مهذب الاحكام في بيان حلال والحرام المجلد 14

هوية الکتاب

بطاقة تعريف: سبزواري، سیدعبدالاعلي، 1288؟ - 1372.

عنوان العقد: عروة الوثقي . شرح

عنوان واسم المؤلف: مهذب الاحکام في بیان حلال والحرام المجلد 14/ تالیف عبد الاعلي الموسوي السبزواري .

تفاصيل المنشور: قم : دار التفسیر ، -1388

مواصفات المظهر: 30 ج.

ISBN : دوره 978-964-535-155-5 : ؛ ج.1 978-964-535-156-2 : ؛ ج.2 978-964-535-157-9 : ؛ ج. 3 978-964-535-158-6 : ؛ ج.4 978-964-535-159-3 : ؛ ج. 5 : 978-964-535-160-9 ؛ ج. 6 978-964-535-161-6 : ؛ ج.7 978-964-535-162-3 : ؛ ج.8: 978-964-535-163-0 ؛ ج.9، چاپ اول: 978-964-535-164-7 ؛ ج.10 978-964-535-165-4 : ؛ ج.11: 978-964-535-169-2 ؛ : ج.12، چاپ اول: 978-964-535-170-8 ؛ ج. 13 978-964-535-171-5 : ؛ ج.15،چاپ اول: 978-964-535-173-9 ؛ ج.14: 978-964-535-172-2 ؛ ج.16 978-964-535-174-6 : ؛ ج.17 978-964-535-175-3 : ؛ ج.18 978-964-535-176-0 : ؛ ج.19 978-964-535-177-7 : ؛ ج.21 978-964-535-179-1 : ؛ ج.20 978-964-535-178-4 : ؛ ج.22 978-964-535-180-7 : ؛ ج.23 978-964-535-181-4 : ؛ ج.24 978-964-535-182-1 : ؛ ج.25 978-964-535-183-8 : ؛ ج.26 978-964-535-184-5 : ؛ ج.27 978-964-535-185-2 : ؛ ج.28 978-964-535-186-9 : ؛ ج.29 978-964-535-187-6 : ؛ ج.30 978-964-535-188-3 :

حالة الاستماع: فاپا

ملاحظة : عربی.

ملاحظة : ج. 2 - 16 تا 30 (چاپ اول: 1430ق. = 2009م. = 1388).

ملاحظة : هذا الكتاب هو وصف ل ''عروه الوثقي ''، محمد کاظم یزدي هو .

ملاحظة : فهرس.

محتويات: ج.4. الطهاره.- ج.7، 8. الصلاه.- ج.10. الصومر.- ج.11. الزکاه الخمس.- ج.14. الحج.- ج.16. المکاسب.- ج.17. البیع.- ج.18. البیع الی الودیعة.- ج.19. الاجارة المضاربة.- ج.20. الشرکة الی الکفالة.- ج.21. الدین الی الغصب.- ج.22. الوقف الی الکفارة.- ج.23. الصیدوالذباحة الی اللقطة.- ج.24، 25. النکاح.- ج.26. الطلاق.- ج.27. القضاء.- ج.28. الحدودالقصاص.- ج.29. الدیاتج.30. الارث.

ملاحظة : یزدي، سیدمحمدکاظم بن عبدالعظیم، 1247؟ - 1338؟ ق . عروه الوثقي -- النقد والتعليق

ملاحظة : فقه جعفري -- قرن 14

الحلال والحرام

المعرف المضاف: یزدي، سیدمحمد کاظم بن عبدالعظیم، 1247؟ - 1338؟ ق . عروه الوثقي. شرح

ترتيب الكونجرس: BP183/5/ی4ع402152 1388

تصنيف ديوي: 297/342

رقم الببليوغرافيا الوطنية: 1 5 6 8 0 2 8

ص: 1

اشارة

ص: 2

ص: 3

ص: 4

تتمة كتاب الحج

اشارة

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

فصل في الطواف

اشارة

فصل في الطواف و هو: الثاني من أفعال العمرة.

مسألة 1: الطواف ركن في العمرة

(مسألة 1): الطواف ركن في العمرة، و في الحج يبطل كل منهما بتركه عمدا (1)،

______________________________

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد للّه ربّ العالمين، و الصلاة و السلام على أشرف خلقه محمد و آله الطيبين الطاهرين.

فصل في الطواف ليعلم: أنّ أركان الحج ستة: النية، و الإحرام، و الطواف، و الوقوف بعرفات، و الوقوف بالمشعر، و السعي.

و أركان العمرة أربعة مما تقدم بإسقاط الوقوفين. و اصطلاحهم في الركن هنا يخالف اصطلاحهم في سائر الموارد في الجملة، لأن المراد بالركن فيها ما يبطل للعمل بتركه مطلقا عمدا أو سهوا، جهلا أو نسيانا و في المقام يكون الترك العمدي للطواف، و الإحرام، و السعي موجبا للبطلان بخلاف غير العمدي على ما يأتي. و في الوقوفين تفصيل يأتي التعرض له.

(1) للإجماع، و لقاعدة انتفاء المركب بانتفاء أحد أجزائه، و لفحوى صحيح ابن يقطين قال: «سألت أبا الحسن عليه السّلام عن رجل جهل أن يطوف بالبيت طواف الفريضة، قال عليه السّلام: إن كان على وجه جهالة في الحج أعاد و عليه بدنة» (1).

ص: 5


1- الوسائل باب: 56 من أبواب الطواف حديث: 1.

بل يبطل بتركه جهلا أيضا (2). و لا يبطل بترك طواف النساء مطلقا (3).

______________________________

و مثله خبر عليّ بن أبي حمزة قال: «سئل عن رجل جهل أن يطوف بالبيت حتى رجع إلى أهله قال عليه السّلام: إذا كان على وجه الجهالة أعاد الحج و عليه بدنة» (1) و يمكن أن يراد بالجهالة فعل مالا ينبغي صدوره عن العاقل المتوجه، كما في قوله تعالى هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَ أَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ (2) فتشمل العامد حينئذ بالمطابقة، و لا نحتاج إلى الفحوى ثمَّ إن حكم كفارة ترك الطواف يأتي في المسائل الآتية.

(1) وفاقا للأكثر، لقاعدة الاشتغال، و لقاعدة انتفاء المركب بانتفاء بعض أجزائه، و ظاهر ما مر من الخبرين.

و نسب إلى النافع التردد فيه و مال إليه الأردبيلي، و المحدّث البحراني، للأصل و لما دل على أنّه لا شي ء على الجاهل، و تضعيفا للخبرين مع عدم عامل بهما.

و فيه: أنّه لا وجه للتمسك بالأصل مع الدليل، و خبر ابن يقطين صحيح كما لا يخفى على من راجع الرجال و المراد بأنّه: «لا شي ء على الجاهل» كما ورد في غيره (3) خصوص الإثم، و قد عمل بهما الأكثر فكيف يكونان مما لا عامل بهما.

(2) لخروجه عن حقيقة الحج، و كونه واجبا غير ركن على المشهور من غير خلاف بينهم قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في صحيح الحلبي: «عليه- أي: على المفرد- طواف بالبيت، و صلاة ركعتين خلف المقام، و سعى واحد بين الصفا و المروة و طواف بالبيت بعد الحج» (4) و نحوه صحيح معاوية في القارن (5)، و في صحيح

ص: 6


1- الوسائل باب: 56 من أبواب الطواف حديث: 2.
2- سورة يوسف: 89.
3- الوسائل باب: 45 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.
4- الوسائل باب: 2 من أبواب أقسام الحج حديث: 6.
5- الوسائل باب: 2 من أبواب أقسام الحج حديث: 12.

مسألة 2: يتحقق ترك الطواف- في حج التمتع

(مسألة 2): يتحقق ترك الطواف- في حج التمتع، و القران و الإفراد- بعدم الإتيان به في تمام ذي الحجة (4). و في عمرة التمتع حتى يضيق وقت وقوف عرفة (5). و في العمرة المفردة إلى تمام

______________________________

أبي أيوب الخزاز قال: «كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام فدخل عليه رجل ليلا فقال أصلحك اللّه امرأة معنا حاضت و لم تطف طواف النساء فقال: لقد سئلت عن هذه المسألة اليوم فقال أصلحك اللّه أنا زوجها و قد أحببت أن أسمع ذلك منك فأطرق كأنه يناجي نفسه و هو يقول: لا يقيم عليها جمالها، و لا تستطيع ان تتخلف عن أصحابها، تمضي و قد تمَّ حجها» (1)، فإنّه ظاهر بل صريح في عدم كون طواف النساء من الأركان المقوّمة للحج و لا يضر بذلك كونه في مورد الاضطرار، لأن العبرة بعموم الوارد لا خصوص المورد، كما ثبت في محله. هذا مضافا إلى أن خصوص الركنية قيد مشكوك، فيرجع فيها إلى الأصل ما لم تثبت بدليل.

و دعوى: كفاية إطلاق دليل الوجوب في ذلك (مردودة): بأنه أعم من الركنية. نعم مقتضى قاعدة المركب ينتفي بانتفاء أحد أجزائه الركنية في كل جزء و لكنها محكومة بالأدلة الثانوية.

(4) لأن طواف الحج مطلقا موقت بذي الحجة فإذا خرج شهر ذي الحجة خرج وقته و إنما الكلام في أنه هل يأثم بالتأخير عمدا أو لا؟ يأتي التعرض له إن شاء اللّه تعالى، و قد تقدم بعض الكلام في أشهر الحج عند بيان الشرط الثاني من شرائط حج التمتع.

(5) لما تقدم في الشرط الثاني من شرائط التمتع من وجوب كون عمرته و حجه في أشهر الحج- التي هي شوال، و ذو القعدة، و ذو الحجة- من سنة

ص: 7


1- الوسائل باب: 59 من أبواب الطواف حديث: 1.

العمر (6)، و كذا إذا جامعت لكل واحد من حجتي الإفراد أو القران (7).

مسألة 3: لو أبطل نسكه بترك الطواف عمدا يبطل إحرامه أيضا

(مسألة 3): لو أبطل نسكه بترك الطواف عمدا يبطل إحرامه أيضا، فلا يحتاج إلى المحلّل و إن كان الأحوط ذلك (8).

______________________________

واحدة و يستفاد من ذلك أنه لا تحديد لطواف العمرة بوقت خاص إلا بدرك الحج، فإن فات عنه طواف العمرة حتى لم يتمكن من وقوف عرفة فاتت العمرة: التمتعية و يصير الحج إفرادا.

(6) لعدم التوقيت للعمرة المفردة لا بحسب ذاتها و لا بحسب ترتّب شي ء عليها، فمقتضى الأصل و الإطلاق جواز التأخير، و عدم التحديد بحد خاص. نعم قد يضيق بعنوان ثانوي، كما إذا كان البقاء على الإحرام ضرريا أو حرجيّا أو عرضت جهة أخرى أوجبت ذلك.

(7) بناء على عدم وجوبها في نيتهما كما مرّ و إلّا فالمدار على تركها في تلك السنة. هذا مضافا إلى أن تحديد الطواف في جميع ذلك بوقت خاص قيد مشكوك و المرجع فيه الإطلاق و الأصل.

(8) البحث في هذه المسألة.

تارة: بحسب الأصل.

و أخرى: بحس الاستظهار من الأدلة.

و ثالثة: بحسب كلمات الأجلّة.

أما الأول فقد يقال: ان مقتضى الأصل بقاء الإحرام و عدم حصول التحلّل منه إلّا بما جعله الشارع محلّلا.

و فيه: أن الشك بعد الإبطال في أصل حدوثه و ثبوته واقعا، كما إذا أبطل صلاته عمدا بإحداث الحدث مثلا فلا إشكال في أن تكبيرة الإحرام لا تتّصف بالصحة من حيث الإضافة الصلاتية، إذ لم يتحقق أصل الصلاة بالفرض حينئذ حتى يستصحب بقاؤها، بل الصحة كانت اعتقادية لا واقعية، و في مثله لا وجه للاستصحاب.

ص: 8

مسألة 4: لو ترك بعض شرائط الطواف- عمدا أو جهلا

(مسألة 4): لو ترك بعض شرائط الطواف- عمدا أو جهلا فهو كترك أصل الطواف (9).

مسألة 5: لو نسي الطواف في الحج أو العمرة قضاه بنفسه

(مسألة 5): لو نسي الطواف في الحج أو العمرة قضاه بنفسه متى

______________________________

و أما الثاني: فليس في الأخبار الواردة إشارة إلى حكم ذلك، مع أنه من الأحكام المهمة الابتلائية و قد تعرضت للآداب التي ليست لها تلك الأهمية بل يكون الابتلاء بها نادرا جدا.

أما الأخير: ففي المدارك و غيره احتمال بقائه على إحرامه إلى أن يأتي بالفعل الفائت في محله و يكون إطلاق البطلان- كما عن الشهيد- في الحج الفاسد بناء على أن الأول هو الفرض و احتمال توقفه على أفعال العمرة، بل عن الكركي في شرح القواعد الجزم بالأخير.

و فيه: أن هذا الاحتمال لا وجه له، لأن التحلل بأفعال العمرة إنما يثبت مع فوات الحج لا مع بطلان أصل الإحرام، كما في النصوص المستفيضة التي علق فيها الحكم على الفوات لا التعمد في تفويت الحج و إبطاله و رفع اليد عنه رأسا.

إلا أن يقال أن الفوات يشمل التفويت أيضا و هو عين الدعوى و أصل المدعى.

نعم لو ثبت التعميم بدليل خارجي فلا ريب في البقاء و لكنه مفقود في المقام فلا تشمل تلك النصوص مورد التفويت، فمقتضى الأصل عدم وجوب الإتمام من جهة الشك في أصل انعقاد الإحرام نعم لو كان للإحرام مطلوبية نفسية مع قطع النظر عن النسك كان له وجه. و طريق الاحتياط معلوم هذا إذا ترك الطواف عمدا و أما إذا تركه نسيانا، فمقتضى الأصل و الإطلاق بقاء حكم الإحرام و قد صرح به في المستند أيضا.

(9) لأن المشروط ينتفي بانتفاء شرطه.

ثمَّ إنه لو بنى على ترك الطواف عمدا أو جهلا ثمَّ بدا له الإتيان به فأتى بالطواف، يصح نسكه و لا شي ء عليه للأصل و الإطلاق، كما أنه لو أتى به

ص: 9

ذكره و لو بعد أداء المناسك و انقضاء الوقت (10) و الأحوط وجوبا

______________________________

صحيحا بزعمه ثمَّ بان بطلانه يكون حكمه كما مر فيما إذا تركه عن جهل.

(10) للإجماع، و حديث رفع النسيان (1) المعتضد بقاعدة نفي الحرج و لصحيح هشام بن سالم سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام: «عمن نسي زيارة البيت حتّى رجع إلى أهله فقال عليه السّلام: لا يضره إذا كان قد قضى مناسكه» (2)، فيدل على عدم بطلان حجة بمجرد النسيان. و أما وجوب القضاء فلا يستفاد منه إلا بقرينة الخبر الآتي، و عن ابن جعفر عن أخيه موسى عليه السّلام: «سألته عن رجل نسي طواف الفريضة حتى قدم بلاده و واقع النساء كيف يصنع؟ قال عليه السّلام: يبعث بهدي: ان كان تركه في حج بعث به في حج، و إن كان تركه في عمرة بعث به في عمرة، و وكل من يطوف عنه ما تركه من طوافه» (3) و إطلاق الأول و صريح الثاني يشمل طواف كل من الحج و العمرة و لا وجه لما نسب إلى الشيخ من حمل الأول على طواف الوداع، و الثاني على طواف النساء، لخبر ابن عمار: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل نسي طواف النساء حتى دخل أهله قال عليه السّلام: لا تحل له النساء حتى يزور البيت، و قال: يأمر من يقضي عنه إن لم يحج، فإن توفي قبل أن يطاف عنه فليقض عنه وليه أو غيره» (4) إذ لا تنافي بين الأخبار حتى يحتاج إلى الحمل و مورد السؤال في خبر ابن عمار خصوص طواف النساء، و في الخبرين طواف الزيارة و الفريضة، كما لا وجه للاستدلال على حكم الناسي بما تقدم على حكم الجاهل، لكونهما موضوعان متغايران كما هو واضح و إن صح الاستشهاد به في الجملة.

ص: 10


1- الوسائل باب: 56 من أبواب جهاد النفس حديث: 1.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب زيارة البيت حديث: 4.
3- الوسائل باب: 58 من أبواب الطواف حديث: 1.
4- الوسائل باب: 58 من أبواب الطواف حديث: 6.

إعادة السعي معه (11). و لو تعذر عليه العود أو شقّ، استناب (12) لاستدراك الطواف، ففي الإجزاء بإحرامه السابق وجه (13) و الأحوط

______________________________

(11) لفوات الترتيب الموجب لفساد السعي، و في صحيح ابن حازم:

«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل طاف بين الصفا و المروة قبل أن يطوف بالبيت فقال عليه السلام: يطوف بالبيت ثمَّ يعود إلى الصفا و المروة فيطوف بينهما» (1).

و نسب إلى الأكثر عدم وجوب إعادة السعي، للأصل، و اختصاص الصحيح بالأداء دون القضاء، و سكوت خبره الآخر عنه عليه السّلام أيضا ففيه: «سألته عن رجل بدأ بالسعي و بين الصفا و المروة قال عليه السّلام: يرجع فيطوف بالبيت ثمَّ يستأنف السعي، قلت: إن ذلك قد فاته، قال: عليه دم، ألا ترى إذا غسلت شمالك قبل يمينك كان عليك ان تعيد على شمالك» (2).

و يرد عليه أنه لا وجه للأصل مع الدليل، و الصحيح في مقام بيان الترتيب بين الطواف و السعي و إطلاقه يشمل الأداء و القضاء.

و أما خبره الآخر فيمكن ان يستفاد منه ذلك بقرينة التشبيه بالوضوء، و قوله عليه السّلام: «عليه دم» يمكن أن يكون لأجل التقصير لا لفوت محل الترتيب.

نعم، لو ثبت وهنه بالأعراض لا وجه للتمسك به حينئذ و لكنه مشكل.

(12) للإجماع، و قاعدة نفي الحرج، و لقبول الكل للنيابة فكذا أبعاضها و قد أرسله في الجواهر إرسال المسلمات، و للتصريح به فيما تقدم من صحيح ابن جعفر من قوله عليه السّلام: «و وكل من يطوف عنه ما تركه من طوافه» (3) و الأولى أن يبعث بهدي و أولى منه أن تكون بدنة لخبري ابن يقطين و ابن أبي حمزة (4) بعد حملهما على الندب.

(13) لأصالة بقائه على إحرامه، و صدق الإحرام عليه في الجملة، و لا

ص: 11


1- الوسائل باب: 63 من أبواب الطواف حديث: 2.
2- الوسائل باب: 63 من أبواب الطواف حديث: 1.
3- الوسائل باب: 58 من أبواب الطواف حديث: 1.
4- الوسائل باب: 56 من أبواب الطواف حديث: 1 و 2 تقدم في صفحة 7 و 8.

الإحرام رجاء.

مسألة 6: لو استناب شخصا لقضاء الطواف مع تعذر الإتيان به بنفسه

(مسألة 6): لو استناب شخصا لقضاء الطواف مع تعذر الإتيان به بنفسه فإن كان من خارج الحرم وجب عليه الإحرام لدخول مكة، فيأتي بطواف القضاء حينئذ قبل أفعال العمرة أو بعدها، و إن كان من أهل مكة فلا يجب عليه الإحرام لذلك في قضاء طواف الحج (14) و أما في الاستنابة لطواف العمرة فيجب فيه الإحرام (15).

مسألة 7: من ترك الطواف عمدا و واقع أهله قبل قضائه لا تجب عليه الكفارة

(مسألة 7): من ترك الطواف عمدا و واقع أهله قبل قضائه لا تجب عليه الكفارة (16).

______________________________

إحرام على الإحرام، و يظهر الاجتزاء به عن المستند و الجواهر. نعم لو قلنا بانصراف عدم جواز الإحرام على الإحرام عن المقام و أنه يختص بالإحرام الحقيقي من كل جهة لا الإحرام الحكمي وجب عليه الإحرام لدخول مكة فيقضي الطواف المنسي قبل طواف العمرة أو بعده، و منه يظهر وجه الاحتياط.

(14) للأصل بعد عدم دليل عليه، و صحة وقوع طواف الحج بعد الإحلال من الإحرام كما يأتي، و لكن الأحوط الإحرام فيحرم من مكة كما في الأداء.

(15) لاعتبار الإحرام في أدائه، فيعتبر في قضائه أيضا لقاعدة تبعية القضاء للأداء.

(16) للأصل، و عدم الدليل على الخلاف إلا فحوى صحيح ابن يقطين قال: «سألت أبا الحسن عليه السّلام عن رجل جهل أن يطوف بالبيت طواف الفريضة قال عليه السّلام: إن كان على وجه جهالة في الحج أعاد و عليه بدنة» (1) بدعوى: أولوية العامد بذلك.

و فيه: أنّه مبني على العلم بالعلة و هو ممنوع، لاحتمال أن تكون الكفارة

ص: 12


1- الوسائل باب: 56 من أبواب الطواف حديث: 1.

و إن كان أحوط (17). و كذا لو تركه جهلا و واقع أهله قبل قضائه (18).

مسألة 8: لو نسي طواف الحج و رجع إلى أهله و واقع أهله لا كفارة عليه

(مسألة 8): لو نسي طواف الحج و رجع إلى أهله و واقع أهله لا كفارة عليه و إن كانت أحوط (19).

______________________________

مع الجهل لأجل التقصير في التعلم، و تكون صورة العمد كمن عاد إلى تعمد الصيد، فينتقم اللّه منه. و أما صحيح ابن عمار: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن متمتع وقع على أهله و لم يزر البيت قال عليه السّلام: ينحر جزورا، و قد خشيت أن يكون قد ثلم حجه إن كان عالما، و إن كان جاهلا فلا شي ء عليه» (1) فالمراد به العلم و الجهل بحرمة أصل المواقعة و لا ربط له بترك الطواف، هذا مضافا إلى ما تقدم من أن الترك العمدي يوجب بطلان أصل الإحرام فلا يبقي مورد للكفارة و هذا هو الأشهر بين الأصحاب.

(17) احتمل الشهيد وجوبها لما قلناه من الأولوية و ناقشنا فيها، و منه يظهر وجه الاحتياط.

(18) للأصل، و عموم ما دلّ على أنّه لا شي ء على الجاهل في محظورات الإحرام إلّا في الصيد (2). نعم تقدم في صحيح ابن يقطين، و خبر علي بن حمزة (أن عليه بدنة) و هما مطلقان يشملان صورة المواقعة و عدمها و لم أستظهر من المشهور العمل بهما و الكلمات مختلفة فراجع، و مقتضى الجمع بين النصوص حمل مثل صحيح ابن يقطين على الندب مطلقا و يتأكد مع المواقعة.

(19) نسب ذلك إلى الأكثر منهم العلّامة، و الشهيدان، و المحقق، للأصل، و حديث رفع النسيان (3)، و خصوص ما ورد في المقام كقول أبي جعفر عليه السّلام:

«في المحرم يأتي أهله ناسيا قال عليه السّلام: لا شي ء عليه إنما هو بمنزلة من أكل في

ص: 13


1- الوسائل باب: 9 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث 1.
2- الوسائل باب: 31 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1 و غيره.
3- الوسائل باب: 56 من أبواب جهاد النفس حديث: 3.

.....

______________________________

شهر رمضان و هو ناس» (1):

و نسب إلى الشيخ، و ابني سعيد و البراج: أن عليه بدنة، لصحيح ابن عمار قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن متمتع وقع على أهله و لم يزر قال عليه السّلام: ينحر جزورا و قد خشيت أن يكون قد ثلم حجه إن كان عالما، و إن كان جاهلا فلا شي ء عليه- الحديث-» (2) فإن إطلاق صدره يشمل الناسي أيضا، و صحيح ابن جعفر (3)، و خبرا ابن يقطين و ابن أبي حمزة (4)، و صحيح العيص.

و فيه: أنه لا بد من تقييد الجميع بما دل على أنّه لا شي ء على الناسي و الجاهل في غير الصيد، فلا بد من حمل مثل هذه الأخبار على الندب إن أخذ بإطلاقها، أو تقييدها بما إذا وقعت بعد العلم و الالتفات، فيجب البدنة حينئذ كما تقدم.

ثمَّ إن الأخبار في الكفارة مختلفة: ففي بعضها جزور، كصحيح ابن عمار- كما تقدم- و في بعضها «يهريق دما» كما في صحيح العيص (5)، و في بعضها:

«يبعث بهدي» كما في صحيح ابن جعفر (6)، و في بعضها: «البدنة» كما في خبري ابن أبي حمزة بناء على شمولهما للمقام و هذا الاختلاف قرينة الاستحباب و المسألة بحسب الأصل من موارد الأقل و الأكثر، فالشاة معلوم و غيره مشكوك فيرجع فيه إلى الأصل.

و لو نسي طواف الزيارة و أتى بطواف النساء، فمقتضى إطلاق الأخبار المذكورة شمول الحكم له أيضا، و لكنه مشكل بالنسبة إلى حرمة النساء، للعمومات الدالة على حلّهن بطواف النساء و يأتي التفصيل في المسائل الآتية

ص: 14


1- الوسائل باب: 2 من أبواب كفارات الاستمتاع، حديث: 7.
2- الوسائل باب: 9 من أبواب كفارات الاستمتاع، حديث: 1.
3- الوسائل باب: 58 من أبواب الطواف، حديث: 1.
4- تقدما في صفحة: 4.
5- الوسائل باب: 6 من أبواب كفارات الاستمتاع، حديث: 2.
6- الوسائل باب: 58 من أبواب الطواف حديث: 1.

مسألة 9: لو شك في أنّ المنسيّ طواف العمرة أو الحج يأتي بطواف بقصد ما في الذمة

(مسألة 9): لو شك في أنّ المنسيّ طواف العمرة أو الحج يأتي بطواف بقصد ما في الذمة (20) و الأحوط إعادتهما.

مسألة 10: لو نسي طواف النساء حتى رجع إلى أهله لا تحلّ له النساء

(مسألة 10): لو نسي طواف النساء حتى رجع إلى أهله لا تحلّ له النساء حتى يأتي به مباشرة أو استنابة (21) و يصح الاستنابة و إن

______________________________

إن شاء اللّه تعالى.

(20) للعلم بعدم اشتغال الذمة إلا بواحد منهما و عدم الاختلاف بينهما في الكمية و الكيفية.

(21) إجماعا، و نصوصا منها صحيح ابن عمار عن الصادق عليه السّلام: «عن رجل نسي طواف النساء حتى رجع إلى أهله، قال عليه السّلام: يرسل فيطاف عنه، فإن توفي قبل أن يطاف عنه فليطف عنه وليه» (1) و نحوه صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: قال: «سألته عن رجل نسي طواف النساء حتى رجع إلى أهله، قال عليه السّلام: يرسل فيطاف عنه، و إن مات قبل أن يطاف عنه طاف عنه وليه- الحديث-» (2). و في صحيح ابن عمار عنه عليه السّلام أيضا: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

رجل نسي طواف النساء حتى دخل أهله قال عليه السّلام: لا تحل له النساء حتى يزور البيت، و قال عليه السّلام: يأمر من يقضي عنه إن لم يحج، فإن توفي قبل أن يطاف عنه فليقض عنه وليه أو غيره» (3) و في صحيح ثالث عن ابن عمار قال: «قلت له:

رجل نسي طواف النساء حتى رجع إلى أهله قال عليه السّلام: يأمر من يقضي عنه إن لم يحج، فإنّه لا تحل له النساء حتى يطوف بالبيت» (4).

إنما الكلام في أنه هل يصح الاستنابة مع الاختيار أيضا أو تختص بعدم التمكن من المباشرة؟ نسب الأول إلى المشهور، بل قيل: إنه لا خلاف فيه بين القدماء و المتأخرين إلّا من الشيخ في التهذيب، و الفاضل في المنتهى. مع أن

ص: 15


1- الوسائل باب: 58 من أبواب الطواف حديث: 3.
2- الوسائل باب: 58 من أبواب الطواف حديث: 11.
3- الوسائل باب: 58 من أبواب الطواف حديث: 6.
4- الوسائل باب: 58 من أبواب الطواف حديث: 8.

.....

______________________________

الأول رجع عنه في النهاية و يظهر من الثاني الجواز مع الاختيار أيضا في سائر كتبه، لظهور ما تقدم من الأخبار في صحة الاستنابة في حال إمكان المباشرة أيضا.

و أما ما يمكن أن يستدل به لاختصاص الاستنابة بحال تعذر المباشرة أمور:

الأول: أصالة المباشرة في العباديات مطلقا، و أصالة حرمة النساء.

الثاني: الأخبار منها صحيح معاوية عنه عليه السّلام أيضا: «في رجل نسي طواف النساء حتى أتى الكوفة قال عليه السّلام: لا تحل له النساء حتى يطوف بالبيت، قلت:

فان لم يقدر؟ قال عليه السّلام: يأمر من يطوف عنه» (1)، و صحيحه الآخر عنه عليه السّلام: أيضا:

«سألته عن رجل سني طواف النساء حتى يرجع إلى أهله قال عليه السّلام: لا تحل له النساء حتى يزور البيت، فان هو مات فليقض عنه وليه أو غيره فأما ما دام حيا فلا يصلح أن يقضى عنه» (2).

الثالث: أنه مقتضى الجمع بين هذه الأخبار و الأخبار السابقة الظاهرة في صحة الاستنابة مع الاختيار أيضا، لو لم نقل بأن المنساق منها بقرينة الغالب إنما هو صورة التعذر.

و لكن الجميع مردود. أما الأول: فلانقطاع الأصلين بالصحاح السابقة التي اعتمد عليها المشهور.

و أما الثاني: فبأن عدم القدرة في الصحيح الأول إنما ذكر في كلام السائل و لا يصلح ذلك لتقييد أدلة المشهور. و أما الصحيح الثاني فالتعبير فيه ب «لا يصلح» قرينة الكراهة.

و أما الأخير: فالجمع بينهما بكراهة الاستنابة مع التمكن من المباشرة أولى، لأنه جمع شائع في الفقه، و يشهد له قوله عليه السّلام: «فلا يصلح أن يقضى عنه»، كما أن دعوى أن المنساق من الأخبار التي استدل بها على المشهور صورة العذر

ص: 16


1- الوسائل باب: 58 من أبواب الطواف حديث: 4.
2- الوسائل باب: 58 من أبواب الطواف حديث: 2.

أمكنت المباشرة و إن كان الأحوط خلافه (22).

مسألة 11: لا فرق في ذلك بين الرجل و المرأة فيحرم عليها تمكين الزوج قبل الإتيان به

(مسألة 11): لا فرق في ذلك بين الرجل و المرأة فيحرم عليها تمكين الزوج قبل الإتيان به (23). كما لا فرق في ذلك بين من طاف طواف الوداع و بين غيره (24).

مسألة 12: لو مات و لم يأت بطواف النساء مباشرة

(مسألة 12): لو مات و لم يأت بطواف النساء مباشرة، أو استنابة وجب على وليه القضاء عنه، و يجزي التبرع عنه و لو من غير الوليّ (25).

______________________________

بلا شاهد أيضا خصوصا مثل قوله عليه السّلام في صحيح عمار- المتقدم-: «يأمر من يقضي عنه» و لكن مراعاة الاحتياط أولى.

(22) ظهر وجهه مما تقدم.

(23) للإجماع، و لا إشكال فيه من أحد.

(24) لظاهر النص، و الفتوى، و لأن طواف الوداع مندوب و هو لا يجزي عن الواجب. و أما قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في موثق ابن عمار: «لو لا ما من اللّه به على الناس من طواف الوداع لرجعوا إلى منازلهم و لا ينبغي لهم أن يمسوا نساءهم» (1).

ففيه: مضافا إلى وهنه بالإعراض-: إمكان اختصاصه بالعامة الذين لا يعتقدون بوجوب طواف النساء، و يكون ذلك منة على الشيعة إن حصل التناكح بينهم.

(25) أما قضاء الولي، فلما تقدم في صحيح ابن عمار (2)، مضافا إلى تسالمهم عليه.

و أما التبرع فلأنه نحو من الدين و يجوز التبرع بأدائه عن الغير، مضافا إلى

ص: 17


1- الوسائل باب: 2 من أبواب الطواف حديث: 3.
2- تقدم في صفحة: 12.

و يجوز الإتيان به من أصل المال لمن لم يقصد التبرع (26).

مسألة 13: من طاف يتخيّر بين إتيان السعي بعده أو تأخيره إلى الليل بل قبل الفجر

(مسألة 13): من طاف يتخيّر بين إتيان السعي بعده أو تأخيره إلى الليل بل قبل الفجر (27) و لا يجوز تأخيره إلى الغد (28).

مسألة 14: يجب على المتمتع تأخير الطواف، و السعي للحج

(مسألة 14): يجب على المتمتع تأخير الطواف، و السعي للحج

______________________________

إطلاق قوله عليه السّلام- فيما تقدم من صحيح ابن عمار- «فليقض عنه وليه أو غيره» (1).

(26) لأنه من واجبات الحج و إن لم يكن من اجزائه الركنية، و الحج واجب مالي يقضى من أصل التركة، و اجزاؤه المشروع فيها القضاء أيضا كذلك، و الأحوط أن يكون برضا الورثة.

(27) للأصل، و الإجماع، و صحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهم السّلام: «سألته عن رجل طاف بالبيت فأعيى أ يؤخر الطواف بين الصفا و المروة؟ قال عليه السّلام:

نعم» (2)، و صحيح ابن سنان- على ما في التهذيب- «سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يقدم مكة و قد اشتد عليه الحر فيطوف بالكعبة و يؤخر السعي إلى أن يبرد، فقال: لا بأس به، و ربما فعلته، و قال و ربما رأيته يؤخر السعي إلى الليل (3) و ظاهره دخول الغاية في المغيّى فيصح في الليل أيضا خصوصا بقرينة ما يأتي.

(28) لصحيح ابن رزين قال: «سألته عن رجل طاف بالبيت فأعيى أ يؤخر الطواف بين الصفا و المروة إلى غد؟ قال عليه السّلام: لا» (4) و مثله صحيح ابن مسلم و هما ظاهران في عدم جواز التأخير إلى الغد، و يشهد له ظهور عدم الخلاف في ذلك أيضا فلا وجه لما يظهر من المحقق رحمه اللّه في الشرائع من جواز التأخير إليه.

هذا كله مع القدرة، و أما مع عدمها فلا إشكال في جواز التأخير حتى

ص: 18


1- تقدم في صفحة: 12.
2- الوسائل باب: 60 من أبواب الطواف حديث: 2.
3- الوسائل باب: 60 من أبواب الطواف حديث: 1.
4- الوسائل باب: 60 من أبواب الطواف حديث: 3.

حتى يقف بالموقفين و يقضي مناسك منى يوم النحر (29)، و لا يجوز التعجيل إلا لذوي الأعذار- كالمريض، و الشيخ العاجز عن العود- و خائف الزحام، و التي تخاف الحيض (30) و يجتزي به و إن بان بعد

______________________________

يتضيق الوقت. و يأتي في أحكام السعي بعض الكلام إنشاء اللّه تعالى.

(29) نصا، و إجماعا من العلماء كافة- كما عن العلامة- ففي خبر أبي بصير المنجبر: «قلت: رجل كان متمتعا فأهلّ بالحج قال عليه السّلام: لا يطوف بالبيت حتى يأتي عرفات فإن هو طاف قبل أن يأتي منى من غير علّة فلا يعتدّ بذلك الطواف»(1) و يدل عليه أيضا مفهوم الصحيح و الموثق الآتيين.

و اما صحيح ابن يقطين قال: «سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الرجل المتمتع يهلّ بالحج ثمَّ يطوف و يسعى بين الصفا و المروة قبل خروجه إلى منى قال عليه السّلام:

لا بأس به» (2)، و صحيح حفص بن البختري عن أبي الحسن عليه السّلام: «في تعجيل الطواف قبل الخروج إلى منى فقال عليه السّلام: هما سواء أخر ذلك أو قدمه، يعنى:

للمتمتع (3) فلا بد من حملهما على الضرورة بقرينة الإجماع على عدم جواز التقديم مع الاختيار، فما عن بعض متأخري المتأخرين من التردد فيه لا وجه له.

(30) إجماعا، و نصوصا، ففي موثق ابن عمار قال: «سألت أبا الحسن عليه السّلام عن المتمتع إذا كان شيخا كبيرا أو امرأة تخاف الحيض يعجل طواف الحج قبل أن يأتي منى؟ فقال عليه السّلام: نعم من كان هكذا يعجل» (4)، و قول الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «لا بأس بتعجيل الطواف للشيخ الكبير و المرأة تجاف الحيض قبل أن تخرج إلى منى» (5)، و مفهوم خبر أبي بصير: «لا يطوف بالبيت حتى يأتي عرفات، فان هو طاف قبل أن يأتي منى من غير علّة فلا يعتدّ

ص: 19


1- الوسائل باب: 13 من أبواب أقسام الحج حديث: 5.
2- الوسائل باب: 13 من أبواب أقسام الحج حديث: 3.
3- الوسائل باب: 64 من أبواب الطواف حديث: 3.
4- الوسائل باب: 13 من أبواب أقسام الحج حديث: 7.
5- الوسائل باب: 13 من أبواب أقسام الحج حديث: 4.

ذلك عدم المانع (31) و الأحوط تجديد التلبية (32).

مسألة 15: لا يجوز تقديم طواف النساء على الموقفين أيضا

(مسألة 15): لا يجوز تقديم طواف النساء على الموقفين أيضا (33)

______________________________

بذلك الطواف» (1)، و قول الصادق عليه السّلام في خبر إسماعيل بن عبد الخالق: «لا بأس أن يعجل الشيخ الكبير، و المريض، و المرأة، و المعلول طواف الحج قبل ان يخرج إلى منى» (2)، و موثق صفوان بن يحيى عن أبي الحسن عليه السّلام: «سألته عن امرأة تمتعت بالعمرة إلى الحج ففرغت من طواف العمرة و خافت الطمث قبل يوم النحر أ يصلح لها أن تعجل طوافها طواف الحج قبل أن تأتي منى؟ قال عليه السّلام: إذا خافت أن تضطر إلى ذلك فعلت» (3).

فما نسب إلى ابن إدريس من عدم الجواز حتى مع العذر إفراط، كما نسب إلى غيره من الجواز مطلقا حتى بلا عذر تفريط.

ثمَّ إنّ الظاهر أن ما ذكر في النصوص من باب المثال، فيصح التقديم لكل ذي عذر و علة.

(31) لقاعدة الأجزاء بعد كون موضوع جواز التقديم هو الخوف و قد تحقق.

(32) خروجا عن خلاف من أوجب ذلك قال في المدارك: «ذكر جمع من الأصحاب أن المتمتع لو قدم طوافه وجب عليه تجديد التلبية، و كذا لو طاف ندبا قبل الوقوف إن سوّغنا له ذلك» و الوجه في ذلك احتمال حصول التحلل من الإحرام السابق بالطواف قهرا فلا بد من عقد الإحرام ثانيا بالتلبية و لكن الاحتمال باطل و يأتي التفصيل في مسألة 18 إن شاء اللّه تعالى.

(33) إجماعا، و نصا، ففي موثق إسحاق بن عمار قال: «سألت أبا الحسن عليه السّلام عن المفرد للحج إذا طاف بالبيت و بالصفا و المروة أ يعجّل طواف

ص: 20


1- الوسائل باب: 13 من أبواب أقسام الحج حديث: 5.
2- الوسائل باب: 13 من أبواب أقسام الحج حديث: 6.
3- الوسائل باب: 64 من أبواب الطواف حديث: 2.

إلا مع الضرورة (34).

______________________________

النساء؟ قال عليه السّلام: لا، إنما طواف النساء بعد ما يأتي من منى» (1) و لا يضر اختصاص السؤال بالمفرد، إذ العبرة بعموم الجواب، مضافا إلى عدم الفصل.

(34) لفحوى ما تقدم في طواف الحج، و خبر الحسن بن علي عن أبيه قال: «سمعت أبا الحسن الأول عليه السّلام يقول: لا بأس بتعجيل طواف الحج و طواف النساء قبل الحج يوم التروية قبل خروجه إلى منى، و كذلك من خاف أمرا لا يتهيأ له الانصراف إلى مكة أن يطوف و يودّع البيت ثمَّ يمر كما هو من منى إذا كان خائفا» (2) المحمول على الضرورة المنجبر سنده بالشهرة لو كان فيه ضعف، و هذا هو المشهور بين الأصحاب. خلافا للحلي فمنع عن ذلك، للأصل، و اتساع وقته، و جواز الاستنابة فيه، و خروجه عن أجزاء المنسك أي: الركنية منها، و ما تقدم في موثق إسحاق من قوله عليه السّلام: «إنما طواف النساء بعد ما يأتي منى»، و خبر علي بن أبي حمزة: «سألت أبا الحسن عليه السّلام عن رجل يدخل مكة و معه نساء قد أمرهن فتمتعن قبل التروية بيوم أو يومين أو ثلاثة فخشي على بعضهن الحيض فقال عليه السّلام: إذا فرغن من متعتهن و أحللن، فلينظر إلى التي يخاف عليها الحيض فيأمرها فتغتسل و تهل بالحج من مكانها، ثمَّ تطوف بالبيت و بالصفا و المروة، فإن حدث بها شي ء قضت بقية المناسك و هي طامث فقلت: أ ليس قد بقي طواف النساء؟ قال عليه السّلام: بلى، فقلت: فهي مرتهنة حتى تفرغ منه؟ قال عليه السّلام: نعم، قلت: فلم لا يتركها حتى تقضي مناسكها، قال عليه السّلام: يبقى عليها منسك واحد أهون عليها من أن يبقى عليها المناسك كلها مخافة الحدثان، قلت: أبي الجمّال أن يقيم عليها و الرفقة، قال عليه السّلام: ليس لهم ذلك تستعدي عليهم حتى يقيم عليها حتى تطهر و تقضي مناسكها» (3).

و الكل مخدوش، إذ الأصل محكوم بالدليل، و اتساع الوقت خلف

ص: 21


1- الوسائل باب: 14 من أبواب أقسام الحج حديث: 4.
2- الوسائل باب: 64 من أبواب طواف الحج حديث 1.
3- الوسائل باب: 64 من أبواب طواف الحج حديث 5.

مسألة 16: لا يجوز تقديم طواف النساء على السعي لمتمتع و لا لغيره اختيارا

(مسألة 16): لا يجوز تقديم طواف النساء على السعي لمتمتع و لا لغيره اختيارا (35)، و يجوز مع الضرورة و الخوف من الحيض (36)،

______________________________

الفرض إذا الكلام في مورد الاضطرار الذي لا يقدر إلّا على ذلك، و الاستنابة إنما تصح مع النسيان فقط و إلحاق غيره به قياس، و خروجه عن أجزاء المنسك لا ينافي وجوبه، و إطلاق موثق إسحاق مقيد بغير حال الضرورة، و خبر علي بن أبي حمزة قاصر سندا و مهجور عند الأصحاب، بل و لا دلالة فيه، لظهوره في قدرتها على الإتيان بطواف النساء بعد الوقوفين و لو بالاستعداد، و هو مخالف للأصل، و لما يأتي من صحيح الخزاز (1) في أول الفصل.

(35) إجماعا، و نصوصا كقول أبي الحسن عليه السّلام: «لا يكون السعي إلّا من قبل طواف النساء» (2)، و صحيح معاوية بن عمار: «ثمَّ اخرج إلى الصفا فاصعد عليه و اصنع كما صنعت يوم دخلت مكة، ثمَّ ائت المروة فاصعد عليها، و طف بينهما سبعة أشواط، تبدأ بالصفا و تختم بالمروة، فإذا فعلت ذلك فقد أحللت من كل شي ء أحرمت منه إلا النساء، ثمَّ ارجع إلى البيت و طف به أسبوعا آخر، ثمَّ تصلي ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السّلام» (3) و لفظ «ثمَّ» ظاهر في الترتيب.

(36) بلا خلاف فيه، و إنه مقطوع به في كلام الأصحاب- كما في الجواهر، و المدارك- لنفي الحرج، و فحوى ما تقدم في طواف الحج، و موثق سماعة عن أبي الحسن الماضي عليه السّلام: «عن رجل طاف طواف الحج و طواف النساء قبل أن يسعى بين الصفا و المروة فقال: عليه السّلام: لا يضره، يطوف بين الصفا و المروة و قد فرغ من حجه» (4) المحمول على حال الضرورة جمعا، و فحوى

______________________________

ص: 22


1- الوسائل باب: 84 من أبواب الطواف حديث: 13.
2- الوسائل باب: 65 من أبواب الطواف حديث: 1.
3- الوسائل باب: 4 من أبواب زيارة البيت حديث: 1.
4- الوسائل باب: 65 من أبواب الطواف حديث: 2.

و لا ينبغي ترك الاحتياط و لو بالاستنابة (37).

مسألة 17: من قدّم طواف النساء على السعي ساهيا، أو جاهلا أجزأه

(مسألة 17): من قدّم طواف النساء على السعي ساهيا، أو جاهلا أجزأه (38).

______________________________

صحيح الخزاز- قال: «كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام: إذا دخل عليه رجل فقال:

أصلحك اللّه إنّ معنا امرأة حائضا و لم تطف طواف النساء، فأبى الجمّال أن يقيم عليها قال: فأطرق و هو يقول: لا تستطيع أن تتخلف عن أصحابها، و لا يقيم عليها جمّالها، تمضي فقد تمَّ حجها» (1)- الدال على الترخيص في ترك طواف النساء للحائض التي لم يقم عليها جمالها و لا تستطيع أن تتخلف عن أصحابها لأولوية التقديم من الترك.

(37) لأصالة بقاء الحرمة، و عدم الإجزاء مع مخالفة الترتيب، و اندفاع الحرج بالاستنابة، و سكوت أكثر الأصحاب على ما في كشف اللثام، و يظهر من ذلك تسالمهم عليه.

(38) لما تقدم من موثق سماعة و هو يشمل الجاهل أيضا، مضافا إلى حديث الرفع (2)، و ما ورد في خصوص الحج من معذورية الجاهل (3) حتى قيل:

إنها الأصل في أفعال الحج، و صحيح جميل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أتاه أناس يوم النحر فقال بعضهم: يا رسول اللّه إني حلقت قبل أن أذبح، و قال بعضهم: حلقت قبل أن أرمي، فلم يتركوا شيئا كان ينبغي أن يؤخروه إلّا قدموه، فقال صلّى اللّه عليه و آله: لا حرج» (4) و بمضمونها رواية البزنطي و فيها: «لا حرج و لا

ص: 23


1- الوسائل باب: 84 من أبواب الطواف حديث: 13.
2- الوسائل باب: 56 من أبواب جهاد النفس.
3- الوسائل باب: 45 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3 و باب: 31 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
4- الوسائل باب: 39 من أبواب الذبح حديث: 4.

و إن كان الأحوط الإعادة (39).

مسألة 18: يجوز للمفرد، و القارن تقديم طواف الحج على الوقوفين اختيارا

(مسألة 18): يجوز للمفرد، و القارن تقديم طواف الحج على الوقوفين اختيارا (40).

______________________________

حرج» (1). خرج منها صورة المخالفة العمدية إجماعا و بقي الباقي، و قد اختار ذلك جمع منهم الشيخ، و المحقق، و الحلي، و العلامة.

(39) خروجا عن احتمال الخلاف، و لأصالة بقاء حرمة النساء، و أصالة عدم الإجزاء و إن كانتا محكومتين بما مرّ من الأدلّة.

(40) للإجماع، و النصوص المستفيضة منها صحيح حماد قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن مفرد الحج أ يعجل طوافه أو يؤخره؟ قال عليه السّلام: هو و اللّه سواء عجله أو أخره» (2)، و مثله صحيح زرارة قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن المفرد للحج يدخل مكة يقدم طوافه أو يؤخره؟ فقال: سواء» «3» إلّا أن خبر أبي بصير- على ما في الجواهر- لا يحتمل ذلك، قال: «إن كنت أحرمت بالمتعة فقدمت يوم التروية فلا متعة ذلك فاجعلها حجة مفردة تطوف بالبيت و تسعى بين الصفا و المروة ثمَّ تخرج إلى منى و لا هدي عليك» و مثله غيره و هذه الأخبار و إن اختصت بالمفرد، و لكن تقدم عدم الفرق بينه و بين القران إلا في سياق الهدي.

إنما البحث في جهتين:

الأولى: هل يجب عليهما تجديد التلبية أو لا؟ ظاهر ما يأتي من الأخبار هو الوجوب، و نسب إلى المشهور أيضا.

الثانية: هل يحصل التحلل بالطواف قهرا لو لا التلبية؟

فيه أقوال. الأول: حصوله للمفرد و القارن نسب ذلك إلى جمع منهم الشيخ، و الشهيدان، و المحقق الثاني.

ص: 24


1- الوسائل باب: 39 من أبواب الذبح حديث: 6.
2- الوسائل باب: 14 من أبواب أقسام الحج حديث: 1.

.....

______________________________

الثاني: حصوله للمفرد فقط حكى عن الشيخ في التهذيب و استظهره في الذخيرة، و الرياض لما دل على أن السائق لا يحل حتى يبلغ الهدي محله و لذكر المفرد بالخصوص في بعض ما يأتي من الأخبار.

الثالث: عكس ذلك نسب ذلك إلى المفيد، و السيد و كلامهما غير ظاهر فيما نسب إليهما مع أن مستنده غير واضح كما صرح به غير واحد.

الرابع: عدم حصول الإحلال مطلقا إلا بالنية و إن كان الأولى تجديد التلبية، نسب هذا إلى الحلي و الفاضل و ولده و اختاره المحقق في الشرائع.

احتج الشيخ رحمه اللّه و من تبعه لما ذهبوا إليه من التحلل بالطواف و السعي في حجي الأفراد و القران بصحيح ابن الحجاج قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إني أريد الجوار بمكة فكيف أصنع؟ قال: إذا رأيت الهلال- هلال ذي الحجة- فأخرج إلى الجعرانة فأحرم منها بالحج، فقلت: له كيف أصنع إذا دخلت مكة أقيم بها إلى يوم التروية و لا أطوف بالبيت؟ قال: تقيم عشرا لا تأتي الكعبة إن عشرا لكثير، إن البيت ليس بمهجور، و لكن إذا دخلت مكة فطف بالبيت واسع بين الصفا و المروة قلت له: أ ليس كل من طاف بالبيت و سعى بين الصفا و المروة فقد أحل؟ فقال: إنك تعقد بالتلبية ثمَّ قال: كلّما طفت طوافا و صليت ركعتين فاعقد طوافا بالتلبية» (1)، و بموثق زرارة قال: «سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: من طاف بالبيت و بالصفا و المروة أحلّ، أحبّ أو كره» (2). و في خبر العلل: «لأن المحرم إذا طاف بالبيت أحل» (3) إلى غير ذلك من الأخبار التي يمكن أن يستفاد منها ذلك و يأتي التعرض لبعضها الآخر.

و فيه. أولا: إنها مخالفة لما هو معلوم من المذهب من توقف الإحلال على التقصير نصا و فتوى.

و ثانيا: أن إطلاقها يشمل الطواف المندوب و هو جائز لهما بلا خلاف فيه

ص: 25


1- الوسائل باب: 16 من أبواب أقسام الحج حديث: 1.
2- الوسائل باب: 5 من أبواب أقسام الحج حديث: 5.
3- الوسائل باب: 2 من أبواب أقسام الحج حديث: 27.

.....

______________________________

بل في كشف اللثام و الإيضاح استظهار الإجماع عليه.

و ثالثا: إنها موافقة للعامة قال في المدارك: «ورد في روايات العامة التصريح بذلك فإنهم رووا عن النبي صلّى اللّه عليه و آله أنه قال إذا أهلّ الرجل بالحج ثمَّ قدم مكة فطاف بالبيت و بين الصفا و المروة فقد حلّ و هي عمرة» (1).

و رابعا: إن قولهم عليهم السّلام: «فقد أحل» يحتمل معان.

الأول: بيان الحكم الوضعي بأن يكون الطواف و السعي منهما كالتقصير من غيرهما، و هو مخالف لأدلة وجوب التقصير في كل إحرام.

الثاني: الأشراف على الإحلال و بأنه نوى العمرة من الأول إجمالا، لأنه مع الالتفات في الجملة إلى أن أول أعمال الحج الوقوف و مع ذلك طاف و سعى يستكشف من ذلك قصد العمرة إجمالا، فيطابق مع ما اختاره المحقق و الفاضلان من أن المدار في التحليل على النية.

الثالث: أن يكون المراد به العدول إلى حج التمتع مع إمكانه. و هذا أيضا يطابق اختيار المحقق و الفاضلين، لأن المراد من قوله: «و من يقول بمقالته العدول بالنية» أي: نية العدول من الإفراد إلى التمتع حيث أمكن ذلك.

و أما القول الثاني: فاستندوا إلى جملة من الأخبار منها موثق زرارة قال:

«سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: من طاف بالبيت و بالصفا و المروة أحل، أحبّ أو كره إلا من اعتمر في عامه ذلك أو ساق الهدي، و أشعره، و قلده» (2) و حسن بن عمار: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل لبّى بالحج مفردا فقدم مكة و طاف بالبيت و صلى ركعتين عند مقام إبراهيم، و سعى بين الصفا و المروة قال: فليحل و ليجعلها متعة إلا أن يكون ساق الهدي» (3)، و مرسل يونس عن أبي الحسن عليه السّلام:

«ما طاف بين هذين الحجرين الصفا و المروة أحد إلّا حلّ إلّا سائق الهدي»(4).

ص: 26


1- سنن أبي داود مناسك باب: 23.
2- الوسائل باب: 5 من أبواب أقسام الحج حديث: 5.
3- الوسائل باب: 5 من أبواب أقسام الحج حديث: 4.
4- الوسائل باب: 5 من أبواب أقسام الحج حديث: 6.

مسألة 19: طواف النساء واجب في الحج بجميع أنواعه

(مسألة 19): طواف النساء واجب في الحج بجميع أنواعه (41)

______________________________

و فيه. أولا: إنه مخالف لظهور اتفاقهم على اشتراك حجي الإفراد و القران في الأحكام إلا في سياق الهدي، و ظهور اتفاقهم على جواز الطواف المندوب لهما قبل الوقوف، و لحسن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «سألته عن المفرد للحج هل يطوف بالبيت بعد طواف الفريضة؟ قال عليه السّلام: نعم ما شاء و يجدد التلبية بعد الركعتين، و القارن بتلك المنزلة يعقدان ما أحلا من الطواف بالتلبية» (1) فلا وجه يعتمد عليه لهذا القول أيضا.

و أما القول الثالث: فلم يحقق من قائله و لم يعلم مدركه.

فيتعين القول الرابع و هو المطابق للأصل، و مجموع الأخبار بعد رد بعضها إلى بعض، و قال في الجواهر: «إن الأخذ بإطلاق النصوص المزبورة يقتضي إثبات أحكام غريبة يقطع الفقيه بخروجها عن مذاق الفقه و يبعد التزام الأصحاب بها». و أما كلمات الفقهاء فمشوشة غاية التشويش فراجع المطولات.

(41) للإجماع، و النصوص المستفيضة قال الصادق عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «على المتمتع بالعمرة إلى الحج ثلاثة أطواف بالبيت، و سعيان بين الصفا و المروة و عليه إذا قدم مكة طواف بالبيت، و ركعتان عند مقام إبراهيم، و سعى بين الصفا و المروة، ثمَّ يقصر و قد أحل هذا للعمرة. و عليه للحج طوافان»(2) و قال عليه السّلام في حديث آخر لابن عمار: «المفرد للحج فعليه طواف بالبيت و ركعتان عند مقام إبراهيم، و سعي بين الصفا و المروة، و طواف الزيارة و هو طواف النساء و ليس عليه هدي و لا أضحية» (3)، و في صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «إنما نسك الذي يقرن بين الصفا و المروة مثل نسك المفرد ليس بأفضل منه إلّا بسياق الهدي، و عليه طواف بالبيت، و صلاة ركعتين خلف

ص: 27


1- الوسائل باب: 16 من أبواب أقسام الحج حديث: 2.
2- الوسائل باب: 2 من أبواب أقسام الحج، حديث: 8.
3- الوسائل باب: 2 من أبواب أقسام الحج، حديث: 13.

على الرجال، و النساء، و الصبيان، و الخناثي (42).

مسألة 20: تحرم النساء على الصبيان بعد البلوغ

(مسألة 20): تحرم النساء على الصبيان بعد البلوغ إن لم يأتوا بطواف النساء في الحج قبله (43).

مسألة 21: يجب طواف النساء في العمرة المفردة أيضا دون العمرة التمتعية

(مسألة 21): يجب طواف النساء في العمرة المفردة أيضا دون العمرة التمتعية و إن كان الأحوط إتيانه فيها أيضا (44).

______________________________

المقام، و سعي واحد بين الصفا و المروة، و طواف بالبيت بعد الحج» (1)، و يدل عليه أيضا إطلاق قولهم عليهم السّلام: «لا تحل له النساء حتى يطوف بالبيت» (2) خرجت العمرة التمتعية و بقي الباقي.

(42) للاتفاق، و الإطلاق، و لأن الحكم من الوضعيات التي لا تناط بالتكليف، و لخصوص صحيح ابن يقطين قال: «سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الخصيان و المرأة الكبيرة أ عليهم طواف النساء؟ قال عليه السّلام: نعم عليهم الطواف كلهم» (3).

(43) لعدم التكليف عليهم قبل البلوغ و ثبوته بعده و يبطل العقد من الولي لهم قبل البلوغ أيضا على ما يأتي في محله إن شاء اللّه فيكون طواف النساء واجبا نفسيا حكمته حلية النساء لا أن يكون واجبا غيريا يدور وجوبه مدار إمكان مباشرة النساء فعلا.

(44) أما في العمرة المفردة، فللنصوص، و الإجماع، ففي خبر إسماعيل ابن رباح: «سأل أبا الحسن عليه السّلام عن مفرد العمرة عليه طواف النساء؟ قال عليه السّلام:

نعم» (4)، و في صحيح محمد بن عيسى قال: «كتب أبو القاسم مخلد بن موسى

ص: 28


1- الوسائل باب: 2 من أبواب أقسام الحج حديث: 6.
2- راجع الوسائل باب: 2 من أبواب الطواف.
3- الوسائل باب: 2 من أبواب الطواف حديث: 1.
4- الوسائل باب: 82 من أبواب الطواف حديث: 8.

.....

______________________________

الرازي إلى الرجل يسأله عن العمرة المبتولة هل على صاحبها طواف النساء و العمرة التي يتمتع بها إلى الحج؟ فكتب: أما العمرة المبتولة فعلى صاحبها طواف النساء، و أما التي بها إلى الحج فليس على صاحبها طواف النساء» (1).

و نسب إلى الجعفي عدم وجوبه فيها، لقول الصادق عليه السّلام في صحيح معاوية: «إذا دخل المعتمر مكة من غير تمتع و طاف بالكعبة و صلّى ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السّلام و سعى بين الصفا و المروة فليلحق بأهله إن شاء» (2)، و صحيح صفوان بن يحيى قال: «سأله أبو حارث عن رجل تمتع بالعمرة إلى الحج و طاف، و سعى، و قصر هل عليه طواف النساء؟ قال عليه السّلام: لا إنما طواف النساء بعد الرجوع من منى» (3)، و مرسل يونس: «ليس طواف النساء إلّا على الحاج» (4)، و خبر مولى ابن يقطين قال: «سألت أبا الحسن عليه السّلام عن مفرد العمرة عليه طواف النساء؟ قال عليه السّلام: ليس عليه طواف النساء» (5).

و الكل لا يثبت به المطلوب.

أما الأول: فلأن الظاهر أن المراد بالطواف بالبيت جنس الطواف الشامل للطوافين، بقرينة ما تقدم من الأخبار و الإجماع.

و أما الثاني: فلأن الظاهر منه وجوب طواف النساء عليه بعد العود من منى كما مر.

و أما الأخيران: فمضافا إلى قصور سندهما موهونان بالإعراض و معارضان، و مخالفان للأصل فلا يصلحان للاعتماد عليهما.

و أما عدم وجوبه: في العمرة التمتعية، فهو المشهور الذي استقر عليه المذهب، و ادعي عليه الإجماع، و تدل عليه النصوص التي تقدم بعضها و منها:

صحيح زرارة قلت لأبي جعفر عليه السّلام: «كيف أتمتع؟ قال عليه السّلام: تأتي الوقت فتلبي

ص: 29


1- الوسائل باب: 82 من أبواب الطواف حديث: 1.
2- الوسائل باب: 9 من أبواب العمرة حديث: 2.
3- الوسائل باب: 82 من أبواب الطواف حديث: 6.
4- الوسائل باب: 82 من أبواب الطواف حديث: 10.
5- الوسائل باب: 82 من أبواب الطواف حديث: 9.

.....

______________________________

بالحج، فاذا دخلت مكة طفت بالبيت، و صليت ركعتين خلف المقام، و سعيت بين الصفا و المروة، و قصّرت، و أحللت من كل شي ء، و ليس لك أن تخرج من مكة حتى تحج» (1).

و منها: صحيح ابن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «إذا فرغت من سعيك و أنت متمتع فقصّر من شعرك من جوانبه و لحيتك و خذ من شاربك، و قلّم أظفارك، و أبق منها لحجك، فاذا فعلت ذلك فقد أحللت من كل شي ء يحل منه المحرم و أحرمت منه، فطف بالبيت تطوعا ما شئت» (2) و قريب من خبرا ابني سنان و يزيد (3).

و منها: حسن الحلبي قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: جعلت فداك إنّي لما قضيت نسكي للعمرة أتيت أهلي و لم أقصّر، قال عليه السّلام: عليك بدنة، قلت: إنّي لمّا أردت ذلك منها و لم يكن قصرت امتنعت، فلمّا غلبتها قرضت بعض شعرها بأسنانها فقال عليه السّلام: رحمها اللّه كانت أفقه منك، عليك بدنة و ليس عليها شي ء» (4).

و قيل: إن فيها طواف النساء، لخبر المروزي عن الفقيه عليه السّلام قال: «إذا حج الرجل فدخل مكة متمتعا مكة متمتعا فطاف بالبيت و صلى ركعتين خلف مقام إبراهيم عليه السّلام و سعي بين الصفا و المروة و قصر فقد حل له كل شي ء ما خلا النساء، لأن عليه لتحلة النساء طوافان و صلاة» (5).

و فيه: أن القائل غير معروف، و الخبر قاصر سندا و معارض بغيره، و مهجور لدى الأصحاب فهو من الشواذ التي لا بد و أن يرد علمها إلى أهله على فرض اعتباره.

ص: 30


1- الوسائل باب: 22 من أبواب الإحرام حديث: 3.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب التقصير حديث: 4.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب التقصير حديث: 2 و 3.
4- الوسائل باب 3 من أبواب التقصير حديث: 2.
5- الوسائل باب: 82 من أبواب الطواف حديث: 7.

مسألة 22 لو ترك طواف النساء- عصيانا أو عذرا و لم يأت به لا مباشرة و لا استنابة

(مسألة 22) لو ترك طواف النساء- عصيانا أو عذرا و لم يأت به لا مباشرة و لا استنابة ثمَّ حج أو اعتمر عمرة مفردة، و أتى بطواف النساء في الحج، أو العمرة لا يسقط عنه الإتيان بما وجب عليه من طواف النساء سابقا (45).

مسألة 23: لا تجب الفورية في الإتيان بطواف النساء بعد الفراغ من السعي

(مسألة 23): لا تجب الفورية في الإتيان بطواف النساء بعد الفراغ من السعي (46).

مسألة 24: لو اعتمر بقصد العمرة التمتعية و قصّر

(مسألة 24): لو اعتمر بقصد العمرة التمتعية و قصّر ثمَّ لم يتمكن من إتيان الحج لعذر، فتصير عمرته عمرة مفردة لا محالة، فهل تحتاج هذه العمرة إلى طواف النساء أو لا؟ وجهان: الأحوط هو الأول (47).

______________________________

(45) للأصل، فيجب عليه الإتيان، مباشرة أو استنابة.

و هل تحل عليه النساء بما أتى به من طواف النساء لا حقا أو لا تحل إلّا بالإتيان بما وجب عليه سابقا؟ وجهان: مقتضى الأصل هو الأخير.

(46) للأصل، و الإطلاق.

(47) لأصالة بقاء حرمتهن بعد الشك في شمول العمرة التمتعية بالنسبة إليها. فتأمل.

ص: 31

فصل في ما يستحب قبل الطواف

اشارة

فصل في ما يستحب قبل الطواف و هي عشرة:

الأول: الغسل

اشارة

الأول: الغسل (1).

مسألة 1: يجزي التداخل في هذه الأغسال

(مسألة 1): يجزي التداخل في هذه الأغسال، فيكفي غسل واحد

______________________________

فصل في ما يستحب قبل الطواف

(1) المستفاد من الأخبار ثلاثة أغسال.

أحدها: لدخول الحرم.

و الثاني: لدخول مكة.

و الثالث: للطواف.

و يدل على الأول: خبر أبان قال: «كنت مع أبي عبد اللّه عليه السّلام مزامله فيما بين مكة و المدينة، فلما انتهى الى الحرم نزل و اغتسل و أخذ نعليه بيديه ثمَّ دخل الحرم حافيا، فصنعت مثل ما صنع فقال: يا أبان من صنع مثل ما رأيتني صنعت تواضعا للّه محي اللّه عنه مائة ألف سيئة، و كتب له مائة ألف حسنة و بنى اللّه له مائة ألف درجة، و قضى له مائة ألف حاجة» (1)، و في رواية الحذاء: «فلما انتهى إلى الحرم اغتسل و أخذ نعليه بيديه، ثمَّ مشى في الحرم ساعة» (2).

و يدل على الثاني: صحيح الحلبي: «فينبغي للعبد أن لا يدخل مكة إلا و هو طاهر قد غسل عرقه و الأذى و تطهر» (3)، و صحيحة الآخر: «أمرنا أبو عبد اللّه عليه السّلام:

ص: 32


1- الوسائل باب: 1 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 1.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 2.
3- الوسائل باب: 5 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 3.

.....

______________________________

أن نغتسل من فخ قبل أن ندخل مكة» (1)، و صحيح ابن الحجاج قال: «سألت أبا إبراهيم عليه السّلام عن الرجل يغتسل لدخول مكة ثمَّ ينام فيتوضأ قبل أن يدخل أ يجزيه ذلك أو يعيد؟ قال عليه السّلام: لا يجزيه، لأنه إنما دخل بوضوء» (2)، و في خبر عجلان أبي صالح قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «إذا انتهيت إلى بئر ميمون- أو بئر عبد الصمد- فاغتسل و اخلع نعليك، و امش حافيا و عليك السكينة و الوقار» (3).

و يدل على الثالث: صحيح علي بن أبي حمزة عن أبي الحسن عليه السّلام قال لي: «إن اغتسلت بمكة ثمَّ نمت قبل أن تطوف فأعد غسلك» (4). و عن الغنية الإجماع على استحباب الغسل لدخول المسجد أيضا و قال في الجواهر: «لم نعثر في النصوص على ما يدل عليه» و استدل في الحدائق بموثق سماعة عن الصادق عليه السّلام: «و غسل الزيارة واجب»(5) أي: زيارة البيت و هو يكون حين دخول المسجد لا محاله. و استدل له في المستند بصحيح ذريح: «و إن اغتسلت في بيتك حين تنزل بمكة فلا بأس» (6) أقول: في دعوى الإجماع من الغنية كفاية، لبناء الاستحباب على المسامحة.

ثمَّ إنه يظهر من الأخبار غسل خامس أيضا و هو لدخول الكعبة ففي صحيح ابن عمار عن الصادق عليه السّلام: «الغسل من الجنابة، و يوم الجمعة- إلى أن قال- و يوم تزور البيت، و حين تدخل الكعبة» (7) و حيث أن الحكم ندبي فلا بأس بالقول به لأجل المسامحة.

ص: 33


1- الوسائل باب: 5 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 1.
2- الوسائل باب: 6 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 1.
3- الوسائل باب: 5 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 2.
4- الوسائل باب: 6 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 2.
5- الوسائل باب: 1 من أبواب الأغسال المسنونة حديث: 3.
6- الوسائل باب: 2 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 1.
7- الوسائل باب: 1 من أبواب الأغسال المسنونة حديث: 1.

للجميع (2).

مسألة 2: يكفي في غسل الحرم أن يكون قبل دخوله أو مقارنا له، أو بعده

(مسألة 2): يكفي في غسل الحرم أن يكون قبل دخوله أو مقارنا له، أو بعده (3).

مسألة 3: لو أحدث بعد هذه الأغسال، فالأولى إعادة الغسل

(مسألة 3): لو أحدث بعد هذه الأغسال، فالأولى إعادة الغسل (4).

الثاني: مضغ شي ء من الإذخر

الثاني: مضغ شي ء من الإذخر (5).

الثالث: أن يدخل مكة من أعلاها

الثالث: أن يدخل مكة من أعلاها (6).

______________________________

(2) على ما تقدم في كتاب الطهارة (1) من صحة التداخل في الأغسال مطلقا.

(3) كل ذلك لظهور الإطلاق.

(4) لاحتمال نقضها بالحدث و قد تقدم في مباحث الأغسال ما ينفع المقام.

(5) لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «إذا دخلت الحرم فخذ من الإذخر فامضغه» (2)، و في خبر أبي بصير أنه عليه السّلام: «كان يأمر أم فروة بذلك» (3). و عن الكليني عن بعض أصحابنا: «أن ذلك ليطيب به الفم لتقبيل الحجر» و يظهر من بعض الفقهاء جواز تطيب الفم بغيره أيضا.

(6) للتأسي، و خبر يونس بن يعقوب قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: من أين أدخل مكة و قد جئت من المدينة؟ قال عليه السّلام: ادخل من أعلى مكة، و إذا خرجت تريد المدينة فاخرج من أسفل مكة» (4).

و عن جمع تخصيص ذلك بمن يأتي من المدينة و يخرج إليها جمودا

ص: 34


1- راجع: ج 3 صفحة 118 و ج: 4 صفحة 320.
2- الوسائل باب: 3 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 1.
3- الوسائل باب: 3 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 2.
4- الوسائل باب: 4 من أبواب مقدمات الطواف حديث 2.

الرابع: أن يدخل كلا من الحرم، و مكة، و المسجد حافيا

الرابع: أن يدخل كلا من الحرم، و مكة، و المسجد حافيا (7).

الخامس: أن يدخل كلا من الثلاثة بالسكينة و الوقار

الخامس: أن يدخل كلا من الثلاثة بالسكينة و الوقار (8).

السادس: الدخول إلى المسجد من باب بني شيبة

السادس: الدخول إلى المسجد من باب بني شيبة (9).

______________________________

على ظاهر خبر يونس. و عن جمع منهم المحقق في الشرائع التعميم، لأن القيد وقع في كلام السائل.

(7) أما الأول: فلخبر أبان عن الصادق عليه السّلام: «فلما انتهى إلى الحرم نزل و اغتسل و أخذ نعليه بيديه ثمَّ دخل الحرم حافيا» (1).

أما الثاني: فلقوله عليه السّلام أيضا: «إذا انتهيت إلى بئر ميمون أو بئر عبد الصمد فاغتسل و اخلع نعليك، و امش حافيا، و عليك السكينة و الوقار (2) و البئران في داخل الحرم قريبا من مكة.

أما الثالث: فلقوله عليه السّلام أيضا في صحيح معاوية: «إذا دخلت المسجد الحرام فادخله حافيا على السكينة و الوقار و الخشوع و قال: من دخله بخشوع غفر اللّه له إن شاء اللّه، قلت: ما الخشوع؟ قال: عليه السّلام: السكينة، لا تدخل بتكبر- الحديث-» (3).

(8) تقدم التصريح بذلك في الأخبار السابقة. و المراد بالسكينة: السكون، و الطمأنينة، و بالوقار: التواضع، و يشهد له- مضافا إلى الأخبار- الاعتبار العرفي أيضا فإن حرم الملوك و أبوابهم لا يدخل فيها إلا بالتواضع و السكينة فكيف بحرم مالك الملوك.

(9) قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في خبر ابن مهران- بعد ذكر دفن هبل عند باب

ص: 35


1- الوسائل باب: 1 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 1.
2- الوسائل باب: 5 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 2.
3- الوسائل باب: 8 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 1.

السابع: الوقوف على باب المسجد، و التسليم، و الدعاء بالمأثور

السابع: الوقوف على باب المسجد، و التسليم، و الدعاء بالمأثور (10)

______________________________

بني شيبة: «فصار الدخول إلى المسجد من باب بني شيبة سنة لأجل ذلك» (1) أي: لأن يوطأ هبل، و يشهد له التأسي أيضا و لكن قد أزيل هذا الباب في هذه الأعصار، فليس له اسم و لا رسم و كان الباب قريبا من مقام إبراهيم عليه السّلام و في أول حدّ المطالف.

(10) لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «فاذا انتهيت إلى باب المسجد فقم و قل: السّلام عليك أيّها النّبي و رحمة اللّه و بركاته، بسم اللّه و باللّه و من اللّه و ما شاء اللّه و السّلام على أنبياء اللّه و رسله، و السّلام على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و السّلام على إبراهيم (خليل اللّه) و الحمد للّه رب العالمين- الحديث-» (2)، و في موثق أبي بصير (3) قال: «تقول على باب المسجد: بسم اللّه و باللّه و من اللّه و ما شاء اللّه و على ملّة رسول اللّه و خير الأسماء للّه و الحمد للّه، و السّلام على رسول اللّه السّلام على محمّد ابن عبد اللّه السّلام عليك أيّها النّبي و رحمة اللّه و بركاته السّلام على أنبياء الله و رسله، السّلام على إبراهيم خليل الرّحمن، السّلام على المرسلين، و الحمد للّه رب العالمين، و السّلام علينا و على عباد اللّه الصّالحين، اللّهم صلّ على محمّد و آل محمّد و بارك على محمّد و آل محمّد و ارحم محمّدا و آل محمّد كما صلّيت و باركت و ترحّمت على إبراهيم و آل إبراهيم إنّك حميد مجيد، اللّهم صلّ على محمّد و آل محمّد عبدك و رسولك، و على إبراهيم خليلك و على أنبيائك و رسلك و سلّم عليهم و سلام على المرسلين، و الحمد للّه ربّ العالمين، اللّهمّ افتح لي أبواب رحمتك و استعملني في طاعتك و مرضاتك و احفظني بحفظ الإيمان أبدا ما أبقيتني، جلّ ثناء وجهك، الحمد للّه

ص: 36


1- الوسائل باب: 9 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 1.
2- الوسائل باب: 8 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 1.
3- الوسائل باب: 8 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 2.

الثامن: استقبال البيت، و رفع اليدين بعد الدخول في المسجد، و الدعاء بالمأثور

الثامن: استقبال البيت، و رفع اليدين بعد الدخول في المسجد، و الدعاء بالمأثور (11).

التاسع: استقبال الحجر الأسود عند الدنوّ منه و الدعاء بما ورد

التاسع: استقبال الحجر الأسود عند الدنوّ منه و الدعاء بما ورد (12).

______________________________

الّذي جعلني من وفده و زوّاره، و جعلني، ممّن يعمر مساجده، و جعلني ممّن يناجيه، اللّهمّ إنّي عبدك و زائرك في بيتك، و على كلّ مأتيّ حقّ لمن أتاه و زاره، و أنت خير مأتيّ و أكرم مزور فأسألك يا اللّه يا رحمن، بأنّك أنت اللّه لا إله إلّا أنت وحدك لا شريك لك، و بأنّك واحد أحد صمد لم تلد و لم تولد و لم يكن لك كفوا أحد، و أنّ محمّدا عبدك و رسولك و على أهل بيته، يا جواد يا كريم يا ماجد يا جبّار يا كريم أسألك أن تجعل تحفتك إيّاي بزيارتي إيّاك أوّل شي ء تعطيني فكاك رقبتي من النّار اللّهمّ فكّ رقبتي من النّار- تقولها ثلاثا- و أوسع عليّ من رزقك الحلال الطّيب و ادرأ عنّي شرّ شياطين الجنّ و الإنس، و شرّ فسقة العرب و العجم».

(11) لقول الصادق عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «فإذا دخلت المسجد فارفع يديك و استقبل البيت و قل: اللهم إني أسألك في مقامي هذا في أول مناسكي أن تقبل توبتي و أن تجاوز عن خطيئتي، و تضع عني وزري، الحمد للّه الّذي بلّغني بيته الحرام اللّهمّ إنّي أشهد أنّ هذا بيتك الحرام الذي جعلته مثابة للناس و أمنا و مباركا و هدى للعالمين اللهم إنّي عبدك، و البلد بلدك و البيت بيتك، جئت أطلب رحمتك، و أؤمّ طاعتك مطيعا لأمرك، راضيا بقدرك، أسألك مسألة المضطر إليك الخائف لعقوبتك، اللهم افتح لي أبواب رحمتك، و استعملني بطاعتك و مرضاتك» (1).

(12) لقول ابي عبد اللّه عليه السّلام في رواية أبي بصير: «إذا دخلت المسجد الحرام فامش حتى تدنو من الحجر الأسود فتستقبله و تقول: الحمد للّه الذي

ص: 37


1- الوسائل باب: 8 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 1.

العاشر: رفع اليدين عند الدنوّ من الحجر الأسود، و حمد اللّه

العاشر: رفع اليدين عند الدنوّ من الحجر الأسود، و حمد اللّه، و الثناء عليه، و الصّلاة على النبي صلّى اللّه عليه و آله، و السؤال لأن يتقبّل اللّه منه، و تقبيل الحجر الأسود و مع عدم إمكانه فاستلامه بيده، و مع عدم الإمكان فالإشارة إليه (13).

______________________________

هدانا لهذا و ما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا اللّه سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلا الله و اللّه أكبر، أكبر من خلقه، و أكبر ممن أخشى و أحذر، و لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد يحيي و يميت و يميت و يحيى بيده الخير و هو على كل شي ء قدير. و تصلي على النبي صلّى اللّه عليه و آله و آل النبي صلّى اللّه عليه و آله و تسلم على المرسلين كما فعلت حين دخلت المسجد، و تقول: إني اؤمن بوعدك، و أوفى بعهدك» (1).

(13) لقول الصادق عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «إذا دنوت من الحجر الأسود فارفع يديك، و احمد اللّه و أثن عليه، و صل على النبي صلّى اللّه عليه و آله و اسأل اللّه أن يتقبل منك ثمَّ استلم الحجر و قبّله، فإن لم تستطع أن تقبله فاستلمه بيدك فان لم تستطع أن تستلمه بيدك فأشر إليه و قل: اللهم أمانتي أديتها و ميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة، اللهم تصديقا بكتابك، و على سنة نبيك، أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، و أن محمدا صلّى اللّه عليه و آله عبده و رسوله، آمنت باللّه و كفرت بالجبت و الطاغوت و باللات و العزّى، و عبادة الشيطان، و عبادة كل ندّ يدعى من دون اللّه. فإن لم تستطع أن تقول هذا كله فبعضه، و قل: اللهم إليك بسطت يدي، و فيما عندك عظمت رغبتي، فاقبل مسحتي (مسبحتي خ ل) و اغفر لي و ارحمني اللهم إنّي أعوذ بك من الكفر و الفقر و مواقف الخزي في الدنيا و الآخرة» (2) و قريب منه غيره.

ص: 38


1- الكافي ج: 4 صفحة: 43 و في الوسائل باب: 12 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 3.
2- الكافي ج: 4 صفحة: 403 و في الوسائل باب: 12 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 1.

.....

______________________________

ثمَّ ان استلام الحجر الأسود مندوب قبل الشروع في الطواف كما مر، و في أثنائه و بعد الفراغ كما يأتي، و أن استلامه يتحقق بالتقبيل، و اللمس باليد ثمَّ تقبيل اليد و قد ورد الإشارة باليد كما تقدم في الروايات. و لا حد للإشارة فتجزي بأي نحو تحققت عرفا.

و قد يحرم التقبيل كما في مورد خوف الضرر على النفس، أو العرض، أو المال المحترم لزحام و نحوه، و الأولى للنساء الاكتفاء بالإشارة عند الزحام و ترك التعرض للتقبيل، بل قد يحرم ذلك عليهن.

ص: 39

فصل في واجبات الطواف

اشارة

فصل في واجبات الطواف و هي: خمسة عشر:

الأول: الطهارة من الحدث الأصغر و الأكبر

اشارة

الأول: الطهارة من الحدث الأصغر و الأكبر (1) حتى لو كان جزء من عمرة أو حج مندوبين (2) و لا تعتبر الطهارة من الحدث الأصغر في

______________________________

فصل في واجبات الطواف

(1) نصا، و إجماعا، قال الصادق عليه السّلام في صحيح معاوية: «لا بأس أن تقضي المناسك كلها على غير وضوء إلا الطواف بالبيت، و الوضوء أفضل» (1) و ذيل هذا الخبر محمول على الوجوب بقرينة غيره من النص و الإجماع، أو على الطواف المندوب جمعا بين الأخبار، و في صحيح علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن عليه السّلام قال: «سألته عن رجل طاف بالبيت و هو جنب فذكر و هو في الطواف قال عليه السّلام: يقطع الطواف و لا يعتد بشي ء مما طاف، و سألته عن رجل طاف ثمَّ ذكر أنه على غير وضوء قال يقطع طوافه و لا يعتد به» (2)، و في صحيح ابن مسلم قال: «سألت أحدهما عليهما السّلام عن رجل طاف طواف الفريضة و هو على غير طهور قال عليه السّلام: يتوضأ و يعيد طوافه، و إن كان تطوّعا توضأ و صلى ركعتين» (3) و الذليل محمول على ما إذا لم يكن الطواف جزء لحج أو عمرة و تأتي أخبار أخرى دالة على ذلك.

(2) لصيرورتهما واجبين حينئذ، لوجوب إتمامهما بمجرد الشروع

ص: 40


1- الوسائل باب: 38 من أبواب الطواف حديث: 1.
2- الوسائل باب: 38 من أبواب الطواف حديث: 4.
3- الوسائل باب: 38 من أبواب الطواف حديث: 3.

الطواف المندوب (3).

______________________________

فيهما، فيشملهما ما دل على اعتبار الطهارة في الطواف الواجب.

ثمَّ إنه لو وجب نفس الطواف بنذر أو شبهه، فمقتضى الأصل عدم اعتبار الطهارة فيه بعد كون المنساق مما دل على اعتبار الطهارة في الطواف ما كان جزءا من حج أو عمرة.

(3) للأصل، و صحيح حريز عن الصادق عليه السّلام: «في رجل طاف تطوعا و صلى ركعتين و هو على غير وضوء، فقال عليه السّلام: يعيد الركعتين و لا يعيد الطواف» (1)، و عنه عليه السّلام أيضا: «لا بأس أن يطوف الرجل النافلة على غير وضوء ثمَّ يتوضأ و يصلي، فان طاف متعمدا على غير وضوء فليتوضأ و ليصل» (2).

و عن أبي الصلاح اعتبارها فيه أيضا لإطلاق بعض النصوص.

و هو مخدوش لوجوب تقييدها بما مر.

و لا ريب في استحبابها فيه، لما مر من صحيح معاوية من قوله عليه السّلام:

«و الوضوء أفضل» (3)، و للنبوي العامي: «الطواف بالبيت صلاة» (4) و ان كان قاصرا سندا بل و دلالة أيضا، لأن فيه احتمالات ثلاثة.

الأول: في الطواف بالبيت صلاة، كما احتمله صاحب الجواهر في أول كتاب الطهارة و على هذا لا ربط له بالمقام، و يشهد له قول الصادق عليه السّلام في خبر عبيد بن زرارة: «الطواف فريضة و فيه صلاة» (5).

الثاني: الطواف بالبيت تحية المسجد الحرام، كما ان الصلاة تحية سائر المساجد و لا ربط له بالمقام أيضا.

الثالث: تنظير الطواف بالصلاة من كل جهة إلا ما خرج بالدليل و يصح

ص: 41


1- الوسائل باب: 38 من أبواب الطواف حديث: 7.
2- الوسائل باب: 38 من أبواب الطواف حديث: 2.
3- الوسائل باب: 38 من أبواب الطواف حديث: 1.
4- سنن البيهقي ج: 5 صفحة 87 و في كنز العمال ج: 3 رقم 206.
5- الوسائل باب: 1 من أبواب الطواف حديث: 2.
مسألة 1: لو طاف مع الحدث الأصغر صح طوافه

(مسألة 1): لو طاف مع الحدث الأصغر صح طوافه، بل و كذا مع الحدث الأكبر مع نسيانه لا مع الالتفات إليه (4) و لكن الأحوط اعتبار الطهارة فيه أيضا مطلقا (5).

مسألة 2: تقوم الطهارة الترابية مقام الطهارة المائية

(مسألة 2): تقوم الطهارة الترابية مقام الطهارة المائية مع العذر (6)، و كذا تجزي الطهارة الاضطرارية لذوي الأعذار في الطواف كإجزائها في الصلاة (7)، فتجزي عن المستحاضة و المسلوس،

______________________________

الاستدلال به حينئذ لو لا قصور سنده و وجود الاحتمالين الآخرين الذي يوجب سقوط الاستدلال به.

(4) اما الصحة مع النسيان، فلعدم فعلية حرمة الكون في المسجد عليه.

و أما البطلان مع الالتفات فلفعلية النهي، و النهي في العبادة يوجب البطلان و الطواف كون في المسجد فيبطل.

(5) خروجا عن خلاف أبي الصلاح حيث أوجبها فيه أيضا و إن لم يكن له دليل يصح الاعتماد عليه.

(6) لما تقدم في كتاب الطهارة عند البحث عن التيمم من الأدلة على عموم البدلية و التنزيل، و أن «التراب أحد الطهورين» (1)، و «يكفيك الصعيد عشر سنين» (2) و أن جميع غايات الطهارة المائية تصح أن تكون غاية للطهارة الترابية أيضا واجبة كانت أو مندوبة، بل أو مباحة فلا وجه لما نسب إلى فخر المحققين من عدم إباحة الدخول في المسجدين للمجنب المتيمم.

(7) لأنها طهارة صحيحة شرعية و كل ما كان كذلك يجزى في جميع ما اشترط بالطهارة إلا ما خرج بالدليل و لا دليل على الخلاف في المقام، مع أنها لو أجزأت في الصلاة تجزي في غيرها بالأولى، مضافا إلى ورود النص (3).

ص: 42


1- الوسائل باب: 23 من أبواب التيمم حديث: 6 و 5.
2- الوسائل باب: 23 من أبواب التيمم حديث: 4.
3- الوسائل باب: 91 من أبواب الطواف.

و المبطون، و غيرهم طهارتهم الاضطرارية مع الإتيان بوظائفهم التي مرّت في كتاب الطهارة و إن كان الأحوط الاستنابة أيضا خصوصا في المبطون (8).

مسألة 3: لو تذكر بعد الفراغ من الطواف عدم الطهارة

(مسألة 3): لو تذكر بعد الفراغ من الطواف عدم الطهارة فإن كان واجبا استأنفه و إن كان مندوبا اكتفى به. نعم، تجب الطهارة لصلاته (9)، و لو ترك الطهارة جهلا، أو ترك بعض شرائطها- نسيانا، أو جهلا- يبطل طوافه إن كان واجبا (10).

______________________________

و أما ما عن كشف اللثام من أن المبطون يطاف عنه، و الأصحاب قاطعون به ليس خلافا في المقام، لأنه إما لأجل انطباق عنوان المريض على المبطون كما هو الغالب، أو لأجل النص الخاص قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار:

«المبطون و الكسير يطاف عنهما و يرمى عنهما» (1) و الظاهر منه صورة عدم تمكنه من الطواف بنفسه و إلا فلو تمكن منه بنفسه و لو بشد المحل و وضع الخرقة و نحوها فلا وجه للاستنابة.

(8) لما عن كشف اللثام من أن المبطون يطاف عنه و الأصحاب قاطعون به و كون ذلك من الإجماع مشكل، كما أن الفرق بينه و بين سائر الأحداث المستمرة أشكل.

(9) أما الاستيناف في الأول، فلاعتبار الطهارة فيه و المشروط ينتفي بانتفاء شرطه و هي شرط واقعي لا أن يكون ذكريّا. و أما الإجزاء في الأخير، فلما تقدم من عدم اشتراطه بالطهارة فيه. و أما اشتراط الطهارة في صلاته فهو من الضروريات الفقهية لو لم تكن دينية.

(10) لأن الطهارة شرط واقعي يبطل العمل المشروط بها بتركها، جهلا كان الترك أو نسيانا و لو لأجل ترك شرط من شروطها أو جزء من أجزائها إذ

______________________________

ص: 43


1- الوسائل باب: 49 من أبواب الطواف حديث: 3.
مسألة 4: لو شك في الأثناء، فإن كان مسبوقا بالحدث يستأنف

(مسألة 4): لو شك في الأثناء، فإن كان مسبوقا بالحدث يستأنف، و كذا مع عدم العلم بالحالة السابقة، و إن كان مسبوقا بالطهارة لا يلتفت، و كذا لو كان الشك بعد الفراغ (11) و الأحوط الاستيناف.

مسألة 5: لو أحدث في الأثناء، فإن كان بعد تجاوز النصف تطهر و بنى، و إلّا استأنف

(مسألة 5): لو أحدث في الأثناء، فإن كان بعد تجاوز النصف تطهر و بنى، و إلّا استأنف (12).

______________________________

الكل ينتفي بانتفاء بعض أجزائه و المشروط ينتفي بانتفاء شرطه.

(11) أما الأول: فلاستصحاب الحدث.

و أما الثاني: فلقاعدة الاشتغال.

و أما الثالث: فلاستصحاب الطهارة.

و أما الأخير: فلقاعدة الفراغ، و لا فرق في جريان القاعدة بين ما إذا كان منشأ الشك توارد الحالتين و عدم العلم بسبق أحدهما بالخصوص و بين ما إذا كان المنشأ غيره.

ثمَّ إنه قد يقال: أنه إن كان مسبوقا بالطهارة و شك في الأثناء يتطهر للاشواط اللاحقة، لأن لكل شوط جهة استقلال، كما أنه له جهة التبعية كما في صلاة الظهر بالنسبة إلى صلاة العصر.

و فيه: أن تمام الطواف بأشواطه عمل واحد عند المتشرعة و بحسب المنساق من الأدلة، فتكون الأشواط كالركعات بالنسبة إلى الصلاة لا كالصلاة السابقة بالنسبة إلى اللاحقة في المرتبتين، و منه يظهر وجه الاحتياط.

(12) في المدارك أنه مقطوع به في كلام الأصحاب، و عن ظاهر المنتهى الإجماع عليه، و في خبر جميل- المنجبر- عن أحدهما عليهما السّلام: «في الرجل يحدث في طواف الفريضة و قد طاف بعضه قال عليه السّلام: يخرج و يتوضأ فإن كان جاز النصف بنى على طوافه، و إن كان أقل من النصف أعاد الطواف» (1)،

ص: 44


1- الوسائل باب: 40 من أبواب الطواف حديث: 1.
مسألة 6: من نسي الطهارة و طاف ثمَّ تذكر يستأنف

(مسألة 6): من نسي الطهارة و طاف ثمَّ تذكر يستأنف سواء كان في الأثناء أو بعد الفراغ (13).

______________________________

و عن الرضا عليه السّلام: «إذا حاضت المرأة و هي في الطواف بالبيت أو بالصفا و المروة و جاوزت النصف علّمت ذلك الموضع الذي بلغت فإذا هي قطعت طوافها في أقل من النصف فعليها أن تستأنف الطواف من أوله» (1). و اما صحيح ابن مسلم عن الصادق عليه السّلام سألته: «عن امرأة طافت ثلاثة أشواط أو أقل من ذلك ثمَّ رأت دما قال عليه السّلام: تحفظ مكانها فإذا طهرت طافت و اعتدّت بما مضى» (2) فمحمول على طواف النافلة كما عن الشيخ رحمه اللّه هذا إذا كان الحدث من غير اختيار و أما معه فيجري عليه ما يأتي من حكم قطع الطواف عمدا.

(13) للنص، و الإجماع، و الأصل، و قاعدة أن المشروط ينتفي بانتفاء شرطه، و في صحيح ابن مسلم قال: «سألت أحدهما (عليهما السلام) عن رجل طاف طواف الفريضة و هو على غير طهور قال عليه السّلام: يتوضأ و يعيد طوافه و إن كان تطوعا و توضأ و صلى ركعتين» (3)، و كذا إن تركها عن جهل بالحكم أو جهل بالموضوع لقاعدة انتفاء المشروط بانتفاء الشرط، مع أن إطلاق الصحيح يشملهما بلا فرق فيه بين القاصر و المقصر.

و لا فرق في الحدث فيما مر من الأحكام بين أقسامه من الأكبر و الأصغر بأقسامهما حتى مس الميت الذي هو من الحدث الأصغر و يحتاج مع ذلك إلى الغسل. كما لا فرق في حدوث الحدث بين ما إذا كان عند الاشتغال بالطواف أو حين خروجه عن المطاف لضرورة، أو حين الفراغ عن شوط و قبل الشروع في شوط آخر.

ثمَّ إنه لو اعتقد حدوث حدث منه و مع ذلك طاف يصح طوافه لو حصل

ص: 45


1- الوسائل باب: 85 من أبواب الطواف حديث: 2.
2- الوسائل باب: 85 من أبواب الطواف حديث: 3.
3- الوسائل باب: 38 من أبواب الطواف حديث: 3.
مسألة 7: لو حصل له الإغماء- لضعف، أو جهة أخرى تبطل طهارته

(مسألة 7): لو حصل له الإغماء- لضعف، أو جهة أخرى تبطل طهارته (14).

الثاني: الطهارة من الخبث في الثوب

اشارة

الثاني: الطهارة من الخبث في الثوب، و البدن بلا فرق بين طواف الفريضة و المندوب (15). و لا يعفى في الطواف عن نجاسة ما لا تتم

______________________________

منه قصد القربة، و كذا لو رأى في ثوبه نجاسة و شك في أنها بول أو رطوبة خارجية يصح طوافه و لا يجب غسل ثوبه.

(14) لأنه من الحدث الأصغر فيترتب عليه ما تقدم من الأحكام.

(15) لما ادعي من الإجماع عليه. و استدل عليه. تارة: بالنبوي: الطواف بالبيت صلاة» (1)، و بخبر يونس بن يعقوب قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل يرى في ثوبه الدم و هو في الطواف قال عليه السّلام: ينظر الموضع الذي رأى فيه الدم فيعرفه ثمَّ يخرج و يغسله ثمَّ يعود فيتم طوافه» (2).

و نوقش فيه. أولا: بقصور السند.

و فيه: أنه على فرض ثبوته منجبر بالعمل و الاعتماد ممن لا يعمل إلّا بالقطعيات و ثانيا: بحرمة إدخال النجاسة في المسجد و ان كانت غير معتد به، و بأن الأمر بالشي ء يقتضي النهي عن ضده.

و فيه: أنه على فرض تسليم إطلاق المقدمة الأولى فالأخيرة ممنوعة كما ثبت في محله.

و نسب إلى ابن الجنيد كراهته في ثوب أصابه دم لا يعفى عنه في الصلاة.

و عن ابن حمزة كراهته مع النجاسة في ثوبه أو بدنه، و مال إليه في المدارك، للأصل، و ضعف ما تقدم من الأدلة إما سندا أو دلالة، أو هما معا، و عدم حرمة

ص: 46


1- تقدم في صفحة: 42.
2- الوسائل باب: 52 من أبواب الطواف حديث: 2.

فيه الصلاة، و لا عن الدم الأقل من الدرهم (16).

مسألة 1: يعفى عن دم القروح و الجروح في الطواف

(مسألة 1): يعفى عن دم القروح و الجروح في الطواف (17).

مسألة 2: لو طاف مع الجهل بالنجاسة حتى فرغ صح طوافه، و لا شي ء عليه

(مسألة 2): لو طاف مع الجهل بالنجاسة حتى فرغ صح طوافه، و لا شي ء عليه (18). و كذا الناسي لها (19) و إن كان الأحوط الاستيناف (20).

______________________________

إدخال النجاسة في المسجد مطلقا، و لمرسل البزنطي عن الصادق عليه السّلام: «قلت له:

رجل في ثوبه دم مما لا تجوز الصلاة في مثله، فطاف في ثوبه فقال عليه السّلام: أجزأه الطواف ثمَّ ينزعه و يصلي في ثوب طاهر» (1).

و لكن الأصل محكوم بالدليل، و خبر يونس منجبر بالعمل، و مرسل البزنطي قاصر سندا و مهجور عملا فلا وجهه لان يعمل به. ثمَّ إن إطلاقه كإطلاق الكلمات يشمل الطواف الواجب و المندوب.

(16) لإطلاق خبر يونس، و إطلاق الكلمات. نعم لو كان الدليل النبوي و كان في مقام بيان إطلاق التنظير حتى من هذه الجهة كانا معفوّين كالصلاة و لكن تقدم ما فيه.

(17) لعموم أدلة نفي الحرج الشامل للطواف أيضا.

(18) لعموم حديث الرفع (2)، و فحوى معذورية الجهل بالنجاسة في الصلاة، و يمكن أن يستشهد له بما مرّ في خبر يونس من قوله: «يرى في ثوبه الدم و هو في الطواف».

(19) لحديث رفع النسيان (3)، و ما تقدم من مرسل البزنطي بناء على حمله على النسيان كما عن الشيخ، مع ابتناء الحج على التسهيل.

(20) جمودا على النبوي: «الطواف بالبيت صلاة» (4) بناء على عدم اغتفار نسيان النجاسة في الصلاة و المسألة غير معنونة على ما تفحصت عاجلا و تقدم

ص: 47


1- الوسائل باب: 52 من أبواب الطواف حديث: 3.
2- الوسائل باب: 56 من أبواب جهاد النفس حديث: 3.
3- الوسائل باب: 56 من أبواب جهاد النفس حديث: 3.
4- تقدم في صفحة: 42.
مسألة 3: لو علم في الأثناء بنجاسة ثوبه

(مسألة 3): لو علم في الأثناء بنجاسة ثوبه، أو بدنه أزالها و تمّم الطواف (21) و لو احتاج ذلك إلى قطع الطواف، فلا بد حينئذ من مراعاة تجاوز النصف و عدمه، فيزيلها و يبني في الأول و يستأنف في الثاني (22).

الثالث: إباحة ما مع الطائف

الثالث: إباحة ما مع الطائف، فلو طاف في ثوب مغصوب أثم و بطل طوافه (23).

الرابع: ستر العورة- على نحو ما تقدم في الصلاة

الرابع: ستر العورة- على نحو ما تقدم في الصلاة للذكر و الأنثى (24) و لو بدت العورة غفلة، أو لأجل الزحام و بادر إلى الستر

______________________________

قصور النبوي عن الاعتماد عليه.

(21) على المشهور، لما تقدم في خبر يونس.

(22) لأنه لا يجوز التمسك حينئذ بما مرّ من خبر يونس للشك في شموله لصورة القطع فيدخل المقام في ما يأتي من قطع طواف الفريضة بعد تجاوز النصف دون ما قبله و في الأول يبنى و في الأخير يستأنف.

(23) لأن الحركة الطوافية تحريك للمغصوب تبعا و هو نحو تصرف فيه عرفا و يكون منهي عنه و النهي في العبادة يوجب البطلان فيبطل الطواف و يأثم الطائف. و لا فرق في الغصب بين كونه في ثوبه أو كونه حاملا له و لو بنحو الشد على وسطه كما لا فرق فيه بين أقسامه فتشمل المعاملات الربوبية و الواقعة على الأعيان المحرمة.

ثمَّ انه لو اشترى ثوب إحرامه بعين ماله للذي لم يؤد خمسه يشكل صحة طوافه هذا و تجري في المقام الفروع التي تعرضنا لها في إباحة لباس المصلي فراجع.

(24) استدل عليه. تارة: بالتأسي، و فيه: أنه أعم من الوجوب.

ص: 48

يصح طوافه، و لا إثم (25)، كما أنه لو ستر عورته و طاف عاريا صح

______________________________

و أخرى: بقاعدة الاحتياط.

و فيه: أن المرجع في الشك في الشرطية البراءة كما ثبت في محله.

و ثالثة: بالنبوي: «الطواف بالبيت صلاة».

و فيه: ما تقدم من قصور سنده و دلالته.

و رابعة: ما تواتر بين الفريقين عن النبي صلّى اللّه عليه و آله: «أن لا يطوف بالبيت عريان» (1)، و عن الصادق عليه السّلام ان عليا عليه السّلام: قال: «لا يطوف بالبيت عريان و لا عريانة و لا مشرك» (2)، و عن كشف اللثام: «ان هذا الخبر يقرب من التواتر من طريقنا و طرق العامة»، و في خبر ابن مسلم عنه عليه السّلام أيضا: «ان عليا عليه السّلام قال: «لا يطوفنّ بالبيت عريان» (3) و عن علي عليه السّلام قال: «بعثت بأربعة: لا تدخل الكعبة إلا نفس مؤمنة، و لا يطوف بالبيت عريان، و لا يجتمع مؤمن و كافر في المسجد الحرام بعد عامه هذا، و من كان بينه و بين رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عهد فعهدة إلى مدته، و من لم يكن له فأجله إلى أربعة أشهر» (4) إلى غير ذلك من الأخبار و يكفي ذلك دليلا للمسألة، و ستر العورة مقطوع به من قوله عليه السّلام: «لا يطوف بالبيت عريان» و حيث أن المرأة تمام جسدها عورة يجب عليها ستر الجميع. هذا مع أن الفطرة تحكم بقبح كشف العورة في هذا المجمع العبادي العظيم، و أن الطواف مع كشفها يكون من مظاهر القبح و الفساد، و كشفها في هذا المجمع العظيم بنفسه من مناشئ الإفساد و تهيج الشهوات الجنسية فلا يتقرب به إلى ربّ العباد، فالنهي غيري أيضا مضافا إلى قبحه النفسي.

(25) لأن القبح النفسي و المانعية إنما يكون في صورة العمد و الاختيار

ص: 49


1- الوسائل باب: 53 من أبواب الطواف حديث: 2.
2- الوسائل باب: 53 من أبواب الطواف حديث: 7.
3- الوسائل باب: 53 من أبواب الطواف حديث: 8.
4- البحار ج: 21 صفحة: 267.

طوافه (26).

الخامس: الختان للرجل

الخامس: الختان للرجل (27)، بل و الصبيّ و الخنثى (28) و لا يعتبر في المرأة (29) و لو لم يتمكن من الختان ينتظر زمان التمكن (30)، و لو طاف الصبيّ- أو اطيف به- غير محتون لا

______________________________

دون الغفلة أو الاضطرار، و تقدم في ستر العورة في الصلاة ما ينفع المقام فراجع.

(26) للإجماع، و لما مر من أن النهي عن الطواف عاريا إنما هو الطواف مكشوف العورة لا وجوب ستر تمام البدن، بقرينة الإجماع على عدم وجوبه.

(27) للنص، و الإجماع، قال الصادق عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «الأغلف لا يطوف بالبيت و لا بأس أن تطوف المرأة» (1)، و عنه عليه السّلام أيضا: «لا بأس أن تطوف المرأة غير المخفوضة، فأما الرجل فلا يطوف إلّا و هو مختتن» (2)، و في خبر ابن سدير قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن نصراني أسلم و حضر الحج و لم يكن اختتن أ يحج قبل أن يختتن؟ قال عليه السّلام: لا و لكن يبدأ بالسنة» (3) و عنه عليه السّلام أيضا: «في الرجل يسلم فيريد أن يحج و قد حضر الحج أ يحج أم يختتن؟ قال عليه السّلام: لا يحج حتى يختتن» (4) و المتفاهم من هذه الأخبار بيان الشرطية كما في سائر الموارد التي عبر فيها بهذا التعبير و لا ينافي ذلك وجوبه النفسي أيضا، لإمكان اجتماع ملاك النفسي و الغيري في شي ء واحد.

(28) لأن المنساق من الأخبار بقرينة استثناء المرأة اعتبار الختان في كل من يتصور فيه موضوع الاختتان رجلا كان، أو صبيا، أو خنثى و ذكر الرجل فيها إنما هو من باب الغالب لا الخصوصية، و كذا في عبارة من اقتصر عليه من الفقهاء.

(29) للأصل، و النص، و الإجماع.

(30) لقاعدة أن المشروط ينتفي بانتفاء شرطه، فيكون غير مستطيع ما دام

ص: 50


1- الوسائل باب: 33 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 1.
2- الوسائل باب: 33 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 3.
3- الوسائل باب: 33 من أبواب مقدمات الطواف حديث: و 4.
4- الوسائل باب: 33 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 2.

تحلّ له النساء بعد البلوغ (31).

السادس: النيّة

السادس: النيّة (32) و الأحوط ندبا أن يخطر بقلبه: «أطوف

______________________________

لم يتمكن كفقد شرط آخر من شروط باقي أفعال الحج، و يشهد له قوله عليه السّلام: «لا يحج حتى يختتن» و ما في كشف اللثام من احتمال وجوب الاستنابة مشكل، فإنه يصح فيما إذا كان الوجوب مطلقا و لم يتمكن منه و دلّ دليل من الخارج على صحة الاستنابة فيه. نعم لو ثبت أن شرطية الختان مختصة بحال التمكن سقط أصل الشرطية عند عدمه و يجب الإتيان مباشرة، و الأحوط الجمع بين الإتيان به مباشرة و الاستنابة ثمَّ الاستيناف بعد الختان.

(31) لبطلان طوافه، و عدم اختصاص الوضعيات بالمكلفين لأن الختان شرط للطواف بما له من أهم المقدمات و هو الإحرام فيكون أصل إحرامه فاسدا حينئذ فتأمل.

(32) إجماعا من المسلمين، بل ضرورة بينهم، و إنما النزاع في أن نية الإحرام كافية أو لا بد من تجديد نية خاصة عند كل فعل من أفعال الحج أو العمرة طوافا كان أو غيره؟.

و الحق أن هذا النزاع ساقط بناء على أنها الداعي كما هو الحق لثبوت الداعي بالنسبة إلى الحج و تمام أفعاله الواجبة و المندوبة إجمالا في نفس الحاج من أول خروجه من بيته إلى الفراغ عن أعمال الحج و هذا المقدار يكفي و لا دليل على اعتبار أزيد منه، بل مقتضى الأصل عدمه، و لعله لذلك لم يتعرض لها في الأخبار بالنسبة إلى الطواف و سائر الأعمال. و وجه التعرض لها في الأخبار عند الإحرام يمكن أن يكون لأجل امتياز نوع الحج و العمرة عليه.

كما أنه يسقط نزاع أنه هل يعتبر فيها أن تكون قبل الطواف أو تكفي المقارنة لأن الداعي حاصل قبل العمل و معه و في أثنائه، بل و بعد الفراغ منه، لبناء المؤمنين بحسب فطرتهم الإيمانية على الإتيان بالحج في كل سنة لو

ص: 51

بالبيت سبعة أشواط لعمرة التمتع إلى حجة الإسلام لوجوبه قربة إلى اللّه» و في طواف الحج يخطر: «أطوف بالبيت سبعة أشواط لطواف حج التمتع لوجوبه» و هكذا (33).

السابع و الثامن: الابتداء بالحجر الأسود. و الختم به

اشارة

السابع و الثامن: الابتداء بالحجر الأسود. و الختم به (34).

مسألة 1: يكفي تحقق الابتداء و الاختتام بالحجر واقعا

(مسألة 1): يكفي تحقق الابتداء و الاختتام بالحجر واقعا سواء قصد عنوان الابتداء و الاختتام به تفصيلا أولا (35)، فلو ابتدء الطائف

______________________________

أمكنهم ذلك.

(33) خروجا عن خلاف من أوجب الإخطار و قصد الوجه و إن كان لا دليل على كل واحد منهما كما مر في نية الوضوء مفصلا.

(34) للنصوص، و الإجماع، بل الضرورة، قال الصادق عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «من اختصر في الحجر الطواف فليعد طوافه من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود» (1) و قوله عليه السّلام: «من اختصر في الحجر» أي: أخرج حجر إسماعيل عن الطواف، و قوله عليه السّلام في صحيح ابن سنان: «إذا كنت في الطواف السابع فأنت المتعوّذ- إلى أن قال عليه السّلام:- ثمَّ استلم الركن اليماني ثمَّ ائت الحجر فاختم به» (2).

و أما صحيح ابن عمار عنه عليه السّلام أيضا: «كما نقول: لا بد أن نستفتح بالحجر و نختم به، فأما اليوم فقد كثر الناس عليه» (3) فالمراد به الاستلام لا الابتداء به في الطواف و الختم به.

(35) لأن المناط صدق الطواف من الحجر إلى الحجر، و هو متحقق

ص: 52


1- الوسائل باب: 31 من أبواب للطواف حديث: 3.
2- الوسائل باب: 26 من أبواب الطواف حديث: 1.
3- الوسائل باب: 16 من أبواب الطواف حديث: 1.

.....

______________________________

سواء قصد عنوان البدءة و الختم به أولا، فإذا كان من قصده و داعيه الإتيان بالطواف الشرعي و المفروض انه متقوم بالبدءة من الحجر و الختم به، و أن بناءه على إلغاء الزيادة و عدم اعتبارها جزءا من الطواف، فيقع الطواف الشرعي في الواقع مبتدئا من الحجر و مختتما به و إن شئت قلت: إن الابتداء من الحجر و الختم به مع كون الداعي المستمر في النفس الطواف الشرعي و إلغاء الزيادة انطباقي قهري- إن تحقق سبعة أشواط كاملا- هذا إذا وقعت البدءة و الختم من غير الحجر جهلا أو سهوا.

و أما إن كان ذلك عن عمد و التفات و أوجب ذلك عدم تحقق قصد القربة بالنسبة إلى أصل الطواف فلا إشكال في البطلان، لفقد قصد القربة، و كذا إن أوجب الاختلال في عدم الأشواط أو في بعضها.

و أما إن لم يوجب ذلك كله و تحقق منه قصد القربة و تحققت الأشواط السبعة بلا نقص فيها و لا في بعضها مع تحقق دورة كاملة في كل شوط من الحجر و إليه و مع ذلك جعل الزيادة جزء للطواف فالمسألة مبنية على أن التشريع في ما هو خارج عن حقيقة المأمور به مع قصد الامتثال بالمجموع من حيث المجموع هل يوجب البطلان أو لا؟ يأتي تفصيله في الأمر الثالث عشر.

ثمَّ إنه يمكن أن يجعل النزاع بين من اعتبر قصد البدءة و الختم من الحجر و إليه و بين من لم يعتبر ذلك لفظيا فمن اعتبره أراد القصد الإجمالي الحاصل من قصد الطواف على ما هو المشروع و من لم يعتبره أراد القصد التفصيلي الذي لا دليل على اعتباره في أصل النية فكيف بقصد الختم و البدءة.

و أما لو لم يقصد الجزئية و قصد الزيادة عمدا من دون قصد عنوان الجزئية فلا دليل على البطلان، بل مقتضى أصالة الصحة الإجزاء.

ص: 53

بغيره مما قبله أو ما بعده لا يعتد بما أتى به حتى ينتهي إلى الحجر فيكون ابتداء الحساب منه مع بقاء الداعي في نفسه (36) و تجديد النية على الأحوط.

مسألة 2: لا تفرّق النية على الإجزاء بأن ينوي بكل جزء من شوط

(مسألة 2): لا تفرّق النية على الإجزاء بأن ينوي بكل جزء من شوط أو لكل شوط نية مستقلة (37).

مسألة 3: لا بأس بالبدءة من قبل الحجر الأسود و الختم بعده

(مسألة 3): لا بأس بالبدءة من قبل الحجر الأسود و الختم بعده إذا كان ذلك بعنوان المقدمية للعلم بحصول الابتداء به و الختم إليه (38).

مسألة 4: يجزي البدءة بالحجر و الختم إليه عرفا

(مسألة 4): يجزي البدءة بالحجر و الختم إليه عرفا و لا تجب المداقّة فيهما (39).

______________________________

(36) لأن ما أتى به مما قبله أو مما بعده لغو و لو كان مقدارا كثيرا لعدم كونه جزء من الطواف الشرعي فيكون مثل ما إذا مشى في موضع آخر من المسجد الحرام.

(37) لأن المنساق من الأدلة أن تمام سبعة أشواط عمل واحد و كل شوط له جهة المقدمية المحضة، و كذا كل جزء من كل شوط، فالأشواط و أبعاضها بالنسبة إلى الطواف كالركعات و أبعاضها بالنسبة إلى الصلاة فيكون الطواف الذي هو جزء من الحج أو العمرة بسيطا عرفيا و إن كان مركبا حقيقيا.

(38) لأن المقدمة العلمية خارجة عن ذات العمل يؤتى بها من باب حصول العلم بالامتثال و لا فرق في عنوان المقدمية العلمية بين كونها قصدية التفاتية أو لا، فلو حصل التقدم أو التأخر في الواقع و لم يلتفت إليه و لكن كان قصده في الواقع التكليف الواقعي الشرعي يصح طوافه و لا شي ء عليه.

(39) لأنه المتفاهم من الأدلة، و المطابق لسهولة الشريعة خصوصا في

ص: 54

مسألة 5: لو شك في حصول الابتداء بالحجر و الاختتام به لم يصح

(مسألة 5): لو شك في حصول الابتداء بالحجر و الاختتام به لم يصح (40).

التاسع: جعل البيت على اليسار

التاسع: جعل البيت على اليسار (41). و يكفي الصدق العرفي،

______________________________

ذلك المجمع العظيم الذي تتعذر فيه الدقة و توجب المشقة على الناس، و الوقوع في الحرج و الوسواس، و قد حج النبي صلّى اللّه عليه و آله راكبا لتعليم التسهيل و التيسير و قال صلّى اللّه عليه و آله: «خذوا عنّي مناسككم» (1) فما نسب إلى جمع منهم العلامة من أنه لا بد من الابتداء بأول الحجر بحيث يمر كله على كله لا دليل عليه من عقل أو نقل بعد صدق الابتداء العرفي و الاختتام كذلك إلا قاعدة الاشتغال المحكومة بإطلاق الأدلة المنزلة على العرفيات خصوصا في هذا الازدحام الكثير. نعم هو المطابق للاحتياط لو لم يكن مخالفا له من سائر الجهات كإيذاء المؤمنين و مزاحمة الطائفين و التعرض لاستهزاء المخالفين و غير ذلك من المحاذير التي لا يعرفها إلا من شهد ذلك المشهد العظيم خصوصا في هذه الأعصار.

(40) لأن مقتضى الأصل عدم حصول الابتداء بالحجر و الاختتام به، فلا بد من تحصيل الاطمئنان بذلك و تكفي الإمارة العرفية كما يأتي، و كذا يكفي في حصولهما التبعية لمن يعتمد عليه و يثق به من مطوف و غيره، و لا فرق في ذلك بين الماشي في طوافه و الراكب و لا من طيف به محمولا، كما لا فرق فيه بين من كان قريبا من الكعبة المقدسة أو بعيدا عنها.

ثمَّ انه لو اعتقد حصول الابتداء بالحجر و الاختتام به ثمَّ بأن الخلاف يستأنف الطواف، و لو كان بالعكس يصح إن حصل منه قصد القربة.

(41) للسيرة خلفا عن سلف، و الإجماع، و النصوص التي يستفاد ذلك

ص: 55


1- تيسير الوصول ج: 1 صفحة: 312.

فلا يقدح الانحراف اليسير بحيث لا ينافي ذلك (42). نعم، لو جعله على يمينه أو استقبله بوجهه، أو استدبره عمدا أو سهوا لم يصح و لو بخطوة (43) و وجب إعادة ما خالف فقط مع عدم فوت الموالاة بين أبعاض الطواف و إلا فيعيد أصل الشوط الذي خالف فيه (44).

______________________________

منها قال الصادق عليه السّلام: في صحيح ابن سنان: «إذا كنت في الطواف السابع فأت المتعوّذ و هو: إذا قمت في دبر الكعبة حذاء الباب- إلى أن قال عليه السّلام: ثمَّ استلم الركن اليماني ثمَّ ائت الحجر فاختم به»(1)، و قال عليه السّلام في صحيح معاوية: «إذا فرغت من طوافك و بلغت مؤخر الكعبة و هو: بحذاء المستجار دون الركن اليماني بقليل فابسط يديك على البيت- إلى أن قال عليه السّلام ثمَّ استلم الركن اليماني ثمَّ ائت الحجر» (2)، و قوله عليه السّلام: «إذا فرغت من طوافك» أي: أشرفت على الفراغ، لأن بالبلوغ إلى المستجار يتم ثلاثة أرباع الطواف، و مثله صحيحة الآخر (3) و يستلزم ما قاله عليه السّلام في هذه الصحاح أن يكون الطواف على اليسار، و يشهد له التأسّي، و قوله صلّى اللّه عليه و آله: «خذوا عني مناسككم» (4).

(42) لتنزل الأدلة على العرفيات، و أصالة البراءة عن اعتبار ما زاد على الصدق العرفي، و سهولة الشريعة المقدسة خصوصا مثل هذا الازدحام الذي يزداد- و الحمد للّه- في كل عام.

(43) لانتفاء المشروط بفقد شرطه، و الأصل في الشرط أن يكون واقعيا ما لم يدل دليل على الخلاف، و لا دليل كذلك في المقام، و لكن ليس ذلك كله مبنيا على الدقة، كما لا اعتبار بما يوجب الوسواس في مثل هذا المزدحم من الناس.

(44) لأن ما وقع منه فاقدا للشرط كالعدم و حينئذ فان لم يكن في البين

ص: 56


1- الوسائل باب: 26 من أبواب الطواف حديث: 1.
2- الوسائل باب: 26 من أبواب الطواف حديث: 4.
3- الوسائل باب: 26 من أبواب الطواف حديث: 9.
4- تيسير الوصول ج: 1 صفحة 312.

و لا بد من المواظبة على كون البيت على اليسار عند فتحتي الحجر، و عند الأركان، و عند مزاحمة الطائفين (45).

العاشر: إدخال حجر إسماعيل في الطواف

العاشر: إدخال حجر إسماعيل في الطواف (46) فلو طاف بينه و بين البيت لم يصح ذلك الشيوط حتى يتدارك من محلّ المخالفة (47)، و الأحوط استيناف الشوط من رأس (48)، و الأولى

______________________________

محذور خارجي يعيده و إلا فيعيد أصل الشوط إن لم يكن ذلك من الوسواس، و إيذاء الناس.

(45) فان في هذه المواقع يمكن التخلف عن كون البيت على اليسار، فيجب التحفظ مقدمة لكونها على اليسار و لكن كل ذلك بالنحو المتعارف لا بالدقة و لا بما يوجب الأذية للطائفين.

(46) إجماعا من المسلمين، و نصوصا مستفيضة منها قول الصادق عليه السّلام في صحيح معاوية: «من اختصر في الحجر الطواف فليعد طوافه من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود» (1).

(47) للأصل، و النص، و الإجماع، ففي حسن البختري عن الصادق عليه السّلام:

«في الرجل يطوف بالبيت فيختصر في الحجر قال عليه السّلام: يقضي ما اختصر من طوافه» (2).

(48) لاحتمال أن يكون المراد بقول الصادق عليه السّلام فيما مرّ من صحيح معاوية ذلك، فيكون المراد بقوله: «فليعد طوافه» أي: شوطه، و في صحيح الحلبي برواية الشيخ: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل طاف بالبيت فاختصر شوطا واحدا في الحجر قال عليه السّلام: يعيد ذلك الشوط» (3)، و في رواية الصدوق رحمه اللّه:

«يعيد الطواف الواحد» و الظاهر وحدة المراد بالتعبيرين. و أما مكاتبة إبراهيم إلى أبي الحسن الرضا عليه السّلام: «امرأة طافت طواف الحج، فلما كانت في الشوط السابع

ص: 57


1- الوسائل باب: 31 من أبواب الطواف حديث: 3.
2- الوسائل باب: 31 من أبواب الطواف حديث: 2.
3- الوسائل باب: 31 من أبواب الطواف حديث: 1.

إعادة أصل الطواف من رأس بعد إتمام الأول و إن كان قد تجاوز النصف (49).

الحادي عشر: كونه خارجا عن البيت

الحادي عشر: كونه خارجا عن البيت، و حجر إسماعيل بمجموع

______________________________

اختصرت فطافت في الحجر و صلت ركعتي الفريضة وسعت و طافت طواف النساء ثمَّ أتت منى فكتب عليه السّلام: تعيد» (1) فهو مجمل يحتمل اعادة الشوط، و إعادة أصل أطواف، و الإعادة من محل الاختصار، و المسألة بحسب الأصل من صغريات الأقل و الأكثر، و الإعادة من محل الاختصار واجب، و الباقي مشكوك فيرجع فيه إلى البراءة.

(49) يظهر وجهه من الاحتمال في صحيح معاوية و المكاتبة. و احتمال الشهيد اعتبار تجاوز النصف هنا أيضا لا وجه له.

ثمَّ إنه لا فرق في ما ذكر بين كون الحجر خارجا عن البيت كما تدل عليه أخبارنا أو داخلا فيه كما يظهر من أخبار العامة (2)، و نسب إلى المشهور بيننا و لعل نظرهم إلى أنه من البيت من جهة الطواف فقط، و إلا لكان قولهم مخالفا للأدلة الدالة على أنه ليس من البيت، ففي صحيح ابن عمار قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الحجر أمن البيت هو أو فيه شي ء من البيت؟ فقال عليه السّلام: لا و لا قلامة ظفر، و لكن إسماعيل دفن فيه أمه فكره أن يوطأ، فجعل عليه حجرا و فيه قبور أنبياء» (3)، و في خبر المفضل بن عمر عنه عليه السّلام أيضا: «الحجر بيت إسماعيل.

و فيه قبر هاجر، و قبر إسماعيل» (4)، و في رواية الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

«سألته عن الحجر فقال إنكم تسمونه الحطيم، و إنما كان لغنم إسماعيل و إنما دفن فيه أمه و كره أن يوطأ قبرها فحجر عليه و فيه قبور أنبياء» (5).

ص: 58


1- الوسائل باب: 31 من أبواب الطواف حديث: 4.
2- راجع سنن ابن ماجه المناسك باب: 31 حديث: 2955.
3- الوسائل باب: 30 من أبواب الطواف حديث: 1.
4- الوسائل باب: 30 من أبواب الطواف حديث: 3.
5- الوسائل باب: 30 من أبواب الطواف حديث: 10.

بدنه (50) فلو مشى على شاذروان البيت أو على حائط الحجر لم يجز (51)، و يجوز مس جدار البيت بيده حال الطواف (52) و إن كان الأحوط خلافه (53).

الثاني عشر: كون الطواف بين البيت الشريف

الثاني عشر: كون الطواف بين البيت الشريف و مقام

______________________________

(50) للإجماع، و لعدم صدق الطواف بالبيت و الحجر إلا بذلك، لأن أساس البيت من الكعبة و جدار الحجر لا بد و أن يدخل في المطاف، لما تقدم من وجوب كون الطواف حول الحجر.

(51) لأن الحائط من الحجر و الشاذروان من البيت فلا بد من الطواف حولهما لا الطواف عليهما، و كذا لو وضع يده فوق جدار حجر إسماعيل و طاف، لعدم كون طوافه بجميع بدنه خارج الحجر.

(52) لصدق الطواف حول البيت و صدق خروج البدن عن البيت عرفا.

(53) خروجا عن خلاف العلامة و قد جزم بعدم الجواز في التذكرة، لأنه يكون بعض بدنه في البيت حينئذ.

و فيه: انه كذلك بالصدق الدقي العقلي. و أما بحسب العرف، فيصدق أنه طائف و أن بدنه خارج عنه و ليست الأحكام مبنية على الدقيات العقلية، و كذا لو وضع يده على حائط الحجر.

تنبيه: قطع الأصحاب (رحمهم اللّه) بأن ما يسمى بشاذروان و هو الارتفاع الذي يكون في طرف الحجر الأسود الملصق بالكعبة المقدسة من البيت و داخل فيه. و عن الشافعية و الحنابلة و جمع من المالكية ذلك أيضا و يختص ذلك بطرف واحد. و لكن عن شفاء للغرام أنه في ثلاثة جوانب من الكعبة الشريفة: الشرقي، و الغربي، و اليماني. و أما الحجارة اللاصقة بجدار الكعبة التي تلي الحجر فليست شاذروانا، لأنها من الكعبة بلا ريب، و على هذا فالأولى أن لا يدنو من البيت من سائر الجهات بقدر الشاذروان أيضا هذا إذا لم يوجب ذلك

ص: 59

إبراهيم عليه السّلام (54) مراعيا قدر ما بينهما من جميع الجهات

______________________________

إثارة الوسواس و إيذاء الناس و ارتكاب جهة أخرى مرجوحة و إلا فالأولى تركه، بل قد يجب.

(54) البحث في هذه المسألة.

تارة: بحسب الأصل.

و أخرى: بحسب الإطلاقات.

و ثالثة: بحسب الأدلة الخاصة.

و رابعة: بحسب السيرة.

و خامسة: بحسب التواريخ و الاعتبارات الصحيحة.

أما الأولى: فالمسألة من موارد البراءة، لأن التحديد بحد خاص في المطاف قيد مشكوك فيه و المرجع فيه البراءة بعد صدق الطواف عرفا، كما في جميع القيود المشكوكة في سائر التكاليف خصوصا في مثل هذا التكليف العام البلوى الموجب للتزاحم و الازدياد من الرجال و النساء.

أما الثانية: فمقتضى الإطلاقات الصحة مطلقا ما دام صدق عليه الطواف عرفا و لا ريب في صدقه و لو كان خارجا عن الحد المعهود خصوصا مع اتصال الطائفين بعضهم ببعض سيما مع كثرة الزحام التي يكون جميع الطائفين كالسيل الذي يدور حول الكعبة المقدسة بحركة واحدة دورية كما لا يخفى على من شاهد ذلك المشهد العظيم من سطح المسجد الحرام، فلا يفرق العرف في صدق الطواف بين من كان في المطاف أو خارجا عنه و لو بكثير، و حينئذ فيكون جميع الطائفين- و إن استوعبوا تمام مساحة المسجد الحرام- كطواف واحد، كما أن صلاة الجماعة التي تقام في المسجد صلاة واحدة مع أنها مستوعبة لتمام المسجد في الموسم غالبا.

أما الثالثة: فالمشهور تحديد المطاف بما بين البيت و المقام.

ص: 60

.....

______________________________

و استدل عليه.

تارة: بإجماع الغنية. و فيه: أنه موهون بمخالفة الصدوق، و صاحب المدارك، و الذخيرة، و المفاتيح، مع احتمال كونه مستندا إلى خبر ابن مسلم قال:

«سألته عن حد الطواف بالبيت الذي من خرج عنه لم يكن طائفا؟ قال عليه السّلام: كان الناس على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يطوفون بالبيت و المقام و أنتم اليوم تطوفون ما بين المقام و بين البيت فكان الحد موضع المقام اليوم فمن جازه فليس بطائف.

و الحد قبل اليوم و اليوم واحد قدر ما بين المقام و بين البيت من نواحي البيت كلها فمن طاف فتباعد من نواحيه أبعد من مقدار ذلك كان طائفا بغير البيت بمنزلة من طاف بالمسجد لأنه طاف في غير حدّ و لا طواف له» (1) و سيأتي شرح بعض جمل الحديث عن قريب و ليس في هذا الأمر العام البلوى إلا هذا الحديث القاصر سندا- بياسين الضرير و المضمر- و المجمل متنا و المعارض بما هو صحيح سندا و ظاهر دلالة في خلافه و هو صحيح أبان عن الحلبي قال:

«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الطواف خلف المقام قال عليه السّلام: ما أحب ذلك و ما أرى به بأسا، فلا تفعله إلا أن لا تجد منه بدا» (2) و هو ظاهر في الكراهة في غير حال الضرورة فلا كراهة فيها كما أفتى به الصدوق، و موافق لسهولة الشريعة خصوصا في هذا المجمع العظيم، فليحمل خبر ابن مسلم على الكراهة أيضا و لعل السر في تحديد المطاف حرمة أو كراهة بهذا الحد الخاص أن هذا المقادر من المكان هو المتيقن بأنه قد تشرف بقدوم جميع الأنبياء و المعصومين و عباد اللّه الصالحين و أوليائه المخلصين، بل هو مطاف الملائكة الكروبيين في كل آن قطعا، فأراد الشارع الأقدس أن يتشرف أقدام أمته بشرفين: الدنو من البيت الحرام، و المشي على ما مشى عليه الأنبياء العظام و الأولياء و الملائكة الكرام.

فتلخص: أنه لم يظهر من الدليل الخاص ما تطمئن به النفس على تحديد المطاف بما بين البيت و المقام، فمقتضى الأصل و الإطلاق محكم.

ص: 61


1- الوسائل باب: 28 من أبواب الطواف حديث: 1.
2- الوسائل باب: 28 من أبواب الطواف حديث: 2.

.....

______________________________

أما الجهة الرابعة من البحث: فالسيرة و إن جرت على الطواف في خصوص المطاف المعهود. و لكن فيها.

أولا: أنها أعم من الوجوب و مطلق الرجحان.

و ثانيا: أن الحجيج كانوا بقدر يكفيهم المطاف بخلاف هذه الأعصار التي لا يكفيهم أصل المسجد الحرام فضلا عن سعة المطاف.

و ثالثا: أن الناس يرون في الدنو من الكعبة فضلا و شرفا.

أما الجهة الخامسة: فالذي يظهر من التواريخ المعتبرة أن تحديد المطاف بالحد المشهور الذي علم بعلامات خاصة من الأعمدة الحديثة في الأعصار المتأخرة كان تحديدا تكوينيا لا شرعيا بمعنى: أن المسجد الحرام كان بقدر المطاف الفعلي و كان خارجه خارجا عن المسجد الحرام، و يشهد لذلك أمور ..

الأول: ما تقدم من خبر ابن مسلم من قوله عليه السّلام: «بمنزلة من طاف بالمسجد» فجعل عليه السّلام المسجد الحرام عبارة عن المطاف و جعل الطواف الخارج عنه طوافه بالمسجد.

الثاني: الأخبار الدالة على أن باب بني شيبة كان باب المسجد الحرام (1) و هو كان قريبا من المطاف و لم ينفصل بينهما إلا بقدر ما يضع الناس نعالهم و أمتعتهم التي تكون معهم فيها، فتلك الزيادة لم تكن معرضا للطواف لأجل هذه العوارض.

الثالث: قال ياقوت الحموي في المعجم: «إنه لو يكن للمسجد الحرام جدار و كانت بيوت الناس حول المطاف و قد ضيقوا على الكعبة و أول من بنى الجدار للمسجد هو عمر بن الخطاب فاشترى الدور من أهلها و من أبى وضع ثمن داره في محل و هدم داره و جعل للمسجد جدارا دون القامة و كانت المصابيح توضع على الجدار ثمَّ وسعها عثمان» و لم يعلم ان توسعة عثمان كانت بأي مقدار و في أي جهة. و يستفاد من هذه الأمور أن الطواف الخارج عن

ص: 62


1- الوسائل باب: 9 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 1.

.....

______________________________

المطاف كان طوافا بالكعبة في خارج المسجد لا أن يكون طوافا بالكعبة في داخل المسجد و الظاهر أن الزيادات الحاصلة كانت بعد إبقاء علامة للمسجد الأصلي الذي كان في زمان الرسول صلّى اللّه عليه و آله تحفظا عليه كما في الزيادة الحاصلة في مسجد النبي صلّى اللّه عليه و آله. فتحديد المطاف بالحد المشهور بين الفقهاء كان تحديدا تكوينيا لفرض أن وسعة المسجد كانت بهذا المقدار في أول البعثة و كان ما زاد عليه خارجا عن أصل المسجد بحسب الظاهر.

فتلخص: أنه من التواريخ لا يعلم أيضا تحديد المطاف تحديدا معتبرا شرعيا. مع أن هذا الأمر العام البلوى يجب أن يهتم به اهتماما أكثر من ذلك سؤالا من الناس و بيانا من المعصوم عليه السّلام و ضبطا في السير و التواريخ، فظهر وجه الأقوال الثلاثة:

الأول: عدم الجواز في الخارج عن المطاف مطلقا حتى في حال الضرورة، و نسب ذلك إلى المشهور و تقدم ما يصلح وجها له و المناقشة فيه.

الثاني: الجواز في حال الضرورة، نسب ذلك إلى الإسكافي و مدركه صحيح الحلبي- المتقدم- و هو مخدوش، لأنه يدل على الجواز حتى مع الاختيار على كراهة.

الثالث: ما نسب إلى الصدوق من الجواز مطلقا على كراهة و يساعده صحيح الحلبي المتقدم.

فوائد .. الأولى: مقام إبراهيم عليه السّلام يطلق على الصخرة القابلة للنقل و الانتقال التي فيها أثر قدمي خليل الرحمن و هي محترمة مقدسة بعد الحجر الأسود. و شرفت الصخرة من الرب الجليل بأثر قدمي الخليل إما لأجل أنه عليه السّلام كان يقوم عليها في بناء البيت العتيق، أو لأجل أنه لما فرغ من بناء البيت أمر من ناحية رب العزة بقوله تعالى وَ أَذِّنْ فِي النّاسِ بِالْحَجِّ (1) فقام على تلك الصخرة و نادى هلموا الحج، و إما لأجل انه عليه السّلام لما جاء لطلب ابنه

ص: 63


1- سورة الحج: 27.

.....

______________________________

إسماعيل وضعتها زوجته تحت قدميه و غسلته فبقي أثر قدميه عليها، و الكل مأثور (1) و يمكن اجتماع جميع الجهات فيها. و يطلق أيضا على محل تلك الصخرة من باب إطلاق الحال على المحل و هذا هو المناط في تحديد البعد بين البيت و المقام في الطواف و هو موضع صلاة الطواف كما يأتي سواء كانت الصخرة فيه أو لا و المسافة بينه و بين البيت ستة و عشرون ذراعا على ما قالوا، و يدل على أن المناط في التحديد محل المقام لا نفسه صحيح إبراهيم بن محمود قال: «قلت للرضا عليه السّلام: أصلي ركعتي طواف الفريضة خلف فالمقام حيث هو الساعة أو حيث كان على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟ قال عليه السّلام: حيث هو الساعة» (2)، و تقدم ذلك في خبر ابن مسلم أيضا، فقوله عليه السّلام فيه: «كان الناس على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يطوفون بالبيت و المقام» المراد بالمقام هنا نفس الصخرة حيث كانت ملصقة بالبيت في عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و قوله عليه السّلام: «و أنتم اليوم تطوفون ما بين المقام و بين البيت» المراد بالمقام هنا محلّه، كما يدل عليه قوله عليه السّلام بعده: «فكان الحد موضع المقام اليوم- الحديث-» (3) فلا إشكال و لا خلاف من هذه الجهة نصا و فتوى.

الثانية: يظهر من الأخبار أن الصخرة التي عليها أثر قدمي الخليل المسمى بالمقام قد تغير محله عما كان عليه، ففي صحيح زرارة (4) عن أبي جعفر عليه السّلام:

«كان موضع المقام الذي وضعه إبراهيم عليه السّلام عند جدار البيت فلم يزل هناك حتى حوّله أهل الجاهلية إلى المكان الذي هو فيه اليوم، فلما فتح النبي مكة ردّه إلى الموضع الذي وضعه إبراهيم عليه السّلام فلم يزل هناك حتى ولي عمر فسأل الناس من منكم يعرف المكان الذي فيه المقام؟ فقال رجل: أنا قد أخذت مقداره بنسع (5)

ص: 64


1- راجع تفسير البرهان: ج: 1 صفحة: 153، و كذا ج: 3 صفحة: 85 منه.
2- الوسائل باب: 71 من أبواب الطواف حديث: 1.
3- الوسائل باب: 28 من أبواب الطواف حديث: 1.
4- الوافي: ج: 8 صفحة: 13 باب: 4 من أبواب بدو المشاعر و المناسك.
5- النسع: حبل عريض يشد به الرحال.

.....

______________________________

و هو عندي فقال: ائتيني به فأتاه فقاسه ثمَّ رده إلى ذلك المكان» و في روضة الكافي عن علي عليه السّلام: «لو أمرت بمقام إبراهيم عليه السّلام فرددته إلى الموضع الذي وضعه فيه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله- إلى أن قال- لتفرقوا عني».

الثالثة: لإبراهيم الخليل عليه السّلام مقام صلاة و عبادة في مسجد الكوفة، و مسجد السهلة، و بيت المقدس و بعيد في الغاية أن لا يكون له مقام صلاة و عبادة في المسجد الحرام و لا بدع في ذلك، فإن كثرة تفاني الخليل في مرضاة خليله لا يقتضي إلا ذلك و الظاهر أن المقام الفعلي كان مقام صلاته و عبادته و كان مقام قدميه أي: الصخرة ملصقا بجدار البيت فكان له عليه السّلام مقامان.

المقام: القدمي.

و المقام: العبادي فجمع في الجاهلية بين المقامين و فرق بينهما رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لمصالح ثمَّ جمع بينهما و قرره المعصومون عليهم السّلام لمصالح كثيرة فيكون منتهى الطواف و محل صلاته مقامه العبادي لا مقامه القدمي، و يقتضيه الاعتبار و لعل اهتمام الرسول صلّى اللّه عليه و آله على التفريق بينهما لئلا يخضع العوام و ضعفة العقول لقدميه عليه السّلام في مقابل التخضع للّه تعالى و بيته، و لئلا يكون له استقلال في قبال البيت الشريف بل يكون ملصقا به و من تبعاته تبعية آلات البناء و أدواتها لنفس البناء.

الرابعة: لا بد و أن تحمل الآية الكريمة وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى (1) على الأعم من مقام الجسماني الظاهري و مقامه المعنوي الواقعي و هو من أجلّ المقامات يعني: أن من يفد إلى اللّه تعالى حاجا، أو معتمرا، أو هما معا لا بد و أن ينظر إلى المقام الذي استفاده الخليل من حضرة الجليل بكثرة انقطاعه إليه تعالى و تحمله المشاق في إعلاء كلمته و تشعير مشاعره فيجعل صلاته في الخضوع و الخشوع و الانقطاع بحيث يدنو بها إلى هذا المقام المعنوي، كما دنا إلى المقام الظاهري الجسماني.

ص: 65


1- سورة البقرة: 125. و راجع ما يتعلق بالآية المباركة في ج: 2 من مواهب الرحمن في تفسير القرآن.

حتى من جهة الحجر (55)، فيحتسب منها و إن لم يجز سلوكه (56) و لا بأس بالطواف خارجا عن الحدّ عند التقية (57).

______________________________

(55) على المقطوع به في كلام الأصحاب، و تقدم في خبر ابن مسلم (1) قدر ما بين المقام و بين البيت من نواحي البيت كلها.

(56) لظهور الكلمات، و خبر ابن مسلم في أن طرفي الحد في هذا التحديد قدر المسافة بين البيت و المقام من تمام الجهات، و تقدم أن الحجر خارج من البيت و إن وجب إدخاله في الطواف فلا بد و أن يلحظ البعد في طرف الحجر أيضا من البيت إلى الحد المحاذي للمقام.

ثمَّ إنه ظهر مما تقدم أنه لا موضوعية في التحديد للمقام القدمي، فلو فرض تغييره عن وضعه و تنقله إلى محل آخر لا يتغير تحديد المطاف بذلك، كما لا موضوعية للبيت الشريف، فلو فرض زوالها- و العياذ باللّه- لا يزول الحد، و لا الطواف، و لا القبلة، و المرجع في التحديد هو المتعارف لا الدقة العقلية، كما في سائر التحديدات الشرعية.

(57) لعمومات أدلة التقية الشاملة للمقام أيضا.

ثمَّ إنه لا يضر فصل كسوة الكعبة المشرفة بين الطائف و البيت، لأنها كانت في زمن النبي صلّى اللّه عليه و آله و المعصومين (عليهم السلام) و لم يستنكروا ذلك بل طافوا بأنفسهم حول البيت المغطّى بالكسوة، و في بعض التواريخ، أن كسوة الكعبة لم تقلع عنها من أول حدوثها إلى زمان المهدي العباسي. سنة 160 هجرية و كانت تكسى كل عام بثوب فوق الكسوة السابقة، و كساها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أيضا و الخلفاء و شكوا سدنة الكعبة إلى المهدي عدم تحمل قواعد البيت لهذا القدر من الكسوة فأمر بقلعها و أن تقلع في كل عام ثمَّ تكسى كساء جديدا.

ص: 66


1- تقدم في صفحة: 64.

الثالث عشر: إكماله سبعة أشواط

اشارة

الثالث عشر: إكماله سبعة أشواط (58) فلو نقص شوطا أو بعضه و لو خطوة لم يصح طوافه (59)، و كذا لو زاد عن ذلك (60) سواء كانت الزيادة في ابتداء النية أو في الأثناء أو بعد الإكمال مع قصده الزيادة في

______________________________

(58) للإجماع: و النصوص المتواترة منها خبر الثمالي عن السجاد عليه السّلام:

«لأي علة صار الطواف سبعة أشواط؟ فقال عليه السّلام: إن اللّه قال للملائكة إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً فردّوا عليه و قالُوا: أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ فقال إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ و كان لا يحجبهم عن نوره فحجبهم عن نوره سبعة آلاف عام، فلاذوا بالعرش سبعة آلاف سنة فرحمهم و تاب عليهم، و جعل لهم البيت المعمور في السماء الرابعة، و جعله مثابة، و جعل البيت الحرام تحت البيت المعمور، و جعله مثابة للناس و أمنا، فصار الطواف سبعة أشواط واجبا على العباد لكل ألف سنة شوطا واحدا» (1) فيستفاد منه أن عدد السبعة كان معروفا و معهودا و إنما يسألون الإمام عليه السّلام عن سببه و علته، و في وصية النبي صلّى اللّه عليه و آله لعلي عليه السّلام: «يا علي إن عبد المطلب سنّ في الجاهلية خمس سنن و أجراها اللّه عز و جل في الإسلام حرّم نساء الآباء على الأبناء- إلى أن قال صلّى اللّه عليه و آله- و لم يكن للطواف عدد عند قريش فسن لهم عبد المطلب سبعة أشواط فأجرى اللّه عز و جل ذلك في الإسلام» (2).

(59) للأصل، و الإجماع، و قاعدة انتفاء المركب بانتفاء بعض أجزائه.

(60) على المشهور. و لكن الزيادة.

تارة: بقصد الجزئية.

و أخرى: بقصد المقدمية.

و ثالثة: بعنوان اللغوية، و الكلام في خصوص القسم الأول: إذ لا كلام في

ص: 67


1- الوسائل باب: 19 من أبواب الطواف حديث: 2.
2- الوسائل باب: 19 من أبواب الطواف حديث: 1.

.....

______________________________

عدم البطلان بالأخيرين.

و الأول .. تارة: يكون بقصد الجزئية في ابتداء العمل.

و أخرى: في أثنائه.

و ثالثة: بعد الفراغ منه.

و البحث فيها.

تارة: بحسب الأدلة الأولية.

و أخرى: بحسب الأدلة الخاصة.

أما الأول: فالبطلان إما لأجل أن قصد التشريع يوجب البطلان بدعوى:

أنه يوجب النهي عن العمل المشروع فيه، و النهي في العبادة يوجب البطلان.

و فيه: أن مقتضى الأصل بقاء العمل على ما هو عليه و عدم سراية التشريع إلى نفس العمل المشرّع فيه حتى يحرم فهو من القبح الفاعلي لا الفعلي، إلّا أن يدّعى أن نفس العمل من حيث هو يصير من مظاهر القبح و الطغيان فيكون حراما لا محالة، و لكنه مشكل، و إما لأجل فقد قصد الأمر أو فقد قصد القربة، و هو خلف لفرض تحققهما، مع أنه لا يختص بالمقام بل يوجب فقدهما البطلان و لو لم يكن بعنوان التشريع و قد تقدم التفصيل في كتاب الصلاة فلا وجه للتمسّك للبطلان بالأدلة الأولية.

و أما الأدلة الخاصة: فاستدل له بقوله صلّى اللّه عليه و آله: «الطواف بالبيت صلاة» (1)، و بالتأسي، و قوله: «خذوا عنّي مناسككم» (2)، و بقول أبي الحسن عليه السّلام في خبر عبد اللّه بن محمد: «الطواف المفروض إذا زدت عليه مثل الصلاة المفروضة إذا زدت عليها، فعليك الإعادة، و كذلك السعي» (3)، و بخبر أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل طاف بالبيت ثمانية أشواط المفروض، قال عليه السّلام: يعيد حتى

ص: 68


1- تقدم في صفحة: 43 و في المستدرك باب: 38 من الطواف.
2- سبق في صفحة: 57.
3- الوسائل باب: 34 من أبواب الطواف حديث: 11.

أصل الطواف (61)، و في موارد الزيادة المبطلة تجب إعادة الطواف

______________________________

يستتمّه» (1)، و في الكافي «حتى يثبته».

و أشكل على الجميع: بقصور الأول سندا و دلالة، و إجمال التأسي، و كذا قوله صلّى اللّه عليه و آله: «خذوا عنّي مناسككم» فإنه يشمل الواجب و المحرّم و المندوب و المكروه، و قصور الخبرين سندا، مع أنّ الأخير في زيادة الشوط و مورد البحث في مطلق الزيادة.

و يمكن أن يقال: أن المنساق من الخبر الأول ذلك، فأصالة عدم المانعية محكمة.

هذا و لكن اشتهار مبطلية الزيادة مطلقا قديما و حديثا بين الفقهاء بل المتشرعة، و انجبار الخبرين بالعمل و الاعتماد، و تنظير أبي الحسن عليه السّلام الطواف بالصلاة، و صيرورة العمل مع قصد الزيادة المعدية من مظاهر الجرأة و الطغيان مما يوجب الاطمئنان بالحكم.

و أما مثل صحيح ابن مسلم قال: «سألته عن رجل طاف طواف الفريضة ثمانية أشواط؟ قال عليه السّلام: يضيف إليها ستة» (2) فهو محمول على الزيادة السهوية، كما يأتي.

ثمَّ إن إطلاق خبر عبد اللّه يشمل مطلق الزيادة و لو كانت خطوة، و كذا قوله عليه السّلام في خبر أبي بصير: «يعيد حتى يستتمه» فإن إطلاق الاستتمام يشمل الخلل بمطلق الزيادة و لو كانت خطوة.

(61) كل ذلك لصدق الزيادة في ما فرض اللّه تعالى، فيشملها إطلاق الخبرين، إطلاق الكلمات.

ص: 69


1- الوسائل باب: 34 من أبواب الطواف حديث: 1.
2- الوسائل باب: 34 من أبواب الطواف حديث: 8.

من رأس و لا يجزي إعادة الشوط الذي زيد فيه (62) و لا فرق في الزيادة المبطلة بين طواف الفريضة و النافلة (63).

مسألة 1: لا بأس بالإتيان بها لا بقصد الزيادة في المأمور به

(مسألة 1): لا بأس بالإتيان بها لا بقصد الزيادة في المأمور به، و كذا لو أتى بها بقصد المقدمية، أو أتى بها بقصد الخروج عن المطاف أو غرض آخر (64).

______________________________

ثمَّ إن أقسامه خمسة.

الأول: قصد الزيادة في ابتداء النية مع كون الزيادة في الابتداء أيضا.

الثاني: قصدها في الابتداء مع كون الزيادة في الأثناء أو بعد الإكمال.

الثالث: قصدها في الأثناء مع كون نفس الزيادة في الأثناء أو بعد الإكمال.

الرابع: حصول قصد الزيادة بعد الإكمال مع كونها بعده أيضا، و مقتضى الأصل عدم المانعية في هذا القسم بعد قصور الأدلة عن شموله.

الخامس: حصول قصد الزيادة في الابتداء أو في الأثناء مع عدم الإتيان بالزيادة عمدا أو غفلة، أو سهوا، فإن أخل ذلك بقصد الأمر قصد القربة يبطل من هذه الجهة و مع عدم الإخلال مقتضى الأصل عدم البطلان و طريق الاحتياط واضح.

و لا فرق في الزيادة العمدية بين العالم و الجاهل قاصرا كان أو مقصرا، للإطلاق الشامل للجميع.

(62) لفرض أن الطواف صار باطلا لأجل الزيادة فيه. نعم لو كان من قصده الزيادة في الشوط دون أصل الطواف يشكل بطلان أصل الطواف حينئذ و الحق أن المسألة غير محررة في الكلمات كما هو حقه فراجع و تأمل.

(63) لإطلاق الدليل الشامل لهما. و ما يظهر من العلامة و المحقق من كراهة الزيادة في النافلة لم نعثر على دليل لهما يصح الاعتماد عليه.

(64) كل ذلك للأصل بعد كون المراد من الزيادة ما إذا وقعت بقصد

ص: 70

مسألة 2: لو زاد شوطا سهوا يصح طوافه و لا شي ء عليه

(مسألة 2): لو زاد شوطا سهوا يصح طوافه و لا شي ء عليه (65)

______________________________

الجزئية.

(65) على المشهور نصا، و فتوى ففي صحيح أبي أيوب: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل طاف بالبيت ثمانية أشواط طواف الفريضة قال عليه السّلام: فليضمّ إليها ستا ثمَّ يصلي أربع ركعات»(1)، و في صحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: «قلت له: رجل طاف بالبيت فاستيقن أنه طاف ثمانية أشواط قال عليه السّلام:

يضيف إليها ستة و كذلك إذا استيقن أنه طاف بين الصفا و المروة ثمانية فليضف إليها ستة» (2)، و في خبره الآخر (3) عنه عليه السّلام أيضا قال: «إن في كتاب علي عليه السّلام إذا طاف الرجل بالبيت ثمانية أشواط الفريضة فاستيقن ثمانية أضاف إليها ستا» و قريب منه خبره الثالث (4)، و في خبر ابن حمزة قال: «سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام و أنا حاضر عن رجل طاف بالبيت ثمانية أشواط، فقال عليه السّلام: نافلة أو فريضة؟ فقال:

فريضة، فقال عليه السّلام: يضيف إليها ستة، فاذا فرغ صلى ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السّلام ثمَّ خرج إلى الصفا و المروة فطاف بينهما فاذا فرغ صلى ركعتين أخراوين، فكان طواف نافلة و طواف فريضة» (5)، و في خبر معاوية بن وهب:

«أن عليا عليه السّلام طاف ثمانية أشواط فزاد ستة ثمَّ ركع أربع ركعات» (6) إلى غير ذلك من الروايات و لا بد من تقييد إطلاق بعضها بحال السهو بقرينة بعضها الآخر خلافا للصدوق رحمه اللّه في محكي المقنع قال: «و إن طفت بالبيت الطواف المفروض ثمانية أشواط فأعد الطواف، و روى يضيف إليها ستة فيجعل واحدا فريضة و الآخر نافلة».

و استدل على مدعاه. أولا: بأن الشوط الزائد المأتي به لا يصلح للطواف

ص: 71


1- الوسائل باب: 34 من أبواب الطواف حديث: 13.
2- الوسائل باب: 34 من أبواب الطواف حديث: 12 و 10.
3- الوسائل باب: 34 من أبواب الطواف حديث: 12 و 10.
4- الوسائل باب: 34 من أبواب الطواف حديث: 8.
5- الوسائل باب: 34 من أبواب الطواف حديث: 15.
6- الوسائل باب: 34 من أبواب الطواف حديث: 6.

و يستحب إكماله سبعا، فيكون طوافا آخر نافلة (66) و لكن الأحوط

______________________________

الأول للزيادة، و لا للثاني لعدم النية.

و فيه: أنه يجب الخروج عن هذا لأجل الأخبار المعتبرة، مع أن قصد أصل الطواف متحقق في الجملة و هذا المقدار يكفي لجعله جزء للطواف المندوب.

و ثانيا: بجملة من الأخبار منها خبر أبي بصير قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل طاف بالبيت ثمانية أشواط المفروض قال عليه السّلام: يعيد حتى يثبته» (1)، و خبره الآخر المضمر: «قلت له: فإنه طاف و هو متطوع ثماني مرات و هو ناس، قال عليه السّلام: فليتمه طوافين ثمَّ يصلي أربع ركعات، فأما الفريضة فليعد حتى يتم سبعة أشواط» (2) و صحيح ابن سنان عن الصادق عليه السّلام: «من طاف بالبيت فوهم حتى يدخل في الثامن فليتم أربعة عشر شوطا ثمَّ ليصلّ ركعتين» (3)فإن اقتصاره عليه السّلام على صلاة ركعتين إنما هو لأجل أن الثاني إعادة لا أن يكون طوافا أخر، و خبر رفاعة قال: «كان علي عليه السّلام يقول: إذا طاف ثمانية فليتم أربعة عشر قلت: يصلي أربع ركعات قال عليه السّلام: يصلي ركعتين» (4).

و فيه: أنها مخالفة للمشهور مع قصور سند بعضها، مضافا إلى أن الخبرين لا يدلان على مدعاه قدس سره، لأنه قال بالبطلان و هما ظاهران في الصحة فلا بد من حمل الركعتين فيهما على الصلاتين كما في غيرهما فليحمل مثل هذه الأخبار إما على صورة العمد كما مر و إن خالف ذلك ظاهر بعضها، أو تحمل على رجحان الإعادة جمعا.

(66) على المشهور نصا و فتوى، و في خبر ابن أبي حمزة: «سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام و أما حاضر عن رجل طاف بالبيت ثمانية أشواط فقال عليه السّلام: نافلة أو فريضة؟ فقال: فريضة فقال عليه السّلام: يضيف إليها ستة، فاذا فرغ صلى ركعتين عند

ص: 72


1- الوسائل باب: 43 من أبواب الطواف حديث: 1.
2- الوسائل باب: 34 من أبواب الطواف حديث: 2.
3- الوسائل باب: 34 من أبواب الطواف حديث: 5.
4- الوسائل باب: 34 من أبواب الطواف حديث: 9.

عدم قطعه و إتمامه (67) و يصلي للأول قبل السعي، و للآخر بعده (68).

مسألة 3: لو كانت الزيادة أقلّ من الشوط ألقاها

(مسألة 3): لو كانت الزيادة أقلّ من الشوط ألقاها و لم يكملها على الأحوط وجوبا (69).

______________________________

مقام إبراهيم عليه السّلام ثمَّ خرج إلى الصفا و المروة فطاف بينهما فاذا فرغ صلى ركعتين أخراوين فكان طواف نافلة و طواف فريضة» (1).

ثمَّ إن المنساق من الأخبار أن الطواف الأول فرض و الثاني نفل و هو مقتضى استصحاب وجوب الأول و البراءة عن الثاني. و لكن نسب إلى الصدوق رحمه اللّه و ابني الجنيد و سعيد أن الثاني فرض، للفقه الرضوي: «و اعلم أن الفريضة هو الطواف للثاني» (2)، و للأمر بإكماله، و لما دل على بطلان الأول.

و الكل مخدوش: لعدم اعتبار الرضوي، و الأمر محمول على الندب لما عرفت من صحة الأول نصا و فتوى، و ما دل على البطلان محمول على صورة العمد أو رجحان الإعادة فلا مدرك لما نسب إليهم (قدست أسرارهم).

(67) خروجا عن خلاف من جعل الفريضة الطواف الثاني.

(68) نسب وجوب ذلك إلى الأكثر، لخبر علي بن حمزة، و خبر جميل (3) الظاهر في وجوب ذلك المحمول إطلاق غيرها عليها، و عن المدارك أنه الأفضل، لإطلاق بعض الأخبار، كخبر أبي أيوب (4)، و لعدم وجوب المبادرة إلى السعي، و فيه: أن الإطلاق مقيد بغيره و عدم وجوب المبادرة لا يدل على عدم وجوب الكيفية المذكورة، فما نسب إلى الأكثر هو المعتبر، إلّا أن يقال: أن المنساق سياق الندب لا الإلزام، و لكنه أول الكلام.

(69) على المشهور، لخبر أبي كهمس المنجبر قال: «سألت أبا

ص: 73


1- الوسائل باب: 34 من أبواب الطواف حديث: 15.
2- مستدرك الوسائل باب: 24 من أبواب الطواف.
3- تقدم في صفحة: 74- 75.
4- تقدم في صفحة: 74- 75.

الرابع عشر: الموالاة

اشارة

الرابع عشر: الموالاة (70).

______________________________

عبد اللّه عليه السّلام عن رجل نسي فطاف ثمانية أشواط قال عليه السّلام: إن ذكر قبل أن يبلغ الركن فليقطعه» (1) و مثله خبر ابن فضال و زاد فيه: «و قد أجزأ عنه و إن لم يذكر حتى بلغه فليتم أربعة عشر شوطا و ليصلّ أربع ركعات» (2).

و نوقش فيه. أولا بضعف السند.

و فيه: أن العمل و الاعتماد عليه من المشهور جبره.

و ثانيا: بمعارضته بخبر ابن سنان عنه عليه السّلام أيضا: «من طاف بالبيت فوهم حتى يدخل في الثامن فليتم أربعة عشر شوطا ثمَّ ليصل ركعتين» (3).

و فيه: أنه يمكن أن يكون المراد به إتمام الثامن جمعا بينهما. و منه يظهر وجه الاحتياط.

ثمَّ إنه يظهر من خبر أبي كهمس وجوب الإتمام سبعا إن بلغ الركن، و هو خلاف المشهور، و لكنه الأحوط و قد قواه صاحب الجواهر في النجاة.

(70) نسب ذلك إلى ظاهر الأصحاب، و استدل عليها بأنها المعهودة من النبي صلّى اللّه عليه و آله و الأئمة عليهم السّلام و المتشرعة في كل عصر، و المنصرف إليه من النصوص، و كونه كالصلاة المعتبرة فيها الموالاة، و ما يأتي من النصوص المفصلة بين تجاوز النصف و عدمه عند مفاجاة الحيض (4) فإنه لو لا اعتبار الموالاة لا وجه لهذا التفصيل فتكون هذه النصوص محددة لاعتبار الموالاة بحد خاص و لا ريب في حصول الاطمئنان بالاعتبار من مجموع ذلك، فلا وجه بعد ذلك لمناقشة صاحب الحدائق من عدم الدليل عليها، و يشهد لاعتبارها استفصال الرواة عن الإتيان ببعض الأعمال في أثناء الطواف، فيستفاد منه أنها كانت معهودة لديهم. هذا كله في طواف الفريضة، و أما طواف النافلة فلا تجب

ص: 74


1- الوسائل باب: 34 من أبواب الطواف حديث: 3.
2- الوسائل باب: 34 من أبواب الطواف حديث: 4.
3- الوسائل باب: 34 من أبواب الطواف حديث: 5.
4- راجع الوسائل باب: 85 من أبواب الطواف.
مسألة 4: يكره القرآن بين طوافين في الطواف المندوب

(مسألة 4): يكره القرآن بين طوافين في الطواف المندوب (71).

______________________________

فيه الموالاة نصا (1) و فتوى بلا خلاف أجده فيه.

(71) البحث في القران من جهات:

الأولى: في بيان موضوعه و هو عبارة عن الجمع بين أسبوعين من الطواف بلا فصل صلاة طواف بينهما، و يدل عليه النصوص و الفتاوى ففي خبر زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «لا قران بين أسبوعين في فريضة و نافلة» (2)، و عن البزنطي: «سأل رجل أبا الحسن عليه السّلام عن الرجل يطوف الأسباع جميعا فيقرن؟

فقال عليه السّلام: «لا إلا أسبوع و ركعتان- الحديث-» (3) فلا قران بمطلق الزيادة شوطا كانت أو أزيد منه ما لم يكن أسبوعا تاما، و يدل عليه أيضا أصالة عدم ترتب حكم القران إلا فيما هو المستفاد من الروايات و الكلمات.

الثانية: في حكمه التكليفي و قد نسب إلى أكثر علمائنا- كما في التذكرة- الحرمة في الفريضة، و عن الاقتصاد، و السرائر، و المختلف الكراهة فيها، و ظاهرهم الإجماع على الكراهة في النافلة، و مستندهم في ذلك الأخبار منها ما تقدم من خبري زرارة و البزنطي و منها: خبر ابن حمزة: «لا تقرن بين أسبوعين» (4) و منها خبر ابن جعفر عن أخيه عليه السّلام: «عن الرجل يطوف السبوع و السبوعين فلا يصلي ركعتين حتى يبدو له ان يطوف أسبوعا هل يصلح ذلك؟

قال عليه السّلام: لا يصلح حتى يصلي ركعتي السبوع الأول ثمَّ ليطوف ما أحب» (5).

و بإزاء هذه الأخبار ما اشتمل على لفظ الكراهة كصحيح زرارة عن الصادق عليه السّلام: «إنما يكره أن يجمع الرجل بين الأسبوعين و الطوافين في

ص: 75


1- راجع الوسائل باب: 42 من أبواب الطواف.
2- الوسائل باب: 36 من أبواب الطواف حديث: 14.
3- الوسائل باب: 36 من أبواب الطواف حديث: 7.
4- الوسائل باب: 36 من أبواب الطواف حديث: 3.
5- الوسائل باب: 36 من أبواب الطواف حديث: 8.

.....

______________________________

الفريضة و أما النافلة فلا بأس» (1)، و عنه عليه السّلام في خبر عمر بن يزيد: «إنما يكره القران في الفريضة و أما النافلة فلا و اللّه ما به بأس» (2) و الأمر يدور بين رفع اليد عن ظاهر النهي في القسم الأول و حمله على الكراهة بقرينة هذه الأخبار فيكره القران كراهة شديدة في الفريضة و خفيفة في النافلة جمعا بين الأخبار، أو حمل الكراهة في هذه الأخبار بالنسبة إلى الفريضة على الحرمة بقرينة الأخبار الأولى، فيكون حراما في الفريضة و مكروها في النافلة، لأنه أيضا نحو جمع بين الأخبار مع قيام الإجماع على كراهته في النافلة. و يمكن ترجيح الجمع الأخير بأن ما يظهر منه الجواز موافق للتقية، لذهاب جمع من العامة إلى الكراهة في الفريضة، و يشهد له صحيح البزنطي: «و إنما قرن أبو الحسن عليه السّلام لأنه كان يطوف مع محمد ابن إبراهيم فيقرن لحال التقية» (3) و خبر علي بن أبي حمزة: «سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الرجل يطوف و يقرن بين أسبوعين فقال عليه السّلام: إن شئت رويت لك عن أهل مكة فقلت: لا و اللّه مالي في ذلك حاجة جعلت فداك و لكن أرونى ما أدين اللّه عز و جل به فقال عليه السّلام: لا تقرن بين أسبوعين كل ما طفت أسبوعا فصل ركعتين، و أما أنا فربما قرنت الثلاثة و الأربعة فنظرت إليه، فقال: إني مع هؤلاء» (4) فيستفاد من هذا الاهتمام- بترك القران إلا لتقية- عدم جوازه مطلقا حتى في النافلة لو لا الإجماع المحقق على كراهة فيها.

و يمكن حمل صحيح زرارة على التقية أيضا قال: «ربما طفت مع أبي جعفر عليه السّلام و هو ممسك بيدي الطوافين و الثلاثة ثمَّ ينصرف و يصلي الركعات ستا» (5) و لكن الإنصاف أن الحمل على التقية بعيد عما تقدم من صحيح زرارة الفارق بين الفريضة و النافلة.

ثمَّ إن الاقسام في قران الطوافين أربعة.

ص: 76


1- الوسائل باب: 36 من أبواب الطواف حديث: 1.
2- الوسائل باب: 36 من أبواب الطواف حديث: 4.
3- الوسائل باب: 36 من أبواب الطواف حديث: 6.
4- الوسائل باب: 36 من أبواب الطواف حديث: 3.
5- الوسائل باب: 36 من أبواب الطواف حديث: 2.

.....

______________________________

الأول: كونهما فريضتين كالمنذورين، أو كون أحدهما طواف الحج أو العمرة و الآخرة المنذور، و يحرم القران بينهما بناء على شموله للمنذور أيضا.

و أما طواف الحج و العمرة فلا موضوع للقران بينهما، و كذا طواف الحج و النساء، و كذا طواف العمرة المفردة و النساء لاعتبار أن يكون طواف النساء بعد السعي كما مر و يأتي ما يتعلق بالمقام في الفروع الآتية.

الثاني: كونهما مندوبين، و تقدم جواز القرآن بينهما على كراهة.

الثالث: كون الأول فريضة و الأخير مندوبا.

الرابع: عكس ذلك و مقتضى إطلاق قوله عليه السّلام: «لا قران بين أسبوعين في فريضة» (1) شموله لهذين القسمين.

الثالثة: في الحكم الوضعي للقران و انه هل يوجب بطلان الطواف أو يكون القران محرما تكليفا فقط؟

نسب إلى الأشهر البطلان في الفريضة و لكن في الرياض: «إنا لم نقف على نص و لا فتوى على البطلان».

و استدل على البطلان.

تارة: بأنه نهي عن العبادة و هو موجب للبطلان كما ثبت في محله.

و فيه: أنه مسلم لو لم يكن إرشادا إلى أولوية توسعة المجال لسائر الطائفين و أفضلية مراعاة حق المؤمنين كما في سائر موارد تزاحم الحقوق.

و أخرى: بأنه يجب إتيان الصلاة بعد الطواف فورا و الأمر بالشي ء نهى عن ضده، فيكون الطواف منهيا عنه و النهي في العبادة يوجب الفساد فيبطل.

و فيه: ما ثبت في محله من عدم الاقتضاء.

و ثالثة: بأن النهي غيري و لا معنى للنهي الغيري إلا الإرشاد إلى الفساد.

و فيه: أنه غيري لكنه إرشاد إلى مرجوحية عدم مراعاة حق سائر الطائفين لا أن يكون إرشادا إلى فساد الطواف.

ص: 77


1- الوسائل باب: 36 من أبواب الطواف حديث: 14.
مسألة 5: إذا قارن في النافلة ينبغي له القطع على وتر

(مسألة 5): إذا قارن في النافلة ينبغي له القطع على وتر كالثلاثة، و الخمسة (72).

مسألة 6: لو نقص شوطا- أو أقلّ أو أزيد- سهوا أتمّ

(مسألة 6): لو نقص شوطا- أو أقلّ أو أزيد- سهوا أتمّ إن كان في المطاف و لم يفعل المنافي، كالحديث، و فوت الموالاة و نحوهما (73)، و كذا يتم لو تمت له أربعة أشواط و إن حصل المنافي (74) فيتم

______________________________

ثمَّ إنه هل يختص البطلان- على فرضه- بخصوص الثاني أو يعم الطوافين؟ الظاهر هو الأول، لأصالة الصحة في الأول، و لأن القران و إن كان من الأمور المضافة إليهما لكن حدوثه عرفا إنما هو من ناحية الثاني و النهي متوجه إليه عند المتعارف، و الأحوط استيناف الأول.

و هل يختص الحكم بحال العمد و الالتفات، أو يشمل حال السهو و الغفلة أيضا؟ وجهان مبنيان على أن النهي نفسي أو إرشاد إلى الفساد فعلى الأول يختص بحال العمد و على الأخير يشمل تمام الحالات.

و المناط في سقوط الحكم- حرمة أو كراهة- تخلل الصلاة الصحيحة، فلو صلّى ثمَّ علم ببطلان صلاته لا يرتفع موضوع القران بذلك.

كما لو طالت المدة بين الطوافين- بمقدار يوم أو أكثر مثلا- مع عدم الإتيان بصلاة الطواف فهل يتحقق القران أيضا أو لا؟ مقتضى الجمود على الأدلة هو الأول إلّا أن يدّعى الانصراف عنه.

(72) لإطلاق خبر طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عليهم السّلام: «انه كان يكره ينصرف في الطواف إلا على وتر من طوافه» (1).

(73) لوجود المقتضي له و فقد المانع عنه، و ظهور الإطلاق و الاتفاق فلا بد من الامتثال.

(74) لجملة من الأخبار منها صحيح الأعرج قال: «سئل أبو

ص: 78


1- الوسائل باب: 37 من أبواب الطواف حديث: 1.

.....

______________________________

عبد اللّه عليه السّلام عن امرأة طافت بالبيت أربعة أشواط و هي معتمرة ثمَّ طمثت قال تتم طوافها فليس عليها غيره، و متعتها تامة فلها أن تطوف بين الصفا و المروة و ذلك لأنها زادت على النصف و قد مضت متعتها و لتستأنف بعد الحج» (1)، و مثله خبر إبراهيم بن أبي إسحاق بزيادة: «و ان هي لم تطف إلا ثلاثة أشواط فلتستأنف الحج» (2)، و في مرسل جميل عن أحدهما عليهما السّلام: «الرجل يحدث في طواف الفريضة و قد طاف بعضه قال عليه السّلام: يخرج و يتوضأ فإن كان جاز النصف بنى على طوافه و إن كان أقل من النصف أعاد الطواف» (3).

بدعوى: أن المستفاد أن الخلل الحاصل في الطواف مغتفر بعد تجاوز النصف لا قبله و يكون ذكر الحدث و الحيض من باب المثال، لأن المناط عموم العلة لا خصوص المورد، فيصح الأخذ بعموم العلة للمقام أيضا، و هذا هو المشهور بين الفقهاء و لم ينسب الخلاف إلّا إلى بعض المتأخرين.

ثمَّ إن إطلاق التجاوز عن النصف يشمل مطلق التجاوز عنه و لو بقدم أو أكثر.

و يدل عليه. أولا: الإطلاقات المشتملة على هذا التعبير.

و ثانيا: مثل خبر أبي بصير قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «إذا حاضت المرأة و هي في الطواف بالبيت و بين الصفا و المروة فجاوزت النصف فعلّمت ذلك الموضع، فإذا طهرت رجعت فأتمت بقية طوافها من الموضع الذي علّمته فإن هي قطعت طوافها في أقل من النصف فعليها أن تستأنف الطواف من أوله» (4) فإن قوله عليه السّلام: «فعلّمت ذلك الموضع» كالنص في كفاية مطلق التجاوز و لو بقدم، و صحيح الأعرج- المتقدم- ظاهر في إكمال أربعة أشواط لكنه مذكور في كلام الراوي دون الامام عليه السّلام، و لكن في خبر إسحاق بن عمار عن أبي الحسن عليه السّلام:

ص: 79


1- الوسائل باب: 86 من أبواب الطواف حديث: 1.
2- الوسائل باب: 85 من أبواب الطواف حديث: 4.
3- الوسائل باب: 40 من أبواب الطواف حديث: 1.
4- الوسائل باب: 85 من أبواب الطواف حديث: 1.

.....

______________________________

«في رجل طاف طواف الفريضة ثمَّ اعتل علة لا يقدر معها على إتمام الطواف فقال عليه السّلام: إن كان طاف أربعة أشواط أمر من يطوف عنه ثلاثة أشواط فقد تمَّ طوافه، و إن كان طاف ثلاثة أشواط و لا يقدر على الطواف فإنّ هذا مما غلب اللّه عليه، فلا بأس بأن يؤخر الطواف يوما أو يومين، فان خلته العلة عاد فطاف أسبوعا، و إن طالت علته أمر من يطوف عنه أسبوعا و يصلّى هو ركعتين و يسعى عنه، و قد خرج من إحرامه و كذلك يفعل في السعي و في رمي الجمار» (1)، و كذا خبر إسحاق صاحب اللؤلؤ (2). و عن جمع منهم الشهيد في المسالك تقييد المطلقات به، لأن خبر عمار كالشارح و المبين لحد التجاوز عن النصف فيكون مقدما عليها.

و أما خبر حبيب بن مظاهر قال: «ابتدأت في طواف الفريضة فطفت شوطا واحدا، فإذا إنسان قد أصاب نفى فأدماه فخرجت فغسلته ثمَّ جئت فابتدأت الطواف، فذكرت ذلك لأبي عبد اللّه الحسين عليه السّلام فقال بئسما صنعت كان ينبغي لك أن تبني على ما طفت، ثمَّ قال عليه السّلام: أما إنه ليس عليك شي ء» (3) فلا بد من طرحه، لجهالة حبيب، أو حمله على ما إذا لم يكن ذلك منافيا لفوت الموالاة و سائر الجهات. و يظهر من جمع إطلاق التجاوز عن النصف منهم المحقق في الشرائع و لا ريب في أن التقييد بإتمام أربعة أشواط مطابق للاحتياط هذا.

و عن جمع أن هذا التفصيل لا مدرك له في المقام بل ليس فيه إلّا صحيح ابن خالد عن الصادق عليه السّلام: «سأله عن رجل طاف بالبيت ستة أشواط قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: و كيف طاف ستة أشواط؟ قال: استقبل الحجر و قال: اللّه أكبر و عقد واحدا. فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام يطوف شوطا فقال سليمان بن خالد: فإنه فاته ذلك حتى أتى أهله قال: يأمر من يطوف عنه» (4)، و صحيح الحلبي عنه عليه السّلام أيضا:

ص: 80


1- الوسائل باب: 45 من أبواب الطواف حديث: 2.
2- الوسائل باب: 86 من أبواب الطواف حديث: 2.
3- الوسائل باب: 41 من أبواب الطواف حديث: 2.
4- الوسائل باب: 32 من أبواب الطواف حديث: 1.

من موضع القطع و لا يجب الاستيناف من الركن (75).

مسألة 7: من قطع طوافه لحاجة- و لو لأجل الاستراحة

(مسألة 7): من قطع طوافه لحاجة- و لو لأجل الاستراحة أو لصلاة الوتر إذا خاف فوات وقتها، أو صلاة فريضة في أول الوقت، أو صلاة جنازة، أو حدوث حدث- فإن كان ذلك بعد تمام أربعة أشواط

______________________________

«رجل طاف بالبيت فاختصر شوطا واحدا في الحجر قال عليه السّلام: يعيد ذلك الشوط» (1)، فيختص البناء على الصحة بخصوص صحيحي سليمان بن خالد و الحلبي و في غيره يجب الاستيناف، لفوات الموالاة.

و فيه: أن ما تقدم من اعتبار التجاوز عن النصف مقيد لإطلاق مثل هذه الأخبار و شارح لها، لأن مفادها عدم اعتبار الموالاة في موارد الأعذار و الحاجات بعد تجاوز النصف و تنزيل الإتيان بأربعة أشواط من الطواف منزلة تمامه من هذه الجهات.

(75) لإطلاق ما تقدم من صحيح الأعرج، مضافا إلى أصالة عدم وجوب الاستيناف من الركن. هذا مع ورود الأمر بحفظ الموضع لأن يبني عليه في الإتمام في جملة من الأخبار. ففي خبر أبي غرة «و احفظه من حيث تقطعه حتى تعود إلى الموضع الذي قطعت منه فتبني عليه» (2).

و في خبر أبي الفرج: «احفظ مكانك ثمَّ اذهب فعده ثمَّ ارجع فأتم طوافك» (3).

و في خبر يونس: «فاعرف الموضع ثمَّ اخرج فاغسله ثمَّ عد فابن على طوافك» (4) إلى غير ذلك مما يأتي التعرض له.

ص: 81


1- الوسائل باب: 31 من أبواب الطواف حديث: 1.
2- الوسائل باب: 41 من أبواب الطواف حديث: 10.
3- الوسائل باب: 41 من أبواب الطواف حديث: 6.
4- الوسائل باب: 52 من أبواب الطواف حديث: 1.

ينبئ من موضع القطع و إلّا فيستأنف (76).

______________________________

(76) البحث في هذه المسألة من جهات.

الأولى: في عدم جواز قطع الطواف مطلقا.

الثانية: في قطعه لهذه الأمور المذكورة.

الثالثة: إنما هو فيما إذا كان القطع بعد تجاوز النصف لا قبله و إلّا يستأنف.

أما الأولى: فمقتضى الأصل جواز قطعه مطلقا سواء كان لهذه الأمور أو لغيرها إلّا أن يدل دليل على المنع.

و استدل على المنع: بالتأسي، و سيرة المتشرعة، و أن «الطواف بالبيت صلاة» (1)، و بقاعدة الاشتغال.

و الكل مخدوش: إذ الأولان لا يدلان على أزيد من الرجحان، و الثالث قاصر سندا و دلالة كما تقدم، و الأخير لا وجه له، لأن المقام من الشك في الأصل التكليف و المرجع فيه أصالة عدم المانعية.

و استدل عليه أيضا بصحيح أبان عن الصادق عليه السّلام: «في رجل طاف شوطا أو شوطين ثمَّ خرج مع رجل في حاجة قال عليه السّلام: إن كان طواف نافلة بنى عليه و إن كان طواف فريضة لم يبن» (2).

و فيه: أنه معارض بخبره الآخر قال: «كنت مع أبي عبد اللّه عليه السّلام في الطواف فجاء رجل من إخواني فسألني أن أمشي معه في حاجة ففطن بي أبو عبد اللّه عليه السّلام فقال لي: يا أبان من هذا الرجل؟ قلت: رجل من مواليك سألني أن أذهب معه في حاجة، قال عليه السّلام: يا أبان اقطع طوافك و انطلق معه في حاجته فاقضها له، فقلت إني لم أتم طوافي قال عليه السّلام: أحص ما طفت و انطلق معه في حاجته فقلت: و إن كان في طواف فريضة؟ فقال: نعم، و إن كان طواف فريضة-

ص: 82


1- تقدم في صفحة: 43.
2- الوسائل باب: 41 من أبواب الطواف حديث: 5.

.....

______________________________

إلى أن قال- لقضاء حاجة مؤمن خير من طاف و طواف حتى عد عشرة أسابيع فقلت له: جعلت فداك فريضة أم نافلة؟ فقال عليه السّلام: يا أبان إنما يسأل اللّه العباد عن الفرائض لا عن النوافل» (1) و لكنه يختص بمورد مخصوص فلا وجه لاستفادة الإطلاق منه، مع ما يأتي في الجهة الثانية من حمله على ما بعد التجاوز عن النصف، و استدل أيضا بصحيح البختري عن ابي عبد اللّه عليه السّلام: «فيمن كان يطوف بالبيت فيعرض له دخول الكعبة فدخلها قال عليه السّلام: يستقبل طوافه» (2)، و في صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سألته عن رجل طاف بالبيت ثلاثة أشواط ثمَّ وجد من البيت خلوة فدخله كيف يصنع؟ قال عليه السّلام: يعيد طوافه و خالف السنة»(3)، و في مرسل ابن مسكان قال: «حدثني من سأله عن رجل طاف بالبيت طواف الفريضة ثلاثة أشواط، ثمَّ وجد خلوة من البيت فدخله قال عليه السّلام: نقض طوافه و خالف السنة فليعد» (4) و مثله خبر عمران الحلبي (5) و يمكن دعوى ظهور هذه الأخبار في حرمة القطع من جهة اشتمالها على لفظ النقض و الإعادة، و خلاف السنة، و قد قواه صاحب الجواهر في النجاة، و صرح صاحب المستند بالعدم. و لكن يمكن الخدشة بأن ذلك كله أعم من الحرمة لاستعمال النقض و خلاف السنة في مورد مطلق المرجوحية كما تستعمل الإعادة في مطلق رجحانها أيضا، هذا و لكن الظاهر حصول الاطمئنان بعدم الجواز من جميع ما تقدم فما قواه صاحب الجواهر عن عدم جواز قطع الفريضة اقتراحا لو لم يكن أقوى فهو الأحوط وجوبا، و يقتضيه اعتبار الموالاة أيضا.

أما الثانية: فلا إشكال في جواز القطع لهذه الأمور في الجملة، و يدل على القطع لقضاء حاجة المؤمن ما تقدم من صحيح أبان، و لمطلق الحاجة مرسل جميل عن أحدهما عليهما السّلام: «في الرجل يطوف ثمَّ تعرض له الحاجة قال عليه السّلام: لا بأس أن يذهب في حاجته أو حاجة غيره و يقطع الطواف و إن أراد أن يستريح و يقعد فلا بأس بذلك فإذا رجع بنى على طوافه، و إن كان نافلة بنى على الشوط

ص: 83


1- الوسائل باب: 41 من أبواب الطواف حديث: 7.
2- الوسائل باب: 41 من أبواب الطواف حديث: 1.
3- الوسائل باب: 41 من أبواب الطواف حديث: 3.
4- الوسائل باب: 41 من أبواب الطواف حديث: 4.
5- الوسائل باب: 41 من أبواب الطواف حديث: 9.

.....

______________________________

و الشوطين و إن كان طواف فريضة ثمَّ خرج في حاجة مع رجل لم يبن و لا في حاجة نفسه» (1) و تشمل الحاجة مطلق الحوائج العرفية سواء كانت راجحة أولا.

و يدل على جواز القطع للاستراحة- مضافا إلى هذا المرسل- صحيح ابن رئاب قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: الرجل يعيي في الطواف إله أن يستريح؟

قال عليه السّلام: نعم يستريح، ثمَّ يقوم فيبني على طوافه في فريضة أو غيرها، و يفعل ذلك في سعيه و جميع مناسكه» (2)، و صحيح ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:

«أنه سئل عن الرجل يستريح في طوافه؟ فقال عليه السّلام: نعم أنا قد كانت توضع لي مرفقة فأجلس عليها» (3).

و يدل على جواز القطع لصلاة الوتر- مضافا إلى ظهور الإجماع- صحيح عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي إبراهيم عليه السّلام قال: «سألته عن الرجل يكون في الطواف قد طاف بعضه و بقي عليه بعضه فطلع الفجر، فيخرج من الطواف إلى الحجر أو إلى بعض المسجد إذا كان لم يوتر فيوتر ثمَّ يرجع فيتم طوافه، أ فترى ذلك أفضل؟ أم يتم الطواف ثمَّ يوتر و إن اسفر بعض الاسفار؟ قال عليه السّلام ابدا بالوتر و اقطع الطواف إذا خفت ذلك ثمَّ أتمّ الطواف بعد»(4)، و يدل عليه ما تقدم من مرسل جميل، فإنها أيضا حاجة من الحوائج الداعية إلى قطع الطواف.

و يدل على جواز القطع لصلاة الفريضة- مضافا إلى ظهور الاتفاق- حسن ابن سنان قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل كان في طواف النساء فأقيمت الصلاة قال عليه السّلام: يصلي معهم الفريضة فإذا فرغ بنى من حيث قطع» (5)، و عنه عليه السّلام أيضا في خبر هشام: «في رجل كان في طواف الفريضة فأدركته صلاة فريضة قال عليه السّلام: يقطع الطواف و يصلي الفريضة ثمَّ يعود فيتم ما بقي عليه من

ص: 84


1- الوسائل باب: 41 من أبواب الطواف حديث: 8.
2- الوسائل باب: 46 من أبواب الطواف حديث: 1.
3- الوسائل باب: 46 من أبواب الطواف حديث: 3.
4- الوسائل باب: 44 من أبواب الطواف حديث: 1.
5- الوسائل باب: 43 من أبواب الطواف حديث: 2.

.....

______________________________

طوافه» (1) و المنساق منها الإدراك في أول الوقت، و يدل على القطع الصلاة الجنازة- مضافا إلى نسبته إلى علمائنا كما في المنتهى- أنها من الحاجة، فيشمله ما تقدم من خبر جميل.

و يدل على القطع لحدوث الحدث مرسل جميل المنجبر عن أحدهما عليهما السّلام: «في الرجل يحدث في طواف الفريضة و قد طاف بعضه قال عليه السّلام: يخرج و يتوضأ، فإن كان جاز النصف بنى على طوافه و إن كان أقل من النصف أعاد الطواف»(2)، و تقدم موثق إسحاق بن عمار (3) في العلة فراجع.

ثمَّ انه بعد جواز القطع لمطلق الحاجة لا وجه لتعداد صغرياتها. و الظاهر أن متعارف الطائفين لا يقدمون على قطع طوافهم لغير الحاجة.

و دعوى: أن الحاجة عبارة عما ذكرت في الروايات و لا تعم غيرها تحكّم و تحتاج إلى دليل بالخصوص، لظهور أنها ذكرت من باب المثال لا الخصوصية.

أما الجهة الثالثة: فمجموع الأخبار الواردة على أقسام.

الأول: صحيح حفص عن الصادق عليه السّلام: «في من كان يطوف بالبيت فيعرض له دخول الكعبة فدخلها قال عليه السّلام: يستقبل طوافه»(4) و إطلاقه يشمل قبل تجاوز النصف و بعده و يستفاد منه حرمة القطع لسائر الأمور بالأولى، و في صحيح الحلبي عنه عليه السّلام أيضا: «سألته عن رجل طاف بالبيت ثلاثة أشواط ثمَّ وجد من البيت خلوة فدخله كيف يصنع؟ قال عليه السّلام يعيد طوافه و خالف السنة» (5).

الثاني: خبر ابن مظاهر قال: «ابتدأت في طواف الفريضة فطفت شوطا واحدا، فإذا إنسان قد أصاب أنفي فأدماه فخرجت فغسلته، ثمَّ جئت فابتدأت الطواف فذكرت ذلك لأبي عبد اللّه الحسين عليه السّلام فقال: بئس ما صنعت، كان ينبغي

ص: 85


1- الوسائل باب: 43 من أبواب الطواف حديث: 1.
2- الوسائل باب: 40 من أبواب الطواف حديث: 1.
3- تقدم في صفحة 84.
4- الوسائل باب: 41 من أبواب الطواف حديث: 1.
5- الوسائل باب: 41 من أبواب الطواف حديث: 3.
مسألة 8: لو تعمد قطع طوافه لا لأجل ما تقدّم في المسألة السابقة يبطل طوافه

(مسألة 8): لو تعمد قطع طوافه لا لأجل ما تقدّم في المسألة السابقة يبطل طوافه (77) و الأحوط الإتمام مع تمام الأربع ثمَّ الاستئناف (78).

مسألة 9: يجزي الاستيناف للجاهل في موارد صحة البناء

(مسألة 9): يجزي الاستيناف للجاهل في موارد صحة البناء (79)

______________________________

لك أن تبني على ما طفت ثمَّ قال: اما إنه ليس عليك شي ء» (1) و لكن قصور سنده أسقطه عن الاعتبار و لو تمَّ سنده لكان دليلا على جواز القطع و البناء مطلقا، و صح لصاحب المستند التمسك به لما ذهب اليه.

الثالث: ما تقدم من التعليل في صحيح الأعرج من قوله عليه السّلام: «لأنها زادت على النصف» (2)، و ما تقدم من موثق ابن عمار: «إن كان طاف أربعة أشواط أمر من يطوف عنه» (3) و لا بد من تقييد جميع أخبار المقام بمثلها لأنهما كالشارح لها، فيصح البناء في قطع الطواف لقضاء الحاجة، و الاستراحة، و صلاة الجنازة، و صلاة الوتر و نحوهما مما مر أن وقع ذلك بعد أربعة أشواط، و يبطل الطواف و يجب الاستيناف إن وقع ذلك قبلها.

(77) لاختلال الموالاة، و قد تقدم اعتبارها. هذا مع فوت الموالاة، و أما مع عدمه فيصح البناء و لا شي ء عليه.

(78) خروجا عن خلاف من لا يقول بالبطلان كصاحب المستند.

(79) لأن الظاهر أن الحكم بالبناء رخصة لا أن يكون عزيمة، مع أن العزيمة مشتملة على خصوصية خاصة زائدة على الترخيص في الترك، و مقتضى الأصل عدم لحاظ تلك الخصوصية، و قد مر في خبر حبيب أنه عليه السّلام أمضى استيناف الطواف بعد أن قال عليه السّلام: «بئس ما صنعت» و إن كان ضعف سنده يمنع عن الاعتماد عليه.

ص: 86


1- الوسائل باب: 41 من أبواب الطواف حديث: 2.
2- تقدم في صفحة: 80- 81.
3- تقدم في صفحة: 80- 81.

و إن كان الأولى عدم الاستيناف (80).

مسألة 10: لو شك في موضع القطع طاف مما يحصل منه اليقين بالفراغ

(مسألة 10): لو شك في موضع القطع طاف مما يحصل منه اليقين بالفراغ (81).

مسألة 11: يجوز قطع طواف النافلة اقتراحا قبل تجاوز النصف و بعده

(مسألة 11): يجوز قطع طواف النافلة اقتراحا قبل تجاوز النصف و بعده (82).

و إن كان الأحوط عدم القطع فيه أيضا (83) و يجوز في مورد القطع

______________________________

(80) لاحتمال كون الحكم بالبناء عزيمة لا رخصة، فيصح لأجله الاحتياط.

(81) لقاعدة الاشتغال بعد كون استصحاب بقاء الطواف إلى موضع الشك و إثبات أنه موضع القطع مثبتا، و عدم قادحية احتمال الزيادة، للأصل.

(82) لأصالة البراءة عن الحرمة، و أصالة عدم المانعية، و أصالة الصحة في ما أتى به من الأشواط، و في صحيح أبان عن الصادق عليه السّلام: «في رجل طاف شوطا أو شوطين ثمَّ خرج مع رجل في حاجة قال عليه السّلام: إن كان طواف نافلة بنى عليه، و إن كان طواف فريضة لم يبن» (1)، و في خبر جميل عن أحدهما عليهما السّلام:

قال «في رجل يطوف ثمَّ تعرض له الحاجة، قال عليه السّلام: لا بأس أن يذهب في حاجته أو حاجة غيره و يقطع الطواف، إن أراد أن يستريح و يقعد فلا بأس بذلك. فإذا رجع بني على طوافه، و إن كان نافلة بنى على الشوط و الشوطين- الحديث-»(2) و الظاهر أن ذكر الحاجة من باب الغالب و إلّا فمقتضى ما تقدم من الأصول جواز قطعه اقتراحا أيضا.

(83) لأن الاحتياط سبيل النجاة، و قد احتاط صاحب الجواهر في النجاة أيضا.

ص: 87


1- الوسائل باب: 41 من أبواب الطواف حديث: 5.
2- الوسائل باب: 41 من أبواب الطواف حديث: 8.

البناء و الاستيناف (84) و إن كان الأولى البناء (85).

مسألة 12: يجزي في مورد البناء العود بنية الإتمام و لا يحتاج إلى تجديد النية

(مسألة 12): يجزي في مورد البناء العود بنية الإتمام و لا يحتاج إلى تجديد النية (86) و إن كان أحوط (87).

مسألة 13: لو كان مريضا و استمر مرضه حتى ضاق الوقت طيف به

(مسألة 13): لو كان مريضا و استمر مرضه حتى ضاق الوقت طيف به (88).

______________________________

(84) لعدم دليل على تعيين أحدهما، و تقدم جواز الاستيناف في طواف الفريضة أيضا فكيف بالنافلة المبنية على التسهيل.

(85) جمودا على ظاهر ما تقدم من صحيح أبان.

(86) لأصالة عدم وجوب التجديد بعد أن كان المأتي به إتماما للأول و عدم كونه شيئا مستقلا.

(87) صرح به في النجاة، و الوجه فيه حسنه على كل حال و لو مع الدليل لعدم الوجوب.

(88) إجماعا، و نصوصا، ففي صحيح معاوية بن عمار عن الصادق عليه السّلام:

«الكسير يحمل فيطاف به» (1)، و في خبر إسحاق بن عمار قال: «سألت أبا الحسن موسى عليه السّلام عن المريض يطاف عنه بالكعبة؟ قال عليه السّلام: لا و لكن يطاف به» (2)، و في صحيح صفوان قال: «سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الرجل المريض يقدم مكة فلا يستطيع أن يطوف بالبيت و لا بين الصفا و المروة قال عليه السّلام: يطاف به محمولا يخط الأرض برجليه حتى تمس الأرض قدميه في الطواف» (3)، و في خبر أبي بصير: «إن أبا عبد اللّه عليه السّلام مرض، فأمر غلمانه أن يحملوه و يطوفوا به فأمرهم أن يخطو برجليه الأرض حتى تمس الأرض قدماه في الطواف» (4)،

ص: 88


1- التهذيب ج: 5 صفحة 125 رقم 409.
2- الوسائل باب: 47 من أبواب الطواف حديث: 7.
3- الوسائل باب: 47 من أبواب الطواف حديث: 2.
4- الوسائل باب: 47 من أبواب الطواف حديث: 10.

و الأولى خط رجليه حتى تمسّ قدماه الأرض (89) و لو لم يمكن الطواف به و ضاق الوقت يطاف عنه (90)، و يجري حكم الطواف فيما

______________________________

و تقتضيه قاعدة الميسور أيضا و ما دل من الأخبار (1) على الطواف عنه محمول على ما إذا لم يمكن ذلك عرفا.

و أما اعتبار استمرار المرض إلى ضيق الوقت فهو من صغريات مسألة البدار لذوي الأعذار و قد ذكرنا في- التهذيب الأصول- أن مقتضى إطلاق الأدلة الأولية و عمومها عدم جواز البدار إلا مع الدليل على الخلاف، و لا دليل على الخلاف في المقام إلا ما في كشف اللثام من أن ظاهر الأخبار و الأصحاب هو الجواز، و إذا جاز أمكن الوجوب إذا لم يجز القطع.

و فيه: أن الأخبار في مقام بيان أصل التشريع و لا يستفاد منها الإطلاق من هذه الجهة، و يمكن حمل كلمات الأصحاب على ذلك أيضا، فتبقى إطلاقات الأدلة الأولية بحالها ما لم يتحقق العذر المستقر في تمام الوقت، فيثبت موضوع التكليف الاضطراري حينئذ قطعا و لا تجب الإعادة إذا برئ، للأصل، و قاعدة الإجزاء.

(89) لما مرّ في خبري صفوان، و أبي بصير المحمولين على الندب إجماعا.

(90) إجماعا، و نصوصا، ففي صحيح الخثعمي عن الصادق عليه السّلام: «أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يطاف عن المبطون و الكسير» (2) و لا بد من حمل الأخير على ما إذا لم يمكن الطواف به جمعا، و إجماعا، و في موثق ابن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «إذا كانت المرأة مريضة لا تعقل فليحرم عنها و يتقى عليها ما يتقى على المحرم و يطاف بها أو يطاف عنها أو يرمي عنها» (3)، و في صحيح

ص: 89


1- راجع الوسائل باب 49 من أبواب الطواف.
2- الوسائل باب: 49 من أبواب الطواف حديث: 5.
3- الوسائل باب: 47 من أبواب الطواف حديث: 4.

تقدم على صلاته أيضا، فمن يتمكن منها يصلي بنفسه و من لم يتمكن يستنيب، و الأحوط الجمع بين الصلاة بنفسه بحسب مراتبها الميسورة و الاستنابة (91).

مسألة 14: لو شرع في السعي فذكر بطلان الطواف رجع إليه و أتمه

(مسألة 14): لو شرع في السعي فذكر بطلان الطواف رجع إليه و أتمه- إن كان بعد إتيان أربعة أشواط منه- ثمَّ أتمّ السعي من موضع قطعه تجاوز نصفه أو لا.

و إن لم يكن قد أتم الأربعة من الطواف استأنف من رأس ثمَّ

______________________________

حريز عن الصادق عليه السّلام: «المريض المغلوب، و المغمى عليه يرمى عنه و يطاف عنه» (1)، و عنه عليه السّلام أيضا في موثق ابن عمار: «الكبير يحمل فيطاف به، و المبطون يرمى و يطاف عنه و يصلى عنه» (2) إلى غير ذلك من الأخبار المحمول ما ذكر فيها الطواف به على صورة إمكانه، و ما ذكر فيه الطواف عنه على صورة عدم إمكان الطواف به.

(91) أما الأول: فلتبدل صلاته الاختيارية بالاضطرارية و المفروض أنه متمكن من الصلاة الاضطرارية فيأتي بها و تجزي عنه، لقاعدة الإجزاء، و طريق الاحتياط أن يستنيب من يصلي الصلاة الاختيارية أيضا.

و أما الثاني: فلأن الصلاة من توابع الطواف و هو صدر من الطائف فتجب الصلاة عليه، و في موثق ابن عمار (3): «و المبطون يرمى عنه و يصلّى عنه»، و في موثقة الآخر (4): «و المبطون يرمى و يطاف عنه و يصلّى عنه». و الأحوط إتيان المنوب عنه أيضا بأي نحو أمكنه كما في فرائضه اليومية التي لا تسقط بحال.

ص: 90


1- الوسائل باب: 49 من أبواب الطواف حديث: 1.
2- الوسائل باب: 49 من أبواب الطواف حديث: 6.
3- الوسائل باب: 49 من أبواب الطواف حديث: 7.
4- الوسائل باب: 49 من أبواب الطواف حديث: 6.

استأنف السعي (92).

مسألة 15: لو شك في عدد أشواط طواف الفريضة أو صحتها لم يلتفت إن كان بعد اعتقاد التمام و الخروج عن المطاف

(مسألة 15): لو شك في عدد أشواط طواف الفريضة أو صحتها لم يلتفت إن كان بعد اعتقاد التمام و الخروج عن المطاف، و كذا لو استقر اعتقاد التمام و إن كان في المطاف (93)، و كذا إن كان الشك في

______________________________

(92) لموثق إسحاق بن عمار: «سأل الصادق عليه السّلام عن رجل طاف بالبيت ثمَّ خرج إلى الصفا فطاف به ثمَّ ذكر أنه قد بقي عليه من طوافه شي ء فأمره أن يرجع إلى البيت فيتم ما بقي من طوافه، ثمَّ يرجع إلى الصفا فيتم ما بقي. قال: فإنه طاف بالصفا و ترك البيت، قال عليه السّلام: يرجع إلى البيت فيطوف به ثمَّ يستقبل طواف الصفا قال: فما الفرق بين هذين؟ فقال عليه السّلام: لأنه دخل في شي ء من الطواف و هذا لم يدخل في شي ء منه»(1)، و مقتضى إطلاق صدره كفاية الإتيان بشي ء من الطواف في صحة البناء عليه بعد الدخول في شي ء من السعي، و لكن ما تقدم من الأخبار المنزلة لتجاوز النصف من الطواف منزلة تمامه في الجملة و المعللة بأنه قد تجاوز النصف مفسر للفظ الشي ء في المقام، فيكون المتحصل من مجموع الأخبار أن ترتب السعي على تمام أربعة أشواط من الطواف شرط واقعي و ترتبه على تمامه شرط ذكري. و هذا هو الدليل في المسألة بفروعها و لم نظفر فيها على نص غيره، و قد عمل به جمع من الفقهاء.

(93) نصا، و إجماعا- مضافا إلى أصالة الصحة، و قاعدة الفراغ- و في صحيح ابن حازم قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل طاف طواف الفريضة فلم يدر ستة طاف أم سبعة؟ قال عليه السّلام: فليعد طوافه قلت: ففاته قال عليه السّلام: ما أرى عليه شيئا و الإعادة أحب إليّ و أفضل» (2) و قريب منه غيره

ص: 91


1- التهذيب ج 5 صفحة: 130 و لكن في الوسائل باب: 63 من أبواب الطواف حديث: 3 مع الاختلاف في الألفاظ.
2- الوسائل باب: 33 من أبواب الطواف حديث: 8.

الزيادة كالثمانية و كان عند الحجر (94)، و لو كان قبل الوصول إليه استأنف الطواف (95).

مسألة 16: كل من شك في النقصان- كمن شك قبل الركن أنه السابع أو الثامن

(مسألة 16): كل من شك في النقصان- كمن شك قبل الركن أنه السابع أو الثامن، أو شك بين الستة و السبعة، أو ما دونهما سواء اجتمع معها احتمال الثمانية فما فوقها أولا، و سواء كان قبل الركن أو لا- يجب عليه استيناف الطواف في جميع ذلك (96) و لكن الأحوط البناء على

______________________________

و لا بد و أن يحمل على ما ذكرناه بقرينة الإجماع.

(94) لأصالة عدم الزيادة، و البراءة عن الإعادة، و لصحيح الحلبي قال:

«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل طاف بالبيت طواف الفريضة فلم يدر أ سبعة طاف أم ثمانية؟ فقال عليه السّلام: أما السبعة فقد استيقن، و إنما وقع و همه على الثامن فليصلّ ركعتين» (1) و عمومه شامل للشك بعد الفراغ أيضا، كما مر.

(95) لتردده بين محذورين الإكمال المحتمل للزيادة العمدية و القطع المحتمل للنقيصة كذلك، و يشمله إطلاق خبر أبي بصير قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل شك في طواف الفريضة قال عليه السّلام: يعيد كل ما شك- الحديث-» (2) فإنّ إطلاقه يشمل مثل هذا الشك أيضا.

(96) للنصوص الكثيرة.

منها: ما تقدم من صحيح ابن حازم.

و منها: صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «في رجل طاف لم يدر ستة طاف أم سبعة قال عليه السّلام: يستقبل» (3).

و منها: خبر أبي بصير قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل شك في

ص: 92


1- الوسائل باب: 35 من أبواب الطواف حديث: 1.
2- الوسائل باب: 33 من أبواب الطواف حديث: 12.
3- الوسائل باب: 33 من أبواب الطواف حديث: 9.

الأقل و الإتمام ثمَّ الاستيناف (97).

______________________________

طواف الفريضة قال عليه السّلام: يعيد كل ما شك» (1).

و منها: خبره الآخر قال: «قلت له: رجل طاف بالبيت طواف الفريضة فلم يدر ستة طاف أم سبعة أم ثمانية قال عليه السّلام: يعيد طوافه حتى يحفظ» (2)، و في موثق ابن سدير قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ما تقول في رجل طاف فأوهم قال:

طفت أربعة أو طفت ثلاثة؟ فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أي الطوافين كان طواف نافلة أم طواف فريضة؟ قال: إن كان طواف فريضة فليلق ما في يديه و ليستأنف- الحديث-» (3) إلى غير ذلك من الأخبار و هذا هو المشهور بين الأصحاب.

و نسب إلى المفيد في الشك بين الستة و السبعة يبني على الأقل، لأصالة البراءة عن الإعادة، و أصالة عدم الزيادة، و صحيح رفاعة عن الصادق عليه السّلام أنه قال:

«في رجل لا يدري ستة طاف أو سبعة قال عليه السّلام: يبني على يقينه» (4)، و صحيح ابن حازم قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل طاف طواف الفريضة فلم يدر ستة طاف أم سبعة، قال عليه السّلام: فليعد طوافه قلت: ففاته قال عليه السّلام: ما أرى عليه شيئا و الإعادة أحب إليّ و أفضل» (5)، و قريب منه صحيحه الآخر (6).

و فيه: أن الأصلين محكومان بما تقدم من الأدلة، و صحيح رفاعة محمول على الشك في طواف النافلة، كما أن صحيح ابن حازم محمول على الشك بعد الفراغ جمعا بين الأخبار، و حمل أخبار المشهور على الندب و إن أمكن ثبوتا و لكنه مضافا إلى كونه خلاف المشهور خلاف ظاهرها من وجوه فراجع المطولات.

(97) خروجا عن خلاف المفيد، و من تبعه من متأخري المتأخرين، و تقدم التعرض لدليلهم و ما يمكن أن يحمل عليه.

ص: 93


1- الوسائل باب: 33 من أبواب الطواف حديث: 12.
2- الوسائل باب: 33 من أبواب الطواف حديث: 11.
3- الوسائل باب: 33 من أبواب الطواف حديث: 7.
4- الوسائل باب: 33 من أبواب الطواف حديث: 5.
5- الوسائل باب: 33 من أبواب الطواف حديث: 8.
6- الوسائل باب: 33 من أبواب الطواف حديث: 3.
مسألة 17: لو شك في طواف النافلة يبني فيه على الأقل

(مسألة 17): لو شك في طواف النافلة يبني فيه على الأقل (98).

مسألة 18: يجزي حصول الاطمئنان العادي بعدد الأشواط

(مسألة 18): يجزي حصول الاطمئنان العادي بعدد الأشواط سواء حصل من العد بالأصابع. أو السبحة، أو عد الغير و لو كان صبيا أو نحو ذلك (99).

______________________________

(98) نصا، و إجماعا، قال أبو الحسن عليه السّلام في خبر المرهبي: «و إن كان نافلة بنى على ما هو أقل» (1)، و مثله خبر أبي بصير عن الصادق عليه السّلام (2) و لا بد من حمل خبر حنان بن سدير (3) الذي يظهر منه الجواز على الوجوب أيضا بقرينة الإجماع.

و أما مرسل الصدوق المشتمل على البناء على ما شاء (4) فهو قاصر سندا، و مهجور متنا، فلا يصلح لمعارضة ما أجمعوا على العمل به.

و أما ما نسب إلى الفاضل و ثاني الشهيدين من جواز البناء على الأكثر تشبها بالصلاة فهو خلاف النص و الفتوى، مع أنه لا دليل عليه إلا قوله صلّى اللّه عليه و آله:

«الطواف بالبيت صلاة» (5) و تقدم مرارا الخدشة فيه سندا و متنا.

(99) لأن الاطمئنان حجة شرعية بل عقلائية إذا حصل بلا فرق بين منشأ حصوله.

ص: 94


1- الوسائل باب: 33 من أبواب الطواف حديث: 4.
2- الوسائل باب: 33 من أبواب الطواف حديث: 12.
3- الوسائل باب: 33 من أبواب الطواف حديث: 7.
4- الوسائل باب: 33 من أبواب الطواف حديث: 6.
5- تقدم في صفحة: 43.

فصل في صلاة الطواف

الخامس عشر: ركعتا الطواف

اشارة

الخامس عشر: ركعتا الطواف، و هما واجبتان في الطواف الواجب (1)- و هما أيضا ثالث أفعال العمرة- و كيفيتهما كصلاة

______________________________

فصل في صلاة الطواف

(1) للإجماع، و نصوص متواترة ..

منها: صحيح ابن عمار قال: «قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا فرغت من طوافك فائت مقام إبراهيم عليه السّلام فصل ركعتين و اجعله إماما، و اقرأ في الأولى منهما سورة التوحيد- قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ- و في الثانية قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ، ثمَّ تشهد و احمد اللّه و أثن عليه، و صل على النبي صلّى اللّه عليه و آله و اسأله أن يتقبل منك، و هاتان الركعتان هما الفريضة ليس يكره لك أن تصليهما في أي الساعات شئت: عند طلوع الشمس، و عند غروبها و لا تؤخرها ساعة تطوف و تفرغ فصلّهما» (1).

و منها: صحيح ابن مسلم قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل طاف طواف الفريضة و فرغ من طوافه حتى غربت الشمس قال عليه السّلام: وجبت عليه تلك الساعة الركعتان فليصلهما قبل المغرب» (2). و أما خبر زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «فرض اللّه الصلاة، و سن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على عشرة أوجه: صلاة السفر، و صلاة الحضر، و صلاة الخوف على ثلاثة أوجه، و صلاة كسوف الشمس

ص: 95


1- الوسائل باب: 71 و باب: 76 من أبواب الطواف حديث: 3.
2- الوسائل باب: 76 من أبواب الطواف حديث: 1.

الصبح (2) إلّا أنّه يتخيّر فيهما بين الجهر و الإخفات (3). و لا تجب في الطواف المندوب. نعم، تستحب فيه أيضا (4)، و يستحب قراءة التوحيد في أولاهما و الجحد في ثانيتهما (5).

مسألة 1: الأحوط وجوبا عدم تأخير صلاة الطواف عن الفراغ عنه زائدا على المتعارف

(مسألة 1): الأحوط وجوبا عدم تأخير صلاة الطواف عن الفراغ عنه زائدا على المتعارف، (6) و لكن لو أثم و أخّر لا تبطل

______________________________

و القمر، و صلاة العيدين، و صلاة الاستسقاء، و الصلاة على الميت» (1) حيث لم يذكر فيه صلاة الطواف فلا يضر بالمقصود إذا المراد فيه الصلاة الواجبة بنفسها لا ما تكون تابعة لغيرها.

(2) بضرورة المذهب بل الدين.

(3) للأصل، و الإطلاق بعد عدم دليل على تعين أحدهما فيها.

(4) أرسل استحباب صلاة الطواف في الطواف المندوب إرسال المسلّمات في المدارك، و النجاة، و يظهر من الشرائع أيضا حيث قيّد الطواف بالواجب، و كذا من عبر كعبارته و مقتضى الأصل عدم وجوبها فيه بعد انسياق الطواف الواجب من الإطلاق، و كونه المتيقن من الإجماع مع تقيّد الطواف بطواف الفريضة في صحيح ابن مسلم و غيره.

(5) كما تقدم في صحيح ابن عمار المحمول على الندب إجماعا.

(6) لما تقدم في صحيح ابن عمار: «إذا فرغت من طوافك فائت مقام إبراهيم عليه السّلام فصل ركعتين- إلى أن قال عليه السّلام: و لا تؤخرها ساعة تطوف و تفرغ، فصلهما»، و قوله عليه السّلام في صحيح ابن مسلم- المتقدم- «وجبت عليه تلك الساعة الركعتان»، و في خبر ابن حازم عنه عليه السّلام أيضا: «لا تؤخرها ساعة إذا طفت فصلّ» (2) و ظاهر مثل هذه الأخبار إنما هو وجوب الفورية، و لكن حيث يحتمل

ص: 96


1- الوسائل باب: 1 من أبواب أعداد الفرائض حديث: 2 (كتاب الصلاة).
2- الوسائل باب: 76 من أبواب الطواف حديث: 5.

صلاته و لا طوافه (7).

مسألة 2: يجوز أن يصلي ركعتي طواف الفريضة

(مسألة 2): يجوز أن يصلي ركعتي طواف الفريضة و لو في الأوقات التي تكره النوافل المبتدئة فيها (8) و ينبغي عدم إتيانهما في تلك

______________________________

ورودها لبيان نفي كراهة الإتيان بصلاة الطواف في الأوقات المكروهة يشكل الجزم بالوجوب من هذه الجهة، مع خلو كلمات القدماء عن التعرض للفورية فيها.

(7) لعدم كون الفورية شرطا في صحة صلاة الطواف، بل يكون واجبا مستقلا، كما أنه ليس صلاة الطواف شرطا لصحة الطواف و السعي، للأصل، و ظهور الروايات، بل يكون واجبا مستقلا.

(8) نصا، و إجماعا، قال الصادق عليه السّلام في صحيح ابن عمار- المتقدم- «و هاتان الركعتان هما الفريضة ليس يكره أن تصليهما في أي الساعات عند طلوع الشمس و عند غروبها- الحديث-»، و صحيح رفاعة قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يطوف الطواف الواجب بعد العصر أ يصلّى الركعتين حين يفرغ من طوافه؟ فقال: نعم أما بلغك قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يا بني عبد المطلب لا تمنعوا الناس من الصلاة بعد العصر فتمنعوهم من الطواف» (1).

و أما صحيح ابن مسلم قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن ركعتي طواف الفريضة فقال عليه السّلام: وقتهما إذا فرغت من طوافك، و أكرهه عند اصفرار الشمس و عند طلوعها» (2)، و في صحيحة الآخر «ما لم يكن عند طلوع الشمس أو عند احمرارها» (3) فمحمولان على التقية.

و أما موثق ابن عمار عن أبي الحسن عليه السّلام قال: «ما رأيت الناس أخذوا عن الحسن و الحسين عليهما السلام إلّا الصلاة بعد العصر و بعد الغداة في طواف الفريضة» (4)

ص: 97


1- الوسائل باب: 76 من أبواب الطواف حديث: 2.
2- الوسائل باب: 76 من أبواب الطواف حديث: 7.
3- الوسائل باب: 76 من أبواب الطواف حديث: 8.
4- الوسائل باب: 76 من أبواب الطواف حديث: 4.

الأوقات و إن كان الطواف نافلة أيضا (9).

مسألة 3: يجب إتيان ركعتي طواف الفريضة خلف مقام إبراهيم عليه السّلام مع الإمكان

(مسألة 3): يجب إتيان ركعتي طواف الفريضة خلف مقام إبراهيم عليه السّلام مع الإمكان (10) فلو صلّى متباعدا عنه على وجه لا يصدق

______________________________

فلا يدل على أنّهم لا يقولون بالكراهة، لأجل متابعة الحسنين عليهما السّلام في الحكم الواقعي، لأن الأخذ عنهما أعم من أن يكون لأجل ذلك، أو لأجل تشهيرهما بمخالفة العامة، أو لأجل أصل الجواز غير المنافي للكراهة، أو لأجل المسامحة و المساهلة، و يشهد لذلك صحيح ابن بزيع قال: «سألت الرضا عليه السّلام عن صلاة طواف التطوّع بعد العصر، فقال عليه السّلام: لا، فذكرت له قول بعض آبائه أن الناس لم يأخذوا عن الحسن و الحسين عليهما السّلام إلا الصلاة بعد العصر بمكة فقال عليه السّلام: نعم، و لكن إذا رأيت الناس يقبلون على شي ء فاجتنبه، فقلت: إن هؤلاء يفعلون فقال:

لستم مثلهم» (1) و يمكن أن يستفاد منه أن الحسنين عليهم السّلام يفعلان ذلك في صلاة طواف الفريضة، و العامة فعلوا في صلاة طواف التطوع أيضا.

و أما خبر ابن يقطين قال: «سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الذي يطوف بعد الغداة و بعد العصر و هو في وقت الصلاة، أ يصلي ركعات الطواف نافلة كانت أو فريضة؟ قال عليه السّلام: لا» (2) فيمكن لأجل أولوية مراعاة الحاضرة، أو لأجل ضيق وقتها فلا ربط له بالمقام.

(9) صرح به صاحب الجواهر في النجاة بناء على شمول ما دل على كراهة النوافل المبتدئة في تلك الأوقات لصلاة طواف النافلة أيضا، مع كونها من ذوات الأسباب، و قد مر عدم كراهة ذوات الأسباب في الأوقات المكروهة في (مسألة 18 من فصل أوقات الرواتب) فراجع.

(10) للنصوص المستفيضة، بل المتواترة المقطوع بمضمونها:

ص: 98


1- الوسائل باب: 76 من أبواب الطواف حديث: 10.
2- الوسائل باب: 76 من أبواب الطواف حديث: 11.

.....

______________________________

منها: صحيح ابن أبي محمود قال: «قلت للرضا عليه السّلام: أصلي ركعتين طواف الفريضة خلف المقام حيث هو الساعة، أو حيث كان على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟ قال عليه السّلام: حيث هو الساعة» (1)، و في خبر صفوان قال: «ليس لأحد أن يصلي ركعتي طواف الفريضة إلّا خلف المقام لقول اللّه عز و جل وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى فان صليتها في غيره فعليك إعادة الصلاة» (2)، و عنه عليه السّلام أيضا: «رجل نسي فصلّى ركعتي طواف الفريضة في الحجر قال عليه السّلام:

يعيدهما خلف المقام، لأن اللّه تعالى يقول وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى عنى بذلك ركعتي طواف الفريضة» (3)، و عنه عليه السّلام أيضا في صحيح الحلبي: «و عليه طواف بالبيت، و صلاة ركعتين خلف المقام» (4)، و في صحيح ابن عمار عن الصادق عليه السّلام أيضا: «إذا فرغت من طوافك فائت مقام إبراهيم عليه السّلام فصل ركعتين و اجعله اماما» (5) و هذه الأخبار تبين المراد من الآية الكريمة و أنه لا يصح الأخذ بإطلاقها، بل لنا أن نقول أن المنساق و المتفاهم من الآية عرفا جعلها إماما و الصلاة خلفها، لأن المتفاهم من جعل جسم خارجي مصلّى هو الصلاة وراءه أو فوقه و حيث لا يمكن الثاني هنا يتعين الأول، فالأخبار وردت على طبق الفهم العرفي لا أن يكون تعبديا- سواء كانت كلمة «من» اتصالية أو ابتدائية إذ المناط ظهور الجملة و الهيئة التركيبية و لو بالقرائن الخارجية- و يحمل عليها ما تضمن عند مقام إبراهيم، كخبر زرارة عن أحدهما عليهما السّلام قال: «لا ينبغي أن تصلي ركعتي طواف الفريضة إلّا عند مقام إبراهيم عليه السّلام» (6) و خبر عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في رجل طاف طواف الفريضة و لم يصل الركعتين حتى طاف بين الصفا و المروة ثمَّ طاف

ص: 99


1- الوسائل باب: 71 من أبواب الطواف حديث: 1.
2- الوسائل باب: 72 من أبواب الطواف حديث: 1.
3- الوسائل باب: 72 من أبواب الطواف حديث: 2.
4- الوسائل باب: 2 من أبواب أقسام الحج حديث: 6.
5- الوسائل باب: 71 من أبواب الطواف حديث: 3.
6- الوسائل باب: 73 من أبواب الطواف حديث: 1.

أنّه عنده لم يصحّ، و كذا لو صلّى أمامه أو إلى أحد جانبيه (11).

______________________________

طواف النساء فلم يصل الركعتين حتى ذكر و هو بالأبطح يصلّى أربعا؟ قال عليه السّلام:

يرجع فيصلي عند المقام أربعا» (1).

أقول: المراد بالأربع ركعتي طواف الزيارة، و ركعتي طواف النساء و الظاهر أن هذا هو مراد جمع من الفقهاء الذين عبروا بالصلاة في المقام كالشيخ، و العلامة- في جملة من كتبه- و ابن إدريس، لأنهم استفادوا الحكم مما بأيدينا من الأخبار.

و أما ما عن المحقق، و الفاضل من اشتراط الصلاة خلفه، أو إلى أحد جانبيه بالزحام، فيمكن أن يراد بالخلف حيال المقام كما في خبر حسين ابن عثمان قال: «رأيت أبا الحسن عليه السّلام يصلي ركعتي الفريضة بحيال المقام قريبا من الضلال لكثرة الناس» (2) فلا يكون قولهما مخالفا للمشهور.

و أما ما عن الخلاف من جواز فعلهما في غير المقام فلا ريب في ضعفه و عدم الدليل عليه إلّا بعض الإطلاقات التي لا بد من تقييدها بما سمعت من النصوص الدالة على الاختصاص بالمقام، كما أن ما نسب إلى الصدوقين من جواز فعل صلاة طواف النساء في أي موضع من مواضع المسجد لا دليل عليه إلّا الفقه الرضوي (3) و لا اعتبار به خصوصا في مقابل ما تقدم من إطلاق الأخبار المعتبرة.

(11) لما تقدم من اعتبار كونها خلف المقام ثمَّ إن الصلاة في أحد جانبي المقام على قسمين.

الأول: ما إذا لم يصدق عليها عنوان كونها خلف المقام عرفا كما إذا وقف

ص: 100


1- الوسائل باب: 74 من أبواب الطواف حديث: 7.
2- الوسائل باب: 75 من أبواب الطواف حديث: 1.
3- راجع فقه الرضا صفحة: 29 و في المستدرك باب: 46 و 48 من أبواب الطواف.
مسألة 4: لو تعذّر عليه الصلاة خلف المقام

(مسألة 4): لو تعذّر عليه الصلاة خلف المقام، أو تعسّر لزحام أو نحوه و قد ضاق عليه الوقت صلّاهما حيث ما تمكن من المسجد مراعيا الأقرب فالأقرب على الأحوط (12).

______________________________

المصلي ملاصقا للمقام في أحد طرفيه.

الثاني: ما إذا وقفت بعيدا عن المقام بحيث يصدق أنه خلفه و لو كان بحسب الخط المستقيم الخارج عن موقفه إلى أحد طرفيه و هذا القسم صحيح، لصدق كون الصلاة خلفه و محاذيا له و كل ما ازداد الشي ء بعدا اتسعت جهة محاذاته.

(12) على المشهور، و يدل على أصل الحكم في الجملة- مضافا إلى ظهور الإجماع- خبر الحسين بن عثمان- المتقدم- قال: «رأيت أبا الحسن عليه السّلام يصلي ركعتين الفريضة بحيال المقام قريبا من الظلال لكثرة الناس» (1).

و أما اعتبار مراعاة ضيق الوقت، فلما أثبتناه في الأصول من عدم جواز البدار في التكاليف الاضطرارية إلا بعد إحراز استقرار الاضطرار، إلا أن يدل دليل على الخلاف، و لا دليل كذلك في المقام، إلا فعل أبي الحسن عليه السّلام و هو مجمل لا يصح الأخذ بإطلاقه.

و أما مراعاة الاحتياط في الأقرب فالأقرب، فلقاعدة الميسور بناء على جريانها في المقام.

فائدة: يحتمل أن يراد بالمقام في الآية الكريمة، و بخلف المقام في الروايات الدائرة المحيطة بالمطاف من جميع الجوانب و إنما ذكر المقام لأنه لم يكن علامة لتعيين هذا الحد غيره، و يشهد له الاعتبار أيضا، لأن خلف المقام

ص: 101


1- الوسائل باب: 75 من أبواب الطواف حديث: 1.
مسألة 5: لو نسي ركعتي طواف الفريضة وجب الرجوع لفعلهما خلف المقام مع الإمكان

(مسألة 5): لو نسي ركعتي طواف الفريضة وجب الرجوع لفعلهما خلف المقام مع الإمكان (13) و لو شق عليه ذلك لأجل خروجه من مكة يصلّي حيث ما شاء (14) و الأحوط مراعاة الإتيان في الحرم مهما

______________________________

و عنده في زمان نزول الآية الشريفة لم يكن يسع مائة من المصلين فكيف بالألوف و مئات الألوف، مع أن بناء الشريعة على التسهيل مهما أمكن في هذا المجمع الكبير العجيب الذي يزداد كل عام ازدحاما، فالمناط كله أن لا تكون صلاة في المطاف لتزاحم الطائفين.

و لكن لا يساعد هذا الاحتمال ظاهر بعض الأخبار- المتقدمة- و كلمات الفقهاء بل هو من الاجتهاد في مقابل النص، و كذا ما عن بعض علماء العامة من أن المراد بالمقام الحرم المكي.

(13) للأصل، و الإجماع، و النصوص:

منها: صحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهم السّلام قال: «سئل عن رجل طاف طواف الفريضة و لم يصلّ الركعتين حتى طاف بين الصفا و المروة، ثمَّ طاف طواف النساء و لم يصلّ لذلك الطواف حتى ذكر و هو بالأبطح قال عليه السّلام: يرجع إلى المقام فيصلي ركعتين» (1)، و مثله خبر عبيد بن زرارة إلّا أن فيه «يرجع فيصلي عند المقام أربعا» قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل طاف طواف الفريضة و لم يصل الركعتين حتى طاف بين الصفا و المروة ثمَّ طاف طواف النساء فلم يصل الركعتين حتى ذكر بالأبطح يصلي أربع ركعات؟ قال عليه السّلام:

يرجع فيصلي عند المقام أربعا» (2)، و في مرسل المجمع عن الصادق عليه السّلام: «انه سئل عن الرجل يطوف بالبيت طواف الفريضة و نسي أن يصلي ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السّلام فقال عليه السّلام: يصليهما و لو بعد أيام»(3).

(14) لنصوص كثيرة، و تقتضيه قاعدة نفي الحرج، ففي صحيح أبي بصير

ص: 102


1- الوسائل باب: 74 من أبواب الطواف حديث: 5.
2- الوسائل باب: 74 من أبواب الطواف حديث: 7.
3- الوسائل باب: 74 من أبواب الطواف حديث: 19.

.....

______________________________

قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل نسي أن يصلي ركعتين طواف الفريضة خلف المقام، و قد قال اللّه تعالى وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى حتى ارتحل قال عليه السّلام: إن كان ارتحل فإني لا أشق عليه و لا آمر أن يرجع و لكن يصلّي حيث يذكر» (1)، و قريب منه خبر أبي الصباح (2)، و في خبر عمر بن البراء عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «فيمن نسي ركعتي الطواف حتى أتى منى أنه رخص له أن يصليهما بمنى» (3).

و حكي عن الصدوق جواز قضائهما حيث يذكر مطلقا تمسكا بهذه الأخبار و حمل القسم الأول على مطلق الأفضلية.

و فيه: أنه مخالف لظاهر النص، و الفتوى. و أما ما عن الدروس من أنه لو نسي الركعتين رجع إلى المقام فإن تعذر فحيث شاء من الحرم فإن تعذر فحيث أمكن فلا دليل عليه.

و أما جواز الاستنابة إن شق عليه الرجوع كما عن السرائر، تمسكا بصحيح ابن يزيد عن الصادق عليه السّلام: «فيمن نسي ركعتي الطواف حتى ارتحل من مكة قال عليه السّلام: إن كان قد مضى قليلا فليرجع فليصلهما أو يأمر بعض الناس فليصلهما عنه» (4)، و خبر ابن مسكان قال: «حدثني من سأله عن الرجل ينسى ركعتي طواف الفريضة حتى يخرج فقال عليه السّلام: يؤكل» (5) ففيه- مضافا إلى قصور سند الثاني- أن إطلاقهما مخالف لما تسالموا عليه من عدم جواز النيابة في الواجب مع التمكن و الاختيار، و أما صحيح ابن يزيد- الآخر- عن الصادق عليه السّلام:

«من نسي أن يصلي ركعتي طواف الفريضة حتى خرج من مكة فعليه أن يقضي عنه وليه أو رجل من المسلمين» (6)و خبر ابن مسلم عن أحدهما عليهم السلام قال:

«سألته عن رجل نسي أن يصلي الركعتين قال عليه السّلام: يصلّى عنه» (7) فيمكن حملها على ما إذا مات و لم يصلهما، أو على ما إذا نسي الطواف أيضا و لم يتمكن

ص: 103


1- الوسائل باب: 74 من أبواب الطواف حديث: 16.
2- الوسائل باب: 74 من أبواب الطواف حديث: 2.
3- الوسائل باب: 74 من أبواب الطواف حديث: 1.
4- الوسائل باب: 74 من أبواب الطواف حديث: 1.
5- الوسائل باب: 74 من أبواب الطواف حديث: 14.
6- الوسائل باب: 74 من أبواب الطواف حديث: 13.
7- الوسائل باب: 74 من أبواب الطواف حديث: 4.

أمكن (15) و أحوط منه الاستنابة في فعلها فيه مع ذلك (16).

مسألة 6: لو مات الناسي لهما قضاهما الوليّ أو غيره و الجاهل و العامد كالناسي

(مسألة 6): لو مات الناسي لهما قضاهما الوليّ أو غيره (17) و الجاهل و العامد كالناسي (18).

مسألة 7: لا يبطل شي ء من الأعمال المتأخرة بتركهما حتى عمدا

(مسألة 7): لا يبطل شي ء من الأعمال المتأخرة بتركهما حتى عمدا (19).

مسألة 8: يجوز إتيان صلاة طواف النافلة حيث شاء من المسجد و البلد

(مسألة 8): يجوز إتيان صلاة طواف النافلة حيث شاء من المسجد (20) و البلد.

______________________________

من المباشرة في إتيان الطواف و لكنه خلاف الظاهر.

(15) خروجا عن خلاف الدروس كما تقدم و إن كان لا دليل له.

(16) جمودا على ما تقدم مما دل على الاستنابة. و مرت المناقشة فيه، و خروجا عن مخالفة السرائر.

(17) لعموم ما دل على قضاء الصلوات الفائتة عنه بل هما أولى بذلك، لمشروعية النيابة فيهما في الجملة في حياة المنوب عنه تبعا للطواف، و تقدم في صحيح ابن يزيد جواز نيابة غير الولي عنه أيضا.

(18) لإطلاق بعض النصوص، و صحيح جميل عن أحدهما عليهما السّلام: «أن الجاهل في ترك الركعتين عند مقام إبراهيم بمنزلة الناسي» (1) و هو يشمل المقصر أيضا.

(19) للأصل، و إطلاق الأدلة الواردة في المقام، و وجوب القضاء مطلقا، و ترتب الإثم مع العمد أعم من ذلك كما هو واضح، بل و لا يبطل أصل الطواف أيضا لأن وجوبهما ليس غيريا بل هو نفسي مستقل.

(20) للأصل، و النص، و الإجماع، قال: أحدهما عليهم السّلام في خبر زرارة «و أما

ص: 104


1- الوسائل باب: 74 من أبواب الطواف حديث: 3.

بل يجوز تركهما رأسا (21).

______________________________

التطوع فحيث شئت من المسجد» (1) هذا إذا أراد الإتيان بهما و إلّا فمقتضى الأصل عدم وجوبهما في الطواف المندوب لا نفسا و لا شرطا.

(21) صرح بذلك صاحب الجواهر في النجاة، للأصل و التسهيل، و المسامحة في المندوبات و أن ذكر المسجد في بعض الأخبار من باب الأفضلية لا القيدية الحقيقية، لأن الغالب الشائع في القيود الواردة في المندوبات أن تكون من الأفضلية كما ثبت في الأصول. و أما الاستدلال بخبر قرب الإسناد، فمشكل، لما فيه من التشويش مضافا إلى قصور السند و فيه: «سألته عن الرجل يطوف بعد الفجر فيصلي الركعتين خارجا من المسجد قال عليه السّلام: يصلي بمكة لا يخرج منها إلّا ان ينسى فيصلي إذا رجع في المسجد أيّ ساعة أحب ركعتي ذلك الطواف» (2).

ص: 105


1- الوسائل باب: 73 من أبواب الطواف حديث: 1.
2- الوسائل باب: 73 من أبواب الطواف حديث: 4.

فصل في مندوبات الطواف

اشارة

فصل في مندوبات الطواف و هي أمور:

الأول: الوقوف عند باب المسجد و الدعاء (1).

الثاني: رفع اليد، و استقبال البيت و الدعاء (2).

الثالث: رفع اليد عند الدنوّ من الحجر الأسود، و الحمد و الثناء (3).

الرابع: تقبيل الحجر الأسود و استلامه إن أمكن و مع عدم الإمكان فالإشارة إليه و الدعاء بالمأثور (4).

الخامس: تقبيل الحجر و استلامه في كل شوط زيادة على الابتداء و الاختتام (5).

______________________________

فصل في مندوبات الطواف

(1) كما تقدم في صحيح ابن عمار، و موثق ابي بصير (1).

(2) و قد مرّ في صحيح ابن عمار ذلك أيضا (2).

(3) لصحيح ابن عمار المتقدم (3).

(4) أيضا تقدم في صحيح ابن عمار، و خبر أبي بصير (4) فلا وجه للإعادة في جميع ذلك.

(5) كما عن جمع من القدماء، و المتأخرين، للإطلاقات، و لخبر الشحام

ص: 106


1- راجع صفحة: 38- 39.
2- راجع صفحة: 38- 39.
3- راجع صفحة 39.
4- راجع صفحة: 39.

السادس: الاشتغال بقراءة القرآن، و الذكر، و الدعاء، و الصلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حين الاشتغال بالطواف (6).

______________________________

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «كنت أطوف مع أبي و كان إذا انتهى إلى الحجر مسحة بيده و قبله، و إذا انتهى إلى الركن اليماني التزمه، فقلت: جعلت فداك تمسح الحجر بيدك و تلزم اليماني فقال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ما أتيت الركن اليماني إلّا وجدت جبرئيل قد سبقني إليه يلتزمه» (1)، و يمكن أن يستفاد من إطلاق مرسل حماد بن عيسى أيضا و فيه قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «ما من طائف يطوف بهذا البيت حين تزول الشمس حاسرا عن رأسه حافيا يقارب بين خطاه و يغض بصره و يستلم الحجر في كل طواف من غير أن يؤذي أحدا و لا يقطع ذكر اللّه عن لسانه إلّا كتب اللّه له بكل خطوة سبعين ألف حسنة، و محي عنه سبعين ألف سيئة- الحديث-» (2)، و في خبر ابن الحاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يستلم الحجر في كل طواف فريضة و نافلة» (3) هذا مع الإمكان و عدم مزاحمة الناس و إلا فلا يستحب بل قد يحرم.

ثمَّ إنّ الاستلام من المعاني المشككة له مراتب شدة و ضعفا يحصل باليد و إلصاق البطن و الاعتناق و نحو ذلك، و يدل عليه قول الصادق عليه السّلام: «استلامه أن تلصق بطنك به و المسح أن تمسحه بيدك» (4).

(6) نصا، و إجماعا لما تقدم في مرسل حماد بن عيسى، و في خبر محمد ابن الفضل عن الجواد عليه السّلام: «طواف الفريضة لا ينبغي أن يتكلم فيه إلّا بالدعاء و ذكر اللّه و تلاوة القرآن و النافلة يلقى الرجل أخاه فيسلم عليه و يحدثه بالشي ء من أمر الآخرة و الدنيا لا بأس به»(5)، و في خبر أديم قال: «قلت لأبي

ص: 107


1- الوسائل باب: 22 من أبواب الطواف حديث: 2.
2- الوسائل باب: 5 من أبواب الطواف حديث: 1.
3- الوسائل باب: 13 من أبواب الطواف حديث: 2.
4- الوسائل باب: 15 من أبواب الطواف حديث: 2.
5- الوسائل باب: 54 من أبواب الطواف حديث: 2.

السابع: الدعاء بالمأثور حين الطواف (7).

الثامن: الصلاة على النبيّ (ص) كل ما انتهى إلى باب الكعبة (8).

______________________________

عبد اللّه عليه السّلام القراءة و أنا أطوف أفضل؟ أو ذكر اللّه تبارك و تعالى؟ قال عليه السّلام:

القراءة» (1)و لا ريب في أن ذكر اللّه حسن في كل حال خصوصا في مثل هذه الأحوال، كما لا ريب في استحباب الصلاة على محمد آل محمد في جميع الأحوال، و في خبر ابن نعيم قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: دخلت الطواف فلم يفتح لي شي ء من الدعاء إلا الصلاة على محمد و آل محمد، و سعيت فكان ذلك، فقال عليه السّلام: ما أعطي أحد ممن سأل أفضل مما أعطيت» (2)

(7) يدل على ذلك صحيح ابن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «طف بالبيت سبعة أشواط و تقول في الطواف: «اللهم إنّي أسألك باسمك الذي يمشى به على ظلل الماء كما يمشى به على جدد الأرض، و أسألك باسمك الذي يهتزّ له عرشك، و أسألك باسمك الذي تهتزّ له أقدام ملائكتك، و أسألك باسمك الذي دعاك به موسى من جانب الطور فاستجبت له و ألقيت عليه محبة منك، و أسألك باسمك الذي غفرت به لمحمد صلّى اللّه عليه و آله ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر و أتممت عليه نعمتك أن تفعل بي- كذا و كذا- ما أجبت من الدعاء- إلى أن قال- و قل في الطواف: «اللهم إنّي إليك فقير، و إنّي خائف مستجير فلا تغيّر جسمي و لا تبدّل اسمي» (3).

(8) لما في صحيح ابن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «كل ما انتهيت إلى باب الكعبة فصل على النبي صلّى اللّه عليه و آله» (4).

ص: 108


1- الوسائل باب: 55 من أبواب الطواف حديث: 1.
2- الوسائل باب: 21 من أبواب الطواف حديث: 1.
3- الوسائل باب: 20 من أبواب الطواف حديث: 1.
4- الوسائل باب: 20 من أبواب الطواف حديث: 2.

التاسع: الدعاء بالمأثور فيما بين الركن اليمانيّ و الحجر الأسود (9).

العاشر: استلام الركن اليمانيّ في كل شوط (10).

الحادي عشر: رفع اليد بحذاء الركن اليمانيّ إلى السماء و الدعاء بالمأثور (11).

الثاني عشر: استقبال الميزاب و الدعاء بالمأثور (12).

______________________________

(9) لصحيح ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «يستحب أن يقول بين الركن و الحجر: «اللّهم آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَ فِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنا عَذابَ النّارِ» و قال عليه السّلام: إن ملكا يقول آمين (1)، و في صحيح ابن عمار عنه عليه السّلام أيضا: «و تقول فيما بين الركن اليماني و الحجر الأسود: «رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَ فِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنا عَذابَ النّارِ» (2).

(10) لخبر أبي مريم قال: «كنت مع أبي جعفر عليه السّلام أطوف فكان لا يمر في طواف من طوافه بالركن اليماني إلا استلمه ثمَّ يقول: اللّهم تب عليّ حتى أتوب و اعصمني حتى لا أعود» (3).

(11) ففي خبر سعد بن سعد عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: «كنت معه في الطواف فلما صرنا بحذاء الركن اليماني قام عليه السّلام فرفع يده إلى السماء ثمَّ قال:

يا اللّه يا وليّ العافية، و خالق العافية، و رازق العافية، و المنعم بالعافية، و المنان بالعافية، و المتفضل بالعافية عليّ و على جميع خلقك، يا رحمن الدنيا و الآخرة و رحيمهما صل على محمد و آل محمد و ارزقنا العافية، و دوام العافية، و شكر العافية في الدنيا و الآخرة يا أرحم الراحمين» (4).

(12) لخبر أيوب عن الشيخ يعني موسى بن جعفر عليه السّلام: «قال لي: كان أبي

ص: 109


1- الوسائل باب: 20 من أبواب الطواف.
2- الوسائل باب: 20 من أبواب الطواف حديث: 4.
3- الوسائل باب: 20 من أبواب الطواف حديث: 4.
4- الوسائل باب: 20 من أبواب الطواف حديث: 7.

الثالث عشر: أن يكون ماشيا على سكينة و وقار، و اقتصاد في المشي (13)،

______________________________

إذا استقبل الميزاب قال: اللّهم أعتق رقبتي من النار، و أوسع عليّ من رزقك الحلال، و ادرأ عنّي شر فسقة الجن و الإنس و أدخلني الجنة برحمتك» (1)، و في خبر ابن عاصم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «كان علي بن الحسين عليه السّلام إذا بلغ الحجر قبل أن يبلغ الميزاب يرفع رأسه ثمَّ يقول: اللّهم أدخلني الجنة برحمتك، و هو ينظر إلى الميزاب، و أجرني برحمتك من النار، و عافني من السقم، و أوسع عليّ من الرزق الحلال و ادرأ عنّي شرّ فسقة الجن و الإنس و شرّ فسقة العرب و العجم» (2).

(13) أما استحباب أصل المشي في مقابل الركوب، فعليه المعظم، بل أوجبه ابن زهرة حاكيا عليه الإجماع و هو المناسب للاستكانه و الخضوع عند بيت ربّ العالمين.

و أما استحباب السكينة و الوقار و الاقتصاد فلكونها مناسبة للخشوع و الانكسار، و في خبر ابن سيابة قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الطواف فقلت:

أسرع و أكثر أو أبطئ؟ قال عليه السّلام مشي بين مشيين» (3)، و في نوادر أحمد بن عيسى، عن أبيه، عن جده قال: «رأيت علي بن الحسين عليه السّلام يمشي و لا يرمل» (4). و أما خبر سعيد الأعرج: «أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المسرع و المبطئ في الطواف فقال عليه السّلام: كلّ واسع ما لم يؤذ أحدا (5)» فهو دالّ على الجواز فلا ينافي أحسنية الاقتصاد. و أما ما ورد من أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رمل في الطواف فهو قضية في واقعة لإظهار جلادة أصحابه في الجملة و لا يستفاد منها الاستحباب، و في نوادر ابن عيسى عن أبيه قال: «سئل ابن عباس فقيل إن قوما يروون أن

ص: 110


1- الوسائل باب: 20 من أبواب الطواف حديث: 3.
2- الوسائل باب: 20 من أبواب الطواف حديث: 5.
3- الوسائل باب: 29 من أبواب الطواف حديث: 4.
4- الوسائل باب: 29 من أبواب الطواف حديث: 6.
5- الوسائل باب: 29 من أبواب الطواف حديث: 1.

بلا فرق بين أقسام الطواف (14).

الرابع عشر: أن يلتزم المستجار- المسمّى بالملتزم، و المتعوّذ أيضا- في الشوط السابع و هو من وراء الكعبة في مقابل الباب بأن يبسط يده على حائطه و يلصق به بطنه و خدّه و يقرّ بذنوبه مسمّيا لها و يتوب و يستغفر منها و يقول الدعاء (15).

______________________________

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أمر بالرمل حول الكعبة فقال: كذبوا و صدقوا فقلت: و كيف ذلك؟

فقال إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله دخل مكة في عمرة القضاء و أهلها مشركون، و بلغهم أن أصحاب محمد مجهودون، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رحم اللّه امرئ أراهم من نفسه جلدا فأمرهم فحسروا عن أعضادهم و رملوا بالبيت ثلاثة أشواط و رسول اللّه على ناقته، و عبد اللّه بن رواحة أخذ بزمامها و المشركون بحيال الميزاب ينظرون إليهم، ثمَّ حج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بعد ذلك فلم يرمل و لم يأمرهم بذلك فصدقوا في ذلك و كذبوا في هذه» (1)، و عن زرارة قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الطواف أ يرمل فيه الرجل؟ فقال إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لما أن قدم مكة و كان بينه و بين المشركين الكتاب الذي قد علمتم، أمر الناس أن يتجلدوا و قال: أخرجوا أعضادكم، و أخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثمَّ رمل بالبيت ليريهم أنه لم يصبهم جهد فمن أجل ذلك يرمل الناس و إني لأمشي مشيا و قد كان علي بن الحسين عليه السّلام يمشي مشيا» (2). ثمَّ إن المراد بالرمل: الهرولة على ما يستفاد من أقوال اللغويين.

(14) لجريان ما تقدم في جميع الأشواط و تمام أقساط الطواف.

(15) قال الصادق عليه السّلام في خبر ابن سنان: «إذا كنت في الطواف السابع فائت المتعوّذ، و هو إذا قمت في دبر الكعبة حذاء الباب فقل: «اللّهم البيت بيتك، و العبد عبدك، و هذا مقام العائذ بك من النار، اللّهم من قبلك الرّوح و الفرج» ثمَّ

ص: 111


1- الوسائل باب: 29 من أبواب الطواف حديث: 5.
2- الوسائل باب: 29 من أبواب الطواف حديث: 2.

الخامس عشر: استلام الأركان كلها خصوصا اليماني و ما فيه الحجر (16).

______________________________

استلم الركن اليماني ثمَّ ائت الحجر فاختم به» (1) و في صحيح ابن عمار قال: «أبو عبد اللّه عليه السّلام إذا فرغت من طوافك و بلغت مؤخّر الكعبة و هو بحذاء المستجار دون الركن اليماني بقليل فابسط يديك على البيت، و ألصق بدنك (بطنك) و خدك بالبيت و قل: «اللّهم البيت بيتك، و العبد عبدك، و هذا مكان العائذ بك من النار» ثمَّ أقرّ لربك بما عملت فإنه ليس من عبد مؤمن يقر لربه بذنوبه في هذا المكان إلّا غفر اللّه له إن شاء اللّه و تقول: «اللّهم من قبلك الرّوح و الفرج و العافية، اللّهم إنّ عملي ضعيف فضاعفه لي و اغفر لي ما اطلعت عليه منّي و خفي على خلقك» ثمَّ تستجير باللّه من النار، و تخير لنفسك من الدعاء، ثمَّ استلم الركن اليماني ثمَّ ائت الحجر الأسود» (2)، و في حديث الأربعماءة عن علي عليه السّلام قال:

«أقرّوا عند الملتزم بما حفظتم من ذنوبكم و ما لم تحفظوا، فقولوا: «و ما حفظته علينا حفظتك، و نسيناه فاغفره لنا» فإنّه من أقر بذنوبه في ذلك الموضع و عدّه و ذكره و استغفره كان على اللّه عز و جل أن يغفر له» (3)، و في صحيح ابن عمار:

«أن أبا عبد اللّه عليه السّلام كان إذا انتهى إلى الملتزم قال لمواليه: أميطوا عنّي حتى أقر لربي بذنوبي في هذا المكان، فإن هذا الكان لم يقر عبد لربه بذنوبه ثمَّ استغفر إلا غفر اللّه له» (4) إلى غير ذلك من الأخبار.

(16) نصا، و إجماعا، ففي صحيح جميل: «رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام يستلم الأركان كلها» (5). نعم للركن اليماني و الركن الذي فيه الحجر الأسود فضل كثير، و قد كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يواظب على استلامهما.

ص: 112


1- الوسائل باب: 26 من أبواب الطواف حديث: 1.
2- الوسائل باب: 26 من أبواب الطواف حديث: 4.
3- الوسائل باب: 26 من أبواب الطواف حديث: 8.
4- الوسائل باب: 26 من أبواب الطواف حديث: 5.
5- الوسائل باب: 25 من أبواب الطواف حديث: 1.

السادس عشر: التداني من البيت (17).

السابع عشر: أن يطوف مدّة مقامه بمكة ثلاثمائة و ستين طوافا عدد أيام السنة كل طواف سبعة أشواط و إن لم يتمكن فثلاثمائة و ستون شوطا (18).

______________________________

ثمَّ إنه لو تجاوز المستجار عمدا، أو نسيانا فمقتضى صحيح ابن يقطين عدم جواز الرجوع قال «سألت أبا الحسن عليه السّلام عمن نسي أن يلتزم في آخر طوافه حتى جاز الركن اليماني أ يصلح أن يلتزم بين الركن اليماني و بين الحجر أو يدع ذلك؟ قال عليه السّلام يترك الملتزم و يمضي» (1)، و علل أيضا بأنه مستلزم للزيادة، و لكن لو رجع رجاء لا بقصد المشروعية ثمَّ رجع كذلك لا يلزم المحذور، و يمكن حمل الصحيح على صورة قصد الورود.

(17) ذكره المحقق، و الفاضل، و غيرهما لمحبوبية التداني من المقدسات الدينية عند المتشرعة، و التداني من بيوت الملوك محبوب لكافة الناس فكيف بالتداني من بيت مالك الملوك.

(18) نصا، و إجماعا قال الصادق عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «يستحب ان يطوف ثلاثمائة و ستين أسبوعا على عدد أيام السنة فإن لم يستطع فثلاثمائة و ستين شوطا، فان لم تستطع فما قدرت عليه من الطواف» (2) و يصير مجموع ثلاثمائة و ستين شوطا أحد و خمسون أسبوعا و ثلاثة أشواطا و لا بأس بالزيادة للنص.

ثمَّ إن الأخبار مطلقة من قيد مدة المقام بمكة و يمكن أن يقال: أن القيد من قبيل القرينة المحفوفة بها، مضافا إلى ذكره في الفقه الرضوي: «يستحب أن يطوف الرجل بمقامه بمكة ثلاثمائة و ستين أسبوعا» (3). ثمَّ إنه يظهر من الأخبار

ص: 113


1- الوسائل باب: 27 من أبواب الطواف حديث: 1.
2- الوسائل باب: 7 من أبواب الطواف حديث: 1.
3- مستدرك الوسائل باب: 6 من أبواب الطواف حديث: 1.

مسألة 1: يكره الكلام في الطواف إلّا بالذكر

(مسألة 1): يكره الكلام في الطواف إلّا بالذكر، و الدعاء، و قراءة القرآن (19).

______________________________

أن الطواف كالصلاة «فمن شاء استقل و من شاء استكثر» (1).

(19) على المشهور بين الأصحاب، و يشهد له النبوي: «الطواف بالبيت صلاة» (2)، و لأن الطواف في المسجد يكره الكلام فيه. و قد مرّ ضعف الأول سندا و دلالة، و الثاني أعم من المدعى و لكن الكراهة قابلة للمسامحة، و لخبر الفضيل عن الجواد عليه السّلام قال: «طواف الفريضة لا ينبغي أن يتكلم فيه إلّا بالدعاء، و ذكر اللّه، و تلاوة القرآن، و النافلة يلقى الرجل أخاه فيسلم عليه و يحدثه بالشي ء من أمر الآخرة و الدنيا لا بأس به» (3) و هو محمول بالنسبة إلى النافلة على خفة الكراهة، و أما أصل الجواز فلا إشكال فيه، للأصل، و الإجماع، و خبر ابن يقطين قال: «سألت أبا الحسن عليه السّلام: «عن الكلام في الطواف و إنشاد الشعر، و الضحك في الفريضة أو غير الفريضة، أو يستقيم ذلك؟ قال عليه السّلام: لا بأس به و الشعر ما كان لا بأس به منه» (4).

و يكره في الطواف جميع ما يكره في الصلاة من التمطي، و التثأب، و الفرقعة، و العبث، و مدافعة الأخبثين و غير ذلك مما تقدم في مكروهات الصلاة تسامحا في دليل الكراهة التي يكفي فيها «الطواف بالبيت صلاة» حتى مع قصور سنده و دلالته.

و لا بأس بالتعرض إلى تلخيص في الأماكن المقدسة التي يرتجى فيها زيادة الثواب و لها أحكام و آداب ..

منها: الحرم: و هو محيط بمكة المكرمة من جميع الجوانب و محترم

ص: 114


1- مستدرك الوسائل باب: 10 من أبواب وجوب الصلاة حديث: 9 (كتاب الصلاة).
2- راجع صفحة: 43.
3- الوسائل باب: 54 من أبواب الطواف حديث: 2.
4- الوسائل باب: 54 من أبواب الطواف حديث: 1.

.....

______________________________

و مقدس من قبل هبوط أبينا آدم إلى يوم القيامة و له آداب و أحكام خاصة قد تعرضنا لبعضها، و حدوده شمالا من طرف المدينة المنورة التنعيم (مسجد العمرة)، و من جهة جدة- غربا- الحديبية، و شرقا من جهة نجد الجعرانة، و جنوبا من طرف عرفة نمرة، فراجع خريطة الحرم. فالكعبة بيت اللّه تعالى، و الحرم حجابه، و عرفة موقف زواره، و المشعر بابه و إنما يوقفهم بعرفة ليتضرّعوا حتى يأذن لهم بالدخول في حرمة و التشرف بالطواف حول بيته.

و منها: المسجد الحرام: و يكفي في فضله أنه ما بعث اللّه نبيا و لا اتخذ وليّا إلّا و تشرف بالصلاة فيه و الطواف حول البيت الذي تضمنه هذا المسجد.

و منها: الكعبة: و هي غاية آمال المؤمن المتوجه و العارف المتأله يشتاقون إليها بلا اختيار و يتوجهون نحوها من البر و الجو و البحار.

و منها: مقام إبراهيم عليه السّلام: و يكفيك اسمه عن بيان فضله، إذ أي مرتبة تتصور فوق مرتبة الخليل عند ربه الجليل الذي أفنى نفسه، و أهله، و ماله في سبيل التوحيد و تشعير المشاعر العظام، و بناء الكعبة في بيت اللّه الحرام، فشكر اللّه تعالى بعض متاعبه بأن جعل النبوة في سلالته، و الدين الحنيف الأبدي من طريقته و ملّته و تقدم بعض ما يتعلق به في المسائل السابقة.

و منها: زمزم: و قد وردت أخبار في فضل مائه قال الصادق عليه السّلام: «خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم» (1) و لا بد و أن يكون كذلك، لكونه في المسجد الحرام و مجاورا للكعبة المقدسة، و للقانتين الراكعين الساجدين الطائفين في آناء الليل و أطراف النهار من البررة الأخيار و الملائكة الأطهار.

و قد كان النبي صلّى اللّه عليه و آله يستهدي من مائة و هو بالمدينة (2) و يقول الصادق عليه السّلام: «ماء زمزم شفاء لما شرب له» (3).

ثمَّ إن من وقف مقابل الكعبة المكرمة فالزاوية التي على يساره من البيت

ص: 115


1- الوسائل باب: 16 من أبواب الأشربة المباحة حديث: 1.
2- الوسائل باب: 20 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 1.
3- الوسائل باب: 20 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 2.

.....

______________________________

الشريف تسمى بالركن العراقي و فيها الحجر الأسود، و ما بين الباب و الحجر الأسود يسمى بالحطيم، و الزاوية التي على يمينه من البيت الشريف تسمى بالركن الغربي، و الجدار القصير الذي يكون في ذلك الطرف بشكل نصف دائرة تقريبا تسمى بحجر إسماعيل و فيه قبور الأنبياء، و عذارى بنات إسماعيل، و إذا وقف الشخص خلف البيت الشريف تسمى الزاوية من البيت التي على يمينه بالركن اليماني، و الزاوية التي على يساره بالركن الشامي و المقدار المقابل لباب الكعبة من خلفها يسمى بأسماء ثلاثة: المستجار، و المتعوّذ، و الملتزم.

الحجر الأسود: وردت أخبار كثيرة في فضله، و بدء خلقه (1) قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: استلموا الركن فإنه يمين اللّه في خلقه، يصافح بها خلقه مصافحة العبد أو الرجل يشهد لمن استلمه بالموافاة» (2).

الحطيم: هو ما بين باب الكعبة المقدسة و الحجر الأسود و هو من الأماكن المقدسة لا بد فيه من التوبة و الاستغفار فإنه يحطم فيه الذنوب العظام (أي:

يكسر) و لذلك سمّي حطيما، و في بعض الأخبار إنه المكان الذي تاب اللّه تعالى على آدم عليه السّلام (3).

الركن اليماني: الزاوية التي تكون بإزاء الحجر الأسود من خلف البيت تسمى بالركن اليماني و قد ورد في فضلها في الأخبار ما تتحير فيه العقول قال النبي صلّى اللّه عليه و آله: «ما أتيت الركن اليماني إلا وجدت جبرائيل قد سبقني إليه يلتزمه» (4)، و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «الركن اليماني بابنا الذي ندخل منه الجنة» (5)،

ص: 116


1- راجع الوسائل باب: 13 من أبواب الطواف.
2- الوسائل باب: 15 من أبواب الطواف حديث: 2.
3- الوافي ج: 8 باب: 2 من أبواب (فضل الكعبة و مسجد الحرام) صفحة: 10 و الرواية عن التهذيب.
4- الوسائل باب: 22 من أبواب الطواف حديث: 3.
5- و الوسائل باب: 22 من أبواب الطواف حديث: 6 و 7.

.....

______________________________

و قال عليه السّلام أيضا: «فيه باب من أبواب الجنة لم يغلق منذ فتح، و فيه نهر من الجنة تلقى فيه أعمال العباد» (1)، و قال عليه السّلام: «إن ملكا موكل بالركن اليماني منذ خلق اللّه السموات و الأرض ليس له هجير إلا التأمين على دعائكم، فلينظر عبد بما يدعو» (2) و لا بد من اغتنام الوقت و الحال في هذا المكان المقدس.

المستجار: المقدار الذي يكون بإزاء باب الكعبة من خلف البيت يسمى ب (المستجار)، و (المتعوّذ) و (الملتزم) و قد وردت في فضله أخبار كثيرة قال علي عليه السّلام: «أقروا عند الملتزم بما حفظتم من ذنوبكم و ما لم تحفظوا، فقولوا و ما حفظته علينا حفظتك و نسيناه فاغفره لنا، فإنه من أقر بذنوبه في ذلك الموضع و عده و ذكره و استغفر منه كان حقا على اللّه عز و جل أن يغفر له» (3)، و قال الصادق عليه السّلام: «إنه ليس عبد مؤمن يقر لربه بذنوبه في هذا المكان إلا غفر له إن شاء اللّه» (4).

النظر إلى الكعبة المقدسة يستحب إكثار النظر إلى الكعبة المشرفة قال النبي صلّى اللّه عليه و آله: «النظر إلى الكعبة حبا لها يهدم الخطايا هدما» (5)، و عن علي عليه السّلام: «إذا خرجتم حجاجا إلى بيت اللّه فأكثروا النظر إلى بيت اللّه، فان للّه مائة و عشرين رحمة عند بيته الحرام، ستون للطائفين، و أربعون للمصلين، و عشرون للناظرين» (6).

المواقف الثلاثة و هي: منى، و عرفات، و المشعر الحرام، و هذه الثلاثة من أهم المواقف الدينية، و المشاعر المقدسة العبادية المعروفة من هبوط آدم إلى

ص: 117


1- الوسائل باب: 22 من أبواب الطواف حديث: 7.
2- الوسائل باب: 23 من أبواب الطواف حديث: 1.
3- الوسائل باب: 26 من أبواب الطواف حديث: 8.
4- الوسائل باب: 26 من أبواب الطواف حديث: 9.
5- الوسائل باب: 29 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 9.
6- الوسائل باب: 29 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 8.

.....

______________________________

انقراض العالم، و لها أعمال، و آداب، و أحكام يأتي التعرض لها إنشاء اللّه تعالى.

و من الأماكن المقدسة مسجد الخيف في منى فإنه مضافا إلى فضله- أنه في الحرم- قد صلّى فيه الأنبياء و فيه قبور جمع منهم، و صلّى فيه نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله و مقامه الشريف في الصومعة التي تكون في وسط المسجد عند المنارة.

ص: 118

فصل في السعي

اشارة

فصل في السعي

فصل في أحكام السعي

اشارة

الرابع: من أفعال العمرة: السعي.

مسألة 1: السعي ركن يبطل الحج بتركه عمدا

(مسألة 1): السعي ركن يبطل الحج بتركه عمدا (1) و لو تركه نسيانا لا يبطل حجه و لا عمرته و وجب الإتيان به و لو بعد خروج ذي الحجة فإن خرج عن مكة عاد بنفسه و أتى به و إن تعذر أو شقّ استناب فيه (2) و لا

______________________________

فصل في السعي

(1) نصوصا، و إجماعا قال الصادق عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «من ترك السعي متعمدا فعليه الحج من قابل» (1).

(2) إجماعا، و نصا، قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «رجل نسي السعي بين الصفا و المروة قال عليه السّلام: يعيد السعي قلت: فإنه خرج قال عليه السّلام: يرجع فيعيد السعي إن هذا ليس كرمي الجمار إنّ الرمي سنّة و السعي بين الصفا و المروة فريضة» (2)، و في خبر الشحام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سألته عن رجل نسي أن يطوف بين الصفا و المروة حتى يرجع إلى أهله فقال عليه السّلام: يطاف عنه» (3)، و في صحيح ابن مسلم قال: «سألته عن رجل نسي أن يطوف بين الصفا و المروة قال عليه السّلام: يطاف عنه» (4) المحمولان على تعذّر المباشرة، أو كونها موجبة للحرج و المشقة، و يدل على ما ذكر حديث رفع الخطأ و النسيان (5)،

ص: 119


1- الوسائل باب: 7 من أبواب السعي حديث: 2.
2- و الوسائل باب: 8 من أبواب السعي حديث: 1.
3- و الوسائل باب: 8 من أبواب السعي حديث: 2.
4- و الوسائل باب: 8 من أبواب السعي حديث: 3.
5- الوسائل باب: 56 من أبواب جهاد النفس حديث: 3.

يحلّ من أخلّ به حتى يأتي به بنفسه أو نيابة (3) و لو تذكر ثمَّ واقع أهله قبل الإتيان به، فالأحوط الكفّارة عليه (4).

مسألة 2: يستحب قبل السعي و بعده أمور

(مسألة 2): يستحب قبل السعي و بعده أمور:

الأول: تقبيل الحجر، و استلامه مع الإمكان، و إلا فالإشارة إليه قبل إرادة الخروج إلى الصّفا (5).

الثاني: الاستقساء بنفسه من زمزم (6).

______________________________

و دليل نفي العسر و الحرج.

(3) لأصالة بقاء الإحرام، و عدم الخروج عنه إلّا بما جعله الشارع مخرجا، و ما جعل مخرجا عنه و محللا إنما هو التقصير المترتب على السعي.

(4) لفحوى ما يأتي في ما لو كان متمتعا بالعمرة و ظن أنه أتمّ السعي فأحل و واقع النساء ثمَّ تذكر فانقص من سعيه، فإن الأحوط الكفارة عليه راجع مسألة 11 من فصل في واجبات السعي).

(5) لصحيح ابن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «إذا فرغت من الركعتين فائت الحجر الأسود فقبّله، و استلمه، و أشر إليه فإنّه لا بد من ذلك»(1).

(6) كما في خبر علي بن مهزيار قال: «رأيت أبا جعفر الثاني عليه السّلام ليلة الزيارة طاف طواف النساء، و صلّى خلف المقام، ثمَّ دخل زمزم فاستقى منها بيده بالدلو الذي يلي الحجر و شرب منه، و صب على بعض جسده ثمَّ اطلع في زمزم مرتين، و أخبرني بعض أصحابنا أنه رآه بعد ذلك بسنة فعل مثل ذلك» (2)، و في صحيح ابن عمار: «إن قدرت أن تشرب من ماء زمزم قبل أن تخرج إلى الصفا فافعل» (3)، و في صحيح الحلبي: «فليأت زمزم و يستقي منه ذنوبا أو ذنوبين فليشرب منه» (4) الى غير ذلك من الأخبار.

ص: 120


1- الوسائل باب: 2 من أبواب السعي حديث: 1.
2- الوسائل باب: 2 من أبواب السعي حديث: 3.
3- الوسائل باب: 2 من أبواب السعي حديث: 1.
4- الوسائل باب: 2 من أبواب السعي حديث: 2.

الثالث: الشرب منه (7).

الرابع: الصب منه على بدنه (8).

الخامس: أن يدعو- و هو مستقبل القبلة- بالمأثور (9).

السادس: أن يخرج من الباب المحاذي للحجر الأسود (10).

______________________________

(7) كما تقدم في صحيح ابن مهزيار، و في صحيح ابن عمار: «و إن قدرت أن تشرب من ماء زمزم قبل أن تخرج إلى الصفا فافعل» (1).

(8) قال الصادق عليه السّلام في موثق ابن الحلبي «و تصب على رأسك و جسدك» و قد تقدم في صحيح ابن مهزيار أيضا، و في صحيح الحلبي عنه عليه السّلام:

«و ليصب على رأسه و ظهره و بطنه» (2).

(9) أما الدعاء ففي صحيح ابن عمار: «و تقول حين تشرب: اللّهم اجعله علما نافعا و رزقا واسعا و شفاء من كل داء و سقم» (3) و مثله ما في صحيح الحلبي.

و أما الاستقبال فلقوله عليه السّلام في موثق ابن الحلبي: «و ليكن ذلك من الدلو الذي بحذاء الحجر» (4).

(10) نصا، و إجماعا قال الصادق عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «ثمَّ اخرج إلى الصفا من الباب الذي خرج منه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو الباب الذي يقابل الحجر الأسود حتى تقطع الوادي و عليك السكينة و الوقار» (5)، و في خبر ابن سعيد:

«سألت أبا إبراهيم عليه السّلام عن الباب الذي يخرج منه إلى الصفا، قلت: إن أصحابنا قد اختلفوا فيه، بعضهم يقول: الذي يلي السقاية، و بعضهم يقول الذي يلي الحجر فقال عليه السّلام: هو الذي يلي الحجر، و الذي يلي السقاية محدث و فتحه داود» (6).

ص: 121


1- الوسائل باب: 2 من أبواب السعي حديث: 1.
2- الوسائل باب: 2 من أبواب السعي حديث: 2.
3- الوسائل باب: 2 من أبواب السعي حديث: 1.
4- الوسائل باب: 2 من أبواب السعي حديث: 2 و 4.
5- الوسائل باب: 3 من أبواب السعي حديث: 2.
6- الوسائل باب: 3 من أبواب السعي حديث: 1.

السابع: الطهارة و أن يمشي مع السكينة و الوقار (11).

الثامن: الصعود إلى الصّفا بحيث ينظر إلى البيت إن لم يكن حاجب و يتأكد ذلك في حقّ الرجل (12).

التاسع: أن يستقبل الركن الذي فيه الحجر و يحمد اللّه تعالى و يذكر من آلائه و بلائه- و حسن ما صنع اللّه- ما يقدر على ذكره خصوصا الدعوات و الأذكار المخصوصة (13).

______________________________

(11) أما الطهارة: فمضافا إلى الإجماع، قول الكاظم عليه السّلام في خبر ابن فضال: «لا تطوف و لا تسعى إلّا عن وضوء»(1) المحمول على الندب جمعا، و إجماعا، و أما السكينة و الوقار: فلما تقدم في صحيح ابن عمار.

(12) نصا، و إجماعا، قال الصادق عليه السّلام في صحيح معاوية بن عمار:

«فاصعد على الصفا حتى تنظر إلى البيت و تستقبل الركن الذي فيه الحجر الأسود» (2)، و في صحيح ابن الحجاج: «سألت أبا الحسن عليه السّلام عن النساء يطفن على الإبل و الدواب أ يجزيهن أن يقفن تحت الصفا و المروة؟ قال عليه السّلام: نعم بحيث يرين البيت» (3).

أقول: يمكن أن يحمل قوله عليه السّلام: «بحيث يرين البيت» على إمكان رؤيتهن له لو صعدن الصفا، لأن عدم صعود الصفا لهن أستر، و عن الفاضل إنه خص الصعود على الصفا بخصوص الرجال دون النساء. و هو أليق بمطلوبية الستر لهن مهما أمكن، و يشهد له استحباب الهرولة لخصوص الرجال أيضا.

(13) لقول الصادق عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «فاحمد اللّه تعالى، و أثن

ص: 122


1- الوسائل باب: 15 من أبواب السعي حديث: 7.
2- الوسائل باب: 4 من أبواب السعي حديث: 1.
3- الوسائل باب: 17 من أبواب السعي حديث: 1.

العاشر: أن يكبّر اللّه سبعا، و يهلّله سبعا و يقول لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له- الدعاء- (14).

______________________________

عليه، و اذكر من بلائه و آلائه- و حسن ما صنع إليك- ما قدرت على ذكره ثمَّ كبر اللّه سبعا، و احمده سبعا، و هلله سبعا، و قل: لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد يحيي و يميت و هو حي لا يموت و هو على كل شي ء قدير- ثلاث مرات- ثمَّ صل على النبي صلّى اللّه عليه و آله، و قل: اللّه أكبر الحمد للّه على ما هدانا، و الحمد للّه على ما أولانا، و الحمد للّه الحي القيوم، و الحمد للّه الحي الدائم- ثلاث مرات، و قل: أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله لا نعبد إلّا إيّاه مخلصين له الدين و لو كره المشركون- ثلاث مرات- و قل: اللّهم إنّي أسألك العفو و العافية و اليقين في الدّنيا و الآخرة- ثلاث مرات- اللّهم آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَ فِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنا عَذابَ النّارِ- ثلاث مرات- ثمَّ كبر اللّه مائة مرة، و هلل اللّه مائة مرة، و احمد اللّه مائة مرة، و سبح اللّه تعالى مائة مرة، و تقول: لا إله إلّا اللّه وحده وحده، أنجز وعده و نصر عبده و غلب الأحزاب وحده فله الملك و له الحمد وحده وحده اللّهم بارك لي في الموت و في ما بعد الموت، اللّهم إنّي أعوذ بك من ظلمة القبر و وحشته، اللّهم أظلني في ظلّ عرشك يوم لا ظلّ إلا ظلّك. و أكثر من أن تستودع ربّك دينك و نفسك و أهلك، ثمَّ تقول: أستودع اللّه الرحمن الرحيم الّذي لا تضيع و ودائعه ديني و نفسي و أهلي، اللّهم استعملني على كتابك و سنّة نبيّك، و توفّني على ملته و أعذني من الفتنة ثمَّ تكبر- ثلاثا، ثمَّ تعيدها،- مرتين- ثمَّ تكبر- واحدة- ثمَّ تعيدها، فإن لم تستطع هذا فبعضه، و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يقف على الصفا بقدر ما يقرأ سورة البقرة مترتّلا» (1).

(14) تقدم ذلك في صحيح ابن عمار.

ص: 123


1- الوسائل باب: 4 من أبواب السعي حديث: 1 عن فروع الكافي و أما في التهذيب ذكر الرواية مع اختلاف فراجع التهذيب ج: 5 حديث: 481.

الحادي عشر: أن يصلي على النبي صلّى اللّه عليه و آله (15).

الثاني عشر: أن يقول: اللّه أكبر الحمد للّه على ما هدانا- الدعاء- (16).

الثالث عشر: أن يقول: أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له- الدعاء- (17).

الرابع عشر: الإكثار من استيداع اللّه نفسه و دينه و أهله (18).

الخامس عشر: الهرولة للرجل بين العلامتين المنصوبتين (19).

______________________________

(15) كما مر في صحيح معاوية بن عمار.

(16) لقول الصادق عليه السّلام في صحيح ابن عمار المتقدم.

(17) الدعاء بكامله مر في صحيح ابن عمار، و في مرسل ابن يزيد قال:

«كنت في ظهر أبي الحسن موسى عليه السّلام على الصفا و على المروة و هو لا يزيد على حرفين: اللّهم إنّي أسألك حسن الظن بك في كل حال، و صدق النية في التوكل عليك» (1) و قد ورد أدعية أخرى عند الصعود على الصفا من شاء فليراجع محالها.

(18) لقوله عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «و أكثر من أن تستودع ربّك دينك، و نفسك و أهلك» (2).

(19) لقول الصادق عليه السّلام: «انحدر من الصفا ماشيا إلى المروة و عليك السكينة و الوقار حتى تأتي المنارة، و هي طرف المسعى فاسع ملأ فروجك، و قل: بسم اللّه و اللّه أكبر و صلّى اللّه على محمد و أهل بيته، اللّهم اغفر و ارحم و تجاوز عمّا تعلم إنك أنت الأعزّ الأكرم حتّى تبلغ المنارة الأخرى- الحديث-» (3)، و في رواية الكافي: «حتى تبلغ المنارة الأخرى، فإذا جاوزتها فقل:

ص: 124


1- الوسائل باب: 5 من أبواب السعي حديث: 6.
2- الوسائل باب: 4 من أبواب السعي حديث: 1.
3- الوسائل باب: 6 من أبواب السعي حديث: 1.

و الدعاء حينه (20) و هكذا يصنع في كل شوط (21)، و لو نسي الهرولة و ذكرها و هو في أثناء محلّ الهرولة استحب له الرجوع ماشيا إلى الخلف من غير التفات بالوجه إلى ابتداء محلّها و الهرولة حينئذ (22).

______________________________

يا ذا المنّ و الفضل و الكرم و النعماء و الجود اغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت» (1).

(20) تقدم ذلك في صحيح ابن عمار.

(21) لظهور الإطلاق و الاتفاق.

(22) لقول الصادق عليه السّلام: «من سها عن السعي حتى يصير من المسعى على بعضه أو كله ثمَّ ذكر فلا يصرف وجهه منصرفا، و لكن يرجع القهقرى إلى المكان الذي يجب فيه السعي» (2).

ص: 125


1- الوسائل باب: 6 من أبواب السعي حديث: 2.
2- الوسائل باب: 9 من أبواب الطواف حديث: 2.

فصل في واجبات السعي

اشارة

فصل في واجبات السعي و هي أمور:

الأول: النية

الأول: النية و يكفي فيها الدّاعي المستمر من أول الشروع فيه إلى تمامه (1) و لا يعتبر قصد الوجه. نعم، يعتبر قصد كونه من سعي العمرة أو الحج و على الأول هل هو من عمرة حجة الإسلام أو غيرها (2) و يكفي التعيين الإجمالي (3)، كما تكفي النية الواحدة إن أتى به مستقلا (4)، بل

______________________________

فصل في واجبات السعي

(1) أمّا اعتبار أصل النية فيه، فبالإجماع بقسميه، بل بالضرورة من الفقه إن لم يكن من العقل، لأنه فعل اختياري، و الفعل الاختياري لا يتحقق إلا بالقصد و النية.

و أما كفاية مجرد الداعي، فلعدم الدليل على اعتبار الأزيد منه، بل مقتضى الأصل عدمه.

و أما اعتبار القربة فلانة من العبادات و هي متقومة بقصدها بالضرورة.

(2) أما عدم اعتبار قصد الوجه، فللأصل بعدم عدم دليل عليه، و قد فصل ذلك في نية الوضوء و الصلاة فراجع. و أما اعتبار التعيين فلأن المأمور به هو المتعين لا المبهم و المشترك و لا بد من قصد المأمور به فيجب التعيين من هذه الجهة.

(3) لأصالة البراءة عن وجوب التعيين التفصيلي.

(4) لفرض أنه عمل واحد و له وحدة صورية عرفية، و إن كان ذا أجزاء،

ص: 126

و كذا إن فصّل بين أشواطه بجلوس أو نحوه فيكفي الإتمام بالنية الأولى و لا يجب عليه تجديد النية (5).

الثاني و الثالث: البدأة بالصفا، و الختم بالمروة في كل شوط

الثاني و الثالث: البدأة بالصفا، و الختم بالمروة في كل شوط (6) و كل

______________________________

و النية الإجمالية باقية من أوله إلى آخره كما في الصلاة.

(5) لإطلاق الأدلة، و أصالة البراءة عن وجوب التجديد ثانيا، و عن كشف اللثام وجوب التجديد و لا دليل له مع بقاء أصل الداعي، بل قد يقال بكفاية الإتمام من دون تجديد- و لا دليل له مع بقاء أصل الداعي، بل قد يقال بكفاية الإتمام من دون تجديد- و إن غفل أو نسي عن النية الأولى- و لا بأس به مع بقائها في النفس ارتكازا، و أما لو فرض زوالها رأسا بحيث لا يلتفت إلى ما يفعل بالمرة و لو سئل عن ذلك بقي متحيرا فلا بد من التجديد و إعادة ما أتى به بلا نية.

ثمَّ إن الواجب إنّما هو النية في السعي و في أثنائه، و أما لو جلس في الأثناء أو بعد ختم شوط للاستراحة، فلا يجب استمرار النية في تلك الحالة.

و لو شك في أنه نوى أو لا و كان في الأثناء أو بعد الفراغ بنى على أنه نوى.

و لو أتى ببعض السعي ريا يبطل ذلك البعض و تجب إعادته و الأحوط إعادة أصل ذلك الشوط.

(6) لإجماع المسلمين، و النصوص المستفيضة قال الصادق عليه السّلام في الصحيح: «من بدأ بالمروة قبل الصفا فليطرح ما سعى و يبدأ بالصفا قبل المروة» (1)، و في خبر الصائغ قال: «سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام و أنا حاضر عن رجل بدأ بالمروة قبل الصفا قال عليه السّلام: يعيد، ألا ترى أنه لو بدأ بشماله قبل يمينه كان عليه أن يبدأ بيمينه ثمَّ يعيد على شماله»(2).

ص: 127


1- الوسائل باب: 10 من أبواب السعي حديث: 1.
2- الوسائل باب: 10 من أبواب السعي حديث: 5.

دخل المسعى من المسجد الحرام يكون الصفا- و هو جبل مرتفع- على يمينه، و المروة- و هي جبل منفخض- على يساره، و إن دخل المسعى من الخارج يكون بالعكس و لو أتى- عمدا أو سهوا، أو نسيانا، أو جهلا- بالعكس بطل (7)، و يكفي في البدأة بالصفا و الختم بالمروة انطباقهما على السعي واقعا و لو لم يكن الساعي ملتفتا و متوجها إلى ذلك (8)، و لو ابتدأ بالصفا معتقدا أنّها مروة و ختم بالمروة معتقدا أنّها الصفا يصح سعيه مع تحقق سائر الشرائط (9)، و يجب استيعاب المسافة بينهما بالسعي (10) و لا يجزي الناقص و لو بقليل (11). و لا يجب في الاستيعاب الدقة العقلية، و لا الصعود إلى الصفا و المروة (12) و يجزي صدق الاستيعاب عرفا (13) و إن

______________________________

(7) لأن شرطية البدإ من الصفا واقعية لا أن تكون ذكرية كما يستفاد من تشبيهه عليه السّلام بتقديم اليمين على اليسار في الوضوء فيبطل مع التخلف مطلقا، و يختص البطلان و وجوب الإعادة بخصوص ما بدأ به من المروة و لا يبطل غيره و لا تجب إعادته و على هذا لو تذكر بعد الفراغ و أتى بشوط واحد من الصفا إلى المروة يصح و يجزي، لأن الشوط الذي وقع من المروة إلى الصفا وقع باطلا و البقية صحيحة إذا كان لم يقصد في كل شوط البدأة من المروة إلى الصفا بل قصد التكليف الفعلي.

(8) لظهور الإطلاق، و أصالة البراءة عن اعتبار العلم و الالتفات.

(9) لموافقة المأتي به للواقع، و لا يضر اعتقاد الخلاف، كما لو بدأ في الوضوء باليمين معتقدا أنّها اليسار و ختم باليسار معتقدا أنها اليمين.

(10) لأنه المنساق من الأدلة، مضافا إلى ظهور الإجماع على اعتبار ذلك.

(11) لقاعدة الاشتغال بعد عدم الإتيان بالمأمور به.

(12) لإطلاق الأدلة، و أصالة البراءة عن ذلك.

(13) لأن الأدلة منزلة على العرف و المفروض حكم العرف بتحقق

ص: 128

كان الأحوط الصعود في الجملة عليهما (14).

الرابع: أن يكون سبعة أشواط من الصفا إلى المروة شوط
اشارة

الرابع: أن يكون سبعة أشواط من الصفا إلى المروة شوط و منها إلى الصفا شوط، فالسبعة تحصل بالذهاب أربعا من الصفا إلى المروة، و الإياب ثلاثا من المروة إلى الصفا (15).

مسألة 1: يجب في السعي أن يكون في المسعى المعهود

(مسألة 1): يجب في السعي أن يكون في المسعى المعهود، فلا يجزي في غيره، و أن يكون متوجها نحو المطلوب فلا يجزي أن يمشي مستدبرا عنه (16) و لا يضرّ الالتفات بالوجه (17) و لا بد أن يكون السعي بالنحو المتعارف- ماشيا، أو راكبا- فلو سعى بيديه و رجليه مع الاختيار،

______________________________

السعي بينهما بذلك.

(14) خروجا عن خلاف من أوجب ذلك، و قد يجب مقدمة لحصول العلم بالمأمور به إن لم يكن من الوسواس و لم يوجب إيذاء الناس.

(15) للنص، و الإجماع، قال الصادق عليه السّلام في صحيح ابن معاوية: «طف بينهما سبعة أشواط تبدأ بالصفا و تختم بالمروة» (1) و لو كان الذهاب و الإياب شوطا واحدا لزم الختم بالصفا و هو فاسد إجماعا و نصا، و في صحيح ابن أبي عمير عن هشام بن سالم قال: «سعيت بين الصفا و المروة أنا و عبيد اللّه بن راشد فقلت له: تحفظ عليّ، فجعل يعد ذاهبا و جائيا شوطا واحدا فبلغ مثل ذلك فقلت له: كيف تعد؟ قال: ذاهبا و جائيا شوطا واحدا فأتممنا أربعة عشر شوطا، فذكرنا لأبي عبد اللّه عليه السّلام فقال: قد زادوا على ما عليهم ليس عليهم شي ء» (2).

(16) للإجماع، و السيرة خلفا عن سلف، و لأنه المعهود من النبي صلّى اللّه عليه و آله و المعصومين عليهم السّلام بل هو المتعارف في السعي إلى كل جهة يسعى الناس إليها عرفا.

(17) للأصل، و في الجواهر: دعوى القطع بعدم كونه مضرا.

ص: 129


1- الوسائل باب: 6 من أبواب السعي حديث: 4.
2- الوسائل باب: 11 من أبواب السعي حديث: 1.

أو بنحو آخر لا يصح (18).

مسألة 2: يجوز السعي في الطبقة العليا- الموجودة في عصرنا من المسعى

(مسألة 2): يجوز السعي في الطبقة العليا- الموجودة في عصرنا من المسعى (19).

مسألة 3: لو زاد على السبع عمدا بطل

(مسألة 3): لو زاد على السبع عمدا بطل (20) و تتحقق الزيادة بقصد إدخالها في السعي المأمور به (21)، فلو لم يكن بهذا القصد أو تردد في الأثناء أو رجع ثمَّ عاد لا يضرّ بالصحة في ذلك كله (22).

مسألة 4: لو زاد شوطا فما زاد

(مسألة 4): لو زاد شوطا فما زاد تخيّر بين البناء على السبعة و إلغاء ما زاد، و بين الإكمال أسبوعين و إن كان الابتداء في ثانيهما من المروة و لم

______________________________

(18) لأن المنساق من الأدلة إنما هو المتعارف المعهود. نعم لا فرق في المشي بين السريع و البطي ء، للإطلاق و الاتفاق.

(19) للإطلاقات، و لتحقق السعي بين الصفا و المروة عرفا و لكنه خلاف الاحتياط.

(20) لما تقدم في الطواف، و قول أبي الحسن عليه السّلام في خبر ابن محمد:

«الطواف المفروض إذا زدت عليه مثل الصلاة فإذا زدت عليها فعليك الإعادة، و كذا السعي» (1)، و عن الصادق عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «إن طاف الرجل بين الصفا و المروة تسعة أشواط فليسع على واحد و ليطرح ثمانية، و إن طاف بين الصفا و المروة ثمانية أشواط فليطرحها و ليستأنف السعي» (2) بناء على حمله على العمد و أنّ البناء في الأول على واحد لبطلان الثمانية و صحة الواحد و البناء على البطلان في الأخير لبطلان تمام الثمانية.

(21) لتقوم الزيادة المبطلة بقصد الزيادة كما مر مكررا في هذا الكتاب.

(22) للإطلاقات، و العمومات، و أصالة الصحة.

ص: 130


1- الوسائل باب: 12 من أبواب السعي حديث: 1.
2- الوسائل باب: 12 من أبواب السعي حديث: 2.

تحصل النية في ابتدائه (23)

______________________________

(23) للجمع بين صحاح الباب، و نسب ذلك إلى أكثر الأصحاب، ففي صحيح ابن الحجاج عن أبي إبراهيم عليه السّلام: «في رجل سعى بين الصفا و المروة ثمانية أشواط ما عليه؟ فقال عليه السّلام: إن كان خطأ أطرح واحدا و اعتد بسبعة» (1)، و في صحيح جميل قال: «حججنا و نحن صرورة فسعينا بين الصفا و المروة أربعة عشر شوطا، فسألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن ذلك فقال عليه السّلام: لا بأس سبعة لك و سبعة تطرح» (2)و مثلهما غيرهما الدال على الطرح، و في صحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال: «إنّ في كتاب علي عليه السّلام إذا طاف الرجل بالبيت ثمانية أشواط الفريضة فاستيقن ثمانية أضاف إليها ستا، و كذلك إذا استيقن أنه سعى ثمانية أضاف إليها ستا» (3) و هو صحيح سندا و نص متنا في صحة الإضافة و جمع الأصحاب بين هذه الصحاح بالتخيير و هو جمع حسن شائع في الفقه، و لكن الإضافة مخالفة للأصول من وجوه:

الأول: من جهة النية فإن الشوط الثامن لم يقع بنية السعي المستقل.

الثاني: أن ابتداء السعي الثاني يقع من المروة و هو خلاف النص و الفتوى.

الثالث: أن السعي ليس مندوبا نفسا كالطواف و الصلاة فلا وجه للإتمام بقصد الأمر.

و لكن لا وجه لهذه الإشكالات بعد كون الصحيح نصا في الجواز، و رفع اليد عنه لأجل هذه الإشكالات اجتهاد في مقابل النص. نعم لا بد من الاقتصار على خصوص مورد النص.

ص: 131


1- الوسائل باب: 13 من أبواب السعي حديث: 3.
2- الوسائل باب: 13 من أبواب السعي حديث: 5.
3- الوسائل باب: 34 من أبواب السعي حديث: 10.

و الأحوط الطرح مطلقا (24) و لو كان الزائد أقلّ من شوط ألغاه (25).

مسألة 5: لو تيقن عدد ما في يده من الأشواط

(مسألة 5): لو تيقن عدد ما في يده من الأشواط و شك في أنّه هل ابتداء حين الشروع في السعي من الصفا أو من المروة فإن كان في الاثنين أو الأربعة أو الستة و هو على الصفا أو متوجها إليها يصح سعيه (26) و يتم سعيه و لا شي ء عليه (27) و إن كان على المروة أو متوجها إليها و علم بالاثنين أو الأربعة أو الستة بطل سعيه و وجب عليه الإعادة (28).

مسألة 6: لو تيقن بالفرد- كالواحد، أو الثلاثة، أو الخمسة، أو السبعة- و هو على الصفا بطل سعيه

(مسألة 6): لو تيقن بالفرد- كالواحد، أو الثلاثة، أو الخمسة، أو السبعة- و هو على الصفا بطل سعيه (29).

نعم، لو علم بالفرد و هو على المروة صح سعيه (30).

______________________________

(24) خروجا عن مخالفة الأصول كما مر، و عن مخالفة من لم يعمل بصحيح ابن مسلم كما نسب إلى الحدائق و غيره.

(25) لعدم دليل على الإتمام حينئذ، و مقتضى الأصل عدم جوازه بقصد الأمر.

(26) للعلم بأنه بدأ بالصفا، إذ لا يمكن كونه اثنين، أو أربعة، أو ستة إلا بذلك.

(27) لقاعدة الإجزاء بعد ما أتى بالمأمور به على وجهه.

(28) لأنه لا يكون ذلك إلّا مع الابتداء بالمروة المبطل عمدا أو سهوا في ابتداء السعي.

(29) لأنه يستكشف من ذلك أنه بدأ من المروة إذ لو كان قد بدأ من الصفا لكان في أعداد الأفراد على المروة دون الصفاء.

(30) لتحقق الامتثال المقتضي للإجزاء كما هو واضح.

ص: 132

مسألة 7: لو شك في عدده بعد الفراغ لا يعتني به

(مسألة 7): لو شك في عدده بعد الفراغ لا يعتني به (31) و كذا لو شك فيما زاد على السبعة على وجه لا ينافي البدأة بالصفا، كما لو شك بين السبع، و الثمانية أو التسعة و هو على المروة (32).

مسألة 8: لو شك في عدده في الأثناء يعيد أصل السعي

(مسألة 8): لو شك في عدده في الأثناء يعيد أصل السعي (33).

مسألة 9: لو نقص ساهيا أتى بما نقص سواء كان شوطا أو أقل أو أكثر

(مسألة 9): لو نقص ساهيا أتى بما نقص سواء كان شوطا أو أقل أو أكثر، و سواء كان قبل فوت الموالاة أو بعده و سواء كان قد تجاوز النصف

______________________________

(31) لقاعدة الفراغ، و أصالة الصحة كما تقدم في الطواف.

(32) لأصالة الصحة فيما أتى، و أصالة عدم الزيادة فيما شك.

(33) كما عن جمع منهم المحقق في الشرائع، لقاعدة الاشتغال بعد سقوط البناء على الأقل، و أصالة عدم الإتيان بالأكثر على ما هو المشهور في الشك في ركعات الصلاة، و في أشواط الطواف و السعي. نعم في الصلاة دلت النصوص على البناء على الأكثر و تدارك محتمل النقص بالركعات الاحتياطية (1)و في الطواف و المقام لا دليل كذلك، بل الدليل على العدم فلا بد من الإعادة قال سعيد بن يسار في الصحيح: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل متمتع سعى بين الصفا و المروة ستة أشواط ثمَّ رجع إلى منزله و هو يرى أنه قد فرغ منه و قلّم أظافيره و أحل ثمَّ ذكر أنه سعى ستة أشواط، فقال لي: يحفظ أنه قد سعى ستة أشواط فإن كان يحفظ أنه قد سعى ستة أشواط فليعد و ليتم شوطا و ليرق دما فقلت: دم ما ذا؟ قال عليه السّلام: بقرة، قال: و إن لم يكن حفظ أنه قد سعى ستة فليعد فليبتدئ السعي، حتى يكمل سبعة أشواط ثمَّ ليرق دم بقرة» (2) و ذيله ظاهر بل صريح في الإعادة عند الشك.

ص: 133


1- راجع ج: 8 صفحة: 277- 283.
2- الوسائل باب: 14 من أبواب السعي حديث: 1.

أولا (34) و لكن الأحوط مراعاة عدم تجاوز النصف (35) و لو علم النقص و لم يدر ما نقص استأنف (36).

مسألة 10: لا تعتبر الموالاة في السعي

(مسألة 10): لا تعتبر الموالاة في السعي (37).

______________________________

(34) لإطلاق الأدلة، و أصالة الصحة بالنسبة إلى المأتي به، و عدم اعتبار الموالاة في السعي كما يأتي و هذا هو المشهور. و نسب إلى المفيد، و أبي الصلاح، و ابن حمزة اعتبار مجاوزة النصف كالطواف، و عن الغنية الإجماع عليه، لقول أبي الحسن عليه السّلام لأحمد بن عمر الحلال: «إذا حاضت المرأة و هي في الطواف بالبيت أو بالصفا و المروة و جاوزت النصف علّمت ذلك الموضع الذي بلغت فإذا هي قطعت طوافها في أقل من النصف فعليها أن تستأنف الطواف من أوله»(1)، و نحوه قول الصادق عليه السّلام في خبر أبي بصير (2)، و لكن إجماع الغنية موهون بذهاب المشهور إلى الخلاف، و الخبران قاصران سندا مع احتمال اختصاصهما بخصوص الطواف بالبيت، إذ لا تعتبر الطهارة في السعي فلا وجه لقطعه لأجل الحيض.

(35) جمودا على ما تقدم من الخبرين، و خروجا عن مخالفة إجماع الغنية و إن كان موهونا.

(36) لما تقدم في المسألة الثامنة فراجع.

(37) للإطلاق، و الاتفاق، و الأصل، و لما يأتي من جواز قطعه لصلاة الفريضة حتى مع سعة الوقت، و للحاجة حتى مع عدم الضرورة، و مقتضى إطلاق الكلمات جواز الفصل بين الأشواط بقدر يوم، و لكن الأحوط الاقتصار في عدم الموالاة على خصوص ما ورد في النصوص، ففي صحيح معاوية:

«قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: الرجل يدخل في السعي بين الصفا و المروة فيدخل

ص: 134


1- الوسائل باب: 85 من أبواب الطواف حديث: 2.
2- الوسائل باب: 85 من أبواب الطواف حديث: 1.
مسألة 11: لو زعم الفراغ عن السعي فأحلّ و واقع النساء ثمَّ تذكر

(مسألة 11): لو زعم الفراغ عن السعي فأحلّ و واقع النساء ثمَّ تذكر، أكمله و عليه بقرة (38).

______________________________

وقت الصلاة أ يخفف، أو يقطع و يصلي ثمَّ يعود، أو يثبت كما هو على حاله حتى يفرغ؟ قال: لا بل يصلي ثمَّ يعود» (1)، و في موثق محمد بن فضيل عن محمد بن على الرضا عليه السّلام قال له: «سعيت شوطا ثمَّ طلع الفجر قال عليه السّلام: صلّ ثمَّ عد فأتم سعيك» (2)، و في خبر يحيى الأزرق سألت أبا الحسن عليه السّلام: «عن الرجل يدخل في السعي بين الصفا و المروة فيسعى ثلاثة أشواط أو أربعة ثمَّ يلقاه الصديق له فيدعوه إلى الحاجة أو إلى الطعام فقال عليه السّلام: إن أجابه فلا بأس» (3) و زاد في الفقيه: «و لكن يقضي حق اللّه عز و جل أحبّ إليّ من أن يقض حق صاحبه» (4) و المتيقن من الاتفاق على عدم اعتبار الموالاة ذلك أيضا، كما أن المنصرف من الإطلاق الموالاة العرفية إلّا في ما ورد الدليل على خلافه لو لم يكن هذا الانصراف من الانصرافات البدوية.

(38) لخبر ابن مسكان قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل طاف بين الصفا و المروة ستة أشواط و هو يظن أنها سبعة فذكر بعد ما حل و واقع النساء أنه إنما طاف ستة أشواط قال عليه السّلام: عليه بقرة يذبحها و يطوف شوطا آخر» (5) و عمل به الشيخان. و بان إدريس، و الفاضل.

و أشكل عليه. تارة: بضعف السند.

و أخرى: بأنه مناف لما دل على أنه ليس على الناسي شي ء في غير الصيد- كما تقدم.

و ثالثة: بمنافاته لما دل على وجوب البدنة على من جامع قبل طواف

ص: 135


1- الوسائل باب: 18 من أبواب السعي حديث: 1.
2- الوسائل باب: 18 من أبواب السعي حديث: 3.
3- الوسائل باب: 19 من أبواب السعي حديث: 1.
4- الوسائل باب: 19 من أبواب السعي حديث: 2.
5- الوسائل باب: 14 من أبواب السعي حديث: 2.

و تجب البقرة أيضا لو قلّم أظفاره و أحلّ (39).

مسألة 12: لو دخل وقت الفريضة- و هو في السعي في أي شوط من أشواطه

(مسألة 12): لو دخل وقت الفريضة- و هو في السعي في أي شوط من أشواطه كان- جاز له القطع ثمَّ البناء على ما قطعه بعد الصلاة (40)، و كذا لو عرضت حاجة له، أو لغيره (41) و الأحوط عدم القطع لحاجة أمكن تأخيرها و لم يكن مضطرا إليها (42)، كما أنّ الأحوط مراعاة تجاوز النصف و عدمه في القطع للحاجة (43).

مسألة 13: يجوز الجلوس في أثناء السعي للاستراحة

(مسألة 13): يجوز الجلوس في أثناء السعي للاستراحة على

______________________________

النساء، و لذا طرحه بعض، و حمله آخر على عمرة التمتع التي ليس فيها طواف النساء، و حمله ثالث على الندب. و أجيب عن الأول بالانجبار باعتماد الأعلام خصوصا مثل ابن إدريس الذي لا يعمل إلّا بالقطعيات، و عن الأخيرين بأنه لا بأس بهما بعد اعتبار السند فلا يبقى موضوع للحمل أو الطرح بعد ذلك.

(39) لما تقدم من صحيح ابن يسار و لو جامع مع ذلك تجب عليه بقرة للمجامعة، و بقرة لتقليم الأظفار، لتعدد السبب الموجب لتعدد المسبب، و إطلاق خبر ابن مسكان لما إذا قلّم أظفاره أولا بل الأحوط الجمع بين البقرة و البدنة لو كان الجماع في نسك يجب فيه طواف النساء كالحج، و العمرة المفردة.

(40) لما تقدم في صحيح معاوية، و موثق ابن فضيل و إطلاقهما يشمل ما لو كان في أي شوط من الأشواط.

(41) لما تقدم في خبر يحيى و إطلاقه يشمل الحاجة لنفسه أو لغيره.

(42) لما تقدم في خبر الفقيه «يقضي حق اللّه عز و جل أحبّ إليّ» (1).

(43) خروجا عن مخالفة المفيد، و سلّار، و أبي الصلاح، و ابن حمزة من اعتبارهم لذلك كما تقدّم.

ص: 136


1- الوسائل باب: 19 من أبواب السعي حديث: 2.

الصفا، أو على المروة أو في ما بينهما (44)، و الأولى ترك الجلوس إلا عن جهد (45).

مسألة 14: لا يجوز تقديم السعي على الطواف لا في عمرة و لا في حج اختيارا

(مسألة 14): لا يجوز تقديم السعي على الطواف لا في عمرة و لا في حج اختيارا (46)، فإن قدّمهه عمدا طاف ثمَّ أعاد السعي (47) نعم، لو قدّمه ساهيا أجزأ، و كذا لو كان للضرورة و الخوف من الحيض. و كذا لا يجوز تقديم طواف النساء على السعي اختيارا (48).

مسألة 15: لو تذكر في السعي نقصانا من طوافه

(مسألة 15): لو تذكر في السعي نقصانا من طوافه، فإن كان قد تجاوز النصف في الطواف قطع السعي و أتمّ الطواف ثمَّ أتّم السعي، و إلّا استأنف

______________________________

(44) للأصل، و الإطلاق، و الاتفاق، و النص ففي صحيح الحلبي قال:

«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يطوف بين الصفا و المروة أ يستريح؟ قال عليه السّلام:

نعم إن شاء جلس على الصفا و المروة و بينهما، فليجلس»(1) و نحوه غيره.

(45) لقول الصادق عليه السّلام: «لا يجلس بين الصفا و المروة إلا من جهد» (2) المحمول على مجرد الأولوية.

(46) نصا، و إجماعا ففي صحيح ابن حازم قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل طاف بين الصفا و المروة قبل أن يطوف بالبيت فقال عليه السّلام:

يطوف بالبيت ثمَّ يعود إلى الصفا و المروة فيطوف بينهما» (3).

(47) لما تقدم في صحيح ابن حازم.

(48) يدل عليه- مضافا إلى الإجماع- النصوص المتضمنة لبيان كيفية الحج قولا و فعلا، و في خبر أحمد بن محمد قال: «قلت لأبي الحسن عليه السّلام:

جعلت فداك متمتع زار البيت فطاف طواف الحج، ثمَّ طاف طواف النساء، ثمَّ

ص: 137


1- الوسائل باب: 25 من أبواب السعي حديث: 1.
2- الوسائل باب: 25 من أبواب السعي حديث: 4.
3- الوسائل باب: 63 من أبواب الطواف حديث: 2.

الطواف من رأس ثمَّ استأنف السعي كذلك (49).

مسألة 16: لو سعى في ثوب مغصوب، أو نعل غصبيّ

(مسألة 16): لو سعى في ثوب مغصوب، أو نعل غصبيّ أو على مركوب كذلك بطل سعيه (50).

______________________________

سعى، قال عليه السّلام: لا يكون يسعى إلا من قبل طواف النساء» (1).

(49) و قد تقدم وجه ذلك كله في المسائل السابقة فراجع.

(50) لأن السعي عبادة و النهي المتعلق بالعبادة يوجب الفساد و لا ريب في أن السعي تصرف في المغصوب فيكون منهيا عنه.

فرع: من لم يتمكن من السعي يسعى به أو عنه على ما تقدم في الطواف.

ص: 138


1- الوسائل باب: 65 من أبواب الطواف حديث: 1.

فصل في التقصير

اشارة

________________________________________

سبزوارى، سيد عبد الأعلى، مهذّب الأحكام (للسبزواري)، 30 جلد، مؤسسه المنار - دفتر حضرت آية الله، قم - ايران، چهارم، 1413 ه ق

مهذب الأحكام (للسبزواري)؛ ج 14، ص: 139

فصل في التقصير الخامس من أفعال العمرة: التقصير و هو نسك في نفسه، و واجب، و يحلّ به من الإحرام (1).

______________________________

فصل في التقصير

(1) للنص، و الإجماع في كل ذلك، قال الصادق عليه السّلام في خبر ابن سنان:

«طواف المتمتع أن يطوف بالكعبة و يسعى بين الصفا و المروة و يقصّر من شعره فاذا فعل ذلك فقد أحل» (1)، و عنه عليه السّلام أيضا في خبر ابن يزيد: ثمَّ ائت منزلك فقصّر من شعرك و حل لك كل شي ء» (2)، و عنه عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «ليس في المتعة إلا التقصير» (3) فيستفاد من مثل هذه الأخبار أن فيه جهتين: الوجوب النفسي، و كونه موجبا للإحلال.

و نسب إلى الخلاف، و والد الفاضل عدم وجوبه النفسي و انه الأفضل و إن جاز الحلق أيضا، و لأنه إذا أحل من العمرة حل له كل ما حرم عليه بالإحرام، و منه إزالة الشعر بجميع أنواعه و أول الحلق تقصير.

و فيه: أن التقصير مقابل للحلق لا أن يكون موافقا له فلا يتحقق به الامتثال.

و عن التهذيب من عقص شعر رأسه عند الإحرام أو لبّده، فلا يجوز له إلّا الحلق و متى اقتصر على التقصير كان عليه دم شاة و ظاهره التعميم لعمرة التمتع

ص: 139


1- الوسائل باب: 1 من أبواب التقصير حديث: 2.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب التقصير حديث: 3.
3- الوسائل باب: 4 من أبواب التقصير حديث: 2.

مسألة 1: يجزي مسمّى التقصير مطلقا بأخذ شعرة من الرأس

(مسألة 1): يجزي مسمّى التقصير مطلقا بأخذ شعرة من الرأس أو الحاجب، أو اللحية، أو العانة، أو تقليم ظفر- و لو بقصة بحديد أو سنّ- (2).

______________________________

و المفردة أيضا. و استدل بقول الصادق عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «إذا أحرمت فعقصت شعر رأسك أو لبّدته فقد وجب عليك الحلق و ليس لك التقصير و إن أنت لم تفعل فمخير لك التقصير و الحلق في الحج و ليس في المتعة إلّا التقصير» (1)، و صحيح العيص (2) قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل عقص شعر رأسه و هو متمتع ثمَّ قدم مكة فقضى نسكه و حل عقاص رأسه فقصر و ادهن و أحل قال عليه السّلام: عليه دم شاة».

و فيه: أن صحيح ابن عمار صريح في أنه ليس في المتعة إلّا التقصير، و صحيح العيص يحتمل أن يكون المراد بالنسك الحج و بالدم الهدي، أو الحمل على الندب فلا وجه للاعتماد عليهما في الوجوب.

(2) كل ذلك للإطلاق الشامل للجميع، و في صحيح ابن عمار قال:

«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام: عن متمتع قرض أظفاره و أخذ من شعره بمشقص (3) قال عليه السّلام: لا بأس ليس كل أحد يجد جلما (4)» (5).

و في موثق ابن الحلبي قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن امرأة متمتعة عاجلها زوجها قبل أن تقصّر، فلما تخوفت أن يغلبها أهوت إلى قرونها فقرضت منها بأسنانها، و قرضت بأظافيرها، هل عليها شي ء؟ قال عليه السّلام: لا، ليس كل أحد يجد المقاريض» (6)، و في صحيح الحلبي قال: «قلت لأبي

ص: 140


1- الوسائل باب: 7 من أبواب الحلق و التقصير حديث 8.
2- الوسائل باب: 7 من أبواب الحلق و التقصير حديث 9.
3- المشقص: نصل السهم.
4- الجلم: المقراض.
5- الوسائل باب: 2 من أبواب التقصير حديث: 1.
6- الوسائل باب: 3 من أبواب التقصير حديث: 4.

مسألة 2: الأولى الأخذ من جميع جوانب شعر الرأس

(مسألة 2): الأولى الأخذ من جميع جوانب شعر الرأس و من اللحية، و الشارب و الأظفار (3).

مسألة 3: لا يجوز للمتمتع حلق جميع الرأس بدل التقصير

(مسألة 3): لا يجوز للمتمتع حلق جميع الرأس بدل التقصير فلو

______________________________

عبد اللّه عليه السّلام: جعلت فداك إنّي لما قضيت نسكي للعمرة أتيت أهلي و لم أقصر، قال عليه السّلام: عليك بدنة، قلت: إني لمّا أردت ذلك منها و لم تكن قصّرت امتنعت فملأ غلبتها قرضت بعض شعرها بأسنانها، فقال رحمها اللّه كانت أفقه منك، عليك بدنة و ليس عليها شي ء» (1)، و في صحيح جميل عن الصادق عليه السّلام: «في محرم يقصّر من بعض و لا يقصر من بعض، قال عليه السّلام: يجزيه» (2) إلى غير ذلك مما يظهر منه الاكتفاء بمطلق إزالة الشعر و لو كان واحدة أو بعضا منها من أي محل كان، و أما النتف فقد أرسل إرسال المسلّمات تحقق التقصير به- كما في الجواهر- فجعل قدّس سره المدار على مسمّى إزالة الشعر المتحقّق بالنتف أيضا، و قد فسر (التفث) في قوله تعالى ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ بنتف الإبط أيضا. و توهم اختصاص التقصير بغير النتف على القرض و القص الظاهرة في غير النتف مدفوع: بأن ذلك كله من باب الغالب لا التخصيص و التقييد، إذ المقصود كله ازالة الشعر بأي وجه تحقق و لعله لذلك ترك جمع من الفقهاء التعرض للتفصيل، و لا فرق فيه من أي محل كان.

(3) لقول الصادق عليه السّلام في صحيح معاوية بن عمار: «ثمَّ قصر من رأسك من جوانبه و لحيتك، و خذ من شاربك، و قلّم أظفارك و أبق منها لحجك فاذا فعلت ذلك فقد أحللت من كل شي ء يحل منه المحرم و أحرمت منه» (3) المحمول على الندب جمعا مع إمكان حمله على التخيير لا الأخذ من الجميع بأن تكون كلمة (واو) بمعنى (أو) بقرينة غيره.

ص: 141


1- الوسائل باب: 3 من أبواب التقصير حديث: 2 و 1.
2- الوسائل باب: 3 من أبواب التقصير حديث: 2 و 1.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب التقصير حديث: 1.

فعل ذلك كفّر بدم شاة (4)

______________________________

(4) لخبر أبي بصير قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المتمتع أراد أن يقصر فحلق رأسه قال عليه السّلام: عليه دم يهريقه فإذا كان يوم النحر أمرّ الموسى على رأسه حين يريد أن يحلق» (1)، و صحيح جميل أنه: «سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن متمتع حلق رأسه بمكة قال عليه السّلام: إن كان جاهلا فليس عليه شي ء و إن تعمد ذلك في أول شهور الحج بثلاثين يوما فليس عليه شي ء، و إن تعمد بعد الثلاثين يوما التي يوفر فيها الشعر للحج فإن عليه دما يهريقه» (2)، و في مرسله عن أحدهما عليهما السّلام:

«في متمتع حلق رأسه فقال عليه السّلام: إن كان ناسيا أو جاهلا فليس عليه شي ء، و إن كان متمتعا في أول شهور الحج فليس عليه إذا كان قد أعفاه شهرا» (3)، و استدل بهذه الأخبار على حرمة الحلق و وجوب الدم، و نسب ذلك إلى المشهور، و اختاره المحقق رحمه اللّه في الشرائع.

و فيه: أن الخبر الأول مضافا إلى قصور سنده ظاهر في الناسي و لا كفارة عليه إجماعا في غير الصيد، و الصحيح لا ظهور فيه، لكون الحلق بعد الإحرام و يمكن أن يكون الدم لترك توفير الشعر المستحب قبله عند الأصحاب الواجب عند الشيخين، و عن المفيد التصريح بوجوب الدم فيه، و كذا المرسل و على فرض تمامية الدلالة، فوجوب الدم أعم من أن يكون لفعل حرام، لصحة ترتبه على فعل مكروه و لو لم يكن حراما، فلم يتم دليل على حرمة الحلق، و لذا تردد فيها في المدارك.

و قد يستدل على الحرمة باستصحابها إن كان قبل التقصير.

و فيه: أن الشك في أصل الموضوع، لأن الحرمة السابقة كانت لأجل الإحرام، و الحلق بعنوان الحلّ عنه و نقض الإحرام فليس الموضوع محرزا.

و قد يستدل للتحريم بما تقدم في الصحيح: «و أبق منها لحجك».

ص: 142


1- الوسائل باب: 4 من أبواب التقصير حديث: 3.
2- الوسائل باب: 4 من أبواب التقصير حديث: 5.
3- الوسائل باب: 4 من أبواب التقصير حديث: 1.

و الأحوط التكفير في الناسي و الجاهل أيضا (5) و الأحوط عدم الاجتزاء به عن التقصير سواء حلق كله أو بعضه (6) و لا دم عليه بحلق البعض و إن كان حراما (7) و لا شي ء عليه بحلق جميع الرأس بعد التقصير (8) و إن كان الأحوط تركه (9).

مسألة 4: لو ترك المتمتع التقصير سهوا حتى أهل بالحج صحت

(مسألة 4): لو ترك المتمتع التقصير سهوا حتى أهل بالحج صحت

______________________________

و فيه: أنه يمكن إرجاع الضمير إلى تمام المذكورات من الحاجب و اللحية و نحوهما مع أنه لا يجب الحلق في تقصير الحج كما يأتي: فإن تمَّ إجماع على الحرمة كما يظهر من إرسالهم لها إرسال المسلمات فهو و إلّا فلا دليل عليها، كما أن وجوب الدم عليه أيضا قابل للخدشة، و لذا تأمل فيه جمع و لكنه مظنة الإجماع كما قيل.

(5) جمودا على إطلاق خبر أبي بصير، و خروجا عن خلاف مثل المحقق رحمه اللّه.

(6) لقاعدة الاشتغال بعد كون التقصير مباينا للحلق عرفا.

و عن المنتهى أن الحلق يجزي عن التقصير و إن قلنا بحرمته لأن التقصير يحصل بأول جزء من الحلق، فيكون المحرّم ما زاد عليه.

و فيه: عدم الفرق بين الكل و البعض بعد صدق الحلق على البعض كصدقة على الكل.

(7) للأصل بعد ظهور الدليل الموجب للدم في حلق الكل.

(8) للأصل، و عموم النصوص و الفتاوى من أنه يحل كل شي ء حرم عليه بالإحرام بعد التقصير.

(9) خروجا عن خلاف الشهيد، و بني حمزة و البراج حيث حكي عنهم الحرمة بعده أيضا، و يقتضيه إطلاق الشرائع و لا دليل لهم عليها، بل الأصل و الإطلاق على خلافهم.

ص: 143

متعته و كفّر بدم شاة (10).

مسألة 5: لا تجب الفورية في التقصير

(مسألة 5): لا تجب الفورية في التقصير، فيجوز التأخير يوما أو أكثر (11). نعم، في العمرة التمتعية لا يجوز له التأخير إلى أن يدخل في إحرام الحج.

مسألة 6: ليس للتقصير مكان مخصوص

(مسألة 6): ليس للتقصير مكان مخصوص، فيجوز في أيّ مكان (12) و الأولى أن يكون في مكة (13).

مسألة 7: يعتبر في التقصير قصد القربة

(مسألة 7): يعتبر في التقصير قصد القربة (14) فلو قصّر رياء أو بما

______________________________

(10) للنص، و الإجماع بالنسبة إلى صحة المتعة، ففي صحيح معاوية قال:

«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل أهل بالعمرة و نسي أن يقصر حتى دخل في الحج قال عليه السّلام: يستغفر اللّه و لا شي ء عليه و تمت عمرته» (1).

و أما التكفير بشاة، فلخبر ابن عمار قال: «قلت لأبي إبراهيم عليه السّلام: الرجل يتمتع فينسى أن يقصّر حتى يهل بالحج، فقال عليه السّلام: عليه دم يهرقه» (2) فيحمل قوله عليه السّلام في الصحيح: «لا شي ء عليه» على عدم الإثم في ترك التحفظ حتى حصل النسيان، و عليه يحمل الاستغفار أيضا و إلا فلا إثم على الناسي حتى يحتاج إلى الاستغفار.

ثمَّ إن إطلاق الدم في مثل هذه الأخبار منصرف إلى الشاة و هو مقتضى الأصل، لأن المسألة من موارد الأقل و الأكثر.

(11) للأصل بعد عدم دليل على الفورية. نعم في العمرة التمتعية لا يجوز له التأخير إلى أن يدخل في إحرام الحج، لفحوى ما تقدم في صحيح معاوية.

(12) للأصل، و الإطلاق.

(13) تأسيا بالمعصومين عليهم السّلام.

(14) لأنه عبادة إجماعا، فلو قصر بدون قصد القربة يبطل تقصيره.

ص: 144


1- الوسائل باب: 6 من أبواب التقصير حديث: 1.
2- الوسائل باب: 6 من أبواب التقصير حديث: 2.

هو حرام- كحلق اللحية، أو كما إذا نهى الوالد ولده عن التقصير من شعر رأسه- مثلا- يبطل تقصيره و يبقى على إحرامه (15).

مسألة 8: لا تعتبر في التقصير المباشرة

(مسألة 8): لا تعتبر في التقصير المباشرة بل يكفي التسبيب أيضا (16).

مسألة 9: لو مات بعد السعي و قبل التقصير فأخذ شعره منه الوليّ بقصد تقصيره

(مسألة 9): لو مات بعد السعي و قبل التقصير فأخذ شعره منه الوليّ بقصد تقصيره هل يخرج به الميت عن الإحرام أو لا؟ و كذا لو جنّ بعد تمام السعي، أو أغمي عليه (17).

مسألة 10: لو أذن لغيره في تقصيره بقطع بعض شعره مثلا

(مسألة 10): لو أذن لغيره في تقصيره بقطع بعض شعره مثلا- فأخذ من ظفره بلا إذن منه فهل يتحقق التقصير؟ (18).

مسألة 11: لو أذن في التقصير و نام و قصره المأذون في حال النوم فالظاهر حصوله

(مسألة 11): لو أذن في التقصير و نام و قصره المأذون في حال النوم فالظاهر حصوله (19).

مسألة 12: لو قصره غيره بدون إذن منه ثمَّ أجاز بعد الفراغ

(مسألة 12): لو قصره غيره بدون إذن منه ثمَّ أجاز بعد الفراغ هل

______________________________

(15) أما الأول: فلأن الرياء موجب لبطلان العبادة كما ثبت ذلك في نية الوضوء.

و أما الأخيرين، فلأجل أن النهي في العبادة يوجب البطلان.

(16) للأصل، و الإطلاق، و السّيرة.

(17) مقتضى الأصل بقاء الإحرام في الجميع، لكنه مشكل لصدق التقصير عرفا، فيشمله إطلاق الأدلة فلا وجه للتمسك بالأصل حينئذ.

(18) إن كان إذنه من باب التقييد فالظاهر عدم تحقق التقصير، و إن كان من باب الطريقية لتحقق مطلق التقصير فالظاهر تحققه.

(19) للإطلاقات الشاملة لهذه الصورة أيضا.

ص: 145

يحصل به التقصير أو لا؟ وجهان (20)، كما لو أخذ شخص محلّ من شعر المحرم كرها و بلا اختيار منه (21).

مسألة 13: يجب أن يكون التقصير بعد تمام السعي

(مسألة 13): يجب أن يكون التقصير بعد تمام السعي، فلو قصّر قبل تمامه- سهوا- و لو بشوط تجب عليه الكفارة (22).

مسألة 14: لو ترك التقصير عمدا بطلت متعته، و صار حج إفراد فيعتمر بعده

(مسألة 14): لو ترك التقصير عمدا بطلت متعته، و صار حج إفراد فيعتمر بعده (23)

______________________________

(20) مبنيان على جريان الفضولية في هذه الأمور و لا بأس بالقول بالجواز مع تحقق سائر الشرائط من القربة و غيرها، لإطلاق الأدلة.

(21) لظهور اعتبار العمد و الاختيار فيه.

(22) أما الأول: فلظواهر الأدلة، و أما الكفارة: فلما تقدم في كفارات الإحرام.

(23) لقول الصادق عليه السّلام في خبر أبي بصير: «المتمتع إذا طاف و سعى ثمَّ لبّي بالحج قبل أن يقصّر، فليس له أن يقصّر، و ليس عليه متعة» (1)، و خبر ابن فضيل قال: «سألته عن رجل متمتع طاف ثمَّ أهلّ بالحج قبل أن يقصر قال عليه السّلام:

بطلت متعته هي حجة مبتولة» (2) و هذا هو المشهور.

و عن ابن إدريس بطلان الحج، لضعف سند الخبرين، و لأنه لم يتحلل من عمرته مع الإجماع على عدم جواز إدخال الحج على العمرة قبل إتمام مناسكها و التقصير من المناسك فهو حج منهي عنه و النهي يوجب الفساد خصوصا مع أنه نوى المتعة دون الإفراد.

و فيه: أنه اجتهاد في مقابل النص المعتبر المعمول به عند الأصحاب.

ثمَّ إن إطلاق الخبرين يشمل الترك عن الجهل بالحكم أيضا كما صرح به

ص: 146


1- الوسائل باب: 54 من أبواب الإحرام حديث: 5.
2- الوسائل باب: 54 من أبواب الإحرام حديث: 4.

و الأحوط استيناف الحج من قابل (24).

مسألة 15: لو ترك التقصير في العمرة المفردة نسيانا يقصّر حيث تذكر

(مسألة 15): لو ترك التقصير في العمرة المفردة نسيانا يقصّر حيث تذكر (25) فلو ارتكب بعض تروك الإحرام لا كفارة عليه في غير الصيد (26).

مسألة 16: لو ترك التقصير في العمرة المفردة عمدا يبقى على إحرامه إلى أن يقصّر

(مسألة 16): لو ترك التقصير في العمرة المفردة عمدا يبقى على إحرامه إلى أن يقصّر (27).

مسألة 17: لو جامع عامدا قبل التقصير في العمرة المفردة، أو في العمرة التمتعية فقد تقدّم حكمه

(مسألة 17): لو جامع عامدا قبل التقصير في العمرة المفردة، أو في العمرة التمتعية فقد تقدّم حكمه (28).

______________________________

صاحب الجواهر في النجاة.

(24) لأن الاحتياط حسن في كل حال، و للخروج عن مخالفة ابن إدريس.

(25) لما تقدم من أنه لا يعتبر في التقصير الفورية، و ليس له مكان مخصوص، فإحرامه باق إلى أن يتحقق منه التقصير.

(26) لما سبق من أن الكفارة في غير الصيد تترتب على العمد و الالتفات و لا تعمد مع نسيان أصل الموضوع، و الظاهر أن الحكم كذلك لو تركه جهلا.

(27) للأصل، فيجب عليه الكفارة مع تعمد الإتيان بموجبها إلّا أن يقال:

إن تعمد ترك بعض النسك يوجب بطلان أصل الإحرام و يكشف عن عدم وقوعه صحيحا، كما إذا تعمد ترك بعض أجزاء الصلاة حيث يكشف ذلك عن عدم الأثر لتكبيرة الإحرام واقعا و تقدم في ما إذا تعمد ترك الطواف ما ينفع المقام فراجع.

(28) راجع (مسألة 16 و 17) من فصل (باقي محظورات الإحرام) (1).

ص: 147


1- راجع مجلد الثالث عشر صفحة 423- 426.

مسألة 18: إذا قصّر في العمرة التمتعية حلّ له كل شي ء حتى النساء

(مسألة 18): إذا قصّر في العمرة التمتعية حلّ له كل شي ء حتى النساء و إن لم يطف طواف النساء- لعدم وجوبه فيها (29)، و إن كان الأحوط اجتنابهنّ حتى يأتي بالطواف مع ركعتيه (30).

مسألة 19: يستحب التشبه بالمحرمين بعد التقصير

(مسألة 19): يستحب التشبه بالمحرمين بعد التقصير، كما أنّه يستحب لأهل مكة ذلك في أيام الحج (31).

______________________________

(29) راجع (مسألة 21): من فصل الطواف.

(30) خروجا عن خلاف من قال بوجوب طواف النساء فيها أيضا مستندا إلى خبر ضعيف مهجور (1) و قد تقدم في (مسألة 21): من فصل الطواف عدم الاعتبار بالقائل و لا بمستنده فراجع.

(31) لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في مرسل ابن البختري قال: «ينبغي للمتمتع بالعمرة إلى الحج إذا أحل أن لا يلبس قميصا و ليتشبه بالمحرمين» (2)، و عنه عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «لا ينبغي لأهل مكة أن يلبسوا القميص، و أن يتشبهوا بالمحرمين شعثا غبرا، و قال عليه السّلام ينبغي للسلطان أن يأخذهم بذلك» (3) و اللّه العالم.

ص: 148


1- راجع صفحة 32 من هذا المجلد.
2- الوسائل باب: 7 من أبواب التقصير حديث: 1.
3- الوسائل باب: 7 من أبواب التقصير حديث: 2.

فصل في الحج و أفعاله

اشارة

فصل في الحج و أفعاله تقدم أنّ أفعاله ثلاثة عشر: الإحرام، و الوقوف بعرفات، و الوقوف بالمشعر الحرام، و رمي جمرة العقبة في منى، و الهدي، و التقصير، و رمي باقي الجمرات، و طواف الحج، و صلاة الطواف، و السعي، و طواف النساء، و صلاته، و البيتوتة في منى.

مسألة 1: كل ما تقدم في طواف العمرة من واجباته و محرّماته

(مسألة 1): كل ما تقدم في طواف العمرة من واجباته و محرّماته، و مندوباته، و مكروهاته يجري في طواف الحج من غير فرق، و هو ركن يبطل الحج بتركه عمدا (1).

مسألة 2: ابتداء وقت إحرام الحج لغير المتمتع أول أشهر الحج

(مسألة 2): ابتداء وقت إحرام الحج لغير المتمتع أول أشهر الحج (2)

______________________________

فصل في الحج و أفعاله

(1) تقدم الوجه في جميع ذلك، فان عمومات أدلة تلك الأحكام شاملة لمطلق الطواف سواء كان للعمرة أو الحج، إلا أن يدل دليل خاص على تخصيص أحدهما بشي ء مخصوص و هو مفقود.

(2) فلا يصح الإتيان بإحرام الحج في غير أشهر الحج، إجماعا، و نصوصا منها: قول الصادق عليه السّلام في صحيح ابن أذينة: «من أحرم بالحج في غير أشهر الحج فلا حج له»(1)، و منها: قول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح زرارة: «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ. شوال، و ذو القعدة، و ذو الحجة ليس لأحد أن يحرم بالحج في

ص: 149


1- الوسائل باب: 11 من أبواب أقسام الحج حديث: 4.

و يمتد إلى أن يتضيّق الوقوف بعرفة (3) و للمتمتع بعد الفراغ من عمرته (4) و يمتد إلى أن يتضيّق وقت عرفات (5).

مسألة 3: أفضل أوقاته يوم التروية

(مسألة 3): أفضل أوقاته يوم التروية و هو الثامن من ذي الحجة- (6).

______________________________

سواهن» (1) و يستفاد منها جواز الإتيان بإحرام الحج في أي وقت من أشهر الحج شاء و أراد.

(3) لإطلاق الأدلة، و أصالة عدم تحديده بحد خاص، و للأدلة البيانية المشتملة على الإحرام ثمَّ الذهاب إلى عرفة كما سيأتي، مضافا إلى ظهور الإجماع، و خبر أبي نصر عن أبي الحسن عليه السّلام: «موسع للرجل أن يخرج إلى منى من وقت الزوال من يوم التروية إلى أن يصبح حيث يعلم أنه لا يفوته الموقف» (2)، و قريب منه صحيح ابن يقطين (3).

(4) لأن العمرة في حج التمتع جزء منه و لا يصح إنشاء إحرام إلّا بعد الإحلال من الإحرام الآخر كما تقدم.

(5) لما تقدم في سابقة من غير فرق.

(6) لجملة من الأخبار منها خبر ابن عمار: «إذا كان يوم التروية- إن شاء اللّه- فاغتسل ثمَّ البس ثوبيك، و ادخل المسجد حافيا، و عليك السكينة و الوقار، ثمَّ صل ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السّلام أو في الحجر ثمَّ اقعد حتّى تزول الشمس فصل المكتوبة، ثمَّ قل في دبر صلاتك كما قلت حين أحرمت من الشجرة، و أحرم بالحج و عليك السكينة و الوقار، فاذا انتهيت إلى الرفضاء (الرقطاء) دون الردم فلبّ فإن انتهيت إلى الردم و أشرفت على الأبطح فارفع صوتك حتى تأتي منى» (4) و لا بدّ من حملها على الندب لاشتمالها على المندوبات مع معارضتها

ص: 150


1- الوسائل باب: 11 من أبواب أقسام الحج حديث: 5.
2- التهذيب ج: 5 صفحة: 176 رقم 590.
3- الوسائل باب: 2 من أبواب إحرام الحج حديث: 1.
4- الوسائل باب: 1 من أبواب إحرام الحج حديث: 2.

بل هو أحوطها (7) و أفضله لغير الإمام عند الزوال منه (8) بعد صلاة الظهر، فالعصر، ففريضة مقضية (9) و لا بأس بوقوعه قبل الزوال بعد نافلة الست أو الأربع أو الاثنين (10).

مسألة 4: المجاور بمكة يستحب له الإحرام من أول ذي الحجة

(مسألة 4): المجاور بمكة يستحب له الإحرام من أول ذي الحجة، أو

______________________________

بجملة أخرى من الأخبار: منها ما في الحديث: «قدم أبو الحسن عليه السّلام متمتعا ليلة عرفة فطاف و أحل، و أتى جواريه ثمَّ أحرم بالحج و خرج» (1) فيستفاد منه و مما مر من خبر ابي نصر أنه لا موضوعية ليوم التروية من حيث هي و إنما ذلك طريق لإحراز الوقوف بعرفة، و يشهد لما ذكرنا خبر الدعائم: «روينا عن جعفر ابن محمد عليهم السّلام أنه قال: «يخرج الناس إلى منى من مكة يوم التروية، و هو اليوم الثامن من ذي الحجة، و أفضل ذلك بعد صلاة الظهر، و لهم أن يخرجوا غدوة و عشية إلى الليل، و لا بأس أن يخرجوا قبل يوم التروية» (2) و هذا هو المشهور بين الأصحاب.

(7) خروجا عن خلاف ابن حمزة حيث قال بالوجوب و لا دليل له، بل مقتضى الأصل و ظهور الأدلة بعد رد بعضها إلى بعض عدم الوجوب.

(8) كما تقدم ذلك في صحيح ابن عمار، و أما الإمام فيأتي ما يتعلق به في (مسألة 18).

(9) لقوله عليه السّلام في الصحيح المتقدم: «فصلّ المكتوبة» و هو بإطلاقه يشمل الظهر و العصر، و المقضية أيضا و كذا ما يأتي من خبر عمر بن يزيد.

(10) لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في خبر عمر بن يزيد: «و اعلم أنه واسع لك أن تحرم في دبر فريضة أو نافلة أو ليل أو نهار»(3)، و قال عليه السّلام أيضا في خبر أبي

ص: 151


1- الوسائل باب: 20 من أبواب أقسام الحج حديث: 1.
2- مستدرك الوسائل باب: 2 من أبواب إحرام الحج حديث: 1.
3- الوسائل باب: 18 من أبواب الإحرام حديث: 3.

ثانية إذا كان صرورة، و إلّا فبعد مضيّ خمسة أيام، و إلّا فيوم التروية (11).

مسألة 5: محل إحرام حج التمتع مكة

(مسألة 5): محل إحرام حج التمتع مكة، و لا يجوز إيقاعه في غيرها، و أفضلها المسجد عند المقام، و لو نسي الإحرام به منها حتى خرج إلى منى أو عرفة رجع إليها فإن تعذّر أحرم من موضعه، و ضيق الوقت عن اختياري

______________________________

بصير: «تصلي للإحرام ست ركعات تحرم في دبرها» (1)، و قال عليه السّلام في خبر ابن عمار: «إذا أردت الإحرام في غير وقت صلاة الفريضة فصل ركعتين ثمَّ أحرم في دبرها» (2) و في خبر إدريس بن عبد اللّه قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام كم أصلّي إذا تطوعت؟ قال أربع ركعات» (3) فيحمل كل ذلك على التخيير مع أفضلية أربع ركعات من الركعتين و الست من الأربع.

(11) أما الأول: فلصحيح ابن الحجاج عن الصادق عليه السّلام: «إني أريد الجوار بمكة فكيف أصنع؟ قال عليه السّلام: إذا رأيت الهلال هلال ذي الحجة فاخرج إلى الجعرانة فأحرم منها بالحج» (4) و مثله غيره.

و أما الثاني، و الثالث: فلقوله عليه السّلام أيضا في حديث صفوان: «إذا كنت صرورة فإذا مضى من ذي الحجة يوم فإذا كنت قد حججت قبل ذلك فاذا مضى من الشهر خمس» (5).

و أما الأخير: فيدل عليه مضافا إلى بعض الإطلاقات، و ظهور الإجماع موثق سماعة عنه عليه السّلام: «المجاور بمكة إذا دخلها بعمرة- إلى أن قال- ثمَّ يعقد التلبية يوم التروية» (6) الظاهر في تلبية حج الإفراد.

ص: 152


1- الوسائل باب: 18 من أبواب الإحرام حديث: 4.
2- الوسائل باب: 18 من أبواب الإحرام حديث: 5.
3- الوسائل باب: 19 من أبواب الإحرام حديث: 3.
4- الوسائل باب: 16 من أبواب أقسام الحج حديث: 5.
5- الوسائل باب: 9 من أبواب أقسام الحج حديث: 6.
6- الوسائل باب: 8 من أبواب أقسام الحج حديث: 2.

عرفة عذر (12).

مسألة 6: يجب فيه النية

(مسألة 6): يجب فيه النية- كما تقدم في إحرام العمرة- إلّا أن ينوي الإحرام للحج تمتعا قربة إلى اللّه تعالى إن كان تكليفه حج التمتع، أو القران، أو الإفراد إن كان تكليفه ذلك (13).

مسألة 7: لو نوى العمرة عوض الحج

(مسألة 7): لو نوى العمرة عوض الحج، أو نوى الإفراد عوض التمتع، فإن كان على وجه التقييد بطل، و إن كان من الاشتباه في التطبيق صح (14).

______________________________

(12) تقدم الوجه في ذلك كله في إحرام العمرة فراجع، بل تقدم الوجه في ما يتعلق بالمسائل السابقة أيضا.

ثمَّ ان التروية إما من الارتواء أي: الاستقساء و إما لأن إبراهيم الخليل عليه السّلام ارتوى الماء من مكة لما يحتاج إليه في عرفات لعدم وجدان الماء بها، أو لأن الحجيج يفعلون ذلك، و إما من الروية بمعنى التأمل و الفكر حيث أن الخليل لمّا رأى في المنام أن يذبح ولده تأمل في ذلك حتى يدرك صحة منامه فيعمل به.

(13) أما اعتبار أصل القصد و النية: فهو من الضروريات لكل فعل اختياري و الحج فعل اختياري مضافا إلى نصوص خاصة تقدم بعضها في إحرام العمرة (1). و أما اعتبار القربة: فلأن الحج عبادة بالضرورة و كل عبادة متقومة بقصد القربة، و أما اعتبار قصد الحج فقط: فلأنه المأمور به دون غيره و هو الذي يجب إتيانه فلا بد من توجيه القصد و النية إليه مضافا إلى نصوص خاصة (2).

(14) أما البطلان في صورة التقييد: فلعدم تحقق نية المأمور به. و أما الصحة في الأخير: فلفرض أنه قصد تكليفه الواقعي و هذا المقدار من القصد

ص: 153


1- راجع ج: 13 صفحة 175.
2- راجع الوسائل باب: 21 من أبواب الإحرام.

مسألة 8: ينبغي في إحرام الحج عدم رفع الصوت بالتلبية

(مسألة 8): ينبغي في إحرام الحج عدم رفع الصوت بالتلبية حين عقد الإحرام (15).

______________________________

يكفي و لا دليل على اعتبار الأزيد منه، بل مقتضى الأصل عدم اعتباره و الاشتباه إنّما وقع في مجرد التخيل فهو مثل ما إذا قصد شيئا و سبق لسانه إلى شي ء آخر إذ الأثر حينئذ للمقصود دون ما سبق اللسان إليه.

(15) صرح به صاحب الجواهر في النجاة، و عن أبي الصلاح: «ثمَّ يلبّي مستترا فإذا نهض به بعيره أعلن بالتلبية و إن كان ماشيا فليجهر بها من عند الحجر الأسود فإذا انتهى إلى الرقطاء دون الردم فليرفع صوته بالتلبية حتى يأتي منى» و مثله عبارة ابن إدريس بدون ذكر مستترا، قال الصادق عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «ثمَّ قل في دبر صلاتك كما قلت حين أحرمت من الشجرة، و أحرم بالحج ثمَّ امض و عليك السكينة و الوقار، فإذا انتهيت إلى الرقطاء دون الردم فلبّ فإن انتهيت إلى الردم و أشرفت على الأبطح فارفع صوتك بالتلبية حتى تأتي منى» (1) و قوله عليه السّلام: «و أحرم بالحج» ظاهر في الإتيان بالتلبية، إذ الإحرام لا يتحقق إلّا بها، فيكون المراد بقوله عليه السّلام بعد ذلك «فلبّ» الإجهار بها، فيستفاد من الحديث أنّ للتلبية مراتب ثلاثة: عقد الإحرام بها المتحقق بالاستتار أيضا، و الإجهار بها، ثمَّ رفع الصوت بها، و لكنه خلاف الظاهر، لأن ظاهر كون إيجاد التلبية و إحداثها بعد الانتهاء إلى الرقطاء فيكون المراد بقوله عليه السّلام: «أحرم» التهيؤ له و لبس ثوبيه مثلا، و في خبر ابن يزيد عنه عليه السّلام أيضا: «ثمَّ أهلّ بالحج فإن كنت ماشيا فلبّ عند المقام و إن كنت راكبا فإذا نهض بك بعيرك و صل الظهر إن قدرت بمنى» (2) و ظاهره أيضا إحداث التلبية عند نهوض البعير، و عنه عليه السّلام أيضا: «إذا جعلت شعب الدب على يمينك، و العقبة على يسارك فلبّ بالحج» (3) و يمكن حمل هذه الأخبار على التخيير و مراتب الفضل بقرينة قوله عليه السّلام أيضا في الصحيح قال:

ص: 154


1- الوسائل باب: 1 من أبواب إحرام الحج حديث: 1.
2- الوسائل باب: 46 من أبواب الإحرام حديث: 2.
3- الوسائل باب: 46 من أبواب الإحرام حديث: 5.

مسألة 9: يستحب الاستمرار على التلبية إلى زوال الشمس

(مسألة 9): يستحب الاستمرار على التلبية إلى زوال الشمس من يوم عرفة و يقطعها حينئذ (16).

مسألة 10: يحرم عليه بعد الإحرام ما يحرم عليه في إحرام العمرة

(مسألة 10): يحرم عليه بعد الإحرام ما يحرم عليه في إحرام العمرة.

و يكره له ما يكره فيه (17).

مسألة 11: يكره الطواف بعد إحرام الحج حتى يعود من منى

(مسألة 11): يكره الطواف بعد إحرام الحج حتى يعود من منى (18)،

______________________________

«و إن أهللت من المسجد الحرام للحج فإن شئت لبّيت خلف المقام و أفضل ذلك أن تمضي حتى تأتي الرقطاء، و تلبي قبل أن تصير إلى الأبطح» (1) فإنّ الإتيان بالتلبية له مراتب في الفضل و فضل الجهر بها يتفاوت بالنسبة إلى الماشي و الراكب، و تقدم في إحرام العمرة استحباب رفع الصوت بها مطلقا، فيكون له أيضا مراتب في الفضل بالنسبة إلى إحرام الحج، و بالنسبة إلى الماشي و الراكب.

(16) تقدم الوجه في ذلك في إحرام العمرة فراجع.

(17) لعموم أدلة حرمة تلك المحرمات و المكروهات الشامل لمطلق الإحرام سواء كان لعمرة أو لحج و قد تقدمت تلك الأدلة في إحرام العمرة فراجع.

(18) لصحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام قال: «سألته عن رجل أتى المسجد الحرام و قد أزمع بالحج أ يطوف بالبيت؟ قال عليه السّلام: نعم ما لم يحرم» (2) المحمول على الكراهة بقرينة صحيح عبد الحميد عن أبي الحسن الأول عليه السّلام قال: «سألته عن رجل أحرم يوم التروية من عند المقام بالحج، ثمَّ طاف بالبيت بعد إحرامه و هو لا يرى أن ذلك لا ينبغي أ ينقض طوافه بالبيت إحرامه؟ فقال عليه السّلام: لا و لكن يمضي على إحرامه» (3) و المشهور هو

ص: 155


1- الوسائل باب: 46 من أبواب الإحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 83 من أبواب الطواف حديث: 4.
3- الوسائل باب: 83 من أبواب الطواف حديث: 6.

بل الأحوط تركه (19)، و لو فعل فالأحوط تجديد التلبية (20). و أمّا الطواف قبل إحرام الحج فلا يكره بل يستحب الإتيان به و بصلاته (21).

مسألة 12: يستحب بعد الإحرام يوم التروية و صلاة المكتوبة في المسجد الخروج إلى منى

(مسألة 12): يستحب بعد الإحرام يوم التروية و صلاة المكتوبة في المسجد الخروج إلى منى (22).

______________________________

الكراهة أيضا.

(19) خروجا عن خلاف ما نسب إلى الشيخ و ابن حمزة من الحرمة و ظهر مما تقدم أنه لا دليل لهما عليها.

(20) لما نسب إلى جمع منهم الشيخ، و الشهيدان من حصول التحليل بالطواف مستظهرا ذلك من الأخبار، و لكن تقدم أنه لا يحصل التحليل إلا بالنية، و عن التذكرة دعوى الإجماع على خلاف الشيخ و قد تقدم البحث عن ذلك فراجع.

(21) لإطلاق الأدلة المرغّبة في الطواف من غير مقيد، و لصحيح ابن عمار عن الصادق عليه السّلام: «إذا فرغت من سعيك و أنت متمتع فقصّر- إلى أن قال- فإذا فعلت فقد أحللت من كل شي ء يحل منه المحرم و أحرمت منه فطف بالبيت تطوعا ما شئت» (1)، و يأتي في خبر الدعائم أيضا (2).

(22) أما استحباب الإحرام يوم التروية فقد تقدم في (مسألة 3).

و أما استحباب الصلاة المكتوبة في المسجد: فلصحيح معاوية عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «إذا كان يوم التروية- إن شاء اللّه- فاغتسل ثمَّ البس ثوبيك، و ادخل المسجد حافيا، و عليك السكينة و الوقار، ثمَّ صل ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السّلام أو في الحجر ثمَّ اقعد حتى تزول الشمس فصل المكتوبة ثمَّ

ص: 156


1- الوسائل باب: 1 من أبواب التقصير حديث: 4.
2- مستدرك الوسائل باب: 1 من أبواب إحرام الحج حديث: 1.

.....

______________________________

قل ..» إلخ (1)، و يشهد له خبر الدعائم عنه عليه السّلام أيضا: «في المتمتع بالعمرة إلى الحج إذا كان يوم التروية اغتسل و لبس ثوبي إحرامه و أتى المسجد حافيا فطاف أسبوعا إن شاء و صلّى ركعتين ثمَّ جلس حتى يصلي الظهر ثمَّ يحرم كما أحرم من الميقات، و إذا صار إلى الرقطاء دون الردم أهلّ بالتلبية، و أهل مكة كذلك يحرمون للحج من مكة و كذلك من أقام بها غير أهلها» (2) فإنهما ظاهران، بل نصّان في كون صلاة المكتوبة في المسجد، و مقتضى إطلاق الأول، و ظهور الثاني كفاية خصوص الظهر، فما يظهر عن جمع منهم المحقق في الشرائع من كونه بعد صلاة الظهرين لا دليل له من نص، أو إجماع لذهاب جمع إلى استحباب إيقاعه بعد صلاة الظهر. و عن المفيد، و السيد أنه قبل الظهرين فيصليهما بمنى، لما ورد في كيفية حج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و لصحيح معاوية عن الصادق عليه السّلام: «إذا انتهيت إلى منى فقال: اللهم هذه منى و هذه مما مننت به علينا من المناسك، فأسألك أن تمنّ علىّ بما مننت به على أنبيائك، فإنّما أنا عبدك و في قبضتك، ثمَّ تصلي بها الظهر و العصر و المغرب و العشاء الآخرة و الفجر و الإمام يصلي بها الظهر لا يسعه إلا ذلك، و موسع لك ان تصلي بغيرها إن لم تقدر ثمَّ تدركهم بعرفات (3) و عن الشيخ رحمه اللّه الفرق بين الإمام (أي: أمير الحاج) و غيره و يمكن الحمل على التخيير بالنسبة إلى غير الامام إن لم يكن مرجح خارجي في البين. و أما الخروج إلى منى فلا ريب في أصل وجوبه مقدمة للوقوف في عرفات هذا.

ثمَّ إن ما ذكرناه من جهة الفضل، و إلا فلا ريب في جواز الصلاة في مكة، و في أثناء الطريق إلى منى، و فيها، و ما بعدها إن مشى يوم التروية إلى عرفات، كما أنه إن قصد الإقامة في مكة صلّى تماما و إلا فقصرا نعم يتخير في المسجد بين القصر و التمام.

ص: 157


1- الوسائل باب: 1 من أبواب إحرام الحج حديث: 1.
2- مستدرك الوسائل باب: 1 من أبواب الحج حديث: 1.
3- الوسائل باب: 6 و 4 من أبواب إحرام الحج حديث: 2 و 5.

مسألة 13: يكره قطع وادي محسّر قبل طلوع الشمس

(مسألة 13): يكره قطع وادي محسّر قبل طلوع الشمس (23)، بل هو الأحوط (24).

مسألة 14: يكره الخروج من منى قبل الفجر، بل هو الأحوط

(مسألة 14): يكره الخروج من منى قبل الفجر (25)، بل هو الأحوط (26).

مسألة 15: لا بأس بخروج المشاة من منى قبل الفجر

(مسألة 15): لا بأس بخروج المشاة من منى قبل الفجر و يلحق بهم مطلق ذوي الأعذار (27).

______________________________

و يجوز الخروج من مكة مستقلا إلى عرفات بلا توقف في منى و إن كان قد ترك الأفضل.

(23) لقول الصادق عليه السّلام في الصحيح: «لا يجوز وادي محسر حتى تطلع الشمس» (1) المحمول على الكراهة عن المشهور.

(24) خروجا عن خلاف الشيخ، و ابن البراج، لظاهر النهي و استقر به في الحدائق و لا وجه له بعد إعراض المشهور كما عن ظاهره.

(25) على المشهور، و استدل عليه بالتأسّي، و بما ورد من إتيان صلاة الصبح فيها كما تقدم في صحيح معاوية، و بخبر الطائي عن الصادق عليه السّلام: «إنا مشاة فكيف نصنع؟ قال عليه السّلام: أما أصحاب الرجال فكانوا يصلون الغداة بمنى و أما أنتم فامضوا حتى تصلّوا في الطريق» (2).

و الكل قاصر عن إثبات الكراهة، و تكفي الشهرة بناء على المسامحة فيها.

(26) خروجا عن خلاف جمع من الفقهاء منهم الشيخ حيث نسب إليهم الحرمة و لا دليل لهم إذا لم يتم الدليل على الكراهة فضلا عن الحرمة.

(27) أما المشاة: فلما تقدم في خبر الطائي. و أما مطلق ذوي الأعذار فهو المشهور.

ص: 158


1- الوسائل باب: 7 من أبواب إحرام الحج حديث: 1.
2- الوسائل باب: 7 من أبواب إحرام الحج حديث: 4.

مسألة 16: يستحب المبيت ليلة عرفة في منى

(مسألة 16): يستحب المبيت ليلة عرفة في منى (28).

مسألة 17: لا يتأكّد استحباب الخروج إلى منى زوال يوم التروية

(مسألة 17): لا يتأكّد استحباب الخروج إلى منى زوال يوم التروية بالنسبة إلى الشيخ الكبير، و من يخاف زحام الناس و لا بأس بخروجهما غداة يوم التروية، بل قبلها بيوم، أو يومين أو ثلاثة (29).

مسألة 18: يستحب للإمام- أمير الحاج- الخروج إلى منى يوم التروية على نحو يصلي الظهر بها استحبابا مؤكدا

(مسألة 18): يستحب للإمام- أمير الحاج- الخروج إلى منى يوم التروية على نحو يصلي الظهر بها استحبابا مؤكدا (30)، بل هو

______________________________

و تقدم قصور الدليل عن إثبات أصل الكراهة مطلقا إلّا بضميمة الشهرة و المتيقن منها ذوو الأغذار.

(28) للنصوص، و الإجماع، منها: ما تقدم في صحيح معاوية من إتيان صلاة الصبح بها.

(29) لموثق ابن عمار عن أبي الحسن عليه السّلام قال: «سألته عن الرجل يكون شيخا كبيرا، أو مريضا يخاف ضغاط الناس و زحامهم يحرم بالحج و يخرج إلى منى قبل يوم التروية؟ قال عليه السّلام: نعم، قلت: يخرج الرجل الصحيح يلتمس مكانا و يتروّح بذلك المكان؟ قال: لا، قلت: يعجّل بيوم؟ قال: نعم، قلت بيومين؟ قال:

نعم، قلت ثلاثة؟ قال: نعم، قلت أكثر من ذلك؟ قال: لا» (1) و في مرسل البزنطي قال: «لأبي الحسن عليه السّلام: يتعجل الرجل قبل التروية بيوم أو يومين من أجل الزحام و ضغاط الناس؟ فقال عليه السّلام: لا بأس» (2)، و عن رفاعة عن الصادق عليه السّلام قال:

«سألته هل يخرج الناس إلى منى غدوة؟ قال عليه السّلام: نعم إلى غروب الشمس» (3).

(30) أما أن المراد بالإمام هو أمير الحاج فهو الذي صرح به غير واحد، و لأنه الذي يجتمع إليه الناس لحوائجهم و مهماتهم السفرية، و في خبر حفص قال: «حج إسماعيل بن علي بالناس سنة أربعين و مائة فسقط أبو عبد اللّه عليه السّلام عن

ص: 159


1- الوسائل باب: 3 من أبواب إحرام الحج حديث: 1.
2- الوسائل باب: 3 من أبواب إحرام الحج حديث: 3.
3- الوسائل باب: 3 من أبواب إحرام الحج حديث: 2.

الأحوط (31)، و يستحب له الإصباح بها حتى تطلع الشمس (32)، بل هو الأحوط (33).

مسألة 19: يستحب أن يقرأ الدعوات المأثورة عند الخروج

(مسألة 19): يستحب أن يقرأ الدعوات المأثورة عند الخروج إلى

______________________________

بغلته فوقف عليه إسماعيل فقال له أبو عبد اللّه: سر فإن الإمام لا يقف» (1). و أما الاستحباب المؤكد، فلجملة من الأخبار منها ما تقدم من قول الصادق عليه السّلام في صحيح معاوية: «و الإمام يصلي بها الظهر لا يسعه إلّا ذلك» (2)، و عنه عليه السّلام أيضا في صحيح جميل: «على الإمام أن يصلي الظهر بمنى و يبيت بها و يصبح حتى تطلع الشمس ثمَّ يخرج إلى عرفات» (3)، و في صحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهم السّلام: «لا ينبغي للإمام أن يصلي الظهر يوم التروية إلا بمنى و يبيت بها إلى طلوع الشمس» (4) إلى غير ذلك من الأخبار المستفاد منها تأكد الندب كما هو المشهور.

(31) خروجا عن خلاف ما نسب إلى الشيخ، و مال إليه في الحدائق من الوجوب، لظاهر بعض الأخبار المحمول على الندب بقرينة غيرها.

(32) لجملة من الأخبار منها ما تقدم من صحيح جميل، و في موثق عمار عن الصادق عليه السّلام: «من السنّة أن لا يخرج الإمام من منى إلى عرفة حتى تطلع الشمس» (5).

(33) خروجا عن خلاف ما نسب إلى القاضي، و الحلبي من الوجوب و لا دليل عليه بعد ظهور موثق عمار في الندب، و ذهاب المشهور إليه، و لكن العمدة قيام الشهرة على الندب و إلّا فالسنّة أعم من الندب الاصطلاحي كما مرّ.

ص: 160


1- الوسائل باب: 5 من أبواب إحرام الحج حديث: 1.
2- الوسائل باب: 4 من أبواب إحرام الحج حديث: 5.
3- الوسائل باب: 4 من أبواب إحرام الحج حديث: 6.
4- الوسائل باب: 4 من أبواب إحرام الحج حديث: 1.
5- الوسائل باب: 7 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 2.

منى، و عند دخولها، و عند الخروج إلى عرفة (34).

مسألة 20: حدّ منى من العقبة إلى وادي محسّر

(مسألة 20): حدّ منى من العقبة إلى وادي محسّر (35).

______________________________

(34) قال الصادق عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «إذا توجهت إلى منى فقل:

اللّهم إيّاك أرجو، و إيّاك أدعو، فبلّغني أملي و أصلح لي عملي» (1)، و عنه عليه السّلام أيضا: «إذا انتهيت إلى منى فقل: اللّهم هذه منى و هذه مما مننت به علينا من المناسك، فأسألك أن تمنّ عليّ بما مننت به على أنبيائك فإنما أنا عبدك و في قبضتك» (2)، و عنه عليه السّلام أيضا: «إذا غدوت إلى عرفة فقل و أنت متوجه إليها: اللّهم إليك صمدت، و إياك اعتمدت، و وجهك أردت، فأسألك أن تبارك لي في رحلتي، و أن تقضي لي حاجتي، و أن تجعلني ممن تباهي به اليوم من هو أفضل مني» (3).

أقول: المراد بقوله عليه السّلام: «من هو أفضل مني» الملائكة، لما ورد في حديث عرفة أن اللّه تعالى يباهي بأهل عرفة الملائكة (4).

(35) قال الصادق عليه السّلام في صحيح معاوية: «حد منى من العقبة إلى وادي محسّر» (5)، و مثله ما عنه عليه السّلام أيضا في خبر أبي بصير (6) و عنه عليه السّلام أيضا: «فإذا مررت بوادي محسّر و هو واد عظيم بين جمع و منى و هو إلى منى أقرب» (7)و لعل المراد بالأخير اتصال وادي محسّر بمنى و انفصاله عن جمع و لكنه مخالف لما ورد في حد جمع من أنه: «ما بين المأزمين إلى وادي محسر» (8).

و العقبة: مرقى صعب في الجبال- و الجمع: عقاب كرقبة و رقاب.

ص: 161


1- الوسائل باب: 6 من أبواب إحرام الحج و الوقوف حديث بمعرفة: 1.
2- الوسائل باب: 6 من أبواب إحرام الحج و الوقوف حديث بمعرفة: 2.
3- الوسائل باب: 8 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 1.
4- الوسائل باب: 19 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 12.
5- الوسائل باب: 6 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 3.
6- الوسائل باب: 6 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 3.
7- الوسائل باب: 13 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 1.
8- الوسائل باب: 8 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 4.

.....

______________________________

و لم يعلم المراد من قوله عليه السّلام (العقبة) أنها أي العقاب، لأن في منى عقاب كثيرة، أو أن المراد بها جمرة العقبة، و هو مخالف للمعروف هناك من أن منى أوسع من حد الجمرة.

ثمَّ إنه لم يعلم أن المراد من تحديده عليه السّلام هل أنه كان باعتبار البيوت التي كانت في منى فكان حد مضرب الخيام في تلك الازمان من العقبة إلى وادي محسّر، أو باعتبار ذات الأرض من حيث هي كما في المشعر و عرفات، و على الأول قابل للتوسعة كما في مكة و سائر القرى و البلدان، بخلاف الثاني كما في عرفات و المشعر حيث لا توسعة بالنسبة إليهما.

ثمَّ إن هذا التحديد هل هو بالنسبة إلى الطول، أو العرض فقط، أو المربع منهما و الحق أنه مجمل من هاتين الجهتين، و مقتضى الأصل عدم ثبوت التحديد الأرضي إلّا بدليل معتبر سندا و دلالة يدل عليه و لا يبعد أن يكون التحديد بلحاظ مضارب خيامهم لا باعتبار ذات المكان و الأرض من حيث هي.

فائدة: من مكة إلى منى قريب ستة كيلو مترات، و من منى إلى المشعر كذلك، و هما داخلان في الحرم، و من مكة إلى عرفات قريب أربعة و عشرين كيلو مترا، و عرفات خارجة عن الحرم، فمنى و المشعر أفضل منها من هذه الجهة، و في مرسل الصدوق: «و ليست عرفات من الحرم، و الحرم أفضل منها» (1).

ص: 162


1- الوسائل باب: 10 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 9.

فصل في الوقوف بعرفات

فصل في واجبات الوقوف بعرفات

مسألة 1: يجب في الوقوف بعرفات 1 أمور

اشارة

(مسألة 1: يجب في الوقوف بعرفات (1) أمور:

الأول: النية

الأول: النية بأن ينوي الوقوف في عرفات لحج التمتع- مثلا- قربة إلى اللّه تعالى (2)، و يجب أن يكون مقارنا لزوال يوم عرفة (3).

______________________________

فصل في الوقوف بعرفات

(1) و هو ركن على ما يأتي تفصيله في (مسألة 13).

(2) أما اعتبار أصل القصد و النية، فيكون بالضرورة، لتقوّم كل فعل اختياري به.

و أما اعتبار قصد القربة فكذلك أيضا، لأنّه عبادة و كل عبادة متقوّمة بها.

و أما تعيين نوع الحج. فلما مرّ مكررا من أنه مع اشتراك المأمور به يجب التعيين و لو إجمالا.

و يكفي فيها مجرد الداعي و إن كان الأفضل الأخطار التفصيلي، بل التلفظ بها.

(3) لوجوب انبعاث العمل العبادي من أوله إلى آخره عن الداعي القري.

و أما قول الصادق في صحيح معاوية المشتمل على صفة حج النبي صلّى اللّه عليه و آله: «فلمّا زالت الشمس خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و معه قريش و قد اغتسل و قطع التلبية حتى وقف بالمسجد فوعظ الناس و أمرهم و نهاهم ثمَّ صلى الظهر و العصر بأذان و إقامتين ثمَّ مضى إلى الموقف فوق به» (1).

ص: 163


1- الوسائل باب: 2 من أبواب أقسام الحج حديث: 4.
الثاني: الكون بها إلى الغروب

الثاني: الكون بها إلى الغروب (5).

مسألة 2: يجزي مطلق صدق الكون فيها عرفا: من القعود

(مسألة 2): يجزي مطلق صدق الكون فيها عرفا: من القعود، أو القيام

______________________________

و قريب منه صحيحة الآخر (1)، و خبر أبي بصير عنه عليه السّلام (2) أيضا حيث يستفاد منها جواز تأخير النية إلى قريب ساعة بعد الظهر تقريبا، لأن صلاة الظهر و العصر، و الوعظ، و الأمر و النهي تستغرق ساعة تقريبا.

ففيه .. أولا: إنها ليست في مقام بيان هذه الجهة.

و ثانيا: أن النية هي الداعي و هو حاصل من أول يوم عرفة فكيف بأول الزوال.

و ثالثا: إنها مما يمكن أن يستدل بها على أنه لا يجب أن يكون مبدأ الوقوف من أول الزوال، و يأتي التعرض للجواب عنه إنشاء اللّه تعالى.

(4) بضرورة الدين بالنسبة إلى أصل الكون فيها و لو اجتيازا و يأتي التفصيل في (مسألة 5) و ما بعدها.

(5) نصا، و إجماعا قال الصادق عليه السّلام في صحيح معاوية بن عمار: «إن المشركين كانوا يفيضون قبل أن تغيب الشمس فخالفهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أفاضل بعد غروب الشمس» (3)، و قال له عليه السّلام: يونس بن يعقوب: «متى تفيض من عرفات؟ فقال عليه السّلام إذا ذهبت الحمرة من هاهنا، و أشار بيده إلى المشرق و إلى مطلع الشمس» (4) و يأتي التفصيل في (مسألة 5) و قد تقدم تفصيل الغروب الشرعي في كتاب الصلاة عند بيان أوقات الفرائض فراجع.

ص: 164


1- الرواية المتضمنة لصفة حج النبي صلّى اللّه عليه و آله متقطعة في الوسائل فراجع باب: 8 و 9 و 10 من أبواب إحرام الحج حديث: 1.
2- الوسائل باب: 10 من أبواب إحرام الحج حديث: 7.
3- الوسائل باب: 22 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 1.
4- الوسائل باب: 22 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 2.

أو المشي، أو الركوب، أو الاضطجاع، أو النوم، أو غير ذلك (6).

مسألة 3: حدود عرفات معلومة بالإعلام المنصوبة

(مسألة 3): حدود عرفات معلومة بالإعلام المنصوبة، و يجب أن يكون الوقوف داخل الحد لا خارجة (7).

______________________________

(6) كل ذلك لظهور الإطلاق و الاتفاق، مع ما ورد في الركوب، فعن حماد بن عيسى: «رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام بالموقف على بغلة رافعا يده إلى السماء عن يسار و إلى الموسم حتى انصرف» (1).

(7) إجماعا، و نصوصا، بل ضرورة من المذهب قال الصادق عليه السّلام في صحيح معاوية بن عمار: «حدّ عرفة من بطن عرنة و ثوية، و نمرة إلى ذي المجاز، و خلف الجبل موقف» (2)، و قال عليه السّلام أيضا: «و اتق الأراك و نمرة و هي بطن عرنة و ثوية، و ذي المجاز، فإنه ليس من عرفة فلا تقف فيه» (3)، و عنه عليه السّلام أيضا: «إن أصحاب الأراك الذين ينزلون تحت الأراك لا حج لهم» (4)، و عنه عليه السّلام أيضا: «حدّ عرفات من المأزمين إلى أقصى الموقف» (5) و لا اختلاف بين هذه الأخبار، لأن كل مكان له جهات كثيرة، فكل خبر ورد في التحديد لبعض جهاته.

و أما كلمات العامة فشديدة الاختلاف في تحديدها كما لا يخفى على من راجعها.

فائدتان: الأولى: قد ذكر في الروايات حدود ستة لعرفات:

1- عرنة- كهمزة- و في لغة بضمتين 2- ثويّة 3- ذات المجاز- 4- نمرة 5- أراك 6- المأزمين.

و في المسالك و غيره ان نمرة تكون مع عرنة واحدة، و يشهد له قوله عليه السّلام:

«و نمرة و هي بطن عرنة».

ص: 165


1- الوسائل باب: 12 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 1.
2- الوسائل باب: 10 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 1.
3- الوسائل باب: 10 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 6.
4- الوسائل باب: 10 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 3.
5- الوسائل باب: 10 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 2.

.....

______________________________

الثانية: حيث أن أجمع عبارة و أحسنها في المقام عبارة المستند، فننقلها بتمامها قال قدس سره: «المرجع في معرفة عرفات إلى أهل الخبرة القاطنين في تلك الحدود، و كذا المشعر، و سائر المواضع و وجهه ظاهر، مضافا الى صحيحة ابن البختري الآتية في مقدمات نزول منى. «و كلها موقف» للصدق، و لصحيحة مسمع: «عرفات كلها موقف و أفضل الموقف سفح الجبل» و هي بمحلها معروفة فيجب الفحص عنها. و مع التشكيك في بعض الحدود يجب القصر على المتيقن، لاشتغال الذمة اليقيني. و لا يكفي الوقوف بحدودها الخارجة عنها، فلا يجزي الوقوف بنمرة- بفتح النون و كسر الميم و فتح الراء، و قيل يجوز إسكان الميم- و هي الجبل الذي عليه أنصاب الحرم على يمينك إذا خرجت من المأزمين تريد الموقف كذا في (تحرير النووي و القاموس). و المأزمان- بكسر الزاء- مضيق بين مكة و منى بين جبلين، و في صحيحة ابن عمار: «أنها بطن عرفة ففيها فإذا انتهيت إلى عرفات فاضرب خباك بنمرة و نمرة هي بطن عرفة دون الموقف و دون عرفة فإذا زالت الشمس يوم عرفة فاغتسل و صلّ الظهر و العصر بأذان واحد و إقامتين، و إنما تعجل العصر و تجمع بينهما لتفرغ نفسك للدعاء فإنه يوم دعاء و مسألة، و حدّ عرفة من بطن عرنة و ثويّة و نمرة إلى ذي المجاز و خلف الجبل موقف» (1) و فيها تصريح بخروج نمرة عن الموقف و كذا عرنة.

و لكن فيها إشكال لا من حيث تفسيرها نمرة ببطن عرنة أولا ثمَّ عطف الأول على الثاني في آخر الحديث ثانيا الدال على التعدد، و الظاهر أن نمرة التي يضرب فيها الخباء هي أسفل الجبل و هو بطن عرفة و التي جعلت قسيما له هي أصل الجبل.

و كذا لا يجوز الوقوف بعرنة- بضم العين المهملة و فتح الراء و النون كهمزة- واد بعرفات قاله المطرزي و قال السمعاني واد بين عرفات و منى و قيل عرينة بالتصغير، و لا ثوية- بفتح الثاء المثلّثة و كسر الواو و تشديد الياء المثناة

ص: 166


1- الوسائل باب: 9 و 10 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 1 منهما.

مسألة 4: الجبل- المسمى بجبل الرحمة- نفسه موقف

(مسألة 4): الجبل- المسمى بجبل الرحمة- نفسه موقف (8)، نعم يكره الوقوف عليه (9)، بل الأحوط تركه (10)

______________________________

تحتها- و لا بذي المجاز، قيل: هو سوق كانت على فرسخ من عرفة بناحية كبكب و لا بالأراك: كسحاب موضع قريب بنمرة، فإن كل هذه المواضع الخمسة من حدود عرفات أي تنتهي عرفات إليها فلا يجزي الوقوف بها بالإجماعين و الأخبار:

منها الصحيحة المتقدمة، و في موثق سماعة: «و اتق الأراك و نمرة و هي بطن عرنة و ثويّة و ذا المجاز فإنه ليس من عرفة فلا يقف فيه»، و في صحيحة الحلبي و غيرها أن أصحاب الأراك لا حج لهم انتهى كلامه رفع مقامه

(8) لظهور الحدود الواردة في عرفات فإنها محيطة بالموقف و الجبل الذي فيه. هذا مع ظهور إجماع المسلمين عليه أيضا، و في موثق سماعة: «إذا كانوا بالموقف و كثروا و ضاق عليهم كيف يصنعون؟ فقال عليه السّلام يرتفعون إلى الجبل»(1) و في موثقة الثاني قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام إذا ضاقت عرفة كيف يصنعون؟ قال عليه السّلام يرتفعون إلى الجبل» (2) و يمكن أن يستفاد ذلك مما ورد من أن خلف الجبل موقف (3).

(9) لخبر إسحاق بن عمار قال: «سألت أبا إبراهيم عليه السّلام عن الوقوف بعرفات فوق الجبل أحبّ إليك أم على الأرض؟ فقال عليه السّلام: على الأرض» (4).

(10) خروجا عن خلاف ابن البرّاج، و ابن إدريس فإنهما حرّما الوقوف على الجبل إلا لضرورة و ليس لهم دليل إلا ما مرّ من خبر إسحاق بن عمار، و ظهوره في الكراهة مما لا ينكر.

ص: 167


1- الوسائل باب: 11 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 3.
2- الوسائل باب: 11 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 4.
3- الوسائل باب: 10 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 1.
4- الوسائل باب: 10 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 5.

لغير ضرورة (11).

مسألة 5: يجب استيعاب الكون في عرفات من أوّل زوال يوم عرفة إلى غروبها الشرعي

(مسألة 5): يجب استيعاب الكون في عرفات من أوّل زوال يوم عرفة إلى غروبها الشرعي (12)، و هذا هو الثالث مما يجب الوقوف بعرفات.

______________________________

(11) فإنه يجوز حينئذ قولا واحدا و يكون مجزيا.

(12) البحث في هذه المسألة. تارة: بحسب الأصل.

و أخرى: بحسب الإطلاقات.

و ثالثة: بحسب الأدلة الخاصة.

و رابعة: بحسب الكلمات.

أما الأولى: فالمرجع أصالة البراءة عن وجوب الأكثر عن أصل المسمى، لأن المسألة من موارد الأقل و الأكثر بعد ثبوت الوجوب بالنسبة إلى ذات المسمى بالضرورة و الزائد عليه مشكوك الوجوب، فيرجع إلى البراءة و لكن لا وجه للتمسك به بعد تمامية الأدلة الخاصة.

و أما الإطلاقات سواء كانت بصيغة الأمر، أو بالجملة الخبرية، أو بحكاية فعل النبي صلّى اللّه عليه و آله أو المعصوم عليه السّلام فلا يستفاد منها أكثر من ذلك أيضا كما ثبت في محله من عدم استفادة ما زاد على ذات الطبيعة المهملة اللابشرطي منها فهي من هذه الجهة مثل الأصل العملي، فيطابق مفاد الأصل اللفظي مع مفاد الأصل العملي، و لكن لا وجه للتمسك بهما مع ما يأتي من الأدلة الخاصة مما يكون ظاهر في التقييد و التخصيص.

و أما الأدلة الخاصة فهي بالنسبة إلى وجوب الكون بها في آخر يوم عرفة الإجماع بقسميه و ما تقدم من قول الصادق عليه السّلام في صحيح معاوية: «من ان المشركين كانوا يفيضون قبل أن تغيب الشمس فخالفهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فأفاض

ص: 168

.....

______________________________

بعد غروب الشمس» (1)، و في موثق يونس عنه عليه السّلام أيضا: «متى تفيض من عرفات؟ فقال عليه السّلام: إذا ذهبت الحمرة من هاهنا و أشار بيده إلى المشرق و إلى مطلع الشمس» (2)، و يدل عليه أيضا ما في خبر المجالس لأي شي ء أمر اللّه بالوقوف بعرفات بعد العصر فقال له النبي صلّى اللّه عليه و آله: «إذا وقفت بعرفات إلى غروب الشمس فإن كان عليك من الذنوب مثل رمل عالج أو بعدد نجوم السماء أو قطر المطر يغفرها اللّه لك»، و ما يأتي من وجوب الكفارة على من أفاض عمدا قبل الغروب، و يدل عليه أيضا السيرة المستمرة خلفا عن سلف على أن آخر الوقوف بعرفة غروب الشمس بحيث يستنكر مخالفة ذلك لدى العوام فضلا عن الخواص، و من يظهر منه كفاية المسمى في الواجب كالركن كابن إدريس، و العلامة على فرض الصحة لا بد و أن يجعله عند غروب الشمس، إذ ليس له أن يطرح مثل هذه الأدلة بلا وجه يشهد له، فتحديد زمان وجوب الوقوف بالنسبة إلى آخره و هو الغروب متفق عليه بين الكل نصا و فتوى.

و أما بالنسبة إلى أوله و هو الزوال فالأقوال فيه ثلاثة:

الأول: ما نسب إلى العلامة، و ابن إدريس من أن الواجب مسمى الحضور و لو مجتازا مع النية و حمل عبارتهما في الجواهر على أن مرادهما مسلّمية الركن لا الواجب و كون الركن هو المسمّى مسلم كما يأتي فلا وجه لعد ذلك قولا مستقلا في مقابل القولين الآخرين لاختلاف موضوعهما حينئذ.

الثاني: أن أول الزوال وقت للأعم من الوقوف و تهيئة مقدماته، فيجب استيعاب ذلك الوقوف عرفا بالاشتغال بمقدمات الوقوف المستحبة في حدود عرفات، ثمَّ الوقوف حتى يكون الوقت مستوعبا لهذه الأمور و إن كان قليلا من أول الوقت مصروفا في الحدود بالمقدمات و الصلاة، نسب هذا القول إلى جمع

ص: 169


1- الوسائل باب: 22 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 1.
2- الوسائل باب: 22 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 2.

.....

______________________________

منهم الصدوق، و الشيخ، و الديلمي و العلامة، و الحلي، و استقر به في الذخيرة و قال في المستند: «و هو الذي يستفاد من الأخبار و عليه عمل الحجج الأطهار».

الثالث: وجوب استيعاب ذلك الزمان من أول الزوال إلى الغروب في الكون في عرفات نسب ذلك إلى جمع منهم الشهيدان، و في المدارك نسبته إلى الأصحاب.

و الأصل، و الإطلاقات تشهد للأولين و إنما الكلام في تنقيح الأخبار الخاصّة و بيان مفادها و أن المستفاد منها هل هو القول الثاني أو الثالث؟ فمن تلك الأخبار صحيح ابن عمار: «فلما زالت الشمس (أي: من يوم عرفة» خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و معه قريش و قد اغتسل و قطع التلبية حتى وقف بالمسجد فوعظ الناس و أمرهم و نهاهم، ثمَّ صلّى الظهر و العصر بأذان و إقامتين ثمَّ مضى إلى الموقف فوقف به» (1).

و الاستدلال به للقول الثاني متوقف على كون هذه الأمور قبل الدخول في حد عرفات و أن المسجد كان خارجا عنها و ذلك مخدوش من وجوه:

الأول: الظاهر أن المسجد كان داخلا فيها، كما أن مساجد المواقيت، و مسجد منى، و مسجد مزدلفة تكون داخلة في تلك الأماكن و هذا المسجد الذي صلى فيه النبي صلّى اللّه عليه و آله سواء كان من إبراهيم الخليل عليه السّلام أو من النبي صلّى اللّه عليه و آله و هما يعلمان بفضل أرض عرفات بالنسبة إلى غيره من الأراضي سوى الحرم كيف يعينون أرضا للمسجد في الأرض المفضولة مع وجود الأرض الفاضلة بجنبها.

إن قيل أنه صلّى اللّه عليه و آله بنى المسجد قبل حد عرفات ليصلي المصلون فيه و يتهيأ الناس لعمل عرفة الذي هو الدعاء، لأن عرفة محل الدعاء و لها خصوصية فيه (يقال): لا منافاة بين كون المسجد في عرفات و التهيؤ للدعاء كما هو معلوم.

الثاني: أن المجمع للوعظ، و الأمر و النهي عادة إنما هو أرض عرفة لوصول الناس إليها و انقطاعهم عن الطريق تهيؤهم للاتعاظ و اقتضاء المكان

ص: 170


1- الوسائل باب: 2 من أبواب أقسام الحج حديث: 3.

.....

______________________________

و الزمان ذلك فكيف يدع النبي صلّى اللّه عليه و آله ذلك و يعظهم قبل الوصول إليها.

إن قيل إنه صلّى اللّه عليه و آله وعظهم قبل الوصول إليها لأن يتهيأوا لدخولها و الكون بها.

(قلت): وعظه و إرشاده صلّى اللّه عليه و آله كان مستمرا من حين خروجه صلّى اللّه عليه و آله من المدينة إلى رجوعه إليها و لم يختص بمحل دون آخر كما لا يخفى على من راجع سيرته المباركة على ما ضبطها الفريقان.

الثالث: أن الجمع بين الظهرين مندوب في عرفة بإجماع علماء الإسلام دون غيرها فلو لم يبلغ النبي صلّى اللّه عليه و آله إليها كيف جمع بينهما مع أنه صلّى اللّه عليه و آله كان يفرق بينهما غالبا؟! و يظهر عن جمع من العامة أن مسجده الذي صلّى فيه كان من عرفه.

الرابع: روى في دعائم الإسلام عن جعفر بن محمد عن علي عليه السّلام: «أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله غدا يوم عرفة من منى فصلّى الظهر بعرفة و لم يخرج من منى حتى طلعت الشمس» (1) فيستظهر من ذلك كله أن مقدمات الوقوف و التهيئة له كل ذلك كان في نفس عرفات لا أن تكون خارجة عنها.

و من الأخبار التي استدل بها للقول الثاني صحيح أبي بصير: «لما كان يوم التروية قال جبرئيل لإبراهيم عليه السّلام تروه من الماء فسميت التروية، ثمَّ أتى منى فأباته بها ثمَّ غدا به إلى عرفات فضرب خباءه بنمرة دون عرنة فبنى مسجدا بأحجار بيض و كان يعرف أثر مسجد إبراهيم عليه السّلام حتى أدخل في هذا المسجد الذي بنمرة حيث يصلي الإمام يوم عرفة» (2) و لا يستفاد منه أن المسجد كان في نمرة، للإطلاق الشامل للبناء فيه و في نمرة بل ظاهر ذيله أن المسجد كان بعرفة و أدخل في مسجد نمرة.

و منها: موثق ابن عمار: «فإنما تعجل الصلاة، و تجمع بينهما لتفرغ نفسك

ص: 171


1- مستدرك الوسائل باب: 7 من أبواب إحرام الحج حديث: 1.
2- الوسائل باب: 2 من أبواب أقسام الحج حديث: 24.

.....

______________________________

للدعاء فإنه يوم دعاء و مسألة ثمَّ تأتي الموقف» (1) فيستدل بذيله على أن الصلاة تكون قبل إتيان الموقف.

و فيه: أن قوله عليه السّلام: «ثمَّ تأتي الموقف» أي: مسيرة الجبل و موضع اجتماع الناس لاستحباب الوقوف في مسيرة الجبل كما يأتي لا أن يكون المراد الدخول في عرفات بعد أن لم يكن فيها.

و منها: صحيح ابن عمار: «فإذا انتهيت إلى عرفات فاضرب خباك بنمرة و نمرة هي بطن عرنة دون الموقف و دون عرفة فإذا زالت الشمس يوم عرفة فاغتسل و صل الظهر و العصر بأذان واحد و إقامتين، فإنما تعجّل العصر و تجمع بينهما لتفرغ نفسك للدعاء فإنه يوم دعاء و مسألة و حد عرفة من بطن عرنة و ثوية و نمرة إلى ذي المجاز و خلف الجبل موقف» (2).

و فيه: أن ضرب الخباء في نمرة و بيان حد عرفة أعم من أن يكون وقوع الصلاة في غير عرفة فلا يستفاد منه جواز تأخير الورود إلى عرفات عن أول الزوال فلا ظهور في الأخبار الخاصة للقول الثاني.

و أما الكلمات: فأحسن ما في المقام ما عن صاحب الجواهر: «يمكن القطع من التأمل في النصوص و الفتاوى وجوب الكون في عرفة من زوال الشمس إلى غروبها و أنه المراد من حرمة الإفاضة قبل غروبها، كما أنه كاد يكون صريح ما سمعته من المقنع فضلا عمن عبر بالكون إلى الليل، بل لعل عدم ذكر الابتداء في قولهم: و الكون إلى الغروب اتكالا على معلوميته و على ما يذكرونه من كون وقت الاختيار من زوال الشمس إلى غروبها، و لا نحتاج بعد ذلك إلى نقل جميع الكلمات مع اضطرابها و تشويشها و من شاء فليراجع المطولات مع أنها غير منقحة (رضوان اللّه تعالى عليهم أجمعين).

ص: 172


1- الوسائل باب: 14 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 1.
2- الوسائل باب: 9 و 10 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 1.

.....

______________________________

فوائد:

الأولى: لا ريب في خروج نمرة عن الموقف نصا- كما تقدم- و إجماعا فراجع الخارطة.

الثانية: لعل ضرب خباء إبراهيم عليه السّلام و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في نمرة تعليم منهم للناس ليضربوا أخبيتهم خارج الموقف ليفرغ الموقف للحجاج و لم يكن شاغل لهم عن الدعاء و التضرع و كان الدعاء تحت السماء الذي هو أقرب إلى الاستكانة و الخشوع و القبول فيا ليت سائر الحجيج اقتفوا أثر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و إبراهيم الخليل عليه السّلام و ضربوا أخبيتهم خارج الموقف ليصير الموقف قطعة واحدة من التضرع و الاستكانة و الدعاء لعل اللّه عز و جل يقضي ببركة هذا الموقف العظيم حوائج من ضربوا خيامهم ببابه و استكانوا بجنابة.

الثالثة: جزم الرافعي و هو من محققي العامة و مطلعيهم بأن مسجد نمرة مقدمته خارج عن عرفات و مؤخره منها:

أقول: و يظهر ذلك مما تقدم في ذيل صحيح أبي بصير.

الرابعة: في عرفات جبلان.

الأول: ما يسمى بجبل عرفات و هو خارج عن الموقف و يكون في يمين من استقبل القبلة و لا يجزي الوقوف عليه.

الثاني: ما يسمى بجبل الرحمة و هو في داخل عرفات و هو أيضا في يمين من استقبل القبلة، و ما ورد في الأخبار من أن خلف الجبل موقف، و أنه يكره الوقف فوقه (1) إلا مع الضرورة يراد به هذا الجبل دون الأول.

الخامسة: المأزم الطريق الضيق و هو طريق واقع بين جبلين صغيرين قريب عرفات يسميان المأزمان- راجع الخريطة- و هذا الموضع هو الذي كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كل ما حج ينزل و يبول فيه كما في الحديث (2)، و هما اللذان يقف

ص: 173


1- الوسائل باب: 10 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 1.
2- الوسائل باب: 10 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث

مسألة 6: لو لم يستوعب الكون فيها أثم

(مسألة 6): لو لم يستوعب الكون فيها أثم، و تمَّ حجه (13).

مسألة 7: لو أفاض قبل الغروب جاهلا أو ناسيا يصح حجه

(مسألة 7): لو أفاض قبل الغروب جاهلا أو ناسيا يصح حجه و لا شي ء عليه (14)، و لو علم أو تذكر وجب عليه العود (15)، و إن لم يفعل أثم، بل الأحوط أن عليه الكفارة (16).

______________________________

عليهما الملائكة عشية عرفة و يدعو لسلامة الحجاج كما في الخبر (1).

ثمَّ إنه لو وقف بعرفة بقصد تكليفه الواقعي و لكن لا يعلم أن المكان عرفة فالظاهر الإجزاء و يأتي في الوقوف بالمشعر ما ينفع المقام.

(13) لأن الركن هو المسمى إجماعا، فيصح حجه للإتيان بالركن، و إنما عصى لترك الواجب، هذا إذا كان ترك الاستيعاب عن عمد، و إن كان لعذر فلا أثم عليه كما يأتي.

(14) للنص، و الإجماع، قال الصادق عليه السّلام في صحيح مسمع: «في رجل أفاض من عرفات قبل غروب الشمس، قال عليه السّلام: إن كان جاهلا فلا شي ء عليه، و ان كان متعمدا فعليه بدنة» (2) و هو شامل للنسيان أيضا بقرينة الإجماع، و ذكر التعمد في ذيله فخرج العمد و يبقى الباقي، و إطلاق قوله عليه السّلام: «لا شي ء عليه» يشمل الإثم، و الكفارة، و القضاء.

(15) مقدمة لدرك الاستيعاب الواجب و قد مرّ وجوبه، فتجب مقدمة، و المناقشة فيه إنما تكون من جهة المناقشة في أصل وجوب الاستيعاب فلا وجه لذكرها بعد البناء على وجوبه.

(16) أما الإثم فلترك الواجب و هو ترك العود إليها عن عمد و اختيار.

و أما الاحتياط في الكفارة، فلاحتمال شمول إطلاق الأخبار الآتية لهذه الصورة أيضا، و جعله أقوى في المستند، و لم يستبعده في المدارك، و تردد فيه

ص: 174


1- الوسائل باب: 2 من أبواب الوقوف بالمشعر.
2- الوسائل باب: 23 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 1.

مسألة 8: لو أفاض قبل الغروب عمدا، أثم و صح حجه

(مسألة 8): لو أفاض قبل الغروب عمدا، أثم (17) و صح حجه (18)، و تجب عليه البدنة (19)، فإن لم يقدر صام ثمانية عشرا يوما بمكة، أو في الطريق، أو عند أهله (20)،

______________________________

في الذخيرة، و لكن المشهور عدم الوجوب، للأصل بعد كون المنساق من الأخبار صورة التعمد في أصل الإفاضة مع ذكر التعمد في صحيح مسمع كما مرّ.

(17) لأنه ترك الواجب عن عمد و لا معنى لوجوب شي ء إلا أن تركه العمدي يوجب الإثم و تقدم وجوب الاستيعاب في (مسألة 5).

(18) إجماعا بقسميه.

(19) على المشهور، للنصوص الآتية.

(20) الأصل في ذلك كله صحيح ضريس عن أبي جعفر عليه السّلام: «سألته عن رجل أفاض من عرفات قبل أن تغيب الشمس قال عليه السّلام: عليه بدنة ينحرها يوم النحر، فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوما بمكة أو في الطريق أو في أهله» (1)، و في صحيح مسمع عن الصادق عليه السّلام: «في رجل أفاض من عرفات قبل غروب الشمس قال عليه السّلام: إن كان جاهلا فلا شي ء عليه و إن كان متعمدا فعليه بدنة» (2)، و في مرسل ابن محبوب عنه عليه السّلام أيضا: «في رجل أفاض من عرفات قبل أن تغرب الشمس قال عليه السّلام: عليه بدنه فإن لم يقدر على بدنة صام ثمانية عشر يوما» (3).

و نسب إلى الصدوقين (رحمهما اللّه) أن الكفارة شاة و لا مدرك لهما إلا النبوي- على ما في الجواهر-: «من ترك نسكا فعليه دم»، و مرسل الجامع، و إجماع الخلاف.

و الأولان: قاصران سندا. و الثالث: لا وجه له في مقابل الشهرة على

ص: 175


1- الوسائل باب: 23 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 3.
2- الوسائل باب: 23 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 3.
3- الوسائل باب: 23 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 3.

و الأحوط التوالي (21)، و لو عاد قبل الغروب لم يلزمه شي ء (22)، و إن كان الأحوط التكفير. (23) و الجاهل المقصّر كالعامد على الأحوط (24).

مسألة 9: لو جنّ أو أغمي عليه، أو سكر، أو نام

(مسألة 9): لو جنّ أو أغمي عليه، أو سكر، أو نام، فإن لم يحصل منه مسمى الكون مع النية و لم يدرك الاضطراري بطل حجه، و إلّا فيصح (25).

______________________________

الخلاف فلا يصلح الكل لمعارضة النص الصحيح.

(21) تقدم وجهه في كتاب الصوم [فصل في صوم الكفارة، مسألة 1] و يأتي التفصيل في الكفارات ان شاء اللّه تعالى.

(22) للأصل، و لأنه لو لم يقف إلا هذا المقدار من الزمان لم يلزمه شي ء فهو كمن تجاوز الميقات غير محرم ثمَّ عاد و أحرم.

و عن النزهة أن سقوط الكفارة بعد ثبوتها يحتاج إلى دليل و هو مفقود.

و فيه: أن الكلام في أصل الثبوت لا السقوط بعد الثبوت.

(23) خروجا عن خلاف النزهة.

(24) لظهور تسالمهم على أن الجاهل المقصّر مثل العامد إلّا مع الدليل على الخلاف، و لكن في أصل هذا التسالم بحث و يظهر من صاحب الحدائق عدم الاعتماد عليه.

و تلخص: أن ترك الوقوف بعرفة إما من أول الزوال أو من وسطه أو آخره و الحج صحيح في الجميع و لا كفارة إلّا في الأخير إذا لم يعد.

ثمَّ إنه لو أخرج كرها أو خرج لعذر وجب عليه العود بعد رفع الكراهة و العذر، و لو لم يعد أثم، و الحج صحيح على التقديرين بعد درك المسمى و لا كفارة عليه، و إن كانت أحوط مع إمكان العود و تركه.

(25) أما الصحة مع درك المسمى جامعا للشرائط، فلما مر من أن المسمى هو الركن و قد أدرك و الباقي واجب لا يضر تركه بأصل الحج و أما

ص: 176

مسألة 10: لو وقف في عرفات في زمان يعتقد أنه زمان الوقوف فبان الخلاف، لا يصح حجه

(مسألة 10): لو وقف في عرفات في زمان يعتقد أنه زمان الوقوف فبان الخلاف، لا يصح حجه سواء كان قبل زوال يوم عرفة، أو كان يوم التروية، أو كان يوم العيد، و كذا لو وقف في مكان يعتقد أنه عرفات فبان الخلاف (26). نعم لو وقف في عرفات بعد زوال يوم عرفة معتقدا أنه يوم التروية، أو أنه قبل الزوال من يوم عرفة و حصل منه قصد القربة صح حجه، و كذا لو وقف في مكان يعتقد أنه غير عرفات ثمَّ بان أنه من عرفات (27).

مسألة 11: لو كان يوم عرفة عند الإماميّة مخالفا لما ثبت عند إخوانهم العامة تجزي الموافقة معهم مع الحرج في الاحتياط

(مسألة 11): لو كان يوم عرفة عند الإماميّة مخالفا لما ثبت عند إخوانهم العامة تجزي الموافقة معهم مع الحرج في الاحتياط (28).

______________________________

البطلان مع عدم دركه و عدم درك الاضطراري أيضا، فلفوت الوقوف بعرفة عنه و هو موجب للبطلان كما يأتي.

(26) كل ذلك لترك الركن و ذلك يوجب البطلان.

(27) لوجود المقتضي للصحة فيهما و فقد المانع فيشملهما الأدلة و العلم بالزمان أو المكان المخصوص لا موضوعية له، بل هو طريق إلى تحققهما في الواقع و المفروض التحقق الواقعي فلا موجب للبطلان.

(28) يمكن أن يستدل على الإجزاء بوجوه: الأول عمومات أدلة التقية الشاملة للمقام، بل الظاهر كونه المتيقن منها كما لا يخفى على من رأى تلك المواقف مشاهدة و أدرك قلة الإمامية بل محكوميتهم بالنسبة إليهم غالبا.

الثاني: أن أمر الموقوف كان بيد العامة من زمان الخلفاء الراشدين إلى زمان الغيبة الكبرى، بل و في جميع الأزمنة و كان أئمة الشيعة الإمامية عليهم السّلام يحجون في زمان حياتهم، و كذا خواص أصحابهم و عامة شيعتهم و لم ينقل ناقل أنّهم عليهم السّلام خالفوا العامة في أمر الموقف و لا نقل ذلك من خواصّهم و لا من عامة شيعتهم في زمان حياتهم مع أنه نقل لنا جميع

ص: 177

.....

______________________________

خصوصيات حجهم بل و حج خواص أصحابهم، فالعادة تحكم بامتناع خفاء مثل ذلك في هذا الأمر العام البلوى مع كونه في نفسه من أركان الحج، و احتمال أن الموقف كان موافقا للإمامية في ما يقرب من أربعماءة عام خلاف المقطوع به في ما نراه من غلبة الاختلاف في أربع سنين فضلا عن أربعماءة سنة.

و توهم: أن الامام عليه السّلام حيث كان معروفا لا يمكنه مخالفتهم خوفا على نفسه (مردود): بأنه عليه السّلام كان محترما لدى أمير الحاج المنصوب من قبل الحكام و الخلفاء، و كان عليه السّلام مقبول القول و الشفاعة لديه، كما يظهر من التواريخ فأي مانع له عليه السّلام أن يقول لأمير الحاج: إنّي أريد الوقوف بعرفة، أو المشعر أو نحو ذلك من التعبيرات و غيرها للدعاء و المناجاة مثلا مع قصد التورية أو يستشفع في ذلك لبعض شيعته، ثمَّ بعد ذلك لم أهمل فقهاؤنا التعرض لهذه المسألة مع شدة الحاجة إليها من قدمائهم و متأخريهم حتى وصلت النوبة إلى متأخري المتأخرين فتعرض لها بعضهم.

الثالث: لم ينقل عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الذي هو المؤسس لقوانين الحج الإسلامي ذلك، مع أنه صلّى اللّه عليه و آله حج عشرين حجة متسترا كما في الأخبار (1)، و قد نقل جميع حالاته، و أقواله صلّى اللّه عليه و آله، و قد بيّن صلّى اللّه عليه و آله أحكام الحج في حجة الوداع في موارد كثيرة كمسجد نمرة، و عرفات، و منى، و عند باب الكعبة على ما رواه الفريقان (2) فما يمنعه صلّى اللّه عليه و آله من أن يقول في إحدى تلك الموارد: و لو اختلفتم في الهلال فاحتاطوا مع أنه لم يكن تقية بالنسبة إليه صلّى اللّه عليه و آله و مع علمه العادي صلّى اللّه عليه و آله بوقوع الاختلاف في أمته هذا الاختلاف العظيم الذي أخبر به صلّى اللّه عليه و آله مكررا مع قطع النظر عن علم الغيب الذي علمه ربه.

الرابع: أن من أهم حكم الحج اجتماع مسلمي مشارق الأرض و مغاربها

ص: 178


1- الوسائل باب: 45 من أبواب وجوب الحج حديث: 7 و 12.
2- راجع كنز العمال ج: 5 باب: واجبات الحج و مندوباته صفحة 103- 113، و في الوافي ج: 8 صفحة: 31.

.....

______________________________

في عبادة واحدة في مقابل فرق الكفر و الضلال، فكأنما جعل الحج لجمع الشمل و وحدة الكلمة و تعارف فرق الإسلام بعضهم مع بعض و دفع البغضاء و التناكر عما بينهم و يكونوا يدا واحدة كلمة، و قبلة، و عملا في مقابل غيرهم و التفريق و لو لأجل الاختلاف في الهلال ينافي هذه الحكمة العظمى بل يكون موجبا لإثارة البغضاء و إيجاد التفرق التي ربما توجب إراقة الدماء.

الخامس: اختلاف الموقف مع الخاصّة غالبي بحيث لو اتحد الموقف معهم أحيانا يعد ذلك من النوادر، فلو لم تكن الموافقة مع العامة مجزية مع كون الاحتياط حرجيا لما حصلت الاستطاعة لإمامي إلا نادرا و ينبغي أن يعد في شرائط تحقق استطاعتهم اتحاد الموقف أيضا و هذا مستنكر.

السادس: أساس الاختلاف في رؤية الهلال مبني على عدم كفاية الرؤية في بلد لبلد آخر مع التباعد بينهما، و قد انهدم هذا الأساس في هذه الأعصار، و أبطل بما لا مزيد عليه و قد تعرضنا لبعضه في كتاب الصوم من هذا الكتاب فراجع.

السابع: قول الصادق عليه السّلام في صحيح زرارة: «ثلاث لا أتقي فيهن أحدا شرب المسكر، و مسح الخفين، و متعة الحج» (1) فلو كان أمر الموقف غير قابل للتقية لاستثناه، بل هو أهم بالاستثناء كما هو معلوم. و الحج يكون أولى بذلك.

و دعوى: أن ذلك كله في إتيان أصل الصلاة معهم لا الإجزاء و فراغ الذمة (لا وجه له) لأن بناء الأئمة (عليهم السلام) على التسهيل و التيسير على شيعتهم لا التضييق و الحرج عليهم، بل بناء أصل الشريعة على ذلك كما هو معلوم لكل عاقل.

التاسع: أن المسألة من موارد الأهم و المهم، و تقديم الأول مسلم عند العقلاء، لأن الأمر يدور بين الموافقة معهم و سلامة أئمتنا (عليهم السلام) و نفوسنا من أذاهم و تشنيعاتهم القولية و القلمية و الفعلية و مخالفتهم و تعريض

ص: 179


1- الوسائل باب: 25 من أبواب الأمر و النهي و ما يناسبهما حديث: 5.

.....

______________________________

أئمتنا (عليهم السلام) و نفوسنا لذلك كله، و العقل يحكم بتقديم الأول، و قد أشار إليه الأئمة عليه السّلام بقولهم: «كونوا زينا لنا و لا تكونوا شينا علينا» (1)، و قوله عليه السّلام:

«صلّوا في عشائرهم و عودوا مرضاهم و اشهدوا جنائزهم، و لا يسبقونكم إلى شي ء من الخير فأنتم أولى به منهم، و اللّه ما عبد اللّه بشي ء أحب إليه من الخباء قلت و ما الخباء؟ قال عليه السّلام: التقية» (2) و يستفاد منه و من غيره عدم انحصار التقية في خصوص الخوف منهم فقط، بل بالمجاملة معهم أيضا.

العاشر: ما ورد في قضية إفطار الصادق عليه السّلام عند أبي العباس في الحيرة في يوم من أيام شهر رمضان و هو عليه السّلام يعلم أنه من رمضان و هي أخبار ثلاثة:

منها: مرسل ابن الحصين: «عن رجل من أصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قال و هو بالحيرة في زمان أبي العباس: «أني دخلت عليه و قد شك الناس في الصوم و هو و اللّه من شهر رمضان فسلمت عليه فقال: يا أبا عبد اللّه أ صمت اليوم؟ فقلت لا و المائدة بين يديه قال فادن فكل قال عليه السّلام: فدنوت و أكلت و قلت الصوم معك و الفطر معك، فقال الرجل لأبي عبد اللّه عليه السّلام تفطر يوما من شهر رمضان؟ فقال:

إي و اللّه أفطر يوما من شهر رمضان أحب إليّ من أن يضرب عنقي» (3)، و في مرسل آخر: «إفطاري يوما و قضاؤه أيسر عليّ من أن يضرب عنقي و لا يعبد اللّه» (4) و قريب منهما مرسلة الثالث (5).

و نوقش فيها. أولا: بقصور السند، لأن اثنان منها مرسل، و في سند الآخر خلاد بن عمارة و هو مهمل.

و فيه: أن القرائن تشهد بالوثوق بصدور القضية منه عليه السّلام لكثرة اهتمامه عليه السّلام بحفظ الايتلاف و رفع الاختلاف.

و ثانيا: أن إحداها تشتمل على القضاء، فلا تدل على الإجزاء مطلقا.

ص: 180


1- الوسائل باب: 1 من أبواب أحكام العشرة حديث: 8.
2- الوسائل باب: 26 من أبواب الأمر و النهي و ما يناسبهما حديث: 2.
3- الوسائل باب: 57 من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 4.
4- الوسائل باب: 57 من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 5.
5- الوسائل باب: 57 من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 6.

.....

______________________________

و فيه: أن القضاء إنما ذكر فيه تقية من الرجل الذي كان أشكل على الإمام عليه السّلام و لعله كان من عوام شيعته و التقية منه ربما تكون أشد من التقية من العامة، و قد أرسل صاحب الجواهر في صلاة الجواهر عنه عليه السّلام أنه قال: «ما قتلتنا إلا شيعتنا»، مع أنه لم يعلم أن قضاءه عليه السّلام كان على نحو الوجوب أو مطلق الرجحان.

و ثالثا: إنها تختص بموردها فلا تشمل المقام.

و فيه: أنه من باب تطبيق الحكم الكلي على المورد فلا وجه للاختصاص.

و من الأخبار: خبر أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السّلام: «الفطر يوم يفطر الناس، و الأضحى يوم يضحي الناس، و الصوم يوم يصوم الناس» (1) و نوقش فيه بضعف السند لأبي الجارود، و يمكن دفعها بحصول الاطمئنان بالصدور من جهة عمومات التقية، و لأن الراوي عنه ابن المغيرة الثقة، و يشهد له النبوي- على ما في الجواهر: «حجكم يوم تحجون»، و قوله صلّى اللّه عليه و آله أيضا: «فطركم يوم تفطرون و ضحاياكم يوم تضحون» (2)، و يشهد له أيضا إطلاق موثق حماد قال: «رأيت أبا عبد اللّه جعفر بن محمد عليه السّلام بالموقف على بغلة رافعا يده إلى السماء عن يسار والي الموسم حتى انصرف» (3).

و من جميع ما ذكرناه يستظهر رضا الشارع بالوقوف معهم و إجزاء ذلك عن الواقع فإنه و إن أمكنت المناقشة في بعض ما ذكرناه و لكن المجموع يوجب الاطمئنان بالحكم كالاطمينان الحاصل في سائر الموارد مع إمكان المناقشة في كل شي ء حتى في الضروريات.

إن قلت: إن مقتضى الأصل و الإطلاق بقاء الواقع على ما هو عليه فلا وجه للإجزاء.

ص: 181


1- الوسائل باب: 57 من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 7.
2- سنن البيهقي ج: 5 صفحة: 175 قريب منه في سنن ابن ماجه كتاب الصيام باب: 9.
3- الوسائل باب: 12 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 1.

مسألة 12: لو رأى أحد الهلال وحده، أو رآه جماعة، وجب عليهم الوقوف حسب رؤيتهم

(مسألة 12): لو رأى أحد الهلال وحده، أو رآه جماعة، وجب عليهم الوقوف حسب رؤيتهم (29)، سواء شهدوا عند الحاكم الشرعي أو لا.

و سواء قبلت شهادتهم أو ردّت (30).

مسألة 13: تقدّم أن مسمى الوقوف بعرفة ركن

(مسألة 13): تقدّم أن مسمى الوقوف بعرفة ركن (31)، فمن تركه عامدا فلا حج له (32)، و من تركه نسيانا تداركه ما دام وقته الاختياري أو

______________________________

قلت: مورد التقية كمورد التكليف الاضطراري فلا يبقى مع فعليته واقع و الشك في بقائه يكفي في عدم جواز التمسك بالأصل و الإطلاق، لأن الأول شك في أصل الموضوع، و كذا الأخير و مع ذلك لا وجه لجريانهما، و كذا الكلام في سائر أفعال الحج بواجباتها و مندوباتها، و قد تقدم في أحكام الوضوء الإشكال في إجزاء التكليف الاختياري عن الواقع مع تحقق موضوع التقية.

(29) لأن القاطع مجبول على اتباع قطعه و يقينه مع إطلاق قوله تعالى:

يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنّاسِ وَ الْحَجِّ (1) و عن الصادق عليه السّلام في هذه الآية الشريفة قال: «لصومهم، و فطرهم، و حجهم» (2).

(30) لإطلاق الآية و الرواية، و عموم اعتبار اليقين لكل من حصل له.

(31) إجماعا، بل ضرورة من الفقه.

(32) نصا، و إجماعا، و تقدم أن معنى الركن في الحج ما كان تركه العمدي موجبا للبطلان، قال النبي صلّى اللّه عليه و آله: «الحج عرفة» (3)، و عنه صلّى اللّه عليه و آله: «أصحاب الأراك لا حج لهم» (4). و أما قول الصادق عليه السّلام: «الوقوف بالمشعر فريضة و الوقوف بعرفة سنّة»(5). فليس المراد بالسنة الندب بل المراد بها ما ثبت وجوبه بغير القرآن.

ص: 182


1- سورة البقرة 189. راجع ما يتعلق بالآية المباركة في ج: 3 من مواهب الرحمن في تفسير القرآن.
2- الوسائل باب: 3 من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: 23.
3- سنن البيهقي ج: 5 صفحة: 173.
4- الوسائل باب: 19 من أبواب إحرام الحج حديث: 11.
5- الوسائل باب: 19 من أبواب إحرام الحج حديث: 14.

الاضطراري باقيا (33)، و لو فاته ذلك كله اجتزأ بالمشعر (34).

______________________________

(33) لإطلاق أدلة وجوبه، و المفروض أنه متمكن من الامتثال فيجب عليه، و لما يأتي من النصوص.

(34) إجماعا، و نصا، ففي صحيح ابن عمار عن الصادق عليه السّلام: «في رجل أدرك الامام و هو بجمع فقال عليه السّلام: إن ظن أنه يأتي عرفات و يقف بها قليلا ثمَّ يدرك جمعا قبل طلوع الشمس فليأتها و من ظن أنه لا يأتيها حتى يفيضوا فلا يأتها و ليقم بجمع فقد تمَّ حجه» (1)، و في خبر الحلبي: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل يأتي بعد ما يفيض الناس من عرفات فقال عليه السّلام: إن كان في مهل حتى يأتي عرفات من ليلته فيقف بها، ثمَّ يفيض فيدرك الناس في المشعر قبل أن يفيضوا فلا يتم حجه حتى يأتي عرفات، و إن قدم رجل و قد فاتته عرفات فليقف بالمشعر الحرام، فإنّ اللّه تعالى أعذر لعبده و قد تمَّ حجه إذا أدرك المشعر الحرام قبل طلوع الشمس و قبل أن يفيض الناس، فإن لم يدرك المشعر الحرام فقد فاته الحج، فليجعلها عمرة مفردة، و عليه الحج من قابل» (2)، و في خبر إدريس بن عبد اللّه قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل أدرك الناس بجمع و خشي إن مضى إلى عرفات أن يفيض الناس من جمع قبل أن يدركها فقال: إن ظن أن يدرك الناس بجمع قبل طلوع الشمس فليأت عرفات، فإن خشي أن لا يدرك جمعا فليقف بجمع، ثمَّ ليفض مع الناس فقد تمَّ حجه» (3) و مثلها ما يأتي من صحيح معاوية، و إطلاق هذه الأخبار يشمل الناسي و الجاهل مطلقا و مطلق المعذور، بل يشمل العامد أيضا، خرج الأخير بالإجماع، و كذا المقصّر، لأنه يستفاد من ذيل صحيح الحلبي اعتبار العذر في الجملة و لا عذر بالنسبة إلى المقصّر، إلّا أن يقال إن قوله عليه السّلام «فإن اللّه أعذر لعبده» كناية عن كمال رأفته تعالى

ص: 183


1- الوسائل باب: 22 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 2.
2- الوسائل باب: 22 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 2.
3- الوسائل باب: 22 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 3.

مسألة 14: وقت الاختياري- لوقوف عرفة- من زوال الشمس في تاسع ذي الحجة إلى الغروب

(مسألة 14): وقت الاختياري- لوقوف عرفة- من زوال الشمس في تاسع ذي الحجة إلى الغروب (35) و وقته الاضطراري من الغروب إلى طلوع الفجر من يوم النحر (36) و لا يجب في الاضطراري الاستيعاب، بل يكفي المسمى (37).

مسألة 15: الاضطراري من عرفة كالاختياري منه

(مسألة 15): الاضطراري من عرفة كالاختياري منه في أنّ تركه

______________________________

بالنسبة إلى عبيده لا أن يكون في البين عذر فعلي مقبول، فيكون المقام نظير قبول التوبة فإن اللّه تعالى يقبلها حتى مع التعمد في العصيان أيضا نعم خرج صورة العمد في المقام بالإجماع و بقي الباقي.

هذا مع بناء أفعال الحج على اغتفار الجهالة فيه في الجملة و غلبة الجهال المقصرين خصوصا في زمان صدور الأخبار و لذا قوّى صاحب الجواهر في النجاة إلحاق المقصر بالناسي و يأتي بعض ما يرتبط بالمقام في (مسألة 20).

(35) إجماعا، و نصوصا تقدم بعضها بل ضرورة من المذهب إن لم تكن من الدين.

(36) نصا، و إجماعا، ففي صحيح معاوية عن الصادق عليه السّلام: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في سفر فاذا شيخ كبير فقال: يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ما تقول في رجل أدرك الإمام بجمع؟ فقال له: إن ظن أن يأتي عرفات فيقف قليلا ثمَّ يدرك جمعا قبل طلوع الشمس فليأتها، و إن ظن أنه لا يأتيها حتى يفيض الناس من جمع فلا يأتها و قد تمَّ حجه» (1).

(37) للأصل، و النص، و الإجماع، و تقدم قوله عليه السّلام: «يأتي عرفات و يقف بها قليلا ثمَّ يدرك جمعا» مضافا إلى ظهور الإجماع على الاجتزاء بالمسمى، فيكون الواجب من الاضطراري كالركن من الاختياري لا الواجب منه فإن

ص: 184


1- الوسائل باب: 22 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 4.

العمدي من العالم به يوجب بطلان الحج (38)، و لو أدرك اختياري عرفة مع اختياري المشعر صح حجه (39).

مسألة 16: لو نسي الوقوف بعرفة رجع و وقف بها إذا علم أنه يدرك المشعر قبل طلوع الشمس

(مسألة 16): لو نسي الوقوف بعرفة رجع و وقف بها إذا علم أنه يدرك المشعر قبل طلوع الشمس- (40) و إذا ظن الفوات أو خشي ذلك اقتصر على إدراك المشعر قبل طلوع الشمس و تمَّ حجه (41)، و لا فرق في

______________________________

الواجب من الاختياري الاستيعاب من الزوال إلى الغروب كما مر.

(38) كما عن جمع من متأخري المتأخرين، و اختاره في الجواهر، و النجاة، لعدم الإتيان بالمأمور به حينئذ و عدم دليل على الإجزاء بعد عدم درك الاختياري منه و ترك الاضطراري مع العلم و العمد، و ما يأتي من كفاية أدراك اختياري المشعر ظاهره غير هذه الصورة، و يشهد له بل يدل عليه قوله عليه السّلام في ما تقدم من صحيح الحلبي: «إن كان في محل حتى يأتي عرفات من ليلته ثمَّ يفيض فيدرك الناس في المشعر قبل أن يفيضوا فلا يتم حجه حتى يأتي عرفات» (1).

(39) بضرورة من الدين، و المتواترة من نصوص المعصومين عليهم السّلام.

(40) لتمكنه من الإتيان بما يجب عليه، فلا بد من الإتيان به، مع أنه لا خلاف و لا أشكال فيه من أحد، و يدل عليه فحوى ما مر من صحيح ابن عمار.

(41) أما الأول: فلقول الصادق عليه السّلام فيما تقدم من صحيح ابن عمار: «و إن ظن أنه لا يأتيها حتى يفيضوا فلا يأتها و ليقم بجمع فقد تمَّ حجه» (2).

و أما الثاني: فلقوله عليه السّلام أيضا في خبر إدريس بن عبد اللّه: «و إن خشي أن لا يدرك جمعا فليقف بجمع ثمَّ ليفض مع الناس فقد تمَّ حجه» (3).

ص: 185


1- الوسائل باب: 22 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 4.
2- الوسائل باب: 22 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 1.
3- الوسائل باب: 22 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 3.

الظن و الخشية بين أسباب حصوله من أي سبب حصل (42).

مسألة 17: إذا ظن الفوات أو خشية فلم يذهب إلى عرفات ثمَّ بان الخلاف

(مسألة 17): إذا ظن الفوات أو خشية فلم يذهب إلى عرفات ثمَّ بان الخلاف، فإن أمكنه الذهاب إلى عرفات ثمَّ الرجوع و درك المشعر وجب ذلك عليه، و إلّا فلا شي ء عليه، و تمَّ حجه مع إدراك المشعر (43).

مسألة 18: لو خشي الفوات و لم يذهب إلى عرفات، و أدرك المشعر، و بان الخلاف في يوم النحر

(مسألة 18): لو خشي الفوات و لم يذهب إلى عرفات، و أدرك المشعر، و بان الخلاف في يوم النحر فالظاهر الإجزاء (44).

مسألة 19: لو ترك الوقوف بعرفات لعذر- من نسيان أو نحوه

(مسألة 19): لو ترك الوقوف بعرفات لعذر- من نسيان أو نحوه و لم يتمكن من إدراك الاضطراري و أدرك الوقوف الاختياري بالمشعر صح حجه (45)، و لو أدرك اضطراري عرفة مع اختياري المشعر يصح الحج (46).

مسألة 20: للوقوف بالمشعر أوقات ثلاثة

اشارة

(مسألة 20): للوقوف بالمشعر أوقات ثلاثة:

الأول: الوقت الاختياري

الأول: الوقت الاختياري و هو: من طلوع فجر يوم النحر إلى طلوع الشمس منه.

الثاني: الاضطراري الليلي

الثاني: الاضطراري الليلي و هو: من غروب الشمس من ليلة النحر إلى طلوع الفجر منها، و يسمى هذا: (الاضطراري المشوب بالاختياري).

______________________________

(42) للإطلاق، و ظهور الاتفاق.

(43) لشمول الإطلاق لهذه الصورة أيضا.

(44) لأن لنفس الخشية موضوعية خاصة كما في سائر الموارد التي تعلق الحكم بها.

(45) إجماعا، و نصوصا- التي تقدمت- الدالة على الإجزاء بإدراك اختياري المشعر مع فوات الوقوف بعرفة بقسميه.

(46) للدلالة الأخبار السابقة على الصحة في هذه الصورة بالأولى.

ص: 186

الثالث: الاضطراري النهاري

الثالث: الاضطراري النهاري و هو: من طلوع شمس يوم النحر إلى الزوال (47). و يكفي في درك كل واحد من الاضطراريين بيّن المسمى (48).

مسألة 21: لو وقف بعرفة قبل الغروب و لم يتفق له إدراك المشعر إلا قبل الزوال صح حجه

(مسألة 21): لو وقف بعرفة قبل الغروب و لم يتفق له إدراك المشعر إلا قبل الزوال صح حجه (49)، و كذا لو أدرك المشعر بالليل (50).

مسألة 22: لو أدرك اختياري عرفة و لم يدرك المشعر أصلا يصح حجه

(مسألة 22): لو أدرك اختياري عرفة و لم يدرك المشعر أصلا يصح حجه (51).

______________________________

(47) أما الأول فقد تقدم في النصوص السابقة و يأتي التعرض للآخرين في ضمن المسائل الآتية.

(48) لظهور الإطلاق و الاتفاق، و ما يأتي من خبر ابن حكيم.

(49) نصوصا، و إجماعا، منها: صحيح معاوية بن عمار قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام ما تقول في رجل أفاض من عرفات فأتى منى؟ قال عليه السّلام: فليرجع فليأتي جمعا فيقف بها و إن كان الناس قد أفاضوا من جمع» (1).

و منها: موثق ابن يعقوب عنه عليه السّلام أيضا: «رجل أفاض من عرفات فمرّ بالمشعر فلم يقف حتى انتهى إلى منى فرمى الجمرة و لم يعلم حتى ارتفع النهار قال عليه السّلام: يرجع إلى المشعر فيقف به ثمَّ يرجع فيرمي الجمرة» (2) و لا ريب في أنّ إطلاقهما يشمل المسمى أيضا.

(50) على المشهور لدلالة ما دل على الصحة في الصورة السابقة على صحة هذه الصورة بالأولى، لأن الاضطراري الليلي من المشعر مشوب بالاختياري كما يأتي، مع أن إدراك اختياري عرفة فقط يكون مجزيا على ما سيأتي، فيكون الإجزاء مع درك الاضطراري الليلي من المشعر بالأولى.

(51) نسب ذلك إلى الشهرة تارة، و إلى المعروف بين الأصحاب

ص: 187


1- الوسائل باب: 21 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 2.
2- الوسائل باب: 21 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 3.

.....

______________________________

و أخري، و عن جمع دعوى الإجماع عليه، و عن الجواهر نفي الخلاف المحقق نقلا إن لم يكن تحصيلا، و استدل عليه بما دل على رفع الخطأ و النسيان (1)، و معذورية الجاهل خصوصا في الحج، و بالنبوي: «الحج الأكبر الموقف بعرفة و رمي الجمار» (2)، و بخبر محمد بن يحيى عن الصادق عليه السّلام انه قال: «في رجل لم يقف بالمزدلفة و لم يبت بها حتى أتى إلى منى فقال عليه السّلام: ألم ير الناس؟ ألم ينكر منى حين دخلها؟ قلت فإنّه جهل ذلك قال عليه السّلام: يرجع قلت: إن ذلك قد فاته، قال عليه السّلام: لا بأس به» (3)، و في خبر الخثعمي عنه عليه السّلام أيضا: «فيمن جهل و لم يقف بالمزدلفة و لم يبت حتى أتى منى قال عليه السّلام: يرجع، قلت: إن ذلك قد فاته، قال عليه السّلام: لا بأس به» (4).

و أشكل عليه: بالصحيح: «إذا فاتك المزدلفة فقد فاتك الحج» (5)، و بالمرسل: «الوقوف بالمشعر فريضة، و الوقوف بعرفة سنّة» (6)، و بمفهوم ما دل على أن من أدرك جمعا فقد أدرك الحج (7).

و الكل مردود: إذ الأول قابل للتخصيص، و المراد بالثاني ما ثبت وجوبه بالسنة لا القرآن، و استفادة العلية المنحصرة من الأخير ممنوعة.

و أشكل عليه أيضا بأنها مقيدة بخبر ابن حكيم قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام أصلحك اللّه الرجل الأعجمي و المرأة الضعيفة يكونان مع الجمّال الأعرابي فإذا أفاض بهم من عرفات مرّ بهم كما هم إلى منى لم ينزل بهم جمعا قال عليه السّلام أ ليس قد صلوا بها فقد أجزأهم، قلت فإن لم يصلوا بها، قال: فذكروا

ص: 188


1- الوسائل باب: 56 من أبواب جهاد النفس حديث: 1.
2- الوسائل باب: 19 من أبواب إحرام الحج حديث: 9.
3- الوسائل باب: 25 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 6.
4- الوسائل باب: 25 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 5.
5- الوسائل باب: 25 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 1.
6- الوسائل باب: 19 من أبواب إحرام الحج حديث: 14.
7- الوسائل باب: 23 من أبواب الوقوف بالمشعر و باب: 25 منها حديث: 2.

مسألة 23: لو لم يدرك إلا اختياري المشعر فقط في ما بين الطلوعين من يوم النحر يصح حجه

(مسألة 23): لو لم يدرك إلا اختياري المشعر فقط في ما بين الطلوعين من يوم النحر يصح حجه (52)، بلا فرق في ذلك بين الناسي و الجاهل و غيرهما من المعذورين (53)، و أما من تعمد ترك الوقوف بعرفات فحجه باطل (54).

______________________________

اللّه فيها فإن كان ذكروا اللّه فيها فقد أجزأهم»(1).

و فيه. أولا: إنه خلف الفرض، لأن إدراك اختياري عرفة و الاضطراري الليلي من المشعر الذي تقدم حكمه غير إدراك اختياري عرفة فقط الذي هو مورد البحث، و قد مر أنه يكفي المسمى في إدراك الاضطراري من المشعر و المشهور هو الإجزاء.

و ثانيا: قال في الجواهر: «إنّي لم أجده قولا لأحد من الأصحاب حتى المتأخرين و متأخريهم إلّا صاحب الذخيرة فإنه اعتبر في الصحة في الفرض ذلك».

و ثالثا: أنه مناف لإطلاق ما تقدم من الأدلة، و لا وجه للتقيد بعد تعدد مورد البحث و اختلاف الموضوع، و لكن لا بد من تقييد ذلك كله بما إذا لم يترك المشعر اختيارا.

(52) إجماعا، و نصوصا، منها: صحيح ابن عمار عن الصادق عليه السّلام: «في رجل أدرك الامام و هو بجمع فقال عليه السّلام: إن ظن أنّه يأتي عرفات فيقف قليلا ثمَّ يدرك جمعا قبل طلوع الشمس فليأتها، و من ظن أنه لا يأتيها حتى يفيض الناس من جمع فلا يأتها فقد تمَّ حجه» (2) و تقدمت بقية الأخبار في (مسألة 13).

(53) لظهور الإطلاق، و الاتفاق.

(54) لما مرّ مكررا من أن ركن الحج ما كان تركه العمدي موجبا للبطلان

ص: 189


1- الوسائل باب: 25 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 3.
2- الوسائل باب: 22 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 4.

مسألة 24: إذا لم يدرك عرفات إلّا ليلة العيد

(مسألة 24): إذا لم يدرك عرفات إلّا ليلة العيد، و لم يدرك المشعر إلّا قبل الزوال من يوم العيد صح حجه (55).

______________________________

و الوقوف بعرفة ركن بهذا المعنى إجماعا.

(55) على المشهور، لجملة من الأخبار منها صحيح العطار عن الصادق عليه السّلام: «إذا أدرك الحاج عرفات قبل طلوع الفجر فأقبل من عرفات و لم يدرك الناس بجمع و وجدهم قد أفاضوا فليقف قليلا بالمشعر الحرام و ليلحق الناس بمنى و لا شي ء عليه» (1)، و عنه عليه السّلام أيضا في صحيح جميل: «من أدرك الموقف بجمع يوم النحر من قبل زوال الشمس فقد أدرك الحج» (2)، و قوله عليه السّلام أيضا في صحيح إسحاق بن عمار: «من أدرك المشعر الحرام قبل أن تزول الشمس فقد أدرك الحج» (3) و عنه عليه السّلام أيضا في الصحيح: «إذا أدرك الزوال فقد أدرك الموقف» (4)، و عنه عليه السّلام في الموثق: «من أدرك المشعر الحرام و عليه خمسة من الناس قبل أن تزول الشمس فقد أدرك الحج» (5)، و في الصحيح: «جاءنا رجل بمنى فقال إنّي لم أدرك الناس بالموقفين جميعا- إلى أن قال- فدخل إسحاق على أبي الحسن عليه السّلام فسأله عن ذلك فقال عليه السّلام: إذا أدرك مزدلفة فوقف بها قبل أن تزول الشمس يوم النحر فقد أدرك الحج» (6) إلى غير ذلك من الأخبار الشاملة للإجزاء و لو بإدراك الاضطراري النهاري من المشعر فقط، فكيف بإدراك اضطراري عرفة أيضا و لكن لا بد من تقييدها بما إذا أدرك اضطراري عرفة بقرينة صحيح العطار و الإجماع.

و أشكل عليه: بأنها معارضة بالمستفيضة الدالة على أن من لم يدرك الناس بالمشعر قبل طلوع الشمس من يوم النحر فلا حج له و يأتي التعرض لبعضها.

ص: 190


1- الوسائل باب: 24 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 1.
2- الوسائل باب: 23 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 9.
3- الوسائل باب: 23 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ذيل 11.
4- الوسائل باب: 23 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ذيل 15.
5- الوسائل باب: 23 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ذيل 11.
6- الوسائل باب: 23 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ذيل 6.

مسألة 25: إذا أدرك عرفة في ليلة العيد و أدرك الاضطراري الليلي من المشعر صح حجه

(مسألة 25): إذا أدرك عرفة في ليلة العيد و أدرك الاضطراري الليلي من المشعر صح حجه (56).

مسألة 26: لو أدرك اختياري عرفة مع أحد الاضطراريين من المشعر صح حجه

(مسألة 26): لو أدرك اختياري عرفة مع أحد الاضطراريين من المشعر صح حجه (57).

مسألة 27: لو لم يدرك إلّا اضطراري عرفة فقط و لم يدرك المشعر لا اختيارية و لا اضطرارية بطل حجه

(مسألة 27): لو لم يدرك إلّا اضطراري عرفة فقط و لم يدرك المشعر لا اختيارية و لا اضطرارية بطل حجه (58).

مسألة 28: لو لم يدرك إلّا أحد اضطراريي المشعر فقط

(مسألة 28): لو لم يدرك إلّا أحد اضطراريي المشعر فقط و لم يدرك اختيارية و لم يدرك من عرفة شيئا لا اختيارية و لا اضطرارية بطل حجه (59).

______________________________

و فيه: أنه لا وجه للمعارضة بل لا بد من تقييدها بهذه الأخبار المعتبرة سندا و دلالة، لأن لهذه الأخبار نحو حكومة على المستفيضة، فتوسع إدراك المشعر إلى اضطرار به أيضا، لكن مع إدراك عرفة و لو اضطرارا، و حملها على ما إذا تركه عمدا.

(56) إجماعا كما في المستند، و لما تقدم من النصوص الدالة على كفاية إدراك الاضطراري النهاري، فيكون الإجزاء في إدراك الاضطراري الليلي بالأولى، لكونه مشوبا بالاختياري.

(57) إجماعا في الصورتين، و لما تقدم من النصوص الدالة على الإجزاء مع إدراك الاضطراري النهاري مع المشعر فقط فيكون مع إدراك اختياري عرفة بالأولى، و كذا مع درك اضطرارية المشوب بالاختياري، مضافا إلى ما تقدم من كفاية إدراك اختياري عرفة في الإجزاء و إن ترك أصل المشعر لعذر.

(58) إجماعا كما عن جمع، و قولا واحدا كما عن آخرين.

(59) على المشهور فتوى و رواية، و عن جمع دعوى الإجماع عليه، و قال في المنتهى: «الإجماع منعقد اليوم على عدم إجزاء واحد من الاضطراريين

ص: 191

.....

______________________________

لانقراض ابن الجنيد و من قال بمقالته» و قال المفيد رحمه اللّه: «الأخبار بذلك متواترة- أي بعدم الإجزاء- و الرواية بالإجزاء نادرة».

و أما الأخبار فهي على قسمين.

الأول: المستفيضة الظاهرة في كفاية إدراك الاضطراري اليومي للمشعر فقط في صحة الحج التي تقدمت جملة منها كقول الصادق عليه السّلام في الصحيح:

«من أدرك الموقف بجمع يوم النحر من قبل زوال الشمس فقد أدرك الحج» (1) و هي ظاهرة في صحة الاكتفاء بدرك الاضطراري اليومي فيجزي الاضطراري الليلي بالأولى، لأنه مشوب بالاختياري كما يأتي.

و فيه: أنه لا وجه للأخذ بإطلاقها بعد معارضتها بغيرها مما يأتي مع إعراض المشهور عن ظاهر إطلاقها بل دعوى الإجماع كما مر و تسميتها من هذه الجهة بالأخبار النادرة.

الثاني: الأخبار المتواترة الناصّة في عدم الإجزاء إلّا بإدراك الاختياري من المشعر كصحيح الحلبي قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يأتي بعد ما يفيض الناس من عرفات فقال عليه السّلام: إن كان في مهل حتى يأتي عرفات في ليلته فيقف بها ثمَّ يفيض فيدرك الناس في المشعر قبل أن يفيضوا فلا يتم حجه حتى يأتي عرفات و إن قدم رجل و قد فاتته عرفات فليقف بالمشعر الحرام فانّ اللّه تعالى أعذر لعبده و قد تمَّ حجه إذا أدرك المشعر الحرام قبل طلوع الشمس و قبل أن يفيض الناس فإن لم يدرك المشعر الحرام فقد فاته الحج فليجعلها عمرة مفردة و عليه الحج من قابل» (2)، و صحيح حريز عنه عليه السّلام أيضا: «فإن طلعت الشمس من يوم النحر فليس له حج، و يجعلها عمرة و عليه الحج من قابل» (3)، و في خبر ابن فضيل قال: «سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الحد الذي إذا أدركه الرجل أدرك الحج فقال: إذا أتى جمعا و الناس في المشعر قبل طلوع الشمس فقد أدرك الحج و لا عمرة له، و إن لم يأت جمعا حتى تطلع الشمس فهي عمرة مفردة و لا

ص: 192


1- الوسائل باب: 23 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 9.
2- الوسائل باب: 22 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 2.
3- الوسائل باب: 23 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 1.

..........

______________________________

حج له، فإن شاء أقام بمكة و إن شاء رجع، و عليه الحج من قابل» (1)، و في صحيح جميل: «من أدرك المشعر الحرام يوم النحر من قبل زوال الشمس فقد أدرك الحج» (2) إلى غير ذلك من الروايات الكثيرة و مقتضى إطلاقها بطلان الحج مطلقا بفوت اختياري المشعر خرج منها ما إذا أدرك اختياري عرفة أو اضطراريها مع اضطراري المشعر و بقي الباقي تحت الإطلاق، لما ثبت في محله من أن القيد إذا كان منفصلا و تردد بين الأقل و الأكثر يرجع في المشكوك إلى الإطلاق.

تلخيص في أقسام الوقوفين و هي أحد عشر: خمسة منها مفردة و البقية مركبة.

الأول: إدراك اختياري عرفة فقط، يصح الحج كما تقدم وجهه في (مسألة 22).

الثاني: إدراك اختياري المشعر فقط يصح الحج و قد تقدم الوجه في (مسألة 23) الثالث: إدراك اضطراري عرفة فقط يبطل الحج كما تقدم وجه ذلك في (مسألة 27).

الرابع: إدراك الاضطراري الليلي من المشعر فقط يبطل الحج، للأصل بعد عدم دليل على الصحة، كما تقدم.

الخامس: إدراك الاضطراري النهاري من المشعر فقط يبطل الحج و قد تقدم الوجه فيهما في (مسألة 28).

السادس: إدراك اختياري الموقفين يصح الحج، و قد تقدم الوجه في (مسألة 15).

السابع: إدراك اختياري عرفة مع إدراك الاضطراري الليلي من المشعر يصح الحج كما سبق في (مسألة 26).

ص: 193


1- الوسائل باب: 23 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 3.
2- الوسائل باب: 23 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 9.

مسألة 29: الصحة في الأقسام التي أدرك فيها الاضطراريين

(مسألة 29): الصحة في الأقسام التي أدرك فيها الاضطراريين أو أدرك أحد الاختياريين و اضطراري الآخر إنّما هي في ما إذا لم يترك اختياري الآخر عمدا، و إلا فيبطل (60).

مسألة 30: لو لم يتمكن إلا من إدراك اختياري أحد الموقفين اختار عرفة

(مسألة 30): لو لم يتمكن إلا من إدراك اختياري أحد الموقفين اختار عرفة (61).

______________________________

الثامن: إدراك اضطراري عرفة مع إدراك الاضطراري النهاري من المشعر أيضا يصح الحج كما تقدم الوجه في (مسألة 26) أيضا.

التاسع: إدراك اضطراري عرفة مع إدراك اضطراري المشعر الليلي يصح الحج و تقدم الوجه في (مسألة 25).

العاشر: إدراك اضطراري عرفة مع إدراك اضطراري المشعر النهاري يصح الحج كما تقدم في (مسألة 24).

الحادي عشر: إدراك اختياري المشعر مع إدراك اضطراري عرفة يصح الحج و تقدم الوجه في (مسألة 21).

فالأقسام التي يصح فيها الحج ثمانية: اثنان منها من الصور المفردة، و ستة من الصور المركبة، و ما يبطل فيها الحج ثلاثة و هي مختصة بالصور المفردة، و لكن الأحوط في الصورة الخامسة إتمام الحج رجاء و عدم الاكتفاء به عما وجب عليه، لذهاب جمع إلى الصحة كالصدوق، و الإسكافي، و السيد، و الحلي، و الشهيد الثاني، و صاحب المدارك، و عن الشهيد الأول الأقرب أجزاؤه، و قال في نكت الإرشاد: «لو لا أن المفيد نقل أن الأخبار الواردة بعدم الإجزاء متواترة، و أن الرواية بالإجزاء نادرة لجعلناه أصح لا أقرب».

(60) لما تقدم من أن ترك اختياري أحد الموقفين عمدا يوجب البطلان.

(61) كما صرح به صاحب الجواهر في النجاة، للنبوي: «الحج

ص: 194

.....

______________________________

عرفات» (1)، و قال الصادق عليه السّلام: «الحج الأكبر الموقف بعرفة و رمي الجمار» (2)، و قد ورد فيها أنها اليوم الشاهد و المشهور (3)، مع أن احتمال الترجيح فيه يكفي في التعيين.

ص: 195


1- سنن ابن ماجه المناسك باب: 57، و سنن أبي داود المناسك باب: 98.
2- الوسائل باب: 19 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 9.
3- راجع الوسائل باب: 19 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 5 و 15.

فصل في مندوبات الوقوف بعرفة

اشارة

فصل في مندوبات الوقوف بعرفة و هي أمور:

الأول: الوقوف في ميسرة الجبل (1).

الثاني: أن يكون في سفح الجبل (2).

الثالث: الغسل (3).

______________________________

فصل في مندوبات الوقوف بعرفة

(1) لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في الصحيح: «قف في مسيرة الجبل فإن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وقف بعرفات في مسيرة الجبل، فلما وقف جعل الناس يبتدرون أخفاف ناقته فيقفون إلى جانبه، فنحاها ففعلوا مثل ذلك فقال: أيها الناس إنه ليس موضع أخفاف ناقتي الموقف، و لكن هذا كله موقف، و أشار بيده إلى الموقف.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: هذا كله موقف، و فعل مثل ذلك في المزدلفة» (1).

(2) لقول الصادق عليه السّلام في الصحيح: «عرفات كلها موقف، و أفضل الموقف سفح الجبل» (2) و سفح الجبل: أسفله.

(3) لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «فإذا زالت الشمس يوم عرفة فاغتسل و صلّ الظهر و العصر بأذان واحد و إقامتين، فإنما تعجل العصر و تجمع بينهما لتفرغ نفسك للدعاء فإنه يوم دعاء و مسألة» (3).

ص: 196


1- الوسائل باب: 11 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 1.
2- الوسائل باب: 11 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 2.
3- الوسائل باب: 9 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 1.

الرابع: الجمع بين الظهر و العصر بأذن و إقامتين، إماما كان أو مأموما، أو منفردا، متما، أو مقصرا (4).

الخامس: ضرب خبائه بنمرة (5).

السادس: جمع متاعه بعضه إلى بعض (6).

السابع: سدّ الفرج بينه و بين أصحابه بنفسه أو رحله (7).

______________________________

أقول: و هذا ترغيب أكيد في الاهتمام بالوقت و صرفه في الدعاء و الإعراض عن مشاغل الدنيا.

(4) كل ذلك لظهور الإطلاق و الاتفاق.

(5) قال الصادق عليه السّلام في الصحيح: «فإذا انتهيت إلى عرفات فاضرب خباك بنمرة» (1)، و تأسيا بالنبي صلّى اللّه عليه و آله حيث فعل ذلك (2)، و لأن أرض عرفات أرض مقدسة و محلّ للدعاء و الاستغاثة، فتجلّ عن مشاغل الدنيا من النوم و الأكل و الشرب و نحو ذلك.

(6) على المشهور، و علّل ذلك بأنه أحفظ لمتاعه و أقرب للتوجه بقلبه إلى الدعاء و يمكن أن يستشهد له بما في الخبر الآتي، فإن إطلاق سدّ الخلل بالراحلة يشمل جمعه أيضا بحيث لا يكون بين أمتعته خلل.

(7) قال الصادق عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «إذا رأيت خللا فسده بنفسك و راحلتك فإن اللّه عزّ و جل يحب أن تسدّ تلك الخلال، و انتقل عن الهضبات، و اتق الأراك» (3)، و يدل عليه أيضا رواية ابن يسار (4)، و يمكن أن يراد به مطلق ما يوجب تفرقة الحواس و تشتت البال، و سلب حضور القلب في الدعاء و عدم الإقبال عليه، و الخلل إما حالي، أو زماني، أو مكاني. و سد الأولى عبارة عن

ص: 197


1- الوسائل باب: 9 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 1.
2- الوسائل باب: 2 من أبواب أقسام الحج حديث: 4.
3- الوسائل باب: 13 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 2.
4- الوسائل باب: 13 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 1.

الثامن: أن يقف في السّهل دون الحزن (8).

التاسع: أن يدعو في أفضل الحالات و هو السجود إن أمكن، و إلّا فالقيام (9).

العاشر: أن يدعو بالدعوات المأثورة و هي كثيرة جدا (10) و الصلاة

______________________________

التوجه التام إلى اللّه جل جلاله من كل جهة، و سد الثاني عبارة عن صرف تمام الوقت في الدعاء بحيث لم يفت منه شي ء، و سد الأخير عبارة عن الاجتماع في الدعاء بحيث يكون جميع أهل الموقف كنفس واحدة، لأن الموقف موقف عظيم جدا.

(8) لأنه أنسب للجمع للدعاء، و أقرب إلى الإقبال عليه و عدم اضطراب الخاطر.

(9) لأن حال السجود أقرب إلى الاستجابة ثمَّ للقيام، لأنه الوقوف بين يدي اللّه تعالى هذا إذا لم ينافي الخشوع و التوجه و إلا فيدعو في أي حالة يحصل له الخشوع و لو في حال القعود أو الركوب.

(10) كالدعاء المروي عن النبي صلّى اللّه عليه و آله كما في صحيح ابن عمار عن الصادق عليه السّلام قال: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعلي عليه السّلام: ألا أعلمك دعاء يوم عرفة و هو دعاء من كان قبلي من الأنبياء؟ فقال علي عليه السّلام: بلى يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: تقول لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد، يحيي و يميت، و يميت و يحيي و هو حي لا يموت بيده الخير و هو على كل شي ء قدير، اللّهم لك الحمد أنت كما تقول و خير ما يقول القائلون، اللّهم لك صلاتي و ديني و محياي و مماتي، و لك تراثي، و بك حولي و منك قوّتي، اللهم إني أعوذ بك من الفقر، و من وسواس الصدر، و من شتات الأمر، و من عذاب النار، و من عذاب القبر، اللّهم إني أسألك من خير ما يأتي به الرياح و أعوذ بك من شر ما يأتي به الرياح

ص: 198

.....

______________________________

و أسألك خير الليل و خير النهار» (1)، و ما ورد عن الحسين عليه السّلام من الدعاء، و كذا عن ابنه السجاد عليه السّلام، بل عن الباقر عليه السّلام: «ليس في شي ء من الدعاء عشية عرفة شي ء موقت» (2)، و في صحيح ابن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «إنما تعجل الصلاة و تجمع بينهما لتفرغ نفسك للدعاء فإنه يوم دعاء و مسألة: ثمَّ تأتي الموقف و عليك السكينة و الوقار، فاحمد اللّه و هلله و مجده و أثن عليه، و كبره مائة مرة، و احمده مائة مره، و سبحه مائة مرة و اقرأ قل هو اللّه أحد مائة مرة، و تخير لنفسك من الدعاء ما أحببت، و اجتهد فإنه يوم دعاء و مسألة، و تعوّذ باللّه من الشيطان، فان الشيطان لن يذهلك في موطن أحبّ إليه من أن يذهلك في ذلك الموطن، و إياك أن تشتغل بالنظر إلى الناس و أقبل قبل نفسك، و ليكن فيما تقول: «اللّهم إنّي عبدك فلا تجعلني من أخيب وفدك، و ارحم مسيري إليك من الفج العميق» و ليكن فيما تقول: «اللّهم ربّ المشاعر كلها فكّ رقبتي من النار، و أوسع عليّ من رزقك الحلال، و ادرأ عني شر فسقة الجن و الإنس» و تقول:

«اللّهم لا تمكر بي و لا تخدعني و لا تستدرجني» و تقول: «اللّهم إني أسألك بحولك و جودك و كرمك و فضلك و منك يا أسمع السامعين و يا أبصر الناظرين، و يا أسرع الحاسبين، و يا أرحم الراحمين أن تصلي على محمد و آل محمد و أن تفعل بي كذا و كذا» و ليكن فيما تقول و أنت رافع رأسك إلى السماء: «اللّهم حاجتي إليك التي إن أعطيتنيها لم يضرني ما منعتني، و التي إن منعتنيها لم ينفعني ما أعطيتني أسألك خلاص رقبتي من النار» و ليكن في ما تقول: «اللّهم إني عبدك و ملك يدك، ناصيتي بيدك و أجلي بعلمك أسألك أن توفقني لما يرضيك عني، و أن تسلّم مني مناسكي التي أريتها خليلك إبراهيم عليه السّلام و دللت عليها نبيك محمدا صلّى اللّه عليه و آله» و ليكن فيما تقول: «اللهم اجعلني ممن رضيت عمله، و أطلت عمره، و أحييته بعد الموت حياة طيبة» و يستحب أن يطلب عشية عرفة بالعتق

ص: 199


1- الوسائل باب: 14 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 2.
2- الوسائل باب: 16 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 1.

.....

______________________________

و الصدقة» (1)، و في مرسل ابن سنان عن الصادق عليه السّلام: «اللّهم اجعل في قلبي نورا، و في سمعي و بصري نورا، و لحمي و دمي، و عظامي و عروقي و مقعدي، و مقامي، و مدخلي، و مخرجي نورا و أعظم لي نورا يا ربّ يوم ألقاك إنك على كل شي ء قدير» (2)، و في رواية أبي بصير (3) عن الصادق عليه السّلام قال: «إذا أتيت الموقف فاستقبل البيت و سبّح اللّه مائة مرة، و كبر اللّه مائة مرة، و تقول: ما شاء اللّه لا قوة إلّا باللّه مائة مرة، و تقول: أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد يحيى و يميت و يميت و يحيى و هو حي لا يموت بيده الخير و هو على كل شي ء قدير مائة مرة، ثمَّ تقرأ عشر آيات من أول سورة البقرة، ثمَّ تقرأ قل هو اللّه أحد ثلاث مرات، و تقرأ آية الكرسي حتى تفرغ منها، ثمَّ تقرأ آية السخرة: «إنّ ربّكم اللّه الذي خلق السموات و الأرض في ستة أيام ثمَّ استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا» إلى آخره ثمَّ تقرأ قل أعوذ برب الفلق، و قل أعوذ برب الناس حتى تفرغ منها، ثمَّ تحمد اللّه عزّ و جل على كل نعمة أنعم عليك، و تذكر أنعمه واحدة واحدة ما أحصيت منها، و تحمده على ما أنعم عليك من أهل و مال، و تحمد اللّه تعالى على ما أبلاك، و تقول: اللّهم لك الحمد على نعمائك التي لا تحصى بعدد، و لا تكافئ بعمل، و تحمده بكل آية ذكر فيها الحمد لنفسه في القرآن، و تسبحه بكل تسبيح ذكر به نفسه في القرآن، و تكبره بكل تكبير كبر به نفسه في القرآن، و تهللكه بكل تهليل هلل به نفسه في القرآن، و تصلي على محمد و آل محمد و تكثر منه و تجتهد فيه، و تدعو اللّه عز و جل بكل اسم سمي به نفسه في القرآن، و بكل اسم تحسنه و تدعوه بأسمائه التي في آخر الحشر و تقول: أسألك يا اللّه يا رحمن بكل اسم هو لك، و أسألك بقوتك و قدرتك و عزتك، و بجميع ما أحاط به علمك. و بجمعك، و بأركانك كلها و بحق رسولك صلوات اللّه عليه، و باسمك الأكبر الأكبر، العظيم الذي من دعاك به كان حقا عليك أن لا تخيّبه و باسمك الأعظم الأعظم الأعظم الذي من

ص: 200


1- الوسائل باب: 14 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 1.
2- الوسائل باب: 14 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 3.
3- الوسائل باب: 14 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 4.

المخصوصة (11).

الحادي عشر: أن يكون متطهرا (12).

مسألة 1: ينبغي أن لا يردّ سائلا

(مسألة 1): ينبغي أن لا يردّ سائلا، كما ينبغي أن لا يسأل أحدا من الناس شيئا، إلّا من اللّه تعالى (13).

______________________________

دعاك به كان حقا عليك أن لا ترده و أن تعطيه ما سأل أن تغفر لي جميع ذنوبي في جميع علمك فيّ، و تسأل اللّه حاجتك كلها من أمر الآخرة و الدنيا و ترغب إليه في الوفادة في المستقبل في كل عام و تسأل اللّه الجنة سبعين مرة، و تتوب إليه سبعين مرة، و ليكن من دعائك: «اللّهم فكّني من النار، و أوسع عليّ من رزقك الحلال الطيب، و ادرأ عني شر فسقة الجن و الإنس، و شر فسقة العرب و العجم» فإن نفد هذا الدعاء و لم تغرب الشمس فأعده من أوله إلى آخره، و لا تملّ من الدعاء و التضرع و المسألة».

(11) ففي خبر المكي قال: «رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام بعرفة أتى بخمسين نواة، فكان يصلي بقل هو اللّه أحد، فصلى مائة ركعة بقل هو اللّه أحد. و ختمها بآية الكرسي، فقلت: جعلت فداك ما رأيت أحدا منكم صلى هذه الصلاة هاهنا، فقال عليه السّلام: ما شهد هذا الموضع نبي و لا وصي نبي إلّا صلى هذه الصلاة» (1).

(12) فعن ابن جعفر عن أخيه عليه السّلام قال: «سألته عن الرجل هل يصلح له أن يقف بعرفات على غير وضوء؟ قال: لا يصلح له إلّا و هو على وضوء» (2) المحمول على الندب نصا و إجماعا.

(13) لما في الخبر: «إن أبا جعفر عليه السّلام إذا كان يوم عرفة لم يردّ سائلا» (3)،

ص: 201


1- الوسائل باب: 15 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 1.
2- الوسائل باب: 20 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 1.
3- الوسائل باب: 21 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 2.

مسألة 2: يستحب الاجتماع للدعاء في الأمصار يوم عرفة

(مسألة 2): يستحب الاجتماع للدعاء في الأمصار يوم عرفة، فإنّه يوم عظيم كثير البركة، و هو يوم دعاء و مسألة (14)، و لا بدّ من حسن الظن باللّه تعالى (15).

______________________________

و سمع علي بن الحسين عليه السّلام: «يوم عرفة سائلا يسأل الناس، فقال له: ويحك أغير اللّه تسأل في هذا اليوم؟ إنه ليرجى لما في بطون الحبالى في هذا اليوم أن يكون سعيدا» (1)و لا اختصاص لذلك بعرفات، بل هو من آداب يوم عرفة في جميع الأمكنة لإطلاق الدليل.

(14) قال الصادق عليه السّلام في خبر ابن سنان: «في يوم عرفة يجتمعون بغير إمام في الأمصار يدعون اللّه عز و جل» (2) المحمول على الندب بقرينة غيره.

(15) ففي مرسل الفقيه قال: «روي أن من أعظم الناس ذنبا من وقف بعرفات ثمَّ ظن أن اللّه لم يغفر له» (3) و قريب منه غيره.

ص: 202


1- الوسائل باب: 21 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 1.
2- الوسائل باب: 25 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 1.
3- الوسائل باب: 18 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 2.

فصل في الوقوف بالمشعر الحرام

اشارة

فصل في الوقوف بالمشعر الحرام

فصل في أحكام الوقوف بالمشعر

اشارة

الثالث من أفعال الحج: الوقوف بالمشعر الحرام، و يسمّى بمزدلفة، و جمع أيضا (1).

______________________________

فصل في الوقوف بالمشعر الحرام

(1) سمي: مشعرا، لأنه من معالم العبادة و سمي بالحرم، لحرمته، أو لكونه من الحرم، و يسمى مزدلفة: لتقرب الناس فيها إلى اللّه تعالى، أو لازدلاف الناس فيها إلى منى بعد الإقامة، أو لمجي ء الناس إليها في زلف من الليل. و يسمى جمعا: لجمع الناس فيها، أو للجمع بين المغرب و العشاء، و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:- «على ما في الجواهر، و غيره- «ما للّه تعالى منسك أحبّ إلى اللّه تعالى من موضع المشعر الحرام، و ذلك أنه يذلّ فيه كل جبار عنيد».

أقول: لعل وجه ظهور الذلة و المسكنة فيها بالنسبة إلى سائر المشاعر حيث أن فيها تضرب الخباء بخلاف المشعر، لعدم تعارف ضرب الخباء فيها فيكون الوقوف تحت السماء و على الأرض بلا تكلّف شي ء، مع أنه حجاب آخر بعد حجاب عرفة، وقوف آخر بعد الوقوف الأول فإن للملوك غرف انتظارية عند الدخول عليهم الأولى، و الثانية، بل ربما تكون الثالثة أيضا، و يشقّ الانتظار في غير الأولى على العظماء، مضافا إلى أنه يستحب فيه السعي في وادي محسر بنفسه أو بمركوبه و هو أيضا شاق بالنسبة إلى الجبابرة و العظماء فيكون أشد لتذلل الجبارين.

فائدة: حدود المشعر المعروفة هناك، و قال الصادق عليه السّلام في صحيح ابن

ص: 203

و هو من الحرم (2).

مسألة 1: يستحب لمن يفيض من عرفات ان يكون مع الوقار

(مسألة 1): يستحب لمن يفيض من عرفات ان يكون مع الوقار و السكينة، و الاستغفار، و الاقتصاد في السير، و ترك وجيف المركوب،

______________________________

عمار: «حد المشعر الحرام من المأزمين إلى الحياض إلى وادي محسر» (1)، و عنه عليه السّلام أيضا في خبر أبي بصير: «حد المزدلفة من وادي محسر إلى المأزمين» (2)، و عنه عليه السّلام أيضا في الصحيح: «و لا تتجاوز الحياض ليلة المزدلفة» (3).

و المأزمان: الجبلان بين عرفات و المشعر- و يسمى كل طريق ضيق بين جبلين مأزما- راجع الخريطة.

(2) إجماعا من المسلمين. و نصوصا كالنصوص الدالة على استحباب أخذ حصى الجمار من المشعر (4) مع أنه لا يجوز أن يؤخذ من غير الحرم، و في خبر الرفاعي: أن أمير المؤمنين عليه السّلام سئل عن الوقوف بالحل لم يكن في الحرم، فقال: لأن الكعبة بيته و الحرم بابه فلما قصدوه وافدين وقفهم بالباب يتضرعون، قيل له فالمشعر الحرام لم صار في الحرم؟ قال لأنه لما أذن لهم بالدخول وقفهم بالحجاب الثاني فلما طال تضرعهم بها أذن لهم بتقريب قربانهم- الحديث-» (5).

و أما مرسل الفقيه: «و إنما صيّر الموقف بالمشعر و لم يصير بالحرم لأن الكعبة بيت اللّه و الحرم حجابه و المشعر بابه فلما قصده الزائرون و وقفهم بالباب يتضرعون حتى أذن لهم بالدخول ثمَّ وقفهم بالحجاب الثاني و هو مزدلفة فلما

ص: 204


1- الوسائل باب: 8 من أبواب المشعر الحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 8 من أبواب المشعر الحرام حديث: 4.
3- الوسائل باب: 8 من أبواب المشعر الحرام حديث: 3.
4- الوسائل باب: 18 و 19 من أبواب الوقوف بالمشعر.
5- راجع الوافي ج: 8 باب: 14 من أبواب بد و المشاعر و المناسك صفحة: 40.

و الدعاء عند الكثيب الأحمر عن يمين الطريق (3).

مسألة 2: يستحب تأخير المغرب و العشاء إلى المزدلفة

(مسألة 2): يستحب تأخير المغرب و العشاء إلى المزدلفة (4)، بل هو

______________________________

نظر إلى طول تضرعهم أمرهم بتقريب قربانهم» (1) فلا بد من حمل الحرم فيه على مكة مثلا و إلّا فلا بد من رد علمه إلى أهله، و قد أوضحنا أنه من الحرم في الخريطة فراجع.

(3) لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «إذا غربت الشمس فأفض مع الناس و عليك السكينة و الوقار، و أفض من حيث أفاض الناس و استغفر اللّه إن اللّه غفور رحيم، فاذا انتهيت إلى الكثيب الأحمر عن يمين الطريق فقل: «اللّهم ارحم موقفي و زد في عملي، و سلم لي ديني، و تقبل مناسكي» و إياك و الوجيف (2) الذي يصنعه كثير من الناس، فإنه بلغنا أن الحج ليس بوصف الخيل و لا إيضاع الإبل، و لكن اتقوا اللّه و سيروا سيرا جميلا، و لا توطئوا ضعيفا و لا توطئوا مسلما و اقتصدوا في السير، فان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يقف بناقته حتى كان يصيب رأسها مقدم الرحل، و يقول: أيها الناس عليكم بالدعة، فسنّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله تتبع و قال ابن عمار سمعته عليه السّلام: يقول: «اللّهم أعتقني من النار» يكررها حتى أفاض الناس، قلت: ألا تفيض قد أفاض الناس؟ قال: إني أخاف الزحام و أخاف أن أشرك في عنت إنسان» (3).

(4) لصحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام: «لا تصل المغرب حتى تأتي جمعا و إن ذهب ثلث الليل» (4)، و مضمر سماعة قال: «سألته عن الجمع بين المغرب و العشاء الآخرة بجمع فقال عليه السّلام: «لا تصلهما حتى تنتهي إلى جمع و إن مضى من الليل ما مضى، فإن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جمعهما بأذان واحد و إقامتين، كما

ص: 205


1- راجع الوافي: ج 8 باب 14 من أبواب بدء المشاعر و المناسك صفحة: 38.
2- الوجيف و الايضاع: الإسراع. و في الوافي ج: 8 صفحة: 155 باب: 132 من أبواب بد و المشاعر و المناسك و لا توطئوا مسلما، و تؤدوا و هو: بمعنى التأني.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 1.
4- الوسائل باب: 5 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 1.

الأحوط (5) ما لم يفت الوقت (6).

مسألة 3: يستحب الجمع بين المغرب و العشاء بأذان و إقامتين

(مسألة 3): يستحب الجمع بين المغرب و العشاء بأذان و إقامتين (7)، فيصلي نوافل المغرب بعد العشاء (8)، و يستحب أن يكون عند الوقوف على طهارة، و أن يدعو بالمأثور، (9) و أن يطأ الصّرورة المشعر

______________________________

جمع بين الظهر و العصر بعرفات» (1) المحمول على الندب، لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح هشام: «لا بأس بأن يصلي الرجل المغرب إذا أمسى بعرفة» (2)، و عن التذكرة دعوى إجماع العلماء على الندب فلا وجه لما نسب إلى الشيخ و ابن حمزة من الوجوب.

(5) خروجا عن خلاف مثل الشيخ.

(6) لأن درك الوقت أهم من هذا الأمر المندوب، و لا بد من حمل ما تقدم من صحيح ابن مسلم، و مضمر سماعة على ذلك أيضا.

(7) نصا، و إجماعا قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن حازم: «صلاة المغرب و العشاء بجمع بأذان واحد و إقامتين و لا تصل بينهما شيئا، و قال: هكذا صلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» (3).

(8) نصا، و إجماعا، فعن ابن مصعب، قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إذا صليت المغرب بجمع أصلي الركعات بعد المغرب؟ قال عليه السّلام: لا، صل المغرب و العشاء ثمَّ صل الركعات بعد» (4) بقرينة صحيح أبان قال: «صلّيت خلف أبي عبد اللّه عليه السّلام، المغرب بالمزدلفة فقام فصلى المغرب ثمَّ صلى العشاء الآخرة و لم يركع فيما بينهما، ثمَّ صليت خلفه بعد ذلك سنّة، فلما صلى المغرب قام فتنفل بأربع ركعات» (5).

(9) لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «أصبح على طهر بعد ما

ص: 206


1- الوسائل باب: 5 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 2.
2- الوسائل باب: 5 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 3.
3- الوسائل باب: 6 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 3.
4- الوسائل باب: 6 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 4.
5- الوسائل باب: 6 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 5.

برجله (10).

مسألة 4: يجب الوقوف في ما يسمى: بالمشعر

(مسألة 4): يجب الوقوف في ما يسمى: بالمشعر (11)، و يجزي في الاطلاع على حدوده قول أهل الخبرة في تلك الأمكنة، و العلامات

______________________________

تصلي الفجر فقف إن شئت قريبا من الجبل، و إن شئت حيث شئت، فإذا وقفت فاحمد اللّه عزّ و جل و أثن عليه، و اذكر من آلائه و بلائه ما قدرت عليه، و صلّ على النبي صلّى اللّه عليه و آله ثمَّ ليكن من قولك: «اللّهم ربّ المشعر الحرام فكّ رقبتي من النار، و أوسع عليّ من رزقك الحلال و ادرأ عني شر فسقة الجن و الإنس، اللّهم أنت خير مطلوب إليه و خير مدعو و خير مسئول و الكل وافد جائزة، فاجعل جائزتي في موطني هذا أن تقيلني عثرتي و تقبل معذرتي، و أن تجاوز عن خطيئتي، ثمَّ اجعل التقوى من الدنيا زادي» ثمَّ أفض حيث يشرف لك ثبير و ترى الإبل مواضع أخفافها» (1).

(10) لقول الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «و يستحب للصرورة أن يقف على المشعر الحرام و يطأه برجله» (2)، و في مرسل أبان بن عثمان:

«يستحب للصرورة أن يطأ المشعر الحرام، و أن يدخل البيت» (3)، و في تعليله في خبر ابن مهران: «ليستوجب بذلك وطي بحبوحة الجنة» (4).

و عن بعض أن المشعر الحرام جبل هناك يسمى قزح فيكون الإطلاق على تمام ذلك المكان من باب إطلاق الجزء على الكل، و يدل عليه قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في خبر أبي بصير: «المشعر من المزدلفة، و المزدلفة من المشعر» (5).

(11) كتابا، و سنّة، و ضرورة من الدين: أما الكتاب فقوله تعالى:

ص: 207


1- الوسائل باب: 11 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 1.
2- الوسائل باب: 7 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 1.
3- الوسائل باب: 7 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 2.
4- الوسائل باب: 7 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 3.
5- الوسائل باب: 25 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 7.

المنصوبة هناك (12)، و يجوز مع الزحام الارتفاع إلى المأزمين (13)، و يكره بدون الضرورة (14)، بل الأحوط تركه (15).

مسألة 5: تجب- في الوقوف بالمشعر- النية

(مسألة 5): تجب- في الوقوف بالمشعر- النية و يكفي مجرد الداعي

______________________________

فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَ اذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ (1).

و أما السنّة: فكثيرة منها قوله عليه السّلام: «الوقوف بالمشعر فريضة» (2).

(12) للسيرة خلفا عن سلف، و الإجماع على الاكتفاء بذلك و حددت في الخريطة تلك العلامات فراجع.

(13) إجماعا، و نصا، ففي موثق سماعة قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: «إذا كثر الناس بجمع و ضاقت عليهم كيف يصنعون؟ قال عليه السّلام: يرتفعون إلى المأزمين» (3)، و الظاهر أن الارتفاع إليهما أعم من الصعود عليهما، فلا بد من مراعاة عدم الصعود عليهما، للنصوص (4) الدالة على خروجهما عن المشعر الحرام، فيراد بالارتفاع الانتهاء، و لذا عدّي ب (إلى).

(14) لظهور الإجماع عليها.

(15) خروجا عن خلاف القاضي حيث نسب إليه الحرمة، فإن كان مراده حرمة الصعود على الجبل فهو موافق لظاهر ما تقدم من النصوص الدالة على خروج المأزمين عن المشعر، و إن كان مراده (رحمه اللّه) حرمة الانتهاء إلى قرب الجبل فهو محكوم بالإجماع، و موثق سماعة.

ص: 208


1- سورة البقرة: 198.
2- راجع الوسائل باب: 2 من أبواب أقسام الحج حديث: 4، و باب: 4 حديث: 2 و باب: 21 من أبواب الوقوف بالمشعر.
3- الوسائل باب: 9 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 1.
4- الوسائل باب: 8 من أبواب الوقوف بالمشعر.

كما مر في غيره (16).

______________________________

(16) أما أصل اعتبار النية فهو من ضروريات فقه المسلمين، بل دينهم.

و أما كفاية الداعي، فلما مر مكررا من أن الاعمال العبادية ليست إلا كسائر الأفعال الاختيارية و لا ريب في كفاية الداعي فيها وجدانا، فكذا في العبادات، فيكفي فيها إتيانها بداعي الإضافة إلى اللّه تعالى، و هذا هو القربة المعتبرة في العبادة، و قد تقدم في موضع متعددة من هذا الكتاب هذا البحث فلا وجه للإعادة.

و الظاهر كفاية نية أصل الحج بنحو ما قرره الشارع في واجباته و اعماله، لكفاية النية الإجمالية و لا ريب في أن نية الحج على ما هو عليه عند الشارع نية إجمالية بجميع أفعاله. نعم لو كان غافلا حين الشروع في الوقوف عن هذا القصد الإجمالي بطل وقوفه. و بذلك يمكن ان يجمع بين الكلمات، فمن يقول بالإجزاء أي: فيما إذا كانت النية الإجمالية باقية في النفس، و من يقول بعدمه أي:

في صورة الغفلة المحضة.

ثمَّ إنه قد ورد في رواية محمد بن حكيم كفاية مجرد الصلاة، و الذكر في المشعر في إدراك الاضطراري الليلي منه، و هي: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

أصلحك اللّه الرجل الأعجمي و المرأة الضعيفة يكونان مع الجمال الأعرابي، فإذا أفاض بهم من عرفات مر بهم كما هم إلى منى لم ينزل بهم جمعا، قال عليه السّلام:

أ ليس قد صلّوا بها فقد أجزأهم، قلت: فإن لم يصلّوا؟ فقال: فذكروا اللّه فيها، فإن كانوا ذكروا اللّه فيها فقد أجزأهم» (1) و إطلاقه يشمل ما إذا لم يتوجه إلى كونه مشعرا، و لكنه مشكل، إذ ليس إطلاقه واردا في مقام بيان ذلك، مع أن عدم اطلاع الشخص على المشعر عنده وروده عليه ممتنع عادة، لأن اجتماع الناس فيه و اشتغالهم بالدعاء و الصلاة يوجب الالتفات إلى المكان المقدس لا محالة،

ص: 209


1- الوسائل باب: 25 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 3.
مسألة 6: لا فرق في الوقوف بين كونه قائما، أو قاعدا أو راكبا

(مسألة 6): لا فرق في الوقوف بين كونه قائما، أو قاعدا أو راكبا، أو غير ذلك من الحالات بعد تحقق أصل النية (17)، كما لا فرق في الوقوف بالمشعر، أو عرفات بين كونه على الأرض، أو في الغرف- لو فرض بناؤها فيهما و لو بطبقات كثيرة- أو كونه تحت الأرض لو فرض فيهم حفر تسع للوقوف (18).

مسألة 7: لو وقف مع النية انا ما ثمَّ عرض له الجنون أو الإغماء

(مسألة 7): لو وقف مع النية انا ما ثمَّ عرض له الجنون أو الإغماء، أو غير ذلك مما يوجب سقوط التكليف يجزي عنه (19).

مسألة 8: يجب أن يكون الوقوف في وقت معين

(مسألة 8): يجب أن يكون الوقوف في وقت معين (20) و هو للرجل المختار- غير ذي العذر- ما بين الطلوعين من يوم النحر (21)، و للمرأة،

______________________________

مع أن الصلاة و الدعاء من اللوازم للكون في ذلك المكان عند الواقفين فالالتفات إليها التفات إلى ذلك المكان المحترم عندهم. و على أي تقدير لا بد من النية و لو إجمالا، لفرض كونه عبادة و هي تتوقف عليها.

(17) لظهور الإطلاق، و الاتفاق الشامل لجميع ذلك.

(18) و ذلك كله لصدق الوقوف في المشعر و عرفات عرفا.

(19) لأن الركن إنما هو المسمى و قد أدركه و الباقي كان واجبا عليه و قد سقط بسقوط التكليف عنه. نعم لو كان العذر مستوعبا فلا وجه للإجزاء.

(20) بضرورة الدين و المتواترة من نصوص المعصومين كما تقدم بعضها.

(21) للنص، و دعوى الإجماع، قال الصادق عليه السّلام في صحيح ابن عمار:

«أصبح على طهر بعد ما تصلي الفجر، فقف إن شئت قريبا من الجبل، و إن شئت حيث شئت، فإذا وقفت فاحمد اللّه عز و جل و أثن عليه، و اذكر من آلائه و بلائه ما قدرت عليه، و صل على النبي صلّى اللّه عليه و آله- إلى أن قال- ثمَّ أفض حيث يشرق لك ثبير

ص: 210

.....

______________________________

و ترى الإبل مواضع أخفافها» (1)، و عنه عليه السّلام أيضا: «لا بأس أن يفيض الرجل بليل إذا كان خائفا»(2) دلّ بالمفهوم على ثبوت البأس في غير صورة العذر.

و نسب إلى الدروس أن الوقت الاختياري من ليلة النحر إلى طلوع الشمس، و استدل بصحيح ابن سالم: «و التقدم من مزدلفة إلى منى يرمون الجمار و يصلون الفجر في منازلهم بمنى لا بأس» (3)، و بخبر مسمع عن أبي إبراهيم عليه السّلام: «في رجل وقف مع الناس بجمع ثمَّ أفاض قبل أن يفيض الناس، قال عليه السّلام: إن كان جاهلا فلا شي ء عليه، و إن كان أفاض قبل طلوع الفجر فعليه دم شاة» (4)، و بإطلاق ما دل على أن من أدرك المشعر قبل طلوع الشمس فقد أدرك الحج (5).

و الكل مخدوش: لأنه لا بد من تخصيص الأول بالمضطر، و السكوت في الثاني أعم من عدم الوجوب كسكوته عليه السّلام عن الإفاضة من عرفات قبل الغروب عن الرجوع إليها، كما أنه لا بد من تقييد الأخير بمثل صحيح ابن عمار المتقدم.

و أما خبر ابن عطية قال: «أفضنا من المزدلفة بليل أنا و هشام ابن عبد الملك الكوفي، فكان هشام خائفا فانتهينا إلى جمرة العقبة طلوع الفجر، فقال لي هشام: أي شي ء أحدثنا في حجنا، فنحن كذلك إذ لقينا أبو الحسن موسى عليه السّلام قد رمى الجمار و انصرف فطابت نفس هشام» (6) فهو مجمل، و قضية في واقعة، فلعله عليه السّلام كان خائفا.

ثمَّ إنه نسب قول الدروس إلى ظاهر الأكثر لحكمهم بصحة الحج و جبر الإفاضة قبل الفجر بدم شاة.

و يرد: بأن الأخير ظاهر في الحرمة و إلّا فلا وجه للكفارة، كما أن حكمهم

ص: 211


1- الوسائل باب: 11 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 11.
2- الوسائل باب: 17 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 1 و 8.
3- الوسائل باب: 17 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 1 و 8.
4- الوسائل باب: 16 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 1.
5- الوسائل باب: 23 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 13.
6- الوسائل باب: 14 من أبواب رمي جمرة العقبة حديث: 3.

و الرجل ذي العذر ما بين غروب الشمس من ليلة النحر إلى طلوعها من تلك الليلة (22)، و لغير المتمكن من إدراك الوقتين من طلوع الشمس إلى الزوال (23).

مسألة 9: مسمى الوقوف من ليلة النحر إلى طلوع الشمس ركن

(مسألة 9): مسمى الوقوف من ليلة النحر إلى طلوع الشمس ركن (24)، فمن تركه عمدا بطل حجه (25).

______________________________

بالصحة أعم من عدم الوجوب.

(22) إجماعا، و نصوصا، قال الصادق عليه السّلام في صحيح ابن مسكان: «لا بأس بأن يقدم النساء إذا زال الليل، فيفضن عند المشعر الحرام في ساعة، ثمَّ ينطلق بهن إلى منى فيرمين الجمرة، ثمَّ يصبرن ساعة، ثمَّ يقصّرن، و ينطلقن إلى مكة فيطفن، إلّا أن يكنّ يردن أن يذبح عنهن فإنهن يوكلن من يذبح عنهن» (1)، و في خبر أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «رخّص رسول اللّه للنساء و الصبيان أن يفيضوا بليل، و أن يرموا الجمار بليل، و أن يصلّوا الغداة في منازلهم- الحديث-» (2)، و في خبر ابن حمزة عن أحدهما عليهم السّلام قال: «أي امرأة أو رجل خائف أفاض من المشعر الحرام ليلا فلا بأس فليرم الجمرة ثمَّ ليمض و ليأمر من يذبح عنه، و تقصّر المرأة و يحلق الرجل- الحديث-» (3).

(23) لما تقدم أن من أدرك اختياري عرفة، أو اضطرارية و أدرك الاضطراري الليلي أو اختيارية، أو الاضطراري النهاري من المشعر صح حجه، فراجع أقسام الوقوف بعرفة و أحكامها.

(24) إجماعا، و نصا، تقدم في خبر ابن حكيم عن الصادق عليه السّلام (4).

(25) لما تقدم مكررا من أن الركن في الحج ما كان تركه العمدي موجبا للبطلان.

ص: 212


1- الوسائل باب: 17 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 7.
2- الوسائل باب: 17 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 3.
3- الوسائل باب: 17 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 4.
4- تقدم في صفحة: 211.
مسألة 10: لا يجب الاستيعاب في وقوف المشعر من أوّل طلوع الفجر إلى أوّل طلوع الشمس

(مسألة 10): لا يجب الاستيعاب في وقوف المشعر من أوّل طلوع الفجر إلى أوّل طلوع الشمس (26).

______________________________

(26) كما عن جمع منهم العلامة، و ابن إدريس، و صاحب الجواهر، للأصل، و الإطلاقات المسالمة عن المعارض، و صحيح ابن عمار قال: «سألت أبا إبراهيم عليه السّلام أي ساعة أحب إليك أن أفيض من جمع؟ قال: قبل أن تطلع الشمس بقليل فهو أحب الساعات إليّ قلت: فإن مكثنا حتى تطلع الشمس؟

قال عليه السّلام: لا بأس» (1)و ظهور صدره و ذيله في الترخيص مما لا ينكر، و قال الصادق عليه السّلام في خبر ابن دراج: «ينبغي للإمام أن يقف بجمع حتى تطلع الشمس و سائر الناس إن شاءوا عجّلوا و إن شاءوا أخّروا» (2) و ظهوره في عدم وجوب الاستيعاب مما لا ينكر، و كذا قوله عليه السّلام في صحيح هشام ابن سالم: «التقدم من مزدلفة إلى منى يرمون الجمار و يصلون الفجر في منازلهم بمنى لا بأس» (3) و أما قوله عليه السّلام أيضا في صحيح ابن عمار: «أفض حيث يشرق لك ثبير و ترى الإبل مواضع أخفافها» (4) فمع أنه أعم من طلوع الشمس- لأن إشراق ثبير و رؤية الإبل مواضع أخفافها بمعنى الاستبانة و الظهور و هي تحصل قبل طلوع الشمس بنصف ساعة تقريبا- فيمكن حمله على الندب بقرينة خبر ابن دراج المتقدم، و كذا صحيح ابن حكيم قال: سألت أبا إبراهيم عليه السّلام أي ساعة أحبّ إليك أن تفيض من جمع؟ قال عليه السّلام: لا تجاوز وادي محسّر حتى تطلع الشمس» (5) فإنه أيضا محمول على الندب، مع أن وادي محسّر خارج عن المشعر و من حدوده- كما يظهر لمن راجع الخريطة- فتكون دلالته على عدم وجوب الاستيعاب أظهر من العكس.

ص: 213


1- الوسائل باب: 15 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 1.
2- الوسائل باب: 15 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 4.
3- الوسائل باب: 17 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 8.
4- الوسائل باب: 15 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 5.
5- الوسائل باب: 15 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 3.

و إن كان أحوط (27).

مسألة 11: لا يجب المبيت ليلة النحر في المشعر

(مسألة 11): لا يجب المبيت ليلة النحر في المشعر (28)، و إن كان

______________________________

(27) خروجا عن خلاف ما نسب إلى جمع من وجوب الاستيعاب، و ظهر مما تقدم أنه لا دليل لهم عليه.

(28) للأصل، و إطلاق الأدلة من غير ما يصلح للتقييد، و نسب إلى ظاهر الأكثر الوجوب، للتأسي، و صحيح ابن عمار عن الصادق عليه السّلام: «و يستحب للصرورة أن يقف على المشعر الحرام و يطأه برجله، و لا تجاوز الحياض ليلة المزدلفة» (1)، و خبر عبد الحميد بن أبي الديلم عن الصادق عليه السّلام قال: «سمي الأبطح أبطح لأن آدم عليه السّلام أمر أن يتبطح في بطحاء جمع فتبطّح حتى انفجر الصبح ثمَّ أمر أن يصعد جبل جمع و أمره إذا طلعت الشمس أن يعترف بذنبه ففعل ذلك، فأرسل اللّه نارا من السماء فقبضت قربان آدم» (2).

و الكل مردود: لأن التأسي مجمل لا يفيد الندب فكيف بالوجوب، و في صحيح ابن عمار قرينة مطلق الرجحان فيه ظاهرة بقوله عليه السّلام في صدر الحديث:

«و يستحب» مع ان عدم تجاوز الحياض أعم من المبيت في المزدلفة لإمكان المبيت في خارجها، و يمكن أن يكون إرشادا إلى عدم إيقاع نفسه في المشقة بعد الوصول إلى المزدلفة فيخرج منها ثمَّ يرجع إليها لدرك بين الطلوعين لأنه نحو كلفة و تعب ربما تمنعه عن حضور القلب في الدعاء و الإقبال عليه مع أن المكان مكان الدعاء و التوجه، و خبر ابن أبي الديلم قاصر سندا و مجمل متنا، لأن البطحاء محل فيه دقاق الحصى و بطحاء جمع لم يعلم المراد منه أنها في نفس جمع، أو إحدى حدوده، مع أن سياقه من أوله إلى آخره سياق الآداب و الندب.

و استدل العامة على عدم الوجوب بما تقدم من صحيح هشام بن سالم،

ص: 214


1- الوسائل باب: 7 و 8 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 1 و 3.
2- الوسائل باب: 4 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 6.

أحوط (29).

مسألة 12: لو بات ليلة النحر في المشعر و نوى البيتوتة فيه

(مسألة 12): لو بات ليلة النحر في المشعر و نوى البيتوتة فيه و كان بانيا على الوقوف بين الطلوعين يجزي ذلك عن تجديد النية عند الفجر، (30) نعم لو كان غافلا عن ذلك بالمرة وجب عليه تجديد النية (31).

مسألة 13: لو كان في المشعر ليلا و أفاض قبل طلوع الفجر عامدا من غير عذر- و لو قليلا- صح حجه

(مسألة 13): لو كان في المشعر ليلا و أفاض قبل طلوع الفجر عامدا من غير عذر- و لو قليلا- صح حجه إذا كان قد وقف بعرفات، و وجب عليه الجبر بشاة (32).

______________________________

و ما يأتي من خبر مسمع.

و فيه: أنه يمكن حمل الأولى على الضرورة، و الأخير على الإجزاء مع الإثم بقرينة ما فيه من الجبر بشاة.

(29) خروجا عن خلاف من ذهب إلى الوجوب و إن كان قد ظهر مما مرّ أنه بلا دليل.

(30) لتحقق الداعي حينئذ في نفسه للوقوف من عند طلوع الفجر، و قد تقدم مرارا كفاية مجرد الداعي في النية من دون اعتبار شي ء زائد عليه.

نعم تعتبر القربة.

(31) لوجوب النية في وقوف المشعر بالضرورة و المفروض عدم تحققها قبل ذلك، فيجب عليه التجديد.

(32) نصا، و إجماعا، ففي خبر مسمع عن أبي إبراهيم عليه السّلام: «في رجل وقف مع الناس بجمع ثمَّ أفاض قبل أن يفيض الناس قال عليه السّلام: إن كان جاهلا فلا شي ء عليه، و إن كان أفاض قبل طلوع الفجر فعليه دم شاة» (1).

ص: 215


1- الوسائل باب: 16 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 1.

و لو أفاض ناسيا فلا شي ء عليه (33)، و كذا مع العذر و لو كان جهلا يعذر فيه (34).

مسألة 14: يجوز للخائف، و النساء، و الضعفاء، و ذوي الأعذار الإفاضة من المشعر قبل الفجر

(مسألة 14): يجوز للخائف، و النساء، و الضعفاء، و ذوي الأعذار الإفاضة من المشعر قبل الفجر بعد الوقوف فيه مع النية في ليلة النحر- كما تقدم- (35) و لا جبران عليهم بشاة (36) و الأولى أن تكون إفاضتهم بعد انتصاف الليل رجاء (37).

______________________________

و نسب إلى الحلي، و ظاهر الخلاف بطلان الحج لفوت وقوف الركن عمدا.

و فيه. أولا: إنه مخالف لخبر مسمع المعتبر.

و ثانيا: لإطلاق ما تقدم من قوله عليه السّلام: «من أدرك المشعر قبل طلوع الشمس فقد أدرك الحج»(1)، و تقدم في [مسألة 23] من الفصل السابق ما ينفع المقام، و وجّه في الحدائق كلام ابن إدريس بما لا يوافق ظاهره من شاء فليراجع.

(33) للأصل، و الإجماع، و إطلاق ما دل على رفع الخطأ و النسيان و ما لا يعلمون (2).

(34) للأصل بعد انصراف دليل الجبر بشاة عن المعذور، و لا كفّارة بالنسبة إلى المعذور، إلا إذا دل دليل عليها بالخصوص.

(35) راجع ما تقدم في (مسألة 8).

(36) للأصل، و الإطلاق، و ظهور الاتفاق.

(37) جمودا على لفظ المبيت المذكور في كلمات بعض الفقهاء، و لم أر

ص: 216


1- الوسائل باب: 23 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 13.
2- الوسائل باب: 56 من أبواب جهاد النفس حديث: 3.
مسألة 15: لا فرق في العذر الموجب لجواز الإفاضة قبل الفجر بين الأعذار العرفية و الشرعية

(مسألة 15): لا فرق في العذر الموجب لجواز الإفاضة قبل الفجر بين الأعذار العرفية و الشرعية (38) حتّى أن من يفيض مع المعذور تحفظا عليه يجوز له الإفاضة قبل الفجر أيضا (39)، فيجوز إفاضة الممرض مع مريضه (40)، كما لا فرق في الخوف- الموجب لجواز الإفاضة- بين كونه على نفسه من حدوث مرض، أو اشتداده، أو على من يتعلق به، أو على ماله (41).

______________________________

هذا اللفظ في النصوص فيما تفحصت عاجلا. نعم في المرسل عن الصادق عليه السّلام: «كان أبي يقف بالمشعر حيث يبيت» (1)، و عنه عليه السّلام في صحيح ابن عمار عنه عليه السّلام: «فقف إن شئت قريبا من الجبل، و إن شئت حيث شئت (تبيت) فإذا وقفت فاحمد اللّه- الحديث-» (2).

و الكل لا يصلح للاعتماد عليه في الحكم الشرعي و لا بأس بعنوان الرجاء، و يأتي معنى البيتوتة في أعمال منى إنشاء اللّه تعالى.

(38) لظهور الإجماع، و الإطلاق بعد حمل ما ورد في الأخبار من الحائض و الضعفاء (3) على مجرد المثال لكل ذي عذر.

(39) فإنه أيضا عذر مقبول عرفا، و قد أرسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أسامة مع النساء كما في صحيح الأعرج (4).

(40) لأن التمريض عذر عرفي. ثمَّ إن الخوف حالة نفسانية لا تدور مدار الواقع، فمتى حصلت تلك الحالة تجوز الإفاضة.

(41) كل ذلك لظهور الإطلاق.

ص: 217


1- الوسائل باب: 8 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 8.
2- راجع الوسائل باب: 11 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 1.
3- الوسائل باب: 17 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 2 و غيره.
4- الوسائل باب: 17 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 2 و غيره.
مسألة 16: لو تذكّر الناسي، أو علم الجاهل، أو ارتفع العذر

(مسألة 16): لو تذكّر الناسي، أو علم الجاهل، أو ارتفع العذر و أمكن بعد ذلك إدراك الوقوف بين الطلوعين في المشعر وجب العود على الأحوط (42).

______________________________

(42) لشمول إطلاق ما دل على وجوب الوقوف في ما بين الطلوعين له حينئذ، و حكم الترخيص في الإفاضة كان ما داميا لا دائميا، و لكنه مخالف لإطلاق ما ورد في الترخيص في الإفاضة بليل بالنسبة إلى الخائف، و الضعفاء بل لا أظن أحدا يلتزم ذلك بالنسبة إلى النساء.

إلا أن يقال: لا بد في عدم الوجوب من الاقتصار على مورد النص و هو الخائف، و النساء، و الضعفاء (1). و في الناسي، و الجاهل و سائر الأعذار يرجع إلى إطلاق ما دل على وجوب وقوف ما بين الطلوعين.

و فيه إشكال بعد حمل ما ورد على مجرد المثال لا الخصوصية كما مرّ.

ص: 218


1- الوسائل باب: 17 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 2 و غيره.

تكملة و فيها فروع

اشارة

تكملة و فيها فروع

الأول: من فاته الحج لعدم إدراك الموقفين

الأول: من فاته الحج لعدم إدراك الموقفين تحلّل بعمرة مفردة (1) بلا حاجة إلى نية قلب إحرامه إليها (2) و إن كان هو

______________________________

تكملة و فيها فروع

(1) إجماعا، و نصوصا مستفيضة منها قول الصادق عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «أيّما حاج سائق للهدي، أو مفرد للحج، أو متمتع بالعمرة إلى الحج قدم و قد فاته الحج فليجعلها عمرة و عليه الحج من قابل» (1)، و صحيحة الآخر قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: «رجل جاء حاجا ففاته الحج و لم يكن طاف قال: «يقيم مع الناس حراما أيام التشريق و لا عمرة فيها، فإذا انقضت طاف بالبيت و سعى بين الصفا و المروة و أحل و عليه الحج من قابل يحرم من حيث أحرم» (2) و هو محمول بالنسبة إلى إقامته على الندب بقرينة صحيح حريز قال: «سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام- إلى ان قال- فإن شاء أقام بمكة، و إن شاء أقام بمعنى مع الناس، و إن شاء ذهب حيث شاء ليس هو من الناس في شي ء» (3).

(2) كما عن جمع من الفقهاء، لظهور جملة من النصوص في أن الانقلاب قهري منها أخبار محمد بن سنان، و ابن فضيل (4)، و علي بن الفضل الواسطي المشتملة على قوله عليه السّلام: «و هي عمرة» (5)، و منها ما تقدم من صحيح

ص: 219


1- الوسائل باب: 27 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 1.
2- الوسائل باب: 27 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 3.
3- الوسائل باب: 27 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 4.
4- الوسائل باب: (23) من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 3 و 4.
5- الوسائل باب: 27 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 6.

الأحوط (3)، و لا يجب عليه شي ء من أفعال الحج (4)، و إن كان الأحوط للمتمتع ذبح شاة (5).

______________________________

عمار (1).

و عن جمع منهم الفاضل في أكثر كتبه أنه يحتاج إلى النية، للأصل، و أن «الأعمال بالنيات» (2)، و قوله عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «فليجعلها عمرة» (3)، و مثله في صحيح حريز (4).

و الكل مخدوش، إذ الأصل محكوم بظواهر الإطلاقات، و المراد بقوله عليه السّلام: «الأعمال بالنيات» إنما هو قصد القربة و غيره بقرينة ذيله: «لكل امرئ ما نوى، فمن غزا ابتغاء ما عند اللّه فقد وقع أجره على اللّه عزّ و جل، و من غزا يريد عرض الدنيا أو نوى عقالا لم يكن له إلّا ما نوى»، كما أن المراد بقوله عليه السّلام:

«فليجعلها عمرة» أي: يأتي بأعمال العمرة لا أن ينويها كذلك.

(3) خروجا عن خلاف من قال بعدم الانقلاب القهري.

(4) للأصل، و الإجماع، و إطلاق النصوص التي تقدم بعضها.

(5) للخروج عن خلاف بعض أصحابنا حيث أوجب ذلك عليه، قياسا على المحصور، و خبر الرقي قال: «كنت مع أبي عبد اللّه عليه السّلام بمنى، إذ دخل عليه رجل فقال: قدم اليوم قوم قد فاتهم الحج، فقال: نسأل اللّه العافية قال: أرى عليهم أن يهريق كل واحد منهم دم شاة، و يحلون و عليهم الحج من قابل- الحديث-» (5)، و صحيح ضريس على ما في الفقيه حيث إن فيه: «و يحلق رأسه و يذبح شاته» (6).

و لكن الأول باطل، مع أنه مع الفارق، و خبر الرقي قاصر سندا و معرض

ص: 220


1- الوسائل باب: 27 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 1.
2- الوسائل باب: 5 من أبواب مقدمة العبادات حديث: 10.
3- الوسائل باب: 27 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 4.
4- الوسائل باب: 27 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 1.
5- الوسائل باب: 27 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 5.
6- الوسائل باب: 27 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 2.
الثاني: لا يجوز له البقاء على إحرامه ليحج به في العام القابل

الثاني: لا يجوز له البقاء على إحرامه ليحج به في العام القابل (6) هذه الحرمة تكليفية محضة (7)، فلو أثم و بقي عليه و رجع إلا بلاده و عاد قبل التحلّل لم يحتج إلى إحرام جديد من الميقات و إن بعد العهد (8)، فيجب عليه إكمال العمرة (9)، و لا تجزي هذه العمرة عن عمرة الإسلام (10).

الثالث: بعد الإحلال عن عمرة الفوات إن أخّره إلى العام القابل

الثالث: بعد الإحلال عن عمرة الفوات إن أخّره إلى العام القابل يحرم

______________________________

عنه عند الأصحاب، و موافق للعامة، و صحيح ضريس محمول على ما إذا كان معه شاة عينها للهدي بنذر أو نحوه.

(6) على المشهور بل لم يوجد فيه خلاف عندنا إلا ما نسب إلى ابني حمزة و البراج مع عدم الاشتراط.

و يدل على المشهور: أما بناء على الانتقال القهري إلى العمرة فلم يبق إحرام للحج حتى يصحّ البقاء عليه، و أما بناء على وجوب نقل النية فلما يستفاد من مجموع الأدلة مبغوضية البقاء على إحرام الحج و لو مع قطع النظر عن مسألة الضد، مع أن الشك في مروعية البقاء يكفي في عدم المشروعية لأصالة عدمها إلا بدليل معتبر، و لا يجري الاستصحاب، لأن الشك في أصل التشريع.

(7) لأصالة عدم زوال الإحرام بعد انعقاد صحيحا إلا بتحقق المحلل و المفروض عدم تحققه.

(8) لأصالة بقاء الإحرام على ما وقع عليه و عدم زواله بمحلل شرعي، و النهي عن البقاء عليه ليس محللا شرعيا كما إذا كان متوضئا و كان إبقاء طهارته ضررا عليه و منهيا عنه و مع ذلك أبقاها، فالطهارة باقية و يصح إتيان كل مشروط بها، لحصر النواقض، و ليس التضرر بالإبقاء من أحدهما، فكذا المقام.

(9) لوجوبها على كل تقدير سواء كان الانقلاب قهريا أو قصديا.

(10) كما هو ظاهر الفتاوى، و النصوص، و صرح به في الجواهر، للأصل،

ص: 221

بما يريد من النسك (11) حتّى لو كان فرضه التمتع وجب عليه الخروج إلى أحد المواقيت للعمرة (12) و تجزي المواقيت الاضطرارية مع التعذّر (13).

الرابع: لو صدّ عن الرجوع من بلاده لإتمام العمرة يحل

الرابع: لو صدّ عن الرجوع من بلاده لإتمام العمرة يحل و لو في محله بالذبح و التقصير (14).

الخامس: الأحوط وجوبا الإتيان بطواف النساء في هذه العمرة

الخامس: الأحوط وجوبا الإتيان بطواف النساء في هذه العمرة (15).

______________________________

و لأنها واجبة بسبب الفوات، فلا وجه للإجزاء عن غيره إلا بدليل يدل على التداخل و هو مفقود، بل مقتضى الأصل عدمه.

(11) لما تقدم من اشتراط العمرة و الحج بالإحرام.

(12) للأدلة الدالة على اعتبار كون إحرام عمرة التمتع من إحدى المواقيت و اعتبار كون عمرته و حجه في سنة واحدة و حيث انقلبت العمرة المأتي بها إلى عمرة الوفاة فلا وجه للاجتزاء بها له مع الفصل بينها و بين الحج بسنة.

(13) لعموم أدلة إجزائها، و إطلاقاتها الشامل للمقام أيضا.

(14) لعموم أدلة حكم المصدود و المحصور الشامل لهذه الصورة أيضا و يأتي التفصيل في محله.

(15) قال في الجواهر: «لم أجد في شي ء من النصوص و لا الفتاوى التصريح بذكر طواف النساء، بل ظاهر النصوص المتعرضة لتفصيل أفعالها هنا خلافه و لعله الأقوى و لكن الأحوط الإتيان به».

أقول: مقتضى الأصل بقاء حرمتهن و عدم الحلية إلا بالطواف إلا أن يكون في البين دليل معتبر على الخلاف و كون أدلة المقام في مقام البيان من هذه الجهة مشكل و لعل عدم تعرض الفقهاء إنما كان لأجل مسلميّة اعتبار طواف النساء في كل عمرة مفردة عندهم، فلم يتعرضوا له في المقام من هذه الجهة،

ص: 222

السادس: يجب عليه الحج من قابل إن استقر الوجوب

السادس: يجب عليه الحج من قابل إن استقر الوجوب أو استمرت الشرائط (16)، و إلّا فندبا (17) خصوصا إذا لم يكن قد اشترط (18).

السابع: يستحب لمن فاته الحج الإقامة بمنى

السابع: يستحب لمن فاته الحج الإقامة بمنى إلى انقضاء أيام

______________________________

و يظهر ذلك من سكوتهم عند التعرض لاعتبار طواف النساء في العمرة المفردة عن ذلك فجعلوا العمرة على قسمين، مفردة و تمتعية فحكموا باعتبار طواف النساء في الأولى دون الأخيرة، فلو كان اعتباره في عمرة الفوات مورد التردد لديهم لأشاروا إليه في ذلك الموضع و قد قوّى الوجوب صاحب الجواهر في النجاة فراجع.

(16) لما دل على وجوبه بعد تحقق الشرائط من الكتاب، و السنّة، و الإجماع بعد عدم دليل على عدم سقوط التكليف بما تلبس به من الإحرام، و يدل عليه صحيحا ابن عمار- المتقدمان- و صحيح حريز، و خبرا الرقي، و الحميري (1) و ظاهر إطلاقها و إن كان هو وجوب القضاء مطلقا إلّا أنه مخالف للشهرة العظيمة بل لم يعرف الخلاف فيه كما عن جمع. هذا بحسب العمومات و الإطلاقات، و أصالة بقاء الوجوب و الأدلة الخاصة، و مقتضى الجميع عدم الفرق بين اشتراط الإحلال في الإحرام و عدمه، و قد تقدم ما يتعلق بالاشتراط فراجع (مسألة 13) من فصل كيفية الإحرام.

(17) لظهور الإجماع، و حملا للنصوص على الندب مع عدم موجب الوجوب.

(18) لصحيح ضريس قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل خرج متمتعا بالعمرة إلى الحج فلم يبلغ مكة إلا يوم النحر، فقال: يقيم على إحرامه و يقطع التلبية حتى يدخل مكة فيطوف و يسعى بين الصفا و المروة، و يحلق رأسه

ص: 223


1- تقدم جميع ذلك في صفحة: 222.

التشريق، ثمَّ يأتي بأفعال العمرة الّتي يتحلّل بها (19).

الثامن: لا فرق في ما ذكر بين تعمد التفويت و غيره

الثامن: لا فرق في ما ذكر بين تعمد التفويت و غيره. (20).

______________________________

و ينصرف إلى أهله إن شاء، و قال: هذا لمن اشترط على ربّه عند إحرامه، فإن لم يكن اشتراط فإن عليه الحج من قابل» (1).

و عن الشيخ رحمه اللّه في التهذيب الوجوب على من لم يشترط مستدلا بهذا الحديث، قال في الجواهر: «و يشكل- بعد الإعراض عن الصحيح و منافاته لما هو المعلوم من غيره نصا، و فتوى- بأنه إن كان مستحبا لم يجب القضاء و إن لم يشترط، و كذا إن لم يستقر و لا استمر وجوبه، و إن كان واجبا وجوبا مستقرا أو مستمرا وجب و إن اشتراط، فالوجه حمله على شدة استحباب القضاء إذا لم يشترط و كان مندوبا أو غير مستقر الوجوب و لا مستمرة».

(19) لصحيح ابن عمار- المتقدم- المحمول على الندب جمعا و إجماعا.

(20) على المشهور في التحلل بأعمال العمرة، و وجوب الحج عليه في القابل مع الاستقرار و الاستمرار و ذلك كله موافق للقاعدة مع قطع النظر عن أخبار المقام. نعم نسب إلى بعض وجوب الحج عليه من قابل إن كان الحج مندوبا، و فرط في تفويته و ليس له دليل ظاهر.

ص: 224


1- الوسائل باب: 27 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 2.

فصل في مما يستحب في المشعر الحرام

اشارة

فصل في مما يستحب في المشعر الحرام و هو أمور:

الأول: أن يكون متطهرا (1).

الثاني: أن تكون نية الوقوف بعد صلاة الصبح (2).

الثالث: أن يصرف زمان وقوفه في الذكر، و الدعاء سيما المأثور منهما (3).

______________________________

فصل في مما يستحب في المشعر الحرام

(1) نصا، و إجماعا، قال الصادق عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «أصبح على طهر بعد ما تصلي الفجر فقف إن شئت قريبا من الجبل» (1) المحمول على الندب بقرينة قوله عليه السّلام في صحيح ابن عمار أيضا: «لا بأس أن يقضي المناسك كلها على غير وضوء إلّا الطواف بالبيت، و الوضوء أفضل» (2).

(2) على المشهور، بل ظاهرهم الإجماع عليه، و استدل بما تقدم من قوله عليه السّلام في الصحيح بناء على أن المراد صلاة الصبح كما هو الظاهر لا نافلته.

(3) يدل على أصل الرجحان مضافا إلى قوله تعالى:- فَاذْكُرُوا اللّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ (3)- النصوص، و الإجماع.

ص: 225


1- الوسائل باب: 11 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 1.
2- الوسائل باب: 38 من أبواب الطواف حديث: 1.
3- سورة البقرة: 199.

.....

______________________________

و نسب إلى جمع منهم السيد، و الحلي، و القاضي وجوبه، و قواه في شرح المفاتيح، و استظهره في المستند لكن بالنسبة إلى ذات المسمى و صرف الوجود.

و عن صاحب الجواهر استظهار كفاية الذكر القلبي و هو النية، و كذا صلاة الصبح و جعل التسامح حتى إلى هذا القدر من أمارات الندب فلا وجه لاستظهار الوجوب مع الشهرة على الخلاف، مع أن سياق الأدلة سياق الآداب و الترغيب لا الإلزام و الترهيب عن الترك.

و أما ما ورد من الدعاء، ففي صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام تقول: «اللّهم هذه جمع، اللهم إني أسألك أن تجمع لي فيها جوامع الخير، اللّهم لا تؤيسني من الخير الذي سألتك أن تجمعه لي في قلبي و أطلب إليك أن تعرفني ما عرّفت أولياءك في منزلي هذا، و أن تقيني جوامع الشر» و إن استطعت أن تحيي تلك الليلة فافعل فإنه بلغنا أن أبواب السماء لا تغلق تلك الليلة لأصوات المؤمنين، لهم دوي كدوي النحل يقول اللّه جل ثناؤه: أنا ربّكم و أنتم عبادي أدّيتم حقي، و حقّ عليّ أن استجيب لكم، فيحط تلك الليلة عمن أراد أن يحط عنه ذنوبه، و يغفر لمن أراد أن يغفر له» (1)، و أيضا تقدّم دعاء آخر في صحيح ابن عمار (2)، و عنه عليه السّلام أيضا في صحيح معاوية: «اللّهم ارحم موقفي و زد في عملي، و سلم لي ديني، و تقبل مناسكي- و قال ابن عمار سمعت أبا عبد اللّه يقول: «اللّهم أعتقني من النار يكررها حتى أفاض الناس» (3)، و في رواية أخرى عنه أيضا: و أفض بالاستغفار فإن اللّه عزّ و جل يقول ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النّاسُ وَ اسْتَغْفِرُوا اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (4)، و في رواية ابن خارجة قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول في آخر كلامه حين أفاض: اللهم إني أعوذ بك أن أظلم أو

ص: 226


1- الوسائل باب: 10 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 1.
2- تقدم في صفحة: 207.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 1.
4- الوسائل باب: 1 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 2.

الرابع: أن ينزل ببطن الوادي عن يمين الطريق (4).

الخامس: أن يطأ الصّرورة المشعر برجله (5).

______________________________

أظلم أو أقطع رحما أو أوذي جارا» (1) و في محكي المهذب بعد ذكر صحيح ابن عمار المتقدم قال: «ثمَّ ليكبر اللّه سبحانه و تعالى مائة مرة، و يحمده، و يسبحه، و يهلله كذلك، و يصلي على النبي صلّى اللّه عليه و آله و يقول: «اللّهم اهدني من الضلالة و أنقذني من الجهالة، و اجمع لي خير الدنيا و الآخرة، و خذ بناصيتي إلى هداك، و انقلني إلى رضاك، فقد ترى مقامي بهذا المشعر الذي انخفض لك فرفعته، و ذلّ لك فأكرمته، و جعلته علما للناس، فبلّغني فيه مناي و نيل رجائي، اللهم إني أسألك بحق المشعر الحرام أن تحرّم شعري و بشري على النار، و أن ترزقني حياة في طاعتك، و بصيرة في دينك، و عملا بفرائضك و اتباعا لأوامرك، و خير الدارين، و أن تحفظني في نفسي، و والدي، و ولدي، و أهلي، و إخواني، و جيراني، برحمتك» و اجتهد في الدعاء و المسألة و التضرع إلى اللّه سبحانه إلى حين ابتداء طلوع الشمس».

(4) قال الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «و انزل ببطن الوادي عن يمين الطريق قريبا من المشعر» (2) المحمول على الندب إجماعا.

(5) كما في صحيح الحلبي عنه عليه السّلام: «و يستحب للصرورة أن يقف على المشعر الحرام و يطأه برجله» (3) و مثله غيره.

و المشعر: عبارة عن الجبل الذي هناك و يسمى (بقزح) أيضا، و رقى عليه النبي صلّى اللّه عليه و آله راكبا ناقته القصوى و لعل الحكمة في ذلك أنه كان محل الأصنام أو أخذت الحجارة المنحوتة منها الأصنام من ذلك الجبل، فيستحب أن يوطأ بالرجل و الأقدام، و هذا الاستحباب بالنسبة إلى نفس ذلك الجبل.

و أما أرض المزدلفة فيجب وطؤها بمعنى الكون بها و لا اختصاص له

ص: 227


1- الوسائل باب: 1 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 3.
2- الوسائل باب: 7 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 1.
3- الوسائل باب: 7 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 1.

بل هو الأحوط (6)، و لو فرض إزالة ذلك الجبل (المشعر) و تسويته مع الأرض ففي بقاء الاستحباب وجه (7)، و يستحب الصعود على (قزح) في مقابل وطئه بالرجل (8).

السادس: يستحب- لمن عدى الإمام- الإفاضة قبل الشمس و أما الامام فيستحب له التأخير حتى تطلع الشمس (9).

السابع: يستحب السعي في وادي محسّر و لو مائة خطوة (10) و لو

______________________________

بالصرورة و قد مر انه يطلق المشعر على تمام المزدلفة أيضا و لا وجه للاستحباب في هذا الإطلاق بل يجب كما مر.

(6) خروجا عن خلاف من أوجبه كظاهر المبسوط و النهاية.

(7) للأصل، و الأولى أن يوطأ رجاء.

(8) كما يظهر عن جمع منهم المحقق رحمه اللّه في الشرائع، للتأسّي بالنبي صلّى اللّه عليه و آله لما روته العامة عن الصادق عن أبيه عليهم السّلام عن جابر أنه صلّى اللّه عليه و آله ركب القصوى حتى أتى المشعر الحرام فرقي عليه، و استقبل القبلة فحمد اللّه تعالى، و هلله و كبره و وحده فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا» (1).

ثمَّ إنه لو ضاق الوادي بالحجيج فوقف على الجبل يجزي وقوفه عن وطئه له فيحصل به الواجب و المندوب.

(9) تقدم وجهه في [مسألة 18] من فصل في الحج و أفعاله فراجع و تقدم أن المراد بالإمام [أمير الحاج]، و هل يشمل ذلك الحملدارية المتعارفة في هذه الأعصار؟ مقتضى الأصل العدم.

(10) قال الصادق عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «فاذا مررت بوادي محسّر و هو واد عظيم بين جمع و منى و هو إلى منى أقرب فاسع فيه حتى تجاوزه، فإن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حرك ناقته و يقول: «اللّهم سلّم لي عهدي و اقبل توبتي، و أجب

ص: 228


1- سنن ابن ماجه المناسك باب: 84 (حج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله) و سنن أبي داود المناسك باب: 56.

تركه استحب له الرجوع للسعي فيه و لو دخل مكة (11).

الثامن: إتيان المغرب و العشاء في المشعر و الجمع بينهما بأذان و إقامتين (12).

مسألة 1: يستحب التقاط حصى الجمار من المشعر، و دونه في الفضل أخذها من منى

(مسألة 1): يستحب التقاط حصى الجمار من المشعر، و دونه في الفضل أخذها من منى، و يجزي من الحرم مطلقا و لو من وادي محسّر (13)،

______________________________

دعوتي و اخلفني بخير فيمن تركت بعدي» (1)، و عن أبي الحسن عليه السّلام: «الحركة في وادي محسّر مائة خطوة» (2)، و عن الصدوق رحمه اللّه: و في حديث آخر مائة ذراع» (3).

(11) ففي رواية حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قال لبعض ولده: «هل سعيت في وادي محسّر؟ فقال: لا، فأمره أن يرجع حتى يسعى فقال له ابنه: لا أعرفه فقال له: سل الناس» (4)، و في مرسل الحجّال قال: «مرّ رجل بوادي محسّر فأمره أبو عبد اللّه عليه السّلام بعد الانصراف إلى مكة أن يرجع فيسعى» (5) و إطلاقه يشمل ترك السعي عمدا، أو جهلا، أو سهوا، أو عذرا.

(12) تقدم الوجه فيهما في (مسألة 3) من الفصل السابق فراجع.

(13) نصا، و إجماعا، قال الصادق عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «خذ حصى الجمار من جمع، و إن أخذته من رحلك بمنى أجزأك» (6)، و عنه عليه السّلام أيضا في صحيح زرارة قال: «سألته عن الحصى التي يرمى بها الجمار فقال عليه السّلام: تؤخذ من جمع، و تؤخذ بعد ذلك من منى» (7)، و عن الصادق عليه السّلام أيضا في صحيح زرارة: «حصى الجمار إن أخذته من الحرم أجزأك، و إن أخذته من غير الحرم لم يجزئك، و قال: لا ترم الجمار إلّا بالحصى» (8) و إطلاقه يشمل جميع الحرم حتى

ص: 229


1- الوسائل باب: 13 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 1.
2- الوسائل باب: 13 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 3.
3- الوسائل باب: 13 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 4.
4- الوسائل باب: 14 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 1.
5- الوسائل باب: 14 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 2.
6- الوسائل باب: 18 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 1.
7- الوسائل باب: 18 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 2.
8- الوسائل باب: 19 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 1.

إلّا المساجد- خصوصا المسجد الحرام، و مسجد الخيف- (14). و عددها سبعون على ما يأتي تفصيله و لو أخذ زائدا فلا بأس.

مسألة 2: يعتبر في الحصى أن تكون بحيث يصدق عليها الحصى عرفا

(مسألة 2): يعتبر في الحصى أن تكون بحيث يصدق عليها الحصى عرفا، و أن تكون أبكارا لم يرم بها سابقا (15)، فلا يجزي بغير الحصى

______________________________

وادي محسّر.

(14) لقول الصادق عليه السّلام في صحيح حنان: «يجوز أخذ حصى الجمار من جميع الحرم إلّا من المسجد الحرام، و مسجد الخيف» (1) و الظاهر أن ذكرهما من باب المثال فيشمل جميع المساجد و هو مطابق للقاعدة، لصيرورة الحصى جزء من المسجد فيكون الأخذ منهيّا عنه.

نعم لو كان الحصى من القمامة و أريد إلقاؤها في الخارج، فالظاهر جواز الأخذ حينئذ و تقدم في إخراج الحصى من المسجد بعض ما ينفع المقام (2).

و نسب إلى جمع- جواز الأخذ من سائر المساجد الواقعة في الحرم، غير المسجد الحرام، و مسجد الخيف- منهم الحلي: و الحلبي، و العلامة بل عن الأخير دعوى الإجماع عليه.

أقول: إن كان بناؤهم على جواز إخراج الحصى من المسجد فلا إشكال فيه و إلّا فلا دليل لهم على الجواز. هذا بالنسبة إلى أصل الأخذ.

و أما صحة الرمي بعد الأخذ من المسجد فهي مبنية على مسألة الضد و حيث قلنا فيها بعدم الاقتضاء فيصح و إن أثم في التأخير في ردّ الحصى إلى محله بعد الرمي بها و لكن الظاهر من الكلمات و مما مرّ من الحديث بطلان الرمي مطلقا بحصى المسجد حتى لو رمى ثمَّ رده إلى محله بعد الرمي.

(15) أما اعتبار صدق الحصى، فلذكرها بالخصوص في النصوص، مضافا

ص: 230


1- الوسائل باب: 19 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 2.
2- راجع ج: 5 صفحة 495- 497.

سواء كان من الأرض- كالآجر و الخزف- أو غيرها (16)، و لو شكّ في حصاة أنها بكر أولا، يجوز الرمي بها (17).

مسألة 3: لو رمى بالحصاة و لم يكن الرمي صحيحا

(مسألة 3): لو رمى بالحصاة و لم يكن الرمي صحيحا بان لم تصب الجمرة- أو كان فاقدا لشرط آخر- كقصد القربة و نحوه- فهل يجوز الرمي

______________________________

إلى ظهور الإجماع، قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في صحيح زرارة: «حصى الجمار إن أخذته من الحرم أجزأك، و إن أخذته من غير الحرم لم يجزئك» (1) و تأتي نصوص أخرى مشتملة على ذلك فلا يجزي الحجر الكبير و لا الصغير جدا الذي لا يسمى حصاة عرفا، و نسب إلى الدروس و غيره الإجزاء بمطلق ما يسمى حجرا، و لكن السيرة، و النص، و الإجماع على خلافه.

و أما اعتبار أن يكون من الحرم، فيدل عليه النص، و الإجماع، و التأسي، و تقدم قول الصادق عليه السّلام: «إن أخذته من غير الحرم لم يجزئك»، و يأتي ما يدل عليه.

و أما اعتبار البكارة فيدل عليه مضافا إلى الإجماع، و السيرة، و التأسي قول ابي عبد اللّه عليه السّلام: «لا تأخذ من موضعين: من خارج الحرم، و من حصى الجمار، و لا بأس بأخذه من سائر الحرم» (2) و قوله عليه السّلام في الموثق: «لا تأخذ من حصى الجمار» (3). (16) لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح زرارة: «لا ترم الجمر إلا بالحصى» (4) و تقدم ما يدل على ذلك من النصوص أيضا.

(17) لأصالة عدم الاستعمال المقتضية للبكارة.

ص: 231


1- الوسائل باب: 19 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 1.
2- الوسائل باب: 19 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 3.
3- الوسائل باب: 19 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 1.
4- الوسائل باب: 5 من أبواب رمي جمرة العقبة حديث: 1.

بها؟ (18) الأحوط عدم الرمي بها.

مسألة 4: من التقط حصاة يملكها بالحيازة

(مسألة 4): من التقط حصاة يملكها بالحيازة و ليس لغيره التصرف فيها- أو الرمي بها- إلا بإذنه، و لو رمى بها بدون رضاه كان رميه باطلا (19)، و يجوز التوكيل في الالتقاط (20).

مسألة 5: لا تعتبر في الحصى الطهارة

(مسألة 5): لا تعتبر في الحصى الطهارة (21)،

______________________________

(18) مقتضى إطلاق قوله عليه السّلام: «لا تأخذ من حصى الجمار» عدم جواز الرمي بها، و لكن مقتضى الانصراف إلى الرمي الصحيح، و التقييد به في كلمات الفقهاء هو الجواز و طريق الاحتياط واضح.

ثمَّ إنه لا فرق في زوال البكارة بين تحقق الفصل في الاستعمال الأول و عدمه، و لا بين قلة زمان الفصل و عدمه، و لا بين كون المستعمل الأول نفسه أو غيره، كل ذلك لظهور الإطلاق، و الاتفاق.

(19) لأنه تصرّف في مال الغير المنهي عنه شرعا و عقلا، و أن الرمي عبادة و النهي في العبادة يوجب البطلان.

(20) كما يجوز أن يوكل شخص واحد أشخاصا متعددين، كل ذلك لأصالة الإباحة، و إطلاق أدلة الوكالة.

(21) كما عن ظاهر الأكثر، و صريح الآخرين، للأصل و الإطلاق، و نسب إلى ابن حمزة اشتراط الطهارة، للمرسل عن الصادق عليه السّلام: «اغسلها فإن لم تغسلها و كانت نقية لم يضرك» (1)، و في الفقه الرضوي «اغسلها غسلا نظيفا» (2) و هما قاصران عن إفادة الوجوب سندا و متنا، لأن غاية ما يستفاد منهما النظافة و هي أعم من النجاسة.

ص: 232


1- دعائم الإسلام ج: 1 صفحة: 331 طبعة دار المعارف حديث: 1318.
2- فقه الرضا صفحة: 28.

و إن كان أحوط (22).

مسألة 6: يستحب أن تكون الحصاة برشاء

(مسألة 6): يستحب أن تكون الحصاة برشاء- أي: منقّطة- كحليّة مثل رأس الأنملة، و لا تكون صمّاء، و لا سوداء، و لا بيضاء، و لا حمراء، و لا يكسر منهن شيئا (23).

______________________________

(22) خروجا عن خلاف ابن حمزة، و جمودا على الخبرين.

(23) على المشهور، قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في صحيح هشام بن الحكم: «في حصى الجمار كره الصم منها، و قال: خذ البرش» (1)، و عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام في صحيح أبي نصر البزنطي: «حصى الجمار تكون مثل الأنملة و لا تأخذها سوداء، و لا بيضاء، و لا حمراء خذها كحلية منقطة» (2)، و في خبر الدعائم: «يكره أن تكسر من الحجارة كما يفعله كثير من الناس» (3) و لا بد من حمل جميع ذلك على مطلق الرجحان بقرينة الإجماع.

ص: 233


1- الوسائل باب: 20 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 1.
2- الوسائل باب: 20 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 2.
3- دعائم الإسلام ج: 1 صفحة 336 طبعة دار المعارف.

فصل في أفعال منى

اشارة

فصل في أفعال منى الرابع من أفعال الحج: المضي إلى منى و واجباته ثلاثة: أوّلها: رمي جمرة العقبة (1)، و الثاني: الهدي، و الثالث: التقصير- على ما سيأتي.

فصل في الرمي

اشارة

أما الأوّل فقيه مسائل:

______________________________

فصل في أفعال منى

(1) بلا خلاف محقق فيه، كما في الجواهر، و تدل عليه جملة من النصوص كقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «خذ حصى الجمار ثمَّ ائت الجمرة القصوى التي عند العقبة فارمها» (1)، و في صحيح الأعرج عنه عليه السّلام أيضا: «معنا نساء قال عليه السّلام: أفض بهن بليل، و لا تفض بهن حتى تقف بهن بجمع، ثمَّ أفض بهن حتى تأتي الجمرة العظيم فيرمين الجمرة- الحديث-» (2)، و عن أحدهما عليهما السّلام: «أي امرأة أو رجل خائف أفاض من المشعر الحرام بليل فلا بأس فليرم الجمرة ثمَّ ليمض و ليأمر من يذبح عنه و تقصر المرأة و يحلق الرجل» (3) إلى غير ذلك من النصوص الآتية، و يدل عليه أيضا اهتمام النبي صلّى اللّه عليه و آله، و الأئمة عليهم السّلام، و جميع المسلمين به كاهتمامهم بسائر واجبات الحج خلفا عن سلف.

و بعد ذلك لا وجه لما نسب إلى الشيخ من أنه من السنّة- على فرض كون

ص: 234


1- الوسائل باب: 3 من أبواب رمي الجمرة العقبة حديث: 1.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب رمي الجمرة العقبة حديث: 1.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب رمي الجمرة العقبة حديث: 2.

.....

______________________________

مراده من السنّة الندب لا ما ثبت بغير القرآن- و إلا فليس مخالفا للمشهور، و يكفي الإخبار لحصول الاطمئنان بالوجوب كالاطمينانات الحاصلة من مثل هذه الأخبار في سائر المسائل.

و نوقش في الإجماع بأن مفاده وجوب أصل الرمي في الجملة بالنسبة إلى مطلق الجمار لا خصوص هذا الرمي، و في الأخبار بأنها لأجل اشتمالها على بعض المندوبات لا يستفاد منها الوجوب، و في فعل النبي صلّى اللّه عليه و آله و المعصومين عليهم السّلام بأنه أعم من الوجوب.

و جميع هذه المناقشات مردودة.

أما الأولى: فلأن مورد دعوى الإجماع و عدم الخلاف خصوص رمي جمرة العقبة في يوم النحر فلا وجه لحمل كلماتهم على الإطلاق.

أما الثانية: فلأن استفادة الندب في بعضها بدليل خارجي لا يضر بظهورها في الوجوب فيما ليس عليه دليل خارجي على الندب.

و أما الأخيرة: فلأن الوجوب يستفاد من كثرة اهتمامهم به نحو اهتمامهم بالواجبات لا من جهة الفعل من حيث هو، و يأتي ما يتعلق بوجوب الهدي و التقصير بعد ذلك.

فائدتان: الأولى: الجمرة: علامة خاصة معروفة هناك سمي بها لرميها بالجمار و هي الحصاة، أو لاجتماع الحصاة عندها، و الظاهر أن الرجم و الجمر بمعنى واحد و الفرق بينهما اعتباري إذ الأول هو الرمي بالحصاة، و الثاني هو نفس الحصاة.

و الجمرات ثلاثة. الأولى: و هي التي تلي المشعر، و الوسطى، و العقبة:

و تسمى الأخيرة، كما تسمى (القصوى) و (العظمى) أيضا و هي أقرب الجمرات إلى مكة راجع الخريطة، و يجب رميها بالخصوص يوم النحر و يأتي حكم رمي

ص: 235

مسألة 1: تجب في رمي الجمرة أمور

(مسألة 1): تجب في رمي الجمرة أمور:

الأول: النية، و قصد القربة- كما في سائر أفعال الحج- (2).

الثاني: الرمي بسبع حصيات (3).

______________________________

باقي الجمرات بعد ذلك إنشاء اللّه تعالى.

الثانية: رمي الجمرات كناية عن طرح الرذائل النفسانية، و دفع العقائد و الأخلاق الفاسدة و هو مظهر من مظاهر المدافعة مع الشيطان ليليق الرامي بذلك الغفران و مواهب حضرة الرحمن و يكون توبة فعلية في مقابل التوبة القلبية و القولية.

قال النبي صلّى اللّه عليه و آله: «إنما أمر برمي الجمار لأن إبليس اللعين كان يتراءى لإبراهيم عليه السّلام في موضع الجمار فيرجمه إبراهيم عليه السّلام فجرت بذلك السنة» (1)، و قال صلّى اللّه عليه و آله أيضا: «رمي الجمار ذخر يوم القيامة» (2)، و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام «الحاج إذا رمى الجمار خرج عن ذنوبه» (3)، و عنه عليه السّلام أيضا: «رمي الجمار يحط عنه بكل حصاة كبيرة موبقة و إذا رماها المؤمن التقفها الملك، و إذا رماها الكافر قال الشيطان باستك ما رميت» (4).

(2) بضرورة المذهب بل الدين، فلو رمى غفلة، أو رياء أو بداع آخر لا يصح و يكفي في النية مجرد الداعي كما مر مرارا و لا بد من استمرار النية من أول الرمي إلى آخره.

(3) إجماعا، و نصوصا كثيرة يأتي التعرض لها، و في خبر أبي بصير عن الصادق قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: ذهبت أرمي فإذا في يدي ست حصيات فقال عليه السّلام: خذ واحدة من تحت رجليك» (5)، و في فقه الرضا: «و ارم جمرة العقبة

ص: 236


1- الوسائل باب: 1 من أبواب رمي الجمرة العقبة حديث: 5.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب رمي الجمرة العقبة حديث: 7.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب رمي الجمرة العقبة حديث: 8.
4- الوسائل باب: 1 من أبواب رمي الجمرة العقبة حديث: 9.
5- الوسائل باب: 7 من أبواب العود إلى منى حديث: 6.

الثالث: إلقاؤها بما يسمى: (رميا) (4) فلا يكفى مجرّد الوضع.

الرابع: الرمي باليد، فلا يكفي بالرجل و لا بالفم (5).

الخامس: إصابة الجمرة، فلو لم يصبها لم يجز (6).

السادس: تلاحق الحصيات في الرمي (7).

السابع: كون الإصابة و الرمي بفعله عرفا (8).

مسألة 2: يجب الإصابة إلى البناء المخصوص

(مسألة 2): يجب الإصابة إلى البناء المخصوص (9)، و مع زواله يجزئ إصابة محله (10)، و لو فرض زيادة البناء و ارتفاعه عما كان عليه في

______________________________

في يوم النحر بسبع حصيات» (1).

(4) إجماعا، و نصوصا مستفيضة بل متواترة مشتملة على لفظ (الرمي).

(5) لظواهر الأدلة، مضافا إلى الإجماع من أعلام الملة.

(6) نصا، و إجماعا، قال الصادق عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «فان رميت بحصاة فوقعت في محل فأعد مكانها» (2) مضافا إلى أن الإصابة مقوّمة لمعنى رمي الجمرة و مع عدم الإصابة لا يصدق رميها إلا بالعناية، لأن رمي الجمرة غير الرمي إلى الجمرة إذ يكفي في الأخير الرمي إلى طرفها و لو لم يصبها.

(7) لظهور الأدلة فيه، مضافا إلى ظهور الاتفاق عليه و يأتي التفصيل في المسائل الآتية.

(8) يدل عليه- مضافا إلى ظهور الإجماع- كون ذلك هو المتفاهم من الأدلة و يأتي التفصيل.

(9) لأنه المعروف من لفظ الجمرة عند المتعارف فتنزل الأدلة عليه، و تقتضيه قاعدة الاشتغال أيضا.

(10) قال في الجواهر في بيان معنى الجمرة عن الدروس: «انها اسم

ص: 237


1- مستدرك الوسائل باب: 1 من أبواب رمي الجمرة العقبة حديث: 4.
2- الوسائل باب: 6 من أبواب رمي الجمرة العقبة حديث: 1.

.....

______________________________

لموضع الرمي و هو البناء أو موضعه مما يجتمع من الحصى، و قيل هي مجتمع الحصى لا السائل منه، و صرح علي بن بابويه بأنه الأرض و لا يخفى عليك ما فيه من الإجمال، و في المدارك بعد حكاية ذلك عنها قال: «و ينبغي القطع باعتبار إصابة البناء مع وجوده، لأنه المعروف الآن من لفظ الجمرة، و لعدم تيقن الخروج من العهدة بدونه، أما مع زواله فالظاهر الاكتفاء بإصابة موضعه» و اليه يرجع ما سمعته من الدروس و كشف اللثام إلا أنه لا تقييد في الأول بالزوال، و لعله الوجه، لاستبعاد توقف الصدق عليه، و يمكن كون المراد بها المحل بأحواله التي منها الارتفاع ببناء أو غيره أو الانخفاض لكن ستسمع ما في خبر أبي غسان بناء على إرادة الإخبار بحيطان فيه الجمار كما هو محتمل، بل لعله الظاهر، إلّا أنه محتمل البناء على المعهود الغالب» انتهى كلامه و نقلناه بطوله لفائدته.

و صرح بكفاية الرمي إلى المحل في النجاة أيضا، و خبر غسان عن حميد ابن مسعود قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رمي الجمار على غير طهور قال:

الجمار عندنا مثل الصفا و المروة حيطان، إن طفت بينهما على غير طهور لم يضرك و الطهر أحبّ إلي، فلا تدعه و أنت قادر عليه» (1).

و فيه. أولا: أن الخبر قاصر سندا لجهالة أبي غسان، و حميد بن مسعود.

و ثانيا: أنه ليس في مقام بيان كون الحائط له موضوعية خاصة في الجمرة و غاية ما يستفاد منه كونه علامة مثل كون الصفا و المروة علامة، فلو فرض زوالهما لا يزول السعي بين العلامتين، و مقتضى العرف و العادة أيضا كون المحل هو الجمرة دون البناء، لأنه كان يخرب في كل سنة أو سنتين و يجدد البناء، و لم يدل دليل و لو ضعيف- حتى تاريخ- على أن محل الجمار كان بناء في زمان إبراهيم عليه السّلام أو أنه عليه السّلام بنى هناك بناء للجمار، و المسألة بحسب الأصل من الأقل و الأكثر، لأن كون الرمي إلى المحل مجزيا معلوم و الشك في اعتبار القيد الزائد عليه، مع أن الرمي بالحصى تحقير و مهانة و يناسب انخفاض المرمي

ص: 238


1- الوسائل باب: 2 من أبواب رمي الجمرة العقبة حديث: 5.

القديم فيجزي الرمي عليه مع عدم إمكان رمي ما كان سابقا (11).

مسألة 3: جميع الرميات بالحصيات السبعة

(مسألة 3): جميع الرميات بالحصيات السبعة في كل جمرة عمل واحد لا بد من نية واحدة للجميع (12).

مسألة 4: يجب أن تكون الإصابة منسوبة إلى فعل الرامي عرفا

(مسألة 4): يجب أن تكون الإصابة منسوبة إلى فعل الرامي عرفا، فلو وقعت الحصاة على شخص و تحرك ذلك الشخص فأصابت بحركته لا تجزي (13)، و كذا لو وقعت الحصاة على حصاة أخرى و أصابت الحصاة الثانية (14). نعم لو وقعت المرميّة على شي ء فمرّت منه و أصابت يجزي (15).

______________________________

عرفا، و البناء لو فرض استفادته من الأدلة إنما هو من باب الغالب و العلامة لا الخصوصية كما أشار إليه صاحب الجواهر. نعم مع وجود البناء يكون هو المتيقن من محل الرمي بلا إشكال كما تقدم عن المدارك.

(11) لما مر من أن البناء انما هو علامة فقط، فيكون الرمي عليه رميا على المحل طال البناء أو قصر و لا موضوعية له و لو فرض أنه أطيل البناء و جعلت أطرافه درجات متعددة و رميت من تلك الدرجات و أصاب البناء، فالظاهر الإجزاء، فالبناء بأي حد كان رمز خاص لمحل مخصوص و طريق محقق إليه.

(12) لأن الظاهر من الأدلة كون الرمي بكل حصاة واجبا مقدميا لا أن يكون واجبا نفسيا مستقلا، فلا يصح تفريق النية بالنسبة إلى كل واحد من الرميات إلا بعنوان المقدمية للكل و انبساط أمر الكل بالنسبة إليها، و كذا الكلام في الطواف و السعي.

(13) لما مر من ظهور الأدلة في ذلك، و في المثال الرمي و إن حصل بفعل الرامي، لكن الإصابة حصلت بفعل شخص آخر فلا تجزي.

(14) لأن ما رماها لم تصب و ما أصابت لم يرمها.

(15) لصحة انتساب الإصابة إلى رميه، و قال الصادق عليه السّلام في صحيح ابن

ص: 239

مسألة 5: يعتبر أن يكون الرمي بمباشرة اليد

(مسألة 5): يعتبر أن يكون الرمي بمباشرة اليد، فلو رمى بيده لكن بآلات معدة لرمي الحصاة و نحوها لم يجز (16).

مسألة 6: لو شك في الإصابة تجب إعادة ما شك فيه

(مسألة 6): لو شك في الإصابة تجب إعادة ما شك فيه (17).

مسألة 7: يجب التفريق في الرمي

(مسألة 7): يجب التفريق في الرمي فلو رمى بالسبع دفعة لم يجز (18) و لا يعتبر التلاحق في الإصابة (19)، فلو رمى بحصاتين- مثلا- دفعة واحدة كان رمية واحدة و إن تلاحقا في الإصابة (20)، و لو رماهما متفرقا فهما رميتان و ان اتفقا في الإصابة (21).

مسألة 8: يجوز الرمي راكبا، و ماشيا، و قائما، و قاعدا

(مسألة 8): يجوز الرمي راكبا، و ماشيا، و قائما، و قاعدا (22).

______________________________

عمار: «و إن أصابت إنسانا أو جملا ثمَّ وقعت على الجمار أجزأك» (1).

(16) أما اعتبار كون الرمي باليد، فلما مر في الشرط الرابع. و أما عدم اجزاء كونه بالآلة، فلقاعدة الاشتغال بعد انصراف الأدلة عنه، بل ظهورها في الرمي المباشري المعهود، مضافا إلى التزام النبي صلّى اللّه عليه و آله و الامام عليه السّلام بذلك كالتزامهم بالواجبات.

(17) لأصالة عدم الإصابة، و قاعدة الاشتغال.

(18) للإجماع، و السيرة، و التأسي، و لأنه المتفاهم عرفا من الأدلة.

(19) للأصل بعد صدق الإصابة و لو مع الدفعة إن كان الرمي متلاحقا.

(20) لما مرّ من اعتبار كون رمي كل حصاة مستقلا و مفترقا عن الآخرين.

(21) لما تقدم من اعتبار التلاحق و التفرق في الإصابة.

(22) كل ذلك للأصل، و الإطلاق، و ما ورد من رمي الحجج عليهم السّلام راكبا «(2) و ماشيا، و القيام و المشي أفضل مع التمكن على المشهور، و يشهد له الاعتبار، مع اهتمام الحجج بالمشي ففي صحيح ابن جعفر قال: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يرمي

ص: 240


1- الوسائل باب: 6 من أبواب رمي الجمرة العقبة حديث: 1.
2- الوسائل باب: 9 من أبواب رمي الجمرة العقبة حديث: 2 و غيره.
مسألة 9: يستحب فيه أمور

(مسألة 9): يستحب فيه أمور:

الأول: الطهارة (23).

______________________________

الجمار ماشيا» (1)، و ركوبهم عليهم السّلام أحيانا كان لأجل بيان الجواز، أو لغرض آخر و لا ينافي أفضلية المشي مع جريان عادتهم عليهم السّلام على نهاية إعمال الخضوع فيما يتعلق بالعبادات و إتيانهم عليهم السّلام لها على أحسن الهيئات، فما نسب إلى المبسوط، و السرائر من أفضلية الركوب في رمي الجمرات، لأن النبي صلّى اللّه عليه و آله رماها راكبا (2) لا وجه له.

ثمَّ إنه قد ورد التعبير في الروايات و الكلمات بالرمي ماشيا، و مقتضى الجمود عليه جواز الرمي في حال المشي حول المرمى- مثلا- و هو الموافق للإطلاقات أيضا، و لكن الظاهر أن المراد بالمشي هنا مقابل الركوب أي: في حال الوقوف على الأرض في مقابل الكون على الدابة، و أما إن أريد المشي بالمعنى المعهود ففي كونه أفضل من الرمي راكبا مع الوقوف، كما يظهر من إطلاق المشهور إشكال، بل منع.

(23) نصا، و إجماعا، قال الصادق عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «و يستحب أن ترمي الجمار على طهر» (3)، و تقدم قوله عليه السّلام أيضا في خبر أبي غسان (4).

و أما قوله عليه السّلام في صحيح ابن مسلم: «لا ترم الجمار إلّا و أنت على طهر» (5)، و قول أبي الحسن في خبر الواسطي: «لا ترم الجمار إلّا و أنت طاهر» (6) فمحمول على كراهة الترك، و تأكد الندب، لأن صحيح ابن عمار نص في الاستحباب و هما ظاهران في حرمة الترك فيرفع اليد عن ظهورهما بنص صحيح ابن عمار، فما نسب إلى السيد، و المفيد، و أبي علي من الوجوب مستندا

ص: 241


1- الوسائل باب: 8 من أبواب رمي جمرة العقبة حديث: 2.
2- الوسائل باب: 9 من أبواب رمي جمرة العقبة حديث: 2 و غيره.
3- الوسائل باب: 23 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ذيل 11.
4- الوسائل باب: 23 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ذيل 15.
5- الوسائل باب: 23 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ذيل 11.
6- الوسائل باب: 23 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث ذيل 6.

الثاني: الدعاء (24).

الثالث: أن يكون بينه و بين الجمرة عشرة أذرع إلى خمسة عشر ذراعا (25).

الرابع: أن يرميها خذفا (26).

______________________________

لهما لا وجه له إن أرادوا الوجوب الاصطلاحي و إن أرادوا تأكيد الندب كما يقع ذلك في تعبيرات القدماء فلا نزاع في البين.

(24) لقول الصادق عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «خذ حصى الجمار ثمَّ ائت الجمرة القصوى التي عند العقبة فارمها من قبل وجهها، و لا ترمها من أعلاها، و تقول و الحصى في يدك:

«اللّهم هؤلاء حصياتي فأحصهن لي و ارفعهن في عملي» ثمَّ ترمي فتقول مع كل حصاة اللّه أكبر: «اللّهم ادحر عنّي الشيطان، اللّهم تصديقا بكتابك و على سنّة نبيك، اللّهم جعله حجا مبرورا، و عملا مقبولا، و سعيا مشكورا و ذنبا مغفورا» و ليكن فيما بينك و بين الجمرة قدر عشرة أذرع، أو خمسة عشر ذرعا، فإذا أتيت رحلك و رجعت من الرمي فقل: «اللّهم بك وثقت، و عليك توكلت، نعم المولى و نعم النصير» (1).

(25) لما تقدم من قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار.

(26) لقول الرضا عليه السّلام في موثق ابن أبي نصر: «حصى الجمار تكون مثل الأنملة و لا تأخذها سوداء و لا بيضاء و لا حمراء خذها كحلّية منقطة تخذفهن خذفا و تضعها على الإبهام و تدفعها بظفر السبابة- الحديث-» (2) المحمول على الندب، لقصوره عن تقييد الإطلاقات الواردة في مقام البيان، و استقرار الشهرة قديما و حديثا على الندب أيضا.

ص: 242


1- الوسائل باب: 3 من أبواب رمي جمرة العقبة حديث: 1.
2- أورد صدر الحديث في الوسائل باب: 20 من أبواب الوقوف بالمشعر و ذيله في باب: 7 من من أبواب رمي جمرة العقبة حديث: 1.

الخامس: أن يكون مستقبل القبلة حال الرمي (27). نعم في رمي جمرة العقبة يوم النحر يستقبلها و إن استدبر القبلة (28).

______________________________

فما نسب إلى السيد، و ابن إدريس من الوجوب شاذ، و في المختلف أنه من متفردات السيد. و من الغريب دعواه الإجماع.

ثمَّ إن الخذف: بإعجام الحروف هو الرمي بأطراف الأصابع، كما عن جمع من أهل اللغة، و المعروف عند أهل المحاورة، و أفضله ما تقدم عن مولانا الرضا عليه السّلام.

(27) لمرسل كشف اللثام: «روى استقبال القبلة عند الرمي»، و في فقه الرضا: «و ارم جمرة العقبة يوم النحر بسبع حصيات- إلى أن قال- و تقول و أنت مستقبل القبلة و الحصى في كفك اليسرى» (1)، و لأنه أفضل الهيئات خصوصا في العبادات و عند الدعوات، و عن الشيخ: «جميع أفعال الحج يستحب أن يكون مستقبل القبلة من الوقوف بالموقفين و رمي الجمار إلّا جمرة العقبة يوم النحر»، و هذا المقدار يكفي في الاستحباب للمسامحة فيه مع ذهاب المشهور إليه. نعم ورد في صحيح معاوية بن عمار التصريح باستقبال الجمرة بقوله عليه السّلام: «فارمها من قبل وجهها و لا ترمها من أعلاها» (2) و لكنه أعم من استقبال القبلة كما لا يخفي.

و أما ما في خبر البزنطي: «و اجعلهن عن يمينك» (3)، و صحيح ابن همام:

«و تجعل كل جمرة عن يمينك» (4) فهو لا ينافي الاستقبال في الجمرتين و المواجهة في العقبة.

(28) على المشهور، بل لا خلاف فيه، لما عن الشيخ: «من أن النبي صلّى اللّه عليه و آله رماها مستقبلا لها مستدبر الكعبة»، و عن بعض: «أنه ورد الخبر باستدبار القبلة

ص: 243


1- مستدرك الوسائل باب: 1 و 3 من أبواب رمي جمرة العقبة حديث: 4 و 1.
2- الوسائل باب: 3 من أبواب رمي جمرة العقبة حديث: 1.
3- الوسائل باب: 7 من أبواب رمي جمرة العقبة حديث: 1.
4- الوسائل باب: 10 من أبواب رمي جمرة العقبة حديث: 5.

السادس: التكبير مع كل حصاة و الدعاء بالمأثور (29).

______________________________

في الرمي يوم النحر و استقبالها في غيره»، و عن الصادق عليه السّلام في صحيح معاوية:

«فارمها من قبل وجهها و لا ترمها من أعلاها».

أقول: كانت للجمرة القصوى وجهة واحدة في قديم الأيام و قد أدركنا ذلك ثمَّ جعلت كسائر الجمرات، و الظاهر جريان حكم سائر الجمرات عليها حينئذ.

(29) نصا، و إجماعا، ففي خبر ابن شعيب عن الصادق عليه السّلام: «ما أقول إذا رميت؟ قال عليه السّلام: كبر مع كل حصاة» (1)، و في صحيح معاوية بن عمار: «فتقول مع كل حصاة: اللّه أكبر» (2) و تقدم الدعاء فيه أيضا.

ثمَّ إنه ذكر في المستند في عداد مندوبات رمي جمرة العقبة عدم الوقوف عندها بعد الفراغ من الرمي، لخبر يعقوب بن شعيب قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الجمار فقال عليه السّلام: قم عند الجمرتين، و لا تقم عند جمرة العقبة، فقلت: هذا من السنّة؟ فقال: نعم» (3)، و في خبر الرومي قال: «رمي أبو عبد اللّه عليه السّلام الجمرة العظمى فرأى الناس وقوفا فقام في وسطهم ثمَّ نادى بأعلى صوته أيها الناس إن هذا ليس بموقف ثلاث مرات ففعلت» (4)، و عن الرضا عليه السّلام في صحيح البزنطي:

«و لا تقف عند جمرة العقبة» (5) إلى غير ذلك من الأخبار، و يمكن حمل ذلك كله على التقية، لبناء العامة على استحباب الوقوف عند الجمرتين و تركه عند العظمى (6)، فاستفادة الاستحباب منها مشكلة، أو حملها على ما إذا وقفوا بعد الفراغ من الرمي و لا ريب في كونه مرجوحا، بل قد يكون حراما، لكونه مزاحما لمن يريد أن يرمي و يأتي بتكليفه.

ص: 244


1- الوسائل باب: 11 من أبواب رمي جمرة العقبة حديث: 1 و تقدم الثاني في ص 244.
2- الوسائل باب: 11 من أبواب رمي جمرة العقبة حديث: 1 و تقدم الثاني في ص 244.
3- الوسائل باب: 10 من أبواب رمي جمرة العقبة حديث: 1.
4- الوسائل باب: 10 من أبواب رمي جمرة العقبة حديث: 4.
5- الوسائل باب: 10 من أبواب رمي جمرة العقبة حديث: 3.
6- راجع سنن ابن ماجه باب: 65 من كتاب المناسك، و في صحيح البخاري باب: من رمي جمرة العقبة و لم يقف 140 و 141 من كتاب الحج و في الموطأ باب: 124.

فصل في الهدي

فصل في أصل الهدي

اشارة

الثاني: من واجبات منى: الهدى (1).

مسألة 1: يجب الهدي على المتمتع

(مسألة 1): يجب الهدي على المتمتع (2) بلا فرق بين كونه فرضا، أو

______________________________

فصل في الهدي

(1) البحث. تارة: فيمن يجب عليه.

و أخرى: في كيفية ذبحه، و وقته، و مكانه.

و ثالثة: في جنسه، و وصفه، و عدده.

و رابعة: في مصرفه.

و خامسة: في العجز عنه.

(2) كتابا، و سنة مستفيضة، و إجماعا بين المسلمين، قال اللّه تعالى:

فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ (1)، و في صحيح زرارة عن الصادق عليه السّلام:

«فقلت: و ما المتعة؟ قال عليه السّلام يهلّ بالحج- إلى ان قال:- فاذا كان يوم التروية أهلّ بالحج و نسك المناسك و عليه الهدي، فقلت: و ما الهدي؟ فقال عليه السّلام: أفضله بدنة، و أوسطه بقرة، و أخفضه شاة» (2) و نحوه غيره.

ص: 245


1- سورة البقرة: 196.
2- الوسائل باب: 5 من أبواب أقسام الحج حديث: 7.

نفلا، و لا بين المكي و غيره (3).

مسألة 2: لا هدي على غير المتمتع معتمرا كان، أو حاجا

(مسألة 2): لا هدي على غير المتمتع معتمرا كان، أو حاجا، قارنا، أو مفردا مفترضا أو متنفلا (4)، و لو كان معدولا إلى الإفراد من حج

______________________________

(3) لظهور الإطلاق، و الاتفاق. و ما نسب إلى الشيخ رحمه اللّه من عدم وجوبه على المكي إذا تمتع، لاحتمال رجوع اسم الإشارة في قوله تعالى ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إلى خصوص الهدي ضعيف، و اجتهاد في مقابل النص. مع أنه لو فرض أن اسم الإشارة يرجع إلى الهدي فهو من باب ذكر الجزء و إرادة الكل بقرينة صحيح زرارة، يعني أن وجوب التمتع إنما هو للآفاقي دون المكي في أصل الشرع و لا ينافي ذلك ثبوته بجميع أجزائه و شرائطه بالعنوان الثانوي.

(4) نصوصا، و إجماعا، قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في رواية الأعرج: «من تمتع في أشهر الحج ثمَّ أقام بمكة حتى يحضر الحج من قابل فعليه شاة، و من تمتع في غير أشهر الحج ثمَّ جاور بمكة حتى يحضر الحج فليس عليه دم، هي حجة مفردة، و إنما الأضحى على أهل الأمصار» (1)، و قال عليه السّلام في صحيح ابن عمار:

«أما المفرد للحج فعليه طواف- إلى أن قال- ليس عليه هدي و لا أضحية» (2).

و نسب إلى سلّار وجوبه على القارن، فإن أراد ما إذا وجب الهدي عليه بنذر أو نحوه فلا خلاف فيه و إلّا فلا دليل له عليه.

و أما صحيح العيص عن الصادق عليه السّلام: «في رجل اعتمر في رجب فقال عليه السّلام: إن كان أقام بمكة حتى يخرج منها حاجا فقد وجب عليه هدي، فإن خرج من مكة حتى يحرم من غيرها فليس عليه هدي» (3) فمهجور لدى الإمامية، و موافق لأبي حنيفة فلا وجه للتمسك به و لو للندب.

ص: 246


1- الوسائل باب: 1 من أبواب الذبح حديث: 11.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب الذبح حديث: 4.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب الذبح حديث: 2.

التمتع (5).

التمتع (5).

مسألة 3: ثمن الهدي من الاستطاعة

(مسألة 3): ثمن الهدي من الاستطاعة (6)، و المناط مطلق التمكن و لو في منى، فمن علم بأنه لا يقدر عليه حتى في منى لا يكون مستطيعا و لو تمكن من الصوم (7).

مسألة 4: الاستطاعة بالنسبة إلى الهدي كالاستطاعة بالنسبة إلى أصل الحج

(مسألة 4): الاستطاعة بالنسبة إلى الهدي كالاستطاعة بالنسبة إلى أصل الحج، فلا يجب عليه بيع ما يحتاج إليه، و لا التكسب و نحو ذلك (8).

مسألة 5: لو نذر غير المتمتع الهدي وجب عليه

(مسألة 5): لو نذر غير المتمتع الهدي وجب عليه (9)، كما أنه يجب بالإشعار أو التقليد (10).

مسألة 6: لو كان المتمتع مملوكا بإذن مولاه يتخيّر مولاه

(مسألة 6): لو كان المتمتع مملوكا بإذن مولاه يتخيّر مولاه بين أن يهدي عنه أو يأمره بالصوم (11) و لو امتنع المولى عن الذبح تعين الصوم

______________________________

(5) لظاهر إطلاق النص، و الفتوى.

(6) لأنه مصرف مالي إ شرعا، و عرفا.

(7) لأن وجوب الصوم إنما هو بعد تحقق الاستطاعة و استقرار الوجوب، و عدم التمكن من الهدي لعارض اتفاقي، لا فيما إذا لم يقدر عليه أصلا، و لكن المسألة تحتاج بعد إلى التأمل، لاحتمال كون مطلق التمكن الطولي الترتبي شرطا.

(8) لما مرّ في فصل الاستطاعة للحج، و لكن لو فعل وجب عليه الهدي.

(9) للعمومات، و الإطلاقات الدالة على وجوب الوفاء به.

(10) إجماعا، و نصا يأتي التعرض له في هدي القران إنشاء اللّه تعالى.

(11) نصا، و إجماعا، و في صحيح جميل بن دراج قال: «سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل أمر مملوكه أن يتمتع قال عليه السّلام: فمره فليصم و إن شئت

ص: 247

.....

______________________________

فاذبح عنه» (1) و نحوه غيره.

و أما خبر العطار الدال على عدم الذبح عليه قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل أمر مملوكه أن يتمتع بالعمرة إلى الحج أ عليه أن يذبح عنه؟

قال عليه السّلام: لا لأن اللّه تعالى يقول عبدا مملوكا لا يقدر على شي ء» (2) فيمكن أن يحمل على عدم تعيينه لا نفي التخيير بينه و بين الصوم بقرينة صحيح جميل.

و أما خبر قاسم بن محمد الدال على الذبح- قال: «سألت أبا إبراهيم عليه السّلام عن غلام أخرجته معي فأمرته فتمتع ثمَّ أهلّ بالحج يوم التروية و لم أذبح عنه، أ فله أن يصوم بعد النفر؟ قال عليه السّلام: ذهبت الأيام التي قال اللّه، ألا كنت أمرته أن يفرد الحج؟ قلت: طلبت الخير قال عليه السّلام كما طلبت الخير فاذهب فاذبح عنه شاة سمينة، و كان ذلك يوم النفر الأخير» (3)- فإنما هو لزوال موضوع الصوم، كما صرح به في الخبر.

و أما خبر يونس بن يعقوب قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إن معنا مماليك لنا قد تمتعوا أ علينا أن نذبح عنهم؟ قال عليه السّلام: المملوك لا حج له و لا عمرة و لا شي ء» (4) فمحمول على ما إذا ذهب المملوك إلى الحج بغير إذن مولاه.

و أما خبر حسن بن عمار قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن غلمان لنا دخلوا معنا مكة بعمرة و قد خرجوا معنا إلى عرفات بغير إحرام قال عليه السّلام: قل لهم يغتسلون ثمَّ يحرمون، و اذبحوا عنهم كما تذبحون عن أنفسكم» (5) فلا تنافي بينه و بين صحيح جميل، لأنه ذكر فيه الذبح فقط و ذكر أحد فردي التخيير و الاكتفاء به عن الآخر شائع في المحاورات، إذا لا تنافي بين مجموع الأخبار بعد التأمل ورد بعضها إلى بعض.

ص: 248


1- الوسائل باب: 2 من أبواب الذبح حديث: 1.
2- الوسائل باب: 2 من أبواب الذبح حديث: 3.
3- الوسائل باب: 2 من أبواب الذبح حديث: 4.
4- الوسائل باب: 2 من أبواب الذبح حديث: 6.
5- الوسائل باب: 2 من أبواب الذبح حديث: 7.

على المملوك (12)، و ليس للسيد منعه (13)، و لو أدرك المملوك المتمتع أحد الموقفين معتقا لزمه الهدي مع القدرة، و الصوم مع التعذر (14).

مسألة 7: تجب في الهدي النية

(مسألة 7): تجب في الهدي النية، و يكفي فيها مجرد الداعي (15).

مسألة 8: تجوز النيابة هنا على وجه يتولى النائب النية و الفعل

(مسألة 8): تجوز النيابة هنا على وجه يتولى النائب النية و الفعل (16)

______________________________

(12) لأن كل واجب تخييري مطلقا تعذر أحد فرديه يتعين فرده الآخر.

(13) لقوله عليه السّلام: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» (1).

(14) لأنه حينئذ كسائر الأحرار، فتشمله الإطلاقات و العمومات.

(15) لأنه فعل من أفعال الحج و كل فعل من أفعاله متقوم بقصد القربة إجماعا، مع أن الذبح يصلح لجهات متعددة و لا يتمحض للهدي إلّا بالنية، و تقدم مرارا كفاية الداعي في كل فعل قربي كما يكفي في غيره.

(16) إجماعا، و نصوصا، قال الصادق عليه السّلام: «رخص رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله للنساء، و الضعفاء أن يفيضوا من جمع بليل، و أن يرموا الجمرة بليل فإذا أرادوا أن يزوروا البيت و كلّوا من يذبح عنهن» (2)، و نحوه غيره الظاهر في أن الحكم من باب تطبيق الحكم الكلي الأولى على المورد لا أنه حكم خاص بمن ذكر في الحديث، مع أنه نحو أداء للحق المالي- كالزكاة، و الخمس، و الصدقة، و كالهدية المتسالم عليه عند الكل صحة الوكالة فيها، مضافا إلى صحة الوكالة في كل شي ء إلا ما خرج بالدليل كما يأتي تفصيله في كتاب الوكالة إن شاء اللّه تعالى، مع قيام السيرة قديما و حديثا في المقام و ظاهر صحة النيابة في الذبح النيابة في جميع ما هو معتبر فيه حتى النية، كما في التوكيل في دفع الزكاة و نحوها من الحقوق الواجبة، فيكفي نية النائب.

ص: 249


1- الوسائل باب: 59 من أبواب الحج حديث: 7 و في مسند أحمد بن حنبل ج: 5 باب: 22.
2- الوسائل باب: 17 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 6.

مع حضور المنوب عنه (17)، و الأولى نية المنوب عنه أيضا مع حضوره (18). نعم، لو استناب في الذبح فقط تولّى هو النية (19)، و الأحوط ترك هذا القسم من الاستنابة (20) و لو جعل يده مع يده الذابح نويا معا (21).

مسألة 9: النائب ينوي القربة عن المنوب عنه

(مسألة 9): النائب ينوي القربة عن المنوب عنه (22)، و مع تعدد النيابة يجب عليه التعيين (23).

______________________________

(17) ظهر وجهه مما مر، و السيرة المستمرة أقوى دليل على ذلك.

(18) لاحتمال كون نية المنوب عنه لها موضوعية خاصة، و لكن الاحتمال ضعيف.

أولا: بأن نية النائب طريق إلى نيته فكأنه نوى المنوب عنه.

و ثانيا: لا وجه له بعد كون النية مجرد الداعي الذي هو موجود في نفس المنوب عنه و لو بنحو الإجمال و الارتكاز.

(19) لأن النائب حينئذ كالآلة المحضة، فالذبح مستند إلى المنوب عنه، فتجب عليه النية و سائر الشرائط المعتبرة.

(20) لأن المتعارف في الاستنابة في ذبح الهدي الاستنابة بما له من الشرائط.

(21) لاستناد الذبح إليهما معا حينئذ، فتجب النية عليهما. هذا إذا كانت يده موضوعة على السكين أيضا، و أما لو لم يكن كذلك فالظاهر أن الذبح مستند إلى من بيده السكين فلا بد و أن يكون هو المباشر للنية و يختلف الاشتراك باختلاف القوة و الضعف أيضا.

(22) لفرض أنه نائب عنه.

(23) لأن العمل حينئذ قابل للانطباق على الجميع، و في مثله لا بد من التعيين في القصد.

ص: 250

مسألة 10: لا يجب على النائب تسمية المنوب عنه

(مسألة 10): لا يجب على النائب تسمية المنوب عنه (24) و لو سمّى و غلط في التسمية فالمدار على النية دون اللفظ (25) و كذا يجزي لو نوى المنوب عنه و نسي تسميته (26).

مسألة 11: يجوز أن يكون النائب من العامة

(مسألة 11): يجوز أن يكون النائب من العامة (27)، و ان كان الأحوط اعتبار الإيمان فيه إن أمكن.

مسألة 12: أوّل وقت وجوب الذبح من طلوع الشمس من يوم النحر إلى آخر اليوم الثالث عشر

(مسألة 12): أوّل وقت وجوب الذبح من طلوع الشمس من يوم النحر إلى آخر اليوم الثالث عشر (28).

______________________________

(24) للأصل، فيجزي مجرد النية، إذ لا وجه للنيابة إلّا ذلك.

(25) لأن اللفظ طريق إليها، فيكون المدار على المنوي، و في خبر علي بن جعفر عن أخيه عليه السّلام قال: «سألته عن الضحية يخطئ الذي يذبحها فيسمي غير صاحبها أ تجزي عن صاحب الضحية؟ فقال عليه السّلام: نعم إنما له ما نوى» (1).

(26) لأصالة عدم اعتبار التسمية، و لما في خبر الاحتجاج عن صاحب الزمان (عجل اللّه تعالى فرجه الشريف): «أنه كتب إليه يسأله عن رجل اشترى هديا لرجل غائب عنه و سأله أن ينحر عنه هديا بمنى فلما أراد نحر الهدي نسي اسم الرجل و نحر الهدي ثمَّ ذكره بعد ذلك أ يجزي عن الرجل أم لا؟ الجواب: لا بأس بذلك، و قد أجزأ عن صاحبه» (2).

(27) للإطلاقات، و ما دل على عدم صحة عبادتهم إنما هو بالنسبة إلى أنفسهم لا مثل الفرض الذي يكون النائب كالالة، و لكن ظاهر الكلمات اعتبار الإيمان في النائب في العبادات مطلقا، و يمكن انصراف كلماتهم عن المقام و إن كان الأحوط اعتبار الإيمان مع الإمكان، لما عرفت.

(28) للأصل، و الإطلاق، و الاتفاق، و صحيح ابن جعفر: «سألته عن

ص: 251


1- الوسائل باب: 29 من أبواب الذبح حديث: 1.
2- الوسائل باب: 29 من أبواب الذبح حديث: 2.

و الأفضل أن يكون في يوم النحر (29)، و يمتدّ الوقت بذوي الأعذار- كالجاهل و الناسي و المضطر و نحوهم- إلى آخر ذي الحجة (30)،

______________________________

الأضحى كم هو بمنى؟ فقال عليه السّلام: أربعة أيام، و سألته عن الأضحى في غير منى فقال ثلاثة أيام» (1) و مثله موثق الساباطي قال: «سألته عن الأضحى بمنى، فقال أربعة أيام، و عن الأضحى في سائر البلدان فقال ثلاثة أيام» (2).

و أما قول علي عليه السّلام: «الأضحى ثلاثة أيام و أفضلها أولها» (3) فيمكن حمله على غير منى، كما أن قول الصادق عليه السّلام في موثق ابن حازم: «النحر بمنى ثلاثة أيام، فمن أراد الصوم لم يصم حتى تمضي الثلاثة الأيام، و النحر بالأمصار يوم، فمن أراد أن يصوم صام من الغد» (4) لا بد أن يحمل على الأفضلية، أو على ما حرم الصوم فيها.

(29) تأسيا بالنبي صلّى اللّه عليه و آله و الأئمة عليهم السّلام.

و قد يستدل بالتأسي على وجوب ذلك. و فيه أن الفعل أعم من ذلك كما هو معلوم، كما أن ما دل على الرخصة للنساء و الخائف و نحوه (5) المشتمل على الأمر بالتوكيل في الذبح يوم النحر لا يدل على التعيين، لأن ذلك نحو تعجيل للخير بالنسبة إليهم لا أن يكون تحديدا للوقت خصوصا مع الأخبار المتقدمة الدالة على التوسعة فإنها حاكمة عليها. هذا بحسب العنوان الأولي. و أما بحسب العناوين الثانوية، فقد يجب التأخير عن يوم النحر، و قد يستحب، و قد يحرم.

(30) نصا، و إجماعا، ففي حسن حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في متمتع يجد الثمن و لا يجد الغنم، قال عليه السّلام: يخلّف الثمن عند بعض أهل مكة و يأمر من يشتري له و يذبح عنه و هو يجزي عنه فإن مضى ذو الحجة أخر ذلك إلى قابل

ص: 252


1- الوسائل باب: 6 من أبواب الذبح حديث: 1.
2- الوسائل باب: 6 من أبواب الذبح حديث: 2.
3- الوسائل باب: 6 من أبواب الذبح حديث: 4.
4- الوسائل باب: 6 من أبواب الذبح حديث: 5.
5- راجع الوسائل باب: 17 من أبواب الوقوف بالمشعر.

بل لو أخّره عمدا أجزأ و إن أثم (31).

مسألة 13: يجوز الذبح في ليالي التشريق أيضا

(مسألة 13): يجوز الذبح في ليالي التشريق أيضا (32)، كما يجوز

______________________________

من ذي الحجة» (1). و أما موثق أبي بصير عن أحدهما عليهما السّلام قال: «سألته عن رجل تمتع فلم يجد ما يهدي حتى إذا كان يوم النفر وجد ثمن شاة أ يذبح أو يصوم؟

قال عليه السّلام: بل يصوم، فإن أيام الذبح قد مضت» (2) فيحتمل أن يراد به يوم النفر من مكة لا من منى و كان ذلك بعد ذي الحجة، أو يراد أنه صام ثلاثة أيام فيكون له الاجتزاء بالصوم و لا يتعين عليه الذبح كما يأتي.

(31) أما الإجزاء، فلإطلاق الأدلة، كتابا، و سنة- كما تقدم- و قال في كشف اللثام: «قطع به الأصحاب من غير فرق بين العالم و الجاهل، و العامد و الناسي، و لا بين المختار و المضطر»، و في المستند: «لو لا الإجماع لكان مقتضاهما جواز التأخير عن ذي الحجة أيضا كما يوهمه ظاهر المهذب إلا أن الإجماع يدفعه».

و أما الإثم فلما نسب إلى المشهور من كونه واجبا نفسيا في الأيام الأربعة يوم النحر و الثلاثة التي بعدها و ترك كل واجب نفسي يوجب الإثم، و يمكن منع الوجوب النفسي فيها فلا تنفع الكبرى.

(32) لأن الظاهر أن المراد بالأيام مع لياليها- كما في أيام الحيض، و أيام الخيار و نحوها- فتشملها الإطلاقات و العمومات، و قال في الدروس: «لو ذبح ليالي التشريق فالأشبه الجواز و إن منعنا (3) فهو مقيد بالاختيار فيجوز مع الاضطرار. نعم يكره، و كذا الأضحية»، و عن الصادق عليه السّلام في صحيح ابن سنان:

«لا بأس بأن يرمي الخائف بالليل، و يضحي و يفيض بالليل» (4)، و عنه عليه السّلام أيضا

ص: 253


1- الوسائل باب: 44 من أبواب الذبح حديث: 1.
2- الوسائل باب: 44 من أبواب الذبح حديث: 3.
3- اي الإطلاقات و العمومات.
4- الوسائل باب: 14 من أبواب رمي جمرة العقبة حديث: 1.

في ما بين الطلوعين من أيام التشريق (33).

مسألة 14: لو وكل الغير في الذبح، فأتى الوكيل به صحيحا

(مسألة 14): لو وكل الغير في الذبح، فأتى الوكيل به صحيحا حسب تكليف نفسه- اجتهادا، أو تقليدا- يجزي و يصح (34). نعم لو قيد ذلك بكونه على تكليف المنوب عنه دون نفسه لا يجزي حينئذ (35).

مسألة 15: يجب أن يذبح الهدي الواجب بمنى

(مسألة 15): يجب أن يذبح الهدي الواجب بمنى (36)، و يجوز ذبح

______________________________

في صحيح ابن مسلم: «الخائف لا بأس بأن يرمي الجمار بالليل، و يضحي بالليل، و يفيض بالليل» (1) و الاستدلال به على عدم الجواز لغير الخائف من الاستدلال بمفهوم الوصف الذي ثبت عدم اعتباره إلا إذا أفاد العلية التامة المنحصرة و هي ممنوعة خصوصا في المقام المبني على التسهيل مهما وجد إليه السبيل، و الأحوط تركه إلا مع العذر- كالجهل، و الاضطرار، و النسيان و نحوهما.

(33) لأن الظاهر من اليوم: اليوم الصومي لا الأجيري.

(34) كما في جميع الموارد، و قد مر في العبادات الاستيجارية من أن المناط على صحة تكليف النائب أو الوكيل عند نفسه، و بحسب رأيه.

(35) لمكان التقييد فيه حينئذ فلا وجه للمخالفة.

(36) إجماعا، و نصا، قال الصادق عليه السّلام في موثق إبراهيم الكرخي: «إن كان هديا واجبا فلا ينحره إلّا بمنى، و إن كان ليس بواجب فلينحره بمكة إن شاء» (2)، و في موثق عبد الأعلى قال: «قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا هدي إلّا من الإبل، و لا ذبح إلا بمنى» (3)، و يظهر من قول النبي صلّى اللّه عليه و آله: «منى كلها منحر» (4) مسلّميّة الحكم من زمانه صلّى اللّه عليه و آله.

ص: 254


1- الوسائل باب: 14 من أبواب رمي جمرة العقبة حديث: 4.
2- الوسائل باب: 4 من أبواب الذبح حديث: 1.
3- الوسائل باب: 4 من أبواب الذبح حديث: 6.
4- مستدرك الوسائل باب: 35 من أبواب كفارات الصيد حديث: 3، و في سنن ابن ماجه المناسك باب: 73 حديث: 3048.

الأضحية المندوبة في أي محل شاء (37)، و يكفي إخبار الناس و أهل منى في كون المحل من منى (38).

مسألة 16: الظاهر أن اعتبار محل ذبح الهدي في منى شرط واقعي

(مسألة 16): الظاهر أن اعتبار محل ذبح الهدي في منى شرط واقعي، فلو نسي، أو جهل و ذبح في غيره لم يجز (39).

______________________________

و أما صحيح ابن عمار عن الصادق عليه السّلام: «في رجل نسي أن يذبح منى حتى زار البيت فاشترى بمكة ثمَّ ذبح، قال عليه السّلام: لا بأس قد أجزأ عنه» (1) فمحمول على غير الواجب، مع أنه لا يدل على أن الذبح كان في مكة لأن الاشتراء بمكة أعم من كون الذبح فيه، و خبر ابن عمار قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إن أهل مكة أنكروا عليك أنك ذبحت هديك في منزلك بمكة، فقال عليه السّلام: إن مكة كلها منحر» (2) حمل على الهدي المندوب، و لكنه خلاف الظاهر إلّا أن إطلاقه موهون بالإعراض، و هذا من إحدى الموارد التي أنكر أهل مكة على الإمام عليه السّلام و تأتي البقية في محلها.

(37) إجماعا، و نصوصا تقدم بعضها.

(38) لقوله عليه السّلام في صحيح ابن عمار الوارد في الميقات: «يجزيك إذا لم تعرف العقيق أن تسأل الناس و الأعراب عن ذلك» (3)، و ما ورد في السؤال عن وادي محسّر بقوله عليه السّلام: «سل الناس» (4) و بعد إلغاء الخصوصية عنهما- يستفاد اعتبار قول أهل المحل فيما يخبرون عنه و هو موافق لقاعدة اعتبار قول أهل الخبرة أيضا.

(39) لأن الأصل في كل شرط أن يكون واقعيا إلّا مع الدليل على الخلاف

ص: 255


1- الوسائل باب: 39 من أبواب الذبح حديث: 5.
2- الوسائل باب: 4 من أبواب الذبح حديث: 4.
3- الوسائل باب: 5 من أبواب المواقيت حديث 1، و تقدم في ج: 13 صفحة: 106.
4- الوسائل باب: 14 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 1. و تقدم في ص: 231.

.....

______________________________

و هو مفقود.

نعم، لو كان ما تقدم من صحيح ابن عمار معمولا بإطلاقه يجزي في صورة النسيان إن ذبح في غيره، و لكن تقدم عدم العمل بإطلاقه.

ثمَّ إنه قد تقدم وجوب ذبح الهدي في منى عند الإمامية، و لكن كلما تفحصت عاجلا في الأخبار لم أجد حدا معينا لمني كما ورد التحديد للحرم، و عرفات، و المزدلفة. نعم قد ورد في صحيح ابن عمار: «إذا مررت بوادي محسّر و هو واد عظيم بين جمع و منى و هو: إلى منى أقرب» (1) و هو لا دليل على تحديد منى، بل يمكن أن يكون ذلك الوادي من منى كما يقال: وادي السلام بين النجف و الكوفة و هو إلى النجف أقرب منه إلى الكوفة.

و على هذا فأرض منى قابلة للتوسعة و التضيق، كما في جميع القرى و البلدان التي شاهدنا توسعتها فيما يقرب من هذه الأعصار، فكل ما أطلق عليه منى يصح الذبح، و النحر فيه و إن كان أوسع مما كان في زمن النبي صلّى اللّه عليه و آله و الأئمة عليهم السلام كما هو كذلك في المسجد الحرام و مسجد النبي صلّى اللّه عليه و آله، و مكة و سائر المساجد و المشاهد، و على هذا يمكن القول بالإجزاء في المذبح الذي جعلوه في هذه الأعصار في خارج المذبح السابق بعد صدق أن المذبح أحدث في منى، و لا يجوز عند المسلمين ذبح الهدي إلا بمنى.

و حينئذ فلو شكّ في المذبح الحديث أنه في منى أو خارج عنها فلا بد من الحمل على الصحة و هي كونه في منى الشرعي هذا مع أن التقية في جميع جهات الحج من أوسع باب الرحمة للأمة. و لكن الأحوط التأخير حتى يذبح في منى السابق مع عدم المحذور في البين، و يمكن التصحيح- كما تقدم- من جهة التقية.

و لو دار الأمر بين سقوط أصل الهدي أو ذبحه في غير المذبح السابق، فالظاهر عدم سقوطه و عدم التبدّل إلى الصوم. و أما احتمال تعيين كون الذبح في مكة بدعوى: أنها منحر لكفارات العمرة، فهو من مجرد الاستحسان لا وجه

ص: 256


1- الوسائل باب: 13 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 1.
مسألة 17: لو وكل شخصا في ذبح هديه يجزي إخباره بالذبح

(مسألة 17): لو وكل شخصا في ذبح هديه يجزي إخباره بالذبح في منى، و بسائر ما يعتبر فيه (40).

مسألة 18: لو شك في محلّ أنه من منى- فان خرج من مكان إقامته

(مسألة 18): لو شك في محلّ أنه من منى- فان خرج من مكان إقامته فيها- يكون من منى (41)، و أما إن جاء من الخارج و شك في أنه هل وصل إلى منى، فلا يكون منها (42).

مسألة 19: يجب أن يكون الهدي من الأنعام الثلاثة

(مسألة 19): يجب أن يكون الهدي من الأنعام الثلاثة الإبل أو البقر، أو الغنم (43)- و لا يجزي من الإبل إلا ما تمَّ له خمس سنين، و دخل

______________________________

للاعتماد عليه بعد كونها خارجة عن منى و لا فرق بعد الذبح في الخارج بين كونه في مكة أو البلد أو غيرهما.

و الحق أن هذه الفروع غير منقحة في كلماتهم، و ليس في البين إجماع معتبر يمكن الاعتماد عليه.

(40) لأصالة الصحة في فعل المسلم.

(41) للأصل الموضوعي المقتضي لعدم خروجه عنها.

(42) لأن مقتضى الأصل عدم الوصول إليها.

(43) للأدلة الثلاثة: قال اللّه جل جلاله لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللّهِ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ (1).

و قال الصادق عليه السّلام في الصحيح: «إذا رميت الجمرة فاشتر هديك إن كان من البدن، أو البقر و إلّا فاجعله كبشا سمينا» (2)، و تأتي نصوص أخرى في المسائل الآتية الظاهرة في مفروغية الحكم من هذه الجهة.

و أما الإجماع فهو بين المسلمين إن لم يكن من الضروري بينهم.

ص: 257


1- سورة الحج: 35.
2- الوسائل باب: 8 من أبواب الذبح حديث: 4.

في السادسة (44) و من البقر و الغنم ما تمّت له سنة، و دخل في الثانية، و كذا الضأن (45) و في الاكتفاء في الضأن بما تمت له

______________________________

و تقتضيه قاعدة الاشتغال بعد انصراف الإطلاقات إلى الأنعام الثلاثة بل ظهورها فيها عرفا.

(44) نصا، و إجماعا، ففي صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «و أما الإبل فلا يصلح إلّا الثني فما فوق» (1)، و في المرسل: «لا يجزي في الأضحى من البدن إلا الثني، و هو الذي تمَّ له خمس سنين، و دخل في السادسة (2) و هذا التفسير هو المعروف بين أهل اللغة أيضا فالحكم متفق عليه نصا، و فتوى، و لغة.

(45) نصا، و إجماعا، و البحث في هذه المسألة.

تارة: بحسب الإطلاقات.

و أخرى: بحسب الأدلة الخاصة.

و ثالثة: بحسب كلمات الفقهاء.

و رابعة: بحسب كلمات اللغويين.

و خامسة: بحسب الأصل.

أما الأولى: فمقتضى إطلاق الهدي، و الأضحية، و نحوهما الإجزاء بكل ما يسمّى غنما، و معزا، و ضأنا و لو كان لها شهر فضلا عن الزائد عليه.

أما الثانية: ففي صحيح العيص عن الصادق عن أمير المؤمنين عليه السّلام: «إنه كان يقول: الثنية من الإبل، و الثنية من البقر، و الثنية من المعز، و الجذعة من الضأن» (3)، و في صحيح ابن سنان عنه عليه السّلام أيضا: «يجزي من الضأن الجذع، و لا يجزي من المعز إلّا الثني» (4) و نحوهما غيرهما المتفقة على اعتبار الجذع في الضأن، و تسالم الكل عليه أيضا، و في خبر حمران عن الصادق عليه السّلام: «أسنان

ص: 258


1- الوسائل باب: 11 من أبواب الذبح حديث: 5.
2- الوسائل باب: 11 من أبواب الذبح حديث: 11.
3- الوسائل باب: 11 من أبواب الذبح حديث: 1.
4- الوسائل باب: 11 من أبواب الذبح حديث: 2.

.....

______________________________

البقر تبيعها و مسنها في الذبح سواء» (1) و التبيع: ما دخل في الثانية، و المسنة: ما دخل في الثالثة.

اما الثالثة: فنسب إلى المشهور أن الثني من الغنم و البقر ما تمت له سنة و دخل في الثانية، و نسب إليهم أن الجذع أيضا كذلك أي: ما تمت له سنة و دخل في الثانية.

و هذه النسبة في الضأن مخدوشة لكثرة الأقوال فيه، فعن جمع: أنه ما كمل له ستة أشهر، و عن آخرين: أنه ما كمل له سبعة أشهر، و عن بعض: أنه إن كان بين شابين فسبعة و إن كان بين هرمين فثمانية، فكيف تتحقق مع ذلك الشهرة؟! و على فرض تحقق الشهرة فيه و في الثني فلا دليل على اعتبارها و لا شاهد لها، فلا وجه للاعتماد عليها.

أما الرابعة: فعن جمع من اللغويين: (الجذع) ما دخل في السنة الثانية، و عن بعضهم: أن الأجذاع وقت و ليس بسن.

و نعم ما قال في الجواهر بعد نقل أقوال الفقهاء و اللغويين: «و لم نجد ما يشهد لشي ء من ذلك، فإن كان عرف يرجع إليه و إلّا كان الأحوط مراعاة تمام السنة»، و قال في المستند بعد نقل الأقوال: «و حيث لا دليل يمكن التعويل عليه في التعين في المقام فالواجب بمقتضى أصالة الاشتغال الأخذ بالاحتياط و ذبح الأعلى سنا من هذه الأقوال».

أما الأخيرة: فالمسألة من صغريات الأقل و الأكثر و الأول معلوم يقينا و الثاني مشكوك و المرجع فيه البراءة.

إن قلت: إن مراتب السن من المتباينين، مع أن مثل الأجذاع من الصفات و الوقت فيصير من المتباينين، من هذه الجهة أيضا.

قلت: لا ريب في أن مراتب السن من الأقل و الأكثر عرفا، و لغة، و شرعا نعم، إذا لوحظت المراتب بشرط لا تكون من المتباينين حينئذ و لكن لا وجه

ص: 259


1- الوسائل باب: 11 من أبواب الذبح حديث: 7.

ستة أشهر وجه (46).

مسألة 20: يشترط في الأنعام أن تكون صحيحة تامّة

(مسألة 20): يشترط في الأنعام أن تكون صحيحة تامّة فلا يجزي العوراء البيّن عورها، و لا العرجاء البيّن عرجها، و لا المريضة البيّن مرضها، و لا الكبيرة التي لا مخ لها (47)، و لا مكسورة القرن الداخل بما يعتد به، و لا

______________________________

لهذه الملاحظة و مقتضى الأصل عدمها، و كون الأجذاع من الصفات و الوقت على فرض التسليم إنما هو طريق إلى مراتب السن لا أن يكون لها موضوعية خاصة فمقتضى الأصل الاكتفاء بالأقل سنا في الجميع، مع أن الاحتياط بالأكثر معارض بإتلاف المال في هذه الأزمان التي لا اختيار للحاج في ذبيحته و تكون تحت اختيار عمال المذبح.

إلّا أن يقال: إن لنفس كمال الأضحية موضوعية خاصة مع قطع النظر عن صرفها في المصارف الخاصة، و يشهد بذلك الاعتبار أيضا، و ما ورد من أن اللّه تعالى لا يبغض الإسراف في نفقة الحج (1) بناء على شموله لمثل الهدى أيضا.

(46) لما تقدم من الأصل، و طريق الاحتياط واضح. و تقدم في كتاب الزكاة بعض ما ينفع المقام فراجع.

(47) نصا، و إجماعا، ففي صحيح ابن جعفر عن أخيه عليه السّلام: «الرجل يشتري الأضحية عوراء فلا يعلم إلا بعد شرائها هل تجزي عنه؟ قال عليه السّلام: نعم إلا أن يكون هديا واجبا فإنه لا يجوز أن يكون ناقصا» (2) و إطلاقه يشمل جميع أقسام النقص إلا ما استثني، و يشهد لذلك الاعتبار أيضا، لأن ما يهديه شخص لعظيم من العظماء إن كان ناقصا يلام على إهدائه مع القدرة على التام، و في خبر براء بن عازب- المنجبر بالعمل المؤيد في الجملة بما يأتي من خبر السكوني- قال: «قام فينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خطيبا فقال: أربع لا تجوز في الأضحى: العوراء

ص: 260


1- الوسائل باب: 55 من أبواب وجوب الحج و شرائطه، و باب: 35 من أبواب السفر إلى الحج.
2- الوسائل باب: 21 من أبواب الذبح حديث: 1.

مقطوعة الاذن أو بعضها، أو غيرها من الأعضاء (48)، و المرجع في جميع هذه النواقص هو المتعارف عند الناس (49).

مسألة 21: يعتبر أن لا يكون مهزولا

(مسألة 21): يعتبر أن لا يكون مهزولا (50) و لو اشتراها سمينة فبانت

______________________________

البين عورها، و المريضة البين مرضها، و العرجاء البين عرجها، و الكبيرة التي لا تنقى»(1)، و فسفر قوله صلّى اللّه عليه و آله: «لا تنقى» بما لا مخ لها و الظاهر أن تقييد هذه العيوب بقوله صلّى اللّه عليه و آله: «البيّن» إنما هو من باب ذكر طريق إحراز العيب، لأن عيوب الحيوان غالبا لا تعرف إلا بظهورها خارجا خصوصا بالنسبة إلى الأزمنة القديمة فلا موضوعية لها بالخصوص فإذا حكم أهل الخبرة بوجود العيب فيه لا يجزي أيضا، و في خبر السكوني عن جعفر عليه السّلام عن أبيه عليه السّلام قال: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

لا يضحى بالعرجاء بيّن عرجها، و لا بالعوراء بيّن عورها، و لا بالعجفاء، و لا بالخرفاء، و لا بالجذعاء و لا بالعضباء». (2) العجفاء: المهزولة، و الجرباء: ما يكون أجربا و الجذعاء: مقطوعة الأنف أو الاذن، و العضباء: المكسورة القرن الداخل، أو مشقوقة الاذن.

(48) لأن ذلك كله نقص، و تقدم اعتبار عدم النقص في صحيح ابن جعفر، مضافا إلى ما مرّ في خبر السكوني.

(49) لتنزل جميع الأدلة على العرف إلا إذا ورد تحديد من الشرع و لم يرد تحديد في المقام، و ما تقدم من قوله صلّى اللّه عليه و آله: «البيّن ..» من طرق الإحراز لا أن يكون له موضوعية خاصة.

(50) إجماعا، و نصوصا، منها صحيح العيص عن الصادق عليه السّلام: «و إن اشتريته مهزولا فوجدته سمينا أجزأك و إن اشتريته مهزولا فوجدته مهزولا فلا

ص: 261


1- راجع سنن ابن ماجه باب: 8 من كتاب الأضاحي حديث: 3144 و فيه: «الكسير التي لا تنقى» مع اختلاف في كيفية النقل.
2- الوسائل باب: 21 من أبواب الذبح حديث: 3.

مهزولة أجزأت (51)، و كذا لو اشتراها مهزولة فبانت سمينة (52)، و كذا لو اشتراها على أنها سمينة فخرجت مهزولة بعد الذبح (53)، و لو اشتراها

______________________________

يجزي» (1)، و عنه عليه السّلام أيضا في صحيح الحلبي: «إذا اشترى الرجل البدنة مهزولة فوجدها سمينة فقد أجزأت عنه، و إن اشتراها مهزولة فوجدها مهزولة فإنها لا تجزي عنه» (2)، فهذه النصوص ظاهرة في الهدي بقرينة الإجماع و الإجزاء و عدمه و إن أمكن حملها على مراتب الفضل.

(51) نصا و إجماعا بلا إشكال فيه من أحد.

(52) لما في صحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام: «و إن نواها مهزولة فخرجت سمينة أجزأت عنه» (3)، و في خبر منصور عن الصادق عليه السّلام أيضا:

«و من اشترى هديا و هو يرى أنه مهزول فوجده سمينا أجزأ عنه»(4)، و لم يخالف فيه إلّا العماني و هو من الاجتهاد في مقابل النص.

(53) لصحيح ابن مسلم- أيضا- عن أحدهما عليهما السّلام: «إن اشترى أضحية و هو ينوي أنها سمينة فخرجت مهزولة أجزأت (5)، و لا بد من تقييده بما بعد الذبح لأنه المنساق من الحديث. و صريح بعض الكلمات ذلك أيضا، و يشهد للإجزاء قاعدة نفي الحرج بعد فرض أنه تفحص و امتثل تكليفه الظاهري بعد الفحص.

و لو ظهر الهزال قبل الذبح لم يجز للأصل، و إطلاق عدم الإجزاء في خبر منصور- المتقدم- عن الصادق عليه السّلام: «و إن اشترى الرجل هديا و هو يرى أنه سمين أجزأ عنه و إن لم يجده سمينا، و من اشترى هديا و هو يرى أنه مهزول فوجده سمينا أجزأ عنه، و إن اشتراه و هو يعلم أنه مهزول لم يجز عنه» (6) فما عن بعض من الإجزاء في هذه الصورة أيضا تمسكا ببعض الإطلاقات لا وجه له.

ص: 262


1- الوسائل باب: 16 من أبواب الذبح حديث: 6.
2- الوسائل باب: 16 من أبواب الذبح حديث: 5.
3- الوسائل باب: 16 من أبواب الذبح حديث: 1.
4- الوسائل باب: 16 من أبواب الذبح حديث: و 2.
5- الوسائل باب: 16 من أبواب الذبح حديث: 1.
6- الوسائل باب: 16 من أبواب الذبح حديث: 2.

على أنها مهزولة فبانت مهزولة لم يجز (54).

مسألة 22: المرجع في الهزال هو العرف

(مسألة 22): المرجع في الهزال هو العرف، و من طرق إحرازه ما إذا لم يوجد على كليته شحم (55) و الأحوط مراعاته و إن لم يصدق عليه الهزال عرفا (56).

مسألة 23: لو اشترى على أنه تام فبان ناقصا لا يجزي مطلقا

(مسألة 23): لو اشترى على أنه تام فبان ناقصا لا يجزي مطلقا (57).

______________________________

(54) لقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «صدقة رغيف خير من نسك مهزولة» (1)، و قول الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «و إن اشتراها مهزولة فوجدها مهزولة فإنها لا تجزي عنه» (2).

(55) لأن الهزال من الموضوعات العرفية المتعارفة، و كذا السمن فلا بد فيها من الرجوع إلى المتعارف، و روى عن الصادق عليه السّلام: «إنّ حدّ الهزال إذا لم يكن على كليته شي ء من الشحم» (3) و لكن الخبر قاصر سندا و إن عمل به جمع.

(56) جمودا على الخبر، و خروجا عن خلاف من عمل به.

(57) للأصل، و الإطلاق الدال على عدم الاجتزاء بالناقص. و أما قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في الصحيح: «من اشترى هديا و لم يعلم أن به عيبا حتى نقد ثمنه ثمَّ علم فقد تمَّ» (4)، و صحيح ابن عمار عن الصادق عليه السّلام أيضا: «في رجل يشتري هديا فكان به عيب عور أو غيره فقال عليه السّلام: «إن كان نقد ثمنه فقد أجزأ عنه، و إن لم يكن نقد ثمنه رده و اشترى غيره» (5) فأسقطهما عن الاعتبار عدم عمل المشهور بهما مع ثبوت خيار العيب له في الأول، و عدم الإقدام على اشتراء المعيوب للهدي نوعا إن أخذ بإطلاق الثاني و لا أثر لنقد الثمن و عدمه إلا إذا كان شخص بانيا عليه من أول الاشتراء، لكونه أقل قيمة ص: 263


1- الوسائل باب: 16 من أبواب الذبح حديث: 4.
2- الوسائل باب: 16 من أبواب الذبح حديث: 5.
3- الوسائل باب: 16 من أبواب الذبح حديث: 7.
4- الوسائل باب: 24 من أبواب الذبح حديث: 3.
5- الوسائل باب: 24 من أبواب الذبح حديث: 1.
مسألة 24: لا يجزي مقطوع الخصية

(مسألة 24): لا يجزي مقطوع الخصية (58)، و لا بأس بمرضوضها حتى تفسد (59).

مسألة 25: لا فرق في عدم إجزاء الناقص بين حال الاختيار و غيره

(مسألة 25): لا فرق في عدم إجزاء الناقص بين حال الاختيار و غيره، فلو لم يوجد إلّا فاقد الصفات ينتقل إلى الصوم (60) و إن كان الجمع

______________________________

وجه للإجزاء مطلقا.

(58) نصا، و إجماعا، فعن مولانا الرضا عليه السّلام: «و لا يجوز أن يضحّى بالخصي لأنه ناقص (1)»، و في صيح ابن مسلم عن أحدهما عليهم السّلام: «أنه سئل عن الأضحية فقال عليه السّلام: أقرن فحل- إلى أن قال- و سألته أ يضحى بالخصي؟ فقال:

لا» (2)، و في صحيح ابن الحجاج قال: «سألت أبا إبراهيم عليه السّلام عن الرجل يشتري الهدي، فلمّا ذبحه إذا هو خصي مجبوب، و لم يكن يعلم أن الخصي لا يجزي في الهدي، هل يجزيه أم يعيده؟ قال عليه السّلام لا يجزيه إلّا أن يكون لا قوّة به عليه» (3) الى غير ذلك من الروايات.

(59) للإطلاق بعد عدم كونه نقصا، و في صحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام «الفحل من الضأن خير من الموجوء، و الموجوء خير من النعجة، و النعجة خير من المعز» (4).

(60) لظهور الأدلة في أن الشرائط شرائط واقعية لا فرق فيها بين حالة الاختيار و الاضطرار إلا مع الدليل على الخلاف و هو مفقود. و أما قوله تعالى:

فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (5) فالمراد به الأنواع أي: الإبل، أو البقر، أو الغنم لا كل ما أمكن و لو كان ناقصا، و كذا صحيحتي ابن عمار المشتملة إحداهما على

ص: 264


1- الوسائل باب: 12 من أبواب الذبح حديث: 10.
2- الوسائل باب: 12 من أبواب الذبح حديث: 1.
3- الوسائل باب: 12 من أبواب الذبح حديث: 3.
4- الوسائل باب: 14 من أبواب الذبح حديث: 1.
5- سورة البقرة: 196.

أحوط (61)، و كذا لو لم يوجد إلّا الخصي ينتقل إلى البدل (62) و لكن لا ينبغي ترك الاحتياط بالجمع (63).

______________________________

قوله عليه السّلام: «فإن لم تجد فما استيسر من الهدي»(1)، و الأخرى على قوله عليه السّلام:

«فان لم تجد فما تيسر عليك، و عظم شعائر اللّه عز و جل» (2) المراد بهما بيان الأفضل فالأفضل في مقام التيسير لا الاكتفاء بالناقص.

(61) خروجا عن خلاف من جزم بإجزاء الناقص عند عدم القدرة على الكامل، و جمودا على ما يحتمل من الصحيحين.

(62) نسب إلى المشهور، لإطلاق ما دل على عدم إجزاء الناقص، و إطلاق ما تقدم في خصوص الخصي من صحيح ابن مسلم- المتقدم- و غيره.

و عن جمع منهم الشيخ: الإجزاء عند تعذر غيره، لإطلاق الآية المباركة:

«فما استيسر من الهدي»، و ما تقدم من صحيحي ابن عمار، و ذيل ما تقدم من صحيح ابن الحجاج من قوله عليه السّلام: «إلا أن يكون لا قوة به عليه»، و خبر أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «فالخصي يضحي به؟ قال عليه السّلام: لا إلا أن لا يكون غيره» (3).

و حمل الأخير على التضحية المندوبة، و تقدم ما في صحيحي ابن عمار.

و أما ذيل صحيح ابن الحجاج فحيث أنه علّق الحكم فيه على عدم القدرة على غيره فيكون إجزاء الناقص دائرا مدار عدم القدرة على التام و هذا مخالف للمشهور، و إطلاق أدلة بدلية الصوم حينئذ إلّا أن يعمل به في خصوص مورده.

(63) جمودا على ذيل صحيح ابن الحجاج، و خروجا عن خلاف من ذهب إلى وجوب ذبحه حينئذ كالشيخ، و من تبعه من المتقدمين، و بعض متأخري المتأخرين.

ص: 265


1- الوسائل باب: 12 من أبواب الذبح حديث: 7.
2- الوسائل باب: 8 من أبواب الذبح حديث: 4.
3- الوسائل باب: 12 من أبواب الذبح حديث: 8.
مسألة 26: لا بأس بمشقوق الاذن و مثقوبها إن لم ينقص منها شي ء

(مسألة 26): لا بأس بمشقوق الاذن و مثقوبها إن لم ينقص منها شي ء، كما لا بأس بمكسور القرن الخارج، و لا الجماء الّتي لم يخلق لها قرن، و الفاقد للذّنب كذلك (64).

______________________________

فائدة: حمل قوله تعالى فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (1)، و قول أبي عبد اللّه عليه السّلام: «فإن لم تجد فما استيسر عليك» (2)، و قوله عليه السّلام الآخر: «فان لم تجد فما استيسر من الهدي» (3) على أنواع الهدي و الأفضل فالأفضل و إن كان صحيحا، و لكن حيث ورد ذلك كله في مقام الرأفة و الامتنان يكون الحمل على إجزاء الناقص عند عدم التمكن إلا منه صحيحا أيضا، فيما لم يرد دليل على الخلاف، إلّا أن الظاهر تسالمهم على عدم العمل بهذا الإطلاق، مع أن إهداء الشي ء الناقص إلى العظيم من كل حيثية وجهه مما يستنكره العقل السليم- و إن كان ليس من عادة عظيم العظماء المداقّة في الهدايا و العطايا، بل ما رأينا منه إلا خلاف ذلك، و في جملة من الدعوات: «يا من يقبل اليسير و يعفو عن الكثير»، و كذا قوله: «خيرك إلينا نازل و شرنا إليك صاعد»- و على أي تقدير فما هو المشهور من عدم الإجزاء في كل ناقص هو المتعين.

(64) كل ذلك للإطلاق، و الاتفاق، و نصوص خاصّة بعد عدم صدق النقص على ذلك كله، و في خبر ابن أبي نصر عن أحدهما عليهم السّلام: «سئل عن الأضاحي إذا كانت الاذن مشقوقة أو مثقوبة بسمة فقال عليه السّلام: ما لم يكن منها مقطوعا فلا بأس» (4).

و أما ما في خبر الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «و إن كان شقا فلا يصلح» (5)

ص: 266


1- سورة البقرة: 196.
2- تقدمتا في صفحة: 267.
3- تقدمتا في صفحة: 267.
4- الوسائل باب: 23 من أبواب الذبح حديث: 1.
5- الوسائل باب: 23 من أبواب الذبح حديث: 2.

لكن الأولى اجتناب ذلك كله (65).

______________________________

فلا بد من حمله على ما إذا كان الشق موجبا للنقص، و نحوه النبوي: «أنه نهى أن يضحّى باعضب الاذن و القرن» (1). و في صحيح جميل عنه عليه السّلام أيضا أنه قال:

«في المقطوع القرن أو المكسور القرن إذا كان القرن الداخل صحيحا فلا بأس و إن كان القرن الظاهر الخارج مقطوعا» (2). و قال في المدارك: «قد قطع الأصحاب بإجزاء الجمّاء و هي التي لم تخلق لها قرن، و الصماء و هي فاقدة الاذن خلقة، للأصل، و لأن فقد هذه الأعضاء لا يوجب نقصا في قيمة الشاة و لا في لحمها».

أقول: هو حسن بالنسبة إلى الجماء، إذ الظاهر تعارفه و عدم عده نقصا عند العرف و إن كان في تعليله ما لا يخفى.

و أما الفاقدة الاذن خلقة، فيمكن أن يكون نقصا خصوصا بعد قول أمير المؤمنين عليه السّلام: «فاذا سلمت الاذن و العين سلمت الأضحية و تمت و إن كانت عضباء تجر رجلها إلى المنسك» (3). إلا أن يقال: أنه في مقام بيان النواقص الطارئة و الأضحية المندوبة لا الخلقية و الهدي الواجب.

و أما البتراء: فإن كانت من النوع الذي ليس لها ذنب أصلا فالظاهر الإجزاء، و إنّ كانت مما لها ذنب و اتفق عدمه خلقة فيشكل الإجزاء إن لم يكن إجماع، و يظهر من الكلمات عدم تحققه، و يمكن أن يجمع بين الكلمات بذلك.

(65) لرواية ابن هاني عن علي عليه السّلام قال: «أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في الأضاحي أن نستشرف العين و الاذن، و نهانا عن الخرقاء و الشرقاء و المقابلة و المدابرة» (4) قال الصدوق في معاني الأخبار: «الخرقاء: أن يكون في الاذن ثقب

ص: 267


1- سنن ابن ماجه كتاب الأضاحي باب: 8 حديث: 3145.
2- الوسائل باب: 22 من أبواب الذبح حديث: 3.
3- الوسائل باب: 21 من أبواب الذبح حديث: 6.
4- الوسائل باب: 21 من أبواب الذبح حديث: 2.
مسألة 27: لو اشترى الهدي صحيحا تاما

(مسألة 27): لو اشترى الهدي صحيحا تاما، فعرض له نقص قبل الذبح فذبحه ناقصا لا يجزي (66).

______________________________

مستدير، و الشرقاء: المشقوقة الاذن باثنين حتى ينفذ إلى الطرف، و المقابلة: أن يقطع في مقدّم أذنها شي ء، ثمَّ يترك ذلك معلقا لا تبين كأنه زغبة، و المدايرة: أن يفعل مثل ذلك بمؤخر أذن الشاة» (1)، و في كشف اللثام: «إنه موافق لكتب اللغة».

أقول: هذا بناء على ضبط الكلمة- (بالقاف)- (شرقاء) و هو شق الاذن باثنين كما في النهاية أيضا.

و كذا لا يصح لو كان الهدي مقطوع الأنف، و هو المعبر عنه في اللغة: ب (الشرقاء)، كما في مجمع البحرين و غيره، و كذا لا يترك الاحتياط في فاقدة الاذن، و في فاقدة الذنب على ما مر.

(66) لإطلاق ما دل على عدم إجزاء الناقص، و خصوص صحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهم السّلام قال: «سألته عن الهدي الذي يقلّد، أو يشعر ثمَّ يعطب قال عليه السّلام: إن كان تطوعا فليس عليه غيره، و إن كان جزاء، أو نذرا فعليه بدله» (2)، و في صحيح ابن عمار عن الصادق عليه السّلام: قال: «سألته عن رجل أهدى هديا فانكسرت، فقال: إن كانت مضمونة فعليه مكانها و المضمون ما كان نذرا أو جزاء أو يمينا» (3).

و ما ظاهره الخلاف كصحيح ابن عمار عن الصادق عليه السّلام قال: «سألته عن رجل أهدى هديا و هو سمين فأصابه مرض و انفقأت عينه فانكسر، فبلغ المنحر و هو حي قال عليه السّلام: يذبحه و قد أجزأ عنه» (4) و غيره من الأخبار لا بد من حمله على المندوب أو طرحه.

ص: 268


1- الوسائل باب: 21 من أبواب الذبح حديث: 4.
2- الوسائل باب: 25 من أبواب الذبح حديث: 1.
3- الوسائل باب: 25 من أبواب الذبح حديث: 2.
4- الوسائل باب: 26 من أبواب الذبح حديث: 1 و غيره.
مسألة 28: الظاهر كفاية إباحة التصرف في الهدي

(مسألة 28): الظاهر كفاية إباحة التصرف في الهدي، فلا تعتبر الملكية فيه (67).

مسألة 29: يستحب في الهدي أمور

(مسألة 29): يستحب في الهدي أمور:

الأول: أن يكون سمينا (68).

الثاني: أنه إن كان كبشا يستحب أن يكون أسود، أملحا، أقرنا، عظيما (69).

الثالث: أن يكون مما عرّف به أي: أحضره معه

______________________________

(67) للإطلاقات و العمومات، كما أنه تجري الفضولية فيه مع تحقق قصد القربة حين الذبح، و لكن الأحوط خلافه.

(68) نصا، و إجماعا، قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في صحيح الحلبي: «تكون ضحاياكم سمانا، فإنّ أبا جعفر عليه السّلام كان يستحب أن تكون أضحية سمينة» (1) و غير ذلك من الروايات، و يشهد إطلاق قوله عليه السّلام: «و عظّم شعائر اللّه» (2)، و في المرسل أن النبي صلّى اللّه عليه و آله: «ضحّى بكبش أملح» (3) و المراد به ما فيه سواد و بياض، و البياض أغلب.

(69) لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام: «ضحّ بكبش أسود، أقرن، فحل، فإن لم تجد أسود فأقرن فحل يأكل في سواد، و يشرب في سواد، و ينظر في سواد» (4)، و عن أحدهما عليهم السّلام في صحيح ابن مسلم: «أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يضحّي بكبش أقرن عظيم فحل يأكل في سواد، و ينظر في سواد، فإن لم تجدوا من ذلك شيئا فاللّه أولى بالعذر»، و في صحيح ابن مسلم قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام أين أراد

ص: 269


1- الوسائل باب: 13 من أبواب الذبح حديث: 3 و غيره.
2- الوسائل باب: 8 من أبواب الذبح حديث: 4.
3- الوسائل باب: 13 من أبواب الذبح حديث: 5.
4- الوسائل باب: 13 من أبواب الذبح حديث: 2.

بعرفات (70) و يصح الاكتفاء فيه بإخبار البائع (71).

الرابع: أن يكون أنثى من الإبل و البقر، و ذكرا من الغنم (72)، و الضأن

______________________________

إبراهيم عليه السّلام أن يذبح ابنه؟ قال عليه السّلام: على الجمرة الوسطى، و سأله عن كبش إبراهيم عليه السّلام ما كان لونه و أين نزل؟ قال عليه السّلام: أملح، و كان أقرن، و نزل من السماء على الجبل الأيمن من مسجد منى، و كان يمشي في سواد، و يأكل في سواد، و ينظر و يبعر و يبول في سواد» (1) و المراد بقولهم عليهم السّلام، يأكل في سواد: الكناية عن السمن و الاستفراه.

(70) لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في خبر أبي بصير: «لا يضحي إلا بما قد عرف به» (2) المحمول على الندب جمعا، و إجماعا، و في خبر ابن يسار قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عمن اشترى شاة لم يعرّف بها، قال عليه السّلام لا بأس بها عرف أم لم يعرّف» (3)

(71) لصحيح سعيد قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنا نشتري الغنم بمنى و لسنا ندري عرّف بها أم لا؟ فقال عليه السّلام: إنهم لا يكذبون لا عليك ضحّي بها» (4).

و يكفي فيه المسمى.

و عن المفيد رحمه اللّه ذكر عشيّة عرفة و لا بد من حمله على الأفضلية، لأنها أفضل الأوقات و الحالات في أفضل الأمكنة.

(72) لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «أفضل البدن ذوات الأرحام من الإبل و البقر- و قد تجزي الذكورة من البدن- و الضحايا من الغنم الفحولة» (5) و نحوه غيره.

ص: 270


1- الوسائل باب: 13 من أبواب الذبح حديث: 6.
2- الوسائل باب: 17 من أبواب الذبح حديث: 2.
3- الوسائل باب: 17 من أبواب الذبح حديث: 4.
4- الوسائل باب: 17 من أبواب الذبح حديث: 3.
5- الوسائل باب: 9 من أبواب الذبح حديث: 1.

مقدّم على المعز (73).

الخامس: أن ينحر الإبل قائمة قد ربطت يديها بين الخف و الركبة و يطعنها من الجانب الأيمن (74) و أن يدعو بالمأثور (75).

______________________________

(73) أرسل ذلك في الاقتصاد إرسال المسلمات قال: «إن من شرط الهدي إن كان من البدن أو البقر أن يكون أنثى، و إن كان من الغنم أن يكون فحلا من الضأن فإن لم يجد الضأن جاز التيس من المعز و (التيس): هو الذكر من المعز» و مثله يصلح للاستحباب و إن لم يصلح للإيجاب.

(74) لصحيح ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عز و جل:

فَاذْكُرُوا اسْمَ اللّهِ عَلَيْها صَوافَّ قال: ذلك حين تصف للنحر يربط يديها ما بين الخف إلى الركبة» (1)، و في صحيح الكناني قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام كيف تنحر البدنة؟ فقال عليه السّلام تنحر و هي قائمة من قبل اليمين» (2)، و عن أبي خديجة:

«رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام و هو ينحر بدنته معقولة يدها اليسرى، ثمَّ يقوم به من جانب يدها اليمنى و يقول: «بسم اللّه و اللّه أكبر، اللّهم هذا منك و لك اللّهم تقبل مني» ثمَّ يطعن في لبتها ثمَّ يخرج السكين بيده فإذا وجبت قطع موضع الذبح بيده» (3).

(75) لقول الصادق عليه السّلام في الصحيح: «إذا اشتريت هديك فاستقبل به القبلة و انحره أو اذبحه و قل: «وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ حَنِيفاً مسلما وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِنَّ صَلاتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيايَ وَ مَماتِي لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، لا شَرِيكَ لَهُ وَ بِذلِكَ أُمِرْتُ و أنا من المسلمين اللّهم منك و لك، بسم اللّه و باللّه و اللّه أكبر اللّهم تقبل مني» ثمَّ أمرّ السكين و لا تنخعها حتى تموت» (4)،

ص: 271


1- الوسائل باب: 32 من أبواب الذبح حديث: 1.
2- الوسائل باب: 32 من أبواب الذبح حديث: 2.
3- الوسائل باب: 32 من أبواب الذبح حديث: 3.
4- الوسائل باب: 37 من أبواب الذبح حديث: 1.

السادس: أن يتولى الناسك الذبح بيده (76)، فإن لم يحسنه وضع السكين بيده و وضع الذابح يده على يده و ذبح بها (77) فإن لم يتيسّر ذلك، فليشهد ذبح هديه (78).

مسألة 30: يستحب أكله من هديه

(مسألة 30): يستحب أكله من هديه (79).

______________________________

و قريب منه مرسل الصدوق.

(76) للتأسّي، و لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح الحلبي: «فإن كانت امرأة فلتذبح لنفسها و لتستقبل القبلة» (1)المحمول على الندب إجماعا.

(77) لقول الصادق عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «كان علي بن الحسين يجعل السكين في يد الصبي ثمَّ يقبض الرجل على يد الصبي فيذبح» (2) المحمول على الندب.

(78) لقول النبي صلّى اللّه عليه و آله لفاطمة عليها السّلام: اشهدي ذبح ذبيحتك فإن أول قطرة منها يغفر اللّه بها كل ذنب عليك و كل خطيئة عليك- إلى ان قال- و هذا للمسلمين عامة» (3).

(79) البحث في هذه المسألة.

تارة: بحسب الأصل.

و اخرى: بحسب الأدلة.

و ثالثة: بحسب كلمات الأجلّة.

أما الأولى: فمقتضى أصالة البراءة عدم وجوب شي ء عليه لا الأكل و لا الإهداء، و لا الصدقة بل يفعل بهديه كل ما شاء و أراد، لقاعدة السلطنة، و أصالة بقاء ملكه عليه.

أما الثانية: فالأصل في المقام قول اللّه جل جلاله:

ص: 272


1- الوسائل باب: 36 من أبواب الذبح حديث: 1.
2- الوسائل باب: 36 من أبواب الذبح حديث: 5.
3- الوسائل باب: 36 من أبواب الذبح حديث: 4.

.....

______________________________

فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ (1)، و قوله تعالى فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا الْقانِعَ وَ الْمُعْتَرَّ (2) و ربما يقال: بظهورهما في الوجوب.

و فيه. أولا: ما ادعى من ورودهما مورد توهم الحظر، فلا يستفاد منها الوجوب حيث أن أهل الجاهلية كانوا يتنزهون عن الأكل، لأنها صدقة فيكون مفادهما حينئذ لا بأس بالأكل منها و لا وجه للتنزه عن الأكل، لأنها هدية إلى اللّه تعالى لا أن تكون صدقة.

و ثانيا: أنهما لبيان كيفية التقسيم و ليس في مقام إيجاب حكم، و يشهد له الاختلاف في التعبير في قوله تعالى وَ أَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ تارة و الْقانِعَ وَ الْمُعْتَرَّ و أخرى فإنه يناسب مطلق الرجحان لا الإيجاب.

و ثالثا: إنها إرشاد إلى ما هو السيرة المألوفة في الضحايا من إمساك بعضها و الإهداء ببعض، و الصدقة بالبعض الآخر.

و رابعا: أن سياق الآيتين سياق الترغيب إلى الآداب و الخيرات كما لا يخفى على من راجع تمامهما، و كذا الأخبار الواردة في تفسيرهما، فاستفادة الوجوب منهما في المقام مشكلة جدا، و يشهد له أيضا أنه لو كان ذلك واجبا لصار معروفا عند الناس و لما احتاج الرواة إلى السؤال عن الصادق عليه السّلام كما يأتي في الأخبار.

أما الروايات: فمنها صحيح سيف التمار- الوارد في هدي السياق- قال:

«قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إن سعيد بن عبد الملك قدم حاجا فلقي أبي فقال: إن سقت هديا فكيف أصنع؟ فقال له أبي: أطعم أهلك ثلثا، و أطعم القانع و المعتر ثلثا، و أطعم المساكين ثلثا» (3)، و في خبر العقرقوفي قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

سقف في العمرة بدنة فأين أنحرها؟ قال عليه السّلام: بمكة: قلت أي شي ء أعطي منها؟

ص: 273


1- سورة الحج: 28- 36.
2- سورة الحج: 28- 36.
3- الوسائل باب: 40 من أبواب الذبح حديث: 3.

بل هو الأحوط (80)، و صرف الباقي في الإهداء

______________________________

قال عليه السّلام كل ثلثا، و تصدق بثلث» (1)، و في صحيح سيف أسقط ثلث الإهداء إلّا أن يراد بقوله تعالى وَ أَطْعِمُوا الْقانِعَ وَ الْمُعْتَرَّ الإهداء و هو ينافي تسالمهم على عدم اعتبار الفقر في الإهداء و هذا الاختلاف أيضا من شواهد عدم الوجوب.

و أما الأخبار الدالة على أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أمر حين نحر أن يؤخذ من كل بدنة حذوة من لحمها ثمَّ تطرح في برمة ثمَّ تطبخ، و أكل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و علي عليه السّلام منها و حسيا من مرقها، كما في صحيح ابن عمار (2) و مرسل الصدوق (3) فهي حكاية فعل لا يستفاد منه الوجوب و لفظ الأمر أعم منه، مع أنها لا تدل على التثليث و ليس فيها ذكر من القسمين الأخيرين، مع أنها في هدي السياق، فاستفادة أصل التثليث من مجموع الأدلة في هدي التمتع مشكل بل ممنوع.

مع أنه لم يذكر الإهداء في الآية إلّا أن يدخل في قسم الأكل و هو تكلف، و استفادة وجوب أكل الثلث منها أشكل، بل ممنوع أيضا خصوصا بالنسبة إلى الأزمنة القديمة التي لم تكن عندهم وسائل لحفظ اللحم.

فتلخص من جميع ما مر: أن المرجع هو الأصل بعد عدم استفادة وجوب الأكل من هذه الأدلة.

و أما كلمات الفقهاء فلا إجماع في البين- لا منقولا، و لا محصلا- على وجوبه، نعم اختاره جمع منهم المحقق في الشرائع، و مستندهم ما تقدم من الأدلة مع المناقشة فيها فلا معدل عن أصالة عدم الوجوب مع ملاحظة الكلمات أيضا. نعم لا ريب في الاستحباب لعدم قصور الأدلة المزبورة عن إثباته بعد البناء على المسامحة فيه.

(80) خروجا عن خلاف من أوجبه.

ص: 274


1- الوسائل باب: 40 من أبواب الذبح حديث: 18.
2- الوسائل باب: 40 من أبواب الذبح حديث: 11.
3- الوسائل باب: 40 من أبواب الذبح حديث: 21.

و الصدقة (81) و الأفضل مراعاة التثليث بين

______________________________

(81) الكلام في الإهداء و الصدقة عين الكلام في الأكل من حيث الأصل، و الأدلة، و الكلمات قال المحقق الأردبيلي في شرح الإرشاد: «المشهور بين المتأخرين وجوب القسمة أثلاثا، و وجوب ما يصدق عليه الأكل من الثلث، و وجوب التصدق بالثلث على الفقير المؤمن المستحق للزكاة، و الهدية بالثلث الآخر إلى المؤمن- ثمَّ قال- و استفادة ذلك كله من الدليل مشكل».

أقول: أصل النسبة في جميع ما قاله إلى المشهور أشكل، كما لا يخفى على من راجع الكلمات، و عدم تعرضهم لهذه المسألة من جميع الجهات، و عدم ذكر لها في ما وصل إلينا عن هدي النبي صلّى اللّه عليه و آله الذي هو المؤسس لهذه القوانين، و لا عن أوصيائه المعصومين عليهم السّلام إلا ما ورد في هدي السياق و الأضحية المندوبة (1) مع أن الحكم عام البلوى لجميع الأمة و ليس لهم حق الإهمال و الإجمال في مثله، و ليس هذا الحكم بخصوصه مورد التقية حتى يتطرق إليه الإجمال من هذه الجهة.

و خلاصة ما ينبغي أن يقال في المقام: إن الضحايا بين المسلمين بل الناس كلهم لا يترتب عليها حكم الصدقة المحضة بحيث تتأبى بعض النفوس عن أكلها و قد جرت العادة بينهم على أنهم يأكلون منها و يهدون منها إلى الأهل و الجيران و يتصدقون ببعضها أيضا، و ليست هذه العادة على نحو اللزوم بحيث لو لم يتصدق يستنكر ذلك منه، بل هي من العادات المجاملية الجارية بينهم و لا يلتزمون أن يكون بنحو التثليث، بل يكتفون بنحو صرف الوجود في الجملة و هذه العادة متبعة ما لم يرد ردع عنها من الشرع و لم يثبت ذلك بل الأدلة الواردة في المقام على فرض تماميتها مقررة لها، فيكون جميع ذلك من المجاملات

ص: 275


1- الوسائل باب: 2 من أبواب أقسام الحج حديث: 4 و 14 و 25، و باب: 10 من أبواب الذبح حديث: 6.

الثلاثة (82)، و الأحوط عدم قصور الهدية و الصدقة عن الثلث (83)، بخلاف الأكل، فإنه يكفي المسمى، (84) و يفعل بالبقية ما شاء (85)، و لو أخل بالأكل رأسا، فلا شي ء عليه (86)، و كذا لو أخل بثلثي الهدية،

______________________________

المندوبة، كما عن جمع من الفقهاء»، و نسب في الدروس استحباب أصل الصرف في الثلاثة إلى الأصحاب بعد أن اختار هو الوجوب و تبعه غيره.

(82) قال في الجواهر و يعم ما قال: فلا ريب في استحباب التثليث المزبور في هدي التمتع فإن النصوص و إن لم تنص عليه بخصوصه إلا أنه مع إمكان شمول خبر الأضاحي قد يقال بأن المراد منها بيان الكيفية التي لا فرق فيها بين الواجب و المندوب- و قال رحمه اللّه- و أما القسمة أثلاثا فلم أعرف قولا بوجوبها».

(83) خروجا عن خلاف من أوجبه، كالشهيدين في اللمعة، و الروضة و غيرهما، بل نسب إلى المشهور بين المتأخرين كما مر و لكن لا دليل لهم كما اعترف به جمع.

(84) لاكتفاء النبي صلّى اللّه عليه و آله و علي عليه السّلام بذلك (1)، و تعذر أكل الثلث خصوصا إن كان الهدي من الإبل أو البقر، أو كان متعددا و لو من الغنم، بل يظهر منهم الاتفاق على كفاية المسمى في الأكل، و تقتضيه الإطلاقات بعد قصور أدلة التثليث عن تقييدها بالثلث.

(85) لأصالة بقاء ملكه عليها و هو مسلط على ماله يفعل به ما يشاء.

(86) للأصل، و الإطلاقات، و لأنه لا معنى لضمان شخص لمال نفسه، نعم عليه الإثم لو كان الأكل واجبا و تركه اختيارا هذا. و يمكن فرض الضمان هنا بمعنى وجوب البدل مع الإمكان، و لكن ظاهرهم عدم القول به، فيكون وجوب الأكل على فرض ثبوته تكليفا محضا متعلقا بما قصد كونه هديا من غير أن

ص: 276


1- الوسائل باب: 40 من أبواب الذبح حديث: 2.

و الصدقة (87)،

______________________________

يتعقب حقا أو ضمانا.

(87) لأن مقتضى الأصل، و الإطلاقات، و ظاهر الكلمات كون الهدي واجبا نفسيا مستقلا لا أن يكون أصل وجوب الهدي مشروطا بالهدية و الصدقة حتى لا يسقط التكليف به إلا بهما. نعم هما واجبان مستقلان على فرض ثبوت وجوبهما، فالتكليف بالهدي يسقط بمجرد الذبح.

و بعبارة أخرى: الهدية و الصدقة مع الذبح من تعدد المطلوب لا من وحدته، و حينئذ فإن كانا من الحق المتعلق بالعين بعد الذبح أو قبله و بعد تعيينه له لا إشكال في الضمان، لقاعدة ضمان الحقوق المالية المتعلقة بالعين إلّا ما خرج بالدليل، و إن لم يكن كذلك بل كانا من مجرد الحكم التكليفي المحض- كنفقة الأقارب- فلا وجه للضمان.

و كذا لو شككنا في أنهما من أي القسمين، لأصالتي عدم ثبوت الحق، و البراءة عن الضمان، و مقتضى الأصل و الإطلاق كون الهدية و الصدقة حكما تكليفيا محضا، فأصل وجوب الهدي كان ذميا و سقط بالذبح، و وجوب الهدية و الصدقة على فرضه كان كذلك و يسقط و لو بالإتلاف اختيارا، كما إذا أتلف شخص ماله اختيارا فتسقط نفقة الأقارب لا محالة و إن أثم من حيث تفويت موضوع التكليف المطلق و لا وجه للضمان، هذا بحسب الأصل و الإطلاق.

إن قلت: ظاهر الوجوب المتعلق بصرف العين في مصرف خاص حصول الحق فيها كالزكاة، و الخمس، و منذور التصدق و نحوهما، فيكون المال أمانة في يده حتى يردها إلى أهلها.

قلت: هذا أصل الدعوى، و أول المدعى، و الموارد المذكورة- مع أنها محل الخلاف- إنما ثبت الحق فيها لأجل قرائن معتبرة داخلية أو خارجية تدل على ذلك لا لأجل نفس الوجوب من حيث هو، مع أن ظواهر الأدلة في المقام

ص: 277

و لكن الأحوط الضمان (88)، و كذا يضمن على الأحوط إن أعطى الصدقة بعنوان الهدية إلى الغني (89).

مسألة 31: لا يعتبر الفقر في الإهداء

(مسألة 31): لا يعتبر الفقر في الإهداء (90)، و إن كان أحوط (91)،

______________________________

إنما هو التكليف بالأكل، و الإهداء و التصدق، و ليس فيها ما يمكن أن يستظهر منه ثبوت الحق.

نعم، يمكن أن يقال: أن الضمان ليس مترتبا على ثبوت الحق، بل المراد به في المقام نفس بقاء وجوب الصرف في المصارف الخاصة و عدم سقوطه بالإتلاف و الإخلال به اختيارا، و يكفي فيه أصالة بقائه ما لم يدل دليل على الخلاف.

و فيه: أن الوجوب إنما تعلق بصرف ذات العين فقط، فيشكل جريان الأصل بالنسبة إلى البدل، مع أنه ليس من المتعارف فيما أعد للهدية و الصدقة إعطاء القيمة عند تلف العين بنحو يكون الشخص ملزما به، هذا كله بحسب الأصل، و الاستظهارات، و أما الكلمات فهي مضطربة فراجع المطولات.

(88) قد جزم بالضمان الشهيد الثاني في الروضة، و عن صاحب الجواهر الاحتياط الوجوبي في النجاة.

(89) لعدم تحقق التصدق المأمور به، كما في سائر موارد التصدق من الزكاة و غيرها على ما تقدم تفصيله في كتاب الزكاة.

(90) للأصل، و الإطلاق، و السيرة في الهدايا، و قال في الجواهر و نعم ما قال- «لا ريب في عدم اعتبار الفقر في ثلث الإهداء بل إن لم يكن الإجماع لا يعتبر فيه الإيمان خصوصا مع الندرة في تلك الأمكنة و الأزمنة فيلزم إما سقوط وجوب الهدي أو التكليف بالمحال».

(91) لأنه المتيقن قطعا من مورد الهدية، و لأن الإهداء إلى الفقير إهداء إلى اللّه تعالى و الهدي هدي اللّه تعالى.

ص: 278

و أما الصدقة فيعتبر فيها الفقر (92)، و الإيمان مع الإمكان على الأحوط (93).

مسألة 32: لو تصدق بالجميع، فلا ضمان عليه

(مسألة 32): لو تصدق بالجميع، فلا ضمان عليه (94).

______________________________

(92) لقول اللّه تعالى إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ (1)، و يدل عليه الإجماع أيضا.

(93) مقتضى الإطلاقات جواز التصدق به على كل فقير لم يحكم بكفره و لا مقيد لها في البين إلّا ما ورد في الزكاة (2)، و إلّا شبهة الإجماع.

و الأول مختص بمورده.

و الأخير غير ثابت، مضافا إلى ما ورد من أن: «أفضل الأعمال عند اللّه إبراد الكباد الحارة، و إشباع الكباد الجائعة» (3)، مع أن تلك المشاعر العظام مقام الائتلاف و توسعة الرحمة من اللّه تعالى و من خلقه. هذا بناء على وجوب التصدق.

و أما بناء على استحبابه فالأمر أوسع، و في خبر هارون بن خارجة عن الصادق عليه السّلام: «إن علي بن الحسين عليه السّلام كان يطعم من ذبيحته الحرورية، قلت:

و هو يعلم أنهم حرورية؟ قال عليه السّلام: نعم» (4).

(94) لما مرّ من صحة الإهداء إلى الفقير أيضا، بل هو الأحوط و عن العلامة رحمه اللّه القطع بالإجزاء فيما تصدق بالجميع، و الأمر بالإهداء و التصدق و إن كان مباينا لكن يكفي الفرق الاعتباري بينهما و لكن الأحوط الضمان ثلث الإهداء.

ص: 279


1- سورة البراءة: 60.
2- الوسائل باب: 31 من أبواب مقدمة العبادات حديث: 1، و ج: 11 صفحة: 246.
3- الوسائل باب: 44 من أبواب آداب المائدة حديث: 4 و في أبواب الصدقة باب: 49.
4- الوسائل باب: 40 من أبواب الذبح حديث: 8.
مسألة 33: لو تعذر الأكل، و الإهداء، و التصدق لا يسقط أصل الهدي

(مسألة 33): لو تعذر الأكل، و الإهداء، و التصدق لا يسقط أصل الهدي (95).

مسألة 34: يجوز طبخ ثلث الإهداء و التصدق

(مسألة 34): يجوز طبخ ثلث الإهداء و التصدق، ثمَّ الإهداء التصدق من المطبوخ (96).

مسألة 35: في مورد الضمان هل تجب القيمة أو المثل؟

(مسألة 35): في مورد الضمان هل تجب القيمة (97) أو المثل؟ (98) وجهان أحوطهما الأخير (99)، و هل يجب البدل في خصوص منى كالمبدل أو لا؟ أحوطهما الأوّل (100).

______________________________

(95) لما مرّ من أنها من باب تعدد المطلوب بلا فرق بين مناشئ التعذر و لو كان للخوف من الحكومة.

(96) للأصل، و الإطلاق، مع العلم برضائهم، و أما مع عدمه فيشكل بناء على ثبوت الحق، و يجزي رضاؤهم اللاحق و لو أحرز من قبولهم أو أكلهم.

(97) لأن الحيوان قيميا فيجب القيمة.

(98) جمودا على مثل قوله تعالى وَ أَطْعِمُوا الْقانِعَ وَ الْمُعْتَرَّ (1).

(99) لأن المثل أقرب إلى المضمون.

(100) جمودا على الإطلاق البدلية. ثمَّ إنه قد ذكرت في الآية الكريمة ألفاظ ثلاثة: القانع، و المعتر، و البائس.

أما الأول: فهو الذي يقنع بما يعطى و لا يسخط.

و الثاني: هو عابر السبيل و المار بك لتطعمه.

و البائس: و هو الفقير كما ورد في الرواية (2)، فيكون قوله تعالى الْبائِسَ الْفَقِيرَ من قبيل البيان و التوضيح.

ص: 280


1- سورة الحج: 36.
2- الوسائل باب: 40 من أبواب الذبح حديث: 14 و غيره.
مسألة 36: يجوز الإعطاء مشاعا مع تحقق القبض عرفا

(مسألة 36): يجوز الإعطاء مشاعا مع تحقق القبض عرفا فإذا ذبح الهدي يقول للفقير خذ ثلثه، و يقول للآخر خذ ثلثه، هديّة، و يجوز أن يوكل الطرفان نفس المالك للأخذ عنهما (101).

مسألة 37: لو تلف المذبوح بعد ذبحه بلا اختيار

(مسألة 37): لو تلف المذبوح بعد ذبحه بلا اختيار فلا ضمان عليه (102).

مسألة 38: يجوز التوكيل في الإهداء و التصدق

(مسألة 38): يجوز التوكيل في الإهداء و التصدق (103)، و إن كان الوكيل فقيرا يجوز له أخذ حصة الفقير لنفسه (104) و لا يجزي أكله عن أكل المالك (105)، كما يتخير المهدى إليه و المتصدق عليه بين الأكل، و البيع، و الطرح، و إطعام الحيوان و كل ما شاء و أراد (106) و لا فرق في الإهداء و التصدق بين كون المهدى إليه و المتصدّق عليه رجلا أو امرأة عن

______________________________

(101) كل ذلك للأصل، و الإطلاق، هذا، و قد ظهر من مطاوي ما تقدم أنه يمكن أن يكون شيئا في الذمة أولا كوجوب الإهداء و التصدق في المقام قبل ذبح الهدي ثمَّ يصير في العين كما بعد الذبح بناء على ثبوت الحق ثمَّ التبديل إلى الذمة، كما إذا أتلف العين أو أخل بهما على ما مرّ و له نظائر كثيرة في الفقه.

(102) للأصل بعد عدم دليل على الضمان من تسبيب أو مباشرة للإتلاف.

(103) لإطلاق أدلة الوكالة الشامل للمقام أيضا.

(104) لانطباق عنوان الفقر عليه أيضا.

(105) لأصالة عدم الإجزاء بعد ظهور الأدلة في اعتبار المباشرة في الأكل.

(106) لأنه يصير مالكا بعد القبض فيفعل بملكه كل ما يريد.

ص: 281

رجل أو امرأة، بل يجوز الإعطاء للصبيان مع قبض الوليّ عنهم (107).

مسألة 39: لا تجب المباشرة في الإهداء و التصدق

(مسألة 39): لا تجب المباشرة في الإهداء و التصدق، بل يكفي الاستنابة (108) فلو أخذ الحملدار ذبائح من في حمله و طبخها و أطعمها إلى أرباب الذبائح و جمع آخر بعنوان الهديّة و التصدق يصح و يجزي مع العلم بوجود الفقير بينهم (109).

مسألة 40: هل يجوز قصد الكفّار أو العقيقة بالهدي أو لا؟

(مسألة 40): هل يجوز قصد الكفّار أو العقيقة بالهدي أو لا؟

وجهان (110).

مسألة 41: لا يجب إعلام الفقير بأنّه صدقة

(مسألة 41): لا يجب إعلام الفقير بأنّه صدقة (111).

مسألة 42: يجوز لشخص واحد أن يأخذ هدايا جمع

(مسألة 42): يجوز لشخص واحد أن يأخذ هدايا جمع، كما يجوز لفقير واحد أن يأخذ التصدق من الجميع و لو كانوا كثيرين (112).

مسألة 43: يكره التضحية بالثور، و الجاموس

(مسألة 43): يكره التضحية بالثور، و الجاموس، و مرضوض الخصيتين حتى تفسد (113).

______________________________

(107) كل ذلك للأصل، و الإطلاق.

(108) للأصل، و لما تقدم من الإطلاق الشامل للمباشرة و غيرها.

(109) لإطلاق الأدلة و ما تقدم من النصوص (1).

(110) مقتضى الأصل هو الثاني، و لكن ظاهرهم التسالم على جواز كون هدي القرآن من الكفارة كما سيأتي.

(111) للأصل، و إطلاق الدليل، و قد تقدم في كتاب الزكاة فراجع (2).

(112) لوجود العنوان فيشمله الإطلاق.

(113) أما الأول: فلمضمر أبي بصير: «لا تضحي بثور و لا جمل» (3).

ص: 282


1- تقدم بعضها في صفحة: 276.
2- راجع ج: 11 صفحة: 209.
3- الوسائل باب: 9 من أبواب الذبح حديث: 4.
مسألة 44: من فقد الهدي و وجد ثمنه يخلّفه عند من يشتريه طول ذي الحجة

(مسألة 44): من فقد الهدي و وجد ثمنه يخلّفه عند من يشتريه طول ذي الحجة، فإن لم يوجد فيه ففي العام القابل (114)، و الأحوط مع ذلك

______________________________

و أما الثاني: فلا دليل له إلا ظهور عدم الخلاف.

و أما الأخير: فنسب إلى قطع الأصحاب، و استدل أيضا بما تقدم من بعض الأخبار (1) و ذلك كله يكفي في الكراهة تسامحا.

(114) كما عن جمع من أعاظم القدماء- كالشيخين، و الصدوقين، و المرتضى، و غيرهم- لصحيح حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في متمتع يجد الثمن و لا يجد الغنم، قال عليه السّلام: يخلّف الثمن عند بعض أهل مكة و يأمر من يشتري له و يذبح عنه و هو يجزي عنه، فإن مضى ذو الحجة أخّر ذلك إلى قابل من ذي الحجة» (2)، و في خبر النضر قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل تمتع بالعمرة إلى الحج فوجب عليه النسك فطلبه فلم يجده و هو مؤسر حسن الحال و هو يضعف عن الصيام، فما ينبغي له أن يصنع؟ قال عليه السّلام: يدفع ثمن النسك إلى من يذبحه بمكة إن كان يريد المضي إلى أهله و ليذبح عنه في ذي الحجة، فقلت:

فإنه دفعه إلى من يذبح عنه فلم يصب في ذي الحجة نسكا و أصابه بعد ذلك قال عليه السّلام: لا يذبح عنه إلا في ذي الحجة، و لو أخره إلى قابل» (3).

و نسب إلى المشهور الانتقال إلى الصوم، لصدق عدم وجدان الهدي، فيشمله إطلاق قوله تعالى فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ (4).

و فيه: أن الصحيح المتقدم شارح و مفسّر للآية الكريمة فيكون المراد بالوجدان فيها الأعم من وجدان العين و الثمن و المباشرة و الاستنابة. و أما

ص: 283


1- راجع صفحة: 266.
2- الوسائل باب: 44 من أبواب الذبح حديث: 1.
3- الوسائل باب: 44 من أبواب الذبح حديث: 2.
4- سورة البقرة: 196.

الصوم أيضا (115)، و يعتبر أن يكون من تخلّف عنده الثمن ممّن يطمئن بأنه يذبح (116)، و يجزي الذبح في طول ذي الحجة في القابل و إن وجبت في أيام التشريق كما في المنوب عنه (117)، و يجب فيه جميع ما يشترط

______________________________

قوله في خبر النضر: «و هو يضعف عن الصيام» فهو سؤال آخر لم يجب الامام عليه السّلام عنه لا أن يكون قيدا للسؤال الأول.

و أما خبر أبي بصير عن أحدهما عليهما السّلام: «رجل تمتع فلم يجد ما يهدي حتى إذا كان يوم النفر وجد ثمن شاة أ يذبح أو يصوم؟ قال عليه السّلام: بل يصوم، فإن أيام الذبح قد مضت» (1) فمع قصور سنده يمكن حمله على ما إذا صام ثلاثة أيام بقرينة صحيح حماد قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن متمتع صام ثلاثة أيام في الحج ثمَّ أصاب هديا يوم خرج من منى قال عليه السّلام أجزأه صيامه» (2) و لكن هذا الحمل مخالف لخبر آخر عن أبي بصير المشتمل على قوله عليه السّلام: فلم يجد ما يهدي و لم يصم الثلاثة أيام» (3)، كما أن خبر حماد معارض بخبر ابن خالد قال:

«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل تمتع و ليس معه ما يشتري به هديا، فلما أن صام ثلاثة أيام في الحج أيسر أ يشتري هديا فينحره أو يدع ذلك و يصوم سبعة أيام إذا رجع إلى أهله؟ قال عليه السّلام: يشتري هديا فينحره و يكون صيامه الذي صامه نافلة له» (4) و يمكن الحمل على الندب و يأتي بعض الكلام إن شاء اللّه تعالى،

(115) ظهر وجه الاحتياط مما سبق.

(116) لقاعدة الاشتغال، و لأنه المنساق من مجموع الأدلة، و تشهد له السيرة أيضا.

(117) لما تقدم من جواز ذلك.

ص: 284


1- الوسائل باب: 44 من أبواب الذبح حديث: 3.
2- الوسائل باب: 45 من أبواب الذبح حديث: 1.
3- الوسائل باب: 44 من أبواب الذبح حديث: 4.
4- الوسائل باب: 45 من أبواب الذبح حديث: 2.

في الهدي مما مرّ من الشرائط (118)، إلّا الأكل، فإنه يسقط عن النائب (119).

مسألة 45: المناط- في القدرة على ثمن الهدي- هو القدرة المتعارفة

(مسألة 45): المناط- في القدرة على ثمن الهدي- هو القدرة المتعارفة و هي تختلف باختلاف الأشخاص (120).

مسألة 46: لا يجزي الهدي الواحد إلّا عن واحد

(مسألة 46): لا يجزي الهدي الواحد إلّا عن واحد بلا فرق بين الضرورة و الاختيار، و لا بين أهل خوان واحد و لا غيرهم، و لا بين الخمسة

______________________________

(118) لما مر من إطلاق الأدلة الشامل لهما.

(119) لظهور الأدلة في اختصاصه بالمالك، و يبقى وجوب التصديق و الإهداء بحاله، لفرض أنه نائب فيما يجب عليه، و لو قيل: بأن الأكل قابل للنيابة لوجب عليه ذلك أيضا بناء على الوجوب.

(120) لقاعدة أن العرف هو المتبع فيما لم يرد فيه تحديد خاص من الشرع، و قد ورد النص على عدم وجوب بيع ثياب التجمل، كما في خبر البزنطي قال: «سألت أبا الحسن عليه السّلام عن المتمتع يكون له فضول من الكسوة بعد الذي يحتاج إليه فتسوى بذلك الفضول مائة درهم، يكون ممن يجب عليه؟

فقال له: لا بد من كسر أو نفقة، قلت: له كسر أو ما يحتاج إليه بعد هذا الفضل من الكسوة فقال: و أي شي ء كسوة بمائة درهم؟ هذا ممن قال اللّه تعالى فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ (1)، و في مرسل ابن أسباط عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام: «رجل تمتع بالعمرة إلى الحج و في عيبته ثياب له، أ يبيع من ثيابه شيئا و يشتري هديه؟ قال عليه السّلام: لا هذا يتزين به المؤمن، يصوم و لا يأخذ من ثيابه شيئا» (2).

و من كان له مال في بلده و تمكن في منى من الحوالة إليه أو الاستدانة ثمَّ

ص: 285


1- الوسائل باب: 57 من أبواب الذبح حديث: 1.
2- الوسائل باب: 57 من أبواب الذبح حديث: 2.

و السبعة و غيرهم (121).

______________________________

الأداء فهو قادر، و إن لم يتمكن منهما فليس بقادر على الثمن و ينتقل تكليفه إلى الصوم و إن كان ذا مال في بلده، و كذا لو تمكن من بيع ما في بلده بلا حرج عليه.

(121) على المشهور، للأصل، و ظواهر الأدلة، و أخبار مستفيضة:

منها: صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «تجزي البقرة أو البدنة في الأمصار عن سبعة، و لا تجزي بمنى إلّا عن واحد» (1)، و خبره الآخر قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن النفر تجزيهم البقرة؟ قال عليه السّلام أما في الهدي فلا، و أما في الأضحى فنعم» (2)، و صحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال: «لا يجوز البدنة و البقرة إلّا عن واحد بمنى» (3)، و صحيح الأزرق قال: «سألت أبا الحسن عليه السّلام عن متمتع كان معه ثمن هدي و هو يجد بمثل ذلك الذي معه هديا فلم يزل يواني و يؤخر ذلك حتّى إذا كان آخر النهار غلت الغنم فلم يقدر بأن يشتري بالذي معه هديا قال عليه السّلام: يصوم ثلاثة أيام بعد أيام التشريق» (4).

و نسب إلى الشيخ، و جمع إجزاء الواحد عن خمسة، و عن سبعة، و عن سبعين عند الضرورة، و إلى المنتهى إجزاء الواحد عند الضرورة عن الكثير مطلقا، و عن الخلاف إجزاء البقرة أو البدنة عن سبعة عند الضرورة إن كانوا من أهل خوان واحد، و حكى في الشرائع قولا بالاجزاء مطلقا عند الضرورة عن خمسة و عن سبعة إذا كانوا أهل خوان واحد إلى غير ذلك من الأقوال.

و استندوا في أقوالهم إلى جملة من الأخبار كخبر زيد بن جهم قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: متمتع لم يجد هديا فقال عليه السّلام أما كان معه درهم يأتي به قومه فيقول: أشركوني بهذا الدرهم» (5)، و صحيح حمران قال: «عزت البدن سنة بمنى حتى بلغت البدنة مائة دينار، فسئل أبو جعفر عليه السّلام عن ذلك فقال: اشتركوا فيها

ص: 286


1- الوسائل باب: 18 من أبواب الذبح حديث: 4.
2- الوسائل باب: 18 من أبواب الذبح حديث: 3.
3- الوسائل باب: 51 من أبواب الذبح حديث: 7.
4- الوسائل باب: 18 من أبواب الذبح حديث: 1.
5- الوسائل باب: 18 من أبواب الذبح حديث: 13.

نعم يجزي في المندوب مطلقا (122).

مسألة 47: لو ضلّ الهدي، فذبحه غير صاحبه في منى ناويا عنه

(مسألة 47): لو ضلّ الهدي، فذبحه غير صاحبه في منى ناويا عنه

______________________________

قلت: كم؟ قال عليه السّلام: ما خفّ فهو أفضل، فقلت: عن كم يجزي؟ فقال عليه السّلام عن سبعين» (1)، و صحيح ابن الحجاج قال: «سألت أبا إبراهيم عليه السّلام عن قوم غلت عليهم الأضاحي و هم متمتعون و هم مترافقون، و ليسوا بأهل بيت واحد و قد اجتمعوا في مسيرهم و مضربهم واحد، أ لهم أن يذبحوا بقرة؟ قال عليه السّلام: لا أحب ذلك إلّا من ضرورة» (2)، و صحيح ابن عماد عن الصادق عليه السّلام قال: «يجزي البقرة عن خمسة بمنى إذا كانوا أهل خوان واحد» (3)، و مرسل الحسن بن علي عن رجل أنه قال لأبي عبد اللّه عليه السّلام: «إن الأضاحي قد عزّت علينا، قال عليه السّلام: فاجتمعوا و اشتروا جزورا فانحروها فيما بينكم، قلنا: و لا تبلغ نفقتنا قال عليه السّلام: فاجتمعوا و اشتروا شاة فاذبحوها فيما بينكم، قلنا: تجزي عن سبعة؟ قال عليه السّلام: نعم و عن سبعين» (4).

و الكل مخدوش بموافقة العامة (5)، و مخالفة المشهور، و إمكان الحمل على الأضحية المندوبة و لا ينافيه ذكر «منى» في بعضها لوقوع الأضاحي المندوبة فيها أيضا.

(122) نصا، و إجماعا، ففي خبر ابن سنان قال: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يذبح يوم الأضحى كبشين أحدهما عن نفسه، و الآخر عمن لم يجد هديا من أمته، و كان أمير المؤمنين عليه السّلام يذبح كبشين أحدهما عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و الآخر عن نفسه (6)، و يدل على صحة التشريك بالنسبة إلى أكثر من السبعين أيضا كما تقدم، و لكن لا ريب في رجحان قلة الشركاء، و مقتضى الأصل، و الإطلاق

ص: 287


1- الوسائل باب: 18 من أبواب الذبح حديث: 11.
2- الوسائل باب: 18 من أبواب الذبح حديث: 10.
3- الوسائل باب: 18 من أبواب الذبح حديث: 5.
4- الوسائل باب: 18 من أبواب الذبح حديث: 12.
5- راجع صحيح مسلم ج: 1 باب الاشتراك في الهدي.
6- الوسائل باب: 10 من أبواب الذبح حديث: 3.

أجزأ عن صاحبه (123)، و الأولى التعريف في أوّل يوم النحر و ثانية و ثالثة

______________________________

و بعض الأخبار و الكلمات عدم الفرق في صحة التشريك في الأضحية المندوبة بين حال الاختيار و غيره و لا بين المبعوث بها من الآفاق و غيره.

(123) كما عن جمع من الأصحاب، بل المشهور- كما في كشف اللثام- لإطلاقات الأدلة بعد عدم اعتبار مباشرة المالك للذبح، و للاطمئنان برضا المالك به، لأنه نحو إحسان بالنسبة إليه، و لصحيح منصور بن حازم عن الصادق عليه السّلام:

«في رجل يضل هديه فوجده رجل آخر فينحره، فقال عليه السّلام: إن كان نحره بمنى فقد أجزأ عن صاحبه الذي ضل عنه، و إن كان نحره في غير منى لم يجز عن صاحبه» (1) و مقتضى إطلاقه الاجزاء و لو لم يقصد عن صاحبه، و لكن لا وجه للتمسك به، لأن ظاهر حال المسلم أنه ينحره عن صاحبه، فالإطلاق محمول على القرينة المحفوفة به، مع أنه لا بد من الإضافة إلى المالك و لا يحصل إلا بقصد الذبح عنه، و يشهد للإجزاء خبر ابن عيسى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في رجل اشترى شاة فسرقت منه أو هلكت، فقال إن كان أوثقها في رحله فضاعت فقد أجزأت عنه» (2) فيكون الإجزاء بالذبح عنه بالأولى، و خبر علي عن العبد الصالح عليه السّلام: «إذا اشتريت أضحيتك و قمطتها و صارت في رحلك فقد بلغ الهدي محله» (3)، و صحيح ابن عمار قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل اشترى أضحية فماتت أو سرقت قبل أن يذبحها قال عليه السّلام: لا بأس و إن أبدلها فهو أفضل و إن لم يشتر فليس عليه شي ء» (4)، و خبر إبراهيم بن عبد اللّه عن رجل قال: «اشترى لي أبي شاة بمنى فسرقت، فقال لي أبي: ائت أبا عبد اللّه عليه السّلام فسأله عن ذلك، فأتيته فأخبرته، فقال لي: ما ضحي بمنى شاة أفضل من شاتك»(5) و غيره من الأخبار.

ص: 288


1- الوسائل باب: 28 من أبواب الذبح حديث: 2.
2- الوسائل باب: 30 من أبواب الذبح حديث: 2.
3- الوسائل باب: 30 من أبواب الذبح حديث: 4.
4- الوسائل باب: 30 من أبواب الذبح حديث: 1.
5- الوسائل باب: 30 من أبواب الذبح حديث: 3.

فيذبحه في عشيّته (124)، و يسقط وجوب الأكل بالنسبة إليه (125)، فيهدي و يتصدق بالمذبوح رجاء، و الأحوط للواحد التعريف إن أمكن (126).

مسألة 48: لو أتى المالك بالهدي أيضا

(مسألة 48): لو أتى المالك بالهدي أيضا، فمع التقدم و التأخّر يكون المتقدّم هو الهدي الواجب (127)، و مع التقارن، فإن التفت المالك و توجه و بقي الموضوع فالحكم هو التخيير (128)، و إلّا فيختار اللّه أحبّهما إليه.

______________________________

فما عن المحقق من عدم الإجزاء، و نسبه في المسالك إلى المشهور اجتهاد في مقابل النص، و النسبة إلى الشهرة ممنوعة بل الشهرة على الخلاف.

(124) لصحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال: «إذا وجد الرجل هديا ضالا فليعرفه يوم النحر و الثاني و الثالث، ثمَّ ليذبحها عن صاحبها عشية الثالث»(1)، و هو بالنسبة إلى التعريف محمول على الندب جمعا بينه و بين ما تقدم من صحيح ابن حازم الوارد في مقام البيان، لأنه بعد إطلاق الإذن من المالك الحقيقي (الشارع) في الإجزاء لا وجه للتوقف.

و المتحصل من مجموع الأخبار الواردة في المقام: أن الشارع جعل ولاية ذبح الهدي لواجده عن صاحبه و لم يجر عليه حكم اللقطة و هذا تسهيل، و تيسير، و امتنان بالنسبة إلى صاحبه. و على فرض وجوب التعريف فهو نفسي.

مستقل لا أن يكون شرطا لصحة الذبح عن صاحبه.

(125) لظهور الأدلة باختصاصه بخصوص مباشرة المالك.

(126) ليتخلص المالك عن تبعية الإبدال.

(127) لوقوع الهدي عن أهله و في محلّه.

(128) لعدم ترجيح لأحدهما على الآخر في البين.

ص: 289


1- الوسائل باب: 28 من أبواب الذبح حديث: 1.
مسألة 49: لو ذبح الواجد للهدي عن صاحبه و ظهر المالك

(مسألة 49): لو ذبح الواجد للهدي عن صاحبه و ظهر المالك و قال:

لا أرضى بذلك، فهل يضمن (129)، أو لا؟ (130) و هل للمالك أن يظهر عدم الرضا (131) أو لا (132)؟ وجهان (133).

مسألة 50: لو اشترى هديا، فذبحه عن نفس

(مسألة 50): لو اشترى هديا، فذبحه عن نفس ثمَّ جاء آخر و ادّعى أنه منه و أقام عليه بينة لا يجزي عن الذابح (134).

مسألة 51: لا يجب على من وجد هديا ضالّا و أراد أن يذبحه عن صاحبه معرفة اسم صاحبه و ذكر اسمه

(مسألة 51): لا يجب على من وجد هديا ضالّا و أراد أن يذبحه عن صاحبه معرفة اسم صاحبه و ذكر اسمه، بل يجزي ذبحه عن صاحبه بنحو الإجمال، بل لو أخطأ و ذكر اسم شخص يكون المدار على النية لا الذكر

______________________________

(129) لأنه تصرف في ملك الغير بغير إذنه.

(130) لأنه مأذون شرعا و لا أثر لإذن المالك بعد إذن الشارع.

(131) لأصالة بقاء حقه و ملكه.

(132) إذ لا أثر لرضاه و عدمه بعد إذن الشارع.

(133) مبنيان على أن إذن الشارع في ذبحه عن مالكه متكفل لبيان هذه الجهات أيضا أولا؟ و الأحوط للمالك إظهار الرضا و مع عدمه فالأحوط لهما التصالح و التراضي.

(134) لفرض أنه لم يكن ملكا له، و لا عن المالك لفرض عدم تحقق النية بالنسبة إليه، و في خبر جميل عن أحدهما عليهما السّلام: «في رجل اشترى هديا فنحره فمر به رجل فعرفه، فقال هذه بدنتي ضلّت منّي بالأمس، و شهد له رجلان بذلك، فقال عليه السّلام: له لحمها و لا يجزي عن واحد منهما، ثمَّ قال: و لذلك جرت السنة بإشعارها و تقليدها إذا عرفت».

و هل للمالك إجازة هذا النحر أو الذبح للذابح؟ وجهان مبنيان على جريان الفضولية في مثل هذه الأمور و عدمه.

ص: 290

اللّفظي (135).

مسألة 52: من ضلّ هديه فلم يجده و لا ذبح عنه وجب عليه شراء آخر

(مسألة 52): من ضلّ هديه فلم يجده و لا ذبح عنه وجب عليه شراء آخر (136)، فإن وجده بعد الشراء ذبح الضالّ (137)، و يستحب له ذبح الثاني معه أيضا (138).

______________________________

(135) كل ذلك للأصل و الإطلاق، و صحيح ابن جعفر عن أخيه عليه السّلام «سألته عن الضحية يخطئ الذي يذبحها فيسمّى غير صاحبها أ تجزي عن صاحب الضحية؟ فقال: نعم إنما له ما نوى» (1)و إطلاقه يشمل المقام أيضا.

(136) لإطلاق أدلة وجوبه، و قاعدة الاشتغال، و لصحيح أبي بصير قال:

«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل اشترى كبشا فهلك منه، قال: يشتري مكانه آخر، قلت: فإن اشترى مكانه آخر ثمَّ وجد الأول قال عليه السّلام: إن كانا جميعا قائمين فليذبح الأول و ليبع الآخر، و إن شاء ذبحه، و إن كان قد ذبح الأخير ذبح الأول معه» (2)، و ما دلّ على الإجزاء بالشراء، و دخول الرحل- كما تقدم- محمول على الأضحية المندوبة، أو على هدي السياق على ما يأتي التفصيل. و لم أجد من تعرض للمسألة في هدي التمتع على ما تفحصت عاجلا غير صاحب الجواهر في النجاة. نعم تعرضوا لها في هدي السياق.

(137) لما تقدم في خبر أبي بصير، و استفادة وجوب ذبح الأول منه مبنية على تعيين الأول للذبح، و أما مع عدم تعينه فلا وجه للوجوب و حصول التعين بمجرد الشراء في هدي التمتع مشكل بل ممنوع، و يأتي في هدي السياق ما ينفع المقام.

(138) كما صرح به صاحب الجواهر في النجاة، و يمكن أن يستفاد مما مرّ في خبر أبي بصير بقوله عليه السّلام: «و إن شاء ذبحه» بناء على أنه نحو

ص: 291


1- الوسائل باب: 29 من أبواب الذبح حديث: 1.
2- الوسائل باب: 32 من أبواب الذبح حديث: 2.

و لو وجده بعد ذبح الثاني يستحب له ذبحه أيضا (139).

مسألة 53: لا يجوز إخراج شي ء من الهدي الواجب

(مسألة 53): لا يجوز إخراج شي ء من الهدي الواجب الذي ذبحه في منى عنها على الأحوط (140). و لكن يجوز نقله من محل الذبح إلى أيّ

______________________________

ترغيب إلى الخير.

(139) لما مرّ في خبر أبي بصير المحمول على الندب، لإجزاء ما ذبحه أولا و تحقق الامتثال به فلا وجه لوجوب الأخير.

(140) لا ريب في أصل مرجوحية الإخراج نصا، و إجماعا، و مقتضى قاعدة السلطنة، و أصالة البراءة جواز تصرف المالك فيه بكل ما شاء و أراد إلا مع دليل معتبر على الخلاف. نعم لو صار الهدي متعلّقا لحق الغير لا يصح تصرفه فيه بدون رضاه فتكون حرمة الإخراج على هذا موافقة للقاعدة، و لكنه في هدي التمتع ليس كذلك.

و استدل على حرمة الإخراج.

تارة: بقطع الأصحاب كما هو عادة صاحب المدارك فكثيرا ما يجعله من الأدلة.

و أخرى: بصحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال: «سألته عن اللحم أ يخرج به من الحرم؟ فقال عليه السّلام: لا يخرج منه بشي ء إلّا السنام بعد ثلاثة أيام» (1).

و ثالثة: بخبر ابن عمار قال: «قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تخرجن شيئا من لحم الهدي» (2).

و رابعة: بمرسل الفقيه قال: «قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كنا ننهى عن إخراج لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام لقلة اللحم و كثرة الناس، فأما اليوم فقد كثر اللحم و قل الناس فلا بأس بإخراجه و لا بأس بإخراج الجلد و السنام من الحرم

ص: 292


1- الوسائل باب: 42 من أبواب الذبح حديث: 1.
2- الوسائل باب: 42 من أبواب الذبح حديث: 2.

.....

______________________________

و لا يجوز إخراج اللحم منه» (1).

و خامسة: بخبر ابن أبي حمزة عن أحدهما عليهما السّلام قال: «لا يتزود الحاج من أضحيته، و له أن يأكل منها بمنى أيامها» (2)، و مثله خبر علي بزيادة: «إلّا السنام فإنه دواء» (3).

و سادسة: بموثق إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم عليه السّلام قال: «سألته عن الهدي أ يخرج شي ء منه عن الحرم؟ فقال عليه السّلام: بالجلد و السنام و الشي ء ينتفع به، قلت: أنه بلغنا عن أبيك أنه لا يخرج من الهدي المضمون شيئا، قال عليه السّلام: بل يخرج بالشي ء ينتفع به، و زاد فيه أحمد: و لا يخرج بشي ء من اللحم من الحرم» (4).

و الكل مخدوش أما الأول: فمن اين حصل لصاحب المدارك قطع الأصحاب بالحرمة، مع أنه نسب إلى المشهور كراهة الإخراج قال في شرح المفاتيح: «المشهور بين الأصحاب كراهة إخراج شي ء من الهدي من منى و استحباب صرفه بها و لعله مما لا خلاف فيه».

و أما الثاني: يدل على النهي عن الإخراج عن الحرم و هو أعم من منى، مع أنه أعم من الهدي الكفارات و الضحايا و التطوعات، و أعم من كون المخرج هو المالك أو المهدى إليه أو الفقير و هذا التعميم مما لم يقل أحد بتحريمه.

و أما الثالث: مجمل من حيث محلّ الإخراج و من حيث المخرج.

و أما الرابع: فقوله عليه السّلام في المرسل: «فلا بأس بإخراجه» ظاهر بل نص في الجواز، و ذيله يدل على النهي عن الإخراج عن الحرم.

و أما الخامس: فالتزوّد غير الإخراج و بينهما عموم من وجه.

و الأخير: لا يدل على الحرمة أيضا، فاستفادة حرمة إخراج الهدي من

ص: 293


1- الوافي ج: 8 باب 151 من أبواب بدء المشاعر و المناسك حديث: 5.
2- الوسائل باب: 42 من أبواب الذبح حديث: 3.
3- الوسائل باب: 42 من أبواب الذبح حديث: 4.
4- الوسائل باب: 43 من أبواب الذبح حديث: 6.

.....

______________________________

منى مما ذكر ممنوعة، و على الفرض فهي مختصة بما إذا أقلّ اللحم و كثر الناس أو احتاج الناس إليه، كما في مرسل الفقيه، و في صحيح ابن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سألته عن إخراج لحوم الأضاحي من منى فقال عليه السّلام كنّا نقول: لا يخرج منها بشي ء لحاجة الناس إليه فأما اليوم فقد كثر الناس فلا بأس بإخراجه»(1)، و في صحيحه الآخر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى أن تحبس لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام من أجل الحاجة فأما اليوم فلا بأس به» (2)، و في صحيح جميل عن الصادق عليه السّلام: «إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إنما نهى عن ذلك، لأن الناس كانوا يومئذ مجهودين فأما اليوم فلا بأس» (3) إلى غير ذلك مما يستفاد منه أن الحرمة- على فرض ثبوتها- كانت في زمان خاص، و لجهة مخصوصة إلا أن تحمل هذه الأخبار على الأضحية المندوبة دون الواجبة، و لكنه خلاف التعليلات الظاهرة في التعميم، مع أن الأضحية المندوبة في منى قليلة جدا، لاكتفاء الناس بالواجبة منها و من ذلك كله يظهر الوجه في عدم الجزم بالحرمة و الاحتياط فيها.

ثمَّ إن الحرمة على القول بها إنما يصح بناء على وجوب التثليث أكلا، و هدية، و تصدقا و أما بناء على العدم فلا وجه للحرمة.

و لا ريب في أن حرمة الإخراج- على فرض الثبوت- قابلة للزوال بكل ما هو أهم منها.

فائدة: قد علل جواز الإخراج.

تارة: بكثرة اللحم و قلة الناس، كما في مرسل الفقيه.

و أخرى: بقوله عليه السّلام: «فقد كثر الناس» كما في صحيح ابن مسلم.

و ثالثة: بعدم جهود الناس كما في صحيح جميل.

و يمكن رفع التنافي بأن يكون المراد بقلة الناس في المرسل قلة الفقراء

ص: 294


1- الوسائل باب: 42 من أبواب الذبح حديث: 5.
2- الوسائل باب: 41 من أبواب الذبح حديث: 4.
3- الوسائل باب: 41 من أبواب الذبح حديث: 5.

محل من محال منى بعد صدق منى عليه (141). و أما الجلود، و الأمعاء، و الأطراف، و القرن، و نحوها، فيجوز إخراجها (142) و الأحوط التصدق بها، أو جعل الجلد مصلّى (143).

مسألة 54: حرمة الإخراج- على فرض ثبوتها- تكليف نفسي

(مسألة 54): حرمة الإخراج- على فرض ثبوتها- تكليف نفسي

______________________________

الذين تصرف إليهم الهدي بقرينة صحيح جميل، و المراد بكثرة الناس كثرة الأغنياء فيهم و قلة فقرائهم فلا تنافي بين الأخبار.

(141) للأصل، و ظواهر الأدلة.

(142) لأصالتي البراءة و سلطنة الناس على أموالهم، و ذكر خصوص اللحم فيما تقدم من الأخبار، و في بعضها التصريح بجواز إخراج الجلد و السنام، و الشي ء ينتفع به كما في موثق إسحاق بن عمار. و عن المسالك حرمة إخراجها أيضا، و تمسك بما دل على التصدق و هذا منه غريب.

(143) للتأسّي، و صحيح ابن عمار قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الإهاب فقال عليه السّلام: تصدق به أو تجعله مصلّي تنتفع به في البيت و لا تعطه الجزارين، و قال عليه السّلام: نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يعطي جلالها و جلودها و قلائدها الجزارين، و أمره أن يتصدق بها» (1) و عن ابن جعفر عن أخيه عليه السّلام قال: «سألته عن جلود الأضاحي هل يصلح لمن ضحي بها أن يجعلها جرابا؟ قال: لا يصلح أن يجعلها جرابا إلّا أن يتصدق بثمنها» (2) و لمثل هذه الأخبار ذهب في المسالك إلى وجوب التصدق بها.

و لكن: التأسّي قاصر عن إفادة الوجوب، و صحيح ابن جعفر عليه السّلام أعم منه، و سياق البقية آب عن الوجوب أيضا، و في رواية ابن عمار عن الصادق عليه السّلام:

«و إن تصدق به فهو أفضل» (3) و لا ريب في أن الأحوط التصدق.

ص: 295


1- الوسائل باب: 43 من أبواب الذبح حديث: 5.
2- الوسائل باب: 43 من أبواب الذبح حديث: 4.
3- الوسائل باب: 43 من أبواب الذبح حديث: 2.

مستقل و ليس شرطا لصحة الهدي، فلو فعل حراما و أخرج لا يبطل هديه و لا يصير ما أخرجه حراما كالميتة (144).

مسألة 55: حرمة الإخراج- على فرضها- إنما هي قبل الصرف

(مسألة 55): حرمة الإخراج- على فرضها- إنما هي قبل الصرف في المصارف، و أما بعد الهديّة بالثلث و التصدق بالثلث و الأخذ للأكل، فيجوز للمهدي إليه و للفقير و المالك الإخراج (145)، و يجوز الاحتيال قبل الصرف في الإخراج (146).

مسألة 56: لو أخرجه عن منى، و تصدق به

(مسألة 56): لو أخرجه عن منى، و تصدق به، و أهدى و أكل فلا ضمان عليه و إن أثم (147).

مسألة 57: لو أخرجه عمدا أو لعذر يعيده مع الإمكان

(مسألة 57): لو أخرجه عمدا أو لعذر يعيده مع الإمكان (148).

مسألة 58: لو أعطى هديته أو صدقته ثمَّ اشتراها منهما يجوز له إخراج ما اشتراه

(مسألة 58): لو أعطى هديته أو صدقته ثمَّ اشتراها منهما يجوز له إخراج ما اشتراه (149).

______________________________

(144) لإطلاق الأدلة، و لأصالة عدم اشتراط صحة الهدي بعدم الخروج.

(145) للأصل، و أن الناس مسلطون على أموالهم بعد عدم شمول دليل المنع لهم أو الشك في الشمول.

(146) بأن يهدي الثلث المشاع من الهدي إلى شخص، و ثلثه المشاع الآخر إلى فقير آخر، ثمَّ يشتري الثلاثين منهما أو يستوهبهما فيصير ملكا، فيصح له الإخراج.

(147) لأن حرمة الإخراج- على فرض الثبوت- تكليفية محضة.

(148) لأن الحرمة- على فرض الثبوت- أعم من الحدوث و البقاء.

(149) لقاعدة السلطنة. ثمَّ إنه لو أهدى شخص بأكثر من هدي واحد، فمقتضى الإطلاق شمول الحرمة له، كما أن مقتضاه شمول الحكم للضحايا المندوبة في منى.

ص: 296

مسألة 59: يجوز بيع جلودها و أمعائها و التصدق بثمنها

(مسألة 59): يجوز بيع جلودها و أمعائها و التصدق بثمنها بلا فرق بين فقراء الحرم و غيرهم (150).

مسألة 60: لو لم يكن له في منى مصرف يجوز الإخراج

(مسألة 60): لو لم يكن له في منى مصرف يجوز الإخراج، بل قد يجب (151).

______________________________

(150) لظهور الإطلاق.

(151) لعدم شمول الأدلة لهذه الصورة. و عن صاحب الجواهر دعوى القطع بذلك و الإبقاء فيه يكون تضييعا للمال و إتلافا له و بغير وجه.

ص: 297

فصل في بدل الهدي

اشارة

فصل في بدل الهدي

مسألة 1: من لم يجد الهدي و لا ثمنه يجب عليه أن يصوم بدله عشرة أيام

(مسألة 1): من لم يجد الهدي و لا ثمنه يجب عليه أن يصوم بدله عشرة أيام- ثلاثة في الحج و سبعة بعد الرجوع إلى أهله- (1)، و يجب أن تكون الثلاثة متوالية (2).

مسألة 2: يتخير في صوم الثلاثة من أوّل ذي الحجة إلى آخره

(مسألة 2): يتخير في صوم الثلاثة من أوّل ذي الحجة إلى آخره (3)،

______________________________

فصل في بدل الهدي

(1) كتابا، و سنة، و إجماعا، قال تعالى فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ (1)، و في صحيح معاوية عن الصادق عليه السّلام: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من كان متمتعا فلم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج و سبعة إذا رجع إلى اهله» (2)، و في صحيح ابن خالد قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل تمتع و لم يجد هديا، قال عليه السّلام: يصوم ثلاثة أيام بمكة، و سبعة إذا رجع إلى أهله- الحديث-» (3)إلى غير ذلك مما يأتي بعضها إن شاء اللّه تعالى.

(2) لقول أبي عبداك عليه السّلام في صحيح إسحاق بن عمار: «لا تصوم الثلاثة الأيام متفرقة» (4)، و يدل عليه الإجماع أيضا.

(3) لإطلاق قوله تعالى ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ و المراد بالحج شهر ذي

ص: 298


1- سورة البقرة: 196.
2- الوسائل باب: 47 من أبواب الذبح حديث: 4.
3- الوسائل باب: 46 من أبواب الذبح حديث: 7.
4- الوسائل باب: 53 من أبواب الذبح حديث: 1.

و الأفضل أن يصوم يوم السابع، و يوم التروية، و يوم عرفة (4)، و لو اقتصر

______________________________

الحجة، كما في صحيح رفاعة بن موسى عن الصادق عليه السّلام (1) و عن زرارة عنه عليه السّلام أيضا: «من لم يجد ثمن الهدي فأحب أن يصوم الثلاثة الأيام في العشر الأواخر فلا بأس بذلك» (2)، و عن زرارة أيضا عن أحدهما عليهما السّلام: «من لم يجد هديا و أحب أن يصوم الثلاثة الأيام في أول العشر فلا بأس» (3)، و يدل عليه أيضا إطلاق صحيح معاوية بن عمار عن الصادق عليه السّلام: «عن رجل دخل متمتعا في ذي القعدة و ليس معه ثمن هدي، قال عليه السّلام: لا يصوم ثلاثة أيام حتى يتحول الشهر» (4). هذا مع دعوى الإجماع عليه كما عن الذخيرة.

إن قلت: لا معنى للبدل قبل الخطاب بالمبدل، فلا وجه للصوم قبل يوم النحر خصوصا بعد خبر الكرخي قال: «قلت للرضا عليه السّلام المتمتع يقدم و ليس معه هدي أ يصوم مما لم يجب عليه؟ قال عليه السّلام: يصبر إلى يوم النحر، فان لم يصب فهو ممن لم يجد» (5)، و في تفسير القمي- كما في الجواهر- «أن من لم يجد الهدي صام ثلاثة أيام بمكة يعني: بعد النفر».

قلت: الخطاب بالذبح يتحقق بالإحرام، كما أن الخطاب بالتسليمة يتحقق بالتحريمة، و الخبر مضافا إلى قصور سنده محمول على الجواز أو على من وجد الثمن و لم يجد الهدي، مع أن أصل الإشكال من الاجتهاد في مقابل النصوص الصحيحة، و الإجماع المعتبر فلا وقع له و لا أثر.

(4) لنصوص محمولة على الندب جمعا. منها: صحيح رفاعة قال:

«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المتمتع لا يجد الهدي قال عليه السّلام: يصوم قبل التروية و يوم التروية و يوم عرفة قلت: فإنه قدم يوم التروية، قال عليه السّلام: يصوم ثلاثة أيام

ص: 299


1- الوسائل باب: 46 من أبواب الذبح حديث: 1.
2- الوسائل باب: 46 من أبواب الذبح حديث: 13.
3- الوسائل باب: 46 من أبواب الذبح حديث: 8.
4- الوسائل باب: 54 من أبواب الذبح حديث: 3.
5- الوسائل باب: 54 من أبواب الذبح حديث: 2.

على يوم التروية و عرفة أجزأه يوم الثالث بعد أيام التشريق، و لا يضرّ الفصل بالعيد و أيام التشريق بالتوالي المعتبرة (5) و الأحوط الاقتصار على

______________________________

بعد التشريق قلت: لم يقم عليه جماله قال عليه السّلام: يصوم يوم الحصبة و بعده يومين، قلت: و ما الحصبة؟ قال عليه السّلام: يوم نفره، قلت: يصوم و هو مسافر؟! قال عليه السّلام: نعم أ ليس هو يوم عرفة مسافرا إنا أهل بيت نقول ذلك لقول اللّه عزّ و جل فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ يقول في ذي الحجة» (1).

فما نسب إلى جمع منهم ابن إدريس من الوجوب. مخالف لظواهر الأدلة بعد ردّ بعضها إلى بعض.

(5) على المشهور، و عن ابن إدريس دعوى الإجماع عليه، لخبر ابن الحجاج عن الصادق عليه السّلام: «فيمن صام يوم التروية و يوم عرفة قال عليه السّلام: «يجزيه أن يصوم يوما آخر» (2)، المقيد بموثق الأزرق عن أبي الحسن عليه السّلام قال: «سألته عن رجل قدم يوم التروية متمتعا و ليس له هدي فصام يوم التروية و يوم عرفة قال عليه السّلام: يصوم يوما آخر بعد أيام التشريق» (3)، و إطلاقهما يشمل حال الاختيار و الضرورة كما عن بعض التصريح به و نسبه في كشف اللثام إلى ظاهر الباقين.

هذا.

و نسب إلى القاضي و الحلبيين اشتراط الضرورة، و يظهر من المحقق في الشرائع أيضا و هو الأحوط كما يأتي.

و هناك أخبار أخر ظاهرة في خلاف المشهور كصحيح العيص عن الصادق عليه السّلام قال: «سألته عن متمتع يدخل يوم التروية و ليس معه هدي قال عليه السّلام: فلا يصوم ذلك اليوم، و لا يوم عرفة و يتسحر ليلة الحصبة فيصبح صائما و هو يوم النفر، و يصوم يومين بعده» (4)، و في صحيح حماد قال: «سمعت

ص: 300


1- الوسائل باب: 46 من أبواب الذبح حديث: 1.
2- الوسائل باب: 52 من أبواب الذبح حديث: 1.
3- الوسائل باب: 52 من أبواب الذبح حديث: 2.
4- الوسائل باب: 52 من أبواب الذبح حديث: 5.

الضرورة (6).

مسألة 3: لا يصح صوم بدل الهدي- إلا بعد التلبس بالمتعة المتحقق بالشروع في العمرة التمتعية

(مسألة 3): لا يصح صوم بدل الهدي- إلا بعد التلبس بالمتعة المتحقق بالشروع في العمرة التمتعية (7)، و لا يجوز التقديم على ذي الحجة (8)، كما لا يجوز صومها في أيام التشريق أيضا (9).

______________________________

أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: قال علي عليه السّلام: صيام ثلاثة أيام في الحج قبل التروية بيوم، و يوم التروية، و يوم عرفة فمن فاته ذلك فليتسحر ليلة الحصبة يعني: ليلة النفر، و يصبح صائما و يومين بعده و سبعة إذا رجع» (1)، و يمكن حمل مثل هذه الأخبار على أصل الجواز بعد وهنها بالاعراض.

(6) يظهر وجه الاحتياط مما تقدم.

(7) لظهور الإجماع، و لتعلق الأمر بالصيام في الآية و الأخبار على المتمتع- كما تقدم- و لا يصدق هذا العنوان قبل التلبس بشي ء منه و مقتضى الإطلاقات، و إجماع السرائر كفاية التلبس بعمرته. و عن بعض اعتبار التلبس بالحج: و يدفعه المستفيضة الدالة على الأمر بصوم يوم قبل التروية مع استحباب الإحرام بالحج يوم التروية كما تقدم.

(8) نصا، و إجماعا، و تقدم صحيح رفاعة المفسر لقوله تعالى فِي الْحَجِّ بذي الحجة.

(9) لصحيح ابن سنان عن الصادق عليه السّلام قال: «سألته عن رجل تمتع فلم يجد هديا قال عليه السّلام: فليصم ثلاثة أيام ليس فيها أيام التشريق و لكن يقيم بمكة حتى يصومها، و سبعة إذا رجع إلى أهله» (2)، و صحيح ابن مسكان قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل تمتع و لم يجد هديا قال عليه السّلام: يصوم ثلاثة أيام، قلت له أ فيها أيام التشريق؟ قال عليه السّلام: لا، و لكن يقيم بمكة حتى يصومها، و سبعة إذا رجع

ص: 301


1- الوسائل باب: 53 من أبواب الذبح حديث: 3.
2- الوسائل باب: 51 من أبواب الذبح حديث: 1.

.....

______________________________

إلى أهله- الحديث» (1)، و في خبر الأزرق قال: «سألت أبا الحسن عليه السّلام عن متمتع كان معه ثمن هدي و هو يجد بمثل ذلك الذي معه هديا فلم يزل يواني و يؤخر ذلك حتى إذا كان آخر النهار غلت الغنم فلم يقدر بأن يشتري بالذي معه هديا، قال عليه السّلام: يصوم ثلاثة أيام بعد أيام التشريق» (2) و قريب منهما خبر ابن الحجاج (3) و غيره، و في مرسل الصدوق: «لا يجوز له أن يصوم أيام التشريق فإن النبي صلّى اللّه عليه و آله بعث بديل بن ورقا الخزاعي على جمل أورق فأمره أن يتخلل الفساطيط و ينادي في الناس أيام منى: ألا لا تصوموا فإنها أيام أكل و شرب و بعال» (4) و البعال: ملاعبة الرجل زوجته، و مجموع الأخبار الواردة في المقام أقسام ثلاثة:

الأول: ما تقدم من الأخبار.

الثاني: خبر ابن عمار عن الصادق عليه السّلام عن أبيه، ان عليا عليه السّلام كان يقول:

«من فاته صيام الثلاثة الأيام التي في الحج فليصمها أيام التشريق فإن ذلك جائز له» (5)، و خبر القدّاح عنه عليه السّلام أيضا: «إن عليا كان يقول: من فاته صيام الثلاثة الأيام في الحج و هي قبل التروية بيوم، و يوم التروية، و يوم عرفة فليصم أيام التشريق فقد أذن له» (6) و لا بد من حملهما على التقية، أو طرحهما لقصور السند، و موافقة العامة، و هجر الأصحاب لهما.

الثالث: جملة من الأخبار التي تبلغ تسعة مشتملة على هذه التعبيرات:

«يصوم يوم الحصبة و بعده يومين، قلت: و ما الحصبة؟ قال عليه السّلام: يوم نفره» كما في صحيح رفاعة (7)، و قوله عليه السّلام: «و يتسحر ليلة الحصبة فيصبح صائما و هو يوم النفر، و يصوم يومين بعده» كما في صحيح العيص (8)، و قريب منه صحيحة

ص: 302


1- الوسائل باب: 51 من أبواب الذبح حديث: 2.
2- الوسائل باب: 51 من أبواب الذبح حديث: 7.
3- الوسائل باب: 51 من أبواب الذبح حديث: 4.
4- الوسائل باب: 51 من أبواب الذبح حديث: 8.
5- الوسائل باب: 51 من أبواب الذبح حديث: 5.
6- الوسائل باب: 51 من أبواب الذبح حديث: 6.
7- الوسائل باب: 46 من أبواب الذبح حديث: 1 و 3.
8- الوسائل باب: 52 من أبواب الذبح حديث: 5.
مسألة 4: و لو صام يومين و أفطر الثالث اختيارا، أو لضرورة لم يجز

(مسألة 4): و لو صام يومين و أفطر الثالث اختيارا، أو لضرورة لم يجز (10) إلّا أن يكون ذلك هو العيد فيأتي بالثالث بعد النفر على ما تقدم.

مسألة 5: لو خرج ذو الحجة و لم يصمها تعين عليه الهدي

(مسألة 5): لو خرج ذو الحجة و لم يصمها تعين عليه الهدي في القابل (11)،

______________________________

الآخر، و قوله عليه السّلام: «يتسحر ليلة الحصبة و يصوم ذلك اليوم و يومين بعده» كما في صحيح معاوية بن عمار (1)، و كذا قوله عليه السّلام: «إذا انقضت أيام التشريق يتسحر ليلة الحصبة ثمَّ يصبح صائما» كما في خبر ابن أبي يحيى (2)، و قوله عليه السّلام:

«فليتسحر ليلة الحصبة يعني: ليلة النفر و يصبح صائما و يومين بعده» كما في خبر حماد (3) و المنساق من مجموعها بعد رد بعضها إلى بعض أن صوم أيام التشريق لمن كان بمنى لا يصح، و أما من نفر عنها في النفر الأول أو الثاني فلا يحرم عليه. هذا.

و إن أريد بليلة الحصبة ليلة الرابع عشر كما نسب إلى الشيخ و ذكره في مجمع البحرين فالأمر أوضح.

(10) لما تقدم من اعتبار التوالي فيه و إطلاقه يشمل حال الاختيار و الاضطرار.

(11) لأصالة عدم سقوط المبدل إلا بعد تحقق البدل و هو كان موقتا بذي الحجة كما مرّ فلا وجه لإتيانه في غيرها، مضافا، إلى الإجماع و النص فعن الصادق عليه السّلام في صحيح ابن حازم: «من لم يصم في ذي الحجة حتى يهل هلال محرم فعليه دم شاة و ليس له صوم و يذبحه بمنى» (4)، و في صحيح عمران الحلبي (5) قال: «سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن رجل نسي أن يصوم الثلاثة أيام التي

ص: 303


1- الوسائل باب: 46 من أبواب الذبح حديث: 4.
2- الوسائل باب: 46 من أبواب الذبح حديث: 20.
3- الوسائل باب: 53 من أبواب الذبح حديث: 3.
4- الوسائل باب: 47 من أبواب الذبح حديث: 1.
5- الوسائل باب: 47 من أبواب الذبح حديث: 3.

.....

______________________________

على المتمتع إذا لم يجد الهدي حتى يقدم اهله، قال عليه السّلام: «يبعث بدم»، و عنه عليه السّلام أيضا في صحيح آخر لابن حازم: «من لم يصم الثلاثة أيام في الحج حتى يهل الهلال. فقال عليه السّلام: دم يهريقه و ليس عليه صيام» (1) و إطلاقه كإطلاق الأول يشمل مطلق الترك سواء كان لعذر أو لا، و هو الذي يقتضيه التوقيت أيضا.

و هذه النصوص معتضدة بظاهر الكتاب و الإجماع، و إطلاقها يشمل البعث في غير ذي الحجة و لكن لا بد من حملها على البعث فيها، لما دل على أن الهدي لا بد و أن يذبح في يوم النحر و ما بعده من ذي الحجة (2).

ثمَّ إن بإزاء ما تقدم من الأخبار ما يستفاد منه جواز صومها في الطريق أو عند أهله كصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من كان متمتعا فلم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج و سبعة إذا رجع إلى أهله فإن فاته ذلك و كان له مقام بعد الصدر (أي الرجوع إلى مكة) صام ثلاثة أيام بمكة، و إن لم يكن له مقام صام في الطريق أو في أهله، و إن كان له مقام بمكة و أراد أن يصوم السبعة ترك الصيام بقدر مسيره إلى أهله، أو شهرا ثمَّ صام بعده» (3)، و صحيحه الآخر: «يصوم ثلاثة أيام في الطريق إن شاء و إن شاء صام عشرة في أهله» (4)، و صحيح ابن خالد: «فإن لم يقم عليه أصحابه و لم يستطع المقام بمكة فليصم عشرة أيام إذا رجع إلى أهله» (5) و يمكن حملها على ما إذا لم يخرج ذو الحجة و لا يجوز الأخذ بإطلاقها لوهنه بالإعراض.

ص: 304


1- الوسائل باب: 47 من أبواب الذبح حديث: 1 مع اختلاف و ما ذكره- دام ظله العالي- موافق لما رواه الشيخ في التهذيب.
2- تقدم بعضها في صفحة: 53- 54.
3- الوسائل باب: 47 من أبواب الذبح حديث: 4.
4- الوسائل باب: 47 من أبواب الذبح حديث: 2.
5- الوسائل باب: 46 من أبواب الذبح حديث: 7.

و هل يجب مع هذا الهدي كفارة أو لا؟ (12)، و لو مات خرج من أصل ماله كغيره ممن تعين عليه الهدي (13)، و لو كان عليه ديون و قصرت التركة وزعت على الجميع (14)، و لو لم تف الحصة بالهدي وجب ما تفي به و لو جزء منه مع الإمكان (15)، و إلّا صرف في الدين (16).

مسألة 6: لو صام الثلاثة كملا ثمَّ وجد الهدي يجتزي بالصوم

(مسألة 6): لو صام الثلاثة كملا ثمَّ وجد الهدي يجتزي بالصوم (17)،

______________________________

(12) ظاهر الأكثر هو الثاني، للأصل، و الإطلاق. و نسب إلى الشيخ وجوب الكفارة، لما روى عنه صلّى اللّه عليه و آله: «من ترك نسكا فعلية دم» (1). و الخبر ضعيف و العامل به قليل و طريق الاحتياط واضح.

ثمَّ إنه أطلق جمع من الأصحاب- كظاهر الأخبار- بوجوب الدم من غير تنصيص بأنه كفارة أو هدي و صرح الأكثر بالهدي و طريق الاحتياط الذبح بقصد ما في الذمة.

(13) لأنه واجب مالي يخرج من الأصل كما يأتي في محله.

(14) لأنه عدل و إنصاف، و تقدم في (مسألة 82) من أول الحج ما ينفع المقام فراجع.

(15) لأنه دين فتجري عليه جميع أحكام الدين، و لقاعدة الميسور إلا أن يقال: بجريان حكم الأصل عليه حينئذ فإنه لو لم يتمكن من تمام الهدي و تمكن من جزئه لا يجب عليه فكذا في المقام.

(16) لعدم التمكن من الصرف في الهدي حينئذ فيصرف في سائر الديون، و تأتي في الدين و الوصية جملة من الأحكام المتعلقة بنظير المقام و عن بعض العود إلى الورثة، و عن آخر وجوب التصدق به و لا دليل لهما مع وجود الدين.

(17) لإطلاق الآية (2) و خبر حماد المنجبر: «عن متمتع صام ثلاثة أيام في

ص: 305


1- سنن البيهقي ج: 5 صفحة: 152.
2- سورة الحج: 36.

لكن الأفضل الرجوع إلى الهدي (18) و يتعين عليه الهدي إذا كان الوجدان قبل تمامها (19).

مسألة 7: لا يجب على العاجز عن تمام الثمن الاشتراك مع غيره ببعض ما يجده مع الصوم

(مسألة 7): لا يجب على العاجز عن تمام الثمن الاشتراك مع غيره ببعض ما يجده مع الصوم (20)

______________________________

الحج ثمَّ أصاب هديا يوم خرج من منى قال عليه السّلام: أجزأه صيامه» (1) و عن الخلاف دعوى الإجماع على الإجزاء، و قريب منه خبر أبي بصير عن أحدهما عليهما السّلام قال: «سألته عن رجل تمتع فلم يجد ما يهدي حتى إذا كان يوم النفر وجد ثمن شاة أ يذبح أو يصوم؟ قال عليه السّلام بل يصوم فإن أيام الذبح قد مضت» (2).

(18) لأنه الأصل، و لظهور النصوص في فضله على الصوم مطلقا و لخبر عقبة بن خالد قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل تمتع و ليس معه ما يشتري به هديا، فلما أن صام ثلاثة أيام في الحج أيسر أ يشتري هديا فينحره أو يدع ذلك و يصوم سبعة أيام إذا رجع إلى أهله؟ قال عليه السّلام يشتري هديا فينحره و يكون صيامه الذي صامه نافلة له» (3) و ظاهره و إن كان الوجوب و لكن استقرار الشهرة، بل دعوى الإجماع على الخلاف و معارضته بما تقدم من خبر حماد يوجب حمله على مجرد الأفضلية.

(19) للأصل، و إطلاق أدلة الهدي لمن وجد، و لأن الصوم وظيفة من لم يجد و هذا واجد فلا موضوع للصوم حينئذ و الشك في شمول دليل بدلية الصوم فيه يجزي لعدم الشمول، لأن التمسك به لوجوب الصوم حينئذ تمسك بالدليل في الموضوع المشكوك.

(20) للأصل بعد عدم الدليل، مضافا إلى إطلاق بدلية الصوم.

ص: 306


1- الوسائل باب: 45 من أبواب الذبح حديث: 1.
2- الوسائل باب: 44 من أبواب الذبح حديث: 3.
3- الوسائل باب: 45 من أبواب الذبح حديث: 3.

و إن كان هو الأحوط (21).

مسألة 8: يصوم السبعة الباقية- في بدل الهدي إذا رجع إلى أهله

(مسألة 8): يصوم السبعة الباقية- في بدل الهدي إذا رجع إلى أهله (22)، و لا يجب فيها التوالي (23) و إن كان أحوط (24).

مسألة 9: لو عرض عليه ما يمنع عن صوم الثلاثة في سفره

(مسألة 9): لو عرض عليه ما يمنع عن صوم الثلاثة في سفره وجب

______________________________

(21) لأنه حسن علي كل حال.

(22) كتابا، و سنة، و إجماعا، قال تعالى وَ سَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ (1) و قال الصادق عليه السّلام في الصحيح: «قال رسول صلّى اللّه عليه و آله من كان متمتعا فلم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج و سبعة إذا رجع إلى أهله» (2)، و في موثق ابن خالد قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل تمتع و لم يجد هديا قال عليه السّلام: يصوم ثلاثة أيام بمكة و سبعة إذا رجع إلى أهله» (3).

(23) للأصل، و الإطلاق، و خبر ابن عمار: «أنه سأل أبا الحسن عليه السّلام أنه قدم الكوفة و لم يصم السبعة حتى فرغ في حاجة إلى بغداد قال عليه السّلام صمها ببغداد، قلت: أفرقها؟ قال عليه السّلام: نعم» (4) و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في الموثق: «كل صوم يفرق إلّا ثلاثة أيام في كفارة اليمين» (5).

أقول: الحصر فيه إضافي كما لا يخفى.

(24) لخبر ابن جعفر عن أخيه عليه السّلام قال: «سألته عن صوم ثلاثة أيام في الحج و سبعة أ يصومها متوالية أو يفرق بينها؟ قال عليه السّلام: يصوم الثلاثة: «الأيام» لا يفرق بينها و السبعة لا يفرق بينها و لا يجمع بين السبعة و الثلاثة جميعا» (6)،

ص: 307


1- سورة البقرة: 196.
2- الوسائل باب: 47 من أبواب الذبح حديث: 4.
3- الوسائل باب: 46 من أبواب الذبح حديث: 7.
4- الوسائل باب: 55 من أبواب الذبح حديث: 1.
5- الوسائل باب: 10 من أبواب بقية الصوم الواجب حديث: 1 (كتاب الصوم).
6- الوسائل باب: 55 من أبواب الذبح حديث: 2.

عليه صوم العشرة عند أهله إن كان في ذي الحجة (25) و لا يجب التفريق بين الثلاثة و السبعة (26) و إن كان أولى (27).

مسألة 10: لو أراد المقام بمكة و أراد صوم السبعة فيها

(مسألة 10): لو أراد المقام بمكة و أراد صوم السبعة فيها انتظر أقلّ الأمرين من وصول أصحابه إلى بلده، أو مضى شهر ثمَّ صام (28)

______________________________

و خبر حسين بن زيد عن الصادق عليه السّلام: «السبعة الأيام و الثلاثة الأيام في الحج لا تفرق إنما هي بمنزلة الثلاثة الأيام في اليمين» (1) المحمول على الندب جمعا فلا وجه لما نسب إلى ابن عقيل و أبي الصلاح من وجوبه فيها أيضا.

(25) لجملة من الأخبار: منها صحيح ابن خالد قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل تمتع و لم يجد هديا قال عليه السّلام: يصوم ثلاثة أيام بمكة، و سبعة إذا رجع إلى أهله، فإن لم يقم عليه أصحابه و لم يستطع المقام بمكة فليصم عشرة أيام إذا رجع إلى أهله» (2) المحمول على ما إذا لم يخرج ذو الحجة.

(26) للأصل، و الإطلاق، و ظهور الاتفاق.

(27) جمودا على إطلاق ما تقدم من خبر ابن جعفر عن أخيه عليه السّلام: «لا يجمع بين الثلاثة و السبعة» و لكن الظاهر اختصاصه بمن صام في مكة و لا يشمل غير ذلك.

(28) إجماعا، و نصا، ففي صحيح معاوية بن عمار- في حديث- قال:

«و إن كان له مقام بمكة و أراد أن يصوم السبعة ترك الصيام بقدر مسيره إلى أهله أو شهرا ثمَّ صام بعده» (3) و هذا الصحيح مفصّل يحمل عليه إطلاق خبر المقنع

ص: 308


1- الوسائل باب: 10 من أبواب بقية الصوم الواجب حديث: 1.
2- الوسائل باب: 46 من أبواب الذبح حديث: 7.
3- الوسائل باب: 50 من أبواب الذبح حديث: 2.

و يحسب الشهر من يوم خروجه إلى أهله سواء خرج من مني أو من مكة (29).

مسألة 11: لو مات من وجب عليه و لم يصم بعد التمكن منه

(مسألة 11): لو مات من وجب عليه و لم يصم بعد التمكن منه يصوم عنه وليّه ما وجب عليه (30).

______________________________

عن معاوية أنه سأل الصادق عليه السّلام «عن السبعة الأيام إذا أراد المقام فقال: يصومها إذا مضت أيام التشريق» (1)، و صحيح أبي بصير: «رجل تمتع فلم يجد ما يهدي فصام ثلاثة الأيام فلما قضى نسكه بدا له أن يقيم بمكة سنة قال عليه السّلام: ينتظر منهل أهل بلده، فإذا ظن أنهم دخلوا بلدهم فليصم السبعة الأيام» (2)، و الظاهر أن هذه الأخبار منزلة على الأسفار القديمة. و أما في هذه الأعصار التي يصل الحاج إلى أهله بساعات يسيرة فلا موضوع لها بل ينبغي أن يبحث عن أنه لو تسحر في منى، أو مكة و وصل إلى أهله قبل الظهر و لم يتناول شيئا هل يصح منه هذا الصوم لبدل الهدي أو لا؟

(29) لأنه المنساق من إطلاق الشهر في المقام.

(30) لعموم ما دل على قضاء الولي ما فات عن الميت من الصيام، و خصوص صحيح معاوية عن الصادق عليه السّلام: «من مات و لم يكن له هدي لمتعته فليصم عنه وليه» (3)، و أما صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «عن رجل تمتع بالعمرة و لم يكن له هدي فصام ثلاثة أيام في ذي الحجة ثمَّ مات بعد أن رجع إلى أهله قبل أن يصوم السبعة الأيام أعلى وليه أن يقضي عنه؟ قال عليه السّلام: ما أرى عليه قضاء» (4) فمحمول على ما إذا لم يتمكن من الصوم ثمَّ مات فلا وجه للاستناد إليه في نفي وجوب القضاء مطلقا.

ص: 309


1- مستدرك الوسائل باب: 45 من أبواب الذبح حديث: 3.
2- الوسائل باب: 50 من أبواب الذبح حديث: 3.
3- الوسائل باب: 48 من أبواب الذبح حديث: 1.
4- الوسائل باب: 48 من أبواب الذبح حديث: 2.

فصل في هدي القران

اشارة

فصل في هدي القران

مسألة 1: لا يخرج هدي القران عن ملك سائقه ما لم يشعره

(مسألة 1): لا يخرج هدي القران عن ملك سائقه ما لم يشعره أو يقلّده بعنوان الإحرام (1)، فله أن يتصرف فيه بكل ما شاء و أراد سواء كان بالإتلاف أو بغيره (2).

مسألة 2: لو أشعره أو قلده بعنوان الإحرام وجب عليه نحره

(مسألة 2): لو أشعره أو قلده بعنوان الإحرام وجب عليه نحره أو ذبحه (3).

______________________________

فصل في هدي القران

(1) للأصل، و الإجماع، و صحيح الحلبي قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يشتري البدنة ثمَّ تضل قبل أن يشعرها و يقلدها فلا يجدها حتى يأتي منى فينحر و يجد هديه قال عليه السّلام: إن لم يكن أشعرها فهي ماله إن شاء نحرها و إن شاء باعها و إن كان أشعرها نحرها»(1) الظاهر في أن الإشعار نحو حجر بالنسبة إلى المالك عن إتلافه و إن صح له باقي التصرفات فهو حجر من جهة خاصة لا من كلة جهة.

(2) نصا، و إجماعا، و لقاعدة السلطنة.

(3) لما تقدم في صحيح الحلبي، و يدل عليه الإجماع أيضا، و هل يكون هذا من مجرد الحكم التكليفي أو يثبت حق للفقراء بالنسبة إليه؟ الأول معلوم و الثاني مشكوك، و المرجع فيه الأصل.

ص: 310


1- الوسائل باب: 32 من أبواب الذبح حديث: 1.

و لكن لا يخرج به عن ملكه (4)، فيجوز له جميع التصرفات التي لا تنافي ذبحه أو نحره (5)، و لو نتج كان نتاجه له (6)، و إن وجب عليه ذبحه معه أيضا (7).

مسألة 3: لو عيّنه للذبح أو النحر بالنذر تعين

(مسألة 3): لو عيّنه للذبح أو النحر بالنذر تعين و إن لم يشعر أو لم يقلّد و لا يجوز له إبداله إن تعلق النذر بالفرد المعين (8)، و لو تلف حينئذ بغير تفريط لم يضمنه (9)، بخلاف ما إذا كان النذر مطلقا و عين الفرد في مقام الوفاء ثمَّ تلف فإنه يضمن حينئذ (10).

______________________________

(4) للأصل بعد عدم دليل عليه.

(5) لقاعدة الناس مسلطون على أموالهم «و لا تنافي بين وجوب الذبح و جواز التصرفات غير المنافية له.

(6) لقاعدة تبعية النماء للأصل في الملكية.

(7) لصحيح ابن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «إن نتجت بدنتك فاحلبها ما لم يضرّ بولدها ثمَّ انحرهما جميعا، قلت: أشرب من لبنها و أسقي؟ قال عليه السّلام: نعم- الحديث-» (1)، و في صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «سألته عن البدنة تنتج أ يحلبها؟ قال عليه السّلام: احلبها حلبا غير مضر بالولد ثمَّ انحرهما جميعا قلت يشرب من لبنها؟ قال عليه السّلام نعم و يسقي إن شاء» (2).

(8) لأنه لا وجه لتعلق النذر بفرد معين إلا تعينه لما نذر له سواء كان ذلك لمجرد الحكم التكليفي، أو لأجل تعلق الحق به.

(9) لأصالة البراءة بعد تعين الفرد الخارجي للنذر و عدم صدور ما يوجب الضمان من الناذر، فلا مجرى لقاعدة الاشتغال فيه.

(10) لأصالة عدم فراغ الذمة بعد اشتغالها بالكلي و تعين الفرد في

ص: 311


1- الوسائل باب: 34 من أبواب الذبح حديث: 6.
2- الوسائل باب: 34 من أبواب الذبح حديث: 7.
مسألة 4: يذبح هدي السياق بمنى إن كان للحج

(مسألة 4): يذبح هدي السياق بمنى إن كان للحج، و بمكة إن كان للعمرة (11).

مسألة 5: لو هلك هدي القران بلا تفريط

(مسألة 5): لو هلك هدي القران بلا تفريط و كان تطوعا لم يضمن، و إن كان واجبا عليه بنذر أو كفارة ضمن (12).

مسألة 6: لو عجز هدي القران بعد إشعاره أو تقليده عن الوصول إلى المحل

(مسألة 6): لو عجز هدي القران بعد إشعاره أو تقليده عن الوصول إلى المحل ذبح في محل العجز و صرف في مصرفه (13) و مع عدم المصرف ذبح، و علّم بعلامة تدل على أنّه مذكّى لينتفع به من يمر به (14)،

______________________________

الخارج لا أثر له في فراغ الذمة إلا بالذبح كما في جميع موارد الحقوق المتعلقة بالذمة، فإنها لا تفرغ بالتعين الخارجي و تلف ما عين.

(11) نصا، و إجماعا، قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في الموثق: «لا هدي إلّا من الإبل و لا ذبح إلا بمنى» (1) المحمول على هدي الحج بقرينة غيره و قوله عليه السّلام: «لا هدي إلا من الإبل» محمول على الأفضلية جمعا بينه و بين سائر الأخبار، و في الموثق أيضا: «سقت في العمرة بدنة فأين أنحرها؟ قال عليه السّلام: بمكة» (2).

(12) لصحيح الحلبي على ما سيأتي.

(13) لصحيح ابن مسلم سئل أحدهما عليهما السّلام: «عن الهدي الذي يقلد أو يشعر ثمَّ يعطب فقال عليه السّلام: إن كان تطوعا فليس عليه غيره و إن كان جزاء أو نذرا فعليه بدنة» (3)، و مثله صحيح ابن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سألته عن رجل أهدى هديا فانكسرت، فقال عليه السّلام: إن كانت مضمونة فعليه مكانها، و المضمون ما كان نذرا أو جزاء أو يمينا، و له أن يأكل منها، فإن لم يكن مضمونا فليس عليه شي ء» (4).

(14) للنصوص الدالة عليه، ففي صحيح حفص بن البختري قال: «قلت

ص: 312


1- الوسائل باب: 4 من أبواب الذبح حديث: 6.
2- الوسائل باب: 4 من أبواب الذبح حديث: 3.
3- الوسائل باب: 25 من أبواب الذبح حديث: 1.
4- الوسائل باب: 25 من أبواب الذبح حديث: 2.

و لا يجب عليه إبداله إلّا إذا كان مضمونا بنذر أو كفارة، فيجب الإبدال مع ذلك (15).

مسألة 7: لو أصاب هدي السياق كسرا جاز بيعه و الأفضل التصدق بثمنه

(مسألة 7): لو أصاب هدي السياق كسرا جاز بيعه و الأفضل التصدق بثمنه (16).

______________________________

لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل ساق الهدي فعطب في موضع لا يقدر على من يتصدق به عليه و لا يعلم أنه هدي قال عليه السّلام: ينحره و يكتب كتابا أنه هدي يضعه عليه ليعلم من مر به أنه صدقة» (1) و يأتي في المسألة الثانية بعض ما يتعلق بالمقام.

(15) لصحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «و إن كان الهدي الذي انكسر و هلك مضمونا فإن عليه أن يبتاع مكان الذي انكسر أو هلك و المضمون هو الشي ء الواجب عليك في نذر أو غيره و إن لم يكن مضمونا و إنما هو شي ء تطوع به فليس عليه أن يبتاع مكانه إلا أن يشاء أن يتطوع» (2).

(16) كما عن جمع منهم المحقق في الشرائع، لعدم الخروج بمجرد السياق عن ملكه و إنما وجب عليه ذبحه في محله فإذا تعذر ذلك سقط و حينئذ فيجوز بيعه، لقاعدة السلطنة، و في صحيح ابن مسلم سئل أحدهما عليهما السّلام: «عن الهدي الواجب إذا أصابه كسر أو عطب أ يبيعه صاحبه و يستعين بثمنه في هدي آخر؟ قال عليه السّلام: يبيعه و يتصدق بثمنه و يهدي هديا آخر» (3)، و في خبر الحلبي:

«سألته عن الهدي الواجب إذا أصابه كسر، أو عطب أ يبيعه صاحبه و يستعين بثمنه على هدي آخر؟ قال عليه السّلام يبيعه و يتصدق بثمنه و يهدي هديا آخر» (4) و هما

ص: 313


1- الوسائل باب: 31 من أبواب الذبح حديث: 1.
2- الوسائل باب: 31 من أبواب الذبح حديث: 4.
3- الوافي ج: 8 باب: 147 من أبواب أفعال العمرة و الحج و مقدماتها صفحة: 171 و لكن في الوسائل «لا يبيعه فان باعه فليتصدق» فراجع باب: 27 من أبواب الذبح حديث: 2.
4- الوسائل باب: 27 من أبواب الذبح حديث: 1.
مسألة 8: لو ضلّ هدي السياق فذبحه الواجد عن صاحبه أجزأ عنه

(مسألة 8): لو ضلّ هدي السياق فذبحه الواجد عن صاحبه أجزأ عنه و إن كان واجبا عليه بلا فرق بين معرفة صاحبه و عدمه، و بين كون الضلال عن تفريط و عدمه (17).

مسألة 9: لو كان ما ساقه متبرعا به يجوز له الانتفاع به

(مسألة 9): لو كان ما ساقه متبرعا به يجوز له الانتفاع به، و شرب لبنه ما لم يضرّ بولده الذي حصل بعد الإشعار أو التقليد (18)، و لو كان ما أشعره واجبا- كالكفّارة، و النذر- فالأحوط عدم الانتفاع بشي ء منه و لو فعل ضمن مثله أو قيمته لمساكين الحرم (19).

______________________________

في الهدي الواجب و يمكن أن يستفاد منهما جواز بيع الهدي المندوب مع العطب و الكسر بالأولى، و يحمل التصدق بالثمن على الندب بمناسبة الحكم و الموضوع، و يمكن جعل هذين الخبرين قرينة على أن ما ورد من الأخبار في المسألة السابقة ليس على وجه التعيين، بل إنما ورد لبيان فرد من أفراد التخيير، فيتخير مع العطب أو الكسر أو نحوهما مما يوجب عدم تمكن الهدي من الوصول إلى محله بين ذبحه أو بيعه و التصدق بثمنه على وجه الندب، و بين هبته حيا إلى شخص فقير، و حينئذ فإن كان مندوبا لا يجب عليه الإبدال و إلا وجب ذلك و ليس في ذلك مخالفة لقاعدة و لا إجماع معتبر.

(17) كل ذلك لإطلاق صحيح ابن حازم عن الصادق عليه السّلام: «في الرجل يضل هديه فوجده رجل آخر فينحره قال عليه السّلام: إن كان نحره بمنى فقد أجزأ عن صاحبه الذي ضل عنه، و إن كان نحره في غير منى فلم يجز عن صاحبه» (1).

المحمول بالنسبة إلى هدي السياق على ما إذا كان للعمرة لا بد من نحره في مكة.

و يمكن تطبيق الحكم على القاعدة بعد عدم اعتبار المباشرة في الذبح.

(18) تقدم ما يتعلق بهذه المسألة في (مسألة 2).

(19) دليله منحصر بإجماع المنتهى و لا دليل له غير ذلك، و مقتضى

ص: 314


1- الوسائل باب: 28 من أبواب الذبح حديث: 2.
مسألة 10: يجب عليه ذبح الولد الذي حصل منها بعد تعيينها للذبح

(مسألة 10): يجب عليه ذبح الولد الذي حصل منها بعد تعيينها للذبح (20)، أما إذا كان موجودا قبل السوق و لم يقصد الناسك سياقه مع ما ساقه فلا يجب ذبحه و لا يضمن نقصه (21).

مسألة 11: الصوف، و الشعر تابع للهدي

(مسألة 11): الصوف، و الشعر تابع للهدي من غير فرق بين الموجود حال الإشعار أو المتجدّد بعده (22) إلّا مع الإضرار فيتصدق به على مساكين الحرم (23).

مسألة 12: كل هدي- كفارة، أو فداء، أو نذر لا يجوز لصاحبه الأكل منه

(مسألة 12): كل هدي- كفارة، أو فداء، أو نذر لا يجوز لصاحبه الأكل منه (24).

______________________________

الإطلاقات و العمومات، و عدم الخروج عن الملك الجواز فيهما أيضا. إلّا أن يقال: بانصرافهما عنها، و تقتضيه مرتكزات المتشرعة أيضا.

(20) لصحيح ابن مسلم: «عن البدنة تنتج أ يحلبها؟ قال عليه السّلام: احلبها حلبا غير مضرّ بالولد ثمَّ انحرهما جميعا» (1) و إطلاقه يشمل ما إذا لم يقصد الناسك سوق الولد.

(21) للأصل بعد ظهور النصوص في غيره.

(22) نسب هذا الإطلاق إلى الأصحاب، و تقتضيه المرتكزات من تنزههم عن التصرف فيه حتى في الصوف و الشعر. نعم ورد النص في اللبن- كما مر.

و أما بحسب القواعد فلا بد و أن يفرق بين كون الهدي مندوبا أو واجبا فلا يصح في الأخير دون الأول.

(23) لما يظهر منهم التسالم عليه.

(24) إجماعا كما عن العلامة، و لتعلق حق الفقراء به، و لصحيح الحلبي

ص: 315


1- الوسائل باب: 34 من أبواب الذبح حديث: 7.

و لا يجوز إعطاء الجزّارين منها شيئا (25)، و هدي السياق المتبرع به ثلثه

______________________________

قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن فداء الصيد يأكل صاحبه من لحمه؟ قال عليه السّلام:

يأكل من أضحيته و يتصدق بالفداء» (1) و قال عليه السّلام أيضا: «كل هدي من نقصان الحج فلا يأكل منه، و كل هدي من تمام الحج فكل» (2)، و خبر أبي البحتري عن جعفر عن أبيه عليهم السّلام: «أن علي بن أبي طالب عليه السّلام كان يقول: لا يأكل المحرم عن الفدية و لا الكفارات، و لا جزاء الصيد، و يأكل مما سوى ذلك» (3)، و عن أبي جعفر عليه السّلام في خبر السكوني: «إذا أكل الرجل من الهدي تطوعا فلا شي ء عليه، و إن كان واجبا فعليه قيمة ما أكل» (4).

و أما خبر عبد الملك القمي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «يؤكل من كل هدي نذرا كان أو جزاء» (5)، و كذا خبر ابن بشير عن الصادق عليه السّلام: «عن البدن التي تكون جزاء الأيمان و النساء و لغيره يؤكل منها؟ قال عليه السّلام: نعم يؤكل من كل البدن» (6)، و كذا خبر ابن يحيى الكاهلي عنه عليه السّلام أيضا: «يؤكل من الهدي كله مضمونا كان أو غير مضمون» (7)، و غيره من الأخبار.

فموهون بالاعراض، و الشهرة المحققة على الخلاف، فلا وجه لاحتمال معارضتها مع ما ذكر، مع أن الأكل من الصدقة و الجزاء، فيه نحو استنكار عرفي.

(25) لتعلق حق الفقراء به، و لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح معاوية بن عمار في الإهاب: «تصدق به أو تجعله مصلي تنتفع به في البيت و لا تعطه الجزارين، قال: نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يعطى جلالها و جلودها و قلائدها الجزارين، و أمر أن يتصدق بها» (8) و ما دل على الخلاف محمول على الأضحية

ص: 316


1- الوسائل باب: 40 من أبواب الذبح حديث: 15.
2- الوسائل باب: 40 من أبواب الذبح حديث: 4.
3- الوسائل باب: 40 من أبواب الذبح حديث: 27.
4- الوسائل باب: 40 من أبواب الذبح حديث: 5.
5- الوسائل باب: 40 من أبواب الذبح حديث: 10.
6- الوسائل باب: 40 من أبواب الذبح حديث: 7.
7- الوسائل باب: 40 من أبواب الذبح حديث: 6.
8- الوسائل باب: 43 من أبواب الذبح حديث: 5.

للناسك و أهله و يتصدق بثلثه، و يهدي بالثلث الأخر (26).

______________________________

المندوبة و الأحوط أنه لو جعله مصلّي أن يتصدق بثمنه.

(26) على ما تقدم في هدي التمتع، و حيث أن هدي السياق خرج عن مورد الابتلاء منذ قرون لا وجه للبحث فيه أكثر من ذلك.

ص: 317

فصل في الأضحية المندوبة

اشارة

فصل في الأضحية المندوبة يستحب الأضحية لكل من تمكن منها مؤكدا (1)، و في بعض الأخبار أنها واجبة لمن وجد، و أنه يغفر لصاحبها عند أول قطرة تقطره تقطر من دمها (2).

مسألة 1: من لم يجد فليستقرض و يضحّي

(مسألة 1): من لم يجد فليستقرض و يضحّي، فإنها دين مقضي (3)،

______________________________

فصل في الأضحية المندوبة

(1) نصا، و إجماعا و يأتي التعرض لبعض النصوص.

(2) ففي صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «الأضحية واجبة على من وجد من صغير أو كبير و هي سنّة» (1)، و في موثق ابن الفضيل عن الصادق عليه السّلام: «إن رجلا سأله عن الأضحى فقال عليه السّلام: هو واجب على كل مسلم إلا من لم يجد- الحديث-» (2) و إرادة الندب المؤكد من الوجوب شائع في الأخبار، و عن علي عليه السّلام: «لو علم الناس ما في الأضحية لاستدانوا و ضحوا إنه ليغفر لصاحب الأضحية عند أول قطرة تقطر من دمها» (3).

و نسب إلى ابن الجنيد القول بالوجوب تمسكا بظاهر بعض الأخبار و لكنه مناف للأصل، و الإجماع، و لظاهر جملة أخرى من الأخبار.

(3) لمرسل الصدوق قال: «جاءت أم سلمة رضي اللّه عنها إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله فقالت: يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يحضر الأضحى و ليس عندي ثمن الأضحية

ص: 318


1- الوسائل باب: 60 من أبواب الذبح حديث: 3.
2- الوسائل باب: 60 من أبواب الذبح حديث: 5.
3- الوسائل باب: 64 من أبواب الذبح حديث: 1.

بل يكره الترك (4)، بل الأحوط الفعل (5).

مسألة 2: يصح التبرع بالأضحية عن الحي و الميت

(مسألة 2): يصح التبرع بالأضحية عن الحي و الميت، و المتحد، و المتعدد، و الذكر و الأنثى (6).

______________________________

فأستقرض و أضحي؟ قال صلّى اللّه عليه و آله: استقرضي فإنه دين يقضى» (1) المحمول كل ذلك على الندب إجماعا و في النبوي: «كتب عليّ النحر و لم يكتب عليكم» (2).

(4) لصحيح ابن سنان عن الصادق عليه السّلام قال: «سئل عن الأضحى أ واجب هو على من وجد لنفسه و عياله؟ فقال عليه السّلام: أما لنفسه فلا يدعه، و أما لعياله إن شاء تركه» (3) المحمول على الكراهة إجماعا.

(5) لما تقدم من القول بوجوبها، جمودا على ظاهر بعض الأخبار المتقدمة.

(6) نصا، و إجماعا، و لأنه إحسان محض لا ريب في حسنه عقلا و شرعا بالنسبة إلى الفرد و الجمع، و يدل على الأخير تضحية النبي صلّى اللّه عليه و آله عن أمته كبشا، ففي مرسل الفقيه: «ضحى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بكبشين ذبح واحدا بيده، و قال: اللّهم هذا عني و عمن لمن يضح من أهل بيتي، و ذبح الآخر و قال: اللّهم هذا عني و عمن لم يضح من أمتي» (4)، و في مرسلة الآخر: «كان أمير المؤمنين عليه السّلام يضحي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كل سنة بكبش يذبحه و يقول: «بسم اللّه وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ حَنِيفاً مسلما وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلاتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيايَ وَ مَماتِي لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، اللّهم منك و لك» و يقول: «اللّهم هذا عن نبيك، ثمَّ يذبحه و يذبح كبشا آخر عن نفسه» (5) و عن علي عليه السّلام: «لا يضحى عمن في البطن» (6).

ص: 319


1- الوسائل باب: 64 من أبواب الذبح حديث: 2.
2- مسند ابن حنبل ج: 1 ص 317.
3- الوسائل باب: 60 من أبواب الذبح حديث: 1.
4- الوسائل باب: 60 من أبواب الذبح حديث: 6.
5- الوسائل باب: 60 من أبواب الذبح حديث: 7.
6- الوسائل باب: 60 من أبواب الذبح حديث: 8.
مسألة 3: وقت الأضحية بمنى أربعة أيام أوّلها يوم النحر

(مسألة 3): وقت الأضحية بمنى أربعة أيام أوّلها يوم النحر، و في غيرها ثلاثة أيام أوّلها يوم النحر (7)، و الأفضل يوم العيد بعد طلوع

______________________________

و في مرسل الصدوق: «ذبح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن نسائه البقرة» (1) قال: «و كان علي عليه السّلام يقول: ضح بثني فصاعدا، و اشتره سليم الأذنين و العينين، و استقبل القبلة، و قل حين تريد أن تذبح: وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ حَنِيفاً مسلما وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِنَّ صَلاتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيايَ وَ مَماتِي لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَ بِذلِكَ أُمِرْتُ و أنا من المسلمين، اللّهم منك و لك، اللّهم تقبل مني، بسم اللّه الذي لا إله إلا هو، و اللّه أكبر و صلى اللّه على محمد و على أهل بيته، ثمَّ كل و اطعم» (2)، و عن الكاظم عليه السّلام في موثق ابن جعفر «سألته عن الأضحية فقال عليه السّلام: ضحّ بكبش أملح أقرن فحلا سمينا، فإن لم تجد كبشا سمينا فمن فحولة المعز أو موجوء من الضأن أو المعز، فإن لم تجد فنعجة من الضأن سمينة» (3)، و عن الفقيه قال: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله استفرهوا ضحاياكم فإنها مطاياكم على الصراط» (4).

(7) إجماعا، و نصا، ففي صحيح ابن جعفر عن أخيه عليه السّلام: «سألته عن الأضحى كم هو بمنى؟ قال عليه السّلام: أربعة أيام، و سألته عن الأضحى في غير منى فقال عليه السّلام ثلاثة أيام» (5)، و عن الساباطي عن الصادق عليه السّلام قال: «سألته عن الأضحى فقال عليه السّلام أربعة أيام، و عن الأضحى في سائر البلدان فقال عليه السّلام ثلاثة أيام» (6).

و أما قول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح ابن مسلم: «الأضحى يومان بعد يوم النحر و يوم واحد بالأمصار» (7)، و قول الصادق عليه السّلام في خبر الأسدي: «أما بمنى

ص: 320


1- الوسائل باب: 60 من أبواب الذبح حديث: 9.
2- الوسائل باب: 60 من أبواب الذبح حديث: ذيل 12.
3- الوسائل باب: 60 من أبواب الذبح حديث: 12.
4- الوسائل باب: 62 من أبواب الذبح حديث: 1.
5- الوسائل باب: 6 من أبواب الذبح حديث: 1.
6- الوسائل باب: 6 من أبواب الذبح حديث: 2.
7- الوسائل باب: 6 من أبواب الذبح حديث: 7 و 6.

الشمس إلى أن يمضي قدر صلاة العيد (8).

مسألة 4: يجزي الهدي عن الأضحية

(مسألة 4): يجزي الهدي عن الأضحية (9).

مسألة 5: لو لم يجد الأضحية يستحب التصدق بثمنها

(مسألة 5): لو لم يجد الأضحية يستحب التصدق بثمنها و مع اختلاف الأثمان يجزي الأدنى و الأولى جمع الأعلى و الوسط و الأدنى، و التصدق بثلث الجميع، و يأخذ من القيمتين النصف، و من الأربع الربع (10)، و هكذا.

______________________________

فثلاثة أيام و أما في البلدان فيوم واحد» (1) فمحمول على الندب و الاستباق إلى الخير.

(8) لموثق سماعة عن الصادق عليه السّلام: «قلت له: متى تذبح؟ قال عليه السّلام إذا انصرف الإمام، قلت: فإذا كنت في أرض ليس فيها إمام فأصلي بهم جماعة فقال عليه السّلام إذا استقلت الشمس» المحمول على الندب بقرينة غيره.

(9) لصحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «يجزي الهدي عن الأضحية» (2)، و في صحيح ابن مسلم: «يجزي في الأضحية هديه» (3)، و الجمع أولى بعنوان الرجاء.

(10) لظهور الإجماع، و يدل على الأخير أيضا خبر عبد اللّه: «كنا بمكة فأصابنا غلاء في الأضاحي فاشترينا بدينار، ثمَّ بدينارين، ثمَّ بلغت سبعة ثمَّ لم توجد بقليل و لا كثير، فوقع عليه السّلام انظروا إلى الثمن الأول و الثاني و الثالث ثمَّ تصدقوا بمثل ثلثه» (4) و الظاهر أن الثلث من باب مورد السؤال و إلا فمن القيمتين يؤخذ النصف، و من الأربع الربع و هكذا، و اقتصار الأصحاب على الثلث إنما هو تبعا للرواية.

ص: 321


1- الوسائل باب: 29 من أبواب صلاة العيد حديث: 3 (كتاب الصلاة).
2- راجع الوافي ج: 8 صفحة 169 باب: 145 من أبواب بدو المشاعر و المناسك.
3- الوسائل باب: 60 من أبواب الذبح حديث: 2.
4- الوسائل باب: 58 من أبواب الذبح حديث: 1.
مسألة 6: يجوز ادخار لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام

(مسألة 6): يجوز ادخار لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام (11).

مسألة 7: مصرف الأضحية مصرف الهدي الواجب على ما تقدّم

(مسألة 7): مصرف الأضحية مصرف الهدي الواجب على ما تقدّم، لكنه هنا على نحو من الأفضلية (12).

مسألة 8: يجوز بيع لحوم الأضحية بقصد التصدق بثمنها

(مسألة 8): يجوز بيع لحوم الأضحية بقصد التصدق بثمنها (13)، و هل يجوز بيع اللحوم بقصد تملّك الثمن؟ فيه إشكال (14).

______________________________

(11) للأصل، و قاعدة السلطنة، و قول أبي عبد الهّث عليه السّلام في موثق أبي الصباح: «نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن لحوم الأضاحي بعد ثلاث، ثمَّ أذن فيها و قال:

كلوا من لحوم الأضاحي بعد ذلك و ادخروا» (1)، و في خبر جابر الأنصاري قال:

«أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن لا نأكل لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام، ثمَّ أذن لنا أن نأكل و نقدّد و نهدي إلى أهلينا» (2) إلى غير ذلك من الأخبار.

و ما دل على المنع- كقوله عليه السّلام: «لا يتزوّد الحاج من أضحيته و له أن يأكل منها بمنى أيامها» (3) و مثله غيره و ما تقدم منسوخ بهذه الأخبار.

(12) تقدم في مصرف الهدي الواجب قصور الأدلة عن إثبات إيجاب الأكل، و الهدية، و التصدق فهنا أولى، فيجوز له أكل الكل، و إهداء الكل، و كذا التصدق بالكل، للأصل كما صرح به في المستند.

(13) للأصل، و قاعدة السلطنة.

(14) أما أصل الجواز فلا إشكال فيه، لقاعدة السلطنة- كما تقدم- و أما كونه من الأضحية ففيه إشكال، لاحتمال الانصراف عنه إلّا أن يقال: إنها عبارة عن مجرد الذبح بهذا القصد، لكنه مخالف لظواهر الأخبار، و سيرة المسلمين في الأعصار و الأمصار.

ص: 322


1- الوسائل باب: 41 من أبواب الذبح حديث: 1.
2- الوسائل باب: 41 من أبواب الذبح حديث: 2.
3- الوسائل باب: 42 من أبواب الذبح حديث: 3.
مسألة 9: يجوز قصد الأضحية و العقيقة بشاة

(مسألة 9): يجوز قصد الأضحية و العقيقة بشاة (15).

مسألة 10: يستحب التصدق بجلود الأضاحي

(مسألة 10): يستحب التصدق بجلود الأضاحي، بل يكره أخذها و إعطاؤها أجرة للجزار (16).

مسألة 11: يكره التضحية بالثور و الموجوء

(مسألة 11): يكره التضحية بالثور و الموجوء، و ما رباه (17).

______________________________

(15) للإطلاق في كل منهما و لكن الأحوط الترك.

(16) لقول الصادق عليه السّلام في رواية ابن عمار: «ينتفع بجلد الأضحية و يشتري به المتاع، و إن تصدق به فهو أفضل» (1)، و في صحيح ابن جعفر عن أخيه عليه السّلام قال: «سألته عن جلود الأضاحي هل يصلح لمن ضحى بها أن يجعلها جرابا؟ قال عليه السّلام لا يصلح أن يجعلها جرابا إلا أن يتصدق بثمنها» (2) المحمول على الكراهة.

(17) تقدم ما يدل على كراهة الأولين في الهدي، و يدل على الأخير خبر ابن الفضيل عن أبي الحسن عليه السّلام قال: قلت «جعلت فداك كان عندي كبش سمين لأضحى به فلما أخذته و أضجعته نظر إليّ فرحمته و رفقت عليه ثمَّ إني ذبحته فقال عليه السّلام لي: ما كنت أحب لك أن تفعل، لا تربينّ شيئا من هذا ثمَّ تذبحه» (3)، و عن الكاظم عليه السّلام في مرسل الفقيه: «لا يضحى بشي ء من الدواجن» (4) و الدجن:

الشاة التي تألفت البيت كما عن بعض اللغويين. و الظاهر أن ذكر الشاة من باب المثال و إلا فكل ما يألف بالبيت يسمى داجنا و يقال: دجنه في بيته إذا ألفه و لزمه.

ثمَّ إنه ذكر المحقق في الشرائع كراهة التضحية بالجاموس أيضا و لم أجد له نص إلّا أن يستفاد من كراهة التضحية بالثور (5)، و ادعاء بعض الاتفاق على كراهة تضحية الجاموس و ثبوته مشكل.

ص: 323


1- الوسائل باب: 43 من أبواب الذبح حديث: 2.
2- الوسائل باب: 43 من أبواب الذبح حديث: 4.
3- الوسائل باب: 61 من أبواب الذبح حديث: 1.
4- الوسائل باب: 61 من أبواب الذبح حديث: 2.
5- راجع صفحة: 284.

فصل في الحلق أو التقصير

اشارة

فصل في الحلق أو التقصير الثالث من أفعال منى الحلق أو التقصير:

مسألة 1: يجب الحلق أو التقصير- على التخيير- بمنى

(مسألة 1): يجب الحلق أو التقصير- على التخيير- بمنى بعد ذبح الهدي، و قبل المضيّ إلى الطواف (1).

______________________________

فصل في الحلق أو التقصير

(1) أما أصل الوجوب في الجملة فيدل عليه الإجماع، و النصوص، قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في الصحيح: «إذا ذبحت أضحيتك فاحلق رأسك، و اغتسل، و قلّم أظفارك، و خذ من شاربك» (1)، و في خبر أبي بصير قال: «سألته عن رجل جهل أن يقصّر من رأسه أو يحلق حتى ارتحل من منى؟ قال عليه السّلام: فليرجع إلى منى حتى يحلق شعره أو يقصر- الحديث-» (2) إلى غير ذلك مما يأتي من الأخبار، كما يأتي ما يدل على التخيير بينهما، فما نسب إلى التبيان، و مجمع البيان من الندب شاذ مردود.

و أما كونه بمنى فيدل عليه الإجماع، و النصوص منها ما تقدم من خبر أبي بصير، و منها قول الصادق عليه السّلام لسعيد الأعرج: «إن لم يكن عليهنّ ذبح فليأخذن من شعورهن و يقصّرن من أظفارهن و يمضين إلى مكة في وجوههن» (3)، و تدل عليه السيرة المستمرة خلفا عن سلف بحيث يجعلونه من الواجبات.

ص: 324


1- الوسائل باب: 1 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 1.
2- الوسائل باب: 5 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 4.
3- الوسائل باب: 17 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 2.

و وقته إلى آخر أيام التشريق (2)، و إن كان الأحوط أن يكون في يوم النحر بعد الذبح (3).

______________________________

فما نسب إلى الغنية، و الإصباح من أنه ينبغي أن يكون بمنى فإن أراد الوجوب فلا خلاف في البين، و إن أراد الندب فلا وجه له و أما في خبر مسمع قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل نسي أن يحلق رأسه أو يقصر حتى نفر، قال عليه السّلام: يحلق في الطريق أو أين كان» (1)، و خبر أبي بصير عن الصادق عليه السّلام:

«في رجل زار البيت و لم يحلق رأسه قال عليه السّلام: يحلق بمكة و يحمل شعره إلى منى و ليس عليه شي ء» (2) فمحمول على من لم يتمكن من العود إلى منى.

و أما كونه بعد الذبح، فلظاهر جملة من النصوص منها: قول الصادق عليه السّلام في خبر عمر بن يزيد: «إذا ذبحت أضحيتك فاحلق رأسك، و اغتسل، و قلّم أظفارك، و خذ من شاربك» (3)، و قوله عليه السّلام في خبر ابن دراج:

«تبدأ بمنى بالذبح قبل الحلق، و في العقيقة بالحلق قبل الذبح» (4) و يأتي ما يدل عليه في المسائل الآتية.

(2) للأصل، و الإطلاقات خصوصا إطلاق قوله تعالى وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ (5) و الذبح يمتد وقته من طلوع الشمس من يوم النحر إلى آخر اليوم الثالث عشر اختيارا فيمتد وقت الحلق أو التقصير أيضا كذلك.

(3) نسب إلى المشهور أنه يجب أن يكون الحلق أو التقصير يوم النحر،

ص: 325


1- الوسائل باب: 5 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 2.
2- الوسائل باب: 6 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 7.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 1.
4- الوسائل باب: 39 من أبواب الذبح حديث: 3.
5- سورة البقرة 196.

مسألة 2: يتخير بين الحلق أو التقصير، و الحلق أفضل- خصوصا للملبّد، و الصّرورة، و معقوص الشعر

(مسألة 2): يتخير بين الحلق أو التقصير، و الحلق أفضل- خصوصا للملبّد، و الصّرورة، و معقوص الشعر (4)،-

______________________________

لخبر عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم النحر يحلق رأسه» (1)، و الأخبار الدالة على حلية كل شي ء حرم على المحرم يوم النحر إلّا النساء- التي يأتي بعضها، و للاتفاق على الإجزاء فيه دون غيره.

و الكل مردود. أما الأول: فلأنه لا يدل على أزيد من الجواز.

و أما الثاني: فلأن حلية المحرمات الإحرامية إلّا النساء في يوم النحر على فرض التقصير أعم من وجوبه فيه و يصح حتى مع استحبابه فيه، و كذا الأخير، لأن الإجزاء غير الوجوب، و لذا ذهب أبو الصلاح إلى امتداده الى آخر أيام التشريق، و لكن لا يزور البيت قبله و استحسنه العلامة رحمه اللّه في المنتهى و التذكرة.

(4) البحث في أصل الوجوب التخييري و عدم تعيين أحدهما.

تارة: بحس الأصل.

و أخرى: بحسب الإجماع.

و ثالثة: بحسب الأدلة.

و رابعة: بحسب الاعتبار.

أما الأول: التعيين تكليف زائد مقتضى الأصل عدمه مطلقا ما لم يدل عليه دليل بالخصوص.

أما الثاني: فلا إجماع على أصل التخيير مطلقا حتى بالنسبة إلى الثلاثة، و لا على التعيين بالنسبة إلى الثلاثة و إن ذهب إليه جمع من القدماء على اختلاف تعبيراتهم. نعم، المشهور هو التخيير حتى بالنسبة إلى الثلاثة و اتفقت الكلمة على التخيير بالنسبة إلى غيرهم.

ص: 326


1- الوسائل باب: 1 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 12.

.....

______________________________

و أما الأدلة فهي على أقسام:

منها: الآية الكريمة لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَ مُقَصِّرِينَ (1) بعد الإجماع على عدم وجوب الجمع بينهما، و أرسل في مجمع البيان إرسال المسلمات أنها تدل على التخيير، و أما الحمل على الجمع باعتبار الثلاثة و غيرهم فهو و إن اقتضاه ظاهر كلمة الواو، و لكنه موجب للإجمال في هذا الحكم العام البلوى مع شدة الاحتياج إلى البيان، و لو فرض دلالتها على تعيين الحلق للثلاثة تكون إرشادا محضا بالنسبة إلى الملبد، و المعقوص في الأزمنة القديمة التي كانت تجتمع الوساخة في الشعور خصوصا في الأسفار سيما مع كشف الرأس و تجرده عن الغطاء و نحوه و بالجملة استفادة الوجوب التعييني مع هذه القرائن مشكل جدا.

و منها: صحيح الحلبي: «من لبّد شعره أو عقصه فليس له أن يقصر و عليه الحلق، و من لم يلبد تخير إن شاء قصر و إن شاء حلق، و الحلق أفضل» (2)، و في صحيح ابن سالم: «إذا عقص الرجل رأسه أو لبده في الحج أو العمرة فقد وجب عليه الحلق» (3).

و منها: خبر أبي سعيد: «يجب الحلق على ثلاثة نفر: رجل لبّد و رجل حج بدء لم يحج قبلها، و رجل عقص رأسه» (4)، و في خبر أبي بصير: «على الصرورة أن يحلق رأسه و لا يقصر إنما التقصير لمن قد حج حجة الإسلام» (5) و صحيح معاوية: «إذا أحرمت فعقصت شعر رأسك، أو لبدته فقد وجب عليك الحلق و ليس لك التقصير، و إن أنت لم تفعل فمخير لك التقصير و الحلق في الحج و ليس في المتعة إلا التقصير» (6)، و في صحيحه الآخر: «ينبغي للصرورة أن يحلق و إن كان قد حج فإن شاء قصر و إن شاء حلق، فإذا لبّد شعره أو عقصه فإن عليه

ص: 327


1- سورة الفتح: 28.
2- الوسائل باب: 7 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 15.
3- الوسائل باب: 7 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 2.
4- الوسائل باب: 7 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 3.
5- الوسائل باب: 7 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 5.
6- الوسائل باب: 7 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 8.

.....

______________________________

الحلق و ليس له التقصير» (1)، و في خبر ابن خالد: «ليس للصرورة أن يقصّر و عليه أن يحلق» (2) و في خبر عمار: «عن رجل برأسه قروح لا يقدر على الحلق فقال عليه السّلام إن كان قد حج قبلها، فليجز شعره، و إن كان لم يحج فلا بد له من الحلق» (3).

و يرد عليها .. أولا: وهنها بهجر الأصحاب عنها، منهم المحقق، و الشهيدان و غيرهم من الأعاظم.

و ثانيا: خبر عمار: «و إن كان لم يحج فلا بد له من الحلق» مع كونه مخالفا لقاعدة الحرج لأن برأسه قروح كيف يصح الأخذ بإطلاقه.

و ثالثا: إن التعليل في خبر ابن مهران «كيف صار الحلق على الصرورة واجبا دون من قد حج؟ قال عليه السّلام ليصير بذلك موسما بسمة الآمنين، ألا تسمع قول اللّه عز و جل لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَ مُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ (4) ظاهر في أنه من الآداب، و كذا صحيح الحلبي: «استغفر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله للمحلقين ثلاث مرات» (5)، و حسن حريز قال:

«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم الحديبية: اللّهم اغفر للمحلقين مرتين، قيل:

و للمقصرين يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: و للمقصرين» (6) فإن مثل هذه التعبيرات من أمارات الرجحان لا الوجوب، و ذكر الوجوب و إرادة الندب شائع في الأخبار، و كذا إرادة الندب فيما هو ظاهر في الوجوب و لا ريب في أفضلية الحلق من التقصير، لأنه نحو تذلل للّه تعالى، و في الدعاء المأثور عن السجاد عليه السّلام في الصلاة على آدم: «و المنيب الذي لم يصر على معصيتك و سائق المتذللين يحلق رأسه في حرمك»، و قوله عليه السّلام أيضا: «و أول مجتبى للنبوة برحمتك و ساحف شعر رأسه تذللا في حرمك» و السحف بمعنى الحلق فالجزم بالوجوب مشكل.

ص: 328


1- الوسائل باب: 7 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 1.
2- الوسائل باب: 7 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 4.
3- الوسائل باب: 7 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 14.
4- الوسائل باب: 7 من أبواب الحلق و التقصير حديث:.
5- الوسائل باب: 7 من أبواب الحلق و التقصير حديث:.
6- الوسائل باب: 7 من أبواب الحلق و التقصير حديث:.

بل هو الأحوط (5)، و ليس على النساء حلق، و يتعين عليهن التقصير (6)، بل الحلق حرام عليهن (7).

مسألة 3: هل يكون وجوب الحلق- على فرضه- نفسيا أو غيريا؟

(مسألة 3): هل يكون وجوب الحلق- على فرضه- نفسيا أو غيريا؟

بمعنى أنه لا يحصل التحلل لو قصّر أو يحصل و لكنه اثم في ترك الحلق؟

الظاهر هو الأخير (8)، و يمكن أن يكون نفسيا و غيريا أيضا (9).

مسألة 4: يصح الحلق بعد الذبح و لو لم يقسّم بعد

(مسألة 4): يصح الحلق بعد الذبح و لو لم يقسّم بعد (10).

______________________________

(5) ظهر وجه الاحتياط مما تقدم.

(6) نصا و إجماعا ففي وصية النبي صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام: ليس على النساء جمعة- إلى أن قال صلّى اللّه عليه و آله- و لا استلام الحجر و لا حلق» (1)، و عن الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «و ليس على النساء حلق و يجزيهنّ التقصير» (2).

(7) لإجماع المختلف، و الرضوي المنجبر: «نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن تحلق المرأة رأسها» (3)، و مقتضى إطلاقه عدم الفرق بين كونه للإحلال أو للمصاب أو غيرهما، و يشهد له استقباح المتشرعة بل مطلق أهل العرف لذلك.

(8) لأصالة عدم التقييد.

(9) و لكن النفسية بلا دليل، كما عرفت ثمَّ إن حكمة حلق الرأس للصرورة علامة أنه حج آمنا مطمئنا مع فراغ البال و عدم اضطراب الحال كما تقدم في خبر ابن مهران، و يمكن أن تكون الحكمة التفاؤل بالخير بأن يكون دفع الشعر عن رأسه كناية عن سقوط جميع ذنوبه بالحج في أول وروده إلى بيت ربّه و يفرح بذلك و يرغب في الحج بعد ذلك أيضا.

(10) لظهور الإطلاق إلّا أن يدعى الانصراف.

ص: 329


1- الوسائل باب: 8 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 4.
2- الوسائل باب: 8 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 3.
3- سنن الترمذي كتاب الحج 75 و في النسائي كتاب الزينة باب: 4.

مسألة 5: من لم يتمكن من الذبح

(مسألة 5): من لم يتمكن من الذبح، و كان تكليفه وضع ثمنه عند ثقة أمين، أو لم يتمكن من ذلك أيضا و كان تكليفه الصوم هل يجب أن يكون الحلق أو التقصير بعد الوضع أو بعد صوم ثلاثة أيام أو لا؟ (11).

مسألة 6: ظاهر بعض الأخبار إنما هو فيما إذا كان التلبيد

(مسألة 6): ظاهر بعض الأخبار (12) إنما هو فيما إذا كان التلبيد، أو عقص الشعر للحج أو العمرة، فلا يشمل ما إذا كان لغيرهما، فوجوب الحلق إذا كان لجهة أخرى مشكل على فرض الوجوب (13)، كما أن المنساق من الأدلة ما إذا كانت في البين مشقة عرفية، فلو لم تكن مشقة بل كان العقص من العادة الجارية- كهذا الزمان- ففي وجوب الحلق بل الجزم بأصل الرجحان إشكال (14).

مسألة 7: لو حلقت المرأة رأسها لا يجزي عن التقصير

(مسألة 7): لو حلقت المرأة رأسها لا يجزي عن التقصير و كذا لو حلق الرجل لحيته (15).

______________________________

(11) مقتضى الأصل عدم الوجوب إلّا مع وجود دليل على جريان أحكام المبدل على البدل من هذه الجهة أيضا.

(12) تقدم في صحيح ابن سالم عن الصادق عليه السّلام: «إذا عقص الرجل رأسه أو لبده في الحج أو العمرة- الحديث-» (1) و قريب منه صحيح ابن عمار (2).

(13) لانصراف الأخبار عنه.

(14) لأنه خلاف منساق الأدلة، ثمَّ إنه هل تكون حرمة التقصير- على فرض الثبوت- ذاتية أو تشريعية؟ الأخيرة معلومة و الأولى مشكوكة و المرجع فيها البراءة، و أما حلق المرأة رأسها، فالظاهر كونه ذاتية.

(15) أما الأول: فلما مر آنفا.

ص: 330


1- الوسائل باب: 7 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 2.
2- الوسائل باب: 7 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 1.

مسألة 8: هل تجب الكفارة بالحلق المحرّم أو لا تجب؟

(مسألة 8): هل تجب الكفارة بالحلق المحرّم (16) أو لا تجب؟ (17) وجهان، الأوجه الأخير (18).

مسألة 9: يجزي المسمى في التقصير للرجل و المرأة

(مسألة 9): يجزي المسمى في التقصير للرجل و المرأة (19)،

______________________________

و أما الثاني: فلأنه منهي عنه و التقصير عبادة و النهي في العبادة يوجب الفساد. هذا إذا كان باقيا على هذا القصد إلى تمام الحلق.

و لكن لو قصد الحلق و حلق جزءا يسيرا من اللحية بحيث لا يصدق عليه حلق اللحية فهل يجزي ذلك في التقصير، لصدق التقصير بالنسبة إليه أو لا يجزي، لأن التقصير أمر قصدي في مقابل الحلق و المفروض عدم تحققه؟

وجهان: الظاهر هو الأخير، و كذا الكلام في حلق المرأة رأسها.

نعم لو كان المنوي التقصير و كان قصد الحلق من باب تعدد المطلوب فحلق شيئا يسيرا من الشعر ثمَّ انصرف عن قصده، فالظاهر الإجزاء حينئذ.

(16) لوقوع الحلق قبل التقصير، فيشمله ما دل على الكفارة في إزالة الشعر.

(17) بدعوى انصراف ما دل على وجوبها عن مثله، و الشك في الشمول يكفي في عدم صحة التمسك بالإطلاق فيرجع إلى أصالة البراءة و هو الأوجه.

(18) لما عرفت آنفا، و لكن الأحوط الكفارة.

(19) للإطلاقات الشاملة له، و عن الصادق عليه السّلام في صحيح عمر بن يزيد:

«ثمَّ ائت منزلك فقصّر من شعرك و حلّ لك كل شي ء» (1)، و في صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «إني لما قضيت نسكي للعمرة أتيت أهلي و لم أقصر- إلى أن قال- فلمّا غلبتها قرضت بعض شعرها بأسنانها، فقال عليه السّلام: رحمها اللّه كانت أفقه منك عليك بدنة و ليس عليها شي ء» (2).

ص: 331


1- الوسائل باب: 1 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 3.
2- الوسائل باب: 3 من أبواب التقصير حديث: 2.

و الأولى للمرأة الجمع بين قص الشعر و قص الظفر (20)، كما أنّ الأولى أن يكون مقدار شعرها بقدر الأنملة (21) و الخنثى المشكل تتخير بينهما (22).

مسألة 10: يجب تقديم الحلق أو التقصير على زيارة البيت

(مسألة 10): يجب تقديم الحلق أو التقصير على زيارة البيت لطواف الحج و السعي (23).

______________________________

(20) لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في الصحيح: «فليأخذن من شعورهن، و يقصرن من أظفارهن» (1) المحمول بالنسبة إلى الجمع بينهما على مطلق الأولوية جمعا و إجماعا.

(21) لمرسل ابن أبي عمير عن الصادق عليه السّلام: «تقصر المرأة من شعرها لعمرتها مقدار الأنملة» (2)، المحمول على مطلق الأولوية إن أريد بها الحد الخاص، و يمكن ان تجعل كناية عن مطلق المسمى، لشيوع هذا الاستعمال لذلك عرفا.

(22) للأصل بعد الشك في ثبوت حرمة الحلق على فرض ثبوتها عليها.

(23) أرسل ذلك إرسال المسلمات بلا وجدان خلاف فيه- كما في الجواهر- أو بلا ريب- كما في المدارك- و في صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام: «في رجل زار البيت قبل أن يحلق فقال عليه السّلام إن كان زار البيت قبل أن يحلق رأسه و هو عالم أن ذلك لا ينبغي له فإن عليه دم شاة» (3)، و في صحيح ابن حمران قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل زار البيت قبل أن يحلق قال عليه السّلام لا ينبغي إلّا أن يكون ناسيا، ثمَّ قال عليه السّلام: إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أتاه أناس يوم النحر فقال بعضهم: يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ذبحت قبل أن أرمي، و قال بعضهم ذبحت قبل أن أحلق، فلم يتركوا شيئا أخروه و كان ينبغي أن يقدموه و لا شيئا قدموه كان

ص: 332


1- الوسائل باب: 8 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 1.
2- الوسائل باب: 3 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 3.
3- الوسائل باب: 2 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 1.

فلو عكس عالما عامدا أعاد، و جبره بشاة (24) و لو كان ذلك ناسيا، أو جاهلا أعاد و لا شي ء عليه (25) و كلما أعاد الطواف أعاد السعي أيضا (26)

______________________________

ينبغي لهم أن يؤخروه إلّا قال صلّى اللّه عليه و آله: لا حرج»(1) و يستفاد منه أن الترتيب كان معهودا في تلك الأزمنة، أيضا، و لكن استفادة الوجوب من الأخبار مشكل لاشتمالها على لفظ: «لا ينبغي» و «لا حرج» و إيجاب الكفارة أعم من الوجوب إلّا أن ظهور التسالم، و الشهرة المحققة، و سيرة المتشرعة خلفا عن سلف على الوجوب يدفع ذلك كله.

(24) أما الإعادة: فيدل عليها- مضافا إلى الإجماع- صحيح ابن يقطين قال: «سألت أبا الحسن عليه السّلام عن المرأة رمت العقبة و ذبحت و لم تقصر حتى زارت البيت و طافت وسعت من الليل ما حالها و ما حال الرجل إذا فعل ذلك؟

قال عليه السّلام: لا بأس به يقصّر و يطوف للزيارة ثمَّ قد أحل من كل شي ء» (2). هذا مع إمكان أن يقال: إن الطواف المأتي به وقع منهيا عنه، و النهي في العبادة يوجب الفساد.

و أما الكفارة: فلصحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام: «في رجل زار البيت قبل أن يحلق فقال عليه السّلام: إن كان زار البيت قبل أن يحلق رأسه و هو عالم أن ذلك لا ينبغي له، فإن عليه ذبح شاة» (3).

(25) أما وجوب الإعادة: فلظهور الإطلاق، و الاتفاق و لا ينافيه ما تقدم من قوله صلّى اللّه عليه و آله: «لا حرج» لما مر من أنه محكوم بظهور التسالم و الشهرة، السيرة.

و أما عدم الكفارة: فللأصل، و الإجماع، و مفهوم صحيح ابن مسلم و لا ينافيه ما تقدم من قوله صلّى اللّه عليه و آله: «لا حرج» لأنه أعم من نفي الإعادة.

(26) لوجوب الترتيب بينهما و لا يحصل إلا بذلك.

ص: 333


1- الوسائل باب: 3 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 2.
2- الوسائل باب: 4 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 1.
3- الوسائل باب: 22 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 2.

و لو قدّم الطواف على الذبح، أو على الرمي فهو كالتقديم على التقصير على الأحوط (27).

مسألة 11: تقدم أنه يجب أن يحلق، أو يقصّر بمنى

(مسألة 11): تقدم أنه يجب أن يحلق، أو يقصّر بمنى فلو رحل عالما، أو جاهلا، أو ناسيا رجع فحلق أو قصر بها (28)، و لو لم يتمكن من

______________________________

(27) يعني: أنه لو قصر و لم يذبح، أو لم يرم نسيانا، أو جهلا، أو عمدا و طاف قبل الذبح أو الرمي فهو ملحق بتقديم الطواف على التقصير في وجوب إعادة الطواف و الكفارة بلا فرق في الحكم المذكور بين تقديم الطواف على خصوص التقصير أو على الذبح فقط أو الرمي كذلك، أو هما معا، و جعل الإلحاق في المسالك و المدارك أجود و هو بالنسبة إلى الإعادة حسن، لأن المنساق من اعتبار الترتيب ذلك و لكن بالنسبة إلى ثبوت الكفارة في صورة العمد مشكل، و مقتضى الأصل عدمها.

إلا أن يقال: إن ذكر الحلق في ما تقدم من صحيح ابن مسلم (1) و في كلمات الأصحاب ليس لخصوصية فيه، بل المناط كله في الكفارة تحقق مخالفة الترتيب بأي نحو كان بلا فرق بين تقدم الطواف على جميع مناسك مني أو بعضها.

(28) نصا، و إجماعا، و في صحيح الحلبي قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل نسي أن يقصر من شعره أو يحلقه حتى ارتحل من منى؟ قال عليه السّلام يرجع إلى منى حتى يلقي شعره بها حلقا كان أو تقصيرا» (2)، و في خبر أبي بصير قال:

«سألته عن رجل جهل أن يقصر من رأسه أو يحلق حتى ارتحل من منى قال عليه السّلام فليرجع إلى منى حتى يحلق شعره بها أو يقصّر» (3).

و أما خبر مسمع عنه عليه السّلام أيضا: «رجل نسي أن يحلق رأسه أو يقصر حتى

ص: 334


1- تقدم في صفحة: 334.
2- الوسائل باب: 5 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 1.
3- الوسائل باب: 5 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 4.

الرجوع يجب عليه أن يحلق أو يقصّر في مكانه (29)، و يستحب أن يبعث به إلى منى (30) بل هو الأحوط (31)، و لو لم يتمكن من البعث سقط و لا

______________________________

نفر قال عليه السّلام: يحلق إذا ذكر في الطريق أو أين كان» (1)، فمحمول على عدم التمكن من الرجوع جمعا، و إجماعا، و كذا خبر أبي بصير عنه عليه السّلام: «في رجل زار البيت و لم يحلق رأسه قال عليه السّلام: يحلق بمكة و يحمل شعره بمنى» (2).

(29) نصا تقدم في خبر مسمع و إجماعا.

(30) استحباب أصل البعث هو المشهور، لجملة من الأخبار كقول الصادق عليه السّلام في خبر أبي الصباح الكناني: «ما يعجبني أن يلقي شعره إلّا بمنى» (3)، و عنه عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «أنه كان يكره أن يخرج الشعر من منى و يقول: من أخرجه فعليه أن يرده» (4)، و عنه عليه السّلام أيضا في صحيح المرادي:

«ليس له أن يلقي شعره إلا بمنى» (5) و في خبر علي بن أبي حمزة: «و ليحمل الشعر إذا حلق بمكة إلى منى» (6).

و قوله عليه السّلام: «ما يعجبني» و أنه: «كان يكره» ظاهر في الاستحباب، فيصلح لصرف غيرهما عن الظهور في الوجوب مع قصور سند بعضها.

فيما يظهر عن الشيخ في النهاية- و المحقق في الشرائع، و صاحب الحدائق- من الوجوب لا وجه له، مع أن النهاية ليس كتاب فتوى و المحقق ذهب إلى الندب في النافع، و صاحب الحدائق لم يحقق المسألة حتى التحقيق، كما أن ما عن العلامة رحمه اللّه من التفصيل بين العامد فيجب و المعذور فلا يجب لا دليل عليه.

(31) خروجا عن شبهة الخلاف.

ص: 335


1- الوسائل باب: 5 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 2.
2- الوسائل باب: 5 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 5.
3- الوسائل باب: 5 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 3.
4- الوسائل باب: 6 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 5.
5- الوسائل باب: 6 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 4.
6- الوسائل باب: 6 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 2.

شي ء عليه (32).

مسألة 12: يجزي مسمّى الحلق فيه

(مسألة 12): يجزي مسمّى الحلق فيه (33).

مسألة 13: يستحب دفن الشعر في منى مطلقا

(مسألة 13): يستحب دفن الشعر في منى مطلقا (34)، بل يستحب الدفن مطلقا (35).

______________________________

(32) للأصل، و الإجماع، و على فرض وجوب بعث الشعر إلى منى يسقط لو لم يتمكن منه.

(33) لأن الحكم متعلق بطبيعة حلق الرأس و هي تتحقق بحلق البعض و الكل فيشمله الإطلاق كما صرّح به في المستند و أرسله إرسال المسلمات.

(34) إجماعا، و نصوصا، ففي صحيح معاوية بن عمار: «كان علي بن الحسين عليه السّلام يدفن شعره في فسطاطه و يقول: كانوا يستحبون ذلك» (1)، و عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن الحسن و الحسين عليهم السّلام: «كانا يأمران أن تدفن شعورهما بمنى» (2)، و عن الصادق عليه السّلام: «إن المؤمن إذا حلق رأسه بمنى ثمَّ دفنه جاء يوم القيامة و كل شعرة لها لسان طلق تلبي باسم صاحبها» (3) و لعل الحكمة في هذا الاستحباب أن الحلق و التقصير من مشاعر الحج يستحب أن يدفن في منى التي هي أيضا من مشاعره و محل وجوبهما.

ثمَّ إنه نسب إلى الحلي وجوب دفنه فيها، فالأحوط عدم تركه خروجا عن خلافه، خصوصا إن كان خروجه منها عمدا، لما نسب إلى العلامة من القول بالوجوب فيه دون ما إذا كان لعذر.

(35) لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام: «يدفن الرجل أظفاره و شعره إذا أخذ منها و هي سنّة» (4)، و عن النبي صلّى اللّه عليه و آله: «كان يأمر بدفن سبعة أشياء من الإنسان: الشعر،

ص: 336


1- الوسائل باب: 6 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 2.
2- الوسائل باب: 6 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 8.
3- الوسائل باب: 6 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 3.
4- الوسائل باب: 77 من أبواب آداب الحمام حديث: 3 (كتاب الطهارة).

مسألة 14: من ليس على رأسه شعر- خلقة أو عارضا سقط عنه الحلق

(مسألة 14): من ليس على رأسه شعر- خلقة أو عارضا سقط عنه الحلق و يتعين عليه التقصير (36)، و الأحوط مع ذلك إمرار الموسى على رأسه (37).

______________________________

و الظفر، و الدم، و الحيض و المشيمة، و السن، و العلقة» (1).

(36) أما سقوط الحلق: فلقاعدة انتفاء الحكم بانتفاء موضوعه، مضافا إلى الإجماع.

و أما تعين التقصير: فلقاعدة أنه إذا تعذر أحد فردي الواجب التخييري يتعين الآخر.

(37) البحث في إمرار الموسى من جهتين.

الأولى: في أصل وجوبه و ندبه.

الثانية: في أنه يجزي عن التقصير أو لا.

أما الأولى: فقيل بوجوبه مطلقا، لقاعدة الميسور.

و فيه: أن الميسور إنما هو حلق الشعر و إذا لم يكن شعر في البين فلا موضوع لقاعدة الميسور عرفا، لأن إمرار الموسى على ما ليس فيه شعر مباين عرفا مع الحلق و يكون لغوا.

و قيل بالوجوب بالنسبة إلى من حلق في إحرام عمرته و الاستحباب بالنسبة إلى الأقرع، لأنه المستفاد من الأخبار، كخبر ابي بصير قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المتمتع أراد أن يقصر فحلق رأسه قال عليه السّلام: عليه دم يهريقه فإذا كان يوم النحر أمرّ الموسى على رأسه حين يريد أن يحلق» (2).

و فيه: أنه إن فرضنا كون الحلق الأول يوم السابع من ذي الحجة- مثلا- ينبت مقدار قليل من الشعر إلى يوم النحر، كما هو المحسوس في خلال ثلاثة

ص: 337


1- الوسائل باب: 77 من أبواب آداب الحمام حديث: 6 (كتاب الطهارة).
2- الوسائل باب: 11 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 1.

مسألة 15: يستحب في الحلق مطلقا

(مسألة 15): يستحب في الحلق مطلقا- سواء كان في النسك و غيره- أن يبدأ من قرنه الأيمن، و يحلق إلى العظمين النابتين عند منتهى

______________________________

أيام، فيمكن أن يقال: بالوجوب و الإجزاء حينئذ فلا وجه للتمسك بهذا الخبر لوجوب إمرار الموسى مع عدم الشعر أصلا على رأسه، كما لا وجه للتمسك للتفصيل بين من حلق في إحرام العمرة و غيره أيضا.

و خبر الساباطي عنه عليه السّلام أيضا قال: «سألته عن رجل حلق رأسه قبل أن يذبح قال عليه السّلام: يذبح و يعيد الموسى لأن اللّه تعالى يقول وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ (1).

و فيه: أنه لا يستفاد منه أزيد من أصل الرجحان لفرض تحقق الحلق فلا يبقى موضوع للاستدلال بالآية الشريفة، مع إمكان حمل مثل هذه الأخبار على التقية من أبي حنيفة القائل بوجوب الإمرار، لما توهمه من قاعدة الميسور.

و خبر زرارة: «إن رجلا من أهل خراسان قدم حاجا، و كان أقرع الرأس لا يحسن أن يلبي فاستفتي له أبا عبد اللّه عليه السّلام فأمر له أن يلبى عنه، و أن يمر الموسى على رأسه فإن ذلك يجزي عنه» (2).

و فيه: مضافا إلى قصور سنده احتمال أن يكون على رأسه عدد قليل من الشعرات فيكون تقصيرا و يجزي من هذه الجهة، مع إمكان حمله على التقية أيضا.

فتلخص: أن استفادة الوجوب مما ذكر لا وجه له في مقابل الأصل و إجماع الخلاف على الاستحباب.

و أما الثانية: فمقتضى الأصل عدم حصول الإحلال و التقصير بالإمرار و لا دليل على الخلاف إلّا قوله عليه السّلام في خبر الخراساني: «فإن ذلك يجزي عنه» مع احتمال الإجزاء في درك فضيلة الحلق لا حصول أصل التقصير.

ص: 338


1- الوسائل باب: 11 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 2.
2- الوسائل باب: 11 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 3.

الصدغين، و أن يستقبل القبلة، و أن يسمي، و أن يدعو بالمأثور (38).

مسألة 16: يجب الترتيب بين الرمي، و الذبح، و التقصير

(مسألة 16): يجب الترتيب بين الرمي، و الذبح، و التقصير (39)، فلو

______________________________

(38) نصا، و إجماعا في كل ذلك، ففي صحيح ابن عمار عن أبي جعفر عليه السّلام: «أمر الحلّاق أن يضع الموسى على قرنه الأيمن ثمَّ أمره أن يحلق و يسمي هو، و قال: اللهم أعطني بكل شعرة نورا يوم القيمة» (1)، و في خبر غياث عن جعفر عن آبائه عليهم السّلام «السنة في الحلق أن تبلغ العظمين» (2)، و في الفقه الرضوي: «إذا أردت أن تحلق رأسك فاستقبل القبلة و ابدأ بالناصية و احلق إلى العظمين النابتين بحذاء الأذنين و قل اللّهم- الدعاء-» (3) و يمكن الحمل على التخيير بين الابتداء من الأيمن أو الناصية جمعا بينهما، و الظاهر أن التحديد إلى العظمين من باب الغالب المتعارف و ليس في مقام نفي غيره لو فرض إنبات الشعر على الأزيد منهما.

(39) نسب ذلك إلى فقهائنا المتأخرين رحمه اللّه و لم يخالفهم من متقدميهم إلا الشيخ في الخلاف- و لكنه قال في المبسوط بالوجوب- و أبو الصلاح، و ابن أبي عقيل، و ابن إدريس.

و استدل على الوجوب بقوله تعالى وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ (4)، و بجملة من الأخبار: منها قول الصادق عليه السّلام في خبر ابن يزيد:

«إذا ذبحت أضحيتك فاحلق رأسك- الحديث-» (5) الظاهر في الترتيب، و قوله عليه السّلام أيضا في صحيح بن عمار: «إذا رميت الجمرة فاشتر هديك» (6)،

ص: 339


1- الوسائل باب: 10 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 1.
2- الوسائل باب: 10 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 2.
3- مستدرك الوسائل باب: 9 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 1.
4- سورة البقرة: 196.
5- الوسائل باب: 1 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 2.
6- الوسائل باب: 39 من أبواب الذبح حديث: 1.

قدم بعضها عالما عامدا أثم و لا إعادة عليه (40)، و لو كان الترك لعذر من

______________________________

و قوله عليه السّلام أيضا في موثق جميل: «تبدأ بمنى بالذبح قبل الحلق» (1)، و قوله عليه السّلام:

«إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عجل النساء ليلا من المزدلفة إلى منى و أمر من كان منهن عليها هدي أن ترمي و لا تبرح حتى تذبح» (2) إلى غير ذلك من الأخبار، و يدل عليه أيضا ملازمة النبي صلّى اللّه عليه و آله و الأئمة عليهم السّلام و المتشرعة على ذلك نحو ملازمتهم على الواجبات.

و أما صحيح جميل عن الصادق عليه السّلام: «أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أتاه أناس يوم النحر فقال بعضهم: يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إني حلقت قبل أن أذبح، و قال بعضهم:

حلقت قبل أن أرمي فلم يتركوا شيئا كان ينبغي أن يقدموه إلّا أخروه، و لا شيئا كان ينبغي لهم أن يؤخروه إلا قدموه فقال صلّى اللّه عليه و آله: «لا حرج» (3)، و مثله خبر أبي نصر (4) و غيره فهو محمول على العذر من نسيان أو نحوه فلا وجه للاستناد إليه لعدم وجوب الترتيب، و حمل ما تقدم من الأخبار على الندب.

(40) أما الإثم: فللأصل، و الإجماع، على أنه واجب نفسي تعبدي- لا أن يكون شرطيا، و يشهد له صحيح ابن سنان عن الصادق عليه السّلام: «عن رجل حلق رأسه قبل أن يضحي قال عليه السّلام: لا بأس، و ليس عليه شي ء و لا يعودنّ» (5)، بناء على إرادة الحرمة من النهي، و يمكن أن يستفاد من قوله صلّى اللّه عليه و آله: «لا حرج» عدم الشرطية أيضا- و ترك كل واجب نفسي بلا عذر يوجب الإثم و إلا فلا وجه لوجوبه.

و أما عدم الإعادة: فلعدم كونه شرطا للصحة و إن كان الأحوط الإعادة، جمودا على ظاهر خبر عمار عن الصادق عليه السّلام: «عن رجل حلق قبل أن يذبح قال عليه السّلام: يذبح و يعيد الموسى، لأن اللّه تعالى يقول وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ

ص: 340


1- الوسائل باب: 39 من أبواب الذبح حديث: 3.
2- الوسائل باب: 17 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 5.
3- الوسائل باب: 39 من أبواب الذبح حديث: 4.
4- الوسائل باب: 39 من أبواب الذبح حديث: 6.
5- الوسائل باب: 39 من أبواب الذبح حديث: 10.

نسيان، أو جهل و نحوهما، فلا إثم أيضا (41).

مسألة 17: لو خرج من مكة و شك في أنه قصّر أو لا يبني على التقصير

(مسألة 17): لو خرج من مكة و شك في أنه قصّر أو لا يبني على التقصير (42)، و كذا في الهدي، و الرمي.

مسألة 18: الظاهر أنه لا تعتبر الملكية في الهدي

(مسألة 18): الظاهر أنه لا تعتبر الملكية في الهدي، فلو إباحة أحد لشخص للذبح في منى يصح و يجزي (43).

______________________________

حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ (1) إلا أنه موهون بظهور الإجماع على خلافه.

ثمَّ إنه ورد في خبر أبي بصير قوله عليه السّلام: «إذا اشتريت أضحيتك و قمطتها في جانب رحلك فقد بلغ الهدي محله فإن أحببت أن تحلق فاحلق» (2)، و مثله ما عن أبي الحسن عليه السّلام (3)، و عن الشيخ رحمه اللّه في المبسوط الفتوى بمضمونها، و لكن قصور السند و هجر الأصحاب، و إمكان حملها على العذر يوهن الأخذ بإطلاقهما.

(41) لأنه لا وجه للإثم مع العذر المقبول، مضافا إلى حديث الرفع.

(42) لقاعدة الفراغ، و أصالة عدم الغفلة و السهو بناء على عدم اختصاصهما بالصلاة، و كذا الكلام في الهدي و الرمي.

(43) للإطلاقات الشاملة له، و كذا يجوز اشراؤه من الزكاة من سهم سبيل اللّه أيضا.

ص: 341


1- الوسائل: باب 39 من أبواب الذبح حديث: 9.
2- الوسائل باب: 39 من أبواب الذبح حديث: 7 و ذيله.
3- الوسائل باب: 39 من أبواب الذبح حديث: 7 و ذيله.

فصل في مواطن التحليل

اشارة

فصل في مواطن التحليل

الأول

مسألة 1: مواطن التحليل ثلاثة

(مسألة 1): مواطن التحليل ثلاثة:

الأول يحل على المتمتع بعد الحلق أو التقصير كل شي ء- إلّا الطيب و النساء- حتى الصيد من حيث الإحرام (1)، و لكن الأحوط عدم التحلّل

______________________________

فصل في مواطن التحليل

(1) إجماعا، و نصوصا منها قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «إذا ذبح الرجل و حلق فقد أحل من كل شي ء أحرم منه إلا النساء و الطيب، فإذا زار البيت و طاف و سعى بين الصفا و المروة فقد أحل من كل شي ء أحرم منه إلّا النساء، و إذا طاف طواف النساء فقد أحل من كل شي ء أحرم منه إلا الصيد» (1) أي الحرمي لا الإحرامي.

ثمَّ إن الأخبار على أقسام ثلاثة:

الأول: ما تقدم من صحيح ابن عمار و هو صحيح سندا، و صريح دلالة و عمل به الأصحاب.

الثاني: ما ذكر فيه الطيب فقط، كصحيح العلاء عنه عليه السّلام أيضا: «أني حلقت رأسي و ذبحت و أنا متمتع أطلي رأسي بالحناء؟ قال عليه السّلام: نعم من غير أن تمس شيئا من الطيب، قلت: فألبس القميص و أتقنع؟ قال عليه السّلام: نعم» (2).

الثالث: ما يدل على حلية الطيب أيضا. كصحيح ابن يسار عنه عليه السّلام أيضا:

ص: 342


1- الوسائل باب: 13 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 1.
2- الوسائل باب: 13 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 5.

من الصيد إلّا بطواف النساء (2).

______________________________

«عن المتمتع إذا حلق رأسه قبل أن يزور البيت يطليه بالحناء؟ قال عليه السّلام: نعم الحناء و الثياب و الطيب و كل شي ء إلا النساء» (1)، و عن الخزاز: «رأيت أبا الحسن عليه السّلام بعد ما ذبح حلق ثمَّ ضمد رأسه بمسك و زار البيت» (2).

و لكن حمل القسم الثاني على أنه استغناء بذكر أحد الفردين عن الآخر اتكالا على المفروضية عند الراوي، و مع عدم صحة هذا الحمل، فهو موهون بالإعراض لا وجه للمعارضة بينه و بين القسم الأول.

و أما القسم الثالث فموهون بموافقة العامة و مخالفة الأصحاب و إمكان حمله على حج الإفراد فيسقط عن المعارضة أيضا.

و أما ما نسب إلى ابن بابويه و ولده من التحلل بالرمي، لخبر قرب الإسناد عن علي عليه السّلام: «إذا رميت جمرة العقبة فقد حل لك كل شي ء حرم عليك إلّا النساء» (3) و مثله المنسوب إلى فقه الرضا (4) فهو من الشواذ قولا و مدركا، و مخالف لإجماع الأصحاب بل المسلمين.

و أما الصيد فالحرمي منه باق على حرمته، للأصل، و الإطلاق و الإحرامي منه يحلّ، لإطلاق ما تقدم من الأخبار، و ظهور الإجماع.

و تظهر الفائدة في حرمة أكل اللحم مطلقا و تضاعف الكفارة إن صاد في الحرم، و الحلية و عدم الكفارة رأسا لو صاد في الحل على ما تقدم، و المنساق من قوله تعالى لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ (5) الإحرام من كل جهة لا من جهة خاصة.

(2) نسب ذلك في النهاية إلى مذهب علمائنا، و لكنه مخدوش، لأن في

ص: 343


1- الوسائل باب: 13 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 7.
2- الوسائل باب: 13 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 10.
3- الوسائل باب: 13 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 11.
4- مستدرك الوسائل باب: 11 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 4.
5- سورة المائدة: 96.
مسألة 2: لا تحلّ النساء بالتقصير

(مسألة 2): لا تحلّ النساء بالتقصير، فلا يحل العقد عليهن أيضا، إلّا بعد طواف النساء (3).

مسألة 3: يترتب التحلّل على تحقق الرمي

(مسألة 3): يترتب التحلّل على تحقق الرمي، و الذبح، و التقصير، سواء وقع مترتبا أو بخلاف الترتيب (4).

مسألة 4: يعتبر وقوع الثلاثة في منى في حصول التحلّل

(مسألة 4): يعتبر وقوع الثلاثة في منى في حصول التحلّل (5)، و لو قصّر في غير منى مع عدم التمكن من الرجوع إليه و التقصير فيه يجزي و يحلّ (6)، بل و كذا لو تعمد في الخروج من منى قبل الحلق أو التقصير ثمَّ لم يتمكن من الرجوع إليها فإنه يجزي و إن أثم (7)، و لو ترك الحلق أو التقصير في منى عمدا و اختيارا و قصّر أو حلق في غيره- مع إمكان أن يأتي

______________________________

المنتهى نسب الحلية بالحلق إلى علمائنا، و على أي تقدير المراد به الصيد الإحرامي دون الحرمي.

(3) لأصالة بقاء الحرمة بكل ما تعلقت به بعد عقد الإحرام و مما تعلقت الحرمة به العقد عليهن.

(4) لوقوعها صحيحة، و الترتيب واجب مستقل لا أن يكون شرطا للصحة. نعم أثم مع التعمد في ترك الترتيب لا أن يكون التقصير باطلا.

(5) لظهور الأدلة في ذلك، مضافا إلى السيرة خلفا عن سلف بالتزامهم عليه نحو الالتزام بالواجبات.

(6) لتعذر التقصير في منى حينئذ فيسقط اعتبار المحل حينئذ إجماعا و مقتضى الإطلاقات و العمومات ترتب الأكثر على التقصير أين ما تحقق بعد تعذر المحل.

(7) أما الإجزاء، فلتحقق الحلق أو التقصير عرفا مع تعذر المحل. و أما الإثم فلأنه ترك الواجب عمدا و اختيارا و هو مراعاة المحل مع إمكانه أوّلا.

ص: 344

بهما في منى- صح تقصيره و إن أثم (8).

مسألة 5: يحلّ لغير المتمتع بعد التقصير الطيب أيضا

(مسألة 5): يحلّ لغير المتمتع بعد التقصير الطيب أيضا (9)، سواء قدم الطواف و السعي أو لا (10).

______________________________

(8) أما الإثم: فلأنه ترك الواجب عن عمد و اختيار، و أما صحة الحلق أو التقصير: لأن وجوب كونه في منى واجب مستقل لا أن يكون شرطا للحلق أو التقصير.

(9) على المشهور، لصحيح ابن عمار عن الصادق عليه السّلام «قال: سئل ابن عباس هل كان رسول اللّه عليه السّلام يتطيب قبل أن يزور البيت؟ قال: رأيت رسول اللّه يضمد رأسه بالمسك قبل أن يزور» (1) لأن رسول اللّه لم يكن متمتعا، و في خبر الخزاز: «رأيت أبا الحسن عليه السّلام بعد ما ذبح و حلق ثمَّ ضمد رأسه بمسك و زار البيت و عليه قميص و كان متمتعا» (2) بعد حمله على أن الطواف طواف النساء، و كذا صحيح عبد الرحمن عن أبي الحسن قال: ولد لأبي الحسن عليه السّلام مولود بمنى فأرسل إلينا يوم النحر بخبيص فيه زعفران، و كنا قد حلقا قال عبد الرحمن فأكلت أنا، و أبى الكاهلي و مرازم أن يأكلا منه، و قالا لم نزر البيت، فسمع أبو الحسن عليه السّلام كلامنا، فقال لمصادف و كان هو الرسول الذي جاءنا به: في أي شي ء كانوا يتكلمون؟ فقال: أكل عبد الرحمن، و أبى الآخران فقالا: لم نزر بعد البيت، فقال عليه السلام أصاب عبد الرحمن، ثمَّ قال: أما تذكر حين أتينا به في مثل هذا اليوم فأكلت أنا منه و أبي عبد اللّه أخي أن يأكل منه، فلما جاء أبي حرشه عليّ فقال يا أبه إن موسى أكل خبيصا فيه زعفران و لم يزر بعد فقال أبي: و هو أفقه منك، أ ليس قد حلقتم رؤوسكم (3).

(10) لإطلاق خبر الخزاز و غيره الشامل لهما.

ص: 345


1- الوسائل باب: 14 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 2.
2- الوسائل باب: 13 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 10.
3- الوسائل باب: 14 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 3.

و الأحوط الاقتصار على الأول (11).

الثاني من مواطن التحليل:

اشارة

الثاني من مواطن التحليل: إذا طاف المتمتع- بعد مناسك منى- للحج، و صلّى و سعى حلّ له الطيب أيضا (12).

مسألة 6: لو قدّم المتمتع الطواف و السعي للضرورة

(مسألة 6): لو قدّم المتمتع الطواف و السعي للضرورة على أعمال

______________________________

(11) خروجا عن خلاف الشهيد حيث اشترط ذلك، و لكن لا وجه له بل هو كالاجتهاد في مقابل إطلاق النصوص.

(12) نصوصا، و إجماعا، ففي صحيح عمار الطويل في زيارة البيت يوم النحر: «ثمَّ اخرج إلى الصفا فاصعد عليه و اصنع كما صنعت يوم دخلت مكة- إلى أن قال عليه السّلام- فاذا فعلت ذلك فقد أحللت من كل شي ء أحرمت منه إلا النساء» (1)، و في خبر المروزي: «إذا حج الرجل فدخل مكة متمتعا فطاف بالبيت و صلّى ركعتين خلف مقام إبراهيم و سعى بين الصفا و المروة و قصّر، فقد حلّ له كل شي ء ما خلا النساء» (2)، و في صحيح منصور قال: «سألته عن رجل رمى و حلق أ يأكل شيئا فيه صفرة؟ قال عليه السّلام: لا حتى يطوف بالبيت و بين الصفا و المروة ثمَّ قد حل له كل شي ء إلا النساء حتى يطوف بالبيت طوافا آخر ثمَّ قد حل له النساء» (3)، و يقتضيه استصحاب بقاء الحرمة أيضا.

و أما بعض المطلقات مثل قوله عليه السّلام: «إذا كنت متمتعا فلا تقربن شيئا فيه صفرة حتى تطوف بالبيت» (4) فالمنساق منه الطواف بالبيت مع إتيان ما يتعلق به و هو الصلاة فلا وجه للتمسك بإطلاقه، مع أنه مقيد بصحيح منصور و غيره، و كذا بالنسبة إلى السعي فلا بد من تقييد المطلقات بما ذكر فيه السعي فلا وجه

ص: 346


1- الوسائل باب: 4 من أبواب زيارة البيت حديث: 1.
2- الوسائل باب: 82 من أبواب الطواف حديث: 7.
3- الوسائل باب: 13 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 2.
4- الوسائل باب: 18 من أبواب تروك الإحرام حديث: 12.

يوم النحر يحل له الطيب بالحلق أيضا (13) و إن وجب عليه إتيان مناسك منى (14)، بل لو قدّم طواف النساء حيث يجوز له حللن له فيكون التحلل حينئذ بواحد فقط و هو الحلق (15)، و كذا القارن و المفرد (16).

مسألة 7: لا يحل الطيب حين الطواف

(مسألة 7): لا يحل الطيب حين الطواف، سواء قدمه للعذر أو أتى به في محله بل لا بد من إتمامه (17).

الثالث من مواطن التحليل: طواف النساء

اشارة

الثالث من مواطن التحليل: طواف النساء (18) فتحل النساء للرجال

______________________________

للتمسك بإطلاقها.

(13) لأنه لا موضوع حينئذ لتأخير حلية الطيب إلى الطواف، لفرض أنه قدم الطواف، و لا وجه لحليته بنفس الطواف السابق، لفرض بقاء إحرامه بعد، مع أنه لا بد من تجديد التلبية مع تقديم الطواف و السعي لئلا يحصل التحلل و يصير الحج عمرة، فيتعين أن يحل الطيب بنفس الحلق، إذ لا وجه للتحلل بما سبق و لا محلل فيما لحق.

(14) للأدلة الدالة على وجوبها، و لكن ليس وجوب الإتيان بها شرطا في حصول التحلل نصا، و إجماعا.

(15) لحصول السبب فيترتب عليه المسبب قهرا، و مقتضى الأصل عدم توقف التحلل على شي ء آخر.

(16) الكلام فيهما عين الكلام في ما إذا قدم المتمتع الطواف و السعي.

(17) لأن المستفاد من الأدلة أن التحلل إنما يحصل بتمام الطواف لا بالشروع فيه.

(18) إجماعا، و نصوصا، ففي صحيح معاوية بن عمار: «ثمَّ اخرج إلى الصفا فاصعد عليه و اصنع كما صنعت يوم دخلت مكة ثمَّ ائت المروة فاصعد عليها و طف بينهما سبعة أشواط، تبدأ الصفا و تختم بالمروة، فإذا فعلت ذلك فقد أحللت من كل شي ء أحرمت منه إلا النساء، ثمَّ ارجع إلى البيت و طف به أسبوعا آخر، ثمَّ تصلي ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السّلام ثمَّ قد أحللت من كل شي ء

ص: 347

به، كما يحل الرجال لهن به (19).

مسألة 8: يجب طواف النساء على الرجال، و النساء و الخناثى

(مسألة 8): يجب طواف النساء على الرجال، و النساء و الخناثى، و الخصيان، و الصبيان مميزين كانوا أو غير مميزين (20).

مسألة 9: يجزي عن المميز إن طاف طواف النساء

(مسألة 9): يجزي عن المميز إن طاف طواف النساء (21)، و إلّا

______________________________

و فرغت من حجك كله و كل شي ء أحرمت منه» (1).

(19) لقاعدة الاشتراك: و أصالة عدم حليتهم لهنّ إلّا به، و صحيح ابن يقطين قال: «سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الخصيان، و المرأة الكبيرة أ عليهم طواف النساء؟ قال عليه السّلام: نعم عليهم الطواف كلهم» (2)، و في الصحيح عن الصادق عليه السّلام:

«المرأة المتمتعة إذا قدمت مكة- إلى أن قال- فإذا قضت المناسك و زارت بالبيت طافت بالبيت طوافا لعمرتها ثمَّ طافت طوافا للحج ثمَّ خرجت فسعت فإذا فعلت ذلك فقد أحلّت من كل شي ء يحلّ منه المحرم إلّا فراش زوجها فاذا طافت طوافا آخر حل لها فراش زوجها» (3) فلا وجه للتشكيك بأنه ليس في النصوص ما يدل على حكم غير الرجل، كما عن العلامة في المختلف، و الشهيد في المسالك.

(20) أما الرجال و النساء: فقد تقدم حكمهما، و أما البقية: فلسببية الإحرام للحرمة و لا منشأ للحلية إلا طواف النساء، بل المنساق من الأدلة وجوبه نفسا و إن كانت الحكمة في تشريعه التمتع الجنسي، و لذا يجب على المرأة الكبيرة، و الخصيان كما مر في الصحيح، و يجب قضاؤه عن الميت على ما أرسل إرسال المسلّمات قال الشهيد: «و ليس طواف النساء مخصوصا بمن يشتهي النساء إجماعا فيجب على الخصي، و الهم، و من لا إربه له فيهنّ».

(21) لصحة إحرامه نصا، و إجماعا، و صحة عباداته على ما تقدم مرارا.

ص: 348


1- الوسائل باب: 4 من أبواب زيارة البيت حديث: 1.
2- الوسائل باب: 2 من أبواب الطواف حديث: 1.
3- الوسائل باب: 84 من أبواب الطواف حديث: 1.

فيجب عليه بعد بلوغه، و لا تحل له النساء إلّا به (22)، و لو أحرم الولي بغير المميز، فلا تحل له النساء و لو عقدا إلّا أن يطوف عنه الولي أو يطوف بنفسه بعد التمييز (23).

مسألة 10: العبد المأذون في الإحرام حكمه حكم الحر في جميع ما مر

(مسألة 10): العبد المأذون في الإحرام حكمه حكم الحر في جميع ما مر (24).

مسألة 11: يعتبر في تحقق التحلّل الإتيان بصلاة طواف النساء أيضا

(مسألة 11): يعتبر في تحقق التحلّل الإتيان بصلاة طواف النساء أيضا (25).

مسألة 12: لو طاف الزوج طواف النساء و لم تطف الزوجة بعد يحرم عليها تمكين الزوج

(مسألة 12): لو طاف الزوج طواف النساء و لم تطف الزوجة بعد يحرم عليها تمكين الزوج (26)،

______________________________

(22) لسببية الإحرام للحرمة و لا يرتفع إلا بالطواف نصا و فتوى.

(23) لأن الإحرام به مشروع بل مندوب كما تقدم في (مسألة 2) من (فصل شرائط حجة الإسلام) و لا معنى لصحته إلا ترتيب جميع أحكامه التكليفية و الوضعية عليه و منها حرمتهنّ بالإحرام و حليتهنّ بالطواف، و تقدم أن الولي يتوب عنه في ما لم يتمكن و يأمره بإتيان ما يقدر عليه.

(24) للعمومات، و الإطلاقات الشاملة له أيضا بعد صحة إحرامه بإذن مولاه.

(25) لما تقدم في صحيح معاوية من قوله عليه السّلام: «ثمَّ ارجع إلى البيت و طف به أسبوعا آخر ثمَّ تصلي ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السّلام ثمَّ قد أحللت من كل شي ء، و فرغت من حجك كله و كل شي ء أحرمت منه» (1) و تقيّد به المطلقات غير المشتملة على الصلاة.

(26) لقوله عليه السّلام: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق»(2).

ص: 349


1- الوسائل باب: 4 من أبواب زيارة البيت حديث: 1.
2- الوسائل باب: 59 من أبواب وجوب الحج و شرائطه حديث: 7.

بل لا يجوز له وطؤها (27)، و كذا الحكم في العكس (28).

مسألة 13: الأحوط ترك إنشاء الإحرام قبل طواف النساء

(مسألة 13): الأحوط ترك إنشاء الإحرام قبل طواف النساء (29).

مسألة 14: لو كان الزوجان من العامة و لم يأتيا بطواف النساء

(مسألة 14): لو كان الزوجان من العامة و لم يأتيا بطواف النساء ثمَّ استبصرا، أو استبصر أحدهما يصح حجهما، و لا يجب عليهما طواف النساء (30).

______________________________

(27) لإطلاق خبر ابن فضال: «المحرم لا ينكح و لا ينكح» (1).

(28) لشمول الدليل لذلك أيضا.

(29) لاحتمال كونه من إنشاء الإحرام قبل التحلّل من إحرام آخر و قد تقدم عدم جوازه في الفصل السابق (مسألة 1): فراجع (2).

(30) لتقرير مذهبهما عندنا ففي صحيح ابن معاوية العجلي: «عن أبي عبد اللّه عليه السّلام- في حديث- قال: كل عمل عمله و هو في حال نصبه و ضلالته، ثمَّ منّ اللّه عليه و عرفه الولاية فإنه يوجر عليه إلّا الزكاة فإنه يعيدها، لأنه وضعها في غير موضعها لأنها لأهل الولاية، و أما الصلاة و الحج و الصيام فليس عليه قضاء» (3)، و في خبر عمار الساباطي قال: «قال سليمان بن خالد لأبي عبد اللّه عليه السّلام و أنا جالس: إني منذ عرفت هذا الأمر أصلي في كل يوم صلاتين أقضي ما فاتني قبل معرفتي قال عليه السّلام: لا تفعل- الحديث» (4)، و في صحيح الفضلاء عنهم عليهم السّلام: «في الرجل يكون في بعض هذه الأهواء: الحرورية، و المرجئة، و العثمانية، و القدرية ثمَّ يتوب و يعرف هذا الأمر و يحسن رأيه أ يعيد كل صلاة صلاها أو صوم أو زكاة أو حج أو ليس عليه إعادة شي ء من ذلك؟

ص: 350


1- الوسائل باب: 14 من أبواب تروك الإحرام حديث: 7.
2- تقدم في ج: 13 صفحة: 219.
3- الوسائل باب: 31 من أبواب مقدمة العبادات حديث: 1.
4- الوسائل باب: 31 من أبواب مقدمة العبادات حديث: 4.
مسألة 15: لو كان الزوج من العامة و الزوجة من الخاصة

(مسألة 15): لو كان الزوج من العامة و الزوجة من الخاصة أو بالعكس- و لم يأت أحدهما بطواف النساء: على مذهبه يمكن القول بالتقرير (31).

مسألة 16: يكره للمتمتع لبس المخيط

(مسألة 16): يكره للمتمتع لبس المخيط، و تغطية الرأس بعد مناسك منى حتى يطوف طواف الزيارة، و إن جاز له ذلك، كما يكره له مس الطيب حتى يطوف طواف النساء (32).

______________________________

قال عليه السّلام: ليس عليه إعادة شي ء من غير الزكاة، و لا بد أن يؤديها لأنه وضع الزكاة في غير موضعها، و إنما موضعها أهل الولاية» (1)، و خبر إسحاق بن عمار كما يأتي.

(31) لأن مذهب أحدهما يوجب ترتب الأثر بالنسبة إلى الآخر أيضا، مع أن الشارع نزل طواف الوداع منهم منزلة طواف النساء ففي خبر إسحاق بن عمار عن الصادق عليه السّلام: «لو لا ما منّ اللّه به على الناس من طواف الوداع لرجعوا إلى منازلهم و لم ينبغي لهم أن يمسوا نساءهم يعني: لا تحل لهم النساء حتى يرجع فيطوف بالبيت أسبوعا آخر بعد ما يسعى بين الصفا و المروة، و ذلك على الرجال و النساء واجب» (2). هذا بناء على صحة إحرام العامي.

و أما بناء على بطلانه لأنه عبادة و العبادة تتوقف صحتها على الولاية، كما يظهر من بعض الأخبار (3) فلا موضوع لحرمة النساء حتى يحتاج إلى المحلل و لكن الالتزام بعدم حرمة تروك الإحرام عليهم بعيد جدا.

ثمَّ إنه يجري في طواف النساء جميع ما تقدم في طواف الحج من الفروع و الأحكام.

(32) لخبر إدريس القمي قال: لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إن مولى لنا تمتع و لما

ص: 351


1- الوسائل باب: 3 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 2.
2- الوسائل باب: 2 من أبواب الطواف حديث: 3.
3- راجع الوسائل باب: 29 من أبواب مقدمة العبادات.
مسألة 17: إذا قضى الحاج مناسك يوم النحر، فالأفضل أن يمضي إلى مكة للطواف و السعي ليومه

(مسألة 17): إذا قضى الحاج مناسك يوم النحر، فالأفضل أن يمضي إلى مكة للطواف و السعي ليومه، فإن أخّره فمن غده، و يتأكد ذلك في حق المتمتع (33).

______________________________

حلق لبس الثياب قبل أن يزور البيت فقال عليه السّلام: بئس ما صنع قلت أ عليه شي ء؟

قال عليه السّلام: لا» (1)، و في صحيح ابن حازم عنه عليه السّلام أيضا: «في رجل كان متمتعا فوقف بعرفات، و بالمشعر و ذبح و حلق قال عليه السّلام: لا يغطي رأسه حتى يطوف بالبيت و بالصفا و المروة، فإن أبي عليه السّلام كان يكره ذلك و ينهى عنه، فقلنا: فإن كان فعل؟ قال عليه السّلام: ما أرى عليه شيئا، و ان لم يفعل كان أحبّ إليّ» (2)، و في صحيح محمد بن إسماعيل قال: «كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السّلام: هل يجوز للمحرم المتمتع أن يمسّ الطيب قبل أن يطوف طواف النساء؟ فقال عليه السّلام: لا» (3) المحمول جميعا على الكراهة جمعا و إجماعا.

(33) لأنه نحو مسارعة، و استباق إلى الخير، و في موثق إسحاق ابن عمار قال: «سألت أبا إبراهيم عليه السّلام عن زيارة البيت تؤخر إلى يوم الثالث، قال عليه السّلام:

تعجيلها أحبّ إليّ و ليس به بأس إن أخره» (4)، و في خبر ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «لا بأس أن تؤخر زيارة البيت إلى يوم النفر إنما يستحب تعجيل ذلك مخافة الأحداث و المعاريض» (5)، و في صحيح ابن عمار عنه عليه السّلام أيضا:

«في زيارة البيت يوم النحر قال عليه السّلام: زره فان شغلت فلا يضرك أن تزور البيت من الغد و لا تؤخّر أن تزور من يومك، فإنه يكره للمتمتع أن يؤخّر، و موسع للمفرد أن يؤخره» (6)، و في صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام قال: «ينبغي للمتمتع أن يزور البيت يوم النحر أو من ليلته و لا يؤخر ذلك اليوم» (7)، و في

ص: 352


1- الوسائل باب: 18 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 3.
2- الوسائل باب: 18 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 1.
3- الوسائل باب: 19 من أبواب الحلق و التقصير حديث: 1.
4- الوسائل باب: 1 من زيارة البيت أبواب حديث: 10.
5- الوسائل باب: 1 من زيارة البيت أبواب حديث: 9.
6- الوسائل باب: 1 من زيارة البيت أبواب حديث: 1.
7- الوسائل باب: 1 من زيارة البيت أبواب حديث: 7.

و تتأكد الكراهة إن أخّره عن الغد (34)، بل الأحوط عدم التأخير (35)، و لكن يجزيه طوافه و سعيه طول ذي الحجة (36)، و كذا الكلام في المفرد و إن كانت الكراهة فيه أخفّ (37).

مسألة 18: يستحب لمن يمضي إلى مكة للطواف و السعي الغسل قبل دخول مكة

(مسألة 18): يستحب لمن يمضي إلى مكة للطواف و السعي الغسل قبل دخول مكة، و قبل دخول المسجد، و يصح إتيان هذا الغسل في منى

______________________________

صحيح ابن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سألته عن المتمتع متى يزور البيت؟

قال عليه السّلام: يوم النحر أو من الغد، و لا يؤخر و المفرد و القارن ليسا بسواء موسع عليهما» (1)، و عنه عليه السّلام أيضا في صحيح ابن حازم: «لا يبيت المتمتع يوم النحر بمنى حتى يزور البيت».

(34) لما تقدم في صحيح ابن عمار.

(35) لذهاب جمع إلى الحرمة و الإثم مع التأخير منهم المفيد، و المرتضى، لما تقدم من النهي في النصوص السابقة، و لكنها محمولة على الكراهة بقرينة غيرها كصحيح ابن سالم عن الصادق عليه السّلام: «لا بأس إن أخّرت زيارة البيت إلى أن تذهب أيام التشريق إلّا أنك لا تقرب النساء و لا الطيب» (2)، مع أن ما تقدم من خبر ابن سنان ظاهر في التوسعة كظهور قوله عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «يكره للمتمتع أن يؤخّر» فيها أيضا، فلا وجه لحمل الأخبار الظاهرة في جواز التأخير على القارن و المفرد.

(36) للإطلاق، و الاتفاق فالتعجيل على القول بوجوبه نفسي لا أن يكون شرطيا.

(37) لشمول بعض الإطلاقات له أيضا، فيحمل ما تقدم من صحيح ابن

ص: 353


1- الوسائل باب: 1 من أبواب زيارة البيت حديث: 8.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب زيارة البيت حديث: 2.

أيضا، و تقليم الأظفار، و الأخذ من الشارب (38) و يستحب الدعاء إذا وقف على باب المسجد (39).

______________________________

عمار على الأخفية في الكراهة.

(38) قال الصادق عليه السّلام في صحيح عمر بن يزيد: «ثمَّ احلق رأسك، و اغتسل، و قلم أظفارك، و خذ من شاربك، و زر البيت و طف أسبوعا» (1)، و قال عليه السّلام أيضا في خبر حسن بن أبي العلاء إذ سأله عن ذلك: «أنا أغتسل بمنى ثمَّ أزور البيت» (2).

(39) كما في صحيح معاوية بن عمار عن الصادق عليه السّلام: «إذا أتيت يوم النحر فقمت على باب المسجد قلت: «اللّهم أعنّي على نسكك، و سلمني له، و سلمه لي، أسألك مسألة العليل الذليل المعترف بذنبه أن تغفر لي ذنوبي و ان ترجعني بحاجتي، اللّهم إني عبدك، و البلد بلدك، و البيت بيتك، جئت أطلب رحمتك، و أؤم طاعتك متبعا لأمرك، راضيا بقدرك، أسألك مسألة المضطرّ إليك، المطيع لأمرك المشفق من عذابك، الخائف لعقوبتك، أن تبلّغني عفوك، و تجيرني من النار برحمتك»، ثمَّ تأتي الحجر الأسود، فتستلمه و تقبله، فان لم تستطع فاستلم بيدك، و قبّل يدك، و إن لم تستطعه فاستقبله و كبر و قل كما قلت حين طفت بالبيت يوم قدمت مكة، ثمَّ طف بالبيت سبعة أشواط كما وصفت لك يوم قدمت مكة، ثمَّ صل عند مقام إبراهيم عليه السّلام ركعتين تقرأ فيهما بقل هو اللّه أحد، و قل يا أيها الكافرون، ثمَّ ارجع إلى الحجر الأسود فقبله إن استطعت و استقبله و كبر ثمَّ اخرج إلى الصفا فاصعد عليه و اصنع كما صنعت يوم دخلت مكة، ثمَّ ائت المروة فإذا فعلت ذلك فقد أحللت من كل شي ء أحرمت منه إلا النساء، ثمَّ ارجع إلى البيت و طف به أسبوعا آخر، ثمَّ تصلي ركعتين عند مقام

ص: 354


1- الوسائل باب: 2 من أبواب زيارة البيت حديث: 2.
2- الوسائل باب: 3 من أبواب زيارة البيت حديث: 1.
مسألة 19: الأحوط إتيان طواف النساء في وقت طواف الحج

(مسألة 19): الأحوط إتيان طواف النساء في وقت طواف الحج، و لا يؤخره مع الاختيار إلى آخر أيام التشريق (40).

مسألة 20: يعتبر في طواف الزيارة جميع ما يعتبر في طواف العمرة من الأجزاء و الشرائط

(مسألة 20): يعتبر في طواف الزيارة جميع ما يعتبر في طواف العمرة من الأجزاء و الشرائط (41).

______________________________

إبراهيم عليه السّلام، ثمَّ قد أحللت من كل شي ء و فرغت من حجك كله و كل شي ء أحرمت منه» (1).

(40) لظهور ذيل الصحيح في ذلك، و إن كان لو فعله إلى آخر ذي الحجة صح و أجزأ، بل الظاهر أنه لا إثم عليه أيضا، للأصل بعد عدم استفادة الوجوب من الصحيح.

(41) لظهور الإطلاق، و الاتفاق على الاتحاد في الجميع إلّا ما خرج

ص: 355


1- الوسائل باب: 4 من أبواب زيارة البيت حديث: 1.

فصل في العود إلى منى و رمي الجمار بها

اشارة

فصل في العود إلى منى و رمي الجمار بها

مسألة 1: يجب أن يبيت الحاج بمنى ليلة الحادي عشر، و الثاني عشر مطلقا

(مسألة 1): يجب أن يبيت الحاج بمنى ليلة الحادي عشر، و الثاني عشر مطلقا (1)، و إن جاء إلى مكة للطواف و السعي وجب عليه العود إلى منى و لو قبل الغروب للبيتوتة بها (2).

______________________________

فصل في العود إلى منى و رمي الجمار بها

(1) نصوصا، و إجماعا من المسلمين: منها: قول الصادق عليه السّلام في صحيح معاوية: «لا تبت ليالي التشريق إلا بمنى فإن بتّ في غيرها فعليك دم، فإن خرجت أوّل الليل فلا ينتصف الليل إلّا و أنت في منى إلّا أن يكون شغلك نسكك أو قد خرجت من مكة، و إن خرجت بعد نصف الليل فلا يضرّك أن تصبح في غيرها» (1) قال ابن عمار: «و سألته عن الرجل زار عشاء فلم يزل في طوافه و دعائه و في السعي بين الصفا و المروة حتى يطلع الفجر، قال عليه السّلام: ليس عليه شي ء كان في طاعة اللّه» (2)، و عن أبي جعفر عليه السّلام في خبر مالك بن أعين «إن العباس استأذن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يبيت بمكة ليالي منى، فأذن له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من أجل سقاية الحاج» (3) و قريب منه ما عن طرق العامة عن ابن عباس قال: «لم يرخص النبي صلّى اللّه عليه و آله لأحد أن يبيت بمكة إلا العباس من أجل السقاية» (4).

(2) نصا، و إجماعا، قال الصادق عليه السّلام في صحيح معاوية: «إذا فرغت من

ص: 356


1- الوسائل باب: 1 من أبواب العود إلى منى حديث: 8.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب العود إلى منى حديث: 9.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب العود إلى منى حديث: 21.
4- سنن ابن ماجه باب: 80 من أبواب المناسك حديث: 3066.

مسألة 2: لو بات بغيرها كان عليه عن كل ليلة شاة

(مسألة 2): لو بات بغيرها كان عليه عن كل ليلة شاة (3) بلا فرق فيه

______________________________

طوافك للحج و طواف النساء فلا تبت إلّا بمنى إلا أن يكون شغلك في نسكك» (1) و الفقهاء عنونوا المسألة هكذا: «يجب العود إلى منى للمبيت بها» تبعا للصحيح.

(3) نصوصا، و إجماعا كما عن العلامة، و أنه مقطوع به في كلام الأصحاب كما في المدارك، و أما النصوص فعلى أقسام:

الأول: ما تقدم في صحيح معاوية: فإن بتّ في غيرها فعليك دم» (2)، و صحيح صفوان عن أبي الحسن عليه السّلام: «سألني بعضهم عن رجل باب ليالي منى بمكة فقلت: لا أدري، فقلت له: جعلت فداك ما تقول فيها؟ فقال عليه السّلام: عليه دم شاة إذا بات، فقلت: إن كان إنما حبسه شأنه الذي كان فيه من طوافه و سعيه لم يكن لنوم و لا لذة أ عليه مثل ما على هذا؟ قال عليه السّلام ما هذا بمنزلة هذا، و ما أحبّ أن ينشق له الفجر إلا و هو بمنى» (3)، و صحيح ابن جعفر عن أخيه عليه السّلام قال:

«سألته عن رجل بات بمكة حتى أصبح في ليالي منى فقال عليه السّلام: إن كان أتاها نهارا فبات حتى أصبح فعليه دم شاة يهريقه، و إن كان خرج من منى بعد نصف الليل فأصبح بمكة فليس عليه شي ء» (4)، و صحيح جميل عن الصادق عليه السّلام: «من زار فنام في الطريق فإن باب بمكة فعليه دم و إن كان قد خرج منها فليس عليه شي ء و إن أصبح دون منى» (5)، و خبر علي عن أبي إبراهيم عليه السّلام قال: «سألته عن رجل زار البيت فطاف بالبيت و بالصفا و المروة ثمَّ رجع فغلبته عينه في الطريق فنام حتى أصبح قال عليه السّلام: عليه شاة» (6) إلى غير ذلك من الأخبار، و مقتضى الأصل وجوب شاة واحدة، سواء كان ترك البيتوتة في منى ليلة واحدة أو تمام الليلتين أو الثلاث، لأن المسألة من الأقل و الأكثر، و لكن مقتضى ظهور الأخبار،

ص: 357


1- الوسائل باب: 1 من أبواب العود إلى منى حديث: 1.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب العود إلى منى حديث: 8.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب العود إلى منى حديث: 5.
4- الوسائل باب: 1 من أبواب العود إلى منى حديث: 23.
5- الوسائل باب: 1 من أبواب العود إلى منى حديث: 16.
6- الوسائل باب: 1 من أبواب العود إلى منى حديث: 10.

.....

______________________________

و أصالة تعدد المسبب بتعدد السبب، لأن الدم إما جبران أو كفارة و لا ريب في تعدد الموجب بكل ليلة مستقلا هو التعدد بحسب كل ليلة خصوصا بقرينة خبر جعفر بن ناجية قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عمن بات ليالي منى بمكة فقال عليه السّلام:

عليه ثلاثة من الغنم يذبحهن (1) بعد حمله على وجوب بيتوتة الليلة الثالثة، كما يأتي.

الثاني: صحيح العيص قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل فاتته ليلة من ليالي منى قال عليه السّلام: ليس عليه شي ء و قد أساء» (2) و صحيح ابن يسار عن الصادق عليه السّلام قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام فاتتني ليلة المبيت بمنى من شغل فقال عليه السّلام: لا بأس» (3) و لا بد من حملهما إما على الاشتغال بالعبادة أو على التقية.

الثالث: صحيح محمد بن إسماعيل عن أبي الحسن عليه السّلام: «في الرجل يزور فينام دون منى فقال عليه السّلام: إذا جاز عقبة المدنيّين فلا بأس أن ينام» (4) و نسب الفتوى بمضمونه إلى أبي علي و الشيخ في كتابه الأخبار، و صحيح ابن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «إذا زار الحاج من منى فخرج من مكة فجاوز بيوت مكة فنام ثمَّ أصبح قبل أن يأتي منى فلا شي ء عليه» (5) و مثلهما ذيل ما تقدم من صحيح جميل، و لكن لا بد من حملها على بعض المحامل أو طرحها لما تقدم من المعتبرة المتقدمة المؤيدة بالشهرة و لو لا وهنها بالإعراض لصح الجمع بحمل المعتبرة على الندب.

الرابع: خبر الجازي قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل خرج من منى يريد البيت قبل نصف الليل فأصبح بمكة قال عليه السّلام: «لا يصلح له حتى يتصدق بها صدقة أو يهريق دما، فان خرج من منى بعد نصف الليل لم يضره شي ء» (6)، و خبر أبي البختري عنه عليه السّلام أيضا: «في الرجل أفاض إلى البيت فغلبته عيناه حتى

ص: 358


1- الوسائل باب: 1 من أبواب العود إلى منى حديث: 6.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب العود إلى منى حديث: 7.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب العود إلى منى حديث: 12.
4- الوسائل باب: 1 من أبواب العود إلى منى حديث: 15.
5- الوسائل باب: 1 من أبواب العود إلى منى حديث: 17.
6- الوسائل باب: 1 من أبواب العود إلى منى حديث: 14.

بين العامد، و الجاهل، و الناسي (4). نعم لو كان مضطرا في البيتوتة في غير منى فلا شي ء عليه (5) و ان كان الأحوط الدم فيه أيضا (6).

مسألة 3: لو بات في طريق منى و لو بعد عقبة المدنيّين

(مسألة 3): لو بات في طريق منى و لو بعد عقبة المدنيّين و أصبح في غير منى وجب عليه الدم أيضا (7).

مسألة 4: لو بات بمكة مشغولا بالعبادة

(مسألة 4): لو بات بمكة مشغولا بالعبادة بحيث يصدق عليه أنه مشغول بنسكه لا دم عليه (8)، و لا فرق بعد الصدق المذكور بين استيعاب.

______________________________

أصبح قال عليه السّلام: لا بأس عليه و يستغفر اللّه و لا يعود» (1) و لكنهم موهونان بقصور السند و الإعراض، فلا وجه للاعتماد عليها فما هو المشهور هو المنصور.

(4) لإطلاق الروايات و الكلمات الشامل لجميع ذلك.

(5) لانصراف الأدلة عنه بقرينة ما يأتي من ذوي الأعذار، و إطلاق قوله صلّى اللّه عليه و آله: «رفع ما اضطروا إليه» (2).

(6) لاحتمال شمول الأدلة له أيضا، و احتمال كونه من الوضعيات غير المختصة بحال دون حال.

(7) لعموم وجوب الدم على من لم يبت في منى، و خصوص ما تقدم من خبر علي المنجبر، و ما تقدم في القسم الثالث من الأخبار محمول أو مطروح كما مر.

(8) لقول الصادق عليه السّلام في صحيح معاوية بن عمار: «إذا فرغت من طوافك للحج و طواف النساء فلا تبت إلّا بمنى إلّا أن يكون شغلك في نسكك» (3)، و صحيحه الأخر: «ليس عليه شي ء كان في طاعة اللّه تعالى» (4).

ص: 359


1- الوسائل باب: 1 من أبواب العود إلى منى حديث: 22.
2- الوسائل باب: 56 من أبواب جهاد النفس.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب العود إلى منى حديث: 1.
4- الوسائل باب: 1 من أبواب العود إلى منى حديث: 9.

الليلة و عدمه، و تجاوز النصف و عدمه (9)، و لا بأس بما يضطر إليه من أكل و شرب، و نوم غالب (10)، و الأحوط مع ذلك كله دم (11) و ينبغي له الذهاب إلى منى إن أمكنه ذلك، بل يكره تركه إلى الصبح (12)، و يكفي مطلق الطاعة في البيتوتة بمكة (13).

مسألة 5: الظاهر أن الحاج مخير بين البقاء في مكة مشتغلا بالطاعة و الذهاب إلى منى للبيتوتة بها

(مسألة 5): الظاهر أن الحاج مخير بين البقاء في مكة مشتغلا بالطاعة و الذهاب إلى منى للبيتوتة بها (14).

مسألة 6: لا فرق في ما تقدم من الأحكام بين الحج الواجب

(مسألة 6): لا فرق في ما تقدم من الأحكام بين الحج الواجب

______________________________

(9) لإطلاق الصحيحين الشامل للجميع.

(10) لتنزل الصحيحين على المتعارف و ذلك كله من المتعارف.

(11) خروجا عن خلاف ابن إدريس حيث أوجب الدم حتى على من اشتغل بالعبادة في مكة، و الصحيحان حجة عليه.

(12) لقول الصادق عليه السّلام في صحيح ابن مسلم: «إذا خرجت من منى قبل غروب الشمس فلا تصبح إلا بمنى» (1) و نحوه صحيح جميل (2)، و عنه عليه السّلام أيضا في صحيح العيص: «فلا ينفجر الصبح إلا و هو بمنى»(3)، و عنه عليه السّلام: «و ما أحبّ أن ينشق له الفجر إلا و هو بمنى» (4) و مقتضى جميع ذلك الوجوب، و كفاية ذلك في سقوط الدم مطلقا و لو لم يشتغل في مكة بالعبادة إلّا أنه لا قائل به كما اعترف به في الجواهر.

(13) لإطلاق قوله عليه السّلام: «كان في طاعة اللّه تعالى» (5) كفاية مطلق الطاعة و لو لم تكن من الطواف و السعي، بل و لو لم يكن في المسجد الحرام فتشمل قضاء حاجة المؤمن للّه تعالى.

(14) لظهور الأخبار المتقدمة في ذلك و إن كانت البيتوتة في

ص: 360


1- الوسائل باب: 1 من أبواب العود إلى منى حديث: 3.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب العود إلى منى حديث: 16.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب العود إلى منى حديث: 4.
4- الوسائل باب: 1 من أبواب العود إلى منى حديث: 5.
5- الوسائل باب: 1 من أبواب العود إلى منى حديث: 9.

و المندوب (15)، كما لو حج الولي بالصبي يجرى عليه جميع ما تقدم (16).

مسألة 7: يجوز ذبح الشاة- لو بات في غير منى

(مسألة 7): يجوز ذبح الشاة- لو بات في غير منى في أيّ محل كان (17)، و لا يجب فيه سنّ معين، و لا وقت كذلك، و يجب فورا ففورا (18)، و لو مات يخرج من أصل ماله (19).

مسألة 8: يجب التصدق بلحمها

(مسألة 8): يجب التصدق بلحمها (20)، و لا يجوز أكل صاحبها منها (21).

مسألة 9: لو أكره على عدم المبيت في منى لا يجب عليه شي ء

(مسألة 9): لو أكره على عدم المبيت في منى لا يجب عليه شي ء (22).

______________________________

منى أفضل كما سبق.

(15) لظهور الإطلاق و الاتفاق، مع أن كل حج يجب بالتلبس بإحرامه.

(16) لأن المنساق من الأدلة أنه حكم الحج المشروع، و حج الصبي مشروع.

(17) لأنه ليس من كفارة الإحرام و لا من الهدي حتى يكون لذبحه محل خاص، و لكن الأحوط ذبحه في منى.

(18) لأنه المنساق من الأدلة و الفتاوى.

(19) لكونه دين، و الديون و الكفارات تخرج من الأصل.

(20) لأنه الأصل في مثل ذلك كفارة كان أو جبرانا و ليس من الهدي حتى يقسم أثلاثا.

(21) لكونه كفارة و من نقصان الحج، و قد مر أن ما كان من نقصان الحج فلا يأكل منه صاحبة.

(22) لإطلاق حديث رفع الإكراه (1) المقتضي لعدم شي ء عليه.

ص: 361


1- الوسائل باب: 56 من أبواب جهاد النفس.

مسألة 10: لو كانت عنده ضرورة توجب المبيت في غير منى يجب عليه الدم

(مسألة 10): لو كانت عنده ضرورة توجب المبيت في غير منى يجب عليه الدم (23)، و من لا يتمكن من الكفارة تسقط عنه، و يستغفر اللّه تعالى (24).

مسألة 11: الواجب من المبيت في منى من أوّل الليل إلى أن يمضي النصف منه

(مسألة 11): الواجب من المبيت في منى من أوّل الليل إلى أن يمضي النصف منه (25).

______________________________

(23) لإطلاق أدلة وجوب الدم من غير تقييد.

(24) لقوله عليه السّلام في خبر ابن فرقد: «إن الاستغفار توبة، و كفارة لكل من لم يجد السبيل إلى شي ء من الكفارة» (1).

(25) نصوصا، و إجماعا، قال الصادق عليه السّلام في خبر الجازي: «فإن خرج من منى بعد نصف الليل لم يضره شي ء» (2)، و عنه عليه السّلام في خبر ابن ناجية: «إذا خرج الرجل من منى أول الليل فلا ينتصف له الليل إلا و هو بمنى و إذا خرج بعد نصف الليل فلا بأس أن يصبح بغيرها» (3)، و في صحيح العيص: «إن زار بالنهار أو عشاء فلا ينفجر الصبح إلا و هو بمنى و إن زار بعد أن انتصف الليل أو السحر فلا بأس عليه أن ينفجر الصبح و هو بمكة» (4).

و المسألة بحسب الأصل من موارد الأقل و الأكثر، فوجوب بيتوتة الزائد على نصف الليل مشكوكا فيرجع فيه إلى الأصل.

و أما بحسب كلمات اللغويين فالبيتوتة هي مجرد الدخول في الليل، كما في العين، و عن الزجاج كل من أدرك الليل فقد بات، و عن ابن عباس من صلى بعد العشاء ركعتين فقد بات للّه ساجدا و قائما، و عن الكشاف البتوتة خلاف الظلول و هي أن يدركك الليل، و على قولهم فاستفادة البقاء إلى مدة في الليل

ص: 362


1- الوسائل باب: 6 من أبواب الكفارات حديث: 3.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب العود إلى منى حديث: 14.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب العود إلى منى حديث: 20.
4- الوسائل باب: 1 من أبواب العود إلى منى حديث: 4.

و ينبغي إدخال شي ء من النهار مقدمة (26)، و يجوز أن يخرج من منى بعد نصف الليل و يدخل مكة قبل الفجر (27).

مسألة 12: الأفضل مبيت تمام الليل بمنى

(مسألة 12): الأفضل مبيت تمام الليل بمنى بل يكره الدالجة منها قبل الصبح (28).

مسألة 13: تجب النية في البيتوتة بمنى

(مسألة 13): تجب النية في البيتوتة بمنى (29)، و يكفي فيها مجرد الداعي (30)،

______________________________

قليلا كان أو كثيرا تحتاج إلى القرينة، و النصوص و الإجماع في المقام قرينة على التحديد.

(26) من جهة حصول العلم بالكون في منى من أول الليل إلى نصفه.

(27) للأصل، و الإطلاق، و إطلاق قول الكاظم عليه السّلام لعلي بن جعفر: «و إن كان خرج من منى بعد نصف الليل فأصبح بمكة فليس عليه شي ء» (1).

(28) لصحيح الكناني قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الدلجة إلى مكة أيام منى و أنا أريد أن أزور البيت؟ فقال عليه السّلام: لا حتى ينشق الفجر كراهية أن يبيت الرجل بغير منى» (2) المحمول على الأفضلية جمعا، و إجماعا، و عن السرائر، و النهاية، و المبسوط، و الجامع الفتوى بذلك فإن أرادوا مطلق الأفضلية فهو صحيح و إن أرادوا الوجوب فلا دليل لهم عليه كما اعترف به في الجواهر و الدروس.

(29) لأنها عبادة و لا عبادة إلا بالنية.

(30) لما تقدم مرارا من كفايته في كل عبادة و مقتضى الأصل و الإطلاق عدم وجوب شي ء زائد عليه.

ص: 363


1- الوسائل باب: 1 من أبواب العود إلى منى حديث: 23.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب العود إلى منى حديث: 11.

و لو أخل بالنية أثم (31)، و لا فداء عليه (32)، و إن كان أحوط (33).

مسألة 14: لو كان معذورا عن البيتوتة في منى لعذر صحيح

(مسألة 14): لو كان معذورا عن البيتوتة في منى لعذر صحيح يجوز له تركها، و لا إثم عليه (34)، و الأحوط عدم سقوط الفداء عن ذوي الأعذار و إن سقط وجوب المبيت عنهم (35).

مسألة 15: من غربت عليه الشمس ليلة الثالثة عشر

(مسألة 15): من غربت عليه الشمس ليلة الثالثة عشر و هو بمنى وجب عليه المبيت تلك الليلة بها أيضا (36) و المراد بغروب الشمس

______________________________

(31) إذ لا معنى لوجوب شي ء إلّا أن تركه العمدي يوجب الإثم.

(32) للأصل، و انصراف أدلة وجوبه عن ذلك، إذ المنساق منها عرفا ترك الكون فيها رأسا.

(33) لاحتمال شمول دليل وجوبه له أيضا، و لأن الاحتياط حسن على كل حال.

(34) للإجماع، و قاعدة نفي الحرج، و ما دل على الرخصة للسقاية كما تقدم، و من العذر الخوف على النفس أو المال، أو العرض و المرض و التمريض، و مشاغل الحملدارية إذا اضطروا إليها و نحو ذلك بلا فرق بين كون العذر نوعيا في الجملة أو شخصيا.

(35) لإطلاق دليل وجوبه الشامل لذوي الأعذار أيضا، و منشأ التردد احتمال كونه دائرا مدار الإثم و لا إثم مع العذر. و يمكن دفعه بأنه جبران لا كفارة، مع أن دعوى أن الكفارة تدور مدار الإثم بنحو الكلية ممنوعة. نعم يحتمل انصراف أدلة وجوبه عن صورة العذر.

(36) نصوصا، و إجماعا، قال الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «فإن أدركه المساء بات و لم ينفر» (1)، و في صحيح ابن عمار: «إذا جاء الليل بعد النفر الأول

ص: 364


1- الوسائل باب: 10 من أبواب العود إلى منى 1.

الغروب الشرعي الذي يصح فيه الصلاة و الإفطار (37).

مسألة 16: و لو خالف- و لم يبت فيها بعد غروب الشمس يجب عليه الفداء

(مسألة 16): و لو خالف- و لم يبت فيها بعد غروب الشمس يجب عليه الفداء (38)، و يجوز تركه لذوي الأعذار (39).

مسألة 17: لو خرج منها قبل الغروب ثمَّ رجع إليها لأخذ شي ء نسيه مثلا، أو لإتيان عمل لا يجب عليه المبيت

(مسألة 17): لو خرج منها قبل الغروب ثمَّ رجع إليها لأخذ شي ء نسيه مثلا، أو لإتيان عمل لا يجب عليه المبيت (40) و أما لو رجع قبل الغروب فغربت عليه و هو فيها، فالأحوط وجوبا عليه المبيت فيها (41)،

______________________________

فبت بمنى فليس لك أن تخرج منها حتى تصبح» (1)، و في موثق أبي بصير قال:

«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل ينفر في النفر الأول، قال عليه السّلام: له أن ينفر ما بينه و بين أن تسفر الشمس، فان هو لم ينفر حتى يكون عند غروبها فلا ينفر و ليبت بمنى حتى إذا أصبح و طلع الشمس فلينفر متى شاء» (2) و ما في ذيلهما من عدم الخروج إلى الصبح محمول على الفضل بقرينة ما تقدم. و يمكن التشكيك في أصل الوجوب في هذه الأزمان، لأن الوجوب في الأزمنة القديمة كان لأجل أن لا يضلّ الحاج في طريقه في الليل و لا تصبه عارضة أخرى في البر فيقع في الحرج و المشقة لا في مثل هذه الأزمان التي اتصلت بلدة منى بمكة المكرمة و ليلهما كنهارهما من كثرة الزحام و الإضواء إلا أن يقال: إن ذلك من الحكمة لا العلة.

(37) لأنه المراد بالغروب في الكتاب و السنة ما لم يرد دليل على الخلاف و لا دليل كذلك في المقام.

(38) لإطلاق أدلة وجوب الفداء الشامل لليلة الثالثة عشر كشمولها لليلتين السابقتين عليها إلا أن يدعي الانصراف عنها و اختصاصها بما هو الواجب في أصل التشريع الأولي.

(39) لإطلاق أدلة نفي الحرج و الضرر الشامل لهذه الليلة أيضا خصوصا بناء على ما احتملناه من عدم الوجوب في هذه الأزمان.

(40) للأصل بعد ظهور ما تقدم من الأدلة و غيره.

(41) لشمول الإطلاقات لمثله أيضا، و منشأ التشكيك احتمال انصراف

ص: 365


1- الوسائل باب: 10 من أبواب العود إلى منى حديث: 2.
2- الوسائل باب: 10 من أبواب العود إلى منى حديث: 4.

و كذا لو غربت عليه و هو مشغول بالتهيؤ للخروج منها (42).

مسألة 18: يجب مبيت ليلة الثالثة عشرة- أيضا-

(مسألة 18): يجب مبيت ليلة الثالثة عشرة- أيضا لمن لم يتق في إحرامه الصيد و وطي النساء (43) فيشترط في جواز النفر في اليوم الثاني عشر أمران:

الأول: أن لا يدرك المساء. الثاني: اتقاء الصيد و النساء (44).

______________________________

البشرية التي تحكم الفطرة العقلية بلزومه و رعايته مهما أمكن، و لا بد و أن تهتم الشرائع السماوية بذلك اهتماما بليغا، فإن الاجتماع البشري لا يتم إلا بأمرين مهمين يتقومان بالمال، ما دل على وجوب المبيت عليه و هو احتمال حسن.

(42) لأنه يصدق عليه أنه أدركه المساء فيها فيجب عليه المبيت حينئذ إلا أن يدعى الانصراف عنه أيضا.

(43) إجماعا، و نصا قال الصادق عليه السّلام في خبر ابن المستنير: «من أتى النساء في إحرامه لم يكن له أن ينفر في النفر الأول» (1) و عنه عليه السّلام أيضا في خبر حماد بن عثمان «في قول اللّه عز و جل فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لمن اتقى الصيد يعني: في إحرامه، فإن أصابه لم يكن له أن ينفر في النفر الأول» (2) و عنه عليه السّلام أيضا في خبر ابن دراج: «و من أصاب الصيد فليس له أن ينفر في النفر الأول» (3)، و قريب منه صحيح ابن عمار (4) و ما في المدارك من ضعف السند و إجمال المراد مدفوع بالانجبار، مع أن في الإجماع المحقق غني و كفاية، مضافا إلى عدم الانحصار بخبر المستنير، و يحيى المبارك، بل يدل عليه صحيح ابن عمار و خبر ابن دراج.

(44) لما تقدم من الدليل على الشرطين، و يأتي بقية الكلام.

ص: 366


1- الوسائل باب: 11 من أبواب العود إلى منى حديث: 1.
2- الوسائل باب: 11 من أبواب العود إلى منى حديث: 2.
3- الوسائل باب: 11 من أبواب العود إلى منى حديث: 8.
4- الوسائل باب: 11 من أبواب العود إلى منى حديث: 5.

.....

______________________________

فائدتان. الأولى: قد يقال في قوله تعالى فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ أنه ظاهر في أن التأخير مظنّة الإثم مع أن التأخير أفضل للإتيان بمناسك منى في اليوم الثالث عشر أيضا فكيف يتوهم الإثم حتى يحتاج إلى نفيه. و أجيب عن ذلك بوجوه:

منها: أن ذلك ردّ لما كان عليه أهل الجاهلة حيث أنهم كانوا فريقين فمنهم من يجعل المتعجل آثما، و منهم من يكون بالعكس، فبين اللّه تعالى فساد قولهم.

و منها: أنّ لا إثم بمعنى: لا بأس و هو لا ينافي أفضلية التأخير، كما في قوله تعالى إِنَّ الصَّفا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما (1).

و منها: أن قوله تعالى فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إخبار منه تعالى عن غفران ذنوبه بسبب حجه الذي أتى به فهو مخير في اختيار أيا منهما شاء و أراد.

و منها: أنه في الواقع ترغيب إلى عدم التعجيل، و يشهد له صحيح أبي أيوب قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنا نريد أن نتعجل السير- و كانت ليلة النفر حين سألته- فأي ساعة تنفر؟ فقال لي: أما اليوم الثاني فلا تنفر حتى تزول الشمس- و كانت ليلة النفر- فأما اليوم الثالث فاذا ابيضت الشمس فانفر على كتاب اللّه، فان اللّه عز و جل يقول فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ فلو سكت لم يبق أحد إلا تعجل، و لكنه قال وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ (2).

و منها: غير ذلك مما ذكر في المطولات.

الثانية: قد ذكر في بيان قوله تعالى في ذيل الآية المتقدمة:

ص: 367


1- سورة البقرة: 158.
2- الوسائل باب: 9 من أبواب العود إلى منى حديث: 4.

.....

______________________________

لِمَنِ اتَّقى وجوه:

منها: أن المراد بالاتقاء الكبائر، و يشهد له قوله تعالى إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (1)، و خبر سفيان بن عيينة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سأل رجل أبي بعد منصرفه من الموقف، فقال: أ ترى يجيب اللّه هذا الخلق كله؟ فقال أبي: ما وقف بهذا الموقف أحد إلا غفر اللّه له مؤمنا كان أو كافرا، إلّا أنهم في مغفرتهم على ثلاث منازل: مؤمن غفر اللّه له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر و أعتقه من النار، و ذلك قوله عز و جل رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَ فِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنا عَذابَ النّارِ أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمّا كَسَبُوا وَ اللّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ.

و منهم: من غفر اللّه له ما تقدم من ذنبه و قيل له: أحسن فيما بقي من عمرك و ذلك قوله عز و جل فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ يعنى: من مات قبل أن يمضي فلا إثم عليه، و من تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى الكبائر.

و أما العامة فيقولون: فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه يعني في النفر الأول، و من تأخر فلا إثم عليه يعنى: لمن اتقى الصيد، أ فترى أن الصيد يحرمه اللّه بعد ما أحلّه في قوله عز و جلّ إِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا، و في تفسير العامة و إذا حللتم معناه فاتقوا الصيد. و كافر وقف بهذا الموقوف لزينة الحياة الدنيا غفر اللّه له ما تقدم من ذنبه إن تاب من الشرك فيما بقي من عمره و إن لم يتب وفاه أجره و لم يحرمه أجر هذا الموقوف و ذلك قوله عز و جل مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَ زِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَ هُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ، أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النّارُ وَ حَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وَ باطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (2).

ص: 368


1- سورة المائدة: 27 و راجع ما يتعلق بالآية الشريفة في ج: 11 من مواهب الرحمن في تفسير القرآن.
2- الوسائل باب: 18 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 1.

مسألة 19: يختص وجوب المبيت ليلة الثالثة عشرة بخصوص وطي النساء في الإحرام

(مسألة 19): يختص وجوب المبيت ليلة الثالثة عشرة بخصوص وطي النساء في الإحرام (45)، و لكن الأحوط إلحاق القبلة، و اللمس، بشهوة،

______________________________

و منها: اتقاء النساء و الصيد، كما مرّ.

و منها: اتقاء الصيد حتى ينفر أهل منى في النفر الأخير، لصحيح ابن عمار عن الصادق عليه السّلام: «سمعته يقول في قول اللّه عز و جل فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ، وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى فقال: يتقي الصيد حتى ينفر أهل منى إلى النفر الأخير» (1).

و فيه: أنه موافق للعامة، كما تقدم في خبر ابن عيينة.

و منها: خبر ابن المستنير عن أبي جعفر عليه السّلام أنه قال: «لمن اتقى الرفث، و الفسوق، و الجدال، و ما حرم اللّه عليه في إحرامه» (2).

و فيه: أنه مخالف للمشهور أيضا، و عنه عليه السّلام أيضا قال: «لمن اتقى اللّه عز و جل» (3).

و نسب إلى ابن إدريس اعتبار اتقاء جميع المحرمات.

أقول: كلمات الفقهاء غير منقحة كما لا يخفى على من راجعها، و مقتضى الأصل عدم وجوب مبيت ليلة الثالث عشر إلا في المعلوم من مورد الأخبار بعد رد بعضها إلى بعض و هو عدم اتقاء خصوص الصيد و النساء بقرينة الإجماع الدال على التخصيص بهما، و لا بد من حمل الأخبار المنافية على بعض المحامل أو طرحها.

(45) لما تقدم في خبر ابن المستنير من قوله عليه السّلام: «من أتى النساء في إحرامه» (4) و هو ظاهر في خصوص الوطي فيرجع في غيره إلى الأصل.

ص: 369


1- الوسائل باب: 11 من أبواب العود إلى منى حديث: 6.
2- الوسائل باب: 11 من أبواب العود إلى منى حديث: 7.
3- الوسائل باب: 11 من أبواب العود إلى منى حديث: 9.
4- الوسائل باب: 11 من أبواب العود إلى منى حديث: 1.

و العقد، و شهادته بالوطي أيضا (46)، كما أن الأحوط إلحاق الأكل، و الأخذ، و الدلالة و القتل، و نحو ذلك بالصيد (47).

مسألة 20: لا فرق في ذلك- على الأحوط- بين العامد، و الناسي، و الجاهل

(مسألة 20): لا فرق في ذلك- على الأحوط- بين العامد، و الناسي، و الجاهل (48)،

______________________________

(46) لإطلاق قول أبي جعفر عليه السّلام في ما تقدم في خبر ابن المستنير «لمن اتقى الرفث و الفسوق و الجدال ما حرم اللّه عليه في إحرامه» (1) و إطلاق خبر علي بن عطية عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «لمن اتقى اللّه عز و جل» (2)، و إطلاق الكلمات في اجتناب النساء.

و لكن الكل لا يصلح للفتوى، لقصور سند الخبرين مع عدم الانجبار و المتيقن من الكلمات هو الوطئ أيضا، مع أنه لا اعتبار بها ما لم يكن من الإجماع المعتبر، و لكن لا ينبغي ترك الاحتياط.

(47) لإطلاق ما تقدم في خبر المستنير من قوله عليه السّلام: «و ما حرم اللّه في إحرامه»، و تقدم أن الأصل عدم وجوب المبيت بها بعد قصور الخبر عن إثباته، و عدم إجماع في البين يصح الاعتماد عليه لا من محصله و لا من منقوله.

(48) وجه الاحتياط الجمود على الإطلاق، فيشمل الجميع، و قواه في الجواهر، و النجاة لذلك، و من احتمال الانصراف إلى غيرهم حتى بالنسبة إلى الصيد، لان الظاهر من قوله عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «اعلم أنه ليس عليك فداء شي ء أتيته و أنت محرم جاهلا به إذا كنت محرما في حجك أو عمرتك إلا الصيد، فإن عليك الفداء بجهل كان أو عمدا» (3) خصوص الفداء فقط لإتمام الآثار. إلّا أن يقال: أنه من باب المثال لجميع الآثار.

ص: 370


1- الوسائل باب: 11 من أبواب العود إلى منى حديث: 7.
2- الوسائل باب: 11 من أبواب العود إلى منى حديث: 9.
3- الوسائل باب: 31 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.

خصوصا في الصيد (49).

مسألة 21: لا يلحق إحرام عمرة التمتع بإحرام الحج

(مسألة 21): لا يلحق إحرام عمرة التمتع بإحرام الحج (50) و ان كان الأحوط الإلحاق (51).

مسألة 22: يجب أن يرمي- في اليوم الحادي عشر و الثاني عشر الجمار الثلاث

(مسألة 22): يجب أن يرمي- في اليوم الحادي عشر و الثاني عشر- الجمار الثلاث (52)،

______________________________

(49) لما مر من الاحتمال و خروجا عن خلاف صاحب الجواهر حيث قوّى ذلك.

(50) للأصل بعد حصول الإحلال عنه، و ما دل على ارتباط العمرة بالحج (1)، و دخول عمرة التمتع في حجة معناه: أنه يجب كونهما في أشهر الحج من سنة واحدة، فما قوّة في المسالك و تبعه في الجواهر من الإلحاق لذلك مخدوش.

(51) للجمود على إطلاق ما دل على دخول عمرة التمتع في حج و ان كان ذلك جمودا بلا وجه. و كلام الفقهاء في المقام غير محرر كما لا يخفى على من راجعه.

(52) إجماعا من المسلمين في الجملة، و نصوصا متواترة من المعصومين عليهم السّلام قال الصادق عليه السّلام في صحيح ابن أذينة: «الحج الأكبر الوقوف بعرفة و رمي الجمار» (2)، و قال عليه السّلام في صحيح ابن يزيد «من أغفل رمي الجمار أو بعضها حتى تمضي أيام التشريق فعليه أن يرميها من قابل، فإن لم يحج رمى عنه وليّه، فان لم يكن له ولي استعان برجل من المسلمين يرمي عنه فإنه لا يكون رمي الجمار إلا أيام التشريق» (3)، و عنه عليه السّلام في خبر ابن جبلة: «من ترك

ص: 371


1- راجع الوسائل باب: 2 من أبواب أقسام الحج.
2- الوسائل باب: 4 من أبواب العود إلى منى حديث: 1.
3- الوسائل باب: 3 من أبواب العود إلى منى حديث: 4.

كل جمرة بسبع حصيات (53)، و كذا يجب الرمي في اليوم الثالث عشر إن أقام ليلته فيها (54) و إن لم يجب عليه المبيت فيها (55).

مسألة 23: يجب في الرمي- مضافا إلى ما تقدم- أن يبدأ بالأولى

(مسألة 23): يجب في الرمي- مضافا إلى ما تقدم- أن يبدأ بالأولى، ثمَّ الوسطى، ثمَّ العقبة (56)، فلو رماها منكوسة عمدا، أو سهوا، أو جهلا

______________________________

رمي الجمار متعمدا لم تحل له النساء و عليه الحج من قابل» (1) المحمول على المبالغة في الوجوب، فما نسب إلى الشيخ و غيره من كونه مسنونا فإن أراد به ما ثبت وجوبه بغير الكتاب فهو و إلا فلا وجه له.

(53) إجماعا، و نصا، ففي صحيحة ابن عمار: «رجل أخذ إحدى و عشرين حصاة فرمى بها فزادت واحدة فلم يدر أيّهنّ نقص قال عليه السّلام: فليرجع و ليرم كل واحدة بحصاة، فإن سقطت عن رجل حصاة فلم يدر أيهن هي، فليأخذ من تحت قدميه حصاة و يرمي بها- الحديث-» (2).

(54) على المشهور، و أرسله في الجواهر، و النجاة إرسال المسلّمات و عن كاشف اللثام دعوى عدم الخلاف، و استدل عليه بالتأسّي، و إطلاقات الروايات.

(55) لشمول الإطلاقات لهذه الصورة أيضا.

(56) نصوصا، و إجماعا، و تأسّيا، قال الصادق عليه السّلام في صحيح ابن عمار:

«ارم في كل يوم عند زوال الشمس، و قل كما قلت حين رميت جمرة العقبة، و ابدأ بالجمرة الأولى فارمها عن يسارها من بطن المسيل، و قل كما قلت يوم النحر، ثمَّ قم عن يسار الطريق فاستقبل القبلة و أحمد اللّه و أثن عليه و صلّ على النبي صلّى اللّه عليه و آله و آله، ثمَّ تقدم قليلا فتدعو و تسأله أن يتقبل منك، ثمَّ تقدم أيضا، ثمَّ افعل ذلك عند الثانية و اصنع كما صنعت بالأولى، و تقف و تدعو اللّه كما دعوت،

ص: 372


1- الوسائل باب: 4 من أبواب العود إلى منى حديث: 5.
2- الوسائل باب: 7 من أبواب العود إلى منى حديث: 1.

أعاد على الوسطى و جمرة العقبة (57).

مسألة 24: وقت الرمي للمختار ما بين طلوع الشمس إلى غروبها

(مسألة 24): وقت الرمي للمختار ما بين طلوع الشمس إلى غروبها (58)،

______________________________

ثمَّ تمضي إلى الثالثة، و عليك السكينة و الوقار فارم و لا تقف عندها» (1) و اشتماله على المندوبات لا يضر باستفادة الوجوب للترتيب، لأن استفادة الندب بالنسبة إلى البقية إنما هو لقرائن خارجية.

(57) الحصول، المأمور به بذلك، مضافا إلى الإجماع، و تقدم في صحيح ابن عمار: «قلت له: الرجل يرمي الجمار منكوسة قال عليه السّلام: يعيدها على الوسطى و جمرة العقبة» (2).

(58) لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن حازم: «رمي الجمار من طلوع الشمس إلى غروبها» (3)، و عن أبي جعفر عليهما السّلام في صحيح زرارة: «هو و اللّه ما بين طلوع الشمس إلى غروبها»(4) و عن الصادق عليه السّلام في صحيح صفوان «ارم الجمار ما بين طلوع الشمس إلى غروبها» (5)، و المشهور اعتمدوا على هذه الصحاح فتوى و عملا.

و عن جمع منهم الشيخ رحمه اللّه أن وقته بعد الزوال، و استندوا.

تارة: بالإجماع.

و أخرى: بقول الصادق عليه السّلام في صحيح معاوية: «ارم في كل يوم عند زوال الشمس» (6).

و ثالثة: بالتأسّي.

ص: 373


1- الوسائل باب: 12 و 10 من أبواب رمي جمرة العقبة حديث: 1 و 2.
2- الوسائل باب: 5 من أبواب العود إلى منى حديث: 1.
3- الوسائل باب: 13 من أبواب رمي جمرة العقبة حديث: 6.
4- الوسائل باب: 13 من أبواب رمي جمرة العقبة حديث: 5.
5- الوسائل باب: 13 من أبواب رمي جمرة العقبة حديث: 2.
6- الوسائل باب: 12 من أبواب رمي جمرة العقبة حديث: 1.

فلا يجوز أن يرمي ليلا إلّا لعذر (59)، و الأفضل، بل الأحوط إيقاعه عند الزوال (60)، كما أن الأفضل في كيفية الرمي ما في الصحيح عن الصادق عليه السّلام (61).

______________________________

و الكل مخدوش: لأنه كيف يحصل الإجماع في ما ذهب المشهور إلى الخلاف، و الصحيح محمول على الفضل جمعا، و الأخير أعم من الوجوب قطعا، فلا وجه لقولهم (قدست أسرارهم) و يشهد للفضل الفقه الرضوي:

«و أفضل من ذلك ما قرب من الزوال» (1).

(59) نصا، و إجماعا، قال الصادق عليه السّلام في صحيح ابن سنان: «لا بأس بأن يرمي الخائف بالليل و يضحي و يفيض بالليل» (2)، و عنه عليه السّلام أيضا: «رخص للعبد و الخائف و الراعي في الرمي ليلا» (3)، و في موثق أبي بصير قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الذي ينبغي له أن يرمي بليل من هو؟ قال عليه السّلام: الحاطبة، و المملوك الذي لا يملك من أمره شيئا، و الخائف و المدين، و المريض الذي لا يستطيع أن يرمي يحمل إلى الجمار، فان قدر على أن يرمي و إلا فارم عنه و هو حاضر» (4)، و الظاهر أن ذلك كله من باب المثال فيشمل مطلق المعذور، و تقتضيه قاعدة نفي الحرج، و الضرر، و سهولة الشريعة.

(60) أما الأفضل: فلصحيح ابن عمار- المتقدم- بعد حمله على مطلق الفضيلة و الندب. و أما الاحتياط: فللخروج عن خلاف من قال بوجوبه مثل الشيخ رحمه اللّه بل ادعى عليه الإجماع، و تقدمت المناقشة فيه.

(61) قال عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «ارم عند زوال الشمس و قل كما قلت حين رميت جمرة العقبة، و ابدأ بالجمرة الأولى فارمها عن يسارها من بطن

ص: 374


1- مستدرك الوسائل باب: 12 من أبواب رمي جمرة العقبة حديث: 2.
2- الوسائل باب: 14 من أبواب رمي جمرة العقبة حديث: 1.
3- الوسائل باب: 14 من أبواب رمي جمرة العقبة حديث: 2.
4- الوسائل باب: 14 من أبواب رمي جمرة العقبة حديث: 7.

مسألة 25: يستحب أن يرمي جمرة العقبة مستدبر القبلة

(مسألة 25): يستحب أن يرمي جمرة العقبة مستدبر القبلة (62).

مسألة 26: يجوز لذوي الأعذار الرمي في الليل

(مسألة 26): يجوز لذوي الأعذار الرمي في الليل (63) بلا فرق بين الليل المتقدم و المتأخّر (64) و لو لم يتمكن من ذلك جاز الجمع في ليلة واحدة (65).

______________________________

المسيل، و قل كما قلت يوم النحر، ثمَّ قم عن يسار الطريق فاستقبل القبلة و احمد اللّه و أثن عليه وصل على النبي و آله، ثمَّ تقدم قليلا فتدعو و تسأله أن يتقبل منك، ثمَّ تقدم أيضا، ثمَّ افعل ذلك عند الثانية و اصنع كما صنعت بالأولى، و تقف و تدعو اللّه كما دعوت، ثمَّ تمضي إلى الثالثة، و عليك السكينة و الوقار فارم و لا تقف عندها» (1)، و في خبر ابن شعيب قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الجمار، فقال عليه السّلام: قم عند الجمرتين، و لا تقم عند جمرة العقبة، فقلت هذا من السنّة؟

فقال عليه السّلام: نعم قلت ما أقول إذا رميت؟ قال عليه السّلام: كبر مع كل حصاة» (2).

(62) لصحيح ابن عمار عن الصادق عليه السّلام قال: «خذ حصى الجمار ثمَّ ائت الجمرة القصوى التي عند العقبة فارمها من قبل وجهها، و لا ترمها من أعلاها- الحديث-» (3) هذا في الأزمنة القديمة التي كانت لها جهة واحدة. و أما في هذه الأعصار التي تكون مثل سائر الجمرات لها جوانب مستديرة فهل الحكم كذلك أيضا أو لا؟ وجهان.

(63) لما تقدم من النص و الإجماع.

(64) لعموم النص و الفتوى الشامل لهما، و لأنه أولى من الترك و التأخير.

(65) للإطلاق. الشامل لهذه الصورة. إن قيل: فيجوز ذلك عمدا أيضا، للإطلاق. يقال: لو لا ظهور الإجماع على عدم جوازه عمدا.

ص: 375


1- تقدم في صفحة: 374.
2- الوسائل باب: 10 و 11 من أبواب رمي جمرة العقبة حديث: 1.
3- الوسائل باب: 3 من أبواب رمي جمرة العقبة حديث: 1.

مسألة 27: يحصل الترتيب برمي أربع حصيات

(مسألة 27): يحصل الترتيب برمي أربع حصيات: فلو رمى الجمرة اللاحقة ناسيا بعد أن رمى السابقة بأربع حصيات بنى و يجزيه إكمال السابقة سبعا (66)، و الجاهل كالناسي (67) بخلاف العامد (68)، و لو كان أقل من أربع استأنفها مع اللاحقة و لا يكفيه إكمال الناقص و إعادة ما بعده (69).

______________________________

(66) إجماعا، و نصوصا، ففي صحيح معاوية بن عمار عن الصادق عليه السّلام «في رجل رمى الجمار فرمى الأولى بأربع، و الأخيرتين بسبع سبع، قال عليه السّلام: يعود فيرمي الأولى بثلاث و قد فرغ، و إن كان رمى الأولى بثلاث و رمى الأخيرتين بسبع سبع فليعد و ليرمهن جميعا بسبع سبع، و إن كان رمى الوسطى بثلاث ثمَّ رمى الأخرى فليرم الوسطى بسبع، و إن كان رمى الوسطى بأربع رجع فرمى بثلاث» (1) و قريب منه صحيحه الآخر (2)، و قال أبو الحسن عليه السّلام في خبر ابن أسباط «إذا رمى الرجل الجمار أقل من أربع لم يجزيه أعاد عليها و أعاد على ما بعدها- و إن كان قد أتم ما بعدها- و إذا رمى شيئا منها أربعا بنى عليها و أعاد على ما بعدها إن كان قد أتمّ رميه» (3).

(67) لإطلاق الأخبار الشامل لهما، و قد نسب في الحدائق إلى الأصحاب.

(68) لقاعدة الاشتغال بعد صحة دعوى انصراف الأخبار عنه، و إن كان قد يظهر الإطلاق عن جمع منهم المحقق في الشرائع، و قد استدل الفاضل له بأن الأكثر يقوم مقام التمام.

و فيه: أنه عين المدعي لا أن يكون دليلا على الدعوى.

(69) لما تقدم من الأخبار الظاهرة في ذلك، و ظاهرهم التسالم عليه و نسب إلى الحلي الخلاف في ذلك، و في النسبة نظر بل منع كما في المستند.

ص: 376


1- الوسائل باب: 6 من أبواب العود إلى منى حديث: 1.
2- الوسائل باب: 6 من أبواب العود إلى منى حديث: 2.
3- الوسائل باب: 6 من أبواب العود إلى منى حديث: 3.

مسألة 28: لو كان الناقص في الثلاثة أكملها

(مسألة 28): لو كان الناقص في الثلاثة أكملها و اكتفى به بلا فرق بين الأربع و غيرها (70)، فلو رمى الجمرة الأولى أربعا مثلا و كلّا من الأخيرتين سبعا يجزيه إكمال الأولى سبعا، و كذا لو رمى في الأولى خمسا أو ستا (71)، و لكن لو رماها أقل من أربع أعاد على الجمرات الثلاثة (72).

مسألة 29: لو رمى الأولى سبعا، و الثانية ثلاثا، و الثالثة سبعا استأنف على الأخيرتين

(مسألة 29): لو رمى الأولى سبعا، و الثانية ثلاثا، و الثالثة سبعا استأنف على الأخيرتين (73)، و أما لو رمى الثانية أربعا يجزيه إتمامها سبعا (74) و الأحوط الاستيناف في جميع الصور مع فوت الموالاة (75).

مسألة 30: لو ترك رمي يوم- عذرا أو عمدا- قضاه في الغد

(مسألة 30): لو ترك رمي يوم- عذرا أو عمدا- قضاه في الغد (76)

______________________________

(70) لظهور تسالمهم عليه، و لعدم اعتبار الترتيب بعد إكمال الأربع.

(71) لما تقدم من ظهور الإجماع، و سقوط الترتيب بعد الأربع.

(72) لما مر من وجوب الترتيب بينها و لا دليل على سقوطه بالرمي بأقل من أربع، بل ظاهر الأدلة خلافه فوقع الرمي على الأخيرتين باطلا من جهة فوت الترتيب، فيجب الاستيناف.

(73) لبطلان الثانية فتبطل الأخيرة لا محالة من جهة فوت الترتيب فيجب الاستيناف.

(74) لما تقدم من سقوط الترتيب بإكمال الأربع.

(75) خروجا عن خلاف ابن بابويه حيث نسب القول بالبطلان مع فوت الموالاة بناء على اعتباره، و لكن قال في الجواهر: «لم نجد له دليلا بالخصوص بل ظاهر الأدلة التي مرت سابقا خلافه، و كونه المعهود في العمل للعامة لا يقتضي الاعتبار».

أقول: خصوصا بعد الأصل، و إطلاق النصوص.

(76) نصا، و إجماعا، ففي صحيح ابن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قلت له:

ص: 377

و يبدأ بالفائت ثمَّ بالحاضر (77).

مسألة 31: يستحب أن يكون ما يرميه لأمسه بكرة

(مسألة 31): يستحب أن يكون ما يرميه لأمسه بكرة، و ما يرميه ليومه عند الزوال (78).

مسألة 32: لو فاته جمرة و جهل عينها أعاد على الثلاث مرتبا

(مسألة 32): لو فاته جمرة و جهل عينها أعاد على الثلاث مرتبا، و كذا لو فاته أربع حصيات من جمرة و جهل عينها (79). نعم، لو فاته دون الأربع

______________________________

«الرجل ينكس في رمى الجمار، فيبدأ بجمرة العقبة ثمَّ الوسطى ثمَّ العظمى، قال عليه السّلام: يعود فيرمي الوسطى ثمَّ يرمي جمرة العقبة، و إن كان من الغد» (1) و يشمل هذا صورة أصل الترك أيضا، و يدل عليه ما يأتي.

(77) إجماعا، و نصا، ففي صحيح ابن سنان عنه عليه السّلام أيضا: «في رجل أفاض من جمع حتى انتهى إلى منى فعرض له عارض فلم يرم حتى غابت الشمس قال عليه السّلام: يرمي إذا أصبح مرتين: أحدهما بكرة و هي للأمس، و الأخرى عند زوال الشمس و هي ليومه» (2) و في رواية الصدوق (3): «مرة لما فاته و الأخرى ليومه الذي يصبح فيه، و ليفرّق بينهما يكون أحدهما بكرة و هي للأمس»، و ظهوره في أصل الوجوب مما لا ينكر، و استفادة الندب القرينة خارجية لكون أحدهما بكرة و الأخرى عند الزوال لا ينافي أصل وجوب الترتيب الذي يكون الصحيح ظاهرا فيه فلا وجه لإشكال صاحب الرياض، و المنساق من البكرة هو بعد طلوع الشمس عرفا.

(78) لما تقدم في الصحيح المحمول على الندب إجماعا.

(79) لما تقدم من وجوب الترتيب و لا يحصل إلا بذلك.

ص: 378


1- الوسائل باب: 5 من أبواب العود إلى منى حديث: 4.
2- الوسائل باب: 15 من أبواب رمي جمرة العقبة حديث: 2.
3- الوسائل باب: 15 من أبواب رمي جمرة العقبة حديث: 1.

من جمرة و جهل عينها كرّره على الثلاث، و لا يجب الترتيب حينئذ (80)، أما لو فاته من كل جمرة واحدة، أو اثنتان، أو ثلاث وجب الترتيب (81)، و لو كان الفائت أربعا استأنف (82).

مسألة 33: لو نسي رمي الجمار حتّى دخل مكة رجع و رمى مع بقاء الوقت

(مسألة 33): لو نسي رمي الجمار حتّى دخل مكة رجع و رمى مع بقاء الوقت (83)، و كذا الجاهل، بل العامد في الترك أيضا (84) و إذا

______________________________

(80) أما وجوب التكرار، فللعلم الإجمالي المردد بين أطراف ثلاثة و أما عدم وجوب الترتيب، فلأن الفائت ليس إلا واحدا في الواقع و وجوب الباقي مقدمي لا نفسي فيكفي في إحرازه التصادف الواقعي و هو متحقق مع التكرار لا محالة.

(81) لاحتمال التعدد، فيتحقق موضوع وجوب الترتيب حينئذ.

(82) لما تقدم في صحيح ابن عمار.

(83) للأصل، و النصوص، و الإجماع، ففي حسن ابن عمار عن الصادق عليه السّلام: «قلت له: رجل نسي رمي الجمار حتى أتى مكة قال عليه السّلام: يرجع فيرمها يفصل بين كل رميتين بساعة، قلت: فإن فاته ذلك و خرج، قال عليه السّلام: ليس عليه شي ء» (1)، و في صحيحة عنه عليه السّلام أيضا: «ما تقول في امرأة جهلت أن ترمي الجمار حتى نفرت إلى مكة؟ قال عليه السّلام: فلترجع فلترم الجمار كما كانت ترمي، و الرجل كذلك» (2)، و في صحيحه الآخر عنه عليه السّلام أيضا قال: «قلت له: رجل نسي رمي الجمار قال عليه السّلام: يرجع فيرميها، قلت: فإنه نسيها حتى أتى مكة قال عليه السّلام:

يرجع فيرمي متفرقا يفصل بين كل رميتين بساعة، قلت: فإنه نسي أو جهل حتى فاته و خرج قال عليه السّلام: ليس عليه أن يعيد» (3).

(84) لأن الروايات و إن ذكر فيها الناسي و الجاهل إلّا أن ظاهر الفقهاء كون

ص: 379


1- الوسائل باب: 3 من أبواب العود إلى منى حديث: 2.
2- الوسائل باب: 3 من أبواب العود إلى منى حديث: 1.
3- الوسائل باب: 3 من أبواب العود إلى منى حديث: 3.

انقضت أيام التشريق و لم يأت به لا يجب عليه في العام شي ء (85)، و يجب عليه القضاء في القابل بنفسه أو نائبه (86)، و لا تحرم عليه النساء

______________________________

العامد، و التارك اضطرارا أيضا كذلك كما صرح به جمع فيكون ذكرهما من باب المثال لمطلق الترك فتشمل الجميع، مع اقتضاء أصالة بقاء الوجوب ذلك أيضا.

(85) نصا، و إجماعا، قال الصادق عليه السّلام في خبر عمر بن يزيد: «من أغفل رمي الجمار أو بعضها حتى تمضي أيام التشريق فعله أن يرميها من قابل، فان لم يحج رمى عنه وليه، فان لم يكن له ولي استعان برجل من المسلمين يرمي عنه فإنه لا يكون رمي الجمار إلا أيام التشريق» (1) و هذا الخبر منجبر بالعمل لو كان في سنده قصور، مع صحة دعوى انسباق ذلك مما تقدم من الأخبار أيضا، و مقتضى خبر ابن يزيد عدم الفرق بين كونه باقيا في مكة أو رجع إلى أهله، لأنه جعل فيه التحديد زمانيا و هو انقضاء أيام التشريق.

(86) لما مرّ من خبر ابن يزيد المنجبر بالشهرة العظيمة، بل في كشف اللثام نفي الخلاف فيه، و في الجواهر: «لم نجد مصرحا بالندب غير المصنف في النافع، و الفاضل في محكي التبصرة» و لعل مستندهما الجمع بين هذا الخبر و ما تقدم من صحيحي معاوية و لكنه ممنوع لإمكان أن يراد بقوله عليه السّلام: «ليس عليه شي ء» الكفارة في مقابل الشافعي القائل بوجوب الهدي عليه، و أن يراد بقوله عليه السّلام: «ليس عليه أن يعيد» أي: في هذا العام و لا ينفي ذلك القضاء في القابل.

و هذا كله مبني على المناقشة في سند خبر ابن يزيد، و يمكن منعها بأن الظاهر من الشيخ رحمه اللّه أنه اعتمد على محمد بن عمر بن يزيد و ابن داود عده في الباب الأول الذي وضعه للثقات و يكفي هذا المقدار في حسن حال الراوي، و لو بني على المناقشة لاختلف النظم، لأن باب المناقشة واسع جدا.

ص: 380


1- الوسائل باب: 3 من أبواب العود إلى منى حديث: 4.

- و لو كان قد تعمد ترك الرمي- و لا يجب عليه الحج في القابل (87) و إن استحب ذلك (88).

مسألة 34: كل من كان معذورا يصح أن يرمى عنه

(مسألة 34): كل من كان معذورا يصح أن يرمى عنه (89) بلا فرق بين من كان مأيوسا من برئه أولا (90)، كما أنه لا إعادة عليه لو اتفق ارتفاع العذر و الوقت باق (91)،

______________________________

(87) للأصل، و الإطلاق، و الاتفاق. و أما خبر ابن جبلة عن الصادق عليه السّلام: «من ترك رمي الجمار متعمدا لم تحل له النساء و عليه الحج من قابل» (1) فضعيف سندا، و معرض عنه عند الأصحاب، و يحتمل أن يراد بالحج في القابل ما إذا أراد أن يأتي بذلك بنفسه و حج لذلك فلا وجه لما نسب إلى أبي علي من القول به.

(88) لما تقدم من خبر ابن جبلة القابل للحمل على الندب تسامحا.

(89) نصوصا، و إجماعا، قال الصادق عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «الكسير، و المبطون يرمى عنهما، قال: و الصبيان يرمى عنهم» (2) و في موثق ابن عمار قال:

«سألت أبا إبراهيم عليه السّلام عن المريض ترمى عنه الجمار؟ قال عليه السّلام: نعم يحمل إلى الجمرة و يرمى عنه» (3) و في خبره الآخر: «المريض ترمى عنه الجمار؟ قال عليه السّلام:

نعم يحمل إلى الجمرة و يرمى عنه، قلت: لا يطيق ذلك قال: يترك في منزله و يرمى عنه» (4)، و ذكر المريض، و الكسير، و المبطون من باب المثال، فيشمل كل معذور، و تقتضيه قاعدة نفي الحرج أيضا.

(90) للإطلاق الشامل لهما إذا كان الزمان قصيرا جدا بحيث ينصرف عنه الإطلاق.

(91) للإطلاق الوارد في مقام التسهيل و الامتنان، و لا وجه معه للإعادة

ص: 381


1- الوسائل باب: 4 من أبواب العود إلى منى حديث: 5.
2- الوسائل باب: 17 من أبواب رمي جمرة العقبة حديث: 1.
3- الوسائل باب: 17 من أبواب رمي جمرة العقبة حديث: 4.
4- الوسائل باب: 17 من أبواب رمي جمرة العقبة حديث: 2.

و إن كان هو الأحوط (92)، و لا تبطل هذه النيابة بإغماء المنوب عنه (93) و يرمى عن المغمى عليه و لا يحتاج إلى الإذن (94).

مسألة 35: لا يعتبر في النائب أن يكون محرما

(مسألة 35): لا يعتبر في النائب أن يكون محرما (95)، كما يجوز أن ينوب واحد عن أشخاص كثيرة في الرمي (96)، و يجوز التبعيض بأن يأتي بالبعض بنفسه، و بالآخر بالاستنابة (97).

______________________________

و بذلك قطع في السرائر، و المنتهى، و قربه في محكي التذكرة.

(92) لاحتمال أن يكون موضوع الاستنابة العذر المستوعب للوقت و لكنه بعيد عن مساق الإطلاق الوارد في مقام البيان و الامتنان.

(93) للأصل، و إطلاق النص و الفتوى، مع كون المرض معرضا للإغماء- خصوصا في الأزمنة القديمة- و ما قيل من البطلان قياسا على الوكالة واضح المنع كما في الجواهر و غيره، بل في أصل صحة توقف الرمي عنه على إذنه إشكال، لإطلاق ما تقدم من النص، و لذا قال في السرائر، و المنتهى باستحباب الاستيذان. و منه يظهر صحة التبرع عنه في الرمي أيضا من دون استنابة منه، قال في الجواهر: «و إن كان لو فعل من غير إذنه جاز و سقط عنه ذلك لما سمعته من إطلاق النص و الفتوى مؤيدا بالإحرام عن المغمى عليه و بإجزاء الحج متبرعا عن الميت» و لكن الأحوط الاستيذان و الاستنابة إن أمكن.

(94) لصحيح رفاعة عن الصادق عليه السّلام: «سألته عن رجل أغمي عليه فقال عليه السّلام: يرمى عنه الجمار» (1).

(95) للأصل، و الإطلاق.

(96) لأصالة الصحة و حصول عمل النيابة بلا تزاحم في البين.

(97) لأنه بعد أن جازت النيابة في الجميع يجوز في البعض أيضا لشمول

ص: 382


1- الوسائل باب: 17 من أبواب رمي جمرة العقبة حديث: 5.

مسألة 36: لو تحمل الضرر و ذهب إلى المرمى و رمى بنفسه يجزي

(مسألة 36): لو تحمل الضرر و ذهب إلى المرمى و رمى بنفسه يجزي إن كان الضرر في الذهاب لا في نفس الرمي من حيث هو (98).

مسألة 37: لو كان شخص نائبا عن خمسة- مثلا

(مسألة 37): لو كان شخص نائبا عن خمسة- مثلا و أخذ كل مرة خمس حصيات في يده و رماها و أصاب الجميع و فعل ذلك سبع مرات في كل جمرة فهل يجزي أولا؟ الظاهر هو الأوّل (99).

مسألة 38: المدار في شرائط الرمي و الرامي على تكليف النائب لا المنوب عنه

(مسألة 38): المدار في شرائط الرمي و الرامي على تكليف النائب لا المنوب عنه (100)، كما لا فرق في النائب بين الرجل و المرأة عن رجل أو عن امرأة (101).

مسألة 39: يستحب أن يحمل المعذور إلى الجمار مع الإمكان

(مسألة 39): يستحب أن يحمل المعذور إلى الجمار مع الإمكان (102) و وضع الحصاة في يده و الرمي بها إن أمكن (103).

______________________________

دليل صحتها له.

(98) لوجود المقتضي للإجزاء و فقد المانع، و قد تقدم المشي إلى الحج نظير هذه المسألة.

(99) جمودا على الإطلاق إلّا أن يدّعى الانصراف عنه و لكن بدوي.

(100) كما تقدم مرارا من أن النائب هو المأمور به و المكلف بالعمل ما لم يكن تقييد في البين.

(101) لإطلاق أدلة النيابة من غير مقيد.

(102) لما تقدم في موثق ابن عمار (1) المحمول على الندب.

(103) لأنه نحو من إعمال المقدور المطلوب في طاعة اللّه تعالى، و تشهد له قاعدة الميسور، مع ظهور الإجماع على عدم الوجوب.

ص: 383


1- تقدم في صفحة: 383.

مسألة 40: المقام بمنى أيام التشريق بعد انقضاء زمن الرمي أفضل

(مسألة 40): المقام بمنى أيام التشريق بعد انقضاء زمن الرمي أفضل من الذهاب إلى مكة للطواف المندوب و نحوه (104).

مسألة 41: يستحب الوقوف عند كل جمرة داعيا بالمأثور

(مسألة 41): يستحب الوقوف عند كل جمرة داعيا بالمأثور و رميها عن يسارها مستقبل القبلة عدى جمرة العقبة فإنّه يستدبر القبلة و يرمي عن اليمين و لا يقف عندها (105).

مسألة 42: يستحب التكبير بمنى عقيب خمس عشرة صلاة

(مسألة 42): يستحب التكبير بمنى عقيب خمس عشرة صلاة أوّلها

______________________________

(104) نصا، و إجماعا، ففي خبر ليث المرادي: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يأتي مكة أيام منى بعد فراغه من زيارة البيت فيطوف بالبيت تطوعا، فقال عليه السّلام: المقام بمنى أفضل و أحبّ إلي» (1) و في صحيح العيص عنه عليه السّلام أيضا:

«عن الزيارة بعد زيارة الحج أيام التشريق، فقال عليه السّلام: لا» (2) المحمول على مطلق المرجوحية و أما قوله عليه السّلام في صحيح جميل: «لا بأس أن يأتي الرجل مكة في أيام منى و لا يبيت بها» (3)، و عنه عليه السّلام أيضا في صحيح ابن شعيب: «عن زيارة البيت أيام التشريق، فقال عليه السّلام: حسن» (4) فمحمول على الجواز.

(105) نصا، و إجماعا، قال الصادق عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «و ابدأ بالجمرة الأولى فارمها عن يسارها في بطن المسيل» (5) و المراد به جانبها اليسار بالإضافة إلى التوجه إلى القبلة، فتكون الجمرة عن يمينه لا محالة، و قال عليه السّلام أيضا في صحيح معاوية: «ارم في كل يوم عند زوال الشمس، و قل كما قلت حين رميت جمرة العقبة، فابدأ بالجمرة الأولى فارمها عن يسارها في بطن المسيل، و قل كما قلت يوم النحر ثمَّ قم عن يسار الطريق فاستقبل القبلة و احمد

ص: 384


1- الوسائل باب: 2 من أبواب العود إلى منى حديث: 5.
2- الوسائل باب: 2 من أبواب العود إلى منى حديث: 6.
3- الوسائل باب: 2 من أبواب العود إلى منى حديث: 1.
4- الوسائل باب: 2 من أبواب العود إلى منى حديث: 3.
5- الوسائل باب: 10 من أبواب رمي جمرة العقبة حديث: 2.

ظهر يوم النحر، و في الأمصار عقيب عشر صلوات (106)، و يستحب عقيب النوافل أيضا (107). و صورته: اللّه أكبر اللّه أكبر لا إله إلّا اللّه و اللّه أكبر

______________________________

اللّه و أثن عليه و صلّ على النبي صلّى اللّه عليه و آله، ثمَّ تقدم قليلا فتدعو و تسأله أن يتقبّل منك، ثمَّ تقدم أيضا ثمَّ افعل ذلك عند الثانية، و اصنع كما صنعت بالأولى، و تقف و تدعو اللّه تعالى كما دعوت، ثمَّ تمضى إلى الثالثة و عليك السكينة و الوقار، فارم و لا تقف عندها» (1)، و النصوص في عدم الوقوف عند الثالثة كثيرة (2)، و لكن لا وجه للتفصيل في هذه الأعصار لخروج مثل هذه الأمور عن الاختيار كما لا يخفى على من جاس خلال تلك الديار.

(106) نصوصا، و إجماعا، في أصل الرجحان، ففي صحيح ابن مسلم قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عز و جل: «وَ اذْكُرُوا اللّهَ فِي أَيّامٍ مَعْدُوداتٍ» قال عليه السّلام: التكبير في أيام التشريق صلاة الظهر من يوم النحر إلى صلاة الفجر من اليوم الثالث، و في الأمصار عشر صلوات، فاذا نفر الناس النفر الأول أمسك أهل الأمصار و من أقام بمنى فصلّى بها الظهر و العصر فليكبر» (3)، و في صحيح ابن جعفر عن أخيه عليه السّلام: «سألته عن التكبير أيام التشريق واجب أو لا؟ قال عليه السّلام: يستحب، و إن نسي فلا شي ء عليه» (4).

و نسب إلى المرتضى رحمه اللّه الوجوب للإجماع الموهون بذهاب المشهور إلى الخلاف، و بظاهر الأمر في الكتاب (5)، و كذا ما يأتي من موثق عمار.

و فيه: أنه محمول على الندب بقرينة غيره.

(107) لقول الصادق عليه السّلام في موثق عمار: «سألته عن التكبير فقال عليه السّلام:

ص: 385


1- الوسائل باب: 12 من أبواب رمي جمرة العقبة حديث: 1.
2- راجع الوسائل باب: 9 و 10 من أبواب رمي جمرة العقبة.
3- الوسائل باب: 21 من أبواب صلاة العيد حديث: 1 و 10.
4- الوسائل باب: 21 من أبواب صلاة العيد حديث: 1 و 10.
5- سورة البقرة: 200.

اللّه أكبر على ما هدانا و الحمد للّه على ما أولانا و رزقنا من بهيمة الأنعام (108).

مسألة 43: النفر الأوّل: من منى في اليوم الثاني عشر

(مسألة 43): النفر الأوّل: من منى في اليوم الثاني عشر على تفصيل تقدم في المسائل السابقة- يجب أن يكون بعد الزوال (109)، و لا يجوز

______________________________

واجب في دبر كل فريضة أو نافلة أيام التشريق» (1) المحمول على الندب.

(108) هذه الكيفية مشهورة بين الأصحاب، و ذكرها المحقق في الشرائع، و في صحيح ابن حازم عن الصادق عليه السّلام: «اللّه أكبر اللّه أكبر، لا إله إلا اللّه و اللّه أكبر، اللّه أكبر و للّه الحمد، اللّه أكبر على ما هدانا اللّه أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام» (2) و في صحيح معاوية عنه عليه السّلام: أيضا: اللّه أكبر، اللّه أكبر لا إله إلا اللّه و اللّه أكبر اللّه أكبر و للّه الحمد، اللّه أكبر على ما هدانا، اللّه أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام، و الحمد للّه على ما أبلانا» (3) و ما هو المشهور لا ينطبق على ما في الصحيحتين و الظاهر التخيير لصحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام: «سألته عن التكبير بعد كل صلاة فقال عليه السّلام: كم شئت إنه ليس شي ء موقت»(4) بعد شموله لما نحن فيه كمية و كيفية.

و أما ما عن صاحب الجواهر في النجاة من تثليث التكبير ابتداء فلم أجده في خبر، و إنما نسب ذلك إلى ابن الجنيد و اتفقت النصوص و الفتاوى على التثنية.

(109) نصوصا، و إجماعا، قال الصادق عليه السّلام في صحيح معاوية: «إذا أردت أن تنفر في يومين فليس لك أن تنفر حتى تزول الشمس و إن تأخّرت إلى آخر

ص: 386


1- الوسائل باب: 21 من أبواب صلاة العيد حديث: 12 (كتاب الصلاة).
2- الوسائل باب: 21 من أبواب صلاة العيد حديث: 3.
3- الوسائل باب: 21 من أبواب صلاة العيد حديث: 4.
4- الوسائل باب: 24 من أبواب صلاة العيد حديث: 1 (كتاب الصلاة).

قبله، إلّا عند الضرورة و الاضطرار (110)، و يسقط عنه الرمي في اليوم الثالث عشر (111)، و يلقي ما عنده من الحصاة في منى (112)، و الأفضل له البقاء في منى إلى النفر الثاني حتى يأتي بالرمي (113).

و أما النفر الثاني: و هو في اليوم الثالث عشر فيصح و لو قبل الزوال (114). بل يستحب أن يكون قبل الزوال خصوصا للإمام (115).

______________________________

أيام التشريق و هو يوم النفر الأخير فلا شي ء عليك أي ساعة نفرت قبل الزوال أو بعده» (1)، و في صحيح الحلبي «أنه سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل ينفر في النفر الأول قبل أن تزول الشمس، فقال عليه السّلام: لا، و لكن يخرج ثقله ان شاء، و لا يخرج هو حتى تزول الشمس» (2).

و أما قول أبي جعفر عليه السّلام في خبر زرارة: «لا بأس أن ينفر الرجل في النفر الأول قبل الزوال» (3) فمحمول على الضرورة.

(110) لقاعدتي نفي الحرج و الضرر، و ما تقدم من قول أبي جعفر عليه السّلام.

(111) لأنه بعد النفر ينتفي موضوع الرمي فلا وجه لثبوته.

(112) لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في خبر الدعائم: «من تعجل النفر في يومين ترك ما يبقى عنده من الجمار بمنى» (4)، و حكي عن الخلاف استحباب دفنها و لم أجد ما يصلح للاستحباب فيما تفحصت.

(113) لإمكان أن يستفاد ذلك مما تقدم في (مسألة 40).

(114) للأصل، و النص، و الإجماع، و تقدم صحيح معاوية المشتمل على ذلك.

(115) لإطلاق خبر أيّوب بن نوح، قال: «كتبت إليه إن أصحابنا قد

ص: 387


1- الوسائل باب: 9 من أبواب العود إلى منى حديث: 3.
2- الوسائل باب: 9 من أبواب العود إلى منى حديث: 6.
3- الوسائل باب: 9 من أبواب العود إلى منى حديث: 11.
4- مستدرك الوسائل باب: 7 من أبواب العود إلى منى حديث: 2.

مسألة 44: يستحب أن يصلي صلواته كلها- فرضها و نفلها- في مسجد الخيف

(مسألة 44): يستحب أن يصلي صلواته كلها- فرضها و نفلها- في مسجد الخيف، و أفضله مصلّى رسول اللّه عليهم السّلام (116).

مسألة 45: يستحب في مسجد الخيف- بمنى- التسبيح و التحميد

(مسألة 45): يستحب في مسجد الخيف- بمنى- التسبيح و التحميد

______________________________

اختلفوا علينا فقال بعضهم: إن النفر يوم الأخير بعد الزوال أفضل، و قال بعضهم:

قبل الزوال، فكتب عليه السّلام: أما علمت أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلّى الظهر و العصر بمكة، فلا يكون ذلك إلا و قد نفر قبل الزوال» (1).

(116) لقول الصادق عليه السّلام في صحيح معاوية: «صل في مسجد الخيف بمنى، و كان مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على عهده عند المنارة التي في وسط المسجد، و فوقها إلى القبلة نحوا من ثلاثين ذراعا، و عن يمينها و عن يسارها و خلفها نحوا من ذلك، قال فتحر ذلك فإن استطعت أن يكون مصلّاك فيه فافعل، فإنه قد صلى فيه ألف نبي، و إنما سمّي (مسجد الخيف)، لأنه مرتفع عن الوادي و ما ارتفع عن الوادي يسمى (خيفا) (2) و لا بد و أن يغتنم الفرصة، إذ المكان مبارك و الزمان من الأيام العظام، و المراد بالأيام المعدودات في الآية الشريفة وَ اذْكُرُوا اللّهَ فِي أَيّامٍ مَعْدُوداتٍ (3) أيام التشريق، و كذا المراد بالأيام المعلومات في قوله تعالى وَ يَذْكُرُوا اسْمَ اللّهِ فِي أَيّامٍ مَعْلُوماتٍ (4) تلك الأيام أيضا.

و أما خبر حماد الدال على أن الأيام المعلومات أيام عشر ذي الحجة (5) فيمكن إرجاعه إلى خبر أبي الصباح (6)- الدال أنها أيام التشريق- من

ص: 388


1- الوسائل باب: 12 من أبواب العود إلى منى حديث: 2.
2- الوسائل باب: 50 من أبواب أحكام المسجد حديث: 1.
3- سورة البقرة: 203.
4- سورة الحج: 28.
5- الوسائل باب: 8 من أبواب العود إلى منى حديث: 5.
6- الوسائل باب: 8 من أبواب العود إلى منى حديث: 2.

كل واحد مائة، و صلاة مائة ركعة، و ست ركعات في الصومعة (117)، و أيضا من المندوبات التحصيب و هو: النزول بوادي الحصبة و الاستراحة قليلا ثمَّ دخول مكة (118).

______________________________

باب أنه ذكر الكل و إرادة الجزء.

(117) لقول أبي جعفر عليه السّلام في خبر الثمالي: «من صلى في مسجد الخيف بمنى مائة ركعة قبل أن يخرج منه عدلت عبادة سبعين عاما، و من سبح اللّه تعالى فيه مائة تسبيحة كتب اللّه له كأجر عتق رقبة، و من هلل اللّه فيه مائة تهليلة عدلت أجر إحياء نسمة، و من حمد اللّه فيه مائة تحميد عدلت أجر خراج العراقين يتصدق به في سبيل اللّه» (1)، و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في خبر أبي بصير: «صلّ ست ركعات في مسجد منى في أصل الصومعة» (2).

(118) و هو مختص بالنفر الثاني دون الأول، كما صرح به الأصحاب و الإخبار على ما في الحدائق، و في خبر أبي مريم عن الصادق عليه السّلام: «أنه سئل عن الحصبة فقال عليه السّلام: كان أبي ينزل الأبطح قليلا، ثمَّ يجي ء فيدخل البيوت من غير أن ينام بالأبطح فقلت له: أرأيت إن تعجل في يومين إن كان من أهل اليمن عليه أن يحصب؟ قال عليه السّلام: لا» (3)، و في صحيح معاوية: «إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إنما نزلها حيث بعث بعائشة مع أخيها عبد الرحمن إلى التنعيم، فاعتمرت لمكان العلة التي أصابتها، فطافت بالبيت ثمَّ سعت ثمَّ رجعت فارتحل من يومه» (4)، و في صحيحه الثاني عن الصادق عليه السّلام: «فإذا نفرت و انتهيت إلى الحصباء، و هي البطحاء فشئت أن تنزل قليلا- الحديث-» (5) و وادي محصب معروف هناك و في المجمع: «المحصب أوله عند منقطع الشعب من وادي منى و آخره متصل بالمقبرة التي تسمّى عند أهل مكة بالمعلّى».

ص: 389


1- الوسائل باب: 51 من أبواب أحكام المساجد حديث: 1.
2- الوسائل باب: 51 من أبواب أحكام المساجد حديث: 2.
3- الوسائل باب: 15 من أبواب العود إلى منى حديث: 3.
4- الوسائل باب: 15 من أبواب العود إلى منى حديث: 2.
5- الوسائل باب: 15 من أبواب العود إلى منى حديث: 1.

فصل و فيه مسائل

اشارة

فصل و فيه مسائل:

مسألة 1: من أحدث ما يوجب حدا، أو تعزيرا، أو قصاصا و لجأ إلى الحرم ضيّق عليه في المطعم

(مسألة 1): من أحدث ما يوجب حدا، أو تعزيرا، أو قصاصا و لجأ إلى الحرم ضيّق عليه في المطعم، و المشرب، و المعاشرة حتّى يخرج، و لو أحدث في الحرم قوبل بما تقتضيه جنايته (1).

______________________________

فصل

(1) إجماعا، و نصوصا، ففي صحيح ابن عمار قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل قتل رجلا في الحل ثمَّ دخل الحرم، فقال عليه السّلام لا يقتل، و لا يطعم، و لا يسقى، و لا يبايع، و لا يؤذى حتى يخرج من الحرم فيقام عليه الحد، قلت: فما تقول في رجل قتل في الحرم أو سرق؟ قال عليه السّلام: يقام عليه الحد في الحرم صاغرا لأنه لم ير للحرم حرمة» (1) و في صحيح الحلبي قال: «سألته عن قول اللّه عز و جل وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً قال: إذا أحدث العبد في غير الحرم جناية ثمَّ فرّ إلى الحرم لم يسع لأحد أن يأخذه في الحرم و لكن يمنع من السوق و لا يبايع و لا يطعم و لا يسقى و لا يكلم فإنه إذا فعل ذلك يوشك أن يخرج فيؤخذ و إذا جنى في الحرم جناية أقيم عليه الحد في الحرم لأنه لم يرع للحرم حرمة» (2) إلى غير ذلك من الأخبار و لا بد من تقييدها بما ذكرناه بقرينة الإجماع.

و عن بعض الفقهاء (رحمهم اللّه تعالى) إلحاق مسجد النبي صلّى اللّه عليه و آله و مشاهد المعصومين عليهم السّلام و يأتي التفصيل في كتاب الحدود إن شاء اللّه تعالى.

ص: 390


1- الوسائل باب: 14 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 1.
2- الوسائل باب: 14 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 2.

مسألة 2: يكره أن يمنع أحد الحجاج و المعتمرين من سكنى دور مكة

(مسألة 2): يكره أن يمنع أحد الحجاج و المعتمرين من سكنى دور مكة (2).

مسألة 3: يكره أن يرفع أحد بناء فوق الكعبة

(مسألة 3): يكره أن يرفع أحد بناء فوق الكعبة (3).

مسألة 4: يتخير في لقطة الحرم- إن كان قيمتها درهما أو أزيد

(مسألة 4): يتخير في لقطة الحرم- إن كان قيمتها درهما أو أزيد بعد الفحص و اليأس عن صاحبها- بين أمرين: التصدق بها أو إبقائها عنده و حفظها لصاحبها بخلاف لقطة غير الحرم فيتخير بعدهما بين أمور ثلاثة:

______________________________

(2) نصا، و إجماعا، لقوله تعالى سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَ الْبادِ (1) ففي خبر ابن جعفر عن أخيه موسى عليه السّلام: «ليس ينبغي لأهل مكة أن يمنعوا الحاج شيئا من الدور ينزلونها» (2)، و في صحيح ابن البختري: «ليس ينبغي لأهل مكة أن يجعلوا على دورهم أبوابا» (3) إلى غير ذلك من الأخبار.

أقول: يمكن أن يكون ذلك إرشادا إلى حسن المعاشرة و المرافقة معهم حيث أنهم وفود اللّه و ضيوفه فلا يضايقوا عليهم في شي ء و ينزلونهم منزلة أحب ضيوف أنفسهم، و لا يستفاد من مثل هذه الأخبار حكم تكليفي و لا سلب احترام المال و العمل فلا وجه لما نسب إلى الشيخ رحمه اللّه من الحرمة.

(3) لقول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح ابن مسلم: «لا ينبغي لأحد أن يرفع بناء فوق الكعبة» (4) و إطلاقه يشمل حتى المسجد، و الظاهر منه أنه نحو ملاحظة أدب ظاهري بالنسبة إليها، فما نسب إلى الشيخ من الحرمة لا وجه له.

فرع: لو كان ذات الأرض مرتفعا كالجبل و نحوه كما هو الغالب في مكة المكرمة، فالظاهر عدم شمول الحديث له.

ص: 391


1- سورة الحج: 25.
2- الوسائل باب: 32 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 8.
3- الوسائل باب: 32 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 5.
4- الوسائل باب: 17 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 1.

التصدق، و الحفظ و التملّك (4).

مسألة 5: إذا ترك الناس الحج أو زيارة النبي صلّى اللّه عليه و آله

(مسألة 5): إذا ترك الناس الحج أو زيارة النبي صلّى اللّه عليه و آله كان على الوالي إجبار من تحصل به الكفاية منهم على ذلك. فان لم يكن لهم مال أنفق عليهم من بيت المال (5).

مسألة 6: يستحب طواف وداع البيت لمن أراد الرجوع إلى أهله

(مسألة 6): يستحب طواف وداع البيت لمن أراد الرجوع إلى أهله بنحو ما ورد في الأخبار (6).

______________________________

(4) لما يأتي في كتاب اللقطة- إن شاء اللّه تعالى- من تفصيل هذه المسألة و الفروع المتعلقة بها.

(5) لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في الصحيح: «لو أن الناس تركوا زيارة النبي صلّى اللّه عليه و آله لكان على الوالي أن يجبرهم على ذلك و على المقام عنده، فان لم يكن لهم مال أنفق عليهم من بيت مال المسلمين» (1) و حيث لا موضوع لمثل هذه الفروع في هذه الأزمان لازدحام المسلمين- رفع اللّه تعالى شأنهم- بما لا يعد و لا يحصى فلا ينبغي التعرض لها بأكثر من ذلك و المهم بالبحث إنما هو التعرض لكيفية إدرانهم شرعا و عرفا.

(6) إجماعا، و نصوصا، منها قول الصادق عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «إذا أردت أن تخرج من مكة فتأتي أهلك فودع البيت و طف أسبوعا، و إن استطعت أن تستلم الحجر الأسود و الركن اليماني في كل شوط فافعل، و إلا فافتح به و اختم به، و إن لم تستطع ذلك فموسع عليك، ثمَّ تأتي المستجار، فتصنع عنده مثل ما صنعت يوم قدمت مكة، ثمَّ تخير لنفسك من الدعاء ثمَّ استلم الحجر الأسود، ثمَّ ألصق بطنك بالبيت و احمد اللّه أثن عليه وصل على محمد و آله، ثمَّ قل: «اللّهم صل على محمد عبدك و رسولك و أمينك و حبيبك و نجيبك

ص: 392


1- الوسائل باب: 5 من أبواب وجوب الحج حديث: 2.

.....

______________________________

و خيرتك من خلقك، اللّهم كما بلّغ رسالتك و جاهد في سبيلك و صدع بأمرك و أوذي فيك و في جنبك و عندك حتى أتاه اليقين، اللّهم اقلبني مفلحا منجحا مستجابا لي بأفضل ما يرجع به أحد من وفدك من المغفرة و البركة و الرضوان و العافية مما يسعني أن أطلب، أن تعطيني مثل الذي أعطيته أفضل من عبدك و تزيدني عليه، اللّهم إن أمتّني فاغفر لي، و إن أحييتني فارزقنيه من قابل، اللّهم لا تجعله آخر العهد من بيتك، اللّهم إني عبدك ابن عبدك و ابن أمتك، حملتني على دابتك و سيرتني في بلادك حتى أدخلتني حرمك و أمنك، و قد كان في حسن ظنّي بك أن تغفر لي ذنوبي، فإن كنت قد غفرت لي ذنوبي فازدد عني رضا، و قرّبني إليك زلفى، و تباعدني، و إن كنت لم تغفر لي فمن الآن اغفر لي قبل أن تنأى عن بيتك داري، و هذا أوان انصرافي إن كنت أذنت لي غير راغب عنك و لا عن بيتك، و لا مستبدل بك به، اللّهم احفظني من بين يدي و من خلفي و عن يميني و عن شمالي حتى تبلّغني أهلي و اكفني مئونة عبادك و عيالي، فإنك ولي ذلك من خلقك و مني» ثمَّ ائت زمزم فاشرب منها، ثمَّ اخرج فقل: آئبون تائبون عابدون، لربّنا حامدون إلى ربّنا راغبون إلى ربّنا راجعون» فإن أبا عبد اللّه عليه السّلام لما أن ودّعها و أراد أن يخرج من المسجد خرّ ساجدا عند باب المسجد طويلا ثمَّ قام فخرج» (1)، و في خبر ابن مهزيار قال: «رأيت أبا جعفر الثاني عليه السّلام في سنة خمس عشرة و مائتين ودّع البيت بعد ارتفاع الشمس و طاف بالبيت يستلم الركن اليماني في كل شوط فلما كان الشوط السابع استلمه و استلم الحجر و مسح بيده ثمَّ مسح وجهه بيده، ثمَّ أتى المقام فصلى خلفه ركعتين، ثمَّ خرج إلى دبر الكعبة إلى الملتزم فالتزم البيت و كشف الثوب عن بطنه، ثمَّ وقف عليه طويلا يدعو، ثمَّ خرج من باب الحناطين و توجه قال: فرأيته في سنة تسع (سبع) (2). عشرة و مائتين ودّع البيت ليلا يستلم الركن اليماني و الحجر الأسود في

ص: 393


1- الوسائل باب: 18 من أبواب العود إلى منى حديث: 1.
2- كما في الوافي ج: صفحة: 191 باب (166) وداع البيت و التصدق.

مسألة 7: يستحب الدخول في الكعبة- زادها اللّه تعالى شرفا

(مسألة 7): يستحب الدخول في الكعبة- زادها اللّه تعالى شرفا- خصوصا للصّرورة، و لا يتأكّد ذلك للنساء (7)، و يستحب الغسل قبل ذلك، و يدعو بالمأثور، و يصلي بين الأسطوانتين على الرخامة الحمراء ركعتين يقرأ في الأولى الحمد، و حم السجدة، و في الثانية الحمد و عدد آيها،

______________________________

كل شوط، فلما كان في الشوط السابع التزم البيت في دبر الكعبة قريبا من الركن اليماني و فوق الحجر المستطيل و كشف الثوب عن بطنه ثمَّ أتى الحجر فقبله و مسحه و خرج إلى المقام فصلى خلفه ثمَّ مضى و لم يعد إلى البيت، و كان وقوفه على الملتزم بقدر ما طاف بعض أصحابنا سبعة أشواط و بعضهم ثمانية» (1)، و في رواية ابن أبي محمود قال: «رأيت أبا الحسن عليه السّلام ودع البيت فلما أراد أن يخرج من باب المسجد خر ساجدا، ثمَّ قام فاستقبل الكعبة فقال عليه السّلام: اللّهم إني أنقلب على أن لا إله إلا اللّه» (2)، و في خبر آخر: «فليكن آخر عهدك بالبيت أن تضع يدك على الباب و تقول: المسكين على بابك فتصدق عليه بالجنة» (3).

(7) إجماعا، و نصوصا، ففي خبر القداح عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام قال:

«سألته عن دخول الكعبة، فقال: الدخول فيها دخول في رحمة اللّه، و الخروج منها خروج من الذنوب معصوم في ما بقي من عمره مغفور له ما سلف من ذنوبه» (4)، و في خبر أبان بن عثمان: «يستحب للصرورة أن يطأ المشعر الحرام، و أن يدخل البيت» (5)، و في خبر ابن مهران عن الصادق عليه السّلام: قلت له: «و كيف صار الصرورة يستحب له دخول الكعبة دون من قد حج؟ قال عليه السّلام: لأن الصرورة قاضي فرض مدعو إلى حج بيت اللّه تعالى، فيجب أن يدخل البيت الذي دعي اليه ليكرم فيه» (6)، و في صحيح ابن جعفر عن أخيه عليه السّلام قال: «سألته

ص: 394


1- الوسائل باب: 18 من أبواب العود إلى منى حديث: 3.
2- الوسائل باب: 18 من أبواب العود إلى منى حديث: 2.
3- الوسائل باب: 18 من أبواب العود إلى منى حديث: 4.
4- الوسائل باب: 16 من أبواب العود إلى منى حديث: 1.
5- الوسائل باب: 35 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 2.
6- الوسائل باب: 35 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 4.

و يصلي في زوايا البيت، و يستلم الأركان خصوصا اليماني (8).

______________________________

عن دخول الكعبة أ واجب هو على كل من حج؟ قال عليه السّلام: هو واجب أول حجة ثمَّ إن شاء فعل و إن شاء ترك» (1) و مثل هذه الأخبار محمول على التأكد بالنسبة إليه دون غيره، و في خبر ابن سنان: «سئل الصادق عليه السّلام عن دخول النساء الكعبة فقال عليه السّلام ليس عليهن و إن فعلنه فهو أفضل» (2)، و في خبر فضالة بن أيوب «أن اللّه وضع عن النساء أربع- و عدّ منهن- دخول الكعبة» (3).

(8) ففي صحيح معاوية: «إذا أردت دخول الكعبة فاغتسل قبل أن تدخلها، و لا تدخلها بحذاء، و تقول إذا دخلت: اللهم إنك قلت: و من دخله كان آمنا فآمني من عذاب النار، ثمَّ تصلي ركعتين بين الأسطوانتين على الرخامة الحمراء، تقرأ في الركعة الأولى حم السجدة و في الثانية عدد آيتها من القران، و تصلّي في زواياه، و تقول: اللّهم من تهيأ أو تعبأ أو أعد و استعد لوفادة إلى مخلوق رجاء رفده و جائزته و نوافله و فواضله فإليك يا سيدي تهيئتي و تعبئتي و إعدادي و استعدادي رجاء رفدك و نوافلك و جائزتك، فلا تخيب اليوم رجائي يا من لا يخيب عليه سائل، و لا ينقصه نائل، فإني لم آتك اليوم بعمل صالح قدمته و لا شفاعة مخلوق رجوته و لكني أتيتك مقرا بالظلم و الإساءة على نفسي فإنه لا حجة لي و لا عذر فأسألك يا من هو كذلك أن تصلي على محمد و آل محمد، و أن تعطيني مسألتي و تقيلني عثرتي و تقلبني برغبتي، و لا تردني مجبوها ممنوعا و لا خائبا، يا عظيم يا عظيم يا عظيم أرجوك للعظيم، أسألك يا عظيم أن تغفر لي الذنب العظيم، لا إله إلا أنت، قال: و لا تدخلها بحذاء و لا تبزق فيها، و لا تمتخط فيها، و لم يدخلها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلا يوم فتح مكة» (4)، و قال ابن عمار:

ص: 395


1- الوسائل باب: 35 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 5.
2- الوسائل باب: 41 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 1.
3- الوسائل باب: 41 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 2.
4- الوسائل باب: 36 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 1.

.....

______________________________

«رأيت العبد الصالح عليه السّلام دخل الكعبة فصلّى فيها ركعتين على الرخامة الحمراء، ثمَّ قام فاستقبل الحائط بين الركن اليماني و الغربي فرفع يده عليه و لصق به و دعا ثمَّ تحول إلى الركن اليماني فلصق به و دعا، ثمَّ أتى الركن الغربي ثمَّ خرج» (1) و في خبر إسماعيل بن همام: «قال أبو الحسن عليه السّلام: دخل النبي صلّى اللّه عليه و آله الكعبة فصلى في زواياها الأربع، و صلى في كل زاوية ركعتين» (2) و في خبر أبي العلاء:

«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام و ذكرت الصلاة في الكعبة قال عليه السّلام: بين العمودين تقوم على البلاطة الحمراء فان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلى عليها ثمَّ أقبل على أركان البيت، و كبر إلى كل ركن منه» (3)، و في خبر ذريح: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام في الكعبة و هو ساجد و هو يقول: لا يردّ غضبك إلا حلمك، و لا يجير من عذابك إلا رحمتك، و لا ينجي منك إلا التضرّع إليك، فهب لي يا إلهي فرجا بالقدرة التي بها تحيي أموات العباد، و بها تنشر ميت البلاد، و لا تهلكني يا إلهي حتى تستجيب لي دعائي و تعرفني الإجابة، اللّهم ارزقني العافية إلى منتهى أجلي، و لا تشمت بي عدوي و لا تمكنه من عنقي، من ذا الذي يرفعني إن وضعتني، و من ذا الذي يضعني إن رفعتني، و إن أهلكتني فمن ذا الذي يعرض لك في عبدك و يسألك عن أمره، فقد علمت يا إلهي أنه ليس في حكمك ظلم و لا في نقمتك عجلة، و إنما يعجل من يخاف الفوت و يحتاج إلى الظلم الضعيف و قد تعاليت يا إلهي عن ذلك، إلهي فلا تجعلني للبلاء غرضا، و لا لنقمتك نصبا، و مهلني و نفسي، و أقلني عثرتي، و لا ترد يدي في نحري، و لا تتبعني بلاء على إثر بلاء فقد ترى ضعفي و تضرّعي إليك، و وحشتي من الناس و أنسي بك، أعوذ بك اليوم فأعذني، و أستجير بك فأجرني، و أستعين بك على الضراء فأعنّي و أستنصرك فانصرني، و أتوكل عليك فاكفني و أومن بك فآمني، و أستهديك فاهدني و أسترحمك فارحمني و أستغفرك مما تعلم فاغفر لي، و أسترزقك من فضلك

ص: 396


1- الوسائل باب: 36 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 4.
2- الوسائل باب: 36 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 2.
3- الوسائل باب: 36 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 3.

.....

______________________________

الواسع فارزقني و لا حول و لا قوة إلّا باللّه العلي العظيم» (1).

و يستحب البكاء فيها و حولها من خشية اللّه تعالى، فعن الصادق عليه السّلام:

«إنما سميت الكعبة بكة لبكاء الناس فيها و حولها» (2).

ثمَّ إنه يستحب للنساء الغسل أيضا لو أردن الدخول في الكعبة، لقاعدة الاشتراك، و خبر الحلبي قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام أ يغتسلن النساء إذا أتين البيت قال عليه السّلام: نعم إن اللّه عز و جل يقول طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطّائِفِينَ وَ الْعاكِفِينَ وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ فينبغي للعبد أن لا يدخل إلا و هو طاهر قد غسل عنه العرق و الأذى و يتطهّر» (3).

و يستحب التكبير ثلاثا و هو خارج الكعبة قال عبد اللّه بن سنان: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام و هو خارج من الكعبة و هو يقول: اللّه أكبر، اللّه أكبر حتى قالها ثلاثا، ثمَّ قال: اللّهم لا تجهد بلاءنا ربّنا و لا تشمت بنا أعداءنا فإنك أنت الضّار النافع، ثمَّ هبط فصلى إلى جانب الدرجة جعل الدرجة عن يساره مستقبل القبلة ليس بينها و بينه أحد، ثمَّ خرج إلى منزله» (4).

فرع: قد ورد في طلب الولد كيفية في صحيح معاوية قال الصادق عليه السّلام:

«أفض عليك دلوا من ماء زمزم، ثمَّ ادخل البيت، فإذا قمت على باب البيت فخذ بحلقة الباب ثمَّ قل: اللّهم إن البيت بيتك، و العبد عبدك و قد قلت و من دخله كان آمنا فآمني من عذبك و أجرني من سخطك، ثمَّ ادخل البيت فصل على الرخامة الحمراء ركعتين ثمَّ قم إلى الأسطوانة التي بحذاء الحجر و ألصق بها صدرك ثمَّ قل: يا واحد يا أحد يا ماجد يا قريب يا بعيد يا عزيز يا حليم لا تذرني فردا و أنت خير الوارثين، هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء، ثمَّ در

ص: 397


1- الوسائل باب: 37 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 2.
2- الوسائل باب: 38 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 2.
3- الوسائل باب: 39 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 1.
4- الوسائل باب: 40 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 1.

مسألة 8: يستحب الشرب من ماء زمزم بل الارتواء منه

(مسألة 8): يستحب الشرب من ماء زمزم بل الارتواء منه (9) و هو لما شرب له (10) و يستحب حمله و إهداؤه و استهداؤه (11).

______________________________

بالأسطوانة فألصق بها ظهرك و بطنك و تدعو بهذا الدعاء فان يرد اللّه شيئا كان» (1).

(9) لحديث الأربعمائة عن علي عليه السّلام قال: «الاطلاع في بئر زمزم يذهب الداء، فاشربوا من مائها مما يلي الركن الذي فيه الحجر الأسود فإن تحت الحجر أربعة أنهار من الجنة» (2)، و في المرسل «من روي من ماء زمزم أحدث به شفاء و صرف عنه به داء» (3).

(10) لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام: «ماء زمزم شفاء لما شرب له» (4)، و قال النبي صلّى اللّه عليه و آله: «ماء زمزم لما شرب له» (5)، و قد نقل أن جمعا شربوا منه لمطالب مهمة فنالوها و ليس ذلك من فضل اللّه تعالى ببعيد، و يستحب الدعاء عند الشرب قال الصادق عليه السّلام: «إذا شربت من ماء زمزم فقل: اللّهم اجعله علما نافعا و رزقا واسعا، و شفاء من كل داء و سقم و كان أبو الحسن عليه السّلام يقول إذا شرب من زمزم: «بسم اللّه و الحمد للّه الشكر للّه» (6).

(11) لقول الصادق عليه السّلام: «كان النبي صلّى اللّه عليه و آله يستهدي من ماء زمزم و هو بالمدينة» (7)، و عن أبي جعفر عليه السّلام: «جاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هم يجرون دلاء من زمزم فقال: نعم العمل الذي أنتم عليه لو لا أنّي أخشى أن تغلبوا عليه لجررت معكم، انزعوا دلوا فتناوله فشرب منه» (8)، و عن الصادق عليه السّلام: «أسماء زمزم:

ص: 398


1- الوسائل باب: 36 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 5.
2- الوسائل باب: 20 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 7.
3- الوسائل باب: 20 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 3.
4- الوسائل باب: 20 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 2.
5- المغني لابن قدامة مع الشرح الكبير ج: 3 صفحة: 470 طبعة بيروت 1392.
6- الوسائل باب: 21 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 1.
7- الوسائل باب: 20 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 1.
8- الوسائل باب: 20 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 5.

مسألة 9: يستحب السجود عند إرادة الخروج من المسجد الحرام

(مسألة 9): يستحب السجود عند إرادة الخروج من المسجد الحرام و الرجوع إلى أهله، و الدعاء في السجود (12)، و يستحب أن يعزم على العود، بل يكره ترك ذلك (13).

مسألة 10: ينبغي للحاج إذا قضى مناسكه و أراد أن يخرج أن يبتاع بدرهم تمرا و يتصدق به

(مسألة 10): ينبغي للحاج إذا قضى مناسكه و أراد أن يخرج أن يبتاع بدرهم تمرا و يتصدق به، فيكون كفارة لما لعله دخل في حجة من حك، أو قملة سقطت، أو نحو ذلك (14).

______________________________

ركضة جبرئيل، و حفيرة إسماعيل، و حفيرة عبد المطلب، و زمزم، و برة، و المضمونة، و الرداء، و شعبة، و طعام، و مطعم، و شفاء سقم» (1).

(12) لما تقدم في صحيح معاوية: «عن أبي عبد اللّه عليه السّلام لما أن ودّع البيت و أراد أن يخرج من المسجد خرّ ساجد عند باب المسجد طويلا ثمَّ قام فخرج» (2)، و في صحيح إبراهيم قال: «رأيت أبا الحسن عليه السّلام ودّع البيت فلما أراد أن يخرج من باب المسجد خرّ ساجدا ثمَّ قام فاستقبل الكعبة فقال عليه السّلام: اللّهم إني أنقلب على أن لا إله إلا اللّه» (3).

(13) لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام: «من رجع من مكة و هو ينوي الحج من قابل زيد في عمره» (4)، و قوله عليه السّلام أيضا: «من خرج من مكة و هو لا يريد العود إليها فقد اقترب أجله و دنى عذابه» (5).

(14) لقول الصادق عليه السّلام في صحيح حفص (6)، و ما ذكرناه عين متنه، و الاكتفاء بالدرهم من باب الترخيص، فيجوز الأكثر أيضا، بل يكون أفضل و لو تبين بعد ذلك تحقق موجب الكفارة ففي الاكتفاء بما فعل وجه جزم به

ص: 399


1- الوسائل باب: 20 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 6.
2- الوسائل باب: 18 من أبواب العود إلى منى حديث: 1.
3- الوسائل باب: 18 من أبواب العود إلى منى حديث: 2.
4- الوسائل باب: 57 من أبواب وجوب الحج حديث: 1.
5- الوسائل باب: 57 من أبواب وجوب الحج حديث: 2.
6- الوسائل باب: 20 من أبواب العود إلى منى حديث: 2.

مسألة 11: يستحب التطوّع بالطواف بعد الفراغ عن الأعمال

(مسألة 11): يستحب التطوّع بالطواف بعد الفراغ عن الأعمال للأرحام، و أهل البلد و المؤمنين (15).

مسألة 12: الطواف أفضل من الصلاة للمجاور، و للمقيم بالعكس

(مسألة 12): الطواف أفضل من الصلاة للمجاور، و للمقيم بالعكس (16).

مسألة 13: يستحب إتيان المواضع التي تشرفت بنبينا الأعظم

(مسألة 13): يستحب إتيان المواضع التي تشرفت بنبينا الأعظم

______________________________

الشهيدان و غيرهما، لظهور الإطلاق الوارد في مقام الامتنان و لا فرق فيما تقدم بين الرجل المرأة بل هما مذكوران في صحيح معاوية: «يستحب للرجل و المرأة أن لا يخرجا من مكة حتى يشتريا بدرهم تمرا فيتصدقا به لما كان منهما في إحرامهما، و لما كان منهما في حرم اللّه عز و جل» (1).

(15) لأنه تبرع للخير إلى الغير و هو حسن و مطلوب على كل حال قال الحضرمي: «رجعت من مكة فأتيت أبا الحسن موسى عليه السّلام في المسجد و هو قاعد فيما بين المنبر و القبر فقلت يا ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إني إذا خرجت إلى مكة ربما قال لي الرجل: طف عنّي أسبوعا و صلّ عني ركعتين فربما شغلت عن ذلك فاذا رجعت لم أدر ما أقول له قال فإذا أتيت مكة فقضيت نسكك فطف أسبوعا و صلّ ركعتين، و قل: اللّهم إن هذا الطواف و هاتين الركعتين عن أبي و أمي و زوجتي، و عن ولدي، و عن خاصّتي، و عن جميع أهل بلدي حرهم و عبدهم و أبيضهم و أسودهم فلا بأس أن تقول للرجل إني قد طفت عنك و صليت عنك ركعتين إلا كنت صادقا» (2).

(16) لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في الصحيح: «إذا أقام الرجل بمكة سنة فالطواف أفضل، و من أقام سنتين خلط من ذا و من ذا و إذا أقام ثلاث سنين

ص: 400


1- الوسائل باب: 20 من أبواب العود إلى منى حديث: 1.
2- الوسائل باب: 17 من أبواب العود إلى منى حديث: 1.

كمحلّ مولده صلّى اللّه عليه و آله و مسكنه، و الغار الذي كان صلّى اللّه عليه و آله يسكن فيه بحبل حراء، و الغار الذي كان يستتر صلّى اللّه عليه و آله فيه بجبل ثور، و غير ذلك مما تشرف به صلّى اللّه عليه و آله (17)، و يستحب زيارة قبر خديجة عليهما السّلام المعروفة بالمعلّى (18).

مسألة 14: يكره المجاورة بمكة

(مسألة 14): يكره المجاورة بمكة (19).

______________________________

فالصلاة أفضل» (1) و لا بد من حمل ما ذكرناه في المتن على هذا التفصيل. هذا في غير الرواتب التي ورد فيها من الترغيب إليها بما لا يحصى.

و أما فيها فالظاهر كونها أفضل من الطواف مطلقا، كما لا يخفى على من راجع ما ورد في فضلها.

(17) كل ذلك لأن التبرك بما يضاف إلى الحبيب محبوب بفطرة القلوب خصوصا مثل حبيب اللّه و سيد المرسلين.

اقبّل ذا الجدار و ذا الجدارا

و ما حبّ الديار شغفن قلبي و لكن حب من سكن الديارا

(18) لأنها أم المسلمين، و من برّ الأولاد بأمهم زيارة قبرها بعد ارتحالها، مع أنها بذلت نهاية جهدها في خدمة سيد المرسلين و مالها في نشر دعوة خاتم النبيين صلّى اللّه عليه و آله إلى غير ذاك من مفاخرها التي ملأت كتب الفريقين، فمن شك بعد ذلك في رجحان زيارتها فهو عاق لأمه.

(19) لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام: «إذا فرغت من نسكك فارجع فإنه أشوق لك إلى الرجوع» (2)، و عن أبي جعفر عليه السّلام: «لا ينبغي للرجل أن يقيم بمكة سنة، قلت: كيف يضع؟ قال عليه السّلام: يتحول عنها (3) و عن الصادق عليه السّلام: «إذا قضى أحدكم نسكه فليركب راحلته و ليلحق بأهله، فإن المقام بمكة يقسي القلب»(4)، و عنه عليه السّلام أيضا: «لا أحب للرجل أن يقيم بمكة سنة و كره المجاورة بها و قال

ص: 401


1- الوسائل باب: 9 من أبواب الطواف حديث: 6.
2- الوسائل باب: 16 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 7.
3- الوسائل باب: 16 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 5.
4- الوسائل باب: 16 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 9.

مسألة 15: من مات في أحد الحرمين- حرم مكة أو المدينة كان من الامنين في يوم القيامة

(مسألة 15): من مات في أحد الحرمين- حرم مكة أو المدينة كان من الامنين في يوم القيامة (20)، و من دفن في حرم مكة يأمن الفزع الأكبر من برّ الناس و فاجرهم (21)، و من ختم القرآن بمكة لم يمت حتى يرى

______________________________

ذلك يقسي القلب» (1).

و أما صحيح ابن مهزيار قال: «سألت أبا الحسن عليه السّلام المقام بمكة أ فصل أو الخروج إلى بعض الأمصار فكتب عليه السّلام المقام عند بيت اللّه أفضل» (2) فهو محمول على من يعلم من نفسه بأنه لا يقسو قلبه و لا يرتكب ذنبا و نحوه غيره مما دل على فضل المقام بمكة و هو يختلف بحسب الحالات و الأشخاص و عليه يحمل اختلاف الأخبار.

(20) لإطلاق قوله تعالى وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً (3)، و قوله صلّى اللّه عليه و آله: «من مات في أحد هذين الحرمين حرم اللّه، و حرم رسوله صلّى اللّه عليه و آله بعثه اللّه تعالى من الآمنين» (4)، و في خبر الزيات عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «من مات في المدينة بعثه اللّه في الآمنين- الحديث-» (5)، و في بعض الروايات- على ما سيأتي في أول فضل زيارة خاتم النبيين صلّى اللّه عليه و آله- لم يحاسب يوم القيامة.

(21) كما في رواية هارون بن خارجة قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:

من دفن في الحرم أمن من الفزع الأكبر فقلت: من برّ الناس و فاجرهم؟ قال عليه السّلام:

من برّ الناس و فاجرهم» (6).

ص: 402


1- الوسائل باب: 16 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 11.
2- الوسائل باب: 16 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 2.
3- سورة آل عمران: 97.
4- مستدرك الوسائل باب: 13 من أبواب الدفن حديث: 1.
5- الوسائل باب: 9 من أبواب المزار حديث: 3.
6- الوسائل باب: 44 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 11.

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و يرى منزله في الجنة (22).

______________________________

(22) كما في خبر القلانسي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «قال علي بن الحسين عليه السّلام: تسبيحة بمكة أفضل من خراج العراقين ينفق في سبيل اللّه، و قال:

من ختم القرآن بمكة لم يمت حتى يرى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و يرى منزله من الجنة» (1)، و في رواية أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «من ختم القرآن بمكة من جمعة إلى جمعة أو أقل من ذلك أو أكثر و ختم في يوم جمعة كتب له من الأجر و الحسنات من أول جمعة كانت في الدنيا إلى آخر جمعة تكون فيها و إن قرأه في سائر الأيام فكذلك» (2).

و الحمد للّه رب العالمين و صلى اللّه على محمد و آله الطاهرين

________________________________________

سبزوارى، سيد عبد الأعلى، مهذّب الأحكام (للسبزواري)، 30 جلد، مؤسسه المنار - دفتر حضرت آية الله، قم - ايران، چهارم، 1413 ه ق

ص: 403


1- الوسائل باب: 45 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 1.
2- الوسائل باب: 45 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 3.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.