سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير المجلد 31

اشارة

سرشناسه : حسینی میلانی، سیدعلی، 1326 -

عنوان و نام پديدآور : آیة التطهیر/ تالیف علی الحسینی المیلانی .

مشخصات نشر : قم : الحقایق ، 1431 = 1389.

مشخصات ظاهری : 64 ص.

فروست : اعرف الحق تعرف اهله ؛ 31.

شابک : 978-600-5348-27-9:

وضعیت فهرست نویسی : فاپا/ برون سپاری.

يادداشت : عربی

يادداشت : چاپ قبلی :مرکز الابحاث العقائدیه، 1421ق. = 1379 است.

یادداشت : کتابنامه به صورت زیرنویس.

موضوع : خاندان نبوت -- احادیث

موضوع : خاندان نبوت در قرآن

موضوع : تفاسیر (سوره احزاب. آیه تطهیر)

موضوع : احادیث خاص (کساء)

شناسه افزوده : مرکز الحقائق الاسلامیه

رده بندی کنگره : BP102/654 /ح 5آ9 1389

رده بندی دیویی : 297/18

شماره کتابشناسی ملی : 1947113

كلمة المركز … ص: 6

نظراً للحاجة الماسّة والضرورة الملحّ لنشر العقائد الحقّة والتعريف بالفكر الشيعي، بالبراهين العقليّة المتقنة والأدلّة النقلية من الكتاب والسنّة، من أجل ترسيخها في أذهان المؤمنين، ودفع الشبهات المثارة حولها من قبل المخالفين، فقد بادر (مركز الحقائق الاسلامية) بإخراج سلسلة علمية- عقائدية، متنوّعة، تميّزت بجامعيتها بين العمق في النظر والقوّة في الاستدلال والوضوح في البيان، تحت عنوان (إعرف الحق تعرف أهله)، وهي من بحوث سماحة الفقيه المحقق آية اللَّه الحاج السيد علي الحسيني الميلاني (دام ظلّه)، آملين أن نكون قد قمنا ببعض الواجب الملقي علي عواتقنا في هذه الأيام التي كثرت فيها الشبهات وازدادت الانحرافات، سائلين اللَّه عز و جل أن يسدّد خطانا علي نهج الكتاب والعترة الطاهرة كما أوصي الرسول الأكرم صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم، والحمد للَّه رب العالمين.

مركز الحقائق الاسلامية

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 7

الحمدُ للَّه ربّ العالمين، والصلاة والسلام علي سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين، ولعنة اللَّه علي أعدائهم أجمعين.

موضوع البحث آية التطهير قوله تعالي:

« … انَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ

الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» «1».

هذه الآية في القرآن الكريم ضمن آيات تتعلّق بزوجات الرسول صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم، أقرأ الآيات:

«يَا نِسَاءَ النَّبِيّ لَسْتُنَّ كَأَحَد مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفاً وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْاولَي وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ

__________________________________________________

(1) سورة الأحزاب (33): 33

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 8

وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيْراً وَاذْكُرْنَ ما يُتْلَي فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً» «1»

صدق اللَّه العليّ العظيم.

هذه الآية المباركة أيضاً من جملة ما يستدلّ به من القرآن الكريم علي إمامة أمير المؤمنين سلام اللَّه عليه.

وكلّ آية يستدلّ بها علي إمامة أمير المؤمنين أو غير أمير المؤمنين، لابدّ وأن يرجع في دلالتها وفي شأن نزولها إلي السنّة المفسّرة لتلك الآية، والسنّة المفسّرة للآية أيضاً يجب أن تكون مقبولة عند الطرفين المتنازعين المتخاصمين في مثل هذه المسألة المهمّة.

ويتم الاستدلال بالبحث عمّا يتعلَّق بالموضوع في فصول، واللَّه الموفق.

علي الحسيني الميلاني

__________________________________________________

(1) سورة الأحزاب (33): 32- 34

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 9

الفصل الأوّل في تعيين النبيّ صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم اولًا وفعلًا المراد من «أهل البيت» … ص: 9

اشارة

وفي هذا الفصل نذكر أوّلًا أسماء جماعة من الصحابة ممّن روي «حديث الكساء»، الصريح في اختصاص الآية المباركة بالرسول الأكرم وأهل بيته الطاهرين عليهم الصلاة والسلام، ثمّ أشهر من رواه من الأئمّة والحفّاظ، حسب التسلسل الزمني، ثمّ نذكر عدّة من ألفاظ الحديث في الكتب المعتبرة، ثمّ مَن نصّ علي صحّة الحديث من علماء القوم، ونختمه بذكر فائدتين في دلالته.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 10

من الصحابة الرواة ل «حديث الكساء» … ص: 10

فقد أخرجه جماعة من كبار الأئمّة والحفّاظ عن عشراتٍ من الصحابة، ونحن نذكر عدّةً منهم فقط:

1- عائشة بنت أبي بكر.

2- أُمّ سلمة زوجة رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم.

3- عبداللَّه بن العبّاس.

4- سعد بن أبي وقّاص.

5- أبو الدرداء.

6- أنس بن مالك.

7- أبو سعيد الخدري.

8- واثلة بن الأسقع.

9- جابر بن عبداللَّه الأنصاري.

10- زيد بن أرقم.

11- عمر بن أبي سلمة.

12- ثوبان مولي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 11

من الأئمّة الرواة ل «حديث الكساء» … ص: 11

ونكتفي بذِكر أشهر المشاهير منهم:

1- أحمد بن حنبل، المتوفّي سنة 241.

2- عبد بن حميد الكشّي، المتوفّي سنة 249.

3- مسلم بن الحجّاج، صاحب الصحيح، المتوفّي سنة 261.

4- أبو حاتم محمّد بن إدريس الرازي، المتوفّي سنة 277.

5- محمّد بن عيسي الترمذي، المتوفّي سنة 279.

6- أحمد بن عبدالخالق البزّار، المتوفّي سنة 292.

7- أحمد بن شعيب النسائي، المتوفّي سنة 303.

8- أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري، المتوفّي سنة 310.

9- أبو عبداللَّه محمّد بن علي بن الحسن بن بشر الحكيم الترمذي، المتوفّي بعد سنة 318.

10- ابن أبي حاتم، عبدالرحمن بن محمّد بن إدريس الرازي، المتوفّي سنة 327.

11- سليمان بن أحمد الطبراني، المتوفّي سنة 360.

12- أبو عبداللَّه محمّد بن عبداللَّه بن محمّد الحاكم النيسابوري، المتوفّي سنة 405.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 12

13- أبو نعيم أحمد بن عبداللَّه الأصفهاني، المتوفّي سنة 430.

14- أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي، المتوفّي سنة 458.

15- أبو بكر أحمد بن علي، المعروف بالخطيب البغدادي، المتوفّي سنة 463.

16- أبو السعادات المبارك بن محمّد، المعروف ب «ابن الأثير الجزري»، المتوفّي سنة 606.

17- شمس الدين محمّد بن أحمد الذهبي، المتوفّي سنة 748.

18- جلال الدين عبدالرحمن بن أبي بكر السيوطي، المتوفّي سنة 911.

سلسلة اعرف

الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 13

من ألفاظ الحديث في الصحاح والمسانيد وغيرها … ص: 13

وهذه نبذة من ألفاظ الحديث بأسانيدها «1»:

ففي المسند: «حدّثنا عبداللَّه، حدّثني أبي، ثنا عبد بن نمير، قال: ثنا عبدالملك- يعني ابن أبي سليمان- عن عطاء بن أبي رباح، قال: حدّثني من سمع أُمّ سلمة تذكر أنّ النبيّ صلّي اللَّه عليه وسلّم كان في بيتها، فأتته فاطمة ببُرْمَة «2» فيها خَزيرَة «3»، فدخلت بها عليه، فقال لها: ادعي زوجَكِ وابنيك.

قالت: فجاء عليٌّ والحسين والحسن فدخلوا عليه فجلسوا

__________________________________________________

(1) نعم، هذه نبذة من الروايات فقط؛ إذ لم نورد كلّ ما في «المسند» أو «المستدرك» أو غيرهما، بل لم نورد شيئاً من «تفسير الطبري» وقد أخرجه من أربعة عشر طريقاً، ولا من كثير من المصادر المعتبرة في التفسير والحديث وتراجم الصحابة وغيرها

(2) البُرمة: قِدْر من حجر، وقيل: القدر مطلقاً، وهي في الأصل المتّخذة من الحَجَرالمعروف في الحجاز واليمن.

انظر: العين 8/ 272، معجم مقاييس اللغة 1/ 232، النهاية 1/ 121؛ مادّة «برم»

(3) الخَزيرَة: مرقة تُطبخ بماء يُصفّي من بلالة النخالة. وقيل: لحم يُقطّع صغاراً ويُصبّ عليه ماء كثير، فإذا نضج ذُرّ عليه الدقيق.

انظر: العين 4/ 207، الصحاح 2/ 644، النهاية 2/ 28؛ مادّة «خزر»

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 14

يأكلون من تلك الخزيرة وهو علي منامة «1» له علي دكّان «2»، تحته كساء خيبري.

قالت: وأنا أُصلّي في الحجرة، فأنزل اللَّه عزّ وجلّ هذه الآية: «إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهيرًا».

قالت: فأخذ فضل الكساء فغشّاهم به، ثمّ أخرج يده فألوي بها إلي السماء ثمّ قال: اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي وخاصّتي، فأذهِب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.

قالت: فأدخلت رأسي البيت فقلت: وأنا معكم يا رسول اللَّه؟

قال: إنّكِ إلي خير، إنّكِ إلي خير.

قال

عبدالملك: وحدّثني أبو ليلي عن أُمّ سلمة مثل حديث عطاء سواء.

قال عبدالملك: وحدّثني داود بن أبي عوف الجحّاف، عن «3» حوشب، عن أُمّ سلمة بمثله سواء» «4».

__________________________________________________

(1)

المنامة: ثوب ينام فيه، وهو القطيفة.

انظر: الصحاح 5/ 2047، معجم مقاييس اللغة 5/ 372؛ مادّة «نوم»

(2) الدُكّان: الدَكّة المبنية للجلوس عليها.

انظر: النهاية في غريب الحديث 2/ 128، لسان العرب 13/ 157؛ مادّة «دكن»

(3) كذا في «المسند» المطبوع

(4) مسند أحمد 6/ 292.

وانظر: تفسير الطبري 22/ 9- 13 ح 21727- 21739، المعجم الكبير 3/ 47 ح 2666، سنن الترمذي 5/ 360- 361 ح 3963 باب ما جاء في فضل فاطمة عليها السلام، أسباب النزول- للواحدي-: 239، تفسير ابن كثير 3/ 492، الدرّ المنثور 5/ 198؛ قال السيوطي: «وأخرج ابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه؛ عن أُمّ سلمة»، سير أعلام النبلاء 3/ 254 ترجمة الإمام الحسن عليه السلام و 10/ 346 في آخر ترجمة أبي الوليد الطيالسي رقم 48

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 15

وفي المسند: «حدّثنا عبداللَّه، حدّثني أبي، ثنا عفّان، ثنا حمّاد بن سلمة، قال: ثنا عليّ بن زيد، عن شهر بن حوشب، عن أُمّ سلمة: أنّ رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم قال لفاطمة: ائتيني بزوجِكِ وابنيك، فجاءت بهم، فألقي عليهم كساءً فدكيّاً.

قالت: ثمّ وضع يده عليهم ثمّ قال: اللّهمّ إنّ هؤلاء آل محمّد، فاجعل صلواتك وبركاتك علي محمّد وعلي آل محمّد، إنّك حميد مجيد.

قالت أُمّ سلمة: فرفعت الكساء لأدخل معهم، فجذبه من يدي وقال: إنّكِ علي خير» «1».

وفي المسند: «حدّثنا عبداللَّه، حدّثني أبي، ثنا يحيي بن حمّاد، ثنا أبو عوانة، ثنا أبو بلج، ثنا عمرو بن ميمون، قال: إنّي لجالس إلي ابن

عبّاس إذ أتاه تسعة رهط فقالوا: يا ابن عبّاس! إمّا أن تقوم معنا وإمّا أن

__________________________________________________

(1) مسند أحمد 6/ 323

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 16

يخلونا هؤلاء.

قال: فقال ابن عبّاس: بل أقوم معكم.

قال: وهو يومئذ صحيح قبل أن يعمي.

قال: فانتدوا «1» فتحدّثوا، فلا ندري ما قالوا.

قال: فجاء ينفض ثوبه ويقول: أُفّ وتفّ، وقعوا في رجلٍ له عشر [خصال ، وقعوا في رجل قال له النبيّ صلّي اللَّه عليه وسلّم … (فذكر مناقب لعليّ عليه السلام، منها:) وأخذ رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم ثوبه فوضعه علي عليٍّ وفاطمة وحسن وحسين فقال: «إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهيرًا» «2».

وفي صحيح مسلم: «حدّثنا أبو بكر ابن أبي شيبة ومحمّد بن عبداللَّه بن نمير، واللفظ لأبي بكر؛ قالا: حدّثنا محمّد بن بشر، عن زكريّا، عن مصعب بن شيبة، عن صفيّة بنت شيبة، قالت: قالت عائشة:

__________________________________________________

(1) النِدي يدلّ علي التجمّع، النادي والندي المجلس يندو القوم حواليه. معجم مقاييس اللغة 5/ 411 مادّة «ندي

(2) مسند أحمد 1/ 330. وانظر: المستدرك علي الصحيحين 3/ 132؛ وفيه: «له بضع عشرة فضائل، ليست لأحد غيره»، تاريخ مدينة دمشق 42/ 101، مجمع الزوائد 9/ 119 باب مناقب أمير المؤمنين عليّ عليه السلام

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 17

خرج النبيّ صلّي اللَّه عليه وسلّم غداةً وعليه مِرْط «1» مُرَحّل «2» من شَعر أسود، فجاء الحسن بن عليّ فأدخله، ثمّ جاء الحسين فدخل معه، ثمّ جاءت فاطمة فأدخلها، ثمّ جاء عليٌّ فأدخله، ثمّ قال: «إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهيرًا» «3».

__________________________________________________

(1)

المِرْط: رداء (كساء) من صوف أو خزّ أو كتّان، وجمعه: مروط؛ وهي: أكسية كان يؤتزر

بها، وربّما تكون من الشعر أيضاً.

انظر: غريب الحديث- لابن قتيبة- 2/ 160، مادّة «مرط» في: العين 7/ 427، والصحاح 3/ 1159

(2) ويروي مرجّل أيضاً؛ وهو: ضرب من بُرود (ثياب) اليمن، سمّي مرحّل؛ لأنّ عليه تصاوير رَحْل وما يشبهه، وهو المنقوش عليه صورة رحال الإبل، ومرجّل: عليه صور المراجل؛ وهي القدور. وثوب ممرجل: علي صنعة المراجل من البرود.

وثياب مراجل: بالجيم والحاء؛ فالجيم معناه: إنّ عليها نقوشاً تمثال الرجال، والحاء معناه: إنّ عليها صور الرِحال؛ وهي: الإبل بأكوارها، ومنه: ثوب مرحّل.

والمُرَجَّل أيضاً: المُمشّط بالمشط؛ رَجّل: من الترجّل والترجيل؛ وهو: تسريح الشعر وتنظيفه وتحسينه بالمشط. و: رجُلٌ رَجِلٌ بيّنُ الرَجَل؛ أي: شَعره رَجِلٌ. والمِرْجَل: المشط، والقدر من النحاس.

انظر: غريب الحديث- لابن قتيبة- 2/ 160، العين 3/ 208 «رحل» و 6/ 103 «رجل» و 208 «مرجل»، النهاية 2/ 203 «رجل» و 209 «رحل» و 4/ 315 «مرجل»، لسان العرب 11/ 270 «رجل» و 622 «مرجل»، مجمع البحرين 2/ 158 «رحل»

(3) صحيح مسلم 7/ 130، كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل أهل بيت النبيّ صلّي اللَّه عليه وسلّم، (كتاب 44، باب 9، ح 61/ 2424)

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 18

وفي جامع الأُصول: «6702 ت، أُمّ سلمة- رضي اللَّه عنها- قالت:

إنّ هذه الآية نزلت في بيتي: «إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهيرًا». قالت: وأنا جالسة عند الباب فقلت: يا رسول اللَّه! ألست من أهل البيت؟

فقال: إنّكِ إلي خير، أنتِ من أزواج رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم.

قالت: وفي البيت: رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم وعليُّ وفاطمة وحسن وحسين، فجلّلهم بكسائه وقال: اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي فأذهِب عنهم الرجس وطهِّرهم تطهيراً.

وفي رواية: إنّ النبيّ صلّي اللَّه

عليه وسلّم جلّل علي الحسن والحسين وعليّ وفاطمة، ثمّ قال: اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي وحامّتي، أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.

قالت أُمّ سلمة: وأنا معهم يا رسول اللَّه؟

قال: إنّكِ إلي خير.

أخرج الترمذي الرواية الآخرة، والأُولي ذكرها رزين.

6703 ت، عمر بن أبي سلمة- رضي اللَّه عنه- قال: نزلت هذه الآية علي النبيّ صلّي اللَّه عليه وسلّم: «إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهيرًا» في بيت أُمّ سلمة، فدعا النبيّ صلّي اللَّه

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 19

عليه وسلّم فاطمة وحسناً وحسيناً، فجلّلهم بكساءٍ وعليّ خلف ظهره، ثمّ قال: اللّهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.

قالت أُمّ سلمة: وأنا معهم يا نبيّ اللَّه؟

قال: أنتِ علي مكانِكِ، وأنتِ علي خير.

أخرجه الترمذي.

6704 ت، أنس بن مالك- رضي اللَّه عنه- إنّ رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم كان يمرّ بباب فاطمة إذا خرج إلي الصلاة حين نزلت هذه الآية، قريباً من ستّة أشهر، يقول: الصلاةَ أهل البيت، «إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهيرًا».

أخرجه الترمذي.

6705 م، عائشة- رضي اللَّه عنها- قالت: خرج النبيّ صلّي اللَّه عليه وسلّم وعليه مِرْط مرحّل أسود، فجاءه الحسن فأدخله، ثمّ جاءه الحسين فأدخله، ثمّ جاءت فاطمة فأدخلها، ثمّ جاء عليٌّ فأدخله، ثمّ قال: «إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ».. الآية.

أخرجه مسلم» «1».

وفي الخصائص: «أخبرنا محمّد بن المثنّي قال: أخبرنا أبو بكر

__________________________________________________

(1) جامع الأُصول 9/ 155- 156

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 20

الحنفي، قال: حدّثنا بكير بن مسمار، قال: سمعت عامر بن سعد يقول:

قال معاوية لسعد بن أبي وقّاص: ما يمنعك أنّ تسبَّ ابن أبي طالب؟!

قال: لا أسبّه ما ذكرتُ ثلاثاً قالهنّ رسول اللَّه صلّي اللَّه

عليه وسلّم، لإن يكون لي واحدة منهنّ أحبّ إليّ من حُمر النعم:

لا أسبّه ما ذكرت حين نزل الوحي عليه، فأخذ عليّاً وابنيه وفاطمة فأدخلهم تحت ثوبه ثمّ قال: ربّ هؤلاء أهل بيتي وأهلي.

ولا أسبّه ما ذكرت حين خلّفه في غزوةٍ غزاها …

ولا أسبّه ما ذكرت يوم خيبر … » «1».

وفي الخصائص: «أخبرنا قتيبة بن سعيد البلخي وهشام بن عمّار الدمشقي، قالا: حدّثنا حاتم، عن بكير بن مسمار، عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص، قال: أمر معاوية سعداً فقال: ما يمنعك أن تسبَّ أبا تراب؟!

فقال: إذا ذكرت ثلاثاً قالهنّ رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم فلن أسبّه، لإن يكون لي واحدة منها أحبّ إليّ من حُمر النعم:

سمعت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم يقول له، وخلّفه في بعض مغازيه …

وسمعته يقول يوم خيبر: …

__________________________________________________

(1) خصائص عليّ: 56 ح 51

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 21

ولمّا نزلت: «إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهيرًا» دعا رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال: اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي» «1».

أقول:

أخرجه ابن حجر العسقلاني باللفظ الأوّل في فتح الباري بشرح حديث: «أما ترضي أن تكون منّي بمنزلة هارون … »، ثمّ قال:

«ووقع في رواية عامر بن سعد بن أبي وقّاص عند مسلم والترمذي، قال: قال معاوية لسعد: ما منعك أن تسبّ أبا تراب؟!

قال: أمّا ما ذكرتُ ثلاثاً قالهنّ له رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم فلن أسبّه، فذكر هذا الحديث.

وقوله: لأُعطينّ الراية رجلًا يحبّه اللَّه ورسوله.

وقوله لمّا نزلت: «فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ» «2»

دعا عليّاً وفاطمة والحسن والحسين، فقال: اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي» «3».

وهذا تحريفٌ للحديث! أو يحمل علي التكرّر والتعدّد.

وفي الخصائص:

أخرج حديث عمرو بن ميمون عن ابن عبّاس،

__________________________________________________

(1) خصائص عليّ: 23- 24 ح 9

(2) سورة آل عمران (3): 61

(3) فتح الباري- شرح صحيح البخاري 7/ 93

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 22

المتقدّم عن المسند «1».

وفي المستدرك: «حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، ثنا العبّاس بن محمّد الدوري، ثنا عثمان بن عمر، ثنا عبدالرحمن بن عبداللَّه بن دينار، ثنا شريك بن أبي نمر، عن عطاء بن يسار، عن أُمّ سلمّة- رضي اللَّه عنها- أنّها قالت: في بيتي نزلت هذه الآية: «إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ»، قالت: فأرسل رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم إلي عليّ وفاطمة والحسن والحسين- رضوان اللَّه عليهم أجمعين- فقال: اللّهم هؤلاء أهل بيتي.

قالت أُمّ سلمة: يا رسول اللَّه! ما أنا من أهل البيت؟

قال: إنّكِ أهلي خير «2»، وهؤلاء أهل بيتي، اللّهمّ أهلي أحقّ.

هذا حديث صحيح علي شرط البخاري ولم يخرجاه.

حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، أنبأ العبّاس بن الوليد بن مزيد: أخبرني أبي، قال: سمعت الأوزاعي يقول: حدّثني أبو عمّار، قال:

حدّثني واثلة بن الأسقع- رضي اللَّه عنه- قال: جئت أُريد عليّاً- رضي

__________________________________________________

(1) خصائص عليّ: 34 ح 23

(2) كذا في «المستدرك» المطبوع؛ والظاهر أنّه تصحيف: «لعلي خير»؛ كما في بعض الروايات. انظر- مثلًا- شواهد التنزيل 2/ 38 ح 685 و 61 ح 683، تاريخ بغداد 10/ 277 رقم 5396 ترجمة عبدالرحمن بن علي بن خشرم المروزي

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 23

اللَّه عنه- فلم أجده. فقالت فاطمة- رضي اللَّه عنها-: انطلقَ إلي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم يدعوه، فاجلس.

فجاء مع رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم فدخل ودخلت معهما. قال: فدعا رسول اللَّه صلّي

اللَّه عليه وآله وسلّم حسناً وحسيناً فأجلس كلّ واحدٍ منهما علي فخذه، وأدني فاطمة من حجره وزوجها، ثمّ لفّ عليهم ثوبه وأنا شاهد، فقال: «إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهيرًا»، اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي.

هذا حديث صحيح علي شرط مسلم ولم يخرجاه» «1».

وفي تلخيص المستدرك وافق الذهبي الحاكم علي التصحيح «2».

وفي السير رواه الذهبي بإسنادٍ له عن شهر بن حوشب، عن أُمّ سلمة؛ وفيه: «قالت: فأدخلت رأسي فقلت: يا رسول اللَّه! وأنا معكم؟

قال: أنتِ إلي خير- مرّتين-».

ثمّ قال: «رواه الترمذي مختصراً وصحّحه من طريق الثوري، عن زبيد، عن شهر بن حوشب» «3».

وفي الصواعق المحرقة: «الآية الأُولي: قال اللَّه تعالي: «إِنَّما يُريدُ

__________________________________________________

(1) المستدرك علي الصحيحين 2/ 451 ح 3558 كتاب التفسير

(2) تلخيص المستدرك 2/ 451

(3) سير أعلام النبلاء 10/ 346 في آخر ترجمة أبي الوليد الطيالسي رقم 48

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 24

اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهيرًا»: أكثر المفسّرين علي أنّها نزلت في عليٍّ وفاطمة والحسن والحسين. لتذكير ضمير (عنكم) وما بعده» «1».

ممّن نصّ علي صحّة الحديث … ص: 24

هذا، وقد قال جماعة من الأئمّة بصحّة الحديث الدالّ علي اختصاص الآية الكريمة بأهل البيت عليهم السلام؛ إذ أخرجوه في الصحيح، أو نصّوا علي صحّته، ومن هؤلاء:

1- أحمد بن حنبل؛ بناءً علي التزامه بالصحّة في المسند.

2- مسلم بن الحجاج؛ إذ أخرجه في صحيحه.

3- ابن حبّان؛ إذ أخرجه في صحيحه.

4- الحاكم النيسابوري؛ إذ صحّحه في المستدرك.

5- الذهبي؛ إذ صحّحه في تلخيص المستدرك تبعاً للحاكم.

6- ابن تيميّة؛ إذ قال: «فصل- وأمّا حديث الكساء فهو صحيح؛ رواه أحمد والترمذي من حديث أُمّ سلمة، ورواه مسلم في صحيحه من حديث عائشة … » «2».

__________________________________________________

(1) الصواعق المحرقة: 85

(2) منهاج السُنّة

5/ 13

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 25

ما دلّت عليه الأحاديث … ص: 25

وهذه الأحاديث الواردة في الصحاح والمسانيد ومعاجم الحديث، بأسانيد صحيحة متكاثرة جدّاً، أفادت نقطتين:

الأُولي

إنّ المراد ب «أهل البيت» في الآية المباركة هم: النبيّ وعليٌّ وفاطمة والحسن والحسين صلوات اللَّه وسلامه عليهم أجمعين، لا يشركهم أحد، لا من الأزواج ولا من غيرهنّ مطلقاً.

أمّا الأزواج، فلأنّ الأحاديث نصّت علي أنّ النبيّ صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم لم يأذن بدخول واحدةٍ منهنّ تحت الكساء.

وأمّا غيرهنّ، فلأنّ النبيّ إنّما أمر فاطمة بأنْ تجي ء بزوجها وولديها فحسب، فلو أراد أحداً غيرهم- حتّي من الأُسرة النبويّة- لأمر بإحضاره.

الثانية:

إنّ الآية المباركة نزلت في واقعةٍ معيَّنة وقضيّةٍ خاصّة، ولا علاقة لها بما قبلها وما بعدها. ولا ينافيه وضعها بين الآيات المتعلّقة بنساء النبيّ؛ إذ ما أكثر الآيات المدنيّة بين الآيات المكّية وبالعكس..

ويشهد بذلك:

1- مجي ء الضمير: «عنكم» و «يطهّركم» دون: عنكنّ ويطهّركنّ.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 26

2- اتّصال الآيات التي بعد آية التطهير بالتي قبلها، بحيث لو رفعت آية التطهير لم يختلّ الكلام أصلًا.. فليست هي عجزاً لآية ولا صدراً لأُخري.. كما لا يخفي.

ثمّ ما ألطف ما جاء في الحديث جواباً لقول أُمّ سلمة: «ألستُ من أهل البيت؟»، وهو قول النبيّ الكريم: «أنتِ من أزواج رسول اللَّه!!»؛ فإنّه يعطي التفصيل مفهوماً ومصداقاً بين العنوانين: عنوان «أهل البيت» وعنوان «الأزواج» أو «نساء النبيّ»..

فتكون الآيات المبدوءة- في سورة الأحزاب- ب: «يا نِساءَ النَّبِيِّ» «1»

خاصّة ب «الأزواج»، ويكون وسط الآية: «إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ» خاصّاً ب «العترة الطاهرة».

وحديث مروره صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم بباب فاطمة عليها السلام وقوله: «الصلاة أهل البيت، «إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ

تَطْهيرًا»..

رواه كثيرون كذلك، لا نطيل بذكر رواياتهم.

__________________________________________________

(1)

سورة الأحزاب (33): 30 و 31

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 27

الفصل الثاني في سقوط القولَين الآخَرَين … ص: 27

اشارة

وبهذه الأحاديث الصحيحة المتّفق عليها بين المسلمين يسقط القولان الآخَران في المراد من أهل البيت عليهم السلام في الآية الكريمة؛ لأنه قد ثبت أنّ النبيّ صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم فسّر بنفسه- قولًا وفعلًا- الآية المباركة، وعيّن مَن نزلت فيه..

فلا يُسمع- والحال هذه- ما يخالف تفسيره، كائناً من كان القائل، فكيف والقائل بالقول الأوّل، وهو أنّ المراد: زوجات النبيّ صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم، هو «عكرمة» و «مقاتل»؟!

والقائل بالقول الثالث، وهو أنّ المراد: أهل رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم وزوجاته، هو «الضحّاك»؟!

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 28

القول بأنّ المراد: زوجات النبيّ صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم: … ص: 28

وقد كان عكرمة أشدّ الناس مخالفةً لنزول الآية في العترة الطاهرة فقط.

فقد حكي عنه أنّه كان ينادي في الأسواق بنزولها في زوجات النبيّ فقط «1»، وأنّه كان يقول: «من شاء باهلته أنّها نزلت في نساء النبيّ خاصّة» «2».

وقد كان القول بنزولها في العترة هو الرأي الذي عليه المسلمون، كما يبدو من هذه الكلمات، بل جاء التصريح به في كلامه؛ إذ قال: «ليس بالذي تذهبون إليه، إنّما هو نساء النبيّ صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم» «3».

إلّا أنّ من غير الجائز الأخذ بقول عكرمة في هذا المقام وأمثاله!

ترجمة عكرمة: … ص: 28

فإنّ عكرمة البربري من أشهر الزنادقة الّذين وضعوا الأحاديث للطعن في الإسلام! وإليك طرفاً من ترجمته في الكتب المعتبرة

__________________________________________________

(1) تفسير الطبري 10/ 298 ح 28503، تفسير ابن كثير 3/ 465، أسباب النزول: 198

(2) الدر المنثور 6/ 603، تفسير ابن كثير 3/ 465

(3) الدرّ المنثور 6/ 603

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 29

المشهورة «1»:

1- طعنه في الدين:

لقد ذكروا أن هذا الرجل كان طاعناً في الإسلام، مستهزئاً بالدين، من أعلام الضلالة ودعاة السوء..

فقد نقلوا عنه أنّه قال: إنّما أنزل اللَّه متشابه القرآن ليضلّ به!

وقال في وقت الموسم: وددت أنّي اليوم بالموسم وبيدي حربة، فأعترض بها من شهد الموسم يميناً وشمالًا!

وأنّه وقف علي باب مسجد النبيّ وقال: ما فيه إلّاكافر!

وذكروا أنّه كان لا يصلّي، وأنّه كان في يده خاتم من الذهب، وأنّه كان يلعب بالنرد، وأنّه كان يستمع الغناء.

2- كان من دعاة الخوارج:

وأنّه إنّما أخذ أهل أفريقية رأي الصفرية- وهم من غلاة الخوارج- منه، وقد ذكروا أنّه نحل ذلك الرأي إلي ابن عبّاس!

وعن يحيي بن معين: إنّما لم يذكر مالك عكرمة؛ لأنّ عكرمة كان ينتحل رأي الصفرية.

__________________________________________________

(1) طبقات ابن سعد 5/

219، الضعفاء الكبير 3/ 373، تهذيب الكمال 13/ 163، وفيات الأعيان 3/ 265، ميزان الاعتدال 5/ 116، المغني في الضعفاء 2/ 84، سير أعلام النبلاء 5/ 12 رقم 9، تهذيب التهذيب 7/ 263- 273

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 30

وقال الذهبي: قد تكلّم الناس في عكرمة، لأنّه كان يري رأي الخوارج.

3- كان كذّاباً:

كذب علي سيّده ابن عبّاس حتّي أوثقه علي بن عبداللَّه بن عبّاس علي باب كنيف الدار. فقيل له: أتفعلون هذا بمولاكم؟!

قال: إنّ هذا يكذب علي أبي.

وعن سعيد بن المسيب، أنّه قال لمولاه: يا برد، إيّاك أن تكذب عَلَيّ كما يكذب عكرمة علي ابن عبّاس.

وعن ابن عمر، أنّه قال لمولاه: اتّقِ اللَّه، ويحك يا نافع، لا تكذب علَيّ كما كذب عكرمة علي ابن عبّاس.

وعن القاسم: إنّ عكرمة كذّاب.

وعن ابن سيرين ويحيي بن معين ومالك: كذّاب.

وعن ابن ذويب: كان غير ثقة.

وحرّم مالك الرواية عنه.

وأعرض عنه مسلم بن الحجّاج.

وقال محمّد بن سعد: ليس يُحتجّ بحديثه.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 31

4- ترك الناس جنازته:

ولهذه الأُمور وغيرها ترك الناس جنازته؛ قيل: فما حمله أحد، حتّي اكتروا له أربعة رجال من السودان.

ترجمة مقاتل: … ص: 31

ومقاتل بن سليمان البلخي حاله كحال عكرمة؛ فقد أدرجه كلٌّ من:

الدارقطني، والعقيلي، وابن الجوزي، والذهبي في (الضعفاء) …

وتكفينا كلمة الذهبي: «أجمعوا علي تركه» «1».

المراد: أهل الرسول صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم وزوجاته:

وأمّا القول الثالث والأخير، فقد عزاه ابن الجوزي إلي الضحّاك بن مزاحم فقط.

ترجمة الضحّاك: … ص: 31

وهذا الرجل أدرجه ابن الجوزي نفسه، كالعقيلي، في (الضعفاء) وتبعهما الذهبي فأدرجه في المغني في الضعفاء …

ونفوا أن يكون لقي ابن عبّاس، بل ذكر بعضهم أنّه لم يشافه أحداً من أصحاب رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم.

__________________________________________________

(1) سير أعلام النبلاء 7/ 201 رقم 79

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 32

وعن يحيي بن سعيد: كان الضحّاك عندنا ضعيفاً.

قالوا: وكانت أُمّه حاملًا به سنتين «1»!

هذا، ولكنْ في نسبة هذا القول إلي الضحّاك، وفي نسبة القول الأوّل إلي ابن السائب الكلبي، كلامٌ؛ فقد نُسب إليهما القول باختصاص الآية بالخمسة الأطهار في المصادر، وهو الصحيح، كما حقّقنا ذلك في الردّ علي السالوس.

__________________________________________________

(1) تهذيب الكمال 9/ 173، ميزان الاعتدال 3/ 446، المغني في الضعفاء 1/ 312

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 33

الفصل الثالث في دلالة الآية المباركة علي عصمة «أهل البيت» … ص: 33

وكما أشرنا من قبل، فإنّ أصحابنا يستدلّون بالآية المباركة- بعد تعيين المراد بأهل البيت فيها، بالأحاديث المتواترة بين الفريقين- علي عصمة أهل البيت عليهم السلام … وقد جاء ذكر وجه الاستدلال لذلك مشروحاً في كتبهم في العقائد والإمامة، وفي تفاسيرهم بذيل الآية المباركة، ويتلخّص في النقاط التالية:

1- «إنّما» تفيد الحصر؛ فاللَّه سبحانه لم يرد إذهاب الرجس إلّاعن هؤلاء.

2- «الإرادة» في الآية الكريمة تكوينيّة، من قبيل الإرادة في قوله تعالي: «إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ» «1»

، لا تشريعية،

__________________________________________________

(1) سورة يس (36): 82

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 34

من قبيل الإرادة في قوله تعالي: «يُريدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُريدُ بِكُمُ الْعُسْرَ» «1»

؛ لأنّ التشريعية تتنافي مع نصّ الآية بالحصر؛ إذ لا خصوصيّة لأهل البيت في تشريع الأحكام لهم.

وتتنافي مع الأحاديث؛ إذ النبيّ صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم طبّق الآية عليهم

دون غيرهم.

3- «الرجس» في الآية هو «الذنوب».

وتبقي شبهة:

إنّ الإرادة التكوينيّة تدلّ علي العصمة؛ لأنّ تخلّف المراد عن إرادته عزّ وجلّ محال، لكنّ هذا يعني الالتزام بالجَبْر، وهو ما لا تقول الإماميّة به.

الجواب:

وقد أجاب علماؤنا عن هذه الشبهة- بناءً علي نظرية: لا جبر ولا تفويض، بل أمرٌ بين الأمرين- بما حاصله:

إنّ مفاد الآية: أنّ اللَّه سبحانه لمّا علم أنّ إرادة أهل البيت تجري دائماً علي وفق ما شرّعه لهم من التشريعات، لِما هم عليه من

__________________________________________________

(1) سورة البقرة (2): 185

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 35

الحالات المعنوية العالية، صحّ له تعالي أن يُخبر عن ذاته المقدّسة أنّه لا يريد لهم بإرادته التكوينيّة إلّاإذهاب الرجس عنهم؛ لأنّه لا يُوجد من أفعالهم، ولا يُقدرهم إلّاعلي هكذا أفعالٍ يقومون بها بإرادتهم لغرض إذهاب الرجس عن أنفسهم..

أمّا سائر الناس الّذين لم يكونوا علي تلك الحالات، فلم تتعلّق إرادته بإذهاب الرجس عنهم.

ولهذا نظائر في القرآن الكريم، كقوله تعالي: «وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ». فقد جاء في التفسير: إنه كان في علم اللَّه أنهم يصبرون علي ما يصيبهم، فجعلهم أئمّةً «1».

ثمّ إنّه لولا دلالة الآية المباركة علي هذه المنزلة العظيمة لأهل البيت عليهم السلام، لَما حاول أعداؤهم- من الخوارج والنواصب- إنكارها، بل ونسبتها إلي غيرهم، مع أنّ أحداً لم يدّعِ ذلك لنفسه سوي الخمسة الأطهار.

__________________________________________________

(1) تفسير الشيخ علي بن إبراهيم القمي 2/ 170 والآية في سورة السّجدة (32): 24

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 37

الفصل الرابع في تناقضات علماء القوم تجاه معني الآية … ص: 37

اشارة

وجاء العلماء.. وهم يعلمون بمدلول الآية المباركة ومفاد الأحاديث الصحيحة الواردة بشأنها، إلّاأنّهم من جهة لا يريدون الاعتراف بذلك؛ لأنّه في الحقيقة نسفٌ لعقائدهم في الأُصول والفروع..

ومن جهةٍ أُخري ينسبون

أنفسهم إلي «السُنّة»، ويدّعون الأخذ بها والاتّباع لها.. فوقعوا في اضطرابٍ، وتناقضت كلماتهم فيما بينهم، بل تناقضت كلمات الواحد منهم..

فمنهم من وافق الإماميّة، بل- في الحقيقة- تبع السُنّة النبويّة الثابتة في المقام، وأخذ بها.

ومنهم من وافق عكرمة الخارجي ومقاتل المجمَع علي تركه.

ومنهم من أخذ بقول الضحّاك الضعيف، خلافاً لرسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم وكبار الصحابة.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 38

فهم علي طوائف ثلاث، ونحن نذكر من كلّ طائفة واحداً أو اثنين:

فمن الطائفة الأُولي … ص: 38

أبو جعفر الطحاوي «1»؛ قال: «باب بيان مشكل ما روي عن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم في المراد بقوله تعالي: «إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهيرًا» مَن هم؟

حدّثنا الربيع المرادي، حدّثنا أسد بن موسي، حدّثنا حاتم بن إسماعيل، حدّثنا بكير بن مسمار، عن عامر بن سعد، عن أبيه، قال: لمّا نزلت هذه الآية دعا رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً عليهم السلام، وقال: اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي.

فكان في هذا الحديث أنّ المراد بما في هذه الآية هم: رسول اللَّه

__________________________________________________

(1) أبو جعفر أحمد بن محمّد بن سلامة المصري الحنفي- المتوفّي سنة 321 ه- توجدترجمته مع الثناء البالغ في: طبقات أبي إسحاق الشيرازي: 133، والمنتظم 8/ 126، ووفيات الأعيان 1/ 71، وتذكرة الحفّاظ 3/ 808، والجواهر المضيّة في طبقات الحنفية 1/ 271، وغاية النهاية في طبقات القرّاء 1/ 116، وحسن المحاضرة وطبقات الحفّاظ: 337، وغيرها.

وقد عنونه الحافظ الذهبي بقوله: «الطحاوي الإمام العلّامة، الحافظ الكبير، محدِّث الديار المصرية وفقيهها»، قال: «ذكره أبو سعيد ابن يونس فقال: عداده في حجر الأزد، وكان ثقة ثبتاً فقيهاً عاقلًا، لم يخلّف مثله». قال الذهبي: «قلت:

من نظر في تواليف هذا الإمام علم محلّه من العلم وسعة معارفه … ». سير أعلام النبلاء 15/ 27- 32 رقم 15

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 39

صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم وعليٌّ وفاطمة وحسن وحسين.

حدّثنا فهد، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا جرير بن عبدالحميد، عن الأعمش، عن جعفر، عن عبدالرحمن البجلي، عن حكيم بن سعيد، عن أُمّ سلمة، قالت: نزلت هذه الآية في رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم وعليٍّ وفاطمة وحسن وحسين عليهم السلام: «إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهيرًا».

ففي هذا الحديث: الذي في الأوّل».

ثمّ إنّه أخرج الحديث بأسانيد عديدة عن أُمّ سلمة، وفيها الدلالة الصريحة علي اختصاص الآية بأهل البيت الطاهرين، وهي الأحاديث التي جاء فيها أنّ أُمّ سلمة سألت: «وأنا معهم؟»، فقال رسول اللَّه صلّي عليه وآله وسلّم: «أنتِ من أزواج النبيّ، وأنتِ علي خير- أو: إلي خير-».

وقالت: «فقلت: يا رسول اللَّه! أنا من أهل البيت؟ فقال: إنّ لك عند اللَّه خيراً. فوددت أنّه قال: نعم، فكان أحبّ إليّ ممّا تطلع عليها الشمس وتغرب».

وقالت: «فرفعت الكساء لأدخل معهم، فجذبه رسول اللَّه وقال:

إنّكِ علي خير».

قال الطحاوي: «فدلّ ما روينا في هذه الآثار- ممّا كان من رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم إلي أُمّ سلمة- ممّا ذكرنا فيها لم يرد به أنّها

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 40

كانت ممّن أُريد به ممّا في الآية المتلوّة في هذا الباب، وأنّ المراد بما فيها هم: رسول اللَّه صلّي عليه وآله وسلّم وعليٌّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام دون مَن سواهم..

وممّا يدلّ علي مراد رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم بقوله لأُمّ سلمة في هذه الآثار من

قوله لها: (أنتِ من أهلي):

ما قد حدّثنا محمّد بن الحجّاج الحضرمي وسليمان الكيساني، قالا: حدّثنا بشر بن بكر، عن الأوزاعي، أخبرني أبو عمّار، حدّثني واثلة … فقلت: يا رسول اللَّه! وأنا من أهلك؟ فقال: وأنتَ من أهلي.

قال واثلة: فإنّها من أرجي ما أرجو!

وواثلة أبعد منه عليه السلام من أُمّ سلمة منه؛ لأنّه إنّما هو رجل من بني ليث، ليس من قريش، وأُمّ سلمة موضعها من قريش موضعها الذي هي به منه.

فكان قوله لواثلة: أنت من أهلي، علي معني لاتّباعِكَ إيّاي وإيمانِك بي، فدخلت بذلك في جملتي.

وقد وجدنا اللَّه تعالي قد ذكر في كتابه ما يدلّ علي هذا المعني بقوله «وَنادي نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْني مِنْ أَهْلي»، فأجابه في ذلك بأن قال: «إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ» «1»

، إنّه يدخل في أهله من يوافقه علي

__________________________________________________

(1) سورة هود 11: 45- 46

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 41

دينه وإن لم يكن من ذوي نسبه.

فمثل ذلك أيضاً ما كان من رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم جواباً لأُمّ سلمة: «أنتِ من أهلي»؛ يحتمل أن يكون علي هذا المعني أيضاً، وأن يكون قوله لها ذلك كقوله مثله لواثلة.

وحديث سعدٍ وما ذكرناه معه من الأحاديث في أوّل هذا الباب معقول بها مَن أهل الآية المتلوّة فيها؛ لأنّا قد أحطنا علماً أنّ رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم لمّا دعا مَن دعا مِن أهله عند نزولها لم يبقَ مِن أهلها المرادين فيها أحد سواهم، وإذا كان ذلك كذلك استحال أن يدخل معهم في ما أُريد به سواهم، وفي ما ذكرنا من ذلك بيان ما وصفنا.

فإنْ قال قائل: فإنّ كتاب اللَّه تعالي يدلّ علي أنّ أزواج النبيّ صلّي

اللَّه عليه وآله وسلّم هم المقصودون بتلك الآية؛ لأنّه قال قبلها في السورة التي هي فيها: «يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْواجِكَ … » «1»

، فكان ذلك كلّه يُرَدْنَ به؛ لأنّه علي خطاب النساء لا علي خطاب الرجال، ثمّ قال: «إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ».. الآية.

فكان جوابنا له: إنّ الذي تلاه إلي آخر ما قبل قوله: «إِنَّما يُريدُ اللَّهُ».. الآية، خطاب لأزواجه، ثمّ أعقب ذلك بخطابه لأهله بقوله تعالي:

__________________________________________________

(1) سورة الأحزاب 33: 28

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 42

«إِنَّما يُريدُ اللَّهُ».. الآية، فجاء به علي خطاب الرجال؛ لأنّه قال فيه:

«لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهيرًا» وهكذا خطاب الرجال، وما قبله فجاء به بالنون، وكذلك خطاب النساء..

فعقلنا أنّ قوله: «إِنَّما يُريدُ اللَّهُ».. الآية، خطاب لمن أراده من الرجال بذلك، ليعلمهم تشريفه لهم ورفعته لمقدارهم، أن جعل نساءهم ممّن قد وصفه لِما وصفه به ممّا في الآيات المتلوّة قبل الذي خاطبهم به تعالي.

وممّا دلّ علي ذلك أيضاً ما حدّثنا … عن أنس: أنّ رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم كان إذا خرج إلي صلاة الفجر يقول: الصلاة ياأهل البيت، «إِنَّما يُريدُ اللَّهُ».. الآية …

في هذا أيضاً دليل علي أنّ هذه الآية فيهم. وباللَّه التوفيق» «1».

ومن الطائفة الثانية: … ص: 42

ابن الجوزي «2» والذهبي «3».. فإنّهما تبعا عكرمة البربري الخارجي، ومقاتل بن سليمان، علي ما هو مقتضي تعصّبهما وعنادهما لأهل البيت عليهم السلام!

__________________________________________________

(1) مشكل الآثار 1/ 227- 231

(2) وهذا ظاهر كلامه في زاد المسير 6/ 206؛ إذ ذكر هذا القول أوّلًا وجعل يدافع عنه!

(3) سير أعلام النبلاء 2/ 207 ترجمة أُمّ المؤمنين أُمّ سلمة رضي اللَّه عنها

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 43

ومن الطائفة الثالثة: … ص: 43

ابن كثير.. فإنّه بعد أن ذكر فرية عكرمة قال: «فإنْ كان المراد أنّهن كنّ سبب النزول دون غيرهنّ، فصحيح؛ وإن أُريد أنّهنّ المراد فقط دون غيرهنّ، ففي هذا نظر؛ فإنّه قد وردت أحاديث تدلّ علي أنّ المراد أعمّ من ذلك».

ثمّ أورد عدّة كثيرة من تلك الأحاديث التي هي نصٌّ في اختصاص الآية بالرسول والوصيّ والحسنين والصدّيقة الطاهرة عليهم الصلاة والسلام، وأنّ قول عكرمة مخالف للكتاب والسُنّة.

غير أنّ تعصّبه لم يسمح له بالإذعان لذلك، حتّي قال بدخول الزوجات في المراد بالآية! متشبّثاً بالسياق، فقال: «ثمّ الذي لا يشكّ فيه من تدبّر القرآن أنّ نساء النبيّ صلّي اللَّه عليه وسلّم داخلات في قوله تعالي: «إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهيرًا» فإنّ سياق الكلام معهنّ..» «1».

__________________________________________________

(1) تفسير القرآن العظيم 3/ 465

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 44

اعتراف ابن تيمية بصحّة الحديث … ص: 44

والعجب أنّ ابن تيميّة لا يقول بهذا ولا بذاك! بل يذعن بصحّة الحديث، كما استدلّ العلّامة الحلّي- رحمه اللَّه-..

قال العلّامة:

«ونحن نذكر هنا شيئاً يسيراً ممّا هو صحيح عندهم، ونقلوه في المعتمد من قولهم وكتبهم، ليكون حجّةً عليهم يوم القيامة، فمن ذلك:

ما رواه أبو الحسن الأندلسي «1» في الجمع بين الصحاح الستّة:

موطّأ مالك، وصحيحي البخاري ومسلم، وسنن أبي داود، وصحيح الترمذي، وصحيح النسائي: عن أُمّ سلمة- زوج النبيّ صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم- أنّ قوله تعالي: «إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهيرًا» أُنزل في بيتها: وأنا جالسة عند الباب، فقلت: يا رسول اللَّه، ألست من أهل البيت؟

فقال: إنّكِ علي خير، إنّك من أزواج النبيّ صلّي اللَّه عليه

__________________________________________________

(1) هو: رزين بن معاوية العبدري، صاحب «تجريد الصحاح»، المتوفّي سنة 535 ه، كمافي سير أعلام

النبلاء 20/ 204 رقم 129؛ إذ ترجم له ووصفه ب: الإمام المحدّث الشهير»، وحكي عن ابن عساكر: «كان إمام المالكيّين بالحرم».

وُترجم له أيضاً في: تذكرة الحفّاظ 4/ 1281، العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين 4/ 398، النجوم الزاهرة 5/ 260، مرآة الجنان 3/ 201، وغيرها

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 45

وآله وسلّم.

قالت: وفي البيت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم وعليٌّ وفاطمة والحسن والحسين، فجلّلهم بكساء وقال: اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي فأذهِب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً» «1».

فقال ابن تيمية:

«فصل: وأمّا حديث الكساء فهو صحيح، رواه أحمد والترمذي من حديث أُمّ سلمة..

ورواه مسلم في صحيحه من حديث عائشة، قال: خرج النبيّ صلّي اللَّه عليه وسلّم ذات غداة وعليه مِرط مرجّل من شعر أسود، فجاء الحسن بن عليّ فأدخله، ثمّ جاء الحسين، فأدخله معه، ثمّ جاءت فاطمة فأدخلها، ثمّ جاء علي فأدخله، ثمّ قال: «إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهيرًا».

وهذا الحديث قد شركه فيه فاطمة وحسن وحسين- رضي اللَّه عنهم- فليس هو من خصائصه، ومعلوم أنّ المرأة لا تصلح للإمامة، فعُلم أنّ هذه الفضيلة لا تختصّ بالأئمّة، بل يشركهم فيها غيرهم.

ثم إنّ مضمون هذا الحديث أنّ النبيّ صلّي اللَّه عليه وسلّم دعا لهم بأنْ يُذهب عنهم الرجس ويطهّرهم تطهيراً.

__________________________________________________

(1) منهاج الكرامة في معرفة الإمامة: 84- 85، الوجه السادس من الفصل الثاني

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 46

وغاية ذلك أنّ يكون دعا لهم بأن يكونوا من المتّقين الّذين أذهب اللَّه عنهم الرجس وطهّرهم! واجتناب الرجس واجب علي المؤمنين، والطهارة مأمور بها كلّ مؤمن.

قال اللَّه تعالي: «ما يُريدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُريدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ» «1».

وقال: «خُذْ مِنْ

أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها» «2».

وقال تعالي: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرينَ» «3»

..

فغاية هذا أن يكون هذا دعاءً لهم بفعل المأمور وترك المحظور.

والصدّيق- رضي اللَّه عنه- قد أخبر اللَّه عنه بأنّه: «اْلأَتْقَي* الَّذي يُؤْتي مالَهُ يَتَزَكَّي* وَما لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزي إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ اْلأَعْلي وَلَسَوْفَ يَرْضي «4».

وأيضاً: فإنّ السابقين الأوّلين من المهاجرين والأنصار والّذين اتّبعوهم بإحسان، «رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْري تَحْتَهَا اْلأَنْهارُ خالِدينَ فيها أَبَدًا ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظيمُ» «5»

، لا بُدّ أن يكونوا

__________________________________________________

(1) سورة المائدة (5): 6

(2) سورة التوبة (9): 103

(3) سورة البقرة (2): 222

(4) سورة الليل (92): 17- 21

(5) سورة التوبة (9): 100

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 47

قد فعلوا المأمور وتركوا المحظور؛ فإنّ هذا الرضوان وهذا الجزاء إنّما يُنال بذلك؛ وحينئذٍ فيكون ذهاب الرجس عنهم وتطهيرهم من الذنوب بعض صفاتهم.

فما دعا به النبيّ صلّي اللَّه عليه وسلّم لأهل الكساء هو بعض ما وصف اللَّه به السابقين الأوّلين.

والنبيّ دعا لأقوام كثيرين بالجنّة والمغفرة وغير ذلك، ممّا هو أعظم من الدعاء بذلك، ولم يلزم أن يكون مَن دعا له بذلك أفضل من السابقين الأوّلين، ولكنّ أهل الكساء لمّا كان قد أوجب عليهم اجتناب الرجس وفِعل التطهير، دعا لهم النبيّ صلّي اللَّه عليه وسلّم بأن يعينهم علي فعل ما أمرهم به، لئلّا يكونوا مستحقّين للذمّ والعقاب، ولينالوا المدح والثواب» «1».

هذا نصّ كلام ابن تيميّة، وأنت تري فيه:

1- الاعتراف بصحّة الحديث الدالّ علي نزول الآية المباركة في أهل الكساء دون غيرهم.

2- الاعتراف بعدم شمول الفضيلة لغير عليٍّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام.

فأين قول عكرمة؟! وأين السياق؟! وأين ما ذهب إليه ابن كثير؟!

__________________________________________________

(1) منهاج السُنّة 5/ 13- 15

سلسلة

اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 48

سقوط كلمات ابن تيمية … ص: 48

وتبقي كلمات ابن تيمية؛ فإنّه بعد أن أعرض عن قول عكرمة، وعن قول من قال بالجمع، واعترف بالاختصاص بالعترة، أجاب عن الاستدلال بالآية المباركة بوجوهٍ واضحة البطلان:

* فأوّل شي ء قاله هو: «هذا الحديث قد شركه فيه فاطمة … ».

وفيه: إنّ العلّامة الحلّي لم يدّع كون الحديث من خصائص علي عليه السلام، بل الآية المباركة والحديث يدلّان علي عصمة «أهل البيت» وهم: النبيّ صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم وعليٌّ وفاطمة والحسن والحسين … والمعصوم هو المتعيَّن للإمامة بعد رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم، غير أنّ المرأة لا تصلح للإمامة.

* ثمّ قال: «ثمّ إنّ مضمون هذا الحديث أنّ النبيّ دعا لهم … بأن يكونوا من المتّقين الّذين أذهب اللَّه عنهم الرجس … فغاية هذا أن يكون هذا دعاء لهم بفعل المأمور وترك المحظور».

وهذا من قلّة فهمه أو شدّة تعصّبه:

أمّا أوّلًا:

فلأنّه ينافي صريح الآية المباركة؛ لأنّ «إنّما» دالّة علي الحصر، وكلامه دالٌّ علي عدم الحصر، فما ذكره ردٌّ علي اللَّه والرسول.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 49

وأمّا ثانياً:

فلأنّ في كثيرٍ من «الصحاح» أنّ الآية نزلت، فدعا رسول اللَّه عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً فجلّلهم بكساء وقال: اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي..

فاللَّه تعالي يقول: «إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ … »، والنبيّ صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم يُعيّن «أهل البيت» وأنّهم هؤلاء دون غيرهم.

وأمّا ثالثاً:

فلأنّه لو كان المراد هو مجرّد الدعاء لهم بأن يكونوا «من المتّقين»، و «الطهارة مأمور بها كلّ مؤمن»، «فغاية هذا أن يكون دعاءً لهم بفعل المأمور وترك المحظور»، فلا فضيلة في الحديث؛ وهذا يناقض قوله من قبل: «فعُلم أنّ هذه الفضيلة … »!!

وأمّا رابعاً:

فلأنّه

لو كان «غاية ذلك أن يكون دعاءً لهم بفعل المأمور وترك المحظور»، فلماذا لم يأذن لأُمّ سلمة بالدخول معهم؟!

أكانت «من المتّقين الّذين أذهب اللَّه عنهم الرجس … » فلا حاجة لها إلي الدعاء؟!

أو لم يكن النبيّ صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم يريد منها أن تكون «من المتّقِين … »؟!

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 50

وأمّا خامساً:

فلو سلّمنا أنّ «غاية هذا أن يكون دعاءً لهم … » لكن إذا كان اللَّه سبحانه «يريد» والرسول «يدعو» - ودعاؤه مستجاب قطعاً- كان «أهل البيت» متّصفين بالفعل بما دلّت عليه الآية والحديث.

* وقال: «والصدّيق قد أخبر اللَّه عنه … ».

وحاصله: إنّ غاية ما كان في حقّ «أهل البيت» هو «الدعاء» وليس في الآية ولا الحديث إشارة إلي «استجابة» هذا الدعاء فقد يكون وقد لايكون، وأما ما كان في حقّ «أبي بكر»، فهو «الإخبار» فهو كائن، فهو أفضل من «أهل البيت»!!

وفيه:

أوّلًا:

«أهل البيت» في الآية فيهم: شخص النبيّ صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم، ولا ريب في أفضليّته المطلقة.

وثانياً:

«أهل البيت» في الآية فيهم: فاطمة الزهراء، وقد اعترف غير واحد من أعلام القوم بأفضليّتها من أبي بكر:

فقد ذكر العلّامة المناوي بشرح الحديث المتّفق عليه بين المسلمين: «فاطمة بضعة منّي فمن أغضبها أغضبني»: «استدلّ به

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 51

السهيلي «1» علي أنّ من سبّها كفر؛ لأنّه يغضبه، وأنّها أفضل من الشيخين».

وقال: «قال الشريف السمهودي: ومعلوم أنّ أولادها بضعة منها، فيكونون بواسطتها بضعة منه، ومن ثَمَّ لمّا رأت أُمّ الفضل في النوم أنّ بضعةً منه وضعت في حجرها، أوّلَها رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم بأن تلد فاطمة غلاماً فيوضع في حجرها، فولدت الحسن فوضع في حجرها..

فكلّ من يشاهَد الآن من

ذرّيّتها بضعة من تلك البضعة وإن تعدّدت الوسائط، ومن تأمّل ذلك انبعث من قلبه داعي الإجلال لهم، وتجنّب بغضهم علي أيّ حالٍ كانوا عليه» «2»..

وقال ابن حجر العسقلاني: «وفي الحديث: تحريم أذي من يتأذّي النبيّ صلّي اللَّه عليه وسلّم بتأذّيه؛ لأنّ أذي النبيّ صلّي اللَّه عليه وسلّم

__________________________________________________

(1) عبدالرحمن بن عبداللَّه، العلّامة الأندلسي، الحافظ العلم، صاحب التصانيف، برع في العربية واللغات والأخبار والأثر، وتصدّر للإفادة، من أشهر مؤلّفاته: الروض الأنف- شرح «السيرة النبوية» لابن هشام- توفّي سنة 581.

له ترجمة في: مرآة الجنان 3/ 320، النجوم الزاهرة 6/ 92، العبر 3/ 82، الكامل في التاريخ 9/ 172

(2) فيض القدير- شرح الجامع الصغير 4/ 421.

وانظر: جواهر العقدين: 349 و 350 الفصل الحادي عشر

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 52

حرام اتّفاقاً، قليله وكثيره، وقد جزم بأنّه يؤذيه ما يؤذي فاطمة؛ فكلّ من وقع منه في حقّ فاطمة شي ء فتأذّت به فهو يؤذي النبيّ صلّي اللَّه عليه وسلّم، بشهادة هذا الخبر الصحيح..

ولا شي ء أعظم في إدخال الأذي عليها من قتل وُلْدها؛ ولهذا عرف بالاستقراء معاجلة من تعاطي ذلك بالعقوبة في الدنيا، «وَلَعَذابُ اْلآخِرَةِ أَشَدُّ» «1»» «2».

وثالثاً:

«أهل البيت» في الآية فيهم: الحسن والحسين، وإنّ الدليل نفسه الذي أقامه الحافظ السهيلي وغيره علي تفضيل الزهراء عليها السلام دليلٌ علي أفضليّة الحسنين، بالإضافة إلي الأدلّة الأُخري، ومنها: «آية التطهير» و «حديث الثقلين» الدالّيْن علي «العصمة»، ولا ريب في أفضليّة المعصوم من غيره.

ورابعاً:

«أهل البيت» في الآية فيهم: أمير المؤمنين عليّ عليه السلام، وهي

__________________________________________________

(1) سورة طه (20): 127

(2) فتح الباري 9/ 287- 288 باب: ذبّ الرجل عن ابنته في الغيرة والإنصاف. وانظر: شرح النووي علي صحيح مسلم 16/ 3 باب: من فضائل فاطمة

رضي اللَّه عنها، تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي 10/ 251 باب: ما جاء في فضل فاطمة رضي اللَّه عنها، فيض القدير- شرح الجامع الصغير 4/ 421

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 53

- مع أدلّةٍ غيرها لا تحصي تدلّ علي أفضليّته علي جميع الخلائق بعد رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم.

وخامساً:

كون المراد من الآية: «اْلأَتْقَي … » «أبو بكر» هو قول انفرد القوم به؛ فلا يجوز أن يعارض به القول المتّفق عليه.

وسادساً:

كون المراد بها «أبو بكر» أوّل الكلام، وإن شئت فراجع تفاسيرهم، كالدرّ المنثور وغيره.

* قال: «وأيضاً: فإنّ السابقين الأوّلين من المهاجرين والأنصار …

فما دعا به النبيّ … ».

وحاصله: أفضليّة «السابقين الأوّلين» من «أهل البيت» المذكورين.

ويرد عليه:

ما ورد علي كلامه السابق؛ فإنّ هذا فرع أن يكون الواقع من النبيّ صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم هو صرف «الدعاء».. وقد عرفت أنّ الآية تدلّ علي أنّ الإرادة الإلهيّة تعلّقت بإذهاب الرجس عن أهل البيت وتطهيرهم تطهيراً، فهي دالّة علي عصمة «أهل البيت» وقد قال النبيّ صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم وأعلن للأُمّة الإسلامية أنّهم: هو وعليٌّ وفاطمة والحسن والحسين.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 54

ثمّ إنّ الآية: «وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ … » «1»

المراد بها أمير المؤمنين عليه السلام؛ ويشهد بذلك تفسير قوله تعالي: «وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ* أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ» «2»

بعليّ عليه السلام، كما في الأحاديث المعتبرة في كتب الفريقين، كما لا يخفي علي أهل العلم «3».

وأمّا أبو بكر … فلم يكن من السابقين الأوّلين:

قال أبو جعفر الطبري: «وقال آخرون: أسلم قبل أبي بكر جماعة.

ذكر من قال ذلك: حدّثنا ابن حميد، قال: حدّثنا كنانة بن جبلة، عن إبراهيم بن طهمان، عن الحجّاج بن الحجّاج، عن قتادة، عن سالم بن

أبي الجعد، عن محمّد بن سعد، قال:

قلت لأبي: أكان أبو بكر أوّلكم إسلاماً؟

فقال: لا، ولقد أسلم قبله أكثر من خمسين، ولكنْ كان أفضلنا إسلاماً» «4».

__________________________________________________

(1)

سورة التوبة (9): 100

(2) سورة الواقعة (56): 10 و 11

(3) راجع: بحث الآية السابعة في أواخر الجزء العشرين من كتابنا الكبير: (نفحات الأزهار)

(4) تاريخ الطبري 2/ 316، تحقيق: محمّد أبو الفضل إبراهيم

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 55

تناقض ابن تيمية … ص: 55

ثمّ إنّ ابن تيميّة تعرض لآية التطهير في موضعٍ آخر، ولكنّه هذه المرّة لم ينصّ علي صحّة الحديث! ولم يعترف بمفاده! بل ادّعي كون الأزواج من أهل البيت! وهو القول الثالث الذي نسبه ابن الجوزي إلي الضحّاك بن مزاحم، وهذه عبارته:

«وأمّا آية الطهارة فليس فيها إخبار بطهارة أهل البيت وذهاب الرجس عنهم، وإنّما فيها الأمر لهم بما يوجب طهارتهم وذهاب الرجس عنهم؛ فإنّ قوله: «إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهيرًا»، وقوله تعالي: «ما يُريدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُريدُ لِيُطَهِّرَكُمْ» «1»

، وقوله: «يُريدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَليمٌ حَكيمٌ* وَاللَّهُ يُريدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُريدُ الَّذينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَميلُوا مَيْلًا عَظيمًا* يُريدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ اْلإِنْسانُ ضَعيفًا» «2».

فالإرادة هنا متضمّنة للأمر والمحبّة والرضا، وليست هي المشيئة المستلزمة لوقوع المراد؛ فإنّه لو كان كذلك لكان قد طهّر كلّ من أراد

__________________________________________________

(1) سورة المائدة (5): 6

(2) سورة النساء (4): 26- 28

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 56

طهارته. وهذا علي قول هؤلاء القدرية الشيعة أوجه؛ فإنّ عندهم أنّ اللَّه يريد ما لا يكون! ويكون ما لا يريد!

فقوله: «إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهيرًا» إذا كان

هذا بفعل المأمور وترك المحظور كان ذلك متعلّقاً بإرادتهم وأفعالهم، فإن فعلوا ما أُمروا به طُهّروا، وإلّا فلا.

وهم يقولون: إنّ اللَّه لا يخلق أفعالهم ولا يقدر علي تطهيرهم وإذهاب الرجس عنهم، وأمّا المثبتون للقدر فيقولون: إنّ اللَّه قادر علي ذلك، فإذا ألهمهم فعل ما أمر وترك ما حظر حصلت الطهارة وذهاب الرجس.

وممّا يُبيّن أنّ هذا ممّا أُمروا به لا ممّا أُخبروا بوقوعه: ما ثبت في الصحيح أنّ النبيّ صلّي اللَّه عليه وسلّم أدار الكساء علي عليٍّ وفاطمة وحسن وحسين ثمّ قال: اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً. وهذا الحديث رواه مسلم في صحيحه عن عائشة، ورواه أهل السنن عن أُمّ سلمة.

وهو يدلّ علي ضدّ قول الرافضة من وجهين:

أحدهما: أنّه دعا لهم بذلك. هذا دليل علي أنّ الآية لم تخبر بوقوع ذلك؛ فإنّه لو كان قد وقع لكان يثني علي اللَّه بوقوعه ويشكره علي ذلك، ولا يقتصر علي مجرّد الدعاء به.

الثاني: أنّ هذا يدلّ علي أنّ اللَّه قادر علي إذهاب الرجس عنهم وتطهيرهم؛ وذلك يدلّ علي أنّه خالق أفعال العباد.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 57

وممّا يُبيّن أنّ الآية متضمّنة للأمر والنهي: قوله في سياق الكلام:

«يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ … إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ … وَاذْكُرْنَ ما يُتْلي في بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كانَ لَطيفًا خَبيرًا»..

وهذا السياق يدلّ علي أنّ ذلك أمر ونهي.

ويدلّ علي أنّ أزواج النبيّ صلّي اللَّه عليه وسلّم من أهل بيته؛ فإنّ السياق إنّما هو في مخاطبتهنّ.

ويدلّ علي أنّ قوله: «لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ» عمّ غير أزواجه، كعليٍّ وفاطمة وحسن وحسين رضي اللَّه عنهم؛ لأنّه ذكره بصيغة التذكير لمّا اجتمع المذكّر والمؤنّث،

وهؤلاء خُصّوا بكونهم من أهل البيت من أزواجه، فلهذا خصّهم بالدعاء لمّا أدخلهم في الكساء..

كما أنّ مسجد قباء أُسّس علي التقوي، ومسجده صلّي اللَّه عليه وسلّم أيضاً أُسّس علي التقوي، وهو أكمل في ذلك؛ فلمّا نزل قوله تعالي: «لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَي التَّقْوي مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ … » «1»

بسبب مسجد قباء، تناول اللفظ لمسجد قباء ولمسجده بطريق الأوْلي

وقد تنازع العلماء: هل أزواجه من آله؟ علي قولين، هما روايتان عن أحمد، أصحّهما أنّهنّ من آله وأهل بيته، كما دلّ علي ذلك ما في الصحيحين من قوله: اللّهمّ صلِّ علي محمّد وعلي أزواجه وذرّيّته. وهذا

__________________________________________________

(1) سورة التوبة (9): 108

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 58

مبسوط في موضع آخر» «1».

أقول:

لقد حاول ابن تيميّة التهرّب من الالتزام بمفاد الآية المباركة والسُنّة النبويّة الثابتة الصحيحة الواردة بشأنها- كما اعترف هو أيضاً- بشبهات واهيةٍ وكلماتٍ متهافتة، ومن راجع كتب الأصحاب في بيان الاستدلال بالآية المباركة- في ضوء السُنّة المتّفق عليها- عرف موارد النظر ومواضع التعصّب في كلامه..

وقد ذكرنا نحن أيضاً طائفةً من الأحاديث، المشتملة علي وقوع إذهاب الرجس عن أهل البيت وتطهيرهم عنه من اللَّه سبحانه، بإرادته التكوينيّة غير المنافية لمذهب أهل البيت في مسألة الجبر والاختيار.

فالنبيّ صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم قد عيّن المراد من «أهل البيت» عليهم السلام في الآية المباركة بعد نزولها، ودعا لهم أيضاً، ولا ريب في أنّ دعاءه مستجاب.

كما علمنا من الخصوصيات الموجودة في الآية نفسها، ومن الأحاديث الصحيحة الواردة في معناها، أنّ الآية خاصّة بأهل البيت- وهذا ما اعترف به جماعة من أئمّة الحديث، كالطحاوي وابن حبّان؛ تبعاً لأزواج النبيّ وأعلام الصحابة- وأنّها نازلة في قضيةٍ خاصّة غير أنّها

__________________________________________________

(1) منهاج السُنّة 4/ 21- 24

سلسلة

اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 59

وضعت ضمن آيات نساء النبيّ، وكم له من نظير؛ إذ وضِعت الآية المكيّة ضمن آياتٍ مدنيّةٍ أو المدنيّة ضمن آيات مكّيّة.

وقد دلّت الآية المباركة والأحاديث المذكورة وغيرها علي أنّ عنوان «أهل البيت» - أي: أهل بيت النبيّ- لا يعمّ أزواجه، بل لا يعمّ أحداً من عشيرته وأُسرته إلّابقرينةٍ.

هذا، وفي صحيح مسلم في ذيل حديث الثقلين عن زيد بن أرقم، أنّه سئل: هل نساؤه من أهل بيته؟

قال: لا وأيم اللَّه، إنّ المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثمّ يطلّقها فترجع إلي أبيها وقومها.

وهذا هو الذي دلّت عليه الأحاديث.

وأمّا ما رووه عن زيد أيضاً من أنّ: «أهل بيته من حُرِم الصدقة من بعده»، فيردّ تطبيقه علي ما نحن فيه الأحاديث المتواترة المذكور بعضها، ومن الواضح عدم جواز رفع اليد عن مفادها بقول زيد هذا.

كلام الدهلوي صاحب «التحفة» … ص: 59

هذا، وما ذكرناه في إبطال القولين الآخَرَين، وردّ افتراءات ابن تيميّة، يكفينا عن النظر في كلام عبدالعزيز الدهلوي بشأن هذه الآية، والتعرّض لنقده بالتفصيل، إذ ليس عنده شي ء زائد علي ما تقدّم!

فقد ذكر أوّلًا قول عكرمة وأيّده بالسياق، ثمّ قال: «ولكن ذهب

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 60

محقّقو أهل السُنّة إلي أنّ هذه الآية وإن كانت واقعة في حقّ الأزواج المطهّرات، فإنّه بحكم أنّ العبرة بعموم اللفظ لا لخصوص السبب، داخل في بشارتها هذه جميع أهل البيت، وإنّما يدلّ التخصيص بالكساء علي كون هؤلاء المذكورين مخصّصين إذا لم يكن لهذا التخصيص فائدة أُخري ظاهرة، وهي هاهنا دفع مظنّة عدم كون هؤلاء الأشخاص في أهل البيت، نظراً إلي أنّ المخاطَبات فيها هنّ الأزواج فقط».

ثمّ ناقش في دلالة الآية علي العصمة، حاملًا «الإرادة» علي التشريعيّة؛ قال:

«لأنّ وقوع مراد اللَّه غير لازم لإرادته عند الشيعة» ومن هنا نقض بأنّه: «لو كانت هذه الكلمة مفيدة للعصمة فينبغي أن يكون الصحابة لاسيّما الحاضرين في غزوة بدرٍ قاطبةً معصومين، لأنّ اللَّه تعالي قال في حقّهم في مواضع من التنزيل: «وَلكِنْ يُريدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ».

وقال: «لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ»..

وظاهر أنّ إتمام النعمة في الصحابة كرامة زائدة بالنسبة إلي ذينك اللفظين ووقوع هذا الإتمام أدلّ علي عصمتهم».

ثمّ قال: «سلّمنا، ولكن ثبت من هذا الدليل صحّة إمامة الأمير، أمّا كونه إماماً بلا فصل فمن أين؟» «1».

__________________________________________________

(1) التحفة الاثني عشرية: 202. وانظر: مختصر التحفة الاثني عشرية: 167- 172

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، آيةالتطهير، ص: 61

أقول:

كانت هذه خلاصة المهمّ من كلامه، فهو يعتمد أوّلًا علي كلام عكرمة، ثمّ يتنازل فيجعل الآية عامّة لأهل البيت وللأزواج وهو القول الآخر، وقد عرفت بطلان كلا القولين.

وقد عرفت أن «الإرادة» في الآية تكوينية وليست بتشريعيّة.

ونقضه بعصمة أهل بدر مردود: بأنّ «الإرادة» في الآيتين المذكورتين تشريعيّة، فالقياس مع الفارق، علي أنّ أحداً لا يقول بعصمة أحدٍ من أهل بدرٍ ولا غيرهم من الصحابة، فقوله هذا خرق للإجماع القطعي، بخلاف «أهل البيت» ففيهم الرسول صلّي اللَّه عليه وآله وهو معصوم بالإجماع، وسائر أهل البيت معصومون بالآية وبحديث الثقلين وغيرهما من الأدلّة.

وما ذكره أخيراً من حمل الآية علي إمامة الإمام عليه السلام بعد عثمان، فباطل من وجوه، منها: أنّ هذا الحمل موقوف علي صحّة إمامة الثلاثة، وهو أوّل الكلام.

هذا تمام الكلام علي «آية التطهير»..

والحمد للَّه ربّ العالمين،

وصلّي اللَّه علي سيّدنا محمّد وآله الطاهرين.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.