سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتور السالوس في آية التطهير المجلد 18

اشارة

سرشناسه : حسینی میلانی، سیدعلی، 1326 -

عنوان و نام پديدآور : مع الدکتور السالوس فی آیه التطهیر/ تالیف السیدعلی الحسینی المیلانی.

مشخصات نشر : قم: مرکز الحقایق الاسلامیه، 1391.

مشخصات ظاهری : 152 ص.

فروست : اعرف الحق تعرف اهله؛ 18.

شابک : 978-964-2501-77-9

وضعیت فهرست نویسی : فیپا

يادداشت : عربی.

يادداشت : چاپ دوم.

يادداشت : چاپ قبلی: مرکز الحقایق الاسلامیه، 1429ق=1387 (152 ص.).

یادداشت : کتابنامه به صورت زیرنویس.

موضوع : تفاسیر (سوره احزاب. آیه تطهیر)

شناسه افزوده : سالوس، علی احمد

رده بندی کنگره : BP102/654/ح5م6 1391

رده بندی دیویی : 297/18

شماره کتابشناسی ملی : 2879741

كلمة المؤلّف … ص: 4

«إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»

سورة الأحزاب: 33

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 5

الحمد للَّه رب العالمين، والصلاة والسلام علي عباده الذين اصطفي

وبعد،

فهذا بحثٌ موضوعيٌّ مع الدكتور علي أحمد السالوس، الاستاذ بجامعة قطر، وعميد كلية الشريعة بها، في رسالته التي كتبها في «آية التطهير» جواباً لتساؤل أكثر من طالب من الشيعة عن المراد ب «أهل البيت» في تلك الآية الكريمة … كما ذكر في المقدّمة.

ولقد كان الأحري به أن ينقل عن كتب الشيعة رأيهم وطريقة استدلالهم لما ذهبوا إليه، ثم يناقش أدلّتهم علي ضوء الكتاب والسنّة والقواعد العلميّة الرصينة … لكنّه لم يفعل هذا.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 6

بل إنّه لم يتعرّض إلي عمدة الأدلّة الموجودة في الصحاح والمسانيد المعتبرة، وإنما اقتصر علي أحاديث الطبري، وحتّي أحاديث الطبري لم يوردها كلّها، وأغفل موارد الاستدلال منها … ثم جعل يناقش في أسانيد البعض الذي ذكره منها … وقد كان أهمّ الأسباب في ردّها كون الراوي شيعيّاً، مع أنّ كبار الأئمة كالبخاري وغيره يحتجّون برواية من جرحه الدكتور بالتشيّع، بل إنّ

بعضهم مثل «خالد بن مخلَّد» يعدّ من كبار مشايخ البخاري …

علي أنّ أعلام الحفّاظ كالحافظ الذهبي والحافظ ابن حجر العسقلاني يصرّحون بأنّ التشيّع لا يضرّ …

فما معني «التشيع» عندهم؟

قال الحافظ ابن حجر: «والتشيّع محبّة علي وتقديمه علي الصحابة، فمن قدّمه علي أبي بكر وعمر فهو غال في تشيّعه ويطلق عليه رافضي وإلّا فشيعي، فإن انضاف إلي ذلك السبُّ أو التصريح بالبغض فغإل في الرفض، وإنْ اعتقد الرجعة إلي الدنيا فأشدّ في الغلو» «1».

والقائلون بتقديم أمير المؤمنين علي علي أبي بكر وعمر- فضلًا عن عثمان- في الصحابة والتابعين كثيرون.

فمن الصحابة من ذكرهم الحافظ ابن عبد البر القرطبي في (الاستيعاب) حيث قال:

«وروي عن سلمان، وأبي ذر، والمقداد، وخباب، وجابر، وأبي سعيد الخدري، وزيد بن الأرقم: أنّ علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه أوّل من أسلم.

__________________________________________________

(1) مقدمة فتح الباري: 460.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 7

وفضّله هؤلاء علي غيره» «1».

ومن التابعين وأتباعهم ذكر ابن قتيبة جماعةً في كتابه (المعارف) حيث قال:

«الشيعة: الحارث الأعور، وصعصعة بن صوحان، والأصبغ بن نباتة، وعطيّة العوفي، وطاووس، والأعمش، وأبو إسحاق السبيعي، وأبو صادق، وسلمة بن كهيل، والحكم بن عتيبة، وسالم بن أبي الجعد، وابراهيم النخعي، وحبّة بن جوين، وحبيب بن أبي ثابت، ومنصور بن المعتمر، وسفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، وفطر بن خليفة، والحسن بن صالح بن حي، وشريك، وأبو إسرائيل الملّائي، ومحمّد بن فضيل، ووكيع، وحميد الرواسي، وزيد بن الحباب، والفضل ابن دكين، والمسعود الأصغر، وعبيد اللَّه بن موسي وجرير بن عبد الحميد، وعبد اللَّه بن داود، وهشيم، وسليمان التيمي، وعوف الأعرابي، وجعفر الضبعي، ويحيي بن سعيد القطّان، وابن لهيعة، وهشام بن عمّار، والمغيرة صاحب إبراهيم، ومعروف بن خرّبوذ،

وعبد الرزاق، ومعمر، وعلي بن الجعد» «2».

ومن العلماء والمحدّثين في القرون اللاحقة من الشيعة من لا يحصي عددهم إلّا اللَّه …

وقد اضطرب القوم واختلف موقفهم تجاه هؤلاء الرواة من الصحابة والتابعين وتابعيهم … ولننقل عبارة الحافظ ابن حجر فإنه قال:

«فقد اختلف أهل السنة في قبول حديث من هذا سبيله، إذا كان معروفاً بالتحرّز من الكذب، مشهوراً بالسلامة من خوارم المروءة، موصوفاً بالديانة

__________________________________________________

(1) الاستيعاب في معرفة الأصحاب 3/ 1090.

(2) المعارف: 341.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 8

والعبادة. فقيل: يقبل مطلقاً، وقيل: يردّ مطلقاً، والثالث التفصيل بين أنْ يكون داعيةً لبدعته أو غير داعية، فيقبل غير الداعية ويردّ حديث الداعية. وهذا المذهب هو الأعدل، وصارت إليه طوائف من الأئمة، وادعي ابن حبّان إجماع أهل النقل عليه، لكن في دعوي ذلك نظر. ثم اختلف القائلون بهذا التفصيل، فبعضهم أطلق ذلك، وبعضهم زاده تفصيلًا فقال: إنْ اشتملت رواية غير الداعية علي ما يشيد بدعته ويزيّنه ويحّسنه ظاهراً فلا تقبل، وإنْ لم تشتمل فتقبل، وطرّد بعضهم هذا التفصيل بعينه في عكسه في حق الداعية فقال: إنْ اشتملت روايته علي ما يردّ بدعته قبل وإلّا فلا. وعلي هذا إذا اشتملت رواية المبتدع سواء كان داعيةً أم لم يكن علي ما لا تعلّق له ببدعته أصلًا هل تردّ مطلقاً أو تقبل مطلقاً؟ مال أبو الفتح القشيري إلي تفصيل آخر فيه فقال: إنْ وافقه غيره فلا يلتفت إليه هو إخماداً لبدعته وإطفاءً لناره، وإنْ لم يوافقه أحد ولم يوجد ذلك الحديث إلّاعنده- مع ما وصفنا من صدقه وتحرّزه عن الكذب واشتهاره بالدين وعدم تعلّق ذلك الحديث ببدعته- فينبغي أن تقدم مصلحة تحصيل ذلك الحديث ونشر تلك السنّة علي مصلحة إهانته وإطفاء

بدعته، واللَّه أعلم» «1».

أقول:

فالتشيع لا يضر بالوثاقة ولا يمنع من الاعتماد، وهذا ما نصَّ عليه الحافظ ابن حجر في غير موضعٍ، ففي كلامه حول «خالد بن مخلّد القطواني الكوفي»

__________________________________________________

(1) مقدمة فتح الباري: 382.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 9

قال:

«خ م ت س ق- خالد بن مخلَّد القطواني الكوفي أبو الهيثم، من كبار شيوخ البخاري، روي عنه وروي عن واحدٍ عنه، قال العجلي: ثقة وفيه تشيّع. وقال ابن سعد: كان متشيّعاً مفرطاً. وقال صالح جزرة: ثقة إلّاأنه يتشيّع. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به.

قلت: أمّا التشيّع فقد قدّمنا أنه- إذا كان ثبت الأخذ والأداء- لا يضرّه، سيّما ولم يكن داعية إلي رأيه» «1».

بل الرفض غير مضر … قال الحافظ ابن حجر:

«خ ت ق- عبّاد بن يعقوب الرواجني الكوفي أبو سعيد، رافضي مشهور، إلّا أنه كان صدوقاً، وثّقه أبو حاتم، وقال الحاكم: كان ابن خزيمة إذا حدّث عنه يقول: حدّثنا الثقة في روايته المتّهم في رأيه عبّاد بن يعقوب، وقال ابن حبّان:

كان رافضيّاً داعية، وقال صالح بن محمّد، كان يشتم عثمان رضي اللَّه عنه. قلت:

روي عنه البخاري في كتاب التوحيد حديثاً واحداً مقروناً وهو حديث ابن مسعود: أيّ العمل أفضل؟. وله عند البخاري طريق أُخري من رواية غيره» «2».

وقال الحافظ الذهبي في «أبان بن تغلب»:

«أبان بن تغلب [م، عو] الكوفي، شيعي جلد، لكنّه صدوق، فلنا صدقه وعليه بدعته. وقد وثّقه أحمد بن حنبل، وابن معين، وأبو حاتم، وأورده ابن

__________________________________________________

(1) مقدمة فتح الباري: 398.

(2) مقدمة فتح الباري: 410.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 10

عدي وقال: كان غالياً في التشيّع. وقال السعدي: زائغ مجاهر.

فلقائل أن يقول: كيف ساغ توثيق مبتدع، وحدّ الثقة

العدالة والإتقان؟

فكيف يكون عدلًا مَن هو صاحب بدعة؟

وجوابه: إن البدعة علي ضربين، فبدعة صغري كغلوّ التشيّع أو كالتشيّع بلا غلوّ ولا تحرّق، فهذا كثير في التابعين وتابعيهم مع الدين والورع والصدق.

فلو ردّ حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبوية، وهذه مفسدة بيّنة … » «1».

لكنّ بعض المتعصّبين يقدحون في الرجل إذا كان شيعيّاً ويكرهون الرواية عنه، ويعبّرون عنه بعباراتٍ شنيعة، بل حتي وإنْ كان من الصحابة، مع أنّ المشهور بينهم- بل ادّعي عليه الإجماع- عدالة الصحابة أجمعين، وإليك نموذجاً من ذلك:

قال الحافظ ابن حجر: «ع- عامر بن واثلة أبو الطفيل الليثي المكي، أثبت مسلم وغيره له الصحبة- وقال أبو علي ابن السكن: روي عنه رؤيته لرسول اللَّه صلي اللَّه عليه [وآله وسلّم من وجوهٍ ثابتة، ولم يرو عنه من وجهٍ ثابت سماعه. وروي البخاري في التاريخ الأوسط عنه أنه قال: أدركت ثمان سنين من حياة النبي صلي اللَّه عليه [وآله وسلّم. وقال ابن عدي: له صحبة، وكان الخوارج يرمونه باتّصاله بعلي وقوله بفضله وفضل أهل بيته، وليس بحديثه بأس. وقال ابن المديني: قلت لجرير: أكان مغيرة يكره الرواية عن أبي الطفيل؟ قال: نعم. وقال: صالح بن أحمد بن حنبل عن أبيه: مكي ثقة. وكذا قال ابن سعد وزاد: كان متشيّعاً. قلت: أساء أبو محمّد ابن حزم فضعّف

__________________________________________________

(1) ميزان الاعتدال 1/ 5.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 11

أحاديث أبي الطفيل وقال: كان صاحب راية المختار الكذّاب.

وأبو الطفيل صحابي لا شكّ فيه، ولا يؤثر فيه قول أحدٍ ولا سيّما بالعصبيّة والهوي. ولم أر له في صحيح البخاري سوي موضعٍ واحدٍ في العلم، رواه عن علي، وعنه معروف بن خربوذ. وروي له الباقون» «1».

أضف إلي

هذا تصريحهم بعدم قبول جرح من بينه وبين من جرحه عداوة سببها الاختلاف في الاعتقاد: قال الحافظ: «وممّن ينبغي أنْ يتوقّف في قبول قوله في الجرح من كان بينه وبين من جرحه عداوة سببها الاختلاف في الاعتقاد. فإنَّ الحاذق إذا تأمّل ثلب أبي اسحاق الجوزجاني لأهل الكوفة رأي العجب، وذلك لشدّة انحرافه في النصب وشهرة أهلها بالتشيّع … » «2».

علي أنّه إذا كان المطلوب في الراوي للاعتماد عليه كونه متّفقاً علي تعديله …

فهذا في الرواة نادر جدّاً، إذْ لم يسلم أحد من الثلب والطعن لسببٍ من الأسباب … حتي البخاري صاحب الصحيح … فقد أورده الحافظ الذهبي في كتابه في (الضعفاء والمتروكين) وقال: «تركه أبو زرعة وأبو حاتم من أجل مسألة اللفظ» «3». وهذا ما أثار غضب الآخرين كالسبكي حيث قال بعد نقله:

«فياللَّه والمسلمين: أيجوز لأحدٍ أنْ يقول البخاري متروك، وهو حامل لواء الصناعة، ومقدَّم أهل السنّة والجماعة» «4».

و بعد … فقدنا قشت ما جاء في رسالة الدكتور علي ضوء الكتاب و السنّة و آراء

__________________________________________________

(1) مقدمة فتح الباري: 410.

(2) لسان الميزان 1/ 16.

(3) المغني في الضعفاء 2/ 557.

(4) طبقات الشافعية الكبري 2/ 12.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 12

أئمة الحديث والتفسير والجرح والتعديل … سائلًا المولي العلي القدير أن يوفّقنا لمعرفة الحق واتّباعه، وأن يجعل أعمالنا خالصةً لوجهه الكريم، إنه سميع مجيب.

المؤلّف

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 13

مقدّمة البحث … ص: 13

يقول الدكتور:

«قال تعالي «يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ … » * فهذه الآيات الخمس في نساء النبي كما يبدو، ولكنّ جدلًا كثيراً دار حول عجز الآية الثالثة والثلاثين:

«إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

وهذا الجزء يطلق عليه اسم

آية التطهير.

ويري إخواننا الشيعة الجعفرية الاثنا عشرية أن عجز الآية لا صلة له بما قبله ولا بما بعده، وإنّما هو خاص بالنبي صلّي اللَّه عليه [وآله وسلّم والسيدة فاطمة الزهراء وعلي بن أبي طالب وابنيهما الحسن والحسين- رضي اللَّه تعالي عنهم جميعاً- وأنّه يدل علي عصمتهم، ومن ثمَّ يستدّلون به علي مذهبهم في الإمامة.

فاستدلالهم ينبني علي نقاط ثلاث هي:

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 14

تحديد المراد بأهل البيت في الآية الكريمة.

ثم دلالة الآية علي عصمتهم.

وأخيراً التلازم بين العصمة والإمامة.

وقد ذهبوا إلي أن المراد بأهل البيت هم هؤلاء الخمسة فقط مستدلّين بشيئين:

الأول: الخطاب في قوله تعالي: «عَنْكُمُ» و «يُطَهِّرَكُمْ» بالجمع المذكّر، يدل- كما يقولون- علي أنّ الآية الشريفة في حقّ غير زوجات رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه [وآله وسلّم وإلّا فسياق الآيات يقتضي التعبير بخطاب الجمع المؤنّث، أي: عنكنّ، ويطهّركنّ.

فالعدول عنهما إلي الخطاب بالجمع المذكر يشهد بأن المراد من أهل البيت غير الزوجات.

الثاني: أخبار تدل علي أنها في الخمسة الأطهار».

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 15

الأقوال في المسألة … ص: 15

اشارة

أقول:

الذي يظهر من الأخبار والآثار وكلمات الأعلام عدم الخلاف بين رجال صدر الاسلام من الصحابة وغيرهم في اختصاص آية التطهير بالنبي وبضعته ووصيه وسبطيه عليه وعليهم الصلاة والسلام …

أمّا الأخبار فسنذكر طائفةً منها.

وأمّا الآثار فيكفينا منها قول عكرمة البربري: «ليس بالذي تذهبون إليه، إنّما هو نساء النبيّ صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم» «1» … فإنّه يفيد بكلّ وضوح أنّ ذلك كان هو الرأي السائد بين المسلمين، كما أنّ قوله هذا- كندائه في الأسواق بنزول الآية في زوجات النبي «2»، وقوله: من شاء باهلته أنها نزلت في نساء

__________________________________________________

(1) الدر المنثور 5/ 198.

(2) تفسير الطبري 22/ 7، أبن

كثير 3/ 415، أسباب النزول: 268.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 16

النبي خاصة «1» - يفيد أن عكرمة هو الذي أبدي هذا القول.

وأمّا كلمات أعلام الحديث والتفسير فيكفينا منها قول الحافظ ابن الجوزي «2»:

«وفي المراد ب (أهل البيت ها هنا ثلاثة أقوال:

أحدها: انهم نساء رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم لأنّهنّ في بيته. رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس. وبه قال عكرمة وأبن السائب ومقاتل. ويؤكّد هذا القول أن ما قبله وما بعده متعلّق بأزواج رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه [وآله وسلّم وعلي أرباب هذا القول اعتراض وهو: إنّ جمع المؤنث بالنون، فكيف قيل (عنكم) و (يطهّركم)؟

فالجواب: إنّ رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم فيهنَّ، فغلب المذكر.

والثاني: إنّه خاص في: رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه [وآله وسلّم وعلي وفاطمة والحسن والحسين. قاله أبو سعيد الخدري. وروي عن: أنس وعائشة وأُمّ سلمة نحو ذلك.

والثالث: إنهم أهل رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم وأزواجه. قاله الضحّاك» «3».

__________________________________________________

(1) الدر المنثور 5/ 198، ابن كثير 3/ 415.

(2) هو الحافظ أبو الفرج عبد الرحمن بن علي المعروف بابن الجوزي الحنبلي البغدادي المتوفّي سنة 597، له مؤلفات كثيرةٍ في علومٍ شتّي وقد اعتمد عليه «الدكتور» في بحوثه.

(3) زاد المسير في علم التفسير 6/ 381- 382.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 17

أقول:

ومن هذا الكلام نفهم:

1- إن هذه الأقوال هي في المراد من «أهل البيت» (هاهنا).

2- إنّ القول باختصاص الآية بالخمسة الطاهرة لا يختص بالشيعة الامامية.

3- إنّ زوجات النبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم أنفسهن من القائلين بالاختصاص.

4- إن القولين الأول والثالث لم يقل بهما أحد من الصحابة، أمّا الثالث فهو للضحّاك فقط.- كما قال-

وأمّا الأول فلم ينسب إلي أحدٍ منهم سوي ابن عباس، وهذا ممّا لم يصحّ عنه، بل ستعلم أنه من القائلين بالاختصاص.

5- إنّ عمدة القائلين بالأول هو: عكرمة البربري. وقد قدّمنا ما كان يقوله في هذه الآية ويصرّ عليه إلي حدّ المباهلة!! بل إن الطبري لم ينسب القول الأوّل إلّاإليه … فإنّه قال: «واختلف أهل التأويل في الذين عنوا بقوله (أهل البيت) فقال بعضهم عني به: رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم وعلي وفاطمة والحسن والحسين- رضوان اللَّه عليهم. ذكر من قال ذلك» فروي بأسانيده القول بذلك عن: أبي سعيد الخدري، وعائشة، وأنس، وأبي الحمراء، وأُمّ سلمة، وعلي بن الحسين السجاد عليه السلام وغيرهم «1» ثم قال: «وقال آخرون: بل عني أزواج رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم. ذكر من قال

__________________________________________________

(1) سنذكر رواياته بالتفصيل.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 18

ذلك: حدّثنا ابن حميد قال: ثنا يحيي بن واضح قال: ثنا الأصبغ، عن علقمة قال: كان عكرمة ينادي في السوق: «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» قال: نزلت في نساء النبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم خاصّة» «1».

فهو لا يروي القول الآخر إلّاعن عكرمة، كما أن عكرمة لا يرويه عن أحدٍ من الصحابة وإنّما هو قول من عنده.

6- إنّ الاعتراض علي القول الأول- من الأقوال الثلاثة التي ذكرها ابن الجوزي- بمجي ء (عنكم) و (يطهّركم) دون (عنكنّ) و (يطهّركنّ) اعتراض وارد حتّي عند مثل ابن الجوزي- ولا بدَّ له من جوابٍ مقبول، فإنّ ما أتي به ابن الجوزي تمحّل واضح وتعسّف بيّن، ولقد كان هذا الاعتراض هو الوجه- بالاضافة إلي الأحاديث- في سقوط قول عكرمة، عند غير واحدٍ

من أعلام القوم، كالحافظ أبي حيّان الأندلسي، فإنّه بعد أن ذكر قول عكرمة ومن تبعه قال: «ليس بجيّد، إذ لو كان كما قالوا لكان التركيب عنكنّ ويطهّركنّ، وإن كان هذا القول مرويّاً عن ابن عباس فلعلّه لا يصحّ عنه» «2».

وإنّي لأتعجّب ممن يتّبع عكرمة في القول باختصاص الآية بالأزواج، أو يتبع الضحاك في القول بنزولها فيهنّ وفي أهل البيت، لأنهم يدّعون للأزواج ما لا يدّعينه لأنفسهنّ «3»!

__________________________________________________

(1) تفسير الطبري 22/ 7.

(2) البحر المحيط 7/ 231.

(3) ونظير هذا: القول بعدالة الصحابة أجمعين، فإن الصحابة أنفسهم لم يكونوا يرون هذا، كما دلّت عليه أقوالهم وأفعالهم.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 19

علي أنّ عكرمة ومن قال بقوله، وكذا الضحّاك إنْ صح ما نسب إليه ابن الجوري … لا يصلحون لأنْ يتّبعهم أحدٌ في أقوالهم، لِما جاء بتراجمهم في كتب الرجال:

ترجمة عكرمة: … ص: 19

اشارة

فإن «عكرمة البربري» من أشهر الزنادقة الذين وضعوا الأحاديث الكثيرة للطعن في الإسلام! وإليك طرفاً من تراجمه في الكتب المعتبرة المشهورة «1»:

1- طعنه في الدِين: … ص: 19

لقد ذكروا أنّ هذا الرجل كان طاعناً في الإسلام، مستهزئاً بالدِين، من أعلام الضلالة ودعاة السوء.

فقد نقلوا عنه أنّه قال: إنّما أنزل اللَّه متشابه القرآن ليضلّ به!

وقال في وقت الموسم: وددت أنّي اليوم بالموسم وبيدي حربة فأعترض بها من شهد الموسم يميناً وشمالًا!

وأنّه وقف علي باب مسجد النبيّ وقال: ما فيه إلّاكافر!

وذكروا أنّه كان لا يصلّي، وأنّه كان في يده خاتم من الذهب، وأنّه كان يلعب

__________________________________________________

(1) طبقات ابن سعد 5/ 287، الضعفاء الكبير 3/ 373، تهذيب الكمال 20/ 264، وفيات الأعيان 1/ 319، ميزان الاعتدال 3/ 93، المغني في الضعفاء 2/ 84، سير أعلام النبلاء 5/ 9، تهذيب التهذيب 7/ 263- 273.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 20

بالنرد، وأنّه كان يستمع الغناء!

2- كان من دعاة الخوارج: … ص: 20

وإنّه إنّما أخذ أهل أفريقية رأي الصفرية- وهم من غلاة الخوارج- منه، وقد ذكروا أنّه نحل ذلك الرأي إلي ابن عبّاس!

وعن يحيي بن معين: إنّما لم يذكر مالك عكرمة، لأنّ عكرمة كان ينتحل رأي الصفرية.

وقال الذهبي: قد تكلّم الناس في عكرمة، لأنّه كان يري رأي الخوارج.

3- كان كذّاباً: … ص: 20

كذب علي سيّده ابن عبّاس حتّي أوثقهُ عليُّ بن عبد اللَّه بن عبّاس علي باب كنيف الدار. فقيل له: أتفعلون هذا بمولاكم؟! قال: إنّ هذا يكذب علي أبي.

وعن سعيد بن المسيّب، أنّه قال لمولاه: يا برد، إيّاك أن تكذب علَيَّ كما يكذب عكرمة علي ابن عبّاس.

وعن ابن عمر، أنّه قال لمولاه: اتّقِ اللَّه، ويحك يا نافع، لا تكذب علَيَّ كما كذب عكرمة علي ابن عباس.

وعن القاسم: إنّ عكرمة كذّاب.

وعن ابن سيرين ويحيي بن معين ومالك: كذّاب.

وعن ابن ذويب: كان غير ثقة.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 21

وحرّم مالك الرواية عنه.

وأعرض عنه مسلم بن الحجّاج.

وقال محمّد بن سعد: ليس يُحتجّ بحديثه.

4- ترك الناس جنازته: … ص: 21

ولهذه الأُمور وغيرها ترك الناس جنازته؛ قيل: فما حمله أحد، حتّي اكتروا له أربعة رجال من السودان.

ترجمة مقاتل: … ص: 21

ومقاتل حاله كحال عكرمة، فقد أدرجه كلٌّ من: الدار قطني، والعقيلي، وابن الجوزي، والذهبي في (الضعفاء) … وتكفينا كلمة الذهبي: «أجمعوا علي تركه» «1».

ترجمة ابن السائب: … ص: 21

وعزا ابن الجوزي القول باختصاص الآية بالأزواج إلي «ابن السائب» وهو: «محمّد بن السائب الكلبي». لكنّ القرطبي نسب اليه القول باختصاصها بالخمسة الأطهار، كما سيأتي في عبارته … وهذا هو الصحيح.

وستقف علي ترجمة الكلبي ضمن الكلام علي ترجمة عطيّة العوفي.

__________________________________________________

(1) سير أعلام النبلاء 7/ 201.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 22

ترجمة الضّحاك: … ص: 22

وأمّا القول الآخر فقد عزاه ابن الجوزي إلي الضحّاك بن مزاحم فقط:

وهذا الرجل أدرجه ابن الجوزي نفسه كالعقيلي في (الضعفاء) وتبعهما الذهبي فأدرجه في «المغني في الضعفاء» … ونفوا أنْ يكون لقي ابن عبّاس، بل ذكر بعضهم أنّه لم يشافه أحداً من أصحاب رسول اللَّه، وعن يحيي بن سعيد:

كان الضحّاك عندنا ضعيفاً.

قالوا: وكانت أُمّه حاملًا به سنتين! «1».

إذن … فالأصل في القول باختصاص الآية بأزواج رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم هو «عكرمة» وقد عرفناه، وعرفنا «ابن السائب» و «مقاتل» معه.

والأصل في القول بأنها نازلة في الخمسة الطاهرة والأزواج- كما ذكر ابن الجوزي- هو «الضحّاك» وقد عرفناه … لكن ستري في روايات السيوطي، أنّ الضحّاك حدّث عن النبيّ أنّه كان يقول: «نحن أهل بيتٍ طهّرهم اللَّه، نحن شجرة النبوّة وموضع الرسالة و … » ومن المعلوم أنّ الأزواج لسن من شجرة النبوّة … وهذا ممّا يورث الشكّ في أصل وجود قائلٍ بهذا القول بين القدماء، وأنّه قول التجأ اليه بعض علماء القوم في القرون المتأخّرة، لإخراج الآية عن الاختصاص بالخمسة الطّاهرة!!

أمّا الأزواج أنفسهنَّ … وأعلام الصحابة … فيقولون باختصاصها بالخمسة.

__________________________________________________

(1) تهذيب الكمال 13/ 291، ميزان الاعتدال 2/ 325، المغني في الضعفاء 1/ 312.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 23

فظهر ما في قول الدكتور: «يري إخواننا الشيعة الجعفرية الاثنا عشريّة

… »

من الإشكال … فإنّ الشيعة الجعفرية الاثني عشرية تستدل هنا- بالاضافة إلي أدلّتها الخاصّة- بالأحاديث الواردة في كتب السنّة بالطرق الصحيحة عن الأزواج والصحابة عن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم كما سنري

ومما ذكرنا يظهر ما في قوله بعد ذلك: «وبالرجوع إلي كتاب اللَّه تعالي نجد قوله «قالُوا أَ تَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَ بَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ» «1» وهذا خطاب لامرأة إبراهيم عليه السلام. وقوله تعالي «فَلَمَّا قَضي مُوسَي الْأَجَلَ وَ سارَ بِأَهْلِهِ … » «2» ومعلوم أن موسي سار بزوجته ابنة شعيب عليهم السلام. وقوله سبحانه: «وَ حَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلي أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَ هُمْ لَهُ ناصِحُونَ* فَرَدَدْناهُ إِلي أُمِّهِ» «3» وقوله عز وجل …

إلي غير ذلك من الآيات الكريمة التي تبيّن أن الاستعمال القرآني لا يمنع أنْ يكون المراد ب (أهل البيت) في الآية الكريمة نساء النبيّ …

واحتجّ طائفة من العلماء علي أنّ (الآل) هم (الأزواج) و (الذرّية) بما روي عن الرسول صلّي اللَّه عليه [وآله وسلّم عندما سئل: كيف نصلّي عليك؟

فقال: قولوا: اللهم صلِّ علي محمّد وعلي أزواجه وذرّيته كما صلّيت علي آل إبراهيم …

__________________________________________________

(1)

سورة هود: 73.

(2) سورة القصص: 29.

(3) سورة القصص: 12.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 24

وكذلك بما روي عنه صلّي اللَّه عليه [وآله وسلّم أنه قال: من سرّه أن يكتال بالمكيال الأوفي إذا صلّي علينا أهل البيت فليقل: اللهم صلِّ علي محمّد النبي وأزواجه امّهات المؤمنين وذرّيته وأهل بيته، كما صلّيت علي آل ابراهيم، انك حميد مجيد».

فإنّا نقول:

إنّ هذا الذي ذكره كلّه خارج عن البحث- بغضّ النظر عمّا هنالك من المناقشة

«1» - لأنّ الكلام في المراد من «أهل البيت» في نصوص «آية التطهير» ومن هنا يقول الطبري بتفسير الآية: «واختلف أهل التأويل في الذين عُنوا بقوله: (أهل البيت) … » وقال ابن الجوزي: «وفي المراد ب (أهل البيت ها هنا ثلاثة أقوال».

وكأنّ الدكتور ملتفت إلي أن ما ذكره إلي الآن لا ربط له بما نحن فيه، ولذا يقول:

«ولكنْ سواء أشملتهنَّ الآية الكريمة أم لم تشملهن، فإنّ تخصيص المراد بالخمسة لا يكون إلّاإذا بيّن الرسول صلّي اللَّه عليه [وآله وسلّم ذلك. فلننظر- إذن- في الأخبار».

__________________________________________________

(1)

ومن ذلك أن في المسند 6/ 296: أنّه صلّي اللَّه عليه وسلّم بعد أن ألقي عليهم الكساء وضع يده عليهم ثم قال: «اللهم إنّ هؤلاء آل محمّد فاجعل صلواتك وبركاتك علي محمّد وعلي آل محمّد إنك حميد مجيد» وسيأتي نصّه الكامل.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 25

أقول:

ليته قال هذا من أوّل الأمر! بل كان ينبغي له- وقد نسب القول بالاختصاص بالخمسة إلي الشيعة الإمامية الجعفرية فحسب- أن يورد أدلّتهم بالتفصيل عن كتبهم ويتكلَّم عليها، لا أن يكتفي بالإحالة إليها:

إذن … فالمهم تحديد المراد من «أهل البيت» في هذه الآية المباركة من بيان رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم وعلي الجميع أن يقبلوا ذلك «ويسلّموا تسليماً» …

من الصّحابة الرواة لحديث الكساء: … ص: 25

ولقد بيّن وعيّن عليه الصلاة والسلام المراد، قولًا وفعلًا، في حديث الكساء، وجاء ذلك في رواية كبار الائمة وأعلام الحديث، عن عشراتٍ من الصحابة، منهم:

1- الامام أبو محمّد الحسن السبط الاكبر عليه السلام.

2- عائشة بنت أبي بكر.

3- أُمّ سلمة زوجة رسول اللَّه.

4- عبد اللَّه بن العبّاس.

5- سعد بن أبي وقّاص.

6- أبو الدرداء.

7- أنس بن مالك.

8- أبو سعيد الخدري.

9- واثلة بن الأسقع.

سلسلة اعرف الحق

تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 26

10- جابر بن عبد اللَّه الأنصاري.

11- زيد بن أرقم.

12- عمر بن أبي سلمة.

13- ثوبان مولي رسول اللَّه.

14- أبو الحمراء.

15- معقل بن يسار.

من الأئمّة الرواة لحديث الكساء: … ص: 26

اشارة

ونكتفي بذِكر أشهر المشاهير منهم:

1- أحمد بن حنبل، المتوفّي سنة 241.

2- عبد بن حميد الكشّي، المتوفّي سنة 249.

3- مسلم بن الحجّاج، صاحب الصحيح، المتوفّي سنة 261.

4- أبو حاتم محمّد بن إدريس الرازي، المتوفّي سنة 277.

5- أحمد بن عبد الخالق البزّار، المتوفّي سنة 292.

6- محمّد بن عيسي الترمذي، المتوفّي سنة 297.

7- أحمد بن شعيب النسائي، المتوفّي سنة 303.

8- أبو عبد اللَّه محمّد بن عليّ الحكيم الترمذي، المتوفّي سنة.

9- أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري، المتوفّي سنة 310.

10- عبد الرحمن بن محمّد بن إدريس الرازي، الشهير بابن أبي حاتم، المتوفّي سنة 327.

11- سليمان بن أحمد الطبراني، المتوفّي سنة 360.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 27

12- أبو عبد اللَّه الحاكم النيسابوري، المتوفّي سنة 405.

13- أبو نعيم أحمد بن عبد اللَّه الأصبهاني، المتوفّي سنة 430.

14- أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي، المتوفّي سنة 458.

15- أبوبكر أحمدبن عليّ، المعروف بالخطيب البغدادي، المتوفّي سنة 463.

16- أبوالسعادات المبارك بن محمّد، المعروف بابن الأثير، المتوفّي سنة 606.

17- شمس الدين محمّد بن أحمد الذهبي، المتوفّي سنة 748.

18- جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، المتوفّي سنة 911.

وستقف علي أسامي غير هؤلاء من الرواة لهذا الحديث الشريف عندما نورد نصوص طائفةٍ من الأحاديث.

فلننظر- إذن- في الأخبار …

ولنا مع الدكتور موقفان: … ص: 27

الأوّل: إنّه اقتصر في بحثه علي أحاديث الطبري في تفسيره، وجعل يناقش في أسانيدها، وأغفل الأحاديث الكثيرة الواردة في الصّحاح والسّنن والمسانيد، مع أنّ متقضي القاعدة والإنصاف هو الرجوع إلي تلك الكتب في مثل هذا البحث والتحقيق في أسانيدها وفقهها، لا إغفالها وكأنها غير موجودة، عدا رواية أو روايتين.

الموقف الثاني: إنّه ناقش في أسانيد تفسير الطبري، فهل إنّه ذكر جميع الأسانيد الموجودة فيه؟ وهل إن

مناقشاته في الأسانيد صحيحة؟

فلنذكر- إذن- طائفةً من ألفاظ الحديث في الصحاح وغيرها:

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 28

من ألفاظ الحديث في الصحاح والمسانيد وغيرها … ص: 28

اشارة

وهذه نبذة من ألفاظ الحديث بأسانيدها «1»:

ففي المسند: «حدّثنا عبد اللَّه، حدّثني أبي، ثنا عبد اللَّه بن نمير، قال: ثنا بعد الملك- يعني ابن أبي سليمان-، عن عطاء بن أبي رباح، قال: حدّثني من سمع أُمّ سلمة تذكر أنّ النبي كان في بيتها، فأتته فاطمة ببرمة فيها خزيرة، فدخلت بها عليه، فقال لها: ادعي زوجك وابنيك.

قالت: فجاء عليٌّ والحسين والحسن، فدخلوا عليه فجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة، وهو علي منامة له علي دكّان تحته كساء خيبري.

__________________________________________________

(1) نعم، هذه نبذة من الروايات، إذ لم نورد كلّ ما في المسند أو المستدرك أو غيرهما ولا ما في كثير من المصادر المعتبرة في التفسير والحديث وتراجم الصحابة وغيرها.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 29

قالت: وأنا أُصلّي في الحجرة، فأنزل اللَّه عزّ وجلّ هذه الآية: «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

قالت: فأخذ فضل الكساء فغشّاهم به، ثمّ أخرج يده فألوي بها إلي السماء ثمّ قال: اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي و خاصّتي فأذهِب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيراً.

قالت: فأدخلت رأسي البيت فقلت: وأنا معكم يا رسول اللَّه؟

قال: إنّكِ إلي خير، إنّكِ إلي خير.

قال معبد الملك: وحدّثني أبو ليلي عن أُمّ سلمة مثل حديث عطاء سواء.

قال عبد الملك: وحدّثني داود بن أبي عوف الجحّاف، عن «1» حوشب، عن أُمّ سلمة بمثله سواء» «2».

وفي المسند: «حدّثنا عبد اللَّه، حدّثني أبي، ثنا عفّان، ثنا حمّاد بن سلمة، قال: ثنا عليّ بن زيد، عن شهر بن حوشب، عن امّ سلمة: أنّ رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم

قال لفاطمة: ائتيني بزوجك وابنيك؛ فجاءت بهم، فألقي عليهم كساءً فدكيّاً.

قال: ثمّ وضع يده عليهم ثمّ قال: اللّهمّ إنّ هؤلاء آل محمّد، فاجعل صلواتك وبركاتك علي محمّد وعلي آل محمّد إنّك حميد مجيد.

قالت أُمّ سلمة: فرفعت الكساء لأدخل معهم، فجذبه من يدي وقال: إنكِ علي خير» «3».

__________________________________________________

(1)

كذا.

(2) مسند أحمد 6/ 292.

(3) مسند أحمد 6/ 323.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 30

وفي المسند: «حدّثنا عبد اللَّه، حدّثني أبي، ثنا يحيي بن حمّاد، ثنا أبو عوانة، ثنا أبو بلج، ثنا عمرو بن ميمون، قال: إنّي لجالس إلي ابن عبّاس إذ أتاه تسعة رهط فقالوا: يا ابن عبّاس، إمّا أن تقوم معنا وإمّا أنْ تخلونا هؤلاء.

قال: فقال ابن عبّاس: بل أقوم معكم.

قال: وهو يومئذٍ صحيح قبل أنْ يعمي قال: فانتدوا فتحدّثوا، فلا ندري ما قالوا.

قال: فجاء ينفض ثوبه ويقول: أُفٍّ وتفّ، وقعوا في رجلٍ له عشر، وقعوا في رجلٍ قال له النبيّ صلّي اللَّه عليه وسلّم- فذكر مناقب لعلّيٍ، منها-: «وأخذ رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم ثوبه فوضعه علي عليٍّ وفاطمة وحسن وحسين فقال: «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» «1»».

وفي صحيح مسلم: «حدّثنا أبو بكر ابن أبي شيبة ومحمّد بن عبد اللَّه بن نمير- واللفظ لأبي بكر-، قالا: حدّثنا محمّد بن بشر، عن زكريّا، عن مصعب ابن شيبة، عن صفية بنت شيبة، قالت: قالت عائشة: خرج النبيّ غداةً وعليه مرط مرجّل من شعر أسود، فجاء الحسن بن عليّ فأدخله، ثمّ جاء الحسين فدخل معه، ثمّ جاءت فاطمة فأدخلها، ثمّ جاء عليٌّ فأدخله، ثمّ قال: «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» «2»».

وفي صحيح الترمذي:

«حدّثنا قتيبة، حدثّنا محمّد بن سليمان ابن

__________________________________________________

(1) مسند أحمد 1/ 330.

(2) صحيح مسلم 7/ 130.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 31

الأصبهاني، عن يحيي بن عبيد، عن عطاء بن أبي رباح، عن عمر بن أبي سلمة- ربيب النبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم- قال: لمّا نزلت هذه الآية علي النبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم: «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» في بيت أُمّ سلمة، فدعا فاطمة وحسناً وحسيناً فجلّلهم بكساء، وعلي خلف ظهره، فجلّلهم بكساء ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً. قالت أُمّ سلمة: وأنا معهم يا نبي اللَّه؟

قال: أنت علي مكانك. وأنت علي خير.

قال: هذا حديث غريب من حديث عطاء عن عمر بن أبي سلمة».

«حدّثنا عبد بن حميد، حدّثنا عفان بن مسلم، حدّثنا حماد بن سلمة، أخبرنا علي بن زيد، عن أنس بن مالك: إن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم كان يمرّ بباب فاطمة ستة أشهر إذا خرج إلي صلاة الفجر يقول: الصلاة يا أهل البيت «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

قال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. انما نعرفه من حديث حماد ابن سلمة.

قال: وفي الباب عن: أبي الحمراء، ومعقل بن يسار، وأُمّ سلمة» «1».

«حدّثنا قتيبة، حدّثنا محمّد بن سليمان ابن الأصبهاني، عن يحيي بن عبيد، عن عطاء بن أبي رباح، عن عمر بن أبي سلمة- ربيب النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم- قال: نزلت هذه الآية علي النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم: «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ

__________________________________________________

(1) صحيح الترمذي 5/ 327- 328. كتاب تفسير القرآن.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 32

لِيُذْهِبَ

عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» في بيت أُمّ سلمة، فدعا النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم فاطمة وحسناً وحسيناً فجلّلهم بكساءٍ وعلي خلف ظهره، فجلّله بكساء ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً. قالت أُمّ سلمة: وأنا معهم يا نبي اللَّه؟ قال: أنتِ علي مكانك وأنت إلي خير.

قال: وفي الباب عن: أُمّ سلمة، ومعقل بن يسار، وأبي الحمراء، وأنس.

قال: وهذا حديث غريب من هذا الوجه» «1».

«حدّثنا محمود بن غيلان، حدّثنا أبو أحمد الزبيري، حدّثنا سفيان، عن زبيد، عن شهر بن حوشب، عن أُمّ سلمة: انّ النبي صلّي اللَّه عليه [وآله وسلّم جلّل علي الحسن والحسين وعلي وفاطمة كساءً ثمّ قال: اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي وخاصّتي، أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً. فقالت أُمّ سلمة: وأنا معهم يا رسول اللَّه؟ قال: إنّك إلي خير.

قال: هذا حديث حسن، وهو أحسن شي ء روي في هذا الباب.

وفي الباب عن: عمر بن أبي سلمة، وأنس بن مالك، وأبي الحمراء، ومعقل ابن يسار، وعائشة» «2».

وفي جامع الأُصول: «6689 ت، أُمّ سلمة- رضي اللَّه عنها- قالت: إنّ هذه الآية نزلت في بيتي: «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» قالت: وأنا جالسة عند الباب فقلت: يا رسول اللَّه، ألست

__________________________________________________

(1) صحيح الترمذي 5/ 621 كتاب المناقب.

(2) صحيح الترمذي 5/ 656 كتاب المناقب.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 33

من أهل البيت؟ فقال: إنّكِ إلي خير، أنتِ من أزواج رسول اللَّه.

قالت: وفي البيت: رسول اللَّه وعليٌّ وفاطمة وحسن وحسين، فجلّلهم بكسائه وقال: اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي، فأذهِب عنهم الرجس وطهِّرهم تطهيراً.

وفي رواية: إنّ النبيّ جلّل علي الحسن والحسين وعليّ وفاطمة، ثمّ قال:

اللّهمّ هؤلاء أهل

بيتي وحامّتي، أذهِب الرجس عنهم وطهِّرهم تطهيراً.

قالت أُمّ سلمة: وأنا معهم يا رسول اللَّه؟ قال: إنّكِ إلي خير.

أخرج الترمذي الرواية الأخيرة، والأُولي ذكرها رزين.

6690 ت، عمر بن أبي سلمة، قال: نزلت هذه الآية علي النبي: «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» في بيت أُمّ سلمة، فدعا النبيّ فاطمة وحسناً وحسيناً، فجلّلهم بكساءٍ وعليٌّ خلف ظهره، ثمّ قال: اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي فأذهِب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.

قالت أُمّ سلمة: وأنا معهم يا نبيَّ اللَّه؟

قال: أنتِ علي مكانِكِ، وأنتِ علي خير.

أخرجه الترمذي.

6691 ت، أنس بن مالك، إنّ رسول اللَّه كان يمرّ بباب فاطمة إذا خرج إلي الصلاة حين نزلت هذه الآية، قريباً من ستّة أشهر، يقول: الصلاة أهل البيت «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

أخرجه الترمذي.

6692 م، عائشة- رضي اللَّه عنها- قالت: خرج النبيّ صلّي اللَّه عليه وسلّم

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 34

وعليه مرط مرجَّل أسود، فجاءه الحسن فأدخله، ثمّ جاءه الحسين فأدخله، ثمّ جاءت فاطمة فأدخلها، ثمّ جاء عليٌّ فأدخله، ثمّ قال: «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ» الآية.

أخرجه مسلم» «1».

وفي الخصائص: «أخبرنا محمّد بن المثنّي قال: أخبرنا أبو بكر الحنفي، قال:

حدّثنا بكير بن مسمار، قال: سمعت عامر بن سعد يقول: قال معاوية لسعد بن أبي وقّاص: ما يمنعك أنْ تسبَّ ابن أبي طالب؟!

قال: لا أسبّه ما ذكرتُ ثلاثاً قالهنَّ رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم، لأنْ يكون لي واحدة منهنَّ أحبّ إليّ من حمر النعم:

لا أسبّه ما ذكرت حين نزل الوحي عليه، فأخذ عليّاً وابنيه وفاطمة فأدخلهم تحت ثوبه ثمّ قال: ربّ هؤلاء أهل بيتي وأهلي.

ولا أسبّه ما ذكرت حين خلّفه

في غزوةٍ غزاها …

ولا أسبّه ما ذكرت يوم خيبر … » «2».

وفي الخصائص: «أخبرنا قتيبة بن سعيد البلخي وهشام بن عمّار الدمشقي، قالا: حدّثنا حاتم، عن بكير بن مسمار، عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص، قال:

أمر معاوية سعداً فقال: ما يمنعك أنْ تسبَّ أبا تراب؟!

فقال: أنا إن ذكرت ثلاثاً قالهنَّ رسول اللَّه فلن أسبّه، لأن يكون لي واحدة

__________________________________________________

(1) جامع الأُصول: 10/ 100- 101.

(2) خصائص عليّ: 81 طبعة النجف الأشرف.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 35

منها أحبّ إليَّ من حمر النعم:

سمعت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم يقول له، وخلَّفه في بعض مغازيه …

وسمعته يقول يوم خيبر: …

ولمّا نزلت «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» دعا رسول اللَّه عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال: اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي» «1».

أقول:

أخرجه ابن حجر العسقلاني باللفظ الأوّل في «فتح الباري» بشرح حديث: «أما ترضي أن تكون منّي بمنزلة هارون … » فقال:

«ووقع في رواية عامر بن سعد بن أبي وقّاص عند مسلم والترمذي قال:

قال معاوية لسعد: ما منعك أنْ تسبَّ أبا تراب؟!

قال: أما ما ذكرتُ ثلاثاً قالهنَّ له رسول اللَّه فلنْ أسبّه؛ فذكر هذا الحديث.

وقوله: لأُعطينّ الراية رجلًا يحبّه اللَّه ورسوله.

وقوله لمّا نزلت «فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ» «2» دعا عليّاً وفاطمة والحسن والحسين، فقال: اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي» «3».

__________________________________________________

(1) خصائص عليّ: 49.

(2) سورة آل عمران 3: 61.

(3) فتح الباري- شرح صحيح البخاري 7/ 60.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 36

وهذا تحريفٌ للحديث! إذ أُسقط أوّلًا: «فأدخلهم تحت ثوبه»، ثمّ جُعلت الآية النازلة هي آية المباهلة لا آية التطهير! فتأمّل.

وفي الخصائص: أخرج حديث عمرو بن ميمون عن ابن

عبّاس، المتقدّم عن المسند «1».

وفي المستدرك: «حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، ثنا العبّاس بن محمّد الدوري، ثنا عثمان بن عمر، ثنا عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن دينار، ثنا شريك بن أبي نمر، عن عطاء بن يسار، عن أُمّ سلمة رضي اللَّه عنها أنّها قالت:

في بيتي نزلت هذه الآية: «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»، قالت: فأرسل رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم إلي عليّ وفاطمة والحسن والحسين رضوان اللَّه عليهم أجمعين فقال: اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي.

قالت أُمّ سلمة: يا رسول اللَّه، وأنا من أهل البيت؟

قال: إنّكِ أهلي خير «2»، وهؤلاء أهل بيتي، اللّهمّ أهلي أحقّ.

هذا حديث صحيح علي شرط البخاري ولم يخرجاه.

حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، أنبأ العبّاس بن الوليد بن مزيد، أخبرني أبي، قال: سمعت الأوزاعي يقول: حدّثني أبو عمّار، قال: حدّثني واثلة ابن الأسقع، قال: جئت عليّاً فلم أجده. فقالت فاطمة رضي اللَّه عنها: إنطلق

__________________________________________________

(1) خصائص عليّ: 62.

(2) كذا.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 37

إلي رسول اللَّه يدعوه فاجلس، فجاء مع رسول اللَّه فدخل ودخلت معهما. قال:

فدعا رسول اللَّه حسناً وحسيناً فأجلس كلّ واحدٍ منهما علي فخذه، وأدني فاطمة من حجره وزوجها، ثمّ لفّ عليهم ثوبه وأنا شاهد، فقال: «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي.

هذا حديث صحيح علي شرط مسلم ولم يخرجاه» «1».

وفي تلخيص المستدرك: وافق الحاكم علي التصحيح «2».

ورواه الذهبي بإسنادٍ له عن شهر بن حوشب عن أُمّ سلمة، وفيه: «قالت:

فأدخلت رأسي فقلت: يا رسول اللَّه، وأنا معكم؟

قال: أنتِ إلي خير- مرتين-».

ثمّ قال: «رواه الترمذي مختصراً وصحّحه من طريق الثوري، عن زبيد،

عن شهر بن حوشب» «3».

وفي تفسير ابن كثير:

«وقوله تعالي «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» وهذا نص في دخول أزواج النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم في أهل البيت ههنا، لأنهن سبب نزول هذه الآية، وسبب النزول داخل فيه قولًا واحداً، إما وحده علي قول أو مع غيره علي الصحيح. وروي ابن جرير عن عكرمة أنه كان ينادي في السوق «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» نزلت في نساء النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم خاصة. وهكذا

__________________________________________________

(1) المستدرك علي الصحيحين 2/ 416 كتاب التفسير.

(2) تلخيص المستدرك 2/ 416.

(3) سير أعلام النبلاء 10/ 346.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 38

روي ابن أبي حاتم قال: حدّثنا علي بن حرب الموصلي، حدّثنا زيد بن الحباب، حدّثنا حسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما في قوله تعالي «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ» قال: نزلت في نساء النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم خاصة، وقال عكرمة:

من شاء باهلته أنها نزلت في شأن نساء النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم. فإن كان المراد أنهن كن سبب النزول دون غيرهن فصحيح، وإن أريد أنهن المراد فقط دون غيرهن ففي هذا نظر، فإنه قد وردت أحاديث تدل علي أن المراد أعم من ذلك:

(الحديث الأول) حدّثنا الإمام أحمد، حدّثنا عفان، حدّثنا حماد، أخبرنا علي بن زيد عن أنس بن مالك رضي اللَّه عنه قال: إن رسول اللَّه صلي اللَّه عليه [وآله وسلّم كان يمر بباب فاطمة رضي اللَّه عنها ستة أشهر إذا خرج إلي صلاة الفجر يقول: الصلاة يا أهل البيت «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ

الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً». ورواه الترمذي عن عبد بن حميد، عن عفان به، وقال: حسن غريب.

(حديث آخر) قال ابن جرير: حدّثنا وكيع، حدّثنا أبو نعيم، حدّثنا يونس، عن أبي إسحاق، أخبرني أبو داود، عن أبي الحمراء، قال: رابطت المدينة سبعة أشهر علي عهد رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم قال: رأيت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم إذا طلع الفجر جاء إلي باب علي وفاطمة رضي اللَّه عنهما فقال:

الصلاة الصلاة «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» أبو داود الأعمي هو: نفيع بن الحارث، كذّاب.

(حديث آخر) وقال الإمام أيضاً: حدّثنا محمد بن مصعب، حدّثنا

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 39

الأوزاعي، حدّثنا شداد بن عمار، قال: دخلت علي واثلة بن الأسقع رضي اللَّه عنه وعنده قوم فذكروا عليّاً رضي اللَّه عنه فشتموه فشتمته معهم، فلما قاموا قال لي: شتمت هذا الرجل؟! قلت: قد شتموه فشتمته معهم، قال: ألا أخبرك بما رأيت من رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم؟ قلت: بلي قال: أتيت فاطمة رضي اللَّه عنها أسألها عن علي رضي اللَّه عنه، فقالت: توجّه إلي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم، فجلست أنتظره حتي جاء رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم ومعه علي وحسن وحسين رضي اللَّه عنهم، آخذ كل واحد منهما بيده، حتي دخل فأدني عليّاً وفاطمة رضي اللَّه عنهما وأجلسهما بين يديه، وأجلس حسناً وحسيناً رضي اللَّه عنهما كل واحد منهما علي فخذه، ثمّ لفّ عليهم ثوبه- أو قال:

كساءه- ثمّ تلا صلّي اللَّه عليه وسلّم هذه الآية «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» وقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي وأهل بيتي أحق.

وقد

رواه أبو جعفر ابن جرير عن عبد الكريم بن أبي عمير، عن الوليد بن مسلم، عن أبي عمرو الأوزاعي بسنده نحوه، زاد في آخره قال واثلة رضي اللَّه عنه فقلت: وأنا يا رسول اللَّه صلي اللَّه عليك من أهلك؟ قال صلّي اللَّه عليه وسلّم: وأنت من أهلي. قال واثلة رضي اللَّه عنه: وإنّها من أرجي ما أرتجي.

ثم رواه أيضاً عن عبد الأعلي بن واصل، عن الفضل بن دكين، عن عبد السلام بن حرب، عن كلثوم المحاربي، عن شداد بن أبي عمار، قال: إني لجالس عند واثلة بن الأسقع رضي اللَّه عنه إذ ذكروا عليّاً رضي اللَّه عنه فشتموه، فلما قاموا قال: اجلس حتي أخبرك عن هذا الذي شتموه. إني عند رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم إذ جاء علي وفاطمة وحسن وحسين رضي اللَّه عنهم، فألقي

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 40

صلّي اللَّه عليه وسلّم عليهم كساء له ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي، اللهم اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، قلت: يا رسول اللَّه وأنا؟ قال صلّي اللَّه عليه وسلّم: وأنت؛ قال: فواللَّه إنها لأوثق عمل عندي.

(حديث آخر) قال الإمام أحمد: حدّثنا عبد اللَّه بن نمير، حدّثنا عبد الملك ابن أبي سليمان، عن عطاء بن أبي رباح، حدّثني من سمع أُمّ سلمة رضي اللَّه عنها تذكر: أن النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم كان في بيتها، فأتته فاطمة رضي اللَّه عنها ببرمة فيها خزيرة، فدخلت عليه بها فقال صلّي اللَّه عليه وسلّم لها: ادعي زوجك وابنيك، قالت: فجاء علي وحسن وحسين رضي اللَّه عنهم فدخلوا عليه فجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة وهو يملي علي منامة له، وكان تحته صلّي اللَّه عليه وسلّم كساء

خيبري، قالت: وأنا في الحجرة أصلي، فأنزل اللَّه عز وجل هذه الآية «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» قالت رضي اللَّه عنها: فأخذ صلّي اللَّه عليه وسلّم فضل الكساء فغطّاهم به ثم أخرج يده فألوي بها إلي السماء ثم قال: اللهم هؤلاء هم أهل بيتي وخاصتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً. قالت: فأدخلت رأسي البيت فقلت: وأنا معكم يا رسول اللَّه؟ فقال صلّي اللَّه عليه وسلّم: إنّكِ إلي خير، إنّكِ إلي خير. في إسناده من لم يسم وهو شيخ عطاء «1»، بقية رجاله ثقات.

(طريق أُخري قال ابن جرير: حدّثنا أبو كريب، حدّثنا مصعب بن المقدام، حدّثنا سعيد بن زربي، عن محمّد بن سيرين، عن أبي هريرة، عن أُمّ سلمة رضي اللَّه عنها قالت: جاءت فاطمة رضي اللَّه عنها إلي رسول اللَّه صلّي

__________________________________________________

(1) هو: عمر بن أبي سلمة، كما في الأسانيد الأخري

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 41

اللَّه عليه وسلّم ببرمة لها قد صنعت فيها عصيدة تحملها علي طبق، فوضعتها بين يديه صلّي اللَّه عليه وسلّم فقال: أين ابن عمك وابناك؟ فقالت رضي اللَّه عنها: في البيت، فقال صلّي اللَّه عليه وسلّم: ادعيهم فجاءت إلي علي رضي اللَّه عنه فقالت: أجب رسول اللَّه صلي اللَّه تعالي عليه وعلي آله وسلّم أنت وابناك، قالت أُمّ سلمة رضي اللَّه عنها: فلما رآهم مقبلين مدّ صلّي اللَّه تعالي عليه وآله وسلّم يده إلي كساء وكان علي المنامة فمدّه وبسطه وأجلسهم عليه، ثم أخذ بأطراف الكساء الأربعة بشماله فضمه فوق رؤوسهم، وأومأ بيده اليمني إلي ربه فقال: «اللهم هؤلاء هم أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً».

(طريق أُخري) قال ابن جرير:

حدّثنا ابن حميد، حدّثنا عبد اللَّه بن عبد القدوس، عن الأعمش، عن حكيم بن سعد، قال: ذكرنا علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه عند أُمّ سلمة رضي اللَّه عنها فقالت: في بيتي نزلت «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» قالت أُمّ سلمة: جاء رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم إلي بيتي فقال: لا تأذني لأحد، فجاءت فاطمة رضي اللَّه عنها، فلم استطع أن أحجبها عن أبيها، ثم جاء الحسن رضي اللَّه عنه فلم استطع أن أمنعه أن يدخل علي جده وأمه، وجاء الحسين فلم أستطع أن أحجبه عن جدّه صلّي اللَّه عليه وسلّم وأُمّه رضي اللَّه عنها ثم جاء علي رضي اللَّه عنه فلم أستطع أن أحجبه فاجتمعوا، فجلّلهم رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم بكساء كان عليه ثم قال: هؤلاء هم أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً. فنزلت هذه الآية حين اجتمعوا علي البساط، قالت: فقلت:

يا رسول اللَّه وأنا؟ قالت: فواللَّه ما أنعم وقال: إنّكِ إلي خير.

(طريق أُخري قال الإمام أحمد: حدّثنا محمّد بن جعفر، حدّثنا عوف بن

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 42

أبي المعدل، عن عطيّة الطفاوي، عن أبيه، قال: إن أُمّ سلمة رضي اللَّه عنها حدّثته، قالت: بينما رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم في بيتي يوماً إذ قالت الخادم:

إن فاطمة وعليّاً رضي اللَّه عنهما بالسدّة، قالت: فقال لي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم: قومي فتنحي عن أهل بيتي، قالت: فقمت فتنحيت في البيت قريباً، فدخل علي وفاطمة ومعهما الحسن والحسين رضي اللَّه عنهم وهما صبيان صغيران، فأخذ الصبيّين فوضعهما في حجره فقبّلهما واعتنق عليّاً رضي اللَّه عنه بإحدي يديه وفاطمة

رضي اللَّه عنها باليد الأُخري وقبّل فاطمة وقبّل عليّاً وأغدق عليهم خميصة سوداء وقال: اللهم إليك لا إلي النار أنا وأهل بيتي. قالت: فقلت: وأنا يا رسول اللَّه؟ قال صلّي اللَّه عليه وسلّم:

«وأنت».

(طريق أُخري قال ابن جرير: حدّثنا أبو كريب، حدّثنا الحسن بن عطية، حدثنا فضيل بن مرزوق، عن عطية، عن أبي سعيد، عن أُمّ سلمة رضي اللَّه عنها، قالت: إن هذه الآية نزلت في بيتي «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» قالت: وأنا جالسة علي باب البيت فقلت: يا رسول اللَّه ألست من أهل النبي؟ فقال صلّي اللَّه عليه وسلّم: إنّكِ إلي خير، أنتِ من أزواج النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم، قالت: وفي البيت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم وعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي اللَّه عنهم.

(طريق أُخري رواها ابن جرير أيضاً، عن أبي كريب، عن وكيع، عن عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب، عن أُمّ سلمة رضي اللَّه، عنها بنحوه.

(طريق أُخري قال ابن جرير: حدّثنا أبو كريب، حدّثنا خالد بن مخلّد، حدّثني موسي بن يعقوب، حدّثني هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص،

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 43

عن عبد اللَّه بن وهب بن زمعة، قال: أخبرتني أُمّ سلمة رضي اللَّه عنها، قالت:

إن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم جمع عليّاً وفاطمة والحسن والحسين رضي اللَّه عنهم، ثم أدخلهم تحت ثوبه ثم جأر إلي اللَّه عز وجل ثم قال: «هؤلاء هم أهل بيتي» قالت أُمّ سلمة رضي اللَّه عنها: فقلت: يا رسول اللَّه أدخلني معهم، قال صلّي اللَّه عليه وسلّم: «أنت من أهلي».

(طريق أُخري رواها ابن جرير أيضاً، عن أحمد بن محمّد الطوسي،

عن عبد الرحمن بن صالح، عن محمّد بن سليمان الأصبهاني، عن يحيي بن عبيد المكي، عن عطاء، عن عمر بن أبي سلمة، عن أمه رضي اللَّه، عنها بنحو ذلك.

(حديث آخر): قال ابن جرير: حدّثنا ابن وكيع، حدّثنا محمّد بن بشر، عن زكريا، عن مصعب بن شيبة، عن صفية بنت شيبة، قالت: قالت عائشة رضي اللَّه عنها: خرج النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم ذات غداة وعليه مرط مرجّل من شعر أسود، فجاء الحسن رضي اللَّه عنه فأدخله معه، ثم جاء الحسين فأدخله معه، ثم جاءت فاطمة رضي اللَّه عنها فأدخلها معه، ثم جاء علي رضي اللَّه عنه فأدخله معه، ثم قال صلّي اللَّه عليه وسلّم «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» ورواه مسلم عن أبي بكر ابن أبي شيبة عن محمّد بن بشر، به.

(طريق أُخري قال ابن أبي حاتم: حدّثنا أبي، حدّثنا شريح بن يونس أبو الحارث، حدّثنا محمّد بن يزيد، عن العوام- يعني ابن حوشب رضي اللَّه عنه- عن عم له، قال: دخلت مع أبي علي عائشة رضي اللَّه عنها، فسألتها عن علي رضي اللَّه عنه فقالت رضي اللَّه عنها: تسألني عن رجل كان من أحب الناس إلي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم وكانت تحته ابنته وأحب الناس إليه؟ لقد

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 44

رأيت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم دعا عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً رضي اللَّه عنهم، فألقي عليهم ثوباً فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً. قالت: فدنوت منهم فقلت: يا رسول اللَّه وأنا من أهل بيتك صلّي اللَّه عليه وسلّم؟ فقال صلّي اللَّه عليه وسلّم: تنحّي فإنّك علي خير.

(حديث

آخر) قال ابن جرير: حدّثنا ابن المثني حدّثنا بكر بن يحيي بن زبان العنزي، حدّثنا مندل، عن الأعمش، عن عطيّة، عن أبي سعيد رضي اللَّه عنه، قال: قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم: نزلت هذه الآية في خمسة: فيّ وفي علي وحسن وحسين وفاطمة «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً». قد تقدم أن فضيل بن مرزوق رواه عن عطيّة عن أبي سعيد عن أُمّ سلمة رضي اللَّه عنها كما تقدم. وروي ابن أبي حاتم من حديث هارون بن سعد العجلي، عن عطيّة عن أبي سعيد رضي اللَّه عنه موقوفاً. واللَّه سبحانه وتعالي أعلم.

(حديث آخر) قال ابن جرير: حدّثنا ابن المثني حدّثنا أبو بكر الحنفي، حدّثنا بكير بن مسمار، قال: سمعت عامر بن سعد رضي اللَّه عنه قال: قال سعد رضي اللَّه عنه قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم- حين نزل عليه الوحي فأخذ عليّاً وابنيه وفاطمة رضي اللَّه عنهم فأدخلهم تحت ثوبه- ثمّ قال: رب هؤلاء أهلي وأهل بيتي.

(حديث آخر) وقال مسلم في صحيحه: حدّثني زهير بن حرب وشجاع ابن مخلّد، عن ابن علية، قال زهير: حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدّثني أبو حيان، حدّثني يزيد بن حيان، قال: انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 45

مسلمة إلي زيد بن أرقم رضي اللَّه عنه، فلما جلسنا إليه قال له حصين: لقد لقيت يا زيد خيراً كثيراً، رأيت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم، وسمعت حديثه وغزوت معه وصلّيت خلفه، لقد لقيت يا زيد خيراً كثيراً، حدّثنا يا زيد ما سمعت من رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم، قال: يا ابن أخي

واللَّه لقد كبرت سنّي وقدم عهدي ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم، فما حدّثتكم فاقبلوا وما لا فلا تكلّفونيه. ثم قال: قام فينا رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم يوماً خطيباً بماء يدعي خمّاً بين مكة والمدينة، فحمد اللَّه تعالي وأثني عليه ووعظ وذكّر ثم قال: أما بعد ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول اللَّه ربي فأُجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين أوّلهما كتاب اللَّه تعالي وفيه الهدي والنور، فخذوا بكتاب اللَّه واستمسكوا به- فحثّ علي كتاب اللَّه عز وجل ورَغّب فيه-، ثم قال: وأهل بيتي، أذكّركم اللَّه في أهل بيتي، أذكّركم اللَّه في أهل بيتي، ثلاثاً. فقال له حصين: ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده، قال: ومن هم؟ قال: هم «1» آل عقيل وآل جعفر وآل عباس، رضي اللَّه عنهم. قال: كلّ هؤلاء حرم الصدقة بعده؟ قال: نعم.

ثم رواه عن محمّد بن الريان، عن حسان بن إبراهيم، عن سعيد بن مسروق، عن يزيد بن حيان، عن زيد بن أرقم رضي اللَّه عنه، فذكر الحديث بنحو ما تقدّم، وفيه: فقلت له: من أهل بيته، نساؤه؟ قال لا، وأيم اللَّه إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع إلي أبيها وقومها، أهل بيته أصله

__________________________________________________

(1) كذا في تفسير ابن كثير، وهو تحريف!! إذ في صحيح مسلم 7/ 123: «هم آل علي وآل عقيل … ».

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 46

وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده. هكذا وقع في هذه الرواية.

والأُولي أولي والأخذ بها أحري وهذه الثانية

تحتمل أنه أراد تفسير الأهل المذكورين في الحديث الذي رواه، إنما المراد بهم آله الذين حرموا الصدقة، أو أنه ليس المراد بالأهل الأزواج فقط، بل هم مع آله، وهذا الاحتمال أرجح جمعاً بينها وبين الرواية التي قبلها، وجمعاً أيضاً بين القرآن والأحاديث المتقدمة إن صحت، فإن في بعض أسانيدها نظراً واللَّه أعلم.

ثم الذي لا يشك فيه من تدبر القرآن أن نساء النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم داخلات في قوله تعالي «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» فإن سياق الكلام معهن، ولهذا قال تعالي بعد هذا كلّه «وَ اذْكُرْنَ ما يُتْلي فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ وَ الْحِكْمَةِ» أي واعملن بما ينزل اللَّه تبارك وتعالي علي رسوله صلّي اللَّه عليه وسلّم في بيوتكنّ من الكتاب والسنة. قاله قتادة وغير واحد، واذكرن هذه النعمة التي خصصتنّ بها من بين الناس، أن الوحي ينزل في بيوتكن دون سائر الناس، وعائشة الصدّيقة بنت الصدّيق رضي اللَّه عنهما أولاهنّ بهذه النعمة وأحظاهنّ بهذه الغنيمة وأخصهنّ من هذه الرحمة العميمة، فإنه لم ينزل علي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم الوحي في فراش امرأة سواها كما نص علي ذلك صلوات اللَّه وسلامه عليه. قال بعض العلماء رحمه اللَّه: لأنه لم يتزوّج بكراً سواها ولم ينم معها رجل في فراشها سواه صلّي اللَّه عليه وسلّم ورضي اللَّه عنها، فناسب أن تخصّص بهذه المزيّة، وأن تفرد بهذه المرتبة العليّة، ولكن إذا كان أزواجه من أهل بيته فقرابته أحق بهذه التسمية كما تقدم في الحديث «وأهل بيتي أحق»، وهذا يشبه ما ثبت في صحيح مسلم أن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم لمّا سئل عن

سلسلة اعرف الحق تعرف

اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 47

المسجد الذي أسّس علي التقوي من أول يوم فقال: «هو مسجدي هذا» فهذا من هذا القبيل، فإن الآية إنما نزلت في مسجد قباء كما ورد في الأحاديث الأخر، ولكن إذا كان ذاك أسس علي التقوي من أول يوم فمسجد رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم أولي بتسميته بذلك واللَّه أعلم.

وقد قال ابن أبي حاتم: حدّثنا أبي، حدّثنا أبو الوليد، حدّثنا أبو عوانة، عن حصين بن عبد الرحمن، عن ابن جميلة، قال: إن الحسن بن علي رضي اللَّه عنهما استخلف حين قتل علي رضي اللَّه عنهما، فبينما هو يصلي إذ وثب عليه رجل فطعنه بخنجر، وزعم حصين أنه بلغه أن الذي طعنه رجل من بني أسد، وحسن رضي اللَّه عنه ساجد، قال: فيزعمون أن الطعنة وقعت في وركه فمرض منها أشهراً ثم برئ، فقعد علي المنبر فقال: يا أهل العراق، اتقوا اللَّه فينا، فإنّا أمراؤكم وضيفانكم ونحن أهل البيت الذي قال اللَّه تعالي «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» قال: فما زال يقولها حتي ما بقي أحد من أهل المسجد إلّاوهو ناح بكّاء.

وقال السدي عن أبي الديلم قال: قال علي بن الحسين رضي اللَّه عنهما لرجل من أهل الشام: أما قرأت في الأحزاب «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» قال: نعم، ولأنتم هم؟! قال: نعم» «1».

وفي الدر المنثور:

«أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه:

عن أُمّ سلمة رضي اللَّه عنها- زوج النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم- ان رسول اللَّه

__________________________________________________

(1) تفسير القرآن العظيم 3/ 413- 415.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 48

صلّي اللَّه عليه وسلّم كان ببيتها

علي منامة له عليه كساء خيبري، فجاءت فاطمة رضي اللَّه عنها ببرمة فيها خزيرة فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم أُدعي زوجك وابنيك حسناً وحسيناً، فدعتهم، فبينما هم يأكلون إذ نزلت علي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» فأخذ النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم بفضلة إزاره فغشّاهم ايّاها، ثم أخرج يده من الكساء وأوما بها إلي السماء ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصّتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، قالها ثلاث مرات. قالت أُمّ سلمة رضي اللَّه عنها: فأدخلت رأسي في الستر فقلت يا رسول اللَّه: وأنا معكم؟ فقال: إنّكِ إلي خير، مرتين.

وأخرج الطبراني عن أُمّ سلمة رضي اللَّه عنها قالت: جاءت فاطمة رضي اللَّه عنها إلي أبيها بتريدة لها تحملها في طبق لها حتي وضعتها بين يديه فقال لها:

أين ابن عمك؟ قالت: هو في البيت، قال: اذهبي فادعيه وابنيك، فجاءت تقود ابنيها كل واحد منهما في يد، وعلي رضي اللَّه عنه يمشي في أثرهما حتي دخلوا علي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم، فأجلسهما في حجره، وجلس علي رضي اللَّه عنه عن يمينه، وجلست فاطمة رضي اللَّه عنها عن يساره، قالت أُمّ سلمة رضي اللَّه عنها: فأخذت من تحتي كساء كان بساطنا علي المنامة في البيت «1».

وأخرج الطبراني عن أُمّ سلمة رضي اللَّه عنها: إنّ رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم قال لفاطمة رضي اللَّه عنها: ائتني بزوجك وابنيه، فجاءت بهم، فألقي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم عليهم كساءً فدكياً، ثم وضع يده عليهم ثم قال:

اللهم إن هؤلاء أهل محمّد، وفي لفظ آل محمّد، فاجعل صلواتك وبركاتك علي

__________________________________________________

(1) كذا، لم

ينقل بقيّة الحديث!!

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 49

آل محمّد كما جعلتها علي آل إبراهيم إنك حميد مجيد. قالت أُمّ سلمة رضي اللَّه عنها: فرفعت الكساء لأدخل معهم، فجذبه من يدي وقال: إنّكِ علي خير.

وأخرج ابن مردويه عن أُمّ سلمة قالت: نزلت هذه الآية في بيتي «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» وفي البيت سبعة:

جبريل وميكائيل عليهم السلام وعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي اللَّه عنهم، وأنا علي باب البيت، قلت: يا رسول اللَّه، ألست من أهل البيت؟ قال:

إنّكِ إلي خير، إنّكِ من أزواج النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم.

وأخرج ابن مردويه، والخطيب، عن أبي سعيد الخدري رضي اللَّه عنه قال كان يوم أُمّ سلمة أُمّ المؤمنين رضي اللَّه عنها، فنزل جبريل عليه السلام علي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم بهذه الآية «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» قال: فدعا رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم بحسن وحسين وفاطمة وعلي، فضمهم إليه ونشر عليهم الثوب، والحجاب علي أُمّ سلمة مضروب، ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي اللهم أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، قالت أُمّ سلمة رضي اللَّه عنها: فأنا معهم يا نبي اللَّه؟ قال: أنت علي مكانك وإنّكِ علي خير.

وأخرج الترمذي وصحّحه، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم وصحّحه، وابن مردويه، والبيهقي في سننه من طرق: عن أُمّ سلمة رضي اللَّه عنها قالت: في بيتي نزلت «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» وفي البيت فاطمة وعلي والحسن والحسين، فجلّلهم رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم بكساء كان عليه، ثم قال: هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.

سلسلة اعرف الحق

تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 50

وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، والطبراني عن أبي سعيد الخدري رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم: نزلت هذه الآية في خمسة: فيّ وفي علي وفاطمة وحسن وحسين «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

وأخرج ابن أبي شيبة، وأحمد، ومسلم، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم: عن عائشة رضي اللَّه عنها، قالت: خرج رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم غداةً وعليه مرط مرجّل من شعر أسود، فجاء الحسن والحسين رضي اللَّه عنهما فأدخلهما معه، ثم جاء علي فأدخله معه، ثم قال «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

وأخرج ابن جرير، والحاكم، وابن مردويه: عن سعد قال: نزل علي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم الوحي، فأدخل عليّاً وفاطمة وابنيهما تحت ثوبه ثم قال: اللهم هؤلاء أهلي وأهل بيتي.

وأخرج ابن أبي شيبة، وأحمد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه، والبيهقي في سننه عن واثلة بن الاسقع رضي اللَّه عنه قال: جاء رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم إلي فاطمة ومعه حسن وحسين وعلي حتي دخل، فأدني عليّاً وفاطمة فأجلسهما بين يديه، وأجلس حسناً وحسيناً كل واحد منهما علي فخذه، ثمّ لفّ عليهم ثوبه وأنا مستدبرهم ثم تلا هذه الآية «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

وأخرج ابن أبي شيبة، وأحمد، والترمذي- وحسّنه-، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، والحاكم- وصححه-، وابن مردويه، عن أنس رضي اللَّه عنه: إن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم كان يمر بباب فاطمة رضي اللَّه عنها إذا

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 51

خرج إلي

صلاة الفجر ويقول: الصلاة يا أهل البيت «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

وأخرج مسلم عن زيد بن أرقم رضي اللَّه عنه: إن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم قال: أذكركم اللَّه في أهل بيتي، فقيل لزيد رضي اللَّه عنه: ومن أهل بيته، أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده، آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس.

وأخرج الحكيم الترمذي، والطبراني، وابن مردويه، وأبو نعيم، والبيهقي معاً في الدلائل، عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما قال: قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم: إن اللَّه قسم الخلق قسمين فجعلني في خيرهما قسماً، فذلك قوله «وَ أَصْحابُ الْيَمِينِ» و «أَصْحابُ الشِّمالِ» * فأنا من أصحاب اليمين وأنا خير أصحاب اليمين ثم جعل القسمين أثلاثاً، فجعلني في خيرها ثلثاً فذلك قوله «فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ» «وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ» فأنا من السابقين وأنا خير السابقين. ثم جعل الأثلاث قبائل، فجعلني في خيرها قبيلة وذلك قوله «وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ» وأنا أتقي ولد آدم وأكرمهم علي اللَّه تعالي ولا فخر، ثم جعل القبائل بيوتاً فجعلني في خيرها بيتاً فذلك قوله «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» فأنا وأهل بيتي مطهّرون من الذنوب.

وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي اللَّه عنه في قوله «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» قال: هم أهل بيت طهّرهم اللَّه من السوء واختصهم برحمته، قال: وحدّث الضحاك بن

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 52

مزاحم رضي

اللَّه عنه أن نبي اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم كان يقول: نحن أهل بيت طهرهم اللَّه، نحن شجرة النبوة وموضع الرسالة ومختلف الملائكة وبيت الرحمة ومعدن العلم.

وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي اللَّه عنه قال: لما دخل علي رضي اللَّه عنه بفاطمة رضي اللَّه عنها جاء النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم أربعين صباحاً إلي بابها يقول: السلام عليكم أهل البيت ورحمة اللَّه وبركاته، الصلاة رحمكم اللَّه «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» أنا حرب لمن حاربتم، أنا سلم لمن سالمتم.

وأخرج ابن جرير، وابن مردويه: عن أبي الحمراء رضي اللَّه عنه قال:

حفظت من رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم ثمانية أشهر بالمدينة، ليس من مرة يخرج إلي صلاة الغداة إلّاأتي إلي باب علي رضي اللَّه عنه، فوضع يده علي جنبتي الباب ثم قال: الصلاة الصلاة «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما قال: شهدنا رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم تسعة أشهر، يأتي كلّ يوم باب علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه عند وقت كل صلاة فيقول: السلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته أهل البيت «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» الصلاة رحمكم اللَّه، كلّ يوم خمس مرات.

وأخرج الطبراني عن أبي الحمراء رضي اللَّه عنه قال: رأيت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم يأتي باب علي وفاطمة ستة أشهر فيقول «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 53

لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» «1».

وفي الصواعق المحرقة: «الآية الأُولي قال اللَّه تعالي «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ

الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً». أكثر المفسّرين علي أنّها نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين. لتذكير ضمير (عنكم) وما بعده» «2».

أقول:

فهل من العدل إغفال الدكتور كلّ هذه الأحاديث؟!

ممّن نصَّ علي صحّة الحديث: … ص: 53

هذا، وقد قال جماعة من الأئمّة بصحّة الحديث الدالّ علي اختصاص الآية الكريمة بأهل البيت، إذ أخرجوه في الصحيح أو نصّوا علي صحّته، ومن هؤلاء:

1- أحمد بن حنبل. بناءً علي التزامه بالصحّة في «المسند».

2- مسلم بن الحجّاج، إذ أخرجه في (صحيحه).

3- الترمذي، قال السيوطي وغيره: أخرج الترمذي وصحّحه …

4- ابن حبّان، إذ أخرجه في (صحيحه).

5- الحاكم النيسابوري، إذ صحّحه في «المستدرك».

6- الذهبي، إذ صحّحه في «تلخيص المستدرك» تبعاً للحاكم.

7- ابن تيميّة، إذ قال: «فصل: وأمّا حديث الكساء فهو صحيح، رواه

__________________________________________________

(1) الدر المنثور في التفسير بالمأثور 5/ 199.

(2) الصواعق المحرقة: 85.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 54

أحمد والترمذي من حديث أُمّ سلمة، ورواه مسلم في صحيحه من حديث عائشة … » «1».

8- الفخر الرازي، قال: «واعلم أنّ هذه الرواية كالمتّفق علي صحّتها بين أهل التفسير والحديث» «2».

9- ابن حجر المكي، قال: «وصحَّ أنّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم جعل علي هؤلاء كساءً وقال: اللّهم هؤلاء أهل بيتي وحامتي- أي: خاصتي- أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً. فقالت أُمّ سلمة: وأنا معهم؟ قال: إنّكِ علي خير.

وفي رواية أنه قال بعد تطهيراً: أنا حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم وعدوّ لمن عاداهم؛ وفي أُخري ألقي عليهم كساءً ووضع يده عليها ثم قال:

اللهم انّ هؤلاء آل محمّد، فاجعل صلواتك وبركاتك علي آل محمّد انك حميد مجيد … » «3».

__________________________________________________

(1) منهاج السُنّة 5/ 13.

(2) التفسير الكبير 8/ 80.

(3) الصواعق المحرقة: 85.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 55

روايات الطبري … ص: 55

وهذه نصوص روايات أبي جعفر الطبري في تفسيره، قال:

«واختلف أهل التأويل في الذين عنوا بقوله (أهل البيت) فقال بعضهم:

عني به رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم وعلي وفاطمة والحسن

والحسين رضوان اللَّه عليهم.

ذكر من قال ذلك:

1- حدّثني محمّد بن المثني قال: ثنا بكر بن يحيي بن زبان العنزي، قال:

ثنا مندل عن الأعمش، عن عطيّة، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم: نزلت هذه الآية في خمسة: فيّ وفي علي رضي اللَّه عنه وحسن رضي اللَّه عنه وحسين رضي اللَّه عنه وفاطمة رضي اللَّه عنها «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 56

2- حدّثنا ابن وكيع، قال: ثنا محمّد بن بشر، عن زكريا، عن مصعب بن شيبة، عن صفية بنت شيبة، قالت: قالت عائشة: خرج النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم ذات غداة وعليه مرط مرجّل من شعر أسود فجاء الحسن فأدخله معه ثم جاء علي فأدخله معه ثم قال: «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

3- حدّثنا ابن وكيع، قال: ثنا محمّد بن بكر، عن حماد بن سلمة، عن عليّ ابن زيد، عن أنس: أن النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم كان يمرّ ببيت فاطمة ستة أشهر كلّما خرج إلي الصلاة فيقول: الصلاة أهل البيت «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

4- حدّثني موسي بن عبد الرحمن المسروقي، قال: ثنا يحيي بن إبراهيم بن سويد النخعي، عن هلال- يعني ابن مقلاص-، عن زبيد، عن شهر بن حوشب، عن أُمّ سلمة، قالت: كان النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم عندي وعلي وفاطمة وحسن وحسين، فجعلت لهم خزيرة فأكلوا وناموا وغطي عليهم عباءة أو قطيفة ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.

5- حدّثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا

يونس بن أبي إسحاق، قال: أخبرني أبو داود، عن أبي الحمراء، قال: رابطت المدينة سبعة أشهر علي عهد النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم قال: رأيت النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم إذا طلع الفجر جاء إلي باب علي وفاطمة فقال: الصلاة الصلاة «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 57

6- حدّثني عبد الأعلي بن واصل، قال: ثنا الفضل بن دكين، قال: ثنا يونس بن أبي إسحاق باسناده عن النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم مثله.

7- حدّثني عبد الأعلي بن واصل، قال: ثنا الفضل بن دكين، قال: ثنا عبد السلام بن حرب، عن كلثوم المحاربي، عن أبي عمار، قال: إني لجالس عند واثلة ابن الأسقع، إذ ذكروا عليّاً رضي اللَّه عنه فشتموه، فلما قاموا قال: اجلس حتي أخبرك عن هذا الذي شتموا، إني عند رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم إذ جاءه علي وفاطمة وحسن وحسين، فألقي عليهم كساء له ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً. قلت: يا رسول اللَّه وأنا؟

قال: وأنتَ، قال: فواللَّه إنها لأوثق عملي عندي.

8- حدّثني عبد الكريم بن أبي عمير، قال: ثنا الوليد بن مسلم، قال: ثنا أبو عمرو، قال: ثنا شدّاد أبو عمار، قال: سمعت واثلة بن الأسقع يحدّث قال:

سألت عن علي بن أبي طالب في منزله، فقالت فاطمة: قد ذهب يأتي برسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم، إذ جاء فدخل رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم ودخلت، فجلس رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم علي الفراش وأجلس فاطمة عن يمينه وعليّاً عن يساره وحسناً وحسيناً بين يديه، فلفع عليهم بثوبه وقال:

«إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ

الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» اللهم هؤلاء أهلي، اللهم أهلي أحق. قال واثلة: فقلت من ناحية البيت: وأنا يا رسول من أهلك؟ قال: وأنت من أهلي. قال واثلة: انها لمن أرجي ما أرتجي.

9- حدّثني أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن عبد الحميد بن بهرام، عن شهر ابن حوشب، عن فضيل بن مرزوق، عن عطيّة، عن أبي سعيد الخدري، عن أُمّ سلمة، قالت: لمّا نزلت هذه الآية «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 58

الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» دعا رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً، فجلل عليهم كساء خيبرياً فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً. قالت أُمّ سلمة: ألست منهم؟

قال: أنت إلي خير.

10- حدّثنا أبو كريب، قال: ثنا مصعب بن المقدام، قال: ثنا سعيد بن زربي، عن محمّد بن سيرين، عن أبي هريرة، عن أُمّ سلمة، قالت: جاءت فاطمة إلي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم ببرمة لها قد صنعت فيها عصيدة تحلّها علي طبق فوضعته بين يديه، فقال: أين ابن عمك وابناك؟ فقالت: في البيت، فقال: ادعيهم، فجاءت إلي عليّ فقالت: أجب النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم أنت وابناك. قالت أُمّ سلمة: فلما رآهم مقبلين مدّ يده إلي كساءٍ كان علي المنامة فمدّه وبسطه وأجلسهم عليه، ثم أخذ بأطراف الكساء الأربعة بشماله فضمّه فوق رؤسهم وأومأ بيده اليمني إلي ربّه فقال: هؤلاء أهل البيت فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.

11- حدّثنا أبو كريب، قال: ثنا حسن بن عطيّة، قال: ثنا فضيل بن مرزوق، عن عطيّة، عن أبي سعيد، عن أُمّ سلمة زوج النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم: أن

هذه الآية نزلت في بيتها «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» قالت: وأنا جالسة علي باب البيت فقلت أنا: يا رسول اللَّه ألست من أهل البيت؟ قال: إنّكِ إلي خير، أنت من أزواج النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم. قالت: وفي البيت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم وعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي اللَّه عنهم.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 59

12- حدّثنا أبو كريب، قال: ثنا خالد بن مخلّد، قال: ثنا موسي بن يعقوب، قال: ثني هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، عن عبد اللَّه بن وهب بن زمعة، قال: أخبرتني أُمّ سلمة أن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم جمع عليّاً والحسنين ثم أدخلهم تحت ثوبه ثمّ جأر الي اللَّه ثم قال: هؤلاء أهل بيتي، فقالت أُمّ سلمة: أدخلني معهم، قال: إنّكِ من أهلي.

13- حدّثني أحمد بن محمّد الطوسي، قال: ثنا عبد الرحمن بن صالح، قال:

ثنا محمّد بن سليمان الأصبهاني، عن يحيي بن عبيد المكي، عن عطاء، عن عمر ابن أبي سلمة، قال: نزلت هذه الآية علي النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم في بيت أُمّ سلمة «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» فدعا حسناً وحسيناً وفاطمة فأجلسهم بين يديه، ودعا عليّاً فأجلسه خلفه فتجلل هو وهم بالكساء ثم قال: هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً. قالت أُمّ سلمة: أنا معهم؟ قال: مكانك وأنت علي خير.

14- حدّثني محمد بن عمارة، قال: ثنا إسماعيل بن أبان، قال: ثنا الصباح ابن يحيي المري، عن السدي، عن أبي الديلم، قال: قال علي بن الحسين لرجل من أهل الشام: أما قرأت في الأحزاب «إِنَّما

يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» قال: ولأنتم هم؟! قال: نعم.

15- حدّثنا ابن المثني قال: ثنا أبو بكر الحنفي، قال: ثنا بكير بن مسمار، قال: سمعت عامر بن سعد، قال: قال سعد: قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم حين نزل عليه الوحي فأخذ عليّاً وابنيه وفاطمة وأدخلهم تحت ثوبه ثم قال:

رب هؤلاء أهلي وأهل بيتي.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 60

16- حدّثنا ابن حميد، قال: ثنا عبد اللَّه بن عبد القدوس، عن الأعمش، عن حكيم بن سعد، قال: ذكرنا علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه عند أُمّ سلمة قالت: فيه نزلت «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» قالت أُمّ سلمة: جاء النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم إلي بيتي فقال: لا تأذني لأحد، فجاءت فاطمة فلم أستطع أن أحجبها عن أبيها، ثم جاء الحسن فلم أستطع أن أمنعه أن يدخل علي جدّه وأمه، وجاء الحسين فلم أستطع أن أحجبه، فاجتمعوا حول النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم علي بساط، فجلّلهم نبي اللَّه بكساء كان عليه ثم قال: هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، فنزلت هذه الآية حين اجتمعوا علي البساط. قالت: فقلت: يا رسول اللَّه: وأنا؟ قالت: فواللَّه ما أنعم وقال: إنّكِ الي خير «1».

وقال آخرون: بل عني بذلك أزواج رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم. ذكر من قال ذلك:

حدّثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيي بن واضح، قال: ثنا الأصبغ، عن علقمة، قال: كان عكرمة ينادي في السوق «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» قال: نزلت في نساء النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم خاصّة» «2».

__________________________________________________

(1) لا يخفي

عدم ذكر مجي ء علي في الحديث مع التصريح بنزول الآية فيه، فما هو السبب؟!

(2) تفسير الطبري 22/ 5- 7.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 61

مع الدكتور في أخبار الطبري … ص: 61

اشارة

لقد أغفل الدكتور عدّةً من أخبار الطبري، فلماذا؟! أليس لوضوح دلالتها وصحّتها سنداً؟!

فالحديث عن سعد بن أبي وقاص مثلًا، هو عن:

«محمّد بن المثنّي ثقة ثبت، من رجال الكتب السّتة «1» عن:

«أبو بكر الحنفي» وهو: عبد الكبير بن عبد المجيد «2»، من رجال الكتب الستة «3» عن:

__________________________________________________

(1) تقريب التهذيب 2/ 204.

(2) تهذيب الكمال 18/ 243- 244.

(3) تقريب التهذيب 1/ 515.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 62

«بكير بن مسمار» صدوق، من رجال مسلم والترمذي النسائي «1» عن:

«عامر بن سعد» ثقة، من رجال الكتب الستة «2» عن:

«سعد بن أبي وقاص»، وهو الصحابي الكبير.

وهذا الحديث ممّا أُغفل!! … فما هكذا تورد يا سعد الابل!!

الحديث الأول وكلام الدكتور حوله: … ص: 62

اشارة

قال الدكتور: «قال محمّد بن جرير الطبري: حدّثني محمّد بن المثنّي … »

فأورد الحديث الأول كما نقلناه عن تفسير الطبري ثم قال: «وذكر الطبري بعد هذا كثيراً من الأخبار التي تبيّن أنّ الآية الكريمة تعني هؤلاء المذكورين أو بعضهم. ثم ذكر أخيراً ما روي عن عكرمة من أنها نزلت في نساء النبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم خاصةً.

والخبران: الأول والأخير فيهما نظر.

فأمّا الأول ففي سنده عطيّة عن أبي سعيد الخدري، وعطيّة هذا هو «عطيّة ابن سعد بن جنادة العوفي».

تحدث عنه الإمام أحمد بن حنبل وعن روايته عن أبي سعيد فقال بأنه ضعيف الحديث، وأن الثوري وهشيماً كانا يضعفان حديثه، وقال: بلغني أن عطيّة كان يأتي الكلبي فيأخذ عنه التفسير، وكان يكنيه بأبي سعيد فيقول:

__________________________________________________

(1) تقريب التهذيب 1/ 108.

(2) تقريب التهذيب 1/ 387.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 63

قال أبو سعيد فيوهم أنه الخدري.

وقال ابن حبان: سمع عطيّة من أبي سعيد الخدري أحاديث، فلما مات جعل يجالس الكلبي، فإذا قال الكلبي: قال

رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه [وآله وسلّم كذا، فيحفظه، وكناه أبا سعيد، وروي عنه، فإذا قيل له: من حدثك بهذا؟

فيقول: حدّثني أبو سعيد، فيتوهمون أنه يريد أبا سعيد الخدري، وإنما أراد الكلبي، قال: لا يحل كتب حديثه، إلّاعلي التعجب. وقال الإمام البخاري في حديث رواه عطية: أحاديث الكوفيين هذه مناكير، وقال أيضاً: كان هشيم يتكلّم فيه.

وقد ضعّفه النسائي أيضاً في الضعفاء، وكذلك أبو حاتم. ومع هذا كلّه وثّقه ابن سعد فقال: كان ثقة إن شاء اللَّه، وله أحاديث صالحة، ومن الناس من لا يحتج به.

وسئل يحيي بن معين: كيف حديث عطية؟ قال: صالح. وما ذكره ابن سعد وابن معين لا يثبت أمام ما ذكر من قبل.

وقد يقال هنا: إن الإمام أحمد روي عن عطيّة في مسنده، فإذا كان يري ضعف حديثه فلماذا روي عنه؟

والجواب: أن الإمام أحمد إنما روي في مسنده ما اشتهر، ولم يقصد الصحيح ولا السقيم. ويدل علي ذلك أن ابنه عبد اللَّه قال: قلت لأبي: ما تقول في حديث ربعي ابن خراش عن حذيفة؟ قال: الذي يرويه عبد العزيز بن أبي رواد؟

قلت: نعم، قال: الأحاديث بخلافه، قلت: فقد ذكرته في المسند؟ قال: قصدت في المسند المشهور، فلو أردت أن أقصد ما صح عندي لم أرو من هذا المسند إلّا

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 64

الشي ء بعد الشي ء اليسير.

وقد طعن الإمام أحمد في أحاديث كثيرة في المسند، ورد كثيراً مما روي ولم يقل به، ولم يجعله مذهباً له.

وعندما عدّ ابن الجوزي من الأحاديث الموضوعة أحاديث أخرجها الإمام أحمد في مسنده، وثار عليه من ثار، ألف ابن حجر العسقلاني كتابه «القول المسدد في الذبّ عن المسند»، فذكر الأحاديث التي أوردها ابن الجوزي،

ثم أجاب عنها، ومما قال: الأحاديث التي ذكرها ليس فيها شي ء من أحاديث الأحكام في الحلال والحرام، والتساهل في إيرادها مع ترك البيان بحالها شائع، وقد ثبت عن الإمام أحمد وغيره من الأئمة أنهم قالوا: إذا روينا في الحلال والحرام شددنا، وإذا روينا في الفضائل ونحوها تساهلنا. وهكذا حال هذه الأحاديث.

وما ذكره ابن حجر ينطبق علي الأحاديث التي رويت عن عطيّة في المسند.

فالخبر الأول- إذن- ضعيف».

أقول: إنّ هذا الذي قاله في «عطيّة العوفي» هنا قد قاله حرفاً بحرفٍ في رسالته التي نشرها حول حديث الثقلين بعنوان «حديث الثقلين وفقهه» «1» وقد أجبنا عنه بأن:

الطعن في «عطية» عجيب جدّاً، لأنّه إن كان المطلوب كون الرجل مجمعاً علي وثاقته حتي تقبل روايته، فلا إجماع علي عطيّة، بل لا اجماع حتي علي

__________________________________________________

(1) حديث الثقلين وفقهه، الدكتور علي أحمد السالوس، ط دار إصلاح 1406. ولاحظ: حديث الثقلين تواتره وفقهه، نقد لِما كتبه الدكتور السالوس. ط قم إيران 1413.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 65

البخاري، وأمثاله «1»، … إذنْ، لا بدَّ من التحقيق والنظر الدقيق، لنعرف من روي عن عطيّة واعتمد عليه، ولنفهم السبب في طعن من طعن فيه …

ترجمة عطيّة العوفي: … ص: 65

اشارة

لقد أمر «الدكتور» بالرجوع إلي (تهذيب التهذيب) و (ميزان الاعتدال) وعندما نرجع إلي الأول منهما وهو أجمع الكتب الرجالّية للأقوال «2» نجد:

1- عطيّة من التابعين: … ص: 65

إنه يروي عن: أبي سعيد، وأبي هريرة، وابن عباس، وابن عمر، وزيد بن أرقم.

وقد رويتم في الصحيح عن النبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم أنه قال: «خير القرون قرني ثم الذين يلونهم» «3».

وفي (معرفة علوم الحديث): «النوع الرابع عشر من هذا العلم معرفة التابعين، وهذا نوع يشتمل علي علومٍ كثيرة، فإنهم علي طبقاتٍ في الترتيب، ومهما غفل الإنسان عن هذا العلم لم يفرّق بين الصحابة والتابعين، ثم لم يفرّق أيضاً بين التابعين وأتباع التابعين. قال اللَّه عزّ وجل: «وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ وَ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا

__________________________________________________

(1) قد أورد الحافظ الذهبي، البخاري في كتاب (المغني في الضعفاء) فراجع.

(2) تهذيب التهذيب 7/ 200.

(3) أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وغيرهم. جامع الاصول 9/ 404.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 66

عَنْهُ وَ أَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ». وقد ذكرهم رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه [وآله وسلّم … فخير الناس قرناً بعد الصحابة من شافه أصحاب رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه [وآله وسلّم وحفظ عنهم الدين والسنن، وهم قد شهدوا الوحي والتنزيل … » «1».

2- عطيّة من رجال البخاري في الأدب المفرد: … ص: 66

والبخاري- وانْ لم يخرج عن عطيّة في كتابه المعروف بالصحيح- أخرج عنه في كتابه الآخر (الأدب المفرد) … وهذا الكتاب وانْ لم يلتزم فيه بالصحّة لكنْ من البعيد أن يخرج فيه عمّن يراه من الكذّابين!!

3- عطيّة من رجال أبي داود: … ص: 66

وأبو داود السجستاني أخرج عنه في كتابه الذي جعلوه من الصحاح الستة، وقال الامام الحافظ إبراهيم الحربي لمّا صنف أبو داود كتابه: «أُلين لأبي داود الحديث كما أُلين لداود الحديد» نقله قاضي القضاة ابن خلّكان «2» وفي المرقاة في شرح المشكاة: «قال الخطابي شارحه: لم يصنّف في علم الدين مثله، وهو أحسن وضعاً وأكثر فقهاً من الصحيحين. وقال أبو داود: ما ذكرت فيه حديثاً أجمع الناس علي تركه. وقال ابن الأعرابي: من عنده القرآن وكتاب أبي داود لم يحتج معهما إلي شي ء من العلم ألبتة. وقال الناجي: كتاب اللَّه أصل

__________________________________________________

(1) معرفة علوم الحديث للحاكم النيسابوري: 41.

(2) وفيات الأعيان 2/ 138.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 67

الأسلام وكتاب أبي داود عيد الإسلام، ومن ثمَّ صرّح حجة الإسلام الغزالي باكتفاء المجتهد به في الأحاديث، وتبعه أئمة الشافعيّة علي ذلك» «1».

فهذا طرف من كلمات القوم في وصف كتاب أبي داود الذي أخرج فيه عن عطيّة العوفي.

4- عطيّة من رجال الترمذي: … ص: 67

والترمذي أيضاً أخرج عن عطيّة في كتابه المعدود من الصحاح الستّة عندهم، والذي حكوا عنه أنه قال: «صنّفت هذا الكتاب فعرضته علي علماء الحجاز فرضوا به، وعرضته علي علماء العراق فرضوا به، وعرضته علي علماء خراسان فرضوا به، ومن كان في بيته هذا الكتاب فكأنما في بيته نبي يتكلّم» «2».

5- عطيّة من رجال ابن ماجة: … ص: 67

وابن ماجة القزويني أيضاً أخرج عن عطيّة في كتابه الذي نصَّ ابن خلكان علي كونه أحد الصحاح الستة «3»، وقد نقل عن ابن ماجة قوله:

«عرضت هذه السنن علي أبي زرعة فنظر فيه وقال: أظن إن وقع هذا في أيدي الناس تعطّلت هذه الجوامع أو أكثرها. ثم قال: لعلّه لا يكون فيه تمام ثلاثين حديثاً ممّا في إسناده ضعف» «4».

__________________________________________________

(1) المرقاة في شرح المشكاة 1/ 22.

(2) انظر مقدّمة الشيخ أحمد محمّد شاكر لصحيح الترمذي.

(3) وفيات الأعيان 2/ 407.

(4) تذكرة الحفاظ 2/ 189.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 68

6- عطيّة من رجال أحمد في المسند: … ص: 68
اشارة

وأحمد بن حنبل أخرج عنه فأكثر، ومن ذلك روايات آية التطهير وحديث الثقلين، ولا بدَّ من البحث هنا في جهاتٍ:

الأولي في رأي أحمد في مسنده وأنه هل شرط فيه الصحيح أو لا؟

والثانية: في رأي العلماء في مسند أحمد.

والثالثة: في رأي أحمد في عطية.

أما رأيه في عطيّة فسنتكلّم عليه عندما نتعرّض لطعن من طعن فيه.

رأي أحمد في المسند: … ص: 68

أمّا رأي أحمد بن حنبل في مسنده فقد ذكر الحافظ السيوطي عن بعض العلماء: أن أحمد شرط في مسنده الصحيح «1». وذكر قاضي القضاة السبكي بترجمة أحمد من (طبقاته) عن عبد اللَّه بن أحمد قال: «قلت لأبي: لم كرهت وضع الكتب وقد عملت المسند؟ فقال: عملت هذا الكتاب إماماً إذا اختلف الناس في سنّةٍ عن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه [وآله وسلّم رجع إليه».

قال السبكي: «قال أبو موسي المديني: لم يخرج إلّاعمّن ثبت عنده صدقه

__________________________________________________

(1) تدريب الراوي 1/ 171- 172.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 69

وديانته، دون من طعن في أمانته. ثم ذكر باسناده إلي عبد اللَّه ابن الامام أحمد رحمه اللَّه قال: سألت أبي عن عبد العزيز بن أبان، قال: لم أخرج عنه في المسند شيئاً، لمّا حدّث بحديث المواقيت تركته».

وأورد السبكي ما ذكره المديني بإسناده إلي حنبل بن اسحاق قال: «جمعنا عمّي- يعني الإمام أحمد- لي ولصالح ولعبد اللَّه، وقرأ علينا المسند، وما سمعه معنا- يعني تماماً- غيرنا، وقال لنا: إن هذا الكتاب قد جمعته وانتقيته من أكثر من سبعمائة وخمسين ألفاً، فما اختلف فيه المسلمون من حديث رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه [وآله وسلّم فارجعوا إليه، فإنْ كان فيه وإلّا ليس بحجة».

قال السبكي: «قال أبو موسي ومن الدليل علي أنّ ما أودعه الإمام أحمد رحمه

اللَّه مسنده قد احتاط فيه إسناداً ومتناً، لم يورد فيه إلّاما صحَّ عنده: ما أخبرنا به أبو علي الحداد، قال: أنا أبو نعيم وأنا ابن الحصين وأنا ابن المذهّب، قال: أنا القطيعي، ثنا عبد اللَّه، قال: حدّثني أبي، ثنا محمّد بن جعفر، ثنا شعبة، عن أبي التياح، قال: سمعت أبا زرعة يحدث عن أبي هريرة، عن النبي صلّي اللَّه عليه [وآله وسلّم أنه قال: يهلك أمتي هذا الحي من قريش. قالوا: فما تأمرنا يا رسول اللَّه؟ قال: لو أنّ الناس اعتزلوهم. قال عبد اللَّه: قال أبي في مرضه الذي مات فيه: إضرب علي هذا الحديث، فإنه خلاف الأحاديث عن النبي. يعني قوله: اسمعوا وأطيعوا. وهذا مع ثقة رجال إسناده حين شذّ لفظه مع الأحاديث المشاهير أمر بالضرب عليه. فكان دليلًا علي ما قلناه» «1».

وقال شاه ولي اللَّه الدهلوي بعد ذكر طبقةٍ من الكتب: «وكاد مسند أحمد يكون من جملة هذه الطبقة، فإنّ الإمام أحمد جعله أصلًا يعرف به الصحيح والسقيم. قال: ما ليس فيه فلا تقبلوه» «2».

__________________________________________________

(1) طبقات الشافعية الكبري 2/ 31- 33.

(2) حجة اللَّه البالغة: 134.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 70

آراء العلماء في المسند: … ص: 70

وقال جماعة من أعلام الحفّاظ بصحّة أحاديث المسند كلّها، ومنهم:

الحافظ أبو موسي المديني.

وقاضي القضاة السبكي.

والحافظ أبو العلاء الهمداني.

والحافظ عبد المغيث بن زهير الحربي، وله في ذلك مصنَّف.

والحافظ ابن الجوزي عدّ المسند من دواوين الإسلام، وذكره قبل الصحيحين. وهذه عبارته في مقدمة كتابه الموضوعات:

«فمتي رأيت حديثاً خارجاً عن دواوين الإسلام كالموطّأ ومسند أحمد والصحيحين وسنن أبي دواد والترمذي ونحوها، فانظر فيه. فإنْ كان له نظير في الصحاح والحسان فرتّب أمره، وإنْ ارتبت فيه فرأيته يباين الأصول فتأمّل رجال اسناده، واعتبر أحوالهم

من كتابنا المسمّي بالضعفاء والمتروكين، فإنك تعرف وجه القدح فيه» «1».

وقاضي القضاة السبكي، في كتابه الذي ألّفه في زيارة قبر النبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم، وتعرّض فيه للردّ علي ابن تيمية، قال في البحث حول حديث: «من زار قبري وجبت له شفاعتي» بعد ذكر أنه في مسند أحمد:

«وأحمد رحمه اللَّه لم يكن يروي إلّاعن ثقة، وقد صرّح الخصم- يعني ابن تيمية- بذلك، في الكتاب الذي صنّفه في الردّ علي البكري، بعد عشر كراريس

__________________________________________________

(1) الموضوعات 1/ 99.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 71

منه، قال: إنّ القائلين بالجرح والتعديل من علماء الحديث نوعان، منهم من لم يرو إلّاعن ثقة عنده كمالك … وأحمد بن حنبل …

وقد كفانا الخصم مؤنة تبيين أن أحمد لا يروي إلّاعن ثقة.

وحينئذٍ لا يبقي له مطعن فيه» «1».

وقال الحافظ جلال الدين السيوطي: «قال شيخ الإسلام- يعني ابن حجر العسقلاني- في كتابه: تعجيل المنفعة في رجال الأربعة: ليس في المسند حديث لا أصل له إلّاثلاثة أحاديث أو أربعة، منها حديث عبد الرحمن بن عوف أنه يدخل الجنة زحفاً، قال: والاعتذار عنه أنه ممّا أمر أحمد بالضرب عليه فترك سهواً، أو ضرب وكتب من تحت الضرب».

قال السيوطي: «وقال في كتابه: تجريد زوائد مسند البزار: إذا كان الحديث في مسند أحمد لم نعزه إلي غيره من المسانيد».

قال: «وقال الهيثمي في زوائد المسند: مسند أحمد أصح صحيحاً من غيره».

قال: «وقال ابن كثير: لا يوازي مسند أحمد كتاب مسند في كثرته وحسن سياقاته … ».

قال: «وقال الحسيني في كتابه التذكرة في رجال العشرة: عدة أحاديث المسند أربعون ألفاً بالمكرر» «2».

وقال الدكتور أحمد عمر هاشم- استاذ الحديث بجامعة الأزهر- في تعليقه

__________________________________________________

(1) شفاء الاسقام في

زيارة خير الأنام 10- 11.

(2) تدريب الراوي 1/ 139.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 72

علي كتاب تدريب الراوي في هذا الموضع: «وللشيخ ابن تيميّة في ذلك كلام حسن، فقد ذكر في التوسّل والوسيلة: انه إنْ كان المراد بالموضوع ما في سنده كذّاب، فليس في المسند من ذلك شي ء، وإنْ كان المراد ما لم يقله النبي صلّي اللَّه عليه [وآله وسلّم لغلط راويه وسوء حفظه، ففي المسند والسنن من ذلك كثير».

7- توثيق عطيّة من قبل الأئمّة: … ص: 72

هذا، وبالاضافة إلي كلّ ما تقدّم … نجد في ترجمة عطّية:

وثّقه ابن سعد وقال: له أحاديث صالحة.

وقال الدوري عن ابن معين: صالح.

ووثّقه الحافظ سبط ابن الجوزي «1».

وقال الحافظ أبو بكر البزار: يعدّ في التشيع، روي عنه جلّة الناس.

وأبو حاتم وابن عدي- وإنْ ضعّفاه- قالا: يكتب حديثه.

8- طعن بعضهم في عطيّة بسبب تشيّعه: … ص: 72

ثم إنّ المستفاد من كلمات القوم بترجمة عطية: إن السّبب العمدة في تضعيفه هو تشيّعه، فعندما نراجع تهذيب التهذيب نجد:

إن الجوزجاني لم يضعّفه وإنما قال: «مائل». وعن ابن عدي: «قد روي عن جماعةٍ من الثقات، ولعطيّة عن أبي سعيد أحاديث عدّة وعن غير أبي سعيد، وهو مع ضعفه يكتب حديثه، وكان يعدّ مع شيعة أهل الكوفة». والبزار لم

__________________________________________________

(1) تذكرة خواص الأمة: 42.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 73

يضعّفه وإنما ذكر تشيّعه ونصَّ علي أنه مع ذلك فقد روي عنه جلّة الناس، والساجي قال: «ليس بحجة» ولم يذكر لقوله دليلًا إلّا: «كان يقدّم عليّاً علي الكل».

وقال ابن حجر: «قال ابن سعد: خرج عطيّة مع ابن الاشعث، فكتب الحجاج الي محمّد بن القاسم أنْ يعرضه علي سبّ علي، فإنْ لم يفعل فاضربه أربعمائة سوط واحلق لحيته، فاستدعاه فأبي أنْ يسب، فأمضي حكم الحجاج فيه، ثم خرج إلي خراسان، فلم يزل بها حتي ولي عمر بن هبيرة العراق، فقدمها فلم يزل بها إلي أنْ توفي سنة 111».

9- النظر في الطاعن وكلامه: … ص: 73

لقد ضُرب الرجل أربعمائة سوطاً وحلقت لحيته … بأمر من الحجّاج … ثم جاء من لسانه وسوط الحجاج شقيقان فقال عنه: «مائل» أو ضعّفه، أو اتّهمه … وما ذلك كلّه إلّالأنّه أبي أنْ يسبَّ عليّاً … !!

لقد عرفت في المقدمة أنّ التشيع لا يضرّ بالوثاقة، كما نصّ عليه الحافظ ابن حجر العسقلاني في (شرح البخاري)، وبني عليه في غير موضع، منها في ترجمة خالد بن مخلّد حيث قال: «أمّا التشيّع فقد قدّمنا أنّه إذا كان ثبت الأخذ والأداء لا يضرّه، لا سيّما ولم يكن داعيةً إلي رأيه» «1».

والجوزجاني الذي قال عن عطيّة «مائل»: كان ناصبيّاً منحرفاً عن علي

عليه السلام، وكان يطلق هذه الكلمة علي الرواة الشيعة … فاستمع إلي ابن

__________________________________________________

(1) مقدمة فتح الباري: 398.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 74

حجر يقول:

«خ د ت: إسماعيل بن أبان الورّاق الكوفي، أحد شيوخ البخاري ولم يكثر عنه، وثّقه النسائي، ومطين، وابن معين، والحاكم أبو أحمد، وجعفر الصائغ، والدار قطني، وقال في رواية الحاكم عنه: أثني عليه أحمد وليس بقوي.

وقال الجوزجاني: كان مائلًا عن الحق ولم يكن يكذب في الحديث. يعني:

ما عليه الكوفيون من التشيع.

قلت: الجوزجاني كان ناصبياً منحرفاً عن علي، فهو ضد الشيعي المنحرف عن عثمان. والصواب موالاتهما جميعاً، ولا ينبغي أنْ يسمع قول مبتدع في مبتدع» «1».

أقول:

فلا يسمع قول الجوزجاني في عطيّة وأمثاله إلّاناصبي منحرف عن علي!!

وأيضاً: قد عرفت- في المقدمة- تنبيه الحافظ ابن حجر علي عدم الاعتداد بالطعن بسبب الاختلاف في العقائد قائلًا: «واعلم أنه وقع من جماعةٍ الطعن في جماعةٍ بسبب اختلافهم في العقائد، فينبغي التنبّه لذلك وعدم الاعتداد به إلّا بحق» «2».

وقد ذكرنا أنّ الحافظ ابن أبي حاتم الرازي أورد إمامهم الأكبر البخاري في كتاب (الجرح والتعديل)، وأورده الحافظ الذهبي في كتاب (المغني في الضعفاء)

__________________________________________________

(1) مقدمة فتح الباري: 387.

(2) مقدمة فتح الباري: 382.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 75

لطعن جماعةٍ من الأئمة في البخاري بسبب اختلافه معهم في مسألة اللفظ، وهي من أهم المسائل في العقائد … حتي تضجّر العلّامة السبكي والعلّامة المنّاوي من فعل الحافظ الذهبي هذا!!

وممّا يؤكّد ما ذكرنا من كون الرجل من رجال الصحاح، وأنّ تضعيف بعضهم إيّاه إنما هو لأجل الاختلاف في العقائد، وأنه لا يعتدّ به: حذف الحافظ ابن حجر اسم عطيّة العوفي من ميزان الاعتدال، وعدم ذكره في (لسان الميزان)،

مشيراً إلي أنّه لا ينبغي الاصغاء إلي تكلّم الجوزجاني ومن كان علي شاكلته … في مثل عطيّة التابعي الثقة المعتمد عليه في الكتب المعوّل عليها عندهم …

10- رأي أحمد في عطّية: … ص: 75

بقي أنْ نعرف رأي أحمد في عطيّة الذي أكثر عنه في المسند:

جاء في تهذيب التهذيب عن أحمد أنه قال: «هو ضعيف الحديث. ثم قال:

بلغني أن عطيّة كان يأتي الكلبي فيسأله عن التفسير، وكان يكنّيه بأبي سعيد فيقول: قال أبو سعيد.

قال أحمد: وحدّثنا أبو أحمد الزبيري: سمعت الكلبي يقول: كنّاني عطيّة أبو سعيد».

أقول:

هنا نقاط نضعها علي الحروف، أرجو أن يتأمّلها المحقّقون المنصفون، بعد

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 76

الالتفات إلي ما ذكرناه حول- رأي أحمد في المسند- وبعد البناء علي ثبوت هذا النقل عن أحمد الذي أكثر من الرواية عن عطيّة عن أبي سعيد:

1- إنّ السبب في قوله: «ضعيف الحديث» هو ما ذكره قائلًا: «بلغني … » ثم نظرنا فإذا في الجملة اللاحقة يذكر السند الذي بلغه الخبر به وهو: «أبو أحمد الزبيري سمعت الكلبي يقول … ».

2- هذا الكلبي هو: محمّد بن السائب المفسّر المشهور، ووفاته سنة (146) «1» وقد عرفت أن عطيّة مات سنة (111) «2»، وهذا ما يجعلنا نتردّد في أصل الخبر، ففي أيّ وقت حضر عطيّة التفسير عند الكلبي؟ وأيّ مقدارٍ سمع منه؟

3- قال ابن حجر: «قال ابن حبّان- بعد أنْ حكي قصته مع الكلبي بلفظ مستغربٍ فقال: سمع من أبي سعيد أحاديث، فلمّا مات جعل يجالس الكلبي يحضر بصفّته، فإذا قال الكلبي: قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه [وآله وسلّم كذا فيحفظه، وكنّاه أبا سعيد، ويروي عنه، فإذا قيل له: من حدّثك بهذا؟ فيقول:

حدّثني أبو سعيد، فيتوهّمون أنه يريد أبا سعيد الخدري،

وانما أراد الكلبي- قال: لا يحلّ كتب حديثه إلّاعلي التعجّب».

يفيد هذا النقل:

(أ) أنّ السبب في تضعيف ابن حبّان أيضاً هو هذه القصّة …

__________________________________________________

(1)

انظر: العبر وغيره حوادث 146.

(2) وهو قول ابن سعد ومطيّن والذهبي. قال الذهبي في تاريخ الإسلام: «وقال خليفة: مات سنة 127. وهذا القول غلط».

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 77

(ب) أنّ القصة- إنْ كان لها أصل- قد زاد القوم عليها أشياء من عندهم.

(ج) أنّ هذا اللفظ مستغرب بحيث التجأ ابن حجر إلي الطعن فيه.

واعلم أنّ «الدكتور» أورد اللفظ المذكور عن ابن حبان بواسطة ابن حجر وأسقط كلمة «بلفظٍ مستغرب»!!

4- إنّ الكلبي المذكور رجل قد أجمعوا علي تركه، متّهم عندهم بالكذب والرفض، قال ابن سعد: «قالوا: ليس بذاك، في روايته ضعيف جداً» «1».

وقال الذهبي في وفيات سنة (146): «فيها: محمّد بن السائب أبو نضر الكلبي الكوفي، صاحب التفسير والأخبار والأنساب، أجمعوا علي تركه، وقد اتهم بالكذب والرفض. قال ابن عدي: ليس لأحدٍ أطول من تفسيره» «2».

وفي طبقات المفسّرين: «محمّد بن السائب بن بشر الكلبي، أبو النضر الكوفي النسابة المفسر، روي عن: الشعبي وجماعة. وعنه: ابنه، وأبو معاوية، ويزيد، ويعلي بن عبيد، وخلف. متهم بالكذب، ورمي بالرفض. قال البخاري: تركه القطّان وابن مهدي. قال مطيّن: مات سنة (146).

أخرج له: أبو داود في المراسيل، والترمذي وابن ماجة في التفسير.

وله تفسير مشهور، وتفسير الآي الذي نزل في أقوامٍ بأعيانهم، وناسخ القرآن ومنسوخه» «3».

__________________________________________________

(1) تهذيب التهذيب 9/ 159.

(2) العبر 1/ 158.

(3) طبقات المفسرين 2/ 149.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 78

فأقول:

إذا كان هذا الرجل مجمعاً علي تركه ومتّهماً بالكذب والرفض، فكيف روي عنه الجماعة وحتي بعض أصحاب الصحاح؟!

الواقع: إنهم كانوا يعتمدون عليه في التفسير،

فقد ذكر ابن حجر عن ابن عدي: «حدّث عنه ثقات من الناس ورضوه في التفسير» ولذا روي عنه الترمذي وابن ماجة في التفسير كما عرفت، ولم يكونوا يعتمدون عليه في الحديث، كما عرفت من عبارة ابن سعد حيث قال: «في روايته ضعيف جداً»، بل إنّ مثل عطيّة الذي لازم جماعةً من كبار الصحابة وروي عنهم في غنيً عن الرواية عن الكلبي.

لكنّهم حيث كانوا يأخذون منه التفسير كانوا يحاولون التستّر علي ذلك …

لأنّه كان يفسّر الآي ويذكر الأقوام الذين نزلت فيهم بأعيانهم- ولعلّه لذا رمي بالكذب والرفض- وكذلك كان عطيّة، فإنّه كان يكنّيه لئلّا يعرف الرجل فتلاحقه السلطات، لا لغرض التدليس والتلبيس …

ويشهد بذلك كلام قاضي القضاة ابن خلكان بترجمة الكلبي: «روي عنه سفيان الثوري ومحمّد بن اسحاق، وكانا يقولان: حدّثنا أبو النصر، حتي لا يعرف» «1». فلو كان ما يفعله عطيّة مضراً بوثاقته لتوجّه ذلك بالنسبة إلي سفيان وابن إسحاق …

بل لَتَوَجّه الطعن في البخاري وكتابه المشهور بالصحيح، فإنّه كان يروي عن «محمّد بن يحيي الذهلي» - الذي طرد البخاري من نيسابور، وكتب إلي

__________________________________________________

(1) وفيات الأعيان 3/ 436.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 79

الري ضدّه، فترك أئمة القوم في الري الحضور عنده والسماع منه- فقد جاء بترجمة الذهلي: «أن البخاري يروي عنه ويدلّسه كثيراً، لا يقول: (محمّد بن يحيي بل يقول: (محمّد) فقط، أو (محمّد بن خالد) أو (محمّد بن عبد اللَّه) ينسبه إلي الجد ويعمّي اسمه، لمكان الواقع بينهما» «1».

فهذا واقع الحال في رواية عطيّة عن الكلبي إن ثبت أصل القضية.

ويؤكّد ما ذكرنا توثيق ابن سعد وابن معين وغيرهما عطيّة، وروايتهم عنه، فلو كان صنيع عطيّة مضراً بوثاقته لما وثّقوه ولا

رووا عنه.

ولا سيّما أحمد وأرباب الصحاح … ويحيي بن معين الذي روي عنه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود وسائر الأئمة، وقد وصفوه بإمام الجرح والتعديل وجعلوه المرجع إليه في معرفة الصحيح والسقيم، وربّما قدّموا رأيه علي رأي البخاري في الرجال …

الكلمة الأخيرة: … ص: 79

وأخيراً … لو كان أحمد يري ضعف حديث عطيّة، فلماذا روي عنه بكثرة في المسند الذي عرفت رأيه فيه؟

لقد تنبّه «الدكتور» إلي هذا الاعتراض فانبري للجواب عنه، وقال:

«وقد يقال هنا: إذا كان الامام أحمد يري ضعف حديث عطيّة فلماذا روي عنه؟ والجواب: ان الإمام أحمد إنما روي في مسنده ما اشتهر، ولم يقصد

__________________________________________________

(1) سير أعلام النبلاء 12/ 275.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 80

الصحيح ولا السقيم. ويدل علي ذلك انّ ابنه عبد اللَّه قال: قلت لأبي: ما تقول في حديث ربعي بن خراش عن حذيفة؟ قال: الذي يرويه عبد العزيز بن أبي رواد؟ قلت: نعم. قال: الأحاديث بخلافه. قلت: فقد ذكرته في المسند؟! قال:

قصدت في المسند المشهور، فلو أردت أن أقصد ما صحّ عندي لم أرو من هذا المسند إلّاالشي ء بعد الشي ء اليسير. وقد طعن الامام أحمد في أحاديث كثيرة في المسند، وردَّ كثيراً ممّا روي ولم يقل به، ولم يجعله مذهباً له.

وعندما عدّ ابن الجوزي من الأحاديث الموضوعة أحاديث أخرجها الإمام أحمد في مسنده، وثار عليه من ثار، ألّف ابن حجر العسقلاني كتابه (القول المسدّد في الذبّ عن المسند). فذكر الأحاديث التي أوردها ابن الجوزي، ثم أجاب عنها، وممّا قال: الأحاديث التي ذكرها ليس فيها شي ء من أحاديث الاحكام في الحلال والحرام. والتساهل في ايرادها مع ترك البيان بحالها شائع. وقد ثبت عن الامام أحمد وغيره من الأئمة أنهم قالوا: إذا

روينا في الحلال والحرام شددنا، وإذا روينا في الفضائل ونحوه تساهلنا. وهكذا حال هذه الأحاديث.

وما ذكره ابن حجر ينطبق علي الأحاديث التي رويت عن عطيّة في المسند».

نقول:

هذه عبارة «الدكتور» كما هي بلا زيادةٍ ولا نقصان.

والمهمّ فيها هو الجواب عن السؤال … والجواب هو قوله:

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 81

«ما ذكره ابن حجر ينطبق علي الأحاديث التي رويت عن عطيّة في المسند».

أي: إن أحمد يري ضعف حديث عطيّة، لكنّه روي أحاديث آية التطهير في الخمسة وفضائل أهل البيت والتمسّك بالعترة عن عطيّة وأمثاله لتساهله في الفضائل.

لكن هذا الجواب غير مسموع، ولو كلّف «الدكتور» نفسه وراجع روايات أحمد عن عطيّة عن أبي سعيد الخدري فقط، لوجد فيها الفضائل، والأحكام في الحلال والحرام، والتفسير، والمواعظ …

وبتعبير آخر: إنّ هذا الجواب من «الدكتور» يؤكّد الأدلّة التي أقمناها علي وثاقة عطية عند أحمد وغيره من الأئمة، والبيان الذي ذكرناه لقصّة روايته علي الكلبي- إنْ صحّت- … لأنّ المفروض أنه «قد ثبت عن الإمام أحمد وغيره من الأئمة أنهم قالوا: إذا روينا في الحلال والحرام شددنا، وإذا روينا في الفضائل ونحوها تساهلنا» هذا هو المفروض … وقد وجدنا أحمد يروي عن عطيّة الحلال والحرام …

فهل «الدكتور» يجهل هذا؟ أو يتجاهله؟!

نعم … إن أحمد كما روي حديث نزول آية التطهير في الخمسة، وحديث التمسك بالعترة عن عطيّة عن أبي سعيد الخدري … وهما من أحاديث الفضائل، كذلك روي عن عطيّة عن أبي سعيد الخدري … من أحاديث الحلال والحرام بكثرة …

ففي نظرةٍ سريعة في الجزء الثالث، في مسند أبي سعيد الخدري، الذي يبدأ

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 82

من الصفحة (2) وينتهي في صفحة (98)، نجد روايته

عنه في الصفحات: 7، 9، 10، 13، 14، 17، 20، 21، 22، 27، 31، 32، 38، 39، 40، 42، 43، 45، 54، 55، 65، 73، 74، 80، 83، 89، 93، 97، 98 …

فمثلًا في الصفحة (43) روي عنه حديثاً في حكم الأضحية.

وفي الصفحة (45) حديثاً في أن الجنين ذكاته ذكاة أُمّه.

وفي الصفحة (54) و (73) في حكم غسل الجنابة …

وهكذا …

هذا في رواياته عن عطيّة عن أبي سعيد الخدري … ولو وجدنا متّسعاً لعددنا روايات أحمد عن عطيّة عن غير أبي سعيد من الصحابة، لا سيّما ما كان منها في الاحكام والحلال والحرام.. إلّاأن في ما ذكرنا غنيً وكفاية.

فإذا ثبتت وثاقة «عطيّة» علي ضوء كلمات القوم … وكان الخبر «من الأخبار التي تبيّن أن الآية الكريمة تعني هؤلاء» باعتراف الدكتور … كان الحديث دليلًا تامّاً للقول باختصاص الآية بالخمسة الأطهار، والحمد للَّه رب العالمين.

موقف الدكتور من قول عكرمة: … ص: 82

ثم قال الدكتور بالنسبة إلي ما حكاه الطبري عن عكرمة:

«أمّا الخبر الأخير فذكر أيضاً عن عكرمة عن ابن عباس. وقال عكرمة:

من شاء باهلته أنها نزلت في شأن نساء النبي صلّي اللَّه عليه [وآله وسلّم. فإن كان المراد أنهنَّ رضي اللَّه تعالي عنهنّ كنّ سبب النزول دون غيرهن، فهذا

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 83

يتّفق مع ما ذهب إليه كثير من المفسرين، ولا عبرة بمعارضة رواية عطيّة. وإنْ اريد أنهن المراد فقط دون غيرهنّ، فهذا معارض بكثير من الأخبار. ولذلك فالخبر لا يقبل إلّاعلي الوجه الأول».

أقول:

هنا ملاحظات:

أولًا: إن هذه العبارة التي ذكرها: «فإنْ كان المراد … » هي من كلام ابن كثير في تفسيره، وقد كان الأولي له أن ينسب الكلام الي قائله!

وثانياً: إنّه ناقش في وثاقة «عطيّة» وأطنب، فكان

من الحق أنْ يذكر النقاش في «عكرمة» ولو مع الدفاع عنه والردّ علي ما قيل فيه …

وقد عرفت أن هذا الرجل لا يجوّز الاعتماد عليه إلّامن كان علي شاكلته.

وثالثاً: إن هذاالذي حكي في تفسيرالطبري عن «عكرمة» إنّما هو قول من عنده، وليس راوياًله عن ابن عباس أوغيره! … وقد تقدّم نصّ عبارة الطبري.

الحديث الثاني وكلام الدكتور حوله: … ص: 83

قال: «وأخبار الطبري الأُخري منها: ما رواه عن أُمّ المؤمنين عائشة رضي اللَّه عنها قالت: خرج النبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم ذات غداة وعليه مرط مرجّل من شعر أسود، فجاء الحسن فأدخله معه. ثم قال: «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

و هذا الخبر يقتصر علي الحسن، ولكنه- بلا شك- لا يمنع كون غيره من أهل

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 84

البيت. و روي الامام مسلم عنها روايةً مماثلةً و فيها دخول باقي الخمسة الأطهار».

أقول:

وهنا ملاحظات:

1- لقد أسقط الدكتور من هذا الخبر جملة: «ثم جاء علي فأدخله معه».

2- إنه لم يناقش في سنده، فهو يعترف بصحته.

3- إن هذا الخبر الصحيح سنداً والواضح دلالةً- لا سيّما بقرينة رواية مسلم- بيانٌ تام من رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم للمراد من «أهل البيت» في «آية التطهير» وعلي المسلمين قاطبةً التسليم بما جاء به النبي والانقياد له.

الحديث الثالث وكلام الدكتور حوله: … ص: 84

قال: «وروي الطبري عن أنس: إن النبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم كان يمرّ ببيت فاطمة ستة أشهر كلّما خرج الي الصلاة، فيقول: الصّلاة أهل البيت «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

وهذا الحديث الشريف كذلك، لا يمنع شمول الآية لغير من ذكر».

أقول:

هنا ملاحظات:

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 85

أولًا: حديث مروره صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم ببيت فاطمة كلّما خرج إلي الصلاة، وخطابه أهل البيت بالآية المباركة … رواه عدّة من الصحابة، منهم:

1- أُمّ سلمة.

2- أبو سعيد الخدري.

3- عبد اللَّه بن عباس.

4- أبو الحمراء- خادم رسول اللَّه-.

5- أبو برزة.

6- معقل بن يسار.

وثانياً: عدم مناقشة الدكتور في سند حديث الطبري يدل علي قبوله له.

وثالثاً: إنّ هذا

الحديث يمنع شمول الآية لغير أهل البيت الذين خاطبهم مدّة ستة أشهر فيما رواه أنسٌ، أو تسعة أشهر، أو بعد كل فريضة، فيما رواه غيره …

فإنّ فعله هذا والتزامه به يؤكّد ما فعله من قبل في حديث الكساء، حيث لم يأذن لغيرهم بالدخول تحته … في ما رواه كبار الأئمّة والحفّاظ كما رأيت.

الحديث الرابع والعاشر: … ص: 85

قال الدكتور: «وروي عدّة روايات عن أُمّ المؤمنين أُمّ سلمة- رضي اللَّه عنها- قالت: «كان النبيّ صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم عندي، وعلي وفاطمة والحسن والحسين، فجعلت لهم خزيرة، فأكلوا وناموا، وغطّي عليهم عباءة أو قطيفةً ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي، أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.

وفي رواية اخري أنه صلّي اللَّه عليه [وآله وسلّم أجلسهم علي كساء، ثم

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 86

أخذ بأطرافه الأربعة بشماله، فضمه فوق رؤوسهم، وأومأ بيده اليمني إلي ربه فقال: هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.

وهاتان الروايتان تتّفقان مع رواية الامام مسلم عن أُمّ المؤمنين عائشة في دخول الخمسة في الآية. ولكنّ هذا لا يحتّم عدم دخول غيرهم».

أقول:

وهنا ملاحظات:

الأُولي إنه لم يناقش في سند الحديثين.

والثانية: إنه أورد الحديث الأول بلفظه الكامل. أمّا الحديث الثاني فقد نقصه ولم يذكر منه مورد الحاجة! والحديث هو:

«عن أبي هريرة، عن أُمّ سلمة، قالت: جاءت فاطمة إلي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم ببرمة لها قد صنعت فيها عصيدةً تحلّها علي طبق، فوضعته بين يديه فقال: أين ابن عمّك وابناك؟ فقالت: في البيت. فقال: أدعيهم. فجاءت إلي علي فقالت: أجب النبي صلّي اللَّه عليه [وآله وسلّم أنت وابناك. قالت أُمّ سلمة: فلمّا رآهم مقبلين مدّ يده إلي كساءٍ كان علي المنامة، فمدّه وبسطه وأجلسهم عليه،

ثم أخذ بأطراف الكساء الأربعة بشماله فضمّه فوق رؤوسهم، وأومأ بيده اليمني إلي ربّه فقال: هؤلاء أهل البيت، فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً».

والثالثة: إن قوله: «ولكنّ هذا لا يحتّم عدم دخول غيرهم» مردود بما جاء في نص الحديث العاشر، فالنبيّ صلّي اللَّه عليه [وآله وسلّم أمر فاطمة

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 87

باحضار علي وابنيه، وأجلسهم علي الكساء … ولم يقل لأمّ سلمة- الحاضرة في الدار- شيئاً، كما أنها لم تطلب الجلوس علي الكساء معهم أصلًا …

فظهر السبب في عدم إيراد «الدكتور» الحديث بكامله!!

الحديثان الخامس والسادس: … ص: 87

أغفلهما «الدكتور»!!

وقد اشتهر عن أبي الحمراء حديث مرور النبي بباب فاطمة عليها السلام وقوله: «الصلاة، الصلاة «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»»، فقد رواه عنه الأئمة بأسانيد متكاثرة، فكان من الأحاديث الثابتة القطعيّة.

فلماذا الإغفال من «الدكتور»؟!

الحديثان السابع والثامن: … ص: 87

قال الدكتور: «وذكر الطبري روايتين عن واثلة بن الأسقع تتفقان مع الروايات الثلاث السابقة، وتدخلانه هو مع أهل البيت … » فذكر الحديثين.

أقول:

إنّه يذكر هذين الحديثين في حين لا يذكر المتن الكامل للحديث العاشر! ويغفل حديث المرور ببيت فاطمة عن أبي الحمراء!

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 88

إنّه ليس في هذين الحديثين ما يدلّ علي دخول واثلة مع «أهل البيت»!

إن النبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم انما ألقي الكساء علي الخمسة فقط وبيّن أنهم المراد من «أهل البيت» في الآية المباركة … كلّ ذلك في حضور غير هؤلاء الخمسة … يقول واثلة: قلت: يا رسول اللَّه، وأنا؟ قال: وأنت. وفي الأُخري

فقلت من ناحية البيت: وأنا يا رسول اللَّه من أهلك؟ قال: وأنت من أهلي …

فهو- بحسب هذا الحديث- من أهل النبي، ولكنْ ليس من «أهل البيت» في «آية التطهير» ولو كان هو- أو غيره- منهم لأدخله من أوّل الأمر.

هذا مفاد هذا الحديث … وهكذا فهِم الأئمة الأعلام- كالطحاوي- منها، وسنورد عبارته …

وأمّا بحسب ما أخرجه الحاكم في المستدرك- وصحّحه علي شرط مسلم- عن واثلة بن الأسقع، فليس في لفظه: «فقلت: يا رسول اللَّه … » وهذا شاهد آخر علي عدم دخول واثلة في «أهل البيت» بالمعني المقصود منه في «آية التطهير».

الحديثان التاسع والحادي عشر وكلام الدكتور حولهما: … ص: 88

وذكر «الدكتور» الحديثين التاسع والحادي عشر الصريحين في عدم دخول الزوجات.

فقال: «ينتهي الاسناد إلي عطيّة عن أبي سعيد عن أُمّ سلمة. وقد بيّنت ضعف عطيّة ورواياته عن أبي سعيد».

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 89

أقول:

قد بينّت ما في كلامه بالتفصيل … فالسند معتبر علي ضوء ما ذكرنا والدلالة واضحة، فالبيان تام.

الحديث الثاني عشر وكلام الدكتور حوله: … ص: 89

اشارة

وذكر «الدكتور» الحديث الثاني عشر الصريح كذلك في عدم دخول الزوجات، فتكلّم فيه لاشتمال السند علي رجلين:

1- خالد بن مخلّد. قال: «وهو متكلّم فيه، وثّقه عثمان بن أبي شيبة وابن حبان والعجلي، وقال ابن معين وابن عدي: لا بأس به. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه. وقال الآجري عن أبي داود: صدوق ولكنه يتشيّع. وقال عبد اللَّه بن أحمد عن أبيه: له أحاديث مناكير. وقال ابن سعد: كان متشيّعاً منكر الحديث في التشيع مفرطاً، وكتبوا عنه للضرورة. وقال صالح بن محمّد جزرة: ثقة في الحديث إلّاأنه كان متّهماً بالغلو. وقال الجوزجاني: كان شتّاماً معلناً لسوء مذهبه. وقال الأعين: قلت له: عندك أحاديث في مناقب الصحابة؟ قال: قل في المثالب أو المثاقب- يعني بالمثلّثة لا بالنون- وحكي أبو الوليد الباجي في رجال البخاري عن أبي حاتم أنه قال: لخالد بن مخلّد أحاديث مناكير ويكتب حديثه. وقال الازدي: في حديثه بعض المناكير وهو عندنا في عداد أهل الصدق. وذكره الساجي والعقيلي في الضعفاء.

من هنا نري أن ما يرويه خالد بن مخلّد متّصلًا بمذهبه الشيعي لا يحتج به.

وقد يقال: كيف لا يحتج به وهو من شيوخ البخاري؟ فأقول: من الثابت أن

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 90

له مناكير- كما قال الامام أحمد بن حنبل وغيره- والامام البخاري يعرف متي يكتب ومتي يترك. ولذا

جاء في كتاب (توجيه النظر إلي أصول الأثر) لطاهر ابن صالح بن أحمد الجزائري الدمشقي (ص 103) في الحديث عن خالد بن مخلّد: «أما المناكير فقد تتبّعها أبو أحمد بن عدي من حديثه وأوردها في كامله، وليس فيها شي ء مما أخرجه له البخاري، بل لم أر له عنده من أفراده سوي حديث واحد، وهو حديث أبي هريرة: من عادي لي وليّاً. الحديث».

2- موسي بن يعقوب. قال: «وهو متكلم فيه أيضاً، وثّقه ابن معين وابن حبان وابن القطّان، وقال الآجري عن أبي داود: هو صالح، وقال ابن عدي: لا بأس به عندي ولا برواياته. وقال علي ابن المديني: ضعيف الحديث منكر الحديث. وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال أحمد: لا يعجبني».

ترجمة خالد بن مخلَّد: … ص: 90

أقول: ان «خالد بن مخلَّد» متكلَّم فيه كما قال، ولكن إذا كان المقصود الاعتماد علي من لم يتكلَّم فيه أصلًا فحسب، فلا يوجد في الأئمة والرواة من لم يتكلَّم فيه … حتّي البخاري ومسلم … هذا أوّلًا.

وثانياً: إنَّه قد تقرر عند القوم عدم الاعتناء بالقدح المستند إلي الاختلاف في الاعتقاد. وقد قدّمنا عبارة الحافظ ابن حجر في المقدمة، فلاحظ.

وثالثاً: انه ليس القدح في «خالد بن مخلَّد» إلّالتشيعه، نصّ علي ذلك الحافظ ابن حجر حيث قال: «خ م ت س ق «1» - خالد بن مخلَّد القطواني

__________________________________________________

(1) هذه الرموز «خ» البخاري، «م» مسلم، «ت» للترمذي، «س» للنسائي، «ق» لابن ماجة القزويني.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 91

الكوفي، أبو الهيثم، من كبار شيوخ البخاري. روي عنه وروي عن واحدٍ عنه.

قال العجلي: ثقة وفيه تشيع. وقال ابن سعد: كان متشيعاً مفرطاً. وقال صالح جزرة: ثقة إلّاأنه يتشيّع. وقال ابو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به.

قلت: أما

التشيع فقد قدمنا أنّه- إذا كان ثبت الأخذ والأداء- لا يضره سيّما ولم يكن داعيةً الي رأيه» «1».

أقول:

فالرجل من كبار شيوخ البخاري …

ومن قال: «في حديثه بعض المناكير» فقد نصّ في نفس الوقت علي أنه «صدوق» … ومن هنا يظهر أن رواية المناكير لا تضرّ … ثم من الذي خلصت جميع رواياته عن رواية منكرة؟!

علي أنّ هذا الحديث ليس من المناكير قطعاً.

رابعاً: الكلام الذي نقله عن (توجيه النظر إلي أصول الأثر) هو للحافظ ابن حجر، فإنه قال بعد: «أما التشيّع … » في العبارة التي نقلناها عنه: «وأمّا المناكير فقد تتبّعها أبو أحمد ابن عدي من حديثه وأوردها في كامله وليس فيها شي ء ممّا أخرجه له البخاري، بل لم أر له عنده من افراده سوي حديث واحد وهو حديث أبي هريرة: من عادي لي ولياً. الحديث. وروي له الباقون سوي أبي داود».

__________________________________________________

(1) مقدمة فتح الباري في شرح البخاري: 398. وقد أوردنا هذا في مقدمة الكتاب أيضاً.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 92

وإنْ شئت فراجع كتاب (اصول النظر) فقد جاء (في ص 100) ما نصّه:

«وقد أتبع الحافظ ابن حجر هذا الفصل بفصلٍ آخر يناسبه، قال في أوّله:

الفصل التاسع: في سياق أسماء من طعن فيه من رجال هذا الكتاب (يعني البخاري) مرتّباً لهم علي حروف المعجم، والجواب عن الاعتراضات موضعاً موضعاً … » ثمّ قال الجزائري (ص 101): «وقد أحببت أنْ أُورد من هذا الفصل شيئاً ليقف المطالع علي مسلكهم في البحث عن حال الرجال، الذي هو من أهمّ المباحث عند أهل الأثر … » إلي أن قال (ص 103): «حرف الخاء (خ م ت س ق): خالد بن مخلّد القطواني الكوفي، أبو الهيثم، من

كبار شيوخ البخاري … قلت: أمّا التشيّع، فقد قدّمنا … وأمّا المناكير، فقد تتبّعها أبو أحمد ابن عدي … وروي له الباقون سوي أبي داود».

لكن الدكتور نسب الكلام الي الجزائري ليتسنّي له- بزعمه- إسقاط صدر الكلام «وأما التشيع … » وذيله: «وروي له الباقون سوي أبي داود». فحيّا اللَّه العلم والتحقيق والأمانة!.

ترجمة موسي بن يعقوب: … ص: 92

وأما موسي بن يعقوب فقد راجعنا ترجمته في (تهذيب التهذيب) «1» كما أمر «الدكتور» فوجدناه:

1- من رجال البخاري في (الأدب المفرد) وهذا الكتاب- وإنْ لم يلتزم فيه بالصحَّة- لكنه من البعيد جداً أن يروي فيه عمّن لم يثبت عنده صدقه.

__________________________________________________

(1)

تهذيب التهذيب 10/ 337.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 93

2- من رجال الكتب الأربعة … وهي من الصحاح الستّة.

3- وثّقه: يحيي بن معين، والقطان، وابن حبان.

4- قال أبو داود: صالح. وقال ابن عدي: لا بأس به عندي ولا برواياته.

أقول:

وهذا القدر كافٍ لأن نحتج بروايته … إذ العمدة صدقه ووثاقته عندهم، والقدح فيه إنما كان من ناحية حفظه. ولذا قال ابن حجر الحافظ نفسه:

«صدوق سيّئ الحفظ» «1».

الحديث الثالث عشر وكلام الدكتور حوله: … ص: 93

اشارة

وأورد الحديث الثالث عشر- الصريح كذلك في عدم دخول الزوجات- وتكلّم في سنده لاشتماله علي:

1- عبد الرحمن بن صالح. فقال: «هو من شيعة الكوفة ومتكلّم فيه: وثّقه أبو حاتم وابن حبان وغيرهما. وقال موسي بن هارون: كان ثقة وكان يحدّث بمثالب أزواج رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم. وقال الآجري عن أبي داود: لم أر أن أكتب عنه، وضع كتاب مثالب في أصحاب رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم وقال: وذكره مرّةً أُخري فقال: كان رجل سوء. وقال ابن عدي: معروف مشهور في الكوفيين، لم يذكر بالضعف في الحديث ولا اتّهم إلّا

__________________________________________________

(1) تقريب التهذيب 2/ 289.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 94

أنه محترق فيما كان فيه من التشيّع».

2- محمّد بن سليمان الأصبهاني. قال: «ذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو حاتم: لا بأس به يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال ابن عدي: مضطرب الحديث قليل الحديث، ومقدار ما له قد أخطأ في غير شي ء

منه. وضعّفه النسائي».

ترجمة عبد الرحمن بن صالح: … ص: 94

أقول:

أمر «الدكتور» بالرجوع إلي «تهذيب التهذيب» «1» ونحن نري ذكر العبارة كاملةً لنعرف الرجل معرفةً تامةً «2»، قال:

«وعنه: إبراهيم بن إسحاق الجزري، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وعباس الدوري، وعبد اللَّه بن أحمد الدورقي، وعثمان بن خرزاذ، ومحمّد بن غالب تمتام، ويعقوب بن سفيان، وأبو قلابة الرقاشي، وأحمد بن علي البربهاري، وأبو بكر ابن أبي خيثمة، وابراهيم بن فهد، وعبد اللَّه بن أحمد بن حنبل، وأبو يعلي أحمد ابن علي بن المثني وآخرون.

قال يعقوب بن يوسف المطوعي: كان عبد الرحمن بن صالح رافضيّاً يغشي أحمد بن حنبل فيقرّبه ويدنيه فقيل له فيه، فقال: سبحان اللَّه رجل أحب قوماً من أهل بيت النبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم وهو ثقة. وقال سهل بن علي

__________________________________________________

(1) تهذيب التهذيب 6/ 178، تهذيب الكمال 17/ 177.

(2) ولنعرف «الدكتور» ونقدّر سعيه في العلم والتحقيق!

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 95

الدوري: سمعت يحيي بن معين يقول: [يقدم عليكم رجل من أهل الكوفة يقال له عبد الرحمن بن صالح، ثقة صدوق شيعي لأنْ يخرّ من السماء أحب إليه من أن يكذب في نصف حرف. وقال محمّد بن موسي البربري: رأيت يحيي بن معين جالساً في دهليزه غير مرة يكتب عنه. وقال الحسين بن محمّد بن الفهم:

قال خلف بن سالم لابن معين: نمضي إلي عبد الرحمن بن صالح؟ فزجره وقال:

عنده سبعون حديثاً ما سمعت منها شيئاً. وقال ابن محرز عن ابن معين: لا بأس به. وقال أبو حاتم: صدوق. وقال موسي بن هارون: كان ثقةً وكان يحدّث بمثالب أزواج رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم وأصحابه. وقال في موضع آخر: خرقت عامة ما سمعت منه. وقال أبو القاسم

البغوي: سمعته يقول: أفضل هذه الأمّة بعد نبيّها أبو بكر وعمر. وقال عبد المؤمن بن خلف عن صالح بن محمّد: كوفي إلّاأنه كان يقرض عثمان. وقال علي بن محمّد بن حبيب عن صالح ابن محمّد: صدوق. وقال الآجري عن أبي داود: لم أر أنْ اكتب عنه، وضع كتاب مثالب في أصحاب رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم. قال: وذكره مرة اخري فقال: كان رجل سوء. وذكره ابن حبّان في الثقات. وقال ابن عدي:

معروف مشهور في الكوفيين لم يذكر بالضعف في الحديث ولا اتّهم فيه إلّاأنه محترق فيما كان فيه من التشيع. وقال الحضرمي وغيره: مات سنة 235».

هذه هي الكلمات في حقّ هذا الرجل، وفيها:

1- «كان يغشي أحمد بن حنبل فيقرّبه ويدنيه، فقيل له فيه، فقال: سبحان اللَّه، رجل أحب قوماً من أهل بيت النبي وهو ثقة» فأحمد كان مع علمه بعقيدة الرجل «يقرّبه ويدنيه» ويجيب عما قيل فيه ويدافع عنه.

و «الدكتور» لم ينقل هذا أصلًا.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 96

كما أن ابن حجر- أو الطابع لكتابه- حرّف كلام أحمد، إذ العبارة هي:

«سبحان اللَّه، رجل أحب قوماً من أهل بيت النبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم نقول له لا تحبّهم؟! هو ثقة» «1».

2- شهادة يحيي بن معين بثقته وصدقه وأنه «لأنْ يخرّ من السماء أحبّ إليه من أن يكذب في نصف حرف» و «يحيي بن معين» هو هو في الجرح والتعديل عندهم.

وهذا أيضاً أسقطه «الدكتور»!

3- شهادة أبي حاتم بصدقه.

وهذا أيضاً أسقطه «الدكتور».

وقال الحافظ الذهبي عن أبي حاتم: أنّه «إذا وثّق رجلًا فتمسّك بقولهِ، فإنّه لا يوثّق إلّارجلًا صحيح الحديث» «2».

4- توثيقات الآخرين.

5- وأنّ السبب في تكلّم البعض فيه هو «التشيّع» وأنه «كان

يحدّث بمثالب الأزواج والأصحاب». وقد عرفنا أنّ هذا لا يوجب الطرح، لا سيّما وقد علمنا أنّه «لا يكذب في نصف حرف».

6- ولما ذكرنا قال الحافظ بترجمته: «صدوق، يتشيّع» «3».

__________________________________________________

(1) تهذيب الكمال 17/ 180.

(2) سير أعلام النبلاء 13/ 247.

(3) تقريب التهذيب 1/ 484.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 97

ترجمة محمّد بن سليمان الأصبهاني: … ص: 97

و «محمّد بن سليمان بن الأصبهاني» من رجال هذا الحديث عند الترمذي في صحيحه، كما في الاحاديث المتقدّمة عنه.

وهو من رجال النسائي وابن ماجة، كما في (تهذيب التهذيب) «1» وغيره.

ولم يرمَ بشي ءٍ إلّاالاضطراب والخطأ في الحديث، ولذا قال الحافظ ابن حجر: «صدوق، يخطئ» «2».

فالرجل صادق … باعتراف الأئمة الأعلام ورواياتهم عنه بلاكلام.

الحديث الرابع عشر وإغفال الدكتور إيّاه! … ص: 97

وأغفل الدكتور الحديث عن الامام علي زين العابدين عليه السلام الذي هو نصٌّ في أن «أهل البيت» في «آية التطهير» «هم» فقط.

وإغفاله إياه دليلٌ علي صحّة سنده عنده أيضاً!!

الحديث الخامس عشر وإغفال الدكتور إيّاه! … ص: 97

وهو الحديث الصحيح عن سعد بن أبي وقاص … وقد أوضحنا صحته سنداً في السابق … ودلالته واضحة جداً …

فكان من اللازم أنْ يغفله «الدكتور»!!

__________________________________________________

(1) تهذيب التهذيب 9/ 178.

(2) تقريب التهذيب 2/ 166.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 98

الحديث السادس عشر وكلام الدكتور حوله: … ص: 98

اشارة

وأورد الحديث السادس عشر- الصريح في عدم دخول الزوجات- وتكلّم فيه من ناحية السند فقط، لاشتماله علي «عبد اللَّه بن عبد القدوس».

قال: «وهو شيعي متكلَّم فيه، حكي عن محمّد بن عيسي أنه قال: هو ثقة، وقال البخاري: هو في الأصل صدوق إلّاأنه يروي عن أقوام ضعاف، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ربما اغرب. وقال عبد اللَّه بن أحمد: سألت ابن معين عنه فقال: ليس بشي ء، رافضي خبيث. وقال محمّد بن مهران الجمال: لم يكن بشي ء كان يسخر منه يشبه المجنون، يصيح الصبيان في أثره. وقال أبو داود:

ضعيف الحديث كان يرمي بالرفض، قال: وبلغني عن يحيي أنه قال: ليس بشي ء.

وقال أبوأحمد الحاكم: في حديثه بعض المناكير. وضعّفه النسائي والدار قطني».

ترجمة عبد اللَّه بن عبد القدّوس «1»: … ص: 98

أقول:

أوّلًا: الرجل من رجال البخاري في التعاليق … وهل من دأب البخاري الرواية عن الكاذبين في التعاليق؟!

وثانياً: الرجل من رجال صحيح الترمذي.

وثالثاً: تصريح البخاري بكونه صدوقاً يكفي في الاحتجاج به … مضافاً إلي توثيق ابن حبّان وغيره.

__________________________________________________

(1) تهذيب التهذيب 5/ 265.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 99

ورابعاً: كونه رافضياً لا يضرّ وإلّا لم يحكم البخاري بصدقه … وكذا غير ذلك مما في بعض الكلمات.

وخامساً: ولِما ذكرنا حكم الحافظ بصدقه فقال: «صدوق، رمي بالرفض، وكان أيضاً يخطئ» «1».

نتيجة البحث عن الروايات: … ص: 99

قد عرفنا- إلي الآن- أنَّ حديث اختصاص «آية التطهير» ب «الخمسة الأطهار» مخرَّج في الصحاح، كصحيح مسلم، وصحيح الترمذي، وصحيح ابن حبّان، والخصائص للنسائي، وفي المسانيد، كمسند أحمد بن حنبل، وفي المستدرك علي الصحيحين وتلخيصه للذهبي، وفي كتب الحديث المشهورة والتفاسير المعتبرة …

وعرفنا أنّ غير واحدٍ من الأئمة الأعلام ينصّون علي صحّته، …

لكنّ «الدكتور» أغفل كلّ ذلك …

واقتصر «الدكتور» علي روايات الطبري- مع إغفال بعضها كذلك- وقد عرفنا اندفاع مناقشاته في أسانيدها …

لقد أقمنا الحجّة التامّة للقول باختصاص الآية بالخمسة الطاهرة.

ولم يكن هناك أيّ دليلٍ علي ما يخالف هذا القول، إلّاما حكي عن «عِكرمة» وأضرابه الّذين عرفناهم.

__________________________________________________

(1) تقريب التهذيب 1/ 430.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 100

مَن قال من الأئمة باختصاص الآية بالخمسة … ص: 100

اشارة

ومن هنا نري أنّ جماعةً من الأئمة يصرّحون باختصاص الآية المباركة بالخمسة الطاهرة … منهم: الإمام الحافظ ابن حبان صاحب الصحيح، ومنهم:

الإمام الحافظ الكبير أبو جعفر الطحاوي «1»، وهذه عبارته:

__________________________________________________

(1) أبو جعفر أحمد بن محمّد بن سلامة المصري الحنفي- المتوفّي سنة 321- توجد ترجمته مع الثناء البالغ في: طبقات أبي إسحاق الشيرازي: 142، والمنتظم 6/ 250، ووفيات الأعيان 1/ 71، وتذكرة الحفّاظ 3/ 808، والجواهر المضيّة في طبقات الحنفية 1/ 102، وغاية النهاية في طبقات القرّاء 1/ 116، وحسن المحاضرة وطبقات الحفّاظ: 337، وغيرها.

وقد عنونه الحافظ الذهبي بقوله: «الطحاوي الإمام العلّامة، الحافظ الكبير، محدِّث الديار المصرية وفقيهها» قال: «ذكره أبو سعيد ابن يونس فقال: عداده في حجر الأزد، وكان ثقة ثبتاً فقيهاً عاقلًا لم يخلّف مثله» قال الذهبي: «قلت: من نظر في تواليف هذا الإمام علم محلّه من العلم وسعة معارفه … » سير اعلام النبلاء 15/ 27- 32.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص:

101

كلام الإمام الطحاوي: … ص: 101

اشارة

«بابُ بيان مشكل ما روي عن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم في المراد بقوله تعالي «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» من هم؟

حدّثنا الربيع المرادي، حدّثنا أسد بن موسي حدّثنا حاتم بن إسماعيل، حدّثنا بكير بن مسمار، عن عامر بن سعد، عن أبيه، قال: لمّا نزلت هذه الآية دعا رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً عليهم السلام وقال: اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي.

فكان في هذا الحديث أنّ المراد بما في هذه الآية هم: رسول اللَّه وعليٌّ وفاطمة وحسن وحسين.

حدّثنا فهد، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا جرير بن عبد الحميد، عن الأعمش، عن جعفر، عن عبد الرحمن البجلي، عن حكيم بن سعيد، عن أُمّ سلمة، قالت:

نزلت هذه الآية في رسول اللَّه وعليّ وفاطمة وحسن وحسين عليهم السلام «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

ففي هذا الحديث الذي في الأوّل».

ثمّ إنّه أخرج بأسانيد عديدة هذا الحديث عن أُمّ سلمة، وفيها الدلالة الصريحة علي اختصاص الآية بأهل البيت الطاهرين، وهي الأحاديث التي جاء فيها أنّ أُمّ سلمة سألت: «وأنا معهم؟» فقال رسول اللَّه: «أنتِ من أزواج النبيّ، وأنتِ علي خير- أو: إلي خير-».

وقالت: «فقلت: يارسول اللَّه، أنا من أهل البيت؟ فقال: إنّ لكِ عند اللَّه

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 102

خيراً. فوددت أنّه قال نعم، فكان أحبّ إليَّ ممّا تطلع عليه الشمس وتغرب».

وقالت: «فرفعت الكساء لأدخل معهم، فجذبه رسول اللَّه وقال: إنّكِ علي خير».

قال الطحاوي: «فدلَّ ما روينا من هذه الآثار- ممّا كان من رسول اللَّه إلي أُمّ سلمة- ممّا ذكرنا فيها لم يرد به أنّها كانت ممّا

أُريد به ممّا في الآية المتلوّة في هذا الباب، وأنّ المراد بما فيها هم: رسول اللَّه وعليٌّ وفاطمة والحسن والحسين دون مَن سواهم- يدلّ علي مراد رسول اللَّه بقوله لأُمّ سلمة في هذه الآثار مِن قوله لها: أنتِ من أهلي:

ما قد حدّثنا محمّد بن الحجّاج الحضرمي وسليمان الكيساني، قالا: حدّثنا بشر بن بكر، عن الأوزاعي، أخبرني أبو عمّار، حدّثني واثلة … فقلت: يا رسول اللَّه، وأنا من أهلك؟ فقال: وأنتَ من أهلي.

قال واثلة: فإنّها مِن أرجي ما أرجو!

وواثلة أبعد منه مِن أُمّ سلمة منه، لأنّه إنّما هو رجل من بني ليث، ليس من قريش. وأُمّ سلمة موضعها من قريش موضعها الذي هي به منه، فكان قوله لواثلة: وأنتَ من أهلي، علي معني لاتّباعك إيّاي وإيمانك بي، فدخلت بذلك في جملتي.

وقد وجدنا اللَّه تعالي قد ذكر في كتابه ما يدلّ علي هذا المعني بقوله:

«وَ نادي نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي» «1» فأجابه في ذلك بأنْ قال:

__________________________________________________

(1) سورة هود 11: 45.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 103

«إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ» «1» إنّه يدخل في أهله من يوافقه علي دينه وإنْ لم يكن من ذوي نسبه.

فمثل ذلك أيضاً ما كان من رسول اللَّه جواباً لأُمّ سلمة: «أنتِ من أهلي» يحتمل أن يكون علي هذا المعني أيضاً، وأن يكون قوله ذلك كقوله مثله لواثلة.

وحديث سعدٍ وما ذكرناه معه من الأحاديث في أوّل الباب معقول بها مَن أهل الآية المتلوّة فيها، لأنّا قد أحطنا علماً أنّ رسول اللَّه لمّا دعا مِن أهله عند نزولها لم يبق مِن أهله المرادين فيها أحد سواهم، وإذا كان ذلك كذلك استحال أن يدخل معهم فيما أُريد به سواهم. وفيما

ذكرنا من ذلك بيان ما وصفنا.

فإنْ قال قائل: فإنّ كتاب اللَّه تعالي يدلّ علي أنّ أزواج النبيّ هم المقصودون بتلك الآية، لأنّه قال قبلها في السورة التي هي فيها: «يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ … » «2» * فكان ذلك كلّه يؤذن به، لأنّه علي خطاب النساء لا علي خطاب الرجال، ثمّ قال: «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ» الآية.

فكان جوابنا له: إنّ الذي تلاه إلي آخر ما قبل قوله: «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ» الآية.. خطاب لأزواجه، ثمّ أعقب ذلك بخطابه لأهله بقوله تعالي «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ» الآية، فجاء به علي خطاب الرجال، لأنّه قال فيه: «لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ» وهكذا خطاب الرجال، وما قبله فجاء به بالنون وكذلك خطاب النساء.

فعقلنا أنّ قوله: «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ» الآية، خطاب لمن أراده من الرجال بذلك،

__________________________________________________

(1) سورة هود 11: 46.

(2) سورة الأحزاب 33: 28.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 104

ليعلمهم تشريفه لهم ورفعه لمقدارهم أن جعل نساءهم ممّن قد وصفه لِما وصفه به ممّا في الآيات المتلوّة قبل الذي خاطبهم به تعالي

وممّا دلّ علي ذلك أيضاً ما حدّثنا … عن أنس: أنّ رسول اللَّه كان إذا خرج إلي صلاة الفجر يقول: الصلاة يا أهل البيت «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ» الآية.

وما قد حدّثنا … حدّثني أبو الحمراء، قال: صحبت رسول اللَّه …

في هذا أيضاً دليل علي أنّ هذه الآية فيهم. وباللَّه التوفيق» «1».

رأي الدكتور في كلام الإمام الطحاوي: … ص: 104

ولم يورد «الدكتور» كلام الإمام الطحاوي، بل أشار إليه وجعل يناقشه …

فقال: «وممّن صيّر الآية لأهل الكساء خاصّة: أبو جعفر الطحاوي، فقد انتهي الي هذا في كتابه (مشكل الآثار) وبني رأيه علي مجرَّد احتمالات … ».

أقول:

قد أوردنا كلام هذا الإمام العظيم في

المسألة بنصه وكماله، لينظر المحقّقون المنصفون فيه نظر تدّبر، وليظهر لهم أن رأيه ليس مبنيّاً علي مجرّد احتمالات كما يقول «الدكتور».

ولقد كان الأولي أن ينقل كلام الطحاوي، كما فعل بالنسبة إلي كلام غيره، كما سنذكر!

__________________________________________________

(1) مشكل الآثار 1/ 332- 339.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 105

سقوط الاستدلال بالسياق: … ص: 105

وتلخّص: أنّ الأدلّة- من السنّة وأقوال الصحابة وكلمات الأعلام من الأئمة- قائمة علي القول باختصاص الآية بأهل الكساء … وأنّه ليس في المقابل إلّا قول «عكرمة» وأمثاله … وقد عرفناهم.

وبعد هذه الاحاديث الصحيحة والشواهد القويّة لا يبقي مجالٌ للاستدلال بالسياق- أي: وقوع آية التطهير ضمن الآيات التي خوطب بها زوجات النبيّ- للقول باختصاصها بالزوجات أو القول بمشاركتهنّ مع أهل الكساء فيها … لأنّ السياق إنْ هو إلّاقرينة من القرائن، والقرينة لا تقاوم الدليل الواحد، فكيف بالأدلّة الكثيرة … !

ولذا نري كثيراً من القائلين بالقولين الآخرين- كابن تيميّة في (منهاجه)، وسنذكر كلامه- لا يستدلّون بالسياق.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 106

النظر في رأي الدكتور في كلامٍ للترمذي … ص: 106

وقال الدكتور: «وذكر الترمذي روايةً عن أُمّ سلمة وفيها: «وأنا معهم يا نبي اللَّه؟ قال: أنت علي مكانك، وأنتِ إلي خير» ثم عقب علي الحديث بقوله:

«إنه غريب» «1».

وفي أبواب العلل يتحدّث عن «الغريب» فيقول:

«أهل الحديث يستغربون الحديث لمعان: رب حديث يكون غريباً لا يروي إلّامن وجهٍ واحد. ورب حديث إنما يستغرب لزيادةٍ تكون في الحديث، وانما تصح إذا كانت الزيادة ممن يعتمد علي حفظه.. ورب حديث يروي من أوجهٍ كثيرة وانما يستغرب لحال الإسناد.

__________________________________________________

(1) في الهامش: كتاب المناقب من سننه، باب مناقب أهل بيت النبي «ص».

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 107

ومعني الحديث يتّفق مع ما جاء في صحيح مسلم. فلعل الترمذي استغربه من أجل هذه الزيادة».

أقول:

هذا كلام الدكتور، ولقد أتعب نفسه!! ولكنْ هنا مؤاخذات وملاحظات:

أوّلًا: الشّيعة يستندون إلي جميع الأحاديث الواردة في الباب، وعمدتها ثلاث طوائف وهي:

1- حديث الكساء، وأنّ النبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم أدخل عليّاً وفاطمة والحسنين فقط معه، ولم يدخل غيرهم … كالحديث عن عائشة في

صحيح مسلم وغيره.

2- حديث مروره صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم ببيت فاطمة وقوله مخاطباً أهله «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»، كالحديث عن أنس وأبي الحمراء وغيرهما.

3- حديث طلب زوجته الدخول معه، كعائشة حيث قال صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم لها «تنحّي فإنك علي خير» … أخرجه ابن كثير وغيره، وكأمّ سلمة، وهو الحديث المشهور عنها.

فقول الدكتور: «الشيعة يستندون في استدلالهم علي ما روي عن أُمّ المؤمنين أُمّ سلمة» غير صحيح.

وثانياً: لم يذكر «الدكتور» نصّ كلام الترمذي في كتاب المناقب، وهذه عبارته بعد الحديث: «وفي الباب عن: أُمّ سلمة، ومعقل بن يسار، وأبي

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 108

الحمراء، وأنس. قال: وهذا حديث غريب من هذا الوجه».

فأسقط منه جملة: «وفي الباب … » و «من هذا الوجه»!

وثالثاً: لقد أورد الترمذي هذا الحديث وبنفس السند في (كتاب تفسير القرآن) وقال هناك بعده: «هذا حديث غريب من حديث عطاء عن عمر بن أبي سلمة» فأوضح هناك قوله «من هذا الوجه» في كتاب المناقب، وبذلك يتّضح أن الاستغراب ليس «لزيادةٍ تكون في الحديث» كما توهّم الدكتور.

ورابعاً: علي أنّ الترمذي قال: «وإنها تصحّ إذا كانت الزيادة ممن يعتمد علي حفظه» وحديثنا من هذا القبيل.

وخامساً: إن التعبير بالزيادة إنّما يصحّ فيما إذا علمنا بأنّ الذين رووا الحديث بدونها لم ينقصوا من الحديث، أمّا إذا احتملنا بأن الجملة من صلب الحديث- ومن لم يروها فقد أسقطها متعمّداً أو لم تصل اليه بطريقٍ معتبر عنده- لم يصح التعبير بالزيادة … فقول الدكتور: «فلعل الترمذي استغربه من أجل هذه الزيادة» فيه نظر.

وسادساً: وبغضّ النظر عن كلّ الوجوه- فإنّ الترمذي أخرج الحديث في (صحيحه) في مناقب

فاطمة ونصّ بعده قائلًا: «هذا حديث حسن وهو أحسن شي ء روي في هذا الباب، وفي الباب عن … » كما نقلناه في محلّه سابقاً، ولذا صرّح غير واحدٍ من الحفاظ كالذهبي بأنّ الترمذي أخرج هذا الحديث وصحّحه.

فلماذا يغفل الدكتور هذه الرّواية، ويضع يده علي التي قال في سندها:

«غريب من هذا الوجه»؟! أهكذا يكون البحث والتحقيق؟! يا منصفون؟!

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 109

استشهاد الدكتور بكلمات ابن تيميّة وابن كثير والقرطبي … ص: 109

اشارة

ثم إن الدكتور استشهد بآراء ابن كثير، وابن تيمية، والقرطبي، وهؤلاء من العلماء الأعلام من أهل السنّة بلا ريب، ولكنّ من البديهي جداً أنّ آراءهم لا تكون حجةً علي الشيعة الامامية الاثني عشرية، والمفروض أنّه قد ألّف كتابه جواباً لهم.

علي أن هذه الآراء اجتهادات في مقابلة النصوص الصحيحة الواردة في الصحاح والمسانيد وغيرها، مع تصريح كبار الائمة بصحتها …

مع ذلك كلّه ننظر فيما نقله الدكتور وقاله:

كلام ابن كثير: … ص: 109

قال الدكتور: «والحافظ ابن كثير ذكر الآية الكريمة وقال: إنها نص في

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 110

دخول أزواج النبي صلّي اللَّه عليه [وآله وسلّم في أهل البيت ههنا، لأنهنّ سبب نزول هذه الآية، وسبب النزول داخل فيه قولًا واحداً، إما وحده علي قول، أو مع غيره علي الصحيح.

وذكر أخبار الطبري وأخباراً أُخري ثم ذكر حديثاً في صحيح مسلم عن زيد بن أرقم، قال: قام فينا رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه [وآله وسلّم يوماً خطيباً بماءٍ يدعي خمّاً بين مكة والمدينة، فحمد اللَّه تعالي وأثني عليه ووعظ وذكّر ثم قال: أما بعد، أيها الناس، فإنما أنا بشر يوشك أنْ يأتيني رسول ربي فأُجيب وأنا تارك فيكم الثقلين، أوّلهما كتاب اللَّه تعالي وفيه الهدي والنور، فخذوا بكتاب اللَّه واستمسكوا به. فحثّ علي كتاب اللَّه عز وجل ورغّب فيه ثم قال:

وأهل بيتي. أُذكّركم اللَّه في أهل بيتي، أُذكّركم اللَّه في أهل بيتي. ثلاثاً. فقال له حصين: ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده. قال: ومن هم؟ قال: هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس، رضي اللَّه عنهم.

وذكر ابن كثير رواية مسلم

الأُخري عن زيد أيضاً بنحو ما تقدم وفيها:

فقلت له: من أهل بيته؟ نساؤه؟ قال: لا وأيم اللَّه، إنّ المرأه تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلّقها فترجع إلي أبيها وقومها. أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده.

ثم قال ابن كثير: هكذا وقع في هذه الرواية. والأولي أولي والأخذ بها أحري وهذه الثانية تحتمل أنه أراد تفسير الأهل المذكورين في الحديث الذي رواه، إنما المراد بهم آله الذين حرموا الصدقة. أو أنه ليس المراد بالأهل الأزواج فقط بل هم مع آله. وهذا الاحتمال أرجح جمعاً بينها وبين الرواية

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 111

قبلها. وجمعاً أيضاً بين القرآن والأحاديث المتقدّمة إن صحت، فإن في بعض أسانيدها نظراً. واللَّه أعلم.

قال الدكتور: «ويؤيّد هذا الاحتمال الذي ذكره ابن كثير: أن السؤال في الحديث الأول فيه من التبعيضية «أليس نساؤه من أهل بيته»؟ وفي روايةٍ مماثلة عن زيد أيضاً في مسند الامام أحمد: قال حصين: ومن أهل بيته يا زيد؟

أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: إن نساءه من أهل بيته ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده. فهنا تأكيد أن نساءه من أهل بيته».

أقول:

1- أمّا أنّ الآية «نص في دخول أزواج النبيّ … » فينبني علي كونهنّ «سبب نزول هذه الآية» وهذا أوّل الكلام … إذ إنّ «آية التطهير» نازلة في قضية خاصّة وواقعةٍ معينّةٍ … كما أفادت النصوص الصحيحة الواردة عن أزواج النبي وكبار الصحابة.

2- وأمّا أن ابن كثير ذكر أخبار الطبري وأخباراً اخري فقد تقدمت نصوص تلك الأخبار كلّها، ولكن الدكتور لم يذكر شيئاً منها!! … وكان من جملة ما رواه ابن كثير حديث الكساء عن عائشة وطلبها الدخول معهم وقول النبي لها:

«تنحَّي»!! والحديث عن الامام السبط الحسن الصريح في اختصاص الآية بالخمسة الأطهار، وكذا عن الامام السجاد زين العابدين.

3- لكنّ الدكتور أورد حديث الثقلين بلفظه! ويقصد من ورائه إثبات أنّ «الأزواج» من «أهل البيت» علي ضوء قول زيد بن أرقم؟!

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 112

4- لكنه وابن كثير وجدا المنقول عن زيد بن أرقم مختلفاً متعارضاً، ففي روايةٍ: «نساؤه من أهل بيته» وفي اخري يقول: «لا وأيم اللَّه، إنّ المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلّقها فترجع إلي أبيها وقومها» فوقعا في مأزق.

5- فالتجأ إلي الاحتمال!!

6- لكنّ «الدكتور» أعرض عمّا ذكره الامام الطحاوي بزعم «انه مجرّد احتمالات» وهنا يبني كلامه علي «الاحتمال» ويستنتج أن نساءه من أهل بيته.

كلام ابن تيمية: … ص: 112

قال الدكتور بعد كلام ابن كثير: «وبمثل هذا قال ابن تيميّة من قبل» …

وأرجع القارئ إلي المنتقي من منها ج الاعتدال 168- 169.

أقول:

لماذا لا ينقل الدكتور كلام ابن تيميّة، مع أنه الإمام المقتدي له ولأمثاله من الكتّاب المعاصرين؟!

ونحن نورد هنا نصّ كلامه في (منهاجه) ليظهر الجواب عن هذا السؤال، قال:

«فصل: وأمّا حديث الكساء فهو صحيح، رواه أحمد والترمذي من حديث أُمّ سلمة، ورواه مسلم في صحيحه، من حديث عائشة، قال: خرج النبي صلّي اللَّه عليه [وآله وسلّم ذات غداة وعليه مرط مرجّل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فأدخله، ثم جاءت فاطمة

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 113

فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله، ثم قال: «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

وهذا الحديث قد شركه فيه فاطمة وحسن وحسين رضي اللَّه عنهم فليس هو من خصائصه. ومعلوم أنّ المرأة لا تصلح للامامة.

فعلم أن

هذه الفضيلة لا تختص بالأئمة، بل يشركهم فيها غيرهم» «1» انتهي موضع الحاجة.

هذه عبارة ابن تيمية. وفيها:

1- الاعتراف بصحة الحديث الدالّ علي نزول الآية المباركة في أهل الكساء دون غيرهم.

2- الاعتراف بأنه فضيلة.

3- الاعتراف بعدم شمول الفضيلة هذه لغير علي وفاطمة والحسن والحسين، فأين قول عكرمة؟! وأين السياق؟! وأين ما ذهب اليه ابن كثير؟!

فهل دريت لماذا لم ينقل الدكتور كلّ ما قال ابن تيميّة؟!

نعم، لابن تيمّية ايراد علي الاستدلال بالآية علي العصمة، سنذكر جواب علمائنا عنه.

كلام القرطبي: … ص: 113

ثم نقل الدكتور كلام القرطبي قائلًا:

__________________________________________________

(1) منهاج السنّة 5/ 13.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 114

«وقال القرطبي: قوله تعالي «وَ اذْكُرْنَ ما يُتْلي فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ وَ الْحِكْمَةِ» هذه الألفاظ تعطي أن أهل البيت نساؤه. وقد اختلف أهل العلم في أهل البيت من هم؟ فقال عطاء وعكرمة وابن عباس: هم زوجاته خاصة لا رجل معهنّ. وذهبوا الي أن البيت اريد به مساكن النبي صلّي اللَّه عليه [وآله وسلّم لقوله تعالي «وَ اذْكُرْنَ ما يُتْلي فِي بُيُوتِكُنَّ». وقالت فرقة- منهم الكلبي- هم: علي وفاطمة والحسن والحسين خاصة. وفي هذا أحاديث عن النبي صلّي اللَّه عليه [وآله وسلّم. واحتجوا بقوله تعالي: «لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ»، بالميم، ولو كان للنساء خاصة لكان: عنكن ويطهركنّ. إلّاانه يحتمل أن يكون خرج علي لفظ الاهل، كما يقول الرجل لصاحبه: كيف أهلك؟ أي: امرأتك ونساؤك. فيقول: هم بخير. قال تعالي

«أَ تَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَ بَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ».

والذي يظهر من الآية أنّها عامّة في جميع أهل البيت من الأزواج وغيرهم، وإنما قال: ويطهّركم، لأن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه [وآله وسلّم وعليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً

كان فيهم، وإذا اجتمع المذكر والمؤنّث غلب المذكر. فاقتضت الآية أن الزوجات من أهل البيت، لأن الآية فيهنَّ، والمخاطبة لهن، يدل عليه سياق الكلام. واللَّه أعلم».

أقول:

لقد ارتضي الدكتور ما قاله القرطبي … ولم يلتفت الي التناقض الموجود فيه!

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 115

إنه قال: «وقد اختلف أهل العلم في (أهل البيت) من هم؟ فقال عطاء وعكرمة وابن عباس: هم زوجاته خاصة لا رجل معهنّ، وذهبوا إلي أن البيت أريد به مساكن النبي صلّي اللَّه عليه [وآله وسلّم لقوله تعالي «وَ اذْكُرْنَ ما يُتْلي فِي بُيُوتِكُنَّ». وقالت فرقة- منهم الكلبي-: هم علي وفاطمة والحسن والحسين خاصة. وفي هذا أحاديث عن النبي صلّي اللَّه عليه [وآله وسلّم».

فقال في القول باختصاص الآية بالخمسة الأطهار «في هذا أحاديث عن النبي عليه السلام» ولم يُسند القول الآخر إلي النبي ولو بحديث ضعيف!!

ففي القول باختصاص قوله تعالي «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ … » بالخمسة عليهم السلام أحاديث … وعلينا أن نطيع النبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم في ما قال وفعل، فأيّ معني للسؤال: «فكيف صار في الوسط كلاماً منفصلًا لغيرهنّ … »؟!

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 116

جواب شبهة شمول الآية لباقي قرابة النبي … ص: 116

اشارة

وبما ذكرنا- من أنّ النبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم هو الذي بيّن وعيّن المراد ب «أهل البيت» في الآية، كما في الأحاديث الصحيحة، وعلي الجميع متابعته واطاعته- تندفع شبهة طرحها الدكتور قائلًا:

«إذا كان لأحدٍ أن يتكلَّم في شمولها لهن (أي: شمول الآية للازواج) فليس هناك دليل علي الاطلاق يخرج باقي قرابة رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه [وآله وسلّم فأي دليل يمنع شمولها لباقي بنات النبي؟ ومفارقتهنّ للحياة قبل نزول الآية لا يعني عدم إرادة تطهيرهن في حياتهن،

وما الذي يمنع دخول باقي ذرية أمير المؤمنين علي، وآل جعفر، وآل عقيل، وآل عباس، … ؟».

ونقول مرةً أُخري … ص: 116

هذه أحاديث صحيحة، في صحيح مسلم، والترمذي، ومسند أحمد،

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 117

والمستدرك، وتلخيص المستدرك، وتفسير الطبري ووو … ونصّ الأئمة الأعلام علي صحّتها … تحكي قول النبي وفعله … فإنّه مع وجود آخرين في الدار- من الأزواج وغيرهن- لم يدخل غير هؤلاء … بل إنه أرسل فاطمة لتحضر عليّاً وابنيها … وأدخلهم تحت الكساء، وقال: «اللهم هؤلاء أهل بيتي».

فلو كان اعتراضٌ فهو علي النبيّ … إذ كان بإمكانه ان يستدعي غير هؤلاء، من قرابته أو غيرهم … لكنّه لم يفعل …

ولذا نقول: أن في «آية التطهير» معنيً خاصّاً، لا بدّ من فهم ذلك المعني والتوصّل إليه!!

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 118

حاصل معني «آية التطهير» علي ضوء الأحاديث … ص: 118

وعلي الجملة، فإنّ هذه الأحاديث أفادت أمرين:

الأول: إن المراد ب «أهل البيت» في «آية التطهير» هم: النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوت اللَّه وسلامه عليهم أجمعين، لا يشركهم احد، لا من الأزواج ولا من غيرهنّ مطلقاً.

أمّا الأزواج، فلأنّ الأحاديث نصّت علي أنّ النبيّ لم يأذن بدخول واحدةٍ منهنّ تحت الكساء.

وأمّا غيرهنّ، فلأنّ النبيّ أمر فاطمة بأنْ تجي ء بزوجها وولديها فحسب، فلو أراد أحداً غيرهم- حتّي من الأُسرة النبويّة- لأمر بإحضاره.

وثانياً: إنّ الآية المباركة نزلت في واقعةٍ معيَّنة وقضيّةٍ خاصّة، ولا علاقة لها بما قبلها وما بعدها … ولا ينافيه وضعها بين الآيات المتعلّقة بنساء النبيّ، إذ

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 119

ما أكثر الآيات المدنية بين الآيات المكّية وبالعكس، ويشهد بذلك:

1- مجي ء الضمير: «عنكم» و «يطهّركم» دون: عنكنّ ويطهّركنّ.

2- إتّصال الآيات التي بعد آية التطهير بالتي قبلها، بحيث لو رفعت آية التطهير لم يختلّ الكلام أصلًا … فليست هي عجزاً لآية ولا صدراً لأُخري

كما لا يخفي

ثمّ ما ألطف ما جاء في الحديث جواباً لقول أُمّ سلمة: «ألستُ من أهل البيت؟» قال: «أنتِ من أزواج رسول اللَّه»!! فإنّه يعطي التفصيل مفهوماً ومصداقاً بين العنوانين: عنوان «أهل البيت» وعنوان «الأزواج» أو «نساء النبيّ».

فتكون الآيات المبدوءة- في سورة الأحزاب- ب «يا نِساءَ النَّبِيِّ» «1» * خاصّةً ب «الأزواج» والآية «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» خاصّةً بالعترة الطاهرة.

__________________________________________________

(1) سورة الأحزاب 33: 32.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 120

دلالة الآية علي العصمة … ص: 120

قال الدكتور: «وننتقل بعد هذا إلي دلالة الآية الكريمة علي العصمة:

قال الطوسي: استدل أصحابنا بهذه الآية علي أن في جملة أهل البيت معصوماً لا يجوز عليه الغلط، وأن إجماعهم لا يكون إلّاصواباً. بأنْ قالوا: ليس يخلو ارادة اللَّه لإذهاب الرجس عن أهل البيت بأنْ يكون هو ما أراد منهم من فعل الطاعات واجتناب المعاصي، أو يكون عبارة عن أنه أذهب عنهم الرجس بأنْ فعل لهم لطفاً اختاروا عنده الامتناع من القبائح. والأول لا يجوز أن يكون مراداً، لأن هذه الارادة حاصلة من جميع المكلّفين فلا اختصاص لأهل البيت في ذلك، ولا خلاف أن اللَّه تعالي خصّ بهذه الآية أهل البيت بأمرٍ لم يشركهم فيه غيرهم، فكيف يحمل علي ما يبطل هذا التخصيص ويخرج الآية من أن يكون لهم فيها فضيلة ومزية علي غيرهم؟ علي أن لفظة إنما تجري

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 121

مجري ليس، فيكون تلخيص الكلام: ليس يريد اللَّه إلّاإذهاب الرجس علي هذا الحد عن أهل البيت. فدل ذلك علي أن إذهاب الرجس قد حصل فيهم.

وذلك يدل علي عصمتهم».

أقول:

و توضيحه: أن في الآية المباركة ألفاظاً تتحقق الدلالة علي العصمة بالنظر

إليها مع التأمّل، وهي:

1- «إنّما» وهي تفيد الحصر، فاللَّه سبحانه حصر إرادة إذهاب الرجس عنهم.

2- «الإرادة» وهي في الآية الكريمة تكوينية، من قبيل الإرادة في قوله تعالي «إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ» «1» لا تشريعية من قبيل الإرادة في قوله تعالي «يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَ لا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ» «2»، لأنّ التشريعية تتنافي مع نصّ الآية بالحصر، إذ لا خصوصيّة لأهل البيت في تشريع الأحكام لهم.

وتتنافي مع الأحاديث، إذ النبيّ طبّق الآية عليهم دون غيرهم.

3- «الرجس» وهو في الآية: «الذنوب» و «القبائح».

وتبقي شبهة: إنّ الإرادة التكوينية تدلّ علي العصمة، لأنّ تخلّف المراد عن إرادته عزّ وجلّ محال، لكنّ هذا يعني الالتزام بالجبر وهو ما لا تقول

__________________________________________________

(1) سورة يس 36: 82.

(2) سورة البقرة 2: 185.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 122

الإمامية به.

وقد أجاب علماؤنا عن هذه الشبهة- بناءً علي نظرية: لا جبر ولا تفويض، بل أمرٌ بين الأمرين- بما حاصله:

إنّ مفاد الآية أنّ اللَّه سبحانه لمّا علم أنّ إرادة أهل البيت تجري دائماً علي وفق ما شرّعه لهم من التشريعات، لِما هم عليه من الحالات المعنوية العالية، صحَّ له تعالي أنْ يخبر عن ذاته المقدَّسة أنّه لا يريد لهم بإرادته التكوينية إلّا إذهاب الذنوب عنهم، لأنه لا يوجد من أفعالهم، ولا يُقدرهم إلّاعلي هكذا أفعالٍ يقومون بها بإرادتهم لغرض إذهاب الرجس عن أنفسهم …

ثمّ إنّه لولا دلالة الآية المباركة علي هذه المنزلة العظيمة لأهل البيت، لَما حاول أعداؤهم من الخوارج والنواصب إنكارها، بل ونسبتها إلي غيرهم، مع أنّ أحداً لم يدّعِ ذلك لنفسه سواهم.

هذا، ولم يُجب «الدكتور» عن هذا الاستدلال إلّابأن قال: «وهو استدلال عقلي».

وقال: «قد إنفرد

اخواننا الشيعة الجعفرية بهذا القول، وخالفوا أهل التأويل جميعاً».

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 123

ذكر الدكتور حديثين إزراءً بعليٍّ والزهراء … ص: 123

اشارة

ثم ذكر أموراً لا تستحق الذكر … ثم قال:

«ويزيد ذلك تأييداً ما روي بسندٍ صحيح عن علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه أنّه قال: أتاني رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم وأنا نائم وفاطمة، وذلك في السحر، حتي قام علي الباب فقال: ألا تصلّون؟ فقلت: مجيباً له: يا رسول اللَّه، إنما نفوسنا بيد اللَّه، فإذا شاء أن يبعثنا. قال: فرجع رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم ولم يرجع إلي الكلام، فسمعته حين ولّي يقول- وضرب بيده علي فخذه «وَ كانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْ ءٍ جَدَلًا».

وفي روايةٍ أُخري عن الإمام علي أيضاً قال: دخل عليَّ رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم وعلي فاطمة من الليل، فأيقظنا للصلاة. قال: ثم رجع الي بيته، فصلّي هويّاً من الليل. قال: فلم يسمع لنا حسّاً قال: فرجع إلينا فأيقظنا وقال:

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 124

قوما فصلّيا. قال: فجلست وأنا اعرك عيني وأقول: إنا واللَّه ما نصلّي إلّاما كتب لنا، إنما انفسنا بيد اللَّه. فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا. قال: فولّي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم وهو يقول ويضرب بيده علي فخذه: ما نصلّي إلّاما كتب لنا! ما نصلّي إلّاما كتب لنا! «وَ كانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْ ءٍ جَدَلًا».

فهنا يتّضح حرص الرسول صلّي اللَّه عليه وسلّم علي إذهاب الرجس عن أهل بيته وتطهيرهم تطهيراً، وغضبه لما بدر من زوج الزهراء، رضي اللَّه تعالي عنهما».

أقول:

إن تصحيح «الدكتور» هذين الحديثين واستناده إليهما عجيب جدّاً!!

إنّ هذين الحديثين لا ينفيان عصمة علي والزهراء فحسب، بل يدلّان علي استهانتهما بعبادة اللَّه وطاعته، وبالرسول الكريم صلّي اللَّه

عليه وآله وسلّم وهو مالا يجوز صدوره من أقلّ فردٍ مسلم ملتزمٍ بالشريعة، فكيف يرتضي الدكتور نسبته إلي أمير المؤمنين وإلي بضعة سيد النبيين؟!

ليس العجب من واضع هذين الحديثين- وهو رجل شرطيٌ من شرطة بني أمّية، كما سنعرفه- بل العجب من الدكتور قبوله لهما، وهو من رجال التحقيق، لا من أنصار بني أمّية وأتباعهم!!

سند الحديث الأوّل: «حدّثنا عبد اللَّه، ثنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة الحرّاني، ثنا محمّد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم، عن زيد بن أبي أنيسة، عن الزهري، عن علي بن حسين، عن أبيه، قال: سمعت عليّاً يقول … ».

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 125

سند الحديث الثاني: «حدّثنا عبد اللَّه قال: كتب إليَّ قتيبة بن سعيد: كتبت إليك بخطّي وختمت الكتاب بخاتمي يذكر: ان الليث بن سعد حدّثهم عن عقيل، عن الزهري، عن علي بن الحسين: ان الحسين بن علي حدّثه عن علي بن أبي طالب … » «1».

مدارهما علي «الزهري»: … ص: 125

وهذان الحديثان- بغض النظر عن أنّهما ليسا من (المسند) بل من زياداته لعبد اللَّه بن أحمد، وعن سائر رواتهما- مدارهما علي «الزهري».

وهذا الرجل الذي توثّقه مدرسة بني أُمّية وتعتمد عليه … كان شرطياً لبني أُمّية:

روي الحافظ الذهبي بترجمة شعبة بن الحجاج- أمير المؤمنين في الحديث كما وصفه- قال: «أبو بكر ابن شاذان البغدادي: حدّثنا علي بن محمّد السوّاق، حدّثنا جعفر بن مكرم الدقّاق، حدّثنا أبو داود، حدّثنا شعبة، قال: خرجت أنا وهشيم إلي مكة، فلما قدمنا الكوفة، رآني هشيم مع أبي اسحاق فقال: من هذا؟

قلت: شاعر السبيع. فلما خرجنا جعلت أقول: حدّثنا أبو إسحاق، قال: وأين رأيته؟ قلت: هو الذي قلت لك: شاعر السبيع. فلما قدمنا مكة، مررت به

وهو قاعد مع الزهري فقلت: أبا معاوية من هذا؟ قال: شرطي لبني أُمّية. فلما قفلنا جعل يقول: حدّثنا الزهري، فقلت وأين رأيته؟ قال: الذي رأيته معي، قلت:

أرني الكتاب. فأخرجه، فخرّقته» «2».

__________________________________________________

(1) مسند أحمد 1/ 77.

(2) سير أعلام النبلاء 7/ 226.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 126

وروي الذهبي عن خارجة بن مصعب أنه قال: «قدمت علي الزهري وهو صاحب شرطة بني اميّة، فرأيته ركب وفي يديه حربة وبين يديه الناس في أيديهم الكافركوبات فقلت: قبّح اللَّه ذا من عالم، فلم أسمع منه» «1».

وكان الزهري من أشهر المنحرفين عن علي أمير المؤمنين عليه السلام وكان يسبّه «2».

وكان يضع الحديث عليه علي لسان ولدِه، وهذا منها.

كلّ ذلك خدمةً لبني أُمّية وتشييداً لسلطانهم … ولذا كتب إليه الامام علي ابن الحسين زين العابدين عليه السلام كتاباً يعظه ويحذّره من مغبّة ما هو فيه، ويذكّره اللَّه والدار الآخرة … ولم ينفعه … !! «3».

هذا، وكيف يصدّق الدكتور هكذا خبرٍ عن علي، وهو هو؟!

أخرج الحاكم- ووافقه الذهبي- قال: «سمعت القاضي أبا الحسن علي بن الحسن الجراحي وأبا الحسين محمّد بن المظفر الحافظ يقولان: سمعنا أبا حامد محمّد بن هارون الحضرمي يقول: سمعت محمّد بن منصور الطوسي يقول:

سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما جاء لأحدٍ من أصحاب رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم من الفضائل ما جاء لعلي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه» «4».

__________________________________________________

(1) ميزان الاعتدال 1/ 625.

(2) شرح نهج البلاغة 4/ 102.

(3) إحياء علوم الدين 2/ 143 ولم يصرّح باسم الإمام عليه السلام!! وهو مذكور في كتب أصحابنا عنه.

(4) المستدرك علي الصحيحين 3/ 107.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، مع الدكتورالسالوس …، ص: 127

قلت: ولهذا وغيره كان كثير من

أعلام الأصحاب يصرّحون بتفضيله علي غيره من الأصحاب مطلقاً، في حياة النبي وبعده «1».

وأمّا الزهراء فيكفي كونها بضعةً لرسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم الأمر الذي من أجله فضَّلها غير واحدٍ من الأئمة علي الشيخين «2».

وعلي الجملة … فإنّ وضع أمثال هذه الأحاديث للحطّ من شأنهما من أتباع بني أمّية كثير … وليس بغريب … وانما الغريب العجيب تصديق مثل الدكتور ذلك، مع أنه ليس منهم!!

وهل يرتكب كلّ ذلك للإعراض عن السنّة الثابتة الصحيحة الواردة عن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم والمخرجّة في الصحاح والمسانيد ومعاجم الحديث وكتب التفسير … بلا أيّ معارضٍ ولا أيّ مخالف إلّا «عكرمة»؟!

اللهم إنّا نسألك السلامة والعافية في الدنيا والآخرة.

وآخر دعوانا أن الحمد للَّه رب العالمين.

__________________________________________________

(1) الاستيعاب في معرفة الأصحاب 3/ 1090 وقد تقدّم في المقدّمة.

(2) منهم: الحافظ السهيلي، كما في فيض القدير- شرح الجامع الصغير 4/ 421، وهوعبد الرحمن بن عبد اللَّه، العلّامة الأندلسي، الحافظ العلم، صاحب التصانيف، برع في العربية واللغات والأخبار والأثر، وتصدّر للإفادة، من أشهر مؤلّفاته: الروض الأُنف- شرح «السيرة النبوية» لابن هشام- توفّي سنة 581، له ترجمة في: مرآة الجنان 3/ 422، النجوم الزاهرة 6/ 101، العبر 3/ 82، الكامل في التاريخ 9/ 172.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.