تاريخ مدينة دمشق و ذكر فضلها و تسمية من حلها من الأمائل أو اجتاز بنواحيها من وارديها و أهلها
تصنيف الإمام العالم الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة اللّه بن عبد اللّه الشافعي المعروف بابن عساكر
499 ه-571 ه
تفاصيل النشر: بیروت: دارالفکرالمعاصر؛ دمشق: دارالفکر دمشق: معهد الفتح الاسلامي، 1420ق.= 1999م.= 1378 -
دراسة و تحقيق علي شيري
عدد المجلدات: 80
لسان: العربية
ابراهيم بن عبد اللّه - ارتاش بن تتش
دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع
تصنيف الكونجرس: DS99 /د8 1378 الف243015
تصنيف ديوي: 956/9144
موضوع: تاريخ الإسلام | التاريخ والجغرافيا المحلية | الترجمة الجماعية | رجال
ص: 1
ص: 2
الجزء السابع و السبعون
أبو صالح الطرسوسي الجوهري القاضي المعروف بسهلان
سمع بدمشق و غيرها: عبد الرحمن بن القاسم بن الفرج بن الرواس (1)،و أبا (2)عمران موسى بن هشام الوراق، و أبا عبيدة أحمد بن عبد اللّه بن ذكوان، و علي بن إسحاق بن إبراهيم بن ردا القاضي الطبراني، و محمد بن الحسن بن قتيبة، و أبا (3) العباس اللخمي، و أحمد بن داود بن أبي صالح (4) الحراني، و علي بن محمد بن جعفر بن أحمد بن عنبسة العسكري الوراق، و أبا عقيل أنس بن السلم بن الحسن الخولاني، بطرسوس، و أحمد بن عمر بن موسى بن زنجويه، و عبد اللّه بن وهيب الغزي، و أحمد بن عبد اللّه بن زكريا الحبلى (5) الإيادي، و أبا العباس بن شريح، و محمد بن نصير الأصبهاني، و أبا إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الواسطي، و أبا جعفر محمد بن صالح أبو توبه [....] (6) و أبا خليفة الفضل بن الحباب، و عمر بن محمد بن رزق التلعكبري، و غيرهم.
روى عنه أبو أحمد التنوخي، و عبد اللّه بن يحيى بن عبد الجبار، و محمد بن طلحة
ص: 3
النعالي، و أبو القاسم بن بشران، و أبو سهل محمود بن عمر بن جعفر العكبري، و أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى الفحام السامري، و أبو طالب بن محمد بن عبد الرحمن بن الحجاج النكدي الموصلي.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر، أنا أبو القاسم عبد الرحمن بن أحمد بن علي بن عبد اللّه بن منصور الزجاجي، أنا أبو أحمد عبيد اللّه بن محمد بن أحمد بن علي بن مهران، حدثني سهل بن إسماعيل بن سهل الطرسوسي أبو صالح إملاء، من حفظه سنة أربعين و ثلاثمائة، نا أبو بكر عبد الرحمن بن القاسم، نا أبو مسهر عبد الأعلى بن مسهر الغساني، أنا عيسى بن يونس، نا الأعمش، عن زيد بن وهب، عن جرير بن عبد اللّه البجلي، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«من لا يرحم الناس لا يرحمه اللّه»[14195].
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم قراءة عليه. أنا أبو المحاسن المفضل بن محمد بن سعد بن محمد التنوخي قراءة عليه في صفر سنة ثمان و ثلاثين و أربعمائة نا أبو محمد الحسن ابن محمد بن يحيى اللحام قراءة عليه على شاطئ دجلة بسرّمن رأى في صفر سنة عشر و أربعمائة، نا القاضي أبو صالح سهل بن إسماعيل الطرسوسي، نا أبو إبراهيم يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن عباس الواسطي، بها، نا يحيى بن عبد الحميد الحماني، نا عبد الرحمن ابن يزيد بن أسلم عن أبيه، عن ابن عمر، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«ليس على أهل لا إله إلا اللّه وحشة في قبورهم، و كأني بأهل لا إله إلا اللّه ينفضون التراب عن رءوسهم و يقولون: الحمد للّه الذي أذهب عنا الحزن»[14196].
قال القاضي: و هذا حديث الحماني ما شاركني فيه أحد.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم الفرضي، و أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر، قالا: أنا أبو نصر بن طلاب، أنا أبو الحسين بن جميع، نا سهل بن إسماعيل أبو صالح القاضي، نا محمد بن نصير الكاتب، بأصبهان، نا إسماعيل بن عمر، نا سفيان الثوري، عن ليث، عن مجاهد، عن عبد اللّه بن عمرو قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول:
«تقتل عمارا الفئة الباغية»[14197].
أخبرنا أبو النجم بدر بن عبد اللّه قال أنا - و أبو الحسن بن سعيد، نا - أبو بكر
ص: 4
الخطيب قال (1):سهل بن إسماعيل بن سهل أبو صالح الجوهري الطرسوسي نزل بغداد و حدث بها، عن أحمد بن داود بن أبي صالح الحراني، و محمد بن الحسن بن قتيبة العسقلاني و علي بن محمد بن جعفر بن أحمد بن عنبسة الوراق العسكري، و أحمد بن عبد اللّه بن زكريا الإيادي، و أبي العباس بن شريح (2) الفقيه، و محمد بن نصير (3)الأصبهاني. حدثنا عنه عبد اللّه بن يحيى السكري، و محمد بن طلحة النعالي، و عبد الملك بن محمد بن بشران، و كان ثقة.
أبو الفرج الأسفراييني الصوفي
سمع ببغداد أبا محمد الجوهري، و أبا الحارث محمد بن عبد الرحيم بجرجان، و بدمشق رشأ بن نظيف، و أبا علي، و أبا الحسين ابني أبي نصر، و أبا بكر خليل بن هبة اللّه بن محمد التميمي، و أبا علي الحسن بن علي بن الحسن بن شواش، و أبا عبد اللّه محمد بن علي بن يحيى المازني، و طرفة بن أحمد بن الكميت، و أبا عبد اللّه بن سلوان (4)،و بمصر محمد بن الحسين الطفال، و علي بن عمر بن محمد الحرّاني، و عبد الملك بن عبد اللّه بن محمود بن مسكين، و علي بن منير، و علي بن ربيعة البزار، و أبا علي الحسن بن خلف بن يعقوب الواسطي، و عبد الرحمن بن المظفر الكحال، و أبا القاسم علي بن محمد بن علي الفارسي، و أحمد بن محمد بن نصر الدقاق، و أبا الحسن علي بن عبيد اللّه الكسائي، و أبا الحسن علي بن الحسين بن عثمان بن جابر بتنيس، و أبا حفص عمر بن أحمد بن محمد الواسطي ببيت المقدس، و سليم بن أيوب بصور، و أبا الحسن بن الترجمان بالرملة.
روى عنه عمر بن عبد الكريم الدهستاني (5)،و سمع منه بمصر، و حدثنا عنه الفقيه أبو
ص: 5
الحسن علي بن المسلم، و ابنه طاهر بن سهل بن بشر، و خالي أبو المعالي القاضي، و أبو محمد بن طاوس، و أبو القاسم بن السوسي، و أبو يعلى بن الحبوبي، و أبو عبد اللّه النّشائي، و أبو الحسين أحمد بن سلامة، و عبد الرحمن الداراني، و علي بن أسد.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم الفرضي، أنا أبو الفرج سهل بن بشر و أبو نصر أحمد بن محمد بن سعيد الطّريثيثي (1) قالا: أنا أبو علي الحسن (2) بن خلف بن يعقوب بن أحمد المقرئ الواسطي، نا عبد اللّه بن إبراهيم بن أيوب بن ماسي - إملاء - نا أبو مسلم إبراهيم بن عبد اللّه البصري الكجي، نا أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري، نا سليمان التيمي، نا أنس بن مالك قال:
عطس عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم رجلان فسمت - أو فشمت - أحدهما و لم يشمت الآخر، أو فشمته و لم يشمت الآخر،«إن هذا حمد اللّه عز و جل فشمته، و هذا لم يحمد اللّه فلم أشمته».
المشهور عن الكجي حديثه عن محمد بن عبد اللّه الأنصاري، و قد جمع بعض أصحاب ابن ماسي بين الحديثين، و قد وقع لنا حديث محمد الأنصاري بعلوّ و الحمد للّه.
قرأت بخط أبي محمد بن صابر: و سألته يعني أبا الفرج الأسفرايني عن مولده فقال:
ولدت في المحرم سنة تسع و أربع مائة. قرأت بخط أبي الفرج غيث بن علي: سألت الشيخ أبا بكر الحافظ ، عن أبي الفرج سهل بن بشر الأسفرايني ؟ فقال: كيس، صدوق (3).
ذكر أبو محمد بن الأكفاني: أن أبا الفرج سهل بن بشر بن أحمد الأسفرايني توفي في يوم الجمعة الحادي و العشرين من شهر ربيع الأول سنة إحدى و تسعين و أربعمائة بدمشق (4).
أبو العلاء البسطامي الصوفي المعروف بالكافي
سكن دمشق مدة في دويرة السّميساطي، ثم انتقل إلى قبة الملك خارج البلد، فسكنها و مات بها.
ص: 6
و حدّث عن أبيه. كتبت عنه حديثين.
أخبرنا أبو العلاء سهل بن الحسن القاضي، أنبأ والدي الشيخ أبو العباس الحسن بن محمد بن أحمد الكافي في شهر رمضان سنة اثنين و تسعين و أربعمائة بهراة، أنا أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني، نا أبو الفضل عبيد اللّه بن محمد الفامي، أنا أبو العباس محمد بن إسحاق السراج، ثنا قتيبة بن سعيد، نا يعقوب بن عبد الرحمن، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد قال: قال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم يوم خيبر:«لأعطين الراية غدا رجلا يفتح اللّه على يديه، يحبّ اللّه و رسوله، و يحبه اللّه و رسوله» و بات الناس ليلتهم أيّهم يعطاه، و غدوا كلّهم يرجوه، قال:«أين علي ؟» قيل: يشتكي عينيه، فبصق في عينيه، و دعا له، فبرأ كأن لم يكن به وجع، و أعطاه، فقال: أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا، فقال:«ائتد (1) على رسلك، حتى تنزل بساحتهم، وادعهم إلى الإسلام، و أخبرهم بما يجب عليهم، فو اللّه لأن يهدي اللّه بك رجلا خير لك من أن يكون لك حمر النّعم»[14198].
أخبرنا عاليا أبو القاسم زاهر بن طاهر و أبو عبد اللّه الحسين بن أحمد بن علي البيهقي، قالا: أنبأ أحمد بن منصور. ح و أخبرنا أبو عبد اللّه الخلال، أنبأ سعيد بن أحمد بن محمد، قالا: أنا أبو الفضل الفامي، فذكره بإسناده و معناه أتم منه.
توفي أبو العلاء يوم الجمعة خامس عشر من صفر سنة ست و ثلاثين و خمسمائة، و دفن ضحوة يوم السبت في مقبرة باب الفراديس.
و يقال: سهل بن محمد بن شجاع بن عثمان النيسابوري
حدث بدمشق و صور: عن أبي حبيب المفسّر، و أبي الحسن الحسين بن محمد الفقيه النيسابوري.
هو سهل بن عمرو، يأتي بعد.
ص: 7
أبو سعيد الشيباني النيسابوري ثم الرّازي
سكن أردبيل (1).و سمع بدمشق: هشام بن عمار، و ببغداد أبا نصر التمار، و هدبة بن خالد، و علي بن الجعد، و قتيبة بن سعيد، و عبيد اللّه بن معاذ، و محمد بن أبي بكر المقدمي، و عبد اللّه بن عمر الفرّاء.
روى عنه أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد الميمذي (2).
أنبأنا أبو محمد بن الأكفاني، نا عبد العزيز الكتاني قال: قرأت على أبي القاسم هبة اللّه بن سليمان بن داود الجزري، نا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد بن عبد اللّه الأنصاري القاضي بالجزيرة، نا سهل بن داود بن ديزويه الرّازي و أحمد بن محمد بن عاصم الرّازي، و عبد اللّه بن أحمد بن موسى عبدان الأهوازي، و الوليد بن حمّاد أبو العباس الرملي، و يحيى بن طالب الطّرسوسي بدمشق، قالوا: أنا هشام بن عمار الدمشقي، نا حمّاد ابن عبد الرحمن، نا خالد بن الزبرقان القرشي، عن سليمان بن حبيب المحاربي، عن أبي أمامة الباهلي، عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«أربعة لعنهم اللّه من فوق عرشه و أمنت عليهم الملائكة: مضلّ المساكين»[14199].
قال خالد: الذي يهوي بيده إلى المسكين (3) فيقول: هلمّ أعطيك، فإذا جاءه قال: ليس معي شيء، و الذي يقول للمكفوف اتّق [البئر] (4) اتق الدابة، و ليس بين يديه شيء، و الرجل يسأل عن دار القوم فيدلّونه على غيرها، و الرجل يضرب الوالدين حتى يستغيثا[14200].
أخبرنا أبو الفتح نصر اللّه بن محمد الفقيه، نا نصر بن إبراهيم الزاهد، أنا هبة اللّه بن سليمان الجزري، نا أبو إسحاق إبراهيم (5) بن أحمد القاضي، قاضي جزيرة ابن
ص: 8
عمر (1)،نا أبو عبد اللّه محمد بن عمرو بن عون بن داود السيرافي، و أبو سعيد سهل بن داود بن ديزويه الرّازي بأردبيل، و أبو جعفر محمد بن علي بن زياد الرّازي، قالوا: حدثنا عقبة بن خالد، و الصواب هدبة بن خالد، نا سهيل بن أبي حزم، نا ثابت البناني، عن أنس بن مالك أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«من وعده اللّه على عمل ثوابا فهو منجزه له، و من وعده على عمل عقابا فهو فيه بالخيار»[14201].
أخبرنا عاليا على الصواب أبو القاسم بن السمرقندي، و أبو البركات سعيد بن الحسين ابن الحسن بن حسان المجهز ببغداد، قالا: أنا أبو الحسين بن النقور، أنا أبو القاسم بن حبابة، أنا أبو القاسم البغوي، نا هدبة، نا سهيل بن أبي حزم، نا ثابت البناني، عن أنس بن مالك أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«من وعده اللّه عز و جل على عمل ثوابا فهو منجزه له، و من أوعده اللّه عز و جل على عمل عقابا فهو فيه بالخيار»[14202].
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الخلال، أنا أبو القاسم بن منده (2)،أنا أبو علي - إجازة-.
ح قال: و أنا أبو طاهر بن سلمة، أنا علي بن محمد.
قالا: أنا أبو محمد بن أبي حاتم قال (3):
سهل بن ديزويه أبو سعيد الرّازي، نزيل أردبيل، روى عنه قتيبة، و عبيد اللّه بن معاذ، و محمد بن أبي بكر المقدمي، و عبيد اللّه بن عمر (4) القواريري، سمعت منه بالري بمحضر أبي، و هو ثقة صدوق.
روى عنه مروان بن جناح.
قرأت على أبي القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان، عن عبد العزيز بن أحمد، أنبأ أبو بكر محمد بن عبيد اللّه بن عمرو، أنبأ أبو عمر محمد بن موسى بن فضالة، نا إبراهيم بن عبد الرحمن بن إبراهيم، أنا أبي، نا الوليد بن مسلم، نا مروان بن جناح، نا سهل بن أبي زينب قال:
كنت عند عمر بن عبد العزيز إذ قال: يا أبا قلابة حدّثنا، فقال أبو قلابة: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«إنّي رأيت أنّي أؤمكم إذ لحقني ظلال، و تقدمت ثم لحقني ظلال، فتقدمت لحقتني (1) من أمتي يكونون من بعدي يلحق بهم قلوبهم و أعمالهم» قال: فقال عمر: إي و اللّه يا أبا قلابة ما كنت تسرنا بهذا الحديث قبل اليوم ؟[14203].
ح قرأنا على أبي عبد اللّه يحيى بن الحسن، عن أبي تمام علي بن محمد، عن أبي عمر بن حيّوية، أنا محمد بن القاسم بن جعفر، نا أبو بكر بن أبي خيثمة، نا أبي، نا الوليد بن مسلم، حدّثني مروان بن جناح أن سهل بن أبي زينب حدّثهم قال: حضرنا عمر بن عبد العزيز حين التفت إلى أبي قلابة الجرمي فقال: حدّثنا يا أبا قلابة، فقال أبو قلابة: نعم، فقال عمر: للّه أنت يا أبا قلابة.
وفد على عمر بن عبد العزيز، و روى عنه قوله، و عن الشعبي، و عبيد اللّه بن عبد اللّه الكندي، و عبد الأعلى، و قنان (2)... بن عبد اللّه النهمي.
روى عنه أبو غسان مالك بن إسماعيل، و أبو داود الطيالسي، و رزيق (3) بن مرزوق البجلي المقرئ الكوفي.
أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن عبد اللّه السنجي المؤذن بمرو، أنبأ أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد اللّه المديني المؤذن الزاهد بنيسابور، نا أبو زكريا
ص: 10
يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى المزني - إملاء - نا محمد بن أحمد بن حمدون المذكر، نا مسدّد بن قطن، نا أحمد بن إبراهيم الدورقي، حدثني مالك بن إسماعيل النهدي، حدثني سهل بن شعيب بن ربيعة الشّعوذي، حدّثهم أو قال: أخبرهم قال:
ركبت البريد إلى عمر بن عبد العزيز فانقطع بي في بعض أرض الشام، فركبت السخرة [حتى أتيته، و هو بخناصرة، قال: فسايرني، فقال: ما فعل جناح المسلمين ؟ قلت: و ما جناح المسلمين يا أمير المؤمنين ؟ قال: البريد. قلت: انقطع في أرض كذا و كذا. قال: فعلى أي شيء أتيتنا؟ قلت: على السخرة] (1) قال: السخرة (2) النبط في سلطاني ؟ فأمر بي فضربت أربعين سوطا.
كذا قال، و رواه محمد بن سعد، عن مالك بن إسماعيل، عن سهل بن شعيب أن ربيعة الشعوذي حدثهم و هو أشبه بالصواب، و قد تقدم (3)،و سهل بن شعيب نخعي كوفي.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الخلال، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا أبو علي - إجازة-.
ح قال: و أنا أبو طاهر بن سلمة، أنا علي بن محمد (4).
قالا: أنا أبو محمد بن أبي حاتم قال (5):سهل بن شعيب النخعي كوفي، روى عن الشعبي، و عبيد اللّه بن عبد اللّه الكندي، روى عنه أبو غسان مالك بن إسماعيل [و أبو داود الطيالسي] (6) سمعت أبي يقول ذلك.
مولى عمر بن عبد العزيز. حكى عن بعض خاصة عمر بن عبد العزيز.
ص: 11
روى عنه: أبو الصباح سعدان بن سالم الأيلي.
أخبرنا أبو غالب بن البنا، أنا أبو محمد الجوهري، أنا أبو عمر بن حيوية، نا يحيى بن محمد بن صاعد، نا الحسين بن الحسن، أنا عبد اللّه بن المبارك (1)،أنا أبو الصّبّاح، نا سهل بن صدقة مولى عمر بن عبد العزيز بن مروان، حدّثني بعض خاصة عمر بن عبد العزيز بن مروان أنه حين أفضت إليه الخلافة سمعوا في منزله بكاء عاليا، فسئل عن البكاء، فقيل: إن عمر بن عبد العزيز قد خيّر جواريه (2)،فقال: قد نزل بي أمر قد شغلني عنكن، فمن أحبّت أن أعتقها عتقتها، و من أرادت أن أمسكها (3)[أمسكتها] (4) لم يكن مني إليها شيء، فبكين إياسا منه.
أنبأنا أبو الغنائم محمد بن علي، حدثنا أبو الفضل بن ناصر، أنا أحمد بن الحسن، و المبارك بن عبد الجبّار، و محمد بن علي و اللفظ له قالوا: أنا أبو أحمد زاد أحمد و محمد بن الحسن قالا: أنا أحمد بن عبدان، أنا محمد بن سهل، أنا محمد بن إسماعيل قال (5):سهل بن صدقة مولى عمر بن عبد العزيز القرشي، مرسل، قاله ابن المبارك، عن أبي الصّبّاح، حدّثني سهل.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الخلال، أنا عبد الرحمن بن محمد، أنا حمد (6)- إجازة-.
ح قال: و أنا أبو طاهر، أنا علي.
قالا: أنا أبو محمد بن أبي حاتم (7) قال:
سهل بن صدقة مولى عمر بن عبد العزيز، روى ابن المبارك عن أبي الصباح الأيلي عنه سمعت أبي يقول ذلك.
ص: 12
أبو معاوية الكلابي بصري
حدث بدمشق و غيرها عن أبيه، و أبي سلمة حمّاد بن سلمة بن دينار.
روى عنه محمد بن عائذ، و أبو الحكم الهيثم بن مروان بن الهيثم بن عمران (1)الدمشقيان.
أنبأنا أبو جعفر محمد بن أبي علي، أنا أبو بكر الصفار، أنا أبو بكر الحافظ ، أنا أبو أحمد الحاكم قال: أبو معاوية سهل بن عباد بن يعلى، و يقال ابن العلاء الكلابي البصري، سمع أبا سلمة حمّاد بن سلمة بن دينار التميمي، روى عنه أبو الحكم الهيثم بن مروان بن الهيثم بن عمران العنسي (2)،كناه و نسبه و سماه لنا (3) أبو عبد اللّه محمد بن المسيّب بن إسحاق الأرغياني، نا الهيثم بن مروان.
أبو طاهر الأصبهاني العابد
سمع بدمشق: صفوان بن صالح المؤذن، و هشام بن عمار، و سليمان بن عبد الرحمن، و محمد بن مصفى، و حرملة بن يحيى (4)،و يزيد بن خالد بن عبد اللّه بن موهب، و المسيّب بن واضح.
روى عنه أبو عبد اللّه محمد بن عبد اللّه الصفار، و أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن يوسف، و محمد بن أحمد بن أبي يحيى، و أبو محمد القاسم بن محمد الديمرتي (5)،و أبو علي محمد بن الضحاك بن عمرو، و أبو عبد اللّه محمد بن أحمد بن يزيد الزهري، و أبو علي أحمد بن محمد بن إبراهيم الوراق.
ص: 13
أنبأنا أبو علي الحداد، حدثني أبو مسعود عبد الرحيم بن علي بن أحمد عنه، أنا أبو نعيم الحافظ (1)،أنا أحمد بن إبراهيم بن يوسف، نا سهل بن عبد اللّه، نا أبو أيوب سليمان ابن عبد الرّحمن، نا الوليد بن مسلم، نا سعيد بن بشير، عن قتادة، عن الحسن، عن أنس بن مالك، عن عمر بن الخطاب قال: نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم عن حلق القفا بالموسى، إلاّ عند الحجامة[14204].
أخبرنا أبو النّضر (2) عبد الرحمن بن عبد الجبار بن عثمان المعدل بهراة، أنا أبو سهل نجيب (3) بن ميمون بن سهل بن علي الواسطي، أنا أبو علي منصور بن عبد اللّه بن خالد الذهلي، نا أبو عبد اللّه محمد بن عبد اللّه الصفار - إملاء - نا أبو طاهر سهل (4) بن عبد اللّه بن الفرّخان الأصبهاني الزاهد، نا حرملة بن يحيى التّجيبي بحديث ذكره.
أخبرنا أبو الفتوح عبد اللّه بن أبي الحسن علي بن سهل بن العباس النيسابوري، أنا أبو بكر محمد بن إسماعيل بن محمد السري التفليسي، أنا أبو يعلى حمزة بن عبد الغفار المهلبي، أنا أبو عبد اللّه الصفار الأصبهاني، نا أبو الطاهر سهل بن عبد اللّه بن الفرّخان الأصبهاني الزاهد ثقة.
أنبأنا أبو علي الحداد، و حدثني أبو مسعود الأصبهاني عنه قال: قال أنا أبو نعيم الحافظ (5):سهل بن عبد اللّه بن الفرّخان أبو طاهر الأسيهفرديسي (6) قرية بسواد المدينة، يعني مدينة جيّ (7)،أحد العباد، و كان مجاب الدعوة، و رحل إلى مصر و الشام، و كتب نسخة.
و حدث بها، توفي سنة ست و تسعين (8) و مائتين.
ص: 14
أنبأنا أبو علي، قال: قال أبو نعيم (1):
و منهم الطاهر المطهّر أبو طاهر سهل بن عبد اللّه بن الفرّخان الأسفهرديسي (2) قرية من ربض المدينة، مدينة أصبهان، كان مجاب الدعوة، لقي أحمد بن عاصم الأنطاكي، و أحمد ابن أبي الحواري، و أبا يوسف الغسولي، و عبد اللّه بن خبيق، و نظراءهم بالشام، أقام بالثغر مدة، و كتب بمصر، و الشام الحديث الكثير، كان أهل بلدنا مفزعهم إلى دعائه عند النوائب و المحن، كان سبب طهارته إذا دخل الحمام ليتنظف و يرى بعض الناس عراة سأل ربه أن يكفيه أمر التنظف و دخول الحمام، فسقطت شعرته فلم تنبت بعد ذلك، و كانت له شجرة جوز تحمل كل سنة كثيرا، فسقط منها رجل فاستعظم ذلك، و قال: اللهم أيبسها، فيبست فلم تحمل بعد ذلك، له آثار كثيرة في إجابة دعوته (3) مشهورة اختصرنا منها ما ذكرنا.
و أما رفيع حاله، من إدمان الذكر، و المشاهدة، و الحضور، و المسامرة، و التعري من حظوظ النفس، و المواقعة (4)،و التبري من رؤية الناس و المخالطة، فشائع ذائع ذكر ذلك عنه مشايخنا من إخوانه، و زواره (5)،و لقي من الجهال فيما نقل من مذهب الشافعي، فإنه أول من حمل علم الشافعي رحمه اللّه، مختصر حرملة بن يحيى، عن الشافعي، فاستعظم ذلك الجهال الذين كانوا على مذهب أهل العراق، فصبر على أذيتهم (6)،و لم يعارضهم بشيء محتسبا في ذلك، إلى أن قضى حميدا رشيدا رحمه اللّه توفي (7) سنة نيّف و سبعين و مائتين، تقدم موته على موت أبي محمد سهل بن عبد اللّه التستري.
أنبأنا أبو سعد المطرز، و أبو علي الحداد، و أبو القاسم غانم بن محمد بن عبد اللّه، أخبرنا أبو المعالي عبد اللّه بن أحمد بن محمد، و قال أنا أبو علي الحداد قالوا: أنا أبو نعيم قال: سمعت أبا محمد عبد اللّه بن محمد بن جعفر بن حيان يقول: سمعت أحمد بن
ص: 15
محمود بن صبيح يقول: و فيها - يعني سنة ست و سبعين و مائتين - مات سهل بن عبد اللّه الزاهد أبو طاهر الأصبهاني.
ابن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموي
أخو عمر بن عبد العزيز، و أمه أم عبد اللّه بنت عبد اللّه بن عمرو بن العاص.
روى عنه معاوية بن الرّيّان.
و توفي عند أخيه عمر بن عبد العزيز، روى عنه أبوا الحسن (1).
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم السلمي الفقيه، و علي بن زيد المؤدب، قالا: أنا أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي - زاد الفقيه: و أبو محمد عبد اللّه بن عبد اللّه بن عبد الرزاق بن المفضل، قالا:- أنا أبو الحسن محمد بن عوف بن أحمد المزني، أنبأ أبو علي الحسن بن منير بن محمد، نا محمد بن خريم، نا هشام بن عمار، نا عثمان بن علاق، عن عمرو بن مهاجر (2) أنه حدثه قال (3):هلك سهل بن عبد العزيز أخو عمر بن عبد العزيز، فأمرني عمر أن أحفر له، و قال: إذا حفرت له فليكن قدر قامة (4) أو إلى المنكب، فإن أعلى الأرض أطهر من أسفلها، ففعلت.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنا أبو محمد بن عمر بن علي بن خلف، ثنا ابن أبي داود، نا عمرو بن عثمان، نا الوليد، أخبرني الوليد بن سليمان أنه سمع عمرو بن مهاجر يقول: بعثني عمر بن عبد العزيز لحفر قبر أخيه سهل بن عبد العزيز فقال: احفروا حتى إذا بلغتم الشفير فأمسكوا، فإن أعلى الأرض أطيب من أسفلها.
أخبرنا أبو بكر المزرفي (5)،نا أبو الحسين بن المهتدي، نا علي بن عمر الحربي، نا
ص: 16
أحمد بن الحسن بن عبد الجبّار، نا الهيثم بن خارجة، نا عثمان هو ابن حصن قال: سمعت عمرو بن مهاجر يقول: مات سهل بن عبد العزيز فأمرني عمر بن عبد العزيز أن أحفر له، و قال لي: احفر له على قدر طولك أو إلى المنكب، و لا تبعد له في الأرض، فإن أعلى الأرض أطهر من أسفلها.
أخبرنا أبو الحسين بن الفرا،[و] (1) أبو غالب و أبو عبد اللّه ابنا أبي علي قالوا: أنا أبو جعفر بن المسلمة، أنا أبو طاهر المخلص، نا أحمد بن سليمان، نا الزبير بن بكار قال في تسمية ولد عبد العزيز بن مروان قال (2):فولد سهلا، و سهيلا، و أم الحكم تزوجها الوليد بن عبد الملك (3)،ثم خلف عليها هشام بن عبد الملك فأمّهم أم عبد اللّه بنت عبد اللّه بن عمرو ابن العاص السهمي.
قرأت على أبي غالب بن البنا، عن أبي محمد الجوهري، أنا أبو عمر بن حيوية - إجازة - أنا سليمان بن أيوب الجلاّب، نا الحارث بن أبي أسامة، نا محمد بن سعد قال (4):
فولد عبد العزيز بن مروان: سهلا، و سهيلا، و أم الحكم، و أمهم أم عبد اللّه بنت عبد اللّه بن عمرو بن العاص بن وائل السهمي.
و بلغني أنه لما مات كتب بعض عمال عمر بن عبد العزيز إليه يعزيه عنه و أطال وصفه و فضله؛ فكتب إليه عمر: قد كان كما ذكرت يرحمه اللّه، و أيم اللّه لقد كنت في حال السلامة موطّنا نفسي على فراقه.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو بكر بن الطبري، أنا أبو الحسين بن الفضل، أنا عبد اللّه بن جعفر، نا يعقوب (5)،حدثني يونس بن عبد الأعلى، أخبرني ابن وهب - و في نسخة أشهب - عن مالك قال: قام عمر بن عبد العزيز [من مجلسه] (6) إلى
ص: 17
مصلاه، فذكر سهل بن عبد العزيز، و عبد الملك، و مزاحما فقال: اللهم إنّك قد علمت ما كان من عونهم أو معونتهم إياي فأخذتهم (1)،فلم يزدني ذلك إلا حبا و لا إلى ما عندك إلا شوقا، ثم رجع إلى مجلسه.
أخبرنا أبو عبد اللّه الخلال، أنا أبو طاهر أحمد بن محمود، أنا أبو بكر بن المقرئ، أنا أبو العباس بن قتيبة، نا حرملة، نا ابن وهب، أنا حيوة أن (2) حسان، أبا أمية حدّثه أن سهل بن عبد العزيز توفي و هو عند عمر بن عبد العزيز بالشام و معه امرأته، فأمر عمر بن عبد العزيز بامرأة سهل بن عبد العزيز أن ترحل إلى مصر قبل أن يحل أجلها لتعتدّ في ذاك بمصر.
حسان أبو أمية هو مولى محمد بن سهل بن عبد العزيز بن مروان.
كتب إلي أبو (3) الفضل أحمد بن محمد بن سليم، و حدثني أبو بكر اللفتواني عنه، أنا أبو بكر الباطرقاني، أنا أبو عبد اللّه بن مندة، نا أبو سعيد بن يونس قال: سهل بن عبد العزيز ابن مروان روى عنه معاوية بن الرّيّان، توفي بالشام في ذي الحجة سنة تسع و تسعين.
و الصحيح العجلان بن سهيل
يأتي ذكره في حرف العين.
و هو سهل بن عمرو بن عدي بن زيد بن جشم بن حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو، و هو النبيت بن مالك بن أوس الأنصاري الأوسي، و الحنظلية أمّه (4).
ص: 18
صحب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و بايعه تحت الشجرة و سكن دمشق، و كان داره بدمشق في حجر الذهب مما يلي سور المدينة.
روى عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أحاديث.
روى عنه القاسم أبو عبد الرحمن، و بشر بن قيس التغلبي، و أبو كبشة السلولي.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد، أنبأ أبو القاسم تمام بن محمد، و أبو محمد بن أبي نصر، و أبو (1) بكر القطان، و أبو نصر بن الجندي، و أبو القاسم بن أبي العقب. ح و أخبرنا أبو الحسن بن قبيس الفقيه، أنبأ أبي أبو العباس المالكي، أنا أبو محمد بن أبي نصر، قالا: أنبأ أبو القاسم علي بن يعقوب، نا أبو زرعة، نا أبو نعيم، نا هشام بن سعد، عن قيس بن بشر التغلبي (2) قال: كان أبي جليسا لأبي الدرداء، فأخبرني قال: كان رجل من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقال له ابن الحنظلية و كان رجلا متوحدا ما يجالس الناس إنما هو في صلاة، فإذا انصرف فإنّما هو في تسبيح و تكبير و تهليل حتى يأتي أهله، فمرّ بنا يوما و نحن عند أبي الدرداء، فسلّم فقال - زاد عبد العزيز: له، و قال - أبو الدرداء كلمة تنفعنا و لا تضرك، قال: بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم سرية فقدمت فأتى رجل منهم فجلس في المجلس الذي فيه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فقال لرجل إلى جنبه: لو رأيتنا حيث لقينا العدو فطعن فلان فلانا فقال خذها و أنا الغلام الغفاري، كيف ترى ؟ قال: ما أراه إلا قد أبطل أجره، فقال الآخر: ما أرى بذلك بأسا، فتنازعا في ذلك حتى سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم ذلك، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«سبحان اللّه، لا بأس أن يحمد و يؤجر»[14205] قال: فسرّ بذلك أبو الدرداء، فجعل يقول: أنت سمعت هذا من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم ؟- و قال ابن قبيس: أنت سمعت ذلك - فجعل يقول: نعم.
قال: فمرّ بنا يوما آخر فسلّم فقال له أبو الدرداء: كلمة تنفعنا و لا تضرك، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«نعم الرجل خريم (3) الأسدي لو لا طول جمّته، و إسبال إزاره» فبلغ ذلك
ص: 19
خريما فأخذ شفرة فقطع جمّته إلى أذنيه، و رفع إزاره إلى نصف (1) ساقيه، ثم مرّ بنا يوما آخر فسلّم، فقال أبو الدرداء: كلمة تنفعنا و لا تضرك، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«إنكم قادمون [غدا] (2) على إخوانكم فأصلحوا حالكم (3)،و أصلحوا لباسكم حتى تكونوا كالشامة في الناس، فإن اللّه لا يحب الفحش و لا التفحش»[14206].
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنا أبو بكر أحمد بن الحسين، أنا أبو علي الروذباري، أنا إسماعيل بن محمد الصفار، أنا أحمد بن منصور، نا أبو صالح (4)،حدثني الليث، حدثني هشام بن سعد عن رجل صدق من أهل قنّسرين يقال له قيس بن بشر (5) قال:
كان أبي من جلساء أبي الدرداء فحدثني أنه كان هنالك رجل من الأنصار من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم متعبد معتزل، لا يكاد يفرغ من العبادة يقال له ابن الحنظلية، الحديث.
أخبرنا أبو عبد اللّه الفراوي، و أبو المظفر بن القشيري، قالا: أنا محمد بن علي بن محمد، أنا محمد بن عبد اللّه بن محمد، أنا محمد بن عبد الرحمن بن محمد قال: نا علي بن الحسن الهلالي، نا الفضل بن دكين، نا هشام يعني ابن سعد، حدثني قيس بن بشر قال: كان أبي جليسا لأبي الدرداء، فأخبرني أنه كان بدمشق رجل من أصحاب النبي صلّى اللّه عليه و سلّم يقال له ابن الحنظلية، و كان رجلا متوحدا، قلّ ما يجالس الناس إنما كان صلاة، فإذا انصرف فإنّما هو تسبيح و تكبير و تهليل، حتى يأتي أهله.
أخبرنا أبو غالب، و أبو عبد اللّه ابنا البنا، قالا: أنا أبو الحسين بن الآبنوسي، أنا أحمد بن عبيد بن الفضل بن بيري - إجازة - أنا محمد بن الحسين بن محمد بن سعيد الزعفراني، نا أبو بكر بن أبي خيثمة، أخبرني أبو محمد التميمي قال: قال أبو مسهر: سهل ابن الحنظلية الأنصاري من الأوس من بني حارثة بن الحارث.
قال سعيد بن عبد العزيز كان لا يولد لابن الحنظلية، فكان يقول: لأن يكون لي
ص: 20
سقط (1) في الإسلام أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس (2).قال أبو مسهر: و لا أعلم أحدا ينسب إلى صحبة سهل ابن الحنظلية و لا إلى الرواية عنه.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، و أبو العزّ الكيلي، قالا: أنا أبو طاهر الباقلاني زاد أبو البركات و أبو الفضل بن خيرون قالا: أنا أبو الحسين محمد بن الحسن، أنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن إسحاق، نا عمر بن أحمد بن إسحاق، نا خليفة بن خياط قال (3):سهل ابن عمير (4) من بني عدي بن زيد (5) بن جشم بن حارثة بن الحارث بن الخزرج أمه الحنظلية.
أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع، أنا أبو عمرو بن مندة، أنا الحسن بن محمد بن يوسف، أنا أحمد بن محمد بن عمر، نا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: أخبرني عمي رحمه اللّه، أنا أبو طالب بن يوسف - قراءة في الطبقة الثالثة - سهل ابن الحنظلية و هي أم جدّه، و أبو عتب (6) من بني حارثة بن الحارث بن الأوس.
أنبأنا أبو طالب عبد القادر بن محمد [و] (7) أبو نصر محمد بن الحسن قالا: قرئ على أبي محمد الجوهري، و نحن نسمع عن أبي عمر (8) بن حيوية، أنا أحمد بن معروف، نا الحسين بن الفهم، نا محمد بن سعد قال (9) في الطبقة الثانية قال: سهل بن عمرو بن عدي بن زيد بن جشم بن حارثة، و أمه من بني تميم [ثم] من بني حنظلة (10)،و هو ابن الحنظلية (11)،و هي أم أبيه عمرو بن عدي بن زيد بن جشم، و اسمها أم أياس بنت أبان بن دارم من بني تميم من بني الحنظلية، فمن كان من ولد عمرو بن عدي قيل له ابن الحنظلية،
ص: 21
شهد أحدا و الخندق، و المشاهد مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، ثم تحوّل إلى الشام و نزلها حتى مات بها.
ح قرأت على أبي غالب بن البنا، عن أبي محمد الجوهري، أنا أبو عمر (1) بن حيوية - قراءة - أنا أحمد بن معروف، نا الحسين بن الفهم، نا محمد بن سعد قال: ثم تحوّل يعني سهل ابن الحنظلية إلى الشام فنزل دمشق حتى مات بها.
ح أنبأ أبو الغنائم محمد بن علي الكوفي، حدثنا أبو الفضل البغدادي، أنا أبو الفضل ابن خيرون، و أبو الحسين الصيرفي، و أبو الغنائم و اللفظ له، قالوا: أنا عبد الوهاب بن محمد زاد ابن خيرون و محمد بن الحسن قالا: أنا أحمد بن عبدان، أنا محمد بن سهل، أنا محمد ابن إسماعيل قال (2):سهل ابن الحنظلية الأنصاري له صحبة، و كان عقيما لا يولد له، بايع النبي صلّى اللّه عليه و سلّم تحت الشجرة، نزل الشام، قال لنا (3) أبو نعيم، فذكر شيئا من الحديث الأول ثم قال: و روى مسلم عن أبان، عن قتادة، عن أبي العالية حديث سهل ابن الحنظلية العبشمي هذا يقال غير الأول، و يقال [سهل] (4) ابن حنظلية تميمي.
في نسخة ما شافهني أبو عبد اللّه الخلال، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا بو علي - إجازة-. ح قال: و أنا أبو طاهر بن سلمة، أنا علي بن محمد. قالا: أنا أبو محمد بن أبي حاتم قال (5):سهل ابن الحنظلية له صحبة، روى عنه أبو كبشة السلولي (6)،و القاسم أبو عبد الرحمن، و بشر التغلبي، و سمعت أبي يقول ذلك.
أنبأنا أبو محمد بن الآبنوسي، حدثنا أبو الفضل بن ناصر عنه، نا أبو محمد الجوهري، أنا أبو الحسين بن المظفر، نا أحمد بن علي بن الحسن، أنا أحمد بن عبد اللّه بن عبد الرحيم قال: و سهل ابن الحنظلية، و هو سهل بن أبي عبيد من بني عدي بن زيد بن جشم بن حارثة بن الحارث، و أمه امرأة من بني حنظلة، فنسب إليها، له حديث.
ص: 22
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني، نا عبد العزيز بن أحمد، أنا أبو القاسم البجلي، نا أبو عبد اللّه الكندي، نا أبو زرعة قال: سهل ابن الحنظلية الأنصاري منزله دمشق، و بها توفي، حدثني أبو سعيد دحيم أنه توفي في صدر خلافة معاوية (1).
أخبرنا أبو غالب بن البنا، أنا أبو الحسين بن الآبنوسي، أنا عبد اللّه بن عتاب، أنا أحمد بن عمير - إجازة-. ح أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد، أنا أبو عبد اللّه الحسن بن أحمد، أنبأ أبو الحسن الربعي، أنا عبد الوهاب الكلابي، أنا أحمد بن عمير - قراءة.
قال: سمعت أبا الحسن بن سميع يقول: و سهل ابن الحنظلية الأنصاري، قال أبو سعيد: توفي بدمشق، و لا عقب له.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين بن النقور، أنا عيسى بن علي، أنا عبد اللّه بن محمد قال: و سهل ابن الحنظلية الأنصاري كان يسكن المدينة، ثم قدم دمشق، فأقام بها، روى عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أحاديث.
أخبرنا أبو عبد اللّه محمد بن غانم، أنا عبد الرحمن بن مندة، أنا أبي أبو عبد اللّه قال: سهل ابن الحنظلية الأنصاري له صحبة، و كان ممن بايع تحت الشجرة (2)،قال ابن مندة: قال ابن أبي خيثمة: الحنظلية أمه، و قال أبو مسهر: هو من الأوس من بني حارثة بن الحارث.
أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة، نا أبو بكر الخطيب (3).ح و أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن عبد اللّه السنجي، أنبأ نصر اللّه بن أحمد ابن عثمان الخشنامي قالا: أنا أبو بكر الحيري (4)،نا أبو العباس الأصم، نا بحر بن نصر، نا ابن وهب (5)،أخبرني معاوية بن صالح، حدثني أبو الربيع، عن القاسم مولى معاوية قال: هجرت الرواح يوم الجمعة في مسجد دمشق، و معاوية يومئذ على الشام في خلافته، فرأيت رجلا بين الناس
ص: 23
يحدّثهم، فاطّلعت، فإذا شيخ مصفر اللحية فقلت: من هذا فقال: سهل ابن الحنظلية صاحب النبي صلّى اللّه عليه و سلّم.
أخبرنا أبو الحسن [علي] (1) بن المسلّم الفرضي، نا عبد العزيز الصوفي، أنا [أبو] (2)محمد الشاهد، نا أبو الميمون، نا أبو زرعة (3)،نا عبد اللّه بن صالح، حدثني معاوية بن صالح، عن سليمان أبي الربيع، عن القاسم أبي عبد الرحمن قال: رأيت الناس مجتمعين على رجل و هو يحدثهم فدنوت منه فإذا هو مصفر لحيته، فقلت: من هذا؟ قالوا: هذا سهل ابن الحنظلية صاحب النبي صلّى اللّه عليه و سلّم.
أخبرنا أبو الحسن [علي] (4) بن المسلم الفرضي، نا عبد العزيز الصوفي، أنا أبو محمد الشاهد، نا أبو الميمون، نا أبو زرعة، نا عبد اللّه بن صالح، حدثني معاوية بن صالح عن سليمان أبي الربيع، عن القاسم أبي عبد الرحمن [قال: رأيت الناس مجتمعين على رجل، و هو يحدثهم، فدنوت منه، فإذا هو مصفر لحيته، فقلت: من هذا؟ قالوا: هذا سهل ابن الحنظلية (5).
قال أبو زرعة: فحدثني.... (6) نا عبد الرحمن بن مهدي عن معاوية بن صالح عن سليمان أبي الربيع عن القاسم أبي عبد الرحمن] (7) عن سهل ابن الحنظلية فذكر مثله، و قال:
فسمعته يقول: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول:«من أكل لحما فليتوضأ»[14207].
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني، نا عبد العزيز، أنا أبو محمد، أنا أبو الميمون، نا أبو زرعة (8)،حدثني هشام هو ابن عمّار (9)،نا صدقة و هو ابن خالد، عن يزيد بن أبي مريم الأنصاري أن سهل ابن الحنظلية ممن بايع تحت الشجرة.
ص: 24
أخبرنا أبو عبد اللّه الخلال، و أبو القاسم غانم بن خالد بن عبد الواحد، قالا: أنا أبو الطيب عبد الرزاق بن عمر بن موسى، أنا أبو بكر بن المقرئ، نا علي بن أحمد علاّن، نا محمد بن رمح، أنا الليث، عن أبي الزبير، عن جابر، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة»[14208].
أخبرنا أبو غالب بن البنا، و أبو الفضل محمد بن أحمد بن علي بن عبد الواحد بن الأشقر، قالا: أنا أبو الغنائم بن المأمون، أنا أبو القاسم بن حبابة، نا أبو القاسم البغوي، نا محمد بن حميد، نا علي بن مجاهد، نا أبو مسلم، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن سعد مولى حاطب قال: قلت: يا رسول اللّه، حاطب من أهل النار، قال:«لن يلج النار أحد شهد بدرا و بيعة الرضوان»[14209].
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني، نا عبد العزيز الصوفي، أنا عبد الرحمن بن عثمان، أنا أبو الميمون، نا أبو زرعة، حدثني عبد الرحمن بن إبراهيم: أن سهل ابن الحنظلية توفي في صدر خلافة معاوية بن أبي سفيان (1).
أبو الحسن القايني الصوفي المعروف بالخشاب
سكن دمشق، و حدث بها، و بالعراق و بصور: عن أبي نصر محمد بن الحسين الصوفي، و القاضي أبي (2) الحسين بن علي (3).... و أبي عبد اللّه بن محمد بن أحمد بن باينك، و أبي جعفر محمد بن عبد اللّه بن محمود القايني الحافظ ، و القاضي أبي (4) القاسم الحسين بن علي.
روى عنه أبو محمد الكفافي و أبو عبد اللّه محمد بن علي بن المبارك، و الفقيه أبو الفتح الزاهد، و أبو القاسم عبد الرحمن بن القاسم، و أبو منصور أحمد بن أبي الفتح
ص: 25
الشهرزوري، و أبو القاسم هبة اللّه بن علي بن محمد بن الوزان الصوري، و نجا بن أحمد العطار.
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني، نا عبد العزيز الكتاني، أنا أبو الحسين سهل بن محمد ابن الحسن الخشاب القايني.... (1)،نا أبو نصر محمد بن الحسين الصوفي، نا أبو النّضر (2) شافع بن محمد بن يعقوب، نا أبو بكر أحمد بن عبد الوارث بن جرير (3)،نا أبو عبد اللّه بن إبراهيم بن المهاجر، نا الليث بن سعد، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار»[14210].
[قال ابن عساكر:] (4) أبو عبد اللّه هذا، هو محمد بن رمح بن المهاجر بن محرز بن سالم المصري (5)،و ليس في نسبه إبراهيم و قد وقع إليّ الحديث عاليا من حديثه.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحسين بن (6) عبد الملك، أنا أبو طاهر أحمد بن محمود، أنا أبو بكر المقرئ، نا أبو العباس بن قتيبة، و محمد بن زبّان (7) بن حبيب المصري، قالا: أنا ابن رمح، أنا الليث، عن الزهري، عن أنس، عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار»[14211].
أنشدنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفقيه قال: أنشدنا أبو عبد اللّه محمد بن علي بن المبارك البزار قال: أنشدنا أبو الحسن سهل بن محمد القايني لنفسه:
شفيعي في القيامة عند ربي *** محمّد النبيّ الهاشمي
و قد ولي الذي اختاره لي *** محمد الإمام الشافعي
قال: و أنشدنا أبو الحسن لنفسه:
كفاني لذنبي عند الإله *** محمد المصطفى شافعي
و قولي بمذهب أهل الحجاز *** و رأي ابن إدريس الشافعي
ص: 26
قال: و أنشدنا أبو الحسن سهل بن محمد بن الحسن الكاتب من لفظه:
إذا كنت في دار يهينك أهلها *** و لم تك محبوسا بها فتحوّل
و أيقن بأن الرزق يأتيك أينما *** تكون و لو في قعر بيت مقفل
و لا تك في شكّ من الرزق أن من *** تكفل بالأرزاق فهو بها ملي
و لسهل القايني أيضا:
تمناه طرفي في الكرا فتجنبا *** و قبلت يوما ظله فتغضبا
و خبرت أنّي قد عبرت ببابه *** لأخلس منه نظرة فتحجبا
و لو هبت الريح الصبا نحو أذنه *** بذكرى لسب الريح أو لتعتبا
و ما زاده عندي قبيح فعاله *** و لا الصّدّ و الهجران إلا تحببا
ذكر أبو نصر الطرسوسي أنه سمعه يقول قبل موته بأيام: لي سبع و سبعون سنة.
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني، نا عبد العزيز الصوفي قال: بلغنا وفاة أبي الحسن سهل ابن محمد القايني الصوفي المعروف بالخشاب بمصر سنة سبع و أربعين و أربعمائة، حدّث بكتاب المدخل إلى الإكليل من تصنيف الحاكم أبي عبد اللّه (1) بن البيّع، كان يذهب إلى التشيع.
و ذكر أبو محمد بن الأكفاني في موضع آخر: و لم أسمعه منه أنه توفي يوم الثلاثاء الثالث و العشرين من صفر.
و ذكر أبو (2) محمد بن صابر عن أحمد بن محمد بن شعبة الطوسي أنه مات يوم الثلاثاء الثالث و العشرين من صفر سنة سبع و صلّى عليه أبو الحسين محمد بن الحسين الترجمان.
ابن محمد أبو عثمان النيسابوري الواعظ
قدم دمشق، و سمع من رشأ بن نظيف، سنة ثمان و ثلاثين، و حدث بها عن الحاكم أبي
ص: 27
عبد اللّه، و أبي عبد الرحمن السلمي، و أبي (1) القاسم بن حبيب المفسّر،.... (2) و أبي الحسن محمد بن الحسين.
روى عنه عبد العزيز بن أحمد، و علي الحنائي (3)،و نجا بن أحمد، و نصر بن إبراهيم المقدسي، و سهل بن بشر، و سهل بن الحسين بن محمد.
أخبرنا أبو محمد الأكفاني، نا عبد العزيز، أنا أبو عثمان سهل بن محمد النيسابوري الواعظ قدم علينا، نا الحاكم أبو عبد اللّه محمد بن عبد اللّه بن البيّع - إملاء - نا أبو عبد اللّه محمد بن الخليل الأصبهاني، نا موسى بن إسحاق القاضي، نا محمد بن معاوية النيسابوري، نا سليمان بن بلال، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال:
لعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم الرجل يلبس لبسة المرأة، و المرأة تلبس لبسة الرجل[14212].
أخبرنا عاليا أبو عبد اللّه الحسين بن عبد الملك، أنا إبراهيم بن منصور، أنا أبو بكر بن المقرئ، أنا أبو يعلى، نا زهير، نا أبو عامر العقدي، عن سليمان بن بلال، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: لعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم الرجل يلبس لبسة المرأة، و المرأة تلبس لبس الرجل.
رواه أبو داود عن زهير (4).
أبو زكريا الحبشي الواسطي ثم البيروتي
سكن دمشق، و حدث عن الأوزاعي، و الثوري، و إبراهيم بن يزيد، و إبراهيم بن
ص: 28
أدهم، و شعبة، و عبد العزيز بن أبي روّاد، و بسطام بن مسلم (1).
حدث عنه مروان الطاطري، و أبو مسهر، و دحيم، و هشام بن عمار، و عمرو بن حفص بن شليلة (2)،و الوليد بن يزيد، و سليمان بن عبد الرحمن، و محمد بن المبارك الصوري، و هشام بن (3) إسماعيل العطار، و إسحاق بن سعيد بن الأركون.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحسين بن عبد الملك، أنا أبو طاهر أحمد بن محمود.
ح و أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي، أنبأ منصور بن الحسين، و أحمد ابن محمود، قالا: أنا أبو بكر بن المقرئ، نا سعيد بن هاشم بن مرثد الطبراني بالطبرية، نا دحيم (4) عبد الرحمن بن إبراهيم - زاد أبو عبد اللّه: قاضي الأردن و فلسطين، و قالا:- قال:
نا سهل بن هاشم - زاد أبو الفرج: الواسطي - عن - و قال الخلال: نا - سفيان الثوري، عن ثور ابن يزيد، عن خالد بن معدان، عن ثوبان أن النبي صلّى اللّه عليه و سلم كان إذا راعه أمر - و قال الصيرفي: بأمر - قال:«اللّه، اللّه ربي لا أشرك به شيئا»- و قال الصيرفي:«لا شريك له»[14213].
أخبرنا أبو بكر وجيه (5) بن طاهر، أنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن، أنا أبو الحسن السقا، ثنا أبو العباس الأصم، نا عباس بن محمد قال: سمعت يحيى بن معين يقول: كان سهل بن هاشم بن بلال الحبشي واسطيا، و كان ينزل الشام، و قد سمع هشيم من أبيه و سمع شعبة أيضا من هاشم بن بلال، و كان يكنى أبا عقيل (6).
أنبأنا أبو محمد بن صابر، أنا أبو القاسم بن أبي العلاء - قراءة عليه - أنا أبو الحسن علي بن الحسن الربعي - قراءة عليه - ثنا أبو العباس أحمد بن عتبة بن مكين، نا أبو العباس محمد بن جعفر بن ملاّس، نا أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، نا أبو مسهر: أن
ص: 29
سهل بن هاشم بن بلال حدّثه - دمشقي معروف - قال: حدثني إبراهيم بن أدهم (1).ح قرأت على أبي محمد السلمي، عن أبي بكر الخطيب، أنبأ أبو بكر البرقاني، أنا محمد بن عبد اللّه بن خميرويه (2)،نا الحسين بن إدريس، أنا محمد بن عبد اللّه بن عمار، نا هشام العطار، نا سهل بن هاشم و كان إذا ذكر سهل مدحه (3)،قال ابن عمار: و كان من أهل واسط انقطع إلى بيروت حتى مات بها (4).ح قرأت على أبي الفضل بن ناصر، عن جعفر بن يحيى، أنا أبو نصر الوائلي، أنا الخصيب (5) بن عبد اللّه، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن، أخبرني أبي قال: أبو إبراهيم سهل بن هاشم ليس به بأس.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الخلال، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا أبو علي - إجازة-. ح قال: و أنا أبو طاهر بن سلمة، أنا علي بن محمد، قالا: أنا أبو محمد بن أبي حاتم قال (6):
سهل بن هاشم الواسطي البيروتي، سكن دمشق، روى عن الأوزاعي، و سفيان الثوري، و عبد رب (7) اليشكري (8) البصري، و إبراهيم بن أدهم [و ابن أبي رواد] (9) روى عنه دحيم، و هشام بن عمار، سمعت أبي يقول ذلك، و سألته عنه فقال: لا بأس به، قال أبو محمد: و روى عنه عمرو بن حفص بن شليلة الدمشقي البزار (10)،و مروان بن محمد، و أبو المسهر عبد الأعلى بن مسهر.
أخبرنا أبو غالب بن البنا، أنا أبو الحسين بن الآبنوسي، أنا عبد اللّه بن عتاب، أنا أبو الحسن - إجازة-. ح و أخبرنا أبو القاسم بن السوسي، أنا أبو عبد اللّه بن أبي الحديد،
ص: 30
أنبأ أبو الحسن الربعي، أنا عبد الوهاب بن الحسن، أنا أبو الحسن - قراءة - قال: سمعت أبا الحسن بن سميع يقول في الطبقة السادسة: أبو إبراهيم سهل (1) بن هاشم بن بلال.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن محمد، أنا (2)هبة اللّه بن إبراهيم بن عمر، أنا أحمد بن محمد بن إسماعيل، أنا أبو بشر الدولابي (3)قال: أبو إبراهيم سهل بن هاشم.
أنبأنا أبو جعفر محمد بن أبي علي، أنا أبو بكر الصفار، أنا أبو بكر الحافظ ، أنا أبو أحمد الحاكم قال (4):أبو إبراهيم سهل بن هاشم البيروتي الشامي عن سفيان الثوري، روى عنه سليمان بن عبد الرحمن، و دحيم.
وجدت بخط أبي محمد الأكفاني فيما وجده بخط أصحاب الحديث قال: سهل بن هاشم أبو إبراهيم بيروتي.
سمع عمر بن عبد العزيز، و كان يؤدب ولده.
[أخبرنا] أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنا أبو نصر عبد الرحمن بن علي بن محمد بن موسى، أنا أبو الحسين بن بشران، أنا أبو علي بن صفوان، نا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدثني الحسين بن عبد الرحمن، حدثني عبد اللّه بن عبد الوهاب، أخبرني أبو حفص الأموي عمر ابن عبيد اللّه قال (5):كتب عمر بن عبد العزيز إلى مؤدب ولده:
من عبد اللّه عمر، أمير المؤمنين إلى سهل مولاه، أما بعد، فإنّي اخترتك على علم مني بك لتأديب ولدي، و صرفتهم إليك عن غيرك من موالي و ذوي الخاصة بي، فخذهم (6)
ص: 31
بالجفاء فهو أمغر (1) لأقدامهم، و ترك الصبحة (2) فإن عادتها تكسب الغفلة، و قلة الضحك، فإن كثرته تميت القلب، و ليكن أول ما يعتقدون من أدبك بغض الملاهي التي بدؤها من الشيطان و عاقبتها سخط الرحمن، فإنه بلغني من الثقات من حملة (3) القرآن أن حضور المعازف و استماع الأغاني و اللهج بهما ينبت النفاق في القلب، كما ينبت العشب على الماء، و لعمري لتوقّي ذلك بترك حضور تلك المواطن، أيسر على ذي الذهن من الثبوت على النفاق في قلبه، و هو حين يفارقها لا يعتقد مما سمعت أذناه على شيء ينتفع (4) به، و ليفتح كلّ غلام منهم بجزء من القرآن يتثبت في قراءته، فإذا فرغ منه، تناول قوسه [و نبله] (5) و خرج إلى الغرض حافيا، فرمى سبعة أرشاق ثم انصرف إلى القائلة؛ فإن ابن مسعود كان يقول: يا بني! قيلوا، فإن الشياطين لا تقيل، و السلام على من اتبع الهدى.
[قال ابن عساكر:] (6) لا أحسب سهلا هو إلا سهل بن صدقة، و اللّه أعلم.
شيخ من شيوخ الصوفية.
حكى عنه أبو الحسن الشيباني.
أنا أبو محمد عبد الرحمن بن علي بن أحمد بن صابر، أنا أبو الفرج سهل بن بشر، أنا الأستاذ أبو سعد إسماعيل بن المثنى العبقري، أنا أبو الحسن الشيباني، عن سهل الكندي الفقير قال: رأيت في طرق دمشق صومعة على جبل فصعدت إليه، فإذا شاب عريان قد شدّ صخرة على رأس فؤاده، نحيل الجسم، مختلّ الحال، و هو يبكي و يشهق، فإذا أفاق من غشيته قال:
و إنّي لأخلو منذ فقدتك دائبا *** و أنقش تمثالا لوجهك في الترب
ص: 32
و أسقيه من دمعي و أشكو تضرّعا *** إليه كما يشكو العبيد إلى الرب
ثم أفاق و قال:
صريع الحب لا يخفا *** و نار الحب لا تطفا
و أبياتا.
مات (1) سهل الكندي، و كان من الفقراء و أنا انظر إليه، و خرجت نفسه، فنزلت و حفرت له حفيرة و دفنته فيها.
ص: 33
أخو أبي (1) تمام الطائي الشاعر.
قرأت على أبي الفتوح أسامة بن محمد بن زيد العلوي، عن أبي جعفر بن المسلمة، عن أبي عبيد اللّه محمد بن عمران بن موسى المرزباني، قال: سهم بن أوس الطائي أخو أبي تمام حبيب بن أوس الطائي الشاعر، له شعر ضعيف من قوله:
و نازعته شيئا إليه مبغضا *** فلما رأى وجدي به صار يعشقه
فدعه و لا تحزن على عائذ به *** فإن جديدات الليالي ستخلقه
و لأبي عامر و بعض إخوانه بيت له أن يمنح أخاه:
سهم بن أوس في ضمانك عالما *** إن لست بالناسي و لا بالساهي
أنا أبو في الغنى عرسي و عرسك العلا *** إني أردت و أنت....
أبو خنبش - و يقال: أبو خنيس الأزدي
وفد على عمر بن عبد العزيز، و حدث بقصة الدار، و قتل عثمان، و كان قد شهده.
حدّث عنه محمد بن يزيد الرحبي.
ص: 34
أخبرنا أبوا (1) الحسن: علي بن أحمد بن منصور، و علي بن المسلّم الفقيهان، قالا:
أنا أبو العباس أحمد بن منصور المالكي، أنبأ أبو محمد بن أبي نصر، أنا خيثمة، نا العباس ابن الوليد، أخبرني أبي، حدثني عبد الرحمن بن سليمان بن أبي الجون، حدثني محمد بن يزيد الرحبي، حدثني رجل من أزد يكنى أبا حبيش لقيته بدير سمعان في ضيافة عمر بن عبد العزيز، كان أرسل إليه يسأله، و لم يكن بقي ممن شهد قتل عثمان يومئذ غيره، فأخبرني أنه كان مع عثمان يوم حصر الدار، فزعم أن ركب الأشقياء من أهل مصر أتوه قبل ذلك فأجازهم و أرضاهم فانصرفوا، حتى إذا كانوا في بعض الطريق انصرفوا، فخرج عثمان يصلّي إما صلاة الغداة و إما صلاة الظهر، فحصبه أهل المسجد، و قذفوه بالحصا، و النعال، و الخفاف، فانصرف إلى الدار و معه أبو هريرة، و الزبير بن العوّام، و طلحة بن عبيد اللّه، و عبد اللّه بن الزبير، و مروان بن الحكم، و المغيرة بن الأخنس في أناس لم أحفظ أسماءهم إلا هؤلاء النفر، فكانوا يطوفون على البيوت فإذا هم بركب الأشقياء قد دخلوا المدينة، و أقبل ناس حتى قعدوا على باب الدار معهم و عليهم السلاح، فقال عثمان لغلام له يقال له وثّاب: خذ مكتلا من تمر - قال: و المكتل (2):قفّة - فانطلق به إلى هؤلاء القوم، فإن أكلوا من طعامنا فلا بأس بهم، و إن أشفقت منهم، فارجع، فانطلق بالمكتل فلمّا رأوه رشقوه بالنبل، فانصرف الغلام و في صلبه (3) سهم، فخرج عثمان و من معه إليهم، فأدبروا و أدركوا رجلا يمشي القهقرى، قال: فقلت: و ما القهقرى قال: كان ينفض على عقبيه كراهية [أن] (4) يولي ظهره (5)،فأخذناه فأتينا به عثمان فقال: يا أمير المؤمنين و اللّه ما نريد قتالك، و لكنا نريد معاتبتك، فأعتب قومك و أرضهم، فأقبل على أبي هريرة فقال: يا أبا هريرة فلعلهم ذلك يريدون، فخلّوا سبيله، قال:
فخلّينا سبيله، و خرجت أم المؤمنين عائشة فقالت: اللّه اللّه يا عثمان في دماء المؤمنين، فانصرف إلى الدار.
ص: 35
فلما أصبحنا صلّى بنا صلاة الغداة، فقال: أشيروا، فلم يتكلم من القوم أحد غير عبد اللّه بن الزبير، فقال: أشير عليك بثلاث خصال، فاركب أيتهن شئت:
إمّا أن تهلّ (1) فتحرم عليهم دماؤنا و إلى ذلك ما قد أتانا مددنا من الشام، قال: و قد كان عثمان كتب إلى أهل الشام عامّة، و إلى أهل دمشق خاصة، إنّي في قوم قد طال فيهم عمري و استعجلوا القدر، و قد خيّروني بين أن يحملوني على شارف إلى جبل الدخان، و بين أن أنزع لهم رداء اللّه الذي كساني، و بين أن أفيدهم (2)،و من كان على السلطان يخطئ و يصيب، و إن باعونا (3) و لا أمير عليكم دوني.
و إمّا أن نهرب على نجائب سراع لا يدركنا أحد حتى نلحق بمأمننا (4) من الشام.
و إما [أن] (5) نخرج بأسيافنا و من شايعنا فنقاتل، فنحن على الحق و هم على الباطل.
فقال عثمان: أما قولك أن نهلّ بعمرة تحرم عليهم دماؤنا فو اللّه لو لم يكونوا يرونها اليوم حراما لا يحرمونها إن نحن أهللنا، و أما قولك أن نهرب إلى الشام فو اللّه إنّي لأستحي أن آتي أهل الشام هاربا من قومي و أهل بلدي، و أما قولك نحن نخرج بأسيافنا و من شايعنا فنقاتل فنحن على الحق و هم على الباطل فو اللّه إنّي لأرجو أن ألقى اللّه عز و جل و لم أهريق محجما من دماء المؤمنين.
قال: فمكثنا أياما ثم إنّا صلينا معه أيضا صلاة الصبح فلمّا فرغ أقبل علينا، فحمد اللّه و أثنى عليه، ثم قال: إن أبا بكر و عمر أتياني الليلة فقالا لي: صم يا عثمان، فإنّك مفطر عندنا، و أنا أشهدكم أني قد أصبحت صائما أعزم على من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر إلا خرج من الدار سالما مسلوم منه، فقلنا: يا أمير المؤمنين إن خرجنا لم نأمنهم على أنفسنا، فائذن لنا فلنكن في بيت من الدار يكون لنا فيه جماعة و منعة، فأذن لهم فدخلوا البيت و أمر بباب الدار ففتح، فدعا بالمصحف و أكبّ عليه و عنده امرأتاه بنت الفرافصة الكلبية و ابنة شيبة،
ص: 36
فكان أول من دخل عليه محمد بن أبي بكر فمشى إليه حتى أخذ بلحيته فقال: دعها يا ابن أخي، فو اللّه إن كان أبوك ليلهف لها بأدنى من هذا، فاستحيا فخرج، فقال: قد أشعرته لكم، و أخذ عثمان ما امتعط من لحيته، فأعطاه إحدى امرأتيه، ثم دخل رومان بن سودان رجل أزرق قصير مخدد (1) عداده من مراد، و معه جرز (2) من حديد، فاستقبله فقال: على أيّ ملة أنت يا نعثل ؟ فقال: لست نعثل (3) و لكني عثمان بن عفان و أنا على ملّة إبراهيم حنيفا مسلما و ما كنت من المشركين، فقال: كذبت، و ضربه بالجرز على صدغه الأيسر فقتله فخرّ، و أدخلته بنت الفرافصة بينها و بين ثيابها، و كانت امرأة جسيمة ضليعة، و ألقت بنت شيبة نفسها على ما بقي من جسده، فدخل رجل من أهل مصر بالسّيف مصلتا، فقال: و اللّه لأقطعنّ أنفه، فعالج المرأة عنه فغلبته، فكشف عنها درعها من خلفه حتى نظرت إلى متنها، فلما لم يصل إليه أدخل السيف بين قرطها و منكبها فقبضت على السيف، فقطع أناملها، فقالت: يا رباح و هو غلام لعثمان أسود، أعن عني هذا، فمشى إليه الغلام، فضربه ضربة بالسيف فقتله، ثم إن الناس دخلوا الدار، فلمّا رأوا الرجل قد قتل، و أن المرأتين لا يتركانه، ندم ناس من قريش، و استحيوا، فأخرجوا الناس، و ثار أهل بيت لهم، فاقتتلوا على باب الدار، فضرب مروان بن الحكم بالسيف على العاتق، فخرّ، و ضرب رجل من أهل مصر المغيرة بن [فصرع، فقال رجل من أهل المدينة، تعس المغيرة بن الأخنس] (4) فقال الذي قتله: بل تعس قاتل المغيرة، فألقى سلاحه، ثم أدبر هاربا يلتمس التوبة، و أمسينا فقلنا: إن تركتم صاحبكم حتى يصبح مثّلوا به، فانطلقنا إلى بقيع الغرقد فأتينا (5) له من جوف الليل ثم حملناه فغشينا سواد من خلفنا هبناهم حتى كدنا بأن نفترق عنه، فنادى مناديهم (6):لا روع عليكم، اثبتوا فإنما جئنا لنشهده معكم، و كان أبو حنيش يقول: هم ملائكة اللّه، فدفناه، ثم هربنا من ليلتنا إلى الشام، فلقينا أهل الشام بوادي القرى عليهم حبيب بن مسلمة.
ص: 37
رواه ابن عائذ عن إسماعيل (1) بن عياش، عن محمد بن يزيد الرحبي، أنه حدّثه قال:
حدّثني رجل من الأزد يقال له سهم أبو حنيش، كان عمر بن عبد العزيز أرسل إليه، فذكر معناه.
أنبأنا أبو محمد هبة اللّه بن أحمد بن محمد، و عبد اللّه بن أحمد بن عمر، و أبو تراب حيدرة بن أحمد الأنصاري، قالوا: حدثنا عبد العزيز بن أحمد، أنا أبو محمد بن أبي نصر، أنبأ أبو بكر أحمد بن عبيد بن فطيس، و أبو الميمون قالا: أنا أبو عبد الملك، نا محمد بن عائذ قال: ذكر ابن عياش فذكر معناه، و قال: حبيش بالحاء المهملة.
أنبأنا أبو (2) سعد المطرز، و أبو علي الحداد قالا: أنا أبو نعيم نا أبو بكر عبد اللّه ابن محمد، نا ابن أبي عاصم، نا عبد الوهاب بن الضحاك، نا إسماعيل بن عياش، نا محمد ابن زيد الرحبي، نا سهم بن حنبش كان ممّن شهد قتل عثمان، فذكر بعض الحديث.
أخبرنا أبو غالب بن البنا، نا أبو الحسين بن الآبنوسي، أنا أبو القاسم بن عتاب، أنا أحمد بن عمير - إجازة-.
ح و أخبرنا أبو القاسم بن السوسي، أنا أبو عبد اللّه بن أبي الحديد، أنا أبو الحسن الربعي، أنا عبد الوهاب الكلابي، أنا أبو الحسن - قراءة - قال: سمعت محمود بن إبراهيم بن سميع يقول في الطبقة الثانية من تابعي أهل الشام ممن روى عن عثمان: و سهم أبو حبيش بن حبيش.
[قال ابن عساكر:] (3) كذا قالوا و الصواب ما تقدم.
- و يقال: ابن حزم-
من وجوه أهل اليمن الذين أدركوا النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و شهدوا فتح دمشق (4).
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين بن النقور، أنبأ أبو طاهر المخلص،
ص: 38
نا أبو بكر بن سيف، نا السري بن يحيى، نا شعيب بن إبراهيم، نا سيف بن عمر، عن أبي عثمان، عن خالد و عبادة قالا (1):و بقي بدمشق مع يزيد بن أبي سفيان من قواد أهل اليمن عدد منهم: سهم بن المسافر بن هزمة.
قرأت على أبي غالب بن البنا، عن أبي الفتح بن المحاملي، أنا أبو الحسن الدارقطني قال: و أما هرمة، فقال سيف: فيمن بقي مع يزيد بن أبي سفيان بعد اليرموك من قواد أهل اليمن: سهم بن المسافر بن هرمة.
ح قرأت على أبي محمد السلمي، عن أبي نصر بن ماكولا (2) قال: و أمّا هزمة بالزاي، فقال سيف: بقي مع يزيد بن أبي سفيان بعد اليرموك من قواد أهل اليمن سهم بن المسافر [بن هزمة] (3).
ص: 39
ابن الحكم بن أبي العاص الأموي
أخو عمر بن عبد العزيز، أمّه و أم أخيه سهل أم عبد اللّه بنت عبد اللّه بن عمرو بن العاص السهمي، و هو والد عمر و سهيل الذي ولي البصرة في أيام يزيد بن الوليد و قتله مروان ابن محمد.
أخبرنا أبو الحسين بن الفراء، و أبو غالب، و أبو عبد اللّه ابنا البنا قالوا: أنا أبو جعفر ابن المسلمة، أنا أبو طاهر المخلص، نا أحمد بن سليمان الطوسي، نا الزبير بن بكار قال (1):و ولد عبد العزيز بن مروان: عمر، و سهلا، و سهيلا، و أم الحكم، تزوجها الوليد بن عبد الملك، ثم خلف عليها سليمان بن عبد الملك ثم خلف عليها هشام بن عبد الملك، و أمّهم (2) أم عبد اللّه بنت عبد اللّه بن عمرو بن العاص السهمي.
قرأت على أبي غالب بن البنا، عن أبي محمد الجوهري، عن أبي عمر بن حيوية، أنا سليمان بن إسحاق، نا الحارث بن أبي أسامة، نا محمد بن سعد قال (3):فولد عبد العزيز بن مروان: سهلا و سهيلا، و أم الحكم، و أمّهم أم عبد اللّه بنت عبد اللّه بن عمرو بن العاص بن وائل السهمي.
ص: 40
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، أنا أبو الحسن رشأ بن نظيف، أنا الحسن بن إسماعيل، نا أحمد بن مروان، نا جعفر بن محمد الصائغ، نا معاوية بن عمرو، عن أبي إسحاق قال: مات سهيل بن عبد العزيز بن مروان فكتب إلى عمر بن عبد العزيز بعض عماله يعزّيه، فكتب إليه عمر:
حسبي بقاء اللّه من كل ميت *** و حسبي بقاء اللّه من كل هالك
إذا ما لقيت اللّه عني راضيا *** فإنّ سناء النفس فيما هنالك
و ذكره في موضع آخر من المجالسة فقال سهيل بن عمرو، و هو وهم، و إنّما هو سهيل ابن عبد العزيز.
كتب إلي أبو محمد حمزة بن العباس بن علي و أبو الفضل بن أحمد بن محمد بن الحسن، و حدثني أبو بكر اللفتواني عنهما قالا: أنا أحمد بن الفضل، أنا أبو عبد اللّه بن مندة قال: قال لنا (1) أبو سعيد بن يونس: سهيل (2) بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم توفي سنة مائة، ذكر وفاته الحسن بن علي بن العداس.
ابن شمس بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي
ابن غالب أبو يزيد العامري القرشي الأعلم
أحد خطباء قريش، له صحبة، أسلم يوم فتح مكة، و خرج إلى الشام مجاهدا في جماعة أهل بيته، و هلك بالشام، و قيل: إنه قتل باليرموك، و كان أميرا على كردوس (3)يومئذ.
ص: 41
روى عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و أبي بكر. روى عنه أبو سعد (1) بن أبي فضالة.
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنا أبو محمد الجوهري، أنا أبو عمر (2) بن حيوية، أنا أحمد بن معروف، نا الحسين بن الفهم، نا محمد بن سعد (3)،أنا محمد بن عمر، حدثني عبد الحميد بن جعفر، عن أبيه، عن زياد بن مينا، عن أبي سعيد بن أبي فضالة الأنصاري، و كانت له صحبة، قال:
اصطحبت أنا و سهيل بن عمرو إلى الشام ليالي أغزانا أبو بكر الصديق، فسمعت سهيلا يقول: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول:«مقام أحدكم في سبيل اللّه ساعة خير من عمله عمره في أهله»[14214] قال سهيل: و أنا رابط حتى أموت و لا أرجع إلى مكة أبدا، فلم يزل بالشام حتى مات بها في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة في خلافة عمر بن الخطاب.
[قال ابن عساكر:] (4) قال أبو عبد اللّه الصوري: الصواب: أبو سعد (5).
أخبرنا أبو بكر أيضا، أنا أبو محمد، أنا أبو عمر، أنا عبد الوهاب بن أبي حيّة (6)،أنبأ محمد بن شجاع، نا محمد بن (7) عمر [قال: فحدثني عبد اللّه بن موسى بن أمية بن عبد اللّه بن أبي أمية، عن مصعب بن عبد اللّه، عن] (8) مولى لسهيل قال: سمعت سهيل بن عمرو يقول: لقد رأيت يوم بدر رجالا بيضا على خيل بلق بين السماء و الأرض، معلمين، يقتلون و يأسرون.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين (9) بن النقور، أنا أبو طاهر
ص: 42
المخلص، نا أبو بكر بن سيف، نا السري بن يحيى، نا شعيب بن إبراهيم، حدّثنا سيف بن عمر قال: و كان سهيل بن عمرو على كردوس يعني باليرموك (1).
أخبرنا أبو غالب و أبو عبد اللّه ابنا البنا، قالا: أنا أبو جعفر بن المسلمة، أنا أبو طاهر المخلص، نا أحمد بن سليمان، نا الزبير بن بكار قال (2):فولد عبد شمس بن عبد ودّ بن نصر بن مالك: عمرا (3)،و وقدان، و قيسا، و كنود، كانت عند (4) مالك بن الظّرب، و أمّهم أم أوس تماضر بنت الحارث بن حبيب بن جذيمة (5) بن مالك بن حسل [فولد عمرو بن عبد شمس: سهيلا، و أمه ريطة بنت زهير بن عبد سعد بن نصر بن مالك بن حسل] (6)،و سهيلا الأعلم الخطيب، و كان من أشراف قريش أسره يوم بدر مالك بن الدّخشم فقال في ذلك مالك بن الدّخشم (7):
أسرت سهيلا فلن أبتغي *** أسيرا به من جميع الأمم
و خندف تعلم أن الفتى *** [سهيلا] (8) فتاها إذا تصطلم
ضربت بذي الشفر (9) حتى انثنى *** و أكرهت سيفي على ذي العلم
فقدم مكرز بن حفص بن الأخيف العامري، ثم المعيصي فقاطعهم على فدائه و قال لهم: اجعلوا رجلي في القيد مكان رجليه حتى يبعث إليكم بالفداء، ففعلوا ذلك به، و في ذلك يقول مكرز بن حفص بن الأخيف (10):
فديت بأذواد كرام سبا فتى *** ينال الصميم غرمها لا المواليا
و قلت: سهيل خيرنا فاذهبوا به *** لأبنائنا حتى يديروا الأمانيا
ص: 43
فلما استنفر أبو سفيان بن حرب قريشا لعيرها قام سهيل بن عمرو فقال: يا آل غالب أ تاركون أنتم محمدا و الصّباة من أهل يثرب يأخذون عيرانكم و أموالكم ؟ من أراد مالا فهذا مال، و من أراد قوة فهذه قوة، فقال في ذلك أمية بن أبي الصلت:
أ أبا (1) يزيد رأيت سيبك واسعا *** و سجال كفك تستهلّ و تمطر
بسطت يداك بفضل عرفك و الذي *** يعطي يسارع في العلاء فيظفر
فوصلت قومك و اتخذت صنيعة *** فيهم تعدّ و ذو الصنيعة يشكر
و نمى ببيتك في المكارم و العلى *** يا بن الكرام فروع مجد تزخر
و جحاجح بيض الوجوه أعزّة *** غرّ كأنهم نجوم تزهر
إن التكرم و الندى من عامر *** أخواك ما سلكت لحجّ عزور
عزور: رمل بالجحفة (2).
و في سهيل يقول حسان بن ثابت (3):
ألا ليت شعري هل تصيبن نصرتي *** سهيل بن عمرو بدؤها و عقابها
و إياه عنى ابن قيس الرقيات حين فخر بأشراف قريش، فذكره، فقال (4):
منهم ذو الندى سهيل بن عمرو *** عصمة الجار حين جبّ الوفاء
حاط أخواله خزاعة لما *** كثرتهم بمكة الأحياء
و أم سهيل حبّى (5) بنت قيس (6) بن ثعلبة بن حيّان بن غنم بن مليح بن عمرو من خزاعة، و كان عمر بن الخطاب قال لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و سهيل أسير: دعني أنزع ثنيّته حتى يدلع (7) لسانه فلا يقوم عليك خطيبا أبدا، و كان سهيل أعلم مشقوق الشفة، فقال
ص: 44
رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم «لعله يقوم مقاما يحمد» (1) فأسلم سهيل في الفتح، و قام بعد ذلك بمكة خطيبا حين توفي رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و هاج أهل مكة، و كادوا يرتدّون، فقام فيهم سهيل بمثل خطبة أبي بكر الصديق بالمدينة كأنه كان يسمعها، فسكن الناس، و قبلوا منه و أمير مكة يومئذ عتّاب بن أسيد.
و سهيل بن عمرو الذي جاء في الصلح يوم الحديبية، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حين رآه:
«قد سهل أمركم» و كاتب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كتاب القضية هو، و كان سهيل بن عمرو بعد أن أسلم كثير الصّلاة و الصوم و الصدقة، و خرج سهيل بجماعة أهله إلا ابنته هند إلى الشام مجاهدا (2) حتى ماتوا كلهم هنالك؛ فلم يبق من ولده أحد إلا ابنته هند و إلا فاختة بنت عتبة بن سهيل، فقدم بها على عمر بن الخطاب فزوّجها عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة، و قال: زوّجوا الشريد الشريدة، عسى اللّه أن ينشر منهما، كان أبوه الحارث بن هشام خرج هو و سهيل، فلم يرجع ممن خرج منهما إلاّ عبد الرحمن و فاختة، فنشر اللّه منهما،[رجالا و نساء] (3) فلهما اليوم عدد كثير.
أخبرنا أبو السعود بن المجلي (4)،نا أبو الحسين بن المهتدي، أخبرنا أبو الحسين بن الفراء، أنبأ أبي أبو يعلى قالا: أنا أبو القاسم عبيد اللّه بن أحمد بن علي الصيدلاني، أنا محمد بن مخلد بن حفص قال: قرأت على علي بن عمرو الأنصاري حدّثكم الهيثم بن عدي قال: قال ابن عياش: سهيل بن عمرو يكنى أبا يزيد.
أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن، أنا أبو الفضل بن خيرون. ح و أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا ثابت بن بندار.
قالا: أنا أبو القاسم الأزهري، أنا عبيد اللّه بن أحمد بن يعقوب، أنا العباس بن العباس ابن محمد الجوهري، أنا صالح بن أحمد بن حنبل قال: سمعت أبي يقول:
سهيل بن عمرو أبو يزيد.
ص: 45
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الفضل بن البقال، أنا أبو الحسن الحمامي، أنا إبراهيم بن أحمد بن الحسن، أنا إبراهيم بن أبي أمية قال: سمعت نوح بن جبير يقول:
سهيل بن عمرو يكنى أبا يزيد.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أبو الفضل بن خيرون، أنا عبد اللّه بن محمد، أنا أبو علي بن الصواف، نا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: سهيل بن عمرو أبو يزيد.
أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع، أنبأ أبو عمرو بن مندة، أنبأ الحسن بن محمد، أنا أحمد بن محمد بن عمر، نا أبو بكر بن أبي الدنيا، ثنا محمد بن سعد قال (1) في الطبقة الخامسة: سهيل ابن عمرو بن عبد شمس بن عبد ودّ بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي، يكنى أبا يزيد، مات بالشام في طاعون عمواس سنة ثمان عشرة.
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنا الحسن بن علي، أنا أبو عمر بن حيوية، أنا أحمد بن معروف، أنا الحسين بن الفهم، نا محمد بن سعد قال (2):في الطبقة الرابعة:
سهيل ابن عمرو بن عبد شمس بن عبد ودّ بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي، و يكنى أبا يزيد، و أمه حبّي بنت قيس بن ضبيس بن ثعلبة بن حيان بن غنم بن مليح بن عمرو بن خزاعة.
قال محمد بن عمر: كان سهيل بن عمرو من أشراف قريش و رؤسائهم، و المنظور إليه منهم، و شهد مع المشركين بدرا فأسر و كان سهيل أعلم من شفته السفلى، و كان يقال له: ذو الأنياب.
أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي، حدثنا أبو الفضل بن ناصر، أنا أحمد بن الحسن، و المبارك بن عبد الجبّار، و محمد بن علي و اللفظ له، قالوا: أنا أبو أحمد زاد أحمد و محمد ابن الحسن قالا: أنا أحمد بن عبدان، أنا محمد بن سهل، أنا محمد بن إسماعيل قال (3):
سهيل بن عمرو القرشي والد أبي جندل المكي، ثم صار إلى المدينة.
قرأت على أبي الفضل بن ناصر، عن جعفر بن يحيى، أنا أبو نصر الوائلي، أنا
ص: 46
الخصيب (1) بن عبد اللّه، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن، أخبرني أبي قال: أبو يزيد سهيل بن عمرو.
أخبرنا أبو غالب بن البنا، أنا أبو الحسين بن الآبنوسي، أنا أبو القاسم بن عتاب، أنا أبو الحسن بن جوصا - إجازة-. ح و أخبرنا أبو القاسم بن السوسي، أنا أبو عبد اللّه بن أبي الحديد، أنا أبو الحسن الربعي، أنا أبو الحسين الكلابي، أنا أبو الحسن - قراءة - قال: سمعت أبا الحسن بن (2) سميع يقول في الطبقة الأولى ممن نزل الشام سهيل بن عمرو.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين بن النقور، أنا عيسى بن علي، أنا عبد اللّه بن محمد قال: سهيل بن عمرو القرشي أبو أبي جندل، كان يسكن مكة، ثم انتقل إلى الشام.
أنبأنا أبو جعفر محمد بن [أبي] (3) علي، أنا أبو بكر الصفار، أنبأ أحمد بن علي بن منجويه، أنا أبو أحمد الحاكم قال: أبو يزيد: و يقال أبو [أبي] (4) جندل سهيل بن عمرو ابن عبد شمس بن عبد ودّ بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة القرشي، له صحبة من النبي صلى اللّه عليه و سلم، و كان عاقلا شريفا، خرج إلى حنين و هو مع النبي صلى اللّه عليه و سلم على شركة حتى أسلم بالجعرانة (5)،مات بالشام في طاعون عمواس سنة ثمان عشرة.
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع بن علي، أنا أبو عبد اللّه بن مندة الأصبهاني قال: سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ودّ بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي يكنى أبا يزيد، والد أبي جندل بن سهيل توفي سنة ثمان عشرة من هجرة النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، روى عنه أبو سعد بن أبي فضالة، و يزيد بن عميرة.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم، أنا أبو الحسن بن أبي الحديد، أنبأ أبو بكر بن
ص: 47
أبي الحديد، أنا محمد بن يوسف بن بشر الهروي، أنا محمد بن حمّاد، أنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن قتادة في قوله تبارك و تعالى: فَقٰاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ [سورة التوبة، الآية:12] قال (1):أبو سفيان بن حرب، و أمية بن خلف، و عتبة بن ربيعة، و أبو جهل بن هشام، و سهيل بن عمرو، و هم الذين نكثوا عهد اللّه، و همّوا بإخراج الرسول، و ليس و اللّه كما يتأوّل أهل البدع و الشبهات و الفري على اللّه و على كتابه.
أخبرنا أبو القاسم هبة اللّه بن محمد بن الحصين، أنا أبو علي بن المذهب، أنا أحمد ابن جعفر، نا عبد اللّه بن أحمد (2)،حدثني أبي، نا أبو النّضر، نا أبو عقيل - قال أبي: و هو عبد اللّه بن عقيل صالح الحديث ثقة - نا عمر بن حمزة، عن سالم، عن أبيه قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول:«اللهم العن فلان، اللهم العن فلان (3)،اللهم العن الحارث بن هشام، اللهم العن سهيل بن عمرو، اللهم العن صفوان بن أمية» فنزلت هذه الآية لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْ ءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظٰالِمُونَ [سورة آل عمران، الآية:128] قال:
فتيب عليهم كلهم[14215].
أخبرنا أبو بكر محمد (4) بن عبد الباقي، أنا أبو محمد الحسن بن علي، أنا أبو عمر محمد بن العباس، أنا أبو القاسم عبد الوهاب بن أبي حيّة، نا محمد بن شجاع، أنا محمد بن عمر (5)،حدثني أبو بكر بن إسماعيل يعني ابن محمد بن سعد، عن أبيه، عن عامر بن سعد، عن أبيه قال: رميت يوم بدر سهيل بن عمرو فقطعت [نساه] (6) فاتبعت أثر الدم حتى وجدته قد أخذه مالك بن الدّخشم و هو آخذ بناصيته، فقلت: أسيري، رميته، فقال مالك: أسيري أخذته، فأتيا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فأخذه منهما جميعا، فأفلت سهيل بالرّوحاء من مالك بن الدّخشم، فصاح في الناس فخرج في طلبه، فقال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم:«من وجده فليقتله» فوجده النبي صلّى اللّه عليه و سلّم نفسه (7) فلم يقتله.
ص: 48
قال محمد بن عمر (1):و لما أسر سهيل بن عمرو قال عمر: يا رسول اللّه أنزع ثنيته (2)يدلع لسانه، فلا يقوم عليك خطيبا أبدا، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«لا أمثّل [به] (3) فيمثّل اللّه بي، و إن كنت نبيا و لعله يقوم مقاما لا تكرهه» فقام سهيل بن عمرو حين جاءه وفاة النبي صلّى اللّه عليه و سلّم بخطبة أبي بكر بمكة (4) كأنه كان يسمعها. فقال عمر حين بلغه كلام سهيل: أشد إنك رسول اللّه صلى اللّه عليك و سلم حيث قال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم:«لعله يقوم مقاما لا تكرهه».
و كان (5) سهيل بن عمرو لما كان بشنوكة (6) كان مع مالك بن الدّخشم فقال: خلّ (7)سبيلي للغائط ، فقام به، فقال سهيل: إنّي احتشم، فاستأخر عني، فاستأخر عنه، و مضى سهيل على وجهه، لينزع يده من القرآن (8) و يمضي. فلما أبطأ سهيل على مالك أقبل فصاح في الناس، فخرجوا في طلبه و خرج النبي صلّى اللّه عليه و سلّم في طلبه، فقال:«من وجده فليقتله» فوجده رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم [قد دفن] (9) نفسه بين سمرات، فأمر به، فربطت يداه إلى عنقه، ثم قرنه إلى راحلته، فلم يركب خطوة حتى قدم المدينة فلقي أسامة بن زيد.
فحدّثني إسحاق بن حازم، عن عبيد اللّه بن مقسم، عن جابر بن عبد اللّه قال: لقي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أسامة بن زيد،[و] (10) رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم على راحلته القصواء (11)،فأجلسه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم بين يديه، و سهيل مجنوب (12)،يداه إلى عنقه، فلما نظر أسامة إلى سهيل قال: يا رسول اللّه أبو يزيد؟ قال:«نعم، هذا الذي كان يطعم بمكة الخبز».
شنوكة: ماء بين السقيا و ملل.
ص: 49
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين بن النقور، أنا أبو طاهر المخلص، أنا رضوان بن أحمد، أنا أحمد بن عبد الجبّار، نا يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، حدثني محمد بن عمرو بن عطاء (1) قال:
لما أسر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم سهيل بن عمرو يوم بدر و كان رجلا أعلم الشفة السفلى فقال عمر بن الخطاب: يا رسول اللّه، أنزع ثنيته السفلى فيدلع لسانه، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«لا أمثّل فيمثّل بي و إن كنت نبيا» و لهذا شاهد من وجه مسند:
أخبرنا أبو محمد محمود بن محمد بن مالك بن محمد المزاحمي بالرحبة، أنا أبو يوسف عبد السلام بن محمد بن يوسف القزويني المفسر قراءة عليه و أن أسمع ببغداد. ح و أخبرنا أبو محمد هبة اللّه بن أحمد بن طاوس، أنا أبو الغنائم بن أبي عثمان قالا: أنبأ أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد اللّه بن محمد بن مهدي، أنا أبو عبد اللّه الحسين ابن إسماعيل المحاملي إملاء، نا عبد اللّه بن شبيب، حدثني يحيى بن إبراهيم، حدثني المغيرة بن عبد الرحمن، عن عبد اللّه بن سعيد بن هند، عن أبيه عن عمرة عن عائشة (2)قالت: أخذ (3) رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، فانفلت ثم إنه أخذ بعد فقيل لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم إنه رجل مفوّه، فانزع ثنيته، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«لا أمثّل به، فيمثّل اللّه بي يوم القيامة»[14216].
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنا الحسن بن علي، أنا محمد بن العباس، أنا عبد الوهاب بن أبي حيّة، أنا محمد بن شجاع، أنا محمد بن عمر قال (4) في تسمية من أسر من المشركين ببدر من بني مالك بن حسل: سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ودّ بن نصر ابن مالك، قدم في فدائه مكرز بن حفص بن الأخيف و كان الذي أسره مالك بن الدّخشم، فقال مالك:
أسرت سهيلا فلم أبتغ (5) *** به غيره من جميع الأمم
و خندف تعلم أن الفتى *** سهيلا فتاها إذا تظلّم
ص: 50
ضربت بسيفي حتى انحنى *** و أذهب (1) نفسي على ذي العلم
فلما قدم مكرز انتهى إلى رضاهم في سهيل و دفع (2) الفداء أربعة آلاف. قالوا: هات مالنا، قال: نعم احتبسوا (3) رجلا مكان رجل، و خلوا سبيله، فخلّوا سبيل سهيل، و حبسوا مكرز بن حفص، و بعث سهيل بالمال مكانه من مكة.
رواه محمد بن سعد، عن الواقدي فقال: بذي الشّفر يعني لقب سيفه، و قال: قال:
و كان سهيل أعلم الشفة.
أخبرنا أبو بكر الأنصاري، أنا الحسن بن علي، أنا محمد بن العباس، أنا أحمد بن معروف، نا الحسين بن فهم، نا محمد بن سعد، أنا محمد بن عمر، حدثني عبد الرحمن بن عبد العزيز بن عبد اللّه بن عثمان بن حنيف، عن عبد اللّه بن أبي بكر بن حزم، عن يحيى بن عبد الرحمن بن سعيد بن زرارة قال: قدم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم المدينة و قدم الأسرى و سودة بنت زمعة عند آل عفراء في مناحتهم على عوف و معوذ، و ذلك قبل أن يضرب بالحجاب، قالت سودة: فأتينا، فقيل لنا: هؤلاء الأسرى قد أتى بهم، فخرجت إلى بيتي و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فيه، و إذا أبو يزيد مجموعة يداه إلى عنقه في ناحية البيت، فو اللّه ما ملكت حين رأيته مجموعة يداه إلى عنقه أن قلت: أبا يزيد، أعطيتم بأيديكم أ لا متّم كراما، فو اللّه ما راعني إلا قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم من البيت:«أيا سودة أعلى اللّه و على رسوله ؟» قلت: يا نبي اللّه، و الذي بعثك بالحق إن ملكت حين رأيت أبا يزيد مجموعة يداه إلى عنقه أن قلت ما قلت.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنا أبو بكر البيهقي، أنا أبو عبد اللّه الحافظ ، أنا أبو العباس محمد بن يعقوب، نا أحمد بن عبد الجبّار، نا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، حدثني عبد اللّه بن أبي بكر، عن يحيى بن عبد اللّه بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة قال: قدم بالأسارى حين قدم بهم المدينة، و سودة بنت زمعة زوج النبي صلّى اللّه عليه و سلّم عند آل عفراء في مناحهم على عوف و معوذ ابني عفراء و ذلك قبل أن يضرب عليهم الحجاب. قالت سودة:
ص: 51
فو اللّه إنّي لعندهم إذ أتينا فقيل: هؤلاء الأسارى قد أتى بهم فرجعت إلى بيتي و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فيه، و إذا أبو يزيد سهيل (1) بن عمرو في ناحية الحجرة، يداه مجموعتان إلى عنقه بحبل، فو اللّه ما ملكت حين رأيت أبا يزيد كذلك أن قلت: أي أبا يزيد أعطيتم بأيديكم أ لا متّم كراما؟ فو اللّه فما انتبهت إلا بقول رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من البيت:«يا سودة أعلى اللّه و على رسوله» فقلت:
يا رسول اللّه و الذي بعثك بالحق ما ملكت حين رأيت أبا يزيد مجموعة يداه إلى عنقه بالحبال أن قلت ما قلت[14217].
أخبرنا أبو عبد اللّه محمد بن الفضل، أنا أبو بكر البيهقي (2)،أنا محمد بن عبد اللّه، ثنا علي بن عيسى، نا إبراهيم بن أبي طالب، عن ابن أبي عمر، ثنا سفيان، عن عمرو (3)، عن الحسن بن محمد: قال عمر للنبي صلّى اللّه عليه و سلّم: يا رسول اللّه دعني أنزع ثنية سهيل بن عمرو فلا يقوم خطيبا في قومه أبدا، فقال:«دعها فلعلها أن تسرّك يوما» قال سفيان: فلما مات النبي صلّى اللّه عليه و سلّم نفر منه أهل مكة، فقام سهيل بن عمرو عند الكعبة و قال: من كان محمد إلهه فإن محمدا (4) قد مات، و اللّه حيّ لا يموت[14218].
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين بن النقور، أنا أبو طاهر المخلص، أنا رضوان بن أحمد، أنا أحمد بن عبد الجبّار، نا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق قال (5):
فلما قاولهم مكرز بن حفص و انتهى إلى رضاهم، قالوا له: هات الذي لنا، فقال: اجعلوا رجلي مكان رجله، و خلّوا سبيله حتى نبعث إليكم بفدائه، فخلّوا سبيل سهيل، و حبسوا مكرز مكانه، فقال مكرز في ذلك:
فديت بأذواد ثمان (6) سبا فتى *** ينال الصميم غرمها لا المواليا
رهنت يدي و المال أ يسير من يدي *** عليّ و لكني خشيت المخازيا
و قلت: سهيل خيرنا فاذهبوا به *** لأبنائنا حتى ندير الأمانيا
ص: 52
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفقيه، نا نصر بن إبراهيم لفظا، و علي بن محمد الشافعي قراءة قالا: أنبأ أبو الحسن بن عوف (1)،نا محمد بن موسى بن السمسار، أنا أبو بكر ابن خريم، نا حميد بن زنجويه، حدثنا عبيد اللّه بن موسى، عن عثمان بن الأسود، عن ابن أبي حسين قال (2):
لما فتح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم مكة دخل البيت فصلّى بين السارتين ثم وضع يديه على عضادتي الباب فقال:«لا إله إلا اللّه وحده، صدق وعده، و نصر عبده، و هزم الأحزاب وحده، ما ذا تقولون و ما ذا تظنون» فقال سهيل بن عمرو: نقول خيرا، و نظن خيرا، أخ كريم، و ابن أخ كريم، و قد قدرت، قال:«فإنّي أقول كما قال أخي يوسف لاٰ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّٰهُ لَكُمْ وَ هُوَ أَرْحَمُ الرّٰاحِمِينَ (3) ألا إنّ كل دم و مال و مأثرة (4) كانت في الجاهلية تحت قدميّ إلا سدانة (5) البيت و سقاية الحاج»[14219].
أخبرنا أبو بكر الحاسب، أنا أبو محمد الشاهد، أنا أبو عمر (6) بن حيوية، أنا عبد الوهاب بن أبي حية، أنا محمد بن شجاع، أنا محمد بن عمر الواقدي (7)،حدثني موسى بن محمد، عن أبيه قال: قال سهيل بن عمرو: لما دخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم مكة و ظهر، انقحمت (8)بيتي و أغلقت عليّ بابي، و أرسلت إلى ابني عبد اللّه بن سهيل أن اطلب لي جوارا من محمد، فإنّي لا آمن أن أقتل، قال: و جعلت أتذكر أثري عند محمد و أصحابه، فليس أحد (9)أسوأ أثرا مني، و إنّي لقيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يوم الحديبية بما لم يلقه أحد، و كنت الذي كاتبه مع حضوري بدرا و أحدا، و كلما (10) تحركت قريش كنت فيها، فذهب عبد اللّه بن سهيل
ص: 53
إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فقال: يا رسول اللّه أبي تؤمنه ؟ فقال:«نعم، هو آمن بأمان اللّه فليظهر» ثم قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم لمن حوله:«من لقي سهيل بن عمرو فلا يشدّ النظر إليه، فليخرج، فلعمري إن سهيلا له عقل و شرف، و ما مثل سهيل جهل الإسلام، و لقد رأى ما كان يوضع فيه أنه لم يكن له بنافع» فخرج عبد اللّه إلى أبيه فخبّره بمقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فقال سهيل: كان و اللّه برّا صغيرا و كبيرا، فكان سهيل يقبل و يدبر، و خرج إلى حنين مع النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و هو على شركه حتى أسلم بالجعرانة. رواه محمد بن سعد عن الواقدي.
أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنا أبو محمد، أنا أبو عمر، أنا أبو الحسن، أنا الحسين بن الفهم، نا محمد بن سعد (1)،أنا محمد بن عمر، حدثني أبي قمادين (2) يعني سعيد بن مسلم قال: لم يكن أحد من كبراء قريش الذين تأخر إسلامهم فأسلموا يوم فتح مكة أكثر صلاة و لا صوما و لا صدقة، و لا أقبل على ما يعينه من أمر الآخرة من سهيل بن عمرو، حتى إن كان لقد شحب و تغيّر لونه، و كان كثير البكاء، رقيقا عند قراءة القرآن، لقد رئي يختلف إلى معاذ بن جبل يقرئه القرآن و هو يبكي حتى خرج معاذ من مكة، و حتى قال له ضرار بن الخطاب: يا أبا يزيد تختلف إلى هذا الخزرجي يقرئك القرآن ؟ أ لا يكون اختلافك إلى رجل من قومك من قريش ؟ فقال: يا ضرار هذا الذي صنع بنا ما صنع حتى سبقنا كلّ السبق، اختلف إليه فقد وضع الإسلام أمر الجاهلية، و رفع اللّه أقواما بالإسلام كانوا في الجاهلية لا يذكرون، فليتنا كنا مع أولئك فتقدمنا، و إني لأذكر ما قسم اللّه لي في تقدّم إسلامي أهل بيتي الرجال و النساء، و مولاي عمير بن عوف فأسرّ به و أحمد اللّه عليه، و أرجو أن يكون اللّه ينفعني بدعائهم إلا أن أكون مت (3) على ما مات عليه نظرائي و قتلوا، قد شهدت مواطن كلها أنا فيها معاند للحق، يوم بدر، و يوم أحد، و الخندق، و أنا ولّيت أمر الكتاب يوم الحديبية، يا ضرار إنّي لأذكر مراجعتي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يومئذ، و ما كنت ألظّ (4) به من الباطل، فأستحي من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و أنا بمكة، و هو بالمدينة، و لكن ما كان فينا من الشرك أعظم من ذلك، و لقد رأيتني يوم بدر، و أنا في حيز المشركين، و انظر إلى ابني عبد اللّه و مولاي عمير
ص: 54
ابن عوف قرابتي في حيز محمد و ما عمي عليّ يومئذ من الحق لما أنا فيه من الجهالة، و ما أرادهما اللّه به من الخير، ثم قتل ابني عبد اللّه بن سهيل يوم اليمامة شهيدا، عزّاني به أبو بكر و قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«إن الشهيد ليشفع لسبعين من أهل بيته»[14220] فأنا (1) أرجو أن يكون أول من يشفع له.
قال (2):و أنا أبو عمر، ثنا عبد الوهاب بن أبي حيّة، نا محمد بن شجاع، أنا محمد بن عمر قال (3):و كان أبو بكر الصديق يقول ما كان فتح أعظم في الإسلام من فتح الحديبية، و لكن الناس يومئذ قصر رأيهم عما كان بين محمد و ربّه، و العباد يعجلون، و اللّه لا يعجل كعجلة العباد، و حتى تبلغ الأمور ما أراد. لقد نظرت إلى سهيل بن عمرو في حجة الوداع (4) قائما عند المنحر يقرّب إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم بدنه، و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم ينحرها بيده، و دعا الحلاّق فحلق رأسه، و انظر إلى سهيل يلقط من شعره، و أراه يضعه على عينيه، و أذكر إباءه أن يقرّ يوم الحديبية، بأن يكتب: بسم اللّه الرحمن الرحيم، و يأبى أن يكتب [أن] (5)محمدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، فحمدت اللّه الذي هداه للإسلام، و صلوات اللّه و بركاته على نبيّ الرحمة الذي هدانا به، و أنقذنا به من الهلكة.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين بن النقور، أنا أبو طاهر المخلص، أنا رضوان بن أحمد، أنا أحمد بن عبد الجبّار، نا يونس بن بكير، عن ابن (6) إسحاق (7)، حدثني عبد اللّه بن أبي بكر بن حزم و غيره قالوا: كان من إعطاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم من أصحاب المئين من المؤلفة قلوبهم من قريش من بني عامر بن لؤي: سهيل بن عمرو مائة من الإبل.
أخبرنا أبو بكر الأنصاري، أنا الحسن بن علي، أنبأ أبو عمر، ثنا عبد الوهاب بن أبي حية، أنا محمد بن شجاع، أنا محمد بن عمر قال (8):و أعطى يعني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم من غنائم
ص: 55
حنين في بني عامر بن لؤي: أعطى سهيل بن عمرو مائة من الإبل.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحسين بن عبد الملك، أنا أبو القاسم إبراهيم بن منصور، أنا أبو بكر بن المقرئ، أنا المفضل بن محمد بن إبراهيم الجندي، نا ابن أبي عمر، نا ابن عيينة، عن إبراهيم بن نافع، عن ابن أبي حسين أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم بعث إلى سهيل بن عمرو يستهديه من ماء زمزم، فبعث إليه براويتين و جعل عليهما كرّا (1) غوطيا.
قال: و أنا أبو حمة، نا أبو قرة قال: ذكر ابن جريح حدثني ابن أبي حسين أن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم كتب إلى سهيل بن عمرو:«إن جاءك كتابي ليلا فلا تصبحن، أو نهارا فلا تمسين حتى تبعث إلي بماء زمزم» فاستغاثت امرأة سهيل أثيلة الخزاعية جدّة أيوب بن عبد اللّه فأدلجناهما و خادماهما فلم يصبحا حتى قربا براويتين و فرغتا منهما، فجعلهما سهيل في كرّين، و ملأهما من ماء زمزم، و بعث بهما على بعير.
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنا الحسن بن علي، أنا أبو عمر بن حيّوية، أنبأ أحمد بن معروف، نا الحسين بن الفهم، نا محمد بن سعد، أنا محمد بن عمر، حدّثني فروة ابن زبيد بن.... (2) حدثني سلمة بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن أبي عمرو بن عدي بن الحمراء الخزاعي قال:
نظرت إلى سهيل بن عمرو يوم جاء نعي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم إلى مكة، و قد تقلّد السيف ثم قام خطيبا بخطبة أبي بكر التي خطب بالمدينة، كأنه كان يسمعها فقال: أيها الناس من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، و من كان يعبد اللّه فإن اللّه حيّ لا يموت، و قد نعى اللّه نبيكم إليكم، و هو بين أظهركم، و نعاكم إلى أنفسكم فهو الموت حتى لا يبقى أحد، أ لم تعلموا أن اللّه قال: وَ مٰا مُحَمَّدٌ إِلاّٰ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ مٰاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلىٰ أَعْقٰابِكُمْ [سورة آل عمران، الآية:144] و قال: كُلُّ نَفْسٍ ذٰائِقَةُ الْمَوْتِ [سورة آل عمران، الآية:185] ثم تلا: كُلُّ شَيْ ءٍ هٰالِكٌ إِلاّٰ وَجْهَهُ [سورة القصص، الآية:88] فاتقوا اللّه، و اعتصموا بذمتكم (3)،و توكلوا على ربكم، فإن دين اللّه قائم، و كلمة اللّه تامة، و إنّ
ص: 56
اللّه ناصر من نصره، و معزّ دينه، و قد جمعكم اللّه على خيركم. فلمّا بلغ عمر كلام سهيل بمكة قال: أشهد أن محمدا رسول اللّه، و أن ما جاء به حق، هذا هو المقام الذي عنى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم حين قال لي:«لعله يقوم مقاما لا تكرهه»[14221].
أخبرنا أبو منصور عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد بن زريق (1)،أنا أبو بكر الخطيب، أنا أبو منصور محمد بن محمد بن عثمان السواق، أنا إبراهيم بن أحمد بن جعفر الخرقي، أنا أحمد بن الحسن بن شقير النحوي، أنا أحمد بن عبيد بن ناصح، نا محمد بن عمر الواقدي قال: بحديث ذلك - يعني خطبة أبي بكر الصديق حين توفي رسول اللّه - فروة بن زبيد (2) بن.... (3) فقال: حدثني سلمة بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبي عمرو بن عدي بن الحمراء الخزاعي قال:
نظرت إلى سهيل بن عمرو يوم جاء نعي رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و قد تقلد السيف ثم خطبنا بخطبة أبي بكر التي خطب بالمدينة كأنه كان يسمعها.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين بن النقور، أنا أبو طاهر المخلص، نا أبو بكر بن سيف، ثنا السري بن يحيى، نا شعيب بن إبراهيم، نا سيف بن عمر، عن سعيد ابن عبد اللّه الجمحي، عن عبد اللّه بن عبيد بن عمير الليثي، عن أبيه قال (4):
مات رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و على مكة و عملها عتّاب بن أسيد، فلمّا بلغهم موت النبي صلّى اللّه عليه و سلّم ضجّ أهل المسجد، فبلغ عتابا، فخرج حتى يدخل شعبا من شعاب مكة، و سمع أهل مكة الضجيج، فتوافى رجالهم (5) إلى المسجد فقال سهيل: أين عتاب (6)؟و جعل يستدل عليه حتى أتى عليه في الشّعب، فقال: ما لك ؟ قال: مات رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، فقال: قم في الناس فتكلّم، قال: لا أطيق مع موت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم الكلام، قال: فاخرج معي، فأنا أكفيكه،
ص: 57
فخرجا حتى أتيا المسجد الحرام، فقام سهيل خطيبا، فحمد اللّه و أثنى عليه، و خطب بمثل خطبة أبي بكر، لم يخرج (1) عنها شيئا، و قد كان قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم لعمر بن الخطاب - و سهيل بن عمرو في الأسرى يوم بدر [و قد قال له: يا رسول اللّه أنزع ثنيته فلا يقوم عليك خطيبا أبدا-] (2)«ما يدعوك (3) إلى أن تنزع ثناياه ؟ دعه فعسى اللّه أن يقيمه مقاما يسرك» فكان ذلك المقام الذي قال صلّى اللّه عليه و سلّم، و ضبط عتّاب عمله و ما حوله.
أخبرنا أبو الحسين بن الفراء، و أبو غالب و أبو عبد اللّه قالوا: أنا أبو جعفر بن المسلمة، أنا أبو طاهر المخلص، نا أحمد بن سليمان، نا الزبير بن بكار، حدثني محمد بن الحسن، عن نوفل بن عمارة قال: سئل سعيد بن المسيّب عن خطباء قريش في الجاهلية، فقال: الأسود بن المطلب بن أسد (4)،و سهيل بن عمرو، و سئل عن خطبائهم في الإسلام، فقال: معاوية و ابنه، و سعيد و ابنه، و عبد اللّه بن الزبير.
أخبرنا أبو الأعزّ قراتكين بن الأسعد، أنا أبو محمد الجوهري، أنا أبو الحسن علي بن عبد العزيز بن مروان، أنا أبو محمد بن أبي حاتم، أخبرني عبد اللّه بن أحمد بن حنبل فيما كتب إلي قال: وجدت في كتاب أبي بخط يده يعني عن الشافعي قال: سهيل بن عمرو صاحب عقد قريش يوم الحديبية، و القائم بمكة خطيبا يوم مات رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، و مات بالشام في الطاعون، و كان محمود الإسلام من حين دخل فيه عام الفتح.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، أنا أبو الحسن رشأ بن نظيف، أنا الحسن بن إسماعيل، ثنا أحمد بن مروان، نا إبراهيم الحربي، نا أحمد بن يونس، عن سفيان الثوري قال:
حضر باب عمر بن الخطاب جماعة من مشيخة الفتح و غيرهم، فيهم سهيل بن عمرو، و عيينة بن حصن، و الأقرع بن حابس، فخرج الإذن أين صهيب ؟ أين عمار؟ أين (5) سلمان ؟ ليدخلوا فتمعرت (6) وجوه القوم، فقال سهيل: ما معّر وجوهكم ؟ دعوا و دعينا، فأسرعوا
ص: 58
و أبطأنا، و لئن حسدتموهم على باب عمر، فما أعد اللّه لهم في الجنة أكبر (1) من هذا.
أخبرنا أبو عبد اللّه محمد بن غانم بن أحمد، أنا عبد الرحمن بن محمد بن إسحاق، أنا أبي أبو عبد اللّه، أنا محمد بن سعد.... (2)،نا محمد بن يحيى الرازي، نا موسى بن إسماعيل، نا حمّاد بن سلمة، عن حميد، عن الحسن قال:
كان المهاجرون و الأنصار بباب عمر، فجعل يأذن على قدر منازلهم، و ثمّ سهيل بن عمرو، و عكرمة بن أبي جهل، و وجوه قريش من الطّلقاء، فجعل ينظر بعضهم إلى بعض، فقال سهيل بن عمرو: على أنفسكم فاغضبوا دعي القوم و دعيتم، فأسرع القوم و أبطأتم، فكيف بكم إذا دعيتم إلى أبواب الجنة، و اللّه لا أدع موقفا وقفته مع المشركين على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم إلا وقفت على المشركين مثله، و لا أنفقت نفقة مع المشركين على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم إلا أنفقت على المسلمين (3) مثله.
رواه البخاري في التاريخ (4) عن موسى بن إسماعيل.
أخبرنا أبو غالب بن البنا، أنا أبو الحسين بن الآبنوسي، أنا إبراهيم بن محمد بن الفتح، أنا أبو يوسف محمد بن سفيان بن موسى الصفار، نا أبو عثمان سعيد بن رحمة بن نعيم الأصبحي قال: سمعت ابن المبارك (5) عن جرير بن حازم قال: سمعت الحسن يقول:
حضر الناس باب عمر و فيهم سهيل بن عمرو و أبو سفيان بن حرب و تلك (6) الشيوخ من قريش، فخرج آذنه فجعل يأذن لأهل بدر لصهيب و بلال، و أهل بدر، و كان و اللّه بدريا، و كان يحبهم، و كان قد أوصى بهم فقال أبو سفيان: ما رأينا كاليوم قط إنه يؤذن لهذه العبيد و نحن جلوس لا يلتفت إلينا؟ فقال سهيل بن عمرو - و يا له من رجل ما كان أعقله أيها القوم - إني و اللّه لقد أرى الذي في وجوهكم فإن كنتم غضابا فاغضبوا على أنفسكم. دعي القوم
ص: 59
و دعيتم، فأسرعوا و أبطأتم، أما (1) و اللّه لما سبقوكم به من الفضل فيما لا ترون أشد عليكم فوتا (2) من بابكم هذا الذي تنافسونهم (3) عليه، ثم قال: أيها القوم إن هؤلاء القوم قد سبقوكم بما ترون (4) فلا سبيل لكم، و اللّه إلى ما سبقوكم إليه فانظروا هذا الجهاد فالزموه، عسى اللّه أن يرزقكم الشهادة. ثم نفض ثوبه فلحق بالشام.
قال الحسن: صدق و اللّه، لا يجعل اللّه عبدا أسرع إليه كعبد أبطأ عنه.
أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد اللّه السلمي، أنا أبو محمد الجوهري، أنا أبو عمر بن حيوية، نا محمد بن القاسم الأنباري، حدثنا أبي، نا أبو عكرمة.... (5)،و أحمد بن عبيد، عن ابن الأعرابي قال:
استشهد باليرموك عكرمة بن أبي جهل، و سهيل بن عمرو و الحارث بن هشام، و جماعة من بني المغيرة، فأتوا بماء، و هم صرعى، فتدافعوه حتى ماتوا و لم يذوقوه.
قال: نا محمد بن القاسم، حدثني أبي، نا أحمد بن عبيد، أنبأ الواقدي و ابن الأعرابي قالا: أتى عكرمة بن أبي جهل بالماء، فنظر إلى سهيل بن عمرو ينظر إليه فقال: ابدءوا بهذا فنظر سهيل إلى الحارث بن هشام ينظر إليه فقال: ابدءوا بهذا، فماتوا كلهم قبل أن يشربوا، فمرّ بهم خالد بن الوليد فقال: بنفسي أنتم.
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني، أنا عبد العزيز الكتاني، أنا أبو القاسم البجلي، أنا أبو عبد اللّه الكندي قال: نا أبو زرعة قال: و قال محمد بن أبي عمر، عن ابن عيينة، عن عمرو، عن الحسن بن محمد أن الحارث بن هشام و حويطب بن عبد العزى، و سهيل بن عمرو خرجوا إلى الشام للجهاد، فماتوا بها.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو علي بن أبي... (6)،أنا أبو الحسن بن الحمّامي، أنا أبو علي بن الصواف، نا الحسن بن علي القطان، نا إسماعيل بن عيسى
ص: 60
العطار (1)،نا حذيفة قال: و توفي سهيل بن عمرو في طاعون عمواس من أرض فلسطين، و قالت أم حبيب: أتيت أبي العاص بن أمية فبكى سهيل بن عمرو، و كانت عند ابن عمه عمرو ابن عبدة (2):
فيا لك ليلة إحدى الليالي *** أكابدها و نوم العين... (3)
و عزّ عليّ شخص لا أراه *** ثوى بين الأماعز و التلال
تقول الناعيات: أبو يزيد *** أصيب و لم يبارز للقتال
فقلت لصاحبي أسفا عليه *** هلمّ كذا نديت إلى السؤال
فألفيت النوائح عاكفات *** و نسوته عواجز بالجبال
ينحن صدورهن مسلمات *** ينحن بكل مرزئة عضال
فيا لهفي عليه و لهف نفسي *** على الوضّاح ذي الأنف الطوال
و قد عزّت مصيبته علينا *** فدّى لمقامه عمّي و خالي
غريب الأرض حيرانا تراه *** كريم الجيم محمود الفعال
و قالت أم عمرو بنت وقدان بن عبد شمس ابنة عم سهيل تبكيه و من أصيب معه:
يا حسرتاه على نجائب عطلت *** أكوارها و حبسن كلّ محبس
و غودر فتيان الصياح فأصبحت *** قبورهم نوشا لكل مرمس
فيا عين فابكي ما سهيل و رهطه *** أجيبيهم ملكي إليّ و أنفس
ثم اختموا الأنف العزيز إذا انتحى *** عليّ و أشفى شاته المتلمس
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنبأ أبو الحسين بن النقور، أنا أبو القاسم عيسى بن علي، أنا عبد اللّه بن محمد، حدثني أحمد بن زهير، نا المدائني.
ح و أخبرنا أبو غالب الماوردي، أنا أبو الحسن السيرافي، أنا أحمد بن إسحاق، نا أحمد بن عمران، نا موسى بن زكريا، نا خليفة بن خياط قال (4):قال أبو الحسن يعني
ص: 61
المدائني: قال: قتل - و في حديث الماوردي: و استشهد - سهيل (1) بن عمرو باليرموك.
قال المدائني: و يقال: إن سهيل بن عمرو و الحارث بن هشام ماتا في الطاعون.
أخبرنا أبو غالب، و أبو عبد اللّه ابنا أبي علي، قالا: أنا أبو الحسين بن الآبنوسي، أنا أحمد بن عبيد بن الفضل بن بيري - إجازة - أنا محمد بن الحسين بن محمد الزعفراني، نا أبو بكر بن أبي خيثمة، أنا المدائني قال: يقال: إن سهيل بن عمرو، و الحارث بن هشام ماتا في الطاعون (2)،و يقال: قتل سهيل بن عمرو باليرموك.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، و أبو العز الكيلي، قالا: أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن زاد الأنماطي و أبو الفضل بن خيرون، قالا: أنا أبو الحسين الأصبهاني، أنبأ محمد بن أحمد ابن إسحاق، نا عمر بن أحمد، نا خليفة بن خياط (3)،و سهيل (4) عمرو بن عبد شمس بن عبد ودّ بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي استشهد يوم مرج الصّفّر، و يقال: يوم اليرموك، يكنى أبا يزيد.
أنبأنا أبو سعد (5) محمد بن محمد، و أبو علي الحسن بن أحمد، قالا: أنا أبو نعيم، نا سليمان بن أحمد (6)،نا أبو الزنباع، ثنا يحيى بن بكير قال: توفي سهيل بن عمرو بالشام سنة ثمان عشرة.
أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة، ثنا أبو بكر الخطيب.
ح و أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنبأ أبو بكر بن الطبري، قالا: أنا أبو الحسين ابن الفضل، أنا عبد اللّه بن جعفر، نا يعقوب (7) قال: و فيها يعني سنة ثمان عشرة مات سهيل ابن عمرو.
ص: 62
قال: و نا يعقوب قال: توفي سنة ثمان عشرة (1) سهيل بن عمرو أظنه حكاه عن عمار بن الحسن، عن سلمة، عن ابن إسحاق.
ح قرأت على أبي محمد السلمي، عن أبي محمد الكتّاني (2)،أنبأ أبو الحسن المؤدب، أنا أبو سليمان بن أبي محمد قال: و في هذه السنة يعني سنة ثمان عشرة سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي أبو يزيد بالشام مات.
أبو سفيان الفلسطيني الرملي
قدم دمشق، و حدث عن عطاء الخراساني.
روى عنه بقية، و سليمان بن عبد الرحمن، و هشام بن عمّار، و الهيثم بن خارجة المروذي.
أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين، ثنا أبو الحسين بن المهتدي، نا علي بن عمر بن محمد الحربي، نا أبو عبد اللّه أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، نا الهيثم بن خارجة، نا سهيل بن ميسرة الفلسطيني قال: سمعت عطاء الخراساني يقول: إذا صلى الرجل و صاحبه تقدمه بمنكبه.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم، نا عبد العزيز بن أحمد لفظا، أنا أبو الحسن محمد ابن عوف بن أحمد المزني، نا أبو العباس محمد بن موسى بن الحسين بن السمسار الحافظ ، أنا أبو بكر محمد بن خريم (3)،نا هشام بن عمار، نا سهيل بن ميسرة قال: سمعت عطاء الخراساني يقول: ما أحدث رجل وضوءا إلا أحدث اللّه عز و جل له مغفرة.
قال: و نا سهيل قال: سمعت عطاء الخراساني يقول: إذا أمّ الرجل صاحبه فليتقدمه بمنكبه، و ليكن الإمام منهما عن يسار صاحبه.
ص: 63
ح قرأنا على أبي الفضل محمد بن ناصر، عن محمد بن أحمد بن محمد، أنا أبو القاسم هبة اللّه بن إبراهيم بن عمر، أنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل بن الفرج، نا محمد بن أحمد بن حماد (1)،نا يزيد بن عبد الصّمد [قال: حدثنا] (2) أبو أيوب سليمان بن عبد الرحمن، نا سهيل بن ميسرة أبو سفيان الرملي، لقيته بدمشق، قال: سمعت عطاء الخراساني يقول: أهدي إلى أهل بيت رأس شاة، فقالوا: إن جيراننا هؤلاء أحوج إليه منا، فبعثوا به إليهم، فلم يزالوا يتهادونه حتى رجع إلى الأول.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الخلال، أنا أبو القاسم بن مندة أنا أبو علي إجازة.
ح قال: و أنا أبو طاهر بن سلمة، أنا علي بن محمد (3).
قالا: أنا أبو محمد بن أبي حاتم قال (4):سهيل بن ميسرة أبو سفيان الرملي (5)الفلسطيني [روى عن....] (6) روى عنه بقية، و سليمان بن شرحبيل، سألت أبي عنه فقال:
ما به بأس.
أخبرنا أبو غالب بن البنا، أنا أحمد بن محمد بن الآبنوسي، أنا عبد اللّه بن عتاب، أنا أحمد بن عمير - إجازة-.
ح و أخبرنا أبو القاسم بن السوسي، أنا أبو عبد اللّه بن أبي الحديد، أنا أبو الحسن علي بن الحسن، أنا عبد الوهاب بن الحسن، أنا أبو الحسن قراءة قال: سمعت أبا الحسن بن سميع يقول في الطبقة السادسة: سهل بن ميسرة.
[قال ابن عساكر:] (7) كذا قال، و إنما هو سهيل بزيادة ياء.
قرأت على أبي الفضل بن ناصر، عن جعفر بن يحيى، أنا أبو نصر الوائلي، أنا
ص: 64
الخصيب (1) بن عبد اللّه، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن، أخبرني أبي قال: أبو سفيان سهيل بن ميسرة الرملي (2) عن عطاء الخراساني، روى عنه أبو أيوب الدمشقي.
من أهل المدينة.
حكى عن سالم بن عبد اللّه.
روى عنه أبو بكر بن عبد اللّه بن أبي سبرة.
و غزا الروم في خلافة عمر بن عبد العزيز.
قرأت على أبي غالب بن البنا، عن أبي محمد الجوهري، أنا أبو عمر بن حيوية، أنا أحمد بن معروف - إجازة - نا الحسين بن الفهم، نا محمد بن سعد (3)،أنا محمد بن عمر، نا ابن أبي سبرة، عن سهيل الأعشى قال: قرئ علينا كتاب عمر بن عبد العزيز بأرض الروم يأمر و الينا بنصب المنجنيق على الحصن، و سالم بن عبد اللّه إلى جنبي يسمع الكتاب فلم ينكره.
ص: 65
أبو الفرج القاضي
كان ببيروت، ذكره أبو منصور النيسابوري الثعالبي في كتاب يتيمة الدهر (1)،فقال: أبو الفرج سلامة بن بحر أحد قضاة سيف الدولة، يقول شعرا يكاد يمتزج بأجزاء الهواء رقة و خفة، و يجري مع الماء لطافة و سلاسة كقوله:
من سرّه العيد فما سرّني *** بل زاد في همّي و أشجاني
لأنّه ذكّرني ما مضى *** من عهد أحبابي و إخواني
قال أبو منصور (2):و أنشدني أبو علي محمد بن عمر الزاهي (3)،أنشدني القاضي أبو الفرج لنفسه ببيروت:
مولاي ما لي منك بخت *** قد ذبت من كمد و متّ
تصفو بك الدنيا و لا يصفو *** لعبدك منك وقت
مولاي ما ذنبي إليك *** و لو عرفت الذنب تبت
لا إنني أنسيتكم *** أو أنني للعهد خنت
إن كان ذاك فلا بقيت *** و إن بقيت فلا سلمت
ص: 66
قال أبو منصور (1):و لأبي الفرج و يروى للقاضي ابن النعمان المقرئ:
نوح حمام بيثرب غرّد *** هيّج شوقي و زاد في كمدي
وا كبدي من عذابكم! و كذا *** من ذاق ما ذقت صاح وا كبدي
فارقت إلفي فصار في بلد *** بالرغم مني، و صرت في بلد
أبو كلثم العذري الدمشقي
روى عن صدقة بن عبد اللّه السمين، و يزيد بن السّمط ، و الحسن بن يحيى الخشني.
روى عنه ابن ابنه محمد بن أحمد بن [أبي] (2) كلثم، و يزيد بن محمد بن عبد الصمد، و أحمد بن أبي الحواري، و عباس (3) بن الوليد الخلال، و أبو هبيرة محمد بن الوليد الهاشمي، و محمد بن يعقوب الدمشقي، و إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، و محمد بن روح الهاشمي.
أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة، نا عبد العزيز بن أحمد، أنا تمام بن محمد، أنا أبو علي أحمد بن محمد بن فضالة، و أحمد بن سليمان بن حذلم، و جعفر بن محمد بن جعفر بن هشام الكندي قالوا: حدثنا يزيد بن محمد بن عبد الصّمد، نا أبو كلثم سلامة بن بشر بن بديل، نا يزيد بن السّمط ، عن الأوزاعي، أخبرني مالك عن عبد اللّه بن دينار، عن ابن عمر أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«إنّ الغادر ينصب له لواء يوم القيامة فيقال هذه غدرة فلان»[14222].
كذا رواه النسائي عن يزيد بن محمد.
أخبرنا أبو عبد اللّه الفراوي، و أبو القاسم زاهر بن طاهر، قالا: أنا أبو عثمان البحيري، أنا أبو الحسن أحمد بن عبد اللّه بن رزيق ببغداد، نا بكر بن أحمد بن حفص، نا يزيد بن عبد الصّمد، نا سلامة بن بشر، نا صدقة هو ابن عبد اللّه، عن الوضين بن عطاء،
ص: 67
عن عطاء الخراساني، عن الحسن، عن أبي هريرة، عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«لو أن للإنسان واديين من مال لابتغى واديا ثالثا، و لا يملأ نفس الإنسان إلا التراب، و يتوب اللّه على من تاب»[14223].
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الخلال، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا أبو علي - إجازة-. ح قال: و أخبرنا أبو طاهر بن سلمة، أنبأ أبو الحسن الفأفاء.
قالا: أنا أبو محمد بن أبي حاتم قال (1):سلامة بن بشر بن بديل العذري أبو كلثم، روى عن صدقة بن عبد اللّه السمين، و الحسن بن يحيى الخشني، روى عنه أحمد بن أبي الحواري، و عباس (2) الخلال، سمعت أبي يقول ذلك، روى عنه أبي، سئل أبي عنه فقال:
صدوق.
قرأت على أبي الفضل بن ناصر، عن جعفر بن يحيى، أنا عبيد اللّه بن سعيد بن حاتم، أنا الخصيب (3) بن عبد اللّه، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن قال: أخبرني أبي قال: أبو كلثم سلامة بن بشر.
القاسم المظفر بن عبد اللّه المقرئ المعروف بزعزاع.
قرأ عليه أبو الحسن علي بن الحسن الربعي فيما وجدت بخطه و قال: قرأت على أستاذنا أبي الخير.
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: سنة ثمان و سبعين و ثلاثمائة فيها توفي أبو الخير سلامة بن الربيع بن (1) سليمان المقرئ المطرز الرجل الصالح، و كان قرأ على أبي الحسن محمد بن النضر بن مرّ بن الحرّ الربعي ابن الأخرم، و أبو الحسين (2) علي بن محمد المري (3) صاحبي أبي عبد اللّه هارون بن موسى الأخفش المقرئ.
سمع عمر بن عبد العزيز. روى عنه أبو عدي العسقلاني.
كتب إليّ أبو علي محمد بن سعيد بن نبهان، أنبأ أبو علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم ابن شاذان، أنا أبو محمد عبد اللّه بن جعفر بن درستويه، نا يعقوب بن سفيان (4)،نا أبو عدي العسقلاني، نا سلامة بن عبد اللّه بن نعيم قال: رأيت عمر بن عبد العزيز خرج علينا يوم جمعة فخطب على المنبر و إنما عليه [ثوب] (5) رطب كأنما غسل تلك الساعة، قال:
فظننا ما له ثوب غيره.
أخبرنا أبو محمد هبة اللّه بن أحمد و عبد الكريم بن حمزة قالا: أنا أبو القاسم الحسين ابن محمد الحنائي (1)،نا عبد الوهاب بن الحسن، نا سعيد بن عبد العزيز، نا ابن أبي سكينة قال الحنائي: نا محمد بن إبراهيم عن، و في حديث الحنائي: الدراوردي عن زيد بن أسلم عن ابن عمر عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و في حديث الحنائي قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«إنما الناس كإبل مائة، لا تكاد تجد فيها راحلة»[14224].
أبو بكر البرقاني المقدسي
سمع بدمشق و غيرها: هشام بن عمار، و صفوان بن صالح، و محمد بن عبد الرحمن ابن الحسن الجعفي، و الوليد بن عتبة الدمشقي، و عبد اللّه بن هانئ بن عبد الرحمن بن عبلة، و موسى بن محمد المقدسي البلقاوي، و الوليد بن حجر الرملي، و إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي، و يحيى بن عثمان بن صالح، و إسماعيل بن عبد اللّه بن زرارة الرقي.
روى عنه سليمان بن أحمد، و أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار، و أبو طالب أحمد ابن نصر بن طالب الحافظ ، و جعفر بن محمد بن الحسن الفريابي.
أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد، حدثني أبو مسعود عبد الرحيم بن علي بن أحمد عنه، أنا أبو نعيم الحافظ ، أنا سليمان بن أحمد (2)،حدثني سلامة بن ناهض المقدسي، نا هشام بن عمار قال: و نا محمد بن يعقوب بن سودة البغدادي، نا الهيثم بن خارجة قال: نا محمد بن حمير، عن إبراهيم بن أبي عبلة، عن يحيى بن أبي عمرو السيباني (3) قال:
دخل عوف بن مالك المسجد متوكئا (4) على ذي الكلاع، و كعب يقص على الناس،
ص: 70
فقال عوف لذي الكلاع: أ لا تنه ابن أخيك هذا عما يفعل ؟ فإني سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول:«لا يقصّ على الناس إلا أمير أو مأمور أو مختال» (1)[14225] فقال له ذو الكلاع ما قال عوف، فسأل كعب عوفا فقال: أنت سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول ؟ قال: نعم، فقال كعب:
ما أنا بأمير و لا مأمور و لا مختال (2).
أنبأنا أبو علي أيضا، أنبأ أبو (3) بكر محمد بن عبد اللّه بن أحمد بن ريذة (4)،أنبأ سليمان بن أحمد، نا سلامة بن ناهض الدمشقي، و ورد ابن أحمد بن لبيد البيروتي قالا: نا صفوان بن صالح بحديث ذكره.
[قال ابن عساكر:] (5) أظنه نسبه إلى دمشق لرحلته إليها، و هو مقدسي لا شك فيه.
قرأت على أبي محمد السلمي، عن أبي نصر بن ماكولا قال (6):أما سلام بتخفيف اللام فهو: سلام بن محمد بن ناهض المقدسي روى عن محمد بن عبد الرحمن الجعفي الكوفي، و إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي، حدّث عنه أبو طالب أحمد بن نصر الحافظ ، و الطبراني [و ابنه محمد بن سلام] (7) و سماه (8) الطبراني: سلامة.
شاعر مدح القاضي أبا (9) الحسين محمد بن يحيى بقصيدة أولها:
ما على العاشق المعنّى ملام *** فليكف العذال و اللّوّام
خشية ما به من الوجد و ا *** لصد و يكفيه لوعة و غرام
إنّما الحبّ آفة و بلاوة *** و عناء و شقوة و سقام
ص: 71
يا خليليّ ساعداني على وجد *** ي فإنّي متيّم مستهام
برّح الحبّ و أعوزني الصبر *** كما قد جفا جفوني المنام
أنا صبّ صار إلى ذكر حر *** و من كريم قد أنجبته الكرام
فأرى الناس و الكرام قليلا *** و كثير رعاعهم و اللئام
و كان الكرام كلهم أجمع *** هذا القاضي الفقيه الإمام
فهو فخر القضاة في سائر *** الدنيا به قد عمل الحكام
و هي ستة و ثلاثون بيتا.
أبو الخير البغدادي
قدم دمشق، و حدث عن أبوي حفص: عمرو بن علي بن الزيات (1)،و عمر بن أحمد ابن عثمان بن شاهين (2) البغداديين، و أبي الطيب عبد المنعم بن عبد اللّه بن غلبون المقرئ.
روى عنه أبو الحسن سعد بن سلامة بن حابس الداراني.
أخبرنا أبو محمد بن أحمد المزكي، ثنا عبد العزيز بن أحمد قال: أنبأ.
ح و أخبرنا أبو عبد اللّه محمد بن أحمد بن محمد القضاعي، أنا جدي لأمي الحسن بن علي ابن عبد الصّمد اللباد، نا أبو الحسن سعد بن سلامة بن حابس - قال الكتّاني (3):المؤدب قراءة عليه - و قال اللباد: الإمام إملاء، و قالا:- بداريا (4) أبو الخير سلامة بن محمد البغدادي، زاد اللباد، قدم علينا بداريا (5)،نا أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان، ثنا موسى بن عبيد اللّه الخاقاني (6)-و قال الكتاني (7):الخارقي، و هو وهم، نا ابن
ص: 72
أبي سعد، نا محمد بن حاتم المؤدب، نا أحمد بن غسان، نا حامد بن يونس، نا عبد اللّه بن سعيد قال: عرضت أحرف المعجم على الرحمن سبحانه تبارك و تعالى، و هي تسعة و عشرون حرفا، فتواضع الألف من بين الحروف فشكر اللّه تعالى له تواضعه، فجعله قائما، و جعله مفتاح كلّ اسم من أسمائه.
و في حديث عبد العزيز: ابن عمر بن عثمان نسبه إلى جده.
أبو الخير القطان المقدسي
قدم دمشق طالب علم، فسمع بها أبا القاسم بن أبي العلاء و غيره.
و كتب عنه عتبة بن علي بصور سنة إحدى و سبعين و أربعمائة، و كتب عنه أبو محمد الأكفاني بدمشق قول مكي بن الرميلي في وفاة الخطيب أبي بكر.
لم يسمع الأكفاني ذلك من مكي.
أبو الفرج الموصلي
حدّث عن عبد اللّه بن ثابت المحاربي الكوفي، و علي بن عبد اللّه بن مبشر الواسطي.
روى عنه تمام بن محمد.
قرأت بخط أبي القاسم تمام بن محمد، و أنبأنيه (1) أبو محمد عبد اللّه بن محمد بن إسماعيل المصري المعروف بابن العسال بمكة شفاها، أنا أبو الحسن علي بن الحسين بن أحمد بن صصرى بدمشق، أنا تمام بن محمد، نا أبو الحسين أحمد بن محمد بن يعقوب بن لؤلؤ البغدادي، و أبو الفرج سلامة بن محمود بن محمد الموصلي، قالا: ثنا عبد اللّه بن ثابت المحاربي بالكوفة، نا عباس بن محمد الدوري، نا محمد بن يوسف أبو بكر الخراساني، نا عاصم بن مضرس، عن عبد السلام بن حرب، عن بهز بن حكيم، عن
ص: 73
أبيه، عن جده أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم رأى رجلا يغتسل في صحن الدار فقال:«إن اللّه حييّ ، حليم ستير، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر و لو بجذم (1) حائط »[14226].
المعروف بالأفلج
شاعر كان بدمشق حين أنكر عمرو بن مرة الجهني و نائل بن قيس الجذامي على قضاعة أسماءهم في معدّ، و أمره عمرو أن يرجز في ذلك فقال:
إن ذكر الناس العديد الأكثرا
كان أبي أحقهم أن يذكرا
قضاع من مالك بن حميرا
أخبرنا أبو القاسم هبة اللّه بن عبد اللّه، أنبأ أبو بكر الخطيب قال: و أما الثاني بالجيم فهو الأفلج الشاعر و اسمه سلامة بن اليعبوب كتب إلي أبو (2) غالب محمد بن أحمد بن سهل الواسطي (3)،و حدثني محمد بن فتوح (4) عنه، أنا علي بن محمد بن دينار الكاتب، أنا أبو القاسم الحسن بن بشر الآمدي (5) قال:
و أما الأفلج فهو سلامة بن اليعبوب أخو بني حجير بن حيي بن وائل بن ربيعة بن امرئ (6) مناة بن مشجعة بن التيم بن النمر بن وبرة أخي كلب بن وبرة، شاعر، و هو القائل:
و أشعث ملثاث عوى فعوت له *** قطارية بالليل زرق عيونها
ص: 74
مغان من الأضياف لبوة منسر *** أنا ليثها الغادي و بيتي (1) عرينها
إذا أوقدت ساق الهشيمة أرزمت *** كما ترزم البلهاء سلّ (2) جنينها
قال: قطارية منسوبة إلى قطار الأرض جمع قطر، و يروى: قطاربة جمع قطرب (3).
و القطارية: في لغة أهل البحرين و من جاورهم: الكلاب الخليجية، و هو أولى بالصواب.
قرأت على أبي محمد السلمي، عن أبي نصر بن ماكولا قال (4):و أما أفلج بفاء و جيم، و يعبوب (5) بعد العين باء معجمة موحدة و آخره كذلك، فهو: الأفلج الشاعر، و اسمه سلامة ابن اليعبوب أخو بني حجير بن حيي بن وائل بن ربيعة بن أمر (6) مناة بن مشجعة بن التيم بن وبرة أخي كلب بن وبرة، ذكره كذلك الآمدي، و ذكره الزبير بن بكار، و المرزباني بالقاف و الحاء المهملة.
سكن دمشق مدة، و رأيته غير مرة و لم أسمع منه شيئا من شعره، و كانت له دكان في رواق دار الحجارة ينسخ فيها، و يبيت فيها، و كان فقيرا قذرا.
قرأت بخطه لنفسه أبياتا كتبها إلى خالي أبي المعالي القاضي رحمه اللّه:
لقد أزرى الزمان بسوء حالي *** و ساعده القضاء فما احتيالي
و أبلاني بأمراض صعاب *** فجسمي قد تضاعف في الهزالي
بغير مؤانسة و بلا معين *** و غير مساعد و عدم مال
لقد جارت عليّ صروف دهري *** و قد... (7) بنعي و كشفن حالي
سأستعدي و أبلو ما ألاقي *** إلى القاضي الأجلّ أبي المعالي
ص: 75
إلى مولى له علم و حلم *** تقصر عنه أفهام الرجال
إلى مولى تفرّد بالمعالي *** و قوبل بالمهابة و الجلال
أيا فخر القضاة دعاء عبد *** رجاك لدفع أحداث الليالي
أمجد الدين فك في وثاق أسري *** من الفقر المضر بسوء حالي
فلو أعدى عدو لي رآني *** و عاين ما أكابده بكى لي
فمثلك من تكسب أجر مثلي *** ببرّ من زكاة أو نوالي
حكمت فلم تدع حقّا مضاعا *** و حكم الحق يذهب بالمحال
إذا عدّ الكرام حللت منهم *** بمنزلة اليمين من الشمال
فلا حلّت بساحتك الرزايا *** و لا أضحى محلك منك خالي
و لا زالت سعودك في ازدياد *** على زعم العدو بلا زوال
و عشت مسلّما من كل ريب *** حميد الفعل مقبول المقال
إذا ما كنت لي سندا و عونا *** على صرف الزمان فما أبالي
ص: 76
و يقال: ابن سليم
كان يقرئ أولاد هشام بن عبد الملك.
حدّث عن عكرمة مولى ابن عباس.
روى عنه: سعيد بن مسلمة بن هشام بن عبد الملك الأموي.
قرأت بخط عبد العزيز بن أحمد، ثم قرأت على أبي محمد عبد اللّه بن أسد بن عمار عنه، أنا أبو الحسين عبد الوهاب بن جعفر بن علي، نا أحمد بن علي بن عبد اللّه بن سعيد بن أحمد الحافظ ، قدم علينا قال: قرئ على محمود بن محمد بن الفضل الرافعي المعروف بالأديب أبي (1) العباس، نا أحمد بن بزيع، نا سعيد بن مسلمة، حدثني سلاّم بن سليم، و كان يقرئ عمومتي في زمن هشام بن عبد الملك عن عكرمة عن ابن عباس قال (2):
قحط الناس على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فخرج من المدينة إلى بقيع الغرقد (3) معتمّا بعمامة سوداء، قد أرخى طرفها بين يديه و الآخر بين منكبيه، متنكبا قوسا عربية، فاستقبل القبلة، فكبّر، و صلى بأصحابه ركعتين، جهر بالقراءة فيهما، قرأ في الأولى:
ص: 77
إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ [سورة التكوير، الآية:1] و الثانية: وَ الضُّحىٰ [سورة الضحى، الآية:1] ثم قلب رداءه انتقلت (1) السنة ثم حمد اللّه عز و جل و أثنى عليه ثم رفع يديه فقال: اللهم ضاحت (2)بلادنا و اغبرّت أرضنا، و هاجت (3) دوابّنا اللهم منزل البركات من أماكنها، و ناشر الرحمة من معادنها بالغيث المغيث، أنت المستغفر للأنام، فنستغفرك للجمّات من ذنوبنا، و نتوب إليك من عظيم خطايانا، اللهم أرسل السماء علينا مدرارا، واكفا مغزورا من تحت عرشك [من حيث] (4) ينفعنا غيثا مغيثا، دارعا رائعا ممرعا (5) طبقا غدقا خصبا، تسرع لنا به النبات، و تكثر لنا به البركات، و تقبل به الخيرات، اللهم، إنك قلت في كتابك [ وَ جَعَلْنٰا مِنَ الْمٰاءِ كُلَّ شَيْ ءٍ حَيٍّ [سورة الأنبياء، الآية:30] اللهم فلا حياة لشيء خلق من الماء إلا الماء، اللهم] (6) و قد قنط الناس أو من قنط منهم و ساء ظنهم، و هامت بهائمهم، و عجت عجيج الثكلى على أولادها، إذ حبست عنها قطر السماء، فدقّ لذلك عظمها، و ذهب لحمها، و ذاب شحمها، اللهم، ارحم أنين الآنّة، و حنين الحانّة، و من لا يحمل رزقه غيرك، اللهم، ارحم البهائم الجاثمة (7)،و الأنعام السائمة، و الأطفال الصائمة، اللهم، ارحم المشايخ الركّع، و الأطفال الرضّع، و البهائم الرتّع، اللهم، زدنا قوة إلى قوتنا، و لا تردّنا محرومين، إنك سميع الدعاء، برحمتك يا أرحم الراحمين.
فما فرغ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم حتى جاءت السماء حتى أهمّ كل رجل منهم كيف ينصرف إلى منزله، فعاشت البهائم و أخصبت الأرض، و عاش الناس، كلّ ذلك ببركة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم.
أخبرنا أبو عبد اللّه محمد بن الفضل، أنا أبو الحسين عبد الغافر بن محمد، أنا أحمد ابن محمد الخطابي قال في حديث النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: إن الناس قحطوا على عهده فخرج إلى بقيع
ص: 78
الغرقد، فصلّى بأصحابه ركعتين جهر بالقراءة فيهما، ثم قلب رداءه، ثم رفع يديه فقال: اللهم ضاحت بلادنا، و اغبرّت أرضنا، و هامت دوابنا، اللهم، ارحم بهائمنا الحائمة، و الأنعام السائمة، و الأطفال المحثلة، في كلام غير هذا، حدثنيه محمد بن الحسين بن عاصم، نا محمود بن محمد الرافعي، حدثنا أحمد بن بزيع الخفاف، نا سعيد بن مسلمة، حدثني سلام ابن سلمة و كان يقرئ عمومتي في زمان هشام بن عبد الملك، قال الخطابي قوله: ضاحت بلادنا: إنما هو فاعلة من ضحا المكان إذا نزل للشمس، و ضحا الرجل يضحو إذا أصابه حرّ الشمس، قال اللّه عز و جل: وَ أَنَّكَ لاٰ تَظْمَؤُا فِيهٰا وَ لاٰ تَضْحىٰ [سورة طه، الآية:119] و الضحيان البارز للشمس، يريد أن السنة قد أحرقت النبات و الشجر و برزت الأرض للشمس، و قوله هامت دوابنا: أي عطشت، و الهيمان العطشان، و الحائمة (1):هي التي تنتاب أماكن الماء فتحوم عليه أي تطوف و لا ترد، يريد أنها لا تجد ماء (2) ترده قال الشاعر:
و إذ ينالوا فعلمين لعله *** إليك ما بالحائمات عليل
و الأطفال المحثلة (3) هم الذين انقطع رضاعهم، و الحثل: سوء الرضاع، قال ذو الرمة (4):
بها الذئب محزونا كأن عواءه *** عواء فصيل آخر الليل محثل
و الحثل أيضا: سوء الحال، و منه قيل لرذالة الناس الحثالة.
أبو العباس الأعمى
ابن أخي شبابة بن سوّار (5)،من أهل المدائن، سكن دمشق.
ص: 79
و حدث بها عن الفضيل بن مرزوق، و نهشل بن سعيد، و مغيرة بن مسلم السرّاج، و قيس بن الربيع، و عبد الرحمن بن عبد اللّه بن عتبة المسعودي، و أبي عمرو بن العلاء، و مسلمة بن الصلت، و عيسى بن طهمان، و أبي داود سليمان بن عبد العزيز، و كثير بن سليم، و ورقاء بن عمر، و محمد بن طلحة بن مصرّف، و شعبة، و حمزة الزيات، و ابن أبي ذئب، و محمد بن الفضل بن عطية.
روى عنه يزيد بن محمد بن عبد الصمد، و هارون بن موسى الأخفش المقرئ، و أحمد بن أبي الحواري، و أبو الأزهر أحمد بن الأزهر، و أحمد بن عبد الواحد بن عبود، و محمد بن عبد الرحمن بن الأشعث، و الضحاك بن حجوة، و أبو حاتم الرازي، و سليمان بن عبد الرحمن، و هشام بن عمار، و سليمان بن توبة، و محمد بن عيسى بن حيّان (1)،و عبد اللّه ابن روح المدائنيان (2) و أيوب بن محمد الوزان.
أخبرنا أبو محمد عبد الكريم (3) بن حمزة، أنا عبد العزيز بن أحمد.
ح و أخبرنا أبو محمد أيضا، أنا أبو القاسم الحنّائي قالا: أنبأ تمام بن محمد، أنا أبو الميمون عبد الرحمن (4) بن عبد اللّه بن عمر بن راشد قراءة عليه، نا يزيد بن محمد بن عبد الصّمد، نا أبو العباس سلام بن سليمان، نا عبد الرحمن بن عبد اللّه بن عتبة بن مسعود المسعودي، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن عمران بن حصين قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«إن اللّه تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تكلم به أو تعمل به»[14227].
أخبرنا أبو محمد أيضا، ثنا أبو بكر أحمد بن علي الخطيب - إملاء - أنا أبو الحسن علي بن الحسن الطرازي بنيسابور، نا أبو حامد أحمد بن علي بن الحسن بن حسويه المزي، نا أبو الأزهر أحمد بن أزهر، نا أبو العباس الأعمى الدمشقي، نا مسلم بن الصلت - كذا قال الطرازي: و إنما هو سلمة بن الصلت - البصري، عن الزهري، عن سعيد بن
ص: 80
المسيّب، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«أول شهر رمضان رحمة، و وسطه مغفرة، و آخره عتق من النار»[14228].
قال الخطيب: أبو العباس الأعمى هو سلام بن سليمان ابن أخي شبابة بن سوّار الفزاري، نسبه أبو الأزهر إلى دمشق لسكناه بها.
قرأت على أبي الفضل بن ناصر، عن جعفر بن يحيى، أنا أبو نصر الوائلي، أنبأ الخصيب (1) بن عبد اللّه، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن، أخبرني أبي، أنا العباس ابن الوليد، حدثنا سلام بن سليمان ثقة، مدائني، مات بدمشق، أبو العباس.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الخلال، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا أبو علي - إجازة-. قال: و أنا أبو طاهر بن سلمة، أنا علي بن محمد.
قالا: أنا أبو محمد بن أبي حاتم (2) قال (3):سلام بن سليمان بن سوار المدائني ابن أخي (4) شبابة بن سوّار، أبو العباس الدمشقي الضرير، روى عن أبي عمرو بن العلاء، و مغيرة ابن مسلم السّرّاج، و قيس بن الربيع، و مسلمة بن الصلت، روى عنه هشام بن عمار، و سمع منه أبي بدمشق، في الرحلة الأولى، سئل أبي عنه فقال: ليس بقوي.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو القاسم بن مسعدة (5)،أنا أبو القاسم السهمي، أنبأ أبو أحمد بن عدي قال (6):سلام بن سليمان بن سوّار الثقة المدائني الدمشق، و يقال له الدمشقي، يكنى أبا المنذر (7)،و إنّما قيل [له] (8) الدمشقي لمقامه بدمشق، حدّث عنه أهل دمشق، و هو عندي (9) منكر الحديث.
ص: 81
[قال ابن عساكر] (1) كذا كناه ابن عدي و وهم في ذلك، فإن أبا المنذر سلام بن سليمان (2) القارئ شيخ غير هذا الضرير، قد (3)... يروي عن عاصم بن بهدلة، و ثابت البناني و غيرهم، و يروي عنه عفان، و أبو سلمة التبوذكي، و جماعة.
أنبأنا أبو سعد المطرز، و أبو علي الحداد، قالا: أنا أبو نعيم الحافظ قال: سلام بن سليمان المدائني ابن (4) سليمان التميمي، روى عن أبي عمرو بن العلاء، و عن حميد الطويل بأحاديث منكرة، روى عنه شبابة، و هارون الأخفش.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد، و أبو منصور بن خيرون، قالا: قال لنا (5) أبو بكر الخطيب (6):سلام بن سليمان بن سوّار الثقفي (7) المدائني أبو العباس - و قيل: أبو المنذر - الضرير، المدائني، و هو ابن أخي شبابة بن سوّار، سكن دمشق بأخرة، و حدث عن مغيرة بن مسلم السراج، و مسلمة بن الصلت، و عبد الرحمن المسعودي، و شعبة بن الحجاج، و أبي عمرو بن العلاء، و ورقاء بن عمر (8)،و بكر بن خنيس، روى عنه سليمان بن توبة النهرواني، و محمد بن عيسى بن حيّان، و عبد اللّه بن روح المدائنيان و هارون بن موسى الأخفش، و يزيد ابن محمد بن عبد الصمد الدمشقيان، و قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سمع منه أبي بدمشق و سئل عنه فقال: ليس بالقوي.
والد معاوية و زيد ابني سلاّم
حكي عن زيد بن سلاّم، عن أبيه أو عن جده.
ص: 82
أنبأنا أبو طالب عبد القادر بن محمد، و أبو نصر الحسين بن الحسن، قالا: أنبأ أبو محمد الجوهري قراءة، عن أبي (1) عمر (2) بن حيوية، أنا أحمد بن معروف بن بشر، نا الحسين بن الفهم، نا محمد بن سعد، أنا مسلم بن إبراهيم، نا سويد اليمامي، نا يحيى بن كثير، عن زيد بن سلاّم، عن أبيه أو عن جده أن حذيفة بن اليمان لما أن احتضر أتاه أناس من الأنصار فقالوا له: يا حذيفة لا نراك إلا مقبوضا، فقال لهم: غب (3) مسرور، و حبيب جاء على فاقة، لا أفلح من ندم، اللهم إنّي لم أشارك غادرا في غدرته، فأعوذ بك اليوم من صاحب السوء - و في نسخ: من صباح السوء - و كان الناس يسألون رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم عن الخير، و كنت أسأله عن الشرّ، فقلت له: يا رسول اللّه إنّا كنا في شرّ فجاءنا اللّه بالخير، فهل بعد ذلك الخير شرّ؟ فقال:«نعم» قال: قلت: هل وراء ذلك الخير من شر؟ قال:«نعم» قلت:
كيف نكون ؟ قال:«سيكون بعدي أئمة لا يهتدون بهديي، و لا يستنّون بسنّتي، و سيقوم رجال قلوبهم قلوب شياطين في جثمان إنسان» قال: قلت: كيف أصنع إن أدركني ذلك ؟ قال:
«اسمع للأمير الأعظم و إن ضرب ظهرك و أخذ مالك».
كذا جاء في هذه الرواية، و قد رواه معاوية بن سلاّم عن أخيه زيد، عن جده أبي سلاّم من غير شك.
أنبأنا أبو الغنائم محمد بن علي، حدثنا أبو الفضل محمد بن ناصر، أنا أحمد بن الحسن، و المبارك بن عبد الجبار، و محمد بن علي و اللفظ له، قالوا: أنا عبد الوهاب بن محمد، زاد أحمد و محمد بن الحسن قالا: أنا أحمد بن عبدان، أنا محمد بن سهل، أنا محمد بن إسماعيل قال (4):سلاّم بن أبي سلاّم الحبشي شامي.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الخلال، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا أبو علي - إجازة-. ح قال: و أنا الحسين بن سلمة، أنا علي بن محمد.
قالا: أنا أبو محمد بن أبي حاتم قال (5):سلاّم بن أبي سلاّم الحبشي والد معاوية بن
ص: 83
سلاّم لا أعلم أحدا روى عنه إنّما الناس يروون عن معاوية بن سلاّم، عن جده، و معاوية بن سلاّم، عن أخيه، فأما معاوية بن سلاّم عن أبيه فلا [أعرفه] (1) سمعت أبي يقول ذلك.
قد تقدمت رواية زيد بن سلاّم عن أبيه أو عن جده، فالشك يحتمل أن يكون سلاّم قد روى شيئا، و اللّه أعلم.
ابن محارب بن مرّة بن هلال السلمي
له وفادة على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، نسبه كما ذكرناه أبو عبد اللّه بن مندة، فذكر هذا النسب.
روى عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم حديثا واحدا.
روى عنه (2) عمرو بن سعيد بن العاص، و قيل يحيى بن سعيد بن عمرو السعيدي.
و كان يسكن الشام، و أرسله عبد الملك بن مروان إلى الحجاج بن يوسف.
أخبرنا أبو القاسم هبة اللّه بن عبد اللّه بن أحمد، أنا أبو بكر الخطيب، أنا محمد بن أبي القاسم الأزرق، و الحسن بن أبي بكر، قالا: أنا دعلج بن أحمد، أنا محمد بن علي بن زيد الصائغ، أنا سعيد بن منصور (3)،حدثهم، نا هشيم، عن يحيى بن سعيد بن عمرو القرشي، نا سيابة بن عاصم أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال يوم حنين:«أنا ابن العواتك» (4)[14229].
تابعة إسحاق ابن إدريس عن هشيم.
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع بن علي، أنا أبو عبد اللّه بن مندة.
ح و أخبرنا أبو بكر صديق ابن عثمان بن إبراهيم الديباجي بتبريز، أنبأ نصر بن أحمد
ص: 84
ابن البطر (1)،أنا أبو الحسن بن رزقويه (2)،قالا: أنا إسماعيل بن محمد، نا محمد بن سنان، حدثنا إسحاق بن إدريس، نا هشيم، عن يحيى بن سعيد بن العاص، أخبرني سيابة بن عاصم السلمي أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال يوم حنين:«أنا ابن العواتك»[14230]. و اللفظ لابن مندة، قال ابن مندة: و لم يذكر في الإسناد عمرو بن سعيد.
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع، أنا أبو عبد اللّه بن مندة، أنا أبو عمرو بن حكيم، نا أبو حاتم، نا محمد الصباح، نا هشيم، نا يحيى بن سعيد، عن عمرو بن سعيد بن العاص، أنا سيابة بن عاصم السلمي أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال يوم حنين:
«أنا ابن العواتك»[14231].
أخبرنا عاليا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين بن النقور، و أبو القاسم [ابن] (3) البسري (4) قالا: أنا أبو طاهر المخلص، نا عبد اللّه بن محمد. ح و أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن عبد اللّه بن داود المفري (5)،و أبو طالب محمد ابن علي بن حريب الدّلاّل المعروف بابن الكوفية (6)،و أبو منصور إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن سالم الهيثمي، و أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن عبد السلام بن.... (7)،قالوا: أنا أبو نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي، أنا أبو بكر محمد بن عمرو ابن خلف بن زنبور، نا يحيى بن محمد بن صاعد قالا: نا محمد بن سليمان لوين (8).ح و أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين بن النقور، أنا عيسى بن علي، أنا عبد اللّه بن محمد، قالا: نا أبو عمرو [نا] (9) هشيم، عن شيخ من قريش يقال له يحيى بن سعيد بن عمرو بن
ص: 85
العاص، عن سيابة السلمي أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال يوم حنين:«أنا ابن العواتك» من سليم.
قال البغوي: قال لوين (1):و لا أدري لعل أدخل بينهما رجلا حتى انظر فيه زاد عيسى قال البغوي: و لا أعلم لسيابة غير هذا، و سيابة السلمي سكن الشام.
رواه أبو الحسن الدارقطني عن يحيى بن صاعد، عن لوين، عن هشيم، عن عمرو بن يحيى بن سعيد بن العاص، عن رجل، عن سيابة.
[قال ابن عساكر:] (2) و الصحيح ما قدمناه.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن السمرقندي، أنا أبو بكر محمد بن هبة اللّه، أنا محمد ابن الحسين، أنا عبد اللّه بن جعفر، نا يعقوب (3)،نا عبد اللّه بن يوسف، نا عيسى بن يونس، عن عبّاد بن موسى، عن الشعبي.
أنه أتى به الحجاج موثقا، فلما انتهى به إلى باب القصر لقيني يزيد بن أبي مسلم فقال:
إنا للّه يا شعبي لما بين دفتيك من العلم، و ليس بيوم شفاعة بؤ للأمير (4) بالشرك و بالنفاق على نفسك، فبالحري أن تنجو، ثم لقيني محمد بن الحجاج فقال لي مثل مقالة يزيد، فلما دخلت على الحجاج قال: و أنت يا شعبي ممن خرج علينا و كثر!؟ فقلت: أصلح اللّه الأمير أحزن بنا المنزل، و أجدب الجناب، و ضاق المسلك، و اكتحلنا السهر، و استحلسنا الخوف، و وقعنا في خزية (5)،لم نكن فيها بررة أتقياء و لا فجرة أقوياء، قال: صدق و اللّه ما برّوا بخروجهم علينا، و لا قووا (6) علينا حيث [فجروا، أطلقا] (7) عنه، ثم احتاج إليّ [في] (8) فريضة، فأتيته، فقال: ما تقول في أخت و أمّ و جدّ؟ قلت: قد اختلف فيها خمسة من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: عبد اللّه بن عباس، و زيد، و عثمان، و علي، و عبد اللّه بن مسعود فقال:
ص: 86
ما قال فيها ابن عباس إن كان لمفتيا؟ قلت: جعل الجد أبا و لم يعط الأخت شيئا، و أعطى الأم الثلث، قال: فما قال فيها زيد؟ قلت: جعلها من تسعة أعطى الأم ثلاثة، و أعطى الجد أربعة، و أعطى الأخت سهمين، قال: فما قال فيها أمير المؤمنين يعني عثمان ؟ قلت: جعلها أثلاثا، قال: فما قال فيها ابن مسعود؟ قلت: جعلها من ستة، أعطى الأخت ثلاثة، و الجد سهمين، و الأم سهما، قال: فما قال فيها أبو تراب (1)؟قلت: جعلها من ستة، أعطى الأخت ثلاثة، و أعطى الأم سهمين، و أعطى الجد سهما (2)،إذ جاء الحاجب و قال: إن بالباب رسلا قال: ائذن لهم، قال: فدخلوا عمائمهم على أوساطهم و سيوفهم على عواتقهم، و كتبهم بأيمانهم، و دخل رجل من بني سليم يقال له سيابة بن عاصم فقال: من أين ؟ قال: من الشام، قال كيف أمير المؤمنين ؟ كيف جسمه (3)؟فأخبره، فقال: هل كان وراءك من غيث ؟ قال:
نعم، أصابني فيما بيني و بين أمير المؤمنين ثلاث سحائب، قال: فانعت لي كيف كان وقع القطر؟ و كيف كان أثره و تباشيره ؟ قال: أصابتني سحابة بحوران فوقع قطر صغار و قطر كبار، فكان الكبار لحمة للصغار، و وقع بسيط (4) متدارك و هو السح الذي سمعت به، فؤاد سائل، و واد بارح (5)،و أرض مقبلة و أرض مدبرة، و أصابتني سحابة بسوى (6) أو القريتين (7) ما أدري أي المنزلين (8) شك عيسى، فلبدت (9) الدماث (10) و أسالت الغزار، و أدحضت التلاع، و صدعت عن الكماة أماكنها، و أصابتني سحابة بسوى أو القريتين، شك عيسى، ففاءت (11)
ص: 87
الأرض بعد الري و امتلأ الإخاذ و أفعمت الأودية، و جئتك في مثل و جار - أو مجرّا - الضبع.
ثم قال: ائذن، فدخل رجل من بني أسد فقال: هل كان وراءك من غيث ؟ قال: لا، كثر الإعصار و اغبرّ البلاد و أكل ما أشرف من الجنبة (1)،فاستيقنا أنه عام سنة، قال: بئس المخبر أنت قال: أخبرتك بالذي كان (2).
قال: ائذن، فدخل رجل من أهل اليمامة، فقال: هل كان وراءك من غيث ؟ قال: نعم، سمعت الرواد تدعو إلى ريادتها و سمعت قائلا يقول: هلمّ أظعنكم إلى محلة تطفأ فيها النيران، و تشتكي فيها النساء و تتنافس فيها المعزى.
قال الشعبي: فلم يدر الحجاج ما قال، قال: ويحك (3) إنما تحدث أهل الشام فأفهمهم. قال: أصلح اللّه الأمير أخصب الناس فكان الثمر و السمن و الزبد و اللبن فلا توقد نار يختبز بها، و أ ما تشتكي النساء فإن المرأة (4) تظل تريق بهمها و تمخض لبنها فتبيت و لها أنين من عضديها فإنهما ليسا منها، و أما تنافس المعزى فإنها ترى من أنواع الشجر و ألوان الثمر و نور النبات ما يشبع بطونها و لا تشبع عيونها، فتبيت و قد امتلأت أكراشها لها الكظّة جرة (5)فتبقى الجرّة حتى تستنزل لها الدرة.
قال: ائذن، فدخل رجل من الموالي، كان من أشد الناس في ذلك الزمان، فقال: هل كان وراءك من غيث ؟ قال: نعم، و لكن لا أحسن أن أقول كما قال هؤلاء، قال: قل كما تحسن، قال: أصابتني سحابة بحلوان (6)،فلم أزل أطأ في أثرها حتى دخلت على الأمير، قال: لئن كنت أقصرهم في المطر خطبة، إنك لأطولهم بالسيف خطوة.
أخبرنا أبو محمد هبة اللّه بن أحمد بن عبد اللّه، أنا أبو الحسين عاصم بن الحسن بن محمد بن علي، أنا علي بن محمد بن عبد اللّه بن بشران، أنا الحسين بن صفوان، نا عبد اللّه ابن محمد بن عبيد، نا سليمان بن عمر بن خالد الرقي، نا عيسى بن يونس، نا عبّاد بن موسى، عن الشعبي قال:
ص: 88
أتى بي الحجاج موثقا، فإني لعنده إذ جاء الحاجب فقال: إن بالباب رسلا فقال:
ائذن، فدخلوا عمائمهم على أوساطهم و سيوفهم على عواتقهم و كتبهم بأيمانهم، فدخل رجل من بني سليم يقال له سيابة بن عاصم، فقال: من أين ؟ قال: من الشام، قال: كيف تركت أمير المؤمنين ؟ كيف جسمه فأخبره قال: هل كان وراءك من غيث ؟ قال: نعم، أصابني فيما بيني و بين أمير المؤمنين ثلاث سحائب، قال: فانعت كيف كان وقع المطر، و كيف كان أثره و تباشيره ؟ قال: أصابتني سحابة بحوران فوقع قطر صغار و قطر كبار، فكان الصغار لحمة للكبار، و وقع بسيط متدارك و هو السّحّ الذي سمعت به فوادي سائل و وادي (1) نازح و أرض مقبلة و أرض مدبرة، و أصابتني سحابة بسوى فأروت الدماث و أسالت العزاز (2)، و أدحضت التلاع و صدعت عن الكماة أماكنها، و أصابتني سحابة بالقرنين (3) ففاءت الأرض بعد الري و امتلأ الإخاذ و أفعمت الأودية، و جئتك في مثل و جار الضبع، أو قال مجرّ.
قال: ائذن، فدخل رجل من بني أسد، فقال: هل كان وراءك من غيث ؟ قال: لا كثر الإعصار و اغبرّ البلاد، و أكل ما أشرف من الجنبة يعني النبت، و استقينا أنه عام سنة، قال:
بئس المخبر أنت، قال: أخبرتك بالذي كان.
قال: ائذن، فدخل رجل من أهل اليمامة فقال: هل وراءك من غيث ؟ قال: نعم، سمعت الرعاء تدعو إلى ريادتها و سمعت قائلا يقول: هلمّ أظعنكم إلى محلة تطفأ فيها النيران و تشكي فيها النساء، و تنافس فيها المعزى، قال: فلم يفهم الحجاج ما قال، فقال: ويحك إنما تحدث أهل الشام فأفهمهم (4)،قال: نعم، أصلح اللّه الأمير، أخصب الناس فكان التمر و السمن و الزبد و اللبن، و لا يوقد نار يختبز بها، و أما تشكّي النساء فإن المرأة تظل تربق (5)بهمها، و تمخض لبنها فتبيت و لها أنين من عضديها كأنهما ليسا منها، و أما تنافس المعزى، فإنها ترى من أنواع الشجر و ألوان الثمر ما تشبع بطونها و لا تشبع عيونها، فتبيت و قد امتلأ أكراشها، لها (6) من (7) الكظة جرّة حتى تستنزل الدرة. قال: ائذن، فدخل رجل من الموالي،
ص: 89
كان من أشد الناس في ذلك الزمان فقال: هل كان وراءك من غيث ؟ قال: نعم، و لكن لا أحسن ما أقول كما يقول هؤلاء، قال: فما تحسن ؟ قال: أصابتني سحابة بحلوان، فلم أزل أطأ في أثرها حتى دخلت على الأمير، قال: لئن كنت أقصرهم في المنطق خطبة، إنك لأطولهم بالسيف خطوة.
[قال ابن عساكر:] (1) كذا قال، و عياد بن موسى يروي هذه الحكاية عن أبي بكر الهذلي عن الشعبي.
أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد اللّه إذنا و مناولة، و قرأ علي إسناده أنبأ أبو علي محمد ابن الحسين، أنا المعافى بن زكريا (2)،أنا أحمد بن عبد اللّه بن نصر بن بجير القاضي، أخبرني أبي عبد اللّه بن نصر بن بجير، حدّثني أبو جعفر محمد بن عباد بن موسى، نا عباد بن موسى (3)،أخبرني أبو بكر الهذلي (4) قال: قال لي الشعبي.
دخل الحاجب - يعني على الحجاج بن يوسف - فقال: إن بالباب رسلا، قال:
أدخلهم، فدخلوا و سيوفهم على عواتقهم، و عمائمهم في أوساطهم و كتبهم بأيمانهم، قال:
ائذن، فدخل رجل من بني سليم يقال له سيابة بن عاصم قال: من أين ؟ قال: من الشام، قال: كيف أمير المؤمنين ؟ كيف هو في بدنه ؟ كيف هو في حاشيته ؟ كيف، كيف ؟ قال: خير، قال: كان وراءك من غيث ؟ قال: نعم، أصابتني فيما بيني و بين أمير المؤمنين ثلاث سحائب، قال: فانعت لي كيف كان وقع المطر، و كيف كان أثره و تباشيره ؟ قال: أصابتني سحابة بحوران، فوقع قطر صغار، و قطر كبار، فكان الصغار لحمة الكبار، و متداركا (5) و هو السح الذي سمعت به فؤاد سائل، و واد نازح، و أرض مقبلة و أرض مدبرة، و أصابتني سحابة بسوى (6) فأندت الدماث و أسالت العزاز (7) و أدحضت التلاع، و صدعت عن الكماة أماكنها،
ص: 90
و أصابتني سحابة بالقرنين (1) فأفاءت الأرض بعد الري، و امتلأ الإخاذ، و أفعمت الأودية، و جئتك في مثل مجرّ (2) الضّبع، و ذكر الحكاية.
أخبرنا والدي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن رحمه اللّه (3) قال: أخبرنا أبو عبد اللّه محمد بن الفضل الفراوي، أنبأ أبو الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي، أنا أبو سليمان أحمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي قال في حديث الحجاج أنه دخل عليه سيابة بن عاصم السلمي فقال: من أي البلدان أنت ؟ قال: من حوران، قال: هل كان وراءك من غيث ؟ قال: نعم، أصلح اللّه الأمير، قال: نعم، قال: انعت لنا كيف كان المطر و تبشيره ؟ قال:
أصابتني سحابة بحوران، فوقع قطر كبار و قطر صغار، فكان الصغار لحمة للكبار، و وقع بسيطا متداركا و هو السّحّ الذي سمعت به فؤاد سائل، و واد نازح، و أرض مقبلة و أرض مدبرة، و أصابتني سحابة بالقريتين فأندت الدماث، و أسالت العزاز، و صدعت الكماة أماكنها، و جئتك في مثل و جار الضبع، ثم دخل عليه رجل من بني أسد فقال له: هل كان وراءك من غيث ؟ قال: اغبرّ البلاد، و أكل ما أشرف من الجنبة، فاستيقنا إنه عام سنة، قال: بئس المخبر أنت.
حدّثنا أحمد بن إبراهيم بن مالك، نا محمد بن أيوب، نا عبيد بن يعيش، نا يحيى بن يعلى المحاربي، عن عبد الكريم بن الجراح، عن يونس بن أبي إسحاق، نا عبّاد بن موسى، عن الشعبي.
و أخبرنا ابن الأعرابي، نا الترقفي، نا سليمان بن أحمد الواسطي، نا أبو مسهر، نا عيسى بن يونس بن أبي إسحاق، نا عبّاد بن موسى، عن الشعبي، هكذا الترقفي عيسى، عن عبّاد، و قال ابن ضريس: يونس بن عبّاد، و زاد ابن الأعرابي في حديثه فقال: لبدت الدماث و دحضت التلاع، و ملأت الحفر، و جئتك في ما يجر الضبع، و يستخرجها من و جارها، ففاءت الأرض بعد الري، و امتلأت الإخاذ و أفعمت الأودية، قال: ثم دخل عليه رجل من أهل اليمامة فقال: هل كان وراءك من غيث ؟ قال: نعم، كانت سماء و لم أرها و سمعت الرّوّاد
ص: 91
تدعو إلى ريادتها فسمعت قائلا يقول: أظعنكم إلى محلة تطفى فيها النيران و تشكّي فيها النساء، و تنافس فيها المعزى، قال: فلم يفهم الحجاج ما قال، فاعتلّ عليه بأهل الشام، فقال له: ويحك إنّما تحدث أهل الشام، فأفهمهم، فقال: أما طفي النيران فإنه أخصب الناس،.... (1) الشمس فكثر السمن و الزبد و اللبن فلم يحتج إلى نار يختبز بها، و أما تشكّي النساء فإنّ المرأة تربق بهمها و تمخض لبنها فتبيت و لها أنين، و أما تنافس المعزى فإنّها ترى من ورق الشجر و زهر النبات ما يشبع بطونها، و لا تشبع عيونها فتبيت و لها كظة من الشبع و تشترّ (2) فتستنزل الدرة، ثم دخل رجل من الموالي من أشد الناس في ذلك الزمان، فقال له:
هل كان وراءك من غيث ؟ قال: نعم، أصلح اللّه الأمير، غير أنّي لا أحسن أن أقول كما قال هؤلاء، إلاّ أنه أصابني سحابة، فلم أزل في ماء و طين حتى دخلت على الأمير، قال: فضحك الحجاج ثم قال: و اللّه لئن كنت من أقصرهم خطبة في المطر لمن أطولهم خطبة بالسيف.
قوله: كيف كان المطر و تبشيره ؟ يريد أول أمره و بدو وقوعه، و أحد التباشير و هي أولئك الأمور و ما يتقدمها من أمارتها، و منه تباشير الصبح و قال ما يفرد منه اسم إنّما يتكلم به في الغالب، على لفظ الجمع، و السّحّ : شدة انصباب المطر، يقال سحّ المطر يسحّ سحّا.
و النادح من النّدح و هو السعة، و منه قولهم: إنه لفي مندوحة من الأمر أي في سعة منه (3)، و الدماث السهول من الأرض، يقال: مكان دمث أي سهل لين، يريد أن المطر قد لبد ما... (4) و العزاز: ما صلب من الأرض و اشتدّ منها، و قوله دحضت التلاع؛ فإذا التلاع هاهنا ما غلظ و ارتفع من الأرض، واحدها تلعة؛ و الدّحض الزلق، يريد أنها صارت زلقا لا تستمسك عليها إلا زحل، يقال: دحضت رجلي زلقت، و حضت حجة فلان إذا بطلت، و قد أدحضتها (5).و يقال ما يجري الضبع على و جارها: فإن وجار الضبع جحرها الذي تأوي إليه، و فيه لغتان: وجار و وجار (6).قال الكسائي و الفراء: يقال غيث جورّ مكسورة الجيم مفتوحة
ص: 92
الواو مشدّدة الراء (1) يذهبون به إلى تأويل قولهم غيث جأر الضبع، أي يدخل على الضبع في وجارها حتى يذلقها منه. قال أبو سليمان: فأما قوله في رواية ابن مالك: و جئتك في مثل وجار الضبع فإنه غلط و إنما هو في مثل جار الضبع، و معناه ما ذكرته لك عن الكسائي و الفراء؛ و كان الأصمعي يقول: إنّما هو غيث جؤر بالتخفيف و الهمز مثل.... (2) له صوت من قولهم جأر الرجل بالدعاء إذا رفع صوته و أنشده:
لا تسقه صوت رعاف جؤر (3)
و الإخاذ مصانع الماء. واحدها أخذ، و يقال أخذ. قال الشاعر يصف غيثها:
و غادر الأخذ و الإخاذ مترعة *** تطفو و اسجل أنهارا و غدرانا
و واحد الأوخاذ وخذ و هو مستنقع الماء، قال ابن مالك: قال رجل لأعرابي:.... (4)
لم يكن ما هنا وخذ. قال: بلى، أوخاذ يريد عهدت أوخاذا نصبه على إضمار فعل و قوله:
أفعمت ملئت، و أنا مفعم إذا لم يكن فيه متسع، و الجنبة من الشجر ما تتروح في الصيف و تيبس في الشتاء، قال أبو مالك: الجنبة نبات يغلظ على البقل و يرق عن الشجر، و الرّوّاد جمع رائد، و هو الذي يتقدم القوم فيرتاد لهم الكلأ و المنزل، و في بعض الأمثال: الرائد لا يكذب أهله يقال راد يرود رودا و ريادة قال الشاعر:
فقلت لها أهلا و سهلا و مرحبا *** بموقد نار محمد من يرودها
و قوله تربق بهما: أي تشدّ الأرباق في أعناق البهم، و هي صغار أولاد الغنم، يقال للواحد بهما، بهمة الذكر و الأنثى فيه سواء.
و أخبرني أبو عمر، أنا ثعلب، عن ابن الأعرابي أنه (5) قال: العرب تقول:
رمدت الضأن فربّق [ربّق] (6)
ص: 93
رمدت المعزى فرنق رنّق
قال: و هو أن الضأن إذا تغيرت ضروعها ولدت سريعا تقول فهو الأرباق لأولادها، و المعزى تبطئ، و معنى: رنّق احتبس و انتظر، و منه ترنيق الطائر و هو أن يرفرف قبل وقوعه إلى الأرض (1)،و قوله يشتر إنما هو يجتر بالجيم من الجرّة، و الشين قريبة المخرج منها، و العرب تقول: لا أفعل ذلك ما اختلفت الجرّة و الدّرّة (2)،و اختلافهما (3) أن الجرّة تصعد و الدّرّة تسفل، و قوله: إنك لمن أطولهم خطوة بالسيف أي أشدّهم تقدّما في القتال، و من هذا قول الشاعر:
إذا قصّرت أسيافنا كان وصلها *** خطانا إلى أعدائنا فتطول
أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك، و أبو العز ثابت بن منصور، قالا: أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن زاد أبو البركات و أبو الفضل بن خيرون، قالا: أنا أبو الحسين الأصبهاني، أنبأ أبو الحسين محمد بن أحمد، أنا أبو حفص عمر، نا خليفة بن خياط قال (4):و من بني (5) منصور بن عكرمة بن حفصة بن قيس بن عيلان [ثم] (6) من بني سليم بن منصور: سيابة (7) بن عاصم بن سباع من خزاعي بن محارب بن مرّة بن هلال بن فالج بن ذكوان بن أبي (8) ثعلبة بن بهثة بن سليم، روى عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«أنا ابن العواتك»[14232].
أنبأنا أبو الغنائم الكوفي، حدثنا أبو الفضل بن ناصر، أنا أحمد بن الحسن، و المبارك ابن عبد الجبار، و محمد بن علي و اللفظ له قالوا: أنا أبو أحمد زاد أحمد و محمد بن الحسن قالا: أنا أحمد بن عبدان، أنا محمد بن سهل، أنا محمد بن إسماعيل قال (9):سيابة
ص: 94
[السلمي] (1) أراه ابن عمرو، عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قاله هشيم عن عمرو بن سعيد مرسل، و قال بعضهم: عن هشيم، عن يحيى بن عمرو (2).
كذا فيه، و قوله: أراه ابن عمرو من قبيل الظن، و هو ابن عاصم، و صوابه: و قال بعضهم عن هشيم عن يحيى عن عمر يعني يحيى بن سعيد.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الخلال، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا أبو علي إجازة.
ح قال: و أنا أبو طاهر، نا أبو الحسن.
قالا: أنا أبو محمد بن أبي حاتم (3) قال: سيابة بن عاصم السلمي روى عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أنه قال يوم حنين:«أنا ابن العواتك»، روى عنه عمرو بن سعيد بن العاص، سمعت أبي يقول ذلك.
أخبرنا أبو الفضل بن ناصر، أنا أحمد بن علي بن عبيد اللّه بن سوار، و المبارك بن عبد الجبّار، قالا (4):أنا الحسين (5) بن علي الطناجيري، أنا محمد بن إبراهيم الدارمي، نا أبو عبد اللّه عبد الملك بن بدر بن الهيثم، نا أحمد بن هارون الحافظ قال في الطبقة الأولى من الأسماء المنفردة: سيابة، روى عنه عمرو بن سعيد بالمدينة.
أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع، أنا محمد بن أحمد بن جعفر الفقيه، أنا محمد بن أحمد بن.... (6)،نا أبو أحمد العسكري قال: سيابة بن عاصم السلمي السين غير معجمة، بعدها تحتها نقطتان، روى عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم.
قرأت على أبي غالب بن البنا، عن أبي الفتح بن المحاملي، أنا أبو الحسن الدارقطني
ص: 95
قال: و أما سيابة فهو سيابة بن عاصم السّلمي، روى عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم ثم ذكر له حديث العواتك.
ح قرأت على أبي محمد السلمي، عن أبي زكريا البخاري.
ح و حدثنا خالي أبو المعالي محمد بن يحيى القاضي، نا أبو الفتح نصر بن إبراهيم الزاهد، أنا أبو زكريا عبد الغني بن سعيد قال: سيابة بالسّين غير معجمة، و ياء و باء منهم:
سيابة السّلمي له صحبة.
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع بن علي، أنا أبو عبد اللّه بن مندة قال: سيابة روى عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، روى عنه عمرو بن سعيد بن العاص، و له وفادة أقبل هو و ابن أخيه الجحّاف بن حكيم من الكوفة و كانا يمانيين و له بناحية رها (1) و سروج (2) عقب كثير (3).
أنبأنا أبو سعد المطرز، و أبو علي الحداد، قالا: أنا أبو نعيم الحافظ قال: سيابة بن عاصم السّلمي، و هو سيابة بن عاصم بن شيبان بن خزاعي بن محارب بن مرة بن هلال وفد هو و ابن أخيه الجحّاف بن حكيم من الكوفة، و كانا يمانيين، و له بناحية الرها و سروج عقب كثير.
قرأت على أبي محمد السّلمي، عن أبي نصر بن ماكولا (4) قال: و أما سيابة بسين مهملة بعدها ياء مفتوحة معجمة باثنين من تحتها و بعد الألف ياء معجمة بواحدة فهو سيابة بن عاصم السلمي، سمع النبي صلّى اللّه عليه و سلّم يقول:«أنا ابن العواتك من سليم». رواه يحيى بن سعيد، عن محمد ابن إبراهيم عنه.
ص: 96
مولى خالد بن يزيد بن معاوية
دمشقي، سكن البصرة.
و حدث عن أبي الدرداء، و أبي أمامة، و ابن عباس، و أبي (1) إدريس الخولاني.
روى عنه سليمان بن طرخان، و عبد اللّه بن بجير التيميان البصريان، و قرّة بن خالد.
أخبرنا أبو القاسم هبة اللّه بن محمد بن الحصين، أنا أبو علي الحسن بن علي، أنا أحمد بن جعفر نا عبد اللّه بن أحمد (2)،حدثني أبي، نا محمد بن أبي عدي، عن سليمان.
و أخبرنا أبو منصور بن زريق، ثنا أبو الحسين بن المهتدي، نا أبو بكر محمد بن يوسف ابن محمد العلاف إملاء، نا عبد الملك بن أحمد بن نصر، نا محمد بن عمرو الباهلي، نا ابن أبي (3) عدي، نا سليمان يعني التيمي.
عن سيّار (4)،عن أبي أمامة أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«فضلني اللّه (5) على، و في حديث
ص: 97
أحمد: فضلني على الأنبياء أو قال: أمتي، و في حديث أحمد: أو قال على الأمم بأربع زاد الباهلي: أرسلني، و في حديث أحمد قال: قال أرسلني (1) إلى الناس كافة و جعلت لي الأرض كلها و لأمتي مسجدا و طهورا، فأينما أدركت رجلا من أمتي الصلاة فعنده مسجده و عنده طهوره، و نصرت بالرعب زاد الباهلي: يسير بين يدي، و قالا: مسيرة شهر يقدمه (2)،و في حديث الباهلي: يقذف في قلوب أعدائي، و أحلّ لنا الغنائم»[14233].
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين، أنا أبو علي بن المذهب، أنا أحمد بن جعفر، نا عبد اللّه بن أحمد (3)،حدثنا يحيى بن معين، ثنا معتمر، عن أبيه، عن سيّار مولى لآل معاوية بحديث آخر، و قال: هو سيّار الشامي.
أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين، نا أبو الحسين بن المهتدي، أنا عبيد اللّه بن أحمد ابن علي، نا محمد بن عبيد اللّه بن العلاء الكاتب، نا علي بن حرب، نا أسباط بن محمد، نا سليمان التيمي، عن سيّار مولى معاوية، عن أبي أمامة قال: قال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم:«إن اللّه عز و جل فضّلني على الأنبياء، و فضّل أمتي على الأمم، بعثني إلى الناس كافة، و نصرني بالرعب يسير بين يدي مسيرة شهر يقذفه في قلوب أعدائي، و جعل الأرض كلها لي و لأمتي طهورا و مسجدا، فأيما عبد من أمتي أدركته الصلاة فعنده طهوره و مسجده، و أحلّت لي الغنائم»[14234].
أخبرنا أبو محمد هبة اللّه بن أحمد بن الأكفاني، و أبو الحسين محمد بن محمد بن الفراء، قالا: أنا أبو بكر الخطيب لفظا، أنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن بن أحمد الحيري بنيسابور، نا أبو محمد حاجب بن أحمد بن برجم بن سفيان الطوسي، نا محمد بن حمّاد هو الأبيوردي، نا يزيد بن هارون، عن سليمان التيمي، عن سيّار، عن عائذ اللّه قال:
الذي يتبع الأحاديث ليحدّث بها لا يجد ريح الجنة.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا محمد بن مسلم، أنا إبراهيم البقال، أنا محمد بن علي بن يعقوب، أنا أحمد بن محمد، أنا أبو بكر، أنا الأحوص بن المفضّل، نا أبي قال:
ص: 98
قال يحيى بن معين: سيّار، يقال: مولى لآل معاوية من أهل دمشق، روى عنه التيمي وحده.
أخبرنا أبو الأعز قراتكين بن الأسعد، أنا أبو محمد الجوهري، أنا أبو الحسن بن لؤلؤ، أنا أبو بكر محمد بن الحسين بن شهريار، أنا أبو حفص الفلاّس قال في تسمية من روى عن ابن عباس: سيّار مولى خالد بن يزيد بن معاوية، نزل البصرة، و أصله شامي، الذي روى عنه التيمي، و روى عنه قرّة بن خالد، روى عنه عبد اللّه بن بجير.
قرأنا على أبي عبد اللّه يحيى بن الحسن، عن أبي تمام علي بن محمد، عن أبي (1)عمر ابن حيوية، أنا أبو الطيب محمد بن القاسم بن جعفر، نا أبو بكر بن أبي خيثمة قال:
سمعت يحيى بن معين يقول: سيّار الذي روى عنه سليمان التيمي مولى لآل معاوية.
أنبأنا أبو الغنائم محمد بن علي، حدثنا أبو الفضل بن ناصر، أنا أبو الفضل بن خيرون، و أبو الغنائم، و اللفظ له، و أبو الحسين الصيرفي، قالوا: أبو أحمد الغندجاني (2) زاد [ابن] (3) خيرون و أبو الحسين الأصبهاني، قالا: أنا أحمد بن عبدان، أنا محمد بن سهل، أنا محمد بن إسماعيل البخاري (4) قال: سيار مولى بني أمية، الشامي، عن أبي أمامة، روى عنه سلميان التيمي، و عبد اللّه بن بجير، و هو مولى خالد بن يزيد بن معاوية القرشي.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الخلال، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا أبو علي - إجازة-. ح قال: و أنا أبو طاهر بن سلمة، أنا علي بن محمد.
قالا: أنا أبو محمد بن أبي حاتم قال (5):سيار مولى بني أمية، شامي، روى عن أبي الدرداء، و أبي أمامة، و ابن عباس، روى عنه سليمان التيمي، و عبد اللّه بن بجير، سمعت أبي يقول ذلك (6).
قرأت على أبي غالب بن البنا، عن أبي الفتح بن المحاملي، أنا أبو الحسن الدارقطني
ص: 99
قال: سيّار مولى بني أمية، و يقال: مولى معاوية، روى عن أبي أمامة الباهلي، روى عنه سليمان التيمي، و عبد اللّه بن بجير، قال البخاري: هو مولى خالد بن يزيد بن معاوية.
قرأت على أبي محمد عن أبي نصر بن ماكولا قال (1):أما سيّار أوله سين مهملة، ثم ياء معجمة باثنين من تحتها، و آخره راء جماعة منهم: سيّار مولى بني أمية (2)،و يقال مولى معاوية، روى عن أبي أمامة، روى عنه سليمان التيمي، و عبد اللّه بن بجير البصري.
حكى عنه إبراهيم بن بكر البصري.
أنبأنا أبو علي الحداد، أنا أبو نعيم الحافظ (3)،أنا أبو حامد بن جبلة، نا محمد بن إسحاق (4)،نا يحيى بن أبي طالب، نا إبراهيم بن بكر البصري، نا سيار (5) خادم عمر قال:
دخلت على عمر فقال: رأيت النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و أبو بكر عن يمينه و عمر عن يساره و رأيت عثمان و هو يقول: خصمت عليا و رب الكعبة، و علي يقول: غفر لي و رب الكعبة.
كذا في الأصل، سيّار فإن كان الذي تقدم ذكره مولى آل معاوية خدم عمر بن عبد العزيز فهو هو، و إن كان غيره فسيار (6) بأسماء الموالي أشبه، و اللّه أعلم.
حدث عن هشام بن عمار، و قتيبة بن سعيد، و أبي داود سليمان بن سيف الحرّاني (7)، و حرملة بن يحيى التّجيبي، و أحمد بن معاوية البصري.
ص: 100
روى عنه أبو الحسن محمد بن أحمد الرافقي، و أبو محمد بن زبر القاضي، و أبو عبد اللّه عبيد اللّه بن عبد الصّمد المهتدي باللّه.
قرأت على أبي القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان، عن أبي عبد اللّه الحسن بن أبي الحديد، أنا أبو عبد المنعم المسدّد بن علي بن عبد اللّه بن أبي السّجيس قراءة عليه، أنا أبو بكر أحمد بن يعقوب الحلبي، أنبأ أبو الحسن محمد بن أحمد بن موسى الرافعي (1)،حدثني سيّار بن نصر، نا هشام بن عمار، نا سويد بن عبد العزيز، و أيوب بن تميم القارئ، عن يحيى بن الحارث الذماري، عن عبد اللّه بن عامر اليحصبي أنه قرأ بعذاب بئيس مهموزة مكسورة الباء.
قرأت على أبي محمد السلمي، عن أبي نصر بن ماكولا (2) قال: أما سيار أوله سين مهملة، ثم ياء معجمة باثنين من تحتها، و آخره راء، سيار بن نصر بن سيار أبو الحكم، روى عن حرملة بن يحيى المصري، و أحمد بن معاوية البصري، روى عنه عبد اللّه بن أحمد بن زبر، و عبيد اللّه بن عبد الصمد [بن] (3) المهتدي.
حكى عن سعيد بن عبد العزيز.
روى عنه مروان بن محمد الطاطري.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الحسن بن إبراهيم، أنبأ أبو القاسم نصر بن أحمد الهمداني، أنبأ أبو بكر الخليل بن هبة اللّه بن الخليل، أنا أبو علي الحسن بن محمد بن الحسن بن القاسم بن درستويه (4)،نا أحمد بن محمد بن إسماعيل أبو الدحداح، نا إبراهيم ابن يعقوب الجوزجاني، حدثني هشام بن إسماعيل العطار، نا مروان، عن سيف بن أبي سيف، عن سعيد، عن ابن لعبد اللّه بن حازم السلمي، نا كعب: أن العبد لا يبكي حتى يبعث اللّه إليه ملكا فيمسح كبده بجناحه، فإذا مسح كبده بجناحه بكى.
ص: 101
أحد صحابة علي ممن شهد حكومة أبي موسى و عمرو بن العاص بين علي و معاوية.
تقدم ذكره في ترجمة الحارث بن مالك (1).
كان نصرانيا فأسلم، و لقي النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، و روى عنه حديثا، رواه عنه منصور بن صبيح (2)البصري.
أخبرنا أبو القاسم هبة اللّه بن عبد اللّه بن أحمد، أنا أبو بكر الخطيب، أنا علي بن أحمد بن عمرو المقرئ، أنا أبو الحسين عبد الباقي بن قانع القاضي، نا أحمد بن النصر بن بحر، نا محمد بن مصفّى، نا صالح بن قطن، نا محمد بن مسكين، نا منصور بن صبيح أخو الربيع بن صبيح (3) قال: حدثني سيماه قال: رأيت النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و سمعت من فيه إلى أذني.
رواه غيره عن ابن مصفّى أتم من هذا، و قال محمد بن مسكين.
أخبرنا أبو القاسم هبة اللّه بن عبد اللّه، أنا أبو بكر الخطيب، أنا الحسن بن أبي بكر، أنا إسماعيل بن علي الخطبي، نا أحمد بن النصر بن بحر العسكري، نا محمد بن مصفّى، حدثني صالح بن قطن [نا] (4) محمد بن مسكين الأزدي، نا منصور بن صبيح أخو الربيع بن صبيح، حدّثني سيماه قال (5):
رأيت النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و سمعت من فيه إلى أذني، حملنا القمح من البلقاء إلى المدينة، و أردنا
ص: 102
أن نشتري تمرا فمنعونا، فأتينا النبي صلّى اللّه عليه و سلّم فأخبرناه، فقال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم للذين منعونا:«أما يكفيكم رخص هذا الطعام عليكم بغلاء هذا التمر الذي يحملونه، ذروهم يحملونه»[14235].
و كان سيماه من البلقاء نصرانيا شمّاسا فأسلم و حسن إسلامه، و عاش عشرين و مائة سنة، كذا قال: محمد بن سكين و الصواب محمد بن مسكين، كما قال ابن قانع، كذلك رواه غير ابن مصفّى عن صالح بن قطن؛ غير أن الخطيب رحمه اللّه صوّب علي ابن مسكين، فإنه يرى أن الصواب: ابن سكين، و أظنه ظنّه محمد بن سكين الشقري، مؤذن مسجد بني شقرة، و ليس به، هذا أزدي، و ذاك تميمي سعدي، و قد وقع لي هذا الحديث.
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع بن علي، أنا أبو عبد اللّه بن مندة، أخبرني أبي، حدثني أبي، نا صالح بن قطن البخاري بالبصرة، نا محمد بن مسكين الأزدي، قال منصور بن صبيح - أخو الربيع - حدّثني سيمويه قال:
رأيت النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و سمعت من فيه إلى أذني، و حملنا القمح من البلقاء إلى المدينة فبعنا، و أردنا أن نشتري تمرا من تمر المدينة، فمعنونا، فأتينا النبي صلّى اللّه عليه و سلّم فأخبرناه فقال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم للذين منعونا:«أما يكفيكم رخص هذا الطعام فيكم بغلاء هذا التمر الذي يحملونه ذروهم يحملونه»[14236].
و كان سيمويه من أهل البلقاء نصرانيا شمّاسا، أسلم فحسن إسلامه، و عاش مائة و عشرين سنة. رواه أبو الشيخ عن محمد بن يحيى بن مندة، عن صالح بن قطن، و قال محمد بن سكين.
ذكر أبو بكر الخطيب رحمه اللّه صالح بن قطن هذا، و لم يقل البخاري، ثم ذكر بعده صالح بن قطن البخاري، و قال: أراه غير شيخ ابن مصفّى، و اللّه أعلم. و ساق له حديثا من حديث الطبراني (1) عن محمد بن يحيى بن مندة الأصبهاني، نا صالح بن قطن البخاري، عن محمد بن عمار بن محمد بن عمار بن ياسر، و ليس هذا كما أدبه (2) الخطيب فإنه هو، لأنا قد سقنا رواية ابن مندة عن أبيه عن جده محمد بن يحيى عن صالح بن قطن الحديث الأول الذي رواه ابن مصفى و نسبه فيه إلى بخارا.
ص: 103
قرأت على أبي محمد السلمي، عن أبي نصر علي بن هبة اللّه قال (1):و أما سيمويه بالميم فهو سيمويه الشماس، كان نصرانيا من أهل البلقاء، أسلم و عاش مائة و عشرين سنة، و سمع من النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، روى عنه منصور بن صبيح أخو الربيع بن صبيح، حديثه عند مشايخ بخارى، و اللّه أعلم.
ص: 104
أبو النّضر النيسابوري الأسفرايني
سمع بدمشق أبا الحسن بن جوصا، و عبد اللّه بن عتّاب بن الزفتي (1)،و الحسن بن حبيب، و مكحولا البيروتي، و محمد بن يوسف الهروي، و أبا جعفر الطحاوي، و محمد بن عبد اللّه بن فرق الفرغاني، و أبا علي بن محمد بن خالد بن يحيى البيلهي (2)،و أحمد بن عبد الوارث العسال، وجده أبا عوانة يعقوب بن إسحاق الحافظ الأسفرايني، و أبا عبد اللّه المحاملي، و علي بن عبد اللّه بن مبشر، و أبا عيسى محمد بن أحمد بن إبراهيم الدّيبلي، و عمر بن الحسن الواسطي الصيرفي، و علي بن أحمد بن نفيس بسامرا.
روى عنه أبو عبد اللّه الحافظ ، و أبو عبد الرحمن السلمي، و أبو سعد الجنزروذي (3)، و أبو مسعود أحمد بن محمد بن عبد اللّه بن شاذان البجلي، و أبو نعيم الأصبهاني الحافظ ، و أبو ذر عبد بن أحمد الهروي، و أبو الطيب يحيى بن علي الدسكري، و أبو الحسين... (4)
بن الحسين بن محمد ابن الكباش، و أبو سعد الحسين بن عثمان بن أحمد، و أحمد بن سهل العجلي الشيرازي، و القاضي أبو العلاء صاعد بن محمد النيسابوري.
ص: 105
أخبرنا أبو عبد اللّه محمد بن الفضل، و أبو القاسم زاهر بن طاهر قالا: أنا أبو سعد (1) محمد بن عبد الرحمن أنبأ أبو النّضر (2) شافع بن محمد بن يعقوب الأسفرايني، نا محمد بن عبد اللّه بن عبد السلام البيروتي، نا أبو بكر محمد بن يزيد، نا يحيى بن حسان، عن سليمان ابن بلال، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:
«من بات كالاّ من طلب الحلال بات مغفورا له»[14237].
قال: و أنبأ شافع، نا أبو عبد اللّه محمد بن يوسف الهروي، حدثني محمد بن أحمد بن إبراهيم أبو حسين النيسابوري، نا الربيع بن ثعلب، نا يحيى بن عقبة، عن محمد بن جحادة، عن أنس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«إنّ الرجل يموت والداه أو أحدهما و إنه لعاقّ لهما، و لا يزال يدعو لهما حتى يكتبه اللّه برا»[14238].
قرأت على أبي القاسم زاهر بن طاهر، عن أبي بكر أحمد بن الحسين، أنا أبو عبد اللّه الحافظ قال: شافع بن محمد بن يعقوب بن إسحاق الأسفرايني أبو النّضر (3) وجده يعقوب هو أبو عوانة الأسفرايني المحدّث المعروف الحافظ ، سمع جده أبا عوانة، و أقرانه من الخراسانيين و سمع بالعراق: المحاملي، و بالجزيرة.... (4) أبي عروبة و أقرانه بالشام أبا الحسن (5) بن جوصا، و أقرانه، و بواسط علي بن عبد اللّه بن مبشّر، و أقرانه، و رأيت سماعاته التي نظرت فيها صحيحة، و قد خرّجت عنه في الصحيح.
ح أخبرنا أبو القاسم السمرقندي، أنا [أبو] (6) القاسم إسماعيل بن مسعدة، أنا أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي في تاريخ جرجان (7):شافع بن محمد بن أبي عوانة أبو النّضر روى بجرجان سنة سبع و سبعين و ثلاثمائة (8).
ص: 106
قرأت على أبي محمد السلمي، عن أبي نصر بن ماكولا قال (1):و أما نضر بفتح النون و سكون الضاد المعجمة: أبو النّضر شافع بن محمد بن أبي عوانة الأسفرايني، روى بجرجان في سنة سبع و سبعين و ثلاثمائة، عن أحمد بن عمير بن جوصا، سمع منه حمزة السهمي.
ابن محمد بن عبد اللّه بن سليمان بن محمد بن سليمان
ابن أحمد بن سليمان بن داود بن المطهر بن زياد بن ربيعة
ابن الحارث بن ربيعة بن أنور بن أرقم بن أسحم بن النعمان
و هو الساطع - و سمي بذلك لجماله - ابن عدي بن عبد غطفان بن عمرو بن بريح بن جذيمة (2) بن تيم اللّه، و هو مجتمع تنوخ بن أسد بن وبرة بن ثعلب بن حلوان بن عمران بن الحاف (3) بن قضاعة بن مالك بن حمير، أبو اليسر التنوخي المعرّي (4).
كاتب الإنشاء للمولى الملك العادل أبو القاسم محمود بن زنكي رحمه اللّه، فاضل من أهل بيت فضل.
ذكر لي أن مولده بشيراز (5) في يوم الخميس ثاني عشر جمادى الأولى سنة ست و تسعين و أربعمائة، و نقله والده أبو محمد عبد اللّه إلى عند جده القاضي أبي (6) المجد محمد ابن عبد اللّه إلى حماة، و ربّي في حجر جده و أبيه.
و قرأ على جده القاضي أبي (7) المجد الأدب و غيره من العلوم، و سمع الحديث من جده، و من أبي عبد اللّه الحسين... (8) ابن العجمي بحلب.
و قدم دمشق غير مرة و سكنها.
ص: 107
سمعت منه نسخة محمد بن سليم عن أبي هدبة.
أخبرنا القاضي أبو اليسر شاكر بن عبد اللّه قراءة عليه بداره بدمشق، نا جدي القاضي أبو المجد محمد بن عبد اللّه بن محمد، نا أبو صالح محمد بن المهذب، حدثني جدي أبو الحسين علي بن المهذب، نا جدي أبو حامد بن همام، نا محمد بن سليم القرشي، نا إبراهيم ابن هدبة، عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«إنه لينادي المنادي يوم القيامة: أين فقراء أمة محمد صلّى اللّه عليه و سلّم ؟ قوموا و تصفحوا صفوف القيامة، ألا من أطعمكم فيّ أكلة، أو سقاكم فيّ شربة، أو كساكم فيّ خلقا أو جديدا خذوا بيده فأدخلوه الجنة، فلا يزال صاحب قد تعلق بصاحبه و هو يقول: يا رب العالمين هذا أشبعني، و يقول الآخر: يا رب العالمين هذا أرواني، فلا يبقى من فقراء أمة محمد صغير ممن فعل ذلك و لا كبير إلا أدخلهم اللّه جميعا الجنة»[14239].
أنشدني القاضي أبو القاسم لنفسه و كتبه لي بخطه وصية لأولاده:
للّه محبوب ظفرت بنظرة *** منه ففاز من الفؤاد بشطره
و أقام في سودائه مستوطنا *** لما رثوت إليه ساعة نفره
ظفرت يداي بدرّة منفوسة *** من ودّه و الودّ أنفس دره
مرضنا لحواظه فاعدي سقمها *** حبل الوفاء لنا فجد بعذره
و سرت عقارب صدغة في ليله *** حتى إذا انكشفت بواضح فجره
[9942][شبل بن الحسين بن علي بن عبد الواحد] (1)
أبو طاهر الحارثي
سمع سهل بن بشر، و أبا الحسن علي بن طاهر النحوي.
سمع منه ابنه الفقيه أبو البركات المعروف بأبي عبد اللّه، و أبو محمد بن صابر، و جماعة. رأيته مرات و لم أسمع منه شيئا.
حدثنا أبو البركات الخضر بن شبل الفقيه، أنبأ أبي أبو طاهر، أنا سهل بن بشر، أنا أبو
ص: 108
الحسن علي بن عبيد اللّه الكسائي الهمذاني (1) بمصر، حدثنا القاضي أبو الحسن علي بن عمر ابن موسى الرازي قاضي إيذج (2)،نا سليمان بن أحمد النعيمي بأصبهان، نا محمد بن موسى الأيلي، نا عمر بن يحيى الأيلي، نا الحارث بن غسان، عن أبي (3) عمران الجوني عن أنس ابن مالك، عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«إذا كان يوم القيامة يجاء بالأعمال في صحف محكمة، فيقول اللّه عز و جل: اقبلوا هذا و ردّوا هذا، فتقول الملائكة: و عزتك ما كتبنا إلا ما عمل، فيقول: صدقتم، إن عمله كان لغير وجهي، و إنّي لا أقبل اليوم إلاّ ما كان لوجهي»[14240].
ذكر الفقيه أبو البركات: أن مولد أبيه في سنة إحدى و أربعين و أربعمائة أو قبلها بيسير، و سألته عن وفاته فقال: في شهر ربيع الأول سنة اثنتي عشرة و خمسمائة، و ذكر أنه لم تفته صلاة في مرضه و كان يقول حين يصلّي بالليل: كل من ذكرني بسوء في حلّ إلاّ من رماني بالرفض، فإنه يخرجني عن الإسلام، و حين حضر و قال قد جاء ابني محمد و زينت لي الدار.
كما قال.
قرأت على أبي الفتوح أسامة بن محمد بن زيد، عن أبي جعفر محمد بن أحمد، عن أبي عبيد اللّه محمد بن عمران بن موسى المرزباني قال (4):شبل بن حنثر الكلبي كما قال عدي بن الرقاع في نفسه يشبهها بالجنة:
سنا مستسرا بين هضب هشيمة *** و بين خبار عدمل قد تهدّما
إذا اكتحلت عين البصير مرامه *** بداه بذغر فيلسان يتيمما (5)
الهضب العقبة الحمراء، و الهشيمة: الشجرة اليابسة (6)،و الخبار: ما لان من الأرض (7).
ص: 109
قال شبل يرد عليه:
لك الويل هلا كنت شبل بن حنثر *** تشبّهت أو أينا عبار (1) ضيغما
تشبهت ما لا يرقع الدهر بطنه *** عن الأرض إلا ما حبا و تقحّما
فقال ابن الرقاع يرد عليه:
و في الناس أشباه كثير و لم أكن *** لأشبه شرّا من شبيل و ألأما
تشبهت ما لو عض شبل بن حنثر *** لظل شبيل يسلح الماء و الدما (2)
فارس شاعر.
قرأت في بعض الكتب شعرا له قاله في هزيمة حميد بن بحدل.... (3) عمير بن الحباب في بعض ما كان بينهما من الحرب (4)(5):
نجّى الحساميّة الكبداء (6) مبترك (7) *** من حربها (8) و حثيث الشّرّ (9) مذعور
من بعد ما التثق السربال طعنته (10) *** كأنّه بنجيع الورس ممطور (11)
ولّى حميدا و لم ينظر فوارسه *** قبل النقيرة (12) و المغرور مغرور
فقد جزعت غداة الروع قد لقحت (13) *** أبطال قيس عليها البيض مسجور
ص: 110
يهدي أوائلها سمح خلائقه *** ماضي السنان (1) على الأعداء منصور
يخرجن من برد (2) الإكليل طالعة *** كأنهن جراد الحرّة الزّور
أبو غالب الأزدي الصوفي
حدث عن أبي بكر ال (3)... بكتاب اعتلال القلوب، و أبي الحسن محمد بن أحمد بن عمارة العطار.
حدّث عنه عبد الوهاب الميداني.
أبو القاسم الصوفي الغاقوني (4)
سمع بدمشق أبا الحسن محمد بن عوف، و أبا عبد اللّه محمد بن عبد السلام بن سعدان.
روى عنه أبو الفتيان الدهستاني (5).
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن الحسن الفرغولي (6)،أنا أبو الفتيان عمر بن عبد الكريم الحافظ ، أنا أبو القاسم شبل بن علي بن شبل بن عبد الباقي الصوفي (7) القاقوني (8)ببيت المقدس، أنا أبو الحسن محمد بن عوف بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي عوف المزني بدمشق، نا أبو الحسن عثمان بن الحسن بن عبد اللّه بن أحمد الحرفي إملاء، نا جعفر بن محمد بن الفاريابي، حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب، نا أنس بن عياض، نا
ص: 111
الحارث بن عبد الرّحمن، عن عبد الرحمن بن مهران، عن أبي هريرة أن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال:
«أحب البلاد إلى اللّه تعالى مساجدها، و أبغض البلاد إلى اللّه أسواقها».
أبو الحسن البلخي الصوفي
قدم دمشق، و سمع بها، تمام بن محمد، و روى عنه و عن أبي عبد الرحمن السّلمي النيسابوري.
روى عنه علي بن محمد الحنّائي (1)،و عبد العزيز الكتّاني (2).
أخبرنا أبو محمد الأكفاني، نا عبد العزيز بن أحمد، أنا شبلي بن عبد الملك البلخي الفقير، قدم علينا، نا أبو القاسم عبد اللّه بن محمد الرازي قال ابن (3) الأكفاني: و هو أبو تمام بن محمد، نا محمد بن حميد بن سليمان الكلابي، نا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي، نا يحيى بن أبي قتيلة المدني أبو إبراهيم، نا مالك بن أنس، عن الزهري، عن سعيد ابن المسيّب و أبي سلمة بن عبد الرّحمن، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:
«الشفعة فيما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود فلا شفعة»[14241].
أخبرنا عاليا أبو الحسن بن قبيس، أنا أبو عبد اللّه الحسين بن علي بن محمد بن أبي الرضا، أنا تمام بن محمد، فذكر بإسناده مثله.
ابن صعصعة بن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان
ابن مجاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة
ابن تميم بن مرّ بن طابخة التميمي الدارمي المجاشعي
قدم دمشق في صحبة المنصور، و سيأتي ذكر ذلك في ترجمة يزيد بن حاتم.
حدث عن الزهري، و جرير بن الخطفي.
ص: 112
حكى عنه الربيع بن يونس، حاجب المنصور، و إسماعيل بن أبان الكوفي، و الأصمعي.
قرأت على أبي محمد السلمي، عن أبي نصر بن ماكولا (1) قال: أما شبة، فهو شبّة بن عقال بن شبّة روى عن الزهري و غيره.
أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد اللّه إذنا و مناولة، و قرأ عليّ إسناده، أنا أبو علي محمد ابن الحسين، أنا المعافي بن زكريا (2)،نا محمد بن مزيد (3) الخزاعي، نا الزبير بن بكار، حدثني إسحاق بن إبراهيم التميمي قال: سمعت الفضل بن الربيع يحدّث عن أبيه قال: كنا وقوفا على رأس المنصور و قد طرحت للمهدي وسادة إذ أقبل صالح ابنه فوقف بين السماطين و الناس على مقادير أسنانهم و مواضعهم، و قد كان يرشّحه لبعض أموره فتكلم فأجاد، و مد المنصور يده إليه ثم قال: يا بني إليّ و اعتنقه، و نظر في وجوه أصحابه: هل يذكر أحد فضله، و يصف مقامه ؟ فكلّهم كره ذلك، و قام شبه بن عقال بن معية بن ناجية التميمي فقال (4):للّه در خطيب قام عندك يا أمير المؤمنين! ما أفصح لسانه، و أحسن بيانه، و أمضى جنانه، و أبلّ ريقه، و كيف لا يكون ذلك و أمير المؤمنين أبوه، و المهدي أخوه، و هو كما قال زهير بن أبي سلمى (5): (6)
يطلب شأو امرأين قدّما حسنا (7) *** نالا الملوك و بذّا هذه السّوقا (8)
هو الجواد فإن يلحق بشأوهما *** على تكاليفه فمثله لحقا (9)
ص: 113
أو يسبقاه على ما كان من مهل *** فمثل ما قدّما من صالح سبقا
قال الربيع: فأقبل عليّ أبو (1) عبيد اللّه فقال: و اللّه ما رأيت مثل هذا تخلصا، أرضى أمير المؤمنين، و مدح الغلام، و سلم من المهدي، قال: و التفتّ إلى المنصور فقال: يا ربيع! لا ينصرفنّ التميمي إلا بثلاثين ألف درهم.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، أنا أبو الحسن رشأ بن نظيف، أنا الحسن بن إسماعيل، نا أحمد بن مروان، نا محمد بن يونس، نا الأصمعي قال: قال شبة بن عقال (2):
كنت ردف أبي فلقيه جرير على بغل فحيّاه أبي و سلّم عليه، و سأله عن حاله و ألطفه فلما مضى قلت له: يا أبة تفعل به مثل هذا و قد هجاك ؟! فقال لي: يا بني فأوسع جرحي.
أنبأنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنبأنا أبو القاسم بن مسعدة، أنا حمزة بن يوسف، أنا أبو (3) أحمد بن عدي (4)،نا علي بن الحسن بن سليمان، نا علي بن حرب، نا إسماعيل بن أبان قال: رأيت أبا بكر بن عيّاش و شبّة بن عقال على حمار ينظران إلى الشعانين (5) يوم عيدهم.
ابن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم بن مالك
ابن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم بن مرّ
ابن طابخة التميمي الدارمي البصري
و لجده صعصعة صحبة. حدث عن أبيه عن جده. روى عنه ابنه عقال.
و كان من أشراف بني تميم و وجوههم.
ص: 114
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع بن علي، أنا أبو عبد اللّه بن مندة، أنا علي بن محمد بن نصر النيسابوري، نا هشام بن علي السيرافي، نا عبد اللّه بن حرب، نا إبراهيم بن محمد المدني، حدثني عقال بن سلمة (1) بن صعصعة بن ناجية المجاشعي، حدثني أبي عن جدي قال: دخلت على النبي صلّى اللّه عليه و سلّم فقلت: يا رسول اللّه ربّما فضلت الفضلة حتى.... (2) الناس و ابن السبيل. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«أختك، و أخاك، و أدناك أدناك»[14242] قال ابن مندة هكذا حدث به ابن هشام عن عبد اللّه بن حرب، و خالفه غيره.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحسين بن عبد الملك، أنا إبراهيم بن منصور، أنبأ أبو بكر بن المقرئ، أنا أبو يعلى الموصلي، نا محمد بن مرزوق البصري، نا عبد اللّه بن حرب الهلالي، حدثني إبراهيم بن إسحاق (3) ابن داحة (4) المزني، حدثني عقال بن شبّة بن عقال بن صعصعة المجاشعي، حدثني أبي عن جدي، عن أبيه صعصعة قال: دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فقلت: يا رسول اللّه ربما فضلت الفضلة خبأتها للنائبة، و ابن السبيل فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«أمك (5)،أباك، أختك، أخاك، أدناك» (6)[14243].
قال: و نا محمد بن مرزوق، نا عبد اللّه بن حرب، نا إبراهيم بن إسحاق، نا عقال بن شبة، حدثني أبي عن جدي، عن أبيه أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال له:«احفظ ما بين لحييك، و ما بين رجليك»[14244] قال: فولّيت و أنا أقول؛ حسبي.
أخبرنا أبو طالب علي بن عبد الرحمن بن أبي عقيل، نا أبو الحسن علي بن الحسن الفقيه، أنا أبو محمد بن النحاس، أنا أبو سعيد بن الأعرابي، نا محمد بن صالح كيلجة (7)،
ص: 115
نا محمد بن عبد اللّه بن حرب، نا إبراهيم بن إسحاق المدني (1)،حدثني عقال بن شبّة بن عقال ابن صعصعة بن ناجية، عن أبيه، عن جده صعصعة بن ناجية قال: قلت: يا رسول اللّه أوصني قال:«أملك ما بين لحييك و رجليك»[14245].
أخبرنا أبو طاهر يحيى بن محمد بن أحمد بن المحاملي، أنا جابر بن ياسين بن الحسن ابن محمد. ح و أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين بن النقور، قالا:
أنبأ أبو طاهر المخلص عبيد اللّه بن عبد الرحمن بن محمد السكري، نا محمد بن صالح الأنماطي فذكره.
أخبرنا أبو طالب بن أبي عقيل، نا أبو الحسن الخلعي، أنا أبو محمد، نا أبو سعيد، نا محمد، نا عبد اللّه بن حرب، نا إبراهيم بن إسحاق، حدثني عقال بن شبّة بن عقال بن صعصعة بن ناجية، عن أبيه، عن جده عن صعصعة بن ناجية قال: قلت: يا رسول اللّه ربما أفضلت الفضلة أرفعها للضيف و النائبة، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«أمك، أباك، أختك، أخاك، أدناك أدناك»[14246].
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع بن علي، أنا أبو عبد اللّه بن مندة، أنا أحمد بن محمد بن زياد [نا] (2) أبو رفاعة ال.... (3)،نا عبد اللّه بن حرب. ح قال: و أنا عبد الرحمن بن حمدان (4) الجلاّب (5)،نا هلال بن العلاء، نا عقبة بن مكرم، نا عبد اللّه بن حرب الليثي، نا إبراهيم بن إسحاق المدني، حدّثني عقال بن شبة بن (6)....، حدثني أبي، عن جدي، عن أبيه صعصعة بن ناجية قال: دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فقال:«أمك، أباك، و أختك، أدناك أدناك»[14247].
و إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«احفظ ما بين لحييك و ما بين رجليك»[14248] قال: فولّيت و أنا أقول حسبي.
ص: 116
[قال ابن عساكر:] (1) كذا قال، و الصواب شبة و هو ابن عقال بن صعصعة بن ناجية كما تقدم، و قد وقع لي من حديث عقبة بن مكرم عاليا على الصواب[14249].
أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن، أنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن محمد الآبنوسي، أنا أبو الحسين أحمد بن عبد الرحمن بن جعفر بن... (2)،نا أبو عثمان سعيد بن محمد أخو زبير الحافظ ، نا عقبة بن مكرم، نا عبد اللّه بن حرب الليثي، نا إبراهيم بن إسحاق المدني، أخبرني عقال بن شبة بن عقال بن صعصعة بن ناجية المجاشعي، حدثني أبي، عن جدي، عن أبيه صعصعة بن ناجية قال: دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فقلت: يا رسول اللّه ربما فضلت الفضلة خبأتها للنائبة و ابن السبيل، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«أمك، أباك، أختك، أخاك، أدناك أدناك»[14250].
و إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«احفظ ما بين لحييك و ما بين رجليك» فولّيت و أنا أقول حسبي. قال ابن أبي.... (3) تفرد به عقال بن شبة عن أبيه عن جده.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الخلال، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا أبو علي - إجازة-.
ح قال: و أنا أبو طاهر بن سلمة، نا علي بن محمد.
قالا: أنا أبو محمد بن أبي حاتم قال (4):شبة بن عقال بن صعصعة بن ناجية المجاشعي، روى عن أبيه عن جده، روى عنه إبراهيم بن إسحاق المدني، سمعت أبي يقول ذلك.
[قال ابن عساكر:] (5) كذا قال، و إبراهيم لم يرو عنه، و إنّما يروي حديثه عن ابن عقال عنه.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين بن النقور، أنا عيسى بن علي، أنا
ص: 117
عبد اللّه بن محمد قال: رأيت في كتاب محمد بن سعد: صعصعة بن ناجية بن عقال بن سفيان بن مجاشع بن دارم، من ولده الفرزدق الشاعر.
أخبرنا أبو بكر اللفتواني، أنا أبو صادق محمد بن أحمد بن جعفر، أنا أحمد بن محمد ابن زنجويه، أنا أبو أحمد الحسن بن عبد اللّه بن سعيد قال: و أما شبّة بالشين المنقوطة و تحت الباء نقطة فمنهم: شبّة بن عقال التميمي، و كان شبّة هذا يلقّب ظلّ النعامة، و فيه يقول جرير (1):
فضح المنابر حين ألفي (2) قائما *** ظل (3) النعامة شبّة بن عقال
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أبو الحسين بن الطيوري، أنا أبو الحسن العتيقي.
و أخبرنا أبو عبد اللّه البلخي، أنا ثابت بن بندار، أنا الحسين بن جعفر قالا: أنا الوليد ابن بكر، أنا علي بن أحمد بن زكريا، أنا صالح بن أحمد، حدثني أبي عن جدي قال:
شبّة بن عقال و كان من بني تميم، و كان من أخطب الناس و أبلغهم، ما تمنيت أن يكون لي.... (4) من كلام غيري بكثير من كلامي إلا يوما واحدا، فإنا خرجنا لصاحب لنا نريد أن نزوّجه فبصر بنا أعرابي فظن بنا الذي أردنا فتبعنا، فلما أتينا القوم تكلم الخطيب و ذكر السموات و الأرض و البحار و طوّل، فلما فرغ قلنا: من يجيبه ؟ قال الأعرابي: أنا. قال: قلنا:
أجب، فقال: إنّي و اللّه ما أدري ما نحطاطك هذا اليوم و ما... (5) فإن الحمد للّه و صلى اللّه على رسول اللّه، أما بعد، فقد توسلت بقرابة و ذكرت حقا و عظمت مرجوا، و أنت له كفو كريم، و قد زوّجناه... (6) هاتوا خبيصكم (7).
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين بن النقور، و أبو القاسم بن البسري، نا أبو طاهر المخلص قال: سمعت أحمد بن نصر بن بجير يقول: سمعت أبا
ص: 118
محمد علي بن عثمان بن نفيل يقول: سمعت من يقول أن شبّة بن عقال التميمي اشتكت عينيه فذرها، فأنشأ يقول:
هذا دروران شفاني الدرّ
له مضيض داخل و حرّ
و الشرّ لا يطفيه إلاّ الشرّ
ص: 119
قدم دمشق، مع جعفر بن يحيى البرمكي حين قدمها واليا على الشام من قبل الرشيد للإصلاح بين نزار و اليمن، له ذكر.
ابن سمي بن سنان بن خالد بن منقر بن عبيد بن مقاعس
ابن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم
أبو معمر التميمي المنقري الأهتمي البصري الخطيب
حدث عن الحسن البصري، و محمد بن سيرين، و معاوية بن قرّة، و علي بن زيد، و عطاء بن أبي رباح، و هشام بن عروة، و عمر (1) بن عبد اللّه بن أبي حسين، و محمد بن المنكدر، و خالد بن صفوان بن الأهتم.
سمع منه وكيع، و الأصمعي و عيسى بن يونس، و هاشم بن القاسم أبو النّضر (2)، و هشام (3) بن عبيد اللّه الرازي، و موسى بن إسماعيل التبوذكي، و مسلم بن إبراهيم، و أبو
ص: 120
بدر شجاع بن الوليد، و منصور بن سلمة الخزاعي، و جبارة بن المغلّس، و معلى (1) بن منصور، و عبد اللّه بن صالح العجلي.
و قدم دمشق مع المنصور، و سيأتي ذكر قدومه في ترجمة يزيد بن حاتم المهلبي، و كان من فصحاء أهل البصرة، و خطبائهم، و ولاّه المهدي الري.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأ أبو سعد الجنزروذي (2)،أنا أبو أحمد الحسين ابن علي بن محمد بن يحيى التميمي إملاء، أنبأ أبو الليث نصر بن القاسم الفرائضي، نا سريج (3) بن يونس، نا أبو معاوية محمد بن حازم، نا شبيب بن شيبة.
ح و أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن بن الحسين، أنا محمد بن عبد الرحمن، أنا أبو بكر يوسف بن القاسم الميانجي (4).
ح و أخبرنا أم المجتبى فاطمة بنت ناصر قالت: أنا إبراهيم بن منصور، أنا أبو بكر بن المقرئ، أنا أبو يعلى الموصلي، نا سريج (5)،نا أبو معاوية، عن شبيب بن شيبة، عن الحسن، عن عمران بن حصين أن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال لأبيه حصين:«كم تعبد اليوم إلها؟» قال:
سبعة، ستة في الأرض و واحد في السماء، قال:«أيهم تعدّ لرغبتك و رهبتك» قال: الذي في السماء، قال:«يا حصين، إن أسلمت علّمتك كلمتين» فأسلم حصين، فجاء إلى النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، و في حديث الفرائضي: فأتى النبي صلّى اللّه عليه و سلّم فقال: علّمني الكلمتين، قال:«قل اللهم ألهمني رشدي و أعذني من، و في حديث أبي يعلى: وقني شر نفسي».
رواه الروياني، عن الصنعاني، عن خلف بن الوليد، عن أبي معاوية.
و مما وقع لي عاليا من حديثه ما.
أخبرنا أبو محمد هبة اللّه بن سهل، أنبأ أبو عثمان سعيد بن محمد بن أحمد.
و أخبرنا أبو القاسم الشّحامي، أنا أبو سعد الجنزروذي، قالا: أنا أبو عمرو بن
ص: 121
حمدان، أنا الحسن بن سفيان بن عامر النّسوي (1)،نا جبارة بن المغلّس، نا شبيب بن شيبة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب و آيتين فهي خداج» (2)[14251].
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا إسماعيل بن مسعدة، أنا حمزة بن يوسف، أنا أبو أحمد بن عدي (3)،نا يسر بن أنس أبو الخير، نا عباس بن محمد، نا منصور بن سلمة، أنا شبيب بن شيبة أبو معمر الخطيب البصري.
أنبأنا أبو الغنائم محمد بن علي، حدثنا أبو الفضل الحافظ ، أنا أبو الفضل بن خيرون، و أبو الحسين الصيرفي، و أبو الغنائم و اللفظ له، قالوا: أنا أبو أحمد زاد أبو الفضل بن خيرون و أبو الحسين الأصفهاني قالا: أنا أحمد بن عبدان، أنا محمد بن سهل، أنا محمد بن إسماعيل قال (4):شبيب بن شيبة (5) سمع عطاء، عن أبي سعيد عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«ما أنزل اللّه عز و جل داء إلا أنزل معه دواء إلا السام يعني الموت» و سمع أيضا معاوية بن قرّة، روى عنه موسى بن إسماعيل، و قال لنا (6) مسلم هو السعدي و قال أبو بدر ذكره شبيب بن شيبة أبو معمر يقال: الأهتمي، أهتم، و منقر هو السعدي من تميم كان مع أبي (7) جعفر الهاشمي.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الخلال، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا أبو علي - إجازة-. ح قال: و أنا أبو طاهر بن سلمة، أنا علي بن محمد. قالا: أنا أبو محمد بن أبي حاتم قال (8):شبيب بن شيبة بن الأهتم التميمي أبو معمر الخطيب، ولي الري، روى عن عطاء، و الحسن، و معاوية بن قرّة، و ابن أبي حسين، و علي ابن زيد، و هشام بن عروة، روى
ص: 122
عنه عيسى بن يونس، و أبو معاوية الضرير، و مسلم بن إبراهيم، و أبو النّضر (1) هاشم بن القاسم، و موسى بن إسماعيل، و هشام الرازي، سمعت أبي يقول: ليس بقوي.
قرأت على أبي الفضل بن ناصر، عن جعفر بن يحيى، أنا أبو نصر الوائلي، أنا الخصيب (2) بن عبد اللّه، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن، أخبرني أبي قال: أبو معمر شبيب بن شيبة.
أخبرنا أبو الفضل أيضا، ربما قرأنا عليه عن أبي طاهر محمد بن أحمد بن محمد، أنا هبة اللّه بن إبراهيم بن عمر، نا أحمد بن محمد بن إسماعيل، نا محمد بن أحمد بن حمّاد قال (3):أبو معمر شبيب بن شيبة.
أخبرنا أبو الفتح نصر اللّه بن محمد، أنا نصر بن إبراهيم المقدسي، أنا سليم بن أيوب الفقيه، أنا طاهر بن محمد بن سليمان، نا علي بن إبراهيم، نا يزيد بن محمد بن إياس قال: سمعت محمد بن أحمد المقدمي يقول: شبيب بن شيبة المنقري الخطيب روى عن الحسن، و ابن سيرين، كنيته أبو معمر.
أنبأنا أبو جعفر محمد بن أبي علي، أنا أبو بكر الصفار، أنا أبو بكر أحمد بن علي بن منجويه، أنا أبو أحمد الحاكم قال: أبو معمر شبيب بن شيبة المنقري التميمي و يقال:
الأهتمي السعدي، و الأهتم و منقر و سعد من تميم، و هو سعد بن زيد مناة بن تميم يعدّ في البصريين، و كان مع أبي جعفر الهاشمي سمع الحسن بن أبي الحسن، و عطاء بن أبي رباح، و أبا إياس (4) معاوية بن قرّة المروزي. عنه أبو عمرو مسلم (5) بن إبراهيم، و موسى بن إسماعيل المنقري، و أبو بدر شجاع بن الوليد.
أخبرنا أبو النجم بدر بن عبد اللّه، و أبو الحسن علي بن الحسن، قالا: أنا أبو بكر الخطيب (6):شبيب بن شيبة أبو معمر الخطيب المنقري البصري، و هو شبيب بن شيبة بن
ص: 123
عبد اللّه بن عمرو بن الأهتم (1) بن سمي بن سنان (2) بن خالد (3) بن عبيد بن مقاعس (4) بن عمرو ابن كعب بن سعد بن زيد، حدث عن الحسن، و معاوية بن قرة، و عطاء بن أبي رباح، و هشام ابن عروة، روى عنه عيسى بن يونس، و أبو بدر شجاع بن الوليد، و مسلم بن إبراهيم، و أبو سلمة موسى بن إسماعيل، و معلى بن منصور، و أبو سعيد الأصمعي، و أبو بلال الأشعري، و عبد اللّه بن صالح العجلي، و كان له كيس (5) و فصاحة، و قدم بغداد في أيام المنصور، و اتصل به و بالمهدي من بعده، و كان كريما عليهما، أثيرا عندهما، و قال أبو بلال الأشعري: حدثنا شبيب بن شيبة ببغداد.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا إسماعيل بن مسعدة، أنا حمزة بن يوسف ح.
و أخبرنا أبو النجم الشّيحي، أنا - و أبو الحسن بن سعيد، نا - أبو بكر الخطيب قال (6):
أنبأ أبو سعد الماليني، قالا: نا عبد اللّه بن عدي (7)،أنبأ المرزباني - يعني: محمد بن خلف - نا عبد اللّه بن محمد الكوفي، نا عبد اللّه بن نصر الكوفي قال: قيل لعبد اللّه بن المبارك:
تأخذ عن شبيب بن شيبة و هو يدخل على الأمراء؟ فقال: خذوا عنه، فإنه أشرف من أن يكذّب.
أخبرنا أبو النجم، أنبأ - و أبو الحسن، ثنا - أبو بكر الخطيب قال (8):قرأت في كتاب أبي الحسن بن الفرات بخطه، ثنا محمد بن العباس الضبي الهروي، نا يعقوب بن إسحاق بن محمود (9) قال: قال أبو علي صالح بن محمد: و شبيب بن شيبة صالح الحديث.
قال (10):و أخبرني البرقاني، أخبرني محمد بن أحمد بن محمد الأدمي، نا محمد بن
ص: 124
علي الأيادي، نا زكريا بن يحيى الساجي قال: شبيب بن شيبة حدّث عن الحسن، عن (1)عمرو بن ثعلب، صدوق، يهم.
أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر، نا أبو صالح أحمد بن عبد الملك، نا أبو الحسن بن السقا قال: نا أبو العباس الأصم، نا عباس بن محمد قال: سمعت يحيى بن معين يقول:
شبيب بن شيبة ليس بثقة.
أخبرنا أبو النجم التاجر، أنبأ - و أبو الحسن العطار، ثنا - أبو بكر الخطيب (2)،أنا الجوهري، أنا محمد بن العباس، نا محمد بن القاسم الكوكبي، نا إبراهيم بن عبد اللّه بن الجنيد قال: سئل يحيى بن معين و أنا أسمع عن شبيب بن شيبة بصري، فقال: لم يكن بثقة.
قال (3):و أنا أحمد بن أبي جعفر، أنا محمد بن عدي البصري في كتابه، نا أبو عبيد محمد ابن علي الآجري قال: سألت أبا داود، عن شبيب بن شيبة فقال: ليس بشيء.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم، و أبو يعلى حمزة بن علي، قالا: أنا أبو الفرج سهل بن بشر، أنبأ علي بن منير، أنا الحسن بن رشيق، نا أبو عبد الرحمن النسائي قال:
شبيب بن شيبة ضعيف (4).
أخبرنا أبو النجم، أنا - و أبو الحسن، نا - أبو بكر الخطيب (5)،أنا البرقاني، أنا أحمد ابن سعيد بن سعد، نا عبد الكريم بن أحمد بن شعيب النسائي، نا أبي قال: شبيب بن شيبة ضعيف. ح قال (6):و أنا البرقاني، نا يعقوب بن موسى الأردبيلي، نا أحمد بن طاهر بن النجم نا سعيد بن عمرو البرذعي قال: قلت لأبي زرعة: شبيب بن شيبة ؟[قال:] (7) ليس بالقوي.
أخبرنا أبو القاسم يحيى بن بطريق بن بشري، أنا محمد بن علي بن علي الدجاجي،
ص: 125
و علي بن محمد بن الحسن الواسطي في كتابيهما عن أبي الحسن الدارقطني.
ح و أخبرنا أبو عبد اللّه البلخي، أنبأ أبو ياسر محمد بن عبد العزيز بن عبد اللّه، أنبأ أبو بكر البرقاني - إجازة - قال: هذا ما وافقت عليه أبا الحسن الدارقطني من المتروكين:
شبيب بن شيبة أبو معمر الخطيب بصري، عن البصريين، و هشام بن عروة زاد ابن بطريق:
ضعيف.
أخبرنا أبو النجم الشيحي قال: و أنا - أبو الحسن بن سعيد، نا - أبو بكر الخطيب (1)، أنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي، نا عمر بن أحمد الواعظ ، نا أبو داود.
ح قال: و نا عبيد اللّه بن عمر، حدثني أبي، نا عبد اللّه بن سليمان، نا علي بن خشرم، أنا عيسى بن يونس، عن شبيب بن شيبة قال: كنت أسير في موكب أبي جعفر أمير المؤمنين، فقلت: يا أمير المؤمنين رويدا، فإني أمير عليك، فقال: ويلك أمير علي ؟ قلت:
نعم، حدثني معاوية بن قرّة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«أقطف (2) القوم دابة أميرهم»[14252] فقال أبو جعفر: أعطوه دابة، فهو أهون علينا من أن يتأمر علينا.
قال (3):و أنا عبيد اللّه بن عمر الواعظ ،[حدثني أبي] (4) نا عبد اللّه بن محمد، حدثني هارون بن سفيان المستملي، حدثني عبد اللّه بن صالح بن مسلم، حدثني شبيب بن شيبة قال: قال لي أبو جعفر - و كنت في سمّاره - عظني و أوجز، فقلت: يا أمير المؤمنين إن اللّه لم يرض من نفسه أن جعل فوقك أحدا من خلقه، فلا ترض (5) له من نفسك بأن يكون عبد هو أشكر منك، قال: و اللّه لقد أوجزت، و قصّرت، قال: قلت: و اللّه لأن كنت قصّرت فما بلغت كنه النعمة.
[قال ابن عساكر] (6) قيل: و قد روي أنه قال هذا القول للمهدي لا للمنصور.
ص: 126
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، أنبأ أبو الحسن المقرئ، أنا أبو محمد المصري، أنا أحمد بن مروان، نا أحمد بن داود، نا محمد بن سلاّم الجمحي قال: قال شبيب بن شيبة للمهدي: إن اللّه تبارك و تعالى لم يرض أن يجعلك دون خلقه، فلا ترض (1) أن يكون أحد أشكر للّه منك.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين بن النقور، و أبو منصور بن العطار، قالا: أنا أبو طاهر المخلص، نا عبيد اللّه بن عبد الرحمن، نا زكريا بن يحيى، ثنا الأصمعي، نا عبد الصمد بن شبيب قال: دخل يوما على المهدي فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين و رحمة اللّه و بركاته، إن اللّه لما قسم الأقسام لم يرض لك من الدنيا إلا أسناها و أعلاها، فلا ترض لنفسك من الآخرة إلا مثل ما رضي اللّه لك به من الدنيا، و عليك يا أمير المؤمنين بتقوى اللّه، فإنها عليكم نزلت و منكم قبلت، و إليكم تردّ.
أنبأنا أبو علي بن نبهان، حدثنا أبو الفضل بن ناصر، أنا أحمد بن الحسن، و أبو الحسن محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مخلد، و أبو علي بن نبهان. ح و أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن، قالوا: أنا أبو علي بن شاذان، أنا أبو بكر محمد بن الحسن بن مقسم المقرئ قال: حدثنا أبو العباس - يعني ثعلبا - نا عمر بن شبّة، أخبرني معافى بن نعيم، حدثني عبد اللّه بن رؤبة بن العجاج، عن شبيب بن شيبة قال:
كان لي مجلس من المهدي في كل خميس خامس خمسة، فذكر يوما عيسى بن زيد حين توارى فقال: غمض عليّ أمره فما ينجم لي منه شيء، و لقد خفته على المسلمين أن يفتنهم، فلما سكت قلت: و ما يعنيك من أمره ؟ فو اللّه لا يجتمع عليه اثنان، و ما هو لذلك بأهل، قال: فرأيته يكره ما أقول، فقطعت كلامي فلما سكت قال: و اللّه ما هو كما قلت، هو و اللّه المحقوق أن يتبع و أن يشق العصا، فلما فرغ قمت و خرجت، فقال للفضل بن الربيع (2)أحجبه عن المجلس، فحجبني أشهرا، ثم حضرت فقال الفضل بن الربيع: يا أمير المؤمنين، هذا شبيب بالباب، فقال: ائذن له، فلما دخلت قال: مرحبا بأبي المعتمر، و كذا كان يكنيني -
ص: 127
و كان يكنى أبا معمر - أبقاك اللّه طويلا، فإن في بقاء مثلك صلاحا للعامة و الخاصة، فلما سكت فقلت: يا أمير المؤمنين إني و إياك كما قال رؤبة لبلال بن أبي بردة:
إنّي و قد تعني أمور تعتني *** على طريق العذر إن عذرتني
فلا و رب الآمنات القطّن *** ما آئب سرّك إلاّ سرّني
شكرا و إن عزّك أمر عزّني *** ما الحفظ أما النصح إلاّ أنني
أخوك و الراعي لما استرعيتني *** إنّي و إن لم ترني كأنني
أراك بالغيب و إن لم ترني *** من غشّ أو ونى فإني لا أني
عن رفدكم خيرا لكل موطن
قال: صدقت يا فضل، رده إلى مجلسه، و أمر له بعشرة آلاف درهم.
أخبرنا أبو النجم التاجر، أنبأ - و أبو الحسن بن سعيد، نا - أبو بكر الحافظ (1)،أخبرني الأزهري، نا عبيد اللّه بن محمد البزار (2)،نا محمد بن يحيى الصولي، نا أبو ذكوان، نا محمد بن سلاّم [قال:] خرج شبيب بن شيبة من دار المهدي، فقيل له: كيف تركت الناس ؟ قال: تركت الداخل راجيا، و الخارج راضيا.
قال (3):أنا الجوهري، أنا محمد بن عمران بن موسى، نا أحمد بن محمد بن عيسى المكي، نا محمد بن القاسم بن خلاّد، عن موسى بن إبراهيم صاحب حمّاد بن سلمة قال:
كان شبيب بن شيبة يصلي بنا في المسجد الشارع في مربعة أبي عبيد اللّه فصلّى بنا يوما الصبح، فقرأ بالسجدة، و هَلْ أَتىٰ عَلَى الْإِنْسٰانِ فلما قضينا الصلاة قام رجل فقال: لا جزاك اللّه عني خيرا، فإنّي كنت غدوت لحاجة فلما أقيمت الصلاة دخلت أصلي، فأطلت حتى فاتتني حاجتي، قال: و ما حاجتك ؟ قال: قدمت من الثغر في شيء من مصلحته، و كنت وعدته للبكور إلى دار (4) الخليفة لأتنجز ذلك، قال: فأنا أركب معك فركب معه و دخل على المهدي، فأخبره الخبر، و قصّ عليه القصة، قال: فتريد ما ذا؟ قال: قضاء حاجته، فقضى
ص: 128
حاجته و أمر له بثلاثين ألف درهم، فدفعها إلى الرجل و دفع إليه (1) شبيب من ماله أربعة آلاف درهم، و قال له: لم تضرّك السورتان.
أخبرنا أبو غالب، و أبو عبد اللّه ابنا أبي علي قالا: أنا أبو جعفر بن المسلمة، أنا أبو طاهر المخلص، نا أحمد بن سليمان، نا الزبير بن بكار، حدثني العتبي، عن رجل قد أسماه فأنسيت اسمه، قال: كنت أسمع عبد اللّه بن مصعب يتكلم، فيعجبني كلامه، و أسمع شبيب ابن شيبة التميمي يتكلم فيعجبني كلامه، فكنت أحب أن أسمع كلامهما مجتمعين لأعرف أبلغهما. فاجتمعا يوما على باب أمير المؤمنين فسمعت كلاهما قال: فقلت له: أي الرجل سمعت أبلغ ؟ قال: المتكلم حتى يسكت غير أني رأيت لعبد اللّه بن مصعب إشارة تقع مع كلامه أعجبتني.
أخبرنا أبو القاسم العلوي، أنا رشأ بن نظيف، أنا الحسن بن إسماعيل، أنا أحمد بن مروان، نا محمد بن شاذان الجوهري، نا معلى بن منصور قال: عزى شبيب بن شيبة المهدي في ابنته، فقال: يا أمير المؤمنين ما عند اللّه خير لها مما عندك، و ثواب اللّه خير لك منها.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين بن النقور، و أبو منصور بن العطار، قالا: أنا أبو طاهر المخلص، نا عبيد اللّه بن عبد الرحمن السكري، نا زكريا بن يحيى المنقري، نا الأصمعي، و العلاء بن الفضل، عن أبيه قال: عزى شبيب بن شيبة المهدي عن ابنته البانوقة (2) فقال: جعل اللّه ثواب ما رزئت به لك أجرا، و أعتقك عليه صبرا، و ختم لنا بعاقبة تامة، و نعم عامة، و لا أجهد اللّه بلاءك بنقمة، و لا غيّر ما بك من نعمة، ثواب اللّه خير لك منها، و ما عند اللّه خير لها منك، و أحق ما صبر عليه ما ليس إلى تغييره سبيل.
قال: و نا الأصمعي قال: أخبرني من رأى شبيب بن شيبة المنقري و قد اشتدّ حجاب المهدي عليه، و هو يطلب الوصول فلا يصل، فقال: يا أبا معمر جاهك و قدرك و شرفك تذلّ نفسك هذا الذل ؟! قال: اسكت، يذل لها لنعزّ عند غيرهم، فإن من رفعوه ارتفع، و من وضعوه اتضع.
ص: 129
أخبرنا أبو الحسن بن سعيد، نا - و أبو النجم، أنا - أبو بكر أحمد بن علي (1)،أنا الجوهري، نا محمد بن عمران المرزباني، نا أحمد بن محمد بن عيسى المكي، نا محمد بن القاسم بن خلاد قال: أتى شبيب بن شيبة سليمان بن علي في حاجة، فقال له سليمان: قد حلفت أن لا أقضي هذه الحاجة لأحد، فقال: أيها الأمير إن كنت لم تحلف بيمين قط فحنثت فيها فما أحب أن أكون أول من أحنثك، و إن كنت ترى غيرها خيرا منها فتكفّر؟ قال: أستخير اللّه عز و جل.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنا أحمد بن محمد بن النقور، و عبد الباقي بن محمد بن غالب، قالا: أنا أبو طاهر المخلص، نا عبيد اللّه بن عبد الرحمن (2)،نا زكريا بن يحيى المنقري، نا الأصمعي قال: كان شبيب بن شيبة رجلا شريفا يفزع إليه (3) أهل البصرة في حوائجهم، فكان يغدو [في] (4) كل يوم و يركب، فإذا أراد أن يغدو أكل من الطعام شيئا قد عرفه، فنال منه، ثم ركب، فقيل له: إنك تباكر الغداء. فقال: أجل أطفئ به فورة جوفي (5)،و أقطع به خلوف فمي، و أبلغ به في قضاء حوائجي، فإني وجدت خلأ الجوف و شهوة الطعام يقطعان - و قال ابن النقور: يقطع - الحكيم عن بلوغه في حاجته، و يحمله ذلك على التقصير فيما به إليه الحاجة، فإنّي رأيت النّهم لا مروءة له، و رأيت الجوع داء من الدواء فخذ من الطعام ما يذهب به عنك (6) النهم، و تداو (7) به من داء الجوع. ح أنبأنا أبو علي محمد بن سعيد بن إبراهيم بن نبهان، حدثنا أبو الفضل بن ناصر، أنا أحمد بن الحسن بن أحمد، و أبو الحسن محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مجالد، و محمد بن سعيد.
ح و أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أحمد بن الحسن بن أحمد.
قالوا: أنا أبو علي بن شاذان، أنا أبو بكر محمد بن الحسن بن مقسم المقرئ قال:
ص: 130
قال أبو العباس يعني ثعلبا: قال شبيب بن شيبة لرجل لم يعجبه أدبه: إنّ الأدب الصالح خير من النسب المضاعف.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين بن النقور، و أبو منصور بن العطار، قالا: أنا أبو طاهر الذهبي، نا عبيد اللّه بن عبد الرحمن، نا زكريا المنقري قال: قال شبيب بن شيبة لرجل من قريش كلّمه فلم يحمد أدبه، فقال: يا ابن أخي، الأدب الصالح خير من النسب المتضاعف (1) و عزّ الشريف أدبه.
أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن، نا - و أبو النجم بدر بن عبد اللّه، أنا - أبو بكر الخطيب (2)،أنا محمد بن أحمد بن رزق، نا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد المصري إملاء، حدثني عبد الرحمن بن حاتم المرادي، نا سعيد بن عفير قال: كان شبيب بن شيبة يقول: اطلبوا العلم بالأدب، فإنه دليل على المروءة و زيادة في العقل، و صاحب في الغربة.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنا أبو الحسين بن النقور، نا عيسى بن علي إملاء، نا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد (3) إملاء سنة أربع عشرة و ثلاثمائة، أنا أبو حاتم، عن الأصمعي قال: قال شبيب بن شيبة إخوان خير خير من مكاسب الدنيا هم زينة في الرجاء، و عدة في البلاء، و معونة على حسن المعاش و المعاد.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين بن النقور، و أبو منصور بن العطار، قالا: أنا أبو طاهر المخلص عبيد اللّه بن عبد الرحمن، نا زكريا بن يحيى، نا الأصمعي قال: قال شبيب بن شيبة إخوان الصدق خير مكاسب الدنيا، هم زينة الرخاء، و عدّة في البلاء، و معونة على حسن المعاش و المعاد.
أخبرنا أبو طالب علي بن عبد الرحمن، أنا أبو الحسن علي بن الحسن، أنا أبو محمد ابن النحاس، نا أبو سعيد بن الأعرابي، نا مشرف بن سعيد بن مشرف أبو زيد الواسطي، نا بشر بن قطن قال: سمعت شبيب بن شيبة السعدي يقول: إنّ من إخواني من لا يأتيني في السنة إلا يوم؛ هم الذين أعدّهم للمحيا و الممات، و منهم من يأتيني في كل يوم فيقبّلني و أقبّله، لو قدرت أن أجعل مكان قبلتي إياه عضة عضضته.
ص: 131
أخبرنا أبو النجم الشيحي (1)،و أبو الحسن بن سعيد قالا (2):حدثنا أبو بكر الخطيب (3)،أنا التنوخي، نا محمد بن العباس الخزّاز (4)،نا أبي (5) العباس بن محمد قال:
سمعت أبا العباس المبرّد يقول: قال شبيب بن شيبة: من سمع كلمة يكرهها فسكت، انقطع عنه ما يكره، و إن أجاب سمع أكثر مما يكره.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنا أبو بكر البيهقي، أنا أبو عبد اللّه الحافظ ، قال:
سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى قال: سمعت أبا الحسن علي بن محمد الطلحي يقول: سمعت يوسف بن الحسين يقول: سمعت سلمة يقول: قال شبيب بن شيبة:
من سمع كلمة فسكت عنها سقط عنه ما بعدها، و من أجاب عنها سمع ما هو أغلظ منها، و أنشأ يقول:
و تنفر نفس المرء من وقع شتمة *** و يشتم ألفا بعدها ثم يسكت
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور، أنا أبو الحسن بن أبي الحديد، أنبأ جدي، أنا محمد بن زيد، نا محمد بن يونس، نا الأصمعي، نا شبيب بن شيبة قال:
خطبت إلى بعض أحياء بني تميم بالبادية فوافق (6) ذلك مني (7) نشاطا فقلت: و أطنبت حتى أني ظننت (8) أني قد أبلغت، فردّ عليّ أعرابي ملتحف بعباءة له، فأخرج يده منها فقال:
توسلت بحرمة، و استقريت برحم ماسة (9)،و أدللت بحق واجب، و حضضت على خير (10)
ص: 132
و دعوة إلى سنة، و أنت كفؤ كريم، فمرحبا بك و أهلا، فرضك مقبول، و الذي سألت مبذول، و باللّه التوفيق، قال شبيب: فلو كان قدم في صدر كلامه حمد اللّه و الصلاة على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم لكان قد فضحني.
أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين المقرئ، نا أبو جعفر بن المسلمة و ابنه أبو.... (1) قالا: أنا أبو الفرج أحمد (2) بن محمد بن عمر بن الحسن بن المسلمة [أنا] (3)أبو سعيد الحسن بن عبد اللّه بن المرزبان السيرافي، نا أبو مزاحم الخاقاني، نا ابن أبي سعد، نا أبو عثمان المازني، حدثني عمرو بن ترمذة رجل (4) من بني ذهل بن ثعلبة - قال:
شهدت شبيب بن شيبة و هو يخطب إلى رجل من الأعراب بعض حرمته، فطوّل و كانت للأعرابي حاجة.... (5) يخاف فوتها، فاعترض الأعرابي على شبيب و قال له: يا هذا إن الكلام ليس للمكثر المطنب و لكنه للمقل المطيّب، و أنا أقول الحمد للّه رب العالمين و صلى اللّه على محمد سيد المرسلين، و خاتم النبيين، أما بعد فقد أدليت بقرابة، و ذكرت حقا و عظمت مرغبا، فقولك مسموع و خيلك موصول، و بذلك مقبول، و قد زوّجنا صاحبك على اسم اللّه.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين بن النقور، و أبو منصور بن العطار.
ح و أخبرنا أبو البركات الأنماطي، و أبو القاسم بن السمرقندي، و عبيد اللّه بن أحمد ابن محمد بن أبي شيبة، أنا العباس بن محمد مولى بني هاشم، نا أبو سلمة، أخبرنا منصور بن سلمة الخزاعي، أنا شبيب بن شيبة قال: سمعت ابن سيرين يقول: الكلام أوسع من أن يكذب ظريف.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنا أحمد بن محمد بن النقور، و أبو منصور بن العطار، قالا: أنا أبو طاهر الذهبي، نا عبيد اللّه السكري، نا زكريا المنقري، نا
ص: 133
الأصمعي، نا شبيب بن شيبة المنقري قال: سمعت (1) يقول: المكثار حاطب ليل (2) يلسع و لا يدري.
قال: و نا الأصمعي قال: قال عبد الصمد بن شبيب بن شيبة، عن أبيه قال: الأديب العاقل هو الفطن المتغافل.
أخبرنا أبو النجم الشّيحي، أنا-[و] (3) أبو الحسن بن سعيد، ثنا - أبو بكر الخطيب (4)،أنا علي بن محمد بن عبد اللّه المعدل، نا الحسين (5) بن صفوان، نا أبو بكر عبد اللّه بن محمد بن أبي الدنيا، حدثني أبو الحسن الخزاعي، حدثني رجل من ولد شبيب ابن شيبة قال: غاب شبيب بن شيبة عن البصرة عشرين سنة ثم قدمها فأتى مجلسه فلم ير أحدا من جلسائه فقال:
يا مجلس القوم الذين *** بهم تفرّقت المنازل
أصبحت بعد عمارة *** قفرا تخرّقك الشّمائل
فلئن رأيتك موحشا *** لبما أراك و أنت آهل
أخبرنا أبو الحسين بن محمد بن كامل المقدسي قال: أنا محمد بن أحمد بن عمر المعدل في كتابه، أنا أبو عبيد اللّه محمد بن عمران بن موسى - إجازة - قال: و قال شبيب بن شيبة في أصحابه يذكر مجلسهم:
يا منزل الحي الذين *** بهم تفرّقت المنازل
أصبحت بعد عمارة *** قفرا تخرّقك الشمائل
فلئن رأيتك موحشا *** فبما أراك و أنت آهل
ص: 134
أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع، أنا أبو صادق محمد بن أحمد بن جعفر، أنبأ أحمد ابن محمد بن زنجويه، أنبأ أبو أحمد العسكري، أخبرني أبي رحمه اللّه، أنبأ عسل بن ذكوان، عن الرياشي قال: توفي ابن لبعض المهالبة فأتاه شبيب بن شيبة المنقري يعزّيه و عنده بكر بن حبيب السهمي فقال شبيب: بلغنا أن الطفل لا يزال محبنظيا (1) على باب الجنة يشفع لأبويه، فقال بكر بن حبيب: إنّما هو محبنطيا (2) بالطاء، فقال شبيب: أ تقول لي هذا و ما بين لابتيها أفصح مني، فقال بكر: و هذا خطأ ثان ما للبصرة و اللوب!؟ لعلك غرّك قولهم: ما بين لابتي المدينة يريدون الحرّة، و قال [أبو] (3) أحمد: الحرّة أرض تركبها حجارة سود و هي اللاّبة، و جمعها لابات (4)،فإذا كثرت فهي اللوب (5)،و للمدينة لابتان من جانبيها و ليس للبصرة لابة و لا حرّة، و أما قوله: محبنطئ، فقال أبو عبيد: المحبنطي، بغير همز، هو المتغضب (6) المستبطئ للشيء، و المحبنطئ، بالهمز، العظيم البطن المنبطح (7)(8).
أخبرنا أبو الفضل محمد بن ناصر، أنا المبارك بن عبد الجبار بن أحمد، أنا محمد بن عبد الواحد بن جعفر، أنا الدارقطني. ح و قرأت على أبي القاسم بن السمرقندي، عن أبي تمام علي بن محمد، و أبي الغنائم محمد بن علي، عن أبي الحسن الدارقطني. نا محمد بن يحيى بن عبد اللّه بن العباس الصولي نا أبو بكر محمد بن القاسم بن خلاّد أبو العيناء، نا عبد اللّه بن بكر بن حبيب السهمي قال (9):دخل أبي إلى عيسى بن جعفر بن المنصور، و هو أمير البصرة، فعزّاه على طفل مات له، و دخل بعده شبيب بن شيبة المنقري فقال: أبشر أيها الأمير، فإن الطفل لا يزال محبنظيا على باب الجنة يقول: لا أدخل حتى
ص: 135
يدخل والديّ ، فقال له أبي: يا أبا معمر دع الظاء و الزم الطاء، فقال له شبيب: أ تقول لي هذا و ما بين لابتيها أفصح مني، فقال له أبي: و هذا خطأ ثان من أين للبصرة لابة ؟ و اللاّبة:
الحجارة السود، و البصرة الحجارة البيض، فكان كلما انتعش (1) انتكس.
قال أبو بكر الصولي: حفظته من لفظ أبي العيناء و.... (2) فيه محمد بن خلف وكيع، فسألت أبا ذكوان القاسم بن إسماعيل عن المحبنطى ؟ فقال: هو الممتنع:
إنّي إذا استنشدت لا أحبنطي *** و لا أحبّ كثرة التّمطّي (3)
أي لا أمتنع، و قيل: هو الممتلئ غضبا، و أنشد:
يا أيها الكاسر نحوي عينا *** كأنه يطلب عندي دينا
ما لك تهدي بنيتها إلينا *** محبنطيا من غضب علينا
أي ممتلئا، و قيل: هو المنبطح على بطنه، و أنشد:
محبنطيا للبطن بعد الظهر
ح قال: و قال يونس بن حبيب هو الساكت حياء و أنشد:
محبنطي عند الشهود مطرق *** بيدي حياء و هو مغض محنق
أخبرنا أبو النجم الشّيحي (4)،أنا - و أبو الحسن العطار قال: ثنا - أبو بكر الخطيب (5).
ح و أخبرنا إبراهيم بن السمرقندي، أنا أبو بكر بن الطبري.
قالا: أنبأ أبو الحسين بن الفضل القطان، نا عبد اللّه بن جعفر، نا يعقوب بن سفيان قال (6):قال سليمان بن حرب: نا حماد بن زيد قال: جلس عمرو بن عبيد و شبيب بن شيبة ليلة يتخاصمون إلى طلوع الفجر، قال: فما صلوا ليلتئذ (7) ركعتين قال: و جعل عمرو يقول:
هيه أبا معمر، هيه أبا معمر.
ص: 136
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم الخطيب، أنا رشأ بن نظيف، أنا الحسن بن إسماعيل، أنا أحمد بن مروان، نا إبراهيم بن علي الأشناني (1) قال: سمعت المازني (2)يقول: لمّا مات شبيب بن شيبة أتاهم صالح المري (3) فقال: رحمة اللّه على أديب الملوك و جليس الفقراء، و حياة المساكين.
قال المازني: و كان شبيب بن شيبة أبصر الناس بمعاني الكلام مع بلاغة، حتى صار في كلّ موقف يبلغ بقليل الكلام ما لا يبلغه الخطباء بكثيره. ح قال: و نا أحمد بن علي المقرئ، نا الأصمعي قال: ذكر خالد بن صفوان شبيب بن شيبة فقال: ذاك رجل ليس له صديق في السرّ، و لا عدوّ في العلانية.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو القاسم إسماعيل بن مسعدة، أنا حمزة بن يوسف، أنا أبو أحمد بن عدي قال (4):أرجو أن شبيب هذا لا يتعمّد الكذب، بل لعله يهم في بعض أحاديثه، و شبيب بن شيبة إنّما قيل له الخطيب لفصاحته، و كان ينادم خلفاء بني أمية، و له أحاديث.
ابن الهذيل أبو الليث الغسّاني الجدلي
من جديلة غسان (5)،من أهل بصرى.
قدم دمشق و حدّث بها عن أبيه شيبة بن شبيب.
روى عنه أبو الحسين محمد بن عبد اللّه الرازي.
دمشقي له ذكر فيمن سعى في خلع الوليد بن يزيد.
ص: 137
أبو محمد التميمي الرومي
حدث عن أبي محمد هشام بن محمد الكوفي.
روى عنه عبد العزيز الكتّاني (1).
أخبرنا أبو محمد الأكفاني، نا عبد العزيز بن أحمد [نا] (2) أبو محمد شجاع بن بكر بن محمد التميمي الرومي (3)-قراءة عليه - نا أبو محمد عبد اللّه بن محمد الكوفي، نا أحمد بن علي، نا عبد اللّه بن زيدان، نا سفيان بن وكيع، نا عبد اللّه بن رجاء، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن عبد اللّه بن عمرو قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«إن الإسلام بدأ غريبا و سيعود كما بدأ» قالوا: يا رسول اللّه و ما الغرباء؟ قال:«الفرّارون بدينهم، يبعثهم اللّه عز و جل يوم القيامة مع عيسى بن مريم»[14253].
[قال ابن عساكر:] (4) عبد اللّه هذا هو هشام بن محمد، و إنما سماه عبد العزيز:
عبد اللّه.... (5) متروك الحديث.
ص: 139
أبو الفتح الإمام
حدث عن أبي جعفر الدّيبلي (1).
روى عنه عبد الوهاب الميداني.
أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل، أنبأ جدي أبو محمد، أنا أبو الحسن علي ابن محمد بن شجاع الربعي - إجازة - أنا عبد الوهاب بن جعفر بن علي، نا أبو الفتح شجاع بن علي بن أحمد بن علي الإمام، نا أبو جعفر محمد بن إبراهيم الدّيبلي نا أحمد بن الحسن، نا عمر بن إسماعيل، نا محمد بن فضيل، عن ابن جريج، عن عطاء، عن أبي الدرداء، عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«لما دخلت (2) الجنة رأيت في (3) العرش - أو تحت العرش - إفرندة خضراء مكتوب فيها بقلم من نور أبيض: محمد رسول اللّه، أبو بكر الصديق، عمر الفاروق»[14254].
ابن ربيعة و يقال: زمعة بن أسد بن صهيب بن مالك
ابن كثير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة
أبو وهب، و يقال: أبو عقبة الأسدي
صاحب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، و رسوله إلى الحارث بن أبي شمر إلى غوطة دمشق، و يقال:
إلى جبلة بن الأيهم الغسّاني، و يقال: إلى هرقل مع دحية بن خليفة الكلبي إلى ناحية بصرى، و هو من مهاجرة الحبشة، و شهد بدرا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم (4).
ص: 140
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع بن علي، أنا أبو عبد اللّه بن مندة، أنبأ سهل بن السري، نا عبيد اللّه بن عبد الرحمن، نا يعقوب بن إبراهيم، نا الهيثم بن عدي قال: أنبأنا أبو بكر الهذلي، عن عبد اللّه بن بريدة، عن أبيه قال:
بعث النبي صلى اللّه عليه و سلّم شجاع بن أبي وهب الأسدي إلى جبلة بن الأيهم.
قال ابن مندة: و رواه ابن إسحاق عن الزهري، عن المسور بن مخرمة قال: بعث النبي صلى اللّه عليه و سلم شجاع بن وهب الأسدي إلى المنذر بن الحارث الغسّاني، و خالفه ابن وهب عن يونس بن يزيد، فقال عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن شجاع بن وهب أن النبي صلى اللّه عليه و سلّم بعثه إلى جبلة.
كتب إليّ أبو عبد اللّه محمد بن أحمد بن إبراهيم بن الحطّاب (1)،أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الحسن الداراني، أنا سهل بن بشر، قالا: أنا محمد بن الحسين بن الطفال، أنا محمد بن أحمد بن عبد اللّه الذهلي، أنا جعفر بن محمد بن الحسن الفريابي، نا هشام بن عبد الملك أبو تقي، نا الوليد بن مسلم، نا إسماعيل بن عيّاش، عن محمد بن إسحاق، عن ابن شهاب الزهري، عن عروة، عن المسور بن مخرمة، عن النبي صلى اللّه عليه و سلّم أنه بعث بكتابه مع دحية بن خليفة الكلبي إلى قيصر، و بعث شجاع بن وهب إلى المنذر بن الحارث بن أبي شمر الغسّاني (2).
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم، نا عبد العزيز بن أحمد، أنا تمام بن محمد حدّثني أبو زرعة و أبو بكر محمد و أحمد ابنا عبد اللّه بن أبي دجانة، قالا: أنا عبد اللّه بن أحمد بن أبي الحواري، نا هشام بن عبد الملك اليزني (3)،نا الوليد بن مسلم، أنا إسماعيل بن عياش، نا محمد بن إسحاق، عن ابن شهاب الزهري، عن عروة بن الزبير، عن المسور بن مخرمة قال عن خطبة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم و خبره عن بعث عيسى بن مريم الحواريين و اختلافهم عليه، و شكيته ذلك إلى ربّه، و صياح (4) كل امرئ منهم يتكلّم بلسان
ص: 141
الأمة التي بعث إليها، و قيام المهاجرين إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و قولهم لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم مرنا و ابعثنا، نحوا من هذا الحديث، و قال عيسى بن مريم للحواريين: هذا أمر قد عزم اللّه لكم عليه فامضوا تفعلوا، فقال أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم نحن نؤدي عنك، فابعثنا حيث شئت، فقال الحكم بن المطلب: فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«اذهب أنت يا شجاع بن وهب أخا بني غنم بن دودان إلى هرقل، و ليذهب معك دحية بن خليفة الكلبي، فإنه من تخوم الشام، فلا بأس عليه»، فأما الزهري في حديثه عن عروة، عن المسور بن مخرمة فإنه ذكر أنه بعث بكتابه مع دحية بن خليفة إلى قيصر و بعث شجاع بن وهب الأسدي إلى المنذر بن الحارث بن أبي شمر الغسّاني (1).
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنا الحسن بن علي، أنبأ أبو عمر بن حيوية، أنا أحمد بن معروف، نا الحارث بن أبي أسامة، نا محمد بن سعد (2)،أنا محمد بن عمر الأسلمي، حدثني معمر بن راشد، و محمد بن عبد اللّه، عن الزهري، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة، عن ابن عباس قال: و ثنا أبو بكر بن عبد اللّه بن أبي سبرة، عن المسور بن رفاعة قال: و نا عبد الحميد بن جعفر، عن أبيه، قال: و نا عمر بن سليمان بن أبي حثمة، عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة، عن جدته الشّفاء قال: و نا أبو بكر بن عبد اللّه بن أبي سبرة، عن محمد بن يوسف، عن السائب بن يزيد، عن العلاء بن الحضرمي قال: و نا معاذ بن محمد الأنصاري، عن جعفر بن عمرو بن جعفر بن عمرو بن أمية الضّمري (3)،عن أبيه (4)،عن عمرو بن أمية الضمري دخل حديث بعضهم في حديث بعض قالوا:
و بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم شجاع بن وهب الأسدي، و هو أحد الستة، إلى الحارث بن أبي شمر الغسّاني يدعوه إلى الإسلام، و كتب معه كتابا. قال شجاع: فانتهيت إليه و هو بغوطة دمشق، و هو مشغول بتهيئة الإنزال و الألطاف لقيصر، و هو جاء (5) من حمص إلى إيليا فأقمت
ص: 142
على بابه يومين أو ثلاثة، فقلت لحاجبه: إنّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم إليه، فقال: لا تصل إليه حتى يخرج يوم كذا و كذا، و جعل حاجبه، و كان روميا اسمه مرى، يسألني عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فكنت أحدثه عن صفة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و ما يدعو إليه، فيرق حتى يغلبه البكاء، و يقول: إنّي قرأت الإنجيل فأجد صفة هذا النبي بعينه، و أنا أؤمن به و أصدقه، و أخاف من الحارث أن يقتلني، و كان يكرمني و يحسن ضيافتي، و خرج الحارث يوما فجلس و وضع التاج على رأسه، فأذن لي عليه، فدفعت إليه كتاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فقرأه ثم رمى به، و قال: من ينتزع مني ملكي ؟ أنا سائر إليه و لو كان باليمن جئته، عليّ بالناس، فلم يزل يفرض حتى قام، و أمر بالخيول تنعل (1)،ثم قال: أخبر صاحبك ما ترى، و كتب إلى قيصر يخبره خبري و ما عزم عليه، فكتب إليه قيصر: ألاّ تسير إليه و آله منه، و وافني (2) بإيلياء. فما جاءه جواب كتابه دعاني فقال: متى تريد أن تخرج إلى صاحبك ؟ فقلت: غدا، فأمر لي بمائة مثقال ذهب، و وصلني [مرى، و أمر لي] (3) بنفقة (4) و كسوة و قال: اقرأ على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم مني السلام، فقدمت على النبي صلّى اللّه عليه و سلّم [فأخبرته، فقال:«باد ملكه» و اقرأته من مرى السلام] (5) و أخبرته بما قال، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«صدق» و مات الحارث بن أبي شمر عام الفتح.
أخبرنا أبو غالب الماوردي، أنبأ أبو الحسن السيرافي، أنا أبو عبد اللّه النهاوندي، نا أحمد بن عمران، نا موسى بن زكريا، نا خليفة بن خياط قال (6):سنة خمس فيها بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم شجاع بن أبي وهب إلى الحارث بن أبي شمر.
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنا الحسن بن علي، أنا أبو عمر بن حيوية، أنا أحمد بن معروف، نا الحسين بن الفهم، نا محمد بن سعد (7)،أنا محمد بن عمر، حدثني عمر بن عثمان الجحشي قال: كان شجاع بن وهب يكنى أبا وهب، و كان رجلا نحيفا طويلا
ص: 143
أجنأ (1)،و كان من مهاجرة الحبشة في الهجرة الثانية، و آخى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم بينه و بين أوس بن خوليّ .
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع بن علي، أنا أبو عبد اللّه بن مندة، أنا محمد بن يعقوب، أنا أحمد بن عبد الجبّار، نا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق قال (2):قدم المهاجرون المدينة، و كانت بنو غنم بن دودان أهل إسلام، قد أوعبوا إلى المدينة (3) مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم هجرة: رجالهم و نساءهم (4) منهم شجاع بن وهب.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفرضي لفظا، و أبو القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان قراءة، قالا: أنا أبو القاسم علي بن محمد بن أبي العلاء، أنا أبو محمد بن أبي نصر، أنا علي بن يعقوب بن إبراهيم، أنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم، نا محمد بن عائذ القرشي قال: و أخبرني الوليد بن المسلم، عن عبد اللّه بن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة في تسمية من شهد بدرا من حلفاء بني عبد شمس: شجاع بن وهب، و أخوه عقبة بن وهب ابن زمعة بن أسد بن صهيب (5) مالك بن كثير بن غنم بن يزيد بن عيسى بن رباب بن معمر بن صبحة (6).
أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة، نا أبو بكر الخطيب.
ح و أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو بكر بن الطبري، قالا: أنا أبو الحسين ابن الفضل، أنا عبد اللّه بن جعفر، نا يعقوب، نا عمرو بن خالد، و حسان بن عبد اللّه، و عبد اللّه بن صالح، عن ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة قال: و شهد بدرا من بني أسد: شجاع بن وهب.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أيضا، أنا أبو الحسين بن النقور، أنا عيسى بن
ص: 144
علي، أنا عبد اللّه بن محمد، حدثني هارون الفروي، نا أبو فليح، عن موسى بن عقبة، عن الزهري.
ح قال: و حدثني ابن الأموي، حدثني أبي، نا محمد بن إسحاق قال (1):فيمن شهد بدرا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: شجاع بن وهب بن أسد بن صهيب بن مالك بن كثير (2) بن غنم بن دودان بن أسد.
أخبرنا أبو القاسم، أنا أبو الحسين بن النقور، أنا أبو طاهر المخلص، أنا رضوان بن أحمد، أنا أحمد بن عبد الجبّار، نا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق قال في تسمية من شهد بدرا: شجاع بن وهب بن سعد.
أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمد قالت: أنبأ أبو طاهر أحمد بن محمود، أنا أبو بكر ابن المقرئ، نا محمد بن جعفر الزّرّاد (3)،نا عبيد اللّه بن سعد، نا عمي، عن أبيه، عن ابن إسحاق قال في تسمية من شهد بدرا من حلفاء بني أمية، من بني أسد بن خزيمة:
شجاع بن وهب و أخوه عقبة بن وهب بن ربيعة بن أسد بن صهيب بن مالك بن كثير (4) بن غنم بن دودان ابن أسد بن خزيمة.
أخبرنا أبو محمد بن عبد الباقي، أنا الحسن بن علي، أنا أبو عمر بن حيوية، أنا عبد الوهاب بن أبي حيّة، أنا محمد بن شجاع، أنا محمد بن عمر الواقدي قال (5):في تسمية من شهد بدرا: شجاع بن وهب و عقبة (6) بن وهب.
قال: و أنا [أبو] (7) عمر، نا أحمد بن معروف، نا الحسين بن الفهم، نا محمد بن سعد قال (8):في الطبقة الأولى ممن شهد بدرا من حلفاء بني عبد شمس: شجاع بن
ص: 145
وهب بن ربيعة بن أسد بن صهيب بن مالك بن كثير (1) بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة. قال محمد بن عمر: و شهد شجاع بن وهب بدرا و أحدا و الخندق و المشاهد [كلها] (2) مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم و قتل يوم اليمامة شهيدا سنة اثنتي عشرة، و هو ابن بضع و أربعين سنة.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الخلال، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا حمد (3) بن عبد اللّه - إجازة-. ح قال: و أنا أبو طاهر، أنا علي بن محمد. قالا: أنا أبو محمد بن أبي حاتم قال (4):شجاع بن وهب أخو (5) عقبة من المهاجرين الأولين، و هو من بني أسد بن خزيمة، و يقال: إنه من مهاجرة الحبشة الذين قدموا المدينة حين سمعوا بإسلام أهل مكة، سمعت أبي يقول ذلك.
أنبأنا أبو جعفر محمد بن أبي علي، أنا أبو بكر الصفار، أنبأ أبو بكر الحافظ ، أنا محمد بن محمد الحاكم قال: أبو وهب شجاع بن وهب الأسدي أحد بني غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة، له صحبة من النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، قتل باليمامة سنة ثنتي عشرة، و هو ابن بضع و أربعين سنة، كناه الواقدي.
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أخبرنا شجاع بن علي، أنا أبو عبد اللّه بن مندة قال: شجاع بن أبي وهب الأسدي ممن هاجر من مكة إلى المدينة، شهد بدرا، و هو الذي بعثه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم إلى جبلة بن الأيهم ملك غسان.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحسين بن عبد الملك، و أبو القاسم غانم بن خالد قالا: أنا أبو الطيب عبد الرزاق بن عمر بن موسى، أنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي، نا علي بن أحمد الصيقل، نا محمد بن رمح، أنا الليث، عن أبي الزبير، عن جابر: أن عبدا لحاطب جاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يشكو (6) حاطبا فقال: يا رسول اللّه ليدخلن حاطب النار، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«كذبت، لا يدخلها، فإنه قد شهد بدرا و الحديبية»[14255].
ص: 146
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنا أبو محمد الجوهري، أنبأ أبو عمر بن حيوية، أنا عبد الوهاب بن أبي حيّة، أنا محمد بن عمر (1)،حدثني ابن أبي سبرة، عن إسحاق بن عبد اللّه بن أبي فروة، عن عمر بن الحكم قال: بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم شجاع بن وهب في أربعة و عشرين رجلا إلى جمع من هوازن ناحية ركبة (2)،و أمره أن يغير (3) عليهم [فخرج فكان يسير الليل و يكمن النهار حتى] (4) صبّحهم و هو غارون، فأصابوا نعما و شاء كثيرا.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو بكر بن الطبري، أنا أبو الحسين بن الفضل، أنا عبد اللّه بن جعفر، نا يعقوب قال: ذكر حسان بن عبد اللّه، نا ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة قال في تسمية من قتل من المسلمين يوم اليمامة: شجاع بن وهب بن ربيعة.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنا أبو الفضل بن البقال، أنا أبو الحسين بن بشران، أنا عثمان بن أحمد، ثنا حنبل بن إسحاق، حدثني إبراهيم بن المنذر الحزامي (5)،نا محمد بن فليح، عن موسى بن عقبة، عن ابن شهاب قال: و استشهد من المسلمين يوم اليمامة: شجاع بن وهب.
أخبرنا أبو القاسم أيضا، أنا أحمد بن محمد بن النقور، أنا أبو طاهر المخلص، نا أبو بكر بن سيف، نا السري بن يحيى، نا شعيب بن إبراهيم، نا سيف بن عمر قال في تسمية من أدركنا تسميته ممن قتل يوم اليمامة من حلفاء قريش: شجاع بن وهب الأسدي.
أخبرنا أبو بكر اللفتواني، أنا أبو عمرو بن مندة، أنا الحسن بن محمد، أنا أحمد بن محمد بن عمر، نا أبو بكر بن أبي الدنيا، نا محمد بن سعد قال (6) في الطبقة الأولى: شجاع
ص: 147
ابن وهب أحد بني غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة، و يكني أبا وهب، قتل يوم اليمامة سنة اثنتي عشرة، و هو ابن بضع و أربعين سنة.
قرأت على أبي محمد السلمي، عن عبد العزيز بن أحمد، أنا مكي بن محمد بن الغمر (1)،أنا أبو سليمان بن زبر (2)،أنبأ أبي أبو محمد، عن أبيه، ثنا محمد بن المثنى قال:
و استشهد زيد بن الخطاب و أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة، و سالم مولى أبي حذيفة و ثابت بن قيس، و شجاع بن وهب أبو وهب من أهل بدر و هو ابن أربعين سنة باليمامة سنة اثنتي عشرة.
حكى عن يونس بن ميسرة بن حلبس، و عروة بن رجاء، و ربيعة بن يزيد.
حكى عنه مروان بن محمد الطاطري، و أبو مسهر الغسّاني.
قرأت على أبي محمد السّلمي، عن عبد العزيز الصوفي، أنبأ تمام بن محمد، أنا أبو بكر أحمد بن عبد اللّه بن الفرج بن البرامي، نا محمد بن أحمد، نا محمد بن هارون يعني ابن محمد بن بكار بن بلال، حدثني أبي، حدثني مروان بن محمد، نا شجرة بن مسلم قال: سمعت ابن حلبس و عروة بن رجاء و ربيعة بن يزيد يقولون: إذا تمت زينة دمشق فمن كان خارجا منها سلم، و من كان داخلها هلك، ثم لا يصيبها عذاب بعد ذلك، فقالوا: زينتها بناء المسجد.
أخبرنا أبو محمد هبة اللّه بن أحمد المزكي، أنبأ عبد العزيز بن أبي طاهر الصوفي، أنا أبو القاسم تمام بن محمد، أنا جعفر بن محمد بن جعفر، نا أبو زرعة قال في تسمية نفر ثقات: شجرة بن مسلم.
ص: 148
ابن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن النجار
و اسمه تيم اللّه بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج أبو يعلى،
و يقال: أبو عبد الرحمن ابن أخي حسان بن ثابت الأنصاري
من بني مغالة، و هم بنو عمرو بن مالك، له صحبة.
روى عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، و عن كعب الأحبار.
روى عنه ابنه يعلى بن شداد، و أبو إدريس الخولاني، و أبو الأشعث الصنعاني (1)،و أبو أسماء الرحبي، و ضمرة بن حبيب، و جبير بن نفير، و شدّاد أبو عمّار، و بشير بن كعب، و كثير ابن مرة، و محمود بن لبيد، و عبد الرّحمن بن غنم.
و سكن بيت المقدس، و قدم دمشق و الجابية، و كان قد شهد اليرموك.
أخبرنا أبو القاسم السعدي، و أبو الحس علي بن هبة اللّه بن عبد السلام، قالا: أنا أبو محمد عبد اللّه بن محمد بن عبد اللّه، أنا أبو القاسم عبد اللّه بن محمد بن إسحاق.
ص: 149
ح و أخبرنا أبو عبد اللّه الحسين بن عبد الملك، أنا أبو عثمان سعيد بن أحمد بن محمد، أنبأ عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن يحيى، قالا: نا عبد اللّه بن محمد الدينوري (1) نا علي بن الجعد، أنا سعيد، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث الصنعاني (2)،عن شداد بن أوس، عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«إن اللّه عز و جل كتب الإحسان على كل شيء فإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، و إذا قتلتم فأحسنوا القتلة، و ليحد أحدكم شفرته و ليرح ذبيحته»[14256].
ح أنبأنا أبو الحسن علي بن الحسن بن الحسين، و أبو طاهر محمد بن الحسين، قالا: أنا أبو عبد اللّه محمد بن عبد السلام بن عبد الرحمن بن سعدان، أنا أبو بكر محمد بن سليمان بن يوسف الربعي، نا أحمد بن عامر بن المعمر، نا هشام بن عمار، ثنا سويد بن عبد العزيز، ثنا الأوزاعي، عن حسان بن عطية، عن أبي عبيد اللّه (3) مسلم بن مشكم قال (4):
خرجنا مع شدّاد بن أوس فنزلنا مرج الصّفّر، فقال: ائتونا بالسفرة نعبث بها، فكان القوم يحفظوها منه فقال: يا بني أخي، لا تحفظوها علي، و لكن احفظوا مني ما سمعت من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، سمعته يقول:«إذا كنز الناس الدنانير و الدراهم فأكثروا هؤلاء الكلمات:
اللهم إنّي أسألك الثبات في الأمر و العزيمة على الرشد، و أسألك شكر نعمتك و حسن عبادتك، و أسألك من خير ما تعلم، و نعوذ بك من شرّ ما تعلم، و أستغفرك لما تعلم، إنّك أنت علام الغيوب»[14257].
و قد وقع لي هذا الحديث عاليا من حديث الأوزاعي، إلا أنه لم يذكر فيه أبا عبيد اللّه و لم يسم المنزل.
أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن، أنا أبو محمد الجوهري، أنا أبو سعيد الحسن بن جعفر بن عمر بن الوضاح السمسار، نا أبو شعيب عبد اللّه بن الحسن بن أحمد الحراني، نا
ص: 150
يحيى بن عبد اللّه، حدثنا الأوزاعي (1) حدثني حسان بن عطية قال: نزل شدّاد بن أوس منزلا فقال: ائتوني بسفرة نعبث بها قيل: يا أبا يعلى ما هذه ؟ فأنكرت عليه، فقال: ما تكلمت بكلمة منذ أسلمت إلا و أنا أحطمها و أرميها غير هذه فلا تحفظوها علي و احفظوا علي ما أقول لكم، فإني سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول:«إذا كنز الناس الذهب و الفضة، فأكثروا هؤلاء الكلمات: اللهم إني أسألك الثبات في الأمر و العزيمة في الرشد، و أسألك شكر نعمتك، و أسألك حسن عبادتك، و أسألك قلبا سالما، و أسألك لسانا صادقا، و أسألك من خير ما تعلم، و أعوذ بك من شر ما تعلم»[14258].
أخبرنا أبو الحسين عبد الرحمن بن عبد اللّه بن أبي الحديد، أنا جدي أبو عبد اللّه الحسن بن أحمد، أنا أبو الحسن السمسار، أنا أبو عبد اللّه بن مروان، أنا أحمد بن المعلى (2)،نا هشام بن عمار، و عبد اللّه بن عبد الجبّار الخبائري، قالا: ثنا ابن عيّاش (3)حدثني راشد بن داود الصنعاني، عن أبي الأشعث الصنعاني أنه راح إلى مسجد دمشق و هجّر في الرواح، فلقي شداد بن أوس و الصنابحي (4)،قال: قلت: أين تريدان يرحمكما اللّه ؟ قالا: نريدها هنا إلى أخ لنا (5) نعوده، فانطلقت معهما حتى دخلنا على ذلك الرجل، فقالا له: كيف أصبحت ؟ قال: أصبحت بنعمة من اللّه و فضل، فقال له شدّاد: أبشر بكفّارات السيئات و حطّ الخطايا، فإنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول-«يعني قال اللّه تعالى: إنّي إذا ابتليت عبدا من عبادي مؤمنا، فحمدني و صبر على ما ابتليته به، فإنه يقوم من مضجعه كيوم ولدته أمه من الخطايا، قال: و يقول الرب للحفظة: إنّي أنا قيّدت عبدي و ابتليته فأجروا (6) له ما كنتم تجرون له قبل ذلك من الأجر و هو صحيح»[14259].
أخبرنا أبو الحسين بن الفراء، و أبو غالب بن البنا، قالا: أنا محمد بن الحسين بن الفراء، أنا أبو القاسم عيسى بن علي بن عيسى الكاتب، أنا عبد اللّه بن محمد بن عبد
ص: 151
العزيز، نا منصور بن أبي مزاحم، نا عبد الحميد بن بهرام (1)،عن شهر بن حوشب قال:
سمعت عبد الرحمن بن غنم يقول:
لما دخلنا مسجد الجابية أنا و أبا الدرداء ألفينا عبادة بن الصامت، فأخذ يميني بشماله، و شمال أبي الدرداء بيمينه، فخرج يمشي معنا، فقال عبادة: إن طال بكما عمر أحدكما أو كلاكما فيوشك (2) أن تريا الرجل من بين المسلمين قد قرأ القرآن على لسان محمد صلّى اللّه عليه و سلّم أعاده و أبداه و أحل حلاله، و حرّم حرامه، و نزل عند منازله أو قرأ به على لسان أحد لا يحور (3)فيكم إلا كما يحور رأس الحمار الميت فبينما نحن كذلك، إذ طلع علينا شدّاد بن أوس، و عوف بن مالك، فجلسا إلينا، فقال شدّاد: إن أخوف ما أخاف عليكم أيها الناس لما سمعت من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول من الشهوة الخفية و الشرك فقال عبادة و أبو الدرداء: اللهم غفرا أ و (4)لم يكن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قد حدثنا أن الشيطان قد يئس أن يعبد في جزيرة العرب، فأما الشهوة الخفية فقد عرفناها فهي شهوات الدنيا من نسائها و شهواتها، فما هذا الشرك الذي تخوفنا به يا شداد، قال شداد: أ رأيتكم لو رأيتم أحدا يصلّي لرجل أو يصوم له أو يتصدق له أ ترون أنه قد أشرك ؟ قالوا: نعم، قال شداد: فإني سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول:«من صلى يرائي فقد أشرك، و من صام يرائي فقد أشرك، و من تصدّق يرائي فقد أشرك».
فقال عوف: و لا يعبد اللّه إلا ما ابتغى به وجهه من ذلك العمل كله، فيتقبل منه ما خلص له، و يدع ما أشرك به فيه ؟ فقال شداد: فإني سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول:«أنا خير قسيم، فمن أشرك بي شيئا فإن جدّه و عمله و قليله و كثيره لشريكه الذي أشرك به، أنا عنه غني» (5)[14260].
ص: 152
و يقال ابن هانئ بن يزيد بن الحارث بن كعب
و يقال غير ذلك أبو المقدام الحارثي الكوفي
أدرك النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و لم يره.
سمع علي بن أبي طالب، و سعد بن أبي وقاص، و أبا هريرة، و أباه هانئ بن يزيد، و عائشة أم المؤمنين.
روى عنه: ابناه محمد و المقدام ابنا شريح، و القاسم بن مخيمرة، و الشعبي، و مقاتل ابن بشير، و يونس بن أبي إسحاق.
و كان من كبار أصحاب علي، و شهد تحكيم الحكمين بدومة الجندل في صحابة علي، و قدم على معاوية فشفع في كثير بن شهاب الحارثي حين حبسه، فأطلقه له (1).
أخبرنا أبو سهل محمد بن إبراهيم بن سعدويه، نا أبو القاسم إبراهيم بن منصور، أنا أبو بكر ابن المقرئ، أنا أبو يعلى، نا زهير، نا أبو معاوية، نا الأعمش عن الحكم عن القاسم بن مخيمرة عن شريح بن هانئ قال: سألت عائشة عن المسح على الخفين فقالت:
ائت عليا فإنه أعلم بذلك، فأتيت عليا فسألته عن المسح على الخفين فقال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يأمرنا أن يمسح المقيم يوما و ليلة و المسافر ثلاثا[14261].
رواه مسلم (2) عن زهير بن حرب.
أنبأنا أبو الغنائم، أنا أبو الفضل، أنا أبو الفضل و أبو الحسين و أبو الغنائم و اللفظ له قالوا: أنا أبو أحمد، أنا أبو الفضل و أبو الحسين قالا: أنا أحمد بن عبدان، أنا محمّد بن
ص: 153
سهل، أنا محمّد بن إسماعيل قال (1)(2):و قال أحمد عن غندر كان شعبة يرى بأنه مرفوع و يهابه، يعني حدثنا الحكم عن القاسم بن مخيمرة عن علي في المسح.
أخبرنا أبو غالب بن البنا، نا أبو الحسين بن الآبنوسي، أنا أبو الحسن الدارقطني، نا محمّد بن عبد اللّه بن الحسين العلاف، نا عمير بن الربيع، نا محمد.... (3) نا عبد الملك ابن أبي سليمان، حدّثني محمّد بن شريح، عن شريح، عن علي بن أبي طالب قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يمسح على الخفين إذا كان مسافرا لثلاثة أيام و لياليهن و إذا كان مقيما يوما و ليلة[14262]. قال أبو الحسن الدارقطني: تفرد به عبد الملك بن أبي سليمان عن محمد بن شريح بن هانئ و هو أخو المقدام بن شريح و تفرد به محمد بن بشير العبدي عنه.
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين، أنا أبو طالب بن.... (4)،أنا أبو بكر الشافعي، نا محمّد بن غالب بن حرب، حدّثني عبد الصمد بن النعمان، نا إسرائيل عن المقدام بن شريح عن أبيه قال قلت لعائشة: ما كان النبي صلّى اللّه عليه و سلّم يصنع ؟ قالت: كان يصلي ركعتين قبل الفجر، ثم يخرج فيصلي، فإذا دخل تسوّك[14263].
أخبرنا أبو المعالي محمد بن إسماعيل، أنا أبو حامد أحمد بن الحسن الأزهري، أنا أبو محمد الحسن بن محمد بن محمد بن إسماعيل المخلدي، أنا أبو العباس السراج نا قتيبة ابن سعد، نا يزيد بن المقدام، عن أبيه المقدام عن أبيه (5) شريح أنه سأل عائشة: أخبريني بأي شيء كان يبدأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم إذا رجع إليك من المسجد؟ قالت: كان يبدأ بالسواك.
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع بن علي، أنا أبو عبد اللّه بن منده، أنا أحمد بن محمد.... (6) نا أحمد بن عبد الجبار، نا يونس بن بكير عن قيس بن الربيع (7) عن المقدام بن شريح بن هانئ بن يزيد عن أبيه عن جده هانئ أنه وفد إلى
ص: 154
رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم في أناس من قومه فسمعه يكنى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يكنى أبا الحكم، فقال: لم يكنيك هؤلاء أبا الحكم ؟» قال: يا رسول اللّه. إني أحكم بين قومي في الشيء، يكون بينهم، فيسمع هؤلاء و هؤلاء، فكنوني أبا الحكم. و ليس لي ولد، فأنا أبو الحكم. فقال:«هل لك ولد؟» قال: نعم. قال:«ما اسم أكبرهم ؟» قال: شريح، قال:«فأنت أبو شريح»[14264].
قال: و أنا ابن منده، أنا عبد اللّه بن إسحاق بن إبراهيم السعدي، نا عبد اللّه بن أحمد ابن حنبل عن بشار بن موسى الخفاف نا يزيد بن المقدام بن شريح بن هانئ عن أبيه عن جده، في أنه وفد على النبي صلّى اللّه عليه و سلّم فذكر الحديث.
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، نا الحسن بن علي، أنا أبو عمر بن حيويه، أنا أحمد بن معروف، نا الحسين بن الفهم، نا محمد بن سعد، أنا محمد بن عمر عن مجالد عن الشعبي عن زياد بن النضر أن عليا بعث أبا موسى الأشعري و معه أربع مائة رجل عليهم شريح ابن هانئ و معهم عبد اللّه بن عباس يصلي بهم و يلي أمرهم، و بعث معاوية عمرو بن العاص في أربعمائة من أهل الشام حتى توافوا بدومة الجندل (1).
أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن (2) نا محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن إبراهيم، نا أحمد بن إسحاق، نا أحمد بن عمران، نا موسى التستري، نا خليفة العصفري قال (3):و فيها يعني سنة سبع و ثلاثين اجتمع الحكمان أبو موسى الأشعري من قبل علي، و عمرو بن العاص من قبل معاوية بدومة الجندل في شهر رمضان بأذرح و هي من دومة الجندل قريبا و بعث علي ابن عباس و لم يحضر، و حضر معاوية فلم يتفق الحكمان على شيء، و افترق الناس، و بايع أهل الشام معاوية بالخلافة في ذي القعدة سنة سبع و ثلاثين.
أخبرنا أبو سعد الكرماني، و أبو الحسن الهمذاني (4)،قالا: أنا أبو بكر الشيرازي، أنا أبو عبد اللّه الحافظ قال قرأت بخط مسلم بن الحجاج: ذكر من أدرك الجاهلية و لم يلق النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و لكنه صحب الصحابة بعد النبي صلّى اللّه عليه و سلّم منهم شريح بن هانئ الخولاني.
ص: 155
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع بن علي، أنا أبو عبد اللّه بن مندة، أنا الهيثم بن كليب إجازة، نا ابن أبي خيثمة، عن سليمان بن أبي شيخ قال: كان شريح بن هانئ جاهليا إسلاميا (1).
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أحمد بن الحسن بن أحمد، أنا موسى بن رباح بن علي، أنا أحمد بن محمّد بن إسماعيل، نا محمّد بن أحمد بن حماد، نا معاوية بن صالح قال: سمعت يحيى بن معين يقول في تسمية أهل الكوفة: شريح بن هانئ أدرك النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و وفد إلى النبي صلّى اللّه عليه و سلّم باسمه.
أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر، أنا أحمد بن عبد الملك، أنا أبو الحسن بن السقا (2)و أبو محمّد بن بالوية قالا: أنا محمّد بن يعقوب، نا عباس بن محمّد قال: سمعت يحيى بن معين يقول: شريح بن هانئ هو كوفي، قلت ليحيى: شريح بن هانئ من روى عنه ؟ قال:
الشعبي.
أخبرنا أبو البركات الحافظ ، أنا أبو الفضل الشاهد، أنا أبو العلاء المقرئ، أنا أبو بكر البابسيري، نا أبو أمية... (3) نا أبي أبو عبد الرحمن قال: قال يحيى بن معين: شريح بن هانئ حارثي.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الفضل بن البقال، أنا أبو الحسين بن بشران، أنا عثمان بن أحمد، نا حنبل بن إسحاق قال: قال يحيى بن معين: شريح بن هانئ كوفي.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن، و أبو الفضل بن خيرون. ح و أخبرنا أبو العز ثابت بن منصور، أنا أبو طاهر أحمد قالا: أنا أبو (4) الحسن الأصبهاني، أنا محمّد بن أحمد بن إسحاق، أنا أبو حفص الأهوازي، نا خليفة بن خياط
ص: 156
قال (1):و من الحارث بن كعب (2) بن علة بن جلد بن مالك بن أدد:[شريح] (3) بن هانئ بن يزيد بن نهيك بن دريد (4) بن سفيان بن الضباب، و هو سلمة بن الحارث بن ربيعة بن الحارث ابن كعب (5)،في الحاشية، الصواب: دريد (6).
قرأت على أبي غالب بن البنا، عن أبي محمّد الجوهري، أنا أبو عمر بن حيّوية، أنا أحمد بن معروف بن بشر قال: نا الحسين بن الفهم، نا محمّد بن سعد قال (7):و من بني الحارث بن كعب بن عمرو بن علة بن جلد بن مالك بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان: هانئ بن يزيد بن نهيك بن دريد بن سفيان بن الضباب و هو سلمة بن الحارث بن ربيعة بن الحارث بن كعب وفد إلى النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و أسلم.
قال هشام بن محمّد بن السائب الضبي: و هو أبو شريح بن هانئ، و يكنى شريح أبا المقدام، شهد المشاهد كلها و طال عمره و قتل شريح بسجستان زمن الحجاج، و هو الذي يرتجز و يقول:
أصبحت ذا بثّ أقاسي الكبرا *** قد عشت بين المشركين أعصرا
ثمت أدركت النبيّ المنذرا *** و بعده صدّيقه و عمرا
و يوم مهران (8) و يوم تسترا *** و با جميراوات (9) و المشقّرا (10)
هيهات ما أطول هذا عمرا
ص: 157
قرأنا على أبي عبد اللّه يحيى بن الحسن، عن محمّد بن محمّد بن مخلد، نا علي بن محمّد بن خزفة. ح و عن أبي الحسن بن الآبنوسي، أنا أحمد بن عبيد بن الفضل قراءة، قالا: أنا محمّد ابن الحسين، نا ابن أبي خيثمة، أنا سليمان بن أبي شيخ قال:
شريح بن هانئ الحارثي (1) كان جاهليا إسلاميا قال في إمرة الحجاج (2):
أصبحت بثّ أقاسي الكبرا *** قد عشت بين المشركين أعصرا
ثمّت أدركت النبيّ المنذرا *** و بعده صدّيقه و عمرا
و الجمع في صفّينهم و النّهرا *** و يوم مهران و يوم تسترا
و باجميراوات و المشقّرا *** هيهات ما أطول هذا عمرا
أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع، أنا أبو عمرو بن مندة، أنا الحسن بن محمّد بن يوسف، أنا أحمد بن محمّد بن عمر (3)،نا أبو بكر بن أبي الدنيا، نا محمّد بن سعد (4) قال في الطبقة الأولى من أهل الكوفة: شريح بن هانئ الحارثي قتل بسجستان مع عبيد اللّه بن أبي بكرة. روى عن علي و عائشة.
أنبأنا أبو طالب بن يوسف، و أبو نصر بن البنا، قالا: قرئ على أبي محمّد الجوهري، عن أبي عمر بن حيوية، أنا أحمد بن معروف، نا الحسين بن الفهم، نا محمّد بن سعد قال (5):في الطبقة الأولى من تابعي أهل الكوفة: شريح بن هانئ بن يزيد ابن نهيك بن دريد بن سفيان بن الضباب من بني الحارث بن كعب، روى عن عمر، و عن سعد بن أبي وقاص، و عائشة، و كان شريح من أصحاب علي بن أبي طالب، و شهد معه المشاهد، قال: و كان ثقة، له أحاديث، و كان كبيرا، و قتل بسجستان مع عبيد اللّه بن أبي بكرة.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا ثابت بن بندار، أنا محمّد بن علي بن يعقوب، أنا محمّد بن أحمد بن محمّد، أنا الأحوص بن المفضّل قال: قال أبي: شريح بن هانئ بن
ص: 158
يزيد بن نهيك الحارثي و قتل بسجستان و كان من المعمرين، و هو الذي.... (1) صالح بن أبي بكرة.... (2) و دعا.... (3) إلى الجهاد، فأجابوه، فقاتلوا حتى قتلوا و جعل يرتجز ذلك اليوم:
أصبحت ذا بثّ أقاسي الكبرا *** قد عشت بين المشركين أعصرا
ثمّت أدركت النبيّ المنذرا
أنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي، ثم حدّثنا أبو الفضل بن ناصر، أنا أحمد بن الحسن و المبارك بن عبد الجبار، و محمّد بن علي، و اللفظ له، قالوا: أنا أبو أحمد الغندجاني، زاد أبو أحمد، و أبو الحسين الأصبهاني قالا: أنا أحمد بن عبدان، أنا محمّد بن سهل، أنا محمّد ابن إسماعيل، قال (4):شريح بن هانئ بن يزيد بن كعب الحارثي من اليمن الكوفي، سمع عليا، و أباه، و عائشة، سمع منه ابنه المقدام، نا أحمد بن يونس، نا زهير، نا الحسن، عن الحكم، عن القاسم بن مخيمرة (5) قال: ما رأيت حارثيا أفضل من شريح و أثنى عليه خيرا.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الحسين بن عبد الملك، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا أبو علي إجازة. ح قال و أنا أبو طاهر الحسين بن سلمة، أنا علي بن محمد. قالا: أنا أبو محمّد بن أبي حاتم قال (6):
شريح بن هانئ بن (7) الحارث بن كعب الحارثي من أهل اليمن، كوفي، روى عن علي بن أبي طالب، و سعد (8)،و أبيه، و عائشة، روى عنه القاسم بن مخيمرة، و ابنه المقدام ابن شريح سمعت أبي يقول ذلك.
أخبرنا أبو الفتح نصر اللّه بن محمّد، أنا نصر بن إبراهيم، أنا سليم بن أيوب، أنا أبو نصر، نا بحر بن محمد بن سليمان، نا علي بن إبراهيم، نا يزيد بن محمّد بن إياس قال:
ص: 159
سمعت محمّد بن أحمد المقدمي يقول: شريح بن هانئ هو ابن هانئ بن يزيد.... (1).
أخبرنا أبو بكر اللفتواني، أنا أبو صادق الأصبهاني، أنا أحمد بن محمّد بن زنجويه، أنا الحسن بن عبد اللّه بن سعيد قال: و أما شريح الشين معجمة و الحاء غير معجمة منهم:
شريح بن هانئ بن يزيد بن نهيك و هو من اليمن، روى عن علي، و سعد، روى عنه القاسم ابن مخيمرة، و ابنه المقدام بن شريح بن هانئ؛ و هو الذي سأل عائشة:«عن المسح على الخفين» فقالت: سل عليا، و يقال: إن شريح بن هانئ طال عمره و قتل بسجستان في زمن الحجاج قتله الترك و يروى له:
أصبحت ذا بث أقاسي الكبرا *** قد عشت بين المشركين أعمرا (2)
ثمّت أدركت النبيّ المنذرا *** و بعده صدّيقه و عمرا
هيهات ما أطول هذا عمرا
قرأت على أبي غالب بن البنا، عن أبي الفتح بن المحاملي، أنا أبو الحسن الدارقطني قال: شريح بن هانئ بن يزيد بن كعب الحارثي الكوفي من اليمن، سمع عليا، و أباه، و عائشة، سمع منه ابنه المقدام، و القاسم بن مخيمرة، و العباس بن ذريح (3) و غيره.
قرأت على أبي محمّد السلمي، عن أبي زكريا البخاري. ح حدّثنا خالي أبو المعالي القاضي، أنا أبو الفتح الزاهد، أنا أبو زكريا، نا عبد الغني بن سعيد قال في باب شريح (4)بالشين المعجمة: شريح بن هانئ والد المقدام.
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع بن علي، أنا أبو عبد اللّه بن مندة قال: شريح بن هانئ بن يزيد الحارثي أبو المقدام، أدرك النبي صلّى اللّه عليه و سلّم.... (5) شريح روى عنه ابنه المقدام.
أنبأنا أبو سعد محمّد بن محمّد بن محمّد، و أبو علي الحسن بن أحمد قالا: أنا أبو
ص: 160
نعيم الحافظ قال: شريح بن هانئ بن يزيد الحارثي أبو المقدام، أدرك النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و دعا له، و به كنى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أباه هانئا أبا شريح.
قرأت على أبي محمّد السلمي، عن أبي نصر بن ماكولا قال (1):و أما شريح بشين معجمة، و حاء مهملة فهو: شريح بن هانئ بن يزيد بن كعب (2) الحارثي الكوفي، من اليمن، سمع عليا، و عائشة، و أباه، سمع منه ابنه المقدام، و القاسم بن مخيمرة، و العباس بن ذريح، و غيرهم.
قرأت على أبي عبد اللّه بن يحيى بن الحسن، عن أبي تمام علي بن محمّد الواسطي، و عن أبي الحسين بن الآبنوسي قالا: أنا أبو بكر أحمد بن عبيد بن الفضل. ح و قرأنا على أبي عبد اللّه، عن أبي الحسن (3) بن مخلد، أنا أبو الحسن بن خزفة قالا: أنا أبو (4) عبد اللّه الزعفراني، أنا أبو بكر بن أبي خيثمة، نا أحمد بن يونس، نا زهير بن معاوية، نا الحسن بن الحر، عن القاسم بن مخيمرة، عن شريح بن هانئ، و ما رأيت حارثيا أفضل منه (5)،أو قال أثنى عليه خيرا (6).
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، نا عبد العزيز الكتاني، أنا أبو محمّد بن أبي نصر، نا أبو الميمون، نا أبو زرعة (7)،نا أحمد بن عبد اللّه بن يونس، نا زهير، نا الحسن بن الحر، عن القاسم بن مخيمرة قال: ما رأيت حارثيا أفضل منه، يعني من شريح بن هانئ، و أثنى عليه خيرا.
قال أبو زرعة: و شريح القاضي: شريح بن الحارث، يكنى أبا أمية، و شريح أبو المقدام ابن (8) شريح، هو: شريح بن هانئ.
ص: 161
أنبأنا أبو القاسم إسماعيل بن محمّد، و أبو الفضل محمّد بن ناصر، قالا: أنا المبارك ابن عبد الجبار، أنا إبراهيم بن عمر الفقيه، نا محمد بن عبد اللّه بن خلف، أنا عمر بن محمّد الجوهري، نا أحمد بن محمّد بن هانئ قال: قيل لأبي عبد اللّه: شريح بن هانئ صحيح الحديث ؟ فقال: نعم، هذا متقدم جدا، روى الناس عنه (1).
قيل لأبي عبد اللّه: المقدام بن شريح هو ابنه (2)؟فقال: نعم، قلت: روى عنه أيضا عمارة ؟ فقال: نعم.
ذكر أحمد بن محمّد بن الحجاج المروذي (3) قال (4):سألت أحمد بن حنبل عن شريح بن هانئ ؟ فقال: ثقة.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه، أنا أبو القاسم، أنا أبو علي إجازة.
ح قال و أنا أبو طاهر بن سلمة، أنا علي بن محمّد.
قالا: أنا أبو محمّد بن أبي حاتم (5)،أنا علي بن أبي طاهر فيما كتب إلي، نا الأثرم قال: قيل لأبي عبد اللّه أحمد بن حنبل: شريح بن هانئ صحيح الحديث ؟ قال: نعم، هذا متقدم جدا، روى الناس عنه، قال: و ذكر أبي عن إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين أنه قال: شريح بن هانئ،[ثقة] (6).
أنبأنا أبو محمّد الأكفاني، نا أبو محمّد الكتاني، أنا رشأ بن نظيف، و علي بن الحسن بن علي ابن أبي زروان.......... (7) بن محمّد، أنا محمّد بن محمّد بن داود، نا عبد الرّحمن بن يوسف بن خراش قال..... (8).
ص: 162
أخبرنا] (1) أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو بكر بن الطبري..... (2) قال في تسمية أمراء يوم الجمل من أصحاب علي و جعل..... (3) بن هانئ الحارثي.
أخبرنا أبو الفرج بن علي في كتابه، نا أبو بكر أحمد بن علي، أنا أبو منصور محمّد بن علي بن إسحاق.... (4)،أنا أبو بكر أحمد بن بشر بن سعيد الحرقي، نا أبو روق أحمد بن محمّد بن بكر الهزّاني، نا أبو حاتم سهل بن محمّد بن عثمان السجستاني قال (5):قالوا: و عاش شريح بن هانئ بن نهيك بن دريد بن سفيان بن سلمة و هو الضباب بن الحارث بن كعب من مذحج عشرين و مائة سنة، فيما ذكر ابن الكلبي عن أبي مخنف،[قال:] (6) أنا أشياخنا (7) من بني الحارث قالوا: ثم قتل في ولاية الحجّاج بن يوسف مع ابن أبي بكرة، فقال و هو يرتجز قبل أن يقتل:
قد عشت بين المشركين أعصرا *** ثمّت أدركت النبيّ المنذرا
و بعده صدّيقه و عمرا *** و يوم مهران و يوم تسترا
و الجمع في صفّينهم و النّهرا *** هيهات ما أطول هذا عمرا
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا نصر بن أحمد بن نصر، أنا محمّد بن أحمد، و أحمد بن علي بن سوار قالا: أنا أبو الفرج الطناجيري قالا: أنا محمّد بن زيد الأنصاري، أنا أبو جعفر الشيباني، نا هارون بن حاتم نا أصحابنا منهم أبو نعيم قال: مات شريح بن هانئ و له مائة و عشرين سنة.
أخبرنا أبو غالب الماوردي، أنا محمّد بن علي السيرافي، أنا أحمد بن إسحاق، أنا أحمد بن عمران، نا موسى التستري (8)،نا خليفة قال (9):و فيها يعني سنة ثمان و سبعين ولّى
ص: 163
الحجاج عبيد اللّه بن أبي بكرة سجستان، فوجه عبيد اللّه بن أبي بكرة أبا بردعة، فأخذ عليه المضيق و قتل شريح بن هانئ الخولاني (1) و أصاب المسلمين ضيق و جوع شديد، فهلك عامة ذلك الجيش.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، و أبو العز الكيلي، قالا: أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن، زاد أبو البركات و أبو الفضل بن خيرون قالا: أنا أبو الحسين الأصبهاني، أنا أبو الحسين محمّد بن أحمد، نا عمر بن أحمد بن إسحاق، نا خليفة بن خياط قال (2):
شريح بن هانئ ابن يزيد بن نهيك بن دريد (3) بن سفيان بن الضباب و هو سلمة بن الحارث بن ربيعة بن الحارث بن كعب قتل مع أبي بكرة بسجستان سنة ثمان و سبعين.
ص: 164
شاعر من أهل البصرة.
وفد على عمر بن الخطاب و كان من أصحاب علي، شهد معه الجمل و صفّين.
وفد على معاوية بن أبي سفيان.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن محمّد بن كرتيلا، أنا أبو بكر محمّد بن علي الخياط ، أنا أبو الحسين أحمد بن عبد اللّه السوسنجرودي، أنا أبو جعفر أحمد بن أبي طالب، حدثني أبي أبو طالب علي بن محمّد، حدّثني أبو عمرو محمّد بن مروان بن عمر السعيدي، حدّثني جعفر بن أحمد بن سعدان، نا الحسن بن جهور قال: قال ابن الكلبي (1):زعموا (2) أن معاوية جلس ذات يوم بين يديه السماطان، فدخل الناس و أشراف العرب، و دخل فيمن دخل شريك بن الأعور الحارثي وافدا، فلما أن اطمأن به مجلسه نظر إليه معاوية، فقال: ما اسمك ؟ قال: شريك. فقال معاوية: ما للّه من شريك (3)،و إنك لأعور، و الصحيح خير من الأعور، و إنك لدميم (4) و الجميل خير من الدميم، فبم سدت قومك ؟ فقال له شريك: و اللّه
ص: 166
لقد أحميت أنفي و لا بد من إجابتك، فو اللّه إنك لمعاوية، و ما معاوية إلاّ كلبة عوت فاستعوت، و إنك لابن صخر، و السهل خير من الصخر، و إنك لابن حرب و السلم خير من الحرب، و إنك لابن أمية، و ما أمية إلا أمة صغرت فاستصغرت، فبم سدت قومك (1)؟فقال:
يا غلام، أقمه، فقام شريك، و أنشأ يقول (2):
أ يشتمني معاوية بن صخر (3) *** و سيفي صارم و معي لساني ؟
و حولي من ذوي يمن (4) ليوث *** ضراغمة تهشّ إلى الطعان
يعيرني الدمامة من سفاه *** و ربات الحجال من الغواني (5)
ذوات الدلّ في خيرات عصب *** يحيون الهجان مع الحسان (6)
فلا تبسط لسانك يا ابن حرب *** علينا إذ بلغت مدى الأماني
فإن تك للشقاء لنا أميرا *** فإنا لا نقر (7) على الهوان
و إن تك من أمية في ذراها *** فإني من بني عبد المدان
قرأت (8) بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف، و أنبأنيه أبو القاسم علي بن إبراهيم و أبو الوحش سبيع بن المسلم عنه، أنا أبو أحمد عبيد اللّه بن محمد بن أبي مسلم الفرضي. أنا أبو طاهر عبد الواحد بن أبي هاشم. نا أحمد بن سعيد القرشي. حدثني الزبير بن بكار، حدثني علي بن صالح عن عامر (9) بن صالح قال:
ص: 167
دخل شريك بن الأعور الحارثي على معاوية، و كان دميما قصيرا. فقال له معاوية:
إنك لدميم و الجميل خير من الدميم، و إنك لشريك، و ما للّه من شريك. و إنك لابن الأعور و البصير خير من الأعور، فكيف سدت قومك ؟ فقال له شريك: يا معاوية، إنك معاوية، و ما معاوية إلا كلبة عوت، فاستعوت، و إنك لابن حرب، و السلم خير من الحرب، و إنك لابن صخر، و السهل خير من الصخر، و إنك لابن أمية، و ما أمية إلا أمة صغرت. فكيف صرت أمير المؤمنين ؟ ثم خرج من عنده و هو يقول:
أ يشتمني معاوية بن صخر *** و سيفي صارم و معي لساني
و حولي من ذوي يمن ليوث *** ضراغمة تهش إلى الطعان
يعيرني الدمامة من سفاه *** و ربات الخدور هي الغواني
ذوات الحسن و الرئبال شثن *** شتيم وجهه ماضي الجنان
فلا تبسط لسانك يا بن حرب *** علينا إذ بلغت مدى الأماني
فإن تك للشقاء لنا أميرا *** فإنا لا نقر على الهوان
و إن تك من أمية في ذراها *** فإني في ذرى عبد المدان
زاد غيره بعد «الأماني».
متى ما تدع قومك أدع قومي *** و تختلف الأسنة بالطعان
يجبني كل غطريف شجاع *** كريم قد توشح باليماني
و بعده: فإن تك للشقاء.... البيتان.
بلغني أن شريك بن الحارث الحارثي المعروف بابن الأعور توفي بالكوفة قبل مقتل الحسين بن علي عليه السلام بيسير. و كان ابن زياد قد استصحبه من البصرة إلى الكوفة.
و كانت وفاته بعد خروج مسلم بن عقيل بثلاثة أيام.
أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن، أنا أبو الحسن السيرافي، أنا أحمد بن إسحاق، أنا أحمد بن عمران، نا موسى بن زكريا، نا خليفة بن خياط قال (1):
ص: 168
و في سنة ستين بعث الحسين بن علي بن أبي طالب مسلم بن عقيل بن أبي طالب إلى أهل الكوفة ليبايعوه، فبايعه ناس كثير. فجمع يزيد بن معاوية لعبيد اللّه بن زياد العراق، فخرج إلى الكوفة فقتل مسلم بن عقيل و هانئ بن عروة المرادي.
و بلغني أن خروج مسلم كان يوم الثلاثاء لثمان ليال مضين من ذي الحجة سنة ستين، و يقال: يوم الأربعاء لسبع مضين من ذي الحجة يوم عرفة.
شهد صفين مع معاوية، و قيل: إنه أحد قتلة عمار بن ياسر، له ذكر.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، أنا أبو محمّد الجوهري، أنا أبو عمر بن حيوية، أنا أحمد بن معروف، نا الحسين بن الفهم، نا محمّد بن سعد (1)،أنا محمّد بن عمر، حدّثني عبد اللّه بن جعفر، عن ابن أبي عون (2)،قال: قتل عمار بن ياسر، و هو ابن إحدى و تسعين سنة، و كان أقدم في الميلاد من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، و كان أقبل إليه ثلاثة (3) نفر عقبة بن عامر الجهني، و عمر بن حارث الخولاني، و شريك بن سلمة المرادي، فانتهوا إليه جميعا و هو يقول: و اللّه لو ضربتمونا حتى تبلغوا بنا سعفات هجر علمت أنّا على حقّ ، و أنتم على باطل، فحملوا عليه جميعا فقتلوه.
و زعم بعض الناس أن عقبة بن عامر هو الذي قتل عمّارا، و هو الذي كان ضربه حين أمره عثمان بن عفان، و يقال: بل الذي قتله عمر بن الحارث الخولاني. قال: و في غير هذه الرواية: أن قاتل عمارا أبو الغادية يسار بن سبع الجهني، و يقال: المزني، و هو أشهر من هذه.
كوفي من التابعين أحد الاثني عشر الذين قدم بهم من الكوفة مع حجر بن عدي إلى عذراء و قتل بها.
تقدم ذكر قدومه في ترجمة أرقم بن عبد اللّه.
ص: 169
قرأت بخط أبي الحسين أحمد بن محمّد بن يعقوب البغدادي، أخبرني أبو بكر محمّد بن أحمد بن هارون العسكري البزاز، أخبرني إبراهيم بن عبد اللّه بن الجنيد الختلي، حدّثني محمّد بن حميد، نا جرير بن عبد الحميد عن عنبسة بن سعيد، عن المغيرة بن النعمان، عن رجل من أهل البصرة قال:
خرجت أريد بيت المقدس فأواني المطر إلى صومعة راهب، فأشرف علي، فقال: أين تريد؟ قلت: بيت المقدس، قال: ثم أين ؟ قلت: المدينة، قال: هل أنت مبلغ كعب الأحبار عني رسالة ؟ قال: فقلت: نعم، إلا أن أنسى أو أموت، قال: قل له إذا لقيته: إن راهب بني فلان يقول لك: ما بال مسجد القطموس (1)؟فقدمت بيت المقدس فقضيت حاجتي ثم أتيت المدينة فلقيت كعبا فبلّغته رسالة الراهب، فقال: إذا قضيت حاجتك و أردت الرجعة فائتني، فأتيته حين قضيت حاجتي فقال: إذا أتيته فقل له: إن كعبا يقول لك: ما حال قتلى عذراء؟ فلمّا أن لقيته قلت: إن كعبا يقول كذا و كذا، فقال: قاتل اللّه كعبا، ما بقي أحد أعلم منه، ثم انقمع في صومعته، فقلت: إنّي قد بلّغتك عن كعب، و أبلغت كعبا عنك، ثم أخرج من بينكما صفرا؟ و اللّه لا أبرح حتى تخبرني أو تأكلني السباع، فتحمل دمي، قال: فجعل يلاحظني النظر، فلما رآني لا أبرح أشرف علي فقال: إنّا نجد في كتابنا: أن قوما من أهل دينكم يقتلون بعذراء لا حساب عليهم، و لا عذاب، فما مكثت إلاّ يسيرا حتى جيء بحجر بن عدي و أصحابه، فقتلوا بعذراء.
شهد مع معاوية صفين، و كان أميرا على كنانة فلسطين يومئذ، و كان من العشرة الذين وجههم يزيد إلى ابن الزبير يدعوه إلى الطاعة، له ذكر في حديث من رواية الهيثم بن عدي.
أخبرنا أبو غالب الماوردي، أنا أبو الحسن السيرافي، أنا أحمد بن إسحاق، نا أحمد ابن عمران، نا موسى التستري، نا خليفة بن خياط العصفري، قال (2):و قال أبو عبيدة:
و كان على كنانة فلسطين - يعني يوم صفين - شريك الكناني.
ص: 170
أوفده يوسف بن عمر الثقفي على هشام بن عبد الملك و أثنى عليه لتوليه خراسان، فأبى هشام ذلك، تقدم ذكر وفادته في ترجمة سلم (1) بن قتيبة (2).
أدرك النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و بعثه أبو بكر رسولا إلى خالد بن الوليد حين... (3)... دومة الجندل إلى دمشق، و بعثه عمر بن الخطاب رسولا إلى عمرو بن العاص على الشام حين أمره بالتوجه إلى فتح مصر.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، أنا الحسن بن علي، أنا أبو عمر بن حيوية، أنا أحمد بن معروف، نا الحسين بن الفهم، نا محمّد بن سعد، نا محمّد بن عمر، نا شيبان بن عبد الرّحمن، عن جابر، عن عامر، عن البراء بن عازب قال: و حدّثني طلحة بن محمّد بن سعيد، عن أبيه، عن سعيد بن المسيّب، قالا:
كتب أبو بكر الصديق إلى خالد بن الوليد حين فرغ من أهل اليمامة أن يسير إلى العراق، فخرج خالد من اليمامة فسار حتى أتى الحيرة، فنزل بحرّان و المرزبان بالحيرة ملك، كان لكسرى ملكه حين مات النعمان بن المنذر فتلقاه بنو قبيصة و بنو بقيلة و عبد المسيح بن حيان بن بقيلة، فصالحوه على الحيرة، و أعطوه الجزية مائة ألف درهم على أن يتنحّى إلى السواد، ففعل، و صالحوه و كتب لهم كتابا. و كانت أول جزية في الإسلام (4)،ثم سار خالد إلى عين التمر فدعاهم إلى الإسلام فأبوا فقاتلهم قتالا شديدا فظفره اللّه بهم، فقتل و سبى (5)، و بعث بالسبي إلى أبي بكر الصدّيق ثم نزل بأهل ألّيس (6) و هي قرية أسفل الفرات،
ص: 171
فصالحهم، و كان الذي ولي صلحه هانئ بن جابر على ثمانين ألف درهم، ثم سار فنزل ببانقيا (1) على شاطئ الفرات فقاتلوه ليلة حتى الصباح ثم طلبوا الصلح، فصالحهم، و كتب لهم كتابا (2)،و صالح صلوبا بن بصبهرى (3) و منزله بشاطئ الفرات على جزية ألف درهم.
ثم كتب إليه أبو بكر يأمره بالمسير إلى الشام، و كتب إليه: إنّي قد استعملتك على جنود، و عهدت إليك عهدا تقرؤه و تعمل بما فيه، فسر إلى الشام حتى يوافيك كتابي، فقال خالد: هذا عمل عمر بن الخطاب حسدني أن يكون فتح العراق على يديّ ، فاستخلف المثنى ابن حارثة الشيباني مكانه، و سار حتى نزل دومة الجندل، و أوفاه كتاب أبي بكر و عهده مع شريك بن عبدة العجلاني، فكان أحد الأمراء بالشام خلافة أبي بكر و فتح بها فتوحا كثيرة، و هو الذي ولي صلح أهل دمشق، و كتب لهم كتابا فأنفذوا ذلك له، فلما توفي أبو بكر و ولي عمر بن الخطاب عزل خالدا عما كان عليه و ولّى أبا عبيدة بن الجرّاح، فلم يزل خالد مع أبي عبيدة في جنده يغزو و كان له بلاء و غناء و إقدام في سبيل اللّه حتى توفي، رحمه اللّه، بحمص سنة إحدى و عشرين، و أوصى إلى عمر بن الخطاب، و دفن في قرية على ميل من حمص.
قال محمّد بن عمر: سألت عن تلك القرية فقيل قد دثرت.
ص: 172
[ذكر من اسمه] (1) شعبة
شهد حصار دمشق مع عبد اللّه بن علي بن عبد اللّه بن العباس.
قرأت على أبي غالب بن البنا، عن أبي الفتح بن المحاملي، أنا أبو الحسن الدارقطني قال: شعبة بن عثمان بن خريم (2) بن عمرو من بني مالك بن عمرو بن تميم، هو الذي وجهه عبد اللّه بن علي الهاشمي في طلب مروان بن محمّد، و كان من فرسان خراسان.
من بني مازن بن عامر بن تميم
من أهل البصرة.
وفد على معاوية و كان ممن شهد ابن زياد بن أبي سفيان، تقدم ذكر وفوده في ترجمة زياد بن أسامة الحرمازي (3).
ص: 173
[ذكر من اسمه] (1) شعلة
ولي إمرة دمشق سنة ثمان و ثلاثين و ثلاثمائة، من قبل أبي القاسم أنوجور (2) و أبي الحسن علي ابني (3) الإخشيد أبي بكر محمّد بن طغج الفرغاني في خلافة المطيع للّه و كان بطلا شجاعا محتكرا غلت في ولايته الأسعار، و امتدت ولايته إلى أن قتل في عمل طبرية في حرب بينه و بين و اليها ملهم العقيلي في شهر ربيع الأول سنة خمس و أربعين و ثلاثمائة و كانت ولايته إياها بعد أبي المظفر الحسن بن طغج (4) الثانية.
ص: 174
ابن عبد مناف ابن عم رسول اللّه (ص)
أبو العباس الهاشمي
و عن ابن عباس قال: قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و أنا ابن عشر سنين مختون (1).
و في رواية: و قد قرأت القرآن.
و في رواية: و قد جمعت المحكم. قيل: و ما المحكم ؟ قال المفصّل (2).
و في رواية: توفي النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و أنا ابن خمس عشرة سنة و أنا ختين (3).
ص: 175
و عن ابن عباس قال (1):
أقبلت راكبا على أتان، و أنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام، و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يصلي بالناس بمنى، فمررت بين يدي بعض الصف، فنزلت و أرسلت الأتان ترتع، و دخلت في الصف، فلم ينكر ذلك عليّ .
قال محمد بن عمر (2):
لا اختلاف عند أهل العلم عندنا أن ابن عباس ولد في الشعب و بنو هاشم محصورون، فولد ابن عباس قبل خروجهم منه بيسير، و ذلك قبل الهجرة بثلاث سنين، فتوفي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و ابن عباس ابن ثلاث عشرة سنة. أ لا تراه يقول في الحديث: راهقت الاحتلام في حجة الوداع.
قال عبيد اللّه بن أبي يزيد (3):سمعت ابن عباس يقول:
أنا و أمي من المستضعفين، كانت أمي من النساء و أنا من الولدان و دعا سيدنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم لعبد اللّه بن العباس و قال:«اللهم أعطه الحكمة و علمه التأويل» (4).
و كان بحرا لا ينزف، و رأى جبريل عليه السلام (5).
و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«عسى ألا يموت حتى يؤتى علما و يذهب بصره» (6).
و كان عمر يأذن له مع المهاجرين و يسأله و يقول: غص غوّاص، و كان إذا رآه مقبلا
ص: 176
قال: أتاكم فتى الكهول، له لسان سئول و قلب عقول (1).
و قيل في كنية عبد اللّه بن العباس: أبو عبد الرحمن. و كان قد عمي قبل وفاته. و مات سنة ثمان و ستين بالطائف في فتنة ابن الزبير، فصلى عليه محمد بن الحنفية (2).
و غزا عبد اللّه بن عباس إفريقية مع عبد الله بن سعد (3) سنة سبع و عشرين.
و أمه أم الفضل أخت ميمونة زوج النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و اسمها لبابة الصغرى بنت الحارث بن حزن بن بجير ابن الهزم (4) بن رويبة بن عبد اللّه بن هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان (5).
و كان بنو العباس بن عبد المطلب عشرة (6):الفضل، و عبد اللّه، و عبيد اللّه، و معبد، و قثم، و عبد الرحمن، و أمهم أم الفضل بنت الحارث. و كثير، و الحارث، و عون، و تمّام و هو أصغرهم فكان العباس يحمله و يقول:
تمّوا بتمّام فصاروا عشره
يا ربّ فاجعلهم كراما برره
و اجعلهم ذكرا و أنم الثمره
مات كثيّر و قثم بينبع أخذته الذّبحة (7)،و استشهد الفضل بأجنادين (8)،و عبد الرحمن
ص: 177
و معبد بإفريقية (1)،و عبد اللّه بالطائف، و عبيد اللّه باليمن (2).و يقال: مات قثم بسمرقند، و كان خرج مع سعيد بن عثمان بن عفان في زمن معاوية. قبره بها.
و كان مسلم بن قمادين المكي يقول: ما رأيت مثل بني أمّ واحدة إشراقة، ولدوا في دار واحدة، أبعد قبورا من بني أم الفضل.
و كان عبد اللّه طويلا مشربا صفرة، جسيما، و سيما، صبيح الوجه، له وفرة، يخضب بالحناء (3)،و كان يسمى الحبر و البحر لكثرة علمه و حدّة فهمه، حبر الأمة و فقيهها، و لسان العشرة و منطيقها، محنّك بريق النبوة، و مدعو له بلسان الرسالة: فقّهه في الدين و علّمه التأويل. ترجمان القرآن، سمع نجوى جبريل عليه السلام للرسول و عاينه. و مولده كان عام الشّعب قبل الهجرة بثلاث سنين. و قبض النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و هو ختين. و كانوا يختتنون للبلوغ، و توفي بالطائف سنة ثمان و ستين. و قيل سنة سبعين، و صلى عليه محمد بن الحنفية و سماه رباني هذه الأمة (4)،و جاء طير أبيض فدخل في أكفانه (5)،و سمع هاتف يهتف من قبره يقول: يٰا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ اِرْجِعِي إِلىٰ رَبِّكِ رٰاضِيَةً مَرْضِيَّةً [سورة الفجر، الآيتان:28-27].
و كان عمر بن الخطاب يدنيه و يسأله و يستشيره (6)،و يدخله مع مشيخة أهل بدر و كان له الجواب الحاضر و الوجه الناضر، صبيح الوجه، له وفرة مخضوبة بالحناء، أبيض طويل، مشرب صفرة، جسيم، و سيم، علمه غزير و خيره كثير، يصدر الجاهل عن علمه و حكمته يقظان، و الجائع عن خيره و مائدته شبعان.
و كانت عائشة تقول: هو أعلم من بقي بالسنة.
ص: 178
و كان ابن عمر يقول: هو أعلم الناس بما أنزل على محمد صلّى اللّه عليه و سلّم.
و شهد ابن عباس مع علي بن أبي طالب عليه السلام صفين و قتال الخوارج بالنّهروان (1)،و ورد في صحبته المدائن (2)،و كان ابن عباس إذا قعد أخذ مقعد الرجلين (3)، و كان يخضب بالسواد.
قال ابن جريج: كنا جلوسا مع عطاء بن أبي رباح في المسجد الحرام فتذاكرنا ابن عباس و فضله، و علي ابن عبد الله في الطواف و خلفه محمد بن علي بن عبد اللّه بن عباس فعجبنا من تمام قامتهما و حسن وجوههما، قال عطاء: و أين حسنهما من حسن عبد اللّه بن عباس، ما رأيت القمر ليلة أربع عشرة و أنا في المسجد الحرام طالعا من جبل أبي قبيس إلاّ ذكرت وجه عبد اللّه بن عباس (4)،و لقد رأيتنا جلوسا معه في الحجر إذ أتاه شيخ فديم (5)بدوي من هذيل يهدج على عصاه فسأله عن مسألة فأجابه، فقال الشيخ لبعض من معه: من هذا الفتى ؟ قالوا: هذا عبد اللّه بن عباس بن عبد المطلب. قال الشيخ: سبحان اللّه الذي غيّر حسن عبد المطلب إلى ما أرى. قال عطاء: فسمعت ابن عباس يقول: سمعت أبي يقول: كان عبد المطلب أطول الناس قامة، و أحسن الناس وجها، ما رآه أحد قط إلا أحبه.
و كان له مفرش في الحجر لا يجلس عليه غيره، و لا يجلس عليه معه أحد، و كان النديّ من قريش حرب بن أمية فمن دونه يجلسون حوله دون المفرش، فجاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و هو صغير، لم يبلغ، فجلس على المفرش فجبذه رجل، فبكى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فقال عبد المطلب - و ذلك بعد ما كفّ بصره-: ما لابني يبكي ؟! قالوا له: أراد أن يجلس على المفرش فمنعوه، فقال عبد المطلب: دعوا ابني يجلس عليه، فإنه يحسّ من نفسه بشرف، و أرجو أن يبلغ من الشرف ما لم يبلغ عربي قبله و لا بعده، و مات عبد المطلب و النبي صلّى اللّه عليه و سلّم ابن ثماني سنين، و كان خلف جنازة عبد المطلب يبكي حتى دفن بالحجون.
ص: 179
قال عكرمة (1):كان ابن عباس إذا مرّ في الطريق قلن (2) النساء على الحيطان: أمرّ المسك أم مرّ ابن عباس ؟ قال ابن عباس: أجلسني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم في حجره، و مسح رأسي، و دعا لي بالبركة (3).
و عن ابن عباس قال: أتيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم من آخر الليل، فصليت خلفه، فأخذ بيدي فجرّني حتى جعلني حذاءه. فلما أقبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم على صلاته خنست (4)،فأخذ بيدي فجعلني حذاءه. فلما أقبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم على صلاته خنست، فصلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم. فلما انصرف قال لي:«ما شأني أجعلك حذائي فتخنس ؟» فقلت: يا رسول اللّه، أو ينبغي لأحد أن يصلي حذاءك و أنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم الذي أعطاك اللّه عز و جل ؟ قال: فأعجبه، فدعا اللّه لي أن يزيدني علما و فهما (5).قال: ثم رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم نام حتى سمعته نفخ، ثم أتاه بلال فقال: يا رسول اللّه، الصلاة، فقام فصلى ما أعاد وضوءا[14265].
قال ابن عباس: دعا لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أن يؤتيني الحكمة (6) و التأويل، قال:
و الحكمة: القرآن، و التأويل: تفسيره.
و عن ابن عباس قال: دعا لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم بخير كثير. و قال:«نعم ترجمان القرآن أنت»[14266].
و عن ابن عباس (7):أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم وضع يده على رأس عبد اللّه فقال:«اللهم، أعطه الحكمة، و علّمه التأويل»[14267].
ص: 180
و وضع يده على صدره، فوجد عبد اللّه بن العباس بردها في ظهره، ثم قال:«اللهم أحش جوفه حكما و علما»، فلم يستوحش في نفسه إلى مسألة أحد من الناس، و لم يزل حبر هذه الأمة حتى قبضه اللّه عز و جل (1).[14268] و عن عمر قال: قال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم:«إن أرأف أمتي بها أبو بكر، و إن أصلبها في أمر اللّه لعمر، و إن أشدها حياء لعثمان، و إن أقرأها لأبيّ ، و إنّ أفرضها لزيد، و إن أقضاها لعلي، و إن أعلمها بالحلال و الحرام لمعاذ، و إن أصدقها لهجة لأبو ذر، و إن أمير هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح، و إن حبر هذه الأمة لعبد اللّه بن عباس»[14269].
و عن ابن عباس قال (2):انتهيت إلى النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و عنده جبريل عليه السلام، فقال له جبريل: إنه كائن حبر هذه الأمة فاستوص به خيرا.
و عن ابن عمر قال (3):دعا النبي صلّى اللّه عليه و سلّم لعبد اللّه بن العباس فقال:«اللهم، بارك فيه و انشر منه»[14270].
و عن ابن عباس قال (4):مررت برسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و عليه ثياب بياض (5) نقية، و هو يناجي دحية بن خليفة الكلبي، و هو جبريل، و أنا لا أعلم، قال: فلم أسلّم. قال: فقال جبريل: يا محمد، من هذا؟ قال:«هذا ابن عمي، هذا ابن عباس» قال: ما أشد وضح ثيابه، أما إن ذريته ستسود بعده، لو سلم لرددنا عليه. قال: فلما رجعت قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«ما منعك أن تسلّم ؟» (6)[14271] قال: قلت يا رسول اللّه، رأيتك تناجي دحية الكلبي، فكرهت أن
ص: 181
تقطعا مناجاتكما. قال:«و قد رأيته ؟» قال: قلت: نعم، قال:«أما إنه سيذهب بصرك، و يرده اللّه عليك في موتك». قال: فلما قبض ابن عباس و وضع على سريره جاء طير أبيض شديد الوضح فدخل في أكفانه فلمسوه، فقال لي عكرمة: ما تصنعون ؟ هذه بشرى النبي صلّى اللّه عليه و سلّم. قال:
فلما وضع في لحده تلقّي بكلمة سمعها من كان على شفير القبر يٰا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ اِرْجِعِي إِلىٰ رَبِّكِ رٰاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبٰادِي وَ ادْخُلِي جَنَّتِي [سورة الفجر، الآيات:27 - 30].
و في حديث آخر بمعناه: و رجل يناجيه و لم يذكر دحية الكلبي.
و في حديث آخر بمعناه عن سعيد بن جبير قال (1):مرّ العباس و ابنه على النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و عنده جبريل، فسلّم العباس يعني: على النبي صلّى اللّه عليه و سلّم فلم يرد عليه النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال: فشقّ عليه.
قال: فلما جاز قال: يقول له ابنه: أبه، من الرجل الذي كان عند النبي صلّى اللّه عليه و سلّم ؟ قال: فشق على العباس و خشي أن يكون قد عرض لابنه شيء لأنه لم ير هو مع النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أحدا، قال: فجاء العباس فقال: يا رسول اللّه، مررت بك فسلّمت فلم تردّ علي السلام. فلما مضيت قال لي ابني: من الرجل الذي مع النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«فلقد رآه ؟ ذاك جبريل»[14272] قال: فمسح النبي صلّى اللّه عليه و سلّم رأسه و دعا له بالعلم.
و عن أنس قال: نظر علي بن أبي طالب إلى جبريل عليه السلام مرة، و نظر إليه ابن عباس مرة.
و عن عبد اللّه بن عباس قال: دخلت على خالتي ميمونة في يومها من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و هو نائم، و رأسه في حجرها، فقلت: يا أمه، أو يا خالة، دعيني أغمز رجل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قالت: شأنك، فتناولت رجليه فجعلتهما في حجري، فانتبه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فقال:«يا عبد اللّه، أحبك الذي أحببتني له، أما إن جبريل قد أوصى بك خيرا»، و قال: إن عبد اللّه من خيار هذه الأمة و إن ولده يرزقون الخلافة في آخر الزمان، و يرزقون حسن مشية الدواب[14273].
و عن ابن عباس قال (2):كنت ردف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فقال لي:«يا غلام، أ لا أعلمك
ص: 182
شيئا ينفعك اللّه به ؟» قلت: بلى يا رسول اللّه، قال:«احفظ اللّه يحفظك، احفظ اللّه تجده أمامك، تعرّف إلى اللّه في الرخاء، يعرفك في الشدة، و إذا سألت فاسأل اللّه، و إذا استعنت فاستعن باللّه (1)،فقد جف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة، و لو جهد الخلائق أن ينفعوك (2)بشيء لم يكتبه اللّه عليك لم يقدروا، و لو جهد الخلائق أن يضروك بشيء لم يكتبه اللّه عليك لم يقدروا على ذلك» (3)[14274].
و عن ابن عباس قال: كنت ردف النبي صلّى اللّه عليه و سلّم فقال:«إني سألت اللّه عز و جل لكم يا بني عبد المطلب أن يهدي ضالكم، و أن يثبّت قائلكم، و كلمة سقطت عن ابن القاسم، و أن يجعلكم نجبا نجدا جودا، و لو أن أحدا صفن (4)صلاة ما بين الركن و المقام ثم مات و هو مبغض لكم دخل النار»[14275].
و عن ابن عباس: شرب النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و ابن عباس عن يمينه و خالد بن الوليد عن شماله، فقال له النبي صلّى اللّه عليه و سلّم:«الشّربة لك، فإن شئت آثرت بها خالدا»، قال: ما أوثر على سؤر (5)رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أحدا.
و عن ابن عباس قال (6):لما قبض رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قلت لرجل من الأنصار: هلمّ فلنسأل أصحاب النبي صلّى اللّه عليه و سلّم نتعلم منهم فإنهم [اليوم] (7)كثير، فقال: العجب و اللّه لك يا ابن عباس!
ص: 183
أ ترى الناس يحتاجون (1)إليك و في الأرض من ترى من أصحاب محمد صلّى اللّه عليه و سلّم (2)فتركت ذلك، و أقبلت على المسألة و تتبّع أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فإن كان ليبلغني الحديث عن الرجل سمعه عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم فآتيه فأجده قائلا، فأتوسد ردائي على بابه، تسفي الرياح على وجهي حتى يخرج، فإذا خرج قال: ما جاء بك يا بن عم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فأقول: جئت، بلغني أنك تحدث عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم فأحببت أن أسمعه منك فيقول: هلا بعثت إلي حتى آتيك ؟ فأقول: أنا كنت أحق أن آتيك. فكان هذا الرجل يمر بي و قد ذهب أصحاب النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و احتاج الناس إلي فيقول: أنت كنت أعقل مني.
و عن ابن عباس قال (3):كنت أكرم (4)الأكابر من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم من المهاجرين و الأنصار، و أسألهم عن مغازي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و ما نزل من القرآن في ذلك، و كنت لا آتي أحدا منهم إلا سرّ بإتياني لقربي من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فجعلت أسأل أبيّ بن كعب يوما - و كان من الراسخين في العلم - عما نزل من القرآن بالمدينة ؟ فقال: نزل سبع و عشرون سورة، و سائرها بمكة.
و كان ابن عباس يأتي أبا رافع مولى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فيقول: ما صنع النبي صلّى اللّه عليه و سلّم يوم كذا و كذا؟ و مع ابن عباس ألواح يكتب ما يقول (5).
قال معمر (6):عامّة علم ابن عباس عن ثلاثة: عمر بن الخطاب، و علي بن أبي طالب، و أبي بن كعب.
قال ابن عباس: طلبت العلم فلم أجده أكثر منه في الأنصار، فكنت آتي الرجل فأسأل عنه فيقال لي: نائم، فأتوسد ردائي ثم أضطجع حتى يخرج إليّ الظهر فيقول: متى كنت ها
ص: 184
هنا يا ابن عم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فأقول: منذ طويل فيقول: بئس ما صنعت، هلا أعلمتني ؟ فأقول:
أردت أن تخرج إلي و قد قضيت حاجتك (1).
و عن طاوس قال: قال ابن عباس: إن كنت لأسأل عن الأمر الواحد ثلاثين من أصحاب النبي صلّى اللّه عليه و سلّم.
و قيل لابن عباس: كيف أصبت هذا العلم ؟ قال: بلسان سئول، و قلب عقول (2).
و عن ابن عباس قال: ذللت طالبا لطلب العلم، فعززت مطلوبا.
و عن ابن عباس قال (3):كل القرآن أعلمه إلا ثلاثا «الرقيم»، و «غسلين»، و «حنانا» (4).
و عن ابن عباس قال: قد حفظت السنة كلها، غير أني لا أدري أ كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقرأ في الظهر و العصر أم لا، و لا أدري كيف كان يقرأ هذا الحرف وَ قَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (5)أو عسيّا (6).
قال ابن عباس (7):دخلت على عمر بن الخطاب يوما فسألني عن مسألة كتب إليه بها يعلى بن أمية من اليمن، فأجبته فيها، فقال عمر: أشهد أنك تنطق عن بيت نبوّة.
و عن سعيد بن جبير قال: قال عمر لابن عباس (8):لقد علّمت علما ما علّمناه.
ص: 185
و عن سعيد بن جبير قال (1):كان أناس من المهاجرين قد وجدوا على عمر في إدنائه ابن عباس دونهم - قال: و كان يسأله - فقال عمر: أما إني سأريكم اليوم منه ما تعرفون فضله، فسألهم عن هذه السورة: إِذٰا جٰاءَ نَصْرُ اللّٰهِ وَ الْفَتْحُ وَ رَأَيْتَ النّٰاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللّٰهِ أَفْوٰاجاً [سورة النصر، الآيتان:1 و 2] قال بعضهم: أمر اللّه نبيه إذا رأى الناس يدخلون في دين اللّه أفواجا أن يحمدوه و يستغفروه. قال: فقال عمر: يا ابن عباس، أ لا تكلّم قال:
فقال: أعلمه متى يموت (2).قال: إِذٰا جٰاءَ نَصْرُ اللّٰهِ وَ الْفَتْحُ -و في رواية: و الفتح: فتح مكة- وَ رَأَيْتَ النّٰاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللّٰهِ أَفْوٰاجاً فهي آيتك من الموت فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ اسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كٰانَ تَوّٰاباً [سورة النصر، الآية:3] قال: ثم سألهم عن ليلة القدر فأكثروا فيها. فقال بعضهم: كنا نرى أنها في العشر الأوسط ، ثم بلغنا أنها في العشر الأواخر، قال: فأكثروا فيها، فقال بعضهم: ليلة إحدى و عشرين، و قال بعضهم: ثلاث و عشرين، و قال بعضهم: سبع و عشرين، فقال بعضهم لابن عباس: أ لا تكلّم! قال: اللّه أعلم. قال:
قد نعلم أن اللّه أعلم، إنما نسألك عن علمك فقال ابن عباس: اللّه وتر يحب الوتر، خلق من خلقه سبع سماوات فاستوى عليهن، و خلق الأرض سبعا، و خلق عدة الأيام سبعا، و جعل طوافا بالبيت سبعا، و رمي الجمار سبعا، و بين الصفا و المروة سبعا، و خلق الإنسان من سبع، و جعل رزقه من سبع. قال: فقال عمر: و كيف خلق الإنسان من سبع، و جعل رزقه من سبع فقد فهمت من هذا أمرا ما فهمته ؟ قال ابن عباس: إن اللّه يقول: وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسٰانَ مِنْ سُلاٰلَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنٰاهُ نُطْفَةً فِي قَرٰارٍ مَكِينٍ حتى بلغ إلى قوله:
فَتَبٰارَكَ اللّٰهُ أَحْسَنُ الْخٰالِقِينَ [سورة المؤمنون، الآيات:12-14] قال: ثم قرأ: أَنّٰا صَبَبْنَا الْمٰاءَ صَبًّا ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا فَأَنْبَتْنٰا فِيهٰا حَبًّا وَ عِنَباً وَ قَضْباً وَ زَيْتُوناً وَ نَخْلاً وَ حَدٰائِقَ غُلْباً وَ فٰاكِهَةً وَ أَبًّا [سورة عبس، الآيات:25-31] و أما السبعة فلبني آدم، و أما الأبّ فما أنبتت الأرض للأنعام، و أما ليلة القدر فما نراها إن شاء اللّه إلا ليلة ثلاث و عشرين يمضين و سبع
ص: 186
بقين [فقال عمر: كيف تلومونني على ابن عباس ؟] (1).
و عن ابن عباس قال (2):كان عمر يجلس مع الأكابر من أصحاب محمد، و يقول لي:
لا تكلّم حتى يتكلموا، ثم يسألني، ثم يقبل عليهم، فيقول: ما يمنعكم أن تأتوني بمثل ما يأتيني به هذا الغلام الذي لم تستو شئون رأسه ؟! (3).
و في حديث آخر عن ابن عباس قال (4):كان عمر بن الخطاب يأذن لأهل بدر، و يأذن لي معهم. قال: فقال بعضهم: يأذن لهذا الفتى معنا و من أبنائنا من هو مثله، فقال عمر: إنه ممن قد علمتم. قال: فأذن لهم ذات يوم، و أذن لي معهم فسألهم عن هذه السورة: إِذٰا جٰاءَ نَصْرُ اللّٰهِ وَ الْفَتْحُ و ساق الحديث بمعنى ما تقدم.
و عن الزهري قال (5):قال المهاجرون لعمر: أ لا ندعو أبناءنا كما تدعو ابن عباس ؟ قال: ذاكم فتى الكهول، إن له لسانا سئولا و قلبا عقولا.
و عن ابن عباس قال (6):قدم على عمر رجل، فجعل عمر يسأله عن الناس، فقال: يا أمير المؤمنين، قرأ منهم القرآن كذا و كذا، فقال ابن عباس: و اللّه ما أحب أن يسارعوا يومهم هذا في القرآن هذه المسارعة. قال: فزبرني عمر ثم قال: مه، قال: فانطلقت إلى منزلي مكتئبا حزينا، فقلت: قد كنت نزلت من هذا الرجل بمنزلة ما أراني إلا أني قد سقطت من نفسه، قال: فرجعت إلى منزلي فاضطجعت على فراشي حتى عادني نسوة أهلي و ما بي وجع، و ما هو إلا الذي نقلني به عمر، قال: فبينا أنا كذلك إذ أتاني رجل فقال: أجب أمير
ص: 187
المؤمنين، قال: فخرجت فإذا هو قائم قريبا ينتظرني، فأخذ بيدي ثم خلا بي فقال: ما كرهت مما قال الرجل ؟ قال: قلت: يا أمير المؤمنين، إن كنت أسأت فأستغفر اللّه و أتوب إليه، و أنزل حيث أحببت، قال: لتحدثني ما الذي كرهت مما قال الرجل، فقلت: يا أمير المؤمنين، إنهم متى سارعوا هذه المسارعة يحتقّوا (1) و متى يحتقوا اختلفوا، و متى اختلفوا يقتتلوا (2)،قال: للّه أبوك، و اللّه لقد كنت أكاتمها الناس حتى جئت بها.
و عن أبي الزناد (3):أن عمر بن الخطاب دخل على ابن عباس يعوده و هو يحمّ ، فقال له عمر: أخلّ بنا مرضك، فاللّه المستعان.
و عن عبد اللّه بن عباس قال (4):قال لي أبي: إن عمر بن الخطاب يدنيك (5) فاحفظ عني ثلاثا: لا تفشين له سرا، و لا تغتابن عنده أحدا، و لا يجرّبن عليك كذبا.
قال الشعبي: قلت لابن عباس: كل واحدة خير من ألف. قال: بل خير من عشرة آلاف.
و في حديث آخر: و لا ابتدأته بشيء حتى يسألك عنه، عوضا عن الكذب.
و في حديث آخر: أن العباس بن عبد المطلب قال لابنه عبد اللّه بن العباس: يا بني أنت أعلم مني و أنا أفقه منك، إن هذا الرجل يدنيك، يعني عمر بن الخطاب، فاحفظ عني ثلاثا... الحديث.
و عن عطاء بن يسار (6):أن عمر و عثمان كانا يدعوان ابن عباس فيسيّر مع أهل بدر، و كان يفتي في عهد عمر و عثمان إلى يوم مات.
ص: 188
قال المدائني: قال علي بن أبي طالب في عبد اللّه بن عباس: إنه ينظر إلى الغيب من ستر رقيق، لعقله و فطنته بالأمور.
و عن عكرمة (1):أن عليا حرق ناسا ارتدوا عن الإسلام، فبلغ ذلك ابن عباس فقال: لم أكن لأحرّقهم بالنار، إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«لا تعذّبوا بعذاب اللّه، و كنت قاتلهم لقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«من بدل دينه فاقتلوه»، فبلغ ذلك عليا فقال: ويح ابن أم الفضل إنه لغوّاص على الهنات (2)[14276].
و عن سعد بن أبي وقاص قال (3):ما رأيت أحدا أحضر فهما، و لا ألبّ لبّا، و لا أكثر علما، و لا أوسع حلما من ابن عباس. و لقد رأيت عمر بن الخطاب يدعوه للمعضلات ثم يقول: عندك، قد جاءتك معضلة، ثم لا يجاوز قوله، و إنّ حوله لأهل بدر من المهاجرين و الأنصار.
و عن مسروق قال (4):قال عبد اللّه: لو أن ابن عباس أدرك أسناننا ما عاشره (5) منا أحد (6).
و في رواية عنه (7) قال: لو أن هذا الغلام من بني عبد المطلب أدرك ما أدركنا ما تعلّقنا منه بشيء.
سألت امرأة ابن عمر عن مسألة فقال: ائتي ابن عباس، فإنه أعلم الناس بما أنزل اللّه عز و جل على محمد صلّى اللّه عليه و سلّم.
ص: 189
و عن ابن عمر (1):أن رجلا أتاه يسأله عن اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضَ كٰانَتٰا رَتْقاً فَفَتَقْنٰاهُمٰا [سورة الأنبياء، الآية:30]، قال: اذهب إلى ذلك الشيخ فسله (2) ثم تعالى فأخبرني ما قال.
فذهب إلى ابن عباس فسأله، فقال ابن عباس: كانت السموات «رتقا» لا تمطر، و كانت الأرض «رتقا» لا تنبت، ففتق هذه بالمطر، و فتق هذه بالنبات، فرجع الرجل إلى ابن عمر، فأخبره، فقال: إن ابن عباس قد أوتي علما. صدق، هكذا كانت (3)،ثم قال ابن عمر: قد كنت أقول: ما تعجبني جرأة ابن عباس على تفسير القرآن، فالآن قد علمت أنه قد أوتي علما.
و لما مات ابن عباس قال جابر بن عبد اللّه لما بلغه موته، و صفق بإحدى يديه على الأخرى: مات أعلم الناس، و أحلم الناس، و لقد أصيبت به هذه الأمة مصيبة لا ترتق (4).
و لما مات ابن عباس قال رافع بن خديج: مات اليوم من كان يحتاج إليه من بين المشرق و المغرب في العلم (5).
و عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: ابن عباس أعلم الناس بالحج (6).
قال الشعبي (7):ركب زيد بن ثابت، فأخذ ابن عباس بركابه، فقال: لا تفعل يا ابن عم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا، فقال له زيد: أرني يديك، فأخرج يديه فقبلهما، و قال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبيّنا.
و عن ابن عباس قال: نحن - أهل البيت - شجرة النبوة، و مختلف الملائكة، و أهل بيت الرسالة، و أهل بيت الرحمة، و معدن العلم.
ص: 190
و عن ابن عباس قال: لو كان المهدي في زماني لكنته، و لكنه في آخر الزمان، رجل من ولدي، أو قال مني.
و عن عكرمة قال: قال كعب الأحبار: مولاك رباني هذه الأمة هو أعلم من مات و من عاش.
قال عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة (1):ما رأيت أحدا كان أعلم بالسنّة و لا أجلد رأيا، و لا أثقب نظرا حين ينظر من ابن عباس، و إن كان عمر بن الخطاب ليقول له: لقد طرأت علينا عضل أقضية أنت لها، و لا منّا لها (2)،ثم يقول عبيد اللّه: و عمر عمر في جدّه في ذات اللّه و حسن نظره للمسلمين.
و عنه قال (3):كان ابن عباس قد فات الناس بخصال: بعلم ما سبقه، و فقه فيما احتيج إليه من رأيه، و حلم و نسب (4) و نائل. و ما رأيت أحدا كان أعلم بما سبقه (5) من حديث النبي صلّى اللّه عليه و سلّم منه، و لا بقضاء أبي بكر و عمر و عثمان منه، و لا أفقه في رأي منه، و لا أعلم بشعر و لا عربية، و لا بتقسيم (6) القرآن، و لا بحساب، و لا بفريضة منه، و لا أعلم بما مضى، و لا أثقب (7) رأيا فيما احتيج إليه منه. و لقد كان يجلس يوما ما يذكر فيه إلا الفقه، و يوما التأويل، و يوما المغازي، و يوما الشعر، و يوما أيام العرب. و ما رأيت عالما قط جلس إليه إلا خضع له، و ما رأيت سائلا قط سأله إلا وجد عنده علما.
و قال عطاء (8):ما رأيت مجلسا قط كان أكرم من مجلس ابن عباس، أكثر علما و أعظم
ص: 191
جفنة [منه] (1) و إن أصحاب القرآن عنده يسألونه، و أصحاب الشعر عنده يسألونه، و أصحاب الفقه عنده يسألونه (2)،كلهم يصدرهم في واد واسع.
و قال عطاء (3):كان أناس يأتون ابن عباس في الشعر و الأنساب، و ناس لأيام العرب و وقائعها، و ناس للعلم، فما منهم من صنف إلا يقبل عليهم بما شاءوا.
و عن طاوس قال (4):كان ابن عباس قد بسق على الناس في العلم كما تبسق النخلة السّحوق على الوديّ (5) الصغار.
و عن طاوس قال: ما رأيت أحدا خالف ابن عباس قط فتركه حتى يقرّره.
و عن ليث بن أبي سليم قال (6):قلت لطاوس: لزمت هذا الغلام يعني ابن عباس، و تركت الأكابر من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم! قال: إني رأيت سبعين من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم إذا تدارءوا في أمر (7) صاروا إلى قول ابن عباس.
و عن طاوس قال (8):أدركت خمسين أو سبعين (9) من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم إذا سئلوا عن شيء فخالفوا ابن عباس لا يقومون حتى يقولوا: هو كما قلت، أو صدقت.
و عن ليث قال: قال لي طاوس: ما تعلمت من شيء فتعلم لنفسك، فإن الناس قد ذهبت منهم الأمانة.
قال (10):و ما رأيت رجلا أعلم من ابن عباس و لا رأيت رجلا أورع من ابن عمر. قال:
و كان طاوس يعدّ الحديث حرفا حرفا.
ص: 192
و عن مجاهد قال (1):ما رئي مجلس مثل مجلس ابن عباس. و لقد مات يوم مات، و إنه لحبر هذه الأمة.
و في رواية (2):و ما رأيت مثله قط - أو قال: ما سمعت - إلا أن يقول رجل: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم.
و قال مجاهد: كان عبد اللّه بن العباس أمدهم قامة، و أعظمهم جفنة، و أوسعهم علما. و لو أشاء أن أبكي كلما ذكرته بكيت.
قال (3):و كان ابن عباس يسمى البحر، لكثرة علمه.
و عن مجاهد قال: كنا نفخر على الناس بأربعة: نفخر بفقيهنا، و نفخر بقاضينا، و نفخر بقارئنا و نفخر بمؤذننا: فأما فقيهنا فابن عباس، و أما قاضينا فعبيد بن عمير (4)،و أما قارئنا فعبد اللّه بن السائب (5)،و أما مؤذننا فأبو محذورة (6).
قال مجاهد (7):كان ابن عباس إذا فسر الشيء رأيت عليه نورا.
و قال: ما رأيت أحدا أعرب لسانا من ابن عباس.
و عن عمرو بن دينار قال: ما رأيت مجلسا قط أجمع لكل خير من مجلس ابن عباس، للحلال و الحرام و تفسير القرآن و العربية و الطعام، قال أبو هلال: و لا أراه إلا قال: و الشعر.
و قال عبد اللّه بن عبد الرحمن بن أبي حسين (8):ما رأيت بيتا كان أكثر طعاما و لا شرابا و لا فاكهة و لا علما من بيت عبد اللّه بن عباس.
ص: 193
و قال الضحاك (1):ما رأيت بيتا أكثر خبزا و لحما و علما من بيت ابن عباس.
قال أبو صالح (2):لقد رأيت في ابن عباس مجلسا لو أن جميع قريش فخرت به لكان لها فخرا. لقد رأيت الناس اجتمعوا حتى ضاق بهم الطريق، فما كان أحد يقدر على أن يجيء و لا أن يذهب. قال: فدخلت عليه فأخبرته بمكانهم على بابه، فقال: ضع لي وضوءا قال:
فتوضأ و جلس و قال: اخرج فقل لهم: من كان يريد أن يسأل عن القرآن و حروفه، و ما أراد منه فليدخل. قال: فخرجت، فأذنتهم، فدخلوا حتى ملئوا البيت و الحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم عنه (3) و زادهم مثلما سألوا عنه أو أكثر، ثم قال: إخوانكم. قال: فخرجوا، ثم قال: اخرج فقل: من أراد أن يسأل عن تفسير القرآن أو تأويله (4) فليدخل. قال: فخرجت فأذنتهم فدخلوا حتى ملئوا البيت و الحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به، و زادهم مثلما سألوا عنه أو أكثر، ثم قال: إخوانكم. قال: فخرجوا، ثم قال: اخرج فقل: من أراد أن يسأل عن الحلال و الحرام و الفقه فليدخل، فخرجت فقلت لهم. قال: فدخلوا حتى ملئوا البيت و الحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به، و زادهم مثله، ثم قال: إخوانكم، قال:
فخرجوا، ثم قال: اخرج فقل: من أراد أن يسأل عن الفرائض و ما أشبهها فليدخل. قال:
فخرجت فأذنتهم، فدخلوا حتى ملئوا البيت و الحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم [به] (5)،و زادهم مثله، ثم قال: إخوانكم. قال: فخرجوا، ثم قال: اخرج فقل: من أراد أن يسأل عن العربية و الشعر و الغريب من الكلام فليدخل. قال: فدخلوا حتى ملئوا البيت و الحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به، و زادهم مثله.
قال أبو صالح: و لو أن قريشا كلها فخرت بذلك لكان فخرا. فما رأيت مثل هذا لأحد من الناس.
قال جابر بن زيد (6):سألت البحر - و كان يسمى ابن عباس البحر - عن لحوم الحمر،
ص: 194
فقرأ هذه الآية: قُلْ لاٰ أَجِدُ فِي مٰا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلىٰ طٰاعِمٍ يَطْعَمُهُ [سورة الأنعام، الآية:
145] إلى آخر الآية.
و في حديث ابن الفرّا: عن تحريم الخمر. و هو تصحيف.
و عن الحسن (1):أن ابن عباس كان من الإسلام بمنزل (2)،و كان ابن عباس من القرآن بمنزل. قال: و كان يقوم على منبرنا هذا فيقرأ البقرة و آل عمران فيفسرها آية آية. و كان مثجّة غربا غربا، و كان عمر إذا ذكره قال: ذاكم فتى الكهول (3)،له لسان سئول، و قلب عقول.
قال أبو بكر الهذلي: دخلت على الحسن بن أبي الحسن، فجلست عنده و هو يصلي، فتذاكرنا آيات من القرآن. فلما انصرف قال: ما كنتم تقولون ؟ قلنا:«حم» و «طسم». قال:
فواتح يفتح اللّه بها القرآن، فقلت له: فإن مولى ابن عباس يقول: كذا و كذا. قال: إن ابن عباس كان من الإسلام بمنزل. و ساق بقية الحديث.
قوله: كان مثجا هو من العجّ و الثجّ : السّيلان. يريد أنه يصب الكلام صبا (4).
و عن ميمون بن مهران قال: لو أتيت ابن عباس بصحيفة فيها ستون حديثا لرجعت و لم تسأله عنها، و سمعتها. قال: يسأله الناس فيكفونك.
قال عبد اللّه بن أبي الهذيل (5):أردت الخروج، فعلم بي أهل الكوفة، فجمعوا مسائل، ثم أتوني بها في صحيفة. فلما قدمت على ابن عباس خرج، فقعد للناس، فما زال يسألونه حتى ما بقي في صحيفتي شيء إلا سألوه عنه.
ص: 195
و عن مسروق أنه قال (1):كنت إذا رأيت ابن عباس قلت: أجمل الناس، فإذا نطق (2)قلت: أفصح الناس، فإذا تحدث قلت: أعلم الناس.
قال ابن أبي مليكة: دخلنا على ابن عباس فقال: إني لم أنم الليل، فقلنا له: لم يا أبا عباس ؟ قال: طلع الكوكب ذو الذنب فخشيت أن يطرق الدخان. سلوني عن سورة البقرة، سلوني عن سورة يوسف، فإني قرأت القرآن و أنا صغير.
و عن عكرمة قال: كان ابن عباس أعلمهما بالقرآن، و كان علي أعلمهما بالمبهمات (3)، و سئل إسحاق بن إبراهيم الحنظلي عن معنى قول عكرمة: إن ابن عباس أعلم بتفسير القرآن من علي، فقال: لما سمع ابن عباس عامة التفسير من علي فوعاه و جمعه، ثم ضم إليه ما سمعه من غيره مثل أبي بكر و عمر و عثمان و عبد اللّه بن مسعود و أبي بن كعب و عامة أصحاب النبي صلّى اللّه عليه و سلّم. فلما ضم علم هؤلاء في التفسير إلى علم علي كان أعلم منه بالتفسير.
و قد كان النبي صلّى اللّه عليه و سلّم دعا له فقال:«اللهم علمه الكتاب و فهمه التأويل»، و علي أعلم منه بالمبهمات و من غيره، فقد شهد عامة التنزيل فروى فيم نزل، و في أي أمر كان.
قال شقيق (4):خطب (5)ابن عباس و هو على الموسم، فافتتح سورة البقرة، فجعل يقرؤها و يفسّر، فجعلت أقول: ما رأيت و لا سمعت كلام رجل مثله. لو سمعته فارس و الروم لأسلمت.
و في حديث بمعناه: فقرأ سورة النور (6).
و عن ابن عباس قال: لقد علّمت علما من القرآن ما يسألني عنه أحد، لا أدري علمه الناس فلم يسألوا عنه، أو لم يعلموها فيسألوا عنها.
ص: 196
و عن ابن عائشة قال: ما زال ابن عباس يستفيد حتى مات. و كان يقول: ما علمت ما «فاطر» (1)حتى سمعت أعرابيا يخاصم رجلا في بئر و أحدهما يقول: أنا فطرتها (2)،حتى حفرتها، و كنت لا أدري ما «البعل» حتى سمعت أعرابيا ينادي آخر يقول: يا بعل الناقة، فعلمت أنه ربّها.
و عن ابن عباس قال: كل القرآن أعلمه إلا أربع:«غسلين» و «حنانا»، و «الأوّاه»، و «الرقيم» (3).
و عن عبيد اللّه بن أبي يزيد قال (4):كان ابن عباس إذا سئل عن شيء (5)،فإن كان في كتاب اللّه عز و جل قال به، و إن لم يكن في كتاب اللّه عز و جل و كان عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فيه شيء قال به، فإن لم يكن من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فيه شيء قال بما قال به أبو بكر و عمر، فإن لم يكن لأبي بكر و عمر، فيه شيء قال برأيه.
و عن القاسم بن محمد قال (6):ما رأيت في مجلس ابن عباس باطلا قط .
و عن سفيان بن عيينة قال (7):علماء الأزمنة ثلاثة: ابن عباس في زمانه، و الشعبي في زمانه، و سفيان الثوري في زمانه.
ورد صعصعة بن صوحان على علي بن أبي طالب من البصرة، فسأله عن عبد اللّه بن عباس، و كان على خلافته بها، فقال صعصعة: يا أمير المؤمنين، إنه آخذ بثلاث و تارك لثلاث: آخذ بقلوب الرجال إذا حدّث، و يحسن الاستماع إذا حدّث، و بأيسر الأمرين إذا خولف. تارك للمراء، و تارك لمقاربة اللئيم، و تارك لما يعتذر منه.
ص: 197
و عن عبد اللّه بن بريدة قال (1):شتم رجل ابن عباس، فقال: إنك تشتمني و فيّ ثلاث خصال: إني لآتي على الآية من كتاب اللّه عز و جل فلوددت أن جميع الناس علموا (2)منها مثل الذي أعلم، و إني لأسمع الحاكم (3)من حكام المسلمين يقضي بالعدل (4)فأفرح به، و لعلي لا أقاضى إليه أبدا، و إني لأسمع بالغيث يصيب (5)الأرض من أرض المسلمين فأفرح به و ما لي سائمة أبدا.
و عن ابن أبي مليكة قال (6):صحبت ابن عباس من مكة إلى المدينة، و من المدينة إلى مكة، فكان يصلي ركعتين ركعتين، فإذا نزل قام ينتظر (7)الليل، فيرتل القرآن حرفا حرفا، و يكثر من النشيج قلت: و ما النشيج ؟ قال: النحيب، البكاء، و يقرأ: وَ جٰاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذٰلِكَ مٰا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ [سورة ق، الآية:19].
قال شعيب بن درهم (8):كان هذا الموضع - و أومأ إلى مجرى الدموع من خديه - من خدي ابن عباس، مثل الشراك البالي من كثرة البكاء.
جاء (9)رجل إلى ابن عباس فقال: يا ابن عباس، كيف صومك ؟ قال: أصوم الاثنين و الخميس، قال: و لم ؟ قال: لأن الأعمال ترفع فيها، و أحب أن يرفع عملي و أنا صائم.
ص: 198
قال معاوية يوما لعبد اللّه بن عباس: إنه ضربتني البارحة أمواج القرآن في آيتين لم أعرفت تأويلهما، ففزعت إليك، فقال ابن عباس: ما هما؟ فقال معاوية: قول اللّه عز و جل:
وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغٰاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ [سورة الأنبياء، الآية:87] فقلت: يونس رسول اللّه ظن أنه بقوته إذا أراده، ما ظن هذا مؤمن، و قول اللّه عز و جل: حَتّٰى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جٰاءَهُمْ نَصْرُنٰا [سورة يوسف، الآية:110] فقلت:
سبحان اللّه! كيف يكون هذا أن يستيئس الرسل من نصر اللّه، أو يظنوا أنه كذبهم ما وعدهم! إن لهاتين الآيتين تأويلا ما نعلمه.
قال ابن عباس: أما يونس عليه السلام فظن أن خطيئته لم تبلغ أن يقدّر اللّه عليه تلك البلية، و لم يشكّ أن اللّه عز و جل إذا أراده قدر عليه. و أما قوله: حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم، و ظن من أعطاهم الرضا في العلانية أن يكذبهم في السريرة، و ذلك أطول البلاء عليهم، و لم يستيئس الرسل من نصر اللّه، و لم يظنوا أنهم كذبهم ما وعدهم. فقال معاوية:
فرّجت عني فرّج اللّه عنك. قال ابن عباس: فإن رجلا قرأ علي آية المحيض، قول اللّه عز و جل: وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسٰاءَ فِي الْمَحِيضِ [سورة البقرة، الآية:222] إلى آخر الآية. يعني بالماء فَإِذٰا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّٰهُ يقول:
طاهرات غير حيّض، فقال معاوية: إن قريشا لتغبط بك لا بل جميع العرب، لا بل جميع أمة محمد صلّى اللّه عليه و سلّم، و لو لا خفتك مع علي عطفتني عليك العواطف، فقال أيمن بن خريم:
ما كان يعلم هذا العلم من أحد *** بعد النبي سوى الحبر ابن عبّاس
مستنبط العلم غضّا من معادنه *** هذا اليقين و ما بالحقّ من باس
دينوا بقول ابن عباس و حكمته *** إن المنافي (1) فيكم عالم الناس
كالقطب قطب (2) الرحا في كلّ حادثة *** أو كالحمام فمنه موضع الراس
من ذا يفرّج عنكم كلّ معضلة *** إن صار رهنا مقيما بين أرماس ؟
قال ابن أبي مليكة: كتب ابن هرقل إلى معاوية يسأله عن ثلاث خلال: ما مكان إذا
ص: 199
كنت عليه لم تدر أين قبلتك، و ما مكان طلعت فيه الشمس لم تطلع فيه قبل و لا بعد، و عن المحو (1) الذي في القمر. فقال معاوية: من لهذه ؟ فقيل له: ابن عباس. فكتب إلى ابن عباس، فكتب إليه ابن عباس: أما المكان الذي إذا كنت فيه لم تدر أين قبلتك فإذا كنت على ظهر الكعبة. و أما المكان الذي طلعت فيه الشمس و لم تطلع فيه قبل و لا بعد فالبحر يوم انفلق لموسى (2).و أما المحو الذي في القمر فإن اللّه عز و جل يقول: وَ جَعَلْنَا اللَّيْلَ وَ النَّهٰارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنٰا آيَةَ اللَّيْلِ [سورة الإسراء، الآية:12] فهو آية الليل، فكتب به معاوية إلى ابن هرقل. قال: فكتب إليه: ما هذا من كنزك و لا كنز أبيك، و لا خرج هذا إلا من أهل بيت نبوة.
و عن ابن عباس قال (3):كتب قيصر إلى معاوية: أما بعد، فأي كلمة أحب إلى اللّه و الثانية و الثالثة و الرابعة و الخامسة، و من أكرم عباد اللّه و إمائه عليه، و أربعة أشياء فيهم الروح لم ترتكض في رحم، و قبر سار بصاحبه، و مكان لم تصبه الشمس إلا مرة واحدة، و المجرة (4) التي في السماء ما هي ؟ و قوس قزح ما هو (5)؟فلما قرأ معاوية الكتاب قال لعبد اللّه (6):ما أدري ما هذا، ما له إلا ابن عباس، فأرسل إلى ابن عباس يسأله عن ذلك، فقال: أحب كلمة إلى اللّه: لا إله إلا اللّه، و الثانية: سبحان اللّه، و الثالثة: الحمد، و الرابعة:
اللّه أكبر، و الخامسة: لا حول و لا قوة إلا باللّه. و أما أكرم عباد اللّه فآدم خلقه اللّه بيده و علمه الأسماء كلها، و أكرم إمائه عنده مريم التي أحصنت فرجها، و الرابعة (7) التي فيها الروح لم ترتكض في رحم فآدم و حواء، و عصا موسى، و كبش إبراهيم، و القبر الذي سار بصاحبه قبر يونس بن متى في بطن الحوت. و المكان الذي لم تصبه الشمس إلا مرة واحدة فالبحر فلقه
ص: 200
موسى بعصاه، و قوس قزح فأمان لأهل الأرض من الغرق - و زاد في حديث آخر: بعد قوم نوح - و المجرة فهي باب السماء (1).
و في حديث آخر بمعناه: فقلت: أما أحب كلمة إلى اللّه: فلا إله إلا اللّه لا يقبل عمل إلا بها، و الثانية: المنجية (2) سبحان اللّه و صلاة الخلق، و الثالثة: الحمد للّه كلمة الشكر، و الرابعة: اللّه أكبر فواتح الصلاة و الركوع و السجود، و الخامسة: لا حول و لا قوة إلا باللّه.
فاكتب إليه بذلك، فإنهم سيعرفون. فأما لا إله إلا اللّه فإذا قالها العبد قال: يقول اللّه: أخلص عبدي، فإذا قال: سبحان اللّه قال: عبدني عبدي، فإذا قال: الحمد للّه قال: شكرني عبدي، و إذا قال: اللّه أكبر قال: صدق عبدي أنا أكبر، فإذا قال: لا حول و لا قوة إلا باللّه قال: ألقى إلي عبدي السلام.. الحديث.
و عن أبي الجويرية الجرمي قال: كتب قيصر إلى معاوية: أخبرني عمّن لا قبلة له، و عمّن لا أب له، و عمّن لا عشيرة له، و عمّن سار به قبره، و عن ثلاثة أشياء لم تخلق في رحم، و عن شيء و نصف شيء و لا شيء، و ابعث إلي في هذه القارورة ببزر كل شيء. فبعث معاوية بالكتاب و القارورة إلى ابن عباس، و قيل إن الحسن بن علي بعث إليه بالكتاب و القارورة.... (3) أما من لا قبلة له فالكعبة، و أما من لا أب له فعيسى، و أما من لا عشيرة له فآدم، و أما من سار به قبره فيونس. و أما ثلاثة أشياء لم تخلق في رحم فكبش إبراهيم، و ناقة ثمود، و عصا موسى. و أما شيء فالرجل له عقل، يعمل بعقله، و أما نصف شيء فالذي ليس له عقل و يعمل برأي ذوي العقول. و أما لا شيء فالذي ليس له عقل، يعمل بعقله، و ملأ القارورة ماء، و قال: هذا بزر كل شيء. فبعث معاوية بالبزر و القارورة إلى قيصر. فلما وصل إليه الكتاب و القارورة قال: ما خرج هذا إلا من أهل بيت نبوة.
و عن حماد بن حميد قال: كتب رجل من أهل العلم إلى ابن عباس يسأله عن هذه المسائل و كان الرجل عالما. قال: أخبرني عن رجل دخل الجنة و نهى اللّه محمدا أن يعمل بعمله، و أخبرني عن شيء تكلم ليس له لحم و لا دم، و أخبرني عن شيء بنفس ليس له لحم و لا دم، و أخبرني عن شيء له لحم و لم تلده أنثى و لا ذكر، و أخبرني عن شيء قليله حلال
ص: 201
و كثيره حرام، و أخبرني عن رسول بعثه اللّه ليس من الجن و لا من الإنس و لا من الملائكة، و أخبرني عن نفس أوحى اللّه إليها ليست من الأشياء، و أخبرني عن منذر ليس من الجن و لا من الإنس، و أخبرني عن شيء حرم بعضه و حل بعضه، و أخبرني عن نفس ماتت و أحييت بنفس غيرها، و أخبرني عن نفس خرجت من جوف نفس ليس بينهما نسب و لا رحم، و أخبرني عن اثنين تكلما ليس لهما لحم و لا دم، و أخبرني عن الرجل الذي مرّ على قرية و هي خاوية على عروشها، و أخبرني عن شيء إن فعلته كان حراما و إن تركته كان حراما، و أخبرني عن موسى كم أرضعته أمه قبل أن تلقيه في البحر، و في أي بحر قذفته، و أخبرني عن الاثنين اللذين كانا في بيت فرعون حين لطم موسى فرعون، و أخبرني عن موسى حين كلّمه اللّه تعالى من حمل التوراة إليه، و كم كانت الملائكة الذين حملوا التوراة إلى موسى، و أخبرني عن آدم كم كان طوله، و كم عاش، و من كان وصيّه، و أخبرني من كان بعد آدم من الرّسل، و من كان بعد نوح، و من كان بعد هود، و من كان بعد إبراهيم، و من كان بعد لوط ، و من كان بعد إسحاق، و من كان قبل نبينا صلّى اللّه عليه و سلّم، و أخبرني عن الأنبياء كم كانوا، و كم كان منهم الرّسل، و كم كان منهم من الأنبياء، و أخبرني كم في القرآن منهم، و أخبرني عن رجل ولد من غير ذكر و لا أنثى و لم يمت، و أخبرني عن أرض لم تصبها الشمس إلا يوما واحدا، و أخبرني عن الطير الذي لا يبيض و لا يحضن عليه طير. قال: فلما قدمت المسائل على ابن عباس عجب من ذلك عجبا شديدا، ثم كتب إليه:
أما سؤالك عن الرجل الذي دخل الجنة و نهي عنه محمد أن يعمل بعمله فهو يونس النبي صلى اللّه على نبينا و عليه و سلم الذي يقول: وَ لاٰ تَكُنْ كَصٰاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نٰادىٰ وَ هُوَ مَكْظُومٌ (1).و أما الشيء الذي تكلّم ليس له لحم و لا دم فهي النار التي تقول هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (2).
و أما الرسول الذي بعثه اللّه ليس من الجن و لا من الإنس و لا من الملائكة فهو الغراب الذي بعثه اللّه إلى ابن آدم ليريه كيف يواري سوأة أخيه (3).
ص: 202
و أما الذي له لحم و دم لم تلده أنثى و لا ذكر فهو كبش إبراهيم (1) الذي فدى به إسحاق (2).و أما الشيء الذي بنفس ليس له لحم و لا دم فهو الصبح، إذ يقول اللّه عز و جل وَ الصُّبْحِ إِذٰا تَنَفَّسَ [سورة التكوير، الآية:18] و أما النفس التي ماتت، و أحييت بنفس غيرها فهي البقرة التي ذكرها اللّه عز و جل في القرآن الذي يقول: اِضْرِبُوهُ بِبَعْضِهٰا كَذٰلِكَ يُحْيِ اللّٰهُ الْمَوْتىٰ [سورة البقرة، الآية:73] الآية. و أما الطير الذي لم يبض و لم يحضن عليه طائر فهو الطير الذي نفخ فيه عيسى بن مريم، فكان طيرا بإذن اللّه.
و أما الشيء الذي قليله حلال و كثيره حرام فهو نهر طالوت (3)الذي ابتلاهم اللّه به، و أما النفس التي خرجت من جوف نفس ليس بينهما نسب و لا رحم فهو يونس النبي صلّى اللّه عليه و سلّم الذي خرج من بطن الحوت.
و أما الاثنتان اللتان تكلمتا ليس لهما لحم و لا دم فهما السماء و الأرض إذ يقول اللّه تعالى: اِئْتِيٰا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قٰالَتٰا أَتَيْنٰا طٰائِعِينَ [سورة السجدة، الآية:11]، و أما الشيء الذي مشى ليس له لحم و لا دم فهو عصا موسى التي تَلْقَفُ مٰا يَأْفِكُونَ [سورة الأعراف، الآية:
117، و سورة الشعراء، الآية:45]، و أما الرجل الذي مرّ على قرية و هي خاوية على عروشها (4)فهو أرميا (5).
و أما الشيء الذي إن فعلته كان حراما، و إن تركته كان حراما فهي الصلاة: إن صلّيت و أنت سكران لا يحل لك، و إن تركتها لا يحل لك.
ص: 203
و سألت عن أم موسى كم أرضعته فإنها أرضعته ثلاثة أشهر قبل أن تقذفه في البحر، ثم ألقته في البحر بحر القلزم. و سألت عن الاثنين اللذين كانا في بيت فرعون حين لطمه موسى فهي آسية امرأة فرعون، و الرجل الذي كان يكمن إيمانه.
و سألت عن موسى يوم كلّمه اللّه تعالى و حملت التوراة إليه فإن اللّه كلّم موسى يوم الجمعة، و أعطي التوراة، و نزلت بها الملائكة إلى موسى يوم الجمعة، و أمر اللّه تعالى بكل حرف من التوراة فحمله ملك من السماء، فلا يعلم عدد ذلك إلا اللّه وحده لا شريك له.
و أما الأرض التي لم تنظر إليها الشمس إلا يوما فهي أرض البحر الذي فلقه اللّه عز و جل لموسى. و أما المنذر الذي ليس من الإنس و لا من الجن فهي النملة قٰالَتْ نَمْلَةٌ يٰا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسٰاكِنَكُمْ [سورة النمل، الآية:18]، و سألت عن آدم فهو أول الأنبياء خلقه اللّه من طين، و سواه و نفخ فيه من روحه. و كان طوله فيما بلغنا و اللّه أعلم ستين ذراعا، و كان نبيا و خليفة، و عاش ألف سنة إلا ستين عاما (1).و كان وصيّه شيث. و سألت من كان بعد شيث من الأنبياء، كان بعده إدريس و هو أول الرسل. و كان بعد إدريس نوح، و كان بعد نوح هود، ثم كان بعد هود صالح، ثم كان بعد صالح إبراهيم، ثم كان بعد إبراهيم لوط ابن أخي إبراهيم، و كان بعد لوط إسماعيل، ثم كان بعد إسماعيل إسحاق، و كان بعد إسحاق يعقوب، ثم كان بعد يعقوب يوسف، ثم كان بعد يوسف موسى، ثم كان بعد موسى عيسى فأنزل اللّه عليه الإنجيل، ثم كان بعده نبيّنا نبيّ الرحمة صلّى اللّه عليه و سلّم (2).
و سألت عن عدد الأنبياء: كانوا فيما بلغنا و اللّه أعلم ألف نبي و مائتي نبي و خمسة و سبعين نبيا. و كان منهم ثلاث مائة و خمسة عشر رسولا (3)،و سائرهم أنبياء صالحون نجد في القرآن منهم ثلاثة و ثلاثين نبيا يقول اللّه عز و جل: وَ رُسُلاً قَدْ قَصَصْنٰاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَ رُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَ كَلَّمَ اللّٰهُ مُوسىٰ تَكْلِيماً [سورة النساء، الآية:164].
و كان ابن عباس أمير البصرة، و كان يغشى (4)الناس في شهر رمضان، فلا ينقضي
ص: 204
الشهر حتى يفقههم (1)،و كان إذا كان آخر ليلة من شهر رمضان يعظهم، و يتكلم بكلام يردعهم، و يقول: ملاك أمركم الدين، و وصلتكم الوفاء، و زينتكم العلم، و سلامتكم الحلم و طولكم المعروف. إن اللّه كلفكم الوسع، اتّقوا اللّه ما استطعتم (2).قال: فقام أعرابي فقال:
من أشعر الناس أيها الأمير؟ قال: أ في إثر العظة ؟ قل يا أبا الأسود قال: فقال أبو الأسود الدؤلي: أشعر الناس الذي يقول:
فإنّك كالليل الذي هو مدركي *** و إن خلت أنّ المنتأى عنك واسع (3)
قال: هذا لنابغة بني ذبيان.
فكان الرجل يأتي مجلس عبد اللّه بن عباس و قد انتعل القوم، فيخلع نعليه، فيقول له الرجل لا يحبسك مكاني يا أبا العباس، فيقول: ما أنا بقائم حتى أحدثك و تحدثني فأسمع منك.
قال محمد بن سلام: سعى ساع إلى ابن عباس برجل فقال: إن شئت نظرنا فيما قلت، فإن كنت كاذبا عاقبناك، و إن كنت صادقا مقتناك، و إن أحببت أقلناك. قال: هذه.
قال أبو محمد بن قتيبة في حديث علي:
إنه كتب إلى ابن عباس حين أخذ من مال البصرة ما أخذ (4):إني أشركتك في أمانتي (5)[و جعلتك شعاري و بطانتي] (6)و لم يكن رجل من أهلي أوثق منك في نفسي (7).فلما رأيت الزمان على ابن عمك قد كلب (8)،و العدوّ قد حرب [و أمانة الناس قد خزيت و هذه الأمة قد فنكت و شغرت] (9)قلبت لابن عمك ظهر المجنّ بفراقه مع المفارقين و خذلانه مع
ص: 205
الخاذلين (1)،و اختطفت ما قدرت عليه من أموال الأمة اختطاف الذئب الأزل (2)دامية المعزى.
و في الكتاب: ضحّ (3)رويدا، فكأن قد بلغت المدى (4)[و دفنت تحت الثرى] (5)و عرضت عليك أعمالك بالمحلّ الذي به ينادي المغترّ (6)بالحسرة، و يتمنى المضيّع التوبة و الظالم الرجعة.
قوله: قد حرب: أي غضب، و قوله: قلبت لابن عمك ظهر المجن: هو مثل يضرب لمن كان لصاحبه على مودة أو رعاية ثم حال عن ذلك، و المجنّ : الترس. و قوله: اختطاف الذئب الأزل دامية المعزى: خصّ الدامية دون غيرها لأن في طبع الذئب محبة الدم، فهو يؤثر الدامية على غيرها. و يبلغ به طبعه في ذلك أنه يرى الذئب مثله و قد دمي فيثب عليه ليأكله.
نظر (7)الحطيئة إلى ابن عباس في مجلس عمر و قد فرع (8)بكلامه، فقال: من هذا الذي قد نزل عن القوم في سنّة و علاهم في قوله ؟ قالوا: هذا ابن عباس، هذا ابن عم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فأنشأ يقول:
إني وجدت بيان المرء نافلة *** تهدى له و وجدت العيّ كالصّمم
المرء يبلى و يبقى الكلم سائره *** و قد يلام الفتى يوما و لم يلم
[قال القاضي: قوله:] (9)
ص: 206
الكلم هاهنا جمع كلمة، و أصل الكلم بكسر اللام، فسكنه تخفيفا لإقامة الوزن كما قالوا في ملك ملك،[و فخذ و كبد في فخذ و كبد. قال اللّه تعالى: يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوٰاضِعِهِ و قد روي عن تميم بن حذلم أنه قرأ تحرفون الكلام و قد قرأ علماء الأمصار يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلاٰمَ اللّٰهِ و كَلَّمَ اللّٰهُ .
و مما قيل في هذا و هو مما يستحسن لبعض المحدثين:
قالت: عييت عن الشكوى فقلت لها: *** جهد الشكاية أن أعيا عن الكلم] (1)
فأما الكلم الذي عين فعله ساكنة في أصل بنائه فإنه مصدر كلمه يكلمه كلما بمعنى جرحه [يجرحه جرحا، كما قال الشاعر:
لعمرك إن الدار غفر لذي الهوى *** كما يغفر المحموم أو صاحب الكلم
و بجمع الكلم كلاما مثل جرح و جراح، و جمع فعل على فعال كثير جدا في القلة مثل كلب و كلاب و سهم و سهام] (2).
و قوله: سائره، يعني أنه يبقى سائر الكلام، يريد الحكم السائرة من الكلم،[يقال: قول سائر و مثل سائر. و قوله: سائره، بدل من الكلم تابع له في إعرابه كقولك: يعجبني القول بليغه] (3).
اختصم إلى عمر بن الخطاب حسان بن ثابت و خصم له، فسمع منهما، و قضى على حسان، فخرج و هو مهموم، فمر بابن عباس فأخبره بقصته، فقال له ابن عباس: لو كنت أنا الحكم بينكما لحكمت لك، فرجع حسان إلى عمر فأخبره فبعث عمر إلى ابن عباس فأتاه فسأله عما قال حسان، فصدقه، فسأله عن الحجة في ذلك فأخبره، فرجع عمر إلى قول ابن عباس، و حكم لحسان، فخرج و هو آخذ بيد ابن عباس و هو يقول (4):
إذا ما ابن عباس بدا لك وجهه *** رأيت له في كلّ منزلة (5) فضلا
ص: 207
قضى (1) و شفى ما في النفوس فلم يدع *** لذي إربة (2) في القول جدا و لا هزلا
و رويت هذه الأبيات في ابن عباس في قصة أخرى (3).
قال المدائني: تكلم رجل عند ابن عباس، فأكثر السّقط في كلامه، فالتفت ابن عباس إلى عبد له فأعتقه، فقيل له لم أعتقت عبدك ؟ قال: شكرا للّه إذ لم يجعلني مثل هذا. ثم أنشد المدائني:
عيّ الشريف يشين منصبه *** و ترى الوضيع يزينه أدبه
و لما (4) جاء معاوية نعي الحسن بن علي استأذن ابن عباس على معاوية، و كان ابن عباس قد ذهب بصره، فكان يقول لقائده: إذا دخلت بي على معاوية فلا تقدني، فإن معاوية يشمت بي. فلما جلس ابن عباس قال معاوية: لأخبرنه بما هو أشدّ عليه من أن أشمت به.
فلما دخل قال: يا أبا العباس. هلك الحسن بن علي، فقال ابن عباس: إنا للّه و إنا إليه راجعون. و عرف ابن عباس أنه شامت به، فقال: أما و اللّه يا معاوية لا تسدّ حفرتك (5)،و لا تخلد بعده، و لقد أصبنا بأعظم منه، فخرنا اللّه بعده (6)،ثم قام. فقال معاوية: لا و اللّه، ما كلمت أحدا قط أعدّ جوابا و لا أعقل من ابن عباس.
و عن ربعي بن حراش قال (7):استأذن عبد اللّه بن العباس على معاوية بن أبي سفيان، و قد تحلّقت (8) عنده بطون قريش، و سعيد بن العاص جالس عن يمينه. فلما نظر إليه
ص: 208
معاوية مقبلا (1) قال لسعيد: و اللّه لألقينّ على ابن عباس مسائل يعيا بجوابها، فقال سعيد:
ليس مثل ابن عباس يعيا بمسائلك. فلما جلس قال له معاوية: ما تقول في أبي بكر الصديق ؟ قال: رحم اللّه أبا بكر، كان و اللّه للقرآن تاليا، و للشر قاليا، و عن المثل (2) نائيا، و عن الفحشاء ساهيا، و عن المنكر ناهيا، و بدينه عارفا، و من اللّه خائفا، و من المهلكات جانفا، يخاف فلتة الدهر، و إحياء (3) بالليل قائما، و بالنهار صائما، و من دنياه سالما، و على عدل البرية عازما، و بالمعروف آمرا، و إليه صائرا (4)،و في الأحوال شاكرا، و للّه بالغدو و الآصال (5) ذاكرا، و لنفسه في المصالح قاهرا، فاق أصحابه ورعا و كفافا، و زهدا و عفافا، و سرّا (6) و حياطة، فأعقب اللّه من ثلبه اللعائن إلى يوم التغابن.
قال معاوية: فما تقول في عمر بن الخطاب ؟ فقال: رحم اللّه أبا حفص، كان و اللّه حليف الإسلام، و مأوى الأيتام، و محل الإيمان، و ملاذ الضعفاء، و معقل الحنفاء، للخلق حصنا، و للناس (7) عونا، قام بحق اللّه صابرا محتسبا، حتى أظهر الدين (8)،و فتح الديار، و ذكر اللّه في الإفطار (9) و المنار (10)،و على التلال و في الضواحي و البقاع. عبد الجبّار في الرخاء و الشدة شكورا (11) له، و في كل وقت و آن ذكورا، فأعقب اللّه من يبغضه اللعنة إلى يوم الحسرة.
قال معاوية: فما تقول في عثمان ؟ قال: رحم اللّه أبا عمرو، كان و اللّه أكرم الحفدة،
ص: 209
و أفضل البررة، و أصبر القراء (1)،هجّادا (2) بالأسحار، كثير الدموع عند ذكر الدار (3)،دائب الفكر فيما يعنيه بالليل و النهار، نهاضا إلى كل مكرمة، سعّاء إلى كل منقبة، فرّارا من كل موبقة، صاحب جيش العسرة (4)،و صاحب البئر (5)،و ختن المصطفى عليه السلام على ابنتيه، فأعقب اللّه من ثلبه الندامة إلى يوم القيامة.
قال معاوية: فما تقول في علي بن أبي طالب ؟ قال: رحم اللّه أبا الحسن، كان و اللّه علم الهدى، و كهف التقى، و محلّ الحجا، و طود النّدى (6)،و نور السفر (7) في ظلم الدجى، و داعيا إلى المحجّة العظمى، و عالما بما في الصحف الأولى، و قائما بالتأويل و الذكرى متعلقا بأسباب الهدى، و تاركا للجور و الأذى، و حائدا عن طرقات الردى، و خير من آمن و اتقى، و سيّد من تقمّص و ارتدى، و أفضل من حجّ و سعى، و أسمح من عدل و سوّى، و أخطب أهل الدنيا سوى الأنبياء و المصطفى، و صاحب القبلتين، و زوج خير النساء، و أبو السّبطين، لم تر عين مثله، و لا ترى أبدا حتى القيامة و اللقاء. فعلى من لعنه لعنة اللّه و العباد إلى اليوم القيامة.
قال معاوية: فما تقول في طلحة و الزبير؟ قال: رحمة اللّه عليهما، كانا و اللّه عفيفين، مسلمين، برّين، طاهرين، مطهّرين، شهيدين، عالمين باللّه، لهما النصرة القديمة و الصحبة الكريمة، و الأفعال الجميلة - و في حديث آخر: زلاّ زلّة اللّه غافرها لهما.
قال: ما تقول في العباس بن عبد المطلب ؟ قال: رحم اللّه أبا الفضل، كان و اللّه صنو أبي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و قرّة عين صفي اللّه، لهميم (8) الأقوام، و سيّد الأعمام، قد علا بصرا بالأمور، و نظرا في العواقب (9).علم تلاشت الأحساب عند ذكر فضيلته، و تباعدت الأنساب
ص: 210
عند فخر عشيرته، و لم لا يكون كذلك ؟ و قد ساسه أكرم من ذهب (1) وهب: عبد المطلب أفخر من مشى من قريش و ركب.
قال معاوية: فلم سمّيت قريش (2) قريشا؟ قال: لدابة تكون في البحر هي أعظم دواب البحر خطرا، لا تظفر بشيء من دواب البحر إلاّ أكلته، فسميت قريشا لأنها أعظم العرب فعالا. فقال: هل تروي في ذلك شعرا؟ فأنشده قول الجمحي (3):
و قريش هي التي تسكن البحر به *** ا سمّيت قريش قريشا
تأكل الغثّ و السمين و لا تترك *** لذي الجناحين ريشا
هكذا في البلاد (4) حيّ قريش *** يأكلون البلاد أكلا كشيشا (5)
و لهم آخر الزمان نبيّ *** يكثر القتل فيهم و الخموشا
يملأ (6) الأرض خيله و رجال *** يحشرون المطيّ حشرا كميشا (7)
فقال معاوية: صدقت يا ابن عباس، أشهد أنك لسان أهل بيتك.
فلما خرج ابن عباس من عنده قال معاوية لمن عنده: ما كلّمته قط إلا وجدته مستعدا.
و في حديث آخر قال: فأمر له معاوية بأربعة آلاف درهم فقبضها ثم صرفها في بني عبد المطلب. فقالوا له: لا نقبل صدقة. قال: إنها ليست بصدقة، و إنّما هي هدية لم يبق منها
ص: 211
شيء، فبلغ ذلك معاوية فكتب إليه يلومه و أن يقصر عن ذلك فكتب إليه يقول (1):
بخيل يرى بالجود عارا و إنما *** على المرء عار أن يضنّ و يبخلا
إذا المرء أثرى ثم لم يرج نفعه *** صديق فلاقته المنيّة أوّلا
أنشد المبرد لعبد اللّه بن عباس، كتب به إلى معاوية بن أبي سفيان:
إني (2) و إن أغضيت عن غير بغضة *** لراع لأسباب المودّة حافظ
و ما زال يدعوني إلى الصّرم ما أرى *** فآبى و تثنيني عليك الحفائظ
و أنتظر العتبى و أغضي على القذى *** و ألبس طورا مرّه و أغالظ
و أنتظر الإقبال بالودّ منكم *** و أصبر حتى أوجعتني المغايظ
و جرّبت ما يسلي المحبّ عن الهوى *** و أقصرت و التجريب للمرء واعظ
لما (3) خرج الحسين بن علي إلى الكوفة اجتمع ابن عباس و عبد اللّه بن الزبير بمكة فضرب ابن عباس جنب ابن الزبير و تمثّل (4):
يا لك من قبّرة (5) بمعمر *** خلا لك الجوّ (6) فبيضي و اصفري
و نقري ما شئت أن تنقّري
خلا لك و اللّه يا ابن الزبير الحجاز. و سار الحسين إلى العراق، فقال ابن الزبير لابن عباس: و اللّه ما ترون إلا أنكم أحقّ بهذا الأمر من سائر الناس، فقال له ابن عباس: إنما يرى من كان في شكّ ، فأما نحن من ذلك فعلى يقين، و لكن أخبرني عن نفسك: لم زعمت أنك أحق بهذا الأمر من سائر العرب ؟ قال ابن الزبير:[لشرفي] (7) عليهم قديما لا تنكرونه قال:
ص: 212
فأيّما أشرف، أنت أم من شرفت به ؟ قال: إن الذي شرفت به زادني شرفا. قال: و علت أصواتهما، فقال ابن أخ لعبد اللّه بن الزبير: يا ابن عباس، دعنا من قولك، فو اللّه لا تحبونا يا بني هاشم أبدا. قال: فخفقه عبد اللّه بن الزبير بالنعل و قال: أ تتكلم و أنا حاضر؟! فقال له ابن عباس: لم ضربت الغلام و ما استحق الضرب ؟! و إنما يستحق الضرب من مرق و مذق (1).قال: يا ابن عباس، أ ما تريد أن تعفو عن كلمة واحدة قال: إنما نعفو عمن أقر، فأما من هرّ فلا. قال: فقال ابن الزبير: فأين الفضل ؟ قال ابن عباس: عندنا - أهل البيت - لا نضعه في غير موضعه فنذمّ ، و لا نزويه عن أهله فنظلم. قال: أ و لست منهم ؟ قال: بلى إن نبذت الحد، و لزمت الجدد (2).قال: و اعترض بينهما رجال من قريش فأسكتوهما.
و عن ابن عباس قال: لو أن العلماء أخذوا العلم بحقه لأحبهم اللّه عز و جل و الملائكة و الصالحون من عباده، و لهابهم الناس، لفضل العلم و شرفه.
قال جندب لابن عباس (3):أوصني بوصية، قال: أوصيك بتوحيد اللّه، و العمل له، و إقام الصلاة، و إيتاء الزكاة. فإن كل خير أنت آتيه بعد هذه الخصال منك مقبول و إلى اللّه مرفوع. يا جندب، إنك لمن تزداد (4) من يومك إلا قربا، فصلّ صلاة مودّع، و أصبح في الدنيا كأنك غريب مسافر، فإنك من أهل القبور، و ابك على ذنبك، و تب من خطيئتك، و لتكن الدنيا أهون عليك من شسع نعليك، و كأن قد فارقتها، و صرت إلى عدل اللّه، و لن تنتفع بما خلّفت، و لن ينفعك إلا عملك.
قال ابن بريدة (5):رأيت ابن عباس آخذا بلسانه و هو يقول: ويحك، قل خيرا تغنم، أو اسكت (6) عن شرّ تسلم، و إلا فاعلم أنك ستندم. قال: فقيل له: يا ابن عباس، لم تقول هذا؟!
ص: 213
قال: إنه بلغني أن الإنسان (1)-أراه قال-: ليس على شيء من جسده أشد حنقا أو غيظا يوم القيامة - لعله قال: منه - على لسانه إلا قال به خيرا أو أملى به خيرا.
قال وبرة المسلي (2)(3):أوصى ابن عباس بكلمات، لهن أحسن من الدّهم (4)الموقوفة فقال لي: لا تكلّمن فيما لا يعنيك، فإنه فضل، و لا آمن عليك فيه الوزر، و لا تكلّمن فيما يعنيك حتى ترى له موضعا، فربّ متكلم بالحق قد تكلم بالحق في غير موضعه فعنت، و لا تمارينّ سفيها و لا حليما، فإن الحليم يقليك (5)،و السفيه يرديك (6)،و لا تذكرنّ أخاك إذا توارى عنك إلا بمثل الذي تحب أن يذكرك به إذا أنت تواريت عنه، و اعمل عمل رجل يعلم أنه مجزيّ بالإحسان، مأخوذ بالإجرام. قال: فقال رجل عنده: يا أبا عباس، هذه خير من عشرة آلاف. قال: فقال ابن عباس: كلمة واحدة منها خير من عشرة آلاف.
قال ابن عباس (7):لا يتم المعروف إلا بثلاثة: تعجيله، و تصغيره عنده، و ستره، فإنه إذا عجّله هيّأه (8)،و إذا صغّره عظّمه، و إذا ستره فخّمه (9)(10).
قال ابن عباس (11):أكرم الناس علي جليسي، إن الذباب ليقع عليه فيؤذيني (12).
قيل لأن عباس (13):من أكرم الناس عليك ؟ قال: جليسي الذي يتخطى الناس حتى
ص: 214
يجلس إلي، لو استطعت ألا يقع الذباب على وجهه لفعلت.
و عن ابن عباس كان يقول (1):ثلاثة لا أكافئهم (2):رجل ضاق مجلسي فأوسع لي، و رجل كنت ظمآن فسقاني، و رجل اغبرّت قدماه في الاختلاف على بابي، و رابع (3) لا أقدر على مكافأته، و لا يكافئه عني إلا اللّه عز و جل: رجل حزبه أمر فبات ليلته ساهرا. فلما أصبح لم يجد لحاجته معتمدا غيري.
قال (4):و كان يقول: إني لأستحيي من الرجل يطأ بساطي ثلاث مرات ثم لا يرى عليه أثر من أثري.
قال ابن عباس (5):ما بلغني عن أخ لي مكروه قط إلا أنزلته أحد ثلاثة منازل: إن كان فوقي عرفت له قدره، و إن كان نظيري تفضّلت عليه، و إن كان دوني لم أحفل به. و هذه سيرتي في نفسي، فمن رغب عنها فأرض اللّه واسعة.
و لما أصيبت عين ابن عباس نحل جسمه. فلما ذهبت الأخرى عاد لحمه، فقيل له في ذلك، فقال: أصابني ما رأيتم في الأولى شفقة على الأخرى، فلما ذهبتا اطمأن قلبي (6).
قال عكرمة (7):لما وقع الماء في عين ابن عباس قيل له: تنزع الماء من عينيك، على أنك لا تصلي سبعة أيام، فقال: لا إنه من ترك الصلاة سبعة أيام و هو يقدر عليها لقي اللّه و هو عليه غضبان (8).
ص: 215
و عن ابن عباس أنه قال حين أصيب بصرة: ما آسى على شيء من الدنيا إلا لو أني كنت مشيت إلى بيت اللّه عز و جل، فإني سمعت اللّه عز و جل يقول: وَ أَذِّنْ فِي النّٰاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجٰالاً وَ عَلىٰ كُلِّ ضٰامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ [سورة الحج، الآية:27].
و عن عكرمة قال (1):كان ابن عباس في العلم بحرا ينشقّ له من الأمر الأمور. و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«اللهم، ألهمه الحكمة، و علمه التأويل»[14277]. فلما عمي أتاه ناس من أهل الطائف، و معهم علم من علمه - أو كتب من كتبه - فجعلوا يستقرءونه، و جعل يقدّم و يؤخر. فلما رأى ذلك قال: إني تلهت من مصيبتي هذه، فمن كان عنده علم من علمي، أو كتب من كتبي فليقرأ علي، فإن إقراري له به كقراءتي عليه. قال: فقرءوا عليه، زاد في حديث آخر: و لا يكن في أنفسكم من ذلك شيء.
تله الرجل إذا تحير. و الأصل و له. و العرب قد تقلب الواو تاء، يقولون: تجاه، و الأصل: وجاه (2).
و لما (3) وقعت الفتنة بين عبد اللّه بن الزبير و عبد الملك بن مروان ارتحل عبد اللّه بن عباس و محمد بن الحنفيّة بأولادهما و نسائهما حتى نزلوا مكة، فبعث عبد اللّه بن الزبير إليهما يبايعان فأبيا، و قالا: أنت و شأنك، لا نعرض لك و لا لغيرك (4)،فأبى، و ألحّ عليهما إلحاحا شديدا. و قال فيما يقول: و اللّه لتبايعنّ أو لأحرقنّكم بالنار، فبعثا أبا الطفيل عامر بن واثلة إلى شيعتهم بالكوفة و قالا: إنا لا نأمن هذا الرجل، فمشوا في الناس، فانتدب أربعة آلاف، فحملوا السلاح حتى دخلوا مكة، فكبروا تكبيرة سمعها أهل مكة، و ابن الزبير في المسجد، فانطلق هاربا حتى دخل دار الندوة، و يقال: تعلق بأستار الكعبة، و قال: أنا عائذ اللّه.
قال: ثم ملنا إلى ابن عباس و ابن الحنفيّة و أصحابهما، و هم في دور قريب من المسجد
ص: 216
قد جمع الحطب، فأحاط بهم حتى بلغ رءوس الجدر، لو أن نارا تقع فيه ما رئي منهم أحد حتى تقوم الساعة، فأخّرناه عن الأبواب، و قلنا لابن عباس: ذرنا نرح الناس منه، فقال: لا، هذا بلد حرام حرّمه اللّه، ما أحلّه لأحد إلا للنبي صلّى اللّه عليه و سلّم ساعة، فامنعونا و أجيرونا. قال:
فتحملوا، و إن مناديا ينادي في الجبل: ما غنمت سرية بعد نبيّها ما غنمت هذه السرية، إنّ السرايا تغنم الذهب و الفضة، و إنما غنمتم دماءنا فخرجوا بهم حتى أنزلوهم منى، فأقاموا ما شاء اللّه، ثم خرجوا بهم إلى الطائف، فمرض عبد اللّه بن عباس. قال: فبينما نحن عنده إذ قال في مرضه: إنّي أموت في خير عصابة على وجه الأرض أحبّهم إلى اللّه و أكرمهم عليه، و أقربهم إلى اللّه زلفى، فإن متّ فيكم فأنتم هم، فما لبث إلا ثمان ليال بعد هذا القول حتى توفي، رحمه اللّه. فصلى عليه محمد بن الحنفية، و ولينا حمله و دفنه.
قال منذر الثوري (1):سمعت محمد بن علي بن أبي طالب يقول يوم مات ابن عباس:
اليوم مات ربّاني هذه الأمة.
و في رواية عن كلثوم (2):اليوم مات ربّاني العلم.
و عن بجير بن أبي عبيد قال (3):مات ابن عباس بالطائف. فلما خرجوا بنعشه جاء طير عظيم أبيض من قبل وجّ (4)-زاد في رواية: يقال له الغرنوق (5)-حتى خالط أكفانه، ثم لم يروه، زاد في رواية: قال: فكانوا يرون أنه علمه (6).
قال ميمون بن مهران (7):شهدت جنازة عبد اللّه بن عباس بالطائف. فلما وضع
ص: 217
ليصلّى عليه جاء طائر أبيض حتى دخل في أكفانه، فالتمس فلم يوجد. فلما سوّي عليه سمعنا صوتا، نسمع صوته و لا نرى شخصه يٰا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ اِرْجِعِي إِلىٰ رَبِّكِ رٰاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبٰادِي وَ ادْخُلِي جَنَّتِي [سورة الفجر، الآية:27-30].
قال هشام بن محمد بن السائب: صلى محمد بن علي على عبد اللّه بن عباس، و كبّر عليه أربعا، و ضرب على قبره فسطاطا (1).
قال ابن بكير: توفي عبد اللّه بن عباس سنة خمس و ستين. و يقال: ثمان و ستين.
و صلى عليه محمد ابن الحنفيّة (2)،و أدخله من قبل القبلة، و قيل: توفي سنة سبع و ثمانين.
و توفي ابن الحنفية بعده.
و كان ابن عباس يصفّر لحيته (3)،و توفي و سنّه ثنتان و سبعون سنة، و قيل: إحدى و سبعون سنة، و قيل: أربع و سبعون سنة. و الصحيح قول من قال: إنه توفي سنة ثمان و ستين. و اللّه أعلم.
و لما دفن قال محمد بن الحنفية: مات و اللّه اليوم حبر هذه الأمة.
قال الزبير: و يقال: قالت أم الفضل و هي ترقّص عبد اللّه بن عباس:
ثكلت نفسي و ثكلت بكري *** إن لم يسد فهرا و غير فهر
بحسب زاك و بذل الوفر
ابن مزيد العذري البيروتي
[روى عن أبيه.
روى عنه سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني] (4).
ص: 218
حدث عن أبيه بسنده إلى حميد بن عبد الرحمن قال:
استوى معاوية على المنبر فقال: يا أهل المدينة، أين علماؤكم ؟ سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول:«هذا يوم عاشوراء، و لم يكتب اللّه علينا صيامه، و أنا صائمه، فمن شاء صامه، و من شاء أفطره» (1)[14278].
ابن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف
أبو يحيى الهاشمي النوفلي
[روى عن أبيه عبد اللّه بن الحارث بن نوفل، و عبد اللّه بن خباب بن الأرت، و عبد اللّه ابن شداد بن الهاد، و عبد اللّه بن عباس، و عبد الرحمن بن عوف، و عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، و أم هانئ بنت أبي طالب، روى عنه:
عاصم بن عبيد اللّه، و عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، و أخوه عون بن عبد اللّه بن الحارث بن نوفل، و محمد بن مسلم بن شهاب الزهري] (2).
حدث عبد اللّه بن عبد اللّه بن الحارث عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب (3).
أنه اجتمع ربيعة بن الحارث و عباس بن عبد المطلب فقالا: و اللّه، لو بعثنا هذين
ص: 219
الغلامين - قال: لي و للفضل بن عباس - إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فأمرهما على هذه الصدقات فأدّيا ما يؤدّي الناس، و أصابا ما يصيب الناس من المنفعة. قال: فبينا هما في ذلك جاء علي بن أبي طالب، فقال: ما ذا تريدان ؟ فأخبراه بالذي أرادا (1) فقال: لا تفعلا، فو اللّه ما هو بفاعل، فقالا: لم تصنع هذا؟ فما هذا منك إلا نفاسة علينا (2)،فو اللّه لقد صحبت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و نلت صهره فما نفسنا ذلك عليك، فقال: أنا أبو حسن، أرسلوهما، ثم اضطجع. فلما صلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم الظهر سبقناه إلى الحجرة، فقمنا عندها حتى مرّ بنا، فأخذ بآذاننا، ثم قال:
«أخرجا ما تصرّران» (3)،و دخل، فدخلنا معه، و هو حينئذ في بيت زينب بنت جحش. قال:
فكلمناه، فقلت: يا رسول اللّه، جئناك لتؤمّرنا على هذه الصدقات فنصيب ما يصيب الناس من المنفعة، و نؤدّي إليك ما يؤدّي الناس. قال: فسكت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و رفع رأسه إلى سقف البيت حتى أردنا أن نكلمه. قال: فأشارت إلينا زينب من وراء حجابها كأنها تنهانا عن كلامه، فأقبل فقال:«ألا إنّ الصدقة لا تنبغي لمحمد و لا لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس (4)،ادع لي محمية (5) بن الجزء - و كان على العشور - و أبا سفيان بن الحارث. قال: فأتياه، فقال لمحمية بن جزء:«أنكح هذا الغلام ابنتك»- للفضل - فأنكحه، و قال لأبي سفيان:«أنكح هذا الغلام ابنتك» فأنكحني، ثم قال لمحمية:«أصدق (6) عنهما من الخمس»[14279].
و حدث عبد اللّه بن الحارث بن نوفل قال: سألت لأجد أحدا يخبرني أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم سبح في سفر. فلم أجد أحدا يخبرني بذلك، حتى أخبرتني أم هانئ بنت أبي طالب أنه قدم عام الفتح فأمر بستر فستر عليه، فاغتسل ثم سبّح ثمان ركعات.
و حدث عبد اللّه بن عبد اللّه: أن أباه عبد اللّه بن الحارث بن نوفل كان يسبّح سبحة
ص: 220
الضحى. قال: فسألت و حرصت أن أجد أحدا من أصحاب النبي صلّى اللّه عليه و سلّم يحدثني: هل سبّح النبي صلّى اللّه عليه و سلّم تسبيحة الضحى، فلم أجد أحدا من الناس يخبرني أن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم سبحها غير أم هانئ بنت أبي طالب، أخبرتني أن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم جاء يوم الفتح، مكة، بعد ما ارتفعت الشمس فأمر بثوب فستر عليه، ثم اغتسل، ثم قام يصلي، فركع ثمان ركعات. قال: فلا أدري: أ قيامه فيهن أطول أم ركوعه، و لا أدري: أ ركوعه فيهن أطول أم سجوده. و كان ذلك فيهن متقاربا.
قال: فلم أر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم سبح سبحة الضحى قبل و لا بعد غير تلك المرة (1).
و أم عبد اللّه بن عبد اللّه: خالدة بنت معتّب بن أبي لهب بن عبد المطلب (2).
و حدث عبد اللّه بن عبد اللّه عن أبيه: أن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم كان إذا سمع المؤذن قال مثل ما يقول.
توفي عبد اللّه بن الحارث سنة تسع و تسعين. قتلته السّموم (3)،و دفن بالأبواء (4) و هو مع سليمان بن عبد الملك، و صلى عليه (5)،و كان قد حجّ معه، فمات بالأبواء.
[قال البخاري] (6):[عبد اللّه بن عبد اللّه بن الحارث بن نوفل الهاشمي أخو إسحاق، سمع أباه سمع منه الزهري، و قال عمرو بن عباس عن ابن مهدي عن سفيان، عن عاصم بن عبيد اللّه بن الحارث ابن نوفل عن أبيه أن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم كان إذا سمع المؤذن قال مثل ما يقول. قال محمد بن يوسف نحوه. قال وكيع: عبد اللّه بن (7) عبد اللّه بن الحارث،
ص: 221
و الأول أصح، هو أخو إسحاق] (1).
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] (2):[عبد اللّه بن عبد اللّه بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب أخو إسحاق و يقال: عبيد اللّه بن عبد اللّه، و عبد اللّه أصح، روى عن أبيه، روى عنه الزهري. سمعت أبي يقول ذلك] (3).
[قال النسائي: ثقة] (4).
[قال ابن سعد: كان ثقة قليل الحديث.
و قال العجلي: مدني تابعي، ثقة. و ذكره ابن حبان في الثقات] (5).
ابن عمرو بن عبد اللّه بن صفوان النصري
حدث عن عمه أبي زرعة بسنده إلى فضالة بن عبيد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«إن الأرض أرض اللّه، و العباد عباد اللّه، فمن اجتنى أرضا مواتا (6) فهي له»[14280].
أبو عون الأنصاري الأعور
حدث عن أبي إدريس الخولاني قال:
سمعت معاوية و هو يخطب الناس - قال: و كان قليل الحديث عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم - قال: فسمعته يقول: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«كل ذنب عسى اللّه أن يغفره، إلا الرجل يموت كافرا، و الرجل يقتل المؤمن متعمدا»[14281].
ص: 222
ابن عمر بن الخطاب بن نفيل
ابن عبد العزّى العدوي المديني
قدم على عمر بن عبد العزيز للخئولة، لأن أم عمر أم عاصم بنت عاصم بن عمر (1).
روى عن عمر بن عبد العزيز خطبة له قال:
قدمنا على عمر بن عبد العزيز حين استخلف. قال: و جاءه الناس من كل مكان. قال (2):
فجلس على المنبر، فحمد اللّه و أثنى عليه ثم قال: أما بعد. أيها الناس، فالحقوا ببلادكم، فإنّي أنساكم هاهنا (3)،و أذكركم في بلادكم، فإنّي قد استعملت عليكم عمالا (4)،[لا] (5) أقول هم خياركم [و لكنهم خير ممن هو شرّ منهم] (6) فمن ظلمه عامله بمظلمة فلا إذن له علي ألا و لا أرينّه. و أيم اللّه، إنّي كنت منعت نفسي و أهل بيتي هذا المال، ثم ضننت به عليكم، إني إذا لضنين، و اللّه لو لا أن أنعش سنّة، و أسير (7) بحق، ما أحببت أن أعيش فواقا (8).
قال عبيد اللّه: فلم يخطب بعدها.
ص: 223
أبو عبد الملك الشيباني مولاهم
أخو عبد الصمد بن عبد الأعلى
قال أبو هفان:
كان عبد اللّه شاعرا، و كان أبوه عبد الأعلى شاعرا، و كان عبد اللّه متهما في دينه، و يقال: إن سليمان بن عبد الملك ضمه إلى ابنه أيوب (1) فزندقه، فدسّ له سليمان سما، فقتله و عبد اللّه كثير الأمثال في شعره، أنفذ أكثر قوله في الزهد و المواعظ ، و هو القائل (2):
صبا ما صبا حتى (3) علا الشيب رأسه *** فلمّا علاه (4) قال للباطل ابعد
و لما مات هشام بن عبد الملك اجتمع وجوه الناس و أشرافهم، و فيهم ابن عبد الأعلى الشاعر. فلما علا على مغتسله رمى ابن عبد الأعلى بطرفه نحو الباب الذي يغتسل فيه، ثم أنشأ يقول (5):
و ما سالم عما قليل بسالم *** و لو (6) كثرت أحراسه و كتائبه
و من يك ذا باب شديد و حاجب (7) *** فعمّا قليل يهجر الباب حاجبه
و يصبح بعد العزّ يفضيه أهله (8) *** رهينة لحد (9) لم تسوّ (10) جوانبه
ص: 224
فما كان إلا الدفن حتى تفرّقت *** إلى غيره أجناده (1) و مواكبه
و أصبح مسرورا به كلّ كاشح (2) *** و أسلمه أحبابه و أقاربه
فنفسك فاكسبها السعادة و التّقى (3) *** فكلّ امرئ رهن بما هو كاسبه
قال عبد الملك بن مروان لبنيه في مرض موته: كونوا كما قال عبد اللّه بن عبد الأعلى (4):
ألقوا الضغائن و التخاذل بينكم *** عند المغيب و في الحضور الشّهد (5)
بصلاح ذات البين طول بقائكم *** إن مدّ في عمري و إن لم يمدد
فلمثل ريب الدهر ألف بينكم *** بتواصل و ترحّم و تودّد
و ألقوا الضغائن و التخاذل عنكم *** بتكرّم و توسّع و تعهّد
حتى تلين قلوبكم و جلودكم (6) *** لمسوّد (7) منكم و غير مسوّد
و تكون أيديكم معا في أمركم *** ليس اليدان لذي التعاون كاليد
إن القداح إذا اجتمعن فرامها *** بالكسر ذو حنق و بطش أيّد (8)
عزّت فلم تكسر، و إن هي بدّدت *** فالكسر (9) و التوهين للمتبدّد
ثم طفئ من ساعته.
[قال عبد الملك بن مروان لعبد اللّه بن عبد الأعلى الشيباني: من أكرم العرب أو من خير الناس ؟ قال: من يحب الناس أن يكونوا منه، و لا يحب أن يكون من أحد، يعني بني هاشم.
ص: 225
قال: من ألأم الناس ؟ قال: من يحب أن يكون من غيره، و لا يحب غيره أن يكونوا منه] (1).
[لما مات أيوب بن سليمان بن عبد الملك] (2)[رثاه عبد اللّه بن عبد الأعلى بقصيدة يقول فيها:
و لقد عجبت لذي الشماتة إن أرى *** جزعي و من يذق الفجيعة يجزع
فاشمت فقد قرع الحوادث مروتي *** و أجذل بمروتك التي لم تقرع
إن تبق تفجع بالأحبة كلهم *** أو تردك الأحداث إن لم تفجع
من لا تخرمه المنية لا يرى *** منها على خوف لها و توقع
قد بان أيوب الذي لفراقه *** سر العدو غضاضتي و تخشّعي
أيوب كنت تجود عند سؤالهم *** و تظلّ منخدعا و إن لم تخدع] (3)
[و رثى عبد اللّه بن عبد الأعلى مسلمة (بن عبد الملك) فقال:
أبا سعيد أراك اللّه عافية *** فبها لروحك عند العسر تيسير
فقد أقمت قناة الحق فاعتدلت *** إذ أنت للدين مما نابه سور] (4)
أبو عبد الرحمن الخولاني
قاضي مصر و ابن قاضيها (5).
[روى عن أبيه.
روى عنه إبراهيم بن نشيط الوعلاني، و خالد بن يزيد المصري، و عبد اللّه بن الوليد التجيبي.
ص: 226
قال النسائي: ليس به بأس.
و ذكره ابن حبان في كتاب الثقات] (1).
[قال العجلي: ابن حجيرة، مصري ثقة.
قال ابن عساكر: لا أدري أراد عبد اللّه أو عبد الرحمن أباه] (2).
[و ذكر أبو عمر الكندي في قضاة مصر: أن عبد اللّه بن عبد الرحمن بن حجيرة ولي القضاء بمصر مرتين، المرة الأولى: من قبل الأمير قرة بن شريك في ربيع الآخر سنة تسعين إلى أن صرف عنها في جمادى الأولى سنة ثلاث و تسعين، ثم ولي القضاء بها من قبل الأمير عبد الملك بن رفاعة. و هي ولايته الثانية في رجب سنة سبع و تسعين، و جمع له القضاء و بيت المال فوليها إلى سلخ، سنة ثمان و تسعين، و صرف عن القضاء] (3).
[قال البخاري] (4):
[عبد اللّه (5) بن عبد الرحمن بن حجيرة عن أبيه عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أوصى سلمان الفارسي الخير فقال: إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يريد أن يمنحك كلمات. فذكره (6)،قاله عبد اللّه بن يزيد قال ح سعيد بن أبي أيوب حدثني عبد اللّه بن الوليد عن عبد اللّه بن عبد الرحمن بن حجيرة].
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] (7):
[عبد اللّه بن عبد الرحمن بن حجيرة أبو عبد الرحمن روى عنه أبيه عن أبي هريرة.
ص: 227
روى سعيد بن أبي أيوب عن عبد اللّه بن الوليد. سمعت أبي يقول ذلك] (1).
وفد على عمر بن عبد العزيز في قضاء مصر من قبل قرّة بن شريك (2) أمير مصر من قبل الوليد بن عبد الملك في سنة تسعين.
حدث عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أوصى سلمان الخير فقال له:
«يا سلمان، إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يريد أن يمنحك كلمات تسألهن الرحمن و ترغب إليه فيهن، و تدعو بهن في الليل و النهار. قل: اللهم إنّي أسألك صحة في إيمان، و إيمانا في حسن خلق، و نجاحا يتبعه فلاح، و رحمة منك و عافية، و مغفرة منك و رضوانا» (3)[14282].
رأيت عبد اللّه بن عبد الرحمن بن حجيرة، و كانت تحته امرأة من و علان هي مولاة ابن نشيط ، و قد تغدى فقال: أ تتغدى ؟ قال:[قلت] نعم، قال: أعيدي عليه الغداء يا جارية، فأتت بعدس بارد على طبق خوص و كعك و ماء، فقال: ابلل و كل. فلم تتركنا الحقوق نشبع من الخبز.
قال ابن نشيط : و أتاه رجل يذكر له حاجة، فقال: تعود، فسأل (6) عنه، فإذا هو صادق، فأعطاه ثمانية عشر دينارا، فأتاه في مجلس القضاء يثني عليه، فقال: أخروه عني.
ابن سليمان بن خيثمة بن سليمان بن حيدرة
أبو بكر القرشي الأطرابلسي
حدث عن أبي بكر محمد بن العباس بسنده إلى أبي هريرة أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال:
ص: 228
«من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغيب الشمس فقد أدرك العصر» (1)[14283].
و روي هذا الحديث بزيادة:«من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح»[14284].
و حدث أبو بكر أيضا عن أبي بكر أحمد بن جعفر بن محمد البرمكي بسنده عن أنس عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال:
«من كذب علي - حسبته قال: معتمدا - فليتبوّأ بيته من النار»[14285].
ابن عبد اللّه بن عبد الرحمن بن أبي العجائز سعيد بن خالد
ابن حميد بن صهيب بن كليب بن البخيت بن علقمة
ابن الصبر الأزدي، أزد شنوءة أبو محمد القاضي
ولي القضاء بدمشق نيابة.
حدث عن أبي محمد عبد الرحمن بن عثمان بن أبي نصر بسنده إلى أبي هريرة قال:
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:
«لا تتقدموا بين يدي رمضان بيوم أو يومين، إلا رجلا كان يصوم صياما فليصمه»[14286].
ولد القاضي أبو محمد بن أبي العجائز في ذي الحجة سنة ثلاث و ثمانين و ثلاث مائة.
[قال ابن ماكولا] (2):
و بخيت: أوله باء مضمومة، و بعدها خاء معجمة مفتوحة، و آخره تاء معجمة باثنتين من فوقها [فهو: القاضي أبو محمد عبيد اللّه بن عبد الرحمن بن عبد اللّه بن علي بن عبد الرحمن ابن أبي العجائز سعيد بن خالد بن حميد بن صهيب بن طليب بن بخيت بن
ص: 229
علقمة بن الصبر الأزدي - أزد شنوءة - دمشقي رأيته بمصر، و أخبرني أنه سمع ابن أبي نصر و غيره، و دخلت دمشق و لم أسمع منه بها شيئا، و حدث عن ابن أبي نصر و غيره، و حدث ابنه أبو الحسين محمد عن ابن أبي نصر، سمع منه أصحابنا] (1).
و توفي القاضي أبو محمد بن أبي العجائز في رجب سنة اثنتين و ستين و أربع مائة.
ابن إياس - و يقال ابن أبي إياس - بن الحارث
ابن عبد أسد بن جحدم بن عمرو بن عائش
ابن ظرب بن الحارث بن فهر، القرشي الفهري
ولي إمرة دمشق من قبل يزيد بن عبد الملك، و ولي لعمر بن عبد العزيز صدقات بني تغلب.
حدث ابن جحدم (2)أن عمر بن عبد العزيز بعثه على صدقات بني تغلب، فكان عهده إليه أن يقبضها ثم يردّها في فقرائهم. قال: فكنت آتي الحيّ فأدعوهم بأموالهم، فأقبض ما كان فيها، ثم أدعو فقراءهم فأقسمها عليهم، حتى إنه ليصيب المسكين (3) الفريضتين و الثلاث، فما أفارق الحي و فيه (4) فقير. ثم آتي الحي الآخر، فأصنع به كذلك، فلم أنصرف إليه بدرهم.
قال عبد اللّه بن أبي عبد اللّه (5):
ص: 230
قحطت السماء في زمان يزيد بن عبد الملك، و على دمشق عبد اللّه بن عبد الرحمن الفهري، فخرج بنا إلى مضمار دمشق يستسقي، فجلس على درجة دون المجلس من المنبر، فدعا اللّه، و عظّمه، و مجّده طويلا، ثم قال: اللهم أي رب، إنا لم نكن لنجيء بأجمعنا إلى أحد دونك - و كل شيء هو دونك - في أمر لا ينقصه شيئا، و هو بنا رافق إلا أعطاناه، اللهم، و لك المثل الأعلى، جئناك الغداة نطلب في أمر لا ينقصك شيئا و هو بنا رافق، فأعطنا برحمتك، يا أرحم الراحمين. فلم نبرح حتى مطرنا.
ابن عضاه بن الكركير الأشعري
شهد صفين مع معاوية، و بعثه يزيد بن معاوية إلى ابن الزبير يدعوه لبيعته (1)،و معه جامعة من فضة (2)،و برنس خزّ، فقدم (3) على ابن الزبير و هو جالس بالأبطح (4)،و معه أيوب ابن عبد اللّه بن زهير بن أبي أمية المخزومي، و على مكة يومئذ الحارث بن خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة، فكلمه ابن عضاه و ابن الزبير ينكت في الأرض (5)،فقال له أيوب: يا أبا بكر، لا أراك غرضا للقوم (6)،فرفع ابن الزبير رأسه فقال: أقلت: حلف ألا
ص: 231
يقبل بيعتي حتى يؤتى بي في جامعة ؟ لا أبرّ اللّه قسمه، و تمثل ابن الزبير (1):
و لا ألين لغير الحقّ أسأله *** حتى يلين لضرس الماضغ الحجر
ثم قال: و اللّه، لا أبايع يزيد، و لا أدخل له في طاعة (2).
قال خالد سبلان (3):
كنت فيما شهد صفين: فبينا نحن هنالك إذ جاء الخبر إلى معاوية أنه قد بايع رجلا من همدان اثنا عشر ألفا من همدان بيعة الموت ليغتدن شاهرين سيوفهم فلا ينثنون دون أن يقتلوا معاوية، أو ينهزم الناس، أو يموتوا من آخرهم، فأعظم ذلك معاوية، و أقبل على عمرو بن العاص فقال: اثنا عشر ألفا كلهم قد بايع بيعة الموت، من يطيق هؤلاء؟ فقال له عمرو:
اضربهم بمثلهم من قومهم، فأرسل إلى عضاه - أو قال: ابن عضاه - فأخبره عن الهمداني و أصحابه و قال: ما عندك ؟ قال: ألقاهم بمثل عدتهم من همدان. قال: فخرج إليه قبائل همدان، فخطبهم متوكئا على قوسه، فذكر عثمان، و ما انتهك من حرمته، و ركب به - يعني:
قتلوا حتى نسخوا - ثم ذكر الذين قتلوه، و أنه لحقّ على كلّ مسلم أن يطلب دم عثمان، و القود من قتلته، و نحوا من هذا الكلام، و إن الهمداني قد بايعه منكم، فأخبرهم بما صنعوا، فما
ص: 232
عندكم ؟ قالوا: عندنا أن نلقاهم بيعة الموت. قال: بيعة الموت ؟ قالوا: بيعة الموت.
فأعادها، ثم استدار على قوسه، و وثبوا وثبة رجل فاستداروا مرات، و اعتنق بعضهم بعضا، و بكى بعضهم إلى بعض، فغدا الهمداني في أصحابه فاقتتلوا فيما بين أول النهار إلى صلاة العصر، ما ينهزم هؤلاء و لا هؤلاء، فأرسل علي إلى معاوية يناشده اللّه في البقية إلى كفّ أصحابه، و يكفّ أصحابه. فلم يزل معاوية يكف أصحابه و يزعهم، و علي مثل ذلك حتى حجزوا بينهم.
ص: 233
ابن محمد المهدي بن عبد اللّه المنصور
أبو إسحاق الهاشمي
[روى عن أبيه، و أخيه المأمون يسيرا.
روى عنه إسحاق الموصلي، و حمدون بن إسماعيل، و آخرون] (1).
بويع له بالخلافة بعد أخيه المأمون بعهد منه (2)،قدم دمشق عدة دفعات مع أخيه المأمون، و وحده قبل الخلافة، ثم قدمها في خلافته.
حدّث هشام بن محمد الكلبي (3):أنه كان عند المعتصم في أوّل أيام المأمون - حين قدم المأمون بغداد - فذكر قوما بسوء السّير، فقلت له: أيّها الأمير إن اللّه تعالى أمهلهم فطغوا
ص: 234
و حلم عنهم فبغوا؛ فقال: حدّثني أبي الرشيد، عن جدّي المهدي، عن أبيه المنصور، عن أبيه محمد بن علي، عن علي ابن عبد اللّه بن عباس، عن أبيه؛ أن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم نظر إلى قوم من بني فلان يتبخترون في مشيهم، فعرف الغضب في وجهه، ثم قرأ: وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ [سورة الإسراء، الآية:60] فقيل له: أي الشّجر هي يا رسول اللّه حتى نجتنبها؟ فقال:«ليست بشجرة نبات، إنّما هم بنو فلان (1)،إذا ملكوا جاروا و إذا ائتمنوا خانوا» ثم ضرب بيده على ظهر العبّاس، قال:«فيخرج اللّه من ظهرك يا عم رجلا يكون هلاكهم على يديه»[14287]. قال: هذا حديث منكر.
و عن جابر بن عبد اللّه قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول:«ليكوننّ من ولده - يعني العبّاس بن عبد المطلب - ملوك يلون أمر أمّتي يعزّ اللّه بهم الدين»[14288].
حدث المعتصم، عن المأمون، عن آبائه إلى ابن عباس، عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال:
«لا تحتجموا يوم الخميس فإنه من يحتجم فيه فيناله مكروه فلا يلوم إلا نفسه»[14289].
[و قال ابن عساكر: أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، حدثنا عبد العزيز بن أحمد، حدثني علي بن الحسين الحافظ ، حدثنا أبو القاسم عبد اللّه بن أحمد بن طالب البغدادي، حدثنا ابن خلاد، حدثنا أحمد بن محمد بن نصر الضبيعي حدثنا إسحاق بن يحيى بن معاذ قال: كنت عند المعتصم أعوده، فقلت: أنت في عافية، فقال: كيف و قد سمعت الرشيد يحدث عن أبيه المهدي عن المنصور عن أبيه عن جده عن ابن عباس مرفوعا: (2)
«من احتجم في يوم الخميس فمرض فيه، مات فيه»[14290].
قال ابن عساكر: سقط منه رجلان بين ابن الضبيعي و إسحاق.
ثم أخرجه من طريق أخرى عن الضبيعي عن أحمد بن محمد بن الليث عن منصور بن النضر، عن إسحاق] (3).
ص: 235
[قال أبو بكر الخطيب] (1):[محمد أمير المؤمنين المعتصم باللّه ابن هارون الرشيد بن محمد المهدي بن عبد اللّه المنصور بن محمد بن علي بن عبد اللّه بن العباس بن عبد المطلب، يكنى، أبا إسحاق] (2).
و أمّ المعتصم أمّ ولد اسمها ماردة، لم تدرك خلافته، و المعتصم يقال له: الثمانيّ (3)، لأنه ولد [بالخلد في] (4) سنة ثمانين و مائة، في الشهر الثامن، و هو ثامن الخلفاء، و الثامن من ولد العباس، و فتح ثمانية فتوحات، و ولد له ثمان بنين، و ثمان بنات، و مات و عمره ثمان و أربعون سنة، و خلافته ثمان سنين و ثمانية أشهر و يومان، و قتل ثمانية أعداء: بابك، و مازيار، و ياطس (5) و رئيس الزّنادقة، و الأفشين، و عجيفا، و قارن، و قائد الرّافضة (6).
و كان المعتصم أبيض، أصهب اللحية طويلها، مربوعا، مشرب اللّون (7).
و بويع للمعتصم يوم مات المأمون سنة ثمان عشرة و مائتين، و دخل بغداد (8) على بغل كميت بسرج مكشوف و عليه قلنسوة لاطئة و سيف بمعاليق، فأخذ على باب الشّام حتى عبر الجسر، ثم دخل من باب الرّصافة فأخذ يمنة حتى دخل الدّار التي كان ينزلها المأمون من باب العامّة.
كان (9) مع المعتصم غلام يتعلّم معه في الكتّاب، فمات الغلام، فقال له الرّشيد: مات
ص: 236
غلامك ؟ قال: نعم، و استراح من الكتّاب! قال الرشيد: و إن الكتّاب ليبلغ منك هذا المبلغ ؟ دعوه إلى حيث انتهى، و لا تعلّموه شيئا؛ فكان يكتب كتابا ضعيفا، و يقرأ قراءة ضعيفة.
قال الزّبير بن بكار:
لمّا قدمت إلى الرّشيد لأحدّث أولاده بالأخبار التي صنّفتها، أعجل المعتصم في القصر فعثر، فكادت إبهامه تنقطع، فقام و هو يقول (1):
يموت الفتى من عثرة بلسانه *** و ليس يموت المرء من عثرة الرّجل
فعثرته من فيه ترمي برأسه *** و عثرته بالرّجل تبرا على مهل
كذا، و قد وهم، فإن الزّبير لم يكن في زمن الرّشيد يقرأ عليه، فإنه كان ميتا إذ ذاك، و إنما قرئ عليه في أيام المتوكّل و الّذي عثر المعتزّ بن المتوكّل.
[قال أبو بكر الخطيب] (2):
[حدثني أبو القاسم الأزهري و عبيد اللّه بن علي بن عبيد اللّه الرقي، قالا: حدثنا عبيد اللّه بن محمد المقرئ، حدثنا محمد بن يحيى النديم حدثنا عبد الواحد بن العباس بن عبد الواحد قال: سمعت العباس بن الفرج يقول:] (3).
كتب ملك الرّوم كتابا إلى المعتصم يتهدّده فيه، فأمر بجوابه، فلمّا قرئ عليه الجواب لم يرضه، و قال للكاتب: اكتب؛ بسم اللّه الرحمن الرحيم؛ أما بعد؛ فقد قرأت كتابك، و سمعت خطابك، و الجواب ما ترى لا ما تسمع وَ سَيَعْلَمُ الْكُفّٰارُ لِمَنْ عُقْبَى الدّٰارِ [سورة الرعد، الآية:42] (4).
قال الخطيب (5):غزا المعتصم بلاد الرّوم في سنة ثلاث و عشرين و مائتين، فأنكى في العدوّ نكاية عظيمة، و نصب على عمّورية (6) المجانيق، و أقام عليها حتى فتحها، و دخلها
ص: 237
عنوة (1)،فقتل فيها ثلاثين ألفا و سبى مثلهم، و كان في سبيه ستّون بطريقا، و طرح النّار في عمّورية من سائر نواحيها فأحرقها، و جاء ببابها إلى العراق، و هو باق إلى الآن، منصوب على أبواب دار الخلافة، و هو الباب الملاصق مسجد الجامع في القصر.
و كان المعتصم قبل وصوله عمّورية خرّب ما مرّ به من قراهم، و هربت الرّوم في كلّ وجه؛ و قيل: و خرّب أنقرة (2)،و توجه قافلا، فضرب رقاب أربعة آلاف و نيّف من الأسارى، و لم يزل يقتل الأسارى في مسيره و يحرق و يخرّب حتى ورد بلاد الإسلام؛ و أتى فيها ببابك (3)أسيرا، فأمر بقطع يديه و رجليه، و ضرب عنقه، و صلبه في سنة ثلاث و عشرين و مائتين؛ و كانت الرّوم أغارت على زبطرة (4) في سنة اثنتين و عشرين و مائتين، فقتلوا و أسروا من وجدوا بها، و خرّبوها (5)،فدخل قائد له في جماعة في درب الحديد، و دخل المعتصم من درب الصّفصاف في جماعة لم تدخل أرض الرّوم قبلهم، و لقي أفشين الطّاغية، فظفره اللّه به، و ولّى الطّاغية منهزما مفلولا، و سار المعتصم إلى عمّورية، و وافاه أفشين عليها، فأسر و غنم، و حاصرها و نصب عليها المجانيق، فهتك سورها و فتحها عنوة (6)،فقتل و سبى ما لا يحصى عدده، و شعّث حائطها، و حرّق و خرّب داخلها، و خرج سالما هو و جيوشه، و خرج معه بياطس (7) بطريقها و أسرى كثر، و أقام فيها بعد فتحه ثلاثة أيام، و رحل في الرّابع، و قد ظفر قبل ذلك ببابك الخرّمي (8) و أصحابه، فقدّم أسيرا فأمر بقتله.
و لمّا (9) تجهّز المعتصم لغزو عمّورية حكم المنجّمون على ذلك الوقت أنه لا يرجع من
ص: 238
غزوة، فإن رجع كان مفلولا خائبا، لأنه خرج في وقت نحس، فكان من فتحه العظيم ما لم يخف، حتى وصف ذلك أبو تمام الطّائي في قوله (1):
أين الرّواية أم (2) أين النّجوم و ما *** صاغوه من زخرف فيها و من كذب
تخرّصا (3) و أحاديثا ملفّقة *** ليست بنبع إذا عدّت و لا غرب
عجائبا زعموا الأيّام مجفلة *** عنهنّ في صفر الأصفار أو رجب
و خوّفوا النّاس من دهياء مظلمة *** إذا بدا الكوكب الغربيّ ذو الذّنب
و صيّروا الأبرج العليا مرتّبة *** ما كان منقلبا أو غير منقلب
يقضون بالأمر عنها و هي غافلة *** ما دار في فلك منها و في قطب
لو بيّنت قطّ أمرا قبل موقعة *** ما حلّ (4) ما حلّ بالأوثان و الصّلب
قال يحيى بن معاذ (5):
كنت أنا و يحيى بن أكثم نسير مع المعتصم، و هو يريد بلاد الرّوم؛ قال: فمررنا براهب في صومعته فوقفنا عليه فقلنا: أيّها الرّاهب، أ ترى هذا الملك يدخل عمّورية ؟ فقال:
لا، إنما يدخلها ملك أكثر أصحابه أولاد زنى؛ قال: فأتينا المعتصم فأخبرناه، فقال: أنا و اللّه صاحبها، أكثر جندي أولاد زنى، إنما هم أتراك و أعاجم.
و كان المعتصم يقول:
إذا لم يعدّ الوالي للأمور أقرانها قبل نزولها أطبقت عليه ظلم الجهالة عند حلولها.
ص: 239
كان المعتصم يخرج ساعده إليّ فيقول: يا أبا عبد اللّه عضّ ساعدي بأكثر من قوّتك؛ فأقول: و اللّه يا أمير المؤمنين ما تطيب نفسي بذلك؛ فيقول: إنه لا يضرّني؛ فأروم (1) ذلك فإذا هو لا تعمل فيه الأسنّة فضلا عن الأسنان.
و انصرف يوما من دار المأمون إلى داره، و كان شارع الميدان منتظما بالخيم، فيها الجند، فمرّ المعتصم بامرأة تبكي، و تقول: ابني ابني؛ و إذا بعض الجند قد أخذ ابنها؛ فدعاه المعتصم و أمره أن يردّ ابنها عليها؛ فأبى، فاستدناه فدنا منه فقبض عليه بيده، فسمع صوت عظامه، ثم أطلقه من يده، فسقط ، و أمر بإخراج الصّبيّ إلى أمّه.
قال عمرو بن محمد الرّومي:
كان على بيت مال المعتصم رجل من أهل خراسان يكنى أبا حاتم؛ فخرجت لي جائزة فمطلني بها، و كان ابنه قد اشترى جارية مغنّية اسمها قاسم، بستّين ألف درهم، قال: فعملت فيها شعرا، و جلست ألاعب المعتصم بالشّطرنج في يوم الجمار، و كان يشرب يوما و يستريح يوما ليلعب فيه، و نلعب بين يديه، فجعلت أنشده:
لتنصفنّي يا أبا حاتم *** أو لنصيرنّ إلى حاكم
فتعطي الحقّ على ذلّة *** بالرّغم من أنفك ذا الرّاغم
يا سارقا مال إمام الهدى *** سيظهر الظّلم على الظّالم
ستّون ألفا في شرا قاسم *** من مال هذا الملك النّائم!
فقال لي: ما هذا الشّعر؟ فتفازعت كأني أنشدته ساهيا، و تلجلجت؛ فقال: أعده؛ فقلت: إن رأى أمير المؤمنين أن يعفيني؛ و إنّما أريد أن يحرص على أن يسمعه؛ فقال: أعده ويلك؛ فأعدته؛ فقال: ما هذا؟ فقلت: أظنّ صاحب بيت المال مطل بعض هؤلاء الشّعراء بشيء له، فعمل فيه هذا الشّعر؛ قال: فما معنى قاسم ؟ قلت: جارية اشتراها بستّين ألف درهم؛ قال: و أراني أنا الملك النائم ؟ صدق و اللّه قائل هذا الشّعر، و اللّه لو عرفته لوصلته
ص: 240
لصدقه؛ رجل مملق ولّيته بيت المال لتعسّر رزقه منذ سنين، من أين لابنه هذا المال ؟ ثم قال لإيتاخ: قيّد صاحب بيت المال و ابنه حتى نأخذ منهما مائتي ألف درهم و ولّ بيت المال غيره.
قال محمد بن عمرو الدّومي (1):
للّه درّ المعتصم ما كان أعقله! كان له غلام يقال له عجيب لم ير النّاس مثله [قط ] (2)و كان مشغوفا به، فحارب بين يديه يوما فحسن بلاؤه، فقال لي المعتصم: يا محمد (3) جليس الرّجل صديقه و ذو نصحه، و لي عليك حقّ الرئاسة و الإحسان، فاصدقني عمّا أسألك عنه؛ فقلت: لعن اللّه من يقم نفسه إلا مقام العبد النّاصح الذي يرى فرضا عليه أن يضيف كلّ حسن إليك، و ينفي كلّ عيب عنك؛ قال: قد علمت أني دون إخوتي في الأدب (4)،لحبّ أمير المؤمنين الرّشيد [لي] (5) و ميلي إلى اللّعب و أنا حدث، فما أبالي ما قالوا (6)،و قد قاتل عجيب بين يديّ ، و أنت تعلم وجدي به و قد جاش طبعي بشيء قلته فإن كان مثله يجوز فاصدقني حتى أذيعه، و إلاّ طويته (7).فقلت: و اللّه لأخبرت ما أمرت؛ فأنشدني (8):
لقد رأيت عجيبا *** يحكي الغزال الرّبيبا
الوجه منه كبدر *** و القدّ يحكي القضيبا
و إن تناول سيفا *** رأيت ليثا حريبا
و إن رمى بسهام *** كان المجدّ (9) المصيبا
طبيب ما بي من الحب *** ب لا عدمت الطّبيبا
ص: 241
إني هويت عجيبا *** هوى أراه عجيبا
فحلفت له أنه شعر مليح من أشعار الخلفاء الذين ليسوا بشعراء، و طابت نفسه؛ فقلت له: تحتاج إلى لحن فيه؛ فقال: ما أحب ذلك لئلاّ يمرّ ذكر عجيب؛ قلت: فلا تذكر البيتين اللّذين فيهما ذكر عجيب؛ قال: أمّا ذا فنعم، فغنّى به مخارق و وصلني بخمسين ألفا.
و ممّا أنشد للمعتصم باللّه:
أيا منشئ الموتى أعذني من التي *** بها نهلت نفسي سقاما و علّت
لقد بخلت حتى لو أنّي سألتها *** قذى العين من سافي التّراب لضنّت
فإن بخلت فالبخل منها سجيّة *** و إن بذلت أعطت قليلا و ضنّت
قال علي بن يحيى المنجّم (1):
لمّا أن استتمّ المعتصم عدّة غلمانه الأتراك بضعة عشر ألفا، و علّق له خمسون ألف مخلاة على فرس و برذون و بغل، و ذلّل العدوّ بكلّ النّواحي، أتته المنيّة على غفلة؛ فقيل (2):
إنه قال في حماة التي مات فيها: حَتّٰى إِذٰا فَرِحُوا بِمٰا أُوتُوا أَخَذْنٰاهُمْ بَغْتَةً فَإِذٰا هُمْ مُبْلِسُونَ [سورة الأنعام، الآية:44].
قال الخطيب (3):و لكثرة عسكر المعتصم و ضيق بغداد عنه، و تأذّي النّاس به بنى المعتصم سرّ من رأى (4)،و انتقل إليها، فسكنها بعسكره فسمّيت العسكر (5)،في سنة إحدى و عشرين و مائتين.
ص: 242
قال حمدون بن إسماعيل: دخلت على المعتصم في يوم خميس، و هو يحتجم، فلمّا رأيته وقفت واجما و تبيّن له ذلك فيّ ؛ فقال: يا حمدون لعلّك ذكرت الحديث الذي حدّثتك به في حجامة الخميس و كراهتها، و اللّه ما ذكرت ذلك حتى شرط الحجّام، قال: فحمّ من عشيّته، و كانت المرضة التي مات فيها.
و لمّا احتضر المعتصم جعل يقول (1):ذهبت الحلية ليست حيلة؛ حتى أصمت (2).
و سمع يقول (3):اللهم إنك تعلم أني أخافك من قبلي و لا أخافك من قبلك، و أرجوك من قبلك و لا أرجوك من قبلي.
و جعل يقول (4):أوخذ [وحدي] (5) من بين هذا الخلق ؟ و قال (6):لو علمت أن عمري هكذا قصير ما فعلت ما فعلت.
و توفي سنة ثمان و عشرين و مائتين؛ و قيل سنة سبع و عشرين؛ و دفن بسرّمن رأى، و هو ابن ستّ و أربعين سنة، أو سبع و أربعين سنة، أو تسع و أربعين سنة (7).
[و قال الصولي: سمعت المغيرة بن محمد يقول: يقال: إنه لم يجتمع الملوك بباب أحد قط اجتماعها بباب المعتصم، و لا ظفر ملك قط كظفره أسر ملك أذربيجان، و ملك
ص: 243
طبرستان، و ملك أستيسان، و ملك الشياصح، و ملك فرغانة، و ملك طخارستان، و ملك كابل.
و قال الصولي: و كان نقش خاتمه: الحمد للّه الذي ليس كمثله شيء.
و أخرج الصولي عن أحمد اليزيدي قال: لما فرغ المعتصم من بناء قصره بالميدان و جلس فيه دخل عليه الناس، فعمل إسحاق الموصلي قصيدة فيه ما سمع أحد بمثلها في حسنها إلا أنه افتتحها بقوله:
يا دار غيرك البلى و محاك *** يا ليت شعري ما الذي أبلاك ؟
فتطير المعتصم، و تطيّر الناس و تغامزوا، و تعجبوا كيف ذهب هذا على إسحاق مع فهمه و علمه و طول خدمته للملوك، و خرب المعتصم القصر بعد ذلك.
و أخرج عن إبراهيم بن العباس قال: كان المعتصم إذا تكلم بلغ ما أراد و زاد عليه.
و كان أول من ثرد الطعام و كثّره حتى بلغ ألف دينار في اليوم و أخرج عن أبي العيناء قال: سمعت المعتصم يقول: إذا نصر الهوى بطل الرأي.
و أخرج عن إسحاق قال: كان المعتصم يقول: من طلب الحق بما له و عليه أدر له.
و أخرج الصولي عن الفضل اليزيدي قال: وجه المعتصم إلى الشعراء ببابه من منكم يحسن أن يقول فينا كما قال منصور النمري في الرشيد؟
إن المكارم و المعروف أودية *** أحلك اللّه منها حيث تجتمع
من لم يكن بأمين اللّه معتصما *** فليس بالصلوات الخمس ينتفع
إن أخلف القطر لم تخلف فواضله *** أو ضاق أمر ذكرناه فيتسع
فقال أبو وهيب: فينا من يقول خيرا منه فيك، و قال:
ثلاثة تشرق الدنيا ببهجتها *** شمس الضحى و أبو إسحاق و القمر
تحكي أفاعيله في كل نائبة *** اليث و الغث و الصمامة الذكر] (1)
[و أولاده: هارون الواثق، و جعفر المتوكل، و أحمد المستعين، قيل: هو ابن ابنه، و قضاته: أحمد بن أبي دؤاد، و محمد بن سماعة، و وزراؤه، الفضل بن مروان، ثم
ص: 244
محمد بن عبد الملك الزيات، و حاجبه: و صيف مولاه. و هو أول من تسمى بخليفة اللّه.
و هو أول من تزيا بزي الأتراك و لبس التاج و رفض زي العرب و ترك سكنى بغداد] (1).
[كان ذا قوة و بطش و شجاعة و هيبة، لكنه نزر العلم.
قال خليفة: حج بالناس ستة مائتين (2).
امتحن الناس بخلق القرآن، و كتب بذلك إلى الأمصار، و أخذ بذلك المؤذنين و فقهاء المكاتب، و دام ذلك حتى أزاله المتوكل بعد أربعة عشر عاما.
أمر المعتصم بهدّ طوانة التي بذّر المأمون في بنائها من عامين بيوت الأموال (3).
في رمضان سنة عشرين كانت محنة الإمام أحمد في القرآن، و ضرب بالسياط حتى زال عقله، و لم يجب، فأطلقوه.
و غضب المعتصم على وزيره الفضل بن مروان، و أخذ منه نحوا من عشرة آلاف ألف دينار و نفاه و استوزر محمد بن الزيات. و اعتنى باقتناء المماليك الترك، و بعث إلى النواحي في شرائهم، و ألبسهم الحرير و الذهب. كان المعتصم ذا سطوة إذا غضب لا يبالي من قتل] (4).
[كان المعتصم يحب العمارة، و يقول: إن فيها أمورا محمودة، فأولها عمران الأرض التي يحيا بها العالم. و عليها يزكو الخراج، و تكثر الأموال و تعيش البهائم، و ترخص الأسعار، و يكثر الكسب، و يتسع المعاش.
كان يقول لوزيره محمد بن عبد الملك: إذا وجدت موضعا متى أنفقت فيه عشرة دراهم جاءني بعد سنة أحد عشر درهما فلا تؤامرني فيه. و كان المعتصم يحب جمع الأتراك و شراءهم من أيدي مواليهم، فاجتمع له منهم أربعة آلاف، فألبسهم أنواع الديباج و المناطق المذهبة و الحلية المذهبة، و أبانهم بالزي عن سائر جنوده.
زوّج المعتصم الحسن ابن الأفشين بأترجة بنت أشناس، و قال أبياتا يصف حسنهما و جمالهما و اجتماعهما، و هي:
ص: 245
زفت عروس إلى عروس *** بنت رئيس إلى رئيس
أيهما كان ليت شعري *** أجل في الصدر و النفوس
أصاحب المرهف المحلى *** أم ذو الوشاحين، و الشموس] (1)
[كان من أهيب الخلفاء و أعظمهم لو لا ما شان سؤدده بامتحان العلماء بخلق القرآن.
قال نفطويه: و حدّثت أنه كان من أشد الناس بطشا، و أنه جعل زند رجل بين أصابعه، فكسره.
و قال: فمما يروى من كلامه: إذا شغلت الألباب بالآداب، و العقول بالتعليم، تنبهت النفوس على محمود أمرها، و أبرز التحريك حقائقها] (2).
و يقال: محمد بن هارون بن شعيب بن علقمة بن سعد بن مالك
و يقال: محمد بن هارون بن شعيب بن حيّان بن حكيم بن علقمة
ابن سعد بن معاذ؛ صاحب سيّدنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم
[سمع بالشام، و مصر، و العراق، و أصبهان، و صنف و جمع و ليس بالمتقن.
سمع عبد الرحمن بن أبي حاتم المرادي، و أبا علاثة محمد بن عمرو، و بكر بن سهل الدمياطي، و أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، و مطينا، و أبا خليفة.
و عنه: ابن المقرئ، و ابن منده، و تمام، و العفيف بن أبي نصر، و عبد الوهاب الميداني] (3).
حدث أبو علي محمد بن هارون بن شعيب الأنصاري، بسنده إلى علي بن أبي طالب، عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال:
ص: 246
«مروا أبا بكر فليصلّ بالنّاس»[14291].
و حدث عن أبي نصر منصور بن إبراهيم بن عبد اللّه بن مالك القزويني، عن أبي سليمان داود بن سليمان، عن الوليد بن مسلم الدّمشقي، بسنده إلى أبي الدرداء، قال:
سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم عن القرآن؛ فقال:«هو كلام اللّه غير مخلوق»[14292].
قال أبو نصر: كان أحمد بن حنبل يقول لأصحاب الحديث: اذهبوا إلى أبي سليمان فاسمعوا منه حديث الوليد بن مسلم، فإنه لم يروه غيره؛ و أبو سليمان عندنا ثقة مأمون.
و حدث محمد بن هارون، قال: أنشدني محمد بن عبد اللّه العقيلي:
إنّي جعلتك ناظرا في حاجتي *** و جعلت ودّك لي إليك شفيعا
فاطلب إليك فدتك نفسي حاجتي *** تجد النّجاح إليّ منك سريعا
ولد محمد بن هارون بدمشق، سنة ست و ستين و مائتين (1)؛و توفي سنة ثلاث و خمسين و ثلاث مائة (2).
قال (3):و هو الثّماميّ بثاء مضمومة معجمة بثلاث: من ولد ثمامة بن عبد اللّه بن أنس بن مالك [سكن دمشق. و حدث عن الحسن بن علوية القطان. و أبي خليفة، و أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة الدمشقي، و زكريا بن يحيى السجزي. حدث عنه تمام بن محمد الرازي، و أبو محمد بن أبي نصر و غيرهما] (4).
أبو بكر؛ و يقال: أبو عمرو العاملي
حدث عن سليمان بن عبد الرحمن، بسنده إلى أبي أمامة، قال:
مرّ رجل برسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«ما له ؟» قالوا: كان مريضا؛ قال:«أ فلا قلت: ليهنك الطّهور»[14293].
ص: 247
و حدث عن العباس بن الوليد الخلال، بسنده إلى أبي أمامة (1)،قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:
«لا يحلّ بيع المغنّيات، و لا شراؤهنّ ، و لا تجارة فيهنّ ، و ثمنهنّ حرام» و قال:«إنما نزلت هذه الآية في ذلك وَ مِنَ النّٰاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ [سورة لقمان، الآية:6]» حتى فرغ من الآية، ثم أتبعها:«و الذي بعثني بالحق ما رفع رجل عقيرته بالغناء إلا بعث اللّه عند ذلك شيطانين يرتدفان على عاتقيه، ثم لا يزالان يضربان بأرجلهما على صدره - و أشار إلى صدر نفسه - حتى يكون هو الذي يسكت»[14294].
توفي سنة تسع و مائتين (2).
أبو الحسن المصّيصيّ
حدث عن الربيع بن سليمان. بسنده إلى أبي هريرة.
أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم توضّأ غرفة غرفة؛ و قال:«لا يقبل اللّه صلاة إلاّ به»[14295].
و عن محمد بن هارون أنه سمع هشام بن عمار، يقول أيام المتوكّل، و هو بدمشق، و قد سأله أبو هاشم عن القرآن فقال: سألني ابن أبي دواد عن القرآن فقلت (3):القرآن كلام اللّه غير مخلوق، و قراءة العباد للقرآن قرآن، و تلاوتهم للقرآن قرآن؛ فاحمرّت عينه؛ و قال: ويلك من أنت ؟ (4)فقلت:
القرآن لا ينطق إلاّ ما نطق به، و لا يتكلّم إلاّ ما تكلّم به، و هو غير موجود إلاّ في قراءة القارئين، و تلاوة التّالين، و ألفاظ اللاّفظين، و نطق النّاطقين.
ص: 248
أبو الفتح، ابن أخت طيب الورّاق، يعرف: بشيخ الجنّ
حدّث عن حاجب بن مالك بن أركين (1)،بسنده إلى أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«النّدم توبة» (2)[14296].
أبو عبد اللّه القرشي البعلبكّي
حدّث بدمشق سنة ستّ و أربعين و مائتين.
[روى عن بقية بن الوليد، و سويد بن عبد العزيز، و شعيب بن إسحاق الدمشقي، و عمرو بن الحارث الحمصي، و محمد بن شعيب بن شابور، و أبيه هاشم بن سعيد القرشي، و الوليد بن مسلم.
روى عنه النسائي، و إبراهيم بن محمد بن الحسن بن متويه الأصبهاني، و أبو الحسن أحمد بن عمير بن يوسف بن جوصا الدمشقي، و أبو الحريش أحمد بن عيسى الكلابي، و أبو الدحداح أحمد بن محمد بن إسماعيل التميمي، و أبو بكر أحمد بن محمد بن عبد اللّه بن صدقة البغدادي، و ابنه أحمد بن محمد بن هاشم البعلبكي، و أبو جعفر أحمد بن هارون بن حنش بن النضر البخاري الغزال، و ابن بنته أبو جعفر أحمد بن هاشم بن عمرو بن إسماعيل الحميري البعلبكي، و أحمد بن هشام بن عبد اللّه بن كثير المقرئ، و إسحاق بن أبي عمران، و إسماعيل بن حاتم بن أبي حاتم البيروتي، و الحسن بن علي بن شبيب المعمري، و أبو سليمان داود بن الوسيم البوشنجي، و سعيد بن هاشم بن مرثد، و أبو طالب عبد اللّه بن أحمد بن سوادة، و علي بن سعيد بن بشير الرازي، و عمر بن أحمد بن بشر بن السري ابن السني، و عمر بن محمد بن بجير، و القاسم بن عيسى العصار، و محمد بن الحسن بن ذكوان البعلبكي، و محمد بن الحسن بن يونس القاضي، و مكحول البيروتي، و محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، و محمد بن المسيب الأرغياني، و يوسف بن موسى المروذي، و أبو حاتم الرازي.
قال النسائي: لا بأس به.
و ذكره ابن حبان في كتاب الثقات و قال: يغرب] (1).
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] (2):
ص: 250
[محمد بن هاشم القرشي البعلبكي الشامي و هو ابن هاشم بن سعيد، أبو عبد اللّه.
روى عن محمد بن شعيب بن شابور، و شعيب بن إسحاق، و الوليد بن مسلم. سمع منه أبي ببعلبك، و روى عنه.... (1)] (2).
حدّث عن الوليد بن مسلم بسنده إلى عائشة قالت:
لمّا دخلت ابنة الجون (3) على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فدنا منها قالت: أعوذ باللّه منك؛ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«عذت بعظيم، الحقي بأهلك»[14297].
و حدث عن بقية بن الوليد، بسنده إلى أبي ذر، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:
«إن اللّه يحبّ الرّجل له الجار السّوء يؤذيه فيصبر على أذاه، و يحتسبه حتى يكفيه اللّه بحياة أو بموت»[14298].
توفي محمد بن هاشم ببعلبك سنة أربع و خمسين و مائتين، و ولد سنة سبع و ستين و مائة (4).
أبو بكر الموصلي الشاعر المعروف بالخالديّ
من أهل قرية بالموصل تسمى الخالدية (1)،و هو أخو أبي عثمان سعيد بن هاشم الشاعر (2)؛و محمد الأكبر منهما، و هما شاعران محسنان متوافقان في الصّحبة، متشاركان في النّظم، و كانا من خواصّ شعراء سيف الدولة بن حمدان.
فمن شعر محمد في دير مرّان (3)،و زعم السّريّ بن أحمد الرّفّاء الموصلي أن الشّعر لكشاجم، و أن الخالديّ سرقه منه (4):
محاسن الدّير تسبيحي و مسباحي *** و خمره في الدّجى صبحي و مصباحي
أقمت فيه إلى أن صار هيكله *** بيتي و مفتاحه للحسن مفتاحي
منادما في قلاليه (5) رهابنة *** راحت خلائقهم أصفى من الرّاح (6)
قد عدّلوا ثقل أديان و معرفة *** فيهم بخفّة أبدان و أرواح
و وشّحوا غرر الآداب فلسفة *** و حكمة بعلوم ذات إيضاح
في طبّ بقراط لحن الموصليّ و في *** نحو المبرّد أشعار الطّرمّاح
و منشد حين يبديه المزاح لنا *** ألمع برق ترى (7) أم ضوء مصباح
و كم حثثت (8) إلى حاناته و غدا *** شوقي يكاثر أصواتا بأقداح
حتى تخمّر خمّاري بمعرفتي *** و صيّرت (9) ملحي في السّكر ملاّحي
ص: 252
يا دير مرّان لا تعدم ضحى و دجى *** سجال غيث ملثّ الودق (1) سحّاح (2)
إن تفن كأسك أكياسي فإنّ بها *** يفلّ جيش همومي جيش أفراحي
و إن أقم سوق إطرابي فلا عجب *** هذا بذاك إذا ما قام نوّاحي
و كان السّريّ (3) يتعصّب على الخالديّين، و يهجوهما و ينسب إليهما سرقات شعره و شعر غيره.
أبو صالح العذري الجسريني
من قرية جسرين (4) بالغوطة.
[سمع زهير بن عبادان، و ابن السري، و المسيب بن واضح، و محمد بن أحمد بن مالك المكتب، روى عنه أحمد بن سليمان بن حذلم، و أبو علي بن شعيب، و أبو الطيب أحمد بن عبد اللّه بن يحيى الدارمي] (5).
حدث عن المسيب بن واضح، بسنده إلى مسروق قال:
سألت ابن مسعود عن هذه الآية وَ لاٰ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّٰهِ أَمْوٰاتاً بَلْ أَحْيٰاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [سورة آل عمران، الآية:169] قال: إنا قد سألنا ذلك النبي صلّى اللّه عليه و سلم، قال:
«أرواح الشّهداء كطائر خضر تسرح في الجنّة حيث تشاء، و لها قناديل معلّقة بالعرش تأوي إليها»[14300].
حدث أبو صالح محمد بن هاشم الدّمشقي، عن محمد بن أحمد بن مالك المكتب، بسنده إلى عبد اللّه بن عباس، قال (6):
ص: 253
قدم وفد عبد القيس على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فقال:«أيّكم يعرف قسّ بن ساعدة الإيادي ؟» قالوا: كلّنا يعرفه يا رسول اللّه؛ قال:«لست أنساه بعكاظ (1) على جمل له أحمر (2)،يخطب الناس، و يقول: ألا أيها الناس، اجتمعوا، فإذا اجتمعتم فاسمعوا، فإذا سمعتم فعوا، فإذا وعيتم فقولوا (3)،فإذا قلتم فاصدقوا؛ من عاش مات، و من مات فات، و كلّ ما هو آت آت (4)،إن في السماء لخبرا و إن في الأرض لعبرا، مهاد موضوع، و سقف مرفوع، و نجوم تمور، و بحار لا تغور، أقسم قسّ قسما باللّه لا كاذبا (5) فيه، و لا آثما، لئن كان هذا الأمر رضى ليكوننّ سخطا، إن للّه دينا هو أحبّ إليه من دينكم هذا الذي أنتم عليه» ثم قال:«أيّكم ينشد شعره» فأنشدوه (6):
في الذّاهبين الأوّلي *** ن من القرون لنا بصائر
لمّا رأيت مواردا *** للموت ليس لها مصادر
و رأيت قومي نحوها *** تمضي (7) الأصاغر و الأكابر
لا يرجع الماضي و لا يب *** قى من (8) الباقين غابر
أيقنت أني لا محا *** لة حيث صار القوم صائر
فقام إليه رجل (9) طويل القامة، عظيم الهامة جهوريّ الصّوت، كأني انظر إلى حاجبيه و قد سقطا على عينيه فقال: و أنا قد رأيت منه عجبا؛ قال:«و ما الذي رأيت» قال: خرجت
ص: 254
في جاهليّتي أبغي بعيرا شرد منّي، أقفو أثره في تنائف (1) حقاف (2)،ذات ضغابيس (3)، و عرصات جثجاث (4) بين صدور جرعان و غمير حوذان (5)،و مهمه ظلمان (6)،و رضيع أيهقان (7)،و بينا أنا في غوائل الفلوات أجول سبسبها و أرمق فدفدها (8)،إذ جنّني اللّيل فلجأت إلى هضبة في ستارتها أراك كباث (9) مخضوضلة (10) بأغصانها، كأن بريرها (11) حبّ فلفل في بواسق أقحوان، و قد مضى من الليل ثلثه الأوّل، فغلبتني عيني، فرقدت، فإذا أنا بهاتف يقول:
و سنان أم تسمع ما أنبيكا *** فارحل هديت و ابتغى دميكا (12)
يفري قيام الآل و الدلوكا (13) *** حتى تحلّ منهلا مسلوكا
بيثرب يحظى به سنوكا *** ائت رسولا عبد المليكا
يدني إليه الحرّ و المملوكا *** و يقبل السّوقة و الملوكا
رسول صدق يفرج الشّكوكا
فاستيقظت لذلك، و أنشأت أقول (14):
ص: 255
يا أيّها الطائف و اللّيل سحم *** ما ذا الذي تدعو إليه و تلم (1)
بيّن لنا عن صدق ما أنت زعم *** هل بعث اللّه رسولا معتلم (2)
يجلو عمى الضّلال عنّا و التّهم (3) *** من بعد عيسى في محنّات الظّلم
ينجي من الزّيغ و يهدي من رغم
فقال: ألا إنه قد بطل زور و بعث نبيّ بالسّرور؛ ثم انقطع عنّي الصّوت، فلا حسّ و لا خبر؛ فبينا أنا أفكر في أمري، و ما الذي سمعت من قول الهاتف إذا طلع عمود الصّبح فأرغت (4) بعيري، فإذا هو في شجرة يميس ورقها و يهشم من أغصانها، فوثبت إليها فرمتها، ثم استويت على كورها، ثم أقبلت حتى اقتحمت واديا، فإذا أنا بشجرة عاديّة (5)،و عين خرّارة، و روضة مدهامّة (6)،و إذا بقسّ بن ساعدة جالس في أصل شجرة، و قد ورد على الحوض سباع كثير، فكلّما ورد سبع قبل صاحبه ضربه قسّ بن ساعدة بالقضيب، ثم قال:
تنحّ (7)،حتى يشرب الذي ورد قبلك؛ فلمّا رأيت ذلك ذعرت ذعرا شديدا؛ فقال لي: لا تخف؛ فإذا بقبرين و بينهما مسجد؛ فقلت: ما هذان القبران ؟ فقال: هذان قبرا أخوين كانا يعبدان اللّه في هذا المكان، فأنا مقيم بينهما أعبد اللّه حتى ألحق بهما؛ فقلت: أ لا تلحق بقومك، فتكون معهم على خيرهم و تبكّتهم (8) على شرّهم ؟ فقال: ثكلتك أمّك، أ ما علمت أن ولد إسماعيل تركت دين أبيها، و اتّبعت الأنداد و عظّمت السدان (9)،ثم تركني و أقبل على القبرين يبكي، و يقول (10):
ص: 256
خليليّ هبّا طال ما قد رقدتما *** أجدّكما ما تقضيان كراكما
أ لم تعلما أني بسمعان (1) مفردا (2) *** و ما لي أنيس (3) من حبيب سواكما
مقيم على قبريكما لست بارحا *** أءوب (4) اللّيالي أو يجيب صداكما
فلو جعلت نفس لنفس فداؤها (5) *** لجدت بنفسي أن يكون فداكما
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«رحم اللّه قسّا، رحم اللّه قسّا، أما إنه سيبعث أمّة وحده»[14301].
ابن عبد الصمد بن علي بن العبّاس بن علي بن أحمد
أبو تمام الهاشمي العبّاسي البغدادي النّسّابة الخطيب النقيب
[كتب عنه أبو محمد ابن الخشاب النحوي، و الشريف أبو الحسن علي بن أحمد الزيدي شيئا من الأسانيد.
و روى عنه أبو الحسين أحمد بن حمزة الموازيني الدمشقي إنشادا في مشيخته] (6).
قدم دمشق سنة سبع و أربعين و خمس مائة، و خطب بها جمعة واحدة، و أقام بها مديدة و رجع إلى بغداد، ثم قدم قدمة ثانية و لم يطل لبثه؛ و ممّا أنشده، قال: أنشدنا أبو منصور الحسن بن سلامة البغدادي المعروف بابن المخلّطي لنفسه:
أطع الغرام و لو دعاك إلى الرّدى *** و اعص الملام و لو هداك إلى الهدى
غشّ الحبيب و لا نصيحة عاذل *** فالماء مهما كان فيه مسقى للصّدى
أحلى الهوى ما لم تنل فيه المنى *** و الحبّ أعدل ما يكون إذا اعتدى
ص: 257
و إذا نظرت وجدت أصدق عاشق *** من لا يمدّ إلى مواصله يدا
تجد الوصال إلى الملال ذريعة *** فيعاف أن يرد التّسلّي موردا
أبو رضوان البغدادي الموصلي
[سمع ببغداد أقضى القضاة أبا الحسن علي بن حبيب الماوردي. و قدم دمشق و سمع أبا بكر الخطيب، و أبا الحسن أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد، و القاضي أبا الحسين يحيى ابن زيد الزيدي.
و حدث هناك، روى عنه الفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي، و أبو الفرج الاسفرائيني] (1).
قال أبو رضوان:
أنشدني قاضي القضاة أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي (2) لعلي بن عبد العزيز الجرجاني (3) قاضي قضاة الري (4):
و ما زلت منحازا بعرضي جانبا *** عن الذّلّ (5) أعتدّ الصّيانة مغنما
يقولون هذا منهل (6) قلت: قد أرى *** و لكنّ نفس الحرّ تحتمل الظّما
أنهنهها عن بعض ما لا يشينها *** مخافة أقوال العدى فيم أولما
و أقسم ما غراء من حسنت له *** مسافرة الأطماع إن بات معدما
يقولون: فيك انقباض و إنّما *** رأوا رجلا عن موقف الذّلّ أحجما
أرى النّاس من داناهم هان عندهم *** و من أكرمته عزّة النّفس أكرما
و لم أبتذل في خدمة العلم مهجتي *** لأخدم من لاقيت لكن لأخدما
أ أشقى به غرسا و أجنيه ذلّة *** إذا فاتباع الجهل قد كان أسلما (7)
ص: 258
و لو أن أهل العلم صانوه صانهم *** و لو عظّموه في النّفوس لعظّما (1)
و لكن أذلّوه فهان (2) و دنّسوا *** محيّاه بالأطماع حتى تجهّما
و لم أقض حقّ العلم إن كان كلّما *** بدا طمع صيّرته لي سلّما
و أقبض خطوي عن فصول كثيرة *** إذا لم أنلها وافر العرض مكرما
و ما كلّ برق لاح لي يستفزّني *** و ما كلّ من في النّاس أرضاه منعما (3)
و لكن إذا ما اضطرّني الأمر لم أزل *** أقلّب فكري منجدا ثم ستهما
إلى أن أرى من لا أغصّ بذكره *** إذا قلت: قد أسدى إليّ و أنعما
و كم طالب ديني بنعماه لم يصل *** إليه و لو كان الرّئيس المعظّما
و أكرم نفسي أن أضاحك عابسا *** و أن أتلقّى بالمديح مذمّما
و لكن إذا ما فاتني الأمر لم أبت *** أقلّب كفّي إثره متندّما
و لكنّه إن جاء عفوا قبلته *** و إن مال لم أتبعه هلاّ و ليتما
فكم نعمة كانت على الحرّ نقمة *** و كم مغنم يعتدّه الحرّ مغرما
و ما ذا عسى الدّنيا و إن جلّ خطبها *** ينال بها من صيّر الصّبر مطعما
أتى محمد بن هشام بامرأة حملت من الزّنى، و قد كانت تحت عبد، فأرسل محمد إلى مكحول الدّمشقيّ و عطاء بن أبي رباح، فسألهما عن ذلك فقال مكحول: قد سمعت أنه يحصنها (1) و لست آمرك فيها بشيء: و قال عطاء: لا يحصنها.
لمّا كان محمد بن هشام بن إسماعيل على مكّة، جلس في الحجر فاختصم إليه عيسى ابن عبيد اللّه و عثمان بن أبي بكر بن عبيد اللّه الحميديّان، فتوجّه القضاء على أحدهما، فقال محمد بن هشام: أيا ابن الوحيد، و اللّه لأقضين بينكما بقضاء يتحدّث به أهل القريتين (2)، لأقضين بينكما قضاء مغيريّا؛ فقال عثمان: صه ادن حبوا، أ تدري من الرّجل معك ؟ أزهر أزهر، المتسربل المجد، معه إزاره و رداؤه؛ و قال عيسى بن عبيد اللّه: نوّهت بماجد لماجد، بكر بكر، و اللّه ما أنا بنافخ كير، و لا ضارب زير، و لو بقيت قدماي لانتثرت منها بطحاء مكة، أنا ابن زهير دفين الحجر؛ فقال محمد بن هشام: قوموا فإنكم كنتم وحشا في الجاهلية و ما استأنستم في الإسلام؛ فقال أحد الرّجلين: حقّي لصاحبي، لا أريد الخصومة.
يعني: زهير بن الحارث بن أسد بن عبد العزّى بن قصيّ ، قبره بالحجر.
كان الوليد بن يزيد مضطغنا على محمد بن هشام أشياء كانت تبلغه عنه في حياة هشام، فلمّا ولي الخلافة قبض عليه و على أخيه إبراهيم بن هشام، و أشخصا إليه إلى الشّام، ثم دعا لهما بالسّياط ؛ فقال له: أسألك بالقرابة؛ قال: و أيّ قرابة بيني و بينك ؟ و هل أنت إلاّ من أشجع ؟ قال: فأسألك بصهر عبد الملك؛ قال: لم تحفظه؛ فقال: يا أمير المؤمنين قد نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أن يضرب قرشيّ بالسّياط إلاّ في حدّ؛ قال: ففي حدّ أضربك وقود، أنت أوّل من سنّ ذلك على العرجي (3)،و هو ابن عمّي، و ابن أمير المؤمنين عثمان، فما رعيت حقّ جدّه، و لا نسبه بهشام، و لا ذكرت حينئذ هذا الخبر، و أنا وليّ ثأره؛ اضرب يا غلام؛ فضربهما و أوثقهما بالحديد و وجّه بهما إلى يوسف بن عمر بالكوفة، و أمره باستصفائهما و تعذيبهما إلى أن يتلفا؛ و كتب إليه: احبسهما مع ابن النصرانيّة يعني خالدا القسريّ ، و نفسك
ص: 260
نفسك إن عاش أحد منهم؛ فعذّبهم عذابا شديدا و أخذ منهم مالا عظيما حتى لم يبق منهم موضع للضّرب؛ فكان محمد بن هشام مطروحا، فإذا أرادوا أن يقيموه أخذوا بلحيته فجذبوه منها؛ و لمّا اشتدّت عليهما الحال تحامل إبراهيم لينظر في وجه محمد فوقع عليه فماتا جميعا، و مات خالد القسريّ معهما في يوم واحد (1).
قال يعقوب (2):
و دفع الوليد إبراهيم و محمدا ابني هشام إلى خاله يوسف (3) بن محمد بن يوسف الثّقفيّ ، موثّقين [في عباءتين] (4) فدخل بهما المدينة يوم السّبت لاثنتي عشرة بقيت من شعبان سنة خمس و عشرين و مائة، فأقامهما بالمدينة، ثم كتب الوليد بن يزيد إلى يوسف بن محمد، أن يبعث بهما إلى يوسف بن عمر الثّقفيّ و هو عامله يومئذ على العراق، فلمّا قدم بهما عذّبهما حتى قتلهما، و قد كان رفع عليهما عند الوليد أنهما أخذا مالا [كثيرا] (5).
أبو جعفر النّميري الدّمشقيّ
[حدث عن مروان بن معاوية الفزاري، و حرملة بن عبد العزيز، و إسماعيل بن عبد اللّه السكري، قاضي دمشق، و متوكل بن موسى.
حدث عنه حفيده محمد بن جعفر، و يحيى بن صاعد، و أبو عوانة الأسفراييني، و إبراهيم بن أبي الدرداء، و أبو علي الحصائري، و أبو العباس الأصم، و أبو حامد بن حسنويه، و عدة] (6).
ص: 261
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] (1):
[محمد بن هشام بن ملاس الدمشقي، أبو جعفر، روى عن مروان الفزاري، و حرملة ابن عبد العزيز، سمعت منه بدمشق، و هو صدوق] (2).
[قال الأصم: سألته عن سنه، فقال: أنا في أربع و تسعين، و لقيت ابن عيينة سنة اثنتين و تسعين و مائة لما حججت، و كثر الناس عليه، فلم أكتب عنه.
حدث أبو العباس الأصم قال: حدثنا محمد بن هشام، حدثنا مروان بن معاوية، حدثنا حميد عن أنس، قال: أصيب حارثة يوم بدر، فقالت أمه: يا رسول اللّه، قد علمت منزل حارثة مني، فإن يكن في الجنة صبرت، و إن يكن غير ذلك ترى ما أصنع، فقال:«جنة واحدة ؟! إنها جنات كثيرة، و إنه في الفردوس الأعلى» (3)] (4).
حدّث عن مروان بن معاوية الفزاري، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك، قال:
أتى النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم و أنا مع غلمان، فسلّم علينا، و أخذ بيدي فأرسلني برسالة، فقالت لي أمي: لا تخبر بسرّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أحدا[14302].
و به، قال:
أهلّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فقال:«لبّيك بعمرة و حجّ ».
توفي محمد بن هشام سنة سبعين و مائتين (5).
أبو الحسين القيسي البغدادي الوكيل، المعروف بزنبيلويه
قدم دمشق سنة أربعين و ثلاث مائة.
ص: 262
[سكن دمشق و حدث بها عن علي بن المسلم الطوسي، و الحسن بن عرفة العبدي.
روى عنه تمام بن محمد بن عبد اللّه الرازي، و عبد اللّه بن الحسن المعروف بابن المطبوع البغدادي] (1).
[قال أبو بكر الخطيب] (2):
[حدثنا أحمد بن محمد العتيقي، حدثنا أبو القاسم تمام بن محمد بن عبد اللّه بن جعفر الرازي الحافظ بدمشق، حدثنا أبو الحسين محمد بن هميان بن محمد البغدادي المعروف بزنبيلويه - قراءة عليه بدمشق سنة أربعين و ثلاثمائة، حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا إسماعيل بن علية عن سعيد الجريري عن أبي نضرة قال: كان المسلمون يرون أن من شكر النعم أن يحدث بها.
قال لي عبد العزيز الكتاني: محمد بن هميان البغدادي تكلموا فيه] (3).
حدث عن الحسن بن عرفة، بسنده إلى أبي موسى، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:
«لا أحد أصبر على أذى يسمعه من اللّه تبارك و تعالى، إنه يشرك به، و يجعل له ولد، ثم هو يعافيهم و يدفع عنهم و يرزقهم»[14303].
توفي محمد بن هميان سنة إحدى و أربعين و ثلاث مائة (4).
أبو عبد اللّه الثّقفي، مولاهم، يعرف بأبي الأحوص
قاضي عكبراء (5).سمع بدمشق و غيرها.
[روى عن إبراهيم بن العلاء الزبيدي، و إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى الغساني،
ص: 263
و أحمد بن أبي شعيب الحراني، و أحمد بن صالح المصري، و أحمد بن عبد اللّه بن يونس، و إسحاق بن إبراهيم الحنيني، و إسحاق بن سعيد بن الأركون، و إسماعيل بن أبي إدريس، و أسيد بن زيد الجمال، و أصبغ بن الفرج، و حامد بن يحيى البلخي، و حجاج بن إبراهيم الأزرق، و حرمي بن حفص، و الحسن بن الربيع البوراني، و حكيم بن سيف، و خالد بن خداش، و أبي توبة الربيع بن نافع الحلبي، و زكريا بن نافع الأرسوفي، و سعيد بن حفص النفيلي، و سعيد بن الحكم بن أبي مريم، و سعيد بن كثير بن عفير، و سعيد بن منصور، و سليمان بن حرب، و سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، و عبد اللّه بن صالح المصري، و عبد اللّه بن عمرو المقعد، و عبد اللّه بن محمد بن أبي الأسود، و عبد اللّه بن محمد النفيلي، و عبد اللّه بن مسلمة القعنبي، و عبد الرحمن بن المبارك، و عبد العزيز بن عبد اللّه الأويسي، و عبد الغفار بن داود الحراني، و عبيد اللّه بن محمد العيشي، و علي ابن المديني، و عمرو بن خالد الحراني، و عمرو بن عون الواسطي، و عمرو بن مرزوق، و عياش بن الوليد الرقام، و عيسى بن محمد بن النحاس الرملي، و الفضل بن دكين، و قرة بن حبيب، و مالك بن إسماعيل النهدي، و محمد بن إسماعيل بن عياش، و محمد بن السري العسقلاني، و محمد بن سعيد ابن الأصبهاني، و محمد بن سنان العوقي، و محمد بن الصلت، و محمد بن عائذ الدمشقي، و محمد بن الفضل عارم، و محمد بن كثير المصيصي، و محمد بن محبب الدلال، و محمد بن مصفى الحمصي، و مسلم بن إبراهيم، و موسى بن إسماعيل، و موسى بن أيوب النصيبي، و موسى بن داود الضبي، و موسى بن محمد الأنصاري، و موسى بن مروان الرقي، و موسى بن مسعود النهدي، و نعيم بن حماد، و هشام بن بهرام، و هشام بن عبد الملك الطيالسي، و وضاح بن يحيى النهشلي، و يحيى بن سليمان الجعفي، و يزيد بن خالد بن موهب، و يعقوب بن كعب الحلبي، و يوسف بن عدي، و يوسف بن يعقوب الصفار.
روى عنه ابن ماجة، و أحمد بن الخليل البرجلاني، و أحمد بن سلمان النجاد، و أحمد ابن علي بن العلاء، و أحمد بن عيسى الخواص، و أحمد بن محمد بن عمر بن أبان، و إسماعيل بن محمد الصفار، و الحسين بن إسماعيل المحاملي، و زكريا بن أحمد البلخي، و عبد اللّه بن أحمد بن زبر، و عبد اللّه بن محمد بن ناجية، و عثمان بن أحمد بن السماك، و عثمان بن محمد بن العباس بن جبريل الوراق، و محمد بن أحمد بن عمرو بن عبد
ص: 264
الخالق، و محمد بن إسحاق الثقفي، و محمد بن جعفر الخرائطي، و محمد بن الحسن بن الحسين بن الفرات، و محمد بن حمدون بن خالد، و محمد بن خلف وكيع، و محمد بن عبد اللّه بن إبراهيم، و محمد بن عبد اللّه بن سليمان الحضرمي، و محمد بن عمرو بن البختري، و محمد ابن محمد بن أحمد بن مالك، و محمد بن مخلد الدوري، و موسى بن هارون، و يحيى بن محمد بن صاعد، و أبو عوانة الأسفراييني] (1).
حدث عن ابن أبي السّري [بسنده] إلى يوسف بن عبد اللّه بن سلام، قال:
خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم إلى المربد (2)،فإذا عثمان بن عفّان يقود ناقة تحمل دقيقا و سمنا و عسلا؛ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«أنخ» فأناخ، ثم دعا ببرمة (3) فجعل فيها من السّمن و العسل و الدّقيق، ثم أمر فوقد تحتها حتى أدرك، أو قال: نضج، ثم قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«كلوا» و أكل منه، ثم قال:«هذا شيء ندعوه فارس الخبيص»[14304].
[قال أبو العباس بن عقدة عن عبد الرحمن بن يوسف بن خراش: محمد بن الهيثم من الأثبات المتقنين.
قال الدارقطني، كان من الثقات الحفاظ .
و في موضع آخر قال: ثقة، مأمون، حافظ .
و ذكره ابن حبان في كتاب الثقات و قال: مستقيم الحديث] (4).
[له رحلة واسعة و معرفة تامة.
روى عنه ابن ماجة (5) حديثا واحدا في الاستسقاء] (6).
[قال أبو بكر الخطيب] (7):
ص: 265
[محمد بن الهيثم بن حماد بن واقد. أبو عبد اللّه مولى ثقيف، و يعرف بأبي الأحوص. كان من أهل الفضل، و رحل في الحديث إلى الكوفة. و البصرة و الشام، و مصر.
قال أبو عمرو عثمان بن أحمد الدقاق مات أبو الأحوص محمد بن الهيثم القاضي بعكبرا في آخر جمادى الأولى سنة تسع و سبعين و مائتين و قال محمد بن عبد الواحد حدثنا محمد بن العباس قال: قرئ على ابن المنادي و أنا أسمع قال: و جاءنا الخبر بموت أبي الأحوص القاضي و كنيته أبو عبد اللّه محمد بن الهيثم، و كان قاضي عكبرا فمات بها لخمس بقين من جمادى الأولى سنة تسع و سبعين و مائتين] (1).
أبو بكر الحدّاد
[من أهل بغداد. سكن جبيل، و كان إمام جامعها، و نسب إلى دمشق.
سمع بدمشق هشام بن عمار، و عمرو بن عثمان بن سعيد الحمصي، و عبد الرحمن بن إبراهيم دحيما.
و روى عنه أبو نصر قيس بن بشر السندي الجبيلي، و أبو الحسن أحمد بن عامر بن محمد بن يعقوب الدمشقي، و سليمان الطبراني، و أبو عبد اللّه جعفر بن محمد بن جعفر ابن بنت عدبّس الكندي] (2).
حدّث بمدينة جبيل عن هشام بن عمّار، بسنده إلى علي، قال:
لو لا أن تنظروا لحدّثتكم بموعود اللّه على لسان نبيّه صلّى اللّه عليه و سلّم لمن قتل هؤلاء، يعني الخوارج.
و حدث عنه أيضا، بسنده إلى أبي هارون العبدي، قال:
كنّا نأتي أبا سعيد الخدريّ ، فيقول: مرحبا بوصيّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«إنه سيأتيكم ناس من إخوانكم يتفقّهون و يتعلّمون، فعلّموهم ثم قولوا:
مرحبا مرحبا، ادنوا»[14305].
ص: 266
ابن حمزة بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين
ابن علي بن أبي طالب أبو الغنائم الحسيني الزّيدي الكوفي
حدث بدمشق سنة سبع و عشرين و أربع مائة، عن أبي الطيب محمد بن يحيى بن علي ابن الحسين، بسنده إلى أنس بن مالك، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:
«لو أن اللّه أذن للسماوات و الأرض أن تتكلّما لبشّرتا من صام رمضان بالجنّة»[14306].
[10003] محمد بن يحيى بن حمزة بن واقد (1)
قاضي دمشق، وليها في خلافة المأمون و بعض خلافة المعتصم.
حدث عن سويد بن عبد العزيز، بسنده إلى عبد اللّه بن مسعود، قال (2):
حدّثنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و هو الصادق المصدوق:«إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمّه أربعين يوما، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يأتيه ملك بأربع كلمات، فيكتب أجله و رزقه و عمله (3) و شقيّ أو سعيد، فإن الرّجل ليعمل بعمل أهل الجنّة حتى ما يكون بينه و بينها إلاّ ذراع يصير إلى كتابه فيختم له بعمل أهل النّار، و إن الرّجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه و بينها إلا ذراع ثم يصير إلى كتابه فيختم له بعمل أهل الجنّة»[14307].
و حدث عن أبيه، بسنده إلى نعيم بن همار الغطفاني، أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال (4):
«إن اللّه يقول: ابن آدم لا تعجزنّي من أربع ركعات من أوّل النهار أكفك آخره»[14308].
كان لمحمد بن بيهس ابنة، خطبها أكفاؤها فامتنع من تزويجها، فشكت ذلك إلى محمد ابن يحيى بن حمزة و هو القاضي يومئذ بدمشق، فراسله فامتنع من تزويجها، فأثبتت
ص: 267
البيّنة أنه كفؤ لها فزوّجها على كره من أبيها؛ فكان ذلك سبب الحرب بين اليمانيّة و القيسيّة بدمشق، جمع ابن بيهس القيسيّة لهدم بيت لهيا، لأن محمد بن يحيى يمانيّ ، و كان يسكن في بيت لهيا، و جمع محمد بن يحيى اليمانيّة فامتنع بهم، فبقي الحرب بينهم خمسة عشر سنة إلى قدوم عبد اللّه بن طاهر دمشق، و حمله ابن بيهس إلى بغداد.
توفي سنة إحدى و ثلاثين و مائتين.
أبو بكر الهاشمي مولاهم، المعروف بالسّمّاقيّ
حدث عن أبي عبد اللّه محمد بن الوزير الدمشقي، بسنده إلى يعلى بن عقبة قال:
أصابتني جنابة بالمدينة في شهر رمضان، فأصبحت فلم أغتسل، فلقيت أبا هريرة، فذكرت ذلك له، فقال: أفطر أفطر؛ فقلت له: إنه شهر رمضان قال: أفطر أفطر؛ فأتى مروان بن الحكم، فأرسل أبا (1) بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام إلى عائشة، فسألها عن ذلك، فقالت: قد كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يصبح في شهر رمضان جنبا من غير احتلام فيمضي على صيامه؛ قال: فجاء أبو بكر إلى مروان فأخبره بقول عائشة، فقال له: عزمت عليك إلاّ لقيت أبا هريرة فتخبره بقول عائشة؛ فقال: جاري جاري؛ فقال: عزمت عليك لتلقينّه (2)،فلقيته فأخبرته بقول عائشة؛ فقال: أمّا إنّي لم أسمعه من النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و لكن خبّرني به الفضل بن عبّاس [عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم] (3).
ابن ذؤيب أبو عبد اللّه الذّهليّ ، مولاهم
شيخ نيسابور.
[روى عن: إبراهيم بن الحكم بن أبان، و إبراهيم بن حمزة الزّبيريّ ، و إبراهيم ابن
ص: 268
عبد اللّه بن العلاء بن زبر، و إبراهيم بن موسى الرّازيّ ، و أحمد بن حنبل، و أحمد بن خالد الوهبيّ ، و أحمد بن شبيب بن سعيد الحبطيّ ، و أحمد بن صالح المصريّ ، و أزهر بن سعد السّمّان، و إسحاق بن راهويه، و إسحاق بن محمد الفرويّ ، و إسماعيل بن أبي أويس، و إسماعيل بن الخليل، و إسماعيل بن عبد الكريم الصّنعانيّ ، و الأسود بن عامر شاذان، و أشهل ابن حاتم، و أصبغ بن الفرج، و بشر بن آدم الضّرير، و بشر بن شعيب بن أبي حمزة، و بشر بن عمر الزّهرانيّ ، و جعفر بن عون، و حبّان بن هلال، و حجّاج بن محمد الأعور، و حجّاج بن منهال، و الحسين بن حفص الأصبهانيّ ، و الحسين بن محمد المروذيّ ، و الحسن بن الوليد النّيسابوريّ ، و أبي اليمان الحكم بن نافع، و سعيد بن سليمان الواسطيّ ، و سعيد بن عامر الضّبعيّ ، و سعيد بن كثير بن عفير، و سعيد بن محمد الجرميّ ، و سعيد بن منصور، و سعيد بن واصل، و سلم بن إبراهيم الورّاق، و أبي قتيبة سلم بن قتيبة، و سليمان بن حرب، و سليمان بن داود الهاشميّ ، و سليمان بن عبد الرحمن الدّمشقيّ ، و أبي بدر شجاع بن الوليد، و صفوان بن عيسى، و أبي عاصم الضّحاك بن مخلد، و عاصم بن علي بن عاصم الواسطيّ ، و عبد اللّه بن جعفر الرّقّيّ ، و عبد اللّه بن رجاء الغدانيّ ، و عبد اللّه بن الزّبير الحميديّ ، و أبي صالح عبد اللّه ابن صالح المصريّ ، و عبد اللّه بن محمد بن أسماء، و عبد اللّه بن محمد النّفيليّ ، و عبد اللّه ابن نافع الصّائغ، و عبد اللّه بن الوليد العدنيّ ، و عبد اللّه بن يزيد المقرئ، و أبي مسهر عبد الأعلى بن مسهر، و عبد الرّحمن بن مهدي، و عبد الرزاق بن همّام، و عبد الصمد بن عبد الوارث، و عبد العزيز بن عبد اللّه الأويسيّ ، و عبد العزيز بن يحيى الحرّانيّ ، و أبي صالح عبد الغفار بن داود الحرّانيّ ، و أبي المغيرة عبد القدوس بن الحجاج الخولانيّ ، و عبد الملك بن الصباح، و عبد الملك بن عبد العزيز بن الماجشون، و عبيد اللّه بن موسى، و عثمان بن عمر ابن فارس، و عفّان بن مسلم، و عليّ بن إبراهيم البنانيّ ، و عليّ بن بحر بن برّي، و عليّ بن الحسن بن شقيق، و عليّ بن عاصم الواسطيّ ، و عليّ بن عياش الحمصيّ ، و علي بن المديني، و عمر بن حفص بن غياث، و عمرو بن الحصين، و عمرو بن حمّاد بن طلحة القنّاد، و عمرو ابن خالد الحرّانيّ ، و عمرو بن أبي سلمة التّنّيسيّ ، و عمرو بن عثمان الكلابيّ ، و عمرو بن محمد العنقزيّ ، و أبي نعيم الفضل بن دكين، و قبيصة بن عقبة، و قتيبة بن سعيد، و كثير بن هشام، و أبي غسان مالك بن إسماعيل، و محاضر بن المورّع، و محمد بن بكّار بن بلال، و محمد بن بكر البرسانيّ ، و محمد بن سنان العوقيّ ، و محمد بن الصّبّاح الدّولابيّ ،
ص: 269
[و محمد بن الصّلت الأسديّ ]، و محمد بن الصّلت التّوّزيّ ، و محمد بن عاصم المعافريّ المصريّ ، و محمد بن عبد اللّه بن عثمان الخزاعيّ ، و محمد بن عبد اللّه الأنصاريّ ، و محمد ابن عبد اللّه الرّقاشيّ ، و محمد بن عبد العزيز الرّملي، و أبي ثابت محمد بن عبيد اللّه المديني، و محمد بن عبيد الطّنافسيّ ، و أبي الجماهر محمد بن عثمان التّنوخيّ ، و محمد بن عمر الواقديّ ، و محمد بن عيسى بن الطّبّاع، و محمد بن الفضل عارم، و محمد بن كثير العبديّ ، و محمد بن كثير المصّيصيّ ، و محمد بن المبارك الصّوريّ ، و محمد بن موسى بن أعين الحرّانيّ ، و محمد بن وهب بن عطيّة الدّمشقيّ ، و أبي غسّان محمد بن يحيى الكنانيّ ، و محمد بن يوسف الفريابيّ ، و مسلم بن إبراهيم، و مطرّف بن عبد اللّه المدنيّ ، و المعافى بن سليمان الرّسعنيّ ، و معاوية بن عمرو الأزديّ ، و معلّى بن أسد العمّيّ ، و معلّى بن منصور الرّازي، و معمّر بن يعمر اللّيثيّ ، و مكي بن إبراهيم البلخيّ ، و أبي سلمة موسى بن إسماعيل، و موسى بن داود الضّبّيّ ، و أبي حذيفة موسى بن مسعود النّهديّ ، و موسى بن هارون البرديّ ، و نعيم بن حمّاد الخزاعيّ ، و نوح بن يزيد المؤدّب، و أبي النّضر هاشم بن القاسم، و هشام بن عمّار الدّمشقي، و الهيثم بن جميل الأنطاكيّ ، و الهيثم بن خارجة، و الوليد بن الوليد القلانسيّ ، و وهب بن جرير بن حازم، و يحيى بن حسّان التّنّيسيّ ، و يحيى بن حمّاد الشّيبانيّ ، و يحيى بن صالح الوحاظيّ ، و يحيى بن الضّريس الرّازي، و يحيى بن عبد اللّه بن بكير، و يحيى بن يحيى النّيسابوريّ ، و يحيى بن يوسف الزّمّيّ ، و يزيد بن أبي حكيم العدنيّ ، و يزيد بن عبد ربه الجرجسي، و يزيد بن هارون، و يعقوب بن إبراهيم بن سعد، و يعلى بن عبيد الطّنافسيّ ، و يونس بن محمد المؤدّب، و أبي أحمد الزّبيري، و أبي داود الطّيالسيّ ، و أبي سفيان الحميريّ ، و أبي عامر العقديّ ، و أبي عليّ الحنفيّ ، و أبي معمر المقعد، و أبي همّام الدّلاّل، و أبي الوليد الطّيالسيّ .
روى عنه: الجماعة سوى مسلم، و أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سفيان الفقيه راوي «صحيح مسلم»، و أحمد بن سلمة النّيسابوريّ ، و أبو عمرو أحمد بن المبارك المستملي، و أحمد بن محمود بن مقاتل الهرويّ ، و جعفر بن محمد بن موسى النّيسابوريّ الحافظ المعروف بالمفيد، و حاجب بن أحمد الطّوسيّ ، و الحسن بن إسحاق السّكسكيّ النّيسابوريّ ، و الحسين بن الحسن بن سفيان النّسائيّ ، و الحسين بن محمد بن زياد القبّانيّ ، و سعيد بن الحكم بن أبي مريم، و سعيد بن منصور و هما من شيوخه، و شعيب بن إبراهيم
ص: 270
العجليّ البيهقيّ ، و صالح بن محمد الأسديّ الحافظ ، و عبّاس بن محمد الدّوريّ ، و عبد اللّه بن أبي داود، و أبو صالح عبد اللّه بن صالح المصريّ و هو من شيوخه، و عبد اللّه بن محمد بن زياد النّيسابوريّ ، و عبد اللّه بن محمد النّفيليّ و هو من شيوخه، و أبو علي محمد بن أحمد بن زيد النّيسابوريّ ، و محمد بن إسحاق بن خزيمة، و محمد بن إسحاق الثّقفيّ ، و محمد بن إسحاق الصّاغانيّ ، و محمد بن سهل بن عسكر التّميميّ و هما من أقرانه، و محمد بن عبد الرحمن الدّغوليّ ، و محمد بن عوف الحمصيّ و هو من أقرانه، و أبو موسى محمد بن المثنى و هو أكبر منه، و محمد بن المسيّب الأرغيانيّ ، و محمود بن غيلان المروزيّ و هو من أقرانه، و نصر بن أحمد بن نصر الكنديّ الحافظ ، و نصر بن عمّار بن يحيى الأنصاريّ ، و ابنه يحيى بن محمد بن يحيى و لقبه حيكان، و يعقوب بن شيبة السّدوسيّ و هو من أقرانه، و أبو حاتم، و أبو زرعة الرّازيان، و أبو عوانة الأسفرايينيّ ] (1).
حدّث عن سلم (2) بن قتيبة، بسنده إلى أنس بن مالك، قال (3):
كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يعيد الكلمة ثلاثا لتعقل عنه[14309].
و حدّث عن الوليد بن الوليد العبسي، عن الأوزاعي، قال:
سئل الزّهري عن رجل اشترى قمحا، أ له أن يبيعه قبل أن يحوزه ؟ قال: حدثني سالم، عن عبد اللّه بن عمر، قال: رأيت أصحاب النبي صلّى اللّه عليه و سلّم يضربون في عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم حين يبيعونه قبل أن يحوزوه إلى رحالهم.
و حدث عن علي بن عبد اللّه، بسنده إلى أبي هريرة، قال (4):
ص: 271
سجدنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم في إِذَا السَّمٰاءُ انْشَقَّتْ [سورة الانشقاق، الآية:1].
قال محمد بن يحيى الذّهلي:
ارتحلت ثلاث رحلات، و أنفقت على العلم مائة و خمسين ألفا.
قال يحيى بن محمد بن يحيى (1):
دخلت على أبي في الصّيف الصّائف وقت القائلة، و هو في بيت كتبه و بين يديه السّراج و هو يصنّف، فقلت: يا أبه، هذا وقت الصّلاة، و دخان هذا السّراج بالنّهار، فلو نفّست عن نفسك ؟ فقال لي: يا بني، تقول لي هذا، و أنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و أصحابه و التّابعين ؟! حدث خادم محمد بن يحيى، و محمد بن يحيى يغسّل على السّرير، قال (2):خدمت أبا عبد اللّه ثلاثين سنة و كنت أضع له الماء، فما رأيت ساقه قطّ ، و أنا ملك له.
توفي محمد بن يحيى سنة اثنتين و خمسين و مائتين، و قيل: سنة ستّ و خمسين، و قيل:
سنة سبع و خمسين؛ و الصحيح أنه توفي سنة ثمان و خمسين و مائتين (3):و قد بلغ ستّا و ثمانين سنة.
قال أبو عمرو الخفّاف (4):رأيت محمد بن يحيى الذّهلي في النّوم، فقلت: يا أبا عبد اللّه، ما فعل بك ربّك ؟ قال: غفر لي؛ قلت: فما فعل علمك ؟ قال: كتب بماء الذّهب و رفع في علّيين.
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] (5):
[محمد بن يحيى النيسابوري، أبو عبد اللّه، روى عن عبد الصمد بن عبد الوارث و وهب بن جرير و حماد بن مسعدة و سعيد بن عامر و عثمان بن عمر، و يعقوب بن
ص: 272
إبراهيم بن سعد، كتب أبي عنه بالري، و هو ثقة، صدوق إمام من أئمة المسلمين.
سئل أبي عن محمد بن يحيى النيسابوري فقال: ثقة. و قال أبو زرعة: هو إمام من أئمة المسلمين] (1).
[قال أبو بكر الخطيب] (2):
[محمد بن يحيى بن عبد اللّه بن خالد بن فارس بن ذؤيب، أبو عبد اللّه النيسابوري، الذهلي مولاهم.
و كان أحد الأئمة العراقيين، و الحفاظ المتقنين، و الثقات المأمونين صنف حديث الزهري وحده، و قدم بغداد، و جالس شيوخها و حدث بها، و كان أحمد بن حنبل يثني عليه، و ينشر فضله، و قد حدث عنه جماعة من الكبراء.
قال محمد بن سهل بن عسكر، كنا عند أحمد بن حنبل، فدخل محمد بن يحيى - يعني الذهلي - فقام إليه أحمد، و تعجب منه الناس، ثم قال لبنيه و أصحابه: اذهبوا إلى أبي عبد اللّه و اكتبوا عنه.
قال محمد بن داود المصيصي: كنا عند أحمد بن حنبل، و هم يذكرون الحديث.
فذكر محمد بن يحيى النيسابوري حديثا فيه ضعف، فقال له أحمد بن حنبل: لا تذكر مثل هذا الحديث، فكأن محمد بن يحيى دخله خجلة، فقال له أحمد: إنما قلت هذا إجلالا لك يا أبا عبد اللّه.
قال محمد بن أحمد بن الجراح الجوزجاني: دخلت على أحمد بن حنبل، فقال لي:
تريد البصرة ؟ قلت: نعم، قال: فإذا أتيتها فالزم محمد بن يحيى فليكن سماعك منه، فإني ما رأيت خراسانيا، أو قال: ما رأيت أحدا - أعلم بحديث الزهري منه، و لا أصح كتابا منه.
قال إبراهيم بن هانئ سمعت أحمد بن حنبل يقول - و ذكر حديثا الزهري - فقال: ما قدم علينا رجل أعلم بحديث الزهري من محمد بن يحيى، زاد أحمد: قال: قال لنا علي بن عمر، قال لنا أبو بكر النيسابوري: و هو عندي إمام في الحديث.
ص: 273
قال محمد بن يحيى: قال لي علي ابن المديني: أنت وارث الزهري.
قال أحمد بن محمود بن مقاتل الهروي: سمعت رجلا قال لمحمد بن يحيى: جوّدت في الزهري. فقال: و أي شيء لم أجود؟ قال أبو العباس الدغولي: سمعت صالحا جزرة يقول: لما خرجت من الري قلت لفضلك عمن أكتب بنيسابور؟ قال: إذا قدمت نيسابور فانظر إلى شيخ بهي حسن الوجه، حسن الثياب، راكبا حمارا، و هو محمد بن يحيى فاكتب عنه، فإنه من قرنه إلى قدمه فائدة.
فلما قدمت نيسابور استقبلني محمد بن يحيى فعرفته بهذه الصفة.
قال عبد اللّه بن عبد الوهاب الخوارزمي: سألت أحمد بن حنبل عن محمد بن يحيى و محمد بن رافع، فقال: محمد بن يحيى أحفظ ، و محمد بن رافع أورع.
قال النسائي: محمد بن يحيى بن عبد اللّه النيسابوري ثقة مأمون.
قال عبد الرحمن بن يوسف بن خراش: كان محمد بن يحيى من أئمة العلم] (1).
[قال أبو العباس الأزهري: سمعت محمد بن سعيد بن منصور يقول: سمعت أبي يقول: قلت ليحيى بن معين: لم لا تجمع حديث الزهري ؟ فقال: كفانا محمد بن يحيى جمع حديث الزهري.
و قال أبو سعيد المؤذن، سمعت زنجويه بن محمد يقول: كنت أسمع مشايخنا يقولون: الحديث الذي لا يعرفه محمد بن يحيى لا يعبأ به.
قال أبو زكريا يحيى بن محمد بن يحيى: سمعت أبي يقول: إذا روى عن المحدث رجلان ارتفع عنه اسم الجهالة.
قال دعلج بن أحمد: سمعت أحمد بن محمد بن الأزهر يقول: لمحمد بن يحيى ثمان عشرة رحلة إلى البصرة و رحلتان إلى اليمن] (2).
[قال الحاكم: سمعت أبا عبد اللّه محمد بن يعقوب يقول: رأيت جنازة محمد بن يحيى، و الناس يعدون بين يديها و خلفها، و لي ثمان سنين.
ص: 274
قال ابن أبي داود: حدثنا محمد بن يحيى، و كان أمير المؤمنين في الحديث.
قال الحسين بن محمد الفقيه: سمعت محمد بن يحيى يقول: تقدم رجل إلى عالم، فقال: علمني و أوجز، قال: لأوجزن لك، أما لآخرتك، فإن اللّه أوحى إلى نبي من أنبيائه:
قال لقومك: لو كانت المعصية في بيت من بيوت الجنة لأوصلت إليه الخراب، و أما لدنياك، فإن الشاعر يقول:
ما الناس إلا مع الدنيا و صاحبها *** و كيف ما انقلبت يوما به انقلبوا
يعظمون أخا الدنيا فإن وثبت *** يوما عليه بما لا يشتهي وثبوا
أبو عمرو المستملي: سمعت محمد بن يحيى يقول: قد جعلت أحمد بن حنبل إماما فيما بيني و بين ربي عز و جل.
قال الحاكم: سمعت محمد بن أحمد بن زيد - و هو عدل رضى - يقول: سمعت محمد ابن يحيى الذهلي و كنت واقفا على رأسه بعد الفراغ من المجلس، و بيدي قلم، فنقط نقطة على ثوبه، فرفع إلى رأسه، فقال: تراني أحبك بعد هذا؟! قال ابن سافري: قلت ليحيى بن معين: نكتب عن محمد بن يحيى ؟ قال: اكتبوا عنه، فإنه ثقة، ما له يريد أن يحدث.
قال الإمام ابن خزيمة: حدثنا محمد بن يحيى الذهلي، إمام عصره، أسكنه اللّه جنته مع محبيه] (1).
ابن الحسين بن محمد بن عبد الرحمن بن الوليد بن القاسم
ابن الوليد أبو المعالي بن أبي المفضّل بن أبي الحسن
ابن أبي محمد القرشي المعروف بابن الصّائغ
قاضي دمشق.
[سمع أبا القاسم بن أبي العلاء، و الحسن بن أبي الحديد، و الفقيه نصرا المقدسي،
ص: 275
و أبا محمد ابن البري و عدة. و القاضي الخلعي (1) بمصر، و غيره، و علي بن عبد الملك الدبيقي بعكا. حضر درس الفقيه نصر، و تفقه به.
روى عنه ابن أخته الحافظ أبو القاسم، و السمعاني، و طرخان الشاغوري، و أبو المحاسن بن أبي لقمة] (2).
حدث عن أبي الحسن علي بن الحسن بن الحسين الفقيه، بسنده إلى أنس بن مالك، قال:
قدم النبي صلّى اللّه عليه و سلّم المدينة و أنا ابن عشر سنين، و مات و أنا ابن عشرين سنة، و كان أمهاتي يحثثنني على خدمته، فدخل علينا النبي صلّى اللّه عليه و سلّم فحلبنا له من شاة لنا داجن فشيب له من ماء بئر في الدّار، و أبو بكر عن شماله و أعرابيّ عن يمينه، فشرب النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم و عمر ناحية، فقال عمر:
أعط أبا بكر، فناوله الأعرابيّ ، و قال:«الأيمن فالأيمن»[14310].
ولد أبو المعالي سنة سبع و ستين و أربع مائة، و توفي سنة سبع و ثلاثين و خمس مائة.
[ناب عن أبيه في القضاء سنة عشر لما حج أبوه، ثم استقل بالقضاء.
قال السمعاني: كان محمودا، حسن السيرة، شفوقا وقورا، حسن المنظر، متوددا] (3).
ابن عمران القرشيّ اليمني الزّبيديّ الواعظ
قدم دمشق سنة ستّ و خمس مائة، و عقد مجلس التّذكير، و كان يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر، فلم يحتمل طغتكين أتابك ذلك له، و أخرجه عن البلد، فمضى إلى العراق، و أقام بها مدة، و رجع إلى دمشق رسولا من الخليفة المسترشد في أمر الباطنيّة، و عاد إلى بغداد، و مات بها، و كان حنيفيّ الفروع، حنبليّ الأصول.
ص: 276
و توفي سنة خمس و خمسين و خمس مائة، و كان من آخر كلامه أن قال له ولده إسماعيل: هذا وقت لقائك للّه، فبما ذا توصينا؟ فقال: اغسلوا كلّما وقع إليكم من كلامي في الأصول، و لا تعهدوا إلا على كتاب اللّه و ما صحّ عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم ثم تولّينّ قوله: إِيّٰاكَ نَعْبُدُ [سورة الفاتحة، الآية:4] مشاهدة، ثم ما زال يكرّر قوله: اللّه، اللّه، حتى لم نبق نسمع منه ثم طفئ.
قال ولده إسماعيل (1):
كان [أبي] (2) في كل يوم و ليلة من مرضه يقول: اللّه اللّه قريبا من خمسة عشر ألف مرّة؛ و في يوم وفاته أدنى السّبحة و هو يقول: اللّه اللّه قريبا من خمس مائة مرّة، رحمه اللّه.
[قال ابن شافع: كان له في علم العربية و الأصول حظ وافر، و صنف في فنون العلم نحوا من مائة مصنف، و لم يضيع شيئا من عمره، و كان يخضب بالحناء، و يعتم ملتحيا دائما، حكيت لي عنه جهات صحيحة غير كرامة منها رؤيته للخضر.
قال علي بن عبد الملك: زاد الزبيدي في أسماء اللّه أسامي: الزارع، و المتمم، و المبهم، و المظهر] (3).
[كانت له معرفة بالنحو و اللغة و الأدب، صحب الوزير ابن هبيرة مدة و قرأ عليه، و كان صبورا على الفقر لا يشكو حاله] (4).
[قال ابن الجوزي: (5)
حدثني الوزير ابن هبيرة قال: جلست مع الزبيدي من بكرة إلى قريب الظهر، و هو يلوك شيئا في فمه، فسألته فقال: لم يكن عندي شيء فأخذت نواة و جعلتها في فمي أتعلل بها.
و كان يقول: قل الحق و إن كان مرّا. لا تأخذه في اللّه لومة لائم. و دخل على الوزير الزينبي و عليه خلعة الوزارة و الناس يهنونه فقال: هذا يوم عزاء لا هناء، فقيل: لم ؟ فقال:
أ يهنّأ على لبس الحرير؟]
ص: 277
[قال السمعاني:
كان يعرف النحو، و يعظ ، و يسمع معنا من غير قصد من القاضي أي بكر و غيره، و كان فنّا عجبا] (1).
[قيل: كان يميل إلى مذهب السالمية، و يقول: إن الأموات يأكلون و يشربون و ينكحون في قبورهم، و الشارب و الزاني و السارق لا يلام على فعله لأن ذلك بقضاء اللّه و قدره.
توفي سنة خمس و خمسين و خمسمائة] (2).
أبو الفضل الزّمّاني البصري
[روى عن بشر بن المفضل، و الحارث بن أبي الزبير المدني، و خالد بن الحارث الهجيمي، و سعيد بن عمرو بن الزبير، و سلم بن قتيبة، و صغدي بن سنان، و الضحاك بن مخلد، و عبد الأعلى بن عبد الأعلى السامي، و عبد الوهاب الثقفي، و عمرو بن يونس اليمامي، و عمرو بن صالح الزهري، و محمد بن الحارث الحارثي، و محمد بن عبد اللّه الأنصاري، و مكي بن إبراهيم البلخي، و وكيع بن الجراح، و يحيى بن سعيد القطان، و أبيه يحيى بن الفياض، و يوسف بن عطية الصفار، و أبي بحر البكراوي، و أبي بكر الحنفي، و أبي عامر العقدي. روى عنه أبو داود، و إبراهيم بن دحيم الدمشقي، و إبراهيم بن عبد اللّه بن الجنيد، و أحمد بن علي بن المثنى، و أحمد بن علي الأبار، و أحمد بن عمير بن جوصا، و أحمد بن يحيى بن إبراهيم، و الحسين بن عبد اللّه بن يزيد القطان، و روح بن عبد المجيب، و زكريا بن يحيى السجزي، و زيد بن عبد العزيز الموصلي، و سليمان بن داود القزاز، و سليمان بن محمد بن سليمان الخزاعي، و عبد اللّه بن الحسن بن أيوب، و عبد اللّه بن أبي داود، و عبد اللّه بن محمد بن سلم، و عبد اللّه بن محمد بن النعمان بن عبد السلام، و عبد الرحمن بن عبيد اللّه بن عبد العزيز، و عبد الصمد بن عبد اللّه بن أبي
ص: 278
يزيد، و علي بن سعيد بن بشير، و عمرو بن دحيم، و الفتح بن إدريس، و محمد بن أحمد بن داود البغدادي، و محمد بن أحمد بن عبيد بن فياض، و محمد بن إسحاق بن خزيمة، و محمد بن الحسن بن قتيبة، و محمد بن خريم بن مروان، و محمد بن صالح بن عبد الرحمن، و محمد بن يونس الكديمي، و محمود بن الفرج و معاذ بن العباس بن طالب، و موسى بن فضالة بن إبراهيم، و يحيى بن محمد بن صالح] (1).
قدم دمشق حاجا سنة ستّ و أربعين و مائتين.
حدث عن عبد الأعلى - يعني ابن عبد الأعلى (2) السامي (3) عن حميد، عن قتادة، عن أنس، قال:
سمع النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و هو في مسير له رجلا يقول: اللّه أكبر، اللّه أكبر؛ فقال نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:
«على الفطرة» قال: أشهد أن لا إله إلا اللّه؛ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«خرج من النّار» فاستبق القوم إلى الرّجل فإذا راعي غنم، حضرت الصّلاة فقام يؤذّن[14311].
و حدث عن صغدي بن سنان، بسنده إلى عمران بن حصين، قال:
جمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم بين الحجّ و العمرة، و لم ينزل بعد كتاب ينسخه[14312].
هو منسب إلى زمّان بن مالك بن صعب بن بكر بن وائل.
[قال الدارقطني: بصري ثقة.
و ذكره ابن حبان في كتاب الثقات.
و قال الحافظ أبو نعيم: قدم أصبهان و حدث بكتاب الأزارقة.
قال يحيى بن محمد بن صاعد: حدثنا محمد بن يحيى بن فياض بمكة سنة خمس و أربعين و مائتين] (4).
ص: 279
أبو سعيد البغدادي، المعروف بحامل كفنه
[قال أبو بكر الخطيب] (1):
[محمد بن يحيى، أبو سعيد، يعرف بحامل كفنه.
سكن دمشق، و حدث بها عن أبي بكر، و عثمان ابني أبي شيبة، و عقبة بن مكرم العمي، و إبراهيم بن سعد الجوهري، و سلمة بن شبيب، و أحمد بن منيع، و محمد بن عمرو ابن أبي مذعور، و عبيد بن محمد الوراق، و محمد بن عبد الملك زنجويه.
روى عنه: أبو بكر النقاش المقرئ، و أبو عمر محمد بن موسى بن فضالة الدمشقي، و غيرهما] (2).
حدث عن أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم، بسنده إلى علي، عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال:
«لا طاعة لبشر في معصية اللّه عزّ و جلّ »[14313].
و حدث حامل كفنه بدمشق عن عبيد بن محمد الورّاق، قال (3):
كان بالرّمليّة رجل يقال له عمّار، و كانوا يقولون إنه من الأبدال، فاشتكى البطن، فذهبت أعوده، و قد بلغني عنه رؤيا رآها؛ فقلت له: رؤيا حكوها عنك ؟ فقال لي نعم، رأيت النبي صلّى اللّه عليه و سلّم في النّوم، فقلت: يا رسول اللّه ادع اللّه لي بالمغفرة؛ فدعا لي، ثم رأيت الخضر بعد ذلك فقلت: ما تقول في القرآن ؟ قال: كلام اللّه و ليس بمخلوق فقلت: فما تقول في النّبيذ؟ قال: انه (4) عنه الناس؛ قال: فقلت: هو ذا أنهاهم و ليس ينتهون؛ فقال: من قبل منك يقبل و من لم يقبل فدعه؛ فقلت: ما تقول في بشر بن الحارث ؟ قال: مات بشر بن الحارث يوم مات و ما على ظهر الأرض أحد أتقى اللّه منه؛ قلت: فأحمد بن حنبل ؟ فقال لي:
ص: 280
صدّيق؛ قلت له: فحسين الكرابيسيّ ؟ (1) فغلّظ في أمره؛ فقلت: فما تقول في خالتي ؟ فقال لي: تمرض و تعيش سبعة أيّام ثم تموت؛ فلما أن ماتت قلت: حقّت الرّؤيا؛ فلمّا كان بعد رأيته فقلت له: كيف صار مثلك يجيء إلى مثلي ؟ فقال لي: ببرّك و الديك و إقالتك العثرات.
كان (2) هذا المعروف بحامل كفنه توفي، و غسّل، و كفّن، و صلّى عليه، و دفن؛ فلمّا كان في اللّيل جاءه نبّاش فنبش عنه، فلمّا حلّ أكفانه ليأخذها استوى قاعدا، فخرج النبّاش هاربا منه، فقام و حمل أكفانه و خرج من القبر، و جاء إلى منزله؛ و أهله يبكون، فدقّ الباب عليهم، فقالوا: من أنت ؟ فقال: أنا فلان! فقالوا له: يا هذا لا يحلّ لك أن تزيدنا على ما بنا؛ فقال: يا قوم افتحوا فأنا و اللّه فلان؛ فعرفوا صوته، ففتحوا له الباب، و عاد حزنهم فرحا، و سمّي من يومئذ حامل كفنه.
و مثل هذا:
سعير بن الخمس (3) الكوفي (4) فإنه لمّا دلّي في حفرته اضطرب فحلّت أكفانه، فقام و رجع إلى منزله، و ولد له بعد ذلك ابنه مالك بن سعير (5).
توفي محمد بن يحيى حامل كفنه في سنة تسع و تسعين و مائتين.
ابن إبراهيم أبو بكر المكّيّ
حدث عن أبي الحسن أحمد بن عمير بن يوسف بن جوصا، بسنده إلى رافع بن خديج، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أنه قال:
«أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر»[14314].
أبو بكر المصري
رفيق أبي عبد اللّه محمد بن إسحاق بن مندة.
ص: 281
حدث بسنده إلى أبي هريرة، أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال:
«من نظر إلى عورة أخيه متعمّدا لم يقبل اللّه له صلاة أربعين ليلة»[14315].
أبو عبد اللّه العدويّ ، المعروف أبوه باليزيدي
أصله بصريّ ، و قدم دمشق صحبة المعتصم حين توجّه إلى مصر فأدركه أجله بمصر.
[قال أبو بكر الخطيب] (1):
[محمد بن أبي محمد اليزيدي، و اسم أبي محمد يحيى بن المبارك بن المغيرة العدوي، و كنية محمد أبو عبد اللّه، و هو من أهل البصرة، سكن بغداد، و كان من أهل الأدب و العلم بالقرآن و اللغة، شاعرا مجيدا، مدح الرشيد و المأمون، و الفضل بن سهل و غيرهم.
و لم يزل فيما مضى له ببغداد عقب، منهم عبيد اللّه بن محمد راوي قراءة أبي عمرو بن العلاء عن عمه إبراهيم بن يحيى اليزيدي، و عن أخيه أبي جعفر أحمد بن محمد، كليهما عن أبي محمد يحيى بن المبارك، و آخر من روى العلم من اليزيديين ببغداد محمد بن العباس] (2).
[و محمد بن يحيى بن المبارك العدوي أبو عبد اللّه العدوي كان لاصقا بالمأمون من أهل أنسه بالحضرة و خراسان] (3).
[قال أبو عبيد اللّه المرزباني] (4):
[محمد بن أبي محمد اليزيدي، و اسمه يحيى بن المبارك العدوي، و محمد يكنى أبا عبد اللّه..... و كانت مرتبته أن يدخل إلى المأمون مع الفجر و يصلي معه و يدرس عليه
ص: 282
المأمون ثلاثين آية، و كان لا يزال يعادله في أسفاره و يفضي إليه بأسراره، و هو كثير الشعر مفنن الآداب من أهل بيت علم و أدب، و سنه و سن الرشيد واحدة، و قد مدح الرشيد كثيرا و هو القائل:
أ تظعن و الذي تهوى مقيم *** لعمرك أن ذا خطر عظيم
إذا ما كنت للحدثان عونا *** عليك و للفراق فمن تلوم
و له:
تقاضاك دهرك ما أسلفا *** و كدر عيشك بعد الصفا
يجور على المرء في حكمه *** و لكنه ربما أنصفا
و له:
يا بعيدا مزاره *** حل بين الجوانح
نازح الدار ذكره *** ليس عني بنازح] (1)
[قال أبو بكر الخطيب] (2):
[أخبرني علي بن أيوب القمي، حدثنا محمد بن عمران بن موسى قال:] (3).
وجدت بخط أبي عبد اللّه اليزيدي، عن عمه أبي جعفر أحمد بن محمد لأبيه محمد بن أبي محمد (4):
الهوى أمر عجيب شأنه *** تارة يأس و أحيانا رجا
ليس فيمن مات منه عجب *** إنّما يعجب ممّن قد نجا
قال: و له أيضا (5)
كيف يطيق النّاس وصف الهوى *** و هو جليل ما له قدر؟
بل كيف يصفو لحليف الهوى *** عيش و فيه البين و الهجر؟
ص: 283
قال محمد بن يزداذ (1):
كنت بباب المأمون فجاء محمد بن أبي محمد اليزيدي، فاستأذن، فقال له الحاجب:
إن أمير المؤمنين قد أخذ دواء و أمرني أن أحجب النّاس عنه، قال: فأمرك أن لا تدخل إليه رقعة ؟ قال: لا؛ قال: فكتب إليه (2):
هديّتي التحيّة للإمام *** إمام العدل و الملك الهمام
لأني لو بذلت له حياتي *** و ما أحوى (3) لقلاّ للإمام
أراك من الدّواء اللّه نفعا *** و عافية تكون إلى تمام
و أعقبك السّلامة منه ربّ *** يريك سلامة في كلّ عام
أ تأذن في الدّخول (4) بلا كلام *** سوى تقبيل كفّك و السّلام
فأدخل الرّقعة و خرج مسرعا، و أذن لي، فدخلت مسرعا، فسلّمت و خرجت، و أتبعني بألفي (5) دينار.
ص: 284
[بسم (1) اللّه الرحمن الرحيم
ابن محمد بن علي بن عبد اللّه بن العباس
أبو جعفر - و يقال: أبو محمد - أمير المؤمنين
بويع بالخلافة بعد موت أخيه موسى الهادي بعهد من أبيه المهدي (2).قدم الشام غير مرة للغزو.
[روى عن أبيه، وجده، و مبارك بن فضالة.
روى عنه: ابنه المأمون و غيره] (3).
حدث هارون الرشيد عن جده المنصور، عن أبيه محمد بن علي، عن أبي هاشم
ص: 285
عبد اللّه بن محمد بن علي بن أبي طالب، عن المقداد بن الأسود قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:
«لا نكاح إلا بولي، و ما كان بغير و لي فهو مردود»[14316].
قال هارون على المنبر: حدثنا المبارك بن فضالة، عن الحسن عن أنس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:
«اتقوا النار و لو بشق تمرة»[14317].
مر الرشيد بدير مران (1)،فاستحسنه. و هو على تل تحته رياض زعفران و بساتين، فنزله، و أمر أن يؤتى بطعام خفيف، فأتي به، فأكل، و أتى بالشراب. و دعا بالندماء و المغنين، فخرج إليه صاحب الدير، و هو شيخ كبير هرم، فسأله و استأذنه في أن يأتيه بشيء من طعام الديارات، فأذن له، فإذا أطعمه نظاف، و إدام في نهاية الحسن، فأكل منها أكثر أكله. و أمره بالجلوس فجلس يحدثه، و هو يشرب إلى أن جرى ذكر بني أمية، فقال له الرشيد: هل نزل منهم أحد؟ قال: نعم، نزل بي الوليد بن يزيد و أخوه الغمر، فجلسا في هذا الموضع. فأكلا و شربا و غنيا. فلما دبّ فيهما السكر وثب الوليد إلى ذلك الجرن فملأه و شرب به، و ملأه، و سقى به أخاه الغمر، فما زالا يتعاطيانه حتى سكرا، و ملأه لي دراهم، فنظر إليه الرشيد، فإذا هو عظيم لا يقدر على أن يشرب ملأه، فقال: أبي بنو أمية إلا أن يسبقونا إلى اللذات سبقا لا يجاريهم أحد فيه، ثم أمر برفع النبيذ من بين يديه، و ركب من وقته.
كان الرشيد يقول: الدنيا أربعة منازل قد نزلت منها ثلاثة: أحدها الرقة، و الآخر دمشق، و الآخر الري في وسطه نهر، و عن جنبيه أشجار ملتفة متصلة، و فيما بينهما سوق.
و المنزل الرابع سمرقند، و هو الذي بقي عليّ أنزله، و أرجو ألا يحول الحول في هذا الوقت حتى أحل به. فما كان بين هذا و بين أن توفي إلاّ أربعة أشهر فقط .
كان أبو جعفر الرشيد ولد بالري سنة ست و أربعين و مائة، و قيل: سنة سبع و أربعين، و قيل: ثمان، و قيل: تسع و أربعين، و قيل: سنة خمسين و مائة (2).و كان سنة يحج و سنة يغزو (3).
ص: 286
فمن يطلب لقاءك أو يرده *** فبالحرمين أو أقصى الثغور
ففي أرض العدو على طمر (3) *** و في أرض البنيّة (4) فوق كور
و ما جاز الثغور سواك خلق *** من المستخلفين (5) على الأمور
و أم الرشيد و الهادي واحدة هي الخيزران و فيها يقول الشاعر (6):
يا خيزران هناك ثم هناك *** أمسى العباد يسوسهم ابناك (7)
و استخلف هارون يوم مات أخوه موسى، و كان هارون أبيض، طويلا، مسمنا، جميلا، قد وخطه (8) الشيب (9).
و لما (10) بويع الرشيد في سنة سبعين و مائة في اليوم الذي توفي فيه الهادي ولد المأمون في تلك الليلة، فاجتمعت له بشارة الخلافة، و بشارة الولد، و كان يقال: ولد في هذه الليلة خليفة، و ولي خليفة، و مات خليفة. و كان ينزل الخلد (11).و حكى بعض أصحابه أنه كان
ص: 287
يصلي في كل يوم مائة ركعة إلى أن فارق الدنيا إلا أن تعرض له علة. و كان يتصدق في كل يوم من صلب ماله بألف درهم، و كان إذا حج حج معه مائة من الفقهاء و أبنائهم، و إذا لم يحج أحج في كل سنة ثلاث مائة رجل بالنفقة السابغة [و الكسوة الظاهرة] (1) و كان يقتفي أخلاق المنصور، و يعمل بها إلا في العطايا و الجوائز. فإنه كان أسنى الناس عطية ابتداء و سؤالا، و كان لا يضيع عنده يد و لا عارفة. و كان لا يؤخر عطاءه، و لا يمنعه عطاء اليوم من عطاء غد.
و كان يحب الفقه و الفقهاء، و يميل إلى العلماء. و يحب الشعر و الشعراء، و يعظم [في صدره] (2) الأدب و الأدباء، و يكره المراء في الدين و الجدال، و يقول: إنه لخليق ألا ينتج خيرا، و يصغي إلى المديح و يحبه، و يجزل عليه العطاء لا سيما إذا كان من شاعر فصيح مجيد.
و كان نقش خاتم هارون بالحميرية، و خاتم الخاصة: لا إله إلا اللّه.
قال أبو معاوية الضرير (3):
حدثت الرشيد هارون بقول النبي صلّى اللّه عليه و سلّم:«وددت أني أقتل في سبيل اللّه ثم أحيا، ثم أقتل». فبكى هارون حتى انتحب و قال له: يا أبا معاوية، ترى لي أن أغزو؟ قلت: يا أمير المؤمنين، مكانك في الإسلام أكبر، و مقامك أعظم، و لكن ترسل الجيوش[14318].
قال أبو معاوية:
ما ذكرت النبي صلّى اللّه عليه و سلّم بين يديه إلا قال: صلى اللّه على و سيدي و مولاي (4).
و في (5) سنة ست و ثمانين و مائة أقام الحج الرشيد هارون، و جدد البيعة لابنيه (6) محمد المخلوع، و عبد اللّه المأمون، و كتب بينهما شروطا، و علق الكتاب بالكعبة.
ص: 288
و في (1) سنة تسعين غزا الرشيد الروم، و فرق القواد في بلادهم (2)،و أقام هو بطوانة (3)، و سأله الطاغية أن ينصرف عنه، و يعطيه مالا، فأبى، أو يعطيه فدية و خراجا، و يبعث إليه بجزية عن رأسه و رأس ابنه، فبعث إليه ثلاثين ألف دينار جزية (4)،و أربعة دنانير جزية عن رأسه و دينارين عن رأس ابنه.
و في سنة ثلاث و سبعين و مائة حج بالناس هارون (5)،و هي السنة التي قسم فيها للناس صغيرهم و كبيرهم درهما درهما.
و في سنة ثلاث و سبعين فتحت سمالو (6).
و في سنة تسعين فتح هرقلة (7)،و قال أبو العتاهية فيها (8):
الحمد للّه اللطيف بخلقه *** إنا لنجزع و الإمام صبور
فتحت هرقلة بعد طول تمنّع *** إنّي بكلّ مسرّة مسرور
و إمامنا فيها أغرّ محجّل *** و حجوله يوم القيامة نور
إن حطّ رحل الحج أعمل سرجه *** للغزو ينجد مرة و يغور
همم لهارون الإمام بعيدة *** أبدا لهن مواسم و ثغور
هارون شيّد كل عز كان أس *** سه له المهديّ و المنصور
هارون هارون المدافع ربّه *** عنه هو المحفوظ و المستور
قفل الإمام و قد تكامل فيئه *** و أقام جزيته له النقفور (9)
روى جابر بن عبد اللّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:
ص: 289
«يكون من ولد العباس ملوك يلون أمر أمتي يعز اللّه بهم الدين»[14319].
و من (1) بارع شعر أبي الشيص قوله يمدح الرشيد عند هزيمة نقفور، و فتح بلاد الروم من قصيد:
شددت أمير المؤمنين قوى الملك *** صدعت بفتح الروم أفئدة الترك
قريت سيوف اللّه هام عدوّه *** و طأطأت بالإسلام ناصية الشرك
فأصبحت مسرورا و لا يعني (2) ضاحكا *** و أصبح نقفور على ملكه يبكي
كان أبو معاوية الضرير عند الرشيد، فجرى الحديث إلى حديث أبي هريرة أن موسى لقي آدم (3)،فقال: أنت آدم الذي أخرجتنا من الجنة ؟... الحديث، فقال رجل قرشي كان عنده من وجوه قريش: أين لقي آدم موسى ؟ فغضب الرشيد و قال: النطع و السيف، زنديق و اللّه يطعن في حديث رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فما زال أبو معاوية يسكنه و يقول: كانت منه باردة و لم يفهم يا أمير المؤمنين حتى أسكنه (4).
و في رواية (5):
فغضب الرشيد و قال: من طرح إليك هذا؟ و أمر به، فحبس، فقال: و اللّه ما هو إلا شيء خطر ببالي، و حلف بالعتق و صدقة المال و مغلّظات الأيمان ما سمعت من أحد، و لا جرى بيني و بين أحد في هذا كلام. قال: فلما عرف الرشيد ذلك قال: فأمر به فأطلق، و قال:
إنما توهمت أنه طرح إليه بعض الملحدين هذا الكلام الذي خرج منه، فيدلني عليهم فأستبيحهم، و إلا فأنا على يقين أن القرشي لا يتزندق.
قال رجل من قواد هارون (6):دخلت على هارون و بين يديه رجل مضروب العنق،
ص: 290
و رجل معه سيف ملطخ بالدم يمسحه على قفاه، ففزعت لما رأيته فقال: قتلت هذا الرجل [لأنه] (1) كان يقول: القرآن مخلوق، تقرّبت إلى اللّه بدمه.
قال أبو بكر بن عياش (2):
قلت لهارون: يا أمير المؤمنين، انظر هذه العصابة الذين يحبون أبا بكر و عمر، و يفضلونهم (3) فأكرمهم يعزّ سلطانك، و يقوى، فقال: أ و لست كذلك ؟ أنا و اللّه كذلك، أنا و اللّه كذلك، أنا و اللّه أحبهم، و أحب من يحبهم، و أعاقب من يبغضهم.
جاء جنديان يسألان عن منزل أبي بكر بن عياش، قال: فقلت: ما تريدان منه ؟ فقالا:
أنت هو؟ قلت: نعم، فقالا: أجب الخليفة، قلت: أدخل ألبس ثوبي، قالا: ليس إلى ذلك سبيل، فأرسلت من جاءني بثيابي، و مضيت معهم إلى الرشيد بالحيرة، فدخلت عليه، فقال:
لا أرانا إلا قد رعناك. إن أبا معاوية الضرير حدثني بحديث عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«يكون قوم بعدي ينبزون (4) بالرافضة فاقتلوهم، فإنهم مشركون» فو اللّه لئن كان حقا لأقتلنّهم. فلما رأيت ذلك خفت منه، فقلت: يا أمير المؤمنين، لئن كان ذلك فإنهم ليحبونكم أشد من نبي اللّه، و هم إليك أميل، فسرّي عنه، ثم أمر لي بأربع بدر (5)،فأخذتها. و لقيني رجل منهم فقال: يا أبا بكر، أخذت الدراهم، ما عذرك عند اللّه ؟ فقلت: عذري عند اللّه أني خلصت من القتل.
دخل ابن السماك على هارون فقال: يا أمير المؤمنين، تواضعك في شرفك أشرف من شرفك (6).
و قال له مرة (7):يا أمير المؤمنين، إن اللّه عز و جل لم يجعل أحدا فوقك، فلا ينبغي (8)أن يكون أحد أطوع للّه عز و جل منك.
قال ابن السماك:
ص: 291
بعث إلي هارون فأتيته، فأخذني خصيان حتى انتهيا (1) بي إليه في بهو، فقال لهما هارون: ارفقا بالشيخ، فقلت: يا أمير المؤمنين، ما مرّ بي يوم منذ ولدتني أمي أنا أنصب فيه من يومي هذا، فاتق اللّه يا أمير المؤمنين، و اعلم أن لك مقاما بين يدي اللّه أنت فيه أذل من مقامي هذا بين يديك، فاتق اللّه في خلقه، و احفظ محمدا في أمته، و انصح نفسك في رعيتك، و اعلم أن اللّه أخذ سطواته و انتقامه من أهل معاصيه بكم، فاضطرب على فراشه حتى وقع على مصلى بين يدي فراشه، فقلت: يا أمير المؤمنين، هذا ذل الصفة، فكيف لو رأيت ذل المعاينة، فكادت نفسه تخرج، و كان يحيى بن خالد إلى جنبه، فقال للخصيّين: أخرجاه، فقد أبكى أمير المؤمنين.
بعث (2) هارون إلى محمد بن السماك، فقال له يحيى بن خالد: أ تدري لم بعث إليك أمير المؤمنين ؟ قال: لا أدري، قال له يحيى: بعث لما بلغه عنك من حسن دعائك للخاصة و العامة (3)،فقال له ابن السماك: أما ما بلغ أمير المؤمنين عني ذلك فبستر اللّه الذي ستره علي، و لو لا ستره لم يبق لنا ثناء، و لا التقاء على مودة، فالستر هو الذي أجلسني بين يديك يا أمير المؤمنين. إني و اللّه ما رأيت وجها أحسن من وجهك، فلا تحرق وجهك بالنار، فبكى هارون بكاء شديدا، ثم دعا بماء فاستسقى (4)،فأتي بقدح فيه ماء، فقال: يا أمير المؤمنين، أكلمك بكلمة قبل أن تشرب هذا الماء؟ قال: قل ما أحببت، قال: يا أمير المؤمنين، لو منعت هذه الشربة إلا بالدنيا و ما فيها، أ كنت تفتديها بالدنيا و ما فيها حتى تصل إليك ؟ قال: نعم، قال: فاشرب، بارك اللّه فيك. فلما فرغ من شربه قال له: يا أمير المؤمنين، أ رأيت لو منعت إخراج هذه الشربة منك إلا بالدنيا و ما فيها، أ كنت تفتدي ذلك بالدنيا و ما فيها؟ قال: نعم، قال: يا أمير المؤمنين، فما تصنع بشيء شربة ماء خير منه (5)؟فبكى هارون و اشتد (6) بكاؤه،
ص: 292
فقال يحيى بن خالد: يا ابن السماك، قد أذيت أمير المؤمنين، فقال له: و أنت يا يحيى فلا تغرنك رفاهية العيش و لينه.
قال (1) يحيى بن خالد لابن السماك: إذا دخلت على هارون أمير المؤمنين فأوجز، و لا تكثر عليه، فدخل عليه، و قام بين يديه، فقال: يا أمير المؤمنين، إن لك بين يدي اللّه مقاما، و إن لك من مقامك منصرفا، فانظر إلى أين منصرفك: إلى الجنة أم إلى النار، فبكى هارون حتى كاد أن يموت.
قال الفضيل بن عياض (2):
لما قدم الرشيد بعث إلي، فذكر الحديث بطوله و قال: عظنا بشيء من علم، فقلت له:
يا حسن الوجه، حساب هذا الخلق كلهم عليك، فجعل يبكي، و يشهق، قال: فرددتها عليه:
يا حسن الوجه، حساب هذا الخلق كلهم عليك، فأخذني الخدم، فأخرجوني، و قالوا: اذهب بسلام.
قال الأصمعي (3):
كنت عند الرشيد يوما، فرفع إليه في قاض كان استقضاه يقال له: عافية، فكبر (4) عليه، فأحضره، و في المجلس جمع (5)،فجعل يخاطبه، و يوقفه على ما رفع إليه، و طال المجلس، ثم إن أمير المؤمنين عطس فشمّته من كان بالحضرة ممن قرب منه سواه، فإنه لم يشمّته، فقال له الرشيد: ما بالك لم تشمّتني كما فعل القوم ؟! فقال له عافية: لأنك يا أمير المؤمنين لم تحمد اللّه، و لذلك لم أشمتك، فإن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم عطس عنده رجلان، فشمت أحدهما، و لم يشمت الآخر، فقال: يا رسول اللّه، ما بالك شمّت ذاك، و لم تشمتني ؟ قال:«لأن هذا حمد اللّه، فشمتناه، و أنت فلم تحمد اللّه فلم نشمتك»، فقال له الرشيد: ارجع إلى عملك، أنت لم
ص: 293
تسامح في عطسة تسامح في غيرها؟ و صرفه منصرفا جميلا، و زبر القوم الذين رفعوا عليه[14320].
قال عبد اللّه بن عبد العزيز العمري: (1)
قال لي موسى بن عيسى: ينتهي (2) إلى أمير المؤمنين الرشيد أنك تشتمه، و تدعو عليه، فبأي شيء استجزت ذلك منه يا عمري ؟ قال: قلت: أما في شتمه، فهو و اللّه أكرم علي من نفسي (3)،و أما في الدعاء عليه، فو اللّه ما قلت: اللهم إنه قد أصبح عبئا ثقيلا على أكتافنا، لا تطيقه أبداننا، و قذى في عيوننا (4)،لا تطرف عليه جفوننا، و شجى في أفواهنا، لا تسيغه حلوقنا، فاكفنا مئونته، و فرّق بيننا و بينه، و لكني قلت: اللهم، إن كان قد تسمى بالرشيد ليرشد، فأرشده أو لغير ذلك فراجع به، اللهم، إن له في الإسلام بالعباس (5) على كل مسلم حقا (6)،و له بنبيّك قرابة و رحما، فقربه من كل خير، و بعّده من كل شر (7)،و أسعدنا به، و أصلحه لنفسه و لنا، فقال موسى: يرحمك اللّه يا أبا عبد الرحمن، كذلك لعمري كان ما فعلت (8).
قال أبو معاوية (9):
أكلت مع الرشيد هارون طعاما يوما، فصبّ على يدي رجل لا أعرفه، فقال الرشيد: يا أبا معاوية، هل تدري من يصبّ على يديك ؟ قلت: لا، قال: أنا، قلت: أنت يا أمير المؤمنين ؟ قال: نعم، إجلالا للعلم.
قال يحيى بن أكثم:
قال لي الرشيد: ما أنبل المراتب ؟ قلت: ما أنت فيه يا أمير المؤمنين، قال: فتعرف
ص: 294
أجلّ مني ؟ قلت: لا، قال: لكني أعرفه، رجل في حلقة يقول: حدثنا فلان عن فلان قال:
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم.... قلت: يا أمير المؤمنين، هذا خير منك و أنت ابن عم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، و ولي عهد المسلمين ؟ قال: نعم، ويلك، هذا خير مني لأن اسمه مقترن باسم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم لا يموت أبدا، نحن نموت و نفنى، و العلماء باقون ما بقي الدهر.
حدث أبو زرعة عن أبيه قال:
كنا بالرقة و بيوتات الأموال تنقل إلى هارون الرشيد، فقدرناها أربعة آلاف و ست مائة جمل، ألف و ست مائة منها ذهب، و ثلاثة آلاف ورق.
قال الأصمعي (1):
دخلت على هارون الرشيد يوم الجمعة، و هو يقلّم أظفاره، فقلت له في ذلك: فقال:
أخذ الأظفار يوم الخميس من السنة. و بلغني أن [أخذها] (2) يوم الجمعة ينفي الفقر. فقلت:
يا أمير المؤمنين، و تخشى أنت أيضا الفقر؟ فقال: يا أصمعي، و هل أحد أخشى للفقر مني ؟ حدث إبراهيم بن المهدي قال (3):
كنت أتغدى مع الرشيد في يوم شات، فسأل صاحب المطبخ: هل عنده برمة من لحم الجزور، فأعلمه أن عنده ألونا منه، فأمر بإحضاره، فقدمت إليه صحفة، فأدخل لقمة منها في فيه، و حرك لحيته عليها مرتين، فضحك جعفر بن يحيى، فسأله الرشيد عن ضحكه، و أمسك عن المضغ، فقال: ذكرت كلاما دار بيني و بين جاريتي البارحة، فضحكت، فقال الرشيد:
هذا محال، فأخبرني بحقي عليك، قال: إذا ابتلعت لقمتك حدثتك، فألقى لقمته من فيه تحت المائدة، فقال له جعفر: بكم يتوهم أمير المؤمنين أن هذا اللون يقوم عليه ؟ فقال له الرشيد: أتوهمه يقوم بأربعة دراهم، فقال جعفر: إنه يقوم عليك بأربع مائة ألف درهم، قال:
كيف ؟ ويحك! فقال جعفر: سأل أمير المؤمنين صاحب المطبخ من أكثر من أربع سنين (4) عن برمة من لحم جزور، فلم يجدها، فأنكر أمير المؤمنين ذلك علي و قال: لا يفت مطبخي لون
ص: 295
يتخذ من لحم جزور في كل يوم، فأنا منذ ذلك اليوم أنحر جزورا في كل يوم، فإن الخلفاء لا نتباع لهم لحم الجزور من السوق (1)،و لم يدع أمير المؤمنين بشيء من لحمها إلا يومه هذا. و كان الرشيد في أول طعامه، و كان أشد خلق اللّه تقززا، فضرب الرشيد بيده اليمنى وجهه و فيها الغمر (2)،و مدّ بها لحيته، ثم قال: هلكت ويلك يا هارون، و اندفع يبكي، و رفعت المائدة (3)،و طفق يبكي حتى آذنه المؤذنون بصلاة الظهر، فتهيأ للصلاة (4) ثم أمر أن يحمل للحرمين ألفي ألف درهم يفرق في كل حرم ألف ألف، و أن يفرق في كل جانب من جانبي بغداد خمس (5) مائة ألف درهم، و أن يفرق في كل مدينة من الكوفة و البصرة خمس مائة ألف درهم (6)،و قال: لعل اللّه أن يغفر لي هذا الذنب، و صلى الظهر و عاد إلى مكانه يبكي إلى العصر، و قام فصلى، و عاد إلى مكانه إلى أن قرب ما بين العصر و المغرب، فأخبره القاسم بن الربيع أن أبا يوسف القاضي بالباب، فأذن له، فدخل، و سلم، فلم يردّ عليه، و أقبل يقول: يا يعقوب، هلك هارون، فسأله عن القصة، فقال: يخبرك جعفر، و عاد لبكائه، فحدثه جعفر عن الجزور التي تنحر كل يوم، و مبلغ ما أنفق من الأموال، فقال له أبو يوسف:
هذه الإبل التي كانت تبتاع كانت تترك إذا نحرت حتى تفسد و تنتن، و لا تؤكل لحومها، فيرمى بها؟ قال جعفر: اللهم، لا، قال أبو يوسف: فما كان يصنع بها؟ قال: يأكلها الحشم و الموالي و عيال أمير المؤمنين، فقال أبو يوسف: اللّه أكبر، أبشر يا أمير المؤمنين بثواب اللّه على نفقتك، و على ما فتح لك من الصدقة في يومك هذا، و من البكاء للتقية من ربك، فإنّي لأرجو ألا يرضى اللّه من ثوابه على ما داخلك من الخوف من سخطه عليك إلا بالجنة، فإنه عز و جل يقول: وَ لِمَنْ خٰافَ مَقٰامَ رَبِّهِ جَنَّتٰانِ [سورة الرحمن، الآية:46] و أنا أشهد أنك خفت مقام ربك، فسرّي عن الرشيد و طابت نفسه، و وصل أبا يوسف بأربع مائة ألف درهم، و صلى المغرب و دعا بطعامه و أكل، فكان غداؤه في اليوم عشاءه.
ص: 296
قال عمرو بن بحر (1):
اجتمع للرشيد ما لم يجتمع لأحد من جدّ و لا هزل: وزراؤه البرامكة، لم ير مثلهم سخاء و سروا، و قاضيه أبو يوسف (2)،و شاعره مروان بن أبي حفصة (3)،كان في عصره كجرير في عصره، و نديمه عم أبيه العباس (4) بن محمد صاحب العباسية (5)،و حاجبه الفضل بن الربيع (6) أتيه الناس و أشده تعاظما، و مغنيه إبراهيم الموصلي واحد عصره في صناعته، و ضاربه زلزل (7)،و زامره برصوما، و زوجته أم جعفر أرغب الناس في خير، و أسرعهم إلى كل برّ، أدخلت الماء الحرم بعد امتناعه، إلى أشياء من المعروف.
كان (8) عبيد اللّه (9) بن ظبيان قاضي الرقة، و كان الرشيد إذ ذاك بها، فجاء رجل فاستعذر عليه من عيسى بن جعفر (10)،فكتب إليه ابن ظبيان: أما بعد. أبقى اللّه الأمير و حفظه، أتاني رجل ذكر أنه فلان بن فلان، و أن له على الأمير - أبقاه اللّه - خمس مائة ألف درهم، فإن رأى الأمير - حفظه اللّه - أن يحضر معه بمجلس الحكم أو يوكل وكيلا يناظر خصمه فعل، و دفع بالكتاب إلى الرجل، فأتى به باب عيسى بن جعفر، و دفع الكتاب إلى حاجبه، فأوصله إليه، فقال: كل هذا الكتاب، فرجع إلى القاضي فأخبره، فكتب إليه: أبقاك اللّه و حفظك و أمتع بك، حضر رجل يقال له فلان بن فلان، فذكر أن له عليك حقا فصر به
ص: 297
معه إلى مجلس الحكم أو وكيلك، إن شاء اللّه، و وجّه بالكتاب مع عونين (1) من أعوانه، فحضرا باب عيسى، و دفعا الكتاب إليه، فغضب، و رمى به، فانطلقا فأخبراه، فكتب إليه:
حفظك اللّه، و أبقاك، و أمتع بك، لا بد من أن تصير أنت و خصمك إلى مجلس الحكم، فإن أبيت أنهيت أمرك إلى أمير المؤمنين، و وجه بالكتاب مع عدلين (2)،فقعدا على باب عيسى حتى خرج، فقاما إليه، و دفعا إليه كتاب القاضي، فلم يقرأه، و رمى به، فأبلغاه ذلك، فختم قمطره (3) و انصرف، و قعد في بيته، فبلغ الخبر الرشيد، فدعاه، و سأله عن أمره، فأخبره بالقصة عن آخرها، حرفا حرفا، فقال لإبراهيم بن عثمان: صر إلى باب عيسى بن جعفر، و اختم عليه أبوابه كلها، و لا يخرجن أحد، و لا يدخلن أحد عليه حتى يخرج إلى الرجل من حقه أو يصير معه إلى الحاكم، فأحاط إبراهيم بداره، و وكل بها خمسين فارسا، و غلقت أبوابه، فظن عيسى أنه قد حدث للرشيد رأي في قتله، و لم يدر ما سبب ذلك، و جعل يكلم الأعوان من خلف الباب، و ارتفع الصياح من داره، و صرخ النساء، فأمرهن أن يسكتن، و قال لبعض غلمان إبراهيم: ادع لي أبا إسحاق لأكلمه، فأعلموه ما قال، فجاء حتى صار إلى الباب، فقال له عيسى: ويلك! ما حالنا؟ فأخبره خبر ابن ظبيان، فأمر أن يحضر خمس مائة ألف درهم من ساعته، و تدفع إلى الرجل، فجاء إبراهيم إلى الرشيد، فأخبره، فقال: إذا قبض الرجل ماله فافتح أبوابه.
قال بشر بن الوليد (4):
كنت عند أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي، فحدثنا بحديث طريف قال:
بينا أنا البارحة أويت إلى فراشي فإذا داق يدق الباب، فخرجت فإذا هرثمة بن أعين قال: أجب أمير المؤمنين، فقلت: يا أبا حاتم، لي بك حرمة، و هذا وقت كما ترى، و لست
ص: 298
آمن أن يكون أمير المؤمنين دعاني لأمر من الأمور، فإن أمكنك أن تدفع بذلك إلى غد؟ فلعله أن يحدث له رأي، فقال: ما لي إلى ذلك سبيل، قلت: كيف كان السبب ؟ قال: خرج إلي مسرور الخادم فأمرني أن آتي بك، فقلت: تأذن لي أن أصب علي ماء و أ تحنّط (1)؟فإن كان أمر من الأمور كنت قد أحكمت شأني، و إن رزق اللّه العافية فلن يضر، فدخلت و فعلت ما أردت (2)،و مضينا، فإذا مسرور واقف، فقال له هرثمة: قد جئت به. قال: فقلت لمسرور:
يا أبا هاشم، هذا وقت ضيق، فتدري لم طلبني أمير المؤمنين ؟ قال: لا، قلت: فمن عنده ؟ قال: عيسى بن جعفر، قلت: و من ؟ قال: ما عنده ثالث، قال: مرّ، فإذا صرت إلى الصحن فإنه في الرواق، و هو ذلك جالس، فحرّك رجلك بالأرض، فإنه سيسألك، فقل: أنا.
ففعلت، فقال: من ؟ قلت: يعقوب، قال: ادخل، فدخلت، فإذا هو جالس و عنده عيسى بن جعفر، فسلّمت، فرد و قال: أظننا روعناك، قلت: إي و اللّه، و كذلك من خلفي. قال:
اجلس، ثم التفت إلي فقال: يا يعقوب، تدري لم دعوتك ؟ قلت: لا، قال: دعوتك لأشهدك على هذا، إن عنده جارية سألته أن يهبها لي فامتنع، و سألته أن يبيعها فأبى، و اللّه لئن لم يفعل لأقتلنه، قال: فالتفتّ إلى عيسى، و قلت: و ما بلغ اللّه بجارية تمنعها أمير المؤمنين، و تنزل نفسك هذه المنزلة ؟! فقال لي: عجلت علي في القول قبل أن تعرف ما عندي: إن علي يمينا بالطلاق و العتاق و صدقة ما أملك ألاّ أبيع هذه الجارية، و لا أهبها، فالتفت إلي الرشيد فقال:
هل له في ذلك من مخرج ؟ قلت: نعم، يهب لك نصفها، و يبيعك نصفها، فيكون لم يبع و لم يهب. قال عيسى: و يجوز ذلك ؟ قلت: نعم. قال: فأشهدك أني قد وهبت له نصفها، و بعته النصف الباقي بمائة ألف دينار، فقال: الجارية، فأتي بالجارية و بالمال، فقال: خذها يا أمير المؤمنين، بارك اللّه لك فيها.
قال: يا يعقوب، بقيت واحدة، قلت: ما هي ؟ قال: هي مملوكة، و لا بد أن تستبرأ، و و اللّه إن لم أبت معها ليلتي أظن نفسي ستخرج، قلت: يا أمير المؤمنين، تعتقها، و تتزوجها، فإن الحرة لا تستبرأ، قال: فإنّي قد أعتقتها، فمن يزوجنيها؟ قلت: أنا، فدعا بمسرور و حسين، فخطبت و حمدت اللّه، ثم زوّجته على عشرين ألف دينار، و دعا بالمال فدفعه إليها
ص: 299
ثم قال: يا يعقوب، انصرف، و قال: يا مسرور، أحمل إلى يعقوب مائتي ألف درهم، و عشرين تختا ثيابا، فحمل ذلك معي.
قال بشر بن الوليد: فالتفت إلي يعقوب فقال: هل رأيت بأسا فيما فعلت ؟ قلت: لا، قال: فخذ منها حقك، قلت: و ما حقي ؟ قال: العشر، قال: فشكرته، و ذهبت لأقوم، فإذا بعجوز قد دخلت فقالت: يا أبا يوسف، بنتك تقرئك السلام، و تقول لك: ما وصل إلي في ليلتي هذه من أمير المؤمنين إلا المهر الذي عرفته، و قد حملت إليك النصف منه، و خلّفت الباقي لما أحتاج إليه، فقال: ردّيه، فو اللّه لا قبلتها، أخرجتها من الرق، و زوّجتها أمير المؤمنين و ترضى لي بهذا، فلم نزل نطلب إليه أنا و عمومتي حتى قبلها، و أمر لي منها بألف دينار.
كان (1) حماد بن موسى صاحب أمر محمد بن سليمان (2) و الغالب عليه، فحبس سوار (3) القاضي رجلا في بعض ما يحبس فيه القضاة، فبعث حماد فأخرج الرجل من الحبس، فخاصمه إلى سوار فأخبره أن حمادا أخرج الرجل من الحبس، فركب سوّار حتى دخل على محمد بن سليمان، و هو قاعد للناس، و الناس على مراتبهم، فجلس حيث يراه محمد، ثم دعا قائدا من قواده، فقال: أ سامع أنت أو مطيع ؟ قال: نعم، قال: اجلس هاهنا، فأقعده عن يمينه، و دعا آخر من نظرائه ففعل به كما فعل بالأول، فعل ذلك بجماعة من قواد سليمان (4) ثم قال لهم: انطلقوا إلى حماد بن موسى فضعوه في الحبس (5)،فنظروا إلى محمد ابن سليمان فأعلموه ما أمرهم، فأشار إليهم أن افعلوا ما يأمركم، فانطلقوا إلى حماد فوضعوه في الحبس، و انصرف سوار إلى منزله. فلما كان بالعشي أراد محمد بن سليمان الركوب إلى سوار، فجاءته الرسل، فقالوا: إن الأمير على الركوب إليك، فقال: لا، نحن أولى بالركوب إليه، فركب إليه، فقال: كنت على المجيء إليك يا أبا عبد اللّه، فقال: ما كنت لأجشّم الأمير ذلك، قال: بلغني ما صنع هذا الجاهل حماد، قال: هو ما بلغ الأمير،
ص: 300
قال: فأحب أن تهب لي ذنبه، قال: أفعل أيها الأمير، اردد الرجل إلى الحبس، قال: نعم، بالصغر له و القماء (1)،فوجّه إلى الرجل فحبسه، و أطلق حمادا، و كتب بذلك صاحب الخبر إلى الرشيد (2)،فكتب إلى سوار يحمده على ما صنع، و كتب إلى محمد بن سليمان كتابا غليظا يذكر فيه حمادا و يقول: الرافضي ابن الرافضي، و اللّه لو لا أن الوعيد أمام العقوبة ما أدبته إلا بالسيف ليكون عظة لغيره، و نكالا، يفتات (3) على قاضي المسلمين في رأيه، و يركب هواه لموضعه منك، و يتعرض (4) في الأحكام استهانة بأمر اللّه و إقداما على أمير المؤمنين ؟! و ما ذلك إلا بك، و بما أرخيت من رسنه. تاللّه لئن عاد إلى مثلها ليجدني أغضب لدين اللّه، و أنتقم من أعدائه لأوليائه.
كان الرشيد (5) يقول: أنا من أهل بيت عظمت رزيتهم، و حسنت بقيتهم، رزئنا (6)رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و بقيت فينا خلافة اللّه عز و جل.
بينما (7) الرشيد هارون يطوف بالبيت إذ عرض له رجل فقال: يا أمير المؤمنين، إني أريد أن أكلمك بكلام فيه غلظة فاحتمله لي، فقال: لا، و لا نعمة عين و لا كرامة، قد بعث اللّه من هو خير منك إلى من هو شرّ مني فأمر أن يقول له قولا لينا.
قال منصور بن عمار (8):
ما رأيت أغزر دمعا عند الذكر من ثلاثة: فضيل بن عياض، و أبو عبد الرحمن الزاهد (9)،و هارون الرشيد.
ص: 301
قال شعيب بن حرب (1):
بينا أنا في طريق مكة إذ رأيت هارون الرشيد، فقلت لنفسي: قد وجب عليك الأمر و النهي، فقالت لي: لا تفعل، فإن هذا رجل جبار، و متى أمرته ضرب عنقك، فقلت لنفسي:
لا بد من ذلك. فلما دنا مني صحت: يا هارون، قد أتعبت الأمة، و أتعبت البهائم، فقال:
خذوه، فأدخلت عليه، و هو على كرسي و بيده عمود (2) يلعب به، فقال: ممن الرجل ؟ قلت:
من أفناء الناس، قال: ممن ثكلتك أمك ؟ قلت: من الأبناء (3)،قال: ما حملك على أن تدعوني باسمي ؟! قال شعيب: فورد على قلبي كلمة ما خطرت لي قط على بال، قلت: أنا أدعو اللّه باسمه، فأقول: يا اللّه، يا رحمن، لا أدعوك باسمك ؟ و ما تنكر من دعائي باسمك ؟ و قد رأيت اللّه سمى في كتابه أحب الخلق إليه (4) محمدا، و كنى أبغض الخلق إليه: أبا لهب فقال: تَبَّتْ يَدٰا أَبِي لَهَبٍ [سورة المسد، الآية:1] فقال: أخرجوه، فأخرجوني.
قال ابن السماك (5):
قلت للرشيد هارون: يا أمير المؤمنين، إنك تموت وحدك، و تقبر وحدك (6)،فاحذر المقام بين يدي الجبار، و الوقوف بين الجنة و النار، فإنك لا تقدم إلا على قادم مشغول، و لا يخلف إلا جاهل مغرور، يا أمير المؤمنين، إنما هو دبيب من سقم حتى يؤخذ بالكظم (7)، و تزل القدم، و يقع الندم، فلا توبة تنال (8)،و لا عثرة تقال، و لا يقبل فداء بمال، فجعل أمير المؤمنين يبكي حتى علا صوته، فالتفت إلي يحيى بن خالد فقال: قم، فقد شققت على أمير المؤمنين منذ الليلة، فقمت و أنا أسمع بكاءه.
ص: 302
لما (1) لقي الرشيد هارون الفضيل بن عياض، قال له الفضيل: يا حسن الوجه، أنت المسئول عن هذه الأمة، قال مجاهد: وَ تَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبٰابُ [سورة البقرة، الآية:166] قال: الوصل التي كانت بينهم في الدنيا، فجعل هارون يبكي.
حج (2) هارون و كان يأنس بسفيان بن عيينة، فقال لسفيان: أشتهي أن أرى الفضيل بن عياض، و أسمع كلامه، فقال له سفيان: إن علم أنك أمير المؤمنين لم ينبسط ، قال: فكيف الوجه فيه ؟ قال: نذهب إليه جميعا و أنت متنكر، فمضيا، فقام سفيان على الباب، فقال:
السلام عليك يا أبا علي، فقال الفضيل: من أنت ؟ قال: سفيان، قال: ادخل يا أبا محمد، قال سفيان: و من معي ؟ قال: و من معك، فدخلا، فأقبل الفضيل على سفيان فتحدثا ساعة، فقال له سفيان: يا أبا علي، هذا الفتى تعرفه ؟ فنظر إليه فقال سفيان: هذا هارون أمير المؤمنين، فنظر إليه الفضيل فقال: يا حسن الوجه، قد قلّدت أمرا عظيما، فاتّق اللّه في نفسك. و كان هارون من أحسن الناس وجها.
قال الأصمعي (3):
بعث إلي الرشيد، و قد زخرف مجالسه و بالغ فيها و في بنائها، و صنع فيها طعاما كثيرا، ثم وجه إلى أبي العتاهية فأتاه فقال: صف لنا ما نحن فيه من نعيم الدنيا. فأنشأ يقول (4):
عش ما بدا لك سالما *** في ظلّ شاهقة القصور
فقال: أحسنت، ثم ما ذا؟ فقال:
يسعى عليك بما اشتهيت *** لدى الرواح و في البكور
فقال: ثم ما ذا؟ فقال:
فإذا النفوس تقعقعت *** في (5) ضيق حشرجة الصدور
فهناك تعلم موقنا *** ما كنت إلا في غرور
ص: 303
فبكى هارون، فقال الفضل بن يحيى: بعث إليك أمير المؤمنين لتسرّه، فأحزنته، فقال هارون: دعه، فإنه رآنا في عمى فكرة أن يزيدنا عمى.
قال أبو العتاهية (1):
دخلت على هارون الرشيد، فقال لي: أبو العتاهية ؟ قلت: أبو العتاهية، قال: الذي يقول الشعر؟ قلت: الذي يقول الشعر، قال: عظني و أوجز، فقال (2):
لا تأمن الموت في طرف و لا نفس *** و إن تمنّعت بالحجاب و الحرس
و اعلم بأن سهام الموت قاصدة (3) *** لكل مدرّع منا و متّرس
ترجو النجاة و لم تسلك مسالكها *** إن السفينة لا تجري على اليبس
قال: فخرّ مغشيا عليه.
جاء هارون الرشيد إلى باب عبد اللّه بن المبارك فاستأذن، فلم يأذن له، فكتب هارون في رقعة:
هل لذي حاجة إليك سبيل *** لا طويل قعوده بل قليل
فكتب ابن المبارك على ظهر رقعته:
أنت يا صاحب الكتاب ثقيل *** و قليل من الثقيل طويل
لما (4) حبس الرشيد أبا العتاهية جعل عليه عينا يأتيه بما يقول، فوجده يوما قد كتب على الحائط (5):
أما و اللّه إن الظلم لؤم (6) *** و ما (7) زال المسيء هو الظلوم
إلى ديان يوم الدين نمضي *** و عند اللّه تجتمع الخصوم
ص: 304
فأخبر بذلك الرشيد، فبكى، و دعا به، فاستحله، و وهب له ألف دينار.
خرج الرشيد في بعض متنزهاته، فانفرد من الناس على نحو ميل، فرفع له خباء مضروب، فأمّه، فإذا فيه أعرابي، فسلم عليه الرشيد، فقال له: من أنت ؟ فقال: أنا من أبغض الناس إلى الناس، فقال الأعرابي: أنت إذا من معدّ، فمن أي معد؟ قال: من أبغض معد إلى معد، قال: أنت إذا من مضر، فمن أي مضر أنت ؟ قال: من أبغض مضر إلى مضر، قال:
أنت إذا من كنانة، فمن أي كنانة ؟ قال: من أبغض كنانة إلى كنانة، قال: أنت إذا من قريش، فمن أي قريش أنت ؟ قال: من أبغض قريش إلى قريش، قال: أنت إذا من بني هاشم، فمن أي بني هاشم ؟ قال: من أبغض بني هاشم إلى بني هاشم، قال: أنت إذا من ولد العباس، فمن أي ولد العباس أنت ؟ قال: من أبغض بني العباس إلى بني العباس، فوثب الأعرابي قائما و قال: السلام عليك يا أمير المؤمنين و رحمة اللّه و بركاته، و توافت الجيوش، فقال الرشيد:
احملوه قاتله اللّه ما أذهنه.
قال سفيان بن عيينة (1):
دخلت على هارون أمير المؤمنين فقال: أي شيء خبرك يا سفيان ؟ فقلت:
بعين اللّه ما تخفي البيوت *** فقد طال التحمّل و السكوت
فقال: يا فلان، مائة ألف لابن عيينة، تغنيه، و تغني عقبه، و لا ينقص بيت مال المسلمين من ذلك (2).
قال شبيب:
كنا في طريق مكة، فجاء أعرابي في يوم صائف شديد الحر، و معه جارية له سوداء، و صحيفة، فقال: أ فيكم كاتب ؟ قلنا: نعم، و حضر غداؤنا، فقلنا له: لو أصبت من طعامنا، فقال: إني صائم، فقلنا له: أ في هذا الحر الشديد، و جفاء البادية تصوم ؟! فقال: إن الدنيا كانت و لم أكن فيها، و تكون و لا أكون فيها، و إنما لي منها أيام قلائل، و ما أحب أن أغيّر أيامي، ثم نبذ إلينا الصحيفة، فقال: اكتب، و لا تزيدن على ما أقول حرفا:
ص: 305
هذا ما أعتق عبد اللّه بن عقيل الكلابي جارية له سوداء يقال لها: لؤلؤة ابتغاء وجه اللّه، و جواز العقبة العظمى، و إنه لا سبيل لي عليها إلا سبيل الولاء و المنة للّه الواحد القهار.
قال الأصمعي: فحدثت بهذا الحديث الرشيد، فأمر أن يشترى له ألف نسمة و يعتقون، و يكتب لهم هذا الكتاب.
قال الأصمعي (1):
قدم الرشيد هارون البصرة يريد الخروج إلى مكة، فخرجت معه. فلما صرنا بضريّة (2)فإذا أنا على شفير الوادي بصبية قدامها قصعة لها، و إذا هي تقول:
طحطحتنا صحاطح الأعوام *** و رمتنا حوادث الأيام
فأتيناكم نمدّ أكفا *** لفضالات (3) زادكم و الطعام
فاطلبوا الأجر و المثوبة فينا *** أيها الزائرون بيت الحرام
من رآني فقد رآني و رحلي *** فارحموا غربتي و ذلّ مقامي
فأخبرت أمير المؤمنين، و أنشدته ما قالت، فعجب، فقلت: آتيك بها؟ قال: بل نذهب إليها، فوقف عليها، فقلت لها: أنشديه ما كنت تقولينه، فأنشدته و لم تهبه، فقال: يا مسرور، املأ قصعتها دنانير (4)،فملأها حتى فاضت.
قال أبو عبيدة (5):
حج الرشيد على طريق البصرة، فمرّ منفردا و معه الفضل بن الربيع فإذا بأعرابيين على قعودين لهما، فقال أحدهما:
يا أيها المجمع هما لا تهم *** إنك إن تقض إلى الحمى تحم (6)
ص: 306
كيف توقّيك (1) و قد جف القلم *** و حطت الصحة منك و السقم
فقال الرشيد للفضل: يا عباسي، قل للمنشد يعيد، فقال الفضل: يا صاحب الشعر، أعد، فقال: لو قال لي هذا لفعلت - يعني الرشيد - قال الفضل: فهممت بالإقبال عليه، فغمزني الرشيد بالصبر، فقلت له: و لم لا تجيبني ؟ فقال لي:
إذا ما رأى الناس الجواد و مقرفا (2) *** إذا حربا (3) قالوا: جواد و مقرف
فقال الرشيد: يا عباسي، ادع لي أقرب الخدم منك، فدعوت خادما، فقال له الرشيد:
ما معك ؟ قال: أربع مائة درهم (4)،قال: ادفعها إلى المنشد، فأخذها، فضرب الآخر بيده على كتف صاحبه ثم قال (5):
و كنت جليس قعقاع بن عمرو (6) *** و لا يشقى بقعقاع جليس
فقال الرشيد: يا عباسي، ادع لي أقرب الخدم منك، فدعوت خادما، قال الرشيد: ما معك ؟ قال: مائتا دينار، قال: ادفعها إلى المتمثل، فدفعها إليه.
قال أبو عبيدة (7):فسألني الفضل: ما قصة القعقاع ؟ فقلت: أهدي إلى معاوية هدايا يوم المهرجان، فيها جامات ذهب و فضة، فدفع معاوية الجامات إلى جلسائه، و دفع إلى القعقاع جام ذهب، و في القوم أعرابي لم يعط شيئا، و هو إلى جنب القعقاع، فدفع القعقاع إليه الجام، فأخذه الأعرابي و نهض، و هو يقول:
و كنت جليس قعقاع بن عمرو *** و لا يشقى بقعقاع جليس
قال أبو محمد الزيدي:
دخلت على الرشيد، فوجدته مكبا ينظر في ورقة فيها مكتوب بالذهب، فتبسم فقلت:
ص: 307
فائدة، أصلحك اللّه، قال: نعم، وجدت هذين البيتين في بعض خزائن بني أمية فاستحسنتهما، و قد أضفت إليهما ثالثا، و أنشدني:
إذا سدّ باب عنك من دون حاجة *** فدعه لأخرى ينفتح لك بابها
فإن قراب (1) البطن يكفيك ملؤه *** و يكفيك سوآت الأمور اجتنابها
فلا تك مبذالا لعرضك و اجتنب *** ركوب المعاصي يجتنبك عقابها
قال الفضل بن الربيع (2):
خرج الرشيد من عند زبيدة - و قد تغدى عندها و نام - و هو يضحك، فقلت: قد سرني سرور أمير المؤمنين، فقال: ما أضحك إلا تعجبا: أكلت عند هذه المرأة، و نمت (3)، و سمعت رنة فقلت: ما هذا؟ قالوا: ثلاث مائة ألف دينار، وردت من مصر، فقالت: هبها لي يا ابن عم، فدفعتها إليها، فما برحت حتى عربدت و قالت: أي خير رأيت منك!.
قال الأصمعي (4):
سمعت بيتين لم أحفل بهما، قلت: هما على كل حال خير من موضعهما من الكتاب، فإني عند الرشيد يوما و عنده عيسى بن جعفر، فأقبل على مسرور الكبير (5)،فقال: يا مسرور، كم في بيت مال السرور؟ قال: ليس فيه شيء، فقال عيسى: هذا بيت الحزن، قال:
فاغتم الرشيد، و أقبل على عيسى فقال: و اللّه لتعطين الأصمعي سلفا على بيت مال السرور ألف دينار، فاغتم عيسى و انكسر، فقلت في نفسي: جاء موضع البيتين فأنشدت الرشيد:
إذا شئت أن تلقى أخاك معبّسا *** وجداه في الماضين كعب و حاتم
فكشّفه عما في يديه فإنما *** تكشّف أخبار الرجال الدراهم
قال: فتجلى عن الرشيد و قال: يا مسرور، أعطه سلفا على بيت مال السرور ألف دينار، قال: فأخذت بالبيتين ألفي دينار، و ما كان البيتان يسوّيان عندي درهمين.
ص: 308
قال الأصمعي (1):
دخلت على هارون - و مجلسه حافل - فقال: يا أصمعي، ما أغفلك عنا، و أجفاك لحضرتنا! قلت: يا أمير المؤمنين، ما ألاقتني بلاد بعدك حتى أتيتك، فأمرني بالجلوس، فجلست، و سكت. فلما تفرق الناس إلا أقلهم نهضت، فأقعدني (2) حتى خلا، قال: يا أبا سعيد، ما ألاقتني ؟ قلت: أمسكتني يا أمير المؤمنين [و أنشدت] (3):
كفاك كفّ ما تليق درهما *** جودا و أخرى تعطي بالسيف الدما
فقال: أحسنت، و هكذا فكن، و [قر] (4) نا في الملأ، و علمنا في الخلاء، و أمر لي بخمسة آلاف دينار.
و قيل: إنه قال له: ما لاقتني بعدك أرض. فلما خرج الناس قال له: ما معنى: ما لاقتني أرض ؟ قال: ما استقرت بي أرض، كما يقال: فلان لا يليق شيئا أي: لا يستقر معه شيء، و قال له: هذا حسن، و لكن لا ينبغي أن تكلمني بين يدي الناس إلا بما أفهمه، فإذا خلوت فعلّمني، فإنه إما أن أسكت فيعلم الناس أني لا أفهم، و إما أن أجيب بغير صواب، فيعلم الناس أني لم أفهم. قال الأصمعي: فعلّمني أكثر مما علمته.
مازح الرشيد أم جعفر فقال لها: كيف أصبحت يا أم نهر، فاغتمت لذلك، و لم تدر ما معناه، فوجهت إلى الأصمعي فسألته عن ذلك، فقال لها: الجعفر: النهر الصغير (5)،و إنما ذهب إلى هذا، فسكنت نفسها.
قال الأصمعي:
دخلت على هارون الرشيد، فقال لي: يا أصمعي، إني أرقت ليلتي هذه، فقلت: لم،
ص: 309
أنام اللّه عين أمير المؤمنين ؟ قال: فكرت بالعشق ممّ هو؟ فلم أقف عليه، فصفه لي حتى أخاله جسما. قال الأصمعي: لا و اللّه ما كان عندي قبل ذلك منه شيء، فأطرقت مليا ثم قلت: نعم يا سيدي، إذا توافقت الأخلاق المشاكلة، و تمازجت الأرواح المتشابهة ألفيت لمح نور ساطع يستضيء به العقل، و تنير لإشراقه طباع الجناة، و يتصور من ذلك النور خلق في (1) النفس منصبا نحو [جواهرها] (2) يسمى العشق. فقال: أحسنت و اللّه، يا غلام، أعطه، و أعطه، و أعطه، فأعطيت ثلاثين ألف درهم.
قال إسحاق بن إبراهيم الموصلي (3):
دخلت على أمير المؤمنين الرشيد يوما، فقال: أنشدني من شعرك، فأنشدته:
و آمرة بالبخل قلت لها اقصري *** فذلك شيء ما إليه سبيل
أرس الناس خلاّن الجواد (4) و لا أرى *** بخيلا له في العالمين (5) خليل
و من خير حالات الفتى لو علمته *** إذا نال خيرا أن يكون ينيل
عطائي عطاء المكثرين تكرّما (6) *** و مالي كما قد تعلمين قليل
و إني رأيت البخل يزري بأهله *** و يحقر يوما أن يقال بخيل (7)
و كيف أخاف الفقر أو أحرم الغنى *** و رأي أمير المؤمنين جميل ؟
فقال: لا كيف، إن شاء اللّه، يا فضل، أعطه مائة ألف درهم، للّه در أبيات تأتينا بها، ما أحسن فصولها، و أثبت أصولها (8)،فقلت: يا أمير المؤمنين، كلامك أجود من شعري، قال:
ص: 310
أحسنت، يا فضل، أعطه مائة ألف أخرى (1).
قال (2) الرشيد للمفضّل الضّبّي: ما أحسن ما قيل في الذئب، و لك هذا الخاتم الذي في يدي، و شراؤه ألف و ست مائة دينار؟ فقال: قول الشاعر:
ينام بإحدى مقلتيه و يتقي *** بأخرى المنايا فهو يقظان هاجع (3)
قال: ما ألقي هذا على لسانك إلا لذهاب الخاتم، و حلق به إليه، فاشترته أم جعفر بألف و ست مائة دينار، و بعثت به إليه و قالت: قد كنت أراك تعجب به، فألقاه إلى الضبي و قال: خذه و خذ الدنانير، فما كنا نهب شيئا و نرجع فيه.
صنع (4) الرشيد ذات ليلة بيتا، و اضطرب عليه الثاني، فقال: علي بالعباس بن الأحنف، فأتي به في جوف الليل على حال من الذعر عظيمة، فقال له الرشيد: لا ترع، قال:
و كيف لا يكون ذلك و قد طرقت في منزلي في مثل هذا الوقت ؟ فلم أخرج إلا و الواعية (5) فيه و أهلي لا يشكّون في قتلي، فقال: أحضرتك لبيت قلته صعب عليّ أن أشفعه بمثله، قال: ما هو؟ قال:
جنان (6) قد رأيناها *** فلم نر مثلها بشرا
قال العباس:
يزيدك وجهها حسنا *** إذا ما زدته نظرا
إذا ما الليل ما لعلي *** ك بالظلماء (7) و اعتكرا
و دجّ فلم تر قمرا (8) *** فأبرزها تر قمرا
ص: 311
فقال الرشيد: أول ما يجب أن ندفع إليك ديتك، إذ نزل بك هذا الروع و بعيالك منا، فأمر له بعشرة آلاف درهم، و صرفه.
دخل (1) العباس بن الأحنف على هارون الرشيد فقال له هارون: أنشدني أرق بيت قالته العرب، فقال: قد أكثر الناس في بيت جميل حيث يقول (2):
ألا ليتني أعمى أصم تقودني *** بثينة لا يخفى علي كلامها
فقال له هارون: أنت أرق منه حيث تقول (3):
طاف الهوى في عباد اللّه كلهم *** حتى إذا مر بي من بينهم وقفا
قال العباس: أنت يا أمير المؤمنين أرق قولا مني و منه حيث تقول (4):
أ ما يكفيك أنك تملكيني *** و أن الناس كلّهم عبيدي
و أنك لو قطعت يدي و رجلي *** لقلت من الهوى أحسنت زيدي
فأعجب بقوله و ضحك.
قال ابن المبارك:
عشق هارون جارية، فأرادها، فذكرت أن أباه كان مسها، فشغف بها هارون حتى قال:
أرى ماء و بي عطش شديد *** و لكن لا سبيل إلى الورود
أ ما يكفيك أنك تملكيني *** و أن الناس كلّهم عبيدي
و أنك لو قطعت يدي و رجلي *** لقلت من الرضى أحسنت زيدي
قال: فسأل أبا يوسف عنها، فقال: أ و كلما قالت جارية تصدّق ؟ قال ابن المبارك: فلا أدري ممن أعجب! من أمير المؤمنين حين رغب عنها، أو منها حين رغبت عن أمير المؤمنين، أو من أبي يوسف حين أمره بالهجم (5) عليها.
ص: 312
قال إبراهيم الموصلي (1):
قال لي غلامي: بالباب رجل حائك يستأذن، فقلت: ما لي و لحائك ؟ قال: لا أدري غير أنه حلف بالطلاق لا ينصرف حتى يكلمك بحاجته، قال: فأذنت له، فدخل، فقلت: ما حاجتك ؟ قال: أنا رجل حائك، و كان عندي بالأمس جماعة فتذاكرنا الغناء و المتقدمين فيه، فأجمع من حضر أنك رأس القوم و بندارهم (2) و سيدهم في هذه الصناعة، فحلفت بطلاق ابنة عمي و أعز الخلق علي - ثقة مني بكرمك - على أن تشرب عندي غدا، و تغنيني، فإن رأيت - جعلني اللّه فداك - أن تمنّ على عبدك بذلك فعلت، فقلت له: أين منزلك ؟ قال: في دور الصحابة، قلت: فصف للغلام موضعه و انصرف، فإن رائح إليك، فوصف للغلام. فلما صليت الظهر ركبت، و أمرت الغلام أن يحمل معه قنينة و قدحا و مصلى و خريطة العود، و صرت إلى منزله، و دخلت فقام إلي الحاكة فقبّلوا أطرافي، و عرضوا علي الطعام، فقلت:
قد تقدمت في الأكل، فشربت من نبيذي، و تناولت العود، فقلت: اقترح علي، فقال: غنّني بحياتي:
يقولون لي لو كان بالرمل لم يمت *** نسيبه و الطرّاق يكذب قيلها
فغنيت، فقال: أحسنت جعلني اللّه فداك، ثم قلت: اقترح، فقال: غنني بحياتي:
و خطّا بأطراف الأسنة مضجعي *** و ردّا على عينيّ فضل ردائيا
فغنيت، فقال: أحسنت جعلني اللّه فداك، ثم شربت و قلت: اقترح، فقال: غنني بحياتي:
أ حقا عباد اللّه أن لست واردا *** و لا صادرا إلا علي رقيب ؟
فقلت: يا ابن اللخناء، أنت بابن سريج (3) أشبه منك بالحاكة، فغنيته، ثم قلت: و اللّه إن عدت ثانية حلت امرأتك لغلامي قبل أن تحل لك، ثم انصرفت، و جاء رسول أمير المؤمنين الشريد [يطلبني] (4) فمضيت إليه من فوري، فقال: أين كنت ؟ قلت: و لي الأمان ؟ قال: و لك
ص: 313
الأمان، فحدثته، فضحك و قال: هذا أنبل حائك على ظهر الأرض، و و اللّه لقد كرمت في أمره، و أحسنت إجابته، و بعث إلى الحائك، فاستنطقه، و ساءله فاستطابه، و استظرفه، و أمر له بثلاثين ألف درهم.
كتب هارون الرشيد إلى جارية له كان يحبها و كانت تبغضه:
إن التي عذبت نفسي بما قدرت *** كل العذاب فما أبقت و لا تركت
مازحتها فبكت و استعبرت جزعا *** عني فلما رأتني باكيا ضحكت
فعدت أضحك مسرورا بضحكتها *** حتى إذا ما رأتني ضاحكا فبكت
تبغي خلافي كما خبّت (1) براكبها *** يوما قلوص (2) فلما حثها بركت
كأنها درة قد كنت أذخرها *** ليوم عسر فلما رمتها هلكت
و أنشدوا هذه الأبيات لذؤيب.
قال الأصمعي (3):
ما رأيت أثر النبيذ في وجه الرشيد قط إلا مرة واحدة: فإني دخلت عليه أنا و أبو حفص (4) الشطرنجي، فرأيته خاثرا (5)،فقال لنا: استبقا إلى بيت، بل إلى أبيات، فمن أصاب ما في نفسي فله عشرة آلاف درهم.
و في رواية قال: كان الرشيد يهوى عنان جارية الناطفي (6)،و كانت صيانته لنفسه تمنعه
ص: 314
منها. قال الأصمعي: فما رأيته قط مبتذلا إلا مرة، فإني دخلت إليه، و في وجهه تخثّر، و عنده أبو حفص (1) الشطرنجي، فقال لنا: استبقوا، فمن أصاب ما في نفسي فله عشرة آلاف درهم، فوقع في نفسي أنه يريد عنان - فقال أبو حفص (2) الشطرنجي بجرأة العميان:
مجلس ينسب (3) السرور إليه *** لمحب ريحانه ذكراك
فقال: أحسنت، يا فضل، أعطه عشرة آلاف درهم، ثم قال: قد حضرني بيت ثان، قال: هات، فأنشد:
كلما دارت الزجاجة زادت *** ه حنينا (4) و لوعة فبكاك
قال: أحسنت، يا فضل، أعطه عشرة آلاف درهم. قال الأصمعي: فنزل بي ما لم ينزل بي قط مثله، إن ابن أبي حفص يرجع بعشرين ألف درهم و بفخر ذلك المجلس، و أرجع صفرا منهما جميعا، ثم حضرني بيت، فقلت: يا أمير المؤمنين، قد حضرني ثالث، قال:
هاته، فأنشأت أقول:
لم ينلك المنى بأن تحضريني (5) *** و تجافت أمنيّتي عن سواك
فقال: أحسنت، يا فضل، أعطه عشرين ألف درهم، ثم قال هارون: قد حضرني رابع، فقلنا: إن رأى أمير المؤمنين أن ينشده فعل، فأنشأ يقول:
فتمنيت أن يغشيني الل *** ه نعاسا لعل عيني تراك
فقلنا: يا أمير المؤمنين، أنت أشعر منا، فجوائزنا لأمير المؤمنين، فقال: جوائزكما لكما، و انصرفا.
قال أبو هفّان (6):
ص: 315
أهديت إلى الرشيد جارية في غاية الجمال و الكمال، فخلا بها أياما (1)،و أخرج كل قينة من داره، و اصطبح يوما، فكان من حضر من جواريه للغناء و الخدمة في الشراب و غيره زهاء ألفي جارية في أحسن زي، من كل نوع من أنواع الثياب و الجوهر، و اتصل الخبر بأم جعفر (2)فغلظ عليها ذلك، فأرسلت إلى عليّة (3) تشكو إليها، فأرسلت إليها عليّة: لا يهولنك هذا، فو اللّه لأردنه [إليك] (4)،و أنا أعمل شعرا، و أصوغ فيه لحنا، و أطرحه على جواريّ ، فلا تدعي عندك جارية إلا بعثت بها إلي، و ألبسيهن فاخر الثياب و الحلي ليأخذن الصوت مع جواري، ففعلت أم جعفر ما أمرتها. فلما جاء وقت العصر لم يشعر الرشيد إلا و عليّة قد خرجت عليه من حجرتها، و أم جعفر قد خرجت من حجرتها معهما (5) زهاء ألفي جارية من جواريهما (6) و سائر جواري القصر، و كلهن في لحن واحد هزج صنعته عليّة:
منفصل عني و ما *** قلبي عنه منفصل
يا قاطعي اليوم لمن *** نويت بعدي أن تصل
فطرب الرشيد، و قام على رجليه حتى استقبل أم جعفر و علية، و هو على غاية السرور، و قال: لم أر كاليوم قط ، ثم قال: يا مسرور، لا يبقينّ في بيت المال درهم (7) إلا نثرته، فكان مبلغ ما نثر يومئذ ست آلاف ألف درهم، و ما سمع بمثل ذلك اليوم قط .
دخلت أعرابية على هارون الرشيد، فأخرج إليها ماردة (8) و كانت ذات جمال و شكل، و كان الرشيد يحبها فأنشدته الأعرابية أشعارا تمدحه ببعضها، و أنشدها الرشيد لنفسه في ماردة:
و تنال منك بحدّ مقلتها *** ما لا ينال بحده النصل
ص: 316
شغلتك و هي ككل منتصر *** لاقى محاسن وجهها شغل
فلوجهها من وجهها قمر *** و لعينها من عينها كحل
و إذا نظرت إلى محاسنها *** فلكلّ موضع نظرة قتل
فقالت الأعرابية: يا أمير المؤمنين، ما أدري أيهم أحسن: الشعر، أو من قاله، أو من قيل فيه، فأمر لها بجائزة.
كان (1) الرشيد شديد الحب لهيلانة، و كانت قبله ليحيى بن خالد، فدخل يوما إلى يحيى قبل الخلافة، فلقيته في ممر (2)،فأخذت بكمه فقالت: أ ما لنا (3) منك يوم مرة ؟ فقال لها: بلى، فكيف السبيل إلى ذلك ؟ فقالت: تأخذني (4) من هذا الشيخ، فقال ليحيى: أحب أن تهب لي فلانة، فوهبها له، و غلبت عليه (5)،و كانت تكثر أن تقول: هي لانة، فسماها هيلانة، فأقامت عنده ثلاث سنين، و ماتت، فوجد عليها وجدا شديدا، و أنشد:
أقول لما ضمّنوك الثرى (6) *** و جالت الحسرة في صدري
اذهب فلا و اللّه ما سرّني *** بعدك شيء آخر الدهر
كتب هارون الرشيد (7) إلى جاريته الخيزرانة و هي بمكة:
نحن في أفضل (8) السرور و لكن *** ليس إلا بكم يتم السرور
عيب ما نحن فيه يا أهل ودّي *** أنكم غبتم (9) و نحن حضور
ص: 317
فأجدوا في السير بل إن قدرتم *** أن تطيروا مع الرياح فطيروا
فأجابته الخيزرانة (1):
قد أتانا الذي و صفت من الشو *** ق فكدنا و ما فعلنا (2) نطير
ليت أن الرياح كن يؤدين *** إليك الذي يجنّ الضمير
لم أزل صبّة فإن كنت بعدي *** في سرور فدام ذاك السرور
أنشد (3) عمران بن موسى المؤدب لهارون الرشيد في ثلاث حظيّات كن عنده و هن قصف (4)،و ضياء، و خنث:
ملك الثلاث الآنسات (5) عناني *** و حللن من قلبي بكل مكان
مالي تطاوعني البرية كلّها *** و أطيعهن و هن في عصياني ؟
ما ذاك إلا أن سلطان الهوى *** و به ملكن (6) أعز من سلطاني
اشتريت (7) للرشيد هارون جارية مدينية، فأعجب بها، و أمر الربيع أن يبعث في حمل أهلها و مواليها لينصرفوا بجوائزها، و أراد بذلك تسريتها، فوفد إلى مدينة السلام ثمانون رجلا، و وفد معهم رجل من أهل العراق استوطن المدينة كان يهوى الجارية. فلما بلغ الرشيد خبرهم أمر الفضل أن يخرج إليهم ليكتب اسم كل رجل منهم و حاجته ففعل حتى بلغ إلى العراقي فقال له: حاجتك ؟ قال: إن كتبتها و ضمنت لي عرضها مع ما يعرض أنبأتك بها، فقال: أفعل ذلك، قال: حاجتي أن أجلس مع فلانة حتى تغنيني ثلاثة أصوات، و أشرب ثلاثة أرطال (8)؛و أخبرها بما تجن ضلوعي من حبها، فقال الفضل: إنه موسوس، قال: يا هذا، قد أمرت أن تكتب ما يقول كل واحد، فاكتب ما أقول، و اعرضه، فإن أجبت إليه، و إلا فأنت في أوسع العذر. فدخل الفضل مغضبا، فقرأ على الرشيد ما كتب، و قال: يا أمير المؤمنين،
ص: 318
فيهم واحد مجنون سأل ما أجل مجلس أمير المؤمنين عن التفوه به فيه، فقال: قل و لا تجزع، فقال: قال: كذا و كذا، قال: قل له: بعد ثلاث أحضر لينجز لك ما سألت، و أنت تتولى الاستئذان له، و دعا بخادم، و قال: امض إلى فلانة، و قل لها: حضر رجل، و ذكر كذا و كذا، و أجبناه إلى ما سأل، فكوني على أهبة، ثم أدى الفضل الرسالة إليه، فانصرف و حضر في اليوم الثالث، و عرف الرشيد خبره، فقال: يلقى له بحيث أرى كرسي فضة، و للجارية كرسي ذهب، و تخرج إليه، و يحضر ثلاثة أرطال، فجلس الفتى و الجارية بإزائه، فحدثها، و الرشيد يراهما، فقال للخادم: لم تدخل لتشتو و تصيف، فأخذ رطلا، و خرّ ساجدا و قال: إذا شئت أن تغني فغني (1):
خليلي عوجا بارك اللّه فيكما (2) *** و إن لم تكن هند بأرضكما قصدا
و قولا لها ليس الضلال أجازنا *** و لكننا جزنا لنلقاكم عمدا
غدا يكثر الباكون منا و منكم *** و تزداد داري من دياركم بعدا
فغنته، و شرب الرطل، و حادثها ساعة، فاستحثه الخادم، فأخذ الرطل بيده، و قال:
غني جعلت فداك:
تكلّم منا في الوجوه عيوننا *** فنحن سكوت و الهوى يتكلم
و نغضب أحيانا و نرضى بطرفنا *** و ذلك فيما بيننا ليس يعلم
فغنته، و شرب الرطل الثاني، و حادثته ساعة، فاستعجله الخادم، فخرّ ساجدا يبكي، و أخذ الرطل بيده، و استودعها اللّه، و قام على رجليه، و دموعه تستبق استباق المطر، و قال:
إذا شئت غني:
أحسن ما كنا تفرقنا *** و خاننا الدهر و ما خنّا
فليت ذا الدهر لنا مرة *** عاد لنا يوما كما كنّا
فغنته الصوت، فقلب الفتى طرفه، فبصر بدرجة في الصحن، فأمها، و تبعه الخدم، ليهدوه الطريق، ففاتهم، و صعد الدرجة و ألقى نفسه إلى الأرض على رأسه، فخرّ ميتا، فقال الرشيد: عجّل الفتى، و لو لم يعجل لوهبتها له.
ص: 319
قال عمار بن كثير الواسطي (1):
سمعت الفضيل بن عياض يقول: ما من نفس أشد علي موتا من هارون أمير المؤمنين، فلوددت أن اللّه زاد من عمري في عمره، فكبر ذلك علينا. فلما مات هارون، و ظهرت تلك الفتن، و كان من المأمون ما حمل الناس على [أن] (2) القرآن مخلوق، قلنا: الشيخ كان أعلم بما تكلم به.
قال إسماعيل بن فروخ:
أنشدنا أمير المؤمنين الرشيد لنفسه، و قد صعب عليه الصعود في عقبة همذان، فقال:
حتى متى أنا في حل و ترحال *** و طول هم بإدبار و إقبال
و نازح الدار ما ينفكّ مغتربا *** عن الأحبة لا يدرون ما حالي
بمشرق الأرض طورا ثم مغربها *** لا يخطر الموت من حرصي على بالي
و لو قنعت أتاني الرزق في دعة *** إن القنوع الغنى لا كثرة المال
قال زكريا بن سعد الوصيف (3):
ان الرشيد ذات يوم في مقيله إذ رأى في منامه كأن رجلا وقف على باب مجلسه، فضرب بيده إلى عود من الباب ثم أنشأ يقول:
كأني بهذا القصر قد باد أهله *** و أقفر (4) منه ربعه (5) و منازله
و صار عميد (6) القصر (7) من بعد بهجة *** و ملك إلى قبر عليه جنادله (8)
ص: 320
فلم يبق إلا ذكره و حديثه *** تبكي (1) عليه بالعويل حلائله
ثم خرج إلى طوس، فلما نزل حلوان العراق هاج به الدم، فأجمع المتطببون أن دواءه الجمار (2)،فوجه إلى دهقان حلوان، فسأل عن النخل، فقال: ليس بهذا البلد نخلة إلا النخلتان اللتان على عقبة حلوان، فوجه إليهما من قطع إحداهما، فأكل هارون جمّارها، فسكن عنه الدم، فترحل، فمر عليهما، فرأى على القائمة منهما مكتوبا (3):
أسعداني يا نخلتي حلوان *** و ابكيا لي من صرف هذا الزمان (4)
أسعداني و أيقنا أن نحسا *** سوف يلقاكما فتفترقان
و لعمري لو ذقتما حرق (5) الفر *** قة أبكاكما الذي أبكاني
فقال هارون: عز و اللّه علي أن أكون أنا نحسهما، و لو علمت بهذا الكتاب ما قطعتها و لو تلفت نفسي.
لما حضر هارون الرشيد الوفاة جاءت إحدى جواريه إليه تبكي عند رأسه، فرفع رأسه إليها، و أنشأ يقول:
باكيتي من جزع أقصري *** قد غلق الرهن بما فيه
لما حضرت الرشيد الوفاة كان ربما غشي عليه فيفتح عينيه، فيغشى عليه، ثم نظر إلى الربيع واقفا على رأسه فقال: يا ربيع.
أ حين دنا ما كنت أرجو دنوّه *** رمتني عيون الناس من كلّ جانب
فأصبحت مرحوما و كنت محسّدا *** فصبرا على مكروه مرّ العواقب
سأبكي على الوصل الذي كان بيننا *** و أندب أيام السرور الذواهب
و أعتقل الأيام بالصبر و العزا *** عليك و إن جانبت غير مجانب
ص: 321
قال مسرور الخادم (1):أمرني هارون أمير المؤمنين لما احتضر أن آتيه بأكفانه، فأتيته بها، ينتقيها على عينه، ثم أمرني، فحفرت قبره (2)،ثم أمر فحمل إليه، فجعل يتأمله و يقول:
مٰا أَغْنىٰ عَنِّي مٰالِيَهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطٰانِيَهْ [سورة الحاقة، الآيتان:28 و 29] و يبكي، ثم تمثل ببيت شعر (3).
قال أحمد بن محمد الأزدي:
جعل هارون أمير المؤمنين يقول و هو في الموت: وا سوأتاه من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم.
استخلف الرشيد هارون سنة سبعين و مائة، و توفي سنة ثلاث و تسعين و مائة بطوس، و دفن بقرية يقال لها سناباذ (4).و أتت الخلافة ابنه محمد الأمين و هو ببغداد، و توفي الرشيد و هو ابن ست و أربعين سنة (5).
قال بعضهم (6):
قرأت على خيام هارون أمير المؤمنين بعد منصرفهم من طوس، و قد مات هارون:
منازل العسكر معمورة *** و المنزل الأعظم مهجور
خليفة اللّه بدار البلى *** تسفي (7) على أجداثه المور
أقبلت العير تباهي به *** و انصرفت تندبه العير
ص: 322
ابن محمد المهدي بن عبد اللّه المنصور
أبو جعفر، و قيل أبو القاسم
أمه أم ولد اسمها قراطيس (1).استخلف بعد أبيه المعتصم بعهد منه (2).
قدم دمشق مع أبيه في خلافة عمه.
حدث الواثق عن أبيه عن المأمون عن الرشيد عن المهدي عن المنصور عن أبيه عن أبيه عن ابن عباس قال:
لا تذهب الدنيا حتى يبعث اللّه شابا منها، يأمر بالمعروف، و ينهى عن المنكر، فيعود الأمر فيه كما بدأ.
قلت: يطمع في ذلك فتيانكم، و لا يطمع فيه شيوخكم، قال: يفعل اللّه ما يشاء، ذلك عزم.
قال رجل لابن عباس: إن ابن الزبير يزعم أن المهدي منهم، قال: لا و رب الكعبة، و لو كان زمانه لكنته، و لكنه من ولدي.
ولد الواثق بطريق مكة سنة تسعين و مائة، و ولي الخلافة سنة سبع و عشرين و مائتين، و توفي سنة اثنتين و ثلاثين و مائتين. و قيل: ولد سنة ست و تسعين و مائة (3).و قيل: سنة أربع و تسعين. و بويع الواثق في اليوم الذي مات فيه أبوه المعتصم بسرّمن رأى (4).و ورد (5) رسوله بغداد يوم الجمعة على إسحاق بن إبراهيم، فلم يظهر ذلك، و دعا للمعتصم على منبري بغداد و هو ميت. فلما كان الغد يوم السبت (6) أمر إسحاق بن إبراهيم الهاشميين و القواد و الناس
ص: 323
بحضور دار أمير المؤمنين، فحضروا، فقرأ كتابه على الناس ينعي أبيه، و أخذ البيعة، فبايع الناس.
لما (1) مات المعتصم، و ولي الواثق كتب دعبل بن علي الخزاعي أبياتا، و أتى بها الحاجب، فقال: أبلغ أمير المؤمنين السلام، و قل: مديح لدعبل، فأخذ الحاجب الطومار فأدخله على الواثق ففضّه فإذا فيه (2):
الحمد للّه لا صبر و لا جلد *** و لا رقاد (3) إذا أهل الهوى رقدوا
خليفة مات لم يحزن له أحد *** و آخر قام لم يفرح به أحد
فمرّ هذا و مر الشرّ (4) يتبعه *** و قام هذا فقام الويل و النكد
فطلب، فلم يوجد.
دخل (5) هارون بن زياد - مؤدب الواثق - على الواثق، فأكرمه، و أظهر من برّه ما شهر به، فقيل له: من هذا يا أمير المؤمنين الذي فعلت به ما فعلت ؟ قال: هذا أول من فتق لساني بذكر اللّه عز و جل، و أدناني من رحمة اللّه عز و جل.
قال يحيى بن أكثم (6):
ما أحسن أحد إلى آل أبي طالب من خلفاء بني العباس ما أحسن إليهم الواثق، ما مات و فيهم فقير.
قال أبو عثمان المازني:
كتب الواثق في حملي، فحملت، و أدخلت عليه، و هو عليل، فقال: يا بكر، لك ولد؟ قلت: لا، قال: فلك امرأة ؟ قلت: لا، قال: فمن خلّفت بالبصرة ؟ قلت: أختي، قال:
ص: 324
أكبر منك أم أصغر؟ فقلت: أصغر مني، قال: فما قالت المسكينة ؟ قلت: قالت لي ما قالت ابنة الأعشى لأبيها (1):
تقول ابنتي حين جد الرحيل *** أرانا سواء و من قد يتم
فيا أبتا لا تزل عندنا *** فإنا بخير إذا لم ترم (2)
ترانا إذا أضمرتك البلاد *** نجفى و تقطع منا الرحم
قال: ما رددت عليها المسكينة ؟ قال: رددت عليها ما قال جرير لابنته (3):
ثقي باللّه ليس له شريك *** و من عند الخليفة بالنجاح
فضحك ثم أمر لي بخمس مائة دينار.
كتب محمد بن حماد إلى الواثق (4):
جذبت دواعي النفس عن طلب الغنى *** و قلت لها كفّي (5) عن الطلب النزر
فإن أمير المؤمنين بكفّه *** مدار رحا الأرزاق دائبة تجري
فوقّع: جذبك (6) نفسك عن امتهانها، دعا إلى صونك بسعة فضلي [عليك] (7) فخذ ما طلبت هنيئا.
قال المهتدي (8):
كنت أمسي مع الواثق في صحن داره، فقال: اكتب.
ص: 325
تنحّ عن القبيح و لا ترده *** و من أوليته حسنا فزده
ستكفى من عدوّ كل كيد *** إذا كاد العدوّ و لم تكده
ثم قال: اكتب (1):
هي المقادير تجري في أعنتها *** فاصبر (2) فليس لها صبر على حال
و مما روي من شعر الواثق:
حين استتمّ بأرداف تجاذبه *** و اخضرّ فوق قناع الدرّ شاربه
و تم في الحسن فالتامت ملاحته *** و مازجت بدعا منه عجائبه
كلّمته بجفون غير ناطقة *** فكان من رده ما قال حاجبه
قال حمدون بن إسماعيل (3):
كان الواثق مليح الشعر، و كان يحب خادما أهدي له من مصر، فأغضبه الواثق يوما ثم سمعه يوما يقول لبعض الخدم: هو يروم أن أكلمه، ما أفعل، فقال الواثق: و له فيه لحن:
إن (4) الذي بعذابي ظل مفتخرا *** ما أنت (5) إلا مليك جار إذ قدرا
لو لا هواه تجارينا (6) على قدر *** و إن أفق منه يوما (7) ما فسوف يرى
قال أحمد بن حمدون (8):
كان بين الواثق و بين بعض جواريه شر (9)،فخرج كسلان، فلم أزل أنا و الفتح نحتال
ص: 326
لنشاطه، فرآني أضاحك الفتح بن خاقان، فقال: قاتل اللّه [ابن] (1) الأحنف حيث يقول:
عدل من اللّه أبكاني و أضحككم *** فالحمد للّه عدل كل ما صنعا
اليوم أبكي على قلبي و أندبه *** قلب ألح عليه الحب فانصدعا
للحب في كل عضو لي على حدة *** نوع تفرّق عنه الصبر و اجتمعا
فقال الفتح: أنت يا أمير المؤمنين في وضع التمثل موضعه أشعر منه [و أعلم] (2)و أظرف.
أمر (3) الواثق ابن أبي داود يصلي بالناس في يوم عيد، و كان عليلا. فلما انصرف قال له: يا أبا عبد اللّه، كيف كان عيدكم ؟ قال: كنا في نهار لا شمس فيه، فضحك، و قال: يا أبا عبد اللّه، أنا مؤيد بك.
[قال الخطيب] (4):و كان ابن أبي داود (5) قد استولى على الواثق و حمله على التشدد في المحنة، و دعا الناس إلى القول بخلق القرآن. و يقال: إن الواثق رجع عن ذلك القول قبل موته.
قال صالح بن علي بن يعقوب بن المنصور الهاشمي (6):
حضرت المهتدي باللّه أمير المؤمنين و قد جلس للنظر في أمور المتكلمين في دار العامة، فنظرت إلى قصص الناس تقرأ عليه من أولها إلى آخرها، فيأمر بالتوقيع فيها، و ينشأ الكتاب عليها و يحرّر، و يختم، و يدفع إلى صاحبه بين يديه، فسرّني ذلك، و استحسنت ما رأيت منه، فجعلت انظر إليه، ففطن، و نظر إلي، فغضضت عنه حتى كان ذلك مني و منه مرارا ثلاثا، إذا نظر غضضت، و إذا شغل نظرت، فقال: يا صالح، قلت: لبيك يا أمير المؤمنين، فقال: في نفسك منا شيء تريد (7) أن تقوله، قلت: نعم، حتى إذا قام قال
ص: 327
للحاجب: لا يبرح صالح، و انصرف الناس، و أذن لي، و همتني نفسي، فدخلت، و جلست، فقال: يا صالح، تقول لي ما دار في نفسك، أو أقول أنا ما دار في نفسي أنه دار في نفسك ؟ قلت: يا أمير المؤمنين، ما تأمر به (1)،فقال: دار في نفسي أنك استحسنت ما رأيت منا، فقلت: أي خليفة خليفتنا إن لم يكن يقول: بخلق القرآن، فورد على قلبي أمر عظيم، ثم قلت: يا نفس، هل تموتين قبل أجلك ؟ و هل تموتين إلا مرة واحدة، و هل يجوز الكذب في جدّ أو هزل ؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، ما دار في نفسي إلا ما قلت، فأطرق مليا ثم قال:
ويحك! اسمع مني ما أقول، فو اللّه لتسمعنّ الحق، فسرّي عني، و قلت: يا سيدي، و من أولى بقول الحق منك، و أنت خليفة رب العالمين (2)،و ابن عم سيد المرسلين ؟ فقال:
ما زلت أقول إن القرآن مخلوق صدرا من أيام الواثق حتى أقدم أحمد بن أبي داود علينا شيخا من أهل الشام، من أهل أذنة (3) مقيدا، و هو جميل الوجه تام القامة، حسن الشيبة (4)، فرأيت الواثق قد استحيا منه، ورق له، فما زال يدنيه، و يقرّبه حتى قرب منه، فسلم الشيخ، فأحسن، و دعا، فأبلغ و أوجز، فقال له الواثق: اجلس ناظر ابن أبي داود على ما يناظرك عليه، فقال له الشيخ: يا أمير المؤمنين، ابن أبي دواد يضوى (5) و يضعف عن المناظرة، فغضب الواثق، و عاد مكان الرقّة له غضبا عليه، و قال: أبو عبد اللّه بن أبي دواد يضوى، و يضعف عن مناظرتك أنت ؟! فقال الشيخ: هون عليك يا أمير المؤمنين، و ائذن في مناظرته، فقال الواثق: ما دعوتك إلا للمناظرة، فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين، إن رأيت أن تحفظ علي و عليه ما نقول، قال: أفعل.
فقال الشيخ: يا أحمد، أخبرني عن مقالتك هذه، هي مقالة واجبة، داخلة في عقدة الدين، فلا يكون الدين كاملا حتى يقال فيه بما قلت ؟ قال: نعم، قال الشيخ: يا أحمد، أخبرني عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم حين بعثه اللّه إلى عباده، هل سن (6) رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم شيئا مما أمره
ص: 328
اللّه به في أمر دينهم ؟ فقال: لا، قال الشيخ: فدعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم الأمة إلى مقالتك هذه ؟ فسكت ابن أبي دواد (1)،فقال الشيخ: تكلم، فسكت، فقال الشيخ للواثق: يا أمير المؤمنين، واحدة، فقال الواثق: واحدة.
فقال الشيخ: يا أحمد، أخبرني عن اللّه عز و جل حين أنزل القرآن على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فقال: اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلاٰمَ دِيناً [سورة المائدة، الآية:3] كان اللّه عز و جل الصادق في إكمال دينه، أو أنه الصادق في نقصانه حتى يقال فيه بمقالتك هذه ؟ فسكت ابن أبي دواد، فقال الشيخ: أجب يا أحمد، فلم يجب، فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين، اثنتان، فقال الواثق: نعم.
فقال الشيخ: يا أحمد، أخبرني عن مقالتك هذه، علمها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أم جهلها؟ قال ابن أبي دواد: علمها، قال: فدعا الناس إليها؟ فسكت، فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين ثلاث، فقال الواثق: ثلاث.
قال الشيخ: يا أحمد، فاتسع لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أن علمها و أمسك عنها كما زعمت، و لم يطالب أمته بها؟ قال: نعم. قال الشيخ: و اتسع لأبي بكر الصديق و عمر بن الخطاب و عثمان و علي رضي اللّه عنهم ؟ قال ابن أبي دواد: نعم، فأعرض الشيخ عنه، و أقبل على الواثق، فقال:
يا أمير المؤمنين، قد قدمت القول إن أحمد يضوى و يضعف عن المناظرة، يا أمير المؤمنين، إن لم يتسع لك من الإمساك عن هذه المقالة ما زعم هذا أنه اتسع لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و لأبي بكر و عمر و عثمان و علي فلا وسع اللّه على من لم يتسع له ما اتسع لهم أو قال: فلا وسع اللّه عليك - فقال الواثق: نعم، إن لم يتسع لنا من الإمساك عن هذه المقالة ما اتسع لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و لأبي بكر و عمر و عثمان و علي فلا وسع اللّه علينا. اقطعوا قيد الشيخ. فلما قطع القيد ضرب الشيخ بيده إلى القيد حتى يأخذه، فجاذبه (2) الحداد عليه، فقال الواثق: دع الشيخ يأخذه، فأخذه في كمه. فقال له الواثق: لم جاذبت الحداد عليه ؟ قال: لأني نويت أن
ص: 329
أوصي أن يجعل بيني و بين كفني (1) حتى أخاصم به هذا الظالم عند اللّه يوم القيامة، أقول: يا رب، سل عبدك هذا: لم قيدني (2)،و روّع أهلي و ولدي و إخواني بلا حق أوجب ذلك علي، و بكى الشيخ، و بكى الواثق، و بكينا، و سأله الواثق أن يجعله في حل، فقال: و اللّه لقد جعلتك في حل وسعة من أول يوم إكراما لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم إذ كنت رجلا من أهله.
فقال الواثق: لي إليك حاجة، فقال: إن كانت ممكنة فعلت، قال الواثق: تقيم عندنا فننتفع بك، و ينتفع بك فتياننا، فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين، إن ردّك إلى الموضع الذي أخرجني عنه هذا الظالم أنفع لك من مقامي عندك، و أصير إلى أهلي و ولدي أكف دعاءهم عليك، فقد خلّفتهم على ذلك.
قال الواثق: فتقبّل منا صلة تستعين بها على دهرك، قال: يا أمير المؤمنين، لا تحلّ لي، أنا عنها غني، و ذو مرة، سوي، فقال: سل حاجة، قال: أو تقضيها؟ قال: نعم، قال: يخلّى لي السبيل الساعة إلى الثغر، قال: قد أذنت لك، فسلّم عليه و خرج.
قال المهتدي: فرجعت عن هذه المقالة، و أحسب أن الواثق رجع عنها منذ ذلك الوقت.
و في حديث آخر بمعناه:
و سقط ابن أبي دواد من عينه، و لم يمتحن بعد ذلك أحدا.
لما احتضر الواثق جعل يردد هذين البيتين (3):
الموت فيه جميع الخلق مشترك *** لا سوقة منهم (4) يبقى و لا ملك
ما ضر أهل قليل في تفاقرهم (5) *** و ليس يغني على الإملاك ما ملكوا
ثم أمر بالبسط ، فطويت، و ألصق خده بالأرض، و جعل يقول: يا من لا يزول ملكه، أرحم من قد زال ملكه.
ص: 330
حدث محمد أمير البصرة قال (1):
كنت أحد من مرّض الواثق، لما مات (2)،فكنت واقفا بين يديه مع جماعة إذ لحقته غشية، فما شككنا أنه مات فقال بعضنا لبعض: تقدموا، فاعرفوا خبره، فما جسر أحد منهم يتقدم، فتقدمت أنا. فلما صرت عند رأسه، و أردت أن أضع يدي على أنفه أختبر (3) نفسه لحقته إفاقة، ففتح عينيه، فكدت أن أموت فزعا من أن يراني مشيت في مجلسه إلى غير رتبتي، فرجعت إلى خلف، و تعلقت قبيعة سيفي بعتبة المجلس، و عثرت به، فاتكأت عليه، فاندق سيفي، و كاد أن يدخل في لحمي و يجرحني، فسلمت و خرجت: فاستدعيت سيفا و منطقة فلبستها (4)،و جئت [حتى] (5) وقفت في مرتبتي ساعة. فتلف الواثق بلا شك، فتقدمت، فشددت لحييه، و غمّضته، و سجّيته، و وجهته إلى القبلة، و جاء الفراشون فأخذوا ما تحته في المجلس ليردوه إلى الخزائن، لأن جميعه مثبت عليهم، و ترك وحده في البيت، و قال لي ابن أبي دواد القاضي: إنا نريد أن نتشاغل بعقد البيعة، و لا بد أن يكون أحدنا يحفظ الميت، فكن أنت ذلك الرجل، و كنت من أخصهم به [في حياته] (6) لأنه أحبني حتى لقبني الواثقي، باسمه، فحزنت عليه، فرددت باب المجلس، و جلست في الصحن عند الباب أحفظه. و كان المجلس في بستان عظيم، فحسست بعد ساعة في البيت بحركة أفزعتني، فدخلت انظر ما هي ؟ فإذا بجرذون (7) من دواب البستان قد جاء حتى استلّ عين الواثق فأكلها، فقلت: لا إله إلا اللّه، هذه العين التي فتحها من ساعة - فاندق سيفي هيبة لها - صارت طعمة لدابة ضعيفة، و جاءوا فغسلوه، فسألني ابن أبي دواد عن عينه فأخبرته.
و كان الواثق أبيض إلى الصفرة، جسيما، حسن الوجه، جميلا، في عينه نكتة بياض (8).
ص: 331
عم معاوية بن أبي صالح
[روى عن حجاج بن محمد المصيصي، و حفص بن غياث، و خالد بن عبد اللّه الواسطي، و العطاف بن خالد المخزومي، و الفرج بن فضالة، و أبي إسماعيل المؤدب، و أبي سفيان المعري، و أبيه أبي عبيد اللّه الأشعري، و أبي معاوية الضرير.
روى عنه: عبد اللّه بن عبد الرحمن الدارمي، و عبد الكريم بن الهيثم الدير عاقولي، و أبو حاتم الرازي] (1).
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] (2):
[هارون بن أبي عبيد اللّه الأشعري المصيصي و اسم أبي عبيد اللّه معاوية. روى عن عطاف بن خالد و أبي إسماعيل المؤدب و خالد بن عبد اللّه الواسطي و حجاج بن محمد.
كتب عنه أبي بالمصيصة و روى عنه، سألت أبي عنه، فقال: صدوق] (3).
حدث عن محمد بن أبي قيس بسنده إلى أبي ليلى الأشعري قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:
«تمسكوا بطاعة أئمتكم، لا تخالفوهم، فإن طاعتهم طاعة اللّه، و إن معصيتهم معصية اللّه، فإن اللّه بعثني أدعو إلى سبيله بالحكمة، و الموعظة الحسنة، فمن خلفني في ذلك فهو مني و أنا منه»[14321].
أبو عبد اللّه التغلبي المقرئ المعروف بالأخفش
[قرأ على ابن ذكوان، و أخذ الحروف عن هشام بن عمار.
ص: 332
و حدث عن أبي مسهر بشيء يسير، و عن سلام بن سليمان المدائني. قرأ عليه خلق كثير منهم: جعفر بن أبي داود، و إبراهيم بن عبد الرزاق، و محمد بن النضر الأخرم، و الحسن بن حبيب الحصائري، و أبو الحسن ابن شنبوذ، و عبد اللّه بن أحمد بن إبراهيم البلخي، و محمد بن سليمان بن ذكوان البعلبكي.
حدث عنه: أبو القاسم الطبراني، و أبو أحمد ابن الناصح المفسر، و جماعة.
صنف كتبا في القراءات و العربية، و كان ثقة معمرا. قال أبو علي الأصبهاني: كان هارون الأخفش من أهل الفضل، صنف كتبا كثيرة في القراءات و العربية، و إليه رجعت الإمامة في قراءة ابن ذكوان] (1).
حدث عن سلاّم بن سليمان بسنده إلى ابن عمر:
أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم كان يقرأ في الروم: اَللّٰهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَ شَيْبَةً [سورة الروم، الآية:54] برفع الضاد من «ضعف» في هذا كله.
قال أبو عبد اللّه الأخفش:
دخلت مع مشايخ دمشق أعود أبا مسهر بن عبد الأعلى بن مسهر الغساني، فسمعته يترنّم بهذا البيت:
يسرّ الفتى ما كان قدّم من تقى *** إذا نزل الداء الذي هو قاتله
ذكر الأخفش أن مولده سنة مائتين، و توفي سنة اثنتين و تسعين و مائتين (2).و قيل: توفي سنة إحدى و تسعين و مائتين.
محمد بن هارون أبو يزيد العسقلاني مولى آل عثمان بن عفان
قيم مسجد الرملة.
حدث عن الحارث بن عبد اللّه بسنده إلى جابر بن سمرة قال:
ص: 333
رأيت أصحاب النبي صلّى اللّه عليه و سلّم يتناشدون الشعر، و يضحكون، و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم جالس معهم، يتبسم إليهم (1).
ابن أخت مخلد بن مالك
حديث عن سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي بسنده إلى ابن عمر (2)أن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم كان يدعو:«اللهم، عافني في قدرتك، و أدخلني في رحمتك، و اقبض أجلي في طاعتك و اختم لي بخير عملي، و اجعل ثوابه الجنة»[14322].
و يقال: سلاّم بن أبي سلاّم، أبو عقيل الحبشي
دمشقي.
[روى عن سابق بن ناجية.
روى عنه سفيان الثوري، و شعبة بن الحجاج، و مسعر بن كدام، و هشيم بن بشير.
قال عباس الدوري عن يحيى بن معين: هاشم بن بلال يحدث عنه شعبة و هشيم و هو ثقة] (3).
[قال أبو عبد اللّه البخاري] (4):
[هاشم بن بلال أبو عقيل قاضي واسط سمع سابق بن ناجية روى عنه شعبة و مسعر، و يقال: هو شامي الأصل] (5).
ص: 334
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] (1):
[هاشم بن بلال أبو عقيل قاضي واسط ، شامي، روى عن أبي سلام الأسود، و سابق ابن ناجية، روى عنه مسعر، و شعبة، و هشيم، سمعت أبي يقول ذلك. نا أبو بكر بن أبي خيثمة فيما كتب إلي قال: سمعت يحيى بن معين يقول: أبو عقيل هاشم بن بلال، ثقة] (2).
حدث عن سابق بن ناجية عن أبي سلام قال:
رأيت رجلا في مسجد حمص، فقيل لي: إن هذا قد خدم النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال: فلقيته، فقلت: حدثني حديثا سمعته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم لم يتداوله بينك و بينه الرجال، قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول:
«ما من مسلم يقول إذا أصبح ثلاثا، و ثلاثا إذا أمسى: رضيت باللّه ربا، و بالإسلام دينا، و بمحمد نبيا إلا كان حقا على اللّه أن يرضيه يوم القيامة»[14323].
و عقيل: بفتح العين و كسر القاف (3).و كان هاشم ثقة.
و قال هاشم: سمعت أبا سليمان يقول: من لا يسأل اللّه يغضب عليه، فأنا أسأله لعيالي حتى الملح (1).
و قال هاشم: سمعت أبا سليمان يقول: أيّما رجل أم قوما فسبّح بهم أكثر من ثلاث فقد ظلم من خلفه، و إن نقص فقد خانهم.
قال: و سمعته يقول: ما أحب أن أجعل بيني و بين القبلة مبتدعا.
قال: و سمعته يقول: لو لا أن اللّه تبارك و تعالى أمر بالتعوذ من الشيطان الرجيم ما تعوذت منه أبدا (2)،لأنه لا يقدر لي على ضر و لا نفع.
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] (3):
[هاشم بن خالد بن أبي جميل الدمشقي، روى عن الوليد بن مسلم، و سويد بن عبد العزيز، و عبيد بن أبي السائب، و أبي سليمان الداراني، كتب إلي ببعض حديثه، محله الصدق] (4).
أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم نهى يوم خيبر عن كل ذي ناب من السباع، و عن الحمر الأهلية، و عن المجثّمة (1)،و أن توطأ الحبالى من السبي حتى يضعن[14324].
و به أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«من مسّ ذكره فليتوضأ»[14325].
كان هاشم ضعيف الحديث.
والد محمد بن هاشم
حدّث عن يزيد بن زياد البصري بسنده إلى أنس بن مالك قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:
«ليس بخيركم من ترك دنياه لآخرته، و لا آخرته لدنياه حتى يصيب منهما جميعا، فإن الدنيا بلاغ إلى الآخرة»[14326].
ابن عبد مناف بن زهرة بن كلاب الزهري
المعروف بالمرقال
قيل: إن له صحبة (2)،و لم يثبت. ولد في عهد سيدنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و روى عنه.
و روى عنه حديث عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم. أصيبت عينه يوم اليرموك (3)،و كان مع علي في حروبه في الجمل و صفين. و قتل بصفين (4).
حدث هاشم عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال:
ص: 337
«يظهر المسلمون على جزيرة العرب» (1)[14327].
و ورد في موضع آخر أن هشاما (2) حدث عن أبيه قال:
أقبلت نحو النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و هو في جماعة فهبت أن أتقدم، فتقدمت، فسمعته يقول:
«يظهر المسلمون على فارس، و تظهر فارس على الروم، ثم يظهر المسلمون على الأعور الدجال» (3)[14328].
و أكثر ما روي هذا الحديث عن نافع بن عتبة أخي هاشم بن عتبة. فإنه روى عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أنه قال (4):
«تقاتلون جزيرة العرب فيفتح (5) اللّه، ثم تقاتلون فارس فيفتح اللّه، ثم تقاتلون (6) الروم فيفتح اللّه، ثم تقاتلون الدجال فيفتحه اللّه»[14329].
و كان جابر بن سمرة راويه عن نافع يقول: لا يخرج الدجال حتى تخرج الروم (7).
و هاشم بن عتبة هو القائل (8):
أعور يبغي أهله محلا
قد عالج الحياة حتى ملا
لا بد أن يفلّ أو يفلا
ص: 338
و كان بالشام، فأمدّ به عمر بن الخطاب سعد بن أبي وقاص في سبعة عشر رجلا من جند الشام (1)،و فيه يقول عامر بن واثلة:
يا هاشم الخير جزيت الجنه
قاتلت في اللّه عدو السنه (2)
أفلح بما فزت به من منّه
و قطعت رجله يوم صفين قبل أن يقتل، فجعل يقاتل من دنا منه و هو بارك، و يتمثل:
الفحل يحمي شوله (3) معقولا (4)كان هاشم بن عتبة يوم صفين على أربعة آلاف قد شروا بأنفسهم الموت. و كان أعور، و كانت راياتهم سودا، و كان بإزائهم عمرو بن العاص مع معاوية، و كان هاشم يدب دبيبا، فقال عمرو: إن كان ذا دأب صاحب الرايات السود تفانت العرب اليوم (5)،يا وردان دونك رايتي فاجعلها عند عبد اللّه و محمد - ابني عمرو - فقال معاوية: أشهد لئن نقضت رايتك لينتقضن الصف (6)،فقال (7):يا معاوية.
الليث يحمي شبليه
لا خير (8) فيه بعد ابنيه
هما ابناي، ليسا ابنيك. فلما رآه يبطئ السير أتاه عمار بن ياسر فسفع (9) رأسه بالرمح ثم قال (10):
ص: 339
أ كل يوم لم ترع و لم ترع *** لا خير في أعور جنّاب الفزع (1)
فقال عمار: من هؤلاء بإزائنا؟ فقالوا: عبد اللّه و محمد ابنا عمرو، فخرج إليه عمار، فقال: يا عبد اللّه بن عمرو، فخرج إليه رجل، فقال: قد أسمعته، فمن أنت ؟ قال: أنا عمار بن ياسر، ويحك! ما تقول للّه عز و جل حين تفضي إليه ؟! و قد سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول:«ويح لعمار، تقتله الفئة الباغية»[14330] فو اللّه لأقتلن اليوم. قال: أنشدك اللّه يا عمار أسمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم حيث جاء عمرو يستعدي عليّ فقال: إن عبد اللّه يعصيني، فقال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«لا تعص عمرا»[14331]، فهذا أمر عمرو، و قد أمرني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم ألا أعصيه، و أنا أكره الناس لهذا.
و رئي (2) عمرو (3) بن العاص و هو على منبر من عجل يجر به جرا، يشرف (4) على الناس ينظر إليهم، و هو يقول لابنه عبد اللّه بن عمرو: يا عبد اللّه، أقم الصف، قصّ الشارب، فإن هؤلاء أخطئوا خطيئة قد بلغت السماء، ثم قال: علي السلاح، فألقي (5) بين يديه مثل الحرة (6) السوداء، ثم قال: خذ يا فلان، خذ يا فلان، عليكم بالدجال هاشم بن عتبة.
قال الأحنف بن قيس:
أتى إلي كاتب عمار بن ياسر يومئذ، و بيني و بينه رجل من بني السمين فتقدمنا معه، و دنونا من هاشم بن عتبة فقال له عمار: احمل فداك أبي و أمي، و نظر عمار إلى رقة في الميمنة، فقال هاشم: يا عمار، إنك رجل تأخذك خفة في الحرب، و إنما أزحف باللواء زحفا، و أرجو أن أنال بذلك حاجتي، و إني إن خففت لم آمن الهلكة. و قال معاوية لعمرو بن العاص: ويحك يا عمرو! أرى اللواء مع هاشم كأنه يرقل به إرقالا، و إنه إن زحف به زحفا إنه
ص: 340
لليوم الأطم (1) بأهل الشام. فلم يزل به عمار حتى حمل، فبصر به معاوية، فوجه نحوه حماة أصحابه، و من يزن بالبأس و الشدة إلى ناحيته، و كان ذلك الجمع إلى عبد اللّه بن عمرو بن العاص، و معه يومئذ سيفان قد تقلد واحدا، و هو يضرب بالآخر، فأطافت به خيل علي، فقال عمرو: ابني، ابني، فقال له معاوية: اصبر، فإنه لا بأس عليه، فقال عمرو (2):لو كان يزيد ابن معاوية لصبرت. فلم يزل حماة أهل الشام يدعون (3) عنه حتى نجا هاربا على فرسه، هو و من معه.
و قال عمار حين نظر إلى راية عمرو بن العاص: و اللّه إن هذه لراية قاتلتها ثلاث عركات (4)،و ما هذه بأرشدهن.
حدث أبو إسحاق:
أن عليا صلى على عمار بن ياسر، و هاشم بن عتبة، فجعل عمارا مما يليه، و هاشما أمام ذلك، و كبر عليهما تكبيرا واحدا خمسا أو ستا أو سبعا، و الشك من أشعث بن سوار راويه عن أبي إسحاق.
و كانت صفين سنة سبع و ثلاثين.
أبو عمرو البيروتي
حدث عن أبيه بسنده إلى ابن عباس قال: إن السّنة مضت من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال:
«إنه أيما عبد خرج من العدو إلينا فهو حر، و إن خرج بعد الصلح فهو عبد»[14332].
أبو العهد التميمي الشاعر، المعروف بالمتيم
من شعره.
ص: 341
كنت وحدي و من توحد ما شاء يفعل
فتأهلت و الفقير بلاه التأهّل
زلّة زلّها حليم و ذو الجهل يجهل
ربما يجهل المغفّل من حيث يعقل
و من شعره:
بروحي و جسمي من يرائي ببغضتي *** و يضمر إشفاقا علي كإشفاقي
يسارقني لحظا و يطرق خيفة *** و أسرق منه اللحظ من تحت إطراقي
فيعرف أسراري و أعرف سرّه *** فحاجاتنا تقضى و سرّ الهوى باق
ابن عبد الصمد - و يقال: عبد اللّه - بن عبد ربه
ابن أيوب بن مرهوب الطبراني الطيالسي،
مولى ابن عباس [أبو سعيد الطبراني الطيالسي
سمع آدم بن أبي إياس، و المعافى الرسعني، و يحيى بن معين، و صفوان بن صالح.
و عنه ابنه سعيد، و عبد الملك بن محمد الحراني، و يحيى بن زكريا النيسابوري، و سليمان الطبراني.
قال ابن حبان: ليس بشيء.
مات في شوال سنة ثمان و سبعين و مائتين] (1).
حدث عن صفوان بن صالح بسنده إلى أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:
«تفضل صلاة الرجل في الجماعة على صلاته وحده بخمسة و عشرين جزءا»[14333].
شاعر.
ص: 342
اجتمع الطّرماح الطائي و هاشم المرادي و محمد بن عبد اللّه الحميري عند معاوية بن أبي سفيان فأخرج بدرة (1)،فوضعها بين يديه ثم قال: يا معشر شعراء العرب، قولوا قولكم في علي بن أبي طالب، و لا تقولوا إلا الحق، فأنا نفيّ من صخر بن حرب إن أعطيت هذه البدرة إلا من قال الحق في علي، فقام الطرماح فوقع في علي، فقال له معاوية: اجلس، فقد علم اللّه نيتك، و رأى مكانك، ثم قام هاشم المرادي، فوقع فيه أيضا، فقال له معاوية: اجلس مع صاحبك، فقد عرف اللّه مكانكما، فقال عمرو بن العاص لمحمد بن عبد اللّه الحميري - و كان حاضرا-: تكلم، و لا تقولن إلا الحق، ثم قال لمعاوية: قد آليت أنك لا تعطي هذه البدرة إلا قائل الحق في علي بن أبي طالب، قال: نعم، فقام محمد بن عبد اللّه فتكلم ثم قال:
بحق محمد قولوا بحق *** فإن الإفك (2) من شيم اللئام (3)
أبعد محمد بأبي و أمي *** رسول اللّه ذي الشرف التمام
أ ليس علي أفضل خلق ربي *** و أشرف عند تحصيل الأنام
و لا ينه هي الإيمان حقا *** فذرني من أباطيل الكلام
و طاعة ربنا فيها و فيها *** شفاء للقلوب من السقام
علي إمامنا بأبي و أمي *** أبو الحسن المطهّر من أثام
إمام هدى حباه اللّه علما *** به عرف الحلال من الحرام
فلو أنّي قتلت النفس حبا *** له ما كان فيها من غرام
يحلّ النار قوم أبغضوه *** و إن صلوا و صاموا ألف عام
و لا و اللّه ما تركوا صلاة *** بغير ولاية العدل الإمام
أمير المؤمنين بك اعتمادي *** و بعدك بالأئمة اعتصامي
فهذا القول لي دين و هذا *** إذا [أنشدت في ملإ] (4) كلامي
ص: 343
فقال معاوية: أنت أصدق القوم قولا فخذ البدرة.
محمد بن السائب الكلبي و ابنه هشام من رواة هذا الحديث كذابان رافضيان.
ابن لاقيس بن إبليس
قيل: إنه من مؤمني الجن، و ممن لقي النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، و ذكر أنه لقي نوحا، و هودا، و صالحا، و يعقوب، و يوسف، و إلياس، و موسى بن عمران، و عيسى بن مريم، و أنه شهد قتل هابيل بن آدم، و كان قتله بدمشق على ما ذكر.
حدث عمر بن الخطاب قال (1):
بينا نحن قعود مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم على جبل من جبال تهامة إذ أقبل شيخ بيده عصا، فسلم على النبي صلّى اللّه عليه و سلّم فرد عليه السلام، و قال:«نغمة (2) الجن و غنّتهم (3)،من أنت ؟» قال: أنا هامة بن الهيم بن لاقيس ابن إبليس، فقال له النبي صلّى اللّه عليه و سلّم:«فما بينك و بين إبليس إلا أبوان ؟» قال: لا، قال:«فكم أتى عليك من الدهر» (4) قال: قد أفنيت الدنيا و عمرها إلا قليلا [ليالي قتل قابيل هابيل] (5) كنت و أنا غلام ابن أعوام أفهم الكلام و آمر بالآثام (6)،و آمر بإفساد الطعام، و قطيعة الأرحام، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«بئس لعمر اللّه عمل الشيخ المتوسم، و الغلام (7) المتلوم» فقال: ذرني من التعداد، إني تائب إلى اللّه. فإني كنت مع نوح في مسجده
ص: 344
مع من آمن به، فلم أزل أعاتبه على دعوته على قومه حتى بكى عليهم، و أبكاني، و قال: لا جرم إنّي على ذلك من النادمين، و أعوذ باللّه أن أكون من الجاهلين، فقلت: يا نوح، إنّي كنت ممن شرك في دم قابيل و هابيل (1)،فهل تجد لي من توبة [عند ربك] (2)؟قال:«يا هامة، نعم، مر بالخير، و افعله قبل الحسرة و الندامة، إنّي قرأت فيما أنزل اللّه على آدم و عليّ أنه ليس من عبد تاب إلى اللّه بالغا ذنبه ما بلغ إلا تاب اللّه عليه، فقم، و توضأ، و اسجد للّه سجدتين» (3)،ففعلت من ساعتي بما أمرني به، فناداني:«ارفع رأسك، فقد نزلت توبتك من السماء»، فخررت للّه ساجدا حولا (4).
و كنت مع هود في مسجده مع من آمن به من قومه، فلم أزل أعاتبه على دعوته على قومه حتى بكى عليهم، و أبكاني، و قال: لا جرم، إني على ذلك من النادمين، و أعوذ باللّه أن أكون من الجاهلين.
أكون من الجاهلين.
و كنت مع صالح في مسجده مع من آمن به من قومه، فلم أزل أعاتبه على دعوته على قومه حتى بكى عليهم و أبكاني، و قال: لا جرم، إنّي على ذلك من النادمين، و أعوذ باللّه أن أكون من الجاهلين.
زاد في رواية: و كنت مع إبراهيم خليل الرحمن لما ألقي في النار، فكنت بينه و بين المنجنيق حتى أخرجه اللّه منه (5).
و كنت زوّارا ليعقوب. و كنت مع (6) يوسف بالمكان الأمين، و كنت ألقى (7) إلياس في الأودية، و أنا ألقاه الآن.
و إنّي لقيت موسى بن عمران، فعلّمني من التوراة شيئا، و قال: إن لقيت عيسى بن مريم فأقرئه مني السلام. و إني لقيت عيسى فأقرأته من موسى السلام و قال لي عيسى: إن
ص: 345
لقيت محمدا فأقرئه مني السلام،- زاد في رواية: قد بلغت و آمنت بك (1).
فأرسل النبي صلّى اللّه عليه و سلّم عينيه بالبكاء و قال:«على عيسى السلام ما دامت الدنيا، و عليك يا هامة لأدائك الأمانة» فقال هامة: يا رسول اللّه، افعل بي ما فعل موسى، إنّه علمني من التوراة شيئا، فعلمه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم سورة إِذٰا وَقَعَتِ (2) و وَ الْمُرْسَلاٰتِ (3) و عَمَّ يَتَسٰاءَلُونَ (4) و إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (5) و اَلْحَمْدُ (6) و المعوذتين (7)،و قُلْ هُوَ اللّٰهُ أَحَدٌ (8) و قال:«ارفع إلينا حوائجك يا هامة، و لا تدع زيارتنا».
قال عمر: فقبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و لم ينعه إلينا، و لست أدري أ حيّ هو أو ميّت.
ابن عروة بن نمران - بن عمرو بن قعاس
ابن عبد يغوث الغطيفي المرادي الكوفي
قال هانئ لابنه: هب لي من كلامك كلمتين: زعم و سوف.
جاء عمارة بن أبي معيط إلى ابن زياد فحدّث أن هانئ بن عروة جزّ رأسه.
كان الحسين عليه السلام قدّم مسلم بن عقيل بن أبي طالب إلى الكوفة، و أمره أن ينزل على هانئ بن عروة المرادي (9)،و ينظر إلى اجتماع الناس عليه، و يكتب إليه بخبرهم، فقدم مسلم الكوفة مستخفيا، و أتته الشيعة، فأخذ بيعتهم، و كتب إلى الحسين: إني قدمت الكوفة،
ص: 346
فبايعني منهم - إلى أن كتبت إليك - ثمانية عشر ألفا، فعجّل القدوم، فإنه ليس دونها مانع.
فلما أتاه كتاب مسلم أغذّ السير حتى انتهى إلى زبالة (1)،فجاءت رسل أهل الكوفة إليه بديوان فيه أسماء مائة ألف، و كان النعمان بن بشير الأنصاري على الكوفة في آخر خلافة معاوية فهلك، و هو عليها (2)،فخاف يزيد ألا يقدم النعمان على الحسين، فكتب إلى عبيد اللّه بن زياد بن أبي سفيان و هو على البصرة فضم إليه الكوفة، و كتب إليه بإقبال الحسين إليها، فإن كان لك جناحان فطر حتى تسبق إليها.
فأقبل عبيد اللّه بن زياد سريعا، متعمما، متنكرا حتى دخل سوق الكوفة. فلما رآه أهل السوق خرجوا يشتدون بين يديه، و هم يظنون أنه حسين، و ذلك أنهم كانوا يتوقعونه، فجعلوا يقولون لعبيد اللّه بن زياد: يا ابن رسول اللّه، الحمد للّه الذي أراناك و يقبلون يده و رجله، فقال عبيد اللّه: لشد ما فسد هؤلاء (3)،ثم دخل المسجد، و صلى ركعتين، و صعد المنبر و كشف وجهه. فلما رآه الناس مال بعضهم على بعض و أقشعوا (4) عنه. و بنى عبيد اللّه بن زياد بأهله أم نافع بنت عمارة بن عقبة بن أبي معيط ، و أتى في تلك الليلة برسول للحسين أرسله إلى مسلم ابن عقيل يقال له عبد اللّه بن بقطر (5) فقتله، و كان قدم مع عبيد اللّه من البصرة شريك بن الأعور الحارثي، و كان شيعة لعلي فنزل أيضا على هانئ بن عروة، فاشتكى شريك، فكان عبيد اللّه يعوده في منزل هانئ، و مسلم بن عقيل هناك لا يعلم به، فهيئوا لعبيد اللّه ثلاثين رجلا يقتلونه إذا دخل عليهم، و أقبل عبيد اللّه، فدخل على شريك يسأل به، فجعل شريك يقول (6):
ص: 347
ما تنظرون (1) بسلمى أن تحيّوها
اسقوني فلو كانت فيها نفسي (2).
فقال عبيد اللّه: ما يقول ؟ قالوا: يهجر (3)،و تخشع القوم في البيت، و أنكر عبيد اللّه ما رأى منهم، فوثب، فخرج، و دعا مولى لهانئ بن عروة، و كان في الشرطة فسأله، فأخبره الخبر، فقال: أولى، ثم مضى حتى دخل القصر، و أرسل إلى هانئ بن عروة و هو يومئذ ابن بضع و تسعين سنة، فقال: ما حملك على أن تخبر عدوي و تنطوي عليه ؟! فقال: يا بن أخي، إنه جاء حق هو أحق من حقك، و حق أهل بيتك، فوثب عبيد اللّه، و في يده عنزة (4)،فضرب بها رأس هانئ حتى خرج الزّج، و اغترز (5) في الحائط ، و نثر دماغ الشيخ فقتله مكانه (6)، و بلغ الخبر مسلم بن عقيل فخرج.
و في حديث آخر:
أن عبيد اللّه لما بنى بزوجته أرسل إلى هانئ فأتاه متوكئا على عصاه، فقال: أكل الأمير العرس وحده، قال: أو تركتني أنتفع بعرس و قد ضممت مسلم بن عقيل، و هو عدو أمير المؤمنين ؟! قال: ما فعلت، قال: لعمري لقد فعلت، و ما شكرت بلاء زياد، و لا رعيت حقّه و زاده فأغضبته، فانتزع عبيد اللّه العنزة من يده فشجّه بها و حبسه حتى أتى بمسلم بن عقيل، فقتلهما جميعا (7)،و ألقاهما من ظهر بيت، فقال عبد اللّه بن الزّبير الأسدي يرثيه (8):
ص: 348
إن كنت لا تدرين ما الموت فانظري *** إلى هانئ بالسوق (1) و ابن عقيل
إلى بطل قد هشّم السيف رأسه (2) *** و آخر يهوي من طمار (3) قتيل
تري جسدا قد غيّر الموت لونه *** و نضح دم قد سال كلّ مسيل
أصابهما أمر الإمام فأصبحا *** أحاديث من يسعى (4) بكل سبيل
أ يركب أسماء الهماليج (5) آمنا *** و قد طلبته مذحج بقتيل (6)
فإن أنتم لم تثأروا بأخيكم *** فكونوا بغاثا (7) أرضيت بقليل
يعني: أسماء بن خارجة الفزاري، كان عبيد اللّه بن زياد بعثه و عمرو بن الحجاج (8)الزبيدي إلى هانئ بن عروة فأعطياه العهود و المواثيق، فأقبل معهما حتى دخل على عبيد اللّه ابن زياد فقتله، و يعني بقوله: و آخر يهوي من طمار قتيل: عبد اللّه بن بقطر (9)،لأنه قتل و ألقي من فوق القصر.
قالوا: و لما قتل عبيد اللّه بن زياد مسلم بن عقيل أمر بهانئ بن عروة، فأخرج فجعل ينادي: يا مذحجاه و لا مذحج لي، فانتهوا به إلى موضع في السوق تباع فيه الغنم، فقالوا: مد عنقك، فقال: ما أنا بمعينكم على نفسي بشيء، فضرب عنقه مولى لعبيد اللّه بن زياد يقال له سلمان (10).
ص: 349
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] (1):
[هانئ بن عروة، و هو ابن عروة بن قعاص المرادي، والد يحيى بن هانئ روى عن .... (2) روى عنه ابنه يحيى بن هانئ بن عروة سمعت أبي يقول ذلك] (3).
[قال أبو عبد اللّه البخاري] (4):
[هانئ بن عروة المرادي والد يحيى بن هانئ يعد في الكوفيين] (5).
ابن ضمضم - و يقال له: ابن حبان الكندي
و يقال: الكناني الفلسطيني
[روى عن حرقوص بن سعد الجذامي، و عبد اللّه بن عمر بن الخطاب، و أبيه عمر بن الخطاب، و عمرو بن الوليد، و محمود بن الربيع، و معاوية بن أبي سفيان، و أبي مسلم الجليلي.
روى عنه أسيد بن عبد الرحمن الخثعمي، و خالد بن دهقان، و عبد اللّه بن عوف القارئ، و معقل بن عبد اللّه الكناني، و يحيى بن أبي عمرو السيباني] (6).
[قال أبو عبد اللّه البخاري] (7):
[هانئ بن كلثوم بن شريك الكناني عن عمر و عبد اللّه. روى عنه يحيى بن أبي عمرو السيباني، و معقل بن عبد اللّه، و سمع هانئ من معاوية أيضا، يعد في الشاميين] (8).
ص: 350
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] (1):
[هانئ بن كلثوم بن شريك شامي، روى عن عمر رضي اللّه عنه، و لا أظنه أدرك عمر، و عبد اللّه بن عمر، و معاوية بن أبي سفيان، و محمود بن الربيع، روى عنه خالد بن دهقان، و يحيى بن أبي عمرو السيباني، المكنى بأبي زرعة، و معقل بن عبد اللّه. سمعت أبي يقول ذلك] (2).
قال أبو الدرداء: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول:
«كل ذنب عسى اللّه أن يغفره إلا من مات مشركا، أو قتل مؤمنا متعمدا»[14334].
قال هانئ بن كلثوم: حدثني محمود بن الربيع عن عبادة عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال:
«من قتل مؤمنا ثم اغتبط (3) بقتله لم يقبل منه صرف (4) و لا عدل (5)»[14335].
و حدث أيضا بهذا السند عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال:
«لا يزال المؤمن صالحا ما لم يصب دما»[14336].
و سئل يحيى الغساني عن اغتباطه بقتله، قال: هم الذين (6) يقتلون في الفتنة. يقتلون أحدهم، فيرى أنه على هدى. لا يستغفر اللّه منه أبدا.
و حدث هانئ بن كلثوم عن محمود بن الربيع (7) عن عبادة بن الصامت عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال:
ص: 351
«لا يزال المؤمن معنقا (1) صالحا ما لم يصب دما حراما، فإذا أصاب دما بلح» (2).
قال هانئ بن كلثوم:
مثل المؤمن الفقير كمثل المريض عند الطبيب العالم بدائه، تطلع نفسه إلى أشياء يشتهيها، لو أصابها أكلها، كذلك يحمى اللّه المؤمن من الدنيا.
بعث (3) عمر بن عبد العزيز إلى هانئ بن كلثوم يستخلفه على فلسطين: عربها و عجمها، فأبى، و مات في ولايته. فلما بلغته وفاته قال: أحتسب عند اللّه صحبة هانئ الجيش.
[ذكره أبو الحسن بن سميع في الطبقة الرابعة. ذكره ابن حبان في كتاب الثقات.
قال محمد بن شعيب بن شابور عن خالد بن دهقان: كنا في غزاة، فأقبل رحل من أهل فلسطين من أشرافهم و خيارهم يعرفون ذلك له يقال له: هانئ بن كلثوم، فسلّم على عبد اللّه ابن أبي زكريا، و كان يعرف له حقه، فذكر عنه حديثا.
قال مغيرة بن مغيرة الرملي، عن رجاء بن أبي سلمة أن عطاء الخراساني كان إذا ذكر ابن محيريز، و هانئ بن كلثوم، و رجاء بن حيوة، و ابن الديلمي، و ابن أبي سودة. قال: قد كان في هؤلاء من هو من أشد اجتهادا من هانئ بن كلثوم و لكنه كان يفضلهم بحسن الخلق.
قال رجاء بن أبي سلمة، عن أبيه، شهدت جنازة هانئ بن كلثوم في ولاية عمر بن عبد العزيز بالسافرية قرية إلى جانب الرملة] (4).
من أصحاب سيدنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، و هو جد بني أبي مالك.
قدم (1) هانئ على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم من اليمن فدعاه إلى الإسلام، فأسلم، و مسح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم على رأسه، و دعا له بالبركة، و أنزله على يزيد بن أبي سفيان، فأقام عنده حتى خرج في الجيش الذي بعثه أبو بكر الصديق إلى الشام، فلم يرجع.
[قال أبو حاتم الرازي: هانئ الشامي، أبو مالك... له صحبة] (2).
[قال البخاري: في صحبته نظر.
مات بدمشق سنة ثمان و ستين] (3).
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] (4):
[هانئ الشامي أبو مالك. جد يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك له صحبة، روى عنه ابنه عبد الرحمن، سمعت أبي يقول ذلك.
نا أبي نا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، نا خالد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك عن أبيه عن جده هانئ] (5).
مولى عثمان بن عفان الأموي
[روى عن جرير بن الحارث مولى عمر بن الخطاب، و مولاه عثمان بن عفان. روى عنه: سليمان بن يثربي، و يقال: عمر بن يثربي، و أبو وائل عبد اللّه بن بحير بن ريسان القاص.
كانت له دار عند سوق الأحد بدمشق.
ص: 353
قال النسائي: ليس به بأس.
قال محمد بن سعد: كان ذاهب البصر، و قد انتسب ولده بعد قتل عثمان بن عفان في همدان] (1).
[قال أبو عبد اللّه البخاري] (2):
[هانئ مولى عثمان بن عفان القرشي، و هو البربري، سمع عثمان، روى عنه سليمان ابن يثربي، قال لي إبراهيم بن موسى أخبرنا هشام بن يوسف عن عبد اللّه بن بحير عن هانئ مولى عثمان بن عفان عن عثمان بن عفان عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال: القبر أول منازل الآخرة، فإن نجا منه فما بعده أيسر منه، و إن لم ينج منه فما بعده أشد منه، و يقال: كنيته أبو سعيد] (3).
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] (4):
[هانئ مولى عثمان بن عفان رضي اللّه عنه، أبو سعيد، روى عن..... (5) روى عنه سليم (6) بن يثربي و عبد اللّه بن بحير، و أبو وائل القاص سمعت أبي يقول ذلك] (7).
حدث عن عثمان قال:
كان عثمان إذا وقف على قبر قال: أدعوا لصاحبكم بالتثبت، فإنه الآن يسأل.
و في رواية (8):
كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم إذا فرغ من دفن الرجل قال:«استغفروا لأخيكم، و سلوا له بالتثبت فإنه الآن يسأل»[14337].
ص: 354
و حدث قال (1):
كان عثمان إذا وقف على قبر بكى حتى يبل لحيته، فقيل له: تذكر الجنة و النار فلا تبكي، و تبكي من هذا؟! فقال: إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«إن القبر أول منازل الآخرة، فإن ينج منه فما بعده أيسر منه، و إن لم ينج منه فما بعده أشد منه».
قال: و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:
و اللّه، ما رأيت منظرا قط إلا [و القبر أفظع منه] (2).
أبو الأسود - و يقال: أبو سعد - القرشي الأسدي
له صحبة.
حدث هبار (3):
أنه زوج ابنة له - و كان عندهم كبر و غرابيل، فخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فسمع الصوت، فقال:«ما هذا؟» فقيل: زوّج هبار ابنته، فقال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم:«أشيدوا النكاح، أشيدوا النكاح، هذا النكاح لا السفاح»[14338].
قيل: ما الكبر؟ قال: الكبر: الطبل، و الغرابيل (4):الصنوج.
حدث عروة أن عتبة بن أبي لهب قال (5):
ص: 355
اعلموا أنه كفر بالذي دَنٰا فَتَدَلّٰى [سورة النجم، الآية:8] و عتبة خارج إلى الشام، فبلغ قوله رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فقال:«سيرسل اللّه إليه كلبا من كلابه». فخرج، و نزلوا بأرض كثيرة الأبقار، و معهم هبار بن الأسود، فعدا عليه الأسد، فأخذ برأسه فمضغه ثم لفظه فمات، فقال هبّار: و اللّه لقد رأيت الأسد شم رءوس النفر رجلا رجلا حتى بلغه فأخذه، و هذا كان بالشراة من أرض الشام.
كان هبار يقول: لما ظهر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و دعا إلى اللّه: كنت ممن عاداه، و نصب له و آذاه، و لا يسير قرشي مسيرا لعداوة محمد صلّى اللّه عليه و سلّم و قتاله إلا كنت معهم، و كنت مع ذلك قد و ترني محمد، قتل أخوي: زمعة و عقيلا ابني الأسود و ابن أخي الحارث بن زمعة يوم بدر، فكنت أقول: لو أسلمت قريش كلها لم أسلم.
و كان (1) رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم بعث إلى زينب ابنته من يقدم بها (2)،و عرض لها نفر من قريش فيهم هبّار ينخس بها و قرع ظهرها بالرمح (3)،و كانت حاملا، فأسقطت، فردت إلى بيوت بني عبد مناف، فكان هبّار بن الأسود عظيم الجرم في الإسلام، فأهدر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم دمه. فكان كلما بعث سرية أوصاهم بهبار، و قال:«إن ظفرتم به فاجعلوه بين حزمتين من حطب، و حرّقوه بالنار، ثم يقول بعد: إنما يعذب بالنار رب النار، إن ظفرتم به فاقطعوا يديه، و رجليه، ثم اقتلوه»[14339].
قالوا: ثم قدم هبّار بعد ذلك مسلما (4) مهاجرا (5)،فاكتنفه ناس من المسلمين يسبونه، فقيل لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: هل لك في هبار يسب، و لا يسب. و كان هبار في الجاهلية سبابا، فأتاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فقال:«يا هبار، سبّ من سبّك»[14340] فأقبل عليهم هبار، فتفرقوا عنه (6).
ص: 356
قالوا (1):فخرجت سلمى مولاة للنبي صلّى اللّه عليه و سلّم: فقالت: لا أنعم اللّه بك عينا، أنت الذي فعلت و فعلت، فقال:«إن الإسلام محى ذلك». و نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم عن سبّه، و التعرض له.
قال جبير بن مطعم (2):
كنت جالسا مع النبي صلّى اللّه عليه و سلّم في أصحابه في مسجده منصرفه من الجعرانة (3)،فطلع هبّار من باب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم. فلما نظر القوم إليه قالوا: يا رسول اللّه، هبّار بن الأسود! قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«قد رأيته»، فأراد بعض القوم القيام إليه، فأشار إليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أن أجلس، و وقف عليه هبّار، فقال: السلام عليك يا رسول اللّه، إني أشهد أن لا إله إلا اللّه، و أشهد أنك رسول اللّه، و لقد هربت منك في البلاد، و أردت اللحوق بالأعاجم، ثم ذكرت عائدتك و فضلك، و برّك، و صفحك عمن جهل عليك، و كنا يا رسول اللّه أهل شرك، فهدانا اللّه تعالى بك، و تنقّذنا (4) بك من الهلكة، فاصفح عن جهلي، و عما كان يبلغك عني، فإنّي مقر بسوآتي، معترف بذنبي. قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«قد عفوت عنك، و قد أحسن اللّه بك حيث هداك للإسلام، و الإسلام يجب ما كان قبله»[14341].
زاد في حديث: قال الزبير (5):فجعلت انظر إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و إنه ليطأطئ رأسه استحياء منه (6) مما يعتذر هبّار، و جعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول:«قد عفوت عنك»[14342].
حدث هبار (7):
أنه فاته الحج، فقال له عمر: طف بالبيت و بين الصفا و المروة ثم احلق.
ص: 357
و روى نافع (1):
أن هبارا فاته الحج، فقدم على عمر يوم النحر بمنى، فقال له عمر: ما حبسك - أو ما شغلك-؟ قال: طلبت الهلال لغير ليلته، و أنا كما ترى، و كان ضخما، فأمر أن يطوف و يسعى و يقصر، و إن كان معه هدي أن ينحره، ثم يهل و يحج عاما قابلا و يهدي.
أبو محمد بن أبي البركات المقرئ الشافعي
إمام جامع دمشق.
[قرأ القراءات و أتقنها على والده أبي البركات.
سمع الكثير من أبي القاسم بن أبي العلاء و جماعة. سمع من البانياسي و عاصم، و رزق اللّه (بالعراق)، و بأصبهان من أبي منصور محمد بن شكرويه، و سليمان الحافظ ، و طائفة.
أدب مدة في مسجد سوق الأحد، ثم تركه لما ولي إمامة الجامع، و تصدر للإقراء، و ختم عليه خلق، و كان ثقة محققا، حسن السيرة، يفهم الحديث.
روى عنه الحافظ ابن عساكر، و السلفي، و أبو القاسم ابن الحرستاني، و أبو المحاسن ابن أبي لقمة، و آخرون] (2).
[انتقل والده إلى دمشق فسكنها فولد هو بها في سنة اثنتين و ستين و أربعمائة و نشأ، و أملى الحديث و كان ثقة صدوقا] (3).
حدث بسنده إلى أبي هريرة أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال:
«آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، و إذا وعد أخلف، و إذا ائتمن خان»[14343].
ص: 358
و أنشد بسنده إلى أبي الحسن علي بن أحمد بن الحسن بن محمد بن نعيم البصري المعروف بالنّعيمي لنفسه (1):
فكن (2) رجلا رجله في الثرى *** و هامة همته في الثريا
أبيا لنائل ذي ثروة *** تراه بما في يديه أبيا
فإن إراقة (3) ماء الحياة *** دون إراقة ماء المحيا
توفي أبو محمد بن طاوس سنة ست و ثلاثين و خمس مائة (4).
ابن هبة اللّه بن علي بن فارس أبو محمد بن أبي الحسين
ابن أبي الفضل الأنصاري المعروف بابن الأكفاني
[سمع و هو ابن تسع سنين، و بعد ذلك من والده، و أبي القاسم الحنائي، و أبي الحسين محمد بن مكي، و عبد الدائم بن الحسن الهلالي، و أبي بكر الخطيب، و عبد العزيز الكتاني، و أبي نصر بن طلاب، و أبي الحسن بن أبي الحديد، و طاهر بن أحمد القايني، و عبد الجبار بن برزة الواعظ ، و أبي القاسم بن أبي العلاء، و خلق كثير.
حدث عنه غيث الأرمنازي، و أبو بكر ابن العربي، و أبو طاهر السلفي، و ابن عساكر، و أخوه الصائن، و عبد الرزاق النجار، و إسماعيل بن علي الجنزوي، و أبو طاهر الخشوعي، و آخرون.
قال ابن عساكر:
سمعت منه الكثير، و كان ثقة ثبتا متيقظا، معنيا بالحديث و جمعه، غير أنه كان عسرا في
ص: 359
التحديث، و تفقه على القاضي المروزي مدة، و كان ينظر في الوقوف، و يزكي الشهود.
قال السلفي: هو حافظ مكثر ثقة، كان تاريخ الشام، كتب الكثير] (1).
حدث عن أبي الفتح عبد الجبار بن عبد اللّه بن برزة الأردستاني الجوهري الواعظ بسنده إلى أوس قال:
كنا قعودا عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم في الصفة، و هو يقص علينا و يذكرنا إذ أتاه رجل فساره، فقال:«اذهبوا، فاقتلوه». فلما ولى الرجل دعاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فقال:«هل يشهد أن لا إله إلا اللّه ؟» قال: نعم، قال:«اذهبوا، فخلوا سبيله، فإنما أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا اللّه، ثم تحرم علي دماؤهم، و أموالهم إلا بحقها، و حسابهم على اللّه»[14344].
و أنشد بسنده إلى أبي حكيم محمد بن إبراهيم بن السري التميمي بالكوفة:
إذا رشوة من باب دار تقحّمت *** على أهل بيت و الأمانة فيه
سعت هربا منه و ولّت كأنها *** حليم تولى عن جواب سفيه
ولد أبو محمد بن الأكفاني سنة أربع و أربعين و أربع مائة. و توفي سنة أربع و عشرين و خمس مائة (2).
أبو القاسم البغدادي المقرئ
[أحد من عني بالقراءات و تبحر فيها.
قرأ على أبيه و على محمد بن عبد الرحيم الأصبهاني، و أبي ربيعة محمد بن إسحاق بن أعين، و أبي عبد الرحمن اللهبي، و أحمد بن فرح، و جماعة.
تصدر للإقراء دهرا، قرأ عليه عبد الملك بن بكران النهرواني، و علي بن عمر الحمامي، و جماعة] (3).
ص: 360
[قال أبو بكر الخطيب:] (1)[هبة اللّه بن جعفر بن الهيثم بن القاسم أبو القاسم المقرئ، حدث عن موسى بن هارون الحافظ ، و أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار، و أحمد بن الصلت الحماني و غيرهم. حدثنا عنه أبو الحسن بن رزقويه. و كان ثقة] (2).
حدث سنة خمسين و ثلاث مائة عن موسى بن هارون بسنده إلى ابن عباس قال (3):
كان ينبذ للنبي صلّى اللّه عليه و سلّم من الليل، فيشربه من الغد، و من بعد الغد. فإذا كان المساء فإن كان في الإناء شيء أمر به فأهرق.
توفي هبة اللّه بن جعفر سنة خمسين و ثلاث مائة [في صفر] (4).
أبو الحسين أخو المصنف الأكبر رحمهما اللّه تعالى
[تلا بالروايات على أبي الوحش سبيع صاحب الأهوازي. و على أحمد بن خلف الأندلسي.
سمع من النسيب و طبقته، و وجد له سماع من أبي الحسن بن أبي الجر و صاحب ابن السمسار.
سمع من أبي علي بن نبهان، و أبي علي ابن المهدي.
حدث عنه أخوه، و ابن أخيه القاسم، و ابن أخيه زين الأمناء، و أبو القاسم بن صصرى. و سيف الدولة محمد بن غسان، و مكرم بن أبي الصقر، و المفتي فخر الدين ابن عساكر و جماعة.
ص: 361
قرأ الأصول و النحو و تقدم و سمع الكثير و درّس بالغزالية و حدث أيضا با «الطبقات» لابن سعد.
و عرضت عليه خطابة دمشق فامتنع، و أبى أن ينوب عن خاله القاضي أبي المعالي محمد ابن يحيى في الحكم.
كتب بخطه من العلم شيئا كثيرا] (1).
[صار معيدا لشيخه علي بن المسلم بالمدرسة الأمينية، ثم إنه درّس بالغزالية في الجامع الأموي. و أفتى و حدث و اعتنى بعلوم القرآن و النحو و اللغة.
كان فاضلا كيسا، مطبوعا، عشيرا حريصا على طلب العلم، و كتبه مبذولة للطلبة و المستفيدين و الغرباء] (2).
حدث عن أبي طالب عبد القادر بن محمد بن يوسف بسنده إلى المغيرة بن شعبة قال:
قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم حتى تورّمت قدماه، فقيل له: يا رسول اللّه، قد غفر اللّه لك ما تقدم من ذنبك و ما تأخر! قال:«أ فلا أكون عبدا شكورا»[14345].
ولد هبة اللّه سنة ثمان و ثمانين و أربع مائة. و توفي سنة ثلاث و ستين و خمس مائة.
ابن محمد بن عبد اللّه بن إبراهيم بن الفضيل
أبو الفرج الكلاعي البزار، أخو أبي القاسم
حدث عن أبي بكر عبد اللّه بن محمد بن عبد اللّه بن هلال الأديب بسنده إلى أنس بن مالك قال: صلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم خلف أبي بكر في ثوب واحد متوشحا به[14346].
أبو القاسم الشاوي
حدث - و قد كان ينيف على المائة - عن أبي بكر محمد بن أحمد بن سيد حمدويه (3) قال:
ص: 362
أتاني قوم من العصر، فلم أضيفهم، و لم يقفوا، فسألت عنهم، فقيل لي: قد خرجوا، فندمت، و طلعت إلى البيت و أخذت ما قسم اللّه، و جعلته في قفة (1)،و لحقتهم، و قد وصلوا إلى طاحونة الرياقية، فسلمت عليهم، و اعتذرت إليهم، و جئت أدفع إليهم ما كان معي، فقالوا: يا أبا بكر، من يكون معه مثل هذا إيش يعمل بشيء، و أومأ بيده إلى الوادي، فنظرت، فإذا جميع ما في الوادي ذهب يتقد، فعرفت حال القوم،[و ودّعتهم] (2)،و رجعت.
ابن علي بن أحمد بن إبراهيم بن جعفر بن بوري
أبو القاسم الشيرازي الحافظ
[رحال، جوال، كتب بخراسان و بالحرمين، و العراق، و اليمن، و مصر، و الشام، و الجزيرة، و فارس، و الجبال.
حدث عن أبي بكر محمد بن الحسن بن الليث الشيرازي، و أحمد بن طوق الموصلي، و أحمد بن الفضل الباطرقاني، و أبي جعفر ابن المسلمة، و أقرانهم.
روى عنه: أبو الفتح محمد بن عبد الرحمن الخطيب، و عمر بن أحمد الصفار، و أحمد ابن ياسر المقرئ، و محمد بن محمد القاساني، و إسماعيل بن محمد التيمي، و أبو بكر اللفتواني.
عمل تاريخا لشيراز.
قال السمعاني: كان ثقة خيرا، كثير العبادة، انتفع الطلبة بصحبته و بقراءته.
سكن في آخر أمره مرو.
قال ابن عساكر: حدث عنه الفقيه نصر المقدسي، و هبة اللّه بن طاوس، و أبو نصر اليونارتي.
ص: 363
قال عبد الغافر: هبة اللّه شيخ عفيف؛ صوفي فاضل، طاف البلاد و خطه مشهور، و كان كثير الفوائد] (1).
حدث عن أبي زرعة أحمد بن يحيى بن جعفر الخطيب بسنده إلى أبي هريرة:
«أن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم كان يأكل الهداية، و لا يأكل الصدقة»[14347].
و حدث سنة أربع و ثمانين و أربع مائة عن أبي بكر محمد بن الحسن بن أحمد بن محمد ابن الليث بسنده إلى أبي هريرة:
«أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم نهى عن الوصال (2)،و صوم الصمت»[14348].
و أنشد أبو القاسم عن أبي الحسن علي بن أحمد بن عبد العزيز الأنصاري لأبي الحسن علي بن عبد الغني المقرئ:
كم من أخ قد كنت أحسب شهده *** حتى بلوت المرّ من أخلاقه
كالملح يحسب سكّرا في لونه *** و يحول عند مجسّه و مذاقه
ورد نعي هبة اللّه من مرو سنة ست و ثمانين و أربع مائة (3).
أبو النجم الأصبهاني الوزير
حدث عن أبي طاهر محمد بن أحمد بن محمد بسنده إلى معاذ بن جبل قال:
بقينا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم في صلاة العتمة حتى ظن الظان منا أنه قد صلى و ليس بخارج، فخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فقلنا: يا رسول اللّه، قد ظن الظان منا أنك صلّيت، و لست بخارج، فقال:«أعتموا بهذا الصلاة، فإنكم قد فضلتم بها على سائر الأمم، و لم يصلّها أحد قبلكم»[14349].
ص: 364
ولد سنة ست و ثلاثين و أربع مائة بأصبهان، و استوزره رضوان بن تتش (1) بحلب (2)و بعده طغتكين أتابك. و قبض عليه سنة اثنتين و خمس مائة، و خنقه، و استصفى ماله.
أبو عمرو الأشعري
حدث عن أبي محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بسنده إلى عمر.
أنه رأى رجلا محرما قد عقل راحلته، فقال: ما يحسبك ؟ قال: الجمعة، قال: إن الجمعة لا تمنع من سفر، فاخرج أو اذهب.
أبو القاسم بن الخلال الرحبي
حدث عن أبي المرجى سعد اللّه بن صاعد بن المرجى - و هو خال أبيه - بسنده إلى ابن عمر أنه كان يقول: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول:
«أتاني جبريل عليه السلام فقال: إن اللّه يأمرك أن تأمر أصحابك أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية أو الإهلال»[14350].
و حدث عنه بسنده إلى أبي عمرو بن العلاء:
أ بنيّ إن من الرجال بهيمة *** في صورة الرجل السميع المبصر
فطن بكل مصيبة في ماله *** و إذا أصيب بدينه لم يشعر
ولد سنة نيف و سبعين و أربع مائة. و توفي سنة خمس و أربعين و خمس مائة.
و يقال: هبيرة عن عبد الرحمن بن غنم و غيره
[قال أبو عبد اللّه البخاري] (3):
ص: 365
[هبيرة بن عبد الرحمن قال: كنا إذا أكثرنا على أنس ألقى إلينا سجلا فقال: هذه أحاديث كتبتها عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم ثم عرضتها عليه. يعد في الشاميين] (1).
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] (2):
[هبيرة بن عبد الرحمن الشامي،. روى عن أنس؛ و عبد الرحمن بن غنم روى عنه عتبة ابن أبي حكيم. روى أبو جعفر الرازي عن أبي عبد اللّه عنه. سمعت أبي يقول: أبو عبد اللّه هو محمد بن سعيد الأزدي] (3).
حدث عن أبي أسماء الرحبي (4) عن ثوبان مولى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«الكذب كله إثم إلا ما نفع به مسلم، أو دفع به عن دين»[14351].
و حدث عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«الوضوء شطر الإيمان».
و هو الذي قتل زيادة بن زيد (1)،و زيادة بن زيد أحد بني الحارث بن سعد إخوة عذرة. و هو القائل:
و إذا معدّ أوقدت نيرانها *** للمجد أغضت عامر فتقنعوا
و عامر رهط هدبة بن خشرم، و هم من بني الحارث بن سعد إخوة عذرة.
و كان (2) سعيد بن العاص كره الحكم بين هدبة و عبد الرحمن بن زيد أخي زيادة بن زيد، فحملهما إلى معاوية، فنظر في القصة، ثم ردّهما إلى سعيد بن العاص و هو والي المدينة لمعاوية. فلما صاروا بين يدي معاوية قال عبد الرحمن أخو زيادة: يا أمير المؤمنين، أشكو إليك مظلمتي (3)،و قتل أخي، و ترويع نسوتي، فقال له معاوية: يا هدبة، قل، قال: إن هذا رجل سجّاعة (4)،فإن شئت أن أقص عليك قصتنا كلاما أو شعرا [فعلت] قال: لا، بل شعرا، فقال هذه القصيدة ارتجالا حتى بلغ قوله:
رمينا فرامينا فصادف رمينا *** منايا رجال في كتاب و في قدر
و أنت أمير المؤمنين فما لنا *** وراءك من معدّى (5) و لا عنك من قصر
فإن تك في أموالنا لم نضق بها *** ذراعا و إن صبر فنصبر للصبر
فقال له معاوية: أراك قد أقررت بقتل صاحبهم، ثم قال لعبد الرحمن: هل لزيادة ولد؟ قال: نعم، المسور، و هو غلام جفر (6)،لم يبلغ، و أنا عمه، و وليّ دم أبيه، فقال: إنك لا تؤمن على أخذ الدية أو قتل الرجل بغير حق، و المسور أحق بدم أبيه، فردّه إلى المدينة، فحبس ثلاث سنين حتى بلغ المسور.
و في (7) حديث: فكره معاوية قتله، و ضنّ به عن القتل.
ص: 367
و قيل: إن سعيدا هو الذي حكم بينهما من غير أن يحملهما إلى معاوية (1).
و عن ابن المنكدر (2):
أن هدبة أصاب دما فأرسل إلى أم سلمة (3) زوج النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أن استغفري لي، فقالت: إن قتل استغفرت له (4).
قال ابن دريد (5):و هو أول من أقيد بالحجاز.
و لما مضي بهدبة إلى الحرة ليقتل لقيه عبد الرحمن بن حسان، فقال: أنشدني، فقال:
أعلى هذه الحال ؟ قال: نعم، فأنشده (6):
و لست بمفراح إذا الدهر سرّني *** و لا جازع من صرفه المتقلّب
و لا أتبغى (7) الشر و الشر تاركي *** و لكن متى أحمل على الشرّ أركب
و حرّبني مولاي حتى غشيته (8) *** متى ما يحرّبك ابن عمّك تحرب
و مما وقف عليه من قسوته قوله:
و لما دخلت السجن يا أم مالك *** ذكرتك و الأطراف في حلق سمر
و عند سعيد غير أن لم أبح به *** ذكرتك إن الأمر يعرض للأمر
فسئل عن ذلك فقال: لما رأيت ثغر سعيد، و كان سعيد حسن الثغر جدا ذكرت به ثغرها. و يقال: إنه عرض عليه (9) سعيد عشر ديات فأبى (10) إلا القود، و كان ممن عرض الديات عليه الحسين بن علي بن أبي طالب، و عبد اللّه بن جعفر، و سعيد بن العاص،
ص: 368
و مروان ابن الحكم (1)،و سائر القوم من قريش و الأنصار. فلما خرج به ليقاد منه بالحرّة جعل ينشد الأشعار، فقالت له حبّى المدينة: ما رأيت أقسى قلبا منك، أ تنشد الشعر و أنت يمضى بك لتقتل ؟! و هذه خلفك كأنها ظبي عطشان تولول - تعني: امرأته - فوقف، و وقف الناس معه، و أقبل على حبّى فقال (2):
فما وجدت وجدي بها أم واحد (3) *** و لا وجد حبّى يا ابن أمّ كلاب
رأته طويل الساعدين شمردلا (4) *** كما انتعتت من قوة و شباب (5)
فأغلقت حبّى في وجهه الباب و سبّته. و لما قدم نظر إلى امرأته فدخلته غيرة، و قد كان جدع في حربهم، فقال (6):
فإن يك أنفي بان منه جماله *** فما حسبي في الصالحين بأجدعا
فلا تنكحي إن فرّق الدهر بيننا *** أغم (7) القفا و الوجه ليس بأنزعا (8)
ضروبا بلحييه (9) على عظم زوره *** إذا القوم همّوا بالفعال تقنّعا (10)
فسألت (11) القوم أن يمهلوه قليلا، ثم أتت جزّارا، فأخذت منه مدية، فجدعت بها أنفها ثم أتته قبل أن يقتل مجدوعة الأنف، و قالت: ما عسى أن يكون بعد هذا؟ و قيل: إنها قالت: أ هذا فعل من له في الرجال حاجة ؟ فقال: الآن طاب الموت، ثم أقبل على أبويه فقال (12):
ص: 369
أبلياني اليوم صبرا منكما *** إن حزنا منكما اليوم لشرّ (1)
ما أظن الموت إلا هيّنا (2) *** إن بعد الموت دار المستقرّ
اصبرا اليوم فإنّي صابر *** كل حي لقضاء (3) و قدر
ثم قال:
أ ذا العرش إني عائذ بك مؤمن *** مقرّ بزلاتي إليك فقير
و إني و إن قالوا أمير مسلط *** و حجاب أبواب لهن صرير
لأعلم أن الأمر أمرك إن تدن *** فربّ و إن تغفر فأنت غفور
ثم أقبل على ابن زيادة (4) فقال: أثبت قدميك و أجد الضربة، فإني أيتمتك صغيرا، و أرملت أمك شابة، و سأل فك قيوده ففكت، فذاك حيث يقول (5):
فإن تقتلوني في الحديد فإنني *** قتلت أخاكم مطلقا لم يقيّد (6)
زاد في غيره:
فمدّ عنقه فضربت.
لما نزل بعبد اللّه بن شداد (7) الموت دعا ابنا له، يقال له محمد، فأوصاه فقال (8):يا بني، إذا أحببت حبيبا فلا تفرط ، و إذا أبغضت بغيضا فلا تشطط ، فإنه كان يقال: أحبب حبيبك هونا ما، عسى أن يكون بغيضك يوما ما، و أبغض بغيضك هونا ما، عسى أن يكون حبيبك يوما ما، و كن كما قال هدبة العذري (9):
ص: 370
و كن معقلا للحلم و اصفح عن الخنا *** فإنك راء ما عملت (1) و سامع
و أحبب إذا أحببت حبا مقاربا *** فإنك لا تدري متى أنت نازع
و أبغض إذا أبغضت بغضا مقاربا *** فإنك لا تدري متى أنت راجع
و من شعر هدبة (2):
عسى الكرب الذي أمسيت فيه *** يكون وراءه فرج قريب
فيأمن خائف و يفكّ عان *** و يأتي أهله النائي الغريب
ابن عبد عمرو الكلابي
شهد مع أبيه وقعة المرج، و نجا هاربا معه. و كان سيدا رئيسا.
قال هشام:
تبع ناس من شيعة بني أمية من باهلة و حمير زفر بن الحارث يوم مرج راهط ، و معه ابناه: الهذيل و وكيع، فقتلوا وكيعا (3)،و عبر زفر و الهذيل جسر منبج و قطعاه.
قال ربيعة بن كعب:
كنت مع عمر بن عبد العزيز و سالم بن عبد اللّه نسير بأرض الروم، فعارضهم الهذيل بن زفر بن الحارث، فقال عمر بن عبد العزيز لسالم بن عبد اللّه: هل تدري من هذا يا فلان ؟ قال: لا، قال: هذا رجل طالما صبغ يده في الدماء من امرئ، فذكر صيامه و صلاته. قال سالم: إن استطاع ألا يموت فلا يمت سواء عليه صام أو لم يصم، صلى أو لم يصل.
و قال عاصم بن عبد اللّه بن يزيد يرثيه:
ص: 371
أتاني و رحلي بالرّصافة (1) موهنا *** و قد غار نجم و الرفاق هجود
كتاب كلذع النار في متن صارم *** يخبّ (2) به بعد الهدوّ يزيد
فقلت له ما في كتابك فالتوى *** و لجلج (3) أقوالا و فيه صدود
و قلت له إني لقيت بهذه *** كما لقيت يوم الفصيل ثمود
فقال: احتسب صلى الإله و حزبه *** عليه هذيلا بان و هو حميد
فقلت و لم أرجع إلى غير خالقي *** و عيني بمسفوح الدموع تجود
فقل للرجال الشامتين بموته *** فسودوا كما كان الهذيل يسود
كذبتم و بيت اللّه لا تعدوانه *** و ما كان فيكم للهذيل نديد
و كيف و لم يسبق لهجر (4) و لم يقم *** لسورة جهل و الرجال قعود
[هرم بن حيان العبدي، يعد في البصريين. روى عنه الحسن] (1).
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] (2):
[هرم بن حيان الأزدي العبدي. روى عن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه، روى عنه الحسن البصري، سمعت أبي يقول ذلك] (3).
[قال خليفة بن خياط ] (4):
[و من ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان ثم من بني عبد القيس بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار: و هرم بن حيان، من ولد عمرو بن وديعة بن لكيز بن أفصى ابن عبد القيس] (5).
ولي بعض حروب العجم ببلاد فارس في خلافة عمر و عثمان. و كان أحد الزهاد الثمانية (6)،و قدم دمشق في طلب أويس القرني. و كان هرم عاملا لعمر بن الخطاب، و كان ثقة.
و له فضل و عبادة (7)،و كان هرم ولد أشيب منحنيا، و قد نبتت ثناياه، فلذلك سمي هرما (8).
و عن هرم بن حيان أنه قال (9):
إياكم و العالم الفاسق، فبلغ عمر بن الخطاب، فكتب إليه، و أشفق منها: ما العالم الفاسق ؟ فكتب إليه هرم: يا أمير المؤمنين، و اللّه ما أردت به إلا الخير، يكون إمام يتكلم بالعلم، و يعمل بالفسق، و يشبّه على الناس فيضلوا.
استعمل (10) هرم بن حيان فظنّ أن قومه سيأتونه، فأمر بنار فأوقدت بينه و بين من يأتيه
ص: 373
من القوم، فجاء قومه يسلمون عليه من بعيد، فقال: مرحبا بقومي، أدنوا، فقالوا: ما نستطيع أن ندنو منك، قد حالت النار بيننا و بينك، قال: فأنتم تريدون أن تلقوني في نار أعظم منها، في نار جهنم، قال: فرجعوا.
و في سنة ثمان عشرة حاصر هرم بن حيان أهل دست هر (1)،فرأى ملكهم امرأة تأكل ولدها، فقال: الآن أصالح العرب، فصالح هرما على أن خلى لهم المدينة (2).
وجه عثمان بن أبي العاص هرم بن حيان إلى قلعة بجرة (3)-يقال لها: قلعة الشيوخ - فافتتحها عنوة، و سبى أهلها (4)،و صالح أهل قلعة الرهبان من كازرون سنة ست و عشرين (5)في خلافة عثمان.
و عن الحسن قال (6):كان الرجل إذا كانت له حاجة، و الإمام يخطب قام، فأمسك بأنفه، فأشار إليه الإمام أن يخرج. قال: فكان رجل قد أراد الرجوع إلى أهله فقام إلى هرم بن حيان، و هو يخطب، فأخذ بأنفه، فأشار إليه هرم أن يذهب، فخرج إلى أهله، فأقام فيهم ثم قدم، فقال له هرم: أين كنت ؟ فقال: في أهلي، فقال: أ بإذن ذهبت ؟ قال: نعم، قمت إليك و أنت تخطب، فأخذت بأنفي، فأشرت إليّ أن أذهب، قال: فاتخذت هذا دغلا (7)-أو كلمة نحوها - قال: اللهم، أخّر رجال السوء لزمان السوء. و كان هرم يقول: اللهم، إني أعوذ بك من زمان يمرد فيه صغيرهم، و يأمل فيه كبيرهم، و تقترب فيه آجالهم.
بعث (8) عمر هرم بن حيّان على الخيل فغضب على رجل، فأمر به، فوجئت عنقه، ثم أقبل على أصحابه فقال: لا جزاكم اللّه خيرا، ما نصحتموني حين قلت، و لا كففتموني عن
ص: 374
غضبي. و اللّه لا ألي لكم عملا، ثم كتب إلى عمر: يا أمير المؤمنين، لا طاقة لي بالرعية، فابعث إلى عملك.
بات (1) هرم بن حيّان عند حممة (2)،فبات حممة باكيا حتى أصبح، فقال له هرم: يا أخي، ما أبكاك الليلة ؟ قال: ذكرت ليلة صبيحتها تناثر الكواكب. قال: و بات حممة عند هرم ليلة فبات هرم باكيا حتى أصبح، فقال له حممة: ما أبكاك يا أخي ؟ قال: ذكرت ليلة صبيحتها تبعثر القبور للمحشر إلى اللّه. و كانا إذا أصبحا غدوا، فمرا بأكورة الحدادين فنظروا إلى الحديد ينفخ عليه، فيقعان، و يبكيان، و يستجيران باللّه من النار، ثم يأتيان أصحاب الرياحين، فيقفان فيسألان اللّه الجنة، ثم يدعوان بدعوات ثم يتفرقان.
خرج (3) هرم بن حيان و عبد اللّه بن عامر يريدان الحجاز، فبينما هما يسيران، و رواحلهما ترعيان [إذ عرضت لهما صليانة (4)،فابتدر لها الناقتان، فأكلتها إحداهما] (5).
فقال هرم لعبد اللّه بن عامر: أ تحب أن تكون هذه الصليانة تأكلك هذه الناقة فذهبت ؟ فقال ابن عامر: ما أحب ذلك، فإني لأرجو أن يدخلني اللّه الجنة، و إني لأرجو، و إني لأرجو، فقال هرم: و اللّه لو علمت أني أطاع في نفسي لأحببت أن أكون هذه الصليانة فأكلتني هذه الناقة فذهبت.
قال هرم بن حيان (6):لو قيل لي: إنك من أهل النار لم أترك العمل لئلا تلومني نفسي، تقول: أ لا صنعت ؟ أ لا فعلت ؟ كان (7) هرم بن حيان يقول: ما أقبل عبد بقلبه إلى اللّه إلا أقبل اللّه بقلوب أهل الإيمان إليه حتى يرزقه مودتهم و رحمتهم.
ص: 375
قال هرم بن حيان: ما عصى اللّه تعالى كريم، و لا آثر الدنيا على الآخرة حكيم.
كان (1) هرم بن حيان يخرج في شطر (2) الليل، فينادي بأعلى صوته: عجبت من الجنة، كيف ينام طالبها، و عجبت من النار كيف ينام هاربها أَ فَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرىٰ أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنٰا بَيٰاتاً وَ هُمْ نٰائِمُونَ أَ وَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرىٰ أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنٰا ضُحًى وَ هُمْ يَلْعَبُونَ أَ فَأَمِنُوا مَكْرَ اللّٰهِ فَلاٰ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّٰهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخٰاسِرُونَ [سورة الأعراف، الآية:97] ثم يقرأ: أَلْهٰاكُمُ التَّكٰاثُرُ [سورة التكاثر، الآية 1] وَ الْعَصْرِ [سورة العصر، الآية:1].
و كان يقول: لو أن مناديا ينادي من أهل السماء: أين خير أهل الأرض رجوت أن أكون أنا، و لو نادى مناد: أين شر أهل الأرض خشيت أن أكون أنا هو، و لو قيل لي: إنك من أهل الجنة ما زادني ذلك إلا اجتهادا، شكرا لربي، و لو قيل لي: إنك من أهل النار ما زادني ذلك إلا اجتهادا كيلا ألوم نفسي إن هلكت، لأني لم أهلك إلا بعد الاجتهاد.
أخذ محمود الوراق قوله: لم أر مثل الجنة نام طالبها، و لا مثل النار نام هاربها:
عجبت من هارب يخاف من النّ *** ار و من نومه على هربه
و الذي يطلب السبيل إلى الجنّ *** ة أنى ينام عن طلبه
كم من جهول قد نال بغيته *** و من أديب أكدى على أدبه
و رب باك فوات حاجته *** و في الفوات النجاة من عطبه
قيل (3)لهرم بن حيان: أوص، قال: أوصيكم بالآيات الأواخر من سورة النحل: اُدْعُ إِلىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ [سورة النحل، الآية:125] إلى قوله: وَ الَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ [سورة النحل، الآية:128].
قيل (4) لهرم بن حيان لما حضره الموت: أوص قال: ما أدري ما أوصي، و لكن بيعوا درعي و اقضوا عني ديني، فإن لم يف فبيعوا فرسي، فإن لم يف فبيعوا غلامي، و أوصيكم بخواتيم سورة النحل.
ص: 376
قال قتادة: أوصى و اللّه بجماع من الأمر، و من أوصى بما أوصى فقد أبلغ.
قال الحسن (1):
مات هرم بن حيان في يوم صائف. فلما دفن جاءت سحابة قدر قبره فرشّت، ثم انصرفت، و أنبت العشب من يومه و ما جاوزت قبره شبرا.
أبو الوليد المقرئ، مولى بني أسد بن عبد العزى
حدث بدمشق عن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن أبي سلمة بسنده إلى أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«من بلغ حدا في غير حد فهو من المعتدين»[14352].
و حدث عن أبي جعفر محمد بن الخضر بسنده إلى أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:
«لو أن عبدين تحابا في اللّه، أحدهما بالمشرق و الآخر بالمغرب جمع بينهما يوم القيامة، يقول: هذا الذي كنت تحبه فيّ »[14353].
توفي أبو الوليد هشام سنة اثنتين و ثلاثين و ثلاث مائة.
ابن المغيرة بن عبد اللّه بن عمر بن مخزوم
أبو الوليد المخزومي
قدم دمشق، فتزوج عبد الملك بن مروان ابنته (2)،و ولاه المدينة،[و ولدت لعبد الملك هشاما] (3)،و هشام أول من أحدث دراسة القرآن في جامع دمشق في السبع (4).
روى هشام عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم:
ص: 377
«لا تبادروني بالركوع»[14354].
و أم هشام: أمة اللّه بنت المطلب بن أبي البختري بن هاشم (1) بن الحارث (2).
و كان هشام بن إسماعيل من وجوه قريش. و كان مشددا (3) في ولايته.
و كان عمر بن عبد الرحمن بن عوف لما رأى أسف عبد الملك على زينب بنت عبد الرحمن بن الحارث - و كان يريد أن يتزوجها، فتزوجها عمه يحيى بن الحكم (4)-قال له: يا أمير المؤمنين، أنا أدلك على مثلها في الجمال، و هي شريكتها في النسب، قال: من هي ؟ قال: زينب (5) بنت هشام بن إسماعيل، و هو عندك حاضر، قال: فكيف لي بذلك ؟ قال: أنا لك به. قال: فأنت، فذهب عمر إلى هشام بن إسماعيل، فخطب إليه ابنته على عبد الملك، فقال هشام: تريد أن آتيه أزوجه ؟ و لا يكون هذا أبدا، فقال له عمر: يا هذا، إن ابن عمك صنع ما صنع بالأمس، فأنشدك باللّه أن ترد فتنة بدت للشرّ بينكم و بينه، و لكن تشهد العصر معه في المقصورة، فتكون وراءه، فإذا صلى انحرف عليك فخطب، قال: نعم، فأعلم عمر عبد الملك، فراح إلى العصر في قميص معصفر (6)،و رداء معصفر. فلما صلى العصر أقبل بوجهه على هشام بن إسماعيل، فخطب إليه ابنته، فزوجه إياها، و أصدقها أربع مائة دينار.
قوله: إن ابن عمك صنع ما صنع، يعني: المغيرة بن عبد الرحمن أخا زينب حتى تزوجها يحيى بن الحكم (7).
ص: 378
قال الأوزاعي:
كان معاوية بن أبي سفيان أول من اعتذر إلى الناس في الجلوس في الخطبة الأولى في الجمعة، و لم يصنع ذلك إلا لكبر سنّه و ضعفه، و كان عبد الملك بن مروان أول من رفع يديه في الجمعة، و قنت (1) فيها، و كان المصعب بن الزبير أول من أحدث التكبير الثلاث بعد المغرب و الصبح، و كان هشام بن إسماعيل أول من جمع الناس في الدراسة.
قال: و قد كان عمر بن عبد العزيز يجلس في الخطبة الأولى.
لما (2) عقد عبد الملك لابنيه الوليد و سليمان العهد (3)،و كتب بالبيعة لهما إلى البلدان و عامله على المدينة هشام بن إسماعيل، فدعا الناس إلى البيعة لهما، فبايع الناس، و امتنع سعيد بن المسيب، و قال: حتى انظر، فضربه هشام ستين سوطا، و طاف به في تبّان من شعر حتى بلغ به رأس الثنيّة، فلما كرّوا به قال: أين تكرون بي ؟ قالوا: إلى السجن، قال: لو لا أني ظننت أنه الصّلب ما لبست هذا التبّان، فردّوه إلى السجن، و حبسه، و كتب إلى عبد الملك بذلك (4)،فكتب إليه عبد الملك يلومه فيما صنع به، و يقول: سعيد كان أحوج إلى أن تصل رحمه من أن تضربه، و إنا لنعلم ما عند سعيد شقاق و لا خلاف.
و لما كتب عبد الملك إلى هشام بذلك قال سعيد: اللّه بيني و بين من ظلمني.
قال عبد اللّه بن يزيد الهذلي (5):
دخلت على سعيد بن المسيب السجن، فإذا هو ذبحت له شاة، فجعل الإهاب على ظهره، ثم جعلوا له بعد ذلك قصبا (6) رطبا، و كان كلما نظر إلى عضديه قال: اللهم، انصرني من هشام.
ص: 379
قال أبو الزناد: رمقت سعيد بن المسيب بعد جلد هشام بن إسماعيل إياه، فما رأيته يفوته في سجود و لا ركوع، و لا زال يصلي معه بصلاته.
و كان سعيد بن المسيب لا يقبل بوجهه على هشام بن إسماعيل إذا خطب في الجمعة، فأمر به هشام بعض أعوانه أن يعطفه عليه إذا خطب، فأهوى العون (1) يعطفه، فأبى سعيد، فأخذه حتى عطفه، فصاح سعيد: يا هشام، إنما هي أربع بعد أربع فلما انصرف هشام قال: ويحكم جنّ سعيد. فسئل سعيد: أي شيء أربع بعد أربع ؟ سمعت في ذلك شيئا؟ قال:
لا، قيل: فما أردت بقولك ؟ قال: إن جاريتي لما أردت المسجد قالت: إني أريت كأن موسى غطّس عبد الملك في البحر ثلاث غطسات فمات في الثالثة، فأوّلت أن عبد الملك بن مروان مات، لأن موسى بعث على الجبارين بقتلهم، و عبد الملك جبار هذه الأمة. قال: فلم قلت: أربع بعد أربع ؟ قال: مسافة مسير الرسول من دمشق إلى المدينة بالخبر. فمكثوا ثمان ليال ثم جاء رسول بموت عبد الملك.
كان (2) هشام بن إسماعيل يؤذي علي بن حسين و أهل بيته، يخطب بذلك على المنبر، و ينال من علي. فلما ولي الوليد بن عبد الملك عزله، و أمر به أن يوقف للناس (3)،فكان يقول: لا و اللّه ما كان أحد من الناس أهمّ إلي من علي بن حسين، كنت أقول: رجل صالح يسمع قوله، فوقف للناس (4)،فجمع علي بن حسين ولده و خاصته (5) و نهاهم عن التعرض له، و غدا علي بن حسين مارا لحاجة، فما عرض له، فناداه هشام بن إسماعيل اَللّٰهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسٰالَتَهُ (6).
[قال أبو عبد اللّه البخاري] (7):
ص: 380
[هشام بن إسماعيل روى عنه محمد بن إبراهيم و محمد بن يحيى بن حبان و كان واليا بالمدينة، قال ابن عيينة عن ابن عجلان و يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن ابن محيريز عن معاوية قال النبي صلى اللّه عليه و سلّم: لا تبادروني بالركوع و السجود. و تابعه الحسن بن الربيع عن ابن إدريس عن ابن عجلان و قال لنا عبد اللّه بن صالح حدثني الليث قال: نا يحيى بن سعيد قال: سمعت هشام بن إسماعيل عن النبي صلى اللّه عليه و سلّم نحوه] (1).
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] (2):
[هشام بن إسماعيل بن الوليد بن المغيرة المخزومي روى عن أبي الدرداء مرسلا، روى عنه محمد بن يحيى بن حبان و محمد بن إبراهيم التيمي سمعت أبي يقول ذلك] (3).
ص: 381
[9891] سهل بن إسماعيل بن سهل أبو صالح الطرسوسي الجوهري القاضي المعروف بسهلان 3
ذكر من اسمه: سهل
[9892] سهل بن بشر بن أحمد بن سعيد أبو الفرج الأسفراييني الصوفي 5
[9893] سهل بن الحسن بن محمد بن أحمد أبو العلاء البسطامي الصوفي المعروف بالكافي 6
[9894] سهل بن الحسين بن محمد و يقال: سهل بن محمد بن شجاع بن عثمان النيسابوري 7
[9895] سهل بن الحنظلية 7
[9896] سهل بن داود بن ديزويه أبو سعيد الشيباني النيسابوري ثم الرّازي 8
[9897] سهل بن أبي زينب 9
[9898] سهل بن شعيب بن ربيعة النّخعي الكوفي 10
[9899] سهل بن صدقة الأموي 11
[9900] سهل بن عباد بن يعلى أبو معاوية الكلابي بصري 13
[9901] سهل بن عبد اللّه بن الفرّخان أبو طاهر الأصبهاني العابد 13
[9902] سهل بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم ابن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموي 16
[9903] سهل بن عجلان، و يقال: سهيل، و الصحيح العجلان بن سهيل 18
[9904] سهل بن الحنظلية 18
[9905] سهل بن محمد بن الحسن أبو الحسن القايني الصوفي المعروف بالخشاب 25
[9906] سهل بن محمد بن شجاع، و يقال ابن الحسين ابن محمد أبو عثمان النيسابوري
ص: 382
الواعظ 27
[9907] سهل بن هاشم بن بلال أبو إبراهيم - و يقال: أبو زكريا الحبشي الواسطي ثم البيروتي 28
[9908] سهل مولى عمر بن عبد العزيز 31
[9909] سهل الكندي 32
[9910] سهم بن أوس الطائي 34
[9911] سهم بن خنبش أبو خنبش - و يقال: أبو خنيس الأزدي 34
ذكر من اسمه سهم
[9912] سهم بن المسافر بن هرمة - و يقال: ابن حزم-38
[9913] سهيل بن عبد العزيز بن مروان ابن الحكم بن أبي العاص الأموي 40
ذكر من اسمه سهيل
[9914] سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود ابن شمس بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي ابن غالب أبو يزيد العامري القرشي الأعلم 41
[9915] سهيل بن ميسرة أبو سفيان الفلسطيني الرملي 63
[9916] سهيل الأعشى 65
[9917] سلامة بن بحر 66
ذكر من اسمه سلامة
[9918] سلامة بن بشر بن بديل أبو كلثم العذري الدمشقي 67
[9919] سلامة، و يقال: سلمة بن جواس 68
[9920] سلامة بن الربيع بن سليمان أبو الخير المقرئ المطرز 68
[9921] سلامة بن عبد اللّه بن نعيم 69
[9922] سلامة بن علي الفارقي 69
[9923] سلامة بن محمد بن ناهض - و يقال: سلام - أبو بكر البرقاني المقدسي 70
[9924] سلامة بن كرم المؤدب 71
[9925] سلامة بن محمد أبو الخير البغدادي 72
ص: 383
[9926] سلامة بن محمد بن سلامة أبو الخير القطان المقدسي 73
[9927] سلامة بن محمود بن محمد أبو الفرج الموصلي 73
[9928] سلامة بن اليعبوب المشجعي المعروف بالأفلج 74
[9929] سلامة أبو الخير المعرّي الناسخ 75
[9930] سلاّم بن سلمة، و يقال: ابن سليم 77
ذكر من اسمه سلام
[9931] سلاّم بن سليمان بن سوّار أبو العباس الأعمى 79
[9932] سلاّم بن أبي سلاّم ممطور الحبشي والد معاوية و زيد ابني سلاّم 82
[9933] سيابة بن عاصم بن شيبان بن خزاعي ابن محارب بن مرّة بن هلال السلمي 84
[9934] سيار مولى معاوية، و يقال: مولى خالد بن يزيد بن معاوية 97
ذكر من اسمه سيار
[9935] سيّار خادم عمر بن عبد العزيز 100
[9936] سيّار بن نصر بن سيّار، أبو الحكم 100
[9937] سيف بن أبي سيف 101
[9938] سيف بن عامر الكوفي 102
[9939] سيماه - و يقال: سيمويه - البلقاوي 102
[9940] شافع بن محمد بن يعقوب بن إسحاق أبو النّضر النيسابوري الأسفرايني 105
حرف الشين
[9941] شاكر بن عبد اللّه بن محمد بن عبد اللّه ابن محمد بن عبد اللّه بن سليمان ابن محمد بن سليمان ابن أحمد بن سليمان بن داود بن المطهر بن زياد بن ربيعة ابن الحارث بن ربيعة بن أنور بن أرقم بن أسحم بن النعمان 107 [9942][شبل بن الحسين بن علي بن عبد الواحد] أبو طاهر الحارثي 108
[9943] شبل بن حنثر الكلبي 109
[9944] شبل بن الحمار الكلبي 110
[9945] شبل بن طرخان أبو غالب الأزدي الصوفي 111
ص: 384
[9946] شبل بن علي بن شبل بن عبد الباقي أبو القاسم الصوفي الغاقوني 111
[9947] شبلي بن عبد الملك بن أحمد أبو الحسن البلخي الصوفي 112
[9948] شبّة بن عقال بن شبة بن عقال ابن صعصعة بن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان ابن مجاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة ابن تميم بن مرّ ابن طابخة التميمي الدارمي المجاشعي 112
[9949] شبة بن عقال بن صعصعة بن ناجية بن عقال ابن محمد بن سفيان بن مجاشع ابن دارم بن مالك ابن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم بن مرّ ابن طابخة التميمي الدارمي البصري 114
[9950] شبيب بن حميد بن قحطبة الطائي 120
[9951] شبيب بن شيبة بن عبد اللّه بن عمرو بن الأهتم ابن سمي بن سنان بن خالد ابن منقر بن عبيد بن مقاعس ابن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم أبو معمر التميمي المنقري الأهتمي البصري الخطيب 120
ذكر من اسمه شبيب
[9952] شبيب بن شيبة بن شبيب بن يزيد بن معروف ابن الهذيل أبو الليث الغسّاني الجدلي 137
[9953] شبيب بن أبي مالك الغسّاني 137
[9954] شبيب بن يزيد بن معروف ابن الهذيل الغسّاني الجدلي 138
[9955] شبيل بن عبد الرّحمن المازني 138
[9956] شجاع بن بكر بن محمد أبو محمد التميمي الرومي 139
ذكر من اسمه شجاع
[9957] شجاع بن علي بن أحمد بن علي أبو الفتح الإمام 140
[9958] شجاع بن وهب، و يقال: ابن أبي وهب ابن ربيعة و يقال: زمعة بن أسد بن صهيب بن مالك ابن كثير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة أبو وهب، و يقال: أبو عقبة الأسدي 140
[9959] شجرة بن مسلم 148
ص: 385
[9960] شدّاد بن أوس بن ثابت بن المنذر بن حرام ابن عمرو بن زيد مناة بن عدي ابن عمرو بن النجار و اسمه تيم اللّه بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج أبو يعلى، و يقال:
أبو عبد الرحمن ابن أخي حسان بن ثابت الأنصاري 149
ذكر من اسمه شدّاد
[9961] شريح بن هانئ بن يزيد بن نهيك و يقال ابن هانئ بن يزيد بن الحارث بن كعب و يقال غير ذلك أبو المقدام الحارثي الكوفي 153
[9962] شريف بن أبي حكيم بن محمّد أبو القاسم... السجستاني 165 [ذكر من اسمه] شريف
[9963] شريك بن الأعور و اسم الأعور الحارث الحارثي 166
ذكر من اسمه شريك
[9964] شريك بن سلمة المرادي 169
[9965] شريك بن شدّاد الحضرمي الشيعي 169
[9966] شريك بن عبد اللّه الكناني الفلسطيني 170
[9967] شريك بن عبد ربه النميري 171
[9968] شريك بن عبدة العجلاني 171
[9969] شعبة بن عثمان بن خريم التميمي 173
[9970] شعبة بن القلعم المازني من بني مازن بن عامر بن تميم 173 [ذكر من اسمه] شعبة
[9971] شعلة بن بدر أبو العباس الإخشيدي 174 [ذكر من اسمه] شعلة
[9972] عبد اللّه بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم ابن عبد مناف ابن عم رسول اللّه (ص) أبو العباس الهاشمي 175 [المستدرك من حرف العين]
[9973] عبد اللّه بن العباس بن الوليد ابن مزيد العذري البيروتي 219
ص: 386
[9974] عبد اللّه بن عبد اللّه بن الحارث بن نوفل ابن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف أبو يحيى الهاشمي النوفلي 219
[9975] عبد اللّه بن عبد اللّه أبي دجانة ابن عمرو بن عبد اللّه بن صفوان النصري 222
[9976] عبد اللّه بن أبي عبد اللّه أبو عون الأنصاري الأعور 222
[9977] عبد اللّه بن عبيد اللّه بن عاصم ابن عمر ابن الخطاب بن نفيل بن عبد العزّى العدوي المديني 223
[9978] عبد اللّه بن عبد الأعلى بن أبي عمرة أبو عبد الملك الشيباني مولاهم أخو عبد الصمد بن عبد الأعلى 224
[9979] عبد اللّه بن عبد الرحمن بن حجيرة أبو عبد الرحمن الخولاني 226
[9980] عبد اللّه بن عبد الرحمن بن عبد اللّه ابن سليمان بن خيثمة بن سليمان بن حيدرة أبو بكر القرشي الأطرابلسي 228
[9981] عبد اللّه بن عبد الرحمن بن عبد اللّه بن علي ابن عبد اللّه بن عبد الرحمن بن أبي العجائز سعيد بن خالد ابن حميد بن صهيب بن كليب بن البخيت بن علقمة ابن الصبر الأزدي، أزد شنوءة أبو محمد القاضي 229
[9982] عبد اللّه بن عبد الرحمن بن عتبة ابن إياس - و يقال ابن أبي إياس - بن الحارث ابن عبد أسد بن جحدم بن عمرو بن عائش ابن ظرب بن الحارث بن فهر، القرشي الفهري 230
[9983] عبد اللّه بن عبد الرحمن ابن عضاه بن الكركير الأشعري 231
[9984] محمد المعتصم بن هارون الرشيد ابن محمد المهدي بن عبد اللّه المنصور أبو إسحاق الهاشمي 234
حرف الميم
[9985] محمد بن هارون بن شعيب بن عبد اللّه بن عبد الواحد و يقال: محمد بن هارون بن شعيب بن علقمة بن سعد بن مالك و يقال: محمد بن هارون بن شعيب بن حيّان بن حكيم بن علقمة ابن سعد بن معاذ؛ صاحب سيّدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم 246
[9986] محمد بن هارون بن محمد بن بكّار بن بلال أبو بكر؛ و يقال: أبو عمرو العاملي 247
[9987] محمد بن هارون بن مجمع أبو الحسن المصّيصيّ 248
ص: 387
[9988] محمد بن هارون بن نصر بن السّنديّ بن إبراهيم أبو الفتح، ابن أخت طيب الورّاق، يعرف: بشيخ الجنّ 249
[9989] محمد بن هارون المقرئ 249
[9990] محمد بن هارون الدّمشقيّ 249
[9991] محمد بن هاشم بن سعيد أبو عبد اللّه القرشي البعلبكّي 250
[9992] محمد بن هاشم أبو عبد اللّه المعروف بالأذفر 251
[9993] محمد بن هاشم أبو بكر الموصلي الشاعر المعروف بالخالديّ 252
[9994] محمد بن هاشم - و يقال: ابن هشام - بن شهاب أبو صالح العذري الجسريني 253
[9995] محمد بن هبة اللّه بن عبد السميع بن علي ابن عبد الصمد بن علي بن العبّاس بن علي بن أحمد أبو تمام الهاشمي العبّاسي البغدادي النّسّابة الخطيب النقيب 257
[9996] محمد بن هبة اللّه بن علي أبو رضوان البغدادي الموصلي 258
[9997] محمد بن هشام بن إسماعيل ابن هشام بن الوليد بن المغيرة بن عبد اللّه ابن عمر بن مخزوم القرشيّ المخزوميّ 259
[9998] محمد بن هشام بن ملاّس أبو جعفر النّميري الدّمشقيّ 261
[9999] محمد بن هميان بن محمد بن عبد الحميد بن زيد أبو الحسين القيسي البغدادي الوكيل، المعروف بزنبيلويه 262
[10000] محمد بن الهيثم بن حماد بن واقد أبو عبد اللّه الثّقفي، مولاهم، يعرف بأبي الأحوص 263
[10001] محمد بن ياسر بن عبد اللّه بن عبد الخالق أبو بكر الحدّاد 266
[10002] محمد بن يحيى بن الحسين بن علي ابن حمزة بن يحيى بن الحسين بن زيد ابن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب أبو الغنائم الحسيني الزّيدي الكوفي 267
[10003] محمد بن يحيى بن حمزة بن واقد 267
[10004] محمد بن يحيى بن داود بن يحيى أبو بكر الهاشمي مولاهم، المعروف بالسّمّاقيّ 268
[10005] محمد بن يحيى بن عبد اللّه بن خالد بن فارس ابن ذؤيب أبو عبد اللّه الذّهليّ ، مولاهم 268
ص: 388
[10006] محمد بن يحيى بن علي بن عبد العزيز بن علي ابن الحسين بن محمد ابن عبد الرحمن بن الوليد بن القاسم ابن الوليد أبو المعالي بن أبي المفضّل بن أبي الحسن ابن أبي محمد القرشي المعروف بابن الصّائغ 275
[10007] محمد بن يحيى بن علي بن مسلم بن موسى ابن عمران القرشيّ اليمني الزّبيديّ الواعظ 276
[10008] محمد بن يحيى بن الفيّاض أبو الفضل الزّمّاني البصري 278
[10009] محمد بن يحيى بن محمد أبو سعيد البغدادي، المعروف بحامل كفنه 280
[10010] محمد بن يحيى بن محمد ابن إبراهيم أبو بكر المكّيّ 281
[10011] محمد بن يحيى بن محمد أبو بكر المصري 281
[10012] محمد بن يحيى أبي محمد بن المبارك بن المغيرة أبو عبد اللّه العدويّ ، المعروف أبوه باليزيدي 282
[10013] هارون الرشيد بن محمد المهدي بن عبد اللّه المنصور ابن محمد بن علي ابن عبد اللّه بن العباس أبو جعفر - و يقال: أبو محمد - أمير المؤمنين 285 [بسم اللّه الرحمن الرحيم
[10014] هارون الواثق بن محمد المعتصم بن هارون الرشيد ابن محمد المهدي بن عبد اللّه المنصور أبو جعفر، و قيل أبو القاسم 323
[10015] هارون بن معاوية أبي عبيد اللّه الأشعري عم معاوية بن أبي صالح 332
[10016] هارون بن موسى بن شريك أبو عبد اللّه التغلبي المقرئ المعروف بالأخفش 332
[10017] هارون بن أبي الهيذام و اسم أبي الهيذام محمد بن هارون أبو يزيد العسقلاني مولى آل عثمان بن عفان 333
[10018] هارون بن يزيد الشاري النيسابوري ابن أخت مخلد بن مالك 334
[10019] هاشم بن بلال، و يقال: ابن سلال و يقال: سلاّم بن أبي سلاّم، أبو عقيل الحبشي 334
[10020] هاشم بن خالد بن أبي جميل أبو مسعود القرشي 335
[10021] هاشم بن زائد - و يقال ابن زيد - الدمشقي 336
ص: 389
[10022] هاشم بن سعيد البعلبكي والد محمد بن هاشم 337
[10023] هاشم بن عتبة بن أبي وقاص مالك بن أهيب ابن عبد مناف بن زهرة بن كلاب الزهري المعروف بالمرقال 337
[10024] هاشم بن عمرو بن هاشم أبو عمرو البيروتي 341
[10025] هاشم بن محمد بن أحمد بن إسماعيل بن سيّار أبو العهد التميمي الشاعر، المعروف بالمتيم 341
[10026] هاشم بن مرثد بن سليمان ابن عبد الصمد - و يقال: عبد اللّه - بن عبد ربه ابن أيوب بن مرهوب الطبراني الطيالسي، مولى ابن عباس [أبو سعيد الطبراني الطيالسي 342
[10027] هاشم المرادي 342
[10028] هامة بن الهيم ابن لاقيس بن إبليس 344
[10029] هانئ بن عروة بن فضفاض و يقال: ابن عروة بن نمران - بن عمرو بن قعاس ابن عبد يغوث الغطيفي المرادي الكوفي 346
[10030] هانئ بن كلثوم بن عبد اللّه بن شريك ابن ضمضم - و يقال له: ابن حبان الكندي و يقال: الكناني الفلسطيني 350
[10031] هانئ أبو مالك الهمداني 352
[10032] هانئ أبو سعيد البربري مولى عثمان بن عفان الأموي 353
[10033] هبّار بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى أبو الأسود - و يقال: أبو سعد - القرشي الأسدي 355
[10034] هبة اللّه بن أحمد بن عبد اللّه بن علي بن طاوس أبو محمد بن أبي البركات المقرئ الشافعي 358
[10035] هبة اللّه بن أحمد بن محمد ابن هبة اللّه بن علي بن فارس أبو محمد بن أبي الحسين ابن أبي الفضل الأنصاري المعروف بابن الأكفاني 359
[10036] هبة اللّه بن جعفر بن الهيثم بن القاسم أبو القاسم البغدادي المقرئ 360
[10037] هبة اللّه بن الحسن بن هبة اللّه بن عبد اللّه أبو الحسين أخو المصنف الأكبر رحمهما اللّه تعالى 361
[10038] هبة اللّه بن عبد اللّه بن الحسن ابن محمد بن عبد اللّه بن إبراهيم بن الفضيل
ص: 390
أبو الفرج الكلاعي البزار، أخو أبي القاسم 362
[10039] هبة اللّه بن عبد اللّه أبو القاسم الشاوي 362
[10040] هبة اللّه بن عبد الوارث بن علي بن أحمد ابن علي بن أحمد بن إبراهيم ابن جعفر بن بوري أبو القاسم الشيرازي الحافظ 363
[10041] هبة اللّه بن محمد بن بديع بن عبد اللّه أبو النجم الأصبهاني الوزير 364
[10042] هبة اللّه بن محمد بن حميد أبو عمرو الأشعري 365
[10043] هبة اللّه بن المسلم بن نصر بن أحمد أبو القاسم بن الخلال الرحبي 365
[10044] هبيرة بن عبد الرحمن - يقال: ابن غنم - الشامي و يقال: هبيرة عن عبد الرحمن ابن غنم و غيره 365
[10045] هدبة بن الخشرم بن كرز بن أبي حيّة ابن الكاهن، و هو سلمة بن الأسحم 366
[10046] هذيل بن زفر بن الحارث ابن عبد عمرو الكلابي 371
[10047] هرم بن حيان العبدي الربعي العامري و يقال: الأزدي البصري 372
[10048] هشام بن أحمد بن هشام بن عبد اللّه بن كثير أبو الوليد المقرئ، مولى بني أسد بن عبد العزى 377
[10049] هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد ابن المغيرة بن عبد اللّه بن عمر بن مخزوم أبو الوليد المخزومي 377
ص: 391