سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية المجلد 17

اشارة

سرشناسه : حسینی میلانی، سیدعلی، 1326 -

عنوان و نام پديدآور : حدیث الرایه/ علی الحسینی المیلانی.

مشخصات نشر : قم: الحقائق، 1429ق.= 1387.

مشخصات ظاهری : 159ص.

فروست : اعرف الحق تعرف اهله؛ 17.

شابک : چاپ دوم 978-964-2501-65-6 :

يادداشت : عربی.

يادداشت : چاپ دوم: 1434ق.= 1392 (فیپا).

یادداشت : کتابنامه به صورت زیرنویس.

موضوع : علی بن ابی طالب (ع)، امام اول، 23 قبل از هجرت - 40ق -- اثبات خلافت

موضوع : احادیث خاص (رایه)

رده بندی کنگره : BP145 /ر2 ح5 1387

رده بندی دیویی : 297/218

شماره کتابشناسی ملی : 1289496

كلمة المركز … ص: 4

قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله يوم خيبر:

لُاعطينّ الراية غداً رجلًا يحبّ اللَّه ورسوله ويحبّه اللَّه ورسوله ليس بفرّار، لا يرجع حتي يفتح اللَّه عليه.

فأعطاها عليّاً.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 5

نظراً للحاجة الماسّة والضرورة الملحّة لنشر العقائد الحقّة والتعريف بالفكر الشيعي، بالبراهين العقليّة المتقنة والأدلّة النقلية من الكتاب والسنّة، من أجل ترسيخها في أذهان المؤمنين، ودفع الشبهات المثارة حولها من قبل المخالفين، فقد بادر (مركز الحقائق الاسلامية) بإخراج سلسلة علمية- عقائدية، متنوّعة، تميّزت بجامعيتها بين العمق في النظر والقوّة في الاستدلال والوضوح في البيان، تحت عنوان (إعرف الحق تعرف أهله)، وهي من بحوث سماحة الفقيه المحقق آية اللَّه الحاج السيد علي الحسيني الميلاني (دام ظلّه)، آملين أن نكون قد قمنا ببعض الواجب الملقي علي عواتقنا في هذه الأيام التي كثرت فيها الشبهات وازدادت الانحرافات، سائلين اللَّه عز و جل أن يسدّد خطانا علي نهج الكتاب والعترة الطاهرة كما أوصي الرسول الأكرم صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم، والحمد للَّه رب العالمين.

مركز الحقائق الاسلامية

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 7

كلمة المؤلف … ص: 7

بسم اللَّه الرحمن الرحيم

الحمد للَّه رب العالمين والصلاة والسلام علي خير خلقه محمّد وآله الطاهرين ولعنة اللَّه علي أعدائهم أجمعين من الأولين والآخرين.

وبعد

فهذا بحثٌ في (حديث الرّاية) سنداً وفقهاً- هذا الحديث الّذي يعدُّ من أثبت خصائص أمير المؤمنين عليه السلام الدالّة علي إمامته وخلافته بعد رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله، ولم أجد كتاباً مستقلّاً حوله من علماء الفريقين- وهو ملخّص كتابٍ كبير شرعت بتأليفه، يستوعب جلّ أسانيده وكلّ ما قيل في بابه، أسأل اللَّه عزوجلّ أنْ يوفّقني لإتمامه وأنْ ينفعني به وسائر المؤمنين بمحمد وآله الطاهرين.

علي الحسيني الميلاني

سلسلة اعرف الحق

تعرف اهله، حديث الراية، ص: 9

الفصل الأوّل: في أشهر رواة حديث الرّاية … ص: 9

إعلم أن حديث الرّاية من الأحاديث المتواترة بين المسلمين، وهو من أصحّ الأحاديث وأثبتها عند أهل السنّة، وقد رووه بالأسانيد المتكثرة عن جمع كبيرٍ من صحابة رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله.

وهو من الأحاديث التي اتفق علي روايتها البخاري ومسلم، في كتابيهما الموصوفين بالصحيحين، واللّذين ذهب عدّة من أئمة أهل السنّة إلي قطعيّة ما أخرجاه فيهما.

ورواه سائر أصحاب الصّحاح والمسانيد والمعاجم.

ولنذكر أسماء خمسين من أشهر الأئمة والحفّاظ والعلماء الأعلام في مختلف القرون، الرواة لهذا الحديث بأسانيدهم في كتبهم:

* أبو عبداللَّه محمد بن سعد الزهري، المتوفّي سنة 230.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 10

* أبو بكر ابن أبي شيبة الكوفي، المتوفّي سنة 235.

* أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن راهويه، المتوفّي سنة 238.

* أبو عبداللَّه أحمد بن محمد بن حنبل، المتوفي سنة 241.

* محمد بن إسماعيل البخاري، المتوفّي سنة 253.

* مسلم بن الحجاج النيسابوري، المتوفّي سنة 261.

* محمد بن يزيد بن ماجة القزويني، المتوفّي سنة 273.

* أبو عيسي محمد بن عيسي الترمذي، المتوفّي سنة 279.

* أبو عبدالرحمن عبداللَّه بن أحمد بن حنبل، المتوفّي سنة 290.

* أبو بكر أحمد بن عبدالخالق البزار، المتوفّي 292.

* أبو عبدالرحمن أحمد بن شعيب النسائي، المتوفّي سنة 303.

* أبو يعلي أحمد بن علي الموصلي، المتوفّي سنة 307.

* أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، المتوفّي سنة 310.

* أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، المتوفّي سنة 360.

* أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني، المتوفّي سنة 385.

* أبو عبداللَّه الحاكم النيسابوري، المتوفّي سنة 405.

* أبو إسحاق أحمد بن محمد الثعلبي، المتوفّي سنة 427.

* أبو نعيم أحمد بن عبداللَّه الإصفهاني، المتوفّي سنة 430.

* أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي، المتوفّي

سنة 458.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 11

* أبو عمر ابن عبدالبر القرطبي، المتوفّي سنة 463.

* أبو بكر الخطيب البغدادي، المتوفّي سنة 463.

* أبو الحسن ابن المغازلي الواسطي، المتوفّي سنة 483.

* أبو عبداللَّه محمد بن فتوح الحميدي، المتوفّي سنة 488.

* أبو محمد حسين بن مسعود الفرّاء البغوي، المتوفّي سنة 516.

* أبو المؤيد الموفق بن أحمد الخوارزمي، المتوفّي سنة 568.

* أبو القاسم ابن عساكر الدمشقي، المتوفّي سنة 571.

* المبارك بن محمد ابن الأثير الجزري، المتوفّي سنة 606.

* محمد بن عمر فخرالدين الرازي، المتوفّي سنة 606.

* علي بن محمد ابن الأثير الجزري، المتوفّي سنة 630.

* ضياء الدين محمد بن عبدالواحد المقدسي، المتوفّي سنة 643.

* أبو عبداللَّه محمد بن محمود ابن النجّار، المتوفّي سنة 642.

* شمس الدين أبو المظفر سبط ابن الجوزي، المتوفّي سنة 654.

* أبو عبداللَّه محمد بن يوسف الكنجي، المتوفّي سنة 658.

* محبّ الدين أحمد بن عبداللَّه الطبري المتوفّي سنة 694.

* علاء الدين علي بن محمد الخازن البغدادي، المتوفّي سنة 741.

* ولي الدين أبو عبداللَّه الخطيب التبريزي صاحب المشكاة.

* شمس الدين أبو عبداللَّه الذهبي، المتوفّي سنة 748.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 12

* إسماعيل بن كثير الدمشقي، المتوفّي سنة 774.

* سعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني، المتوفّي سنة 791.

* نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي، المتوفّي سنة 791.

* شهاب الدين أحمد بن حجر العسقلاني، المتوفّي في سنة 854.

* جلال الدين السّيوطي، المتوفّي سنة 911.

* شهاب الدين أحمد بن محمد القسطلاني، المتوفّي سنة 923.

* شمس الدين الدمشقي الصالحي، المتوفّي سنة 942.

* علي بن حسام المتقي الهندي، المتوفّي سنة 975.

* علي بن سلطان الهروي القاري، المتوفّي سنة 1013.

* عبدالرؤف بن تاج العارفين المناوي، المتوفّي سنة

1031.

* نورالدين علي بن إبراهيم الحلبي، المتوفّي سنة 1033.

فأنت تري هذا الحديث مخرجّاً في كتب الحديث، من الصحيحين والسنن، وفي مسند أحمد ومسند البزار ومسند أبي يعلي وفي المعجم الكبير وغيره من المعاجم.

وتجده في كتب السيرة النبويّة، كالروض الانف في شرح سيرة ابن هشام، وعيون الأثر لابن سيد النّاس، والدرر لابن عبدالبر، وإنسان العيون للحلبي، وغيرها.

وتجده في كتب التفسير

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 13

وفي كتب التاريخ

وهو في كتب اللغة أيضاً …

فلا يخلو عنه أغلب الكتب في مختلف العلوم.

إنّ حديث الرايّة من أصحّ الأحاديث الواردة عن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله بل هو من الأحاديث القطعيّة، أمّا بناءً علي قطعيّة صدور أحاديث كتابي البخاري ومسلم كما عليه جماعة كبيرة من أئمة الجمهور، فلكونه مخرجّاً فيهما، وأمّا علي القول الآخر، فلكثرة طرقه جدّاً، حتّي نصّ غير واحد منهم علي كونه من أثبت الأخبار.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 14

الفصل الثاني: في نصوص الحديث … ص: 14

اشارة

وهذه طائفة من نصوص حديث الراية بالأسانيد:

رواية أحمد بن حنبل … ص: 14

* «حدثنا عبداللَّه، حدثني أبي، ثنا وكيع، عن أبي ليلي، عن المنهال، عن عبدالرحمن بن أبي ليلي قال: كان أبي يسمر مع علي، وكان علي يلبس ثباب الصيف في الشتاء وثياب الشتاء في الصيف، فقيل له:

لو سألته، فسأله، فقال:

إن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله بعث إليّ وأنا أرمد العين يوم خيبر، فقلت: يا رسول اللَّه إني أرمد العين، قال: فتفل في عيني وقال:

أللهم أذهب عنه الحر والبرد، فما وجدت حراً ولا برداً منذ يومئذ، وقال:

لأعطين الراية رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله ليس بفرّار.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 15

فتشرف لها أصحاب النبي، فأعطانيها» «1».

* «حدثنا عبداللَّه، حدثني أبي، ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا حاتم بن إسماعيل، عن بكير بن مسمار، عن عامر بن سعد، عن أبيه قال: سمعت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله يقول له وخلّفه في بعض مغازيه فقال علي رضي اللَّه عنه: أتخلّفني مع النساء والصبيان؟ قال: يا علي، أما ترضي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسي إلا أنه لا نبوة بعدي.

وسمعته يقول يوم خيبر: لأعطينّ الراية رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله. فتطاولنا لها فقال: ادعو إليّ علياً رضي اللَّه عنه. فاتي به أرمد، فبصق في عينه ودفع الراية إليه ففتح اللَّه عليه. ولمّا نزلت هذه الآية «نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ» دعا رسول اللَّه صلّ اللَّه عليه وآله علياً وفاطمةً وحسناً وحسيناً رضوان اللَّه عليهم أجمعين، فقال: اللهم هؤلاء أهلي» «2».

* «وحدثنا عبداللَّه، حدثني أبي، ثنا أبو النضر قال: ثنا عكرمة قال:

حدثني أياس بن سلمة قال أخبرني أبي قال: بارز عمّي يوم خيبر مرحب اليهودي. فقال مرحب:

قد علمت خيبر

أني عامر شاكي السّلاح بطل مغامر

فاختلفا ضربتين، فوقع سيف مرحب في ترس عامر وذهب يسفل له، فرجع السيف علي ساقه وقطع أكحله فكانت فيها نفسه.

قال سلمة بن الأكوع: لقيت ناساً من صحابة النبي صلّي اللَّه عليه وآله فقالوا: بطل عمل عامر، قتل نفسه. قال سلمة: فجئت إلي نبي اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله أبكي، قلت: يا رسول اللَّه، بطل عمل عامر؟ قال: من قال ذاك؟ قلت: ناس من أصحابك. فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله:

كذب من قال ذاك بل له أجره مرّتين، إنه حين خرج إلي خيبر جعل يرجز بأصحاب رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وفيهم النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم يسوق الركاب وهو يقول:

تاللَّه لولا اللَّه ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا

إن الذين قد بغوا علينا إذا أرادوا فتنة أبينا

ونحن عن فضلك ما استغنينا فثبت الأقدام إنْ لاقينا

وأنزلن سكينةً علينا

فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: من هذا؟ قال: عامر يا رسول اللَّه. قال: غفر لك ربك. قال: وما استغفر لإنسان قط يخصّه إلّااستشهد.

فلما سمع ذلك عمر بن الخطاب قال: يا رسول اللَّه لو متّعتنا بعامر. فقدم فاستشهد.

قال سلمة: ثم إن نبي اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله أرسلني إلي علي فقال:

__________________________________________________

(1) مسند أحمد 1/ 99.

(2) مسند أحمد 1/ 185.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 17

لأعطينّ الراية اليوم رجلًا يحب اللَّه ورسوله أو يحبه اللَّه ورسوله. قال:

فجئت به أقوده أرمد، فبصق نبي اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله في عينه ثم أعطاه الراية، فخرج مرحب يخطر بسيفه فقال:

قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب

إذا الحروب أقبلت تلهّب

فقال علي بن أبي طالب كرم اللَّه وجهه:

أنا الذي سمتني أمّي حيدره كليث

غابات كريه المنظره

أوفيهم بالصّاع كيل السندره

ففلق رأس مرحب بالسيف، وكان الفتح علي يديه» «1».

رواية البخاري … ص: 17

«حدثنا قتيبة، حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة بن الأكوع رضي اللَّه عنه عنه قال: كان علي رضي اللَّه عنه تخلف عن النبي صلّي اللَّه عليه وآله في خيبر وكان به رمد فقال: أنا أتخلف عن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله، فخرج علي فلحق بالنبي صلّي اللَّه عليه وآله، فلما كان مساء الليلة التي فتحها في صباحها فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: لأعطين الراية أو قال ليأخذن غداً رجل يحبه اللَّه ورسوله

__________________________________________________

(1) مسند أحمد 4/ 51- 52.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 18

أو قال يحب اللَّه ورسوله، يفتح اللَّه عليه، فإذا نحن بعلي وما نرجوه فقالوا: هذا علي، فأعطاه رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله ففتح اللَّه عليه» «1».

* «حدثني قتيبة بن سعيد، حدثنا يعقوب بن عبدالرحمن بن محمد بن عبداللَّه بن عبدالقاري عن أبي حازم قال: أخبرني سهل رضي اللَّه عنه قال: قال النبي صلّي اللَّه عليه وآله يوم خيبر: لأعطينّ الراية غداً رجلًا يفتح اللَّه علي يديه، يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله. فبات الناس ليلتهم أيهم يعطي فغدوا كلّهم يرجوه، فقال: أين علي؟ فقيل:

يشتكي عينيه، فبصق في عينيه ودعا له فبرأ كان لم يكن به وجع، فأعطاه الراية فقال: أقاتلهم حتي يكونوا مثلنا؟ فقال: انفذ علي رسلك حتي تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلي الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم، فواللَّه لأن يهدي اللَّه بك رجلًا خير لك من أن تكون لك حمر النعم» «2».

* «حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا عبدالعزيز عن أبي حازم عن سهل بن سعد

رضي اللَّه عنه: إن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله قال:

لأعطينّ الراية غداً رجلًا يفتح اللَّه علي يديه قال: فبات النّاس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها، فلما أصبح النّاس غدوا علي رسول اللَّه صلّي اللَّه

__________________________________________________

(1) صحيح البخاري 4/ 12.

(2) صحيح البخاري 4/ 20.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 19

عليه وآله كلهم يرجوا أن يعطاها. فقال: أين علي بن أبي طالب؟ فقالوا يشتكي عينيه يا رسول اللَّه قال: فأرسلوا إليه فأتوني به، فلما جاء بصق في عينيه ودعا له فبرأ حتي كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية، فقال علي: يا رسول اللَّه أقاتلهم حتّي يكونوا مثلنا؟ فقال: انفذ علي رسلك حتّي تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلي الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حقّ اللَّه فيه، فواللَّه لأن يهدي اللَّه بك رجلًا واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم».

* «حدثنا قتيبة، حدثنا حاتم عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة قال:

كان علي قد تخلّف عن النبي صلّي اللَّه عليه وآله في خيبر وكان به رمد فقال: أنا أتخلف عن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله، فخرج علي فلحق بالنبي صلّي اللَّه عليه وآله، فلمّا كان مساء الليلة التي فتحها اللَّه في صباحها، قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: لأعطينّ الراية أو ليأخذن الراية غداً رجلًا يحبه اللَّه ورسوله أو قال يحبّ اللَّه ورسوله يفتح اللَّه عليه، فإذا نحن بعلي، ما نرجوه فقالوا: هذا علي، فأعطاه رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله، ففتح اللَّه عليه» «1».

* «حدثنا عبداللَّه بن مسلمة، حدثنا حاتم عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة رضي اللَّه عنه قال: كان علي رضي اللَّه عنه تخلف عن النبي

__________________________________________________

(1) صحيح

البخاري 4/ 207.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 20

صلّي اللَّه عليه وآله في خيبر وكان رمداً فقال: أنا أتخلف عن النبي صلّي اللَّه عليه وآله، فلحق به، فلما بتنا الليلة التي فتحت قال: لأعطينّ الراية غداً أو ليأخذن الراية غداً رجل يحبه اللَّه ورسوله يفتح عليه. فنحن نرجوها، فقيل: هذا علي. فأعطاه. ففتح عليه».

* «حدّثنا قتيبة بن سعيد حدثنا يعقوب بن عبدالرحمن عن أبي حازم قال: أخبرني سهل بن سعد رضي اللَّه عنه إن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله قال يوم خيبر: لأعطينّ هذه الراية غداً رجلًا يفتح اللَّه علي يديه يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله. قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها، فلما أصبح الناس غدوا علي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله كلّهم يرجو أن يعطاها، فقال: أين علي بن أبي طالب؟ فقيل: هو يا رسول اللَّه يشتكي عينيه قال: فأرسلوا إليه فأتي به، فبصق رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله في عينيه ودعا له فبرأ حتي كأن لم يكن به وجع فأعطاه الراية. فقال علي: يا رسول اللَّه! أقاتلهم حتّي يكونوا مثلنا؟ فقال عليه الصلاة والسلام: انفذ رسلك حتّي تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلي الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حقّ اللَّه فيه، فواللَّه لأن يهدي اللَّه بك رجلًا واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم» «1».

* «حدثني عبداللَّه بن مسلمة القعنبي، حدثنا عبدالعزيز بن

__________________________________________________

(1) صحيح البخاري 5/ 76.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 21

أبي حازم عن أبيه عن سهل بن سعد رضي اللَّه عنه: سمع النبي صلّي اللَّه عليه وآله يقول يوم خيبر: لأعطينّ الراية رجلًا يفتح اللَّه علي يديه، فقاموا يرجون لذلك أيهم

يعطي، فغدوا وكلّهم يرجو أن يعطي، فقال:

أين علي؟ فقيل: يشتكي عينيه، فأمر فدعي له، فبصق في عينيه فبرأ مكانه حتّي كأنه لم يكن به شي ء. فقال: نقاتلهم حتّي يكونوا مثلنا؟ فقال: علي رسلك حتّي تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلي الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم، فواللَّه لأن يهدي بك رجل واحد خير لك من حمر النعم» «1».

رواية مسلم … ص: 21

* «حدثنا عبداللَّه بن معاذ حدثنا أبي حدثنا شعبة في هذا الإسناد حدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن عباد وتقاربا في اللفظ قالا: حدثنا حاتم- وهو ابن إسماعيل- عن بكير بن مسمار عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال: ما منعك أن تسب أبا التراب؟ فقال: أمّا ما ذكرت ثلاثاً قالهنّ له رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله فلن أسبّه، لأن تكون لي واحدة منهنّ أحب إليّ من حمر النعم.

سمعت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله يقول له- وخلّفه في بعض مغازيه، فقال له علي: يا رسول اللَّه، خلّفتني مع النساء والصبيان، فقال له

__________________________________________________

(1) صحيح البخاري 4/ 5.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 22

رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله- أمّا ترضي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسي إلا أنه لا نبوة بعدي. وسمعته يقول يوم خيبر: لأعطينّ الراية رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله. قال: فتطاولنا لها فقال:

ادعوا لي عليّاً، فأتي به أرمد، فبصق في عينه ودفع الراية إليه، ففتح اللَّه عليه. ولما نزلت هذه الآية «نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ» دعا رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال: اللهم هؤلاء أهلي» «1».

* «حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا يعقوب- يعني ابن عبدالرحمن القاري-

عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة. إن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله قال يوم خيبر: لأعطينّ هذه الرّاية رجلًا يحب اللَّه ورسوله يفتح اللَّه علي يديه، قال عمر بن الخطاب: ما أحببت الإمارة الّا يومئذ قال:

فتساورت لها رجاء أن ادعي لها، قال: فدعا رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله علي بن أبي طالب فأعطاه إياها وقال: امش ولا تلتفت حتّي يفتح اللَّه عليك، قال: فسار علي شيئاً ثم وقف ولم يلتفت، فصرخ يا رسول اللَّه:

علي ماذا أقاتل الناس؟ قال قاتلهم حتّي يشهدوا أن لا إله الّا اللَّه وأنّ محمداً رسول اللَّه، فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم إلّا بحقها وحسابهم علي اللَّه.

* «حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبدالعزيز- يعني ابن أبي حازم-

__________________________________________________

(1) صحيح مسلم 7/ 120- 121.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 23

عن أبي حازم عن سهل وحدثنا قتيبة بن سعيد- واللفظ هذا- حدثنا يعقوب- يعني ابن عبدالرحمن- عن أبي حازم: أخبرني سهل بن سعد أن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله قال يوم خيبر: لأعطينّ هذه الراية رجلًا يفتح اللَّه علي يديه، يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله. قال: فبات النّاس يدوكون ليلتهم أيّهم يعطاها قال: فلما أصبح النّاس غدوا علي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله كلّهم يرجون أن يعطاها فقال: أين علي بن أبي طالب؟ فقالوا: هو يا رسول اللَّه يشتكي عينيه قال فأرسلوا إليه فأتي به فبصق رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله في عينيه ودعا له فبرأ حتّي كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية، فقال علي: يا رسول اللَّه أقاتلهم حتّي يكونوا مثلنا؟ فقال: انفذ علي رسلك حتّي تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلي الإسلام

وأخبرهم بما يجب عليهم من حقّ اللَّه فيه، فواللَّه لأن يهدي اللَّه بك رجلًا واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم».

* «حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا حاتم- يعني ابن إسماعيل- عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع قال: كان علي قد تخلّف عن النبي صلّي اللَّه عليه وآله في خيبر وكان رمداً فقال: أنا أتخلّف عن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله! فخرج علي فلحق بالنبي صلّي اللَّه عليه وآله، فلمّا كان مساء الليلة التي فتحها اللَّه في صباحها قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: لأعطينّ الراية أو ليأخذنّ بالراية غداً رجل يحبه اللَّه ورسوله أو قال

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 24

يحب اللَّه ورسوله يفتح اللَّه عليه، فإذا نحن بعلي وما نرجوه فقالوا: هذا علي، فأعطاه رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله الراية، ففتح اللَّه عليه» «1».

* عن سلمة: «ثم أرسلني إلي علي وهو أرمد فقال: لأعطينّ الراية رجلًا يحب اللَّه ورسوله أو يحبه اللَّه ورسوله. قال: فأتيت علياً فجئت به أقوده وهو أرمد حتّي أتيت به رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله، فبسق في عينيه فبرأ، وأعطاه الراية. وخرج مرحب فقال:

قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب

إذا الحروب أقبلت تلهّب

فقال علي:

أنا الذي سمّتني امي حيدره كليث غابات كربه المنظره

أوفيهم بالصاع كيل السندره

قال:

فضرب رأس مرحب فقتله، ثم كان الفتح علي يديه «2»».

__________________________________________________

(1) صحيح مسلم 7/ 121- 122.

(2) صحبح مسلم 5/ 195.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 25

رواية النسائي … ص: 25

* «أخبرنا قتيبة بن سعيد قال: أنا يعقوب عن أبي حازم قال: أخبرنا سهل بن سعد أن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله

قال يوم خيبر: لأعطينّ هذه الراية غداً يفتح اللَّه علي يديه يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله، فلمّا أصبح الناس غدوا علي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله كلّهم يرجوا أن يعطاها، قال: أين علي بن أبي طالب؟ فقالوا: هو يا رسول اللَّه يشتكي عينيه قال: فأرسلوا إليه، فأتي به فبصق في عينيه ودعا له فبرأ حتّي كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية. فقال علي: يا رسول اللَّه، أقاتلهم حتّي يكونوا مثلنا؟ قال: أنفذ علي رسلك حتّي تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلي الإسلام، فواللَّه لأن يهدي اللَّه بك رجلا خير لك من أن يكون لك حمر النعم».

* «أخبرنا العباس بن عبدالعظيم قال: ثنا عمر بن عبدالوهاب قال:

أنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن منصور عن ربعي عن عمران بن حصين أن النبي صلّي اللَّه عليه وآله قال: لأعطينّ الراية رجلًا يحب اللَّه ورسوله أو قال يحبه اللَّه ورسوله. فدعا علياً وهو أرمد ففتح اللَّه علي يديه.

أخبرنا أحمد بن سليمان قال: ثنا يعلي بن عبيد قال: ثنا يزيد بن

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 26

جلس عن أبي حازم عن أبي هريرة قال قال رسول اللَّه: لأدفعنّ الراية اليوم إلي رجل يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله، فتطاول القوم فقال: أين علي؟ قالوا: يشتكي عينيه، فدعا به فبزق نبي اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله في كفيه ثم مسح بهما عيني علي ودفع إليه الراية، ففتح اللَّه عليه يومئذ» «1».

* «أخبرنا العباس بن عبدالعظيم قال: ثنا عمر بن عبدالوهاب قال أنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن منصور عن ربعي، عن عمران بن حصين أن النبي صلّي اللَّه عليه وآله قال: لأعطينّ الراية رجلًا يحب

اللَّه ورسوله أو قال يحبه اللَّه ورسوله، فدعا عليا وهو أرمد، ففتح اللَّه علي يديه.

أخبرنا أحمد بن سليمان قال: ثنا يعلي بن عبيد قال ثنا: يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة قال قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: لأدفعنّ الراية اليوم إلي رجل يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله، فتطاول القوم فقال: أين علي؟ قالوا يشتكي عينيه، فدعا به فبزق نبي اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله في كفيه ثم مسح بهما عيني علي ودفع إليه الراية، ففتح اللَّه عليه يومئذ» «2».

__________________________________________________

(1) فضائل الصحابة: 15- 16.

(2) السنن الكبري 5/ 46.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 27

* «أخبرنا قتيبة بن سعيد وهشام بن عمار قالا: حدثنا حاتم عن بكير بن مسمار عن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال: أمر معاويه سعداً فقال: ما منعك أن تسبّ أبا تراب؟ قال: أما ما ذكرت ثلاثاً قالهنّ رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله فلن أسبه، لأن تكون لي واحدة منهنّ أحب إليّ من حمر النعم، سمعت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله يقول له وقد وخلّفه في بعض مغازيه فقال له علي يا رسول اللَّه: تخلّفني مع النساء والصبيان؟ فقال له رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: أما ترضي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسي إلا أنه لا نبوة بعدي. وسمعته يقول في يوم خيبر: لأعطين الراية رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله فتطاولنا لها فقال: ادعوا لي علياً، فأتي به أرمد فبصق في عينيه ودفع الراية إليه. ولما نزلت- زاد هشام- إنما يريد اللَّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت دعا رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال:

اللهم يعني هؤلاء أهلي».

* «أخبرنا حرمي بن يونس بن محمد قال: حدثنا أبو غسان قال حدثنا عبدالسلام عن موسي الصغير عن عبدالرحمن بن سابط عن سعد بن أبي وقاص قال: كنت جالساً فتنقصوا علي بن أبي طالب فقال:

لقد سمعت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله يقول له خصالًا ثلاثة، لأن تكون لي واحدة منهنّ أحبّ إلي من حمر النعم: سمعته يقول: إنه مني

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 28

بمنزلة هارون من موسي إلا أنه لا نبي بعدي، وسمعته يقول: لأعطينّ الراية غداً رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله، وسمعته يقول:

من كنت مولاه فعلي مولاه».

* «أخبرني زكريا بن يحيي قال: حدثنا نصر بن علي قال: أخبرنا عبداللَّه بن داود عن عبد الواحد بن أيمن عن أبيه أن سعداً قال قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: لأدفعنّ الراية غداً إلي رجل يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله يفتح اللَّه علي يديه، فاستشرف لها أصحابه فدفعها إلي علي».

* «أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا عبيداللَّه قال: أخبرنا بن أبي ليلي عن الحكم والمنهال عن عبدالرحمن بن أبي ليلي عن أبيه قال لعلي وكان يسمر معه: إن الناس قد أنكروا منك أنك تخرج في البرد في الملاءتين وتخرج في الحر في الحشو والثوب الغليظ! قال: أو لم تكن معنا بخيبر؟ قال بلي، قال: فإن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله بعث أبا بكر وعقد له لواء فرجع، وبعث عمر وعقد له لواء فرجع بالناس، فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: لأعطين الراية رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله ليس بفرار، فأرسل إلي وأنا أرمد قلت: إني أرمد، فتفل في عيني وقال: اللهم اكفه

أذي الحر والبرد. فما وجدت حراً بعد ذلك ولا برداً».

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 29

* «أخبرنا محمد بن علي بن حرب المروزي قال: أخبرنا معاذ ابن خالد قال: أخبرنا الحسين بن واقد عن عبداللَّه بن بريدة قال: سمعت أبي بريدة يقول: حاصرنا خيبر، فأخذ اللواء أبو بكر ولم يفتح له، وأخذ من الغد عمر فانصرف ولم يفتح له، وأصاب الناس يومئذ شدة وجهد، فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: إني دافع لوائي غداً إلي رجل يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله: لا يرجع حتّي يفتح له، وبتنا طيبة أنفسنا أن الفتح غداً، فلما أصبح رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله صلّي الغداة ثم قام قائماً ودعا باللواء والناس علي مصافهم، فما منا إنسان له منزلة عند رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله إلا وهو يرجو أن يكون صاحب اللواء، فدعا علي بن أبي طالب وهو أرمد، فتفل في عينيه ومسح عنه ودفع إليه اللواء، وفتح اللَّه له. قال: وأنا فيمن تطاول لها».

* «أخبرنا محمد بن بشار قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا عوف عن ميمون أبي عبداللَّه أن عبداللَّه بن بريدة حدثه عن بريدة الأسلمي قال: لما كان حيث نزل رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله بحضرة أهل خيبر أعطي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله اللواء عمر، فنهض معه من نهض من الناس، فلقوا أهل خيبر فانكشف عمر وأصحابه فرجعوا إلي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله، فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله:

لأعطينّ اللواء رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله، فلما كان من

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 30

الغد تصادر أبو بكر وعمر، فدعا علياً وهو

أرمد فتفل في عينيه ونهض معه من الناس من نهض، فلقي أهل خيبر، فإذا مرحب يرتجز وهو يقول:

قد علمت خيبر أني مرحب شاك السلاح بطل مجرب

أطعن أحياناً وحيناً أضرب إذا الليوث أقبلت تلهّب

فاختلف هو وعلي ضربتين، فضربه علي علي هامته حتي عض السيف منها أبيض رأسه وسمع أهل العسكر صوت ضربته فما تتم آخر الناس مع علي حتي فتح اللَّه له ولهم».

* «أخبرنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا يعقوب عن أبي حازم قال:

أخبرني سهل بن سعد أن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله قال يوم خيبر:

لأعطينّ هذه الراية غداً رجلًا يفتح اللَّه عليه، يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله، فلما أصبح الناس، غدوا علي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله كلّهم يرجو أن يعطي، فقال: أين علي بن أبي طالب؟ فقالوا: يا رسول اللَّه يشتكي عينيه قال: فأرسلوا إليه فأتي به، فبصق رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله في عينه ودعا له فبرأ كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية. فقال علي يا رسول اللَّه أقاتلهم حتّي يكونوا مثلنا؟ قال: انفذ علي رسلك حتّي تنزل بساحتهم ثم أدعهم إلي الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حقّ اللَّه، فواللَّه لأن يهدي اللَّه بك رجلًا واحداً خير لك من أن تكون لك الحمر النعم».

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 31

* «أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا يعلي بن عبيد قال: حدثنا يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة قال قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: لأدفعنّ اليوم الراية إلي رجل يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله. فتطاول القوم فقال: أين علي؟ فقالوا: يشتكي عينيه قال:

فبصق نبي اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله

في كفيه ومسح بها عيني علي ودفع إليه الراية ففتح اللَّه علي يديه».

* «أخبرنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا يعقوب عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله قال يوم خيبر: لأعطينّ هذه الراية رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله ويفتح اللَّه عليه.

قال عمر بن الخطاب: ما أحببت الإمارة إلّايومئذ. فدعا رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله علي بن أبي طالب فأعطاه إياها وقال: امش ولا تلتفت حتّي يفتح اللَّه عليك. فسار علي ثم توقف يعني فصرخ يا رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله علام أقاتل الناس؟ قال: قاتلهم حتّي يشهدوا أن لا إله إلّا اللَّه وأني رسول اللَّه، فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم علي اللَّه».

* «أخبرنا محمد به عبداللَّه بن المبارك قال: حدثنا أبو هشام قال حدثنا وهيب قال: حدثنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله يوم خيبر: لأدفعنّ الراية إلي رجل يحبه

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 32

اللَّه ورسوله ويفتح اللَّه عليه. قال عمر: فما أحببت الامارة قط قبل يومئذ، فدفعها إلي علي فقال: قاتل ولا تلتفت، فسار قريباً قال يا رسول اللَّه علام أقاتل الناس؟ قال: علي أن يشهدوا أن لا إله إلا اللَّه وأنّ محمداً رسول اللَّه فإذا فعلوا فقد عصموا دماءهم وأموالهم مني إلّا بحقها وحسابهم علي اللَّه».

* «أخبرنا العباس بن عبدالعظيم العنبري قال: حدثنا عمر بن عبدالوهاب قال: حدثنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن منصور عن ربعي عن عمران بن حصين أن النبي صلّي اللَّه عليه وآله قال: لأعطينّ الراية رجلًا يحب اللَّه

ورسوله أو قال يحبه اللَّه ورسوله، فدعا علياً وهو أرمد ففتح اللَّه علي يديه».

* «أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: أخبرنا النضر بن شميل قال حدثنا يونس عن أبي إسحاق عن هبيرة بن يريم قال: خرج إلينا الحسن بن علي وعليه عمامة سوداء فقال: لقد كان فيكم بالأمس رجل ما سبقه الأوّلون ولا يدركه الآخرون، وإن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله قال: لأعطينّ الراية غداً رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله، يقاتل جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره، ثم لا ترد- يعني رايته- حتّي يفتح اللَّه عليه، ما ترك ديناراً ولا درهماً إلا سبعمائة درهم أخذها

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 33

من عطائه، كان أراد أن يبتاع بها خادماً لأهله» «1».

* «أخبرني عمران بن بكار بن راشد قال: حدثنا أحمد بن خالد قال: حدثنا محمد عن عبداللَّه بن أبي نجيح عن أبيه: أن معاوية ذكر علي بن أبي طالب، فقال سعد بن أبي وقاص: واللَّه لأن تكون لي إحدي خلاله الثلاث أحب إليّ من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس، لأن يكون قال لي ما قاله له حين رده من تبوك: أما ترضي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسي إلا أنه لا نبي بعدي أحب إلي أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس. ولأن قال لي ما قال في يوم خيبر لأعطينّ الراية رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله يفتح اللَّه علي يديه ليس بفرّار أحبّ إلي من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس، ولأن أكون كنت صهره علي ابنته لي منها من الولد ما له أحبّ إلي من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس» «2».

* «أخبرنا قتيبة

بن سعيد البلخي، وهشام بن عمار الدمشقي قالا:

حدثنا حاتم عن بكير بن مسمار عن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال:

أمر معاوية سعداً فقال: ما يمنعك أن تسبّ أبا تراب؟ فقال: أنا ذكرت ثلاثاً قالهنّ رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله فلن أسبه، لأنْ يكون لي

__________________________________________________

(1) السنن الكبري 5/ 107- 112.

(2) السنن الكبري 5/ 144- 145.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 34

واحدة منها أحبّ إلي من حمر النعم، سمعت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله يقول له وخلّفه في بعض مغازيه، فقال له علي: يا رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله أتخلفني مع النساء والصبيان؟ فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: أما ترضي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسي إلا أنه لا نبوة بعدي. وسمعته يقول يوم خيبر: لأعطينّ الراية غداً رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله، فتطاولنا إليها، فقال: ادعوا إليّ علياً، فأتي به أرمد، فبصق في عينيه ودفع الراية إليه. ولما نزلت: «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» دعا رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي».

* «أخبرنا حرمي بن يونس بن محمد الطرسوسي قال: أخبرنا أبو غسان قال: أخبرنا عبدالسلام عن موسي الصغير عن عبدالرحمان بن سابط عن سعد قال: كنت جالساً، فتنقصوا علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه فقلت: لقد سمعت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله يقول في علي خصال ثلاث، لأنْ يكون لي واحدة منهنّ أحب إليّ من حمر النعم، سمعته يقول: إنه منّي بمنزلة هارون من موسي إلا إنه لا نبي بعدي.

وسمعته يقول: لأعطين الراية غداً رجلًا يحب اللَّه ورسوله

ويحبه اللَّه ورسوله. وسمعته يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه».

* «أخبرنا زكريا بن يحيي السجستاني قال: أخبرنا نصر بن علي

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 35

قال: حدثنا عبداللَّه بن داود عن عبدالواحد بن أيمن عن أبيه، أن سعداً قال: قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: لأدفعنّ الراية إلي رجل يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله ويفتح اللَّه بيده. فاستشرف لها أصحابه فدفعها إلي علي» «1».

* «أخبرنا أحمد بن سليمان الرهاوي، حدثنا عبيداللَّه أخبرنا ابن أبي ليلي، عن الحكم ومنهال، عن عبدالرحمن بن أبي ليلي، عن أبيه قال لعلي وكان يسمر معه: إن الناس قد أنكروا منك شيئاً، تخرج في البرد في الملاءتين، وتخرج في الحرّ في الخشن والثوب الغليظ. فقال: ألم تكن معنا بخيبر؟ فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: لأعطينّ الراية رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله ليس بفرار. فأرسل إليّ وأنا أرمد فتفل في عيني فقال: اللهم اكفه أذي الحرّ والبرد. قال: ما وجدت حرّاً بعد ذلك ولا برداً».

* «أخبرنا محمد بن علي بن هبة الواقدي قال: أخبرنا معاذ بن خالد، قال: أخبرنا الحسين بن واقد، عن عبداللَّه بن بريدة قال: سمعت أبي بريدة يقول: حاصرنا خيبر، فأخذ الراية أبو بكر ولم يفتح له، فأخذها من الغد عمر فانصرف ولم يفتح له، وأصاب الناس شدّة وجهد، فقال

__________________________________________________

(1) خصائص علي: 48- 51.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 36

رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: إني دافع لوائي غداً إلي رجل يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله لا يرجع حتّي يفتح له. وبتنا طيّبة أنفسنا أن الفتح غداً، فما منّا إنسان له منزلة عند الرسول صلّي اللَّه عليه وآله

إلا وهو يرجو أن يكون صاحب اللواء والناس علي مصافّهم، فدعا علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه وهو أرمد، فتفل ومسح في عينيه، فدفع إليه اللواء وفتح عليه. قالوا: أخبرنا أنه كان ممن تطاول لها».

* «أخبرنا محمد بن بشار بندار البصري، أخبرنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا عوف عن ميمون، عن أبي عبداللَّه عبد السلام، أن عبداللَّه بن بريدة حدثه عن بريدة الأسلمي، قال: لما كان يوم خيبر نزل رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله بحصن أهل خيبر، أعطي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله اللواء عمر، فنهض معه من نهض من الناس، فلقوا أهل خيبر، فانكشف عمر وأصحابه فرجعوا إلي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله، فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: لأعطينّ اللواء رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله. فلما كان من الغد تصادر أبو بكر وعمر، فدعا علياً وهو أرمد فتفل في عينيه ونهض معه من الناس من نهض، فلقي أهل خيبر، فإذا مرحب يرتجز:

قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السّلاح بطل مجرّب

إذا الليوث أقبلت تلهّب أطعن أحياناً وحيناً أضرب

فاختلف هو وعلي ضربتين، فضربه علي هامته، حتي مضي السيف منها منتهي رأسه، وسمع أهل العسكر صوت ضربته، فما تتام آخر الناس مع علي حتّي فتح لأوّلهم».

* «أخبرنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا يعقوب بن عبدالرحمن الزهري، عن أبي حزم، قال: أخبرني سهيل بن سعد أن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله قال يوم خيبر: لأعطينّ هذه الراية غداً رجلًا يفتح اللَّه عليه يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله. فلما أصبح الناس غدوا علي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله كلّهم يرجو أن يعطي، فقال: أين علي بن

أبي طالب؟ فقالوا: علي يا رسول اللَّه يشتكي عينيه، قال: فأرسلوا إليه، فأتي به، فبصق رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله في عينيه ودعا له، فبرأ حتّي كأن لم يكن به وجع فأعطاه الراية، فقال علي: يا رسول اللَّه أقاتلهم حتّي يكونوا مثلنا، فقال: انفذ … ».

* «أخبرنا أبو الحسن أحمد بن سليمان الرهاوي قال: حدثنا يعلي بن عبيد قال: حدثنا يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: لأدفعنّ الراية اليوم إلي رجل يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله. فتطاول القوم، فقال: أين علي بن أبي طالب؟ فقالوا: يشتكي عينيه، قال: فبصق نبي اللَّه في كفيه ومسح بهما عيني علي ودفع إليه الراية، ففتح اللَّه علي يديه».

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 38

* «أخبرنا قتيبة بن سعيد، قال: أخبرنا يعقوب، عن سهل، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله يوم خيبر: لأعطينّ الراية رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله، يفتح اللَّه عليه. قال عمر بن الخطاب: ما أحببت الإمارة إلا يومئذ. فدعا رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله علي بن أبي طالب فأعطاه إياها، وقال: امش ولا تلتفت حتّي يفتح اللَّه عليك. فسار علي ثم وقف، فصاح يا رسول اللَّه: علي ماذا أقاتل الناس؟ قال: قاتلهم حتّي يشهدوا أن لا إله إلا اللَّه وأنّ محمداً رسول اللَّه، فإذا فعلوا ذلك قد منعوا منك دماءهم وأموالهم إلا بحقّها وحسابهم علي اللَّه».

* «أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن راهويه، قال: أخبرنا جرير، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله:

لأعطينّ الراية غداً رجلًا يحب

اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله يفتح عليه. قال عمر: فما أحببت الإمارة قط إلا يومئذ، قال: فاستشرفت لها فدعا علياً فبعثه، ثم قال: اذهب فقاتل حتّي يفتح اللَّه عليك ولا تتلفت.

قال: فمشي ما شاء اللَّه، ثم وقف ولم يلتفت فقال: علام نقاتل الناس؟

قال: قاتلهم حتّي يشهدوا أن لا إله إلا اللَّه وأنّ محمداً رسول اللَّه، فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا دماءهم وأموالهم إلا بحقّها وحسابهم علي اللَّه».

«أخبرنا محمد بن عبداللَّه بن المبارك المخرمي، قال: حدثنا

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 39

أبو هاشم المخزومي، قال: حدثنا وهب، قال: حدثنا سهل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله يوم خيبر: لأدفعنّ الراية إلي رجل يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله ويفتح اللَّه عليه. قال عمر: فما أحببت الإمارة قط قبل يومئذ. فدفعها إلي علي رضي اللَّه عنه. قال: قال: ولا تلتفت، فسار قريباً قال: يا رسول اللَّه علام تقاتل؟ قال: علي أن يشهدوا أن لا إله إلا اللَّه وأنّ محمداً رسول اللَّه، فإذا فعلوا ذلك عصموا دماءهم وأموالهم إلا بحقّها وحسابهم علي اللَّه تعالي».

* «خبر عمران بن حصين في ذلك: أخبرنا العباس بن عبدالعظيم العنبري البصري، قال: أخبرنا عمر بن عبدالوهاب قال: أخبرنا معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن منصور، عن ربعي، عن عمران بن الحصين: أن النبي صلّي اللَّه عليه وآله قال: لأعطينّ الراية رجلًا يحب اللَّه ورسوله، أو قال: يحبه اللَّه ورسوله. فدعا علياً وهو أرمد ففتح اللَّه علي يديه».

* «خبر الحسن بن علي رضي اللَّه تعالي عنهما عن النبي صلّي اللَّه عليه وآله في ذلك وأن جبريل يقاتل عن يمينه وميكائيل عن يساره:

أخبرنا إسحاق

بن راهويه، أخبرنا النضر بن شميل، قال: أخبرنا يونس، عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن يريم، قال: جمع الناس الحسن بن علي وعليه عمامة سوداء لما قتل أبوه فقال: لقد كان قتلتم بالأمس رجلًا

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 40

ما سبقه الأولون ولا يدركه الآخرون، وإن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله قال: لأعطينّ الراية غداً رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله، فيقاتل وجبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره، ثم لا ترد رايته حتّي يفتح اللَّه عليه. ما ترك ديناراً ولا درهماً إلا تسعمائة أخذها عياله من عطاء كان أراد أن يبتاع بها خادماً لأهله» «1».

رواية ابن ماجة … ص: 40

* «حدثنا علي بن محمد. ثنا أبو معاوية، ثنا موسي بن مسلم، عن ابن سابط- وهو عبدالرحمن- عن سعد بن أبي وقاص، قال: قدم معاوية في بعض حجاته، فدخل عليه سعد، فذكروا علياً. فنال منه. فغضب سعد، وقال: تقول هذا لرجل سمعت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه. وسمعته يقول: أنت مني بمنزلة هارون من موسي إلا أنه لا نبي بعدي. وسمعته يقول: لأعطينّ الراية اليوم رجلًا يحب اللَّه ورسوله؟» «2».

__________________________________________________

(1) خصائص علي: 52- 61.

(2) سنن ابن ماجة 1/ 45.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 41

رواية الترمذي … ص: 41

* «حدثنا قتيبة أخبرنا حاتم بن إسماعيل عن بكير ابن مسمار عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال: ما منعك أن تسبّ أبا تراب؟ قال: أما ما ذكرت ثلاثاً قالهنّ رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله فلن أسبه، لأن تكون لي واحدة منهنّ أحبّ إليّ من حمر النعم، سمعت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله يقول لعلي وخلّفه في بعض مغازيه فقال له يا رسول اللَّه تخلّفني مع النساء والصبيان؟ فقال له رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: أما ترضي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسي إلا أنه لا نبوة بعدي. وسمعته يقول يوم خيبر: لأعطينّ الراية رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله. قال فتطاولنا لها فقال: ادعوا لي علياً، فأتاه وبه رمد فبصق في عينه فدفع الراية إليه ففتح اللَّه عليه. وأنزلت هذه الآية «نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ» الآية، دعا رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله عليّاً وفاطمةً وحسناً وحسيناً فقال: اللهم هؤلاء أهلي. هذا حديث حسن غريب

صحيح من هذا الوجه» «1».

__________________________________________________

(1) سنن الترمذي 5/ 301- 302.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 42

رواية ابن سعد … ص: 42

* «أخبرنا هاشم بن القاسم، أخبرنا عكرمة بن عمار، أخبرني إياس بن سلمة بن الأكوع قال: أخبرني أبي قال: بارز عمي يوم خيبر مرحب اليهودي، فقال مرحب:

قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب

إذا الحروب أقبلت تلهب أطعن أحياناً وحيناً أضرب

فقال عمي عامر:

قد علمت خيبر أني عامر شاك السلاح بطل مغامر

فاختلفا ضربتين، فوقع سيف مرحب في ترس عامر وذهب عامر يسفل له فرجع السيف علي ساقه فقطع أكحله فكانت فيها نفسه.

قال سلمة بن الأكوع: فلقيت ناساً من أصحاب رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله فقالوا بطل عمل عامر قتل نفسه، قال سلمة: فجئت إلي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله أبكي، فقلت: يا رسول اللَّه أبطل عمل عامر، قال ومن قال ذلك؟ قلت: أناس من أصحابك، قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: كذب من قال ذاك بل له أجره مرتين. إنه حين خرج إلي خيبر جعل يرجز بأصحاب رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وفيهم النبي يسوق الركاب وهو يقول:

تاللَّه لو لا اللَّه ما اهتدينا وما تصدّقنا وما صلّينا

إن الذين كفروا علينا إذا أرادوا فتنة أبينا

ونحن عن فضلك ما استغنينا فثبّت الأقدام إن لاقينا

وأنزلن سكينةً علينا

فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: من هذا؟ قالوا: عامر يا رسول اللَّه، قال: غفر لك ربك، قال: وما استغفر لإنسان قط يخصه إلا استشهد، فلما سمع ذلك عمر بن الخطاب قال: يا رسول اللَّه، لو ما متعتنا بعامر، فتقدم فاستشهد.

قال سلمة: ثم إن نبي اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله أرسلني إلي علي فقال:

لأعطينّ الراية اليوم رجلًا يحب

اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله قال:

فجئت به أقوده أرمد، فبصق رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله في عينيه ثم أعطاه الراية، فخرج مرحب يخطر بسيفه فقال:

قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب

إذا الحروب أقبلت تلهب

فقال علي:

أنا الذي سمتني أمي حيدره كليث غابات كريه المنظره

أكيلهم بالصاع كيل السندره

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 44

ففلق رأس مرحب بالسيف، وكان الفتح علي يديه» «1».

رواية ابن أبي شيبة … ص: 44

* «حدثنا شاذان قال: حدثنا حماد بن سلمة عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال عمر: إن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله قال: لأدفعنّ اللواء غداً رجلًا يحب اللَّه ورسوله، يفتح اللَّه به. قال عمر: ما تمنيت الإمرة إلا يومئذ، فلما كان الغد تطاولت لها، قال: فقال يا علي! قم اذهب فقاتل ولا تلفت حتّي يفتح اللَّه عليك، فلما قفا كره أن يلتفت، فقال: يا رسول اللَّه! علام أقاتلهم؟ قال: حتّي يقولوا: لا إله إلّااللَّه، فإذا قالوها حرمت دماؤهم وأموالهم إلا بحقها».

* «حدثنا علي بن هاشم قال: حدثنا ابن أبي ليلي عن المنهال والحكم وعيسي عن عبدالرحمن بن أبي ليلي قال: قال علي: ما كنت معنا يا أبا ليلي بخيبر؟ قلت: بلي واللَّه، لقد كنت معكم، قال: فإن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله بعث أبا بكر، فسار بالناس فانهزم حتّي رجع إليه، وبعث عمر فانهزم بالناس حتّي انتهي إليه، فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: لأعطينّ الراية رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله، يفتح اللَّه له ليس بفرار. قال: فأرسل إلي فدعاني فأتيته وأنا أرمد لا أبصر

__________________________________________________

(1) الطبقات الكبري 2/ 110- 112.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 45

شيئاً، فدفع إليّ

الراية، فقلت يا رسول اللَّه! كيف وأنا أرمد لا أبصر شيئاً، فتفل في عيني، ثم قال: اللهم اكفه الحرّ والبرد، قال: فما آذاني بعد حرّ ولا برد» «1».

رواية البلاذري … ص: 45

* «حدثني شجاع بن مخلد ويوسف بن موسي القطان، قالا:

حدثنا جرير بن عبدالحميد الضبي عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله يوم خيبر: لأعطينّ الراية رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله. فدعا علياً فبعثه وقال: قاتل حتّي يفتح اللَّه عليك ولا تلتفت. قال: فمشي علي ما شاء اللَّه ثم وقف فلم يلتفت وقال: يا رسول اللَّه علي ما أقاتل الناس؟ قال: قاتلهم حتّي يشهدوا أن لا إله إلا اللَّه وأنّ محمداً عبده ورسوله، فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم إلا بحقها وحسابهم علي اللَّه».

* «حدثني روح بن عبد المؤمن المقري، حدثنا أبو عوانة، عن أبي بلج عن عمرو بن جواب عن ابن عباس قال قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: لأعطينّ الراية غداً رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله. فأتي بعلي فدفعها إليه، فجاء بصفية بنت حيي بن أخطب».

__________________________________________________

(1) المصنف 8/ 522- 523.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 46

* «حدثنا خلف بن هشام البزار وعفان، عن أبي عوانة، عن أبي بلج، عن عمرو، عن ابن عباس رضي اللَّه عنه بمثله».

* «حدثنا خلف بن هشام البزار، حدثنا عبدالوهاب بن عطاء الخفاف عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة أن علياً كان صاحب [راية] رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله يوم بدر» «1».

رواية أبي يعلي … ص: 46

* «حدثنا عبيداللَّه حدثنا فضيل بن سليمان النميري حدثنا أبو حازم حدثنا سهل بن سعد قال قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله:

لأعطين الراية غداً رجلًا يفتح اللَّه علي يده قال: فغدا الناس إلي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله كلهم يرجو أن يعطيه الراية، قال أين علي

بن أبي طالب؟ قالوا: هو شاكي العين يا رسول اللَّه، قال: ادعوه، فجي ء به، فبصق في عينه ودعا له فبرأ، ثم أعطاه الراية ثم قال: ادع علياً فجاء ثم قال: يا علي، لا تلتفت حتّي تنزل بالقوم فتدعوهم، فقال يا رسول اللَّه أنقاتلهم حتّي يقولوا لا إله إلا اللَّه … » «2».

* «حدثنا سويد بن سعيد حدثنا عبدالعزيز بن أبي حازم عن أبيه

__________________________________________________

(1) أنساب الأشراف: 93- 94.

(2) مسند أبي يعلي 1/ 291- 292.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 47

عن سهل بن سعد قال سمعت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله يقول يوم خيبر: لأعطينّ الراية غداً رجلًا يفتح اللَّه علي يده، فبات الناس يدوكون أيّهم يعطي، فلما أصبح الناس غدوا علي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله كلّهم يرجو أن يعطاها، فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: أين علي بن أبي طالب؟ فقالوا: يا رسول اللَّه هو يشتكي عينيه فأمر به فدعي فبزق علي عينيه ودعا له فبرأ مكانه حتّي كأنه لم يكن به شي ء، فدفع الراية إليه فقال: يا رسول اللَّه علام نقاتلهم؟ فقال صلّي اللَّه عليه وآله: علي رسلك انفذ حتّي تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلي اللَّه عزّوجلّ وإلي رسوله حتّي يكونوا مثلنا وأخبرهم بما يجب عليهم فيه من الحقّ، فواللَّه لأن يهدي اللَّه بهداك رجلًا واحداً خير لك من حمر النعم» «1».

* «وعن سهل بن سعد أنه سمع رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله يقول: لأعطينّ الراية غداً رجلًا يفتح اللَّه علي يده قال: فبات الناس يدوكون لذلك ويرون أيهم يعطاها، فلما أصبح الناس غدوا علي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله كلّهم يرجو أن يعطاها، فقال رسول اللَّه

صلّي اللَّه عليه وآله: أين علي بن أبي طالب؟ قالوا: يا رسول اللَّه، هو يشتكي عينيه فأمر به فدعي فبصق في عينيه ودعا له فبرأ مكانه حتّي كأن لم يكن به شي ء فأعطاه الراية فقال: يا رسول اللَّه أنقاتلهم حتّي يكونوا مثلنا؟ فقال

__________________________________________________

(1) مسند أبي يعلي 13/ 522- 523.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 48

رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله علي رسلك، إذا نزلت بساحتهم فادعهم إلي الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم فيه من الحقّ، فواللَّه لأنْ يهدي اللَّه بهداك رجلًا واحداً خير لك من حمر النعم» «1».

رواية الحاكم … ص: 48

حدّثنا أبو العباس محمّد بن يعقوب ثنا أحمد بن عبدالجبار ثنا يونس بن بكير عن محمّد بن إسحاق قال: حدثني بريدة بن سفيان بن بريدة الأسلمي عن سلمة بن عمرو بن الاكوع رضي اللَّه عنه قال: بعث رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم أبا بكر رضي اللَّه تعالي عنه إلي بعض حصون خيبر، فقاتل وجهد ولم يكن فتح. هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

أخبرنا أبو قتيبة سالم بن الفضل الآدمي بمكة، ثنا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة ثنا علي بن هاشم عن ابن أبي ليلي عن الحكم وعيسي عن عبدالرحمن عن أبي ليلي عن علي: إنه قال يا أبا ليلي، أما كنت معنا بخيبر؟ قال بلي واللَّه كنت معكم، قال: فإن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم بعث أبا بكر إلي خيبر، فسار بالناس وانهزم حتي رجع. هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

__________________________________________________

(1) مسند أبي يعلي 13/ 531.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 49

حدثنا ميمون بن إسحاق بن الحسن الهاشمي ببغداد ثنا أحمد بن عبدالجبار العطاردي ثنا يونس بن بكير ثنا

المسيب بن مسلم الأزدي ثنا عبداللَّه بن بريدة عن أبيه رضي اللَّه عنهما قال: كان رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم ربما أخذته الشقيقة، فيلبث اليوم واليومين لا يخرج، فلما نزل بخيبر أخذته الشقيقة فلم يخرج إلي الناس، وإن أبا بكر رضي اللَّه عنه أخذ راية رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم ثم نهض فقاتل قتالًا شديداً ثم رجع. هذا حديث صحيح الإسناد، لم يخرجاه.

أخبرنا أبو العباس محمّد بن أحمد المحبوبي بمرو، ثنا سعيد بن مسعود ثنا عبيداللَّه بن موسي ثنا نعيم بن حكيم عن أبي موسي الحنفي عن علي رضي اللَّه عنه قال: سار النبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم إلي خيبر، فلما أتاها بعث عمر رضي اللَّه تعالي عنه وبعث معه الناس إلي مدينتهم أو قصرهم فقاتلوهم، فلم يلبثوا أن هزموا عمر وأصحابه فجاؤا يجبّنونه ويجبّنهم، فسار النبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم. الحديث. هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

حدثنا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه ببغداد ثنا محمّد بن عبداللَّه بن سليمان ثنا القاسم بن أبي شيبة ثنا يحيي بن يعلي ثنا معقل بن عبيداللَّه عن أبي الزبير عن جابر رضي اللَّه عنه: إن النبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم دفع الراية يوم خيبر إلي عمر رضي اللَّه عنه، فانطلق فرجع

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 50

يجبّن أصحابه ويجبّنونه. هذا حديث صحيح علي شرط مسلم ولم يخرجاه.

حدثنا أبو عبداللَّه محمّد بن عبداللَّه الصفار إملاء ثنا زكريا بن يحيي بن مروان وإبراهيم بن إسمعيل السيوطي قالا: ثنا فضيل بن عبدالوهاب ثنا جعفر بن سليمان عن الخليل بن مرة عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبداللَّه رضي اللَّه عنهما

قال: لما كان يوم خيبر، بعث رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم رجلًا فجبن، فجاء محمّد بن مسلمة فقال يا رسول اللَّه لم أر كاليوم قط، قتل محمود بن مسلمة. فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم: لا تمنوا لقاء العدو وسلوا اللَّه العافية، فإنكم لا تدرون ما تبتلون معهم، وإذا لقيتموهم، فقولوا اللهم أنت ربنا وربهم ونواصينا ونواصيهم بيدك وإنما تقتلهم أنت ثم الزموا الأرض جلوساً، فإذا غشوكم فانهضوا وكبّروا. ثم قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم: لأبعثن غداً رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبّانه لا يولّي الدبر، يفتح اللَّه علي يديه، فتشرف لها الناس وعلي رضي اللَّه عنه يومئذ أرمد، فقال له رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم: ادن مني، فقال: يا رسول اللَّه ما ابصر موضعاً فتفل في عينيه وعقد له ودفع إليه الراية فقال علي: يا رسول اللَّه علي ما اقاتلهم؟ فقال علي أن يشهدوا أن لا إله إلا اللَّه وإني رسول اللَّه فإذا فعلوا ذلك فقد حقنوا مني دماءهم

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 51

وأموالهم إلّابحقّهما وحسابهم علي اللَّه عز وجل، قال: فلقيهم ففتح اللَّه عليه. قد اتفق الشيخان علي إخراج حديث الراية يعني ولم يخرجاه بهذه السياقة.

أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي ثنا عبداللَّه بن أحمد بن حنبل حدثني أبي ثنا عبدالصمد بن عبدالوارث ثنا عكرمة بن عمار ثنا إياس بن سلمة قال: حدثني أبي قال: شهدنا مع رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم خيبر حين بصق رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم في عيني علي فبرأ فأعطاه الراية فبرز مرحب وهو يقول.

قد علمت خبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب

إذا

الحروب أقبلت تلهب

قال: فبرز له علي رضي اللَّه عنه وهو يقول.

أنا الذي سمّتني امي حيدرة كليث غابات كريه المنظره

اوفيكم بالصاع كيل السندره

قال: فضرب مرحباً ففلق رأسه فقتله، وكان الفتح. هذا حديث صحيح علي شرط مسلم ولم يخرجاه بهذه السياقة» «1».

__________________________________________________

(1) المستدرك علي الصحيحين 3/ 37- 39.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 52

رواية ابن حبّان … ص: 52

* «ذكر فتح اللَّه جلّ وعلا خيبر علي يدي علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه.

أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولي ثقيف، حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبدالعزيز بن أبي حازم عن أبي حازم عن سهل بن سعد أن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله قال: لأعطينّ الراية غداً رجلًا يفتح اللَّه علي يديه. قال: فبات الناس ليلتهم أيهم يعطاها، فلما مطرف الناس غدوا علي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله كلّهم يرجو أن يعطاها فقال: أين علي بن أبي طالب؟ قالوا: تشتكي عيناه يا رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله فأرسلوا إليه، فلما جاء بصق في عينيه ودعا له فبرأ حتّي كأن لم يكن به وجع وأعطاه الراية، فقال علي: يا رسول اللَّه … » «1».

* أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر أبي شيبة حدثنا يعلي بن عبيد عن أبي منين يزيد بن جلس عن أبي حازم عن أبي هريرة قال قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: لأدفعنّ الراية اليوم إلي رجل يحب اللَّه ورسوله فتطاول القوم فقال: أين علي؟ فقالوا: يشتكي عينه فدعاه، فبزق في كفيه ومسح بهما عين علي ثم دفع إليه الراية، ففتح اللَّه عليه».

__________________________________________________

(1) صحيح ابن حبّان 15/ 377.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 53

* «أخبرنا أبو يعلي حدثنا إبراهيم

بن الحجاج السامي حدثنا حماد بن سلمة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله قال يوم خيبر: لأدفعنّ اليوم اللواء إلي رجل يحب اللَّه ورسوله يفتح اللَّه عليه. قال عمر: فما أحببت الإمارة إلا يومئذ، فتطاولت لها. فقال لعلي: قم فدفع اللواء إليه ثم قال له: اذهب ولا تلتفت حتّي يفتح اللَّه عليك فمشي هنيهة ثم قام ولم يلتفت للعزمة، فقال: علي ما أقاتل الناس؟ قال النبي صلّي اللَّه عليه وآله: قاتلهم حتّي يشهدوا أن لا إله إلا اللَّه، فإذا قالوها فقد عصموا دماءهم وأموالهم إلا بحقّها وحسابهم علي اللَّه».

* «أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي حدثنا أبو الوليد الطيالسي حدثنا عكرمة بن عمار حدثنا إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه قال:

خرجنا إلي خيبر وكان عمي عامر يرتجز بالقوم وهو يقول:

واللَّه لو لا اللَّه ما اهتدينا ولا تصدّقنا ولا صلّينا

ونحن عن فضلك ما استغنينا فثبّت الأقدام إن لاقينا

وأنزلن سكينة علينا

فقال النبي صلّي اللَّه عليه وآله: من هذا؟ قالوا: عامر، قال: غفر لك ربك يا عامر. وما استغفر رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله لرجل خصّه إلا استشهد. قال عمر: يا رسول اللَّه لو متعتنا بعامر. فلما قدمنا خيبر خرج

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 54

مرحب يخطر بسيفه وهو ملكهم وهو يقول:

قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب

إذا الحروب أقبلت تلهّب

فنزل عامر فقال:

قد علمت خيبر أني عامر شاكي السلاح بطل مغامر

فاختلفا ضربتين، فوقع سيف مرحب في عامر فذهب ليسفل له فرجع سيفه علي نفسه فقطع أكحله، فكانت منها نفسه، وإذا نفر من أصحاب رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله يقولون

بطل عمل عامر قتل نفسه، فأتيت النبي صلّي اللَّه عليه وآله وأنا أبكي فقلت: يا رسول اللَّه بطل عمل عامر، فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: من قال هذا؟ قال قلت: ناس من أصحابك، فقال صلّي اللَّه عليه وآله: بل له أجره مرّتين.

ثم أرسلني رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله إلي علي بن أبي طالب فأتيته وهو أرمد فقال: لأعطينّ الراية اليوم رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله، فجئت به أقوده وهو أرمد حتّي أتيت به النبي صلّي اللَّه عليه وآله، فبصق في عينه فبرأ وأعطاه الراية وخرج مرحب فقال:

قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب

إذا الحروب أقبلت تلهّب

فقال علي بن أبي طالب:

أنا الذي سمتني أمي حيدره كليث غابات كريه المنظره

اوفيهم بالصاع كيل السندره

قال: فضربه ففلق رأس مرحب فقتله، وكان الفتح علي يدي علي بن أبي طالب.

قال أبو حاتم: هكذا أخبرنا أبو خليفة في فرس عامر وإنما هو في ترس عامر».

«أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبداللَّه بن نمير، عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي إسحاق عن هبيرة بن يريم قال: سمعت الحسن بن علي قام فخطب الناس فقال: يا أيها الناس لقد فارقكم أمس رجل ما سبقه الأوّلون ولا يدركه الآخرون، لقد كان رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله يبعثه المبعث فيعطيه الراية فما يرجع حتي يفتح اللَّه عليه، جبريل عن يمينه وميكائيل عن شماله، ما ترك بيضاء ولا صفراء إلا سبع مائة درهم فضلت من عطائه أراد أن يشتري بها خادماً» «1».

* «استخلاف علي بن أبي طالب رضي اللَّه تعالي عنه بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبدمناف بن قصي

بن كلاب بن مرة بن كعب بن لوي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن

__________________________________________________

(1) صحيح ابن حبّان 15/ 379- 384.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 56

مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان أبو الحسن الهاشمي.

وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبدمناف وهاشم أخو هشام ومن زعم أنه أسد بن هاشم بن عبد مناف فقد وهم.

أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي، ثنا قتيبة بن سعيد ثنا حاتم بن إسماعيل عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع قال: كان علي قد تخلف عن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله في خيبر وكان به رمد فقال: أنا أتخلف عن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله! فخرج فلحق بالنبي صلّي اللَّه عليه وآله، فلما كان مساء الليلة التي فتحها اللَّه في صباحها، قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: لأعطينّ الراية أو ليأخذن الراية غداً رجل يحبه اللَّه ورسوله يفتح اللَّه عليه، فإذا نحن بعلي وما نرجوه، فقالوا هذا علي، فأعطاه رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله ففتح اللَّه عليه» «1».

رواية الطبراني … ص: 56

* «حدثنا عبدالرحمن بن سلّم ثنا سهل بن عثمان ثنا عبداللَّه بن جعفر عن أبي حازم قال: سمعت سهل بن سعد الساعدي قال قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله يوم خيبر: لأعطينّ الراية غداً رجلًا يفتح اللَّه علي يديه، فبات الناس يذكرون ليلتهم أيهم يعطي، فلما أصبحوا غدوا

__________________________________________________

(1) كتاب الثقات 2/ 266- 267.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 57

علي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله، فقال: أين علي؟ قالوا: هو هاهنا يا رسول اللَّه أرمد يشتكي عينيه، فأرسل إليه فبصق في

عينيه ودعا بما شاء اللَّه فبرأ حتّي لم يكن به وجع، ثم أعطاه الراية وقال: امض قدماً، فقال له يا رسول اللَّه: أقاتلهم حتّي يكونوا مثلنا؟ قال علي رسلك انفذ حتّي تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلي الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حقّ اللَّه فيه، فلأن يهدي اللَّه بك رجلًا واحداً خير لك من حمر النعم» «1».

* «حدثنا أحمد بن رشدين ثنا إبراهيم بن حماد بن أبي حازم المدني ثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه عن سهل بن سعد قال قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: تحشرون يوم القيامة حفاة عراة غرلًا.

حدثنا يحيي بن أيوب العلاف المصري، ثنا سعيد بن أبي مريم ويحيي بن بكير قال: يحيي حدثنا ابن أبي حازم، وقال سعيد أنا ابن أبي حازم عن أبيه أنه سمع سهلًا يقول: سمعت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله يقول يوم خيبر: لأعطينّ الراية رجلًا يفتح اللَّه علي يديه، فبات الناس يذكرون من يعطاها، فلما أصبح الناس غدوا إلي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله كلّهم يرجو أن يعطاها، فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: أين علي بن أبي طالب؟ قالوا يا رسول اللَّه يشتكي عينيه، فأرسل إليه فبصق في عينيه ودعا له فبرأ مكانه حتّي كأنه لم يكن به شي ء، فأعطاه

__________________________________________________

(1) المعجم الكبير 6/ 152.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 58

الراية فقال: يا رسول اللَّه أنقاتلهم حتّي يكونوا؟ مثلنا قال علي رسلك حتّي تنزل بساحتهم ثم أدعهم إلي الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم فيه من الحقّ، فواللَّه لأن يهدي اللَّه بهداك رجلًا خير لك من حمر النعم» «1».

* «حدثنا الحسين بن إسحاق ثنا الصلت بن مسعود ثنا

فضيل بن سليمان عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله يوم خيبر: لأعطينّ الراية غداً رجلًا يفتح اللَّه علي يديه، فغدا الناس علي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله كلّهم يرجون أن يعطيه الراية فقال: أين علي؟ قالوا هو شاكي العين يا رسول اللَّه، قال: أرسلوا به، فأتي به فبسق رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله في عينيه ودعا فبرأ ثم دفع إليه الراية فقال: انفذ ولا تلتفت حتّي تنزل بالقوم فتدعوهم إليّ، فنفذ علي ثم التفت: يا رسول اللَّه أنقاتلهم حتّي يقولوا لا إله إلا اللَّه؟ قال: علي رسلك، إذا جئتهم فادعهم إلي قول لا إله إلا اللَّه، فلأن يسلم رجل علي يدك خير لك من أن يكون لك حمر النعم» «2».

* «حدثنا محمد بن علي الصائغ المكي والحسين بن إسحاق التستري قالا: ثنا سعيد بن منصور ثنا يعقوب بن عبدالرحمن عن

__________________________________________________

(1) المعجم الكبير 6/ 167.

(2) المعجم الكبير 6/ 187- 188.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 59

أبي حازم عن سهل بن سعد قال قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله يوم خيبر: لأعطينّ الراية غداً رجلًا يفتح اللَّه عليه، وكان الناس يذكرون أيهم يعطاها فقال: أين علي بن أبي طالب؟ قالوا: يا رسول اللَّه يشتكي عينه، فأرسلوا إليه فأتي به فبصق رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله في عينه ودعا له فبرأ حتّي كأن لم يكن به وجع فأعطاه الراية، فقال علي: يا رسول اللَّه أقاتلهم حتّي يكونوا مثلنا؟ قال: انفذ علي رسلك حتّي تنزل بساحتهم ثم أدعهم إلي الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حقّ اللَّه، لأن يهدي بك خير من أن يكون

لك حمر النعم» «1».

* «حدثنا علي بن عبدالعزيز ثنا أبو حذيفة وحدثنا أبو خليفة ثنا أبو الوليد الطيالسي قالا: ثنا عكرمة بن عمار ثنا إياس بن سلمة عن أبيه قال قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله يوم خيبر: لأعطينّ الراية اليوم رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله قال: فبعثني إلي علي وهو أرمد فجئت به أقوده، فتفل في عينه فبرأ وأعطاه الراية» «2».

* «حدثنا محمد بن يحيي القزاز ثنا القعنبي ثنا حاتم بن إسماعيل عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع أن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله قال ليلة صبيحة خيبر: لأعطينّ الراية غداً لرجل يحبه اللَّه ورسوله

__________________________________________________

(1) المعجم الكبير 6/ 198.

(2) المعجم الكبير 7/ 13.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 60

يفتح اللَّه عليه، فإذا بعلي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه، فأعطاه رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله الراية ففتح اللَّه عليه» «1».

* «حدثنا أبو شعيب عبداللَّه به الحسن الحراني ثنا أبو جعفر النفيلي ثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق حدثني بريدة بن سفيان الأسلمي عن سلمة بن الأكوع: أن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله أعطي الراية أبا بكر الصديق فبعثه إلي بعض حصون خيبر، فقاتل ثم رجع ولم يكن فتح وقد جهد. فقال: لأعطينّ الراية غداً رجلًا يحب اللَّه ورسوله يفتح اللَّه علي يديه ليس بفرار، فدعا علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه وهو أرمد فتفل في عينيه ثم قال: خذ هذه الراية حتّي يفتح اللَّه لك. قال سلمة: فخرج واللَّه يهرول هرولة وأنا خلفه أتبع أثره حتّي ركز الراية في رضم حجارة، فاطلع عليه يهودي من رأس الحصن فقال: من أنت؟

قال أنا علي بن أبي طالب. قال اليهودي: غلبتهم وما أنزل علي موسي. فما رجع حتّي فتح اللَّه عليه» «2».

* «حدثنا سهل بن موسي شيران الرامهرمزي وعبداللَّه بن أحمد قالا: ثنا العباس بن عبدالعظيم العنبري ثنا النضر بن محمد ثنا عكرمة بن عمار ثنا عطاء مولي السائب بن يزيد عن سلمة بن الأكوع قال قال رسول

__________________________________________________

(1) المعجم الكبير 7/ 34.

(2) المعجم الكبير 7/ 39- 40.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 61

اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: لأعطينّ الراية اليوم رجلًا يحبه اللَّه ورسوله ويحب اللَّه ورسوله، فبعثني نبي اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله إلي علي، فجئت به وكان أرمد فتفل في عينيه» «1».

* «حدثنا علي بن عبدالعزيز ثنا ضرار بن صرد أبو نعيم ثنا علي بن هشام عن عبدالملك بن أبي سليمان عن أبي فروة عن عبدالرحمن بن أبي ليلي عن أبيه قال قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: لأعطينّ الراية رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله، فدعا علياً فأعطاه إياها» «2».

* «حدثنا علي بن عبدالعزيز ثنا ضرار بن صرد أبو نعيم ثنا علي بن هاشم عن محمد بن علي السلمي عن منصور بن المعتمر عن ربعي بن حراش- قال محمّد: ولو أني قلت إني قد سمعته من ربعي لصدقت- عن عمران بن حصين قال قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: لأعطينّ الراية غداً رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله، فأعطاها علياً».

* حدثنا أبو معن ثابت بن نعيم الهوجي ثنا محمد بن أبي السري العسقلاني، ثنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن منصور، عن ربعي بن حراش، عن عمران بن حصين قال قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله:

__________________________________________________

(1) المعجم

الكبير 7/ 40.

(2) المعجم الكبير 7/ 89.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 62

لأعطينّ الراية رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله، فأعطاها علياً رضي اللَّه عنه.

* حدثنا سهل بن موسي شيران الرامهرمزي، ثنا أحمد بن عبدة الضبي، ثنا الحسن بن صالح الأسود، ثنا سليمان بن قرم عن منصور، عن ربعي بن حراش عن عمران بن حصين قال قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: لأعطين الراية غداً رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله، ثم دعا علياً رضي اللَّه عنه فأعطاه إياه.

* حدثنا محمد بن حيان المازني ثنا كثير بن يحيي ثنا سعيد بن عبدالكريم عن سليط بن عطية الحنفي عن منصور بن المعتمر عن ربعي بن حراش عن عمران بن حصين قال قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله يوم خيبر: لأعطينّ الراية غداً رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله. فدعا علياً فأعطاها إياه» «1».

رواية الدارقطني … ص: 62

* «سئل عن حديث بن أبي ليلي عن علي قال: بعث إليّ رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله يوم خيبر وأنا رمد العين فتفل في عيني وقال: اللهم أذهب عنه الحر والبرد، فما وجدت بعد ذلك حرّاً ولا برداً، وقال:

__________________________________________________

(1) المعجم الكبير 18/ 237- 238.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 63

لأعطينّ الراية رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله» الحديث.

فقال حدّث به محمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلي، واختلف عنه، فرواه عمران بن محمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلي عن أبيه عن المنهال بن عمرو عن عبدالرحمن بن أبي ليلي. ورواه عبيداللَّه بن موسي عن ابن أبي ليلي عن أبيه عن المنهال بن عمرو عن عبدالرحمن بن أبي ليلي، ورواه عبيداللَّه بن موسي عن ابن أبي

ليلي عن الحكم والمنهال ورواه علي بن هاشم عن ابن أبي ليلي عن الحكم والمنهال بن عمرو وعيسي بن عبدالرحمن عن عبدالرحمن بن أبي ليلي، فأسنده عباد بن يعقوب عن علي بن هاشم فقال فيه: عن ابن أبي ليلي عن أبيه عن علي، وتابعه عبيداللَّه بن موسي عن ابن أبي ليلي، فهو في هاتين من حديث أبي ليلي عن علي، وفي غيرهما من حديث عبدالرحمن ابنه عن علي.

وروي عن أبي إسحاق السبيعي عن عبدالرحمن بن أبي ليلي عن علي.

حدّث به عنه عبدالكبير بن دينار وعيسي بن يزيد، ويقال إن أبا إسحاق لم يسمعه من عبدالرحمن بن أبي ليلي، وإنما أخذه من ابنه محمد عن المنهال بن عمرو عنه» «1».

__________________________________________________

(1) العلل 3/ 277.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 64

* «وسئل عن حديث أبي صالح عن أبي هريرة قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله يوم خيبر: لأعطينّ الراية رجلًا يحب اللَّه ورسوله يفتح اللَّه علي يديه. الحديث وفيه: فقال علي عليه السلام: يا رسول اللَّه علي ما أقاتل الناس؟ قال: حتي يشهدوا أن لا إله إلا اللَّه وأنّ محمداً رسول اللَّه، فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم علي اللَّه».

فقال: يرويه سهيل بن أبي صالح، واختلف عنه، فرواه يعقوب بن عبدالرحمن الإسكندراني، ووهيب بن خالد، وجرير بن عبدالحميد، وإبراهيم بن طهمان، وعلي بن عاصم، وأبو عوانة عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة. واختلف عن حماد بن سلمة، فرواه حجاج بن منهال، وأبو سلمة التبوذكي عن حماد عن سهيل كذلك. وخالفهم أسود بن عامر، فرواه عن حماد عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن عمر، والصواب: قول وهيب ومن تابعه» «1».

رواية الخطيب البغدادي … ص: 64

* «الحسين بن أحمد عصمة، أبو علي الوكيل. حدث عن:

محمد بن سهل الرباطي، وحجاج بن يوسف الشاعر، وأحمد بن منصور

__________________________________________________

(1) العلل 10/ 109.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 65

الرمادي، ومحمد بن جعفر لقلوق، ومحمد بن يوسف الجوهري، وعلي بن الحسين بن الجنيد الرازي، وغيرهم.

روي عنه: ابنه أحمد والقاضي أبو بكر بن الجعابي، وأبو محمد بن السقا الواسطي، ومحمد بن المظفر الحافظ.

أخبرنا محمد بن طلحة النعالي، حدثنا محمد بن عمر بن محمد بن سالم الحافظ، حدثنا الحسين بن أحمد بن عصمة الوكيل- من أصل كتابه- حدثنا محمد بن سهل الرباطي، حدثنا حبيب كاتب مالك، حدثنا مالك عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال النبي صلّي اللَّه عليه وآله: لأعطينّ الراية رجلًا يحب اللَّه ورسوله، ويحبه اللَّه ورسوله. فدعا علياً فأعطاه إياها وقال: اذهب فإن اللَّه يفتح عليك، ففتح اللَّه عليه» «1».

رواية البيهقي … ص: 65

* «أخبرنا محمد بن عبداللَّه الحافظ أنا أبو عبداللَّه محمد بن يعقوب ثنا أحمد بن سلمة قنا قتيبة بن سعيد ثنا حاتم عن يزيد بن أبي عبيد سلمة بن الأكوع قال: كان علي رضي اللَّه عنه تخلف عن النبي صلّي اللَّه عليه وآله بخيبر وكان رمداً فقال: أنا أتخلّف عن رسول اللَّه

__________________________________________________

(1) تاريخ بغداد 8/ 5.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 66

صلّي اللَّه عليه وآله! فخرج فلحق بالنبي صلّي اللَّه عليه وآله، فلما كان مساء الليلة التي فتح اللَّه في صباحها، قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله:

لأعطينّ الراية أو ليأخذن الراية غداً رجل يحبه اللَّه ورسوله أو قال يحب اللَّه ورسوله يفتح اللَّه عليه، فإذا نحن بعلي رضي اللَّه عنه وما نرجوه فقالوا: هذا علي، فأعطاه

رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله الراية، ففتحها اللَّه عليه. رواه البخاري ومسلم في الصحيح عن قتيبة بن سعيد» «1».

* «وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أنبأ أحمد بن عبيد، ثنا عبيد بن شريك، ثنا ابن أبي مريم ثنا ابن أبي حازم حدثني أبو حازم أنه سمع سهل بن سعد رضي اللَّه عنه يقول سمعت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله يقول يوم خيبر: لأعطينّ الراية رجلًا يفتح اللَّه علي يديه، فبات الناس يدوكون أيهم يعطاها، فلما أصبح الناس، غدوا علي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله كلّهم يرجو أن يعطاها، فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: أين علي بن أبي طالب؟ قالوا: يا رسول اللَّه هو يشتكي عينيه، فأرسل إليه فبصق في عينيه ودعا له فبرأ مكانه حتّي لكأنه لم يكن به شي ء، فأعطاه الراية، فقال يا رسول اللَّه أقاتلهم حتي يكونوا مثلنا؟ قال علي رسلك: أنفذ حتّي تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلي الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم فيه من الحق، فواللَّه لأن يهدي اللَّه بك الرجل الواحد خير لك من حمر النعم. رواه

__________________________________________________

(1) السنن الكبري 6/ 362.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 67

البخاري ومسلم في الصحيح عن قتيبة عن عبدالعزيز بن أبي حازم» «1».

* «وقد أخبرنا أبو عبداللَّه الحافظ أنبأ أبو الفضل بن إبراهيم ثنا أحمد بن سلمة ثنا محمد بن يحيي ثنا عبد الصمد بن عبدالوارث بن سعيد ثنا عكرمة بن عمار حدثني اياس بن سلمة بن الأكوع قال: حدثني أبي قال: قدمنا مع رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله- فذكر الحديث بطوله قال: فأرسل رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله إلي علي رضي اللَّه عنه يدعوه وهو أرمد

فقال: لأعطينّ الراية رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله قال: فجئت به أقوده، قال فبصق رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله في عينيه فبرأ، فأعطاه الراية قال: فبرز مرحب وهو يقول:

قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب

إذا الحروب أقبلت تلهب

قال فبرز له علي رضي اللَّه عنه هو يقول:

أنا الذي سمتّني امي حيدره كليث غابات كريه المنظره

أوفيهم بالصاع كيل السندره

فضرب مرحباً ففلق رأسه فقتله وكان الفتح- أخرجه مسلم في الصحيح من وجه آخر عن عكرمة بن عمار» «2».

__________________________________________________

(1) السنن الكبري 9/ 106.

(2) السنن الكبري 9/ 131- 132.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 68

رواية ابن عبدالبر … ص: 68

* «روي سعد بن أبي وقاص وسهل بن سعد وأبو هريرة وبريدة الأسلمي وأبو سعيد الخدري وعبداللَّه بن عمر وعمران بن الحصين وسلمة بن الأكوع كلّهم بمعني واحد، عن النبي صلّي اللَّه عليه وآله أنه قال يوم خيبر: لأعطينّ الراية غداً رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله ليس بفرار يفتح اللَّه علي يديه، ثم دعا بعلي وهو أرمد فتفل في عينيه وأعطاه الراية، ففتح اللَّه عليه».

وهذه كلّها آثار ثابتة … » «1».

* «حدثنا أحمد بن قاسم بن عيسي المقري ء قال: حدّثنا عبيداللَّه بن محمد بن إسحاق بن حبابة ببغداد قال: حدثنا عبداللَّه بن محمد بن عبدالعزيز البغوي قال: حدثنا خلف بن هشام البزار قال:

حدثنا عبدالعزيز بن أبي حازم عن أبيه عن سهل بن سعد أن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله قال يوم خيبر: لأعطينّ الراية رجلًا يفتح اللَّه علي يديه، فذكر أن الناس طمعوا في ذلك، فلما كان من الغد قال أين علي؟

فقال: علي رسلك انفذ حتّي تنزل بساحتهم فإذا أنزلت بساحتهم فادعهم

إلي الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم منه من الحق أو من حق اللَّه،

__________________________________________________

(1) الاستيعاب 3/ 1099- 1100.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 69

فواللَّه لأن يهدي اللَّه بك رجلًا واحداً خير لك من حمر النعم».

قال أبو عمر: هذا حديث ثابت في خيبر أنّه لم يقاتلهم حينئذ حتّي دعاهم، وهو شي ء قصر عنه أنس في حديثه. وذكره سهل بن سعد. وقد روي عن أنس أن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله أمر علياً أن لا يقاتل قوماً حتّي يدعوهم … » «1».

* « … فأعطي رايته أبا بكر الصديق، فنهض بها وقاتل واجتهد ولم يفتح عليه، ثم أعطي الراية عمر فقاتل ثم رجع ولم يفتح له وقد جهد فحينئذ قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: لأعطينّ الراية غداً رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله ليس بفرار يفتح اللَّه عزّوجلّ علي يديه، فلما أصبح دعا علياً وهو أرمد فتفل في عينيه، ثم قال: خذ الراية فامض بها حتي يفتح اللَّه بها عليك».

* «ذكر هذ الخبر ابن إسحاق قال: حدثني بريدة بن سفيان بن فروة عن أبيه سفيان عن سلمة بن الأكوع».

* «وذكر من حديث أبي رافع مولي النبي صلّي اللَّه عليه وآله قال:

خرجنا مع علي حين بعثه رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله برايته إلي حصن من حصون خيبر، فلما دنا من الحصن خرج إليه أهله وقاتلهم

__________________________________________________

(1) التمهيد 2/ 218- 219.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 70

فضربه رجل من يهود فألقي ترسه من يده فتناول علي باباً كان عند الحصن فترس به عن نفسه، فلم يزل في يده وهو يقاتل حتّي فتح اللَّه عليه ثم ألقاه من يده، فلقد رأيتني في نفر معي

سبعة وأنا ثامنهم نجتهد علي أن نقلب ذلك الباب فما نقلبه».

* «قال ابن إسحاق، فذكر أن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله قال:

من لهذا- يعني مرحباً اليهودي-؟ فقال محمد بن مسلمة: أنا يا رسول اللَّه أطلب الثار، قتل أخي بالأمس قال: فقم إليه، فنهض إليه محمد بن مسلمة فتقاتلا وكانا يستتران بشجرة، فجعل أحدهما يلوذ بها من صاحبه كلّما لاذ بها منه اقتطع بسيفه ما دونه منها حتّي ذهبت أغصانها، وبرز كلّ واحد منهما لصاحبه، وحمل مرحب علي محمد بن مسلمة فضربه فاتقاه بالدرقة فوقع سيفه فيها فعضت به وأمسكته، وضربه محمد فقتله، ثم انصرف ثم برز أخو مرحب واسمه ياسر فدعا إلي البراز فخرج إليه الزبير».

* «هذا ما ذكره ابن إسحاق في قتل مرحب اليهودي بخيبر، وخالفه غيره فقال: بل قتله علي بن أبي طالب وهو الصحيح عندنا».

* «حدثنا عبداللَّه بن محمد قال: حدثنا محمد بن بكر قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا هارون بن عبداللَّه قال: حدثنا روح بن عبادة قال:

حدثنا عوف عن ميمون أبي عبداللَّه عن عبداللَّه بن بريدة عن أبيه بريدة

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 71

الأسلمي أن النبي صلّي اللَّه عليه وآله قال لما نزل بحصن خيبر: لأعطينّ اللواء غداً رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله، فلما كان من الغد، تطاول لها أبو بكر وعمر، فدعا علياً وهو أرمد فتفل في عينيه وأعطاه اللواء ونهض معه الناس فلقوا أهل خيبر، فإذا مرحب بين أيديهم يرتجز:

قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب

إذا السيوف أقبلت تلهّب أطعن أحياناً وحيناً أضرب

فاختلف هو وعلي ضربتين، فضربه علي علي رأسه حتّي عض السيف بأضراسه وسمع أهل العسكر صوت ضربته،

قال: فما تتامّ الناس حتّي فتحوا لهم».

* «حدثنا سعيد بن نصر قال: حدثنا قاسم بن أصبغ قال: حدثنا محمد بن وضاح قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا هاشم بن القاسم قال: حدثنا عكرمة بن عمار قال: حدثني إياس بن سلمة الأكوع قال أخبرني أبي قال: لما خرج عمي عامر بن سنان إلي خيبر بارز يوماً مرحباً اليهودي فقال مرحب:

قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب

إذا السيوف أقبلت تلهّب أطعن أحياناً وحيناً أضرب

وقال عمي:

قد علمت خيبر أني عامر شاكي السلاح بطل مغاور

فاختلفا ضربتين، فوقع سيف مرحب في ترس عامر، ورجع سيف عامر علي مسافة فقطع أكحله، فكانت فيها نفسه».

* «قال سلمة: إن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله أرسلني إلي علي بن أبي طالب وقال: لأعطينّ الراية غداً رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله، قال: فجئت به أقوده أرمد، فبصق النبي صلّي اللَّه عليه وآله في عينيه ثم أعطاه الراية، فخرج مرحب يخطر بسيفه وقال:

قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب

إذا الحروب أقبلت تهلب

وقال علي رضي اللَّه عنه:

أنا الذي سمّتني أمي حيدرة كليث غابات كريه المنظره

أوفيهم بالصاع كيل السندره

ففلق رأس مرحب بالسيف، وكان الفتح علي يد علي» «1».

__________________________________________________

(1) الدرر في المغازي والسير: 198- 200.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 73

رواية ابن عساكر … ص: 73

ورواه ابن عساكر بأسانيد متكثّرة جدّاً «1»، نختار منها مايلي:

* «علي بن أحمد بن عبدالرحمن حدث عن ضمرة بن ربيعة، روي عنه صالح بن أبي مقاتل وعبداللَّه بن أحمد بن علي المعروف بالأثرم، أنبأنا أبو علي الحداد أنبأ أبو نعيم الحافظ نا محمد بن حميد نا صالح بن أبي مقاتل عن

علي بن أحمد بن عبدالرحمن الدمشقي- قدم علينا البصرة- عن ضمرة بن ربيعة عن مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر عن عمر بن الخطاب قال قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله:

لأعطينّ الراية رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله، كرار غير فرار، يفتح اللَّه عليه، جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره، فبات الناس متشوقين فلما أصبح قال: أين علي؟ قالوا: يا رسول اللَّه ما يبصر قال:

ائتوني به فأتي به، فقال له النبي صلّي اللَّه عليه وآله اذن مني، فدنا منه فتفل في عينيه ومسحهما بيده، فقام علي من بين يديه كأنه لم يرمد قط».

* «ورواه ابن عباس عن النبي صلّي اللَّه عليه وآله أخبرناه أبو محمد عبدالكريم بن حمزة، أنا أبو الحسين محمد بن مكي بن عثمان الأزدي المصري، أنا أبو مسلم محمد بن أحمد الكاتب، أنا

__________________________________________________

(1) انظر تاريخ دمشق: 42، ابتداءً من الصفحة: 81.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 74

أبو بكر عبداللَّه بن سليمان الأشعث السجستاني عن محمد بن علي الثقفي عن المنجاب بن الحارث، حدثني عبداللَّه بن حكيم بن جبير عن أبيه، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال بعث رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله أبا بكر إلي خيبر فهزم فرجع، فبعث عمر فهزم فرجع يجبن أصحابه، ويجبنه أصحابه فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: لأدفعن الراية إلي رجل يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله يفتح اللَّه عليه، فدعا علياً فقيل له: إنه أرمد، قال: ادعوه، فدعوه فجاءه فدفع إليه الراية، ففتح اللَّه عليه».

* «ورواه عبيد اللَّه بن موسي العبسي عن ابن أبي ليلي، فقرن بالمنهال الحكم بن عتيبة كما فرق بينهما، أخبرناه أبو المطهر عبدالمنعم

بن أحمد بن يعقوب بن أحمد بن علي، أنا جدي لأمي أبو طاهر بن محمود الثقفي فيما قري ء عليه وأنا حاضر، أنا أبو بكر محمد بن عبيداللَّه بن الحسن بن محمد العدل نا محمد بن عمر بن عبداللَّه بن الحسن، أنا أحمد بن منصور، أنا عبيداللَّه بن موسي أنا ابن أبي ليلي عن الحكم والمنهال عن عبدالرحمن بن أبي ليلي عن أبيه:

أنه قال لعلي- وكان يسمر معه- إن الناس قد أنكروا منك أن تخرج في البرد في الملائتين وفي الحرّ في الحشو والثوب الثقيل. قال فقال علي:

ألم تكن معنا بخيبر؟ قال بلي، قال: فإن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 75

بعث أبا بكر وعقد له لواء فرجع وقد انهزم، فبعث عمر وعقد له لواء فرجع منهزماً بالناس. فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: لأعطينّ الراية رجلًا يحبه اللَّه ورسوله ويحب اللَّه ورسوله يفتح اللَّه له ليس بفرار، قال فأرسل إلي وأنا أرمد فقلت: إني أرمد فتفل في عيني ثم قال: اللهم اكفه أذي الحرّ والبرد. قال: فما وجدت حراً بعده ولا برداً».

* «ورواه معاوية بن ميسرة العبدي عن الحكم، أخبرناه أبو القاسم هبة اللَّه بن عبداللَّه أنا أبو بكر الخطيب و أخبرنا أبو بكر اللفتواني وأبو صالح عبدالصمد بن عبدالحر من قالا: أنا أبو محمد التميمي قالا: أنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن حماد الواعظ، نا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الكوفي إملاء، نا أحمد بن عبدالرحمن بن سراج أبو عبداللَّه الكندي، حدثني مخلد بن أبي قريش الطحان، نا معاوية بن بشر العبدي حدثني الحكم بن عتيبة أنه سمع عبدالرحمن

بن أبي ليلي يقول: كان أبو ليلي يسمر مع علي قال اجتمع إلي القوم من أهل المسجد فقالوا: إنا ننكر من أميرالمؤمنين لباسه في الشتاء الثوب الواحد وفي الصيف القباء المحشو، فلو سألت أباك أن يسأله إذا سمر عنده، قال عبدالرحمن، فدخلنا عليه فسأله أبو ليلي فقال:

أما كنت معنا بخيبر؟ قال بلي، قال: فإن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله قال: لأعطينّ الراية رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 76

لا يرجع حتي يفتح اللَّه علي يديه، فتشرف لها أصحاب رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله فقال: أين علي؟ فقيل: إنه أرمد، فدعاني فتفل في عيني وقال: اللهم أذهب عنه الحرّ والبرد، وأعطاني الراية، ففتح اللَّه علي، فما وجدت بعدها حرّاً ولا برداً».

* «رواه أبو سعيد الخدري: أخبرناه أبو القاسم الشيباني أنا أبو علي التميمي أنا أبو بكر بن مالك نا عبداللَّه بن أحمد نا أبي مصعب بن المقدام وحجين بن المثني قالا: نا إسرائيل نا عبداللَّه بن عصمة العجلي قال سمعت أبا سعيد الخدري يقول: إن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله أخذ الراية فهزها ثم قال: من يأخذها بحقها؟ فجاء فلان فقال أنا فقال:

امط ثم جاء رجل آخر فقال: أنا. فقال: امط. ثم جاء رجل آخر فقال: أنا فقال: امط ثم قال النبي صلّي اللَّه عليه وآله: والذي أكرم وجه محمد لأعطينها رجلًا لا يفر، هاك يا علي، فانطلق حتّي فتح اللَّه عليه خيبر وفدك وجاء بعجوتهما وقديدهما. قال مصعب: بعجوتها وقديدها».

* «أخبرنا أبو المظفر بن القشيري أنا أبو سعد الأديب أنا أبو عمرو بن حمدان وأخبرتنا أم المجتبي فاطمة قالت: قري ء علي إبراهيم بن منصور

أنا أبو بكر بن المقري ء قالا: أنا أبو يعلي، نا زهير، نا حسين بن محمد، نا إسرائيل عن عبداللَّه بن عصمة قال: سمعت أبا سعيد يقول: أخذ رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله الراية فهزّها ثم قال: من يأخذها

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 77

بحقّها؟ فجاء الزبير فقال: أنا فقال أمط، ثم قام آخر وقال ابن حمدان رجل آخر فقال أنا فقال أمط ثم اتفقا فقالا: فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله:

والذي كرّم- وقال ابن حمدان أكرم- وجه محمّد، لأعطيّنها رجلًا لا يفرّ بها. هاك يا علي. فقبضها ثم انطلق حتّي فتح اللَّه عليه فدك خيبر وجاء بعجوتها وقديدها. وقال ابن حمدان: حتّي فتح اللَّه فدك».

* «ورواه أبو ليلي الأنصاري عن النبي صلّي اللَّه عليه وآله: أخبرناه أبو عبداللَّه الفراوي أنا أبو القاسم القشيري وأبو بكر أحمد بن منصور بن خلف قالا: أنا السيد أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود العلوي، أنا أبو نصر محمد بن حمدويه بن سهل، نا عبداللَّه بن حماد، نا محمد بن عمران بن محمد بن عبدالرحمن، حدثني أبي، حدثني ابن أبي ليلي، عن المنهال بن عمرو، عن عبدالرحمن بن أبي ليلي قال:

كنا مع رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله في غزاة فدعا علياً ثم قال: لأعطينّ الراية اليوم رجلًا يحب اللَّه ورسوله يفتح اللَّه عليه ليس بفرّار، فتطاول الناس لها ورفعوا رؤوسهم وقال فتشرف فجاء علي فدفع إليه الراية فتوجه فقتل مرحب اليهودي وفتح اللَّه عليه. كذا قال».

* «والمحفوظ أن أبا ليلي رواه عن علي: أخبرناه أبو علي بن السبط نا أبو محمد الجوهري وأخبرناه أبو القاسم بن الحصين، أنا أبو علي بن المذهب، نا أحمد بن

جعفر، نا عبداللَّه بن أحمد، حدثني

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 78

أبي، نا وكيع عن ابن أبي ليلي، عن المنهال عن عبدالرحمن بن أبي ليلي قال: كان أبي يسمر مع علي وكان علي يلبس ثياب الصيف في الشتاء وثياب الشتاء في الصيف فقيل له: لو سألته، فقال: إن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله بعث إلي وأنا أرمد العين يوم خيبر فقلت: يا رسول اللَّه إني أرمد العين، فتفل في عيني فقال: اللهم أذهب عنه الحر والبرد، فما وجدت حراً ولا برداً منذ يومئذ. وقال: لأعطينّ الراية رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله ليس بفرار، فتشرف لها أصحاب النبي صلّي اللَّه عليه وآله فأعطانيها.

وأخبرنا أبو القاسم الشحامي أنا أبو نصر عبدالرحمن بن علي، أنا يحيي بن إسماعيل، أنا عبداللَّه بن محمد الحسن، نا عبداللَّه بن هاشم، نا وكيع نا ابن أبي ليلي عن المنهال بن عمرو عن عبدالرحمن بن أبي ليلي قال: كان علي يلبس ثياب الشتاء في الصيف وثياب الصيف في الشتاء فقيل لأبي: لو سألته عن هذا، فسأله، فقال: إن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله بعث إليّ وكنت أرمد العين يوم خيبر فقلت: يا رسول اللَّه إني أرمد العين، فتفل في عيني وقال: اللهم أذهب عنه الحر والبرد، فما وجدت حراً ولا برداً منذ يومئذ، قال وقال صلّي اللَّه عليه وآله: لأعطينّ الراية اليوم رجلًا يحبه اللَّه ورسوله ويحب اللَّه ورسوله ليس بفرار. قال:

فتشرف لها الناس فبعث إلي علي فأعطاه الراية».

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 79

رواية ابن الأثير … ص: 79

* «أنبأنا إسماعيل بن علي وإبراهيم بن محمد وغيرهما بإسنادهم إلي محمد بن عيسي بن سورة قال: حدثنا قتيبة حدثنا حاتم

بن إسماعيل عن بكير بن مسمار عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: أمر معاوية سعداً فقال: ما يمنعك أن تسبّ أبا تراب؟ قال: أمّا ما ذكرت ثلاثاً قالهنّ رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله فلن أسبه، لأن يكون لي واحدة منهنّ أحبّ إليّ من حمر النعم: سمعت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله يقول لعلي وخلّفه في بعض مغازيه فقال له علي: يا رسول اللَّه تخلّفني مع النساء والصبيان؟ فقال له رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: أما ترضي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسي إلا أنه لا نبوة بعدي، وسمعته يقول يوم خيبر: لأعطينّ الراية رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله قال: فتطاولنا، لها فقال: ادعوا لي علياً، فأتاه وبه رمد، فبصق في عينيه ودفع الراية إليه ففتح اللَّه عليه» «1».

* «أنبأنا أبو الفرج محمد بن عبدالرحمن بن أبي العز الواسطي و أبو عبداللَّه الحسين بن أبي صالح بن فناخسرو الديلمي التكريتي وغيرهما، بإسنادهم إلي محمد بن إسماعيل، حدثنا قتيبة، حدثنا يعقوب بن عبدالرحمن عن أبي حازم قال: أخبرني سهل بن سعد، إنّ

__________________________________________________

(1) اسد الغابة 4/ 99.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 80

رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله قال يوم خيبر: لأعطينّ الراية رجلًا يفتح اللَّه علي يديه يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله. قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم أيّهم يعطاها قال: أين علي بن أبي طالب؟ قالوا: يا رسول اللَّه، يشتكي عينيه قال: فأرسلوا إليه، فأتي فبصق في عينيه ودعا له فبرأ حتّي كأن لم يكن به وجع فأعطاه الراية. فقال علي: يا رسول اللَّه أقاتلهم حتّي يكونوا مثلنا؟ فقال: لتغد علي رسلك حتّي تنزل

بساحتهم ثم ادعهم إلي الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حقّ اللَّه، فواللَّه لأن يهدي اللَّه بك رجلًا واحداً خير لك من حمر النعم» «1».

رواية ابن النجّار … ص: 80

* «روي بإسناده عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، قال سعد قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم لعلي ثلاثاً لأن يكون لي واحدة منهنّ أحبّ إليّ من حمر النعم … وقوله يوم خيبر: لأعطينّ الراية رجلًا يحب اللَّه ورسوله يفتح اللَّه علي يديه. فتطاول المهاجرون لرسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله ليراهم، فقال: أين علي؟ فقالوا: هو رمد. قال: ادعوه! فدعوه فبصق في عينيه ففتح اللَّه علي يديه» «2».

__________________________________________________

(1) اسد الغابة 4/ 102.

(2) ذيل تاريخ بغداد 2/ 113.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 81

رواية المزّي … ص: 81

* «وروي سعد بن أبي وقاص، وأبو هريرة، وسهل بن سعد، وبريدة الأسلمي، وأبو سعيد الخدري، وعبداللَّه بن عمر، وعمران بن حصين، وسلمة بن الأكوع كلّهم بمعني واحد عن النبي صلّي اللَّه عليه وآله أنه قال يوم خيبر: لأعطينّ الراية غداً رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله ليس بفرار، يفتح اللَّه علي يديه، ثم دعا بعلي وهو أرمد، فتفل في عينيه وأعطاه الراية، ففتح اللَّه عليه. وهي كلّها آثار ثابتة» «1».

رواية الهيثمي … ص: 81

* «عن بريدة قال: حاصرنا خيبر، فأخذ اللواء أبو بكر فانصرف ولم يفتح له، ثم أخذه من الغد عمر فخرج فرجع ولم يفتح له، وأصاب الناس يومئذ شدة وجهد فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: إني دافع اللواء غداً إلي رجل يحبه اللَّه ورسوله ويحب اللَّه ورسوله، لا يرجع حتي يفتح له، وبتنا طيّبة أنفسنا أن الفتح غداً، فلما أن أصبح رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله صلّي الغداة ثم قام قائماً فدعا باللواء والناس علي

__________________________________________________

(1) تهذيب الكمال 20/ 484- 485.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 82

مصافهم، فدعا علياً وهو أرمد فتفل في عينيه ودفع إليه اللواء وفتح له.

قال بريدة: وأنا فيمن تطاول لها. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح» «1».

* «باب في قوله صلّي اللَّه عليه وآله: لأعطينّ الراية رجلًا يحبّ اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله، عن ابن عمر قال: جاء رجل من الأنصار إلي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله فقال: يا رسول اللَّه إن اليهود قتلوا أخي. قال: لأدفعنّ الراية إلي رجل يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله يفتح اللَّه علي يديه فيمكنك من قاتل أخيك، فاستشرف لذلك أصحاب رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله، فبعث إلي علي

فعقد له اللواء فقال: يا رسول اللَّه إني أرمد كما تري- وهو يومئذ رمد- فتفل في عينيه فما رمدت بعد يومه، فمضي. رواه الطبراني وفيه أحمد بن سهل بن علي الباهلي ولم أعرفه، وبقيه رجاله ثقات».

* «وعن جميع بن عمير قال قلت لعبداللَّه بن عمر: حدثني عن علي قال: سمعت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله يقول يوم خيبر:

لأعطينّ الراية رجلا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله، فكأني أنظر إليها مع رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وهو يحتضنها، وكان علي بن أبي طالب أرمد من دخان الحصن فدفعها إليه، فلا واللَّه ما تتامت الخيل

__________________________________________________

(1) مجمع الزوائد 6/ 150- 151.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 83

حتّي فتحها اللَّه عليه. رواه الطبراني وفيه جميع بن عمير وهو ضعيف وقد وثق».

* «وعن أبي ليلي قال قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: لأعطينّ الراية رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله فدعا علياً فأعطاه إياها. رواه الطبراني بأسانيد، وفي أحسنها معتمر بن أبي السري العسقلاني ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح».

* «وعن ابن عباس قال: بعث رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله إلي خيبر- أحسبه قال- أبا بكر فرجع منهزماً ومن معه، فلما كان من الغد بعث عمر فرجع منهزماً يجبّن أصحابه ويجبّنه أصحابه، فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: لأعطينّ الراية غداً رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله لا يرجع حتّي بفتح اللَّه عليه، فثار الناس فقال: أين علي، فإذا هو يشتكي عينيه، فتفل في عينيه ثم دفع إليه الراية فهزّها ففتح اللَّه عليه.

رواه الطبراني وفيه حكيم بن جبير وهو متروك ليس بشي ء».

* «وعن أبي ليلي قال قلت لعلي- وكان يسمر معه-

إنّ الناس قد أنكروا منك أن تخرج في الحرّ في الثوب المحشو وفي الشتاء في الملاءتين الخفيفتين، فقال علي: أو لم تكن معنا؟ قلت: بلي قال: فإن النبي صلّي اللَّه عليه وآله دعا أبا بكر فعقد له لواءاً ثم بعثه فسار بالناس فانهزم حتّي إذا بلغ ورجع، فدعا عمر فعقد له لواءاً فسار ثم رجع منهزماً

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 84

بالناس. فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: لأعطينّ الراية رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله يفتح اللَّه له وليس بفرار، فأرسل إليّ فأتيته وأنا لا أبصر شيئاً فتفل في عيني فقال: اللهم اكفه ألم الحرّ والبرد.

فما آذاني حرّ ولا برد بعد. رواه البزار وفيه محمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلي وهو سيّ ء الحفظ، وبقية رجاله رجال الصحيح» «1».

رواية الثعلبي … ص: 84

* «أخبرنا عبيداللَّه بن محمد بن عبداللَّه بن محمد، حدثنا أبو العباس السراج، حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة بن الأكوع، وأخبرنا عبيداللَّه بن محمد، أخبرنا أبو العباس السراج، حدثنا أحمد بن يوسف السلمي، حدثنا النضر بن محمد، حدثنا عكرمة بن عمار، حدثنا سلمة بن الأكوع، عن أبيه، قال: وحدثت عن محمد بن جرير، عن محمد بن حميد، عن سلمة، عن ابن إسحاق، عن رجاله، قال: وعن ابن جرير، حدثنا ابن بشار، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا عوف، عن ميمون أبي عبداللَّه، عن عبداللَّه بن بريدة، عن أبيه، دخل حديث بعضهم في بعض، قالوا: خرجنا مع رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله إلي خيبر … فحاصرناهم حتّي أصابتنا مخمصة

__________________________________________________

(1) مجمع الزوائد 9/ 123- 124.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 85

شديدة. ثم إن اللَّه

تعالي فتحها علينا.

وذلك أن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله أعطي اللواء عمر بن الخطاب، ونهض من نهض معه من الناس، فلقوا أهل خيبر، فانكشف عمر وأصحابه، فرجعوا إلي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله يحينه «1» أصحابه ويحينهم (2)، وكان رسول اللَّه قد أخذته الشقيقة، فلم يخرج إلي الناس، فأخذ أبو بكر راية رسول اللَّه، ثم نهض فقاتل قتالًا شديداً، ثم رجع، فأخذها عمر، فقاتل قتالًا شديداً، وهو أشد من القتال الأول، ثم رجع، فأخبر بذلك رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله فقال: أما واللَّه لأعطينّ الراية غداً رجلًا يحب اللَّه ورسوله يأخذها عنوة. وليس ثم علي، فلما كان الغد تطاول لها أبو بكر وعمر وقريش، رجاء كلّ واحد منهم أن يكون صاحب ذلك، فأرسل رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله سلمة بن الأكوع إلي علي، فدعاه، فجاء علي علي بعير له حتّي أناخ قريباً من خباء رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله، وهو أرمد قد عصب عينيه بشقة برد قطري، قال سلمة: فجئت به أقوده إلي النبي صلّي اللَّه عليه وآله. فقال رسول اللَّه: ما لك؟ قال: رمدت. فقال: ادن مني. فدنا منه فتفل في عينيه، فما وجعهما بعد حتّي مضي لسبيله، ثم أعطاه الراية، فنهض بالراية

__________________________________________________

(1) (و 2) كذا، وهو تصحيف: يجبّنه أصحابه ويجبّنهم!

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 86

وعليه حلّة أرجوان حمراء، قد أخرج خملها، فأتي مدينة خيبر، وخرج مرحب صاحب الحصن وعليه مغفر معصفر، وحجر قد ثقبه مثل البيضة علي رأسه، وهو يقول:

قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب

أطعن أحياناً وحيناً أضرب إذا الحروب أقبلت تلهّب

كان حمائي كالحمي لا يقرب

فبرز إليه علي حينئذ، وقال:

أنا

الذي سمتني أمي حيدره كليث غابات شديد قسوره

أكيلكم بالسيف كيل السندره

فاختلفا ضربتين، فبدره علي، فضربه، فقدّ الحجر والمغفرة، وفلق رأسه حتّي أخذ السيف في الأضراس، وأخذ المدينة، وكان الفتح علي يديه» «1».

رواية الحسكاني … ص: 86

* «حدثنا أبو سعد عبدالرحمن بن محمد الكاتب، وأبو سعد محمد بن عبدالرحمن الأديب، قالا: أخبرنا أبو أحمد الحافظ، قال:

أخبرنا أبو بكر محمد بن مروان بن عبدالملك البزاز بدمشق قال: حدثنا هشام بن عمار بن نصير. وحدثنا أبو بكر التميمي قال: أخبرنا أبو محمد

__________________________________________________

(1) تفسير الثعلبي 9/ 49- 51.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 87

الوراق قال: حدثنا ابن أبي عاصم قال: حدثنا هشام بن عمار. وحدثني أبو بكر الحافظ، حدثنا أبو أحمد الحافظ حدثنا أبو بكر محمد بن محمد بن سليمان الواسطي قال: حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل قال: حدثنا بكير بن مسمار عن عامر بن سعد، عن أبيه قال: مرّ معاوية بسعد فقال: ما يمنعك أن تسبّ أبا تراب؟!

فقال سعد: أمّا ما ذكرت ثلاثاً قالهنّ له رسول اللَّه فلا أسبّه، لأن يكون لي واحدة منهنّ أحبّ إليّ من حمر النعم، سمعت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله يقول له وخلّفه في بعض مغازيه فقال علي: يا رسول اللَّه أتخلّفني مع النساء والصبيان؟

فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: أمّا ترضي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسي إلا أنه لا نبي بعدي. وسمعته يقول: لأعطينّ الراية غداً رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله فتطاولنا لها، فقال رسول اللَّه: ادعوا علياً. فأتي به أرمد فبصق في عينيه ودفع إليه الراية ففتح اللَّه عليه، ولما نزلت هذه الآية: «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ» الآية، دعا رسول اللَّه علياً

وفاطمةً وحسناً وحسيناً وقال: اللهم هؤلاء أهلي. وفي رواية: أهل بيتي. لفظاً واحداً، ولفظ ابن أبي عاصم مختصر.

ورواه مسلم بن حجاج في مسنده الصحيح عن قتيبة بن سعيد، وعن محمد بن عباد جميعاً عن حاتم هكذا بطوله.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 88

ورواه أبو عيسي الترمذي الحافظ في جامعه عن قتيبة عن حاتم وقال: هذا حديث حسن غريب صحيح من هذا الوجه.

وطرق هذا الحديث مستوفاة في باب الشتم من كتاب القمع … » «1».

رواية البغوي … ص: 88

* «أخبرنا إسماعيل بن عبدالقاهر، أنا عبدالغافر بن محمد، أنا محمد بن عيسي الجلودي، ثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان، ثنا مسلم بن الحجاج، ثنا عبداللَّه بن عبدالرحمن الدارمي، أنا أبو علي الحنفي، ثنا عبيداللَّه بن عبدالمجيد، ثنا عكرمة بن عمار، ثنا إياس بن سلمة، حدثني أبي قال: خرجنا إلي خيبر مع رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله قال فجعل عمي عامر يرتجز بالقوم شعراً.

ثم أرسلني إلي علي رضي اللَّه عنه وهو أرمد فقال: لأعطينّ الراية غداً رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله قال: فأتيت علياً رضي اللَّه عنه فجئت به أقوده وهو أرمد، حتّي أتيت به رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله، فبصق في عينيه فبرأ، وأعطاه الراية وخرج مرحب فقال:

قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب

إذا الحروب أقبلت تلتهب

__________________________________________________

(1) شواهد التنزيل 2/ 35- 37.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 89

فقال علي رضي اللَّه عنه:

أنا الذي سمتني أمي حيدره كليث غابات كريه المنظره

أوفيهم بالصاع كيل السندره

قال: فضرب رأس مرحب فقتله، ثم كان الفتح علي يديه.

وروي حديث خيبر سهل بن سعد وأنس وأبو هريرة يزيدون وينقصون وفيه: أن رسول اللَّه صلّي اللَّه

عليه وآله كان قد أخذته الشقيقة فلم يخرج إلي الناس، فأخذ أبو بكر راية رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله ثم نهض فقاتل قتالًا شديداً ثم رجع، فأخذها عمر فقاتل قتالًا شديداً هو أشد من القتال الأول ثم رجع، فأخبر رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله بذلك فقال: لأعطينّ الراية غداً رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله يفتح اللَّه علي يديه، فدعا علي بن أبي طالب فأعطاه إياها وقال له: امش ولا تلتفت حتّي يفتح اللَّه عليك، فأتي مدينة خيبر فخرج مرحب صاحب الحصن وعليه مغفر وحجر قد ثقبه مثل البيضة علي رأسه وهو يرتجز، فبرز إليه علي فضربه فقدّ الحجر والبيضة والمغفر وفلق رأسه» «1».

__________________________________________________

(1) تفسير البغوي 4/ 194- 196.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 90

رواية الخطيب التبريزي … ص: 90

* «وقد أخرج ابن أبي شيبة وأحمد والحاكم والطبراني وغيرهم- وقال ابن أبي شيبة: حدثنا علي بن هاشم: قال: حدثنا ابن أبي ليلي، عن المنهال والحكم وعيسي، عن عبدالرحمن بن أبي ليلي قال: علي كرم اللَّه وجهه: ما كنت معنا يا أبا ليلي بخيبر؟ قلت: بلي واللَّه لقد كنت معكم، قال: فإن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله بعث أبا بكر فسار بالناس فانهزم حتّي رجع إليه، وبعث عمر فانهزم بالناس حتّي انتهي إليه، فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: لأعطينّ الراية رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله يفتح اللَّه له وليس بفرار».

وكذا في المصنف (14/ 464، 469) ح/ 18729- وأخرجه الحاكم في المستدرك (3/ 37) وصححه الحاكم والذهبي أيضاً» «1».

ومن أحاديثه: … ص: 90

* «ما وراه البخاري (413/ 243) في الجهاد وأيضا في (1/ 525) في المناقب، و (2/ 605) في المغازي، ومسلم (2/ 279) في المناقب، والنسائي في السنن الكبري (5/ 46) ح/ 8149 و (5/ 110) ح/ 8403)،

__________________________________________________

(1) الإكمال في أسماء الرجال: 20 ط مع المشكاة.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 91

وأحمد في المسند (5/ 333)، والطبراني في المعجم الكبير (6/ 127) ح/ 5991- وقال البخاري: حدثنا قتيبة بن سعيد، ثنا عبدالعزيز، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد أن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله قال:

لأعطينّ الراية غداً رجلًا يفتح اللَّه علي يديه. قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها، فلما أصبح الناس غدوا علي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وكلّهم يرجوا أن يعطاها فقال: أين علي بن أبي طالب؟ فقالوا:

يشتكي عينيه يا رسول اللَّه! قال: فأرسلوا إليه فأتوني به، فلما جاء بصق في عينيه ودعا له فبرأ حتّي كأن

لم يكن به وجع، فأعطاه الراية. فقال علي: يا رسول اللَّه أقاتلهم حتّي يكونوا مثلنا؟ فقال: انفذ علي رسلك حتّي تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلي الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حقّ اللَّه فيه، فواللَّه لأنْ يهدي اللَّه بك رجلًا واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم.

هذا حديث صحيح بل هو متواتر، وفي هذا الباب عن أمير المؤمنين كرم اللَّه وجهه وابن عباس وجابر بن عبداللَّه وأبي سعيد الخدري وابن أبي ليلي وعمران بن الحصين وأبي هريرة وابن عمر بن الخطاب وسعد بن أبي وقاص وسلمة بن الأكوع وجماعة.

وبالجملة، فالحديث متفق عليه حتّي قال ابن تيميّة الحراني في منهاج السنة (3/ 12 و 4/ 91): هذا الحديث أصح ما روي لعلي كرّم اللَّه

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 92

وجهه من الفضائل.

أخرجاه في الصحيحين من غير وجه» «1».

رواية الذهبي … ص: 92

* «وقال يعقوب بن عبدالرحمن، عن أبي حازم، أخبرني سهل بن سعد أن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله قال يوم خيبر: لأعطينّ غداً رجلًا يفتح اللَّه علي يديه يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله. قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها، فلما أصبح الناس غدوا علي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله، كلّهم يرجو أن يعطاها. فقال: أين علي بن أبي طالب؟ قيل: هو يا رسول اللَّه يشتكي عينيه. قال: فأرسلوا إليه. فأتي به فبصق رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله في عينيه ودعا له، فبرأ حتّي لم يكن به وجع. فأعطاه الراية، فقال علي: يا رسول اللَّه أقاتلهم حتّي يكونوا مثلنا؟ قال: انفذ علي رسلك حتّي تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلي الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق اللَّه فيه، فواللَّه لأن

يهدي اللَّه بك رجلًا واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم. أخرجاه عن قتيبة، عن يعقوب».

* «وقال سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال

__________________________________________________

(1) الإكمال في أسماء الرجال: 87.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 93

رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: لأعطينّ الراية غداً رجلًا يحب اللَّه ورسوله، يفتح اللَّه علي يديه. فقال عمر: فما أحببت الإمارة قط حتّي يومئذ. فدعا عليّاً فبعثه، ثم قال: إذهب فقاتل حتّي يفتح اللَّه عليك ولا تلتفت، قال علي: علام أقاتل الناس؟ قال: قاتلهم حتّي يشهدوا أن لا إله إلا اللَّه وأنّ محمداً رسوله. فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم إلّابحقّها وحسابهم علي اللَّه. أخرجه مسلم، وأخرجا نحوه من حديث سلمة بن الأكوع».

* «وقال يونس بن بكير، عن المسيب بن مسلم الأزدي، حدثنا عبداللَّه بن بريدة، عن أبيه قال: كان رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله ربّما أخذته الشقيقة، فيلبث اليوم واليومين لا يخرج، ولما نزل خيبر أخذته الشقيقة فلم يخرج إلي الناس، وإن أبا بكر أخذ راية رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله ثم نهض فقاتل قتالًا شديداً، ثم رجع. فأخذها عمر فقاتل قتالًا هو أشد قتالًا من القتال الأول، ثم رجع فأخبر بذلك رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله فقال: لأعطيّنها غداً رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله يأخذها عنوة، وليس ثم علي. فتطاولت لها قريش، ورجا كلّ رجل منهم أن يكون صاحب ذلك. فأصبح وجاء علي علي بعير حتّي أناخ قريباً، وهو أرمد قد عصب عينه بشق برد قطري. فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: مالك؟ قال: رمدت بعدك، قال: أدن مني، فتفل في

سلسلة اعرف

الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 94

عينه، فما وجعها حتي مضي لسبيله، ثم أعطاه الراية فنهض بها، وعليه جبة أرجوان حمراء قد أخرج خملها، فأتي مدينة خيبر. وخرج مرحب صاحب الحصن وعليه مغفر مظهر يماني وحجر قد ثقبه مثل البيض علي رأسه، وهو يرتجز، فارتجز علي واختلفا ضربتين، فبدره علي بضربة، فقدّ الحجر والمغفر ورأسه ووقع في الأضراس، وأخذ المدينة».

* «وقال يونس بن بكير، عن محمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلي، عن الحكم والمنهال بن عمرو، عن عبدالرحمن بن أبي ليلي قال: كان علي يلبس في الحرّ والشتاء القباء المحشو الثخين وما يبالي الحرّ، فأتاني أصحابي فقالوا: إنا قد رأينا من أمير المؤمنين شيئاً فهل رأيته فقلت: وما هو؟ قالوا: رأيناه يخرج علينا في الحرّ الشديد في القباء المحشو وما يبالي الحر، ويخرج علينا في البرد الشديد في الثوبين الخفيفين وما يبالي البرد، فهل سمعت في ذلك شيئاً؟ فقلت: لا. فقالوا:

سل لنا أباك فإنه يسمر معه. فسألته فقال: ما سمعت في ذلك شيئاً. فدخل عليه فسمر معه فسأله، فقال علي: أو ما شهدت معنا خيبر؟ قال: بلي. فما رأيت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله حين دعا أبا بكر فعقد له وبعثه إلي القوم، فانطلق فلقي القوم فقاتلهم ثم رجع وقد هزم، فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله عند ذلك: لأعطينّ الراية رجلًا يحبه اللَّه ورسوله ويحب اللَّه ورسوله، يفتح اللَّه عليه غير فرار، فدعاني فأعطاني الراية،

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 95

ثم قال: اللهم اكفه الحرّ والبرد، فما وجدت بعد ذلك حرّاً ولا برداً. وقال أبو عوانة، عن مغيرة الضبي، عن أم موسي قالت: سمعت علياً يقول: ما رمدت ولا صدعت مذ دفع

إليّ رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله الراية يوم خيبر. رواه أبو داود الطيالسي في مسنده» «1».

* «وقال قتادة: إن عليّاً كان صاحب لواء رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله يوم بدر وفي كلّ مشهد. وقال أبو هريرة وغيره: إن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله قال يوم خيبر: لأعطينّ الراية رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله، ويفتح اللَّه علي يديه. قال عمر: فما أحببت الإمارة قبل يومئذ، قال: فدعا علياً فدفعها إليه، وذكر الحديث، كما تقدم في غزوة خيبر بطرقه» «2».

وروي الذهبي في تلخيص المستدرك:

«ابن إسحاق حدّثني بريدة بن سفيان بن بريدة الاسلمي عن أبيه عن سلمة بن الاكوع بعث رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم أبا بكر إلي بعض حصون خيبر، فقاتل وجهد ولم يكن فتح. صحيح.

ابن أبي ليلي عن الحكم وعيسي عن عبدالرحمن عن أبي ليلي عن علي: إنه قال: يا أبا ليلي أما كنت معنا بخيبر؟ قال بلي قال: فإن رسول اللَّه

__________________________________________________

(1) تاريخ الإسلام 2/ 406- 413.

(2) تاريخ الإسلام 3/ 625.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 96

صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم بعث أبا بكر إلي خيبر، فسار بالناس وانهزم حتي رجع. صحيح.

المسيب بن مسلم الأزدي ثنا ابن بريدة عن أبيه: كان رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم ربما أخذته الشقيقة فيلبث اليوم واليومين لا يخرج، فلما نزل بخيبر أخذته الشقيقة، فلم يخرج إلي الناس، وإن أبا بكر أخذ الراية ثم نهض فقاتل قتالًا شديداً ثم رجع. صحيح.

نعيم بن حكيم عن أبي موسي الحنفي عن علي قال: سار النبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم إلي خيبر، فلما أتاها بعث عمر ومعه الناس إلي مدينتهم أو قصرهم فقاتلوهم

فلم يلبثوا أن هزموا عمر وأصحابه، فجاءوا يجبّنونه ويجبّنهم، فسار النبي صلّي اللَّه عليه وآله وسلّم.

الحديث صحيح» «1».

رواية ابن كثير … ص: 96

* «البخاري: حدثنا عبداللَّه بن مسلمة، حدثنا حاتم، عن يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة بن الأكوع قال: كان علي بن أبي طالب تخلّف عن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله في خيبر، وكان رمداً فقال: أنا أتخلّف عن النبي صلّي اللَّه عليه وآله؟ فلحق به. فلما بتنا الليلة التي فتحت خيبر قال:

__________________________________________________

(1) تلخيص المستدرك ط معه 3/ 37- 39.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 97

لأعطينّ الراية غداً أو ليأخذن الراية غداً رجل يحب اللَّه ورسوله يفتح عليه. فنحن نرجوها. فقيل: هذا علي، فأعطاه ففتح عليه».

* «وروي البخاري أيضاً ومسلم عن قتيبة عن حاتم به».

* «ثم قال البخاري: حدثنا قتيبة، حدثنا يعقوب بن عبدالرحمن عن أبي حازم قال: أخبرني سهل بن يزيد: أن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله قال يوم خيبر: لأعطينّ الراية غداً رجلًا يفتح اللَّه علي يديه يحبّ اللَّه ورسوله ويحب اللَّه ورسوله، قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم أيّهم يعطاها، فلما أصبح الناس غدوا علي النبي صلّي اللَّه عليه وآله كلّهم يرجو أن يعطاها فقال: أين علي بن أبي طالب؟ فقالوا: هو يا رسول اللَّه يشتكي عينيه، قال: فأرسل إليه فأتي فبصق رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله في عينيه ودعا له فبرأ حتّي كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية، فقال علي: يا رسول اللَّه أقاتلهم حتّي يكونوا مثلنا؟ فقال صلّي اللَّه عليه وآله:

أنفذ علي رسلك حتّي تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلي الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حقّ اللَّه تعالي فيه، فواللَّه لأن يهدي اللَّه بك رجلًا واحداً خير لك من

أن يكون لك الحمر النعم».

وقد رواه مسلم والنسائي جميعاً عن قتيبة به:

* «وفي صحيح مسلم والبيهقي من حديث سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: لأعطينّ

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 98

الراية غداً رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله يفتح اللَّه عليه، قال عمر: فما أحببت الإمارة إلا يومئذ، فدعا علياً فبعثه ثم قال: اذهب فقاتل حتّي يفتح اللَّه عليك ولا تلتفت. قال علي: علي ما أقاتل الناس؟

قال: قاتلهم حتّي يشهدوا أن لا إله إلا اللَّه وأنّ محمداً عبده ورسوله، فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منا دماءهم وأموالهم إلا بحقّها وحسابهم علي اللَّه.

لفظ البخاري».

* «وقال الإمام أحمد: حدثنا مصعب بن المقدام، وجحش بن المثني قالا: حدثنا إسرائيل، حدثنا عبداللَّه بن عصمة العجلي: سمعت أبا سعيد الخدري رضي اللَّه عنه يقول: إن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله أخذ الراية فهزها ثم قال: من يأخذها بحقّها؟ فجاء فلان فقال: أنا، قال:

امض، ثم جاء رجل آخر فقال امض، ثم قال النبي صلّي اللَّه عليه وآله:

والذي كرّم وجه محمد، لأعطينّها رجلًا لا يفر، فقال هاك يا علي. فانطلق حتّي فتح اللَّه عليه خيبر وفدك وجاء بعجوتها وقديدها. تفرد به أحمد وإسناده لا بأس به، وفيه غرابة، وعبداللَّه بن عصمة، ويقال ابن أعصم، وهكذا يكني بأبي علوان العجلي وأصله من اليمامة سكن الكوفة. وقد وثقه ابن معين، وقال أبو زرعة: لا بأس به، وقال أبو حاتم: شيخ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: يخطي ء كثيراً. وذكره في الضعفاء وقال:

يحدّث عن الأثبات مما لا يشبه حديث الثقات حتّي يسبق إلي القلب

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية،

ص: 99

أنّها موهومة أو موضوعة».

* «وقال يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق: حدثني بريدة بن سفيان بن فروة الأسلمي عن أبيه عن سلمة بن عمرو بن الأكوع رضي اللَّه عنه قال: بعث النبي صلّي اللَّه عليه وآله أبا بكر إلي بعض حصون خيبر، فقاتل ثم رجع ولم يكن فتح وقد جهد. ثم بعث عمر فقاتل ثم رجع ولم يكن فتح. فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: لأعطينّ الراية غداً رجلًا يحبه اللَّه ورسوله ويحب اللَّه ورسوله يفتح اللَّه علي يديه وليس بفرار. قال سلمة: فدعا رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه وهو يومئذ أرمد فتفل في عينيه ثم قال: خذ الراية وامض بها حتّي يفتح اللَّه عليك، فخرج بها واللَّه يصول يهرول هرولة، وإنّا لخلفه نتبع أثره، حتّي ركز رايته في رضم من حجارة تحت الحصن، فأطلع يهودي من رأس الحصن فقال: من أنت؟ قال: أنا علي بن أبي طالب. فقال اليهودي: غلبتم وما أنزل علي موسي، فما رجع حتّي فتح اللَّه علي يديه».

* «وقال البيهقي: أنبأنا الحاكم الأصم أنبأنا العطاردي عن يونس ابن بكير عن الحسين بن واقد عن عبداللَّه بن بريدة أخبرني أبي قال: لما كان يوم خيبر أخذ اللواء أبو بكر فرجع ولم يفتح له، ولما كان الغد أخذه عمر فرجع ولم يفتح له وقتل محمود بن مسلمة، ورجع الناس، فقال

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 100

رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: لأدفعنّ لوائي غداً إلي رجل يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله لن يرجع حتّي يفتح اللَّه له، فبتنا طيبة نفوسنا أن الفتح غداً، فصلّي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه

وآله صلاة الغداة، ثم دعا باللواء وقام قائماً، فما منا من رجل له منزلة من رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله إلا وهو يرجو أن يكون ذلك الرجل، حتّي تطاولت أنا لها ورفعت رأسي لمنزلة كانت لي منه، فدعا علي بن أبي طالب وهو يشتكي عينيه، قال: فمسحها ثم دفع إليه اللواء ففتح له، فسمعت عبداللَّه بن بريدة يقول: حدثني أبي أنه كان صاحب مرحب. قال يونس قال ابن إسحاق: كان أول حصون خيبر حصن ناعم وعنده قتل محمود بن مسلمة ألقيت عليه رحي منه فقتلته».

* «ثم روي البيهقي عن يونس بن بكير، عن المسيب بن مسلمة الأزدي، حدثنا عبداللَّه بن بريدة عن أبيه قال: كان رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله ربّما أخذته الشقيقة فلبث اليوم واليومين لا يخرج، فلما نزل خيبر أخذته الشقيقة فلم يخرج إلي الناس، وأن أبا بكر أخذ راية رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله ثم نهض فقاتل قتالًا شديداً ثم رجع، فأخذها عمر فقاتل قتالًا شديداً هو أشد من القتال الأول ثم رجع، فأخبر بذلك رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله فقال: لأعطينّها غداً رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله يأخذها عنوة. وليس ثم علي، فتطاولت لها

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 101

قريش ورجا كلّ رجل منهم أن يكون صاحب ذلك، وجاء علي بن أبي طالب علي بعير له حتي أناخ قريباً وهو أرمد قد عصب عينه بشقة برد قطري، فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: مالك؟ قال: رمدت بعدك، قال: ادن مني فتفل في عينيه فما وجعها حتي مضي لسبيله، ثم أعطاه الراية فنهض بها وعليه جبة أرجوان حمراء قد أخرج خملها، فأتي مدينة خيبر،

وخرج مرحب صاحب الحصن وعليه مغفر يماني وحجر قد ثقبه مثل البيضة علي رأسه وهو يرتجز ويقول:

قد علمت خيبر أني مرحب شاكي سلاحي بطل مجرب

إذا الليوث أقبلت تلهّب وأحجمت عن صولة المغلب

فقال علي رضي اللَّه عنه:

أنا الذي سمتني أمي حيدره كليث غابات شديد القسوره

أكليلكم بالصاع كيل السندره

قال: فاختلفا ضربتين، فبدره علي بضربة فقدّ الحجر والمغفر ورأسه ووقع في الأضراس، وأخذ المدينة».

* «وقد روي الحافظ البزار، عن عباد بن يعقوب، عن عبداللَّه بن بكر، عن حكيم بن جبير عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قصّة بعث أبي بكر ثم عمر يوم خيبر ثم بعث علي فكان الفتح علي يديه. وفي

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 102

سياقه غرابة ونكارة، وفي إسناده من هو متهم بالتشيع. واللَّه أعلم» «1».

* «وشهد خيبر وكانت له بها مواقف هائلة، ومشاهد طائلة، منها أن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله قال: لأعطينّ الراية غداً رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله، فبات الناس يذكرون أيّهم يعطاها. فدعا علياً- وكان أرمد- فدعا له، وبصق في عينه فلم يرمد بعدها، فبرأ وأعطاه الراية، ففتح اللَّه علي يديه، وقتل مرحباً اليهودي.

وذكر محمد بن إسحاق عن عبداللَّه بن حسن عن بعض أهله عن أبي رافع أن يهودياً ضرب علياً فطرح ترسه، فتناول باباً عند الحصن فتترس به، فلم يزل في يده حتي فتح اللَّه علي يديه ثم ألقاه من يده، قال أبو رافع: فلقد رأيتني أنا وسبعة معي نجتهد أن نقلب ذلك الباب علي ظهره يوم خيبر فلم نستطع. وقال ليث عن أبي جعفر عن جابر أن علياً حمل الباب علي ظهره يوم خيبر حتّي صعد المسلمون عليه ففتحوها،

فلم يحملوه إلا أربعون رجلًا. ومنها أنه قتل مرحباً فارس يهود وشجعانهم».

* «وقد ثبت في الصحاح وغيرها أن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله قال يوم خيبر: لأعطينّ الراية غداً رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه

__________________________________________________

(1) البداية والنهاية 4/ 178.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 103

اللَّه ورسوله ليس بفرار يفتح اللَّه علي يديه. فبات الناس يدوكون أيّهم يعطاها حتّي قال عمر: ما أحببت الإمارة إلا يومئذ، فلما أصبح أعطاها علياً ففتح اللَّه علي يديه.

ورواه جماعة منهم مالك والحسن ويعقوب بن عبد الرحمن وجرير بن عبدالحميد وحماد بن سلمة وعبدالرحمن بن المختار، وخالد بن عبداللَّه بن سهيل، عن أبيه عن أبي هريرة أخرجه مسلم.

ورواه ابن أبي حازم عن سهل بن سعد. أخرجاه في الصحيحين وقال في حديثه: فدعا به رسول اللَّه وهو أرمد فبصق في عينيه فبرأ. ورواه إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه ويزيد بن أبي عبيد عن مولاه سلمة أيضاً، وحديثه عنه في الصحيحين.

وقال محمد بن إسحاق: حدثني بريدة عن سفيان عن أبي فروة الأسلمي عن أبيه عن سلمة بن عمرو بن الأكوع قال: بعث رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله إلي أبي بكر الصديق برايته إلي بعض حصون خيبر، فقاتل ثم رجع ولم يكن فتح وقد جهد، ثم بعث عمر بن الخطاب فقاتل ثم رجع ولم يكن فتح وقد جهد فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله:

لأعطينّ الراية غداً رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله يفتح اللَّه علي يديه ليس بفرار، قال سلمة: فدعا رسول اللَّه علياً وهو أرمد فتفل في عينيه ثم قال: خذ هذه الراية فامض بها حتّي يفتح اللَّه عليك،

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 104

قال

سلمة: فخرج واللَّه بها يهرول هرولة وإنا لخلفه نتبع أثره، حتّي ركز رايته في رجم من حجارة تحت الحصن، فأطلع إليه يهودي من رأس الحصن فقال: من أنت؟ قال: علي بن أبي طالب، قال اليهودي: غلبتم ومن أنزل التوراة علي موسي قال: فما رجع حتّي فتح اللَّه علي يديه. وقد رواه عكرمة بن عمار، عن عطاء مولي السائب عن سلمة بن الأكوع وفيه:

أنه هو الذي جاء به يقوده وهو أرمد حتّي بصق رسول اللَّه في عينيه فبرأ».

* «رواية بريدة بن الحصيب. وقال الإمام أحمد: حدثنا زيد بن الحباب ثنا الحسين بن واقد، حدثني عبداللَّه بن بريدة، حدثني بريدة بن الحصيب قال: حاضرنا خيبر، فأخذ اللواء أبو بكر فانصرف ولم يفتح له، ثم أخذه من الغد عمر فخرج فرجع ولم يفتح له، وأصاب الناس يومئذ شدة وجهد فقال رسول اللَّه: إني دافع اللواء غداً إلي رجل يحبه اللَّه ورسوله ويحب اللَّه ورسوله لا يرجع حتّي يفتح له، وبتنا طيبة أنفسنا أن الفتح غداً، فلما أصبح رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله صلّي الغداة، ثم قام قائماً فدعا باللواء والناس علي مصافهم، فدعا علياً وهو أرمد فتفل في عينيه ودفع إليه اللواء ففتح له، قال بريدة: وأنا فيمن تطاول لها».

* «ورواه النسائي من حديث الحسين بن واقد به أطول منه.

ثم رواه أحمد عن محمد بن جعفر وروح كلاهما عن عوف عن

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 105

ميمون أبي عبداللَّه الكردي عن عبداللَّه بن بريدة عن أبيه به نحوه.

وأخرجه النسائي عن بندار وغندر به وفيه الشعر.

رواية عبداللَّه بن عمر، ورواه هشيم عن العوام بن حوشب، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عمر، فذكر سياق حديث

بريدة ورواه كثير من النواء عن جميع بن عمير عن ابن عمر نحوه، وفيه قال علي: فما رمدت بعد يومئذ، رواه أحمد عن وكيع عن هشام بن سعيد عن عمر بن أسيد عن أبي عمر، كما سيأتي».

* «رواية ابن عباس، وقال أبو يعلي: حدثنا يحيي بن عبدالحميد، ثنا أبو عوانة، عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس قال قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: لأعطينّ الراية غداً رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله، فقال: أين علي؟ قالوا: يطحن، قال: وما أحد منهم يرضي أن يطحن، فأتي به فدفع إليه الراية، فجاء بصفية بنت حيي بن أخطب. وهذا غريب من هذا الوجه وهو مختصر من حديث طويل.

ورواه الإمام أحمد عن يحيي بن حماد، عن أبي عوانة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس فذكره بتمامه.

فقال الإمام أحمد عن يحيي بن حماد: ثنا أبو عوانة ثنا أبو بلج ثنا عمرو بن ميمون قال: إني لجالس إلي ابن عباس، اذ أتاه تسعة رهط

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 106

فقالوا: يابن عباس أما أن تقوم معنا وإما أن تخلونا هؤلاء؟ فقال: بل أقوم معكم- وهو يومئذ صحيح قبل أن يعمي- قال: وابتدأوا فتحدثوا فلا ندري ما قالوا قال: فجاء ينفض ثوبه ويقول: أف وتف، وقعوا في رجل له عشر، وقعوا في رجل قال له النبي صلّي اللَّه عليه وآله: لأبعثنّ رجلًا لا يخزيه أبداً يحب اللَّه ورسوله قال: فاستشرف لها من استشرف قال: أين علي؟ قالوا: هو في الرحا يطحن، قال: وما كان أحدكم ليطحن، قال: فجاء وهو أرمد لا يكاد لا يكاد أن يبصر، فنفث في عينيه ثم هز

الراية ثلاثاً فأعطاها إياه. فجاء بصفية بنت حيي بن أخطب».

* «قال الإمام أحمد: حدثنا مصعب بن المقدام وحجين بن المثني قالا: ثنا إسرائيل ثنا عبداللَّه بن عصمة قال سمعت أبا سعيد الخدري يقول: إن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله أخذ الراية فهزها ثم قال: من يأخذها بحقها فجاء فلان فقال أنا فقال: امض ثم جاء رجل آخر فقال أنا فقال: امض ثم قال النبي صلّي اللَّه عليه وآله: والذي أكرم وجه محمد لأعطيّنها رجلًا لا يفر، فجاء علي فانطلق حتّي فتح اللَّه عليه خيبر وفدك وجاء بعجوتهما وقديدهما.

ورواه أبو يعلي عن حسين بن محمد عن إسرائيل وقال في سياقه:

فجاء الزبير فقال أنا، فقال: امض ثم جاء آخر فقال: امض وذكره. تفرد به أحمد».

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 107

* «رواية علي بن أبي طالب في ذلك: وقال الإمام أحمد: حدثنا وكيع عن ابن أبي ليلي عن المنهال عن عبدالرحمن بن أبي ليلي قال ابن أبي ليلي: كان أبي يسمر مع علي وكان علي يلبس ثياب الصيف في الشتاء وثياب الشتاء في الصيف فقيل له لو سألته فسأله فقال: إن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله بعث إليّ وأنا أرمد العين يوم خيبر، فقلت: يا رسول اللَّه إني أرمد العين فتفل في عيني فقال: اللهم أذهب عنه الحرّ والبرد. فما وجدت حرّاً ولا برداً منه يومئذ، وقال: لأعطينّ الراية غداً رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله، ليس بفرار. فتشرف لها أصحاب النبي صلّي اللَّه عليه وآله فأعطانيها. تفرد به أحمد. وقد رواه غير واحد عن محمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلي عن أبيه عن علي به مطولًا» «1».

رواية ابن سيّد الناس … ص: 107

* «وروينا في الصحيح من

حديث سلمة بن الأكوع: أن علي بن أبي طالب قتله، وبعث رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله أبا بكر برايته إلي بعض حصون خيبر، فقاتل ورجع ولم يكن فتح وقد جهد، ثم بعث للغد عمر بن الخطاب فقاتل ورجع ولم يكن فتح وقد جهد، فقال عليه

__________________________________________________

(1) البداية والنهاية 7/ 337- 340.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 108

السلام: لأعطينّ الراية غداً رجلًا يحب اللَّه ورسوله يفتح اللَّه علي يديه ليس بفرار، فدعا علياً وهو أرمد فتفل في عينيه، ثم قال: خذ هذه الراية فامض بها حتّي يفتح اللَّه عليك، فخرج بها يهرول حتّي ركزها في رضم من حجارة تحت الحصن؟ فأطلع إليه يهودي من رأس الحصن فقال:

من أنت؟ فقال: علي بن أبي طالب، فقال يقول اليهودي: غلوتم وما أنزل اللَّه علي موسي أو كما قال. فما رجع حتّي فتح اللَّه عليه» «1».

رواية ابن حجر العسقلاني … ص: 108

«الحديث العاشر والحادي عشر حديث سلمة بن الأكوع وحديث سهل بن سعد في قصة فتح علي خيبر:

قوله: وكان رمداً في حديث علي عند ابن أبي شيبة أرمد وفي حديث جابر عند الطبراني في الصغير أرمد شديد الرمد، وفي حديث ابن عمر عند أبي نعيم في الدلائل أرمد لا يبصر. قوله فقال: أنا أتخلّف عن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وكأنه أنكر علي نفسه تأخره عن النبي صلّي اللَّه عليه وآله فقال ذلك وقوله: فلحق به، يحتمل أن يكون لحق به قبل أن يصل إلي خيبر ويحتمل أن يكون لحق به بعد أن وصل إليها.

قوله: فلما بتنا الليلة التي فتحت خيبر في صبيحتها قال: لأعطينّ

__________________________________________________

(1) عيون الأثر 2/ 138- 139.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 109

الراية غداً. وقع في هذه

الرواية اختصار، وهو عند أحمد والنسائي وابن حبان والحاكم من حديث بريدة بن الخصيب قال: لما كان يوم خيبر أخذ أبو بكر اللواء فرجع ولم يفتح له، فلما كان الغد أخذه عمر فرجع ولم يفتح له وقتل محمود بن مسلمة فقال النبي صلّي اللَّه عليه وآله: لأدفعنّ لوائي غداً إلي رجل. الحديث، وعند ابن إسحاق نحوه من وجه آخر. وفي الباب عن أكثر من عشرة من الصحابة سردهم الحاكم في الإكليل وأبو نعيم والبيهقي في الدلائل. قوله: لأعطينّ الراية غداً أو ليأخذن الراية غداً، هو شك من الراوي. وفي حديث سهل الذي بعده لأعطينّ هذه الراية غداً رجلًا بغير شك. وفي حديث بريدة إني دافع اللواء غداً إلي رجل يحبه اللَّه ورسوله. والراية بمعني اللواء وهو العلم الذي في الحرب يعرف به موضع صاحب الجيش، وقد يحمله أمير الجيش وقد يدفعه لمقدم العسكر. وقد صرّح جماعة من أهل اللغة بترادفهما، لكن روي أحمد والترمذي من حديث ابن عباس: كانت راية رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله سوداء ولواؤه أبيض، ومثله عند الطبراني عن بريدة وعند ابن عدي عن أبي هريرة وزاد مكتوباً فيه: لا إله إلا اللَّه محمد رسول اللَّه. وهو ظاهر في التغاير، فلعلّ التفرقة بينهما عرفية، وقد ذكر ابن إسحاق وكذا أبو الأسود عن عروة: أن أوّل ما وجدت الرايات يوم خيبر، وما كانوا يعرفون قبل ذلك إلا الألوية».

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 110

* «قوله: يحبه اللَّه ورسوله. زاد في حديث سهل بن سعد ويحب اللَّه ورسوله، وفي رواية ابن إسحاق ليس بفرار، وفي حديث بريدة لا يرجع حتّي يفتح اللَّه له. قوله: فنحن نرجوها في حديث سهل: فبات الناس يدوكون

ليلتهم أيهم يعطاها. وقوله: يدوكون بمهملة مضمومة أي باتوا في اختلاط واختلاف، والدوكة بالكاف الاختلاط. وعند مسلم من حديث أبي هريرة أن عمر قال: ما أحببت الإمارة إلا يومئذ، وفي حديث بريدة: فما منا رجل له منزلة عند رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله إلا وهو يرجو أن يكون ذلك الرجل حتّي تطاولت أنالها، فدعا علياً وهو يشتكي عينه فمسحها ثم دفع إليه اللواء، ولمسلم من طريق إياس بن سلمة عن أبيه قال: فأرسلني إلي علي، قال: فجئت به أقوده أرمد فبزق في عينه فبرأ».

* «قوله: فقيل هذا علي، كذا وقع مختصراً، وبيانه في رواية إياس بن سلمة عند مسلم، وفي حديث سهل بن سعد الذي بعده: فلما أصبح الناس غدوا علي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله وكلّهم يرجو أن يعطاها، فقال: أين علي بن أبي طالب؟ قالوا: يشتكي عينيه قال فأرسلوا إليه فأتوا به. وقد ظهر من حديث سلمة بن الأكوع أنه هو الذي أحضره، ولعل علياً حضر إليهم بخيبر ولم يقدر علي مباشرة القتال لرمده، فأرسل إليه النبي صلّي اللَّه عليه وآله فحضر من المكان الذي نزل به أو بعث إليه

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 111

إلي المدينة فصادف حضوره».

* «قوله: فبرأ. بفتح الراء والهمزة بوزن ضرب ويجوز كسر الراء بوزن علم، وعند الحاكم من حديث علي نفسه قال: فوضع رأسي في حجره ثم بزق في إلية راحته فدلك بها عيني. وعند بريدة في الدلائل للبيهقي: فما وجعها علي حتّي مضي لسبيله أي مات. وعند الطبراني من حديث علي: فما رمدت ولا صدعت مذ دفع النبي صلّي اللَّه عليه وآله إلي الراية يوم خيبر. وله من وجه آخر: فما اشتكيتها

حتّي الساعة قال:

ودعا لي فقال: اللهم أذهب عنه الحرّ والقر قال: فما اشتكيتهما حتّي يومي هذا».

* «قوله: فأعطاه ففتح عليه، في حديث سهل: فأعطاه الراية. وفي حديث أبي سعيد عند أحمد: فانطلق حتّي فتح اللَّه عليه خيبر وفدك وجاء بعجوتهما. وقد اختلف في فتح خيبر هل كان عنوة أو صلحاً … ».

* «وذكر ابن إسحاق من حديث أبي رافع قال: خرجنا مع علي حين بعثه رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله برايته، فضربه رجل من يهود فطرح ترسه فتناول علي باباً كان عند الحصن فتترس به عن نفسه حتّي فتح اللَّه عليه، فلقد رأيتني أنا في سبعة أنا ثامنهم نجهد علي أن نقلب ذلك الباب، فما نقلبه.

وللحاكم من حديث جابر: إنّ علياً حمل الباب يوم خيبر وأنه

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 112

جرّب بعد ذلك فلم يحمله أربعون رجلًا.

والجمع بينهما: أن السبعة عالجوا قلبه والأربعين عالجوا حمله، والفرق بين الأمرين ظاهر، ولو لم يكن إلا باختلاف حال الأبطال.

وزاد مسلم في حديث إياس بن سلمة عن أبيه: وخرج مرحب فقال: قد علمت خيبر أني مرحب … الأبيات.

فقال علي: أنا الذي سمتني أمي حيدرة … الأبيات.

فضرب رأس مرحب فقتله. فكان الفتح علي يديه.

وكذا في حديث بريدة الذي أشرت إليه قبل.

وخالف ذلك أهل السير فجزم ابن إسحاق وموسي بن عقبة والواقدي بأن الذي قتل مرحباً هو محمد بن سلمة، وكذا روي أحمد بإسناد حسن عن جابر. وقيل إن محمد بن مسلمة كان بارزه فقطع رجليه فأجهز عليه علي. وقيل: إن الذي قتله هو الحرث أخو مرحب، فاشتبه علي بعض الرواة، فإن لم يكن كذلك وإلا فما في الصحيح مقدم علي ما سواه، ولا سيما وقد جاء

من حديث بريدة أيضاً.

وكان اسم الحصن الذي فتحه علي القموص، وهو من أعظم حصونهم، ومنه سبيت صفية بنت حيي. واللَّه أعلم» «1».

__________________________________________________

(1) فتح الباري 7/ 365- 367.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 113

* «وأخرج الترمذي بسند قوي عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: أمر معاوية سعداً فقال له: ما يمنعك أن تسبّ أبا تراب؟ فقال ما ذكرت ثلاثاً قالهن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله- لأن تكون لي واحدة منهنّ أحبّ إلي من أن يكون لي حمر النعم- فلن أسبه: سمعت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله يقول وقد خلّفه في بعض المغازي فقال له علي: يا رسول اللَّه تخلفني مع النساء والصبيان؟ فقال له: أما ترضي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسي إلا أنه نبوة بعدي، وسمعته يقول يوم خيبر: لأعطينّ الراية رجلًا يحبّ اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله، فتطاولنا لها فقال: ادعوا لي علياً، فأتاه وبه رمد فبصق عينيه ودفع الراية إليه، ففتح اللَّه عليه» «1».

* «وروي سعد بن أبي وقاص وأبو هريرة وسهل بن سعد وبريدة وأبو سعيد وابن عمر وعمران بن حصين وسلمة بن الأكوع- والمعني واحد-: أن النبي صلّي اللَّه عليه وآله قال يوم خيبر: لأعطينّ الراية غداً رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله يفتح اللَّه علي يده. فأعطاه علياً، وبعثه صلّي اللَّه عليه وآله إلي اليمن وهو شاب ليقضي بينهم فقال:

يا رسول اللَّه، لا أدري القضاء، فضرب في صدره وقال: اللهم اهد قلبه

__________________________________________________

(1) الاصابة 4/ 468.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 114

وسدّد لسانه، قال علي: فما شككت بعدها في قضاء بين اثنين. وروي:

أنه عليه الصّلاة والسلام قال: أنا مدينة العلم

وعلي بابها. وقال عمر: علي أقضانا وابي أقرؤنا. وقال يحيي بن سعيد عن سعيد بن المسيب: كان عمر يتعوّذ من معضلة ليس لها أبو الحسن» «1».

رواية العيني … ص: 114

* «حدثنا عبداللَّه بن مسلمة القعنبي قال: حدثنا عبدالعزيز بن أبي حازم عن أبيه عن سهل بن سعد رضي اللَّه تعالي عنه قال: سمع النبي صلّي اللَّه عليه وآله يقول يوم خيبر: لأعطينّ الراية رجلًا يفتح اللَّه علي يديه، فقاموا يرجون لذلك أيّهم يعطي، فغدوا وكلّهم يرجو أن يعطي فقال: أين علي؟ فقيل: يشتكي عينيه، فأمر فدعي له، فبصق في عينيه فبرأ مكانه حتّي كأنه لم يكن به شي ء، فقال: نقاتلهم حتّي يكونوا مثلنا؟ فقال علي رسلك حتّي تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلي الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم، فواللَّه لأن يهدي بك رجل واحد خير لك من حمر النعم … مطابقته للترجمة في قوله: ثم ادعهم إلي الإسلام. وعبدالعزيز يروي عن أبيه أبي حازم سلمة بن دينار.

والحديث أخرجه البخاري أيضاً في فضل علي، رضي اللَّه تعالي

__________________________________________________

(1) تهذيب التهذيب 7/ 296.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 115

عنه، عن قتيبة. وأخرجه مسلم أيضاً عن قتيبة في الفضائل».

* «قوله: يوم خيبر، ويوم خيبر كان في أوّل سنة سبع. وقال موسي بن عقبة: لما رجع رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله من الحديبية مكث بالمدينة عشرين يوماً، أو قريباً من ذلك، ثم خرج إلي خيبر وهي التي وعدها اللَّه تعالي إياه، وحكي موسي عن الزهري أن افتتاح خيبر في سنة ست، والصحيح أن ذلك في أوّل سنة سبع».

* «قوله: لأعطينّ الراية، أي: العلم، وقال ابن إسحاق عن عمرو بن الأكوع، قال: بعث النبي صلّي اللَّه عليه وآله أبا بكر، رضي اللَّه

تعالي عنه، إلي بعض حصون خيبر، فقاتل ثم رجع ولم يكن فتح وقد جهدهم، ثم بعث الغد عمر، رضي اللَّه عنه، فقاتل عمر ثم رجع ولم يكن فتح، فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: لأعطينّ الراية غداً يحبه اللَّه ورسوله ويحب اللَّه ورسوله يفتح اللَّه علي يديه ليس بفرار، قال سلمة: فدعا رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله علي بن أبي طالب، وهو يومئذ أرمد، فتفل في عينيه، ثم قال: خذ هذه الراية وامض بها حتّي يفتح اللَّه عليك بها، فخرج وهو يهرول هرولة وإنّا لخلفه نتبع أثره حتّي ركز رايته في رضم من حجارة تحت الحصن، فأطلع إليه يهودي من رأس الحصن، فقال:

من أنت؟ قال: أنا علي بن أبي طالب. قال: يقول اليهودي: علوتم وما أنزل علي موسي، أو كما قال، فما رجع حتّي فتح اللَّه علي يديه. وقال

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 116

ابن إسحاق: كان أول حصون خيبر فتحاً حصن ناعم، وعنده قتل محمود بن سلمة، ألقيت عليه رحي منه فقتلته».

* «قوله: فقاموا يرجون لذلك، أي: قام أصحاب رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله الذين معه حال كونهم راجين لإعطاء الراية له حتّي يفتح اللَّه علي يديه. قوله: أيهم يعطي، علي صيغة المجهول. قوله: فغدوا وكلّهم يرجو، أي: كلّ واحد منهم يرجو أن يعطي، وكلمة: أن، مصدرية، أي: يرجو إعطاء الراية له. قوله: فقال، أي: فقال النبي صلّي اللَّه عليه وآله:

أين علي بن أبي طالب؟ فقيل: يشتكي عينيه، من اشتكي عضواً من أعضائه فاشتكي عينيه من الرمد. قوله: فأمر، أي: النبيّ صلّي اللَّه عليه وآله بإحضار علي بن أبي طالب رضي اللَّه تعالي عنه. قوله: فدعي، علي صيغة المجهول

أي: دعي علي، رضي اللَّه تعالي عنه له، أي: للنبي صلّي اللَّه عليه وآله.. قوله: فبصق، بالصاد والسين والزاي. قوله: فقال: فقاتلهم القائل علي، رضي اللَّه تعالي عنه.

قوله: حتّي يكونوا مثلنا أي: حتّي يكونوا مسلمين مثلنا. قوله:

فقال: علي رسلك، أي: فقال النبي صلّي اللَّه عليه وآله لعلي: علي رسلك بكسر الراء، يقال: إفعل هذا علي رسلك، أي: اتئد فيه وكن فيه علي الهينة. وقال ابن التين: ضبط بكسر الراء وفتحها.

قوله: لأن يهدي بك، علي صيغة المجهول.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 117

قوله: خير لك من حمر النعم، حمر النعم، بضم الحاء: أعزها وأحسنها، يريد خير لك من أن تكون فتتصدق بها، ولكون الحمرة أشرف الألوان عندهم، قال: حمر النعم، بفتحتين إذا أطلق يراد به الإبل وحدها، وإن كان غرها من الإبل والبقر والغنم، دخل في الإسم معها» «1».

* «حدثنا قتيبة قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع، قال: كان علي رضي اللَّه تعالي عنه تخلّف عن النبي صلّي اللَّه عليه وآله في خيبر، وكان به رمد فقال: أنا أتخلّف عن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله، فخرج علي فلحق بالنبي صلّي اللَّه عليه وآله، فلما كان مساء الليلة التي فتحها في صباحها فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: لأعطينّ الراية أو قال ليأخذن غداً رجل يحبه اللَّه ورسوله أو قال يحب اللَّه ورسوله يفتح اللَّه عليه، فإذا نحن بعلي وما نرجوه فقالوا: هذا علي، فأعطاه رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله ففتح اللَّه عليه.

مطابقته للترجمة في قوله: لأعطينّ الراية. وحاتم بن إسماعيل أبو إسماعيل الكوفي سكن المدينة، ويزيد بن أبي عبيد مولي سلمة بن الأكوع، وقد

مرّ عن قريب، وقد مضي نحوه عن سهل بن سعد في الجهاد في باب دعاء النبي صلّي اللَّه عليه وآله إلي الإسلام.

__________________________________________________

(1) عمدة القاري 14/ 213- 214.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 118

وأخرج البخاري حديث الباب في فضل علي، رضي اللَّه تعالي عنه، عن قتيبة أيضاً، وفي المغازي أيضاً عن القعنبي. وأخرجه مسلم في الفضائل عن قتيبة عن حاتم بن إسماعيل.

قوله: تخلف عن النبي صلّي اللَّه عليه وآله يعني: لأجل رمد عينيه، وذلك في غزوة خيبر. قوله: أو قال، شك من الراوي. قوله: فإذا نحن بعلي. كلمة إذا للمفاجاة أي: فإذا نحن بعلي قد حضر. قوله: وما نرجوه، أي: ما كنا نرجو قدومه في ذلك الوقت للرمد الذي به.

وفيه فضيلة علي، رضي اللَّه تعالي عنه علي غاية ما يكون، ومعجزة للنبي صلّي اللَّه عليه وآله في إخباره بالغيب، وقد وقع كما أخبر» «1».

* «حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا يعقوب بن عبدالرحمن بن محمّد بن عبداللَّه بن عبدالقاري عن أبي حازم قال: أخبرني سهل يعني ابن سعد قال قال النبي صلّي اللَّه عليه وآله يوم خيبر: لأعطين الراية غداً رجلًا يفتح علي يديه يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله، فبات الناس ليلتهم أيهم يعطي، فغدوا كلّهم يرجوه فقال: أين علي؟ فقيل:

يشتكي عينيه فبصق في عينيه ودعا له فبرأ كأن لم يكن به وجع فأعطاه

__________________________________________________

(1) عمدة القاري 14/ 233.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 119

الراية فقال: أقاتلهم حتّي يكونوا مثلنا؟ فقال: انفذ علي رسلك حتّي تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلي الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم، فواللَّه لأن يهدي اللَّه بك رجلًا خير لك من أن يكون لك حمر النعم.

مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله:

لأن يهدي اللَّه بك … إلي آخره.

ويعقوب القاري، بالقاف والراء منسوب إلي القارة، هم: بنو الهون بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر، وأبو حازم، بالحاء المهملة والزاي:

سلمة بن دينار الأعرج.

والحديث مضي في كتاب الجهاد.

وأخرجه أيضاً في المغازي عن قتيبة في الكل، وقد مضي الكلام فيه في باب ما قيل في لواء النبي صلّي اللَّه عليه وآله، فإنه أخرجه هناك من حديث سلمة بن الأكوع. قوله: أيهم يعطي، بضم الياء في: يعطي وفتح الطاء علي صيغة المهجول، فعلي هذا أيهم، بضم الياء. ويروي:

يعطي، علي صيغة المعلوم وعلي هذا، أيهم، بالفتح. قوله: يرجوه، ويروي: يرجونه. قوله: علي رسلك، بكسر الراء وسكون السين أي:

علي هينتك.

قوله: لأن يهدي اللَّه، كلمة: أن، مصدرية في محل الرفع علي الإبتدا، وخبره قوله: خير لك قوله: من حمر النعم، بضم الحاء، أي:

كرامها وأعلاها منزلة، قاله ابن الأنبازي، وعن الأصمعي، بعير أحمر إذا

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 120

لم يخالط حمرته بشي ء، فإن خالطت حمرته فهو كميت، والمراد: بحمر النعم، الإبل خاصة، وهي أنفسها وخيارها. قال الهروي: يذكر ويونث، وأما الأنعام فالإبل والبقر والغنم» «1».

* «حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبدالعزيز عن أبي حازم عن سهل بن سعد أن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله قال: لأعطينّ الراية غداً رجلًا يفتح اللَّه علي يديه قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها فلما أصبح الناس غدوا علي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله كلّهم يرجو أن يعطاها، فقال: أين علي بن أبي طالب؟ فقالوا: يشتكي عينيه يا رسول اللَّه قال: فأرسلوا إليه فأتوني به، فلما جاء بصق في عينيه ودعا له فبرأ حتّي كأن لم يكن به رجع، فأعطاه الراية فقال علي:

يا رسول اللَّه، أقاتلهم حتّي يكونوا مثلنا؟ فقال: انفذ علي رسلك حتّي تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلي الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حقّ اللَّه فيه، فواللَّه لأن يهدي اللَّه بك رجلًا واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم.

مطابقته للترجمة ظاهرة، لأنه يدلّ علي فضيلة علي رضي اللَّه تعالي عنه وشجاعته. وفيه: معجزة النبي صلّي اللَّه عليه وآله، حيث أخبر بفتح خيبر علي يد من يعطي له الراية. وعبدالعزيز هو ابن أبي حازم

__________________________________________________

(1) عمدة القاري 14/ 258.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 121

سلمة بن دينار، سمع أباه أبا حازم. والحديث مر في كتاب الجهاد في باب فضل من أسلّم علي يديه رجل، فإنه أخرجه هناك عن قتيبة بن سعيد عن يعقوب بن عبدالرحمن بن محمد بن عبداللَّه بن عبدالقاري عن أبي حازم عن سهل بن سعد … إلي آخره، ومرّ الكلام فيه هناك. قوله:

كلّهم يرجو ويروي: يرجون.

قوله: يدوكون، بالدال المهملة وبالكاف أي: يخوضون من الدوكة وهو الاختلاط، والخوض، يقال: بات القوم يدوكون دوكاً: إذا باتوا في اختلاط ودوران، وقيل: يخوضون ويتحدّثون في ذلك، ويروي، يذكرون، بالذال المعجمة من الذكر. قوله: فأرسلوا، علي صيغة الماضي المبني للفاعل. قوله: فأتي به، علي صيغة المجهول، والضمير في به يرجع إلي علي رضي اللَّه تعالي عنه، ويروي: فأرسلوا، علي صيغة الأمر من الإرسال، فأتوني به، علي صيغة الأمر أيضاً من الإتيان. قوله: ودعا له، ويروي: فدعا له، بالفاء.

قوله: فأعطاه، ويروي: وأعطاه، بالواو، ويروي: فأعطي علي صيغة المجهول، والراية: العلم. قوله: أنفذ بضم الفاء: أي: امض. قوله: علي رسلك، أي: علي هينتك. قوله: حمر النعم بضم الحاء وسكون الميم، والنعم بفتحتين، والإبل الحمر هي أحسن أموال

العرب يضربون بها المثل في نفاسة الشي ء، وليس عندهم شي ء أعظم منه، وتشبيه أمور

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 122

الآخرة بأعراض الدنيا إنما هو للتقريب إلي الفهم، وإلا فذرة من الآخرة خير من الدنيا وما فيها بأسرها وأمثالها».

* «وفي التلويح: ومن خواصه أي: خواصّ علي رضي اللَّه تعالي عنه، فيما ذكره أبو الثناء: أنه كان أقصي الصحابة، وأن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله تخلّف عن أصحابه لأجله، وأنه باب مدينة العلم، وأنه لما أراد كسر الأصنام التي في الكعبة المشرفة أصعده النبي صلّي اللَّه عليه وآله برجليه علي منكبيه، وأنه حاز سهم جبريل عليه الصلاة والسلام بتبوك فقيل فيه:

علي حوي سهمين من غير أن غزا غزاة تبوك، حبذا سهم مسهم

وأن النظر إلي وجهه عبادة، روته عائشة، وأنه أحب الخلق إلي اللَّه بعد رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله، رواه أنس في حديث الطائر، وسمّاه النبي صلّي اللَّه عليه وآله: يعسوب الدين، وسماه أيضاً: رز الأرض، وقد رؤيت هذه اللفظة مهموزة وملينة، ولكلّ واحد منهما معني، فمن همز أراد الصوت، والصوت جمال الإنسان، فكأنه قال: أنت جمال الأرض، والملين هو المنفرد الوحيد، كأنه قال: أنت وحيد الأرض، وتقول:

رززت السكين إذا رسخته في الأرض بالوتد، فكأنه قال: أنت وتد الأرض، وكلّ ذلك محتمل، وهو مدح ووصف، وأن النبي صلّي اللَّه عليه وآله تولّي تسميته وتغذيته أياماً بريقه المبارك من حين وضعه».

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 123

* «حدثنا قتيبة، حدثنا حاتم عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة قال:

كان علي قد تخلّف عن النبي صلّي اللَّه عليه وآله في خيبر وكان به رمد فقال: أنا أتخلف عن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله!

فخرج علي فلحق بالنبي صلّي اللَّه عليه وآله، فلما كان مساء الليلة التي فتحها اللَّه في صباحها قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: لأعطينّ الراية أو ليأخذن الراية غداً رجلًا يحبه اللَّه ورسوله ويحب اللَّه ورسوله يفتح اللَّه عليه، فإذا نحن بعلي وما نرجوه، فقالوا: هذا علي، فأعطاه رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله، ففتح اللَّه عليه. هذا طريق آخر في الحديث السابق من حيث المعني.

أخرجه أيضاً عن قتيبة بن سعيد عن حاتم، بالحاء المهملة وبالتاء المثناة من فوق: ابن إسماعيل الكوفي، سكن المدينة عن يزيد من الزيادة ابن عبيد مولي سلمة بن الأكوع عن مولاه سلمة بن الأكوع.

والحديث مرّ في الجهاد في باب ما قيل في لواء النبي صلّي اللَّه عليه وآله، فإنه أخرجه هناك بهؤلاء الرواة بعينهم، وبعين هذا المتن، وقد مرّ الكلام فيه هناك».

* «وفي الإكليل للحاكم: أن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله بعث أبا بكر إلي بعض حصون خيبر، فقاتل وجهد ولم يك فتح، فبعث عمر، فلم يك فتح، فأعطاه علي بن أبي طالب رضي اللَّه تعالي عنه، قال: رواه

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 124

جماعة من الصحابة غير سهل: أبو هريرة وعلي وسعد بن أبي وقاص والزبير بن العوام والحسن بن علي وابن عباس وجابر بن عبداللَّه وعبداللَّه بن عمر وأبو سعيد الخدري وسلمة بن الأكوع وعمران بن حصين وأبو ليلي الأنصاري وبريدة وعامر بن سعد بن أبي وقاص وآخرون.

قوله: أو ليأخذن، شك من الراوي، وكذا قوله: أو قال: يحب اللَّه ورسوله، وفي الحديث الماضي، بصق في عينيه، ولم يذكر هنا في حديث سلمة، ويروي: قال علي: فما اشتكيت عيني لا حرّاً ولا قراً حتّي الساعة،

وفي لفظ: دعا له بست دعوات: اللهم أعنه واستعن به، وارحمه وارحم به، وانصره وانصر به، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

قوله: فأعطاه رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله أي: رايته، وقال ابن عباس: فكانت راية رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله بعد ذلك في المواطن كلّها مع علي رضي اللَّه تعالي عنه، وفي حديث جابر بن سمرة:

قالوا: يا رسول اللَّه! من يحمل رأيتك يوم القيامة؟ قال: من عسي أن يحملها يوم القيامة إلا من كان يحملها في الدنيا؟ علي بن أبي طالب؟».

* «وفي كتاب أبي القاسم البصري من حديث قيس بن الربيع عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد: أن النبي صلّي اللَّه عليه وآله قال:

لأعطينّ الراية رجلًا كراراً غير فرار، فقال حسان: يا رسول اللَّه! أتأذن لي

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 125

أن أقول في علي شعراً؟ قال: قل، قال:

وكان علي أرمد العين يبتغي دواء فلما لم يحسن مداويا

حباه رسوله اللَّه منه بنفلة فبورك مرقياً وبورك راقيا

وقال سأعطي الراية اليوم صارماً فذاك محبّ للرسول مواتيا

يحب النبي، والإله يحبه فيفتح هاتيك الحصون التواليا

فأفضي بها دون البرية كلها علياً، وسماه الوزير المواخيا» «1»

* «حدثنا عبداللَّه بن مسلمة حدثنا حاتم عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة قال: كان علي رضي اللَّه تعالي عنه تخلّف عن النبي صلّي اللَّه عليه وآله في خيبر وكان رمداً فقال: أنا اتخلف عن النبي صلّي اللَّه عليه وآله: فلحق به، فلما بتنا الليلة التي فتحت قال: لأعطينّ الراية غداً أو ليأخذن الراية غداً رجل يحبه اللَّه ورسوله ويفتح عليه، فنحن نرجوها فقيل: هذا علي، فأعطاه ففتح عليه.

مطابقته للترجمة ظاهرة، وقد تكرر ذكر رجاله، والحديث مرّ في الجهاد في

باب ما قيل في لواء النبي صلّي اللَّه عليه وآله. قوله: وكان رمداً، بفتح الراء وكسر الميم، وفي رواية ابن أبي شيبة: أرمد، وفي رواية جابر عند الطبراني في الصغير: أرمد، بتشديد الدال، وفي حديث

__________________________________________________

(1) عمدة القاري 16/ 214- 216.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 126

ابن عمر عند أبي نعيم في الدلائل: أرمد لا يبصر. قوله: فقال: أنا أتخلف؟

كأنه أنكر علي نفسه تأخره عن النبي صلّي اللَّه عليه وآله. قوله: فلحق به أي: بالنبي صلّي اللَّه عليه وآله، فيحتمل أن يكون لحق به في الطريق، ويحتمل أن يكون بعد الوصول إلي خيبر. قوله: أو ليأخذنّ الراية، شك من الراوي.

قوله: رجل، فاعل: ليأخذنّ. قوله: يحبه اللَّه ورسوله، صفة الرجل، والراية، العلم الذي يحمل في الحرب به موضع صاحب الجيش، وقد يحمله أمير الجيش، وربّما يدفعه إلي مقدم العسكر، وقد صرح جماعة من أهل اللغة بأن الراية والعلم مترادفان، لكن روي أحمد والترمذي من حديث ابن عباس: كانت راية رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله، ومثله عند الطبراني عن بريدة، وعند ابن عدي عن أبي هريرة، وزاد: مكتوب فيه:

لا إله إلا اللَّه محمد رسول اللَّه، قوله: فنحن نرجوها أي: نرجوا الراية أن تدفع إلينا أراد أن كل واحد منهم كان يرجو ذلك. قوله: فقيل: هذا علي، أي: قد حضر. قوله: ففتح عليه فيه اختصار، أي: فلما حضر أعطاه رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله الراية فتقدم بها وقاتل ففتح اللَّه علي يديه».

* «حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا يعقوب بن عبدالرحمان عن أبي حازم قال: أخبرني سهل بن سعد أن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 127

قال يوم خيبر:

لأعطينّ الراية غداً رجلًا يفتح اللَّه علي يديه يحب اللَّه رسوله ويحبه اللَّه ورسوله قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها فلما أصبح الناس غدوا علي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله كلّهم يرجو أن يعطاها، فقال أين علي بن أبي طالب؟ فقيل: هو يا رسول اللَّه يشتكي عينيه، قال: فأرسلوا إليه فأتي به فبصق رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله في عينيه ودعا له فبرأ حتّي كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية، فقال علي يا رسول اللَّه! أقاتلهم حتّي يكونوا مثلنا؟ فقال صلّي اللَّه عليه وآله: انفذ علي رسلك حتّي تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلي الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حقّ اللَّه فيه، فواللَّه لأنْ يهدي بك رجلًا واحداً خير من أن يكون لك حمر النعم.

مطابقته للترجمة ظاهرة. وأبو حازم سلمة بن دينار. والحديث قد مضي في الجهاد في باب فضل من أسلم علي يديه رجل بعين هذا الإسناد والمتن، وهنا بعض زيادة، وهي: قوله: يدوكون ليلتهم، بضم الدال المهملة: من الدوك، وهو الاختلاط أي: باتوا في اختلاط واختلاف. قوله: كلّهم يرجو، ويروي: يرجون. قوله: فأتي به، علي صيغة المجهول. قوله: ودعا له، فقال: اللهم أذهب عنه الحرّ والقر، قال: فما اشتكيتهما حتّي يومي هذا، رواه الطبراني عنه.

قوله: فبرأ، بفتح الراء والهمزة علي وزن: ضرب، قيل: ويجوز

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 128

بكسر الراء علي وزن: علم، وروي الطبراني من حديث علي: فما رمدت ولا صدعت منذ دفع إليّ النبي صلّي اللَّه عليه وآله الراية يوم خيبر.

قوله: أقاتلهم، حذف منه همزة الاستفهام، وقوله: حتّي يكونوا مثلنا، حتّي يكونوا مسلمين مثلنا. قوله: أنفذ، بضم الفاء وبالذال المعجمة. قوله: فيه، أي: في الإسلام.

قوله: حمر النعم، بسكون الميم وبفتح النون والعين المهملة وهو من ألوان الإبل المحمودة، وكانت العرب تفتخر بها» «1».

رواية الصالحي الدمشقي … ص: 128

* «وقال سهل بن سعد: قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله يوم خيبر: لأعطينّ الراية غداً رجلًا يفتح اللَّه علي يديه، يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله. فلما أصبح الناس غدوا علي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله كلّهم يرجو أن يعطاها. قال: أين علي بن أبي طالب؟ فقالوا: هو يشتكي عينيه. قال: فأرسلوا إليه. فأتي به فبصق رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله في عينيه فبرأ حتّي كأن لم يكن به وجع. الحديث رواه الشيخان» «2».

__________________________________________________

(1) عمدة القاري 17/ 243- 244.

(2) سبل الهدي والرشاد 2/ 32.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 129

* «وروي الشيخان عن سهل بن سعد، والبخاري وابن أبي أسامة، وأبو نعيم عن سلمة بن الأكوع، وأبو نعيم والبيهقي عن عبداللَّه بن بريدة عن أبيه. وأبو نعيم عن ابن عمر، وسعد بن أبي وقاص، وأبي سعيد الخدري، وعمران بن حصين، وجابر بن عبداللَّه، وأبو ليلي، ومسلم، والبيهقي عن أبي هريرة، والإمام أحمد وأبو يعلي والبيهقي عن علي رضي اللَّه تعالي عنه. قال بريدة: كان رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله تأخذه الشقيقة فيمكث اليوم واليومين لا يخرج، فلما نزل خيبر أخذته الشقيقة فلم يخرج إلي الناس، فأرسل أبا بكر فأخذ راية رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله، ثم نهض فقاتل قتالًا شديداً، ثم رجع، ولم يكن فتح وقد جهد، ثم أرسل عمر فأخذ راية رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله فقاتل قتالًا شديداً هو أشد من القتال الأول، ثم رجع، ولم يكن فتح. وفي حديث عن علي عند البيهقي: أن الغلبة

كانت لليهود في اليومين انتهي.

فأخبر رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله بذلك فقال: لأعطينّ الراية غداً رجلًا يفتح اللَّه عليه، ليس بفرار، يحب اللَّه ورسوله، ويأخذها عنوة وفي لفظ: يفتح اللَّه علي يديه قال بريدة: فبتنا طيبة أنفسنا أن يفتح غداً، وبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها، فلما أصبح الناس غدوا علي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله كلّهم يرجو أن يعطاها.

قال أبو هريرة قال عمر: فما أحببت الإمارة قط حتّي كان يومئذ.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 130

قال بريدة: فما منا رجل له من رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله منزلة إلا وهو يرجو أن يكون ذلك الرجل، حتّي تطاولت أنا لها ورفعت رأسي لمنزلة كانت لي منه، وليس منة.

وفي حديث سلمة وجابر: وكان علي تخلّف عن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله لرمد شديد كان به لا يبصر، فلما سار رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله قال: لا، أنا أتخلّف عن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله!! فخرج فلحق برسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله قال بريدة: وجاء علي رضي اللَّه عنه حتّي أناخ قريباً، وهو رمد، قد عصب عينيه بشق برد قطري، قال بريدة: فلمّا أصبح رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله صلّي الغداة، ثم دعا باللواء، وقام سلمة: فجئت به أقوده.

قالوا كلّهم: فأتي به رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله فقال له رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: مالك؟ قال: رمدت حتّي لا أبصر ما قدامي. قال:

ادن مني».

وفي حديث علي عند الحاكم: فوضع رأسي عند حجره، ثم بزق في ألية يده فدلك بها عيني، قالوا: فبرأ كان لم يكن به وجع قط، فما وجعهما علي حتّي مضي لسبيله، ودعا له

وأعطاه الراية، قال سهل فقال علي: يا رسول اللَّه أقاتلهم حتّي يكونوا مثلنا؟ فقال: انفذ علي رسلك حتّي تنزل بساحتهم. ثم ادعهم إلي الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 131

من حق اللَّه تعالي وحق رسوله، فواللَّه لأن يهدي اللَّه بك رجلًا واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم. وقال أبو هريرة: إن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله قال لعلي: اذهب فقاتلهم حتّي يفتح اللَّه عليك ولا تلتفت قال: علام أقاتل الناس؟ قال: قاتلهم حتّي يشهدوا أن لا إله إلا اللَّه وأن محمداً عبده ورسوله، فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم إلا بحقّها، وحسابهم علي اللَّه. فخرج بها- واللَّه- يهرول هرولة، حتّي ركزها تحت الحصن فأطلع يهودي من رأس الحصن فقال:

من أنت؟ قال علي، فقال اليهودي: غلبتم والذي أنزل التوراة علي موسي، فما رجع حتّي فتح اللَّه تعالي علي يديه.

قال أبو نعيم: فيه دلالة علي أن فتح علي لحصنهم مقدم في كتبهم بتوجيه من اللَّه وجهه إليهم، ويكون فتح اللَّه تعالي علي يديه» «1».

«روي الشيخان عن سهل بن سعد أن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله قال يوم فتح خيبر: لأعطينّ هذه الراية غداً رجلًا يفتح اللَّه علي يديه، فلما أصبح قال: أين علي بن أبي طالب؟ قالوا: يشتكي عينيه، قال:

فأرسلوا إليه، فأتي به، فبصق رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله في عينيه ودعا له فبرأ حتّي كأن لم يكن به وجع.

__________________________________________________

(1) سبل الهدي والرشاد 5/ 124- 125.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 132

وروي الشيخان عن سلمة بن الأكوع رضي اللَّه عنه قال: كان علي رضي اللَّه عنه تخلّف عن النبي صلّي اللَّه عليه

وآله في خيبر وكان رمداً، فقال: أنا أتخلف عن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله!! فخرج فلحق به، فلما كان مساء الليلة التي فتح اللَّه في صباحها، قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: لأعطينّ الراية غداً رجلًا يحبه اللَّه ورسوله، يفتح اللَّه عليه، فإذا نحن بعلي وما نرجوه، فقالوا: هذا علي، فأعطاه الراية، ففتح اللَّه عليه».

«ورواه مسلم من وجه آخر عن سلمة وذكر قوله: فبصق في عينيه فبرأ. ورواه الحارث وأبو نعيم من وجه آخر عن سلمة وزاد فأخذ الراية، فخرج بها حتّي ركزها تحت الحصن، فأطلع إليه يهودي من رأس الحصن فقال: من أنت؟ قال: علي، قال: علوتم وما أنزل علي موسي، فما رجع حتّي فتح اللَّه علي يديه. وروي البيهقي وأبو نعيم عن بريدة أن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله قال في خيبر: لأعطينّ الراية غداً رجلًا يحب اللَّه ورسوله يأخذها عنوة، وليس ثم علي فتطاولت لها قريش، وجاء علي علي بعير له وهو أرمد، قال: ادن مني، فتفل في عينيه فما وجعها حتّي مضي لسبيله ثم أعطاه الراية» «1».

__________________________________________________

(1) سبل الهدي والرشاد 10/ 62.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 133

رواية الحلبي … ص: 133

* «وفي رواية: أنه صلّي اللَّه عليه وآله كان يعطي الراية كلّ يوم واحداً من أصحابه ويبعثه فبعث أبا بكر فقاتل ورجع ولم يكن فتح وقد جهد. ثم بعث عمر بن الخطاب من الغد أي برايته فقاتل ورجع ولم يكن فتح وقد جهد، ثم بعث رجلًا من الأنصار فقاتل ورجع ولم يكن فتح. فقال عليه الصلاة والسلام: لأعطينّ الراية أي اللواء غداً رجلًا يحب اللَّه ورسوله يفتح اللَّه علي يديه ليس بفار وفي لفظ كرار غير فرار، فدعا علياً

كرّم اللَّه وجهه وهو أرمد فتفل في عينيه ثم قال: خذ هذه الراية فامض بها حتّي يفتح اللَّه عليك، أي ودعا له ولمن معه بالنصر».

* «وفي رواية أنه صلّي اللَّه عليه وآله ألبسه درعه الحديد وشد ذا الفقار أي الذي هو سيفه في وسطه وأعطاه الراية ووجهه إلي الحصن، فخرج علي كرّم اللَّه وجهه بها يهرول حتّي ركزها تحت الحصن، فأطلع عليه يهودي من رأس الحصن فقال: من أنت؟ قال: علي بن أبي طالب فقال اليهودي: علوتم وحق ما أنزل علي موسي، ثم خرج إليه أهل الحصن وكان أوّل من خرج منهم إليه الحارث أخو مرحب وكان معروفاً بالشجاعة، فانكشف المسلمون وثبت علي كرّم اللَّه وجهه، فتضاربا فقتله علي، وانهزم اليهود إلي الحصن، ثم خرج إليه مرحب فحمل عليه

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 134

وضربه فطرح ترسه من يده، فتناول علي كرّم اللَّه وجهه باباً كان عند الحصن فتترس به عن نفسه، فلم يزل في يده وهو يقاتل حتّي فتح اللَّه عليه الحصن، ثم ألقاه من يده أي وراء ظهره ثمانين شبراً. قال الراوي:

فجهدت أنا وسبعة نفر علي أن نقلب ذلك الياب فلم نقدر. قال بعضهم:

في هذا الخبر جهالة وانقطاع ظاهر، قال وقيل: ولم يقدر علي حمله أربعون رجلًا وقيل سبعون».

* «وفي رواية: إن علياً كرم اللَّه وجهه لما انتهي إلي باب الحصن اجتذب أحد أبوابه فألقاه بالأرض فاجتمع عليه بعده سبعون رجلًا فكان جهداً أن أعادوه مكانه. وقيل حمل الباب علي ظهره حتّي صعد المسلمون عليه ودخلوا الحصن. قال بعضهم: وطرق حديث الباب كلّها واهية وفي بعضها، قال الذهبي: إنه منكر. وفي الإمتاع: وزعم بعضهم أن حمل علي كرم اللَّه وجهه الباب

لا أصل له وإنما يروي عن رعاع الناس وليس كذلك. ثم ذكر جملة ممّن خرجه من الحفاظ» «1».

رواية المتقي … ص: 134

* «مسند سلمة بن الأكوع عن إياس بن سلمة قال: … ثم إن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله أرسلني إلي علي فقال: لأعطينّ الراية اليوم رجلًا

__________________________________________________

(1) إنسان العيون/ السيرة الحلبية 2/ 736- 737.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 135

يحب اللَّه ورسوله أو يحبه اللَّه ورسوله، فجئت به أقوده أرمد فبصق رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله في عينيه ثم أعطاه الراية، فخرج مرحب يخطر بسيفه فقال:

قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب

اذا الحروب أقبلت تلهّب

فقال علي بن أبي طالب:

أنا الذي سمتني أمي حيدره كليث غابات كرية المنظره

أو فيهم بالصاع كيل السندره

ففلق رأس مرحب بالسيف وكان الفتح علي يديه» «1».

* «عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله يوم خيبر: لأعطينّ الراية غداً رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويفتح اللَّه علي يديه، قال عمر: فما أحببت الإمارة قط إلا يومئذ فتشوقت لها رجاء أن ادعي لها. فدعا علياً فبعثه وأعطاه الراية وقال: اذهب قاتل حتّي يفتح اللَّه علي يديك ولا تلتفت، فسار علي بالناس ثم وقف ولم يلتفت فقال: يا رسول اللَّه! علي ما أقاتل الناس؟ قال: قاتلهم حتّي يشهدوا أن لا إله إلا اللَّه وأنّ محمداً رسول اللَّه، فإذا قالوا ذلك منعوا منك دماءهم وأموالهم إلّا

__________________________________________________

(1) كنز العمال 10/ 465 ح 30126.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 136

بحقها، وحسابهم علي اللَّه عزّوجلّ» «1».

* «عن عبدالرحمن بن أبي ليلي قال: كان علي يخرج في الشتاء في إزار ورداء ثوبين خفيفين، وفي الصيف في القباء المحشو والثوب الثقيل،

فقال الناس لعبد الرحمن: لو قلت لأبيك فإنه يسمر معه، فسألت أبي فقلت: إن الناس قد رأوا من أميرالمؤمنين شيئاً استنكروه، قال: وما ذاك؟ قال: يخرج في الحر الشديد في القباء المحشو والثوب الثقيل ولا يبالي ذلك، ويخرج في البرد الشديد في الثوبين الخفيفين والملائتين لا يبالي ذلك ولا يتقي برداً، فهل سمعت في ذلك شيئاً فقد أمروني أن أسألك أن تسأله إذا سمرت عنده، فسمر عنده فقال: يا أمير المؤمنين! إن الناس قد تفقدوا منك شيئاً، قال: وما هو؟ قال: تخرج في الحرّ الشديد في القباء المحشو والثوب الثقيل وتخرج في البرد الشديد في الثوبين الخفيفين وفي الملاءتين لا تبالي ذلك ولا تتقي برداً، قال: أو ما كنت معنا يا أبا ليلي بخيبر؟ قلت: بلي واللَّه قد كنت معكم، قال: فإن رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله بعث أبا بكر فسار بالناس فانهزم حتّي رجع إليه، وبعث عمر فانهزم بالناس حتّي انهي إليه، فقال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: لأعطينّ الراية رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه

__________________________________________________

(1) كنزالعمال 10/ 468 ح 30130.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 137

اللَّه ورسوله يفتح اللَّه له، ليس بفرار، فأرسل إليّ فدعاني، فأتيته وأنا أرمد لا أبصر شيئاً، فتفل في عيني وقال: اللهم اكفه الحر والبرد! فما آذاني بعده حرّ ولا برد.

(ش، حم، ه والبزار وابن جرير وصححه، طس، ك، ق في الدلائل، ض)» «1».

* «عن ضمرة بن ربيعة عن مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: لأعطينّ الراية رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله كراراً غير فرار، يفتح اللَّه عليه، جبريل عن

يمينه وميكائيل عن يساره، فبات الناس متشوقين، فلما أصبح قال: أين علي؟ قالوا: يا رسول اللَّه! ما يبصر. قال: ائتوني به، فلما أتي به فقال النبي صلّي اللَّه عليه وآله: ادن مني، فدنا منه فتفل في عينيه ومسحها بيده، فقام علي من بين يديه كأنه لم يرمد.

(قط، خط في رواة مالك، كر)» «2».

* «عن سعد قال: سمعت رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله يقول لعلي: ثلاث خصال لأن يكون لي واحدة منها أحب إليّ من الدنيا وما فيها، سمعته يقول: أنت مني بمنزلة هارون من موسي إلا أنه لا نبي

__________________________________________________

(1) كنز العمال: 36388.

(2) كنز العمال: 36393.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 138

بعدي، وسمعته يقول: لأعطينّ الراية غداً رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله، ليس بفرار، وسمعته يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه.

(ابن جرير)».

* «أيضاً عن عامر بن سعد قال: قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله لعلي: ثلاث خصال لأن يكون لي واحدة منهنّ أحب إليّ من حمر النعم، نزل علي رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله الوحي فأدخل علياً وفاطمة وابنيها تحت ثوبه ثم قال: اللهم هؤلاء أهلي وأهل بيتي، وقال له حين خلفه في غزاة غزاها فقال علي: يا رسول اللَّه! خلفتني مع النساء والصبيان! فقال له رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله: ألا ترضي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسي إلا أنه لا نبوة بعدي، وقوله يوم خيبر:

لأعطينّ الراية رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله، يفتح اللَّه علي يديه، فتطاول المهاجرون لرسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله ليراهم، فقال: أين علي؟ فقالوا: هو رمد. قال: ادعوه. فدعوه، فبصق في عينيه، ففتح اللَّه علي يديه.

(ابن النجار)» «1».

__________________________________________________

(1) كنز

العمال: 36495.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 139

رواية المناوي … ص: 139

* «واللَّه لأن، بفتح اللام وفتح همزة أن المصدرية الناصبة للمضارع (يهدي) بضم أوله مبني للمفعول (بهداك) أي لأن ينتفع بك (رجل واحد) يا علي بشي ء من أمر الدين بما يسمعه منك إذ يراك تعلمه فيقتدي بك (خير لك من حمر) بسكون الميم جمع أحمر (النعم) بفتح النون أي الإبل وخص حمرها لأنها أكرمها وأعلاها، وبها يضرب المثل في النفاسة وتشبيه أمور الآخرة في أعراض الدنيا إنما هو تقريب للفهم، وإلا فذرة من الآخرة لا يعدلها ملك الدنيا (عن سهل بن سعد) الساعدي قال: قال رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله يوم خيبر: لأعطينّ الراية غداً رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله، فأعطاها علياً وهو أرمد فقال علي: أقاتلهم حتّي يكونوا مثلنا؟ فقال: أنفذ علي رسلك حتّي تنزل بساحتهم ثم أدعهم إلي الإسلام وأخبرهم بما عليهم من حق اللَّه تعالي فواللَّه … » «1».

رواية الشوكاني … ص: 139

* «وفيه منقبة لعلي عليه السلام ورحمته وبركاته، فإن هذه الغزوة هي التي قال فيه صلّي اللَّه عليه وآله: لأعطينّ الراية غداً رجلًا يحب اللَّه

__________________________________________________

(1) فيض القدير 6/ 465 ح 9606.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 140

ويحبه اللَّه ورسوله، فتطاول الناس لها فقال: ادعوا لي علياً، فأتي به أرمد فبصق في عينيه ودفع إليه الراية ففتح اللَّه عليه. هذا لفظ مسلم والترمذي» «1».

* «وفي الباب عن سلمة في الصحيحين: أن النبي صلّي اللَّه عليه وآله قال: لأعطينّ الراية رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله فأعطاها علياً، وعن يزيد بن جابر الغفري عند ابن السكن قال: عقد رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وآله رايات الأنصار وجعلهنّ صفراً. وعن أنس عند النسائي أن ابن أم مكتوم كانت معه راية

سوداء في بعض مشاهد النبي صلّي اللَّه عليه وآله، قال المنذري: وهو حديث حسن» «2».

__________________________________________________

(1) نيل الأوطار 8/ 55.

(2) نيل الأوطار 8/ 59.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 141

الفصل الثالث: في نقاط حول سند الحديث … ص: 141

أوّلًا:

لقد روي هذا الحديث عن جمعٍ كبير من الصّحابة، منهم:

1- أمير المؤمنين عليه الصّلاة والسّلام.

2- السبط الأكبر الإمام الحسن بن علي عليه السّلام.

3- عبداللَّه بن العباس.

4- جابر بن عبداللَّه الأنصاري.

5- أبو سعيد الخدري.

6- عمران بن حصين.

7- أبو ليلي الأنصاري.

8- سعد بن أبي وقاص.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 142

9- عبداللَّه بن عمر بن الخطّاب.

10- أبو هريرة الدّوسي.

11- سلمة بن الأكوع.

12- سهل بن سعد.

13- بريدة بن الحصيب.

14- عمر بن الخطاب.

15- عبداللَّه بن عمرو بن العاص.

16- الزبير بن العوام.

17- أنس بن مالك.

وثانياً:

قد نظم حسان بن ثابت هذه المنقبة الخالدة والفضيلة العظيمة في شعر له ذكره العلماء في كتبهم، ونحن ننقله عن شرح صحيح البخاري للعيني الحنفي، إذ أورده بشرح الحديث، وهذا نصّه:

وكان علي أرمد العين يبتغي دواء فلما لم يحسن المداويا

حباه رسول اللَّه منه بتفلة فبورك مرقيّاً وبورك راقيا

وقال ساعطي الراية اليوم صارماً فذاك محبّ للرسول مواتيا

يحبّ النبي والإله يحبّه فيفتح هاتيك الحصون التواليا

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 143

فأفضي بها دون البريّة كلّها عليّاً وسمّاه الوزير المواخيا» «1»

وثالثاً:

هذا الحديث مخرَّج في كتابي البخاري ومسلم، الموصوفين بالصّحيحين، وقد ذهب جمهور علماء أهل السنّة إلي صحّة كلّ ما اخرج فيهما، بل ذهب جمعٌ من أكابرهم إلي أنّ ما اخرج فيهما فهو مقطوع بصدوره، فقد قال الحافظ السيوطي:

«(وذكر الشيخ) يعني ابن الصلاح (أن ما روياه أو أحدهما فهو مقطوع بصحته والعلم القطعي حاصل فيه) قال: خلافاً لمن نفي ذلك، محتجاً بأنه لا يفيد إلا الظن، وإنما تلقته

الأمة بالقبول لأنه يجب عليهم العمل بالظن. والظن قد يخطئ. قال: وقد كنت أميل إلي هذا وأحسبه قويماً. ثم بان لي أن الذي اخترناه أولًا هو الصحيح، لأن ظن من هو معصوم من الخطأ لا يخطئ. والأمة في إجماعها معصومة من الخطأ ولهذا كان الإجماع المبني علي الاجتهاد حجة مقطوعاً بها، وقد قال إمام الحرمين: لو حلف إنسان بطلاق امرأته: أن ما في الصحيحين مما حكما بصحته من قول النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم، لما ألزمته الطلاق، لإجماع علماء المسلمين علي صحته. قال: وإن قال قائل: إنه لا يحنث ولو لم

__________________________________________________

(1) عمدة القاري 16/ 216.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 144

يجمع المسلمون علي صحتها، للشك في الحنث. فإنه لو حلف بذلك في حديث ليس هذه صفته لم يحنث. وإن كان رواته فساقاً. فالجواب أن المضاف إلي الإجماع هو القطع بعدم الحنث ظاهراً وباطناً. وأما عند الشك فعدم الحنث محكوم به ظاهراً مع احتمال وجوده باطناً، حتي تستحب الرجعة. قال المصنف: (وخالفه المحققون والأكثرون، فقالوا:

يفيد الظن ما لم يتواتر).

قال في شرح مسلم: لأن ذلك شأن الآحاد، ولا فرق في ذلك بين الشيخين وغيرهما، وتلقي الأمة بالقبول، إنما أفاد وجوب العمل بما فيهما، من غير توقف علي النظر فيه، بخلاف غيرهما فلا يعمل به حتي ينظر فيه ويوجد فيه شروط الصحيح، ولا يلزم من إجماع الأمة علي العمل بما فيهما إجماعهم علي القطع بأنه كلام النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم. قال: وقد اشتد إنكار ابن برهان علي من قال بما قاله الشيخ، وبالغ في تغليطه … وكذا عاب ابن عبدالسلام علي ابن الصلاح هذا القول.

وقال: إن بعض المعتزلة يرون: أن الأمة إذا عملت بحديث اقتضي

ذلك القطع بصحته، قال وهو مذهب ردي ء، وقال البلقيني: ما قال النووي وابن عبدالسلام ومن تبعهما ممنوع. فقد نقل بعض الحفاظ المتأخرين مثل قول ابن الصلاح عن جماعة من الشافعية، كأبي إسحاق وأبي حامد الإسفراييني، والقاضي أبي الطيب والشيخ أبي إسحاق الشيرازي وعن

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 145

السرخسي من الحنفية والقاضي عبدالوهاب من المالكية وأبي يعلي وأبي الخطاب وابن الزاغوني من الحنابلة، وابن فورك وأكثر أهل الكلام من الأشعرية، وأهل الحديث قاطبة، ومذهب السلف عامة، بل بالغ ابن طاهر المقدسي في صفة التصوف، فألحق به ما كان علي شرطهما، وإن لم يخرجاه.

وقال شيخ الإسلام: ما ذكره النووي في شرحٍ مسلم من جهة الأكثرين، أما المحققون فلا، فقد وافق ابن الصلاح أيضاً محققون.

وقال في شرح النخبة: الخبر المحتف بالقرائن يفيد العلم خلافاً لمن أبي ذلك، قال وهو أنواع: منها ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما مما لم يبلغ التواتر، فإنه احتف به قرائن، منها: جلالتهما في هذا الشأن وتقدمهما في تمييز الصحيح علي غيرهما، وتلقي العلماء لكتابيهما بالقبول، وهذا التلقي وحده أقوي في إفادة العلم من مجرد كثرة الطرق القاصرة عن التواتر، إلا أن هذا مختص بما لم ينتقده أحد من الحفاظ، وبما لم يقع التجاذب بين مدلوليه، حيث لا ترجيح لأحدهما علي الآخر لاستحالة أن يفيد المتناقضان العلم بصدقهما من غير ترجيح لأحدهما علي الآخر، وما عدا ذلك فالإجماع حاصل علي تسليم صحته، قال: وما قيل من أنهم إنما اتفقوا علي وجوب العمل به لا علي صحته ممنوع، لأنهم انفقوا علي وجوب العمل بكل ما صح، ولو لم يخرجاه، فلم يبق

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 146

للصحيحين في هذا مزيّة، والإجماع

حاصل علي أن لهما مزيّة، فيما يرجع إلي نفس الصحة، قال: ويحتمل أن يقال المزيّة المذكورة كون أحاديثهم أصح الصحيح، قال: ومنها المشهور إذا كانت له طرق متباينة سالمة من ضعف الرواة والعلل، وممن صرّح بإفادته العلم الأستاذ أبو منصور البغدادي، قال: ومنها المسلسل بالأئمة الحفاظ حيث لا يكون تجريباً كحديث يرويه أحمد مثلًا ويشاركه فيه غيره عن الشافعي، ويشاركه فيه غيره عن مالك، فإنه يفيد العلم عند سماعه بالاستدلال من جهة جلالة رواته. قال: وهذه الأنواع التي ذكرناها لا يحصل العلم فيها إلا للعالم المتبحر في الحديث العارف بأحوال الرواة والعلل، وكون غيره لا يحصل له العلم لقصوره عن الأوصاف المذكورة لا ينفي حصول العلم للمتبحر المذكور …

وقال ابن كثير: وأنا مع ابن الصلاح فيما عوّل عليه وأرشد إليه.

قلت: وهو الذي أختاره ولا أعتقد سواه، نعم يبقي الكلام في التوفيق بينه وبين ما ذكره أوّلًا من أن المراد بقولهم: هذا حديث صحيح:

أنه وجدت فيه شروط الصحة، لا أنه مقطوع به في نفس الأمر، فإنه مخالف لما هنا، فلينظر في الجمع بينهما فإنه عسر ولم أر من تنبّه له» «1».

__________________________________________________

(1) تدريب الراوي- شرح تقريب النووي 1/ 104- 106.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 147

ورابعاً:

بل لقد نصّ غير واحد من الحفّاظ الكبار علي تواتر حديث الرّاية وثبوته.

وتقدّم عن (الإكمال في أسماء الرجال): «هذا حديث صحيح بل هو متواتر، وفي هذا الباب عن أمير المؤمنين علي كرّم اللَّه وجهه وابن عباس وجابر نب عبداللَّه وأبي سعيد الخدري وابن أبي ليلي وعمران بن الحصين وأبي هريرة وابن عمر بن الخطاب وسعد بن أبي وقاص وسلمة بن الأكوع وجماعة.

وبالجملة، فالحديث متفق عليه.

حتي قال ابن تيمية الحراني في منهاج

السنّة 3/ 12 و 4/ 91: هذا الحديث أصحّ ما روي لعلي من الفضائل، أخرجاه في الصحيحين من غير وجه.

وتقدّم عن (الاستيعاب) قوله: «وهذه كلّها آثار ثابتة».

وعن (تهذيب الكمال): «وهذه كلّها آثار ثابتة».

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 148

الفصل الرابع: في نقاطٍ في متنه … ص |: 148

في هذا الحديث نقاطٌ تتعلّق بالنبيّ صلّي اللَّه عليه وآله وبالوصيّ أمير المؤمنين وبالشيخين أبي بكر وعمر.

* أمّا النبيُّ صلّي اللَّه عليه وآله، ففي الحديث بعض معاجزه وعلمه بالمغيّبات.

فقد اتّفقت النّصوص علي أنه لمّا اتي بأمير المؤمنين وهو أرمد وضع صلّي اللَّه عليه وآله من بصاقه علي عينيه، فبرأ عليه السلام كأنْ لم يكن به شي ء …

وأنّه دعا لعليٍ فقال: «أللهم أذهب عنه الحرّ والبرد» قال علي: «فما وجدت حرّاً ولا برداً منذ يومئذ».

ففي المسند: «فتفل في عيني وقال: أللهم … » وفي لفظٍ: «فبصق في

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 149

عينه» وفي البخاري: «فدعا له، فبصق في عينيه فبرأ مكانه حتي كأنه لم يكن به شي ء» وكذا عند مسلم. وعند النسائي: «فبزق نبي اللَّه في كفّيه ثم مسح بهما عيني علي» وكذا عند غيرهم.

وكان من دعائه المذكور خروجه في البرد في الملاءتين وفي الحرّ في الثوب الغليظ … كما ذكرت الأخبار … وقوله عليه السلام: «فما رمدت حتي السّاعة» كما في الأخبار كذلك.

واتّفقت النصوص علي أنّ النبيّ صلّي اللَّه عليه وآله قد أخبر بأنّ اللَّه سيفتح علي يدي علي، فوقع كما أخبر … وقد نبّه علي هذا بعض العلماء، كالعيني الحنفي، بشرح الحديث «1».

* وأمّا الشيخان، فقد أعطاهما النّبي صلّي اللَّه عليه وآله الرّاية، أعطاها أبا بكر في اليوم الأوّل، وأعطاها عمر في اليوم الثاني … وهذه بعض النصوص:

فمنها: ما أخرجه ابن

أبي شيبة بإسناده عن علي … قال: «فإنّ رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم بعث أبا بكر، فسار بالناس، فانهزم حتي رجع إليه وبعث عمر فانهزم بالناس حتي انتهي إليه. فقال رسول اللَّه: لُاعطينّ الراية رجلًا … » «2».

__________________________________________________

(1) عمدة القاري 14/ 233.

(2) المصنّف 8/ 522.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 150

وفي رواية ابن عساكر: «بعث أبا بكر وعقد له لواءً، فرجع وقد انهزم، فبعث عمر وعقد له لواءً، فرجع منهزماً بالناس. فقال رسول اللَّه:

لُاعطينّ الراية رجلًا … » «1».

ورواه المتقي الهندي عن: ابن أبي شيبة والبزار وابن جرير- قال:

وصحّحه- والطبراني في الأوسط والحكم والبيهقي في الدلائل والضياء المقدسي «2».

ومنها: ما أخرجه الحاكم وابن عساكر وغيرهما من أن رسول اللَّه أعطي اللواء عمر بن الخطاب: «فانكشف عمر وأصحابه، فرجعوا إلي رسول اللَّه يجبّنه أصحابه ويجبّنهم. قال رسول اللَّه: لُاعطينّ اللواء غداً رجلًا … » «3».

ومنها: ما أخرجه النسائي وجماعة بلفظ: «فأخذ الراية أبو بكر ولم يفتح له، فأخذها من الغد عمر فانصرف ولم يفتح له» «4».

ومنها: ما أخرجه البغوي وجماعة قالوا: «فأخذ أبو بكر راية

__________________________________________________

(1) تاريخ دمشق 42/

(2) كنز العمال 13/ 53 برقم: 36388.

(3) المستدرك 3/ 40، تاريخ دمشق 42/ 93.

(4) أخرجه في السنن الكبري ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد 6/ 150 قال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 151

رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم ثم نهض فقاتل قتالًا شديداً ثم رجع.

فأخذها عمر فقاتل قتالًا شديداً هو أشدّ من القتال الأول ثم رجع. فاخبر رسول اللَّه بذلك فقال: لُاعطينّ الراية غداً رجلًا … » «1».

قال الحافظ الصالحي: «وفي حديثٍ عن علي عند البيهقي: أن الغلبة كانت لليهود في اليومين»

«2».

وجاء في غير واحدٍ من الكتب عن الصحابة الرواة أنه: «أصاب الناس شدّة وجهد» أي: في هذين اليومين، فلمّا أخبرهم النبي بأنه سيعطي الراية غداً رجلًا … قالوا: «بتنا طيّبة أنفسنا».

بل، لقد روي أحمد بن حنبل في المسند: أن ذلك قد ساء رسول اللَّه:

«فلم يلبثوا أنْ انهزم عمر وأصحابه، فجاء يجبّنهم ويجبّنونه، فساء ذلك رسول اللَّه صلّي اللَّه عليه وسلّم فقال: لأبعثنّ إليهم رجلًا يحبّ اللَّه ورسوله ويحبّه اللَّه ورسوله يقاتلهم حتي يفتح اللَّه له ليس بفرّار … ».

* وأمّا علي، فأعطاه النّبي صلّي اللَّه عليه وآله الراية في اليوم الثالث، ووصفه بامور:

1- يحبّ اللَّه ورسوله ويحبّه اللَّه ورسوله.

__________________________________________________

(1) تفسير البغوي 4/ 196.

(2) سبل الهدي والرشاد 5/ 124.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 152

2- كرّار غير فرّار.

وفي بعض الكتب: ليس بفرّار.

3- لا يخزيه اللَّه أبداً.

4- جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره.

5- يفتح اللَّه علي يديه.

وذلك كلّه مذكور في الروايات ولا حاجة إلي إعادتها.

فكان: قتل مرحب اليهودي علي يديه.

والفتح علي يديه.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 153

الفصل الخامس: في فقه الحديث ودلالته … ص: 153

ولولا دلالة الحديث علي منقبةٍ عظيمة وفضيلة جسيمةٍ لما قال عمر بن الخطاب:

«ما أحببت الإمارة إلّايومئذٍ» «1».

ولم يكن هو وحده بل كان معه أبو بكر، فقد جاء في الروايات:

«فتبادر لها أبو بكر وعمر».

وفي بعض الروايات: «فتصادر لها أبو بكر وعمر» «2».

وفي بعضها: تطاول لها أبو بكر وعمر «3».

__________________________________________________

(1) أخرجه مسلم وغيره كما تقدّم في الكتاب.

(2) أخرجه النسائي وغيره كما تقدم في الكتاب.

(3) أخرجه ابن عبدالبر وغيره كما تقدم في الكتاب.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 154

بل، كلّ واحد من الصّحابة كان يرجو أن يعطاها، وفي بعض الروايات:

«كلّهم يرجوها» «1».

ولم يكن هذا حالهم في ذلك اليوم فقط،

فقد روي عن سعد بن أبي وقّاص أنه قال لمعاوية لمّا أمره بسبّ الإمام عليه السلام:

«أما ما ذكرت ثلاثاً قالهنّ له رسول اللَّه فلنْ أسبّه، لأن تكون لي واحدة منهنّ أحبّ إليّ من حمر النعم … » فذكر فيها حديث الراية … «2».

بل عن عمر بن الخطّاب وعبداللَّه بن عمر ذلك، قال الحافظ السيوطي:

«وأخرج أبو يعلي عن أبي هريرة قال قال عمر بن الخطّاب: لقد اعطي علي ثلاث خصال، لأنْ تكون لي خصلة منها أحبّ إليَّ من أنْ أعطي حمر النعم. فسئل: وما هن؟ قال:

تزوّجه ابنته فاطمة، وسكناه المسجد لا يحلّ لي فيه ما يحلّ، والراية يوم خيبر.

وروي أحمد بسند صحيح عن ابن عمر نحوه» «3».

__________________________________________________

(1) أخرجه البخاري وغيره كما تقدّم في الكتاب.

(2) أخرجه مسلم وغيره. كما تقدّم في الكتاب.

(3) تاريخ الخلفاء: 172.

سلسلة اعرف الحق تعرف اهله، حديث الراية، ص: 155

بل إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام ذكر حديث الراية في مناشدته المطوّلة لأهل الشوري التي ذكر فيها عدّةً من فضائله وخصائصه التي لم يشاركه فيها أحدٌ منهم.

وإذا عرفت شأن حديث الرّاية …

فاعلم أن علمائنا يستدلّون به علي أفضليّة أمير المؤمنين عليه السلام من غيره من الصّحابة، لأنّ النبيّ صلّي اللَّه عليه وآله قد وصفه بأوصافٍ خاصّة به ومنتفية عن غيره، فهو من الأدلّة الواضحة علي أفضليّته، فيكون هو الامام بعد النبيّ صلّي اللَّه عليه وآله.

والحمد للَّه رب العالمين.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.