سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبر تزويج ام كلثوم من عمر المجلد 25

اشارة

سرشناسه : حسینی میلانی، سیدعلی، 1326 -

عنوان و نام پديدآور : خبر تزویج ام کلثوم من عمر/ تالیف السیدعلی الحسینی المیلانی.

مشخصات نشر : قم: مرکزالحقائق الاسلامیه، 1430ق.= 1388.

مشخصات ظاهری : 80 ص.

فروست : اعرف الحق تعرف اهله؛ 25.

شابک : 978-964-2501-81-6

يادداشت : عربی.

يادداشت : چاپ چهارم.

یادداشت : کتابنامه به صورت زیرنویس.

موضوع : ام کلثوم(س) بنت علی(ع)، - 54ق.

شناسه افزوده : مرکز الحقائق الاسلامیه

رده بندی کنگره : BP52/2 /الف8 ح55 1388

رده بندی دیویی : 297/979

شماره کتابشناسی ملی : 1742135

خبر تزويج أم كلثوم من عمر … ص: 5

نظراً للحاجة الماسّة والضرورة الملحّة لنشر العقائد الحقّة والتعريف بالفكر الشيعي، بالبراهين العقليّة المتقنة والأدلّة النقلية من الكتاب والسنّة، من أجل ترسيخها في أذهان المؤمنين، ودفع الشبهات المثارة حولها من قبل المخالفين، فقد بادر (مركز الحقائق الاسلامية) بإخراج سلسلة علمية- عقائدية، متنوّعة، تميّزت بجامعيتها بين العمق في النظر والقوّة في الاستدلال والوضوح في البيان، تحت عنوان (إعرف الحق تعرف أهله)، وهي من بحوث سماحة الفقيه المحقق آية اللَّه الحاج السيد علي الحسيني الميلاني (دام ظلّه)، آملين أن نكون قد قمنا ببعض الواجب الملقي علي عواتقنا في هذه الأيام التي كثرت فيها الشبهات وازدادت الانحرافات، سائلين اللَّه عز و جل أن يسدّد خطانا علي نهج الكتاب والعترة الطاهرة كما أوصي الرسول الأكرم صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم، والحمد للَّه رب العالمين.

مركز الحقائق الاسلامية

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 7

الحمد للَّه ربّ العالمين، والصلاة والسلام علي سيّدنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين، ولعنة اللَّه علي أعدائهم أجمعين، من الأولين والآخرين.

وبعد،

فقد كثر البحث والسؤال والجواب عن خبر تزويج أميرالمؤمنين عليّ ابنته من عمر بن الخطّاب، منذ القرون الأُولي، وكتب حولها رسائل شتّي، منها ما كتبه الشيخ المفيد- رضوان اللَّه تعالي عليه- جواباً عن المسألة

العاشرة من المسائل التي أودعها في كتابه «أجوبة المسائل السروية» وكذا جواباً عن المسألة الخامسة عشرة من كتابه «أجوبة المسائل الحاجبية».

وهذه رسالة وضعتها علي نسق أخواتها، حيث أوردت نصوص الخبر عن أشهر كتب أهل السُنّة ونظرت في أسانيدها ودلالاتها، فجاءت

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 8

حاويةً من القضيّة لُبابها، كاشفةً عنها نقابها، شارحةً لواقع الحال، قاطعةً للقيل والقال، واللَّه الموفّق وهو المستعان.

علي الحسيني الميلاني

1412

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 9

(1)

رواة الخبر ونصوصه في كتب الجمهور … ص: 9

اشارة

إنّ خبر تزويج أميرالمؤمنين عليه السّلام ابنته أُمّ كلثوم من عمر ابن الخطّاب مشهور بين أهل السُنّة، مذكور في كتبهم.

1- ابن سعد في الطبقات … ص: 9

فأقدم رواة هذا الخبر ومخرّجيه- فيما نعلم- هو: محمّد بن سعد بن منيع الزهري- المتوفّي سنة 230- صاحب كتاب «الطبقات الكبري».

فقد جاء في كتاب الطبقات:

«أُمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب بن عبدالمطّلب بن هاشم بن عبدمناف بن قُصيّ. وأُمّها فاطمة بنت رسول اللَّه، وأُمّها خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبدالعزّي بن قُصيّ.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 10

تزوّجها عمر بن الخطّاب، وهي جارية لم تبلغ، فلم تزل عنده إلي أن قتل.

وولدت له زيد بن عمر، ورقيّة بنت عمر.

ثم خلف علي أُمّ كلثوم- بعد عمر- عون بن جعفر بن أبي طالب ابن عبدالمطّلب، فتوفّي عنها.

ثمّ خلف عليها أخوه محمّد بن جعفر بن أبي طالب بن عبدالمطلب فتوفّي عنها.

فخلف عليها أخوه عبداللَّه بن جعفر بن أبي طالب بعد أُختها زينب بنت عليّ بن أبي طالب.

فقالت أُمّ كلثوم: إنّي لأستحي من أسماء بنت عميس، إنّ ابنيها ماتا عندي، وإنّي لا تخوّف علي هذا الثالث.

فهلكت عنده.

ولم تلد لأحدٍ منهم شيئاً.

أخبرنا أنس بن عياض الليثي، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه أنّ عمر بن الخطّاب خطب إلي عليّ بن أبي طالب ابنته أُمّ كلثوم. فقال عليّ:

إنّما حبست بناتي علي بني جعفر. فقال عمر: أنكحنيها يا عليّ، فو اللَّه ما علي ظهر الأرض رجل يرصد من حسن صحابتها ما أرصد. فقال عليّ:

قد فعلت.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 11

فجاء عمر إلي مجلس المهاجرين بين القبر والمنبر- وكانوا يجلسون ثمَّ عليُ وعثمان والزبير وطلحة وعبدالرحمن بن عوف. فإذا الشي ء يأتي من الآفاق جاءهم فأخبرهم ذلك واستشارهم

فيه- فجاء عمر فقال: رفّئوني، فرفّؤوه وقالوا: بمن يا أميرالمؤمنين؟ قال: بابنة عليّ بن أبي طالب. ثم أنشأ يخبرهم فقال: إنّ النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم قال: كلّ نسبٍ وسببٍ منقطع يوم القيامة إلّانسبي وسببي. وكنت قد صحبته فأحببت أن يكون هذا أيضاً.

أخبرنا وكيع بن الجرّاح، عن هشام بن سعد، عن عطاء الخراساني أنّ عمر أمهر أُمّ كلثوم بنت عليّ أربعين ألفاً.

قال محمّد بن عمر «1» وغيره: لَمّا خطب عمر بن الخطّاب إلي عليٍّ ابنته أُمّ كلثوم قال:

يا أميرالمؤمنين: إنّها صبيّة.

فقال: إنّك واللَّه ما بك ذلك، ولكن قد علمنا ما بك.

فأمر عليّ بها فصنعت.

ثم أمر ببرد فطواه وقال: إنطلقي بهذا إلي أميرالمؤمنين فقولي:

أرسلني أبي يقرؤك السلام ويقول: إن رضيت البرد فأمسكه وإن

__________________________________________________

(1) هو الواقدي.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 12

سخطته فردّه.

فلمّا أتت عمر قال: بارك اللَّه فيك وفي أبيك، رضينا.

قال: فرجعت إلي أبيها فقالت: ما نشر البرد ولا نظر إلّاإليَّ.

فزوّجها إيّاه.

فولدت له غلاماً يقال له زيد.

أخبرنا وكيع بن الجرّاح، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عامر «1» قال: مات زيد بن عمر وأُمّ كلثوم بنت عليّ، فصلّي عليهما ابن عمر.

فجعل زيداً ممّا يليه وأُمّ كلثوم ممّا يلي القبلة، وكبّر عليهما أربعاً.

أخبرنا عبيداللَّه بن موسي، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي حصين، عن عامر، عن ابن عمر، أنّه صلّي علي أُمّ كلثوم بنت عليّ وابنها زيد وجعله ممّا يليه وكبّر عليهما أربعاً.

أخبرنا وكيع بن الجرّاح، عن زيد بن حبيب، عن الشعبي بمثله وزاد فيه: وخلفه الحسن والحسين ابنا عليّ ومحمّد بن الحنفيّة وعبداللَّه بن عبّاس وعبداللَّه بن جعفر.

أخبرنا عبيداللَّه بن موسي، أخبرنا إسرائيل، عن جابر، عن عامر، عن عبداللَّه بن عمر: أنّه كبّر علي

زيد بن عمر بن الخطّاب أربعاً وخلفه

__________________________________________________

(1) هو الشعبي.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 13

الحسن والحسين، ولو علم أنّه خير أن يزيده زاده.

أخبرنا عبيداللَّه بن موسي، أخبرنا إسرائيل، عن السدّي، عن عبداللَّه البهيّ، قال: شهدت ابن عمر صلّي علي أُمّ كلثوم وزيد بن عمر ابن الخطّاب، فجعل زيداً فيما يلي الإمام، وشهد ذلك حسن وحسين.

أخبرنا وكيع بن الجرّاح، عن حمّاد بن سلمة، عن عمّار بن أبي عمّار- مولي بني هاشم- قال: شهدتهم يومئذٍ وصلّي عليهما سعيد بن العاص، وكان أمير الناس يومئذ، وخلفه ثمانون من أصحاب محمّد صلّي اللَّه عليه وسلّم.

أخبرنا جعفر بن عون بن جريج عن نافع، قال: وضعت جنازة أُمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب- امرأة عمر بن الخطّاب- وابن لها يقال له زيد، والإمام يومئذ سعيد بن العاص.

أخبرنا عبداللَّه بن نمير، حدّثنا إسماعيل بن أبي خالد عن عامر، قال: صلّي ابن عمر علي أخيه زيد وأُمّ كلثوم بنت عليّ، وكان سريرهما سواء، وكان الرجل ممّا يلي الإمام» «1».

__________________________________________________

(1) الطبقات الكبري 8/ 338- 340.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 14

2- الدولابي في الذرّيّة الطاهرة … ص: 14

وروي أبو بشر الدولابي- المتوفّي سنة 310- قال:

«ذكر أم كلثوم بنت فاطمة رضي اللَّه عنها بنت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم.

«سمعت أحمد بن عبدالجبّار، قال: سمعت يونس بن بكير، قال:

سمعت ابن إسحاق يقول: ولدت فاطمة بنت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم لعليِّ بن أبي طالب: حسناً وحسيناً ومُحَسِّناً، فذهب مُحَسِّن صغيراً؛ وولدت له أُمّ كلثوم وزينب.

قال ابن إسحاق: فحدّثني عاصم بن عمر بن قتادة، قال: خطب عمر بن الخطّاب إلي عليّ بن أبي طالب ابنته أُمّ كلثوم، فأقبل عليٌّ عليه وقال: هي صغيرة. فقال

عمر: لا واللَّه ما ذلك «1» ولكن أردت منعي، فإن كانت كما تقول فابعثها إليَّ، فرجع عليٌّ فدعاها فأعطاها حلّة وقال:

انطلقي بهذه إلي أميرالمؤمنين فقولي: يقول لك أبي كيف تري هذه الحلّة؟ فأتته بها فقالت له ذلك. فأخذ عمر بذراعها، فاجتذبتها منه فقالت: أرسل. فأرسلها وقال: حصان كريم. انطلقي فقولي له: ما

__________________________________________________

(1) في المطبوعة هنا: كلمة لا تقرأ. قلت: الجملة هي: لا واللَّه ما ذلك بك.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 15

أحسنها … «1» وأجملها. وليست- واللَّه- كما قلت، فزوّجها إيّاه.

حدّثنا أحمد بن عبدالجبّار، نا يونس بن [بكير]، عن خالد بن صالح، عن واقد بن محمّد بن عبداللَّه بن عمر، عن بعض أهله، قال:

خطب عمر بن الخطّاب إلي عليّ بن أبي طالب ابنته أُمّ كلثوم- وأُمّها:

فاطمة بنت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم- فقال له عليٌّ: إنّ عليَّ فيها امراء حتي أستأذنهم. فأتي وُلد فاطمة فذكر ذلك لهم فقالوا: زوّجه. فدعا أُمّ كلثوم وهي يومئذٍ صبيّة فقال: انطلقي إلي أميرالمؤمنين فقولي له: إنّ أبي يقرؤك السلام ويقول لك: إنّا قد قضينا حاجتك التي طلبت.

فأخذها عمر فضمّها إليه وقال: إنّي خطبتها من أبيها فزوّجنيها.

فقيل: يا أميرالمؤمنين ما كنت تريد، إنّها صبيّة صغيرة؟! فقال: إنّي سمعت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم يقول: كلّ سبب منقطع يوم القيامة إلّاسببي، فأردت أن يكون بيني وبين رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم سبب وصهر.

وذكر عبدالرحمن بن خالد بن نجيح، نا حبيب- كاتب مالك بن أنس-، نا عبدالعزيز الدراوردي، عن زيد بن أسلم، عن أبيه- مولي عمر بن الخطّاب- قال: خطب عمر إلي عليّ بن أبي طالب أُمّ كلثوم،

__________________________________________________

(1) في المطبوعة: كلمة لا تقرأ. قلت: لا

توجد كلمة في نقل المحبّ الطبري.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 16

فاستشار عليٌّ العبّاسَ وعقيلًا والحسنَ، فغضب عقيل وقال لعليٍّ: ما تزيد الأيّام والشهور إلّاالعمي في أمرك، واللَّه لئن فعلت ليكوننّ وليكوننّ.

فقال عليٌّ للعبّاس: واللَّه ما ذاك منه نصيحة، ولكن درّة عمر أحوجته إلي ماتري، أم واللَّه ما ذاك لرغبةٍ فيك يا عقيل، ولكن أخبرني عمر بن الخطّاب أنّه سمع رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم يقول:

كلّ سبب ونسب ينقطع يوم القيامة إلّاسببي ونسبي.

حدّثني عبدالعزيز بن منيب- أبو الدرداء المروزي-، نا خالد بن خداش، ح.

وحدّثني إسحاق بن إبراهيم بن محمّد بن سليمان بن بلال ابن أبي الدرداء الأنصاري أبو يعقوب، نا أبو الجماهير محمّد بن عثمان، قالا: نا عبداللَّه بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن جدّه: أنّ عمر ابن الخطّاب تزوّج أُمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب علي أربعين ألف درهم.

حدّثنا عبداللَّه بن محمّد أبو أُسامة، نا حجّاج بن أبي منيع، نا جدّي، عن الزهري، قال: أُمّ كلثوم بنت عليّ من فاطمة، تزوجّها عمر ابن الخطّاب، فولدت له زيد بن عمر بن الخطّاب.

حدّثنا أحمد بن عبدالجبّار، نا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، قال: وتزوّج أُمَّ كلثوم بنت عليّ عمرُ بن الخطّاب، فولدت له زيد بن عمر

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 17

وامرأة معه، فمات عمر عنها.

حدّثنا عبداللَّه بن محمّد أبو أُسامة الحلبي، نا حجّاج بن أبي منيع، نا جدّي، عن الزهري، قال: ثم خلف علي أُمّ كلثوم بعد عمر ابن الخطّاب عون بن جعفر بن أبي طالب، فلم تلد له شيئاً حتي مات.

حدّثنا أحمد بن عبدالجبّار، نا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، قال: فلمّا مات عمر

عن أُمّ كلثوم بنت علي، تزوّجت عون بن جعفر، فهلك عنها ولم يصب منها ولداً.

قال ابن إسحاق: فحدّثني والدي إسحاق بن يسار، عن حسن ابن حسن بن عليّ بن أبي طالب، قال: لَمّا أُيّمت أُمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب من عمر بن الخطّاب، دخل عليها حسن وحسين أخواها فقالا لها: إنّك من عرفت سيّدة نساء المسلمين وبنت سيّدتهنّ، وإنّك واللَّه لئن أمكنت عليّاً من رمّتك لينكحنّك بعض أيتامه، ولئن أردت أن تصيبنَّ بنفسك مالًا عظيماً لتصيبنّه!

فو اللَّه ما قاما حتي طلع عليٌّ يتّكي ء علي عصاه فجلس فحمد اللَّه وأثني عليه، ثم ذكر منزلتهم من رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم وقال: قد عرفتم منزلتكم يا بني فاطمة وأثرتكم عندي علي سائر ولدي، لمكانكم من رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم وقرابتكم منه.

فقالوا: صدقت رحمك اللَّه، فجزاك اللَّه عنّا خيراً.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 18

فقال: أي بنّية، إنّ اللَّه قد جعل أمرك بيدك، فأنا أُحبّ أن تجعليه بيدي.

فقالت: أي أبة، واللَّه إنّي أرغب فيما يرغب فيه النساء، فأنا أُحبّ أن أُصيب ما يصيب النساء من الدنيا، وأنا أُريد أن أنظر في أمر نفسي!

فقال: لا واللَّه يا بنيّة، ما هذا من رأيك، ما هو إلّارأي هذين، ثم قام فقال: واللَّه لا أُكلّم رجلًا منهم أو تفعلين.

فأخذا بثيابه فقالا: اجلس يا أبة، فواللَّه ما علي هجرانك من صبر، اجعلي أمرك بيده.

فقالت: قد فعلت.

قال: فإنّي قد زوّجتك من عون بن جعفر وإنّه لغلام. ثم رجع إليها فبعث إليها بأربعة آلاف درهم. وبعث إلي ابن أخيه فأدخلها عليه.

قال حسن: فواللَّه ما سمعت بمثل عشق منها له منذ خلقك اللَّه!

حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن

يعقوب بن إسحاق الجوزجاني، نا يزيد بن هارون، أنا حمّاد بن سلمة، عن عمّار بن أبي عمّار، أنّ أُمّ كلثوم بنت عليّ وزيد بن عمر ماتا فكفّنا وصلّي عليهما سعيد بن العاص، وخلفه الحسن والحسين وأبو هريرة.

حدّثنا إبراهيم بن يعقوب، نا يزيد بن هارون، أنا إسماعيل بن أبي خالد، قال: تذاكرنا عند عامر جنائز الرجال والنساء فقال عامر: جئت

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 19

وقد صلّي عبداللَّه بن عمر علي أخيه زيد بن عمر وأُمّه أُمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب رضي اللَّه عنه» «1».

3- الحاكم في المستدرك … ص: 19

وأخرجه الحاكم أبو عبداللَّه النيسابوري- المتوفّي سنة 405- قائلًا:

«حدّثنا الحسن بن يعقوب وإبراهيم بن عصمة العدلان، قالا: ثنا السرّي بن خزيمة، ثنا معلّي بن أسد «2»، ثنا وهيب بن خالد، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليّ بن الحسين: أنّ عمر بن الخطّاب رضي اللَّه عنه خطب إلي عليّ رضي اللَّه عنه أُمّ كلثوم فقال: أنكحنيها.

فقال عليّ: إنّي أرصدها لابن أخي عبداللَّه بن جعفر. فقال عمر:

أنكحنيها، فواللَّه ما من الناس أحد يرصد من أمرها ما أرصده. فأنكحه عليّ. فأتي عمر المهاجرين فقال: ألا تهنّوني؟! فقالوا: بمن يا أمير المؤمنين؟ فقال: بأُمّ كلثوم بنت عليّ وابنة فاطمة بنت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم، إني سمعت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم يقول: كلّ نسبٍ وسبب ينقطع يوم القيامة إلّاما كان من سببي ونسبي،

__________________________________________________

(1) الذرّيّة الطاهرة: 157- 165.

(2) فيه: راشد وهو غلط.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 20

فأحببت أن يكون بيني وبين رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم نسب وسبب.

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه» «1».

4- البيهقي في السنن … ص: 20

وأخرج أبو بكر البيهقي- المتوفّي سنة 458- قال:

«أخبرنا أبو عبداللَّه الحافظ «2»، ثنا الحسن بن يعقوب وإبراهيم بن عصمة، قالا: ثنا السرّي بن خزيمة، ثنا معلّي بن أسد، ثنا وهيب ابن خالد، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليّ بن الحسين.

ح وأخبرنا أبو عبداللَّه الحافظ، ثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، ثنا أحمد بن عبدالجبّار، ثنا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، حدّثني أبو جعفر، عن أبيه عليّ بن الحسين، قال: لمّا تزوّج عمر بن الخطّاب أُمّ كلثوم بنت عليّ رضي اللَّه عنهم أتي مجلساً في مسجد رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم بين القبر والمنبر

للمهاجرين، لم يكن يجلس فيه غيرهم، فدعوا له بالبركة. فقال: أما واللَّه ما دعاني إلي تزويجها إلّاأنّي

__________________________________________________

(1) المستدرك 3/ 153 كتاب معرفة الصحابة مناقب أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب رقم 4684.

(2) هو الحاكم صاحب المستدرك.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 21

سمعت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم يقول: كلّ سببٍ ونسب منقطع يوم القيامة إلّاما كان سببي ونسبي.

لفظ حديث ابن إسحاق، وهو مرسل حسن. وقد روي من أوجه اخر موصولًا ومرسلًا.

وأخبرنا أبو الحسين بن بشران، أنبأ دعلج بن أحمد، ثنا موسي بن هارون، ثنا سفيان بن وكيع بن الجراح، أنبأ روح بن عبادة، ثنا ابن جريج، أخبرني ابن أبي مليكة، أخبرني حسن بن حسن، عن أبيه: أنّ عمر بن الخطّاب- رضي اللَّه عنه- خطب إلي عليّ رضي اللَّه عنه أُمّ كلثوم فقال له عليٌّ رضي اللَّه عنه: إنّها تصغر عن ذلك. فقال عمر: سمعت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم يقول: كلّ سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلّاسببي ونسبي، فأحببت أن يكون لي من رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم سبب ونسب. فقال علي رضي اللَّه عنه لحسن وحسين: زوّجا عمّكما. فقالا:

هي امرأة من النساء تختار لنفسها. فقام عليٌّ رضي اللَّه عنه مغضباً، فأمسك الحسن رضي اللَّه عنه بثوبه وقال: لا صبر علي هجرانك يا أبتاه.

قال: فزوّجاه» «1».

__________________________________________________

(1) السنن الكبري 7/ 101- 102 كتاب النكاح باب الأنساب كلها منقطعة يوم القيامة إلّانسبه، الأرقام 13393 و 13394.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 22

وروي هذا الخبر الثاني مرةً أخري في باب (ما جاء في إنكاح الآباء الأبكار) «1» قال التركماني صاحب «الجوهر النقي» «ذكر فيه تزوّجه عليه السلام عائشة وهي بنت ستّ،

وتزوّج عمر ابنة عليّ صغيرة، وتزويج غير واحدٍ من الصحابة ابنته صغيرةً … قلت: قد كانت عائشة وابنة عليّ صغيرتين».

5- الخطيب في تاريخ بغداد … ص: 22

وروي الخطيب البغدادي- المتوفّي سنة 463- بترجمة إبراهيم بن مهران المروزي بإسناده عنه قال: «حدّثنا الليث بن سعد القيسي- مولي بني رفاعة، في سنة 171 بمصر، عن موسي بن عليّ بن رباح اللخمي، عن أبيه، عن عقبة بن عامر الجهني، قال:

خطب عمر بن الخطّاب إلي عليّ بن أبي طالب ابنته من فاطمة، وأكثر تردّده إليه فقال: يا أبا الحسن، ما يحملني علي كثرة تردّدي إليك إلّا حديث سمعته من رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم: كلّ سبب وصهر منقطع يوم القيامة إلّاسببي ونسبي، فأحببت أنه يكون لي منكم أهل البيت سبب وصهر.

فقام عليٌّ فأمر بابنته من فاطمة فزيّنت ثم بعث بها إلي

__________________________________________________

(1) السنن الكبري 7/ 185 كتاب النكاح باب ما جاء في إنكاح الآباء الأبكار رقم 13660.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 23

أمير المؤمنين عمر. فلمّا رآها قام إليها فأخذ بساقها وقال: قولي لأبيك قد رضيت قد رضيت قد رضيت. فلما جاءت الجارية إلي أبيها قال لها:

ما قال لك أميرالمؤمنين؟ قالت: دعاني وقبّلني، فلمّا قمت أخذ بساقي وقال قولي لأبيك: قد رضيت، فأنكحها إيّاه. فولدت له زيد بن عمر بن الخطّاب، فعاش حتي كان رجلًا ثم مات» «1».

6- ابن عبدالبرّ في الاستيعاب … ص: 23

وقال ابن عبدالبرّ القرطبي- المتوفّي سنة 463- ما هذا لفظه:

«أُمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب. ولدت قبل وفاة رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم، أُمّها فاطمة الزهراء بنت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم.

خطبها عمر بن الخطّاب إلي عليّ بن أبي طالب فقال له: إنّها صغيرة. فقال له عمر: زوّجنيها يا أبا الحسن، فإنّي أرصد من كرامتها ما لا يرصده أحد. فقال له علي: أنا أبعثها إليك فإن رضيتها فقد زوّجتكها.

فبعثها إليه ببرد

وقال لها: قولي له: هذا البرد الذي قلت لك. فقالت ذلك لعمر. فقال: قولي له: قد رضيت رضي اللَّه عنك.

ووضع يده علي ساقها فكشفها.

__________________________________________________

(1) تاريخ بغداد 6/ 180.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 24

فقالت: أتفعل هذا؟! لولا أنّك أميرالمؤمنين لكسرت أنفك، ثمّ خرجت حتّي جاءت أباها فأخبرته الخبر وقالت:

بعثتني إلي شيخ سوء!

فقال: يا بنيّة إنّه زوجك.

فجاء عمر إلي مجلس المهاجرين في الروضة- وكان يجلس فيها المهاجرون الأوّلون- فجلس إليهم فقال لهم: رفّئوني. فقالوا: بما ذا يا أميرالمؤمنين؟ قال: تزوّجت أُمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب، سمعت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم يقول: كلّ نسب وسبب وصهر منقطع يوم القيامة إلّانسبي وصهري. فكان لي به عليه السلام النسب والسبب، فأردت أن أجمع إليه الصهر. فرفّئوه.

حدّثنا عبدالوارث، حدّثنا قاسم، حدّثنا الخشني، حدّثنا ابن أبي عمر، حدّثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن محمّد بن عليّ:

إنّ عمر بن الخطّاب خطب إلي عليّ ابنته أُمّ كلثوم فذكر له صغرها.

فقيل له: إنّه ردّك! فعاوده. فقال له عليّ: أبعث بها إليك، فإن رضيت فهي امرأتك. فأرسل بها إليه، فكشف عن ساقها، فقالت: مه واللَّه لو لا أنّك أميرالمؤمنين للطمت عينك.

وذكر ابن وهب، عن عبدالرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن جدّه: أنّ عمر بن الخطّاب تزوّج أمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب علي

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 25

مهر أربعين ألفاً.

قال أبو عمر: ولدت أُمّ كلثوم بنت عليّ لعمر بن الخطّاب: زيد ابن عمر الأكبر ورقيّة بنت عمر.

وتوفّيت أُمّ كلثوم وابنها زيد في وقتٍ واحد.

وقد كان زيد أُصيب في حربٍ كانت بين بني عديّ ليلًا، كان قد خرج ليصلح بينهم، فضربه رجل

منهم في الظلمة فشرجه وصرعه، فعاش أيّاماً ثم مات هو وأُمّه في وقتٍ واحد.

وصلّي عليهما ابن عمر، قدّمه الحسن بن عليّ.

وكانت فيهما سُنّتان- فيما ذكروا-: لم يورث واحد منهما من صاحبه، لأنّه لم يعرف أوّلهما موتاً، وقدّم زيد قبل أُمّه بما يلي الإمام» «1».

7- ابن الأثير في أُسد الغابة … ص: 25

وقال ابن الأثير الجزري- المتوفّي سنة 630-:

«أُمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب. أُمّها فاطمة بنت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم.

ولدت قبل وفاة رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم.

خطبها عمر بن الخطّاب إلي أبيها عليّ قال: إنّها صغيرة. فقال عمر:

__________________________________________________

(1) الاستيعاب 4/ 509- 510.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 26

زوّجنيها يا أبا الحسن، فإنّي أرصد من كرامتها ما لا يرصده أحد.

فقال له عليّ: أنا أبعثها إليك، فإن رضيتها فقد زوّجتكها. فبعثها إليه ببرد وقال لها: قولي له هذا البرد الذي قلت لك. فقالت ذلك لعمر. فقال:

قولي له قد رضيت، رضي اللَّه عنك. ووضع يده عليها، فقالت: أتفعل هذا؟! لو لا أنك أميرالمؤمنين لكسرت أنفك. ثم جاءت أباها فأخبرته الخبر وقالت له: بعثتني إلي شيخ سوء! قال: يا بنيّة إنّه زوجك.

فجاء عمر فجلس إلي المهاجرين في الروضة- وكان يجلس فيها المهاجرون الأوّلون- فقال: رفّئوني. فقالوا: بماذا يا أميرالمؤمنين؟ قال:

تزوّجت أمّ كلثوم بنت عليّ، سمعت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم يقول: كلّ سببٍ ونسبٍ وصهر ينقطع يوم القيامة إلّاسببي ونسبي وصهري، وكان لي به عليه الصلاة والسلام النسب والسبب، فأردت أن أجمع إليه الصهر. فرفّئوه.

فتزوجها علي مهر أربعين ألفاً.

فولدت له زيد بن عمر الأكبر ورقيّة.

وتوفّيت أُمّ كلثوم وابنها زيد في وقتٍ واحد. وكان زيد قد أُصيب في حربٍ كانت بين بني عديّ، خرج ليصلح بينهم، فضربه رجل منهم في

الظلمة فشجّه وصرعه. فعاش أيّاماً ثمّ مات هو وأُمّه.

وصلّي عليهما عبداللَّه بن عمر قدّمه حسن بن عليّ.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 27

ولَمّا قتل عنها عمر تزوّجها عون بن جعفر.

أخبرنا عبدالوهّاب بن عليّ بن عليّ الأمين، أخبرنا أبو الفضل محمّد بن ناصر، أخبرنا الخطيب أبو طاهر محمّد بن أحمد بن أبي الصقر، أخبركم أبو البركات أحمد بن عبدالواحد بن الفضل بن نظيف ابن عبداللَّه الفرّاء، قلت له: أخبركم أبو محمّد الحسن بن رشيق؟

فقال: نعم، حدثنا أبو بشر محمّد بن أحمد بن حمّاد الدولابي، حدّثنا أحمد بن عبدالجبّار، حدّثنا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، عن حسن بن حسن بن عليّ بن أبي طالب، قال:

لَمّا تأيّمت أُمّ كلثوم بنت عليّ من عمر بن الخطّاب- رضي اللَّه عنهم- دخل عليها حسن وحسين أخواها فقالا لها: إنّك ممّن قد عرفت سيّدة نساء المسلمين وبنت سيدتهنّ، وإنّك واللَّه إن أمكنت عليّاً من رمّتك لينكحنّك بعض أيتامه، ولئن أردت أن تصيبي بنفسك مالًا عظيماً لتصيبنّه.

فواللَّه ما قاما حتي طلع عليٌّ يتّكي ء علي عصاءه فجلس، فحمد اللَّه وأثني عليه، وذكر منزلتهم من رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم وقال:

قد عرفتم منزلتكم عندي يا بني فاطمة، وأثرتكم علي سائر ولدي لمكانكم من رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم وقرابتكم منه. فقالوا:

صدقت رحمك اللَّه، فجزاك اللَّه عنّا خيراً.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 28

فقال: أي بنيّة، إنّ اللَّه عزّوجلّ قد جعل أمرك بيدك، فأنا أُحبّ أن تجعليه بيدي.

فقالت: أي أبة، إنّي لامرأة أرغب فيما يرغب فيه النساء، وأحبّ أن أُصيب ممّا تصيب النساء من الدنيا، وأنا أُريد أن أنظر في أمر نفسي.

فقال: لا واللَّه يا بنيّة ما هذا من

رأيك، ما هو إلّارأي هذين. ثم قام فقال: واللَّه لا أُكلّم رجلًا منهما أو تفعلين. فأخذا بثيابه فقالا: إجلس يا أبة، فواللَّه ما علي هجرتك من صبر. إجعلي أمرك بيده.

فقالت: قد فعلت.

قال: فإنّي قد زوّجتك من عون بن جعفر، وإنّه لغلام، وبعث لها بأربعة ألف درهم، وأدخلها عليه.

أخرجها أبو عمر» «1».

8- ابن حجر في الإصابة … ص: 28

وقال ابن حجر العسقلاني- المتوفّي سنة 852-:

«أُمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب الهاشمية. أُمّها فاطمة بنت النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم. وُلدت في عهد النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم.

قال أبو عمر: وُلدت قبل وفاة النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم.

__________________________________________________

(1) أُسد الغابة 8/ 377- 378.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 29

وقال ابن أبي عمر المقدسي: حدّثني سفيان عن عمرو عن محمّد بن عليّ: أنّ عمر خطب إلي عليّ ابنته أُمّ كلثوم، فذكر له صغرها، فقيل له: إنّه ردّك، فعاوده فقال له عليّ: أبعث بها إليك، فإن رضيت فهي امرأتك. فأرسل بها إليه فكشف عن ساقها. فقالت: مه، لولا أنك أميرالمؤمنين للطمت عينيك.

وقال ابن وهب، عن عبدالرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن جدّه: تزوّج عمر أُمّ كلثوم علي مهر أربعين ألفاً.

وقال الزبير: ولدت لعمر ابنيه زيداً ورقيّة. وماتت أُمّ كلثوم وولدها في يومٍ واحد، أُصيب زيد في حربٍ كانت بين بني عدي، فخرج ليصلح بينهم، فشجّه رجل وهو لا يعرفه في الظلمة، فعاش أيّاماً وكانت أُمّه مريضةً فماتا في يوم واحد.

وذكر أبو بشر الدولابي في الذّريّة الطاهرة من طريق ابن إسحاق، عن الحسن بن الحسن بن عليّ، قال: لَمّا تأيّمت أُمّ كلثوم بنت عليّ عن عمر، فدخل عليها أخواها الحسن والحسين فقالا لها: إن أردت أن تصيبي بنفسك مالًا عظيماً لتصيبن.

فدخل عليٌّ فحمد اللَّه وأثني عليه وقال: أي بنيّة، إنّ اللَّه قد جعل أمرك بيدك، فإن أحببت أن تجعليه بيدي.

فقالت: يا أبت إنّي امرأة أرغب فيما ترغب فيه النساء، وأُحب أن أُصيب من الدنيا، فقال: هذا من عمل هذين، ثم قام يقول: واللَّه لا أُكلّم واحداً

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 30

منهما أو تفعلين، فأخذا شأنها وسألاها ففعلت، فتزوّجها عون بن جعفر بن أبي طالب.

وذكرها الدارقطني في كتاب الإخوة: إنّ عوناً مات عنها فتزوّجها أخوه محمّد، ثم مات عنها فتزوجها أخوه عبداللَّه بن جعفر فماتت عنده.

وذكر ابن سعد نحوه وقال في آخره: فكانت تقول: إنّي لأستحيي من أسماء بنت عميس، مات ولداها عندي فأتخوّف علي الثالث. قال:

فهلكت عنده. ولم تلد لأحدٍ منهم.

وذكر ابن سعد، عن أنس بن عياض، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه:

أنّ عمر خطب أُمّ كلثوم إلي عليّ فقال: إنّما حبست بناتي علي بني جعفر، فقال: زوّجنيها، فواللَّه ما علي ظهر الأرض رجل يرصد من كرامتها ما أرصد. قال: قد فعلت. فجاء عمر إلي المهاجرين فقال: رفّؤوني، فرفّئوه.

فقالوا: بمن تزّوجت؟ قال: بنت عليّ، إنّ النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم قال:

كلّ نسب وسبب سيقطع يوم القيامة إلّانسبي وسببي، وكنت قد صاهرت فأحببت هذا أيضاً.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 31

(2)

نظرات في أسانيد الخبر … ص: 31

اشارة

قد ذكرنا أهمّ أسانيد الخبر عن أشهر كتب القوم، والأخبار المذكورة بعضها يتعلّق بأصل الخبر، خبر تزويج الإمام عليه السلام ابنته من عمر، وبعضها يتعلّق بزواجها بعد عمر، وبعضها يتعلّق بموتها وابنها من عمر.

وإنّه ليتبيّن للناظر في تلك الأسانيد أن لا أصل لأصل الخبر فضلًا عن جزئيّاته ومتعلّقاته، بالنظر إلي أُصول أهل السُنّة وقواعدهم في علم الحديث، واستناداً إلي كلمات

علمائهم في علم الرجال، وقبل الورود في دراسة الأسانيد المذكورة، نذكّر بأنّا لم نجد لما نقلناه عن تلك الكتب عيناً ولا أثراً في كتابي البخاري ومسلم المعروفين بالصحيحين، بل الظاهر عدم وجود الخبر الذي تناقلته في شي ء من سائر الكتب المشهورة بالصّحاح، بل هو غير مخرّج في المسانيد المعتبرة عندهم،

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 32

كمسند أحمد بن حنبل الذي قال جماعة- تبعاً لأحمد- بأنَّ ما ليس ما ليس فيه فليس بصحيح … كما أنهم كثيراً ما يردوّن الحديث المعتبر سنداً معتذرين بعدم وجوده في الصحيحين أو الصحاح!!

عمدة ما في الباب … ص: 31

اشارة

ثمّ إنّ عمدة ما في الباب هو: ما رووه عن أئمّة العترة النبويّة ورجالها، وذلك في (الطبقات) و (المستدرك) و (سنن البيهقي) وكتاب (الذرّيّة الطاهرة). وهنا مطلبان:

أحدهما: لقد تتبّعنا الأحاديث والأخبار، فوجدنا القوم متي أرادوا أن ينسبوا إلي أهل البيت عليهم السلام شيئاً لا يناسب مقامهم ولا يلتصق بهم، وضعوه علي لسان بعض رجال هذا البيت الطاهر …

فإذا أرادوا الطعن في النبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم وبضعته ووصيّه أميرالمؤمنين عليه السّلام … وضعوا قصّة خطبة عليّ ابنة أبي جهلٍ، وعلي لسان أهل البيت «1».

وإذا أرادوا ترويج القول بحرمة متعة النساء، والطعن في ابن عبّاس القائل بحلّيتها حتي آخر لحظةٍ من حياته … نسبوا القول بالحرمة والطعن في ابن عبّاس إلي عليّ عليه السلام، ووضعوا الخبر علي لسان أحفاده «2».

__________________________________________________

(1) أنظر: رسالتنا في هذا الموضوع.

(2) أنظر: رسالتنا في هذا الموضوع.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 33

وإذا أرادوا وضع حديثٍ في فضل الصحابة، وضعوا حديث «أصحابي كالنجوم فبأيّهم اقتديتم اهتديتم» علي لسان الإمام جعفر بن محمّد الصّادق عليه السلام «1».

ولا شكّ أنّ خبر هذا

الزواج من تلك الأحاديث!

والثاني: إنّهم قد رووا هذا الحديث عن جعفر بن محمّد عن أبيه (كما في الطبقات) أو عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن عليّ بن الحسين (كما في المستدرك) أو عن الحسن بن الحسن (كما في الذّريّة الطاهرة) أو عن الحسن بن الحسن عن أبيه (كما في سنن البيهقي).

فإن أُريد الاستدلال به … فهذا موقوف علي تماميّة السند عندهم علي أُصولهم …

لكنّ ابن سعد- صاحب «الطبقات» - يتجاسر علي الإمام الصّادق عليه السّلام فيقول: «كان كثير الحديث ولا يحتجّ به ويستضعف. سئل مرّةً: سمعت هذا الأحاديث من أبيك؟ فقال: نعم. وسئل مرّةً فقال: إنّما وجدتها في كتبه» «2».

وحديث الحاكم في «المستدرك» الذي صحّحه، قال الذهبي متعقّباً إيّاه: «منقطع» «3» وقال البيهقي: «مرسَل» «4».

__________________________________________________

(1) أنظر: رسالتنا في هذا الموضوع.

(2) تهذيب التهذيب 2/ 94.

(3) تلخيص المستدرك 3: 142.

(4) سنن البيهقي 7/ 102.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 34

وكذلك الحديث عن الحسن بن الحسن الذي في «الذرّيّة الطاهرة» مع الضعف في رجاله، كما ستعرف.

أمّا الذي في (سنن البيهقي) عنه عن أبيه، فلا انقطاع فيه، لكنّ السند ساقط من وجوه، لا سيّما وأنّ راويه عن الحسن هو «ابن أبي مليكة» وسيأتيك البيان.

وإن أُريد إلزام الغير به، لكونه عن أئمّة البيت الطاهر ورجال العترة الكريمة، فهذا موقوف علي وثوق الغير برجال الأسانيد دونهم، وهذا أوّل الكلام.

فظهر سقوط أصحّ ما في الباب وعمدته، فغيره ساقط بالأولويّة القطعيّة.

ومع ذلك، فإنا نفصّل الكلام أوّلًا علي سند الحديث في (السنن) عن أبي جعفر عن أبيه عليّ بن الحسين. وفي (الإستيعاب) عن محمّد بن عليّ. وفي (السنن) أيضاً عن الحسن بن الحسن.

ثمّ ننظر في الأسانيد الأُخري، إتماماً للمرام وقطعاً للخصام

فنقول:

* لقد أخرجه البيهقي في (سننه) من طريق الحاكم أبي عبداللَّه «عن أبي جعفر عن أبيه علي بن الحسين» وفي السّند «أحمد بن عبدالجبّار»:

ترجمة أحمد بن عبدالجبّار … ص: 34

وهذه جملة من الكلمات فيه:

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 35

«قال ابن أبي حاتم: كتبت عنه وأمسكت عن الرواية عنه، لكثرة كلام الناس فيه».

وقال مطين: «كان يكذب».

وقال أبو أحمد الحاكم: «ليس بالقويّ عندهم، تركه ابن عقدة».

وقال ابن عديّ: «رأيت أهل العراق مجمعين علي ضعفه … » «1».

ترجمة يونس بن بكير … ص: 35

وفيه: «يونس بن بكير»:

وقال الآجري عن أبي داود: «ليس هو عندي بحجّة، كان يأخذ ابن إسحاق فيوصله بالأحاديث.

وقال النسائي: ليس بالقوي.

وقال مرّةً: ضعيف.

وقال الجوزجاني: ينبغي أن يتثبّت في أمره.

وقال السّاجي: كان ابن المديني لا يحدّث عنه وهو عندهم من أهل الصدق.

وقال أحمد بن حنبل: ما كان أزهد الناس وأنفرهم عنه، وقد كتبت عنه.

وقال ابن أبي شيبة: كان فيه لين.

__________________________________________________

(1) تهذيب التهذيب 1/ 47.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 36

وقال السّاجي: وكان صدوقاً إلّاأنّه كان يتبع السّلطان وكان مرجئاً» «1».

هذا، بغضّ النظر عن الكلام في «محمّد بن إسحاق».

* ورواه ابن عبدالبر وابن حجر بالإسناد عن الإمام محمّد بن عليّ الباقر عليه السّلام، وفي السند «عمرو بن دينار»:

ترجمة عمرو بن دينار: … ص: 36

وإليك بعض الكلمات في قدحه:

قال الميموني عن أحمد: «ضعيف منكر الحديث».

وقال إسحاق بن منصور عن ابن معين: «لا شي ء». وقال يعقوب بن شيبة عن ابن معين: «ذاهب الحديث».

وقال عمرو بن عليّ: «ضعيف الحديث، روي عن سالم عن ابن عمر عن النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم أحاديث منكرة».

وقال أبو حاتم مثله وزاد: «وعامّة حديثه منكر».

وقال أبو زرعة: «واهي الحديث».

وقال البخاري: «فيه نظر».

وقال أبو داود في حديثه: «ليس بشي ء».

وقال الترمذي: «ليس بالقويّ».

__________________________________________________

(1) تهذيب التهذيب 11/ 381.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 37

وقال النسائي: «ليس بثقة، روي عن سالم أحاديث منكرة».

وقال مرّةً: «ضعيف». وكذا قال الجوزجاني والدارقطني.

وقال ابن حبّان: «لا يحلّ كتب حديثه إلّاعلي جهة التعجّب، كان يتفرّد بالموضوعات عن الأثبات».

وقال البخاري في الأوسط: «لا يتابع علي حديثه».

وقال ابن عمّار الموصلي: «ضعيف».

وقال السّاجي: «ضعيف، يحدّث عن سالم المناكير» «1».

هذا، بغضّ النظر عن الكلام في «سفيان بن عيينة».

* ورواه البيهقي بسندٍ له عن الحسن بن الحسن عن أبيه عليه

السلام، وفيه: «سفيان بن عيينة».

ترجمة سفيان بن عيينة … ص: 37

وقد تكلّم فيه بعض الأعلام الأثبات، قال ابن حجر:

«وقال ابن عمّار: سمعت يحيي بن سعيد القطّان يقول: اشهدوا أنّ سفيان بن عيينة اختلط سنة سبع وتسعين ومائة، فمن سمع منه في هذه السّنة وبعدها فسماعه لا شي ء.

قلت: قرأت بخطّ الذهبي: أنا أستبعد هذا القول وأجده غلطاً من ابن عمّار، فإنّ القطّان مات أول سنة (98) عند رجوع الحجّاج وتحدّثهم

__________________________________________________

(1) تهذيب التهذيب 8/ 27.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 38

بأخبار الحجاز، فمتي يمكن من سماع هذا حتي يتهيّأ له أن يشهد به. ثم قال: فلعلّه بلغه ذلك في وسط السنة انتهي.

وهذا الذي لا يتّجه غيره، ولأنّ ابن عمّار من الأثبات المتقنين، وما المانع أن يكون يحيي بن سعيد سمعه من جماعةٍ ممّن حجّ في تلك السنة واعتمد قولهم وكانوا كثيراً، فشهد علي استفاضتهم.

وقد وجدت عن يحيي بن سعيد شيئاً يصلح أن يكون سبباً لما نقله عنه ابن عمّار في حقّ ابن عيينة، وذلك ما أورده أبو سعد بن السمعاني في ترجمة إسماعيل بن أبي صالح المؤذّن من «ذيل تاريخ بغداد» بسندٍ له قويٍّ إلي عبدالرحمن بن بشر بن الحكم قال: سمعت يحيي بن سعيد يقول: قلت لابن عيينة: كنت تكتب الحديث وتحدّث اليوم وتزيد في إسناده أو تنقص منه! فقال: عليك بالسماع الأول فإنّي قد سمنت.

وقد ذكر ابن معين الرازي في زيادة كتاب الإيمان لأحمد أنّ هارون بن معروف قال له: إنّ ابن عيينة تغيّر أمره بآخره، وإنّ سليمان ابن حرب قال له: إنّ ابن عيينة أخطأ في عامّة حديثه عن أيّوب. وكذا ذكر» «1».

ترجمة وكيع بن الجرّاح … ص: 38

وفيه «وكيع بن الجرّاح»، أورده الذهبي في (ميزانه) فذكر عن

__________________________________________________

(1) تهذيب التهذيب 4/ 108- 109.

سلسلة اعرف الحق

تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 39

أحمد بن حنبل القدح فيه بأُمور هي: سبّ السّلف، وشرب المسكر، والفتوي بالباطل «1».

وذكر الخطيب بإسناده عن نعيم بن حمّاد، قال: «تعشّينا عند وكيع- أو قال: تغدّينا- فقال: أي شي ء تريدون أجيؤكم به؟ نبيذ الشيوخ أو نبيذ الفتيان؟ قال. قلت: تتكلّم بهذا؟! قال: هو عندي أحلّ من ماء الفرات.

قلت له: ماء الفرات لم يختلف فيه وقد اختلف في هذا» «2».

وذكر ابن حجر عن أحمد: «أخطأ وكيع في خمسمائة حديث» «3».

وعن محمّد بن نصر المروزي: «كان يحدّث باخره من حفظه فيغيّر ألفاظ الحديث … » «4».

ترجمة ابن جريج … ص: 39

وفيه: «ابن جريج»، وقد ذكر ابن حجر بترجمته عن مالك: «كان ابن جريج حاطب ليل».

وعن ابن معين: «ليس بشي ء في الزهري».

وعن أحمد: «إذا قال ابن جريج: قال فلان وقال فلان وأخبرتُ،

__________________________________________________

(1) ميزان الاعتدال 7/ 127.

(2) تاريخ بغداد 13/ 477.

(3) تهذيب التهذيب 11/ 111.

(4) المصدر 11/ 114.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 40

جاء بمناكير».

وعن يحيي بن سعيد: «إذا قال: قال؛ فهو شبه الريح».

وعن ابن المديني: «سألت يحيي بن سعيد عن حديث ابن جريج عن عطاء الخراساني. فقال: ضعيف. قلت ليحيي: إنّه يقول: أخبرني. قال:

لا شي ء، كلّه ضعيف، إنّما هو كتاب دفعه إليه».

وعن ابن حبّان: «كان يدلّس».

وعن الدارقطني: «تجنّب تدليس ابن جريج، فإنّه قبيح التدليس … » «1».

وأورده الذهبي في ميزانه وقال: «يدلّس» «2».

وقال ابن حجر: «كان يدلّس ويرسل» «3».

بل عن أحمد: «بعض هذه الأحاديث التي كان يرسلها ابن جريج أحاديث موضوعة، كان ابن جريج لا يبالي من أين يأخذها» «4».

ترجمة ابن أبي مليكة … ص: 40

وهو عبداللَّه بن عبيداللَّه، ويكفي في سقوطه «أنّه كان قاضياً لابن الزبير ومؤذّناً له» «5».

__________________________________________________

(1) تهذيب التهذيب 6/ 354- 355.

(2) ميزان الاعتدال 4/ 404.

(3) تقريب التهذيب 1/ 617.

(4) ميزان الاعتدال 4/ 404.

(5) تهذيب التهذيب 5/ 272.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 41

رجال الأسانيد الأُخري … ص: 41

اشارة

ونعود، فننظر في رجال الأسانيد الأُخري بقدر الضرورة.

* ففي أخبار ابن سعد، وعنه ابن حجر في الإصابة يوجد:

«وكيع بن الجرّاح» وقد عرفته.

ترجمة هشام بن سعد … ص: 41

و «هشام بن سعد». وقد أورده الذهبي في (ميزانه) وقال: «قال أحمد: لم يكن بالحافظ، وكان يحيي القطّان لا يحدّث عنه».

قال: «وقال أحمد أيضاً: لم يكن محكم الحديث».

وقال ابن معين: «ليس بذاك القويّ وليس بمتروك».

وقال النسائي: «ضعيف وقال مرةً: ليس بالقوي.

وقال ابن عديّ: «مع ضعفه يكتب حديثه».

وقال ابن حجر: «قال الدوريّ عن ابن معين: ضعيف».

وقال أبو حاتم: «يكتب حديثه ولا يحتجّ به».

قال: «ذكره ابن عبدالبرّ في باب من نسب إلي الضعف ممّن يكتب حديثه». «وذكره يعقوب بن سفيان في الضعفاء».

وقال ابن سعد: «كان كثير الحديث، يستضعف، وكان متشيّعاً» «1».

__________________________________________________

(1) ميزان الاعتدال 7/ 81، تهذيب التهذيب 11/ 37- 38.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 42

* وفي خبرٍ رواه ابنا عبدالبرّ وحجر بإسنادهما عن «أسلم مولي عمر بن الخطّاب» يوجد:

ترجمة ابن وهب … ص: 42

«ابن وهب» وهو عبداللَّه بن وهب القرشي مولاهم المصري:

ذكره ابن عديّ في الكامل «1».

والذهبي في الميزان «2».

وتكلّم فيه ابن معين «3».

وقال أحمد بن حنبل: «في حديث ابن وهب عن ابن جريج شي ء.

قال أبو عوانة: صدق لأنّه يأتي عنه بأشياء لا يأتي بها غيره» «4».

* ورواه الخطيب البغدادي بسنده عن الليث بن سعد، عن موسي بن عليّ بن رباح اللخمي، عن ابيه، عن عقبة بن عامر الجهني. وفيه «موسي بن علي».

ترجمة موسي بن علي اللخمي … ص: 42

1- كان والياً علي مصر «5».

__________________________________________________

(1) الكامل في الضعفاء 5/ 336.

(2) ميزان الاعتدال 4/ 223.

(3) الكامل 5/ 336- 337، ميزان الاعتدال 4/ 223- 224.

(4) تهذيب التهذيب 6/ 67- 68.

(5) حسن المحاضرة 2/ 12، تهذيب التهذيب 10/ 323، الأنساب 5/ 134.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 43

2- قال ابن معين: لم يكن بالقويّ «1».

3- قال ابن عبدالبرّ: ما انفرد به فليس بالقويّ» «2».

ترجمة علي بن رباح اللخمي … ص: 43

و «عليّ بن رباح» ترجم له ابن حجر بما هذا ملّخصه:

1- وفد علي معاوية.

2- قال: لا أجعل في حلٍّ من سمّاني «عَليّ»، فإنّ اسمي «عُلَيّ».

3- وكان له من عبدالعزيز منزلة، ثم عتب عليه عبدالعزيز فأغزاه أفريقية، فلم يزل بها إلي أن مات «3».

ترجمة عقبة بن عامر الجهني … ص: 43

و «عقبة بن عامر الجهني» يكفي في قدحه:

1- كونه من ولاة معاوية بن أبي سفيان … قال السمعاني:

«شهد فتح مصر واختطّ بها، وولي الجند بمصر لمعاوية بن أبي سفيان بعد عتبة بن أبي سفيان سنة 44 ثم أغزاه معاوية البحر سنة 47» «4».

وقال ابن حجر: «ولي إمرة مصر من قبل معاوية سنة 44» «5» وكذا

__________________________________________________

(1) تهذيب التهذيب 10/ 324.

(2) المصدر 10/ 324.

(3) المصدر 7/ 271- 272.

(4) الأنساب 2/ 134.

(5) تهذيب التهذيب 7/ 209- 210.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 44

قال السيوطي «1».

2- كونه قاتل عمّار بن ياسر أو من قَتَلَتِه، قال ابن سعد: «قتل عمّار رحمه اللَّه وهو ابن 91 سنة، وكان أقدم في الميلاد من رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم. وكان أقبل إليه ثلاثة نفر: عقبة بن عامر الجهني وعمر بن الحارث الخولاني وشريك بن سلمة المرادي، فانتهوا إليه جميعاً وهو يقول: واللَّه لو ضربتمونا حتي تبلغوا بنا سعفات هجر لعلمت أنّا علي حقّ وأنتم علي باطل. فحملوا عليه جميعاً فقتلوه. وزعم بعض الناس:

أنّ عقبة بن عامر هو الذي قتل عمّاراً».

3- أنّه الضارب عمّاراً بأمر عثمان. قال ابن سعد بعد العبارة المتقدّمة: «وهو الذي كان ضربه حين أمره عثمان بن عفّان» «2».

هذا، بغضّ النظر عن الليث بن سعد وغيره من رجال السند عند الخطيب.

ترجمة عطاء الخراساني … ص: 44

و «عطاء الخراساني».

أورده البخاري في الضعفاء «3».

__________________________________________________

(1) حسن المحاضرة 2/ 8.

(2) الطبقات الكبري 3/ 196.

(3) الضعفاء الصغير 178- 179.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 45

وابن حبّان في المجروحين «1».

والعقيلي في الضعفاء الكبير «2».

والذهبي في الميزان والمغني «3». وقال السمعاني: «كان ردي ء الحفظ، كثير الوهم، يخطي ء ولا يعلم فحمل عنه، فلمّا كثر ذلك في روايته بطل

الاحتجاج به» «4».

هذا مضافاً إلي الانقطاع الموجود في خبره، لأنّه ولد سنة 50 وتوفّي سنة 133 أو 150، فلابُدّ أن يكون قد روي الخبر بواسطة رجلٍ وهو غير مذكور.

ترجمة محمّد بن عمر الواقدي … ص: 45

و «محمّد بن عمر الواقدي»:

قال أحمد: «هو كذّاب يقلب الأحاديث».

وقال البخاري وأبو حاتم: «متروك».

وقال أبو حاتم أيضاً والنسائي: «يضع الحديث».

وقال ابن راهويه: «هو عندي ممّن يضع الحديث».

__________________________________________________

(1) كتاب المجروحين 2/ 130- 131.

(2) الضعفاء الكبير 3/ 405.

(3) ميزان الاعتدال 5/ 92، المغني في الضعفاء 2/ 59.

(4) الأنساب 2/ 337.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 46

وقال ابن معين: «ليس بثقة».

وقال الدارقطني: «فيه ضعف».

وقال ابن عديّ: «أحاديثه غير محفوظة والبلاء منه».

وقال السمعاني: «قد تكلّموا فيه».

وقال ابن خلّكان: «ضعّفوه في الحديث وتكلّموا فيه».

وقال اليافعي: «أئمّة الحديث ضعّفوه».

وقال الذهبي: «مجمع علي تركه» «1».

ترجمة عبدالرحمن بن زيد … ص: 46

و «عبدالرحمن بن زيد»:

قال أبو طالب عن أحمد: «ضعيف».

وقال عبداللَّه بن أحمد: «سمعت أبي يضعّف عبدالرحمن وقال:

روي حديثاً منكراً».

وقال الدوري عن ابن معين: «ليس حديثه بشي ء».

وقال البخاري وأبو حاتم: «ضعّفه عليّ بن المديني».

وقال أبو داود: «أولاد زيد بن أسلم كلّهم ضعيف».

__________________________________________________

(1) أنظر: ميزان الاعتدال 6/ 273، المغني في الضعفاء 2/ 354، الكاشف 3/ 65، مرآة الجنان- حوادث سنة 207 2/ 36، الأنساب 5/ 567، تقريب التهذيب 2/ 117، طبقات الحفّاظ: 149، وغيرها.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 47

وقال النسائي: «ضعيف».

وقال أبو زرعة: «ضعيف».

وقال ابن حبّان: «كان يقلّب الأخبار وهو لا يعلم حتي كثر ذلك في روايته من رفع المراسيل وإسناد الموقوف فاستحقّ الترك».

وقال ابن سعد: «كان كثير الحديث ضعيفاً جدّاً».

وقال ابن خزيمة: «ليس هو ممّن يحتجّ أهل العلم بحديثه لسوء حفظه».

وقال الساجي: «وهو منكر الحديث».

وقال الطحاوي: «حديثه عن أهل العلم بالحديث في النهاية من الضعف».

وقال الجوزجاني: «أولاد زيد ضعفاء».

وقال الحكم وأبو نعيم: «روي عن أبيه أحاديث موضوعة».

وقال ابن الجوزي: «أجمعوا علي ضعفه» «1».

ترجمة زيد بن أسلم … ص: 47

و «زيد بن أسلم»، قد ذكروا بترجمته: أنّه كان يروي عن جابر بن عبداللَّه الأنصاري وأبي هريرة، ثم نقلوا عن ابن معين قوله: «لم يسمع من جابر ولا من أبي هريرة» وكذا ذكروا بالنسبة إلي غيرهما من الصحابة، وهذا معناه أنّه يروي عنهم ما لم يسمعه منهم، وبه صرّح

__________________________________________________

(1) تجد هذه الكلمات وغيرها في تهذيب التهذيب 6/ 162- 163.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 48

ابن عبدالبرّ، ونقله عنه ابن حجر وارتضاه حيث قال: «وذكر ابن عبدالبرّ في مقدّمة التمهيد ما يدلّ علي أنّه كان يدلّس».

هذا، وعن ابن عمر: «لا أعلم به بأساً إلّاأنّه يفسّر برأيه القرآن ويكثر

منه» «1».

هذا كلّه، بغضّ النظر عن السند بين «ابن عبدالبرّ، ابن حجر» و «ابن وهب».

* وروي ابن حجر في (الإصابة) عن «الزبير بن بكّار».

ترجمة الزبير بن بكار … ص: 48

المتوفّي سنة 256، وهو كان قاضي مكّة المكرّمة، وكان من المنحرفين عن أميرالمؤمنين وأهل البيت عليهم السلام، وهو مع ذلك مقدوح عند أهل السُنّة.

فعن ابن أبي حاتم: «رأيته ولم أكتب عنه».

وعن أحمد بن عليّ السليماني أنّه أورده في كتابه «الضعفاء» وقال:

«كان منكر الحديث» «2».

مضافاً، إلي إرسال الخبر.

هذا كلّه فيما يتعلّق بأصل الخبر، وقد عرفت أن لا أصل له.

__________________________________________________

(1) تهذيب التهذيب 3/ 345- 346.

(2) المصدر 3/ 278.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 49

النظر في سند خبر زواجها بعد عمر … ص: 49

فلننظر في سند ما رووه ممّا يتعلّق بزواجها بعد عمر، ثم وفاتها عليها السلام:

فأمّا ما ذكروه بترجمتها من خبر تزويج الإمام عليّ عليه السّلام أُمّ كلثوم بعد عمر من عون بن جعفر … فعمدته ما في «الذّريّة الطاهرة» وعنه في «أسد الغابة» و «الإصابة» و «ذخائر العقبي» وغيرها … عن الحسن بن الحسن … فهو عن:

أحمد بن عبدالجبّار عن

يونس بن بكير عن

ابن إسحاق عن

الحسن بن الحسن …

وقد تكلّمنا علي هذا السند فيما تقدّم.

* ورواه الدولابي بإسناده عن «ابن شهاب الزهري» وهو من مشاهير المنحرفين عن أهل البيت الطاهرين عليهم السلام «1».

هذا بغضّ النظر عن غيره من رجال السند. ويذكر أنّ ابن منيع الراوي عن الزهري كان أخا امرأة هشام بن عبدالملك «2».

__________________________________________________

(1) أنظر: رسالتنا في خبر خطبة علي ابنة أبي جهل.

(2) تهذيب التهذيب 7/ 13.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 50

النظر في سند خبر وفاتها … ص: 50

اشارة

وأمّا خبر وفاتها، فالعمدة فيه هو ابن سعد في (الطّبقات). ولابُدَّ من النظر فيه سنداً هنا ودلالةً فيما بعد.

* وإنّ عمدة أسانيد هذا الخبر تنتهي إلي «عامر الشعبي».

ترجمة الشعبي … ص: 50

و «عامر الشعبي» ولد لستّ سنين خلت من حكومة عمر، ومات بعد المائة، فالخبر مرسل.

وكان الشعبي من قضاة بني مروان.

وكان من المنحرفين عن أميرالمؤمنين عليه السلام، حتي دخل علي الحجّاج ونال من أميرالمؤمنين عليه السلام، فغضب منه الحسن البصري وجعل يعظه «1».

وقد حمله الحقد والنصب علي أن يقول: إنّه عليه السلام لم يقرأ القرآن ولم يحفظه، فرُدّ عليه ذلك «2».

وعلي أن يضع: «صلّي أبو بكر الصّديق علي فاطمة بنت رسول اللَّه فكبّر عليها أربعاً»! و «أنّ فاطمة لَمّا ماتت دفنها عليٌّ ليلًا وأخذ بضبعي

__________________________________________________

(1) إحياء العلوم 2/ 346.

(2) غاية النهاية في طبقات القرّاء 1/ 546.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 51

أبي بكر فقدّمه في الصلاة عليها» حتي اضطرّ ابن حجر إلي أن يقول: «فيه ضعف وانقطاع» «1».

وعلي أن يكذّب مثل الحارث الهمداني وما ذلك إلّالتشيّعه، حتي اعترض عليه بعضهم، قال ابن حجر: «وقال ابن عبدالبرّ في كتاب «العلم» له، لمّا حكي عن إبراهيم أنّه كذّب الحارث: أظنّ الشعبي عوقب بقوله في الحارث كذّاب، ولم يبن من الحارث كذبة وإنما نقم عليه إفراطه في حب علّي» «2».

* ومنها ما ينتهي إلي: «عمّار بن أبي عمّار»:

ترجمة عمّار بن أبي عمّار … ص: 51

وقد قدح فيه جماعة من أئمّة القوم في الجرح والتعديل، كشعبة ابن الحجّاج والبخاري وابن حبّان وغيرهم «3».

* ومنها ما ينتهي إلي «نافع مولي ابن عمر».

ترجمة نافع … ص: 51

وقول ابن عمر له: «إتّق اللَّه يا نافع ولا تكذب عليّ كما كذب

__________________________________________________

(1) الإصابة 8/ 267.

(2) تهذيب التهذيب 2/ 135.

(3) المصدر 7/ 341.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 52

عكرمة علي ابن عبّاس» مشهور مذكور في ترجمة نافع وعكرمة. هذا مضافاً إلي قول أحمد: «نافع عن عمر منقطع» «1».

* ومنها ما ينتهي إلي «عبداللَّه البهيّ».

ترجمة عبداللَّه البهي … ص: 52

وهو: عبداللَّه بن يسار، قال ابن حجر: مولي مصعب بن الزبير …

فالخبر مرسل.

ولقد روي هذا الرجل عن عائشة قائلًا «حدّثتني» فكذّبه القوم وقالوا: إنّما يروي عن عروة.

ثم إنّ ابن أبي حاتم ذكره في «العلل» ونقل عن أبيه أنّه لا يحتجّ بالبهيّ وهو مضطرب الحديث «2».

هذا كله، بغضّ النظر عن رجال هذه الأسانيد لغرض الاختصار.

هذا تمام الكلام علي أسانيد الأخبار المتعلّقة بسيّدتنا أُمّ كلثوم.

__________________________________________________

(1) تهذيب التهذيب 10/ 370.

(2) المصدر 6/ 82- 83.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 53

(3)

نظرات في متون الأخبار ودلالاتها … ص: 53

اشارة

وهلمَّ معي … بعد النظر في أسانيد أخبار القصّة … إلي النظر في ألفاظها ودلالاتها … لنري التضارب في الدلالة والتلاعب في اللّفظ … في جميع مراحل القصّة …

(1)

لقد جاء في الأخبار المذكورة أنّ الإمام عليه السلام اعتلّ بالصغر وبأنّه حبسها علي ابن أخيه جعفر بن أبي طالب، ففي روايةٍ لابن سعد:

«فقال عليُّ: إنّما حبست بناتي علي أولاد جعفر» وعند الحاكم: «إنّي لأرصدها لابن أخي» وفي أُخري لابن سعد: «إنّها صبيّة» وكذا عند ابني عبدالبرّ والأثير وغيرهما، وعند البيهقي: «إنّها لتصغر عن ذلك».

ثم إنّه لم يذكر فيها إلّاأنّ عمر «عاوده» فقال: «أنكحنيها، فواللَّه ما علي ظهر الأرض … » فما كان منه عليه السلام- بحسب هذه الأخبار- إلّا

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 54

أن أرسلها إليه «لينظر إليها» … ! وأُضيف في بعضها بأنّه أمر بها «فزيّنت» أو «فصنعت» فبعثها إليه … فإن أعجبته ورضي بها فهي زوجة له … !

أتري أن ينقلب موقف الإمام عليه السلام من الامتناع لكونها صغيرة، ولكونه قد حبسها لابن أخيه- ولعلّه لأسبابٍ أُخري أيضاً … غير مذكورة في الأخبار- ينقلب من الامتناع إلي الانصياع، بهذه البساطة، وإلي هذا

الحدّ؟!

إنّ هذا- لعمري- يستوجب الشكّ ويستوقف الفكر!

ولكن قد تلوح للناظر في الروايات … هنا وهناك … بعض الحقائق التي حاول التكتم عنها في كتب القدماء أصحابها …

ففي رواية الفقيه ابن المغازلي الشافعي- المتوفّي سنة 483- بإسناده عن عبداللَّه بن عمر، قال: «صعد عمر بن الخطّاب المنبر فقال:

أيّها الناس، إنّه- واللَّهِ- ما حملني علي الإلحاح علي عليِّ بن أبي طالب في ابنته إلّاأنّي سمعت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه يقول: كلّ سببٍ ونسبٍ وصهرٍ منقطع [يوم القيامة] إلّانسبي وصهري، فإنّهما يأتيان يوم القيامة يشفعان لصاحبهما» «1».

يفيد هذا الخبر أنّ القضية كانت مورد تعجّب من الناس وتساؤلٍ في المجتمع، الأمر الذي اضطرّ عمر إلي أن يعلن عن قصده في خطبة

__________________________________________________

(1) مناقب الإمام علي بن أبي طالب عليه السّلام لابن المغازلي 134- 135.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 55

أُمّ كلثوم، ويحلف باللَّه بأنّه ليس إلّاما سمعه من رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم، وأنّه كان منه «الإلحاح» في ذلك … لكن لم يزد هذا اللّفظ علي «الإلحاح» شيئاً! فلم يوضّح كيفيّة الإلحاح، ولا ما كان من الإمام عليه السّلام …

وفي رواية الخطيب: «خطب عمر بن الخطّاب إلي عليّ بن أبي طالب ابنته من فاطمة وأكثر تردّده إليه، فقال: يا أبا الحسن ما يحملني علي كثرة تردّدي إليك إلّاحديث سمعته من رسول اللَّه … » ففيه: «أكثر تردّده إليه».

وفي بعض الروايات ما يستشمّ منه التهديد، ففي روايةٍ لابن سعد قال عمر في جواب قول الإمام عليه السلام: «إنّها صبيّة» قال: «إنّك واللَّه ما بك ذلك، ولكن قد علمنا ما بك» وفي رواية الدولابي والمحبّ الطبري عن ابن إسحاق: «فقال عمر: لا واللَّه ما ذلك بك، ولكن أردت

منعي» «1». ولَمّا وقع الخلاف بين أهل البيت في تزويجه وسمع عمر بمخالفة عقيل قال: «ويح عقيل، سفيه أحمق» «2».

وفي بعضها التصريح بما يدلّ علي أنّه كان ل «درّة عمر» دور في القضيّة، وذلك فيما أخرجه الدولابي بسنده عن أسلم مولي عمر قال:

__________________________________________________

(1) ذخائر العقبي في مناقب ذوي القربي: 286.

(2) مجمع الزوائد 4/ 499 كتاب النكاح باب في الشريفات رقم 7430.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 56

«خطب عمر إلي علي بن أبي طالب أمّ كلثوم، فاستشار عليُّ العبّاس وعقيلًا والحسن، فغضب عقيل، وقال لعليّ: ما تزيد الأيام والشهور إلّا العمي في أمرك، واللَّه لئن فعلت ليكوننّ وليكوننّ. فقال عليُّ للعبّاس:

واللَّه ما ذاك من نصيحة، ولكن درّة عمر أحوجته إلي ماتري» «1».

لكنّ أبا نعيم الأصفهاني روي هذا الخبر عن زيد بن أسلم عن أبيه، فحذف منه مخالفة عقيل و «درّة عمر» وهذا لفظه: «عن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: دعا عمر بن الخطّاب عليّ بن أبي طالب فسارّه. ثم قام عليُّ فجاء الصفّة فوجد العبّاس وعقيلًا والحسين فشاورهم في تزوّج أُمّ كلثوم عمر. ثم قال عليُّ: أخبرني عمر أنّه سمع النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم يقول: كلّ سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلّاسببي ونسبي» «2».

ثمّ إنّ في عدّةٍ من الأخبار أنّ الإمام عليه السلام تعلّل- بالإضافة إلي الصغر والحبس لابن أخيه- بأن قال: «إنّ لها أميرين معي» «3» يعني:

الحسن والحسين، وأنّه عليه السلام استشارهما وعقيلًا والعبّاس، فكان الخبر المذكور عن أسلم ظاهراً في سكوت الحسن عليه السلام الظاهر

__________________________________________________

(1) الذريّة الطاهرة: 160، عنه ذخائر العقبي: 289، مجمع الزوائد 4/ 499 كتاب النكاح باب في الشريفات رقم 7430.

(2) حلية الأولياء 2/ 42.

(3) ذخائر العقبي: 289.

سلسلة

اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 57

في الرضا، بل في آخر: «فسكت الحسين وتكلّم الحسن، فحمد اللَّه وأثني عليه ثم قال: يا أبتاه من بعد عمر؟ صحب رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم، وتوفّي وهو عنه راض، ثم وليّ الخلافة فعدل؟ قال: صدقت يا بني. ولكن كرهت أن أقطع أمراً دونكما» «1».

لكن ينافيه ما أخرجه البيهقي عن ابن أبي مليكة عن الحسن بن الحسن: «فقال عليُ لحسنٍ وحسينٍ رضي اللَّه عنهما: زوّجا عمّكما.

فقالا: هي امرأة من النساء تختار لنفسها. فقام عليُّ رضي اللَّه عنه مغضباً، فأمسك الحسن بثوبه وقال: لا صبر علي هجرانك يا أبتاه. قال:

فزوّجاه» «2».

فعمد بعضهم إلي تحريف القصّة المكذوبة هذه، فروي عن الحسن بن الحسن نفسه وقوع ذلك الخلاف حول تزويجها من عونٍ فقال: «لَمّا أيمت أُمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب من عمر بن الخطّاب دخل عليها حسن وحسين أخواها فقالا لها … » «3» وهو خبر طويل يشتمل علي أكاذيب مخجلة وأباطيل مضحكة.

__________________________________________________

(1) ذخائر العقبي: 289.

(2) سنن البيهقي 7/ 185 كتاب النكاح باب ما جاء في إنكاح الآباء الأبكار رقم 13660.

(3) الذريّة الطاهرة: 162- 163، ذخائر العقبي: 290.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 58

(2)

قد عرفت اعتلال الإمام عليه السلام بالصّغر في كثيرٍ من الأخبار …

والذي يظهر منها أنّ عمر ما كان يصدّقه عليه السّلام في ذلك، ولذا كان يعاوده ويكثر الترّدد إليه ويلحّ عليه … حتي وصل الأمر إلي التهديد، بل في بعض الأخبار تصريح بذلك، ففي رواية الدولابي والمحبّ الطبري:

«قال: هي صغيرة. فقال عمر: لا واللَّه ما ذلك بك، ولكن أردت منعي، فإن كانت كما تقول فابعثها إليّ … » «1».

ولمّا كان ذلك كلّه من عمر

من القبح بمكان … أعرض بعضهم عن نقل الاعتلال والإصرار والتهديد والتكذيب … كما لا يخفي علي من راجع لفظ رواية الخطيب …

(3)

قال ابن سعد عن الواقدي وغيره: «ثمّ أمر ببُردٍ فطواه وقال: انطلقي بهذا … ».

وفي لفظ المحبّ الطبري عن ابن إسحاق: «فدعاها فأعطاها حلّةً وقال: انطلقي بهذه … » وذلك «لينظر إليها». ولذا قالت لَمّا رجعت إلي أبيها: «ما نشر البرد ولا نظر إلّاإليَّ».

__________________________________________________

(1) الذرّيّة الطاهرة: 157- 158، ذخائر العقبي: 286.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 59

وهذا ما استقبحه بعضهم كسبط ابن الجوزي كما سيأتي.

ولم يتعرّض له آخر في روايته، روي أبو بشر الدولابي: «فدعا أُمّ كلثوم وهي يومئذٍ صبيّة فقال: انطلقي إلي أميرالمؤمنين فقولي له: إنّ أبي يقرؤك السلام ويقول لك: إنّا قد قضينا حاجتك التي طلبت».

وروي الخطيب: «خطب إلي عليّ أُمّ كلثوم فقال: أنكحنيها. فقال علي: إنّي لأرصدها لابن أخي عبداللَّه بن جعفر. فقال عمر: أنكحنيها، فواللَّه ما من الناس أحد يرصد من أمرها ما أرصده، فأنكحه عليّ، فأتي عمر المهاجرين … ».

(4)

قضيّة أنّ عليّاً عليه السّلام أمر بأُمّ كلثوم «فصنعت» كما في رواية ابن سعد عن الواقدي، و «فزيّنت» في رواية الخطيب عن عقبة بن عامر، وأنّه «كشف عن ساقها» في رواية ابن عبد البرّ وغيره عن الإمام الباقر!! فظيعة بالغة في الفظاعة إلي أبعد الحدود!!

ألا يستحي هؤلاء الوضّاعون من نسبة هذه الصنيعة الشنيعة- التي لو سمعها واحدٌ من عوامّ الناس لنفر منها واستنكرها- إلي إمام الأئمّة؟!

ألا يستحيون من وضعها علي لسان الإمام الباقر عليه السلام؟!

من هنا تري بعضهم يحرّفون الكلمة، كابن الأثير حيث ذكر:

«ووضع يده عليها» وكالدولابي والمحبّ الطبري حيث ذكرا في لفظٍ:

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله،

خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 60

«فأخذ عمر بذراعها» وفي آخر: «فأخذها عمر فضمّها إليه».

وبعضهم- كالحاكم والبيهقي- لم يذكروا شيئاً من ذلك. قال المحبّ الطبري بعد حديث من ذاك القبيل: «وخرّج ابن السمان معناه ولفظه مختصراً» فكان ما خرّجه خلواً من ذلك «1».

وبعضهم يكذّب ذلك كلّه بصراحةٍ، كسبط ابن الجوزي- المتوفّي سنة 654- حيث يقول:

«وذكر جدّي في كتاب «المنتظم»: أنّ عليّاً بعثها إلي عمر لينظرها، وأنّ عمر كشف ساقها ولمسها بيده.

قلت: وهذا قبيح واللَّه، لو كانت أمةً لما فعل بها هذا.

ثم بإجماع المسلمين، لا يجوز لمس الأجنبية، فكيف ينسب عمر إلي هذا؟!» «2».

قلت:

وليس اللّمس فقط! ففي رواية الخطيب التقبيل والأخذ بالسّاق!!

(5)

قد اشتمل لفظ الخبر عند ابن سعد وغيره علي قول عمر

__________________________________________________

(1) أنظر: ذخائر العقبي: 289.

(2) تذكرة خواصّ الأُمّة: 288- 289.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 61

للمهاجرين: «رفّئوني، فرفّئوه» «1».

وكان هذا من رسوم الجاهلية التي نهي عنها رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم باتّفاق المسلمين: أخرج أحمد بإسناده قال: «تزوّج عقيل بن أبي طالب، فخرج علينا فقلنا: بالرفاء والبنين فقال: مه، لا تقولوا ذلك، فإن النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم قد نهانا عن ذلك وقال: قولوا بارك اللَّه لك، وبارك عليك، وبارك لك فيها» «2».

ولأجل دلالة قول عمر هذا علي جهله! أو أنّه كان يريد إحياء سنن الجاهليّة!! اضطُرّ القوم إلي تحريف الكلمة والتصرّف فيها، ففي المستدرك:

«فأتي عمر المهاجرين فقال: ألا تهنّوني».

وفي سنن البيهقي:

«أتي … فدعوا له بالبركة».

وفي تاريخ الخطيب لم ينقله أصلًا.

__________________________________________________

(1) الطبقات الكبري 8/ 339، كنز العمال 13/ 269 كتاب الفضائل باب فضائل النساء رقم 37586، الاستيعاب 4/ 509 وأسد الغابة 7/ 378 والاصابة 8/ 465.

(2) مسند أحمد بن حنبل 4/ 484 حديث عقيل

بن أبي طالب رقم 15313، وأنظر: وسائل الشيعة 14/ 183 كتاب النكاح باب استحباب التهنية بالتزويج وكيفيتها رقم 25550.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 62

(6)

في رواية غير واحدٍ منهم أنّها ولدت له «زيداً».

وفي رواية سعد وجماعة: «ولدت له زيد بن عمر ورقيّة بنت عمر».

وفي رواية النووي في ولد عمر: «وفاطمة وزيد، أُمّهما أُمّ كلثوم … » «1».

وفي رواية ابن قتيبة في بنات عليّ: «وولدت له ولداً قد ذكرناهم» «2».

(7)

أكثر الأخبار علي أنّ أُمّ كلثوم تزوّج بها بعد عمر: «عون» و «محمّد» ابنا جعفر بن أبي طالب.

ولكنّ القائلين بتزوّجهما بها بعده يقولون بأنّ الرجلين قُتلا في حرب تستر، وهذه الحرب كانت في عهد عمر!

قال ابن عبدالبرّ: «عون بن جعفر بن أبي طالب. ولد علي عهد رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم. أُمّه وأُمّ أخويه عبداللَّه ومحمّد بني

__________________________________________________

(1) تهذيب الأسماء واللغات 2/ 334.

(2) المعارف: 122.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 63

جعفر بن أبي طالب: أسماء بنت عميس الخثعمية.

واستشهد عون بن جعفر وأخوه محمّد بن جعفر بتستر. ولا عقب له» «1».

وقال: «محمّد بن جعفر بن أبي طالب. ولد علي عهد النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم … هذا هو الذي تزوّج أُمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب بعد موت عمر بن الخطّاب …

واستشهد محمّد بن جعفر بتستر» «2».

وقال ابن حجر: «استشهد عون بن جعفر في تستر، وذلك في خلافة عمر، وماله عقب» «3».

وكذا قال ابن الأثير «4».

وأمّا أنّ تلك الحرب كانت في عهد عمر، فذاك ما نصّ عليه المؤرّخون «5» وصرّح به ابن حجر في عبارته السالفة.

فانظر إلي تناقضات القوم وتعجّب!!

__________________________________________________

(1) الاستيعاب: 3/ 315.

(2) المصدر: 3/ 423- 424.

(3) الإصابة 4/ 619.

(4) أُسد الغابة

4/ 302.

(5) تاريخ الطبري 3/ 174، الكامل في التاريخ 2/ 550 وغيرهما.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 64

(8)

واختلفت رواياتهم، فابن سعد والدارقطني- كما في الإصابة- يذكران أنّ عوناً مات عنها، فتزوّجها أخوه محمّد، ثم مات عنها محمّد فتزوّجها عبداللَّه، فروي ابن سعد أنّها قالت: إنّي لأستحيي من أسماء بنت عميس، إنّ ابنيها ماتا عندي، وإنّي لأتخوّف علي هذا الثالث.

فهلكت عنده» «1».

لكن ابن قتيبة يذكر: أنّه لّما قتل عمر تزوّجها محمّد بن جعفر بن أبي طالب فمات عنها، ثم تزوّجها عون بن جعفر بن أبي طالب، فماتت عنده» «2».

فتراه يذكر تزوّج محمّد بن جعفر بها قبل عون، وموتها عند عون، ولا يذكر عبداللَّه.

وابن عبدالبرّ- وإن لم يتعرّض بترجمتها لزواجها بعد عمر أصلًا، ولا لتزوّج عونٍ بها بترجمته- يذكر بترجمة محمّد بن جعفر:

«ومحمّد بن جعفر بن أبي طالب هذا هو الذي تزوّج أُمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب بعد موت عمر بن الخطّاب» «3».

__________________________________________________

(1) الطبقات الكبري 8/ 338.

(2) المعارف: 122.

(3) الاستيعاب 3/ 424.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 65

(9)

وعبداللَّه بن جعفر كان زوج العقيلة زينب بنت أميرالمؤمنين عليه السلام، وكانت تحته حتي وفاتها بعد واقعة الطفّ.

قال ابن سعد: «زينب بنت عليّ بن أبي طالب، تزوّجها عبداللَّه بن جعفر بن أبي طالب بن عبدالمطّلب، فولدت له عليّاً وعوناً الأكبر وعبّاساً ومحمّداً وأُمّ كلثوم.

أخبرنا محمّد بن إسماعيل بن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، قال:

حدّثني عبدالرحمن بن مهران أنّ عبداللَّه بن جعفر بن أبي طالب تزوّج زينب بنت عليّ، وتزوّج معها امرأة عليّ ليلي بنت مسعود، فكانتا تحته جميعاً» «1».

وقال النووي بترجمة عبداللَّه بعد ذكر أسماء أولاده: «أُمهم زينب بنت عليّ بن أبي طالب،

من فاطمة بنت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم» «2».

وقال ابن حجر «زينب بنت عليّ بن أبي طالب بن عبدالمطّلب الهاشمية، سبطة رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم. أُمّها فاطمة الزهراء.

قال ابن الأثير: إنّها ولدت في حياة النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم

__________________________________________________

(1) الطبقات الكبري 8/ 340.

(2) تهذيب الأسماء واللغات 1/ 249.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 66

وكانت عاقلة لبيبة جزلة، زوّجها أبوها ابن أخيه عبداللَّه بن جعفر، فولدت له أولاداً، وكانت مع أخيها لَمّا قُتل، فحملت إلي دمشق، وحضرت عند يزيد بن معاوية، وكلامها ليزيد بن معاوية حين طلب الشامي أُختها فاطمة مشهور، يدلّ علي عقل وقوّة جَنان» «1».

وعلي هذا … فلو كانت أُمّ كلثوم المتوفّاة علي عهد معاوية هي أُمّ كلثوم بنت أمير المؤمنين عليه السلام، وأنّها كانت زوجة عبداللَّه بعد أخويه … كما تقول تلك الأخبار … كان معني ذلك جمع عبداللَّه بن جعفر بين الأُختين … وهذا ممّا لا يجوز وقوعه، ولا يجوز التفوّه به … ولذا قال ابن سعد: «فخلف عليها أخوه عبداللَّه بن جعفر بن أبي طالب بعد أُختها زينب بنت عليّ بن أبي طالب».

(10)

واختلفت أخبارهم في موتها والصّلاة عليها … حتي الواحد منهم اختلفت أخباره! فابن سعد يروي عن الشعبي وعبداللَّه البهيّ في الصّلاة عليها وعلي ولدها زيد: «صلّي عليهما ابن عمر» ويروي عن عمّار بن أبي عمّار ونافع: «صلّي عليهما سعيد بن العاص» وفي رواية بعض المؤرّخين عن عمّار المذكور: «سعد بن أبي وقاص» «2».

__________________________________________________

(1) الإصابة 8/ 166- 167.

(2) تاريخ الخميس 2/ 285.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 67

ثمّ أيّاً مَن كان المصلّي، فالأخبار دالّة علي وفاتها في عهد معاوية، للتصريح فيها بصلاة

الحسن والحسين خلف الإمام. لكن الثابت في التاريخ أنّ أُمّ كلثوم بنت أميرالمؤمنين شهدت واقعة الطفّ- مع أُختها زينب- وخطبت الخطبة المعروفة في الكوفة المذكورة في الكتب، ذكرها ابن طيفور- المتوفّي سنة 280- في كتابه «بلاغات النساء» وأشار إليها ابن الأثير وغيره من كبار العلماء والمحدّثين في لفظة «فرث» من كتبهم كالنهاية ولسان العرب وتاج العروس.

ولعلّه لذا جاء في رواية أبي داود عن عمّار: «أنّه شهد جنازة أُمّ كلثوم وابنها، فجعل الغلام ممّا يلي الإمام فأنكرت ذلك، وفي القوم ابن عبّاس وأبو سعيد الخدري وأبو قتادة وأبو هريرة. قالوا: هذه السُنّة» «1».

فروي الخبر بلا ذكرٍ للإمام، ولا أنّ أُمّ كلثوم هذه من هي؟ وابنها من هو؟

وفي رواية النسائي عن عمّار: «حضرت جنازة صبيّ وامرأة، فقدّم الصبي ممّا يلي القوم، ووضعت المرأة وراءه، فصلّي عليهما. وفي القوم أبو سعيد الخدري وابن عبّاس وأبو قتادة وأبو هريرة فسألتهم عن ذلك.

__________________________________________________

(1) سنن أبي داود 2/ 416 كتاب الجنائز باب إذا حضر جنائز رجال ونساءٍ من يقدّم رقم 3193.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 68

فقالوا: السُنّة» «1».

فروي نفس الخبر بلا ذكر للإمام، ولا اسم الميّتين، وهل كان بين المرأة والصبي نسبة أو لا؟

حصيلة البحث … ص: 68

لقد استعرضنا أسانيد خبر تزويج أميرالمؤمنين عليه السلام ابنته من عمر بن الخطّاب والأخبار الأُخري المتعلِّقة بكريمة أهل البيت الأطهار الأطياب، فلم نجد فيها سنداً يجوز الاحتجاج به والركون إليه.

ثمّ حقّقنا نصوص الأخبار ومتونها، ودقّقنا النظر في كلمات القوم وأقوالهم، فوجدناها متضاربةً متكاذبةً، فكانت ناحية الدلالة دليلًا آخر علي أن لا أصل للقضيّة.

وأغلب الظنّ: أنّ القوم لَمّا رأوا أن عمر بن الخطّاب من رواة حديث: «كلّ سببٍ ونسبٍ منقطع يوم القيامة إلّاسببي ونسبي» الدالّ

علي فضيلةٍ ومنقبة لأهل البيت وعليّ عليه السّلام خاصة، حتي أنّ الحاكم أورده في فضائل عليّ كما قال المناوي «2». عمدوا إلي وضع قصة خطبة عمر ابنة عليّ وربطوا الحديث المذكور بها.

__________________________________________________

(1) سنن النسائي 4/ 374 كتاب الجنائز اجتماع جنازة صبيّ وإمرأة رقم 1976.

(2) فيض القدير 5/ 27.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 69

وممّا يشهد بما ذكرنا، أنّ غير واحدٍ من كبار محدّثي القوم يروون عنه الحديث مجردّاً عن تلك القصّة، كما يروونه عن غيره.

قال المتّقي: «كلّ سببٍ ونسبٍ منقطع يوم القيامة إلّاسببي ونسبي.

(طب، ك هق- عن عمر؛ طب- عن ابن عبّاس وعن المسور).

كلّ نسبٍ وصهر ينقطع يوم القيامه إلّانسبي وصهري. (ابن عساكر- عن ابن عمر)» «1».

وقال ابن المغازلي: «قوله عليه السّلام: كلّ سببٍ ونسبٍ منقطع يوم القيامة، الحديث.» ثم رواه بإسناده عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس عن عمر «2».

ونظير هذا حديث: «فاطمة بضعة مني … » الوارد عن غير واحدٍ من الصحابة عن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم في أكثر من موضع، فإنَّ بعضهم لَمّا رأي ما في هذا الحديث الثابت المخرَّج في الصحاح من دلالاتٍ في أبعاد مختلفة … عمد إلي وضع قصّة خطبة عليّ ابنة أبي جهل وربط الحديث بها … «3».

ثم إنّ هذه خطبة … وتلك خطبة …

__________________________________________________

(1) كنز العمّال 11/ 184 كتاب الفضائل باب فضائل نبيّنا محمّد الأرقام 31911، 31912.

(2) مناقب الإمام علي بن أبي طالب عليه السّلام 133- 134.

(3) أنظر: رسالتنا في هذا الموضوع.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 70

لكنّ خطبة عمر كانت لابنة علي عليه السّلام … وخطبة عليّ كانت لابنة أبي جهل!!.

وخطبة عمر كانت مصاهرة لفاطمة الزهراء، وخطبة عليّ

كانت إيذاءً لفاطمة الزهراء!!.

وخطبة عمر كانت لما سمعه من النبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم من قوله: كلّ سببٍ ونسبٍ منقطع يوم القيامة إلّاسببي ونسبي، وخطبة عليّ كانت مخالفة للنبي ومقاطعةً له حتي طالبه بطلاق ابنته!!.

وعلي الجملة، فقد عرفت حال أخبار القصّة سنداً، فرواتها بين «مولي عمر» و «قاضي الزبير» و «قاتل عمّار» و «علماء الدولة الأُموية» ورجال أسانيدها بين «كذّاب» و «وضّاع» و «ضعيفٍ» و «مدلّس».

فهذا حال رواتها وأسانيدها، وأغلب الظنّ كون السبب في وضعها وحكايتها ما ذكرناه، لا سيّما وبعض الرواة مشترك في القصّتين.

فإن قيل:

وهل بعد ذلك كلّه من وجه احتمالٍ توجّه به أخبار القصّة علي فرض صحّتها سنداً، لا سيّما والقصة مشهورة بين العامّة، وبها روايات عن طريق الخاصّة وإن كانت شاذّة؟

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 71

قلت:

قد اشتملت تلك الأخبار والأقوال علي ما لا يجوز تصديقه بحالٍ من الأحوال:

كالّذي رووه من إرسال الإمام عليه السلام إيّاها ببردٍ «لينظر إليها» وأنّه أمر بها «فزيّنت» أو «فصنعت» ونحو ذلك. والدليل علي ذلك واضح.

ومن وفاتها علي عهد معاوية … بدليل ثبوت وجودها في واقعة الطفّ ومواقفها المشهودة فيها.

وعليه، فالتي ماتت وولدها زيد معاً في يومٍ واحدٍ … وصلّي عليهما فلان أو فلان … هي زوجة أُخري من زوجات عمر، سواء كان اسمها أُمّ كلثوم- فقد كان غير واحدة من زوجاته اسمها أو كنيتها أُمّ كلثوم- أو لم يكن.

ويؤكّد هذا الاحتمال- علي فرض صحّة الأسانيد- روايات أبي داود والنسائي وغيرهما …

وعلي هذا، فلا مستند لما قالوا من أنّ أُمّ كلثوم بنت الإمام عليه السّلام ولدت لعمر «زيداً» … إذ ليس إلّاالأخبار المذكورة، وقد عرفت حالها …

كما أنّه لا مستند لما ذكروا من أنّها

ولدت له بنتاً … مع اختلافهم

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 72

فيها وفي اسمها …

ويؤكّد ذلك ما ذكره غير واحدٍ من علماء الإسلام من أنّ عمر مات عنها صغيرة!

منهم: الشيخ أبو محمّد النوبختي من قدماء العلماء الإمامية حيث قال في كتاب الإمامة له: «إنّ أُمّ كلثوم كانت صغيرةً، ومات عمر قبل أن يدخل بها» «1».

ومنهم: الشيخ أبو عبداللَّه محمّد بن عبدالباقي الزرقاني المالكي- المتوفّي سنة 1122- «2» … فإنّه قال في معني قرابة النبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم:

(والمراد بالقرابة من ينتسب إلي جدّه الأقرب وهو عبدالمطّلب) لقوله صلّي اللَّه عليه وسلّم: من صنع إلي أحدٍ من ولد عبدالمطّلب يداً فلم يكافئه بها في الدنيا فعليَّ مكافأته غداً إذا لقيني.

رواه الطبراني في الأوسط عن عثمان رضي اللَّه عنه.

فخرج بذلك من انتسب إلي من فوق عبدالمطّلب، كأولاد عبدمناف، أو إلي من يساويه كأولاد هاشم إخوة عبدالمطّلب، أو انتسب

__________________________________________________

(1) بحار الأنوار 42/ 91.

(2) توجد ترجمته في سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر 4/ 32.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 73

له ولا صحبة له ولا رؤية. ولعلّه ليس بمرادٍ (ممّن صحب النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم منهم أو رآه من ذكر أو أُنثي. وهو عليّ وأولاده الحسن والحسين ومُحَسِّن)- بميم مضمومة فحاء مفتوحة فسين مكسورة مشددة مهملتين- (وأُمّ كلثوم) زوج عمر بن الخطّاب، ومات عنها قبل بلوغها، فتزوّجها عون بن جعفر ثم مات، فتزوّجت بأخيه محمّد ثم مات، فتزوّجها أخوهما عبداللَّه ثم ماتت عنده. ولم تلد لواحدٍ من الثلاثة سوي لمحمّد ابنة ماتت صغيرة. فلا عقب لأُمّ كلثوم، كما قدم المصّنف في المقصد الثاني» «1».

وقد يشهد به علي فرض ثبوت أصل

التزويج إصرار عمر علي أنّ الغرض من خطبته أن يكون صهراً للنبيّ صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم وقوله في بعض الألفاظ: «أُحبّ أن يكون عندي عضو من أعضاء رسول اللَّه» وتأكيده في بعضٍ آخر: «إنّي لم أُرد الباه».

الخبر في روايات الإماميّة «2» … ص: 73

لقد أشرنا- في السؤال- إلي شهرة خبر تزويج أُمّ كلثوم من عمر

__________________________________________________

(1) شرح المواهب اللدنّيّة- مبحث قرابة النبي 7/ 9- 10.

(2) أضفنا هذا الفصل بطلبٍ من بعض أهل الفضل، تتميماً للبحث- حيث كان بحثنا علي ضوء روايات أهل السنة فقط- وشرحاً لما أوجزناه في الجواب عن «فإن قيل».

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 74

ابن الخطاب، وإلي وجود رواياتٍ به في كتب أصحابنا، ولكن- وبالرّغم من الشهرة والروايات- نجد جمعاً من أكابرنا ينكرون الخبر من أصله، كما لا يخفي علي من راجع رسائل الشيخ المفيد والسيد المرتضي والسيد ناصر حسين نجل صاحب عبقات الأنوار وغيرهم، في هذا الموضوع.

إلّا أنّا نوكّد علي أنّ ما ورد بسندٍ معتبر من طرقنا لا يدلّ إلّاعلي ما ذكرناه في جواب السؤال، ونقلنا في كلام النوبختي من أصحابنا، والزّرقاني من أهل السنّة. فلنذكر تلك الأخبار:

1- عن أبي عبداللَّه عليه السلام: «في تزويج أُمّ كلثوم، فقال: إنّ ذلك فرجّ غصبناه».

2- وعن أبي عبداللَّه عليه السلام قال: «لمّا خطب إليه قال له أمير المؤمنين: إنّها صبيّة، قال: فلقي العباس فقال له: ما لي؟ أبي بأس؟

قال: وما ذاك؟ قال: خطبت إلي ابن أخيك فردّني، أما واللَّه لأعورنّ زمزم، ولا أدع لكم مكرمة إلّاهدمتها، ولأقيمنّ عليه شاهدين بأنّه سرق، ولأقطعنَّ يمينه. فأتاه العباس فأخبره، وسأله أن يجعل الأمر إليه، فجعله إليه» «1».

__________________________________________________

(1) الكافي 5/ 346 كتاب النكاح باب تزويج ام كلثوم الارقام 1 و 2.

سلسلة اعرف

الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 75

3- عن سليمان بن خالد وغيره- واللّفظ له- «قال: سألت أبا عبداللَّه عليه السّلام عن امرأةٍ توفّي زوجها، أين تعتد؟ في بيت زوجها تعتد أو حيث شاءت؟ قال: بلي حيث شاءت، ثم قال: إنّ عليّاً عليه السّلام لمّا مات عمر أتي أُمّ كلثوم، فأخذ بيدها، فانطلق بها إلي بيته» «1».

فنقول- بناءً علي قبول هذه الروايات-: إنّه ليس للخصم إلزامنا بها، لأنّ غاية ما أفادته وقوع العقد بعد التهديد والتوعيد، ثم انتقال البنت إلي دار عمر، ثمّ موته عنها ومجي ء الإمام عليه السلام إلي داره وأخذه بيدها وانطلاقه بها إلي بيته، ولعلّ في جملة «فأخذ بيدها فانطلق بها إلي بيته» شهادة بما صرّح به غير واحدٍ من علماء الإسلام من أنّه مات عنها قبل بلوغها.

فأيّ فضيلةٍ لعمر في هذا؟ وأيّ غضاضةٍ علي أميرالمؤمنين وأهل البيت؟ وهل يدل وقوع هكذا تزويج علي المصافاة والمحاباة؟ وإذا كان عمر قد هدّد أميرالمؤمنين بما في الخبر، لأجل هذا «الغصب»، فما كان تهديده لأجل غصب «الخلافة» فاضطّر أميرالمؤمنين وأتباعه إلي السّكوت وإلي البيعة عن إكراه؟

بل لقد كان هذا «الغصب» لإزالة آثار ذاك «الغصب»!!

__________________________________________________

(1) الكافي 6/ 115- 116 كتاب الطلاق باب المتوفي عنها زوجها رقم 2، وقد وردت هذه الرواية في الكتب الفقهيّة لاشتمالها علي الحكم المذكور فيها.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 76

ومن «عمر» تعلّم «الحجّاج»!!

إقرأ الرواية التالية:

«قال محمّد بن إدريس الشافعي: لمّا تزوّج الحجاج بن يوسف إبنة عبداللَّه بن جعفر، قال خالد بن يزيد بن معاوية لعبدالملك بن مروان:

أتركت الحجاج يتزوّج إبنة عبداللَّه بن جعفر؟

قال: نعم، وما بأس بذلك.

قال: أشدّ الباس واللَّه.

قال: وكيف؟

قال: واللَّه- يا أميرالمؤمنين- لقد ذهب ما في صدري علي

ابن الزبير منذ تزوّجت رملة بنت الزبير.

قال: فكأنّه كان نائماً فأيقظه.

قال: فكتب إليه يعزم عليه في طلاقها. فطلّقها» «1».

بقي الكلام فيمن تزوّجها … ص: 76

قد عرفت أنّ أميرالمؤمنين عليه السلام كان قد حبس بناته لأبناء أخيه جعفر، بل إنّ ذلك كان بأمر من النبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم، فقد «نظر النبي صلّي اللَّه عليه وآله إلي أولاد عليّ وجعفر عليهم السلام

__________________________________________________

(1) مختصر تاريخ دمشق 6/ 205.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 77

فقال: بناتنا لبنينا وبنونا لبناتنا» «1».

وفي خصوص أُمّ كلثوم جاء في حديثٍ: «خطب عمر إلي عليّ ابنته أُمّ كلثوم، فأعتلّ عليُّ بصغرها وقال: أعددتها لابن أخي. يعني جعفراً» «2» فلم يعين الابن، لكنّ الأمر يدور بين «عون» و «محمّد» لأنّ «عبداللَّه» كان أكبرهم سنّاً وقد زوّجه ابنته «زينب» كما تقدّم.

فأمّا «عون»، فلم أجد خلافاً بين علماء أهل السُنّة- والكلام كلّه يدور علي أخبارهم وأقوالهم- في أنّه قتل يوم تستر علي عهد عمر، والمفروض- بحسب تلك الأخبار علي فرض صحّتها- كونها في عقد عمر.

أمّا «محمّد»، فقال ابن حجر: «وذكر أبو عمر عن الواقدي أنّه كان يكنّي أبا القاسم، وأنّه تزوّج أمّ كلثوم بنت عليّ بعد عمر. قال: واستشهد بتستر.

وقيل: إنّه عاش إلي أن شهد صفّين مع عليّ. قال الدار قطني في كتاب «الإخوة» يقال: إنّه قتل بصفّين، اعترك هو وعبيداللَّه بن عمر بن الخطّاب فقتل كلُّ منهما الآخر.

__________________________________________________

(1) من لا يحضره الفقيه 3/ 249 أبواب القضايا والأحكام باب الاكفاء رقم 1184.

(2) ذخائر العقبي 288، كنز العمّال 13/ 269 كتاب الفضائل باب فضائل النساء وذكرهن من الصحابيات رقم 37586.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، خبرتزويج أم كلثوم …، ص: 78

وذكر المرزباني في «معجم الشعراء»: أنّه كان مع أخيه محمّد بن أبي

بكر بمصر، فلمّا قتل اختفي محمّد بن جعفر، فدلَّ عليه رجل من عك ثم من غافق، فهرب إلي فلسطين، وجاء إلي رجلٍ من أخواله من خثعم، فمنعه من معاوية، فقال في ذلك شعراً.

وهذا محقّق يردّ قول الواقدي إنّه استشهد بتستر» «1».

وعلي هذا، يكون هو الذي تزوّج أُمّ كلثوم بعد موت عمر- علي الفرض المذكور- وعليه نصّ ابن عبدالبرّ كما تقدّم.

أمّا «عبداللَّه» فمن الممكن أن يكون قد تزوّج بها بعد زوجها وبعد موت «زينب» زوجته، لأنّه بقي حيّاً إلي سنة ثمانين وهو ابن تسعين سنة كما اختاره ابن عبدالبرّ «2».

__________________________________________________

(1) الإصابة 6/ 7.

(2) الاستيعاب 3/ 17.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.