سرشناسه : حسینی میلانی، سیدعلی، 1326 -
عنوان و نام پديدآور : الاحادیث الواردة فی الخلفاء علی ترتیب الخلافة/ تالیف السیدعلی الحسینی المیلانی.
مشخصات نشر : قم: مرکزالحقائق الاسلامیه، 1430ق.= 1388.
مشخصات ظاهری : 71 ص.
فروست : اعرف الحق تعرف اهله؛ 24.
شابک : 978-964-2501-79-3
يادداشت : عربی.
يادداشت : چاپ چهارم.
یادداشت : کتابنامه به صورت زیرنویس.
موضوع : خلفای راشدین-- احادیث اهل سنت
موضوع : خلفای راشدین -- فضایل.
شناسه افزوده : مرکز الحقائق الاسلامیه
رده بندی کنگره : BP28/8/ح54الف3 1388
رده بندی دیویی : 297/946
شماره کتابشناسی ملی : 1742118
نظراً للحاجة الماسّة والضرورة الملحّة لنشر العقائد الحقّة والتعريف بالفكر الشيعي، بالبراهين العقليّة المتقنة والأدلّة النقلية من الكتاب والسنّة، من أجل ترسيخها في أذهان المؤمنين، ودفع الشبهات المثارة حولها من قبل المخالفين، فقد بادر (مركز الحقائق الاسلامية) بإخراج سلسلة علمية- عقائدية، متنوّعة، تميّزت بجامعيتها بين العمق في النظر والقوّة في الاستدلال والوضوح في البيان، تحت عنوان (إعرف الحق تعرف أهله)، وهي من بحوث سماحة الفقيه المحقق آية اللَّه الحاج السيد علي الحسيني الميلاني (دام ظلّه)، آملين أن نكون قد قمنا ببعض الواجب الملقي علي عواتقنا في هذه الأيام التي كثرت فيها الشبهات وازدادت الانحرافات، سائلين اللَّه عز و جل أن يسدّد خطانا علي نهج الكتاب والعترة الطاهرة كما أوصي الرسول الأكرم صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم، والحمد للَّه رب العالمين.
مركز الحقائق الاسلامية
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 7
الحمد للَّه ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام علي سيّدنا محمّد وآله الطاهرين، ولعنة اللَّه علي أعدائهم أجمعين من الأوّلين والآخرين.
وبعد:
فقد ذكرت في بعض بحوثي بعد حديثٍ: إنّ كلّ حديث جاء في مناقب الخلفاء، وذُكِرَت فيه أساميهم علي الترتيب فهو حديث موضوع بلا ريب … فطلب منّي بعض القرّاء الأفاضل إثبات ذلك عن
طريق التحقيق في أسانيد عدّةٍ من الأحاديث- من هذا القبيل- المخرّجة في الصحاح والكتب المعتبرة …
فكانت هذه الرسالة.
ثمّ ظهر لي أنّ الحكم بالوضع لا يختصّ بأخبار أبواب المناقب، بل أكاد أقطع بأنّ كلّ حديثٍ كان كذلك في مطلق الأبواب فهو موضوع، حتّي الّتي جاء فيها عن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم أنّه يقول:
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 8
جئت أنا وأبو بكر وعمر وعثمان … خرجت أنا وأبو بكر وعمر وعثمان … أين أبو بكر وعمر وعثمان …
وقد يكون فيها ذكر «عليّ» بعدهم وقد لا يكون، ولربّما جاء اسمه مقدّماً علي «عثمان» لكنّهما متي ذُكرا فهما مؤخَّران عن أبي بكر وعمر … !
ومن الطريف أنّي وجدت حديثاً قد وضع فيه الكذّابون هذا المعني عن لسان أميرالمؤمنين عليه السلام، ليكون إقراراً منه بذلك، فلا يبقي لأحدٍ اعتراض عليه!!
أخرج البخاري، قال: حدّثني الوليد بن صالح، حدّثنا عيسي بن يونس، حدّثنا عمر بن سعيد بن أبي الحسين المكّي، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عبّاس رضي اللَّه عنهما … ».
وأخرج مسلم، قال: «حدّثنا سعيد بن عمرو الأشعثي وأبو الربيع العتكي وأبو كريب محمّد بن العلاء- واللّفظ لأبي كريب- قال أبو الربيع:
حدّثنا، وقال الآخران: أخبرنا ابن المبارك، عن عمر بن سعيد بن أبي حسين، عن ابن أبي مليكة، قال: سمعت ابن عبّاس يقول:
وُضع عمر بن الخطّاب علي سريره، فتكنّفه الناس يدعون ويثنون ويصلّون عليه قبل أن يُرفع- وأنا فيهم- قال: فلم يرعني إلّابرجلٍ قد أخذ بمنكبي من ورائي، فالتفتُّ إليه فإذا هو عليّ، فترحّم علي عمر وقال:
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 9
ما خلّفت أحداً أحبّ إليَّ أن ألقي اللَّه بمثل عمله منك،
وأيم اللَّه إن كنتُ لأظنّ أن يجعلك اللَّه مع صاحبَيك، وذاك أنّي كنت أُكثّر أسمع رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم يقول: جئت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر، فإن كنتُ لأرجو- أو لأظنّ- أن يجعلك اللَّه معهما» «1».
وكذا أخرجه غيرهما، كابن ماجة، فرواه بإسناده عن عمر بن سعيد، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عبّاس.
لكنّه حديث موضوع علي أميرالمؤمنين عليه السّلام، لأنّ مداره علي «ابن أبي مليكة» هذا الرجل الذي يعدّ من كبار النواصب المبغضين له ولأهل البيت عليهم السلام، حتي كان قاضي عبداللَّه بن الزبير ومؤذّنه «2».
ومن الضروري التنبيه علي أنا لو استدللنا في بحوثنا بحديث من هذا القبيل، فإنما هو من باب الإلزام …
واللَّه أسأل أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، وأن يوفّقنا لتحقيق الحقّ واتّباعه، إنّه هو البرّ الرحيم.
__________________________________________________
(1) صحيح البخاري 3/ 1345 كتاب فضائل الصحابة باب قول النبي لو كنت متخذاً خليلًا رقم 3474، صحيح مسلم 5/ 12 كتاب فضائل الصحابة باب من فضائل عمر رقم 2389.
(2) تهذيب التهذيب 5/ 272.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 10
أخرج البخاري، قال:
«حدّثنا محمّد بن مسكين أبو الحسن، حدّثنا يحيي بن حسّان، حدّثنا سليمان، عن شريك بن أبي نمر، عن سعيد بن المسيّب، قال:
أخبرني أبو موسي الأشعري أنّه توضّأ في بيته ثم خرج، فقلت: لألزمنَّ رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم، ولأكوننَّ معه يومي هذا. قال: فجاء المسجد فسأل عن النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم، فقالوا: خرج ووجّه ههنا، فخرجت إثره أسأل عنه حتي دخل بئر أريس، فجلست عند الباب- وبابها من جريد- حتي قضي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم حاجته فتوضّأ،
فقمت إليه فإذا هو جالس علي بئر أريسٍ، وتوسّط قفّها وكشف عن ساقيه ودلّاهما في البئر، فسلّمت عليه ثم انصرفت، فجلست عند الباب فقلت: لأكوننَّ بوّاب رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم اليوم.
فجاء أبو بكر فدفع الباب. فقلت: من هذا؟!
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 11
فقال: أبو بكر.
فقلت: علي رسلك. ثم ذهبت فقلت: يا رسول اللَّه! هذا أبو بكر يستأذن.
فقال: إئذن له وبشّره بالجنّة.
فأقبلت حتّي قلت لأبي بكر: أُدخل، ورسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم يبشّرك بالجنّة.
فدخل أبو بكر فجلس عن يمين رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم معه في القفّ، ودلّي رجليه في البئر كما صنع النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم، وكشف عن ساقيه.
ثم رجعت فجلست وقد تركت أخي يتوضّأ ويلحقني. فقلت: إن يرد اللَّه بفلانٍ خيراً- يريد أخاه- يأت به، فإذا إنسان يحرّك الباب.
فقلت: من هذا؟!
فقال: عمر بن الخطّاب.
فقلت: علي رسلك، ثم جئت إلي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم فسلّمت عليه، فقلت: هذا عمر بن الخطّاب يستأذن.
فقال: إئذن له وبشّره بالجنّة.
فجئت فقلت له: أُدخل، وبشّرك رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم بالجنّة.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 12
فدخل فجلس مع رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم في القفّ عن يساره، ودلّي رجليه في البئر.
ثمّ رجعت فجلست فقلت: إن يرد اللَّه بفلانٍ خيراً يأت به. فجاء إنسان يحرّك الباب.
فقلت: من هذا؟!
فقال: عثمان بن عفّان.
فقلت: علي رسلك. فجئت إلي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم فأخبرته.
فقال: إئذن له وبشرّه بالجنّة علي بلويً تصيبه.
فجئته فقلت له: أُدخل، وبشرّك رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم بالجنّة علي بلويً تصيبك.
فدخل فوجد القفّ قد ملئ، فجلس وجاهه من الشقّ الآخر.
قال شريك: قال سعيد بن
المسيّب: فأوّلتها قبورهم» «1».
وأخرجه مسلم بالإسناد واللفظ «2».
__________________________________________________
(1) صحيح البخاري 3/ 1343- 1344، كتاب فضائل الصحابة باب قول النبي: لو كنت متخذاً خليلًا رقم 3471.
(2) صحيح مسلم 5/ 20- 21 كتاب فضائل الصحابة باب من فضائل عثمان بن عفان ذيل رقم 2403.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 13
وقال البخاري: «حدّثنا يوسف بن موسي، حدّثنا أبو أُسامة، قال:
حدّثني عثمان بن غياث، حدّثنا أبو عثمان النهدي، عن أبي موسي … » «1».
وقال مسلم: «حدّثنا محمّد بن المثنّي العنزي، حدّثنا ابن أبي عديّ، عن عثمان بن غياث، عن أبي عثمان النهدي، عن أبي موسي الأشعري … » «2».
وأخرجه غيرهما كذلك …
أقول:
ففي السند الأوّل: «شريك بن أبي نمر»:
قال ابن معين: لا بأس به.
وقال هو والنسائي: ليس بالقوي.
وقال ابن عديّ: فإذا روي عنه ثقة فإنّه ثقة.
وكان يحيي بن سعيد لا يحدّث عنه.
وقال الساجي: كان يري القدر.
__________________________________________________
(1) صحيح البخاري 3/ 1350- 1351 كتاب فضائل الصحابة باب مناقب عمر بن الخطاب رقم 3490.
(2) صحيح مسلم 5/ 19- 20 كتاب فضائل الصحابة باب من فضائل عثمان بن عفان رقم 2403.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 14
ووهّاه ابن حزم لأجل حديثه في الإسراء.
وذكر الذهبي الحديث فقال: وهذا من غرائب الصحيح «1».
وفي السند الثاني: «عثمان بن غياث»:
قال الدوري عن ابن معين: كان يحيي بن سعيد يضعّف حديثه في التفسير.
وقال عليّ بن المديني: سمعت يحيي- يعني القطان- يقول: عند عثمان بن غياث كُتُبٌ عن عكرمة فلم يصحّحها لنا.
وذكره الآجري- عن أبي داود- في مرجئة أهل البصرة.
وقال أحمد: كان يري الإرجاء «2».
* والراوي عنه عند البخاري «أبو أُسامة» وهو حمّاد بن أُسامة.
قال الأزدي: قال المعيطي: كان كثير التدليس، ثم بعد ذلك تركه.
وقال ابن سعد: يدلّس ويبين تدليسه.
وعن سفيان الثوري: إني لأعجب كيف جاز حديث أبي أُسامة، كان
__________________________________________________
(1) ميزان الاعتدال 3/ 372، تهذيب التهذيب 4/ 308.
(2) تهذيب التهذيب 7/ 129- 130، ميزان الاعتدال 5/ 65.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 15
أمره بيّناً، كان من أسرق الناس لحديثٍ جيّد.
وقال الآجري عن أبي داود قال وكيع: نهيت أبا أُسامة أن يستعير الكتب وكان دفن كتبه «1».
__________________________________________________
(1) ميزان الاعتدال 2/ 357، تهذيب التهذيب 3/ 4.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 16
أخرج مسلم قائلًا:
«حدّثنا عبدالملك بن شعيب بن اللّيث بن سعد، حدّثني أبي، عن جدّي، حدّثني عُقيل بن خالد، عن ابن شهاب، عن يحيي بن سعيد بن العاص أنّ سعيد بن العاص أخبره أنّ عائشة زوج النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم وعثمان حدّثاه: أنّ أبا بكر استأذن علي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم وهو مضطجع علي فراشه لابس مرط عائشة، فأذن لأبي بكر وهو كذلك، فقضي إليه حاجته ثم انصرف.
ثم استأذن عمر، فأذن له وهو علي تلك الحال، فقضي إليه حاجته ثم انصرف.
قال عثمان: ثم استأذنت عليه، فجلس وقال لعائشة: اجمعي عليك ثيابك. فقضيتُ إليه حاجتي، ثم انصرفت.
فقالت عائشة: يا رسول اللَّه، ما لي لم أرك فزعت لأبي بكر وعمر
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 17
- رضي اللَّه عنهما- كما فزعت لعثمان؟!
قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم: إنّ عثمان رجل حييّ، وإنّي خشيت إن أذنت له علي تلك الحال أن لا يبلغ إليَّ في حاجته» «1».
أقول:
في هذا السند: «عقيل بن خالد»:
فقال أبو حاتم: لم يكن بالحافظ، كان صاحب كتاب، محلّه الصدق.
وقال الماجشون: كان عقيل جلوازاً.
وقال الذهبي: قيل: كان والي أيلة.
وكان يحيي القطّان يضعّفه «2».
* وفيه «ابن شهاب» وهو «الزهري»
وهو من أشهر المنحرفين عن أميرالمؤمنين وأهل بيته عليهم
__________________________________________________
(1) صحيح مسلم 5/ 18- 19 كتاب فضائل الصحابة باب من فضائل عثمان بن عفان رقم 2402.
(2) ميزان الاعتدال 5/ 111.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 18
السلام، كان ينال منهم ويضع الأحاديث في الحطّ منهم وفي فضل غيرهم وتقديم غيرهم عليهم.
قال ابن أبي الحديد: «وكان الزهري من المنحرفين عنه عليه السّلام. وروي جرير بن عبد الحميد، عن محمّد بن شيبة، قال: شهدتُ مسجد المدينة فإذا الزهري وعروة بن الزبير جالسان يذكران عليّاً عليه السلام فنالا منه، فبلغ ذلك عليَّ بن الحسين عليه السّلام، فجاء حتّي وقف عليهما فقال: أمّا أنت يا عروة، فإنّ أبي حاكم أباك إلي اللَّه فحكم لأبي علي أبيك. وأمّا أنت يا زهري، فلو كنت بمكّة لأريتك كير أبيك».
وقال: «وروي عاصم بن أبي عامر البجلي، عن يحيي بن عروة، قال: كان أبي إذا ذكر عليّاً نال منه» «1».
وقال ابن عبدالبرّ: «ذكر معمر في جامعه عن الزهري قال: ما علمنا أحداً أسلم قبل زيد بن حارثة. قال عبد الرزّاق: وما أعلم أحداً ذكره غير الزهري» «2».
أي: هو كذب، فإنّ أوّل من أسلم هو أميرالمؤمنين عليّ عليه السّلام، لكنّ الزهري يريد إنكار هذه المنقبة أو إخفاءها.
__________________________________________________
(1) شرح نهج البلاغه 4/ 102.
(2) الاستيعاب- ترجمة زيد بن حارثة 2- 117.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 19
هذا، وقد بلغ عداء الزهري لأهل البيت عليهم السلام حدّاً جعله يروي حتّي عن
عمر بن سعد بن أبي وقّاص! قال الذهبي:
«عمر بن سعد بن أبي وقّاص. عن أبيه. وعنه إبراهيم وأبو إسحاق، وأرسل عنه الزهري وقتادة.
قال ابن معين: كيف يكون من قتل الحسين ثقة؟!» «1».
لكنّ الرجل كان من أعوان بني أُميّة وعمّالهم ومشيّدي سلطانهم، حتي جاء في ترجمته من «رجال المشكاة» للمحدّث الشيخ عبدالحقّ الدهلوي، ما نصّه: «إنّه قد ابتلي بصحبة الأُمراء بقلّة الديانة، وكان أقرانه من العلماء والزهّاد يأخذون عليه وينكرون ذلك منه، وكان يقول: أنا شريك في خيرهم دون شرّهم! فيقولون: ألاتري ما هم فيه وتسكت؟!».
قال ابن خلّكان: «ولم يزل الزهري مع عبد الملك، ثم مع هشام بن عبدالملك، وكان يزيد بن عبد الملك قد استقضاه» «2».
ومن هنا قدح فيه ابن معين، فقد «حكي الحاكم عن ابن معين أنّه قال: أجود الأسانيد: الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبداللَّه.
فقال له إنسان: الأعمش مثل الزهري.
__________________________________________________
(1) الكاشف- ترجمة عمر بن سعد 2/ 301.
(2) وفيات الأعيان- ترجمة الزهري 4/ 178.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 20
فقال: تريد من الأعمش أن يكون مثل الزهري؟! الزهري يري العرض والإجازة ويعمل لبني أُميّة، والأعمش فقير صبور، ومجانب للسلطان، ورع عالم بالقرآن» «1».
وبهذه المناسبة كتب إليه الإمام زين العابدين عليه السلام كتاباً يعظه فيه ويُذكِّره اللَّه والدارَ الآخرة، وينبّهه علي الآثار السيّئة المترتّبة علي كونه في قصور السلاطين، ومن ذلك قوله:
« … واعلم أنّ أدني ما كتمت وأخفَّ ما احتملت أن آنستَ وحشةَ الظالم، وسهّلتَ له طريق الغيّ … أو ليس جعلوك قطباً أداروا بك رحي مظالمهم، وجسراً يعبرون عليك إلي بلاياهم، وسُلّماً إلي ضلالتهم، داعياً إلي غيّهم، سالكاً سبيلهم …
إحذر، فقد نُبِّئت؛ وبادر، فقد أُجِّلت … ولا تحسب أنّي أردت
توبيخك بدعائه إيّاك وتعنيفك وتعييرك، لكنّي أردت أن ينعش اللَّه ما [قد] فات من رأيك، ويردّ إليك ما عزب من دينك …
أما تري ما أنت فيه من الجهل والغرّة، وما الناس فيه من البلاء والفتنة؟! …
أمّا بعد فأعرض عن كلّ ما أنت فيه حتي تلحق بالصالحين الّذين
__________________________________________________
(1) تهذيب التهذيب- ترجمة الأعمش 4/ 204.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 21
دُفنوا في أسمالهم، لا صقةً بطونهم بظهورهم …
مالك لا تنتبه من نعستك؟! وتستقيل من عثرتك! فتقول: واللَّه ما قمتُ للَّه مقاماً واحداً ما أحييت به له ديناً، أو أمَتُّ له فيه باطلًا … » «1».
__________________________________________________
(1) تحف العقول عن آل الرسول: 274- 277، إحياء العلوم 2/ 143.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 22
أخرج مسلم في مناقب طلحة والزبير:
«حدّثنا عبيداللَّه بن محمّد بن يزيد بن خنيس وأحمد بن يوسف الأزدي، قالا: حدّثنا إسماعيل بن أبي أُويس، حدّثني سليمان بن بلال، عن يحيي بن سعيد، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة: أنّ رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم كان علي جبل حراء فتحرّك، فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم: أُسكن حراء، فما عليك إلّانبيٌّ أو صدّيقٌ أو شهيد. وعليه النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم وأبو بكر وعمر وعثمان وعليّ وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقّاص، رضي اللَّه عنهم» «1».
__________________________________________________
(1) صحيح مسلم 5/ 33- 34 كتاب فضائل الصحابة باب من فضائل طلحة والزبير ذيل رقم 2417.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 23
أقول:
أوردنا هذا الحديث هنا وإن لم يكن ذكر الأسامي علي الترتيب علي لسان النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم، لأنّ ذلك موضوع علي لسانه في ألفاظ أُخري لهذا
الحديث، ولأنّ المقصود منه- مضافاً إلي إثبات الترتيب- نسبة وصف أبي بكر ب «الصدّيق» وجميع من ذُكِرَ بعدَه ب «الشهادة» إلي النبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم لكنّه حديث موضوع.
أمّا من حيث المتن- بغضّ النظر عمّا في وصف غير أميرالمؤمنين عليه السلام ب «الشهيد» - أنّ سعد بن أبي وقّاص مات حتف أنفه في قصره!! ومن هنا لم يذكر سعد في صحيح مسلم في الحديث الذي قبله فلاحظ! لكنّ بعضهم تصدّي لتصحيح المعني: بأنّ سعداً مات بالطاعون ومن مات به فهو شهيد!! «1».
وأمّا من حيث السند ففيه: - بغضّ النظر عن غيره- إسماعيل بن أبي أُويس.
قال النسائي: ضعيف «2».
__________________________________________________
(1) أنظر: الشفاء وشرحه نسيم الرياض 3/ 192.
(2) الضعفاء والمتروكون: 51.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 24
وقال يحيي بن معين: هو وأبوه يسرقان الحديث.
وقال الدولابي في الضعفاء: سمعت النضر بن سلمة المروزي يقول: كذّاب.
وقال الذهبي- بعد نقل ما تقدّم-: وساق له ابن عديّ ثلاثة أحاديث ثم قال: وروي عن خاله مالك غرائب لا يتابعه عليها أحد «1».
وقال إبراهيم بن الجنيد عن يحيي: مخلّط، يكذب، ليس بشي ء «2».
وقال ابن حزم في «المحلّي»: قال أبو الفتح الأزدي: حدّثني سيف بن محمّد: أنّ ابن أبي أُويس كان يضع الحديث «3».
وقال العيني: أقرّ علي نفسه بالوضع، كما حكاه النسائي عن سلمة بن شعيب عنه «4».
__________________________________________________
(1) ميزان الاعتدال 1/ 379- 380.
(2) تهذيب التهذيب 1/ 280.
(3) تهذيب التهذيب 1/ 281.
(4) عمدة القاري- الفائدة السابعة 1/ 8.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 25
أخرج ابن ماجة في فضل عثمان قائلًا:
«حدّثنا محمّد بن عبداللَّه بن نمير وعليّ بن محمّد، قالا: حدّثنا وكيع، قال: حدّثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن عائشة، قالت:
قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم في مرضه: وددت أنّ عندي بعض أصحابي. قلنا: يا رسول اللَّه ألا ندعو لك أبا بكر؟ فسكت. قلنا: ألا ندعو لك عمر؟ فسكت. قلنا: ألا ندعو لك عثمان؟ قال: نعم.
فجاء، فخلا به، فجعل النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم يكلّمه ووجه عثمان يتغيّر.
قال قيس: فحدّثني أبو سهلة مولي عثمان أنّ عثمان بن عفّان قال يوم الدار: إنّ رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم عهد إليَّ عهداً فأنا صائر إليه.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 26
وقال عليٌّ في حديثه: وأنا صابر عليه.
قال قيس: فكانوا
يرونه ذلك اليوم» «1».
وأخرجه الحاكم بإسناده عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس ابن أبي حازم، عن أبي سهلة مولي عثمان، عن عائشة … ثم قال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه «2».
أقول:
في هذا السند قيس بن أبي حازم.
نقل الذهبي وابن حجر عن يعقوب بن شيبة السدوسي- واللّفظ للثاني- «وقد تكلّم أصحابنا فيه، فمنهم من رفع قدره وعظّمه وجعل الحديث عنه من أصحّ الإسناد، ومنهم من حمل عليه وقال: له أحاديث مناكير. والّذين أطروه حملوا هذه الأحاديث علي أنّها عندهم غير مناكير وقالوا: هي غرائب. ومنهم من حمل عليه في مذهبه.
وقالوا: كان يحمل علي عليّ.
والمشهور عنه: أنّه كان يقدّم عثمان.
__________________________________________________
(1) سنن ابن ماجة 1/ 129- 130 باب في فضائل أصحاب رسول اللَّه رقم 113.
(2) المستدرك علي الصحيحين 3/ 106 كتاب معرفة الصحابة رقم 4543.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 27
ولذلك تجنّب كثير من قدماء الكوفيّين الرواية عنه «1».
وقال السيوطي في «تدريب الراوي»: «فائدة: أردتُ أن أسرد هنا من رمي ببدعة ممّن أخرج لهم البخاري ومسلم أو أحدهما» ثم ذكر «قيس بن أبي حازم» في الّذين رُموا بالنصب، وهو بغض عليّ عليه السّلام «2».
__________________________________________________
(1) ميزان الاعتدال 5/ 476، تهذيب التهذيب 8/ 336.
(2) تدريب الراوي: 1/ 278- 279.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 28
أخرج الترمذي قائلًا:
باب مناقب معاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبي بن كعب وأبي عبيدة بن الجرّاح- رضي اللَّه عنهم-.
1- حدّثنا سفيان بن وكيع، أخبرنا حميد بن عبد الرحمن، عن داود العطّار، عن معمر، عن قتادة، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم: أرحمُ أُمّتي بأُمّتي أبو بكر، وأشدّهم في أمر اللَّه عمر، وأصدقهم حياءً عثمان بن عفان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبي بن كعب، ولكلّ أُمّة أمين وأمين هذه الأُمّة أبو عبيدة بن الجرّاح.
قال: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث قتادة إلّامن
هذا الوجه.
وقد رواه أبو قلابة عن أنس عن النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم نحوه،
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 29
والمشهور حديث أبي قلابة.
2- حدّثنا محمّد بن بشّار، حدّثنا عبد الوهّاب بن عبد المجيد الثقفي، حدّثنا خالد الحذّاء، عن أبي قلابة، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم: أرحمُ أُمّتي بأُمّتي أبو بكر، وأشدّهم في أمر اللَّه عمر، وأصدقهم حياءً عثمان، وأقرؤهم لِكتاب اللَّه أبيّ بن كعب، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، ألا وإنّ لكلّ أُمّة أميناً وإنّ أمين هذه الأُمّة أبو عبيدة بن الجرّاح.
هذا حديث حسن صحيح» «1».
وأخرجه ابن ماجة أيضاً حيث قال:
«حدّثنا محمّد بن المثنّي، قال: حدّثنا عبد الوهّاب بن عبد المجيد، قال: حدّثنا خالد الحذّاء، عن أبي قلابة، عن أنس بن مالك: إنّ رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم قال: أرحم أُمّتي بأُمّتي أبو بكر …
حدّثنا عليّ بن محمّد، قال: حدّثنا وكيع، عن سفيان، عن خالد الحذّاء، عن أبي قلابة، مثله عند ابن قدامة … » «2».
وأخرجه الحاكم فقال:
«حدّثنا عبد الرحمن بن حمدان الجلّاب بهمدان، ثنا أبو حاتم
__________________________________________________
(1) سنن الترمذي 5/ 435 كتاب المناقب الأرقام 3815 و 3816.
(2) سنن ابن ماجة 1/ 161- 162 باب في فضائل أصحاب رسول اللَّه الأرقام 154 و 155.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 30
الرازي، ثنا محمّد بن يزيد بن سنان الرهاوي، ثنا الكوثر بن حكيم أبو محمّد الحلبي، عن نافع، عن ابن عمر رضي اللَّه عنهما، قال قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم: إنّ أرأف أُمّتي بها أبو بكر، وإنّ أصلبها في أمر اللَّه عمر، وإنّ أشدّها حياءً عثمان، وإنّ أقرأها
أُبَيّ بن كعب، وإنّ أفرضها زيد بن ثابت، وإنّ أقضاها عليّ بن أبي طالب، وإنّ أعلمها بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وإنّ أصدقها لهجة أبو ذرّ، وإنّ أمين هذه الأُمّة أبو عبيدة بن الجرّاح، وإنّ حبر هذه الأُمّة لعبداللَّه بن عبّاس» «1».
أقول:
هذه أهمّ أسانيد هذا الحديث في أهمّ كتب القوم، وهو حديث موضوع علي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم، ولو أردنا النظر في أسانيده بالتفصيل، لخرجنا عن وضع الرسالة، فنكتفي ببعض الكلام علي الأسانيد المذكورة فقط وهو أقلّ قليلٍ.
أمّا سنده عند الترمذي، ففي إسناده الأوّل سفيان بن وكيع.
قال البخاري: يتكلّمون فيه لأشياء لقّنوه إيّاها.
وقال أبو زرعة: يتّهم بالكذب.
__________________________________________________
(1) المستدرك علي الصحيحين 3/ 616 كتاب معرفة الصحابة رقم 6281.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 31
وقال ابن أبي حاتم: سئل أبي عنه فقال: ليّن.
وقال النسائي: ليس بثقة. وقال في موضع آخر: ليس بشي ءٍ.
وقال الآجري: امتنع أبو داود من التحديث عنه.
وذكره الذهبي في الضعفاء.
وقال ابن حجر: ابتُلي بورّاقه فأدخل عليه ما ليس من حديثه، فنُصح فلم يقبل، فسقط حديثه «1».
* و «داود العطّار».
قال الحاكم: قال يحيي بن معين: ضعيف الحديث.
وقال الأزدي: يتكلّمون فيه «2».
* وقتادة:
كان يري القدر ويدعو إلي ذلك.
وكان مشهوراً بالتدليس.
__________________________________________________
(1) ميزان الاعتدال 3/ 249، تهذيب التهذيب 4/ 111- 112، تقريب التهذيب 1/ 372 المغني في الضعفاء 1/ 419.
(2) ميزان الاعتدال 3/ 18، تهذيب التهذيب 3/ 173.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 32
وعن الشعبي: قتادة حاطب ليل «1».
وفي إسناده الثاني: «محمّد بن بشّار»:
كذّبه الفلّاس.
وقال الدورقي: رأيت يحيي لا يعبأ به ويستضعفه.
ورأيت القواريري: لا يرضاه.
وكان صاحب حمام «2».
«عبدالوهّاب بن عبدالمجيد».
قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه فقال: مجهول.
وعدّه ابن مهدي فيمن كان يحدّث من كتب الناس ولا يحفظ ذلك الحفظ.
وقال الدوري عن ابن معين: قد اختلط بآخره.
وقال أبو داود: تغيّر.
__________________________________________________
(1) تهذيب التهذيب 8/ 307- 309، وغيره.
(2) ميزان الاعتدال 6/ 79.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 33
وذكره العقيلي في الضعفاء «1».
* و «خالد الحذّاء».
قال أبو حاتم: يُكتب حديثه ولا يُحتجّ به.
وحكي العقيلي في تاريخه من طريق يحيي بن آدم عن أبي شهاب، قال قال لي شعبة: عليك بحجّاج بن أرطاة ومحمّد بن إسحاق فإنّهما حافظان، واكتم عليَّ عند البصريّين في خالد الحذّاء وهشام.
قال يحيي: وقلت لحمّاد بن زيد: «مالخالد الحذّاء»؟! قال: قدم علينا قدمةً من الشام فكأنّا أنكرنا حفظه.
وقال عبّاد بن عبّاد: أراد شعبة أن يقع في خالدٍ فأتيته أنا وحمّاد ابن زيدٍ فقلنا له: مالك أجننت؟! وتهدّدناه، فسكت.
وحكي العقيلي من طريق أحمد بن حنبل قيل لابن علية في حديثٍ كان خالد يرويه. فلم يلتفت إليه ابن علية وضعّف أمر خالد.
قال ابن حجر: والظاهر أنّ كلام هؤلاء فيه من أجل ما أشار إليه
__________________________________________________
(1) ميزان الاعتدال 4/ 434.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 34
حمّاد بن زيد من تغيّر حفظه بآخره، أو من أجل دخوله في عمل السلطان. واللَّه أعلم» «1».
* و «أبو قلابة» وهو عبداللَّه بن زيد الجرمي.
وكان يبغض عليّاً عليه السّلام ويسي ء إليه الأدب، ولذا لم يرو عنه أصلًا.
وقد اتّفقوا علي أنّه كان يدلّس عمّن لحقهم وعمّن لم يلحقهم.
وعن أبي الحسن القابسي المالكي: وليس أبو قلابة من فقهاء التابعين وهو عند الناس معدود في البُله «2».
وبما ذكرنا يظهر الكلام علي سنده عند ابن ماجة.
أحدهما: إنّ هذا الحديث- بالإضافة إلي ما ذكر- مرسل، نصّ عليه ابن حجر العسقلاني في «فتح الباري» وكذا غيره من الشرّاح. قال المناوي بشرحه: «وقال ابن حجر في الفتح: هذا الحديث أورده الترمذي وابن حبّان من طريق عبد الوهّاب الثقفي عن خالد الحذّاء مطوّلًا، وأوّله
__________________________________________________
(1) تهذيب التهذيب 3/ 110- 111.
(2) تهذيب التهذيب 5/ 201- 202، ميزان الاعتدال 4/ 103- 104.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 35
«أرحم» وإسناده صحيح، إلّاأنّ الحفّاظ قالوا: إنّ الصواب في أوّله الإرسال، والموصول منه ما اقتصر عليه البخاري» «1».
والثاني: إنّ راويه «أنس بن مالك» لا يعتمد عليه بعدما صدر منه الكذب والخيانة في غير موردٍ.
وأمّا سنده عند الحاكم ففيه: «محمّد بن يزيد بن سنان الرهاوي».
قال الدار قطني: ضعيف.
وقال النسائي: ليس بالقويّ.
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه فقال: ليس بشي ء، هو أشدّ غفلةً من أبيه.
وقال البخاري: أبو فروة مقارب الحديث، إلّاأنّ ابنه محمّداً يروي عنه مناكير.
وقال الآجري عن أبي داود: أبو فروة الجزري ليس بشي ء، وابنه ليس بشي ء.
وقال الترمذي: لا يتابع علي روايته، وهو ضعيف.
__________________________________________________
(1) فيض القدير- شرح الجامع الصغير- 1/ 589.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 36
وقال ابن حجر: ليس بالقويّ «1».
وأورده الذهبي في «المغني في الضعفاء» «2».
* «وكوثر بن حكيم»:
قال البخاري في الضعفاء والمتروكين: منكر الحديث.
وقال النسائي في الضعفاء والمتروكين: متروك الحديث.
وقال أبو زرعة: ضعيف.
وقال ابن معين: ليس بشي ء.
وقال أحمد: أحاديثه بواطيل.
وقال الدار قطني: متروك.
وقال الذهبي في «المغني في الضعفاء»: تركوا حديثه، له عجائب «3».
__________________________________________________
(1) ميزان الاعتدال 6/ 372، تهذيب التهذيب 9/ 452، تقريب التهذيب 2/ 147.
(2) المغني في الضعفاء: 2/ 388.
(3) راجع الكتب المذكورة والميزان 5/ 504 ولسانه 4/ 589- 590.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 37
أقول:
فظهر أنّ الحقّ مع من لم يكتف بتضعيف هذا الحديث بل رجّح وضعه «1».
__________________________________________________
(1) فيض القدير 1/ 589.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 38
أخرج الحاكم في مناقب عثمان، وصحّحه علي شرط الشيخين، قائلًا:
«حدّثنا أبو عليّ الحافظ، ثنا أبو بكر محمّد بن محمّد بن سليمان، ثنا أبو عبيداللَّه أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، حدّثني عمّي، ثنا يحيي بن أيّوب، ثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة- رضي اللَّه عنها-، قالت: أوّل حجر حمله النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم لبناء المسجد، ثم حمل أبو بكر حجراً آخر، ثم حمل عمر حجراً آخر، ثم حمل عثمان حجراً آخر. فقلت: يا رسول اللَّه، ألاتري إلي هؤلاء كيف يساعدونك؟
فقال: يا عائشة، هؤلاء الخلفاء من بعدي.
هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين ولم يخرجاه. وإنّما اشتهر بإسنادٍ واهٍ من رواية محمّد بن الفضل بن عطيّة، فلذلك هجر» «1».
__________________________________________________
(1) المستدرك علي الصحيحين 3/ 103 كتاب معرفة الصحابة رقم 4533.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 39
أقول:
هذا حديث موضوع بالنظر إلي سنده ومتنه.
أمّا السند، ففيه- بغضّ النظر عن غيره- أحمد بن عبد الرحمن ابن وهب المصري.
قال ابن عديّ: رأيت شيوخ مصر مجمعين علي ضعفه.
وقال ابن يونس: لا تقوم به حجّة.
وقال ابن حبّان: إنّه أتي بمناكير في آخر عمره «1».
قلت: وهذا الحديث عن عمّه!!
وأمّا المتن، فيكفي في الكلام حوله نقل عبارة الذهبي، فإنّه قال في تعقيب الحاكم ما هذا نصّه.
«(قلت): أحمد منكر الحديث، وهو ممّن نقم علي مسلمٍ إخراجه في الصحيح. ويحيي وإن كان ثقةً فقد ضعّف.
ثم لو صحّ هذا لكان نصّاً في خلافة الثلاثة.
ولا يصحّ بوجهٍ! فإنّ عائشة لم تكن يومئذٍ دخل بها النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم، وهي محجوبة صغيرة، فقولها هذا يدلّ علي بطلان الحديث.
__________________________________________________
(1) ميزان الاعتدال 1/ 253- 254.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 40
قال الحاكم: وإنّما اشتهر
هذا الحديث من رواية محمّد بن الفضل بن عطيّة، فلذلك هجر.
(قلت): ابن عطية متروك» «1».
__________________________________________________
(1) تلخيص المستدرك 3/ 97.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 41
أخرج أبو داود قائلًا:
«حدّثنا عمرو بن عثمان، ثنا محمّد بن حرب، عن الزبيدي، عن ابن شهاب، عن عمرو بن أبان بن عثمان، عن جابر بن عبداللَّه أنّه كان يحدّث أنّ رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم قال: أُري الليلة رجلٌ صالحٌ أنّ أبا بكر نيط برسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم، ونيط عمر بأبي بكر، ونيط عثمان بعمر.
قال جابر: فلمّا قمنا من عند رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم قلنا:
أمّا الرجل الصالح، فرسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم، وأمّا تنوّط بعضهم ببعض، فهم ولاة هذا الأمر الذي بعث اللَّه به نبيّه صلّي اللَّه عليه وسلّم.
قال أبو داود: رواه يونس وشعيب، لم يذكرا عَمْراً» «1».
__________________________________________________
(1) سنن أبي داود 3/ 213- 214 كتاب السنة باب في الخلفاء رقم 4636.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 42
وأخرج الحاكم قائلًا:
«أخبرناه أبو عبداللَّه محمّد بن عبداللَّه الصفّار، ثنا أحمد بن مهدي بن رستم، ثنا موسي بن هارون البردي، ثنا محمّد بن حرب، حدّثني الزبيدي، عن الزهري، عن عمرو بن أبان بن عثمان بن عفان، عن جابر بن عبداللَّه- رضي اللَّه عنهما-: إنّ رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم قال: أُري الليلة رجل صالح أنّ أبا بكر- رضي اللَّه عنه- نيط برسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم، ونيط عمر بأبي بكر، ونيط عثمان بعمر.
قال جابر: فلمّا قمنا من عند النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم قلنا: الرجل الصالح النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم، وأما ما ذكر من نوط بعضهم بعضاً، فهم ولاة هذا الأمر
الذي بعث اللَّه به نبيّه صلّي اللَّه عليه وسلّم.
ولعاقبة هذا الحديث إسناد صحيح عن أبي هريرة، ولم يخرجاه» «1».
أقول:
حكم الذهبي في تلخيصه بصحّة هذا الحديث.
لكنّ الحاكم رواه مرّةً أُخري عن طريق عثمان بن سعيد الدارمي، عن محمّد بن حرب، عن سعيد بن عبداللَّه الجرجسي، عن الزبيدي،
__________________________________________________
(1) المستدرك 3/ 75 كتاب معرفة الصحابة رقم 4439.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 43
عن الزهري، عن عمرو بن أبان بن عثمان، عن جابر، ثمّ قال:
«قال الدارمي: فسمعت يحيي بن معين يقول: محمّد بن حرب يسند هذا الحديث، والناس يحدّثون به عن الزهري مرسلًا، إنّما هو عمرو بن أبان، ولم يكن لأبان بن عثمان ابن يقال له عمرو» «1».
وفي هذا المقام أيضاً وافقه الذهبي!
أقول: يكفي في سقوط الحديث- بغضّ النظر عن رجاله، فإنّ «محمّد بن حرب» و «محمّد بن الوليد الزبيدي» كليهما من أهل حمص، وهم مشهورون بالبغض لعليٍّ عليه السلام، كما نصَّ عليه ياقوت في «حمص» من «معجم البلدان»، لا سيّما وأنّ كليهما من قضاة دمشق كما في ترجمتهما في «تهذيب التهذيب». وأيضاً فإنّ «ابن شهاب الزهري» من أشهر المنحرفين عن أميرالمؤمنين عليه السّلام- كلام أبي داود في آخره، وكلام يحيي بن معين.
أمّا التناقض من الحاكم والذهبي فلم أجد له حلًاّ!!
__________________________________________________
(1) المستدرك 3/ 109 كتاب معرفة الصحابة (فضائل عثمان بن عفان) رقم 4551.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 44
أخرج الطبراني عن معاذ بن جبل، قال:
«قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم: أُريت أنّي وُضعت في كفّةٍ وأُمّتي في كفّةٍ فعدلتها، ثم وضع أبو بكر في كفّةٍ وأُمّتي في كفّةٍ فعدلها، ثم وضع عمر في كفّة وأمتي في كفّة فعدلها، ووُضع عثمان في كفّةٍ وأُمّتي
في كفّةٍ فعدلها، ثم رفع الميزان».
رواه الهيثمي «1» والمتّقي «2» عن الطبراني.
وقال الأوّل: «وفيه عمرو بن واقد وهو متروك، ضعّفه الجمهور».
__________________________________________________
(1) مجمع الزوائد 9/ 51 كتاب المناقب باب فيما ورد من الفضل لأبي بكر وعمر وغيرهما من الخلفاء وغيرهم رقم 14388.
(2) كنز العمّال 11/ 295 كتاب الفضائل باب ذكر الصحابة وفضلهم رقم 33114.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 45
أقول:
وهذه نبذة من كلماتهم في الرجل المذكور.
كان مروان يقول: عمرو بن واقد كذّاب.
وقال يزيد بن محمّد بن عبد الصمد قال أبو مسهر: كان يكذب من غير أن يتعمّد.
وقال يعقوب بن سفيان عن دحيم: لم يكن شيوخنا يحدّثون عنه، قال: وكأنّه لم يشكّ أنّه كان يكذب.
وقال البخاري والترمذي: منكر الحديث.
وقال أبو حاتم: ضعيف، منكر الحديث.
وقال النسائي والدار قطني والبرقاني: متروك الحديث «1».
وأورده الذهبي في ميزانه- بعد أن أشار إلي كونه من رجال الترمذي وابن ماجة- فذكر بعض الكلمات في جرحه وذمّه، ثم روي بعض الأحاديث التي وقع الرجل في طريقها، منها هذا الحديث ثم قال:
«وهذه الأحاديث لا تعرف إلّامن رواية عمرو بن واقد، وهو هالك» «2».
__________________________________________________
(1) تهذيب التهذيب 8/ 97.
(2) ميزان الاعتدال 5/ 349- 351.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 46
روي ابن عساكر، عن ابن عمر، عن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم: «إنّ اللَّه أمرني بحبّ أربعةٍ من أصحابي؛ وقال: أُحبّهم أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ».
رواه المتّقي عن ابن عساكر وعن ابن عديّ ثم قال:
«وفيه سليمان بن عيسي السجزي. قال ابن عديّ: يضع» «1».
أقول:
قال الذهبي: «سليمان بن عيسي بن نجيح السجزي. عن ابن عون وغيره عن مالك.
قال الجوزجاني: كذّاب مصرّح.
__________________________________________________
(1) كنز العمّال 1/ 293 كتاب الفضائل باب ذكر الصحابة وفضلهم رقم 33099.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 47
وقال أبو حاتم: كذّاب.
وقال ابن عديّ: وضع الحديث. له كتاب تفضيل العقل. جزءان.
ومن بلاياه: حدّثنا الليث، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً: إنّ اللَّه أمرني بحبّ أربعة: أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ» «1».
وكذا قال ابن حجر العسقلاني «2».
__________________________________________________
(1) ميزان الاعتدال 3/ 308.
(2) لسان الميزان 3/ 113.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 48
أخرج ابن أبي خيثمة في (تاريخه) وأبو يعلي والبزّار وأبو نعيم، عن أنس، قال:
«كنت مع النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم في حائطٍ، فجاء آتٍ فدقّ الباب. فقال: يا أنس، قم فافتح له وبشرّه بالجنّة وبالخلافة من بعدي؛ فإذا أبو بكر. ثم جاء رجل فدقّ الباب فقال: يا أنس، قم فافتح له وبشّره بالجنّة وبالخلافة من بعد أبي بكر؛ فإذا عمر. ثم جاء رجل فدقّ الباب فقال:
افتح له وبشّره بالجنّة وبالخلافة من بعد عمر وأنّه مقتول؛ فإذا عثمان».
رواه عنهم السيوطي «1».
وقال الخطيب: «الصقر بن عبد الرحمن بن بنت مالك بن مغول، يكنّي أبا بهز، وهو كوفي، نزل بغداد وحدّث بها أخبرني عليّ بن
__________________________________________________
(1) الخصائص الكبري 2/ 438.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 49
محمّد بن الحسن المالكي، أخبرنا عبداللَّه بن عثمان الصفّار، أخبرنا محمّد بن عمران بن موسي الصيرفي، حدّثنا عبداللَّه بن عليّ بن المديني، قال: قلتُ لأبي في حديث أبي بهز عن ابن إدريس عن المختار بن فلفل عن أنس- كان في حائطٍ- فقال: إيذن له وبشّره بالجنّة، مثل حديث أبي موسي؟ فقال:
كذب، هذا موضوع.
ثم روي بإسناده عن طريق أبي يعلي: حدّثنا أبو بهز صقر بن عبد الرحمن ابن بنت مالك بن مغول، حدّثنا عبداللَّه بن إدريس، عن المختار بن فلفل، عن أنس بن مالك، قال: جاء النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم فدخل إلي بستانٍ فأتي آتٍ فدقَّ الباب فقال: قم يا أنس …
قال عبد المؤمن: سألت أبا عليّ عن الصقر فقال: كان شيخاً مغفّلًا مطروحاً ببغداد، وأبو الصقر عبد الرحمن بن مالك بن مغول كان- يعني الصقر- يضع الحديث.
قال أبو عليّ صالح بن محمّد عبد الرحمن بن مالك بن مغول من أكذب الناس، وأبو بهز ابنه كان أكذب من أبيه» «1».
وروي العيني هذا الحديث في شرح البخاري فقال:
«رواه أبو يعلي الموصلي من حديث المختار بن فلفل عن أنس
__________________________________________________
(1) تاريخ بغداد 9/ 340- 341.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 50
وقال: هذا حديث حسن» «1».
أقول:
قد عرفت تنصيص غير واحدٍ من حفّاظ القوم علي كون الرجل من أكذب الناس، وأنّ الحديث موضوع، علي أنّ ابن عديّ يحكي عن أبي يعلي أنّه كان إذا حدّثنا عنه ضعّفه.
وممّن نصّ علي أنّ هذا الحديث كذب هو: الذهبي، فإنّه ذكر «الصقر» في (ميزانه) فقال: «الصقر بن عبد الرحمن، أبو بهز، سبط مالك بن مغول، حدّث عن عبداللَّه بن إدريس عن مختار بن فلفل عن أنس بحديث كذب: قم يا أنس فافتح لأبي بكر وبشّره بالخلافة من بعدي؛ وكذا في عمر وعثمان رضي اللَّه عنهما.
قال ابن عديّ: كان أبو يعلي إذا حدّثنا عنه ضعّفه.
وقال أبو بكر ابن أبي شيبة: كان يضع الحديث.
وقال أبو علي جزرة: كذّاب … » «2».
وتبعه ابن حجر في (لسانه) فذكر عبارة الذهبي، ثم روي الحديث بإسناده عن
أبي يعلي عن صقر عن عبداللَّه بن إدريس عن مختار بن
__________________________________________________
(1) عمدة القاري 16/ 176- 177.
(2) ميزان الاعتدال 3/ 434- 435.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 51
فلفل عن أنس ثم قال:
«وإلّا لو صحّ هذا لما جعل عمر الخلافة في أهل الشوري، وكان يعهد إلي عثمان بلا نزاع، واللَّه المستعان» «1».
__________________________________________________
(1) لسان الميزان 3/ 227- 228.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 52
ما رواه عبد الوهّاب الكلابي، المعروف بابن أخي تبوك، المتوفّي في سنة 396- وكان مسند دمشق- في مسنده. وابن عساكر في تاريخ دمشق. والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد.
قال الخطيب:
«حدّثت عن عبد الوهّاب بن الحسن الدمشقي، قال: حدّثنا أبو القاسم عبداللَّه بن أحمد بن محمّد التميمي المعلم المعروف بالغباغبي لفظاً، قال: حدّثني ضرار بن سهل الضراري ببغداد في دار الخلنجيين في رأس الجسر، قال: حدّثنا الحسن بن عرفة، حدّثنا أبو حفص الأبّار عمر بن عبدالرحمن، عن حميد عن أنس، قال:
قال لي عليّ بن أبي طالب: قال لي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم:
يا عليّ، إنّ اللَّه أمرني أن أتّخذ أبا بكر والداً، وعمر مشيراً، وعثمان سنداً،
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 53
وأنت- يا عليّ- ظهيراً …
هذا الحديث منكَر جدّاً. لا أعلم رواه بهذا الإسناد إلّاضرار بن سهل، وعنه الغباغبي. وهما جميعاً مجهولان» «1».
وقال ابن الجوزي:
«باب في فضائل الأربعة، وفيه أحاديث، الحديث الأوّل:
أنبأنا أبو منصور القزّاز، قال أبو بكر أحمد بن عليّ الخطيب، قال:
حدّثت عن عبد الوهّاب بن الحسن الدمشقي، حدّثنا أبو القاسم عبداللَّه بن أحمد بن محمّد التميمي المعروف بالغباغبي، قال: حدّثني ضرار بن سهل، حدّثنا الحسن بن عرفة، حدّثنا أبو حفص الأبّار، عن حميد، عن أنس، قال:
قال
لي عليّ بن أبي طالب رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم: يا عليّ، إنّ اللَّه أمرني أن أتّخذ أبا بكر والداً … وأنت يا عليّ ظهيراً … ».
ثم قال ابن الجوزي بعد أن رواه عن الخطيب كذلك:
«قال الخطيب: هذا حديث منكر جدّاً، لا أعلم رواه بهذا الإسناد إلّا
__________________________________________________
(1) تاريخ بغداد 9/ 348.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 54
ضرار بن سهل، وعنه الغباغبي، وهما مجهولان» «1».
وقال الذهبي:
«ضرار بن سهل بن عن الحسن بن عرفة، بخبر باطل، ولا يُدري مَن ذا الحيوان!!
والحديث عن ابن عرفة.
حدّثنا الأبار، عن حميد، عن أنس، قال عليّ: قال لي النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم: يا عليّ، إنّ اللَّه أمرني أن أتّخذ أبا بكرٍ والداً.
رواه أخو تبوك عبد الوهّاب الكلابي، عن عبداللَّه بن أحمد الغباغبي- أحد المجهولين- عن ضرار» «2».
وقال ابن حجر:
«ضرار بن سهل، عن الحسن بن عرفة، بخبر باطل، ولا يدري مَن ذا الحيوان!!
والحديث عن ابن عرفة، حدّثنا الأبار، عن حميد، عن أنس، قال عليُ رضي اللَّه عنه: قال لي النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم: يا عليّ، إنّ اللَّه أمرني أن أتّخذ أبا بكر والداً … رواه أخو تبوك عبد الوهّاب الكلابي، عن
__________________________________________________
(1) الموضوعات 1/ 301- 302.
(2) ميزان الاعتدال 3/ 448- 449.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 55
عبداللَّه بن أحمد الغباغبي- أحد المجهولين- عن ضرار» «1».
أقول: إلي هنا، وقد عرفت أنّ هذا الحديث من الموضوعات.
ثم إنّ ابن حجر بعد أن ذكر الحديث، وقال- تبعاً للذهبي-: «رواه أخو تبوك عبد الوهّاب الكلابي عن عبداللَّه بن أحمد الغباغبي» وحكم تبعاً له بأنّه «أحد المجهولين» عنون:
«عبداللَّه بن أحمد بن محمّد التميمي، المعروف بالعباعبي».
قال: «روي عن
ضرار بن سهل عن الحسن بن عرفة في فضل الخلفاء الأربعة. روي عنه عبد الوهّاب العلائي».
فهناك: «الغباغبي» وهنا «العباعبي»!
والراوي عنه هناك: «عبد الوهّاب الكلابي» وهنا «عبد الوهّاب العلائي»!
ثم قال:
«قال الخطيب: منكر جدّاً، لا أعلم رواه بهذا الإسناد غير ضرار، وهو والعباعبي مجهولان. وذكر له ابن عساكر نسباً إلي فراس بن حابس التميمي أخي الأقرع بن حابس …
مات سنة 425.
__________________________________________________
(1) لسان الميزان 3/ 238- 239.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 56
وكان معلّماً علي باب الجابية.
قلت: فهو معروف، والتصق الوهم بضرار» «1».
أقول: لقد حاول ابن حجر أن يُخرج الرجلَ عن الجهالة، مع وهمه في لقبه وفي لقب الراوي عنه، لكنّه لم يفلح، فلم يأتِ له بتوثيقٍ ولا مدح، إذ لا يُخرج الرجل عن المجهوليّة العلم بكونه معلّماً في مكان كذا، وبأنّه مات في سنة كذا، وإلّا لم يحكم عليه بالجهالة الخطيب البغدادي الراوي عنه بواسطةٍ واحدةٍ، ولا ابن الجوزي الراوي عن الخطيب بواسطة واحدة، ولا الذهبي!!
__________________________________________________
(1) لسان الميزان 3/ 303.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 57
ما أخرجه الترمذي وعنه السيوطي وصحّحه، وهو:
«رحم اللَّه أبا بكر زوّجني ابنته، وحملني إلي دار الهجرة، وأعتق بلالًا من ماله، وما نفعني مال في الإسلام ما نفعني مال أبي بكر. رحم اللَّه عمر يقول الحقّ وإن كان مرّاً، لقد تركه الحقّ وماله من صديق. رحم اللَّه عثمان تستحيه الملائكة، وجهّز جيش العسرة، وزاد في مسجدنا حتي وسعنا. رحم اللَّه عليّاً، اللّهمّ أدر الحقّ معه حيث دار.
ت عن عليّ. صح» «1».
أقول:
في سنده «مختار بن نافع».
قال أبو زرعة: واهي الحديث.
__________________________________________________
(1) الجامع الصغير 2/ 270 حرف الراء رقم 4412.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 58
وقال البخاري والنسائي وأبو
حاتم: منكَر الحديث.
وقال النسائي في موضع آخر: ليس بثقة.
وقال ابن حبّان: كان يأتي بالمناكير عن المشاهير حتي يسبق إلي القلب أنّه كان المتعمِّد لذلك.
وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالقوي عندهم.
وقال السّاجي: منكر الحديث «1».
ولما ذكرنا أورده الحفّاظ في الأحاديث الباطلة المكذوبة.
قال ابن الجوزي: «روي مختار بن نافع التميمي، عن أبي حيّان، عن أبيه، عن عليّ، عن النبيّ صلّي اللَّه عليه وسلّم …
قال المؤلّف: هذا الحديث يعرف بمختار. قال البخاري: هو منكر الحديث. وقال ابن حبّان: كان يأتي بالمناكير عن المشاهير حتي يسبق إلي القلب أنّه كان المتعمِّد لذلك» «2».
وقال الذهبي: «مختار بن نافع [ت عن أبي حيّان التيمي.
قال النسائي وغيره: ليس بثقة.
وقال ابن حبّان: منكر الحديث جدّاً.
__________________________________________________
(1) تهذيب التهذيب 10/ 63.
(2) العلل المتناهية 1/ 255- 256.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 59
أحمد بن عبد الرحمن الكزبراني، حدّثنا مختار بن نافع، عن أبي حيّان، عن أبيه، عن عليّ، مرفوعاً: رحم اللَّه أبا بكر … وذكر الحديث.
قال البخاري: منكر الحديث، كنيته أبو إسحاق» «1».
ومن هنا قال المناوي في شرحه:
«رمز المصنّف لصحّته، وليس كما زعم، فقد أورده ابن الجوزي في الواهيات وقال: هذا الحديث يعرف بمختار، قال البخاري: هو منكر الحديث، وقال ابن حبّان: يأتي بالمناكير عن المشاهير حتي يسبق إلي القلب أنّه يتعمّدها …
وفي الميزان: مختار بن نافع، منكر الحديث جدّاً. ثم أورد من مناكيره هذا الخبر» «2».
__________________________________________________
(1) ميزان الاعتدال 6/ 386.
(2) فيض القدير 4/ 25.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 60
ما أخرجه الطبراني وأبو نعيم وابن عديّ والخطيب وغيرهم بأسانيدهم عن ابن عبّاس.
قال الخطيب:
«قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم: ما في الجنّة شجرة إلّا مكتوب علي كلّ ورقة: محمّد رسول
اللَّه، أبو بكر الصدّيق، عمر الفاروق، عثمان ذي النورين» «1».
وقال ابن الجوزي:
باب في فضائل الثلاثة أبي بكر وعمر وعثمان، فيه أحاديث، الحديث الأوّل:
أنبأنا عبد الرحمن بن محمّد القزّاز، قال: أنبأنا أحمد بن عليّ بن
__________________________________________________
(1) تاريخ بغداد 5/ 207.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 61
ثابت، قال: أنبأنا القاضي أبو الفرج محمّد بن أحمد بن الحسن الشافعي … عن مجاهد، عن ابن عبّاس، قال: قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم ما في الجنّه شجرة إلّامكتوب …
اسم الاحتياطي: الحسن بن عبد الرحمن بن عبّاد أبو عليّ.
قال أبو حاتم ابن حبّان: هذا باطل موضوع، وعليّ بن جميل كان يضع الحديث، لا تحلّ الرواية عنه بحال. وقال أبو أحمد بن عديّ: لم يأت بهذا الحديث عن جرير غير عليّ، وعليّ يحدّث بالبواطيل عن ثقات الناس فيسرق السرق» «1».
وقال الذهبي:
«عليّ بن جميل الرقّي. روي عن جرير بن عبد الحميد وعيسي ابن يونس. كذّبه ابن حبّان وضعّفه الدارقطني وغيره وروي عليّ بن جميل، عن جرير، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عبّاس، عن النبيّ صلّي اللَّه عليه وسلّم، قال لما عرج بي إلي السماء …
تابعه شيخ مجهول يقال له معروف بن أبي معروف البلخي عن جرير» «2».
__________________________________________________
(1) الموضوعات 1/ 251.
(2) ميزان الاعتدال 5/ 144.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 62
وقال السيوطي:
«الطبراني، حدّثنا سعيد بن عبد ربّه الصفّار البغدادي، حدّثنا عليّ بن جميل الرقّي، حدّثنا جرير بن عبد الحميد، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عبّاس مرفوعاً: ما في الجنّة شجرة إلّامكتوب …
قال ابن حبّان: موضوع، وعليّ بن جميل وضّاع.
قلت: أخرجه أبو نعيم في الحلية حدّثنا القاضي أبو أحمد بن محمّد، حدّثنا أحمد بن الحسن بن عبدالملك،
حدّثنا عليّ بن جميل به.
وقال الختلي في الديباج: حدّثني القاسم بن أبي علي الكوفي، حدّثنا عبد العزيز بن عمرو الخراساني، عن جرير الرازي، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عبّاس مرفوعاً …
قال الذهبي في الميزان: عبد العزيز فيه جهالة، والخبر باطل، فهو الآفة فيه.
وقال ابن عديّ: حدّثنا أحمد بن عامر البرقعيدي، حدّثني معروف البلخي بدمشق، حدّثنا جرير، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عبّاس مرفوعاً …
قال الذهبي: هذا موضوع» «1».
__________________________________________________
(1) اللآلي المصنوعة 1/ 292- 293.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 63
ما رواه جماعة من الحفّاظ:
قال ابن الجوزي: «الحديث الثاني أنبأنا هبة اللَّه بن محمّد بن الحصين، أنبأنا أبو طالب بن غيلان، أنبأنا أبو بكر الشافعي، حدّثنا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة، حدّثنا الحسن بن صالح، حدّثنا الحسن بن الحسن النرسي، حدّثنا أصبغ بن الفرج، عن البيّع بن محمّد، عن أبي سليمان الأيلي، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن ابن عبّاس، قال:
قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم: إذا كان يوم القيامة نادي منادٍ تحت العرش أين أصحاب محمّد؟ فيؤتي بأبي بكر وعمر ابن الخطّاب وعثمان بن عفّان وعليّ- رضي اللَّه عنهم- فيقال لأبي بكر: قف علي باب الجنّة، فأدخل من شئت برحمة اللَّه وردّ من شئت بعلم اللَّه عزّوجلّ. ويقال لعمر: قف علي الميزان فثقِّل من شئت برحمة اللَّه
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 64
وخفِّف من شئت بعلم اللَّه. قال: ويكسي عثمان بن عفّان حلّتين فيقال له: إلبسهما فإنّي خلقتهما وادّخرتهما حين أنشأت خلق السماوات والأرض. ويعطي عليّ بن أبي طالب رضي اللَّه عنه عصي عوسج من الشجرة التي خلقها اللَّه تعالي في الجنّة فيقال له:
ذُدِ الناس عن الحوض.
وقد رواه أصبغ، عن سليمان بن عبد الأعلي، عن ابن جريج.
ورواه أصبغ، عن السري بن محمّد، عن أبي سليمان الأيلي، عن ابن جريج.
وهذا يدلّ علي تخليطٍ من أصبغ أو ممّن روي عنه.
وفي إسناده جماعة مجهولون.
وقد رواه أحمد بن الحسن الكوفي عن وكيع؛ قال الدار قطني: هو متروك.
وقال ابن حبّان: يضع الحديث علي الثقات.
ورواه إبراهيم بن عبداللَّه المصيصي، عن حجّاج بن محمّد، عن ابن جريج.
قال ابن حبّان: إبراهيم يسرق الحديث ويسوّيه، ويروي عن الثقات ما ليس من أحاديثهم، فيستحقّ أن يكون من المتروكين» «1».
__________________________________________________
(1) الموضوعات 1/ 302- 303.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 65
وأورد الذهبي إبراهيم بن عبداللَّه في (ميزانه) ثم ذكر بترجمته حديثين هذا أحدهما، ثم قال: «قلت: هذا رجل كذّاب، قال الحاكم:
أحاديثه موضوعة.
قال:
وهو الذي يروي عن وكيع، عن سفيان، عن عمرو بن دينار، عن ابن عبّاس، مرفوعاً: إذا كان يوم القيامة، يكون أبو بكر علي أحد أركان الحوض، وعمر علي الركن الثاني، وعثمان علي الركن الثالث، وعليّ علي الرابع، فمن أبغض واحداً منهم لم يسقه الآخرون.
وقد روي عن حجّاج، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن ابن عبّاس، مرفوعاً: إذا كان يوم القيامة نادي منادٍ تحت العرش: هاتوا أصحاب محمّد، فيؤتي بأبي بكر وعمر وعثمان وعليّ … » «1».
وابن حجر تبع الذهبي في عنوان الرجل وذكر الحديثين وفي الحكم بأنّه كذّاب «2».
__________________________________________________
(1) ميزان الاعتدال 1/ 160- 161.
(2) لسان الميزان 1/ 169.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 66
هذه طائفة من الأحاديث الموضوعة في هذا الباب، وهي قليل من كثير، وقد ذكر المحقّقون منهم بعضاً منها في الكتب المصنّفة في الأخبار الموضوعة، ك «الموضوعات» لابن الجوزي، و
«الكامل» لابن عديّ، و «ميزان الاعتدال» للذهبي، و «اللآلي المصنوعة» للسيوطي، و «لسان الميزان» لابن حجر العسقلاني، و «تنزيه الشريعة» لابن عرّاق.
لكنّهم يتجنّبون الحكم بالوضع علي ما أُخرج منها في الصحاح وفي الصحيحين خاصةً، لما لهذَين الكتابين من الشأن الرفيع والعظمة البالغة عندهم؛ إلّاأنّا تعمّدنا التحقيق في بعض ما أُخرج في الكتابين تأكيداً منّا علي أنّهما كغيرهما من الكتب في الاشتمال علي الحديث الصحيح وغيره، وقد بحثنا عن هذا الموضوع ببعض التفصيل في غير واحدٍ من مؤلفاتنا المنتشرة، والحمد للَّه.
وعلي كلّ حالٍ، فهذه الأحاديث باطلة موضوعة، سواء المخرّج
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، الأحاديث الواردة …، ص: 67
منها في كتابي البخاري ومسلم والمخرّج منها في غيرهما …
ولا يخفي علي النبيه غرض الوضّاعين من وضع هذه الأحاديث، فإنّ القوم كانوا وما زالوا يشعرون بضرورة توجيه الخلافة التي أسّسوها، والمراتب التي ابتدعوها … لعلمهم التفصيلي بما كان … وبأنّ أقاويلهم ما أنزل اللَّه بها من سلطان …
ولكن … لن يصلح العطّار ما أفسده الدهر …
وصلّي اللَّه علي محمّد وآله الطاهرين …