موسوعه استدلالیه فی الفقه الاسلامی المجلد 110

اشارة

سرشناسه : حسینی شیرازی، محمد

عنوان و نام پدیدآور : الفقه : موسوعه استدلالیه فی الفقه الاسلامی/ المولف محمد الحسینی الشیرازی

مشخصات نشر : [قم]: موسسه الفکر الاسلامی، 1407ق. = - 1366.

شابک : 4000ریال(هرجلد)

یادداشت : افست از روی چاپ: لبنان، دارالعلوم

موضوع : فقه جعفری -- قرن 14

موضوع : اخلاق اسلامی

موضوع : مستحب (فقه) -- احادیث

موضوع : مسلمانان -- آداب و رسوم -- احادیث

رده بندی کنگره : BP183/5/ح5ف76 1370

رده بندی دیویی : 297/342

شماره کتابشناسی ملی : م 70-5515

ص:1

اشارة

ص:2

الفقه

موسوعة استدلالیة فی الفقه الإسلامی

الجزء العاشر بعد المائة

آیة الله العظمی

السید محمد الحسینی الشیرازی

دام ظله

کتاب الاجتماع

الجزء الثانی

ص:3

الطبعة السادسة

1408 ه_ _ 1987م

دار العلوم: طباعة. نشر. توزیع.

العنوان: حارة حریک، بئر العبد، مقابل البنک اللبنانی الفرنسی

ص:4

کتاب الاجتماع الجزء الثانی

اشارة

کتاب الاجتماع

الجزء الثانی

ص:5

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله رب العالمین، والصلاة والسلام علی أشرف خلقه سیدنا محمد وعلی آله الطیبین الطاهرین، واللعنة الدائمة علی أعدائهم إلی قیام یوم الدین.

ص:6

الحرب

اشارة

الحرب(مسألة 33): الحرب حالة استثنائیة فی الإنسان، حالها حال إجراء العملیة الجراحیة، وإلاّ فاللازم عند الخلاف تحکیم الحوار، ورضوخ من لیس له الحق للحق، وقد کان من مفاخر الأدیان أنها تحکم الکلمة، قال سبحانه: {اقرأ}((1)).

والحرب علی قسمین:

1: حرب باطلین.

2: وحرب حق وباطل، والحق لا یقدم علی الحرب إلاّ دفاعاً أو لأجل إحقاق الحق وإنقاذ المستضعفین، و لذا قال سبحانه: {وما لکم لا تقاتلون فی سبیل الله والمستضعفین}((2))، فهی أیضاً حرب دفاعیة، وإن کانت تسمی بالجهاد الابتدائی.

واللازم أن یأخذ الصلح مکان السیف، أما ماذهب إلیه دارون وأتباعه من أصل (تنازع البقاء) و(بقاء الأصلح) فذلک ما دل الدلیل علی خلافه، فهو مثل أن یقال: بأصل الجریمة، حیث لا یخلو مجتمع عن الجریمة، وجاء بعده مار کس لیذهب إلی (حرب الطبقات) وقدقام الدلیل علی خلافه.

والحرب کما تقع فی المجتمع الإنسانی، تقع فی بعض المجتمعات الحیوانیة،

ص:7


1- سورة العلق: الآیة 1.
2- سورة النساء: الآیة 75.

لکن الفرق بین الحربین:

1) أن حرب الحیوانات بدنیة، بینما حرب الإنسان بدنیة وغیر بدنیة.

2) الحیوان لا یستعمل آلات فی حربه، بخلاف الإنسان.

3) حرب الحیوان سریعة الانتهاء، بخلاف حرب الإنسان فإنها قد تطول مدة.

4) حرب الحیوان لا تتطور إلی غیر الجراح والقتل، بینما حروب الإنسان تتطور إلی الکلامیة _ وتسمی بالحرب الباردة _ والاقتصادیة وغیرهما، وإن کانت تسمیة تلک حروباً أشبه بالمجاز.

5) وأخیراً لا فداء لحرب الحیوان، بینما جعل الإنسان لحروبه أقساماً من الفداء.

الشعوب تکره الحرب

الشعوب تکره الحرب

وحیث إن الحرب خلاف طبیعة الإنسان، لأنها تفنی الأفراد وتهدم الدیار وتلتهم الأموال، وتبعث علی الخوف والاضطراب، بل وأحیاناً توجب هتک حرمات النساء وسبیهن، وإذلال المغلوب إذا کان مغلوب، فالأمم لا ترید الحروب، وإنماجماعة من الناس لها مصلحة فی الحرب هی التی تشعل الحرب، وغالباً هی تتجنب ویلات الحرب، فتقف خارج المیدان بمختلف العناوین وتدفع بالآخرین إلی الحرب.

ولذا کان سبب الحرب:

1: إما جلب النفع.

2: أو توهم جلبه.

ص:8

3: أو دفع الضرر.

4: أو توهم دفعه.

نعم قلة من الحروب هی حروب التحریر، مما تندفع الأمم إلیها، لأجل دفع المتعدی علی العقیدة الصحیحة، أوعلی الاقتصاد، أوعلی ما أشبه ذلک.

ودوافع الحروب لم تختلف فی الحال الحاضر عن دوافع الحروب عند الإنسان غیر المتحضر، فقد کانوا سابقاً یحاربون لأجل الغنائم، أو لأجل إظهار الشجاعة، أو لأجل الخوف من الأعداء وقایةً، أو لأجل دفع الأعداء علاجاً، أو لأجل إرضاء الغرور، مثلاً کان إنسان من عشیرة یهین شیخ عشیرة أخری، فالشیخ إرضاءً لغروره کان یلقی بالعشیرة فی الحرب مع عشیرة المهین.

والجامع فی کل ذلک هی الأمور الأربعة المتقدمة.

وعلی ماذکرنا فتوهم أن الحرب من طبیعة الإنسان، مثل الجوع والعطش توهم غیر مدعوم بالدلیل، ولوکان کذلک لزم تحققها فی فواصل زمنیة خاصة مثل سائر الغرائز الإنسانیة، مع أن الأمر بالعکس.

الفوائد المزعومة للحرب

الفوائد المزعومة للحرب

کما أن توهم کون الحرب لها منافع بقدر ما لها من أضرار أو أکثر، غیر تام، وإن استدل لذلک بأنها تنفع:

1) فی توحید الأقوام، إذ الطرفان یتعارفان بعد انتهاء الحرب، ویتوحدان أخیراً بعد أن کشف کل طرف نفسیات الطرف الآخر النظیفة.

2) وفی تقدم الفکر، حیث تتلاقح أفکار الطرفین بما یوجب تقدم الفکر، فإن حال الفکر حال البدن، فی أن تلاقح البدنین یوجب النسل

ص:9

المقدم للإنسان إلی الأمام.

3) وفی تقدم الصناعة، حیث إن حالة الحرب تفتق الکفاءات، من جهة أن کل طرف یفکر لإنجاح نفسه، وکثرة التفکیر توجب ظهور الاکتشافات والاختراعات، مما ینفع الإنسان فی حال السلم أکثر من ضرره حال الحرب.

4) وفی تقلیل الناس، فتکون سبباً لتحسین حالة الذین یبقون بعد الحرب ورفاههم.

5) وأخیراً توجب تجدید المدن والقلاع وما أشبه، لبنائها من جدید، حیث یصیبها الخراب بواسطة الحرب، وکذلک تجدید الریاش والأثاث التی تلفت بسبب الحرب.

مناقشة

وفی الکل نظر، إذ:

1: الأقوام إنما تتوحد بالثقافة المشترکة، لا بقتل بعضهم بعضاً، سواء غلب أحدهما علی الآخر، أو وقع بینهما صلح وهدنة، ولذا نری أن الأقوام المختلفة، لما توحدت ثقافتها تحت ظل الإسلام توحدوا، بینما الاختلاط والتعامل ونحوهما بین الیهود والمسلمین لم یجعل منهما أمة واحدة، وإن بقی ذلک بینهما أکثر من ألف سنة.

2: وتلاقح الأفکار فرع وحدة الاتجاه لا الحرب، فالحرب إن أتت بوحدة الاتجاه _ أی اطلاع بعضهم علی بعض _ تلاقحت الأفکار، وإن لم تأت لم تتلاقح، وأیهما أصلح هل التحارب حتی تتلاقح الأفکار، أو توحد الاتجاه بدون حرب حتی تتلاقح.

وتوحید الاتجاه یحصل بانفتاح العلماء

ص:10

علی أفکار الآخرین، وذلک ما عمله الإسلام، ولذا تجد فی کتب الشیخ والعلامة وغیرهما، ذکر آراء الآخرین، وقبول الصالح منها، وردّ غیر الصالح، والحاصل أن التلاقح وإن حصل بالحرب أحیاناً، إلاّ أنه أسوأ قسمی التلاقح، فاللازم الأخذ بالحسن منهما لا بالسیء.

3: وکذلک الحال فی تقدم الصناعة، فتهیئة الأجواء الصالحة للعلم والعلماء بصنع المختبرات وتشویق العلماء بالمال والذکر والمنافسة ونحوها، تعطی نفس النتائج التی تعطیها الحرب، بدون أضرار الحرب، وهل من التعقل أن یسیر الإنسان فی الطرق المعوج وأمامه الصراط المستقیم.

4: وتحسین حالة الإنسان، یمکن بعدم صرف الثروة فی الهدم والدمار، وقد ذکر فی تقریر أنه تصرف الدول کل یوم ملیار دولار فی التسلیح، فأی مال ضخم هذا یصرف فی الدمار، لو صرف هذا المال فی البناء لم یبق جائع، ولا حاجة معطلة، هذا مع الغض عن أن کثیراً من الثروة تکدس أو تصرف إسرافاً وتبذیراً.

5: ولماذا نجدد المدن والأثاث بالدمار، ألیس من الأفضل أن نجددها بالثروة التی تصرف _ عند الحرب _ فی الدمار والتکدیس والإسراف، ألیس مثل ذلک کإنسان یجرح نفسه ثم یجری علیها عملیة جراحیة، فهل له أن یفرح باللحم الجدید، إنه کان من الممکن تحصیل النضارة بالعیش الحسن، وکان ذلک بدون ضرر وآلام.

الحرب، أسبابها وعلاجها

الحرب، أسبابها وعلاجها

ثم إنه لا فرق فی کون الحروب الخارجیة، والمنازعات الداخلیة، ومنها

ص:11

الحروب الأهلیة، کلها تنشأ من عدم تحکیم (الکلمة) وعدم التحاکم إلی (المنطق).

ومنشأ عدم التحکیم إما الجهل أو الطمع، والجاهل لا یرید أن یسمع کلام الآخرین، أو یسمع لکن لیس له حاسة التمییز، والطامع یعرف ویحرف. وقد أشار إلی کلا السببین القرآن الحکیم:

فقال بصدد الأول: {ومنهم أمیون لا یعلمون الکتاب إلاّ أمانی}((1)).

وبصدد الثانی: {یعرفون نعمة الله ثم ینکرونها}((2)).

وقال: {وجحدوا بها وأستیقنتها انفسهم}((3)).

وحیث إن علاج الجهل العلم، وعلاج الطمع نظافة النفس، والإنسان لا یستعد بسهولة للتعلم ولتنظیف نفسه، کان اللازم علی العقلاء والمصلحین ترسیم خریطة:

1: التوعیة العامة تعلیماً وتنظیفاً.

2: وجعل الطامعین فی قفص الاتهام، حتی لا یتمکنوا من التحرک، وذلک ممکن إذا وعی الشعب، أن الباعث علی الحرب أطماع قلة من المستکبرین فی تحسین أوضاعهم السیاسیة أو الاقتصادیة أو الاجتماعیة.

فإن وعی الشعب ذلک لم یقدر أولئک القلة أن تغریه بالحرب باسم مصالح الشعب، کما هی العادة فی القلة، حیث إنهم یریدون منافعهم، لکنهم یظهرون أنهم یریدون منافع الشعب، وبذلک یتمکنون من تزییف الواقع، والدفع بالشعب الغر إلی أتون الحرب.

ص:12


1- سورة البقرة: الآیة 78.
2- سورة النحل: الآیة 83.
3- سورة النمل: الآیة 14.

بین حرب الاستغلال وحرب التحریر

بین حرب الاستغلال وحرب التحریر

وعلی ما ذکرنا، فالحرب تنقسم إلی:

1: حرب التحریر.

2: حرب الاستغلال.

والهدف فی الحربین متضاد:

فالأولی: لأجل إنقاذ الناس عن الاستغلال.

والثانیة. لأجل إدخال الناس فی رقبة الاستغلال، وحیث إن الباطل یلبس ثوب الحق، وکل مشعل للحرب یقول إنه یحارب لأجل التحریر، کان اللازم ملاحظة علائم الحرب التی تقع، هل هی علامة هذه أو تلک.

فإن الفارق بین الحربین أمران:

1) هل إن الأمة دخلت فی الحرب بملأ إرادتها، أم أن الحرب فرضت علیها فرضاً، حیث إن الأمة لا تدخل إلاّ فی حرب التحریر، أما حرب الاستغلال فإنها تفرض علی الأمة فرضاً، ومن الممکن معرفة الأمرین بملاحظة أجواء الحریة وعدمها، فالحرب فی أجواء الحریة لا تکون إلاّ حرب تحریر، سواء کان تحریراً عن مستغل متسلط، أو عن مستغل یرید التسلط، بخلاف الحرب فی أجواء الکبت فإنها لا تکون إلاّ حرب استغلال.

و علامة الحریة: الانتخابات الحرة، وعدم الاستخلاف من الرئیس السابق للرئیس اللاحق بأی لون کان الاستخلاف، والصحف الحرة، والإعلام الحر فی إذاعة و تلفزیون وغیرهما، فإن فی مثل هذا الجو یتحکم الناس فی مصایر أنفسهم، بالعکس من أجواء غیر الحریة، حیث یتحکم الدیکتاتور المستغل فی الناس، فالحرب لا تکون إلاّ استغلالیة.

2) عدم کون أصحاب المصالح  السیاسیة، أو الاقتصادیة، أو الاجتماعیة

ص:13

أو غیرها وراء الحرب، ولا الذین یریدون المصالح فی المستقبل، إذ قد لا یکون وراء الحرب أصحاب المصالح الحالیة، وإنما الذین یریدون تحصیل المصالح فی المستقبل.

وحیث إن الإنسان، إذا رأی جماعة یریدون سحب البساط من تحت أصحاب الامتیاز، لا یعرف هل أن هؤلاء مخلصون ویعملون لنجاة الأمة، أم إنهم یریدون الامتیاز لأنفسهم، مکان أصحاب الامتیاز السابقین.

فاللازم: أن یری هل أن المخطط لهؤلاء الذین یریدون إشعال الحرب (تمرکز القدرة)، أو (توزیع القدرة)، بأن تکون القدرة فی ید إنسان وجماعته فقط، أو فی ید کل القادة وکل جماعاتهم، فإذا کان الأول دل ذلک علی أن الحرب إنما هی لتبدیل أصحاب امتیاز آخرین، وإن کان الثانی دل علی واقعیة الحرب، وأنها حرب تحریر للأمة.

وکثیراً ما تبتدئ الحرب حرب تحریر، لکنها تنقلب فی الأثناء أو بعد الانتصار إلی تقدیم أشخاص یریدون المصالح، وحیث یری هؤلاء أن الناس لا یلتفون حولهم، ولا یترکون الشخصیات الأخر المجاهدة، یفتحون باب التهم والاضطهاد، فمن تمکنوا من اضطهاده اضطهدوه، ومن لم یتمکنوا بالنسبة إلیه من ذلک اتهموه لإسقاط شخصیته، وعلیه فاللازم علی الأمة أن یفوتوا مثل هذا الدجل الذی یجعله أصحاب المصالح سلماً لمآربهم:

1: بتوزیع مراکز القوی حسب القدرة.

2: بتوعیة الناس حتی لا یخدعوا بدعایة أصحاب الامتیاز الجدد، ولا یستسلموا لتخویفهم وترغیبهم، فإن مشکلات عدم الاستسلام أقل بکثیر من مشکلات الاستسلام.

ص:14

أسباب کثرة الحروب

أسباب کثرة الحروب

ثم إن التمدن، إذا کان مادیاً _ بأن لم یکن مزیجاً بالإیمان _ یوجب تکثیر الحرب، مما لیس مثله بهذه الکثرة فی الأمم غیر المتمدنة، ولذا نری کثرة الحرب فی العصر الحاضر بعد تقدم الحضارة المادیة، والسبب:

أ) إن الإیمان عنصر واق عن سوء تصرف الإنسان، فإذا فقد الإنسان الإیمان تصرف فی کل شؤونه _ ومنها الحرب _ تصرفاً سیئاً، فل_جل الأطماع السیاسیة أو الاقتصادیة أو الاجتماعیة أوغیرها یقیم الحرب، أما إذا کان الإنسان مؤمناً ابتعد عن إراقة الدماء ابتعاداً کبیراً.

قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «الإیمان قید الفتک»((1))، ولذا کانت حروب رسول الله (صلی الله علیه وآله) وعلی (علیه السلام) کلها دفاعیة، وکانا یکتفیان بأقل قدر من الضرورة، وحتی إن الإمام (علیه السلام) أوصی أن لا یقتل به غیر قاتله، مع أن المتآمرین کانوا جماعة، اقتداءً بالرسول (صلی الله علیه وآله) حیث لم یقتل المتآمرین فی العقبة.

ب) وفی العصر الحاضر إنما اشتدت الحرب ضراوة _ بالإضافة إلی فقد عنصر الإیمان، حیث إن الشرق لا یؤمن إطلاقاً، والغرب یؤمن إیماناً سطحیاً لاشأن للإیمان بحیاته العملیة، لعدة أمور:

1: لصنع السلاح، حیث إن تجار الأسلحة، لابد لهم من إقامة الحروب حتی یبیعوا أسلحتهم، ولذا اصطلحوا علی الدول الکبار امثال أمریکا وروسیا وإنکلترا وفرنسا، ونحوها بتجار الحروب.

وحیث إن السلاح متطور، تکون الإبادة أکثر، کما تصل الحرب بسهولة

ص:15


1- غوالی اللئالی: ج2 ص241ح7.

إلی مناطق لم تکن تصل إلیها إلاّ بکل شدة أمثال الجبال والأدغال ونحوهما.

2: لأن الإنتاج فی أیام الحرب یتحول إلی الإنتاج الحربی، بینما لم یکن الأمر کذلک فی زمان لم تظهر فیه الصناعة، فالمعمل المنتج لمائة ألف ذراع من القماش، أو لمائة ألف آنیة فی کل یوم، إذا تحول إلی إنتاج السلاح أنتج مائة ألف رصاصة فی کل یوم، وهکذا.

والفرق بین (1 و2) أن الأول بصدد أصل وجود مصانع الأسلحة، والثانی بصدد تحول مصانع الأشیاء الأخر إلی مصانع الأسلحة.

3: لتوفر أسباب الحرب من سیاسیة واقتصادیة وغیرهما، فإن طلاب الرئاسة فی الزمان السابق کانوا قلیلی الکید، أما فی الزمان الحاضر حیث سهولة الانقلابات العسکریة _ بمعونة ذوی الأطماع من المستعمرین _ فإنه تکثر الحرب، وکذلک حیث توسع الاقتصاد بالتجارة وغیرها، والمال من أسباب الحرب إذ الرأسمالیون یشعلونها لأجل انتفاع أکثر واستغلال أوفر، کثرت الحروب.

ولذا نجد أن أمریکا حاربت فیتنام، وإنکلترا حاربت الصین، بما ذهبت ضحیتهما عشرون ملیون إنسان، وروسیا تحارب أفغانستان، تلک الحرب الضاریة التی لم تنته بعد، وفرنسا حاربت الجزائر، وإسرائیل تحارب البلاد الإسلامیة منذ أکثر من ثلث قرن، وهکذا.

4: قرب البلاد بعضها من بعض، وکثرة الروابط مما أولدتهما الصناعة الحدیثة، فإن بعد البلاد وعدم الروابط یوجبان عدم الحرب، کما یوجبان عدم السلم، فیعیش کل وحده، أما إذا کثرت الروابط وقربت البلاد بواسطة الآلات، کان لابد من أن تتحول الروابط أحیاناً إلی الحرب، کما تکون

ص:16

أحیاناً روابط سلمیة، وکذلک لابد من وصول أحدهما إلی الآخر بسبب القرب مما یمکنه أن یحاربه.

فمثلاً أمریکا فی العصر السابق لم تکن تقدر أن تصل إلی فیتنام، وبریطانیا لم تکن تقدر أن تصل إلی الصین وهکذا.

الحرب بالوکالة

الحرب بالوکالة

ثم فی العصر الحدیث أحدث المستعمرون حرباً جدیدة هی الحرب بالوکالة، فإن الأمم فی السابق کانت تحارب بعضها بعضاً حرباً نابعة من ذاتها غالباً، أما بعد عصر الذرة، فحیث تخاف الدول الکبیرة المواجهة بینها وکان لابد لها من الحرب، لبعض الأسباب المتقدمة _ لفتح الأسواق وبسط النفوذ _ لذلک تعطی الصلاحیة لبعض ما فی فلکها لتحارب وکالة عن تلک الدولة الکبیرة، حتی تخضع دولة جدیدة لبسط النفوذ وفتح السوق لتلک الدولة المشعلة نار الحرب فی السر.

شروط الحرب

شروط الحرب

ثم اصطلاح الحرب لیس مطلقاً، بل اللازم أن تتوفر هناک شرائط حتی تسمی حرباً، وإلاّ إن سمیت حرباً لم تذکر مطلقاً بل تقید، مثلاً یقال: حرب العصابات، أو حرب الدعایة، أو حرب الاقتصاد، أو ما أشبه ذلک.

والشروط هی:

1: أن یکون کل طرف مستقلاً، فإذا کانت اجتماعات غیر مستقلة بل متداخلة، لم تسم حرباً وإنما فوضی، کما إذا صارت حرب أهلیة لا اصطفاف لکل طرف،

ص:17

بل وقع الناس بعضهم فی بعض یقتل بعضهم بعضاً.

2: أن یکون بین الطرفین ارتباط، وإلاّ فلا یصدق الحرب ولا الصلح ولا المعاهدة ولا المسالمة ولا ما أشبه، فإذا کان ارتباط کان أحد المذکورات، فإذا کان الارتباط ارتباط العداء والمواجهة بالسلاح ونحوه یسمی حرباً.

3: یلزم أن یکون لکل طرف النظم، وإلاّ لم یسم حرباً.

ولا فرق فی تسمیة المواجهة بالحرب، بین أن یکون کلاهما ذا فئة یرجع المنهزم والمجروح إلیها أم لا، مثلاً حرب الجمل والنهروان لم تکن حرب ذی فئة، إذ لم یکن فی طرفهما فئة، وإنما جاء المحاربون بثقلهم إلی الحرب، وأما حرب صفین فکانت حرب ذی فئة، ولذا اختلفت الأحکام الشرعیة، کما لایخفی لمن راجع الفقه الإسلامی.

العوامل المؤثرة فی اختلاف الحروب

ثم إن کیفیة الحرب تتوقف علی عوامل، وتختلف الحرب باختلاف تلک العوامل:

1: فالحرب تختلف إذا اختلفت آلاتها، مثل الآلات البدائیة کالحصی والحجارة، والآلات المتوسطة کالسیف والرمح، والآلات القریبة من الحضارة کخراطیم النار ونحوها، والآلات الحدیثة علی اختلاف مراتبها، کالبندقیة والمدفع والدبابة، ثم القنابل الذریة والهیدروجینیة والأقمار الصناعیة وغیرها.

2: وسائل الحمل والنقل، مثل الوسائل البدائیة کالأفراس والجمال، فإن من کانت له تلک کان فائزاً فی الحرب بالنسبة إلی من کان راجلاً، ولذا نجد أن بعض الأمم الآسویة لما حصلوا علی الفرس ولم تکن لغیرهم الأفراس،

ص:18

تمکنوا من الغلبة علی الفاقدین لها، وکذلک بالنسبة إلی العربیات والسفن الشراعیة فإنها کانت وسائل متطورة بالنسبة إلی الفاقدین لها، حتی وصل الأمر إلی الآلات الحدیثة کالسیارات والطائرات والقطارات والسفن البخاریة.

3: المنطقة، فإن من فی المناطق المحصنة طبیعةً أقدر علی الحرب من الفاقدین لها، کالجبال والغابات والأهوار، ولذا یقضی الأسلوب الحربی فی حالة التقابل بین مثل هاتین الفئتین، أن یمکر من لا حصانة له، فی إنزال جیش الطرف إلی السفح فی الجبل مثلاً، لیتکافأ الطرفان، من حیث عدم الحصانة الطبیعیة.

4: کیفیة البنیة الاجتماعیة، فإن بعض الأمم عجنوا بالبطولة والشجاعة مثلاً، مما فیهم من المؤهلات الطبیعیة، بینما بعض الأمم بالعکس من ذلک.

ولا یخفی أن التفاوت فی مثل هذه الخصلة یعطی المؤهلین قدرة خاصة حتی فی العصر الحاضر، نعم القدرة علی المکیدة والمناورة هی أیضاً قدرة کبیرة یتسم بها بعض الأمم دون بعض، ولذا قالوا: الحرب خدعة.

ولذا نری أن بریطانیا، وهی الدولة الصغیرة التی أفلت شمسها، وتحطمت امبراطوریتها الاستعماریة، بعد تقف علی ساقها وتعد من الدول الکبار.

أ) لکثرة خداعها حتی غیر المشروع من الخداع مثل نقض العهد.

ب) وللاستفادة من تجاربها دائماً.

ج) ولحزمها.

د) ولعلاجها الأمور بالتصبّر والتحلم، ولولا ذلک لانقضّت علیها الشعوب التی ظلمتها طوال قرون، ولم تبق منها إلاّ جزیرة صیادین، کما کانت من قبل کذلک.

ص:19

5: قدر التقدم الحضاری فی الحروب الحاضرة، حیث إنه الدولة المتقدمة حضاریاً من جهة الأسلحة الحربیة، والتدریب الحربی، والصداقات التی توجب السهولة فی اتخاذ القواعد والحمل والنقل من أراضی الأصدقاء، وإمکانیة الدعایة، والتعبئة: الرکن المعنوی، لا شک أنها تتمکن من ربح الحرب، بما لا تتمکن مثله دولة لیست بتلک المثابة.

کما أن الإمکانیات المادیة لها ثقلها فی التقدم حیث إن القدرة علی المنابع الطبیعیة تعطی إمکانیة حربیة أکثر، مثلاً البلد الذی له أورانیوم، له إمکانیة الحرب أکثر بکثیر من البلد الفاقد له، فإن کل مثقال من هذه المادة تعطی من الوقود بمقدار عشرة ملایین مثقال من الفحم الحجری، علی ما حدده بعض الخبراء.

6: سعة أراضی البلد المحارب، حیث إن العدو مهما قدر علی الضرب لا یقدر علی الاستیعاب، فتبقی فرج تمکن المحارب ذی السعة فی أرضه من الکر والفر فی تلک الفرج، بخلاف المحارب ذی الأرض الضیقة.. ولذا یری المحللون السیاسیون أنه لابد من زوال إسرائیل، إن قریباً أو بعیداً لأسباب شتی، من جملتها ضیق أراضیها التی احتلتها.

7: البعد البشری، فإنه کلما کثر کانت الدولة المشتملة علیه أقرب إلی الفوز، حیث إن الحرب فی الحال الحاضر، کل فرد فیها یحتاج إلی سبعة وعشرین شخصاً من ورائه یمدونه باحتیاجاته، فکلما کان أفراد البلد أکثر کانت إمکانیة تجهیز أعداد الجیش، وإمکانیة تهیئة ما یحتاجه الجیش أکثر، والعکس بالعکس، فالمدینة ذات الخمسین ملیوناً تتمکن من إعداد ملیونی جندی، بینما المدینة ذات العشرین ملیوناً، لا تتمکن حتی من إعداد ملیون من الجنود.

ص:20

کیف نتوقی الحروب

کیف نتوقی الحروب

ثم إن العصر الحاضر، یحتاج إلی:

أ: رؤیة مستقبلیة کبیرة.

ب: وإعداد حسب تلک الرؤیة، للتجنب من الحرب، وهما لا یتاحان إلاّ بالاستشاریة الکاملة للدولة، بأن تکون مقادیر الناس فی أیدیهم، وإلاّ فإن کانت المقادیر بید المستبدین لم یمکن الرؤیة ولا الإعداد، وهذا من أکبر أسباب انحسار المسلمین أمام إسرائیل، علی قوة المسلمین الحقیقیة وضعف إسرائیل الحقیقی.

إن البلاد الإسلامیة یأخذ أزمتها مستبدون جاؤوا إلی الحکم بالوراثة أو بالانقلاب العسکری، وحتی من جاء منهم بالانتخاب فرضاً، انقلب مستبداً وبذلک خلت الساحة أمام إسرائیل، وسیبقی الأمر هکذا، إلی أن یرجع الزمام بید الأمة.

ولما ذکرناه من أن الرؤیة المستقبلیة والإعداد الصحیح یبعدان الحرب تری البون الشاسع بین البلاد الأروبیة فی الحال الحاضر، حیث لم تقع فیها حرب منذ نصف قرن تقریباً بعد الحرب العالمیة الثانیة، وبین نفس البلاد قبل اتصافها بهاتین الصفتین، فقد أحصی بعض المحققین أن أربعین فی المائة من سنی البلجیک استغرقتها الحرب، وهذا العدد فی تاریخ ألمانیا ینقلب إلی ثمانیة وعشرین، وفی إیطالیا إلی ستة وثلاثین، وفی هولندا إلی أربعة وأربعین، وفی روسیا إلی ستة وأربعین، وفی فرنسا إلی خمسین، وفی إنکلترا إلی ستة وخمسین، وفی بولندا إلی ثمانیة وخمسین، وکذا فی لتوانیا وفی إسبانیا إلی سبعة وستین.

وبینما نری انعدام الحرب فی الحال الحاضر فی البلاد الاروبیة ونحوها، نری الحروب المستمرة فی البلاد الإسلامیة، أمثال: الأردن وأفغانستان ومصر

ص:21

وسوریا ولبنان وفلسطین وإرتریا والمغرب والباکستان والفلبین وغیرها.

والسر هو ما ذکرناه من الاستبداد الحاکم فی هذه البلاد، والذی یحطم الکفاءات، فلا یقدر الأکفاء من العمل، لیکون لهم رؤیة مستقبلة وإعداد کاف لتجنب الحرب، الحاصل من الإعداد الصحیح للحرب.

ولذا قال سبحانه: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخیل ترهبون به عدو الله وعدوکم}((1)).

فالإعداد له وجهان:

1: إرهابی((2)) یمنع العدو من المقابلة.

2: مفاوضی یخفف من حدة القوی، التی هی أول شرارة الحرب.

أخطار الحرب

أخطار الحرب

ثم إن اللازم علی الأمم أن تسعی بکامل جهدها لحفظ السلام فی الزمان الحاضر، حیث ازدادت أخطار الحرب زیادة کبیرة غیر متصورة، أما زیادة أخطار الحرب فلأمور:

1) الأسلحة الفتاکة التی اکتشفها العلم ودفعت بأیدی البشریة، مما یوجب استعمالها فی الحرب نسف الحضارة، من غیر فرق بین الحروب المحدودة والحرب العالمیة، فإن الحروب المحدودة تهدم بقدرها، مثلاً فی حرب لبنان _ هذه الحرب التی توافق کتابة هذا الکتاب _ قتل وجرح من البشر زهاء مائة وخمسین ألفاً.

وفی حرب العراق مع إیران قدر مجموع القتل والجرحی من الطرفین بمئات الألوف، وأما تلف الأموال فقد ذکر بعض المطلعین أنه یقارب أربعمائة ملیار

ص:22


1- سورة الأنفال: الآیة 6.
2- بمعناه اللغوی أی الإخافة، لا بالمعنی الشائع الآن.

دولاراً، وفی الحرب التی وقعت بین الهند والباکستان، ذکرت بعض التقاریر أن الخسائر البشریة کانت فوق الملیون إنسان، کما أن حرب الروس لأفغانستان خلفت أکثر من ملیون قتیل وجریح، بالإضافة إلی أربعة ملایین مشرد، إلی غیر ذلک من الأرقام الهائلة.

أما إذا اتفقت حرب عالمیة، فإن الحضارة ربما تنتهی، وقد ذکر تقریر أنه کان مخطط أمریکا ضد روسیا أن تدمّر فی حرب نوویة خاطفة خمسة وثمانین فی المائة من منشئاتها الصناعیة، فقد کدست کل من روسیا وأمریکا فی مخازنها من الأسلحة الفتاکة ما یکفی لإبادة البشر سبع مرات.

وفی تقریر أن عند الاتحاد السوفیتی قنابل، إذا ألقیت واحدة متوسطة منها علی مدینة کنیویورک أفنت فی لحظة واحدة کلما کان فی شعاع مائتین وخمسین میلا مربعاً، إلی غیر ذلک من الأسلحة الفتاکة الرهیبة، والتی لا تکون أسلحة الحرب العالمیة الثانیة فی قبالها إلاّ مثل الأسلحة القدیمة الیدویة کالسیف بالنسبة إلی المدفع والدبابة.

والحرب بالإضافة إلی الهلاک والتدمیر، تخلف مشوهی الحرب، والجرحی الذین یتألمون طول حیاتهم من ویلاتها، فإن الأسلحة الفتاکة توجب مختلف الأمراض والتشویهات فی الإنسان والحیوان والنبات، وقد جاء فی تقریر أن روسیا اشترت خمسة وعشرین ملیون عضو، کالید والرجل والعین الصناعیة لأجل المشوهین، بعد انتهاء الحرب العالمیة الثانیة، هذا بالإضافة إلی أن الحرب تذر الدیار بلاقع، لا تصلح لإنبات النبات إلی آماد بعیدة.

2) الحرب تلتهم الاقتصاد التهاماً موحشاً، فإن الدول إبان الحرب تحول أجهزتها إلی أجهزة حربیة، مما تستنفد المال وتوجب الفقر اقتصادی إلی سنوات بالنسبة إلی الدول المتحاربة، وقد ذکر غوستاف لبون أن إسبانیا

ص:23

لم تسعد نشاطها منذ حارب الصلیبیون المسلمین مما أفنی الناس وخرب البلاد، وقد مرّت علی الحرب زهاء عشرة قرون، کما ذکر مؤرخ آخر أن العراق لم یستعد نشاطه منذ تخریب المغول له زهاء سبعة قرون.

وقد صرفت أمریکا فی الحرب الباردة عام 1953م  أربعة وسبعین فی الألف من إنتاجاتها، فإذا کانت هذه النتائج التدمیریة للاقتصاد فی الحرب الباردة، فماذا یکون الحال فی الحرب الساخنة.

وبالإضافة إلی الدولة المتحاربة، تلتهم الحرب اقتصاد سائر الدولة المرتبطة بتلک الدول المحاربة، حیث إن الاقتصاد فی العصر الحاضر لا یختص برقعة محددة من الأرض، بل الدول تشابکت فی الاقتصاد تشابکاً کبیراً، فالبضائع التجاریة _ بمختلف أقسامها _ تستورد من کافة الدول إلی الدول الأخر، وإذا علمنا أن الدول المحایدة اسماً، لیست محایدة حقیقة، نعرف کیف تلتهم الحرب اقتصادیات کل الدول، وإنا نذکر کیف وقع العالم فی ضیق شدید إبان الحرب العالمیة الثانیة، سواء الدول المحاربة أو غیرها.

3) کما أن الحرب توجب التخلف الحضاری للدولة المحاربة، وللدولة التی ترتبط بها، إذ تتحول الدولة إلی دولة حرب، فالخدمات الثقافیة والصناعیة والزراعیة والتربویة وغیرها تتوقف توقفاً کاملاً مما یوجب تجمد الحضارة، بل تقهقرها، حیث إن الحرب تفنی کثرة کبیرة من مختلف العلماء الذین هم محور تقدم الحضارة، وقد ذکرت بعض التقاریر أن مصر وحدها خسرت _ عند تحطیم خط بارلیف الإسرائیلی _ زهاء عشرین ألفاً من المهندسین والخبراء ومن إلیهم.

ص:24

جذور الحرب

جذور الحرب

ثم إن حفظ السلام لا یمکن بمجرد الإعلام ومنظمات السلام، لأن السلام لیس أمراً سطحیاً، کما أن الحرب لیست أمراً سطحیاً، بل اللازم قطع جذور الحرب حتی یسود السلام، وجذور الحرب هی حرمان الإنسان مما یوجب له القیام ضد الطبقة التی حرمته.

وأسباب الحرمان هی:

1: الاستعمار.

2: والاستغلال.

3: والاستبداد.

فإن هذه الثلاثة توجب عدم نیل الإنسان حقه من:

أ) الحکم.

ب) والمال.

ج) والعلم.

فلابد له أن یقوم بالحرب لإنقاذ حقه.

وهذه الثلاثة هی الأسباب الواقعیة للحرب، أما أسباب الحرب المضادة، فهی أیضاً نفس هذه الثلاثة، لکن من الجانب الآخر، فالذین یریدون احتکار الحکم لأنفسهم فی قبال الاستشاریة، والذین یریدون المال لانفسهم من الرأسمالیین، سواء فی صورة الرأسمایین الغربیین أو الشرقیین، فی قبال التوزیع العادل للمال لکل بحسب حقه، والذین یحتکرون العلم لأنفسهم، تبعاً لاحتکارهم السلطة والمال، فی قبال تمکن الجمیع من العلم، هؤلاء الثلاثة یقومون بالحرب لأجل أخذ الزمام من الشعب.

کیفیة القضاء علی جذورالحرب

واللازم لمن یرید قطع جذور الحرب، أن یحول بین مثیری الحروب

ص:25

وبین مآربهم، وذلک بإشاعة الوعی السیاسی والاقتصای والاجتماعی.

1: فإن الوعی السیاسی یوجب عدم استسلام الشعب للدیکتاتوریین، سواء کانت دیکتاتوریة صریحة، کالحکومات الوارثیة والانقلابیة، أو مغلفة کالحکومات التی تنادی بالدیمقراطیة لکنها فی مخالب رأس المال، أو مخالب الحزب الواحد، کأمریکا وبریطانیا وفرنسا وروسیا ونحوها.

2: والوعی الاقتصادی یمنع عن کون المال بید جماعة معینة، سواء کانت تلک الجماعة بیدها الحکم أیضاً کروسیا، أو لا کأمریکا.

3: والوعی الاجتماعی یوجب أن یعرف الإنسان تساوی المجتمع، فی العلم والحکم والمال، وإنما {کل امرء بما کسب رهین}((1))، و {أن لیس للإنسان إلاّ ما سعی}((2))، فلا طبقة مختارة، فإذا رأی أن العلم خاص بجماعة، لأن لهم المال أو الحکم أو الحزب، علم بانحراف الاجتماع، ولزوم تعدیله، حتی یعم العلم الجمیع.

والعالم تدریجیاً أخذ یتوجه إلی مثل هذا الوعی، فقد کان الحکم العالمی مدة بید بریطانیا، ثم مدة بید أمریکا، ثم مدة بید قوتین أمریکا وروسیا، لکن فی الوقت الحاضر توزع الحکم الکبیر بین أمریکا وروسیا وأوروبا والصین.

صحیح أن فی المجال العسکری توجد الدولتان فقط، إلاّ أنه فی المجال السیاسی توجد مراکز قوی متعددة، لکل مرکز حلف جماعی.

وفی المجال الاقتصادی توجد الدولتان بإضافة أوروبا الغربیة والصین والیابان.

وفی المجال الذری توجد أیضاً الهند وإسرائیل، مما سبب خروج الدنیا تدریجیاً عن الاحتکار.

کما أن الشیوعیة أخذت تتحطم بسبب انفصال الصین ومحاولة انفصال بولونیا، وتململ بعض البلاد الأخر الدائرة فی فلک الشیوعیة، بالإضافة

ص:26


1- سورة الطور: الآیة 21.
2- سورة النجم: الآیة 39.

إلی أنها فضحت أکبر فضیحة، وخصوصاً عند غزوها سابقاً للمجر وتشیکوسلوفاکیا، وحالاً لأفغانستان.

والرأسمالیة أخذت تتحطم لبنة لبنة، فخرجت عن بعض نیرها الیابان وفرنسا، بل الاستعمار البریطانی والأمریکی أخذ یترنح للسقوط هنا وهناک، وبالأخص فی الشرق الأوسط، حیث ظهرت مفاسد إسرائیل.

وعلیه فإعطاء الوعی للبشریة صار أسهل، صحیح أن الحیاد الآن لیس ممکناً ولا صحیحاً، حیث إن الإنسان لا یصح أن یسکت أمام الظالم، إلاّ أن الوعی المتململ أخذ یعمل لإیجاد الحیاد، أما الحیاد الذی کان قبل عشرین سنة، ففی الواقع کان أکثره تغطیة للعملاء، فهل کاسترو عمیل الشرق محاید، وهل ناصر عمیل أمریکا محاید، وإلی غیر ذلک.

وعلی أی حال، یلزم زیادة الوعی لتنقلع جذور الحرب، والتی هی انحصار العلم والحکم والمال بید أقلیة البشر، فی قبال حرمان الأکثریة.

والوعی کما یعطی الثلاثة بید الکل، کذلک یقرب الناس بعضهم إلی بعض، مما یوجد بینهم علاقة أکثر، فلا یتمکن المتعصبون من استغلال البشر فی مآربهم الشخصیة، ولذا نری أنه کلما زاد الوعی انکمشت القومیات، واندثرت الطائفیات المنحرفة، وقبرت العرقیات واللونیات والجغرافیات وما أشبه.

((فضح الحرب بالوکالة))

((فضح الحرب بالوکالة))

کما أن اللازم قبل الوصول إلی النتیجة النهائیة، وهی السلام الشامل، فضح الحروب بالوکالة، والحیلولة دون وقوعها، وذلک بعدة وسائل:

1: تضعیف العلاقة بین الدول الصغیرة والدول الکبیرة، حتی لا یتمکن الکبار من إیکال الصغار فی الحرب.

2: فضح القواعد العسکریة للدول الکبیرة فی أراضی الدول الصغیرة.

ص:27

3: فضح المحالفات العسکریة بین الدول الصغیرة التی تدور فی فلک الکبار، وبیان أن هذه الدول الصغار المحالفة لا ترید بالإحلاف إلاّ خدمة تلک الدولة الکبیرة.

4: تقویة الروابط بین الدول المتجاورة، حتی لا تتمکن الدول الکبار من إیقاع الحرب بینها.

5: والأهم من الکل إیجاد الوعی للشعوب الصغیرة، حتی لا تکون ألعوبة بین حکوماتها التی تنفذ أوامر الأسیاد.

الإسلام یدعو إلی السلام

الإسلام یدعو إلی السلام

ولذا الذی ذکرناه، من کره الإسلام للحرب وحبه للسلام، تجد فی الآیات والروایات جملة کبیرة مما یدل علی أن الأصل السلم، وإنما الحرب اضطرار.

قال سبحانه: {یا أیها الذین آمنوا ادخلو فی السلم کافة ولا تتبعوا خطوات الشیطان}((1)).

 وقال سبحانه: {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوکل علی الله}((2)).

وفی الحدیث: «المسلم من سلم المسلمون من یده ولسانه»((3)).

وقال علی (علیه السلام) لعسکره قبل لقاء العدو بصفین: «لا تقاتلوهم حتی یبدؤوکم، فإنکم بحمد الله علی حجة، وترککم إیاهم حتی یبدؤوکم حجة أخری لکم علیهم»((4)).

ص:28


1- سورة البقرة: الآیة 208.
2- سورة الأنفال: الآیة 61.
3- من لا یحضره الفقیه: ج4 ص362.
4- نهج البلاغة: الخطب 14.

وکذلک لم یبدأ (علیه السلام) بقتال أهل الجمل وأهل النهروان، حتی کانوا هم البادئین، بعد أن دعاهم إلی وحدة الکلمة، والکف عن القتال، وتحکیم الحجة مکان السیف.

وقال (علیه السلام) فی کتابه إلی أهل الأمصار، یقص فیه بین ما جری بینه وبین أهل صفین:

«وَکَانَ بَدْءُ أَمْرِنَا أَنَّا الْتَقَیْنَا وَالْقَوْمُ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ رَبَّنَا وَاحِدٌ وَنَبِیَّنَا وَاحِدٌ وَدَعْوَتَنَا فِی الإِسْلَامِ وَاحِدَةٌ، وَلا نَسْتَزِیدُهُمْ فِی الإِیمَانِ بِاللَّهِ وَالتَّصْدِیقِ بِرَسُولِهِ وَلا یَسْتَزِیدُونَنَا الْأَمْرُ وَاحِدٌ إِلاّ مَا اخْتَلَفْنَا فِیهِ مِنْ دَمِ عُثْمَانَ وَنَحْنُ مِنْهُ بَرَاءٌ.

فَقُلْنَا: تَعَالَوْا نُدَاوِ مَا لا یُدْرَکُ الْیَوْمَ بِإِطْفَاء النَّائِرَةِ، وَتَسْکِینِ الْعَامَّةِ، حَتَّی یَشْتَدَّ الأَمْرُ وَیَسْتَجْمِعَ فَنَقْوَی عَلَی وَضْعِ الْحَقِّ مَوَاضِعَهُ، فَقَالُوا: بَلْ نُدَاوِیهِ بِالْمُکَابَرَةِ، فَأَبَوْا حَتَّی جَنَحَتِ الْحَرْبُ وَرَکَدَتْ وَوَقَدَتْ نِیرَانُهَا وَحَمِشَتْ، فَلَمَّا ضَرَّسَتْنَا وَإِیَّاهُمْ وَوَضَعَتْ مَخَالِبَهَا فِینَا وَفِیهِمْ أَجَابُوا عِنْدَ ذَلِکَ إِلَی الَّذِی دَعَوْنَاهُمْ إِلَیْهِ، فَأَجَبْنَاهُمْ إِلَی مَا دَعَوْا وَسَارَعْنَاهُمْ إِلَی مَا طَلَبُوا، حَتَّی اسْتَبَانَتْ عَلَیْهِمُ الْحُجَّةُ وَانْقَطَعَتْ مِنْهُمُ الْمَعْذِرَةُ»((1)).

وقال (علیه السلام) لولده الحسن (علیه السلام): «لا تَدْعُوَنَّ إلی مُبارَزَة»((2)).

إلی غیرها.

ص:29


1- نهج البلاغة: الکتب 58.
2- نهج البلاغة: قصار الحکم 233.

العائلة

اشارة

العائلة

(مسألة 34): منذ یری التاریخ تکونت العائلة أول ما تکونت من زوج وزوجة، قال سبحانه: {وجعل منها زوجها لیسکن إلیها}((1))، فقد کان آدم وحواء، ثم ولدا هابیل وقابیل، وخلق الله لهما زوجتین جدیدتین، فلما تزوجا بهما صار أولادهما أبناء عمومة، وهکذا صار التوالد إلی الیوم، وسیبقی إلی یوم انتهاء الدنیا.

أنواع الزواج

أنواع الزواج

وأما کیفیة التزویج، فقد اختلفت فی الأمم علی خمسة أقسام:

1: رجل وامرأة.

2: ورجل وأکثر من امرأة.

3: وامرأة وأکثر من رجل.

4: وجماعات رجال ونساء.

5: والفوضی الجنسیة بدون میزان، کما یدعو إلیه مار کس، وطبق فی روسیا والصین أول سیطرة الحکم الشیوعی فیهما، فکل رجل لکل امرأة، وکل امرأة لکل رجل.

ص:30


1- سورة الأعراف: الآیة 189.

والکیفیة الصحیحة عقلاً وشرعاً هما الأولان، إذ أنه إن استطاع الرجل اتخذ أکثر من زوجة، وذلک لکثرة النساء علی الأغلب بالنسبة إلی الرجال، حیث دل الإحصاء أن الرجل أقل عمراً من المرأة، وأن الرجل یقتل ویموت بالکوارث، لأنه مشغول بأعمال خشنة، ولیست المرأة کذلک، وإن لم یستطع الرجل اتخذ زوجة واحدة.

لکن الغالب أن الرجال یتخذون زوجة واحدة، لا لعدم الإمکان، بل لأن جماعة من الرجال تخلفوا عن موازین إدارة النساء، فرغبت النساء عن الضرة، مما أوجب تخوف الرجال من التعدد، حیث العرف العام یثقل علیه التعدد، خصوصاً إلی ثلاث وأربع.

أما المرأة لأکثر من رجل، فقد وقعت فی بعض الأمم، إما لفقر الرجال عن المهر، أو لقلة النساء لحادث ما، وهذا خطیر فی تحطیم العائلة، وإیجاد أنواع کثیرة من الأوبئة النفسیة والصحیة والفکریة، کما یؤکده علماء ذوو الاختصاص.

والرابع بالإضافة إلی أنه غیر شرعی، غیر صحیح، حیث یلزم من ذلک المنازعات للمقاربة وللنفقة وللأولاد.

أما الخامس فهو خلاف السکن والأنس، ولذا تحاشی عنه حتی الشیوعیین غالباً، ضاربین تعالم مار کس وانجلز عرض الحائط، کما ضربوا بسائر تعالیمها، إلاّ الدیکتاتوریة فی الحکم، فهی باقیة إلی الآن، وإلاّ خنق الأدیان، خوفاً من أن یطالبهم الدین بهدم الدیکتاتوریة وتوزیع الثروة توزیعاً عادلاً.

ص:31

الزواج فی عالم الحیوان

الزواج فی عالم الحیوان

ثم إنه فرق بین عالم الإنسان والحیوان فی الزواج، من حیث إن الزواج فی الحیوان إما ینفصم بعد اللقاح أو بعد تکبیر الأولاد وقابیلة الأولاد للعیش وحدهم کما فی الحمام ونحوه، بینما الإنسان حیث لا ینتهی أمره بتکبیر الأولاد، بل یبقی هناک التربیة والمعاش للأولاد، والمحبة وانتظار أن یکافئ الأولاد جزاء والدیهم فی الإعاشة والإدارة و... لذا تدوم العائلة الإنسانیة أکثر من دوام العائلة الحیوانیة فیما کان لها دوام.

لا لطرد الأولاد

لا لطرد الأولاد

والعائلات علی قسمین:

1: قسم یستبقی الأولاد بعد رشدهم واستقلالهم فی أمور معاشهم.

2: وقسم یطرد الأولاد.

لکن القسم الثانی أقرب إلی المادیة، بینما القسم الأول أقرب إلی الإنسانیة، حیث إن الحب والعلاقة فوق المادة، بل الازم _ کما جعله الإسلام _ إنفاق العائلة علی الأولاد إن کانوا فقراءً، وبالعکس کذلک، وإلاّ تعاونا فی أمر المعیشة، وبالاجتماع یدرک الإنسان لذة روحیة لا یدرکها بالانفراد.

ولذا نری أنه کلما أوغل مجتمع فی المادیة، کان الطرد فیه أکثر، وبالعکس کلما لازم مجتمع الإنسانیة _ وفی قمتها الإسلام _ کان الاستبقاء أکثر، وقد زعم بعض علماء الاجتماع أن المجتمع الصناعی یلازم الطرد، وفیه: إن ذلک لیس من لوازم الصناعة بل من لوازم المادیة.

ثم هناک بعض العوائل المتوسطه بین المبقیة والطاردة، وهی التی تحفظ

ص:32

ولدها الکبیر فقط دون سائر الأولاد، وذلک للأنس به والتعاون معه، وإذا مات الولد الأکبر، جاء ولد آخر لیعیش مع أبویه، تارکاً استقلاله فی عائلة نفسه، أی یأتی مع عائلته إلی دار والدیه.

بین العائلة الصغیرة والعائلة الکبیرة

بین العائلة الصغیرة والعائلة الکبیرة

والعائلة تنقسم إلی:

1: عائلة ضیقة، هی عائلة الزوجین والأولاد.

2: وعائلة وسیعة هی العائلة التی تتکون من الأبوین والأولاد والأصهار وزوجات الأولاد.

3: وعائلة أوسع هی بالإضافة إلی ما تقدم تبقی مستمرة فی السعة کالأجداد والأعمام والأخوال وما أشبه.

ولکل من الأقسام الثالثة محاسن، إلاّ أنه ورد فی الحدیث: «تزاوروا ولا تجاوروا»((1))، وذلک لأن انضمام الکل فی عائلة واحدة غالباً یؤدی إلی منافسات ومنازعات، بل بعض المفاسد الخلقیة، ولعل (خیر الأمور أوسطها) یقتضی ترجیح الثانی، بعد انصراف النص عن مثله.

وذلک لأن الأبناء والبنات لابد لهم ممن یجمعهم فی حیاتهم العائلیة، کما کانوا قبل ذلک فی بیت الأبوین، وإلاّ فکیف تعیش بنت مفردة جدیدة العهد بالزواج فی دار مستقلة، سواء کانت بنت الأبوین، أو زوجة ولدهما، فإنها تحتاج إلی مساعدة من نوع جدید فی حیاتها الجدیدة، حتی ینشأ لها الأولاد.

وکذلک بالنسبة إلی الولد المتزوج، إما أن یسکنا مع عائلة أخری غیر أبویهما، فذلک فیه أضرار الغربة، وخوف انحراف الأخلاق.

لکن اللازم لهما إذا سکنا بیت الأبوین ملاحظة عدم تسرب فساد الأخلاق بین الزوج وأخت الزوجة، وبین الزوجة وأخ الزوج.

وکیف کان،

ص:33


1- مستدرک وسائل الشیعة: ج13 ص203 ب71 ح15109.

فالعائلة عش لا للجهات الجسدیة للأولاد، بل للجهات النفسیة أیضاً، فإنهم یتعلمون من الأبوین، ویتربون بأخلاقهما وسلوکهما، ولذا کان اللازم علیهما تحسین السلوک حتی لا یخرج الأولاد منحرفین، کما أن اللازم علیهما مداراة الأولاد حتی لا یصیروا معقدین.

وفی الإسلام طائفة کبیرة من الآیات والروایات بهذا الصدد، یمکن مراجعة (حلیة المتقین) و(مرآة الکمال) و (سراج الشیعة) وغیرها للاطلاع علیها، وهی کافیة لتقویم العائلة سواء الزوجین، أو مع الأولاد، أو حتی مع الأحفاد والأقرباء الآخرین.

مرکز الثقل فی العائلة

مرکز الثقل فی العائلة

ثم الأولاد قد یضعون ثقلهم علی الأم، وقد یضعون ثقلهم علی الأب، وقد یساوون فی وضع الثقل، وذلک لعدة عوامل.

فوضع الثقل علی الأم، لأنها تدیر الاقتصاد، أو لأنها شخصیة کبیرة سواء بنفسها، أو لأجل محتدها، أو لأنها تدیر التربیة، أو لأن الأب یغیب فی تجارة أو زراعة أو صید أو ما أشبه ذلک، أو لأن الأب سجن مدة طویلة، أو لأنه مات، أو جن، أو ما أشبه ذلک.

ومنه یعلم وجه العکس بأن یوضع الثقل علی الأب، ووجه وضع الثقل علیهما.

وأحیاناً لا یوضع ثقلهم علی أی منهما، بل علی العمة أو الخالة أو ما أشبه.

ولکل قسم من أقسام وضع الثقل الأربعة قسم من الآثار، مثلاً من یضع ثقله علی الأم یتربی بتربیة النساء عاطفیاً، بالعکس ممن یضع ثقله علی الأب حیث یتربی بتربیة الرجال عقلانیاً، أما من یضع الثقل علیهما فیصبح معتدلاً، ومن یضع ثقله علی الخارج، کالعمة والخالة ونحوهما، فهو یحرم

ص:34

غالباً من نوع من العطف والعقل، ویخرج عنیفاً، أما من یضع ثقله علی مثل دار الحضانة ونحوها فغالباً ما یخرج معقداً، ولعلم النفس والتربیة بحث طویل حول ذلک.

العائلة والإنتاج الاقتصادی

العائلة والإنتاج الاقتصادی

ثم لکیفیة الإنتاج الاقتصادی أثر بین فی سعة العائلة وضیقها، فالإنتاج الیدوی زراعة أو صناعة أو ما أشبه، له تأثیر فی سعة العائلة، حیث یحتاج مثل هذا الإنتاج إلی أیاد کثیرة، لیمکن القیام بالمعاش، بینما إذا کان الإانتاج مثل الصید، والغزل بالمغزل، وتربیة الدواحن لم یحتج إلی أیاد کثیرة، فیقتنع الزوجان بأنفسهما وأولادهما لذلک.

وکذلک إذا کان الإنتاج مثل البستان، فإنه یکتفی بعائلة واحدة.

وقد زعم ستالین أن المزارع الجماعیة أدر فی الربح لکیس الدولة، فأجبر الفلاحین علی ذلک، ولم ینتج ذلک إلاّ تأخر الزراعة من ناحیة، واستشراء الفساد الأخلاقی من ناحیة ثانیة، والمقاومة الشدیدة، حتی قتل منهم أکثر من ملیون من ناحیة ثالثة.

ثم الرجل منتج طبیعی أی نوع من الإنتاج، أما المرأة فإذا کانت منتجة ارتفعت مکانتها فی العائلة، وکذا فی الاجتماع، بخلاف ما إذا لم تکن کذلک، بل بقیت مربیة وربة بیت، فإن عملها وإن کان عملاً رفیعاً، وفی المثل (التی تهز المهد بیمینها تهز العالم بشمالها) إلاّ أن الاجتماع المادی لا یعیرها تلک الأهمیة التی هی للمرأة الاقتصادیة، ولعل ذلک لأجل ما ألمع إلیه علی (علیه السلام): «احتج إلی من شئت تکن أسیره، واستغن عمن شئت تکن نظیره، وأحسن إلی من شئت تکن أمیره»((1)).

ص:35


1- انظر بحار الأنوار: ج72 ص107 ب49 ح9 عن الخصال.

وقد جعل الإسلام للمرأة مکاناً رفیعاً لم یصل إلیه الغرب حتی الحال الحاضر، حتی إنه قال بالنسبة إلی الأم: «الجنة تحت أقدام الأمهات».

وفی حدیث: إن شخصاً سأل رسول الله (صلی الله علیه وآله) إلی من أُحسن، قال (صلی الله علیه وآله): أمک، وسأل ثانیاً وثالثاً، وفی کل مرة یجیب (صلی الله علیه وآله): أمک، وفی المرة الرابعة قال (صلی الله علیه وآله): أباک((1)).

المرأة والعمل

المرأة والعمل

وفی الحال الحاضر، المرأة الموظفة التی تدر الثروة، والمرأة العاملة ولو فی الصنائع الیدویة، لها قیمة فوق قیمة العاطلة فی الاجتماع، حتی إن مهرها عند أخذ یدها أکثر من غیرها.

والعالم لم یتمکن أن یحل مشکلة المرأة فی العصر الحاضر، حیث إنها إن اشتغلت بالحمل والولادة والتربیة والأعمال المنزلیة فاتها الاقتصاد، وإن اشتغلت بالاقتصاد لم تتمکن من إدارة المنزل والإنجاب والتربیة.

والإدارة والتربیة وإن أمکنت للرجل، إلاّ أن العاطفة النسویة فی الأولاد لا تحصل بتربیة الرجال، ثم إذا وضعت التربیة علی الرجل کان خلاف قاعدة البنیة لهما حیث إن الرجل للأعمال الخشنة، والمرأة للأعمال الخفیفة.

ولعل الحل أن تقسم أوقات المرأة إلی:

1: الإنجاب والتربیة.

2: ترفیعها نفسها بالعلم والصنعة وما أشبه.

3: العمل مع مراعاة الحشمة الکاملة.

ویستعان لأجل إمکان جمع الثلاثة بالوسائل الحدیثة المسهلة، مع تقدیم الأول علی الثانی، والثانی علی الثالث، أما جعل الرجل والمرأة فی سیاق واحد فهو الظلم لها وله، مثله مثل جعل سیارة

ص:36


1- بحار الأنوار: ج71 ص49.

المسافر وسیارة الحمل فی مساق واحد.

کما أن حرمانها عن العلم والعمل، أو عن الإنجاب والتربیة، ظلم لها فی الأول، وعلی الأطفال فی الثانی.

ولذا نری أن المرأة الغربیة والشرقیة أخذتا تشتکیان حشرهن فی المعامل والأعمال الخشنة مما فوق طاقتهن، وسبب لذبول أنوثتهن، کما تشتکین من إهانة الرجل لهن، حیث إن الوضع السائد هناک عدم الاعتناء بعفتهن وبزواجهن، فقد أصبحن وسیلة رخیصة للمتعة والإعلان والدعایة، ولا تحظی کثیرات منهن بدفء البیت من جراء استغناء الشباب عنهن من ناحیة، وتحریم تعدد الزوجات من ناحیة ثانیة، حیث کثرت العوانس والأرامل من جراء عدم الزواج أو الطلاق أو الافتراق الذی یحدث لأتفه الأسباب.

مشاکل العائلة الحدیثة

مشاکل العائلة الحدیثة

ثم إن العائلة الحدیثة، لعدم تمکن العصر من وضع البرامج الصحیحة التی یکون محورها الإنسان، ابتلیت بأمور أولدت مشاکل، وهی:

1: صغر حجم العائلة _ الأبوان والأولاد الصغار غالباً _ فلا تتنعم العائلة بدفء السعة وحنان الاقرباء، وذلک لأن توجه کل واحد إلی المزید من المادة، وعدم الثقافة التی توجب ربط الأقرباء بعضهم ببعض، أوجب انفصام العائلة الوسیعة، حتی أن الأبوین یخرجان بناتهم عند الرشد عن الدار لیعملن بأنفسهن ولإعطاء إیجار المنزل لتحصیل المزید من المادة.

2: لیست الدار مرکز الإنتاج کما کان فی عصر الإنتاج الیدوی، بل کل من الأبوین والأولاد _ إذا بقوا فی البیت _ یذهب للعمل فی الخارج، والأمر إلی هنا لا بأس به، وإنما البأس فی الانفصام الحاصل من ذلک، حیث

ص:37

کثیراً ما یبقی فی الخارج أسبوعاً أو ما أشبه فی عمله، ولا یتلاقی أهل المنزل إلاّ فی أیام العطلة، وذلک یورث تقلص العاطفة والدفء، حیث إن کل صفة لم تراع تقلصت وذبلت.

3: قلّ تسلط الأبوین علی الأولاد، مما سبب عدم إمکان تربیتهما لهم، وذلک لأن الانفصام أوجب عدم تمکن الأبوین من رعایة الأولاد، وعدم الرعایة یلازم عدم التسلط.

4: وفی المقابل قلّ اعتناء الأولاد بالأبوین وعدم احترامها وجعلهما أسوة، وذلک بالإضافة إلی أنه یسبب بقاء الجمیع فی حالة ضیاع وغربة ووحشة نفسیة، یسبب عدم تربی الأولاد تربیة صالحة مما یجعلهم نهباً للوسواس والشهوات والتیارات، ولذا نجد الاضطراب الشبابیة فی کل مکان.

وعلی هذا فإن أمکن إرجاع الدفء العائلی، بالجمع بین الصناعة وبین الدار، وبین المادة والروح، لزم وضع برامج لذلک، تفادیاً عن المشاکل الحاضرة، وإن لم یمکن ولو فی الخط القریب، کان اللازم جعل برامج لحفظ الشباب عن الانزلاق وذلک یمکن ب_:

أ) تقویة الثقافة الاجتماعیة الصحیحة، حتی تستوعب الشباب أینما کانوا، لیعوض ذلک عن ما فقدوه من العائلة الصحیحة.

ب) تکوین الأحزاب والنقابات الصحیحة، لتجمع الشباب وتصرف طاقاتهم فی البناء بدل الهدم أو الضیاع.

ج) تکوین وزارة الشباب للعمل الدائب فی انتشالهم من المزالق والمهاوی.

د) تکوین المؤسسات الشبابیة لجمعهم وهدایتهم إلی الصراط السوی

ص:38

وذلک بإعطائهم حاجاتهم، وحل مشکلاتهم، والإجابة علی أسئلتهم، وصرف طاقاتهم فی المصارف الصحیحة.

5) قلّ إتکاء المرأة عل الرجل، لأن الاتکاء کان من جهة الثقافة الاجتماعیة ومن جهة الاحتیاج، وکلا الأمرین تبدلا إلی الضد، حیث إن الثقافة الحدیثة المادیة أو جبت انسیاب المرأة، کما أن الصناعة الحدیثة والنظام الحدیث أوجبا تسدید المرأة لحاجات نفسها بالوظیفة أو بالعمل الصناعی، وقد انعکس ذلک إلی قلة مبالاة الرجل بالمرأة، حیث إن الاتکاء والعطف یتقابلان زیادة ونقیصة، وهذا أوجب تحویل الدار إلی جو باهت لا تجد العائلة فیها العطف والدفء.

6) تحول قسم من أعمال الأولاد إلی خارج الدار، أخذاً من دار الرضاعة والحضانة إلی البلوغ والرشد، وذلک لأن کثرة أعمال الأبوین من ناحیة، وتأسیس المؤسسات المعنیة من ناحیة ثانیة، أوجبت أن تحول الأولاد إلی خارج الدار، وقد سبب ذلک بعض ما تقدم من المشاکل.

وتبعاً لبعض ما تقدم، وقعت العائلة فی مهب الانفصام من جهة أن المحور المادة، ومن جهة الثقافة الانفصالیة فی المجتمع، والتی منها الثقافة المارکسیة التی لا تری للعائلة احتراماً، ومن جهة اختلاف آراء العائلة فی الأمور السیاسیة ونحوها مما أوجد النزاع الدائم، ومن جهة سرعة استغناء کل من الزوجین عن الآخر، ولذا کثر الطلاق کثرة کبیرة، إلی غیر ذلک من الأسباب والمسببات.

ص:39

أسباب الطلاق

أسباب الطلاق

ثم إن الطلاق ظاهرة اجتماعیة، رافقت البشریة منذ العهود السحیقة، وکثرته وقلته تابعتان لأمور:

1: فالزواج المتأخر یوجب کثرة الطلاق، بخلاف الزواج المبکر، والسبب أن تقدم الإنسان فی العمر یعطیه طابعاً خاصاً من الکیفیة الحیاتیة، فلا یقدر من تغییر تلک الکیفیة إلاّ بصعوبة، ولذا لا یتلاءم الزوجان، بخلاف الزواج المبکر حیث یتمکنان من توفیق أخلاقهما.

2: کما أن عدم الدین یوجب کثرة الطلاق، بخلاف المتدین، لأن الدین من أقوی الحوافز علی عدم الطلاق، إلاّ لدی الاضطرار، وقد ورد: «إن عرش الله سبحانه یهتز عند الطلاق»((1))و: «إن أبغض الحلال عند الله الطلاق»، إلی غیر ذلک.

3: الاختلاط بدون الاحتشام بین الرجال والنساء یوجب کثرة الطلاق، لأن المرأة تجد أفضل من زوجها مالاً وأخلاقاً، وکذلک العکس، ولذا یقل الطلاق فی المجتمعات المحتشمة بالحجاب، بینما یکثر فی المجتمعات المنسابة.

4: مرض أحد الزوجین أو کلیهما، حیث إن الطرف الآخر یرید التخلص منه، وفی ما إذا کان کلاهما مریضاً کل یرید ذلک، إذ لا یطیق مرض الآخر زیادة علی مرض نفسه.

5: العقم یوجب کثرة الطلاق، حیث إن الأولاد من أقوی الروابط

ص:40


1- مکارم الأخلاق: ص197.

المبقیة للعلاقة بین الزوجین، وهکذا قلة الأولاد بالنسبة إلی کثرتهم، حیث الطلاق فی الأول أکثر من الطلاق فی الثانی.

6: کثرة التکالیف الاقتصادیة فی الدار، ولذا کلما تحضر الاجتماع زاد الطلاق، حیث إن الحضارة المادیة توجب التکالیف الکثیرة بالتجملات ونحوها.

وقد ورد عن رسول الله (صلی الله علیه وآله): «خیر نساء أمتی أقلهن مهراً»((1))، فإن قلة المهر بالإضافة إلی تسهیلها الزواج، توجب عدم استعلاء المرأة علی الرجل مما یؤدی إلی الشقاق، کما أن المرأة قلیلة المهر قلیلة المصرف أیضاً، بخلاف المرأة کثیرة المهر، وقد ورد استحباب قلة المهر، وأن یکون مهر السنة، وفی حدیث صحیح ذکره الکافی، ورد أن مهر فاطمة (علیها السلام) کان ستاً وثلاثین درهماً أو أقل((2))، والدرهم زهاء نصف مثقال فضة.

7: سوء خلق الطرفین أو أحدهما، فإنه ینتهی کثیراً إلی الطلاق، لعدم تحمل أحدهما الآخر، ولذا ورد فی الحدیث: «إذا جاءکم من ترضون خلقه ودینه فزوجوه»((3)).

8:عدم رعایة أحد الطرفین آداب الملامسة، فإن اللمس إحدی العوامل الجوهریة لبقاء العائلة، فضلاً عن عدم قدرة أحدهما إشباع الآخر، لنقص جنسی لمرض أو هرم أو غیر ذلک.

9: الفاصل الکبیر بین عمرهما، حیث إن الأنقص عمراً یطلب الطلاق، وینتهی أمرهما غالباً إلی الفراق.

10: عدم رضی أحد الطرفین بالزواج من الطرف الآخر، لأمر غیر عاطفی

ص:41


1- مکارم الأخلاق: ص198.
2- انظر الکافی: ج5 ص377 باب ما تزوج علیه أمیر المؤمنین فاطمة علیهما السلام.
3- الکافی: ج5 ص347.

حیث إن عدم الرضا یوجب عدم الانسجام مما یوجب الطلاق فی کثیر من الأحیان، نعم لو کان عدم الرضا لأمر عاطفی عابر، فإنه یزول بسرعة ولا یخل بموازین الانسجام.

11: الاختلاف الثقافی الاجتماعی بینهما، حیث یکدر ذلک جو التفاهم، وعدم تفاهم الزوجین من أسباب الطلاق.

12: کون الزوجین فی المدینة یوجب أکثریة الطلاق من کونهما فی القریة، إذ جوّ القریة ضاغط للانسجام، بخلاف جو المدینة الذی لیس له ذلک الضغط، ولأسباب أخر أیضاً.

13: الثقافة الاجتماعیة العامة فی تقبیح الطلاق، أو عدّه أمراً عادیاً، فإن خوف الاجتماع من ناحیة فی الثقافة المقبحة، ورسوخ القبح فی باطن الزوجین، یوجب قلة الطلاق، بخلاف العکس.

14: تبدل حال أحد الزوجین غنیً أو فقراً، أو بالصعود والنزول الجتماعی بوظیفة أو نحوها، یوجب کثرة الطلاق، حیث إن المرأة إذا استغنت تترفع علی الرجل الفقیر، ویتأنف من استغنی عن أن تکون قرینته امرأة فقیرة، وهکذا فی ترفع أو انحطاط الوظیفة ونحوها، وذلک یوجب الاقتراب من الطلاق.

بین الطلاق والزواج

بین الطلاق والزواج

ثم إنه بقدر کثرة الطلاق فی المجتمعات المتحضرة تکون قلة الزواج لعدة أسباب، من أهمها إمکان کل من الرجل والمرأة أن یرضی غریزته الجنسیة بغیر الزواج، فلماذا یتزوج ویتحمل مسؤولیة العائلة، فإن التجمل المتزاید الذی هو طابع عصر المادة، جعل مسؤولیة أصل الزواج ثم استمرار العائلة أمراً عسیراً، بقدر ما سیب العصر الحاضر کلا من الرجل والمرأة، وجعل کلا

ص:42

فی متناول الآخر، بأسهل صورة.

ولهذا السبب نفسه اعتید فی العصر الحاضر المنع عن إنجاب الأولاد إطلاقاً، أو لمدة، کما اعتید الإجهاض بکثرة لا سابقة لها، وفتحت دور البغاء والشذوذ، واعتید الاستمناء، مع أن کل ذلک لها أضرار بالغة مذکورة فی الطب.

أضرار الطلاق

أضرار الطلاق

والطلاق یسبب أضراراً بالغة مثل:

1: إشاعة عدم الاحترام فی الاجتماع، حیث إن الزوجین ومن إلیهما یأخذ فی تنقیص الآخر وذویه وذکر معایبهما.

2: تعقّد الرجل والمرأة، حیث إن الطلاق یوجب صدمة نفسیة لا تنسی خصوصاً للطرف المظلوم، والعُقَد النفسیة لها آثار سیئة منها زرع حالة الانتقام فی المعقّد، ومنها غیر ذلک.

3: ضیاع الأولاد وتعقدهم، فإنه لیس مثل عش العائلة مکاناً آخر لتربیة الأولاد، ومنعهم الصحة الجسدیة والنفسیة.

المهر بین الإسلام والمذاهب الأخری

ثم إن المهر اتخذ فی مختلف الأمم صوراً:

1) فی حین کان الرجل یعطی المهر لزوجته، باعتبار أن الرجل هو العامل الذی یحصل علی المال، والاحتیاج إلی المهر من جهة تجهیز البیت الجدید.

ص:43

2) فی حین کانت المرأة تعطی للرجل، باعتبار قلة الرجال وکثرة النساء، فکان أهلها یضطرون لجمع المال لها حتی یتمکنوا من جلب نظر الرجل، وقد کان ذلک بسبب أن المرأة هی المحصلة للمال، أما الرجل فکان مشغولاً بالحرب ونحوها.

3) وأحیاناً کان الزواج بلا مهر فی بعض الأمم، أما الأثاث المنزلیة فکل واحد منهما یأتی به حسب قدرته.

4) ولم یعهد قسم رابع، بأن یقدم کل واحد المهر للآخر، وإن أمکن ذلک من باب تبادل الهدایا.

وفی الإسلام جعل المهر علی الرجل، لما تقدم فی الأول، لکنه أکد علی تخفیفه، وقد تقدم حدیث الرسول (صلی الله علیه وآله) بشأن قلة المهر، وإن أباح الإسلام المهر بالغاً ما بلغ، حتی قال القرآن الحکیم: {وآتیتم إحداهن قنطاراً}((1))، وقد ذکر الشیخ البهائی (رحمه الله) أن القنطار ملأ جلد الثور ذهباً، أو أنه ما یکفی لکل أیام الحیاة، کأنه قنطرة یعبر علیها الإنسان.

الرجل هو القیم

الرجل هو القیم

وفی الإسلام جعلت إدارة البیت بید الرجل، فقال سبحانه: {الرجال قوامون علی النساء}((2))، وذلک لأن الدار تحتاج إلی قیم، إذ بدونه تکون فوضی، فالقیم إن کانت المرأة أوجبت الانحراف لغلبة عاطفتها، وإن کان کلاهما أوجب التنازع، فلم یبق إلاّ الرجل، وفی قبال هذا الحق کانت النفقة علیه، إذ بإزاء کل حق واجب.

ص:44


1- سورة النساء: الآیة 20.
2- سورة النساء: الآیة 34.

وبید الرجل حق الطلاق لما تقدم، نعم للمرأة أن تأخذ لنفسها حق الطلاق بحسب الشرط عند العقد.

بحث حول المتعة

بحث حول المتعة

أما المتعة، کما قال سبحانه: {فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن}((1))، فهی کالایجار، ولذا ورد فی الحدیث: «هن مستأجرات»((2)).

فکما أن فی کل شیء ملکاً واستیجاراً، فی الدکان، والدار، والبستان، والسیارة، والحیوان، کذلک فی الإنسان، لاقتضاء الضرورة فی الأسفار ونحوها، فهل تکبت الشهوة وذلک صعب جداً، أو تطلق بالزنا والشذوذ، فذلک فساد، فلم یبق إلاّ الزواج الموقت الذی هو کالدائم، وإن کان الفارق أن الدائم یقطع بقاطع وهو الطلاق، وهذا ینقطع تلقائیاً، کالملک الذی یقطع بالبیع ونحوه، والإیجار الذی ینقطع تلقائیاً.

وعدم رغبة بعض الناس فی المتعة لا یضر، فهو کعدم رغبتهم فی رجل یوقع الدائم ثم یطلق بعد ساعة، نعم تبعاً لمصلحة التوقیت صارت المتعة بدون طاعة ولا نفقة ولا إرث إلاّ بالشرط علی نحو مشروع.

الزواج من الأقارب

الزواج من الأقارب

ثم إن من الشؤون العائلیة أیضاً: صلة الرحم، حیث إن إلزامها یوجب التعاون الأکثر، بالإضافة إلی الحنین الطبیعی بین الأرحام، لما تقتضیه وحدة

ص:45


1- سورة النساء: الآیة 24.
2- وسائل الشیعة: ج14 ص446.

الدم، کما ثبت فی عالم الوراثة، وقد کانت ثقافات الأمم تختلف فی الزواج من الرحم، بین إجازة ذلک حتی بالنسبة إلی الأرحام القریبة، کزواج الأم والبنت والأخت، وبین عدم الإجازة حتی من بعداء العائلة، کبنت العم والعمة وبنت الخال والخالة.

والإسلام توسط بمنع الأول، لما فیه من الأضرار وعدم الرغبة، وإجازة الثانی لعدم المحذور، والغالب فی عالم الیوم الجنوح إلی رأی الإسلام، ورأی الإسلام هو کان دین الأنبیاء منذ آدم (علیه السلام) کما تقدم، وان کان بین الشرائع بعض الخلافات النابعة من مقتضیات الزمن، حال ذلک حال الخلاف فی بعض خصوصیات الصلاة والصیام والحج والزکاة وما أشبه.

 

نقاء المحیط العائلی

نقاء المحیط العائلی

ثم إن من أهم الشرائط العائلیة أن یتمکن الزوجان من الحفاظ علی نقاء المحیط العائلی، بالنسبة إلی أنفسهما وبالنسبة إلی الأولاد، فإن ذلک یؤمن سعادة العائلة أولاً، وسعادة مستقبل الأولاد ثانیاً.

أ) فالاختلافات الدینیة والسیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة والأخلاقیة والتربویة بین الزوجین توجب سوء الروابط بین الزوجین، مما یبدل السعادة إلی الشقاء، بل وکذا الاختلاف الکبیر بین عمرهما.

وعلاوة علی ذلک هناک أسباب توجب سوء الروابط، مثل عدم المحبة وعدم الوفاء وعدم الرحمة، وسوء الأخلاق، وشدة الکلام، والسباب، والحسد، وترجیح الزوج إحدی زوجاته علی الأخریات، والکبر، والغرور، نعدم اعتناء الزوجة بنفسها لزوجها، خصوصاً إذا کانت تعتنی بنفسها للضیوف وعند

ص:46

الخروج من الدار، وعدم الاهتمام بالأکل واللباس والنظافة، والکذب، وسوء الظن.

وهکذا شرب الخمر، واستعمال المخدرات، والکسل، والنوم الکثیر، وعدم اعتناء أحدهما بالآخر لمطالعة أو ما أشبه، واحتقار أحدهما الآخر أو عمله أو أقرباءه، والعلاقة الشدیدة بین أحدهما وبین أقربائه، وقبح أحدهما أو نقصه، وسوء تصرف أحدهما.

عدم التوافق الجنسی نفسیاً، أو جسدیاً، أو عملیاً، وموضعاً، فإن کل واحد من الزوجین له فلسفة خاصة فی الممارسة، إذا لم توافقها فلسفة الآخر ینتهی إلی السوء الجنسی فسوء العلاقة، وکذلک فی الاختلاف الجسدی، بأن کان أحدهما بارداً والآخر حاراً، والاختلاف العملی عند الملامسة.

وکذلک عدم التطابق الموضعی، وإن کانت الفلسفة والجسد حرارة وبرودة متقاربین، وکان العمل حسب الموازن الصحیحة.

ویلحق بذلک الفقر والمرض فی الموضع.

ثم اللازم للزوجین علاج ما یمکن علاجه، من تقویم الأخلاق، ومن مراجعة الطبیب الجسدی والنفسی، ومن تقویة الإطارات التی یتمکنان من العیش فیها بسلام، وإلاّ فیکثر بین الأزواج سوء الأخلاق، مما ینتهی بالعائلة إلی الشقاء، وکثیراً ما إلی الطلاق.

وعائلة کل واحد من الزوجین لها علاقة کبیرة بإساءة المحیط العائلی أو تحسینه، کما أن أصدقاء کل منهما له نفس الأثر، وعلیه یکون اللازم علی الأقرباء أن یراعوا الله فی حفظ المحیط وتحسینه، وکذلک بالنسبة إلی الأصدقاء.

والاختلاط بین الجنسین، وکذلک الثقافة العامة المنحرفة، لهما أثرهما

ص:47

الکامل فی إسائة المحیط، کما مر تفصیلهما فی أسباب الطلاق، وبالعکس جو الحشمة والثقافة العامة المستقیمة لهما تأثیر فی تحسین المحیط العائلی.

ومن الجدیر تأسیس المؤسسات لتکثیر ولتحسین الروابط العائلیة، کجمعیات خیریة لها فروع، فرع لتزویج العزاب، حتی المطلقات والأرامل، والمطلقین ومن ماتت زوجته مثلاً، وفرع سد حاجات العائلات، من الحوائج اللازمة، مع عدم تمکن العائلة من سدها بنفسها لأمور اقتصادیة أو غیرها، وفرع التقریب بین وجهات النظر المختلفة وعلاج الأمراض النفسیة والجسدیة الممکن علاجها، بما یسبب تبدیل الشقاء والتعاسة إلی الهناء والسعادة، ویقوم هذا الفرع أو فرع آخر بالإرشادات العائلیة بالنسبة إلی الزوجین والأولاد والأقرباء، إلی غیرها من الفروع.

العائلة والتربیة السلیمة للأولاد

العائلة والتربیة السلیمة للأولاد

ب: العائلة یجب أن یکون محیطها بحیث یمکن تربیة الأولاد تربیة صحیحة بحیث یتخرج فیه الأولاد.

1: سالمین من حیث الجسم.

2 : ومن حیث العقل.

3: ومن حیث العاطفة، فإن سعادة الزوجین فقط لا تؤثر فی سعادة الأطفال، وإن کانت سعادتهما من شرائط سعادة الأطفال، إذ الدار التی فیها الشقاق والتضارب لا تتمکن أن تربی أولاداً صالحین.

کما أنه تقدم أن الطلاق یؤثر تأثیراً کبیراً فی مستقبل الأولاد، وإن لم یؤثر فی صحتهم الجسمیة، وإن کان هناک فرق کبیر بین أن یقع الطلاق فی حال

ص:48

صغر الطفل، وفی حال کبر الطفل، فإن حال الصغر أقل تأثیراً فی نفس الطفل وعقله.

کما أن هناک فرقاً کبیراً أیضاً بین أن یتشتت أمر العائلة بالطلاق، بحیث یکون الطفل بعد الطلاق عند أحد أبویه، أو عند غیرهما، حیث یؤثر ذلک فی الطفل تأثیراً کبیراً، وبین أن یکون البیت واسعاً یسع الأجداد والأعمام والأخوال، بحیث لا ینهدم عش الطفل بالطلاق، وإنما یؤثر الطلاق فی حیاة الزوجین، بأن یفترقا فی الغرفة فقط مثلاً، فإن مثل هذا الطلاق أقل تأثیراً فی حیاة الطفل من القسم الأول.

وعلی أی حال، فالدار المتزلزلة لا تتمکن أن تربی الطفل السلیم، وأقل ذلک أن لا یتمکن الطفل إذا کبر من المعایشة السلیمة مع الناس، حیث امتزجت نفسه بالمضادة والصخب والمنافرة.

واللازم بالإضافة إلی هدوء العائلة الصغیرة (الأبوین) هدوء العائلة الکبیرة (الأجداد والأعمام والأخوال) إذا کان الطفل یعیش فی عائلة کبیرة، إذ الطفل کالشریط یأخذ ما یجری حوله من الأحداث، فإذا کان بین الجد والجدة، أو بین العم والأب، أو بین الأم والخالة وما أشبه، شجار ومنافرة ونزاع، أثر ذلک فی مستقبل الطفل.

وقد ذکر بعض علماء النفس أن مخ الطفل من أول یوم ولادته یسجل کل ما حوله من الأحداث، ویؤثر ذلک فی لا وعیه، مما یعطیه لوناً فی حال کبره، ولعل ذلک سبب تأکید الشارع علی الأذان فی أذنه الیمنی، والإقامة فی أذنه الیسری، وغیر ذلک.

تأهیل الطفل للمستقبل

تأهیل الطفل للمستقبل

واللازم تربیة الطفل تربیة تؤهله للمستقبل:

ص:49

1: بملاحظة صحته الجسدیة، بعدم سوء التغذیة وعدم ترکه وشأنه معرضاً للأخطار، وعلاجه بمجرد إصابته بمرض، ووقایته عن الأمراض المحتملة، فربما سبب الأهمال فی الجملة تحطم مستقبل الطفل الصحی.

2: وصحته العقلیة، بأن لا یصیبه خلل حتی لا یتمکن من تقییم الأشیاء حسب موازینها الطبیعیة، وإنما ینشأ منحرف الفکر کثیر التردد، أو کثیر الجزم، فإن الطفل إذا عاش فی جو الشک والریب، أو فی الاعتباط فی الحکم علی الأمور خرج کذلک، مما یفسد مستقبله.

3: وصحته العاطفیة، بأن لا یکون جامد العاطفة، أو سیال العاطفة، فإن الطفل الذی یری عطوفة زائدة، أو خشونة زائدة، یربی علی ذلک، فینضح منه ما غرس فی عقله الباطن، من الخشونة والانسیاب بما لهما من الآثار السیئة حتی فی معاملته مع نفسه، حیث إن معاملة الإنسان مع الناس ومع نفسه تنشئان من منبع واحد، ولذا نجد أناساً یتشددون حتی علی أنفسهم، وآخرین یعطفون عطفاً متزایداً حتی علی أنفسهم، وکلا الأمرین نوع من المرض النفسی والانحراف الخلقی.

صحیح أن ذلک لیس علة تامة علی اصطلاح الحکماء، إلاّ أنه مقتض، وللمقتضی آثاره، ولعل ما ورد من أن أبناء الإنسان یتعاملون معه کما تعامل مع آبائه ینشأ من ذلک، حیث إنه کیف ما عامل أبویه انطبعت تلک الحالة فی ذاته مما یتخلق بها، فالأبناء یتأثرون بخلقه ویردون ذلک الخلق إلی نفسه، هذا بالإضافة إلی التأثیر الغیبی.

وعلی کلا الأمرین یحمل ما ورد من أنه (کما تُدین تدان) فإن عمل الإنسان وفکره وقوله نواة یزرعها، فکیف ما زرع أخذ الثمر، وفی المثل (لا یجتنی الجانی من الشوک العنب)، وقد قال القرآن الحکیم:

ص:50

{ومثل کلمة طیبة کشجرة طیبة}((1))، {ومثل کلمة خبیثة کشجرة خبیثة}((2)).

التربیة بین الأفراط والتفریط

التربیة بین الأفراط والتفریط

والطفل الذی لم یتوجه إلیه توجهاً کافیاً من ناحیة الأبوین، یکون فی مستقبل عمره سیء العمل، ویفرط فی الخشونة مع أولاده ومع غیرهم، کأنه یرید بذلک ملأ فراغه النفسی، حیث یحس بعدم الأمن وبالخطر المطارد له.

بینما إذا توجه الأبوان إلیه برعایة زائدة عن الحد، یصبح الولد مهزوز الشخصیة، ومتزلزل الإرادة، ولایتمکن من الاستقامة فی مستقبل أمره، وغالباً ما یکون مثل هذا الشخص عاطلاً، ولا یتمکن من التقدم.

أما الأبوان المعتدلان فی التربیة بلا مسامحة، ولا إفراط، بدون عصبیة ولیونة، فهما یهیئان المناخ الملائم لنمو الطفل نمواً صحیحاً خالیاً عن التعقید والانفلات.

بل الأطباء یقررون أن کلاً من التشدید والتساهل فی أمور الطفل الجسدیة یسبب له أمراضاً مستقبلیة، فتجنیبه الحر والبرد وحفظه عن المآکل المتعارفة إلی المآکل اللذیذة یسبب له أمراضاً، کما أن عکسه بعدم الاعتناء بأکله ولباسه ونظافته ونومه ووقایته عن الحر والبرد المتناهیین، یسبب له نوعاً آخر من الأمراض.

وقد ورد فی الحدیث: «خیر الأمور أوسطها»((3)).

وفی الآیة الکریمة: {وکذلک جعلناکم أمة وسطاً}((4)),

وقد قرر علماء الأخلاق لزوم التوسط، وإلاّ کان سوءاً،

ص:51


1- سورة إبراهیم: الآیة 24.
2- سورة إبراهیم: الآیة 26.
3- الکافی: ج6 ص540.
4- سورة البقرة: الآیة 143.

مثلاً الإفراط والتفریط فی الکرم والشجاعة، بخل وإسراف، وجبن وتهور، وهکذا.

المساواة بین الأطفال

المساواة بین الأطفال

وکذا یجب أن یلاحظ بالنسبة إلی الطفل عدم ترجیح غیره علیه، فإذا کان له طفلان ساوی بینهما، وإن لم یساو أورث تعقیداً بالنسبة إلی کلیهما، سواءً المرجح أو المرجح علیه، ولو کان أحدهما أذکی أو أکثر عملاً أو ما أشبه لزم أن یکون التشویق فی غیبة الآخر، حتی لا یوجب للمرجح دلالاً، وللمرجح علیه حقداً وعقدةً.

بل ورد فی الحدیث أن رسول الله (صلی الله علیه وآله) کان یبدؤ فی تقسیم الشیء بالصغار، حیث إنهم أرق نفساً فلا یتحملون التأخیر مما یتحمله الأکبر فالأکبر، فیوجب تقدیم الأکبر صدمة نفسیة للأصغر.

کما أن اللازم مراعاة مشاعر الطفل، فهو لیس کالکبیر یتحمل ما یتحمله الکبیر.

وکذلک یلزم أن یعطیه الأبوان الشخصیة والسمو، فإن ذلک یطبع الرفعة عن الدنایا فی نفسه، حیث إنه قد قرر فی علم النفس أن من طبیعة الإنسان أنه لا یرید أن یخیب ثقة الإنسان الذی وضع ثقته فیه، وذلک یحفز علی العمل الدائب، والارتفاع عن ارتکاب الدنایا، بل ذلک حالة الکبیر أیضاً فی أنه لا یرید تخییب ثقة من وضع ثقته فیه.

التقدم العلمی فی خدمة العائلة

التقدم العلمی فی خدمة العائلة

ثم إنه بعد أن تحطمت آراء مارکس وفروید ودارون ومارکوز وأشباههم علی صخرة الواقع، وأعطی العلم کشوفاً جدیدة وتسهیلات کبیرة، وتقدم

ص:52

علم الاجتماع وعلم النفس وعلم التربیة و... أخذت العائلة فی التحسن، مما ظهر بعض آثاره فی الحال، وستظهر آثاره الآخری فی المستقبل، إن لم تصادف البشریة انتکاسة جدیدة، کانتکاستی الرأسمالیة والشیوعیة فی القرنین الأخیرین.

والتحسن:

1) فی علاقة العائلة بین الزوجین، وبینهما والأولاد، حیث یکون العطف الأکثر والألفة والمحبة والتعاون الأوفر، وتقوی الروابط بین الأقرباء من جهة التسهیلات.

2) وسیکون الشمل أجمع، فإن تبدد شمل العائلة أو الأقرباء کان ولید تحول المحوریة عن الإنسان إلی المادة، وحیث ظهرت مفاسد ذلک أخذت المحوریة تتحول إلی الإنسان، وبذلک ستنظم الحیاة علی محوریة الإنسان، وهو ملازم لتجمع الشمل بما لا ینافی الصناعة والکشوفات الحدیثة، بل الصناعة تزید من تجمع الشمل، لإمکان اتصال بعضهم ببعض حتی فی الغیاب بسبب التلفون وغیره، ویمکن قطع الغیبة الطویلة بالأسفار السریعة، إلی غیر ذلک من الأمثلة.

3) کما سیصبح الرفاه أکثر، بسبب وسائله، من ثلاجة وغسالة وإنارة ومدفئة ورادیو وتلفزیون ووسائل طبخ وتنظیف وتجمیل وغیر ذلک، بل ستکون البیوت قابلة لتجدید المکان وتجدید وضع الغرف وهندستها، وتجدید ألوانها ومزایاها، وکذلک الحال فی الشوارع والمدن والجامعات والسیارات وغیرها، مما یخرج الإنسان عن الرتابة المملة، انظر کتاب (صدمة المستقبل).

4) وکذلک بالنسبة إلی تربیة الطفل، فإنها تتحسن بسبب روضة الأطفال والمدارس والجامعات، حیث یواجه الأساتذة والأخصائیون الأطفال بما

ص:53

یربیهم تربیة صحیحة، وحتی الملاعب والألاعیب أخذت تتوجه إلی حالة تعلیمیة وتوجیهیة، مما یساعد فی تربیة الطفل وتنمیته العقلیة والعاطفیة.

واللازم فی تربیة الأطفال أمران:

أ: جعلهم صالحین لیتمکن من الکفاح فی حیاة کثیرة الالتوءات والانعطافات، فمن لا یعرف سبل مثل هذه الحیاة سیسقط عاجلاً أو آجلاً.

ب: تأهیلهم للحیاة المستقبلیة، لأن الزمان یسیر بسرعة، وإلاّ کان کمن ربی أولاده لحمل السیف، بینما المستقبل لا یفیده إلاّ البندقیة.

5) کما أن صلوح المعلمین إذا رافقه البلاغ الحسن والأسوة الحسنة، یؤثر تأثیراً کبیراً فی إصلاح العائلة ورفاهها وتحسین التربیة، وذلک صار أکثر إمکاناً بسبب الوسائل الحدیثة، وزوال کثیر من التعصبات، وظهور فلسفة جملة کبیرة من الأحکام بسبب الاکتشافات الحدیثة.

تحول الشؤون العائلیة إلی الخارج

تحول الشؤون العائلیة إلی الخارج

ثم إنه قد تحول الاقتصاد والتعلیم والتربیة والاکتفاء الذاتی وتربیة الدواجن وزواج الأولاد وما أشبه من العائلة إلی الخارج، حیث إن الوحدة الاقتصادیة التی کانت تتم فی الدار بالغزل والنسج ونحوهما، تحولت إلی المعامل والمصانع.

کما تحول تعلیم الاطفال وتربیتهم إلی المدارس والروضات وغیرهما.

والعائلة کانت تخبز وتعجن وتطحن وتنسج وتهیؤ کثیراً من لوازم البیت فی نفس البیت، بینما تحّول کل ذلک فی العصر الحاضر إلی الخارج، وتربیة الدواجن أعطیت إلی الحقول، والأبوان لا یکلفان فی الحال الحاضر بتزویج الأولاد، وإنما نفس الأولاد هم الذین یختارون لأنفسهم زوجاً أو

ص:54

زوجة حسب صداقة فی المدرسة أو غیرها.

وتلک الأمور بعضها حسنة یورث السعادة والرفاه، وبعضها سیئة یورث الشقاء والوحشة، واللازم علی المصلحین أن یهتموا لتمییز الصالح من الفاسد، وتنظیم الاجتماع بحیث یجمع بین الرفاه النفسی والجسدی، وبین الصناعة والتقدم، ولا یمکن ذلک إلاّ بعد تنقیة الاجتماع من:

1: استغلال المال.

2: واستبداد الحکم.

3: واحتکار العلم.

فإن هذه الثلاثة رأس المفاسد، وبدون تنقیة الاجتماع عنها لا یمکن الإصلاح الشامل، وإن أمکن بعض الإصلاحات الجزئیة، إلاّ أنها لا أهمیة لها، نعم المیسور لا یترک بالمعسور، وما لا یدرک کله لا یترک کله.

الإرث فی الإسلام

الإرث فی الإسلام

بقیت کلمة أخیرة فی باب العائلة، وهی أن أحدهم إذا مات ورثه الآخرون، وفی منطق الإسلام ذلک للأقرب فالأقرب، حسب مناهج مفصلة فی الفقه.

وفی الإرث _ بصورة عامة _ قد یتساوی الرجل والمرأة، کما فی أقرباء الأم.

وقد تتفاضل المرأة علی الرجل، کما إذا مات جدّ له ابن بنت وبنت ابن، حیث یکون نصیب البنت ضعف نصیب الابن.

وقد یکون العکس، کما فی الأولاد والزوجین، حیث البنت وکذا الزوجة غالباً ترثان نصف نصیب الزوج والابن.

وکل ذلک لفلسفة دقیقة ذکرت فی الکتب الإسلامیة.

ص:55

الدین

اشارة

الدین

(مسألة 35): إذا رأی الإنسان شیئاً یدل علی العلم والقدرة والحکمة انتقشت فی ذهنه ثلاثة أسئلة:

من أوجده، وما عمله، وماذا یکون مصیره؟

وهذه الأسئلة الثلاثة تنتقش فی ذهن کل إنسان ینظر إلی الکون، حیث کل شیء فیه آثار العلم والقدرة والحکمة، فمن أوجده، وما هو تکلیف الإنسان فی هذا البحر الهائج الممتد من الکون فی کل جوانبه، وإلی ماذا یکون مصیر الإنسان.

والجواب الصحیح علی هذه الأسئلة، هو ما یسمی بالدین، فالموجد عالم قادر حی حکیم مرید، ولابد أن یکون جعل للإنسان منهاجاً إذا سار علیه سعد، کما أنه لابد وأن یحاسب کما یحاسب کل عاقل عماله مرؤوسیه، وإلاّ کان خلاف المصلحة.

وحیث یدل الدلیل علی أنه لا یمکن أن یکون المبدأ غیر الله، یذعن الإنسان بوجوده، وحیث إنه یلزم الحساب ولا حساب فی الدنیا، فلابد وأن یکون هناک یوم حساب هو القیامة، وحیث إنه لابد من منهج فلابد وأن یکون رسول یبین ذلک المنهج، وکتاب فیه ذلک منهج، مثل صانع معمل دقیق حیث یجعل مهندساً یعرف تفاصیل المعمل، وکتاباً یبین خصوصیاته ومزایاه ویرجع إلیه لدی الحاجة.

ص:56

موقف المستغلین تجاه الدین

موقف المستغلین تجاه الدین

وأمام هذه الحقیقة جاء المستغلون، وانقسموا إلی ثلاثة أقسام:

1: من تمکن من أن یستغل الناس بدون الاحتیاج إلی جعل إله مکان الإله الحق، وأمثال هؤلاء أنکروا وجود الإله رأساً، وأخذوا یستغلون الناس باسم أن لا إله.

ونماذجهم فی العصر الحاضر (لینین) و(ستالین) و(ماوتسی تونغ)، فهم رأوا إمکان التسلط علی الناس والدیکتاتوریة، بدون الاحتیاج إلی إرضاء فطرة الناس، وقد جعلوا من أنفسهم أشباه آلهة فی إخضاع الناس بالقوة.

2: من تمکن من أن یجعل من نفسه إلهاً، بعد أن لم یتمکن من نزع فطرة الناس، وهؤلاء جعلوا من أنفسهم آلهة، حتی یستثمروا بدون مزاحمة حق الله سبحانه، فالإله هم بأنفسهم، ونماذجهم فی العصر السابق: فرعون ونمرود، إذ قال الأول: {یا أیها الملأ ما علمت لکم من إله غیری}((1))، وقال الثانی فی جواب إبراهیم (علیه السلام): {ربی الذی یحیی ویمیت}: {أنا أحیی وأمیت قال إبراهیم فإن الله یأتی بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذی کفر}((2)).

3: من لم یتمکن أن یجعل من نفسه إلهاً، بعد أن لم یتمکن من نزع فطرة الناس، وهؤلاء توسلوا بمختلف الوسائل لاستغلال الناس.

أ: تارة بالسحر والکهانة والعرافة، حتی یقولوا للناس: نحن متصلون

ص:57


1- سورة القصص: الآیة 38.
2- سورة البقرة: الآیة 258.

بالإله، ویستثمروا الناس باسمه.

ب: وتارة بنحت الأصنام وجعل أنفسهم سدنتها، لیستدروا من الناس الأموال وغیرها، وهؤلاء قسم منهم اعترفوا بالإله الحق مع جعل الأصنام شرکاء له، أمثال مشر کی مکة، ولذا کانوا یقولون: {مانعبدهم إلاّ لیقربونا إلی الله زلفی}((1)).

ج: وتارة أنکروا وجود الإله الحق إطلاقاً، وجعلوا أصنامهم آلهة علی اختلاف جعلهم للإله من ذکر وأنثی وغیر ذلک، انظر (الأصنام) للکلبی.

وکل هؤلاء الأقسام المستغلون للناس بإنکار الإله، أو بإثباته شریکاً أو صنماً محضاً یشترکون فی:

1) عدم الدلیل لما زعموه، ولذا لا تجد لهم حتی دلیلاً واحداً.

2) مزج عقائدهم بالخرافات أمثال الطوطم، والوالد للإله، وأن الملائکة بنات الله، والأوراد والأعمال السحریة، وأن العالم لم یزل شعلة، وصحة التناقض، وأن مسیر التاریخ الاقتصاد، وإلی غیرها من الخرافات.

فقدان الدین ینتج الخوف والقلق

فقدان الدین ینتج الخوف والقلق

وحیث إن عدم الإله، أو وجود الإله المزیف شریکاً مع الإله الحق أو وحیداً فی المیدان، لا یمکن أن یملأ فطرة الإنسان التی تطلب الحق والأمن فی ظل ذلک الحق، امتلأ العالم _ قدیماً وحدیثاً _ بالخوف والقلق، وقد نسب کل طائفة عدم الأمن إلی سبب خاص.

أ) فجماعة قالوا بأن عدم الأمن ناش عن ضعف الثقافة، فإذا تثقف

ص:58


1- سورة الزمر: الآیة 3.

الاجتماع رجع إلیه أمنه، لکن لماذا لا نری الأمن عند المثقفین أیضاً.

ب) وتولستوی وآخرون قالوا: بأن عدم الأمن ولید الفقر الروحی، فإذا غنی الروح تبدل القلق إلی الأمن، لکن السؤال هو ماذا یقصد بالفقر الروحی، وبالغنی الروحی.

ج) وجاء فروید لیقول: إن عدم الأمن ناش من کبت قضایا الجنس، فإذا تمکنا من إطلاق سراح الجنس ذهب عدم الأمن.

وفیه:

أولاً: هل إن المکبوت غریزة واحدة، أو عدة غرائز، مثل کبت غریزة الشهرة والمال و...

وثانیاً: فلماذا یجد من أطلق سراح جنسه عدم الأمن أیضاً.

د) ومار کس وأتباعه نسبوا عدم الأمن إلی الاقتصاد الطبقی، فإذا أمکن تحویل الاقتصاد إلی ید الدولة ذهب عدم الأمن.

وفیه:

أولاً: هل إن الناقص عند الإنسان الاقتصاد فقط، حتی إذا عدل تنتهی المشکلة.

وثانیاً: فلماذا عدم الأمن فی روسیا وبلاد الشیوعیة، بعد أن تحقق حکم مارکس، بل حس الإنسان الذی یعیش تحت ظل ذلک النظام بعدم الأمن أکثر.

ه_) أما الذی یمکن أن یکون سبب عدم الأمن بنظرنا، فهو عدم الدین عقیدةً عند کثیرین، وتطبیقاً عند آخرین، فإن الدین عقیدة یملأ الفکر، فلا یبقی مجال فارغ حتی یشعر الإنسان بعدم الأمن الفکری، وقد عرفت أن المبدأ والمعاد والرسالة أمور فطریة، لدی أقل التفات إلی البرهان القائم علی تلک، أما العدل فهو امتداد للمبدأفی قبال من أنکره بحجة غیر تامة، والإمامة امتداد للرسالة، دل علیه العقل والنقل، انظر کتاب (الألفین) للعلامة الحلی (رحمه الله) وغیره.

ص:59

کما أن الدین شریعة تملأ الحیاة، فی عباداته ومعاملاته، وأحواله الشخصیة وعقوباته وقضائه وغیر ذلک، فلا یبقی مجال للفراغ الموجب للحس بعدم الأمن، وکذلک الدین یملأ فراغ السیاسة والاقتصاد والاجتماع وغیرها، ویعطی إجابة لکل الأسئلة، ویعطی کل حاجة، فأین بعد ذلک الفراغ الموجب لأن یحس الإنسان بعدم الأمن.

وقد کرر القرآن الحکیم الإشارة إلی ذلک، قال سبحانه: {أولئک لهم الأمن}((1))، وقال تعالی: {ألا إن أولیاء الله لا خوف علیهم ولا هم یحزونون}((2))، وقال سبحانه: {ألا بذکر الله تطمئن القلوب}((3))، إلی غیرها من الآیات، وحتی أنه ذکر الإسلام مناهج تورث الأمن لغیر الآمن، من صبر وثبات وإقدام وکفاح وغیر ذلک.

سبب تخلف المسلمین

سبب تخلف المسلمین

ویبقی السؤال لماذا نجد المسلمین متخلفین إذا کان دینهم بهذه المثابة.

والجواب: إن المریض الذی لا یستعمل دواء الطبیب الحاذق لا یشفی، لا أنه لم یجد الدواء، وإنما لأنه لم یستعمل الدواء، فقد ترک المسلمون الإسلام فی جملة من بنوده، ولذا أحسوا بعدم الأمن، وحاق بهم سیئات ما عملوا، وقد حذرهم وغیرهم القرآن الحکیم من ذلک.

حیث قال: {ومن أعرض عن ذکری فإن له معیشة ضنکاً}((4)).

وقال تعالی: {استجیبوا لله وللرسول إذا دعاکم لما یحییکم}((5)).

ص:60


1- سورة الأنعام: الآیة 182.
2- سورة یونس: الآیة 62.
3- سورة الرعد: الآیة 28.
4- سورة طه: الآیة 124.
5- سورة الأنفال: الآیة 24.

فلم یستجیبوا وکان الموت والمعیشة الضنک.

هل ولی عصر الدین

هل ولی عصر الدین

وما یشاهد من تأخر الدین فی العوالم الثلاثة، الغربی والشرقی والإسلامی، لم یکن لأن عصر الدین ولی کما یزعمه المادیون، بل بالعکس لأن جملة من حملة الدین ولی عصرهم لسوء تصرفهم، فإذا أساء جملة من الأطباء التصرف مما سبب رغبة المرضی عنهم فهل ذلک لأن عصر الطب ولی، أو لسوء تصرف الأطباء، وهل یعقل أن یولی عصر الطب.

إن الکنیسة أساءت التصرف إساءة بالغة، فانصرف الغرب عنها، وقصص محاکم التفتیش وإحراق العلماء وغیر ذلک شاهدة علی ما نقول، ولما وقع العالم فی الرأسمالیة نجم الانحراف الذی أوقع الناس فی الشیوعیة، انفلاتاً عن دین قیصر روسیا ورأسمالیة التجار المنحرفین المتحالفین مع قیصر، وقد زعم رافضو الدین فی الغرب والشرق أنهم ینالون خیراً من ذلک، لکنهم وقعوا فی الأسوأ، فلا رأسمالیة الغرب ولا اشتراکیة الشرق سببت لهما الأمن.

هذا بالإضافة إلی أن دین المسیح (علیه السلام) صار منحرفاً، وقد انقضی زمانه مما لم یکن ینفع فی إدارة أمور الحیاة، وأی دین هذا الذی تتعقد عقیدته بالتوحید والتثلیث فی آن واحد، إلی غیر ذلک من تعقیدات العقیدة، وما هذا الدین الذی لیس له مناهج للحیاة، بل یدعو إلی الظلم، فیقول: (دع ما لقیصر لقیصر، وما لله لله).

کما أن المسلمین أساؤوا التصرف، مما سبب ضعف بلاد الإسلام، فسلط الله علیهم أعداءهم، وقد قال سبحانه: {بعثنا علیکم عباداً لنا أولی بأس شدید

ص:61

فجاسوا خلال الدیار وکان وعداً مفعولاً}((1))، إلی أن یقول: {إن أحسنتم أحسنتم لأنفسکم وإن أسأتم فلها}((2)).

المستقبل للإسلام

المستقبل للإسلام

وحیث قد عجز الإنسان عن القوانین الوضعیة من ناحیة، ومن الإلحاد من ناحیة ثانیة، ومن المادیة من ناحیة ثالثة، أخذ یتوجه إلی الدین، مما یحتم أن یکون المستقبل للدین، والإسلام بصورة خاصة، حیث یعطی متطلبات الإنسان فی أنظف إطار، له المستقبل الزاهر، لکن یشترط أن یعرضه القائمون علیه عرضاً صحیحاً مناسباً للعصر الحاضر.

والمراد بالمناسب للعصر الحاضر کون الحلول للمشاکل یناسب عصر الصناعة، إذ کلیات الدین قابلة الانطباق لکل عصر ومصر.

مثلاً فی الإسلام الحریة، وفیه الاختیار للحاکم،وفیه الفقیه الذی هو قمة الحکم، وفیه الاقتصاد والاجتماع السلیم، وفیه خدمة الناس، فاللازم أن تنظم الحریات بحیث یکون کل أحد حراً فی جمیع أموره باستثناء المحرم، ومن المحرم إضرار نفسه وإضرار الآخرین، وأن تجعل الأحزاب السیاسیة فی إطار القوانین الإسلامیة، مما لهم الحق الکامل فی اختیار الحاکم المؤهل للحکم، وأن یجعل شوری المراجع الفقهاء ممن یقلدهم الأمة، حیث یسیرون الدولة بأکثریة الآراء، ویکونون هم السلطة العلیا للدولة، حیث یکون تحت نظرهم السلطات التنفیذیة والتشریعیة _ أی

ص:62


1- سورة الإسراء: الآیة 5.
2- سورة الإسراء: الآیة 7.

التطبیقیة _ والقضائیة.

وأن یعدل الاقتصاد والاجتماع، حتی لا یکون استغلال الإنسان للإنسان بالأسلوب الرأسمالی، أو الشیوعی، أو الاشتراکی، أو التوزیعی، وحتی یکون الاجتماع سلیماً فی أسلوب العائلة، وارتباط الأحزاب والمنظمات بعضها ببعض، وکذلک بالنسبة إلی سائر الأمور الاجتماعیة من المعاملات وغیرها، إلی غیر ذلک من المناهج اللازمة، مثل کیفیة معاملة الأقلیات، والترابط بین دولة الإسلام وبین سائر الدول.

وحینذاک، لا یکون استعمار بمختلف أشکاله، العسکری والفکری والثقافی والاقتصادی والسیاسی، فلا قواعد ولا أحلاف فی بلاد الإسلام، کما لا تسلط لعسکر المستعمر علی بلاد الإسلام بالغزو، ولا تشتت، ولا فرقة، بل دولة واحدة ذات ألف ملیون مسلم، ولا اتجاه فکری مستورد عن بلاد الاستعمار، کما هو الحال، حیث إن الشباب الذین یذهبون إلی بلاد الاجانب یأتون بالأفکار الاستعماریة فی کیفیة إدارة أمورهم الشخصیة والاجتماعیة والسیاسیة وغیرها.

ولا تکون الثقافة فی المدارس والمعاهد والإعلام علی وفق الثقافة الاستعماریة کآراء دارون، ومارکوز، ومارکس، وفروید، وسارتر، ودرکایم، وغیرهم.

ولا یکون الاقتصاد نظم علی نحو الرأسمالیة الغربیة أو الشیوعیة الشرقیة أو ما أخذ منهما من الألوان، بل اقتصاد إسلامی مما یجعل المال مقابل خمسة أشیاء: (العمل، والفکر، والمواد، والشرائط، والعلاقات الاجتماعیة)، وحینئذ لا یکون استغلال الدولة للإنسان کما فی الشیوعیة، ولا الرأسمالی للإنسان کما فی الرأسمالیة، ویکون سائر المعاملات علی طبق النظام

ص:63

الإسلامی.

ولا تکون السیاسة حسب رأی الشرق الدیکتاتور، ولاحسب رأی الغرب الذی:

1: یقنن القانون.

2: ویسیطر رأس المال علی الانتخابات بإعلامه وبجماعاته الضاغطة، وبغیر ذلک.

3: ویکون الناس خارجین عن المیدان المرتبط بهم، بعد انتخاب النائب انتخاب رئیس الجمهور، بل إذا شاؤوا أخذت آراؤهم فی کل قضیة مهمة.

وقد ذهب بعض علماء الاجتماع إلی أن الکیفیة أن یجتمع الناس کل شهر مرة مثلاً فی حلقات خمسمائة مثلاً، لیدلوا بآرائهم فی القضایا المهمة، بعد أن ینظم أهم الأمور التی لها مدخلیة فی القضیة جماعة من الحیادیین، فیکون المجلس مقیداً یأخذ أکثریة هذه الآراء لا کیفما شاء المجلس بنفسه، ولا بأس بذلک إذا عدل بما یطابق الصیغة الإسلامیة، فالحکمة ضالة المؤمن یأخذها أین وجدها.

4:  ولا یکون للطفل حق الانتخاب، عکس الإسلام الذی یعطی حتی للنساء والأطفال حق الانتخاب إذا شاءت النساء، وشاء أولیاء الأطفال، لأن المنتخب یتصرف فی شأن الطفل، فإذا شاء ولیه جعل له صوتاً أیضاً، یؤدیه هو بالوکالة عن الطفل.

وبذلک ترجع إلی الإنسان إنسانیته، وتصرف المواد فی مصارفها اللائقة، ویذهب القلق ویأخذ الأمن مکانه، ویکون بلد الإسلام أسوة عملیة لسائر بلاد العالم فیأخذون منه، کما أخذوا منه عند ظهور الإسلام، وینعدم الفقر والجهل

ص:64

ویتقلص الإجرام والمرض إلی اقصی حد ممکن، والله القادر المستعان.

ویجب أن ینظم المتدینون أنفسهم حتی یستوعبوا کل الحیاة، فلا یجد الانحراف الرأسمالی أو الدیکتاتوری أو ما أشبه سبیلاً لیأخذ فی التخریب، کما وجد الانحراف الشیوعی والقومی والبعثی والوجودی وما أشبه، إلی قلوب الشباب منفذاً، فخرب تخریباً لا مثیل له.

فاللازم تنظیم کل شیء دینیاً ودنیویاً، من الروضة إلی ما بعد الجامعة، ومن الثکنة إلی ساحة المیدان، ومن الزوجین إلی العائلة الکبیرة، ومن الأعمال الفردیة إلی المؤسسات الکبیرة، وهکذا.

کما أن المهم تنظیم أمور النساء بحیث یقدرن أن یدخلن کل میدان یصلح لهن، سواء فی السیاسة  _ غیر الإمارة والقضاء _ أو الثقافة، أو الصناعة، أو التجارة، أو الزراعة، أو الإدارة، أو الوظیفة أو غیرها.

ویجب أن یکون التنظیم الدینی الدنیوی غیر ضار بالحریة، لأن الأصل فی الإنسان الحریة، فالناس مسلطون علی أموالهم وأنفسهم، ثم تأخذ سائر الأمور بعد ذلک مجراها، ولا یتوهم أن بین الأمرین مناقضة، إذ من الممکن أن یکون محفز النظام التنافس الحر، بالإضافة إلی جعل برامج للسمو الروحی مما یوجب العمل الدائب تلقائیاً، بدون جبر وإکراه.

والمحفز الروحی والتنافس فی تحصیل رضی الله، هو الذی أوجب تلک الانطلاقة الفریدة فی تاریخ المسلمین أول ظهور الإسلام، ومن الممکن إعادة کل ذلک إذا وعی القائمون بالأمر کیفیة العمل، وکانت القدرات موزعة بحیث لم یتمکن أحد من الدیکتاتوریة.

ص:65

المؤسسات الاجتماعیة

اشارة

المؤسسات الاجتماعیة

(مسألة 36): المؤسسات الاجتماعیة عبارة عن جماعة من الناس یبنون العمل المنظم لأجل هدف خاص، سواء کان الهدف الهدم أو البناء، لکن کل هدف هدمی لابد وأن یتطلع إلی هدف بنائی وراء ذلک الهدم.

وعلم الاجتماع قد ینظر إلی المؤسسات بصورة عامة، وهذا هو الأهم، وقد ینظر إلی بعض المؤسسات، أو إلی عمل عام من نوع واحد لکل المؤسسات، مثل أن ینظر فی ارتباط الدولة مع المؤسسات، وهذا هدف خاص، ولیست له من الأهمیة ما للقسم الأول.

ونحن نذکر هنا بعض جوانب المؤسسات:

توسع المجتمع یزید الحاجة إلی المؤسسات

توسع المجتمع یزید الحاجة إلی المؤسسات

إن الاحتیاج إلی المؤسسات یزداد کلما توسع الاجتماع أو تقدم الاجتماع، وذلک لأن العلاقات فی الاجتماع الموسع ولو کان بدائیاً تزداد، ومع ازدیادها تتشابک، فإن علاقة إنسانین اثنتان، بینما علاقة ثلاثة ستة، وهکذا، وکلما زادت العلاقة زاد الإعضال، مما یحتاج إلی حلول کثیرة، مثلاً لو تنازع اثنان احتاج الحل إلی تلیین هذا أمام ذاک، وذاک أمام هذا، أما إذا تنازع ثلاثة، احتاج إلی تلیین (1) أمام (2و3)،  وتلیین (2) أمام (1و3) وتلیین (3) أمام (1و2).

ولذا کان اللازم کثرة المؤسسات للقیام بالحلول الکثیرة.

هذا من جهة

ص:66

زیادة الکم فی الاجتماع.  وأما من جهة زیادة الکیف بأن تقدم الاجتماع، فإنه حیث کان معنی التقدم تدخل أشیاء جدیدة علمیة أو عملیة فی حیاة الإنسان، تکثر العلاقة أیضاً، ومع کثرتها تحتاج إلی کثرة الحلول، مثلاً مدینة ذات عشرة آلاف إنسان، إذا تدخلت فی حیاتها السیارة، احاجت السیارة إلی مؤسسة، وإذا تدخلت الطائرة والقطار أیضاً احتاجت إلی مؤسستین جدیدتین أیضاً، وهکذا.

العلاقة بین المؤسسات

العلاقة بین المؤسسات

وحیث إن الحیاة مرتبطة بعضها ببعض، کذلک یکون حال المؤسسات.

إما ارتباط الحیاة، فلما نشاهد من أن رعی الحیوان مرتبط بالنبات، والنبات بالمطر، والمطر بالریح، أو أن ازدهار التجارة مرتبط بعدم تسوس الزراعة، وعدم تسوسها مرتبط بکثرة العصافیر حیث تأکل الحشرات، وکثرة العصافیر مرتبطة بعدم البرد الشدید الموجب لعدم إفراخ الطیور، وهکذا.

وأما ارتباط المؤسسات، فاللازم أن یقال: إنه علی قسمین:

1: ارتباط المؤسسات بعضها ببعض.

2: وارتباط الاجتماع بالمؤسسات.

واللازم علی عالم الاجتماع أن یکشف نوعیة هذین الارتباطین، وعلل قوة وضعف الارتباط، وفائدة الارتباط قویاً أو ضعیفاً، وضرر الانفصام فی الارتباط.

فإذا لو حظت المؤسستان:

1: فإما تکون بینهما صداقة مع تعاون.

2: أو صداقة مع حیاد.

3: أو عداوة.

ثم إما تؤثر إحداهما فی الأخری:

ص:67

1: تأثیراً متقابلاً.

2: أو بالاختلاف.

3: أو لا تؤثر.

وقد تکون إحداهما متوقفة علی الأخری، لا العکس، وقد لا ترتبط مؤسسة بأخری.

وفی الاجتماع کلما کانت المؤسسات أکثر، کان أنفع للاجتماع، لکن بشرط أن لا تسبب الکثرة ضیاع الإنتاج، ولا أن تسبب إمکانیة الالتواء.

أ) أما أن الکثرة أنفع فلما تقدم من أن کل مؤسسة تحل جانباً من المشاکل الاجتماعیة، أو توجب تقدماً فی جانب من الحیاة، مثلاًَ مؤسسات القضاء تحل المشاکل، ومؤسسات التربیة البدنیة تقدم الحیاة.

ب) أما کون الکثرة سبباً لضیاع الإنتاج، فمثلاً شرکتان لحمل مواد البناء من المعمل إلی المدینة، کل واحدة منهما لابد لها من سیارة للحمل، فإذا کان إنتاج المعمل بقدر لا یملأ السیارة کان خسارة للقدر الفارغ من السیارة، ولقدر من السائق، ومن الزیت المستعمل فیها، ولموقف السیارة، حیث إنها تأخذ المکان اللائق بها من الإیجار مثلاً، ولاتعمل العمل اللائق بها.

ولذا فاللازم علی المؤسستین أن تشترکا فی سیارة واحدة، وکذلک حال مدرستین تستطیع کل واحدة منهما أن تحتوی علی ألف طالب، وخمسین معلماً، بینما لا تحتوی المدرستان مثلاً إلاّ علی ألف طالب فقط، فإنه یستلزم فراغ مؤسسة منها، إلی غیر ذلک من الأمثلة.

بل أصل الاستفادة من القدرة، کأصل جمع القدرات مسألتان مهمتان بالنسبة إلی کل قدرة، بأی شکل کانت القدرة، مثلاً العامل فی المعمل إذا کان له ذکاء یبعثه علی المهارة والتقدم، فلم یستفد من ذلک، وإنما حشر مع الذین

ص:68

لا مهارة لهم کان ذلک تضییعاً للقدرة، کما أنه إذا أمکن جمع قطرات میاه المطر الساقطة علی الأرض للاستفادة منها فی إدارة معمل بسبب شلال مثلاً، فلم تجمع کان ذلک هدراً للقدرة، وإذا لم تکن دقة ومهارة وعمل دائب، کان الغالب هدر القدرة، وعدم الاستفادة من قدرة تستخدم فی إنتاج أقل من الإنتاج الممکن.

ج) وأما تسبب الکثرة لإمکانیة الالتواء، فهو کما إذا فتحت صنادیق قرض الحسنة لأجل إعانة المحتاجین، فإن کثرتها قد توجب الالتواء فی المقترضین، مثلاً مقترض یرید بناء داره بألف دینار، فیقدم الشهود إلی إحدی تلک الصنادیق باحتیاجه، فیقترض الألف، ثم یقدم شهوداً آخرین إلی صندوق ثان فیأخذ ألفاً آخر، وهکذا، وإذا به یصرف ألفاً فی البناء وثلاثة آلاف فی التجارة، بینما کان اللازم أن تصرف تلک الثلاثة الآلاف فی سّد ثلاث حاجات أخر.

فإن الالتواء نشأ من کثرة الصنادیق، مما جعلت الکثرة سبباً لانحراف المال عن الهدف المقرر له، وکذلک بالنسبة إلی مؤسسات تتحد فی الهدف.

الترابط البنائی والعملی بین المؤسسات

الترابط البنائی والعملی بین المؤسسات

ثم إنه یلاحظ أمور فی شأن المؤسسات:

أ: قد ترتبط مؤسسة بمؤسسة أخری:

1) فی بنائها.

2) وقد ترتبط فی عملها.

ومعنی الارتباط فی البناء أنه لولا تلک المؤسسة لم یکن لهذه المؤسسة البناء الحالی لها، وذلک مثل المؤسسات الدینیة حیث

ص:69

ترتبط بالمؤسسات العائلیة من حیث البناء، فالعائلة تتعدد من جهة الزوجة إذا سمحت بذلک المؤسسة الدینیة، بخلاف ما إذا لم تسمح، ولذا فی العائلة المسیحیة بناء وحدة الزوجات، وفی العائلة المسلمة بناء تعدد الزوجات إلی أربع، وفی بعض الأدیان بناء تعدد الزوجات إلی ما لا یحصی.

ونتیجة لذلک إذا تغیر دین العائلة تغیر بناؤها بأخذ زوجة جدیدة، أو طلاق زوجة قدیمة، وکذلک المؤسسة الحکومة تتدخل فی بناء المؤسسة الدینیة، فالحکومة المسلمة تسمح للأبنیة الدینیة بالعمل، بینما الحکومة المارکسیة لا تسمح بذلک.

وأما ارتباط مؤسسة بأخری فی عملها، فکالمؤسسات الصناعیة والمؤسسات الثقافیة حیث ترتبط کل واحدة منهما بالأخری فی عملها، فالمدرسة تقدم مدراء وعمالاً مهرة للمؤسسة الصناعیة، والصناعة تهیؤ الأثاث واللوازم للمدرسة مثل الثلاجة والمروحة والمدفئة ونحوها.

متی تهدم المؤسسة

متی تهدم المؤسسة

ب: إنما تتمکن أن تتدخل مؤسسة فی هدم المؤسسة الأخری، إذا تغییر الاجتماع تغیراً جذریاً، وإلاّ لم تتمکن المؤسسة إلاّ من تغییر عمل المؤسسة الأخری.

مثلاً المؤسسة الدینیة فی البلاد الإسلامیة لم تتمکن أن تتدخل المؤسسة الحکومیة _ حیث تحولت استعماریة _ فی هدمها، وإنما عملت المؤسسة الحکومیة فی التقلیل من أعمال المؤسسة الدینیة، نعم فی الاتحاد السوفیاتی حیث تغیرت الحکومة شیوعیة، تمکنت من تحطیم المؤسسات الدینیة وتغییر بنائها تغییراً جذریاً، أی نسفها وتسلیم أعضائها إلی المشانق والسجون، ومراکزها إلی حانات واصطبلات ومراقص وسینماءات ونحوها.

ص:70

تأثیر التغییر فی المؤسسة علی سائر المؤسسات

تأثیر التغییر فی المؤسسة علی سائر المؤسسات

ج: إذا حصل تغییر فی مؤسسة اجتماعیة، تتأثر سائر المؤسسات بذلک التغییر قلیلاً أو کثیراً مثلاً، إذا تغییرت ثقافة المدارس من ثقافة دینیة إلی ثقافة غربیة أثرت تلک الثقافة فی المؤسسات التجاریة والزراعیة مثلاً، فتکون المؤسسة التجاریة رأسمالیة استغلالیة بعد أن کانت بقدر السعر ونحوه، وکذلک تحولت الزراعة إلی إقطاعیة، بمعنی استغلال الإقطاعی للفلاحین، والعکس بالعکس، إذا تحولت الثقافة الإسلامیة أثرت فی تعدیل الاقتصاد زراعة وتجارة وغیرهما.

الانفصام فی المؤسسات یولد الانفصام الاجتماعی

الانفصام فی المؤسسات یولد الانفصام الاجتماعی

د: إذا تغیرت بعض المؤسسات فی عملها، ولم تتغیر سائر المؤسسات المرتبطة حسب ذلک التغییر، حصل الانفصام فی الاجتماع مما یؤدی إلی سقوط الاجتماع، وکان مثال ذلک ما إذا سقطت الموازات بین عجلات السیارة فی سرعة السیر أو بطئه، بأن أسرعت بعضها وأبطأت الآخری، حیث ینتهی ذلک إلی تکسر السیارة أو عطبها ووقوفها.

والسر فی ذلک أن الانفصام فی الاجتماع یوجب التناقض بین جماعات الاجتماع، والتناقض ینتهی إلی الحرب الأهلیة، أو إلی الضعف الموجب لتفرق الاجتماع أیادی سبأ، أو نفوذ الغزاة فیه: «إن الملوک إذا دخلوا قریة أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة»((1)).

وقد شاهدنا بعض الدول المعاصرة، حیث انفصمت مؤسساتها بتقدم الصناعة من دون تقدم المؤسسات السیاسیة فیها، فإنها تحطمت وتسلط علیها أعداؤها مما أسقطها، وغیرها من نظام إلی نظام آخر، فإن الصناعة لابد وأن

ص:71


1- سورة النمل: الآیة 34.

تضبطها السیاسة وإلاّ تصرفت تصرفاً سیئاً، والتصرف السیء یوجب انشقاق الاجتماع حیث تحدث الطبقیة المنحرفة فتبطر قسماً النعمة ویدقع فی الفقر قسم آخر.

وکذلک لوفرض العکس بأن تقدمت المؤسسات السیاسیة، ولم تتقدم المؤسسات الصناعیة، حیث إن السیاسة لابد لها من افراغ فی التقدم، فإذا لم تجد منفذاً للتقدم، حصل الاختلاف بین الساسة، مما یوجب الانفصام، وهکذا.

ضرورة التوازی فی حرکة المؤسسات

ضرورة التوازی فی حرکة المؤسسات

ه_: الاجتماع إن کان ساکناً، لم یکن فیه خطر التشقق والانفصام، أما إذا تحرک الاجتماع فاللازم الملاحظة الدقیقة لأن تکون مؤسساته متوازیة الحرکة، فإن أبطأت مؤسسة وأسرعت أخری، أو أسرعت مؤسسة وتحرکت أخری بسرعة أشد، کان الاجتماع معرضاً للهزات، وربما تحطم، حاله حال السیارة ما دامت واقفة لاخطر علیها، أما إذا تحرکت فاختلفت حرکة العجلات، أو تحرکت إحداها وجمدت الآخری احتفت بها المخاطر.

وربما دام الانشقاق والانفصام والسقوط لمدة مدیدة، وهذا سر ما نجده فی عالم الیوم من الاضطرابات، فإن الصناعة سببت حرکة الاجتماع، وحیث لم یکن التحرک فی مؤسسات الاجتماع متوازیاً، انقسم العالم المسیحی إلی رأسمالی، وشیوعی، ودیمقراطی، ودیکتاتوری، وخلال نصف قرن حدثت حربان عالمیتان، وحروب متفرقة، واضطرابات، وانقلابات، وربما امتدت هذه الحالة، إلی أن تأخذ المؤسسات العصریة توازنها فی السیر معاً بصورة متساویة.

ص:72

تبدل المؤسسات

تبدل المؤسسات

و: قد تتحول المؤسسة الاجتماعیة إلی مؤسسة أخری أقرب إلی هدفها مما یسبب التحول فی عمل المؤسسة، کمؤسسة تربویة تتحول إلی مؤسسة ثقافیة، حیث یری القائمون بها أن التربیة بدون أرضیة ثقافیة لا تنفع النفع المطلوب منها، أو تتحول مؤسسة زراعیة إلی مؤسسة صناعیة، حیث یری القائمون بها أن الصناعة توجب تقدم الزراعة، ولیس العکس.

المؤسسات الموقتة

المؤسسات الموقتة

ز: المؤسسة قد تکون دائمة لإعطاء حوائج مستمرة فی الاجتماع، وقد توجد لوقت خاص کالمؤسسات التی توجد لإدارة شؤون الحرب، فإنها موقتة بأوقات الحرب، وکالمؤسسات التی توجد لترمیم خسائر زلزال أو سیل أو وباء أو ما أشبه.

والقسم الثانی من المؤسسات لابد وأن تکون سریعة العمل، حیث إن أمد عملها یتطلب ذلک، وحیث إن کل سرعة شاذة عن سیر الاجتماع توجب هزة اجتماعیة، وهی مخطورة کما تقدم، لابد وأن یجمع القائمون بها بین السرعة والحزم.

اختلاف تأثیر المؤسسات فی المجتمع

اختلاف تأثیر المؤسسات فی المجتمع

ح: والمؤسسات الاجتماعیة تختلف تأثیراتها، فبعضها تؤثر أکثر من بعض، لاحتیاج الاجتماع إلی تلک أکثر من احتیاجه إلی مؤسسة أخری، مثلاً فی العصر الحاضر المؤسسات الاقتصادیة أکثر تأثیراً من قسم من المؤسسات الاجتماعیة الأخر، وکذلک المؤسسات السیاسیة فی الدول

ص:73

الاستشاریة، وحیث إن السیاسة فی عالم رأس المال _ سواء الغربی منه أو الشرقی _ متأثرة بالرأسمالیة، کانت المؤسسات الاقتصادیة أکثر تأثیراً فی المؤسسات السیاسیة من العکس.

مؤسسات مختلفة تؤدی نتائج متقاربة

مؤسسات مختلفة تؤدی نتائج متقاربة

ط: ثم قد تؤدی مؤسسات متعددة العنوان نتیجة متقاربة، وإنما تعددت فی الهیکل والاسم، لأجل التفاوت فی الجملة فی نوعیة أعمالها، مثلاً العائلة والمدرسة والمؤسسة الدینیة، کلها تعطی تربیة الإنسان الروحیة، لکن العائلة مزیجاً مع ترفیة الجسم، والمدرسة مع الثقافة، والدینیة مع الاعتقاد بالمبدأ والمعاد.

شروط نجاح المؤسسة

شروط نجاح المؤسسة

ی: والمؤسسة حیث تؤدی أعمالها خاصة لجهة معنیة من جهات الحیاة، کالمؤسسة الاقتصادیة أو الزراعیة أو السیاسیة، التی تؤدی عملاً ورشداً فی جهة السیاسة أو الزراعة أو الاقتصاد، لابد وأن تکون مستوعبة للأمرین:

1: العلم المرتبط بتلک الجهة، فالمؤسسة السیاسیة لابد وأن یکون القائمون بها مستوعبین لعلم السیاسة، وإلاّ ففاقد الشیء لا یعطیه، حتی المؤسسة العملیة کالعائلة حیث تربی الأولاد، لابد وأن تعرف کیفیة التربیة، وإلاّ کان مصیر الأولاد الموت أو المرض إن قصرت فی إنماء الجسد، أو الانحراف إن قصرت فی إنماء الروح.

2: العلم العام المرتبط بتلک الجهة، حیث إن المؤسسة لا تعیش فی

ص:74

فراغ، بل وسط ارتباطات، فإذا لم تراع تلک الارتباطات امتنع التقدم علی المؤسسة، فکما یلزم علم الاقتصاد علی المؤسسة الاقتصادیة کذلک یلزم علیها علم الاجتماع، وإلاّ فکیف تعاشر الاجتماع، وعلم السیاسة وإلاّ تحطمت المؤسسة بالتقلبات السیاسیة، وهکذا.

کما أن اللازم أن یکون العلمان للقائمین بالمؤسسة علی السطح الاجتماعی لا أقل، إذ لو تقدم الاجتماع علی علم القائمین ذبلت المؤسسة، وأحیاناً تفککت واندثرت، حال ذلک حال المدرس إن کان متأخراً فی العلم عن مستوی الطلاب اللائق بهم، انفض الطلاب من حوله.

فالمؤسسة السیاسیة مثلاً إذا لم تسایر العصر، کالاستشاریة مثلاً فی العصر الحاضر، سقطت عن الاعتبار، وانفض من حولها مرتادوا السیاسة، إلی مؤسسة عصریة أخری تعطیهم متطلبات العصر.

الجو العام للمؤسسة

الجو العام للمؤسسة

ک: ثم المؤسسة إذا کانت تعیش فی وسط جو خاص من المؤسسات المرتبطة، لابد وأن تعیش فی ذلک الجو، وإلاّ فإن لم یراع الجو فی المؤسسة المرتبطة ذبلت واندثرت، مثلاً الطبیب والصیدلی والجراح ومرکب الاسنان والقابلة، کل واحد منهم یؤدی خدمة فی جو خاص من التنسیق.

فاللازم علی المؤسسة التی تقوم بإحدی هذه الأمور، أن تکون فی جو المؤسسات الأخر، مثلاً لا یمکن للصیدلیة أن تعیش فی جو فارغ عن الدکتور والقابلة و... أو لا تتمکن دار الولادة أن تعیش فی جو فارغ عن القابلة وعن الصیدلة، وهکذا.

ص:75

ولذا جرت عادة بعض البلاد المتقدمة صناعیاً، علی تجمیع الطاقات المؤسسیة المرتبطة بعضها ببعض، وتکمیل الجو إذاکان الجو ناقصاً، مثلاً المطبعة، ومعمل التجلید، ومکتبة البیع، والمجلة والجریدة، وما أشبه کلها تدخل فی جو عام ثقافی، فإذا لم تکن المطبعة لم ینفع معمل التجلید، وهکذا.

المؤسسة والسلوک المرضی للجماهیر

المؤسسة والسلوک المرضی للجماهیر

ل: ثم المؤسسة یلزم علیها أن تحفظ ارتباطها بالذین هم فی مسیر عملها، وحفظ الارتباط غیر المهارة فی العلم المرتبطة بالمؤسسة، مثلاً إذا کان الطبیب المتخصص الماهر أجری عملیة جراحیة فی أتم النظافة والدقة، لکن اتفق أن مات المریض بقدر إلهی، تحطمت سمعة الطبیب، لا لأنه لم یقدر علی العلم والمهارة وحسن الخدمة، بل لأنه لم یتمکن أن یحفظ علاقته بالمجتمع، حیث کان اللازم علیه أن یتخلی عن العملیة إذا رآها خطراً، أو لا أقل من أن ینبه أصحاب المریض أنه مخطور تسعین فی المائة مثلاً.

وکذلک حال المؤسسة یلزم علیها السلوک المرضی للجماهیر، وإلاّ انفض الناس من حولها، وإن أتقنت غایة الإتقان، وکانت فی قمة العلم اللازم للمؤسسة.

التلاحم والتنسیق بین أعضاء المؤسسة

التلاحم والتنسیق بین أعضاء المؤسسة

م: وأخیراً اللازم فی المؤسسة أکبر قدر من التنسیق والمودة بین أعضاء المؤسسة، وإلاّ أضرعدم التنسیق بالعمل وتقدمه من ناحیة، وانفض الناس من حولها بسبب إظهار الأعضاء نقائص الآخرین، أمام الاجتماع مما یسبب

ص:76

سحب الاجتماع ثقتهم عن المؤسسة، مثلاً مدرسة أهلیة یشتکی المعلمون عند المجتمع من فساد أخلاق المدیر، أو یشتکی المدیر شدة المعلمین مع الطلاب، إن الناس یسحبون أولادهم من مثل هذه المدرسة، مما ینتهی بها إلی الفشل.

تحول المؤسسات

تحول المؤسسات

ثم إن بعض المؤسسات أخذت فی الظهور مما لم تکن سابقاً، وبعض المؤسسات أخذت فی الاختفاء مما کانت سابقاً، وبعض المؤسسات ضمرت أو توسعت، وبعض المؤسسات تمرکزت، وبعض المؤسسات تعقدت أکثر من السابق، وبعض المؤسسات تطورت من حالة إلی حالة، وبعض المؤسسات انتقلت من مکان إلی مکان.

1:  فمؤسسة البنوک والبورصة والتأمین وما أشبه، أخذت فی الظهور.

2: ومؤسسة تربیة العبید والإماء، ومراسیم قتل الأولاد وحرقهم، اختفت.

3: ومراسیم وضع التیجان للملوک، وأماکن النار للمجوس، ومعابد الأصنام، ضمرت.

4: والمؤسسة الحکومیة توسعت، مثلاً دخل فی شؤون الدولة تأسیس المدارس والمستشفیات، وصنع الحدائق العامة والمرافق العامة، ومؤسسة الأمن للدولة وعشرات المؤسسات الأخر.

5: وقد تمرکزت الشؤون السیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة فی الدولة، فی الحکومات الشیوعیة.

6: والمؤسسة الثقافیة والطبیة وما أشبه تعقدت، حیث صارت الاختصاصات

ص:77

والأجهزة الکاشفة عن الأمراض وغیر ذلک.

7: وقد تطورت المؤسسات السفریة من الدواب إلی مؤسسات السیارات والطائرات والقطارات وما أشبه.

8: وانتقلت مؤسسة الأیتام والأوقاف ونحوهما من إدارة الکنیسة فی العالم المسیحی إلی إدارة الدولة.

وهذه التطورات بعضها مما یملیه الواقع کالسادس، أو یوجبها انحراف کالخامس، مما یجب رفع هذا الانحراف عن الاجتماع.

مضاعفات تضخم المؤسسة الاقتصادیة والمؤسسة الحکومیة

مضاعفات تضخم المؤسسة الاقتصادیة والمؤسسة الحکومیة

ثم لا یخفی أن المؤسستین الاقتصادیة والحکومیة، توسعت توسعاً کبیراً علی ضرر الشعوب.

أما المؤسسة الاقتصادیة، فأخذت تأکل أموال الناس بالباطل، وجعلت المال دولة بین الأغنیاء، فاللازم الاهتمام من المفکرین والمصلحین لتجرید حملة عالمیة لقطع جذور الرأسمالیة المنحرفة، حتی یرجع الاقتصاد إلی السلامة، بأن یکون المال أمام خمسة أشیاء، کما ألمعنا إلیه مکرراً هنا وفی کتاب (الفقه: الاقتصاد) وغیره.

وأما المؤسسة الحکومیة، فقد جمعت فی یدها بالإضافة إلی أشغالها الطبیعیة، ذکرنا تفصیله فی (الفقه: السیاسة) السیاسة والاجتماع والاقتصاد، أما فی الشرق الشیوعی فقد ضربت الدولة الرقم القیاسی فی هذا الأمر، وأما فی الغرب الرأسمالی فالدولة أخذت فی توسع هائل من جهة ضم المؤسسات الثلاث إلی نفسها.

و علی أی، فاللازم انفصال الدولة عن المؤسسات الثلاث انفصالاً کاملاً، لما نجم من الانضمام من الأضرار البالغة، والتی منها:

ص:78

أ: سقوط التنافس الحر، مما یعطی للحیاة معنی، بخلاف تسلیم تلک المؤسسات إلی الموظفین، حیث فرغت حیاة الموظف عن المعنی، بل صار هو آلة تعمل تلقائیاً لأداء الوظیفة، فی حیاة رتبیة مملة، انظر (الاجتماع السلیم) تألیف أریک.

ب: کبت الکفاءات، إذ الکفاءة زهرة لا تنمو إلاّ فی حدائق الحریة.

ج: تحول النشاط إلی الخمود، نشاط الموظفین القائمین بالأعمال الحکومیة، ونشاط الأفراد الذین سلبتهم الحکومة حریاتهم.

د: توسع الفقر والمرض والجهل والجریمة، حیث إن الناس یمکنهم رفع نقائص أنفسهم لکثرتهم، وحنانهم علی أنفسهم، أما الحکومة فهم جماعة قلیلة، وهی بحکم أنها موظفة روتینیة لا تخسر علی الناس.

مثلاً إذا کانت المدینة تحتاج إلی ملیون دار لإسکان الناس، وقیل للتجار ابنوها وبیعوها للناس بربح معقول أقساطاً، تمکنوا من البناء فی خلال ستة أشهر، وهم یجلبون المواد والعمال والمهندسین من شرق الأرض وغربها، أما إذا أرادت الحکومة بناءها، لم تتمکن من ذلک ولو فی عرض مدة طویلة، وهکذا حال سائر الاحتیاجات.

ه_: اشتغال الحکومات بالمزید من التسلیح، حیث تمرکزت فی أیدیهم السیاسة والمال، مما کان اللازم أن یصرفا فی إنقاذ العباد وتعمیر البلاد، إذا کانت بأیدی الناس.

و: کثرة الموظفین، مما معناه تحویلهم من منتجین إلی مستهلکین، وبذلک اشتد الضغط علی الاقتصاد، إذ بنسبة زیادة الموظفین یضعف الاقتصاد لدی المنتجین.

ص:79

ز: کبت الحریات، فلیس کل إنسان حراً فی مزاولة السیاسة، ومزاولة الأمور الاقتصادیة من تجارة وزراعة وصناعة وغیرها، ومزاولة الأمور الاجتماعیة، من فتح المدارس والمستشفیات ودور الرضاعة وغیرها، وقد وصل الکبت فی النظام الشیوعی قمته، أما فی بلاد الرأسمالیة فقد حدث الکبت بقدر أخذ رأس المال والحکومة الأمور من أیدی الناس.

ح: إرهاق کواهل الناس بالضرائب الکثیرة باسم أن الدولة ترعی المؤسسات أمثال المدارس وغیرها، وحیث نعلم أن أکثر الضرائب تخرج من کیس الفقراء، انظر (الفقه _ الاقتصاد) نعلم أنه کان من الأفضل إیکال الحکومة إلی الناس حقهم الطبیعی فی تأسیس ما یشاؤون من المؤسسات، مع ربح معقول، وإشراف الدولة علیها حتی لا تنحرف، ومن لا یقدر علی الأجور ونحوها کان له أن یأخذ من بیت المال.

ط: تخلی الدولة اضطراراً عن وظائفها الأولیة، التی هی:

1) النظم.

2) والعدالة القضائیة.

3) وتقدیم الأمة إلی الأمام، حیث اشتغلت الدولة بما لیس من أعمالها من السیاسة والاقتصاد والاجتماع، ومن الواضح أن الإنسان ینوء تحت حملین إذا کان الحمل الثانی ثقیلاً لا یتحمله إلاّ الأمة کلهم.

ی) وأخیراً: التوقف العام عن التقدم بما لا تتمکن الحکومة منه بأفرادها القلیلة بالنسبة إلی الأمة.

وعلیه فاللازم علی المؤسسة الحکومیة التی انتفخت انتفاخاً هائلاً، أن تحول الأمور إلی الناس تدریجاً، وترجع هی إلی حالتها الطبیعیة من مزاولة الأعمال الثلاثة الآنفة الذکر.

ص:80

الاکتشافات والاختراعات

اشارة

الاکتشافات والاختراعات

(مسألة 37): خُلق الإنسان محتاجاً، وخلقت کثیر من حوائجه فی الکون، وهدی الإنسان إلی أن حوائجه فی الکون.

قال سبحانه: {الذی أعطی کل شیء خلقه ثم هدی}((1)).

ولا فرق فی کون الکون مخزناً لحوائج الإنسان، بین کونه مخزناً لحوائجه بسبب ذخائره الموجودة، مثل الماء والفاکهة واللحم، أو بسبب قوانینه المودعة، مثل قانون ارخمیدس، وقانون حمل الهواء للطائرة، إلی غیرهما، فقد ملأ الکون بملیارات القوانین، وکل اکتشاف إنما هو وصول إلی قانون من تلک القوانین الکونیة، أو قوانین منها.

وإنما نقول (کثیر من حوائجه..) لأن حاجات الإنسان لا یملؤها عالم الدنیا، حیث خلق الإنسان للآخرة، وهناک تملأ حوائجه، أما الدنیا فهی معبر وقنطرة، ولذا نجد أی إنسان فی أی حال کاسف البال یتمنی ما لا یدرکه إلی أن یموت.

الاختراع بحاجة إلی الفکر والعمل

الاختراع بحاجة إلی الفکر والعمل

ثم الإنسان فی محاولته تحصیل حاجاته من الکون، یحتاج إلی أمرین: (الفکر) و(العمل).

مثلاً الإنسان بحاجة إلی أغصان الشجر لدفئه أو

ص:81


1- سورة طه: الآیة 50.

طبخه، فیفکر فی صنع المنشار، ثم یصنع المنشار لقطع الأغصان، والفکر قد یأتی بشیء جدید مثل صنع الفاس إضافة إلی المنشار، وقد یأتی بتحسین جدید فی الشیء القدیم، مثل تحسین المنشار من الیدوی إلی الکهربائی، والغالب أن التفکیر یهدی إلی تفکیر آخر، والعمل یهدی إلی عمل آخر.

الفرق بین الاکتشاف والاختراع

الفرق بین الاکتشاف والاختراع

وقد اصطلحوا علی تسمیة ما یعرف بعد أن لم یکن معروفاً ب_ (الاکتشاف)،  وتسمیة ما یصنع بعد أن لم یکن صنع ب__ (الاختراع).

فاکتشاف أن الهواء کالماء تسرع فی المجری الضیق أسرع منها فی المجری الواسع، مما انتهی إلی صنع الطائرة یسمی اکتشافاً، أما صنع الطائرة فیسمی اختراعاً.

والحاجة والفکر والاختراع أمور تسلسلیة، إذ بعد الاختراع یکتشف حاجة جدیدة فیُفکَّر لملئه فیُخترع، وهکذا، مثلاً الحاجة إلی السرعة أوجبت اختراع السیارة، فاحتاج الإنسان بسببها إلی کراجات، والکراج یحتاج إلی المحافظ((1))، وهکذا.

ثم إن الفکر والاختراع لابد وأن یستند إلی فکر سابق ومادة سابقة، فمثلاً تفکیر صنع الباخرة البخاریة یتولد من فکرة المراکب الشراعیة، فالفکر الجدید استند إلی فکر قدیم، کما أن الباخرة بنفسها تتهیأ من مواد موجودة کالخشب والألمنیوم وما أشبه، وقد ذکروا أن السیارة تصنع من أکثر من خمسین مادة من المواد المائة والبضع المکتشفة.

بین المخترعات الجدیدة والقدیمة

بین المخترعات الجدیدة والقدیمة

والمخترع الجدید قد یوجب إخلاء مکان المخترع القدیم، مثل الأوانی

ص:82


1- أی الحارس.

الفلزیة التی أخذت مکان الأوانی الحجریة والخشبیة والفخاریة والعظمیة، وقد یبقی المخترع القدیم مثل الطائرة لم تتمکن أن تطرد السیارة عن المیدان، وذلک لأن بعض الحاجات لا تتأتی بالمخترع الجدید، أو أن ذلک باهظ التکالیف مما لا یتحمله کثیر من الناس، کالطائرة لا تتمکن أن توصل الإنسان فی المدن إلی دورهم ومحلات عملهم، وکذلک فی الأسفار بین المدن، الطائرة تکلف أجوراً باهضة مما لایتمکن علیها غالب الناس، ولذا بقیت السیارة علی حالها السابق.

المخترعات والاجتماع

المخترعات والاجتماع

والمخترع الجدید، حاله حال الفکر الجدید والمؤسسة الجدیدة، کثیراً ما یرتطم بقسم من الاجتماع الذین یقاومون کل شیء جدید، خوفاً علی مصالحهم، أو حسداً لتقدم الآخرین علیهم، ولذا کان الناس أصحاب المصالح یحاربون الأنبیاء (علیهم السلام)، لأن فکر الأنبیاء کان خطراً علی مصالحهم.

وإذا فتحت مؤسسة تربویة جدیدة خاف أصحاب الکتاتیب من أن تسحب المؤسسة الجدیدة تلامیذهم، وکذا إذا ظهر العقل الإلکترونی لحسابات المطار، حاربه ألوف من عمال المطار، لأن ذلک یأخذ زمام العمل من أیدیهم، وقد یکون الأمر حسداً محضاً، قال تعالی: {أم یحسدون الناس علی ما آتاهم الله من فضله}((1)).

أما عامة الناس فإن کان المخترع الجدید ینفعهم استقبلوه استقبالاً بقدرانتفاعهم منه، فلو فرض أن المخترع لم ینفع الاجتماع لم یستقبل منهم، ولذا نجد أن المخترعین بعضهم یحظی بقبول الناس لاختراعه، وبعضهم لا یحظی بذلک، أما

ص:83


1- سورة النساء: الآیة 54.

إذا کان المخترع ینفع الاجتماع، فهو الذی یستقبله الاجتماعات کل بقدر حاجته، مثلاً تستقبل المدن الصناعیة الوسیعة السیارات بما لا تستقبلها المدن غیر الصناعیة وبالأخص الصغیرة منها.

وذلک لأن سعة المدینة، واحتیاج الصناعة إلی الحمل والنقل، تزیدان زیادة کبیرة من الاحتیاج إلی السیارة.

ثم إن الاجتماع قد یحتاج إلی المخترع، لکن لعدم وجود المال له، أو عدم وجود سائر الوسائل الملازمة لذلک المخترع، أو لمحذور فی ذلک، یکف الاجتماع عن استقباله، مثل المجتمعات الفقیرة بالنسبة إلی الوسائل الکمالیة، ومثل القریة التی لا کهرباء لها بالنسبة إلی المروحة والمدفئة، مع کمال احتیاج أهل القریة إلیها.

ومثل خطر الطائرات السریعة جداً التی تبعث علی خرق بعض الأغلفة الجویة، مما یکون فی خرقها أضرار کبیرة علی الإنسان، فإن خوف الضرر یمنع من صنعها واستعمالها، وإن کثر الاحتیاج إلیها.

الاختراع یلد الاختراع

الاختراع یلد الاختراع

وکما أن الشیء الجدید ولید الفکر، کذلک بدوره یولد الفکر، مثلاً الفکر یولد التراکتور، وهو یولد فکراً لأجل ماکنة تعمل عل الحصاد، وهکذا تتراکم فی عالم الثقافة الأفکار الخلاقة، وفی عالم الخارج المواد الرافعة للاحتیاجات، نعم الرأسمالیة لأجل مزید الاسترباح تعمل علی:

1: إنتاج حاجات جدیدة وهمیة، وتملأ الأسواق بها، مدعومة بدعایة کبیرة، لتستدر بذلک آخر نقد فی صنادیق الناس، أمثال الموضة الجدیدة ونحوها.

ص:84

2: تعمل حاجات جدیدة لأجل التخریب، أمثال بعض الأدویة الضارة المثیرة لأمراض، حتی تروج أسواق الأدویة ونحوها.

3: تعمل مصنوعات جدیدة سریعة العطب مکان ما لیس کذلک، لبیع قطع الغیار، أو أصل المصنوع بعد سقوطه عن الانتفاع لخلل فیه.

فاللازم أن لایشتبه الإنسان بین ما نحن بصدده، وبین الفکر والاختراع الموجبین للتأخر والانحطاط.

أرضیة الاختراع

أرضیة الاختراع

ثم الجدید قد یکون الفکر، وقد یکون الصنعة، وکلاهما بحاجة إلی أرضیة صالحة، ففی جو الأمیة والکبت العملی لا یولد الفکر الجدید، وفی الصنعة إذا أرید صنعها أو کمالها احتاج إلی خمسة أشیاء:

1: الحریة، إذ بدون الحریة یطرد الصانع، بل أحیاناً یعدم، ولذا اختفی جابر بن حیان خوفاً من الخلیفة العباسی إلی أن مات، ولم یظهر مختبره فی الکوفة إلاّ بعد ثلاثة قرون، وحرم العالم عن کثیر من اختراعاته.

2: التشویق، حیث له کامل الأثر فی اندفاع الإنسان إلی الأمام.

3: الإمکانیات للاختبار، فإن الصنائع خصوصاً المعقدة منها بحاجة إلی إمکانیات مادیة من مختبر ومال وما أشبه.

4: التنافس، فإن التنافس من أقوی محفزات الإنسان للتقدم، إذ لایتمکن الإنسان بطبعه أن یری نفسه متأخراً وغیره یتقدم علیه، وحتی الجنة جعلها الله سبحانه فی معرض التنافس، فقال سبحانه: {وفی ذلک فلیتنافس المتنافسون}((1)).

ص:85


1- سورة المطففین: الآیة 26.

5: ظهور الصنعة الجدیدة فی العالم الخارجی، فإن من طبیعة المخترع العمل والضغط علی فکره إذا رأی نتیجة عمله، وبالعکس إذا لم یرها، مثلاً مخترع التلفون إذا رأی أن التلفون صار وسیلة المکالمة فی الاجتماع اهتم بتحسینه واختراع شیء آخر، أما إذا لم یر ذلک لا یهتم بأی من الأمرین.

بل فی الفکر أیضاً الحال کذلک، فإذا أظهر الإنسان فکراً جدیداً فرأی الاستقبال له، حفزه ذلک إلی تحسینه باکتشاف سائر خصوصیاته، وبالضغط علی نفسه لفکر جدید، وإلاّ لم یفعل أیاً من الأمرین.

والفکر الجدید المناقض للفکر القدیم، یأخذ مکان الفکر القدیم حیث لا یمکن التناقض، مثل التوحید فی الجزیرة، عند ظهور الرسول (صلی الله علیه وآله) حیث أخذ مکان فکرة الشرک.

ولا یلزم فی الفکرین المناقضین أن ینتهیا إلی نتیجتین متناقضتین، وإن کان الواقع لا یقبل إلاّ أحدهما، مثلاً فکرة أن الشمس تدور حول الأرض، وفکرة أن الأرض تدور حول الشمس، لا یمکن الجمع بینهما فی الواقع، مع أن نتیجة کلتیهما واحدة، ولذا لم یختلف علم الفلک الجدید عن علم الفلک القدیم فی النتائج المترتبة علیهما، وإن اختلفا فی کیفیة الاستدلال.

استیراد الفکر والصنعة

استیراد الفکر والصنعة

والجدید من الفکر أو الصنعة، قد یظهر من داخل الاجتماع، وقد یستورد من اجتماع آخر، فإن المجتمعات تعین بعضها البعض فی تجدید الحیاة فکریاً وعملیاً، لکن کل مجتمع لیس صالحاً لاستیراد الأفکار أو الصنائع الجدیدة، إذ الاستیراد بحاجة إلی التهیؤ النفسی للمجتمع المستورد والتهیؤ الأجوائی، فمثلاً

ص:86

فکرة التوحید لم تجد مجالاً فی العالم الغربی لعدم التهیؤ النفسی لأولئک فی تقبل هذه الفکرة.

کما أن فکرة الشیوعیة لم تجد ترحیباً فی العالم الإسلامی لعدم التهیؤ النفسی للمسلمین لاستقبال هذه الفکرة.

وکذلک الحال فی الصناعة، حیث إنها لا تنمو ولا تتحرک إلاّ فی المکان المناسب، فسکان الغابات والجبال لا یرحبون بالسیارات والتراکتورات حیث إن أجوائهم لا تسمح بذلک.

وقد یرحب مجتمع بفکرة أو صنعة جدیدة، لکن حیث لا أجواء لهما لا تدومان فی البقاء، وإنما یکون الأمر بالنسبة إلی المجتمع المستورد تحمیلاً یرفضه بمجرد أن وجد مجالاً للرفض، کفکرة القومیة فی البلاد الإسلامیة وکصنع الخمر، فإنهما حملا علی البلاد، وفی أول فرصة متاحة لأی بلد إسلامی یرفضهما بشدة.

ولذا نری أن الاستعمار یتوسل بکل وسیلة لتهیئة الأجواء النفسیة والمحیطیة لأجل إصدار مبادئه وبضائعه، فیعمم ثقافته قبل الغزو بمدة مدیدة، انظر (التبشیر والاستعمار)، کما یحطم وسائل عیش البلد الذی یرید غزو أسواقه، فیحطم الزراعة والصناعة المحیلة، ویخنق المفکرین بمختلف الوسائل، حتی بطریقة الاغتیال وهکذا، لیخلو الجو لفکرته أو بضاعته.

وبالعکس من ذلک إذا کان الاجتماع مهیئاً لفکرة أو صنعة، تقبلهما بسرعة، بل المجتمع فی حال التحرک أسرع شیء إلی استیعاب الأفکار والصنائع، ولذا نجد أن المجتمع الإسلامی فی أول ظهور الإسلام، رحب بکل فکرة صحیحة وبکل صناعة جدیدة، سواء استوردوا من مصر أو إیران أو الهند أو غیرها، بل أضافوا علیهما بالقدر الممکن.

ص:87

وقد ذکر بعض علماء الفلسفة أن علماء الإسلام الذین کانوا بصدد علم الفلسفة استوردوا مائتی مسألة، وأضافوا علیها خمسمائة مسألة، حتی صارت مسائل الفلسفة عندهم سبعمائة، ولولا وقوف الأمویین والعباسیین ثم العثمانیین سداً أمام العلم والصنعة لکان العالم واصلاً قبل قرون وقرون إلی ما وصل إلیه الیوم.

وکذلک نری فی هذا القرن تحول الیابان من بلد متخلف إلی بلد صناعی یهابه حتی العالم الصناعی، لأنها تمکنت أن تستوعب العلم والصناعة فی مدة وجیزة، حیث أتیحت لها الحریات السیاسیة، مما تمکنت بسببها من تفجیر الطاقات وتقدیم الکفاءات.

ومشکلة بلاد الإسلام الیوم، نفس مشکلتها فی زمن أولئک الخلفاء، حیث الدیکتاتوریة الشدیدة، نعم تغیرت الصورة فالخلیفة صار ملکاً وراثیاً، أو رئیساً انقلابیاً، وکلاهما یخنق الشعب أبشع خنق، وزاد الیوم استعمار الغرب والشرق للبلاد، حیث أصبح الملوک والرؤساء عملاء صریحین فی العمالة، أو مغلفین بأغفلة من الشیوعیة والبعثیة والقومیة والدیمقراطیة وما أشبه، وما دام الأمر کذلک فالتخلف باق، وإسرائیل تزید فی الاغتصاب، وکل ما عدا الحریات السیاسیة و.. لیس إلاّ شعاراً یختفی الدیکتاتور وراءه.

والخط المائز بین الاستشاریة والدیکتاتوریة، الأحزاب الحرة، والصحف الحرة، والانتخابات الحرة، و... کل ذلک فی نطاق الإسلام، لا الخطابات والشعارات والمؤتمرات وما أشبه، وقد ألمعنا إلی بعض ذلک فی کتاب (الفقه _ السیاسة).

وکیف کان، فالمجتمعات تتعاون بعضها مع بعض فی إصدار واستیراد الثقافة الجدیدة والصناعة الجدیدة، بل البشریة کلها تاریخ ممتد واحد للثقافة

ص:88

والصناعة، ولذا نری فی کل حضارة آثار حضارة أخری معاصرة أو ماضیة، وحتی فی القرآن الحکیم کلمات من سائر اللغات، وقد ورد أن رسول الله (صلی الله علیه وآله)  أرسل إلی الیمن وغیرها بعض المسلمین لیتعلموا بعض الصناعات، ولا غرو، فالحکمة ضالة المؤمن یأخذها أین وجدها((1)).

وإذا نظرنا الیوم إلی بلاد الإسلام، نری فیها الورق من الصین، والأرقام من الهند، وأقواس النصر من الرومان، والمنطق من الیونان، ونقابات العمال من أوروبا فی القرون الوسطی، نعم کان شبه ذلک فی الإسلام کنقابة العلویین، والصناعات الحدیثة من مختلف بلاد العالم المعاصر، إلی غیر ذلک، وهکذا حال کل حضارة غبر علیها الزمان.

التراث

التراث

ثم إن علماء الاجتماع اصطلحوا (التراث) علی کل من الثقافة والصناعة التی یرثها الأخلاف من الأسلاف، والتراث بحاجة إلی الصیانة وإلاّ اندثر، وإلی الإنماء وإلاّ تأخر، وکل من الصیانة والإنماء بحاجة إلی مؤهلات کثیرة، من أهمها الحریة، حیث تکون محلاً خصباً للعمل، والمؤسسات حیث تتعاون فیها القدرات فی العمل، ویکون لها الاستمرار وإن تبدل فیها الأفراد.

المخترعات الجدیدة بین التأثیر والتأثر

المخترعات الجدیدة بین التأثیر والتأثر

ثم إننا إذا لاحظنا الشیء الجدید فی الاجتماع، رأینا أحوالاً خمسة:

1 _ 2: التأثیر المباشر فی شیء أو أشیاء.

ص:89


1- غوالی اللئالی: ج4 ص81 ح82.

3: والتأثیر غیر المباشر.

4: والتآثر، أی تأثیر جدیدین کل منهما فی الآخر.

5: وتأثیر جملة أمور فی أمر واحد، (إضافی) بالاصطلاح المنطقی.

فالأول: مثل تأثیر المفتحات الکهربائیة التلفونیة لأبواب الدور، فی عدم احتیاج صاحب الدار إلی التحرک من مکانه لأجل فتح الباب.

والثانی: مثل تأثیر الرادیو فی التعلیم والتربیة وإیقاظ الناس والتنزه وإعطاه الأوامر الحربیة إلی الجبهات، وغیرها.

والثالث: مثل تأثیر الطائرة الحربیة مباشرة فی تقویة الجهة التی تملکها، کما أثرت تأثیراً غیر مباشر فی سیاسة الدول، حیث صارت الدولة القویة فی نفسها _ التی لا تملک الطائرة _ ضعیفة فی الملل، والدولة الضعیفة مع تملکها الطائرة قویة، فتولدت من الطائرة قوة الحرب، ومن قوة الحرب قوة السیاسة، وهکذا.

والرابع: مثل تأثیر الصحف والتلفزیون أحدهما فی الآخر، حیث إن التلفزیون تأخذ جملة من الأخبار وغیرها من الصحف، والصحف بدورها تأخذ أشیاء من التلفزیون لتنشرها علی صفحاتها.

والخامس: مثل تأثیر الأوراق النقدیة وأوراق القرضة والحوالات والکفالات والاعتمادات وغیرها فی البنک.

الفکر الجدید بین التأثیر والتأثر

الفکر الجدید بین التأثیر والتأثر

وکما تلاحظ الأقسام الخمسة بالنسبة إلی الشیء الجدید، کذلک تلاحظ کل الأقسام المذکورة بالنسبة إلی الفکر الجدید کالقانون، فربما ولد القانون قانوناً آخر أو عدة قوانین، وربما ولّد قانون قانوناً، والقانون الولد بدوره

ص:90

یولد قانوناً آخر، وربما ولدت عدة قوانین قانوناً، وربما أثر قانونان کل واحد منهما فی الآخر.

1: فالقانون الذی یولد قانوناً آخر، مثل قانون حرمة الخمر، حیث یولد قانون الحد لمن شربها.

2: والقانون الذی یولد قوانین متعددة مباشرة، مثل قانون الزواج الذی یولد قانون النفقة وقانون الطلاق وقانون الملامسة وغیرها.

3: والقانون الذی یولد قانوناً مباشراً وقانوناً غیر مباشر، مثل قانون البیع فیما یوجب الربح، حیث إن البیع أولد الملکیة، والملکیة أولدت وجوب الخمس، لأن المعاملة اشتملت علی الربح.

4: والقانونان المؤثران کل منهما فی الآخر، مثل قانونی الصوم والسفر، فالسفر یوجب الإفطار فی شهر رمضان، وشهر رمضان یوجب کراهة السفر.

5: والقوانین المتعددة التی توجب أثراً واحداً، مثل قوانین البیع والمضاربة والمزارعة والإرث وغیرها، مما تؤثر فی قانون الملکیة الفردیة بمعناها العرفی.

ولا یخفی أنه یمکن نقد بعض الأمثلة المذکورة، إلاّ أنه حیث کان المهم الإلماع لم یراع فی الأمثلة الدقة.

الأقسام الخمسة والمجالات الأخر

الأقسام الخمسة والمجالات الأخر

وکما یمکن الأقسام الخمسة بالنسبة إلی الصنعة والقانون، کذلک یمکن بالنسبة إلی الظواهر الآخر، مثلاً (فی أشیاء تؤثر فی شیء واحد) أربعة أشیاء معاً سببت الاستعمار:

1) حب السیاسیین لتوسعة بلادهم.

ص:91

2) رغبة الفاتحین للفتوحات فی الاستعمار العسکری.

3) اهتمام الکنیسة لإدخال الناس فی دینها فی الاستعمار الغربی.

4) ولع الرأسمالیین لفتح أسواق جدیدة، لیشتروا منها المواد ویبیعوا لها منتوجاتهم التی صنعتها معاملهم الکثیرة الإنتاج.

و(فی شیئین کل منهما یؤثر فی الآخر) مثلاً الفقر والمرض، کل منهما یؤثر فی الآخر، فالفقر یجلب المرض، حیث إن الفقیر یضطر إلی سوء التغذیة، والمرض یجلب الفقر، حیث إن المریض لا یتمکن من العمل الموجب للأجرة ونحوها، وکلما زاد المرض زاد الفقر، وکلما زاد الفقر زاد المرض.

وقد یکون (التأثیر المتقابل بین أکثر من شیئین) مثل: التفرقة اللونیة فی أمریکا، وأجرة العامل، وقیمته الاجتماعیة، فکلما زادت التفرقة قلّت الإجرة والقیمة، وکلما زادت الأجرة قلّت التفرقة وزادت القیمة، وکلما زادت القیمة قلّت التفرقة وزادت الأجرة.

و(الشیء الواحد الذی یؤثر فی أشیاء) کالحرب تؤثر فی الوضع السیاسی والاقتصادی والاجتماعی، فإذا نجحت قویت الدولة، کما أنها تحطّم الاقتصاد، وتجعل المؤسسات الاجتماعیة تغیر أشکالها، فمن أعضائها من یقتل ومن یرتفع ومن ینسحب، واذا فشلت ضعفت الدولة، إلی آخره.

فائدة معرفة التأثیرات المتبادلة للأشیاء

فائدة معرفة التأثیرات المتبادلة للأشیاء

ثم إن فائدة معرفة أن الفکر والقانون والظواهر الاجتماعیة لها التأثیرات الخمسة المتقدمة، هی المعرفة المستقبلیة، مما یسب عدم ارتطام الاجتماع لأجل الجهالة بالمستقبل، فقد تقدم أن الاجتماع إذا تحرک ولم یضبط بضوابط شدیدة من الرؤیة للمستقبل وجعل الحلول للمشاکل الناجمة، انجر

ص:92

ذلک إلی ترجرج الاجتماع، وربما إلی تصدعه بمثل الحرب الأهلیة، أو تحطمه.

ویمکن أن یعد مثالاً لذلک فی العصر الحاضر.

1: العراق، حیث إن فقد ساسته فی أیام الملکیین الرؤیة المستقبلیة، سبب انقلاب قاسم، ثم ترجرج العراق رجات شدیدة لمدة ربع قرن، أی إلی الیوم.

2: والیمن، حیث فقد ساستها الرؤیة المستقبلیة، فأدی ذلک إلی الانقلاب الذی أوجب حرباً أهلیة، ثم تقسیمها إلی دولتین بکل ویلاتهما التی دامت إلی الوقت الحاضر.

3: وفلسطین، حیث فقد ساستها الرؤیة المستقبلیة مما أدی إلی اغتصاب الیهود لها، وطرد أهلها وتحطمهم وارتطامهم فی ألوف المشاکل مما لایعلم مداها إلاّ الله سبحانه.

إلی غیر ذلک من الأمثلة الکثیرة فی العصور الماضیة، وعصرنا الحاضر، والمستقبل ملیء بذلک أیضاً.

ولذا یجب علی الأمة أن تکون لها مدارس مستقبلیة، بالنسبة إلی الأوضاع السیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة وغیرها، لیستشف بها المستقبل، فیعمل لذلک حتی لا یبتلی بما یظنه مفاجئات.

التأثیرات المتبادلة بین الفکر والصنعة

التأثیرات المتبادلة بین الفکر والصنعة

ثم إن الثقافة الجدیدة المادیة (الصناعة) والثقافة المعنویة (الفکر) تؤثر فی مثلها فی القانون.

1: فالقانون یؤثر فی القانون.

2: وفی المادة الخارجیة.

ص:93

3: والمادة تؤثر فی المادة.

4: وفی القانون.

وهکذا بالنسبة إلی سائر أقسام الفکر.

مثلاً: قانون المرور یؤثر فی قانون العقوبات، فلو لم یکن قانون للمرور لم یکن قانون لعقوبة من خالف المرور، وقانون عرض الشوارع بقدر خاص مقرر، یؤثر فی صنع البیوت والدکاکین بعیداً عن الآخر فی الاتجاه المقابل بقدر عرض قرره القانون، والطائرات الحربیة تؤثر فی خراب المدن، کما أن طائرات المسافرین تؤثر فی بناء المطارات، وصنع السیارة یؤثر فی جعل قوانین السرعة وما أشبه.

والأمر بالنسبة إلی غیر القانون کذلک، مثلاً القواعد الریاضیة تؤثر فی صنع الصواریخ، واختراع القنبلة الذریة تؤثر فی قاعدة بناء الملاجئ، وهکذا.

وحیث هذا التشابک المعقد فی الحیاة، اعتادت الحکومات الحاضرة علی اجتماع ممثلین من کل الوزارات لأجل بناء مدینة جدیدة لاستیعاب من یفقدون البیوت، لأن هناک مسألة الأرض، ومسألة الماء والکهرباء والتلفون، ومسألة مواد البناء، ومسألة المدارس والمستشفیات، ومسألة الشرطة والأمن والقاضی والمسجد، ومسألة الرادیو والتلفزیون والصحف، ومسائل أخر مادیة ومعنویة، وکل جملة من تلک المسائل تتداخل مع جملة أخری، وکل فئة من تلک المسائل ترتبط بوزارة من وزارات الدولة.

ومع تشابک الأفکار والمادیات فالدور الأول یکون للأفکار، وذلک لأن الفکر هو المسیطر علی المادة لا العکس، وبالفکر تطور المادة، وتهیأ لأن تکون ملائمة للإنسان، وأن تعطی حاجاته من المأکل والملبس والمسکن

ص:94

والمرکب وغیرها، فإن مثل الفکر مثل القائد، ومثل المادة مثل الجندی المطیع، وفی الحدیث: «فکرة ساعة أفضل من عبادة سبعین سنة»((1)).

ص:95


1- بحار الأنوار: ج68 ص326.

أقسام المجتمعات

اشارة

أقسام المجتمعات

(مسألة 38): الاجتماع علی أربعة أقسام:

1: المجتمع الجامد.

2: والمتحرک نحو النقص والانحراف.

3: والمتحرک نحو الکمال بأقدام ثابتة.

4: والمتحرک نحو الکمال بدون أسس ثابتة.

المجتمع الجامد

المجتمع الجامد

1: أما المجتمع الجامد، فهو الذی یقف فی مکانه بدون تجدید فی فکر أو صنعة، وهذا إنما یمکن إذا کان المجتمع فی محیط طبیعی وجغرافی خاص، بعیداً عن المجتمعات البشریة والغزاة، وکان مجتمعاً قلیل الأفراد، لأنه إذا توفر فیه أحد الشرطین:

أ) أی کان قریباً إلی المجتمعات البشریة، فلم یکن محاطاً بالجبال ونحوها مما یقطعه عن الناس، أو کان فی السهل ولکن کان بعیداً عن المجتمعات البشریة لکونه فی جزیرة أو فی القطب أو نحو ذلک، کان لابد من احتکاکه بسائر أفراد البشر مما یوجب خروجه عن الجمود.

ب) وکذا إذا کان مجتمعاً کثیر الأفراد، فإن مثل هذا المجتمع لابد وأن یظهر فیه المفکرون والنوابغ والتقدمیون، ولسعة المجتمع یکون ضبط

ص:96

الجامدین له صعباً، فتظهر فیه الأفکار الجدیدة، وتبعاً لذلک تظهر فیه الصنائع الجدیدة ولا یبقی مجتمعاً جامداً.

وعلیه فالمجتمع الصغیر المنقطع هو الذی یبقی جامداً، لأنه لا تظهر فیه الأفکار الجدیدة لقلة أفراده وانقطاعه، ولو ظهرت خنقت لقوة المسیطرین علیه.

المجتمع المتسافل

المجتمع المتسافل

2: والمجتمع المتحرک نحو النقص، المراد به المتحرک فی الصنعة ونحوها، إلاّ أن الفلسفة التی ینطلق منها المجتمع فلسفة التردی والهوی، کما إذا کان منطلقاً عن فلسفة قومیة أو وطنیة أو اقتصادیة أو جنسیة أو وجودیة أو دکتاتوریة أو ما أشبه.

أ) فإن من یرجح قومه علی من سواهم مهما کان قومه وضعاء، ومن سواهم رفیعاً، فقد نضبت فیه الإنسانیة، وإذا نضبت الإنسانیة تدرج الأمر من ترجیح القوم إلی ترجیح العشیرة، ثم ترجیح العائلة، ثم ترجیح النفس، ومثل هذا المجتمع خلیق به أن یتحطم وتقع بین أفراده الحروب والمنازعات إلی الزوال.

وقد رأینا کیف أن القومیة العربیة تفرقت بلادها، وحاربت بعضها البعض وذهبت ریحها، مع وجود أکبر عدو مشترک بینهم وهو إسرائیل، لکن تصفیة الحسابات التی انطلقت من فلسفة القومیة لا تدع مجالاً للتفکیر الجدی المثمر فی ما عداها، وکذلک کان حال أعراب الجاهلیة والفرس والروم وأوروبا فی القرون الوسطی وغیرها، وحال الوطنیة حال القومیة فی النتائج.

ب) والذی جعل منطلقه الفلسفة الاقتصادیة، لابد وأن یبتلی بالانحراف مما

ص:97

ینتهی إلی تشقیق المجتمع إلی طبقة الأغنیاء الکثیرة الغنی وطبقة الفقراء الکثیرة الفقر من ناحیة، ولابد له من أن یفحص الأغنیاء عن الأسواق خارج بلادهم، مما یجرهم إلی محاربة الأمم المجاورة لفتح الأسواق فی تلک البلاد، کما نری کلتا الصفتین فی کل من روسیا وأمریکا ومن أشبههما.

ومثل هذا المجتمع یتخبط فی الطبقیة والثورات والحروب الداخلیة والخارجیة إلی أن یسقط، سواء طال الزمن أو قصر، وقد رأینا کیف أقام هؤلاء حربین عاملیتین فی أقل من نصف قرن، وکیف یستعدون الآن لحرب ثالثة لا تبقی ولا تذر، وکیف یستعمرون الشعوب ویشعلون فیها الحروب، ویجیعون أکثر العالم لحساب ثرائهم.

ج) والذی ینطلق من فلسفة الجنس، مثل فروید وأتباعه، لا یمکن أن یسمو أخلاقاً وإن تقدم فی میادین الصناعة. والأخلاق هی الموجبة لبقاء الأمم، کما قال الشاعر:

وإنما الأمم الاخلاق ما بقیت

فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا

وذلک لأن الفلسفة الجنسیة تشیع الإباحیة التی تملأ فکر المجتمع، فلا یبقی مجال للإبداع والتقدم والرجولة والقدرة والمثابرة، وقد هلک قوم لوط (علیه السلام) قدیماً بذلک، کما أن ألمانیا غزت فرنسا فی الحرب العالمیة الثانیة بسهولة مذهلة لمثل ذلک أیضاً.

د) أما من ینطلق عن فلسفة وجودیة، تتلخص فی (أن وجودک کل شیء فافعل ما تقدر علیه) فلابد له من أن یتبدد، لأنه ضد فلسفة التعاون وإعطاء حق الآخرین، فیصبح الاجتماع أفراداً غیر مرتبطین، والاجتماع لا یبقی إلاّ بالتعاون.

ه_) والدیکتاتوریة تخمد الأنفس، وتخنق الحریات، وتمیت الکفاءات،

ص:98

وتبّدد أوصال المجتمع، ولذا لا یتمکن الاجتماع معها من الکمال والتقدم، ولم یتأخر ألف ملیون مسلم مع منطقتهم الحسنة وثروتهم الطائلة ومبادئهم القیمة، إلاّ لابتلائهم بحکام مستبدین، حالوا بینهم وبین التقدم، بینما تقدم غیرهم فی الصناعة ونحوها أشواطاً شاسعة.

وعلیه فالمجتمع الذی تسلّط علیه الدیکتاتوریة، إن کان متحرکاً أخذ نحو النقص، وإن کان جامداً زاد جموداً، وعلی کلا الحالین مصیره التردی فی الهوی، فالسقوط، إذا لم یدرکه التحول الاستشاری قبل فوات الأوان، ولذا رأینا کیف سقطت النازیة والفاشیة وغیرهما فی العصر القریب.

وهنا سؤال، إنه إذا کانت الدیکتاتوریة موجبة للسقوط، فلماذا بقیت الشیوعیة.

والجواب: أما حکومة الصین ذات الألف ملیون، فقد سقطت ولم یمر من عمرها إلاّ ثلث قرن، وألیس یکفی ذلک دلیلاً علی سقوط الشیوعیة، وأما حکومة روسیا فقد قاربت السقوط إبان الحرب العالمیة الثانیة، وإنما حالت بینها وبین السقوط الدیمقراطیون، ثم هی الآن فی شرف السقوط، فإن الغرب هو الذی تزودها بالقمح والتکنولوجیا، ولولا تلک المساعدة المستمرة کانت ساقطة إلی الآن، ومع ذلک فإن جملة من السیاسیین یعتقدون قرب سقوطها بما لا یزید علی عشر سنوات.

المجتمع المتصاعد ذو الأسس

المجتمع المتصاعد ذو الأسس

3: والمجتمع المتحرک نحو الکمال بأقدام ثابتة، هو الذی ینطلق من فلسفة صحیحة، کالتعاون والعلم والفضیلة والتقوی وحب الناس

ص:99

والإنسانیة وابتغاء الخیر والحریة ونحوها.

وأخذ یعمل بتوئدة واتزان ومثابرة، ومثل هذا المجتمع سیبقی ینمو ویزدهر ویتوسع إلی ما شاء الله.

المجتمع المتصاعد بلا أسس

المجتمع المتصاعد بلا أسس

4: وأما المجتمع المتحرک نحو الکمال بدون أسس ثابتة، فهو الذی ینطلق من فلسفة صحیحة بالنسبة إلی السمو والإنسانیة، ولکن لا یرعی سلسلة المراتب، والعمل بتوئدة ومثابرة، ومثل هذا المجتمع خلیق بالسقوط أیضاً، لأن العمل إذا لم یکن عن إتقان لم یبق راسخاً، بل ینهار بعد مدة من الزمان، وقد ورد عن رسول الله (صلی الله علیه وآله): «رحم الله امرءاً عمل عملاً فأتقنه»((1)).

سمات المجتمع المتصاعد

سمات المجتمع المتصاعد

ثم إن المجتمع المتصاعد لابد وأن یکون التصاعد من ذاته، سواء نبع التحرک فی داخلة تلقائیاً، أو نبع فی داخله بسبب اختلاطه بأمم أخری بالهجرة أو بالأسفار أو بالغزو أو ما أشبه ذلک، وإذا صار المجتمع متحرکاً کان ذلک خارجاً عن إرادة أفراده، وإنما یزید الاجتماع الفرد حماساً للتقدم، وبدوره الفرد یصب تقدمه فی شلال المجتمع، ویکون حال الفرد والمجتمع إذ ذاک حال القطرة والنهر، وأفراد الجنود والجیش بمجموعه.

وکل جدید فی المجتمع المتصاعد یزید الاجتماع تصاعداً وتحرکاً إلی الأمام، مثلاً اختراع التراکتور سبب اختراع سیارات أخر للدوس والحصاد والجمع والتسویق، وکثر من البطالة، حیث التراکتور تعمل عمل

ص:100


1- انظر وسائل الشیعة: ج2 ص883 الباب 60 من أبواب الوضوء ح1.

فلا حین کثیرین، وسبب ذلک ازدحام المدن، حیث إن الفلاحین أخذوا یهاجرون إلی المدن لیجدوا لقمة العیش، بعد أن حرموا عن العمل الزراعی، ومن الواضح أن ازدحام المدن یسبب عدة تحرکات فی الثقافة والبناء والمواصلات وغیرها.

ملامح المجتمع الراکد

ملامح المجتمع الراکد

ثم إنه فی المجتمع الراکد یرکد کل شیء، ویسیر الزمان بتؤدة وبطؤ، وتخلو الحیاة عن التجدد، ویکون کل فکر جدید وحرکة جدیدة موضع الإعراض والازدراء والاستهزاء. وإن لم ینفع الإعراض فی ردع من أتی بتلک الفکرة وتلک الصنعة، حکم المجتمع علیه بالسجن والقتل ونحوهما.

وفی قبال المجتمع الراکد التفریطی: المجتمع المتحرک الفوضوی، حیث لا میزان إطلاقاً، فیسود الجهال ویعملون ما یحلو لهم، وهذا المجتمع الإفراطی معرض للسقوط السریع، حیث یکون حاله حال السیارة التی تسیر بسرعة بدون مقود، فإنها ترتطم فی حرکتها بما یوجب سقوطها وتهشمها.

وإنما المجتمع المعتدل هو الذی له أسس ثابتة واقعیة، وفی إطار تلک الأسس یتجدد ویتحرک ویبدع فی الفکر والصنعة وما إلیها.

وبینا المجتمع المتحرک المتصاعد یجعل للتقدم جوائز ویشوق، سواء من اکتشف فکراً جدیداً أو صنعة جدیدة، یقف المجتمع الساکن ضد أولئک بالتفکیر والتشهیر والعقوبات الجسدیة وما إلی ذلک.

فقد قال المجتمع الجاهل عن رسول الله (صلی الله علیه وآله): إنه ساحر، وکاهن، ومجنون، ومسحور، وشاعر، وکافر، وما إلی ذلک، وأرادوا أن یثبتوه أو یقتلوه أو یخرجوه.

وفی

ص:101

القرن السابع عشر المسیحی لما اکتشف فی عالم الغرب((1))(هاروی) الدورة الدمویة، حاربه حتی الأطباء والمثقفین.

وقد وضع المقننون البریطانیون قانوناً یقتضی بمنع استعمال الفحم الحجری، وقد عاقبوا بالإعدام بعض من استعمله فی أول زمان کشفه، وإلی القرون الأخیرة کان الغرب یمنع المرأة حقوقها، وکان من یتفوه بلزوم إعطائها حقوقها یطرد ویهان ویعاقب، وقصة توبة (غالیلو) معروفة، إلی غیر ذلک.

أسباب مقاومة المجتمع الراکد للتجدید

أسباب مقاومة المجتمع الراکد للتجدید

وإنما یقف الراکدون دون التجدد لعدة أسباب:

1: التقدم یوجب تحطم امتیاز أصحاب الامتیازات، ولذا لما ظهر القطار خالفه أصحاب السیارات أشد المخالفة، وکذلک فی أصحاب الامتیازات الاجتماعیة والسیاسیة وغیرها.

2: یخاف الراکدون من أنهم إذا أجازوا الجدید، أن یجد المجتمع سبیلاً إلی جدید آخر، مما یوجب تحطم الاجتماع بزعمهم.

3: وقد یکون المنع لخوف أنه إذا انفتح الباب یصل الأمر إلی ما لا یحمد عقباه، مثل أنه إذا استوردت بضاعة من بلد فلانی، خیف من انفتاح الطریق أمامه مما ینجر إلی استعمار البلد المصدر للبلد المستورد، ولذا

ص:102


1- إنما قلنا فی عالم الغرب، لأن الإمام الصادق (علیه السلام) أول من ذکر هذا الشیء قبل هاروی بقرون. منه (دام ظله).

کان الإمام یحیی فی الیمن یمنع استیراد البضائع الأجنبیة خوفاً من استعمارهم للیمن.

4: لأن الإنسان یعتاد عمله، بینما لا یعتاد الشیء الجدید، وکذلک فی الفکر، حال ذلک حال التقلید، فیقف الإنسان دون التجدد خوفاً علی تحطم ما اعتاده، ولذا کان الجاهلیون یقولون: {إنا وجدنا آباءنا علی أمة وإنا علی آثارهم مقتدون}((1))، وکانوا یقولون: {أَجَعَلَ الآلهةَ إلهاً واحداً}((2)).

5: أکثر الأفکار الجدیدة لا تکون عند ظهورها کاملة، وکذلک فی الصناعة حیث یکون کمال الفکر السابق أو مصنوعه موجباً لتوقف الناس عن أخذ الجدید أو استعماله.

6: لا یرید بعض الناس الاعتراف بتفوق المفکر فکراً جدیداً أو مخترع الصنع الجدید، حسداً أو نحوه، ولذا یقفون سداً أمام فکره وعمله حتی لا یلزمهم الاعتراف به، ولذا قال أبو سفیان: کنا وقریش نطعم ونجیر و.. ثم ظهر فیهم من یقول أنا نبی!.

7: یعتاد بعض الناس أن ینسوا سیئات الماضی ویروا حسناته، بینما یرون سیئات الحال، ویستصغرون حسناته فی قبال سیئاته، ولذا لا یریدون تحول الحال.

8: لأن الأمر الجدید یوجب انشقاق الاجتماع، ولا یرید بعض المصلحین انشقاقه، لأنهم یرون أن وحدته أصلح من صلاح الفکر الجدید، أو الصناعة الجدیدة، أو لأنهم یرون الوحدة مطلقاً، وإن لم یروا الأصلحیة، ولذا یقفون دون الشیء الجدید.

ص:103


1- سورة الزخرف: الآیة 23.
2- سورة ص: الآیة 5.

9: لأن الفکر الجدید أو الشیء الجدید ضار حقیقة، فاللازم الوقوف دون تسربه.

10: لأن الصناعة الجدیدة توجب تکالیف کثیرة مما یفر الناس منها، وقد مثل بعضهم لذلک بالمطر الاصطناعی، فإنه وإن کان نافعاً جداً إلاّ أنه حیث یکلف تکالیف کثیرة ینسحب الناس من استعماله.

11: لأنهم یفکرون أن مجتمعنا خیر، حیث لا قلق فیه ولا اضطراب، فاللازم الحیلولة دون أن یتحول إلی مجتمع مضطرب یبعث علی القلق.

ولا یخفی أن بعض هذه المبررات صحیحة، کما أن بعضها غیر صحیحة، وقد یمکن جمع مبررین من المذکورات تحت جامع واحد، إلاّ أنا ذکرناها منفصلة حیث المنطلقات مختلفة.

نعم للتجدی

نعم للتجدی

وکیف کان، فاللازم علی المفکرین والعقاء فی الاجتماع، أن یتعاملوا مع الفکر والصنعة الجدیدین علی الأصل، أی أصالة الحریة، إلاّ إذا کان ضاراً فیمنع، کما أن الأصل السماح للإنسان بالتجول لیلاً، أما إذا ظهر أنه لص أوقف، وربما یقال: بأن الأصل التوقیف إلاّ ما خرج.

ویستدل لذلک بأن الأمم المتأخرة إذا غزتها صناعات جدیدة، حولت البلاد إلی مشاکل، حیث طبقة تقبل علی الصناعة الجدیدة، وطبقة لا تقبل، والطبقة التی تقبل ترتبط بالخارج، وذلک یسبب تغییراً فی بعض عقیدتها وفی بعض اقتصادیاتها وفی بعض عاداتها، وإذا بالمجتمع یصبح ذا لونین فی العقیدة والاقتصاد والعادة والارتباط بالخارج، وذلک مبعث النزاع والشقاق، وکذلک بالنسبة إلی تقبل الأنظمة

ص:104

والأفکار کالفکرة الحزبیة والبرلمان وما أشبه، مما ینجر أخیراً إلی الاستعمار.

وفیه أولاً: إن الدلیل أخص من المدعی، حیث لیس الکلام فی خصوص المجتمع المتأخر الفقیر المعرّض للاستعمار.

وثانیاً: اللازم علاج الأخطار لا الوقوف دون التقدم الصحیح.

ص:105

بین الجدید والمؤسسات الأخری

اشارة

بین الجدید والمؤسسات الأخری

(مسألة 39): إذا ظهرت فکرة جدیدة أو صنعة جدیدة وراجتا فی الاجتماع لابد وأن تغیر المؤسسات والقوانین بقدرها، کما تقدم الإلماع إلیه فی المسألة السابقة.

وتغییر الشیء الجدید للمؤسسات الأخر، علی أربعة أقسام:

1: فسخ الشیء القدیم، وقیام الشیء الجدید مکانه.

2: أن یکون الشیء الجدید موجباً لأسرعیة مؤسسة أخری من سرعة تحرک الشیء الجدید.

3: بالعکس من الثانی بأن تکون المؤسسة الأخری أبطؤ فی السیر من الشیء الجدید.

4: أن یتساوی الجدید والمؤسسة الأخری فی الحرکة.

وهذا المبحث له فائدتان:

الأولی: تلافی السرعة والبطؤ فی المؤسسة الأخری، حیث تضر الأسرعیة أو الأبطئیة أو المساواة فی الحرکة بما یلزم تعدیله.

الثانیة: المعرفة المستقبلیة لقدر ما یلزم من تحرک مؤسسة أخری، بسبب الشیء الجدید، وسیأتی الکلام فیهما.

الجدید قد ینسخ المؤسسة

الجدید قد ینسخ المؤسسة

1: فما یوجب النسخ، مثل السیارة حیث نسخت الأسفار بالدواب، فهذا الشیء الجدید نسخ الشیء القدیم، وکذلک فی القانون، مثلاً لما

ص:106

ظهرت السیارة فی بریطانیا، جعل قانون أنه یلزم أن یمشی أمام السیارة رجل بیده لواء أحمر یهزه کی یتجنب المارة الطریق حتی لا تدهسهم السیارة، ثم جیء بقانون جدید ألغی بموجبه هذا القانون، وفی الأمثلة الإسلامیة قانون أربعة أشهر وعشراً نسخ قانون (إلی الحول) بأی معنی فسرنا النسخ.

وقد یوجب تسریع حرکتها

الجدید قد ینسخ المؤسسة

2: وما یوجب تسریع حرکة مؤسسة أخری مثاله سیارة تسرع، وتأتی سیارة أخری تنافسها فتسرع أکثر من سرعة الأولی، وقد حدث هذا الشیء بالنسبة إلی القمر الروسی لما أطلق فی الخمسینات، حیث سبب أن تغیر أمریکا مناهجها الدراسیة حتی لا تسبقها الروس، وبذلک تمکنت لا من إطلاق القمر فحسب، بل من أن تنزل الإنسان علی سطح القمر.

وقد یحرکها ببطء

الجدید قد ینسخ المؤسسة

3: أما الجدید الذی یوجب تحرک مؤسسة أخری، لکن یکون التحرک لها أبطأ، فهو کتوسعة المدن حیث أسرعت فی الآونة الأخیرة، وهی بالطبع تحرک المؤسسات المرتبطة بالاجتماع، کالمدرسة والمسجد ومرکز الشرطة والمستوصف والماء والکهرباء والتبلیط والتلفون والمواصلات وغیرها.

لکن الغالب أن هذه المؤسسات لا تتمکن أن تلحق المدن الجدیدة فی آسیا وإفریقیا بالأخص، تفقد القدر الکافی من المؤسسات التی تحتاج المدن الجدیدة.

ومثال آخر: إن مؤسسة الإعلام کالرادیو والتلفزیون والصحف والکتب،

ص:107

ومؤسسة النقل کالسیارة والطائرة والباخرة والقطار، ومؤسسة البضائع کمختلف الحاجیات، سواء فی الأکل أو اللباس أو التجمل أوغیرها، أسرعت فی العصر الحدیث، مما خرقت الحدود الجغرافیة، وانطلقت لا تعرف إلاّ إیصال نفسها إلی کل العالم، بینما الحدود الجغرافیة لم تلحقها بالسرعة المطلوبة، فهی بعد تقف دون إیصال تلک المؤسسات أنفسها إلی العالم.

ولیس سبب هذا البطء إلاّ أن المؤسسة الحکومیة وهی الحامیة للحدود، لم تتمکن أن تطور نفسها حسب مقتضیات العصر الحدیث، فلم تسرع فی السیر بالقدر المطلوب، وجعلت السدود والقیود أمام سرعة تلک المؤسسات.

ولذا فالصیغة الملائمة للحکومة بعد سرعة تلک المؤسسات أن تسقط الحدود، وإنما یکون شأن الدولة أعمالها الأصلیة من حفظ العدالة، وإجراء عدالة القضاء، والتقدیم بالأمة إلی الأمام، والسوق الأوروبیة المشترکة قد خطت بعض الخطوات فی هذا السبیل، لکنها لا تکفی بالمطلوب حتی بالنسبة إلی أعضاء السوق، فکیف بکل العالم، أما البلاد الإسلامیة فهی من أکثر البلاد تأخراً فی هذه الناحیة.

وقد یحرکها بشکل متساو

وقد یحرکها بشکل متساو

4: والمؤسسة الجدیدة التی توجب سرعة لمؤسسة أخری مساویة لسرعة الجدیدة، فهی ککثیر من المؤسسات الموازیة للأخری فی السرعة فی العمل، وإذا لم یحصل التناسب بین الجدید وبین مؤسسة أخری یجب أن تعمل متناسقة مع الجدید، حصل الانفصام الضار، کما تقدم فی مسألة سابقة.

مثلاً إذا صنعت المدینة الجدیدة، ولم یکن لها مرکز الشرطة، صارت معرضة لعدم الأمن من جهة اللصوص، أو إذا لم تفتح لها مدرسة صارت معرضة لأمیة أبنائها ما یهدد مستقبلهم وهکذا.

ص:108

المعطیات

المعطیات

أما الفائدتان:

فالأولی: وهی تلافی السرعة، فإنها تکون إذا عرفت کیفیة الارتباط بین المؤسستین وکمیة مقدار الحاجة، مثلاً إذا شرعنا فی صنع معمل کبیر، یستهلک بناؤه عشر سنوات، لابد وأن یلاحظ أنه کم یحتاج من المثقفین عدداً، وکم یجب أن یکون مستوی معلوماتهم کیفاً، وبتلک المناسبة نبنی مدرسة إلی جنب المعمل، فإذا کان عدد طلابها أکثر من المطلوب کان معناه أن المؤسسة المرتبطة بالمعمل (المؤسسة الجدیدة) أکثرت السرعة، کما أن العکس معناه أنها أبطأت فی السرعة المطلوبة.

والثانیة: وهی المعرفة المستقبلیة، إنما یمکن إذا عرف.

1) الشیء الجدید کماً وکیفاً.

2) وعرف ما یحدثه فی المستقبل، معرفة حسب الموازنة العلمیة.

مثلاً من کان یری السیارة کان یعرف أنها توجب توسیع الطرق مثلاً، فإذا عرف الأمر أن یلزم وضع خطط المستقبل، بحیث تلائم بین الشیء الجدید وبین سائر المؤسسات والقوانین.

والفرق بین الأولی والثانیة، أن الأولی بصدد إیقاع التناسب بین الشیء الجدید وبین الأمور فی الحال، والثانیة بصدد التناسب بینه وبین الأمور المستقبلیة، والحاصل لزوم التنسیق بین الشیء الجدید وبین ما یرتبط به فی الحال والمستقبل.

ص:109

التغییر بین الإرادة البشریة وعامل الزمن

التغییر بین الإرادة البشریة وعامل الزمن

ثم إن النسخ والتغییر _ کما تقدما فی (1 _ 4) _ قد یترکان لعامل الزمن، وقد یساعدان حتی یدخلاه الاجتماع فی أقرب وقت ممکن، وبأقل قدر ممکن من صرف الطاقات، والثانی أولی لأن فیه عدم هدر طاقات یمکن الاستفادة منها، مثلاً إذا وضعنا المعمل ولم نعجل فی فتح المدرسة لأجله، مرت عشرات السنوات حتی تکون مدرسة منتجة لاحتیاجات المعمل فی المثال المتقدم، وفی ذلک هدر طاقات المعمل، وحرمان الإنسان عن فوائد نتائج المعمل فی المدة القریبة.

ثم إن استجابة المؤسسات الملائمة _ نسخاً أو تغییراً _ للشیء الجدید، کثیراً ما تکون حسب مرور الزمان، وباختلاف نوعیة المؤسسات المستجیبة سرعة وبطئاً، کمالاً ونقصاً، مثلاً صنع السیارة یغیر من مؤسسات وقوانین، أی أموراً مادیة ومعنویة، مثل تغییر الشوارع والأزقة والدور، وکیفیة التنزه والمجیء إلی العمل من مسافات بعیدة، ووظائف شرطة المرور والمحاکم، والخطر علی الفتیات، حیث یمکن اختطافهن، أو یمکن إغراؤهن مما یلزم تحصینهن أمام هذا الخطر، وإمکانیة ارتکاب الجریمة بصورة أسهل، وغیر ذلک، ومن الواضح أن کل ذلک لا یمکن تنسیقه بمجرد صنع السیارة، بل هی أیضاً تتدرج، فلا یتزامن وجودها وکمالها فی وقت واحد.

وکذلک اختراع القنبلة الذریة تغیر فی سیاسة الدول، وإمکان الهجوم والدفاع وصنع الملاجئ، ومیزانیة الدولة الصانعة لها، حیث إنها تؤثر علی جعل المیزانیة لسائر الأمور، کالتعلیم والصحة وغیرهما، لکن هل کل ذلک یمکن مع اختراع القنبلة، أو هل تکون کل تلک فی زمان واحد.

ص:110

فقدان التناسق بین المؤسسات

فقدان التناسق بین المؤسسات

ثم إنه قد یمنع التغییر فی المؤسسات ونحوها حسب ما یلائم الأمر الجدید.

مثلاً حصل فی الصناعة تقدم کبیر، بینما لم یحصل بقدره تقدم فی الأجور، وذلک لأن الرأسمالیة المنحرفة ترید أن تمتص کل ما یمکن من الفائدة، ولا تستعد لتغییر قانون المؤجر والمستأجر حسب العدل، تنسیقاً مع التغییر الحادث فی أجهزة الإنتاج.

ومن أقسام عدم التناسق بین المؤسسات عدم نظر الدولة إلی البلاد التی تحت نفوذها بنظرة واحدة، لأمر طائفی أو عرقی أو لونی أو ما أشبه، فیکون نصیب بعض البلاد من الحضارة أکثر من نصیب غیره، وذلک یوجب الخطر علی الدولة، حیث إن البلد المحروم یأخذ فی التململ حتی یوجد مشکلة للدولة، وأحیاناً ینتهی بسقوط الدولة، سواء فی الدولة الدیمقراطیة أو الدیکتاتوریة، منتهی الفرق أنه فی الدیکتاتوریة یکون السقوط بالسلاح، وفی غیرها بالتسبیب من سحب الثقة عنها، مما یوجب سقوطها أو عدم انتخابها لمرة أخری.

ومن أقسام عدم التناسق أیضاً أن یکون العقاب للمجرم بالمستوی اللائق، بینما لم یکن التعلیم والتربیة ورفع الاحتیاجات بالمستوی اللائق، إذ الحرمان محل ولادة الإجرام، فعدم رفع الحرمان مع جعل العقاب الصارم للإجرام لیس فقط لا یقطع جذور الإجرام، بل یجعله مضاعفاً، حیث یتحدی المجرمون السلطة بالإجرام.

ولذا ورد فی الشریعة عدم العقاب الصارم للسارق أیام المخمصة، وللمجرم المضطر إلی الجریمة إلی غیرهما، وقد ورد فی المثل (کلما فتحت مدرسة أغلق سجن)، و (کلما فتحت تعاونیة أغلق مستشفی).

ص:111

متی یلزم التنسیق بین المؤسسات

متی یلزم التنسیق بین المؤسسات

ولا یخفی أن ما تقدم من لزوم التنسیق بین المؤسسات إذا أسرعت مؤسسة فی التقدم إنما یصح إذا کانت سرعة تلک المؤسسة سرعة صحیحة، أما إذا کانت سرعة غیر صحیحة لزم التخفیف من سرعتها لا إسراع سائر المؤسسات حتی یحصل التناسق بینها وبین سائر المؤسسات.

مثلاً السرعة فی إنتاج البضائع قد تکون غیر صحیحة، لأنها تکون فوق قدر احتیاج الإنسان، مثلاً الإنسان یحتاج إلی ملیون سیارة کل شهر، فإذا أسرعت المعامل فی إنتاج ملیون ومائة ألف سیارة کل شهر، کانت زیادة المائة ألف باطلة، فمن اللازم حذفها، لا تسریع المؤسسات المرتبطة بإنتاج السیارات حسب سرعة معمل الإنتاج، إذ الإسراع للمعمل حینئذ معناه:

1: هدر المواد، بینما المواد وضعت لحاجات أخر، أو لأجیال أخر، إذا فرض وجود کل الحاجات الأخر، مما لا یبقی مجال لصرف المواد فی الحاجات الأخر.

2: هدر الطاقات البشریة، فلماذا تصرف الطاقات فیما لا ینفع، بل اللازم صرفها فی حاجیات أخر، وإذا فرض عدم الحاجة لصرف الطاقات البشریة فی الحاجات الأخر یلزم أن تصرف تلک الطاقات فی تقدم العلم، وفی العبادة، وفی التنزه، وفی ما أشبه ذلک.

وکالسرعة فی ماذکرناه، أی لزوم أن یخفف من السرعة، لا أن تنسق السرعة مع المؤسسات الأخر، المؤسسات الهدمیة أمثال صنع السلاح، ومؤسسات اختراع السلاح، والمؤسسات التی تخدم السلاح، کمؤسسات التنقیب عن مواد السلاح، والمؤسسات التی تحمل وتنقل وتخزن وتحفظ السلاح، فإن اللازم ملاحظة قدر الحاجة الملحة منها، وصرف ما زاد _ مادة

ص:112

وطاقة بشریة _ فی غیرها، فإن السلاح ضرورة، والضرورات تقدر بقدرها.

وکذلک حال السرعة فی صنع المؤسسات المحتاج إلیها بید الدولة، فإنها سرعة غیر صحیحة، فلیس اللازم تنسیق سائر المؤسسات الحکومیة حسب سرعة تلک المؤسسات، بل اللازم عدم تدخل الحکومة فی المؤسسات غیر المرتبطة بها، وإنما تکلها الحکومة إلی الشعب فهم یقومون ببنائها، وإنما تکون الحکومة مشرفة لعدم إجحافها کما تقدم فی مسألة سابقة، وإذا لم یقم الشعب ببنائها بنتها الدولة، ثم تبیعها إلی التجار لیقوموا بشؤونها، فلا یثقل کاهل الدولة بها، إلی غیر ذلک.

فإن کلاً من العلم والعمل _ کعلم وعمل اختراع وصنع السلاح، وکعمل المؤسسات التی لا ترتبط بالحکومة _ یحتاج إلی الاعتدال، بأن لا یکون إفراط ولا تفریط، والمؤسسات الدینیة والأخلاقیة والقوانین المنبثقة منهما هی التی تتمکن من حفظ الاعتدال، وسر ما نراه الیوم من الانحرافات فی کلا مجالی العلم والعمل، هو ضعف المؤسسات الدینیة والأخلاقیة، وهو نتیجة طبیعیة لمنطلق الغرب والشرق فی فلسفتهما:

حیث إن فلسفة الغرب: (دع ما لقیصر لقیصر، وما لله لله).

وفلسفة الشرق: اللاءات الخمسة: (لا دین، لا أخلاق، لا حریة، لا عائلة، لا ملکیة) ومن یحذف من قاموسه الدین والأخلاق، ومن یمنع الدین والأخلاق عن التدخل فی الحیاة الیومیة، من الطبیعی أن یصل إلی ما وصلا إلیه.

تحطم المؤسسات

تحطم المؤسسات

ثم إن النظم فی المؤسسة قد یتعرض لخطر الانفراط، وإذا انفرط کان سبباً لتحطم المؤسسة، مثلاً إذا هاجم جیش المدینة، أوحدث زلزال، أو جاء

ص:113

سیل جارف، فإنه یحطم النظم فی نفس المدینة ومؤسساته، فربما یطول أمد التحطم مما یسبب زوال المؤسسة، وربما یکون موقتاً مما یرجع النظم إلی المؤسسة، ولو بعد الترمیم لما نقص منها.

ولیس من قبیل التحطیم ما إذا توقف العمال عن العمل لأجل الإضراب مثلاً، فإنه وإن أحدث اللانظم، إلاّ أنه لیس بتحطیم، وکذلک إذا ذهبوا لأجل استقبال أو عزاء أو عرس أو ما أشبه.

وإنما نذکر التحطم فی المؤسسة، لبیان المشابهة بین الجدید البنائی، والجدید الهدمی، فکما أن الجدید فی مؤسسة یوجب تجدید سائر المؤسسات المناسبة مع تلک المؤسسة علی ما تقدم، کذلک الهدم فی مؤسسة یوجب الهدم فی سائر المؤسسات المرتبطة.

مثلاً إذا خرب فیضان البرح المیناء، توقفت بسبب توقف المیناء المؤسسات المرتبطة بالمیناء، سواء کانت قبل المیناء کمجیء الباخرات، أو بعد المیناء کالشرکات العاملة المبنیة علی حرکة المیناء.

فکما أن اللازم فی مؤسسة جدیدة تنسیق مؤسسات معها، کذلک اللازم فی مؤسسة مهدومة العمل فی سائر المؤسسات المرتبطة بها بما لا یسبب انحرافاً أو عطباً، مثلاً إذا أضرب القصابون عن بیع اللحم، کان اللازم توقف المجزرة عن الذبح، وإلاّ لزم تعفن اللحوم، إلاّ أن تجد المجزرة متنفساً آخر لبیع لحومها.

ثم الغالب أن تتکون منظمة جدیدة لإنقاذ المؤسسة المهدومة، سواء کان هدماً بکارثة أو بعمل إنسانی، مثلاً إذا ضرب الزلزال مدینة، تکونت فرق الإنقاذ، وإذا أضرب العمال تکونت فرق الإصلاح لأجل الصلح بین العمال المضربین وبین الدولة أوالشرکة التی یعمل العمال لأجلها.

ص:114

والتخریب قد یکون کارثة، وقد یکون إنسانیاً موقتاً، کالمظاهرات والإضرابات الموقتة، وقد یکون بعمل مؤسسة:

1) صغیرة کجماعة من اللصوص اتخذوا مغارة أو غابة للانقضاض علی القوافل.

2) أو کبیرة کحزب سری هدفه هدم الدولة.

وکل واحد منهما یغیر من المؤسسات المرتبطة بهما، مثلاً فی جماعة اللصوص، تضطر السیارات إلی تغییر الطریق، أو استصحاب النجدة فی السفر.

وفی الحزب السری تضطر الدولة إلی تغییرات واسعة أحیاناً، مثل اصطحاب کل أعضاء الدولة السلاح وأحیاناً المسلحین لأجل سلامتهم عن الاغتیال، ومثل جعل قوانین ومحاکم خاصة لأفراد الحزب، ومثل تشکیل معسکرات الاعتقال، ومثل تکوین جمعیات الشباب لتمتص فائض الشباب الذین یلحقون بالحزب المذکور إذا لم یجدوا متنفساً لطاقاتهم، إلی غیر ذلک.

والغالب أن الإرهاب المضاد من الدولة للإرهابیین لا یزید الأمر إلاّ إعضالاً، وإنما اللازم حل المشکلة بالتی هی أحسن.

والمؤسسة سواء کانت إنسانیة أو صناعیة:

1: یمکن أن تکون حسنة، کمؤسسة الأطباء لعلاج الفقراء، وکمعمل صنع اللوازم المنزلیة.

2: ویمکن أن تکون سیئة، کمؤسسة إرهابیة لیس من ورائها هدف شریف یرجح علی الإرهاب، وکمصنع عصر العنب خمراً.

فاللازم أن ینظر إلی الهدف، ولذا فإذا کان الإضراب والمظاهرات _ وهو تخریب وقتی علی ما تقدم _ یقصد منه إنصاف العمال فی أجورهم کان حسناً، وإن قصد منه تخریب دولة صحیحة قائمة، أو إباحة الفحشاء والمنکر وما أشبه کان سیئاً.

ص:115

أنواع التحطیم

أنواع التحطیم

ثم إن هدم مؤسسة غیر إنسانیة، قد یکون بإفساد أجزائها، کما إذا حطمت السیارة، حیث لا یمکن تجمیع أجزائها من جدید، وقد لا یکون بالإفساد، کما إذا فلت أجزاء السیارة، فإن أجزاءها تجمع من جدید.

وکذلک حال المؤسسة الإنسانیة، فقد تفل أجزاؤها بالبعثرة والتفکیک، وحینئذ یمکن الجمع والتنظیم من جدید، وقد تفل أجزاؤها بغسل المخ، حیث تنقطع العلاقة النفسیة بینهم وبین المؤسسة، وحال هذا کحال تحطم أجزاء السیارة حیث لا یمکن جمعها من جدید.

وأحیاناً یکون فل المؤسسة الإنسانیة لأجل أن الهدف قد حصل، کما إذا أسست لأجل إنقاذ المنکوبین فی زلزال وما أشبه، فحیث ینتهی الهدف تنتهی المؤسسة، أو تفل لأجل برودة أعضائها، أو لأجل أنهم یشعرون باستحالة السیر إلی الهدف لاعتراض مشاکل فی طریقهم، أو ما أشبه ذلک.

والغالب أن المؤسسات الإنسانیة تتحول إلی مؤسسات سیاسیة عند الأوقات السیاسیة، ولذا نجد أنه بعد قصة التنباک فی إیران کثرت المؤسسات التربویة والأدبیة وما أشبه، فلما صارت قصة المشروطة، تحولت کل تلک المؤسسات إلی مؤسسات سیاسیة، وکذلک حال المؤسسات الاقتصادیة حیث تتحول إلی مؤسسات حربیة إذا شنّت حرب علی البلد.

آثار التحطیم القسری للمؤسسات

آثار التحطیم القسری للمؤسسات

وإذا حطمت مؤسسة إنسانیة بالقسر، فإذا کانت العلاقة بین أفرادها شدیدة سبب التحطیم آثاراً سیئة فی نفوس أفرادها، بخلاف ما إذا لم تکن العلاقة

ص:116

شدیدة، مثلاً إذا حطمت عائلة بالطلاق أو بقتل الدولة رئیس العائلة أو ما أشبه، أثر ذلک فی أفراد العائلة تأثیراً سیئاً، ینتهی أحیاناً إلی الانحراف والعقد النفسیة، بل إلی الجنون أحیاناً، أما إذا حطمت مؤسسة تربویة، کما إذا أغلقت الدولة جمعیة خیریة للتربیة أو ما أشبه، لم یؤثر التحطیم ذلک الأثر البالغ فی أفراد المؤسسة.

وإذا فرض تحطم الاجتماع فإن ذلک یؤثر تأثیراً کبیراً فی أفراده، کما شاهدناه فی العصر القریب بالنسبة إلی الشعب الفلسطینی الذین أخرجوا من دیارهم بغیر حق، حیث حدث فیهم ما حدث مما هو معلوم لا یحتاج إلی التفصیل.

ثم إن المؤسسة إذا حطمت بالقسر، فإن کان أفرادها قد تمرنوا علی النظم والعمل، أوجد کل فرد منهم فی المستقبل کیاناً خاصاً، إما من قبیل نفس تلک المؤسسة، أو ما أشبه تلک فی کونها عملاً منظماً باندفاع، وإن لم یکن التمرّن أخذ کل فرد طریقه إلی أعماله الخاصة.

کما أن المجتمع إذا تحطم:

1: فإن کان مجتمعاً تصاعدیاً متحرکاً قبل التحطم، لم یؤثر التحطم علیه کثیراً، وذلک لأن الحرکة التی صارت داخله فی کیانه توجب التحام أجزائه من جدید، فلا یترک التحطم علیه أثراً عمیقاً، أما إذا کان مجتمعاً جامداً قبل ذلک أثر التحطیم فیه أثراً شدیداً، ولذا نجد أن الأمة الإسلامیة لما تحطمت علی أیدی المغول أثر التحطیم فیهم أسوأ الأثر، حیث إن الخلافة العباسیة کانت قد فسدت وأفسدت وترهّلت وجمّدت الطاقات، فلما تحطمت البلاد أثر التحطم فی الأمة أسوأ الأثر، وکذلک حال تحطم الخلافة العثمانیة أمام غزو الصلیبیة والصهیونیة والشیوعیة.

ص:117

أسباب تحطم المجتمع

أسباب تحطم المجتمع

ثم إنه یسبب تحطم الاجتماع أمران:

1: المشکلات التی تنبع من خارج الاجتماع، مثل غزو الأعداء، والسیل والبرکان والزلزلة، والجفاف بسبب قلة الأمطار، أو أن یصبح المحل مستنقعاً أو ما أشبه ذلک، فإن الاجتماع مهما کان رصیناً ومتعاوناً لا یتمکن أن یقاوم مع وجود هذه العوامل، فالأعداء یحولون البلد یباباً، وإذا تواتر السیل أو انفجار البرکان أو الزلزلة علی محل یری أهله أن لا فائدة من بقائهم هناک، وبذلک یتشتتون، وهکذا إذا جف البلد أو صار مستنقعاً، حیث قلة الأرزاق، والأمراض.

ولمثل هذه الأسباب خربت الکوفة بعد أن ازدهرت حتی وصل نفوس أهلها زهاء أربعة ملایین، فإن حرب النهروان وصفین فرضتا علی الکوفة، ثم حرب ابن زیاد ضد الإمام الحسین (علیه السلام)، وحرب الشام للمختار (رحمه الله)، وحرب ابن الزبیر، وحرب التوابین، والحرب علی ابن الزبیر، وحرب زید (رحمه الله)، وحرب العباسیین علی الأمویین، کل هذه الحروب جعلت من الکوفة محل تزلزل وعدم اطمینان، ولذا تشتت أهلها.

وهکذا یذکر التاریخ مدناً تشتت أهلها من جراء الزلازل والبراکین وما أشبه، وتشتت أهل سبأ بعد تحطم السد، مما لم یبق لهم رزق.

2: المشکلات التی تنبع من داخل الاجتماع، کما إذا وقعت بین المجتمع فرقة کبیرة سببت التنازع والمشکلات الدائمة لهم، فإن الإنسان إنما یفتش عن الأمن والراحة والاحترام والحریة، فإذا فقد أمثال هذه الأمور ذهب طالباً للمکان المناسب فینیخ رحله هناک، حیث یری الاستقرار والرفاه.

ص:118

مقومات بقاء المجتمع

مقومات بقاء المجتمع

ثم إن الاجتماع إذا بنی بدون مقومات لأمر طارئ، لم یمض زمان إلاّ ویتحطم ذلک الاجتماع، بخلاف ما إذا بنی الاجتماع ولو لأمر طارئ لکن کانت له مقومات البقاء.

ومقومات البقاء، إما أمر معنوی، أو أمر مادی، فمثلاً سامراء بنیت فی زمان العباسیین لأمر طارئ رآه الخلیفة، وحیث لم یکن لها مقومات من الزراعة والصناعة والثروة المعدنیة وکونها فی طریق القوافل وما أشبه، لم یمض زمان وإلاّ تحطمت وتحطم معها الاجتماع، بخلاف البصرة فإنها بنیت وأثرت وکانت فی ملتقی الطرق، ولذا بقیت قائمة إلی الآن.

أما الأمر المعنوی، فهو مثل کونه محل تقدیس الناس ومرتبطاً بقلوبهم، مثل الکعبة المعظمة.

قال سبحانه عن لسان إبراهیم (علیه السلام): {ربنا إنی أسکنت من ذریتی بواد غیر ذی زرع}((1))، فإنها بنیت علی التوحید، ومثل النجف وکربلاء والکاظمیة وسامراء وخراسان فإن کونها مدفن الإمام المعصوم (علیه السلام) حولها إلی مدن عامرة، وکذلک حال المدینة المنورة، فإن النبی (صلی الله علیه وآله) وردها وهی تحتوی علی عشرة آلاف إنسان، کما یذکره بعض التواریخ، ثم تحولت إلی مدینة عامرة وإلی الآن.

ولولا التفرقة المذهبیة الشدیدة فی کل من المدینة المنورة، وسامراء _ حیث مدفن الإمامین (علیهما السلام) وحیث السرداب المقدس _ لکانت هاتان المدینتان من أکبر المدن، فکلتاهما مهوی قلوب مئات الملایین من الناس.

ثم إن المجتمع الذی یعیش علی استعمار الشعوب، أو علی مبادئ سیئة، أو الدیکتاتوریة، لا یمضی زمان إلاّ ویتحطم، کما تحطمت بریطانیا وترکیا وألمانیا

ص:119


1- سورة إبراهیم: الآیة 37.

وذلک لأن الأولی اعتمدت علی خیرات غیرها، فإذا خرج الغیر عن ربقة الاستعمار تحطم.

والثانیة اعتمدت علی التفرقة الشدیدة المذهبیة والعرقیة.

والثالثة مارست الدیکتاتوریة.

ومن أجل ذلک یری المراقبون تحطم روسیا حیث الاستعمار للشعوب وحیث الدیکتاتوریة.

أما أمریکا فهی الأخری معرضة للتحطم، حیث تفاوت الطبقات الحاد فی داخلها، فإن الإنتاج ارتفع ارتفاعاً کبیراً، بینما لا یستفید منه إلاّ الرأسمالیون، أما الطبقة الکادحة فلهم أقل من لقمة العیش، هذا بالإضافة إلی أعمالها اللاإنسانیة فی کثیر من بلاد العالم وغیر ذلک.

ص:120

بین الجدید والقدیم

اشارة

بین الجدید والقدیم

(مسألة 40): إذا تجدد طرف من الاجتماع لأجل تجدید فی الفکر أو فی الصنعة، وقع فی الاجتماع نوع من الفرقة، قسم یؤید الطرف الجدید، وقسم یؤید الطرف القدیم، وحیث لا یمکن للاجتماع أن یعیش فی تنازع دائم کان لابد من إحدی ثلاثة أشیاء:

1: سحب الجدید القدیم معه، حتی یتلون الکل بلون الجدید.

2: سحب القدیم الجدید معه، حتی یرجع الاجتماع إلی لونه السابق.

3: جعل حل وسط یتنازل الجدید عن بعض لونه، والقدیم عن بعض لونه، حتی یتلون الاجتماع بلون وسط لا حدة فیه لأحد من لونی الجدید والقدیم.

فمثلاً لما جاء الإسلام إلی الجزیرة حصل الاختلاف، لکن الإسلام تمکن أن یسحب اللون الوثنی القدیم إلی نفسه، فطبع الکل بطابع الإسلام، وانسحبت أمامه الوثنیة. ولما جاءت البروتستانیة إلی العالم المسیحی، حصل الحل الوسط بین الکاثولیکیة وهی، فلم یتمکن الجدید أن یهزم القدیم ولا العکس، وحیث جاءت الشیوعیة إلی ألمانیا الغربیة وغیرها من جملة من بلاد الغرب لم تتمکن من البقاء، وإنما سحبتها الرأسمالیة إلی لون نفسها مما سبب تلون الجمیع بلون الرأسمالیة.

وعلی أی حال، فالاجتماع لابد له من أن یسترجع وحدته التی تحطمت بسبب تلون قسم منه بلون جدید، وقسم منه بلون قدیم، من غیر فرق بین أن

ص:121

یکون کلاهما باطلاً، أو أحدها حقاً، لکن من طبیعة الاجتماع سحب الحق منهما _ إذا کان أحدهما حقاً _ البساط من تحت الباطل، والزمن یکفله، وإن کان أحیاناً یمیل الاجتماع إلی الباطل، إلاّ أن الحق لابد وأن ینتصر أخیراً.

نظرة علی الحرکات الاصلاحیة

نظرة علی الحرکات الاصلاحیة

ثم إن الحرکات التجدیدیة تنقسم إلی قسمین:

1: الحرکات الإصلاحیة.

2: والحرکات الانقلابیة.

أما الحرکات الإصلاحیة، فهی حرکات بطیئة السیر، ترتبط غالباً بجانب خاص من الحیاة.

مثل حرکة إخراج المرأة عن هضم حقوقها، أو حرکة إخراج المرأة من المیوعة والفساد إلی العفة والصلاح، وحرکة تعمیم العلم ضد الأمیة، أو الصناعة ضد الوسائل البدائیة، أو تعمیم الصحة ضد شیوع المرض، أو تجدید المدن والقری، أو ما أشبه ذلک.

بخلاف الحرکات الانقلابیة، حیث إنها حرکات سریعة السیر تقصد الإطاحة بالنظام القائم، لیأتی نظام جدید مکانه فی کل أبعاد الحیاة، وسیأتی الکلام حول هذا القسم الثانی، والکلام الآن حول الحرکات الاصلاحیة.

والحرکة الإصلاحیة لا تکون إلاّ بمقدمات هی:

1: التجدد فی جانب من جوانب الحیاة.

2: تأخر الجوانب الأخری من الحیاة، مثل حصول التعلم للرجال، والتأخر فی هذا الباب للنساء مثلاً.

3 : التفکر فی لزوم تجدید الاجتماع بکون المرأة کالرجل فی العلم.

ص:122

4: تفهم أنه کیف یمکن التجدید فی هذا الجانب المتأخر حتی یتلون الاجتماع بلون واحد ینتشل عن الفرقة وعن کونه ذا لونین.

5: تهیئة الأسباب اللازمة لمثل هذا الإصلاح.

ولا یخفی أن لیس المراد بالإصلاح الإطار الواحد، بل یشمل التجدید وإن اختلفت أطره، مثلاً إذا تجددت مدینة وکان النقص فی المدرسة والمستوصف ومرکز الشرطة لها، کانت الحرکة لأجل تکمیل هذه الأشیاء حرکة إصلاحیة، فلا یلزم أن یکون الإصلاح من قبیل تعلیم المرأة مساوقاً لتعلیم الرجل،مما یدخل کلاهما فی إطار التعلیم، وهکذا.

موقت الحکومات تجاه الحرکات الاصلاحیة

موقت الحکومات تجاه الحرکات الاصلاحیة

وقد کانت الحکومات تقف فی العصور السابقة أمام الحرکات الإصلاحیة إما لأجل أن الحرکة تأخذ من الحکومة بعض امتیازاتها، وإما لأجل أن الحرکة ترید سحب المال ونحوه من الحکومة، ولم تکن الحکومة تسمح بحرکة الإصلاح إلاّ إذا خافت الانقلاب أو نحو ذلک مما تراه أضر من الإصلاح، مثلا: (مظفر الدین) فی إیران لم یستعد لإعطاء الأمة (مجلس الشوری) الذی طلبه الشعب لأجل تقیید شیء من دیکتاتوریته، إلاّ بعد أن توجهت الأمة إلی قلب النظام من الملکیة إلی الجمهوریة، إلی غیر ذلک من الأمثلة.

والحکومات فی العصر الحاضر جعلت الإصلاح من برامجها، إما لأنها حکومات دیمقراطیة ولو فی الجملة، ومن المعلوم أن الناس یریدون إصلاح بلادهم وتقدیم أمورهم، وإما لأنها حکومات دکتاتوریة تخاف من الانقلاب فی بلادها إذا لم تقم بالإصلاح، والإصلاح یکون بالهندسة الاجتماعیة، أی

ص:123

التخطیط الاجتماعی برسم خریطة عامة للبلاد فی الحال الحاضر، وخریطة أخری للبلاد فی المستقبل مما ینبغی أن تکون البلاد علیها، ثم جعل الإصلاح حسب الخریطة المترقبة، وهذا قد یکون بالنسبة إلی النواقص، وقد یکون بالنسبة إلی التکامل.

مثلاً فی بلاد عجز خمسین فی المائة من جهة التعلیم، وثمانین فی المائة من جهة الصحة، وعشرین فی المائة من جهة الأمن، تخصص الحکومة خریطة مستقبلیة لأجل سد هذه النواقص وتخصص لها المیزانیة والجزاء وغیرهما لکل عجز بقدره، أو أن البلاد لا عجز فیها وإنما المهم تجمیلها بما یحتاج إلی عشرة فی المائة، وتسلیحها بما یحتاج إلی خمسین فی المائة، وتطویر الصناعة فیها بما یحتاج إلی أربعین فی المائة وهکذا.

التخطیط الدکتاتوری أم التخطیط الاستشاری؟

التخطیط الدکتاتوری أم التخطیط الاستشاری؟

ثم الأمر فی التخطیط دائر بین:

1: التخطیط الدیکتاتوری، حیث تخطط الدولة وتسلب الناس حریاتهم لأجل تنفیذ ذلک المخطط، وهذا النوع من المخطط یسیر سیراً حسناً حسب إرادة الدولة، لکن فیه نقصان:

أ) إنه یجعل الإنسان حیواناً، فیفقد الإنسان إنسانیته، وأیة فائدة فی حسن لا شأن للإنسان فیه، فهو کمن یرید استتباب الأمن فیقتل جملة من الناس لأجل أمن جملة أخری، کما کان یفعله الأمویون.

ب) تقدم مثل هذا التخطیط لا یکون عمیقاً ذا کیف حسن، وإن کان ذا کم حسن، والنتیجة تضجر الناس وتربصهم بالدولة الدوائر لتحطیمها، کما فعلوا

ص:124

فی الصین بمجرد موت ماوتسی تونغ، بالإضافة إلی أنه لا یصل فی الجودة إلی مستوی جودة التخطیط بدون الدیکتاتوریة أو بالأقل من الدیکتاتوریة، ولذا لم تصل روسیا إلی القمر، بینما وصل العالم الغربی وأنزل علیه الإنسان، لأن الغرب أقل دیکتاتوریة من الشرق.

2: التخطیط الاستشاری، بأن تخطط الدولة وتجعل الأمر بید الناس مع إشراف الدولة علی عدم الإجحاف، وعلی سد الفراغات إن بقی فی التخطیط فراغ، مثلاً تخطط الدولة لسد احتیاج البلد إلی ملیون دار، وألف مدرسة، ثم تجعل ذلک فی المناقصة العامة مع إشرافها علی البناء، ثم عدم الإجحاف فی البیع وأجور المدرسة وإدارتها، فإذا لم تقم الأمة ببعض ذلک المخطط قامت الدولة بنفسها لملئ الفراغ، کما إذا لم تقم الأمة إلاّ ببناء أو إدارة سبعمائة مدرسة، فإن الثلاثمائة الباقیة تقع علی عاتق الدولة.

والتخطیط مع الحریة یأتی حتی فی أعمال الدولة، کبناء دور القضاة أو مراکز الشرطة أو غیر ذلک، أما مثل القطارات والمطارات والباخرات وما أشبه فاللازم أن تکون بید الأمة.

والحاصل: إن الإنسان وحریته هما المحور، لا التخطیط حتی یکون الإنسان ضحیته.

شروط نجاح التخطیط

شروط نجاح التخطیط

ثم اللازم فی التخطیط ملاحظة أمور:

1: استقامة التخطیط، لا أن یحرفه المخططون لمنافع شخصیة أو اتجاهات سیاسیة أو طائفیة أو ما أشبه، فإن التخطیط المنحرف یؤدی إلی تحطم

ص:125

المخطط أو تحطم الأمة، فإن کان التخطیط فی نفع المخطط أزیل عن منصبه عاجلاً أو آجلاً، وإن کان لجهة خاصة کطائفته مثلاً، سبب التفرقة وتحطم الاجتماع.

2: یلزم أن یکون التخطیط حسب الإمکانیات المتوفرة لا الإمکانیات المحتملة، وإلاّ ربما لا تکون تلک الإمکانیات مما یسبب ضرر التخطیط کبانی دار لا یمکنه إتمامها، حیث إن ترک الدار علی النصف یوجب خراب ذلک المبنی أیضاً بالأمطار والعواصف وغیرهما.

3: یلزم أن یجعل للتخطیط المال الکافی، والرجال الکفوئین، وإلاّ فلو لم یکن المال الکافی اضطرت الحکومة إما لعدم إتمام العمل، وذلک یوجب الضرر کما تقدم، وإما لأن تطلب من الحکومات الأخر، وذلک یوجب تنازل الحکومة من بعض سیادتها، إذ الحکومات الحاضرة لا تقرض إلاّ فی قبال تنازل المقترض من بعض سیادته فی قبال القرض.

أما إذا لم یکن للتخطیط الرجال الکفوئین، فالعمل لا ینجح إلاّ إذا استوردت الحکومة المستشارین الأجانب، وذلک معناه ما تقدم من تنازل الحکومة أمام الحکومة المعیرة رجالها، فتتقید إرادة المستعیرة بقدر شرائط الحکومة المعیرة.

وهذان الأمران المال والرجال هما غالباً منفذ الحکومات الاستعماریة فی بلاد العالم الثالث.

4: یلزم أن یکون مجری التخطیط إلی التنفیذ مؤسسات قویة منضبطة، حتی تتمکن من الاستمرار فی تنفیذ المخطط، مثلاً إذا أرید إنشاء عشرة آلاف مدرسة لمدة خمس سنوات، کان اللازم لذلک مؤسسة ذات فروع فی کل البلدان، مرکبة من مختلف الوزرات، الإعمار والتربیة والمواصلات والاقتصاد وغیرها حتی تتمکن من ضبط الأمور وتطبیق البرنامج.

ص:126

5: کما یلزم الاستفادة من آخر المکتشفات العلمیة، والمصنوعات الجدیدة، مثل سیارات الحفر والحمل والخلط و... لأجل البناء، ومثل المدافی والمبردات والثلاجات لأجل تجهیز المدارس، ومثل المناهج العلمیة والتنظیمیة لأجل تعلیم الطلاب وتربیتهم وضبطهم، وإن لم یستفد من المذکورات نتج تلکؤ التخطیط، وأحیاناً یؤتی بما مر علیه الزمن مما یکون حاله من قبیل صنع السیف فی زمان الذرة.

6: یلزم أن یکون التخطیط قصیر المدة، کثلاث سنوات، أو خمس سنوات، أو أربع سنوات، کما أن من الأفضل أن یکون مقارناً لمدة حکومة المنتخب الجدید، إذ طول المدة یوجب عدم الرؤیة الصحیحة، واحتمال التقلبات التی تحول دون إکمال البرنامج، کما أن تحول الحکومة فی أثناء عمل المخطط قد یوجب توقف العمل أو تحطمه، حیث إن الحکومة الجدیدة لا تری استقامة ذلک المخطط.

مثلاً فی البلد حزبان، أحدهما یهتم بالزراعة، والآخر بالصناعة، فإذا خطط أحدهما إبان حکمه لما یکون مورد نظره ولم یتمه وجاء الآخر، غیر ذلک إلی ما هو مورد نظره، وحتی إذا لم یقدر علی تغییره لابد وأن یتلکأ فی تنفیذه، مما یقل أحیاناً الأمر علی الحزب المخطط، حیث یظهر للناس أضرار تخطیطه فیضعف مقامه السیاسی.

7: من الأفضل أن لا یرتبط التخطیط العام بعضه ببعض، بل یسلم التخطیط الثقافی إلی جماعة، والتخطیط الصحی إلی جماعة، وهکذا، إذ التخطیط العام فی ضمن دائرة واحدة ولو وسیعة، خلیق بأن لا یخرج بکماله المرغوب فیه.

8: هناک عوامل لا وجودلها فی الحال، وإنما توجد فی المستقبل، مثل

ص:127

بعض الواردات المعدنیة، وبعض المثقفین المتخرجین، وما أشبه مما یوجب المال والمادة والفکر، فاللازم فی التخطیط أن یضع تلک الأمور المستقبلیة _ ظناً راجحاً _ بالاعتبار، حیث إن تلک الأمور لها أثرها فی تقویة وازدیاد الإمکانیة لتطبیق المخطط.

9: یلزم أن یناسب المخطط الحالة النفسیة للأمة، وإلاّ آب المخطط بالفشل، مثلاً وضع التخطیط الاقتصادی فی بلاد الإسلام، بما یکون منه استثمار المحرمات، کالخمر والبغاء والربا، لابد وأن یؤوب بالفشل، لعدم تهیؤ الأمة لمساعدة مثل هذا المخطط.

10: وأخیراً یلزم استشارة الأمة فی مساعدة تنفیذ المخطط، فإن ما لا یتحمس له الناس لا یحظی بالنجاح الکامل.

أقسام الاصلاح

أقسام الاصلاح

ثم لا یخفی أن ما یسمی فی الاجتماع بالإصلاح علی أقسام:

1: الإصلاح الواجب، وهو الذی یکون لأجل إنقاذ العقیدة أو الشریعة، مثل إلغاء قوانین الخمر والقمار والربا والزنا، وتقسیم الناتج بین المالک والعامل بما لا یجحف أحدهما علی الآخر، وإعطاء حقوق الناس السیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة، وتعمیم العلم حسب قوله (صلی الله علیه وآله): «طلب العلم فریضة علی کل مسلم ومسلمة»((1))، إلی غیر ذلک.

2: الإصلاح المستحب، الذی حبذ إلیه الإسلام ولم یوجبه، کالجمال

ص:128


1- بحار الأنوار: ج1 ص177.

والنظافة للمدن، وکتسهیل الأمر علی الناس فی المواصلات والصحة ونحوهما.

3: ما یسمی بالإصلاح عند غیر المتشرع، وهو حرام شرعاً، کما إذا أرید جعل المرأة مبتذلة تدخل میادین الفساد والرذیلة باسم حریة المرأة، أو تأمیم منابع الحیاة العامة باسم حقوق الفقراء، أو ما أشبه، مما هو خلاف {لکم}((1)) فی الآیة الکریمة، وخلاف الحریات الإسلامیة، کما یدل علیه: «الناس مسلطون علی أموالهم وأنفسهم»((2)) إلی غیر ذلک.

أما فعل ما یعمم المکروه أو المباح فی المجتمع فلا یسمی ذلک بالإصلاح وإن کان داخلاً فی الجائز.

واللازم فی الأفعال الإصلاحیة أن یمیز بین الجائز والمحرم، فیخرج المحرم عن المؤسسة الجائزة أو الواجبة، مثلاً البنک فی الحال الحاضر تسهیل کبیر، لکن اللازم إخراج الربا والقوانین المخالفة للشریعة عنه، فإذا أرید خدمة الناس شکلت سلسلة من البنوک مثلاً، بحیث یتوفر فیها کل الحاجیات المالیة المشروعة، کالبیع والحوالة والرهن والمزرعة وغیرها، بدون إعطاء الربا وأخذه، وإنما یکون الأمر مضاربة، وهکذا.

ولا فرق فی الإصلاح أن یکون مؤسسة أو جمعیة خیریة أو ما أشبه، أما تشکیل الحزب لأجل الحکم، فإن کان لأجل الإصلاح دخل فی هذا المبحث، وإن کان لأجل التغییر من الجذور دخل فی المسألة الآتیة المتعرضة للحرکة الانقلابیة.

ص:129


1- سورة البقرة: الآیة 29.
2- انظر بحار الأنوار: ج2 ص272

لا لانقلابات العسکریة

اشارة

لا لانقلابات العسکریة

(مسألة 41): تقدم فی المسألة السابقة، الکلام حول الحرکات الإصلاحیة، والکلام فی هذه المسألة فی الحرکات الانقلابیة، وهی علی قسمین:

الأول: الانقلابات العسکریة، ولا کلام لنا فیها، حیث إنها خارجة عن البحث الاجتماعی، إلاّ إذا أرید التکلم حول قطاع الطرق واللصوص، إذ کلا الأمرین من واد واحد.

ولذا کلاهما یبنیان علی سلب الناس أموالهم وکبت حریاتهم وقتلهم وتعذیبهم، منتهی الأمر أن اللصوص یعملون هذه الأعمال فی نطاق ضیق، والانقلابات العسکریة تعمل تلک فی نطاق واسع، واللصوص لایعترف القانون الدولی بهم، أما الانقلابات العسکریة فالقوانین الدولیة التی وضعها المستعمرون الشرقیون والغربیون تعترف بهم، لأن فی الاعتراف مزیداً من نهب خیرات الشعوب وتحطیمهم، وهذا ما یریده الاستعمار طبعاً، بل الانقلابات التی شاهدناها منذ ثلث قرن کلها کانت بمخطط استعماری شرقی أو غربی.

منطق الانقلابیین!

منطق الانقلابیین!

وما یبرر الانقلابیون عملهم به، من استشراء الفساد فی الحکومة السابقة وکبت الحریات و... غیر مبرّر لعملهم، إذ لو کانوا صادقین لأعطوا الأمر بعد انقلابهم بید الأمة لتشکل حکومة حرة انتخابیة، ورجعوا هم إلی ثکناتهم

ص:130

أما أن یسرق لص عن لص، ویبرر عمله بأن المسروق منه کان لصاً، فذلک لا یدخل إلاّ فی منطق القوة، بینما یجب أن یکون الأمر حسب قوة المنطق.

وهناک تبریر آخر للانقلابیین، لعدم إعطائهم السلطة بید الأمة، بأن الأمة لیست رشیدة تتمکن من إدارة أمورها، فإذا سلمنا الحکم إلیهم، استغله الاستغلالیون والاستعماریون.

وفیه: هل أن کل الأمة غیر رشیدة، وأفراد انقلابیون _ لیست لهم معلومات کافیة _ رشیدون، ثم من جعل الانقلابیین أوصیاء علی الأمة إلاّ السلاح، وهل السلاح من الأدلة، ولو کان کذلک لکان لکل لص وقاطع طریق دلیل.

فقدان الوعی هو المشکلة

فقدان الوعی هو المشکلة

والمشکلة فی الانقلابات العسکریة لا تنشأ من المغارمین ومن وراءهم من المستعمرین، وإلاّ فکل مغامر یرید السلطة، وکل مستعمر یرید سلب الشعوب واستعمارهم، وإنما المشکلة تنشأ من ضعف وعی الأمة، فلماذا ترضخ الأمة للانقلابیین بمجرد الثورة.

وألا یتساءل العالم الثالث نفسه: لماذا لا یکون انقلاب فی أمریکا وفرنسا وإنکلترا، ولماذا لا یکون انقلاب فی إسرائیل والهند، هل لأن تلک البلاد لا تعانی من المشاکل، أو لأن شعوبها تعی عدم صحة الانقلاب، حتی إذا قفز جماعة من المغامرین علی الحکم، لم تعترف بهم أمتهم، وإنما تحرکت القوی العسکریة لإلقاء القبض علیهم وسوقهم إلی المحاکم.

وعلی هذا، فاللازم توعیة الأمة، حتی تعرف أن کل انقلاب عسکری

ص:131

وقع کان باطلاً، وأن اللازم التخلص من الانقلابیین، کما یلزم أن یستعدوا لمعاملة الانقلابیین فی المستقبل معاملة المجرمین، لا معاملة الأبطال المحررین.

ومثل حال الانقلابیین حال الذین یأتون إلی الحکم بإرادة الأمة، لکن ضعف الوعی فی الأمة یوجب أن یتلاعبوا بمقدراتها فیزیفون الانتخابات، ویستخلفون، ویهیئون الأجواء المکذوبة بواسطة الإعدام والرتل الخامس والرشوة وما أشبه، لتنفیذ مآربهم من وراء ظهر الأمة، کما رأیناه فی العراق، فقد جاء (فیصل) إلی الحکم باختیار مجموعة من الشعب بعد ثورة العشرین للإمام الشیرازی (رحمه الله)، ثم قلب ظهر المجن للأمة، فتلاعب بما شاءت أهواؤه، والقصة معروفة لا تحتاج إلی البیان.

وعلیه فوعی الأمة یوجب:

1: عدم نجاح الانقلاب العسکری.

2: عدم تمکن الحکومة التی جاءت باختیار الأکثریة من التلاعب، بل المیزان وجود الأحزاب الحرة، والانتخابات الحرة کل أربع سنوات مثلاً، وإلاّ فالحکومة دیکتاتوریة وإن تقنعت بالاستشاریة، وسمت نفسها حکومة شعبیة.

بحوث فی الثورات الاجتماعیة

بحوث فی الثورات الاجتماعیة

الثانی: الانقلابات الاجتماعیة، وهی التی تقوم بها أکثریة الناس، لإیجاد نظام جدید فی الحکم، وتقوم هذه الانقلابات علی أسس ثلاثة:

1: عدم الرضا بالحکم القائم.

2: الیأس عن إصلاح الحکم القائم بسلام.

ص:132

3: الرجاء فی تکوین نظام جدید یعطی آمال الناس ویخفف من آلامهم.

وضع الأسس السلیمة للثورة

وضع الأسس السلیمة للثورة

وهذه الثورة إن جعلت لها أسس صحیحة تنتهی إلی الحکم الاستشاری، کما حدث فی حرکة فرنسا والهند وغیرهما، فإنها وإن لم تکن مطابقة للنظر الإسلامی إلاّ أنها صحیحة فی نظر أکثریة الشعوب القاطنة فی تلک البلاد.

وإن لم تجعل لها أسس صحیحة تنتهی إلی الدیکتاتوریة، کما حدث فی الحکم العباسی سابقاً، وحکم الروس والصین وما أشبه فی الزمان الحاضر، وتکون النتیجة حینئذ إما تبدیل دیکتاتور بمثله، أو بأسوأ منه.

وعلی هذا، فاللازم علی الثائرین أن یضعوا نصب أعینهم أمرین:

1: هدم الحکم الجائر.

2: کیفیة الحکومة المستقبلیة مع تهیئة أسباب تلک الحکومة، وأهم تلک الأسباب:

أ) توضیح معالم الحکومة فی السلطات التقنینیة _ أی التطبیقیة فی الإسلام _ والتنفیذیة والقضائیة.

ب) توزیع القدرة فی الفئات والمنظمات والأحزاب حتی لا تتمکن جماعة من استغلال الحکم وضرب الآخرین، کما حدث فی الثورة الشیوعیة، حیث إن الشعب قام ضد قیصر لإیجاد حکم دیمقراطی بدیل، وتشکلت أحزاب، کان من أهمها (المنشفیک، والبلشفیک)، ولکن لما لم یکن التوازن بین القدرات، قفز الشیوعیون علی الحکم بقیادة الدیکتاتور (لینین)، وبالاستعانة بالخارج (أی ألمانیا) وأبادوا کل الأحزاب

ص:133

الأخری، والتی کان من جملتها المنشفیک.

وهکذا حدث فی ثورة الدستور فی إیران، فقد قام الشعب بقیادة العلماء لرفع ظلم الحکام، وتبدیل النظام إلی حکم إسلامی استشاری، لکن لما لم تکن القدرة موزعة، فإذا ببهلوی مع قلة مسلحة یقفزون علی الحکم بمعاونة بریطانیا ویذیقون الأمة الأمرین.

وهکذا حدث فی ترکیا عند قفز أتاتورک إلی الحکم بمعاونة بریطانیا أیضاً، فإن العثمانیین أساؤوا فی السلطة، مما اضطر الأمة إلی الانتفاضة ضدهم، ولکنهم لم یلاحظوا توزیع القدرة، وإذا بالأمر یقوده ثلاثة من الیهود، وجماعة من المسیحیین، ومن ورائهم الاستعمار حتی جاؤوا بأتاتورک، وحدث ما حدث.

بدایة الثورة

بدایة الثورة

ثم إن الثورة الاجتماعیة فی بدء أمرها تکون بدون لون خاص، ولا أسلوب منظم، ثم تدریجیاً یتبلور الأمر.

والغالب أن الثورات الاجتماعیة لتبدیل الحکم یقودها مخلصون مجهولون، یؤلمهم الحکم القائم، فینذرون أنفسهم لإنقاذ الأمة، ویضحون بکل شیء فی سبیل ذلک، کما أن الغالب أنهم یقودون الثورة بشجاعة فائقة ولا مبالاة کبیرة، مع أنهم لا یقدرون وقت النجاح، وهل أنهم یدرکون الثمر أم لا، ولذا یموت کثیرون منهم فی السجون والمنافی، أو بالرصاص علی المشانق، أو فی عملیات فدائیة.

کما أن القائد العام وأعوانه یتبلورون فی الأحداث وبقدر عملهم، فلیست القیادة فی الحکومات الشعبیة بالتلفظ بالشعب الخالی من معنی، وإلاّ کل یدعی أن حکومته شعبیة، بالاسم والمنصب والدعایة، بل هی حقیقة

ص:134

ترتفع الثورة إلیها، کما ترتفع الشجرة إلی أن تعطی الثمرة.

والغالب تبعثر الثائرین فی ابتداء الأمر، ففی کل بلد وما أشبه جذر للثورة ثم تتلاقی الجذور، کما تتلاقی قطرات المطر، لتکون النهر الکبیر، وحینذاک یکون للثورة مجری وجری ومصب، وحینذاک تأخذ الثورة فی النضج والارتفاع إلی أن تطیح بالحکم المنحرف.

مراحل الثورة

مراحل الثورة

وللثورة الاجتماعیة مراحل خمس:

1: الاضطراب والهیجان.

2: تصاعد الروح الثوریة الاجتماعیة.

3: اتساع رقعة الثورة وتقوی بعضهم ببعض.

4: تبلور الفکرة الواحدة هدفاً وطریقاً.

5: وأخیراً توسعة الطرق المؤثرة فی إنجاز الثورة.

1: ففی حالة الاضطراب والهیجان، من جراء سوء تصرفات الدولة، یعمل کل عملاً ملائماً بنظره من الشکایة ونشر بعض المناشیر السریة، وبعض التعریضات فوق المنابر، وکتابة بعض الشعارات علی الحیطان وما أشبه، والدولة تقابل بعضهم بشیء خفیف من العنف، إلاّ إذا عنف الشخص فالدولة تقابله بعنف مثله، أو أشد لیکون رادعاً، وتظن الدولة أنه حاسم.

2: وحیث یتماسک بعض المنتقدین ببعض، وحیث یوجب فعل الدولة رد الفعل عند الناس، تأخذ روح الثورة فی الاتقاد، ویأخذ الیأس یعم القلوب، فیرون أنه لا إصلاح للوضع بما یلزم أن یعملوا شیئاً للإنقاذ، فالدولة راکبة رأسها

ص:135

لا تلوی علی شکایة، وتقتنع بالوعود الفارغة وبالتهدیدات بدل الإصلاح.

3: وبذلک تتسع رقعة الثورة، وتستشری فکرة لزوم أن یعمل الشعب شیئاً، ولیس ذلک الشیء بإصلاح جهة أو تبدیل وزیر أو إنصاف مظلوم، لأن الأمر أوسع من هذا، والدولة تأخذ فی غرور أکثر، وصلف أکبر، فتری أنها سیدة الموقف، وأن الذین یعملون ضدها شرذمة قلیلون، إذا شاءت الدولة تخترقهم وتکتسحهم بعصی غلیظة، وبذلک یقف الطرفان فی صفین متقابلین.

4: وعند ذلک تتبلور الفکرة الثوریة، وتصمم الأمة علی الإطاحة بالدولة، مهما کلفها ذلک من الثمن، وتأخذ القیادات الصغیرة فی الظهور والبلورة، مما تستجلب انتباه الناس، ویرون فیهم بدائل صالحة عن قیادة الدولة.

5: ثم یأتی دور المؤسسة الثوریة، فتتوسع الطرق المؤدیة إلی إنجاز الثورة وتقع الفوضی فی البلاد، وتصطف مؤسستا الدولة والثورة إحداهما أمام الأخری، وتسترخی قبضة الدولة، وتأخذ قبضة الثوار تشتد وتشتد، وتحاول الدولة أن تجعل الحلول الوسطی، لکن الثوار یأبون، وتتفادی الدولة سقوطها ببعض الحلول، مثل تغییر بعض الموظفین، وإلغاء بعض الضرائب، وإطلاق سراح بعض السجناء، وإشراک بعض الثوار فی الحکم.

لکن الأوان قد فات، ولسان الثوار: {الآنَ وَقَدْ عَصَیْتَ مِنْ قَبْلُ وَکُنْتَ مِنَ المفسِدین}((1))، وفی مثل هذه الحالة یستولی الثوار علی مؤسسة مؤسسة من مؤسسات الدولة، ولا یمنعهم عن القیام بأعمالهم بعض العنف الذی تریه الدولة، مثل جعل الحکومة العسکریة، وقانون منع التجول، وضرب المتظاهرین بالرصاص، ونهب دکاکین المضربین، وما أشبه ذلک.

ویلجأ أقطاب الدولة إلی الفرار والاختفاء، ویقع بعضهم فی قبضة الثوار

ص:136


1- سورة یونس: الآیة 91.

فقد یتعاملون معهم بقسوة، وقد یتعاملون معهم بلین، وذلک یتبع أمرین:

1: عنف معاملة الدولة مع الثائرین، فإن العنف لا یولد إلاّ العنف.

2: أخلاقیات الثورة، فقد یربّی الثائرون علی رفیع الصفات، ومن ناحیة أخری یریدون جعل أنفسهم أسوة مما یضطرهم إلی التنازل عن حقهم المشروع.

ولذا نجد شدة انتقام الثورة البلشفیکیة من قیصر وأتباعه، بینما کانت شدة الانتقام فی الثورة الفرنسیة أقل، أما الثورة الإسلامیة فقد کانت مظهراً من مظاهر الله الرحمان الرحیم، فقد قال النبی (صلی الله علیه وآله) لأشد الخصوم بعد أن وقعوا فی کف عدالته: «اذهبوا فأنتم الطلقاء»((1))، وکذلک عفی علی (علیه السلام) _ وهو تلمیذ الرسول (صلی الله علیه وآله) _ عن أقطاب التمرد فی الجمل، بل وأحسن مثوی عائشة وغیرها، وعن أقطاب المفسدین فی النهروان، وکان إذا ألقی القبض علی محاربی صفین أطلقه بشرط أن لا یعین الأعداء بعد ذلک.

وبهذا الصدد قال الشاعر:

ملکنا فکان العفو منا سجیة

ولما ملکتم سال بالدم أبطح

(وحللتم قتل الأساری وطالما

ظللنا عن الأسری نعف ونصفح

فحسبکم هذا التفاوت بیننا

وکل إناء بالذی فیه ینضح

وقد قال علی (علیه السلام): «إذا ملکت فاسجح»((2)).

وقال (علیه السلام): «العفو زکاة الظفر»((3)).

ص:137


1- وسائل الشیعة: ج11 ص119 الباب72 من أبواب جهاد العدوح1.
2- بحار الأنوار: ج20 ص298 ب18.
3- نهج البلاغة: قصار الحکم 211.

وقبل ذلک قال القرآن الحکیم: {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خیر للصابرین}((1)).

عناصر هامة فی نجاح الثورة

عناصر هامة فی نجاح الثورة

ثم المهم فی نجاح الثورة:

1: توسعة التنظیم، فإن النظم یوجب صرف کل الطاقات فی أحسن المصرف، إذ قد لا یصرف بعض الطاقات، وقد یصرف لکن لا فی الأحسن، فمن یمکن أن یکون عالماً کبیراً، قد یعطل عن العلم والعمل، وقد یجعل من نفسه عاملاً عادیاً.

2: الوعی الجماهیری، وجماهیریة الحرکة، بأن یبین الثوار للناس کیف حال الأمة الآن، وکیف حال الدولة، وکیف یجب أن تکون الدولة الصحیحة، وکیف یجب أن نعمل حتی نصل، إلی غیر ذلک.

3: أخلاقیات الثائرین، کیف یعامل بعضهم بعضاً، وکیف یعاملون الناس، فإن المداراة والعفو، والمعاملة بالتی هی أحسن، والنشاط والتعاون والمشورة والاستقامة والخدمة، والإصلاح بین الثوار والناس، وبین الناس، وما أشبه، أخلاقیات توجب التفاف الناس حول الثورة، وتسبب اطمینان الناس بقادتها، مما یقرب الثورة إلی النجاح.

ثم فی المقام أمور ثلاثة، بشأن الحرکات الثوریة الجماهیریة، لابد من الإلماع إلیها:

ص:138


1- سورة النحل: الآیة 126.

الثورة تستغرق زمناً طویلاً

أ) الحرکة الثوریة الجذریة فی الدنیا الحاضرة، لابد لها من أمرین:

1: الزمن الطویل، حیث إن الثورة لیست کأنقلاب عسکری سطحی، یتحقق بین عشیة وضحاها، فإن الثورة الجماهیریة تحتاج إلی الجماهیر، والجماهیر لا یتحرکون إلاّ بعد الوعی الثوری، والوعی المستوعب لابد له من ربع قرن علی أقل تقدیر مع ملاحظة الشروط السابقة من الأخلاقیات ونحوها، ولذا نشاهد فی التاریخ أن کلاً من ثورة الهند ضد بریطانیا، والصین ضد الأجانب، وروسیا ضد القیصریة، احتاجت إلی زهاء نصف قرن.

وذلک لأن اللازم تبدل الثقافة السابقة إلی ثقافة جدیدة ثوریة، وتبدل الثقافة لیس بالشیء الهین.

لابد للثورة من تکوین الجذور

لابد للثورة من تکوین الجذور

2: الجذور، فإن العالم صار شبه وحدتین، وحدة غربیة بما فی فلکها، ووحدة شرقیة بما فی فلکها، ولکل منهما جذور فی بلاد الثورة، مدعومة بالمال والرجال والإعلام، من الإذاعات الخارجیة وغیرها، مما یوجب صعوبة تهیئة الناس للثورة علی أوضاعهم الفاسدة، فاللازم علی القائمین بالثورة، أن یمدّوا جذور الثورة إلی آفاق بعیدة حتی تتمکن الثورة من المقاومة والنهوض.

ولعدم وجود الجذور للثورة الفلسطینیة ضد إسرائیل الغاصبة، تری کیف إسرائیل تتوسع بصورة مستمرة، والثورة الفلسطینیة تتضاءل، إن إسرائیل مدت جذورها التنظیمیة والثقافیة والمالیة إلی کثیر من بلاد العالم، ولذا

ص:139

حفظت نفسها وأخذت تنمو، بینما الثورة الفسلطینیة بالعکس قطعت وبضربة واحدة أکبر جذورها، وهو الإسلام، فقطعت صلتها بالمسلمین، حیث صبغت نفسها بالعربیة فقط، إلی غیر ذلک مما لسنا الآن بصدد تفصیله.

ولیس فهم کیفیة الجذور وتکوینها شیئاً هیناً، وما أکثر إرادة الثورة فی العالم وما أقل الثورة، وذلک إما لعدم وجود الجذور، وإما لعدم تأهل الاجتماع للثورة، فإن الثورة الحقیقیة لا تقع إلاّ إذا تأهل الاجتماع لذلک، والتأهل یقوم علی أمرین أساسیین هما:

1) النقص فی مادیات الإنسان، أی مأکله ومشربه ودوائه وسکناه وما أشبه، فإن ذلک یبعث علی الثورة.

2) النقص فی معنویات الإنسان، أی آرائه وأفکاره، فإن الإنسان لا یرید المادیات فحسب، بل یرید أن یؤخذ برأیه أیضاً.

ولذا تشتبه الحکومات الدیکتاتوریة، حیث قد تهتم لمادیات الناس وکأنها فعلت کل شیء، بل اللازم أن یکون الاهتمام السیاسی بقدر الاهتمام الاقتصادی، فإن الکرامة الإنسانیة تبعث علی احترام آرائه، فإذا رأی أن آراءه لا تحترم ثار من أجل ذلک.

ضرورة توزیع القدرة بین القوی

ضرورة توزیع القدرة بین القوی

ب: الثوار الذین یصلون إلی الحکم، یزعم کل فریق منهم أنه یقدر علی الاستبداد بالحکم، فإن کانت القدرة موزعة بین الثائرین کان بینهم التراشق بالکلمات والتهم، وإذا رجحت کفة القدرة فی بعض الأطراف یأخذه الغرور فیستبد بالحکم ویزعم لنفسه أنه الثائر الحقیقی، وأن من عداه لم یکن لهم

ص:140

نصیب فی الثورة وأنهم لا یستحقون شیئاً.

وهذا الزعم الإفراطی والعمل المساند له یعطی رد الفعل المعاکس، حیث یزعم الذین ینحون عن الحکم أن الثورة ثورتهم، وأن المستبد لم یکن له نصیب، وأنه سارق الثورة، وأنه یجب أن ینحی بالقوة، لیقودوا هم الثورة، وهنا یحدث أحد ثلاثة أشیاء:

1: الثورة المضادة.

2: الحرب الأهلیة.

3: منظمات الاغتیال لأجهزة الحکم.

1) فالثورة المضادة هی ثورة الذین نحوا عن الحکم، وإنما یثورون لأن لهم جماعة کجماعة الباقی فی الحکم، وهم ثوریون أیضاً، ولا فرق بین الحاکم وهم، إلاّ أن بید الحاکم القوة والدعایة، وما أسهل ما یحصل علیه المنحون، وقد حدث هذا فی زمان قاسم، حیث نحی زملاءه کسلام، ولم تمض سنوات إلاّ وقام المنحون بالثورة المضادة، فأزالوا حکمه وقتلوه.

ولا یخفی أن الثورة المضادة بهذا المعنی غیر الثورة المضادة بمعنی قیام أنصار الحکم البائد بالثورة ضد الثوار الجدد، فإن لهم أیضاً قیاماً، سواءً کانت الثورة شعبیة جماهیریة، أو انقلابیة عسکریة، وإن کان قیام العهد البائد بالثورة الجماهیریة أصعب، ولا یحالفه النجاح غالباً، لأن العهد البائد لا شعبیة له حتی ینتظر تصفیق الناس لثورته، والثورة إذا لم تکن جماهیریة، ولم یکن لها مصفقون فی العسکریة، لا تجد مناخاً ملائماً للظهور.

2) والحرب الأهلیة، حیث یکون أنصار الطرفین، الثورة والثورة المضادة، بقدر یتمکن کل منهما من المقاومة وحرب الشارع، خصوصاً إذا وجدت

ص:141

الثورة المضادة محلاً جغرافیاً ملائماً، مثل الجبال والغابات، وقد حدث هذا فی زمان قاسم فی العراق بسبب الأکراد، وفی الیمن، مما سبب القلاقل إلی الآن بعد ربع قرن فی شمال العراق، وقسم الیمن إلی شطرین.

وبالمناسبة فلا یختفی دور الغرب والشرق فی أمثال هذه القلاقل والانقسامات، لقاعدة: (فرق تسد)، ولأنه کلما کانت المشاکل فی بلاد العالم الثالث أکثر، کان سادة لندن وباریس ونیویورک والکرملین فی راحة أکثر، ولذا نجد کل طرف من هؤلاء الاستعماریین یتفق سراً مع طرف من الأطراف المتنازعة فی کل من (1 و2 و3).

3) وإذا لم یتمکن المنحون من الأولین، شکلوا عصابات الاغتیال لأجل ضعضعة الحکم، وسلب ثقة الناس من الحکام الجدید، حیث إن الحکم الذی لایتمکن من حفظ الناس لیس جدیراً بالبقاء، وقد تحصص عصابات الاغتیال أمرها بالنسبة إلی أرکان الحکم، وقد تعممه إلی کل أحد لسلب الثقة، والغالب أن تسلک الطریق الثانی إذا لم ینفع الطریق الأول فی وصولها إلی هدفها.

والحاصل: إنه کلما حصلت الدیکتاتوریة کان معناه عدم تحکیم الکلمة، وکلما لم تحکم الکلمة کان الحکم السیف، وذلک بخلاف الاستشاریة فإن المحکم فیها الکلمة، والحوار المفتوح یمنع من تزاید الکره، کماً وکیفیاً، فالذین یکرهون الحکم لا یجدون الأنصار حتی یزداد عددهم، کما أن الذین یکرهون الحکم لایزدادون کرهاً، بل یبقی کرههم عند الحد القلیل فلا یتطور کیف الکره إلی الغلیان، وإلی أحد الأمور الثلاثة الآنفة الذکر.

ولذا فالواجب علی الحکم الجدید أن یعطی الحریات ویجمع شمل الناس.

ص:142

1: بتکوین الأحزاب الحرة.

2: وجعل وزارة الشباب حتی لا یلتف الشباب حول الناقمین، فإن الشباب لکثرة حاجاتهم وسرعة انفعالهم یلتفون حول کل ناقم، فإذا کانت وزارة لهم التفوا حولها، وبذلک یسحب البساط من تحت الناقمین.

3: الاهتمام بإرضاء الطبقة المتوسطة، لأنهم هم الذین ینشرون النقمة، فیلتقط النقمة الشباب ومن إلیهم، ویخلقون المشکلة للحکومة الجدیدة، وتواضع الحکومة أمام الأحزاب والشباب والطبقة المتوسطة خیر من تحطم سمعتها وإشرافها علی السقوط، بل کثیراً ما تسقط، کما لا یعز مثاله فی السابق وفی العصر الحاضر.

الجذور بعد تکون الدولة

الجذور بعد تکون الدولة

ثم اللازم فی الحکومة الجدیدة الجماهیریة _ إذ لیس الکلام فی الانقلابات العسکریة _ ملاحظة ثلاثة أمور:

1) الجذور، فالجذور لیست ضروریة لأجل إسقاط الحکم السابق فقط، بل ضروریة لأجل بقاء الحکم الجدید، والجذور عبارة عن الارتباطات لا فی داخل البلاد فحسب، بل فی خارجها أیضاً بمساندة الشخصیات والإذاعات وسائر الأعلام والمراکز للحکم الجدید، فإن الحکم کالشجرة کلما کانت جذورها أکثر، کان احتمال سقوطها فی العواصف أقل.

أما المساندة من الأشخاص فی الداخل، فذلک أمر حیوی للحکومة، فاللازم تقلیل عدد الناقمین مهما أمکن، وتقلیل نقمة الناقم مهما أمکن أیضاً

ص:143

یجب أن تکون الحکومة عصریة

یجب أن تکون الحکومة عصریة

2) وأن تکون الحکومة عصریة، فکما أن العصر الحاضر لا یمکن فیه استعمال المراوح الخوصیة، والدواب للسفر، والشموع الزیتیة وهکذا، کذلک لا یمکن للشعوب فی العصر الحاضر الاعتماد علی حکومات من الطرز القدیم، فإن أصر الحاکم علی ذلک الطراز أسقطه الشعب بعدم الانتخاب فی الاستشاریة، وبالقوة فی الاستبدادیة.

والمراد بالعصریة:

أ: تهیئة وسائل العصر البشریة، کالأطباء والمهندسین والعلماء وأصحاب الخبرات والعقول المخططة والمفکرة والفنیین وما إلیهم، فإن کل عالم وخبیر رکن من أرکان الدولة، وبقلة هؤلاء فی دولة تضعف الدولة وتصیر مجبورة علی استیراد الخبراء من الخارج، وذلک نقص فی سیادة الدولة، مع أنه محل إثارة الناس ضد الدولة، ومنفذ الاستعمار إلی البلاد.

ب: والمادیة، من المعامل والصنائع والتراکتورات والأجهزة وما إلی ذلک.

ج: والأنظمة، فإن للنظام الحدیث الذی وصلت إلیه أحدث الأفکار البشریة أهمیة کبیرة فی استقرار الدولة وتقدمها.

ولا یمکن ذلک إلاّ إذا أسندت القیادات _ کالوزارات وما أشبه _ إلی کفاءات، من غیر نظر إلی الولاء، فإن الإدارة تسیرها بالسیر الحسن الکفاءة لا الولاء، والقیادة الکفوءة هی التی تجمع شروطاً مثل:

1) الإیمان.

2) والأخلاق.

3) والشعور المرهف بالمسؤولیة.

ص:144

4) والاستمرار فی العمل.

5) والذکاء.

6) والقدرة علی اتخاذ القرارات.

7) والحماس.

8) وجذابیة القیادة لتتمکن من التأثیر فی المرؤوسین.

9) والحزم.

10) والخبرة الکافیة.

وهذه الشروط وإن کانت صعبة الاجتماع، إلاّ أن الحکومة إذا کانت جماهیریة بأن التف الناس حولها، تمکنت من أن تجد مثل هذه القیادات بعدد لا بأس به، فإن الحکومة إنما ینفض الناس من حولها إذا اتصفت بالکبر والأنانیة والغرور والاستبداد، وإلاّ التف الناس حولها، ووجدت القیادات الکفوءة لتضع الإنسان المناسب فی المکان المناسب.

وحتی الولاء لیس بمهم فی الحکومات الشعبیة، ولذا قال السیاسیون: بأن الحکومات الحزبیة عند وصولها إلی الحکم یلزم علیها ملاحظة الکفوء فی إسناد المناصب، ولو کان من الحزب الآخر، لا ملاحظة أن یکون المسند إلیه من حزب الحاکم، وإن لم یکن بکفایة زمیله فی الحزب الآخر.

إسلامیة الدولة وتفوقها علی النظم الأخری

3) وأن تکون الحکومة ذات مستوی مساو للحکومات الدیمقراطیة، بل الأمر فی الحکومات الدینیة أصعب، حیث یلزم علیها أمران:

أ: إثبات أن الحکومة الدینیة أفضل من الحکومة الدنیویة.

ص:145

ب: أن تکون امتداداً لحکومة الرسول (صلی الله علیه وآله) وعلی (علیه السلام)، إذ الناس ینظرون إلی الحکومة الدینیة بذلک المنظار.

هذا مع الغض عن أن معنی الحکومة الدینیة هو أن تکون امتداداً لهما (علیهما السلام).

من سمات الحکومة الإسلامیة

من سمات الحکومة الإسلامیة

وکیفیة حکومة الرسول (صلی الله علیه وآله) وعلی (علیه السلام) موجودة فی ألوف الکتب، وماثلة فی أذهان الناس، وتتلی فی الإذاعات، وتصور فی التلفزیونات، وتکتب فی الصحف، وحتی أطفال المدارس یقرؤون کیفیتها فی کتبهم الابتدائیة.

1: فقد کانت الحریات متوفرة للعقیدة: {لا إکراه فی الدین}((1))، وللرأی، ولذا قال بعض الصحابة فی الحدیبیة وغیرها ما قال، ولم یعاقبه الرسول (صلی الله علیه وآله)، وکذلک توفرت الحریة فی الزراعة، والصناعة، والتجارة، والسفر، والإقامة، والعمارة، وحیازة المباحات، والزواج حتی بأربع، وغیرها وغیرها.

2: والضرائب کانت خُمساً وزکاةً، وجزیةً وخراجاً، فقط.

3: وحصلت کل عائلة فی زمان علی (علیه السلام)، وهو یحکم علی خمسین دولة فی الجغرافیا الحدیثة، وله أکبر دولة فی عالم ذلک الیوم، علی دار ورزق.

4: ولم یکن حتی فقیر واحد فی بلد، ولذا تعجب (علیه السلام) من النصرانی المتکفف وقال: «أنفقوا علیه من بیت المال راتباً»((2)).

5: وکانت تقسم الضرائب فی نفس البلد، فإن زاد شیء أرسل إلی بیت المال، کما أمر الرسول (صلی الله علیه وآله) بذلک.

ص:146


1- سورة البقرة: الآیة 256.
2- وسائل الشیعة: ج6 ص49.

6: ومن مات وله مال فماله لوارثه، ومن مات وعلیه دین فدینه علی بیت المال، کما قال الرسول (صلی الله علیه وآله) ((1)).

7: والناس مسلطون علی أموالهم وأنفسهم((2)).

8: وکل المسلمین أخوة، لا فرق بین قدیم الإسلام وجدیده، وبین العربی والفارسی والرومی والحبشی وغیرهم، فلا تمایز إطلاقاً إلاّ بالتقوی، ولا امتیازات.

9: ولا حدود لبلاد الإسلام، ولا جنسیة، ولا إقامة، ولا ورقة مهنة، ولا غیرها وغیرها من الحدود والقیود.

10: ولا کمارک.

11: والنبی والإمام (علیهما السلام) فی متناول الجمیع، فلا حجاب ولا أبواب ولا قصور.

12: وکیفیة أخذ الضریبة إنسانیة إلی أبعد حد، کما کان یأمر علی (علیه السلام) عامله إذا أرسله لجمع الصدقات.

13: والأقلیات محترمة إلی أبعد حد، حتی أن الله یدافع عنهم {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبیع وصلوات ومساجد یذکر فیها اسم الله کثیراً}((3))، وإنما المجال للحوار فقط، وذلک جدالاً بالتی هی أحسن.

14: وإذا تآمروا علی قتل الإمام (علیه السلام) وقتله أحدهم قال: «لا یُقتلن بی غیر قاتلی»((4)).

ص:147


1- انظر الکافی: ج1 ص406 وفیه: قال صلی الله علیه وآله: (من ترک دَیناً أو ضیاعاً فعلیّ ومن ترک مالاً فلورثته).
2- بحار الأنوار: ج2 ص272.
3- سورة الحج: الآیة 40.
4- بحار الأنوار: ج42 ص239 ب127.

15: ولم یسجن الرسول (صلی الله علیه وآله) إلاّ نادراً جداً، وکان سجن الإمام (علیه السلام) وفی الکوفة أربعة ملایین، سجناً صغیراً ولم یسجن إلاّ أفراداً معدودین.

16: والعفو عن المجرم سیرتهما (علیهما السلام)، کما فی فتح المکة، وحروب البصرة وصفین والنهروان، وحتی أن الرسول (صلی الله علیه وآله) عفی عن قاتل عمه حمزة، وبنته زینب، وعمن أراد قتله فی العقبة.

17: ویتقاضی الرسول (صلی الله علیه وآله) وهو رئیس الدولة مع أعرابی إلی أحد أصحابه، ویتقاضی علی (علیه السلام) وهو رئیس أکبر دولة مع یهودی إلی قاضیه.

18: والحکم بسیط إلی أبعد حد، فأسید یحکم مکة، وسلمان یحکم المدائن، وهکذا، فالحکم فی نظر الإسلام ضرورة، والضرورات تقدر بقدرها.

19: ویعزل القاضی إذا علا صوته صوت الخصمین، کما عزل علی (علیه السلام) أبا الأسود لذلک((1)).

20: کما یعزل الوالی إذا اشتکت علیه ولو امرأة، کما عزل علی (علیه السلام) والیه لذلک((2)).

21: ویعیش الحاکم الأعلی کعیش أحد الأفراد، بل أنزل((3))، فکان الرسول (صلی الله علیه وآله) یشد حجر المجاعة، ویطعم الناس الأحمرین وهو یطعم الأسودین، وعلی (علیه السلام) لا یترک خادمته تخلط خبزه بالدهن، ویأکل اللحم کل سنة مرة فی الأضحی، لأنه یعلم أن کل المسلمین یأکلون فی ذلک الیوم اللحم.

22: وإذا أخطأ المنفذ تحمل الرسول (صلی الله علیه وآله) دیة من قتلوا حتی یعطی دیة خوف

ص:148


1- مستدرک وسائل الشیعة: ج3 ص197.
2- بحار الأنوار: ج41 ص119.
3- انظر بحار الأنوار: ج41 ص116: وفیه قوله علیه السلام: (فوالله ما أنا وأجیری هذا إلاّ بمنزلة واحدة).

النساء وضجة الأطفال، وضرب علی (علیه السلام) قنبراً سوطاً لأنه زاد فی الضرب سوطاً((1)).

23: ویستعد الرسول (صلی الله علیه وآله) لضرب سوادة إیاه، لأنه ادعی أن الرسول (صلی الله علیه وآله) ضرب بعصاه، والرسول (صلی الله علیه وآله) مریض مشرف علی الرحیل، قائلاً (صلی الله علیه وآله): «إنه لا یتحمل القصاص فی الآخرة»((2)).

24: ولیست الدولة دولة شعارات ومجرد کلام، وإنما دولة أعمال وحقائق.

25: والمظاهرات ضد الإمام (علیه السلام) لا تقابل بالشدة.

26: وحتی المنافق الذی یسب الإمام (علیه السلام) یقابل بالعفو، کما فعله مع ابن کوا، والأشعث وغیرهما((3)).

27: ویقتنع فی ردع أشد الأعداء المنافقین _ الذین هم العدو وفی الدرک الأسفل _ بالکلام فقط، أما المعاملة فإنها إنسانیة إلی أبعد حد، ولذا صلی الرسول (صلی الله علیه وآله) علی ابن أُبی، والحال أنه هو الذی أنزلت فیه سورة المنافقین((4)).

28: وحتی قاذف زوجة الرسول (صلی الله علیه وآله) لا ینال من الرسول (صلی الله علیه وآله) إلاّ التهدید لا العقاب.

29: ویعطی الإمام أمیر المؤمنین (علیه السلام) الخوراج أعطیاتهم من بیت المال.

30: وفی منطق الإمام (علیه السلام): «الناس إما أخ لک فی دین، أو نظیر لک فی الخلق»((5)).

ص:149


1- انظر وسائل الشیعة: ج18 ص312 الباب2 من أبواب مقدمات الحدود ح3. ومستدرک وسائل الشیعة: ج3 ص216 الباب3 من أبواب مقدمات الحدود ح2 (وفیهما ثلاثة أسواط).
2- انظر مستدرک وسائل الشیعة: ج18 ص287 ب20 ح22772.
3- انظر نهج البلاغه: قصار الحکم 420.
4- انظر تفسیر القمی: ج2 ص368.
5- نهج البلاغة: الکتب 53.

31: ویشمل العطاء الأعداء، کما أعطی الرسول (صلی الله علیه وآله) کفار مکة من غنائم خبیر کما فی التاریخ، وکذلک أعطی علی (علیه السلام) الماء لأهل صفین، وسارعلی ذلک الحسین (علیه السلام) فی إعطاء الماء لمن جاؤوا لقتله.

32: کما یوصی بالاعداء، کما أوصی علی (علیه السلام) بالخوارج، فقال: «لا تقتلوا الخوارج من بعدی»((1)).

33: ولا استبداد، بل استشارة فی الأمور: {شاورهم}((2))، و: {أمرهم شوری}((3)).

34: ویحمل الإمام (علیه السلام) قربة الماء للعجوز، ویسجر لها التنور ویلعب أطفالها((4)).

35: والاختیار فی تعیین الحاکم بید الأمة، کما فی آیة الشوری وقاله علی (علیه السلام) والرضا (علیه السلام) _ بالنسبة إلی غیر من عینه الله _ فلا حکومة وراثیة، ولا انقلابات عسکریة، ولا انتصابات حکومیة، إلی غیرها وغیرها، مما یجدها الباحث فی الروایات والتفاسیر والتواریخ.

ملامح النظام الدکتاتوری

من سمات الحکومة الإسلامیة

بقی شیء، وهو أن الفارق بین الدیکتاتوریة والاستشاریة واضح لکل من له أقل إلمام بالأمر، ویعرف الدیکتاتور من کل مواقفه، وإن کانت بعض مواقفه تظهر استبداده أکثر، مثل:

1: إن الدیکتاتور یمدح نفسه وذویه بإسهاب، تعریضاً وتصریحاً وتلویحاً، بینما یتوقف عن مدح من سواه، وإن کان ذلک الغیر أجل منه قدراً، وأحسن

ص:150


1- نهج البلاغه: الخطب 61.
2- سورة آل عمران: الآیة 159.
3- سورة الشوری: الآیة 38.
4- بحار الأنوار: ج41 ص52.

منه کفاءة، وقد کان عبد الکریم قاسم یقول عن ثورته: إنها ما لم یتفق مثلها منذ خمسة آلاف سنة فی العراق.

2: الدیکتاتور یخفی علی أعماله السریة، حیث یرید أن لا تنکشف عوراته، لکن بالعکس من إرادته تظهر سوءاته للناس، وقد قال الشاعر:

ومهما تکن عند امرئ من خلیقة

وإن خالها تخفی علی الناس تعلم

3: والدیکتاتور یتآمر علی أعدائه ویمکر بهم، لإلقائهم فی التهلکة، ویلصق بهم التهم والأکاذیب، لکن سرعان ما یظهر تآمره وتنکشف عوراته.

وقد ورد فی الحدیث الشریف: «ومن کشف عورات الناس انکشفت عورات بیته»((1)).

وسئل (علیه السلام) عن الحیلة، فقال: «فی ترک الحیلة»((2)).

4: ومن عادة الدیکتاتور الکذب والریاء والنفاق والخدعة، وحیث إنه یعتاد تلک، یظن أن الناس کذلک، ولذا یرمیهم بها غافلاً عن أن لسان الإنسان مرآة قلبه، وقد قال المسیح (علیه السلام): «کل ینفق مما عنده».

5: عدم إشراک الناس فی أمور الدولة، وإنما یستبد بها هو وجماعته والمتزلفون حوله.

6: عدم وجود الصحف الحرة.

7: کثرة الضرائب، لتکفی نفقات مخططاته الوهمیة، وقد یکون الدیکتاتور سارقاً کبیراً یجمع المال لنفسه ولذویه.

8: خنق الحریات حتی الرأی والکلام.

9: شدة العقاب، کأن الدیکتاتور یری نفسه فوق الجمیع، ولذا یعاقب بشدة وقسوة کل من خالف أمره، أو لم یطع رأیه.

ص:151


1- انظر الکافی: ج2 ص354 باب من طلب عثرات المؤمنین ح2.
2- بحار الأنوار: ج35 ص382 ب18.

10: عدم کشفه عن المال کیف یصرف، لأنه یرید أن یصرفه لنفسه وذویه أو أهوائه، مما إذا الطلع الناس علیه منعوه عن ذلک، وحتی إذا أظهر شیئاً أظهره مجملاً مبهماً، لتکون هناک فجوة یتمکن بسببها من استلاب المال لصرفه حسب هواه.

11: عدم الانتخابات إطلاقاً، أو انتخابات مزیفة حسب ما یمهد الجو لمرشحه، حیث لیس هناک أحزاب حرة وصحف حرة لتکشف زیف الانتخابات.

12: کون محاکم القضاء ألعوبة بیده، ینصب من یشاء، ویعزل من یشاء، ویخفف کما یرید، ویشدد کما یرغب.

13: إظهار المؤامرات المزیفة لتصفیة من یشاء من خصومه، جسدیاً أو اجتماعیاً، بإلصاق التهم بهم لإسقاطهم من أعین لناس.

14: مصادرة أموال الناس کیف یشاء، کما رأینا کیف صادر ناصر أموال التجار باسم الاشتراکیة.

15: العدوان علی الجیران بألف اسم واسم، کما فعله ناصر وقاسم والبعث ومن إلیهم.

16: یرفع کل مرتبط به إلی ما یشاء من القمم، ولو کانوا بدون کفاءة، ویخفض کل من لیس بمرتبط به إلی ما یشاء، ولو کان له الکفاءة.

17: تحکیم الانتسابات علی الکفاءات فی موظفیه، فالمعیار فی الوظیفة الولاء لا غیر ذلک.

18: یختفی هو وراء أعماله، فإن ظهر عند الاجتماع حسناً أظهر أنه لنفسه، وإن ظهر عند الاجتماع سیئاً جعل تبعة ذلک علی غیره، وأظهر نفسه

ص:152

بریئاً حتی کأنه لا اطلاع له إطلاقاً، وإذا ظهر فی الأمر خطأ کبیر عزل إنساناً کبیراً أو قتله بتهمة أنه أخطأ ذلک، وقد قتل ناصر عامراً لیلقی بتبعه النکسة علیه.

19: التکثیر من البولیس السری بمختلف الأسماء والعناوین، لیضبط وحده الأمر، ولا یدع مجالاً لأحد غیره.

20: ما یمدحه الیوم یذمه غداً، وبالعکس، لأنه یرید شخصه، وإن نادی بالهدف جعله ستاراً لدیکتاتوریته، قال سبحانه: {ولاتطع من أغفلنا قلبه عن ذکرنا واتبع هواه وکان أمره فرطا}((1)).

21: یجمع حوله الإمّعات، لأنه لا یتحمل ذوی العقول والآراء الحرة، فإنه یتلهف علی المدح، ولا یطیق القدح، والأحرار یقدحون ویمدحون، بالعکس من الإمّعات، حیث لیس فی کیسهم إلاّ المدح، وفی المثل: (صدیقک من صَدَقَک، لا من صَدَّقَک).

22: یکثر من موظفی الدولة بمختلف العناوین، لیکثر حوله المصفقون، ولیتلافی بالکم ما فقده من الکیف بزعمه.

23: وتبعاً لتحکیم المحسوبیات والانتسابات علی الکفاءات، تتحطم الزراعة والصناعة والثقافة والتجارة والتربیة فی عهده، حیث لا کفاءات لإدارتها.

24: یحول دون الخدمات الاجتماعیة فلا مدارس أهلیة، ولا مؤسسات بید الجمعیات وهکذا، وذلک لأنه یرید انتساب کل شیء لنفسه، فلا یرضی بأن

ص:153


1- سورة الکهف: الآیة 28.

یعمل غیره عملاً خیریاً فی أی من أبعاد الحیاة.

25: یطبع کل المؤسسات والشوارع والمشاریع باسمه وأسماء أصدقائه.

26: المبالغة فی ذم أعدائه بکل الوسائل وشتی الأنواع.

27: جعل الحلول العسکریة الاعتباطیة للقضایا بدون مراعاة الموازین الإنسانیة.

28: ولو تجرأ رفع نفسه علی الأنبیاء والمرسلین (علیهم السلام)، کما قال أحد الولاة: (خلیفة الرجل أفضل من رسوله، وفلان خلیفة الله، أما محمد (صلی الله علیه وآله) فهو رسول الله، فالأموی الفلانی أفضل من رسول الله، صلی الله علیه وآله)!.

29: ویبقی دائماً فی الحکم بمختلف الأسماء.

ص:154

حرکة التاریخ

اشارة

حرکة التاریخ

(مسألة 42): هل التاریخ یصعد أو ینزل أو یدور, اختلاف بین علماء الاجتماع.

فالمشهور منهم قالوا بصعود التاریخ وتقدمه، لکن لا بمعنی عدم المیل والتعرج له، بل بمعنی أن الأصل تقدمه إلی طرد، وإنما المیل والدوران والتنزل فیه أمر عارض لا یوجد حتی یرتفع ویأخذ التاریخ مسیره التکاملی.

وجماعة قالوا: بأن التاریخ آخذ فی النزول بالنسبة إلی الإنسان الذی هو المحور، وإن کان فی صعود بالنسبة إلی الآلة، إذ الآلة جماد لیس الکلام فیها بمهم فی هذا البحث، وإنما الکلام فی الإنسان.

ومعنی نزول التاریخ بالنسبة إلیه أن تزداد مشاکله حیناً بعد حین حتی تصل الحیاة إلی ما لا یطاق، ویدل علیه ما یحدث التاریخ من رفاه الآباء بما لایوجد مثله فی الحال الحاضر، حتی أن کل إنسان تراه یکون مهموماً ولو من جهة.

أما الذین ذهبوا إلی دوران التاریخ، فقالوا: التاریخ یعید نفسه، فلا صعود ولا نزول، وإنما یتقدم خطوة لیتأخر بعد ذلک خطوة، وکلما صلح حال الإنسان من جانب فسد من جانب، فی کل زمان قدیسون وأشرار، وظالمون ومظلومون، ومرفهون وفقراء، وهکذا، وهذا معنی دوران التاریخ.

ص:155

الإنسان فی طریق الصعود

الإنسان فی طریق الصعود

والظاهر أن القول الأول أقرب، لما نری من تقدم الإنسان فی کل المیادین وشتی المجالات، ولسنا الآن بصدد تفصیل الأدلة والجواب، وإنما المهم أن یعمل الإنسان فی هذا الخط، لتقدیم الإنسان إلی الأمام، أما مشاکله فاللازم أن تحلّ، وحل المشاکل إنما یکون بالإیمان والتقوی، حیث یتبع ذلک عدم استغلال الإنسان للإنسان فی الحکم والعلم والاقتصاد، وإنما یکون لکل سعیه حسب کفاءته، کما ألمعنا إلی ذلک فی بعض المسائل السابقة.

کیف تتوفر سعادة الإنسان

الإنسان فی طریق الصعود

والهدف من صعود الإنسان سعادته، وهی لا تتوفر إلاّ فی ظل العدالة، وهی بمعنی إعطاء کل ذی حق حقه، وکما فی الأمور المادیة هناک حرکة أفقیة وحرکة عمودیة، فالإنسان قد یسیر من مکان إلی مکان، وقد یصعد إلی السطح، کذلک فی الحرکة المعنویة، قد یسیر الإنسان إلی الأمام، وهذا ما یسمی بالتقدم الکمی، وقد یصعد فی سیرة التاریخی، وهذا ما یسمی بالتقدم الکیفی، مثلاً کلما سببت الآلة سرعة السیر کان ذلک فی الکم، وکلما سببت رفاه المسافر کان ذلک فی الکیف.

فإذا تمکن الإنسان من تعمیم (الحریة) و(العدالة) و(الأخوة) کان ذلک حرکة فی الکم، أما إذا تمکن من تحسین کیفیة المذکورات کان حرکة فی لکیف.

وإن شئت قلت: إن الثلاثة الأول بمنزلة الواجب، والأخیر بمنزلة المستحب.

ص:156

قال سبحانه: {یأخذوا بأحسنها}((1)).

و(الحریة) عبارة عن إلغاء القیود سواء کانت علی روح الإنسان أو علی جسده، قال سبحانه: {یضع عنهم إصرهم والأغلال التی کانت علیهم}((2)).

فسوء الأخلاق وما أشبه یوجب الإصر، أما تحدید سفر الإنسان وإقامته وزراعته وتجارته فهو أغلال علی الإنسان.

و(العدالة) أن یعطی کل إنسان حسب حقه، وهی الحق، لا المساواة، إذ إعطاء المهندس بقدر العامل ظلم للمهندس، أما العکس أی إعطاء العامل بقدر المهندس فهو اعتباط، وقد یعبر عنه بأنه ظلم للمال، ولذا ورد: «لا تمنعوا الحکمة عن أهلها فتظلموهم، ولا تبذلوها لغیر أهلها فتظلموها»((3))، فإن إسکان الغزلان فی البستان لیفسدوا فیه ظلم للبستان.

أما (الأخوة) فهی أمر معنوی، فإن رؤیة الناس متساوین أمر عاطفی، بینما العدالة أمر عقلی، أما التساوی فی القانون وما أشبه فهو من العدالة، حیث لا مزیة لأحد علی الآخر، ولذا نری تارة یعبر بالعدالة، وأخری بالمساواة.

قال تعالی: {ومن یأمر بالعدل}((4)).

وقال (علیه السلام): «الناس من جهة التمثال أکفاء»((5)).

وقد یراد بالأخوة الأعم من العدالة والمساواة.

أما لوجعلت الثلاثة فی قبال الآخر، فیراد بالحریة ما ذکرناه،

ص:157


1- سورة الأعراف: الآیة 145.
2- سورة الأعراف: الآیة 157.
3- أصول الکافی: ج1 ص42.
4- سورة النحل: الآیة 76.
5- دیوان الإمام علی (علیه السلام): ص5.

وبالعدالة ما تقدم، وبالأخوة الأمر العاطفی، إذ لا أمر مادی بعد العدالة حتی یکون مشمولاً للأخوة، بل ربما یکتفی بالعدالة فقط، حیث إن الحریة أیضاً داخلة فیها، فإنه بدون إعطاء الحریة لا تکون عدالة.

مناقشة مع منکری التکامل الاجتماعی

مناقشة مع منکری التکامل الاجتماعی

وکیف کان، فقد استدل منکرو التکامل الاجتماعی بأن الناس یختلفون فی الحسن والقبح، فلا هدف واحد للجمیع، مثلاً الغربیون یعتبرون المذهب الرأسمالی حسناً، بینما یعده الشروق سیئاً، وفرعون وقومه کانوا یعدون السحر حسناً، بینما کان المؤمنون یعدونه قبیحاً، وفی بعض المجتمعات الحاضرة قتل المجرم حسن، بینما فی بعض المجتمعات الآخر قتله قبیح، وإنما یبدلونه بالسجن، إلی غیر ذلک من الأمثلة.

هذا بالإضافة إلی أنه لو فرض وحدة الهدف، فمن أین یمکن إثبات أن الوصول إلی ذلک الهدف الواحد تکامل.

وفی کلا الوجهین نظر، إذ لا شک أن الواقع واحد، وإنما یصل إلیه من وصل، ولم یصل إلیه من لم یصل، فلیس الحسن والقبح مطلقاً نسیباً، وإلاّ لکان قتل الأبریاء بلا سبب، وحکم القاضی علی خلاف القانون وخلاف ضمیره بإعطاء الحق للمبطل وما أشبه ذلک حسناً، أو لا حسن له ولا قبح، وکلاهما باطل وجداناً.

وإذا کان الهدف حسناً لم یکن معنی لعدم کونه تکاملاً، فإنه لا یراد بالتکامل إلاّ الوصول إلی الهدف الحسن.

ص:158

سبب اختلاف المجتمعات

سبب اختلاف المجتمعات

وبذلک تبین أنه إذا رأینا اختلاف المجتمعات البشریة فی بعض الأمور، لابد وأن یعلل ذلک بأحد أمرین:

1: انحراف أحدهما عن الحقیقة، إذا کان بین الأمرین تناقض، وإلاّ أمکن انحراف کلیهما، مثلاً لو رأینا بعض المجتمعات کالرأسمالیین والشیوعیین یحسّنون الحرب والاستعمار، ورأینا العالم الثالث یقبّحهما، فإنه لابد وأن یکون أحد الطرفین باطلاً، إذ لا یعقل أن یکون شیء واحد حسناً وغیر حسن، کما ثبت فی المنطق.

ومثال انحراف کلا الطرفین، مثل کون المال بید الدولة کما یقوله الشیوعیون، أو بید زمرة خاصة من الأثریاء کما یقوله الرأسمالیون، فإن کلیهما باطل، حیث إن اللازم کون المال بید من یحصل المال بدون الإجحاف، کما ذکرنا تفصیله فی (الفقه _ الاقتصاد).

2: أو اختلاف الظروف فی المجتمعین مما لا یکون اختلاف فی الحقیقة، فإن أی واحد من المجتمعین لو کان فی ظروف المجتمع الآخر کان یعمل کما عمله المجتمع الواجد للظروف، وبالعکس، مثل: عمل الأطفال، فإنه یحسّنه المجتمع الفقیر، ویقبّحه المجتمع الغنی، ذلک لأن الأول محتاج إلی عملهم، بما یجعل العمل أحسن من باب الأهم والمهم، بینما المجتمع الثانی لا یحتاج، فالأمر یبقی علی أصله من قبح استعمالهم، لأنه یذوی شخصیتهم ویعّقد أنفسهم فیما لم یکن عملاً ترفیهیاً، مثل إعطاء الماء للحدائق والطعام للحیوانات وما أشبه.

ص:159

تعالیم الأنبیاء هی العلاج

تعالیم الأنبیاء هی العلاج

ثم إن ما نشاهده الآن فی المجتمع الإنسانی من الاضطراب والقلق والتحیر والتهدید، لیس لأن الإنسان وصل إلی طریق مسدود، وإنما لأن الإنسان بقدر ما تقدم فی میدان العلم والصناعة لم یتقدم فی میدان الإیمان والتقوی.

وکما أنه إذا بدل السیف فی ید اللص بالبندقیة صار خطره أکثر، صار العلم هکذا، حیث إن التقدم العلمی والفنی سبب أن تشتد عضلات الذین لا یؤمنون بالآخرة ولا یتصفون بالفضیلة والتقوی.

فإذا تمکن عقلاء العالم من تأمین کیان الناس، وإرجاع تعالیم الأنبیاء (علیهم السلام) إلی البشر زال هذا الخطر، وذلک لا یمکن إلاّ بإزالة نظام الرأسمالیة والشیوعیة، حیث إن رؤساء هذین النظامین ذوو أطماع، ومن المعلوم أن الطامع إذا صارت له قدرة مادیة فسد وأفسد، وإزالة هذین النظامین لا أنه ینجی العالم الثالث فحسب، بل ینجی نفس العالمین الشرقی والغربی من مآسی هذین النظامین.

وإلاّ فلا ینبغی الإشکال فی أن البشریة تقدمت تقدماً کبیراً، فالولادة کثرت، والأمراض تعالج بسرعة، والأمراض التی کانت تحصد الإنسان حصداً کالوباء والطاعون أزیلت کلیة أو قلت إلی حد کبیر، والسفر صار سهلاً، وساعات العمل تقلصت، والعلم أخذ فی التعمیم، وصعوبات العمال والفلاحین قلّت، بسبب المعامل والتراکتورات، والإعمار طالت نوعاً ما بسبب الوسائل الصحیة الحدیثة، ووسائل راحة الإنسان کالکهرباء وأنابیب الماء ونحوهما کثرت، وأسباب التنزه ازدادت، والاجتماعات تقاربت، إلی غیرها مما ألمعنا إلی بعضه فی طی المسائل السابقة.

ص:160

وقد أخذ الاجتماع یتحول إلی التجدید بسرعة کبیرة، إذ من الواضح أنه کلما تقدم العلم أخذ یسرع فی التقدم أکثر، لتراکم المعلومات السابقة.

وقد أحصی بعض علماء الاجتماع الاختراعات لشبه قارة واحدة من المدن الصناعیة، فکانت بین سنة 1860 إلی 1869م سبعة آلاف، وبین 1870 إلی 1879م ثلاثة عشر ألف، وهکذا ازداد العدد فی کل فترة إلی أن وصل عدد الاختراع بین سنة 1950 إلی 1955 م أربعین ألف اختراع.

لا شک أن جملة من هذه الاختراعات تدمیریة، إلاّ أن أکثرها بنائیة، والتدمیریة یجب أن تزال بزوال أسبابها، وهی النفوس الشریرة، فإذا طهرت النفوس تبدلت حتی التدمیریة إلی البنائیة، وما ذلک علی الله بعزیز.

«اللهم إنا نرغب إلیک فی دولة کریمة، تعز بها الإسلام وأهله، وتذل بها النفاق وأهله، وتجعلناه فیها من الدعاة إلی طاعتک، والقادة إلی سبیلک، وترزقنا بها کرامة الدنیا والآخرة»((1)).

سبحان ربک رب العزة عمّا یصفون، وسلام علی المرسلین، والحمد لله رب العالمین، وصلی الله علی محمد وآله الطیبین الطاهرین.

محمد بن المهدی الحسینی الشیرازی

ص:161


1- الکافی: ج3 ص424.

ص:162

ص:163

خاتمة

اشارة

خاتمة

روایات شریفة فی العلاقات الاجتماعیة

هناک زخم کبیر من الأحادیث الشریفة، المرویة عن رسول الله (صلی الله علیه وآله) وعن أئمة أهل البیت (علیهم السلام) وردت بشأن العلاقات العامة والاجتماعیة، ترتبط بعلم الاجتماع من قریب أو بعید، تعد بالألوف والألوف.

انتخبنا منها هذه النبذة، نضعها بین یدی القراء الکرام لإتمام الفائدة، وإکمال الموضوع.

ولا یخفی أننا ترکنا فهم أبعادها وما یستفاد منها إلی مستویات المطالعین المختلفة، کل یقتبس منها بمقدار فهمه وفطنته، لأن استیعاب الکلام حولها یحتاج إلی مجلدات ضخمة، والله ولی الهدایة.

ص:164

1: کیفیة السلوک الاجتماعی

1: کیفیة السلوک الاجتماعی

عن معاویة بن وهب، قال: قلت لأبی عبد الله (علیه السلام): کیف ینبغی لنا أن نصنع فیما بیننا وبین قومنا، وفیما بیننا وبین خلطائنا من الناس، قال: فقال: «تؤدون الأمانة إلیهم، وتقیمون الشهادة لهم وعلیهم، وتعودون مرضاهم، وتشهدون جنائزهم»((1)).

وعن أبی أسامة زید الشحام، قال: قال لی أبو عبد الله (علیه السلام): «اقرأ علی من تری أنه یطیعنی منهم ویأخذ بقولی السلام، وأوصیکم بتقوی الله عزوجل، والورع فی دینکم، والاجتهاد لله، وصدق الحدیث، وأداء الأمانة، وطول السجود، وحسن الجوار، فبهذا جاء محمد (صلی الله علیه وآله)، وأدوا الأمانة إلی من ائتمنکم علیها براً أو فاجراً، فإن رسول الله (صلی الله علیه وآله) کان یأمر بأداء الخیط والمخیط، صلوا عشائرکم، واشهدوا جنائزهم، وعودوا مرضاهم، وأدوا حقوقهم، فإن الرجل منکم إذا ورع فی دینه وصدق الحدیث وأدی الأمانة وحسن خلقه مع الناس، قیل هذا جعفری، فیسرنی ذلک، ویدخل علی منه السرور، وقیل هذا أدب جعفر، وإذا کان علی غیر ذلک دخل علیّ بلاؤه وعاره، وقیل هذا أدب جعفر، والله لحدثنی أبی (علیه السلام): إن الرجل کان یکون فی القبیلة من شیعة علی (علیه السلام) فیکون زینها، أدّاهم للأمانة، وأقضاهم للحقوق، وأصدقهم للحدیث، إلیه وصایاهم وودائعهم، تسأل العشیرة عنه فتقول من مثل فلان، إنه أدانا للأمانة، وأصدقنا للحدیث»((2)).

ص:165


1- وسائل الشیعة: ج8 ص398.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص398.

وعن معاویة بن وهب، قال: قلت له: کیف ینبغی لنا أن نصنع فیما بیننا وبین قومنا وبین خلطائنا من الناس ممن لیسوا علی أمرنا، فقال (علیه السلام): «تنظرون إلی أئمتکم الذین تقتدون بهم فتصنعون ما یصنعون، فوالله إنهم لیعودون مرضاهم، ویشهدون جنائزهم، ویقیمون الشهادة لهم وعلیهم، ویؤدون الأمانة إلیهم»((1)).

وعن حبیب الخثعمی، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: «علیکم بالورع والاجتهاد، واشهدوا الجنائز، وعودوا المرضی، واحضروامع قومکم مساجدکم، وأحبوا للناس ما تحبون لأنفسکم، أما یستحیی الرجل أن یعرف جاره حقه، ولا یعرف حق جاره»((2)).

وعن مرازم، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «علیکم بالصلاة فی المساجد، وحسن الجوار للناس، وإقامة الشهادة، وحضور الجنائز، إنه لابد لکم من الناس، إن أحداً لا یستغنی عن الناس حیاته، والناس لابد لبعضهم من بعض»((3)).

وعن عبد الله بن سنان، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: «أوصیکم بتقوی الله، ولا تحملوا الناس علی أکتافکم فتذلوا»، إن الله عزوجل یقول فی کتابه، {وقولوا للناس حسنا}((4))، ثم قال: عودوا مرضاهم، واحضروا جنائزهم، واشهدو لهم وعلیهم، وصلّوا معهم فی مساجدهم حتی یکون التمییز، وتکون المباینة منکم ومنهم»((5)).

ص:166


1- وسائل الشیعة: ج8 ص399.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص399.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص399.
4- سورة البقرة: الآیة 83.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص400.

وعن خثیمة، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «أبلغ موالینا السلام، وأوصهم بتقوی الله، والعمل الصالح، وأن یعود صحیحهم مریضهم، ولیعد غنیهم علی فقیرهم، وأن یشهد حیهم جنازة میتهم، وأن یتلاقوا فی بیوتهم، وأن یتفاوضوا علم الدین، فإن ذلک حیاة لأمرنا، رحم الله عبداً أحیی أمرنا، وأعلمهم یا خیثمة أنا لا نغنی عنهم من الله شیئاً إلاّ بالعمل الصالح، فإن ولایتنا لا تنال إلاّ بالورع، وأن أشد الناس عذاباً یوم القیامة من وصف عدلاً ثم خالفه إلی غیره»((1)).

وعن کثیر بن علقمة، قال: قلت لأبی عبد الله (علیه السلام): أوصنی، فقال: «أوصیک بتقوی الله، والورع والعبادة، وطول السجود، وأداء الأمانة، وصدق الحدیث، وحسن الجوار، فبهذا جاءنا محمد (صلی الله علیه وآله)، صلوا فی عشائرکم، وعودا مرضاکم، واشهدوا جنائزکم، وکونوا لنا زیناً، ولا تکونوا علینا شیناً، حببونا إلی الناس، ولا تبغضونا إلیهم، فجروا إلینا کل مودة، وادفعوا عنا کل شر»((2)) الحدیث.

وعن یحیی بن عمران، عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال: «کان أمیر المؤمنین (علیه السلام) یقول: لیجتمع فی قلبک الافتقار إلی الناس، والاستغناء عنهم، یکون افتقارک إلیهم فی لین کلامک، وحسن سیرتک، ویکون استغناؤک عنهم فی نزاهة عرضک وبقاء عزک»((3)).

وعن أبی أسامة، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: «علیکم بتقوی الله، والورع والاجتهاد، وصدق الحدیث، وأداء الامانة، وحسن الخلق، وحسن الجوار، وکونوا لنا زیناً، ولا تکونوا علینا شیناً»((4))الحدیث.

ص:167


1- وسائل الشیعة: ج8 ص400.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص400.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص401.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص401.

2: استحباب حسن المعاشرة والمرافقة

2: استحباب حسن المعاشرة والمرافقة

عن محمد بن مسلم، قال: قال أبو جعفر (علیه السلام): «من خالطت فإن استطعت أن تکون یدک العلیا علیهم فافعل»((1)).

وعن معاویة بن عمار، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «وطّن نفسک علی حسن الصحابة لمن صحبت، وحسن خلقک، وکف لسانک، واکظم غیظک، وأقل لغوک، وتغرس عفوک، وتسخو نفسک»((2)).

وعن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبی عبد الله، عن إسماعیل بن مهران، عن محمد بن حفص، عن أبی الربیع الشامی، قال: دخلت علی أبی عبد الله (علیه السلام) والبیت غاص بأهله، _ إلی أن قال: _ فقال: «یا شیعة آل محمد، اعلموا أنه لیس منا من لم یملک نفسه عند غضبه، ومن لم یحسن صحبة من صحبه، ومخالقة من خالقه، ومرافقة من رافقه، ومجاورة من جاوره، وممالحة من مالحه»((3)) الحدیث.

وعن محمد بن مسلم، عن أبی جعفر (علیه السلام) قال: «ما یعبأ بمن سلک هذا الطریق إذا لم یکن فیه ثلاث خصال: ورع یحجزه عن معاصی الله، وحلم یملک به غضبه، و حسن الصحبة لمن صحبه»((4)).

وعن صفوان الجمال، عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال: کان أبی (علیه السلام) یقول:  «ما یعبأ بمن یؤم هذا البیت، إذا لم یکن فیه ثلاث خصال: خلق یخالق به من صحبه، أو حلم یملک به غضبه، أو ورع یحجزه عن محارم الله»((5)).

ص:168


1- وسائل الشیعة: ج8 ص402.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص402.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص402.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص403.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص403.

وعن عمار بن مروان، قال: أوصانی أبو عبد الله (علیه السلام) فقال: «أوصیک بتقوی الله، وأداء الأمانة، وصدق الحدیث، وحسن المحبة لمن صحبت، ولاقوة إلاّ بالله»((1)).

وعن المفضل بن عمر، قال: دخلت علی أبی عبد الله (علیه السلام) فقال لی: «من صحبک»، فقلت له: رجل من إخوانی، قال: «فما فعل»، قلت: منذ دخلت لم أعرف مکانه، فقال لی: «أما علمت أن من صحب مؤمناً أربعین خطوة سأله الله عنه یوم القیامة»((2)).

وعن السکونی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، عن آبائه (علیهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «ثلاث من لم یکن فیه لم یتم له عمل: ورع یحجزه عن معاصی الله، وخلق یداری به الناس، وحلم یرد به جهل الجاهل»((3)).

وعن أمیر المؤمنین (علیه السلام) إنه قال: «خالطوا الناس مخالطة إن متّم معها بکوا علیکم، وإن غبتم حنوا إلیکم»((4)).

3: کیفیة المعاشرة مع أنواع الإخوان

3: کیفیة المعاشرة مع أنواع الإخوان

عن جابر، عن إبی جعفر (علیه السلام)، قال: قام إلی أمیر المؤمنین (علیه السلام) رجل بالبصرة فقال: أخبرنا عن الإخوان، فقال: «الإخوان صنفان، إخوان الثقة وإخوان المکاشرة، فأما إخوان الثقة فهم کالکف والجناح والأهل والمال، فإذا کنت من أخیک علی ثقة فابذل له مالک ویدک، وصاف من صافاه، وعاد من عاداه، واکتم

ص:169


1- وسائل الشیعة: ج8 ص403.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص404.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص404.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص404.

سرّه وأعنه وأظهر منه الحسن، واعلم أیها السائل أنهم أعز من الکبریت الأحمر، وأما إخوان المکاشرة فإنک تصیب منهم لذتک، فلا تقطعن ذلک منهم، ولا تطلبن ما وراء ذلک من ضمیرهم، وأبذل لهم ما بذلوا لک من طلاقة الوجه وحلاوة اللسان»((1)).

4: استحباب التوسعة فی المجلس

4: استحباب التوسعة فی المجلس

عن ابن أبی عمیر، عمن ذکره، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، فی قول الله عزوجل: {إنا نراک من المحسنین}((2))، قال: «کان یوسع المجلس، ویستقرض للمحتاج، ویعین الضیعف»((3)).

وعن السکونی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «ینبغی للجلساء فی الصیف أن یکون بین کل اثنین مقدار عظم الذراع، لئلاّ یشقّ بعضهم علی بعض»((4)).

5: استحباب توقیر الإخوان

5: استحباب توقیر الإخوان

عن معمر بن خلاد، عن أبی الحسن (علیه السلام)، قال: «إذا کان الرجل حاضراً فکنّه، وإن کان غائباً فسمّه»((5)).

وعن العلاء بن الفضیل، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: کان أبو جعفر (علیه السلام) یقول:

ص:170


1- وسائل الشیعة: ج8 ص405.
2- سورة یوسف: الآیة 36.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص405.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص405.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص406.

«عظموا أصحابکم ووقروهم، ولا یتهجم بعضکم علی بعض، ولا تضاروا، ولا تحاسدوا، وإیاکم والبخل، وکونوا عباد الله المخلصین»((1)).

6: کراهة العزلة عن الناس

6: کراهة العزلة عن الناس

عن علی بن عقبة، عن بعض من رواه، عن أحدهما (علیهما السلام)، قال: «الانقباض من الناس مکسبة للعداوة»((2)).

7: استحباب اکتساب الإخوان وقبول العتاب

7: استحباب اکتساب الإخوان وقبول العتاب

عن محمد بن یزید، قال: سمعت الرضا (علیه السلام) یقول: «من استفاد أخاً فی الله استفاد بیتاً فی الجنة((3)).

وفی المجالس، عن أبیه، قال: قال لقمان لابنه: «یا بنی اتخذ ألف صدیق وألف قلیل، ولا تتخذ عدواً واحداً والواحد کثیر»((4)).

وعنه (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «لا یدخل الجنة رجل لیس له فرط، قیل: یا رسول الله ولکل فرط، قال: نعم إن من فرط الرجل أخاه فی الله»((5)).

وعن جعفر بن إبراهیم، عن جعفر بن محمد (علیهما السلام)، قال: «أکثروا من الأصدقاء فی الدنیا، فإنهم ینفعون فی الدنیا والآخرة، أما فی الدنیا فحوائج یقومون بها، وأما فی الآخرة فإن أهل جهنم قالوا: فما لنا من شافعین ولاصدیق حمیم»((6)).

ص:171


1- وسائل الشیعة: ج8 ص406.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص406.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص407.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص407.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص407.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص407.

وعن أحمد بن محمد، عن بعض أصحابه، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «استکثروا من الإخوان، فإن لکل مؤمن دعوة مستجابة»، وقال: «استکثروا من الإخوان فإن لکل مؤمن شفاعة»، وقال: «أکثروا من مواخاة المؤمنین فإن لهم عند الله یداً یکافئهم بها یوم القیامة»((1)).

فی (نهج البلاغة)، عن أمیر المؤمنین (علیه السلام) إنه قال: «أعجز الناس من عجز عن اکتساب الإخوان، وأعجز منه من ضیع من ظفر به منهم»((2)).

وعن أبی المفضل، عن جعفر بن محمد العلوی، عن علی بن الحسین بن علی، عن حسن بن زید، عن جعفر بن محمد، عن أبیه، عن جده، عن علی بن أبی طالب (علیهم السلام)، قال: سمعت رسول الله (صلی الله علیه وآله) یقول: «المؤمن غر کریم، والمنافق خب لئیم، وخیر المؤمنین من کان مألفة للمؤمنین، ولاخیر فیمن لا یألف ولا یؤلف»((3)).

قال: وسمعت رسول الله (صلی الله علیه وآله) یقول: «شرار الناس من یبغض المؤمنین وتبغضه قلوبهم، المشاؤون بالنمیمة، المفرقون بین الأحبة، الباغون للناس العیب، أولئک لا ینظر الله إلیهم ولا یزکیهم یوم القیامة، ثم تلا (علیه السلام): {هو الذی أیدک بنصره وبالمؤمنین وألف بین قلوبهم}((4))»((5)).

وعن أیوب بن نوح، قال: کتب _ یعنی علی بن محمد (علیهما السلام) _ إلی بعض أصحابنا: «عاتب فلاناً وقل له: إذا أراد الله بعبد خیراً إذا عوتب قبل»((6)).

ص:172


1- وسائل الشیعة: ج8 ص408.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص408.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص408.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص408.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص408.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص408.

8: استحباب صحبة العاقل واجتناب الاحمق

8: استحباب صحبة العاقل واجتناب الاحمق

عن عمّار بن موسی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال أمیر المؤمنین (علیه السلام): «لاعلیک أن تصحب ذا العقل وإن لم تحمد کرمه، ولکن انتفع بعقله واحترس من سیء أخلاقه، ولا تدعن صحبة الکریم وإن لم تنتفع بعقله ولکن انتفع بکرمه بعقلک، وافرر کل الفرار من اللئیم الأحمق»((1)).

9: استحباب الاستشارة من العاقل

9: استحباب الاستشارة من العاقل

عن النبی (صلی الله علیه وآله): «استرشدوا العاقل ولاتعصوه فتندموا»((2)).

10: استحباب اجتماع الإخوان

10: استحباب اجتماع الإخوان

عن محمد بن علی بن الحسین، بإسناده عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال: «تجلسون وتحدثون»، قلت: نعم، قال: «تلک المجالس أحبها، فأحیوا أمرنا، رحم الله من أحیی أمرنا، یا فضیل، من ذَکَرنا أو ذُکِرنا عنده فخرج عن عینیه مثل جناح الذباب غفر الله له ذنوبه ولو کانت أکثر من زبد البحر»((3)).

أقول: لأن ذلک یجره إلی الاستقامة.

وعن عبد الله بن مسکان، عن میسر، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: قال لی: «أتخلون وتحدّثون تقولون ماشئتم»، فقلت: أی والله، فقال: «أما والله لوددت أنّی معکم فی بعض تلک المواطن»((4)) الحدیث.

ص:173


1- وسائل الشیعة: ج8 ص409.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص409.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص410.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص410.

وعن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: «رحم الله عبداً أحیی ذکرنا»، قلت: ما إحیاء ذکرکم، قال: «التلاقی والتذاکر عند أهل الثبات»((1)).

وعن السکونی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، إن علیاً (علیه السلام) کان یقول: «لقیا الإخوان مغنم جسیم»((2)).

وعن فضیل بن یسار، قال: قال أبو جعفر (علیه السلام): «أتتجالسون»، قلت: نعم، قال: «واهاً لتلک المجالس»((3)).

وعن خیثمة، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «أبلغ موالینا السلام، وأوصهم بتقوی الله العظیم، أن یعود غنیهم علی فقیرهم، وقویهم علی ضعیفهم، وأن یشهد حیهم جنازة میتهم، وأن یتلاقوا فی بیوتهم، فإن فی لقاء بعضهم بعضاً حیاة لأمرنا»، ثم قال: «رحم الله عبداً أحیی أمرنا»((4)).

وعن السکونی، عن جعفر (علیه السلام)، عن آبائه (علیهم السلام)، عن النبی (صلی الله علیه وآله) قال: «ثلاثة راحة للمؤمن، التهجّد آخر اللیل، ولقاء الإخوان، والإفطار من الصیام»((5)).

وعن شعیب العقرقوفی، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول لأصحابه: «اتقوا الله وکونوا أخوة بررة، متحابین فی الله متواصلین متراحمین، تزاوروا وتلاقوا وتذاکروا أمرنا وأحیوه»((6)).

وعن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: «اجتمعوا وتذاکروا تحفّ بکم الملائکة، رحم الله من أحیی أمرنا»((7)).

ص:174


1- وسائل الشیعة: ج8 ص410.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص410.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص410.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص410.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص411.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص411.
7- وسائل الشیعة: ج8 ص411.

11: استحباب صحبة خیار الناس واجتناب شرارهم

11: استحباب صحبة خیار الناس واجتناب شرارهم

عن أبی علی، قال: قال أمیر المؤمنین (علیه السلام): قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «انظروا من تحادثون، فإنّه لیس من أحد ینزل به الموت إلاّ مثل له أصحابه إلی الله، فإن کانوا خیاراً فخیاراً، وإن کانوا شراراً فشراراً، ولیس أحد یموت إلاّ تمثلت له عند موته»((1)).

وعن علی بن أسباط، عن بعض أصحابه، عن أبی الحسن (علیه السلام) قال: قال عیسی (علیه السلام): «إن صاحب الشر یعدی، وقرین السوء یردی، فانظر من تقارن»((2)).

وعن عبد الله بن مسکان، عن رجل، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «علیک بالتلاد وإیاک کل محدث لا عهد له ولا أمانة ولا ذمة ولا میثاق، وکن علی حذر من أوثق الناس عندک»((3)).

وعن عطیة، عن ابن عباس، قال: قیل: یا رسول الله أی الجلساء خیر، قال: «من تذکرکم الله برؤیته، ویزید فی علمکم منطقه، ویرغبکم فی الآخرة عمله»((4)).

وعن داود الرقی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «انظر إلی کل ما لا یعنیک منفعة فی دینک فلا تعتدن به، ولا ترغبن فی صحبته، فإن کل ما سوی الله مضمحل وخیم عاقبته»((5)).

ص:175


1- وسائل الشیعة: ج8 ص411.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص412.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص412.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص412.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص412.

12: استحباب قبول النصح وصحبة الناصحین

12: استحباب قبول النصح وصحبة الناصحین

عن أبی العدیس، قال: قال أبو جعفر (علیه السلام): «یا صالح اتبع من یبکیک وهو لک ناصح، ولا تتبع من یضحک وهو لک غاش، وستردون علی الله جمیعاً فتعلمون»((1)).

وعن أحمد بن محمد، رفعه إلی أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «أحب إخوانی إلیّ من أهدی إلیّ عیوبی»((2)).

وعن أحمد بن أبی عبد الله البرقی، عن بعض أصحابه رفعه، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «لا یستغنی المؤمن عن خصال، وبه الحاجة إلی ثلاث خصال، توفیق من الله عزوجل، وواعظ من نفسه، وقبول من ینصحه»((3)).

13: من نصادق؟

13: من نصادق؟

عن عبید الله الحلبی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «لا تکون الصداقة إلاّ بحدودها، فمن کانت فیه هذه الحدود أو شیء منها فانسبه إلی الصداقة، ومن لم یکن فیه شیء منها فلا تنسبه إلی شیء من الصداقة، فأولها أن تکون سریرته وعلانیته لک واحدة، والثانیة أن یری زینک زینه، وشینک شینه، والثالثة أن لایغیره علیک ولایة ولا مال، والرابعة أن لا یمنعک شیئاً تناله مقدرته، والخامسة وهی تجمع هذه الخصال أن لایسلمک عند النکبات»((4)).

ص:176


1- وسائل الشیعة: ج8 ص413.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص413.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص413.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص414.

وعن السید الرضی (رحمه الله) فی (نهج البلاغة)، عن أمیر المؤمنین (علیه السلام) أنه قال: «لا یکون الصدیق صدیقاً حتی یحفظ أخاه فی ثلاث، فی نکبته وغیبته ووفاته»((1)).

14: استحباب المواساة

14: استحباب المواساة

عن الرصافی، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: قال لی: «أرأیت من قبلکم إذا کان الرجل لیس علیه رداء، وعند بعض إخوانه رداء یطرحه علیه»، قال: قلت: لا، قال: «فإذا کان لیس عنده إزار یوصل إلیه بعض إخوانه بفضل إزاره حتی یجد له إزاراً»، قال: قلت: لا، قال: فضرب بیده علی فخذه ثم قال: «ما هؤلاء بإخوة»((2)).

وعن خلاد السندی رفعه، قال: أبطأ علی رسول الله (صلی الله علیه وآله) رجل، فقال: ما «أبطأ بک»، فقال: العری یا رسول الله، فقال: «أما کان لک جار له ثوبان یعیرک أحدهما»، فقال: بلی یا رسول الله، فقال: «ما هذا لک بأخ»((3)).

وعن مفضل بن یزید، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «انظر ما أصبت فعد به علی إخوانک، فإن الله یقول: {إن الحسنات یذهبن السیئات}((4))»((5)).

وعن ابن أعین، إنه سأل أبا عبد الله (علیه السلام) عن حق المسلم علی أخیه، فلم یجبه، قال: فلما جئت أودعه قلت: سألتک فلم تجبنی، قال: «إنی أخاف أن تکفروا

ص:177


1- وسائل الشیعة: ج8 ص414.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص414.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص415.
4- سورة هود: الآیة 114.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص415.

وإن من أشد ما افترض الله علی خلقه ثلاثاً، إنصاف المؤمن من نفسه حتی لا یرضی لأخیه المؤمن من نفسه إلاّ بما یرضی لنفسه، ومواساة الأخ المؤمن فی المال، وذکر الله علی کل حال، ولیس سبحان الله والحمد لله، ولکن عند ما حرم الله علیه فیدعه»((1)).

15: کراهة مؤاخاة الفاجر والأحمق والکذاب

15: کراهة مؤاخاة الفاجر والأحمق والکذاب

عن محمد بن سالم الکندی، عمن حدثه، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: کان أمیرالمؤمنین (علیه السلام) إذا صعد المنبر قال: «ینبغی للمسلم أن یتجنب مؤاخاة ثلاثة، الماجن الفاجر والأحمق والکذاب، فأما الماجن الفاجر فیزین لک فعله، ویحب أن تکون مثله، ولا یعینک علی أمر دینک ومعادک، ومقاربته جفاء وقسوة، ومدخله ومخرجه عار علیک، وأما الأحمق فإنه لا یشیر علیک بخیر، ولا یرجی لصرف السوء عنک ولو أجهد نفسه، وربما أراد منفعتک فضرک، فموته خیر من حیاته، وسکوته خیر من نطقه، وبُعده خیر من قربه، وأما الکذاب فإنه لا یهنؤک معه عیش، ینقل حدیثک، وینقل إلیک الحدیث، کلما أفنی أحدوثة مطها بأخری مثلها، حتی أنه یحدث بالصدق فما یصدق، ویفرق بین الناس بالعداوة فینبت السخائم فی الصدور، فاتلقوا الله وانظروا لأنفسکم»((2)).

وعن أبی عبد الله (علیه السلام) قال: قال أمیر المؤمنین (علیه السلام): «لا ینبغی للمرء المسلم أن یؤاخی الفاجر، فإنه یزین له فعله، ویحب أن یکون مثله، ولا یعینه علی أمر

ص:178


1- وسائل الشیعة: ج8 ص415.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص416.

دنیاه ولا أمر معاده، ومدخله إلیه ومخرجه من عنده شین علیه»((1)).

وعن میسر، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «لاینبغی للمرء أن یؤاخی الفاجر، ولا الأحمق، ولا الکذاب»((2)).

وعن عبید بن زرارة، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «إیاک ومصادقة الأحمق، فإنک أسر ما تکون من ناحیته أقرب ما یکون إلی مساءتک»((3)).

وعن محمد بن سالم الکندی، عمن حدثه، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «کان علی (علیه السلام) عندکم إذا صعد المنبر یقول: للمسلم أن یجتنب مؤاخاة الکذاب، فإنه لا یهنؤک معه عیش، ینقل حدیثک، وینقل الأحادیث إلیک، کلما فنیت أحدوثة مطها بأخری، حتی أنه لیحدث بالصدق فما یصدق، فینقل الأحادیث من بعض الناس إلی بعض یکسب بینهم العداوة، ویثبت الشحناء فی الصدور»((4)).

16: کراهة إشراک السفلة والفجار فی الأمر

16: کراهة إشراک السفلة والفجار فی الأمر

عن عمار بن موسی، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: «حب الأبرار للأبرار ثواب للأبرار، وحب الفجار للأبرار فضیلة للأبرار، وبغض الفجّار للأبرار زین للأبرار، وبغض الأبرار للفجار خزی علی الفجار»((5)).

وعن إبراهیم بن أبی البلاد، عمن ذکره، رفعه قال: قال لقمان لابنه: «یا بنی لا تقترب فیکون أبعد لک، ولا تبعد فتهان، کل دابّة تحب مثلها، وإن ابن آدم

ص:179


1- وسائل الشیعة: ج8 ص417.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص417.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص417.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص417.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص418.

یحب مثله، ولا تنشر برک إلاّ عند باغیه، کما لیس بین الذئب والکبش خلة کذلک لیس بین البار والفاجر خلّة، من یقرب من الرفث یعلق به بعضه، کذلک من یشارک الفاجر یتعلّم من طرقه، من یحب المرآء یشتم، ومن یدخل مداخل السوء یتّهم، ومن یقارن قرین السوء لا یسلم، ومن لا یملک لسانه یندم»((1)).

وعن معاویة بن وهب، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: سمعته یقول: کان أبی (علیه السلام) یقول: «قم بالحق ولا تعرض لما فاتک، واعتزل ما لا یعنیک، وتجنب عدوک، واحذر صدیقک من الأقوام إلاّ الأمین، والأمین من خشی الله، ولا تصحب الفاجر، ولا تطلعه علی سرک، ولا تأمنه علی أمانتک، واستشر فی أمورک الذین یخشون ربّهم»((2)).

17: کراهة مصاحبة الکذاب والفاسق والبخیل والجبان وقاطع الرحم

17: کراهة مصاحبة الکذاب والفاسق والبخیل والجبان وقاطع الرحم

عن محمد بن مسلم وأبی حمزة، عن أبی عبد الله، عن أبیه (علیهما السلام)، قال: قال لی أبی علی بن الحسین (علیهما السلام): «یا بنی انظر خمسة فلا تصاحبهم ولا تحادثهم ولا ترافقهم فی طریق، فقلت: یا أبه من هم عرفنیهم، قال: «إیاک ومصاحبة الکذّاب، فإنه بمنزلة السراب، یقرب لک البعید، ویبعد لک القریب، وإیاک ومصاحبة الفاسق فإنه بایعک بأکلة وأقل من ذلک، وإیاک ومصاحبة البخیل، فإنه یخذلک فی ماله أحوج ما تکون إلیه، وإیاک ومصاحبة الأحمق فإنه یرید أن ینفعک فیضرک، وإیاک ومصاحبة القاطع لرحمه، فإنّی وجدته ملعوناً فی کتاب الله فی ثلاثة

ص:180


1- وسائل الشیعة: ج8 ص418.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص419.

مواضع، قال الله عزوجل: {فهل عسیتم إن تولّیتم أن تفسدوا فی الأرض وتقطّعوا أرحامکم، أولئک الذین لعنهم الله فأصمهم وأعمی أبصارهم}((1))، وقال: {الذین ینقضون عهد الله من بعد میثاقه ویقطعون ما أمر الله به أن یوصل ویفسدون فی الأرض أولئک لهم اللعنة ولهم سوء الدار}((2))، وقال فی البقرة: {الذین ینقضون عهد الله من بعد میثاقه ویقطعون ما أمر الله به أن یوصل ویفسدون فی الأرض أولئک هم الخاسرون}((3))»((4)).

وعن محمّد بن مروان، عن الصّادق جعفر بن محمد (علیهما السلام)، قال: «إیاک وصحبة الأحمق، فإنه أقرب ما تکون منه أقرب ما یکون إلی مساءتک»((5)).

وعن السید الرضی (رحمه الله) فی (نهج البلاغة)، عن أمیر المؤمنین (علیه السلام) قال: «یا بنی إیاک ومصادقة الأحمق، فإنه یرید أن ینفعک فیضرک، وإیاک ومصادقة البخیل فإنه یقعد عنک أحوج ما تکون إلیه، وإیاک ومصادقة الفاجر فإنه یبیعک بالتافه، وإیاک ومصادقة الکذاب فإنه کالسراب یقرب علیک البعید ویبعد علیک القریب»((6)).

وعن حنان بن سدیر، عن أبیه، عن أبی جعفر (علیه السلام) قال: «لا تقارن ولا تؤاخی أربعة: الأحمق والبخیل والجبان والکذّاب، أما الأحمق فیرید أن ینفعک فیضرک، وأمّا البخیل فإنه یأخذ منک ولا یعطیک، وأما الجبان فإنه یهرب عنک وعن والدیه، وأمّا الکذّاب فإنه یصدق ولا یصدق»((7)).

ص:181


1- سورة محمد: الآیة 22.
2- سورة الرعد: الآیة 25.
3- سورة البقرة: الآیة 27.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص419.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص420.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص420.
7- وسائل الشیعة: ج8 ص420.

وعن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمّد، عن أبیه (علیهما السلام)، قال: «أردت سفراً فأوصی إلی أبی علی بن الحسین (علیهم السلام)، فقال فی وصیته: وإیاک یا بنی أن تصاحب الأحمق أوتخالطه، واهجره ولا تحادثه، فإن الأحمق هُجنة عیّاب، غائباً کان أو حاضراً، إن تکلّم فضحه حمقه، وإن سکت قصر به غیه، وإن عمل أفسد، وإن استرعی أضاع، لا علمه من نفسه یغنیه، ولا علم غیره ینفعه، ولا یطیع ناصحه، ولا یستریح مقارنه، تود أمّه أنها ثکلته، وامرأته أنها فقدته، وجاره بُعد داره، وجلیسه الوحدة من مجالسته، إن کان أصغر من فی المجلس أعنی من فوقه، وإن کان أکبرهم أفسد من دونه»((1)).

18: کراهة الدخول فی مواضع التهمة

18: کراهة الدخول فی مواضع التهمة

عن السکونی، عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال: قال أمیر المؤمنین (علیه السلام): «من عرض نفسه للتهمة فلا یلومن من أساء به الظن، ومن کتم سره کانت الخیرة فی یده»((2)).

وعن الحسین بن یزید، عن الصادق جعفر بن محمد (علیه السلام) قال: «من دخل موضعاً من مواضع التهمة فاتّهم فلا یلومن إلاّ نفسه»((3)).

وعن أبی الجارود، عن أبی جعفر، عن أبیه، عن جده (علیهم السلام)، قال: قال أمیر المؤمنین (علیه السلام): «من وقف بنفسه موقف التهمة فلا یلومن من أساء به الظن»((4)) الحدیث.

وعن الفجیع العقیلی، فی وصیة أمیرالمؤمنین (علیه السلام) لولده الحسن (علیه السلام) أنه قال فیها: «وإیاک ومواطن التهمة، والمجلس المظنون به السوء، فإن قرین السوء یغر جلیسه»((5)).

ص:182


1- وسائل الشیعة: ج8 ص421.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص422.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص422.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص422.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص423.

وعن البزنطی، قال: قال أبو الحسن (علیه السلام): قال أبو عبد الله (علیه السلام): «اتّقوا مواقف الریب، ولا یقف أحدکم مع أمه فی الطریق فإنه لیس کل أحد یعرفها»((1)).

وعن السید الرضی (رحمه الله) فی (نهج البلاغة)، عن أمیرالمؤمنین (علیه السلام) أنه قال: «من وضع نفسه مواضع التهمة فلا یلومن من أساء به الظن»((2)).

وقال (علیه السلام): «من سل سیف البغی قُتل به، ومن کاید الأمور عطب، ومن اقتحم اللجج غرق، ومن دخل مداخل السوء اتّهم»((3)).

19: اتقاء فراسة المومن

19: اتقاء فراسة المومن

عن محمد بن مسلم، عن أبی جعفر (علیه السلام) فی قول الله تبارک وتعالی: {إن فی ذلک لآیات للمتوسمین}((4))، قال: «هم الأئمة (علیهم السلام) قال: رسول الله (صلی الله علیه وآله): اتقوا فراسة المؤمن فإنه ینظر بنورالله، فی قوله: {إن فی ذلک لآیات للمتوسمین}((5))»((6)).

وعن سلیمان الجعفری، قال: کنّا عند أبی الحسن (علیه السلام) فقال: «اتق فراسة المؤمن، فإنه ینظر بنور الله»((7)) الحدیث.

وعن (نهج البلاغة) عن أمیر المؤمنین (علیه السلام) قال: «اتّقوا ظنون المؤمنین، فإن الله جعل الحق علی ألسنتهم»((8)).

ص:183


1- وسائل الشیعة: ج8 ص423.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص423.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص423.
4- سورة الحجر: الآیة 75.
5- سورة الحجر: الآیة 75.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص424.
7- وسائل الشیعة: ج8 ص424.
8- وسائل الشیعة: ج8 ص424.

20: استحباب مشاورة ذوی الرأی

20: استحباب مشاورة ذوی الرأی

عن ابن القداح، عن جعفر بن محمد، عن أبیه (علیهما السلام)، قال: قیل: یا رسول الله ما الحزم، قال: «مشاورة ذوی الرأی واتباعهم»((1)).

وعن السری بن خالد، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «فیما أوصی به رسول الله (صلی الله علیه وآله) علیاً (علیه السلام) قال: لا مظاهرة أوثق من المشاورة، ولا عقل کالتدبیر»((2)).

وعن أبی الجارود، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: «فی التوراة أربعة أسطر، من لا یستشر یندم، والفقر الموت الأکبر، کما تُدین تُدان، ومن ملک استأثر»((3)).

وعن سماعة بن مهران، عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال: «لن یهلک امرؤ عن مشورة»((4)).

وعن السید الرضی (رحمه الله) فی (نهج البلاغة)، عن أمیر المؤمنین (علیه السلام) أنه قال: «لا غنی کالعقل، ولا فقر کالجهل، ولا میراث کالأدب، ولا ظهیر کالمشاورة»((5)).

وقال (علیه السلام): «من استبد برأیه هلک، ومن شاور الرجال شارکها فی عقولها»((6)).

وقال (علیه السلام): «الاستشارة عین الهدایة»((7)).

وقال (علیه السلام): «خاطر بنفسه من استغنی برأیه»((8)).

ص:184


1- وسائل الشیعة: ج8 ص424.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص424.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص424.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص425.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص425.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص425.
7- وسائل الشیعة: ج8 ص425.
8- وسائل الشیعة: ج8 ص425.

21: استحباب استشارة الورع الناصح الصدیق واتباعه

21: استحباب استشارة الورع الناصح الصدیق واتباعه

عن المفضل بن عمر، قال: قال الصادق جعفر بن محمد (علیهما السلام): «من لم یکن له واعظ من قلبه، وزاجر من نفسه، ولم یکن له قرین مرشد، استمکن عدوه من عنقه»((1)).

وعن عبد العظیم الحسنی، عن علی بن محمد الهادی، عن آبائه (علیهم السلام)، قال: قال أمیر المؤمنین (علیه السلام): «خاطر بنفسه من استغنی برأیه»((2)).

وعن معاویة ابن وهب، عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال: «استشر فی أمرک الذین یخشون ربهم»((3)).

وعن الحسین بن المختار، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال علی (علیه السلام) فی کلام له: «شاور فی حدیثک الذین یخافون الله»((4)).

وعن سلیمان بن خالد، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: «استشر العاقل من الرجال الورع، فإنه لا یأمر إلاّ بخیر، وإیاک والخلاف، فإن مخالفة الورع العاقل مفسدة فی الدین والدنیا»((5)).

وعن منصور بن حازم، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «مشاورة العاقل الناصح رشد ویمن وتوفیق من الله، فإذا أشار علیک الناصح العاقل فإیاک والخلاف فإن فی ذلک العطب»((6)).

ص:185


1- وسائل الشیعة: ج8 ص425.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص426.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص426.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص426.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص426.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص426.

وعن المعلی بن خنیس، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «ما یمنع أحدکم إذا ورد علیه ما لا قبل له به أن یستشیر رجلاً عاقلاً له دین وورع»، ثم قال أبو عبد الله (علیه السلام): «أما إنه إذا فعل ذلک لم یخذله الله، بل یرفعه الله، ورماه بخیر الأمور وأقربها إلی الله»((1)).

وعن الحلبی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «إن المشورة لا تکون إلاّ بحدودها، فمن عرفها بحدودها وإلاّ کانت مضرتها علی المستشیر أکثر من منفعتها له، فأولها: أن یکون الذی تشاوره عاقلاً، والثانیة: أن یکون حراً متدیناً، والثالثة: أن یکون صدیقاً مؤاخیاً، والرابعة أن تطلعه علی سرک فیکون علمه به کعلمک بنفسک، ثم یسر ذلک ویکتمه، فإنه إذا کان عاقلاً انتفعت بمشورته، وإذا کان حراً متدیناً أجهد نفسه فی النصیحة لک، وإذا کان صدیقاً مؤاخیاً کتم سرک إذا أطلعته علیه، واذا أطلعته علی سرک فکان علمه به کعلمک به تمت المشورة وکملت النصیحة»((2)).

22: نصح المستشیر

22: نصح المستشیر

عن حسین بن عمر بن یزید، عن أبیه، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «من استشار أخاه فلم ینصحه محض الرأی سلبه الله عزوجل رأیه»((3)).

23: استشارة الإنسان من دونه

23: استشارة الإنسان من دونه

عن معمر بن خلاد، قال: هلک مولی لأبی الحسن الرضا (علیه السلام) یقال له سعد،

ص:186


1- وسائل الشیعة: ج8 ص426.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص426.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص427.

فقال له: «أشر علی برجل له فضل وأمانة»، فقلت: أنا أشیر علیک؟، فقال شبه المغضب: «إن رسول الله (صلی الله علیه وآله) کان یستشیر أصحابه ثم یعزم علی ما یرید»((1)).

وعن الفضیل بن یسار، قال: استشارنی أبو عبد الله (علیه السلام) مرة فی أمر، فقلت: أصلحک الله مثلی یشیر علی مثلک؟ قال: «نعم إذا استشرتک»((2)).

وعن الحسن بن جهم، قال: کنا عند أبی الحسن الرضا (علیه السلام)، فذکر أباه (علیه السلام) فقال: «کان عقله لا توزان به العقول، وربما شاور الأسود من سودانه، فقیل له: تشاور مثل هذا، فقال: إن الله تبارک وتعالی ربما فتح علی لسانه، قال: فکانوا ربما أشاروا علیه بالشیء فیعمل به من الضیعة والبستان»((3)).

وعن السید الرضی (رحم الله) فی (نهج البلاغة)، عن أمیر المؤمنین (علیه السلام)، أنه قال لعبد الله بن العباس وقد أشار علیه فی شیء لم یوافق رأیه: «علیک أن تشیر علی فإذا خالفتک فأطعنی»((4)).

وعن علی بن مهزیار، قال: کتب إلیّ أبو جعفر (علیه السلام) أن سل فلاناً أن یشیر علیّ ویتخیر لنفسه فهو أعلم بما یجوز فی بلده، وکیف یعامل السلاطین، فإن المشورة مبارکة، قال الله لنبیه (صلی الله علیه وآله) فی محکم کتابه: {وشاورهم فی الأمر فإذا عزمت فتوکل علی الله}((5))، فإن کان ما یقول مما یجوز کتبت أصوب رأیه، وإن کان غیر ذلک رجوت أن أضعه علی الطریق الواضح إن شاء الله»((6)).

ص:187


1- وسائل الشیعة: ج8 ص428.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص428.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص428.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص428.
5- سورة آل عمران: الآیة 159.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص428.

24: کراهة استشارة الجبان والبخیل والحریص والفاجر والسافل

24: کراهة استشارة الجبان والبخیل والحریص والفاجر والسافل

عن محمد بن آدم، عن أبیه، عن أبی الحسن الرضا، عن آبائه، عن علی (علیهم السلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «یا علی لا تشاورن جباناً فإنه یضیق علیک المخرج، ولا تشاورن بخیلاً فإنه یقصر بک عن غایتک، ولا تشاورن حریصاً فإنه یزین لک شرها، واعلم أن الجبن والبخل والحرص غریزة یجمعها سوء الظن»((1)).

وعن معاویة بن وهب، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: سمعته یقول: کان أبی (علیه السلام) یقول: «قم بالحق ولا تعرض لما نابک، واعتزل ما لا یعنیک، وتجنب عدوک، واحذر صدیقک، واصحب من الأقوام الأمین، والأمین من یخشی الله، ولا تصحب الفاجر، ولا تطلعه علی سرک، ولا تأتمنه علی أمانتک، واستشر فی أمورک الذین یخشون ربهم»((2)).

25: النهی عن مجالسة أهل البدع

25: النهی عن مجالسة أهل البدع

عن ابن أبی نجران، عن عمر بن یزید، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، إنه قال: «لا تصحبوا أهل البدع، ولا تجالسوهم فتکونوا عند الناس کواحد منهم»((3)).

وقال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «المرء علی دین خلیله وقرینه»((4)).

26: جملة ممن ینبغی اجتناب معاشرتهم وترک السلام علیهم

26: جملة ممن ینبغی اجتناب معاشرتهم وترک السلام علیهم

عن جعفر بن محمد (علیه السلام)، عن آبائه (علیهم السلام)، فی وصیة النبی (صلی الله علیه وآله) لعلی (علیه السلام) قال:

ص:188


1- وسائل الشیعة: ج8 ص430.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص430.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص430.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص430.

«یا علی من لم تنتفع بدینه ولادنیاه فلا خیر لک فی مجالسته، ومن لم یوجب لک فلا توجب له ولا کرامة»((1)).

وعن الحسین بن زید، عن الصادق (علیه السلام)، عن آبائه (علیهم السلام) فی حدیث المناهی قال: «وکره أن یکلم الرجل مجذوماً إلاّ أن یکون بینه وبینه قدر ذراع»((2)).

وقال (علیه السلام): «فر من المجذوم فرارک من الأسد»((3)).

وعن محمد بن أحمد بن یحیی، بإسناده رفعه إلی أمیر المؤمنین (علیه السلام) قال: «نهی رسول الله (صلی الله علیه وآله) أن یسلم علی أربعة: علی السکران فی سکره، وعلی من یعمل التماثیل، وعلی من یلعب بالنرد، وعلی من یلعب بالأربعة عشر، وأنا أزیدکم الخامسة: أنهیکم أن تسلموا علی أصحاب الشطرنج»((4)).

وعن درست، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «خمسة یجتنبون علی کل حال: المجذوم، والأبرص، والمجنون، وولد الزنا، والأعرابی»((5)).

وعن السکونی، عن جعفر بن محمد، عن آبائه (علیهم السلام) قال: «ستة لا یسلم علیهم: الیهودی، والنصرانی، والرجل علی غائطه، وعلی موائد الخمر، وعلی الشاعر الذی یقذف المحصنات، وعلی المتفکهین بسبب الأمهات»((6)).

وعن الأصبغ بن نباتة، عن علی (علیه السلام) فی حدیث قال: «ستة لا ینبغی أن یسلم علیهم: الیهود والنصاری، وأصحاب النرد والشطرنج، وأصحاب الخمر

ص:189


1- وسائل الشیعة: ج8 ص431.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص431.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص431.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص431.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص432.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص432.

والبربط والطنبور، والمتفکهون بسبب الأمهات، والشعراء»((1)).

وعن مصدق بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبیه (علیهما السلام)، قال: «لا تسلموا علی الیهود، ولا النصاری، ولا علی المجوس، ولا علی عبدة الأوثان، ولا علی شراب الخمر، ولا علی صاحب الشطرنج والنرد، ولا علی المخنث، ولا علی الشاعر الذی یقذف المحصنات»، إلی أن قال: «ولا علی آکل الربا، ولا علی رجل جالس علی غائط، ولا علی الذی فی الحمام، ولا علی الفاسق المعلن بفسقه»((2)).

27: استحباب التودد إلی الناس

27: استحباب التودد إلی الناس

عن أبی بصیر، عن أبی جعفر (علیه السلام) قال: «إن أعرابیاً من بنی تمیم أتی النبی (صلی الله علیه وآله) فقال له: أوصنی، فکان مما أوصاه: تحبب إلی الناس یحبوک»((3)).

وعن موسی بن بکر، عن أبی الحسن (علیه السلام) قال: «التودد إلی الناس نصف العقل»((4)).

وعن سلیمان بن داود بن زیاد التمیمی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال الحسن بن علی (علیهما السلام): «القریب من قربته المودة وإن بعد نسبه، والبعید من بعدته المودة وإن قرب نسبه، لا شیء أقرب من شیء من ید إلی جسد، وإن الید تغل فتقطع، وتقطع فتحسم»((5)).

ص:190


1- وسائل الشیعة: ج8 ص432.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص432.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص433.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص433.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص433.

وعن السکونی، عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «التودد إلی الناس نصف العقل»((1)).

28: استحباب مجاملة الناس وتلقیهم بالبشر واحترامهم وکف الید عنهم

28: استحباب مجاملة الناس وتلقیهم بالبشر واحترامهم وکف الید عنهم

عن سماعة، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «مجاملة الناس ثلث العقل»((2)).

وعن السکونی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «ثلاث یصفین ود المرء لأخیه المسلم: یلقاه بالبشر إذا لقیه، ویوسع له فی المجلس إذا جلس إلیه، ویدعوه بأحب الأسماء إلیه»((3)).

وعن حذیفة بن منصور، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: «من کف یده عن الناس فإنما یکف عنهم یداً واحدة، ویکفون عنه أیدیاً کثیرة»((4)).

29: استحباب من أحب مؤمناً أن یخبره بذلک

29: استحباب من أحب مؤمناً أن یخبره بذلک

عن هشام بن سالم، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «إذا أحببت رجلاً فأخبره بذلک، فإنه أثبت للمودة بینکما»((5)).

وعن نصر بن قابوس، قال: قال لی أبو عبد الله (علیه السلام): «إذا أحببت أحداً من إخوانک فأعلمه ذلک، فإن إبراهیم (علیه السلام) قال: {رب أرنی کیف تحیی الموتی، قال: أولم تؤمن، قال: بلی ولکن لیطمئن قلبی}((6))»((7)).

ص:191


1- وسائل الشیعة: ج8 ص434.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص434.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص434.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص434.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص435.
6- سورة البقرة: الآیة 260.
7- وسائل الشیعة: ج8 ص435.

وعن یحیی بن إبراهیم بن أبی البلاد، عن أبیه، عن جده: إن رجلاً قال لأبی جعفر (علیه السلام): إنی لأحب هذا الرجل، فقال له أبو جعفر (علیه السلام): «فأعلمه، فإنه أبقی للمودة وخیر فی الألفة»((1)).

وعن هشام بن سالم، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «إذا أحببت رجلاً فأخبره»((2)).

وعن عبد الله بن القاسم الجعفری، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «إذا أحب أحدکم صاحبه أو أخاه فلیعلمه»((3)).

30: استحباب الابتداء بالسلام

30: استحباب الابتداء بالسلام

عن عبد الله بن سنان، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «البادی بالسلام أولی بالله ورسوله»((4)).

وعن أبی حمزة، عن علی بن الحسین (علیهما السلام)، قال: «من أخلاق المؤمن الإنفاق علی قدر الإقتار، والتوسع علی قدر التوسع، وإنصاف الناس، وابتداؤه إیاهم بالسلام علیهم»((5)).

وعن السکونی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «أولی الناس بالله وبرسوله من بدأ بالسلام»((6)).

وقال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «من بدأ بالکلام قبل السلام فلا تجیبوه»، وقال: «ابدؤوا بالسلام قبل الکلام، فمن بدأ بالکلام قبل السلام فلا تجیبوه»((7)).

ص:192


1- وسائل الشیعة: ج8 ص435.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص435.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص435.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص436.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص436.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص436.
7- وسائل الشیعة: ج8 ص436.

وعن جابر، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «إن ملکاً مر برجل علی باب، فقال له: ما یقیمک علی باب هذه الدار، فقال: أخ لی فیها أردت أن أسلم علیه، فقال الملک: بینک وبینه قرابة أو نزعتک إلیه حاجة، فقال: لا، ما بینی وبینه قرابة، ولا نزعتنی إلیه حاجة، إلاّ أخوة الإسلام وحرمته فأنا أسلم علیه وأتعهده لله رب العالمین، فقال له الملک: أنا رسول الله إلیک وهو یقرؤک السلام ویقول لک: إیای زرت، ولی تعاهدت، وقد أوجبت لک الجنة، وأعفیتک من غضبی، وأجرتک من النار»((1)).

وعن إسماعیل بن أبی زیاد، عن أبی عبد الله (علیه السلام): قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «من بدأ الکلام قبل السلام فلا تجیبوه»((2)).

قال: وقال (علیه السلام): «لا تدع إلی طعامک أحد حتی یسلم»((3)).

31: وجوب رد السلام

31: وجوب رد السلام

عن عبد الله سنان، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «رد جواب الکتاب واجب کوجوب رد السلام، والبادی بالسلام أولی بالله وبرسوله»((4)).

وعن السکونی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «السلام تطوع، والرد فریضة»((5)).

ص:193


1- وسائل الشیعة: ج8 ص436.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص436.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص437.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص437.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص437.

32: استحباب إفشاء السلام وإطابة الکلام

32: استحباب إفشاء السلام وإطابة الکلام

عن محمد بن قیس، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: «إن الله عزوجل یحب إفشاء السلام»((1)).

وعن محمد بن مسلم، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: «کان سلیمان (علیه السلام) یقول: أفشوا سلام الله، فإن سلام الله لا ینال الظالمین»((2)).

وعن ابن القداح، عن أبی عبد الله (علیه السلام) فی حدیث قال: «کان علی (علیه السلام) یقول: لا تَغضبوا ولا تُغضِبوا، أفشوا السلام وأطیعوا الکلام، وصلوا باللیل والناس نیام، تدخلوا الجنة بسلام»، ثم تلا علیهم قوله عزوجل: {السلام المؤمن المهیمن}((3))»((4)).

وعن هارون بن خارجة، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «من التواضع أن تسلم علی من لقیت»((5)).

وعن حماد بن عمرو وأنس بن محمد، عن أبیه جمیعاً، عن جعفر بن محمد (علیه السلام)، عن آبائه (علیهم السلام) فی وصیة النبی (صلی الله علیه وآله) لعلی (علیه السلام): «یا علی ثلاث کفارات، إفشاء السلام، وإطعام الطعام، والصلاة باللیل والناس نیام»((6)).

وعن معاویة بن وهب، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «البخیل من بخل بالسلام»((7)).

وعن أبی بصیر، عن الصادق (علیه السلام)، عن آبائه (علیهم السلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله):

ص:194


1- وسائل الشیعة: ج8 ص438.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص438.
3- سورة الحشر: الآیة 23.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص438.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص438.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص439.
7- وسائل الشیعة: ج8 ص439.

«إن فی الجنة غرفاً یری ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، لا یسکنها من أمتی إلاّ من أطاب الکلام، وأطعم الطعام، وأفشی السلام، وأدام الصیام، وصلی باللیل والناس نیام»، فقال علی (علیه السلام): «یا رسول الله من یطیق هذا من أمتک»، فقال: «یا علی أتدری ما إطابة الکلام، من قال إذا أصبح وأمسی: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله اکبر، عشر مرات، وإطعام الطعام نفقة الرجل علی عیاله، وأما إدامة الصیام فهو أن یصوم الرجل شهر رمضان وثلاثة أیام من کل شهر یکتب له صوم الدهر، وأما الصلاة باللیل والناس نیام فمن صلی المغرب والعشاء الآخرة وصلاة الغداة فی المسجد جماعةً فکأنما أحیی اللیل، وإفشاء السلام أن لا یبخل بالسلام علی أحد من المسلمین»((1)).

وعن سعد الإسکاف، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: «ثلاث درجات، افشاء السلام، وإطعام الطعام، والصلاة باللیل والناس نیام»((2)) الحدیث.

وعن هارون بن خارجة، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «من التواضع أن تسلم علی من لقیت»((3)).

وعن رسول الله (صلی الله علیه وآله): «إن أعجز الناس من عجز عن الدعاء، وإن أبخل الناس من بخل بالسلام»((4)).

وعن معاویة بن وهب، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «من یضمن لی أربعة بأربعة أبیات فی الجنة، أنفق ولا تخف فقراً، وأنصف الناس من نفسک، وأفش السلام فی العالم، واترک المراء وإن کنت محقاً»((5)).

ص:195


1- وسائل الشیعة: ج8 ص439.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص439.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص440.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص440.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص440.

33: استحباب التسلیم علی الصبیان والتواضع

33: استحباب التسلیم علی الصبیان والتواضع

عن العباس بن هلال، عن علی بن موسی الرضا (علیه السلام)، عن آبائه (علیهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «خمس لا أدعهن حتی الممات: الأکل علی الحضیض مع العبید، ورکوبی الحمار مؤکفاً، وحلبی العنز بیدی، ولبس الصوف، والتسلیم علی الصبیان لتکون سنة من بعدی»((1)).

وعن إسماعیل بن أبی زیاد، عن جعفر بن محمد، عن آبائه (علیهم السلام)، عن النبی (صلی الله علیه وآله) قال: «خمس لست بتارکهن حتی الممات، لباس الصوف، ورکوبی الحمار مؤکفاً، وأکلی مع العبید، وخصفی النعل بیدی، وتسلیمی علی الصبیان لتکون سنة من بعدی»((2)).

34: النهی عن التفریق بین الفقراء والأغنیاء فی السلام

34: النهی عن التفریق بین الفقراء والأغنیاء فی السلام

عن فضل بن کثیر، عن علی بن موسی الرضا (علیه السلام)، قال: «من لقی فقیراً مسلماً فسلّم علیه خلاف سلامه علی الغنی، لقی الله عزوجل یوم القیامة وهو علیه غضبان»((3)).

35: استحباب الحمد عند رؤیة الکافر والمبتلی من غیر أن یسمع المبتلی

35: استحباب الحمد عند رؤیة الکافر والمبتلی من غیر أن یسمع المبتلی

عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن آبائه (علیهم السلام)، إن النبی (صلی الله علیه وآله) قال: «من رأی یهودیاً أو نصرانیاً أو مجوسیاً أو واحداً علی غیر ملة الإسلام فقال:

ص:196


1- وسائل الشیعة: ج8 ص441.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص441.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص442.

(الحمد لله الذی فضلنی علیک بالإسلام دیناً، وبالقرآن کتاباً، وبمحمد (صلی الله علیه وآله) نبیاً، وبعلی (علیه السلام) إماماً، وبالمؤمنین إخواناً، وبالکعبة قبلةً، لم یجمع الله بینه وبینه فی النار أبدا»((1)).

وعن العیص بن القاسم، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «من نظر إلی ذی عاهة أو من قد مثل به أو صاحب بلاء فلیقل سراً فی نفسه من غیر أن یسمعه: (الحمد لله الذی عافانی مما ابتلاک به ولو شاء فعل ذلک)، ثلاث مرات، فإنه لایصیبه ذلک البلاء أبداً»((2)).

36: الجهر بالسلام والرد

36: الجهر بالسلام والرد

عن ابن القداح، عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال: «إذا سلم أحدکم فلیجهر بسلامه ولایقول سلمت فلم یردوا علی، ولعله یکون قد سلم ولم یسمعهم، وإذا رد أحدکم فلیجهر برده ولایقول المسلم سلمت فلم یردوا علی»((3)) الحدیث.

37: کیفیة السلام

37: کیفیة السلام

عن الحسن بن المنذر، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: «من قال: السلام علیکم، فهی عشر حسنات، ومن قال: سلام علیکم ورحمة الله، فهی عشرون حسنة، ومن قال: سلام علیکم ورحمة الله وبرکاته، فهی ثلاثون حسنة»((4)).

وعن السکونی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال أمیر المؤمنین (علیه السلام): «یکره للرجل أن یقول: حیاک الله، ثم یسکت حتی یتبعها بالسلام»((5)).

ص:197


1- وسائل الشیعة: ج8 ص443.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص443.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص443.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص444.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص444.

وعن عمار الساباطی، أنه سأل أبا عبد الله (علیه السلام) عن النساء کیف یسلمن إذا دخلن علی القوم، قال: «المرأة تقول: علیکم السلام، والرجل یقول: السلام علیکم»((1)).

وعن وهب الیمانی فی حدیث قال: «إن الله قال لآدم (علیه السلام): انطلق إلی هؤلاء الملأ من الملائکة فقل: السلام علیکم ورحمة الله وبرکاته، فسلّم علیهم، فقالوا: وعلیک السلام ورحمة الله وبرکاته، فلما رجع إلی ربه عزوجل قال له ربه تبارک وتعالی: هذه تحیتک وتحیة ذریتک من بعدک فیما بینهم إلی یوم القیامة»((2)).

38: استحباب إعادة السلام ثلاثاً مع عدم الرد

38: استحباب إعادة السلام ثلاثاً مع عدم الرد

عن أبان بن عثمان، عن الصادق (علیه السلام)، فی حدیث الدراهم الاثنی عشر: إن رسول الله (صلی الله علیه وآله) قال للجاریة: «مری بین یدی ودلینی علی أهلک، وجاء رسول الله (صلی الله علیه وآله) حتی وقف علی باب دارهم، وقال: السلام علیکم یا أهل الدار، فلم یجیبوه، فأعاد السلام فلم یجیبوه، فأعادالسلام، فقالوا: وعلیک السلام یا رسول الله وبرکاته، فقال: ما لکم ترکتم إجابتی فی أول السلام والثانی، قالوا: یا رسول الله سمعنا سلامک فأحببنا أن نستکثر منه» الحدیث((3)).

39: استحباب مخاطبة المؤمن بضمیر الجماعة فی موارد

39: استحباب مخاطبة المؤمن بضمیر الجماعة فی موارد

عن منصور بن حازم، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «ثلاثة ترد علیهم رد الجماعة

ص:198


1- وسائل الشیعة: ج8 ص444.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص444.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص445.

وإن کان واحداً: عند العطاس تقول: یرحمکم الله، وإن لم یکن مع غیره، والرجل لیسلم علی الرجل فیقول: السلام علیکم، والرجل یدعو للرجل یقول: عافاکم الله، وإن کان واحداً، فإن معه غیره»((1)).

40: الموارد التی لا یستحب فیها السلام

40: الموارد التی لا یستحب فیها السلام

عن محمد بن الحسین رفعه، قال: کان أبو عبد الله (علیه السلام) یقول: «ثلاثة لا یسلَّمون، الماشی مع الجنازة، والماشی إلی الجمعة، وفی بیت حمام»((2)).

41: کیفیة رد السلام علی الحاضر والغائب

41: کیفیة رد السلام علی الحاضر والغائب

عن أبی عبیدة الحذاء، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: «مر أمیر المؤمنین (علیه السلام) بقوم فسلم علیهم، فقالوا: علیک السلام ورحمة الله وبرکاته ومغفرته ورضوانه، فقال لهم أمیر المؤمنین: لاتجاوزوا بنا مثل ما قالت الملائکة لأبینا إبراهیم (علیه السلام)، إنما قالوا: رحمة الله وبرکاته علیکم أهل البیت»((3)).

وعن الحکم بن عیینة، قال: بینا أنا مع أبی جعفر (علیه السلام) والبیت غاص بأهله، إذ أقبل شیخ حتی وقف علی باب البیت، فقال: السلام علیک یا بن رسول الله (صلی الله علیه وآله) ورحمة الله وبرکاته، ثم سکت، فقال أبو جعفر (علیه السلام): «وعلیک السلام ورحمة الله وبرکاته»، ثم أقبل الشیخ بوجهه علی أهل البیت وقال: السلام علیکم، ثم سکت، حتی أجابه القوم جمیعاً وردوا علیه السلام»((4)) الحدیث.

ص:199


1- وسائل الشیعة: ج8 ص446.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص446.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص447.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص447.

وعن أبی کهمش، قال: قلت لأبی عبد الله (علیه السلام): عبد الله ابن أبی یعفور یقرؤک السلام، قال: «وعلیک وعلیه السلام، إذا أتیت عبد الله فأقرئه السلام»((1)) الحدیث.

وعن جابر، عن أبی جعفر (علیه السلام) قال: «إن ملکاً من الملائکة سأل الله أن یعطیه سمع العباد فأعطاه، فلیس من أحد من المؤمنین قال: صلی الله علی محمد وآله وسلم، إلاّ قال الملک: وعلیک السلام، ثم قال الملک: یا رسول الله إن فلاناً یقرؤک السلام، فیقول رسول الله (صلی الله علیه وآله): وعلیه السلام»((2)).

وعن محمد بن قیس، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: «بینما أمیر المؤمنین (علیه السلام) فی الرحبة إذ قام إلیه رجل فقال: السلام علیک یا أمیر المؤمنین ورحمة الله وبرکاته، فنظر إلیه أمیر المؤمنین (علیه السلام) وقال: وعلیک السلام ورحمة الله وبرکاته من أنت، ثم ذکر حدیث عشرة بعضها أشد من بعض»((3)).

وعن القاسم بن سلام، رفعه عن النبی (صلی الله علیه وآله) قال: «لاعرار فی صلاة ولا تسلیم، العرار النقصان، أما فی الصلاة ففی ترک إتمام رکوعها وسجودها ونقصان اللبث فی الرکعة الأخری، وأما العرار فی التسلیم فإن یقول الرجل السلام علیک، ویرد فیقول وعلیک ولا یقول وعلیکم السلام»((4)).

وعن علی بن إبراهیم، فی تفسیره فی قوله تعالی: {وأمر أهلک بالصلاة واصطبر علیها}((5))، قال: «کان رسول الله (صلی الله علیه وآله) یجیء کل یوم عند صلاة الفجر حتی یأتی باب علی وفاطمة والحسن والحسین (علیهم السلام) فیقول: السلام علیکم ورحمة

ص:200


1- وسائل الشیعة: ج8 ص447.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص447.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص448.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص448.
5- سورة طه: الآیة 132.

الله وبرکاته، فیقولون: وعلیک السلام یا رسول الله ورحمة الله وبرکاته، فیقول: الصلاة یرحمکم الله»((1)).

42: استحباب مصافحة المقیم ومعانقة المسافر

42: استحباب مصافحة المقیم ومعانقة المسافر

عن علی بن رئاب، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «إن من تمام التحیة للمقیم المصافحة، وتمام التسلیم علی المسافر المعانقة»((2)).

43: فیمن یبدأ بالسلام

43: فیمن یبدأ بالسلام

عن جراح المداینی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «لیسلّم الصغیر علی الکبیر، والمار علی القاعد، والقلیل علی الکثیر»((3)).

وعن جمیل، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «إذا کان قوم فی المجلس ثم سبق قوم فدخلوا، فعلی الداخل أخیراً إذا دخل أن یسلم علیهم»((4)).

وعن عنبسة بن مصعب، عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال: «القلیل یبدؤون الکثیر بالسلام، والراکب یبدؤ الماشی، وأصحاب البغال یبدؤون أصحاب الحمیر، وأصحاب الخیل یبدؤون أصحاب البغال»((5)).

وعن ابن بکیر، عن بعض أصحابه، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: سمعته یقول: «یسلّم الراکب علی الماشی، والماشی علی القاعد، وإذا لقیت جماعة جماعة سلّم الأقل علی الأکثر، وإذا لقی واحد جماعة یسلّم الواحد علی الجماعة»((6)).

ص:201


1- وسائل الشیعة: ج8 ص448.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص449.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص449.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص449.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص449.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص450.

وعن ابن القداح، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «یسلّم الراکب علی الماشی، والقائم علی القاعد»((1)).

44: إجزاء سلام الواحد من الجماعة، وکفایة رد الواحد منها

44: إجزاء سلام الواحد من الجماعة، وکفایة رد الواحد منها

عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «إذا سلّم الرجل من الجماعة أجزأ عنهم»((2)).

وعن غیاث بن إبراهیم، عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال: «إذا سلّم من القوم واحد أجزأ عنهم، وإذا رد واحد أجزأ عنهم»((3)).

وعن ابن بکیر، عن بعض أصحابه، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «إذا مرت الجماعة بقوم، أجزأهم أن یسلّم واحد منهم، وإذا سلّم علی القوم وهم جماعة أجزأهم أن یرد واحد منهم»((4)).

وعن زید بن أسلم، إن رسول الله (صلی الله علیه وآله) قال: «لیسلم الراکب علی الماشی، فإذا سلّم من القوم واحد أجزأ عنهم»((5)).

45: کراهة ترک التسلیم عی المؤمن

45: کراهة ترک التسلیم عی المؤمن

عن إسحاق بن عمار، قال: دخلت علی أبی عبد الله (علیه السلام) وکنت ترکت التسلیم علی أصحابنا فی مسجد الکوفة، وذلک لتقّیة علینا فیها شدیدة، فقال

ص:202


1- وسائل الشیعة: ج8 ص450.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص450.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص450.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص450.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص451.

لی أبو عبد الله (علیه السلام): «یا إسحاق متی أحدثت هذا الجفاء لإخوانک، تمرّ بهم فلا تسلّم علیهم»، فقلت له: ذلک لتقیة کنت فیها، فقال: «لیس علیک فی التقیة ترک السلام، وإنما علیک فی الإذاعة، إن المؤمن لیمرّ بالمؤمنین فیسلّم علیهم فترد الملائکة: سلم علیک ورحمة الله وبرکاته أبداً»((1)).

46: کراهة السلام علی الشابات

46: کراهة السلام علی الشابات

عن ربعی بن عبد الله، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «کان رسول الله (صلی الله علیه وآله) یسلّم علی النساء ویرددن علیه السلام، وکان أمیر المؤمنین (علیه السلام) یسلّم علی النساء وکان یکره أن یسلّم علی الشابة منهن»((2)).

أقول: لأن مجتمع الکوفة کان غیر المدینة.

47: النهی عن السلام علی الکفار والفساق وکیفیة الرد علیهم

47: النهی عن السلام علی الکفار والفساق وکیفیة الرد علیهم

عن غیاث بن إبراهیم، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال أمیر المؤمنین (علیه السلام): «لا تبدؤوا أهل الکتاب بالتسلیم، وإذا سلّموا علیکم فقولوا: وعلیکم»((3)).

وعن زرارة، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «تقول فی الرد علی الیهودی والنصرانی: سلام»((4)).

وعن سماعة، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الیهودی والنصرانی والمشرک إذا سلموا علی الرجل وهو جالس کیف ینبغی أن یرد علیهم، فقال: «یقول: علیکم»((5)).

ص:203


1- وسائل الشیعة: ج8 ص451.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص451.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص452.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص452.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص453.

عن جابر، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: «أقبل أبو جهل بن هشام ومعه قوم من قریش فدخلوا علی أبی طالب، فقالوا: إن ابن أخیک قد آذانا، فادعه فلیکف عن آلهتنا ونکف عن إلهه، قال: فبعث أبو طالب (علیه السلام) إلی رسول الله (صلی الله علیه وآله) فدعاه، فلمّا دخل النبی (صلی الله علیه وآله) لم یر فی البیت إلاّ مشرکاً، فقال: «السلام علی من اتبع الهدی»((1)) الحدیث.

وعن الأصبغ، قال: سمعت علیاً (علیه السلام) یقول: «ستة لا ینبغی أن تسّلم علیهم: الیهود، والنصاری، وأصحاب النرد والشطرنج، وأصحاب خمر وبربط وطنبور، والمتفکهین بسب الأمهات، والشعراء»((2)).

وعن أبی البختری، عن جعفر بن محمد، عن أبیه (علیهما السلام)، إن رسول الله (صلی الله علیه وآله) قال: «لا تبدؤوا أهل الکتاب _ الیهود والنصاری _ بالسلام، وإن سلّموا علیکم فقولوا: علیکم، ولا تصافحوهم، ولا تکنّوهم إلاّ أن تضطروا إلی ذلک»((3)).

48: النهی عن دخول بیت الغیر بلا استئذان ولا إشعار ولا تسلیم

48: النهی عن دخول بیت الغیر بلا استئذان ولا إشعار ولا تسلیم

عن عبد الرحمن بن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن قول الله عزوجل: {لاتدخلوا بیوتاً غیر بیوتکم حتّی تستأنسوا وتسلموا علی أهلها}((4))، قال: «الاستیناس وقع النعل والتسلیم»((5)).

وعن أبی الصباح، قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن قول الله عزوجل: {فإذا دخلتم بیوتاً فسلّموا علی أنفسکم}((6)) الآیة، قال: «هو تسلیم الرجل علی أهل البیت

ص:204


1- وسائل الشیعة: ج8 ص454.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص454.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص454.
4- سورة النور: الآیة 27.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص455.
6- سورة النور: الآیة 61.

حین یدخل ثم یردون علیه، فهو سلامکم علی أنفسکم»((1)).

وعن علی بن إبراهیم فی تفسیره، قال: فی روایة أبی الجارود، عن أبی جعفر (علیه السلام) قال: «إذا دخل الرجل منکم بیته فإن کان فیه أحد یسلم علیهم، وإن لم یکن فیه أحد فلیقل: السلام علینا من عند ربنا، یقول الله: {تحیة من عند الله مبارکة طیبة}((2))»((3)).

49: من ینبغی الاختلاف إلی أبوابهم

49: من ینبغی الاختلاف إلی أبوابهم

عن الأصبغ بن نباتة، قال: قال أمیر المؤمنین (علیه السلام): «کانت الحکماء فیما مضی من الدهر تقول: ینبغی أن یکون الاختلاف إلی الأبواب لعشرة أوجه:

أولها: بیت الله عزوجل، لقضاء نسکه والقیام بحقه وأداء فرضه.

والثانی: أبواب الملوک الذین طاعتهم متصلة بطاعة الله وحقّهم واجب ونفعهم عظیم، وضرهم شدید((4)).

والثالث: أبواب العلماء الذین یستفاد منهم علم الدین والدنیا.

والرابع: أبواب أهل الجود والبذل الذین ینفقون أموالهم رجاء الآخرة.

ص:205


1- وسائل الشیعة: ج8 ص455.
2- سور ة النور: الآیة 61 .
3- وسائل الشیعة: ج8 ص455.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص455.

والخامس: أبواب السفهاء الذین یحتاج إلیهم فی الحوادث ویفرغ إلیهم فی الحوائج.

والسادس: أبواب من یتقرب إلیه من الأشراف، لالتماس الهبة والمروة والحاجة.

والسابع: أبواب من یرتجی عندهم النفع فی الرأی والمشورة وتقویة الحزم وأخذ الأهبة لما یحتاج الیه.

والثامن: أبواب الإخوان، لما یجب من مواصلتهم ویلزم من حقوقهم.

والتاسع: أبواب الأعداء، الذین یسکن بالمداراة غوائلهم، وتدفع بالحیل والرفق واللطف والزیارة عداوتهم.

والعاشر: أبواب من ینتفع بغشیانهم ویستفاد منهم حسن الأدب ویؤنس بمحادتتهم»((1)).

50: استحباب السلام عند مغادرة المجلس

50: استحباب السلام عند مغادرة المجلس

عن سعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد (علیه السلام)، إن النبی (صلی الله علیه وآله) قال: «إذا قام الرجل من مجلس فلیودع إخوانه بالسلام، فإن أفاضوا فی خیر کان شریکهم، وإن أفاضوا فی باطل کان علیهم دونه»((2)).

وعن الحسن الطبرسی فی (مکارم الأخلاق) عن رسول الله (صلی الله علیه وآله)، قال: «إذا قام أحدکم من مجلسه منصرفاً فلیسلم، لیس الأولی بأولی من الأخری»((3)).

ص:206


1- وسائل الشیعة: ج8 ص456.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص456.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص456.

51: جواز السلام علی الذمی والدعاء له مع الحاجة إلیه

51: جواز السلام علی الذمی والدعاء له مع الحاجة إلیه

عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: قلت لأبی الحسن (علیه السلام): أرأیت إن احتجتُ إلی طبیب وهو نصرانی أسلّم علیه وأدعو له، قال: «نعم»((1)) الحدیث.

52: جواز مکاتبة أهل الذمة مع الحاجة

52: جواز مکاتبة أهل الذمة مع الحاجة

عن عبد الله بن سنان، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، فی الرجل یکتب إلی رجل من عظماء عمال المجوس فیبدؤ باسمه قبل اسمه، فقال: «لا بأس إذا فعل ذلک لاختیار المنفعة»((2)).

وعن أبی بصیر، قال: سئل أبو عبد الله (علیه السلام) عن الرجل تکون له الحاجة إلی المجوسی أو إلی الیهودی أو إلی النصرانی، أو أن یکون عاملاً دهقاناً من عظماء أهل أرضه، فیکتب إلیه الرجل فی الحاجة العظیمة، أیبدؤ بالعلج ویسلم علیه فی کتابه، وإنما یصنع ذلک لکی تقضی حاجته، فقال: «أما أن تبدأ به فلا، ولکن تسلّم علیه فی کتابک، فإن رسول (صلی الله علیه وآله) کان یکتب إلی کسری وقیصر»((3)).

53: استحباب الإغضاء عن الإخوان والتسامح معهم

53: استحباب الإغضاء عن الإخوان والتسامح معهم

عن ثعلبة بن میمون، عمن ذکره، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: کان عنده قوم یحدثهم إذ ذکر رجل فوقع فیه وشکاه، فقال له أبو عبد الله (علیه السلام): «وأنی لک بأخیک کله، وأی الرجال المهذب»((4)).

ص:207


1- وسائل الشیعة: ج8 ص457.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص457.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص457.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص458.

وعن أبی بصیر، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «لا تفتش الناس فتبقی بلا صدیق»((1)).

وعن الضحاک بن مخلد، قال: سمعت الصادق (علیه السلام) یقول: «لیس من الإنصاف مطالبة الإخوان بالإنصاف»((2)).

54: استحباب تسمیة العاطس

54: استحباب تسمیة العاطس

عن جراح المدائنی، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «للمسلم علی أخیه المسلم من الحق أن یسلّم علیه إذا لقیه، ویعوده إذا مرض، وینصح له إذا غاب، ویسمته إذا عطس، یقول: الحمد لله رب العالمین لا شریک له، ویقول: یرحمک الله، فیجیب یقول له: یهدیکم الله ویصلح بالکم، ویجیبه إذا دعاه، ویشیعه إذا مات»((3)).

وعن مسعدة بن صدقة، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «إذا عطس الرجل فسمّتوه»((4)).

وعن إسحاق بن یزید ومعمر بن أبی زیاد وابن رئاب، قالوا: کنا جلوساً عند أبی عبد الله (علیه السلام) إذا عطس رجل، فما رد علیه أحد من القوم شیئاً حتی ابتدأ هو فقال: سبحان الله ألا سمّتّم، إن من حق المسلم علی المسلم أن یعوده إذا اشتکی، وأن یجیبه إذا دعاه، وأن یشهده إذا مات، وأن یسمته إذا عطس»((5)).

وعن داود بن الحصین، قال: کنا عند أبی عبد الله (علیه السلام) فأحصیت فی البیت

ص:208


1- وسائل الشیعة: ج8 ص458.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص459.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص459.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص459.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص459.

أربعة عشر رجلاً، فعطس أبو عبد الله (علیه السلام)، فما تکلم أحد من القوم، فقال أبو عبد الله (علیه السلام): «ألا تسمّتون، فرض المؤمن إذا مرض أن یعوده، وإذا مات أن یشهد جنازته، وإذا عطس أن یسمته، وإذا دعاه أن یجیبه»((1)).

55: کیفیة التسمیت والرد

55: کیفیة التسمیت والرد

عن سعد بن أبی خلف، قال: کان أبو جعفر (علیه السلام) إذا عطس فقیل له: یرحمک الله، قال: «یغفر الله لکم ویرحمکم»، وإذا عطس عنده إنسان قال: «یرحمک الله عزوجل»((2)).

وعن محمد بن مسلم، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: «إذا عطس الرجل فلیقل: الحمد لله لا شریک له، وإذا سمت الرجل فلیقل: یرحمک الله، وإذا ردّ فلیقل: یغفر الله لک ولنا، فإن رسول الله (صلی الله علیه وآله) سئل عن آیة أو شیء فیه ذکر الله، فقال: کلما ذکر الله عزوجل فیه فهو حسن»((3)).

وعن علی (علیه السلام) فی حدیث الأربعمائة، قال: «إذا عطس أحدکم فسمتوه، قولوا: یرحمکم الله، وهو یقول: یغفر الله لکم ویرحمکم، قال الله عزوجل: {وإذا حییتم بتحیة فحیوا بأحسن منها أو ردوها}((4))»((5)).

ص:209


1- وسائل الشیعة: ج8 ص460.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص460.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص460.
4- سورة النساء: الآیة 86.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص460.

56: تسمیت الصبی المرأة

56: تسمیت الصبی المرأة

عن نسیم خادمة أبی محمد (علیه السلام)، قالت: قال لی صاحب الزمان (علیه السلام)، وقد دخلت علیه بعد مولده بلیلة فعطست عنده، فقال لی: «یرحمک الله»، ففرحت بذلک، فقال لی: «ألا أبشرک فی العطاس»، قلت: بلی، فقال: «هو أمان من الموت ثلاثة أیام»((1)).

57: العطاس والتثاؤب

57: العطاس والتثاؤب

عن أحمد بن محمد بن أبی نصر، قال: سمعت الرضا (علیه السلام) یقول: «التثاوب من الشیطان، والعطسة من الله عزوجل»((2)).

وعن حذیفة بن منصور، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال (علیه السلام): «العطاس ینفع فی البدن کله ما لم یزد علی الثلاث، فإذا زاد علی الثلاث فهو داء وسقم»((3)).

وعن أبی بکر الحضرمی، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن قول الله عزوجل: {إن أنکر الأصوات لصوت الحمیر}((4))، قال: «العطسة القبیحة»((5)).

وعن أحمد بن محمد، عن بعض أصحابه، عن رجل من العامة، عن أبی عبد الله (علیه السلام) فی حدیث قال: «العطسة تخرج من جمیع البدن، کما أن النطفة تخرج من جمیع البدن»، إلی أن قال: «وصاحب العطسة یأمن الموت سبعة أیام»((6)).

ص:210


1- وسائل الشیعة: ج8 ص461.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص461.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص462.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص462.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص462.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص462.

58: استحباب تکرار التسمیت ثلاثاً عند توالی العطاس

58: استحباب تکرار التسمیت ثلاثاً عند توالی العطاس

عن زرارة، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: «إذا عطس الرجل ثلاثاً فسمّته ثم اترکه»((1)).

وعن وهب بن منبّه، عن جعفر بن محمد، عن أبیه (علیهما السلام)، إن علیاً (علیه السلام) قال: «یسمت العاطس ثلاثاً، فما فوقها فهو ریح»((2)).

59: استحباب التحمید لمن عطس أو سمع ذلک

59: استحباب التحمید لمن عطس أو سمع ذلک

عن صالح بن أبی حماد، قال: سألت العالم (علیه السلام) عن العطسة، وماالعلة فی الحمد لله علیها، فقال: «إن لله نعماء علی عبده فی صحة بدنه وسلامة جوارحه، وإن العبد ینسی ذکر الله عزوجل علی ذلک، وإذا نسی أمر الله الریح فتجاز فی بدنه ثم یخرجها من أنفه، فیحمد الله علی ذلک، فیکون حمده علی ذلک شکراً لما نسی»((3)).

وعن السکونی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «عطس غلام لم یبلغ الحلم عند النبی (صلی الله علیه وآله) فقال: الحمد لله، فقال له النبی (صلی الله علیه وآله): بارک الله فیک»((4)).

وعن مسمع بن عبد الملک، قال: عطس أبو عبد الله (علیه السلام) فقال: الحمد لله رب العالمین، ثم جعل إصبعه علی أنفه، فقال: رغم أنفی لله رغماً داخراً»((5)).

وعن ابن فضال، عن بعض أصحابه، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال فی وجع الأضراس ووجع الآذان: «إذا سمعتم من یعطس فابدؤوه بالحمد»((6)).

ص:211


1- وسائل الشیعة: ج8 ص462.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص463.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص463.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص463.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص463.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص463.

وعن محمد بن مروان، رفعه قال: قال أمیر المؤمنین (علیه السلام): «من قال إذا عطس: الحمد لله رب العالمین علی کل حال، لم یجد وجع الأذنین والأضراس»((1)).

وعن مسعدة بن صدقة، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «إذا عطس المرء المسلم ثم سکت لعلة تکون به، قالت الملائکة عنه: الحمد لله رب العالمین، فإن قال: الحمد لله رب العالمین، قالت الملائکة: یغفر الله لک»((2)).

قال: وقال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «العطاس للمریض دلیل العافیة وراحة للبدن»((3)).

60: استحباب الصلاة علی النبی وآله لمن عطس أو سمع ذلک

60: استحباب الصلاة علی النبی وآله لمن عطس أو سمع ذلک

عن ابن أبی عمیر، عن بعض أصحابه، قال: عطس رجل عند أبی جعفر (علیه السلام)، فقال: الحمد لله، فلم یسمته أبو جعفر (علیه السلام) وقال: «نقصنا حقنا»، وقال: «إذا عطس أحدکم فلیقل: الحمد لله رب العالمین، وصلی الله علی محمد وأهل بیته»، قال: فقال الرجل، فسمته أبو جعفر (علیه السلام)((4)).

وعن أبی أسامة، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «من سمع عطسة فحمد الله عزوجل وصلی علی محمد وأهل بیته لم یشتک عینه ولا ضرسه»((5)).

وعن عمرو بن شمر، عن جابر، قال: قال أبو جعفر (علیه السلام): «نعم الشیء العطسة، تنفع الجسد وتذکر بالله عزوجل»، قلت: إن عندنا قوماً یقولون: لیس لرسول الله (صلی الله علیه وآله) فی العطسة نصیب، فقال: «إن کانوا کاذبین فلا أنالهم شفاعة محمد

ص:212


1- وسائل الشیعة: ج8 ص464.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص464.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص464.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص464.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص464.

صلی الله علیه وآله»((1)).

61: عدم کراهة الصلاة علی النبی وآله عند العطاس

61: عدم کراهة الصلاة علی النبی وآله عند العطاس

عن الفضیل بن یسار، قال: قلت لأبی جعفر (علیه السلام): إن الناس یکرهون الصلاة علی محمد وآله فی ثلاثة مواطن: عند العطسة، وعند الذبیحة، وعند الجماع، فقال أبو جعفر (علیه السلام): «ما لهم، ویلهم نافقوا، لعنهم الله»((2)).

وعن محمد بن علی بن الحسین، عن الرضا (علیه السلام) فی کتابه إلی المأمون، قال: «الصلاة علی النبی (صلی الله علیه وآله) واجبة فی کل موطن، وعند العطاس والذبایح وغیر ذلک»((3)).

62: جواز تسمیت الذمی والدعاء له بالهدایة والرحمة

62: جواز تسمیت الذمی والدعاء له بالهدایة والرحمة

عن ابن أبی نجران، عن بعض أصحابنا، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: عطس رجل نصرانی عند أبی عبد الله (علیه السلام)، فقال له القوم: هداک الله، فقال أبو عبد الله (علیه السلام): «یرحمک الله»، فقالوا له: إنه نصرانی: فقال: «لا یهدیه الله حتی یرحمه»((4)).

63: استحباب توقیر الشیوخ

63: استحباب توقیر الشیوخ

عن عبد الله بن سنان، قال: قال لی أبو عبد الله (علیه السلام): «إن من إجلال الله عزوجل إجلال الشیخ الکبیر»((5)).

ص:213


1- وسائل الشیعة: ج8 ص465.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص465.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص465.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص466.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص466.

وعن أبی بصیر، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال: «من إجلال الله عزوجل إجلال ذی الشیبة المسلم»((1)).

وعن أحمد بن محمّد رفعه، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «لیس منا من لم یوقر کبیرنا ویرحم صغیرنا»((2)).

وعن عبد الله بن سنان، قال: قال لی أبو عبد الله (علیه السلام): «من إجلال الله عزوجل إجلال المؤمن ذی الشیبة، ومن أکرم مؤمناً فبکرامة الله بدأ، ومن استخف بمؤمن ذی شیبة أرسل الله إلیه من یستخف به قبل موته»((3)).

وعن أبی الخطاب، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «ثلاثة لا یجهل حقّهم إلاّ منافق معروف النفاق، ذو الشیبة فی الإسلام، وحامل القرآن، والإمام العادل»((4)).

وعن الرصافی، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «عظموا کبائرکم، وصلوا أرحامکم»((5)).

وعن ابن أبی عمیر، عن بعض أصحابه، عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «من إجلال الله إجلال ذی الشیبة المسلم»((6)).

وعن السکونی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «من عرف فضل کبیر لسنّه فوقره آمنه الله من فزع یوم القیامة»((7)).

وعن محمّد بن عبد الله رفعه، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «من عرف فضل

ص:214


1- وسائل الشیعة: ج8 ص467.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص467.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص467.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص467.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص467.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص467.
7- وسائل الشیعة: ج8 ص467.

شیخ کبیر فوقره لسنّه آمنه الله من فزع یوم القیامة»((1)).

وقال (علیه السلام): «من تعظیم الله إجلال ذی الشیبة المؤمن»((2)).

وعن الزهری، عن أنس، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «بجلوا المشایخ، فإن من إجلال الله تبجیل المشایخ»((3)).

64: استحباب إکرام الکریم والشریف

64: استحباب إکرام الکریم والشریف

عن الحجال، قال: قلت لجمیل بن دراج: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «إذا أتاکم شریف قوم فأکرموه»، قال: نعم قلت: وما الشریف، قال: قد سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن ذلک، فقال: «الشریف من کان له مال» (یبذله)، قلت: فما الحسب، قال: «الذی یفعل الأفعال الحسنة بماله وغیر ماله»، قلت: فما الکرم، قال: «التقوی»((4)).

وعن السکونی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «إذا أتاکم کریم قوم فأکرموه»((5)).

وعن عبد الله العلوی، عن أبیه، عن جده، قال: قال أمیر المؤمنین (علیه السلام): «لمّا قدم عدی بن حاتم إلی النبی (صلی الله علیه وآله)، أدخله النبی (صلی الله علیه وآله) بیته، ولم یکن فی البیت غیر خصفة ووسادة آدم، فطرحها رسول الله (صلی الله علیه وآله) لعدی بن حاتم»((6)).

ص:215


1- وسائل الشیعة: ج8 ص468.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص468.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص468.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص468.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص469.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص469.

65: کراهة رد التکریم

65: کراهة رد التکریم

عن عبد الله بن القداح، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «دخل رجلان علی أمیر المؤمنین (علیه السلام) فألقی لکل واحد منهما وسادة، فقعد علیها أحدهما وأبی الآخر، فقال أمیر المؤمنین (علیه السلام): اقعد علیها فإنه لا یأبی الکرامة إلاّ الحمار»((1)) (الجماد: خ ل).

وعن الحسن بن الجهم، قال: قال أبو الحسن (علیه السلام): کان أمیر المؤمنین (علیه السلام) یقول: «لا یأبی الکرامة إلاّ حمار (الجماد: خ ل) قلت: ما معنی ذلک، قال: التوسعة فی المجلس والطیب یعرض علیه»((2)).

وعن علی بن الجهم، قال: سمعت أبا الحسن (علیه السلام) یقول: «لا یأبی الکرامة إلاّ حمار (الجماد: خ ل) قلت: أی شیء الکرامة، قال: «مثل الطیب وما یکرم به الرجل»((3)).

وعن أبی زید المکی، قال: سمعت أبا الحسن (علیه السلام) یقول: «لا یأبی الکرامة إلاّ حمار (الجماد: خ ل)، یعنی بذلک فی الطیب والوسادة((4)).

وعن أحمد بن محمد البزنطی، قال: قال أبو الحسن الرضا (علیه السلام): کان أمیر المؤمنین (علیه السلام) یقول: «لا یأبی الکرامة إلاّ حمار» (الجماد: خ ل) فقلت: ما معنی ذلک، فقال: «ذلک فی الطیب یعرض علیه، والتوسعة فی المجالس، من أباهما کان کما قال»((5)).

وعن سماعة بن مهران، عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن الرجل یرد

ص:216


1- وسائل الشیعة: ج8 ص469.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص470.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص470.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص470.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص470.

الطیب، قال: «لا ینبغی له أن یرد الکرامة»((1)).

وعن الحسین بن علوان، عن جعفر، عن أبیه، عن علی (علیهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «إذا عرض علی أحدکم الکرامة فلا یردها»((2)).

66: استحباب إکرام الزائر

66: استحباب إکرام الزائر

عن السکونی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «من حق الداخل علی أهل البیت أن یمشوا معه هنیئة إذا دخل وإذا خرج»((3)).

وقال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «إذا دخل أحدکم عی أخیه المسلم فی بیته فهو أمیر علیه حتی یخرج»((4)).

67: المجالس بالأمانات

67: المجالس بالأمانات

عن زرارة، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «المجالس بالأمانة»((5)).

وعن أبی عوف، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: سمعته یقول: «المجالس بالأمانة»((6)).

وعن عثمان بن عیسی، عمن ذکره، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «المجالس بالأمانة، ولیس لأحد أن یحدث بحدیث یکتمه صاحبه إلاّ بإذنه، إلاّ أن یکون

ص:217


1- وسائل الشیعة: ج8 ص470.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص470.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص471.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص471.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص471.
6- الکافی: ج2 ص660.

ثقة أو ذکراً له بخیر»((1)).

وعن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «المجالس بالأمانة إلاّ ثلاثة مجالس: مجلس سفک فیه دم حرام، أو مجلس استحل فیه فرج حرام، أو مجلس یستحل فیه مال حرام بغیر حقه»((2)).

68: کراهة التناجی فی المجالس

68: کراهة التناجی فی المجالس

عن أبی بصیر، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «إذا کان القوم ثلاثة فلا یتناجی منهم اثنان دون صاحبهما، فإن فی ذلک ما یحزنه ویؤذیه»((3)).

وعن یونس بن یعقوب، عن أبی الحسن الأول (علیه السلام)، قال: «إذا کان ثلاثة فی بیت فلا یتناجی اثنان دون صاحبهما، فإن ذلک مما یغمه»((4)).

69: کراهة مقاطعة المسلم فی حدیثه

69: کراهة مقاطعة المسلم فی حدیثه

عن السکونی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «من عرض لأخیه المسلم المتکلم فی حدیثه فکأنما خدش وجهه»((5)).

70: ما یستحب من کیفیات الجلوس وما یکره منها

70: ما یستحب من کیفیات الجلوس وما یکره منها

عن عبد العظیم بن عبد الله بن الحسن العلوی رفعه، قال: کان النبی (صلی الله علیه وآله) یجلس ثلاثاً، القرفصاء وهو أن یقیم ساقیه ویستقبلهما بیدیه ویشد یده فی

ص:218


1- الکافی: ج2 ص660.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص472.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص472.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص472.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص472.

ذراعه، وکان یجثو علی رکبتیه، وکان یثنی رجلاً واحدة ویبسط علیها الأخری، ولم یر (صلی الله علیه وآله) متربعاً قط»((1)).

وعن أبی حمزة الثمالی، قال: رأیت علی بن الحسین (علیهما السلام) قاعداً واضعاً إحدی رجلیه علی فخذه، فقلت: إن الناس یکرهون هذه الجلسة ویقولون: إنها جلسة الرب، فقال: «إنی إنما جلست هذه الجلسة للملالة، والرب لا یمل ولا تأخذه سنة ولا نوم»((2)).

وعن حمّاد بن عثمان، قال: جلس أبو عبد الله (علیه السلام) متور کاً رجله الیمنی علی فخذه الیسری، فقال له رجل: جعلت فداک هذه جلسة مکروهة، فقال: «لا، إنما هو شیء قالته الیهود لما أن فرغ الله عزوجل من خلق السماوات والأرض واستوی علی العرش جلس هذه الجلسة لیستریح، فأنزل الله عزوجل: {الله لا إله إلاّ هو الحی القیوم لا تأخذه سنة ولا نوم}((3))»، وبقی أبو عبد الله (علیه السلام) متور کاً کما هو((4)).

71: استحباب التواضع فی الجلوس فی المجالس

71: استحباب التواضع فی الجلوس فی المجالس

عن أبی سلیمان الزاهد، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «من رضی بدون الشرف من المجلس لم یزل الله وملائکته یصلون علیه حتی یقوم»((5)).

وعن عبد الله بن المغیرة، عمن ذکره، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «کان رسول الله (صلی الله علیه وآله) إذا دخل منزلاً قعد فی أدنی المجلس إلیه حین یدخل»((6)).

ص:219


1- وسائل الشیعة: ج8 ص473.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص473.
3- سورة البقرة: الآیة 255.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص473.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص474.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص474.

وعن هارون بن خارجة، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «إن من التواضع أن یجلس الرجل دون شرفه»((1)).

وعن السکونی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «من التواضع أن ترضی بالمجلس دون المجلس، وأن تسلم علی من تلقی، وأن تترک المراء وإن کنت محقاً، ولا تحب أن تحمد علی التقوی»((2)).

وعن ابن عباس، قال: کان رسول الله (صلی الله علیه وآله) یجلس علی الأرض، ویأکل علی الأرض، ویعتلف الشاة، ویجیب دعوة المملوک علی خبز الشعیر((3)).

وعن معصب بن شیبة، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «إذا أخذ القوم مجالسهم فإن دعا رجل أخاه وأوسع له فی مجلسه فلیأته، فإنما هی کرامة أکرمه بها أخوه، وإن لم یوسع له أخوه فلینظر أوسع مکان یجده فلیجلس فیه»((4)).

72: استحباب استقبال القبلة فی المجالس

72: استحباب استقبال القبلة فی المجالس

عن حماد بن عثمان، قال: رأیت أبا عبد الله (علیه السلام) یجلس فی بیته عند باب بیته قبالة الکعبة((5)).

وعن طلحة بن زید، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «کان رسول الله (صلی الله علیه وآله) أکثر ما یجلس تجاه القبلة»((6)).

وروی الشیخ بهاء الدین فی (مفتاح الفلاح)، قال: وروی عن أئمتنا (علیهم السلام): «خیر المجالس ما استقبل به القبلة»((7)).

ص:220


1- وسائل الشیعة: ج8 ص474.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص474.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص474.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص475.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص475.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص475.
7- وسائل الشیعة: ج8 ص475.

73: کراهة استقبال الشمس

73: کراهة استقبال الشمس

عن سهل بن زیاد، یرفعه إلی أمیر المؤمنین (علیه السلام)، قال: «لا تستقبلوا الشمس فإنها مبخرة، تشجب اللون، وتبلی الثوب، وتظهر الداء الدفین»((1)).

وعن موسی بن إبراهیم، عن أبی الحسن موسی (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «فی الشمس أربع خصال: تغیر اللون، وتنتن الریح، وتخلق الثیاب، وتورث الداء»((2)).

74: استحباب الجلوس فی بیت الغیر حیث یأمر

74: استحباب الجلوس فی بیت الغیر حیث یأمر

عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبیه (علیهما السلام)، قال: «إذا دخل أحدکم علی أخیه فی رحله فلیقعد حیث یأمره صاحب الرحل، فإن صاحب الرحل أعرف بعورة بیته من الداخل علیه»((3)).

75: جواز الاحتباء ولو فی ثوب واحد یستر العورة

75: جواز الاحتباء ولو فی ثوب واحد یستر العورة

عن إبراهیم بن عبد الحمید، عن أبی الحسن (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «الاحتباء حیطان العرب»((4)).

وعن سماعة، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الرجل یحتبی بثوب واحد، فقال: «إن کان یغطی عورته فلا بأس»((5)).

ص:221


1- وسائل الشیعة: ج8 ص475.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص476.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص476.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص477.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص477.

76: استحباب المزاح والضحک بلا إکثار ولا فحش

76: استحباب المزاح والضحک بلا إکثار ولا فحش

عن معمر بن خلاد، قال: سألت أبا الحسن (علیه السلام) فقلت: جعلت فداک، الرجل یکون مع القوم فیجری بینهم کلام یمزحون ویضحکون، فقال: «لا بأس ما لم یکن»، فظننت أنه عنی الفحش، ثم قال: «إن رسول الله (صلی الله علیه وآله) کان یأتیه الأعرابی فیأتی إلیه الهدیة، ثم یقول مکانه: أعطنا ثمن هدیتنا، فیضحک رسول الله (صلی الله علیه وآله)، وکان إذا اغتم یقول: «ما فعل الأعرابی لیته أتانا»((1)).

وعن الفضل بن أبی قرة، عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال: «ما من مؤمن إلاّ وفیه دعابة»، قلت: وما الدعابة، قال: «المزاح»((2)).

وعن یونس الشیبانی، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «کیف مداعبة بعضکم بعضاً»، قلت: قلیل، قال: «أفلا تفعلوا، فإن المداعبة من حسن الخلق، وإنک لتدخل بها السرور علی أخیک، ولقد کان رسول الله (صلی الله علیه وآله) یداعب الرجل یرید أن یسره»((3)).

وعن عبد الله بن محمد الجعفی، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: «إن الله یحب المداعب فی الجماعة بلا رفث»((4)).

وعن حمران بن أعین، قال: دخلت علی أبی جعفر (علیه السلام)، فقلت له: أوصنی، فقال: «أوصیک بتقوی الله، وإیاک والمزاح، فإنه یذهب هیبة الرجل، وماء وجهه»((5)) الحدیث.

ص:222


1- وسائل الشیعة: ج8 ص477.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص477.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص478.
4- بحار الأنوار: ص60 ج73، ووسائل الشیعة: ج8 ص478.
5- بحار الأنوار: ص60 ج73، ووسائل الشیعة: ج8 ص478.

وعن حماد بن عمرو، وأنس بن محمد، عن أبیه جمیعاً، عن جعفر بن محمد، عن آبائه (علیهم السلام) فی وصیة النبی (صلی الله علیه وآله) لعلی (علیه السلام) قال: «یا علی، لا تمزح فیذهب بهاؤک، ولاتکذب فیذهب نورک»((1)).

وقد جمع العلماء بین ذلک وبین غیره، بالحمل علی کثرة المزاح، أو المزاح فی غیر محله.

77: کراهة القهقهة واستحباب التبسم

77: کراهة القهقهة واستحباب التبسم

عن الحلبی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «القهقهة من الشیطان»((2)).

وعن خالد بن طهمان، عن أبی جعفر (علیه السلام): «إذا قهقهت فقل حین تفرغ: اللهم لا تمقتنی»((3)).

وعن علی بن أسباط، عن الحسن بن کلیب، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «ضحک المؤمن تبسم»((4)).

78: کراهة الضحک بلا سبب

78: کراهة الضحک بلا سبب

عن السکونی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «إن من الجهل الضحک من غیر عجب»، قال: وکان یقول: «لا تبدین عن واضحة، وقد علمت الأعمال الفاضحة، ولا یأمن البیات من عمل السیئات»((5)).

وعن موسی بن جعفر (علیهما السلام) قال: قال الصادق (علیه السلام): «کم ممن کثر ضحکه

ص:223


1- وسائل الشیعة: ج8 ص478.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص479.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص479.
4- بحار الأنوار: ص59 ج73، ووسائل الشیعة: ج8 ص479.
5- بحار الأنوار: ص59 ج73، ووسائل الشیعة: ج8 ص479.

لاغیاً یکثر یوم القیامة بکاؤه، وکم ممن کثر بکاؤه علی ذنبه خائفاً یکثر یوم القیامة فی الجنة ضحکه وسروره»((1)).

وعن محمد بن المعلی، عن رجل، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «ثلاث فیهن المقت من الله، نوم من غیر سهر، وضحک من غیر عجب، وأکل علی الشبع»((2)).

وعن معاویة بن عمار، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «کان بالمدینة رجل بطال یضحک الناس، فقال: قد أعیانی هذا الرجل أن أضحکه، یعنی علی بن الحسین (علیهما السلام) الحدیث. وفیه: إن علی بن الحسین (علیه السلام) قال: قولوا له: إن لله یوماً یخسر فیه المبطلون»((3)).

79: کراهة کثرة المزاح والضحک

79: کراهة کثرة المزاح والضحک

عن حفص بن البختری، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «إیاکم والمزاح، فإنه یذهب بماء الوجه»((4)).

وعن حریز، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «کثرة الضحک تمیث القلب»، وقال: «کثرة الضحک تمیث الدین کما تمیث الماء الملح»((5)).

وعن ابن أبی عمیر، عمن حدثه، عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال: «إذا أحببت رجلاً فلا تمازحه ولا تماره»((6)).

ص:224


1- بحار الأنوار: ص59 ج73، ووسائل الشیعة: ج8 ص480.
2- بحار الأنوار: ص58 ج73، ووسائل الشیعة: ج8 ص480.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص480.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص481.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص481.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص481.

وعن عنبسة العابد، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: «کثرة الضحک تذهب بماء الوجه»((1)).

وعن عمار بن مروان، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «لا تمار فیذهب بهاؤک، ولا تمازح فیجتری علیک»((2)).

وعن علی بن عقبة، رفعه عن أبی عبد الله (علیه السلام) وأبی جعفر (علیه السلام)، أو أحدهما (علیهما السلام)، قال: «کثرة المزاح تذهب بماء الوجه، وکثرة الضحک تمج الإیمان مجاً»((3)).

وعن سعد بن أبی خلف، عن أبی الحسن (علیه السلام)، إنه قال فی وصیة له لبعض ولده، أو قال: قال أبی لبعض ولده: «إیاک والمزاح، فإنه یذهب بنور إیمانک ویستخف بمروتک»((4)).

وعن ابن القداح، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال أمیر المؤمنین (علیه السلام): «إیاک والمزاح، فإنه یجر السخیمة، ویورث الضغینة، وهو السب الأصغر»((5)).

وعن محمد بن مروان، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «إیاکم والمزاح، فإنه یذهب بماء الوجه ومهابة الرجال»((6)).

وعن عمار بن مروان، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «لا تمازح فیجترؤ علیک»((7)).

وعن طلحة بن زید، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبیه، عن آبائه (علیهم السلام)،

ص:225


1- وسائل الشیعة: ج8 ص481.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص481.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص481.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص482.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص482.
6- بحار الأنوار: ص60 ج73، ووسائل الشیعة: ج8 ص482.
7- بحار الأنوار: ص59 ج73، ووسائل الشیعة: ج8 ص482.

قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «کثرة المزاح تذهب بماء الوجه، وکثرة الضحک تمحو الإیمان، وکثرة الکذب یذهب بالبهاء»((1)).

وعن هارون بن عمر بن عبد العزیز، عن محمد بن جعفر بن محمد، عن أبیه أبی عبد الله، عن آبائه، عن علی (علیهم السلام)، قال: «کان ضحک النبی (صلی الله علیه وآله) التبسم، فاجتاز ذات یوم بفیئة من الأنصار، وإذا هم یتحدثون ویضحکون ملؤوا أفواههم، فقال: مه یا هؤلاء من غره منکم أمله، وقصر به فی الخیر عمله، فلیطلع القبور، ولیعتبر بالنشور، واذکروا الموت فإنه هادم اللذات»((2)).

وعن عبد الله بن الجعفی، قال: سمعت أبا جعفر (علیه السلام) یقول: «إن الله یحب المداعب فی الجماعة بلا رفث، المتوحد بالفکرة، المتخلی بالعبرة، المتباهی بالصلاة»((3)).

وعن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبیه (علیهما السلام): إن داود قال لسلیمان (علیهما السلام): «یا بنی إیاک وکثرة الضحک، فإن کثرة الضحک تترک الرجل فقیراً یوم القیامة»((4)).

عن السید الرضی (رحمه الله) فی (نهج البلاغة)، عن أمیر المؤمنین (علیه السلام) إنه قال: «ما مزح الرجل مزحة إلاّ مج من عقله مجة»((5)).

80: استحباب التبسم فی جه المؤمن

80: استحباب التبسم فی جه المؤمن

عن محمد بن علی بن الحسین، فی کتاب (الإخوان)، بإسناده عن الرضا

ص:226


1- بحار الأنوار: ص58 ج73، ووسائل الشیعة: ج8 ص482.
2- بحار الأنوار: ص59 ج73، ووسائل الشیعة: ج8 ص483.
3- بحار الأنوار: ص60 ج73، ووسائل الشیعة: ج8 ص483.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص483.
5- بحار الأنوار: ج73 ص60، ووسائل الشیعة: ج8 ص483.

(علیه السلام) قال: «من خرج فی حاجة ومسح وجهه بماء الورد لم یرهق وجهه فقر ولا ذلة، ومن شرب من سؤر أخیه المؤمن یرید به التواضع أدخله الجنة البتة، ومن تبسم فی وجه أخیه المؤمن کتب الله له حسنة، ومن کتب الله له حسنة لم یعذبه»((1)).

وعن جابر بن یزید، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: «تبسم المؤمن فی وجه أخیه حسنة، وصرفه القذی عنه حسنة، وما عبد الله بمثل إدخال السرور علی المؤمن»((2)).

وعن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «من أخذ من وجه أخیه المؤمن قذاه کتب له عشر حسنات، ومن تبسم فی وجه أخیه کانت له حسنة»((3)).

81: استحباب الصبر علی أذی الجار وغیره

81: استحباب الصبر علی أذی الجار وغیره

عن عمرو بن عکرمة، قال: دخلت علی أبی عبد الله (علیه السلام)، فقلت: لی جار یؤذینی فقال: «ارحمه»، فقلت: لا رحمه الله، فصرف وجهه عنی، فکرهت أن أدعه، فقلت: یفعل بی کذا وکذا ویفعل ویؤذینی، فقال: «أرأیت إن کاشفته انتصفت منه»، فقلت: بل أُربی علیه، فقال: «إن ذا ممن یحسد الناس علی ما آتاهم الله من فضله، فإذا رأی نعمة علی أحد فکان له أهل جعل بلاءه علیهم، وإن لم یکن له أهل جعله علی خادمه، فإن لم یکن له خادم أسهر لیله وأیقظ نهاره»((4))، الحدیث.

ص:227


1- وسائل الشیعة: ج8 ص483.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص483.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص484.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص484.

وعن الحسن بن عبد الله، عن عبد صالح (علیه السلام)، قال: «لیس حسن الجوار کف الأذی، ولکن حسن الجوار صبرک علی الأذی»((1)).

عن ابن مسکان، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «ما أفلت المؤمن من واحدة من ثلاث، ولربما اجتمعت الثلاث علیه، إما بعض من یکون معه فی الدار یغلق علیه بابه یؤذیه، أو جار یؤذیه، أو من فی طریقه إلی حوائجه یؤذیه، ولو أن مؤمناً علی قلة جبل لبعث الله عزوجل علیه شیطاناً یؤذیه، ویجعل له من إیمانه أنساً لا یستوحش معه إلی أحد»((2)).

وعن إسحاق بن عمار، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «ما کان ولا یکون ولیس بکائن مؤمن إلاّ وله جار یؤذیه، ولو أن مؤمناً فی جزیرة من جزائر البحر لبعث الله له من یؤذیه»((3)).

وعن إسحاق بن عمار، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «ما کان فیما مضی ولا فیما بقی ولا فیما أنتم فیه، مؤمن إلاّ وله جار یؤذیه»((4)).

أقول: هذا تسلیة وبیان طبیعة الحیاة.

وعن حنان بن سدیر، عن أبیه، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: «جاء رجل إلی النبی (صلی الله علیه وآله) فشکا إلیه أذی جاره، فقال له رسول الله (صلی الله علیه وآله): اصبر، ثم أتاه ثانیة فقال له: اصبر»((5)) الحدیث.

وعن إبراهیم بن أبی رجاء، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «حسن الجوار، یزید

ص:228


1- وسائل الشیعة: ج8 ص484.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص485.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص485.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص485.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص485.

فی الرزق»((1)).

وقال الصادق (علیه السلام): «من صفت له دنیاه فاتهمه فی دینه»((2)).

وعن السکونی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال أمیر المؤمنین (علیه السلام): «ثلاث من أبواب البر، سخاء النفس، وطیب الکلام، والصبر علی الأذی»((3)).

82: کف الأذی عن الجار

82: کف الأذی عن الجار

عن عمرو بن عکرمة، عن أبی عبد الله (علیه السلام) فی حدیث: «إن رسول الله (صلی الله علیه وآله) أتاه رجل من الأنصار، فقال: إنی اشتریت داراً من بنی فلان، وإن أقرب جیرانی منی جواراً من لا أرجو خیره ولا آمن شره، قال: فأمر رسول الله (صلی الله علیه وآله) علیاً (علیه السلام) وسلمان وأباذر ونسیت آخر وأظنّه المقداد، أن ینادوا فی المسجد بأعلی أصواتهم: بأنه لا إیمان لمن لم یأمن جاره بوائقه، فنادوا بها ثلاثاً، ثم أومأ بیده إلی کل أربعین داراً من بین یدیه ومن خلفه وعن یمینه وعن شماله»((4)).

وعن طلحة بن زید، عن أبی عبد الله، عن أبیه (علیهما السلام)، قال: قال: «قرأت فی کتاب علی (علیه السلام): إن رسول الله (صلی الله علیه وآله) کتب بین المهاجرین والأنصار ومن لحق بهم من أهل یثرب أن الجار کالنفس غیر مضار ولا إثم، وحرمة الجار علی الجار کحرمة أمه»((5)).

وعن زرارة، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «جاءت فاطمة (علیها السلام) تشکو إلی

ص:229


1- بحار الأنوار: ص153 ج71.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص486.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص487.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص487.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص487.

رسول الله (صلی الله علیه وآله) بعض أمرها، فأعطاها کربة وقال: تعلمی ما فیها، فإذا فیها: من کان یؤمن بالله والیوم الآخر فلا یؤذ جاره، ومن کان یؤمن بالله والیوم الآخر فلیکرم ضیفه، ومن کان یؤمن بالله والیوم الآخر فلیقل خیراً أو یسکت»((1)).

وعن أبی حمزة، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: «المؤمن من آمن جاره بوائقه»، قلت: ما بوائقه، قال: «ظلمه وغشمه»((2)).

وعن الحسین بن زید، عن الصادق، عن آبائه، عن علی (علیهم السلام)، عن رسول الله (صلی الله علیه وآله) فی حدیث المناهی، قال: «من آذی جاره حرم الله علیه ریح الجنة، ومأواه جهنم وبئس المصیر، ومن ضیع حق جاره فلیس منّا، وما زال جبرئیل یوصینی بالجار حتی ظننت أنه سیورثه»((3))، الحدیث.

وعن إبراهیم ابن أبی محمود، قال: قال الرضا (علیه السلام): «المؤمن الذی إذا أحسن استبشر، وإذا أساء استغفر، والمسلم الذی یسلم المسلمون من لسانه ویده، ولیس منا من لم یأمن جاره بوائقه»((4)).

وعن أبی بصیر، قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (علیه السلام) یقول: «من کف أذاه عن جاره أقاله الله عثرته یوم القیامة، ومن عف بطنه وفرجه کان فی الجنة ملکاً محبوراً، ومن أعتق نسمة مؤمنة بنی الله له بیتاً فی الجنة»((5)).

83: استحباب حسن الجوار

83: استحباب حسن الجوار

عن معاویة بن عمار، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «حسن

ص:230


1- وسائل الشیعة: ج8 ص487.
2- بحار الأنوار: ص151 ج71، ووسائل الشیعة: ج8 ص488.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص488.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص488.
5- بحار الأنوار: ص150 ج71، ووسائل الشیعة: ج8 ص489.

الجوار یعمر الدیار وینسی فی الأعمار»((1)).

وعن إبراهیم بن أبی رجاء، عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال: «حسن الجوار یزید فی الرزق»((2)).

وعن أبی مسعود، قال: قال لی أبو عبد الله (علیه السلام): «حسن الجوار زیادة فی الأعمار وعمارة الدیار»((3)).

وعن الحکم الخیاط، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «حسن الجوار یعمر الدیار ویزید فی الأعمار»((4)).

وعن أبی ربیع الشامی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال والبیت غاص بأهله: «اعلموا أنه لیس منا من لم یحسن مجاورة من جاوره»((5)).

84: استحباب إطعام الجیران

84: استحباب إطعام الجیران

عن عبید الله الرصافی، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «ما آمن بی من بات شبعان وجاره جائع»، قال: «وما من أهل قریة یبیت فیهم جایع ینظر الله إلیهم یوم القیامة»((6)).

ص:231


1- وسائل الشیعة: ج8 ص489.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص489.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص489.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص489.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص490.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص490.

85: کراهة مجاورة جار السوء

85: کراهة مجاورة جار السوء

عن سعد بن ظریف، عن أبی جعفر (علیه السلام) قال: «من القواصم التی تقصم الظهر جار السوء، إن رأی حسنة أخفاها، وإن رأی سیئة أفشاها»((1)).

وعن إسحاق بن عمار، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «أعوذ بالله من جار السوء فی دار إقامة، تراک عیناه ویرعاک قلبه، إن رآک بخیر ساءه، وإن رآک بشر سره»((2)).

وعن جعفر بن محمد (علیه السلام)، عن آبائه (علیهم السلام) فی وصیة النبی (صلی الله علیه وآله) لعلی (علیه السلام)، قال: «یا علی أربعة من قواصم الظهر، إمام یعصی الله ویطاع أمره، وزوجة یحفظها زوجها وهی تخونه، وفقر لا یجد صاحبه مداریاً، وجار سوء فی دار مقام»((3)).

86: حد الجوار أربعون داراً من کل جانب

86: حد الجوار أربعون داراً من کل جانب

عن جمیل بن دراج، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: «حد الجوار أربعون داراً من کل جانب، من بین یدیه، ومن خلفه، وعن یمینه، وعن شماله»((4)).

وعن عمرو بن عکرمة، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «کل أربعین داراً جیران، من بین یدیه، ومن خلفه، وعن یمینه، وعن شماله»((5)).

ص:232


1- وسائل الشیعة: ج8 ص491.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص491.
3- بحار الأنوار: ص151 ج71.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص491.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص492.

وعن معاویة بن عمار، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قلت له: جعلت فداک ما حد الجار، قال: «أربعین داراً من کل جانب»((1)).

87: استحباب الرفق بالصاحب فی السفر، والإقامة لأجله ثلاثاً إذا مرض

87: استحباب الرفق بالصاحب فی السفر، والإقامة لأجله ثلاثاً إذا مرض

عن یعقوب بن یزید، عن عدة من أصحابنا، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «حق المسافر أن یقیم علیه أصحابه إذا مرض ثلاثاً»((2)).

وعن السکونی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «ما اصطحب اثنان إلاّ کان أعظمهما أجراً وأحبهما إلی الله عزوجل أرفقهما بصاحبه»((3)).

وعن أبی البختری، عن جعفر بن محمد، عن أبیه، عن جده (علیهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «إذا کنتم فی سفر فمرض أحدکم فأقیموا علیه ثلاثة أیام»((4)).

88: استحباب إسماع الأصم من غیر تضجر

88: استحباب إسماع الأصم من غیر تضجر

عن أبی البختری، عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال: «إسماع الأصم من غیر تضجر صدقة هنیئة»((5)).

ص:233


1- وسائل الشیعة: ج8 ص492.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص492.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص493.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص493.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص493.

89: استحباب المشی مع الصاحب هنیئة عند المفارقة

89: استحباب المشی مع الصاحب هنیئة عند المفارقة

عن مسعدة بن صدقة، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، عن آبائه (علیهم السلام): «إن أمیر المؤمنین (علیه السلام) صاحب رجلاً ذمیاً، فقال له الذمی: أین ترید یا عبد الله، قال: أرید الکوفة، فلما عدل الطریق بالذمی عدل معه أمیر المؤمنین (علیه السلام) ... إلی أن قال: فقال له الذمی: لم عدلت معی، فقال له أمیر المؤمنین (علیه السلام): هذا من تمام حسن الصحبة أن یشیع الرجل صاحبه هنیئة إذا فارقه، وکذلک أمرنا نبینا صلی الله علیه وآله»((1)) الحدیث، وفیه: إن الذمی أسلم لذلک.

90: استحباب التراسل فی السفر

90: استحباب التراسل فی السفر

عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «التواصل بین الإخوان فی الحضر التزاور، وفی السفر التکاتب»((2)).

وعن محمد بن علی بن الحسین، فی کتاب (الإخوان)، بسنده عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال: «التواصل بین الإخوان التزاور، والتواصل بینهم فی السفر التکاتب»((3)).

91: استحباب الابتداء فی الکتاب بالبسملة وتجوید کتابتها

91: استحباب الابتداء فی الکتاب بالبسملة وتجوید کتابتها

عن جمیل بن دراج، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «لا تدع بسم الله الرحمن الرحیم، وإن کان بعده شعر»((4)).

ص:234


1- وسائل الشیعة: ج8 ص493.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص494.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص494.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص495.

وعن سیف بن هارون مولی آل جعدة، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «اکتب بسم الله الرحمن الرحیم من أجود کتابک»((1)).

وعن عبد الله بن أحمد بن عامر الطائی، عن أبیه، عن علی بن موسی الرضا (علیه السلام)، عن آبائه (علیهم السلام) فی حدیث: «إن أمیر المؤمنین (علیه السلام) سئل لم سمی تبع تبعاً، قال: لأنه کان غلاماً کاتباً، وکان یکتب لملک کان قبله، وکان إذا کتب، کتب بسم الله الذی خلق صیحاً وریحاً، فقال له الملک: اکتب وابدأ باسم ملک الرعد، فقال: لا أبدأ إلاّ باسم إلهی، ثم أعطف علی حاجتک، فشکر الله له ذلک، فأعطاه ملک ذلک الملک، فتابعه الناس فسمی تبعاً»((2)).

92: استحباب الابتداء فی الکتابة باسم المرسل إلیه

91: استحباب الابتداء فی الکتاب بالبسملة وتجوید کتابتها

عن حدید بن حکیم، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «لا بأس أن یبدأ الرجل باسم صاحبه فی الصحیفة قبل اسمه»((3)).

وعن سماعة، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الرجل یبدأ بالرجل فی الکتاب، قال: «لابأس به، ذلک من الأفضل یبدأ الرجل بأخیه یکرمه»((4)).

93: استحباب استثناء مشیئة الله فی الکتاب

93: استحباب استثناء مشیئة الله فی الکتاب

عن مرازم بن حکیم، قال: أمر أبو عبد الله (علیه السلام) بکتاب فی حاجة، فکتب ثم

ص:235


1- وسائل الشیعة: ج8 ص495.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص495.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص496.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص496.

عرض علیه ولم یکن فیه استثناء، فقال: «کیف رجوتم أن یتم هذا ولیس فیه استثناء، انظروا کل موضع لا یکون فیه استثناء فاستثنوا فیه»((1)).

94: الأمر باحترام ما کتب فیه القرآن أو اسم الله

94: الأمر باحترام ما کتب فیه القرآن أو اسم الله

عن عبد الملک بن عتبة، عن أبی الحسن الأول (علیه السلام)، قال: سألته عن القراطیس تجمع هل تحرق بالنار وفیها شیء من ذکر الله، قال: «لا، تغسل بالماء أولاً قبل»((2)).

وعن عبد الله بن سنان، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: «لاتحرقوا القراطیس ولکن امحوها وخرقوها»((3)).

وعن زرارة، قال: سئل أبو عبد الله (علیه السلام) عن الاسم من أسماء الله یمحوه الرجل بالتفل، قال: «امحوا بأطهر ما تجدون»((4)).

وعن محمد بن إسحاق بن عمار، عن أبی الحسن موسی (علیه السلام)، فی الظهور التی فیها ذکر الله عزوجل، قال: «اغسلها»((5)).

وعن السکونی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «امحوا کتاب الله وذکره بأطهر ما تجدون، ونهی أن یحرق کتاب الله، ونهی أن یمحی بالإقدام»((6)). (بالأقلام) خ ل.

وعن الحسین بن زید، عن جعفر بن محمد (علیه السلام)، عن آبائه (علیهم السلام) فی حدیث المناهی،

ص:236


1- وسائل الشیعة: ج8 ص496.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص498.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص498.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص498.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص498.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص498.

قال: «نهی رسول الله (صلی الله علیه وآله) أن یمحی شیء من کتاب الله بالبزاق أو یکتب به»((1)).

وعن الحسن بن علی الوشاء، قال: سألنی العباس بن جعفر بن الأشعث، أن أسأل الرضا (علیه السلام) أن یحرق کتبه إذا قرأها مخافة أن تقع فی ید غیره، قال الوشاء: فابتدأنی (علیه السلام) بکتاب من قبل أن أسأله أن یحرق کتبه، قال: «أعلم صاحبک أنّی إذا قرأت کتبه أحرقتها»((2)).

وعن عبد الله بن الحسن، عن علی بن جعفر، عن أخیه (علیه السلام)، قال: سألته عن القرطاس یکون فیه الکتابة أیصلح إحراقه بالنار، فقال: «إن تخوفت فیه شیئاً فاحرقه فلا بأس»((3)).

95: استحباب أن یقسم نظراته بین أصحابه بالسویة، وأن لا یمد رجله بینهم، وأن یترک یده عند المصافحة حتی یقبض الآخر یده

95: استحباب أن یقسم نظراته بین أصحابه بالسویة، وأن لا یمد رجله بینهم، وأن یترک یده عند المصافحة حتی یقبض الآخر یده

عن جمیل بن دراج، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «کان رسول الله (صلی الله علیه وآله) یقسم لحظاته بین أصحابه فینظر إلی ذا وینظر إلی ذا بالسویة»((4)).

قال: «ولم یبسط رسول الله (صلی الله علیه وآله) رجلیه بین أصحابه قط، وإن کان لیصافحه الرجل فما یترک رسول الله (صلی الله علیه وآله) یده من یده حتی یکون هو التارک، فلما فطنوا لذلک کان الرجل إذا صافحه قال بیده فنزعها من یده»((5)).

وعن معاویة بن وهب، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «ما أکل رسول الله (صلی الله علیه وآله)

ص:237


1- وسائل الشیعة: ج8 ص498.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص499.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص499.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص499.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص499.

متکئاً منذ بعثه الله إلی أن قبضه، تواضعاً لله عزوجل، وما زوی رکبتیه أمام جلیسه فی مجلس قط، ولا صافح رسول الله (صلی الله علیه وآله) رجلاً قط فنزع یده من یده حتی یکون الرجل هو الذی ینزع یده، وما منع سائلاً قط، إن کان عنده أعطی، وإلاّ قال یأتی الله به»((1)).

وعن مالک بن أعین، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: «إذا صافح الرجل صاحبه فالذی یلزم التصافح أعظم أجراً من الذی یدع، ألا وإن الذنوب لتتحات فیما بینهم حتی لا یبقی ذنب»((2)).

وعن أیمن بن محرز، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «ما صافح رسول الله (صلی الله علیه وآله) رجلاً قط فنزع یده حتی یکون هو الذی ینزع منه»((3)).

96: استحباب سؤال الصاحب والجلیس عن اسمه وخصوصیاته

96: استحباب سؤال الصاحب والجلیس عن اسمه وخصوصیاته

عن عبد الملک بن قدامة، عن أبیه، عن علی بن الحسین (علیهما السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله) یوماً لجلسائه: «تدرون ما العجز»، قالوا: الله ورسوله أعلم، فقال: «العجز ثلاثة، أن یبدر أحدکم بطعام یصنعه لصاحبه فیخلفه ولا یأتیه، والثانیة أن یصحب الرجل منکم الرجل أو یجالسه یحب أن یعلم من هو ومن أین هو، فیفارقه قبل أن یعلم ذلک،

ص:238


1- وسائل الشیعة: ج8 ص499.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص500.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص500.

والثالثة: أمر النساء یدنو أحدکم من أهله فیقضی حاجته وهی لم تقض حاجتها»، فقال عبد الله بن عمرو بن العاص: فکیف ذلک یا رسول الله، قال: «یتحرش ویمکث حتی یأتی ذلک منهما جمیعاًّ»((1)).

وعن السکونی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «إذا أحب أحدکم أخاه المسلم فلیسأله عن اسمه واسم أبیه واسم قبیلته وعشیرته، فإن من حقه الواجب وصدق الإخاء أن یسأله عن ذلک، وإلاّ فإنها معرفة حمق»((2)).

وعن أبی البختری، عن جعفر بن محمد، عن أبیه (علیهما السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «ثلاثة من الجفاء، أن یصحب الرجل الرجل فلا یسأله عن اسمه وکنیته، وأن یدعی الرجل إلی طعام فلا یجیب، أو یجیب فلا یأکل، ومواقعة الرجل أهله قبل الملاعبة»((3)).

97: کراهة المبالغة فی الثقة وذهاب الحشمة بین الإخوان

97: کراهة المبالغة فی الثقة وذهاب الحشمة بین الإخوان

عن عبد الله بن سنان، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «لا تثق بأخیک کل الثقة، فإن صرعة الاسترسال لن تستقال»((4)).

وعن سماعة قال: سمعت أبا الحسن موسی (علیه السلام) یقول: «لا تذهب الحشمة بینک وبین أخیک، أبق منها، فإن ذهابها ذهاب الحیاء»((5)).

قال: وقال الصادق (علیه السلام): «لا یطلع صدیقک من سرک إلاّ علی ما لو اطلع علیه عدوک لم یضرک، فإن الصدیق ربما کان عدواً»((6)).

ص:239


1- وسائل الشیعة: ج8 ص500.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص501.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص501.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص501.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص501.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص502.

وعن إسماعیل بن علی الدعبلی، عن أبیه، عن علی بن موسی الرضا (علیه السلام)، عن آبائه (علیهم السلام)، عن أمیر المؤمنین (علیه السلام)، إنه قال: «احبب حبیبک هوناً ما، فعسی أن یکون بغیضک یوماً ما، وأبغض بغیضک هوناً ما فعسی أن یکون حبیبک یوماً ما»((1)).

98: من ینتخب للصداقة

98: من ینتخب للصداقة

عن مفضل بن عمر ویونس بن ظبیان، قالا: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «اختبروا إخوانکم بخصلتین، فإن کانتا فیهم وإلاّ فاعزب ثم اعزب ثم اعزب، المحافظة علی الصلوات فی مواقیتها، والبر بالإخوان فی العسر والیسر»((2)).

99: استحباب حسن الخلق مع الناس

99: استحباب حسن الخلق مع الناس

عن أبی ولاد الحناط، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «أربع من کن فیه کمل إیمانه، وإن کان من قرنه إلی قدمه ذنوباً لم ینقصه ذلک، قال: وهو الصدق، وأداء الأمانة، والحیاء، وحسن الخلق»((3)),

أقول: لأن تلک تجر إلی الطاعة.

وعن ذریح، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «إن صاحب الخلق الحسن له مثل أجر الصائم القائم»((4)).

وعن عبد الله بن سنان، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «إن حسن الخلق یبلغ بصاحبه درجة الصائم القائم»((5)).

ص:240


1- وسائل الشیعة: ج8 ص502.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص503.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص503.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص504.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص504.

عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «البر وحسن الخلق یعمران الدیار ویزیدان فی الأعمار»((1)).

وعن عبد الله بن سنان وحسین الأحمسی جمیعاً، عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال: «إن الخلق الحسن یمیث الخطیئة کما تمیث الشمس الجلید»((2)).

وعن العلاء بن کامل، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «إذا خالطت الناس فاستطعت أن لاتخالط أحداً من الناس إلاّ کان یدک العلیا علیه فافعل، فإن العبد یکون فیه بعض النقیصة من العبادة ویکون له خلق حسن فیبلغه الله بخلقه درجة الصائم القائم»((3)).

وعن السکونی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «أکثر ما تلج به أمتی الجنة تقوی الله وحسن الخلق»((4)).

وعن إبراهیم بن عبد الحمید، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «أکمل الناس عقلاً أحسنهم خلقاً»((5)).

وعن عنبسة العابد، قال: قال لی أبو عبد الله (علیه السلام): «ما یقدم المؤمن علی الله عزوجل بشیء بعدالفرائض أحب إلی الله تعالی من أن یسع الناس بخلقه»((6)).

وعن بحر السقاء، قال: قال لی أبو عبد الله (علیه السلام): «یا بحر، حسن الخلق إکسیر، ثم ذکر حدیثاً أن رسول الله (صلی الله علیه وآله) کان حسن الخلق»((7)).

ص:241


1- وسائل الشیعة: ج8 ص504.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص504.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص504.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص504.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص504.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص505.
7- وسائل الشیعة: ج8 ص505.

وعن عبد الله بن سنان، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «أوحی الله تبارک وتعالی إلی بعض أنبیائه: الخلق الحسن یمیث الخطیئة کما تمیث الشمس الجلید»((1)).

وعن عبد الله بن سنان، عن رجل، عن علی بن الحسین (علیهما السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «ما یوضع فی میزان امرئ یوم القیامة أفضل من حسن الخلق»((2)).

وعن إسحاق بن عمار، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «إن الخلق منحة یمنحها الله خلقه، فمنه سجیة، ومنه نیة»، قلت: فأیهما أفضل، قال: «صاحب السجیة هو مجبول لا یستطیع غیره، وصاحب النیة یصبر علی الطاعة تصبّراً فهو أفضلهما»((3)).

وعن أبی علی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «إن الله تبارک وتعالی لیعطی العبد الثواب علی حسن الخلق، کما یعطی المجاهد فی سبیل الله یغدو علیه ویروح»((4)).

وعن الحسین بن خالد، عن الرضا (علیه السلام)، عن آبائه (علیهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «نزل علیّ جبرئیل من رب العالمین فقال: یا محمد علیک بحسن الخلق، فإنه ذهب بخیر الدنیا والآخرة، ألا وإن أشبهکم بی أحسنکم خلقاً»((5)).

وعن الرضا (علیه السلام)، عن آبائه (علیهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «علیکم بحسن الخلق، فإن حسن الخلق فی الجنة لا محالة، وإیاکم وسوء الخلق، فإن سوء الخلق فی النار لا محالة»((6)).

ص:242


1- وسائل الشیعة: ج8 ص505.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص505.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص505.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص505.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص506.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص506.

قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «الخلق السیء یفسد العمل کما یفسد الخل العسل»((1)).

وقال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «إن العبد لینال بحسن خلقه درجة الصائم القائم»((2)).

وقال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «ما من شیء أثقل فی المیزان من حسن الخلق»((3)).

وقال علی (علیه السلام): «أکملکم إیماناً أحسنکم خلقاً»((4)).

وقال علی بن أبی طالب (علیه السلام): «حسن الخلق خیر قرین»((5)).

وبالإسناد، قال: قال علی بن أبی طالب (علیه السلام): «سئل رسول الله (صلی الله علیه وآله) ما أکثر ما یدخل به الجنة، قال: تقوی الله وحسن الخلق»((6)).

وبالإسناد، قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «أقربکم منی مجلساً یوم القیامة أحسنکم خلقاً وخیرکم لأهله»((7)).

وبالإسناد، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «أحسن الناس إیماناً أحسنهم خلقاً وألطفهم بأهله، وأنا ألطفکم بأهلی»((8)).

وعن الحسن، عن الحسن (علیه السلام): «إن أحسن الحسن الخلق الحسن»((9)).

وعن أنس، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «حسن الخلق نصف الدین»((10)).

وعن زیاد بن علاقة بن شریک، قال: قیل: یا رسول الله ما أفضل ما أعطی المرء المسلم، قال: «الخلق الحسن»((11)).

ص:243


1- وسائل الشیعة: ج8 ص506.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص506.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص506.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص506.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص506.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص507.
7- وسائل الشیعة: ج8 ص507.
8- وسائل الشیعة: ج8 ص507.
9- وسائل الشیعة: ج8 ص507.
10- وسائل الشیعة: ج8 ص507.
11- وسائل الشیعة: ج8 ص508.

وعن الحسن بن أبان، عن الصادق جعفر بن محمد (علیهما السلام)، قال: «إن الله رضی لکم الإسلام دیناً، فأحسنوا صحبته بالسخاء وحسن الخلق»((1)).

وعن موسی بن إبراهیم، رفعه إلی رسول الله (صلی الله علیه وآله)، قال: قالت أم سلمة: بأبی أنت وأمی المرأة یکون لها زوجان فیموتان فیدخلان الجنة لمن تکون، قال: فقال: «یا أم سلمة تخیر أحسنهما خلقاً، وخیرهما لأهله، یا أم سلمة إن حسن الخلق ذهب بخیر الدنیا والآخرة»((2)).

وعن موسی بن إبراهیم، عن أبی الحسن الأول (علیه السلام)، قال: سمعته یقول: «ما حسّن الله خلق عبد ولا خلقه إلاّ استحیی أن یطعم لحمه یوم القیامة النار»((3)).

وعن علی بن میمون الصائغ، قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (علیه السلام) یقول: «من أراد أن یدخله الله فی رحمته ویسکنه جنته فلیحسن خلقه، ولیعط النصف من نفسه، ولیرحم الیتیم، ولیعن الضعیف، ولیتواضع لله الذی خلقه»((4)).

وعن أحمد بن أبی عبد الله رفعه، قال: قال لقمان لابنه: «یا بنی صاحب مائة ولا تعد واحداً، یا بنی إنما هو خلاقک وخلقک، فخلاقک دینک، وخلقک بینک وبین الناس، ولا تبتغض إلیهم، وتعلم محاسن الأخلاق، یا بنی کن عبداً للأخیار، ولا تکن ولداً للأشرار، یا بنی أد الأمانة تسلم لک دنیاک وآخرتک، وکن أمیناً تکن غنیاً»((5)).

وعن عبد الله بن محمد بن علی بن عبد الله بن جعفر بن أبی طالب، عن أبیه، إنه سمع جعفر بن محمّد، یحدّث عن أبیه، عن جدّه (علیهم السلام)، قال:

ص:244


1- وسائل الشیعة: ج8 ص508.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص508.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص508.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص508.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص509.

قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «أکمل المؤمنین إیماناً أحسنهم خلقاً»((1)).

وعن النبی (صلی الله علیه وآله) قال: «إن أکمل المؤمنین إیماناً أحسنهم خلقاً، وخیارکم خیارکم لنسائه»((2)).

وعن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبیه، عن آبائه (علیهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «أول ما یوضع فی میزان العبد یوم القیامة حسن خلقه»((3)).

100: استحباب الألفة بالناس

100: استحباب الألفة بالناس

عن حبیب الخثعمی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «أفضلکم أحسنکم أخلاقاً، المؤطؤون أکنافاً، الذین یألفون ویؤلفون، وتوطأرحالهم»((4)).

وعن عبد الله بن میمون القدّاح، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «المؤمن مألوف، ولا خیر فیمن لا یألف ولا یؤلف»((5)).

وعن السید الرضی (رحمه الله) فی (نهج البلاغة)، عن أمیر المؤمنین (علیه السلام)، قال: «قلوب الرجال وحشیة، فمن تألّفها أقبلت علیه»((6)).

101: استحباب کون الإنسان هیناً لیناً

101: استحباب کون الإنسان هیناً لیناً

عن عبد الله بن سنان، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «ألا أخبرکم بمن تحرم علیه النار غداً، قالوا: بلی یا رسول الله، قال: الهین القریب، اللین السهل»((7)).

ص:245


1- وسائل الشیعة: ج8 ص509.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص509.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص510.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص510.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص510.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص510.
7- وسائل الشیعة: ج8 ص511.

وعن أبی البختری، رفعه قال: سمعته یقول: «المؤمنون هینون لینون، کالجمل الآلف، إن قید انقاد، وإن أنیخ علی صخرة استناخ»((1)).

وعن محمد بن عبد الرحمن العزرمی، عن أبیه، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «من زی الإیمان الفقه، ومن زی الحلم الرفق، ومن زی الرفق اللین، ومن زی اللین السهولة»((2)).

وعن علی بن علی بن دعبل، عن علی بن موسی الرضا، عن أبیه، عن آبائه، عن علی بن أبیطالب (علیهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «المؤمن هین لین سمح، له خلق حسن، والکافر فظ غلیظ، له خلق سیء وفیه جبریة»((3)).

102: استحباب البشر وطلاقة الوجه

102: استحباب البشر وطلاقة الوجه

عن أبی بصیر، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: «أتی رسول الله (صلی الله علیه وآله) رجل، فقال: یا رسول الله أوصنی، فکان فیما أوصاه أن قال: ألق أخاک بوجه منبسط»((4)).

وعن ابن محبوب، عن بعض أصحابه، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قلت: ما حد حسن الخلق، قال: «تلین جناحک، وتطیب کلامک، وتلقی أخاک ببشر حسن»((5)).

وعن الحسن بن الحسین، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «یا بنی عبد المطلب إنکم لن تسعوا الناس بأموالکم، فألقوهم بطلاقة

ص:246


1- وسائل الشیعة: ج8 ص511.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص511.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص511.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص512.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص512.

الوجه وحسن البشر»((1)).

وعن سماعة بن مهران، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «ثلاث من أتی الله بواحدة منهن أوجب الله له الجنة، الإنفاق من الاقتار، والبشر بجمیع العالم، والإنصاف من نفسه»((2)).

وعن سماعة، عن أبی الحسن موسی (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «حسن البشر یذهب بالسخیمة»((3)).

وعن عبد العظیم الحسنی، عن محمد بن علی الرضا (علیه السلام)، عن آبائه (علیهم السلام)، قال: قال أمیر المؤمنین (علیه السلام): «إنکم لن تسعوا الناس بأموالکم فسعوهم بطلاقة الوجه وحسن اللقاء، فإنی سمعت رسول الله (صلی الله علیه وآله) یقول: انکم لن تسعوا الناس بأموالکم فسعوهم بأخلاقکم»((4)).

103: الصدق فی الحدیث

103: الصدق فی الحدیث

عن عبد الله بن أبی یعفور، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «کونوا دعاة للناس بالخیر بغیر ألسنتکم، لیروا منکم الاجتهاد والصدق والورع»((5)).

وعن محمد بن مسلم، عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال: «من صدق لسانه زکی عمله»((6)).

وعن أبی بصیر، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: «إن العبد لیصدق حتی یکتب عند الله من الصادقین، ویکذب حتی یکتب عند الله من الکاذبین، فإذا صدق

ص:247


1- وسائل الشیعة: ج8 ص512.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص512.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص513.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص513.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص513.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص513.

قال الله عزوجل: صدق وبر، وإذا کذب قال الله عزوجل: کذب وفجر»((1)).

وعن حسن بن زیاد الصیقل، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «من صدق لسانه زکی عمله، ومن حسنت نیته زید فی رزقه، ومن حسن بره بأهل بیته مد له فی عمره»((2)).

وعن عمر بن أبی المقدام، قال: قال لی أبو جعفر (علیه السلام) فی أول دخلة دخلت علیه: «تعلموا الصدق قبل الحدیث»((3)).

وعن الفضیل بن یسار، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «یا فضیل، إن الصادق أول من یصدقه الله عزوجل یعلم أنه صادق، وتصدقه نفسه تعلم أنه صادق»((4)).

وعن الربیع بن سعد، قال: قال لی أبو جعفر (علیه السلام): «یا ربیع، إن الرجل لیصدق حتی یکتبه الله صدیقاً»((5)).

وعن زید بن علی، عن آبائه (علیهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «إن أقربکم منی غداً وأوجبکم علی شفاعة أصدقکم للحدیث، وأدّاکم للأمانة، وأحسنکم خلقاً، وأقربکم من الناس»((6)).

وعن محمد بن إسماعیل، رفعه إلی أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «أوصیک یا علی فی نفسک بخصال، اللهم أعنه، الأولی الصدق ولا یخرج من فیک کذبة أبداً»((7)) الحدیث.

ص:248


1- وسائل الشیعة: ج8 ص513.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص514.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص514.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص514.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص514.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص514.
7- وسائل الشیعة: ج8 ص514.

104: الصدق فی الوعد

104: الصدق فی الوعد

عن منصور بن حازم، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «إنما سمی إسماعیل (علیه السلام) صادق الوعد، لأنه وعد رجلاً فی مکان فانتظره سنة، فسماه الله صادق الوعد، ثم إن الرجل أتاه بعد ذلک فقال له إسماعیل: مازلت منتظراً لک»((1)).

وعن شعیب العقرقوفی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «من کان یؤمن بالله والیوم الآخر فلیف إذا وعد»((2)).

وعن هشام بن سالم، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: «عدة المؤمن أخاه نذر لا کفارة له، فمن أخلف فبخلف الله بدأ، ولمقته تعرض، وذلک قوله: {یا أیها الذین آمنوا لم تقولون مالاتفعلون کبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون}((3))»((4)).

وعن سلیمان الجعفری، عن أبی الحسن الرضا (علیه السلام)، قال: «أتدری لم سمی إسماعیل (علیه السلام) صادق الوعد»، قلت: لا أدری، قال: «وعد رجلاً فجلس حولاً ینتظره»((5)).

وعن عبد الله بن سنان، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: «إن رسول الله (صلی الله علیه وآله)  وعد رجلاً إلی صخرة فقال: أنا لک ههنا حتی تأتی، قال: فاشتدت الشمس علیه فقال له أصحابه: یا رسول الله لو أنک تحولت إلی الظل، قال: قد وعدته إلی ههنا، وإن لم یجئ کان منه المحشر»((6)).

ص:249


1- وسائل الشیعة: ج8 ص515.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص515.
3- سورة الصف: الآیة 2.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص515.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص515.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص516.

105: استحباب الحیاء

105: استحباب الحیاء

عن معاذ بن کثیر، عن أحدهما (علیهما السلام)، قال: «الحیاء والإیمان مقرونان فی قرن، فإذا ذهب أحدهما تبعه صاحبه»((1)).

وعن أبی عبیدة الحذاء، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «الحیاء من الإیمان، والإیمان فی الجنة»((2)).

وعن الفضیل بن کثیر، عمّن ذکره، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «لا إیمان لمن لا حیاء له»((3)).

وعن حسن الصیقل، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «الحیاء والعفاف والعیّ _ أعنی عی اللسان لا عی القلب _ من الإیمان»((4))، أقول: أی الصمت.

وعن علی بن أبی علی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «أربع من کن فیه وکان من قرنه إلی قدمه ذنوباً بدلها الله حسنات، الصدق، والحیاء، وحسن الخلق، والشکر»((5)).

وعن السید الرضی (رحمه الله) فی (نهج البلاغة)، عن أمیر المؤمنین (علیه السلام) أنه قال: «من کساه الحیاء ثوبه لم یر الناس عیبه»((6)).

وعن معمر، عن أنس، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «ما کان الفخر فی شیء قط إلاّ شانه، ولا کان الحیاء فی شیء قط إلاّ زانه»((7)).

ص:250


1- وسائل الشیعة: ج8 ص516.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص516.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص516.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص516.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص517.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص517.
7- وسائل الشیعة: ج8 ص517.

وعن محمد بن علی بن الحسین، قال: من ألفاظ رسول الله (صلی الله علیه وآله) الموجزة: «الحیاء خیر کله»((1)).

وبإسناده إلی أمیر المؤمنین (علیه السلام) فی وصیته لمحمد بن الحنفیة، قال: «ومن کساه الحیاء ثوبه اختفی عن العیون عیبه»((2)).

وعن أنس، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «الحیاء خیر کله، یعنی أنه یکف ذا الدین ومن لا دین له عن القبیح، فهو جماع کل جمیل»((3)).

وبالإسناد، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «الحیاء والإیمان فی قرن واحد، فإذا سلب أحدهما تبعه الآخر»((4)).

وبالإسناد، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «ینزع الله من العبد الحیاء فیصیر ماقتاً ممقتاً، ثم ینزع الرحمة، ثم یخلع دین الإسلام من عنقه، فیصیر شیطاناً لعیناً»((5)).

106: لا حیاء فی الدین

106: لا حیاء فی الدین

عن العوام بن الزبیر، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «من رق وجهه رق علمه»((6)).

وعن أحمد بن أبی عبد الله، عن بعض أصحابنا رفعه، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «الحیاء حیاءان: حیاء عقل، وحیاء حمق، فحیاء العقل هو العلم، وحیاء الحمق هو الجهل»((7)).

ص:251


1- وسائل الشیعة: ج8 ص517.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص517.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص517.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص517.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص518.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص518.
7- وسائل الشیعة: ج8 ص518.

107: استحباب العفو

107: استحباب العفو

عن ابن فضال، قال: سمعت أبا الحسن (علیه السلام) یقول: «ما التقت فئتان قط إلاّ نصر أعظمهما عفواً»((1)).

وعن إسماعیل بن أبی زیاد السکونی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «علیکم بالعفو، فإن العفو لا یزید العبد إلاّ عزاً، فتعافوا یعزکم الله»((2)).

وعن زرارة، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: «إن رسول الله (صلی الله علیه وآله) أتی بالیهودیة التی سمت الشاة للنبی (صلی الله علیه وآله) فقال لها: ماحملت علی ما صنعت، فقالت: قلت: إن کان نبیاً لم یضره، وإن کان ملکاً أرحمت الناس منه، قال: فعفا رسول الله (صلی الله علیه وآله) عنها»((3)).

وعن حمران، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: «الندامة علی العفو أفضل وأیسر من الندامة علی العقوبة»((4)).

وعن محمد بن علی بن الحسین، قال: من ألفاظ رسول الله (صلی الله علیه وآله) الموجزة: «عفو الملک أبقی للملک»((5)).

وعن علی بن الحسن بن علی بن فضال، عن أبیه، قال: قال الرضا (علیه السلام)، فی قول الله عزوجل: {فاصفح الصفح الجمیل}((6))، قال: «العفو من غیر عتاب»((7)).

وعن عمرو بن شمر، عن الصادق، عن أبیه (علیهما السلام)، قال: قال علی بن الحسین (علیهما السلام)

ص:252


1- وسائل الشیعة: ج8 ص518.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص519.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص519.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص519.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص519.
6- سورة الحجر: الآیة 85.
7- وسائل الشیعة: ج8 ص519.

فی قول الله عزوجل {فاصفح الصفح الجمیل}((1))، قال: «العفو من غیر عتاب»((2)).

وعن محمد بن الحسین الرضی فی (نهج البلاغه)، عن أمیر المؤمنین (علیه السلام) إنه قال: «إذا قدرت علی عدوک فاجعل العفو عنه شکراً للقدرة علیه»((3)).

وقال أمیر المؤمنین (علیه السلام): «أولی الناس بالعفو أقدرهم علی العقوبة»((4)).

وعن أبی حمزه الثمالی، عن أبی جعفر محمد بن علی الباقر، عن آبائه (علیهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله) فی حدیث: «إذا کان یوم القیامة ینادی مناد یسمع آخرهم کما یسمع أولهم فیقول: أین أهل الفضل، فیقوم عنق من الناس فیستقبلهم الملائکة فیقولون: ما فضلکم هذا الذی نودیتم به، فیقولون: کنا یجهل علینا فی الدنیا فنحمل، ویساء إلینا فنعفو، فینادی مناد من الله تعالی: صدق عبادی خلوا سبیلهم لیدخلوا الجنة بغیر حساب»((5)).

108: استحباب صلة القاطع، والإحسان إلی المسیء وإعطاء المانع

108: استحباب صلة القاطع، والإحسان إلی المسیء وإعطاء المانع

عن عبد الله بن سنان، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله) فی خطبة: «ألا أخبرکم بخیر خلایق الدنیا والآخرة، العفو عمّن ظلمک، وتصل من قطعک، والإحسان إلی من أساء إلیک، وإعطاء من حرمک»((6)).

ص:253


1- سورة الحجر: الآیة 85.
2- بحار الأنوار: ج68 ص421 ب93.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص519.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص520.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص520.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص520.

وعن أبی حمزة الثمالی، عن علی بن الحسین (علیهما السلام)، قال: سمعته یقول: «إذا کان یوم القیامة جمع الله تبارک وتعالی الأولین والآخرین فی صعید واحد، ثم ینادی مناد أین أهل الفضل، قال: فیقوم عنق من الناس فتتلقاهم الملائکة فیقولون: وماکان فضلکم، فیقولون: کنا نصل من قطعنا، ونعطی من حرمنا، ونعفو عمن ظلمنا، قال: فیقال لهم: صدقتم ادخلوا الجنة»((1)).

وعن حمران بن أعین، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «ثلاث من مکارم الدنیا والآخرة، تعفو عمن ظلمک، وتصل من قطعک، وتحلم إذا جهل علیک»((2)).

وعن جابر، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: «ثلاث لا یزید الله بهن المرء المسلم إلاّ عزاً، الصفح عمن ظلمه، وإعطاء من حرمه، والصلة لمن قطعه»((3)).

وعن أبی إسحاق السبیعی رفعه، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «ألا أدلکم علی خیر خلائق الدنیا والآخرة، تصل من قطعک، وتعطی من حرمک، وتعفو عمن ظلمک»((4)).

وعن محمد بن علی بن الحسین بن زید بن علی، عن علی بن موسی الرضا، عن آبائه (علیهم السلام)، قال: قال (صلی الله علیه وآله): «علیکم بمکارم الأخلاق، فإن ربی بعثنی بها، وإن من مکارم الأخلاق أن یعفو الرجل عمن ظلمه، ویعطی من حرمه، ویصل من قطعه، وأن یعود من لا یعوده»((5)).

وعن محمد بن علی بن الحسین، بإسناده عن أمیر المؤمنین (علیه السلام)، فی وصیته

ص:254


1- وسائل الشیعة: ج8 ص521.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص521.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص521.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص521.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص521.

لمحمد بن الحنفیة، قال: «لا یکونن أخوک علی قطیعتک أقوی منک علی صلته، ولا علی الإساءة إلیک أقدر منک علی الإحسان إلیه»((1)).

وعن حریز، عن زرارة، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: «إنا أهل بیت مروتنا العفو عمن ظلمنا»((2)).

وعن علی بن جعفر بن محمد، أن محمد بن إسماعیل شاء أن یستأذن عمه أبا الحسن موسی (علیه السلام) فی الخروج إلی العراق، قال: فأذن له، فقام محمد بن إسماعیل فقال: یا عم أحب أن توصینی، فقال: «أوصیک أن تتقی الله فی دمی»، فقال: لعن الله من یسعی فی دمک، ثم قال: یا عم أوصنی، فقال: «أوصیک أن تتقی الله فی دمی»، قال: ثم ناوله أبو الحسن (علیه السلام) صرة فیها مائة وخمسون دیناراً فقبضها محمد، ثم ناوله أخری فیها مائة وخمسون دیناراً فقبضها، ثم أعطاه أخری فیها مائة وخمسون دیناراً فقبضها، ثم أمر له بألف وخمسمائة درهم کانت عنده، فقلت له فی ذلک فاستکثرته، فقال: «هذا لیکون أوکد لحجتی علیه إذا قطعنی ووصلته»، ثم ذکر أنه سعی بعمه إلی الرشید، وأنه یدعی الخلافة ویجیء له الخراج، فأمر له بمائة ألف درهم، ومات فی تلک اللیلة((3)).

109: استحباب کظم الغیظ

109: استحباب کظم الغیظ

عن زید الشحام، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «نعم الجرعة الغیظ لمن صبر علیها، فإن عظیم الأجر لمن عظیم البلاء، وما أحب الله قوماً إلاّ ابتلاهم»((4)).

ص:255


1- وسائل الشیعة: ج8 ص522.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص522.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص522.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص523.

وعن هشام بن الحکم، عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال: «کان علی بن الحسین (علیهما السلام) یقول: ما أحب أن لی بذل نفسی حمر النعم، وما تجرعت جرعة أحب إلیّ من جرعة غیظ لا أکافی بها صاحبها»((1)).

وعن ربعی، عمن حدثه، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: قال لی أبی: «ما من شیء أقر لعین أبیک من جرعة غیظ عاقبتها صبر، وما یسرنی أن لی بذلّ نفسی حمر النعم»((2)).

وعن أبی حمزة، عن علی بن الحسین (علیهما السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «من أحب السبیل إلی الله عزوجل جرعتان: جرعة غیظ تردها بحلم، وجرعة مصیبة تردها بصبر»((3)).

وعن مالک بن حصین السکونی، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «ما من عبد کظم غیظاً إلاّ زاده الله عزوجل عزاً فی الدنیا والآخرة، وقد قال الله عزوجل: {والکاظمین الغیظ والعافین عن الناس والله یحب المحسنین}((4))، وأثابه الله مکان غیظه ذلک»((5)).

وعن أبی حمزة، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «ما من جرعة یتجرعها العبد أحب إلی الله عزوجل من جرعة غیظ یتجرعها عند ترددها فی قلبه إما بصبر وإما بحلم»((6)).

وعن سیف بن عمیرة، قال: حدثنی من سمع أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: «من کظم

ص:256


1- وسائل الشیعة: ج8 ص523.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص523.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص523.
4- سورة آل عمران: الآیة 134.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص524.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص524.

غیظاً ولو شاء أن یمضیه أمضاه ملأ الله قلبه یوم القیامة رضاه»((1)).

وعن الوصافی، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: «من کظم غیظاً وهو یقدر علی إمضائه حشا الله قلبه أمناً وإیماناً یوم القیامة»((2)).

وعن محمد بن علی بن الحسین، قال: من ألفاظ رسول الله (صلی الله علیه وآله): «من یکظم الغیظ یأجره الله، ومن یصبر علی الرزیة یعوضه الله»((3)).

وعن علی بن أبی طالب (علیه السلام)، عن النبی (صلی الله علیه وآله) لعلی (علیه السلام) أنه قال: «یا علی أوصیک بوصیة فاحفظها، فلاتزال بخیر ما حفظت وصیتی، یا علی من کظم غیظاً وهو یقدر علی إمضائه أعقبه الله أمناً وإیماناً یجد طعمه»((4)) الحدیث.

وعن الحسین بن زید، عن الصادق، عن آبائه (علیهم السلام)، عن رسول الله (صلی الله علیه وآله) فی حدیث المناهی، قال: «ومن کظم غیظاً وهو یقدر علی إنفاذه، وحلم عنه، أعطاه الله أجر شهید»((5)).

وعن ربیع بن عبد الرحمن، قال: کان والله موسی بن جعفر (علیه السلام) من المتوسمین، یعلم من یقف علیه ویجحد الإمام بعده إمامته، وکان یکظم غیظه علیهم، ولا یبدی لهم ما یعرفه لهم، فسمی الکاظم لذلک((6)).

وعن أحمد بن محمد بن خالد البرقی، فی (المحاسن) رفعه، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «ثلاث من کن فیه زوجه الله من الحور العین کیف شاء، کظم الغیظ، والصبر علی السیوف لله، ورجل أشرف علی مال حرام فترکه لله»((7)).

ص:257


1- وسائل الشیعة: ج8 ص524.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص524.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص524.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص525.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص525.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص525.
7- وسائل الشیعة: ج8 ص525.

110: کظم الغیظ عن أعداء الدین فی دولتهم

110: کظم الغیظ عن أعداء الدین فی دولتهم

عن ثابت مولی آل حریز، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «کظم الغیظ عن العدو فی دولاتهم تقیة حزم لمن أخذ به، وتحرز به من التعرض للبلاء فی الدنیا، ومعاندة الأعداء فی دولاتهم ومماظتهم فی غیر تقیة ترک أمر الله عزوجل، فجاملوا الناس یسمن ذلک لکم عندهم، ولا تعادوهم فتحملوهم علی رقابکم فتذلوا»((1)).

111: استحباب الصبر علی الحساد

111: استحباب الصبر علی الحساد

عن معاویة بن وهب، عن الصادق جعفر بن محمد (علیهما السلام)، قال: «اصبر علی أعداء النعم، فإنک لن تکافئ من عصی الله فیک بأفضل من أن تطیع فیه»((2)).

وعن أبی حمزة، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «إن الله أخذ میثاق المؤمن علی بلایا أربع، أشدها علیه مؤمن یقول بقوله یحسده، أو منافق یقفو أثره، أو شیطان یغویه، أو کافر یری جهاده، فما بقاء المؤمن بعد هذا»((3)).

وعن داود بن سرحان، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: «أربع لا یخلو منهن المؤمن، أو واحدة منهن، مؤمن یحسده وهو أشدهن علیه، ومنافق یقفو أثره، أو عدو یجاهده، أو شیطان یغویه»((4)).

ص:258


1- وسائل الشیعة: ج8 ص525.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص526.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص526.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص526.

وعن عمار بن مروان، عن أبی الحسن الأول (علیه السلام)، قال: «اصبر علی أعداء النعم، فإنک لن تکافئ من عصی الله فیک بأفضل من أن تطیع الله فیه»((1)).

وعن أبی أسامة زید الشحام، عن أبی عبد الله (علیه السلام) مثله، وزاد: «یا زید إن الله اصطفی الإسلام واختاره، فأحسنوا صحبته بالسخاء وحسن الخلق»((2)).

112: استحباب الصمت إلاّ عن الخیر

112: استحباب الصمت إلاّ عن الخیر

عن أحمد بن محمد بن أبی نصر، قال: قال أبو الحسن (علیه السلام): «من علامات الفقه العلم والحلم والصمت، إن الصمت باب من أبواب الحکمة، إن الصمت یکسب المحبة، إنه دلیل علی کل خیر»((3)).

وعن صفوان بن یحیی، عن أبی الحسن الرضا (علیه السلام)، قال: «إن من علامات الفقه الحمل والصمت»((4)).

وعن عبد الله بن سنان، عن أبی حمزة، قال: سمعت أبا جعفر (علیه السلام) یقول: «إنما شیعتنا الخرس»((5)).

وعن هشام بن سالم، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله) لرجل أتاه: «ألا أدلک علی أمر یدخلک الله به الجنة، قال: بلی یا رسول الله، قال: أنل مما أنالک الله، قال: فإن کنت أحوج ممن أنیله، قال: فانصر المظلوم، قال: فإن کنت أضعف ممن أنصره، قال: فاصنع للأخرق، یعنی أشر علیه، قال: فإن کنت أخرق ممن أصنع له، قال: فاصمت لسانک إلاّ من خیر، أما

ص:259


1- وسائل الشیعة: ج8 ص527.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص527.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص527.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص527.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص527.

یسرک أن یکون فیک خصلة من هذه الخصال تجرک إلی الجنة»((1)).

وعن ابن القداح، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال لقمان لابنه: «یا بنی إن کنت زعمت أن الکلام من فضة فإن السکوت من ذهب»((2)).

وعن الوشاء، قال: سمعت الرضا (علیه السلام) یقول: «کان الرجل من بنی إسرائیل إذا أراد العبادة صمت قبل ذلک عشر سنین»((3)).

وعن أبی عبد الله (علیه السلام) فی وصیته لأصحابه، قال: «إیاکم أن تذلقوا ألسنتکم بقول الزور والبهتان والإثم والعدوان، فإنکم إن کففتم ألسنتکم عما یکرهه الله مما نهاکم عنه کان ذلک خیراً لکم من أن تذلقوا ألسنتکم به، فإن ذلق اللسان فیما یکره الله وما نهی عنه رداءة العبد عند الله، ومقت من الله، وصمم وعمی یورثه الله إیاه یوم القیامة» الحدیث((4))

وعن الحلبی رفعه، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «أمسک لسانک فإنها صدقة تتصدق بها علی نفسک»، ثم قال: «ولا یعرف عبد حقیقة الإیمان حتی یخزن لسانه»((5)).

وعن علی بن الحسن بن رباط، عن بعض رجاله، عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال: «لا یزال العبد المؤمن یکتب محسناً ما دام ساکتاً، فإذا تکلم کتب محسناً أو مسیئاً»((6)).

ص:260


1- وسائل الشیعة: ج8 ص528.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص528.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص528.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص528.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص529.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص529.

وعن محمد بن علی بن الحسین، قال: وقال (علیه السلام): «کلام فی حق خیر من سکوت علی باطل»((1)).

وقال: وقال الصادق (علیه السلام): «الصمت کنز وافر، وزین الحلیم، وستر الجاهل»((2)).

وعن الربیع بن محمد المسلی، عن رجل، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «ما عُبد الله بشیء مثل الصمت، والمشی إلی بیت الله»((3)).

وعن علی بن مهزیار رفعه، قال: «یأتی علی الناس زمان تکون العافیة عشرة أجزاء، تسعة منها فی اعتزال الناس، وواحدة فی الصمت»((4)).

وعن أحمد بن محمد بن أبی نصر البزنطی، قال: قال أبو الحسن الرضا (علیه السلام): «من علامات الفقه العلم والحلم والصمت، إن الصمت باب من أبواب الحکمة، إن الصمت یکسب المحبة، إنه دلیل علی کل خیر»((5)).

وعن سعدان بن مسلم، عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال: «النوم راحة الجسد، والنطق راحة للروح، والسکوت راحة للعقل»((6)).

وعن أبی حمزة الثمالی، عن علی بن الحسین (علیه السلام)، قال: «القول الحسن یثری المال، وینمی الرزق، وینسی فی الأجل، ویحبب إلی الأهل ویدخل الجنة»((7)).

وعن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد (علیه السلام)، عن آبائه (علیهم السلام)، قال: قال داود

ص:261


1- وسائل الشیعة: ج8 ص529.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص529.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص529.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص529.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص530.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص530.
7- وسائل الشیعة: ج8 ص530.

لسلیمان (علیهما السلام): «یا بنی علیک بطول الصمت، فإن الندامة علی طول الصمت مرة واحدة خیر من الندامة علی کثرة الکلام مرات، یا بنی لو أن الکلام کان من فضة کان ینبغی الصمت أن یکون من ذهب»((1)).

وعن محمد بن الحسین الرضی فی (نهج البلاغة)، عن أمیر المؤمنین (علیه السلام)، إنه قال: «لا خیر فی الصمت عن الحکم، کما أنه لا خیر فی القول بالجهل»((2)).

قال: وقال أمیر المؤمنین (علیه السلام): «من کثر کلامه کثر خطؤه، ومن کثر خطؤه قلّ حیاؤه، ومن قلّ حیاؤه قلّ ورعه، ومن قلّ ورعه مات قلبه، ومن مات قلبه دخل النار»((3)).

قال: وقال أمیر المؤمنین (علیه السلام): «الکلام فی وثاقک ما لم تتکلم به، فإذا تکلمت به صرت فی وثاقه، فاخزن لسانک کما تخزن ذهبک وورقک، فرب کلمة سلبت نعمة»((4)).

113: استحباب التکلم فی الخیر وعدم السکوت

113: استحباب التکلم فی الخیر وعدم السکوت

عن أبی ذر، عن النبی (صلی الله علیه وآله) فی وصیته له، قال: «یا أباذر، الذاکر فی الغافلین کالمقاتل فی الفارین فی سبیل الله، یا أباذر الجلیس الصالح خیر من الوحدة، والوحدة خیر من جلیس السوء، وإملاء الخیر خیر من السکوت، والسکوت خیر من إملاء الشر، یا أباذر اترک فضول الکلام، وحسبک من الکلام ما تبلغ

ص:262


1- وسائل الشیعة: ج8 ص530.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص530.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص531.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص531.

به حاجتک، یا أباذر کفی بالمرء کذاباً أن یحدث بکل ما سمع، یا أباذر إنه ما من شیء أحق بطول السجن من اللسان، یا أباذر إن الله عند لسان کل قائل، فلیتق الله امرء ولیعلم ما یقول»((1)).

وعن علی بن الحسین (علیهما السلام) أنه سئل عن الکلام والسکوت أیهما أفضل، فقال (علیه السلام): «لکل واحد منهما آفات، فإذا سلما من الآفات فالکلام أفضل من السکوت»، قیل: وکیف ذاک یابن رسول الله، فقال: «لأن الله عزوجل ما بعث الأنبیاء والأوصیاء (علیهم السلام) بالسکوت، إنما بعثهم بالکلام، ولا استحقت الجنة بالسکوت، ولا استوجبت ولایة الله بالسکوت، ولا وقیت النار بالسکوت، ولا تجنب سخط الله بالسکوت، إنما ذاک کله بالکلام، ما کنت لأعدل القمر بالشمس، إنک لتصف فضل السکوت بالکلام، ولست تصف فضل الکلام بالسکوت»((2)).

114: حفظ اللسان

114: حفظ اللسان

عن أبی حمزة، عن علی بن الحسین (علیهما السلام)، قال: «إن لسان ابن آدم یشرف کل یوم علی جوارحه کل صباح فیقول: کیف أصبحتم، فیقولون: بخیر إن ترکتنا، ویقولون: الله الله فینا، ویناشدونه ویقولون: إنما نثاب ونعاقب بک»((3)).

وعن أبی علی الجوانی، قال: شهدت أبا عبد الله (علیه السلام) وهو یقول لمولی له یقال له: سالم، ووضع یده علی شفته وقال: یا سالم احفظ لسانک تسلم، ولا تحمل الناس علی رقابنا»((4)).

وعن عثمان بن عیسی، قال: حضرت أبا الحسن (علیه السلام) وقال له رجل: أوصنی

ص:263


1- وسائل الشیعة: ج8 ص531.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص532.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص532.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص533.

فقال: «احفظ لسانک تعز، ولا تمکن الناس من قیادک فتذل رقبتک»((1)).

وعن مسعدة، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، إنه قال لرجل وقد کلمه بکلام کثیر، فقال: «أیها الرجل تحتقر الکلام وتستصغره، إن الله لم یبعث رسله حیث بعثها ومعها فضة ولا ذهب، ولکن بعثها بالکلام، وإنما عرف الله نفسه إلی خلقه بالکلام والدلالات علیه والإعلام»((2)).

وعن الحلبی رفعه، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «نجاة المؤمن حفظ لسانه»((3)).

وعن أبی بصیر، قال: سمعت أبا جعفر (علیه السلام) یقول: «کان أبو ذر (رحمه الله) یقول: یا مبتغی العلم، إن هذا اللسان مفتاح خیر ومفتاح شر، فاختم علی لسانک کما تختم علی ذهبک وورقک»((4)).

وعن قیس أبی إسماعیل رفعه، قال: «جاء رجل إلی النبی (صلی الله علیه وآله) فقال: یا رسول الله أوصنی، فقال: احفظ لسانک، قال: یا رسول الله أوصنی، قال: احفظ لسانک، قال: یا رسول الله أوصنی، قال: احفظ لسانک، ویحک وهل یکبّ الناس علی مناخرهم فی النار إلاّ حصائد ألسنتهم»((5)).

وعن منصور بن یونس، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «فی حکمة آل داود: علی العاقل أن یکون عارفاً بأهل زمانه، مقبلاً علی شأنه، حافظاً للسانه»((6)).

وعن أبی جمیلة، عمن ذکره، عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال: «ما من یوم إلاّ

ص:264


1- وسائل الشیعة: ج8 ص533.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص533.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص533.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص533.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص534.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص534.

و کل عضو من أعضاء الجسد یکفر اللسان یقول: نشدتک الله أن نعذب فیک»((1)).

وعن السکونی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «إن کان فی شیء شوم ففی اللسان»((2)).

وعن السید الرضی فی (نهج البلاغة)، عن أمیر المؤمنین (علیه السلام)، قال: «اللسان سبع عقور، إن خلی عنه عقر»((3)).

وقال: وقال (علیه السلام): «إذا تم العقل نقص الکلام»((4)).

وعن حماد بن عثمان، عن الصادق جعفر بن محمد (علیهما السلام) قال: «فی حکمة آل داود: ینبغی للعاقل أن یکون مقبلاً علی شأنه، حافظاً للسانه، عارفاً بأهل زمانه»((5)).

وعن أمیر المؤمنین (علیه السلام) فی وصیته لمحمد بن الحنفیة، قال: «وما خلق الله عزوجل شیئاً أحسن من الکلام ولا أقبح منه، بالکلام ابیضت الوجوه، وبالکلام اسودت الوجوه، واعلم أن الکلام فی وثاقک ما لم تتکلم به، فإذا تکلمت به صرت فی وثاقه، فاخزن لسانک کما تخزن ذهبک وورقک، فإن اللسان کلب عقور، فإن أنت خلیته عقر، ورب کلمة سلبت نعمة، من سیب عذاره قاده إلی کل کریهة وفضیحة، ثم لم یخلص من دهره إلاّ علی مقت من الله وذم من الناس»((6)).

وعن الحارث، عن علی (علیه السلام) قال: «ما من شیء أحق بطول السجن من اللسان»((7)).

وعن معمر بن خلاد، عن أبی الحسن الرضا، عن أبیه (علیهما السلام)، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «نجاة المؤمن فی حفظ لسانه»((8)).

قال: وقال أمیر المؤمنین (علیه السلام): «من حفظ

ص:265


1- وسائل الشیعة: ج8 ص534.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص534.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص534.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص534.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص534.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص535.
7- وسائل الشیعة: ج8 ص535.
8- وسائل الشیعة: ج8 ص535.

لسانه ستر الله عورته»((1)).

وعن سلیمان بن مهران، قال: دخلت علی الصادق جعفر بن محمد (علیهما السلام) وعنده نفر من الشیعة، فسمعته وهو یقول: «معاشر الشیعة کونوا لنا زیناً، ولا تکونوا علینا شیناً، قولوا للناس حسناً، واحفظوا ألسنتکم وکفوها عن الفضول وقبیح القول»((2)).

وعن ابن أبی عمر، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «لا تکثروا الکلام بغیر ذکر الله، فإن کثرة الکلام بغیر ذکر الله قسو القلب، إن أبعد الناس من الله القلب القاسی»((3)).

وعن عبد الله بن عبد الله، عن أبی عبد الله جعفر بن محمد الصادق (علیه السلام)، إنه قال لأصحابه: «اسمعوا منی کلاماً هو خیر لکم من الدرهم الموقفة، لایتکلم أحدکم بما لا یعنیه، ولیدع کثیراً من الکلام فیما یعنیه حتی یجد له موضعاً، فرب متکلم فی غیر موضعه خطأ علی نفسه بکلامه، ولا یمارین أحدکم حلیماً ولا سفیهاً، فإنه من ماری حلیماً أقصاه، ومن ماری سفیهاً أرداه، واذکروا أخاکم إذا غاب عنکم بأحسن ما تحبون أن تذکروا إذا غبتم عنه، واعملوا عمل من یعلم أنه مجازی بالإحسان، مأخوذ بالإجرام»((4)).

وعن السکونی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، عن آبائه (علیهم السلام)، عن علی (علیه السلام)، قال: «ثلاث منجیات، تکف لسانک، وتبکی علی خطیئتک، ویسعک بیتک»((5)).

وعن الفضل بن یسار، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: قال: «یا فضیل بلغ من لقیت

ص:266


1- وسائل الشیعة: ج8 ص535.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص535.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص536.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص536.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص536.

من موالینا السلام وقل لهم: إنی أقول: إنی لا أغنی عنهم من الله شیئاً إلاّ بورع، فاحفظوا ألسنتکم وکفوا أیدیکم وعلیکم بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرین»((1)).

وعن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبیه، عن آبائه (علیهم السلام): إن رسول الله (صلی الله علیه وآله) قال: «إن علی لسان کل قائل رقیباً، فلیتق الله العبد ولینظر ما یقول»((2)).

وعنه، عن جعفر، عن أبیه، عن جده (علیهم السلام)، قال: «من حسن إسلام المرء ترکه ما لا یعنیه»((3)).

115: کراهة کثرة الکلم بغیر الخیر

115: کراهة کثرة الکلم بغیر الخیر

عن عمرو بن جمیع، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «کان المسیح (علیه السلام) یقول: لا تکثروا الکلام فی غیر ذکر الله، فإن الذین یکثرون الکلام فی غیر ذکر الله قاسیة قلوبهم ولکن لا یعلمون»((4)).

وعن ابن فضال، عمن رواه، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله) : «من لا یحسب کلامه من عمله کثرت خطایاه وحضر عذابه»((5)).

وعن الغفاری، عن جعفر بن إبراهیم، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «من رأی موضع کلامه من عمله قل کلامه إلاّ فیما یعنیه»((6)).

ص:267


1- وسائل الشیعة: ج8 ص536.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص537.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص537.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص537.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص537.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص537.

وعن أبی عبد الله (علیه السلام) فی رسالته إلی أصحابه، قال: «فاتقوا الله وکفوا ألسنتکم إلاّ من خیر» إلی أن قال: «وعلیکم بالصمت إلاّ فیما ینفعکم الله به من أمر آخرتکم ویأجرکم علیه، وأکثروا من التهلیل والتقدیس والتسبیح والثناء علی الله، والتضرع إلیه، والرغبة فیما عنده من الخیر الذی لا یقدر قدره، ولا یبلغ کنهه أحد، فأشغلوا ألسنتکم بذلک عما نهی الله عنه من أقاویل الباطل التی تعقب أهلها خلوداً فی النار، من مات علیها ولم یتب إلی الله ولم ینزع عنها»((1)).

وعن محمد بن علی بن الحسین، قال: مر أمیر المؤمنین (علیه السلام) برجل یتکلم بفضول الکلام، فوقف علیه ثم قال: «یا هذا إنک تملی علی حافظیک کتاباً إلی ربک، فتکلم بما یعنیک ودع ما لا یعنیک»((2)).

قال: وقال أمیر المؤمنین (علیه السلام): «جمع الخیر کله فی ثلاث خصال: النظر والسکوت والکلام، فکل نظر لیس فیه اعتبار فهو سهو، وکل کلام لیس فیه ذکر فهو لغو، وکل سکوت لیس فیه فکرة فهو غفلة، فطوبی لمن کان نظره عبراً، وصمته تفکراً، وکلامه ذکراً، وبکی علی خطیئته، وأمن الناس شره»((3)).

وعن جعفر بن إبراهیم، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: «من ماز موضع کلامه من عقله قل کلامه فیما لا یعنیه»((4)).

قال: وقال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «إیاکم وجدال المفتون، فإن کل مفتون ملقی حجته إلی انقضاء مدته، فإذا انقضت مدته أحرقته فتنته بالنار»((5)).

ص:268


1- وسائل الشیعة: ج8 ص537.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص538.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص538.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص539.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص539.

وعن الزیدی، عن أبی أراکة، قال: سمعت علیاً (علیه السلام) یقول: «إن لله عباداً کسرت قلوبهم خشیة الله فاستنکفوا من المنطق وإنهم لفصحاء ألباء نبلاء، یستبقون إلیه بالأعمال الزاکیة، لا یستکثرون له الکثیر، ولا یرضون له القلیل، یرون أنفسهم أنهم شرار، وأنهم لأکیاس الأبرار»((1)).

وعن زید بن علی، عن آبائه (علیهم السلام)، عن علی (علیه السلام)، عن النبی (صلی الله علیه وآله) قال: «الکلام ثلاثة، فرابح وسالم وشاحب، فأما الرابح فالذی یذکر الله، وأما السالم فالذی یقول: أحب الله، وأما الشاحب فالذی یخوض فی الناس»((2)).

وعن القاسم بن سلیمان، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: سمعت أبی یقول: «من حسن إسلام المرء ترکه ما لا یعنیه»((3)).

116: استحباب مداراة الناس

116: استحباب مداراة الناس

عن عبد الله بن سنان، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «أمرنی ربی بمداراة الناس، کما أمرنی بأداء الفرائض»((4)).

وعن حبیب السجستانی، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: «فی التوراة مکتوب فیما ناجی الله به موسی بن عمران (علیه السلام): یاموسی اکتم مکتوم سری فی سریرتک، وأظهر فی علانیتک المداراة عنی لعدوی وعدوک من خلقی، ولا تستسب لی عندهم بإظهار مکتوم سری، فتشرک عدوک وعدوی فی سبی»((5)).

ص:269


1- وسائل الشیعة: ج8 ص539.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص539.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص539.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص540.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص540.

وعن الحسین بن الحسن، قال: سمعت جعفراً (علیه السلام) یقول: «جاء جبرئیل إلی النبی (صلی الله علیه وآله) فقال: یا محمد ربک یقرؤک السلام ویقول لک: دارخلقی»((1)).

وعن السکونی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «ثلاث من لم یکن فیه لم یتم له عمل: ورع یحجزه عن معاصی الله، وخلق یداری به الناس، وحلم یرد به جهل الجاهل»((2)).

وعن مسعدة بن صدقة، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «مداراة الناس نصف الإیمان، والرفق بهم نصف العیش»، ثم قال أبو عبد الله (علیه السلام): «خالطوا الأبرار سراً، وخالطوا الفجار جهراً»((3)).

وعن حذیفة بن منصور، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: «إن قوماً قلّت مداراتهم للناس فالقوا من قریش، وأیم الله ما کان بأحسابهم بأس، وإن قوماً من غیر قریش حسنت مداراتهم فألحقوا بالبیت الرفیع»، ثم قال: «من کف یده عن الناس فإنما یکف عنهم یداً واحدة ویکفون عنه أیدی کثیرة»((4)).

وعن إسحاق بن عمار، قال: قال الصادق (علیه السلام): «یا إسحاق صانع المنافق بلسانک، وأخلص ودّک للمؤمن»((5)).

وعن أمیر المؤمنین (علیه السلام) فی وصیته لمحمد بن الحنفیة، قال: «وأحسن إلی

ص:270


1- وسائل الشیعة: ج8 ص540.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص540.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص540.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص540.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص541.

جمیع الناس کما تحب أن یحسن إلیک، وأرض لهم ما ترضاه لنفسک، واستقبح لهم ما تستقبحه من غیرک، وحسّن مع الناس خلقک، حتی إذا غبت عنهم حنو إلیک، وإذا مت بکوا علیک وقالوا: إنا لله وإنا إلیه راجعون، ولا تکن من الذین یقال عند موته: الحمد لله رب العالمین، واعلم أن رأس العقل بعد الإیمان بالله عزوجل مداراة الناس، ولا خیر فی من لا یعاشر بالمعروف من لابد من معاشرته حتی یجعل الله إلی الخلاص منه سبیلاً، فإنی وجدت جمیع ما یتعایش به الناس وبه یتعاشرون ملؤ مکیال ثلثاه استحسان، وثلثه تغافل»((1)).

وعن محمد بن أحمد الکاتب رفعه: إن علی بن أبی طالب (علیه السلام) قال لبنیه: «یا بنی إیاکم ومعاداة الرجال، فإنهم لا یخلون من ضربین: من عاقل یمکر بکم، أو جاهل یعجل علیکم، والکلام ذکر والجواب أنثی، فإذا اجتمع الزوجان فلابد من النتاج»، ثم أنشأ یقول:

سلیم العرض من حذر الجوابا

ومن داری الرجال فقد أصابا

ومن هاب الرجال تهیبوه

ومن حقر الرجال فلن یهابا((2))

وعن سفیان بن عیینة، قال: قلت للزهری: لقیت علی بن الحسین (علیهما السلام)، قال: نعم لقیته وما لقیت أحداً أفضل منه، وماعلمت له صدیقاً فی السر ولا عدواً فی العلانیة، فقیل له: وکیف ذلک، قال: لأنی لم أر أحداً وإن کان یحبّه إلاّ وهو لشدة معرفته بفضله یحسده، ولا رأیت أحداً وإن کان یبغضه إلاّ وهو لشدة مداراته له یداریه((3)).

ص:271


1- وسائل الشیعة: ج8 ص541.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص541.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص542.

117: حقوق المؤمن

117: حقوق المؤمن

عن مرازم، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «ما عبد الله بشیء أفضل من أداء حق المؤمن»((1)).

وعن أبی المعزا، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «المسلم أخو المسلم لا یظلمه ولا یخذله ولا یخونه، ویحق علی المسلمین الاجتهاد فی التواصل، والتعاقد علی التعاطف، والمواساة لأهل الحاجة، وتعاطف بعضهم علی بعض، حتی تکونوا کما أمرکم الله عزوجل، رحماء بینکم متراحمین، مغتمّین لما غاب عنکم من أمرهم علی ما مضی علیه معشر الأنصار علی عهد رسول الله (صلی الله علیه وآله)»((2)).

وعن عیسی بن أبی منصور، عن أبی عبد الله (علیه السلام) فی حدیث، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «ست خصال من کن فیه کان بین یدی الله عزوجل وعن یمین الله، فقال له ابن أبی یعفور: وما هن جعلت فداک، قال: یحب المرء المسلم لأخیه ما یحب لأعز أهله، ویکره المرء المسلم لأخیه ما یکره لاعز أهله، ویناصحه الولایة».

إلی أن قال: «إذا کان منه بتلک المنزلة بثّه همّه ففرح لفرحه إن هو فرح، وحزن لحزنه إن هو حزن، وإن کان عنده ما یفرج عنه فرج عنه، وإلاّ دعا له».

إلی أن قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «إن لله خلقاً عن یمین العرش بین یدی الله وجوههم أبیض من الثلج، وأضوء من الثلج، وأضوء من الشمس الضاحیة، یسأل السائل ما هؤلاء، فیقال: هؤلاء الذین تحابوا فی جلال الله»((3)).

ص:272


1- وسائل الشیعة: ج8 ص542.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص542.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص543.

وعن الحرث بن مغیرة، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «المسلم أخو المسلم، هو عینه ومرآته ودلیله، لا یخونه، ولا یخدعه، ولا یظلمه، ولایکذبه، ولایغتابه»((1)).

وعن جابر، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: «إن من حق المؤمن علی أخیه المؤمن أن یشبع جوعته، ویواری عورته، ویفرج عنه کربته، ویقضی دینه، فإذا مات خلفه فی أهله وولده»((2)).

وعن علی بن عقبة، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «المؤمن أخو المؤمن، عینه ودلیله، لا یخونه ولایظلمه ولا یغشّه، ولا یعده عدة فیخلفه»((3)).

وعن المعلی بن خنیس، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قلت له: ما حق المسلم علی المسلم، قال: «له سبع حقوق واجبات، ما منهن حق إلاّ وهو علیه واجب، إن ضیع منها شیئاً خرج من ولایة الله وطاعته، ولم یکن لله فیه نصیب»، قلت له: جعلت فداک وما هی، قال: «یا معلّی إنی علیک شفیق، أخاف أن تضیع ولا تحفظ وتعلم ولا تعمل»، قلت: لا قوة إلاّ بالله.

قال: «أیسر حق منها أن تحب له ما تحب لنفسک، وتکره له ماتکره لنفسک.

والحق الثانی: أن تجتنب سخطه وتتّبع مرضاته، وتطیع أمره.

والحق الثالث: أن تعینه بنفسک ومالک ولسانک ویدک ورجلک.

والحق الرابع: أن تکون عینه ودلیله ومرآته.

ص:273


1- وسائل الشیعة: ج8 ص543.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص543.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص543.

والحق الخامس: أن لا تشبع ویجوع، ولا تروی ویظمأ، ولا تلبس ویعری.

والحق السادس: أن یکون لک خادم ولیس لأخیک خادم، فواجب أن تبعث خادمک فتغسل ثیابه، وتصنع طعامه، وتمهد فراشه.

والحق السابع: أن تبر قسمه، وتجیب دعوته، وتعود مریضه، وتشهد جنازته، وإذا علمت أن له حاجة تبادره إلی قضائها، ولا تلجئه إلی أن یسألکها، ولکن تبادره مبادرة، فإذا فعلت ذلک وصلت ولایتک بولایته، وولایته بولایتک»((1)).

وعن إبراهیم بن عمر الیمانی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «حق المسلم علی المسلم أن لا یشبع ویجوع أخوه، ولا یروی ویعطش أخوه، ولا یکتسی ویعری أخوه، فما أعظم حق المسلم علی أخیه المسلم»، وقال: «أحب لأخیک المسلم ما تحب لنفسک، وإن احتجت فسله، وإن سألک فأعطه، لا تمله خیراً، ولا یمله لک، کن له ظهراً فإنه لک ظهر، إذا غاب فاحفظه فی غیبته، وإذا شهد فزره وأجلّه وأکرمه، فإنه منک وأنت منه، فإن کان علیک عاتباً فلا تفارقه حتی تسل سخیمته، وإن أصابه خیر فاحمد الله، وإن ابتلی فاعضده، وإن تمحل له فأعنه، وإذا قال الرجل لأخیه: أف، انقطع ما بینهما من الولایة، وإذا قال له: أنت عدوی، کفر أحدهما، فإذا اتهمه انماث الإیمان فی قلبه کما ینماث الملح فی الماء»((2)).

وعن علی بن عقبة، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «للمسلم علی المسلم من الحق أن یسلّم علیه إذا لقیه، ویعوده إذا مرض، وینصح له إذا غاب، ویسمته إذا عطس، ویجیبه إذا دعاه، ویتبعه إذا مات»((3)).

ص:274


1- وسائل الشیعة: ج8 ص544.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص545.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص545.

وعن أبی المیمون الحارثی، قال: قلت لأبی عبد الله (علیه السلام): ما حق المؤمن علی المؤمن، قال: «إن من حق المؤمن علی المؤمن المودة له فی صدره، والمواساة له فی ماله، والخلف له فی أهله، والنصرة له علی من ظلمه، وإن کان نافلة فی المسلمین وکان غائباً أخذ له بنصیبه، وإذا مات الزیارة له إلی قبره، وأن لا یظلمه، وأن لا یغشه، وأن لا یخونه، وأن لا یخذله، وأن لا یکذبه، وأن لایقول له: أف، وإذا قال له: أف، فلیس بینهما ولایة، وإذا قال له: أنت عدوی، فقد کفر أحدهما، وإذا اتهمه انماث الإیمان فی قلبه کما ینماث الملح فی الماء»((1)).

وعن معلّی بن خنیس، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن حق المؤمن، فقال: «سبعون حقاً، لا أخبرک إلاّ بسبعة، فإنی علیک مشفق أخشی أن لا تحتمل»، قلت: بلی إن شاء الله، فقال: «لا تشبع ویجوع، ولا تکتسی ویعری، وتکون دلیله وقمیصه الذی یلبسه، ولسانه الذی یتکلم به، وتحب له ما تحب لنفسک، وإن کانت لک جاریة بعثتها لتمهد فراشه، وتسعی فی حوائجه باللیل والنهار، فإذا فعلت ذلک وصلت ولایتک بولایتنا، وولایتنا بولایة الله»((2)).

وعن محمد بن علی بن الحسین، بإسناده عن أمیر المؤمنین (علیه السلام)، فی وصیته لمحمد بن الحنفیة، قال: «لا تضیعن حق أخیک اتّکالاً علی ما بینک وبینه، فإنه لیس لک بأخ من أضعت حقّه»((3)).

وعن مسعدة بن صدقة، عن الصادق (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «للمؤمن علی المؤمن سبعة حقوق واجبة من الله عزوجل، الإجلال له فی غیبته، والود له فی صدره، والمواساة له فی ماله، وأن یحرم غیبته، وأن یعوده فی مرضه، وأن

ص:275


1- وسائل الشیعة: ج8 ص545.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص546.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص546.

یشیع جنازته، وأن لا یقول فیه بعد موته إلاّ خیراً»((1)).

وعن إبراهیم بن العباس، قال: ما رأیت الرضا (علیه السلام) جفا أحداً بکلمة قط، ولا رأیته قطع علی أحد کلامه حتی یفرغ منه، وما ردّ أحداً عن حاجة یقدر علیها، ولا مد رجله بین یدی جلیس له قط، ولا اتّکأ بین یدی جلیس له قط، ولا رأیته شتم أحداً من موالیه وممالیکه قط، ولا رأیته تفل قط، ولا رأیته تقهقه فی ضحکه قط، بل کان ضحکه التبسم((2)) الحدیث.

وعن داود بن حفص، قال: کنا عند أبی عبد الله (علیه السلام) إذ عطس، فهممنا أن نسمته فقال: «ألا سمتم، إن من حق المؤمن علی أخیه أربع خصال: إذا عطس أن یسمته، وإذا دعا أن یجیبه، وإذا مرض أن یعوده، وإذا توفی شیع جنازته»((3)).

وعن أبان بن تغلب، قال: کنت أطوف مع أبی عبد الله (علیه السلام) فعرض لی رجل من أصحابنا کان سألنی الذهاب معه فی حاجته، فأشار إلیّ، فرآه أبو عبد الله (علیه السلام) فقال: «یا أبان إیاک یرید هذا»، قلت: نعم، قال: «هو علی مثل ما أنت علیه»، قلت: نعم، قال: «فاذهب إلیه واقطع الطواف»، قلت: وإن کان طواف الفریضة، قال: «نعم»، قال: فذهبت معه، ثم دخلت علیه بعد فسألته عن حق المؤمن، فقال: «دعه لا ترده»، فلم أزل أرد علیه، قال: «یا أبان تقاسمه شطر مالک»، ثم نظر لی فرأی ما دخلنی فقال: «یا أبان أما تعلم أن الله قد ذکر المؤثرین علی أنفسهم»، قلت: بلی، قال: «إذا أنت قاسمته فلم تؤثره، إنما تؤثره إذا أنت أعطیته من النصف الآخر»((4)).

وعن مرازم، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، إنه قال: «ما أقبح بالرجل أن یعرف أخوه

ص:276


1- وسائل الشیعة: ج8 ص546.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص547.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص547.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص547.

حقه ولا یعرف حق أخیه»((1)).

وعن حفص بن غیاث، یرفعه إلی النبی (صلی الله علیه وآله)، قال: «المؤمن مرآة أخیه یمیط عنه الأذی»((2)).

وعن عبد الله بن مسکان، عن أبی جعفر محمد بن علی الباقر (علیه السلام)، إنه قال: «أحب أخاک المسلم، وأحب له ما تحب لنفسک، واکره له ما تکره لنفسک، إذا احتجت فسله، وإذا سألک فأعطه، ولا تدخر عنه خیراً فإنه لا یدخر عنک، کن له ظهراً فإنه لک ظهر، إن غاب فاحفظه فی غیبته، وإن شهد فزره، وأجلّه وأکرمه، فإنه منک وأنت منه، وإن کان علیک عاتباً فلا تفارقه حتی تسل سخیمته وما فی نفسه، فإذا أصابه خیر فاحمد الله، وإن ابتلی فاعضده وتمحل له»((3)).

وعن یونس بن ظبیان، عن أبی عبد الله (علیه السلام) فی حدیث، قال: «إن من حبس حق المؤمن أقامه الله مائة عام علی رجلیه حتی یسیل من أودیة، ثم ینادی مناد من عند الله جل جلاله: هذا الظالم الذی حبس عن الله حقّه، قال: فیوبخ أربعین عاماً، ثم یؤمر به إلی نار جهنّم»((4)).

وعن الحارث الهمدانی، عن علی (علیه السلام)، عن النبی (صلی الله علیه وآله) قال: «إن للمسلم علی أخیه من المعروف ستّاً: یسلّم علیه إذا لقیه، ویعوده إذا مرض، ویسمته إذا عطس، ویشهده إذا مات، ویجیبه إذا دعاه، ویحب له ما یحب لنفسه، ویکره له ما یکره لنفسه»((5)).

ص:277


1- وسائل الشیعة: ج8 ص548.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص548.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص548.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص548.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص549.

وعن محمد بن مسلم، قال: أتانی رجل من أهل الجبل فدخلت معه علی أبی عبد الله (علیه السلام) فقال له عند الوداع: أوصنی، فقال: أوصیک بتقوی الله وبر أخیک المسلم، وأحب له ما تحب لنفسک، وأکره له ما تکره لنفسک، وإن سألک فأعطه، وإن کف عنک فأعرض علیه، لا تمله خیراً فإنه لا یملک، وکن له عضداً فإنه لک عضد، وإن وجد علیک فلا تفارقه حتی تسل سخیمته، وإن غاب فاحفظه فی غیبته، وإن شهد فاکنفه واعضده ووازره وأکرمه ولاطفه، فإنه منک وأنت منه»((1)).

وعن علی بن عثمان بن زرین، عمن رواه، عن أمیر المؤمنین (علیه السلام)، قال: «ست خصال من کن فیه کان بین یدی الله وعن یمینه، إن الله یحب المرء المسلم الذی یحب لأخیه ما یحب لنفسه، ویکره له ما یکره لنفسه، ویناصحه الولایة، ویعرف فضلی ویطأ عقبی، وینظر عاقبتی»((2)).

وعن القاسم بن محمد بن جعفر العلوی، عن أبیه، عن آبائه، عن علی (علیهم السلام)، قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «للمسلم علی أخیه ثلاثون حقاً، لا براءة له منها إلاّ بالأداء أو العفو: یغفر زلته، ویرحم عبرته، ویستر عورته، ویقیل عثرته، ویقبل معذرته، ویرد غیبته، ویدیم نصیحته، ویحفظ خلته، ویرعی ذمته، ویعود مرضته، ویشهد میتته، ویجیب دعوته، ویقبل هدیته، ویکافی صلته، ویشکر نعمته، ویحسن نصرته، ویحفظ حلیلته، ویقضی حاجته، ویشفع مسألته، ویسمت عطسته، ویرشد ضالته، ویرد سلامه، ویطیب کلامه، ویبر أنعامه، ویصدق أقسامه، ویوالی ولیه ولا یعادیه، وینصره ظالماً ومظلوماً،

ص:278


1- وسائل الشیعة: ج8 ص549.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص549.

فأما نصرته ظالماً فیرده عن ظلمه، وأما نصرته مظلوماً فیعینه علی أخذ حقه، ولا یسلمه، ولا یخذله، ویحب له من الخیر ما یحب لنفسه، ویکره له من الشر ما یکره لنفسه»، ثم قال (علیه السلام): سمعت رسول الله (صلی الله علیه وآله) یقول: «إن أحدکم لیدع من حقوق أخیه شیئاً فیطالبه به یوم القیامة فیقضی له وعلیه»((1)).

وعن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبیه، عن آبائه (علیهم السلام): «إن رسول الله (صلی الله علیه وآله) أمرهم بسبع، ونهاهم عن سبع: أمرهم بعیادة المرضی، واتباع الجنائز، وإبرار القسم، وتسمیت العاطس، ونصرة المظلوم، وإفشاء السلام، وإجابة الداعی»((2)) الحدیث.

118: جملة من حقوق العالِم

118: جملة من حقوق العالِم

عن سلیمان بن جعفر الجعفری، عمن ذکره، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: کان أمیر المؤمنین (علیه السلام) یقول: «إن من حق العالم أن لا یکثر علیه السؤال، ولا تأخذ بثوبه، وإذا دخلت علیه وعنده قوم فسلم علیهم جمیعاً، وخصه بالتحیة، واجلس بین یدیه ولا تجلس خلفه، ولا تغمز بعینک، ولا تشر بیدک، ولا تکثر من القول قال فلان وقال فلان خلافاً لقوله، ولا تضجر بطول صحبته، فإنما مثل العالم مثل النخلة تنتظرها متی تسقط علیک منها شیء، وإن العالم أعظم أجراً من الصائم القائم الغازی فی سبیل الله»((3)).

ص:279


1- وسائل الشیعة: ج8 ص550.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص550.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص551.

وعن عبد الله بن الحسن، عن أبیه، عن جده، عن علی (علیهم السلام)، قال: «من حق العالم أن لا تکثر علیه السؤال، ولا تسبقه فی الجواب، ولا تلح إذا أعرض، ولا تأخذ بثوبه إذا کسل، ولا تشر إلیه بیدک، ولا تغمز بعینک، ولاتساره فی مجلسه، ولا تطلب عوراته، وأن لا تقول قال فلان خلاف قولک، ولا تفشی له سراً، ولاتغتاب عنده أحداً، وأن تحفظ له شاهداً وغائباً، وأن تعم القوم بالسلام وتخصه بالتحیة، وتجلس بین یدیه، وإن کانت له حاجة سبقت القوم إلی خدمته، ولا تمل من طول صحبته، فإنما هو مثل النخلة فانتظر متی تسقط علیک منه منفعته، والعالم بمنزلة الصائم القائم المجاهد فی سبیل الله، وإذا مات العالم انثلم فی الإسلام ثلمة لا تسد إلی یوم القیامة، وإن طالب العلم لیشیعه سبعون ألف ملک من مقربی السماء»((1)).

119: استحباب التراحم والتعاطف

119: استحباب التراحم والتعاطف

عن شعیب العقرقوفی، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول لأصحابه: «اتقوا الله وکونوا إخوة بررة متحابین فی الله، متواصلین متراحمین، تزاوروا وتلاقوا وتذاکروا أمرنا وأحیوه»((2)).

وعن أبی المعزاء، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «یحق علی المسلمین الاجتهاد فی التواصل، والتعاون علی التعاطف، والمواساة لأهل الحاجة، وتعاطف بعضهم علی بعض، حتی تکونوا کما أمرکم الله عزوجل رحماء بینهم متراحمین، مغتمین لما غاب عنهم من أمرهم، علی ما مضی علیه معشر الأنصار علی عهد

ص:280


1- وسائل الشیعة: ج8 ص551.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص552.

رسول الله (صلی الله علیه وآله)»((1)).

وعن کلیب الصیداوی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «تواصلوا وتباروا وتراحموا، وکونوا إخوة أبراراً کما أمرکم الله عزوجل»((2)).

وعن عبد الله بن یحیی الکاهلی، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: «تواصلوا وتباروا وتراحموا وتعاطفوا»((3)).

وعن زرارة، عن أبی جعفر (علیه السلام) فی حدیث قال: «رحم الله امرءاً ألف بین ولیین لنا، یا معشر المؤمنین تألفوا وتعاطفوا»((4)).

وعن الحرث، عن علی (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «إن الله عزوجل رحیم یحب کل رحیم»((5)).

120: استحباب قبول الاعتذار

120: استحباب قبول الاعتذار

عن جعفر بن محمد (علیه السلام)، عن آبائه (علیهم السلام)، فی وصیة النبی (صلی الله علیه وآله) لعلی (علیه السلام) قال: «یا علی من لم یقبل من متنصل عذراً، صادقاً کان أو کذاباً، لم ینل شفاعتی»((6)).

وعن أمیر المؤمنین (علیه السلام) فی وصیته لمحمد بن الحنفیة، قال: «لا تصرم أخاک علی ارتیاب، ولا تقطعه دون استعتاب، لعل له عذراً وأنت تلوم به، اقبل من متنصل عذراً صادقاً کان أو کاذباً، فتنالک الشفاعة»((7)).

ص:281


1- وسائل الشیعة: ج8 ص552.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص552.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص552.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص552.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص553.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص553.
7- وسائل الشیعة: ج8 ص553.

وعن علی بن جعفر، عن أبی الحسن، عن آبائه (علیهم السلام) فی حدیث: إن علی بن الحسین (علیهما السلام) قال لولده: «إن شتمک رجل عن یمینک ثم تحول إلیک عن یسارک فاعتذر إلیک فاقبل عذره»((1)).

121: استحباب التسلیم والمصافحة

121: استحباب التسلیم والمصافحة

عن أبی عبیدة، قال: سمعت أبا جعفر (علیه السلام) یقول: «إذا التقی المؤمنان فتصافحا أقبل الله بوجهه علیهما، وتحاتت الذنوب عن وجوههما حتی یفترقا»((2)).

وعن أبی عبیدة الحذاء، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: «إن المؤمنین إذا التقیا فتصافحا أقبل الله علیهما بوجهه وتساقطت عنهما الذنوب کما یتساقط الورق من الشجر»((3)).

وعن زرارة، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: سمعته یقول فی حدیث: «المؤمن لا یوصف، وإن المؤمن لیلقی أخاه فیصافحه فلا یزال الله ینظر إلیهما والذنوب تتحات عن وجوههما کما یتحات الورق عن الشجر»((4)).

وبالإسناد عن یونس، عن رفاعة، قال: سمعته یقول: «مصافحة المؤمن أفضل من مصافحة الملائکة»((5)).

وعن السکونی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «تصافحوا فإنها تذهب بالسخیمة»((6)).

وعن أبی خالد القماط، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: «إن المؤمنین إذا التقیا وتصافحا أدخل الله یده بین أیدیهما فتصافح أشدهما حباً لصاحبه»((7)).

أقول: أی رحمته.

ص:282


1- وسائل الشیعة: ج8 ص553.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص554.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص554.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص554.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص554.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص554.
7- وسائل الشیعة: ج8 ص555.

وعن مالک بن أعین الجهنی، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: «إن المؤمنین إذا التقیا فتصافحا، أدخل الله یده بین أیدیهما، وأقبل بوجهه علی أشدهما حباً لصاحبه، فإذا أقبل الله بوجهه علیهما تحاتت عنهما الذنوب کما یتحات الورق من الشجر»((1)).

أقول: وجه الله لطفه.

وعن جابر، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «إذا لقی أحدکم أخاه فلیسلم علیه ولیصافحه، فإن الله عزوجل أکرم بذلک الملائکة، فاصنعوا صنع الملائکة»((2)).

وعن جابر، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «إذا لقیتم فتلاقوا بالتسلیم والتصافح، وإذا تفرقتم فتفرقوا بالاستغفار»((3)).

وعن ابن قداح، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «لقی النبی (صلی الله علیه وآله) حذیفة فمد النبی (صلی الله علیه وآله) یده وکف حذیفة یده، فقال النبی (صلی الله علیه وآله): یاحذیفة بسطت یدی إلیک فکففت یدک عنی، فقال حذیفة: یا رسول الله بیدک الرغبة، ولکنی کنت جنباً فلم أحب أن تمس یدک وأنا جنب، فقال النبی (صلی الله علیه وآله): أما تعلم أن المسلمین إذا التقیا فتصافحا تحاتت ذنوبهما، کما یتحات ورق الشجر»((4)).

وعن إسحاق بن عمار، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام) فی حدیث: «لا یقدر قدر المؤمن أنه لیلقی أخاه فیصافحه فینظر الله إلیهما والذنوب تتحات عن وجوههما حتی یفرقا، کما تتحات الریح الشدیدة الورق من الشجر»((5)).

ص:283


1- وسائل الشیعة: ج8 ص555.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص555.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص555.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص555.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص556.

وعن أبی حمزة، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «أنتم فی تصافحکم فی مثل أجور المجاهدین»((1)).

وعن أبی عبیدة الحذاء، قال: قال أبو جعفر (علیه السلام): «إن المؤمن إذا صافح المؤمن تفرقا من غیر ذنب»((2)).

وعن محمد بن جعفر التمیمی، عن الصادق (علیه السلام): «فی حدیث إبراهیم (علیه السلام) مع رجل، أنه قام إلیه فعانقه، فلما بعث الله محمداً (صلی الله علیه وآله) جاءت المصافحة»((3)).

وعن أبی حمزة، عن أبی جعفر محمد بن علی بن الحسین (علیهم السلام)، قال: «أول اثنین تصافحا علی وجه الأرض ذوالقرنین وإبراهیم الخلیل، استقبله إبراهیم (علیه السلام) فصافحه»((4)).

وعن مالک بن أعین الجهنی، قال: أقبل إلی أبو عبد الله (علیه السلام) فقال: «أنتم والله شیعتنا»، إلی أن قال: «لا یقدر أحد أن یصف حق المؤمن ویقوم به مما أوجب الله علی أخیه المؤمن، والله یا مالک إن المؤمنین لیلتقیان فیصافح کل واحد منهما صاحبه، فما یزال الله ناظراً إلیهما بالمحبة والمغفرة، وإن الذنوب لتحات عن وجوههما وجوارحهما حتی یفترقا، فمن یقدر علی صفة الله وصفة من هو هکذا عند الله»((5)).

وعن الحسن بن محمد الدیلمی فی (الإرشاد)، عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال: «مصافحة المؤمن بألف حسنة»((6)).

ص:284


1- وسائل الشیعة: ج8 ص556.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص556.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص556.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص556.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص557.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص557.

122: استحباب المصافحة حتی مع قرب العهد باللقاء وکیفیة المصافحة

122: استحباب المصافحة حتی مع قرب العهد باللقاء وکیفیة المصافحة

عن هشام بن سالم، عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن حد المصافحة، فقال: «دور نخلة»((1)).

وعن أبی عبیدة، قال: کنت زمیل أبی جعفر (علیه السلام)، وکنت أبدأ بالرکوب ثم یرکب هو فإذا استوینا سلم وساءل مسائلة رجل لا عهد له بصاحبه وصافح، قال: وکان إذا نزل نزل قبلی فإذا استویت أنا وهو علی الأرض سلم وساءل مسائلة من لا عهد له بصاحبه، فقلت: یا بن رسول الله إنک لتفعل شیئاً ما یفعله من قبلنا، وإن فعل مرة فکثیر، فقال: «أما علمت ما فی المصافحة، إن المؤمنین یلتقیان فیصافح أحدهما صاحبه فما تزال الذنوب تتحات عنهما کما یتحات الورق عن الشجر، والله ینظر إلیهما حتی یفترقا»((2)).

وعن أبی عبیدة الحذاء، قال: زاملت أبا جعفر (علیه السلام) فی شق محمل من المدینة إلی مکة، فنزل فی بعض الطریق، فلما قضی حاجته وعاد قال: «هات یدک»، فناولته یدی فغمزها حتی وجدت الأذی فی أصابعی، ثم قال: «یا أبا عبیدة، ما من مسلم لقی أخاه المسلم فصافحه وشبک أصابعه فی أصابعه إلاّ تناثرت عنهما ذنوبهما کما یتناثر الورق عن الشجر فی الیوم الشاتی»((3)).

عن أبی حمزة، قال: زاملت أبا جعفر (علیه السلام) فحططنا الرحل ثم مشی قلیلاً ثم جاء فأخذ یدی فغمزها غمزة شدیدة، فقلت: جعلت فداک، أو ما کنت معک

ص:285


1- وسائل الشیعة: ج8 ص558.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص558.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص558.

فی المحمل، فقال: «أو ما علمت أن المؤمن إذا جال جولة ثم أخذ بید أخیه نظر الله إلیهما بوجهه، فلم یزل مقبلاً علیهما بوجهه ویقول للذنوب: تتحات عنهما، فتتاحت یا أبا حمزة کما یتحات الورق من الشجر، فیفترقان وما علیهما من ذنب»((1)).

وعن أبی عبیدة، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: «ینبغی للمؤمنین إذا تواری أحدهما عن صاحبه شجرة ثم لقیا أن یتصافحا»((2)).

وعن رزین، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «کان المسلمون إذا غزوا مع رسول الله (صلی الله علیه وآله) ومروا بمکان کثیر الشجر ثم خرجوا إلی الفضاء نظر بعضهم إلی بعض فتصافحوا»((3)).

وعن الحسین بن زید، عن الصادق، عن آبائه (علیهم السلام)، عن النبی (صلی الله علیه وآله) فی حدیث المناهی: «نهی عن مصافحة الذمی»((4)).

وفی (الخصال)، عن علی (علیه السلام) فی حدیث الأربعمائة، قال: «إذا لقیتم إخوانکم فتصافحوا، وأظهروا لهم البشاشة والبشر، تتفرقوا وما علیکم من الأوزار قد ذهب، صافح عدوک وإن کره فإنه مما أمر الله عزوجل عباده، یقول: {ادفع بالتی هی أحسن السیئة} الآیتین((5))»((6)).

ص:286


1- وسائل الشیعة: ج8 ص558.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص559.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص559.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص559.
5- سورة فصلت: الآیة 34 _ 35.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص559.

123: آداب استقبال القادم وتودیعه

123: آداب استقبال القادم وتودیعه

عن الحسن بن علی العسکری، عن آبائه (علیهم السلام)، قال: «إن رسول الله (صلی الله علیه وآله) لما جاء جعفر بن أبی طالب من الحبشة قام إلیه واستقبله اثنتی عشرة خطوة وعانقه وقبل ما بین عینیه» إلی أن قال: «وبکی فرحاً برؤیته»((1)).

وعن دارم بین قبیصة ونعیم بن صالح جمیعاً، عن الرضا (علیه السلام)، عن آبائه (علیهم السلام): إن رسول الله (صلی الله علیه وآله) قال: «من حق الضیف أن تمشی معه فتخرجه من حریمک إلی الباب»((2)).

وعن إسحاق بن عمار، قال: قلت لأبی عبد الله (علیه السلام): من قام من مجلسه تعظیماً لرجل، قال: «مکروه إلاّ لرجل فی الدین»((3)).

وعن الحسن بن الفضل الطبرسی فی (مکارم الأخلاق)، قال: دخل علی النبی (صلی الله علیه وآله) رجل المسجد وهو جالس وحده فتزحزح له وقال: «إن من حق المسلم علی المسلم إذا أراد الجلوس أن یتزحزح له»((4)).

قال: وروی أن رسول الله (صلی الله علیه وآله) قال: «من أحب أن تمثل له الرجال قیاماً فلیتبوأ مقعده من النار»((5)).

124: تعظیم الأشراف والأمراء

124: تعظیم الأشراف والأمراء

عن السید الرضی فی (نهج البلاغة)، قال: قال أمیر المؤمنین (علیه السلام) وقد لقیه

ص:287


1- وسائل الشیعة: ج8 ص559.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص560.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص560.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص560.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص560.

عند مسیره إلی الشام دهاقین أهل الأنبار، فترجلوا له واشتدوا بین یدیه: «ما هذا الذی صنعتموه»، قالوا: خلق نعظم به أمراءنا، فقال (علیه السلام): «والله ماینتفع بهذا أمراؤکم، وإنکم لتشقون به علی أنفسکم، وتشتقون به فی آخرتکم، فما أخسر المشقة وراءها العقاب، وما أربح الدعة معها الأمان من النار»((1)).

125: النهی عن حجب الناس

125: النهی عن حجب الناس

عن أبی حمزة، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: قلت له: جعلت فداک ما تقول فی مسلم أتی مسلماً وهو فی منزله فاستأذن علیه فلم یأذن له ولم یخرج إلیه، قال: «یا أبا حمزة، أیما مسلم أتی مسلماً زائراً أو طالب حاجة وهو فی منزله، فاستأذن علیه فلم یأذن له ولم یخرج إلیه، لم یزل فی لعنة الله حتی یلتقیا»، قلت: جعلت فداک فی لعنة الله حتی یلتقیا، قال: «نعم»((2)).

وعن إسحاق بن عمار، قال: دخلت علی أبی عبد الله (علیه السلام) فنظر إلیّ بوجه قاطب، فقلت: ما الذی غیرک لی، قال: «الذی غیرک لإخوانک، بلغنی یا إسحاق أنک أقعدت بیابک بواباً یرد عنک فقراء الشیعة»، فقلت: جعلت فداک إنی خفت الشهرة، قال: «أفلا خفت البلیة، أو ما علمت أن المؤمنین إذا التقیا فتصافحا أنزل الله عزوجل الرحمة علیهما فکانت تسعة وتسعین لأشدهما حباً لصاحبه، فإذا توافقا غمزتهما الرحمة، وإذا قعدا یتحادثان قالت الحفظة بعضها لبعض: اعتزلوا بنا لعل لهما سراً وقد ستر الله علیهما»، فقلت: ألیس الله عزوجل یقول: {ما یلفظ من قول إلاّ لدیه رقیب عتید}((3))، فقال: «یا إسحاق إن کانت الحفظة لا تسمع

ص:288


1- وسائل الشیعة: ج8 ص561.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص561.
3- سورة ق: الآیة 18.

فإن عالم السر یسمع ویری»((1)).

وعن المفضل بن عمر، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «أیما مؤمن کان بینه وبین مؤمن حجاب ضرب الله بینه وبین الجنة سبعین ألف سور، من السور إلی السور مسیرة ألف عام»((2)).

أقول: هذا کنایة عن البعد عن رحمة الله.

وعن محمد بن سنان، قال: کنت عند الرضا (علیه السلام) ثم ذکر حدیثاً طویلاً مضمونه أن ثلاثة من بنی إسرائیل حجبوا مؤمناً ولم یأذنوا له ثم صحبوه فنزلت نار من السماء فأحرقتهم وبقی هو»((3)).

وعن عبد المؤمن الأنصاری، عن أبی الحسن موسی الرضا (علیه السلام)، قال: «المؤمن أخو المؤمن لأبیه وأمه، ملعون ملعون من اتهم اخاه، ملعون ملعون من غش أخاه، ملعون ملعون من لم ینصح أخاه، ملعون ملعون من احتجب عن أخیه، ملعون ملعون من اغتاب أخاه»((4)).

126: استحباب المعانقة والمساءلة

126: استحباب المعانقة والمساءلة

عن عبد الله بن محمد الجعفی، عن أبی جعفر، وأبی عبد الله (علیهما السلام)، قالا: «أیما مؤمن خرج إلی أخیه یزوره عارفاً بحقه، کتب الله له بکل خطوة حسنة، ومحیت عنه سیئة، ورفعت له درجة، فإذا طرق الباب فتحت له أبواب السماء، فإذا التقیا وتصافحا وتعانقا أقبل الله علیهما بوجهه، ثم باهی بهم الملائکة فیقول: انظروا إلی عبدی تزاورا وتحابا فی حق، علیّ أن لا أعذبهما بالنار بعد ذلک الموقف» الحدیث((5)).

ص:289


1- وسائل الشیعة: ج8 ص562.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص562.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص562.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص563.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص563.

وعن إسحاق بن عمار، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «إن المؤمنین إذا اعتنقا غمرتهما الرحمة، فإذا التزما لایریدان بذلک إلاّ وجه الله ولا یریدان غرضاً من أغراض الدنیا قیل لهما: مغفور لکما فاستأنفا، فإذا أقبلا علی المساءلة، قالت الملائکة بعضها لبعض: تنحوا عنهما، فإن لهما سراً وقد ستره الله علیهما»((1)) الحدیث.

وعن إسحاق بن عمار، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، فی حدیث إنه قال له: «لا تمل من زیارة إخوانک، فإن المؤمن إذا لقی أخاه فقال له: مرحباً، کتب له مرحباً إلی یوم القیامة، فإذا صافحه أنزل الله فیما بین إبهامهما مائة رحمة، تسعة وتسعون منها لأشدهما حباً لصاحبه، ثم أقبل الله علیهما بوجهه فکان علی أشدهما حباً لصاحبه أشد إقبالاً، فإذا تعانقا غمرتهما الرحمة»((2)).

ثم ذکر بقیة الحدیث نحو الحدیث السابق.

 

127: استحباب اکتساب الإخوان فی الله

127: استحباب اکتساب الإخوان فی الله

عن محمد بن زید، قال: سمعت الرضا (علیه السلام) یقول: «من استفاد أخاً فی الله استفاد بیتاً فی الجنة»((3)).

وعن أبی العباس الفضل بن عبد الملک، عن أبی عبد الله جعفر بن محمد، عن آبائه (علیهم السلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله) فی حدیث: «ما استفاد امرؤ مسلم فائدة بعد الإسلام مثل أخ یستفیده فی الله» ثم قال: «یا فضل لا تزهدوا فی فقراء شیعتنا، فإن الفقیر لیشفع یوم القیامة فی مثل ربیعة ومضر»، ثم قال: «یا فضل إنما سمی المؤمن مؤمناً لأنه یؤمن علی الله فیجیز أمانه»، ثم قال: «أما سمعت

ص:290


1- وسائل الشیعة: ج8 ص564.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص564.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص565.

الله یقول فی أعدائکم إذا رأوا شفاعة الرجل منکم لصدیقه یوم القیامة: {فما لنا من شافعین ولا صدیق حمیم}((1))»((2)).

128: استحباب تقبیل المؤمن

128: استحباب تقبیل المؤمن

عن علی بن جعفر، عن أبی الحسن (علیه السلام)، قال: «من قبّل للرحم ذا قرابة فلیس علیه شیء، وقبلة الأخ علی الخدود، وقبلة الإمام بین عینیه»((3)).

وعن الصباح مولی آل سام، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «لیس القبلة علی الفم إلاّ للزوجة والولد الصغیر»((4)).

وعن رفاعة، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «لا یقبّل رأس أحد ولا یده إلاّ رسول الله (صلی الله علیه وآله) أو من أرید به رسول الله (صلی الله علیه وآله)»((5)).

وعن علی بن مزید صاحب السابری، قال: دخلت علی أبی عبد الله (علیه السلام) فتناولت یده فقبلتها، فقال: «أما إنها لا تصلح إلاّ لنبی أو وصی نبی»((6)).

وعن یونس بن یعقوب، قال: قلت لأبی عبد الله (علیه السلام): ناولنی یدک أقبّلها، فأعطانیها فقلت: جعلت فداک رأسک، ففعل فقبّلته((7)).

وعن یونس بن ظبیان، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «إن لکم لنوراً تعرفون به فی الدنیا حتی أن أحدکم إذا لقی أخاه قبّله فی موضع النور من جبهته»((8)).

وعن أحمد بن إبراهیم بن إدریس، عن أبیه، قال: «رأیته یعنی صاحب

ص:291


1- سورة الشعراء: الآیة 100 _ 101.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص565.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص565.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص565.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص565.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص566.
7- وسائل الشیعة: ج8 ص566.
8- وسائل الشیعة: ج8 ص566.

الزمان (علیه السلام) بعد مضی أبی محمد (علیه السلام) حین أیفع، وقبلت یدیه ورأسه((1)).

129: کراهة التکفیر للناس

129: کراهة التکفیر للناس

التکفیر: هو وضع إحدی الیدین علی الأخری علی الصدر.

عن یعقوب بن جعفر بن إبراهیم، عن أبی الحسن موسی (علیه السلام) فی حدیث: إن رجلاً قص علیه قصة طویلة وهو قائم وأبلغه سلام رجل کافر، ثم قال الرجل: إن أذنت لی یا سیدی کفرت لک وجلست، فقال: «آذن لک أن تجلس، ولا آذن لک أن تکفّر»، فجلس ثم قال: أردد علی صاحبی السلام أو ما ترد السلام، فقال: «علی صاحبک إن هداه الله، فأما التسلیم فذاک إذا صار فی دیننا»((2)).

130: کراهة المراء والخصومة

130: کراهة المراء والخصومة

عن مسعدة بن صدقة، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال أمیر المؤمنین (علیه السلام): «إیاکم والمراء والخصومة، فإنهما یمرضان القلوب علی الإخوان، وینبت علیهما النفاق»((3)).

وبإسناده قال: قال النبی (صلی الله علیه وآله): «ثلاث من لقی الله بهن دخل الجنة من أی باب شاء، من حسّن خلقه، وخشی الله فی المغیب والمحضر، وترک المراء وإن کان محقاً»((4)).

وقال أبو عبد الله (علیه السلام): «لا تمارین حلیماً ولا سفیهاً، فإن الحلیم یقلیک، والسفیه یؤذیک»((5)).

ص:292


1- وسائل الشیعة: ج8 ص566.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص567.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص567.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص567.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص568.

وعن عنبسة العابد، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «إیاکم والخصومة، فإنها تشغل القلب وتورث النفاق وتکسب الضغاین»((1)).

وعن إسماعیل بن أبی زیاد، عن جعفر بن محمد، عن آبائه (علیهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «أنا زعیم ببیت فی أعلی الجنة وبیت فی وسط الجنة وبیت فی ریاض الجنة، لمن ترک المراء وإن کان محقاً»((2)).

وعن السید الرضی (رحم الله) فی (نهج البلاغة)، عن أمیر المؤمنین (علیه السلام) قال: «من ضن بعرضه فلیدع المراء»((3)).

131: استحباب تجنب موجبات التباغض

131: استحباب تجنب موجبات التباغض

عن عمرو بن یزید، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «ما کاد جبرئیل یأتینی إلاّ قال: یا محمد اتق شحناء الرجال وعداوتهم»((4)).

وعن الولید بن صبیح، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «ما عهد إلی جبرئیل فی شیء ما عهده إلی فی معاداة الرجال»((5)).

وعن الحسن بن الحسین الکندی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال جبرئیل (علیه السلام) للنبی (صلی الله علیه وآله): «إیاک وملاحاة الرجال»((6)).

وعن عبد الرحمان بن سیابة، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «إیاکم والمشادة، فإنها تورث المعرة وتظهر العورة»((7)).

ص:293


1- وسائل الشیعة: ج8 ص568.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص568.
3- نهج البلاغة: قصار الحکم: 362.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص569.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص569.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص569.
7- وسائل الشیعة: ج8 ص569.

وعن أحمد بن أبی عبد الله، عن بعض أصحابه رفعه، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «من زرع العداوة حصد ما بذر»((1)).

وعن عبد الله بن سنان، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «ما أتانی جبرئیل قط إلاّ وعظنی، فآخر قوله لی: إیاک ومشادة الناس فإنها تکشف العورة وتذهب بالعز»((2)).

وعن مسمع بن عبد الرحمن بن عبد الملک، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله) فی حدیث: «ألا أن فی التباغض الحالقة، لا أعنی حالقة الشعر ولکن حالقة الدین»((3)).

وعن عبد الله بن محمد بن عمر، عن أبی جعفر محمد بن علی بن الحسین، عن آبائه (علیهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «من کثر همه سقم بدنه، ومن ساء خلقه عذب نفسه، ومن لاحی الرجال سقطت مروته»، ثم قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «لم یزل جبرئیل (علیه السلام) ینهانی عن ملاحاة الرجال کما نهانی عن شرب الخمر وعبادة الأوثان»((4)).

وعن محمد بن الحسن بن بنت الیاس، عن علی بن موسی الرضا، عن أبیه، عن آبائه (علیهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «إیاکم ومشادة الناس، فإنها تظهر المعرة (العورة) وتدفن العزة»((5)).

ص:294


1- وسائل الشیعة: ج8 ص569.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص569.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص570.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص570.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص570.

132: النهی عن المکر والحسد والغش والخیانة

132: النهی عن المکر والحسد والغش والخیانة

عن الحسین بن خالد، عن علی بن موسی الرضا، عن أبیه، عن آبائه (علیهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «من کان مسلماً فلا یمکر ولا یخدع، فإنی سمعت جبرئیل یقول: إن المکر والخدیعة فی النار»، ثم قال: «لیس منا من غش مسلماً، ولیس منا من خان مسلماً»، ثم قال (صلی الله علیه وآله): «إن جبرئیل الروح الأمین نزل علیّ من عند رب العالمین فقال: یا محمد علیک بحسن الخلق، فإن سوء الخلق ذهب بخیر الدنیا والآخرة، ألا وإن أشبهکم بی أحسنکم خلقاً»((1)).

وعن محمد بن الحسن بن علی بن أبی طالب، عن أبیه، عن أمیر المؤمنین (علیه السلام) إنه کان یقول: «المکر والخدیعة فی النار»((2)).

وعن السکونی، عن جعفر بن محمد، عن آبائه (علیهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «لیس منا من ماکر مسلماً»((3)).

وعن هشام بن سالم رفعه، قال: قال علی (علیه السلام): «لولا أن المکر والخدیعة فی النار لکنت أمکر الناس»((4)).

وعن ذازان، قال: سمعت علیاً (علیه السلام) یقول: «لولا أنی سمعت رسول الله (صلی الله علیه وآله) یقول: إن المکر والخدیعة والخیانة فی النار، لکنت أمکر العرب»((5)).

وعن عبد الرحمن بن أبی نجران، قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن قول الله عزوجل: {ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضکم علی بعض}((6))، قال: «لا یتمنی الرجل امرأة الرجل، ولا ابتنه، ولکن یتمنی مثلها»((7)).

133: تحریم الکذب

133: تحریم الکذب

عن فضیل بن یسار، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: «إن أول من یکذب الکذاب الله عزوجل، ثم الملکان اللذان معه، ثم هو یعلم أنه کاذب»((8)).

ص:295


1- وسائل الشیعة: ج8 ص570.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص571.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص571.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص571.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص571.
6- سورة النساء: الآیة 32.
7- وسائل الشیعة: ج8 ص571.
8- وسائل الشیعة: ج8 ص572.

وعن عمر بن یزید، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: «إن الکذاب یهلک بالبینات، ویهلک أتباعه بالشبهات»((1)).

وعن محمد بن مسلم، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: «إن الله عزوجل جعل للشر أقفالاً، وجعل مفاتیح تلک الأقفال الشراب، والکذب شر من الشراب»((2)).

وعن محمد بن عبد الرحمن بن أبی لیلی، عن أبیه، عمن ذکره، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: «إن الکذب هو خراب الإیمان»((3)).

وعن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال عیسی بن مریم (علیه السلام): «من کثر کذبه ذهب بهاؤه»((4)).

وعن محمد بن سالم رفعه، قال: قال أمیر المؤمنین (علیه السلام): «ینبغی للرجل المسلم أن یجتنب مواخاة الکذاب، فإنه یکذب حتی یجیء بالصدق فلا یصدق»((5)).

وعن عبید بن زرارة، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: «إن مما أعان الله به علی الکذابین النسیان»((6)).

وعن أبی أسحاق الخراسانی، قال: کان أمیر المؤمنین (علیه السلام) یقول: «إیاکم والکذب، فإن کل راج طالب، وکل خائف هارب»((7)).

ص:296


1- وسائل الشیعة: ج8 ص572.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص572.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص572.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص573.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص573.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص573.
7- وسائل الشیعة: ج8 ص573.

وعن أحمد بن أبی عبد الله البرقی فی (المحاسن)، عن أبی بصیر، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: «إن العبد لیکذب حتی یکتب من الکذابین، فإذا کذب قال الله عزوجل: کذب وفجر»((1)).

وعن محمد بن علی بن الحسین، قال: من ألفاظ رسول الله (صلی الله علیه وآله): «أربا الربا الکذب»((2)).

وکان أمیر المؤمنین (علیه السلام) یقول: «ألا فاصدقوا، إن الله مع الصادقین، وجانبوا الکذب فإنه یجانب الإیمان، ألا وإن الصادق علی شفا منجاة وکرامة، ألا وإن الکاذب علی شفا مخزاة وهلکة، ألا وقولوا خیراً تعرفوا به، واعملوا به تکونوا من أهله، وأدوا الأمانة إلی من ائتمنکم، وصلوا أرحام من قطعکم، وعودوا بالفضل علی من حرمکم»((3)).

وعن أبی فضال رفعه، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «إن لأبلیس کحلاً ولعوقاً وسعوطاً، فکحله النعاس، ولعوقه الکذب، وسعوطه الکبر»((4)).

وعن عبد الله بن عجلان، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: «إن العبد إذا صدق کان أول من یصدقه الله ونفسه تعلم أنه صادق، وإذا کذب کان أول من یکذبه الله ونفسه تعلم أنه کاذب»((5)).

134: حرمة الکذب علی الله ورسوله والأئمة (علیهم السلام)

134: حرمة الکذب علی الله ورسوله والأئمة (علیهم السلام)

عن أبی النعمان، قال: قال أبو جعفر (علیه السلام): «یا أبا النعمان، لا تکذب علینا کذبة فتسلب الحنیفیة، ولا تطلبن أن تکون رأساً فتکون ذنباً، ولا تستأکل الناس بنا

ص:297


1- وسائل الشیعة: ج8 ص573.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص574.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص574.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص574.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص574.

فتفقر، فإنک موقوف لا محالة ومسؤول، فإن صدقت صدقناک، وإن کذبت کذبناک»((1)).

وعنه، عن أحمد، عن بعض أصحابه، رفعه إلی أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: ذکر الحائک عند أبی عبد الله (علیه السلام) أنه ملعون، فقال: «إنما ذلک الذی یحوک الکذب علی الله وعلی رسوله»((2)).

وعن أبی خدیجة، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «الکذب علی الله وعلی رسوله من الکبائر»((3)).

وعن عمر بن عطیة، عن أبی عبد الله (علیه السلام) فی حدیث، إنه قال لرجل من أهل الشام: «یا أخا أهل الشام، اسمع حدیثنا ولا تکذب علینا، فإنه من کذب علینا فی شیء فقد کذب علی رسول الله (صلی الله علیه وآله)، ومن کذب علی رسول الله (صلی الله علیه وآله) فقد کذب علی الله، ومن کذب علی الله عذبه الله عزوجل»((4)).

وعن حماد بن عمرو، وأنس بن محمد، عن أبیه، عن جعفر بن محمد، عن آبائه (علیهم السلام) فی وصیة النبی (صلی الله علیه وآله) لعلی (علیه السلام): «یا علی من کذب علیّ متعمداً فلیتبوأ مقعده من النار»((5)).

وعن أبی خدیجة، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «الکذب علی الله وعلی رسوله وعلی الأوصیاء (علیهم السلام) من الکبائر»((6)).

قال: وقال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «من قال علی ما لم أقل، فلیتبوأ مقعده من النار»((7)).

ص:298


1- وسائل الشیعة: ج8 ص575.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص575.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص575.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص576.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص576.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص576.
7- وسائل الشیعة: ج8 ص576.

135: النهی عن الکذب فی الصغیر والکبیر والجد والهزل

135: النهی عن الکذب فی الصغیر والکبیر والجد والهزل

عن سیف بن عمیرة، عمن حدثه، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: «کان علی بن الحسین (علیهما السلام) یقول لولده: اتقوا الکذب الصغیر منه والکبیر، فی کل جد وهزل، فإن الرجل إذا کذب فی الصغیر اجترأ علی الکبیر، أما علمتم أن رسول الله (صلی الله علیه وآله) قال: ما یزال العبد یصدق حتی یکتبه الله صدیقاً، وما یزال العبد یکذب حتی یکتبه الله کذاباً»((1)).

وعن الأصبغ بن نباتة، قال: قال أمیر المؤمنین (علیه السلام): «لا یجد عبد طعم الإیمان حتی یترک الکذب هزله وجده»((2)).

وعن الحارث الأعور، عن علی (علیه السلام)، قال: «لا یصلح من الکذب جد ولا هزل، ولا أن یعد أحدکم صبیه ثم لا یفی له، إن الکذب یهدی إلی الفجور، والفجور یهدی إلی النار، وما یزال أحدکم یکذب حتی یقال: کذب وفجر، وما یزال أحدکم یکذب حتی لا تبقی موضع إبرة صدق فیسمی عند الله کذاباً»((3)).

وعن أبی ذر، عن النبی (صلی الله علیه وآله) فی وصیته له، قال: «یا أباذر، من ملک ما بین فخذیه وما بین لحییه دخل الجنة»، قلت: وإنا لنؤاخذ بما تنطق به ألسنتنا، فقال: «وهل یکب الناس علی مناخرهم فی النار إلاّ حصائد ألسنتهم، إنک لا تزال سالماً ما سکت، فإذا تکلمت کتب لک أو علیک، یا أباذر إن الرجل لیتکلم بالکلمة من رضوان الله عزوجل فیکتب بها رضوانه یوم القیامة، وإن الرجل لیتکلم بالکلمة فی المجلس لیضحکهم بها فیهوی فی جهنم ما بین السماء والأرض، یا أباذر

ص:299


1- وسائل الشیعة: ج8 ص577.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص577.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص577.

ویل للذی یحدث فیکذب لیضحک به القوم، ویل له ویل له ویل له، یا أباذر من صمت نجا، فعلیک بالصمت، ولاتخرجن من فیک کذبة أبداً»، قلت: یا رسول الله (صلی الله علیه وآله): فما توبة الرجل الذی یکذب متعمداً، قال: «الاستغفار وصلوات الخمس تغسل ذلک»((1)).

136: جواز الکذب فی الإصلاح دون الصدق فی الفساد

136: جواز الکذب فی الإصلاح دون الصدق فی الفساد

عن جعفر بن محمد، عن آبائه (علیهم السلام) فی وصیة النبی (صلی الله علیه وآله) لعلی (علیه السلام) قال: «یا علی، إن الله أحب الکذب فی الصلاح، وأبغض الصدق فی الفساد»((2)).

وعن المحاربی، عن جعفر بن محمد، عن آبائه (علیهم السلام)، عن النبی (صلی الله علیه وآله) قال: «ثلاثة یحسن فیهن الکذب: المکیدة فی الحرب، وعدتک زوجتک، والإصلاح بین الناس، وثلاثة یقبح فیهن الصدق: النمیمة، وإخبارک الرجل عن أهله بما یکرهه، وتکذیبک الرجل عن الخبر»((3)).

وعن معاویة بن عمار، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «المصلح لیس بکذاب»((4)).

وعن الحسن الصیقل، قال: قلت لأبی عبد الله (علیه السلام): إنا قد روینا عن أبی جعفر (علیه السلام) فی قول یوسف (علیه السلام): {أیتها العیر إنکم لسارقون}((5))، فقال: والله ما سرقوا وما کذب، وقال إبراهیم (علیه السلام): {بل فعله کبیرهم هذا فاسألوهم إن کانوا ینطقون}((6))، فقال: والله ما فعلوا، وما کذب، فقال أبو عبد الله (علیه السلام): ما عندکم فیها یاصیقل، قلت: ما عندنا فیها إلاّ التسلیم، قال: فقال: «إن الله أحب اثنین

ص:300


1- وسائل الشیعة: ج8 ص577.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص578.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص578.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص578.
5- سورة یوسف: الآیة 70.
6- سورة الأنبیاء: الآیة 63.

وأبغض اثنین، أحب الخطر فیما بین الصفین، وأحب الکذب فی الإصلاح، وأبغض الخطر فی الطرقات، وأبغض الکذب فی غیر الإصلاح، إن إبراهیم (علیه السلام) إنما قال: {بل فعله کبیرهم هذا}((1)) إرادة الإصلاح، ودلالة علی أنهم لا یفعلون، وقال یوسف (علیه السلام) إرادة الإصلاح»((2)).

أقول: والمراد سرقة شیء کانوا سرقوه حقیقة.

وعن عیسی بن حسان، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: «کل کذب مسؤول عنه صاحبه یوماً إلاّ کذباً فی ثلاثة: رجل کائد فی حربه فهو موضوع عنه، أو رجل أصلح بین اثنین یلقی هذا بغیر ما یلقی به هذا، یرید بذلک الإصلاح ما بینهما، أو رجل وعد أهله شیئاً، وهو لا یری أن یتم لهم»((3)).

أقول: أی فی الاضطرار.

وعن أبی یحیی الواسطی، عن بعض أصحابنا، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «الکلام ثلاثة: صدق وکذب وإصلاح بین الناس، قال: قیل له: جعلت فداک ما الإصلاح بین الناس، قال: «تسمع من الرجل کلاماً یبلغه فتخبث نفسه فتقول: سمعت من فلان قال فیک من الخیر کذا وکذا، خلاف ما سمعت منه»((4)).

وعن عطاء، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «لا کذب علی مصلح»((5)).

وعن محمد بن علی بن الحسین فی (کتاب الإخوان)، بسنده عن الرضا (علیه السلام)، قال: «إن الرجل لیصدق علی أخیه فیناله عنت من صدقه فیکون کذاباً عند الله،

ص:301


1- سورة الأنبیاء: الآیة 62.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص579.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص579.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص579.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص580.

وإن الرجل لیکذب علی أخیه یرید به نفعه فیکون عند الله صادقاً»((1)).

وعن السید الرضی (رحمه الله) فی (نهج البلاغة) عن أمیر المؤمنین (علیه السلام) إنه قال: «علامة الإیمان أن تؤثر الصدق حیث یضرک علی الکذب حیث ینفعک، وأن لا یکون فی حدیثک فضل عن علمک، وأن تتقی الله فی حدیث غیرک»((2)).

137: النهی عن کون الإنسان ذا وجیهن ولسانین

137: النهی عن کون الإنسان ذا وجیهن ولسانین

عن ابن أبی یعفور، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «من لقی المسلمین بوجهین ولسانین، جاء یوم القیامة وله لسانان من نار»((3)).

عن الزهری، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: «بئس العبد عبد یکون ذا وجهین وذا لسانین، یطری أخاه شاهداً، ویأکله غائباً، إن أعطی حسده، وإن ابتلی خذله»((4)).

وعن عبد الرحمان بن حماد رفعه، قال: قال الله تبارک وتعالی لعیسی (علیه السلام): «یا عیسی لیکن لسانک فی السر والعلانیة لساناً واحداً، وکذلک قلبک، إنی أحذرک نفسک وکفی بک خبیراً، لا یصلح لسانان فی فم واحد، ولا سیفان فی غمد واحد، ولا قلبان فی صدر واحد، وکذلک الأذهان»((5)).

وعن زید بن علی، عن آبائه (علیهم السلام)، عن علی (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «یجیء یوم القیامة ذو الوجهین دالعاً لسانه فی قفاه، وآخر من قدامه، یلتهبان ناراً حتی یلهبا جسده، ثم یقال: هذا الذی کان فی الدنیا ذا وجهین ولسانین،

ص:302


1- وسائل الشیعة: ج8 ص580.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص580.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص581.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص582.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص582.

یعرف بذلک یوم القیامة»((1)).

وعن عمار، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «من کان له وجهان فی الدنیا کان له یوم القیامة لسانان من نار»((2)).

وعن رسول الله (صلی الله علیه وآله)، إنه قال فی خطبة له: «ومن کان ذا وجهین وذا لسانین کان ذا وجهین ولسانین یوم القیامة من نار»((3)).

وعن عبد الله بن أبی یعفور، قال: سمعت الصادق جعفر بن محمد (علیه السلام) یقول: «من لقی الناس بوجه وعابهم بوجه، جاء یوم القیامة وله لسانان من نار»((4)).

وعن حفص بن غیاث، عن الصادق جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علی (علیهم السلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «من مدح أخاه المؤمن فی وجهه واغتابه من ورائه فقد انقطع ما بینهما من العصمة»((5)).

138: النهی عن الهجر، والأمر بالمسابقة إلی الصلة

138: النهی عن الهجر، والأمر بالمسابقة إلی الصلة

عن هشام بن الحکم، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «لا هجرة فوق ثلاث»((6)).

وعن مرازم بن حکیم، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، فی حدیث قال: «لا خیر فی المهاجرة»((7)).

ص:303


1- وسائل الشیعة: ج8 ص583.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص583.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص583.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص583.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص584.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص584.
7- وسائل الشیعة: ج8 ص584.

وعن القاسم بن الربیع، قال فی وصیة المفضل، سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: «لا یفترق رجلان علی الهجران إلاّ استوجب أحدهما البراءة واللعنة، وربما استحق ذلک کلاهما»، فقال له معتب: جعلت فداک هذا الظالم فما بال المظلوم،قال: «لأنه لا یدعو أخاه إلی صلته، ولا یتغامس له من کلامه، سمعت أبی (علیه السلام) یقول: إذا تنازع اثنان فعاز أحدهما الآخر فلیرجع المظلوم إلی صاحبه حتی یقول لصاحبه: أی أخی أنا الظالم، حتی یقطع الهجران بینه وبین صاحبه، فإن الله تبارک حکم عدل یأخذ للمظلوم من الظالم»((1)).

وعن أبی بصیر، قال: سألت أبا عبد الله (صلوات الله علیه)، عن الرجل یصرم ذوی قرابته ممن لا یعرف الحق، قال: «لا ینبغی له أن یصرمه»((2)).

وعن داود بن کثیر، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: قال أبی: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «أیما مسلمین تهاجرا فمکثا ثلاثاً لا یصطلحان إلاّ کانا خارجین من الإسلام» _ أی الإسلام الکامل _ «ولم یکن بینهما ولایة، فأیهما سبق إلی کلام أخیه کان السابق إلی الجنة یوم الحساب»((3)).

وعن أبی بصیر، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «لا یزال الشیطان فرحاً ما اهتجر المسلمان، فإذا التقیا اصطکت رکبتاه وتخلعت أوصاله، ونادی: یا ویله ما لقی من الثبور»((4)).

وعن محمد بن علی بن الحسین، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله) فی حدیث: «لا

ص:304


1- وسائل الشیعة: ج8 ص585.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص585.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص585.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص585.

یحل للمسلم أن یهجر أخاه فوق ثلاثة»((1)).

وعن الحسین بن زید، عن الصادق، عن آبائه (علیهم السلام)، عن رسول الله (صلی الله علیه وآله) فی حدیث المناهی قال: «ونهی عن الهجران، فمن کان لابد فاعلاً فلا یهجر أخاه أکثر من ثلاثة أیام، فمن کان مهاجراً لأخیه أکثر من ذلک کانت النار أولی به»((2)).

وعن أنس، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «لا یحل للمسلم أن یهجر أخاه فوق ثلاث»((3)).

وعن محمد بن حمران، عن أبیه، عن أبی جعفر (علیه السلام)، إنه قال: «ما من مؤمنین اهتجرا فوق ثلاث إلاّ وبرئت منهما فی الثالثة»، قیل: هذا حال الظالم فما بال المظلوم، فقال: «ما بال المظلوم لا یصیر إلی الظالم فیقول أنا الظالم حتی یصطلحا»((4)).

وعن أبی ذر، عن النبی (صلی الله علیه وآله) فی وصیة له، قال: «یا أباذر، إیاک وهجران أخیک، فإن العمل لا یتقبل مع الهجران، یا أباذر أنهاک عن الهجران، فإن کنت لابد فاعلاً فلا تهجره ثلاثة أیام کملاً، فمن مات فیها مهاجراً لأخیه کانت النار أولی به»((5)).

139: النهی عن إیذاء المؤمن

139: النهی عن إیذاء المؤمن

عن هشام بن سالم، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: قال الله عزوجل: «لیأذن بحرب منی من آذی عبدی المؤمن، ولیأمن غضبی من أکرم عبدی المؤمن»((6)).

ص:305


1- وسائل الشیعة: ج8 ص585.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص586.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص586.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص586.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص587.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص587.

وعن المفضل بن عمر، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «إذا کان یوم القیامة نادی مناد: أین الصدود لأولیائی، فیقوم قوم لیس علی وجوهم لحم، فیقال: هؤلاء الذین آذوا المؤمنین ونصبوا لهم وعاندوهم وعنفوهم فی دینهم، ثم یؤمر بهم إلی جهنم»((1)).

وعن المفضل بن عمر، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام)، وذکر مثله وزاد: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «کانوا والله الذین یقولون بقولهم، ولکنهم حبسوا حقوقهم وأذاعوا علیهم سرهم»((2)).

140: النهی عن إهانة المؤمن

140: النهی عن إهانة المؤمن

عن أبان بن تغلب، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: «لما أسری بالنبی (صلی الله علیه وآله) قال: یا رب ما حال المؤمن عندک، قال: یا محمد من أهان لی ولیاً فقد بارزنی بالمحاربة، وأنا أسرع شیء إلی نصرة أولیائی»((3)).

وعن حماد بن بشیر، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): قال الله عزوجل: «من أهان لی ولیاً فقد أرصد لمحاربتی»((4)).

وعن الحسین بن زید، عن الصادق، عن آبائه (علیهم السلام)، عن رسول الله (صلی الله علیه وآله) فی حدیث المناهی، قال: «ومن استخف بفقیر مسلم فقد استخف بحق الله، والله یستخف به یوم القیامة إلاّ أن یتوب»((5)).

قال: وقال (علیه السلام): «من أکرم فقیراً مسلماً لقی الله یوم القیامة وهو عنه

ص:306


1- وسائل الشیعة: ج8 ص587.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص587.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص588.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص588.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص589.

راض، ألا ومن أکرم أخاه المسلم فإنما یکرم الله عزوجل»((1)).

وعن الرضا (علیه السلام)، عن آبائه (علیهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «من استذل مؤمناً أو حقره لفقره وقلة ذات یده شهره الله یوم القیامة»((2)).

وعن أبی بصیر، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «لا تحقروا مؤمناً فقیراً، فإن من حقر مؤمناً أو استخف به حقره الله ولم یزل ماقتاً له حتی یرجع عن محقرته أو یتوب»، وقال: «من استذل مؤمناً أو احتقره لقلة ذات یده شهره الله یوم القیامة علی رؤوس الخلاق»((3)).

وعن إبراهیم بن عمر الیمانی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «ما من مؤمن یخذل أخاه وهو یقدر علی نصرته، إلاّ خذله الله فی الدنیا والآخرة»((4)).

وعن رسول الله (صلی الله علیه وآله) إنه قال فی خطبة له: «ومن أهان فقیراً مسلماً من أجل فقره واستخف به فقد استخف بالله، ولم یزل فی غضب الله عزوجل وسخطه حتی یرضیه، ومن أکرم فقیراً مسلماً لقی الله یوم القیامة وهو یضحک إلیه»، ثم قال: «ومن بغی علی فقیر أو تطاول علیه أو استحقره حقره الله یوم القیامة مثل الذرة فی صورة رجل حتی یدخل النار»((5)).

141: النهی عن إذلال المؤمن

141: النهی عن إذلال المؤمن

عن معلی بن خنیس، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: سمعته یقول: قال الله

ص:307


1- وسائل الشیعة: ج8 ص589.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص589.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص589.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص589.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص590.

عزوجل: «لیأذن بحرب منی من أذل عبدی المؤمن، ولیأمن غضبی من أکرم عبدی المؤمن»((1)).

وعن معاویة، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «لقد أسری ربی بی فأوحی إلیّ من وراء الحجاب ما أوحی، وشافهنی أن قال لی: یا محمد من أذل لی ولیاً فقد أرصد لی بالمحاربة، ومن حاربنی حاربته، قلت: یارب ومن ولیک هذا، فقد علمت أن من حاربک حاربته، فقال: ذاک من أخذت میثاقه لک ولوصیتک ولذریتکما بالولایة»((2)).

وعن معلی بن خنیس، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): قال الله عزوجل: «من استذل عبدی المؤمن فقد بارزنی بالمحاربة»((3)).

وعن ابن أبی عمیر، عن بعض أصحابه، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «من استذل مؤمناً واحتقره لقلة ذات یده ولفقره، شهره الله یوم القیامة علی رؤوس الخلائق»((4)).

وعن محمد بن أبی حمزة، عمن ذکره، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «من حقر مؤمناً مسکیناً أو غیر مسکین، لم یزل الله عزوجل حاقراً له ماقتاً حتی یرجع عن محقرته إیاه»((5)).

وعن معلی بن خنیس، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): قال الله عزوجل: «قد نابذنی من أذل عبدی المؤمن»((6)).

ص:308


1- وسائل الشیعة: ج8 ص591.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص591.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص591.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص591.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص591.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص592.

وعن منصور الصیقل والمعلی بن خنیس، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): قال الله عزوجل: «إنی لحرب لمن استذل عبدی المؤمن، وإنی أسرع إلی نصرة أولیائی»((1)).

142: النهی عن الاستخلاف بالمؤمن

142: النهی عن الاستخلاف بالمؤمن

عن أبی هارون، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال لنفر عنده وأنا حاضر: «ما لکم تستخفون بنا»، قال: فقام الیه رجل من خراسان فقال: معاذ لوجه الله أن نستخف بک أو بشیء من أمرک، فقال: «بلی إنک أحد من استخف بی»، فقال: معاذ لوجه الله أن استخف بک، فقال له: «ویحک ألم تسمع فلاناً ونحن بقرب الجحفة وهو یقول لک: احملنی قدر میل فقد والله عییت، والله ما رفعت به رأساً، لقد استخففت به، ومن استخف بمؤمن فبنا استخف، وضیع حرمة الله عزوجل»((2)).

143: النهی عن قطع الأرحام

143: النهی عن قطع الأرحام

عن أبی حمزة، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: قال أمیر المؤمنین (علیه السلام): «إذا قطعوا الأرحام جعلت الأموال فی أیدی الأشرار»((3)).

وعن أبی حمزة الثمالی، عن أمیر المؤمنین (علیه السلام) فی حدیث: «إن من الذنوب التی تعجل الفناء قطیعة الرحم»((4)).

ص:309


1- وسائل الشیعة: ج8 ص592.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص593.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص593.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص593.

وعن عنبسة العابد، قال: جاء رجل فشکا إلی أبی عبد الله (علیه السلام) أقار به، فقال له: «اکظم غیظک وافعل»، فقال: إنهم یفعلون ویفعلون، فقال: «أترید أن تکون مثلهم فلا ینظر الله إلیکم»((1)).

وعن السکونی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «لا تقطع رحمک وإن قطعک»((2)).

144: النهی عن إحصاء عثرات المؤمن لتعییره بها

144: النهی عن إحصاء عثرات المؤمن لتعییره بها

عن ابن بکیر، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «أبعد ما یکون العبد من الله أن یکون الرجل یواخی الرجل وهو یحفظ زلاته فیعیره بها یوماً ما»((3)).

وعن زرارة، عن أبی جعفر (علیه السلام) قال: «إن أقرب ما یکون العبد إلی الکفر أن یواخی الرجل علی الدین، فیحصی علیه زلاته لیعنفه بها یوماً ما»((4)).

وعن إسحاق بن عمار، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «لا تذموا المسلمین، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عوراتهم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته، یفضحه ولو فی بیته»((5)).

وعن سیف بن عمیرة، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «أدنی ما یخرح به الرجل من الإیمان أن یواخی الرجل الرجل علی دینه فیحصی علیه عثراته وزلاته لیعیره بها یوماً ما»((6)).

ص:310


1- وسائل الشیعة: ج8 ص593.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص594.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص594.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص594.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص595.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص595.

145: النهی عن تعییر المؤمن وتأنیبه

145: النهی عن تعییر المؤمن وتأنیبه

عن عبد الله بن سنان، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «من عیر مؤمناً بذنب لم یمت حتی یرکبه»((1)).

وعن إسحاق بن عمار، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «من أذاع فاحشة کان کمبتدیها، ومن عیر مؤمناً بشیء لم یمت حتی یرکبه»((2)).

وعن حسین بن عثمان، عن رجل، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «من أنب مؤمناً أنبه الله عزوجل فی الدنیا والآخرة»((3)).

وعن معاویة بن عمار، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «من لقی أخاه بما یؤنبه أنبه الله فی الدنیا والآخرة»((4)).

وعن منصور بن حازم، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «من أذاع فاحشة کان کمبتدیها، ومن عیر مسلماً بذنب لم یمت حتی یرکبه»((5)).

 

146: النهی عن اغتیاب المؤمن

146: النهی عن اغتیاب المؤمن

عن سلیمان بن خالد، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «المؤمن من ائمتنه المؤمنون علی أنفسهم وأموالهم، والمسلم من سلم المسلمون من یده ولسانه، والمهاجر من هجر السیئات وترک ما حرم الله، والمؤمن حرام علی المؤمن أن یظلمه أو یخذله أو یغتابه أو یدفعه دفعة»((6)).

ص:311


1- وسائل الشیعة: ج8 ص596.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص596.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص596.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص596.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص596.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص597.

وعن سماعة بن مهران، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال: «من عامل الناس فلم یظلمهم، وحدثهم فلم یکذبهم، ووعدهم فلم یخلفهم، کان ممن حرمت غیبته، وکملت مروته، وظهر عدله، ووجبت أخوته»((1)).

وعن الحرث بن المغیرة، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «المسلم أخو المسلم، هو عینه ومرآته ودلیله، لا یخونه ولا یخدعه ولا یظلمه ولا یکذبه ولا یغتابه»((2)).

وعن ربعی، عن رجل، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «المسلم أخو المسلم، لا یظلمه ولا یخذله، ولایغتابه ولایغشه ولا یحرمه»((3)).

وعن ابن أبی عمیر، عن بعض أصحابه، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «من قال فی مؤمن ما رأته عیناه، وسمعته أذناه فهو من الذین قال الله عزوجل: {إن الذین یحبون أن تشیع الفاحشة فی الذین آمنوا لهم عذاب ألیم} ((4))»((5)).

وعن السکونی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «الغیبة أسرع فی دین الرجل المسلم من الآکلة فی جوفه»((6)).

وعن رسول الله (صلی الله علیه وآله): «الجلوس فی المسجد انتظاراً للصلاة عبادة ما لم یحدث، قیل: یا رسول الله (صلی الله علیه وآله) وما یحدث، قال: «الاغتیاب»((7)).

وعن أبی ذر، عن النبی (صلی الله علیه وآله) فی وصیة له قال: «یا أباذر إیاک والغیبة، فإن

ص:312


1- وسائل الشیعة: ج8 ص597.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص597.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص597.
4- سورة النور: الآیة 19.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص598.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص598.
7- وسائل الشیعة: ج8 ص598.

الغیبة أشد من الزنا»، قلت: ولم ذاک یا رسول الله، قال: «لأن الرجل یزنی فیتوب إلی الله فیتوب الله علیه، والغیبة لا تغفر حتی یغفرها صاحبها، یا أباذر سباب المسلم فسوق وقتاله کفر، وأکل لحمه من معاصی الله، وحرمة ماله کحرمة دمه»، قلت: یا رسول الله وما الغیبة، قال: «ذکرک أخاک بما یکره»، قلت: یا رسول الله فإن کان فیه الذی یذکر به، قال: «اعلم أنک إذا ذکرته بما هو فیه فقد اغتبته، وإذا ذکرته بما لیس فیه فقد بهته»((1)).

وعن زید بن علی، عن آبائه (علیهم السلام)، عن النبی (صلی الله علیه وآله)، قال: «تحرم الجنة علی ثلاثة: علی المنان، وعلی المغتاب، وعلی مدمن الخمر»((2)).

وعن إبراهیم بن أبی البلاد، عن أبیه رفعه، عن رسول الله (صلی الله علیه وآله): «وهل یکب الناس فی النار یوم القیامة إلاّ حصائد ألسنتهم»((3)).

وعن أبی بصیر، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «سباب المؤمن فسوق، وقتاله کفر، وأکل لحمه معصیة لله، وحرمة ماله کحرمة دمه»((4)).

وعن الحسین بن زید، عن الصادق (علیه السلام)، عن آبائه (علیهم السلام)، فی حدیث المناهی: إن رسول الله (صلی الله علیه وآله) نهی عن الغیبة والاستماع إلیها، ونهی عن النمیمة والاستماع إلیها، وقال: لا یدخل الجنة قتات، یعنی نماماً، ونهی عن المحادثة التی تدعو إلی غیر الله، ونهی عن الغیبة، وقال: من اغتاب امرءاً مسلماً بطل صومه، ونقض وضوؤه، وجاء یوم القیامة یفوح من فیه رائحة أنتن من الجیفة

ص:313


1- وسائل الشیعة: ج8 ص598.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص599.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص599.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص599.

یتأذی به أهل الموقف، وإن مات قبل أن یتوب مات مستحلاً لما حرم الله عزوجل، ألا ومن تطول علی أخیه فی غیبة سمعها فیه فی مجلس فردها عنه رد الله عنه ألف باب من الشر فی الدنیا والآخرة، فإن هو لم یردها وهو قادر علی ردها، کان علیه کوزر من اغتابه سبعین مرة»((1)).

وعن عبد الرحمن بن سیابة، عن الصادق جعفر بن محمد (علیه السلام)، قال: «إن من الغیبة أن تقول فی أخیک ما ستره الله علیه، وإن من البهتان أن تقول فی أخیک ما لیس فیه»((2)).

وعن نوف البکالی, قال: أتیت أمیر المؤمنین (علیه السلام) وهو فی رحبة فی مسجد الکوفة، فقلت: السلام علیک یا أمیر المؤمنین ورحمة الله وبرکاته، فقلت له: یا أمیر المؤمنین عظنی، فقال: «یا نوف أحسن یحسن إلیک» _ إلی أن قال: _ قلت: زدنی، قال: «اجتنب الغیبة فإنها إدام کلاب النار»، ثم قال: «یا نوف کذب من زعم أنه ولد من حلال وهو یأکل لحوم الناس بالغیبة»((3)).

أقول: أی إنه شرک شیطان.

وعن الحسن بن خالد، عن الرضا، عن أبیه، عن الصادق (علیهم السلام)، قال: «إن الله یبغض البیت اللحم السمین، قال: فقیل له: إنا لنحب اللحم وما تخلو بیوتنا منه، فقال: لیس حیث تذهب، إنما البیت اللحم البیت الذی تؤکل فیه لحوم الناس بالغیبة، وأما اللحم السمین فهو المتبختر المتکبر المختال فی مشیه»((4)).

ص:314


1- وسائل الشیعة: ج8 ص599.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص600.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص600.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص601.

وعن أسباط بن محمد، یرفعه إلی النبی (صلی الله علیه وآله)، قال: «الغیبة أشد من الزنا»، فقیل: یا رسول الله ولم ذلک، قال: «أما صاحب الزنا فیتوب فیتوب الله علیه، وأما صاحب الغیبة فیتوب فلا یتوب الله علیه حتی یکون صاحبه الذی یحله»((1)).

وعن أسباط بن محمد رفعه، عن النبی (صلی الله علیه وآله)، قال: «ألا أخبرکم بالذی هو أشد من الزنا، وقع الرجل فی عرض أخیه»((2)).

وعن علقمة بن محمد، عن الصادق جعفر بن محمد (علیهما السلام) فی حدیث إنه قال: «فمن لم تره بعینک یرتکب ذنباً، ولم یشهد علیه عندک شاهدان، فهو من أهل العدالة والستر، وشهادته مقبولة، وإن کان فی نفسه مذنباً، ومن اغتابه بما فیه فهو خارج عن ولایة الله تعالی ذکره، داخل فی ولایة الشیطان»((3)).

ولقد حدثنی أبی، عن أبیه، عن آبائه (علیهم السلام)، عن رسول الله (صلی الله علیه وآله) قال: «من اغتاب مؤمناً بما فیه لم یجمع الله بینهما فی الجنة أبداً، ومن اغتاب مؤمناً بما لیس فیه فقد انقطعت العصمة بینهما، وکان المغتاب فی النار خالداً فیها وبئس المصیر»((4)).

وعن رسول الله (صلی الله علیه وآله) أنه قال فی خطبة له: «ومن اغتاب أخاه المسلم بطل صومه، ونقض وضوؤه، فإن مات وهو کذلک مات وهو مستحل لما حرم الله».

إلی أن قال: «ومن مشی فی عون أخیه ومنفعته، فله ثواب المجاهدین فی سبیل الله، ومن مشی فی عیب أخیه وکشف عورته، کانت أول خطوة خطاها وضعها فی جهنم، وکشف الله عورته علی رؤوس الخلائق، ومن مشی فی فساد

ص:315


1- وسائل الشیعة: ج8 ص598.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص601.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص602.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص602.

ما بینهما وقطیعة بینهما غضب الله عزوجل علیه، ولعنه فی الدنیا والآخرة، وکان علیه من الوزر کعدل قاطع الرحم»((1)).

وعن عبد الله بن سنان، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «الغیبة أن تقول فی أخیک ما قد ستره الله علیه، فأما إذا قلت ما لیس فیه فذلک قول الله عزوجل: {فقد احتمل بهتاناً وإثماً مبیناً}((2))»((3)).

147: النهی عن البهتان

147: النهی عن البهتان

عن ابن أبی یعفور، عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال: «من بهت مؤمناً أو مؤمنة بما لیس فیه بعثه الله فی طینة خبال حتی یخرج مما قال»، قلت: وما طینة خبال، قال: «صدید یخرج من فروج المومسات»((4)).

وعن الرضا، عن آبائه (علیهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «من بهت مؤمناً أو مؤمنة، أو قال فیه ما لیس فیه، أقامه الله یوم القیامة علی تل من نار حتی یخرج مما قال فیه»((5)).

148: المواضع التی تجوز فیها الغیبة

148: المواضع التی تجوز فیها الغیبة

عن داود بن سرحان، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الغیبة، قال: «هو أن تقول لأخیک فی دینه ما لم یفعل، وتبث علیه أمراً قد ستره الله علیه لم یقم علیه فیه حد»((6)).

وعن عبد الرحمن بن سیابة، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: «الغیبة أن تقول فی أخیک ما ستره الله علیه، وأما الأمر الظاهر مثل الحدة والعجلة فلا، والبهتان

ص:316


1- وسائل الشیعة: ج8 ص602.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص602.
3- سورة النساء: الآیة 112.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص603.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص603.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص603.

أن تقول ما لیس فیه»((1)).

وعن أبان، عن رجل، قال: قال لی أبو الحسن (علیه السلام): «من ذکر رجلاً من خلفه بما هو فیه ممّا عرفه الناس لم یغتبه، ومن ذکره من خلفه بما هو فیه مما لا یعرفه الناس اغتابه، ومن ذکره بما لیس فیه فقد بهته»((2)).

وعن هارون بن الجهم، عن الصادق جعفر بن محمد (علیهما السلام)، قال: «إذا جاهر الفاسق بفسقه فلا حرمة له ولا غیبة»((3)).

وعن أبی البختری، عن جعفر بن محمد، عن أبیه (علیهما السلام)، قال: «ثلاثة لیس لهم حرمة، صاحب هوی مبتدع، والإمام الجائر، والفاسق المعلن بالفسق»((4)).

وعن الفضل بن أبی قرة، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، فی قول الله: {لا یحب الله الجهر بالسوء من القول إلاّ من ظلم}((5))، قال: «من أضاف قوماً فأساء ضیافتهم فهو ممّن ظُلم فلا جناح علیهم فیما قالوا فیه»((6))، أی فی باب الضیافة.

وعن الفضل بن الحسن الطبرسی فی (مجمع البیان)، فی قوله: {لا یحب الله الجهر بالسوء من القول إلاّ من ظُلم}((7))، عن أبی عبد الله (علیه السلام): «إن الضیف ینزل بالرجل فلا یحسن ضیافته فلا جناح علیه أن یذکره سوء ما فعله»((8)).

ص:317


1- وسائل الشیعة: ج8 ص604.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص604.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص604.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص605.
5- سورة النساء: الآیة 148.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص605.
7- سورة النساء: رقم 148.
8- مجمع البیان: المجلد2 الجزء السادس ص273.

149: الأمر برد غیبة المؤمن

149: الأمر برد غیبة المؤمن

عن حماد بن عمرو وأنس بن محمد، عن أبیه، عن جعفر بن محمد، عن آبائه (علیهم السلام)، فی وصیة النبی (صلی الله علیه وآله) لعلی (علیه السلام): «یا علی من اغتیب عنده أخوه المسلم فاستطاع نصره فلم ینصره خذله الله فی الدنیا والآخرة»((1)).

وعن أبی الورد، عن أبی جعفر (علیه السلام) قال: «من اغتیب عنده أخوه المؤمن فنصره وأعانه، نصره الله وأعانه فی الدنیا والآخرة، ومن لم ینصره ولم یعنه ولم یدفع عنه وهو یقدر علی نصرته وعونه إلاّ خفضه الله فی الدنیا والآخرة»((2)).

وعن السکونی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «من ردّ عن عرض أخیه المسلم، وجبت له الجنة البتة»((3)).

وعن إبراهیم بن عمر الیمانی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «ما من مؤمن یعین مؤمناً مظلوماً إلاّ کان أفضل من صیام شهر واعتکافه فی المسجد الحرام، وما من مؤمن ینصر أخاه وهو یقدر علی نصرته إلاّ نصره الله فی الدنیا والآخرة، وما من مؤمن یخذل أخاه وهو یقدر علی نصرته إلاّ خذله الله فی الدنیا والآخرة»((4)).

وعن رسول الله (صلی الله علیه وآله)، قال فی خطبة له: «ومن ردّ عن أخیه غیبة سمعها فی مجلس، رد الله عنه ألف باب من الشر فی الدنیا والآخرة، فإن لم یرد عنه وأعجبه کان علیه کوزر من اغتاب»((5)).

وعن إسماعیل بن مسلم السکونی، عن أبی عبد الله جعفر بن محمد (علیهما السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «من رد عن عرض أخیه المسلم کتب له الجنة البتة، ومن

ص:318


1- وسائل الشیعة: ج8 ص606.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص606.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص606.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص607.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص607.

أتی إلیه معروف فلیکاف، فإن عجز فلیثن به، فإن لم یفعل فقد کفر النعمة»((1)).

وعن ابن أبی الدرداء، عن أبیه، قال: نال رجل من عرض رجل عند النبی (صلی الله علیه وآله)، فردّ رجل من القوم علیه، فقال النبی (صلی الله علیه وآله): «من ردّ عن عرض أخیه کان له حجاباً من النار»((2)).

وعن أبی ذر، عن النبی (صلی الله علیه وآله) فی وصیة له، قال: «یا أباذر من ذب عن أخیه المؤمن الغیبة کان حقاً علی الله أن یعتقه من النار، یا أباذر من اغتیب عنده أخوه المؤمن وهو یستطیع نصره فنصره، نصره الله عزوجل فی الدنیا والآخرة، وإن خذله وهو یستطیع نصره خذله الله فی الدنیا والآخرة»((3)).

150: النهی عن إذاعة سر المؤمن وأن ینقل عنه ما یعیبه

150: النهی عن إذاعة سر المؤمن وأن ینقل عنه ما یعیبه

عن عبد الله بن سنان، قال: قلت له: عورة المؤمن علی المؤمن حرام، قال: «نعم»، قلت: یعنی سفلیه، قال: «لیس هو حیث تذهب، إنما هو إذاعة سره»((4)).

وعن مفضل بن عمر، قال: قال لی أبو عبد الله (علیه السلام): «من روی علی مؤمن روایة یرید بها شینه وهدم مروته لیسقط من أعین الناس أخرجه الله من ولایته إلی ولایة الشیطان فلا یقبله الشیطان»((5)).

وعن زید، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، فیما جاء فی الحدیث: «عورة المؤمن علی المؤمن حرام»، قال: «ما هو أن تنکشف فتری منه شیئاً، إنما هو أن تروی علیه أو تعیبه»((6)).

وعن محمد بن فضیل، عن أبی الحسن موسی (علیه السلام)، قال: قلت له: جعلت فداک الرجل من إخوانی یبلغنی عنه الشیء الذی أکرهه، فأسأله عنه فینکر ذلک،

ص:319


1- وسائل الشیعة: ج8 ص607.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص607.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص608.
4- معانی الأخبار: ص255.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص608.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص609.

وقد أخبرنی عنه قوم ثلاث، فقال لی: «یا محمد، کذب سمعک وبصرک عن أخیک، فإن شهد عندک خمسون قسامة وقال لک قولاً فصدقه وکذبهم، ولا تذیعن علیه شیئاً تشینه به، وتهدم به مروته فتکون من الذین قال الله: {إن الذین یحبون أن تشیع الفاحشة فی الذین آمنوا لهم عذاب ألیم فی الدنیا والآخرة}((1))»((2)).

وعن رسول الله (صلی الله علیه وآله) فی حدیث قال: «ومن سمع فاحشة فأفشاها کان کمن أتاها، ومن سمع خیراً فأفشاه کان کمن عمله»((3)).

وعن منصور بن حازم، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «من أذاع الفاحشة کان کمبتدیها، ومن عیر مؤمناً بشیء لا یموت حتی یرکبه»((4)).

وعن الفیض بن المختار، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: «لما نزلت المائدة علی عیسی (علیه السلام) قال للحواریون: لا تأکلوا منها حتی آذن لکم، فأکل منها رجل منهم، فقال بعض الحواریین: یا روح الله أکل منها فلان، فقال له عیسی (علیه السلام): أکلت منها، فقال له: لا، فقال الحواریون: بلی والله یا روح الله لقد أکل منها، فقال عیسی (علیه السلام): صدّق أخاک، وکذّب بصرک»((5)).

151: النهی عن سب المؤمن

151: النهی عن سب المؤمن

عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبی الحسن موسی (علیه السلام)، فی رجلین یتسابان، قال: «البادی منهما أظلم، ووزره ووزر صاحبه علیه ما لم یعتذر إلی المظلوم»((6)).

ص:320


1- وسائل الشیعة: ج8 ص609.
2- سورة النور: الآیة 19.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص609.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص609.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص610.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص610.

وعن أبی بصیر، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: «إن رجلاً من تمیم أتی النبی (صلی الله علیه وآله)، فقال: أوصنی، فکان فیما أوصاه أن قال: «لا تسبوا الناس فتکسبوا العداوة لهم»((1)).

وعن أبی بصیر، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «سباب المؤمن فسوق، وقتاله کفر، وأکل لحمه معصیة، وحرمة ماله کحرمة دمه»((2)).

وعن السکونی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «سباب المؤمن کالمشرف علی الهلکة»((3)).

وعن الحسین بن عبد الله، قال: قال أبو جعفر (علیه السلام): «من کف عن أعراض الناس أقاله الله نفسه یوم القیامة، ومن کف غضبه عن الناس کف الله عنه عذاب یوم القیامة»((4)).

152: النهی عن الطعن علی المؤمن

152: النهی عن الطعن علی المؤمن

عن جابر، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: «ما شهد رجل علی رجل بکفر قط إلاّ باء به أحدهما، إن کان شهد علی کافر صدق، وإن کان مؤمناً رجع الکفر علیه، فإیاکم والطعن علی المؤمنین»((5)).

وعن أبی حمزة، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: «إذا قال الرجل لأخیه المؤمن: أف، خرج من ولایته، وإذا قال: أنت عدوی، کفر أحدهما، ولا یقبل الله من مؤمن عملاً وهو مضمر علی أخیه المؤمن سوءاً»((6)).

أقول: أی الکفر العملی.

وعن الفضیل، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: «ما من إنسان یطعن فی عین مؤمن إلا

ص:321


1- وسائل الشیعة: ج8 ص610.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص610.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص611.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص611.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص611.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص611.

مات بشر میتة، وکان قمناً أن لا یرجع إلی خیر»((1)).

وعن المفضل بن عمر، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «إن الله عزوجل خلق المؤمنین من نور عظمته وجلال کبریائه، فمن طعن علیهم ورد علیهم فقد رد علی الله فی عرشه، ولیس من الله فی شیء، وإنما هو شرک الشیطان»((2)).

وعن داود بن کثیر، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «إن الله عزوجل خلق المؤمن من عظمة جلاله وقدرته، فمن طعن علیه أو رد علیه قوله فقد رد علی الله»((3)).

153: النهی عن لعن غیر المستحق

153: النهی عن لعن غیر المستحق

عن مسعدة بن صدقة، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «إن اللعنة إذا خرجت من صاحبها ترددت بینه وبین الذی یلعن، فإن وجدت مساغاً وإلاّ رجعت إلی صاحبها وکان أحق بها، فاحذروا أن تلعنوا مؤمناً فیحل بکم»((4)).

وعن أبی حمزة الثمالی، قال: سمعت أبا جعفر (علیه السلام) یقول: «إن اللعنة إذا خرجت من فی صاحبها ترددت فیما بینهما فإن وجدت مساغاً، وإلاّ رجعت علی صاحبها»((5)).

154: النهی عن اتهام المؤمن وسوء الظن به

154: النهی عن اتهام المؤمن وسوء الظن به

عن إبراهیم بن عمر الیمانی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: إذا اتّهم المؤمن

ص:322


1- وسائل الشیعة: ج8 ص612.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص612.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص612.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص613.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص613.

أخاه انماث الإیمان فی قلبه کما ینماث الملح فی الماء»((1)).

وعن الحسین بن عمر بن یزید، عن أبیه، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: «من اتّهم أخاه فی دینه فلا حرمة بینهما، ومن عامل أخاه بمثل ما عامل به الناس فهو بریء مما ینتحل»((2)).

وعن الحسین بن المختار، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال أمیر المؤمنین (علیه السلام) فی کلام له: «ضع أمر أخیک علی أحسنه حتی یأتیک ما یغلبک منه، ولا تظنن بکلمة خرجت من أخیک سوءاً وأنت تجد لها فی الخیر محملا»((3)).

155: النهی عن إخافة المؤمن

155: النهی عن إخافة المؤمن

عن عبد الله بن سنان، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «من نظر إلی مؤمن نظرة لیخیفه بها، أخافه الله عزوجل یوم لا ظل إلاّ ظلّه»((4)).

وعن أبی إسحاق الخفّاف، عن بعض الکوفیین، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «من روّع مؤمناً بسلطان لیصیبه منه مکروه فلم یصبه فهو فی النار، ومن روّع مؤمناً بسلطان لیصیبه منه مکروه فأصابه فهو مع فرعون وآل فرعون فی النار»((5)).

وعن فاطمة بنت الرضا، عن أبیها، عن آبائه، عن علی (علیهم السلام)، قال: «لا یحل لمسلم أن یروع مسلماً»((6)).

ص:323


1- وسائل الشیعة: ج8 ص613.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص614.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص614.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص614.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص614.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص615.

156: النهی عن المعونة علی قتل المؤمن وأذاه

156: النهی عن المعونة علی قتل المؤمن وأذاه

عن حماد بن عثمان، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، أو عمّن ذکره عنه (علیه السلام)، قال: «یجیء یوم القیامة رجل إلی رجل حتی یلطخه بدمه والناس فی الحساب، فیقول: یا عبد الله ما لی ولک، فیقول: أعنت علیّ یوم کذا وکذا فقُتلت»((1)).

وعن محمد بن عبید بن مدرک، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «من أعان علی مؤمن بشطر کلمة لقی الله عزوجل وبین عینیه مکتوب: آیس من رحمة الله»((2)).

وعن محمد بن مسلم، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: «إن العبد یحشر یوم القیامة وما أدمی دماً، فیدفع إلیه شبه المحجمة أو فوق ذلک، فیقال له: هذا سهمک من دم فلان، فیقول: یا رب إنک تعلم أنک قبضتنی وما سفکت دماً، قال: بلی، إنما سمعت من فلان بن فلان کذا وکذا، فرویتهاعنه فنقلت حتی صار إلی فلان، فقتله علیها، فهذا سهمک من دمه»((3)).

وعن ابن أبی عمیر، عن بعض أصحابه، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «من أعان علی المؤمن بشطر کلمة لقی الله عزوجل یوم القیامة مکتوب بین عینیه آیس من رحمتی»((4)).

157: النهی عن الغیبة والمحاکاة

157: النهی عن الغیبة والمحاکاة

عن عبد الله بن سنان، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «ألا

ص:324


1- وسائل الشیعة: ج8 ص615.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص615.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص616. 
4- وسائل الشیعة: ج8 ص616.

أنبؤکم بشرارکم، قالوا: بلی یا رسول الله، قال: المشاؤون بالنمیمة، المفرقون بین الأحبة، الباغون للبراء المعائب»((1)).

وعن محمد بن قیس، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: «الجنة محرمة علی القتاتین المشائین بالنمیمة»((2)).

وعن أبی الحسن الأصفهانی، عمن ذکره، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: قال أمیر المؤمنین (علیه السلام): «شرارکم المشاؤون بالنمیمة، المفرقون بین الأحبة، المبتغون للبراء المعائب»((3)).

وعن أبی ذر، عن النبی (صلی الله علیه وآله) فی وصیة له، قال: «یا أباذر، لا یدخل الجنة القتات»، قلت: یا رسول الله ما القتات، قال: «النمام، یا أباذر صاحب النمیمة لا یستریح من عذاب الله فی الآخرة، یا أباذر من کان ذا وجهین ولسانین فی الدنیا فهو ذو وجهین فی النار، یا أباذر المجالس بالأمانة وإفشاؤک سر أخیک خیانة، فاجتنب ذلک واجتنب مجلس العثرة»((4)).

وعن رسول الله (صلی الله علیه وآله) إنه قال فی خطبة له: «ومن مشی فی نمیمة بین اثنین سلط الله علیه فی قبره ناراً تحرقه إلی یوم القیامة، وإذا خرج من قبره سلط الله علیه تنیناً أسود ینهش لحمه حتی یدخل النار»((5)).

وعن علی بن غالب البصری، عن رجل، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «لا یدخل الجنة سفاک الدم، ولا مدمن الخمر، ولا مشاء بنمیمة»((6)).

ص:325


1- وسائل الشیعة: ج8 ص616.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص617.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص617.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص617.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص618.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص618.

وعن زید بن علی، عن آبائه (علیهم السلام)، قال: قال علی (علیه السلام): «یحرم الجنة علی ثلاثة: علی المنان، وعلی القتات، وعلی مدمن الخمر»((1)).

وعن علی بن جعفر، عن أبی الحسن موسی (علیه السلام)، قال: «حرمت الجنة علی ثلاثة: النمام، ومدمن الخمر، والدیوث وهو الفاجر»((2)).

وعن الربیع صاحب المنصور، أن الصادق (علیه السلام) قال للمنصور: «لا تقبل فی ذی رحمک وأهل الرعایة من أهل بیتک قول من حرم الله علیه الجنة ومأواه النار، فإن النمام شاهد زور، وشریک إبلیس فی الإغراء بین الناس، وقد قال الله تبارک وتعالی: {یا أیها الذین آمنوا إن جاءکم فاسق بنبأ فتبینوا أن تصیبوا قوماً بجهالة فتصبحوا علی مافعلتم نادمین}((3))، وإن کان یجب علیک أن تصل من قطعک، وتعطی من حرمک، وتعفو عمن ظلمک، فإن المکافی لیس بالواصل، إنما الواصل الذی إذا قطعته رحم وصلها»((4)).

وعن أبی سعید هاشم، عن أبی عبد الله الصادق (علیه السلام)، قال: «أربعة لا یدخلون الجنة: الکاهن، والمنافق، ومدمن الخمر، والقتات وهو النمام»((5)).

وعن المفضل بن عمر، ویونس بن ظبیان، عن الصادق (علیه السلام)، قال: «بینما موسی (علیه السلام) یناجی ربه إذ رأی رجلاً تحت ظل عرش الله، فقال: یا رب من هذا الذی قد أظله عرشک، قال: هذا کان باراً بوالدیه، ولم یمش بالنمیمة»((6)).

ص:326


1- وسائل الشیعة: ج8 ص618.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص618.
3- سورة الحجرات: الآیة 6.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص619.
5- وسائل الشیعة: ج8 ص619.
6- وسائل الشیعة: ج8 ص619.

وعن صفوان بن یحیی، عن بعض أصحابه، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «إن الله أوحی إلی موسی (علیه السلام) أن بعض أصحابک ینم علیک فاحذره، قال: یارب لا أعرفه، فأخبرنی به حتی أعرفه، فقال: یا موسی عبت علیه النمیمة وتکلفنی أن أکون نماماً، فقال: یا رب وکیف أصنع، قال: یا موسی فرق أصحابک عشرة عشرة، ثم تقرع بینهم، فإن السهم یقع علی العشرة التی هو فیهم، ثم تفرقهم وتقرع بینهم فإن السهم یقع علیه، قال: فلما رأی الرجل أن السهام تقرع قام فقال: یا رسول الله أنا صاحبک، لا والله لا أعود أبداً»((1)).

وعن حذیفة، قال: سمعت النبی (صلی الله علیه وآله) یقول: «لا یدخل الجنة قتات»((2)).

158: استحباب النظر إلی صلحاء ذریة الرسول (ص)

158: استحباب النظر إلی صلحاء ذریة الرسول (ص)

عن الحسین بن خالد، عن أبی الحسن الرضا (علیه السلام)، قال: «النظر إلی ذریتنا عبادة»، قلت: النظر إلی الأئمة منکم، أو النظر إلی ذریة النبی (صلی الله علیه وآله)، فقال: «بل النظر إلی جمیع ذریة النبی (صلی الله علیه وآله) عبادة ما لم یفارقوا منهاجه، ولم یتلوثوا بالمعاصی»((3)).

159: استحباب النظر إلی الوالدین، وإلی المصحف، وإلی وجه العالم

159: استحباب النظر إلی الوالدین، وإلی المصحف، وإلی وجه العالم

عن محمد بن علی بن الحسین، قال: روی: «إن النظر إلی الکعبة عبادة، والنظر إلی الوالدین عبادة، والنظر إلی المصحف من غیر قراءة عبادة، والنظر إلی وجه العالم عبادة، والنظر إلی آل محمد (صلی الله علیه وآله) عبادة»((4)).

سبحان ربک رب العزة عما یصفون، وسلام علی المرسلین، والحمد لله رب العالمین، وصلی الله علی محمد وآله الطاهرین.

ص:327


1- وسائل الشیعة: ج8 ص619.
2- وسائل الشیعة: ج8 ص620.
3- وسائل الشیعة: ج8 ص620.
4- وسائل الشیعة: ج8 ص621.

المحتویات

المحتویات

مسالة: الحرب. 7 [1]

الشعوب تکره الحرب. 8 [2]

الفوائد المزعومة للحرب. 9 [3]

الحرب، أسبابها وعلاجها 11 [4]

بین حرب الاستغلال وحرب التحریر. 13 [5]

أسباب کثرة الحروب. 15 [6]

الحرب بالوکالة 17 [7]

شروط الحرب. 17 [8]

العوامل المؤثرة فی اختلاف الحروب. 18 [9]

کیف نتوقی الحروب. 21 [10]

أخطار الحرب. 22 [11]

جذور الحرب. 25 [12]

کیفیة القضاء علی جذورالحرب. 25 [13]

فضح الحرب بالوکالة 27 [14]

الإسلام یدعو إلی السلام 28 [15]

مسألة: العائلة 30 [16]

أنواع الزواج. 30 [17]

الزواج فی عالم الحیوان. 32 [18]

لا لطرد الأولاد 32 [19]

بین العائلة الصغیرة والعائلة الکبیرة 33 [20]

ص:328

مرکز الثقل فی العائلة 34 [1]

العائلة والإنتاج الاقتصادی. 35 [2]

المرأة والعمل. 36 [3]

مشاکل العائلة الحدیثة 37 [4]

أسباب الطلاق. 40 [5]

بین الطلاق والزواج. 42 [6]

أضرار الطلاق. 43 [7]

المهر بین الإسلام والمذاهب الأخری. 43 [8]

الرجل هو القیم 44 [9]

بحث حول المتعة 45 [10]

الزواج من الأقارب. 45 [11]

نقاء المحیط العائلی. 46 [12]

العائلة والتربیة السلیمة للأولاد 48 [13]

تأهیل الطفل للمستقبل. 49 [14]

التربیة بین الأفراط والتفریط. 51 [15]

المساواة بین الأطفال. 52 [16]

التقدم العلمی فی خدمة العائلة 52 [17]

تحول الشؤون العائلیة إلی الخارج. 54 [18]

الإرث فی الإسلام 55 [19]

مسألة: الدین. 56 [20]

موقف المستغلین تجاه الدین. 57 [21]

فقدان الدین ینتج الخوف والقلق. 58 [22]

سبب تخلف المسلمین. 60 [23]

هل ولی عصر الدین. 61 [24]

المستقبل للإسلام 62 [25]

مسألة: المؤسسات الاجتماعیة 66 [26]

توسع المجتمع یزید الحاجة إلی المؤسسات. 66 [27]

العلاقة بین المؤسسات. 67 [28]

ص:329

الترابط البنائی والعملی بین المؤسسات. 69 [1]

متی تهدم المؤسسة 70 [2]

تأثیر التغییر فی المؤسسة علی سائر المؤسسات. 71 [3]

الانفصام فی المؤسسات یولد الانفصام الاجتماعی. 71 [4]

ضرورة التوازی فی حرکة المؤسسات. 72 [5]

تبدل المؤسسات. 73 [6]

المؤسسات الموقتة 73 [7]

اختلاف تأثیر المؤسسات فی المجتمع. 73 [8]

مؤسسات مختلفة تؤدی نتائج متقاربة 74 [9]

شروط نجاح المؤسسة 74 [10]

الجو العام للمؤسسة 75 [11]

المؤسسة والسلوک المرضی للجماهیر. 76 [12]

التلاحم والتنسیق بین أعضاء المؤسسة 76 [13]

تحول المؤسسات. 77 [14]

مضاعفات تضخم المؤسسة الاقتصادیة والمؤسسة الحکومیة 78 [15]

مسألة: لاکتشافات والاختراعات. 81 [16]

الاختراع بحاجة إلی الفکر والعمل. 81 [17]

الفرق بین الاکتشاف والاختراع. 82 [18]

بین المخترعات الجدیدة والقدیمة 82 [19]

المخترعات والاجتماع. 83 [20]

الاختراع یلد الاختراع. 84 [21]

أرضیة الاختراع. 85 [22]

استیراد الفکر والصنعة 86 [23]

التراث. 89 [24]

المخترعات الجدیدة بین التأثیر والتأثر. 89 [25]

الفکر الجدید بین التأثیر والتأثر. 90 [26]

الأقسام الخمسة والمجالات الأخر. 91 [27]

فائدة معرفة التأثیرات المتبادلة للأشیاء 92 [28]

التأثیرات المتبادلة بین الفکر والصنعة 93 [29]

ص:330

مسألة: أقسام المجتمعات. 96 [1]

المجتمع الجامد 96 [2]

المجتمع المتسافل. 97 [3]

المجتمع المتصاعد ذو الأسس.. 99 [4]

المجتمع المتصاعد بلا أسس.. 100 [5]

سمات المجتمع المتصاعد 100 [6]

ملامح المجتمع الراکد 101 [7]

أسباب مقاومة المجتمع الراکد للتجدید 102 [8]

نعم للتجدید 104 [9]

مسألة: بین الجدید والمؤسسات الأخری. 106 [10]

الجدید قد ینسخ المؤسسة 106 [11]

وقد یوجب تسریع حرکتها 107 [12]

وقد یحرکها ببطء 107 [13]

وقد یحرکها بشکل متساو 108 [14]

المعطیات. 109 [15]

التغییر بین الإرادة البشریة وعامل الزمن. 110 [16]

فقدان التناسق بین المؤسسات. 111 [17]

متی یلزم التنسیق بین المؤسسات. 112 [18]

تحطم المؤسسات. 113 [19]

أنواع التحطیم 116 [20]

آثار التحطیم القسری للمؤسسات. 116 [21]

أسباب تحطم المجتمع. 118 [22]

مقومات بقاء المجتمع. 119 [23]

مسألة: بین الجدید والقدیم 121 [24]

نظرة علی الحرکات الاصلاحیة 122 [25]

موقت الحکومات تجاه الحرکات الاصلاحیة 123 [26]

التخطیط الدکتاتوری أم التخطیط الاستشاری؟ 124 [27]

ص:331

شروط نجاح التخطیط. 125 [1]

أقسام الاصلاح. 128 [2]

مسألة: لا لانقلابات العسکریة 130 [3]

منطق الانقلابیین! 130 [4]

فقدان الوعی هو المشکلة 131 [5]

بحوث فی الثورات الاجتماعیة 132 [6]

وضع الأسس السلیمة للثورة 133 [7]

بدایة الثورة 134 [8]

مراحل الثورة 135 [9]

عناصر هامة فی نجاح الثورة 138 [10]

لابد للثورة من تکوین الجذور. 139 [11]

ضرورة توزیع القدرة بین القوی. 140 [12]

الجذور بعد تکون الدولة 143 [13]

یجب أن تکون الحکومة عصریة 144 [14]

من سمات الحکومة الإسلامیة 146 [15]

ملامح النظام الدکتاتوری. 150 [16]

مسألة: حرکة التاریخ. 155 [17]

الإنسان فی طریق الصعود 156 [18]

کیف تتوفر سعادة الإنسان. 156 [19]

مناقشة مع منکری التکامل الاجتماعی. 158 [20]

سبب اختلاف المجتمعات. 159 [21]

تعالیم الأنبیاء هی العلاج. 160 [22]

خاتمة: روایات شریفة فی العلاقات الاجتماعیة 164 [23]

1: کیفیة السلوک الاجتماعی. 165 [24]

2: استحباب حسن المعاشرة والمرافقة 168 [25]

3: کیفیة المعاشرة مع أنواع الإخوان. 169 [26]

4: استحباب التوسعة فی المجلس.. 170 [27]

ص:332

5: استحباب توقیر الإخوان. 170 [1]

6: کراهة العزلة عن الناس.. 171 [2]

7: استحباب اکتساب الإخوان وقبول العتاب. 171 [3]

8: استحباب صحبة العاقل واجتناب الاحمق. 173 [4]

9: استحباب الاستشارة من العاقل. 173 [5]

10: استحباب اجتماع الإخوان. 173 [6]

11: استحباب صحبة خیار الناس واجتناب شرارهم 175 [7]

12: استحباب قبول النصح وصحبة الناصحین. 176 [8]

13: من نصادق؟ 176 [9]

14: استحباب المواساة 177 [10]

15: کراهة مؤاخاة الفاجر والأحمق والکذاب. 178 [11]

16: کراهة إشراک السفلة والفجار فی الأمر. 179 [12]

17: کراهة مصاحبة الکذاب والفاسق والبخیل والجبان وقاطع الرحم 180 [13]

18: کراهة الدخول فی مواضع التهمة 182 [14]

19: اتقاء فراسة المومن. 183 [15]

20: استحباب مشاورة ذوی الرأی. 184 [16]

21: استحباب استشارة الورع الناصح الصدیق واتباعه 185 [17]

22: نصح المستشیر. 186 [18]

23: استشارة الإنسان من دونه 186 [19]

24: کراهة استشارة الجبان والبخیل والحریص والفاجر والسافل. 188 [20]

25: النهی عن مجالسة أهل البدع. 188 [21]

26: جملة ممن ینبغی اجتناب معاشرتهم وترک السلام علیهم 188 [22]

27: استحباب التودد إلی الناس.. 190 [23]

28: استحباب مجاملة الناس وتلقیهم بالبشر واحترامهم وکف الید عنهم 191 [24]

29: استحباب من أحب مؤمناً أن یخبره بذلک. 191 [25]

30: استحباب الابتداء بالسلام 192 [26]

31: وجوب رد السلام 193 [27]

32: استحباب إفشاء السلام وإطابة الکلام 194 [28]

33: استحباب التسلیم علی الصبیان والتواضع. 196 [29]

34: النهی عن التفریق بین الفقراء والأغنیاء فی السلام 196 [30]

ص:333

35: استحباب الحمد عند رؤیة الکافر والمبتلی من غیر أن یسمع المبتلی. 196 [1]

36: الجهر بالسلام والرد 197 [2]

37: کیفیة السلام 197 [3]

38: استحباب إعادة السلام ثلاثاً مع عدم الرد 198 [4]

39: استحباب مخاطبة المؤمن بضمیر الجماعة فی موارد 198 [5]

40: الموارد التی لا یستحب فیها السلام 199 [6]

41: کیفیة رد السلام علی الحاضر والغائب. 199 [7]

42: استحباب مصافحة المقیم ومعانقة المسافر. 201 [8]

43: فیمن یبدأ بالسلام 201 [9]

44: إجزاء سلام الواحد من الجماعة، وکفایة رد الواحد منها 202 [10]

45: کراهة ترک التسلیم عی المؤمن. 202 [11]

46: کراهة السلام علی الشابات. 203 [12]

47: النهی عن السلام علی الکفار والفساق وکیفیة الرد علیهم 203 [13]

48: النهی عن دخول بیت الغیر بلا استئذان ولا إشعار ولا تسلیم 204 [14]

49: من ینبغی الاختلاف إلی أبوابهم 205 [15]

50: استحباب السلام عند مغادرة المجلس.. 206 [16]

51: جواز السلام علی الذمی والدعاء له مع الحاجة إلیه 207 [17]

52: جواز مکاتبة أهل الذمة مع الحاجة 207 [18]

53: استحباب الإغضاء عن الإخوان والتسامح معهم 207 [19]

54: استحباب تسمیة العاطس.. 208 [20]

55: کیفیة التسمیت والرد 209 [21]

56: تسمیت الصبی المرأة 210 [22]

57: العطاس والتثاؤب. 210 [23]

58: استحباب تکرار التسمیت ثلاثاً عند توالی العطاس.. 211 [24]

59: استحباب التحمید لمن عطس أو سمع ذلک. 211 [25]

60: استحباب الصلاة علی النبی وآله لمن عطس أو سمع ذلک. 212 [26]

61: عدم کراهة الصلاة علی النبی وآله عند العطاس.. 213 [27]

62: جواز تسمیت الذمی والدعاء له بالهدایة والرحمة 213 [28]

63: استحباب توقیر الشیوخ. 213 [29]

64: استحباب إکرام الکریم والشریف.. 215 [30]

ص:334

65: کراهة رد التکریم 216 [1]

66: استحباب إکرام الزائر. 217 [2]

67: المجالس بالأمانات. 217 [3]

68: کراهة التناجی فی المجالس.. 218 [4]

69: کراهة مقاطعة المسلم فی حدیثه 218 [5]

70: ما یستحب من کیفیات الجلوس وما یکره منها 218 [6]

71: استحباب التواضع فی الجلوس فی المجالس.. 219 [7]

72: استحباب استقبال القبلة فی المجالس.. 220 [8]

73: کراهة استقبال الشمس.. 221 [9]

74: استحباب الجلوس فی بیت الغیر حیث یأمر. 221 [10]

75: جواز الاحتباء ولو فی ثوب واحد یستر العورة 221 [11]

76: استحباب المزاح والضحک بلا إکثار ولا فحش.. 222 [12]

77: کراهة القهقهة واستحباب التبسم 223 [13]

78: کراهة الضحک بلا سبب. 223 [14]

79: کراهة کثرة المزاح والضحک. 224 [15]

80: استحباب التبسم فی جه المؤمن. 226 [16]

81: استحباب الصبر علی أذی الجار وغیره 227 [17]

82: کف الأذی عن الجار. 229 [18]

83: استحباب حسن الجوار. 230 [19]

84: استحباب إطعام الجیران. 231 [20]

85: کراهة مجاورة جار السوء 232 [21]

86: حد الجوار أربعون داراً من کل جانب. 232 [22]

87: استحباب الرفق بالصاحب فی السفر، والإقامة لأجله ثلاثاً إذا مرض... 233 [23]

88: استحباب إسماع الأصم من غیر تضجر. 233 [24]

89: استحباب المشی مع الصاحب هنیئة عند المفارقة 234 [25]

90: استحباب التراسل فی السفر. 234 [26]

91: استحباب الابتداء فی الکتاب بالبسملة وتجوید کتابتها 234 [27]

92: استحباب الابتداء فی الکتابة باسم المرسل إلیه 235 [28]

93: استحباب استثناء مشیئة الله فی الکتاب. 235 [29]

94: الأمر باحترام ما کتب فیه القرآن أو اسم الله. 236 [30]

ص:335

95: استحباب أن یقسم نظراته بین أصحابه بالسویة ... 237 [1]

96: استحباب سؤال الصاحب والجلیس عن اسمه وخصوصیاته 238 [2]

97: کراهة المبالغة فی الثقة وذهاب الحشمة بین الإخوان. 239 [3]

98: من ینتخب للصداقة 240 [4]

99: استحباب حسن الخلق مع الناس.. 240 [5]

100: استحباب الألفة بالناس.. 245 [6]

101: استحباب کون الإنسان هیناً لیناً 245 [7]

102: استحباب البشر وطلاقة الوجه 246 [8]

103: الصدق فی الحدیث. 247 [9]

104: الصدق فی الوعد 249 [10]

105: استحباب الحیاء 250 [11]

106: لا حیاء فی الدین. 251 [12]

107: استحباب العفو 252 [13]

108: استحباب صلة القاطع، والإحسان إلی المسیء وإعطاء المانع. 253 [14]

109: استحباب کظم الغیظ. 255 [15]

110: کظم الغیظ عن أعداء الدین فی دولتهم 258 [16]

111: استحباب الصبر علی الحساد 258 [17]

112: استحباب الصمت إلاّ عن الخیر. 259 [18]

113: استحباب التکلم فی الخیر وعدم السکوت. 262 [19]

114: حفظ اللسان. 263 [20]

115: کراهة کثرة الکلم بغیر الخیر. 267 [21]

116: استحباب مداراة الناس.. 269 [22]

117: حقوق المؤمن. 272 [23]

118: جملة من حقوق العالِم 279 [24]

119: استحباب التراحم والتعاطف.. 280 [25]

120: استحباب قبول الاعتذار. 281 [26]

121: استحباب التسلیم والمصافحة 282 [27]

122: استحباب المصافحة حتی مع قرب العهد باللقاء وکیفیة المصافحة 285 [28]

123: آداب استقبال القادم وتودیعه 287 [29]

124: تعظیم الأشراف والأمراء 287 [30]

ص:336

125: النهی عن حجب الناس.. 288 [1]

136: استحباب المعانقة والمساءلة 289 [2]

127: استحباب اکتساب الإخوان فی الله. 290 [3]

128: استحباب تقبیل المؤمن. 291 [4]

129: کراهة التکفیر للناس.. 292 [5]

130: کراهة المراء والخصومة 292 [6]

131: استحباب تجنب موجبات التباغض... 293 [7]

132: النهی عن المکر والحسد والغش والخیانة 295 [8]

133: تحریم الکذب. 296 [9]

134: حرمة الکذب علی الله ورسوله والأئمة (علیهم السلام) 297 [10]

135: النهی عن الکذب فی الصغیر والکبیر والجد والهزل. 299 [11]

136: جواز الکذب فی الإصلاح دون الصدق فی الفساد 300 [12]

137: النهی عن کون الإنسان ذا وجیهن ولسانین. 302 [13]

138: النهی عن الهجر، والأمر بالمسابقة إلی الصلة 303 [14]

139: النهی عن إیذاء المؤمن. 305 [15]

140: النهی عن إهانة المؤمن. 306 [16]

141: النهی عن إذلال المؤمن. 307 [17]

142: النهی عن الاستخلاف بالمؤمن. 309 [18]

143: النهی عن قطع الأرحام 309 [19]

144: النهی عن إحصاء عثرات المؤمن لتعییره بها 310 [20]

145: النهی عن تعییر المؤمن وتأنیبه 311 [21]

146: النهی عن اغتیاب المؤمن. 311 [22]

147: النهی عن البهتان. 316 [23]

148: المواضع التی تجوز فیها الغیبة 316 [24]

149: الأمر برد غیبة المؤمن. 318 [25]

150: النهی عن إذاعة سر المؤمن وأن ینقل عنه ما یعیبه 319 [26]

151: النهی عن سب المؤمن. 320 [27]

152: النهی عن الطعن علی المؤمن. 321 [28]

153: النهی عن لعن غیر المستحق. 322 [29]

154: النهی عن اتهام المؤمن وسوء الظن به 322 [30]

ص:337

155: النهی عن إخافة المؤمن. 323 [282]

156: النهی عن المعونة علی قتل المؤمن وأذاه 324 [283]

157: النهی عن الغیبة والمحاکاة 324 [284]

158: استحباب النظر إلی صلحاء ذریة الرسول (ص) 327 [285]

159: استحباب النظر إلی الوالدین، وإلی المصحف، وإلی وجه العالم 327 [286]

المحتویات. 328 [287]

ص:338

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.