سرشناسه : حسینی میلانی، سیدعلی، 1326 -
عنوان قراردادی : احادیث خاص (ثقلین) .شرح
عنوان و نام پديدآور : حدیث الوصیه بالثقلین الکتاب و السنه/ تالیف الیسیدعلی الحسینی المیلانی.
مشخصات نشر : قم: مرکز الحقایق الاسلامیه، 1429ق. = 1387.
مشخصات ظاهری : 32 ص.
فروست : اعرف الحق تعرف اهله؛ 20.
شابک : 978-964-2501-75-5
وضعیت فهرست نویسی : برونسپاری
يادداشت : عربی.
یادداشت : کتابنامه به صورت زیرنویس.
موضوع : احادیث خاص (ثقلین)-- نقد و تفسیر
موضوع : امامت -- احادیث
رده بندی کنگره : BP145 /ث702 ح5 1387
رده بندی دیویی : 297/218
شماره کتابشناسی ملی : 2882688
نظراً للحاجة الماسّة والضرورة الملحّة لنشر العقائد الحقّة والتعريف بالفكر الشيعي، بالبراهين العقليّة المتقنة والأدلّة النقلية من الكتاب والسنّة، من أجل ترسيخها في أذهان المؤمنين، ودفع الشبهات المثارة حولها من قبل المخالفين، فقد بادر (مركز الحقائق الاسلامية) بإخراج سلسلة علمية- عقائدية، متنوّعة، تميّزت بجامعيتها بين العمق في النظر والقوّة في الاستدلال والوضوح في البيان، تحت عنوان (إعرف الحق تعرف أهله)، وهي من بحوث سماحة الفقيه المحقق آية اللَّه الحاج السيد علي الحسيني الميلاني (دام ظلّه)، آملين أن نكون قد قمنا ببعض الواجب الملقي علي عواتقنا في هذه الأيام التي كثرت فيها الشبهات وازدادت الانحرافات، سائلين اللَّه عز و جل أن يسدّد خطانا علي نهج الكتاب والعترة الطاهرة كما أوصي الرسول الأكرم صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم، والحمد للَّه رب العالمين.
مركز الحقائق الاسلامية
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الوصيةبالثقلين..، ص: 7
بسم اللَّه الرّحمن الرّحيم
الحمد للَّه ربّ العالمين، والصلاة والسلام علي سيّدنا محمّد وآله الطاهرين، ولعنة اللَّه علي أعدائهم أجمعين من الأولين والآخرين.
أمّا بعد:
فهذه رسالة وضعتها في تحقيق ما روي عن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم أنّه قال: «إنّي تارك فيكم الثقلين: كتاب
اللَّه وسُنّتي» ولا سيّما الذي جاء في بعض الكتب من أنّه قال ذلك في خطبته في حجّة الوداع.
واللَّه أسأل أن يوفّقنا لتحقيق الحقّ واتّباعه، وأنْ يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، إنّه هو البرُّ الرحيم.
علي الحسيني الميلاني
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الوصيةبالثقلين..، ص: 9
(1)
إنّ خبر الثقلين «كتاب اللَّه وسُنّتي» غير واردٍ إلّافي كتبٍ معدودةٍ من كتب الحديث والسيرة.
وإنّ أقدم رواة هذا الخبر- فيما نعلم- هو مالك بن أنس- المتوفّي سنة 179- حيث جاء في «الموطّأ»:
«وحدّثني عن مالك أنّه بلغه أنّ رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم قال: تركت فيكم أمرين لن تضلّوا ما مسّكتم بهما، كتاب اللَّه وسُنّة نبيّه» «1».
__________________________________________________
(1) الموطّأ 2/ 899 كتاب القدر باب النهي عن القول بالقدر الرقم 3.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الوصيةبالثقلين..، ص: 10
وذكر ابن هشام- المتوفّي سنة 218- في كتاب في «السيرة النبويّة» الذي هذّب به كتاب محمّد بن إسحاق خطبة الرسول صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم في حجّة الوداع، وقد جاء فيها عنه أنّه قال: «وقد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلّوا أبداً، أمراً بيّناً: كتاب اللَّه وسُنّة نبيّه» «1».
وأخرج الحاكم النيسابوري- المتوفّي سنة 405- قائلًا:
«حدّثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه، أنبأ العبّاس بن الفضل الأسفاطي، ثنا إسماعيل بن أبي أُويس.
وأخبرني إسماعيل بن محمّد بن الفضل الشعراني، ثنا جدّي، ثنا ابن أبي أُويس، حدّثني أبي، عن ثور بن زيد الديلي، عن عكرمة، عن ابن عبّاس:
إنّ رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم خطب الناس في حجّة الوداع فقال: قد يئس الشيطان أن يُعبد بأرضكم، ولكنّه رضي أن يُطاع فيما سوي ذلك ممّا تحاقرون من أعمالكم، فاحذروا يا أيّها الناس، إنّي قد
__________________________________________________
(1) السيرة النبويّة 4/ 260.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الوصيةبالثقلين..، ص: 11
تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلّوا أبداً كتاب اللَّه وسُنّة نبيّه صلّي اللَّه عليه وسلّم، إنّ كلّ مسلم أخ المسلم، المسلمون إخوة، ولا يحلّ لامري ءٍ من مال أخيه إلّاما أعطاه عن طيب نفس، ولا تظلموا، ولا ترجعوا بعدي كفّاراً يضرب بعضكم رقاب بعض.
وقد احتجّ البخاري بأحاديث عكرمة، واحتج مسلم بابن أبي أُويس، وسائر رواته متّفق عليهم. وهذا الحديث لخطبة النبيّ صلّي اللَّه عليه وسلّم متّفق علي إخراجه في الصحيح: يا أيّها الناس إنّي قد تركت فيكم ما لن تضلّوا بعده إن اعتصمتم به: كتاب اللَّه، وأنتم مسؤولون عنّي فما أنتم قائلون؟.
وذِكْرُ الاعتصام بالسُنّة في هذه الخطبة غريب، ويحتاج إليها.
وقد وجدت له شاهداً من حديث أبي هريرة:
أخبرنا أبو بكر بن إسحاق
الفقيه، أنبأ محمّد بن عيسي بن السكن الواسطي، ثنا داود بن عمرو الضبّي، ثنا صالح بن موسي الطلحي، عن عبدالعزيز بن رفيع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه، قال:
قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم:
إنّي قد تركت فيكم شيئين لن تضلّوا بعدهما: كتاب اللَّه وسُنّتي، ولن يتفّرقا حتي يردا عَلَيَّ الحوض» «1».
__________________________________________________
(1) المستدرك علي الصحيحين 1/ 171- 172 كتاب العلم الأرقام 318 و 319.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الوصيةبالثقلين..، ص: 12
ورواه أبو بكر البيهقي- المتوفّي سنة 458- بقوله: «أخبرنا أبو عبداللَّه الحافظ، أخبرني إسماعيل بن محمّد بن الفضل الشعراني، ثنا جدّي، ثنا ابن أبي أُويس، ثنا أبي، عن ثور بن زيد الديلي، عن عكرمة، عن ابن عبّاس رضي اللَّه عنهما أنّ رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم خطب الناس في حجّة الوداع فقال: يا أيّها الناس؛ إنّي قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلّوا أبداً، كتاب اللَّه وسُنّة نبيّه.
أخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل ببغداد، أنبأ أبو أحمد حمزة ابن محمّد بن العبّاس، ثنا عبدالكريم بن الهيثم، أنبأ العبّاس بن الهيثم، ثنا صالح بن موسي الطلحي، عن عبدالعزيز بن رفيع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة- رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم:
إني قد خلّفت فيكم ما لن تضلّوا بعدهما ما أخذتم بهما أو عملتم بهما:
كتاب اللَّه وسُنّتي، ولن يفترقا حتي يردا علي الحوض» «1».
رواه ابن عبدالبر القرطبي المالكي، المتوفي سنة 463 بسندين فقال:
__________________________________________________
(1) السنن الكبري 10/ 114.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الوصيةبالثقلين..، ص: 13
حدّثنا عبدالرحمن بن مروان قال: حدّثنا أحمد بن سليمان البغدادي قال: حدّثنا البغوي قال: حدّثنا داود بن عمرو الضبي، قال:
حدّثنا صالح بن موسي الطلحي قال: حدّثنا عبدالعزيز بن رفيع عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم: إنّي قد خلّفت فيكم اثنين لن تضلّوا بعدهما أبداً: كتاب اللَّه وسنّتي» «1».
وحدّثنا عبدالرحمن بن يحيي قال: حدّثنا أحمد بن سعيد قال:
حدّثنا محمّد بن إبراهيم الديبلي قال: حدّثنا علي بن زيد الفرائضي قال:
حدّثنا الحنيني عن كثير بن عبداللَّه بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جدّه قال قال رسول اللَّه صلّي
اللَّه عليه وسلّم: تركت فيكم أمرين لن تضلّوا ما تمسّكتم بهما: كتاب اللَّه وسنّة نبيّه صلّي اللَّه عليه وسلّم» «2».
ورواه القاضي عياض اليحصبي- المتوفّي سنة 544- بقوله:
«وقال عليه السلام فيما أخبرنا به القاضي الحافظ أبو عليّ الحسين بن محمّد- رحمه اللَّه- قراءةً منّي عليه، قال: أخبرنا الشيخ
__________________________________________________
(1) التمهيد لما في الموطّأ من المعاني والأسانيد 10/ 525- 526 باب بلاغات مالك ومرسلاته.
(2) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد 10/ 525- 526 باب بلاغات مالك ومرسلاته.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الوصيةبالثقلين..، ص: 14
الإمام أبو الفضل أحمد بن أحمد الأصبهاني، قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبداللَّه الحافظ، قال: أخبرنا عبداللَّه بن محمّد بن جعفر، أخبرنا بنان بن أحمد القطّان، أخبرنا عبداللَّه بن عمر بن أبان، أخبرنا شعيب بن إبراهيم، أخبرنا سيف بن عمر، عن أبان بن إسحاق الأسدي، عن الصباح بن محمّد، عن أبي حازم، عن أبي سعيد الخدري، قال:
قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم: أيّها الناس، إنّي قد تركت فيكم الثقلين كتاب اللَّه وسُنّتي، فلا تفسدوه، وإنّه لا تعمي أبصاركم ولن تزلّ أقدامكم ولن تقصر أيديكم، ما أخذتم بهما» «1».
ورواه جلال الدين السيوطي- المتوفّي سنة 911- في كتابه «الجامع الصغير» قال: «تركت فيكم شيئين لن تضلّوا بعدهما: كتاب اللَّه وسُنّتي، ولن يتفرّقا حتي يردا علي الحوض. (ك) عن أبي هريرة» «2».
وعقد الشيخ عليّ المتّقي الهندي- المتوفّي سنة 975- في كتابه «كنز العمّال» باباً في الاعتصام بالكتاب والسُنّة، فأورد فيه الخبر كما يلي:
__________________________________________________
(1) الإلماع إلي معرفة أصول الرواية وتقييد السماع: 8- 9.
(2) الجامع الصغير 1/ 197 حرف التاء الرقم 3282.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الوصيةبالثقلين..، ص: 15
1- «خلّفت فيكم شيئين لن تضلّوا بعدهما، كتاب اللَّه وسُنّتي ولن يتفرّقا حتي يردا علي الحوض. (أبو بكر الشافعي في الغيلانيات عن أبي هريرة)».
2- تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما، كتاب اللَّه وسُنّتي، ولن يتفرّقا حتي يردا علي الحوض. (ك عن أبي هريرة).
3- «إنّ الشيطان قد يئس أن يُعبد بأرضكم … (ك عن ابن عبّاس)».
4- «يا أيّها الناس، إنّي تارك فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلّوا أبداً، كتاب اللَّه وسُنّة نبيّه. (ق عن ابن عبّاس).
5- كتاب اللَّه وسُنّتي، لن يتفرّقا حتي يردا عَلَيَّ الحوض. (أبو نصر السجزي في الإبانة. وقال: غريب جدّاً عن أبي هريرة» «1».
__________________________________________________
(1) كنز العمال 1/ 100- 107 كتاب الإيمان والاسلام الباب الثاني في الاعتصام بالكتاب والسنة الارقام 871- 872 و 937 و 950- 951.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الوصيةبالثقلين..، ص: 16
(2)
قد ذكرنا أهمّ أسانيد الخبر في كتب القوم وقبل الورود في النظر في أسانيده، لابُدّ من أن نشير إلي أُمور.
1- إنّ هذا الخبر ممّا أعرض عنه البخاري ومسلم ولم يخرجاه في كتابيهما المعروفين بالصحيحين، وكم من حديثٍ صحيحٍ سنداً لم يأخذ القوم به معتذرين باتّفاق الشيخين علي تركه!
2- إنّه خبر غير مخرَّج في شي ء من سائر الكتب المعروفة عندهم بالصحاح، فهو خبر اتّفق أرباب الصحاح الستّة وغيرهم علي تركه!
3- إنّه خبر غير مخرّج في شي ء من المسانيد المعتبرة كمسند أحمد بن حنبل، وقد نقلوا
عن أحمد أنّ ما ليس في المسند فليس بصحيح!
4- إنّه قد صرّح غير واحدٍ من رواة هذا الخبر بغرابته؛ قال الحاكم:
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الوصيةبالثقلين..، ص: 17
«ذكر الاعتصام بالسُنّة في هذه الخطبة غريب» وقد نصَّ علي صحّة سند الخطبة المشتملة علي الاعتصام بالعترة، وقال السجزي- كما في «كنز العمّال» -: «غريب جدّاً».
ثمّ لننظر في أسانيده في الكتب المذكورة.
وعمدة ما في الباب هو رواية مالك في الموطّأ، وهنا بحوث ثلاثة.
الأول: البحث عن الموطّأ. قال كاشف الظنون: «وهو كتاب قديم مبارك، قصد فيه جمع الصحيح، لكن إنّما جمع الصحيح عنده لا علي اصطلاح أهل الحديث، لأنّه يري المراسيل والبلاغات صحيحة. كذا في النكت الوفيّة» «1».
وقال السيوطي: «صرّح الخطيب وغيره بأنّ (الموطّأ) مقدّم علي كلّ كتابٍ من الجوامع والمسانيد» قال: «فعلي هذا هو بعد صحيح الحاكم» «2».
وقال السيوطي: «قال ابن حزم في كتاب مراتب الديانة أحصيت ما في موطّأ مالك، فوجدت فيه من المسند خمسمائة ونيّفاً، وفيه ثلاثمائة
__________________________________________________
(1) كشف الظنون 2/ 724.
(2) تدريب الراوي 1/ 83.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الوصيةبالثقلين..، ص: 18
ونيّف مرسلًا، وفيه نيّف وسبعون حديثاً قد ترك مالك نفسه العمل بها، وفيه أحاديث ضعيفة وهّاها جمهور العلماء» «1».
الثاني: ترجمة مالك، ومالك بن أنس مقدوح مجروح من جهات ذكرناها بالتفصيل نقلًا عن كتب القوم، نورد هنا بعضها باختصار:
1- كونه من الخوارج. قال أبو العبّاس المبرّد في بحثٍ له حول الخوارج: «وكان عدّة من الفقهاء ينسبون إليه، منهم عكرمة مولي ابن عبّاس، وكان يقال ذلك في مالك بن أنس، ويروي الزبيريّون أنّ مالك ابن أنس المديني كان يذكر عثمان وعليّاً وطلحة والزبير فيقول:
واللَّه ما اقتتلوا إلّاعلي الثريد الأعفر» «2».
2- كونه من المدلّسين. ذكر ذلك الخطيب
البغدادي في ذكر شي ء من أخبار بعض المدلّسين «3».
3- اجتماعه بالأُمراء وسكوته عن منكراتهم. فقد قال عبداللَّه ابن أحمد: «سمعت أبي يقول: كان ابن أبي ذئب ومالك يحضران عند الأُمراء، فيتكلّم ابن أبي ذئب، يأمرهم وينهاهم ومالك ساكت. قال أبي:
__________________________________________________
(1) تنوير الحوالك 1/ 9.
(2) الكامل في الأدب 3/ 118.
(3) الكفاية في علم الرواية: 365.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الوصيةبالثقلين..، ص: 19
ابن أبي ذئب خير من مالك وأفضل» «1».
4- كان يتغنّي بالآلات. حتي ذكر ذلك أبو الفرج الأصبهاني في كتابه «2».
5- تكلّم الأئمّة فيه. قال الخطيب: «عابه جماعة من أهل العلم في زمانه» ثم ذكر ابن أبي ذئب، وعبدالعزيز الماجشون، وابن أبي حازم، ومحمّد بن إسحاق «3».
وقال ابن عبدالبر: «وقد تكلّم ابن أبي ذئب في مالك بن أنس بكلامٍ فيه جفاء وخشونة كرهت ذكره» «4».
وممّن تكلّم فيه أيضاً إبراهيم بن سعد، وكان يدعو عليه؛ وعبدالرحمن بن زيد بن أسلم؛ وابن أبي يحيي «5».
الثالث: النظر في سند حديثه، والحديث المذكور لا سند له في «الموطّأ»، قال السيوطي بشرحه: «وصله ابن عبدالبرّ من حديث كثير ابن عبداللَّه بن عمرو بن عوف، عن أبيه، عن جدّه» «6».
__________________________________________________
(1) العلل ومعرفة الرجال 1/ 511.
(2) الأغاني 2/ 231.
(3) تاريخ بغداد 1/ 239.
(4) جامع بيان العلم 2/ 115.
(5) جامع بيان العلم 2/ 1115.
(6) تنوير الحوالك 3/ 93.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الوصيةبالثقلين..، ص: 20
قلت: وسنتكلّم علي هذا السند في رواية ابن عبدالبرّ، فانتظر.
وأمّا الخبر في سيرة ابن هشام فلا سند له كذلك، غير إنّه جاء فيها:
«خطبة الرسول في حجّة الوداع. قال ابن إسحاق: ثم مضي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم علي حجّه وخطب الناس … » «1».
وابن إسحاق- إن كان قد
روي ذلك في خطبة حجة الوداع- مقدوح ومجروح كذلك عند أكثر العلماء الأعلام، فقد رُمي بالتدليس، وبالقدر، وبالتشيّع! وقال غير واحدٍ منهم: سليمان التيمي، ويحيي القطّان، ووهب بن خالد، ومالك بن أنس «كذّاب» «2».
وإن شئت التفصيل فراجع ما ذكره الحافظ ابن سيّد الناس- المتوفّي سنة 734- في مقدّمة سيرته «عيون الأثر».
وأمّا الخبر في المستدرك:
* فالمدار في روايته عن ابن عبّاس علي «إسماعيل بن أبي أُويس» ونكتفي بالتكلّم فيه. وهذه كلمات طائفة من أئمّة الجرح والتعديل في
__________________________________________________
(1) السيرة النبوية 4/ 259.
(2) لاحظ ترجمته في الكتب الرجالية.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الوصيةبالثقلين..، ص: 21
هذا الرجل وهو ابن أُخت مالك ونسيبه، نوردها نقلًا عن ابن حجر العسقلاني:
قال معاوية بن صالح عن ابن معين: هو وأبوه ضعيفان.
وعنه أيضاً: ابن أبي أُويس وأبوه يسرقان الحديث.
وعنه: مخلّط، يكذب، ليس بشي ء.
وقال النسائي: ضعيف.
وقال في موضع آخر: غير ثقة.
وقال اللالكائي: بالغ النسائي في الكلام عليه إلي أن يؤدّي إلي تركه، ولعلّه بان له ما لم يبن لغيره، لأنّ كلام هؤلاء كلّهم يؤول إلي أنّه ضعيف.
وقال ابن عديّ: روي عن خاله أحاديث غرائب لا يتابعه عليها أحد.
وقال الدولابي في الضعفاء: سمعت النصر بن سلمة المروزي يقول: ابن أبي أُويس كذّاب، كان يحدّث عن مالك بمسائل ابن وهب.
وقال العقيلي في الضعفاء: ثنا أُسامة الدقاق بصري، سمعت يحيي بن معين يقول: ابن أبي أُويس لا يسوي فلسين.
وقال الدار قطني: لا أختاره في الصحيح.
وقال ابن حزم في «المحلّي»: قال أبو الفتح الأزدي حدّثني سيف
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الوصيةبالثقلين..، ص: 22
ابن محمّد أنّ ابن أبي أُويس كان يضع الحديث.
قال سلمة بن شبيب سمعت إسماعيل بن أبي أُويس يقول: ربّما كنتُ أضع الحديث لأهل المدينة
إذا اختلفوا في شي ء فيما بينهم.
* وفي سند روايته عن أبي هريرة «صالح بن موسي الطلحي الكوفي» وهذه كلمات أئمّتهم فيه نوردها نقلًا عن ابن حجر العسقلاني كذلك «1».
قال ابن معين: ليس بشي ء.
وقال أيضاً: صالح وإسحاق ابنا موسي ليسا بشي ء، ولا يُكتب حديثهما.
وقال هاشم بن مرثد عن ابن معين: ليس بثقة.
وقال الجوزجاني: ضعيف الحديث علي حسنه.
وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: ضعيف الحديث منكر الحديث جدّاً، كثير المناكير عن الثقات. قلتُ: يكتب حديثه؟ قال: ليس يعجبني حديثه.
وقال البخاري: منكر الحديث عن سهيل بن أبي صالح.
وقال النسائي: لا يكتب حديثه، ضعيف.
__________________________________________________
(1) تهذيب التهذيب 1/ 280- 281.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الوصيةبالثقلين..، ص: 23
وقال في موضع آخر: متروك الحديث.
وقال ابن عديّ: عامّة ما يرويه لا يتابعه عليه أحد، وهو عندي ممّن لا يتعمّد الكذب، لكن يشبه عليه ويخطي ء، وأكثر ما يرويه في جدّه من الفضائل ما لا يتابعه عليه أحد.
وقال الترمذي: تكلّم فيه بعض أهل العلم. قلت: وقال عبداللَّه ابن أحمد: سألتُ أبي عنه فقال: ما أدري. كأنّه لم يرضه.
وقال العقيلي: لا يُتابَع علي شي ء من حديثه.
وقال ابن حبّان: كان يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات حتي يشهد المستمع لها أنّها معمولة أو مقلوبة، لا يجوز الاحتجاج به.
وقال أبو نعيم: متروك، يروي المناكير» «1».
وأمّا سند الخبر في سند البيهقي، فقد رواه بإسناده عن ابن عبّاس وأبي هريرة. أمّا الأول فمشتمل علي «ابن أبي أُويس» وأمّا الثاني فمشتمل علي «صالح بن موسي الطلحي» وقد عرفتهما.
وعلي الجملة، فقد تقدّم الكلام علي السندين في رواية الحاكم.
__________________________________________________
(1) تهذيب التهذيب 4/ 370.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الوصيةبالثقلين..، ص: 24
وأمّا الخبر في «التمهيد» لابن عبدالبرّ، ففي سنده الأول: «صالح ابن موسي الطلحي» وقد عرفت وفي سنده الثاني غير واحدٍ من المجروحين، ولكن يكفي النظر في ترجمة «كثير بن عبداللَّه» - الذي وصل ابن عبدالبرّ الخبر من حديثه- كما ذكر ابن حجر العسقلاني:
قال أبو طالب عن أحمد: منكر الحديث، ليس بشي ء.
وقال عبداللَّه بن أحمد: ضرب أبي علي حديث كثير بن عبداللَّه في المسند ولم يحدّثنا عنه.
قال أبو خيثمة: قال لي أحمد: لا تحدّث عنه شيئاً.
وقال الدوري عن ابن معين: لجدّه صحبة، وهو ضعيف الحديث.
وقال مرّةً: ليس بشي ء.
وقال الدارمي عن ابن معين أيضاً: ليس بشي ء.
وقال الآجري: سُئل أبو داود عنه فقال: كان أحد الكذّابين …
وقال ابن أبي حاتم: سألتُ أبا زرعة عنه فقال: واهي الحديث ليس بقويّ …
وقال أبو حاتم: ليس بالمتين.
وقال النسائي والدار قطني: متروك الحديث.
وقال النسائي في موضع آخر: ليس بثقة.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الوصيةبالثقلين..، ص: 25
وقال ابن عديّ: عامّة ما يرويه لا يُتابَع عليه.
وقال أبو نعيم: ضعّفه عليُّ بن المديني.
وقال ابن سعد: كان قليل الحديث، يُستضعَف.
وقال الحاكم: حدث عن أبيه عن جدّه نسخة فيها مناكير، وضعفه الساجي ويعقوب بن سفيان وابن البرقي.
وقال ابن حجر: ضعّفه الساجي.
وقال ابن عبدالبر: مجمع علي ضعفه.
فهذه كلمات في جرح الرجل.
* بل يكفي منها قول ابن عبدالبرّ: مُجمَعٌ علي ضعفه.
* مضافاً إلي أنّه يرويه عن أبيه عن
جدّه، وقد قال ابن حبّان: روي عن أبيه عن جدّه نسخةً موضوعةً، لا يحلّ ذكره في الكتب ولا الرواية عنه إلّاعلي جهة التعجّب.
وقال ابن السكن: يروي عن أبيه عن جدّه أحاديث فيها نظر.
وقال الحاكم: حدّث عن أبيه عن جدّه نسخةً فيها مناكير «1».
وأمّا سند الخبر في «الإلماع» ففيه غير واحدٍ من الضعفاء
__________________________________________________
(1) تهذيب التهذيب 8/ 367.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الوصيةبالثقلين..، ص: 26
والمجروحين، فإنّ «شعيب بن إبراهيم» راوية كتب «سيف بن عمر» جرحه ابن عديّ وقال:
«ليس بالمعروف» «1». و «أبان بن إسحاق الأسدي» قال الأزدي: «متروك الحديث» «2» و «الصبّاح بن محمّد الأحمسي» لم يرو عنه إلّاالترمذي، فقد روي عنه مرّةً عن ابن مسعود حديثاً واستغربه. وكان ممّن يروي الموضوعات عن الثقات، وقال العقيلي: في حديثه وهمٌ ويرفع الموقوف «3».
لكن يكفي وجود «سيف بن عمر» في إسناده، فإنّه- كما ذكر ابن حجر العسقلاني-:
قال ابن معين: ضعيف الحديث.
وقال أبو حاتم: متروك الحديث.
وقال أبو داود: ليس بشي ءٍ.
وقال النسائي: ضعيف.
وقال الدار قطني: ضعيف.
وقال ابن عديّ: بعض أحاديثه مشهورة، وعامّتها منكرة لم يُتابع عليها.
وقال ابن حبّان: يروي الموضوعات عن الأثبات. قال: وقالوا: إنّه
__________________________________________________
(1) لسان الميزان 3/ 172.
(2) تهذيب التهذيب 1/ 85.
(3) تهذيب التهذيب 4/ 374.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الوصيةبالثقلين..، ص: 27
كان يضع الحديث.
وقال ابن حجر: بقيّة كلام ابن حبّان: اتُّهِم بالزندقة.
وقال البرقاني عن الدار قطني: متروك.
وقال الحاكم: اتُّهِم بالزندقة وهو في الرواية ساقط «1».
وأما الخبر في «الجامع الصغير» فهو عن المستدرك للحاكم، وقد تكلّمنا عليه بالتفصيل فلا نعيد.
وأمّا المتّقي الهندي، فأورده عن الحاكم وأبي بكر الشافعي عن أبي هريرة.
وقد عرفت حال الحديث عن أبي هريرة.
وكذا أورده عن الحاكم عن ابن عبّاس وقد عرفت حاله.
وأورده عن البيهقي عن ابن عبّاس وقد عرفت حاله.
وأورده عن الإبانة عن أبي هريرة.
وقد نقل هو عن صاحب الإبانة التصريح بأنّه غريب جدّاً، علي أنّه عن أبي هريرة.
__________________________________________________
(1) تهذيب التهذيب 4/ 268.
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الوصيةبالثقلين..، ص: 28
(3)
قد عرفت أنّ خبر الوصية بالكتاب والسنّة بلفظ «الثَقَلَين» وما شابهه لا أصل له، ولا وجود له لا في الصحاح ولا في المسانيد، وأنّ الأخبار الواردة في بعض الكتب- وعمدتها «المؤطّأ» و «المستدرك» - لا حظّ لها من الصحّة لا سيّما ما جاء- في شاذٍّ منها- من أنّ النبيّ صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم قال ذلك في خطبته في حجّة الوداع.
وأغلب الظنّ أنّ الغرض من وضع هذا الخبر بهذه الألفاظ هو المقابلة والمعارضة به لحديث الثَقَلين المتّفق عليه بين المسلمين، المقطوع بصدوره عن رسول ربّ العالمين، الذي قاله في غير ما موقف ومن أشهرها حجّة الوداع في خطبته المعروفة، حيث أوصي الأُمّة بالكتاب والعترة، وأمر باتّباعهما، وحذّر من مخالفتهما، وأكدّ علي أنّ الأُمّة سوف لن تضلّ ما دامت متمسّكَةً بهما، وأنّهما لن يتفرّقا حتي يردا
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الوصيةبالثقلين..، ص: 29
عليه الحوض.
هذا الحديث الذي من رواته: مسلم بن الحجّاج، وأحمد بن حنبل، والترمذي، وأبو داود، وابن ماجة، والنسائي، والحاكم، والطبري، والطبراني ومئات من الأئمّة والحفّاظ في القرون المختلفة، يروونه عن أكثر من ثلاثين صحابيّ وصحابيّة عن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم، بطرقٍ كثيرةٍ أفرد بعض كبار العلماء كتباً لجمع طرقه.
هذا الحديث الذي يدلّ بوضوحٍ علي وجوب اتّباع
الأُمّة أئمّة العترة من أهل البيت عليهم السلام في جميع شؤونهم الدينية والدنيويّة.
ولثبوت هذا الحديث سنداً ووضوح دلالته علي إمامة أهل البيت، نجد بعض المتعصّبين يحاولون عبثاً الخدشة في سنده أو دلالته، أو تحريف لفظه ومتنه، ومنهم من التجأ إلي وضع خبر الوصيّة بالكتاب والسُنّة بعنوان «الثقلين» زعماً منه بأنّه سيعارض حديث الثقلين المقطوع الصدور وقد بيّنّا- والحمد للَّه- أنّ الخبر موضوع مصنوع.
وعلي فرض أن يكون للخبر أصل فإنّه ليس هناك أيّ منافاة بين الوصيّة بالكتاب والسُنّة، والوصيّة بالكتاب والعترة، إذ لا خلاف بين المسلمين في وجوب الالتزام والعمل بالكتاب والسُنّة النبويّة الشريفة، غير إنّ حديث (الكتاب والعترة) مفاده وجوب أخذ السُنّة من العترة النبويّة لا من غيرهم، وهذا هو الذي فهمه علماء الحديث وشرّاحه،
سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الوصيةبالثقلين..، ص: 30
ومن هنا نري المتّقي الهندي- مثلًا- يورد كلا الحديثين تحت عنوان الباب الثاني في الاعتصام بالكتاب والسُنّة، كما لا يخفي علي من راجعه.
بل أوردهما العقيلي في كتاب (الضعفاء الكبير) بترجمة أحد الرواة بعد أنْ وصفه ب «رافضي خبيث» «1».
هذا موجز الكلام علي هذا الخبر، وصلّي اللَّه علي محمّد وآله الطاهرين، والحمد للَّه ربّ العالمين.
__________________________________________________
(1) الضعفاء الكبير 2/ 250.