب الرابع إن شاء الله.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 334
فنقول: قوّه الإبصار و ماده الروح الباصر، تنفذ إلی العین من طریق العصبتین المجوّفتین اللتین عرفتهما فی التشریح، و إذا انحدرت العصبه و الأغشیه التی تصحبها إلی الحجاج اتّسع طرف کل واحد منهما، و امتلأ، و انبسط اتساعاً یحیط بالرطوبات التی فی الدقّه التی أوسطها الجلیدیه، و هی رطوبه صافیه، کالبرد و الجلید، مستدیره، ینقص تفرطحها من قدّامها استدارتها، و قد فرطحت لیکون المتشنج فیها أوفر مقداراً، و یکون للصغار من المرئیات قسم بالغ تتشنّج فیه، و
لذلک فإن مؤخرها یستدقّ یسیراً لیحسن انطباقها فی الأجسام الملتقمه لها، المستعرضه، المستوسعه عن دقه، لیحسن التقامها إیاها، و جعلت هذه الرطوبه فی الوسط، لأنه أولی الأماکن بالحرز، و جعل وراءها رطوبه أخری تأتیها من الدماغ لتغذوها، فإن بینها و بین الدم الصرف تدریجاً.
و هذه الرطوبه تشبه الزجاج الذائب، و لون الزجاج الذائب صفاء یضرب إلی قلیل حمره. أما الصفاء، فلأنها تغذو الصافی، و أما قلیل حمره، فلأنها من جوهر الدم و لم یستحل إلی مشابهه ما یغتذی به تمام الاستحاله، و إنما أخرت هذه الرطوبه عنها لأنها من بعث الدماغ إلیها یتوسط الشبکی، فیجب أن تلی جهته، و هذه الرطوبه تعلو النصف المؤخر من الجلیدیه إلی أعظم دائره فیها، و قدامها رطوبه أخری تشبه بیاض البیض، و تسمی بیضیه، و هی کالفضل عن جوهر الجلیدیه، و فضل الصافی صافٍ، و رضعت من قدام لسبب متقدم، و لسبب کالتمام.
و السبب المتقدم هو أن جهه الفضل مقابله لجهه الغذاء، و السبب التمامی هو أن یدرج حمل الضوء علی الجلیدیه و یکون کالجنه لها، ثم إن طرف العصبه یحتوی علی الزجاجیه و الجلیدیه إلی الحد الذی بین الجلیدیه و البیضیه، و الحد الذی ینتهی عنده الزجاجیه عند الإکلیل احتواء الشبکه علی الصید، فلذلک تسمی شبکته، و ینبت من طرفها نسج عنکبوتی یتولد منه صفاق لطیف، تنفذ معه خیاطات من الجزء المسمی الذی سنذکره، و ذلک الصفاق حاجز بین
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 335
الجلیدیه و بین البیضیه لیکون بین اللطیف و الکثیف حاجز ما، و لیأتیه غذاء من أمامه نافذ إلیه من الشبکی و المشیمی، و إنما کان رقیقاً کنسج العنکبوت، لأنه لو کان کثیفاً قائماً
فی وجه الجلیدیه، لم یبعد أن یعرض منه لاستحالته أن یحجب الضوء عن الجلیدیه من طریق البیضیّه، و أما طرف الغشاء الرقیق، فإنه یمتلئ و ینتسج عروقاً کالمشیمه، لأنه منفذ الغذاء بالحقیقه، و لیس یحتاج إلی أن یکون جمیع أجزائه مهیأه للمنفعه الغذائیه، بل الجزء المؤخر، و یسمی مشیمیاً. و أما ما جاوز ذلک الحدّ إلی قدام، فیثخن صفاقاً إلی الغلظ ما هو، ذا لون أسمانجونی بین البیاض و السواد، لیجمع البصر و لیعدل الضوء فعل إطباقنا البصر عند الکلال التجاء إلی الظلمه، أو إلی الترکیب من الظلمه و الضوء، و لیحول بین الرطوبات، و بین القرنی الشدید الصلابه، و یقف کالمتوسط العدل، و لیغذو القرنیه بما یتأذی إلیه من المشیمیه، و لا یتم إحاطته من قدامه لئلا یمنع تأدی الأشباح، بل یخلی قدامه فرجه، و ثقبه کما یبقی من العنب عند نزع ثفروقه عنه، و فی تلک الثقبه تقع التأدیه، إذا انسدت منع الإبصار، و فی باطن هذه الطبقه العنبیه خمل حیث یلاقی الجلیدیه لیکون أشبه بالمتخلخل اللین، و لیقل أذی مماسِّتِهِ.
و أصلب أجزائه مقدمه حیث تلاقی الطبقه القرنیه الصلبه، و حیث یتثقب لیکون ما یحیط بالثقبه أصلب، و الثقبه مملوءه رطوبه للمنفعه المذکوره، و روحاً یدل علیه ضمور ما یوازی الثقبه عند قرب الموت. أما الحجاب الثانی، فإنه صفیق جداً لیحسن الضبط، و یسمی مؤخره طبقه صلبه و صفیقه، و مقدّمه یحیط بجمیع الحدقه و تشف، لئلا تمنع الإبصار، فیکون ذلک فی لون القرن المرقق بالنحت و الجرد، و یسمی لذلک قرنیه.
و أضعف أجزائه ما یلی قدّام، و هی بالحقیقه کالمؤلفه من طبقات رقاق أربعه، کالقشور المتراکبه، إن انقشرت منها واحده لم تعم
الآفه. و قول قوم: إنها ثلاث طبقات، و منها ما یحاذی الثقبه لأن ذلک الموضع إلی الستر و الوقایه أحوج، و أما الثالث فیختلط بعضل حرکه الحدقه، و یمتلئ کله لحماً أبیض دسماً، لیلیّن العین و الجفن، و یمنعها أن تجف، و تسمی جملته الملتحم، فأما العضل المحرکه للمقله، فقد ذکرناها فی التشریح، و أما الهدب، فقد خلق لدفع ما یطیر إلی العین و ینحدر إلیها من الرأس، و لتعدیل الضوء بسواده، إذ السواد یجمع نور البصر، و جعل مغرسه غشاء یشبه الغضروف، لیحسن انتصابها علیه، فلا یضطجع لضعف المغرس، و لیکونا للعضله الفاتحه للعین مستنداً کالعظم یحسن تحریکه.
و أجزاء الجفن جلد، ثم أحد طاقی العشاء، ثم شحمه، ثم عضله، ثم الطاق الآخر، و هذا هو الأعلی. و أما الأسفل، فینعقد من الأجزاء العضلیه، و الموضع الذی فی شقه خطر هو ما یلی موقه عند مبدأ العضله.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 336
یتعرف ذلک من ملمسها، و من حرکتها، و عن عروقها، و من لونها، و من شکلها، و من قدرها، و من فعلها الخاص، و حال ما یسیل منها، و حال انفعالاتها. فأما تعرف ذلک من ملمسها، فأن یصیبها اللمس حاره، أو بارده، أو صلبه یابسه، أو لینه رطبه. و أما تعرف ذلک من حرکتها، فأن تتأمل هل حرکتها خفیفه، فتمد علی حراره أو علی یبوسه، کما یفصل ذلک ملمسها، أم ثقیله فتدل علی برد و رطوبه. و أما تعرف ذلک من عروقها، فأن تتعرف هل هی غلیظه واسعه، فیدل ذلک علی حرارتها، أم دقیقه خفیه، فیدل ذلک علی برودتها، و أن تتعرف هل هی خالیه، فیدل ذلک علی یبوستها، أم ممتلئه،
فیمل ذلک علی کثره الماده فیها. و أما تعرف ذلک من لونها فإن کل لون یحل علی الخلط الغالب المناسب، أعنی الأحمر و الأصفر و الرصاصی و الکمد.
و أما تعرف ذلک من شکلها، فإن حسن شکلها، یدل علی قوتها فی الخلقه، و سوء شکلها علی ضد ذلک. و أما حال عظمها و صغرها فعلی حسب ما قیل فی الرأس و أما تعرّف ذلک من فعلها الخاص، فإنها إن کانت تبصر الخفی من بعید و من قریب معاً، و لا تتأذی بما یرد علیها من المبصرات القویه، فهی قویه المزاج معتدله، و إن کانت ضعیفه الإبصار، و علی خلاف ذلک، ففی مزاجها أو خلقتها فساد و إن کانت لا تقصر فی إدراک القریب و إن دق و تقصر فی إدراک البعید، فروحها صافٍ صحیح قلیل، تدعی الأطباء أنه لا یفی للانتشار خارجاً لرقته، و یعنون بذلک الشعاع الذی یعتقدون أنه من جمله الروح، و أنه یخرج، فیلاقی المبصر و إن کانت لا تقصر فی إدراک البعید، فإن أدنی منها الدقیق لم تبصر، و إن نحی عنها إلی قدر من البعد أبصرته، فروحها کبیر کدر غیر صاف، لطیف، بل رطب، و مزاجها رطب، تدّعی الأطباء أنه لا یرقّ، و لا یصفو إلا بالحرکه المتباعده. و إذا أمعن الشعاع فی الحرکه رق و لطف، و إن کانت تضعف فی الحالین، فروحها قلیل کدر، و أما تعرف ذلک من حال ما یسیل منها، فإنها إن کانت جافه لا ترمص البته، فهی یابسه، و إن کانت ترمص بإفراط، فهی رطبه جداً.
و أما من حال انفعالاتها، فإنها إن کانت تتأذی من الحر، و تتشفی بالبرد، فبها سوء مزاج حار، و إن
کانت بالضد فبالضد.
و اعلم أن الوسط فی کل واحد من هذه الأنواع معتدل، إلا المفرط فی جوده الإبصار فهو المعتدل.
و العین یعرض لها جمیع أنواع الأمراض المادیه، و الساذجه، و الترکیبیه الآلیه و المشترکه. و للعین فی أحوالها التی تعرض لها من هیئه الطرف، و التغمیض، و التفتیح، و اللون، و الدمعه، أحکام متعلقه بالأمراض الحادّه، یجب أن تطلب منها. و أمراض العینین قد تکون خاصه، و قد تکون بالمشارکه. و أقرب ما تشارکه، الدماغ و الرأس، و الحجب الخارجه و الداخله، ثم المعده.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 337
و کل مرض یعرض للعین بمشارکه الحجاب الخارج، فهو أسلم مما کان بخلافه.
علامات کون مرض العین بشرکه الدماغ أن یکون فی الدماغ بعض دلائل آفاته المذکوره، فإن کان الواسطه الحجب الباطنه، تری الوجع و الألم یبتدئ من غور العین، و إن کانت الماده حاره، وجدت عطاساً و حکهً فی الأنف، و إن کانت بارده، أحسست بسیلان بارد. و قلما تکون هذه المشارکه بسوء مزاج مفرد، و إن کانت المشارکه مع الحجب الخارجه و کانت الماده تتوجّه منها، أحس بتمدد یبتدئ فی الجبهه و العروق الخارجه. و تظهر المضره فیما یلی الجفن أکثر، و إن کانت بمشارکه المعده کانت العلامات المذکوره فی باب مشارکه الدماغ للمعده، و إن کان هناک خیالات بسبب المعده، قلت فی الخواء، و کثرت فی الامتلاء.
و أما علامات المرض المادی من حیث هو فی نفس العین، فان الدموی یدل علیه الثقل، و الحمره، و الدمع، و الانتفاخ، و درور العروق، و ضربان الصدغین، و الالتزاق، و الرمص، و حراره الملمس، و خصوصاً إذا اقترن به علامات دمویه الرأس.
و أما البلغمی، فیدل
علیه ثقل شدید، و حمره خفیه مع رصاصیه ما و التصاق، و رمص، و تهتج، و قله دموع. و أما الصفراوی، فیدل علیه النخس و الالتهاب مع حمره إلی صفره، لیست کحمره الدموی، ورقه دمع حاد، و قله الالتصاق. و أما المزاجات الساذجه، فیمل علیها الثقل مع الجفاف، و مع وجود دلائل ذکرناها فی باب التعرف. و أما الأمراض الآلیه و المشترکه، فیأتی لکل واحد منها باب.
معالجات العین مقابله لأمراض العین، و لما کانت الأمراض إما مزاجیه مادیه، و إما مزاجیه ساذجه، و إما ترکیبیه، و إما تفرق اتصال، فعلاج العین، إما استفراغ و یدخل فیه تدبیر الأورام، و إما تبدیل مزاج، و إما إصلاح هیئه، کما فی الجحوظ، و إما إدمال و إلحام، و العین تستفرغ المواد عنها، إما علی سبیل الصرف عنها، و إما علی سبیل التحلیب منها.
و الصرف عنها هو أولًا من البدن إن کان ممتلئاً، ثم من الدماغ بما عرفت من منقیات الدماغ، ثم النقل عنها من طریق الأنف، و من العروق القریبه من العین مثل عرقی المأقین.
و أما التحلیب منها، فیکون بالأدویه المدمعه.
و أما تبدیل المزاج، فیقع بأدویه خاصیه أیضاً.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 338
و أما تفرق الاتصال الواقع فیها، فیعالج بالأدویه التی لها تجفیف غیر کثیر، و بعید من اللذع و أنت ستطلع علی هذه الأدویه من کلامنا فی الرمد و سائر علل العین.
و یجب أن تعلم أن الأمراض المادیه فی العین یجب أن یستعمل فیها تقلیل الغذاء و تناول ما یولد الخلط المحمود، و اجتناب کل مبخر و کل ما یسوء هضمه، و إذا کانت الماده منبعثه من عضو قصدت فصد ذلک العضو، و إذا
کانت الماده تتوجه من الحجاب الخارج، استعملت الحجامه، و استعملت الرواح علی الجبهه، و من جملتها قشر البطیخ للحاره، و القلقدیس للبارده، و العروق التی تفصد للعین، هی مثل القیفال، ثم العروق التی فی نواحی الرأس، فما کان من قدّام، کان أنفع فی النقل من الموضع، و ما کان من خلف کان أنفع فی الجذب.
و اعلم أن ما یحدث فی العین من المواد، و یحتاج إلی نقله عنها إلی عضو آخر، فأصوب ما ینقل إلیه هو المنخران، و ذلک إذا لم تکن فی فریق الانصباب إلی العین. و هذا النقل إنما هو بالعطوسات و النشوقات المذکوره فی مواضع أخر، حیث ذکرنا تدبیر أوجاع الرأس. و أدویه العین منها مبدلات للمزاج، إما مبرده مثل عصارات عنب الثعلب و عصا الراعی، و هو البطباط، و ماء الهندبا، و ماء الخس، و ماء الورد و عصارته، و لعاب بزرقطونا، و منها مسخنات مثل المسک و الفلفل، و الوج و المامیران و نحوها، و منها مجففات مثل التوتیا و الأثمد و الإقلیمیا، و من جملتها مقبضات، مثل شیاف مامیثا، و الصبر، و الفیلزهرج، و الزعفران، و الورد، و منها ملینات مثل اللبن، و حکاک اللوز، و بیاض البیض، و اللعاب، و منها منضجات مثل العروق، و ماء الخلبه، و الزعفران، و المیبختج، و خصوصاً منقوعاً فیه الخبز، و منها محلّلات مثل الأنزروت، و ماء الرازیانج، و منها مخدرات مثل عصاره اللفّاح، و الخشخاش و الأفیون. و اعلم أنه إذا کان مع علل العین صُداع، فابدأ فی العلاج بالصداع، و لا تعالج العین قبل أن تزیله، و إذا لم یغن الاستفراغ و التنقیه و التدبیر الصائب، فاعلم أن فی العین
مزاجاً بارداً، أو ماده خبیثه لحجه فی الطبقات تفسد الغذاء النافذ إلیها، أو هناک ضعف فی الدماغ، و فی موضع آخر تنقذف منه النوازل إلی العین، فاعلم هذه الأشیاء.
یجب علی من یعتنی بحفظ صحه العین أن یوقیها الغبار، و الدخان، و الأهویه الخارجه عن الاعتدال فی الحر و البرد، و الریاح المفججه و البارده، و السمومیه، و لا یدیم التحدیق إلی الشی ء الواحد لا یعدوه. و مما یجب أن یتقیه حقّ الاتقاء کثره البکاء، و یجب أن یقل النظر فی الدقیق إلا أحیاناً علی سبیل الریاضه، و لا یطیل نومه علی القفا، و لیعلم أن الاستکثار من الجماع أضرّ شی ء بالعین، و کذلک الاستکثار من السکر و التملؤ من الطعام، و النوم علی الامتلاء، و جمیع
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 339
الأغذیه و الأشربه الغلیظه، و جمیع المبخّرات إلی الرأس، و من جملتها کل ما له حرافه، مثل الکرّاث، و الحندقوقی، و جمیع ما یجفّف بإفراط، و من جملته الملح الکثیر، و جمیع ما یتولد منه بخار کثیر، مثل الکرنب و العدس، و جمیع ما ذکر فی ألواح الأدویه المفرده و نسب إلی أنه ضارّ بالعین. و لیعلم أن کل واحد من کثره النوم، و السهر شدید المضرّه بالعین، و أوفقه المعتدل من کل واحد منهما. و أما الأشیاء التی ینفع استعمالها العین، و یحفظ قوتها، فالأشیاء المتخذه من الإثمد، و التوبا مثل أصناف التوتیا المرباه بماء المرزنجوش، و ماء الرازیانج. و الاکتحال کل وقت بماء الرازیانج عجیب عظیم النفع، و برود الرمان الحلو عجیب نفعه أیضاً، و أیضاً البرود المتخذ من ماء الرمانین معتصراً بشحمهما، منضجین فی التنور مع العسل کما ستقف
علیه فی موضعه. و مما یجلو العین و یحدها الغوص فی الماء الصافی و فتح العین فی داخله.
و أما الأمور الضاره بالبصر، فمنها أفعال و حرکات، و منها أغذیه، و منها حال التصرّف فی الأغذیه فأما الأفعال و الحرکات فمثل جمیع ما یجفف، مثل الجماع الکثیر و طول النظر إلی المضیئات، و قراءه الدقیق قراءه بإفراط، فإن التوسّط فیها نافع، و کذلک الأعمال الدقیقه و النوم علی الامتلاء فی العشاء، بل یجب علی من به ضعف فی البصر أن یصبر حتی ینهضم، ثم ینام، و کل امتلاء یضره، و کل ما یجفف الطبیعه یضرُّه، و کل ما یعکر الدم من الأشیاء المالحه و الحریفه و غیرها یضرّه، و السکر یضره، و أما القی ء، فینفعه من حیث ینقی المعده، و یضرّه من حیث یحرک مواد الدماغ، فیدفعها إلیه، و إن کان لا بد، فینبغی أن یکون بعد الطعام و برفق، و الاستحمام ضار، و النوم المفرط ضار، و البکاء الکثیر و کثره الفصد، و خصوصاً الحجامه المتوالیه ضاره. و أما الأغذیه فالمالحه، و الحریفه و المبخره و ما یؤذی فم المعده، و الکراث، و البصل، و الثوم، و البافرو أکلًا، و الزیتون النضیج، و الشبث و الکرنب، و العدس.
و أما التصرّف فی الأغذیه، فأن یتناولها بحیث یفسد هضمها و یکثر بخارها جمل ما بین فی موضعه، و قد وقفت علیه، و تقف علیه فی مقالات هذا الکتاب الثالث.
الرمد منه شی ء حقیقی، و منه شی ء یشبهه، و یسمی التکدر، و التخثر. و الخثر و هو یسخن، و یرطب، یعرض من أسباب خارجه تثیرها و تحمّرها، مثل الشمس، و الصداع الإحتراقی، و حُمی یوم الاحتراقیه،. و الغبار،
و الدخان، و البرد فی الأحیان لتقبیضه، و الضربه لتهییجهما، و الریح العاصفه بصفقها. و کلّ ذلک إثاره خفیفه تصحب السبب، و لا ترتث بعده ریثاً یعتدّ به، و لو أنه لم یعالج لزال مع زوال السبب فی آخر الأمر، و یسمی بالیونانیه طارطسیس، فإن عاونه سبب بدنی أو بادئ معاضد للبادئ الأول، أمکن حینئذ أن یستفحل، و ینتقل ورماً ظاهراً حقیقیاً انتقال
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 340
حمّیات الیوم إلی حمیات أخری، و إذا انتقل، فهو فی بدء ما ینتقل یسمی بالیونانیه لقویکما. و من أصناف الرمد ما یتبع الجرب فی العین، و یکون السبب فیه خدشه للعین، و هو یجری فی أول الأمر مجری التکدر، و إنما یتأتی علاجه بعد حکّ الجرب. و أما الرمد بالجمله، فهو ورم فی الملتحمه، فمنه ما هو ورم بسیط غیر مجاوز للحد فی درور العروق و السیلان و الوجع، و منه ما هو عظیم مجاوز للحد فی العظم، یربو فیه البیاض علی الحدقه فیغطیها، و یمنع التغمیض، و یسمی کیموسیس، و یعرف عندنا بالوردینج. و کثیراً ما یعرض للصبیان بسبب کثره موادهم و ضعف أعینهم، و لیس یکون عن ماده حاره فقط، بل و عن البلغمیه و السوداویه، و لما کان الرمد الحقیقی ورماً فی الحدقه، بل الملتحمه، و کل ورم، إما أن یکون عن دم، أو صفراء أو بلغم، أو سوداء، أو ریح، فکذلک الرمد لا یخلو سببه عن أحد هذه الأسباب، و ربما کان الخلط الموزم متولّداً فیها، و ربما کان صائراً إلیها من الدماغ علی سبیل النزله من طریق الحجاب الخارج المجلّل للرأس، أو من طریق الحجاب الداخل، و بالجمله من الدماغ و
نواحیه، فإنه إذا اجتمع فی الدماغ مواد کثیره و امتلاء، فأقمن بالعین أن ترمد، إلا أن تکون قویه جداً، و ربما کانت الشرایین هی التی تصمت إلیها فضولها إذا کانت الفضول تکثر فیها، سواء کانت الشرایین من الداخله، أو الخارجه. و ربما لم تکن الماده صائره إلیها من ناحیه الدماغ و الرأس، بل تکون صائره إلیها من الأعضاء الأخری، و خصوصاً إذا کانت العین قد لحقها سوء مزاج، و أضعفها، و جعلها قابله للآفات، و هی التی تصب إلیها تلک الفضول.
و من أصناف الرمد ما له دور و نوائب بحسب دور انصباب الماده و لولدها و اشتداد الوجع فی الرمد، إما لخلط لذّاع یأکل الطبقات، و إما لخلط کثیر ممدّد، و إما لبخار غلیظ، و بحسب التفاوت فی ذلک، یکن التفاوت فی الألم. و مواد ذلک کما علمت، إما من التمدد، و إما من الرأس نفسه، و إما من العروق التی تؤدی إلی العین ماده ردیئه حاره أو بارده، و ربما کان من العین نفسها، و ذلک أن یعرض لطبقات العین فساد مزاج لخلط محتبس فیها، أو رمد طال علیها فتحیل جمیع ما یأتیها من الغذاء إلی الفساد، و من کانت عینه جاحظه، فهو أقبل لعظم الرمد و نتوئه لرطوبه عینه، و اتساع مسامها.
و قد تکثر الدموع البارده فی أصناف من الرمد لعدم الهضم، و کثیراً ما ینحلّ الرمد بالاختلاف الطبیعی.
و اعلم أن رداءه الرمد بحسب کیفیه الماده و عظمه بحسب کمیه الماده.
و اعلم أن البلاد الجنوبیه یکثر فیها الرمد و یزول بسرعه، أما حدوثه فیهم کثیراً، فلسیلان موادهم و کثره بخاراتهم، و أما برؤه فیهم سریعاً، فلتخلخل مسام أعضائهم و انطلاق طبائعهم، فإن فاجأهم
برد صعب، و مدهم لاتفاق طرو مانع قابض علی حرکه سیاله من خلط ثائر.
و أما البلاد البارده و الأزمنه البارده، فإن الرمد یقل فیها، و لکنه یصعب، أما قلته فیها،
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 341
فلسکون الأخلاط فیها و جمودها، و أما صعوبتها، فلأنها إذا حصلت فی عضو لم یتحلل بسرعه لاستحصاف المجاری، فمددت تمدیداً عظیماً حتی یعرض أن یتقطر منها الصفاق، و إذا سبق شتاء شمالی، و تلاه ربیع جنوبی مطیر، وصیف و مد کَثُر الرمد، و کذلک إذا کان الشتاء دقیاً جنوبیاً یملأ البدن الأخلاط، ثم تلاه ربیع شمالی یحقنه. و الصیف الشمالی کثیر الرمد، خصوصاً بعد شتاء جنوبی، و قد یکثر أیضاً فی صیف کان جنوبی الربیع، جاف الشتاء شمالیه، و قس الأبدان الصلبه علی البلاد الشمالیه و الأبدان اللینه المتخلخله علی البلاد الجنوبیه، و کما أن البلاد الحاره ترمد، فکذلک الحمام الحار جدا إذا دخله الإنسان، أوشک أن یرمد. و اعلم أنه إذا کان الرمد و تغیر حال العین یلزم مع العلاج الصواب، و التنقیه البالغه، فالسبب فیه ماده ردیئه محتقنه فی العین یفسد الغذاء أو نوازل من الدماغ و الرأس علی نحو ما بیناه فیما سلف.
العلامات:
اعلم أنّ الأوجاع التی تحدث فی العین، منها لذّاعه أکّاله، و منها متمدّده: و اللذّاعه تدلّ علی فساد کیفیه الماده و حدّتها، و الممدده تدل علی کثرتها، أو علی الریح. و أسرع الرمد منها أسیله دمعاً، و أحدّه لذعاً. و أبطؤه أیبسه. و الرمص دلاله علی النضج، أو علی غلظ الماده، و الذی یسرع من الرمص مع خفه الأعراض الأثقل، فهو یدل علی غلظ الماده. و الذی یصحب النضج و تخفّ معه العین فی
الأول قلیلًا و ینحلّ سریعاً، فهو المحمود. و الذی حده صغار أقل دلاله علی الخیر، فإن صغر الحبّ یدل علی بطء النضج، و إذا أخذت الأجفان تلتصق، فقد حان النضج، کما أنه ما دام سیلان مائی، فهو ابتداء بعد.
و بعد هذا فنقول: أما التکدّر فیعرف لخفته و سببه و فقدان الورم البادی، و ما کان من الرمد بمشارکه الرأس، دل علیه الصُداع، و ثقل الرأس، فإن کان الطریق للنزله من الدماغ إلی العین و إنما هو من الحجاب الخارج المحلّل للرأس، کانت الجبهه متمدّده، و العروق الخارجه دارَّه، و کان الانتفاخ یبادر إلی الجفن، و یکون فی الجبهه حمره و ضربان، فإن کان من الحجاب الداخل لم یظهر ذلک، و ظهر عطاس و حکّه فی الفم و الأنف، و إن کان بمشارکه المعده رافقه تهوعّ و کرب. و علامه ذلک الخلط فی المعده.
و أما الرمد الدموی، فیدلّ علیه لون العین، و درور العرق، و ضربان الصدغین، و سائر علامات الدم فی نواحی الدماغ، و لا یدمع کثیراً بل یرمص و یلتزق عند النوم.
و أما الصفراوی، فیدلّ علیه نخس أشدّ، و وجع محرق ملتهب أشد، و حمره أقل، و دمعه رقیقه حاره ربما قرحت، و ربما خلت عن الدمع خلو الدموی، و لا یلتزق عند النوم، و قد یکون من هذا الجنس ما هو حمره تضرب العین، و هی من جمله الأمزجه الخبیثه، و ربما کوت العین
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 342
و قرّحتها قراحه ذبابه ساعیه. و من الرمد الصفراوی جنس حکّاک حاف مع قله حمره و قلّه رمص، و لا یظهر الورم منه حجم یعتد به، و لا سیلان، و هو من ماده
قلیله حاده.
و أما البلغمی، فیدل علیه ثقل شدید، و حراره قلیله، و حمره خفیفه، بل السلطان یکون فیه للبیاض، و یکون رمص و التصاق عند النوم، و یکون مع تهیّج، و یشارکه الوجه و اللون، و إن کان مبدؤه المعده صاحَبَه تهوع، و قد یبلغ البلغمی أن تنتأ فیه الملتحمه علی السواد غطاً من الورم، إلا أنه لا یکون بین الحمره شدیدها و لا یکون معه دموع، بل رمص.
و أما السوداوی، فیدل علیه ثقل مع کموده و جفاف و إدمان و قله التصاق. و أما لریحی فیکون معه تمدّد فقط بلا ثقل و لا سیلان، و ربما أورث التمدّد حمره.
معالجات التکدر:
التکدر و ما یجری مجراه من الرمد الخفیف، فربما کفی فیه قطع السبب، فإن کان السبب معیناً من امتلاء من دم أو غیره، استفرغ، و ربما کفی تسکین حرکتها، و تقطیر لبن، و بیاض بیض، و غیر ذلک فیها، فإن کان التکَثر من ضربه، قطر فی العین دم حار من ریش حمام و غیره، أو من دم نفسه، و ربما کفی تکمید بإسفنجه، أو صوفه مغموسه بمطبوخ، أو دهن ورد و طبیخ العدس، أو یقطر فیها لبن النساء من الثدی حاراً، فإن لم ینجع ذلک، فطبیخ الحلبه و الشیاف الأبیض.
و الذی یعرض من برد، فینفعه الحمّام إن لم یکن صار رمداً و ورماً، و لم یکن الرأس و البدن ممتلئین، و ینفع منه التکمید بطبیخ البابونج، و الشراب اللطیف بعد ثلاث ساعات من الطعام. و النوم الطویل علی الشراب من علاجاته النافعه، کان من الشمس، أو من البرد، أو غیره.
و ما کان من الرمد سببه الجرب، ثم کان خفیفاً، فلیحک الجرب أولًا، ثم یعالج الرمد،
و ربما زال بعد حکّ الجرب من تلقاء نفسه، فإن کان عظیماً لا یحتمل مقارنه تدبیر الحک، استعمل الرفق و التلیین و التنقیه حتی ینقاد و یحتمل المقارنه بینه و بین تدبیر الحک.
القانون المشترک فی تدبیر الرمد المادی و سائر أمراض العین المادیه، تقلیل الغذاء، و تخفیفه، و اختیار ما یولّد خلطاً محموداً، و اجتناب کل مبخّر، و اجتناب کل سوء هضم، و اجتناب الجماع و الحرکه، و تدهین الرأس و الشراب، و اجتناب الحامض، و المالح، و الحریف، و إدامه لین الطبیعه، و الفصد من القیفال، فإنه یوافق جمیع أنواعه.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 343
و یجب أن لا یقع بصر الرمد علی البیاض و علی الشعاع، بل یکون ما یفوش له و یطیف به أسود و أخضر، و یعلق علی وجهه خرقه سوداء تلوح لعینه. و الأسود فی حال المرض، و الأسمانجونی فی حال الصحه.
و یجب أن یکون البیت الذی یسکنه إلی الظلمه، و یجب أن یجلب إلیه النوم، فإنه علاج جید، و یجب أن لا یترک الشعر یطول، فإنه ضار بالرمد جداً، إلا أن یکون الشعر مرسلًا فی الأصل، فإنه یقع من حیث یجفف الرطوبات جذباً إلی غذائها، و إذا کان البدن نقیاً و الخلط الفاعل للرمد ناشئاً فی العروق و من جنس الدم الغلیظ، و خصوصاً فی تخر الرمد، فإن الاستحمام لیرقق الماده، و شرب الشراب الصرف لیزعجها و یخرجها نافعان، و الحمام بعد الاستفراغ أفضل علاج للرمد، و خصوصاً إذا کان التکمید یسکن الوجع، و مما یجب أن یدبر فی الرمد و سائر أمراض العین المادیه، هو إعلاء الوساده و الحذر من طأطأته، و یجب أن یبعد الدهن
من رأس الأرمد، فإنه شدید المضره له، و أما تقطیر الدهن و لو کان دهن الورد فی الأذن، فعظیم المضره جماً، و ربما عظم الرمد حتی یضیق علی الطبقات.
و إن کانت الماده منبعثه من عضو، فینبغی أن یستفرغ من ذلک العضو، و یجذب إلی ضد الجهه بأی شی ء کان بفصد و حقنه و غیر ذلک، و ربما لم یغن الفصد من القیقال و احتیج إلی فصد شریان الصدغ، أو الأذن، لینقطع الطریق الذی منه تأتی الماده، و ذلک إذا کانت الماده تأتی العین من الشرایین الخارجه، و إذا أرید سل هذه الشراییون، فیجب أن یحلق الرأس، و یتأمل أی تلک الصغار أعظم و أنبض و أسخن، فیقطع و یبالغ فی استئصاله إن کان مما یسل، و هی الصغار دون الکبار، و ربما سل الذی علی الصدغ. و یجب أن یخزم أولًا، ثم یقطع بعد أن یختار ما سلف ذکره من أن یکون ما یُبتَر أو یقطع أعظم الصغار و أسخنها. و یجب قبل البتر أن یشد ما دونه بخیط إبریسم شداً شدیداً طویلًا، و یترک الشد علیه، ثم یقطع ما وراءه، فإذا عفن جاز أن یبان الشد، و هذا یحتاج إلیه فیما هو أعظم، و أما الصغار، فیکفی أن یشرط شرطاً عنیفاً لیسیل ما فیها من الدم، و قد یقارب ذلک النفع حجامه النقره و إرسال العلق علی الجبهه، و إذا لم یغن ما عمل فصد من المأق و من عروق الجبهه. علی أن حجامه النقره بالغه النفع.
و إذا تطاولت العله، استعملت الشیاف الذی یقع فیه نحاس محرق و زاج محرق، و ربما کفی الاکتحال بالصبر وحده. و إذا طال الرمد و لم ینتفع بشی ء،
فاعلم أن فی طبقات العین ماده ردیئه تفسد الغذاء الوارد علیها، فافزع إلی مثل التوتیاء المغسول مخلوطاً بالملینات، مثل الاسفیذاج، و إقلیمیا الذهب المغسول، و النشا، و قلیل صمغ، و ربما اضطر إلی الکی علی الیافوخ لتحتبس النزله، فإنه ربما کان دوامه لدوام نزله، فإذا کان المبدأ من الحجب الباطنه، کان العلاج صعباً، إلا أن مداره علی الاستفراغات القویه مع استعمال ما یقوی الرأس من الضمادات المعروفه لهذا الشأن، مثل الضماد المتخذ من السنبل، و الورد، و الأقاقیا بماء الکزبره
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 344
الرطبه، و الکزبره الرطبه نفسها و الیابسه مع قلیل زعفران یترک علی الموضع ساعه أو ساعتین، ثم یبان، و قد تستعمل فیها المغریات و معدلات المواد الحاده، و الألبان من جملتها.
و لا یصلح أن یترک القطور منها فی العین زماناً طویلًا، بل یجب أن یراق و یجمد کل وقت، و منها بیاض البیض، و لیس من الواجب فیه أن یجمد، بل أن یترک ساعه لم تضر، و هو أحمد من اللبن، و إن کان اللّبن أحلی. و بیاض البیض یجمع مع تلیینه و تملیسه أن لا یلحج، و لا یسد المسام. و طبیخ الحلبه یجمع مع تحلیله و إنضاجه أن یملس و یسکّن الوجع. و دهن الورد من هذا القبیل.
و بالجمله یجب أن یکون الدواء المستعمل فی العین، خصوصاً فی الرمد لا خشونه فیه، و لا کیفیه طعم کمر، أو حامض، أو حریف. و یجب أن یسحق جیداً لیذهب الخشونه، و ما أمکنک أن تجتزئ بالمسخنه العدیده الطعم فذلک خیر. و قد تستعمل فیه السعوطات السلقیه و ما یجری مجراها مما یخرج من الأنف بعض الماده، و ذلک عند
ما لا یخاف جذبها إلی العین ماده أخری، و قد تستعمل فیها الغراغر.
و من المعالجات النافعه التکمید بالمیاه الفاتره بإسفنجه، أو صوفه، و ربما أغنی استعماله مره أو مرتین غنی کثیراً، و ربما احتاج إلی تکریر کثیر بحسب قوه الرمد و ضعفه، و إذا کان الماء المکمد به طبیخ إکلیل الملک و الحلبه، کان أبلغ فی النفع، و قد یطلی علی الجبهه الروادع، خصوصاً إذا کان الطریق لانصباب الماده هو الحجاب الخارج، وهنه الروادع مثل قشر البطیخ خاصه، و مثل شیاف مامیثا، و مثل الفیلزهرج، و الصبر، و بزر الورد و الزعفران و الأنزروت، و المیاه، مثل: ماء عنب الثعلب، و ماء عصا الراعی، و کذلک العوسج، و سویق الشعیر، و عنب الثعلب و السفرجل. و إن کانت الفضله شدیده الحده و الرقه، استعملت اللطوخات الشدیده القبض، کالعفص، و الجلنار، الحسک. و التضمید به لمجاری النوازل تأثیر عظیم، هذا إن کانت الماده حاره، و إن کانت بارده، فیما یجفف و یقبض و یقوی العضو مع تسخین، مثل اللطخ بالزئبق و الکبریت و البورق. و یجب أن یدام تنقیه العین من الرمص بلبن یقطر فیه، فیغسلها، أو ببیاض البیض، فإن احتیج إلی مسّ، فیجب أن یکون برفق.
و یجب إن کان الرمد شدیداً أن یفصد إلی أن یخاف الغشی، فإن إرسال الدم الکثیر مبرئ فی الوقت، و یجب ما أمکن أن یؤخر استعمال الشیافات إلی ثلاثه أیام، و لیقتصر علی التدبیر المذکور من الاستفراغات و جذب المواد إلی الأطراف و لزوم ما ذکرناه من الأماکن و الأحوال. ثم إن استعمل شی ء بعد ذلک، فلا بأس به، و کثیراً ما یبرأ الرمد بهذه الأشیاء من غیر علاج آخر.
و إما لین الطبیعه فأمر لا بد من الإسهال للخلط المستولی علی الحم بعد الفصد، و لا خیر فی التکمید قبل التنقیه، و لا فی الحمام أیضاً، فربما صار ذلک سبباً لجذب ماده کثیره بقطر طبقات العین.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 345
و یجب أن لا یستعمل فی الابتداء المکثفات القویه و القابضه الشدیده، فتکثف الطبقه و تمنع التحلیل و یعظم الوجع، خصوصاً إذا کان الوجع شدیداً. و الضعیفه القبض أیضاً فی الابتداء لا تغنی فی منع الماده، و تضر بتکثیف الطبقه الظاهره و تحقن فیها الماده، فإن اتفق شی ء من هذا، تدورک بالتکمید بالماء الحار دائماً، و الاقتصار علی الشیاف الأبیض محلولًا فی ماء إکلیل الملک صواب، فإن الأقوی من ذلک مع امتلاء الرأس ربما أضر. و أما المحلله، فاجتنبها فی أول الأمر اجتناباً شدیداً، و ربما احتیج بعد استعمال هذه القابضات، و خصوصاً إذا خالطتها المخدرات إلی تقطیر ماء السکر و ماء العسل فی العین، فإن حدث من هذا هیجان للعله، برّدته بما لا تکثیف فیه لتتدارکه به.
و یجب أن یعنی کما قلنا قبل هذا بتنقیه الرمص برفق لا یؤذی العین، فإن فی تنقیه الرمص خفیفاً للوجع، و جلاء للعین، و تمکیناً للأدویه من العین، و ربما أحوج اشتداد الوجع إلی استعمال المخدرات، مثل عصاره اللفاح،. و الخس، و الخشخاش، و شی ء من السمّاق، فدافع بذلک ما أمکنک، فإن استعملت شیئاً من ذلک للضروره، فاستعمله علی حذر، و إما أمکنک أن تقتصر علی بیاض بیض مضروب بماء قد طبخ فیه الخشخاش فافعل، و ربما وجب أن تجعل معه حلبه لتعین فی تسکین الوجع من جهه التحلیل، و تحلّل أیضاً و تزیل آفه
المخدر.
فأما إن کانت الماده رقیقه أکاله فلا بأس عندی باستعمال الأفیون و المخدرات، فإنه شفاء، و لا یعقب وجعاً، و إن کان یجب أن یعتقد أنه من حیث یضر بالبصر مکروه، و لکن الأفیون فیما حدث من الأوجاع عن ماده أکّاله لیست ممدده شفاء عاجل. و علاج اللذع التغریه و التبرید و التلطیف، و علاج التمدید إرخاء العین و التحلیل بما نذکر کلّا فی مکانه، و تقل الماده. و إذا أزمنت العله ففصد المأقین، و فصد الشریان الذی خلف الأذن.
و یجب أن یجتنب أصحاب الرمد، و أصحاب النوازل إلی العین،- کما. قلنا مراراً- تدهین الرأس، و تقطیر الدهن فی الأذن. و جمله العلاج للرمد کعلاج سائر الأورام من الردع أولًا، و التحلیل ثانیاً، إلا أنه یستدعی لأجل العضو نفسه فضل ترفق، و هو أن یکون ما یقمع و یردع، أو یلطف و یحلّل و یجلو، لیس بعنیف الممر؟ مؤلم للحس، محدث للخشونه، و ذلک لا یتم إلا بأن یکون قبض ما یردع معتدلًا و لذع ما یحلل خفیاً، بل الأولی أن یکون فی ذلک تجفیف بلا لذع، و أن یکون مکسور العنف بما یخلط من مثل بیاض البیض، و لبن المرأه محلوباً علی محک الشیافِ الذی یکتحل به.
و إذا کانت الماده قد استفرغت و لم تسکّن الأوجاع فی غایه العنف، فاستعمل الشیاف المعروف بالیومی مخلوطاً بمثل صفره البیض، فلا یبعد أن یبرأ العلیل من یومه، و یدخل الحمام من مسائه، و یکون الذی بقی تحلیل لبقیه ماده بمثل الشیاف السنبلی، و ربما أوجب الوقت أن یشمّمه من شیاف الأصطفطیقان فی الیوم الأول شیئاً یسیراً، و یزیده فی الیوم الثانی منه، فیکون
القانون فی الطب (طبع بیروت)،
ج 2، ص: 346
معه البرء. فإذا استعصت الماده فی الرمد المتقادم علی التحلیل، فربما احتجت إلی مثل عصاره قثّاء الحمار و غیر ذلک مما أنت تعلم.
معالجات الرمد الصفراوی و الدموی و الحمره:
التدبیر المشترک لما کان من الرمد ما سببه ماده صفراویه أو دمویه، الفصد و الاستفراغ، فإن کان الدم دماً حاراً صفراویاً، أو کان السبب صفراء وحدها، نفع مع الفصد الاستفراغ بطبیخ الهلیلج، و ربما جعل فیه تربد، و إن کان فیه أدنی غلظ و علمت أن الماده متشربه فی حجب الدماغ، قوّیته بأیارج فیقرا، و ربما اقتصر فی مثله علی نقیع الصبر. و إن کان هناک حراره کان الماء الذی ینقع فیه ماء الهندبا، أو ماء المطر، و جمیع ذلک، یجب أن تبتدئ فیه بتضمید العین بالمبرّدات من انعصارات، مثل عصاره لسان الحمل، و عصاره ورق الخلاف و اللعابات و تقطیرها فیها، ثم بیاض البیض بلبن الأتن و مفرداً، ثم الشیاف الأبیض، و سائر الشیافات التی نذکرها فی الروادع، و لا یبلغ بها مبلغاً تتکثِّف له الطبقات و تحتقن المواد و یشتدّ الوجع. فإذا ارتدعت الماده بالاستفراغ و الجذب و الرواح، فتمرّج المنضجات، و لتکن أولًا مخلوطه بالرواح، ثم تصرف، و لتکن أولًا مرفقه مخلوطه بمثل ماء الورد.
و الألبان فیها قوه انضاج، و فی لعاب بزرقطونا مع الردع انضاج مّا، و لعاب حبّ السفرجل أشدّ إنضاجاً منه، و ماء الحلبه جید الإنضاج، مسکّن للوجع، و هو أول یبدأ به من المنضجات، و لیس فیه جذب، و إن احتیج إلی تغلیظ شی ء من ذلک فبالعابات، أو إلی تبریده فبالعصارات. و قد جربت عصاره شجره تسمی بالیونانیه أطاطا، و بالفارسیه أشک، و فی ابتداء الرمد الحار و
انتهائه، فکان ملائماً بالخاصیه القویه.
و قد تعقد هذه العصارات و تحفظ، ثم یتخطّی أمثال ذلک إلی طبیخ إکلیل الملک، مدوفاً فیه الأنزروت الأبیض، خصوصاً المربّی بألبان النساء و الأتن، و إذ أخذ ینحطّ زدت فی استعمال المحلّلات مما هو أقوی، کالأنزروت فی ماء الحلبه، و الرازیانج، و التکمید بماء طبخ فیه الزعفران و المرّ، و استعملت الحمّام إن علمت أن الدماغ نقی، و سقیته بعد الطعام القلیل بساعات شیئاً من الشراب انصرف القویّ العتیق قلیل المقدار. فإن استحم بعده بماء حار أو کمد کان ذلک أنفع.
و استعمل أیضاً الشیفات المذکوره الموصوفه فی القراباذین لانحطاط الرمد و آخره، فإن کانت الماده دمویه حجمت بعد الفصد، و أدمت دلک الأطراف و شدها أکثر مما فی غیرها، و استعملت فی أول الأمر العصارات المذکوره، ثم خلطت بها ألباب الخبز، ثم نقعت ذلک الخبز فی المیبختج، و خلطته به، و ربما وجب أن یخلط بذلک قلیل أفیون إذا اشتدّ الوجع، فإن کانت الماده الصفراوی استفرغت بعد الفصد بما یخرج الصفراء، و استعملت الاستحمام بالماء
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 347
العذاب و ربما وافق صبّ البارد منه علی الرأس و العین، و ربما غسل الوجه بماء بارد مع مزج قلیل مع الخلّ فنفع.
و یجب أن یکون فی الصفراوی اجتراء علی استعمال القابضات فی الأول بلا إفراط أیضاً، و یستعمل الشیافات القابضه محلوله فی العصارات، و أما الحمره من جمله ذلک، فیجب أن یستعمل علیها بعد الاستفراغ بالمسهّلات و الحقن، الضمّاد المتخذ من قشور الرمان مطبوخه علی الجمر، و مسحوقه بمیبختج، أو عسل، و یدام تکمیدها بإسفنج حار. و التضمید بدقیق الکرسنّه و الحنطه مطبوخاً بشراب العسل، أو بأصل السوسن
المدقوق ینفعه. و یجب أن یدام غسل العین باللبن و یدام تبریدها و ترطیبها، لکن الاقتصار علی التبریدات مما یبطئ و یبلّد، و إذا تحلّلت العلّه و بقیت الحمره، ضمدت بصفره البیض المشویه مسحوقه بزعفران و عسل و سائر ما کتب للحمره فی القراباذین.
معالجات الرمد البارد:
و أما الرمد الکائن من الأسباب البارده، فیجب أن یستفرغ الخلط البارد، و ربما احتیج إلی التکریر مشروباً کان أو محتقناً أو غرغره، و أن یکون أول العلاج بالرادعات التی لیست بالبارده جداً، و لکن التی فیها تلطیف ما مثل المر و الأنزروت. و إن استعملت شیاف السنبل مع بعض المیاه المعتدله کان صالحاً، و إن لم یکن فی طبقات الحدقه آفه إکتحلت بماء أغلی فیه الزعفران، و قلقلیس، و عسل. و یجب أن تلطخ الجبهه فی الابتداء بقلقدیس، و خصوصاً إذا کان طریق الماده من الحجاب الخارج، و کذلک لا بأس بغسل الوجه بماء أدیف فیه القلقدیس.
و إن لطخت الأجفان فی الابتداء بالتریاق و بالکبریت و الزرنیخ کان جید. و شرب التریاق أیضاً نافع، و قد جرّب فی ذلک ورق الخروع مدقوقاً مخلوطاً بشب و ورق الخطمی مطبوخاً فی شراب، و نحن نذکر فی القراباذین أقراصاً صالحه، لأن تلطخ الأجفان بها، و ماء الحلبه، و لعاب بزر الکتان، مما ینفع تقطیره فی عین الرمد البارد، و بعد ذلک الشیاف الأحمر اللین، و الشیاف الأحمر الآخر الأکبر، و شیاف لافره حیانا، و الأنزروت مدوفاً فی عصاره أوراق الکبر، و التضمید بأوراق الکبر وحدها. و ینفع هؤلاء کلهم التدبیر اللطیف، و استعمال الحمّام و الشراب الصرف الأبیض.
معالجات الوردینج:
و ما کان من الرمد صار وردینجاً، فعلاجه الاستفراغ و الفصد و الحجامه، و
ربما احتجت إلی سل الشریان، فإن کان من ورم حار، و استفرغت من جمیع الوجوه، و من عروق الرأس، و حجمت، فیجب أن یستعمل مثل الشیاف الأبیض من الرادعات، و من العصارات اللینه البارده، و أما الأضمده من خارج فمثل الزعفران و ورق الکزبره، و إکلیل الملک بصفره البیض و الخبز
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 348
المنقوع فی ربّ العنب، و ربما احتیج أن یخلط به من المخدرات شی ء، و الأطلیه أیضاً من مثل ذلک، و من المامیثا، و الحضض، و الصبر.
و مما جرّب له، صفره البیض مع شحم الدب، یجعل منهما کالمرهم، و یجعلان علی خرقه توضع علی العین. و کذلک الورد ینفع فی عقید العنب، ثم یسخن مع صفره البیض، و یوضع علی العین، و إذا اشتدّ الوجع، ینفع زعفران مسحوق بلبن و عصاره الکزبره، تقطر فی العین، و یستحب فی الوردینج أن یشغل بالعلاجات الخارجه، و یقتصر علی تقطیر اللبن فی العین ثلاثه أیام إن احتمل الحال و الوقت. و قد جرّب الکحالون فی الوردینج لوجع المتقرّح أن یکحل بالأنزروت و الزعفران و شیاف مامیثا و الأفیون، فإن کان الوردینج بعد الرمد الغلیظ البارد استفرغت بالایارجات ضرره، و استعملت اللعابات اللینه المأخوذه بعصاره الکرنب، أو سلافته، و ربما احتجت أن تمزجها بماء عنب الثعلب، و ربما احتجت أن تخرجها بمرّ و زعفران.
معالجات الرمد الریحی:
فأما الرمد الریحی، فیعالج بالأطلیه و التکمیدات و الحمّامات. و التکمید بالجاورس أنفع التکمیدات له، و ربما أقدم المخاطرون علی استعمال المخدرات عند شله الوجع، و ذلک و إن سکّن فی الوقت، فإنه یهیجه بعد ساعه تهییجاً أشد مما کان لمنعه الریح من التحلل، فعلیک بالمحلّلات اللطیفه.
:
أما الشیاف الأبیض، فإنه مغر مبرّد مسکّن للوجع، مصلح للخلط اللذاع، و قد یخلط به الأفیون فیکون أشدّ إسکاناً للوجع، لکنه ربما أضر بالبصر و طول بالعله للتخدیر و التفجیج. و مما یجری مجراه القرص الوردی، فإنه عظیم المنعفه فی الالتهاب و الوجع، و هو کبیر و صغیر.
و تجد فی القراباذین أقراصاً، و شیافات من هذا القبیل، و تجد فی جدول العین من الأدویه المفرده الرادعه مثل المرداسنج، و الکثیراء، و الحضض، و الورد، و الاثمد الأصفهانی، و أقاقیا، و مامیثا، و صندل، و عفص، و طین مختوم، و سائر العصارات، و الصمغ، و غیر ذلک من المفردات التی تخصّ بالمواد الغلیظه، مثل المرّ، و الزعفران، و الکندر، و السنبل، و جندبیدستر، و قلیل من النحاس الأحمر، و الصبر خاصهً، و حماما، و قرن أیل محرق، و أقراص. و أما التقدیر و الخلط بما هو أبرد و بما هو أسخن، فذلک إلی الحس الصناعی فی الجزئیات.
و أما سائر المختلطات المجربه، فنذکر هذا فی القراباذین.
و من الرّادعات المجربه لشده الوجع و الماده الغلیظه، شداد الأساکفه بعسل خالص و ماء
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 349
الحلبه، یجعل فی المأقین بمیل، و أما من المرکبات، فمثل شیاف أصطفطیقان، و الأحمر اللین، و شیاف الشاذنج الأکبر، و أقراص الورد من جملتها جید بالغ النفع جداً.
: قد یحدث فی العین نفاخات مائیه فی بعض قشور القرنیه التی هی أربع طباق عند قوم، و عند الباقین ثلاث طباق، فتحتقن هذه المائیه بین قشرین من هذه الطبقات الأربع أو الثلاث، و تختلف لا محاله مواضعها. و أغورها أردؤها، و قد تختلف بحسب زیادتها و نقصانها فی المقدار، و قد تختلف
من قبل کیفها، و قد تختلف من قبل لونها و قوامها، و قد تختلف من قبل عذوبتها و حدّتها و أکالها.
و ما کان منها إلی القشره الأولی ردی ء أسود، لأن ذلک لا یعوق البصر عن إدراک العنبیه. و الغائر یمنع عن إدراکه، لأنه أبعد من تشفیق الشعاع إیاه، فیری أبیض، و الکثیر الحاد المائیه ردی ء، لأنه یؤلم بتمدیده و بتأکیله جمیعاً، و کلما کان أغور کان کثر تمدیداً و کثر انتشاراً تأکل، و ما یحاذی البقیه منه یضر بالإبصار، خصوصاً إذا أکل و قرح.
المعالجات:
علاجها ما دامت صغیره بالأدویه المجففه، بمثل دواء طین شاموس، أی طین الکوکب، و هو أن یؤخذ طین شاموس مقلیاً ثلاث أواق، و توتیا أوقیه واحده، و إقلیمیا مغسول، و کحل مغسول، من کل واحد أوقیتان، توبال النحاس المغسول فی نسخه أربع أواق، و فی بعض النسخ أوقیه واحده، أفیون ثلاث أواق، صمغ أربع أواق، یسحق بماء المطر، و یعمل منه شیات یستعمل بماء الحلبه. و إذا کبرت، فیعالج بالحدید، أی بالشقّ بالمبضع، و قد عالجت أنا بالمبضع من به هذه العله، فخرجت المائیه المجتمعه تحت القرنیه و استوی سطح القرنیه، و عالجت بعد ذلک باللبن و شیاف الأیارج فبرئ.
قروح العین تتولد فی الأکثر عن أخلاط حاده محرقه، و هی سبعه أنواع، أربعه فی سطح القرنیه یسمیها جالینوس قروحاً، و بعض من قبله خشونه، أولها قرح شبیه بدخان علی سواد العین، منتشر فیه، یأخذ موضعاً کثیراً و یسمی الخفی، و ربما سمی قتاماً، ثم صنف آخر، و هو أعمق و أشد بیاضاً و أصغر حجماً، و یسمی السحاب، و ربما سمی أیضاً قتاماً، و الثالث الإکلیلی و یکون علی الإکلیل أی
إکلیل السواد، و ربما أخذ من بیاض الملتحمه شیئاً، فیری علی الحدقه أبیض، و ما علی الملتحمه أحمر، و الرابعه یسمی الاحتراقی، و یسمی أیضاً الصوفی، و یکون فی
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 350
ظاهر الحدقه کأنه صوفه صغیره علیه، و ثلاثه غائره إحداها یسمی لوبویون، أی العمیق الغور، و هی قرحه عمیقه ضیقه نقیه، و الثانیه تسمی لوبوما، أی الحافر، و هو أقلّ عمقاً و أوسع أخذاً، و الثالثه أوقوما، أی الاحتراقی أیضاً، و هی وسخه ذات خشکریشه، فی تنقیتها مخاطره، فإن الرطوبه تسیل لتأکّل الأغشیه و تفسد معها العین. و القروح تحدث فی العین، إما عقیب الرمد، و إما عقیب بثور، و إما بسبب ضربه و کثیراً ما یکون مبدأ القرحه من داخل، فینفجر إلی خارج، و ربما کان بالعکس.
العلامات:
علامه القروح فی المقله، نقطه بیضاء إن کانت علی القرنیه، و حمراء إن کانت علی الملتحمه، أو علی الإکلیل، و یکون معها وجع شدید و ضربان، و إذا کانت المده التی توجد بالرفاده بیضاء، دلّت علی وجع ضعیف و ضربان قوی، و إن کانت صفراء، أو کمده، أو رقیقه، کانت فی ذلک أخف. و أما إذا کانت حمراء فالوجع أخف جداً، و إذا کانت کبراء، فالوجع شدید.
المعالجات:
متی کانت القرحه فی العین الیمنی، نام علی الیسری، أو فی الیسری، نام علی الیمنی. و یجب أن یلطّف تدبیره أولًا، فإذا انفجرت القرحه، یقل التدبیر إلی الأطراف، و إلی الفراریج لئلا تضعف قوته، فلا تندمل قرحته، و یکثر فضول بدنه. و یجب أن لا یمتلئ، و لا یصیح، و لا یعطس ما أمکن، و لا یدخل الحمام إلا بعد نضج العله، فإن دخل لم یجب له
أن یطیل المکث. و العمده تنقیه الرأس بالاستفراغات الجاذبه إلی أسفل، و کذلک ینفع فیه الاحتجام علی الساق کثیراً، و فصد الصافن، و إدامه الإسهال کل أربعه أیام بما یخرج الفصل الحار الرقیق من الأطبخه و النقوعات، و إن کان هناک رمد، عولج أوّلًا بالاستفراغ المذکور فی بابه بأدویه تجمع بین تسکین الوجع و إدمال القرح، مثل شیاف النشاستجی، و الکندری، و الاسفیذاج، و تقطیر لبن النساء فی العین، و إن کان هناک سیلان، خلط بذلک ما له قوه مانعه. و بالجمله، فإن قانون اختیار الأدویه فیه، أن یختار کل ما یجفف بلا لذع إذا اشتدت الحراره، و استعملت شیاف الشادنج اللین، و الشیاف الکندری کان نافعاً جداً.
و من الشیافات النافعه، شیاف سفانیون، و قویبس، و إن کان سیلان، فشیاف مادرفوس، و أما لروسرس، و إن کان السیلان مع حده، فشیاف سایر بابون، و إن کان بلا حده فالشیاف الذی یقع فیه مر، و ناردین. و إن کان فی القروح وسخ، نفی بشراب العسل، أو بماء الحلبه مع شی ء من هذه الشیافات المذکوره، أو بلعاب بزر الکتان، أو بألبان النساء. و إن کان تأکل شدید، اضطربت إلی استعمال طرحاطیقون و إذا تنقّت القرحه فاقبل علی المجففات بلا لذع مثل شیاف الکندر و مثل الکندر نفسه، و النشاستج، و الاسفیداج، و الرصاص المحرق المغسول، و الشیاف الأبیض، و شیاف الآبار خاصه، و کذلک رماد الصدف المغسول ببیاض البیض، أو
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 351
رماد الصدف الکبیر المغسول بمثله شاذنج.
و هنا صفه شیاف لونابیس، و هو قوی. نسخته: یؤخذ إقلیمیاً سته عشر مثقالًا، إسفیذاج مغسول أوقیه، نشا و أفیون و کثیراء من کل واحد مثقالان،
یدقّ و یلت بماء المطر یعجن ببیاض البیض.
أخری: باسمه و أقوی منه، یؤخذ إقلیمیاً بحرق مغسول و إسفیذاج مغسول ثمانیه ثمانیه، مر سته، کحل محرق مغسول واحد، نشا سته، رصاص محرق مغسول طلق من کل واحد أربعه، کثیراء ثمانیه، یسحق بالماء، و یعجن ببیاض البیض، و یستعمل، فإنه نافع جداً.
: قد تکون عن قرحه نفذت، و قد تکون عن سبب من خارج، مثل ضربه، أو صدمه خارقه، و حینئذ تظهر العنبیه. فإن کان ما یظهر منها شیئاً یسیراً، سقی النملی و المورشارج، و الذبابی، و ذلک بحسب العظم و الصغر، و إن کان أزید من ذلک حتی تظهر حبه العنبیه، سمی العنبی، و ما هو أعظم سمّی النفاخی. فإن خرجت العنبیه جداً حتی حالت بین الجفنین و الانطباق، سمّی المسماری، و إن ابیضت العنبیه فلا برء له.
و اعلم أن القرنیه إذا انخرقت طولًا لم یر بیاض، و لکن یری صدع، و کأن الناظر قد طال، و قد یمکن أن یبین هذا بوجه أوضح، فیقال أن الخرق قد یکون فی جمیع أجزاء القرنیه و قشورها، فیکون النتوء من جوهر العنبیه، و قد یکون فی بعض أجزاء القرنیه، و یکون الناتئ منها نفسها، و یکون عند تأکل بعض قشورها، و یشبه النفّاخه. و یفارق النفاخات و النفّاطات، بأن النفاخات و النفاطات یکون منها فی بیاض العین حمره معها، و دمعه و ضربان و تنکبس تحت المیل، و لیس کذلک هذا، و إذا کان النتؤ من جهه القرنیه أی من نفسها، تکون صلبه جاسیه، و لا تنکبس تحت المیل. و أما النتوء الذی یکون سببه انخراق القرنیه فی جمیع قشورها و بروز العنبیه کلها أو بعضها، فأصنافه
أربعه، الصغیر الذبابی، و النملی، و قد یشبه إذا صغر النفاخه و النفّاطه، و یفارقها بأنها تکون علی لون العنبیه فی السواد و الزرقه و الشهله، فإن فارق لونها لون الطبقه العنبیه، فهی نفّاخه، و قد یحقق بالحدس فی أمرها أن یری مطیفاً فی أصلها شی ء أبیض کالطراز، و إنما ذلک یکون حافه خرق القرنیه، و قد ابیضت عند اندمالها، و الثانی الذی ذکرناه و سمیناه العنبی، و الثالث أکبر من ذلک، و یمنع الانطباق، و یقال له النفّاخی و المسماری، و الرابع کأنه من جنس النفاخی، إلا أنه مزمن ملتحم بما خرج منه من القرنیه بارز عنه، و یقال له الفلکی، و هو الشبیه بفلکه المغزل الملتحمه بالغزل.
المعالجات:
ما دام فی طریق التکوّن، فعلاجه علاج القروح و البثور علی ما قلناه من أنه یحتاج إلی
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 352
تنقیه البدن، کیف کانت العله استفراغاً بالفصد و الإسهال، و بعد الاستفراغ یستعمل الاستحمام بالماء العذب، و خصوصاً إذا کان فی المزاج حده من غیر أن یلبث فی هواء الحمام إلا قلیلًا، و لا أیضاً أن یکثر غمس رأسه فی ماء الإبزن حاراً کان، أو بارداً، و لا یستعمل الأدهان علی الرأس، فإن بعض ذلک یرسل الماده إلی العین بتحلیل الماده الموجوده فی الدماغ، و یجذب ما لیس فیه إلیه، و بعضه بتکثیف مسام التحلل، فإذا لم یجد تحللًا سالت إلی أطراف الدماغ.
و یجب أن تکون الأغذیه جیده الکیموس معتدله بارده رطبه، و سائر البدن کذلک، و ما دام بثراً أنضج، و عولج علاج القروح، فإذا تقرح استعمل علیه أولًا الأضمده القابضه مع الجالبه، مثل السفرجل و العدس مطبوخین بعسل، و مثل مز الرمّان،
و عصاره ورق الزیتون، و محّ البیض و الزعفران، أو رمان مزّ مطبوخ مع یسیر من الخل، أو ماء الحصرم مهری، ثم یتخذ ضمّاداً، فإن احتمل قطر فی العین مع نشا و نحوه، فإذا صار خرقاً عُولج بعلاج الخرق.
و أما النملی، فیعالج بالمائعات القابضه، و التکمید بالخلّ، و الماء، و الخمر العفص، أو بماء أغلی فیه ورد، و یکحل بالشیافات القابضه. و من النوافع فیه عصاره ورق الزیتون، و عصاره عصا الراعی. و من الأدویه المفرده القابضه السنبل، و الورد، و الرصاص المحرق، و القیمولیا، و الطین المختوم، و الاسفیذاج، و من الأکحال، عفص جزءین، کحل عشره أجزاء، و من الشیافات، شیاف حنون، و أغردینون، و باروطیون، و دیالناس، و الشیاف العربی. و لما هو أقوی شیاف بریطوسلس، إذا قطر منه شیاف عصب و نام مستلقیاً.
نسخه شیاف قوی لذلک: یؤخذ رماد المسک الذی یخلص فیه النحاس، و الزعفران، و النشا، و الکثیراء، یعجن ببیاض بیض دجاج باض من یومه، و ربما جعل فیها الحجر الیمانی.
شیاف جید: و هو شیاف باردبیون ینفع من جمیع أنواع البثر، وصفته: یؤخذ کحل محرق مغسول أربعه مثاقیل، إسفیذاج محرق مغسول سته مثاقیل، حُضَض هندی سته عشر مثقالًا، سنبل ثمانیه مثاقیل، جعده مثقالین، إقلیمیا محرق مغسول ثمانیه مثاقیل، أقاقیا أصفر عشرون مثقالًا، جندبیدستر سته مثاقیل، صبر مثله، صمغ عشرون مثقالًا، یسحق بماء المطر و ینشّف. و اعلم أن الواجب علیک إذا أخذت القرحه فی النتوء، أن یلزم للعین الرفاده و الاستلقاء. و أما المسماری، فلا علاج له. و قوم لأجل الحسن یقطعون النواتئ من المورشارحات. و الأصوب أن لا یقطع، و لا یحرک، و ربما انصبت الماده و انتقلت إلی العین
الأخری.
: ما کان علی القرنیّه یکون إلی البیاض، و ما کان علی الملتحمه یکون إلی الحمره.
علاجه:
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 353
الفصد و تقطیر الدم فی العین علی ما نذکر فی باب الطَرفه و تضمید العین بصوفه مغموسه فی بیاض البیض مضروباً بالخمر، و دهن الورد، و تقطیر لبن یقع فیه بزر المرو، و شیاف الآبار، و شیاف خنافیون.
: هذه مده تحتبس تحت القرنیه، إما فی العمق، و إما فی القرب، فیشبه موضع القرنیه الظفره، و إذا تأکلت معه شظیه سمی قلقطانا.
المعالجات:
قال بولس: یعالج بمثل شراب العسل و عصاره الحلبه إذا أزمن و غلظ، و شیاف الکندر بالزعفران و بالآبار أو یفتح بإکلیل الملک و لعاب بزر الکتان و الفجل الرطب المطبوخ، إن لم یمنع رمد، و ینقی بمثل شیاف المرّ و الشتاه ترج.
و إن لم یکن قرحه استعملت هذا الشیاف. و نسخته: یؤخذ قلقدیس و زعفران من کل واحد أوقیه، مرّ درهم و نصف، عسل رطل، و یشیف حسبما تدری، و أیضاً دواء المغناطیس المتخذ للظفره، و أیضاً دواء طین ساموس المذکور فی باب النفّاخات.
: أکثره یعرض فی الصفاق القرنی.
العلامات:
وجع شدید، و تمدد فی عروق العین، و نخس قوی یتأذی إلی الأصداع، و خصوصاً کما یتحرّک صاحبه، و حمره فی صفاقات العین، و صداع و سقوط شهوه الطعام، و التألّم بکل ما فیه حراره، و هو مما لا یطمع فی برئه، و إن طمع فی تسکینه. و لیس یوجع السرطان فی عضو من الأعضاء، کإیجاعه إذا عرض فی العین. و استعمال الأدویه الحاده مما یؤذی صاحبه، و یثیر وجعاً لا یطاق.
المعالجات:
إن لم یکن بدّ من علاجه، فلیکن الغرض تسکین الوجع، و أن ینقّی البدن و ناحیه الرأس من الخلط العکر، و یغتذی بالأغذیه الجیده الکیموس الحنطیه التی لا تسخین فیها. و شرب اللبن نافع منه، و یجب أن یستعمل فیه بیاض البیض مع إکلیل الملک، و شی ء من زعفران، و الشیاف الأبیض، و کل شیاف یتخذ مثل النشا، و الاسفیذاج، و الصمغ، و الأفیون، و جمیع اللواتی تقع
القانون فی الطب (طبع بیروت)،
ج 2، ص: 354
فیها سائر الملیّنات، و المخدرات، و شیاف سمردیون، و شیاف مامون، و القیروطی، المتخذ من مح البیض و دهن الورد.
: إنه قد یخرج فی موق العین خرّاج، فربما کان صلباً یتحرک بالمسّ، و لا ینفجر، و یکون من جنس الغدد، و أکثر عادته أن یری نتوءاً فی الموق، و یصاب بالغمز، و یوجع غمزه، و یکثر معه الرمد، و ربما کان خراجاً بثریاً یجتمع و ینفجر، فإذا انفجر فعل ناصوراً فی أکثر الأمر، و یشترکان فی أن کل واحد منهما یتزعزع تحت المس، و یغیب بالغمز و ینتأ بالترک، و ربما کان جوهر هذا البثر و نتوءه فی الغور، فلا یظهر نتوءه من خارج، و لکن تدل علیه الحکه، و ربما أصابته الید عند الغمز البالغ. و الغَرب ناصور یحدث فی موق العین الأنسی، و أکثره عقیب خراج و بثر یظهر بالموضع، ثم ینفجر، فیصیر ناصوراً، و ذلک الخراج قبل أن ینفجر یسمی أخیلوس، و لأن ذلک العضو رقیق الجوهر یؤدی من باطنه إلی ظاهره کالجوبه یجدها من جانب عظم الأنف، و من جانب المقله، و إذا انفجر ترک بعد أو عسر التئامه، لأن العضو رطب و مع رطوبته متحرّک دائم الحرکه، و لذلک ما یصیر ناصوراً. و ربما کان انفجاره إلی خارج، و ربما کان انفجاره إلی داخل یمنه أو یسره، و ربما کان انفجاره إلی الجانبین جمیعاً، و کثیراً ما یطرق انفجاره إلی الأنف، فیسیل إلیه، و قد یبلغ خبث صریده العظما فیفسده و یسوده، ثم یأکله، و یفسد غضاریف الجفن، و یملأ العین مده تخرج بالغمز.
المعالجات:
الغرب ورم مزمن، و أخفه الحدیث، فأما الحدیث منه، فیعالج بأدویه مسهله نذکرها، و
أما الزمن، فإن علاجه الحقیقی هو الکی الذی نَصِفُه، أو ما یقوم مقامه، مثل الدیک بردیک یبدأ فیُحَکّ الناصور بخرقه، ثم یتخذ فتیله بدیک بردیک و تحشی. و قد زعم بعضهم أنه نقی، و أخذ عنه اللحم المیت، و غمست قطنه فی ماء الخرنوب النبطی، و جعلت فیه نفعت منه نفعاً شدیداً. و إن أرید استعمال دواء غیر الکی، فأفضله أن یعصر حتی یخرج ما فیه، ثم یغسل بشراب قابض یقطر فیه، و إن کان قلیلًا لا یخرج ترک یومین و ثلاثه معصوباً حتی یجمع شیئاً له قدر، ثم یغسل، ثم یقطر فیه شیاف الغرب الذی نسبه محمد بن زکریا إلی نفسه، و خصوصاً المدوف منه فی ماء العفص. و أفضل التقطیر أن یقطره قطره بعد قطره، بین کل قطرتین ساعه، و من أفضل تدبیره علی المیل قطنه تغمس فی الأدویه، و تجعل فیه سواء کان الدواء سیالًا، أو ذروراً. و یجب إذا استعمل الدواء أن یشد بعصابه، و یلزم السکون.
و من الشیافات المجربه أن یؤخذ زرنیخ أحمر، و ذرایج، و کلس و نوشادر، و شب أجزاء
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 355
سواء، یجمع سحقاً ببول صبی و ییبس و یستعمل یابساً.
و قد ینفع فی ابتدائه و قبل الانفجار، أن یجعل علیه الزاج، و یجعل علیه أشق ومیوزج، و کذلک الجوز الزنخ و کل ما هو قلیل التحلیل، و إذا سحق ورق السذاب البستانی بماء الرماد، و جعل أخیلوس قبل بلوغه العظم و بعده، یدمله و یصلح اللحم، لکنه یلذغ فی أول وضع، ثم لا یلذغ، و إذا صار غرباً فاعلم أن القانون فیه أن ینقی أولًا، ثم یعالج. و ینقیه أن یؤخذ غرقئ
القصب الموجود فی باطنه، و خصوصاً القریب من أصله الذی له غلظ ما، و یغمس فی العسل، و یلزم الغرب القصب یابساً وحده بلا دواء آخر یجفف، فیکفی.
و من المجریات للغرب شیاف مامثیا، و مر، و زعفران بماء الطلحشقوق، و لا یزال یبدل.
و منها أن یسحق الحلزون بخرقه، و یختلط من مر و صبر، و یستعمل، و هو مما ینتفع به فی العله، و هی بعد بثره و لم یجمع. و قد ینتفع به فیه و هو قرحه.
و منها ودع محرق، و زعفران، و طلحشقوق یابس بماء السماق الشمس. و من العجیب فیه ورق السذاب بماء الرمان یجعل علیه، و من خصوصیته أن یمنع أن یبقی أثر فاحش، و یجب أن لا یبالی بلذعه.
و مما یفجر الخراج الخارج، ضماد من خبز مع بزر مرو، أو کندر بلبن امرأه، أو زعفران بماء الجرجیر، أو مر بثلثه صمغ إعرابی یعجن بمراره البقر، و یلزق علیه و لا یحرک حتی یبرئه.
و من أدویه الغرب أن یتخذ فتیله من زنجار معقود بالکور و الأشق، و زعمت الهند أن الماش الممضوغ یبرئه، و زعم بعضهم أن المر وحده یبرئه إذا وضع علیه.
و من الذرور المجرب فیه یؤخذ من العروق جزء، و من النانخواه ثلث جزء، یسحقان أجزاء سواء و یجعل فی المأق، و الصبر وحده، مع قشار الکندر أیضاً، و تتأمل الأدویه المذکوره فی الأقرابانین، و خصوصاً الدواء الحاد الأخضر، و یتأمل أدویه ألواح الأدویه المفرده.
و إذا بلغ العظم و لم ینتفع بالأدویه، فلا بد من شقه، و الکشف عن باطنه، و أخذ اللحم المیت إن کان حتی یبلغ العظم، ثم تدبیره بعد ذلک علی ثلاثه أوجه: إن کان العظم
صحیحاً، حک سوادان ظهر به و ملئ دواء من الأدویه المدمله، و شد و ترک مده، و إن کان الأمر أعظم من هذا، فلا بد من کی، و ربما احتیج إلی أن یثقب اللحم الفاسد ثقباً نافذاً، و یقصد بذلک إلی أن یکون أمر الکی أغور ما یکون فی أسفل الجوبه لا یمیل إلی الأنف، و لا یمیل إلی العین، فیسیل
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 356
الملتحمه، بل إلی جانب الأنف فی الغور حتی إذا ثقب الموضع ثقباً واحداً، أو ثقوباً صغاراً ثلاثه و نفذ، و سال إلی الدم ناحیه الفم و الأنف، یکوی حینئذ کیه بالغه مع تقیه أن یصیب ناحیه المقله، بل یجب أن یضغط المقله ضبطاً بالغاً، ثم یکوی و یذر فیه الأدویه، و یعصب، و ربما أغنی الکی عن الثقب، و لیقصر علیه ما أمکن.
و الدواء الرأسی من الأدویه الجیده فی ذلک، و یجب إذا کوی و ذر فیه الدواء، أن یوضع علی نفس العین إسفنج مبلول بماء مبرد، أو عجین دقیق مبرد بالثلج إثر عجین مبرد بالثلج کما کاد الدواء أن یسخن بدلته.
قد تعظم هذه اللحمه حتی تمنع البصر، و قد تنقص جداً حتی تخفی حتی لا تمنع الدمعه، و أکثر عند خطأ الطبیب فی قطع الظفره. أما الزیاده، فیعالج بأدویه الظفره، و لا یستأصل، فیحدث الدمعه، و أما النقصان الحادث عن القطع، فلا علاج له، و إن کان من جهه أخری، فربما أمکن أن یعالج بالأدویه المنبته للحم التی فیها قبض و تخفیف، کالأدویه المتخذه من المامیثا، و الزعفران، و الصبر بالشراب، و الأدویه المتخذه بالصبر، و البنج بالشراب، و الحب وحده، إذا ذر علی الموق نفع،
و الشراب نفسه نافع، خصوصاً إذا طبخ فیه ما له قوه نابضه.
اعلم أن البیاض فی العین منه رقیق حادث فی السطح الخارج یسمی الغمام، و منه غلیظ یسمی البیاض مطلقاً، کلاهما یحدثان عن اندمال القرحه أو البثره إذا انفجرت و اندملت.
المعالجات:
أما الرقیق منه و الحادث فی الأبدان الناعمه، فیجب أن یدام تبخیره بالمیاه الحاره و الاستحمام بالماء الحار، ثم یستعمل اللحس دائماً، و قد ینفعه عصاره شقائق النعمان، و عصاره قنطوریون الرقیق، و أیضاً عروق جزء، و نانخواه ثلثا جزء یتخذ منه ذروراً.
و أقوی منه أنزروت، سکر طبرزد، زبد البحر، زراوند، بورق، یکتحل به بعد السحق. و مما ینفع منه کحل أسطریماخون، و کحل الآبار القوی، و أصطفطیقان، و طرخماطیقون.
و أما المزمن الغلیظ و الکائن فی أبدان غلیظه، فیجب أن یستعمل تلیین البیاض بالتبخرات و الاستحمامات المذکوره، و تکون الشیافات المذکوره التی یکتحل بها مدفونه فی ماء الوج، أو ماء الملح الأندرانی المحلول و مکتحلًا بها فی الحمام.
و إن لم ینجع الحمامات، استعمل الاکتحال بالقطران مع النحاس المحرق، یتخذ منه
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 357
کالشیاف، و أیضاً شیاف قرن الأیل، و أیضاً الاکتحال ببعر الضب وحده، أو مع مسحقونیا، أو نحاس محرق، أو مع الملح الدردانی مقلواً.
و أقوی من هذا خرء الخطاطیف بشهد، أو عسل، و زبل سام أبرص یکتحل به بکره و عشیه.
و مما هو معتدل شیح محرق مع سرطان بحری، و قلیمیا الذهب، و إذا کان للبیاض تقعره، استعمل مامیران، و أشق، و مر، و بعر الضب سواء، أو دواء مغناطیس المذکور فی باب الظفره.
و قد یستعمل أصباغ یصبغ البیاض، منها أن یؤخذ المتساقط من ورد الرمان الصغار، و قاقیا،
و قلقدیس، و صمغ من کل واحد أوقیه، إثمد و عفص من کل واحد ثلاثه دراهم یذاب بالماء، و إن لم یوجد ورد الرمان فقشره، أو أقماعه، أو الغشاء الشحمی الذی بین حبه، و أیضاً عفص و قاقیا من کل واحد درهمان، قلقدیس درهم واحد یتخذ منه صبغ.
و من الأصباغ کحل بهذه الصفه. و نسخته: یؤخذ رصاص محرق مغسول، و زعفران، و صمغ من کل واحد مثقالان، رماد بیوت سبک النحاس مغسولًا بماء المطر مثقالان، توبال النحاس مغسولًا نصف مثقال.
و یستعمل منه کحل آخر جید فی الغایه نسخته: یؤخذ قلقطار، عفص أخضر، من کل واحد أربعه مثاقیل، یحل بالماء و یستعمل دفعات کثیره: آخر: عفص، أقاقیا، من کل واحد جزء، نصف جزء، یسحق بماء شقائق النعمان، و کذلک الاکتحال بخرء الحمام و العصافیر.
السبل غشاوه تعرض للعین من انتفاخ عروقها الظاهره فی سطح الملتحمه و القرنیه، و انتساخ شی ء فیما بینها کالدخان، و سببه امتلاء تلک العروق، إما عن مواد تسیل إلیها من طریق الغشاء الظاهر، أو من طریق الغشاء الباطن لامتلاء الرأس، و ضعف العین، و قد یعرض من السب حکه، و دمعه و غشاوه و تأذ من ضوء الشمس، وضوء السراج فیضعف البصر فیهما، لأنه متأذ قلق، فیؤذیه ما یحمل علیه، و قد یعرض للعین السبله أن تصیر أصغر، و ینقص جرم الحدقه منها، و السبل من الأمراض التی تتوارث و تعدی.
العلامات:
علامه السبل الذی مبدؤه الحجاب الخارج، ما ذکرناه مراراً من درور العروق الخارجه، و حمره الوجه، و ضربان شدید فی الصدغین، أو درور فی عروق الرقبه. و علامات الآخر ما تعرفه مما هو خلاف هذا مما قد بیّن لک فی القانون.
المعالجات:
القانون فی
الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 358
یجب أن یهجر معه جمیع ما یهجره صاحب النوازل إلی العین مما ذکرناه، و لا نعیده الآن، و أن یستعمل من الإستفراغات و المنقّیات ما ذکرناه، و أن یتجنب الأدهان و الأضمده علی الرأس و السعوط، فقد کُره فیه أیضاً، و أنا لا أری بأساً باستعماله إذا کان الرأس نقیاً. و قد رخص جالینوس فی سقیه شراباً، و تنویمه عقیبه إذا کان نقیّاً، و لا ماده فی بدنه و رأسه، و یشبه أن یکون هذا موافقاً فی السبل الخفیف.
و القوی منه لا یستغنی فیه عن اللقط. و أحسن اللقط أن ینفذ خیوط کثیره تحت العروق، فإذا استوفیت جذبت إلی فوق لتشیل السبل، ثم یلقط بمقراض حاد الرأس لقطاً لا یبقی شیئاً، إذ لو أبقی شیئاً لرجع إلی ما کان، بل أردأ، ثم یستعمل بتدبیر منع الالتزاق المذکور فی باب الظفره، و إذا وجعت العین من تأثیر اللقط لم یقطع عنها صفره البیض و ذلک شفعاؤه، و بعد ذلک یستعمل الشیاف الأحمر و الأخضر لیحلّل بقایا السبل و ینقی العین.
و أجود الأوقات للّقط الربیع، و الخریف، و لکن بعد التنقیه و الاستفراغ، و إلا أمال الوجع الفضول إلی العین.[8]
القانون فی الطب (طبع بیروت) ؛ ج 2 ؛ ص358
أما الأدویه النافعه من السبل، فإنما تنفع الحدیث فی الأکثر، فمما جُرِّب قشر البیض الطری کما یسقط من الدجاجه، یغمس فی الخلّ عشره أیام، ثم یصفی و یجفف فی کن، و یسحق، و یکتحل به.
و مما جرّب کحل العین بالرمادی، مضافاً إلیه مثله مارقشیثا.
و مما جرّب کحل العین ببول ترک فیه براده النحاس القبرسی یوماً. و من المرکّبات شیاف أصطفطیقان، و الأحمر اللیّن، و
الأحمر الحاد، و الأخضر، و طرخاطیقون، و شیاف روسختج، و دواء مغناطیس المذکور جمیع ذلک فی الأقراباذین، و شیاف الجلنار و الشبث.
و إذا قارن السبل جَرب، فقد جُرّب له شیاف السماق، و هو شیاف یتخذ من السماق وحده، و ربما جعل فیه قلیل صمغ و أنزروت، و یکتحل به، فإنه یقطع السبل و یزیل الرمد.
فنقول هی زیاده من الملتحمه، أو من الحجاب المحیط بالعین یبتدئ فی أکثر الأمر من الموق، و یجری دائماً علی الملتحمه، و ربما غشت القرنیه و نفذت علیها حتی تغطی الثقبه، و منها ما هو أصلب، و منها ما هو ألین، و قد یکون أصفر اللون، و قد یکون أحمر اللون، و قد یکون کمد اللون. و من الظفره ما مجاورته للملتحمه مجاوره ملتزق، و هو ینکشط بسرعه و بأدنی تعلیق، و منه ما مجاورته مجاوره اتحاد، و یحتاج إلی سلخ حسبما أنت تعلم ذلک.
المعالجات:
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 359
أفضل علاجه الکشط بالحدید، و خصوصاً لما لان منه، و أما الصلب، فإن کاشطه إذا لم یرفق أدی إلی ضرر، و یجب أن یشال بالصنارات، فإن تعلق سهل قرضه، و إن امتنع سلخ بشعره، أو إبریسم ینفذ تحته بإبره، أو بأصل ریشه لطیفه، و إنما یحتاج إلی ذلک فی موضع أو موضعین، فإن لم یغن احتیج إلی سلخ لطیف بحدید غیر حاد، و یجبَ أن تستأصل ما أمکن من غیر تعرض للحمه الموق، فیعرض الدمعه، و اللون یفرق بینهما.
و إذا قطعت الظفره قطر فی العین کمون ممضوغ بملح، ثم یتلافی لذعه بصفره البیض و دهن الورد و البنفسج، و إذا لم یستعمل تقطیر الکمون الممضوغ بالملح التزقت الملتحمه بالجفن،
و لذلک یجب أیضاً أن یقلب المریض العین کلّ وقت، ثم بعد ثلاثه أیام یستعمل الشیافات الحاده لیستأصل البقیه، و أما استعمال الأدویه علیه، فأمر لا کبیر غناء له فیما غلظ من الظفره، و مع ذلک، فإنها لا تخلو من نکایه بالحدقه لحدتها، فإنها لا بد من أن تکون شدیده الجلاء مخلوطه بالمعفنه.
و من الأکحال المجربه له شیاف طرخماطیقون، و قلطارین، و شیاف قیصر، و باسلیقون الحاد، و روشنای، و دینارحون، و هذه کلها مکتوبه فی الأقراباذین.
و قد جرب له أن یؤخذ من النحاس المحرق، و من القلقدیس، و مراره التیس، أجزاء سواء و یتخذ منه شیاف، أو أن یؤخذ قلقدیس، و ملح أندرانی، من کل واحد جزء، صمغ نصف جزء، و یستفّ بالخمر، أو نحاس محرق، و قلقند، و قشور أصل الکبر، و نوشادر، و مراره التیس أو البقر مع عسل، أو عسل وحده مع مراره المعز، أو مغناطیس، و زنجار، و مغره و أشق من کل واحد جزءان زعفران جزء للأوقیه من ذلک قوطولی عسل، و أیضاً قلقند، و نوشادر یتخذ منه کحل، فانه عجیب للظفره، و هو یقرب من تأثیر الکشط، أن یؤخذ خزف الغضائر الصینی، و یحکّ عنه التغضیر، و یسحق سحقاً ناعماً، و بعد ذلک، فیخلط بدهن حبّ القطن، أو یسحقان معاً، ثم یدخل میل فی جلد و یؤخذ به من الدواء، و یحک به الظفره دائماً کل یوم مراراً، فإنه یرقّقها و یذهب بها.
و یجب أن یکبّ قبل استعمال الأدویه علی بخار ماء حار حتی یسخّن العین، و یحمر الوجه، أو یدخل الحمام، و عندی أن یکبّ علی بخار شراب مغلی، أو یشرب قلیل من الشراب الممزوج، ثم یحک
به الظفره.
و قد ینفع فی الظفره الخفیفه و الغلیظه أن یسحق الکندر، و ینقع فی ماء حار حتی یأتی علیه ساعه، و یصفی و یکتحل به.
و قد جرّبت أنا من کان به ظفره غلیظه حمراء متقادم سحق الکندر القدیم سحقاً ناعماً، و صببت الماء الحار فی الغایه علی رأسه فی الهاون، ثم خلطت بدستج الهاون معاً خلطاً بالغاً
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 360
حتی صار لون ذلک إلی الإخضرار، و استعملت فوجدت نافعاً فی الغایه.
فنقول هی نقطه من دم طری أحمر، أو عتیق مائت، أکهب، أسود، قد سال عن بعض العروق المنفجره فی العین بضربه مثلًا، أو لسبب آخر مفجر للعروق من امتلاء، أو ورم حتی یعتق فیه، و من جملته الصحیحه و الحرکه العنیفه، و ربما کان عن غلیان الدم فی العروق، و ربما حدث عن الطرفه الضربیه خرق لطیف فی الحدقه، و الذی فی الملتحمه من الخرق أسلم.
المعالجات: یقطر علیه دم الحمام، أو الشفانین، أو الفواخت و الوراشین، و خاصه من تحت الریش، و إن کان فی الابتداء خلط به شی ء من الرادعات، مثل الطین المعروف بقیمولیا، و الطین، الأرمنی. و أما فی آخره، فیخلط بالمحللات حتی الزرنیج مع الطین المختوم، و قد یعالج بلبن امرأه مع کندر، و الماء المالح، و خصوصاً و المدوف فیه ملح أندرانی، أو نوشادر، و خصوصاً إذا جعل فیه مع ذلک الکندر، و قطر علی العین منه. و أیضاً شیاف دینار دون نافع منه جداً. و دواء متخذ من حجر الفلفل، و الأنزروت أجزاء سواء، زرنیخ مثل الجمیع، و قد یخلط بذلک ملح اندرانی، فیتخذ منه شیاف، و قد یضمد به من خارج بقلی محرق
بالخمر، أو بالخل، و کذلک فرق الحمام بالخل، أو الحمر، أو زبیب منزوع العجم ضماداً وحده، أو بخل، أو بسائر ما قیل، و خصوصاً إذا کان ورم. و کذلک الجبن الحدیث، و القلیل الملح، و الجبن الحدیث، و قشر الفجل، و إکلیل الملک مع دم الأخوین، و أصل السوسن، و زعفران، أو عدس بدهن الورد، و صفره البیض و الأکباب علی ماء حار طبخ فیه زوفا، و سعتر، أو التکمید به، أو خل طبخ فیه رماد، أو نقیع اللبان مع الصبر، أو ماء عصفر بری، أو نقیع الزعفران، أو ماء طبخ فیه بابونج و إکلیل الملک، أو عصارتهما، أو سلاقه ورق الکرنب، أو التضمید بورق الکرنب مطبوخاً مدقوقاً. و للقوی المزمن خردل مدقوق مخلوط بضعفه شحم التیس ضماداً، أو زرنیخ محلول بلبن، أو رمان مطبوخ فی شراب یضمد به، أو نانخواه و زوفا بلبن البقر، فإن حدث مع الطرفه خرق فی الملتحمه مضغت الکمون و الملح، و قطرت الریق فیه. و ورق الخلاف نافع منه جداً إذا ضمد به.
هذه العله هی أن تکون العین دائماً رطبه برطوبه مائیه، فربما سالت دمعه، و منه مولود، و منه عارض. و من العارض لازم فی الصحه، و منه تابع لمرض، إن زال زال، کما یکون فی الحمیات. و السبب فی العارض ضعف الماسکه، أو الهاضمه المنضجه، أو نقصان من الموق فی الطبع، أو بسبب استعمال دواء حاد، أو عقیب قاطع الظفره. و مبدأ تلک الرطوبات الدماغ،
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 361
و یسیل منه إلی العین فی أحد الطریقین المتکرر ذکرهما مراراً، و ما کان مولوداً أو مع استئصال قطع الموق فلا یبرأ، و سیلان الدمع
الذی یکون فی الحمیات و الأمراض الحاده، و یکون بلا عله، فیکون لآفه دماغیه، و أورام دماغیه، و قد یعرض فی الحمیات السهریه من حمیات الیوم. و أما فی الحمیات العفنیه المطویه، فیکثر، و قد یکثر سیلان الدمع فی التمدد، و هذا کله من جنس ما هو عارض سریع الزوال، تابع لمرض إن زال زال معه.
المعالجات:
القانون فی علاجها استعمال الأدویه المعتدله للقبض، فأما الکائن عقیب قطع الظفره أو تأکیلها بدواء، فیعالج بالذرور الأصفر، و أقراص الزعفران، و شیاف الصبر، و شیاف الزعفران بالبنج، و إن تکحل علی الماق نفسه بالکُندر، أو بِدخانه خاصهً، و بالصبر، و المامیثا، و الزعفران، و إن کانت قد فنیت و استؤصلت، فلا تنبت البته، و الکائن لا عن قطع الظفره، فالتوتیاء، و الأکحال التوتیائیه خاصه الکحل التوتیائی المذکور فی باب البیاض، و جمیع الشیافات اللزجه، و الشیاف الأبیض، و الأنزروتی، و شیاف أصطفطیقان، و سائر ما ذکرنا فی القراباذین.
و مما حرب فیه الدواء المتخذ من ماء الرمان الحامض بالأدویه، و صفه ذلک أن یطبخ الرطل منه علی النصف، ثم یلقی فیه من الصبر الأسقوطری، و من الحضض و من الفیلزهرج، و من الزعفران، و من شیاف مامیثا من کل واحد مثقال، و من المسک دنقان، و یشمس أربعین یوماً فی زجاج مغطی. و مما جرب فیه دخول الحمام علی الریق و المقام فیه، و تقطیر الخلّ و الماء فی العین کثیراً. و أما المولود منه فعسر ما یقبل العلاج البته.
قد یکون الحول لاسترخاء بعض العضل المحرکه للمقله، فتمیل عن تلک الجهه إلی الجهه المضاده لها، و قد یکون من تشنج بعضها، فتمیل المقله إلی جهتها. و کیف کان، فقد
یکون عن رطربه، و قد یعرض عن یبوسه کما یعرض فی الأمراض الحاده.
و ما یکون السبب فیه تشنج العضل، فإنما یکون عن تشنج العضل المحرکه، فإن تشنجها هو الذی یحدث فی العین حولًا.
و إما لتشنج العضل الماسکه فی الأصل، فلا یظهر آفه بل ینفع جداً. و کثیراً ما یعرض الحول بعد علل دماغیه، مثل الصرع، و قرانیطس، و السَّدر و نحوه للاحتراق و الیبس، أو الامتلاء أیضاً.
و اعلم أن زوال العین إلی فوق و أسفل هو الذی یُرِی الشی ء شیئین، و أما إلی الجانبین فلا
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 362
یضر البصر ضرراً یعتد به.
المعالجات:
أما المولود به فلا یبر، اللهم إلا فی حال الطفولیه الرطبه جداً، فربما رجی أن یبرأ، خصوصاً إذا کان حادثاً، فینبغی فی مثله أن یسوّی المهد و یوضع السراج فی الجهه المتقابله لجهه الحول لیتکلف دائماً الالتفات نحوه، و کذلک ینبغی أن یربط خیط بشی ء أحمر یقابل ناحیه الحول، أو یلصق شی ء أحمر عند الصدغ المقابل، أو الأذن، و کل ذلک بحیث یلحقه فی تأمله و تبصّره أدنی کلفه، فربما نجع ذلک التکلیف فی تسویه العین و إرسال الدم مما یجعل النظر مستقیماً.
و أما الذین یعرض لهم ذلک بعد الکبر و المشایخ، و یکون سببه استرخاء، أو تشنجاً رطباً، فیجب أن یستعملوا تنقیه الدماغ بالاستفراغات التی ذکرنا بالأیارجات الکبار و نحوها، و یلطفوا التدبیر، و یستعملوا الحمام المحلّل.
و من الأدویه النافعه فی الحول أن یسعطوا بعصاره ورق الزیتون، فإن کان عروضه عن تشنّج من یبس، فیجب أن یستعملوا النطولات المرطبه، و إذا لم یکن حمی، سقوا ألبان الأتن مع الأدهان المرطبه جداً. و بالجمله یجب أن یرطب تدبیرهم، و أن
یقطَر فی العین دماء الشفانین، و أن یضمدوا ببیاض البیض، و دهن الورد، و قلیل شراب، و یربط، یفعل ذلک أیاماً.
قد یقع الجحوظ، إما لشقه انتفاخ المقله لثقل بها، و امتلائها، و إما لشده إنضغاطها إلی خارج، و إما لشده استرخاء علاقتها، و العضلات الجاحظه لعلاقتها المذکوره و الواقع لشده انتفاخ المقله لثقلها و امتلائها، فإما أن تکون الماده فی نفس العین ریحیه، أو خلیطیه رطبه، و ربما کان الامتلاء خاصاً بها، و ربما کان بمشارکه الدماغ أو البدن، مثل ما یعرض عند احتباس الطمث للنساء. و الذی یکون لشده انضغاطها إلی خارج فکما یکون عند الخنق، و کما یکون عند الصُداع الشدید، و کما یکون بعد القی ء و الصیاح، و للنساء بعد الطلق الشدید للتزحیر، و ربما کان مع ذلک من ماده مالت إلی العین أیضاً إذا لم یکن النفاس نقتاً، و ربما کان من فساد مزاج الأجنه أو موتها و تعفنها.
و أما الکائن لاسترخاء العضله، فلأن العضله المحیطه بالعصبه المجوّفه إذا استرخت لم تثقل المقله، و مالت إلی خارج.
و الجحوظ قد یکون من استرخاء العضله فقط، فلا یبطل البصر، و قد یکون مع انتهاکها فیبطل البصر. و قد یجحظ العینان فی مثل الخوانیق، و أورام حجب الدماغ، و فی ذات الرئه،
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 363
و یکون السبب فی ذلک إنضغاطاً، و قد یکون السبب فی ذلک امتلاء أیضاً. و کثر ما یکون مع دسومه تری، و تورم فی القرنیه.
العلامات:
ما کان من ماده کثیره مجتمعه فی الحدقه، فیکون هناک مع الجحوظ عظم، و ما کان من انضغاط، فربما کان هناک عظم إن أعانته ماده، و ربما لم یکن عظم، و
فی الحالین یحس بتمدد دافع من خلف، و یعرف من سببه. و ما کان الاسترخاء العضله، فإن الحدقه لا تعظم معها، و لا یحس بتمدد شدید من الباطن، و تکون الحدقه مع ذلک قلقه.
المعالجات:
أما الخفیف من الجحوظ، فیکفیه عصب دافع إلی باطن، و نوم علی استلَقاء، و تخفیف غذاء، و قله حرکه، و إدامه تغمیض، فإن احتیج إلی معونه من الأدویه، فشیاف السماق.
و أما القوی منه، فإن کان هناک ماده احتیج إلی تنقیتها من البدن و الرأس بما تمری من المسهّلات، و الفصد، و الحجامه فی الأخدعین، و الحقن الحاره.
و بالجمله، فإن الإسهال من أنفع الأشیاء لأصنافه، و کذلک وضع المحاجم علی القفا. و یجب أن یدام التضمید فی الابتداء بصوف مغموس فی خلّ، و تنطیل الوجه بماء بارد، أو ماء ملح بارد، و خصوصاً مطبوخاً فیه القابضات، مثل قشور الرمان، و العلّیق، و مثل الخشخاش، و الهندبا، و عصا الراعی، فإن لم یکن عن امتلاء، انتفع الجمیع بهذا التدبیر فی کل وقت، إن کان هناک امتلاء، فیجب بعد الابتداء أن تحلل الماده، و إن کان عن استرخاء، فیجب أن یستعمل الأیارجات الکبار، و الغراغر، و الشمومات، و البخورات المعروفه، و بعد ذلک یستعمل القابضات المشدده. و أما الذی عند الطلق، فإن کان عن قله سیلان دم النفاس أو فساد الجنین، فإدرار الطمث و إخراج الجنین، و إن کان عن الانضغاط فقط، فالقوابض.
و من الأدویه النافعه فی النتوء و الجحوظ دقیق الباقلا بالورد، و الکندر، و بیاض البیض، یضمد به، و أیضاً نوی التمر المحرق مع السنبل جیّد للنتوء و الجحوظ.
قد یکون ذلک فی الحمیّات، و خصوصاً فی السهریه، و عقیب الاستفراغات و الأرق
و الغم و الهم. و الأرقیه منها تکون العین فیها نعاسیه ثقیله عسره الحرکه فی الجفن دون الحدقه، و فی الغمّ ساکنه الحدقه. و قد حکی أنه عرض لبعض الناس اختلاف الشقین فی برد شدید و حر شدید، فعرض للعین التی فی الشقّ البارد غؤر و صغر، فاعلم ذلک بجملته.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 364
اعلم أن الزرقه تعرض، إما بسبب فی الطبقات، و إما بسبب فی الرطوبات. و السبب فی الرطوبات، أنها إن کانت الجلیدیه منها کثیره المقدار، و البیضیه صافیه و قریبه الوضع إلی خارج و معتدله المقدار أو قلیلته، کانت العین زرقاء بسببها إن لم یکن من الطبقه منازعه، و إن کانت الرطوبات کَدِره، أو الجلیدیه قلیله، و البیضیه کثیره، أظلم إظلام الماء الغمر، أو کانت الجلیدیه غائره، کانت العین کحلاء.
و السبب فی الطبقات هو فی العتبیّه، فإنها إن کانت سوداء کانت العین بسببها کحلاء، و إن کانت زرقاء صیرت العین زرقاء. و العنبیّه تصیر زرقاء، إما لعدم النضج مثل النبات، فإنه أول ما ینبت لا یکون ظاهر الصبغ، بل یکون إلی البیض، ثم أنها مع النضج تخضر، و لهذا السبب تکون عیون الأطفال زرقاً و شهلًا، و هذه زرقه تکون عن رطوبه بالغه.
و إما لتحلّل الرطوبه التی یتبعها الصبغ إذا کانت نضیجه جداً، مثل النبات عند ما تتحلّل رطوبته یأخذ یبیضّ، و هذه زرقه عن یبس غالب.
و المرضی تشهل أعینهم، و المشایخ لهذا السبب، لأن المشایخ تکثر فیهم الرطوبه الغریبه، و تتحلّل الغریزیه، و إما أن یکون ذلک لون وقع فی الخلقه، لیس لأن العنبیه صار إلیها بعد ما لم یکن، و قد یکون لصفاء الرطوبه التی منها خلقت،
و قد یکون لإحدی الآفتین إذا عرضت فی أول الخلقه، و یعرف ذلک بجوده البصر و رداءته. فالزرقه منها طبیعیه، و منها عارضه، و الشهله تحدث من اجتماع أسباب الکحل، و أسباب الزرقه.، فیترکب فنها شی ء بین الکحل و الزرقه و هو الشهله، و إن کانت الشهله للناریه علی ما ظنه أمبادقلس، لکانت العین الزرقاء مضروره لفقدانها الناریه التی هی آله البصر، و بعض الکحل یقصر عن الزرق فی الإبصار إذا لم یکن الزرق لا آفه. و السبب فیه أن الکحل الذی یکون بسبب البیضیه یمنع نفوذ أشباح الألوان بالبیاض لمضادته للأشفاق، و مثل الذی یکون لکدوره الرطوبه، و کذلک إن کان السبب کثره الرطوبه، فإنها إذا کانت کثیره أیضاً لم تجب إلی حرکه التحدیق و الخروج إلی قدام إجابه یُعْتَدُّ بها.
و إذا کانت العین زرقاء بسبب قلّه الرطوبه البیضیه، کانت أبصر باللیل و فی الظلمه منها بالنهار، لما یعرض من تحریک الضوء للماده القلیله فتشغلها عن التبیّن، فإن مثل هذه الحرکه یعجز عن تبیُّن الأشیاء کما یعجز عن تبیُّن ما فی الظلمه بعد الضوء. و أما الکحلاء بسبب الرطوبه فیکون بصرها باللیل أقلّ بسبب أن ذلک یحتاج إلی تحدیق و تحریک للماده إلی خارج، و الماده الکثیره تکون أعصی من القلیله، و أما الکحل بسبب الطبقه، فیجمع البصر أشد.
المعالجات:
قد جرب الاکتحال ببنج مجفف یطبخ فی الماء حتی یصیر کالعسل و یکتحل به، أو یؤخذ
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 365
إثمد أصفهانی وزن ثلاثه دراهم، لؤلؤ دراهم، مسک و کافور من کل واحد وزن دانق، دخان سراج الزیت أو الزنبق وزن درهمین، زعفران درهم، یجمع الجمیع بالسحق، و یستعمل. و الزعفران نفسه و دهنه،
مما یسوّد الحدقه، و کذلک عصاره عنب الثعلب، أو یؤخذ من عصارد الحسک وزن درهمین، و من العفص المسحوق وزن درهم، نوی الزیتون المسودّ علی الشجر، و دهن السمسم غیر مقشّر، من کل واحد وزن درهم یطبخ بنار لینه و یکتحل به.
و مما جرّب أن یحرق البندق، و یخلط بزیت، و یمرخ به یافوخ الصبی الأزرق العین، و أیضاً یدخل المیل فی حنظله رطبه و یکتحل به، حتی قیل أن ذلک یسوّد حدقه السنور جداً، و کذلک قشور الجلّوز مسحوقه منخوله، و یؤخذ أقاقیا جزءاً مع سدس جزء من عفص، یجمع ذلک بماء شقائق النعمان و عصارته، و یتخذ منه قطور، کذلک عصاره البنج، و عصاره قشور الرمان، و کذلک الظئر إذا کانت زنجیه أو حبشیه، و ترضع الصبی فتزول الزرقه.
ماده القمل رطوبه عفنه دفعتها الطبیعه إلی ناحیه الجلد و القوه المهیئه لتولّدها حراره غیر طبیعیه، و أکثر من یعرض له ذلک من کان کثیر التفنُّن فی الأطعمه قلیل الریاضه غیر متنظف و لا یستعمل الحمّام.
المعالجات:
تبدأ بتنقیه البدن و الرأس ناحیه العین بما علمت، و خصوصاً بغراغر متخذه من الخل و الخردل، ثم تستعمل غسل العین و نطلها بماء البحر المالحه و الکبریتیه، و یلطّخ شفر الجفن بدواء متخذ من الشبّ و نصفه میویزج، و ربما زید علیه من الصبر و البورق من کل واحد نصف جزء، و الأحسن أن یکون ما یعجنه به خل العنصل، و أما المیویزج مع البورق، فدواء جید له.
السلاق غلظ فی الأجفان عن ماده غلیظه، ردیئه، أکاله، بورقیّه، تحمرّ لها الأجفان، و ینتثر الهدب، و یؤدی إلی تقرّح أشفار الجفن، و یتبعه فساد العین، و کثیراً ما یحدث عقیب الرمد، و منه حدیث، و منه عتیق ردی ء.
المعالجات:
أما الحدیث، فینتفع بضمّاد من عدس مطبوخ بماء بارد، أو بضمّاد من البقله الحمقاء،
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 366
و الهندبا مع دهن الورد، و بیاض البیض یستعمل ذلک لیلًا، و یدخل الحمام بعده، أو یؤخذ عدس مقشّر و سقاق، و شحم الرمان، و ورد، یعجن ذلک بمیبختج، و یستعمل لیلًا، و یُستحم بکرهً. و إدمان الحمام من أنفع المعالجات له. و أما العتیق المزمن، فیجب فیه أن یحجم الساق، و یفصد عرق الجبهه، و یدام استعمال الحمام. و أما الأدویه الموضعیه، فمنها أن یؤخذ نحاس محرق نصف درهم، زاج ثلاثه دراهم، زعفران فلفل درهماً درهماً، یسحق بشراب عفص حتی یصیر کالعسل الرقیق، و یستعمل خارج الجفن. و أما الکائن عقیب الرمد،
فقد جرب له شیاف علی هذه الصفه، و نسخته: زاج الحبر المحرق، زعفران سنبل، من کل واحد جزء، ساذنج عشره أجزاء، یشتف و یحک به الجفن.
هو أن یعرض للأجفان عسر حرکه إلی التغمیض عن انفتاحه، و إلی الانفتاح عن تغمیضه، مع وجع و حمره بلا رطوبه فی الأکثر، و یلزمه کثیراً أن لا یجیب إلی الانفتاح مع الانتباه عن النوم. و کثره لا یخلو عن تفاریق رمص یابس صلب، و لا یکون معه سیلان إلا بالعرض، لأنه عن یبس أو خلط لزج مائل إلی الیبوسه جداً، و لکن قد یکون وجع و حمره. و أما إذا کانت حکه بلا ماده تنصت إلیها، فتسمی یبوسه العین، و کثیراً ما یکون هناک مزاج حار، و ماده کثیره غلیظه تحتاج أن تُستفرغ.
المعالجات:
یجب أن یُدام تکمید العین بإسفنج مغموسه فی ماء فاتر، و یدمن الاستحمام بالماء العذب المعتدل، و یوضع علی العین عند النوم بیاض البیض، مضروباً بدهن الورد، و یدام تغریق الرأس بالمرطبات و الأدهان و النطولات و السعوطات المرطبه بدهن البنفسج، و النیلوفر و غیره. و إن دلت الأحوال علی أن مع الیبس ماده صفراویه بدهن البنفسج، استسهل باللبلاب، فإن فیه خاصیه، و إن ظن أن هناک ماده غلیظه مجففه تحتاج إلی تحلیل، حلّلت بلعاب الحلبه، و لعاب بزر الکتان المأخوذین باللبن، فإن هذین إذا جعلا فی العین أزالا الجسا، و استفرغا الخلط الردی ء. و مما جرب له شحم الدجاج، و لعاب بزرقطونا، و شمع، و دهن الورد یجعل علیه دائماً، و فی الأحیان یستعمل ما یجلب الدموع، مثل شیاف أراسیاطراطس، فانه قد ینتفع به فی المأدی المزمن منه باستعمال الأکحال المدمعه، فإنها تحلّل الماده الغلیظه
و تسیّلها، و تجلب من الرطوبات الرقیقه ما یلیّنها و یحللها بتحللها.
هو مرض یتبع الجرب، و ربما أورثه الأطلیه البارده علی الجفن، و علاجه: الاکتحال
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 367
المتخذ من اللازورد، و من الحجر الأرمنی، و من نوی التمر محرقاً، و من الناردین، و استعمال الحمام دائماً، و اجتناب النبیذ، و قد یحد کثیراً بالمیل و بالشیاف الأحمر اللیّن، و أما الحک بالسکر، فربما هاج أو جَرُبَ به.
یقع لموادّ رقیقه، و بخارات، و لضعف الهضم و سوئه، کما یکون فی السهر و الحمیات السهریه، و قد یکون فی أوائل الاستسقاء و سوء القنیه، و لأورام رطبه مثل ذات الرئه، و مثل لیثرغس، و إذا حدث بالناقهین، أنذر کثیراً بالنکس، و خصوصاً إذا أطاف بها من سائر الأعضاء ضمور، و بقیت هی متهیجه منتفخه، و المعلاج قطع السبب و التکمید.
قد یکون للتهتج و أسبابه، و قد یکون لضعف القوه و سقوطها کما فی الدق، و قد یکون للغلظ و الشرناق و نحوه، و قد یعرض ثقل و استرخاء فی ابتداء نوائب الحمیات.
قد یعرض للجفن أن یلتصق بالمقله، إما بالملتحمه، و إما بالقرنیه، و إما بکلیهما، و قد یکون فی أحد جانبی الموق، و قد یکون إلی الوسط، کما قد یکون شاملًا. و السبب فیه، إما قروح حدیثه، و إما خرق الکحال إذا لقط من المقله سبلًا، أو کشط ظفره، أو حک من الجفن جرباً، ثم لم یکوه بالکمّون و الملح و نحوه کما ذکرنا کیاً بالغاً، و لم یراع کل وقت ما یجب أن یراعی فیه حتی التصق و انحس الأمر.
هو لحیمه بثریه تزید فی المقله، فإن کان عند الموق، فالأصوب أن ینکأ، ثم یعالج بعلاج الغرب، أو یکحل بباسلیقون، و بالدواء البنفسجی، و أدویه الظفره، و خصوصاً الشیاف الزرنیخی. و إن کان مع البیاض و السواد، فعلاجه علاج الظفره حسب ما بیناه.
أصنافه ثلاثه: أحدها أن یتقلص الجفن و لا یغطی البیاض، و ذلک إما خلقه، و إما لقطع أصاب الجفن، و تسمی عین مثله العین الأرنبیه.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 368
و الثانی: الصنف الأوسط، و هو أن لا یغطی بعض البیاض، و یسمی قصر الجفن، و سببه سبب الأول، إلا أنه أقل من ذلک.
و الثالث: هو أن لا ینطبق الجفن الأعلی علی الأسفل، و ذلک یکون، إما من غده، و إما من نبات لحم زائد کان ابتداء، أو من تشنج عرض للجفن من قرحه اندملت علیه لا تدع الجفن الأعلی أن ینطبق علی الأسفل، و قد یکون جمیع ذلک من تشنج العضل المطبقه للجفن.
أما الذی عن قصر الجفن، فعلاجه أن یشق و لا یخاط و یندمل بعد نش ء لحم جلدی، و هذا للصنف الأول و الثانی بالأکثر و الأقل، و أما الذی عن غده و لحم زائد، فیأخذهما بالحدید، و کذلک الذی عن أثر قرحه اندملت مقصره للجفن، علاجه بالحدید یفتق، و یدمل و الذی من تشنج، علاجه علاج التشنج بنوعیه.
هی رطوبه تغلظ و تتحجر فی باطن الجفن، و تکون إلی البیاض تشبه البَرَد.
العلاج:
یستعمل علیها لطوخ من وسخ الکوائر و غیرها، و ربما زید علیه دهن الورد، و صمغ البطم، و أنزروت، أو یطلی بأشق مسحوق بخل، و بارزذ، أو حلتیت، أو طلاء، أو ربیاسیوس المذکور فی باب الشعیره.
الشعیره ورم مستطیل یظهر علی حرف الجفن، یشبه الشعیر فی شکله و مادته فی الأکثر دم غالب.
العلاج تعالج بالفصد و الاستفراغ بالأیارج علی ما تدری، ثم یؤخذ شی ء من سکبینج، و یحل بالماء، و یلطخ به الموضع، فإنه جید جداً. و ینفعه الکماد بالشحم المذاب، أو دقیق الشعیر و قنّه، أو خبز مسخّن یرقد علیه، و الکماد بذنب الذباب، و الذباب المقطوف الرأس، أو بماء أغلی فیه الشعیر، أو دم الحمام، أو دم الوراشین و الشفانین، أو یؤخذ بورق قلیل و قنّه کثیره، فیُجمعان و یوضعان علی الشعیره. و طلاء أوربیاسیوس، و هو أن یؤخذ من الکندر و المر من کل
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 369
واحد جزء، لاذن ربع جزء، شمع شب بورق أرمنی من کل واحد نصف جزء، و یُجمع بعکر دهن السوسن و یُطلی.
الشرناق زیاده عن ماده شحمیه تحدث فی الجفن الأعلی، فتثقل الجفن عن الانفتاح، و تجعله کالمسترخی، و یکون ملتحجاً لیس متحرکاً تحرک السلعه، و أکثر ما یعرض یعرض للصبیان و المرطوبین، و الذین تکثر بهم الدمعه و الرمد. و من علاماته أنک إذا کبست الانتفاخ بإصبعین، ثم فرقتهما نتأ فی وسطهما.
المعالجات علاج الید، وصفته أن یجلس العلیل، و یمسک رأسه جذباً إلی خلف، و یمدّ منه جلد الجبهه عند العین، فیرتفع الجفن، و یأخذه المعالج بین سبابته و وسطاه، و یغمز قلیلًا، فتجتمع الماده منضغطه إلی ما بین الأصبعین، و یجذب ممسکاً لرأس الجلده من وسط الحاجب، فإذا ظهر النتؤ قطع الجلده عنه قطعاً شأفاً رقیقاً غیر غائر، فإن الاحتیاط فی ذلک. و لأن یشرح تشریحاً بعد تشریح، أحوط من أن یغوص دفعهً واحدهً، فإذا ظهر بالتشریحه
الأولی فبها، و نعمت، و إلا زاد فی التشریح حتی یظهر، فإن وجده مبرأ، لف علی یدیه خرقه کتان، و أخذ الشرناق مخلصاً إیاه یمنه و یسره، و إن بقیت بقیه لا تجیب، ذر علیها شیئاً من الملح لیأکلها، و إن کانت فی کلاف و شدیده الالتصاق، أخذ المتبری منه و ترک الآخر لا یتعرّض له، و یفوّض أمره إلی تحلیل الملح الذی یُذرّه علیه، ثم یضع علیه خرقه مبلوله بخلّ.
و إذا أصبح من الیوم الثانی، و أمنت الرمد، فعالجه بالأدویه الملزقه، و یکون فیها حُضَض، و شیاف مامیثا، و زعفران، و ربما تعرّض للمتحد الذی لا تبرأ فیه بکشطه و سلخه بشعرات تنفذ بالصنانیر تحته، و یحرّک یمنهً و یسرهً حتی یتبرأ، أو یفعل ذلک بأسفل ریشه، و یحتاج أن یحتاط فی البطّ حتی لا یأخذ فی الغور، فإن الباطّ إن مدد الجفن بشده، و أمعن فی البطّ حتی قطع الجلده و الغشاء الذی تحته بضربه واحده، طلع الشحم من موضع القطع إذا ضغطه بالأصابع التی أدارها حول الجلده الممتده، فیحدث وجع شدید، و ورم حاد، و تبقی بقیه صلبه معوقه هی شرّ من الشرناق، و ربما انقطع من العضله الرافعه للجفن شی ء صالح، فیضعف الجفن عن الانفتاح. و أما الحدیث الضعیف منه، فکثیراً ما تشفی منه الأدویه المحلله دون عمل الید.
هی لحم رخو یحدث فی باطن الجفن، فلا یزال یسیل منه دم أحمر و أسود و أخضر. و علاجها التنقیه بالمجففات الأکَاله، و الشیافات الحاره، فإذا أکلت التوته استعمل حینئذ
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 370
الذرورات و الشیافات التی تنبت اللحم فیما یقال فی قروح الأجفان. و بالجمله علاجات الحکّه و
الجرب القرنیین.
التحجّر ورم صغیر یدمی و یتحجر، و قد یخلص عنه عمل الید، ثم استعمال أدویه القروح للأجفان.
یستعل علیها ضماد من عدس مقشر، و قشور الرمان مطبوخه بالخل، فإذا سقطت الخشکریشه و بطل التأکّل، استعمل علیها صفره البیض مع الزعفران، فإنه یدمل، و إن شئت استعملت علیها شیاف الکندر، و شیاف الأبار مع شیاف الاصطفطیقان و الأحمر اللین، و أما انخراق الجفن، فیقبل الالتحام و یعالج بعلاج انخراق الجلود المذکور فی بابه.
سببه ماده مالحه بورقیه من دم حاد، أو خلط آخر حاد یحدث حکاً، ثم یجرّب. و أکثره عقیب قروح العین، و یبتدئ العله أولًا حکه یسیره، ثم تصیر خشونه، فیحمرّ الجفن، ثم یصیر تبنیاً متقرّحاً، ثم یحدث المحبب الصلب عند اشتداد الشقاق فی الحکه و التورّم.
المعالجات:
إذا قارن الجرب رمد، فعالج الرمد أولًا، ثم أقبل علی الجرب بعد أن لا تهمل أمر الجرب، و کذلک الحال و الحکم إن کان هناک مرض آخر، فالواجب أن یراعی أشدّهما اهتماماً، و إذا رأیت تقرّحاً و ورماً، فإیاک أن تستعمل الأدویه الحاده و نحوها إلا بعد التوصل بالرفق إلی إمکان الحک، فإنک لجلب بالأدویه ألماً شدیداً.
فأما الثانی و الثالث من الأنواع المذکوره، فلا بد من الحک، إما بالحدید، و إما بأدویه تتخذ محاک، مثل زبد البحر، و خصوصاً الجنس المعروف منه بقیشورا و بورق التین أو یتخذ محک من ساذنج و زعفران و مارقشیثا یتخذ منه شیاف و یحک به.
و أما الذی یقبل العلاج بالأدویه، و هو ما لم یبلغ درجه الثانی و الثالث، فأول علاجه إدامه الاستفراغ و الفصد، و لو فی الشهر مرتین، و فصد المأقین بعد الفصد الکلّی، و مداومه الاستحمام، و اجتناب الغبار و الدخان و الصیاح، و التحرّز من شده زَرِّ الأزرار، و ضیق قواره الجیب، و الغضب، و
الحرد، و کثره الکلام، و لط المخده، و طول السجود، و کل ما یصمد
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 371
المواد إلی فوق و یجذبها إلی الوجه. و ینفع فی ابتدائه الشیاف الأحمر اللیّن، و بعده الشیاف الأخضر اللیّن.
فإن کان أقوی من ذلک فالحاد من کل واحد منهما و طرخماطیقون، و کحل أرسطراطس، و شیاف الزعفران.
و قد یعالج بمراره العنز، و مراره الخنزیر، و بالنوشادر، و النحاس المحرق، و القلقدیس مجموعه و أفراداً، و الباسلیقون. و الشیاف الرمادی جید جداً، و أیضاً دواء أراسسطس جید جداً. و من الأدویه النافعه دواء بهذه الصفه، و نسخته: کهربا جزء، قشور النحاس جزءان یعجن بعسل و یستعمل، أو صبر جزء نوشادر نصف جزء، یعجن بعسل و یستعمل.
أخری: یؤخذ من النحاس المحرق سته عشر مثقالًا، و من الفلفل ثمانیه مثاقیل، و من القلیمیا أربعه مثاقیل، و من المر مثقالان، و من الزعفران مثقالان، و من الزنجار خمسه مثاقیل، و من الصمغ عشرون مثقالًا، یجمع و یحقّ بماء تودری، أو بماء المطر.
الانتفاخ ورم بارد مع حکه، و قد یکون الغالب علیه الریح، و قد یکون فضله بلغمیه رقیقه، و قد یکون فضله مائیه، و قد یکون فضله سوداویه.
العلامات الریحی یعرض بغته، و یمتدّ إلی ناحیه المأق، فیکون کمن عضه ذباب فی ذلک الموضع، و یعرض فی الصیف و للمشایخ، و لا یکون ثقل. و البلغمی یکون أبرد و أثقل، و یحفظ أثر الغمز ساعه، و المائی لا یبقی أثر الغمز فیه، و لا وجع معه. و السوداوی فی الأکثر یعم الجفن و العین، و یکون مع صلابه و تمدد یبلغ الحاجبین و الوجنتین، و لا یکون معه وجع شدید
یعتدّ به، و یکون لونه کمداً، و أکثره یعرض بعد الرمد و بعد الجدری قطعاً.
المعالجات یجب أن یبدأ أولًا، فیستفرغ البدن و ینقی الرأس منه، فما کان منه إلی البلغم أمیل استعمل التضمید بالخطمی. و أقوی منه ورق الخِروَع مدقوقاً مخلوطاً بالشبّ، و التکمید بإسفنجه مبلوله بخلّ و ماء حار، و أیضاً یتخذ لطوخ من صبر، و فیلزهرج، و شیاف مامیثا، و فوفل، و زعفران بماء عنب الثعلب، فإنه نافع.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 372
کثره الطرف تکون من قذی فی العین خفیف، و تکون من بثر، و قد تکثر فی أصحاب التمدد و المتهیئین له، و تندر فی الأمراض الحاده بتمدد و تشنّج.
ینتثر شعر العین، إما بسبب الماده، و إما بسبب الموضع. و سبب الماده إما أن تقل مثل ما یکون فی آخر الأمراض الحاده الصعبه، و إما أن تفسد بسبب ما یخالطها عند المنبت، مثل ما یقع فی داء الثعلب، و هو أن یکون فی باطن الجفن رطوبه حاده، أو مالحه، أو بورقیه لا تظهر فی الجفن آفه محسوسه، و لکنها تضر بالشعر. و أما الذی بسبب الموضع، فأن یکون هناک آفه ظاهره، إما صلابه و غلظ فلا یجد البخار المتولد عنه الشعر منفذاً، و إما ورم، و إما تأکل، و یدلّ علیه حمره و لذع شدید.
المعالجات ما کان من ذلک بسبب الموضع، فتعالج الآفه التی بالموضع علی حسب ما ذکر علاج کل باب منه فی موضعه، و ما کان سببه عدم الماده، فیعالج البدن بالإنعاش و التغذیه. و تستعمل الأدویه الجاذبه لماده الشعر إلی الأجفان مما نذکره، و مما هو مذکور فی القراباذین، و فی ألواح الأدویه المفرده. و ما کان بسبب رطوبه فاسده استعملت فیه تنقیه الرأس، و تنقیه العضو، ثم عالجت علاج الشعر. و أما الأکحال النافعه من ذلک، فالحجر الأرمنیَ، و اللازورد.
و من المرکبات کحل نوی التمر باللاذن المذکور فی القراباذین، أو یؤخذ نوی البسر محرقاً وزن ثلاثه دراهم، و مرت الناردین درهماً، یتخذ منهما کحل.
و مما جرب أن یسحق السنبل الأسود کالکحل، و یستعص بالمیل، و أیضاً یکتحل بخرء الفار محرقاً، و غیر محرق بعسل، و خصوصاً للسلاقی، أو یؤخذ تراب الأرض
التی ینبت فیها الکرم مع الزعفران، و السنبل الرومی، و هو الاقلیطی أجزاء سواء، و یستعمل منه کحل.
و مما جرب، و جرّب لما کان من ذلک مع حکّه و حمره و تکحل، أن یطبخ رمانه بکلیتها و أجزائها فی الخل إلی أن تتهری، و تلصق علی الموضع، و جمیع اللازوقات نافعه. و أیضاً لذلک بعینه قلیمیا قلقطار زاج أجزاء سواء، یسحق و یستعمل. و مما جرب أیضاً أن یؤخذ خرء أرنب محرقاً وزن ثمانیه دراهم، و بعر التیس ثلاثه دراهم، و یکتحل بهما، أو یکتحل بذباب منزوعه الرؤوس مجفّفه، أو یحرق البندق، و یسحق، و یعجن بشحم العنز، أو شحم الدب و یطلی به الموضع، فإنه یُنبت الشعر إنباتاً، و مع ذلک یسوده.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 373
و أیضاً یؤخذ من الکحل المشوی جزء، و من الفلفل جزء، و من الرصاص المحرق المغسول أربعه أجزاء، و من الزعفران أربعه، و من الناردین ثلاثه، و من نوی التمر المحرق اثنان، و یتخذ کحلًا.
بالجمله، فإنّ علاج هذا الشعر أحد وجوه خمسه، الإلزاق و الکی، و النظم بالإبره، و تقصیر الجفن بالقطع، و النتف المانع.
فأما الإلصاق، فأن یشال و یسوّی بالمصطکی، و الراتینج، و الصمغ، و الدبق، و الأشق، و الغراء الذی یخرج من بطون الصدف، و بالصبر و الأنزروت، و الکثیراء، و الکندر المحلول ببیاض البیض، و من الألزاق الجید، أن یلزق بالدهن الصینی. و أجود منه بغراء الجبن، و قد ذکرناه فی القراباذین.
و أما علاج الإبره، فأن تنفذ إبره من باطن الجفن إلی خارجه بجنب الشعر، فی سمها، و یخرج إلی الجانب الآخر، و یشد. و إن عسر إدخال الشعر فی سم الإبره،
جعل فی سمّ الإبره شعر امرأه، و أخرجت من الإبره طرفاً من ذلک الجانب بالشعر حتی یبقی مثل العروه من الجانب الباطن، فیجعل فیها الشعر، و یخرج، فإن اضطررت إلی إعاده الإبره، فاطلب موضعاً آخر، فإن تثنیه الغرز توسع الثقبه، فلا یضبط الشعر.
و أما القطع، فأن یقطع منبته من الجفن، و قد أمر بعضهم أن یشق الموضع المعروف بالإجانه، و هو عند حرف الجفن، ثم یدمل، فینبت علیه لا محاله لحم زائد، فیسوی الشعر، و لا یدعه ینقلب.
و أما الکی، فأحسنه أن یکون بإبره معقفه الرأس تحمی رأسها، فیمد الجفن، و یکوی بها موضع منبت الشعر، فلا یعود، و ربما احتیج إلی معاودات مرتین أو ثلاثه فلا یعود بعد ذلک إلیه البته. و أما النتف المانع، فأن ینتف، ثم یجعل علی الموضع الأدویه المانعه لنبات الشعر، و خصوصاً علی الجفن مما قیل فی ألواح الأدویه المفرده، و نقوله فی باب الشعر الزائد.
یتولد من کثره رطوبه عفنه تجتمع فی أجفان العین.
المعالجات علاجه تنقیه البدن و الرأس و العین بما علمت، ثم استعمال الأکحال الحاده المنقّیه للجفن، مثل الیاسلیقون، و الروشنای الأحمر الحاد، و الأخضر الحاد، و الشیاف الهلیلجی،
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 374
و خصوصاً إن کانت هناک دمعه، أو عارض من أعراض الأخلاط، فإن لم یغن، عولج بالنتف، ینتف و یطلی علی منبته دم قنفذ، و مرارته و مراره خمالاون، و مراره النسر، و مراره الماعز، و ربما خلطت هذه المرارات و الدماء بجندبیدستر، و اتخذ منها شیاف کفلوس السمک.
و تستعمل عند الحاجه محلوله بریق الإنسان، و یصبر المستعمل علیه نصف ساعه.
و من المعالجات الجیده أن یؤخذ مراره القنفذ، و مراره خمالاون، و
جندبیدستر بالسویه، یجمع بدم الحمام، و یقرص. و مما وصف دم القراد، و خصوصاً قراده الکلب، و دم الضفدع، و لکن التجربه لم تحقَقه. و من الصواب فیما زعموا أن یخلط بالقطران.
و مما وصف أیضاً أن تستعمل مراره النسر بالرماد، أو بالنوشادر، أو بعصیر الکراث، و خصوصاً إذا جعلا علی مقلی فوق نار حتی یمتزجا و ینشی، و إن کان رماد صدف، فهو أفضل و سحاله الحدید المصدأ برِیق الإنسان غایه، و إن أوجع.
و مما جُرب الأرضه بالنوشادر، و خصوصاً مع حافر حمار محرق بخل ثقیف، و کذلک زبد البحر بماء الاسفیوش، فإنه إذا خدر و برد الموضع لم ینبت شعراً.
یکون ذلک فی الأکثر بعد الرمد، فیجب أن یستعمل أنزروت و سکر طبرزذ أجزاء سواء زبد البحر ربع جزء، و یسحق الجمیع سحقاً ناعماً، و یذر علی موضع الأشفار، فإنه نافع.
ضعف البصر و آفته، إما أن یوجبه مزاج عام فی البدن من یبوسه غالبه، أو رطوبه غالبه خلطیه، أو مزاجیه بغیر ماده، أو بخاریه ترتفع من البدن و المعده خاصه، أو برد فی ماده، أو غیر ذی مَاده، أو لغلبه حراره مادّیه، أو غیر مادیه.
و إما أن یکون تابعاً لسبب فی الدماغ نفسه من الأمراض الدماغیه المعروفه، کانت فی جوهر الدماغ، أو کانت فی البطن المقدم کله، مثل ضربه ضاغطه تعرض له، فلا یبصر العین، أو فی الجزء المقدّم منه. و أکثر ذلک رطوبه غالبه، أو یبوسه تعقب الأمراض، و الحرکات المفرطه البدنیه، و النفسانیه و الاستفراغات المفرطه تسقط لها القوه و تجف الماده.
و إما أن یکون لأمر یختصّ بالروح الباصر نفسه، ما یلیه من الأعضاء، مثل العصبه
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 375
المجوفه، و مثل الرطوبات و الطبقات و الروح الباصر، و قد یعرض أن یرق، و یعرض له أن یکثف، و یعرض له أن یغلظ، و یعرض له أن یقل. و أما الکثره، فأفضل شی ء و أنفعه، و أکثر ما یحدث الرقه تکون من یبوسه، و قد تکون من شده تفریق یعرض عند النظر إلی الشمس و نحوها من المشرقات، و ربما أدی الاجتماع المفرط جداً إلی احتقان محلل، فیکثف فیه أولًا، ثم یرق جداً ثانیاً و هذا کما یعرض عند طول المقام فی الظلمه و الغلظ، یکون لرطوبه، و یکون من اجتماع شدید لیس بحیث یؤدی إلی استعمال مزاج مرقق،
و قد یکون السبب فیهما واقعاً فی أصل الخلقه.
و القله قد تکون فی أصل الخلقه، و قد تکون لشده الیبس، و کثره الاستفراغات، أو لضعف المقدّم من الدماغ جداً، و صعوبه الأمراض، و یقرب الموت إذا تحللت الروح.
و أما الضعف و الآفه التی تکون بسبب طبقات، و أکثرها بسبب الطبقات الخارجه دون الغائره، فاما أن یکون بسبب جوهر الطبقه، أو یکون بسبب المنفذ الذی فیها.
و الذی یکون بسبب الطبقه نفسها، فیکون لمزاج ردی ء، و أکثره احتباس بخار فیها، أو فضل رطوبه تخالطها، أو جفاف و یبس و تقشف و تحشف یعرض لها، و خصوصاً للعنبیّه و القرنیه، أو فساد سطحها بآثار قروح ظاهره، أو خفیه، أو مقاساه رمد کثیر یذهب إشفافها، أو لون غریب یداخلها، کما یصیب القرنیّه فی الیرقان من صفره، أو آفه من حمره، أو انسلاخ لون طبیعی، مثل ما یعرض للعنبیّه، فیزداد إشفافاً و تمکیناً لسطوه الضوء من البصر، و من تفرقه للروح الباصره، و ربما أحدث تجفیفاً و تسخیناً لتمکن الهواء و الضیاء من الرطوبات، أو یرقق منها بسبب تأکّل عرض، فلا یتدرّج الضوء فی النفوذ فیها، بل ینفذ دفعه نفوذاً حاملًا علی الجلیدیه أو لنبات غشاء علیها کما فی الظفره، أو انتفاخ و غلظ من عروقها کما فی السبل.
و أما العارض للثقبه و المنفذ: فإما أن یضیق فوق الطبیعی لما نذکره من الأسباب فی بابه، و إما أن یتسع، و إما یفسد سدّه کامله أو غیر کامله، کما عند نزول الماء أو عند القرحه الوسخه العارضه للقرنیه حیث تمتلئ ثقب العنبیه من الوسخ، و نحن نذکر هذه الأبواب کلها باباً باباً.
و أما الکائن بسبب الرطوبات: فأمّا الجلیدیه منها، فبأن تتغیر
عن قوامها المعتدل، فتغلظ، أو تشتد دفعه، أو تزول عن مکانها الطبیعی، فتصیر متأذّیه عن حمل الضوء و الألوان الباهره لها، و أما البیضیه، فأن تکثر جداً، أو تغلظ، و یکون غلظها، إما فی الوسط بحذاء النقب، و إما حول الوسط، و إما فی جمیع أجزائها فیکون ذلک سبباً لقله إشفافها، أو لرطوبات و أبخره تخالطها و تغیر إشفافها، فإن الأبخره و الأدخنه الغریبه الخارجه تؤذیها، فکیف الداخله. و جمیع الحبوب النفّاخه المبخره مثقله للبصر، و أما الزجاجیه، فمضرّتها بالإبصار غیر أولیه، بل إنما تضرّ بالإبصار من حیث تضرّ بالجلیدیه، فتحیل قوامها عن الاعتدال لما تورده علیها من غذاء غیر
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 376
معتدل. و أما الطبقه الشبکیه فمضرتها بالإبصار تفرق اتصالها، إما فی بعضها فیقل البصر، و إما فی کلها فیعدم البصر.
و أما الآفه التی تکون بسبب العصبه، فأن یعرض لها سدّه، أو یعرض لها ورم، أو اتساع بها أو انهتاک.
العلامات أما الذی یکون بشرکه من البدن، فالعلامات فیه ما أعطیناه من العلامات التی تدل علی مزاج کلیه البدن، و الذی یکون بشرکه الدماغ، فأن یکون هناک علامه من العلامات الداله علی آفه فی الدماغ مع أن تکون سائر الحواس مؤفه مع ذلک، فإن ذلک یفید الثقه بمشارکه الدماغ، و ربما اختص بالبصر أکثر اختصاصه، و بالشم دون السمع، مثل الضربه الضاغطه إذا وقعت بالجزء المقدم من الدماغ جداً، فربما السمع بحاله، و تبقی العین مفتوحه لا یمکن تغمیض الجفن علیها، و لکن لا یبصر.
و علامه ما یخصّ الروح نفسه، إنه إن کان الروح رقیقاً، و کان قلیلًا رأی الشی ء من القرب بالاستقصاء، و لم یر من البعد من الاستقصاء، و
إن کان رقیقاً کثیراً کان شدید الاستقصاء للقریب و للبعید، لکن رقته إذا کانت مفرطه لم یثبت الشی ء المنیر جداً، بل یبهره الضوء الساطع و یفرّقه، و إن کان غلیظاً کثیراً لم یعجزه استقصاء تأمل البعید و لم یستقص رؤیه القریب، و السبب فیه عند أصحاب القول بالشعاع، و إن الإبصار إنما یکون بخروج الشعاع، و ملاقاته المبصر، إن الحرکه المتّجهه إلی مکان بعید یلطف غلظها، و یعدل قوامها کما أن مثل تلک الحرکه یحلل الروح الرقیقه، فلا یکاد یعمل شیئاً.
و عند القائلین بتأدیه المشف شجّ المرئی غیر ذلک، و هو أن الجلیدیه تشتدّ حرکتها عند تبصّر ما بعد، و ذلک مما یرقّق الروح الغلیظ المستکنّ فیها، و یحلل الروح الرقیق خصوصاً القلیل. و تحقیق الصواب من القولین إلی الحکماء دون الأطباء.
و أما تعرّف ذلک من حال الطبقات و الرطوبات الغائره، فمما یصعب إذا لم یکن شی ء آخر غیرها، و لکن قد یفزع إلی حال لون الطبقات و حال انتفاخها و تمددها، أو تحشّفها و ذبولها، و حال صغر العین لصغرها، و حال ما یترقرق علیها من رطوبه، و یتخیل من شبه قوس قزح، أو یری فیها من یبوسه.
و الکدوره التی تشاهد من خارج و یکاد لا بصر معها إنسان العین، و هو صوره الناظر فیها، ربما دلّت علی حال القرنیه، و ربما دلّت علی حال البیضیه. و صاحبها یری دائماً بین عینیه کالضباب، فإن رؤیت الکدوره بحذاء الثقبه فقط، و لم یکن سائر أجزاء القرنیه کدراً، دل علی أن الکدوره فی البیضیه، و أنها غیر صافیه.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 377
و إن عمت الکدوره أجزاء القرنیه لم یشک أنها فی القرنیه، و
بقی الشک أنها هل هی کذلک فی البیضیه أم لا.
و قد یعرض للبیضه یبس، و ربما عرض من ذلک الیبس أن اجتمع بعض أجزائه، فلم یشفّ فرأی حذاءه کوه أو کوی، و ربما کان ذلک لآثار بثور فی القرنیه خفیّه تختل خیالات، فربما غلظ فیها و یظن أنها خیالات الماء، و لا یکون، و أما الضیق و السعه و الماء و أحوال العصبه، فلنؤخر الکلام فیها.
وَ أما علامه تفرق اتصال الشبکیه إذا کانت فی جملتها، فیعدم البصر بغته، و اعلم أن کل فساد یکون عن الیبس، فإنه یشتد عند الجوع، و عند الریاضه المحلله، و عند الاستفراغات، و فی وقت الهاجره و الرطب بالضد.
المعالجات إن کان سبب الضعف یبوسه، انتفع بماء الجبن و المرطبات، و حلب اللبن و شربه، و جعل الأدهان مرطبه علی الرأس، و خصوصاً إن کان ذلک فی الناقهین، و ینفعه النوم و الراحه و السعوطات المرطبه، و خصوصاً دهن النیلوفر، و ما کان من ذلک فی الطبقه، فیصعب علاجه.
و أما إن کانت عن رطوبه، فاستعمال ما یحلل بعد الاستفراغات. و أما القی ء فالرقیق منه مما ینفع، و خصوصاً للمشایخ، و العتیق یضرّ جداً، و الغراغر و المخوطات و العطوسات نافعه.
و من الإستفراغات النافعه فی ذلک شرب دهن الخروع بنقیع الصبر و استعمال ما یمنع البخار من الرأس کالإطریفل، و خصوصاً عند النوم نافع أیضاً.
و ینتفع بریاضات الأطراف، و خصوصاً الأطراف السفلی، و کذلک یجب أن یستعمل دلکها، فإن کان السبب غلظاً، فیعالج بما یجلو من الأدویه المذکوره فی لوح العین، و یجب إذا استعملت الأدویه الحادّه أن تستعمل معها أیضاً الأدویه القابضه.
و عن الأشیاء النافعه فی ذلک التوتیا المغسول المربی بماء
المرزنجوش، أو ماء الرازیانج، أو ماء الباذروخ، و عصاره فراسیون.
و إدامه الاکتحال بالحضض تنفع العین جداً، و تحفظ قوتها إلی مده طویله، و الاکتحال بحکّاکه الهلیلج بماء الورد، و ینفع جداً إذا کانت الرطوبه رقیقه مع حراره و حکه.
و من الأکحال النافعه فی مثل ذلک المرارات کانت مفرده مثل مراره القبّج، و مراره الرق و الشبّوط، و الرخمه، و الثور، و الدب، و الأرنب، و التیس، و الکرکی، و الخطّاف، و العصافیر، و الثعلب، و الذئب، و السنّور، و الکلب السلوقی، و الکبش الجبلی. و لمراره الحباری خاصهً خاصیه عجیبه جداً، أو مرکّبه.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 378
و من الأدهان النافعه دهن الخروع، و النرجس، و دهن حبّ الغار، و دهن الفجل، و دهن الحلبه، و دهن السوسن، و دهن المرزنجوش، و دهن البابونج، و دهن الأقحوان، و الاکتحال بماء الباذروج نافع.
و من الأدویه الجیده المعتدله، أن یحرق جوزتان، و ثلاثون نواه من نوی الهلیلج الأصفر، و یسحق و یلقی علیه مثقال فلفل غیر محرق و یکتحل به.
و من الأدویه النافعه أن یؤخذ عصاره الرمان المزّ و یطبخ إلی النصف، و یدفع و یخلط به نصفه عسلًا و یشمس، و یستعمل.
و کذلک إن أخذ ماء الرمانین، و شُمس شهرین فی القیظ، و صُفِّی، و جعل فیه دارفلفل، و صبر، و نوشادر، و قد یکون بلا نوشادر ینعّم سحق الجمیع، و یلقی علی الرطل منه ثلاثه دراهم و یحفظ، و کلما عتق کان أجود، و من النوافع مع ذلک الوفی مع مامیران إذا سحقا کالاکتحال.
و الاکتحال بماء البصل مع العسل نافع، و شیاف المرارات قوی، و المرارات القویه هی مثل مراره البازی، و النسر،
أو یؤخذ صلابه و فهر کل من النحاس، یقطر علیها قطرات فی خل، و قطره من لبن، و قطره عن عسل، ثم یسحق حتی یسود ذلک، و یکتحل به.
و اعلم أن تناول الشلجم دائماً مشویاً و مطبوخاً مما یقوی البصر جداً، حتی أنه یزیل الضعف المتقادم، و من قَدرَ علی تناول لحوم الأفاعی مطبوخه علی الوجه الذی یطبخ فی التریاق و علی ما فصِّل فی باب الجذام حفظ صحه العین حفظاً بالغاً.
و من الأدویه الجیده للمشایخ، و لمن ضعف بصره من الجماع و نحو ذلک. و نسخته: یؤخذ توتیا مغسول ستّه، و شراب بقدر الحاجه، دهن البلسان أکثر من التوتیا بقدر ما یتفق، یسحق التوتیا ثم یلقی علیه دهن البلسان، ثم الشراب، و یسحق سحقاً بالغاً کما ینبغی، و یرفع و یستعمل.
و أیضاً دواء عظیم النفع حتی أنه یجعل العین بحیث لا یضرّها النظر فی جرم الشمس. و نسخته: یؤخذ حجر باسفیس، و حجر مغناطیس، و حجر أحاطیس، و هو الشبّ الأبیض، و الشادنج، و البابونج، و عصاره الکندس، من کل واحد جزء، و من مراره النسر و مراره الأفعی من کل واحد جزء، یتخذ منه کحل. و استعمال المشط علی الرأس نافع، و خصوصاً للمشایخ، فیجب أن یستعمل کل یوم مرات لأنه یجذب البخار إلی فوق، و یحرکه عن جهه العین و الشروع فی الماء الصافی و الانغطاط فیه و فتح العینین قدر ما یمکن، و ذلک مما یحفظ صحه العین و یقویها، و خصوصاً فی الشبان. و یحب خصوصاً لمن یشکو بخارات المعده و مضرّه الرطوبه، أن یستعمل قبل الطعام طبیخ الأفسنتین،، و سکنجبین العنصل، و کل ما یلین و یقطع الفضول التی
فی المعده.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 379
و أما الأمور الضاره بالبصر، فمنها أفعال و حرکات، و منها أغذیه، و منها حال التصرّف فی الأغذیه، فأما الأفعال و الحرکات فجمیع ما یجفف مثل الجماع الکثیر، و طول النظر إلی المشرفات، و قراءه الدقیق بإفراط، فإن التوسّط فیه نافع. و کذلک الأعمال الدقیقه و النوم علی الامتلاء، و العشاء، بل یجب علی من به ضعف فی البصر أن یصیر حتی ینهضم، و کل امتلاء یضره، و کل ما یجفف الطبیعه یضره، و کل ما یعکّر الدم من الأشیاء المالحه و الحریفه و غیرها یضرّه، و السکر یضرّه، و أما القی ء فینفعه، من حیث ینقی المعده، و یضره من حیث یحرک مواد الدماغ، فیدفعه إلیه، و إن کان لا بد، فینبغی أن یکون بعد الطعام و برفق.
و الاستحمام ضار، و النوم المفرط ضار، و البکاء الشدید، و کثره الفصد، و خاصه الحجامه المتوالیه.
و أما الأغذیه، فالمالحه، و الحریفه، و المفجّره، و ما یؤذی فم المعده، و الشراب الغلیظ الکدر، و الکراث، و البصل، و البافروج أکلًا، و الزیتون النضیج، و الشبث، و الکرنب، و العدس.
هو أن یتعطل البصر لیلًا، و یبصر نهاراً، و یضعف فی آخره. و سببه کثره رطوبات العین و غلظها، أو رطوبه الروح الباصر و غلظه. و أکثر ما یعرض للکحل دون الزرق، و لصغار الحدق، و لمن تکثر الألوان و التعاریج فی عینه، فإن هذه تدل علی قله الروح الباصر فی خلقته، و قد تکون هذه العله لمرض فی العین نفسها، و قد تکون بمشارکه المعده و الدماغ، و تعرف ذلک بالعلامات التی عرفتها.
المعالجات إن کان هناک کثره، فلیفصد القیفال، و المأقین، و یستعمل سائر المستفرغات المعروفه، و یکرر،
و ربما استفرغ بسقمونیا و جندبیدستر، فانتفع به، و یسقون قبل الطعاه شراب زوفا، أو زوفا و سذاب یابس سفوفاً، و یسقون بعد الهضم التام قلیلًا من الشراب العتیق. و من الأدویه المُجَربه سیاله کبد المعزی المغزوز بالسکین، المکببه علی الجمر، فإذا سالت أخذ مما یسیل، و ذر علیه ملح هندی، و دارفلفل، و اکتحل به، و ربما ذر علیه الأدویه عند التکبیب. و الانکباب علی بخاره و الأکل من لحمه المشوی کل ذلک نافع جداً، و ربما قطع قطعاً عریضهً، و جعل منها شیاف، و من دارفلفل شیاف، و جعل الشیاف الأسفل و الأعلی من الکبد، و یشوی فی التنور، و لا یبالغ، ثم یؤخذ و تصفی عنه المائیه، و یکتحل بها، و کذلک کبد الأرنب، و کذلک الشیاف
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 380
المتخذ من دارفلفل، و الذی علی هذه النسخه، وصفته: یؤخذ فلفل، و دارفلفل، و قنبیل أجزاء سواء یکتحل به. و المرارات أیضاً نافعه، و خاصه مرارات التیوس، و الکباش الجبلیه، و کذلک الاکتحال بدهن البلسان مکسوراً بقلیل أفیون، و الاکتحال بالفلافل الثلاثه مسحوقه کالغبار نافع جداً. و کذلک بالشب المصری، و الاکتحال بالعسل، و ماء الرازیانج یغمّض علیها العین مده طویله نافع جداً، و أقوی منه العسل إذا کان فیه قوه من الشب و النوشادر، و دماء الحیوان الحاره المزاج ینفع الاکتحال بها. و ینفع الاکتحال بعصاره قثاء الحمار مکسوره ببزر البقله الحمقاء، و شیاف القلی، و شیاف الزنجار. و ینفع منه خرء الورل، و الاصقنقور، أو یؤخذ منه مراره الحدأه جزء، و فلفل جزآن، أشجّ ثلاثه أجزاء، یعجن بعسل، و یستعمل، و ینفع منه فصد عرق الماقین إن
لم یکن مانع حسب ما تعلم ذلک.
فنقول: سبب الجهر و هو أن لا یبصر بالنهار رقه الروح و قلته جداً، فیتحلل مع ضوء الشمس، و یجتمع فی الظلمه، و ربما کان سبب الجهر قلیلًا، فیری فی الظلمه و الظل لیلًا و نهاراً، و یضعف فی الضوء، و علاجه من الزیاده فی الترطیب، و تغلیظ الدم ما تعلم.
الخیالات هی ألوان یحس أمام البصر کأنها مبثوثه فی الجو، و السبب فیها وقوف شی ء غیر شفّاف ما بین الجلیدیه و بین المبصرات. و ذاک الشی ء، إما أن یکون مما لا یحرک مثله فی العاده أصلًا، و إنما یدرکه القوی البصر الخارج عن العاده إدراکاً، و إما أن یکون مما تدرکه الأبصار إذا توسطت، و إن لم تکن فی غایه الذکاء، بل کانت علی مجری العاده.
و معنی الأول أن البصر إذا کان قویاً أدرک الضعیف الخفی من الأمور التی تطیر فی الهواء قرب البصر من الهباءات التی لا یخلو منها الجر و غیره، فتلوح له، و لقربها، أو لضوئها لا یحققها. و کذلک إذا کانت فی الباطن من آثار الأبخره القلیله التی لا یخلو عنها مزاج و طبع البته، إلا أن هذین یخفیان علی الأبصار لیست التی فی غایه الذکاء، و إنما یتخیلان لمن هو شدید حده البصر جداً، و هذا مما لا ینسب إلی مضره.
و أما القسم الآخر: فإما أن یکون فی الطبقات، و إما أن یکون فی الرطوبات. و الذی یکون فی الطبقات، فهو أن یکون علی الطبقه القرنیه آثار خفیه جداً بقیت عن الجدری، أو عن رمد و بثور أو غیر ذلک، فلا یظهر للعین من خارج، و یظهر للعین من باطن من حیث لا یشف المکان الذی هو فیه، فیخفی
تحته من المحسوس و من الهواء الشاف أجزاء تری کثیره، بمقدار ما لو کانت بالحقیقه موجوده من خارج، لکان ذلک الجزء الصغیر قدر شجها من الثقبه العنبیه.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 381
و أما التی تکون فی الرطوبات، فهی علی قسمین، لأنها، إما أن تکون قد استحال إلیها جوهر الرطوبه نفسه، أو تکون قد وردت علی جوهر الرطوبه مما هو خارج عنها. و التی تکون قد استحال إلیها جوهر الرطوبه نفسه، فإما أن یعرض لجزء منها سوء مزاج یغیر لونها و یزیل شفیفها، فلا یشفّ ذلک القدر منها لبرد، أو لرطوبه، أو لحراره یغلی ذلک القدر، و یثیر فیه هوائیه، و من شأن الهوائیه إذا خالطت الرقیقه الشفافه أن تجعلها کثیفه اللون، زبدیه غیر شافه، أو لیبوسه مکثفه جماعه جداً.
و الذی یکون الوارد علیها منه هو من غیره فلا یخلو، إما أن یکون عرضیاً غیر متمکن، و هو من جنس البخارات التی تتصعد من البدن کله، أو من المعده، أو من الدماغ إذا کانت لطیفه تحصل و تتحلل، و کما یکون فی البُحرانات و بعد القی ء و بعد الغضب، و إما أن یتمکن فیها، و ینذر بالماء.
و تختلف هذه الخیالات فی مقادیرها، فتکون صغیره و کبیره، و قد تختلف فی قوامها، فتکون کثیفه و رقیقه خفیه، و قد تختلف فی أوضاعه فتکون متخلخله، و قد تکون متکاثفه ضبابیه، و قد تختلف فی أشکالها، فتکون حبیبیه، و تکون بقیه و ذبابیه، و قد تکون خیطیه و شعریه بالطول.
العلامات علامه ما یکون من ذکاء الحس أن یکون خفیفاً لیس علی نهج واحد و شکل واحد، و یصحب الإنسان مده صحه بصره من غیر خلل یتبعه.
و الذی
یکون بسبب القرنیه، تحل علیه أسبابه المذکوره، و أن یثبت مده لا یتزاید، و لا یؤدی إلی ضرر فی البصر غیره.
و الذی یکون من سبب فی البیضیه، فأن تکون مدته طویله و لم یؤد إلی آفه عظیمه و یکون، إما عقیب رمد حار، و إما عقیب سبب مبرد أو مسخن، و هو مما یعلم بالحدس، و خصوصاً إذا وجدت القرنیه صقیله صافیه لا خشونه فیها بوجه، ثم کان شی ء ثابت لا یزید و لا یؤدی إلی ضرر عظیم.
و أما الذی یکون سببه بخارات معدیه و بدنیه، فیعرف بسبب أنها تهیج مع المبخرات، و عند الامتلاء و الهضم، و عند الحرکات و الدوار و السدر، و لا یثبت علی حاله واحده، بل یزید و ینقص، و لا یختص بعین واحده، بل یکون فی العینین، و إذا کان معه الغثیان صحت دلالته، و إذا کان القی ء و الاستفراغ بالأیارج و تلطیف الغذاء و العنایه بالهضم یزیده أو ینقصه.
و قد علمت فی باب ضعف البصر علامات ما سببه یبس البیضیه أو غیره، و إذا استمرت صحه العین و السلامه بصاحب الخیالات سته أشهر، فهو علی الأکثر فی أمن، و الذی هو من الخیالات مقدمه للماء، فإنه لا یزال یتدرج فی تکدیر البصر إلی أن ینزل الماء، أو ینزل یعده
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 382
الماء دفعهً، و قلما یجاوز سته أشهر، فإذا رأیت الخیالات تزول و تعود و تزید و تنقص، فاعلم أنها لیست مائیه. و إذا رأیت الثانیه تطول مدتها و لا تستمر فی إضعاف البصر، فاعلم أنها لیست مائیه.
المعالجات لابتداء الماء و الخیالات أولی الخیالات بأن یقبل علی علاجه ما کان منذراً بالماء، و أما
سائر ذلک فما کان منه من یبوسه، فربما نفع منه المرطبات المعلومه. و إن کان عن رطوبه و غیر ذلک مما لیس عن یبوسه تقع منه کل ما یجلو من الأکحال.
و أما المنذر بالماء فیجب أن یبدأ فینقی البدن، و خصوصاً المعده، ثم تقبل علی تنقیه الرأس بالغرغرات و السعوطات و المضوغات.
و أما العطوسات فمن جهه ما ترخی و تنقی، یرجی منها التنقیه، و تنقی من جهه عنف تحریکها، فیخاف منها تحریک الماء، و خصوصاً إن کان واقعاً دون العصبه و بقربها. و اعلم أن أیارج فیقرا جلیل النفع فیه. و کذلک حب الذهب، و ما یقع فیه من أدویه القنطوریون، و القثاء المر، و قد علمت فی أبواب علاج الرأس و تنقیته ما ینبغی أن تعتمده، و یجب أن تکون التنقیه بأیارج فیقرا و حب الذهب علی سبیل الشبیار متواتره جداً، و لا یستعمل لأدویه الملطفه و الجلاءه أکحالًا إلا بعد التنقیه.
و ینفع فی ابتداء الماء فصد شریان خلف الأذن، و ینبغی أن یبتدأ بالأدویه اللینه مثل ماء الرازیانج بعسل وزیت، و بمثل ما قیل من أن شم المرزنجوش نافع لمن یخاف نزول الماء إلی عینه، و کذلک ینشف دهنه، و قد قیل أن إرسال الحرق علی الصدغین ینفع فی ابتدائه، و قد مُدح الاکتحال ببزر الکَتَم، و ذکر أنه یزیل الماء و یحلله و أنه غایه، ثم یتدرّج إلی الأدویه المرکَّبه من السکبینج و أمثاله، من ذلک: السکبینج ثلاثه، الحلتیت و الخربق الأبیض من کل واحد عشره، العسل ثمانیه قوطولیات.
و مما هو مجرّب جداً، رأس الخطّاف بعسل یکتحل به، و شیاف أصطفطیقان، و جمیع المرارات المذکوره فی باب ضعف البصر. و أقوی منه
شیاف المراره المارستانی، و أیضاً کحل أومیلاوس، و الکحل المذکور فی الکتاب الخامس، و هو القراباذین، بمراره السلحفاه، أو دواء اتعاسیوس بماء الرازیانج، أو شیاف المرزنجوش، و الساروس، و المرحومون. و دهن البلسان نافع فیه.
و مما ینفع فی ابتداء الماء أن یؤخذ مراره ثور شاب صحیح البدن، فتجعل فی إناء نحاس، و تترک قریباً من عشره أیام إلی أسبوعین، ثم یؤخذ من المرّ و الزعفران المسحوقین، و من مراره السلحفاه البریه، و من دهن البلسان من کل واحد وزن درهمین، و یخلط الجمیع و یجمع جمعاً بالغاً و یُکْتَحَل به.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 383
و أیضاً یؤخذ من الخربق جزء، و من الحلتیت جزء، و من السکبینج خمس و عشر جزء، و هو ثلاثه أعشار جزء، و یُتَّخذ شیاف و یُکتحل به. و أیضاً من الخربق الأبیض، و الفلفل جزء، و من الأشق ثلاثه أجزاء، و یتخذ منه شیاف بعصاره الفجل، و یستعمل، و یجتنب السمک و المغلظات من الأغذیه، و المبخرات و الشرب الکثیر من الماء، و الشراب أیضاً و متواتره الفصد و الحجامه، بل یؤخر ذلک ما أمکن، إلا أن یشتد مساس الحاجه إلی ذلک و الثقه بأن الدم حار و کثیر.
الانتشار هو أن تصیر الثقبه العَنبیه أوسع مما هی بالطبع، و قد یکون ذلک عقیب صداع، أو سبب باد من ضربه أو صدمه، و قد یکون لأسباب فی نفس الحدقه، و ذلک، إما فی البیضیه، و إما فی العنبیّه، فإن البیضیه إن رطبت و کثرت، زحمت العنبیه و حرکتها إلی الاتساع.
و أما یبوسه البیضیه، فلا یوجب الاتساع بالذات، بل بالعرض من حیث یتبعها یبوسه العنبیه.
و العنبیه نفسها إن یبست
و تمددت إلی أطرافها تمدد الجلود المثقبه عند الیبس، عرض لها أن تتسع کما یتسع ثقب تلک الجلود، و خصوصاً إذا زوحمت من الرطوبات، و قد یعرض لها ذلک من رطوبه تداخل جوهرها، و تزید فی ثخنها و تمددها إلی الغلظ، فیعرض للثقبه أن تتسع، و قد یعرض ذلک لورم ممدد یحدث فیها، و قد تکون سعه العین طبیعیه، و یضر ذلک بالبصر، فإنه یری الأشیاء أصغر مما یجب أن تری، و قد یکون عارضاً، فیکون کذلک، و ربما بالغ إلی أن لا یری شیئاً، فإنه کثیراً ما تتسع العین حتی تبلغ السعَه الإکلیل، و لا یبقی من البصر ما یُعتدّ به.
و ما کان من ضربه أو صدمه، فلا علاج له، و قد سمعت من ثقه أنه عالج الاتساع الذی حصل من ضربه، بأن فصد المریض فی الحال، و أعطاه حب الصبر فبرئ بعد أیام قلائل.
و إذا کان الاتساع من تفرق اتصال الطبقه الشبکیه فلا علاج له بته من کل وجه، و ما کان من اتساع العصب المجوّف، فبرؤه عسیر.
العلامات قد ذکرناها فی باب ضعف العین.
المعالجات ما کان من ذلک طبیعیاً، فلا علاج له، و ما کان من یبوسه، فینفع منه ترطیب العین بالمرطبات المذکوره، و ما کان من رطوبه، فینفع منه الفصد إن کان فی البدن کثره، و أیضاً فصد
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 384
عررق المأقین یستفرغ من الموضع، و ینفع منها، و کذلک فصد عروق الصاع و سلها، و الاستفراغات التی علمتها وصب الماء الملح و المملح علی الرأس، خصوصاً ممزوجاً بالخلِّ، و لا ینبغی أن یکثر الاستفراغات بالمسهّلات، فیضعف القوه و لا یستفرغ المطلوب، بل ربما کفاه الاستفراغ کل عشره
أیام بدرهم، أو درهم و نصف من حب القوقایا.
و الغذاء ماء حمص بشیرج، و یکحل العین الأخری بالتوتیا لئلا تنتشر کالأولی، و یجب أن یستعمل الأکحال المذکوره فی باب الخیالات و الماء.
و ینفع منه الحجامه علی القفا لما فیه من الجذب إلی خلف.
و أما الکائن عقیب ضربه، فمما یتکلف فی علاجه أن یفصد، ثم یحمم الرأس ثم یستعمل المبردات، و یُضمد بدقیق الباقلا من غیر قشره، أو دقیق الشعیر مبلولًا بماء ورق الخلاف، أو بماء الهندبا، و بصوفه مبلوله بمحّ بیض مضروب بدهن الورد و قلیل شراب، و یقطر فی العین دم الشفانین و الفراخ، و فی الیوم الثالث یقطر فیها اللبن، و الأکحال التی هی أقوی.
و بالجمله، فإن أکثر علاج هذا من جنس علاج الورم الحار، و بعد ذلک، فیستعمل شیافاً متخذاً من کندر، و زعفران، و مرّ من کل واحد جزء و من الزرنیخ نصف جزء.
و هذا الدواء نافع من أمور یاسفیس و هو الإتساع. و نسخته: یؤخذ مراره الجدی، و مراره الکرکی، مثقالان مثقالان، زعفران درهم، فلفل مائه و سبعین عمداً، رب السوس خمسه مثاقیل و ثلثین، أشجّ مثقالان، عسل مقدار الحاجه، و یستعمل منه کحل یسحق بماء الرازیانج، و یخلط بالعسل. و للکائن من ضربه نصف مثقال، یسحق بعصاره الفجل إلی أن یجف، و یستعمل یابساً، و أیضاً مراره التیس مثقال واحد، بعر الضب أو الورل یابساً مثقال و نصف، نطرون مثقال، فلفل، مراره الکرکی، من کل واحد مثقالان، زعفران مثقال أشج نصف مثقال، خربق أبیض مثقال، یسحق أیضاً بماء الرازیانج، و یخلط بالعسل، و ما کان من الاتساع من انحراف الطبقه الشبکیه أو اتساع العصبتین المجوّفتین، فلا علاج له اللهم
إلا أن اتساع العصبتین المجوفتین عسر العلاج و مع ذلک یرجی.
الضیق هو أن تکون الثقبه العنبیه أضیق من المعتاد، فإن کان ذلک طبیعیاً، فهو محمود، و إن کان مرضیاً، فهو ردی ء أردأ من الانتشار،. و ربما أدی إلی الانسداد.
و أسبابه إما یبس من القرنیه محشف یجمعه، فتنقبض الثقبه و یحدث الضیق أو السده، و إما رطوبه ممدده للقرنیه من الجوانب إلی الوسط، فتتضایق الثقبه مثل ما یعرض للمناخل إذا بقت و استرخت و تمددت فی الجهات، و إما یبس شدید من البیضیه، فتقل و تساعدها الطبقه إلی الضمور و الاجتماع المخالف لحال الجحوظ.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 385
و کثر ما یعرض هذا یعرض من الیبوسه، و قد یمکن أن یکون ضیق الثقب من ضیق العصب المجوف حسب ما یکون اتساع الحدقه من اتساع العصبه المجوفه.
العلامات قد ذکرناها فی باب ضعف العین.
المعالجات أما الیابس منه، فعلاجه بالمرطّبات من القطورات، و السعوطات، و النطولات من العصارات الرطبه، و غیرها کما تعلم، و الأغذیه اللینه و الدسمه. و فی الأحیان لا تَجد بُداً من استعمال شی ء فیه حراره ما لیجذب الماده الرطبه إلی العین، و یجب أن یستعمل دَلْک الرأس و الوجه و العین دلکاً متتابعاً قصیر الزمان، و ذلک کله لیجذب، فإن استعمال المرطبات الصرفه قد یضر أیضاً، و إذا استعملت أکحالًا جاذبه، فعاود المرطّبات.
و أما الرطب منه، فالأکحال المعروفه المذکوره فی باب ضعف البصر و الماء و الخیالات، و منها شیاف بهذه النسخه. و نسخته: یؤخذ زنجار أشق من کل واحد جزء، زعفران جزء و ثلث، صبر خمسه أجزاء، مسک نصف جزء، یتخذ منه شیاف.
و أیضاً أشق مثقالان، زنجار أربعه مثاقیل، زبل الورل
ثلاثه مثاقیل، زعفران مثقالان، صمغ مثقال واحد، یعجن بعسل، و یستعمل.
و أیضاً فلفل و أشج من کل واحد جزءان، دهن البلسان تسع جزء، زعفران جزء، یُحلیّ الأشج فی ماء الرازیانج، و یلقی علیه دهن البلسان، و یُستعمل بعد أن یعجن بعسل، فإن هذا جید جداً.
و قد عالجت أنا من کان به ضیق قد حصل بعد اندمال القرحه القرنیه، و کانت القرحه غیر غائره، فعالجت بالمجلّیات المحلول بلبن النساء تاره، و بعصاره شقائق النعمان تارهً، و بعصاره الرازیانج الرطب الذی یعقد بالعسل تارهً، فبرأ، وکاله یری الأشیاء مثل ما کان یری قبل ذلک.
اعلم أن نزول الماء مرض سدی، و هو رطوبه غریبه تقف فی العقبه العنبیه بین الرطوبه البیضیّه و الصفاق القرنی، فتمنع نفوذ الأشباح إلی البصر، و قد تختلف فی الکمّ، و تختلف فی الکیف.
و اختلافها فی الکم، أنه ربما کان کثیراً بالقیاس إلی الثقبه یسد جمیع الثقبه، فلا تری العین
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 386
شیئاً، و ربما کان قلیلًا بالقیاس إلیها، فتسد جهه، و تخلی جهه مکشوفه، فما کان من المرئیات بحذاء الجهه المسدوده لم یحرکه البصر، و ما کان بحذاء الجهه المکشوفه أدرکه، و ربما أدرک البصر من شی ء من الأشیاء نصفه، أو بعضه، و لم یحرک الباقی إلا بنقل الحدقه، و ربما أدرکه بتمامه تاره، و لم یدرکه بتمامه أخری، و ذلک بحسب موضعه. فإنه إذا حصل بتمامه بإزاء السده لم یدرک منه شیئاً، و إذا حصل بتمامه لإزاء الکشف أدرک جمیعه.
و هذه السده الناقصه، قد تقع إلی فوق ففوق، أو إلی فوق و أسفل، و قد یتفق أن یکون ذلک فی حاق واسطه الثقبه و ما یطیف بها
مکشوفاً، و حینئذ إنما یری من کل شی ء جوانبه، و لا یری وسطه، بل یری فی وسطه ککوه أو هوه و معنی ذلک أنه لا یری، فیتخیل ظلمه.
و أما اختلافه فی الکیف فتاره فی القوام، فإن بعضه رقیق صاف لا یستر الضوء و الشمس، و بعضه غلیظ جداً.
و فی اللون، فإن بعضه هوائی اللون، و بعضه أبیض جصی اللون، و بعضه أبیض لؤلؤی اللون، و بعضه أبیض إلی الزرقه أو الفیروزجیه و الذهبیه، و بعضه أصفر، و بعضه أسود، و بعضه أغبر.
و أقبله للعلاج من جهه اللون الهوائی، و الأبیض اللؤلؤی، و الذی إلی الزرقه قلیلًا، و إلی الفیروزجیّه.
و أما الجبسی الجصی، و الأخضر، و الکدر، و الشدید السواد، و الأصفر، فلا یقبل القدح.
و من أصناف الغلیظ، صنف ربما صار صلباً جداً حتی یخرج أن یکون ماء، و لا علاج له.
و أقبله للعلاج من جهه القوام، هو الرقیق الذی إذا تأملته فی الفی ء النیر فغمزت علیه إصبعک، وجدته یتفرق بسرعه، ثم یعود فیجتمع، فهذا یرجی زواله بالقدح، علی أن مداومه هذا الامتحان مما یشوش الماء و یعشر القدح، و ربما جربوا ذلک بوجه آخر. و هو أن یوضع علی العین قطنه، و یُنفخ فیها نفخ شدید، ثم ینحی و ینظر بسرعه هل یری فی الماء حرکه، فإن رأی فهو منقدح، و کذلک إن کان التغمیض لعین یوجب اتساع الأخری. و ما کان بعد سقطه أو مرض دماغی فحدث بعده عسر برؤه.
العلامات العلامه المنذره بالماء الخیالات المذکوره التی لیست عن أسباب أخری، و قد شرحنا أمرها فی باب الخیالات، و أن یحدث معها کدوره محسوسه، خصوصاً إذا کان فی إحدی العینین، و أن تتخیل له الأشیاء
المضیئه کالأسرجه مضاعفه، و قد یفرق بین الماء و السده الباطنه، بأن إحدی العینین إذا غمضت اتسعت الأخری فی الماء، و لم تتسع فی السده، و ذلک لأن سبب ذلک الاتساع إندافع الروح الذی کان فی العین المغمضه إلی الأخری بقوه، فإذا أصابت سده من
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 387
وراء لم تنفذ، و هذا فی أکثر الأمر، و فی أکثر الأمر تتسع الأخری، إلا أنا یکون الماء شدید الغلظ، و إن لم تکن سده، و فی الانتشار لا یکون شی ء من هذا.
المعالجات إنی قد رأیت رجلًا ممن کان یرجع إلی تحصیل و عقل قد کان حدث به الماء، فعالج نفسه بالاستفراغات، و الحمیه، و تقلیل الغذاء، و اجتناب الأمراق و المرطبات، و الاقتصار علی المشویات و القلایا، و استعمال الأکحال المحتله الملطفه، فعاد إلیه بصره عوداً صالحاً، و بالحقیقه أنه إذا تدورک الماء فی أوله، نفع فیه التدبیر، و أما إذا استحکم، فلیس إلا القدح، فیجب أن یهجر صاحبه الامتلاء و الشرب و الجماع، و یقتصر علی الوجبه نصف النهار، و یهجر السمک و الفواکه و اللحوم الغلیظه خاصه.
فأما القی ء، فإنه، و إن نفع من جهه تنقیه المعده، فهو ضار فی خصوصیه الماء، و قد عرفنا قانون علاجه الدوائی فی باب الخیالات.
و لنذکر أشیاء مجربه: وصفتها: یؤخذ حب الغار المقشر عشره أجزاء، و الصمغ جزء واحد، یسحقان ببول صبی غیر مراهق، للماء و لضعف البصر بالماء الساذج، و یستعمل. و کذلک أطیوس الأمدی یعجن بمراره الأفعی بالعسل، و یکتحل به جید جداً. أقول قد جرب ناس محصلون مراره الأفعی، فلم یفعل فعل السموم البته، و هذه التجربه مما ینقص وجوب الاحتراز منها، و
أیضاً هذا الدواء مجرب جید. و نسخته: یؤخذ عصاره الحب المنسوب إلی جزیره فنقدس، و کمادریوس، و یسد من کل واحد مثقال یعجن بماء الرازیانج. و أما التدبیر بالقدح، فیجب أن یتقدم قبله بتنقیه البدن و الرأس، خاصه، و یفصد إن کان یحتاج إلیه، ثم یراعی أن لا یکونا المقدوح مصدوعاً، فیخاف أن یحدث فی الطبقات ورم، أو مبتلی بسعال، أو شدید الضجر سریع الغضب، فإن الضجر و الغضب کلها مما یحرک إلی العود، و یجب أن یهجر الشراب و الجماع و الحمام، و مع هذا فلا یجب أن یستعمل القدح، إلا بعد أن یقف الماء، و ینزل ما یرید أن ینزل منه، و یغلظ قوامه قلیلًا، و من هذا یسمی الاستکمال و بعد المنفذ أسبه.
و الفصد ضار له و غناؤه ماء الحمص لیلزم المرضع الذی تحرکه إلیه المقدحه من أسفل العین و لذلک قد یؤخر ذلک من المبدأ، و إذا أرادت أن تقدح، تقدم إلی صاحب الماء بأن یغتذی بالسمک الطری، و الأغذیه المرطبه المثقله للماء، و یستعمل شیئاً مما هو مقوّ لمضره الماء، ثم یقدح.
و بالجمله، فإن الماء إن کان رقیقاً جداً، أو غلیظاً جداً، لم یطع القدح، فإذا أردت أن تقدح ألزم العلیل النظر إلی الموق الإنسی، و إلی الأنف، و یحفظ علی ذلک الشکل، فلا یکون بحذاء الکوه، و لا فی موضع شدید الضَوء جداً، ثم یقدح، یبتدئ و یثقب بالمثقبه، أی
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 388
بالمقدحه، فیمر بین الطبقتین إلی أن یحاذی الثقبه، و یجد هناک کفضاء وجوبه، ثم من الصناع من یخرج المقدحه، و یدخل فیها ذنب المهت، و هو الأقلید إلی موافاه الثقبه، لیهیئ للطرف الحاد
من المهت مجالًا. و لیعود العلیل الصبر، ثم یدخل المهت إلی الحد المحدود، و یعلو به الماء و لا یزال یحطه حتی تصفو العین، و یکبسن الماء خلف القرنی من تحت، ثم یلزم المهت موضعه زماناً صالحاً لیلزم الماء ذلک المکان، ثم یشیل عنه المهت، و ینظر هل عاد، فإن عاد أعاد التدبیر حتی یأمن، و إن کان الماء لا یجیب إلی ناحیه خطه و إمالته، بل إلی ناحیه أخری، دفعه إلی النواحی التی یمیل إلیها، و فرقه فیها، فإن رأیت الماء عاد فی الأیام التی تعالج فیها العین، فأعد المهت فی ذلک الثقب بعینه، فإنه یکون باقیاً، لا یلتحم.
و إذا سال إلی الثقبه دم، فیجب أن یکبس أیضاً، و لا یترک یبقی هناک، فیجمد فلا یکون له علاج.
و إذا قدحت، فضع علی عین المقدوح محّ بیض مضروباً بدهن البنفسج بقطنه، و یجب أن تشدّ الصحیحه أیضاً لئلا تتحرک، فتساعدها العلیله.
و یلزمه النوم علی القفا ثلاثه أیام فی ظلمه، و ربما احتیج إلی معاودات کثیره لهذا التضمید، و محافظه هذه النصبه، و الاستلقاء أسبوعاً، و ذلک إذا کان هناک ورم، أو صداع أو غیر ذلک. لکن الورم یوجب حل الرباط القوی و إرخاءه.
و بالجمله، فالأولی أن یحفظ العلیل نصبته إلی أن یزول الوجع، فلا یحل الرباط، إلا فی کل ثلاثه أیام، و یجدّد الدواء، و یجوز أن یکمد عند الحل بماء ورد و ماء خلاف، أو قرع، أو ماء عصا الراعی و ما أشبه ذلک.
و للناس طرق فی القدح، حتی أنَ منهم من یعتق أسفل القرنیه، و یخرج الماء منها، و هذا فیه خطر، فإن الماء إذا کان أغلظ خرجت معه الرطوبه البیضیّه.
إنَ بطلان
البصر، قد یقع من أسباب ضعف البصر، إذا أفرطت، فلینظر من هناک، و لکنا نقول من رأس، و لنترک ما یکون بمشارکه الدماغ و غیره، فإن ذلک مفهوم من هناک.
فاعلم أن بطلان البصر، إما أن یکون و أجزاء العین الظاهره سلیمه فی جوهرها، أو یکون ذلک، و قد أصابتها آفه محرقه، أو مسیله، أو ما یجری مجراهما. و کلامنا فی الأول، فإن کانت أجزاء العین فی الظاهر سلیمه فی جواهرها، و لکنها أصابتها آفه من جهه أخری غیر ظاهره للجمهور و العامه، فإما أن تکون الثقبه علی حال صحتها، أو لا تکون.
فإن کانت الثقبه علی حال صحتها، فإما أن یکون هناک سده مائیه، أو تکون السده لیست
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 389
هناک، بل فی القصبه المجوفه، إما لشی ء واقف فی أنبوبتها، و إما لانطباق عرض لها من جفاف، أو من استرخاء أو ورم فیها، أو ورم فی عضلاتها ضاغط فی نفسه، أو تابع لضغط عرض لمقدّم الدماغ علی ما فسرناه فیما سلف، أو عرض لها انهتاک، أو تکون الجلیدیه أصابها زوال عن محاذاه الثقبه، أو یکون فسد مزاجها، فلم یصلح أن تکون آله للإبصار. و أکثر ما یعرض ذلک لرطوبه تغلب علیها جداً، أو لیبوسه تغلب علیها، فتجتمع إلی ذاتها، و تستحصف، و تسمی هذه العله علقوماً. و لا دواء لها، و تصیر لها العین منخسفه شهلاء. و إما إن لم تکن الثقبه سلیمه، فإما أنه یکون قد بلغ بها الاتساع الغایه القصوی، أو بلغ بها، الضیق الانطباق.
العلامات أما علامه الماء و الاتّساع و الضیق و غیر ذلک، فهو ما ذکر فی بابه، و أما السبب فیما یکون للعصبه المجوفه، فذلک مما یسهل
الإحاطه به جمله بالعلامه المذکوره فی باب الماء. و أما تفصیل الأمر فیه، فیصعب و لا یکاد یحاط به علماً، و إذا کان هناک ضرَبان و حمره، فاحدس أن فی العصبه ورماً حاراً. فإن کان ثقل و قلّه حراره، فاحدس أن هناک ورماً بارداً. و إن کان الثقل شدیداً و العین رطبه جداً، فالماده رطبه. و إن کانت العین یابسه، فالماده سوداویه. و إذا عرض علی الرأس ضربه أو سقطه أجحظت العین أولًا، ثم تبعه غور منها و بطلان العین، فاحدس أن العصبه قد انهتکت.
ذلک مما یدلّ علی تسخن الروح و اشتعاله و ترققه، و ینذر کثیراً بقرانیطس، إلا أن یکون بسبب جَرب الأجفان، و علاجه ما تعرف.
قد یحدث من الضوء الغالب و البیاض الغالب کما یغلب، إذا أدیم النظر فی الثلج، فلا یری الأشیاء، أو یراها من قریب، و لا یراها من بعید لضعف الروح، و إذا نظر إلی الألوان تختل أن علیها بیاضاً.
المعالجات یؤمر بإدامه النظر فی الألوان الخضر، و الاسمانجونیه، و تعلیق الألوان السود أمام البصر، فإن کان قد اجتمع مع آفه الثلج ببیاضه آفته ببرده، قطر فی العین ماء طُبخ فیه تبن الحنطه فاتراً لا یؤذی، و قد یُکتحل عشیه بالعسل، و بعصاره الثوم، و أیضاً قد یفتح العین علی بخار نبیذ مقطور علی حجر رحی محماه، أو تکمد العین بنبیذ صلب، أو یکب علی بخار ماء طبخ فیه الحشائش المحلله الملطفه المعروفه، کالزوفا و إکلیل الملک و البابونج و نحو ذلک.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 390
اعلم أن الأذن عضو خلق للسمع، و جعل له صدف معوج لیحبس جمیع الصوت، و یوجب طنینه، و ثقب یأخذ فی العظم الحجری ملولب معوج، لیکون تعویجه مطولًا لمسافه الهواء إلی داخل مع قصر تحته، الذی لو جعل الثقب نافذاً فیه نفوذاً مستقیماً لقصرت المسافه، و إنما دبر لتطویلِ المسافه إلیه لئلا یغافص باطنه الحر و البرد المفرطان، بل یَرِدان علیه متدرجین إلیه. و ثقب الأذن یؤدی إلی جوبه فیها هواء راکد، و سطحها الإنسی مفروش بلیف العصب السابع الوارد من الزوج الخامس من أزواج العصب الدماغی، و صلب فضل تصلیب لئلا یکون ضعیفاً منفعلًا عن قرع الهواء، و کیفیته. فإذا تأذی الموج الصوتی إلی ما هناک، أدرکه السمع. و هذه العصبه فی أحوال السمع کالجلیدیه فی أحوال الأبصار. و سائر أعضاء الأذن کسائر ما یطیف بالجلیدیه من الطبقات،
و الرطوبات التی خلقت لأجل الجلیدیه. و لتخدمها، أو تقیها، أو تعینها. و الصماخ کالثقبه العنبیه. و خلقت الأذن غضروفیه، فإنها لو خلقت لحمیه أو غشائیه، لم تحفظ شکل التقعیر و التعریج الذی فیها، و لو خلقت عظمیه لتأذت و لآذت فی کل صدمه، بل جعلت غضروفیه لها مع حفظ الشکل لین انعطاف، و خلقت الأذن فی الجانبین، لأن المقدم کان أوفق للبصر کما علمت، فأشغل بالعین، و خلقت تحت قصاص الشعر فی الإنسان لئلا تکون تحت ستر الشعر و ستر اللباس. و هذا العضو یعرض له أصناف الأمراض، و ربما کانت أوجاعها قاتله، و کثیراً ما یعرض من أمراضها حمیاتَ صعبه.
یجب أن یعتنی بالأذن، فتوقی الحر و البرد و الریاح و الأشیاء الغریبه المفرطه، لئلا یدخلها شی ء من المیاه، و الحیوانات، و أن ینقی وسخها، ثم یجب أن یدام تقطیر دهن اللوز المر فیها، فی کل أسبوع مره، فإنه عجیب. و یجب أن یراعی لئلا یتولّد فیها أورام، و بثور، و قروح.، فإنها مفسده للأذن. إن خیف أن یحدث بها بثور، استعمل فیها قطور من شیاف مامیثا فی خلّ. و فی
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 391
تقطیر شیاف مامیثا فیها فی لک أسبوع مره أمان من النوازل أن تنزل إلیها. و مما یضرّ الأذن و سائر الحواس التخمه و الامتلاء، و خصوصاً النوم علی الامتلاء.
إن آفات السمع کآفات سائر الأفعال، و ذلک لأن آفه کل فعل هو، إما أن یبطل الفعل فیکون نظیره ههنا بطلان السمع، أو ینقص، فیکون نظیره ههنا أن ینقص السمع، فلا یستقصی، و لا یسمع من بعید، أو یتغیر فیکون نظیره ههنا أن یسمع ما لیس، مثل ما یعرض فی الأذن من الدوی، و الطنین، و الصفیر. و اعلم أن آفه السمع، إما أن تکون أصلیه، فیکون صمم، أو طرش، أو وقر ولادی، و إما أن تکون عارضه. و معنی الصمم غیر معنی الطرش، فإن الصمم أن یکون الصماخ قد خلق باطنه أصمّ، لیس فیه التجویف الباطن الذی ذکرناه، الذی هو کالعنبه المشتمله علی الهواء الراکد، الذی یسمع الصوت بتموجه. و أما الطرش، و الوقر، فهو أن لا تبلغ الآفه عدم الحسّ منها، و لا یبعد أن یکون الوقر کالبطلان العام للصمم، و لا أن یکون هناک تجویف، لکن العصبه لیست تؤدی قوه الحس، و الطرش کالنقصان من غیر
بطلان، أو أنُ یتواطآ علی العکس فی الدلاله، و الطرش کثیراً ما یعرض عقیب القذف، و هو سهل الزوال. و فقدان السمع، منه مولود طبیعی، علاج له، و کذلک سائر أصناف الوقر و الطرش، منه مولود طبیعی أیضاً لا علاج له، و منه حادث، لکنه إن طال عهده، فهو مزمن، و ذلک أیضاً قریب من الیأس أو عسر العلاج. و أما الحادث القریب العهد من الطرش، فقِد یقبل العلاج. و أما أسباب ذلک، فقد یکون من مشارکه عضو، مثل ما یکون من مشارکه الدماغ، أو بعض الأعضاء المجاوره له کما یقع لخد أول نبات الأسنان، و کما یقع عند أوجاع الأسنان، و قد یکون لآفه خاصه فی السمع، إما العصبه، و إما الثقبه.
أما الآفه فی عصب السمع، فقد تعرض لجمیع أسباب الأمراض المتشابهه الإجزاء فیها و الآلیه و انحلال الفرد. أما الأمراض المتشابهه الأجزاء فیها، فکل واحد من أصناف سوء المزاج المفرد. و المرکب أکثره من برد، و قد یکون کل واحد من ذلک تغیر ماده، و قد یکون مع ماده سوداویه، أو صفراویه، أو بلغمیه من بلغم فج، أو ریحیه. و کثیراً ما یحتبس إسهال مراری، فیعقبه صمم، و لا یبعد أن یکون کذلک فی إسهالات أخری وقعت بالطبع، فحبست و منعت فی الوقت. و أما الآلیه فی العصب، فمثل سده یوجبها خلط، أو مده، أو ورم دبیله، أو ورم حار، أو صلب، أو غشاوه من وسخ، أو ترهل، أو نفخه. و انحلال المفرد منها قد یکون من قرحه أو تأکل.
و أما الکائن بسبب المجری، فأکثره عن سده بسبب بدنی، أو بسبب من خارج، و البدنی مثل ثؤلول، أو ورم، أو لحم زائد، أو
دود، أو کثره وسخ، أو خلط غلیظ، أو صملاخ، أو
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 392
جمود مده من ورم انفجر، أو دود.
و أما الخارجی، فمثل رمل، أو حصاه، أو نواه یدخلها، أو جمود دم سال عن الأذن بعضه و بقی بعضه، و ذلک قد یقع بغته، و قد یعرض قلیلًا قلیلًا، و قد تعرض آفه للسمع علی طریق البحران، و علی سبیل انتقال الماده فی آخر الأمراض الحاده، و عند ما یبقی بعد زوال الحمی ثقل الرأس. و قد تکون الآفه التی هی من هذا الباب، إما علی سبیل عرض یزول کما یکون عند حرکات البحران، و إما علی سبیل عارض ثابت، بأن یکون هو من نفس دفع البحران، أعنی أن یکون البحران قد دفع الماده إلی ناحیه الأذن، فاقرها فیها لیس إنما یخبرها بها علی سبیل المجاوره، و کثیراً ما تنذر هذه العرضیه بقی ء أو رعاف، و کثیراً ما یبطله الإسهال.
العلامات أما الکائن بشرکه الدماغ، فیدلّ علیه الحال فی الحواس الأخری، و مشارکتها السمع فیه، و مشارکه قوی الحرکه أیضاً إیاه. و أدل الدلائل علیه مشارکه اللسان، و خصوصاً إذا کان عقیب السرسام، و عقیب اختلاط العقل، و بعد آفات دماغیه مزاجیه و غیرها مما قیل فی باب الدماغ. و أما إذا کان خاصاً بالعصب، فیستدل علیه بسلامه الدماغ و الثقبه، و سلامه منافذ السمع، و العهد باستمرار سلامه السمع من قبل، و إن کان السبب دبیله، أو ورماً حارفاً فی نفس العصب، دل علیها الحمیات یکون معها نافض و قشعریره، و یلزمها حمی، و اختلاط عقل، و هذیان، و فیه خطر، إلا أن ینفتح، فإن لم یکن الورم فی نفس العصبه، لم
یجب أن یکون حمی، إلا علی حکم حتی یوم، و کان تمدد، و وجع، و ثقل، و ضربان. و أما الوجع الثقل، فیشترک فیه جمیع ما کان من ورم و ماده حیث کان، و إن کان السبب ریاحاً، دل علیها دوی، و طنین غیر مفارق للثقل، و إن کان قرحه یثور، فیدل علیه حکه مع الوجع.
و أما السده، فقد تکون کثیراً بلا ثقل، و قد تکون مع ثقل، و إذا لم یکن ثقل و کانت آفه، و لم یکن هناک. سوء مزاج قاهر، فهو من السده، و التدبیر المتقدم قد یدل علیه، فإن کانت السده من دمل و نحوه، دل علیها الضربان، و إن کانت من دم دل علیها سیلان الدم المتقدم و ما کان من سوء مزاج مفرد دل علیه وجع فی العمق بلا ثقل و لا تمتد، فإن کان بارداً تأذی بالباردات، و اشتد فی أبرد آخر النهار، و إن کان حاراً کان بالضد و أحس بالتهاب و لذع، فلا کان هناک ماده، أحس مع ذلک بثقل، و خصوصاً عند السجود. و ما کان من یبس، فعلامته أنه یکون بعد السهر، و الصوم، و مع ضمور الوجه، و العین، و ما کان سببه الدود، دل علیه دوام الدغدغه مع خروج الدود فی الأحیان.
المعالجات نقول أولًا: أنه یجب أن یکون جمیع ما یقطر فی الأذن فاتراً، غیر بارد، و لا حار. هذا قول کلی، ثم نفضل الأمر فیه، فأما المراری منه فیجب أن یستفرغ فیه المرار بالمسهل، فإنه
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 393
کثیراً ما یقع فیه إسهال مراری بالطبع، فیزول معه الصمم، کما أنه کثیراً ما یعرض اختلاف مراری فیحبس فیعرض صمم.
و
أما إذا کان هناک حراره فقط، فالمبردات من الأدهان و غیرها، أو تعصر رمانه، و یعاد عصیرها فی قشرها مع شی ء من خل، و کندر، و دهن ورد، و یطبخ حتی یقوم و یقطر فیها، أو یقطر فیها ماء الخس، أو ماء عنب الثعلب.
و أما الکائن عن برد و ماده بارده، فینفع منه جمیع الأدهان الحاره، و المفتق فیها جندبیدستر، و خاصه ثمن البلسان و القسط، أو دهن اللوز المر، و عصاره الأفسنتین، و دهن البابونج مع شحم البقر و مراره الثور، أو دهن حل مطبوخ فیه شحم الحنظل، أو أصوله. و قد ینقع بول الثیران، إذا دیف فیه المر، و جعل قطوراً أو عصاره قثاء الحمار، و ذلک کله بعد استفراغ الماده البارده، إن کانت محتقنه بما تعرفه من الاستفراغات العامه للبدن و الخاصه بناحیه الرأس، و بعد استعمال النطولات التی تعرفها لها، و خصوصاً ما یقع فیه ورق الدهمست و حبه.
و الریاضه شدیده المنفعه فی ذلک، و کذلک الصیاح الشدید فی الأذن، و أصوات البوقات و نحوها، و ربما جعل القمع فی الأذن لیصل إلیها فیه البخار من المطبوخات المحلله. و ینفع من جمیع ذلک البخار من المطبوخات المحلله، و ینفع من جمیع ذلک عصاره الساب مع عسل، أو جندبیدستر، و دهن الشبث، و بول المعز، و مراره المعز، خصوصاً مع القنه. و مما جرب فی ذلک أن یؤخذ من الجندبیدستر وزن ثلاثه دراهم، و من النطرون وزن درهم و نصف، و من الخربق درهم و نصف، و یتخذ منه کالأقراص، و یستعمل قطوراً. و فی نسخه من الخربق ثلاثه أرباع درهم، و من النطرون ثلث درهم، و أیضاً یؤخذ من الکندس و
الزعفران و الجندبیدستر بالسویه جزء جزء، و من الخربق و البورق من کل واحد أربعه أجزاء، و یذاب بالشراب، و یستعمل أو یؤخذ صبر، و جندبیدستر، و شحم الحنظل، و فربیون بمراره البقر. و قد جرب و دهن الفجل، و دهن المیوزج، فکان شدید النفع، أو عصاره الأفسنتین، أو طبیخه، أو عصاره الفجل بالملح، و خصوصاً إذا کانت بله و سده.
و قد جرب ذلک أن یتخذ فتیله من خردل مدقوق بالتین، و ربما زید فیه النطرون. و تقطیر ماء البحر فیها حاراً نافع.
و الخربق الأسود و المرارات نافعه، و خصوصاً مراره العنز بدهن الورد. و قد زعم بعضهم أنه إذا أغلی الأبهل فی دهن الحل فی مغرفه مقدار ما یسود الأبهل، کان قطوراً نافعاً من الصمم. و مما ینفع دهن الشبث، أو الغار، أو السوسن، أو الناردین بجندبیدستر، أو رغوه الأفسنتین، أو عصیر السذاب.
و أما الکائن بسبب الیبس، فالعلاج ملازمه الحمام، و الغذاء، و الشراب المرطب، و صبّ الدهن المعتدل، و الماء الفاتر علی الرأس، و السعوط بمثل دهن النیلوفر، و الخلاف، و حب
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 394
القرع، و غیره. و أما الکائن بسبب السده، فیعالج بما ذکر فی باب السده، و ینفع منه عصاره حب الشهدانج، و عصاره الحنظل الرطب منفعه جیده. و إذا وقع الطرش بغته، فقد ینتفع فیه بماء طبخ فیه الأفسنتین، أو عصاره الأفسنتین، و خلط به مراره الثور، أو مراره الشبوط، أو مراره السلحفاه، أو مراره الثور بدهن، أو خربق مع خلّ، أو سلخ الحیه مع الخل. و أما الکائن عقیب الصداع، فینفع منه ماء الفجل، و دهن الورد، أو جندبیدستر مع حب الغار بدهن الورد. و
الکائن عقیب السرسام، یجب أن یبدأ فیه بالاستفراغ بأیارج فیقرا، ثم یقذر فیه جندبیدستر فی دهن القسط، أو دهن وحده، أو دهن اللوز الحلو، أو ماء الفجل، و دهن الورد، أو جندبیدستر مع الغار بدهن الورد. و من الحبوب المجرّبه لما یکون من سته، و من خلط، أو ریح، أن یؤخذ من التربد عشرون درهماً، و من الحنظل عشره دراهم، و من الأنزروت درهمان و نصف، و من الکثیراء سبعه دراهم، و من الهلیلج عشره دراهم، یتخذ منه حب شبیار، و الشربه منه وزن درهم.
و نقول کالعائدین إلی رأس الکلام، أن جمیع ما هو کائن من ثقل السمع، و أوجاعه، و ریاحه، و دویّه، و طنینه بسبب ماده بارده و برد، فمن الأدویه المشترکه لجمیع ذلک بعد تنقیه الرأس، أن یقطر فی الأذن بورق بخلّ و عسل، و مراره الضأن مع الزیت و الشراب، أو مع دهن اللوز المرّ، أو ماء الکرّاث و ماء البصل بعسل، أو لبن امرأه. و أدویه مشترکه ذکرت فی باب الأوجاع، و قطرتان من قطران غدواً و غشیاً، أو خربق أسود و أبیض ببعض الأدهان، و خصوصاً بدهن السوسن، أو ماء الأفسنتین، و ماء قشور الفجل، و کذلک دهن طبخ فیه سلخ الحیه، أو حب الغار، أو فربیون و جندبیدستر بدهن، أو دهن البلسان، أو النفط، أو یؤخذ من علک الأنباط أوقیه، و من دهن الخیری أوقیتان، و من دهن اللوز المر نصف أوقیه، یغلی الجمیع معاً، و یستعمل منه ثلاث قطرات بکره، و ثلاث قطرات عشیه، و کذلک عسل لبنی بدهن الخیری، و کذلک ماء ورق الحنظل الطری. و عصاره اللوف و الهزارجشان شدیده القوه جداً. و أدویه مشترکه
ذکرت فی باب الأوجاع. و إن عرض مثل هذا للصبیان، انتفعوا بدهن الدادی المطبوخ فیه السذاب و المرزنجوش، أو بزاق من مضغ السعتر بالملح الانحرافی وحده. و من الکمادات النافعه ما کان بطبیخ البابونج، و الشبث، و ورق الغار، و المرزنجوش، و الحبق الیابس، و العاقرقرحا، تکمد به العین و أسفل الأذن. و کذلک النطولات المذکوره فی باب الرأس، تجعل فی بلبله، و تحاذی، بإذائها الأذن لیدخل منها بخارها. و الاستفراغ لأجل الطرش، الأوفق فیه أن یکثر عدده، و یقلّل مقداره کل مره لیتحفظ القوه و یوافی النضج. و أما الکائن بسبب الأورام، فیعالج الحار منها و البارد بما علمت، و لا حاجه بنا أن نکرّر.
وجع الأذن، إما أن یکون من سوء مزاج، أو یکون بسبب ورم، أو بثر، أو یکون بسبب تفرق اتصال. فسوء المزاج، إما حار بلا ماده، بل مثل ما یکون بسبب هواء حار و ریح حاره،
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 395
و خصوصاً إذا انتقل إلیه عن البرد دفعه، أو اغتسال بماء حار دخل فی الأذن، أو ماء من المیاه التی تغلب علیها قوه حاره، و إما حار بماده دمویه أو صفراویه، و إما بارد بلا ماده، بل بسبب من الأسباب المضاده للأسباب المذکوره من هواء، أو ریح باردین، و خصوصاً إذا انتقل إلیهما عن حرّ فجأه، أو ماء بارد، أو ماء یغلب علیه شی ء بارد، و إما بارد بماده ریحیه بارده أو خلطیه لحجه.
و أما الکائن بسبب أورام أو بثور، فإما أن تکون أوراماً حاره، أو بارده.
و أما الکائن بسبب تفرّق الاتصال، فمثل ریح تمدد، أو قروح و جراحات. و من جمله أسباب أوجاع الأذن المفرقه للاتصال، ریح
یتولّد فیها، أو ماء یدخل فیها، أو حیوان یخلص إلی صماخها، أو دود یتولد فیها، و قد یکون عقیب سقطه، أو ضربه.
و أصعب أوجاع الأذن ما کان عن ورم حار غائص، و ذلک یکون مع حمی لازمه، خصوصاً إذا أدی إلی اختلاط العقل. و أما ما کان فی الغضاریف الخارجه، فلا یکون هناک شده وجع و لا شدّه خطر.
و أما المذکور أولًا، فربما قتل بغته کما تقتل السکته، و هو أقتل للشاب منه للشیخ، و أسرع قتلًا له، فربما قتل فی السابع، و أما أکثر المشایخ، فیتقیح فیهم هذا الورم، و لکن الشبان یقتلهم کثیراً قبل التقیح، فإن قاح و کانت هناک علامات محموده رجی الخلاص. و وجع الأذن قد یکون مع حکه، و قد یکون بلا حکه، و قد ذکرنا للحکه فی الأذن باباً فی موضعه.
العلامات أما العلامات، فمثل العلامات المذکوره فی باب الطرش.
المعالجات یجب أن یحفظ القانون فی تقطیر ما یجب أن یقطر فی الأذن، هو أن یکون غیر شدید الحرّ و البرد. و أما إن کان السبب امتلاء فی البدن، أو فی الرأس، فیجب أن تستفرغ ناحیه الرأس من جنس ذلک الامتلاء، فإن کان حاراً فالفصد و الاستفراغ الذی یکون بمنقّیات الرأس عن الماده الحاره علی ما عرفته، فإن کان الخلط خَلَطاً لزجاً لحجاً فبحبوب الشبیار المعروفه و الغراغر.
و إن کان لحجاً مستکناً فی ناحیه الأذن، فیجب أن یشتغل من بعد الإسهال أیضاً بالأبخره الملیّنه، و القطورات الملینه، ثم یقصد مره أخری بما یستفرغه من العضو.
و إن کان السبب حراره مفرطه، فیجب أن یبرّد الدماغ بالمطفئات المعروفه المذکوره فی باب الدماغ، و إن کان یقطر فی الأذن دهن الورد مفتراً، و بیاض
البیض، فإن کان الوجع شدیداً
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 396
خلط به کافور، و ربما کان دهن البنفسج مع الکافور أسکن للوجع من دهن الورد لإرخاء فیه، و أیضاً بقطر فی الأذن الشیافات المسکنه لأوجاع العین ببیاض البیض و نحوه، فإن لبیاض البیض وحده خاصیه عجیبه، أو اللبن بماء عنب الثعلب، و ماء الکزبره. و خیر اللبن ما حلب من الضرع، فهو نافع جداً. أو یغلی الخراطین فی دهن ورد، و یقطر فی الأذن أو یطبخ الحلزون، فی دهن الورد و یَقطر فیها، أو یطبخ دهن الورد فی ثلاثه أمثال خلّ خمر، حتی یذهب الخلّ و یبقی دهن الورد، و یستعمل ذلک قطوراً، فإنه نافع جداً من الحار، و من الضربانی، و کذلک دهن حب القرع، و دهن النیلوفر، و دهن الخلاف، و أمثال ذلک. و کذلک العصارات التی تشبه عصاره القرع من جرمه، و من ورقه، و کذلک الضمادات المبرّده من خارج.
و قد ذکر بعضهم أن ماء اللبلاب جیّد جداً فی مثل هذه الحال، و عصاره الشهدانج الرطب، و إذا اشتدّ الضربان و الوجع و خیف منه التشنج، لم یکن یدمن المرخیّات، و لیس کسمن البقر العتیق مسخناً، و ربما کفی الخطب فیه إدخال أنبوبه فی الأذن تهندم علی قمقمه، فیها ماء حار لیتأدّی البخار إلی الأذن، فربما سکن و أغنی عن غیره، و أغنی عن المخدرات، و خصوصاً إذا کان الماء مطبوخاً فیه ما یرخّی برفق، و کان أیضاً مخلوطاً بشی ء مما یخدر. و إذا احتیج إلی مخدر، فأسلمه شیاف مامیثا مع شده من أفیون، یسحق، و یخلط بلبن النساء، و یقطر فی الأذن. و إن کان دخول الماء فیه، عولج بما
ذکر فی بابه.
و إن کان السبب بروده متمکّنه فی العمق، أو من خارج، فیجب أن تکون القطورات من الأدهان الحاره مثل دهن السذاب، و دهن الشبث، و دهن السنبل الرومی، و دهن الغار، و دهن الأقحوان، و دهن البلسان، و دهن الخروع، و ما أشبه ذلک. أما مثل زیت طبخ فیه ثوم و صفّی، أو زیت مع فلفل و فربیون و جندبیدستر، أو غالیه مقدار دانق فی مثقال دهن بان، أو دهن آخر من الأدهان الحاره العطره، و ربما شرب صاحب هذا الوجع شراباً صرفاً قویاً، و نام و انتبه و ما به قلبه.
و إن کان السبب فیه ریحاً بارده، فینقع منه ما نذکره فی باب الدویّ و الطنین، و ما ذکرناه فی باب ما یکون سببه خلطاً لحجاً، و ما یکون سببه برداً.
و مما یلیق بذلک أن یملأ محجمه ماء حاراً، و تلصق حوالی الأذن، و أن یقطر فیها سذاب و حماماً بعسل، أو قیصوم، و مرزنجوش فی دهن السوسن، أو جندبیدستر معها بعد أن یطبخ فیه و یصفّی، أو نطرون و خل بدهن الورد، أو عصاره اللوف.
و إن احتیج إلی ما هو أقوی، فمثل أوفربیون و جندبیدستر بدهن القسط أو قسط بحری و زراوند. و قد ینفع منه التکمید بالجاروش، و اللبد المسخّن.
و إن کان السبب فیه بثوراً، فما نذکره فی باب بثور الأذن. و إن کان السبب فیه دوداً، فما نذکره فی باب الدود المتولّد فی الأذن. و إن کان السبب فیه دخول شی ء من ماء أو حصاه، فما
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 397
نذکر هناک.
و إن کان السبب فیه ورماً حاراً غائصاً، و هو مخاطره لقربه من الدماغ إلی أن
یجتمع و یتقیح، فبعد الفصد و الاستفراغ یجب أولًا، أن یستعمل الملیّنات المبرّدات، و خصوصاً اللبن مره بعد أخری إلی الیوم الثالث، و کذلک دهن الورد المطبوخ بالخلّ المذکور فی الأوائل، ثم لعاب الحلبه، و لعاب بزر الکتان، و لعاب بزر المر، و فی اللبن و ماء اللبلاب مما ینفع فی مثل هذا الوقت، و قد جرب فیه السمسم المدقوق، ثم یستعمل دائماً الکمّاد بزیت إلی الحراره ما هو، و یجب أن یکون الزیت عذباً، و یکون مع ذلک فاتراً، یغمس فیه قطنه ملفوفه فی طرف میل دقیق، و تجعل فی الأذن مره بعد مرّه، و یضمّد من خارج بالملینات المنضجه.
فإن لم یکن شدید القوه إذا کان جاوز الابتداء، فیجب أن یقطر فی الأذن شحم الثعلب، أو الورل، أو الباسلیقون بدهن الورد، أو بدهن الحناء، أو شحم البطّ، أو شحم الرخمه، أو مرهم من شحوم الدجاج، أو البط، و إذا لم یکن الورم شدید الحراره، استعمل فیه دواء متخذ من شحم العنز مذاباً مخلوطاً بأجزاء سواء من العسل، و المیبختج، و الزوفا، کل واحد منها مثل إهال ذلک الشحم، و یجعل فی الأذن. و مما هو أقوی من ذلک، و ینضج بقوه، مرتک و إسفیذاج، من کل واحد أوقیه، کندر غبار الرحا ریتبانج من کل من واحد ثلاث أواق، زیت رطل، شحم الخنزیر أو شحم الماعز الطری رطلان، عصاره بزر الکتان مقدار الکفایه، یتخذ منه مرهم. و ربما احتیج إلی المخدرات، فلتستعمل علی النحو الذی سنذکره، و إذا استحال إلی المده، فلتستعمل لعاب بزر کتان مع دهن الورد، أو دهن البابونج، و سائر ما نقوله فی بابه. و أما إن کان الورم خارج الأذن، فهز
قلیل الخطر، و یعالج بدقیق الشعیر، و الضمّاد المتّخذ من دقیق الباقلا جید جداً، و هو دقیق الباقلا، و البابونج، و البنفسج، و دقیق الشعیر، و الخطمی، و إکلیل الملک، یدقّ، و ینخل، و یبلّ بماء فاتر، و دهن بنفسج، و ربما اکتفی بعنب الثعلب، و دهن الخلّ، و دقیق الحنطه. و أما البثور التی تکون فی الأذن، فربما کفی الشأن فیها طبیخ التین بالحنطه إذا قطّر فی الأذن، أو جعل منه فتیله، و ربما سکّن الوجع استعمال الأنبوبه علی النحو الذی ذکرناه، و ربما کفی فی التخدیر و تسکین الوجع ما ذکرناه عقیب ذکر الأنبوبه فی هذا الفصل. و من الأدویه المشترکه لأوجاع الأذن، و خصوصاً التی تمیل إلی البرد زیت أنفاق أغلی فیه خنافس، أو خراطین، أو الدود الذی یکون تحت الجرار، أو مراره السمک بزیت أنفاق، أو شحم ورل، أو ثعلب، أو رخمه، أو کرکی، أو دهن العقارب، فإنه نافع جداً. أو ماء المرزنجوش الطری، أو سلاقه ورق الغرب، و قشوره، أو سلاقه الخراطین فی مطبوخ مرّ صفّی، مذاب فیه شحم البط، و إن کان إلی البرد شدیداً، فتطبخ مراره الثور فی دهن الخیری إلی أن یظنّ أن المراره قد تحلّلت و فنیت، ثم یرفع ذلک، و یستعمل قطوراً، فإنه عجیب. و ربما احتیج فی معالجات الأوجاع الشدیده فی الأذن إلی استعمال المخدرات، و ذلک مثل شی ء من الفلونیا بلبن، و کذلک أقراص الزعفران، و أقراص الکوکب، أو أفیون و جندبیدستر، و زعفران بلبن امرأه. و یجب أن یؤخر ذلک
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 398
إلی أن یخاف الغشی، و خصوصاً إذا کانت أخلاطاً بارده، فإن ذلک ضارّ لها جداً. فإن
حدث ضرر من استعمال المخدرات، فاستعمل الجندبیدستر بعد ذلک وحده، و قد یتخذ أقراص من جندبیدستر تسحق بالغاً، ثم یلقی علیه الأفیون سحقاً، ثم یتخذ منه أقراص بشراب صرف. و إن کان هناک قرحه مؤلمه جداً، فاستعمل الحضض، و الأفیون باللبن، أو یؤخذ عشرون لوزه مقشّره، و أفیون و بورق، و کندر، من کل واحد درهم و نصف، و سته دراهم زعفران، و قنه، و مرّ من کل واحده درهم و نصف، یجمع و یسحق بخل ثقیف و یجفف، و عند الحاجه یبلُّ بدهن الورد، و یقطر، فإن کان هناک مده، فبدل الخل خمر، أو عسل، أو سکنجبین، و غیر ذلک من الأدویه حسب ما بیناه.
هذه الحال هی صوت لا یزال الإنسان یسمعه من غیر سبب خارج و قیاسه إلی السمع قیاس الخیالات و الظلم التی یبصرها الإنسان من غیر سبب من خارج إلی العین، و لما کان الصوت سببه تموّج یعرض فی الهواء یتأدّی إلی الحاسه، فیجب أن یکون فی هذا العرض الذی نتکلم فیه من الدوی و الطنین حرکه من الهواء، و إذ لیس ذلک الهواء هواء خارجاً، فهو الهواء الداخل، و الهواء الداخل، هو البخار المصبوب فی التجاویف، و هذا التموّج، إما أن یکون خفیاً لا یکاد یعری عنه البخار المصبوب فی البطون، أو یکون أکثر من ذلک، فإن کان خفیاً، و من الجنس الذی یعسر الخلو عنه، فإذا کان یعرض فی بعض الأبدان أن یسمع عن مثله دوی و طنین، و لا یعرض فی بعضها، فذلک إما لسبب ذکاء الحس فی بعضها دون البعض علی قیاس ما قلناه فی تخیل الخیالات، أو لضعفه، فیفعل عن أدنی تموج کما یصیب الضعیف
برد أدنی برد، و حر عن أدنی حر.
و أصناف الضعف هو ما علمته من أصناف سوء المزاج، و إن کان فوق الخفی، و فوق ما یختلف فیه القوی و الضعیف، فسببه وجود محرک للبخار و مموج له فوق التحریک و التموج المعتاد، و المموج للبخار، أما ریح متولده فی ناحیه الرأس المتحرکه فیه، أو نشیش من الصدید الذی ربما تولد فیه، و غلیان من القیح فی نواحیه، أو حرکه من الدود الحادث کثیراً فی مجاریه. و السبب السابق لهذه الأسباب، إما اضطراب یغلی أخلاط البدن کله، کما یکون فی الحمیات، و فی ابتداء نوائب الحمیات، و أما امتلاء مفرط فی البدن، أو خاصه فی الرأس کما یکون عقیب القی ء العنیف، و کما یکون عقیب صدمه أو ضربه. و قد یکون ذلک لا سبب اضطراب الحرکه، بل بسبب ماده لزجه تتحلل ریحاً یسیراً، فیدوم ذلک، و قد یکون لشده الخوی، و ذلک أیضاً لاضطراب یقع فی الرطوبات المبثوثه فی البدن الساکنه فیه إذا لم تجد الطبیعه غذاء، فأقیلی علیها تحللها
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 399
و تحرکها، و ربما حدث الدوی و الطنین عقیب أدویه من شأنها أن تحبس الأخلاط و الریاح فی نواحی الدماغ. و سبب هذا الدوی، ربما کان فی الأذن نفسها، و ربما کان لمشارکه المعده و أعضاء أخری ترسل هذه الریاح إلیها.
العلامات أما المواصل الدائم منه، فالسبب فیه متسکن فی الرأس، فإن کان یسکن، ثم یهیج بحسب امتلاء، أو خوی، أو حرکه، و عند اشتداد حر، أو برد، فهو بمشارکه، ثم هیئه الصوت تدل علیه، فإنه یکون تاره کأنه صوت شی ء یغلی إلی فوق، و أکثره بمشارکه البدن أو المعده، أو
کأنه صوت شی ء یدور علی نفسه، و کحفیف الشجر، فذلک یدل علی استکان ریح، فإن کان هناک حمی و وجع أدی إلی قشعریره دل علی اجتماع قیج، و إذا کان تکوینه علی سبیل تولد بعد تولد خفی متصل، فهو لخط لزج، و أما الذی لذکاء الحس، فیدل علی فقدان أسباب الریاح و الامتلاء، و بقاء السمع و هیجانه عند الخوی و الجوع.
و أما الکائن عن یبوسه، فیکون عقیب الاستفراغات و الحمیات، و الکائن عن ضعف فتعلمه من الإفراطات الماضیه، و ربما کان من مزاج حار، فیکون دفعه و مع التهاب، و البارد بالخلاف.
المعالجات جمیع هؤلاء یجب أن یجتنبوا الشمس، و الحمام، و الحرکه العنیفه، و الصیاح، و القی ء، و الامتلاء، و أن یلینوا الطبیعه، أما الکائن بالمشارکه، فیجب أن یقصد فیه فصد العضو الفاعل له، و خصوصاً المعده، فتنقی، و یقصد الدماغ و الأذن فیقویان، أما الدماغ فبمثل دهن الآس، و أما الأذن، فبمثل دهن اللوز و نحوه، و ینظر فی ذلک إلی المزاج الأول، و یقصد لمعونته علی القولین المعلومین، و کذلک الکائن من الامتلاء، فیجب أن ینقی البدن أو الرأس بما یعلم و یلطف التدبیر. و أما البحرانی فلا یجب أن یحرک، فإنه یزول بزوال الحمی. و أما الکائن لذکاء الحس، فمن الناس من یأمر فیه بالمخدرات، مثل دهن الورد المطبوخ بالخل المذکور أمره مع قلیل أفیون، أو الممزوج بدهن البنج، أو الشوکران مسحوقاً بجندبیدستر بدهن. و أصلح ما أمروا به أن یؤخذ حب الصنوبر و جندبیدستر، و یسحقن فی خل و یقطر. و أما الکائن عن قیح، فیعالج بعلاج الورم و القیح. و أما الکائن فی الناهقین و لمن یبس مزاجه فإن
کان السبب یبساً، فالتغذیه، و الترطیب بالأدهان المعتدله المائله إلی البرد، أو الحر بحسب الحاجه.
و إن کان السبب الضعف، فاستعمال ما یعدل المزاج العارض من القطورات المذکوره. و أما إن کان السبب ماده اندفعت إلیها فی حال السرسام، أو خلطاً لزجاً، فجمیع الأشیاء المذکوره فی باب الوجع و الطرش، و مما یخص الذی یعقب السرسام و الحمیات خاصه، عصاره الأفسنتین بدهن الورد، أو بالخل و دهن السوسن، فإنها معالجه صالحه، أما الذی عن خلط لزج
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 400
بارد، فیخصه قرص مجرب فی هذا الشأن، نسخته: یؤخذ من الخربق الأبیض ثلاثه دراهم، و من الزعفران خمسه دراهم، و من النطرون عشره، یتخذ أقراصاً و یستعمل، و من الأدویه المشترکه الجامعه المجربه لما کان عن ضعف، أو کان عن سده، أو خلط، أن یؤخذ من القرنفل و من بزر الکراث، من کل واحد نصف درهم، و من المسک دانق، یقطر بماء المرزنجوش، و السذاب، أو بالشراب، و کذلک طبیخ ورق الصنوبر، و طبیخ ورق شمشار، و طبیخ ورق الغار، و یجب أن یجتنب فی جمیعها العشاء. قال بعض العلماء المتقدمین: أنه لا شی ء أنفع للصفیر من دواء الفوتنج الموصوف للحفظ، فإنه أنفع ما خلق اللّه تعالی لذلک، و ینفع منه قطور متخذ من الزوفا بورق الصنوبر، و حبّ الغار. و لیتأمل ما قیل فی باب الطرش و الوجع من معالجات مشترکه و خصوصاً البارده حسب ما أنت تعلم ذلک.
أول ما ینبغی أن یقدّمه، تلطیف الغذاء، و استعمال ما یتولد منه الخلط الطیب العذب المحمود من البقول، و اللحوم، و إماله التدبیر إلی ما یجب من الکیفیه المعتدله، و إن أوجب المزاج تناول
ماء الشعیر و ما أشبهه فعل، و یخفّف الریاضه، و یمیل الماده إلی الأنف و الفم بالعطوسات، و الغراغر، ثم لا تخلو القروح من أن تکون ظاهره للحس، أو تکون عمیقه لا یوصل إلیها بالحس، فالظاهر منها یغسل بخل ماء، أو بسکنجبین و ماء، أو بعسل و ماء، أو خمر، أو بطبیخ العسل مع الورد و الآس، و بعد ذلک، فینفخ فی الأذن ما یجفّف مثل الزاج المحرق و نحوه، و قد ینفع الصدیدیه و القیح دهن الشهدانج، و الأولی أن لا یردع و لا یمنع ما لم یفرط، بل یجب أن یغسل، و یجلی بمثل ماء المر بدهن الورد، و أیضاً عصاره ورق الزیتون بالعسل یستعمل قطراً. و أما العمیقه، فمنها قریبه العهد، و منها مزمنه. و القریبه العهد تعالج بمثل شیاف مامیثا بالخل، أو بشیاف الورد، و المرو بالصبر فی العسل، أو الشراب، یجعل فی الأذن، و ربما یقع تقطیر ماء الحصرم فیه، خصوصاً إذا جعل معه عسل، و کذلک عصیر ورق الخلاف، أو طبیخه، أو شب یمان محرق و مر، من کل واحد درهم، یسحق بالعسل، و یحتمل فی صوفه، أو دم الأخوین، و زبد البحر، و الأنزروت، و البورق الأرمنی، و اللبان، و المر، و شیاف مامیثا أجزاء سواء تذر علی فتیله ملفوفه علی میل مغموسه فی العسل، و تجعل فی الأذن، و إن کان لها وجع، عولجت بخبث الحدید مسحوقاً فیها کثیراء، و خلط بما یجفّف ما یسکن الوجع، و ذلک مثل استعمال دهن اللوز مع المرّ، و الصبر، و الزعفران. و ربما احتیج إلی أن یخلط به قلیل أفیون، و استعمال الدواء الراسنی نافع أیضاً، فإنه مع ما فیه
من التجفیف یصحبه قوّه مسکّنه للوجع، و ینفع من ذلک مرکبات ذکرناها فی القراباذین، و قد ینفع منه أقراص أندرون، و ینفع أن یؤخذ من نوی الهلیلج و العفص محرقین مجموعین بدهن الخیری، و دردریّ
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 401
البزر، و ینفع منه مرهم الاسفیذاج، و مرهم باسلیقون مخلوطین قطوراً.
و أما المزمنه من العمیقه، فإنها ردیئه جداً، ربما أدّت إلی کشف العظام، و یدلّ علیها اتساع المجری، و کثره الصدید المنتن، فیحتاج إلی مثل القطران مخلوطاً بالعسل، و مثل مراره الغراب و السلحفاه بلبن امرأه، أو قردمانا، و نطرون، مجموعین بتین منزوع الحب، یتخذ منه فتائل، و تستعمل بعد تنقیه الوسخ، و کذلک فی سائر الأدویه. و من الأدویه القویه فی هذا الباب، توبال النحاس مع زرنیخ و عسل و خل، أو صدأ خبث الحدید نفسه مقلیاً مسحوقاً، کالغبار بعد تواتر القلی مراراً بخلّ خمر، حتی یصیر کالعسل، و یقطر فی الأذن، و ربما احتیج إلی درهم الزنجار، و ذلک إذا أزمن و توسّخ.
و مما هو متوسط فی هذا الباب شبّ محرق مع مثله عسل، و ربما زید فیه التمر، و أقوی من ذلک ترکیب بهذه الصفه. و نسخته: یؤخذ زنجار و قشور النحاس من کل واحد أربعه دراهم، عصاره الکرّاث أوقیه، عسل ماذی أوقیه یستعمل، و إذا کثر القیح جداً، فلا بد من استعمال فتیله مغموسه فی مراره الثور، أو قطور من بول الصبیان.
و أقواه خبث الحدید المغسول المقلی علی الطابق مراراً، إذا طبخ فی الخلّ، و استعمل، و إذا کان مع القیح المزمن وجع، و صبّ فی الأذن نبیذ صلب مضروب بدهن الورد، أو بماء الکراث، أو ماء السمک المالح، و
ربما أحوج الوجع إلی صبر، و أفیون، و زعفران یعجن بالعسل، و یجعل فیها، و إذا رأیت الرطوبه احتبست بالأدویه المانعه المجففه فصب فی الأذن دهن الورد لتسقط الخشکریشه، ثم أجعل فیها ما ینبت اللحم.
و یجب بالجمله أن لا یحبس الصدید، بل یمنع تولده و یجفف قروحها. و کثیر من المعالجین المحتالین یحشون الأذن المقیّحه خرقاً تمنع سیلان القیح عنها، و یمنعون نوم العلیل من ذلک الجانب لئلا یجد القیح مندفعاً فیه، فیحوج إلی أن یمیل نحو اللحم الرخو الذی فی أصل الأذن، فیحدث ورماً، و یبّطونه بعد الإنضاج، و یعالجونه فیبرأ سیلان الماده عن الأذن.
قد یکون منه ما یجری مجری الرعاف فی أنه بحرانی، و ربما کان عن امتلاء أدی إلی انشقاق عرق، أو انقطاعه، أو انفتاحه، و ربما کان عن صدمه أو ضربه.
المعالجات أما البحرانی، فلا یجوز أن یحبس إن لم یؤدّ إلی ضعف و غشی، و أما غیر ذلک فإنه یحبس، أما بالقابضات، و أما بالکاویات، و أما بالمبرّدات. أما القابضه، فمثل طبیخ العفص بماء أو خل، و طبیخ العوسج، و ربما خلط معه مرّ بخمر عتیق أو خلّ، و کذلک شیاف مامیثا
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 402
و حضض، و طبیخ ورق شجره المصطکی، أو رمانه طبخت فی الخل و عصرت. و أما المبرّدات، فمثل عصاره عصا الراعی، و لسان الحمل مع خمر، أو شیاف مامیثا، و الأفیون. و أما الکاویه، فکعصاره الباذروج. و مما هو عجیب جداً، أنفحه الأرنب بخل، أو عصاره الکرّاث بالخل. و مما هو مجرّب لذلک، أن تؤخذ کِلْیَتا ثور، و شی ء من شحمه، فیملّح، ثم یشوی نصف شیه و یعصر ماؤه فی الأذن.
أما العلاج الخفیف له، فأن یقطر فیها دهن اللوز المرّ الجبلی، خاصه لیلًا، و یدخل الحمّام، و یوضع الأذن علی الأرض الحاره، لیذوب الوسخ، و ربما ینفع من ذلک نفخ الزاج فیها، و أیضاً قردمانا مثقال، بورق أرمنی نصف مثقال، تین أبیض ما یعجنه به، و یتخذ منه فتیله، أو یصبّ فیه مراره ماعز مع دهن فراسیون مسحوقاً، أو الفراسیون مسحوقاً، أو ماء الفراسیون، أو یُذاب البورق بالخلّ، و یترک حتی یسکن غلیانه، و یمرخ بدهن ورد و یقطر، أو یخلط البورق بالتین المنزوع الحب، و یحبّب منه حب صغار، و یوضع فی الأذن، و ینزع فی
الیوم الثالث، فیصحبه وسخ کثیر، و یعقبه خفه بینه. و ربما جعل فیها قردمانا و أنجره. و مما هو أقوی، عصاره ورق الحنظل قطوراً، و یؤخذ بورق، و زرنیخ بالسویه، و یعجن بالعسل، و یداف بالخل، و یقطر فی الأذن، و یصبر علیه ساعه ثم یغسل الموضع بماء العسل، أو بماء حار. و الفتائل القویه لا تستعمل إلا بعد الاستفراغ، و منها فتیله مغموسه فی زیت، و دهن البابونج، و دهن الناردین. فقد زعم قوم أن الکافور شدید النفع من الطرش، و یشبه أن یکون للمراری. و ما جرّب زیت العقارب، فإنه یبرئ الصمم. و مما ینفع من السدّه الوسخیه فتیله متّخذه من الحرف و البورق، و تلزم الأذن ثلاثه أیام، ثم تخرج، فیخرج وسخ کثیر، و کذلک الفتائل بالعسل.
قد تکون هذه السدّه فی الخلقه لغشاء مخلوق علی الثقب، و قد تکون لوسخ، و قد تکون لدم جامد، و قد تکون للحم زائد أو ثؤلول، و قد تکون لحصاه أو نواه تقع فیها، أو حیوان یدخلها فیموت فیها، و ربما کانت مع خلط لزج یسدّ الثقبه، أو مجاری العصبه، فیحسّ الإنسان کأن أذنه مسدوده دائماً، و ربما حدث ذلک بعد ریح شدیده.
المعالجات أما ما کان من صفائق أو لحم یسدّ المجری فی أصل الخلقه، فالغائر منه أصعب علاجاً، و الظاهر أسهل و أما الباطن، فیحتال له بآله دقیقه تقطعه، ثم تمنع الإدمال علی ما نقوله عن قریب. و إن کان ظاهراً، فینبغی أن یشق بالسکین الشوکی الذی یقوّر به بواسیر الأنف، ثم یلقم
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 403
فتیله ذرّ علیها قلقطار، و ما یجری مجراه مما یمنع نبات اللحم.
و أما إن کانت
السدّه من شی ء نشب فیه، فیجب أن یتهطر الدهن فی الأذن، مثل دهن الورد، أو السوسن، أو الخیری، و إن کان ذلک الناشب مثل حیوان مات فیها، فیصبّ فیها من الأدهان ما یفسخه، ثم یستخرج بمنقبه الأذن برفق، و أما إن کانت السدّه بسبب لحم زائد أو تؤلول، فیجب أن یغسل بماء حار و نطرون، ثم یقطر فیها نحاس محرق و زرنیخ أحمر مسحوقان جداً بالخل حتی یحرق اللحم، ثم تعالج القرحه.
و قد ذکر أن إدمان صبّ مراره الخنزیر فیه نافع منه جداً. و الذی یتخیّل إلی الإنسان من أن أذنه مسدوده، ینفع منه تقطیر دهن السوسن، أو مراره الثور فی عصاره السلق. و لعصاره الشهدانج و عصاره الحنظل خاصیه فی سدد الأذن، و إن کانت السده وسخیه، عولجت بما ذکرناه فی باب السدد الوسخیه و مما ینفع من السدّه الوسخیه و غیرها فتیله متخذه من الحرف و البورق تلزم الأذن ثلاثه أیام، ثم تخرج، و مما هو أقوی من ذلک و ینقی أیضاً العصبه أقراص الخربق. و نسختها: یؤخذ من الخربق الأبیض مثقالان، و من النطرون سته عشر مثقالًا، و من الزعفران ثلاثه مثاقیل، یدق و یسحق بخلّ، و یقرّص، ثم إذا احتیج إلیها حلت فی خلّ و قطرت فی الأذن فهو عجیب جداً.
و أما السده التی تکون فی الخلقه، فهو أن تخلق الأذن غیر مثقوبه و مسدوده الداخل خلقه، و قد یجرب بعمل الید حتی إن أدّی الکشط و التطریق إلی الصماخ الباطن نفع، و ربما لم ینفع بکل حیله بتّه.
أما بقراط فیری أن لا تعالج بشی ء، و أما من بعده فما یعالجون به، أن یأخذوا أقاقیا، و مراً، و صبراً، و
کندراً، و یتخذ منه لطوخ بالخلّ، أو ببیاض البیض، أو لبّ الخبز بالعسل.
یؤخذ ماء الأفسنتین، و یصبّ فیه ببعض الأدهان، أو یغلی الأفسنتین بالدهن و یقطر.
قد یدخل الماء فی الأذن إذا لم یصبّها المستحم و المغتسل، فیؤذی، و یورم أصل الأذنین، و یوجع وجعاً شدیداً.
المعالجات
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 404
مما ینفع من ذلک، أن یمتص بأنبوبته امتصاصاً یجذبه دفعه، ثم یصبّ فیها دهن اللوز الحلو، و ربما أخرجه السعال و العطاس، أو یؤخذ عود. من شبث، أو شقه من بردی مقدار شبر واحد، و یلفّ علی أحد طرفیه مقدار ثلثه قطنه، و یغمّس فی زیت، و یهندم الطرف الآخر فی الأذن بما یهندم فیه، و یضجع صاحبه، و یشعل فی الطرف المقطن نار، و یترک حتی یشتعل إلی أن تدبّ الحراره داخل الأذن، فحینئذ یجذب و یخرج دفعه، فیخرج معه ما فی الأذن.
و مما ینفع من ذلک، و خصوصاً فی الابتداء، أن یؤخذ راحه ماء فیملأ به الأذن، ثم ینقلب علی صاحبه و هو یحجل حجلًا حتی یخرج الجمیع، و قد یستخرج أیضاً بالزراقه، یدخل رأسها و یجذب عمودها فینجذب معها الماء، و ربما أکنی فی القلیل منه صب الأدهان فی الأذن، و صبّ الألبان الفاتره مراراً متتابعه، و خصوصاً إذا بقی وجع و زالت العله.
و إن أوجع ذلک شدید أضمدت الأذن بقشور الخشخاش، و إکلیل الملک، و البابونج، و البنفسج، و الخطمی، و بزر الکتان، و دقیق الشعیر بلبن النساء.
قد یتفطن لدخول الهامه فی الأذن بشده الوجع مع خدش و حرکه بمقدار الحیوان، و أما الدود، فیحسّ معه بدغدغه.
المعالجات مما یعمّ جمیع ذلک، تقطیر القطران فی الأذن، فإنه یسکن فی الحال حرکه الحیوان فیها، و یقتلها عن قریب، و خصوصاً الصغیر، و کذلک تقطیر عصاره قثاء الحمار وحدها، أو مع السقمونیا، و کذلک الکبریت، و الزراوند
الطویل، و القلقدیس، و المیعه. و من الجید أن یقطر فیها سیلان لحم البقر المشوی، و قد ینفع من ذلک أن یؤخذ الزیت، و یجعل فی الأذن، و یجلس فی الشمس، و من العصارات، و خصوصاً اللدود عصاره أصل الکبر، و عصاره أصل الفرصاد، و عصاره الحوک، و هو البادروج، و عصاره ورق الإجاص، و عصاره ورق الخوخ، و عصاره الأفسنتین، أو القنطریون، أو الفراسیون، و عصاره ورق البطم الأخضر، أو ورق الشمشار. أو ورق الصنوبر، و خصوصاً إذا طبخ بخل خمر، و عصاره قثاء الحمار، و عصاره الخربق الأبیض، أو طبیخه، أو الأفتیمون، و عصاره الفوتنج بالسقمونیا، أو عصاره الشیح، أو عصاره المرماخور، أو ماء العسل بشی ء عن هذه العصارات، و کذلک عصاره الفجل، و عصاره البصل، و خصوصاً الطلخسار، أو بزر البصل بماء العسل، أو بعض المرارات، و خصوصاً إذا سخنت فی جوف رمان بشحمه.
و کذلک طبیخ حب الکبر الطری، أو عصارته، و عصاره الترمس، أو الصبر بالماء الفاتر،
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 405
أو قسط مسحوق، أو عاقرقرحا، و جمیع هذه فی الدود أنجع و أقوی.
و مما جرب للدود، أن یؤخذ عن الشراب درهمان، و من العسل ثلاثه دراهم، و من دهن الورد درهم واحد، یخلط ببیاض بیضتین، و یفتر، و یجعل فی الأذن بصوفه مغموسه فیها، یملأ بها الأذن، و یتکئ علیها المتشکی، و لا ینام، ثم یختطف دفعه، فیخرج دود کثیر. و قد ینفع من أذی الدود، صحت عصاره الخسّ المر، أو العوسج، أو الأفسنتین، أو طبیخهما، أو سحیق لحاء أصل الکبر، أو ماء المرماخور، أو المرزنجوش، أو البول المعتق.
هذه الأورام من جنس الأورام الحادثه فی اللحوم الرخوه،
و خاصه اللحوم الغددی، و یسمی باریطوس، و یسمی نبات الأذن، و ربما بلغ أحیاناً من شده ما یؤلم أن یقتل، و مثل ذلک فقد یتقدمه کثیراً اختلاط العقل، و هو و الورم الکائن فی الصماخ أقتل للشبان منه للمشایخ، لأنه یکون فی المشایخ ألین. و أما الشبان فهم أسخن مزاجاً و ماده، و أورامهم المؤلمه أحدّ کیفیه، و أشد إیجاعاً، و أقلّ إمهالًا إلی أن یجع. و الأورام التی تکون تحت أصل الأذن، أسلمها ما کان علی سبیل بحران حسن العلامات، أما إذا کان عن بحران لیس معه علامه نضج، أو کان سباقاً لوقت البحران فهو ردی ء. و هذه الأورام بالجمله قد تکون عن ماده حاره صفراویه، أو دمویه، و قد تکون عن سوداء، أو من بلغم، و یدلّ علی الدموی منها حمره و ثقل، و مدافعه للحس، و ضیق فی المجاری. و یدلّ علی الصفراوی، و علی الکائن من الدم الرقیق، وجع لذّاع ماشراوی، بلا ثقل، و لا تضییق للمجاری، و لکن مع تلهب شدید. و البلغمی یکون مع تذبّل، و لین، و قله حمره. و السوداوی مع صلابه، و قلّه وجع، و من جنس ما یجب أن یعتنی فی الأکثر بتبریده و جذبه لا یردعه، إذا کانت الماده المنصبه فضل عضو رئیس، و لا سیما فی بحرانات أمراضها، مثل ما یحدث فی بحران لیثرغس کثیراً.
و قد أشرنا إلی معرفه هذا فی الکتاب الکلی، فیجب إذن أن لا یهتم بعلاجه من حیث یستحق العلاج الورمی قبضاً، و ردعاً فی الابتداء، ثم ترکیباً للتدبیر، ثم تحلیلًا صرفاً، بل یجب أن تبدأ، و خصوصاً إذا عرض فی الحمیات، و أوجاع الرأس، فیعان علی جذب الماده
إلی الورم بکلّ حیله و لو بالمحاجم، إن کان لیس منجذباً سریع الانجذاب، و ینبغی أن تقلّل الماده بالفصد إن احتیج إلیه، و إن کان شدید التحلب و الانجذاب. ترکناه علی الطبیعه، لئلا یحدث وجعاً شدیداً، و تتضاعف به الحمی، بل یجب أن یقتصر إن کان هناک وجع شدید علی ما یرخی و یسکّن الوجع مما هو رطب حار. و إن کان ابتداؤه بوجع شدید، فاقتصر علی التکمید بالماء القراح، و إن کان خفیفاً، فاقتصر علی الکماد بالملح، أو علی دواء الأقحوان، و علی
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 406
الداخلیون، و مرهم مامیثا، و مر.
و إن لم یکن شدید الخفه و ظهر له رأس، فلیستعمل ما یجمع بین تغریه و تهشیش و إنضاج، مثل دقیق الحنطه و الکتان مع شارب العسل، أو ماء الحلبه و الخطمی، أو البابونج، فإن حدس إنه لیس یتحلل بل یقیح، فالواجب أن یخرج القیح، إما بتحلیل لطیف إن أمکن، أو عنیف، و لو بشرط و مص، و مما یخرج القیح منه بعد البط، أو الشرط، دواء أسمیلون، و مما هو موافق فی هذه العله لجذبه و تحلیله و لخاصیه فیه، بعر الغنم بشحم الأوز أو الدجاج، و من ذلک نوره، و کعک، و شحم البقر الغیر المملح.
و أما المزمن، فیحتاج إلی رماد الصدف، و الودع مع العسل، أو مع شحم عتیق، أو یؤخذ التین، و یطبخ بماء البحر، أو یستعمل الأشق وحده، أو مع غیره، و کذلک الزفت الرطب، و المقل بوسخ. الکوائر، و المیعه السائله، و مخ الإبل.
فإن صارت خنازیر و ثبتت، فلیتخذ مرهم من هذه العناصر. و نسخته: علک البطم، و زفت، و حب الدهمست، و میویزج،
و صمغ عربی، و کمّون، و فلفل، و أصل اللوف، و قنه، و کزبره، و قردمانا، و رماد قشور أصل الکبر، و عاقرقرحا، و بعر الغنم و الماعز، و الشحوم، و خصوصاً شحم الخنزیر، و الماعز، و التیوس الجبلیه، خصوصاً للسوداوی. و کذلک أدمغه الدجاج، و القبج، و البقر، و مخاخ البقر، و خصوصاً الوحشیه، و الأدهان.
أما لما هو أسخن ماده، فإن الورد و البنفسج، و لما هو أبرد ماده، دهن السوسن، و الشبث، و البابونج، و الخروع، و ینفع من هذه الأورام إذا عسرت مرهم الریتبانج.
یکون السبب فیه ضعف فی القوه النفسانیه فی الدماغ، أو الفائضه إلی السمع، و لا بدّ من علاج الدماغ بما یقویه علی ما علمت.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 407
تشریح الأنف یشتمل علی تشریح عظامه، و غضروفه، و العضل المحرکه لطرفیه، و ذلک مما فرغ منه. و مجریاه ینفذان إلی المصفاه الموضوعه تحت الجسمین المشبهین بحلمتی الثدی، و الحجاب الدماغی هناک أیضاً یثقب ثقباً بإزاء ثقبه من المصفاه لینفذ فیها الریح و یؤدّی، و لکل مجری ینفذ إلی الحلق و تشریح الآله التی بها یقع الشم، و تلک هی الزائدتان الحلمیتان اللتان فی مقدّم الدماغ و یستمدان من البطنین المقدمین من الدماغ، و کذلک تتصفّی الفضول فی تلک النقب. و من طریقها ینال الدماغ، و الزائدتان الناتئتان منه الرائحه ینشق الهواء.
و الدماغ نفسه یتنفس لیحفظ الحار الغریزی فیه، فیربو و یأزر کالنابض، و قد یربو عند الصیاح، و عند اختناق الهواء و الروح إلی فوق. و فی أقصی الأنف مجریان إلی الماقین، و لذلک یذاق طعم الکحل بنزوله إلی اللسان.
و أما کیفیه الشم، فقد ذکرت فی باب القوی. و أما أن الرائحه تکون فی الهواء بانفعال منه، أو تأدیه، أو بسبب بخار یتحلّل، فذلک إلی الفیلسوف، و لیقبل الطبیب أن الشمّ قد یکون فی الأصل باستحاله ما من الهواء علی سبیل التأدیه، ثم یعینه سطوع البخار من فی الرائحه. و إذ قد ذکرنا تشریح الأنف، و منفعته، و العضل المحرکه لمنخریه فیما سلف، فالواجب علینا الآن أن نذکر أمراضه، و أسبابها، و علاماتها، معالجاتها.
اعلم أن معالجات الأنف، منها ما لا یختصّ بأن یکون من طریق الأنف، مثل الغراغر، و الأطلیه علی الرأس، و منها ما یختصّ به، مثل البخورات، و الشمومات، و مثل السعوطات، و هی أجسام رطبه تقطر فی الأنف، و منها النشوقات، و هی أجسام رطبه تجتذب إلی الأنف بجذب الهواء.
و منها نفوخات، و هی أشیاء یابسه مهیأه تنتفخ فی الأنف، و یجب أن تنفخ فی
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 408
الأنبوب و کل من أسعطته شیئاً، فمن الصواب أن یملأ فمه ماء، و یؤمر بأن یستلقی، و ینکس رأسه إلی خلف، ثم یقطر فی أنفه السعوطات.
و یجب أن ینشق کل ما یجعل فی الأنف إلی فوق کل التنشّق حتی یفعل فعله، و کثیراً ما یعقب الأدویه الحاده المقطّره فی الأنف و المنفوخه فیها لذع شدید فی الرأس، و ربما سکن بنفسه، و ربما احتیج إلی علاج بما یسکن، و الأصوب أن یکون علی الرأس عند ما یسعط بشی ء حاد حریف، خرق مبلوله بماء حار، و قد عرق قبله، إما بلبن حلب علیه، أو دهن صب علیه، مثل دهن حبّ القرع، و دهن الورد، و دهن الخلاف، فإذا فعل السعوط فعله، أتبع بتقطیر اللبن فی الأنف مع شی ء من الأدهان البارده، فإنه نافع.
الشمّ تدخله الآفه کما تدخل سائر الأفعال، فإنّ الشمّ لا یخلو، إما أن یبطل، و إما أن یضعف، و إما أن یتغیر و یفسد بطلانه و ضعفه علی وجهین، فإما أن یبطل و یضعف عن حس الطیب و المنتن جمیعاً، أو یبطل و یضعف عن حس أحدهما. و فساده تغیّره أیضاً علی وجهین.
أحدهما أن یشمّ روائح خبیثه و إن لم تکن موجوده.
و الثانی: أن یستطیب روائح غیر مستطابه کمن یستطیب رائحه العذره، و یکره المستطابه.
و سبب هذه الآفات. إما سوء مزاج مفرد، و إما خلط ردی ء یکون فی مقدّم الدماغ و البطنین اللذین فیه أو فی نفس الشیئین الشبیهین بحلمتی الثدی، و أما شدّه فی العظم المشاشی عن خلط، أو عن
ریح، أو عن ورم، و سرطان، و نبات لحم زائد، أو سدّه فی الحجاب الذی فوقه. و کثیراً ما یکون الکائن من سوء المزاج المفرد حادثاً من أدویه استعملت، و قطورات قطرت، فسخّنت مزاجاً، أو أخدرت، و بردت، أو فعل أحد ذلک أهویه مفرطه الکیفیه، و قد یکون من ضربه، أو سقطه تدخل علی العظم آفه.
العلامات إذا عرض للإنسان أن لا یدلک الروائح، و وجدت هناک سیلاناً للفضول علی العاده، فلا سدّه فی المصفاه، و إن وجدت امتناع نفوذ النفس فی الأنف و غنه فی الکلام، فهناک سدّه فی نفس الخیشوم، و إن احتبس السیلان و لم یکن لسوء مزاج الدماغ و قلّه فضوله، و کان ما دون المصفاه مفتوحاً، فهناک سدّه غائره. و إن کان السیلان جازیاً علی العاده و لا سدّه تحت الخیشوم و ما یلیه، فالآفه فی الدماغ، فتعرف مزاجاته، و أفعاله و أحواله، مما قد عرفته، و کذلک إن کان ضعف فی الشمّ، و نقصان.
و أما إن کان یجد ریح عفونه، و یستنشق نتناً، فالسبب فیه خلط فی بعض هذه المواضع
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 409
عفن یستدلّ علیه بمثل ما علمت. و إذا اشتم فی الأمراض الحاده روائح غیر معتاده، و لا معهوده، و لا عن شی ء ذی رائحه حاضر، و مع ذلک یحسّ رائحه مثل السمک، أو الطین المبلول، أو السمن و غیر ذلک، و هناک علامات ردیئه، فالموت مظل.
المعالجات و إن کان سببه سوء المزاج، فیجب أن یعالج بالضدّ، و یقصد مقدّم الدماغ من النطولات، و الشمومات، و النشوقات، و الأطلیه، و الأضمده المذکوره فی باب معالجات الرأس. و أکثر ما یعرض من سوء المزاج، هو أن
یکون المزاج بارداً، إما فی البطنین المقدّمین بکلتیهما، أو فی نفس الحلمتین. و أنفع الأدویه لذلک السعوطات المتخذه من أدهان حاره مدوفاً فیها الفربیون، و الجندبیدستر، و المسک. و إن کان السبب فیه خلطاً فی بطون الدماغ، استدلّ علیه بما قیل فی علل الدماغ. و استفرغ البدن کله إن کان الخلط غالباً علی البدن کله، أو الدماغ نفسه بما یخرج ذلک الخلط عنه بالشبیارات، و الغراغر، و السعوطات، و النشوقات، و الشمومات الملطفه، و ما أشبه ذلک مما قد عرفته. و إن احتیج إلی فصد العرق فعل، یرجع فی جمیع ذلک إلی الأصول المعطاه فی علاج الدماغ. و إن کان السبب سدّه فی العظم المشاشی المعروف بالمصفاه، استعمل النطولات المفتحه المذکوره فی باب معالجات الرأس، فینطل بها، و یکبّ علی بخارها، و یستنشق منها مدوفاً فیهما فلفل، و کندس، و جاوشیر، و یجب أن یلزم الرأس المحاجم بعد ذلک، و غرغره بالأشیاء المفتحه الحاره. و مما جرّب الشونیز، ینقع فی الخلّ أیاماً، ثم یسحق به ناعماً، ثم یخلط بزیت، و یقطر فی الأنف، و ینشق ما أمکن إلی فوق، و ربما سحق کالغبار، ثم خلط بزیت عتیق، ثم سحق مره أخری حتی یصیر بلا أثر. و مما جرّب و ذکر أن یؤخذ زرنیخ أحمر، و فوتنج یسحقان جیداً، و یغمران ببول الجمل الأعرابی، و یشمّس ذلک کله، و یخضخض کل یوم مرتین، فإذا انتشق الدواء البول، أعید علیه بول جدید، ثم یبخر الأنف بوزن درهم منه، ثم یعرّق من دهن الورد، و مما مدح للسدّه الریحیه السعط بدهن لوز مرّ جبلی، أو نفخ الحرمل و الفلفل الأبیض مدوفین فیه. و قد ذکر بعضهم أن قشر
الرته، إذا جفّف، و نفخ سحیقه فی الأنف، کان نافعاً. و إن کان السبب فیه بواسیر، عولج بعلاج البواسیر. و أما الذی یحسّ الطیّب، و لا یحسّ النتن، فلا یزال یسعط بجندبیدستر مراراً حتی یصلح. و أما الذی یحسّ النتن و لا یحس الطیّب، فلا یزال یسعط بالمسک حتی یحسن حاله و یصلح.
الرعاف قد یکون قطرات، و قد یکون هائجاً لحقن شدید، و بسبب غلبه من الدم العالی بقوه، و ربما کان الانفجار عن شبکه عروق الدماغ و شرایینه، و هو غیر قابل فی الأکثر للعلاج. و أکثره یکون عقیب حدوث صداع و التهاب و مرض حاد، أو عقیب سقطه، أو ضربه، و یتبعه
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 410
أعراض فساد أفعال الدماغ لا محاله، و ربما کان لبخارات حاره متصعده.
و الذی یکون عن الشرایین یتمیز عن الذی یکون عن الأورده لرقّته و حمرته و حرارته، و أیضاً فقد یکون عائداً بأدوار، و قد یکون عائداً دفعه. و سیلان الرعاف من الأحوال التی تنفع و تضرّ. و من وجد عقیبه خفّه رأس عن امتلاء، و اعتدال لون عن حمره شدیده، و اعتدال سحنه بعد انتفاخ، فقد انتفع به، لا سیما فی الأمراض الحاره، و فی الأورام الباطنه، و خاصه الدمویه و الصفراویه فی الدماغ، ثم فی الکبد، ثم فی الحجاب، ثم فی الرئه، فإن نفع الرعاف فی ذات الجنب أکثر منه فی ذات الرئه.
و الرعاف بحران کثیر فی أمراض حاده کثیره، و خاصه مثل الجدری و الحصبه، و أما إذا أسرف فأعقب صفره لم تکن معتاده، أو رصاصیه، أو کموده من صفره، و اسوداد، و ذبولًا مجاوزاً للعدّ، و برد الأطراف، فإنه و
إن احتبس فعاقبته محذوره. و من حال لونه إلی الصفره، فقد غلب علیه المرار الأصفر، و تضرّره بإخراج الدم أقل.
و من حال لونه إلی الرصاصیه، فقد غلب علیه البلغم. و من حال لونه إلی الکموده، فقد غلب علیه المرار الأسود. و هذان شدیداً الضرر بما نقص من الدم. و الجمیع ممن أفرط علیه الرعاف علی خطر من أمراض ضعف الکبد، و الاستسقاء، و غیر ذلک. و أشد الأبدان استعداداً للرعاف، هو المراری الصفراوی الرقیق الدم، و ینتفع بالمعتدل منه. و للرعاف دلائل، مثل التباریق یلوح للعینین، و الخطوط البیض و الصفر و الحمر، و خصوصاً عقیب الصداع، و سائر ما فصل حیث تکلمنا فی الأمراض الحاده و بحراناتها، و قد یستدل من الرعاف و أحواله علی أحوال الأمراض الحاده و بحارینها، و قد ذکرناه فی الموضع الأخص به.
المعالجات أما البحرانی و ما یشبهه من الواقع من تلقاء نفسه، فسبیله أن لا یعالج حتی یحس بسقوط القوه، و ربما بلغ أرطالًا أربعه منه، و یجب أن یحبس حین یفرط إفراطاً شدیداً. و أما غیره، فیعالج بالأدویه الحابسه للرعاف. و أما الکائن بسبب استعداد البدن و مراریته، فیجب أن یداوم استفراغ المرار منه، و تعدیل دمه بالأغذیه و الأشربه.
و الفصد أفضل شی ء یحبس به الرعاف، إذا فصد ضیقاً من الجانب الموازی المشارک، و خصوصاً إذا وقع الغشی، فأما الأدویه الحابسه للرعاف، فهی إما شدیده القبض، و إما شدیده التبرید و التغلیظ و التجمید، و إما شدیده التغریه، و إما حاده کاویه، و إما الدویه لها خاصیه، و إما أدویه تجمع معنیین أو ثلاثه. و القوابض مثل عصاره لحیه التیس، و القاقیا، و مثل الجلنار، و الورد و
العدس، و العفص، و مثل عصارات أوراق العوسج، و ورق الکمثری، و ورق السفرجل، و عصا الراعی، و المبردات، فمثل الأفیولت، و الکافور، و بزر البنج، و الجصّ، و بزر الخس
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 411
و عصارته، و الخلاف، و ماء بلح النخل، و لسان الحمل، و القاقلی، کلها غیر مطبوخه. و المغریات، مثل غبار الرحی و دقاق الکندر.
و أما الکاویه، مثل الزاجات و القلقطار، و هذه إذا استعملت، فیجب أن تستعمل بالاحتیاط، فإنها ربما أحدثت خشکریشه، إذا سقطت جلبت شراً من الأولی. و أما التی لها خاصیه، مثل روث الحمار، و ماء الباذروج، و ماء النعنع.
علاج الخفیف من الرعاف أما السعوطات، فیؤخذ ماء بلح النخل، و قاقیا من کل واحد نصف أوقیه، کافور حبه، لا یزال یقطر فی الأنف، و منها عصاره البلح مع عصاره لحیه التیس، و کافور، و أیضاً ماء البلح مع عصاره الکراث، و أیضاً الماء الملح المر، یقطر فی الأنف، و ماء الکزبره، و أیضاً عصاره القاقلی بحالها غیر مطبوخه، و أیضاً ماء القثاء بکافور، و أیضاً عصاره الباذروج بکافور، أو عصاره لسان الحمل مع طین مختوم و کافور، أو عصاره عصا الراعی معهما. و مما هو بالغ فی ذلک الباب عصاره روث الحمار الطری، و إن أحسست کثره دم، فالزنجار المحلول فی الخل، یقطر یسیراً یسیراً، و أیضاً استعمال سعط من سحیق الجلنار ناعماً بماء لسان الحمل، و أیضاً ماء دیف فیه أفیون. و لا یجب أن یفرط صبّ الماء الشدید البرد، فربما عقد الدم و أجمده فی أغشیه الدماغ. و هاهنا سعوطات کتبت فی الأقراباذین غایه جیده. و أما الفتائل تؤخذ فتیله و تغمس فی الحبر،
ثم ینثر علیه زاج حتی یغلظ الجمیع، ثم یدس فی الأنف و أیضاً تؤخذ عصاره ورق القریص، و قلقطار، و وبر الأرانب، و سرقین الحمار یابساً و رطباً، و عصاره الکرّاث، و کندر، و یتخذ منه فتیله. و مما جرب فتیله متخذه من الحضض الهندی المحرق، و ماء الباذروج، و أیضاً فتیله من غبار الرحی، و دقاق الکندر، و صبر بالخلّ، و بیاض البیض، و أیضاً فتیله متخذه من زاج، و قرطاس محرق، و قشار الکندر بماء الباذروج، و أیضا فتیله مبلوله بماء الورد مغموسه فی قلقطار و صبر، أو فتیله من ماء الکراث مذروراً علیه نعناع مسحوق، أو فتیله من اسفنج و زفت مذاب مغموسه فی الخل، أو تتخذ فتیله من سراج القطرب، أو نسج العنکبوت بقلقطار و زاج، و قلیل زنجار، أو فتیله متخذه من وبر أرنب منفوش مغموس فی الکندر و الصبر المعجونین ببیاض البیض، و أیضاً فتیله متخذه من زاج محرق جزءین، أفیون جزء، یجمع بخلّ، أو فتیله من قشور البیض محرقه تخلط بحبر و عفص.
و أما النفوخات، فمنها الحضض الهندی المحرق، و أیضاً ضفادع محرقه تذر فی الأنف، و أیضاً غبار الرحا، أو تراب حرف أبیض، أو نوره، و أیضاً قشار الکندر و قرطاس و زاج أجزاء سواء، ینفخ فی الأنف، و أیضاً قشور شجره الدلب مجففه مسحوقه، یجب أن یؤخذ ذلک بالدستبان علی المسح، فیؤخذ زئبره، و یجعل فی کیزان جحد بترابها، و إن کان معها تراب الفخار، فهو أجود و تسد رأسها حتی یجف فی الظل، و یسحق عند الحاجه کالهباء، و ینفخ فی الأنف، فیحتبس الرعاف علی المکان، أو قشور البیض مسحوقه، و أیضاً قصب الذریره، و
نوار
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 412
النسرین، و بزر الورد و القرنفل، من کل واحد درهم، مرّ و عفص من کل واحد نصف درهم، قلیل مسک و کافور ینفخ فی الأنف أیاماً متوالیه، و إذا نفخت النفوح فیه، فلیمسک الأنف ساعه، و لیبزق ما ینزل إلی الدم. و یجب أن یکون النفخ فی أنبوب لیمنع درور الرعاف.
و أما الأطلیه و الصبوبات، فمنها طلاء علی الجبهه بهذه الصفه، و نسخته: یؤخذ عصاره ورق الخلاف، و ورق الکرم، و ورق الآس، و ماء ورد مبرد الجمیع، و یلزم الجبهه بخرق کتان، و کذلک یتخذ من جمیع الأدویه البارده القابضه، و المخدره المعروفه، مدوفه فی العصارات المبرده المقبضه، مثل عصاره أطراف الخلاف و العوسج، و قضبان الکرم، و ورق الکمثری، و السفرجل، و عصا الراعی أطلیه و أضمده.
و أما المشمومات، فروث الحمار الطری، و أما الحشایا، فأن یحشی بریش القصب، و برءوس المکانس، و بقطن البردی، أو قطن سائر ما یخرج من النبات.
و أما الصعب من ذلک، الکائن لغلیان حراره شدیده، أو انفجار الشرایین، فلا بدّ فیه من فصد القیفال الذی یلی ذلک المنخر فصداً ضیقاً جداً، و من الحجامه فی مؤخر الرأس بشرط خفیف، و علی الثدی الذی یلیه تعلیقاً بلا شرط، و ربما احتیج أن یخرج الدم بالفصد إلی الغشی من القیفال، و من العرق الکتفی الذی من خلف، فإنه أبلغ لأنه یمنع الدم أن یرتفع إلی الرأس، فإنه إذا أدی إلی الغشی سکن علی المکان، و ذلک فی الرعاف الشدید حافر، بل یجب أن یبادر فی الوقت کما یحس بشده الرعاف و حفره قبل أن تسقط القوه. أما إن لم یکن حفر شدید، و
لکن کان قطرات، أو کان بنوائب، فیجب أن یکون الفصد قلیلًا قلیلًا مرات متوالیه، و إذا بلغ الفصد مبلغ الکفایه، فیجب أن یقبل علی تغلیظ الدم بما یبرده، و بما یخثره، و إن لم یبرد مثل العناب. و أما المحجمه، فإنها لا تقدر علی مقاومه الدم الغالب، بل یجب أن ینقص أولًا بالإخراج بالفصد، ثم یوضع المحجمه. و وضع المحاجم علی الکبد إن کان الرعاف من الیمین، و علی الطحال إن کان الرعاف من الیسار، و علیهما جمیعاً إن کان من الجانبین من أجل المعالجات. و یجب أیضاً أن یشد الأطراف حتی الخصیتان، و الثدیان من النساء. و شد الأطراف و الأذنین غایه جداً. و یجب أن یستعمل نطول کثیر بالماء البارد، و ربما احتیج إلی أن یجلس العلیل فی الماء المبرّد بالثلج حتی تخضر أعضاؤه، و ربما احتیج أن نجصص رأسه بجصَّ میت، أو بجصّ محلول فی خل، و أن یصب علی رأسه المیاه المبرّده بالثلج حتی تخدر، و ربما لم یوجد فیه من الفتائل قویه الزنجاریه، و من ماء الباذروج بالکافور، و من المومیائی الخالص، یسعط به زنه درهم، و لا أقلّ من أن یمسک الماء البارد المثلوج فی فمه.
و اعلم أنه ربما عاش الإنسان فی رعافه إلی أن یخرج منه فوق عشرین رطلًا، و إلی خمسه و عشرین رطلًا دماً، ثم یموت، و ربما کان الغشی الذی یقع منه سبباً لقطعه.
و أما الأغذیه فعدسیه بسمّاق، أو بخل، أو بحصرم، و ما أشبه ذلک. و الجبن الرطب من
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 413
الأغذیه الملائمه للمرعوفین. و کذلک الألبان المطبوخه حتی تغلظ، و البیض المسلوق لمن یستعد للرعاف لمراره دمه، علی أن
الحوامض ربما ضرّت بالمراعیف لما فیها من التقطیع و التلطیف.
و قد زعم جماعه من المجرّبین أن أدمغه الدجاج لَمِنْ أفضل الغذاء لهم، بل من أفضل الدواء لمن به رعاف من سقطه و ضربه، و لکن یجب أن یکثر منه، و یکون مرات متوالیه.
و أما الشراب، فإنه ینفع من حیث إنه یقوی، و یضرّ من حیث إنه یهیج الدم. فإذا اضطررت إلیه من حیث یقوی، فامزجه قلیلًا و إذا لم تضطر إلیه، و لم یکن الرعاف قد ناهز إسقاط القوّه، فلا تسقه. و یجب أن یراعی حتی لا ینزل شی ء منه إلی البطن، فینفخ المعده، و یضعف النبض، و یهیج الغشی، فإن نزل شی ء، فیجب ما دام فی المعده أن یتقیأ و یبادر ذلک کما یحسّ بنزوله إلی المعده، فإن جاوزها، فیجب أن یحقن لیخرج بسرعه و لا یبقی فی المعده.
و فی التدبیر المرعف: أن الضروره ربما صوّبت الترعیف، و خصوصاً فی الأمراض الدماغیه، و لذلک ما کان القدماء یتخذون آله مرعفه تعقر الأنف لیعالجوا بذلک کثیراً من الأمراض الدماغیه، و لذلک ما کان القدماء یتخذون آله مرعفه تعقر الأنف لیعالجوا بذلک کثیراً من الأمراض المحتاج فی عاقبتها إلی رعاف سائل. و من التدبیر فی الترعیف الدغدغه بأطراف النبات اللیّن الجسّ الخشن، خصوصاً الذی ینبت علی العشب الإذخری، کالزهر، و یکون کالعنکبوت، و الشیاف المتخذ من فقاح الإذخر، أو من الفوذنج البری، أو المتخذ من الأدویه الحاده، کالکندس، و المیویزج و الفربیون معجونه بمراره البقر و یستعمل.
هاتان العلتان مشترکتان فی أن کل واحد منهما سیلان الماده من الدماغ، لکن من الناس من یخصّ باسم النزله ما نزل وحده إلی الحلق، و باسم الزکام ما نزل
من طریق الأنف. و من الناس من یسمّی جمیع ذلک نزله، و یسمی بالزکام ما کان نازلًا من طریق الأنف رقیقاً، و ملّحاً متواتراً، مانعاً للشمّ، منصبّاً إلی العین و جلده الوجه. و بالجمله إلی مقدّمه أعضاء الوجه. و النزله قد تنتفض إلی الحلق، و الرئه، و إلی المری ء و المعده، فربما قرّحتها، و کثیراً ما یهیج بها الشهوه الکلبیه، و قد تنتفض فی العصب إلی أبعد الأعضاء، و قد یتولّد منها الخوانیق. و ذات الرئه، و ذات الجنب، و السلّ خاصه، و لا سیما إذا کانت النزله حاره حاده، و أوجاع المعده، و إسهال، و سحج إذا کانت حامضه، أو مالحه، و قد یتولّد منها أیضاً القولنج، و خصوصاً من المخاطی الخام منها. و سبب جمیع ذلک، إما حراره مزاجیه خاصه، أو خارجیه من شمس، أو سموم، أو شمّ أدویه مسخّنه، کالمسک، و الزعفران، و البصل، و إما بروده مزاجیه خاصه، أو وارده من خارج من هواء بارد و شمال، و خصوصاً إذا کشف الرأس لهما، و لا سیما وقت ما یتخلخل الدماغ من حمّام، أو ریاضه، و غضب، أو فکر، أو غیر ذلک.
و قد یحدث من الفصد تخلخل یهیئ البدن لقبول الحر و البرد، فیحدث النزله، و لا سیما
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 414
بعد فصد کثیر و کذلک فی سوء المزاج الحار المصیب. و البرد المزاجی إذا قوی و استحکم کما یکون فی المشایخ، یقال أنها لا تنضج إلا بعد أن یبلغوا الغایه فی صحه المزاج و حرارته، و أن الدماغ البارد إذا وصل إلیه الغذاء فی المشایخ، و فی ضعفاء الدماغ، فلم یهضم فیه ما ینفذ إلیه لضعفه، فضل و
نزل، و الکائن من البرد أکثر من الکائن من الحرّ.
و أصحاب المزاج الحار، أشدّ استعداداً لقبول الأسباب الخارجه الفاعله للزکام من أصحاب الأمزجه البارده، و أصحاب الأمزجه الحاره فی أنفسهم، أکثر أمناً لعروض ذلک لهم من الأسباب البدنیه من أصحاب الأمزجه البارده، فإن الدماغ البارد لا ینضج ما یصل إلیه من الغذاء، و لا یتحلّل ما یتصاعد إلیه من الأبخره، بل ینکس وصول الغذاء، و ترتکم البخارات نکس الإنبیق لما یتصاعد إلیه من القرع، فیدوم علیه النوازل.
و النزله قد تکون غلیظه، و قد تکون رقیقه مائیه، و قد تکون حاره مره، و مالحه، و ردیئه الطعم، و قد تکون حاره لذّاعه، و قد تکون بارده. و النزله البارده تنضج بالحمی، و أما الحاره فلا تنتفع بالحمّی و النوازل.
و الأمراض النزلیه تکثر عند هبوب الشمال، و خصوصاً بعد الجنوب، و تکثر أیضاً فی الشتاء، و خاصه إذا کان الصیف بعده شمالیاً قلیل المطر، و الخریف جنوبیاً مطیراً.
و قد تکثر النوازل أیضاً فی البلاد الجنوبیه لامتلاء الرؤوس. قال بقراط: أکثر من تصیبه النوازل لا یصیبه الطحال. قال جالینوس: لأن أکثر من به مرض فی عضو، فإن أعضاءه الأخری سلیمه.
أقول: عسی ذلک لأن المتهیئ للنوازل أرقّ أخلاطاً، و من غلظت أخلاطه لم یتهیأ النوازل کثیراً، و الصداع إذا وافق النزله زاد فیها بالجذب.
العلامات علامه النزله الحاده الحاره إن کانت زکامیه، حمره الوجه، و العینین، و لذع السائل، ورقته، و حراره ملمسه، و ربما عرضت معه حمی، فلا ینتفع بها. و إن کانت حلقیه، فحدّه ما ینزل إلی الحلق، و شده إحراقه ورقته مع التهاب یحسّ به إذا تنخع به، و یدلّ علیه نفث إلی الصفره و الحمره، و
قد یکون هناک سدّه أیضاً، و غنّه، و دغدغه حریفه.
و علامه النزله البارده برد السیلان إن کان فی الأنف، و دغدغه فی الأنف مع تمدد الجبهه، و شده السده و الغنه، و ربما دلّ علیها غلظ الماده. و إن کانت إلی الحلق فبرد ما یتنخّع به و بیاضه و الانتفاع بحمّی إن عرضت.
المعالجات
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 415
علاج النزله محصوره فی أعراض النقصان من الماده، و مقابله السبب الفاعل، و قطع السیلان، أو تعدیله، أو تحریکه إلی جهه أخری. و التقدّم بمنع ما عسی أن یتولد منه، مثل خشم فی الأنف، و قروح علی المنخر، أو مثل خشونه فی الحلق، و سعال و قروح الرئه، و ما یلیها، و ورم، و جمیعه محتاج إلی هجر التخم، و ترک الامتلاء من الطعام و الشراب، و العطاس ضارّ فی أول حدوث النزله، و الزکام مانع من نضج الأخلاط الحاصله فی الدماغ التی لا تنضج إلا بالسکون، و مع ذلک، فإنه یجذب إلیه فضول أخری، و هو بعد النضج بالغ جداً بما یستفرع من الفضل النضیج.
و المبتلی بالزکام و النزله، یجب أن لا یبیت ممتلئ البطن طعاماً، فیمتلئ رأسه، و أن یدیم تسخین الرأس و تبعیده عن البرد، و یقیه الشمال، خصوصاً عقیب الجنوب، فإن الجنوب یملأه و یخلخل، و الشمال یقبض و یعصر، و یقلّ شرب ماء الثلج، و لا ینام نهاراً، و یعطش، و یجوع، و یسهر ما أمکن، فهو أصل العلاج.
و الإسهال و إخراج الدم یبدأ به، ثم بالإسهال بعده إذا دعت الحاجه إلیهما جمیعاً، و قلّما یستعجل إلی الفصد، خصوصاً فی الابتداء إلا لکثره لا تحتمل، و أولی نزله لا یفصد فیها
ما خلا عن السعال، فإن کان سعال قلیل النفث، فلا بد من قلیل فصد مخلف عده لما لعله أن یخرج إلی تکریرات، و یستعمل شراب الخشخاش الساذج إن کان سهر، و إلا فبالسکران لم یکن سهر، و الحقنه تجذب الفضل، و تلیق الطریق بمثل ماء الشعیر فی نفوذه، و إذا وجد مع النزله نخس یندوه، دلّ علی أن الماده تمیل إلی الجنب، فلیبادر و لیفصد.
و التدخینات، ربما أورثت حمّی و حب السعال لخشونه الصدر، لا لمواد الرأس، و یجب أیضاً أن یصابر العطش، و یکسر بمزاج من شراب الخشخاش و الماء، و إن أردنا التقویه، فبماء الشعیر و السویق، و إذا کان مع النزله حمّی لم یستحم، و من دامت به النوازل صیفیاً و شتاءً، فحبّ القوقایا له من أنفع العدد، و حرکه الأعضاء السافله نافعه جداً من النوازل لجذب المواد إلی أسفل، ثم استعمال ما یوصف من التکمیدات، و التبخیرات مع مراعاه أن لا یستعمل علی امتلاء، و المعتاد للنزله، فإنه قد یمنع حدوث النزله به بادره إلی رّق فی الحمّام قبل حدوث النزله، و یجب علی کل حال أن یدیم تنکیس الرأس، و یلطئ الوساد، و لا یستلقی فی النوم، و أما لنقصان من الماده فهو باستعمال تنقیه البدن، أما فی الحار فبالفصد و الإسهال المزاج للأخلاط الحاره و الحقن الجاذبه للماده إلی أسفل.
و أما فی البارده، فبالأدویه المسهّله للخلط البلغمی من الرأس من المشروبه و المحقون بها، و فی الجمله یجب أن لا یقل الأکل و الشرب من الماء، و یهجره أصلًا یوماً و لیله، و یزول. و أما مقابله السبب الفاعل.
إما الحار، فأن یجتهد فی تبرید الرأس بما هو مبرّد بالقوه
مثل دخول الحمام العذب کل
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 416
بکره علی الریق، و صبّ الماء علی الأطراف، و مسح الرأس و الأطراف، و السرّه، حلقه و المذاکیر، و ما یلیها بدهن البنفسج، و استعمال النطول المتخذ من الشعیر، خشخاش، و البنفسج، و البابونج، و صبّ المبرّدات القویه الفحل علی الرأس، و المیل أغذیه إلی ما خص، و برد و رطب، و استعمال الجلنجبین کل یوم.
و إما البارد فأن یجتهد کما یبدأ الدغدغه، و العُطاس بتسخین الرأس، و تکمیده خرق المسخنه إلی أن یحس بالحر یصل إلی الدماغ، و حفظ الرأس علی تلک الجمله، بما احتیج إلی أن یکون بالملح، و الجاورس، و ربما کمد بالمیاه الحاره فی غایه ما یمکن أن یحتمل من الحراره، و یستعمل فیها النطولات المنضجه المحلله، و تمریخ الأطراف بالأدهان الحاره، کدهن الشبث، و دهن البابونج، و المرزنجوش. و أقوی من ذلک دهن السذاب، و دهن البان، و دهن الغار، و دهن السوسن، یمسح به الذکر، و ما یلیه، و الحلقه، و السره، و الأطراف، و یغسل الرأس بالصابون القسطنطینی.
و أما الدهن فما أمکنک أن لا یمسه الرأس فافعل، إلا أن لا یجد بداً حین یحتاج إلی تبرید ثابت، أو تسخین ثابت، و لیکن بجد الاستفراغ، و أن یستعمل علی الرأس و الجبهه لطوخات من الخردل و القسط و نحوه، و یغسله بمثل الصابون و نحوه، و أن یمیل بالأغذیه إلی ما لطف، و خف، و سخن، و جفف مع تلیین منه للصدر، و ربما احتیج إلی استعمال الأدویه المحمره، و بحیث یقع فیها خرء الحمام مع الخردل، و التین، و الفوتنج، و الثافسیا، بل استعمال الکی و بالجمله،
فإن تسخین الرأس و تجفیفه نافع لما حدث، و مانع لما یحدث، و یجب فی هذه النزله أن لا یدخل الحمام قبل النضج، بل یستعمل التکمیدات الیابسه، و مما ینفع فیه شمّ المسک، و کذلک إلقام الأذن صوفه مغموسه فی دهن حار مسخن. و أما قطع السیلان، فبالغراغر المجمده البارده، مثل الغرغره بالماء البارد، و بماء الورد، و ماء العدس، و ماء الکزبره، و ماء قد طبخ فیه قشور الخشخاش، و ماء الرمان أیضاً، أما بارده للحار، أو حاره للبارد، و مثل تلطیخ الحلق بشراب سحق فیه مر، و خصوصاً فی البارد، و کذلک إمساک بنادق فی الفم متخذه من الأفیون، و المیعه، و الکندر، و الزعفران من غیر بلع لمائیته، و مثل الأشربه التی لها خاصیه ذلک، کشراب الخشخاش الساذج الحار، و شراب الکرنب، و شراب الخشخاش المتخذ بالسلاقه المجعول فیها المر و غیره مما یذکر فی الأقراباذین للبارد، و لا یجب أن یسقی شراب الخشخاش إلا فی الابتداء لیمنع عن الصدر، فأما إذا احتبس و احتیج إلی نفث لم یصلح هذا الشراب، و مثل البخورات الحابسه، یستعمل بحیث یلج فی الخیشوم، أو تحنکاً حابساً للبخار، و هذه البخورات کالسندروس للحار و البارد جمیعاً، و کالشونیز للبارد بخوراً، و شموماً، و القسط أیضاً، و الشونیز المقلی، إذا شمّ مصروراً فی خرقه کان نافعاً.
و کذلک بخور القشر المسمّی قوقی، و کذلک بخار الخمر أو العسل عن حجر الرحا
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 417
المحمّی.
و مما ینفع فی ذلک التبخیر بالکندر، و العود الخام، و السندروس، و القسط، و اللبنی، و العود. و أما الطرفاء و الورد، فللحار، و کذلک الطبرزذ، و الباقلا، و الشعیر
المنقع فی مخیض البقر خاصه، و السکر، و الکافور، و النخاله المنقوعه فی الخل، یبخر بها للحاره، و کذلک بخار الخل عن حجر الرحا محمی مغسولًا منظّفاً.
و أما التعدیل للقوام، مثل استعمال اللعوقات، و أخذ الکثیر، و حب السفرجل فی الفم لیخالط غلظها رقه ما ینزل فیغلظ بها، و یلزج، و لا ینزل إلی العمق، و یسهل لها النفث، و استعمال ما یرقّق ذلک حتی لا یؤذی بغلظه و لحوجه، و إذا کانت النزله بارده لم یصح دخول الحمام قبل النضج، و إن کانت حاره لم یکن بذلک کبیر بأس، بل انتفع به.
و أما تحریکه إلی جهه أخری، فمثل ما یعامل به النزله إلی الحلق، بأن یجذب إلی الأنف بالمعطسات، و لجمیع ما یلذع المنخرین و مثل ما یعامل به کل نزله حاره تسیل إلی أسفل من استعمال الحجامه علی النقره.
و کذلک الإکباب علی النطولات المتخذه من الریاحین الجاذبه للماده إلی ناحیه الأنف. و أما التقدم، فمثل أن یصان الحلق و الرئه عن آفته، و أکثره بالأغذیه، أما فی الحاره، فبتمریخ الصدر بدهن البنفسج، و تناول ماء الشعیر بالبنفسج المربی، و ماء الرمان الحلو، و استعمال الأحساء المتخذه من النشا، و دقیق الشعیر، و الباقلا باللبن الحلیب، إن لم یکن حمی و یضر اللبن إن کان حمی، و استعمال اللعوقات اللینه البارده و الأشربه الزوفائیه. و أما فی البارد، فمثل تمریخ الصدر بدهن البنفسج و البان، و استعمال الأحساء الحاره الملیّنه، مثل الأطریه بالعسل، و بمثل ماء نخاله الحنطه بدهن اللوز و العسل، و مثل الخبز بالمبیختج، و استعمال اللعوقات اللینه الحاره و الأشربه الزوفائیه الحاره، و أیضاً الزوفا نفسه مع الاصطرک. و شرب الماء
الحار نافع فی النوازل بنضجها، و یدفع غائلتها من أعضاء النفس إنضاجاً لما نزل، و تلییناً و النبیذ لا یوافقهم، و ربما اتفق أن ینفعهم هذا فی الابتداء، و أما بعد النضج، فالمعتدل منه موافق، و یجب أن یکون فی تلک الحال للحار الشراب ممزوجاً، و الزهومات تمنع النضج فی الرقیق فی الابتداء.
إما بخارات عفنه تتصعد إلیه من نواحی الصدر و الرئه و المعده، و إما خلط متعفن فی عظام الخیاشیم، لو کان حاراً لأحدث قروحاً، و لکنه عفن منتن الریح، ربما تأدی ریحه إلی ما فوق، فأحس بمشمه، أو خلط متعفن فی البطن و فی الدماغ کله، أو فی مقدمه، أو فیما یلی الأنف منه، أو عفونه و فساد یعرض لتلک العظام أنفسها، و یصعب علاجه، أو لبواسیر فی الأنف
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 418
متعفنه.
المعالجات یجب أن یتقدم بتنقیه ما یکون اجتمع من الخلط الردی ء إن کان فی غیر الخیشوم و قعره، بل فی المعده و الدماغ، ثم یستعمل الأدویه الموضعیه من الفتائل و السعوطات و النفوخات و غیر ذلک، أما الفتائل المجربه فی ذلک، فالأصوب أن یغسل الأنف قبلها بالشراب، ثم تستعمل.
فمن تلک الفتائل، فتیله من المر، و الحماما، و القاقیا متخذه بعسل، أو من حماما، و مر. و ورد بدهن الناردین، و فتائل کثیره الأصناف متخذه من هذه الأدویه علی اختلاف الأوزان و هی السعده و السنبل، و ورد النسرین، و الذریره، و الحماما، و القرنفل، و الآس، و الصبر، و الورد، و شی ء من ملح مجموعه و مفرقه، أو فتیله مبلوله بمثلث رقیق، یذر علیه ذرور متخذ من القرنفل، و السعد، و الرامک، و اللاذن أجزاء سواء، و
أیضاً آس، و قصب الزریره، و نسرین، و ورد، و قرنفل بالسویه من کل واحد درهم، مر و عفص من کل واحد نصف درهم، مسک أربع حبات، کافور أربع حبات، قلیمیا و ملح أنحرانی من کل واحد أربعه قراریط، یستعمل فتیله. و من السعوطات السعوط بعصاره الفوتنج. و أفضل السعوطات و أنفعها أبوال الحمیر، فإنها لا تخلف. و من المجرّب الجید، أن تحل أقراص أنحروخورون الواقع فی التریاق فی الشراب، و یقطر فی الأنف فیبرئ. و طبیخ الدارشیشعان بالشراب الریحانی جید جداً، یستعمل أیاماً یستنشق به.
و من اللطوخات أن یلطخ باطنه بالقلقطار، و أیضاً ورق الیاسمین یسخن، ثم یسحق بالماء، و یطلی به الأنف و دواء قریطن و هو: مر أربعه و ثلثان، سلیخه درهم و سدس، حماما مثله، یعجن بعسل.
و من النفوخات أن ینفخ فیه الفودنج نفسه، أو خربق أبیض، و صدف محرق، و من الدواء المذکور فی آخر الفتائل، و أن ینفخ عود البلسان فی الأنف.
و من النشوقات ما جرّب، طبیخ دارشیشعان بماء، أو خمر یستعمل أیاماً.
و مما جرب فی علاجه، و خصوصاً إذا کان فی الدماغ، أو مقدّمه عفونه: کیتان یمنه الیافوخ و یسرته بحذاء الأذنین مائلتین إلی الصدغین، أو کیه علی وسط الرأس.
إنه قد یتولد فی الأنف قروح، إما من بخارات حاده أو ردیئه، أو من نوازل حاده، و هی إما منتنه عفنه، و إما خشرکیشات، و إما قروح بثریه، و إما قروح سلَّاخه، و هی إما ظاهره و إما باطنه.
المعالجات
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 419
الأنف عضو أرطب من الأذن، و أیبس من العین، فیجب أن یکون علاج قروحه بین علاجی قروح الأذن و العین، فیحتاج أن تکون
الأدویه المجفّفه لقروح الأنف، أقلّ تجفیفاً من الأدویه المجففه لقروح الأذن، و أشد تجفیفاً من الأدویه المجفّفه لقروح العین، فإن قروح الأذن تحتاج إلی شی ء فی غایه التجفیف، و قروح العین تحتاج إلی شی ء فی أول حدود التجفیف. ثم أنه إن کان السبب مواد تسیل، أو أبخره تصعد، فتعالج باستفراغها و جذبها إلی ناحیه أخری علی ما یدری. و بالجمله یحتاج أول شی ء أن یجفّف الرأس، و یقوّی بما عرفته، ثم تفصد المنخران.
و اعلم أن جمیع الأدویه النافعه فی البواسیر و الأربیان مما سنذکره نافعه أیضاً فی القروح، إذا کانت قویه. و إذا أغلیت باللعابات و ما یشبهها حتی لانت صلحت لجمیع القروح الخفیفه أیضاً.
أما القروح الیابسه، فتعالج بمسوح متّخذ من شمع، مخلوط به نصفه ساق البقر المذاب فی مثل دهن النیلوفر و الشیرج، و أصلحه عندی دهن الورد، خصوصاً المتّخذ من زیت الأنفاق، و أیضاً یعالج بمسوح متّخذ بدهن البنفسج مع الکثیراء أو قلیل رغوه بزرقطونا و خطمی، و أیضاً بفتیله مغموسه فی زوفا و شحم البط، و الشمع الأصفر، و شحم الأیل، و شحم الدجاج و العسل، و أیضاً شمع و دهن هلیلج أصفر، أو عفص، و ربما نفع فصد عرق فی طرف الأنف بعد القیفال، و حجامه النقره و الإسهال.
و أما القروح التی تسیل إلیها ماده حریفه أو ردیئه أو منتنه، فإن علاجها یصعب و لا بد من الاستفراغ و الفصد، و ربما احتیج إلی الإسهال بالأیارجات الکبار. و یجب أن یدام غسلها بالنطرون و الصابون، خصوصاً الصابون المنسوب إلی اسقلینادس، و الصابون المنسوب إلی قسطیطبونس. ثم تستعمل الأدویه الشدیده التجفیف.
و منها: أن یؤخذ قشور النحاس، و قلقدیس، و زرنیخ أحمر، و
خربق، و یسحق، و ینقع فی مراره الثور أیاماً حتی تتخمّر فیه، ثم یستعمل، و ربما زید فیه حماما، و مر، و فوتنج و فراسیون، و زعفران، و شب، و عفص، و دواء روفس المجرب. و نسخته: یؤخذ سعد و عفص و زعفران و زرنیخ، و یستعمل. و أما القروح الشدیده الوجع، فتعالج بالإسرب المحرق المغسول فی الإسفیداج و المرادسنج یتخذ منها مرهم بدهن ورد، و الشمع.
و أما القروح البثریه، فعلاجها بدهن الورد، و دهن الآس، و المرداسنج، و ماء الورد، و قلیل خل، یتخذ منها مرهم. و أما القروح الظاهره فتعالج بهذا المرهم. و نسخته: یؤخذ إسفیداج رطل، مرداسنج ثلاث أواق، خبث الرصاص المحرق ثلاث أواق، یخلط بالخمر و دهن الآس.
و من الأدویه المشترکه، أن یؤخذ ماء الرمان الحامض، فیطبخ فی إناء نحاس حتی یصیر إلی النصف، و یلطخ به فتیله، و یستعمل. و مما یعالج به أقراص أندرون تاره محلوله فی شراب
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 420
، و تاره بخل، و تاره بخل و ماء بحسب ما تری. و من المراهم الجیّده، أن یؤخذ خبث الأسرب، و شراب عتیق، و دهن الآس، یجمع بالسحق علی نار لینه فحمیه، و یحرّک حتی یغلظ، و یحفظ فی إناء من نحاس و الاسرب المحرق فی حکم خبث الأسرب، و ینبغی أن تستعمل عصاره السلق وحدها، أو مع الأدویه، فإنها نافعه جداً.
أما الابتداء، فیکفی دهن الورد وحده، أو بشمع و شحم الدجاج. و أقوی من ذلک مرهم الاسفیداج، و لا سیما مخلوطاً بلعاب حب السفرجل، فإن رید زیاده تجفیف، جعل فیه خبث الفضه. و قد ینقع خبث الفضه وحده بدهن الآس، و أما إذا
اشتدّت العلّه یسیراً، فلیستعمل هذا المرهم. و نسخته: إسفیداج رطل، مرداسنج ثلاث أواق، خبث الرصاص ثلاث أواق، رصاص محرق مغسول مسحوقاً بالخمر أربع أراق، یتخذ منه مرهم بدهن الآس و الخل. و أما إذا أزمنت العله و اشتدّت جداً، یؤخذ مرهم بهذه الصفه، مرداسنج أربعه دراهم، سذاب رطب أربعه دراهم، شبّ درهمین، یتخذ منه مرهم بدهن الآس و الخلّ. و أقوی منه زاج، و قلقنت، و مر، من کل واحد سبعه أجزاء، قلقدیس ستّه، شبّ یمانی عفص توبال النحاس من کل واحد أربعه، کندر جزء و نصف، خلّ رطل و ثمان أواق، یطبخ فی إناء نحاس حتی یصیر فی قوام العسل، و یتخذ منه لطوخ.
السده فی الخیشوم هی الشی ء المحتبس فی داخله حتی یمنع الشی ء النافذ من الحلق إلی الأنف، أو من الأنف إلی الحلق، و قد یکون خلطاً لزجا لحجاً، و قد یکون لحماً ناتئاً، و قد یکون خشکریشه.
العلامات هذه السدّه تفعل الغنه حتی تمنع فضله النفخه عن أن تتسرّب فی الخیشوم، فتفعل الطنین الکائن منه.
المعالجات یؤخذ من العدس المر درهم، جندبیدستر نصف درهم، أفیون قیراط، زعفران قیراط، مر نصف درهم، یتّخذ منها حب، و یسعط بماء المرزنجوش الرطب، و کثیراً ما یحوج الحال إلی عمل الید، و خرط الأنف بالمیل الخاص بالأنف الذی یمکن به الجرد، فلا یزال یجرد حتی یتنقّی، و ربما خرج بالجرد شی ء کثیر یتعجّب الإنسان من مبلغه یکاد یبلغ نصف رطل
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 421
، فإن لم یغن فعل ما ذکرنا فی باب البواسیر.
فی علاج الخنان من معالجته أن یسعط و یغرغر بدواء هذه نسخته: یطبخ العفص المسحوق بماء الرمان الحلو غمره حتی یشربه، ثم
یجفّف و یخلط به نصفه کندر، و أنزروت، و یعجن کره أخری بماء الرمان الذی قد طبخ العفص فیه، و یستعمل سعوطاً و غیره أیاماً، و مما یعالج به أن یجعل فی الأنف تنکار بشمع و دهن لا یزال یستعمل حتی یبرأ.
الأولی و الأفضل أن یحشی من داخل، ثم یسوّی من خارج، و یخرج الحشو کل قلیل حتی یستوی. و أما الأطلیه النافعه فی ذلک، فالذی یجب أن یجعل علی الکسر قلیلًا صبر و ماش، مرّ و زعفران، و رامک، و سکّ، و طین أرمنی، و طین مختوم رومی، و خطمی، و لاذن یطلی بماء الأثل، أو ماء الطرفاء. علی أنا ربما عاودنا ذکر هذا الباب فی کتاب الکسر و الجبر.
أما البواسیر فهی لحوم زائده تنبت، فربما کانت لحوماً رخوه بیضاء و لا وجع معها، و هذه أسهل علاجاً، و ربما کانت حمراء، و کمده شدیده الوجع، و هذه أصعب علاجاً، لا سیما إذا کان یسیل منها صدید منتن. و ربما کان منها ما هو سرطانی یفسد شکل الأنف، و یوجع بتمدیده الشدید، و هو الذی یکون کمد اللون، ردی ء التکوّن جداً فی غور کثیر، و سبیله المداراه دون القطع و الجرد. و قد یفرق بین السرطانی، و بین البواسیر الردیئه، أن اللحم النابت، إن حدث عقیب علل الرأس و النوازل، فإنه بواسیر، و إن کان لیس عن ذلک، بل حدث عن صفاء الأنف، و عدم السیلانات، فهو سرطان، و خصوصاً إن کان قبل حدوثه فی الدماغ أعراض سوداویه، و کان ابتداؤه کحمّصه، أو بندقه، ثم أخذ یتزاید و أحدث فی الحنک صلابه.
و السرطان فی أکثر الأمر غیر ذی صدید و سیلان إلی الخلق، بل هو یابس صلب، و البواسیر ربما طالت و صارت بواسیر معلقه، و ربما طالت حتی تخرج من الأنف أو الحنک، و جمیع الأدویه التی تنفع من الأربیان، فإنها تنفع من البواسیر، و ربما احتیج أن تکسر قوّتها.
المعالجات ما کان من
ذلک من القسم الأول قطع بسکین دقیقه، ثم جرد بالمجرد ناعماً، و ما کان من القسم الثانی، فالأولی أن یکوی، أما بالأدویه التی نذکرها، و أما بالنار بمکاوٍ صغار دقاق، أو
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 422
تقطع بمجارد تخرج جمیع ما فی الأنف من الزوائد و الفضول.
و أجود المجارد ما کان أنبوبیاً، ثم یحسبّ فی المنخرین بعد ذلک خلّ و ماء، فإن جاد النفس بعد ذلک و زالت السده، و إلا فقد بقیت منه فی العمق بقیه، فحینئذ یحتاج أن یستعمل المنشار الخیطی، وصفته: أن تأخذ خیطاً من شعر، أو إبریسم، فتعقده عقداً یصیر بها کالمنشار فی الأسنان، و تدخله فی إبره من إسرب معقفه إدخالًا من المنخر حتی یخر إلی الحنک، ثم ینشر به بقیه اللحم جذباً له من الجانبین کما یفعل بالمنشار، ثم تأخذ أنبوباً من الرصاص، أو من الریش، و تلف علیه خرقه، و تذر علیها أدویه البواسیر، مثل دواء القرطاس، و دواء أندرون، و سائر ما نذکره بعد، و یدخله فی الأنف لیبقی موضع النفس مفتوحاً، و إذا عمل مجرد کالمبرد لکنه أنبوبی أمکن أن تبلغ به المراد من التنقیه، و إذا استعمل علی البواسیر آلات القطع و الجرد، أو الأدویه الأکّاله، فیجب أن یعطس بعد ذلک حتی تنتثر کل عفونه و نشاره. و أما الأدویه التی یعالج بها ما خص من ذلک، ففتیله معموله من قشر الرمان مسحوقاً بالماء حتی ینعجن، و لا یزال یستعمل ذلک، فإنه مجرب، لکنه بطی ء النفع. أو فتیله من أشنان أخضر ساذج، أو بشحم الحنظل، أو من جوز السرو مع شی ء من التین، یستعمل أیاماً أو فتیله مغموسه فی عصاره الحبق وحدها، أو مغموسه
فی عصارته، ثم یذرّ علیها الیابس منه، أو فی خمر، و یذر علیها سحیق الحبق، أو من عقید ماء الرمانین المدقوقین مع القشر و الشحم، أو فتیله بعسل و ورد، یکرر فی الیوم مرات، أو نفوخ من الزرنیخ و القلقنت مسحوقین بخل مجففین. و أما الأدویه التی یعالج بها ما أزمن من ذلک، ففتائل، ذرورات، و مراهم من مثل الشب، و المر، و النحاس المحرق، و قشور النحاس، و أصل السوسن الأبیض، و القلقنت، و القلقطار، و الزاج، و النطرون یتخذ منها بالخمر، أو بماء الحبق، أو ماء الرمانین بالشحم و القشر فتائل، و یستعمل. أو یستعمل نفوخات، فإن لم ینجح، اتخذت فتیله من مثل هذه المیاه مذروراً علیها شی ء کثیر من القلقدیس، و القلقطار، و القلی، و الزنجار، و الزاج، و الشبّ علی السویه. و الأصوب أن یستعمل بعد الشرط، فإن لم ینجح، فالقلقندیون، و قد قیل أن بزر اللوف یشفی بواسیر الأنف، و إذا عصر العنقود الذی علی طرف لوف الحیّه، فشرب منه صوفه، و أدخل فی المنخرین، أذهب اللحم الزائد و السرطان.
و أما الأربیان، فالأصوب أن یعالج بعلاج الید، و ذلک بعد نفض الامتلاء عن البدن و الرأس، فإن کان خفیفاً، استعملت الأدویه القویه من أدویه القروح، مثل نفوخ متخذ من شبّ، و مر جزء جزء، و قلقطار و عفص نصف جزء نصف جزء، و ینفخ فیه، أو یتّخذ فتیله. و الدواء الذی اختاره جالینوس، فهو أن یؤخذ من ماء الرمانین المعصورین بقشورهما، و شحمهما، و یطبخان طبخاً یسیراً، ثم یرفعان فی إناء من إسرب، ثم یؤخذ الثفل و یدق حتی یصیر کالعجین، و یسقی من العصارتین قدر ما یلیق به، ثم
یتخذ منه شیافات مطاوله، و یدخلها أنف العلیل و یترکها فیه، ثم تریحه فی بعض الأوقات، و تخرجها عن أنفه، و تطلی الأنف حینئذ و الحنک
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 423
بالعصارتین، تواظب علی هذا التدبیر. و هذا للقروح و البواسیر نافع. و من منافعه، أنه غیر مؤلم ألماً یعتد به، و ربما جمع ذلک من ثلاث رمانات عفصه، و حامضه، و حلو، فإن کان الباسور صلباً زاد فی الحامض، و إن کان کثیر الرطوبه زاد فی العفص، و قوم من بعد.
قال جالینوس: ربما زادوا فیه قلیل قلقطار، و نوشادر، و زنجار. و مما یقلعه دواء المقر. و الأدویه الحاده الأکاله کلها تنفخ فیه فإذا ورم أجمّ حتی یسکن، ثم یستعمل الشمع و الدهن و العسل، ثم یعاود النفخ، ثم یعاود الإجمام، لا یزال یعمل به ذلک حتی یسقط. و قد جرب الخرنوب النبطی الرطب، فإنه إذا حشی صوفاً، و أدخل الأنف أکل الأبیان کله للثآلیل، و أیضاً جوز السرو نافع.
و مما جرب أن یسحق الزاج الأخضر کالکحل، و ینفخ فی الأنف غدوه و عشیه، فإنه یبرأ، و إذا قطع الاربیان، فمن الأدویه الحابسه لدمه الطین المبلول بالماء المبرد حتی یصیر طیناً غلیظاً، و یبرد جداً، و یطلی به الأنف.
العطاس حرکه حامیه من الدماغ لدفع خلط، أو مؤذ آخر باستعانه من الهواء المستنشق دفعاً من طریق الأنف، و الفم. و العطاس للدماغ، کالسعال للرئه و ما یلیها، و قد ظن قوم أن الدماغ لا یفرغ إلی العطاس، إلا إذا استحال الخلط المؤذی هواء، فیخرجه بالهواء المستنشق، و لیس ذلک بواجب، بل إنما یخرج إلی الهواء فی ذلک لیکون البدن مملوءاً هواء متصلًا بهواء
جذبه إلی ناحیه الخلط، فإذا تزعزع الهواء کله تحرکه عضلات الصدر و الحجاب حرکه عنیفه، و انتفض من داخل إلی خارج حافراً لما هو أبعد من الصدر من أجزائه حذر إلی الخروج، کان معونه علی النفض و القلع. لأن ذلک یتبعه تزعزع الهواء الذی یلیه، فیعین القوه الدافعه علی إماته الماده و نفضها.
و العطاس ضار جداً فی أول النزله و الزکام لحاجه الخلط المطلوب فیه النضج إلی السکون، و ربما کثر فی الحمّیات و ما یشبهها کثره تسقط القوه و تملأ الرأس، و ربما هیّج رعافاً شدیداً، فیجب أن یتعجل فی حبسه، لکنه یحل الفواق المادی بزعزعته.
و من العطاس ما یعرض فی ابتداء نوائب الحمیات. و قد زعمت الهند و لم یعد صواباً أن العاطس أوفق أوضاع رأسه أن یکون أمامه حذر و صدر، غیر ملتفت و لا متنکس، فلا یلحقه غائله.
و العطاس أنفع الأشیاء لتجفیف الرأس إذا کانت الماده، أما قلیله مقدوراً علی نفضها و إن لم تنضج، أو کانت ریحیه. فإن کانت کثیره أو بخاریه، فإن العطاس أنفع شی ء للامتلاء البخاری
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 424
فی الرأس، أو کانت غلیظه لکن نضیجه. فإن کانت أکثر من ذلک فیدل علی قوّه من الدماغ، و لذلک من قرب موته لا یستطیع أن یعطس، و من عطس منهم بالمعطّسات، فلم یعطس فلا یرجی برؤه البتّه، و هو مما یعین علی نفض الفضول المحتبسه، و یسهّل الولاده و خروج المشیمه، و یسکّن ثقل الرأس، لکنه ضار لمن فی رأسه ماده تحتاج أن تسکّن لتنضج، و أن لا یسخّن ما یلیها و لا یتحرّک خوفاً من أن ینجذب إلیها غیرها، و هو ضارّ أیضاً لمن فی
صدره ماده کثیر أو فجّه.
مما یمنعه التسعّط بدهن الورد الطیب، و دهن الخلاف شدید التسکین له. و قد یمنعه أن یحسی حسواً حاراً، و تحمیم الرأس بماء حار، و صبّ دهن حار فی الأذنین، و الاستلقاء علی مرفقه حاره توضع تحت القفا. و اشتمام التفاح و السویق، و کذلک اشتمام الاسفنج البحری مما یقطعه، و الفکر و الاشتغال عنه ربما قطعه.
و أما الصبیان، فینتفعون بسیلان الکلیه الصحیحه، تجعل علی النار، و تشوی، و تؤخذ قبل أن تنضج، و یؤخذ سیلانها و یستنشق، أو یسعط به. و مما ینفعه شدّه الصبر علیه، فإنه یحبسه، و هو علاج کافٍ للضعیف منه، و مما یمنعه ذلک العین، و الأذن، و الأطراف، و الحنک، و قوّه الفغر، و التحشّی، و تحدید النظر إلی فوق، و التململ، و التقلّب، و تمریخ العضل بالأدهان المرطّبه، و خصوصاً عضل اللحیین، و الاستغراق فی النوم، و اتّقاء الانتباه المباغت، و التحرّز عن الغبار و الدخان.
فی الأدویه المعطسات هی الخربق الأبیض، و الجندبیدستر، و الکندس، و الفلفل، و الخردل یجمع أو یؤخذ أفراداً، و یلصق بریشه فی الأنف، أو یؤخذ عاقرقرحا، و السنبل، و السکّ المدخن، أی المتخذ دخنه، و السذاب البری، و الصبر، و یلطخ کذلک. و أما المعطسات الخفیفه، فالأفیون إذا شمّ، و قضبان الباذروج، و الزراوند، و الورد بزغبه، و هو مما یعطّس المحرورین. و لطخ باطن الأنف بالدواء المعطّس أصوب من نفخه فیه.
یعطس صاحبه ببعض الأدویه، و یؤخذ علی فمه و منخره الصحیح، فإذا عطس خرج منه الشی ء، و کأنّ هذا مما سلف ذکره.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 425
قد یکون لحراره، و قد یکون لیبوسه شدیده، و قد یکون لخلط لزج جفّ فیه. و علاج کل واحد منه ظاهر. و أنفع شی ء فیه الأدهان، و العصارات البارده الرطبه، و إخراج الخلط، إن کان بعد تلیینه بدهن، أو عصاره حتی لا یخرج ما لا یتعاطی إخراجه.
قد تکون لبخار حادّ، أو نزله حاده کانت، أو تکون، أو لنزله قویه السیلان، و إن کانت بارده. و قد یکون لبثور، و قد یکون لحرکه الرعاف، و هی من دلائل البحران، و من دلائل الجدری، و الحصبه علی ما نذکره فی موضعه. و علاج کل واحد من ذلک بما عرف من الأصول سهل.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 426
القانون فی الطب (طبع بیروت) ؛ ج 2 ؛ ص426
الفم عضو ضروری فی إیصال الغذاء إلی الجوف الأسفل، و مشارک فی إیصال الهواء إلی الجوف الأعلی، و نافع فی قذف الفضول المجتمعه فی فم المعده إذا تعقر، أو عسر دفعها إلی أسفل، و هو الوعاء الکلی لأعضاء الکلام فی الإنسان، و التصویت فی سائر الحیوانات المصوته من النفخ. و اللسان عضو منه هو من آلات تقلیب الممضوغ، و تقطیع الصوت و إخراج الحروف، و إلیه تمییز الذوق. و جلده سطحه الأسفل متصله بجلده المری ء، و باطن المعده.
و جلده النطع مقسومه منصّفه بحذاء الدرز السهمی، و بینهما مشارکه فی أربطه و اتصال. و قد عرفت عضله المحرّکه و المحبسه. و أفضل الألسنه فی الإقتدار علی جوده الکلام، المعتدل فی طوله و عرضه، المستدق عند أسَلَته. و إذا کان اللسان عظیماً عریضاً جداً، أو صغیراً کالمتشنج، لم یکن صاحبه قدیراً علی الکلام.
و جوهر اللسان لحم رخو أبیض، قد اکتنفته عروق صغار مداخله دمویه أحمرّ لونه بها، و منها أورده، و منها شریانات، و فیه أعصاب کثیره متشعبه من أعصاب أربعه ناتئه قد ذکرناها فی تشریح الأعصاب، و فیه من العروق و الأعصاب فوق ما یتوقّع فی مثله، و من تحته فوهتان یدخلهما المیل هما منبع اللعاب یفضیان إلی اللحم الغددی الذی فی أصله المسمی مولد اللعاب. و هذان المنبعان یسقیان ساکبی اللعاب، یحفظان نداوه اللسان. و الغشاء الجاری علیه متصل بغشاء جمله الفم، و إلی المری ء، و المعده، و تحت اللسان عرقان کبیران أخضران یتوزع منهما العروق الکثیره، یسقیان الصُرَدین.
قد یحدث فی اللسان أمراض تحدث آفه فی حرکته، إما بأن تبطل، أو تضعف، أو تتغیر. و قد یحدث له أمراض تحدث آفه فی حسّه اللامس،
و الذائق، بأن یبطل، أو یضعف، أو یتغیّر. و ربما بطل أحد حسیه دون الآخر کالنوق، دون اللمس لاقتدار المرض علی إحلال الآفه بأضعف القوّتین، و قد یکون المرض سوء مزاج، و قد یکون آلیاً من عظم، أو صغر، أو فساد
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 427
شکل، أو فساد موضع، فلا ینبسط، أو لا ینقبض، أو من انحلال فرد، و قد یکون مرضاً مرکّباً کأحد الأورام. و ربما کانت الآفه خاصه به، و ربما کانت لمشارکه الدماغ و حینئذ لا یخلو عن مشارکه الوجنتین، و الشفتین فی أکثر الأمر، و ربما شارکه سائر الحواس إذا لم تکن الآفه فی نفس شعبه العصب الذی یخصّه، و قد یألم أیضاً بمشارکه المعده، و أحیاناً بمشارکه الرئه و الصدر، و قد یستدل علی أمزجه المزاج من جهه اللون الأبیض، و الأصفر، و الأحمر، و الأسود، و من جهه لمسه، و من جهه الطعم الغالب علیه من إحساس شبه حموضه، أو حلاوه، أو تفه، أو مراره، أو بشاعه تتولد عن عفونه، أو عفوصه و قبض.
علی أن الاستدلال من لونه، و ما یجده من أطعم، قد یتعداه إلی أعضاء أخری، فإن حمرته، و خصوصاً مع الخشونه قد تدل علی أورام دمویه فی نواحی الرأس، و المعده، و الکبد. و بیاضه قد یدل علی برد فم المعده، و الکبد، و بلغمیه الرأس. و ربما دلّ علی الیرقان، و إن کان لون البدن بالخلاف، و طعمه یدل الغالب من الأخلاط علی البدن کله، أو علی المعده و الرأس.
و قد یستدلّ علیه من جهه رطوبته، و یبوسته. و الیبوسه تحسّ علی وجهین: أحدهما مع صفاء سطح اللسان، و هذا هو الیبوسه الحقیقیه،
و الثانی مع سیلان خلط غروی لزج علیه قد جففه الحرّ، و هذا لا یدلّ علی یبوسه فی جوهره، بل علی رطوبه لزجه تجتمع علیه، إمّا من نزله، و إما من أبخره غلیظه ثخینه، و هذا مما یغلط فیه الأطباء إذا تعرّفوا من المریض حال جفاف الفم فلم یمیزوا بین الضرب الذی قبله، و بینه. و الخشونه تتبع الجفاف، و الملاسه تتبع الرطوبه.
و قد یستدل علی اللسان من حاد حرکته عند الکلام، و من حال ضموره و خفّته، و من حال غلظه حتی ینعضّ کل وقت، و تثقل حرکته عند الکلام، فیدل علی امتلاء من دم، أو رطوبه، و قد یستدل علیه من الأورام و البثور التی تعرض فیه، و أنت یمکنک أن تبسط وجوه الاستدلالات من هذا المأخذ بعد إحاطتک بأصول کلیه سلفت، و جزئیه تلیها.
و اللسان قد یألم بانفراده، و قد یألم بمشارکه الدماغ، أو المعده. و لما کانت عصبه اللسان متّصله بعده أعصاب لم یخل، إما أن تکون تلک الأعصاب مواتیه لها فی الحرکه لا تعاوقها و تواتیها، فیکون حال أصحاء الکلام، و إما أن تعاوقها و لا تواتیها بسهوله، فیکون التمتمه و نحو ذلک، و ربما وقعت التمتمه من الحبسه بسبب أن العصبه تستقی القوّه من عصب آخر، فینحبس إلی أن یتجه.
فی معالجات اللسان قد تکون معالجته بمشارکه مع رأس، أو معده بما یصلحها مما علمت کلًا فی بابه، و قد تکون معالجته معالجه خاصه بالمشروبات المستفرغه بالإسهال، و هی أنفع من المقیّئه و المبدله
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 428
للمزاج، أو القابضه، أو المحلّله المقطّعه الملطفه التی إذا أشربت تأدّت قوتها إلیه، و أولی ما یشرب أمثالها أن یشرب
بعد الطعام. و قد یعالج بالمضمضات، و بالدلوکات، و بالغراغر، و بالأدهان تمسک فی الفم، و بالحبوب الممسکیه فی الفم المتخذه من العقاقیر التی لها القوی المذکوره بحسب الحاجه. و الأجود أن تتخذ مفرطحه، و یجب أن یحترس فی استعمال أدویه الفم و اللسان إذا کانت من جنس ما یضرّ الحلق و الرئه کیلا یتحلّب شی ء من سیلاناتها إلیها.
الآفه تدخل فی الذوق علی الوجوه الثلاثه المعلومه، و کل ذلک قد یکون بمشارکه، و قد یکون لمرض خاص من سوء مزاج، أو مرض آلی، أو مشترک، فیستدلّ علیه بما أشرنا إلیه.
العلاج علاجه، إن کان بمشارکه، فأن تتعرف حال الدماغ فتصلحه بما عرفناکه فی باب علل الدماغ، أو حال المعده، و إن کان من غیر مشارکه اشتغل باللسان نفسه. و إذا کان السبب امتلاء، و خلطاً ردیئاً، فیجب أن یستفرغ، فإن کان حاداً، استفرغ بمثل أیارج فیقرا، و حب القوقایا، أو حبوب متخذه من السقمونیا، و شحم الحنظل، النفطی. و إن کان خلطاً غلیظاً، فیجب أن یستفرغ بالایارجات، و یستعمل الغراغر المذکوره فی باب استرخاء اللسان، و یطعم صاحبه الأغذیه الحریفه، کالبصل، و الخردل، و الثوم، و الخلّ.
استرخاء اللسان من جمله أصناف الاسترخاء المذکوره فیما سلف و السبب المعلوم. و قد یکون من رطوبه دمویه مائیه، و قد یکون لسبب فی الدماغ، و قد یکون لسبب فی العصبه المحرّکه له، أو الشعبه الجائیه منها إلیه. و أنت تعلم ما یکون بشرکه من الدماغ، و ما یکون عن غیر شرکه، بما تجد علیه الحال فی سائر الأعضاء المستقیه من الدماغ حساً و حرکه، و قد یدل علی أن الماده دمویه، حمره اللسان و حرارته، و قد یدلّ علی أن الماده رقیقه مائیه، کثره سیلان اللعاب الرقیق، و قلّه الانتفاع بالمحلّلات، و الانتفاع بما فیه قبض. و قد یبلغ الاسترخاء باللسان إلی أن یعدم الکلام، أو یتعسر، أو یتغیّر، و منه الفأفاء و التمتام. و من الصبیان من تطول به مده العجز عن الکلام، و من المتعتع فی کلامه من إذا عرض له مرض حار انطلق
لسانه لذوبان الرطوبه المتعتعته للسان المحتبسه فی أصول عصبه، و لمثل هذا ما یکون الصبی ألثغ، فإذا شبّ و اعتدلت رطوبته عاد فصیحاً.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 429
المعالجات یجب أن ینقی البدن بالأیارج الصغیر، ثم بالأریارجات الکبار، ثم یقصد ناحیه الرأس بالأدویه الخاصه به، و إن ظنّ أن مع الرطوبه غلبه دم، فصد عروق اللسان، و حجم الذقن، ثم عولج بالغراغر، و الدلوکات اللسانیه، و بإدامه تحریکه بعد الاستفراغ، و البابان الأولان، فقد وقفت علیهما فی تدبیر أمراض الرأس. و أما الأدویه الخاصه بالموضع، فالذی فی أکثر الأمر هو بالدلک بالمحلّلات المقطّعات، و التغرغر بمیاهها، و التمضمض بها، و هی مثل السعتر، و الحاشا، و الخردل، و العاقرقرحا، و قشور أصل الکبر، بل مثل الخردل و الکندس، کل ذلک بمثل المری، و بمثل خلّ العنصل. و قد ینتفع بدلک اللسان بالنوشادر مع الرخبین أو المصل حتی یسیل منه لعاب کثیر. و السکنجبین العنصلی إذا استعمل غرغره و مضمضه نفع جداً. و الوج جید جداً لاسترخاء اللسان و ثقله، و إذا اشتد الاسترخاء، و امتنع الکلام، فیؤخذ شی ء من الأوفربیون، و کندس، و یدام ذلک اللسان و أصله به.
و یجب أن توضع هذه الأدویه و أمثالها علی الرقبه أیضاً، و قد یتخذ من هذه الأدویه و أمثالها حبوب تعجن بما یمنعها من سرعه الانحلال، مثل اللاذن، و العنبر، و الراتینج، و الصموغ اللزجه.
نسخه حبّ یمسک تحت اللسان: ینفع من استرخائه و دلعه علک الأنباط درهمان، حلتیت درهم، یتخذ منه حبّ کالحمص، و یمسک تحت اللسان. و مما جرب فی هذا الباب غرغره من النوشادر، و الفلفل، و العاقرقرحا، و الخردل، و البورق، و الزنجبیل،
و المیویزج، و الصعتر، و الشونیز، و المرزنجوش الیابس، و الملح النفطی، یدقّ و ینخل و یتغرغر بها فی ماء أیاماً تباعاً. و من الجوارشنات التی تذکرها الهند لهذا الشأن.
صفه الجوارشن: یؤخذ کمّون أسود، کمون کرمانی، قرفه ملح هندی، من کل واحد نصف مثقال، دارفلفل مائه عدداً، فلفل مائتان عدداً، سکّر ثمانیه أساتیر و الأستار سته دراهم و نصف، یستفّ منه کل وقت، فإذا لم تنجع المحللات، و حدست أن الرطوبه رقیقه سیّاله، استعنت بالمحللات القابضه، مثل الدارشیشعان مخلوطاً بالورد، و مثل فقاح الإذخر بالطباشیر، و کثیراً ما ینفعه تدلیک اللسان بالحوامض القابضه، فإنها تشدّ مع تحلیل الریق و إسالته بسبب الحموضه، مثل المصل، و الحصرم، و الفواکه التی لم تنضج.
و إذا أبطأ الصبی بالکلام وجب أن یدام تحریک لسانه و دلکه و تسییل اللعابات منه، و ینفع فی ذلک خصوصاً إذا استعمل فی دلکه العسل، و الملح الدارّانی، و یمنع ما قیل فی علاج رطوبه اللسان، و مما یحرّک لسانهم و یطلقه إجبارهم علی الکلام.
قد یکون تشنّج اللسان من رطوبه لزجه تمدد عضله عرضاً، و قد تکون من سوداء مقبضه، و قد تکون فی الأمراض الحاده إذا أحدثت تشنجاً فی عضله اللسان علی طریق التجفیف، و التشویه. و التشنج قد یظهر أیضاً ضرراً فی الکلام.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 430
قد یکون تشنج اللسان من رطوبه لزجه تمدد عضله عرضا و قد تکون من سوداء مقبضه و قد تکون فی الامراض الحاده إذا أحدثت تشنجا فی عضله اللسان علی طریق التجفیف و التشویه. و التشنج قد أیضا ضررا فی الکلام.
المعالجات لیس یبعد علاج تشنّج اللسان فی القانون من علاج التشنج الکلی المذکور
فی الفن الأول من هذا الکتاب. و أما علی طریق الأخص، فإن علاجه علی ما حد من جمله ذلک: التکمیدات لأصل العنق، بمثل البابونج، و إکلیل الملک، و الرطبه، و المرزنجوش. و الشبث أفراداً و مجموعه، و کذلک الغرغره بأدهانها، و احتساؤها مل ء الفم و هی فاتره، ثم إمساکها فیه مده، و استعمال أخبصه متخذه من أدهان حاره، و حلاوات محلله، و بزور کالحلبه و ما یشبهها.
و إذا کان فی الحمیات، فلتکن الأدهان اسمتعمله، مثل دهن البنفسج، و دهن القرع و الخلاف مفتّراً، و یجب أن ینطل المواضع المذکوره بالماء الفاتر و العصارات الرطبه مفتره.
قد یکون عظم اللسان من دم غالب، و قد یکون من رطوبه کثیره بلغمیه مرخیه مهیجه، و قد یعظم کثیراً حتی یخرج من الفم و لا یسعه الفم و هذا العظم قد أفردنا ذکره من باب الورم لمن هو مختص به من اللرق.
المعالجات أما الدموی و الکائن من ماده حاره، فیعالج بأن یدام دلکه بالمقطعات الحامضه و القابضه، مثل الریباس و حماض الأترج، و الکائن عن الرطوبات، فبأن یدام دلکه بالنوشادر و الملح، مع مصل و خل بعد الإستفراغات، أو یؤخذ زنجبیل، و فلفل، و دارفلفل، و ملح أندرانی، یدق جیداً، و یدلک منه اللسان، فیعود إلی حجمه، و یدخل الخارج منه.
و استرخاء اللسان إذا عرض للصبیان، کفی المهم فیه الحمیه و التغذیه بالعصافیر و النواهض. و قد احتجم إنسان فضرب المبضع لیف عصیب فی جوار الغشاء المتصل باللسان، فأرخی اللسان.
قد یعرض لاتصال الرباط الذی تحته برأس اللسان و طرفه، فلا یدع اللسان ینبسط، و قد یعرض علی سبیل التشنج.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 431
المعالجات أما الکائن بسبب التشنج، فقد قیل فیه. و أما الکائن بسبب قصر الرباط، فعلاجه قطع ذلک الرباط من جانب طرفه قلیلًا، و تدارک الموضع بالزاج المسحوق لیقطع الدم، و مبلغ ما یحتاج إلیه من قطعه فی إطلاق اللسان أن ینعطف إلی أعلی الحنک، و أن یخرج من الفم، و إن لم یجسر علی قطعه بالحدید تقیه و خوفاً من انفجار دم کثیر، جاز أن یدخل تحت الرباط إبره بخیط خارم فیخرم من غیر قطع، و یجعل علی العضو ما یمنع الالتصاق، و هی الأدویه الکاویه الحاده، و إن رفق فی قطعه مع تعهد العروق التی تحت اللسان
کی لا یصیبها قطع لم یصبها سیلان دم مفرط.
قد یعرض للسان أورام حاره، و أورام بلغمیه، و أورام ریحیه، و أورام صلبه، و سرطان. و علامات جمیع ذلک ظاهره إذا رجعت إلی ما قیل فی علامات الأورام. و قد یرم اللسان لشرب السموم مثل الفطر و الأفیون.
المعالجات أما الأورام الحاره، فتعالج أولًا بالفصد، و الإسهال، و ذلک خیر فی أورام اللسان من القی ء، و ربما لم یستغن عن فصد العرق الذی تحت اللسان، ثم یمسک فی الفم عند ابتدائها عصاره الهندبا، و عصاره الخس خاصه، عصاره عنب الثعلب، و اللبن الحامض، و خاصه ماء الورد، و ماء ورد طبخ فیه الورد، و عصاره عصا الراعی، و قشور الرمان، و یدلک بالجوخ الرطب، فإنه شدید النفع من ذلک. فإذا لم یتحلل و لم ینفتح، احتیج فی آخره إلی المنضجات المحلله یتغرغر بها، مثل العسل باللبن، و مثل طبیخ أصل السوس، و مثل طبیخ التین، و الحلبه، و طبیخ الزبیب و الرزیانج، و شرب أیارج فیقرا لیسهّل الماده الغلیظه عن فم المعده، و یجعل الأغذیه من جنس ما ینضج، و یحلل مثل الکرنبی و القطفی بدهن الخلّ.
فإن تقیح، استعمل القوابض فی الفم مثل طبیخ السماق، و الآس، و العدس، و ورق الزیتون، و الشواب العفص. و مما ینفع من ذلک، مرهم یتخذ من عصاره عنب الثعلب و دهن الورد، و العدس المقشر، و الورد.
و إن کان الورم رخواً بلغمیاً، فقد ینفع منه س من الورم الحار فیه البالغ منتهاه، أن یحرق أصل الرازیانج، و یلصق علیه. و قد یسعطون فی أمثالها، و فی بعض الأورام الحاره التی فیها غلظ هذا الدواء. وصفته: یؤخذ من الزعفران و
أیارج فیقرا من کل واحد جزء، و من الکافور و المسک من کل واحد ثلث جزء، و من السکر الطبرزذ جزء و نصف، یحلّ من الجمله وزن دانقین فی لبن جاریه و یسعط به.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 432
قال جالینوس: ورم لسان إنسان ورماً عظیماً، و کان ابن ستین سنه، و لم یکن له عهد بالفصد، فلم أفصده، و سقیته القوقای، و أردت أن أغلف لسانه فی الضمّادات البارده، و کان عشاء فخالف طبیب، فرأی فی الرؤیا لیلته تلک أن یمسک فی فمه عصاره الخس فبرأ برأً تاماً، و کان ذلک وفق مشورتی. و أما إن کان الورم صلباً، فینبغی أن تلطف التدبیر و تجود الغذاء، و تستفرغ الأخلاط الغلیظه بالأیارجات الکبار المذکوره فی أبواب سلفت، و یستعمل الغراغر الملطفه، و یمسک فی الفم نقیع الحلبه و طبیخها بالتین، و حبّ الغار مع الزبیب المنقی، و یمسک فی الفم لبن النساء، أو الأتن، أو الماعز، و أیضاً طبیخ التمر و التین بالنبیذ الحلو، أو برب العنب، أو بغسل الخیارشنبر، و یدام تلیین الطبیعه بمثل الأیارج الصغیر، أو الخیارشنبر.
قد ذکرنا بعض ما یجب أن یقال فیه فی باب استرخاء اللسان، و أما الآن فنقول أن الخرس و غیره من آفات الکلام، قد یکون من آفه فی الدماغ، و فی مخرج العصب الجائی إلی اللسان المحرک له، و قد یکون فی نفس الشعبه و قد یکون فی العضل أنفسها. و ذلک الخلل، إما تشنّج، و إما تمدّد، أو تصلّب، أو استرخاء، أو قصر رباط، أو تعقّد عن جراحه اندملت، أو ورم صلب. و قد یکون ذلک کما تعلم من رطوبه فی الأکثر، و قد
یکون من یبوسه، و قد تکون الآفه فی الکلام من جهه أورام و قروح تعرض فی اللسان و نواحیه.
و قد یعرض السرسام لاندفاع العضل من الدماغ إلی الأعصاب، و فی الحمّیات الحاره لشدّه تجفیفها، و یکون اللسان مع ذلک ضامراً متشنّجاً، و هو قلیلًا ما یکون. و هذه من الآفات العرضیه الغیر الأصلیه، و قد تکون الآفه فی الکلام لسبب فی عضل الحنجره، إذا کان فیها تمدّد، أو استرخاء.
فبما کان الإنسان یتعذّر علیه التصویت فی أول الأمر، إلا أنه یعنف فی تحریک عضل صدره و حنجرته تعنیفاً لا تحتمله تلک العضله، فتعصی، فإذا یبس فی أول کلمه و لفظه استرسل بعد ذلک. و مثل هذا الإنسان یجب أن لا یستعدّ للکلام بنفس عظیم، و تحریک للصدر عظیم، بل یشرع فیه بالهوینی، فإنه إذا اعتاد ذلک سهل علیه الکلام، و اعتاد السهوله فیه. و أما سائر الوجوه، فقد ذکرت معالجاتها فی أبوابها. و الکائن بعد السرسام، فقد ینفع منه فصد العرقین اللذین تحت اللسان جداً.
هو شبه غدّه صلبه تکون تحت اللسان شبیهه اللون المؤتلف من لون سطح اللسان و العروق التی فیه بالضفدع، و سببه رطوبه غلیظه لزجه.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 433
المعالجات یجرّب علیه الأدویه الأکّاله المقطّعه المحلله، و التی فیها أفضل تجفیف، مثل النوشادر، و الخلّ، و الملح، و الدلک بالزنجار و الزاج. فإن لم ینجع، استعملت الأدویه الحاده، مثل دواء أبیرون، و دواء اسفارون، و دواء البیض الرطب المذکور فی الأقراباذین، و استعمال الفصد تحت اللسان، و أدویه القَلاع القوی، فإن لم ینجع لم یکن بدّ من عمل الید.
و من الأدویه الممدوحه فیه، أن یؤخذ الصعتر الفارسی، و قشور الرمان،
و الملح، و یدلک به لسان الصبی المضفدع، فإنه یبرئه. و مما جرّب فیه الزاج المحرق، و السورنجان، یجمعان بیاض البیض، و یوضع تحت اللسان.
قد یکون ذلک بسبب حراره فی فم المعده، أو الدماغ، لا یبلغ أن یکون حمّی، أو بسبب تناول أشیاء حریفه، و مالحه، و مرّه، و حلوه، و العطش الشدید.
و یکون لأسباب أعظم من ذلک مثل الحمیات الحاره، و الأورام الباطنه. و علاج ذلک فی الجمله، أنه یجب أن یمنع من یشکو ذلک و خصوصاً من المرضی، أن ینام علی القفا، و من أن یدیم فغر الفم، و یلزم استعمال الحبوب المتخذه من حبّ البطیخ، و القثاء، و الخیار، القرع، و الترنجبین، و النشا، و ما أشبه ذلک، و یمسک فی الفم نوی الإجاص، و التمره الهندیه، و سکّر الحجاز، و الألعبه المعلومه، و العصارات المبرده المرطّبه، و یمسح علیه، إن کان هناک خلط لزج و دهن، ثم یتعهّد بأن یدهن و یمضمض بالأدهان، و الموم، و دوغنات، و الألعبه، و العصارات، و شحوم الطیر. و من الناس من یعالج ذلک بدلکه بالنعناع.
لعاب بزرقطونا یمسکه فی الفم، و یتجرعه، و تناول الأکارع، و البیض النیمبرشت. و مما جرب فیه الزبد الحادث من تدلک قطع القثاء و السبستان.
قد یکون لأورامه العظیمه، و قد یکون عند الخوانیق، فتدلع الطبیعه، أو الإراده اللسان لیتسع مجری التنفّس.
أکثر ما یتبثر الفم یکون لحراره فی نواحی المعده و الرأس و بخارات، و قد یکون فی
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 434
الحمّیات. و قد قیل إذا ظهر فی الحمّیات الحاده بثور سود فی اللسان، مات العلیل فی الیوم الثانی.
و أما المفردات النافعه فی البثور فی أول الأمر إذا احتیج إلی تبرید و تجفیف، فهو مثل الأملج، و العفص، و بزر الورد، و النشا، و ثمر الطرفاء، و شیاف مامیثا، و الجلنار، و الکثیراء، و الصندلین، و الورد، و الطباشیر، و السقاق، و العدس، و الطین الأرمنی، و أقماع الرمان، وجفت البلوط، و قلیمیا، و فوفل، و العصارات البارده، مثل عصاره الخس، و عنب الثعلب، و عصا الراعی، و البقله الحمقاء، و أطراف الکرم. و کثیر من الصبیان من یعالج بثور أفواههم بالشکّر الطبرزذ، و الکافور.
و أما الحاره المحتاج إلیها فی آخر الأمر، فمثل المامیران، و الدارشیشعان خاصه، و قشور جوزبوا، و السعد، و الزعفران، و جوز السرو، و لسان الثور، و عاقرقرحا، و قرنفل، و فوتنج، و السک من الأدویه القذره خرء الکلب، و ربما احتیج فی المتقرّح منها إلی الزرنیخ.
و قد جرب للغلیظ منها طبیخ الدارشیشعان أوقیه، عروق نصف أوقیه، مامیران ربع أوقیه، صبر وزن درهمین، زعفران مثقال، و کذلک ما طبخ فیه القرنفل، و جوزبوا، و الدارشیشعان أجزاء سواء، أو متقاربه.
و إذا أخذت البثور تتقیّح، فیجب أن یقرب منها اللعابات المتخذه من مثل بزر الکتان، و بزر المرو، و الشاه سفرم، و بزر الخطمی، و هذه البزور أنفسها، و دقیق الشعیر، و لبن الأتن وحده،
أو مع شی ء من هذه.
و ربما احتیج إلی طبیخ بزر کتان بالتین، و السمن، و دقیق الحنطه، و النعناع و الحلبه. قال بعض محصلی الأطباء أنه لا شی ء أبلغ فی علاج بثور الفم من إمساک دهن الإذخر فاتراً فی الفم.
القلاع قرحه تتکوّن فی جلده الفم و اللسان مع انتشار و اتساع و قد یعرض للصبیان کثیراً، بل أکثر ما یعرض لهم إنما یعرض لرداءه اللبن، أو سوء انهضامه فی المعده، و قد یعرض من کل خلط و یتعرف بلونه، و الأبیض منه بلغمی، و تولده من بلغم مالح فی الأکثر، و الأصفر صفراوی و یکون أشد تلقباً من غیره، و الأسود سوداوی، و الأحمر الناصع دموی. و أخبث الجمیع هو السوداوی.
و قد یکون من أصناف القلاع ما هو شدید التآکل، و یکون منه ما هو أمکن، و قد یکون مع ورم، و قد یکون مفرداً، و کل قرحه تحدث فی سطح الفم، فإنها تسرع إلی الإنبساط لما لا ینفک
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 435
عنه من حراره لازمه، و جلدته رطبه لینه. و من عاده جالینوس أن یسمّیها قلاعاً ما دامت فی السطح، فإذا تعفّنت و غاصت لم یسمّها قلاعاً، بل قروحاً خبیثه، و هی التی تحتاج إلی أدویه کاویه، و قد یکثر القلاع إذا کثرت الأمطار، و یکثر فی الحمّیات الوبائیه.
العلاج یجب أن یقصد أولًا الخلط الغالب الفاعل للقُلاع، فیستفرغ من البدن کله إن کان غالباً، ثم من العرق الذی تحت الذقن و من الجهارک خاصه، فإن فصده نافع فی جمیع أمراض الفم الحاره المادیه. ثم یستعمل الأدویه البثریه المذکوره، علی أن یعالج القوی الکثیر الرطوبه و الصدید و المدّه بالقوی، و
المعتدل بالمعتدل، و الضعیف بالضعیف. إذا کاد القرح یبلغ العظم، فیحتاج إلی القویه جداً مثل الفلفلمویه بأقاقیا کثیر، و یجب أن یجتنب الأدهان کلها حتی الزیت.
و أما الأدویه: فتلتقط من أدویه البثور البارده و الحاره التی ذکرناها فی الباب الأول، و ما کان من أحمر دمویاً، فأوفق أدویته فی الأول ما فیه قبض یسیر و تبرید، ثم من بعد ذلک ما یحلل، و ما کان منه إلی الشقره و الصفره، فیجب أن یزاد فی تبرید الدواء.
و أما غیر ذلک فیحتاج أولًا إلی ما یجفف و یجلو و بکیفیه معتدله فی أول الأمر، ثم إلی ما یجفف و یحلل بقوه و یراعی السن فی جمیع ذلک.
و أما الصبیان: فیجب أن تکون أدویتهم أضعف، و أن یصلح لبنهم. و أما الکبار. فیجب أن تکون أدویتهم أقوی. و الصبیان ربما نفعتهم الأغذیه وحدها، فإن لم یکونوا یأکلون وجب أن تطعمها المرضع.
و أما الأدویه الصالحه للحار من القلاع، فمثل مضغ ورق العلیق، و مثل العدس بالخلّ. و جمیع المخاخ إذا خلطت بالسفرجل کانت نافعه، و خصوصاً مخ الأیل، و العجل، و التفاح القابض، و الکمثری القابض، و الزعرور، و السفرجل، و العنّاب، و أطراف الکرم، و الخبازی البستانی جافاً، و دقیق العدس، و دقیق الأرز. و أقوی من ذلک الذرور و المتخذ من العفص، و الطباشیر، و الورد، و الأقاقیا، و نحو ذلک.
و للمامیران مع القوابض قوه عجیبه فی القُلاع، و الکافور شدید المنفعه فی القُلاع. و أما الباردات فاستعن علیها بالجوالی المجفّفه، و خصوصاً علی البلغمی منها، و بالمحلّلات القویه التحایل و التجفیف، خصوصاً السوداوی، مثل دقیق الکرسنّه. و العسل مع عفص، و مراره الرقّ شدید المنفعه فی
ذلک، و خصوصاً للصبیان إذا خلط بالخلّ، و للخبیث زاج بخلّ، و إذا کانا أکّالین ردیئین، فلا بد من استعمال الزنجار مع القلقطار و العفص فی المیبختج، أو عفص و شبّ و جلّنار سواء و استعمال أقراص موشاس، أو کحل طرخماطیقون بعصاره قابضه، مثل عصاره الحصرم. و من الأدویه المشترکه الشبّ و العفص المسحوقان، کالذرور و الغابر یدلک به الفم دلکاً ناعماً.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 436
و العفص نافع من کل قُلاع خبیث. و خصوصاً إذا طبخ بخلّ و ملح، و یمضمض به فی قلاع الصبیان. و لرماد المازریون خاصیه فی القُلاع الردی ء، و هو من الأدویه المشترکه لأصناف القلاع، و کذلک البستان أفروز بالماء النحاسی، و المردی المحرق. و أما القلاع السوداوی الأسود فینفع منه أن یطلی بعسل عجن به زبیب منزوع العجم و أنیسون، فإن کان هناک ورم أیضاً، فاستعمل هذا المرهم، وصفته: یؤخذ ماء الباذروج سکرجه، دهن الورد نصف سکرجه، عدس نصف سکرجه، زعفران وزن مثقالین یتخذ منه مرهم.
قد یعرض هذا من کثره الحراره و الرطوبه، و خصوصاً فی المعده، و قد یکون لاستیلاء الحراره وحدها کما یعرض للصائم، و لمقل الغذاء، أو فاقده من البصاق الدائم حتی یطعم فیهدأ ذلک منه، و قد یعرض من بلغم، أو من برد.
المعالجات إن کان من حراره، فیجب أن یفصد الباسلیق أوَّلًا، و یستعمل الربوب الحامضه، و الفواکه البارده القابضه، و النبیذ الغیر العتیق بمزاج کثیر، و یجعل الغذاء من السمک و اللحمان الخفیفه، مثل لحم الجداء و الطیر، و یدام التمضمض بالسلاقات القابضه المتخذه من العدس، و السماق، و مثله.
و إن کان من برد و بلغم، استعمل القی ء بما تعلمه فی
کل أسبوع مرتین، أو ثلاثه، و یسقی فی کل أسبوع مره من هذا الدواء نحن واصفوه. و نسخته: أیارج فیقرا درهمان، ملح هندی دانقان، أنیسون نانخوا، من کل واحد دانق یسقی بالسکنجبین العسلی، أو البزوری، و یستعمل بعد ذلک التریاق و الجوارشنات الحاره، و أما غذاؤه فالفراخ المطجّنه بالأفاویه، و الثوم و الخردل، و التناول فی العشیّات الکعک بالمری النبطی، ثم یتجرع الماء الحار، و یستاک قبیل النوم. و من المعالجات المشترکه الجیده، أن یتناول کل یوم درهم ملح جریش بالهندبا الطری، ثم یستعمل الأطریف الصغیر، و یدیم استعمال السواک الطویل، و قد جربت الفاره المشویه فوجدت نافعه، و خصوصاً للصبیان.
ینفع من ذلک مضغ السذاب، و مضغ ورق العلیق، و المضمضه بعدهما بخلّ العنصل، و استعمال السعد و الزرنباد فی الفم.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 437
إن کان خروجه من جوهر الفم و جلدته، فعلاجه بالقوابض المذکوره فی باب البثور و غیرها، و لطبیخ قضبان الکرم و عسالیجه منفعه عظیمه، و إن کان من موضع آخر، فنحن قد أفردنا له باباً بل أبواباً.
إما أن یکون مبدؤه اللثه لعفونه منها، أو لاسترخاء یعرض لها، أو عفونه فی أصل الأسنان آذت نفس السن، و إما أن یکون مبدأه جلده الفم لمزاج ردی ء فیها بغیر الرطوبات. و أکثر هذا المزاج حار، و إما أن یکون مبدؤه فم المعده لخلط عفن فی فمّ المعده، إما صفراوی أو بلغمی، و قد تکون من نواحی الرئه کما یعرض لأصحاب السل.
المعالجات أما ما کان مَن اللثه و العمور، فیجب أن یعتنی بتنقیه الأسنان دائماً و غسلها بالخلّ و الماء، فإن نجع ذلک فبها و نعمت، و إن لم ینجع، بل کان هناک فضل عفونه، فیجب أن یمضغ بعد ذلک تمره الطرفاء، و العاقرقرحا، و السذاب، و السادج، و العود، و المصطکی، و قشر الأترج، و القرنفل، و أن یجعل علی اللثه الصبر، و المرّ و نحوهما، و أن یتمضمض بخل العنصل، و أن یتدلک بالأنیسون و الطلی، أو النبیذ الحلو، و إن کان أقوی من ذلک مضغ المیویزج، و تفل الریق. فإن لم ینجع، و ظهرت العفونه ظهوراً بیناً، أخذ من الزاج المحرق جزءاً، و من أصل السوسن و الزعفران من کل واحد نصف جزء، و یعجن بعسل و یقرّص، و یستعمل و یتمضمض بعده بالخل صرفاً، أو ممزوجاً بماء الورد، أو یؤخذ دواء أقوی من هذا، و هو من القرطاس المحرق ثلاثه دراهم، و من الزرنیخ درهمان و نصف، و سکّ و سماق و زنجبیل و
فلفل محرق، أقراص فلدفیون من کل واحد درهمان، یتخذ منه دلوکاً و لصوقاً، و یجعل علیه خرقه کتان. و القلی وحده إذا استعمل علی العفونه قلعها و أسقطها و أنبت لحماً جیداً.
و مما جرب: أقاقیا زرنیخ أحمر، زرنیخ أصفر، نوره، شب، یتخذ منه أقراص بخلّ، ثم یسحق بماء العسل، أو طبیخ الأبهل. أما إن کانت العفونه فی نفس السن، فدواؤه حکها إن کانت فی الطرف، أو بردها بالمبرد، أو قلع السن إن کانت العفونه تلی أصل السن.
و إن کان هناک استرخاء اللثه، و کان السبب حدوث العفونه، فعلاجها شدها بما نذکر فی
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 438
باب استرخاء اللثه. و إن کان الخلط صفراویاً عفن فی المعده أو فی جلده الفم، فلا شی ء أنفع له من المشمش الرطب علی الریق، و کذلک البطیخ، أو الخیار، أو الخوخ. و إذا لم یحضر المشمش أو الخوخ الرطب، استعمل نقوع القدید منهما علی الریق، و خصوصاً قدید المشمش. و مما ینفع من ذلک استعمال السویق بالسکر، و ماء الثلج، و استعمال حبوب صبریه، ذکرناها فی الأقراباذین. و یجعل غذاءه کل غسّال مبرد غیر مستحیل إلی الصفراء، و إن کان الخلط بلغمی استعمل القی ء أولًا، و استعمل الأیارجات المنقّیه لفم المعده المذکوره فی باب المعده، و استعمل الأطریفل الصغیر، و الزنجبیل المربی، و الصحناه خاصه، و یجعل غذاءه المطجّنات، و یقلّ شرب الماء الکثیر، و یهجر الفواکه، و البقول الرطبه، و یتخذ مساویکه من الأشجار المرّه المقطّعه، مثل الأراک و الزیتون. و مما ینفعهم من الأدویه أن تأخذ کل بکره من ورق الآس مع مثله زبیباً منزوع العجم کالجوزه، و مثل ذلک من جوز السرو، و الابهل،
و الزبیب، و ینفعهم حب الصنوبر، و أیضاً حب الفوفل، قرنفل، خولنجان، من کل واحد نصف درهم، مسک، کافور، من کل واحد دانق، عاقرقرحاً درهم، صبر ثلاثه دراهم، خردل درهم، یتخذ حباً بالطلی. و الأدویه البسیطه المجرّبه، فهی مثل الکندر، و العود الهندی، و القرفه، و قشور الأترج، و الورد، و الکافور، و الصندل، و القرنفل، و الکبابه، و المصطکی، و البسباسه، و جوزبوا، و أصل الإذخر، و الأرمال، و الأشنه، و أظفار الطیب، و القاقله، و الفلنجمشق، و ورق الأترج، و السنبل، و النارمشک، و الزنجبیل، و سائر ما تجده فی الألواح المفرده، و مما یعجن به الأدویه المیبه، و المیسوسن، و عصاره الأترج.
الفم یبقی مفتوحاً، إما لشدّه الحاجه إلی التنفس العظیم، أو للالتهاب الملهب، أو للضیق و الخناق، أو لضعف عضل الفم، فلا تعمل عملها فی النوم، و ذلک فی الأمراض الحاده ردی ء، و أما ألوان اللسان فأولی المواضع بتفصیلها مواضع أخری، و عند ذکر الأمراض الحاده.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 439
قد علمتَ أنَّا تکلمنا فی الأسنان و تشریحها و منافعها، فیجب أن یتأمّل ما قیل هناک، و لیعلم أن الأسنان من جمله العظام التی لها حسّ لما یأتیها من عصب دماغی لین، فإذا أَلِمَتْ أحسّ بما یعرض فیها من ضربان و اختلاج، و ربما أحست بحکّه و دغدغه.
و قد یعرض فیها أعراض من الاسترخاء، و القلق، و الانقلاع، و النتوّ و من تغیر اللون فی جوهرها، و فی الطلیان المرکب علیها، و یعرض لها التألم، و التأکل، و التعفّن، و التکسّر.
و قد یعرض لها الأوجاع الشدیده، و الحکه، و یعرض لها الضرس، و هو صنف من أوجاعها، و یعرض لها العجز عن مضغ الحلو، و الحامض، و التضرّر من الحار، و البارد، و قله الصبر عن لقاء أحدهما، أو کلاهما. و قد یعرض لها تغیر فی مقادیرها بالطبع، بأن تطول، و تعظم، أو تنسحق، و تصغر. و قد یعرض فیها أنواع من الورم- و لا عجب من ذلک- فإن کل ما یقبل التمدد بإنماء الغذاء، یقبل التمدد بالعضل، و لو لم تکن قابله للمواد النافذه فیها المزیده إیاها ما کانت تخضر و تسودّ، فإن ذلک لنفوذ الفضل فیها.
و قد خلقت الأسنان قابله للنمو و الزیاده دائماً لیقوم لها ذلک بدل ما ینسحق، حتی إن السنّ المحاذیه لموضع السنّ الساقطه أو المقلوعه، تزداد طولًا
إذا کانت الزیاده ترد علیها و لا یقابلها الانسحاق.
و اعلم أن الأسنان قد یستدل علی مزاجها من اللثه، و لونها، هل هی صفراء مرّیه، أو بیضاء بلغمیه، أو حمراء دمویه، و هل هی إلی کموده و سواد سوداوی.
من أحب أن تسلم أسنانه، فیجب أن یراعی ثمانیه أشیاء:
منها أن یتحرّز عن تواتر فساد الطعام و الشراب فی المعده لأمر فی جوهر الطعام، و هو أن یکون قابلا للفساد سریعاً، کاللبن، و السمک المملوح، و الصحناه، أو لسوء تدبیر تناوله مما قد عرف فی موضعه.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 440
و منها: أن لا یلح علی القی ء، و خصوصاً إذا کان ما یتقیأ حامضاً.
و منها: أن یجتنب مضغ کل علک، و خصوصاً إذا کان حلواً، کالناطف، و التین العلک.
و منها: اجتناب کسر الصلب.
و منها: اجتناب المضرسات.
و منها: اجتناب کل شدید البرد، و خصوصاً علی الحار، و کل شدید الحرّ، و خصوصاً علی البارد.
و منها: أن یدیم تنقیه ما یتخلّل الأسنان من غیر استقصاء و تعد، إلی أن یضرّ بالعمور و باللحم الذی بین الأسنان، فیخرجه أو یحرّک الأسنان.
و منها: اجتناب أشیاء تضرّ الأسنان بخاصیتها مثل الکرّات، فإنه شدید الضرر بالأسنان، و اللثِّه، و سائر ما ذکرنا فی المفردات.
و أما السواک: فیجب أن یستعمل بالاعتدال و لا یستقصی فیه استقصاء یذهب ظلم الأسنان و ماءها، و یهیئها لقبول النوازل، و الأبخره الصاعده من المعده، و تصیر سبباً للخطر. و إذا استعمل السواک باعتدال جلا الأسنان، و قوّاها، و قوی العمور، و منع الحفر، و طیَّب النکهه. و أفضل الخشب بالسواک ما فیه قبض و مراره، و یجب أن یتعهّد تدهین الأسنان عند النوم، و قد یکون
ذلک الدهن، إما مثل دهن الورد إن احتیج إلی تبرید، و أما مثل دهن البان و الناردین، إن احتیج إلی تسخین. و ربما احتیج إلی مرکَب منهما، و الأولی أن یدلک أولًا بالعسل إن کان هناک برد، أو بالسکّر إن کان هناک میل إلی برد أو قله حرّ، و کل واحد منهما یجمع خلالًا، محموده الجلاء، و التغریه، و التسخین، و التنقیه. و السکر فی ذلک کله دون العسل و إن سحق الطبرزذ و خلط بالعسل و استعمل، جلّی، و نقّی، و شد اللثه. ثم یجب أن یتبع بالدهن.
و مما یحفظ صحه الأسنان أن یتمضمض فی الشهر مرتین بشراب طبخ فیه أصل الیتّوع، فإنه غایه بالغ لا یصیب صاحبه وجع الأسنان، و کذلک رأس الأرنب المحرق إذا استنّ به، و کذلک الملح المعجون بالعسل إذا أحرق، أو لم یحرق. و المحرق أصوب، و یجب أن یتخذ منه بندقه، و یجعل فی خرقه، و یدلک به الأسنان، و کذلک الدلک بالترمس، و کذلک الشبّ الیمانی بشی ء من المرّ، و خصوصاً الشبّ المحرق بالخلّ.
و إذا اندبغت الأسنان بهذه الأدویه، فیجب أن یستعمل بعدها العسل و الدلک به، أو بالسکر، ثم یستعمل الدلک بالأدهان علی نحو ما وصفناه. و إذا کانت السن عرضه للنوازل، وجب أن یمسک فی الفم طبیخ الأشیاء القابضه إمساکاً طویلًا، و یدام ذرّ الشب و الملح المحرقین علیها.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 441
قول کلّی فی علاج الأسنان و الأدویه السنیه الأدویه السنیه، منها حافظه، و منها معالجه، لأن جوهر الأسنان یابس و الأدویه الحافظه لصحه الأسنان و لردّها فی أکثر الأمر إلی الواجب هی الأدویه المجففه، و أما الحاره أو البارده، فیحتاج
إلیها عند عارض من إحدی الکیفیتین قد زالت بها عن المزاج الطبیعی زوالًا کبیراً، فأشدّ الأدویه مناسبه لمصالح الأسنان هی المجففه المعتدله فی الکیفتین الأخریین، و کل سنّی یجفف إما لیس للسنّ لا لأنه سنی، بل لأجل عارض یعرض له، ثم المجففات بارده یابسه، و حاره یابسه.
و أجود أدویه الأسنان ما یجمع إلی التجفیف و النشافه جلاء، و تحلیل فضل إن اندفع إلی السنّ تحلیلًا باعتدال و منع ماده تنجلب إلیها، فالمجففات البارده و التی إلی برد ما لا تضرس بحموضتها، أو عفوصتها تضریس الحصرم، و حماض الأترج، و هی السکّ، و الکافور، و الصندل، و الورد، و بزره، و الجلنار، و دم الأخوین، و ثمره الطرفاء، و العفص، و الکهرباء، و اللؤلؤ، و الفوفل، و دقیق الشعیر، و لحاء شجره التوت و ورق الطرفاء، و أصل الحماض.
و الحاره و التی، إلی، حرّ ما، فمنها ما حره فی جوهره، و منها ما حرّه مکتسب. و الذی الحر فی جوهره، مثل الملح المحرق، و الشیح المحرق، و السعد الحیّ و المحرق، و الدارصینی، و الزوفاء، و فقّاح الإذخر، و ثمره الکبر. و أقوی منها قشر أصله، و العود، و المسک و البرشاوشان الحی و المحرق، و ورق السرو، و الأبهل، و الساذج، و قرن الأیل المحرق و غیر المحرق، و رماد قشر الکرم، و رماد رأس الأرنب، و التمر المحرق، و الحاره بقوّه مکتسبه کرماد العفص، و إذا طفئ بالخلّ کان إلی الاعتدال أقرب، و رماد قضبان الکرم، و رماد القصب و ما أشبه ذلک. و أما المعتدله، فمثل قرن الأیل المحرق إذا غسل، و مثل جوز الدلب، و منها لحاء شجره الصنوبر و منها أدویه
جاءت من طریق الترکیب، و هی مثل دقیق الشعیر إذا عجن بملح و میسوسن، ثم أحرق و التمر المعجون بالقطران یحرق حتی یصیر جمراً، ثم یرشّ علیه میسوسن.
و من السنونات المجرّبه سنون مجرّب، و نحن واصفوه، و نسخته: قرن الأیل المحرق عشره دراهم، ورق السرو عشره دراهم، جوز الدلب بحاله خمسه دراهم، أصل فیطایلون عشره، برشیاوشان محرق خمسه، ورد منزوع الأقماع ثلاثه، سنبل ثلاثه ینعّم سحقه، و یتخذ منه سنون. و أیضاً سنون أخر جیّد، نسخته: یؤخذ قرن الأیل محرق، کزمازک و هو ثمره الطرفاء، و سعد، و ورد، و سنبل الطیب من کل واحد درهم، ملح إندرانی ربع درهم، یتخذ منها سنون.
و سنذکر أیضاً سنونات أخری فی أبواب مستقبله، و سنونات أخری فی القراباذین. و نبتدئ فنقول: إنَّ علاج الأسنان بالمجففات علاج کما علمت مناسب، و بالمسخّنات و المبرّدات علاج یحتاج إلیه عند شدّه الزوال عن الاعتدال الخاص. و الأدویه السنیّه منها سنونات، و منها مضوغات، و منها لطوخات، و مخبّصات علی الأسنان، أو علی الفکّ، و منها مضمضات، و منها
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 442
دلوکات، و منها أشیاء تحشی، و منها کمادات، و منها کاویات، و منها قالعات، و منها بخورات، و منها سعوطات، و منها قطورات فی الأذن، و منها استفراغات للماده بفصد، أو حجامه من أقرب المواضع.
و من أدویه الأسنان ما هی محلّله، و منها ما هی مبرده، و منها ما هی مخدره. و المخدرات إذا استعملت فی الأسنان کانت أبعد شی ء من الخطر، لکن إکثارها ربما أفسد جوهر الأسنان.
و کذلک الأدویه الشدیده التحلیل و التسخین، یجب أن لا تستعمل إلا عند الضروره، و هی مثل الحنظل، و الخربق،
و قثاء الحمار، و غیر ذلک، و أن یتوفی وصول شی ء منها و من المخدرات إلی الجوف. و کثیراً ما یحتاج إلی ثقب السن بمثقب دقیق لینفس عنه الماده المؤدیه، و لتجد الأدویه نفوذاً إلی قعره. و الخل مع کونه مضراً بالأسنان، قد یقع فی أدویه الأسنان المبرده و المسخنه معاً. أما المبرده، فلأنه یبرد بجوهره و لأنه ینفذ، و أما فی المسخنه، فلأنه ینفذ، و لأنه یعین بالتقطیع علی التحلیل و أما مضرّته حینئذ، فتکون مکسوره بالأدویه السنیّه التی تخالطه.
اعلم أن الأسنان قد توجع بسبب وجع یکون فی جوهرها علی ما أخبرنا به سالفاً، و قد یکون لسبب وجع یکون فی العصبه التی فی أصلها، و قد یکون لسبب وجع یکون فی اللثّه، و ورم و زیاده لحم نابت فیها یقبل الماده، أو لاسترخائها و ترهّلها، فتقبل المواد الردیئه، فتعفن فیها و تؤذی الأسنان، و أیضاً تجعل الأسنان قلقه. و قد یعسر علی کثیر من المتألمین فی أسنانهم الوجعه التمییز بینها. و أنواع علاجها مختلفه.
و أسباب أوجاع الأسنان: إما سوء مزاج ساذج من برد، أو حرّ، أو جفاف لعدم الغذاء، کما فی المشایخ دون الرطب علی ما علم فی موضعه، أو مع ماده، أو ریح. و الماده، إما أن توجع بالکثره، أو بالغلظ، أو بالحدّه. و قد تکون الماده مورمه للسنّ نفسها، و قد تکون مؤکله، و ربما ولدت دوداً. و مبدأ الماده، إما من المعده، أو من الرأس، أو من الموضعین جمیعاً، و إن کان البدن کله ممتلئاً من تلک العاده، فإن المجری من البدن إلی الأسنان من هذین الطریقین. و قد توجع الأسنان فی الحمیات الحاده علی سبیل المشارکه فی سوء
المزاج. و إذا حدث تحت المتکل من الأسنان وجع و ضربان، ففی أصله فضل لم تنضج، فیعالج الوجع و الورم، ثم لیقلع.
العلامات یجب أن تتأمل، فتنظر هل مع وجع السن مرض فی اللثه، أو فی نواحیها، فإن وجدت ورماً فی اللثه، حدست، و حکمت أنه ربما لم یکن السبب فی نفس السن، و کذلک إن کان الغمز
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 443
علی نفس اللثه یؤلم. و إن لم تجد ورماً فی اللثه، فالسبب، إما فی نفس السن، و إما فی العصب الذی فی أصله. فإن أحسست ورماً فی السن، أو تأکلًا، فالسبب فی جوهره. و کذلک إذا أحسست الألم یمتد طول السن. و إما إن لم تحس ألماً، إلا فی الغور، فالسبب فی العصبه التی فی أصله، و خصوصاً إذا وجدت وجَعاً فاضیاً فی العمور، أو فی الفک، و أحسست کالضرس.
و أنت تستدل علی الأمزجه الحاره و البارده بما عملته و علی الیابس بضمور السن و قلقه، و علی الریح بانتقال الوجع الممدد، و علی الخلط الغلیظ برسوخ الوجع من غیر حراره و بروده ظاهرتین جداً، و علی الخلط الحار الدموی أو الصفراوی بسرعه التأذی بما یوجع، و بغرز یکون فی الوجع، و تغیر لون إلی مشاکله الخلط، و حراره حاده عند اللمس.
و یعرف أن مبدأ الخلط من الدماغ، أو من المعده بما یجد فی أحدهما، أو کلیهما من الامتلاء، و إذا کان سبب الوجع فی اللثه، لم یغن القلع، و لم یحتج إلیه.
و إذا کان فی السنّ زال الوجع بالقلع، و إذا کان فی العصبه، فربما زال بالقلع، و ربما لم یزل و إنما یزول بسبب وجدان الماده التی تطلب الطیعه، أو
المواء تحلیلها مکاناً واسعاً، تندفع فیه بعد ما کانت مخنوقه محبوسه فی السن.
المعالجات أما إن کان الوجع بمشارکه عضو فابدأ بتنقیه العضو المشارک بفصد، أو بإسهال بمثل الأیارج، و شحم الحنظل، أو بمثل السقمونیا، أو بمثل النقوعات، أو بالغرافرات المنقیه للرأس، إن کان السبب فی الرأس.
و أما إذا کان هناک ورم محسوس فی اللثه و العمور، فیجب أن تبدأ بالفصد فی الإسهال بحسب القوه و الشرائط، و أن تمسک فی الابتداء فی جمیعها المبردات من العصارات و السلاقات و نحوها فی الفخ، مقواه بالکافور من غیر إفراط فی القبض، و کثیراً ما یکفی الاقتصار علی دهن الورد و المصطکی، أو علی زیت الأنفاق، أو علی مثل دهن الآس، و ینفع من ذلک أن یؤخذ نبیذ عتیق، و دهن ورد خام یطبخ نبیذ الزبیب فیه طبخاً جیداً، و یمسک فی الفم، ثم بعد ذلک یتمزج إلی المحللات المنضجه، و یتوقّی أن یسیل من القویه منها شی ء إلی الجوف، و یتدرج أیضاً إلی استفراغ من نفس العضو بأن یرسل علی أصول الأسنان العلق، أو یفصد کعرق الذی تحت اللسان، أو یحجم تحت اللحیه بشرط. و إذا اشتد الوجع، فیجب أن یلصق علی أصل السن عاقرقرحا مع کافور، و یعیدهما کلّما انحلا، و إن زادت الشده من الوجع احتیج کثیراً إلی استعمال أفیون مع دهن الورد.
و کلما وجد عن ذلک محیص، فترکه أولی، بل یجب أن یستعمل بالإنضاج، و أما إذا کان السبب فی نفس السن، أو فی العصبه، و لم یکن ماده، بل سوء مزاج، عولج مما یضاده من
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 444
الأدویه السنیه المعلومه. فإن کان سبب سوء مزاجه و ضعفه عضا علی
حار، تمضمض بدهن بارد المزاج مفتر، ثم تصیره بارداً بالفعل. و إن کان سبب سوء مزاجه عضاً علی بارد استعمل بدل ذلک من الأدهان الحاره مثل دهن النادرین، و دهن البان، و عضّ علی صفره البیض المشویه الحاره، أو علی خبز حار.
و قد ینفع التدبیر أن فی کل الأصناف لسوء المزاجین المذکورین. و أما إذا کان السبب الساذج یبساً، فینفع منه أن یدلک بمثل الزبد، و شحم البط، و إن کان مع ماده أی ماده کانت حاره، أو غلیظهً، أو کثیره، وجب أن یستفرغ بحسبها، و یجب أن تبدأ فی الابتداء بما یبرد و یردع فی جمیع ذلک، و إن کان ذلک فی الماده الحاره أزید وجوباً، و فی الغلیظه أقلّ.
و من الأشیاء القویه الردع، و خصوصاً فی المواد البارده، الشبّ المحرق، و المطفئ بالخل مع مثله ملح، یسحقان جیداً، ثم یستعملان، ثم یتمضمض بعدهم بالخمر.
و مما یصلح للردع العفص بالخل، فإن کانت الماده حاره، عولجت بالعصارات المبرده و دبر فی تعدیلها، فإن لم ینجع ذلک دبر، إما فی تحلیلها، و إما فی تحدیرها.
و إن کانت الماده غلیظه أو کثیره دبر بعد ما ذکرناه من علام الابتداء بالتحلیل أیضاً، و الأولی أن یکون فی المضمضه بالخل و دهن الورد، فإنه ربما جذب الخل الرطوبات الأصلیه بعد الفضول، و ربما أحتجت أنتجمع إلی المحلّلات أدویه قوابض لأن العضو یابس.
و أما إن کان السبب ریحاً، فالعلاج المحللات التی تذکر، و خصوصاً السکبینج، و حب الحرمل، و القنّه.
منها مضمضات یجب فی جمیعها أن تمسک فی الفم مده طویله، مثل خلّ طبخ فیه سلخ الحیه، أو خلّ طبخ فیه حنظل، و هو قوی نافع جداً، و إذا کان
البرد ظاهراً، فبالشراب، أو زرنباد، أو عاقرقرحا، أو حلتیت مع خردل، أو قشور الکبر، أو قشور الصنوبر، أو فوذنج، أو ورق الدلب، أو الجعده و قشوره بخل، أو ماء، و کذلک ورق الغار، و الشیلم، و کذلک عیدان الثوم، مع عاقرقرحا، أو خل، جعل فیه کندس، یمسک فی الفم، أو عاقرقرحا، و ثمر الطرفاء فی الخلّ، أو مرزنحوش یابس، أو أصل قثاء الحمار، أو عصارته فی الخل، أو مع حرمل مطبوخین فی الخل، أو کبیکج مطبوخاً فی الخلّ. و للوجع الضربانی طبخ العفص الفج بالخل، أو عنب الثعلب بالخل، و طبیخ البنج بالخلّ، أو قرن الأیل المحرق مطبوخاً بالخلّ العنصلی، أو مسحوقاً مجعولًا فی سکنجبین، و منها غرغرات بمثل ما ذکرنا من المضمضات، و من ذلک أن یطبخ الزبیب الجبلی، و الثوم فی الماء و یتغرغر به، و یترک الفم مفتوحاً لیسیل لعاب کثیر.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 445
و منها مضوغات تتخذ من الأدویه المذکوره و أمثالها، من ذلک: أن یؤخذ فوتنج جبلی، و عاقرقرحا، و فلفل أبیض، و مر، و یعجن بلحم الزبیب، و ببندق، و یمضغ منه بندقه بندقه. و منها لطرخات، و أطلیه، و نضوخات، و أضمده، تتخذ من الأدویه المحلله المعروفه، و تجمع بما له قوام، مثل عسل، أو قطران، أو شی ء محلول فی الماء ینحل به، أو عجناً بالماء وحده، أو یؤخذ کرنب بحضض، و یطلی، أو یؤخذ للضربان خردل مسحوق، و یوضع علی أصل السن. و مما جرّب أن یؤخذ لبّ نوی الخوخ، و نصفه فلفل، یعجن بقطران، و یدلک بالسنّ، أو یلصق علیه، أو یلطخ بالتریاق وحده، أو الحلتیت وحده، أو الشجرنا أو أراسطنحان أو سورطنحان
أو شونیز مسحوقاً معجوناً بزیت یلطخ به.
مما جرب أن یؤخذ مر، فلفل، و عاقرقرحا، و میویزج، و زنجبیل من کل واحد جزء، و بورق أرمنی جزء و نصف، ینعّم سحقها، و تطلی به الأسنان و اللّثه، فإنه شدید النفع. و قد تضمّد اللحی بمثل الخطمی، و البابونج، و الشبث، و الحلبه، و بزر الکتان بطبیخ الشبث و دهنه، و یستعمل.
و قد زعم جالینوس أن کبد سام أبرص إذا جعلت علی السنّ الوجعه المتألمه سکن وجعها وقتها.
و منها کمّادات من خارج، و یجب أن یستعمل إمّا قبل الطعام بساعتین، أو بعده بأربع ساعات. و هذا یحتاج إلیه لشده الوجع، مثل أن یکمّد بالملح، و الجاورش، أو بالزیت المسخّن، أو بالشمع الذائب، و قد تکمّد اللحی تکمیداً بعد تکمید لیجذب إلیه الماده، فإذا ورم اللحی، سکن الوجع، و خصوصاً إذا کویت السن بدهن یغلی فی الوقت.
و منها کاویات و تدبیر بالکی، مثل أن یطبخ الزیت ببعض الأدویه المحلّله المذکوره، أو وحده، و تؤخذ مسلّه تحمّی، و تغمس فی ذلک الزیت، و تنفذ فی تجویف أنبوب متهندم علی السنّ الوجعه حتی تبلغ السن و تکویه، و قد جعل علی ما حوالیه شمع، أو عجین، أو شی ء آخر یحول بین السنّ و ما حوالیه من الأسنان و العمور. و نفع هذا لما تکون الماده فیه فی نفس السن أکثر، و قد یقطر أیضاً فی الأنبوب الدهن المغلی بعد الاحتیاط المذکور، و الزیت أوفق من أدهان أخری.
و ربما احتیج فی الکاویات إلی أن تثقب السن بمثقب دقیق لتنفذ فیه القوه الکاویه. و إذا لم تنجع المعالجات، کویت السن بالمسلّه المحمّاه مرات حتی تکون قد بالغت فی کیه، فیسکن الوجع، و
تفتت السن.
و منها دلوکات تتخذ مما سلف، و الزنجبیل بالعسل دلوک جید. و أیضاً الخل و الملح، و أیضاً الخل و شحم الحنظل مع عاقرقرحا. و منها دخن و بخورات، و أجودها أن تکون فی القمع. و قد یتخذ من المحلّلات، مثل عروق الحنظل، أو حبّه، أو حبّ الخردل، أو حافر
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 446
حمار، أو بزر البصل- و خصوصاً الدود- أو ورق الآس، أو جعده، أو ورق السذاب، أو عاقرقرحا. و منها سعوطات محلله مثل ماء قثاء الحمار، و عصاره أصول السلق، أو الرطبه، أو ماء المرزنجوش. و منها قطورات فی الأذن التی للوجع، مثل أن تستعمل هذه السعوطات قطوراً فی الأذن أو عصاره الکبر الرطب.
و منها حشو للتأکل، إن کان سبب الوجع من التأکّل، و یجب أن یرفق و لا یحشی بعنف و شدّه، فیزید فی الوجع، مثل سکّ مع سعد، أو مع مصطکی. و أقوی من ذلک الحلتیت مع کبیکج، أو شونیز مسحوقاً بزیت، أو فلفل، أو دردیّ محرق، أو فربیون، أو عاقرقرحا، أو یحشی بدواء لب الخوخ، أو الفلفل المذکور، بل یحشی الحار بالباردات، و البارد بالحارات. و منها قلوعات نفرّد لها باباً، و لا یجوز استعمالها إلا أن یکون الوجع فی نفس السنّ لا غیر.
قد تستعمل علی الوجوه المذکوره فی التحلیل، لکن الأولی أن تکون ملطوخه، أو ملصقه، أو محشوه، علی أنها قد تستعمل مضمضات و بخورات، فمنها أن یؤخذ بزر البنج، و الأفیون، و المیعه، و القنّه من کل واحد درهمان، فلفل، و حلتیت شامی، من کل واحد درهم، یتخذ منه شیاف بعقید العنب، و یوضع علی السنّ الوجعه.
أو یؤخذ أفیون، و جندبیدستر بالسواء، و
یقطر منهما حبه، أو حبتان فی دهن الورد فی الأذن من الجانب الوجع، أو یتخذ لصوق من أصل الیبروح بماء یمسکه، أو یبخر علی ما بین من صفه التبخیر ببزر البنج، أو بطبیخ أصل الیبروح وحده، أو مع البنج بشراب، و یمسک أیضاً فی الفم، و قد یسقی أیضاً المخدرات، مثل الفلونیا، فإنه یسقاه المشتکی سنه، و یأخذ منه فی فمه فینام، فینضج مرضه، و یسکن ألمه.
و من جمله ما یخدّر من غیر أذی الماء المبرد بالثلج تبریداً بالغاً، و یؤخذ بالفم أخذاً بعد أخذ حتی یخدر السنّ، فیسکن الوجع البته، و إن کان ربما زاد فی الابتداء.
قد تفلق السن بسبب باد من سقطه أو ضربه، و قد یقع من رطوبه ترخی العصب الشادّ للسن، و تکون السنّ مع ذلک سمینه لم تقصف، و قد یقع لتأکل یعرض لمنابت الأسنان، فیوسّعها، أو یدقق السن بما ینقص منها، أو لانثلام الدردر، و قد یقع لضمور یعرض فی الأسنان لیبس غالب، کما یعرض للناقهین و المشایخ، الذین جاعوا جوعاً متوالیاً، و قصّر عنهم الغذاء، و قد یقع لقصور لحم العمور.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 447
المعالجات یجب أن یجتنب المضغ بتلک السنّ، و یقل الکلام و لا یولع بها بید أو لسان، و بالجمله یترک المضغ إلی الحسو ما أمکن. فإن کان السبب تأکلًا، و عولج التآکل، و استعمل القوابض المسدده من الأدویه السنیه، مضمضات، و دلوکات، و غیر ذلک. و إن کان السبب ضموراً، تدورک بالأغذیه، علی أن هذا مما یعسر تلافیه. ثم تعالج بالمرطبات إلصاقاً، و دلکاً، و قطوراً فی الأذن مثل دهن الورد و الخلاف، و عصاره ورق عنب الثعلب، بل بالقوابض،
و إن کان لضمور السن لم تنجع الأدویه، فإنها لا تکاد تسمتها مسرعه، بل یجب أن تعالج بالأدویه القابضه البارده، و کذلک إن حدث عن ضربه.
فإن حدث عن رطوبه مرخیه، وجب أن تعالج بالقوابض المسخّنه، کالمضمضه بماء طبخ فیه السحر، و ورق السرو، أو نبیذ زبیب طبخ فیه الشب بنصفه ملحاً، أو ماء طبخ فیه السکبینج.
و من اللصوقات: شبّ درهمان، ملح درهم، یلصق علی أصله، أو قشور النحاس مع الزیت، و أصل السوسن، و قشور السرو، من کل واحد أربعه دراهم، و من الشبّ جزء، أو یؤخذ رماد الطرفاء و ملح سواء، أو قرن أیل محرق، و ملح معجون بعسل محرق، تمر محرق، من کل واحد عشره دراهم، و من المر، و الزعفران، و السنبل، و المصطکی، من کل واحد جزءان سذاب یابس، سمّاق، و جلنار، و من کل واحد ثلاثه، یتخذ منه سنون و لصوق. و أیضاً القوابض مخلوطه بالصبر بالقلقطار و قلیمیا.
سنون: صالح لهذا الباب و غیره: و نسخته: سعد، و ورد، و سنبل الطیب، ملح إندرتی، کزمازک، قرن أیل محرق أجزاء سواء. و الذی یکون بسبب نقصان لحم العمور، یؤخذ له شبّ یمان، و عود محرق، و سعد، و جلنار، و سمّاق.
یعرض ذلک کله من رطوبه ردیئه تعفن فیها.
المعالجات الغرض فی علاج التآکل منع الزیاده علی ما نأکل، و ذلک بتنقیه الجوهر الفاسد منه، و تحلیل الماده المؤدیه إلی ذلک، و یمنع السنّ أن تقبل تلک المواد، و تصرف تلک المواد عنها بالاستفراغات إن احتیج إلیها. و الأدویه المانعه من التآکل هی المجفّفه، فإن کان قویاً احتاج إلی قوی شدید التجفیف و الإسخان، و إن کان ضعیفاً کفی ما فیه تجفیف
و قبض، مثل الآس، و الحضض، و الناردین. و استعمالها یکون من کلّ صنف ما ذکر، و أکثرها من باب الحشو، فمن ذلک تحشی بسکّ، و سعد، أو بسکّ ممسک وحده، فإنه یمنع التآکل، و یسکّن الوجع، أو یحشی بمصطکی، و سعد، أو بمرّ، أو بمیعه، أو بعفص و حضض، أو بمیعه و أفیون، أو بقنّه و کبریت
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 448
أصفر و حضض، أو بعلک البطم و الفلفل، أو بسک و علک البطم و الفوتنج، أو بالشونیز المدقوق المعجون بالخلّ و العسل، أو بالکبریت حشواً و طلاءً، أو بزنجبیل مطبوخاً بعسل و خلّ، فإنه غایه. أو بحلتیت و قطران، أو بحلتیت و شیح، أو بحلتیت وحده، و یغلی بموم لئلا یتحلّل، فإنه شدید التسکین للوجع، أو بالقیر وحده، أو مع الأدویه، أو بالحضض و الزاج، و قد جرّب الکافور فی الحشو فکان نافعاً غایه، و یمنع زیاده التآکل، و یسکّن الألم، و یجب أن یستعین بما مضی فی باب وجع الأسنان. و قد یستعمل فی ذلک أطلیه من جندبیدستر، و عاقرقرحا، و أفیون و قنه أجزاء سواء، و بفلفل و قاقله بعسل، أو عاقرقرحا و مر بعسل، و حبه الخضراء بعسل، أو تراب طیب صب علیه خل مغلی، أو کبد عظایه، أو کبریت حی بمثله حضض، أو فلفل و لبن الیتّوع، أو بورق و عاقرقرحا، أو قنه و بزر ینج، أو میعه و أفیون.
دواء جید وصفته: یؤخذ من البورق و البنج من کل واحد جزآن، و من العاقرقرحا و الفلفل من کل واحد جزء، من الأفیون ثلاثه أجزاء، یوضع علی الموضع.
و أیضاً: یؤخذ من میعه الرمان، و من الفلفل، و من
الأبهل، من کل واحد جزء، و من المیویزج، و بزر الأنجره، و الأفیون، من کل واحد نصف جزء، و قد یستعمل الحشو و الطلاء معاً، و قد یجعل علی الموضع فلفندیون قوی، أو سورنجان، أو نوره جزآن، نوشادر و شب و مرّ و عفص و أقاقیا و إیرسا جزء جزء، و سعتر محرق، و زبد البحر، و ربما زید فیه قنه، و قد ینفع من المضمضات الممسکه فی الفم نفعاً عظیماً أن یطبخ أصول الکبر بالخل حتی یذهب نصف الخل، و یمسک فی الفم، و قد یستعمل قطورات فی نفس التآکل مثل الزرنیخ المذاب فی الزیت یغلی فیه، و یقطر فی الأکحّال، و مما ینفع أن یقطر فی جانب السن المأکوله دهن اللوز.
یکون السبب فی ذلک فی الأکثر استحاله مزاجها إلی رطوبه، و قد یعرض أن تیبس یبساً شدیداً. و الفرق بینهما الضمور و ضدّه، فإن کان هناک دلیل تغیّر لون أو تأکل، دلّ علی مزاج رطب ذی ماده. و علاج: الأول، منع الماده، و تقویه السن بالقوابض القویه المذکوره، و الشب. و النوشادر قوی التأثیر فی ذلک، فإن کانت مسخنه مع ذلک لم یغن إلا مثل الخربق الأسود معجوناً بالعسل. و أما إن کان عن یبس، فعلاجه علاج الیبس المذکور.
قد یکون ذلک لتغیر لون ما یرکبها من الطلاوه، فیحدث قلح، و ربما تحجر فی أصول السن تحجّراً یعسر قلعه، و قد یکون لماده ردیئه تنفذ فی جوهر السن، و تتغیر فیها، و یفسد لونها إلی باذنجیه و نحوها من غیر أن یکون علیها قلح.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 449
المعالجات أما الأوّل: فیعالج بما یجلو و ینقی مثل زبد البحر، و الملح، و الحرف المسحوق، و رماد الصدف، و رماد أصل القصب، و الزرواند المدحرج، و الصعتر المحرق، و الملح الأندرانی أجزاء سواء، و إن شئت زدت فیه صدف الحلزون محرقاً، أو یؤخذ من القیشور المحرق جزء. و من الفلفل جزء، و من الحماما ثلاثه أجزاء، و من الساذج اثنان، و من الجصّ المحرق عشره، یدقّ و یستعمل. فإن کان مفرطاً فالزنجار بالعسل، و مما یبیض فی الحال سحیق الغضار الصینی، أو سحیق الزجاج أو المسحقونیا، أو السنباذج، و حجر الماس.
و أما الثانی: فیعالج بما یحلل الماده و یخرجها و یجلو معاً، مثل الفلفل و الفوذج و القسط، و الزراوند المدحرج و الحلتیت یخلط بالجالیه المذکوره، و مثل السنون الذی ذکرناه قبل هذا الباب.
سنون
جیّد وصفته: أصل الزراوند جزء، قرن الأیل المحرق جزآن، مصطکی ثلاثه أجزاء، دهن الورد خمسه أجزاء، یسحق و یستعمل. آخر: یؤخذ القیشور، و الملح المشوی، و السوسن من کل واحد أربعه، سعد خمسه، سنبل واحد، فلفل سته. آخر: یؤخذ من الملح الذی صیّر فی الإحراق کالجمر ثلاثه، و من الساذج جزآن، و من السنبل جزء، و أیضاً رماد الصدف أربعه، ورد یابس خمسه، سعد ثلاثه، فقاح الإذخر واحد.
قد یعرض للصبیان أن یعسر نبات أسانهم، فیألمون و ربما شارکه استطلاق الطبیعه، فیحتاج أن تعدل بالأطلیه علی البطن، و العصارات المسقاه لإمساکها، فیحتاج أن تطلی بالشیافات المذکوره فی الکتاب الکلّی. فمما یسهّل نبات الأسنان الدلک بالشحوم و الأدمغه، و خصوصاً بدماغ الأرنب مستخرجاً من رأسه بعد الطبخ، و الحنّاء، و السمن، و دهن السوسن.
و قد قیل أن لبن الکلبه ینفع فی ذلک منفعه شدیده بالخاصیه. و إن اشتدّ الوجع، طلی بعصاره عنب الثعلب بدهن ورد مسخّن، و یجب أن یمنع المضغ علی شی ء له قوام، بل یجب أن تدخل الظئر أصبعها فی فمه حین ما یبتدئ بوجع لنبات الأسنان، فتدلک لثّته دلکاً شدیداً لتسیل عنه الرطوبه من طریق اللثّه، ثم یمسح بالأدویه المذکوره. و إذا ظهرت الأسنان یسیراً، وجب أن یضمّد الرأس و العنق و الفکّان بصوف مغموس فی دهن مفتَر، و یمطر أیضاً فی أذنه الدهن، و قد ذکرنا نحواً من هذا الباب فی الکتاب الأول.
إنه قد یتأدّی أمر السنّ الوجعه إلی أن لا تقبل علاجاً البتّه، أو تکون کلما سکن ما یؤذیها
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 450
من الآفه عاد عن قریب، ثم تکون مجاورتها لسائر الأسنان مضرّه بها یعدیها ما بها، فلا یوجد إلی استصلاحها سبیل، فیکون علاجها القلع. و قد یقلع بالکلبتین بعد کشط ما یحیط بأصلها عنها.
و یجب أن یتأمّل قبل القلع فینظر، هل العلّه فی نفس السنّ، فإنه لم تکن، لم یجب أن تقلع، فلا تقلعنّ، و ذلک حین یکون السبب فی اللثّه، أو فی العصبه التی تحت السنّ، فإن ذلک و إن خفّف الوجع قلیلًا فلیس یبطله، بل یعود، و إنما یخفّفه، بما تحلّل من
الماده فی الحال، و بما یوصل من الأدویه إلیه. و فی قلع ما لا یتحرّک من الأسنان خطر فی أوقات کثیره، فربما کشف عن الفکّ، و عفن جوهراً، و هیّج وجعاً شدیداً، و ربما هیّج وجع العین و الحمّی.
و إذا علمت أن القلع یعسر و لا یحتمله المریض، فلیس من الصواب أن تُحرک بشده، فإن ذلک مما یزید فی الوجع، علی أنه یتفق أحیاناً أن تکون العله لیست فی السنّ، فإذا زعزعت انحلّت الماده التی تحتها، و سکن الوجع.
و قد تقلع بالأدویه، و الأصوب أن یشرط حوالی السنّ بمبضع، و یستعمل علیه الدواء. فمن ذلک أن یؤخذ قشور أصل التوت، و عاقرقرحا، و یسحق فی الشمس بخلّ ثقیف حتی یصیر کالعسل، ثم یطلی به أصل السن فی الیوم ثلاث مرات، أو یسحق العاقرقرحا، و یشمس فی الخلّ أربعین یوماً، ثم یقطر علی المشروط، و یترک علیه ساعه أو ساعتین و قد درعت الصحیحه موماً، ثم یجذب فیقلع.
أو یجعل بدل العاقرقرحا، أصول قثاء الحمار، أو تطلی بالزرنیخ المربی بالخلّ، فإنه یرخیه، أو یؤخذ بزر الأنجره و قنه بالسویه، أو بزر الأنجره، و من الکندر ضعفه، فیوضع فی أصل الضرس. و ربما أغلی بورق التین، فإنه یرخّیه، و یقلعه بسهوله. و دردیّ الخلّ نفسه عجیب. أو یؤخذ قشور التوت، و قشور الکبر، و الزرنیخ الأصفر، و العاقرقرحا، و العروق، و أصول الحنظل، و شبرم، و یعجن بماء الشب، أو بالخل الثقیف، و یترک ثلاثه أیام، ثم یطلی. أو یؤخذ عروق صفر، و قشور التوت من کل واحد جزء، و من الزرنیخ الأصفر جزءان، یعجن بالعسل، و یجعل حوالی الضرس مده، فإنه یقلعه. أو یؤخذ أصل القیصوم، و
لبن الیتوع جزء، و أصل الیتوع جزءان، و یوضع علیه. و إن کانت السنّ ضعیفه، فأذب الشمع مع العسل فی الشمس، ثم قطّر علیه زیتاً، و مره لیمضغه.
یعجن الدقیق بلبن الیتوع و یوضع علیه ساعات، فإنه یفتّت، و یجب أن یوضع فیه ورق اللبلاب العظیم الحاد. و شحم الضفدع الشجری قاطع مفتت، و هو الضفدع الأخضر الذی یأوی النبات، و الشجر، و یطفر من شجره إلی شجره.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 451
یؤخذ بزور البنج، و بزر کراث من کل واحد أربعه، بزر بصل اثنان و نصف، یعجن بشحم الماعز دفا، و یحبب کلَ حبه وزن درهم، و یبخّر منه بحبه مع تغطیه لرأس القمع.
: صریر الأسنان فی النوم یکون لضعف عضل الفکین، و کالتشنج لها، و یعرض للصبیان کثیراً و یزول إذا أدرکوا. و إذا کثر صریر الأسنان و صریفها فی النوم، أنذر بسکته، أو صرع، أو تشنّج، أو دلّ علی دیدان فی البطن. و الذی من الدیدان یکون ذا فترات، و یجب أن یعالج المبتلی بذلک بتنقیه الرأس، و تدهین العنق بالأدهان الحاره العطره التی فیها قوّه القبض.
یجب أن تؤخذ بالأصبعین، أو بالآله القابضه، ثم تُبْرَدُ بالمبرد، ثم یؤخذ حبّ الغار و الشبّ و الزراوند الطویل، و یستنّ به.
الضَرَس خدر ما یعرض للسنّ بسبب مخشن، و هو، إما قابض، و إمّا عفص، و قد یکون مما لاقی السنّ وارداً من خارج أو مقیئاً. و قد یکون مما یتصعّد إلیه من المعده إذا کان هناک خلط حامض، و قد یتبع التصوّر الوهمی عند مشاهده من یقضم الحامض جداً قضماً باسترسال.
المعالجات ینفع منه مضغ البقله الحمقاء جداً، أو الحوک، أو بزر البقله الحمقاء مدقوقاً مبلولًا بالماء و علک الأنباط، أو لوز، أو جوز ملکی، و النارجیل خاصه، أو البندق، أو زیت الأنفاق دلکاً، أو عکر الزیت المغلظ فی إناء نحاس کالعسل فی الشمس، أو علی النار، أو المضمضه بلبن الأتن و الدهن المفتر، أو قیر دنان الشراب، أو حبّ الغار، أو زراوند طایل، أو حلتیت، أو لبن الیتّوع، أو العنصل، و الملح لمضادته للحموضه نافع جداً من الضَرَس.
هو أن یکون السنّ لا یحتمل شیئاً بارداً، أو حاراً، أو صلباً، و أکثره من برد، و هو مقدمه لوجع الأسنان.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 452
المعالجات إذا کان السبب فی ذلک برداً: استعمل حب الغار، و الشب، و الزراوند الطویل، و التکمید الدائم بصفره بیض، فإن لم یسکن بذلک، دلک بأیارج فیقرا. فإن لم ینجع، فالتریاق، و دهن الخردل نافع جداً، و القطران المسخن إذا مسح به مراراً فهو نافع جداً.
و إن کان السبب مزاجاً حاراً و هو قلیل- یدلّ علیه لون اللثّه و ملمسها، و ملمس الأسنان، فیجب أن یدام تمریخها بدهن الورد المفتت فیه کافور، و صندل و یستعمل علیه لعاب بزرقطونا بماء الورد، و مضغ البقله الحمقاء، أو بزرها خاصه.
ینفع منه القوابض المذکوره، و العفص المحرق المطفأ بالخلّ، و حبّ الآس الأبیض، و الملح الدرانی المقلی، و المطفأ بالخلّ، و الرامک و السنونات الفاضله.
سنون جیّد: یؤخذ سعد ثلاثه دراهم، هلیلج أصفر منزوع خمسه دراهم، قرفه خمسه دراهم، دارصینی ثلاثه دراهم، شبّ درهمان، عاقرقرحا سبعه دراهم، نوشادر درهم، دارفلفل درهم، و سک درهم، زعفران درهم، ملح خمسه دراهم، سمّاق درهمین، ثمره الطرفاء ثلاثه، قاقله أربعه، زرنیاد سته عشر، جلّنار أربعه، یسحق الجمیع و یجمع.
سنون جید: یؤخذ صندل أحمر کبایه، فوفل من کل واحد خمسه دراهم، قرفه خمسه دراهم، دارصینی درهم، بقم أربعه، یعجن بنشاستج الحنطه.
سنون: لهذا الشأن جید، یؤخذ کشک الشعیر، فیرضّ و یلتّ بعسل، و قطران یسیر شامی، و یقرص، و یقمص قرطاساً، و یوضع علی آجره موضوعه فی أصل تنور، فإذا أسودّ لونه أخرج، فأخذ منه جزء، و من فتات العود، و الجلنار، و السعد، و قشر الرمان،
و الملح من کل واحد جزء، یسحق و یتخذ منه سنون.
و ربما أخذ من الشعیر المحرق الموصوف عشرون جزءاً، و من السعد، و الفول، و المزمازک، من کل واحد أربعه أجزاء، و من الزنجبیل جزء، و یتخذ منه سنون.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 453
اللثه تعرض لها الأورام بسبب ماده تنزل إلیها فی أکثر الأمر من الرأس، و قد یکون بمشارکه المعده، و قد یعرض لها أورام فی ابتداء الاستسقاء، و عروض سوء القنیه لما یتصعد إلیها من الأبخره الفاسده. و یستدل علی جنس الماده باللون و اللمس. و قد یکون منه ظاهر قریب سریع القبول للعلاج، و غائر بعید بطی ء القبول للعلاج، و قد یکون مع حمی.
المعالجات إن کانت الماده فضله حاره استعمل الاستفراغ، و فصد الجُهارک، و عولج فی الابتداء بالمضمضات المبرده، و فیها قبض مثل ماء الورد، و اللبن الحامض، و ماء الآس، و میاه أوراق القوابض البارده، و سلاقه الجلنار، و ماء لسان الحمل، و نقیع البلوط، و عصاره بقله الحمقاء، ثم بعد ذلک یتمضمض بزیت انفاق، و دهن شجره المصطکی، و دهن الآس، فی کل أوقیه منه ثلاثه دراهم مصطکی، أو دهن ورد، قد أغلی فیه سنبل، و ورد یابس، و مصطکی.
و لدهن شجره المصطکی قوه عجیبه شدیده فی تسکین أوجاع أورام اللثه، و خصوصاً الحدیث. فإنه یقمع و لا یخشن، و أخصّ منافعه فی حال الوجع، ثم بعد ذلک یستعمل مثل عصاره إیرسا الرطب، فإنه یسیل الدم و یریح، أو عصاره ورق الزیتون، أو عکر الخمر، أو عصاره السذاب، أو دهن الحبّه الخضراء مغلی بماء فیه ورقه، أو سلاقه الزراوند الطویل، فإن کان الورم الحار غائراً و
یسمی بارولیسر و لا یتحلّل بالأدویه، بل یتقیّح، فربما احتیج إلی علاج الحدید، و ربما أدّی جوهره إلی إنبات لحم جدید. فإذا قاح استعمل علیه الزنجار، و العفص، أو قشور النحاس بالخلّ أیاماً، أو سوری محرق مع عفص. و إذا کانت اللثه لا تزال تنتفخ و ترم و لا تبرأ، احتیج إلی کی. و أجوده أن یؤخذ الزیت المغلی بصوفه ملفوفه علی میل مراراً حتی تضمر و تبیضّ. و إذا کان الورم من رطوبه فضلیه، وجب فی الابتداء أن یتمضمض بالأدهان الحاره و بالعسل و الزیت و الربّ، ثم یستعمل المحلّلات القویه المذکوره کثیراً.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 454
ینفع منها الشبّ المحرق المطفأ بالخل مع ضعفه ملح الطعام، و مثله و نصفه سوری ینثر علیه، و أیضاً یحرق الطریخ المملوح إلی أن یصیر کالجمر فیؤخذ من رماده جزء، و من الورد الیابس جزءان، و أیضاً یؤخذ الآس و العدس المحرق جزء جزء، و السّماق و السوری جزءان، فقّاح الإذخر ثلاثه أجزاء، یخلط و یستعمل.
یجری فی علاجها مجری شقوق الشفه و سیذکر.
قروح اللثه بعضها ساذجه، و بعضها مبتدئه فی التعفّن، و بعضها آخذ فی التآکل.
المعالجات أمَّا الساذجه، فعلاجها علاج القُلاع، و أما الآخذه فی التعفّن، فیجب أن تعالج بمثل الأبهل، و الحسک، فإن نفع، و إلا أخذ من العفص جزء، و من المرّ نصف جزء، و جمع بدهن الورد، و استعمل. و من أصناف المضمضات النافعه المضمضه بخلّ العنصل، و المضمضه بألبان الأتن، و المضمضه بسلاقه ورق الزیتون، و سلاقه الورد، و العدس، و العفص، و أقماع الرمان.
و أما المتآکل، فإن کان ممعناً فیه، فیحتاج أن یعالج بالقلقندیون الخاص به المذکور فی الأقراباذین، و کذلک النواصیر، ثم تنثر علیه الأدویه القابضه. و مما جرّب حینئذ ثمره الطرفاء و عاقرقرحا، من کل واحد ثلاثه دراهم، مامیران درهم، هلیلج أصفر درهمان، ورد یابس درهمان، باقلی، و نوشادر، و کبابه، و زبد البحر، من کل نصف درهم، جلنار، و زعفران، و عفص، من کل واحد درهم، کافور ربع درهم، و یتّخذ منه سنون. و أیضاً السنونات الواقع فیها الزراوند، و القلقطار، و التوبالات، و الزرانیخ.
و أما المتوسّط، فیؤخذ عاقرقرحا، و أصل السوسن، من کل واحد جزء، و من الجلّنار، و السّماق، و العفص الغیر المثقوب، و الشبّ من کل واحد درهمان، یسحق، و یتخذ منه سنون، و یستعمل علی المتوسط من التآکل و الناصور، و کذلک الجلنار و خبث الحدید، یکبس به اللثّه، ثم یتمضمض بخل العنصل، أو خل طبخ فیه ورق الزیتون، و أیضاً یستعمل فلونیا فی الموضع المتآکل، فیکون جیداً، و الفودنجی و المعاجین المانعه للعفونه المحلله لما حصل. و منها المعجون الحرملی، فإن لم ینجع، فلا بد من
قلقندیون.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 455
و مما یقرب منه أن یؤخذ شب، و نوره، و عفص، و زرنیخان، أجزاء سواء، یؤخذ منه دانق بعد السحق الشدید، و یدلک به دلکاً جیداً، ثم یصبر علیه ساعه، ثم یتمضمض بدهن الورد، و ربما جعل فیه أقاقیا، و یصلح أن یتخذ منه أقراص، و تجفف و تعدّ للحاجه، و ربما اقتصر علی الزرنیخین، و النوره، و أقاقیا، و قرص. و قد ینفع الکی المذکور، و هو مما یسقط التآکل، و ینبت اللحم الصحیح، ثم یستعمل سنون من العفص مع ثلاثه من المر، فإنه ینبت اللحم، و یشد اللثه، و فصد الجُهارک نافع فیه.
علاجه مذکور فی باب البخر.
یؤخذ من الکندر الذکر، و من الزراوند المدحرج، و من دم الأخوین، و من دقیق الکرسنه، و أصل السوسن أجزاء سواء، یعجن بعد السحق بعسل و خلّ العنصل، و یستعمل دلوکاً، و قد یؤخذ دقیق الکرسنّه عشره دراهم، فیعجن بعسل و یقرّص و یوضع علی آجره أو خزفه موضوعه فی أسفل تنور أو یخبز فی تنور حتی یبلغ أن ینسحق و یکاد أن یحترق. و لما یحترق فیسحق، و یلقی علیه من دم الأخوین أربعه و من الکندر الذکر مثله و من الزراوند المدحرج و الایرسا من کل واحد درهمان و یستن به علی الوجه المذکور.
أما إن کان یسیراً، فیکفی فیه التمضمض بما یطبخ فیه القوابض الحاره، أو البارده بحسب المزاج. و مما هو شدید النفع فی ذلک، الشبّ المطبوخ فی الخلّ. و أما إن کان کثیراً، فالصواب فیه أن یشرط و یترک الدم یجری، و یتفل ما یجری منه، ثم یتمضمض بعده بسلاقه القوابض علی الوجه المذکور فی ما سلف. و مما هو موافق لذلک من السلاقات، أن یؤخذ من ثمر الطرفاء المدقوق ثلاثه دراهم، ورق الحناء درهمین، زراوند درهمین، یفتّر و یستعمل.
أو یؤخذ من الجلّنار، و قشور الرمان ستّه ستّه، و من الزرنیخین و الشبّ الیمانی ثلاثه ثلاثه، و من الورد و السّماق البغدادی ثمانیه ثمانیه، و من سنبل الطیب و فقّاح الإذخر عشره عشره، یتخذ منه لطوخ لاصق. و فصد الجُهارک نافع منه.
صفه لصوق لذلک، یستعمل بعد المضمضه نافع، ورد بأقماعه، فلفل سبعه سبعه، جفت البقوط، جلّنار، حبّ الآس الأخضر أربعه أربعه، الخرنوب النبطی، و السّماق المنقّی، الأرماک
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 456
خمسه خمسه، أو بدل الأرمام آس ثمانیه،
و قد ینفع التحنیک بالأیارج الصغیر، و یتمضمض بعده بخلّ العنصل، و بخلّ الحنظل، و یستعمل السنونات القویه.
یجعل علیه قلقنت و مرّ، فإنه یذهبه و یذیبه.
الشفتان خلقتا غطاء للفم و الأسنان، و محبساً للعاب، و معیناً فی الناس علی الکلام، و جمالًا، و قد خلقتا من لحم و عصب، هی شظایا العضل المطیف به.
الأدویه المحتاج إلیها فی علاج الشقوق، هی التی تجمع إلی القبض و التجفیف تلییناً. و من الأدویه النافعه فی ذلک الکثیراء إذا أمسکه فی الفم، و قلبه باللسان. و من التدبیر النافع فیه، تدهین السره و المقعده، و أن یطلی علیه الزبد الحادث من ذلک قطعه قثاء علی أخری، و یطلی علیه ماء السبستان، أو ماء الشعیر، أو لعاب بزرقطونا. و من الدسومات، الزبد، و المخّ. و الشحوم، شحوم العجاجیل و الأوز بعسل، و دهن الحبه الخضراء، أو دهن الورد و فیه بیاض البیض، و دقیق، و خصوصاً دقیق الکرسنّه، و القیروطی بدهن الورد، و ربما جعل فیه مرداسنج.
و من الأدویه المجرّبه، عفص مسحوق، و إسفیذاج الرصاص، و نشا، و کثیراء، و شحم الدجاج. و أیضاً العفص مسحوقاً بالخل، و أیضاً المصطکی، و علک البطم، و زوفا، و العسل، یتخذ منها کالمرهم، و أیضاً مرداسنج، ساذنج، عروق الکرم، من کل واحد نصف جزء، دهنج نصف جزء، و أظلاف المعز مسحوقه زعفران، من کل واحد ثلث جزء و کافور سدس جزء، یجمع بستّه أجزاء شمع، و ستّه عشر جزءاً دهن ورد. و أیضاً العنبر المذاب بدهن البان، أو دهن الأترج ربع جزء، و یستعمل قیروطیاً، و یجعل غذاءه الأکارع و النمبرشت.
یجب أن یبتدأ فیها باستفراغ الخلط الغالب، ثم یستعمل الأدویه الموضعیه، أما الأورام، فهی قریبه الأحکام من أورام اللثه و حاجتها إلی علاج أقوی قلیلًا أمسّ.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 457
و أما الأدویه الموضعیه للقروح، فیتخذ من القوابض، مثل الهلیلج، و الحضض، و بزر الورد، و جوز السرو، و أصل الکرکم. و ربما وقع فیها دهنج، و أظلاف المعز محرقه، و سعتر محرق،
و دخان مجموع، و الأشنه.
و أما الأدهان التی تستعمل فیها، فدهن المشمش، و دهن الجوز الهندی.
فإن کان هناک بواسیر، فما ینفع منها، خبث الحدید، و مرداسنج، و أسفیذاج، و زعفران، و شب أجزاء سواء، یتخذ منها مرهم بشمع و دهن الجوز الهندی، أو دهن للوز.
أکثر ما یعرض، یعرض لمشارکه فمّ المعده، و خصوصاً إذا کان بها غثیان، و حرکه نحو دفع شی ء بالقذف، لا سیما فی الأمراض الحاده، و أوقات البحارین. و قد یکون بمشارکه العصب الجائی إلیها من الدماغ و النخاع بمشارکتها للدماغ.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 458
یعنی بالحلق، الفضاء الذی فیه مجریا النفس و الغذاء، و منه الزوائد التی هی اللهاه و اللوزتان و الغلصمه. و قد عرفت تشریح المری ء، و تشریح الحنجره. و أما اللهاه، فهی جوهر لحمی معلّق علی أعلی الحنجره، کالحجاب. و منفعته تدریج الهواء لئلا یقرع ببرده الرئه فجأه، و لیمنع الدخان و الغبار، و لیکون مقرعه للصوت، یقوی بها، و یعظم کأنه باب مؤصد علی مخرج الصوت بقدره. و لذلک یضر قطعها بالصوت، و یهیئ الرئه لقبول البرد، و التأذّی به، و السعال عنه. و أما اللوزتان، فهما اللحمتان الناتئتان فی أصل اللسان إلی فوق کأنهما أذنان صغیرتان، و هما لحمتان عصبیتان کغدتین لیکونا أقوی، و هما من وجه کأصلین للأذنین. و الطریق إلی المری ء بینهما. و منفعتهما، أن یعبّیا الهواء عند رأس القصبه کالخزانه لکیلا یندفع الهواء جمله عند استنشاق القلب، فیشرق الحیوان. أما الغلصمه، فهی لحم صفاقی لاصق بالحنک تحت اللهاه متدلّ منطبق علی رأس القصبه، و فوق الغلصمه الفائق، و هو عظیم، ذو أربعه أضلاع، اثنان من أسفل. و أما القصبه و المری ء، فنذکر تشریحهما من بعد.
قد یعرض فی کل واحده من هذه أمراض المزاج، و الأورام، و انحلال الفرد.
إذا نشب شی ء له حجم، فیجب أن یبدأ، ویلکم العنق، و ما بین الکتفین ضرباً بعد ضرب، فإن لم یغن، أعین بالقی ء، و ربما کان فی ذلک خطر.
أما الشوک و شظایا العود و العظم و ما أشبه ذلک، فیجب أن ینظر، فإن کان الحس یدرکه،
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 459
أو کانت الریشه، أو عقافه من خیزران، أو وتر القوس مثنیاً یناله، فإنه یدفع به، أو یجذب به فإن کانت الآله الناقشه للشوک تناله، فالصواب استخراجه علی ما نَصِف. و إن فات الحس، فیجب أن یتحسّی علیه الأحساء المزلقه، فإن لم ینجع، هیّج الفواقی و القی ء، بالإصبع، و الریشه و الدواء. و مما جرب، أن یشرب کل یوم درهم واحد من الحرف المسحوق بالماء الحار، و یتقیأ، فإنه یقذف بالناشب. و الأولی أن یتقیأ بعد طعام مالئ، و قد یشدّ خیط قوی بلحم مشروح و یبلع، ثم یجذب، فیخرج الناشب، و کذلک بالتین الیابس المشدود بخیط إذا مضغ قلیلًا، ثم بلع، و قد یغرغر برب العنب المطبوخ فیه التین، فیبیّن الناشب عن موضعه، و قد یضمد الحلق من خارج بأضمده فیها إنضاج و تفتیح رقیق لینفتح الموضع و تخرج الشوکه، أو ما یجری مجراها بذاتها، و مثال هذا الضماد المتخذ من دقیق الشعیر بالزیت و الماء الفاتر.
إنه قد یتفق أن یکون بعض المیاه عالقاً علقاً صغاراً خفیه یذهل خفاؤها عن التحرّز منها، فتبلع، و ربما علقت فی ظاهر الحلق، و ربما علقت فی باطن المری ء، و ربما علقت فی المعده، و ربما کانت صغیره لا یبصرها متأمل وقت علوقها، و إذا أتی علی ذلک وقت یعتد به و امتصت من الدم مقداراً صالحاً، ربت جثتها و ظهر حجمها.
علاماته یعرض لمن علق به العلق، غم، و کرب، و نفث دم، و إذا رأیت الصحیح ینفث دماً رقیقاً، أو یقیئه أحیاناً، فتأمل
حال حلقه، فربما کانت به علقه.
معالجات قد یعالج المدرک منه بالبصر بعلاج الأخذ و النزع علی ما نصفه، و قد یعالج بالأدویه من الغراغر، إن کانت بقرب الحلق، و البخورات، و منها السعوطات إن کانت مالت إلی الأنف، و بالمقیئات و المسهلات للدیدان و ما أشبهها، إن کانت وقعت فی الغور و فی المعده. و قد یحتال لها بحیل أخری، من ذلک أن ینغمس الإنسان فی ماء حار، أو یقعد فی حمّام حار، و خصوصاً علی ثوم تناوله، ثم لا یزال یکرّر أخذ الماء البارد المثلوج فی فمه وقتاً بعد وقت حتی تترک العلقه الموضع الذی علقت به هرباً من الحرّ، و تمیل إلی ناحیه البرد، فإن احتیج أن یصبر علی ذلک الحرّ إلی أن یخاف الغشی صبر علیه، فإنه تدبیر جید جداً فی إخراجه، و کثیراً ما ینفع فیه الاقتصار علی أکل الثوم، و القعود فی الشمس فاغر الفم بحذاء ماء بارد مثلوج، و من الناس من یسقی صاحب العلق الفسافس و ضرباً من البقّ الحمر الدمویه الشبیهه بالقراد الصغار الجلود التی یکاد یفسخها المس، و إن کان برفق بخلّ، أو شراب أو یبخر به الحلق بقمع، و لعله الذی
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 460
یسقی فی بلادنا الأنجل. و الخل وحده إذا تحسی، فربما أخرجه من الحلق، و خصوصاً مع الملح.
و أما الغراغر: فمنها الغرغره بالخلّ و الحلتیت وحدهما، أو بملح، و الغرغره بالخردل مع ضعفه من بورق، أو الخردل مع مثله نوشادر، أو الغرغره بشیح مع نصفه کبریت، أو أفسنتین مع مثله شونیز، أو بخلّ خمر طبخ فیه الثوم و شیح و ترمس و حنظل و سرخس، أو خل خمر مقدار
أوقیتین، جعل فیه من البورق ثلاثه دراهم، و من الثوم سنان.
و للغرغره بعصیر ورق الغرب خاصیّه فی إخراجه، و کذلک الغرغره بالخلّ مع الحلتیت، أو قلقطار و ماء.
و أما إذا حصل فی المعده، فیجب أن یسقی من هذا الدواء، و نسخته: شیح، قیسوم، أفسنتین، شونیز، ترمس، قسط، جوف البرنج الکابلی، سرخس، من کل واحد درهمان أن بخلّ ممزوج، و أیضاً یطعم صاحبه الثوم، و البصل، أو الکرنب، أو الفودنج النهری الرطب، و الخردل مطیباً، و کل حاد حریف، ثم یتقیأ بعده إن سهل علیه القی ء.
فإن لم یسهل، فالشی ء المالح الحاد، و إن کان علوقها فی الأنف، و أوجب إسعاطها، فسعط بالخلّ، و الشونیز، و عصاره قثاء الحمار، و الخربق، و إذا عرض أن ینقطع، فلیحذر صاحبه الصیاح، و الکلام. و إن سال عم، أو قذفه، أو أسهله، فعالج کلًا بما تدری فی باب. و للسورنجان خاصیه فی دفع ذلک. و أما کیفیه أخذها بالقالب، فأن یقام البالغ للعلقه فی الشمس، و یفتح فمه، و یغمز لسانه إلی أسفل بطرف المیل الذی کالمغرفه، فإذا لمحت العلقه ضع القلب فی أصل عنقها لئلا تنقطع، و هذا القالب هو الذی تنزع به البواسیر.
إن الاختناق هو امتناع نفوذ النفس إلی الرئه و القلب، و هو شی ء یعرض من أسباب کثیره، مثل شرب أدویه خانقه، و أدویه سمّیه، و مثل جمود اللبن فی بعض الأحشاء.
لکن الذی کلامنا فیه الآن، هو ما کان بسبب یعرض فی نفس آلات التنفس القریبه من الحنجره من ورم، أو انطباق، أو عجز قوّه عن تحریک آلات الاستنشاق. و أنت تعلم أن الورم یسدّ، و أن ضغط العضو و المجاور یسدّ منافذ جار. و أنت
تعلم أن العضل المحرّکه للأعضاء التحریک الجاذب إلیها للهواء، و هی عضل الحنجره کما نذکر حالها فی باب التنفّس. إذا عجزت عن تحریکها و فعلها لیبس، استولی علی هذه العضل التی فی داخل الحنجره و ما یلیها، أو لاسترخاء، أو لتشنج، أو لآفه أخری لم یمکن الحیوان أن یتنفس، و إن کان المجری غیر مسدود.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 461
و أما الانطباق بسبب ضغط المجاور، فإنه قد یقع بسبب زوال الفقرات التی فی أول العنق إلی داخل بسبب ضربه، أو سقطه، و لا علاج له، و لورم فی عضل الخرز، أو أربطتها، أو فی عضل المری ء و أربطته بالمشارکه، أو لشی ء من الأسباب التی تجذبها إلی داخل، أو لتشنّج یعرض فیها أیضاً بجذبها، و أردؤه الیابس، أو لآفات أخری من آفات العصب یهیئ لذلک.
و أکثر ما یعرض ذلک یعرض للصبیان بسبب لین رباطاتهم. و أعظمه خطراً ما کان فی الفقره الثانیه، و ما فوقها، و إذا کان دون ذلک فهو أسلم. و أشدّه ما کان فی الفقره الأولی، فإنه أشدّ و أحدّ، و من باب المجاور ما یکون بسبب الدیدان. و قد ذکرناه فی باب عسر الازدراد.
و أما أقسام الورم بحسب الأعضاء المتورّمه، فهی أربعه: فإنها إما أن یکون الورم فی العضلات الخارجه عن الحنجره، المائله إلی قدّام و إلی أسفل، حتی یکون الورم یظهر، و تظهر حمرته فی مقدم العنف، أو الصدر، أو القص، أو یکون فی العضلات الخارجه عنها، و لکن فی التی إلی خلف و فی عضلات المری ء حتی یکون الورم، و لونه یظهر فی داخل الفم، و ربما تأدّی إلی الفقار و النخاع بالمشارکه، أو یکون فی العضلات الباطنه
من المری ء، و ما یلیه، فبضیق النفس بالمجاوره، و لا یظهر للحسّ و یکون فی العضلات الباطنه من الحنجره، و فی الغشاء المستبطن لها، و هو شرّ الأربعه، و هو لا یظهر للحسّ أیضاً، و قد یجتمع من هذه الأورام عده، اثنان، أو ثلاثه.
و سبب هذه الأورام سبب سائر الأورام، و ربما کان لبعض الأغذیه خاصیه فی إحداث هذه الأورام، کالحندقوق. و قیل إن تریاقه الخسّ، أو الهندبا، و ربما لم یکن السبب الامتلائی فی البدن کله، بل کان البدن نقیّاً، و إنما فضلت الفضله فی الأعضاء المجاوره لأعضاء الحلق، فأحدثت ورماً، و قد یقسم هذا الورم، فیقال منه ظاهر للحسّ خارج، و منه ظاهر للحسّ إذا تأمل باطن الحلق داخلًا، و منه ما لا یظهر للحس، فمنه فی المری ء، و منه فی داخل الحنجره، و إنما یتأمل ذلک بدلع اللسان بعد فغر الفم بشده مع غمز اللسان إلی أسفل.
و قد تعرض هذه الأورام من الدم، و قد تعرض من المرّه الصفراء، و قد تعرض من البلغم، و أکثر خنقه بإطباق العضل مرخیاً. و البلغمی سلیم، و برؤه سریع سهل، و ربما تطاول أربعین یوماً.
و من البلغمی ما تولّده من بلغم لزج غلیظ بارد، و منه ما تولده من بلغم لطیف حار. و مثل هذا البلغم إذا نزل من الرأس، و هو إنما یکون من الرأس فی أکثر الأمر، فإنه یتمکن إلی العضلات السفلی من الحنجره، و الذی من البلغم الغلیظ، فیکون فی عضلات أعلی الحنجره لثقله و قلّه نفوذه، و قلّما یعرض من السوداء. و قال بعضهم: أنه لا یعرض البتّه، لأن السوداء یقلّ انصبابها من عضو إلی عضو دفعه، و لکنه لا یبعد
مع نحور ذلک أن یعرض دفعه، أو قلیلًا قلیلًا، ثم یختنق.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 462
و ربما کان انتقالًا من الورم الحار، و علی کل حال فهو ردی ء. و کل ورم خناقی، فإما أن یقتل، و إما أن تنتقل مادته، و إما أن یجمع و یقیح. و قد یرم داخل القصبه، لکنه لا یبلغ أن یخنق.
و الخناق الردی ء المحرج إلی إدامه فتح الفم، و دلع اللسان، یسمّی الکلبی. فتاره یقال ذلک للکائن فی العضل الداخل فی الحنجره، و تاره یقال للواقع فی صنفی العضل معاً، و تاره یقال للذی یعرض إلی التشنّج إذا اندفعت الماده إلی جهه الأعصاب، و قد تنصبّ إلی ناحیه القلب فتقتل، و قد تنصبّ إلی ناحیه المعده. و کل مخنوق یموت، فإنه یتشنّج أولًا.
و الخناق الکلبی قد یقتل فیما بین الیوم الأول و الرابع، و قد تکثر الخوانیق و أشباهها فی الربیع الشتوی، و إذا اشتدّ الخناق جعل النشر منخریاً یستعان فیه بتحریک الورقه، و أحوجّ کثیراً إلی تحریک الصدر مع الورقه، و إلی إسراع، و تواتر إن أعانت القوه و لم یکن لنفسهم نفخه، و إن لم یکن خناقاً.
و عروض الاختناق فی الحمّیات الحاده ردی ء جداً، لأن الحاجه فیها إلی التنفس شدیده. و إذا عرض فی یوم بحران کان مخوفاً قتالًا، فإن البحران بالأورم الخناقیه قتال لا محاله.
العلامات العرض العام لجمیع أصناف الخوانیق: ضیق النفس، و بقاء الفم مفتوحاً، و صعوبه الابتلاع، حتی إنه ربما أراد صاحبه أن یشرب الماء فیخرج من منخریه، و جحوظ العینین، و خروج اللسان فی الشدید منه ضعف حرکته، و ربما دام کثیراً، و یکون کلامه من الصنف الذی یقال أن فلاناً یتکلم
من منخریه، و هو بالحقیقه بخلاف ذلک، فإن الذی ینسب إلی هذا فی عاده الناس إنما هو مسدود المنخرین، فهو بالحقیقه لا یتکلم من المنخرین.
و أما الوجع فلا یشتدّ فی البلغمی و الصلب، و یشتدّ فی الحار. و إن اشتد الوجع، فربما انتفخت الرقبه کلها، و الوجه، و تدلّی اللسان. و أسلم الذبحه ما لا یعسر معها النفس.
و نبض أصحاب الخناق فی أوله متواتر مختلف، ثم یصیر صغیراً متفاوتاً، و یشترک جمیع الورم فی أنه یحسّ، إما بالبصر، و إما باللّمس بأن تحس أعضاء المری ء و الحنجره جاسیه متمدّده، و یکون صاحبه کأنه یشتهی القی ء، و الزوالی یکون معه انجذاب من الرقبه إلی داخل، و تقصّع حیث زال الفقار، و إذا لمس أوجع، و إذا نام علی قفاه لم یسغ شیئاً یبلغه البتّه، و الفرق بین ضیق النفس الکائن بسبب الذبحه، و الکائن بسبب ذات الرئه أن الذی فی ذات الرئه لا یختنق دفعه و هذا قد یختنق. و الفرق بین الورم فی الحنجره، و الورم فی المری ء، أنه إذا کان البلع ممکناً و النفس ممتنع، فالورم فی الحنجره، أو کان بالعکس، فالورم فی المری ء و ربما
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 463
عظمت الحنجره حتی یمتنع البلع، و ربما عظم المری ء حتی یمتنع التنفّس، و إنما یضیق النفس من أورام المری ء ما کان فی أعلاه، و أما دون ذلک فلا یمنع النفس، و إن عسر أو ضیّق، لأنه لا یبلغ أن یزاحم القصبه و طرفها، فلا یدخلها هواء البته.
و إذا کان الورم فی المری ء و فی العضلات الداخله، لم یتبین للحسّ و لطء اللسان بالحنک لطأً شدیداً. و الفرق بین الورم الردی ء الذی لا
یبرأ، و الورم الذی لیس بذلک الردی ء، بل هو فی آخر عضل المری ء، و إن کان لا یری، أنه لا یضیق معه النفس إلا عند البلع. و الردی ء منه الذی یکون داخل الحنجره، و لا یظهر للحس من خارج منه شی ء، و لا من داخل إذا تؤمل حلقه، بل هو غائر، ثم الذی لا یری من داخل، و یری من خارج. و الخناق الردی ء، فإنه یعجّل إلی منع التنفّس، و إذا استلقی صاحبه امتنع نفسه أصلًا، و إذا لم یستلق یکون عسر النفس أیضاً، دائم تمدید العنق احتیالًا للتنفس، یتململ، و یحبّ الانتصاب، و یقدر علی الاضطجاع. و إذا بلع ضیق النفس و الحاجه إلی إخراج البخار الدخانی إلی أن تزعج القوه المتنفسه الرطوبات إلی خارج فی التنفس، فیظهر الزبد فلا رجاء فیه، و لا یجب أن یعالج.
علی أنه قد یعرض أن یزید المخنوق أحیاناً، ثم یعافی، و ذلک إذا کانت هناک قوه و شهوه غذاء.
و غلظ اللسان، و اسوداده من العلامات الردیئه، و إذا کان مع الخوانیق الردیئه حمی شدیده، فالموت عاجل، لأن الحمی تحوج إلی نفس کثیر. و قد قیل فی علامات الموت السریع، أن من کان به خوانیق فتغیر لون مؤخر عنقه عن حمرته المعتاده تغیراً إلی البیاض، أو إلی الخضره، و عرق إبطه و أرنبته عرقاً بارداً، فإنه یموت فی أحد یومیه.
و أما علامات الرجاء، فأن تنتقل الحمره إلی خارج، و کثیراً ما یفتحون حینئذٍ أعینهم، و یفیقون، و کذلک إذا تغیر نفسهم، و أخذوا یتنفسون نفساً قصیراً، و ذلک لأنهم یبتدرون فی حال الشده إلی تطویل النفس لیدخلوه قلیلًا قلیلًا، فإذا قصر، فقد زال سبب المستدعی للتطویل، و عادت الأعضاء
إلی الحال الطبیعیه. و کذلک إذا حدث ورم فی الجانب المقابل رجی معه الانحلال لما عرفت.
و أما علامات انتقال الخناق، فهو أن یری فی الورم ضمور، و انحلال من غیر انفجار إلی خارج مع استراحه، ثم یجب أن یتأمل أمر النبض، فإن صار موجباً عظیماً و حدث سعال، فهو ذا ینتقل إلی ذات الرئه، و إن کان النبض متشنّجاً، فهو ینتقل إلی التشنّج، و إن ضعف النبض جداً، و صغر، و تفاوت، وهاج خفقان و انحلّت الغریزیه، و حدث غشی، فالماده منصبّه إلی ناحیه القلب. و إن حدث وجع فی المعده، و غثیان، فقد انصبّ إلی المعده.
و أما علامات الجمع فأن یوجد لین قلیل مع مجاوزه الرابع، و قد یعرض للخناق الذی تظهر حمرته فی العنق، و ناحیه الصدر أن تغیب الحمره، و ذلک یکون علی وجهین، إما لرجوع
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 464
الماده إلی الباطن، و إما لاستفراغ الماده. و إذا کان بسبب استفراغ الماده، فهو مرجو، و یخفّ معه النفس الشدید. و الآخر ردی ء.
و علامات الدموی، منه علامات الدم المعلومه، و حمره اللسان و الوجه و العین. و وجدان طعم الدم، إما حلاوه، أو مثل طعم الشراب الشدید، و الوجع الشدید التمددی، ضیق النفس.
و علامات الصفراوی التهاب و حراره، و غمّ شدید، و عطش شدید، و وجع شدید جداً لذّاع، و مراره، و یبس، و سهر، و لیس یبلغ تضییقه للنفس مبلغ الواقع من الدم. و قد دلّ علیه لون اللسان، و حرقه الموضع وحدته، و کأن فی الموضع شیئاً حریفاً لاذعاً. و وجع الصفراوی أقل من وجع الدموی.
و علامات البلغمی ملوحه، أو بورقیه مع حراره و لزوجه، لأن هذا البلغم
یکون فاسداً متعفناً. و قد یدل علیه بیاض لون اللسان و الوجه، و قله العطس، و قله الالتهاب، و قد یدلع اللسان بالإرخاء، و قلّما یعرض معه ورم فی الغدد، و یکون الوجع معه قلیلًا، أو معدوماً، و لا یکون معه حمّی، و تتطاول مدته إلی أربعین یوماً. و إذا جاهد صاحبه أمکنه الإساغه. و ذلک لأنه ینفذ المبلوع فی رخاوه.
و علامات السوداوی الصلابه و طعم الحموضه و العفوصه، و أن یعرض قلیلًا قلیلًا، و ربما کان انتقالًا من الورم الحار. و علامات الکائن عن یبس الأعضاء المنفّسه أیها کانت، قلّه رطوبه فی الفم، و الانتفاع بالماء الحار فی الوقت لما یرطّب و یرخّی.
و اعلم أنه قد یعرض للإنسان وجع راتب سنه، أو سنتین فی حلقه، فیدل علی تحجّر فضل فی نواحی الحلق.
یجب أن یستفرغ أوّل کل شی ء من الماده الفاعله لذلک بالفصد، و الإسهال، و أن یجذب الماده إلی الجهه المخالفه، و لو بالمحاجم توضع علی المواضع البعیده المقابعه لها، و ربط الأطراف ربطاً مؤلماً، و أن یبتدأ بالأدویه القابضه ممزوجه بما له قلیل جلاء کالعسل، و أفضلها قشور الجوز، ثم بربّ التوت.
و اعلم أن المبادره إلی التغرغر بالخلّ کما یبتدئ ورم اللهاه، أو خناق، مما یمنع و یردع و یجلب رطوبه کثیره، و یکون معه امتناع ما کاد یحدث. و من هذه الأدویه، مثل الشبّ، و العفص، و الجلّنار، و الرمانین المطبوخین إلی النهری، یتّخذ منهما لعوق.
و مما ینفع من ذلک حلق الیافوخ، ثم طلاؤه بعصاره أقاقیا، هذا فی الأول، ثم یتدرّج إلی المنضجات، ثم إلی المفتّحات القویه، حتی إلی درجه النوشادر، و العاقرقرحا، و ما نذکره.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2،
ص: 465
و مما ینفع فی ذلک التعطیس بمثل الکندس، و القسط، و ورق الدفلی، و المرزنجوش. و من الأشیاء المجرّبه التی تفعل بخاصیتها فی أورام الخوانیق، و اللهاه، و اللوزتین، و بالجمله أعضاء الحلق نفعاً عظیماً، أن یؤخذ خیوط، و خصوصاً مصبوغه بالأرجوان البحری، فیخنق بها أفعی، ثم یطوّق عنق من به هذه الأورام، فإن ذلک ینفعه نفعاً بلیغاً عظیماً عجیباً مجاوزاً للقدر المتوقّع. و اللبن من الأدویه الشریفه. و الانتهاء بما یردع و یلیّن و یسکّن الأوجاع، و یجب أن یتأمل فی استعمال ما یقبض، أو یحلّل، أو ینضج، و ینظر إلی حال البدن فی لینه و صلابته، فتقوی القوی فی الصلبه، و تلیّن فی اللینه، و کذلک یراعی السنّ، و المزاج، و الزمان، و العاده، و قد یخص أورام اللهاه و اللوزتین، و استرخاؤهما القطع، و یفرد له باباً و من وجوه العلاج الغمز علی الموضع. و مواضعه، ثلاثه: أحدهما عند ما یزول الفقار، و الثانی فی أورام اللهاه و اللوزتین المحوجه إلی إشالتها عن سقوطها إلی فوق، و الثالث فی الأورام البلغمیه إذا ضیقت المنفذین، فاستعین بالغمز علی تنقیتها و تلطیفها.
علاج الذبح و الخوانیق و کل اختناق من کل سبب أما الحار، فیجب أن یبدأ فیه بالفصد، و لا یخرج الدم الکثیر دفعه، و خصوصاً إذا کانت قد أخذت القوّه فی الضعف، بل یؤخذ عشره عشره کل ساعه إلی الیوم الثالث بالتفاریق المتوالیه، فإن لم یکن أخذ فی الضعف، فیجب أن لا یزال یخرج الدم إلی أن یعرض الغشی فی القوی، و یجب أن لا ینحی بالتفریق نحو حفظ القوه، و دفع الغشی، فإن الغشی إذا عرض لهم أسقط قوتهم، فیجتمع عسر
التنفس، و سقوط القوه، و خصوصاً، و هم مؤاخذون بتقلیل الغذاء اختیاراً، أو ضروره، لا سیما إن کانت حمی.
و قد یجب أن یراعی فی أمر الفصد شیئاً آخر، و هو أنه ربما کان سبب غلبه الورم فی الخوانیق احتباساً، لا سیما من معتاد، کدم حیض و دم البواسیر، و فی مثل ذلک یجب أن یکون الفصد من جانب یجذب إلی الجهه التی وقع عنها الاحتباس، مثل ما یجب ههنا من فصد الصافن، و حجامه الساق، فإذا خرج دم کثیر، فربما سکن العارض من ساعته، و ربما احتجت إلی إعادته من غد.
و بالحقیقه أنه إن احتملت الحال المدافعه بالفصد إلی النضج، فذلک أفضل لتبقی القوّه فی البدن، و یقع الاستفراغ من نفس ماده المرض، و یقتصر علی إرسال متواتر أیاماً عشرین بعشر وزنات دم، أو خمس وزنات و یسهل التنفس، و کذلک أیضاً الغراغر تؤخّر، أن کان هناک امتلاء، و کانت الغراغر تؤلم خوفاً من الجذب، بل تستعمل الغراغر بعد التنقیه. من الذبح صنف آخر یکون فی أقصی الغلصمه، فإذا فصد قبل انحطاط العله، انحطّ إلی المخنق، و أکثر ما یعرف به وقت الخناق من الابتداء، و التزید، و الانتهاء و الانحطاط، هو من حال الازدراد، و تزید عسره، و وقوفه، أو انحطاطه، و ما دام فی التزید و لم یکن ضروره لم یفصد الفصد البالغ، بل یقتصر علی ما قلنا.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 466
و إذا کان الخناق لیس بمشارکه من امتلاء البدن کله بل کانت الفضله فی ناحیه الحلق فقط و لم یخش مدداً، جاز أن لا یفصد، بل یبعد عن بدنه أسباب التحلل المحوج إلی البدل الکثیر، و یمنع الغذاء لیکون
بدنه مستعملًا لدمه فی الاغتذاء، و صارفاً إیاه عن جهه الورم، کأنه یغصبها الدم، ثم یقبل علی التحلیل و الإنضاج.
و إن فصدت ربما لم یحتمل ذلک، و لم یکن بد من تغذیه، و فی التغذیه تعذیب، و خصوصاً حین لا یشبع، و لا یؤخر فصد العرق الذی تحت اللسان، بل یجب أن یبادر إلی ذلک، و لو فی الیوم، بل و لو فی خلل التفاریق المذکوره، و خصوصاً إذا کانت العروق التی تحت اللسان متمدّده. و ربما احتیج إلی فصد الوداج، و ربما احتیج إلی شرط اللسان نفسه، و إلی حجامه الساق، فإنه نافع جداً. و من کان یعتاده الخوانیق، فیجب أن یفصد قبل عروضها کما تری امتلاء، و عند الربیع. و مما هو شدید النفع، المبادره إلی استعمال الحقن القویه جداً، إلا أن تمنع الحمی، فحینئذ یجب أن یقتصر علی الحقن اللینه. و للحقن القویه، و الشیافات، منفعه فی ذلک قویه. و یجب أن تربط الأطراف، و یطوق العنق بصوف، و خصوصاً صوف الزوفا مغموساً أیه کان فی الزیت، أو فی دهن البابونج، فإنه ملیّن مسکن للوجع، ثم فی آخره تخلط به الجواذب حین لا تنفع هذه، و هی مثل البورق، و الخردل، و القسط، و الجندبیدستر، و الکبریت، و المراهم القویه المحمّره، و أیضاً بمثل عسل البلاذر، و کل ما ینقط، و یجب أن یقتصر فی غذائهم إلی الیوم الثالث علی السکنجبین، و شراب العسل، ثم یتدرج إلی ماء الشعیر مع بعض الأشربه اللذیذه، ثم إلی محّ البیض، ثم إذا سهل البلغ استعملت الأحساء بخندروس. و فی آخره نجعل الأحساء من المنضجات، ثم المحلّلات.
و إذا عسر البلع وضعت المحاجم علی الرقبه عند الخرزه
الثانیه بالمصّ، أو بالنار، لیتسع المنفذ قلیلًا قلیلًا، و یسیغ کل ما یتجرع من الأغذیه، فإذا فرغ من ذلک أزلت المحاجم. و أما الناریه، فإنها تسقط بنفسها، و لا بأس أن یشرط أیضاً، و یخرج الدم من هنا و من الأخدعین، ثم یحجم محجمه واحده علی الرأس، و توضع أیضاً محاجم علی الذقن تحت الحلق، و ذلک بعد قطع الماده، فإن جمیع هذا یجذب الماده إلی خلاف، و یقلّلها. و کذلک الأول، و یضعها تحت الثدی، و علی الکاهل، و لا بأس بإدخال ما ینقّی من الخیزران و نحوه ملفوفاً علیه قطنه، فإن فی التنقیه توسیعاً، و ربما أدخل فی الحلق قصبه معموله من ذهب، أو فضه، أو نحوهما تعین علی التنفس. و کذلک إذا اشتد الضیق، لم یکن من وضع المحاجم علی الرقبه. و قد ینفع فی توسیع البلع و النفس غمز الأکتاف بقوه.
و أما الأدویه فی الابتداء، فالقوابض، و خصوصاً للدموی. و أفضل القوابض ما له مع قبضه جوهر لطیف یغوص به. و من الأشیاء التی أخرجتها التجربه، فإن القوابض المخلوطه المرکبه أنفع من المفرده البسیطه. و ربما اشتد الوجع فی أول الأمر. فاحتیج إلی أن یخلط بالقوابض ما
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 467
یسکّن الوجع و یلین، مثل شراب البنفسج، و الفانیذ، و اللبن الحار، و لعاب بزر کتان، و المبیختج، و ربما لم تکن الانصباب، فلم یکن بدّ من المحلّله یخلط بها، أو ربما لم یکن الماده کثیره فی الانصباب، و یکون الورم لیس قویاً، فیبتدئ، و یستعمل العفص، و النوشادر، فإنه یمنع بقوّه، و یحلل بقوه. و أما الصفراوی، فیجب أن یکون أکثر الفصد مصروفاً فیه إلی التبرید مع
القبض، و قد یستعمل فیه لطوخات، و قد یستعمل فیه و فی کل غرغرات، و یستعمل نفوخات بمنفاخ و نثورات. فمن ذلک، التغرغر بالسکنجبین و الماء، و الخلّ و الماء، فإنه عظیم المنفعه فی أول الحار و البارد، و برب التوت، و خاصه البری، ثم الذی لیس فیه سکر، أو عسل، و یستعمل فی الابتداء صرفاً و مقوی بقوابض من جنس عصاره السماق و الحصرم مجفّفین، و کما هما، و الجلنار، و إنما یجعل فی مثله العسل لینقَی لا لیقوی، و کذلک طبیخ القسب بالعسل، أو طبیخ السمّاق و بعقید العنب. و أقوی من ذلک عصاره الجوز الرطب، و هی من أفضل أدویه هذا الورم، عصاره الورد الطری. و رب الخشخاش إذا خلط بالقوابض، کان شدید النفع فی الابتداء. و أقوی من طبیخ الآس. و البلوط، و السماق، و ماء الکزبره، و السماق، و ماء قشور الجوز، و ماء الآس، و ماء طبخ فیه العدس جداً، أو السفرجل القابض جداً.
و للزعرور خاصیه، و الشب الیمانی أیضاً له خاصیه فی ذلک و أیضاً ینفخ فی الحلق نفوخاً من بزر الورد، و السماق، و الجلنار أجزاء سواء، و الکافور شی ء قلیل. و للصفراوی عصارات البقول البارده مخلوطه بما له قبض ما، و عصاره عصا الراعی، و عصاره عنب الثعلب و عصاره قضبان الکرم. و من المشترکات بینهما فی الابتداء، بزر الورد، و بزر البقله، و لعاب بزرقطونا، و نشاء، و طباشیر، و سمّاق، و کثیرا، و کافور و یتخذ منه حبّ مفرطح، و یؤخذ تحت اللسان، و إذا انقطع التحلب، فیجب أن یخلط بربّ التوت المرّ، و الزعفران، فإن المر غواص بقوه قبضه تحلیله. و یغوص الزعفران،
فیجتمعان علی الإنضاج و إن رأیته یمیل إلی الصلابه، خلط بالتوت شیئاً من البورق، و إذا قارب المنتهی، أو حصل فیه، فیجب أن یستعمل أیضاً ما فیه تسکین و تلیین، کاللبن الحلیب مدافاً فیه فلوس من الخیارشنبر، و الزفت فی رب التوت، أو طبخ التین، و الحلبه، أو ربّ الآس مع المیبختج، أو عصیر الکرنب بعسل، أو میبختج، أو المقل العربی محلولًا برب العنب، فإنه نافع جداً، أو ماء الأصول مطبوخاً فیه زبیب، أو حلبه، و تمر، وتین، و المرّ، و الزعفران، و الدارصینی غرغره بالسکنجبین، و ماء العسل. و تستعمل الأضمده أیضاً للإنضاج، مثل ضمّاد الساهر. و تقطیر دهن اللوز فی الأذن نافع فی هذا الوقت. و إذا رأیته لا ینضج، و رأیت صلابه، وجب أن یستعمل فی أدویته الکبریت. و إذا کان قد نضج، فاجتهد فی تفجیر الورم بالغراغر التی تجمع إلی التلیین التفجیر، کبعض الأدویه الحاده فی اللبن یغرغر به، و إن کان ظاهراً، و تطاول، و لا ینفجر فلا بأس باستعمال الحدید. و من الأدویه المعتدله مع المبادره إلی التفجیر، طبیخ التین بالحلبه، و التمر، و طبیخ العدس بالورد، و رب السوسن، و بزر المرو. و بعد ذلک یتدرج إلی ما هو أقوی، فیخلط بربّ التوت، بورق و کثیرا، و أیضاً بزر مرو
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 468
مدافاً فی لبن ماعز، و الأدهان المسخّنه، و خصوصاً مع عسل و سکّ، و یتغرغر بمثل ماء العسل طبخ فیه تین، و فودنج، و مرزنجوش، و شبث، و نعناع، و أصل السوس، و نمام مجموعه، و مفرقه. و للقسط- و خصوصاً البحری- منفعه عظیمه فی مثل هذا الوقت. و فی حقیقه الانتهاء
تقصد الجلاء التام و التفجیر، بمثل النطرون، و البورق، و الحلتیت، و المرّ، و الفلفل، و الجندبیدستر، و فرق الخطاطیف، و خرء الدیک، یغرغر به مع رب التوت، بل بالنوشادر، و العاقرقرحا، و بزر الحرمل، و الخردل، و بزر الفجل بالماء و السکنجبین، و یستعمل هذه نفوخات. و نفخ النوشادر مریح، و إذا انحطت العله استعملت الشراب و الحمّام و التنطیل.
صفه حب نافع فی الانتهاء: أصل السوسن أربعه أجزاء، حلتیت نصف جزء، یجمع بعصاره الکرنب، أو عقید العنب. و أما علاج البلغمی. فمن ذلک أن یدخل فی الحلق قضیب مغموز، معوّج، ملفوف علیه خرق، یطلی به الورم، و تنقّی به الرطوبه. و للعتیق منه حلتیت بدارصینی، أو یسهل بالقوقایا، و الأیارج، و نحوه، و یحقن بالحقن الحاده القویه جداً. و أما علاج السوداوی، فأنفع الأدویه له دواء الحرمل غرغره، و لطوخاً من داخل و خارج. و أما الأدویه التی لها خاصیه و موافقه فی کل وقت، فخرء الکلب الأبیض، و الذئب الأبیض. یجوع الکلب و یطعم العظام وحدها حتی یبقی یخرأ أبیض یکون قلیل النتن. و کذلک زبل الإنسان، و خصوصاً الصبی، و یجب أن یجهد حتی یکون ما یغتذی به بقدر ما ینهضم، و أفضله له الخبز، و الترمس بقدر قلیل، و یسقی علیه شراباً عتیقاً، ثم یؤخذ رجیعه، و یجفف، فإنه أقل نتناً. فإن اشتهی مع الخبز شیئاً آخر، فالأغذیه الجیده الهضم، الحسنه الکیموس، الحاره المزاج باعتدال، مثل لحوم الدجاج، و الحجل، و أطراف الماعز، فإن هذه مع جوده الهضم تخرج ثفلًا قلیل النتن. و من أدویته الفاعله بالملح بالخاصیه الخطاف المحرق، یذبح، و یسیل الدم علی الأجنحه، ثم یذر علیها ملح، و
یجعل فی موز کطین، و یسدر رأسه، و یودع التنور. لأن یودع الزجاج المطیّن بطین الحکمه أصوب عندی. و کذلک خرء الخطاطیف المحرق بقوه، و قد یحنّک صاحب الخناق الملح بالعسل، و الخل، و الزیت. و کذلک أورام اللهاه، و قد یحنّک أیضاً بمراره الثور بالعسل، و مراره السلحفاه، و زهر النحاس، و رءوس السمیکات المملوحه، خصوصاً اللهاه، و کذلک الغرغره بالسکنجبین المطبوخ فیه بزر الفجل، و القلقطار، و القلقدیس جیدان لورم النغانغ.
و من المرکبات دواء التوث بالمر و الزعفران، و دواء الخطاطیف، و دواء الحرمل، و دواء قشور الجوز الطری، و أقراص أندروس، و دواؤه جید بهذه الصفه. و نسخته: خرء الکلب الأبیض محرقاً فی خزف، أو غیر محرق، أوقیه فلفل، درهمین عفص محرق، قشور الرمان، لحی الخنزیر، أو القرد، أو الضبع، من کل واحد نصف أوقیه، مر، و قسط، من کل واحد نصف أوقیه، ینفخ، أو یلطخ. و أیضاً فی آخره، و فی وقت الشدّ عذره صبی عن خبز، و ترمس، و خرء الکلب، و الخطاطیف المحرقه، و النوشادر، یکرر فی الیوم مرات. و ربما ورم لسان
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 469
المخنوق أیضاً، و ربما یحوج إلی معالجته، و قد تکلمنا فی أمراض اللسان و الذی یخص هذا الموضع مع وجوب الرجوع إلی ما قیل هناک، أن یحتال بعد الفصد فی جذب المواد إلی أسفل، و قد یفعل ذلک فی هذا الموضع أیارج فیقرا، فإن له خاصیه فی جذب المواد إلی أعالی فم المعده، و المری ء، و الحلق، ثم یستعمل علیه المبردات الرادعه، کعصاره الخس، و هو ذو خاصیه دل علیها رؤیا نافعه، ثم إن احتیج إلی تحلیل لطیف فعل. و
أما الفقاری، فما ینتفع به فی تدبیره أن یحتال بغمز الموضع بالرفق إلی خلف، فربما ارتدت الفقاره. و ذلک الغمز قد یکون بآله، أو بالإصبع، و قد یجد بذلک راحه، و الآله شی ء مثل اللجام یدخل فی الحلق، و یدفع ما دخل إلی داخل. و الغمز ضارّ جداً فی الأورام، و إذا اشتدت الخوانیق، و لم تنجع الأدویه، و أیقن بالهلاک کان الذی یرجی به التخلیص شقّ القصبه، و ذلک بأن تشقّ الرباطات التی بین حلقتین من حلق القصبه من غیر أن ینال الغضروف حتی یتنفس منه، ثم یخاط عند الفراغ من تدبیر الورم، و یعالج فیبرأ.
و وجه علاجه، أن یمد الرأس إلی خلف، و یمسک، و یؤخذ الجلد و یشق. و أصوبه أن یؤخذ الجلد بصناره، و یبعد، ثم یکشف عن القصبه، و یشق ما بین حلقتین من الوسط بحذاء شق الجلد، ثم یخلط، و یجعل علیه الذرور الأصفر، و یجب أن تطوی شفتا شق الجلد، و یخاط وحده من غیر أن یصیب الغضروف و الأغشیه شی ء. و هذا حکم مثل هذا الشقّ، و إن لم ینفع بهذا الغرض.
فإن ظنّ أن فی تلک الأربطه نفسها ورماً أو آفه، لم یجب أن یستعمل الشق، و إذا غشی علی العلیل، و خشیت أن یتم الاختناق، بادرت إلی الحقن القویه، و فصد العرق الذی تحت اللسان، و فصد عرق الجبهه، و تعلیق المحاجم علی الفقار، و تحت الذقن، بشرط، و غیر شرط، فإن کان سبب اختناقه و غشیه العرق، فإنه ینکس لیسیل الماء، ثم یدخن بما له قوه و طیب حتی یستیقظ. أما المتخلص عن خناق الشدّ، فیجب أن یفصد، و یحقن، و یحسی أیاماً حسواً من
دقیق الحمص و اللبن، أو ماء اللحم مدافاً فیه الخبز، و صفره البیض. و اعلم أن من کان به وجع فی الحلق، فالأولی به هجر الکلام من أی وجع کان.
هذه قد یعرض لها نوازل تورمها حتی تمنع النفس، و قد تسترخی اللهاه من غیر ورم، فیحتاج إلی ما جففها و یقبضها من البارده و الحاره، و ربما احتیج إلی قطعها. و تقرب معالجتها من معالجه الخوانیق، و تعالج فی الابتداء بلطوخات، و یرقق بمسها بریشه، فإن الإصبع فی غیر وقیه و غیر رفقه، ربما عنف. و العظیم منها القلیل الالتهاب تستعمل علیه الأدویه العفصه.
و الملتهب یصلح له ما هو أشد تبریداً، مثل ماء عنب الثعلب، و مثل بزر الورد و ورقه، فإن لهما فعلًا قویاً.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 470
و مما هو أقوی فی هذا الباب الصمغ العربی، و الکثیراء، و العنزروت بالبسفایخ لطوخاً، و أیضاً جلّنار جزآن، شب یمانی جزء، منخولین بحریر، و یستعمل بملعقه مقطوعه الرأس عرضاً، و ربما زید فیه زعفران، و کافور، و یستعمل لطوخاً، و أیضاً العفص مسحوقاً بالخل یلطخ بریشه، و أیضاً ماء الرمان الحامض بالقوابض، و أیضاً حجر شاذنج، و حجر خروجوس محرقاً الذی یسمی أخراطیوس و الحجر الأفررجی، و طباشیر، و طین مختوم، و الأرمنی، و ربّ الحصرم، و ثمره الشوکه المصریه، و الشبّ الیمانی، و بزر الورد، یتخذ منها مثل ذلک.
و التبخّر بأعواد الشبث مما یقبض اللهاه جداً، و أیضاً عصاره الرمان الحلو المدقوق مع قشره مع سدسه عسلًا مقوماً مثخّناً، فإنه لطوخ جید. و یجب مع التغرغر بالقوابض أن یدیم الغرغره بالماء الحار، فإن ذلک یعده لفعل القوابض فیه و تلیینه، و
یمنع تصلیب القوابض إیاه، فإن أورثها القوابض صلابه، أو انعصاراً و انقباضاً مؤلماً، استعمل فیها اللعابات، و الصمغ، و الکثیراء، و النشا، و الأنزروت، و بزر الخطمی، و ماء النخاله، و الشعیر، أو یقوم عصاره أطراف العوسج بخمسه عسلًا، أو وزنه زیتاً، أو طبیخ الورد و السماق بسدسه عسلًا، یطبخ و یقوّم و یطلی من خارج بما له تجفیف و قبض قوی، مثل ما یتخذ بالعفص و الشب الیمانی و الملح، و هو المتقدم علی جمیع ذلک قبل. و للسودوای عفص فجّ جزء، زاج أحمر سماق، من کل واحد ثلاثه أجزاء و ثلث، ملح مشوی عشرین جزءاً و یستعمل.
دواء جید فی الأحوال و الأوقات و نسخته: شب یمانی ثلاثه أجزاء، بزر ورد جزآن، قسط جزء، یستعمل ضماداً بریشه أو بمرفعه اللهاه، و هو دواء جید. أخری: یؤخذ عصاره الرمان بقشره و یقوم بخمسه عسلًا و یطلی. و أیضاً: یؤخذ شب جزء، و نوشادر نصف جزء، و عفص فج ثلثا جزء، و زاج ثلاثه أجزاء، و إذا بلغ المنتهی أو قاربه، استعمل المرّ، و الزعفران، و السعد، و ما أشبهه. و للدارشیشعان خاصیه، و فقّاح الإذخر و عیدان البلسان و الأشنبه، تستعمل لطوخات. و میاهها غراغر، و خصوصاً إذا استعمل منها غراغر بطبیخ أصل السوسن، و بزر الورد مع عسل، و یقطر دهن اللوز فی الأذن فی کل وقت، فإنه نافع.
فإن جمعت اللوزتان و ما یلیها، استعملت السلاقات المذکوره فی باب الخناق، فإن دام الوجع و لم یسکن، عاودت الإسهال، فإن لم یتم بذلک استعملت القویه التحلیل، مثل عصاره قثاء الحمار، و الکرنب، و القنطوریون، و النطرون الأحمر بعسل، أو وحدها، و إذا صلب الورم و
طال، فلیس له کالحلتیت، و إذا أخذت تدقّ فی موضع و تغلظ فی موضع، فاقطع، و ما أمکن أن یدافع بدلک، و تضمره بنوشادر یرفعه إلیه بملعقه کاللجام فهو أولی. و لا یجب أن تقطع إلا إذا ذبل أصلها، فإنّ فیه خطراً عظیماً.
و هذه صفه غرغره تجفف قروح أورام النغانغ و تنقّیها، و نسخته: عدس، جلّنار من کل واحد خمسه، شیاف مامیثا، زعفران، قسط من کل واحد جزء، یطبخ بالماء، و یؤخذ من سلاقته جزء و یمزج بنصفه ربّ التوث، و ربعه عسلًا، و یتغرغر به.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 471
قد تسقط اللهاه بحمّی، و قد تسقط بغیر حمی، و سقوطها أن تمتدّ إلی أسفل حتی لا ترجع إلی موضعها، و ربما احتاج المزدرد إلی الغمز بالإصبع حتی یسوغ.
المعالجات إن کان هناک حراره و حمره، فصدت، ثم استعملت الغراغر المذکوره فی الأبواب الماضیه، مثل الغرغره بالخلّ و ماء الورد، ثم یشال بورد، و صندل، و جلنار، و کافور، و رب التوث خاصه فی الآله الشبیهه باللجام. و یجب أن یکون برفق ما أمکن، فإن لم یکن هناک حراره و حمره، استعملتا غرغره بالسکنجبین و الخردل، أو المریّ النبطی، و یشال بالآله المذکوره. و الدواء الذی یشال به العفص و النوشادر مسحوقتین. و أقوی العلاج أن یکبس بالآله إلی فوق ممتدّاً إلی خارج بالأدویه القوابض، أو المخلوطه بالمحلّلات علی ما یجب، و ربما غمز بالإصبع ملطوخه بمثل رث التوت، و الجوز، و غیر ذلک. و من الأدویه الجیده للکبس، جلنار، و شب، و کافور. و من الجیده فی الإشاله، المسک، و النوشادر، و العفص بالجلّنار. و السک ألطف بعد أن لا یکون هناک
آفه من ورم و امتلاء، فإذا وقف، تغرغر بماء الثلج غرغره بعد غرغره. و مما جرت لذلک أن یؤخذ بزر الورد نصف رطل، عصاره لحیه التیس ثلاث أواق، یطبخ فی العسل، أو فی الطلاء، و هو أقوی. و الصبیان قد یشیل لهاتهم العفص المسحوق بالخل، و خصوصاً إذا طلی منه علی نوافیخهم.
یجب أن ینظر فی اللهاه دقّتها و ضمورها، و خصوصاً فی أسفلها، و خصوصاً إن غلظ طرفها و رشح منه کالقیح، فهو أوّل وقت، و حینئذ یقطع بالحدید، أو بالأدویه الکاویه، و یحتاط بإسهال لطیف یتقدمه، و نقص البدن عن الامتلاء، إن کان به من دم أو غیره، فإن القطع مع الامتلاء خطر، و الدقیق المستطیل کذنب الفاره الراکب علی اللسان من غیر امتلاء و حمره،. أو سواد، فإن قطعه قلیل الخطر. فصفه قطعها أن یکبس اللسان إلی أسفل، و یتمکّن من اللهاه بالقالب و یجر إلی أسفل و لا یستأصل قطعها، بل یترک منها شی ء، فإنک إن قربته من الحنک، لم یکد الدم یرقأ البته مع أنه لا یجب أن یقطع شیئاً قلیلًا، فتکون الآفه تبقی بحالها بل یجب أن یقطع قدر ما زاد علی الطبیعی. و أما إذا کانت حمراء وارمه، ففی قطعها خطر، و ربما انبعث دم لا یرقأ بکَل رقوء. و من الأدویه القاطعه لها، الحلتیت، و الشب لا یزال یجعل علی أصلها، فإنه یسقطها.
من الأدویه المسقطه إیاها بالکی، هو النوشادر مع الحلتیت، و الزاجات. و یجب أن یقبض
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 472
بهذه الأدویه علی اللهاه بالآله الموصوفه، و تمسک ساعه من غیر قطع حتی یعمل فیه، ثم یعاد فیه إلی أن تسودّ، فإن اسودت سقطت
بعد ثلاثه أیام فی الأکثر، و یجب أن یکون المعالج منکباً فاتح الفم حتی یسیل لعابه، و لا یحتبس فی فمه. و أما اللوزتان فیعلقان بصنّاره، و یجذبان إلی خارج ما أمکن من غیر أن ینجذب معها الصفاقات، فیقطعان باستداره من فوق الأصل، و عند ربع الطول بالآله القاطعه من بعد أن تقلب الآله القاطعه، و تقطع الواحده بعد الأخری، و بعد مراعاه الشرائط المذکوره فی لونها، و حجمها، فإذا سقط منها ما قطع، ترک الدم یسیل بقدر صالح و صاحبها منکبّ علی وجهه لئلا یدخل الدم حلقه، ثم یتمضمض بماء و خل مبردین، و یتقیأ و یسعل لینقّی باطنه، ثم یجعل علیه ما یقطع الدم، مثل القلقطار، و الشبّ، و الزاج، یتغرغر بطبیخ العلیق، و ورق الآس مفتراً.
: من ذلک الضرر بالصوت، و من ذلک تعریض الرئه للبرد و الحر، فیعرض سعال عن کل برد و حرّ، و لا یصبر علی العطش، و من ذلک تعریض المعده لسوء مزاج عن سبب بارد من ریح و غبار و نحوه، و کثیراً منهم یستبرد الهواء المعتدل، و کثیراً منهم استحکم البرد فی صدره و رئته حتی مات، و قد یعرض منه نزف دم لا یحتبس.
علاج نزف دم قطع اللهاه و اللوزتین یجب أن توضع المحاجم علی العنق و الثدیین، و یفصد من العروق السافله المشارکه کالأبطی و نحوه فصداً للجذب. و أما المفردات الحابسه للدم و اللطوخات المستعمله لذلک، فهی مثل الزاج یلطخ به، أو یذر الزاج علیه و المبرّدات بالفعل، فکماء الثلج، و العصارات البارده القابضه المعروفه، مثل عصاره الحصرم، و عراجین الکرم و الریباس، و عنب الثعلب، و ماء السفرجل الحامض. و من
الأشیاء المجربه التی لها خاصیه فی هذا الباب، و یجب أن یستعمل فی الحال دواء شهد به من العلماء المعروف بدیوحانس، و هو الکوهارک، و أیضاً عصاره لسان الحمل إذا استعمل، و خصوصاً بأقراص الکهرباء و الطین المختوم، و یجب أن لا یستعمل منها شی ء حار، بل بارد بالفعل، فإن الحراره بما تجذب تبطل فعل الدواء.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 473
: أما قصبه الرئه: فهی عضو مؤلف من غضاریف کثیره دوائر، یصل بعضها علی بعض، فما لاقی منها منفذ الطعام الذب خلفه، و هو المری ء و جعل ناقصاً و قریباً من نصف دائره، و جعل قطعه إلی المری ء، و یماس المری ء منه جسم غشائی لا غضروفی، بل الجوهر الغضروفی: منه إلی قدّام، و التفّت هذه الغضاریف برباطات یجللها غشاء، و یجری علی جمیع ذلک من الباطن غشاء أملس إلی الیبس و الصلابه ما هو، و ذلک أیضاً من ظاهره، و علی رأسه الفوقانی الذی یلی الفم، و الحنجره، و طرفه الأسفل، ینقسم إلی قسمین، ثم ینقسم أقساماً تجری فی الرئه مجاوره لشعب العروق الضاربه و الساکنه، و ینتهی توزعها إلی فوهات هی أضیق جداً من فوهات ما یشاکلها، و یجری معها. فأما تخلیقها من غضروف، فلیوجد فیها الانتفاخ، و لا یلجئه اللین إلی الانطباق، و لتکون صلابتها واقیه لها إذا کان وضعها إلی قدام، و لتکون صلابتها سبباً لحدوث الصوت، أو معیناً علیه. و تألیفها من غضاریف کثیره مربوطه بأغشیه، لیمکنها الامتداد و الاجتماع عند الاستنشاق و النفس، و لا تألم من المصادمات التی تعرض لها من تحت و فوق، و من الانجذابات التی تعرض لها إلی طرفیها، و لتکون الآفه إذا
عرضت لم تتسع و لم تستمل، و جعلت مستدیره لتکون أحوی و أسلم.
و إنما نقص ما یماس المری ء منها، لئلا یزاحم اللقمه النافذه، بل یندفع عن وجهها إذا مددت المری ء إلی السعه، فیکون تجویفها حینئذ کأنه مستعار للمری ء، إذ المری ء یأخذ فی الانبساط إلیه و ینفذ فیه، و خصوصاً، و الازدراد لا یجامع النفس لأن الإزدراد یحوج إلی انطباق مجری قیصبه الرئه من فوق لئلا یدخلها الطعام المار فوقها، و یکون انطباقها برکوب الغضروف المتکئ علی المجری، و کذلک الذی یسمی الذی لا اسم له. و إذا کان الازدراد و القی ء یحوجان إلی انطباق فم هذا المجری، لم یکن أن یکونا عند ما یتنفس.
و خلق لأجل التصویت الشی ء الذی یسمی لسان المزمار یتضایق عنده طرف القصبه، ثم
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 474
یتسع عند الحنجره، فیبتدئ من سعه إلی ضیق، ثم إلی فضاء واسع، کما فی المزمار، فلا بد للصوت من تضییق المحبس. و هذا الجرم الشبیه بلسان المزمار، من شأنه أن ینضم، و ینفتح لیکون بذلک قرع الصوت.
و أما تصلیب الغشاء الذی یستبطنها، فلیقاوم حده النوازل، و النفوث الردیئه، و البخار الدخانی المردود من القلب، و لئلا یسترخی بقرع الصوت.
و أما انقسامها أولًا إلی قسمین، فلأنّ الرئه ذات قسمین. و أما تشعبها مع العروق السواکن، فلیأخذ منها الغذاء.
و أما ضیق فوهاتها، فلیکون بقدر ما ینفذ فیها النسیم إلی الشرایین المؤدیه إلی القلب، و لا ینفذ إلیها، فیها دم الغذاء، و لو ینفذ یحدث نفث الدم، فهذه صوره قصبه الرئه.
أما الحنجره: فإنها آله لتمام الصوت، و لتحبس النفس، و فی داخلها الجرم الشبیه بلسان الزمامر من المزمار. و قد ذکرناه، و ما یقابله من
الحنک، و هو مثل الزائده التی تشابه رأس المزمار، فیتمّ به الصوت. و الحنجره مشدوده مع القصبه بالمبری ء شداً، إذا همَ المری ء للإزدراد، و مال إلی أسفل لجذب اللقمه، انطبقت الحنجره و ارتفعت إلی فوق، و استند انطباق بعض غضاریفها إلی بعض، فتمددت الأغشیه و العضل. و إذا حاذی الطعام مجری المری ء، یکون فم القصبه و الحنجره ملتصقین بالحنک من فوق، فلا یمکن أن یدخلها من الحاصل عند المری ء شی ء، فیجوز بها الطعام و الشراب من غیر أن یسقط إلی القصبه شی ء، إلّا فی أحایین یستعجل فیها بالإزدراد قبل استتمام هذه الحرکه، أو یعرض للطعام حرکه إلی المری ء مشوّشه، فلا تزال الطبیعه تعمل فی دفعه بالسعال.
و قد ذکرنا تشریح غضاریف الحنجره و عضلها فی الکتاب الأول.
و أما الرئه: فإنها مؤلفه من أجزاء، أحدها شعب القصبه، و الثانی شعب الشریان الوریدی، و الثالث شعب الورید الشریانی، و یجمعها لا محاله لحم رخو ما متخلخل هوائی، خلق من أرقّ دم و ألطفه. و ذلک أیضاً غذاؤها، و هو کثیر المنافذ، لونه إلی البیاض خصوصاً فی رئات ما تم خلقه من الحیوان.
و خلق متخلخلًا، لیتسع الهواء، و ینضج فیه، و یندفع فضله عنه کما خلق الکبد بالقیاس إلی الغذاء، و هو ذو قسمین: أحدهما إلی الیمین، و الآخر إلی الیسار، و القسم الأیسر ذو شعبتین، و القسم الأیمن ذو ثلاث شعب، و منفعه الرئه بالجمله الاستنشاق.
و منفعه الاستنشاق إعداد هواء للقلب أکثر من المحتاج إلیه فی نبضه واحده. و منفعه هذه الاعداد، أن یکون للحیوان عند ما یغوص فی الماء، و عند ما یصوّت صوتاً طویلًا متّصلًا یشغله عن أخذ الهواء، أو یعاف استنشاقه لأحوال، و أسباب داعیه
إلیه من نتن و غیره، هواء معد یأخذه
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 475
القلب. و منفعه هذا الهواء المعد أن یعدل بروحه حراره القلب، و أن یمدّ الروح بالجوهر الذی هو أغلب فی مزاجه من غیر أن یکون الهواء وحده، کما ظنّ بعضهم یستحیل روحاً کما لا یکون الماء وحده یغذو عضواً، و لکن کل واحد منهما، أما جزء غاذ، و أما منقذ مبذرق.
أما الماء فلغذاء البدن، و أما الهواء فلغذاء الروح، و کل واحد من غذاء البدن و الروح جسم مرکب لا بسیط. و أما منفعه إخراج الفضل المحترق من الروح، و کل واحد من غذاء البدن و الروح جسم مرکب لا بسیط. و أما منفعه إخراج الفضل المحترق من الروح، و هو دخانیته و الرئه لدخول الهواء البارد، فإن هذا المستنشق یکون لا محاله قد استحال إلی السخونه، فلا ینفع فی تعدیل الروح. و أما تشعّب العروق و القصبه فی الرئه، فإن القصبه و الشریان الوریدی یشترکان فی تمام فعل النفس. و الشریان الوریدی، و الورید الشریانی یشترکان فی غذاء الرئه من الدم النضیج الصافی الجائی من القلب. و أما منفعه اللحم، فلیسدّ الخلل، و یجمع الشعب. و أما تخلخله، فلیصلح للاستنشاق، فإنه لیس إنما ینفذ الهواء فی القصبه فقط، بل قد یتخلص إلی جرم الرئه منه، و فی ذلک استظهار فی الاستکثار، و لیعین أیضاً بالانقباض علی الدفع، فیکون مستعداً للحرکتین، و لذلک ما تنتفخ الرئه بالنفخ.
و أما بیاضه، فلغلبه الهواء علی ما یتغذی به، و لتردده الکثیر فیه. و أما انقسامها باثنتین، لئلا یتعطل التنفّس لآفه تصیب أحد الشقّین. و کل شعبه تتشعّب کذلک إلی شعبتین. و أما الخامسه التی
فی الجانب الأیمن فهی فراش وطی ء للعرق المسمّی الأجوف، و لیس نفعه فی النفس بکثیر، و لما کان القلب أمیل یسیر إلی الشمال، وجد فی جهه الشمال شاغل لفضاء الصدر، و لیس فی الیمین، فحسن أن یکون للرئه فی جانب الیمین زیاده تکون وطاء للعروق، فقد وقعت حاجه.
و الرئه یغشیها غشاء عصبی، لیکون لها علی ما علمت حسن ما یوجّه، فإن لم یکن مداخلًا، کان مجللًا. علی أنّ الرئه نفسها وطاء للقلب بلینها، و وقایه له. و الصدر مقسوم إلی تجویفین، یفصل بینهما غشاء ینشأ من محاذاه منتصف القصّ، فلا منفذ من أحد التجویفین إلی الآخر. و هذا الغشاء بالحقیقه غشاءان، و هو یتصل من خلف بالفقار، و من فوق بملتقی الترقوتین. و الغرض فی خلقهما، أن یکون الصدر ذا بطنین، إن أصاب أحدهما آفه کمل الآخر أفعال التنفّس و أغراضه.
و من منافعها ربط المری ء، و الرئه، و أعضاء الصدر، بعضها لبعض. و أما الحجاب، فقد ذکرنا صورته، و منفعته فی تشریح العضل، فإنه بالحقیقه أحد العضل، و هو من ثلاث طبقات، المتوسّطه منها هی حقیقه الوتر الذی به یتمّ فعلها و الطبقه التی فوقها هی کالأساس و القاعده لأغشیه الصدر التی تستبطنه، و الطبقه السافله مثل ذلک لأغشیه الصفاق. و فی الحجاب ثقبان: الکبیر منهما منفذ المری ء، و الشریان الکبیر، و الأصغر ینفذ فیه الورید المسمی الأبهر، و هو
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 476
شدید التعلّق به و الالتحام.
نقول: أما المزاج الحار، فیدلّ علیه سعه الصدر، و عظم النفس، و ربما تضاعف، و النفخه، و الصوت، و ثقله، و قلّه التضرّر بالهواء البارد، و کثرته بالحار، و أعراض عطش یسکنه النسیم البارد
کثیراً من غیر شرب، و کثیراً ما یصحبه لهب و سعال. و أما المزاج البارد، فیدل علیه صغر الصدر، و صغر النفس، و الصوت، وحدتهما و التضرر بکل بارد، و کثر تولد البلغم فیها، و کثیراً ما یتضاعف به النفس، و یصحبه الربو و السعال. و أما المزاج الرطب، فیدل علیه کثره الفضول، و بحوحه الصوت، و الخرخره، و خصوصاً إذا کانت مع ماده، و کانت مائله إلی فوق، و العجز عن رفع الصوت لا لضعف البدن. و أما المزاج الیابس، فیدلّ علیه قلّه الفضول، و خشونه الصوت، و مشابهته بصوت الکراکی، و ربما کان هناک ربو لشده التکاثف، و کل واحد من هذه الأمزجه قد یکون للرئه طبیعیاً، و قد یکون عرضیاً، و یشترکان فی شی ء من العلامات و یفترقان فی شی ء.
فأما ما یشترکان فیه: فالعلامات المذکوره، إلّا ما یستثنی من بعد، و أما ما یفترقان فیه، فشیئان: أحدهما، أن المزاج إذا کان طبیعیاً، کانت العلامه واقعه بالطبع، و إن کان عرضیاً، کانت العلامه له عرضیه، و قد حدث به، إلا أن تکون العلامه من جنس ما لا یقع إلا بالطبع فقط، فتکون علامه للطبیعی، مثاله عظم الصدر أو صغره.
و اعلم أنّ أخصّ الدلائل علی أحوال الصدر، و الرئه، النفس فی حرّه، و برده، و عظمه، و صغره، و سهولته، و عسره، و نتنه، و طیب رائحته، و غیر ذلک من أحواله، و کذلک الصوت أیضاً فی مثل ذلک، و مثل ما یدلّ الخناقی منه علی أن الآفه فی العضل الباسطه، و الأبحّ علی أنها فی العضل القابضه، إن کانت الآفه فی العضل و السعال، و النفث، و النبض. و قد تبیّن لک کیفیه
دلائل النفس، و کیفیه دلائل الصوت، و کیفیه دلائل السعال، و کیفیه دلائل النفث. و أما النبض، و ما یوجبه بحسب الأمزجه، و الأمراض، فقد عرفت ذلک.
و الرئه مجاوره للقلب، و الاستدلال من أحواله علیها أقوی، و النبض أدلّ علی ما یلی شعب العصبه من الرئه، و السعال أدلّ علی ما یلی القصبه، و لحمیه الرئه. و إحساس اللذع و النخس دلیل خاص علی أن الماده فی الأغشیه و العضلات، فإذا کان الانتفاث بسعال خفیف، فالماده قریبه من أعالی القصبه و ما یلیها، و إن کانت لا تنفث إلا بسعال قوی، فالماده غائره بعیده، و قد تصحب آفات أعضاء الصدر علامات من أعضاء بعیده، مثل الدوار فی أورام الحجاب، و حمرهَ الوجه فی أورام الرئه.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 477
تعرض للرئه الأمراض المختصه بالمتشابهه الأجزاء، و الأمراض الآلیه، و خصوصاً السدد فی عروقها، و أجزاء قصبتها، و خصوصاً العروق الخشنه، و فی خلخله جرمها، و قد تکون لأسباب السدد کلها حتی الانطباق، و الأمراض المشترکه.
و قد تکثر أمراض الرئه فی الشتاء، و الخریف لکثره النوازل، و خصوصاً فی خریف مطیر بعد صیف یابس شمالی، و الهواء البارد ضارّ بالرئه إلا أن تکون متأذّیه بالحر الشدید، و کثیراً ما تؤدّی أمراض الرئه إلی أمراض الکبد، کما تؤدی شده بردها و شده حرها إلی الاستسقاء و کذلک الحجاب.
لتتأمل ما قیل فی باب الربو و التنفُّس، و لتنتقل إلی غیره مما یشارکه فی السبب من الأمراض، و قد تراض الرئه بمثل رفع الصوت، و مثل النفس النافخ لتلطف بذلک فضولها، و لاستعمال الأدویه الصدریّه هیئه خاصه، فإنها تجب أن تستعمل حبوباً و لعوقات فی أکثر الأمر، تمسک فی الفم و یبلع ما یتحلل منها قلیلًا قلیلًا لتطول مده عبورها فی جواز القصبه و یتعاود، فیتأدّی إلی القصبه و الرئه، و خصوصاً إذا نام مستلقیاً و ارتخت العضل کلها التی علی الرئه و قصبتها. و أقرب وجوه إماله فضول الرئه هو الجانب الذی یلی المرء، فذلک ینتفع بالقی ء کثیراً إذا لم یکن هناک مانع.
المواد التی تحصل فی الرئه، قد تکون من جنس الرطوبه، و قد تکون من جنس القیح، و قد تکون من جنس الدم. و المواد الحاره الرقیقه. و المواد الناشبه فی الرئه، قد یعسر انتفائها، أما لغلظها و لزوجتها فلا تتنفث، و أما لرقتها فلا یلزمها الریح الدافعه إیاها بالسعال، بل تنعقد الرطوبه عن الریح، فتباینها الریح غیر قالعه، و إما لشده کثرتها، و إذا کانت الأخلاط الصدریه غلیظه، فلا تبالغ فی التجفیف، بل اشتغل بالتلیین و التقطیع مع تحلیل بمداراه، و یکون أهم الأمرین إلیک التقطیع، أی تکون العنایه بالتقطیع أکثر منها بالتحلیل و استعمل فی جمیع تلک الأدویه ماء العسل فإنه ینفذها و یجلو أو یلین، و أنت تعرف طریق استعمال ماء العسل.
الأدویه الصدریه هی الأدویه التی تنقی الصدر و هی علی مراتب.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 478
المرتبه الأولی، مثل دقیق الباقلا، و ماء العسل، و بزر الکتان المقلو، و اللوز، و الشراب الحلو، فإنه شدید التفتیح لسدد الرئه، کما أنه شدید التولید لسدد الکبد، کما ستعلم علّته فی باب الکبد. و من الباردات حب القثاء، و القند، و البطیخ، و القرع. و أما السمن، فإن اقتصر علیه کان إنضاجه أکثر من تنقیته، فإن لعق مع عسل و لوز مرّ، کان إنضاجه أقلّ و تنقیته أکثر. و أقوی من ذلک، علک البطم، و اللوز المر، و سکنجبین العنصل، و الحلبه، و الکُندر. و تمر هیرون له قوه فی هذه المعنی، و أقوی من ذلک الکمّون، و الفلفل، و الکرسنّه، و أصول السوسن، و أصل الجاوشیر، و الجندبیدستر بالعسل، و العنصل المشوی مسحوقاً معجوناً بالعسل، و القنطوریون الکبیر، و الزراوند المدحرج، و
الشونیز، و الدوده التی تکون تحت الجرار، إذا جفّفت علی خزف فوق الجمر، أو فی التنّور حتی تبیض و تخلط بالعسل، و کذلک الراسن إذا وقع فی الأدویه، و ماؤه شدید النفع، و الراوند من جمله ما یسهّل النفث، و السالیوس شدید المنفعه، و البُلْبُوس نافع منقّ جداً، خصوصاً النی ء، و بعده الذی لم یسلق إلا سلقه واحده. و الزعفران یقوی آلات النفس جداً، و یسهل النفس جداً، و هذه الأدویه تصلح مشروبهً، و تصلح ضماداً.
و من الأدویه المرکّبه: حبّ أفلاطون، و هو حبّ المیعه، و شراب الزوفا بالنسخ المختلفه، و دواء أندروماخس، و دواء سقلنیادوس، و دواء جالینوس، و أشربه الخشخاش بنسخ، و دواء مغناوس، و دواء البلاذر بالهلیلجات.
و مما ینفث الأخلاط الغلیظه و المده، أن یؤخذ من السکبینج و المر، من کل واحد مثقال، قردمانا مثقالین، أفیون مثقال، جندبیدستر مثقال یعجن بشراب حلو الشربه منه نصف مثقال.
و مما جُرب: هذا الدواء وصفته: یؤخذ کندر أربعه، و مر اثنین، مع ثلاث أواق میبختج یُطبخ کالعسل، و یُلعق، أو عصاره الکرنب بمثله عسلًا، أو سلاقته یطبخان حتی ینعقد، أو النار نار الجمر.
و أیضاً: یؤخذ مرّ، و فلفل، و بزر الأنجره، و سکبینج، و خردل یتخذ منه حبّ، و یسقی منه غدوه و عشیه عند النوم.
و أیضاً: خردل درهم، بورق تسع قراریط، عصاره قثاء الحمار و أنیسون، من کلّ واحد قیراط و نصف، و هو شربه یخرج فضولًا کثیره، و ینقی بلا أذی.
و من الأدویه القویه فی ذلک أن یؤخذ المحروث، و الخردل، و بزر الأنجره، و عصاره قثّاء الحمار، و أنیسون یجمع ذلک کله بعسل و یعجن به.
و من الأخلاط المائله إلی الحار حلبه أوقیتین،
بزر کتان أوقیه و نصف، کرسنّه نصف أوقیه، جوف حبّ القطن نصف أوقیه، ربّ السوس أوقیتین، یلتّ الجمیع بدهن اللوز و یجمع بعسل.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 479
و أیضاً: یؤخذ سبستان، وتین أبیض، و زبیب منزوع العجم، و أصول السوسن، و برشاوشان، یطبخ بالماء طبخاً ناعماً، و یسقی منه، و إن طبخ فی هذا الماء بسفایج، و تربد کان نافعاً. و اعلم أنه کثیراً ما یحتبس الشی ء فی الصدر، و هو قابل للانتفاث، إلا أن القوه تضعف عنه، و حینئذ فیجب أن یستعان بالعطاس.
التّنفس یتمّ بحرکتین و وقفتین بینهما علی مثال ما علیه الأمر فی النبض، إلا أن حرکه التنفس إرادیه یمکن أن تغیَّر بالإراده عن مجراه الطبیعی، و النبض الطبیعی صرف، و الغرض فی النفس أن یملأ الرئه نسیماً بارداً حتی بعد النبضات القلبیه، فلا یزال القلب یأخذ منه الهواء البارد، و یردّ إلیه البخار الدخانی إلی أن یعرض لذلک المستنشق أمران: أحدهما استحالته عن برده بتسخین ما یجاوره، و ما یخالطه، و استحالته عن صفاته بمغالطه البخار الدخانی له، فحینئذ یزول عنه المعنی الذی به یصلح لاستمداد النبض منه، فیحتاج إلی إخراجه و الاستدلال منه.
و بین الأمرین وقفتان، و استدخاله،- و هو الاستنشاق- یکون بانبساط الرئه تابعه لحرکه أجرام یطیب بها حین یعسر الأمر فیها، و إخراجه یکون لانقباض الرئه تابعه لحرکه أجرام یطیف بها.
و النفس عند العامه هو المخرج، و عند الأطباء، و فی اصطلاح ما بینهم تارهً المخرج کما عند العامه، و تاره هذه الجمله، کما أن النبض عند العامه هو الحرکه الانبساطیه، و عند الأطباء فیه اصطلاح خاص علی النحو المعلوم فیه، و حرکه النفس المعتدل الطبیعی
الخالی عن الآفه، یتمّ بحرکه الحجاب، فإن احتیج إلی زیاده قوه لما لیس یدخل إلا بمشقه، أو لتقوی النفس لیخرج نفخه، شارک الحجاب فی هذه المعونه عضل الصدر کلها حتی أعالیها أو لا بد، فبعض السافله منها فقط، فإن احتیج إلی أن یکون صوتاً لم یکن بد من استعمال عضل الحنجره، فإن احتیج إلی أن یقطع حروفاً، و یؤلف منه کلام، لم یکن بدّ من استعمال عضل اللسان، و ربما احتیج فیها إلی استعمال عضل الشّفه.
و کما أنّ فی النبض عظیماً، و صغیراً، و طویلًا، و قصیراً، و سریعاً، و بطیئاً، و حاراً و بارداً، و متواتراً، و متفاوتاً، و قویاً، و ضعیفاً، و منقطعاً، و متّصلًا و متشنّجاً، و مرتعشاً، و قلیل حشو العروق و کثیره و أموراً محموده، و أموراً مذمومه، و لکلِّ ذلک أسباب کل ذلک دلیل علی أمر ما، و لها اختلاف بحسب الأمزجه، و الأسنان، و الأجناس، و العوارض البدنیه و النفسانیه، کذلک للنفس هذه الأمور المعدوده و ما یشبهها، و لکلّ أمر منها فیه سبب، و کل أمر منها دلیل. فمن النفس عظیم، و منه صغیر، و منه طویل، و منه قصیر، و منه سریع، و منه بطی ء، و منه متفاوت، و منه متواتر، و منه ضیّق، و منه واسع، و منه سهل، و منه عسر، و منه قوی، و منه ضعیف، و منه حار، و منه بارد، و منه مستوٍ، و منه مختلف.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 480
و من أصناف النفس ما له أسماء خاصه، مثل النفس المنقطع، و النفس المضاعف، و النفس المنتصب، و النفس الخناقی، و النفس المستکره فی الفترات، کما یکون فی السکته
و نحوها.
و الآفات التی تعرض فی آلات النفس، فیدخل منها آفه فی النفس، إما أن یکون فی أعضاء النفس، أو فی مبادیها، أو فیما یشارکها، بالجوار.
و أعضاء النفس هی الحنجره، و الرئه، و القصبه، و العروق الخشنه، و الشرایین، و الحجاب، و عضل الصدر، و الصدر نفسه، فإن الآفه قد تکون فی الصدر نفسه إذا کان ضیقاً صغیراً، فیحدث لذلک فی النفس آفه، و أما مبادیها، فالدماغ نفسه، و النخاع أیضاً، لأنه منشأ للحجاب، فإنه ینبت أکثر من الزوج الرابع من عصب النخاع، و تتصل به شعبه من الخامس و السادس، و العصب الجائی إلیها.
و أما الأعضاء المشارکه بالجوار إلیها، فکالمعده، و الکبد، و الرحم، و الإمعاء، و سائر الأحشاء، و تلک الآفات، إما سوء مزاج مضعّف حار، أو بارد، أو رطب، أو یابس، أیا کان ساذجاً، أو بماده من خلط محتبس، أو منصبّ إلیه کثیراً، أو لزجاً، أو غلیظاً، و المده و القیح من جملتها، أو من ریح، أو بخار، و إما مرض آلی من فالج، أو تشنج، أو انحلال فرد من تصدع، أو تعفن، أو تقرّح، أو تأکل، أو من ورم بارد، أو حار، أو صلب، أو من وجع. و أنت تعلم مما نقصه علیک أن النفس قوی الدلاله، وجار مجری النبض بعد أن تراعی العاده فیه، کما یجب أن تراعی الأمر الطبیعی المعتاد فی النبض أیضاً.
النفس العظیم: هو النفس الذی ینال هواء کثیراً جداً فوق المعتدل، و هو الذی تنبسط منه أعضاء النفس فی الجهات کلها انبساطاً وافر العظم ما یستنشق. و الصغیر الضیق یکون حاله فی ذلک بالضد، فیصغر ما یستنشق، و کذلک فی جانب الإخراج.
و أسباب النفس العظیم هی:
أسباب النبض العظیم، أعنی الثلاثه المذکوره، فقد یظن أن الصغیر هو الذی یتم بحرکه الحجاب فقط، و ذلک لیس صحیحاً علی الإطلاق، فإنه- و إن کان قد یکون ما یتم بحرکه الحجاب وحده صغیراً- فربما کان ذلک معتدلًا، فإن المعتدل لا یفتقر إلی حرکه غیر الحجاب إذا کان الحجاب قویّ القوه، و ربما کان النفس صغیراً، فإن کانت الأعضاء الصدریه کلها تتحرک إذا کانت کلها ضعیفه، فلا یفی الحجاب وحده بالنفس المحتاج إلیها، و لا إن کانت الحاجه إلی المعتدل، بل یحتاج أن یعاونه الجمیع، ثم لا یکون بالجمیع من الوفاء باستنشاق الهواء و إخراجه الواقع مثلهما عن الحجاب وحده لو کان سلیماً صحیحاً قویاً، لأنه لیس واحد من تلک الأعضاء یفی بانبساط تام، و لا بالقدر الذی إذا اجتمع إلیه معونه غیره حصل من الجمیع بسط للرئه کاف معتدل، و ذلک لضعف من القوی، أو الضیق من المنافذ، کما
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 481
یعرض فی ذات الرئه، لکن یجب أن یکون عظیم النفس، معتبراً بمقدار ما یتصرّف فیه من الهواء مقبولًا، و مردوداً، و لن یتمّ ذلک إلا بحرکه جامعه من العضله الصدریّه و ما یلیها، ثم لا تنعکس حتی تکون کلها تتحرک فیه العضل کلها، فهو نفس عظیم، بل إذا تحِرکت کلها الحرکه التی تبلغ فی البسط و القبض تصرفاً فی هواء کثیر.
و الصغیر هو علی مقابلته، و قد یبلغ من شدّه حرکه أعضاء النفس للاستنشاق أن تتحرک منبسطه من قدّام إلی الترقوتین، و من خلف إلی عظم الکتفین، و من الجانبین إلی معظم لحم الکتف، و ربما استعانت بالمنخرین، بل تستعین بهما فی أکثر الأحوال، و قد یختلف الحال فی
الانقباض أعظم، و ذلک بحسب الماده التی تحتاج إلی أن تخرج الانقباض، و الکیفیه التی تحتاج أن تعدل بالإدخال و الانبساط، فأیهما کانت الحاجه إلیه أمس کانت الحرکه التی تحبسه أزید، فإن احتیج إلی إطفاء اللهیب کان الانبساط عظیماً، و إذا اتفق فی إنسان إن کان غیر عظیم الاستنشاق، بل صغیره، ثم کان عظیم الإخراج للنفس، کان ذلک دلیلًا علی أن الحراره الغریزیه ناقصه، و الغریبه الداخله زائده.
و الأسباب فی تجشم هذه الأعضاء کلها للحرکه بعنف أربعه: فإنها إما أن تکون بسبب عظیم الحاجه لالتهاب حراره فی نواحی القلب، و إما لسبب فی العضل المحرکه من ضعف فی نفسها، أو بمشارکه الأصول، و مثل ما هو فی آخر الدق، و السل، و فی جمیع المده، فإنها تضعف القوّه، أو لعله إلیه بها خاصه، أو بمشارکتها المذکوره فیما سلف عن تشنج یعرض لها، أو فالج، أو سوء مزاج، أو ورم و وجع، أو غیر ذلک یعرض للعضل عن الانبساط، مثل امتلاء المعده عن أغذیه، أو ریاح إذا جاوز الحد فحال بین الحجاب و الانبساط، فلم ینبسط هو وحده. و إما لضیق المنافذ التی هی الحنجره و جداول القصبه و الشرایین، و ما یتصل بها من منافذ النفس، مثل التخلخل الذی فی الرئه، فإنها إذا امتلأت أخلاطاً، کثرت فیه السدد، أو عرض فیها الورم، و هؤلاء کأصحاب الربو، و أصحاب المده، و أصحاب ذات الرئه. و أما الغفله مع حاجه، أو قلّه حاجه حتی طالت المده بین النفسین فاحتیج إلی نفس عظیم یتلافی ما وقع من التقصیر، مثل نفس مختلط العقل إذا لم یکن شدید برد القلب، فإنه یشتغل عنه، ثم یمعن فیه.
و من جمله هذه الحاجه،
عظم نفس النائم لأنه یکثر فیه البخارات الدخانیه، و یغفل فیه النفس عن إراده إخراج النفس إلی أن یکثر بها الداعی، فیخرج لا محاله عظیماً، و کذلک نفس من مزاج قلبه لیس بذلک الحاد المتقاضی بالنفس، فیدافع إلی وقت الضروره و یتلافی بالعظم ما فاته بالمدافعه العلامات التی یفرّق بها بین أسباب حرکه الصدر کله، إن کان ذلک بسبب کثره الحاجه، و تکون القوه قریه کان النفس کثیراً فی إدخاله، و فی نفخه، و یکون ملمس النفس حاراً ملتهباً، و النبض أیضاً عظیماً دالًا علی الحراره، و تکون علامات الالتهاب موجوده فی الصدر،
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 482
و الوجه، و العینین، و فی اللسان فی لونه و خشونته و غیر ذلک، فإن لم یکن ذلک، و لم تکن القوه ساقطه، و کأنها لا یمکنها البسط التام، فالسبب الضیّق فی شی ء مما عددناه.
و أما إن کانت الأعضاء کلها تحاول أن تتحرّک، ثم لا تتحرک حرکه یعتد بها، و لا تنبسط البسط التام، مثل ما یروم ما لا یکون، و یعول کل التعویل علی المنخرین و لا یکون هناک عند الرد نفخه، فالقوّه المحرّکه التی للعضل مؤفّه، و إذا کان الضیق من رطوبه فی القصبه و ما یلیها، کان مع العلامات فی النفس خرخره، و احتاج صاحبه إلی تنحنح، و هو زیاده علامه علی علامه الضیق الکلی، و إن لم یکن ذلک کان السبب أغوص من ذلک، و إذا حدث الضیق الخرخری دفعه فقد سالت إلی الرئه ماده من النوازل، أو سال إلی الرئه أولًا ثم إلی القصبه ثانیاً مده وقیح من عضو من الأعضاء بغته.
هو الذی یکون مع عظمه کأن القوه تتکلف هناک
فضل انزعاج للإدخال، و النفخ بالإخراج فیکون مع العظم قوه هم.
هو الصنف من النفس العظیم الذی یفتقر فیه إلی تحریک أعالی عضل الصدر، و لا تبلغ الحاجه فیه إلی تحریک الحجاب، و أسافل عضل الصدر، و کثیراً ما یحدث هذا النفس فی الحمیات الوبائیه.
تعرف أسبابه للمعرفه بأسباب العظیم علی سبیل المقابله، و قد یصغر النفس بسبب الوجع إذا حال الوجع بین أعضاء التنفس و بین حرکاتها، و قد یصغر النفس الضیق، و إذا اقترن به التثاؤب دل علی موت الطبیعه، و إذا اقترن به التواتر دل علی وجع فی أعضاء التنفس، و ما یلیها من المعده و نحوه، مثل قروحها و أورامها.
العلامات علامات أسباب النفس الصغیر المقابله لأسباب النفس العظیم معلومه بحسب المقابله، و أما الذی یکون صغره عن الوجع لا عن الضیق، فیدل علیه وجود الوجع، و إن صاحب الوجع لو احتمل ارجع و صبر علیه، أمکنه أن یعظم نفسه، و مع ذلک، فقد یقع فی خلال نفسه نفس عظیم تدعو الحاجه إلیه و إلی احتمال الوجع، أو تصیب الحاجه فیه غفله من الوجع، و الکائن عن الضیق بخلاف ذلک کله. النفس الطویل هو الذی یطول فیه مدّه تحریک الهواء فی استنشاقه
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 483
و رده لتتمکن القوه من التصرف فی الهواء الکثیر، و ربما منع عن العظیم السریع وجع، أو ضیق فأقیم الطول فی استیفائه المبلع المستنشق مقام العظیم السریع.
هو مخالف للطویل، و إذا قرن به التواتر کان سببه وجعاً فی آله التنفس و ما یلیها، و إذا قرن به التفاوت دل علی موت الغریزه.
هو الذی تکون الحرکه فیه فی مده قصیره مع بلوغ الحاجه لا کالقصیر و الصغیر، و السبب فیه شقه الحاجه إذا لم یبلغ الکفایه فیها بالعظم، إما لأن الحاجه فوق البلوغ إلیه بالعظم، و إما لأن العظم حائل مثل ما قیل فی النبض. و ذلک الحائل، إما فی الآله، و إما فی القوه، قد تکون السرعه فی إحدی الحرکتین أکثر منها قی الأخری، مثل المذکور فی النفس العظیم.
هو ضد السریع، و ضد أسبابه، و قد یبطئ الوجع إذا کان العضو المتنفّس یحتاج إلی أن یتحرک برفق و تؤده.
هو الذی یقصر الزمان بینه و بین الذی قبله. و من أسبابه شده الحاجه إذا لم ینقض بالعظم و السرعه، لأنها أکثر من البلوغ إلیه بهما، لأن دونهما حائلًا من وجع، أو ورم، أو ضیق لمواد کثیره، أو انضغاط، أو انصباب قیح فی فضاء الصدر، أو شی ء آخر من أسباب الضیق. و أنت تعرف الفرق بین الواقع بسبب الحاجه، و الواقع بسبب الوجِع و غیر ذلک مما سلف لک فی باب العظیم. و النفس المتواتر علی ما شهد أبقراط یستتبع آفه لتجفیف الرئه و أتعاب أعضاء النفس فیما یلیها.
یدل علی موت القوه، و طف ء الحراره الغریزیه، و استحاله مزاج القلب إلی البرد، و هو أردأ علامه فی الأمراض الحاده، و خصوصاً إذا کان معه نداوه، فتتمّ دلالته علی انحلال الغریزیه.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 484
هو داخل فی البخر، و یفارق سائر أصناف البخر بأن تلک الأصناف، قد تروح النتن فی غیر حال التنفس، و هذا إنما ینتن عند ما یخرج النفس، و هذا یدل علی أخلاط عفنه فی أعضاء التنفس، إمّا القصبه، و إما الرئه إذا عفن فیها خلط أو مده.
لقد علمت أن الحاجه إذا زادت، و لم یکن لها حائل عظم النفس، فإن زادت أکثر أسرع، فإن زادت أکثر تواتر، فإذا تراجعت الحاجه نقص أولًا التواتر، ثم السرعه، ثم العظم، و کذلک إذا قلّ الحول و المنع، و إذا فقد التراجع فی المعانی الثلاثه، وجد التفاوت أکثر، ثم الإبطاء، ثم الصغر، فیکون الخروج عن الطبیعی إلی الصفر أقلّ من إلی البطء، و إلیهما أقل منه إلی التفاوت.
و اعتبر هذا فی الانبساط و الانقباض جمیعاً تحسب اختلاف الحاجتین المذکورتین اختلافاً فی الزیاده و النقصان، و إذا کان السبب فی الانبساط أدعی إلی الزیاده، کان الزمان الذی قبل الانبساط أقصر، و إذا کان مثل ذلک السبب فی الانقباض کان زمان السکون الذی قبل الانقباض أقصر، و النفس المتتابع السریع یتبع ورماً حاراً و ضیقاً عن سده.
هذا النفس یدلّ علی خور من القوه، أو ضیق شدید خانق فی الذبحه، أو جمع مدّه و انصبابها، أو خلط.
سوء التنفس یعم الأحوال الخارجه عن الطبیعه فی التنفس التی لا تتبع أعراضاً صحیه، بل أعراضاً مرضیه آلیه، و ذلک مثل عسر البول، و ضیق النفس، و تضاعف النفس، و انقطاع النفس، و نفس الانتصاب.
و قد یعرض لأنواع سوء المزاج و الامتلاء، و السدد، و مجاوره ضواغط، و أورام و أوجاع، و لموانع للحرکه، و لقروح فی الحجاب و نواحی الصدر، و سقوط القوه من أمراض ناهکه، و حمّیات حاده وبائیه، و سموم مشروبه. و کل سوء تنفس و ضیقه و عسره لماده، فإنه یزداد عند
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 485
الاستلقاء، و یکون وسطاً عند الاضطجاع علی جنب، و یخف مع الانتصاب. و فی الخوانیق الداخله یمتنع عند الاستلقاء أصلًا.
هو أن لا یجد الهواء المتصرف فیه بالنفس منفذاً فی جهه حرکته إلا ضیقاً لا یتسرّب فیه إلا قلیلًا قلیلًا. و أسبابه، إما أورام فی تلک المنافذ التی هی الحنجره، و القصبه، و شعبها، أو الشرایین، و فی نفس خلخله الرئه و جرمها.
و أشد أورامها تضییقاً للنفس ما کان صلباً، أو أخلاط کثیره فیها غلیظه، أو لمزجه، أو مائیه تجتمع فی الرئه، أو انطباق یعرض لها من ضاغط مجاور من ورم حار فی کبد، أو معده، أو طحال، أو أخلاط منصبه فی الفضاء لاستسقاء، أو غیره، مثل ما یکون من انفجار أورام فی الجوف الأسفل تحول دون الانبساط، أو تکاثف عن یبس، أو قبض، أو عن برد یصیب الرئه و الحجاب، أو عن سبب فی العصب و الحجاب، و هو أولی بأن یسمی عسر النفس، أو عن أبخره دخانیه تضیق مداخل النفس فی المواضع الضیقه.
و قد یکون سبب ضیق الصدر، فلا تجد الأعضاء
المنبسطه للنفس مجالًا، و قد یکون بسبب البُحران، و علامه له إذا مالت المواد عن الأورام الباطنه إلی فوق، و قد یکون عسر النفس و ضیقه بسبب سیلان المواد عن الأورام الباطنه منتقله إلی نواحی الرأس، و تُنذر بأورام خلف. الأذنین، إن کان الأمر أسلم، أو فی الدماغ إن کان أصعب.
العلامات علامات الأورام الخناقیه قد سلفت لک. و أما علامه الورم الذی یکون فی نفس الرئه، فالوجع الثقیل، و فی العضلات و الحجب الصدریه الوجع الناخس الباطن، و هو أقوی و أشدّ، و الظاهر و هو أضعف.
و أما فی غضاریف الرئه، فالوجع الذی فیه مصیص، و ربما أدی إلی السعال، و إن کانت حاره، فالحمی. و علامات الخناقیه معروفه تشتدّ عند الاستلقاء، و أما علامات امتلاء الأخلاط، فإن کانت فی القصبه، فالنفث و الشوق إلی السعال و الانتفاع به مع انتفاث الشی ء بأدنی سعال و مع خرخره، و إن کانت فی الرئه کان الحال کذلک، إلا أن السعال یأخذ من مکان أغور، و لا یکون خرخره إلا بقدر ما یصعب من المنفث، و إن کان فی الفضاء، فثقل ینصبّ من جانب إلی جانب مع تغیّر الاضطجاع، ثم یبدو النفث، و لا یکون فیه مع ضیق النفس سعال یعتدّ به.
النفس یختلف مثل أسباب اختلاف النبض، و یکون اختلافه منتظماً و غیر منتظم.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 486
هو من أصناف المختلف، و هو النفس الذی یتمّ بالانبساط فیه، و هو الفحم، أو الانقباض، و هو التغیّر بحرکتین بینهما وقفه، کنفس الصبی إذ بکی، فیکون فیه فحم إذا انبسط، و تغیر إذا انقبض. و سببه، إما حراره کثیره، فلا ینتفع بما استنشق، بل یوجب ابتداء حد فی الزیاده، و إما ضعف فی آلات النفس المعلومه یحوج إلی استراحه فی النفس، و إما لسوء مزاج مسقط للقوّه، أو مجفّف، أو مصلب للآله، و هو الأکثر، و إما لوجع فیها، أو فی مجاوراتها أو ورم. و المجاورات مثل الحجاب، و الکبد، و الطحال.
و الکبد أشدّ مشارکه من الطحال، و إما لمرض آلی مما قد عدّ مراراً، أو کثره تشنج کائن، أو یکون و هذا النفس علامه ردیئه فی الأمراض الحاده و الحمّیات الحاده. و أما إذا عرض من برد، فإنه مما یشفیه الحمّی.
هو أن تکون الآفه فی نصف الرئه و النصف الآخر سالماً فیکون النفس نصف نفس سالم.
هو أن تکون التصرّف فی الهواء شاقاً کان ضیّق، أو لم یکن ضیق. و السبب فی آفات أعضاء التنفس علی ما قیل فی غیره، و ربما کان لسبب، کلهیب ناریّ یغلب علی القلب، و یکون لبرد ممیت للقوه المحرکه، أو آیف لهما کما یعرض عند برد الحجاب بسبب تبرده من طلاء، أو غیره، و قد یکون لسوء مزاج یعرض للحجاب مثل برد من الهواء، أو برد من ضماد یوضع علیه لسبب فی نفسه، أو لسبب فی المعده، و الکبد، فیقع هو فی جوار ذلک الضمّاد، و لا یجود انبساطه، و قد یکون لسدّه، فیحتبس عندها الریح المستنشق، و یحتاج إلی جهد حتی ینفتح. و هذا مخالف للضیق، و ربما کانت السدّه ورماً، و قد یکون لدواء مسهّل أثاره، و لم یسهل، أو لحقنه حادّه لم تسهّل، و کذلک إذا لم یبلغ الفصد فی ذات الجنب الحاجه، و یجب أن تقرأ ما کتبناه فی آخر قولنا فی ضیق النفس ههنا أیضاً.
هو النفس الذی لا یتأتی لصاحبه إلا أن ینتصب، و یستوی، و یمدّ رقبته مداً إلی فوق، فینفتح بسببه المجری، و لا یستطیع أن یحنی العنق لأنه یضیّق علیه النفس کما یضیق علی منجذب الرقبه نحو خلف، و کذلک لا یقدر أن یحنی الصدر و الصهر إلی خلف.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 487
و إذا أزال هذه النصبه، و خصوصاً إذا استلقی، عرض له أن تنطبق منه أجزاء الرئه بعضها مع بعض، فتسدّ المجاری لأنها فی الأصل فی مثله تکون مسدوده فی الأکثر، و إنما فیها فتح یسیر یبطله میلان الأجزاء بعضها علی بعض.
و قد یکون ذلک الإنسداد عارضاً فی الحمیات و نحوها لأبخره
مائیه و رطوبات متحلبه، و قد تکون بالحقیقه لأخلاط مالئه، وساده، و أورام، أو لأن العضل مسترخیه، فإذا لم تتحلّ إلی ناحیه الرجل، بل تدلّت إلی ناحیه الظهر و الصدر ضغطت.
أما الصبیان، فإنهم محتاجون إلی إخراج الفضول الدخانیه حاجه شدیده، لأن الهضم فیهم أکثر و أدوم، و لیست حاجتهم إلی التطفئه بقلیله، و قوتهم لیست بالشدیده جداً، لأنهم لم یکملوا فی أبدانهم و قواهم، فلا بد من أن یقع فی نبضهم تواتر و سرعه شدیدان، مع عظم ما لیس بذلک الشدید. و أما الشبان، فنفسهم أعظم، و لکن أقل سرعه و تواتراً، إذا الحاجه تبغ فیهم بالعظم. و أما الکهول، فنفسهم أقلّ فی المعانی الزائده من نفس الشبان، و لیس فی قلّه نفس المشایخ، و أما المشایخ، فنفسهم أصغر و أبطأ و أشدّ تفاوتاً لما لا یخفی علیک.
نفسهم إلی الصغر، لأن الحجاب مضغوط عن الحرکه الباسطه، و لما صغر نبضهم لم یکن به من سرعه و تواتر، و إن کانت القوه کافیه، أو تواتر وحده، إن کانت منقوصه.
أما المستحم بالحار، فإنه یعظم نفسه للحاجه و لین الآله، و یسرع و یتواتر للحاجه، و أما المستحمّ بالبارد، فأمره بالعکس.
إذا کانت القوّه قویه، فإن نفسه یعظم و یتفاوت للعله المذکوره فی باب النبض، و یکون انقباضه أعظم و أسرع من انبساطه، لأن الهضم فیه أکثر.
هو کما علمت مما سلف منا لک بیانه إلی الصغر و القصر، و ربما تضاعف، و ربما عسر
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 488
و قد یبطؤ إذا لم یکن تلهب و تواتر کما علمت، و یکون صغره و قصره أکثر من بطئه، لأن داعیه إلی الاحتباس و قله الأنبساط أکثر من داعیه إلی الرفق، و التأدی بعظم الإنبساط أشدّ من التأدی بالسرعه، فإن التهب القلب و سخن، لم یکن بد من سرعه و إن تؤدیّ بها.
یحتاج أن یتلافی ما یکون بالضیق تلافیاً من جهه السرعه و التواتر لأی سبب کان فی أکثر الأمر، فیکون نفسه صغیراً ضیقاً متواتراً، و نفس صاحب الربو مما یشرح فی بابه.
قد یتکلّفون بسط الصدر کله مع حراره و نفخه، و لا یکون هناک عظم، و لا موجبات القوّه، لأنّ صاحب هذه العله یکون قد أمعن فی الضعف، و القوه فی أصحاب ذات الرئه و الربو باقیه.
یکون مع بسط عظیم و مع سرعه و تواتر للحاجه و غور الماده لا یکون لهم نفخه.
الربو عله رئیه لا یجد الوادع معها بداً من تنفس متواتر، مثل النفس الذی یحاوله المخنوق، أو المکدود.
و هذه العلّه إذا عرضت للمشایخ لم تکد تبرأ، و لا تنضج، و کیف و هی فی الشباب عسره البرء أیضاً. و فی أکثر الأمر تزداد عند الاستلقاء، و هذه العلّه من العلل المتطاوله، و لها مع ذلک نوائب حاده علی مثال نوائب الصرع، و التشنّج.
و قد تکون الآفه فیها فی نفس الرئه، و ما یتّصل بها لتلحّج أخلاط غلیظه فی الشرایین، و شعبها الصغار و رواضعها، و ربما کانت فی نفس قصبه الرئه، و ربما کانت فی خلخله الرئه و الأماکن الخالیه، و هذه الرطوبات قد تکون منصبّه إلیها من الرأس، خصوصاً فی البلاد الجنوبیه، و مع کثره هبوب الریاح الجنوبیه، و تکون مندفعه إلیها من مواضع أخری، و قد تکون بسبب تولیدها فیها بردها، فتبتدئ قلیلًا قلیلًا، و قد تکون بسبب خلط لیس فی الرئه و شرایینها، بل فی المعده منصبّاً من الرأس، و الکبد، أو متولداً فی المعده، و البُهر الحادث عند الإصعاد هو لمزاحمه المعده للحجاب، و مزاحمه الحجاب للرئه، و قد تکون الکبد إذا بردت أو غلظت معینه علی الربو.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 489
و هذه الأخلاط قد تؤذی بالکیفیه، و قد تؤذی بالکمّیه، و الکثره، و قد تکون فی النادر من جفاف الرئه و یبسها و اجتماعها إلی نفسها، و قد تکون من بردها، و قد تکون لآفه مبادئ أعضاء التنفّس من العصب، و النخاع، و الدماغ، أو نوازل تندفع إلیها منها، و
قد تکون بمشارکه أعضاء مجاوره تزاحم أعضاء النفس، فلا ینبسط مثل المعده الممتلئه إذا زاحمت الحجاب، و قد یعرض بسبب کثره البخار الدخانی إذا احتقن فی الرئه، و صار إلیها، و قد یکون بسبب ریح یحتقن فی أعضاء التنفّس، و یزاحم النفس، و قد یکون بسبب صغر الصدر، فلا یسع الحاجه من النفس، و یکون ذلک آفه جبلیه فی النفس کما یعرض فی الغذاء من صغر المعده و قد یشتدّ الربو، فیصیر نفس الانتصاب، و کثیراً ما ینتقل إلی ذات الرئه.
العلامات إن کان سبب الربو أخلاطاً و رطوبات فی القصبه نفسها، کان هناک ضیق فی أول التنفس مع تنحنح، و نحیر، و احتباس ماده واقفه، و ثفل مع نفث شی ء من مکان قریب. و إن کانت الأخلاط عن نزله، کان دفعه، و إلا کان قلیلًا قلیلًا.
و إن کانت فی العروق الخشنه، دام اختلاف النبض خفقانیاً، و ربما أذی إلی خفقان یستحکم و یهلک.
و أکثر نبض أصحاب الربو خفقانی، و إن کان خارج الفضاء کیف کان، لم یکن سعال، و إن کان بمشارکه المبادئ، دل علیه ما مضی لک، و إن کان بمشارکه المجاورات، دلّ علیه إزدیاده بسبب هیجان ماده بها، و امتلاء یقع فیها، و إن کان عن نزلات دلّ علیه حالها، و إن کان عن انفجار مده دفعه إلی أعضاء التنفس، دل علیه ما تقدّم من ورم و جمع، ثم ما حدث عن انفجار إن کان عن یبس، دلّ علیه العطش و عدم النفث البته، و أن یقلّ عند تناول ما یرطّب و استعمال ما یرطّب، و إن کان بسبب ریح، دل علیه خفّه نواحی الصدر مع ضیق یختلف بحسب تناول النوافخ، و ما
لا نفخ له، و إن کان بسبب برد مزاج الرئه، و کما یکون فی المشایخ، فإنه یبتدئ قلیلًا قلیلًا و یستحکم.
علاج الربو و ضیق النفس و أقسامه أما الکائن عن الرطوبات، فالعلاج و الوجه فیه أن یقبل علی إفناء الرطوبات التی فی رئاتهم بالرفق و الاعتدال، و إن علمت أن الآفه العارضه فیها هی الکثره، فاستفرغ البدن لا محاله بالإسهال، و یجب أن تکون الأدویه ملطّفه منضّجه من غیر تسخین شدید یؤدی إلی تجفیف الماده و تغلیظها، و لهذا لم یلق الأوائل فی معاجین الربو أفیوناً، و لا بنجاً و لا یبروحاً، اللهم إلا أن یکون المراد بذلک منع نزله إذا کثرت، بل و لا بزرقطونا إلا ما شاء الله، و لذلک یجب أن تتعهّد ترطیب الماده و إنضاجها إذا کانت غلیظه أو لزجه، و لا تقتصر علی تلطیف، أو تقطیع ساذج، بل
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 490
ربما أدی عنفه و عصیان الماده إلی جراحه فی الرئه، فإن جمیع ما یدر یضرّ هذه العله من حیث یدرّ لإخراجه الرقیق من الرطوبه، و إذا أحسست مع الربو بغلظ فی الکبد، فیجب أن تخلط بالأدویه الصدریه أدویه من جنس الغافت، و الأفسنتین. و الذی یجمع بین الأمرین جمعاً شدیداً، هو مثل قوّه الصبغ، و الزراوند أیضاً، و إذا کان المعالج صبیاً، فیجب أن تخلط الأدویه بلبن أمه، و تکفیهم الأدویه المعتدله مثل الرازیانج الرطب مع اللبن. و مما یعین علی النضج و النفث، مرقه الدیک الهرم.
و من التدبیر النافع لهم، أن یستعمل دلک الصدر و ما یلیه بالأیدی و المنادیل الخشنه، خاصهً إذا کان هناک نفس الانتصاب دلکاً معتدلًا یابساً من غیر دهن، إلا أن
یقع إعیاء، فیستعمل بالدهن، و یجب أن یستعمل فی بعض الأوقات القیصوم، و النطرون، و یدلک به دلکاً شدیداً. و إن کانت الماده کثیره، فلا بد من تنقیه بمسهل متّخذ من مثل بزر الأنجره، و البسفانج، و قثاء الحمار، و شحم الخنظل.
و من التدبیر فی ذلک بعد التنقیه و القی ء، استعمال الصوت، و رفعه متدرّجاً فیه إلی قوه و طول.
و من التدبیر فی ذلک استعمال القی ء المتّصل، و خصوصاً بعد کل الفجل و شرب أربعه دراهم من البورق مع وزن خمس أواق من شراب العسل، و ذلک إذا قویت العلّه. صعب الأمر. و الخربق الأبیض نافع جداً و هو فی أمراض الصدر مأمون غیر مخوف.
و الأصوب أن یؤخذ قطع من الخربق، فیغرز فی الفجل، و یترک کذلک یوماً و لیلهً، ثم ینزع عنه، و یؤکل ذلک الفجل، و أیضاً یؤخذ من الخردل، فیغرز فی الفجل، و یترک کذلک یوماً و لیلهً، ثم ینزع عننه، و یؤکل ذلک الفجل، و أیضاً یؤخذ من الخردل، و الملح، من کل واحد وزن درهم، و من البورق الأرمنی نصف درهم، و من النطرون دانق یسقی فی خمسه أساتیر ماء و عسلًا، و مقدار العسل فیه أوقیه. و من التدبیر فی ذلک، إدامه تلیین الطبیعه و یعینهم علی ذلک تناول الکبر المملّح قبل الطعام، و الطریخ العتیق، و مرقه الدیک الهرم مع لبّ القرطم، و اللبلاب و السلق، فإن لم یلن بذلک، سقی ماء الشعیر شدید الطبخ فیه قلیل أو فربیون.
و الأفتیمون شدید النفع فی هذه العله. فإن اتخذ من ماء طبخ فیه الأفتیمون ماء عسل. کان شدید النفع، و کذلک لیتناول منه مثقال بالمیبختج. و کذلک طبیخ التین، و
الفوذنج، و السذاب فی الماء، یتخذ منه ماء العسل.
و أیضاً طبیخ الحلبه بالتین السمین مع عسل کثیر، یستعمل قبل الغذاء بزمان طویل و یعاود. و کذلک طبیخ الزبیب و الحلبه بماء المطر.
و من التدبیر فی ذلک، ریاضه یتدرّج فیها من بطء إلی سرعه، لئلا تحدث فیهم المعاجله اختناقاً لتحریکها الماده بعنف. و أما اغتذاؤهم، فیجب أن یکون بعد مثل ما ذکرناه من الریاضه
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 491
و یکون خبزهم خبزاً نضیجاً متوبلًا من عجین خمیر، و نقلهم الملطّفات التی یقع فیها حبّ الرشاد، و زوفا، و صعتر، و فوذنج، و دسومه أطعمتهم من شحوم الأرانب، و الأیایل، و الغزلان، و الثعالب خاصهً، و لا سیما رئاتها، فإن رئه الثعلب دواء لهذه العله إذا جفف، و سُقی منه وزن درهمین. و کذلک رئه القنفذ البری. و أما لحمانهم، فمثل السمک الصخوری النهری دون الآجامی، و مثل العصافیر، و الحجل، و الدرّاج. و مرقه الدیوک تنفعهم. و قد یقع لسان الحمل فی أغذیه أصحاب الربو. و أما شرابهم، فلیکن الریحانی العتیق الرقیق القلیل المقدار، فأما إذا أرادوا أن یکثروا النضج، و یعینوا علی النفث، فلیأخذوا منه الرقیق جداً. و شراب العسل ینفعهم أیضاً.
و فی الخمور الحلوه المعانه بأشیاء ملطفه تضاف إلیها منفعه لهم لما فیها من الجلاء و التلیین و التسخین المعتدل. و یجب أن یساعدوا بین الطعام و الشراب، و لا یرووا من الماء دفعه، بل دفعات، و أما الأمور التی یجب أن یجتنبوها، فمن ذلک الحمّام ما قدروا، و خصوصاً علی الطعام و النوم الکثیر، و خصوصاً نوم النهار.
و النوم علی الطعام أضرّ شی ء لهم، إلا أن یصیبهم فتره شدیده، و إعیاء،
و حراره، فلیناموا حینئذ نوماً یسیراً، و یجب أن یجتنبوا کلَ حبه فیها نفخ، و أن یجتنبوا الشراب علی الطعام کان ماء أو شراباً.
و الأدویه المسهله القویه التی تلائمهم، فمثل أن یسقوا من الجاوشیر، و شحم الحنظل، من کل واحد نصف درهم بماء العسل، أو جندبادستر مع الأشقّ، و حب الغاریقون، لا بد من استعماله فی الشهر مرتین إذا قویت العله. و نسخته: غاریقون ثلاثه، أصل السوسن واحد، فراسیون واحد، تربد خمسه، أیارج فیقرا أربعه، شحم حنظل، و أنزلوت، من کل واحد درهم، مر درهم، تعجن بمیبختج، و الشربه وزن درهمین. و أیضاً شحم حنظل، نصف مثقال، أنیسون سدس مثقال، یعجن بالماء، و یحبّب، و یستعمل بعد استعمال الحقنه الساذجه قبله بیوم، و هی التی تکون من مثل ماء السلق، و دهن السمسم، و البورق، و ما یجری مجری ذلک.
و أیضاً شحم الحنظل دانقین، بزر أنجره درهم، أفتیمون نصف درهم یعجن بماء العسل، و هو شربه ینتظر علیها ثلاث ساعات، ثم یسقون أوقیه، أو ثلاث أواق ماء العسل.
و أیضاً شحم حنظل، و الشیح بالسویه، بورق نصف جزء، و أصل السوسن جزء، و یحبّب. و الشربه منه من نصف درهم إلی درهمین، ینتظر ساعه، و یسقی نصف قوطولی ماء العسل.
و أیضاً خردل مثقال، ملح العجین نصف مثقال، عصاره قثّاء الحمار نصف مثقال، یتّخذ منه ثمانیه أقراص، و یشرب یوماً قرصاً و یوماً لا، و لیشربه بماء العسل، فإن هذا یلیق الطبیعه و ینفث بسهوله. و أما سائر الأدویه، فیجب أن ینتقل فیها، و لا یواصل الدواء الواحد دائماً منها، فتألفه الطبیعه.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 492
و أیضاً بین الأدویه و الأبدان مناسبات لا تحرک
إلّا بالتجربه، فإذا جربت، فالزم الأنفع. و یجب أن تراعی جهه مصب الماده، فإن کان من الرأس، فدبر الرأس بالعلاج المذکور للنوازل مع تدبیر تنقیه الخلط، و ربما وقع فیها المخدرات. و الطین الأرمنی عجیب فی منع النوازل. و أما تفاریق الأدویه، فمثل دواء دیسقوریدس، و مثل الزراوند المدحرج یسقی منه کل یوم نصف درهم مع الماء، أو مثل سکبینج مع شراب، و الأبهل و جوز السرو، و أیضاً الفاشرستین، و الناشر، أربعه دوانیق و نصف بماء الأصول، و أیضاً الخل المنقوع فیه بزر الأنجره مراراً، أو وزن درهمین، بزر الحرف مقطّراً علیه دهن لوز حلو، أو أصل الفوّه نصف، و ربع مع سکنجبین عنصلی، فإن سکنجبین العنصل نافع جداً. و العنصل المشوی نفسه، خصوصاً مع عسل، و زراوند مدحرج، و الفوتنجین، و الشیح، و السوسن، و کمافیطوس و جندبادستر. و أیضاً مطبوخ قنطوریون، و القنطوریون بصنفیه نافع لهم فی حالین: الغلیظ عند الحرکه و فی الابتداء، و الرقیق عند السکون، و فی الأواخر یتّخذ لعوقا بعسل.
و أیضاً علک الأنباط وحده، أو مع قلیل عاقرقرحا، و بارزد، و جاوشیر قوی جداً من هذه العلّه، إلا أنه مما یجب أن تتّقی غائلته العظیمه بالعصب. و دواء الکبریت شدید النفع لهذا.
و أیضاً یؤخذ من الحرف و السمسم، من کل واحد ثلاثه دراهم، و من الزوفا الیابس سبعه دراهم، و الشربه بقدر المشاهده، و أیضاً رئه الثعلب یابسه خمسه، فوتنج جبلی أربعه، بزر کرفس و ساذج من کل واحد ثمانیه، حماما و فلفل من کل واحد أربعه، بزر بنج اثنان، و یؤخذ عصاره بصل العنصل بمثلها عسلًا، و یعقد علی فحم، و یسقی منه بنطرون قبل الطعام، و
مثله بعده.
و أیضاً فوتنج، و حاشا، و إیرسا، و فلفل، و أنیسون یعجن بعسل، و یستعمل قدر البندقه بکرهً و عشیه. و أیضاً فوتنج، و حاشا، و إیرسا، و فلفل، و أنیسون یعجن بعسل، و یستعمل قدر البندقه بکرهً و عشیه. و أیضاً جعده، و شیح أرمنی، و کمافیطوس، و جندبادستر، و کندر، و زوفا من کل واحد مثقال، یخلط بعسل و هو شربتان. أو بورق أربعه، فلفل أبیض اثنان، أنجدان ثلاثه، أشقّ اثنان، یعجن بمیبختج. و الشربه منه قدر باقلاه بماء العسل. أو جندبادستر، و زراوند مدحرج، و أشقّ من کل واحد درهمان، فلفل عشر حبات، تخلطه بربّ العنب. و الشربه مقدار باقلاه فی السکنجبین.
و أیضاً فراسیون، و قسط، و میعه، و حب صنوبر، من کل واحد مثقال، جعده، و جندبادستر، من کل واحد مثقال، فلفل أبیض، و عصاره قثاء الحمار، من کل واحد نصف، یعجن بعسل، و الشربه منه قدر باقلاه بماء العسل المسخّن.
و أیضاً خردل، و بورق، من کلّ واحد جزآن، و فوتنج نهری، و عصاره قثاء الحمار، من کل واحد جزء، یعجن بخلّ العنصل. و الشربه منه مقدار کرسنّه بماء الشهد علی الریق.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 493
و أیضاً شیح، و أفسنتین، و سذاب معجوناً بعسل، أو تطبخ هذه الأدویه بعسل، أو یعقد السلاقه بالعسل. و الأول یسقی بالسکنجبین، أو طبیخ الفوتنج باللبن، و خصوصاً إذا کان هناک حراره. و اعلم أن الراسن و ماءه شدید النفع من هذه العله.
و من الأدویه القویه فیها: الزرنیخ بالراتینج، یتّخذ منه حبّ للربو، و یسقی الزرنیخ بماء العسل، أو الکبریت بالنمبرشت.
و من الأدویه الجیده القریبه الاعتدال: الکمون بخلّ ممزوج، و هو نافع
جداً لنفس الانتصاب، و أیضاً لعاب الخردل الأبیض بمثله عسل، یطبخ لعوقاً، و یستعمل، و عند شده الاختناق و ضیق النفس یؤخذ من البورق أربعه دراهم، مع درهمین من حرف، مع خمس أواق ماء و عسلًا، فإنه ینفع من ساعته، و هو نافع من عرق النسا و الأدهان التی تقطر علی أشربتهم دهن اللوز الحلو، و المرّ و دهن الصنوبر. و المروخات، فمثل دهن السوسن، و دهن الغار، یمزج به الصدر، و کذلک دهن الشبث. و أما التدخّن. فبمثل الزرنیخ، و الکبریت یدخّن بهما شحم الکلی. و أیضاً مرّ، و قسط، و سلیخه، و زعفران.
و أیضاً المیعه السائله، و البارزد، و الصبر الأسقوطری. و أیضاً زرنیخ، و زراوند طویل، یسحقان و یعجنان بشحم البقر، و یتخذ منه بنادق، و یبخّر منه بدرهم عشره أیام کل یوم ثلاث مرات. و أما الکائن من الربو، و ضیق النفس بسبب أبخره دخانیه یستولی علی القلب، و عن أخلاط تکون فی الشرایین، فقد ینتفع فیهما بالفصد و أولاه من الجانب الایسر. و أما الکائن بسبب الریح، فالقصد فی علاجه أمران: أحدهما تحلیل الریح برفق، و ذلک بالملطّفات المعلومه، و الثانی تفتیح السدد لیجد العاصی عن التحلیل منها منفذاً. و مما ینفع ذلک، التمریخ أیضاً بدهن الناردین، و دهن الغار، و دهن السذاب. و من الأضمده النافعه، الشبث، و البابونج، و المرزنجوش مطبوخات، یُکمّد بها الصدر، و الجنبان. و من المشروبات الشجرینا، و الأمروسیا، و أیضاً السکبینج، و الجاوشیر، الشربه من أیهما کان مثقال.
و أما الکائن من الربو و ضیق النفس بسبب النوازل، فیجب أن یشتغل بعلاج منع النوازل و تفتیت ما اجتمع. و أما المظنّون من ضیق النفس أنه
بسبب الأعصاب و هو بالحقیقه ضرب من عسر النفس، و من سوء النفس لیس من باب ضیق النفس، فقد ذکرنا علاجه فی باب عسر النفس.
و أما الکائن عن النفس، فینفع منه شِرب ألبان الأتن، و المعز، و العصارات، و الأدهان البارده المرطبه، و دهن اللوز فی الإحساء الرطبه، و الشراب الرقیق المزاج، و هجر المسخّنات بقوه، و المحللات و المجففات مما عملت. و یوافقهم الأطلیه المرطّبه، و المراهم، و المروّخات الناعمه. و أما ضیق النفس الکائن بسبب الحراره، و یوجد معه التهاب، فیجب أن یستعمل فیها المراهم المبرده، و القیروطات المبرّده، و هو بالحقیقه ضرب من سوء النفس، لا ضیق النفس،
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 494
و شراب البنفسج، و ماء الشعیر نافع فیه. و أن الکائن عن البرد، فالمسخنات المشروبه و المطلیه، و طبیخ الحلبه بالزیت نافع.
إن کان السبب فی سوء التنفس حراره القلب، استعملت الأدویه المبرده مشروبه و طلاء، و إن کان السبب کثره البخارات التی فی القلب نفسه، أو التی تأتی الرئه من مواضع أخری، فافصد الباسلیق، و استعمل الاستفراغ بماء الجبن المتخذ بالکسنجبین مع أیارج فیقرا، و استعمل دلک الیدین و الرجلین. و إن کان السبب رطوبه معتدله، إلا أنها ساده، فاستعمل ما یجلو مثل حب الصنوبر، و الجوز، و الزبیب، و ینفع من سوء التنفّس الرطب سکّرجه من ماء الباذروج، أو من ماء السذاب. و إن کان السبب رطوبه غلیظه، فاستعمل المنقیات المذکوره القویه الجلاء، کالعنصل و الزوفا، و نحوه. و نرجع إلی ما قیل فی باب الربو، و ما عدّ فی الصدریات، و إن کانت الأبخره و الرطوبات تأتی من مواضع أخری عولج الدماغ منها بعلاج النزله
و تنقیه الرأس، إلا أن تکون النزله من ضعف جوهر الدماغ، فلا علاج له و عولج ما یأتی من مواضع أخری بعد الفصد و الاستفراغ، و تقبل علی تقویه الصدر، بمثل الزراوند، و الأسقوردیون، و الاسطوخودس، و الدیافود الساذج و المقوی نافعان جداً فی تقویه الرأس.
و إن کان بسبب الأعصاب، فاستعمل ما یقوّیها و یقوّی الروح، مثل الأدهان العطریه. و إن کان الورم فی المری ء، أو سوء مزاج، عولج ذلک بما قیل فی بابه.
و إن کان بمشارکه المعده، نقّیت المعده، و قوّیت بما نذکره فی بابه. و إن کان من برد، فاستعمل مثل الشجرینا، و الأمروسیا، و الأنقردیا.
و إن کان من یبس، فاستعمل مثل الفانیذ باللبن الحلیب، و ما قیل فی أبواب أخری. و إن کان من ریاح، استعملت الکمّادات المذکوره فی باب الربو، و الضمادات و غیرها. و اعلم أن الزعفران من جمله الأدویه النافعه من سوء التنفس و عسره لتقویته آلات التنفّس و تسهیله للنفس حسبما ینبغی.
إن کان ذلک من رطوبه، فان جالینوس یأمر بدواء العنصل المعجون بالعسل فی کل شهر مرتین، و الشربه سته و ثلاثون قیراطاً، و الیوم الذی یأخذ فیه لا یتکلّم و لا یتحرک قبل ذلک الیوم بیومین، و فی الساعه السابعه یتناول الخبز بالشراب الممزوج، و بالعشی صفره البیض مع لب الخبز، و من الغد فروجاً صغیراً یتخذ منه مرقاً، و یستحم من عشیه الغد. فإن لم یزل بهذا استعمل معجون البسذ، و دواء أندروماخس، خصوصاً إذا تطاولت العله.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 495
و إن کان السبب من الرأس، استعمل غسل الرأس کل أسبوع مرتین بصابون و بورق، و یستکثر من المعطسات، و یتغرغر برب
التوث، مع الصبر، و المر، یستعمل ریاضه التمریخ علی الظهر، و یستعمل ربط الساق مبتدئاً من فوق إلی أسفل، و یستعمل المنقیات المذکوره وحباً بهذه الصفه، و هو أن یؤخذ شیح، و قضبان السذاب، و حشیش الأفسنتین، یحبّب کل یوم حبتین، کالحمص، و بعد السکنجبین، و خصوصاً العنصلی. و أیضاً یؤخذ جندبادستر، و شیح من کل واحد جزء، أفسنتین و کمون من کل واحد نصف جزء، و یحبّب کالحمص. و لعوق الکرنب جید لهم.
و أیضاً یؤخذ کلس العلق الذی تحت الجرار إذا أحرق فی کوز خزف حتی یترمد، و یخلط بعسل، و یستعمل منه کل یوم ملعقه. و هذه الوجوه کلها تنفع إذا کان السبب عصبیاً. و أما إن کان من حراره، فهذا القرص نافع جداً، و هو أن یؤخذ ورد ستبه، أصل السوسن أربعه عشره، أمیر بارس اثنان، لک و راوند مصطکی و صمغ و کثیراء و رب سوس، و بزر الخبازی، من کل واحد درهم، عصاره الغافت، و عصاره الأفسنتین، و السنبل، الأنیسون، و بزر الرازیانج، من کل واحد ثلاثه دراهم زعفران نصف درهم، بزر الخیار و القثاء و القرع و البطیخ من کل واحد درهم و یجب أن یستعمل الاستفراغ بما یخرج الأخلاط الحاره. و أما إن کان بسبب ضعف منابت العصب، أو آفه، فیجب أن یعالج بما یقوی الروح الذی فی العصب، و الأدهان الحاره العطره، مثل دهن النرجس، و السوسن، و الرازقی، و الأدهان المتخذه بالأفاویه، و القیروطیات المتخذه من تلک الأدهان، و دهن الزعفران. و الزعفران نفسه غایه فی المنفعه. و إن کان السبب ضربه أصابت منابت تلک لأعصاب، عالجت بما ینبغی من موانع الورم.
القانون فی الطب
(طبع بیروت) ؛ ج 2 ؛ ص495
صوت فاعله العضل التی عند الحنجره بتقدیر الفتح، و یدفع الهواء المخرج و قرعه و آلته الحنجره و الجسم الشبیه بلسان المزمار، و هی الآله الأولی الحقیقیه، و سائر الآلات بواعث و معینات، و باعث مادته الحجاب، و عضل الصدر، و مؤدّی مادته الرئه، و مادته الهواء الذی یموج عند الحنجره. و إذا کان کذلک فالآفه تعرض له، أما من الأسباب الفاعله، و أما بسبب الباعث للماده. و آفته، إما بطلان، و إما نقصان و إما تغیّر بحوحه، أو حدّه، أو ثقل، أو خشونه، أو ارتعاش، أو غیر ذلک.
و کل واحد من هذه الأسباب، إنما یعتلّ، إما لسوء مزاج مفرد، أو مع ماده، و خصوصاً من نزله تعرض للحنجره، أو لما یعرض لها من انحلال فرد، أو انقطاع، أو ورم، أو وجع، أو ضربه، أو سقطه.
و قد تکون الآفه فیه نفسه، و قد تکون بشرکه المبدأ القریب من الأعصاب التی تتشظی إلی تلک العضل و مبادیها، أو البعید، کالدماغ، و قد تکون بشرکه العضو المجاور من أعضاء الغذاء،
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 496
أو أعضاء النفس، أو المحیط بهما من البطن و الصدر و المتصل بهما من خرزه الفقار، أو من الحنک، فإن تغیره إلی رطوبه، أو إلی یبوسه و خشونه، قد تغیّر الصوت. و من هذا القبیل قطع اللهاه، و اللوزتین، فإن صاحبها إذا صوت أحسّ کالدغدغه القویه الملجئه إلی التنحنح، و ربما انسدت حلوقهم عند کل صیاح.
و أما من جهه المؤدّی، فإن الصوت یتغیر بشده حر الرئه، أو بردها، أو رطوبتها و سیلان القیح إلیها من الأورام، أو سیلان النوازل إلیها، أو یبوستها. فالحراره تعظم الصوت، و
البروده تخدره و تصغّره، و الیبوسه تخشنه و تشبهه بأصواب الکراکی، و الرطوبه تبحّه، و الملاسه تعدّل الصوت و تملّسه. و إذا امتلأت الرئه رطوبه، و لم تکن القصبه نقیه، لم یمکن الإنسان أن یصوت صوتاً عالیاً و لا صافیاً، لأن ذلک بقدر صفاء الرئه، و الحنجره، و ضد صفائها.
و قد یختلف الصوت فی ثقله و خفته بحسب سعه قصبه الرئه، و ضیقها، وسعه الحنجره، و ضیقها، و إذا اشتدت الآفات المذکوره فی الأعضاء الباعثه و المؤدیه، بطل الصوت، و لم یجب أن یبطل الکلام، فإن الکلام قد یتم بالنفس المعتدل، کرجل کان أصاب عصبه الراجع عند الحاجه إلی کشفه بالحدید برد، فذهب صوته، و الآخر عولج فی خنازیر، فانقطعت إحدی العصبتین الراجعتین، فانقطع نصف صوته.
و إذا کانت الآفه بالعضل المثنیه، صار الصوت أبح، و إذا کانت بالعضل المحرّکه الباسطه، کان الصوت خناقیاً، بل ربما حدث منه خناق، و إذا کانت بالعضل المحرّکه القابضه صار الصوت نفخیاً، و إذا بطل فعلها بطل الصوت، و إذا حدث فیها استرخاء غیر تام و حاله شبیهه بالرعشه ارتعش الصوت، و إذا لم تبلغ الرطوبه أن ترخی أبحت الصوت، فالبحّه إذا عرضت تعرض عن رطوبه، و لو کثرت قلیلًا أرعشت، و لو کثرت کثیراً أبطلت. و قد یبح الصوت لسعه آلات التصویت، فیحدث بها إعیاء أو تورّم، و توتّر.
و أردؤه ما کان علی الطعام، و قد یبح للبرد الخشن، و للحر المفرط بما ییبسان المزاج، و کذلک السهر، و الأغذیه المخشنه، و یبح لکثره الصیاح و تجلب بله بسببها إلی الطبقه المغشیه للحلق و الحنجره. و البحوحه التی تعرض للمشایخ لا تبرأ، و إذا کان الصیف شمالیاً یابساً. و
خریفه جنوبی مطیر، فإن البحوحه تکثر فیه. و الدوالی إذا ظهرت کانت کثیراً من أسباب صلاح الصوت.
و اعلم، أن الناقهین، و الضعاف، و المتخاشعین المتشبهین بالضعفاء لقلّه قوتهم کأنهم یعجزون عن التصریف فی هواء کثیر، فیضیقون الحنجره حتی یحتد صوتهم، و إذا اجتهد الضعیف أن یوسع حنجرته و یثقل صوته لم یسمع البته.
علاج انقطاع الصوت
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 497
إن کان لسوء مزاج فی بعض العضل، أو آفه، عولج بما یجب فی بابه مما علمته، و من أحس بابتداء انقطاع الصوت، وجب أن یبادر بالعلاج قبل أن یقوی، فیأخذ من صفره بیضه مسلوقه، و سمسماً مقشراً، و لبناً حلیباً من کل واحد ملعقه، و یسقی بالماء کل یوم ثلاثه أیام. و یجب أن یتحسی ما ینطبخ فی باطن الرمانه الأملیسیه الحلوه المطبوخه المدفونه فی رماد حار، و تؤخذ عنه إذا لانت، و یقلع أعلاها، و یصبّ ما فیها بالمخوض، و یصب فیه قلیل ماء السکر، و یشرب. و إن کانت من رطوبه فی العضل القریبه من الحنجره، أو الحنجره، بالغت فی الإرخاء، و لا یکون هناک وجع، و یکون کدوره، و ثقل فیجب أن یؤخذ تین یابس، و فوتنج، و یطبخان، ثم یخلط الصمغ العربی المسحوق بسلاقتهما حتی یصیر کالعسل، و یلعق، أو یؤخذ مرّ، و زعفران بعقید العنب، أو یؤخذ زعفران ثلاثه دراهم و نصف، ربّ السوس و کُندر من کل واحد درهم، یجمع برب العنب، أو بعسل، و یعقد، أو یؤخذ من الزعفران واحد، و من الحلتیت نصف، و من العسل ثلاثه، یطبخ حتی ینعقد، و یحبّب و یمسک تحت اللسان. و لعوق الکرنب نافع لهم أیضاً. و مضغ قضبان الکرنب
الرطب، و تجرعّ مائه قلیلًا قلیلًا نافع. و إذا لم ینجع لعوق الکرنب، جعل علیه قلیل حلتیت، و دقیق الکرسنه، و الحلبه، و الکراث الشامی، و النبطی، و البصل، و عصارته، و الثوم، و الفستق، و العنب الحلو الشتوی نافعه. و أیضاً یؤخذ الزنجبیل المربی باللبن، البالغ فی التربیه، و یدق حتی یصیر مثل المح، و یلقی علیه نصفه دارفلفل مسحوقاً کالکحل، و ربعه زعفران، کذلک و مثل الجمیع نشاء، و یسحق و یعجن بالطبرزد المحلول المقوم، أو بالعسل و هو منقّ جداً. و من الأغذیه ما یقوی الجنین، مثل الأکارع، خصوصاً أکارع البقر، یأکل منها العصب فقط، و خصوصاً بعسل، أو مطبوخه بالعسل، و إن کان من یبس، و خصوصاً بمشارکه المری، و علامته أن لا یکون مع البحّه عظم، بل صغر وحده، وصفاء ما، و یکون مع خشونه و وجع، فیجب أن یؤخذ عند النوم ملعقه من دهن بنفسج طری مذاب بالسکّر الطبرزد، و ینفعه لعاب بزرقطونا بماء سکّر کثیر، و الأغذیه المرطّبه الملینه و مرق الدجاج إسفیذباجات، و مرق البقول المعلومه، و التین نافع لانقطاع الصوت کان من رطوبه، أو یبوسه و دواء التین المتّخذ بالفوتنج و الاستلقاء نافع لضعف الصوت و بحّته.
قد علمت أسباب البحه، فاعلم أن من بُحَّ صوته، فیجب أن یجتنب کل حامض مالح خشن و حاد حریف إلا أن یرید بذلک العلاج و التقطیع، فیستعملها مخلوطه بأدویه لیّنه، فإن عرضت البحه من کثره الصیاح أخذ التین و النعنع و الصبر أجزاء سواء، و یعجن بالمیبختج، و یتحسّی من لباب القمح، و کشک الشعیر، و دهن اللوز، و الزعفران، و یستعمل طلاء العنب. و ینفعه ما قیل فی
انقطاع الصوت، خصوصاً دواء الحلتیت بالزعفران، و إن کان هناک حراره، فرق السرمق، و الخیار، و ماء الشعیر، و حبّ القثاء، و اللوز، و النشاء. و إن کان السبب برداً،
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 498
انتفع أیضاً بدواء الحلتیت، و الزعفران المذکور، و أن یأخذ من الخردل المقلو ثلاثه دراهم، و من الفلفل واحداً، و من الکرسنه، و من اللبنی و القنّه، من کل واحد أربعه دراهم، و یتخذ منه حباً، و یمسکه تحت اللسان، أو یأخذ من المرّ وزن درهمین، و من اللبان عشره، و تجمع بطلاء. و إن کان من صیاح و تعب، انتفع بالحمام انتفاع سائر أصناف الأعیاء، و تنفعهم الأغذیه المرخّیه و المغریه کاللبن، و صفره البیض النیمبرشت بلا ملح، و الأطریه، و الاحساء المعروفه و مرق السرمق، و الخبازی، و ما أشبهه، و الحبوب المتخذه من النشاء، و الکثیراء، و ربّ السوس، و الصمغ، و الحبوب اللّینه المنضجه، فإنه إن کان کالورم تحلل بها. و کذلک الغراغر، و اللعوقات اللّینه من جمله ما یعالج به الخوانیق الحاره. و کذلک الاحساء التی تجمع إلی التغریه جلاء بلا لذع، مثل المتخذ من دقیق الباقلا، و بزر الکتّان. و أقوی من ذلک صمغ البطم، و یجب لصاحب هذه البحه أن یهجر الشراب أصلًا، و خصوصاً فی الابتداء. و إذا کان ورم: فإذا تقادم، شرب الشراب الحلو. و الفجل المطبوخ و المری ینفعهم. و إن کان من رطوبه، فلا بدّ من الجوالی المذکوره فی انقطاع الصوت. و جمیع تلک الأدویه تنفعه، و الأحساء المتخذه من دقیق الباقلاء، و فیها دقیق الکرسنّه نافعه فی هذا الباب. و دقیق الکرسنّه نافع، و الأشیاء التی فی
الدرجه الأولی من الجلاء، و کذلک الأطریه و اللبن، ثم السمن، و عقید العنب، و أصل السوس، و ربّه، ثم الباقلا بالعسل، و طبیخ التین، ثم المرّ، و العنصل، و ما یجری مجراها، و إن کانت هذه البحوحه الرطبه من النوازل، أعطی صاحبها الخشخاش و ربّه، و مما یصفّی الصوت الخشن و الکدر مضغ الکبابه. و من الأدویه المزیله للبحوحه، ماء رمان حلو مغلی، ثم یقطر علیه دهن البنفسج و یقوّم.
کلام فی الأدویه الحافظه لملاسه الصوت المخشنه له هی الباقلا، و حبّ الصنوبر، و الزبیب، و التین، و الصمغ، و الحلبه، و بزر الکتّان، و التمر، و أصل السوس، و اللوز، و خصوصاً المرّ، و قصب السکر، و السبستان، و شراب العسل بالمیبختج المذکور بعد.
و من الأدویه الحاره المرّ، و الحلتیت، و الفلفل، و البارزد، و اللبان، و علک البطم، و الفوتنج، و اللبنی، و الراتینج، و خل العنصل، إذا لم یکن من حراره و یبس، و أصول الجاوشیر. و من الأدویه البارده، حبّ القثاء، و القرع، و النشاء، و الکثیراء، و الصمغ و لعاب بزرقطونا، و الجلاب، و ربّ السوس. و صفره البیض من أصلح المواد لترکیب سائر الأدویه بها، و کذلک اللبن الحلیب.
تعرض خشونه الصوت من البرد، من توتّر عضل الصوت، و من حاله کالتشنّج تعرض فیها، و من جفاف رطوبه فیها من کثره الترنّم، و من قطع اللهاه، و من الجماع، و السهر. و علاجه
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 499
الحمیه من الأسباب التی ذکرناها مره، و ترک الترنم، و تناول الملیّنات المذکوره فی باب البحوحه، و التین الرطب، و الیابس، و الزبیب، و خصوصاً المنقع فی دهن اللوز، فنفعه
عظیم، و الذین یعرض لهم ذلک من قطع اللهاه، فالصواب لهم أن یطبخ عقید العنب بمثله عسلًا طبخاً بقدر ما ینزع به الرغوه، ثم یمزج بماء حار، و یتغرغر به، و یسقی صاحبه منه، و عتیقه أنفع من طریه.
و سبب قصر الصوت قصر النفس، و یجب أن یتدرّج فی تطویل النفس بأن یعتاد حصر النفس و یتدرج فی الریاضه و الصعود و الهبوط فی الروابی و الدرج، و الإحصار المحوج إلی التنفس لیتدرج إلی تطویل النفس، کتطویل المکث أیضاً فی الحمّام الحار، و فی کل ما یستدعی النفس، و تعجیله، و لیحبس نفسه، و یفعل ذلک کله، و یرتاض، و یستحمّ، و بعد الخروج من الحمّام، یجب أن یشرب الشراب، فإن الشراب أغذی للروح، و کذلک بعد الطعام، و لیکن کثیراً بنفس واحد، و النوم نافع لهم.
قد یعرض من أسباب البحّه المرخّیه الموسّعه للمجاری، و یعرض من کثره الصیاح. و علاجه أصعب، و قد یعرض لمن یزاول النفخ الکثیر فی المزامیر، و فی البوقات خاصه لما یعرض من تقطیع نفسهم و احتباسه فی الرئه فتتوسع المجاری.
هذا ضدّ الکدر، و أسبابه ضدّ ذلک من السهر، و الإعیاء، و الترنم، و خصوصاً بعد الطعام، و الریاضه المتعبه، و الاستفراغات. و علاجه، أن یودع الصوت، و یلزم الریاضه المعتدله المخصبه، و الأغذیه المعتدله، و دخول الحمّام کل بکره، و یهجر القوابض و المجفّفات و المیاه.
هو الذی یشبه صوت الرصاص إذا صکّ بعضه ببعض، و سببه رطوبه غلیظه جداً، و تنفع منه الریاضه، و المصارعه، و حصر النفس، و التدلّک الیابس بخرق الکتان، و دخول الحمام، و استعمال الأغذیه الملطّفه و المقطّعه، کالسمک المالح، و الشراب العتیق.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 500
: یؤمر صاحبه أن لا یصیح، و لا یرفع صوته مده شهر، و یقل کلامه ما أمکن و ضحکه، و الحرکه و العدو، و الصعود، و الهبوط، و الغضب، و یودع الیدین، و یریحهما ما أمکن، ثم لیستلق، و لیتکلّف الکلام، و قد أثقل صدره بمثل الرصاص وضعاً فوق صدره بقدر ما یحتمل. و أفضل الأغذیه له ما یقوّی جنبه، و هی العضل و الأکارع، و ما فیه تغریه و قبض.
القانون فی الطب (طبع بیروت)، ج 2، ص: 501
________________________________________
[1] ابن سینا، حسین بن عبد الله، القانون فی الطب (طبع بیروت)، 4جلد، دار إحیاء التراث العربی - بیروت، چاپ: اول، 1426 ه.ق.
[2] ابن سینا، حسین بن عبد الله، القانون فی الطب (طبع بیروت)، 4جلد، دار إحیاء التراث العربی - بیروت، چاپ: اول، 1426 ه.ق.
[3] ابن سینا، حسین بن عبد الله، القانون فی الطب (طبع بیروت)، 4جلد، دار إحیاء التراث العربی - بیروت، چاپ: اول، 1426 ه.ق.
[4] ابن سینا، حسین بن عبد الله، القانون فی الطب (طبع بیروت)، 4جلد، دار إحیاء التراث العربی - بیروت، چاپ: اول، 1426 ه.ق.
[5] ابن سینا، حسین بن عبد الله، القانون فی الطب (طبع بیروت)، 4جلد، دار إحیاء التراث العربی - بیروت، چاپ: اول، 1426 ه.ق.
[6] ابن سینا، حسین بن عبد الله، القانون فی الطب (طبع بیروت)، 4جلد، دار إحیاء التراث العربی - بیروت، چاپ: اول، 1426 ه.ق.
[7] ابن سینا، حسین بن عبد الله، القانون فی الطب (طبع بیروت)، 4جلد، دار إحیاء التراث العربی - بیروت، چاپ: اول، 1426 ه.ق.
[8] ابن سینا، حسین بن عبد الله، القانون فی الطب (طبع بیروت)، 4جلد، دار إحیاء التراث العربی - بیروت، چاپ: اول، 1426 ه.ق.
[9]
ابن سینا، حسین بن عبد الله، القانون فی الطب (طبع بیروت)، 4جلد، دار إحیاء التراث العربی - بیروت، چاپ: اول، 1426 ه.ق.
[10] ابن سینا، حسین بن عبد الله، القانون فی الطب (طبع بیروت)، 4جلد، دار إحیاء التراث العربی - بیروت، چاپ: اول، 1426 ه.ق.