تاريخ مدينة دمشق و ذكر فضلها و تسمية من حلها من الأمائل أو اجتاز بنواحيها من وارديها و أهلها
تصنيف الإمام العالم الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة اللّه بن عبد اللّه الشافعي المعروف بابن عساكر
499 ه-571 ه
تفاصيل النشر: بیروت: دارالفکرالمعاصر؛ دمشق: دارالفکر دمشق: معهد الفتح الاسلامي، 1420ق.= 1999م.= 1378 -
دراسة و تحقيق علي شيري
عدد المجلدات: 80
لسان: العربية
ابراهيم بن عبد اللّه - ارتاش بن تتش
دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع
تصنيف الكونجرس: DS99 /د8 1378 الف243015
تصنيف ديوي: 956/9144
موضوع: تاريخ الإسلام | التاريخ والجغرافيا المحلية | الترجمة الجماعية | رجال
ص: 1
تاريخ مدينة دمشق و ذكر فضلها و تسمية من حلها من الأمائل أو اجتاز بنواحيها من وارديها و أهلها
تصنيف الإمام العالم الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة اللّه بن عبد اللّه الشافعي المعروف بابن عساكر
499 ه-571 ه
دراسة و تحقيق علي شيري
ابراهيم بن عبد اللّه - ارتاش بن تتش
دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع
ص: 2
الجزء الخمسون
[ذكر من اسمه] (1) كابس
5775 - كابس بن ربيعة بن مالك السامي (2) البصري
كان يشبّه بالنبي صلى اللّه عليه و سلم، استقدمه معاوية بن أبي سفيان فنظر إليه، له ذكر.
أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، حدّثنا أبو بكر الخطيب، أنبأنا الحسن (3) بن علي الجوهري، حدّثنا محمّد بن العباس الخزاز، حدّثنا أبو أيوب سليمان بن إسحاق الجلاّب، حدّثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي، حدّثني إبراهيم بن نعيم، و أبو عثمان قالا: حدّثنا محمّد ابن عمر المقدّمي، حدّثنا ريحان بن سعيد قال: سمعت عباد بن منصور قال: كان رجل منا يقال له كابس بن ربيعة يشبّه بالنبي صلى اللّه عليه و سلم، فقال قوم من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: ما رأينا بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أشبه به منه، إلاّ أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كان أحدّ حسنا منه، قال إبراهيم: يعني أرقّ منه، رقّة حسن.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا أبو القاسم إسماعيل بن مسعدة، أنبأنا أبو عمرو عبد الرّحمن بن محمّد الفارسي، أنبأنا أبو أحمد بن عدي (4)،حدّثنا إسحاق بن إبراهيم ابن يونس، حدّثنا محمّد بن عمر المقدّمي، حدّثنا ريحان بن سعيد الناجي قال: سمعت عباد ابن منصور قال: كان رجل منا يقال له كابس (5) بن زمعة (6) بن ربيعة بن ربيعة فرآه أنس بن
ص: 3
مالك فعانقه و بكى، و قال: من أحبّ أن ينظر إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فلينظر إلى كابس (1) بن زمعة بن ربيعة، فذكر فيه قصة طويلة، فرفعه إلى معاوية، و أشاد معاوية أيضا في معناه و شهادة سبعة من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم له بذلك كما شهد أنس (2).قرأت على أبي غالب بن البنّا، عن أبي الفتح بن المحاملي أنا أبو الحسن الدار قطني قال: و لأهل البصرة رجل يقال له كابس بن ربيعة - بالكاف - بن مالك من بني سامة بن لؤي، كان يشبّه النبي صلى اللّه عليه و سلم، فوجّه إليه معاوية فأشخصه لذلك، فنظر إليه و قبّل بين عينيه، و أقطعه المرغاب، و كان أنس بن مالك إذا رآه بكى، و قال: هذا أشبه الناس برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم.
روى حديثه عبّاد بن منصور، و هو كابس بالكاف، و إنّما ذكرناه لئلا يلتبس على بعض من لم يتبحّر في العلم بعابس بن ربيعة.
قرأت على أبي محمّد السلمي عن أبي نصر بن ماكولا قال (3):
و أما حسم - بحاء و سين مهملتين - فهو حسم بن ربيعة بن الحارث بن سامة بن لؤي، من ولده: كابس بن ربيعة بن مالك بن عدي بن الأسود بن حسم بن ربيعة كان يشبّه بالنبي صلى اللّه عليه و سلم، و كان في زمن معاوية.
ثم قال (4):و أما كابس أوله كاف و بعد الألف باء معجمة بواحدة و سين مهملة فهو:
كابس بن ربيعة، ثم ساق باقي نسبه.
آخر الجزء الرابع و الثمانين بعد الخمسمائة من الفرع.
في سنة أربع - و يقال خمس - و ثلاثين و ثلاثمائة بدمشق، فلما مات أقعد ابناه أبو القاسم أونوجور (1)،و أبو الحسن علي ابنا الإخشيد مكان أبيهما، و كان المدبّر لأمرهما كافور، ثم سار كافور إلى مصر فقتل غلبون المغربي المتغلّب عليها و ملكها، و قصد سيف الدولة (2)دمشق فملكها ثم إنّ أهل دمشق خافوا من حيف (3) سيف الدولة، فكاتبوا كافورا فجاء إلى دمشق، فملكها سنة خمس و قيل سنة ست و ثلاثين و ثلاثمائة، فأقام بها يسيرا ثم ولّى بدر الإخشيدي (4)،و يعرف ببدير، و رجع كافور إلى مصر.
أنبأنا (5) أبو منصور موهوب بن أحمد بن الخضر بن الجواليقي اللغوي، حدّثنا أبو زكريا يحيى بن علي التبريزي الخطيب قال: حكى لنا الرئيس أبو الحسن بن علي بن باري الواسطي، حدّثنا أبو الحسن بن أدين النضر النحوي قال: حضرت مع والدي مجلس كافور الإخشيدي و هو غاصّ بالناس، فدخل إليه رجل و قال في دعائه: أدم اللّه أيام سيدنا - بكسر الميم من الأيام - و فطن بذلك جماعة من الحاضرين، أحدهم صاحب المجلس حتى شاع ذلك، فقام من أوساط الناس رجل فأنشأ يقول:
لا غرو إن لحن الداعي لسيّدنا *** أو غصّ من دهش بالريق أو حصر
فمثل هيبته حالت جلالتها *** بين الأديب و بين القول بالحصر
و إن يكن خفض الأيّام عن غلط *** في موضع النصب لا عن قلّة البصر
فقد تفاءلت من هذا لسيّدنا *** و الفأل مأثورة عن سيّد البشر
فإنّ أيامه خفض بلا نصب *** و إنّ أوقاته صفو بلا كدر
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، حدّثنا أبو محمد (6) الكتّاني (7) قال: و فيها - يعني - سنة
ص: 5
ست و خمسين و ثلاثمائة توفي كافور الإخشيدي، و ذكر غيره أنه توفي بمصر و حمل إلى بيت المقدس، و قيل إنه دفن بداره بمصر.
كتب إليّ أبو الحسن محمّد بن محمّد بن مرزوق الزعفراني، و حدّثنا أبو طاهر إبراهيم ابن الحسن بن طاهر عنه قال: قرأت على أبي الفضل جعفر بن يحيى بن إبراهيم التميمي المكي بالبصرة، قال لك الشيخ أبو نصر عبيد اللّه بن سعيد الوائلي السّجستاني الحافظ :
وجدت على قبر الأمير أبي المسك كافور الإخشيدي رحمه اللّه بيتين و هما (1):
ما بال قبرك يا كافور منفردا *** بالصّحصح المرت (2) بعد العسكر اللّحف
يدوس قبرك أفناء (3) الرجال و قد *** كانت أسود الثرى تخشاك في الكثب
قال لنا أبو الفضل: قال لنا الشيخ أبو نصر: و كانت وفاته يوم الثلاثاء لعشر بقين من جمادى الأولى من سنة سبع و خمسين و ثلاثمائة بمصر، رضي اللّه عنه، و ذكر بعضهم أن وفاته كانت يوم الثلاثاء بعد الزوال لعشر بقين من جمادى الأولى سنة سبع و خمسين و ثلاثمائة، و قيل لاثنتي عشرة بقيت من جمادى الأولى.
أنبأنا أبو محمّد بن صابر، أنبأنا أبو الحسين بن الحنائي، أنبأنا أبو بكر الحداد، أخبرني أبو نصر بن الجبّان (4)،حدّثني بعض إخواني من أصحاب الحديث قال: قرأت على قبر كافور الإخشيدي بمصر مكتوب على القبر في الجص منقور:
ما بال قبرك يا كافور منفردا *** بالصّحصح المرت بعد العسكر اللّجف
يدوس (5) قبرك أفناء الرجال و قد *** كانت أسود الثرى تخشاك من كثب
كتب إليّ أبو نصر بن القشيري، أنبأنا أبو بكر البيهقي، أنبأنا الحاكم أبو عبد اللّه، حدّثني الوليد بن بكر العمري أنه قرأ على قبر كافور بمصر (6):
انظر إلى غير الأيام ما صنعت *** أفنت أناسا بها كانوا و ما فنيت
ص: 6
دنياهم ضحكت أيام دولتهم *** حتى إذا فنيت (1) ناحت لهم و بكت
سمع بصور الفقيه أبا الفتح الزاهد، و ببغداد: مالك بن أحمد البانياسي، و أبا الحسين ابن الطّيّوري، و بطبرستان: القاضي أبا المحاسن عبد الواحد الرّوياني و غيرهم.
و سكن بغداد، و دخل دمشق على ما ذكر لي. كتبت عنه ببغداد و كان أديبا (2).
أخبرنا أبو الحسن (3) كافور بن عبد اللّه، أنبأنا أبو عبد اللّه مالك بن أحمد البانياسي، أنبأنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن موسى بن القاسم بن الصلت المجبّر، حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصّمد الهاشمي - إملاء - حدّثنا الحسين بن الحسن (4) المروزي، حدّثنا ابن المبارك، أنبأنا يحيى بن عبد اللّه قال: سمعت أبي قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«إنّ أحدكم مرآة أخيه، فإذا رأى [به] (5) شيئا فليمطه عنه» (6)[10591].
و أخبرنا أبو الحسن أيضا، أنبأنا أبو الحسين بن الطّيّوري، أنبأنا أبو علي بن شاذان، أنبأنا أبو بكر أحمد بن سليمان بن أيوب العبّاداني، حدّثنا علي بن حرب الطائي، حدّثنا سفيان ابن عيينة، حدّثنا الزهري، عن محمّد بن جبير بن مطعم عن أبيه أنه سمع النبي صلى اللّه عليه و سلم يقرأ في المغرب ب «الطور».
أنشدنا أبو الحسن كافور، و ذكر أنهما له:
ضيعت أيامي ببست و همّتي *** تأبى المقام بها على الخسران
و إذا الفتى في البؤس أنفق عمره *** فمن الكفيل له بعمر ثاني
قرأت بخط أبي الحسن عبد الغافر بن إسماعيل، أنشدنا كافور لنفسه و كتب [به] (7) إلى الرئيس محمّد بن منصور البيهقي:
هل من قرى يا أبا سعد بن منصور *** لخادم قادم و أفاك من صور
ص: 7
شعاره إن دنت دار و إن بعدت *** اللّه يبقي أبا سعد بن منصور
توفي كافور في رجب سنة إحدى و عشرين و خمسمائة ببغداد، و دفن بالوردية.
قرأت بخط أبي بكر بن كامل:
و فيها - يعني - سنة إحدى و عشرين و خمسمائة مات كافور الليثي ليلة الأربعاء تاسع و عشرين رجب، حدّثنا عن مالك و غيره.
[ذكر من اسمه] (1) كالب
5778 - كالب بن يوقنّا (2) بن بارص بن يهوذا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم
الخليل عليه السّلام
ورد مع موسى عليه السّلام بأرض كنعان من البلقاء من نواحي دمشق، و هو الذي قام بأمر بني إسرائيل بعد يوشع بن نون، و يقال: بل القائم بعد يوشع فنحاس بن العازر.
أنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني، حدّثنا عبد العزيز بن أحمد، أنبأنا [أبو] (3) محمّد بن أبي نصر - إجازة - أنبأنا القائد أبو (4) محمّد عبد اللّه بن أحمد الفرغاني - قراءة-. ح قال: عبد العزيز: و أنبأنا [أبو] (5) الحسين الميداني، أنبأنا أبو سليمان بن زبر، أنبأنا الفرغاني، أنبأنا محمّد بن جرير الطبري (6)،حدّثنا ابن حميد، حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: لما نشأت النواشي من ذراريهم - يعني - الذين أبوا قتال الجبارين مع موسى و هلك آباؤهم و انقضبت الأربعون سنة الذين تيّهوا (7) فيها سار بهم موسى عليه السلام و معه يوشع بن نون، و كلاب (8)بن يوقنا (9)،فلما انتهوا إلى أرض كنعان، و بها بلعم بن باعور المعروف، و كان قد آتاه اللّه علما، و كان فيما أوتي من العلم اسم اللّه الأعظم، فيما يذكرون، الذي إذا دعي اللّه به أجاب، و إذا سئل به أعطى.
ص: 8
و ذكر ابن إسحاق عن سالم أبي النّضر قال: كان بلعم ببالعة (1) قرية من قرى البلقاء.
أخبرنا أبو الوحش سبيع بن المسلم، و أبو تراب حيدرة بن أحمد - إذنا - قالا: حدّثنا أبو بكر أحمد بن علي، أخبرني محمّد (2) بن أحمد بن رزقويه، أنبأنا أحمد بن سندي (3)، حدّثنا الحسن بن علي القطان، حدّثنا إسماعيل بن عيسى، حدّثنا إسحاق بن بشر، أنبأنا أبو إلياس - يعني - عبد المنعم (4) بن إدريس عن وهب بن منبّه عن كعب قال: إنّ يوشع بن نون لما حضرته الوفاة استخلف على بني إسرائيل كالب بن يوقنا، و لم تكن لكالب نبوة، و لكنه كان رجلا صالحا، و كانت بنو إسرائيل منقادة له، فوليهم زمانا يقسم فيهم من طاعة اللّه ما كان يقيم يوشع بن نون، و الناس لا يختلفون عليه يعترفون له بالفضل، و ذلك مما كان اللّه جلّ و عزّ أكرمه حتى قبضه اللّه على منهاج يوشع، و استخلف ابنا له يقال له يوسافاس بن كالب، و هو نظير يوسف بن يعقوب في الحسن و الجمال، فافتتن الناس بالنظر إليه يردون إليه من كلّ أفق، حتى شغله ذلك عن حكم بني إسرائيل، و كن (5) النساء كدن أن يغلبنه على نفسه، و كانوا يأتونه زوارا و يقولون له: أيها العبد الصالح أتيناك لتعلمنا و تفقهنا في ديننا، و يجعلون ذلك علة لما يريدون من النظر إليه حتى ضاعت الحدود و الأحكام، و افتتن به النساء فتنة عظيمة، خاف منها اللّه عزّ و جلّ ، فدعا ربه و رغب إليه أن يغيّر حسنه و جماله، و أن يضرب وجهه بآفة من البلاء تشوّهه و يغيّر حسنه، و أن يسلم له سمعه و لسانه، و بصره، و عقله، و قلبه، و جسده، فضربه اللّه بالجدري، فشتر عينيه و معط لحيته و حاجبيه، و خرم أنفه و أذنيه، و قشر أديم وجهه، فاستقل من ذلك الوجع مشوّها معيرا مسرورا بذلك فرحا يعدّها نعمة من اللّه، حتى أنكره كثير ممن كان يعرفه، و رقّت له النساء يبكين عليه حزنا و رحمة، و تلهفا على ما فاتهن من حسنه و صفاء لونه، و لما صار إليه من البلاء حتى صار فيهم مثل مشغلته الأولى، فلما رأى ذلك سأل ربه أن يشوّه وجهه بعاهة أخرى يقذرنه النساء و يكرّهه إليهن (6) فاسا (7)أسفل وجهه الذقن و الفم، حتى صار له خرطوم مثل خرطوم السبع فيه أضراس، فقصر الناس
ص: 9
عنه و النساء حتى لم يستطع أحد [أن] (1) ينظر إليه، و سودته بنو إسرائيل و شرّفوه، و أقرّوا به بالفضل لما كان من اختياره التغيير على الحسن و الجمال، و لما يرون من طيب نفسه و سروره، فلبث بذلك أربعين عاما قائما فيهم بالعدل، فلما توفاه اللّه اختلفت بنو إسرائيل و تعصّبت فيما بينهم (2)،فدعا كلّ إلى نفسه و إلى سبطه، فقال هؤلاء: منا الإمام، و قال هؤلاء: منا الإمام، فلمّا رأى ذلك ولد موسى و سبطه الذين هم من ولده قالوا: ما أمرنا اللّه عز و جلّ بذلك، و لا أوصانا به موسى، و إنا نبرأ (3) إلى اللّه مما يعمل هؤلاء، و هم الذين يقول اللّه عز و جلّ : وَ مِنْ قَوْمِ مُوسىٰ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ (4).
ابن أبي جميل أبو التمام المقرئ الضرير
قرأ القرآن بحرف ابن عامر على أبي الوحش سبيع بن المسلّم بن قيراط .
و سمع أبا طاهر الحنّائي، و أبا الحسن الموازيني، و أبا محمّد بن الأكفاني و جماعة من شيوخنا. و حدّث بشيء يسير. سمعت منه و قرأت عليه القرآن العظيم.
و كان خيّرا ثقة، كثير الدرس للقرآن، مواظبا على صلاة الليل، و حجّ مرتين، توفي في الثانية منهما محرما قبل قضاء نسكه في السابع من ذي الحجة سنة أربعين و خمسمائة، و دفن بمكة، و مات بعلة البطن غريبا، فحصلت له الشهادة من وجهين، رحمه اللّه.
الفقيه العسقلاني المعروف المقدسي
سمع أبا الحسين محمّد بن الحسين (5) بن الترجمان، و أبا نصر محمّد بن إبراهيم الهاروني الجرجاني؛ و أبا الحسن علي بن صالح العسقلاني، و أبا سعيد عبد الكريم بن علي ابن أبي نصر القزويني، و أبا محمّد زيد بن الحسن الموسوي، و أبا الفضل عبد اللّه بن الحسين
ص: 10
ابن بشرى (1) الجوهري.
روى عنه: عمر بن عبد الكريم الدّهستاني، و حدّثنا عنه ابنه أبو الحسين، و أبو القاسم بن السّمرقندي.
و قدم دمشق مرتين في سنة أربع و ثمانين، و سنة خمس و ثمانين [و أربعمائة] (2).
أخبرنا أبو الحسين بن كامل، أنبأنا أبي - ببيت المقدس - سنة سبع و ستين و أربعمائة، أنبأنا أبو الحسين محمّد بن الحسين بن محمّد بن علي بن التّرجمان، أنبأنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن يوسف الجندري - بعسقلان - حدّثنا أبو بكر محمّد بن جعفر الخرائطي، حدّثنا علي - يعني - ابن حرب، حدّثنا ابن فضيل عن عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير (3) قال: سمعت أبا هريرة يقول: أتى جبريل النبي صلى اللّه عليه و سلم فقال: هذه خديجة قد أتتك، و معها إناء فيه إدام - أو طعام، أو شراب - فإذا هي أتتك (4) فاقرأ عليها السلام من ربها و مني، و بشّرها ببيت (5) في الجنّة من قصب (6)،لا صخب فيه و لا نصب (7).
حدّثنا أبو القاسم بن السّمرقندي - لفظا - قال: قرأت على القاضي أبي الحسن كامل ابن ديسم بن مجاهد العسقلاني - بيت المقدس - قلت له: أخبركم أبو الحسين محمّد بن الحسين بن علي بن التّرجمان - قراءة عليه و أنت تسمع فاقرأه، أنبأنا أبو حفص عمر بن داود ابن سلمون بن داود الأطرابلسي، حدّثنا الحسين بن محمّد بن داود - بمصر - حدّثنا محمّد بن هشام بن أبي خيرة، حدّثنا يحيى بن (8) سعيد، عن عبيد اللّه بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر.
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم سبق بين الخيل المضمرة منها من الحفياء (9) إلى ثنية الوداع (10) و ما
ص: 11
لم يضمر منها من ثنية الوداع إلى مسجد بني رزيق (1).
حدّثني أبو الحسين بن كامل أن أباه قتلته الفرنج - خذلهم اللّه - يوم دخلوا ببيت المقدس و هو يصلي، و كان دخولهم بيت المقدس في شعبان سنة اثنتين و تسعين و أربعمائة.
روى عن عبد اللّه بن الحسن بن عبيد اللّه الحوراني، و هو عبد الدائم صاحب الكلابي.
سمع منه طاهر بن بركات الخشوعي، و أبو الفتيان عمر بن عبد الكريم الدّهستاني و روى عنه.
حدّث عن: أبيه.
روى عنه أبو محمّد عبد الرّحمن بن علامة الكفرطابي المعروف بابن الحرامببه (2).
و كان مقامه بشيزر يعلم بها أولاد الأمير أبي سلامة بن منقذ، و كان قد تأدب بالعراق و كان له شعر جيد، و قدم دمشق و كان ينسخ بالأجرة. رأيته غير مرة و لم أسمع منه شيئا.
ذكر أبو محمّد عبد الرّحمن بن سلامة، حدّثني أبو التمام كامل بن علي بن سالم السّنبسي من لفظه، حدّثنا أبي، حدّثنا سعيد بن محمّد، حدّثنا محمّد بن علي القاضي، حدّثنا أحمد بن عبد الرّحمن بن أبي المغيرة، حدّثنا محمّد بن يحيى القزّار (3)،حدّثنا يزيد بن بيان (4)،حدّثنا أبو الرّحّال (5) عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«ما أكرم شاب شيخا لكبر سنّه إلاّ قيّض اللّه من يكرمه عند كبر سنّه»[10592].
ص: 12
أخبرناه عاليا أبو القاسم إسماعيل بن محمّد بن الفضل الحافظ ، أنبأنا أبو عبد اللّه الحسين (1) بن أحمد النّعالي - ببغداد - أنبأنا جدي (2) أبو الحسن محمّد بن طلحة النعالي (3)، حدّثنا أحمد بن إبراهيم العديمى (4)،حدّثنا [محمد بن يونس بن] (5) موسى، حدّثنا يزيد بن بيان المعلم، حدّثنا أبو الرّحّال (6) عن أنس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«ما أكرم شاب شيخا لسنّه إلاّ قيّض اللّه له من يكرمه عند سنّه» (7)[10593].
و قال أبو محمّد بن سلامة: حدّثني أبو التمام كامل بن علي، حدّثني أبي، حدّثنا سعيد قال: و أنشدني محمّد بن علي القاضي، أنشدني القاضي محمّد بن الحسن لمنصور الفقيه:
الناس بحر عميق *** و البعد منهم سفينة
و قد نصحتك فانظر *** لنفسك المسكينة
أنشدنا القاضي أبو القاسم الحسين بن حمزة بن الحسين الحموي - قاضي حماة (8)- قال: أنشدنا أبو التمام لنفسه:
نبئت عيسى له في العلم معرفة *** و فطنة بلغات العجم و العرب
فهات قل لي: ما حجر، و ما حجر *** و ما الحجي و الحجى يا بارع الأدب ؟
الحجر المنع، و حجر: الثوب أيضا بالفتح، و يقال: بالكسر، و حجر اسم رجل.
و الحجى بكسر الحاء: العقل، و الحجا بفتح الحاء واحدتها حجاة و هي القبيبة (9) تكون على وجه الماء من وقع المطر، و مثل الحجاة الجعدبة و الكعدبة:
و ما حجين و ساهور و ما سمر *** و الفخت و الهالة الشوهاء في الشّهب
حجين: اسم من أسماء القمر، و كذلك الساهور، و السّمر: ضوء القمر، و منه اشتقاق السّمرة، و الفخت: الظل منه و يقال: الفخت: ضوأه أيضا، و الهالة: الدارة التي تكون حول القمر، و الشوهاء الحسنة هاهنا، و الشوهاء أيضا: القبيحة، و الشوهاء: المرأة الشديدة الإصابة بالعين، و الشّهب: النجوم.
ص: 13
و ما السّكاك (1) و ما لوح و جونته *** يوح و ما الضح ذات النّجر و اللّهب
السّكاك (2) و اللّوح: الجو، و هو الهواء البعيد من الأرض، و الجونة: الشمس، و يوح أيضا: الشمس، و الضّحّ : الشمس أيضا، و النجر: الحرّ.
و ما براح إذا أذكت وديقتها *** و ما ذكاء و راح البارح الحصب
براح أيضا من أسماء الشمس، و هي مبنية على الكسر، و أذكت: أوقدت، و الوديقة:
شدة الحرّ، و ذكاء أيضا من أسماء الشمس، و الراح اليوم الشديد الريح، و البارح: الريح الحارّة و الحصب الذي يرمي بالحصباء.
و ابنا سمير، و ما إلّ و ما يلل *** و ما الشغا في خلال الظّلم و الشّنب
ابنا سمير: الليل و النهار، و الإلّ الربوبية و القدرة، و الإل: العهد، و الإل: القرابة، و اليلل: إقبال الأسنان على باطن الفم، يقال منه: قد يللت فأنا أيل يللا. و الشغا: هو أن يختلف نبتة الأسنان فلا تتسق، و الظلم: ساكن اللام: ماء الأسنان، و الشنب: برد الأسنان و عذوبة مذاقتها.
و هي قصيدة طويلها فيها علم كثير.
5783 - كامل بن علي بن محمّد بن سلم (3) بن عقيل بن عمارة أبو القاسم التميمي
البصري
ذكر أنه سمع خيثمة بن سليمان بأطرابلس، و أحمد بن محمّد بن إبراهيم الآجري بمكة.
روى عنه القاضي أبو الحسن عبد العزيز بن عبد الرّحمن بن أحمد القزويني، و سمع منه بالري سنة تسع و تسعين و ثلاثمائة.
القرشي الصّوري
سمع بصيدا (4):أبا عبد اللّه محمّد بن عبد الرّحمن بن طلحة.
ص: 14
روى عنه: غيث بن علي.
أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي - و نقلته من خطه - أنبأنا أبو البركات كامل بن محمّد بن عبد اللّه بن هارون بن محمّد بن موسى القرشي، أنبأنا أبو عبد اللّه محمّد بن عبد الرّحمن بن طلحة الصّيداوي - بها - أنبأنا أبو القاسم إسماعيل بن محمّد بن إسماعيل الحلبي - بحمص - حدّثنا علي بن عبد الحميد الغضائري (1)،حدّثنا عبد اللّه بن عمران، حدّثنا عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن أنس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«من مشى لأخيه المسلم في حاجة كتب اللّه له بكل خطوة سبعين حسنة، و محى عنه بكل خطوة سبعين سيئة منذ سدى في الحاجة إلى أن تقضى، فإن قضيت الحاجة خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمّه، فإن مات قبل ذلك دخل الجنّة»[10594].
5785 - كامل بن المخارق (2) الصّوفي
من ساكني دمشق، له ذكر.
أخبرتنا شهدة بنت أحمد بن الفرج في كتابها قالت: أنبأنا جعفر بن أحمد السراج، أنبأنا إبراهيم بن سعيد - بمصر-. ح و أنبأنا أبو الحسن السّلمي الفقيه، و أبو الفضل بن ناصر، قالا: أجاز لنا (3) إبراهيم ابن سعيد، حدّثنا أبو صالح السّمرقندي الصوفي، حدّثنا الحسين بن القاسم (4) بن اليسع، حدّثنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن عمر الدينوري، حدّثنا أبو محمّد جعفر بن عبد اللّه الصّوفي قال: قال أبو حمزة: كان كامل بن المخارق الصوفي من أحسن من رأيته من أحداث الصوفية وجها، و كان قد لزم (5) منزله، و أقبل على العبادة، و كان لا يخرج إلاّ من جمعة إلى جمعة، فإذا خرج يريد المسجد وقف له الناس و رموه بأبصارهم ينظرون إليه، فقدم علينا حجار بن قيس المكي دمشق، و كان أحد الفصحاء العقلاء، و كان لي صديق، فكلّمني جماعة من أصحابنا أسأله أن يجلس لهم مجلسا يتكلّم عليهم فيه، و يسألونه فكلّمته فوعدني يوما يتكلم، فاتعدنا بذلك اليوم و دعا الناس بعضهم بعضا، فلما أن كان يوم الجمعة و صلّى الناس الغداة، أقبلوا من كل ناحية فوقف يتكلّم عليهم، فبينا هو كذلك إذ أقبل
ص: 15
كامل بن المخارق، فلمّا نظر إليه الناس رموه بأبصارهم و شغلوا بالنظر إليه عن الاستماع منه، و فطن بهم حجّار فقطع كلامه، و قال: يا قوم ما لكم لا ترجون للّه وقارا و قد خلقكم أطوارا أ لم تروا كيف خلق اللّه سبع سماوات طباقا و جعل القمر فيهن نورا، و جعل الشمس سراجا، فو اللّه لما تنظرون منهما على بعدهما أعجب من نظركم إلى هذا، فاحذروا أن تعود (1) عليكم النفوس بعوائد حكمها (2) إذا جالت القلوب في غامض فكرها، أ تنظرون إلى جمال يجول عند نضرته و وجه تتحرمه الحادثات بعد حيرته ما هذا، انظر المشتاقين ؟ أين تذهب بكم الشهوات، عرّضتكم لمحنة عظيمة على أنكم لا تبلغون منها محبوب نفوسكم، و مطالبة قلوبكم إلاّ بإحدى ثلاث: إما بتوبة يتلقاكم اللّه بها، أو عصمة يتغمدكم برحمته فيها أو يطلقكم و ما تطلبونها أو تبلغونها فتسخطونه عليكم أ ما سمعتموه تعالى ذكره يقول: ذٰلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مٰا أَسْخَطَ اللّٰهَ وَ كَرِهُوا رِضْوٰانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمٰالَهُمْ (3) ثم أخذ في كلامه فأحصيت من أحرم في مجلسه ذلك اليوم نيفا على سبعين بين رجل و غلام.
سمع محمّد بن مروان البيروتي (4) ببيروت، و الربيع بن سليمان، و هلال بن العلاء الرّقّي، و محمّد بن يعقوب بن العرحى (5)،و محمّد بن سهل المصّيصي (6).
روى عنه أبو حاتم محمّد بن حبّان البستي (7).
أخبرنا أبو جعفر حنبل بن علي بن الحسين بن الحسن (8) السّجزي (9) المعروف بالبخاري مناولة، و قرأ عليّ إسناده، أنبأنا أبو محمّد أحمد بن محمّد بن أحمد المقرئ، أنبأنا أبو عبد اللّه أحمد بن محمّد الشروطي - ببست (10)-أنبأنا أبو حاتم محمّد بن حبان البستي، أنبأنا كامل بن مكرم، حدّثنا محمّد بن مروان البيروتي، حدّثنا أبو مسهر، حدّثنا سعيد بن عبد العزيز، عن محمّد بن كعب القرظي في قوله: فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيٰاةً طَيِّبَةً (11) قال: القناعة.
ص: 16
قال: و حدّثنا كامل بن مكرم، حدّثنا الربيع بن سليمان، حدّثنا أسد بن موسى، حدّثنا ضمرة، عن أبي سعيد قال: كان عون بن عبد اللّه بن عتبة بن مسعود إذا غضب على غلامه قال: ما أشبهك بمولاك، تعصيني و أنا أعصى اللّه، فإذا اشتد غضبه قال: أنت حرّ لوجه اللّه.
السّلمي المعروف بابن المقصص
سمع بدمشق أبا بكر الخطيب، و عبد [العزيز] (1) الكتّاني (2)،و أبا الحسين طاهر بن أحمد بن علي القايني، و أبا إسحاق إبراهيم بن شكر بن محمّد بن علي العثماني، و ببغداد: أبا عبد الملك مالك بن أحمد بن علي بن إبراهيم البانياسي، و بأصبهان: أبا زكريا يحيى بن عبد الوهّاب بن محمّد بن إسحاق بن مندة. رأيته مرات و لم أسمع منه شيئا.
و سمع منه أبو محمّد بن صابر، و ابنه.
و ذكر أنه سأله عن مولده فقال: ولدت في النصف من ربيع الأول سنة أربع و أربعين و أربعمائة بدمشق، و كان قد صنّف رسالة ذكر فيها بعض الخلفاء و جماعة من الأئمة بسوء، فحملت إلى الرّحبة، فوقف عليها فقيه من أهل الرحبة، فحملها إلى حسن و الي الرحبة من قبل اليوسفي (3) و أوقفه على ما فيها، فكتب حسن إلى طغتكين أتابك والي دمشق، فعرفه ذلك، فقبض على ملكه و نفاه عن دمشق فمضى إلى الغازي بن أرتق و تشفّع به، فكتب له إلى طغتكين كتاب شفاعة، فأمر طغتكين بردّ ملكه و لم يأذن له في دخول البلد، فأقام بمسجد أبي صالح إلى أن مات.
و سمعت شيخنا أبا (4) محمّد بن الأكفاني يقول لأبي طاهر الأصبهاني الحافظ : بلغني أنك سمعت من ابن المقصص، فقال: نعم، دخل إلينا إلى الدويرة و سمعنا منه فقال: هذا كان في صباه يغني و يأخذ الجزر (5) على الغناء، فاعتذر إليه أبو طاهر بأنه ما علم بذلك.
ص: 17
5788 - كثير بن الحارث أبو أمين (1) الحميري (2)
روى عن القاسم أبي عبد الرّحمن.
روى عنه معاوية بن صالح، و خالد بن معدان - و هو أكبر منه - و أرطاة بن المنذر السكوني.
أخبرنا أبو الوفاء عبد الواحد بن حمد (3)،و أم المجتبى فاطمة بنت ناصر، قالا: أنبأنا أبو طاهر بن محمود، أنبأنا أبو بكر بن المقرئ، أنبأنا أبو العباس بن قتيبة، حدّثنا حرملة، حدّثنا ابن وهب، حدّثني معاوية عن كثير بن الحارث، عن القاسم مولى معاوية، أنه سمع علي بن أبي طالب يذكر أنه أمر فاطمة تستخدم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فجاءته فقالت: يا رسول اللّه إنه قد شقّ علي الرحى، و أرته أثرها في يدها من أثر الرحا فسألته أن يخدمها خادما فقال:«أ لا أعلّمك خيرا من ذلك - أو قال: خير من الدنيا و ما فيها - إذا أويت إلى فراشك فكبّري أربعا و ثلاثين تكبيرة، و ثلاثا و ثلاثين تحميدة، و ثلاثا و ثلاثين تسبيحة، فذلك خير لك من الدنيا و ما فيها»[10595]. فقال علي: ما تركتها منذ سمعتها، فقيل له: و لا ليلة صفّين ؟ قال: و لا ليلة صفّين.
أخبرنا (4) أبو الحسن علي بن المسلّم، حدّثنا عبد العزيز بن أحمد، أنبأنا أبو محمّد بن أبي نصر، أنبأنا أبو الميمون، حدّثنا أبو زرعة، حدّثني يزيد بن عبد ربه، حدّثنا بقية بن الوليد، حدّثنا بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، حدّثني كثير بن الحارث عن القاسم أنه حدّثه عن فضالة بن عبيد أنه سمعه يقول: الإسلام ثلاثة أبيات: سفلى و على و غرفة، فالسفلى الإسلام، و العلى النوافل، و الغرفة الجهاد (5).
أنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي، ثم حدّثنا أبو الفضل بن ناصر، أنبأنا أحمد بن
ص: 18
الحسن، و المبارك بن عبد الجبّار، و محمّد بن علي - و اللفظ له - قالوا: أنبأنا أبو أحمد - زاد أحمد: و أبو الحسين الأصبهاني قالا: أنبأنا أحمد بن عبدان، أنبأنا محمّد بن سهل، أنبأنا محمّد بن إسماعيل قال (1):
كثير بن الحارث عن القاسم مولى معاوية، روى عنه معاوية بن صالح.
أخبرنا أبو الحسين القاضي - إذنا - و أبو عبد اللّه الأديب - شفاها - قالا: أنبأنا أبو القاسم ابن مندة، أنبأنا أبو علي - إجازة-. ح قال: و أنبأنا أبو طاهر، أنبأنا علي. قالا: أنبأنا ابن أبي حاتم قال (2):
كثير بن الحارث روى عن القاسم أبي عبد الرّحمن، روى عنه معاوية بن صالح، سمعت أبي يقول ذلك، و سألته عنه فقال: لا بأس به، و في نسخة فقال: صالح الحديث (3).
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، حدّثنا أبو محمّد التميمي، أنبأنا أبو القاسم البجلي، أنبأنا أبو عبد اللّه الكندي، حدّثنا أبو زرعة قال: شيوخ معناهم واحد: علي بن يزيد الهلالي، و كثير بن الحارث، و سليمان بن عبد الرّحمن الدمشقي هؤلاء نفر (4) من أصحاب القاسم، موضعهم أحسن ظاهرا من أحاديثهم عن القاسم (5).
أخبرنا أبو غالب بن البنّا، أنبأنا أبو الحسين بن الآبنوسي، أنبأنا أبو القاسم بن عتّاب، أنبأنا أحمد - إجازة-. و أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد، أنبأنا الحسن بن أحمد، أنبأنا أبو الحسن الربعي، أنبأنا عبد الوهّاب الكلابي، أنبأنا أحمد - قراءة، قال: سمعت أبا الحسن بن سميع يقول في الطبقة الخامسة: كثير بن الحارث هو أبو أمين.
أنبأنا أبو جعفر بن أبي علي، أنبأنا أبو بكر الصّفّار، أنبأنا أحمد بن علي بن منجويه، أنبأنا أبو أحمد الحاكم قال (6):أبو أمين كثير بن الحارث، حديثه في الشاميين، عن القاسم أبي عبد الرّحمن القرشي مولى معاوية، روى عنه أبو عمرو معاوية بن صالح الحضرمي، و أرطأة بن المنذر أبو عدي (7) السكوني.
ص: 19
أخبرنا أبو غالب، و أبو عبد اللّه ابنا أبي علي، قالا: أنبأنا أبو الحسين بن الآبنوسي - قراءة - عن أبي الحسن الدارقطني.[ح و قرأت على أبي غالب بن البنّا، عن أبي الفتح بن المحاملي] (1)[أنا أبو الحسن الدارقطني] (2) قال: أبو أمين كثير بن الحارث عن القاسم أبي عبد الرّحمن قال الجارودي: سمعت أبا أيوب البهراني يقول: كثير بن الحارث أبو أمين الحميري.
قرأت على أبي محمّد السلمي، عن أبي نصر بن ماكولا قال (3):في باب أمين بضم الهمزة: أبو أمين كثير بن الحارث البهراني عن القاسم أبي عبد الرّحمن. قال الجارودي (4):
سمعت أبا أيوب البهراني يقول: كثير بن الحارث أبو أمين الحميري.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني،[أنا أبو محمد بن أبي طاهر] (5) حدّثنا أبو محمّد بن أبي نصر، أنبأنا أبو الميمون، حدّثنا أبو زرعة قال (6):قلت - يعني - لعبد الرّحمن بن إبراهيم دحيم: فكثير بن الحارث ؟ قال: ما أعرفه، قلت: فتدفعه، و قد روى عنه خالد بن معدان، و معاوية بن صالح، قال: لا يدفع.
5789 - كثير بن زيد أبو محمّد المدني الأسلمي ثم السهمي سهم أسلم مولاهم (7)
سمع سالم بن عبد اللّه، و ربيح بن عبد الرّحمن بن أبي سعيد، و نافعا مولى ابن عمر، و الوليد بن رباح (8)،و عثمان بن عبد اللّه بن سراقة، و عمر بن عبد العزيز، و وفد عليه، و المطّلب بن عبد اللّه بن حنطب، و الحارث بن أبي يزيد (9).
روى عنه: حمّاد بن زيد، و عبد العزيز الدّراوردي، و عبد العزيز بن أبي حازم، و حاتم ابن إسماعيل، و أبو نباتة يونس بن يحيى المدنيون، و وكيع، و عيسى بن يونس، و أبو أحمد
ص: 20
الزّبيري، و أبو عامر العقدي، و سفيان بن حمزة، و محمّد بن عمر الواقدي، و مالك بن أنس، و المعافى بن عمران الموصلي، و سليمان بن بلال، و أبو خالد سليمان بن حيّان (1) الأحمر، و زيد بن الحباب العكلي.
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين، أنبأنا أبو علي بن المذهب، أنبأنا أحمد بن جعفر، حدّثنا عبد اللّه بن أحمد، حدّثني أبي (2)،حدّثنا محمّد بن عبد اللّه أبو أحمد الزّبيري، حدّثنا كثير بن زيد عن نافع قال: كان عبد اللّه بن عمر إذا جلس في الصلاة وضع يديه على ركبتيه و أشار بإصبعه، و أتبعها بصره ثم قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«لهي أشدّ على الشيطان من الحديد» يعني السّبابة[10596].
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، أنبأنا الحسن بن علي، أنبأنا أبو عبد اللّه الحسين ابن محمّد بن عبيد بن أحمد بن مخلد الدّقّاق العسكري، أنبأنا أبو بكر محمّد بن يحيى بن سليمان بن زيد المروزي، أنبأنا أبو عبيد القاسم بن سلاّم، حدّثنا زيد بن الحباب - أو بلغني عنه - عن كثير بن زيد عن ربيح بن عبد الرّحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه، عن جده عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال:«لا وضوء لمن لم يذكر اسم اللّه عليه»[10597].
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا أبو القاسم بن مسعدة، أنا حمزة بن يوسف، أنبأنا أبو أحمد بن عدي قال (3):سمعت أحمد بن حفص يقول: سئل أحمد بن حنبل - يعني - و هو حاضر عن التسمية في الوضوء فقال: لا أعلم فيه حديثا يثبت أقوى شيء فيه حديث كثير بن زيد عن ربيح، و ربيح رجل ليس بمعروف.
قرأت على أبي غالب بن البنّا، عن أبي محمّد الجوهري، أنبأنا أبو عمر بن حيّوية، أنبأنا سليمان بن إسحاق، حدّثنا الحارث بن أبي أسامة، حدّثنا محمّد بن سعد (4)،أنبأنا محمّد بن عمر، حدّثنا كثير بن زيد قال: قدمت خناصرة في خلافة عمر بن عبد العزيز فرأيته يرزق المؤذنين من بيت المال.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو بكر بن الطبري، أنبأنا أبو الحسين بن
ص: 21
الفضل، أنبأنا عبد اللّه (1) بن جعفر، حدّثنا يعقوب (2)،حدّثنا محمّد بن أبي زكير، أنبأنا ابن وهب، حدّثني مالك. أن عمر بن عبد العزيز قال ذات ليلة و معه مزاحم و رجل يقال له ابن صافية (3) قال: فأذن له، قال: فدخلت عليه، فإذا بمائدة عليها صحفة مخمرة بمنديل، و عمر قائم يركع، قال: فركع ركعتين، ثم أقبل فجلس فاجتبذ المائدة بيده، ثم قال لي: كل، أين عيشنا اليوم، من عشينا إذ كنا بمصر؟ قال: فقلت: لا شيء يا أمير المؤمنين، فقال عمر: لقد رأيتني و كنا و لو ضافني أهل قرية لوجدت ما يعمهم، ثم قال: أين عيشنا هذا من عيشنا بالمدينة ؟ ثم استبكى قال: فنادى مزاحم: أن قم قال: فقمت، قال: فأخبرني من الغد أنه إذا أصابه مثل هذا لم يعد إلى طعامه.
قال مالك: و هذا يعجبني من فعل عمر أن يخدم الإنسان نفسه.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنبأنا أبو الفضل بن خيرون، أنبأنا أبو العلاء الواسطي، أنبأنا أبو بكر البابسيري، أنبأنا الأحوص بن المفضّل بن غسان، حدّثنا أبي قال: قال أبو عبد اللّه - يعني: مصعبا - و أبو زكريا - يعني: يحيى بن معين: كثير بن زيد مولى أسلم.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، و أبو العزّ الكيلي، قالا: أنبأنا أبو طاهر أحمد بن الحسن - زاد الأنماطي: و أبو الفضل بن خيرون قالا:- أنبأنا محمّد بن الحسن، أنبأنا محمّد ابن أحمد بن إسحاق، حدّثنا عمر بن أحمد بن إسحاق، حدّثنا خليفة بن خيّاط قال (4):في الطبقة السّابعة من أهل المدينة: كثير بن زيد يكنى أبا محمّد، مولى لبني سهم من أسلم، يقال له ابن صافية (5) هي أمّه، توفي [في] آخر زمن أبي جعفر.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع، أنبأنا أبو عمرو بن مندة، أنبأنا أبو محمّد بن يوة، أنبأنا أبو الحسن اللنباني (6)،حدّثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدّثنا محمّد بن سعد (7) قال في الطبقة الخامسة من أهل المدينة: كثير بن زيد، و يكنى أبا محمّد، مولى لبني سهل (8) من
ص: 22
أسلم، و كان يقال له ابن صافية و هي أمّه، مات في آخر زمن أبي جعفر.
[قال ابن عساكر:] الصّواب سهم.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، أنبأنا الحسن بن علي، أنبأنا أبو عمر بن حيّوية، أنبأنا سليمان بن إسحاق بن إبراهيم، حدّثنا الحارث بن أبي أسامة، حدّثنا محمّد بن سعد (1)قال في الطبقة الخامسة من أهل المدينة: كثير بن زيد، و يكنى أبا محمّد، و هو مولى لبني سهم من أسلم، و كان يقال له: ابن صافية و هي أمّه، و روى عن المطّلب بن عبد اللّه بن حنطب المخزومي، و غيره، و توفي في خلافة أبي جعفر، و كان كثير الحديث.
أنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي، ثم حدّثنا أبو الفضل بن ناصر، أنبأنا أحمد بن الحسن، و المبارك بن عبد الجبّار، و محمّد بن علي - و اللفظ له - قالوا: أنبأنا أبو أحمد - زاد أحمد: و محمّد بن الحسن قالا: أنبأنا أحمد بن عبدان، أنبأنا محمّد بن سهل، أنبأنا محمّد بن إسماعيل (2) قال: كثير بن زيد مولى الأسلميين [المدني (3)،سمع سالم بن عبد اللّه، و الوليد بن رباح، روى عنه حماد بن زيد، و وكيع.
أخبرنا أبو الحسين القاضي إذنا، و أبو عبد اللّه الأديب شفاها قالا: أنا أبو القاسم بن منده، أنا حمد (4) إجازة. ح قال: و أنا أبو طاهر، أنا علي قالا:
أنا ابن أبي حاتم قال (5):كثير بن زيد مولى الأسلميين] (6) أبو محمّد، توفي في آخر زمان (7) أبي جعفر، روى عن سالم، و نافع، و مطلب، و ربيح بن عبد الرّحمن بن أبي سعيد، و الوليد بن رباح، و عثمان ابن عبد اللّه بن سراقة، روى عنه حمّاد بن زيد، و عبد العزيز بن أبي حازم، و حاتم بن إسماعيل، و عبد العزيز الدراوردي، و أبو نباتة يونس بن يحيى، و عيسى بن يونس، و وكيع، و أبو أحمد الزّبيري، و أبو عامر العقدي، و سفيان بن حمزة، سمعت أبي يقول ذلك.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنبأنا أحمد بن الحسن بن أحمد، أنبأنا يوسف بن
ص: 23
رباح، أنبأنا أبو بكر المهندس، حدّثنا أبو بشر الدولابي، حدّثنا معاوية بن صالح، قال:
سمعت يحيى يقول: كثير بن زيد، مديني، صالح.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو القاسم بن مسعدة، أنبأنا حمزة بن يوسف، أنبأنا أبو أحمد بن عدي (1)،حدّثنا أحمد بن علي بن بحر، حدّثنا عبد اللّه الدورقي، حدّثنا يحيى بن معين قال: كثير بن زيد الأسلمي ليس به بأس.
قال: و أنبأنا ابن عدي (2)،حدّثنا علاّن، حدّثنا ابن أبي مريم قال: سمعت يحيى بن معين يقول: كثير بن زيد ثقة.
أخبرنا (3) أبو البركات، أنبأنا ثابت بن بندار، أنبأنا محمّد بن علي بن يعقوب، أنبأنا محمّد بن أحمد بن محمّد [أنا] (4) الأحوص بن المفضل بن غسان (5)،حدّثنا أبي قال: قال أبو زكريا: كثير بن عبد اللّه المزني لجده صحبة (6)،ضعيف الحديث، و هو الذي يحدّث أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم جعل عقل الأنصار على الأنصار، النبيت و الخزرج و عدد القبائل، و كثير بن زيد المدني أقوى منه و أصلح حديثا.
و قال في موضع آخر: و كثير بن زيد مولى المطّلب صالح.
و حكى أبو جعفر محمّد بن عمرو العقيلي عن عبد اللّه بن أحمد بن حنبل قال: سألت أبي عن كثير بن زيد فقال: ما أرى به بأسا (7).
أخبرنا أبو محمّد بن حمزة - فيما قرأت عليه - عن أبي بكر الخطيب، أنبأنا أبو بكر البرقاني، أنبأنا أحمد بن عبد اللّه بن خميرويه، حدّثنا الحسين (8) بن إدريس، أنبأنا محمّد بن عبد اللّه بن عمّار الموصلي قال: كثير بن زيد ثقة (9).
قرأنا على أبي غالب، و أبي عبد اللّه ابني البنّا، عن أبي الحسن محمّد بن محمّد بن مخلد، أنبأنا علي بن محمّد بن خزفة، أنبأنا محمّد بن الحسين الزعفراني، حدّثنا ابن أبي
ص: 24
خيثمة قال: و سئل يحيى بن معين عن كثير بن زيد يروي عنه عبد الحميد الخثعمي قال: ليس بذاك القوي، و كان قال أولا: ليس بشيء (1).
قرأت على الفتح نصر اللّه بن محمّد الفقيه عن أبي الحسين المبارك بن عبد الجبّار بن أحمد، أنبأنا أبو بكر عبد الباقي بن عبد الكريم، أنبأنا أبو الحسين بن حمة، أنبأنا محمّد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة، حدّثنا جدي يعقوب، حدّثني عبد اللّه بن شعيب قال: قرأ عليّ يحيى بن معين (2):كثير بن زيد ليس بذاك القوي.
قال: و حدّثنا يعقوب قال: و كثير بن زيد ليس بالساقط و إلى الضعف ما هو، و هو مولى لبني سهم، يكنى أبا محمّد، و كان يقال له ابن صافية، و هي أمه، توفي في آخر خلافة أبي جعفر.
أخبرنا أبو الحسين القاضي - إذنا - و أبو عبد اللّه الأديب - شفاها - قالا: أنبأنا أبو القاسم ابن مندة، أنبأنا حمد (3)-إجازة-. ح قال: و أنبأنا أبو طاهر، أنبأنا علي.
قالا: أنبأنا ابن أبي حاتم قال (4):سئل أبو زرعة عن كثير بن زيد فقال: هو صدوق، و فيه لين، و سئل أبي عن كثير بن زيد فقال: صالح، ليس بالقوي، يكتب حديثه.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفقيه، و أبو يعلى حمزة بن علي، قالا: أنبأنا سهل ابن بشر، أنبأنا علي بن منير، أنبأنا الحسن بن رشيق، أنبأنا أبو عبد الرّحمن النسائي قال: كثير ابن زيد ضعيف.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو القاسم بن مسعدة، أنبأنا حمزة بن يوسف، أنبأنا أبو أحمد بن عدي قال (5):كثير بن زيد مولى بني سهم، و يقال له ابن صافية (6)،و هي أمه، يكنى أبا محمّد، مدني، هكذا ذكره الواقدي.
[قال ابن عدي:] (7) و لكثير بن زيد غير ما ذكرت من الحديث، و يروي ابن أبي حازم و سفيان بن حمزة و سليمان بن بلال كلّ واحد منهم عن كثير بن زيد عن الوليد بن رباح، عن
ص: 25
أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه و سلم نسخة، و يرويه عن ابن أبي حازم إبراهيم بن حمزة، و أبو مصعب، و ابن كاسب و غيرهم، و يرويه عن سفيان بن حمزة إبراهيم بن المنذر، و ابن كاسب و غيرهما، و يروي عن سليمان بن بلال ابن وهب و كل واحد منهم يتفرد عنه بهذا الإسناد نسخة، و ربما اتفقوا في شيء منه، و لكثير بن زيد عن غير الوليد بن رباح أحاديث لم أذكرها (1) و لم أر بحديثه بأسا، و أرجو أنه لا بأس به.
بلغني أن كثيرا بقي إلى آخر أيام المنصور، و مات المنصور و سنة ثمان (2) و خمسين و مائة (3).
5790 - كثير بن زيد بن محمّد بن سلامة أبو الطّيّب الغسّاني اللاّذقي (4)
حدّث ببيروت عن: الحسين بن السّميدع الأنطاكي.
روى عنه: أبو بكر أحمد بن الحسن بن أحمد بن الطيّان الدمشقي.
أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد، و أبو نصر غالب بن أحمد، قالا: أنبأنا علي بن أحمد بن زهير، حدّثنا أبو بكر أحمد بن الحسن بن أحمد بن عثمان المعروف بابن الطيّان الدمشقي، أنبأنا أبو الطيب كثير بن زيد بن محمّد بن سلامة الغسّاني اللاّذقي ببيروت - قراءة عليه - حدّثنا الحسين بن السميدع الأنطاكي، حدّثنا أحمد بن الوليد بن برد بن إسحاق الأموي، حدّثنا ابن أبي فديك، أخبرني شبل بن العلاء، عن أبيه عن جده عن أبي هريرة قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«الدنيا سجن المؤمن و جنّة الكافر»[10598].
آخر الجزء السابع بعد الأربعمائة (5).
ص: 26
ص: 27
5791 - كثير (1) بن شهاب بن الحصين بن ذي الغصّة و يقال: الحصين ذو الغصّة بن
يزيد بن شداد بن قنّان (2) بن سلمة بن وهب بن عبد اللّه بن ربيعة بن
الحارث بن كعب بن مذحج أبو عبد الرّحمن الحارثي المذحجي (3)
يقال إن له صحبة، و لا يصح.
ص: 28
سمع عمر بن الخطّاب.
روى عنه قرظة (1) بن أرطأة، و صبيح المرّي، و عدي بن حاتم الطائي، و لا أراه محفوظا.
و وفد على معاوية حين أتى بحجر بن عدي، و كان قد ولي الري في أيام معاوية، و هو الذي تولى فتح قزوين، و قيل: تولى فتحها البراء بن عازب.
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنبأنا شجاع بن علي، أنبأنا أبو عبد اللّه بن مندة، أنبأنا محمّد بن عبد اللّه بن معروف الأصبهاني - بنيسابور - حدّثنا أحمد بن عمّار بن خالد، حدّثنا عمر (2) بن حفص بن غياث، حدّثنا أبي أراه عن الأعمش عن عثمان بن قيس عن أبيه عن عدي بن حاتم، حدّثني كثير بن شهاب في الرجل الذي لطم الرجل فقالوا يا رسول اللّه، ولاة يكونون (3) علينا، لا نسألك عن طاعة من اتّقى و أصلح، فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم:
«اسمعوا و أطيعوا»[10599].
كذا رواه أحمد بن عمّار بن خالد، و لم يحفظ إن كان حفظه من رواه عنه و قد رواه غيره عن عمر (4) بن حفص، و لم يذكر كثير بن شهاب في إسناده كذلك.
أخبرناه أبو علي الحسن بن أحمد في كتابه، أنبأنا أبو نعيم الحافظ ، حدّثنا سليمان بن أحمد، حدّثنا أبو زرعة و علي بن عبد العزيز قالا: حدّثنا عمر بن حفص بن غياث، حدّثنا أبي عن عثمان بن قيس الكندي، عن أبيه عن عدي بن حاتم قال: قلنا: يا رسول اللّه لا نسألك عن طاعة من اتقى و أصلح، و لكن من فعل و فعل، يذكر المسيء، فقال:«اتّقوا اللّه و اسمعوا و أطيعوا»[10600].
قال: و أنبأناه أبو نعيم، حدّثناه أبو عمرو بن حمدان، حدّثنا الحسن بن سفيان، حدّثنا أبو شيبة إبراهيم بن عبد اللّه، حدّثنا عمر بن حفص، حدّثنا أبي عن عثمان بن قيس، عن أبيه، عن عدي مثله، و لم يذكر الأعمش و لا كثير (5).
أخبرنا أبو محمّد هبة اللّه بن أحمد المقرئ، أنبأنا طراد بن محمّد بن علي، أنبأنا أبو
ص: 29
الحسن (1) بن رزقويه، أنبأنا أبو جعفر (2) محمّد بن يحيى بن عمر بن علي بن حرب (3)، حدّثنا علي بن حرب، حدّثنا سفيان، حدّثنا أبو إسحاق الهمداني (4) عن كثير بن شهاب عن قرظة بن أرطأة عن عمر قال: إنّ الجبنّ لبنا - أو لبا - فكلوه.
كذا قال: و هو وهم، و الصواب: قرظة عن كثير.
قرأت على أبي غالب الحريري، عن الحسن بن علي الشيرازي، أنبأنا أبو عمر الخزّاز (5)،أنبأنا أبو الحسن (6) السّاجي، حدّثنا أبو علي الفقيه، حدّثنا أبو عبد اللّه الكاتب (7)،حدّثنا عبد اللّه بن نمير، عن الحجّاج، عن أبي إسحاق عن قرظة بن أرطأة العبدي عن كثير بن شهاب قال: سألنا عمر عن الجبنّ ، فقال: سمّوا عليه و كلوا.
أخبرناه عاليا أبو القاسم بن السّمرقندي، و أبو الحسن علي بن هبة اللّه بن عبد السّلام، قالا: أنبأنا أبو محمّد الصّريفيني، أنبأنا أبو القاسم بن حبابة، حدّثنا عبد اللّه بن محمّد البغوي، حدّثنا علي بن الجعد، أنبأنا شعبة عن أبي إسحاق قال: سمعت قرظة يحدث عن كثير بن شهاب قال:
سألت عمر بن الخطّاب عن الجبنّ ؟ فقال: إنّ الجبنّ يصنع من اللبن و اللبا، فكلوا و اذكروا اسم اللّه، و لا يغرّنكم أعداء اللّه.
تابعه عاصم بن علي الواسطي عن شعبة (8).
أخبرنا أبو سعد إسماعيل بن أبي صالح، أنبأنا محمّد بن أحمد بن أبي (9) جعفر الطّبسي (10)،أنبأنا أحمد بن محمّد بن إبراهيم الصّدفي، أنبأنا الحسن بن محمّد بن حليم العامري، أنبأنا أبو الموجّه محمّد بن عمرو بن الموجه، أخبرني أبي، أنبأنا جرير، أنبأنا حمزة الزيّات قال: كتب عمر إلى كثير بن شهاب: مر من قبلك فليأكل الخبز الفطير بالجبنّ ، فإنه أبقى في البطن.
ص: 30
قرأت على أبي الوفاء حفاظ بن الحسن بن الحسين، عن عبد العزيز بن أحمد، أنبأنا عبد الوهّاب الميداني، أنبأنا أبو سليمان بن زبر، أنبأنا عبد اللّه بن أحمد بن جعفر، أنبأنا محمّد بن جرير الطبري قال (1):قال هشام بن محمّد: قال أبو مخنف عن من ذكره قال:
و كتب - يعني: زيادا - شهادة الشهود - يعني - الذين شهدوا على حجر و أصحابه في صحيفة، ثم دفعها إلى وائل بن حجر الحضرمي، و كثير بن شهاب الحارثي، و بعثهما عليهم، و أمرهما أن يخرجا بهم (2)،و جاء وائل بن حجر، و كثير بن شهاب فأخرجا القوم عشية قال فمضوا بهم حتى انتهوا إلى الغريّين (3) فلحقهم شريح بن هانئ معه كتاب، فقال لكثير: بلغ كتابي هذا أمير المؤمنين، فقال: ما فيه ؟ فقال: لا تسألني ما فيه حاجتي، فأبى كثير، و قال: ما أحبّ أن آتي أمير المؤمنين بكتاب لا أدري ما فيه، و عسى لا يوافقه، فأتى به وائل بن حجر فقبله منه، ثم مضوا حتى انتهوا إلى مرج عذراء، و بينها و بين دمشق اثنا (4) عشر ميلا.
أخبرنا (5) أبو البركات الأنماطي، أنبأنا ثابت بن بندار، أنبأنا محمّد بن علي، أنبأنا محمّد بن أحمد البابسيري، أنبأنا الأحوص بن المفضّل الغلاّبي، حدّثنا أبي عن يحيى (6) بن معين قال:
كثير بن شهاب خولاني نزل الكوفة، روى عن عمر بن الخطّاب.
[قال ابن عساكر:] (7) كذا قال خولاني و إنما هو حارثي (8)(9).
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنبأنا أبو طاهر أحمد بن الحسن، أنبأنا أبو محمّد بن رباح، أنبأنا أبو بكر المهندس، أنبأنا أبو بشر الدولابي، حدّثنا معاوية بن صالح قال: سمعت يحيى بن معين يقول في تسمية أهل الكوفة: كثير بن شهاب الحارثي سمع من عمر في الجبنّ .
أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع، أنبأنا أبو عمرو بن مندة، أنبأنا أبو محمّد بن يوة،
ص: 31
أنبأنا أبو الحسن اللنباني (1)،أنبأنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدّثنا محمّد بن سعد قال (2):كثير ابن شهاب الحارثي روى عن عمر.
قرأت على أبي غالب بن البنّا، عن أبي محمّد الجوهري، أنبأنا أبو عمر بن حيوية، أنبأنا أحمد بن معروف، حدّثنا الحسين بن فهم، حدّثنا محمّد بن سعد قال (3):في الطبقة الأولى من أهل الكوفة: كثير بن شهاب بن الحصين ذي الغصة سمي بذلك لغصّة كانت في حلقه، ابن يزيد بن شداد بن قنّان (4) بن سلمة بن وهب بن عبد اللّه بن ربيعة ابن الحارث بن كعب بن مذحج، و كان أبوه شهاب بن الحصين قتل قاتل أبيه الحصين يوم الردة (5)،و كان كثير بن شهاب سيد مذحج الكوفة (6)،و كان بخيلا، و قد روى عن عمر بن الخطّاب، و ولي الريّ لمعاوية بن أبي سفيان، و من ولده: محمّد بن زهرة بن الحارث بن منصور بن قيس بن كثير بن شهاب الذي ينزل ماسبذان، و قد ولي ماسبذان و كان له قدر ببغداد أيام هارون، و كان - يعني: كثير بن شهاب - قليل الحديث.
أنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي، ثم حدّثنا أبو الفضل السلامي (7)،أنبأنا أبو الفضل الباقلاني، و أبو الحسين الصيرفي، و أبو الغنائم - و اللفظ له - قالوا: أنبأنا عبد الوهّاب أبو محمّد - زاد الباقلاني: و محمّد بن الحسن قالا:- أنبأنا أبو بكر الشيرازي، أنبأنا أبو الحسن المقرئ، أنبأنا البخاري قال (8):كثير بن شهاب سمع عمر، روى عنه قرظة بن أرطأة، و صبيح المري (9).
أنبأنا أبو الحسين القاضي، و أبو عبد اللّه الأديب، قالا: أنبأنا عبد الرّحمن بن محمّد، أنبأنا حمد (10)-إجازة-. ح قال: و أنبأنا أبو طاهر، أنبأنا علي. قالا: أنبأنا ابن أبي حاتم قال (11):كثير بن شهاب الحارثي روى عن عمر، روى عنه قرظة بن أرطأة، و صبيح
ص: 32
المري (1)،سمعت أبي يقول ذلك، و سمعت أبا زرعة يقول: فتح قزوين كثير بن شهاب بعد فتح الري بكم.
أنبأنا أبو جعفر محمّد بن أبي علي، أنبأنا أبو بكر الصفّار، أنبأنا أحمد بن علي بن منجويه، أنبأنا أبو أحمد الحاكم قال: أبو عبد الرّحمن كثير بن شهاب سمع عمر بن الخطّاب، روى عنه قرظة بن أرطأة العبدي، و صبيح أبو المليح المديني.
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنبأنا شجاع بن علي، أنبأنا أبو عبد اللّه بن مندة قال: كثير بن شهاب عداده في الكوفيين، روى عنه عدي بن حاتم إن كان محفوظا (2).
أنبأنا أبو علي الحداد، قال: قال لنا أبو نعيم الحافظ (3):كثير بن شهاب ذكره بعض المتأخرين، و قال: عداده في الكوفيين، و قال: روى عنه عدي بن حاتم إن كان محفوظا، و أخرج له حديث أحمد بن عمار بن خالد، عن عمر بن حفص، و الصحيح ما رواه علي (4)و أبو زرعة عن عمر بن حفص، و تابعهما أبو شيبة العبسي (5) و غيره على ذلك.
أنبأنا أبو علي الحداد، و حدّثني عنه أبو مسعود المعدل قال: قال لنا أبو نعيم الحافظ في تاريخ أصبهان (6):كثير بن شهاب البجلي أخو طارق بن شهاب و طارق يكنى أبا عبد اللّه، رأى النبي صلى اللّه عليه و سلم، و روى عنه قيس بن مسلم، قدم كثير أصبهان مع أبي موسى الأشعري، روى إسماعيل بن أبي خالد و زياد الجصاص عن أبي إسحاق عن كثير عن عمر في الجبنّ ، قال:
إنّما هو من اللبا و اللبن.
[قال ابن عساكر] (7) و هذا وهم من أبي نعيم، ليس كثير بجليا و لا هو أخو طارق، و قد سقنا نسبه (8).
أنبأنا أبو البركات الأنماطي، أنبأنا أبو الفضل بن خيرون، أنبأنا أبو القاسم بن بشران، أنبأنا أبو علي بن الصوّاف، حدّثنا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة قال: كثير بن شهاب أبو عبد الرّحمن.
ص: 33
أخبرنا أبو البركات الأنماطي،، أنبأنا أبو الحسين (1) بن الطّيّوري، أنبأنا أبو الحسن العتيقي. ح و أخبرنا أبو عبد اللّه البلخي، أنبأنا ثابت بن بندار، أنبأنا الحسين بن جعفر، قالا: أنبأنا الوليد بن بكر، أنبأنا علي بن أحمد، أنبأنا صالح بن أحمد، حدّثني أبي قال:
كثير بن شهاب كوفي، تابعي، ثقة (2).
القرد (3) بن الحارث الولاّدة بن عمرو بن معاوية بن الحارث الأكبر بن
معاوية بن ثور ابن مرتع بن معاوية بن كندة أبو عبد اللّه الكندي المدني (4)
قيل إنّه أدرك النبي صلى اللّه عليه و سلم، و روى عن أبي بكر الصّدّيق، و عمر بن الخطّاب، و عثمان بن عفّان، و زيد بن ثابت.
روى عنه يونس بن جبير الباهلي.
و هو أخو (5) زبيد (6) بن الصّلت، و كان كاتبا لعبد الملك بن مروان على الرسائل، و سيأتي ذكر ذلك في ترجمة يحيى بن بحدل الكلبي.
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنبأنا شجاع بن علي، أنبأنا أبو عبد اللّه بن مندة، أنبأنا محمّد بن محمّد بن يعقوب النيسابوري، حدّثنا أبو عوانة الأسفرايني، حدّثنا مسرور بن نوح، حدّثنا إبراهيم بن المنذر، حدّثنا عبد الرّحمن بن المغيرة، حدّثني عبد العزيز الدراوردي، عن عبيد اللّه بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر. أن كثير بن الصّلت كان اسمه:
قليلا فسماه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كثيرا، و أنّ مطيع بن الأسود كان اسمه العاص، فسمّاه مطيعا (7).
قال ابن مندة: هذا حديث غريب لا يعرف عن عبيد اللّه إلاّ من هذا الوجه.
ص: 34
أخبرنا أبو المظفّر بن القشيري، أنبأنا أبي الأستاذ أبو (1) القاسم، أنبأنا أبو نعيم عبد الملك بن الحسن (2)،أنبأنا أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الأسفرايني، حدّثني مسرور بن نوح بن بشر (3)،حدّثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي (4)،حدّثني عبد الرّحمن (5) بن المغيرة، حدّثني الدراوردي عن عبيد اللّه بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر.
أن كثير بن الصّلت كان اسمه قليلا فسمّاه النبي صلى اللّه عليه و سلم كثيرا، و أنّ مطيع بن الأسود كان اسمه العاص فسمّاه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم مطيعا، و أنّ أم عاصم بن عمر كان اسمها عاصية، فسمّاها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم جميلة، و كان يتفاءل بالاسم (6).
رواه سليمان بن بلال عن عبيد اللّه فجعله من فعل عمر.
قرأت على أبي غالب بن البنّا، عن أبي محمّد الحسن بن علي، أنبأنا محمّد بن العبّاس، أنبأنا أحمد بن معروف، أنبأنا أبو علي الفقيه، حدّثنا محمّد بن سعد (7)،أنبأنا أبو بكر بن عبد اللّه بن أبي أويس، حدّثنا سليمان بن بلال، عن عبيد اللّه بن عمر، عن نافع أنّ كثير بن الصّلت كان اسمه قليلا فسماه عمر بن الخطّاب كثيرا.
أخبرتنا أم المجتبى بنت ناصر قالت: قرئ على إبراهيم بن منصور، أنبأنا أبو بكر بن المقرئ، أنبأنا أبو يعلى، حدّثنا زهير هو ابن حرب، حدّثنا أبو عامر العقدي عن شعبة، عن قتادة، عن يونس بن جبير، عن كثير بن الصّلت، عن زيد بن ثابت قال:
أشهد لسمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«الشيخ و الشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة»[10601].
أنبأنا أبو علي الحداد، ثم أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا يوسف بن الحسن، قالا: أنبأنا أبو نعيم، حدّثنا عبد اللّه بن جعفر.
و أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأنا أبو بكر البيهقي، أنبأنا أبو بكر بن فورك، أنبأنا عبد اللّه بن جعفر. حدّثنا يونس بن حبيب، حدّثنا أبو داود، حدّثنا شعبة، عن قتادة
ص: 35
قال: سمعت (1) يونس بن جبير حدّث عن كثير بن الصّلت أنهم كانوا يكتبون المصاحف عند زيد بن ثابت فأتوا على هذه الآية، فقال زيد: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم يقول:«الشيخ و الشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من اللّه و رسوله»[10602]. رواه غندر عن شعبة أتم منه.
أخبرناه أبو القاسم بن الحصين، أنبأنا أبو علي التميمي، أنبأنا أحمد بن جعفر، حدّثنا عبد اللّه بن أحمد، حدّثني أبي (2)،حدّثنا محمّد بن جعفر، حدّثنا شعبة، عن قتادة، عن يونس بن جبير، عن كثير بن الصّلت قال: كان ابن العاص و زيد بن ثابت يكتبان المصاحف فمرّوا على هذه الآية، فقال زيد: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«الشيخ و الشيخة [إذا زنيا] (3)فارجموهما البتة» فقال عمر: لما أنزلت أتيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم (4) فقلت: اكتبنيها، قال شعبة:
فكأنه كره ذلك، فقال عمر: أ لا ترى (5) أنّ الشيخ إذا لم يحصن جلد، و أن الشاب إذا زنا و قد أحصن رجم[10603].
أخبرنا (6) أبو البركات الأنماطي، أنبأنا أبو الفضل بن خيرون، أنبأنا محمّد بن علي بن يعقوب، أنبأنا محمّد بن أحمد البابسيري، حدّثنا الأحوص بن المفضّل قال: قال الزبيري - يعني - مصعبا: كثير بن الصّلت من كندة، حليف بني هاشم إلى كثير عدادهم في بني جمح، و كان اسمه قليلا، فسمّاه عمر كثير بن الصّلت، و إنّما صاروا إلى بني هاشم في سلطانهم (7).
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنبأنا أبو طاهر الباقلاني، و أبو الفضل بن خيرون. ح و أخبرنا أبو العزّ ثابت بن منصور، أنبأنا أبو طاهر، قالا: أنبأنا محمّد بن الحسن، أنبأنا أبو الحسين الأهوازي، أنبأنا عمر بن أحمد بن إسحاق، حدّثنا خليفة قال (8):في الطبقة الأولى من أهل المدينة: كثير و زييد (9) ابنا الصّلت، كان عدادهم في بني جمح، و تحولوا إلى العبّاس بن عبد المطّلب، كثير يكنى أبا عبد اللّه.
و أخبرنا (10) أبو البركات، أنبأنا ثابت بن بندار، أنبأنا أبو العلاء، أنبأنا أبو بكر
ص: 36
البابسيري، أنبأنا الأحوص بن المفضّل قال: و قد ذكر لي أن لكثير بن الصّلت صحبة، و لم يصح ذلك.
أخبرنا أبو البركات، أنبأنا أبو طاهر أحمد بن الحسن، أنبأنا يوسف بن زياد البصري، أنبأنا محمّد بن أحمد المهندس، حدّثنا أبو بشر الدولابي، حدّثنا معاوية بن صالح قال:
سمعت يحيى بن معين يقول في تسمية تابعي أهل المدينة: كثير بن الصّلت الكندي.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع، أنبأنا أبو عمرو بن مندة (1)،أنبأنا أبو محمّد بن يوة، أنبأنا اللنباني (2)،حدّثنا ابن أبي الدنيا، حدّثنا محمّد بن سعد قال (3):في الطبقة الأولى من أهل المدينة: كثير بن الصّلت الكندي، و يكنى أبا عبد اللّه، ولد في عهد النبي صلى اللّه عليه و سلم، و كان عدادهم في بني جمح، فتحولوا إلى العبّاس بن عبد المطّلب.
قرأت على أبي غالب بن البنّا، عن أبي محمّد الجوهري، أنبأنا أبو عمر الخزّاز، أنبأنا أبو الحسن الخشّاب، أنبأنا أبو علي الفقيه، حدّثنا محمّد بن سعد قال (4):في الطبقة الأولى من تابعي أهل المدينة: زييد (5) بن الصّلت، و أخوه كثير بن الصّلت ابن معدي كرب بن وليعة بن شرحبيل بن معاوية بن حجر القرد بن الحارث الولاّدة بن عمرو بن معاوية بن كندة، و هو كندي بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرّة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، و إنّما سمي الحارث الولاّدة لكثرة ولده، و سمّي حجر القرد، و القرد (6) في لغتهم الندي الجواد، و الحارث الولاّدة هو أخو حجر بن عمرو آكل المرار، و الملوك الأربعة مخوس و مشرح و جمد و أبضعة بنو معدي كرب بن وليعة بن شرحبيل و هم عمومة زييد (7) و كثير ابني الصلت، و كانوا قد وفدوا على النبي صلى اللّه عليه و سلم مع الأشعث بن قيس، فأسلموا و رجعوا إلى بلادهم ثم ارتدّوا فقتلوا يوم النجير (8) و إنّما سمّوا
ص: 37
ملوكا لأنه كان لكلّ واحد منهم واد يملكه بما فيه. و هاجر كثير و زييد (1)،و عبد الرّحمن بنو الصلت إلى المدينة فسكنوها، و حالفوا بني جمح بن عمرو من قريش، فلم يزل ديوانهم و دعوتهم معهم حتى كان زمن المهدي أمير المؤمنين، فأخرجهم من بني جمح و أدخلهم في حلفاء العباس بن عبد المطّلب، فدعوتهم اليوم معهم و عيالهم (2) هم بعد في بني جمح.
قال محمّد بن عمر (3):ولد كثير بن الصّلت في عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و كان يكنى أبا عبد اللّه، و قد روى عن عمر، و عثمان، و زيد بن ثابت و غيرهم، و كان له شرف و حال جميلة في نفسه، و له دار بالمدينة كبيرة في المصلى و قبلة المصلّى في العيدين، و هي تشرع على بطحان الوادي الذي في وسط المدينة، و كان من ولد كثير بن الصّلت: محمّد بن عبد اللّه بن كثير، و كان سريا مريا، ولي قضاء المدينة للحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب حين ولاه أبو جعفر المدينة فلما ولي المهدي الخلافة عزل عبد الصمد بن علي عن المدينة و ولاها محمّد بن عبد اللّه بن كثير بن الصّلت.
أنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي، ثم حدّثنا أبو الفضل السلامي، أنبأنا أحمد بن الحسن، و المبارك، و محمّد - و اللفظ له - قالوا: أنبأنا أبو أحمد - زاد أحمد: و أبو الحسين محمّد بن الحسين الأصبهاني قالا:- أنبأنا أحمد بن عبدان، أنبأنا محمّد بن سهل، أنبأنا محمّد بن إسماعيل قال (4):كثير بن الصّلت الكندي الحجازي أدرك عثمان.
أنبأنا أبو الحسين (5)،و أبو عبد اللّه قالا: أنبأنا ابن مندة، أنبأنا حمد - إجازة-. ح قال:
و أنبأنا أبو طاهر، أنبأنا علي. قالا: أنبأنا ابن أبي حاتم قال (6):كثير بن الصّلت الكندي حجازي، أبو عبد اللّه، ولد في عهد النبي صلى اللّه عليه و سلم، و كان عدادهم في بني جمح (7)،فتحولوا إلى العبّاس، روى عن أبي بكر الصّدّيق، و عثمان بن عفّان، و زيد ابن ثابت، سمعت أبي يقول ذلك.
أخبرنا أبو جعفر محمّد بن أبي علي في كتابه، أنبأنا أبو بكر الصفّار، أنبأنا أحمد بن علي بن منجويه، أنبأنا أبو أحمد الحاكم قال: أبو عبد اللّه كثير بن الصّلت يعد في أهل
ص: 38
الحجاز، ولد في عهد النبي صلى اللّه عليه و سلم، و كان عدادهم في بني جمح، فتحولوا إلى العبّاس بن عبد المطّلب، سمع أبا حفص عمر بن الخطّاب العدوي، و أبا سعيد و زيد بن ثابت النجاري، روى عنه يونس بن جبير الباهلي.
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنبأنا شجاع بن علي، أنبأنا أبو عبد اللّه بن مندة. ح و أنبأنا أبو علي الحداد قال: أنبأنا أبو نعيم قالا: كثير بن الصّلت كان اسمه قليلا فسمّاه النبي صلى اللّه عليه و سلم كثيرا (1).
أخبرنا (2) أبو البركات الأنماطي، أنبأنا أبو الحسين بن الطّيّوري، أنبأنا أحمد بن محمّد العتيقي، و الحسين بن جعفر، و محمّد بن الحسن السلمانيان (3)،قالا (4):أنبأنا الوليد بن بكر الأندلسي، أنبأنا علي (5) بن أحمد بن زكريا الهاشمي، حدّثنا صالح بن أحمد بن عبد اللّه العجلي، حدّثني أبي قال (6):كثير بن الصّلت مدني، تابعي، ثقة.
5793 - كثير بن عبد اللّه، و يقال: كثير بن فروة بن خثيم (7) بن عبد بن حبيب ابن
مالك بن عوف بن يقظة بن عصيّة بن خفاف بن امرئ القيس بن بهثة بن سليم
بن منصور أبو محمّد السّلمي المعروف بأبي العاج و لقّب بذلك لطول ثناياه.
كان من أهل الشام، و كان مسكنه العراق، و استخلفه عدي بن أرطأة على واسط ، و ولاّه يوسف بن عمر البصرة في أيام هشام بن عبد الملك، و ولي كثير هذا الشرطة بدمشق من قبل عبد الملك بن محمّد بن الحجّاج بن يوسف الثقفي إذ كان أمير دمشق للوليد بن يزيد فيما ذكر أبو محمّد عبد اللّه بن سعد القطربلي، و نقلته من خطه، و بلغني أنه تقدم إليه رجل فقال:
أصلحك اللّه يا أبا العاج، فقال: أنا أبو محمّد يا بن البظراء، فقال: لا تقل هذا، فإنها كانت مسلمة قد حجّت فقال: إنّ بظرها لا يمنعها من الحج.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، و أبو منصور بن العطّار، قالا: أنبأنا أبو طاهر المخلّص، أنبأنا أبو محمّد عبيد اللّه بن عبد الرّحمن السكري،
ص: 39
حدّثنا زكريا بن يحيى المنقري قال: قال الأصمعي: ثم ولّى - يعني - هشام بن عبد الملك يوسف بن عمر على البصرة، و ولّى يوسف أبا العاج كثير بن عبد اللّه السّلمي من أهل الشام ثم عزله.
قال: و حدّثنا الأصمعي، حدّثنا يونس بن حبيب النحوي قال: سمعت أبا العاج و كان على البصرة من قبل هشام بن عبد الملك، و كان أعرابيا يقال له كثير من أهل الشام، فقرأ فأدبر فاشتد يسعى قال الأصمعي: و هو الذي حفر نهر كثير بسيحان.
قال: و حدّثنا الأصمعي قال: كان أبو العاج رجلا من أهل الشام من بني سليم يقال له كثير بن عبد اللّه، ولي البصرة سنة و احتفر نهرا كبيرا بسيحان، و كان أعرابيا.
قال: و حدّثنا الأصمعي، حدّثنا أبو عاصم النبيل، حدّثني عتبة رجل من..... (1)
كلبة قال: أتى أبو العاج برجل مأبون في نفسه، فقال: تريدون ما ذا أوكل به رجالا يحفظون دبره لقد وقعت إذا في عناء، أطلقوه يذهب حيث شاء.
5794 - كثير بن عبيد بن نمير أبو الحسن المذحجي الحمصي (2)
إمام جامع حمص.
سمع بحمص: بقية بن الوليد، و محمّد بن حزم الأبرش، و أبا حيوة شريح بن يزيد، و بدمشق: الوليد بن مسلم، و محمّد بن شعيب بن شابور، و حج فسمع بمكة سفيان بن عيينة، و يحيى بن سليم الطائفي، و مسلم بن خالد الزّنجي، و عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي روّاد، و مروان بن معاوية الفزاري، و أيوب بن سويد الرملي، و محمّد بن إسماعيل بن أبي فديك، و أبا ضمرة أنس بن عياض الليثي.
روى عنه أبو زرعة و أبو حاتم الرازيان، و أبو داود السّجستاني، و أبو عبد الرّحمن النّسائي، و أبو عبد اللّه بن ماجة في سننهم (3)،و أبو بكر بن أبي داود، و أبو عروبة الحسين بن محمّد بن مودود الحرّاني، و أبو الخليل سلمة بن الخليل الحمصي، و أبو الحسن بن جوصا، و الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن فيل (4) الأنطاكي، و العباس بن أحمد الشامي (5) نزيل
ص: 40
البصرة، و أبو العباس عبد اللّه بن زياد بن خالد، و أبو بكر الباغندي.
أخبرنا أبو الفتح عبد اللّه بن محمّد بن محمّد بن البيضاوي، و أبو القاسم بن السّمرقندي، قالا: أنبأنا أبو محمّد الصّريفيني، أنبأنا أبو بكر محمّد بن عمر بن علي بن خلف ابن زنبور الورّاق، حدّثنا عبد اللّه بن سليمان بن الأشعث، حدّثنا كثير بن عبيد، حدّثنا بقية (1)و الوليد بن مسلم، قالا: حدّثنا صفوان بن عمرو، عن عبد الرّحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن عوف بن مالك الأشجعي قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«من قتل قتيلا فله سلبه»[10604].
أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد اللّه بن كادش، أنبأنا أبو الحسن علي بن محمّد بن حبيب الماوردي البصري - ببغداد - حدّثنا أبو علي الحسن بن علي بن محمّد الجيلي المؤدب، حدّثنا العباس بن أحمد الشامي (2)،حدّثنا كثير بن عبيد أبو الحسن، حدّثنا بقية بن الوليد، عن ابن أبي مريم، عن راشد بن سعد، عن ثوبان عن النبي صلى اللّه عليه و سلم. أنه رأى ناسا على دوابّهم في جنازة فقال:«أ لا تستحيون ؟ الملائكة يمشون على أقدامهم و أنتم ركبان»[10605].
أنبأنا أبو الحسين هبة اللّه بن الحسن، و أبو عبد اللّه الحسين بن عبد الملك، قالا:
أنبأنا أبو القاسم بن مندة، أنبأنا أبو علي - إجازة-. ح قال: و أنبأنا أبو طاهر، أنبأنا علي. قالا:
أنبأنا ابن أبي حاتم قال (3):كثير بن عبيد الحذّاء المقرئ الحمصي أبو الحسن و هو ابن عبيد بن نمير المذحجي، روى عن بقية، و محمّد بن حرب الأبرش، و يحيى بن سليم الطائفي، و مروان الفزاري، و أبي حيوة، و محمّد بن شعيب بن شابور، روى عنه أبي، و أبو زرعة، سئل أبي عنه فقال: كان ثقة.
أنبأنا أبو جعفر الهمذاني (4)،أنبأنا أبو بكر الصفّار، أنبأنا أبو بكر الحافظ ، أنبأنا أبو أحمد الحاكم قال (5):
أبو الحسن كثير بن عبيد بن نمير المذحجي الحذّاء الحمصي، سمع محمّد بن حرب [الخولاني] (6) و بقية بن الوليد [الكلاعي] (7) روى عنه أبو عروبة [الحراني، و أبو بكر] (8) بن
ص: 41
أبي داود، كنّاه لنا أبو الخليل الحمصي (1).
أخبرنا (2) أبو المعالي الفضل بن سهل بن بشر بن الأسفرايني - إجازة - أنبأنا ابن أبو الفرج، حدّثنا أبو الحسن علي بن بقاء الوراق، حدّثنا جدي أبو محمّد عبد الغني بن سعيد، حدّثنا أبو الحسن علي بن عمر، عن أبي بكر بن أبي داود. أن كثير بن عبيد حدّثهم، قال أبو بكر بن أبي داود كان يقال إنه أمّ بأهل حمص ستين سنة فما سها في صلاة قطّ ، قال الشيخ أبو محمّد: فذاكرت بذلك أبا الحسن أحمد بن محمّد ابن عمر بن عامر الفرضي الحمصي فقال:
قل لكثير بن عبيد في ذلك، فقال: ما دخلت من باب المسجد قط و في نفسي غير اللّه (3).
قرأت على أبي محمّد السّلمي، عن أبي محمّد عبد العزيز بن أحمد، أنبأنا مكي بن محمّد، أنبأنا أبو سليمان الرّبعي قال: سنة سبع و أربعين و مائتين قال الحسن بن علي: فيها مات كثير بن عبيد الحذاء.
و أنبأنا أبو الحسن الفرضي و غيره عن عبد العزيز بن أحمد أنّ أبا الحسن علي بن الحسن الربعي حدّثهم أنبأنا عبد الوهّاب بن الحسن، أنبأنا أحمد بن عمير بن جوصا، أنبأنا أبو الحسن كثير بن عمير بن نمير الحذّاء الإمام بحمص، سنة خمس و خمسين و مائتين، حدّثنا بقية بحديث، فاللّه أعلم.
5795 - كثير بن قيس - و يقال: قيس بن كثير (4)-الحمصي (5)
روى عن أبي الدرداء، و يقال: عن يزيد بن سمرة، عن أبي الدّرداء.
روى عنه يزيد بن سمرة، و داود بن جميل، و يقال: روى عنه عاصم بن رجاء.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، أنبأنا الحسن بن علي الجوهري، أنبأنا أبو الحسين بن المظفر، حدّثنا محمّد بن محمّد الباغندي، حدّثنا عبد الوهّاب بن الضحّاك، حدّثنا ابن عيّاش، عن عاصم بن رجاء بن حيوة، عن داود بن جميل، عن كثير بن قيس قال:
جاء رجل من أهل المدينة إلى أبي الدّرداء بدمشق يسأله عن حديث بلغه يحدّث به أبو (6)
ص: 42
الدّرداء عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال له أبو الدّرداء: ما جاء بك ؟ تجارة ؟[قال: لا،] (1) قال: و لا جئت (2) طالب حاجة، قال: لا، قال: و ما جئت تطلب إلاّ هذا الحديث، قال: لا، قال:
فابشر إن كنت صادقا، فإنّي سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«ما من رجل يخرج من بيته يطلب علما إلاّ وضعت له الملائكة أجنحتها رضى بما يطلب، و إلاّ سلك اللّه به طريقا إلى الجنّة، و إنّ العالم يستغفر له من في السموات و الأرض حتى الحيتان في البحر، و يفضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، إنّ العلماء هم ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا و لا درهما و إنّما ورثوا العلم»[10606].
و هكذا رواه عبد اللّه بن داود الخريبي (3) عن عاصم.
أخبرناه أبو سهل محمّد بن إبراهيم بن سعدوية، أنبأنا أبو الفضل الرازي، أنبأنا أبو القاسم جعفر بن عبد اللّه، حدّثنا محمّد بن هارون، حدّثنا نصر بن علي، حدّثنا ابن داود، عن عاصم بن رجاء، عن داود بن جميل، عن كثير بن قيس قال: كنت جالسا مع أبي الدّرداء في مسجد دمشق، فأتاه رجل، فقال: يا أبا الدّرداء أتيتك من المدينة - مدينة الرسول صلى اللّه عليه و سلم - لحديث بلغني أنك تحدّث عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: فما جاء بك ؟ تجارة ؟ قال: لا، قال:
و لا شيء غير ذلك ؟ قال: لا، قال: فإنّي سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهّل اللّه له به طريقا إلى الجنّة، و إنّ الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم، و إنّ طالب العلم ليستغفر له من في السماء و الأرض حتى الحيتان في الماء، العلماء هم ورثة الأنبياء، إنّ الأنبياء لم يورّثوا دينارا و لا درهما إنّما ورثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظ ، أو قال: حظ وافر»[10607]. رواه ابن ماجة في سننه عن نصر.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو محمّد بن أبي عثمان، و أبو طاهر القصّاري. ح و أخبرنا أبو عبد اللّه بن القصّاري، أنبأنا أبي، قالا: أنبأنا أبو القاسم الصّرصري. ح و أخبرنا أبو منصور سعيد بن محمّد بن الرّزّاز، و أبو الطّيّب سعيد بن يخلف الكتامي (4)،و أبو الحسن (5) سعد الخير بن محمّد، و علي بن أحمد الخياط ، و أبو البيضاء سعد بن عبد اللّه الحجبي، و أم الحسن كمال بنت عبد اللّه بن أحمد بن السّمرقندي. قالوا:
ص: 43
أنبأنا أبو الخطّاب نصر بن أحمد، أنبأنا عبد اللّه بن عبيد اللّه بن يحيى، حدّثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي (1)،حدّثنا القاسم بن محمّد المهلبي، حدّثنا عبد اللّه بن داود، عن عاصم بن رجاء بن حيوة، عن داود بن جميل عن كثير بن قيس قال: كنت جالسا مع أبي الدّرداء في مسجد دمشق، فأتاه رجل فقال: يا أبا الدّرداء، أتيتك من المدينة - مدينة الرسول - لحديث بلغني أنك تحدّث به عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: فما جاء بك غير ذلك ؟ قال: لا، قال:
سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فذكر نحوه.
و أخبرناه (2) أبو محمّد عبد الجبّار بن محمّد بن أحمد الفقيه، و أبو القاسم زاهر بن طاهر، قالا: أنبأنا أبو بكر البيهقي، أنبأنا أبو عبد اللّه الحافظ ، و أبو بكر أحمد بن الحسن، و أبو صادق محمّد بن أحمد بن أبي الفوارس العطار، قالوا: أنبأنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، حدّثنا إبراهيم بن مرزوق، حدّثنا عبد اللّه بن داود الخريبي (3)،عن عاصم بن رجاء ابن حيوة، عن داود بن جميل، عن كثير بن قيس قال: كنت جالسا مع أبي الدّرداء في مسجد دمشق، فأتاه رجل فقال: يا أبا الدّرداء جئتك من المدينة - مدينة الرسول (4) صلى اللّه عليه و سلم - لحديث بلغني أنك تحدثه عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: و لا جئت لحاجة ؟ قال: لا، قال: و لا لتجارة ؟ قال: لا، و لا جئت إلاّ لهذا الحديث، قال: لا، قال: فإنّي سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:
«من سلك طريقا يطلب فيه علما، سلك اللّه به طريقا من طرق الجنّة، و إنّ الملائكة لتضع أجنحتها رضى لطالب العلم، و إنّ فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، و إنّ العالم يستغفر له من في السموات و من في الأرض، و كلّ شيء حتى الحيتان في جوف الماء، إنّ العلماء ورثة الأنبياء، إنّ الأنبياء لم يورّثوا دينارا و لا درهما، و أورثوا العلم، فمن أخذ أخذ بحظّ وافر»[10608]. أخرجه أبو داود عن مسدّد عن الخريبي (5).
أخبرناه أبو محمّد هبة اللّه بن سهل بن عمر، أنبأنا جدي أبو المعالي عمر بن محمّد ابن الحسين، أنبأنا أبو محمّد عبد اللّه بن يوسف الأصبهاني. ح و أخبرنا أبو طالب علي بن عبد الرّحمن بن أبي عقيل، أنبأنا أبو الحسن علي بن الحسن بن الحسين، أنبأنا أبو محمّد بن
ص: 44
النحاس قالا: أنبأنا أبو سعيد بن الأعرابي أحمد بن محمّد بن زياد. ح و أخبرناه أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا أبو الحسين أحمد بن محمّد بن النقور، أنبأنا أبو طاهر محمّد بن عبد الرّحمن بن العباس، حدّثنا عبيد اللّه بن عبد الرّحمن السكري، قالا: حدّثنا أبو يعلى السّاجي - و هو زكريا بن يحيى بن خلاّد المنقري - حدّثنا عبد اللّه بن داود الخريبي (1) قال:
سمعت - و في حديث هبة اللّه: حدّثنا - عاصم بن رجاء بن حيوة يحدث عن داود بن جميل عن كثير بن قيس قال: أتيت أبا الدّرداء و هو جالس في مسجد دمشق، فقلت: يا أبا الدّرداء إنّي جئتك من مدينة الرسول، و قال ابن أبي عقيل (2):إنّي جئت من المدينة - مدينة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم - في طلب حديث - و قال ابن السّمرقندي في حديث - بلغني - زاد هبة اللّه: عنك، و قالوا:
- إنّك تحدثه عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قلت: نعم، قال: فإنّي - و قال ابن السّمرقندي: قال: إنّي - سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«من سلك طريقا يطلب فيه علما - و قال ابن السّمرقندي: يطلب علما - سلك اللّه به طريقا من طرق الجنّة، و إنّ الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم - زاد ابن أبي عقيل وهبة اللّه: رضى بما يصنع و قالوا:- و إنّ فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، و إنّ العالم ليستغفر له من في السموات و من في الأرض - و قال ابن السّمرقندي: و الأرض - حتى الحيتان في جوف الماء، و إنّ - و قال هبة اللّه السدي: و إنّ العلماء ورثة الأنبياء، إنّ الأنبياء لم يورّثوا دينارا و لا درهما و ورّثوا - و قال ابن السمرقندي:
ورّثوا العلم فمن - و قال ابن السّمرقندي: من - أخذه فقد أخذ بحظّ وافر»[10609].
و كتب به إليّ أبو علي بن نبهان، أنبأنا أبو علي بن شاذان، أنبأنا أبو سهل أحمد بن محمّد بن عبد اللّه بن زياد القطّان، حدّثنا محمّد بن يونس، حدّثنا عبد اللّه بن داود الخريبي (3)،حدّثنا عاصم بن رجاء بن حيوة، عن داود بن جميل، عن كثير بن قيس عن أبي الدّرداء قال: كنت جالسا معه في مسجد دمشق، فجاءه رجل، فقال: يا أبا الدّرداء إنّي جئتك من مدينة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في حديث بلغني أنك تحدّثه عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فقال أبو الدّرداء:
أ ما جئت لتجارة ؟ و ما كانت لك حاجة غيره ؟ قال: لا، قال: فإنّي سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«من سلك طريق علم سهّل اللّه له به طريقا إلى الجنة، و إنّ الملائكة لتضع أجنحتها رضى لطالب العلم، و إنّ السّماوات و الأرض و الحوت في الماء ليدعوا (4) له، و إنّ فضل العالم
ص: 45
على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ليلة البدر، العلماء هم ورثة الأنبياء، إنّ الأنبياء لم يورّثوا دينارا و لا درهما، و إنّما ورّثوا العلم، فمن أخذ به فقد أخذ بحظّ وافر»[10610].
و رواه أبو نعيم الفضل بن دكين عن عاصم عن من حدّثه و لم يسمّ داود.
أخبرنا (1) أبو سهل المزكي، أنبأنا أبو الفضل الرازي، أنبأنا جعفر بن عبد اللّه، حدّثنا محمّد بن هارون، حدّثنا محمّد بن إسحاق، حدّثنا الفضل بن دكين، حدّثنا عاصم بن رجاء بن حيوة (2) عن من حدّثه عن كثير بن قيس قال: كنت عند أبي الدّرداء بدمشق، فأقبل رجل من المدينة فقال جئتك في حديث بلغني أنك تحدثه عن النبي صلى اللّه عليه و سلم، قال: فما جاء بك ؟ تجارة ؟ قال: لا، قال: و لا جئت في طلب حاجة ؟ قال: لا، إلاّ في طلب هذا الحديث الذي بلغني أنك تحدّثه عن النبي صلى اللّه عليه و سلم، قال: فإنّي سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك اللّه به طريقا من طرق الجنّة، و إنّ الملائكة لتضع أجنحتها رضى لطالب العلم، و إنه ليستغفر للعالم من في السموات و الأرض حتى الحيتان في البحر، و إنّ فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، إنّ العلماء ورثة الأنبياء، إنّ الأنبياء لم يورّثوا دينارا و لا درهما و لكن ورّثوا العلم، فمن أخذ من العلم أخذ بحظّ وافر»[10611].
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو محمّد عبد العزيز بن أحمد، أنبأنا تمام بن محمّد، و أبو محمّد بن أبي نصر، و أبو نصر بن الجندي، و أبو بكر القطان، و عبد الرّحمن بن الحسين، قالوا: أنبأنا أبو القاسم بن أبي العقب، قال: قال أبو زرعة: إسماعيل بن عياش (3)أعلم بهذا الحديث من أبي نعيم. و رواه غسان بن الربيع عن إسماعيل بن عياش (4) فأفسده.
أخبرناه أبو الحسن علي بن المسلّم الفقيه، و أبو القاسم بن السّمرقندي، قالا: أنبأنا علي (5) بن غنائم (6) بن عمر المالكي، أنبأنا أبو النعمان تراب بن عمر بن عبيد بن محمّد بن عياش (7)،حدّثنا أبو القاسم حمزة بن محمّد بن علي بن محمّد بن العباس الكتاني (8) الحافظ -
ص: 46
إملاء - حدّثنا أحمد بن علي بن المثنى، حدّثنا غسان بن الربيع، عن إسماعيل بن عياش (1)، عن عاصم بن رجاء بن حيوة، عن جميل بن قيس (2).أن رجلا جاء من المدينة إلى أبي الدّرداء و هو بدمشق، فسأله عن حديث، فذكر نحوه.
و رواه محمّد بن يزيد الواسطي عن عاصم بن رجاء، فأسقط داود بن جميل من إسناده.
أخبرناه أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو محمّد بن أبي عثمان، و أبو طاهر القصّاري. ح و أخبرنا أبو عبد اللّه بن القصّاري، أنبأنا أبي. قالا: أنبأنا أبو القاسم الصّرصري. ح و أخبرنا أبو منصور بن الرّزّاز (3)،و أبو الطّيّب الكتامي، و أبو الحسن الأندلسي، و الخيّاط ، و أبو البيضاء الحجبي (4)،و أم الحسن، قالوا: أنبأنا أبو الخطاب، أنبأنا أبو محمّد البيع، قالا: حدّثنا الحسين بن إسماعيل، حدّثنا علي بن مسلم، حدّثنا محمّد بن يزيد الواسطي، حدّثنا عاصم بن رجاء، عن كثير بن قيس، عن أبي الدّرداء قال: جاءه رجل من أهل المدينة و هو بمصر (5)،قال: فقال له أبو الدّرداء: ما (6) أقدمك أي (7) أخي ؟ قال:
حديث بلغني عنك أنك تحدّث به عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: أ ما قدمت لتجارة ؟ قال: لا، قال: أ ما قدمت لطلب حاجة ؟ قال: لا، قال: فما قدمت إلاّ لطلب - و قال الصرصري: في طلب (8)-هذا الحديث (9)،قال: فإنّي سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك اللّه به طريقا إلى الجنّة، و إنّ الملائكة لتضع أجنحتها رضى لطالب العلم، و إنّ العالم يستغفر له من في السموات و الأرض حتى الحيتان جوف - و قال الصرصري: في جوف - الماء، و لفضل العالم على العابد - و قال أبو محمّد: على العامل - كفضل القمر على سائر الكواكب، إنّ العلماء ورثة الأنبياء، إنّ الأنبياء لم يورّثوا دينارا و لا درهما، و إنّما ورّثوا العلم، فمن أخذه به أخذ بحظّ وافر»[10612]. و رواه أحمد بن حنبل، عن محمّد بن يزيد، هكذا، إلاّ أنه قلبه، فقال: قيس بن كثير.
أخبرناه أبو القاسم بن الحصين، أنبأنا أبو علي بن المذهب، أنبأنا أحمد بن جعفر،
ص: 47
حدّثنا عبد اللّه بن أحمد، حدّثني أبي (1)،حدّثنا محمّد بن يزيد الواسطي (2)،أنبأنا عاصم بن رجاء بن حيوة، عن قيس بن كثير قال: قدم رجل من المدينة إلى أبي الدّرداء و هو بدمشق، فقال: ما أقدمك أي أخي ؟ قال: حديث بلغني أنّك تحدّث به عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: أ ما قدمت لتجارة ؟ قال: لا، قال: أ ما قدمت لحاجة ؟ قال: لا، قال: أ ما قدمت إلاّ في طلب هذا الحديث ؟ قال: نعم، قال: فإنّي سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك اللّه به طريقا إلى الجنّة، و إنّ الملائكة لتضع أجنحتها رضى لطالب العلم، و إنّه يستغفر للعالم من في السموات و الأرض حتى الحيتان في الماء، و فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، إنّ العلماء هم ورثة الأنبياء، إنّ الأنبياء لم يورّثوا دينارا و لا درهما و إنّما ورّثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظّ وافر»[10613].
رواه الترمذي (3) عن محمود بن خداش، عن محمّد بن يزيد، و قال أبو عيسى: هكذا حدّثنا محمود بن خداش هذا الحديث، و إنّما يروى هذا الحديث عن عاصم بن رجاء بن حيوة، عن الوليد بن جميل عن كثير.
[قال ابن عساكر:] (4) قال: الوليد بن جميل، و إنّما هو داود بن جميل.
و روي عن الأوزاعي على وجه آخر: أخبرناه أبو القاسم عبد الكريم بن محمّد بن أبي منصور الدامغاني - بها - حدّثنا أبو الفتح المظفّر بن حمزة الجرجاني - إملاء - أنبأنا أبو بكر عبد اللّه بن محمّد السكري. ح و أخبرنا أبو المعالي المروزي، حدّثنا أبو بكر بن خلف، أنبأنا أبو عبد اللّه الحافظ . ح و أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأنا أبو بكر البيهقي، أنبأنا أبو عبد اللّه الحافظ ، و أبو عبد اللّه إسحاق بن محمّد السوسي. قالوا: أنبأنا أبو العباس محمّد بن يعقوب، حدّثنا أبو بكر محمّد بن إسحاق الصّغاني، حدّثنا إبراهيم بن عرعرة، حدّثنا عبد الملك بن عبد الرّحمن الذماري، عن سفيان، عن الأوزاعي، عن كثير بن قيس، عن يزيد بن سمرة، عن أبي الدّرداء قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك اللّه به طريقا إلى الجنّة، و إنّ الملائكة تضع (5) أجنحتها لطالب العلم رضى بما يصنع،
ص: 48
و إنّه لتستغفر له دوابّ البحر حتى الحيتان في البحر، و إنّ فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على الكواكب، و إنّ العلماء ورثة الأنبياء، إنّ الأنبياء لم يدعوا دينارا و لا درهما و لكنهم - و في حديث زاهر: و لكن - ورّثوا العلم، فمن أخذ به - و قال زاهر: فمن أخذه - فقد أخذ بحظّ وافر»[10614]. تابعه نوح بن حبيب عن عبد الملك.
أخبرناه أبو العلاء حمد بن مكي بن حسنويه بزنجان (1)،حدّثنا [أبو] (2) سهل غانم بن محمّد بن عبد الواحد بن عبيد اللّه (3) بن أحمد بن شهريار - إملاء - بأصبهان، حدّثنا أبو الحسين أحمد بن محمّد بن الحسين، حدّثنا سليمان بن أحمد بن أيوب، حدّثنا موسى بن هارون، حدّثنا نوح بن حبيب القومسي (4)،حدّثنا عبد الملك بن عبد الرّحمن الذّماري، حدّثنا سفيان الثوري، عن الأوزاعي، عن كثير بن قيس، عن يزيد بن سمرة، عن أبي الدّرداء عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال:«من سلك طريقا يطلب فيه علما سهّل اللّه له طريقا إلى الجنّة، و إنّ الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضى بما يصنع، و إنّه يستغفر (5) له دوابّ الأرض حتى الحيتان في البحر، و إنّ فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، و إنّ العلماء ورثة الأنبياء، إنّ الأنبياء لم يخلفوا دينارا و لا درهما و لكنهم ورّثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظّ وافر»[10615].
و أخبرنا (6) أبو عبد اللّه الحسين بن عمر بن الحسين المؤدب، أنبأنا أبو سعد أحمد بن الحسن بن أحمد بن علي، أنبأنا أبو طاهر بن عبد الرحيم، حدّثنا أبو الشيخ، أنبأنا أبو بكر بن أبي عاصم، حدّثنا الحسن بن علي الحلواني، حدّثنا عبد الرزّاق، أنبأنا ابن المبارك، عن الأوزاعي، عن كثير بن قيس، عن يزيد بن ميسرة (7)،عن أبي الدّرداء قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«إنّ العلماء هم ورثة الأنبياء، إنّ الأنبياء لم يورّثوا دينارا و لا درهما و لكنهم ورّثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظّ وافر»[10616].
[قال ابن عساكر:] (8) كذا قال، و صوابه: ابن سمرة.
ص: 49
و رواه بشر بن بكر عن الأوزاعي على وجه آخر:
أخبرناه (1) أبو الحسن (2) علي بن المسلّم الفقيه، حدّثنا عبد العزيز بن أحمد، أنبأنا تمام بن محمّد، أخبرني أبو زرعة، و أبو بكر ابنا (3) عبد اللّه بن أبي دجانة، قالا: حدّثنا محمّد بن أحمد بن عبيد بن فياض، حدّثنا أبو الطاهر، عن (4) بشر بن بكر، حدّثنا الأوزاعي، حدّثني عبد السلام بن سليم، عن يزيد بن سمرة و غيره من أهل العلم عن كثير بن قيس قال:
أقبل رجل من أهل المدينة إلى أبي الدّرداء و هو بدمشق في طلب حديث بلغه أنه يحدّث به عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال (5)[أبو الدرداء: ما جاء بك يا أخي ؟ قال: جئت في طلب حديث بلغني أنك تحدث به عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم. قال:] (6) ما جاء بك ؟ تجارة ؟ و لا جئت لطلب حاجة ؟ قال: لا، قال: و لا جئت إلاّ في طلب هذا الحديث ؟ قال: نعم (7)،قال: فأبشر، فإني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«من سلك طريقا يبتغي فيه علما سلك اللّه به طريقا إلى الجنّة، إنّ الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا (8)،و انه ليستغفر للعالم من في السموات و الأرض حتى الحيتان في جوف الماء، و لفضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على الكواكب، إنّ العلماء ورثة الأنبياء، إنّ الأنبياء لم يورّثوا دينارا و لا درهما، و لكنهم ورّثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظّ وافر»[10617].
آخر الجزء الخامس و الثمانين بعد الخمسمائة (9).
أخبرنا أبو الغنائم بن النّرسي - إذنا - ثم حدّثنا أبو الفضل السلامي، أنبأنا أحمد بن الحسن، و المبارك، و ابن النّرسي، قالوا: أنبأنا أبو أحمد - زاد أحمد: و أبو الحسين قالا:- أنبأنا أحمد بن عبدان، أنبأنا محمّد بن سهل، أنبأنا محمّد بن إسماعيل قال (10):كثير بن قيس سمع أبا الدّرداء، روى عنه داود بن جميل.
ص: 50
أنبأنا (1) أبو الحسين القاضي، و أبو عبد اللّه الأديب، قالا: أنبأنا عبد الرّحمن بن محمّد، أنبأنا حمد - إجازة-. ح قال: و أنبأنا أبو طاهر، أنبأنا علي. قالا: أنبأنا ابن أبي حاتم قال (2):كثير بن قيس روى عن أبي الدّرداء، روى عنه داود بن جميل، سمعت أبي يقول ذلك.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، حدّثنا أبو محمّد الكتّاني (3)،أنبأنا أبو القاسم البجلي، حدّثنا أبو عبد اللّه الكندي، حدّثنا أبو زرعة قال: في الطبقة التي تلي أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و هي العليا: كثير بن قيس يحدّث عن أبي الدّرداء.
أخبرنا أبو غالب بن أبي علي، أنبأنا أبو الحسين الصيرفي، أنبأنا عبد اللّه بن عتّاب، أنبأنا أحمد - إجازة-. ح و أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد، أنبأنا الحسن بن أحمد، أنبأنا علي بن الحسن، أنبأنا عبد الوهّاب بن الحسن، أنبأنا أحمد - قراءة - قال: سمعت ابن سميع يقول: في الطبقة الثانية من تابعي أهل الشام قال: و كثير بن قيس أمره ضعيف، لم يثبته أبو سعيد - يعني دحيما-.
أنبأنا أبو طالب الحسين بن محمّد بن علي، أنبأنا أبو القاسم علي بن المحسّن، أنبأنا محمّد بن المظفّر، أنبأنا بكر بن أحمد بن حفص، حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى (4) في تسمية أهل حمص، قال: و كثير بن قيس يحدّث عن أبي الدّرداء.
5796 - كثير بن كثير (5)،و يقال: ابن أبي كثير أبو كامل الجرشي
مولى هشام بن الغاز. سمع مكحولا أبا عبد اللّه.
[روى عنه] (6) محمّد بن المبارك الصّوري، و هشام بن عمّار.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفقيه، أنبأنا نصر بن إبراهيم [و عبد اللّه بن عبد الرزاق. ح و أخبرنا أبو الحسن بن زيد المؤدب أنا نصر بن إبراهيم] (7).قالا: أنبأنا أبو
ص: 51
الحسن بن عوف، أنبأنا أبو علي بن منير، أنبأنا أبو بكر بن خريم (1)،حدّثنا هشام بن عمّار في مشيخة الدمشقيين، حدّثنا كثير بن كثير الجرشي (2) أبو كامل قال: اشترى هشام بن الغاز جارية رومية، فوجد معها نفقة قد خبأتها في عقاص (3) رأسها، فسأل مكحولا و أنا معه، فقال له: إنّي أصبت مع هذه الجارية نفقة، فما رأيك فيها؟ فقال مكحول: أما الغزاة فقد انقضت، و الناس قد افترقوا، و الفيء قد قسّم، فلا أرى لها وجها أفضل من أن تصدق بها على المساكين.
قرأت على أبي الفضل بن ناصر، عن أبي الفضل المكي، أنبأنا أبو نصر الوائلي، أنبأنا الخصيب (4) بن عبد اللّه، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرّحمن، أخبرني أبي قال: أبو كامل كثير بن كثير.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، حدّثنا أبو محمّد التميمي، أنبأنا أبو القاسم تمام بن محمّد، أنبأنا أبو عبد اللّه الكندي، حدّثنا أبو زرعة قال: في تسمية أصحاب مكحول: كثير ابن كثير، يكنى أبا كامل، مولى هشام، و في نسخة: بن أبي كثير.
قرأنا على أبي الفضل السّلامي، عن أبي طاهر الأنباري، أنبأنا أبو القاسم بن الصوّاف، أنبأنا أحمد بن محمّد بن إسماعيل، حدّثنا محمّد بن أحمد بن حمّاد قال (5):أبو كامل كثير بن أبي كثير، يروي عنه محمّد بن مبارك الصوري.
و قرأنا على أبي الفضل أيضا، عن محمّد بن أحمد بن أبي الصّقر، أنبأنا هبة اللّه بن إبراهيم بن عمر، أنبأنا أبو بكر المهندس، حدّثنا أبو بشر الدولابي (6)،حدّثنا أحمد بن عبد الواحد، حدّثنا محمّد (7) بن المبارك، حدّثنا كثير بن أبي كثير الدمشقي مولى هشام بن الغاز - و قال الدّولابي: أبو كامل دمشقي - قال: صلّيت خلف مكحول على بساط و خلفه يزيد بن يزيد بن جابر، فكلمّا سجد مكحول رفع يزيد بن يزيد البساط فسجد على الأرض، فلما سلّم مكحول قال ليزيد: إنّك إمام يقتدى بك، فلا تعد لمثل هذا.
ص: 52
5797 - كثير بن مرّة أبو شجرة - و يقال: أبو القاسم - الحضرمي الحمصي (1)
أدرك سبعين من أهل بدر.
و حدّث عن عمر بن الخطّاب، و معاذ بن جبل، و عمرو بن عبسة (2)،و عقبة بن عامر، و أبي الدّرداء، و عوف بن مالك الأشجعي، و عبد اللّه بن عمر بن الخطّاب، و نعيم بن عمّار، و عبد اللّه بن فيروز (3) الدّيلمي.
روى عنه: خالد بن معدان، و أبو الزاهرية حدير بن كريب، و مكحول الفقيه، و الحسن ابن عبد الرّحمن، و عبد الرّحمن بن عائذ الأزدي الثمالي، و يزيد بن أبي حبيب النوبي (4)، و صالح بن [أبي] غريب (5)،و عمرو بن جابر الحضرميان، المصريون.
و حضر الجابية - من قرى دمشق - أخبرنا أبو محمّد طاهر بن سهل بن بشر، أنبأنا عبد الدائم بن الحسن بن عبيد اللّه، أنبأنا عبد الوهّاب بن الحسن بن الوليد الكلابي، أنبأنا أبو محمّد عبد اللّه بن أحمد بن زبر القاضي، حدّثنا أحمد بن عبد الجبّار العطاردي، حدّثني أبي، حدّثنا سعيد بن عبد الجبّار، عن سعيد بن سنان (6)،حدّثنا أبو الزاهرية، عن كثير بن مرّة الحضرمي قال: سمعت عمر بن الخطّاب يقول: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«لا تبنى بيعة في الإسلام، و لا يجدّد ما خرّب منها»[10618].
أخبرنا أبو محمّد هبة اللّه بن سهل الفقيه، أنبأنا أبو عثمان البحيري (7)،أنبأنا أبو عمرو ابن حمدان، أنبأنا علي بن سعيد بن عبد اللّه العسكري، حدّثنا محمّد بن عمرو بن حبان الحمصي، حدّثنا بقية بن الوليد، عن بحير (8) بن سعد، عن خالد بن معدان، عن كثير بن
ص: 53
مرّة، عن عمرو بن عبسة (1) قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«من بنى للّه مسجدا بني له بيت في الجنّة»[10619].
أخبرنا أبو غالب بن البنّا، أنبأنا أبو الحسين بن الآبنوسي، أنبأنا موسى بن عيسى بن عبد اللّه السراج، حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، حدّثنا هشام بن عبد الملك اليزني (2) أبو تقي، حدّثنا عتبة بن السكن، حدّثنا الأوزاعي، عن سليمان بن موسى، عن مكحول، عن كثير بن مرّة الحضرمي، عن عوف بن مالك قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«ساعة السبحة حين تزول عن كبد السماء، و هي صلاة المخبتين، و أفضلها (3) في شدة الحرّ»[10620].
قرأت بخط أبي محمّد التميمي، ثم أخبرنيه أبو القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان عنه، أنبأنا أبو الحسن علي بن الحسن الربعي الحافظ ، أخبرني أبو علي الحسن بن عبد اللّه ابن سعيد الحمصي - ببعلبك - أنبأنا أبو الخليل العباس بن الخليل الحضرمي - بحمص - حدّثنا أبو علقمة - يعني - نصر بن خزيمة بن علقمة بن محفوظ بن علقمة، أخبرني أبي، عن نصر بن علقمة، عن أخيه محفوظ بن علقمة، عن ابن عائذ قال: قال كثير بن مرّة:- و كان يرمى بالفقه - لمعاذ بن جبل و نحن بالجابية: من المؤمنون ؟ قال معاذ: أ مبرسم و الكعبة ؟ إن كنت لأظنك أفقه مما أنت، هم الذين أسلموا و صاموا، و أقاموا الصلاة، و آتوا الزكاة.
أخبرنا أبو البركات بن المبارك، و أبو العز ثابت بن منصور، قالا: أنبأنا أبو طاهر أحمد ابن الحسن - زاد ابن المبارك: و أحمد بن الحسن بن خيرون، قالا: أنبأنا محمّد بن الحسن (4)،أنبأنا محمّد بن أحمد بن إسحاق، حدّثنا عمر بن أحمد، حدّثنا خليفة قال (5):في الطبقة الثانية من محدّثي أهل الشام: كثير بن مرّة الحضرمي، و أبو (6) شجرة، حمصي.
[قال ابن عساكر:] (7) كذا فيه، و الصواب أبو شجرة بغير واو.
و أخبرنا أبو البركات أيضا، أنبأنا أبو طاهر، أنبأنا يوسف بن رباح، أنبأنا أبو بكر المهندس، حدّثنا أبو بشر الدولابي، حدّثنا معاوية بن صالح قال في تسمية تابعي أهل الشام:
ص: 54
كثير بن مرّة الحضرمي. قال لي أبو مسهر: قد أدرك عبد الملك، يكنى أبا شجرة.
أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر، أنبأنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك، أنبأنا أبو الحسن ابن السّقّا، و أبو محمّد بن بالوية، قالا: أنبأنا محمّد بن يعقوب، حدّثنا عباس بن محمّد قال:
سمعت يحيى بن معين يقول.[ح] و أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنبأنا أبو الفضل المعدّل، أنبأنا أبو العلاء الواسطي، أنبأنا أبو بكر البابسيري، حدّثنا الأحوص بن المفضّل، حدّثنا أبي، عن يحيى بن معين قال: كثير (1) بن مرّة أبو شجرة.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو الفضل بن البقّال، أنبأنا أبو الحسن بن الحمّامي، أنبأنا إبراهيم بن أحمد بن الحسن، حدّثنا إبراهيم بن أبي أمية قال: سمعت نوحا يقول: أبو شجرة الذي يروي عنه أبو الزاهرية هو كثير بن مرّة الحضرمي.
قرأت على أبي غالب الحريري، عن الحسن بن علي (2)،أنبأنا محمّد بن العبّاس، أنبأنا أحمد بن معروف، حدّثنا الحسين بن محمّد، حدّثنا أبو عبد اللّه الكاتب قال (3):في الطبقة الثانية من تابعي أهل الشام: كثير بن مرّة الحضرمي، يكنى أبا شجرة، و كان ثقة.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع، أنبأنا أبو عمرو بن مندة، أنبأنا الحسن بن محمّد بن أحمد، أنبأنا أحمد بن محمّد بن عمر، حدّثنا عبد اللّه بن محمّد بن عبيد، حدّثنا محمّد بن سعد قال: في الطبقة الثانية من التابعين من أهل الشام: كثير بن مرّة الحضرمي.
أنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي، ثم حدّثنا أبو الفضل بن ناصر، أنبأنا أحمد بن الحسن، و المبارك بن عبد الجبّار، و محمّد بن علي، و اللفظ له، قالوا: أنبأنا أبو أحمد - زاد أحمد: و أبو الحسين قالا:- أنبأنا أبو بكر الشيرازي، أنبأنا أبو الحسن المقرئ، حدّثنا أبو عبد اللّه البخاري قال (4):كثير بن مرّة أبو شجرة الحضرمي الرّهاوي، سمع معاذا، قال الليث عن يزيد بن أبي حبيب: أدرك سبعين بدريا، و روى قتادة عن الحسن بن عبد الرّحمن عن كثير (5).
أخبرنا أبو الحسين القاضي - إذنا - و أبو عبد اللّه الأديب - شفاها - قالا: أنبأنا أبو القاسم
ص: 55
ابن مندة، أنبأنا أبو علي - إجازة-. ح قال: و أنبأنا أبو طاهر، أنبأنا علي. قالا: أنبأنا ابن أبي حاتم قال (1):كثير بن مرّة الحضرمي أبو شجرة الحمصي، روى عن معاذ بن جبل، و عمرو (2) بن عبسة (3)،و عقبة بن عامر، و روى يزيد بن أبي حبيب أنه قال: أدرك كثير سبعين بدريا، روى عنه خالد بن معدان، و مكحول، و أبو الزاهرية، و الحسن بن عبد الرّحمن، و يزيد بن أبي حبيب، سمعت أبي يقول ذلك.
أخبرنا أبو أبو بكر محمّد بن العباس، أنبأنا أحمد بن منصور بن خلف، أنبأنا أبو سعيد ابن حمدون، أنبأنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلما يقول: أبو شجرة كثير بن مرّة عن معاذ بن جبل، روى عنه خالد بن معدان.
أخبرنا أبو محمّد هبة اللّه بن أحمد، حدّثنا عبد العزيز بن أحمد، أنبأنا تمام بن محمّد، أنبأنا جعفر بن محمّد، حدّثنا عبد الرّحمن بن عمرو قال: في الطبقة التي تلي أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و هي العليا: كثير بن مرّة يكنى أبا شجرة، جالس أبا الدّرداء، و عوف بن مالك.
قرأت على [أبي] (4) الفضل بن ناصر، عن أبي الفضل المكي، أنبأنا أبو نصر عبيد اللّه ابن سعيد، أنبأنا أبو الحسن الخصيب بن عبد اللّه، أخبرني أبو موسى بن أبي عبد الرّحمن، أخبرني أبي قال: أبو شجرة كثير بن مرّة.
أخبرنا أبو غالب بن البنّا، أنبأنا أبو الحسين محمّد بن أحمد، أنبأنا أبو القاسم بن عتّاب، أنبأنا ابن جوصا - إجازة-. ح و أخبرنا أبو القاسم بن السّوسي (5)،أنبأنا أبو عبد اللّه الخطيب، أنبأنا أبو الحسن الرّبعي، أنبأنا عبد الوهّاب، أنبأنا ابن جوصا - قراءة - قال: سمعت ابن سميع يقول: في الطبقة الثانية من تابعي أهل الشام: كثير بن مرّة الحضرمي، يكنى أبا شجرة، قديم، حمصي، روى عن أبي الدّرداء.
قرأنا على أبي الفضل السلامي، عن أبي طاهر الخطيب، أنبأنا أبو القاسم هبة اللّه بن إبراهيم، أنبأنا أبو بكر المهندس، حدّثنا أبو بشر قال (6):أبو شجرة [كثير] (7) بن مرّة الحضرمي.
ص: 56
أنبأنا أبو طالب الحسين بن محمّد (1)،أنبأنا علي بن المحسّن، أنبأنا محمّد بن المظفر، أنبأنا أبو محمّد الشعراني، حدّثنا أبو بكر البغدادي، قال: كثير بن مرّة الحضرمي و هو الصّدفي، و هو الأعرج، يكنى أبا شجرة، جالس أبا الدّرداء، و عوف بن مالك، سألت أبا شريح عمرو بن نمير بن شريح بن عبيد اللّه بن شريح بن عبيد الحضرمي عن كثير بن مرّة فقال لي: كثير ابن عمّنا، و قد صاهرنا، قد سمعت أبي يذكر ذلك، قال أبو شريح: و لا نعلم (2) لكثير عقبا.
كتب إليّ أبو جعفر محمّد بن أبي علي، أنبأنا أبو بكر الصفّار، أنبأنا أحمد بن علي، أنبأنا أبو أحمد الحاكم قال: أبو القاسم - و يقال: أبو شجرة - كثير بن مرّة الحضرمي الرّهاوي، سمع أبا عبد الرّحمن معاذ بن جبل، و أبا نجيح عمرو بن عبسة (3) السلمي، و أبا حمّاد عقبة بن عامر الجهني، و يقال: أدرك سبعين بدريا، روى عنه أبو عبد اللّه خالد بن معدان، و داود بن جميل، و أبو الصّلت شريح بن عبيد المقرائي (4)،كنّاه البخاري.
كتب إليّ أبو زكريا بن مندة، و حدّثني أبو بكر اللفتواني عنه، أنبأنا عمي أبو القاسم عن أبيه أبي (5) عبد اللّه قال: قال لنا ابن يونس: كثير بن مرّة الحضرمي يكنى أبا شجرة، من سكان حمص، قدم مصر على عبد العزيز ابن مروان، روى عنه من أهل مصر: يزيد بن أبي حبيب، و صالح بن [أبي] غريب (6)،و عمرو بن جابر الحضرميان.
أخبرنا أبو محمّد بن حمزة، عن أبي زكريا البخاري. ح و أخبرنا أبو القاسم بن السّوسي (7)،أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن يونس الخطيب، أنبأنا أبو زكريا. ح و أخبرنا أبو الحسين أحمد بن سلامة، أنبأنا سهل بن بشر، أنبأنا رشأ بن نظيف، قالا: حدّثنا عبد الغني بن سعيد قال: في باب الحضرمي بالحاء: كثير بن مرّة الحضرمي أبو شجرة عن معاذ بن جبل.
ص: 57
قرأت على أبي غالب بن البنّا، عن أبي محمّد الجوهري (1)،أنبأنا أبو عمر (2) بن حيوية، أنبأنا أحمد بن معروف، حدّثنا الحسين بن فهم، حدّثنا محمّد بن سعد (3) قال: قال عبد اللّه بن صالح عن الليث بن سعد، حدّثني يزيد بن أبي حبيب. أن عبد العزيز بن مروان كتب إلى كثير بن مرّة الحضرمي و كان قد أدرك بحمص سبعين بدريا من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال ليث: و كان يسمّي الجند المقدّم قال: فكتب إليه أن يكتب إليه بما سمع من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من أحاديثهم إلاّ حديث أبي هريرة فإنه عندنا.
أخبرنا أبو محمّد المزكي، حدّثنا أبو محمّد الصوفي، أنبأنا أبو محمّد المعدل، أنبأنا أبو الميمون، حدّثنا أبو زرعة قال (4):قلت - يعني - لدحيم: فمن يكون معهم في طبقتهم من أصحابنا - يعني - جبير بن نفير و أبا إدريس الخولاني ؟ فقال: كثير بن مرّة، فذاكرته سنة و مناظرة أبي الدّرداء إياه في القراءة خلف الإمام، و قول عوف بن مالك فيه: أرجو أن تكون يا كثير رجلا صالحا، فرآه معهما في طبقة (5).
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنبأنا أبو الحسين بن الطّيّوري، أنبأنا الحسين بن جعفر، و محمّد بن الحسن، و أحمد بن محمّد العتيقي. ح و أخبرنا أبو عبد اللّه البلخي، أنبأنا ثابت بن بندار، أنبأنا الحسين بن جعفر. قالوا: أنبأنا الوليد بن بكر، أنبأنا علي بن أحمد، أنبأنا صالح بن أحمد، حدّثني أبي قال (6):كثير بن مرّة الحضرمي شامي، تابعي، ثقة.
قرأت على أبي القاسم بن عبدان، عن أبي عبد اللّه محمّد بن علي، أنبأنا رشأ بن نظيف، أنبأنا محمّد بن إبراهيم بن محمّد، أنبأنا محمّد بن محمّد بن داود، حدّثنا عبد الرّحمن بن يوسف بن سعيد قال: كثير بن مرّة، حمصي، صدوق.
أخبرنا أبو الوفاء عبد الواحد بن حمد، و أم المجتبى العلوية قالا: أنبأنا أبو طاهر بن محمود، أنبأنا أبو بكر بن المقرئ، أنبأنا أبو العباس بن قتيبة، حدّثنا حرملة، أنبأنا ابن وهب قال: قال معاوية بن صالح: و حدّثني أبو الزاهرية، حدّثني كثير بن مرّة الحضرمي.[ح] (7)و أخبرنا أبو محمّد بن طاوس، أنبأنا أبو القاسم بن أبي العلاء، أنبأنا أبو محمّد ابن أبي نصر،
ص: 58
أنبأنا أبو الحسن بن حذلم، حدّثنا أبو زرعة، حدّثنا عبيد اللّه بن صالح، حدّثني معاوية عن أبي الزاهرية، عن كثير بن مرّة الحمصي. قال (1):دخلت المسجد يوم الجمعة فمررت بعوف بن مالك الأشجعي و هو باسط رجليه، قال: فضمّ رجله - و قال ابن طاوس: رجليه - ثم قال:
يا كثير بن مرّة، أ تدري لم بسطت رجليّ ؟- زاد ابن طاوس: بسطتهما و قالوا:- رجاء أن يجيء رجل صالح [فأجلسه] (2) و إنّي أرجو أن تكون رجلا صالحا.
[أخبرنا أبو المعالي محمد بن إسماعيل، و أبو القاسم زاهر بن طاهر، قالا: أنا أبو بكر أحمد بن الحسين] (3) أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ ، حدّثنا أبو العباس محمّد بن يعقوب، حدّثنا الحسن بن مكرم، حدّثنا يزيد بن هارون، أنبأنا حريز (4) بن عثمان، حدّثنا سلمان بن سمير (5)قال: سمعت كثير بن مرّة الحضرمي يقول: لا تحدث بالحكمة عند السفهاء فيكذبونك، و لا تحدّث بالباطل عند الحكماء فيمقتوك، و لا تمنع العلم أهله فتأثم، و لا تحدّث به غير أهله فتجهّل، إنّ عليك في علمك حقا، كما أنّ عليك في مالك حقا.
أخبرنا أبو القاسم هبة اللّه بن عبد اللّه، أنبأنا أبو بكر الخطيب، أنبأنا أبو الحسن علي ابن محمّد بن محمّد بن أحمد بن عثمان الطرازي، أنبأنا أبو حامد (6) بن حسنويه المقرئ. ح و أخبرنا أبو محمّد بن حمزة، حدّثنا أبو بكر الخطيب، أنبأنا علي بن أبي بكر الطرازي - بنيسابور - أنبأنا أحمد بن علي بن حسنويه المقرئ.
حدّثنا محمّد بن زيد، حدّثنا يحيى بن أبي بكير، حدّثنا حريز (7) بن عثمان عن سلمان ابن سمير (8)،عن كثير بن مرّة الحضرمي قال:
لا تمنع العلم أهله فتأثم، و لا تحدّث به غير أهله فتجهّل، و اعلم أن عليك في علمك حقا، كما أنّ عليك في مالك حقا - زاد أبو القاسم: و لا تحدّث بالحق عند السفهاء فيكذبوك، و لا تحدث بالباطل عند الحكماء فيمقتوك.
ص: 59
أخبرنا أبو محمّد هبة اللّه بن أحمد البغدادي، أنبأنا أبو الغنائم بن أبي عثمان، أنبأنا أبو الحسين بن بشران، أنبأنا أبو علي بن صفوان، حدّثنا ابن أبي الدنيا، حدّثني الحسن بن الصباح، حدّثنا أحمد بن حنبل، حدّثنا أبو المغيرة، حدّثنا صفوان، حدّثني سليم بن عامر (1)،حدّثني كثير بن مرّة قال: رأيت في منامي كأنّي دخلت دوحة عليا من الجنة، فجعلت أطوف بها و أتعجب منها، و إذا أنا بنساء من نساء المسجد في ناحية منها، فذهبت حتى سلّمت عليهن ثم قلت: بم بلغتن هذه [الدرجة ؟] (2) قلن (3):بسجدات و كسيرات.
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمّد الخطيب، أنبأنا أبو منصور النهاوندي، أنبأنا أبو العباس، أنبأنا أبو القاسم بن الأشقر، حدّثنا محمّد بن إسماعيل (4) قال: قال أبو مسهر: أدرك كثير بن مرّة عبد الملك - يعني - وفاة (5) عبد الملك، و كنية كثير أبو شجرة الشامي.
أخبرنا أبو البركات، أنبأنا ثابت بن بندار، أنبأنا محمّد بن علي، أنبأنا الأحوص بن المفضّل، حدّثنا أبي قال: قال أبو مسهر: أدرك كثير بن مرّة عبد الملك.
أخو النعمان بن المنذر.
حدّث عن القاسم بن مخيمرة.
روى عنه: أخوه النعمان بن المنذر.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، حدّثني أبو الحسن عبيد اللّه بن محمّد بن إسحاق بن مندة، أنبأنا أبي، أنبأنا جعفر بن محمّد بن هشام الكندي - بدمشق - حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى بن حمزة، حدّثني أبي عن أبيه قال: حدّثني النعمان بن المنذر أن أخاه كثير بن المنذر حدّث عن القاسم بن محمّد (6)... (7) في التشهّد و قال: إنّ (8) البرّاء بن عازب قد أتقن، فقال: إنّما كان يقال: أيها النبي إذ كان حيا.
[قال ابن عساكر:] (9) صوابه: القاسم بن مخيمرة.
ص: 60
مصري، وفد على عمر بن عبد العزيز. و قيل إنه روى عن عمر بن الخطّاب.
روى عنه: الحارث بن يعقوب، و أرسل عنه عمرو بن الحارث بن يعقوب.
قرأت بخط عبد الوهّاب الميداني سماعه من أبي سليمان بن زبر، عن أبيه، أنبأنا علي ابن داود، حدّثنا عبد اللّه بن صالح، حدّثني الليث قال: حسبت أن عمرو (1) بن الحارث حدّثني. أن كثير بن مرة قدم على عمر بن عبد العزيز بعد قفل القسطنطينة (2) فقال عمر: يا ابن ميسرة، هل كنت ترجو قفلا من القسطنطينة (3) قبل افتتاحها، فقال: ما كنت أرجو ذلك إلاّ بمكانك رجاء (4) أن تكلم سليمان في أن يأذن لنا، فقال: هيهات، يرحم اللّه أبا أيوب، لقد كان حسم ذكر ذلك من الناس، فلا يقدر أحد على أن يكلّمه فيه إلاّ بتقريب فتحها، و إنّي لأذكر أنها حلقة كان اللّه أبهمها على مدينة الكفر، فأكون أنا أفكّها، ثم ذكرت الذي أخاف أن يكون وصل إليهم من الجهد، فرأيت أن آذن لهم، فقيل لعمر: إن أهل القسطنطينة (5) أصابهم جرب شديد، قال: فأي الأمور خير للجرب ؟ قال: زيت الزيتون مطبوخ بالدّفلى (6)،فأمر بروايا (7) كثيرة فطبخت، ثم حملت إليها.
كتب إليّ أبو محمّد حمزة بن العبّاس، و أبو الفضل أحمد بن محمّد، و حدّثني أبو بكر محمّد بن شجاع اللفتواني عنهما، قالا: أنبأنا أبو بكر الباطرقاني، أنبأنا أبو عبد اللّه بن مندة قال: قال لنا أبو سعيد بن يونس: كثير بن ميسرة يروي عن عمر بن الخطّاب، روى عنه الحارث بن يعقوب.
[قال ابن عساكر:] (8) كذا قال، و يبعد أن يكون سمع من عمر بن الخطّاب زمن عمر بن عبد العزيز، و اللّه أعلم.
كان من صحابة عبد الملك بن مروان. حكى عنه خلف الأحمر النحوي.
ص: 61
قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف المقرئ، و أنبأنيه أبو القاسم علي بن إبراهيم، و أبو الوحش سبيع بن المسلّم عنه، أنبأنا أبو مسلم محمّد بن علي الكاتب، أنبأنا أبو بكر محمّد بن الحسن (1) بن دريد، أنبأنا أبو عثمان، عن الثوري، عن أبي عبيدة قال: وفد الحجّاج إلى عبد الملك، فوجد عنده كثير بن هراسة العامري، و عند عبد الملك يومئذ وجوه الناس من قريش و غيرهم، فقال عبد الملك: يا حجّاج، قال: لبيك يا أمير المؤمنين، قال:
إنّ العلماء يزعمون أن ثقيفا من إياد، و قد قال الشاعر:
قومي إياد لو أنّهم أمم *** و لو أقاموا لتمّت النّعم
فقال الحجّاج: أصلح اللّه أمير المؤمنين و أمتع به، إنّ الحق أبلج، و إنّ مسلك الصدق منهج، و إنّ طريق الباطل أعوج، و إنه لم يخز من ركب الحق، و لم يعم من قصد الصدق، و نحن من قيس عيلان، أو رقت غصوننا بورقه و قد قال شاعرنا:
بان إيادكم ضل من ضل *** و أنا من إيادكم براء
و إنّا معشر من جذم قيس *** فنسبتنا و نسبتهم سواء
خلقنا منهم و بنوا علينا *** كما بنيت على الأرض السماء
فقال ابن هراسة: و اللّه يا أمير المؤمنين إنّ هذا الشر (2) أصيل، و عار وبيل، و خطب جليل، دخول رجل في قوم ليس منهم، و خروجه عن قوم رغبة عنهم، إلاّ أنه قد عرف أنه ليس من الفريقين جميعا فأحب أن يغترّ (3) بالعدد و العدة، و اللّه يا أمير المؤمنين ما كثرونا من قلة، و لا اعتززنا بهم من ذلّة، و ما بنا إليهم من حاجة، و لكن ساقتهم إلينا الفاقة، و نحن قوم نجير الذمار، و نحفظ الجوار، فلجئوا إلينا حين ضاقت عليهم المذاهب، و كدحتهم المخالب، و كبحتهم المضارب، و ايم اللّه لوددت أنهم لحقوا بعشائرهم، فإنّهم يفسدون إذا أصلحنا، و يصلحون إذا أفسدنا، لئام الجدود، قصار الحدود، بقية آل ثمود، و أمساخ القرود، عبيد و أبناء عبيد، ابتزوا (4) أشرا و استنوا مرحا، و اختالوا بطرا.
فقال له الحجّاج: و اللّه يا بن هراسة إنّك لتمد بيد قصيرة، و باع ضيقة لا تنزع عن
ص: 62
المحارم، و لا يشار إليك بالمكارم، و لا تستشار في القوم و لا يرجى لدفع اليوم، و اللّه لو لا مكان أمير المؤمنين و حقّه لاستوعرت مركبك،[و لاستطلت موكبك] (1) و لأوردتك موارد تضيق بمصادرها.
فقال ابن هراسة: و اللّه لأنت أضعف كوعا، و أهون كرسوعا، و أقصر بوعا، و أقلّ ورعا من أن تذكر منا شيئا نعرفه، و تناول منا شيئا نكرهه، و لكن قل في تضييعك الأمانة، و إظهارك الخيانة، كيف تبدل من حلاوتها علقما، و تمج من مسكنتها دما حين يطلع أمير المؤمنين على خيانتك و يفشو له صنيعك.
فلمّا سمع عبد الملك مقالتهما خشي أن يبلغ أمرهما إلى أعظمه فعزم عليهما حتى سكتا، و خرج الحجّاج من فوره إلى واسط ، و فتح اللّه بعد ذلك على المختار فتحا من قبل إفريقية، فبعث وفدا إلى الحجّاج و هو إذ ذاك على العراق، و بعث فيهم كثير بن هراسة فدخل كثير بن هراسة على عبد الملك فقام بين يديه، فقال: يا أمير المؤمنين إنّ اللّه جعلك لنا ملجأ و عزّا و حرزا، نؤول إليه إن أصابتنا نائبة، أو دهمتنا بائقة، و قد بعثتني (2) يا أمير المؤمنين إلى بلد أتخوفه، و أمير أفرقه، قد شمخ بأنفه دون السماء، و اجترأ على الدماء بأرض مجهلة، نائية، ليس بها عشيرة و لا حفدة، فليقلني (3) أمير المؤمنين إذ كبرت (4) و يتركني إذ سهوت، فإنّ ذلك بي أرفق، و لي موافق.
فقال له عبد الملك: انطلق، فلعمري للحجّاج أحكم رأيا و أصدق و أيا أن يأخذك بإحنة، و أيم اللّه لئن فعل ليفارقن إمارته، و ليذوقن مرارته، و ليتركن الكرامة، و ليندمن على العواقب كلّ الندامة، و إلا فبالحري أن يكون قد أحكمته التجارب، و قوّمته العواقب، و ثاب إليه عقله و تجرّد (5) عنه جهله.
قال: فخرج الوفد حتى قدموا على الحجّاج، فجعل يتصفّحهم رجلا رجلا حتى مرّ به كثير، فتجاهل عليه حتى كأنه لا يعرفه، فقال له: من أنت ؟ فقال: أصلح اللّه الأمير، أنا كثير
ص: 63
ابن هراسة العامري، فقال الحجّاج: مرحبا يا ابن هراسة، أهل الشرف و الرئاسة، من بهاليل سادة كرام، قادة حماة ذادة؛ كيف أنت وهنتك (1) و جميع قومك ؟ فقال: أصلح اللّه الأمير (2)، إنه قد كانت بيني و بينه أشياء ضقت بها ذرعا، و امتلأت منها رعبا، و أنت صحيح الأديم في الحسب الصميم، لا يشتكي منك الضعيف و لا يخاف منك العنف، فإن ترض (3) عني اغتبط ، و إن تتركني انهبط ، فقال له الحجّاج: ما احتجنا إلى ثنائك (4) و لا رغبنا في هوائك، ثم ألحقه بأفضلهم رجلا، قال: فرجع الوفد حتى قدموا على عبد الملك، فنظر إلى ابن هراسة فقال:
ما لي أراك حديد النظر، إذ أهلا أم عائبا أم راضيا، أم ساخطا، كيف رأيت رأي من رأيك (5)، أوجدت الحجّاج جريا (6) ذاهيا لا يأخذ أمره بالعجلة حتى يصيب من عدوّه غفلة، قال:
أصلح اللّه أمير المؤمنين، أنت كنت أحسن من نظر و أصدق قولا، و أبعد غورا. قاتله اللّه ما أدق لحظه، و أحسن لفظه، و أسكن فوره، و أبعد غوره، لا يشتكى منه العجلة، و لا يؤمن منه الغفلة، و اللّه يا أمير المؤمنين لو سهل له من أمره ما توعّر، و تقدم له ما تأخر لطحنني طحن المرداة الململمة حب الفلفل.
ذكر أبو علي الحسين بن القاسم الكوكبي، أنبأنا أحمد بن زهير، حدّثنا علي بن نصر، عن محمّد بن حرب الهلالي قال: قال كثير بن هراسة لابنه (7):
أي (8) بني، إن من الناس ناسا ينقصونك إن زدتهم، و تهون عليهم إذا خاصمتهم (9)، و ليس لرضاهم موضع تعرفه، و لا لسخطهم موضع تنكره (10)،فإذا رأيت أولئك بأعيانهم فابذل لهم وجه المودة، و امنعهم موضع الخلصة (11)،يكن ما بذلت لهم من المودة دافعا لشرهم، و ما منعتهم من موضع الخلصة (12) قاطعا لحرمتهم.
ص: 64
5801 - كثير بن هشام أبو سهل الكلابي الرّقّي (1) نزيل بغداد.
نسبه بعض أهل العلم إلى دمشق لأنه كان يجهز إليها.
حدّث عن جعفر بن برقان، و حمّاد بن سلمة، و عبد الرّحمن بن عبد اللّه المسعودي، و شعبة بن الحجّاج.
روى عنه: قتيبة بن سعيد، و إسحاق بن راهوية، و أبو بكر بن أبي شيبة، و عمرو الناقد، و أبو موسى محمّد بن المثنى، و محمّد بن يحيى الأزدي، و محمّد بن حسّان الأزرق، و العباس بن محمّد الدوري، و أحمد بن الوليد الفحّام، و الحارث بن أبي أسامة، و محمود بن خداش الطالقاني.
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين، أنبأنا أبو علي بن المذهب، أنبأنا أحمد بن جعفر، حدّثنا عبد اللّه بن أحمد، حدّثني أبي (2)،حدّثنا كثير بن هشام، حدّثنا جعفر، حدّثنا عمران البصري القصير عن أنس بن مالك قال: خدمت النبي صلى اللّه عليه و سلم عشر سنين، فما أمرني بأمر فتوانيت عنه أو صنعته فلامني، و إن لامني أحد من أهله إلاّ قال:«دعوه فلو قدّر - أو قال: لو قضي - أن يكون كان»[10621].
أخبرنا أبو الحسن (3) بن قبيس، حدّثنا[-و] (4) أبو منصور بن خيرون، أنبأنا - أبو بكر الخطيب (5)،أنبأنا أبو عمر بن مهدي (6)،حدّثنا القاضي أبو عبد اللّه الحسين بن إسماعيل المحاملي - إملاء - حدّثنا محمّد بن حسّان الأزرق، حدّثنا كثير بن هشام، حدّثنا جعفر بن برقان، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر قال: نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عن نكاحين، أن تزوّج (7) المرأة على عمتها، و لا على خالتها.
ص: 65
أخبرنا أبو القاسم بن (1) السّمرقندي، أنبأنا أحمد بن علي بن الحسن بن أبي عثمان، و أبو طاهر أحمد بن محمّد بن إبراهيم القصاري. ح و أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد، أنبأنا أبي أبو طاهر. قالا: أنبأنا أبو القاسم إسماعيل بن الحسن بن عبد اللّه الصّرصري، حدّثنا أبو عيسى أحمد بن إسحاق بن عبد اللّه بن محمّد بن عبد الرّحمن الأنماطي - إملاء - حدّثنا العباس بن محمّد بن حاتم، حدّثنا كثير بن هشام - و كان من خيار المسلمين - حدّثنا جعفر بن برقان، حدّثنا يزيد بن الأصم قال: سمعت معاوية بن أبي سفيان ذكر حديثا رواه عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لم أسمعه، روى عن النبي صلى اللّه عليه و سلم على منبره حديثا غيره، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«من يرد اللّه به خيرا يفقّهه في الدين، و لا تزال عصابة من المسلمين يقاتلون على الحقّ ظاهرين على من ناوأهم إلى يوم القيامة»[10622].
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، حدّثنا[-و] (2) أبو منصور محمّد بن عبد الملك، أنبأنا - أبو بكر الخطيب (3)،أنبأنا البرقاني، أنبأنا محمّد بن عبد اللّه بن خميرويه الهروي، حدّثنا الحسين بن إدريس قال: قال [ابن] (4) عمّار: كثير بن هشام دمشقي سمسار، كان يكون ببغداد، و قال في موضع آخر: كثير بن هشام أبو سهل كان يجهز إلى دمشق سمسارا، و إلى الرقة، و إلى ذي الناحية، و هو ثقة، و ببغداد كان يكون، و سمعته منه ببغداد، و هشيم حي.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، و أبو العزّ ثابت بن منصور، قالا: أنبأنا أبو طاهر الباقلاني - زاد الأنماطي: و أبو الفضل بن خيرون قالا:- أنبأنا أبو الحسين محمّد بن أحمد، أنبأنا أبو حفص عمر بن أحمد، حدّثنا خليفة بن خيّاط العصفري (5) قال: كثير بن هشام يكنى أبا سهل، مات بفم الصلح (6) سنة سبع و مائتين.
أخبرنا أبو البركات بن المبارك، أنبأنا أحمد بن الحسن بن أحمد، أنبأنا أبو محمّد يوسف بن رباح، أنبأنا أبو بكر المهندس، حدّثنا أبو بشر، حدّثنا معاوية، عن يحيى قال في تسمية من نزل بغداد: كثير بن هشام.
ص: 66
أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع، أنبأنا أبو عمرو بن مندة، أنبأنا الحسن بن محمّد بن أحمد، أنبأنا أحمد بن محمّد بن عمر، حدّثنا أبو بكر بن أبي الدنيا (1)،حدّثنا محمّد بن سعد (2) قال: في طبقات أهل بغداد: كثير بن هشام، و يكنى أبا سهل صاحب جعفر بن برقان، نزل بغداد [و مات] (3) بفم الصلح في شعبان سنة سبع و مائتين.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، حدّثنا[-و] (4) أبو منصور بن خيرون، أنبأنا - أبو بكر الخطيب (5)،أنبأنا الأزهري. و قرأت على أبي غالب بن البنّا، عن أبي محمّد الجوهري.
قالا: أنبأنا أبو عمر بن حيّوية، أنبأنا أحمد بن معروف، حدّثنا الحسين بن فهم، حدّثنا محمّد بن سعد قال (6):كثير بن هشام - زاد الجوهري: و يكنى أبا سهل - و هو صاحب جعفر ابن برقان، و قالا: نزل بغداد بباب الكرخ في السور، و كان يجهز على التجار إلى الرّقّة و غيرها، الجزيرة، و الشام، و كان ثقة، صدوقا، ثم (7) خرج إلى الحسن بن سهل، و هو بفم الصلح، فمات هناك في شعبان سنة سبع و مائتين.
أنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي، ثم حدّثنا أبو الفضل السلامي، أنبأنا أبو الفضل بن خيرون، و أبو الحسين بن الطّيّوري، و أبو الغنائم - و اللفظ له - قالوا: أنبأنا أبو أحمد الغندجاني - زاد ابن خيرون: و محمّد بن الحسن قالا:- أنبأنا أحمد بن عبدان، أنبأنا محمّد بن سهل، أنبأنا محمّد بن إسماعيل قال (8):كثير بن هشام أبو إسماعيل (9) الكلابي الرقّي، سمع جعفر بن برقان، مات سنة سبع و مائتين.
[قال ابن عساكر:] (10) صوابه: أبو سهل.
قرأنا على أبي عبد اللّه يحيى بن الحسن، عن أبي تمام علي بن محمّد، عن أبي عمر ابن حيّوية، أنبأنا محمّد بن القاسم، حدّثنا ابن أبي خيثمة قال: و كثير بن هشام يكنى أبا سهل، حدّثنا عنه غير إنسان، توفي في شعبان سنة سبع و مائتين.
ص: 67
أخبرنا أبو الحسين القاضي - إذنا - و أبو عبد اللّه الأديب - شفاها - قالا: أنبأنا أبو القاسم ابن مندة، أنبأنا أبو علي إجازة. قال: و أنبأنا أبو طاهر بن سلمة، أنبأنا علي بن محمّد. قالا:
أنبأنا ابن أبي حاتم قال (1):كثير بن هشام أبو سهل الكلابي، نزل بغداد، روى عن جعفر بن برقان، روى عنه أبو بكر بن أبي شيبة، و محمّد بن المثنى، و إبراهيم بن موسى، سمعت أبي يقول ذلك.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن العبّاس، أنبأنا أحمد بن منصور بن خلف، أنبأنا محمّد بن عبد اللّه التاجر، أنبأنا أبو حاتم التميمي قال: سمعت مسلما يقول: أبو سهل كثير بن هشام الكلابي، سمع جعفر بن برقان، روى عنه إسحاق بن إبراهيم.
أخبرنا أبو الفضل بن ناصر فيما (2) قرأت عليه عن أبي الفضل بن الحكاك، أنبأنا عبيد اللّه بن سعيد بن حاتم، أنبأنا أبو الحسن الخصيب بن عبد اللّه، أخبرني أبو موسى بن أبي عبد الرّحمن، أخبرني أبي قال: أبو سهل كثير بن هشام.
قرأت على أبي الفضل أيضا عن أبي طاهر الخطيب، أنبأنا هبة اللّه بن إبراهيم بن عمر، أنبأنا أبو بكر المهندس، حدّثنا أبو بشر الدولابي (3) قال: أبو سهل كثير بن هشام.
أنبأنا أبو جعفر محمّد بن أبي (4) علي، أنبأنا أبو بكر الصفّار،[انا أحمد بن علي بن منجويه] (5) أنبأنا أبو (6) أحمد قال: أبو سهل كثير بن هشام الكلابي الرّقّي، سكن بغداد، سمع جعفر بن برقان، و فرات بن سلمان، روى عنه إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، و قتيبة بن سعيد.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، حدّثنا[-و] (7) أبو منصور بن خيرون، أنبأنا - أبو بكر الخطيب (8) قال: كثير بن هشام أبو سهل الكلابي الرّقّي، سمع ببغداد، و حدّث بها عن جعفر بن برقان، و حمّاد بن سلمة، روى عنه قتيبة بن سعيد، و أبو بكر بن أبي شيبة، و إسحاق بن راهوية، و عمرو بن محمّد الناقد، و محمّد بن يحيى الأزدي، و أبو موسى محمّد بن المثنى،
ص: 68
و محمّد ابن حسان الأزرق، و العباس بن محمّد الدوري، و أحمد بن الوليد الفحّام، و الحارث بن أبي أسامة و غيرهم.
أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر، أنبأنا أبو صالح المؤذن، أنبأنا أبو الحسن بن السّقّا، حدّثنا محمّد بن يعقوب، حدّثنا عباس بن محمّد قال: سمعت يحيى بن معين يقول: كثير بن هشام ثقة، نحن أول من كتب عنه، كتبت عنه مرتين، مرة قبل أن يصنّف، و مرة بعد ما صنّف، أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، حدّثنا[-و] (1) أبو منصور بن خيرون، أنبأنا - أبو بكر الخطيب (2)،أنبأنا حمزة بن محمّد بن طاهر، ح و أخبرنا أبو البركات الأنماطي، و أبو عبد اللّه البلخي، قالا: أنبأنا أبو الحسين بن الطّيّوري، و ثابت بن بندار، قالا: أنبأنا الحسين بن جعفر - زاد ابن الطّيّوري: و محمّد بن الحسن، قالوا:- أنبأنا الوليد بن بكر، أنبأنا علي بن أحمد، أنبأنا صالح بن أحمد، حدّثني أبي (3) قال: كثير بن هشام الكلابي يكنى أبا سهل، سكن بغداد، ثقة، رجل صدوق، يتوكل للتجار يحترف، من أروى الناس لجعفر بن برقان، [روى عنه] (4) ألف و مائة (5) حديث، و يروي أيضا عن شعبة.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، حدّثنا[-و] (6) أبو منصور بن خيرون، أنبأنا أبو بكر الخطيب (7)،أخبرني محمّد بن أبي علي الأصبهاني، أنبأنا أبو علي الحسين بن محمّد الشافعي بالأهواز، حدّثنا أبو عبيد محمّد بن علي الآجري، قال: سألته - يعني - أبا داود سليمان بن الأشعث - عن كثير بن هشام ؟ قيل اليوم مات جعفر بن برقان، قال أبو عبيد: كثير أراه بغداديا.
أنبأنا أبو الحسين الأبرقوهي، و أبو عبد اللّه الخلاّل، قالا: أنبأنا عبد الرّحمن بن محمّد، أنبأنا حمد (8)-إجازة-. ح قال: و أنبأنا أبو طاهر، أنبأنا علي. قالا: أنبأنا ابن أبي حاتم قال (9):سئل أبي عن كثير بن هشام ؟ فقال: يكتب حديثه.
ص: 69
أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن، أنبأنا أبو الحسن السيرافي، أنبأنا أحمد بن إسحاق، حدّثنا أحمد بن عمران، حدّثنا موسى، حدّثنا خليفة قال (1):و فيها يعني سنة سبع و مائتين مات كثير بن هشام.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا علي بن أحمد بن محمّد، أنبأنا أبو طاهر المخلّص - إجازة - حدّثنا عبيد اللّه بن عبد الرّحمن، أخبرني عبد الرّحمن بن محمّد بن المغيرة، أخبرني أبي، حدّثني أبو عبيد قال: سنة سبع و مائتين فيها مات كثير بن هشام الرقي ببغداد.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، حدّثنا[-و] (2) منصور بن خيرون، أنبأنا أبو بكر الخطيب (3)،[أخبرنا الأزهري] (4) أنبأنا محمّد بن العباس، أنبأنا إبراهيم بن محمّد الكندي، حدّثنا أبو موسى محمّد بن المثنى-. ح قال الخطيب: و أنبأنا ابن (5) الفضل، أنبأنا جعفر بن محمّد الخلدي. ح و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو علي بن المسلمة، و أبو القاسم عبد الواحد بن علي بن محمّد، قالا: أنبأنا أبو الحسن بن الحمّامي، أنبأنا الحسن بن محمّد بن الحسن، قالا: حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن سليمان الحضرمي قالا: سنة سبع و مائتين فيها مات كثير بن هشام.
أخبرنا أبو الحسن المالكي، حدّثنا[-و] (6) أبو منصور العطّار، أنبأنا - أبو بكر الخطيب (7)،أنبأنا الحسين بن علي الصّيمري، حدّثنا علي بن الحسن الرازي، حدّثنا محمّد ابن الحسين (8) الزعفراني، حدّثنا أحمد بن زهير قال: كثير بن هشام يكنى أبا سهل، توفي في شعبان سنة سبع و مائتين.
قرأت على أبي محمّد عبد الكريم بن حمزة، عن أبي محمّد بن أبي طاهر، أنبأنا مكي ابن محمّد، أنبأنا أبو سليمان الربعي قال: و فيها - يعني - سنة سبع و مائتين مات كثير بن هشام في شعبان بفم الصلح.
ص: 70
قرأت على أبي الفضل بن ناصر، عن جعفر بن يحيى، أنبأنا أبو نصر الوائلي، أنبأنا الخصيب، أخبرني أبو موسى، أخبرني أبي قال: أنبأنا عبد اللّه بن أحمد، عن محمّد (1) قال:
مات كثير بن هشام أبو سهل الكلابي الرقي بفم الصلح في شعبان سنة سبع و مائتين، سكن بغداد.
أخبرنا أبو منصور بن خيرون، أنبأنا أبو بكر الخطيب (2)،أنبأنا محمّد بن أحمد بن رزق، أنبأنا إسماعيل بن علي الخطبي، حدّثنا الحارث بن محمّد، حدّثنا كثير بن هشام أبو سهل الكلابي، و مات بفم الصلح سنة ثمان و مائتين.
5802 - كثير بن يسار أبو الفضل الطّفاوي (3) البصري (4)
حدّث عن يوسف بن عبد اللّه بن سلام، و الحسن بن أبي الحسن البصري، و ثابت البناني (5)،و عامر بن شراحيل الشعبي، و أبي محمّد حبيب بن محمّد العجمي الزاهد.
روى عنه سفيان الثوري، و حمّاد بن زيد، و جعفر بن سليمان الضّبعي، و صدقة بن أبي سهل، و روح بن عبادة، و أبو عاصم النبيل، و خالد بن الحارث الهجيمي (6)،و سعيد بن عامر الضبعي.
و وفد على الوليد بن عبد الملك.
أخبرنا (7) أبو بكر اللفتواني، أنبأنا سليمان بن إبراهيم الحافظ ، و سهل بن عبد اللّه الغازي، و أحمد (8) بن عبد الرّحمن الذكواني، و محمّد بن أحمد بن ررا (9) الإمام، و عبد الرزّاق بن عبد الكريم الحسناباذي (10).ح و أخبرنا أبو محمّد بن طاوس، حدّثنا أبو مسعود
ص: 71
سليمان بن إبراهيم قالوا: أنبأنا أبو عبد اللّه محمّد بن إبراهيم الجرجاني، أنبأنا محمّد بن الحسين بن الحسن القطّان (1)،حدّثنا أبو الأزهر أحمد بن الأزهر، حدّثنا روح بن عبادة، حدّثنا أبو الفضل كثير بن يسار، حدّثنا (2) ثابت البناني عن أنس بن مالك. أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم أتى بتمر ريان فقال:«أنّى لكم هذا التمر؟» قالوا: كان عندنا تمر فبعنا صاعين بصاع، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«ردّوا على صاحبكم فبيعوا بغير التمر» (3)[10623].
أخبرنا أبو الغنائم بن النّرسي في كتابه، ثم حدّثنا أبو الفضل البغدادي، أنبأنا أحمد بن الحسن، و المبارك، و ابن النرسي - و اللفظ له - قالوا: أنبأنا أبو أحمد - زاد أحمد: و أبو الحسين الأصبهاني قالا:- أنبأنا أحمد بن عبدان، أنبأنا محمّد بن سهل، أنبأنا محمّد بن إسماعيل قال (4):قال عبد اللّه بن أبي الأسود: حدّثنا روح بن عبادة، حدّثنا كثير بن يسار أبو الفضل قال عبد اللّه و أثنى عليه سعيد بن عامر خيرا، حدّثنا ثابت البناني، حدّثنا أنس بن مالك قال: أتى النبي صلى اللّه عليه و سلّم بتمر ريان فقال:«أنّى لكم ؟» فقالوا: عدنا تمر بعل فبعنا صاعين بصاع، فقال:«ردّوه (5) على صاحبكم فبيعوه بسعر التمر»[10624].
أخبرنا أبوا (6) الحسن (7) الفقيهان، قالا (8):أنبأنا أبو الحسن بن أبي الحديد، أنبأنا جدي أبو بكر، أنبأنا أبو بكر الخرائطي، حدّثنا عبد اللّه بن أحمد بن إبراهيم (9) الدورقي، حدّثنا عبد الرّحمن بن عمرو بن جبلة (10)،حدّثنا عمرو بن النعمان عن كثير أبي الفضل قال:
أخبرني أبو صفوان - شيخ من أهل مكة - عن أسماء بنت أبي بكر قالت: خرج علي خراج (11)في عنقي فتخوّفت معه، فأخبرت به عائشة فقلت: سلي النبي صلى اللّه عليه و سلم، قالت: فسألته فقال:
«ضعي يدك عليه ثم قولي ثلاث مرات: بسم اللّه، اللّهم اذهب عني شرّ ما أجد بدعوة نبيك الطّيّب المبارك المكين عندك، بسم اللّه»[10625]، قالت: ففعلت، فانخمص.
أخبرنا أبو القاسم هبة اللّه بن عبد اللّه، حدّثنا أبو بكر الخطيب. ح و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو بكر بن الطبري. قالا: أنبأنا أبو الحسين علي بن محمّد بن
ص: 72
عبد اللّه المعدل، أنبأنا الحسين بن صفوان البرذعي، حدّثنا عبد اللّه بن محمّد بن أبي الدنيا، حدّثني محمّد بن عمر المقدّمي، حدّثنا سعيد بن عامر، حدّثنا أبو الفضل كثير بن يسار قال:
دخلنا على حبيب أبي محمّد و هو بالموت فقال: أريد أن آخذ طريقا لم أسلكه قط ، لا أدري ما يصنع بي، قلت: أبشر يا أبا محمّد، أرجو أن لا يفعل بك إلاّ خيرا، قال: ما يدريك أنت تلك الكسرة (1) الخبر التي أكلناها لا تكون سمّا علينا.
قرأت على أبي الفضل بن ناصر، عن أبي الفضل المكي، أنبأنا أبو نصر الوائلي، أنبأنا الخصيب بن عبد اللّه، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرّحمن، أخبرني أبي، حدّثنا إسماعيل بن مسعود، حدّثنا خالد بن الحارث، حدّثنا كثير أبو الفضل قال: قلت للشعبي: ما تقول ما في أعلام الحرير (2)؟قال: أحبّها إليّ أجودها أعلاما.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع، أنبأنا أبو (3) عمرو بن أبي عبد اللّه، أنبأنا الحسن بن محمّد، أنبأنا أحمد بن محمّد، حدّثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدّثنا علي بن مسلم، حدّثنا سعيد بن عامر، عن كثير أبي الفضل قال: شهدت الوليد بن عبد الملك بدمشق صلى الجمعة و الشمس على الشرف (4)،ثم صلّى العصر.
أخبرنا أبو الغنائم الحافظ - إذنا - و حدّثنا أبو الفضل بن ناصر، أنبأنا أبو الفضل، و أبو الحسين، و أبو الغنائم قالوا: أنبأنا أبو أحمد - زاد أبو الفضل:[:و محمد بن الحسن، قالا - أنبأ أحمد بن عبدان، نا محمد بن سهل، انا البخاري قال (5):كثير بن يسار، أبو الفضل] (6)سمع (7) يوسف بن عبد اللّه بن سلام (8)،روى عنه حمّاد (9) بن زيد، و جعفر بن سليمان، و صدقة بن أبي سهل، و قال عمرو بن علي: حدّثنا مؤمّل بن إسماعيل، حدّثنا سفيان عن كثير
ص: 73
أبي الفضل عن الحسن قال: كانت (1) راية النبي صلى اللّه عليه و سلم سوداء.
قال عمرو: و كنيته أبو الفضل، روى عنه أبو عاصم كتابا (2)،و أبو الفضل الذي روى عن الحسن من نسي صلاة.
أخبرنا أبو بكر الشّقّاني، أنبأنا أبو بكر، أنبأنا أبو سعيد، أنبأنا مكي قال: سمعت مسلما يقول: أبو الفضل كثير بن يسار سمع الحسن، و يوسف بن عبد اللّه بن سلام، روى عنه الثوري، و حمّاد بن زيد، و جعفر بن سليمان، و روح. أنبأنا أبو الحسين القاضي، و أبو عبد اللّه الأديب قالا: أنبأنا ابن مندة، أنبأنا حمد - إجازة-. ح قال: و أنبأنا أبو طاهر، أنبأنا علي. قالا: أنبأنا ابن أبي حاتم قال (3):كثير بن يسار أبو الفضل، روى عن الحسن، و ثابت البناني، و يوسف بن عبد اللّه بن سلام، روى عنه حمّاد بن زيد، و جعفر بن سليمان، و صدقة بن أبي سهل، و روح بن عبادة، سمعت أبي يقول ذلك.
قال ابن أبي حاتم: جعل البخاري هذا الاسم اسمين، و سمعت أبي يقول هما واحد، و الذي ظن هو أنه أحدهما، و نسب رواية الثوري و أبي عاصم النبيل إليه فهو بحر (4) السقا، و ليس من كثير بن يسار بشيء.
أخبرنا على أبي الفضل بن ناصر، عن أبي الفضل المكي، أنبأنا أبو النصر (5)،أنبأنا الخصيب، أخبرني أبو موسى، أخبرني أبي قال: أبو الفضل كثير بن يسار.
قرأت على أبي الفضل أيضا، عن أبي طاهر الخطيب، أنبأنا أبو القاسم بن الصّوّاف، أنبأنا أبو بكر المهندس، حدّثنا أبو بشر الدولابي قال (6):أبو الفضل كثير بن يسار (7) سأل الشعبي، حدّث عنه خالد بن الحارث.
أخبرنا (8) أبو (9) الفتح نصر اللّه بن محمّد، حدّثنا نصر بن إبراهيم، أنبأنا سليم بن أيوب الفقيه، أنبأنا أبو نصر طاهر بن محمّد بن سليمان الموصلي، حدّثنا أبو القاسم علي بن
ص: 74
إبراهيم بن أحمد الحوري، حدّثنا يزيد بن محمّد بن إياس قال: سمعت القاضي محمّد بن أحمد بن محمّد بن أبي بكر المقدّمي يقول: كثير بن يسار بصري، أبو الفضل (1).
أنبأنا أبو جعفر محمّد بن أبي علي، أنبأنا أبو بكر الصفّار، أنبأنا أحمد بن علي بن منجويه، أنبأنا محمّد بن محمّد قال: أبو الفضل كثير بن يسار الطّفاوي، سمع يوسف بن عبد اللّه بن سلام الخزرجي، و أبا سعيد الحسن بن أبي الحسن الأنصاري، و أبا محمّد ثابت بن أسلم البناني، روى عنه أبو عبد اللّه سفيان بن سعيد الثوري، و أبو إسماعيل حمّاد بن زيد الأزدي، و أبو سليمان جعفر بن سليمان الضّبعي. أخبرنا أبو القاسم الواسطي، أنبأنا أبو بكر الخطيب قال: كثير بن يسار أبو الفضل البصري، سمع حبيبا أبا محمّد العابد، روى عنه سعيد بن عامر الضّبعي.
قرأت على أبي محمّد بن حمزة، عن علي بن هبة اللّه قال (2):أما (3) يسار، أوّله ياء معجمة باثنتين من تحتها و سين مهملة: كثير بن يسار أبو الفضل البصري، سمع حبيبا أبا محمّد العابد، روى عنه سعد بن عامر الضّبعي حكاية.
حكى عن عروة بن الزبير، و الضّحّاك بن فيروز الدّيلمي. و وفد على عبد الملك بن مروان.
روى عنه: أمية بن شبل الصّنعاني اليماني.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأنا أبو بكر البيهقي، أنبأنا أبو عبد اللّه الحافظ ، و محمّد بن موسى، قالا: حدّثنا أبو العباس - هو الأصم - حدّثنا محمّد - هو ابن إسحاق الصّنعاني (4)-حدّثنا يحيى - هو ابن معين - حدّثنا هشام بن يوسف، أنبأنا أمية بن شبل عن كثير الصّنعاني قال: كنت مع الضّحّاك بن فيروز الديلمي يوم ردّ عبد الملك على عروة سيف الزبير، قال: فخرجا به إليّ فقال: فسمعت الضّحّاك يعتذر إليه، قال: و سمعت عروة يقول له (5):
ص: 75
لا
تأمن الموت في حلّ و لا حرم (1)*** إنّ المنايا بجنبي كلّ إنسان
و اسلك طريقك هونا غير مكترث *** فسوف يأتيك ما يمني له الماني
الخير و الشر مجموعان في قرن (2)*** بكلّ ذلك يأتيك الجديدان
و لا تقولنّ لشيء: سوف أفعله (3)*** لعل فيه غد يأتي بتبيان
5804 - كثير بن عبد الرّحمن ابن الأسود بن عامر بن عويمر بن مخلد (4) بن سبيع (5)
بن جعثمة بن سعد بن مليح بن عمرو ابن عامر بن لحي بن قمعة بن إلياس
بن مضر أبو صخر الخزاعي الحجازي (6)
الشاعر المعروف بابن أبي جمعة، و هو كثيّر عزّة.
وفد على عبد الملك بن مروان، و روى عنه خطبة له.
و وفد على عمر بن عبد العزيز و غيره من خلفاء بني أميّة، و كان من فحول الشعراء.
روى عنه: حمّاد الراوية.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا أبو محمّد عبد الوهّاب بن علي، أنبأنا علي بن عبد العزيز قال: قرئ على أحمد بن جعفر، أنبأنا الفضل بن الحباب، حدّثنا محمّد ابن سلاّم قال (7):كثير بن عبد الرّحمن الخزاعي، و هو ابن أبي جمعة، و كنيته أبو صخر، و هو عند أهل الحجاز أشعر من كلّ من قدّمنا عليه.
قرأت على أبي غالب بن البنّا، عن أبي الفتح بن المحاملي، أنبأنا أبو الحسن الدارقطني قال: أما كثيّر فهو: كثيّر بن عبد الرّحمن أبو صخر، صاحب عزّة، الشاعر، مشهور، يقال:
ص: 76
مات هو و عكرمة مولى ابن عبّاس في يوم واحد، فقال الناس: مات اليوم أفقه الناس و أشعر الناس.
و يقال: هو كثيّر بن أبي جمعة، أبو جمعة هو جدّه أبو أمّه، و اسمه الأشيم من خزاعة.
قرأت على أبي محمّد بن حمزة عن عبد الرحيم بن أحمد. ح و حدّثنا خالي القاضي أبو المعالي محمّد بن يحيى، حدّثنا نصر بن إبراهيم، أنبأنا عبد الرحيم، أنبأنا عبد الغني بن سعيد قال: و كثيّر بضم الكاف و تشديد الياء المعجمة: كثيّر بن عبد الرّحمن، و هو ابن أبي جمعة، و يكنى أبا صخر، مات هو و عكرمة في يوم واحد، يقال: سنة خمس و مائة دخل على الخلفاء و أنشدهم، ذكر عنه جماعة من العلماء الأبيات الشعر للخلفاء و غير ذلك.
قرأت على أبي محمّد الحداد عن أبي نصر الحافظ قال (1):و أما كثيّر مثل ما قبله إلاّ أن كافة مضمومة، و ثاءه مفتوحة، و ياءه مشددة (2)،فهو كثيّر ابن عبد الرّحمن بن أبي جمعة، أبو صخر الشاعر المشهور، صاحب عزّة، كان متنقلا في المذاهب.
أخبرنا أبو غالب، و أبو عبد اللّه ابنا البنّا، و أبو الحسين بن الفراء، قالوا: أنبأنا أبو جعفر بن المسلمة، أنبأنا أبو طاهر المخلّص، أنبأنا أبو عبد اللّه الطوسي، حدّثنا الزبير بن بكّار قال: فولد النّضر بن كنانة: مالكا و يخلد و الصّلت، و به كان يكنى، و أمّهم عكرشة بنت عدوان بن عمرو بن قيس عيلان، و اسمه الحارث بن عمرو بن قيس عيلان، و إنما سمي عدوان أنه عدا على أخيه فهم ففقأ عينه فسمّي بها عدوان.
قال: و حدّثنا الزّبير قال: قال عمي: فأما الصّلت بن النّضر فإن من الملحيين من خزاعة من يزعم أنه من ولده، و قد قال كثيّر بن عبد الرّحمن يذكر ذلك (3):
أ ليس أبي بالصّلت أم ليس إخوتي *** بكلّ هجان (4) من بني النّضر أزهرا
رأيت ثياب العصب مختلط (5) السّدى *** بنا و بهم و الحضرمي (6) المخصّرا
ص: 77
فإن لم تكونوا من بني النّضر فاتركوا *** أراكا (1) بأذناب الفوائج (2) أخضرا
إذا ما قطعنا من قريش قرابة *** بأي نجاد نحمل (3) السيف ميسرا
ميسرة أبو علقمة، و قد أنكرت ذلك عليه خزاعة.
و قال أبو علقمة البارقي يرد عليه (4):
لعمري لقد زار العراق كثيّر *** بأحدوثة من وحيه (5) المتكذّب
أ يزعم أنّي من كنانة والدي (6) *** و ما لي من أمّ هناك و لا أب
و قال عبد العزيز بن وهب بن جبير مولى خزاعة: قال زبير: و قال غير عمي عبد العزيز ابن وهب مولى صالح بن السّفاح الخزاعي (7):
ستأبى بنو عمرو عليك و ينتمي *** بهم نسب (8) في جذم (9) غسّان معرق
فإنّك لو أعذرت أو قلت شبهة *** من الأمر (10) فيها للمخاصم معلق
عذرناك أو قلنا صدقت و إنّما *** يصدّق بالأقوال من كان يصدق
فإنّك لا عمرا (11) أباك ترومه (12) *** و لا النضر إذ ضيّعت شيخك تلحق
فأصبحت كالمهريق (13) فضل سقاية (14) *** لجاري شراب (15) بالملا يترقرق
ص: 78
قال الزبير: و زادني المؤمّلي عن أبي عبيدة بن عبد اللّه على أثر: بأذناب الفوائج (1)أخضرا:
أتيت (2) الذي قد سمّتني فنكرتها *** و إن سمتها يوما قبيصة أنكرا
قبيصة بن ذؤيب.
قال الزبير: و قال عمر بن أبي بكر قائل:
ستأبى بنو عمرو عليك و ينتمي *** بهم نسب في جذم غسان معرق
قال: و حدّثنا الزبير، قال: و حدّثني عبد الرّحمن بن الخضر الخزاعي من ولد جمعة بنت كثيّر أن كثيّرا قال في نسبهم إلى النضر لأبي علقمة الخزاعي (3):
أبا علقم (4) أكرم كنانة إنّهم *** مواليك إن أمر سما (5) بك معلق
بنو النّضر ترمي من ورائك بالحصى *** أولو حسب فيهم حفاظ (6) و مصدق
يفيدونك المال الكثير و لا تجد *** لملكهم شبها لو انّك تصدق
إذا ركبوا ثارت عليك عجاجة *** و في الأرض من وقع الأسنّة أولق (7)
قال الزبير: و قال غير عبد الرّحمن بن الخضر قال كثيّر:
أبا حتبر أحبب كنانة إنهم *** مواليك إن أمر نبا بك محدق
فقال الأحوص الأنصاري (8):
دع القوم ما احتلوا ببطن قراضم (9) *** و حيث تفشّى بيضه المتغلّق
فإنّك لو قربت أو قلت شبهة *** لذي الحقّ فيها و المخاصم معلق
عذرناك أو قلنا صدقت و إنّما *** يصدّق بالأقوال من كان يصدق
ستأبى بنو عمرو عليك و تنتمي *** بهم نسب في جذم غسان معرق
و إنّك لا عمرا (10) أباك حفظته *** و لا النضر إذ ضيعت شيخك تلحق
ص: 79
و لم تدرك القوم الذين طلبتهم *** فكنت كما كان السّقاء المعلّق
بجذمة (1) ساق ليس منه لحاؤها *** و لم يك عنه قلبها يتعلق
و أصبحت كالمهريق فضل (2) سقائه *** لباقي سراب (3) بالملا يترقرق
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا أبو محمّد عبد الوهّاب بن علي، حدّثنا علي بن عبد العزيز قال: قرئ على أحمد بن جعفر الختّلي، أنبأنا الفضل بن الحباب، حدّثنا محمّد بن سلاّم قال (4):سمعت يونس النحوي يقول: كان ابن أبي إسحاق يقول:
كثيّر أشعر أهل الإسلام، و رأيت ابن أبي حفصة يعجبه مذهبه في المديح جدا يقول:
كان يستقصي المديح كان فيه مع جودة شعره خطل و عجب، و كانت له منزلة عند قريش و قدر.
أنبأنا أبو علي محمّد بن محمّد بن عبد العزيز بن المهدي. و أخبرنا أبو الحجّاج يوسف بن مكي الفقيه عنه، أنبأنا أبو الحسن أحمد بن محمّد ابن (5) أحمد العتيقي، أنبأنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن شاذان، حدّثنا محمّد بن مزيد (6) بن أبي الأزهر قال: يروى عن طلحة بن عبد اللّه بن عوف قال: لقي الفرزدق كثيّرا بقارعة البلاط و أنا معه فقال: أنت يا أبا صخر أنسب العرب حين تقول (7):
أريد لأنسى ذكرها فكأنّما *** تمثّل لي ليلى بكلّ سبيل
فقال له كثيّر: و أنت يا أبا فراس أفخر العرب حين تقول (8):
ترى الناس ما سرنا يسيرون خلفنا *** و إن نحن أومأنا إلى الناس وقّفوا
- قال: و هذان البيتان لجميل سرق أحدهما كثيّر و الآخر الفرزدق - فقال له الفرزدق: يا أبا صخر، هل كانت أمك ترد البصرة ؟ قال: لا، و لكن كان أبي يردها.
ص: 80
قال طلحة بن عبد اللّه (1):و الذي نفسي بيده لعجبت من كثيّر، و من جوابه، و ما رأيت أحدا قط أحمق منه، رأيتني و قد دخلت عليه و معي جماعة من قريش و كان عليلا فقلنا: كيف تجدك يا أبا صخر؟ قال: بخير (2)،سمعتم الناس يقولون شيئا؟- و كان يتشيع - فقلنا: نعم، يقولون: إنّك الدّجّال، قال: و اللّه لئن قلت ذاك إني لأجد ضعفا في عيني هذه منذ أيام.
أخبرنا أبو الحسين محمّد بن محمّد، و أبو غالب أحمد، و أبو عبد اللّه يحيى ابنا أبي علي قالوا: أنبأنا محمّد بن أحمد بن محمّد، أنبأنا محمّد بن عبد الرّحمن بن العباس، أنبأنا أحمد بن سليمان، حدّثنا الزّبير، حدّثني عمران بن موسى بن فليح [حدثني عمي سليمان بن فليح قال:
استنشدني يوما أمير المؤمنين هارون الرشيد لكثيّر] (3) فأنشدته نسيب قصيدة له، ثم وقفت، فقال لي مالك: فقلت: إنّه قد مدح بني مروان يا أمير المؤمنين، فقال: امضه، فمضيت في مديحها حتى فرغت، ثم استزادني فزدته شباب (4) قصيدة أخرى فلما انتهيت إلى المديح وقفت [فقال لي: ما لك (5)؟] فقلت: إنه مدح بني مروان يا أمير المؤمنين، فقال:
امضه، فمضيت في مديحها حتى أنشدتها قصائد له، فجعل يتعجب من شعره، فقال له يحيى ابن خالد: ما مدحكم به ابن أبي حفصة أجود من هذا حين يقول:
نور الخلافة في المهدي تعرفه *** و ذلك النور في موسى و هارون
فقال له أمير المؤمنين الرشيد: دع هذا الكلام عنك يا أبا علي، فو اللّه لا نمدح بمثل شعر كثيّر حتى يحاك لنا مثل طراز هشام.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا أبو محمّد السكري، أنبأنا أبو الحسن الطاهري، أنبأنا أبو بكر الختّلي، أنبأنا أبو خليفة الجمحي، حدّثنا أبو عبد اللّه الجمحي (6)قال: و كان لكثيّر في النسيب (7) نصيب وافر و جميل مقدّم عليه في النسيب، و له في فنون
ص: 81
الشعر ما ليس لجميل، و كان جميل صادق الصبابة و العشق، و كان كثيّر يقول:- و لم يكن عاشقا - و كان راوية جميل و هو الذي يقول (1):
ألمم بعزّة إنّ الركب منطلق *** و إن نأتك و لم تلمم بها خرق
قامت تراءى لنا و العين ساجية *** كأن إنسانها في لجّة غرق
ثم استدار على أرجاء مقلتها *** مبادرا خلسات الطرف يستبق
كأنه حين مار المأقيان به *** درّ تحلّل من أسلاكه نسق
قال: و سمعت الناس يستحسنون من قوله و يقدمونه (2):
أريد لأنسى ذكرها فكأنّما *** تمثّل لي ليلى بكلّ سبيل
قال: و سمعت من يطعن عليه و يقول: ما له يريد أن ينسى ذكرها.
أخبرنا أبو الحسين بن الفراء، و أبو غالب، و أبو عبد اللّه قالوا: أنبأنا أبو جعفر المعدل، أنبأنا أبو طاهر الذهبي، أنبأنا أبو عبد اللّه الطوسي، حدّثنا الزبير قال: و حدّثني عثمان بن عبد الرّحمن قال: حضرت مجلس أبيك أبي بكر بن عبد اللّه بن مصعب، و عنده عبد العزيز بن عمران الزهري، و كان عبد العزيز يقول شعرا ضعيفا، فقال له أبو بكر: عجبا لك يا أبا عبد الرّحمن مع عقلك كيف تقول ضعيف الشعر؟ فقال له عبد العزيز: أصلحك اللّه، إنّ كثيّرا أنشد طلحة ابن عبد اللّه بن عوف قوله (3):
و إنّي على سقمي بأسماء و الذي *** تراجع مني النفس بعد اندمالها (4)
لأرتاح من أسماء للذكر قد خلا *** و للربع من أسماء بعد احتمالها
فقال له طلحة: إنك لقائل هذا الشعر يا أبا صخر، فقال له كثيّر: كأنك عجبت لجودة شعري مع رأيي ؟ قال: نعم، قال كثيّر: إنّ عقلك نفذ ذلك في شعري و لم ينفذ لك في رأيي قال عبد العزيز لأبي بكر: و عقلك أصلحك اللّه نفذ لك في عقلي، و لم ينفذ لك في شعري.
أخبرتنا فخر النساء شهدة بنت أحمد بن الفرج في كتابها قالت: أنبأنا جعفر بن أحمد السراج، أنبأنا القاضي أبو الطّيّب طاهر بن عبد اللّه الطبري. ح و أنبأنا أبو القاسم علي بن
ص: 82
إبراهيم العلوي و جماعة عن القاضي أبي الطّيّب الطبري.
حدّثنا القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريا، حدّثنا محمّد بن يحيى الصولي، حدّثنا محمّد بن يزيد، حدّثنا ابن عائشة، حدّثني أبي، حدّثني رجل من بني عامر بن لؤي: ما رأيت بالحجاز أعلم منه حدّثني كثيّر أنه وقف على جماعة يفيضون فيه و في جميل أيهما أصدق عشقا، و لم يكونوا يعرفونه بوجهه، ففضلوا جميلا في عشقه، فقلت لهم: ظلمتم كثيّرا، كيف يكون جميل أصدق عشقا من كثيّر و إنّما أتاه عن بثينة بعض ما يكره فقال (1):
رمى اللّه في عيني بثينة بالقذى *** و في الغرّ من أنيابها بالقوادح
و القوادح ما يصيبها و يعيبها، و كثيّرا أتاه عن عزّة ما يكره فقال (2):
هنيئا مريئا غير داء مخامر *** لعزّة من أعراضنا ما استحلّت
فما انصرفوا إلاّ على تفضيلي.
أخبرنا أبو القاسم بن أبي الأشعث، أنبأنا عبد الوهّاب البزّاز (3)،أنبأنا علي بن عبد العزيز، أنبأنا أحمد بن جعفر، أنبأنا الفضل بن الحباب، حدّثنا محمّد بن سلاّم قال (4):
و قدم - يعني - كثيّرا على عبد الملك بن مروان الشام فأنشده و الأخطل عنده فقال عبد الملك: كيف ترى يا أبا مالك ؟ قال: أرى شعرا حجازيا مقرورا لو قد ضغطة برد الشام لاضمحلّ .
أخبرنا أبو الفتح نصر اللّه بن محمّد الفقيه، حدّثنا نصر بن إبراهيم، أنبأنا عبد الكريم ابن علي القزويني - قراءة عليه - حدّثني أبو القاسم صلة بن المؤمّل بن خلف البزّاز، حدّثنا أبو (5) مسلم محمّد بن علي الكاتب، حدّثنا أبو بكر محمّد بن الحسن بن دريد الأزدي، حدّثنا محمّد بن أبي يعقوب، حدّثنا أبو نصر بن منصور، عن العتبي قال:[كان] (6) عبد الملك بن مروان: يحب النظر إلى كثيّر عزّة، إذ دخل آذنه يوما فقال: هذا كثيّر بالباب، فاستبشر عبد الملك و قال: أدخله، فدخل، فإذا هو حقير قصير تزدريه العين، فسلّم بالخلافة، فقال عبد
ص: 83
الملك:«تسمع بالمعيدي لا أن تراه» (1)،فقال: مهلا يا أمير المؤمنين، فإنّما المرء بأصغريه:
قلبه و لسانه، إن نطق نطق ببيان، و إن قال (2) قال بجنان، و أنا الذي أقول يا أمير المؤمنين (3):
و جرّبت الأمور و جرّبتني *** و قد أبدت عريكتي الأمور
و ما يخفى الرجال عليّ إنّي *** بهم لأخو مثاقبة خبير
ترى الرجل النحيف فتزدريه *** و في أثوابه أسد يزير (4)
و يعجبك الطرير فتختبره *** فيخلف ظنّك الرجل الطرير
و ما عظم الرجال لها (5) بزين *** و لكن زينها كرم و خير
بغاث الطير أطولها جسوما *** و لم تطل البزاة و لا الصّقور
و قد عظم البعير بغير لبّ *** فلم يستغن بالعظم البعير
فيركب ثم يضرب بالهراوي *** فلا عرف لديه و لا نكير
و عود النبع ينبت مستمرا *** و ليس يطول و القصباء خور
أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد اللّه - إذنا و مناولة و قرأ عليّ إسناده - أنبأنا محمّد بن الحسين، أنبأنا المعافى بن زكريا القاضي (6)،حدّثنا الحسن بن علي بن المرزبان النحوي، حدّثنا عبد اللّه بن هارون النحوي، أنبأنا أبو بكر محمّد بن أبي يعقوب الدّينوري، أخبرني نصر بن منصور عن العتبي قال: كان عبد الملك بن مروان يحب النظر إلى كثيّر إذ دخل عليه آذنه يوما، فقال: يا أمير المؤمنين هذا كثيّر بالباب، فاستبشر عبد الملك و قال: أدخله يا غلام، فدخل كثيّر، و كان دميما حقيرا تزدريه العين، فسلّم بالخلافة، فقال عبد الملك:
تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، فقال كثيّر: مهلا يا أمير المؤمنين، فإنّما الرجل بأصغريه.
قال القاضي: العرب تقول: تسمع بالمعيدي لا أن تراه، و أن تسمع بالمعيدي خير من
ص: 84
أن تراه، و هو مثل سائر، بلسانه و قلبه، و إن نطق نطق ببيان، و إن قاتل قاتل بجنان، و أنا الذي أقول يا أمير المؤمنين (1):
و جرّبت الأمور و جرّبتني *** فقد أبدت عريكتي الأمور
و ما يخفى الرجال عليّ إنّي *** بهم لأخو مثاقبة خبير
ترى الرجل النحيف فتزدريه *** و في أثوابه أسد يزير
و يعجبك الطرير فتبتليه *** فيخلف ظنّك الرجل الطرير
و ما عظم الرجال لهم بزين *** و لكن زينها كرم و خير
بغاث الطير أكثرها جسوما *** و لم تطل البزاة و لا الصّقور
و يروى بغاث (2)،و بغاث بالفتح و الكسر، فأمّا الضم فخطأ عند أهل العلم باللغة، و قد أجاز بعضهم الضم، و المقلات التي لا يعيش لها ولد، و القلت بفتح اللام: الهلاك، و من ذلك ما روي عن النبي صلى اللّه عليه و سلم أنه قال:«المسافر و ما معه على قلت إلاّ ما وقى (3) اللّه»[10626].
و منه قول الشاعر:
فلم أر كالتّجمير منظر ناظر *** و لا كليالي الحجّ أقلتن ذا هوى (4)
و يروى: أفلتن بالفاء (5)،فأما القلت بسكون اللام فالنقرة في الجبل أو الحجر يجتمع فيها الماء يجمع قلات، قال الشاعر:
كأن عينيه من الغثور *** قلتان في جوف صفا منقور (6)
ثم رجعنا إلى شعر كثيّر:
لقد عظم البعير بغير لبّ *** فلم يستغن بالعظم البعير
ص: 85
فيركب ثم يضرب بالهراوى *** فلا عرف لديه و لا نكير
قال القاضي: فيروى:
يجرره الصبي بكل سهب *** و يحبسه على الخسف الجرير
قال القاضي: الجرير الحبل، و به سمّي الرجل، قال الشاعر:
ترى في كف صاحبه حلاه (1) *** فيعجبه و يفزعه الجرير
رجعنا إلى شعر كثيّر:
و عود النبع ينبت مستمرّا *** و ليس يطول و القصباء خور
قال القاضي: النبع: من كريم الشجر، و يتخذ منه القسيّ قال الشاعر:
أ لم تر أنّ النبع يصلب عوده *** و لا يستوي و الخروع المتقصف
و قال الأعشى:
و نحن أناس عودنا عود نبعة *** إذا افتخر الحيّان بكر و تغلب (2)
قال: فاعتذر إليه عبد الملك و رفع مجلسه ثم قال له: يا كثيّر، أنشدني في إخوان دهرك هذا، فأنشده (3):
خير إخوانك المشارك في المرّ *** و أين الشريك في المرّ أينا
الذي (4) إن حضرت سرك في الحيّ *** و إن غبت كان أذنا و عينا
ذاك مثل الحسام أخلصه *** القين جلاّه [الجلاء] (5) فازداد زينا
قال القاضي: و يروى: جلاه التلام يريد التلامذة، و التلاميذ و هم الصياقلة هاهنا، و يقال التلام المدوس و هو حجر يجلى به، رجع الشعر:
أنت في معشر إذا غبت عنهم *** بدّلوا كلما يزينك شينا
فإذا ما رأوك قالوا جميعا *** أنت من أكرم الرجال علينا
ص: 86
فقال له عبد الملك: يغفر اللّه لك يا كثيّر، و أين الاخوان ؟ غير اني أنا الذي أقول (1):
صديقك حين تستغني كثير *** و ما لك عند فقرك من صديق
فلا تنكر على أحد إذا ما *** طوى عنك الزيارة عند ضيق
و كنت إذا الصديق أراد غيظي *** على حنق (2) و أشرقني بريقي
غفرت ذنوبه و صفحت عنه *** مخافة أن أكون بلا صديق
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا عبد الوهّاب بن علي، أنبأنا علي بن عبد العزيز قال: قرئ على أحمد بن جعفر، أنبأنا الفضل بن الحباب، حدّثنا محمّد بن سلاّم (3)، أخبرني أبان بن عثمان البجلي قال:
دخل كثيّر على عبد الملك فأنشده مدحته التي يقول فيها (4):
على ابن أبي العاص دلاص حصينة *** أجاد المسدّي سردها و أذالها
فقال له عبد الملك: أ فلا قلت كما قال الأعشى لقيس بن معدي كرب (5):
و إذا تجيء كتيبة ملمومة *** شهباء (6) يخشى الذائدون نهالها
كنت المقدّم غير لابس جنّة *** بالسيف تضرب معلما أبطالها
فقال: يا أمير المؤمنين وصفه بالخرق و وصفتك بالحزم.
أنبأنا أبو الفضل محمّد بن ناصر، أنبأنا أبو طاهر محمّد بن أحمد بن أبي الصقر، أنبأنا القاضي أبو البركات أحمد بن عبد الواحد بن الفضل بن نظيف، أنبأنا الشريف أبو جعفر محمّد بن عبد اللّه بن طاهر بن يحيى الحسيني و يعرف بمسلّم (7)،حدّثني جدي طاهر بن يحيى، حدّثني أبي، حدّثنا إبراهيم بن المنذر، حدّثني أبو الحسن المدائني قال:
دخل كثيّر بن عبد الرّحمن على عبد الملك فأنشده القصيدة التي يقول فيها:
على ابن أبي العاص دلاص حصينة *** أجاد المسدّي سردها و أذالها
ص: 87
فقال له عبد الملك: الأعشى أشعر منك، فقال: يا أمير المؤمنين و ما يقول الأعشى ؟ قال: الأعشى يقول:
فإذا تكون كتيبة ملمومة *** خرساء يخشى الذّائدون ثمالها
كنت المقدّم غير لابس جنّة *** بالسيف يضرب معلما أبطالها
فلم يجعلني مكفرا في الحديد، قال: يا أمير المؤمنين الأعشى وصف حاجبه بالتعرير، و أنا و صفتك بالحزم.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو محمّد السكري، أنبأنا أبو الحسن بن عبد العزيز، قال: قرئ على أحمد بن جعفر، أنبأنا أبو خليفة، حدّثنا أبو عبد اللّه الجمحي (1)، أخبرني عثمان بن عبد الرّحمن قال: أنشد كثيّر عبد الملك حين أزمع بالمسير إلى مصعب (2):
إذا ما أراد الغزو لم يثن همه (3) *** كعاب (4) عليها نظم درّ يزينها
نهته فلما لم تر النهي عاقه *** بكت و بكى مما شجاها قطينها (5)
فقال عبد الملك: و اللّه لكأنه شهد عاتكة بنت يزيد بن معاوية، امرأته، و هي أم يزيد بن عبد الملك (6).
أخبرنا أبو العز السلمي - مناولة و إذنا و قرأ عليّ إسناده - أنبأنا محمّد بن الحسين، أنبأنا المعافى بن زكريا (7)،حدّثنا محمّد بن يحيى الصولي، حدّثنا محمّد بن يزيد، أخبرني محمّد ابن عبد اللّه بن طاهر، عن أبيه، عن جده قال:
وفد كثيّر على عبد الملك و هو يريد الخروج إلى مصعب، فقال له لمّا خرج: يا بن أبي جمعة، ذكرتك بشيء من شعرك الساعة، فإن أصبته فلك حكمك، قال: نعم يا أمير المؤمنين، أردت الخروج فبكت عاتكة بنت يزيد و حشمها - يعني امرأته - فذكرت قولي:
ص: 88
إذا ما أراد الغزو لم يثن همّه *** حصان (1) عليها نظم درّ يزينها
نهته فلمّا لم تر النّهي عاقه *** بكت فبكى مما عراها قطينها
قال: أصبت و اللّه، احتكم قال: مائة ناقة من نوقك المختارة، قال: هي لك، فلمّا كان الغد نظر عبد الملك إلى كثيّر يسير في عرض الناس ضاربا بذقنه على صدره يفكر، فقال:
علي بكثيّر، فجيء به، فقال: إن أصبت ما كنت تفكر فيه فلي حكمي ؟ قال: نعم، قال: اللّه، قال: قلت في نفسك: ما أصنع بالمسير مع هذا (2)،رجل (3) ليس على نحلتي، و لا مذهبي، نسير إلى رجل كذلك و كلاهما عندي ظالم من أهل النار، و يلتقي الحيّان فيصيبني سهم غرب فأكون قد خسرت الدنيا و الآخرة، قال: و اللّه يا أمير المؤمنين ما أخطأت حرفا فاحتكم، قال:
حكمي أن أحسن صلتك و أن أصرفك إلى أهلك، ففعل ذلك به.
قال القاضي: يقال: أصابه سهم غرب و غرب و التحريك أعلاهما، و هو أن يصيبه السهم على حين غفلة منه، و الغرب أيضا علّة تعرض للعين (4)،و الغرب دلو عظيمة، و منه:
«ما سقي بالغرب ففيه نصف العشر» و يجمع غروبا، كما قال الأعشى (5):
من ديار بالهضب هضب القليب *** فاض ماء الشئون فيض الغروب
الغرب مقابل الشرق، و الغرب بالتحريك ضرب من الشجر معروف، و الغرب بالفتح أيضا من أسماء الفضة قال الأعشى (6):
إذا انكب أزهر بين السّقاة *** تراموا (7) به غربا أو نضارا
قال أبو عبيدة: الغرب: الفضة، و النّضار: الذهب، و قال الأصمعي: الغرب:
الخشب، و النّضار: الأثل، و كلّ ناعم فهو نضار، و قيل للأصمعي: إنهم لم يكونوا يشربون في آنية الخشب - يعني الأكاسرة - و يقال للفضة: اللّجين، و القطعة من سبيكة و الدبلة (8)و الذهب: نضر و عقيان، و عسجد، و يقال له: الزخرف، و الغرب أيضا: ما سال من الحوض
ص: 89
و البئر من الماء، كما قال ذو الرمة (1):
و أدرك المستبقى من ثميلته *** و من ثمائلها و استنشئ الغرب (2)
[قوله: و استنشئ الغرب] (3) معناه أنه شمّ من قولهم: شممت منه نشوة طيبة، أي ريحا طيبة، يقول: شممن الماء من شدة العطش، يعني حمير الوحش (4).
أنبأنا أبو صادق مرشد بن يحيى بن القاسم المديني، و أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد بن إبراهيم، و حدّثنا أبو بكر يحيى بن سعدون بن تمام، أنبأنا أبو صادق قالا: أنبأنا أبو الحسن محمّد بن الحسين بن محمّد النيسابوري. ح و أخبرنا أبو محمّد عبد الرّحمن بن أبي الحسن، أنبأنا سهل بن بشر، أنبأنا علي بن منير بن أحمد قالا: أنبأنا أبو طاهر محمّد بن أحمد الذهلي قال: قرئ على أبي العباس أحمد ابن يحيى بن زيد النحوي الشيباني المعروف بثعلب و أنا حاضر في سنة تسع و ثمانين و مائتين حدّثنا شيبان بن مالك بن شيبان، حدّثنا عبد اللّه بن إسماعيل - شيخ لنا - عن حمّاد الراوية قال (5):قدمت المدينة، فدخلت المسجد، فكان أوّل من دفعت إليه كثيّر عزّة فقال: يا أبا صخر ما عندك من بضاعتي ؟ قال: عندي ما عند الأحوص و نصيب، قلت: و ما عندهما؟ قال: هما أحق بإخبارك، قلت: إنا (6) لم نحثّ المطيّ نحوكم شهرا إلاّ لطلب ما عندكم ليبقى لكم، و قل من يفعل ذلك، قال: أ فلا أخبرك إلى ما دعاني إلى ترك الشعر؟[لما] (7) كان هذا الرجل واليا - يعني - عمر بن عبد العزيز - قلت له: بلى، قال: إنّي شخصت أنا و الأحوص و نصيب و كلّ واحد منهما يدلّ بسابقة له عند عبد العزيز بن مروان، و إخاء لعمر و كلّ واحد منا ينظر في عطفيه، لا يشكّ يشرك في الخلافة، فلما رفعت لنا أعلام خناصرة (8)-و هي منزل عمر - لقينا مسلمة بن عبد الملك، و هو يومئذ فتى العرب، و قبل ذلك ما بلغتنا الأخبار [بأنه] (9) لا خير لنا عنده، فجعلنا نكذب، و يغلب
ص: 90
الطمع اليأس، فلمّا التقينا مسلمة سلّمنا عليه، فردّ علينا ثم قال: أ ما بلغكم أنّ إمامكم لا يقبل الشعر؟ فقلنا له: و صح لنا خبر حتى انتهينا إليك يا بن الخليفة، و وجمنا له وجمة عرفها في وجوهنا، فقال: إن يك ذو دين بني مروان، تخشيم حرمانه، فإنّ صاحب دنياها قد بقي لكم عنده ما تحبون (1)،فما ألبث (2) حتى انصرف، و أمنحكم، و آتي ما أنتم أهله، فلمّا رجع كانت رحالنا عنده، و أكرم منزلنا، و أقمنا عنده أربعة أشهر، يطلب الإذن لنا هو و غيره، فلم يؤذن لنا، إلى أن قلت في جمعة من تلك الجمع: لو أنّي دنوت من عمر فسمعت كلامه فتحفظته كان ذلك رأيا، ففعلت فكان مما حفظته من قوله يومئذ:
لكلّ سفر زاد لا محالة، فتزودوا لسفركم من الدنيا إلى الآخرة التقوى، و كونوا كمن عاين ما أعدّ اللّه له من عذابه و ثوابه، فترغّبوا و ترهّبوا (3)،و لا يطولن عليكم الأمد، فتقسو قلوبكم، و تنقادوا لعدوكم، فإنه و اللّه ما بسط أمل من لا يدري لعله لا يمسي بعد إصباحه، و لا يصبح بعد إمسائه، و ربما كانت له بين ذلك خطرات المنايا، و إنما يطمئن من وثق بالنجاة من عذاب اللّه، و أهوال يوم القيامة، فأمّا من لا يداوي من الدنيا كلما (4) إلاّ أصابه جارح من ناحية أخرى، فكيف يطمئن ؟ أعوذ باللّه أن آمركم (5) بما أنهى عنه نفسي، فتخسر صفقتي، و تبدو مسكنتي في يوم لا ينفع فيه إلاّ الحق و الصدق، ثم بكى حتى ظننا أنه قاض نحبه، و ارتجّ المسجد و ما حوله بالبكاء و العويل.
فانصرفت إلى صاحبيّ فقلت: خذا شرخا من الشعر غير ما كنا نقول لعمر و آبائه، فإن الرجل آخري و ليس بدنياوي؛ إلى أن استأذن لي مسلمة في يوم جمعة بعد ما أذن للعامة، فلما دخلنا سلّمت ثم قلت: يا أمير المؤمنين طال الثواء، و قلّت الفائدة، و تحدّث بجفائك إيّانا وفود العرب، فقال: يا كثيّر إِنَّمَا الصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ وَ الْمَسٰاكِينِ إلى آخر الآية (6)،أ فمن واحد [من] (7) هؤلاء أنت ؟ فقلت: ابن سبيل، منقطع به، قال: أ و لست ضيف أبي سعيد؟ قلت: بلى، قال: ما أرى من كان ضيف أبي سعيد منقطعا به، قلت: أ يأذن لي أمير المؤمنين
ص: 91
في الإنشاد؟ قال: نعم، أنشد و لا تقولن إلاّ حقّا، فأنشدته (1):
و ليت فلم تشتم عليا و لم تخف *** بريا و لم تقبل إشارة (2) مجرم
و صدّقت بالفعل المقال مع الذي *** أتيت فأمسى (3) راضيا كلّ مسلم
ألا إنّما يكفي الفتى بعد زيغه (4) *** من الأود البادي ثقاف المقوّم
و قد لبست تسعى إليها ثيابها (5) *** تراءى لك الدنيا بكفّ و معصم
و تومض أحيانا بعين مريضة *** و تبسم عن مثل الجمان المنظّم
فأعرضت عنها مشمئزا كأنها *** سقتك مدوفا (6) من سمام و علقم (7)
و قد كنت من أجبالها (8) في ممنّع *** و من بحرها في مزبد الموج مفعم
و ما زلت توّاقا إلى كل غاية *** بلغت بها أعلى البنّاء المقدم
فلمّا أتاك الملك عفوا و لم يكن *** لطالب دنيا بعده من تكلم (9)
تركت الذي يفنى و إن كان مونقا *** و آثرت ما يبقى برأي مصمم
و أضررت بالفاني و شمّرت للذي *** أمامك في يوم من الشرّ مظلم
و ما لك إذ كنت الخليفة مانع *** سوى اللّه من مال رغيب و لا دم
سما لك همّ في الفؤاد مؤرّق *** بلغت به أعلى المعالي بسلّم
فما بين شرق الأرض و الغرب كلّها *** مناد ينادي من فصيح و أعجم
يقول أمير المؤمنين ظلمتني *** بأخذك ديناري (10) و لا أخذ درهم
ص: 92
و لا بسط كفّ لامرئ غير مجرم (1) *** و لا السفك منه ظالما ملء محجم
و لو يستطيع المسلمون لقسّموا (2) *** لك الشطر من أعمارهم غير ندّم
فعشت بها ما حجّ للّه راكب *** مغذّ مطيف بالمقام و زمزم
فأربح بها من صفقة لمبايع *** و أعظم بها أعظم بها ثم أعظم
فأقبل علي فقال: يا كثيّر إنك تسأل عما قلت، قلت: ثم تقدّم الأحوص فاستنشده في الإنشاد فقال: قل و لا تقولن إلاّ حقا، فأنشأ يقول (3):
و ما الشعر إلاّ خطبة (4) من مؤلّف *** بمنطق حقّ أو بمنطق باطل
فلا تقبلن إلاّ الذي وافق الرضا *** و لا يرجّعنا كالنساء الأرامل
رأيتك لم تعدل عن الحقّ يمنة *** و لا شامة (5) فعل الظّلوم المخاتل
و لكن أخذت القصد جهدك (6) كله *** فنلت (7) مثال الصالحين الأوائل
فقلنا، و لم نكذب، لما قد بدا لنا *** و من ذا يردّ (8) الحقّ من قول قائل
و من ذا يردّ السهم بعد مضائه *** على فوقه إذ عاد منزع (9) نابل
فلو لا الذي قد عوّدتنا خلائف *** غطاريف كانوا كاللّيوث البواسل
لما وخدت شهرا برحلي رسلة *** تقدّمتان النيف (10) بين الرواحل
و لكن رجونا منك مثل الذي به *** صرفنا قديما عن ذويك الأوائل
فإن لم يكن للشعر عندك موضع *** و إن كان مثل الدرّ في قيل قائل (11)
و كان مصيبا صادقا لا يعيبه *** سوى أنه يبنى بناء (12) المنازل
فإنّ لنا قربى و محض مودّة *** و ميراث آباء مشوا بالمناصل
ص: 93
فذادوا عدوّ السلم عن عقر دارهم *** و أرضوا (1) عمود الدين بعد التمايل
فقبلك ما أعطى الهنيدة (2) جلّة *** على الشعر كعبا بالضحى و الأصائل
فكلّ الذي عدّدت يكفيك بعضه *** و قلّك خير من بحور سوائل (3)
ثم تقدم نصيب فاستأذنه في الإنشاد، فأبى أن يأذن له، و أمره بالغزو إلى دابق، فخرج محموما، و أمر لي و للأحوص بثلاثمائة درهم، لكلّ واحد منا، و أمر لنصيب بخمسين و مائة درهم، و قال للأحوص حين أنشد: إنك تسأل عما قلت.
آخر الجزء الثامن بعد الأربعمائة من الأصل (4).
ص: 94
ص: 95
أخبرنا (1) أبو علي الحسن (2) بن أحمد المقرئ - إذنا - و أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء مشافهة، قالا: أنبأنا أبو الفتح منصور بن الحسين بن علي، أنبأنا أبو بكر بن المقرئ، أنبأنا أبو عروبة، حدّثنا عمرو بن عثمان، حدّثنا خالد بن يزيد، عن معاوية قال: كان لا يقوم أحد من بني أمية إلاّ سبّ عليا فلم يسبه عمر فقال كثيّر عزّة:
و ليت فلم تشتم عليا و لم تخف *** بريّا و لم تقنع سجية مجرم
و قلت فصدّقت الذي قلت بالذي *** فعلت فأضحى راضيا كلّ مسلم
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا أبو محمّد عبد الوهّاب بن علي، أنبأنا علي بن عبد العزيز قال: قرئ على أحمد بن جعفر، أنبأنا الفضل بن الحباب، حدّثنا محمّد ابن سلاّم قال (3):
و قدم كثيّر على يزيد بن عبد الملك و قد مدحه بقصائد جياد مشهورة، فأعجب بهن يزيد
ص: 96
و قال له: احتكم، قال: و قد جعلت ذاك إلي ؟ قال: نعم، قال: مائة ألف، قال: ويحك، مائة ألف، قال: أعلى جود أمير المؤمنين أبقى (1) أم على بيت المال ؟ قال: ما بي استكثارها، و لكن أكره أن يقول الناس أعطى شاعرا مائة ألف، و لكن فيها عروض قال: نعم يا أمير المؤمنين، فكان يحضر سمر يزيد و يدخل عليه، فقال له ليلة: يا أمير المؤمنين ما يعني الشماخ بن ضرار بقوله (2):
إذا عرقت مغابنها و جادت *** بدرّتها قرى حجن قتين (3)
فسكت عنه يزيد، فقال: بصبصن إذ حدين (4) ثم أعاد بصبصن إذ حدين (5) فقال يزيد:
و ما على أمير المؤمنين لا أم لك أن يعرف هذا هو القراد أشبه الدواب بك، و كان قصيرا متقارب الخلق، فحجب عن يزيد فلم يصل إليه، فكلّم مسلمة بن عبد الملك يزيد فقال: يا أمير المؤمنين مدحك، قال: بكم مدحنا؟ قال: بسبع قصائد، قال: فله سبع مائة دينار، و اللّه لا أزيده عليها.
أخبرنا أبو الحسن (6) محمّد بن محمّد، و أبو غالب أحمد، و أبو عبد اللّه ابنا البنّا، قالوا: أنبأنا أبو جعفر العدل، أنبأنا أبو طاهر المخلص، أنبأنا أحمد بن سليمان، حدّثنا الزبير قال (7):و كان كثيّر شيعيا حربيا يزعم أنّ الأرواح تناسخ، و يحتج بقول اللّه عز و جلّ : فِي أَيِّ صُورَةٍ مٰا شٰاءَ رَكَّبَكَ (8) و يقول: أ لا ترى أنه محوّله في صورة بعد صورة.
قال: و حدّثنا الزبير (9)،حدّثني محمّد بن إسماعيل بن جعفر عن سعيد بن عقبة الجهني، عن أبيه قال:
سمعت كثيّرا ينشد علي بن عبد اللّه بن جعفر لنفسه في محمّد بن علي بن أبي طالب (10):
أقر اللّه عيني إذ دعاني *** أمين اللّه يلطف في السّؤال
و أثنى في هواي عليّ خيرا *** و ساءل عن بنيّ و كيف حالي
ص: 97
و كيف ذكرت شأن (1) أبي خبيب *** و زلّة نعله عند النضال
هو المهدي خبّرناه كعب *** أخو الأحبار في الحقب الخوالي (2)
فقال له علي بن عبد اللّه: يا أبا صخر ما يثني عليك في هواك خيرا إلاّ من كان على مثل ذلك (3)،فقال: أجل، بأبي أنت، قال: و كان كثيّر خشبيا (4) يرى الرجعة، قال: و أبو خبيب الذي ذكر كثيّر عبد اللّه بن الزبير كان يكنى بأبي بكر، و خبيب ابنه و أسن ولده، و كان من العبّاد، و كان من هجا عبد اللّه بن الزبير كنّاه بابنه خبيب، و كان كثيّر سيئ الرأي في عبد اللّه بن الزبير ينال منه.
و حدّثني محمّد بن حسن عن أبي بكر عبد الحميد بن عبد اللّه بن أويس، عن أبيه، عن موسى بن عقبة قال: هوّل ليلة لكثيّر في منامه فغدا على آل الزبير فأنشدهم:
بمفتضح البطحاء ثاو لو أنه *** [أقام] (5) بها ما لم يرمها الأخاشب
سرحنا سرويا آمنين و من يخف *** بوائق ما يخشى تنبه النوائب
تبرأت من عيب ابن أسماء إنني *** إلى اللّه من عيب ابن أسماء تائب
هو المرء لا تزري به أمهاته *** و آباؤه فينا الكرام الأطايب
قال الزبير: و وجدت بخط الضحاك بن عثمان الحزامي قال كثيّر:
تبرّأت من عيب ابن أسماء أنّني *** إلى اللّه من عيب ابن أسماء تائب
ذكر الزبير بن بكّار فيما رواه عنه أحمد بن سعيد الدمشقي، و يحيى بن علي بن يحيى المنجم، حدّثني محمّد بن إسماعيل بن جعفر بن إبراهيم، عن أبي أحمد، حدّثني عبد العزيز ابن عمران قال:
قدم الفرزدق المدينة فقال لكثيّر: هل لك بنا في الأحوص بن محمد نأتيه و نتحدث
ص: 98
عنده ؟ قال: و ما نصنع عنده، إذا و اللّه تجد عنده أسود يؤثره عليك، فقال: إن هذا من عداوة الشعراء بعضهم لبعض، قال: فانهض بنا إذا لا أبا لغيرك، قال الفرزدق فأردفت كثيّرا و قلت له: تلفف يا أبا صخر فإنّ مثلك لا يكون ردفا، فخمّر رأسه و ألصق بي وجهه، فجعلت لا أمرّ بمجلس قوم إلاّ قالوا: من هذا وراءك يا أبا فراس ؟ فأقول: جارية وهبها لي الأمير، فلما أكثرت عليه من ذلك و اجتاز ببني زريق و كان يبغضهم فسألوني، فقلت لهم ما كنت أقول قبل ذلك، فكشف رأسه و ارتفض و قال: كذب، و لكنّي كنت أكره أن أكون له ردفا، كان حديثه لي معجبا فركبت وراءه و لم يكن دابة أركبها إلاّ دابته، فقالوا: لا تعجل يا أبا صخر، فهذه دوابّ كثيرة تركب منها ما أردت فقال: دوابكم و اللّه أبغض إليّ من ردفه، فسكتوا عنه، فجعل يتغشم عليهم حتى جاوز أقصاهم فقلت: و اللّه ما قالوا لك بأسا قال: إنّي و اللّه ما أعلم نفيرا أشدّ بغضا للقرشيين من نفير اجتزت بهم، قلت: ما أنت و قريش لا أرض لك، قال: أنا و اللّه أحدكم، قلت: إن كنت أحدهم فأنت دعيّهم قال: دعيهم خير من صحيح نسب العرب، و إلا أنا و اللّه من أكرم بيوتهم، أنا أحد بني الصلت بن النضر، فقلت: أما قريش أولاد فهر بن مالك فقال: كذبت، و ما علمك يا بن الجعداء بقريش، هم بنو النضر بن كنانة (1)،أ لا ترى أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم اعتزى إلى النّضر فلم يكن ليجاوز أفضل نسبه قال: فخرجنا حتى أتينا الأحوص، فوجدناه في مشربة له، فقلنا: أ نرقى إليك أو تنزل إلينا؟ قال: لا أقدر على ذاك عندي أم جعفر، و لم أرها منذ أيام و لي فيها شغل، فقال لي كثيّر: أم جعفر و اللّه بعض عبيد الزرانيق قال: فقلنا له: فأنشدنا بعض ما أحدثت، فأنشدنا:
يا بيت عاتكة التي أتغزّل
حتى أتى على آخرها.
قال الفرزدق: فقلت لكثيّر: قاتله اللّه ما أشعره لو لا ما أفسد به نفسه قال: ليس هذا فساد، هذا خسف إلى النجوم، قلت: صدقت، فانصرفنا من عنده، فقال: أين تريد؟ قلت: إن شئت فمنزلي و أحملك على البغلة و أهب لك المطرف، و إن شئت فمنزلك و لا أرفدك شيئا (2)،قال:
بل منزلي و أبذل لك ما قدرت عليه، فانصرفنا إلى منزله، فجعل يحدّثني و ينشدني حتى جاءت الظهر، فدعا لي بعشرين دينارا فقال: استعن بها يا أبا فراس على مقدمك، فقلت: هذا أشد
ص: 99
عليّ من حملان بني زريق إيّاك،[قال: إنك] (1) و اللّه ما تأنف من هذا من أحد، و إنّي و اللّه ما أقبل من أحد غير الخليفة، قال الفرزدق: فجعلت و اللّه أقول في نفسي: تاللّه إنه لمن قريش، و هممت ألاّ أقبل منه، فدعتني نفسي و هي طمعة إلى الأخذ منه، فأخذتها.
أنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني، حدّثنا أبو محمّد الكتاني، أنبأنا عبيد اللّه بن أحمد بن عثمان - إجازة - أنبأنا أبو عمر بن حيّوية، أنبأنا محمّد بن خلف بن المرزبان، حدّثني أحمد بن زهير، أخبرني مصعب بن عبد اللّه قال (2):
بعثت عائشة بنت طلحة بن عبيد اللّه إلى كثيّر عزّة فجاءها، فقالت له: ما الذي يدعوك إلى ما تقول في الشعر من عزّة و ليست على ما تصف من الحسن و الجمال، فلو شئت صرفت ذلك إلى غيرها، فمن (3) هو أولى به أنا و أمثالي، فأنا أشرف و أفضل من عزّة، و إنّما أرادت أن تخبره (4) و تبلوه فقال (5):
صحا قلبه يا عزّ أو كاد يذهل *** و أضحى يريد الصّرم أو يتبدّل
و كيف يريد الصّرم من هو وامق *** لعزّة، لا قال، و لا متبدّل (6)
إذا وصلتنا خلّة كي تزيلنا (7) *** أبينا و قلنا الحاجبيّة أول
سنوليك عرفا إن أردت (8) وصالنا *** و نحن لتيك الحاجبية أوصل (9)
و حدثها الواشون أنّي هجرتها (10) *** فحمّلها غيظا عليّ المحمّل
فقالت عائشة: و اللّه لقد سميتني لك خلّة و ما أنا لك بخلّة، و عرضت عليّ وصلك، و ما أردت ذلك (11)،فهلاّ (12) قلت كما قال جميل، فهو و اللّه أشعر منك حيث يقول (13):
يا ربّ (14) عارضة علينا وصلها *** بالجدّ تخلطه بقول الهازل
ص: 100
فأجبتها بالقول (1) بعد تستّر *** حبّى بثينة عن وصالك شاغلي (2)
لو كان في قلبي بقدر قلامة *** فضل (3) وصلتك أو أتتك رسائلي
فقال: و اللّه ما أنكرت فضل جميل، و لا أنا إلاّ حسنة من حسناته، و استحيا.
آخر الجزء السادس و الثمانين بعد الخمسمائة (4).
أخبرنا أبو السعود بن المجلي (5)،حدّثنا أبو الحسين بن المهتدي باللّه، أنبأنا أبو الفضل محمّد بن الحسن بن المأمون، أنشدنا محمّد بن القاسم الأنباري. ح و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا أبو الحسن أحمد بن محمّد المجبّر، حدّثنا أبو بكر محمّد بن القاسم (6).
أنشدني أبي لكثيّر بن عبد الرّحمن (7):
بأبي و أمي أنت من معشوقة (8) *** طبن العدو لها فغيّر حالها
و مشى إليّ بعيب عزّة نسوة *** جعل الإله (9) خدودهن نعالها
اللّه يعلم لو جمعن و مثّلت *** لاخترت قبل تأمل تمثالها (10)
و لو أنّ عزة خاصمت شمس الضحى *** في الحسن عند موفّق لقضى لها
أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن بركات بن محمّد المقدسي الدهان، أنبأنا أبو محمّد عبد اللّه بن الحسن بن عمر بن رذاذ (11) المقرئ التّنّيسي - ببيت المقدس - أنشدنا أبو ذر عبد بن أحمد بن محمّد بن عبد اللّه بن غفير (12) الهروي (13)-بمكة - أنشدني أبي لكثيّر بن عبد الرّحمن صاحب عزّة:
بأبي و أمي أنت من معشوقة *** ظفر العدوّ بها فغيّر حالها
ص: 101
و مشى إليّ بعيب عزّة نسوة *** جعل الإله خدودهنّ نعالها
اللّه يعلم لو جمعن و مثّلت *** لاخترت قبل تأمّل تمثالها
و لو أن عزّة خاصمت شمس الضحى *** في الحسن عند موفق لقضى لها
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا أبو الحسن أحمد ابن محمّد بن موسى بن القاسم بن الصّلت المجبّر، حدّثنا أبو بكر محمّد بن القاسم بن بشّار، حدّثنا أحمد بن يحيى، عن الزبير بن بكّار قال:
كتب إليّ إسحاق بن إبراهيم الموصلي يقول: حدّثني أبو المشيّع قال: خرج كثيّر يلتمس عزة معه شنينة فيها ماء، فأخذه العطش، فتناول الشّنينة فإذا هي عظم ما فيها من الماء شيء، و رفعت له نار، فأمّها فإذا بقربها مظلة بفنائها عجوز فقالت له: من أنت ؟ قال: أنا كثيّر، قالت: قد كنت أتمنى ملاقاتك، فالحمد للّه الذي أرانيك، قال: و ما الذي تلتمسينه عندي، قالت: أ لست القائل:
إذا ما أتينا خلّة كي نزيلها *** أبينا و قلنا الحاجبيّة أوّل
سنوليك عرفا إن أردت وصالنا *** و نحن لتلك الحاجبيّة أوصل
قال: بلى، قالت: أ فلا قلت كما قال سيّدك جميل:
يا ربّ عارضة علينا وصلها *** بالجدّ تخلطه بقول الهازل
فأجبتها في القول بعد تأمّلي *** حبّي بثينة عن وصالك شاغلي
لو كان في قلبي كقدر قلامة *** فضل (1) لغيرك ما أتتك رسائلي
قال: دعي هذا و اسقيني ماء، قالت: فو اللّه لا سقيتك شيئا، قال: ويحك، إنّ العطش قد أضرّ بي، قال: ثكلت بثينة إن طمعت عندي قطرة ماء، فركض راحلته و مضى يطلب الماء، فما بلغه حتى أصبح و أضحى النهار، و قد كرب يقتله العطش.
أخبرنا أبو القاسم بن أبي عبد الرّحمن الشحامي، أنبأنا أبو بكر أحمد بن الحسين، أنبأنا أبو عبد اللّه الحافظ ، حدّثنا أبو الصقر أحمد بن الفضل الكاتب - بهمذان - حدّثنا المبرّد قال: قال لي الجاحظ : أ تعرف مثل قول إسماعيل بن القاسم:
و لا خير فيمن لا يوطن نفسه *** على نائبات الدهر حين تنوب ؟
ص: 102
فقلت: قول كثيّر و منه أخذ (1):
فقلت لها: يا عزّ كلّ مصيبة *** إذا وطّنت يوما لها النفس ذلّت
قال أبو العباس المبرّد: و يروى أن عبد الملك بن مروان لما سمع هذا قال: لو قاله في صفة الحرب كان فيه أشعر الناس.
أنبأنا أبو علي محمّد بن سعيد بن إبراهيم بن نبهان، و أبو القاسم غانم بن محمّد، عن أبي علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن شاذان، أنبأنا أبو جعفر أحمد بن يعقوب بن يوسف الأصبهاني، حدّثنا أحمد بن محمّد الضّبعي، حدّثنا ابن أبي يحيى، حدّثنا محمّد بن عبد الرّحمن التيمي، حدّثني أبي عن ابن جعدبة قال: كان لكثيّر بن أبي جمعة غلام تاجر، فبايع عزة و هو لا يعرفها، فما طلته، فقال يوما و هو يتقاضاها (2):
قضى كلّ ذي دين فوفّى غريمه *** و عزّة ممطول (3) معنى غريمها (4)
فقالت (5) له المرأة التي ابتاعت منه الثياب: فهذه و اللّه دار عزّة، و لها ابتعت منك الثياب، قال: و اللّه فأنا غلام كثيّر فأشهد اللّه أنّ الثياب لها، و أني لا آخذ من ثمنها شيئا، فبلغ ذلك كثيّرا، فقال: و أنا أشهد اللّه أنه حرّ، و أن ما بقي معه من المال فله (6).
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا أبو طاهر محمّد بن أحمد بن محمّد بن
ص: 103
أبي الصقر، حدّثنا رشأ بن نظيف - بدمشق - أنبأنا أبو مسلم محمّد بن أحمد بن علي البغدادي الكاتب، حدّثنا أبو بكر محمّد بن دريد [ثنا] (1) السكن بن سعيد، عن محمّد بن عباد، عن ابن الكلبي قال (2):
مرت عزّة بكثيّر متنكرة لا يعرفها تميس في مشيتها، يكاد خصرها ينبتر (3) فاستوقفها ليكلمها فقالت (4):و هل تركت عزّة لأحد فيك بقية، فقال: و اللّه لو أن عزّة أمة لي لوهبتها لك، فسفرت فقالت: يا عدوّ نفسه، إنّك لها هنا، فندم على ما فرط من قوله و أنشأ يقول (5):
ألا ليتني قبل الذي قلت شيب لي *** من الزّعف القاضي و ماء الذّرارح (6)
فمتّ و لم تعلم عليّ خيانة *** ألا ربّ باغي الربح ليس برابح
أبوء بذنبي إنني قد ظلمتها *** [و إني بباقي سرها غير بائح] (7)
فلا تحمليها و اجعليها خيانة *** تروّحت منها في مناحة نائح
أنبأنا أبو الحسن (8) علي بن محمّد بن العلاّف، و أخبرني أبو المعمر المبارك بن أحمد عنه. ح و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو علي بن أبي جعفر، و أبو الحسن بن العلاّف. قالا: أنبأنا عبد الملك بن محمّد بن بشران، أنبأنا أحمد بن إبراهيم، أنبأنا محمّد بن جعفر، حدّثنا أبو يوسف يعقوب بن عيسى الزهري، حدّثنا الزبير بن بكّار، أخبرني سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي، حدّثني أبي.
أن امرأة لقيت كثيّر عزّة و كان قليلا دميما، فقالت: من أنت ؟ قال: كثيّر عزّة، قالت:
«تسمع بالمعيدي خير من أن تراه»، قال: مه، رحمك اللّه، فإنّي أنا الذي أقول: (9)
ص: 104
فإن أك معروق العظام فإنّني *** إذا ما وزنت القوم بالقوم وازن
قالت: و كيف تكون بالقوم وازنا و أنت لا تعرف إلاّ بعزّة ؟ قال: و اللّه لئن قلت ذاك لقد رفع اللّه بها قدري، و زيّن بها شعري، و إنّي لكما قلت (1):
ما روضة بالحزن ظاهرة (2) الثرى *** بمج الندى جثجاثها (3) و عرارها (4)
بأطيب من أردان عزّة موهنا *** و قد أوقدت (5) بالمندل (6) الرطب نارها
من الخفرات البيض لم تلق شقوة *** و بالحسب المكنون صاف فجارها (7)
فإن برزت كانت لعينك قرة *** و إن غبت عنها لم يعمك عارها (8)
قالت: أ رأيت حين تذكر طيبها، فلو أن زنجية استجمرت بالمندل الرطب لطاب ريحها أ لا قلت كما قال امرؤ القيس (9):
خليليّ مرّا بي على أم جندب *** نقضّ (10) لبانات الفؤاد المعذّب
أ لم تر أنّي (11) كلما جئت طارقا *** وجدت بها طيبا و إن لم تطيّب
قال: الحق و اللّه خير ما قيل، هو و اللّه أنعت مني لصاحبته.
أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، و أبو الوحش سبيع بن المسلم، عن رشأ بن نظيف، أنبأنا أبو أحمد بن أبي مسلّم الفرضي، حدّثنا عبد الواحد بن عمر بن أبي هاشم المقرئ، حدّثنا أحمد بن سعيد، حدّثنا الزبير بن بكّار، حدّثني عثمان بن عبد الرّحمن، عن إبراهيم بن يعقوب، عن أبي عبد اللّه قال:
لقيني أبو السائب يوما فقال: أنشدني لكثيّر و أحسن، قال: فأنشدته له:
ص: 105
و إنّي لألقى أم عمرو و لا أرى *** إلى ابتلاج الواجد المتهلل
و إن جئت يوما أم عمرو بدت لنا *** ثواكل من بعض على البعض مجمل
فقد كان يبدو من عزيزة إذ بدا *** لنا الصّرم إلاّ صفحة المتجمّل
سيرمضه منها تشكر ما مضى *** و إن عزّ أن يمشي حوى متذلل
أبى اللّه إلاّ أن ذلك عزّة *** هناك و إنّ البأو ليس بأجمل
قال: فقال أبو السائب: أ ليس يزعمون أن كثيرا خشبيا يرى الرجعة، قال: قلت: بلى و اللّه، قال: فو اللّه لا يعذب اللّه أحدا خضع هذا الخضوع و أقرّ هذا الإقرار.
أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد اللّه - إذنا و مناولة و قرأ عليّ إسناده - أنبأنا محمّد بن الحسن، حدّثنا أبو الفرج القاضي (1)،حدّثنا محمّد بن القاسم الأنباري، حدّثنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن عبد اللّه بن صالح، حدّثنا أبو عبد اللّه ابن النّطّاح، حدّثنا أبو عبيدة، عن أبي عبد الرّحمن عن صالح بن كيسان قال:
كان عقيلة بنت عقيل بن أبي طالب تجلس للرجال، فاستأذن عليها جميل فأذنت له، فلما دخل قيل لها: هذا كثيّر بالباب، فقالت: أدخلوه، فما لبث أن قيل لها: هذا الأحوص بالباب،[فقالت: أدخلوه] فأقبلت على جميل و قالت: أ لست القائل (2):
فلو تركت عقلي معي ما طلبتها *** و لكن طلابيها لما فات من عقلي
أ ما تطلبها إلاّ لذهاب عقلك ؟ أما و اللّه لو لا أبيات قلتها ما أذنت لك و هي (3):
علقت الهوى منها وليدا فلم يزل *** إلى اليوم ينمي حبّها و يزيد
فلا أنا مرجوع (4) بما جئت طالبا *** و لا حبّها فيما يبيد يبيد
يموت الهوى مني إذا ما لقيتها *** و يحيى، إذا ما فارقتها، فيعود
ثم أقبلت على كثيّر فقالت: و أما أنت يا كثيّر فأقل الناس وفاء في قولك (5):
أريد لأنسى ذكرها فكأنما *** تمثّل لي ليلى بكلّ سبيل
أ ما تريد أن تذكرها حتى تمثّل لك ؟! أما و اللّه لو لا أبيات قلتها ما أذنت لك و هي (6):
ص: 106
عجبت لسعي الدهر بيني و بينها *** فلمّا انقضى ما بيننا سكن الدهر
فيا حبّ ليلى قد بلغت بي المدى *** و زدت على ما ليس يبلغه الهجر (1)
قال القاضي المشهور من هذين البيتين أنهما من كلمة لأبي صخر الهذلي منسوبة إليه، أولها:
لليلى بذات الجيش (2) دار عرفتها *** و أخرى بذات البين (3) آياتها سطر
و قد أملّها علينا عن أحمد بن يحيى عن عبد اللّه بن شبيب معزوة إلى أبي صخر محمّد ابن القاسم الأنباري، و محمّد بن يحيى الصولي.
ثم أقبلت على الأحوص و قالت: و أما أنت يا أحوص فألأم العرب في قولك (4):
من عاشقين تراسلا و تواعدا *** ليلا إذا نجم الثريا حلّقا
باتا بأنعم عيشة و ألذّها *** حتى إذا وضح النهار تفرّقا
لم قلت: تفرقا؟ أما و اللّه لو لا شيء قلته ما أذنت لك، و هو (5):
كم من دنيّ لها قد صرت أتبعه *** و لو صحا القلب عنها كان لي تبعا
قال: ثم قالت لكثيّر: يا فاسق أخبرني عن قولك (6):
أ إن زمّ أجمال (7) و فارق جيرة (8) *** و صاح غراب البين أنت حزين
أين الحزن إلاّ عندها؟ فقال كثيّر: أعزك اللّه، قد قلت شيئا أذهبت هذا العتب (9) عني و هو (10):
ص: 107
و أزمعن بينا عاجلا و تركنني *** بصحراء خريم قاعدا متبلدا (1)
فبين التراقي و اللّهاة حرارة (2) *** مكان الشّجا لا تطمئنّ فتبردا (3)
و قد كانت قالت لجواريها: مزقن ثيابه عليه، فلمّا أنشد هذين البيتين قالت: خلين عنه يا خبائث، و أمرت له بحلّة يمانية و بمائة دينار، فأخذها و انصرف.
أخبرنا أبو الحسن بن العلاّف في كتابه، و أخبرني أبو المعمر الأنصاري عنه، ح و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو علي بن المسلمة، و أبو الحسن بن العلاّف قالا: أنبأنا أبو القاسم بن بشران، أنبأنا أحمد بن إبراهيم، أنبأنا محمّد بن جعفر، أنشدني محمّد بن علي الهاشمي لكثيّر عزّة (4):
فما أحدث النأي الذي كان بيننا *** سلوا و لا طول اجتماع تقاليا
و ما زادني الواشون إلاّ صبابة *** و لا كثرة الناهين إلاّ تماديا
قال: و أنشدني أبو جعفر العدوي لكثير عزّة (5):
لو قاس من قد مضى وجدي بوجدهم *** لم يبلغوا من عشير العشر معشارا
وصالكم جنّة فيها كرامتها *** و هجركم يعدل الغسلين و النارا
أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد اللّه، أنبأنا الحسن بن علي الجوهري، أنبأنا أبو عبيد اللّه المرزباني، حدّثني أبو علي الحسن بن علي بن المرزبان النحوي قال: قرأ علينا أبو عبد اللّه محمّد بن العباس اليزيدي قال: قرأت هذه الأبيات على عمّي الفضل بن محمّد و ذكر أنه قرأها على أبي المنهال عيينة بن المنهال و هي تأليفه، قال: أنشد لكثيّر (6):
و من لا يغمّض عينه عن صديقه *** و عن بعض ما فيه يمت و هو عاتب
و من يتتبع جاهدا (7) كلّ عثرة (8) *** يجدها و لا يسلم له الدهر صاحب
و له أيضا (9):
ص: 108
فقلت لها يا عزّ كلّ مصيبة *** إذا وطنت يوما لها النفس ذلّت
و له أيضا (1):
هنيئا مريئا غير داء مخامر *** لعزّة من أعراضنا ما استحلّت
[و له أيضا] (2)
فأصبحت و ودّعت الصبيّ غير أنني *** إذا واله حنت شجا في حنينها (3)
كتب إليّ أبو طالب عبد القادر بن محمّد، أنبأنا أبو إسحاق البرمكي. ثم حدّثني أبو المعمر الأنصاري، أنبأنا أبو الحسين بن الطّيّوري، أنبأنا أبو الحسن بن القزويني الزاهد، و أبو إسحاق البرمكي.
قالا: أنبأنا أبو عمر بن حيّوية، أنبأنا عبيد اللّه بن عبد الرّحمن بن محمّد السكري، حدّثنا ابن قتيبة قال: قال كثيّر (4):
بآية أنّي إذا ما ذكرت *** عرفت خلائق مني ثلاثا
عفافا و مجدا إذا ما الرجال *** تبالوا خلائقهم و احتراثا
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو طاهر محمّد بن أحمد بن أبي الصقر، أنبأنا هبة اللّه بن إبراهيم بن الصوّاف، أنبأنا أبو الفتح إبراهيم بن علي بن إبراهيم الكاتب، أنبأنا أبو بكر محمّد بن يحيى الصولي، حدّثني أبو زهير النّصيبي، حدّثني إسحاق بن جعفر النّوبختي، قال: قيل لكثيّر عزّة: ما بقي من شعرك ؟ قال:
ماتت عزّة فما أطرب، و ذهب الشّباب فما أعجب، و مات ابن ليلى (5) فما أرغب - يعني عبد العزيز بن مروان - و إنّما الشعر بهذه الخلال.
أخبرنا أبو النجم هلال بن الحسين بن محمود، أنبأنا أبو منصور محمّد بن محمّد بن أحمد العكبري، أنبأنا أبو محمّد عبيد اللّه بن أبي مسلم الفرضي، أنبأنا أبو محمّد علي بن عبد اللّه بن المغيرة، حدّثنا أحمد بن سعيد الدمشقي، حدّثني أبو عبد اللّه الزبير بن بكّار قال:
و قال عمر بن عبد العزيز:
ص: 109
إنّي لأعرف صلاح بني هاشم و فسادهم بحب كثيّر، من أحبه منهم فهو فاسد، و من أبغضه منهم فهو صالح، لأنه كان خشبيا يرى الرجعة.
أخبرنا أبو القاسم، أنبأنا أبو بكر بن الطبري، أنبأنا أبو الحسين بن الفضل، أنبأنا عبد اللّه بن جعفر، حدّثنا يعقوب قال: قال أحمد: قال إبراهيم بن خالد الصّنعاني عن أمية بن شبل حدّثني رجل من أهل المدينة قال: مات عكرمة و كثيّر عزّة في يوم واحد.
أخبرنا أبو القاسم أيضا، أنبأنا أبو محمّد البزار، أنبأنا علي بن عبد العزيز قال: قرئ على أبي بكر الختّلي، أنبأنا الفضل بن الحباب، حدّثنا محمّد بن سلام قال (1):و حدّثني ابن جعدبة، و أبو اليقظان عن جويرية بن أسماء قال:
مات كثيّر و عكرمة مولى ابن عبّاس في يوم واحد، فأجفلت (2) قريش في جنازة كثيّر و لم يوجد لعكرمة من يحمله.
أخبرنا (3) أبو البركات الأنماطي، أنبأنا ثابت بن بندار، أنبأنا محمّد بن علي الواسطي، أنبأنا محمّد بن أحمد البابسيري، أنبأنا الأحوص بن المفضّل بن غسان، حدّثنا أبي قال:
و توفي عكرمة و كثيّر سنة خمس و مائة، صلي عليهما في موضع واحد في موضع الجنائز (4).
أخبرنا (5) أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو الفضل بن البقّال، أنبأنا أبو الحسن بن الحمامي، أنبأنا إبراهيم بن أحمد بن الحسن، أنبأنا إبراهيم بن أبي أمية قال: سمعت نوحا يقول: و مات عكرمة و كثيّر عزّة بعده في يوم واحد - يعني - سنة خمس و مائة.
أخبرنا أبو الفضل بن ناصر، أنبأنا أبو الفضل بن خيرون، أنبأنا محمّد بن علي بن يعقوب، أنبأنا علي بن الحسن بن علي. ح قال: و أنبأنا الحسن بن الحسين بن العباس، أنبأنا إسحاق بن محمّد النعالي (6) قالا: أنبأنا عبد اللّه بن محمّد المدائني، حدّثنا قعنب بن المحرز الباهلي قال:
ص: 110
و مات عكرمة مولى ابن عباس بالمدينة في سنة سبع و مائة.
قال: و حدّثنا قعنب عن الأصمعي عن ابن أبي الزناد قال: ما حمله إلاّ الرّيح - يعني كثيّر عزّة - كان رافضيا صفريا. عكرمة (1).قال قعنب: لم يصلّ عليه أحد.
قرأت على أبي محمّد السّلمي، عن عبد العزيز بن أبي طاهر، أنبأنا مكي بن محمّد، أنبأنا أبو سليمان بن أبي محمّد قال:
مات - يعني - عكرمة هو و كثيّر عزّة في يوم واحد - يعني - سنة خمس و مائة.
[قال ابن عساكر] (2) و في موت عكرمة خلاف، قد ذكرناه في ترجمته.
من تابعي أهل الكوفة. كان من الشيعة الذين أخذوا مع حجر بن عدي، وفد بهم على معاوية إلى عذراء، فقتل كدام مع حجر.
و قد تقدم ذكر ذلك في ترجمة أرقم بن عبد اللّه (3).
[ذكر من اسمه] (4) كردم
حكى عن أبيه و سلامة القس مولاة يزيد بن عبد الملك.
حكى عنه عبد اللّه بن عمران بن أبي فروة.
و وفد مع أبيه على الوليد بن يزيد، و سيأتي ذلك في ترجمة أبيه إن شاء اللّه.
ص: 111
اللّه بن عمرو بن ذي أصبح - و اسمه الحارث - بن مالك بن زيد بن غوث بن
سعد بن عوف بن عدي بن مالك بن زيد بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية
بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن عوف بن حمير بن قطن بن عوف بن زهير
بن أيمن بن حمير بن سبأ أبو رشدين، و يقال: أبو راشد - الأصبحي (1)
يقال: إنّ له صحبة شهد خطبة عمر بن الخطّاب.
و روى عن أبي الدرداء، و حذيفة بن اليمان، و أبي ريحانة شمعون، و مرّة بن كعب البهزي، و كعب الأحبار.
روى عنه: ثوبان بن شهر، و سليم بن عتر التّجيبي (2)،و شعبة والد سليط بن شعبة، و أبو وعلة العكّي، و الهيثم بن خالد التّجيبي.
و قدم دمشق وافدا على معاوية، و على عبد الملك بن مروان، و حدّث بدمشق.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا عيسى بن علي، أنبأنا عبد اللّه بن محمّد قال: حدّث نصر بن علي، حدّثني أبي عن حريز (3) بن عثمان قال:
سمعت سعيد بن مرة يحدّث عن حوشب عن كريب بن أبرهة الأصبحي من أصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلم عن أبي ريحانة من أصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلم: الكبر من سفه الحق، و غمص الناس بعيبه.
[قال ابن عساكر:] (4) كذا قال، و فيه أوهام ثلاثة: منها قوله ابن مرة، و إنّما هو ابن مرثد. و منها قوله عن حوشب، و إنّما هو عبد الرّحمن بن حوشب. و منها أنه أسقط منه ثوبان بن شهر بين ابن حوشب، و كريب.
و قد رواه جماعة عن حريز (5) على الصواب، و ليس في حديث واحد منهم أن كريبا من أصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلم، و اللّه أعلم.
ص: 112
أخبرنا أبوا (1) الحسن الفقيهان، قالا: أنبأنا أبو الحسن بن أبي الحديد، أنبأنا جدي أبو بكر، أنبأنا أبو علي الحسن بن علي بن يحيى الشّعراني، حدّثنا صالح بن بشر الطبراني، حدّثنا أبو اليمان، حدّثنا حريز (2)،عن سعيد قال: سمعت عبد الرّحمن بن حوشب يحدّث عن ثوبان بن شهر قال: سمعت كريب بن أبرهة. ح [و] (3) أخبرناه أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنبأنا شجاع بن علي، أنبأنا أبو عبد اللّه بن مندة، أنبأنا أحمد بن سليمان بن حذلم، حدّثنا أبو زرعة الدمشقي، حدّثنا أبو اليمان (4) الحكم بن نافع، حدّثنا حريز (5) بن عثمان، عن سعيد بن مرثد (6).ح و أخبرنا أبو القاسم هبة اللّه بن عبد اللّه، أنبأنا أبو بكر الخطيب، أنبأنا الحسن بن أبي بكر، أنبأنا أحمد بن محمّد بن عبد اللّه بن زياد القطّان، حدّثنا عبد الكريم بن الهيثم، حدّثنا أبو اليمان، حدّثنا حريز (7)-يعني - ابن عثمان.
ح و أخبرنا أبو القاسم أيضا، أنبأنا أبو بكر الخطيب، ح و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو بكر بن اللالكائي، ح و أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأنا أبو بكر الحافظ ، قالوا: أنبأنا أبو الحسين بن الفضل، أنبأنا عبد اللّه بن جعفر، حدّثنا يعقوب بن سفيان (8)،حدّثنا أبو اليمان (9) و علي بن عيّاش (10) قالا: حدّثنا حريز (11) بن عثمان - و اللفظ لحديث الحسن بن أبي بكر - عن سعيد بن مرثد قال: سمعت عبد الرّحمن بن حوشب يحدّث عن ثوبان بن شهر قال: سمعت كريب: سمعت كريب بن أبرهة و كان جالسا مع عبد الملك في سطح بدير المرّان - و ذكر الكبر - فقال كريب: سمعت أبا ريحانة يقول: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«لا يدخل شيء من الكبر الجنّة» فقال قائل: يا رسول اللّه، إنّي أحب أن أتجمل بعلاق (12)سوطي، و شسع (13) نعلي، فقال له النبي صلى اللّه عليه و سلم:«إنّ ذلك ليس بالكبر، إنّ اللّه جميل يحب الجمال، إنّما الكبر من سفه الحق، و غمص الناس بعيبه»[10627].
ص: 113
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنبأنا أبو الفضل بن خيرون، أنبأنا أبو العلاء الواسطي، أنبأنا أبو بكر البابسيري، أنبأنا الأحوص بن المفضّل الغلاّبي، أنبأنا أبي، حدّثنا يحيى بن عبد الحميد العامري قال: قدم الشام ذو الكلاع و حوشب، و بحير بن ريسان (1)،و بنو أبرهة بن الصّبّاح، كريب (2) ابن أبرهة، و الصباح بن أبرهة و أخ لهم ثالث.
أخبرنا أبو الحسن (3) علي بن المسلّم، حدّثنا نصر بن إبراهيم - لفظا (4)-و علي بن محمّد المصّيصي - قراءة - قالا: أنبأنا أبو الحسن بن عوف، حدّثنا محمّد بن موسى بن الحسن (5)،أنبأنا أبو بكر بن خريم (6)،حدّثنا حميد بن زنجويه، حدّثنا بكر بن بكّار، حدّثنا عبد الحميد بن جعفر، حدّثنا يزيد بن أبي حبيب أن عبد العزيز بن مروان قال لكريب بن أبرهة بن الصباح: يا كريب، أشهدت خطبة عمر بن الخطّاب بالجابية ؟ قال: حضرتها و أنا غلام في إزار، أسمع خطبته و لا أدري ما يقول.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا أبو بكر بن الطبري، أنبأنا أبو الحسين بن الفضل، أنبأنا عبد اللّه بن جعفر، حدّثنا يعقوب (7)،حدّثنا أبو يحيى زكريا بن نافع الأرسوفي (8)،و محمّد بن عبد العزيز الرملي، قالا: حدّثنا عبّاد بن عبّاد أبو عتبة عن أبي زرعة عن أبي و علة شيخ من عك قال: قدم علينا كريب من مصر يريد معاوية فزرناه.
أنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي، ثم حدّثنا أبو الفضل السلامي، أنبأنا أبو الفضل بن خيرون، و أبو الحسن، و أبو الغنائم - و اللفظ له - قالوا: أنبأنا أبو أحمد - زاد ابن خيرون:
و محمّد بن الحسن قالا:- أنبأنا أحمد بن عبدان، أنبأنا محمّد بن سهل، أنبأنا محمّد بن إسماعيل قال (9):كريب بن أبرهة أبو رشدين، سمع حذيفة بن اليمان، و أبا الدرداء، و أبا ريحانة، و كعبا، روى عنه سليم بن عتر (10)،و ثوبان بن شهر، و شعبة والد سليط .
ص: 114
أنبأنا أبو الحسين (1) هبة اللّه بن الحسن، و أبو عبد اللّه الحسين بن عبد الملك، قالا:
أنبأنا أبو القاسم بن مندة، أنبأنا أبو علي - إجازة-. ح قال: و أنبأنا أبو طاهر، أنبأنا علي. قالا:
أنبأنا ابن أبي حاتم قال (2):كريب بن أبرهة أبو رشدين، مديني، روى عن حذيفة بن اليمان، و أبي الدرداء، و أبي ريحانة، و مرة بن كعب، و كعب، روى عنه سليم بن عتر، و ثوبان بن شهر، و أبو و علة شيخ من عكّ ، و شعبة والد سليط ، سمعت أبي يقول ذلك.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن العبّاس، أنبأنا أحمد بن منصور بن خلف، أنبأنا أبو سعيد بن حمدون، أنبأنا مكي قال: سمعت مسلما يقول: أبو رشدين كريب بن أبرهة، سمع حذيفة، و أبا الدرداء، و أبا ريحانة، و كعبا، روى عنه سليم بن عتر (3)،و ثوبان بن شهر، و شعبة والد سليط .
قرأت على أبي الفضل بن ناصر، عن جعفر بن يحيى، أنبأنا أبو نصر الوائلي، أنبأنا الخصيب بن عبد اللّه، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن أخبرني أبي قال: أبو رشدين كريب بن أبرهة.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، حدّثنا أبو محمّد الكتاني، أنبأنا أبو القاسم تمام بن محمّد، أنبأنا أبو عبد اللّه الكندي، حدّثنا أبو زرعة قال: في الطبقة التي تلي أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و هي العليا: كريب بن أبرهة.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو طاهر الأنباري، أنبأنا أبو القاسم الصوّاف، أنبأنا أبو بكر المهندس، حدّثنا أبو بشر الدولابي قال (4):أبو رشدين كريب بن أبرهة.
أنبأنا أبو جعفر محمّد بن أبي علي، أنبأنا أبو بكر الصفّار، أنبأنا أحمد بن علي بن منجويه، أنبأنا أبو أحمد الحاكم قال: أبو رشدين كريب بن أبرهة، سمع أبا عبد اللّه حذيفة بن اليمان، و أبا الدرداء، و عوف ابن مالك، و أبا ريحانة شمعون، روى عنه سليم بن عتر التجيبي المصري، و ثوبان بن شهر، كنّاه محمّد بن إسماعيل.
أخبرنا أبو محمّد حمزة بن العباس، و أبو الفضل أحمد بن محمّد في كتابيهما، و حدّثني أبو بكر اللفتواني عنهما قالا: أنبأنا أبو بكر أحمد بن الفضل، أنبأنا أبو عبد اللّه بن مندة قال: قال لنا أبو سعيد بن يونس:
ص: 115
كريب بن أبرهة بن الصباح بن لهيعة بن معدي كرب الأصبحي، يكنى أبا رشدين، أمه كبشة بنت عيدان بن ربيعة بن عيدان الحضرمي، شهد فتح مصر، و اختطّ بجيزة فسطاط مصر، و أدركت قصره بالجيزة [قائما] (1) بحاله معروف مشهور حتى هدمه ذكاء الأعور - أمير كان على مصر - و نقل عمده و طوبه فابتنى به القيسارية الجديدة التي بالرابية المعروفة بقيسارية ذكاء، يباع فيها البز (2)،روى كريب بن أبرهة عن أبي ريحانة، و مرّة بن كعب البهزي، روى عنه من أهل مصر و الشام غير واحد منهم الهيثم بن خالد التّجيبي، و شعبة الشّعباني، و ثوبان ابن شهر الأشعري و غيرهم، و قد ولي لعبد العزيز بن مروان رابطة الاسكندرية، و كان شريفا بمصر في أيامه، توفي كريب بن أبرهة سنة خمس و سبعين.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنبأنا أبو الحسين (3) بن الطّيّوري، أنبأنا الحسين بن جعفر، و محمّد بن الحسن، و أحمد بن محمّد العتيقي. ح و أخبرنا أبو عبد اللّه البلخي، أنبأنا ثابت بن بندار، أنبأنا الحسين بن جعفر، قالوا: أنبأنا الوليد بن بكر، أنبأنا علي، أنبأنا صالح العجلي، حدّثني أبي قال (4):كريب بن أبرهة، تابعي، ثقة، و كان من كبار التابعين.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا محمّد بن أحمد بن محمّد، أنبأنا هبة اللّه بن إبراهيم بن عمر، حدّثنا أحمد بن محمّد بن إسماعيل، حدّثنا محمّد بن أحمد بن حمّاد (5)، حدّثنا عبد الرّحمن بن عبد اللّه بن عبد الحكم، حدّثنا سعيد بن عفير، حدّثنا ميمون بن يحيى، عن مخرمة بن بكير، عن يعقوب بن عبد اللّه قال: دخلنا مصر في ولاية عبد العزيز ابن مروان فرأيت [كريب بن] (6) أبرهة يخرج من عند عبد العزيز فيمشي تحت ركابه خمسمائة من حمير.
أنبأنا أبو محمّد حمزة بن العباس، و أبو الفضل بن سليم، و حدّثني أبو بكر المؤدب عنهما قالا: أنبأنا أبو بكر الباطرقاني، أنبأنا أبو عبد اللّه بن مندة، أنبأنا أبو سعيد بن يونس، حدّثنا محمّد بن أبي عدي، حدّثنا أسد بن سعيد بن كثير بن عفير، حدّثني أبي، حدّثنا أبو أمية ميمون بن يحيى بن مسلم الأشج عن مخرمة بن بكير، عن يعقوب بن عبد اللّه بن الأشج
ص: 116
قال: قدمت مصر في ولاية عبد العزيز بن مروان فرأيت كريب بن أبرهة قد خرج من عنده - يعني: عبد العزيز - و تحت ركابه خمسمائة من حمير يسعون (1).
أخبرنا أبو علي الحداد في كتابه، أنبأنا أبو نعيم الحافظ ، حدّثنا إبراهيم بن عبد اللّه، حدّثنا محمّد بن إسحاق، حدّثنا قتيبة بن سعد، حدّثنا بكر بن مضر، عن عبيد اللّه بن زحر (2)،عن الهيثم بن خالد، عن سليم بن عتر قال: لقينا كريب بن أبرهة راكبا وراءه غلام له فقال: سمعت أبا الدرداء يقول: لا يزال العبد يزداد من اللّه بعدا كلما مشى خلفه.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو طاهر الأنباري، أنبأنا أبو القاسم بن الصوّاف، حدّثنا أحمد بن محمّد بن إسماعيل، حدّثنا محمّد بن أحمد بن حماد (3)،أنبأنا أحمد بن شعيب، عن سويد بن نصر، أنبأنا عبد اللّه - يعني - ابن المبارك، عن يحيى بن أيوب، عن عبيد اللّه بن زحر، عن الهيثم بن خالد قال: كنت خلف عمي سليم بن عتر (4)فمرّ عليه كريب بن أبرهة راكبا و وراءه علج يتبعه، فقال سليم (5):يا أبا رشدين أ لا حملته وراءك ؟ قال: أحمل علجا مثل هذا ورائي، قال: فهلاّ قدّمته بين يديك إلى باب المسجد، قال: و لم أفعل ؟ قال: أ فلا نظرت غلاما صغيرا فحملته وراءك، قال: و ما فعلت قال سليم (6):سمعت أبا الدرداء يقول: لا يزال العبد من اللّه بعيدا ما مشي خلفه.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو بكر بن الطبري، أنبأنا محمّد بن الحسن، أنبأنا عبد اللّه بن جعفر، حدّثنا يعقوب (7) قال: قال ابن بكير: مات كريب أظنه سنة ثمان و سبعين (8).
شهد صفّين مع معاوية، و قتل يومئذ، و كان موصوفا بشدة البأس.
ص: 117
أخبرنا أبو عبد اللّه البلخي، أنبأنا أبو غالب محمّد بن الحسن (1) بن أحمد، أنبأنا أبو علي بن شاذان، أنبأنا أبو الحسن بن نيخاب، حدّثنا إبراهيم الكسائي، حدّثنا يحيى بن سليمان الجعفي، حدّثني نصر بن مزاحم (2)،حدّثنا عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن الشعبي عن صعصعة بن صوحان العبدي أن عليا كان مصافّ (3) أهل الشام يوما بصفين حتى يبدر (4)رجل من حمير من آل ذي يزن، اسمه كريب بن الصّباح ليس في أهل الشام يومئذ أشهر بشدة البأس منه، بدر بين الصفين ثم نادى: من مبارز؟ فبرز إليه شرحبيل بن طارق البكري (5)، فقتل شرحبيل، ثم نادى كريب: من مبارز؟ فبرز إليه الحارث بن الجلاح الحكمي، فاقتتلا فقتل الحارث، ثم نادى: من مبارز؟ فنزل إليه عائد بن مسروق الهمداني، فقتل عائدا ثم رمى كريب بأجسادهم بعضا على بعض، ثم قام عليها بغيا و عدوانا ثم قال: هل بقي لنا من مبارز؟ فخرج إليه علي بن أبي طالب، فناداه علي: ويحك يا كريب، إنّي أحذّرك اللّه، و أدعوك إلى كتاب اللّه و سنّة رسوله صلى اللّه عليه و سلم، ويلك لا يدخلك ابن أكالة الأكباد النار، فقال له كريب: ما أكثر ما سمعنا هذه المقالة منك، لا حاجة لنا فيها، أقدم إذا شئت، من يأخذ سيفي و هذا أثره، فقال علي: لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه، ثم مشى إليه علي، فاقتتلا هنيهة ثم إن عليا ضربه فقتله.
5809 - كريب بن أبي مسلم أبو رشدين (6)
مولى ابن عباس الهاشمي المكي.
روى عن ابن عبّاس، و أسامة، و معاوية، و عائشة، و أم سلمة، و ميمونة - أمهات المؤمنين - و المسور بن مخرمة، و عبد الرّحمن بن أزهر، و أم الفضل بنت الحارث.
روى عنه عمرو بن دينار، و سلمة بن كهيل، و الزهري، و سالم بن أبي الجعد، و شريك ابن عبد اللّه بن أبي نمر، و مكحول، و محمّد بن أبي حرملة، و إبراهيم، و موسى، و محمّد بنو
ص: 118
عقبة، و بكير بن عبد اللّه بن الأشج، و مخرمة بن سليمان، و الحارث بن عبد الرّحمن خال ابن أبي ذئب، و صفوان بن سليم، و ابناه محمّد و رشدين ابنا كريب.
و بعثته أم الفضل والدة ابن عباس إلى معاوية رسولا.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأنا أبو سعد محمّد بن عبد الرّحمن، و أبو القاسم عثمان بن أبي الفضل بن محمّد الهراس، فرقهما، قالا: أنبأنا أبو طاهر بن خزيمة، أنبأنا جدي أبو بكر، حدّثنا علي بن حجر، حدّثنا إسماعيل بن جعفر، حدّثنا محمّد بن أبي حرملة، قال: و أخبرني كريب، أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام، قال: فقدمت الشام، فقضيت حاجتها و استهل عليّ هلال رمضان و أنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة و رآه الناس، و صاموا، و صام معاوية، فقدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني عبد اللّه بن عباس، ثم ذكر الهلال، فقال: متى رأيتم الهلال ؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة قال: أنت رأيته ليلة الجمعة ؟ قلت: نعم، أنا رأيته ليلة الجمعة، و رآه الناس و صاموا، و صام معاوية، قال:
لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه، فقلت: أولا نكتفي برؤية معاوية و صيامه ؟ فقال: لا، هكذا أمرنا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم.
و سياق الحديث للجنزرودي (1).
أخبرنا أبو الوفاء عبد الواحد بن حمد، أنبأنا أبو طاهر بن محمود، أنبأنا أبو بكر بن المقرئ، أنبأنا أبو العباس بن قتيبة، حدّثنا حرملة بن يحيى، أنبأنا ابن وهب، أخبرني عمرو ابن الحارث، عن بكير، عن كريب مولى ابن عباس. إن عبد اللّه بن عبّاس، و عبد الرّحمن بن أزهر، و المسور بن مخرمة أرسلوه إلى عائشة زوج النبي صلى اللّه عليه و سلم، فقالوا: اقرأ عليها السلام منا جميعا، و سلها عن الركعتين بعد العصر؟ و قل: إنا أخبرنا أنك تصليهما و قد بلغنا أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم نهى عنهما، قال ابن عباس: و كنت أضرب مع عمر بن الخطّاب الناس عليهما، قال كريب: فدخلت عليها و بلّغتها ما أرسلوني به، فقالت: سل أم سلمة، فخرجت إليهم، فأخبرتهم بقولها، فردّوني إلى أم سلمة بمثل ما أرسلوني (2) به إلى عائشة، فقالت أم سلمة:
سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ينهى عنهما، ثم رأيته يصليهما، أمّا حين صلاّهما فإنّه صلّى العصر ثم دخل علي و عندي نسوة من بني حرام من الأنصار فصلاّهما، فأرسلت إليه الجارية فقلت:
ص: 119
قومي بجنبه، فقولي له: تقول أم سلمة يا رسول اللّه إنّي سمعتك تنهى عن هاتين الركعتين، و أراك تصليهما؟ فإن أشار بيده فاستأخري عنه، قالت: ففعلت، فأشار بيده فاستأخرت عنه، قال:«يا ابنة أبي أمية، سألت عن الركعتين بعد العصر، إنّه أتاني أناس من عبد القيس بالإسلام من قومهم، فشغلوني عن الركعتين اللتين من بعد الظهر، و هما هاتان»[10628].
قرأنا على أبي غالب، و أبي عبد اللّه ابني البنّا، عن أبي الحسن محمّد بن محمّد بن مخلد، أنبأنا علي بن محمّد بن خزفة، حدّثنا محمّد بن الحسين، حدّثنا ابن أبي خيثمة قال:
سمعت مصعب بن عبد اللّه يقول: كريب بن أبي مسلم يكنى أبا رشدين، روى عن ابن عبّاس، و هو مولاه، مات بالمدينة سنة ثمان و تسعين، و لكريب ابن يقال له: رشدين بن كريب.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، و أبو العزّ الكيلي، قالا: أنبأنا أبو طاهر الباقلاني - زاد الأنماطي: و أبو الفضل بن خيرون قالا:- أنبأنا محمّد بن الحسن، أنبأنا محمّد بن أحمد بن إسحاق، حدّثنا عمر بن أحمد، حدّثنا خليفة بن خيّاط قال (1):في الطبقة الثانية من أهل مكة:
كريب مولى ابن عباس، يكنى أبا رشدين، مات سنة ثمان و تسعين.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنبأنا أبو طاهر أحمد بن الحسن، أنبأنا يوسف بن رباح، أنبأنا أبو بكر المهندس، حدّثنا أبو بشر الدولابي، حدّثنا معاوية بن صالح قال: سمعت يحيى بن معين يقول في تسمية تابعي أهل المدينة و محدثيهم: كريب مولى ابن عباس.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع، أنبأنا أبو عمرو بن مندة، أنبأنا أبو محمّد بن يوة، أنبأنا أبو الحسن اللّنباني (2)،أنبأنا أبو بكر بن عبيد، حدّثنا محمّد بن سعد (3) قال:
في الطبقة الثانية من أهل المدينة: كريب مولى عبد اللّه بن عباس، يكنى أبا رشدين.
قرأت على أبي غالب بن البنّا، عن أبي محمّد الجوهري، أنبأنا أبو عمر (4) بن حيّوية - إجازة - أنبأنا سليمان بن إسحاق بن إبراهيم، حدّثنا حارث بن أبي أسامة، حدّثنا محمّد بن سعد قال (5):كريب بن أبي مسلم، و يكنى أبا رشدين، مولى عبد اللّه بن العباس بن عبد المطّلب، و كان ثقة، حسن الحديث.
ص: 120
أخبرنا أبو السعود بن المجلي (1)،حدّثنا أبو الحسين بن المهتدي، أنبأنا عبد الرّحمن ابن عمر بن أحمد، أنبأنا محمّد بن أحمد بن يعقوب، حدّثنا جدي يعقوب قال:
و كريب هو ابن أبي مسلم، يكنى أبا رشدين، يعدّ في الطبقة الثانية من أهل المدينة بعد الصحابة، ممن أدرك عثمان و عليا، و زيد بن ثابت و غيرهم، و روى محمّد بن عمر عن عبد الرّحمن بن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة قال: مات كريب بالمدينة سنة ثمان و تسعين في آخر خلافة سليمان بن عبد الملك.
أخبرنا أبو الغنائم بن ميمون في كتابه، ثم حدّثنا أبو الفضل السلامي الحافظ ، أنبأنا أبو الفضل بن خيرون، و أبو الحسين بن الطّيّوري، و أبو الغنائم - و اللفظ له - قالوا: أنبأنا أبو أحمد - زاد أحمد: و محمّد بن الحسن قالا - أنبأنا أحمد بن عبدان، أنبأنا محمّد بن سهل، أنبأنا محمّد بن إسماعيل قال (2):كريب بن أبي مسلم أبو رشدين، مولى ابن عباس الهاشمي، سمع ابن عبّاس، و معاوية، روى عنه عمرو بن دينار، و ابناه رشدين و محمّد.
أنبأنا أبو الحسين القاضي، و أبو عبد اللّه الأديب، قالا: أنبأنا أبو القاسم بن مندة، أنبأنا أبو علي - إجازة-. ح قال: و أنبأنا أبو طاهر، أنبأنا علي. قالا: أنبأنا ابن أبي حاتم قال (3):كريب بن أبي مسلم والد رشدين بن كريب، مولى ابن عباس، مديني، روى عن ابن عبّاس، و ميمونة، و معاوية، و أم سلمة، روى عنه عمرو بن دينار، و سلمة بن كهيل، و الزهري، و شريك بن عبد اللّه بن أبي نمر، و سالم بن أبي الجعد، و مكحول، و محمّد بن أبي حرملة، و ابناه محمّد و رشدين، و إبراهيم و موسى و محمّد بني عقبة المطرفيون، سمعت أبي يقول ذلك.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن العبّاس، أنبأنا أحمد بن منصور بن خلف، أنبأنا أبو سعيد بن حمدون، أنبأنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلما يقول: أبو رشدين كريب بن أبي مسلم، مولى ابن عباس، سمع ابن عبّاس، روى عنه عمرو ابن دينار، و سالم بن أبي الجعد.
قرأت على أبي الفضل بن ناصر، عن جعفر بن يحيى، أنبأنا أبو نصر الوائلي، أنبأنا الخصيب بن عبد اللّه، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرّحمن، أخبرني أبي قال: أبو رشدين
ص: 121
كريب بن أبي مسلم مولى ابن عبّاس. أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو طاهر محمّد بن أحمد، حدّثنا هبة اللّه بن إبراهيم بن عمر، أنبأنا أبو بكر المهندس، حدّثنا أبو بشر الدولابي قال (1):أبو رشدين كريب مولى ابن عبّاس.
أخبرنا أبو الفتح نصر اللّه بن محمّد الفقيه، أنبأنا أبو الفتح الفقيه، أنبأنا أبو نصر طاهر ابن محمّد بن سليمان، حدّثنا علي بن إبراهيم بن أحمد، حدّثنا يزيد بن محمّد بن إياس قال:
سمعت أبا عبد اللّه المقدّمي يقول: كريب مولى ابن عبّاس أبو رشدين.
أنبأنا أبو جعفر الهمذاني (2)،أنبأنا أبو بكر،[أنبأنا أحمد بن علي بن منجويه] (3) أنبأنا أبو أحمد قال: أبو رشدين كريب بن أبي مسلم القرشي، مولى عبد اللّه بن عبّاس سمع عبد اللّه بن عباس، و معاوية بن أبي سفيان. روى عنه أبو بكر محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، و أبو محمد عمرو بن دينار.
أخبرنا أبو البركات بن المبارك، أنبأنا أبو الفضل محمد بن طاهر، أنبأنا مسعود بن ناصر، أنبأنا عبد الملك بن الحسن، أنبأنا أبو نصر الحافظ قال (4):كريب بن أبي مسلم، أو رشدين، مولى عبد اللّه بن عباس، الهاشمي المدني، والد رشدين، و محمّد، سمع ابن عباس، و أسامة بن زيد، و عائشة، و أم سلمة، و ميمونة، روى عنه عمرو بن دينار، و سالم بن أبي الجعد، و موسى بن عقبة، و بكير، و مخرمة بن سليمان، و محمّد بن أبي حرملة قال البخاري: مات بالمدينة سنة ثمان و تسعين، و قال الذهلي: قال ابن بكير مثله، و قال عمرو بن علي و الواقدي و ابن نمير مثله.
أخبرنا أبو القاسم الواسطي، حدّثنا أبو بكر الخطيب، أنبأنا أحمد بن محمّد بن إبراهيم قال: سمعت أحمد بن محمّد بن عبدوس يقول: سمعت عثمان بن سعيد يقول: قلت ليحيى ابن معين: كريب أحبّ إليك أو عكرمة ؟ فقال: كلاهما ثقة.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأنا أبو بكر البيهقي، أنبأنا أبو بكر الأشناني، أنبأنا أبو الحسن الطرائفي، حدّثنا عثمان بن سعيد، حدّثنا أحمد بن يونس، حدّثنا أبو شهاب، عن
ص: 122
الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عبّاس. أنه كان يسمى عبيده بأسماء العرب عكرمة، و مسمع و كريب، و أنه قال لهم تزوّجوا، فإن العبد إذا زنا نزع منه نور الإيمان، رد اللّه إليه بعد أو أمسكه.
أخبرنا أبو السعود بن المجلي (1)،حدّثنا أبو الحسين (2) بن المهتدي، أنبأنا أبو الحسين عبد الرّحمن بن عمر بن أحمد بن حمّة، أنبأنا محمّد بن أحمد بن يعقوب، حدّثنا جدي، حدّثنا أحمد بن عبد اللّه بن يونس، حدّثنا زهير - يعني - ابن معاوية، حدّثنا موسى بن عقبة قال (3):وضع عندنا كريب حمل بعير أو عدل بعير من كتب ابن عبّاس، فكان علي بن عبد اللّه ابن عبّاس إذا أراد الكتاب كتب إليه: ابعث إليّ بصحيفة كذا و كذا، قال: فينسخها و يبعث إليه بإحداهما.
أخبرنا أبو المعالي محمّد بن إسماعيل، أنبأنا أبو بكر البيهقي، أنبأنا أبو الحسين بن بشران. ح و أخبرنا أبو بكر بن المزرفي (4)،حدّثنا أبو بكر الخطيب، أنبأنا ابن رزقويه (5)، قالا: أنبأنا أبو عمرو بن السماك، حدّثنا حنبل بن إسحاق، حدّثنا أحمد بن يونس، حدّثنا زهير، حدّثنا موسى بن عقبة قال: وضع عندنا كريب حمل بعير من كتب ابن عبّاس، فكان علي بن عبد اللّه بن عبّاس إذا أراد الكتاب كتب إليه: ابعث إليّ بصحيفة كذا و كذا، فينسخها و يبعث بها. رواه محمّد بن سعد عن أحمد بن يونس (6).
أخبرنا أبو بكر المؤدب، أنبأنا عبد الرّحمن بن محمّد بن إسحاق، أنبأنا أبو محمّد بن يوة، أنبأنا أبو الحسن، حدّثنا أبو بكر، حدّثنا ابن سعد (7)،حدّثنا الواقدي عن ابن أبي الزناد عن موسى بن عقبة قال: مات كريب سنة ثمان و تسعين.
قرأت على أبي محمّد عبد الكريم بن حمزة عن عبد العزيز بن أحمد، أنبأنا مكي بن محمّد، أنبأنا أبو إسحاق قال: قال المدائني: و في سنة ثمان و تسعين مات كريب مولى ابن عبّاس، و شريح، و ذكر أن أباه أخبره عن أحمد بن عبيد بن ناصح عن المدائني بذلك.
ص: 123
أنبأنا (1) أبو محمّد بن الأكفاني، حدّثنا عبد العزيز بن أحمد الكتاني، أنبأنا محمّد بن عبد اللّه، أنبأنا محمّد بن إبراهيم البسري (2)،حدّثنا سليمان بن عبد الرّحمن، حدّثنا علي بن عبد اللّه التميمي قال: كريب مولى ابن عبّاس، يكنى أبا رشدين، مات سنة ثمان و تسعين.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا محمّد بن هبة اللّه، أنبأنا أبو الحسين بن بشران، أنبأنا عثمان بن أحمد، حدّثنا محمّد بن أحمد بن البراء قال: قال علي بن المديني:
مات كريب مولى ابن عبّاس سنة ثمان و تسعين، و يكنى أبا راشد.
[قال ابن عساكر:] (3) كذا فيه، و هو أبو رشدين.
أخبرنا أبو الأعزّ قراتكين بن الأسعد، أنبأنا أبو محمّد الجوهري، أنبأنا أبو الحسن بن لؤلؤ، أنبأنا محمّد بن الحسين بن شهريار، حدّثنا أبو حفص الفلاّس قال:
و مات كريب مولى ابن عبّاس سنة ثمان و تسعين، و يكنى أبا رشدين.
أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن، أنبأنا أبو الحسن السّيرافي، أنبأنا أحمد بن إسحاق، حدّثنا أحمد بن عمران، حدّثنا موسى، حدّثنا خليفة قال (4):
و في سنة ثمان و تسعين مات كريب مولى ابن عبّاس.
أخبرنا (5) أبو البركات، أنبأنا ثابت بن بندار، أنبأنا أبو العلاء، أنبأنا أبو بكر، أنبأنا أبو أمية، حدّثنا أبي عن يحيى بن معين قال:
كريب بن أبي مسلم، و يكنى أبا رشدين، مات بالمدينة سنة ثمان و تسعين (6).
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا علي بن أحمد بن البسري (7)،أنبأنا أبو طاهر المخلص - إجازة - أنبأنا عبيد اللّه بن عبد الرّحمن، أخبرني عبد الرّحمن بن محمّد، أخبرني أبي، حدّثني أبو عبيد بن سلاّم قال: سنة ثمان و تسعين فيها توفي كريب مولى ابن عبّاس أبو رشدين.
ص: 124
ثم قال أبو عبيد (1):سنة ثمان و مائة فيها توفي كريب مولى ابن عبّاس أبو رشدين.
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمّد، أنبأنا أبو منصور النهاوندي، أنبأنا أبو العباس النهاوندي، أنبأنا أبو القاسم بن الأشقر القاضي، حدّثنا محمّد بن إسماعيل قال: مات كريب بن أبي مسلم أبو رشدين مولى ابن عبّاس الهاشمي بالمدينة سنة ثمان و تسعين.
عمرو ابن عامر بن شبيب (2) بن شباب
ابن مالك بن دعران بن محارب بن عمرو بن شهران بن عفرس بن حلف (3)،و يقال حلف (4) بن خثعم بن أنمار بن إراش بن عمرو بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان ابن سبأ الخثعمي الكوفي.
تابعي ممن حمل مع حجر بن عدي إلى عذراء فكلم شمر بن عبد اللّه القحافي (5)معاوية فيه فوهبه له و حبسه مدة ثم أطلقه (6) فسكن الموصل، و مات بها قبل معاوية بشهر.
قرأت على أبي الوفاء حفاظ بن الحسن بن الحسين، عن عبد العزيز بن أحمد، أنبأنا أبو الحسين الميداني، أنبأنا أبو سليمان بن زبر، أنبأنا عبد اللّه بن أحمد بن جعفر، أنبأنا محمّد ابن جرير الطبري قال (7):قال هشام بن محمّد: قال أبو مخنف: حدّثني المجالد بن سعيد، عن الشعبي و زكريا بن أبي زائدة عن إسحاق قالا: و أتى زياد بكريم بن عفيف قال ويحك أو ويلك، ما اسمك ؟ قال: أنا كريم بن عفيف الخثعمي، قال: ويحك، أو ويلك، ما أحسن اسمك و اسم أبيك، و أسوأ عملك و رأيك، قال: أما و اللّه إنّ عهدك برأي لمنذ قريب، ثم بعث زياد إلى أصحاب حجر حتى جمع منهم اثني عشر رجلا في السجن.
[قال ابن عساكر:] (8) و قد ذكرت باقي قصته في ترجمة أرقم بن عبد اللّه.
ص: 125
حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب بن وائل التغلبي الشاعر (1)
سائر القول، مشهور الشعر.
وفد على معاوية، و له مدائح في عبد الرّحمن بن خالد بن الوليد و غيره، و بقي حتى (2)وفد على الوليد بن عبد الملك و مدحه.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا عبد الوهّاب بن علي، أنبأنا علي بن عبد العزيز قال: قرئ على أحمد بن جعفر، أنبأنا الفضل بن الحباب، حدّثنا محمّد بن سلاّم قال (3):
في الطبقة الثالثة (4) من الشعراء الإسلاميين: كعب بن جعيل بن قمير (5) بن عجرة بن عوف بن مالك بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب بن وائل شاعر مفلق قديم في الإسلام، أقدم من الأخطل و القطامي، و لقد لحقا به و كانا معه و هو الذي يقول (6):
و أبيض جنيّ عليه سموطه *** من الإنس في قصر منيف غواربه
تدلّيته سقط الندى بعد هجعة *** فبتّ أمنّيه المنى و أخالبه
بما ينزل الأروى من الشّعف الطّلى *** و ما لو يسنى حيّة لان جانبه
ندمت (7) على شتم العشيرة بعد ما *** مضى و استتبّت للرواة مذاهبه
فأصبحت لا أسطيع (8) ردّا لما مضى *** كما لا يردّ الدرّ في الضّرع حالبه
معاوي أنصف تغلب ابنة وائل *** من الناس أو دعها و حيّا تضاربه
ص: 126
قليل على باب الأمير لباثتي *** إذا ما رابني باب الأمير و حاجبه
و لمّا تداروا في تراث محمّد *** سمت بابن هند في قريش مضاربه
و في نسخة و هو الذي يقول فيها:
قليتك فاهجري فلا ودّ بيننا *** كذلك من يستغن يستغن صاحبه
و ذكر أبياته في مرثية عبيد اللّه (1) بن عمر، و تقدمت في حرف العين (2).
أخبرنا أبو القاسم هبة اللّه بن عبد اللّه، أنبأنا أبو بكر الخطيب قال: كعب بن جعيل بن قمير بن عجرة بن ثعلبة بن عوف بن مالك بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب بن وائل، شاعر مشهور في زمن معاوية، قال ذلك الآمدي (3) فيما حدّثني ابن حزم أنه قرأه في كتاب عبد السلام - يعني - ابن الحسين عنه.
قرأت على أبي محمّد السلمي، عن أبي نصر بن ماكولا قال (4):أما جعيل بالجيم و فتح العين و سكون الياء المعجمة باثنتين من تحتها فهو: كعب بن جعيل بن قمير بن عجرة بن ثعلبة بن عوف بن مالك بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب بن وائل، شاعر مشهور إسلامي، كان في زمن معاوية.
أخبرنا أبو غالب، و أبو عبد اللّه ابنا البنّا، قالا: أنبأنا أبو جعفر بن المسلمة، أنبأنا أبو طاهر المخلّص، حدّثنا أحمد بن سليمان، حدّثنا الزبير قال: قال عمي مصعب بن عبد اللّه (5):زعموا أن معاوية قال لكعب بن جعيل بعد موت عبد الرّحمن: ليس لشاعر عهد، قد كان عبد الرّحمن - يعني: ابن خالد - لك صديقا، فلما مات نسيته (6) فقال: ما فعلت و لقد قلت فيه بعد موته:
أ لا تبكي و ما ظلمت قريش *** بأعوال البكاء على فتاها
ص: 127
و لو سئلت دمشق و بعلبك *** و حمص من أباح لكم (1) حماها
فسيف اللّه أدخلها المنايا *** و هدّم حصنها و حوى قراها
و أنزلها معاوي بن حرب *** و كانت أرضه أرضا سواها
[قال الزبير:] (2) قال غير عمي، فلم يزل معاوية متقيا لكعب بن جعيل مكرما له حتى مات.
قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف و أنبأنيه أبو القاسم علي بن إبراهيم، و أبو الوحش سبيع بن المسلّم عنه، أنبأنا أبو مسلم محمّد بن أحمد بن علي الكاتب، أنبأنا أبو بكر محمّد ابن الحسن بن دريد، حدّثنا أبو حاتم، حدّثنا أبو عبيدة، حدّثنا مسمع، حدّثنا أبو فزارة قال:
استعمل معاوية على الجزيرة الضحاك بن قيس، فاستعمل الضحاك على صدقات بني تغلب رجلا من بني عبس نخمّس إبل كعب بن جعيل، فقال سليم بن عبدة على لسان كعب ابن جعيل أبياتا يهجو بها الضحاك بن قيس، و كان سليم بن عبدة و أخوه أتيا الضحاك ليفرض لهما فأبى، فكانا واجدين على الضحاك لذلك، فقال سليم على لسان كعب هذا الهجاء، و أما مسمع فزعم أنه يعني كعبا هو قاله، فلما بلغ الضحاك ذلك وركه أي حمله على سليم فرارا مما قال:
أرى إبلي أمست تحن كأنما *** تعاور أنبوبا أجش مثقبا
تبكي على دين ابن عفان بعد ما *** تضاحك ضحّاك بنا و تلعّبا
قصير القميص فاحش عند بيته *** و شرّ قيس (3) في قريش مركبا
بنى لك قيس في قرى عربية *** من اللؤم بيتا ثابت الأس تزنبا
و ما ترك العبسي من مربع لنا *** من الأرض إلاّ قد سرى فيه أركبا
معاوي لم يفتح لنا باب هجرة *** فيعطي و لم يترك لنا متعرّبا
و كنت كباري اللحم بعد التحامه *** تركب حتى لم تجد متركّبا
هم ضيعوا كتب النبي و منهم *** النبي و من يأمر بها أن يعيبا
و قد كان فرعون و هامان قبلكم *** بدار نعيم حقبة ثم عذبا
فلما بلغت الضحاك توعّده، فخافه فانتقل بأهله عن الجزيرة، و إنّما قالها سليم فأحالها عليه، فقال يعتذر إلى الضحاك:
ص: 128
أتاني وعيد لو أتى (1) الفيل لم يقم *** له الفيل حتى يستخفّ و يرعدا
أتاني و دوني من نصيبين حاجب *** لسبعين برجا ذا شماريخ أكردا
فكان لنا ما بين دار و قفزة *** إلى الرقّة السوداء يوما مطردا
أ أرمي بأقوال الخراق و لم يكن *** إذا قال مهدي السنان مسدّدا
فإن كنت مقذوفا بكلّ عظيمة *** حكاها خئون كاذب ثم أقردا (2)
عذت من بني عبد و راحت عليهم *** و أصدر منها ابنا قمير و أوردا
سأحلف حتى تبلغ اللّه حلفتي *** لأبلغ عذرا من رضاك و أجهدا
بمن حجّ بيت اللّه من كلّ صارخ *** و شعث يسوقون الهدي المقلّدا
إذا أعجبتهم سورة يقرءونها *** لربّك خرّوا (3) راكعين و سجّدا
لقد كنت عن شعر ابن عبدة نائيا *** مكان الثريا من سهيل و أبعدا
فإن قلت ذمته أثرا أو بدأته *** ففارقت حيىّ الوليد و معبدا
أرى مدح أعراض الكرام و أتقي *** هجاء الملوك إنّه كان أنكدا
و قد علمت أشراف تغلب أنّني *** بمدح قريش كنت أحظى و أسعدا
لعمرك للربعان (4) خير شهادة *** من النكس أن يدعو جوادا ليشهدا
و كانا كما سماهما اللّه رائعا (5) *** و عبدا نشدناه البيان فأنشدا
أجاز القتاديّ الشهادة بعد ما *** نبا نبوة خفناه أن يترددا
القتادي رجل من بني قتادة، و كان خلا بهؤلاء النفر الذين سمّاهم في شعره، فشهد و أشهد بعض لكعب و بعض لسليم، و كان جميلا فدخل على الضّحّاك فأنشده و امرأته خلف الستر تسمع منه، فقالت له: أقبل منه، فو اللّه لو اعتذر بها إلى اللّه عز و جلّ لقبل منه.
قال: و أنبأنا أبو حاتم عن الأصمعي قال:
كان أبو جهمة الأسدي قد خصّ بني تغلب جميعا بالهجاء، فقال كعب بن جعيل:
بنا كثرت بنو أسد فتخشى *** لكثرتها و لا عزّ القليل
قبيلة تردّد في معدّ *** خدودهم أذلّ من السبيل
ص: 129
تمنّى أن تكون أخا قريش *** شحيح البغل يأذن للصهيل
و قال كعب أيضا (1):
إذا احمرّ باس الناس ألفيت شرهم (2) *** بني أسد إنّي بما قلت عارف
أغاروا (3) علينا يسرقون رحالنا *** و ليس لنا في مرج صفّين قائف
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا عبد الوهّاب بن علي بن عبد الوهّاب، أنبأنا أحمد بن جعفر بن محمّد، أنبأنا أبو خليفة الجمحي، حدّثنا محمّد بن سلاّم قال (4):قال أبو يحيى قال كعب بن جعيل: إنّي قد هجوت نفسي ببيتين، و ضمزت (5) عليهما فمن أصابهما فهو الشاعر، فقال الأخطل:
سمّيت كعبا بشرّ العظام *** و كان أبوك يسمى الجعل
و كان محلك من وائل *** محل القراد من است الجمل
[فقال: هما هذان] (6).
ربيعة ذي الأربعة العنسي (7) الدّاراني (8)
كان على شرطة عبد الملك بن مروان، و قيل على شرطة الوليد، و سليمان ابني عبد الملك، فلمّا ولي عمر بن عبد العزيز عزله، فلما ولي يزيد بن عبد الملك أعاده، و أقرّه هشام ثلاث عشرة سنة ثم بعثه إلى أرمينية أميرا بعد قتل الجراح بن عبد اللّه الحكمي.
ص: 130
ذكره ابن مهنّى في تاريخ داريا (1)،و هو نسبه، و قيل إنّه كان على شرطة عمر بن عبد العزيز أيضا.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، حدّثنا أبو محمّد الكتّاني، أنبأنا علي بن محمّد بن طوق، أنبأنا عبد الجبّار بن محمّد بن مهنا (2)،حدّثنا أحمد بن سليمان، حدّثنا يزيد بن [محمد بن] عبد الصمد، حدّثنا أبو مسهر، حدّثنا يحيى بن حمزة، حدّثني عمرو بن مهاجر.
أن كعب (3) بن حامد جاءه (4)-يعني: عمر - بسارق قد قطعت يداه، أخذ في فسطاط قد أخرج عامة المتاع، فوضعه في خرج ثم جعله على دابته، و دابته مربوطة بوتد الفسطاط ، فسأل كعبا: كيف أخذه ؟ فأخبره، فضربه دون المائة ضربا وجيعا، ثم قال: يا عمرو خذه إليك، فأخذته، فأومأ إليّ أن البسه جلدا، قال: ثم سألني عنه بعد ليلتين: ما فعل الرجل الذي ضربنا؟ فقلت: عندي يا أمير المؤمنين، قال: هل أكل ؟ قلت: نعم، قال: فألبسته جلدا؟ قلت: نعم، قال: فإذا كان في ثلث الليل فسرّحه.
قال ابن مهنّى: و كعب بن حامد كان على شرطة عمر بن عبد العزيز، و ولده بداريا إلى اليوم.
أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن، أنبأنا أبو الحسن السّيرافي، أنبأنا أحمد بن إسحاق، حدّثنا أحمد بن عمران، حدّثنا موسى، حدّثنا خليفة قال (5):ولّى - يعني - عبد الملك بن مروان كعب بن حامد - يعني - الشّرط حتى مات عبد الملك - يعني - بعد غيره (6).
قال: و حدّثنا خليفة قال (7):في تسمية من ولي شرطة الوليد و سليمان و يزيد بن عبد الملك، قال خليفة.
و أقر هشام كعب بن حامد العنسي - يعني - على الشّرط ثلاث عشرة سنة ثم ولاّه أرمينية.
ص: 131
5813 - كعب بن خريم (1) بن جندب أبو حارثة المرّي (2).(3)
روى عن أبي داود سليمان بن سالم الحرّاني، و يعلى بن بشر، و محمّد بن حرب الأبرش، و يحيى بن حمزة، و عبد اللّه بن مصعب بن ثابت الزّبيري، و عثمان بن حصن بن علاق (4).
روى عنه: ابنه أحمد بن كعب، و أبو حاتم الرازي، و دحيم، و عبد اللّه بن مروان بن معاوية الفزاري، و محمّد بن عائذ.
أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة، حدّثنا عبد العزيز بن أحمد، أنبأنا تمّام بن محمّد، أنبأنا الحسن بن حبيب، حدّثنا أحمد بن أبي حارثة كعب بن خريم بالراهب، حدّثني أبي، حدّثنا يعلى بن بشر الخفاجي عن نابغة بني جعدة قال (5):أنشدت النبي صلى اللّه عليه و سلم و أنا عن يمينه:
نحلّي بأرطال اللّجين سيوفنا *** و نعلو بها يوم الهياج السّنورا
علونا العباد عفّة و تكرّما (6) *** و إنّا لنرجو فوق ذلك مظهرا
قال: فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«إلى أين لا أم لك ؟» قال: قلت: إلى الجنّة يا رسول اللّه، قال:«أجل إن شاء اللّه يا أبا ليلى»، ثم أنشدته:
و لا خير في حلم إذا لم يكن له *** بوادر تحمي صفوه أن يكدّرا
و لا خير في جهل إذا لم يكن له *** حليم إذا ما أورد الأمر أصدرا
فقال لي رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«أجدت لا يفضض اللّه فاك»، قال: فلقد رأيته بعد عشرين و مائة سنة و إنّ لأسنانه أشرا (7) كأنه البرد[10629].
[قال ابن عساكر:] (8) كذا وقع في هذه الرواية، و الصواب: يعلى بن الأشدق (9)،و قد وقع لي عاليا على الصواب من طرق.
أخبرنا أبو الحسين الأبرقوهي - إذنا - و أبو عبد اللّه الأديب - مشافهة - قالا: أنبأنا أبو
ص: 132
القاسم بن مندة، أنبأنا حمد - إجازة-. ح قال: و أنبأنا أبو طاهر، أنبأنا علي. قالا: أنبأنا ابن أبي حاتم قال (1):كعب بن خريم أبو حارثة الدمشقي روى عن محمّد بن حرب الأبرش، سمع أبي عنه في الرحلة الأولى، روى عنه، و سئل عنه ؟ فقال: صدوق.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، حدّثنا أبو محمّد الكتّاني (2)،أنبأنا أبو القاسم تمام بن محمّد، أنبأنا أبو عبد اللّه الكندي، حدّثنا أبو زرعة قال: في ذكر أهل الفتوى بدمشق: أبو حارثة المرّي (3).
أخبرنا أبو القاسم هبة اللّه بن عبد اللّه، أنبأنا أبو بكر الخطيب قال: كعب بن خريم أبو حارثة المرّي (4) الدمشقي، حدّث عن سليمان بن سالم الحراني (5)،و عبد اللّه بن مصعب بن ثابت بن الزبير، روى عنه ابنه أحمد، و عبد الرّحمن بن إبراهيم دحيم.
قرأت على أبي محمّد السّلمي، عن أبي نصر علي بن هبة اللّه قال:
و أمّا حارثة بحاء مهملة و بعد الراء ثاء معجمة بثلاث، و خريم أوله خاء معجمة مضمومة، ثم راء مفتوحة (6).
أبو حارثة كعب بن خريم المرّي (7) الدمشقي، حدّث عن سليمان بن سالم، و هو سليمان بن أبي داود، و ابنه محمّد يلقّب البومة، و عن عبد اللّه بن مصعب بن ثابت الزبيري، حدّث عنه ابنه أحمد، و عبد الرّحمن بن إبراهيم دحيم.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، حدّثنا أبو محمّد الكتّاني، أنبأنا أبو محمّد بن أبي نصر، أنبأنا أبو الميمون، حدّثنا أبو زرعة (8)،أخبرني عبد الرّحمن بن إبراهيم، حدّثنا كعب ابن خريم أبو حارثة، و قد رأيت أنا أبا حارثة و جالسته، و كان شيخا صالحا.
أخبرنا أبو غالب، و أبو عبد اللّه ابنا أبي علي في كتابيهما، عن أبي تمّام علي بن محمّد العبدي، عن أبي عمر محمّد بن العباس الخزّاز (1)،أنبأنا أبو بكر محمّد بن خلف المحولي، أخبرني أبو بكر العامري، أخبرني رباح (2) بن قطيب بن زيد الأسدي ابن أخت قريبة أم البهلول ابنة أباق الدبيرية (3) الأسدية أخت الركاض بن أباق الدبيري الشاعر عن قريبة قالت:
كان عند المخبّل و هو كعب بن مالك - و قال غير قريبة: هو كعب بن عبد اللّه من بني لاي بن شاس بن أنف (4) الناقة - و كان من أهل الحجاز، ابنة عم له يقال لها أم عمرو، و كانت أحبّ الناس إليه، فخلا بها ذات يوم فنظر إليها و هي واضعة ثيابها فقال لها: يا أم عمرو هل ترين أنّ أحدا من النساء أحسن منك ؟ قالت: نعم، أختي ميلاء أحسن مني، قال: فكيف لي بأن ترينيها؟ قالت: إن علمت بك لم تخرج إليك و لكن أخبّئك في الستر و أبعث إليها، قال:
ففعلت و أرسلت إليها و هو في الستر، و جاءت ميلاء فلمّا نظر إليها عشقها و ترك أختها امرأته و جلس لها، فلمّا تروّحت (5) من عند أختها عارضها من مكان لا تحتسبه فشكا إليها حبّها و أعلمها أنه قد رآها، فقالت: و اللّه يا بن عمّ ما وجدت بي من شيء إلاّ قد وجدت منك مثله، و ظنّت أم عمرو امرأته أنه قد عشق أختها فتبعتهما و لا يدريان حتى رأتهما قاعدين جميعا، فمضت قصد إخوتها و كانوا سبعة، فقالت: إن تزوّجوا كعبا من ميلاء، و إمّا أن تغيّبوها عني، فلمّا بلغه أن ذلك قد بلغ إخوتها هرب، فرمى بنفسه نحو الشام و ترك الحجاز، و قال و هو بالحجاز:
أ في كلّ يوم أنت بارح الهوى *** إلى الشّمّ من أعلام ميلاء ناظر
فروى هذا البيت رجل من أهل الشام، ثم خرج يريد مكة فمرّ على أم عمرو و أختها ميلاء و قد ضلّ الطريق، فسلّم عليهما و سألهما عن الطريق، فقالت أم عمرو: يا ميلاء صفي له الطريق، فذكر الرجل لمّا سمعها تقول يا ميلاء ببيت كعب:
أ في كلّ يوم أنت بارح الهوى *** إلى الشمّ من أعلام ميلاء ناظر
فتمثّل به، فعرفت الشعر، فقالت: يا عبد اللّه، من أين أنت ؟ قال: أنا رجل من أهل
ص: 134
الشام قالت: من أين رويت هذا الشعر؟ قال: رويته عن أعرابي بالشام، قالت: أ فتدري ما اسمه ؟ قال: اسمه كعب (1)،قال: فأقسمتا عليه أن لا يبرح حتى يراك إخوتنا فيكرموك و يدلّوك على الطريق، فقد أنعمت علينا، فقال: إنّي أروي له شعرا آخر فما أدري أ تعرفانه أم لا، فقالتا: فنسألك باللّه إلاّ أسمعتنا، قال: سمعته يقول:
خليليّ قد رمت الأمور و قستها *** بنفسي و بالفتيان كلّ مكان
فلم أخف لؤما للرفيق و لم أجد *** خليلا و لا ذا البثّ يستويان
من الناس إنسانان ديني عليهما *** مليّان لو لا الناس قد قضياني (2)
منوعان ظلاّمان ما ينصفانني *** بدليهما و الحسن قد خلباني
يطيلان حتى يحسب الناس أنّني *** قضيت و لا و اللّه ما قضياني
خليليّ أمّا أم عمرو فمنهما *** و أما عن الأخرى فلا تسلاني
بلينا بهجران، و لم ير مثلنا *** من الناس إنسانين يهتجران (3)
أشدّ مصافاة و أبعد من قلى *** و أعصى لواش حين يكتنفاني (4)
يبين طرفانا الذي في نفوسنا *** إذا استعجمت بالمنطق الشفتان
فو اللّه ما أدري أ كلّ ذوي الهوى *** على شكلنا أم نحن مبتليان
فلا تعجبا مما بي اليوم من هوى *** ففي كلّ يوم مثل ما ترياني (5)
خليلي عن أي الذي كان بيننا *** [من الوصل أو ماضي الهوى تسلان
و كنا كريمي معشر حم بيننا] *** هوى فحفظناه بحسن صيان (6)
تذود النفوس الحائمات عن الهوى *** و نحن بأعناق إليه تواني
سلاه بأم العمر من هي فقد (7) بدا *** به السقم لا يخفى و طول ضمان
فما زادنا بعد المدى نقض مرّة *** و لا رجعا من علمنا (8) ببيان
خليليّ لا و اللّه ما لي بالذي *** تريدان (9) من هجر الصديق يدان
ص: 135
و لا لي بالهجر اعتلاء إذا بدا *** كما أنتما بالبين معتليان
قال: فنزل الرجل و حطّ رحله حتى جاء إخوتها (1)،فأخبرهما الخبر، و كانا مهتمين بكعب، و ذلك أنه كان ابن عمهم، و كان ظريفا شاعرا، فأكرموا الرجل و دلّوه على الطريق، و خرجوا فطلبوا كعبا بالشام فوجدوه، فأقبلوا به حتى إذا صار إلى بلدهم نزل كعب في بيت ناحية من الحي، فرأى ناسا قد اجتمعوا عند البيوت، فقال كعب لغلام قائم - و كان قد ترك بنيا له صغيرا - يا غلام، من أبوك ؟ قال: أبي كعب، قال: فعلام يجتمعون (2) هؤلاء الناس ؟ و أحس فؤاد كعب بشر، قال: يجتمعون على خالتي ميلاء، ماتت الساعة، قال: فزفر زفرة خرّ منها ميتا، فدفن إلى جانب قبرها.
قرأت في كتاب أبي الفرج علي بن الحسين الكاتب قال (3):قال عبد اللّه بن أبي سعد الورّاق - فيما أخبرني به حبيب بن نصر المهلّبي إجازة عنه - حدّثني علي بن الصّبّاح بن الفرات، أخبرني علي بن الحسن بن أيوب النبيل، عن رباح بن قطيب بن زيد الأسدي قال:
كانت عند رجل من بني قيس يقال له كعب بنت عم له، و كانت أحب الناس إليه، فخلا بها ذات يوم فنظر إليها و هي واضعة ثيابها فقال: يا أم عمرو هل ترين أن اللّه خلق أحسن منك ؟ قالت: نعم، أختي ميلاء، هي أحسن مني.
قال: فإنّي أحبّ أن انظر إليها، فقالت: إن علمت بك لم تخرج، و لكن كن من وراء الستر، ففعل، و أرسلت إليها، و جاءتها، فلما نظر إليها عشقها، و انتظرها حتى روّحت (4) إلى أهلها، فعارضها فشكا إليها حبها فقالت: و اللّه يا ابن عمّ ما وجدت من شيء إلاّ و قد وقع لك في [قلبي] (5) أكبر منه، و عادت مرة أخرى فأتتها أم عمرو و هما لا يعلمان، فرأتهما جالسين فمضت إلى إخوتها - و كانوا سبعة - فقالت: إمّا أن تزوّجوا ميلاء كعبا، و إما أن تكفوني أمرها، و بلغه (6) الخبر، و وقوف إخوتها على ذلك، فرمى بنفسه نحو الشام حياء منهم، و كان منزله و منزل أهله الحجاز، فلم يدر أهله و لا بنو عمه أين ذهب، فقال كعب:
أ في كلّ يوم أنت من لاعج الهوى *** إلى الشّمّ من أعلام ميلاء ناظر؟
ص: 136
بعمشاء من طول البكاء كأنها *** بها خزر أو طرفها متخازر (1)
تمنّى المنى حتى إذا ملّت المنى *** جرى واكف من دمعها متبادر
كما ارفضّ سلك (2) بعد ما ضم ضمة *** بخيط الفتيل اللؤلؤ المتناثر
قال: فرواه عنه رجل من أهل الشام، ثم خرج ذلك الشامي يريد مكة، فاجتاز بأم عمرو و أختها ميلاء، و قد ضلّ الطريق (3)،فذكر - لما نادت يا ميلاء - شعر كعب فتمثّل به، فعرفت أم عمرو الشعر، فقالت: يا عبد اللّه، من أين أقبلت ؟ قال: من الشام، قالت: و ممن سمعت هذا الشعر؟ قال: من رجل من أهل الشام، قالت: أو تدري ما اسمه ؟ قال: سمعت أنه كعب، قالت: فأقسمنا عليك ألاّ تبرح حتى يسمع إخوتنا قولك، فنحسن إليك نحن و هم، فقد أنعمت علينا، فقال: أفعل، و إنّي لأروي له شعرا آخر، فما أدري أ تعرفانه أم لا؟ فقالت:
نسألك باللّه إلاّ أسمعتناه، قال: و سمعته يقول:
خليلي قد رمت الأمور و قستها (4) *** بنفسي و بالفتيان (5) كل زمان
و لم أخف شرا للصديق و لم أجد *** خليا و لا ذا البث يستويان
من الناس إنسانان ديني عليهما *** مليئان لو شاءا لقد قضياني (6)
خليلي أما أم عمرو فمنهما *** و أما عن الأخرى فلا تسلاني
بلينا بهجران و لم أر مثلنا *** من الناس إنسانين يهتجران
أشد مصافاة و أبعد من قلى *** و أعصى لواش حين يكتنفان (7)
تحدث طرفانا بما في صدورنا *** إذا استعجمت بالمنطق الشفتان
فو اللّه ما أدري أ كل ذوي الهوى *** على ما بنا أو نحن مبتليان ؟
فلا تعجبا مما بي اليوم من هوى *** فبي كل يوم مثل ما تريان
خليلي عن أي الذي كان بيننا *** من الوصل أم ماضي الهوى تسلان ؟
ص: 137
و كنا كريمي معشر حمّ (1) بيننا *** هوى فحفظناه بحسن صيان
فما زادنا بعد المدى نقض مرة *** و لا رجعا من علمنا ببيان
سلاه بأم العمر و من هي إذ بدا *** به سقم جمّ و طول ضمان
خليلي لا و اللّه ما لي بالذي *** تريدان من هجر الحبيب يدان
و لا لي بالشر (2) اعتلاء إذا نأت *** كما أنتما بالشر (3) معتليان
قال: و نزل الرجل و وضع رحله حتى جاء إخوتها فأخبرتهم (4) الخبر، و كانوا مهتمين بكعب، و كان ابن عمّهم و أشعرهم، و أظرفهم، فأكرموا الرجل و حملوه على راحلة و دلّوه [علي] (5) الطريق، و طلبوا كعبا،[فوجدوه بالشام] (6) فأقبلوا به حتى إذا كانوا في ناحية مال (7)أهلهم إذا الناس قد اجتمعوا عند البيوت، و قد كان كعب ترك بنيّا له صغيرا، فوجده في ناحية المال، فقال كعب: ويحك يا غلام، من أبوك ؟ قال: رجل يقال له كعب، قال: و على أيّ شيء قد اجتمع الناس، و أحسّ قلبه بشرّ، قال: قد اجتمعوا على خالتي ميلاء، قال: و ما قصّتها، قال: ماتت، فزفر زفرة مات منها مكانه، فدفن حذاء قبرها، قال: و قال كعب و هو بالشام:
أ حقّا عباد اللّه أن لست ماشيا *** بمرحاب حتى يحشر الثقلان
و لا لاهيا يوما إلى الليل كله *** يبيض لطيفات الخصور دواني (8)
يمنّيننا (9) حتى يزيغ (10) قلوبنا *** و يختلطا (11) مطلا ظاهرا بليان
فعينيّ يا عينيّ حتى ما أنتما *** بهجران أمّ العمرو تختلجان ؟
أ ما أنتما إلاّ عليّ طليعة *** على قرب أعدائي كما ترياني
ص: 138
فلو أنّ أم العمرو (1) أضحت مقيمة *** بمصر و جثماني بشحر عمان (2)
إذا لرجوت اللّه يجمع بيننا (3) *** و أنّا على ما كان ملتقيان
و قيل إن بعض هذا الشعر لابن الدمينة الخثعمي.
الأنصاري السّالمي المديني (4)
من بلى، حليف لبني قوقل (5) بن عوف بن الخزرج من أهل بيعة الرضوان بالحديبية، و شهد غزوة دومة الجندل، ثم قدم الشام مرة أخرى.
حدّث عن النبي صلى اللّه عليه و سلم، و عن بلال.
روى عنه بنوه: إسحاق، و عبد الملك، و محمّد، و الربيع بنو كعب بن عجرة، و عبد اللّه بن عمر، و عبد اللّه بن عباس، و عبد اللّه بن عمرو بن العاص، و جابر بن عبد اللّه، و طارق بن شهاب، و أبو وائل، و زيد بن وهب، و عاصم العدوي، و عبد اللّه بن معقل، و عامر الشعبي، و عبد الرّحمن بن أبي ليلى.
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين، أنبأنا أبو علي بن المذهب، أنبأنا أحمد بن جعفر، حدّثنا عبد اللّه بن أحمد، حدّثني أبي (6)،حدّثنا هشيم، أنبأنا أبو بشر، عن مجاهد، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة قال: كنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بالحديبية - و نحن محرمون - و قد حصره (7) المشركون، و كانت لي وفرة، فجعلت الهوام تساقط على وجهي، فمرّ بي النبي صلى اللّه عليه و سلم فقال:«أ يؤذيك هوامّ رأسك ؟» قلت: نعم، فأمره أن يحلق، قال: و نزلت هذه الآية:
ص: 139
فَمَنْ كٰانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيٰامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ (1) [10630]. أخرجه البخاري (2)عن محمّد بن هشام المروزي عن هشيم.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، و أبو الحسن علي بن الحسن بن الحسين، قالا:
أنبأنا أبو الحسين بن أبي نصر، أنبأنا القاضي أبو بكر يوسف بن القاسم بن يوسف الميانجي، حدّثنا أبو أحمد هارون بن يوسف بن زياد، حدّثنا ابن أبي عمر، حدّثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، و أيوب، و حميد، و عبد الكريم، عن مجاهد، عن ابن أبي ليلى عن كعب بن عجرة.
أن النبي صلى اللّه عليه و سلم مرّ به و هو بالحديبية و هو محرم يوقد تحت قدر، و القمل يتهافت على وجهه، قال:«احلق رأسك، و أطعم فرقا بين ستة مساكين»، و الفرق: ثلاثة آصع (3)«أو صم ثلاثة أيام، أو انسك نسيكة». قال ابن أبي نجيح: أو اذبح شاة[10631].
رواه مسلم (4)و الترمذي (5)عن ابن أبي عمر.
أخبرنا أبو القاسم غانم بن خالد بن عبد الواحد، أنبأنا أبو الطّيّب عبد الرزّاق بن عمر ابن موسى بن شمة، أنبأنا أبو بكر بن المقرئ، حدّثنا محمّد بن زبّان (6)بن حبيب المصري الشيخ الصالح من أصل كتابه (7)،حدّثنا زكريا بن يحيى كاتب العمري، حدّثنا مفضّل بن فضالة، حدّثني عبد اللّه بن سليمان الطويل أبو حمزة، عن نافع مولى ابن عمر.
أن رجلا من الأنصار أخبره أن كعب بن عجرة رجل من بني سالم كان أصابه في رأسه أذى فحلقه فقال للنبي صلى اللّه عليه و سلم: بما ذا أنسك ؟ فأمره أن يهدي بقرة يقلّدها ثم يسوقها يقفها بعرفة فيدفع بها مع الناس، و كذلك يفعل بالهدي.
رواه محمّد بن المظفّر الحافظ عن ابن زبّان (8)فقال عن نافع عن ابن عمر عن كعب بن عجرة أنه نسك ببقرة، و لم يقل: إن النبي صلى اللّه عليه و سلم أمره، و كان يقول: إنّما البدن من الإبل و البقر، و قال نافع: أخبرني رجل من الأنصار أن كعب بن عجرة، ثم ذكر ما بعده.
ص: 140
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، أنبأنا الحسن بن علي، أنبأنا أبو عمر بن حيّوية، أنبأنا عبد الوهّاب بن أبي حيّة، أنبأنا محمّد بن شجاع، أنبأنا محمّد بن عمر الواقدي قال (1):
قالوا: قال واثلة بن الأسقع: حتى إذا بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم خالد بن الوليد إلى أكيدر الكندي بدومة الجندل خرج كعب بن عجرة في جيش خالد و خرجت معه، فأصبنا فيئا (2) كثيرا، فقسمه خالد بيننا، فأصابني ستّ قلائص (3).
أنبأنا أبو سعد بن الطّيّوري، عن الحسن بن محمّد الخلاّل، حدّثنا علي بن عمرو بن سهل الجريري (4) قال: كتب إلينا محمّد بن القاسم المحاربي يذكر أن حماد (5) بن يعقوب حدّثهم حدّثنا يحيى بن سالم عن أبي الجارود، عن الشعبي، عن كعب بن عجرة قال: مررنا بدير في طريق الشام فأصابنا مطر، الحكاية.
أخبرنا أبو البركات بن المبارك، أنبأنا أبو طاهر، و أبو المفضل. ح و أخبرنا أبو العزّ بن منصور، أنبأنا أبو طاهر. قالا: أنبأنا محمّد بن الحسن، أنبأنا محمّد بن أحمد، أنبأنا عمر بن أحمد، حدّثنا خليفة قال (6):كعب بن عجرة حليف الأنصار من بلي، مات سنة إحدى و خمسين.
أخبرنا أبو بكر اللفتواني، أنبأنا أبو عمرو العبدي، أنبأنا أبو محمّد بن يوة، أنبأنا أبو الحسن اللنباني (7)،حدّثنا ابن أبي الدنيا، حدّثنا ابن سعد (8) قال في الطبقة الثانية: كعب بن عجرة و هو من بليّ حليف لبني قوقل (9) من بني عوف بن الخزرج، و أنكر الواقدي أن يكون حليفا، قال: هو من أنفسهم، و مات سنة ثنتين و خمسين.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، أنبأنا الحسن بن علي، أنبأنا محمّد بن العباس، أنبأنا أحمد بن معروف، أنبأنا الحسين بن فهم، حدّثنا محمّد بن سعد قال (10):في الطبقة الثالثة: كعب بن عجرة قال عبد اللّه بن محمّد بن عمارة الأنصاري: هو من بلي قضاعة
ص: 141
حليف لبني قوقل (1) من بني عوف بن الخزرج، و قال هشام بن محمّد بن السائب هو كعب بن عجرة بن أمية بن عدي بن عبيد بن الحارث بن عمرو بن عوف بن غنم بن سواد ابن مري بن أراشة بن عامر بن عبيلة بن قسميل بن فران بن بلي ثم انتسب كعب في بني عمرو ابن عوف، و قال محمّد بن عمر: ليس بحليف و لكنه من أنفسهم، قال محمّد بن سعد: و طلبنا نسبه في كتاب نسب الأنصار فلم نجده.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا عيسى بن علي، أنبأنا عبد اللّه بن محمّد قال: و قال محمّد بن سعد: كعب بن عجرة بن أمية بن عدي بن عبيد بن الحارث بن عمرو بن عوف بن غنم بن سويد بن مري بن أراشة بن عامر بن عبيلة بن قسميل بن فران بن بلي بن الحاف بن قضاعة. قال ابن سعد: هكذا نسبه هشام بن محمّد بن السائب، و هكذا قال عبد اللّه بن محمّد بن عمارة الأنصاري، و قال: هو حليف لبني قوقل (2)من بني عوف بن الخزرج، قال: و قال محمّد بن عمر: ليس بحليف و لكنه من أنفسهم، قال ابن سعد: و طلبنا نسبه في كتاب نسب الأنصار فلم نجده، و قال محمّد بن عمر: كان كعب بن عجرة قد استأخر إسلامه، ثم أسلم، و شهد المشاهد مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و روى عنه.
أخبرنا أبو محمّد بن الآبنوسي في كتابه، و أخبرني أبو الفضل بن ناصر عنه، أنبأنا أبو محمّد الجوهري، أنبأنا أبو الحسين بن المظفر، أنبأنا أبو علي أحمد بن علي بن الحسن، أنبأنا أحمد بن عبد اللّه بن عبد الرحيم قال: كعب بن عجرة حليف بني سالم بن غنم بن عوف بن الخزرج، و هو كعب بن عجرة بن عمرو بن أمية بن عبيد بن الحارث بن عمرو بن عوف بن غنم بن سواد بن امرئ القيس بن أراشة بن عامر بن عبيلة بن قسميل بن فاران بن بلي.
أنبأنا أبو الغنائم بن النّرسي، ثم حدّثنا أبو الفضل بن ناصر، أنبأنا أحمد بن الحسن، و المبارك بن عبد الجبار، و محمّد بن علي - و اللفظ له - قالوا: أنبأنا أبو أحمد - زاد أحمد:
و محمّد بن الحسن قالا:- أنبأنا أحمد بن عبدان، أنبأنا محمّد بن سهل، أنبأنا محمّد بن إسماعيل قال (3):كعب بن عجرة السالمي الأنصاري المديني (4) له صحبة.
أخبرنا أبو الحسين القاضي - إذنا - و أبو عبد اللّه الأديب - شفاها - قالا: أنبأنا أبو القاسم
ص: 142
ابن مندة، أنبأنا أبو علي - إجازة-. ح قال: و أنبأنا أبو طاهر، أنبأنا علي. قالا: أنبأنا ابن أبي حاتم قال (1):كعب بن عجرة الأنصاري السالمي المديني من بليّ ، حليف لبني قوقل (2) من بني عوف ابن الخزرج، له صحبة، روى عنه عبد الرّحمن بن أبي ليلى، و ابنه إسحاق، سمعت أبي يقول ذلك.
قرأت على أبي الفضل بن ناصر، عن جعفر بن يحيى، أنبأنا أبو (3) منصور الوائلي، أنبأنا الخصيب بن عبد اللّه، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرّحمن، أخبرني أبي قال: أبو محمّد كعب بن عجرة.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو الحسين البزاز (4)،أنبأنا أبو القاسم الوزير، أنبأنا أبو القاسم البغوي قال: كعب بن عجرة الأنصاري يقال أبو محمّد، و يقال أبو إسحاق، سكن المدينة، و جاء إلى الكوفة، و بلغني عن ابن نمير قال: توفي كعب بن عجرة سنة اثنتين و خمسين.
أنبأنا أبو جعفر الهمذاني (5)،أنبأنا أبو بكر الصفّار، أنبأنا أحمد بن علي بن منجويه، أنبأنا أبو أحمد الحاكم قال: أبو محمّد كعب بن عجرة السالمي من بني سالم بن عوف، و يقال: حليف بني عوف ابن الحارث، و يقال: بل هو من بلي حليف لبني قوقل (6) من بني عوف بن الخزرج، و أنكر بعضهم أن يكون حليفا، و قال: هو من أنفسهم (7)،له صحبة من النبي صلى اللّه عليه و سلم، و يقال: مات و هو ابن سبع و خمسين سنة.
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنبأنا شجاع بن علي، أنبأنا أبو عبد اللّه بن مندة قال: كعب بن عجرة أبو محمّد المديني الأنصاري، روى عنه عبد اللّه بن عباس، و عبد اللّه ابن عمر، و عبد اللّه بن عمرو، و جابر بن عبد اللّه، و ابن معقل، و من أولاده: إسحاق، و عبد الملك، و محمّد، و ربيع بنو كعب، و سليمان بن محمّد بن كعب، و من سائر التابعين:
عبد الرّحمن بن أبي ليلى، و أبو وائل شقيق بن سلمة، و محمّد بن كعب القرظي، و سليمان بن
ص: 143
يسار و غيرهم، توفي سنة ثنتين و خمسين و هو ابن خمس و سبعين سنة، و قيل: ابن تسع و سبعين.
أخبرنا أبو البركات بن المبارك، أنبأنا محمّد بن طاهر، أنبأنا مسعود بن ناصر، أنبأنا عبد الملك بن الحسن، أنبأنا أبو نصر البخاري قال (1):كعب بن عجرة الأنصاري السالمي المدني، سمع النبي صلى اللّه عليه و سلم، روى عنه عبد الرّحمن بن أبي ليلى، و عبد اللّه (2) بن معقل في الحج، و في العمرة.
قال الذهلي: قال يحيى بن بكير: مات كعب بن عجرة سنة ثنتين و خمسين، سنه خمس و سبعون سنة، و قال الواقدي مثل ابن بكير إلى آخره، و قال عمرو بن علي: مات سنة اثنتين و خمسين، و قال أبو عيسى مثل عمرو، و قال ابن نمير مثل عمرو.
أنبأنا أبو علي الحداد قال: قال لنا أبو نعيم الحافظ : كعب بن عجرة أبو محمّد الأنصاري السلمي قال محمّد بن سعد كاتب الواقدي: لم يوجد نسبه في كتاب نسب الأنصار، فقال محمّد بن هشام الكلبي: هو كعب بن عجرة بن أمية ابن عدي بن عبيد بن الحارث بن عمرو بن عوف بن غنم بن سويد بن مري بن أراشة بن عامر ابن عبيلة بن قسميل بن فران بن بلي بن الحاف بن قضاعة، و كذلك قال عبد اللّه بن محمّد بن عمارة الأنصاري، و اختلف فيه فقيل: هو حليف لبني قوقل من بني عوف بن الخزرج، و قال محمّد بن عمر الواقدي: هو من أنفسهم ليس بحليف، تأخر إسلامه ثم أسلم، فشهد المشاهد و هو الذي نزلت فيه بالحديبية الرخصة في فدية المحرم إذا مسه الأذى قوله: فَمَنْ كٰانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيٰامٍ (3)،توفي سنة اثنتين و خمسين، و له سبع - و قيل: خمس - و سبعون سنة، روى عنه ابن عمر، و جابر، و عبد اللّه بن عمرو بن العاص، و عبد اللّه ابن عباس، و طارق بن شهاب، و أبو وائل، و زيد بن وهب، و عبد الرّحمن بن أبي ليلى، و عاصم العدوي، و عبد اللّه بن معقل، و الشعبي، و من أولاده: إسحاق، و عبد الملك، و محمد، و الربيع.
قرأت على أبي محمّد السّلمي، عن أبي نصر بن ماكولا قال (4):
ص: 144
و أما سواد بضم السين و تخفيف الواو فهو سواد بن مريّ بن أراشة، من ولده: كعب بن عجرة بن أمية بن عدي بن عبيد بن الحارث بن عمرو بن عوف بن غنم بن سواد، له صحبة و رواية، ثم انتسب في الأنصار في بني عمرو بن عوف.
أنبأنا أبو جعفر محمّد بن علي، أنبأنا أبو بكر الصفّار، أنبأنا أحمد بن علي، أنبأنا محمّد بن محمّد الحاكم، حدّثنا الثقفي، حدّثنا محمّد بن مسعدة، حدّثنا أبو ضمرة، حدّثني سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة، عن سعيد المقبري عن أبي أمامة قال: لقيت كعب بن عجرة فقلت: يا أبا محمّد.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، أنبأنا الحسن بن علي، أنبأنا أبو عمر بن حيّوية، أنبأنا أبو الحسن الخشاب، أنبأنا الحسين بن الفهم، حدّثنا محمّد بن سعد، أنبأنا أنس بن عياض الليثي، حدّثني سعد بن إسحاق، عن أبان بن صالح، أخبرني الحسن بن أبي الحسن في حديث رواه عن كعب بن عجرة أنه كان يكنى أبا محمّد (1).
أخبرنا أبو الحسن الفرضي، حدّثنا عبد العزيز الصوفي، أنبأنا أبو محمّد المعدل، أنبأنا أبو الميمون، حدّثنا أبو زرعة، حدّثني عبد الرّحمن بن إبراهيم، حدّثنا أبو ضمرة، عن سعد ابن إسحاق، عن أبان بن صالح، أخبرني الحسن بن أبي الحسن أن رجلا سأل كعب بن عجرة بالكوفة فقال: يا أبا محمّد، ما ذا كانت فديتك ؟ قال: شاة (2).
أخبرناه عاليا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا عيسى بن علي، أنبأنا عبد اللّه بن محمّد، حدّثني هارون بن موسى الفروي، حدّثني أبو ضمرة، حدّثني سعد بن إسحاق، عن أبان بن صالح، أخبرني الحسن بن أبي الحسن أن رجلا قال لكعب بن عجرة: يا أبا محمّد.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، أنبأنا الحسن (3) بن علي، أنبأنا أبو عمر بن حيّوية، أنبأنا أحمد بن معروف، حدّثنا الحسين بن فهم، حدّثنا محمّد بن سعد، أنبأنا محمّد ابن عمر عن رجاله من أهل المدينة قالوا (4):و كان كعب بن عجرة قد استأخر إسلامه و كان له
ص: 145
صنم في بيته يكرمه و يمسحه من الغبار، و يضع عليه ثوبا، و كان يكلّم في الإسلام فيأباه، و كان عبادة بن الصّامت له خليلا، فقعد له يوما يرصده، فلمّا خرج من بيته دخل عبادة و معه قدوم و زوجته عند أهلها فجعل يفلّذه فلذة فلذة و هو يقول:
ألا كلّ ما يدعى مع اللّه باطل
ثم خرج و أغلق الباب، فرجع كعب إلى بيته، فنظر إلى الصنم قد كسر فقال: هذا عمل عبادة، فخرج مغضبا و هو يريد أن يشاتم عبادة إلى أن فكر في نفسه فقال: ما عند هذا الصنم من طائل، لو كان عنده طائل حيث جعله جذاذا (1) لامتنع، و مضى حتى دق على عبادة فأشفق عبادة أن يقع به، فدخل عليه فقال: قد رأيت أن لو كان عنده طائل ما تركك تصنع به ما رأيت، و إنّي أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، و أنّ محمّدا رسول اللّه قال: ثم شهد كعب بعد ذلك المشاهد مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و روى عنه أحاديث.
أنبأنا أبو علي الحداد، أنبأنا أبو نعيم. ح و أنبأنا أبو الفتح أحمد بن محمّد الحداد، أنبأنا أبو الحسن عبد الرّحمن بن محمّد ابن عبيد اللّه الهمذاني. قالا: أنبأنا سليمان بن أحمد الطّبراني، حدّثنا محمّد بن عبد الرحيم الدّيباجي التّستري، حدّثنا أحمد بن عيسى المصري، حدّثنا ضمام بن إسماعيل (2)،حدّثني يزيد بن أبي حبيب، و موسى بن وردان عن كعب بن عجرة قال: أتيت النبي صلى اللّه عليه و سلم يوما فرأيته متغيّرا، قال: قلت: بأبي أنت، ما لي أراك متغيرا، قال:«ما دخل جوفي ما يدخل جوف ذات كبد منذ ثلاث»، قال: فذهبت فإذا يهودي يسقي إبلا فسقيت له على كلّ دلو بتمرة، فجمعت تمرا، فأتيت به النبي صلى اللّه عليه و سلم، فقال:«من أين لك يا كعب» فأخبرته، فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم:«أ تحبني يا كعب ؟» قلت: بأبي أنت نعم، قال:«إنّ الفقر أسرع إلى من يحبني من السيل إلى معادنه (3)،و إنه سيصيبك بلاء فأعدّ له تجفافا» (4) قال:
ففقده النبي صلى اللّه عليه و سلم فقال:«ما فعل كعب ؟» قالوا: مريض، فخرج يمشي حتى دخل عليه، فقال:
«أبشر يا كعب»، فقالت أمّه: هنيئا لك الجنة يا كعب، فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم:«من هذه المتألية على اللّه ؟» قال: هي أمّي يا رسول اللّه، قال:«ما يدريك يا أم كعب، لعلّ كعبا قال ما لا ينفعه أو منع ما لا يعنيه» (5)[10632].
ص: 146
قال الطّبراني: لم يرو هذا الحديث عن كعب إلاّ موسى بن وردان، تفرد به ضمام.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، أنبأنا أبو محمّد الجوهري، أنبأنا أبو عمر بن حيّوية، أنبأنا أحمد بن معروف، حدّثنا الحسين بن فهم، حدّثنا محمّد بن سعد، أنبأنا عبيد اللّه بن موسى، أنبأنا مسعر، عن ثابت بن عبيد قال: بعثني أبي إلى كعب بن عجرة فأتيت رجلا أقطع، فأتيت أبي فقلت: بعثتني إلى رجل أقطع، فقال: إنّ يداه قد دخلت الجنة و سيتبعها ما بقي (1) من جسده إن شاء اللّه (2).
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو الفضل بن البقّال، أنبأنا أبو الحسين بن بشران، أنبأنا عثمان بن أحمد، حدّثنا حنبل بن إسحاق، حدّثنا إبراهيم بن نصر، حدّثنا أبو إسماعيل المؤدب عن سعد بن إسحاق عن أبان، عن الحسن قال: دخلت إلى كعب بن عجرة من البصرة إلى الكوفة فقلت: ما كان فداؤك حين أصابك الأذى ؟ قال: شاة.
أخبرنا أبو القاسم أيضا، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا أبو القاسم الوزير (3)،أنبأنا أبو القاسم البغوي، حدّثني هارون بن موسى، حدّثني أبو ضمرة، عن أبي حازم، عن لقيس ابن سلمان مولى كعب بن عجرة، قال: أشهد لرأيت أربعة أو خمسة من أصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلم يلبسون المعصفر المشبع، منهم كعب بن عجرة.
أخبرنا أبو غالب، و أبو عبد اللّه ابنا البنّا، قالا: أنبأنا أبو الحسين بن الآبنوسي، أنبأنا أحمد بن عبيد بن الفضل - إجازة - أنبأنا محمّد بن الحسين، حدّثنا ابن أبي خيثمة، أنبأنا المدائني قال: قالوا: مات كعب بن عجرة في خلافة عمر.
أخبرنا أبو غالب الماوردي، أنبأنا أبو الحسن السّيرافي، أنبأنا أحمد بن إسحاق، حدّثنا أحمد بن عمران، حدّثنا موسى، حدّثنا خليفة قال (4):و فيها يعني سنة خمسين مات كعب بن عجرة.
ثم قال خليفة (5):سنة إحدى و خمسين فيها مات كعب بن عجرة الأنصاري.
ص: 147
أخبرنا أبو محمّد بن حمزة، حدّثنا أبو بكر الخطيب. ح و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو بكر بن الطبري (1).قالا: أنبأنا محمّد بن الحسين، أنبأنا عبد اللّه، حدّثنا يعقوب قال: سنة إحدى و خمسين في هذه السنة، أو سنة ثنتين و خمسين مات كعب بن عجرة.
قرأت (2) على أبي محمّد السلمي، عن أبي محمّد التميمي، أنبأنا مكي بن محمّد بن الغمر، حدّثنا أبو سليمان بن زبر قال: قال المدائني:
فيها - يعني - سنة إحدى و خمسين مات كعب بن عجرة (3)،ثم قال: مات كعب بن عجرة سنة ثنتين و خمسين، و هو يومئذ ابن خمس و سبعين سنة (4)،هكذا يقول الواقدي و الهيثم (5) بن عدي و ابن نمير (6).
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، أنبأنا الحسن بن علي، أنبأنا محمّد بن العبّاس، أنبأنا أبو الحسن الساجي، حدّثنا أبو علي الفقيه، حدّثنا أبو عبد اللّه الكاتب، قال: و قال محمّد بن عمر: مات كعب بن عجرة بالمدينة سنة اثنتين و خمسين و هو يومئذ ابن خمس و سبعين سنة، و قد انقرض عقبه.
أخبرنا أبو غالب، و أبو عبد اللّه قالا: أنبأنا محمّد بن أحمد بن الآبنوسي، أنبأنا أبو بكر بن بيري - إجازة - أنبأنا الزعفراني، حدّثنا ابن أبي خيثمة، أنبأنا المدائني قال:
مات كعب بن عجرة سنة اثنتين و خمسين، و هو ابن خمس و سبعين.
أنبأنا أبو علي الحداد و غيره، قالوا: أنبأنا أبو بكر بن ريذة، أنبأنا سليمان بن أحمد (7)،حدّثنا أبو الزّنباع روح (8) المصري، حدّثنا يحيى بن بكير قال: توفي كعب بن عجرة سنة ثنتين و خمسين و هو ابن خمس و سبعين سنة (9).
ص: 148
أخبرنا أبو الأعزّ قراتكين بن الأسعد، أنبأنا أبو محمّد الجوهري، أنبأنا أبو الحسن علي ابن محمّد بن أحمد بن نصير، أنبأنا محمّد بن الحسين بن شهريار، حدّثنا أبو حفص الفلاّس قال: و مات كعب بن عجرة سنة اثنتين و خمسين.
أنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني، حدّثنا أبو محمّد الكتّاني، أنبأنا أبو بكر محمّد بن عبيد اللّه (1) بن أبي عمرو (2)،أنبأنا أبو عبد اللّه بن مروان، أنبأنا أبو عبد الملك البسري، حدّثنا سليمان بن عبد الرّحمن، حدّثنا علي بن عبد اللّه التميمي قال:
كعب بن عجرة يكنى أبا عبد اللّه، مات سنة اثنتين و خمسين و له خمس و سبعون سنة.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو القاسم بن البسري، أنبأنا أبو طاهر المخلّص - إجازة - أنبأنا عبيد اللّه (3) بن عبد الرّحمن، أخبرني عبد الرّحمن بن محمّد بن المغيرة، أخبرني أبي، حدّثني أبو عبيد قال:
سنة اثنتين و خمسين فيها توفي كعب بن عجرة الأنصاري.
5816 - كعب بن عمير الغفاري (4)
وجّهه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إلى ذات أطلاح (5) من أرض البلقاء.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، أنبأنا الحسن بن علي، أنبأنا أبو عمر بن حيّوية، أنبأنا عبد الوهّاب بن أبي حيّة، أنبأنا محمّد بن شجاع، حدّثنا محمّد بن عمر الواقدي (6)، حدّثني محمّد بن عبد اللّه، عن الزهري قال:
بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كعب بن عمير الغفاري خمسة عشر رجلا حتى انتهوا إلى ذات أطلاح (7) من أرض الشام، فوجدوا جمعا من جمعهم كثيرا، فدعوهم إلى الإسلام، فلم يستجيبوا لهم و رشقوهم بالنّبل، فلما رأى ذلك أصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلم قاتلوهم أشد القتال حتى
ص: 149
قتلوا، فأفلت منهم رجل جريح (1) في القتلى، فلما برد عليه الليل تحامل حتى أتى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فأخبره الخبر، فشقّ ذلك على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و همّ بالبعثة إليهم، فبلغه أنهم قد ساروا إلى موضع آخر، فتركهم.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، حدّثنا أبو بكر الخطيب. ح و أخبرنا أبو عبد اللّه الفراوي، أنبأنا أبو بكر البيهقي.
قالا: أنبأنا محمّد بن الحسين بن الفضل، أنبأنا محمّد بن عبد اللّه بن عتّاب، أنبأنا القاسم بن عبد اللّه بن المغيرة، حدّثنا إسماعيل بن أبي أويس، حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم عن عمه موسى بن عقبة. ح و أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن الفضل، أنبأنا أبو بكر البيهقي (2)،أنبأنا أبو الحسين ابن الفضل، أنبأنا عبد اللّه بن جعفر، حدّثنا يعقوب بن سفيان، حدّثنا عثمان بن صالح، عن ابن لهيعة، حدّثنا أبو الأسود، عن عروة قال يعقوب و حدّثنا إبراهيم بن المنذر، حدّثنا محمّد ابن فليح عن موسى، عن ابن شهاب. ح قال: و أنبأنا أبو الحسين بن بشران، حدّثنا أبو عمرو بن السماك، حدّثنا حنبل بن إسحاق، حدّثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي، حدّثنا محمّد بن فليح، عن موسى بن عقبة، عن ابن شهاب قالوا: و اللفظ متقارب: و بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كعب بن عمير نحو ذات أباطح من البلقاء فأصيب كعب و من معه.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، أنبأنا أبو محمّد الشيرازي، أنبأنا أبو عمر الخزّاز، أنبأنا أبو الحسن السّاجي، أنبأنا الحسين بن محمّد، حدّثنا محمّد [بن] سعد قال (3):
سرية كعب بن عمير الغفاري إلى ذات أطلاح (4)-و هو من وراء وادي القرى - في شهر ربيع الأول سنة ثمان من مهاجر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم.
أنبأنا أبو بكر الحاسب عن أبي محمّد الجوهري، عن أبي عمر محمّد بن العباس، أنبأنا سليمان بن إسحاق بن إبراهيم، أنبأنا الحارث بن محمّد بن أبي أسامة، أنبأنا محمّد بن سعد، أنبأنا محمّد بن عمر قال: و فيها - يعني - سنة ثمان سرية كعب بن عمير الغفاري إلى ذات أطلاح بين تبوك و أذرعات في ربيع الأول، فقتل أصحاب كعب جميعا و تحامل حتى بلغ المدينة.
ص: 150
أخبرنا أبو بكر - قراءة - أنبأنا أبو محمّد، أنبأنا أبو عمر، أنبأنا أبو الحسن أحمد بن معروف، حدّثنا الحارث بن محمّد، حدّثنا محمّد بن سعد قال:
في الطبقة الثالثة من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كعب بن عمير (1).
5817 - كعب بن ماتع (2) بن هيسوع (3)
و يقال هلسوع - بن ذي هجري بن ميتم بن سعد بن عوف بن عدي بن مالك بن زيد، و يقال: كعب بن ماتع بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن عوف بن حمير بن قطن بن عوف بن زهير بن أيمن بن حمير بن سبأ، و يقال: كعب بن ماتع من ولد زهير سواودي هجران بن ميتم بن مثرة بن يريم بن ذي رعين الأكبر بن سهل ابن زيد بن الجموهر بن عمرو بن قيس بن معاوية بن حسن أبو إسحاق الحميري (4)من آل ذي رعين، و يقال: من ذي الكلاع ثم من بني ميتم المعروف بكعب الأحبار.
من مسلمة أهل الكتاب.
أدرك النبي صلى اللّه عليه و سلم و أسلم في خلافة أبي بكر الصّدّيق، و يقال في خلافة عمر.
و روى عن عمر.
روى عنه: ابن عبّاس، و ابن عمر، و ابن الزبير، و أبو هريرة، و سعيد بن المسيّب، و أسلم مولى عمر، و أبو سلام ممطور الأسود، و مغيث بن سمي، و يزيد بن خمير اليزني (5)، و أبو سعيد الحبراني، و عبد اللّه بن غيلان.
و قدم دمشق و سكن حمص.
أخبرنا أبو علي الحداد في كتابه، و حدّثني أبو مسعود الأصبهاني عنه، أنبأنا أبو نعيم الحافظ ، حدّثنا سليمان بن أحمد الطّبراني، حدّثنا أحمد بن عبد الوهّاب بن نجدة، حدّثنا أبو
ص: 151
المغيرة، حدّثنا صفوان بن عمرو، قال: و حدّثنا سليمان، حدّثنا يحيى بن عثمان بن صالح، حدّثنا نعيم بن حمّاد، حدّثنا بقية بن الوليد، حدّثنا صفوان بن عمرو، عن أبي المخارق زهير بن سالم، عن كعب الأحبار [عن عمر بن الخطاب] (1) قال: أسرّ إليّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال:
«إنّ أخوف ما أخاف عليكم أئمة مضلّين»[10633].
قال كعب: فقلت: و اللّه ما أخاف على هذه الأمة غيرهم.
أخبرنا أبو غالب الماوردي، أنبأنا أبو الفضل بن خيرون. ح و أخبرنا أبو البركات بن المبارك، أنبأنا ثابت بن بندار. قالا: أنبأنا أبو القاسم الأزهري، أنبأنا عبيد اللّه بن أحمد بن يعقوب، أنبأنا العباس بن العباس، أنبأنا صالح بن أحمد، حدّثني أبي، حدّثنا أبو المغيرة، عن صفوان قال: كعب الأحبار أبو إسحاق.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، أنبأنا أبو الحسن بن أبي الحديد، أنبأنا جدي أبو بكر، أنبأنا أبو محمّد بن زبر، حدّثنا إسماعيل بن إسحاق، حدّثنا نصر بن علي قال: أخبرنا (2)الأصمعي قال: كعب الأحبار هو كعب بن ماتع (3)،حميري.
أخبرنا أبو يعلى حمزة بن الحسن، أنبأنا سهل بن بشر، و أحمد بن محمّد بن سعيد، قالا: أنبأنا أبو الفضل محمّد بن أحمد بن عيسى، أنبأنا منير بن أحمد، أنبأنا جعفر بن أحمد ابن إبراهيم، أنبأنا أحمد بن الهيثم، قال: قال أبو نعيم: كعب الأحبار أبو إسحاق، و هو ابن ماتع (4) الحميري.
أخبرنا أبو الحسين محمّد بن محمّد بن الفراء، أنبأنا أبي أبو يعلى. ح و أخبرنا أبو السعود بن المجلي (5)،حدّثنا أبو الحسين بن المهتدي. قالا: أنبأنا أبو القاسم عبيد اللّه بن أحمد بن علي، أنبأنا محمّد بن مخلد قال: قرأت على علي بن عمرو حدثكم الهيثم بن عدي قال: كعب الأحبار يكنى أبا إسحاق.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، و أبو العزّ بن منصور، قالا: أنبأنا أبو طاهر - زاد الأنماطي و أبو الفضل بن خيرون قالا:- أنبأنا أبو الحسين الأصبهاني، أنبأنا أبو الحسين
ص: 152
الأهوازي، أنبأنا أبو حفص، حدّثنا خليفة قال (1):كعب الحبر (2) بن ماتع بن هيتوع (3) من ولد أيمن بن الهميسع بن حمير، يكنى أبا إسحاق، مات سنة ثنتين - أو ثلاث - و ستين.
[قال ابن عساكر:] (4) الصواب سنة ثلاث و ثلاثين.
أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر، أنبأنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك، أنبأنا أبو الحسن ابن السّقّا، و أبو محمّد بن بالوية، قالا: حدّثنا محمّد بن يعقوب، حدّثنا عباس بن محمّد قال: سمعت يحيى يقول: كعب الأحبار هو كعب بن ماتع الحميري، مات كعب الأحبار في خلافة عثمان - رحمه اللّه - سنة أربع و عشرين (5)،قبل مقتل عثمان بعام.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنبأنا أبو الفضل بن خيرون ح، و أبو المعالي ثابت بن بندار (6)،قالا: أنبأنا أبو العلاء الواسطي، أنبأنا أبو بكر البابسيري، أنبأنا الأحوص بن المفضّل الغلاّبي، حدّثنا أبي عن يحيى بن معين قال: كعب الأحبار بن ماتع بن ذي هجر (7)الحميري.
قرأنا على أبي عبد اللّه يحيى بن الحسن (8)،عن أبي تمام علي بن محمّد، عن أبي عمر محمّد بن العباس، أنبأنا أبو الطيب الكوكبي، حدّثنا ابن أبي خيثمة قال: سمعت أبي يقول: كعب أبو إسحاق هو كعب بن ماتع (9) الأحبار.
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمّد، أنبأنا أبو منصور النهاوندي، أنبأنا أبو العباس النهاوندي، أنبأنا أبو القاسم بن الأشقر، حدّثنا محمّد بن إسماعيل قال: و قال يحيى بن معين: كعب بن ماتع الحميري مات قبل عثمان بعام، يقال له الحبر، و يقال له: الأحبار، سكن الشام.
[قرأنا (10) على أبي غالب بن البنا، عن أبي محمد الجوهري، أنا أبو عمر الخزاز، أنا
ص: 153
أحمد بن معروف، أنا أبو علي بن الفهم: نا محمد الكاتب، قال (1):في الطبقة الأولى من أهل الشام بعد أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كعب الأحبار بن ماتع (2) و يكنى أبا إسحاق، و هو من حمير من آل ذي رعين، و كان على دين يهود فأسلم، و قدم المدينة، ثم خرج إلى الشام فسكن حمص، حتى توفي بها سنة ثنتين و ثلاثين في خلافة عثمان بن عفان.
قالوا: و ذكر أبو الدرداء كعبا فقال: إن عند ابن الحميرية لعلما كثيرا].
أنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي، و حدّثنا أبو الفضل محمّد بن ناصر، أنبأنا أحمد بن الحسن، و المبارك بن عبد الجبّار، و محمّد بن علي - و اللفظ له - قالوا: أنبأنا أبو أحمد - زاد أحمد: و محمّد بن الحسن قالا:- أنبأنا أحمد بن عبدان، أنبأنا محمّد بن سهل، أنبأنا محمّد ابن إسماعيل (3) قال:
كعب بن ماتع (4) الحبر، و يقال: الأحبار، قال الحسن:- و هو ابن واقع (5)-عن ضمرة، عن ابن عياش قال: مات كعب لسنة بقيت من خلافة عثمان، كنيته أبو إسحاق.
أخبرنا أبو الحسين هبة اللّه بن الحسن - إذنا - و أبو عبد اللّه الأديب - شفاها - قالا: أنبأنا عبد الرّحمن بن محمّد، أنبأنا حمد (6)-إجازة-. ح قال: و أخبرنا ابن سلمة، أنبأنا علي.
قالا: ابن أبي حاتم قال (7):
كعب الأحبار و هو كعب بن ماتع من آل ذي رعين مديني أبو إسحاق، مات لست بقين من خلافة عثمان بن عفّان (8)،روى عن عمر، روى عنه ابن عبّاس، و ابن عمر، و سعيد بن المسيّب، سمعت أبي يقول ذلك.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن العباس، أنبأنا أحمد بن منصور، أنبأنا أبو سعيد محمّد بن عبد اللّه، أنبأنا أبو حاتم التميمي قال: سمعت مسلما يقول: أبو إسحاق كعب بن ماتع الحميري الحبر، و يقال: الأحبار، روى عنه ابن عبّاس، و ابن عمر، و أبو هريرة، و ابن الزبير.
ص: 154
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنبأنا أبو الفضل بن خيرون، أنبأنا أبو القاسم بن بشران، أنبأنا أبو علي بن الصّوّاف، حدّثنا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة قال: كعب أبو إسحاق.
قرأت على أبي الفضل بن ناصر، عن جعفر بن يحيى، أنبأنا أبو نصر الوائلي، أنبأنا الخصيب بن عبد اللّه، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرّحمن، أخبرني أبي قال:
أبو إسحاق كعب بن ماتع الأحبار.
أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن، أنبأنا أبو الحسين محمّد بن أحمد، أنبأنا عبد اللّه ابن عتّاب، أنبأنا أحمد بن عمير - إجازة-. ح و أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد، أنبأنا أبو عبد اللّه بن أبي الحديد، أنبأنا أبو الحسن الربعي، أنبأنا عبد الوهّاب الكلابي، أنبأنا أحمد بن عمير - قراءة.
قال: سمعت أبا الحسن بن سميع يقول: كعب بن ماتع مات في خلافة عثمان، قال:
قال أبو سعيد: مات بحمص في خلافة عثمان بن عفّان.
أخبرنا (1) أبو طالب الزينبي، أنبأنا أبو القاسم التّنوخي، أنبأنا أبو الحسين بن المظفر، أنبأنا بكر بن أحمد، أنبأنا أحمد بن عيسى البغدادي قال: كعب بن ماتع (2) أبو إسحاق.
أخبرنا أبو الفتح نصر اللّه بن محمّد، أنبأنا نصر بن إبراهيم، أنبأنا سليم بن أيوب، أنبأنا طاهر بن محمّد بن سليمان، حدّثنا علي بن إبراهيم بن أحمد، حدّثنا يزيد بن محمّد بن إياس قال: سمعت أبا عبد اللّه المقدمي يقول: كعب الأحبار هو بن ماتع، يكنى أبا إسحاق.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو طاهر الخطيب، أنبأنا هبة اللّه بن إبراهيم ابن عمر، أنبأنا أبو بكر المهندس، حدّثنا أبو بشر الدولابي (3) قال: أبو إسحاق كعب بن ماتع.
[قال أبو بشر] (4) حدّثني عبد اللّه بن أحمد بن حنبل عن أبيه قال: كنية كعب الأحبار أبو إسحاق.
ص: 155
أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع، أنبأنا أبو صادق محمّد بن أحمد، أنبأنا أحمد بن محمّد بن زنجويه، أنبأنا أبو أحمد العسكري قال:
و كعب الحبر هو ابن ماتع (1)،و يقال: بكسر الحاء، و فتحها أكثر.
أنبأنا أبو جعفر محمّد بن أبي علي، أنبأنا أبو بكر الصفّار، أنبأنا أحمد بن علي بن منجويه، أنبأنا أبو أحمد الحاكم قال (2):أبو إسحاق: كعب بن ماتع ابن هينوع (3) من ولد أيمن بن الهميسع الحبر - و يقال: الأحبار - الحميري الحمصي، سمع عمر بن الخطّاب، روى عنه ابن عبّاس، و أبو هريرة، و هو يماني، سكن حمص، و دمشق.
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنبأنا شجاع بن علي، أنبأنا أبو عبد اللّه بن مندة قال: كعب بن ماتع الحبر أبو إسحاق، أدرك زمان النبي صلى اللّه عليه و سلم و لم يره، و أسلم في زمان عمر.
أنبأنا أبو علي المقرئ قال: قال لنا أبو نعيم: كعب بن ماتع الحبر أبو إسحاق، أدرك عهد النبي صلى اللّه عليه و سلم و لم يره، كان إسلامه في خلافة عمر.
قرأت على أبي محمّد بن حمزة عن علي بن هبة اللّه قال (4):و أما الحبر بحاء مفتوحة و بعدها باء معجمة بواحدة: كعب الأحبار، و يقال له الحبر.
قال (5):و أما ميتم بفتح الميم و سكون الياء و بعدها تاء مفتوحة معجمة باثنتين من فوقها في نسب حمير: ميتم بن سعد بطن في ذي الكلاع: رهط كعب الأحبار بن ماتع بن هيسوع (6)ابن ذي هجران بن سمي.
أخبرنا أبو الفتح الماهاني، أنبأنا شجاع، أنبأنا ابن مندة، أنبأنا محمّد بن أحمد أبو الفضل المروزي، حدّثنا محمّد بن عصام بن سهيل، حدّثنا حميد بن يزيد، حدّثنا بقية بن الوليد، حدّثنا الأوزاعي، حدّثنا يونس بن ميسرة بن حلبس عن أبي إدريس الخولاني قال:
كان أبو مسلم الخليلي (7) معلم كعب الحبر و كان يلزمه إبطاءه (8) عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم
ص: 156
قال: و بعثني إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال كعب: و خرجت حتى أتيت ذات قرنات (1) فقال لي: أين تأخذ يا كعب، فقلت: هذا النبي فقال: و اللّه لئن كان نبيا إنّه الآن لتحت التراب، فخرجت، فإذا أنا براكب فقلت: الخبر؟ فقال: مات محمّد صلى اللّه عليه و سلم، و ارتدّت العرب، ثم ذكر الحديث بطوله، لم يزد.
[قال ابن عساكر:] (2) كذا قيده محمّد بن عبد الواحد الدقّاق، و الصواب جميل بالجيم.
قرأت على أبي محمّد بن حمزة، عن عبد العزيز بن أحمد، أنبأنا تمام بن محمّد، أخبرني أبي، حدّثنا أبو العباس محمّد بن جعفر بن ملاس، حدّثنا الحسن بن محمّد بن بكّار ابن بلال قال: قال أبو مسهر: كان سعيد بن عبد العزيز يقول:
أسلم كعب على يدي أبي بكر، قال أبو مسهر: و الذي حدّثني غير واحد: أنّ كعبا من اليمن من ذي الكلاع ثم من بني ميتم و كان مسكنه في أرض اليمن، فقدم على أبي بكر الصّدّيق بعد وفاة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، ثم أتى الشام فمات به (3).
أخبرنا (4) أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة، حدّثنا أبو بكر الخطيب، أنبأنا أبو الحسن (5) بن رزقويه، أنبأنا أحمد بن سندي (6) الحداد، حدّثنا الحسن بن علي القطان (7)، حدّثنا إسماعيل بن عيسى (8) قال: قال إسحاق بن بشر: و أنبأنا ابن سمعان، أنبأنا شيخ من الفقهاء: أنّ كعبا قال لعمر بن الخطّاب و أسلم في ولايته و ذلك أنه مرّ برجل من أصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلم و هو يقرأ هذه الآية: يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتٰابَ آمِنُوا بِمٰا نَزَّلْنٰا (9) مُصَدِّقاً لِمٰا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهٰا عَلىٰ أَدْبٰارِهٰا، أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمٰا لَعَنّٰا أَصْحٰابَ السَّبْتِ ، وَ كٰانَ أَمْرُ اللّٰهِ مَفْعُولاً (10)قال: فأسلم كعب، ثم قدم على عمر بن الخطّاب، ثم استأذنه بعد ذلك في غزو إلى الروم، فأذن له، و ذكر الحديث (11)(12).
ص: 157
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر، أنبأنا أبو الحسين أحمد بن محمّد بن النقور، أنبأنا أبو طاهر محمّد بن عبد الرّحمن بن العباس، أنبأنا أبو بكر أحمد بن عبد اللّه بن سعيد، حدّثنا السّري بن يحيى، حدّثنا شعيب بن إبراهيم، حدّثنا سيف بن عمر التميمي (1)، عن أبي حارثة، و أبي عثمان، و الربيع - يعني - بن النعمان البصري قالوا: و وقع الطاعون بعد بالشام و مصر، و العراق، و استعزّ (2)بالشام، و مات فيه الناس الذين هم (3)الناس في المحرم، و صفر، و ارتفع عن الناس و كتبوا بذلك إلى عمر، ما خلا الشام، فخرج حتى إذا كان منها قريبا بلغه أنه أشدّ ما كان فقال - و قال الصحابة:- قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«إذا كان بأرض (4)فلا تدخلوها، و إذا وقع بأرض و أنتم بها فلا عليكم» (5)[10634] فرجع حتى ارتفع عنها، و كتبوا إليه بذلك و بما في أيديهم من المواريث، جمع الناس في سنة سبع عشرة في جمادى الأولى فاستشارهم في البلدان فقال: إنّي قد بدا لي أن أطوف على المسلمين في بلدانهم و لأنظر في آثارهم، فأشيروا عليّ - و كعب الأحبار في القوم، و في تلك السنة أسلم في إمارة عمر-.
قال: و حدّثنا سيف عن سعد، عن عكرمة، عن ابن عبّاس قال:
و كان بدو إسلامه أنه نزل نازل في إمارة عمر، فتهجد من الليل، فقرأ يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتٰابَ آمِنُوا بِمٰا نَزَّلْنٰا مُصَدِّقاً لِمٰا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهٰا عَلىٰ أَدْبٰارِهٰا الآية، فسأله من الغد بعد ما أصبح عمّا قرأ من القرآن فأخبره فأسلم، و قال: ما ظننت أنّي أصبح حتى أمسخ قردا، و هاجر إلى عمر فلما استشار الناس سبقهم إلى المشورة، و قال:
بأيّها تريد أن تبدأ؟ فقال: بالعراق، فقال: لا تردها، فإنّ بها شياطين الإنس و كلّ داء عضال.
قرأت على أبي غالب أحمد بن الحسن بن البنّا، عن أبي محمّد الحسن بن علي الجوهري، أنبأنا أبو عمر محمّد بن العبّاس بن حيوية الخزّاز، أنبأنا أبو الحسن أحمد بن معروف بن بشر الخشّاب، حدّثنا أبو علي الحسين بن محمّد بن عبد الرّحمن بن الفهم الفقيه، حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن سعد كاتب الواقدي (6)،أنبأ يزيد بن هارون، و عفّان بن مسلم
ص: 158
قالا: حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيّب قال: قال العباس رضي اللّه عنه لكعب: ما منعك أن تسلم على عهد النبي صلى اللّه عليه و سلم و أبي بكر حتى أسلمت الآن على عهد عمر رضي اللّه عنه ؟ فقال كعب: إنّ أبي كتب لي كتابا من التوراة و دفعه إليّ و قال: اعمل بهذا، و ختم سائر كتبه، و أخذ علي بحق الوالد على ولده ألاّ أفضّ الخاتم، فلمّا كان الآن و رأيت الإسلام يظهر و لم أر بأسا قالت لي نفسي: لعلّ أباك غيّب عنك علما كتمك، فلو قرأته، ففضضت الخاتم فقرأته فوجدت فيه صفة محمّد صلى اللّه عليه و سلم و أمّته فجئت الآن مسلما فوالى العباس (1).
ص: 159
ص: 160
أخبرنا (1) أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر، أنبأنا أبو علي محمّد بن محمّد بن أحمد، أنبأنا علي بن أحمد بن عمر، أنبأنا أبو علي محمّد بن أحمد بن الحسن، حدّثنا الحسن (2) بن علي القطّان، حدّثنا إسماعيل بن عيسى، أنبأنا أبو حذيفة إسحاق بن بشر، حدّثنا إسحاق بن يحيى، عن المسيّب بن رافع أو غيره عن كعب الأحبار قال إسحاق بن بشر: و حدّثنا ابن أبي ذئب فيه عن المقبري عن أبي هريرة و غيرهما. أن كعب الأحبار ذكر بدء ما رزقه اللّه الإسلام حين أسلم مقدم عمر، و ذكر صفة النبي صلى اللّه عليه و سلم، فقال: كان أبي من أعلم الناس بما أنزل اللّه على موسى، و كان لا يدّخر عني شيئا مما يعلم، فلمّا حضره الموت دعاني فقال لي: يا بني، قد علمت أني لم أدّخر عنك شيئا مما كنت أعلم إلاّ أني كنت قد حبست (3)عنك ورقتين فيهما ذكر نبي يبعث قد أظل (4) زمانه، و كرهت أن أخبرك بذلك فلا آمن أن يخرج بعض هؤلاء الكذّابين فتطيعه، و قد جعلتهما في هذه الكوة التي ترى، و طيّنت عليهما فلا تعرض لهما، و لا تنظرنّ فيهما حينك هذا، فإن كان اللّه يريد بك خيرا و يخرج ذلك النبي بعينه فأخرجهما، قال: ثم مات، فلم يكن شيء أحبّ إليّ من أن ينقضي المأتم حتى انظر في الورقتين، فلما انقضى المأتم فتحت الكوّة ثم استخرجت الورقتين فإذا فيهما محمّد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم خاتم النبيين، لا نبيّ بعده، مولده بمكة، و مهاجره طيبة، لا فظّ و لا غليظ ، و لا صخّاب في الأسواق، يجزي بالسيئة الحسنة، و يعفو و يصفح، أمّته الحمّادون الذين يحمدون اللّه على كل حال، ألسنتهم بالتهليل و التكبير رطبة، و ينصر نبيهم على كلّ من ناوأه، يغسلون فروجهم، و يأتزرون على أوساطهم، أناجيلهم في صدورهم، و تراحمهم بينهم تراحم الأم،
ص: 161
و هم أول من يدخل الجنة يوم القيامة من الأمم، فلمّا قرأت ذلك قلت في نفسي: و هل علّمني أبي شيئا هو أحبّ إليّ من هذا، فمكثت بذلك ما شاء اللّه ثم بلغني أن النبي صلى اللّه عليه و سلم خرج بمكة فهو يظهر مرة و يستخفي أخرى، فقلت: هو ذا، فلم يزل بذلك حتى قيل: إنه قد أتى المدينة، فقلت في نفسي: إنّي لأرجو أن يكون إياه، فبلغتني وقائعه مرة له و مرة عليه، ثم بلغني أنه قد توفي صلوات اللّه عليه، فقلت في نفسي: لعله ليس الذي كنت أظن حتى بلغني أنّ خليفة قد قام مقامه، ثم لم يلبث إلاّ قليلا حتى جاءتنا جنوده، فقلت في نفسي: أ لا أدخل في هذا الدين، ثم قلت: حتى أعلم أنه هو الذي أرجو و انظر سيرتهم و أعمالهم، فلم أزل أدفع (1)ذلك و أؤخره حتى استنبت حين قام علينا عمر بن الخطّاب، فلمّا رأيت وفاءهم بالعهد، و ما صنع اللّه لهم على الأعداء أوقع اللّه تعالى ذلك في نفسي، و عدت لصفتهم فعلمت أنهم الذين كنت أنتظر، فحدّثت نفسي بالدخول في دينهم، فو اللّه إنّي لذات ليلة فوق سطح إذا رجل من المسلمين يتلو قول اللّه تعالى: يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتٰابَ آمِنُوا بِمٰا نَزَّلْنٰا مُصَدِّقاً لِمٰا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهٰا عَلىٰ أَدْبٰارِهٰا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمٰا لَعَنّٰا أَصْحٰابَ السَّبْتِ وَ كٰانَ أَمْرُ اللّٰهِ مَفْعُولاً (2)،فلما سمعت هذه الآية خشيت أن لا أصبح حتى يحول وجهي في قفاي، فما كان شيء أحبّ إليّ من الصباح، فغدوت فسألت عن أمير المؤمنين حتى دخلت عليه، فأخبرته هذا الخبر، و أسلمت و قرّبني، و أحببت المسلمين و أحبّوني، فسألتهم عن الخير و الشر، فزادني اللّه يقينا، قال: ثم قلت لعمر: يا أمير المؤمنين، إنه مكتوب في التوراة أنّ هذه البلاد التي (3)كان بنو إسرائيل أهلها مفتوحة على رجل من الصالحين، رحيم بالمؤمنين، شديد على الكافرين، سرّه مثل علانيته، و قوله لا يخالف فعله، و القريب و البعيد سواء في الحق عنده، أتباعه رهبان بالليل و أسد بالنهار، متراحمون متواصلون، متبارون، فقال له عمر: ثكلتك أمك يا كعب الأحبار، أحق ما تقول ؟ قال: فقلت: أي و الذي يسمع ما أقول، قال: فالحمد للّه الذي أعزّنا و شرّفنا بمحمّد صلى اللّه عليه و سلم و رحمته التي وسعت كلّ شيء.
و قد قيل: إنه أسلم في زمن النبي صلى اللّه عليه و سلم على يدي علي، و تأخرت هجرته إلى زمن عمر.
أخبرنا بذلك أبو بكر الأنصاري، أنبأنا أبو محمّد الحسن بن علي، أنبأنا أبو عمر محمّد ابن العباس، أنبأنا عبد الوهّاب بن أبي حيّة، أنبأنا محمّد بن شجاع، أنبأنا محمّد بن عمر
ص: 162
الواقدي (1)،قال: فحدّثني سعيد بن عبد العزيز التنوخي عن يونس بن ميسرة بن حلبس (2)قال:
لما قدم علي اليمن خطب بها، و بلغ كعب الأحبار قيامه بخطبته، فأقبل على راحلته في حلّة، و معه حبر من أحبار يهود، حتى استمعا له، فوافقاه (3)و هو يقول: إنّ من الناس من يبصر بالليل و لا يبصر بالنهار، فقال كعب: صدق، فقال عليّ : و منهم من لا يبصر بالليل و لا يبصر بالنهار، فقال كعب: صدق، و من يعط باليد القصيرة يعط باليد الطويلة، فقال كعب:
صدق، فقال الحبر: و كيف تصدقه ؟ قال: أما قوله: من الناس من يبصر بالليل و لا يبصر بالنهار فهو المؤمن بالكتاب الأول، و لا يؤمن بالكتاب الآخر، و أمّا قوله: منهم من لا يبصر بالليل و لا يبصر بالنهار، فهو الذي لا يؤمن بالكتاب الأول و لا الآخر، و أمّا قوله: من يعط باليد القصيرة يعط باليد الطويلة فهو ما يقبل اللّه من الصدقات، قال: و هو مثل رأيته بيّن، قالوا: و جاء كعبا سائل فأعطاه حلّته و مضى الحبر مغضبا، و مثلت بين يدي كعب امرأة تقول:
من يبادل (4)راحلة براحلة ؟ فقال كعب: و زيادة حلّة، قالت: نعم، فأخذ كعب و أعطى، و ركب الراحلة و لبس الحلّة، و أسرع المسير حتى لحق الحبر و هو يقول: من يعط باليد القصيرة يعط باليد الطويلة! أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفرضي، أنبأنا أبو القاسم بن أبي العلاء، أنبأنا أبو محمّد بن أبي نصر، أنبأنا أبو القاسم بن أبي العقب، أنبأنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم، حدّثنا محمّد بن عائذ، حدّثنا الوليد قال: فحدّثنا سعيد بن عبد العزيز، عن يونس بن ميسرة ابن حلبس (5)أو غيره. إن عليّ بن أبي طالب مضى حتى قام بذلك خطيبا بناحية اليمن، و بلغ كعب الأحبار قيامه بخطبته، فأقبل على راحلته في حلّة و معه حبر من أحبار يهود حتى استمعا له، فوافياه و هو يقول: إنّ من الناس من يبصر بالليل و لا يبصر بالنهار، فقال كعب: صدق، قال علي: و من الناس من يبصر بالليل و النهار، فقال كعب: صدق، و من (6)الناس من لا يبصر بالليل و لا بالنهار، فقال كعب: صدق، قال علي: و من يعط باليد القصيرة يعط (7)بيد
ص: 163
طويلة، فقال كعب: صدق (1)،فقال الحبر: أ تصدّقه ؟ قال: نعم، قال الحبر: و كيف تصدّقه ؟ فقال كعب: أمّا من الناس من يبصر بالليل و لا يبصر بالنهار فهو المؤمن بالكتاب الأول و لا يؤمن بالكتاب الآخر، و أمّا قوله: و من الناس (2)من يبصر بالليل و النهار فهو المؤمن بالكتاب الأول و الكتاب الآخر، و أما قوله: و من الناس من لا يبصر بالليل و لا بالنهار فهو الذي لا يؤمن بالكتاب الأول و لا بالكتاب الآخر، و أمّا قوله: من يعط باليد القصيرة يعط باليد الطويلة فهو ما يتقبّل اللّه من الصدقة، قال: و مثل بين يدي كعب سائل فألقى إليه كعب إحدى حلّتيه و مضى الحبر مغضبا قال: و مثلت امرأة بين يدي كعب تقول: من يبادل راحلة براحلة ؟ فقال كعب: و زيادة حلّة ؟ قالت: نعم، و أخذ كعب و أعطى، و ركب الراحلة و لبس الحلّة و أسرع السير حتى لحق الحبر و هو يقول: من يعط باليد القصيرة يعط باليد الطويلة.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، أنبأنا أبو محمّد الحسن بن علي، أنبأنا أبو عمر محمّد بن العباس، أنبأنا أبو القاسم بن أبي حيّة، أنبأنا محمّد بن شجاع البلخي، أنبأنا محمّد ابن عمر (3)،حدّثني إسحاق بن عبد اللّه بن نسطاس، عن عمر (4)بن عبد اللّه المدني العبسي قال: قال كعب الأحبار: لما قدم علي اليمن لقيته فقلت: أخبرني عن صفة محمّد صلى اللّه عليه و سلم، فجعل يخبرني عنه، و جعلت أتبسّم، فقال: ممّ تتبسم ؟ فقال: مما يوافق ما عندنا في صفته، فقلت: ما يحلّ و ما يحرّم ؟ فأخبرني، فقلت: هو عند ما كما وصفت و صدّقت برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و آمنت به و دعوت من قبلنا من أحبارنا، و أخرجت إليهم سفرا فقلت: هذا كان أبي يختمه عليّ و يقول: لا تفتحه حتى تسمع بنبيّ يخرج بيثرب قال: فأقمت باليمن على إسلامي حتى توفي رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و توفي أبو بكر، فقدمت في خلافة عمر بن الخطّاب يا ليت أنّي كنت تقدمت في الهجرة.
أخبرنا أبو البركات بن المبارك، أنبأنا أبو طاهر أحمد بن الحسن، و أبو الفضل بن خيرون، قالا: أنبأنا أبو القاسم بن بشران، أنبأنا أبو علي محمّد بن أحمد بن الحسن، حدّثنا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة، حدّثنا وهب بن بقية، أنبأنا خالد، عن زياد أبي عمر، عن أبي الخليل، عن كعب قال: يلومني أحبار بني إسرائيل أنّي دخلت في أمّة فرقهم اللّه أولا ثم جمعهم، فأدخلهم الجنّة جميعا، ثم تلا هذه الآية:
ص: 164
ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتٰابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنٰا مِنْ عِبٰادِنٰا فَمِنْهُمْ ظٰالِمٌ لِنَفْسِهِ حتى بلغ: جَنّٰاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهٰا (1).
أخبرنا (2)أبو عبد اللّه الفراوي، أنبأنا أبو بكر البيهقي، أنبأنا أبو عبد اللّه الحافظ ، و أبو بكر بن الحسن، و أبو سعيد بن أبي عمرو، قالوا: أنبأنا أبو العباس محمّد بن يعقوب، حدّثنا محمّد بن إسحاق، حدّثنا حجّاج قال: قال ابن جريج: سمعت عطاء يقول:
فَمِنْهُمْ ظٰالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سٰابِقٌ بِالْخَيْرٰاتِ زعم أنّ هؤلاء الأصناف الثلاثة نحن أمة محمّد صلى اللّه عليه و سلم، و زعم أن قوله: جَنّٰاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهٰا في هؤلاء الأصناف الثلاثة، و أنّ كعبا قال: هم أمّة محمّد هؤلاء الأصناف الثلاثة، فأنا أقيم على اليهودية، و أدع هذا الدين (3)؟!.
أخبرنا أبو محمّد هبة اللّه بن سهل بن عمر، و أبو المظفر عبد المنعم بن عبد الكريم، قالا: أنبأنا (4) أبو عثمان البحيري (5)،أنبأنا أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه بن غيث الرازي المحتسب، حدّثنا محمّد بن الحسين، حدّثنا محمّد بن عبد الوهّاب، أنبأنا مكي بن إبراهيم، عن إسماعيل بن مسلم، عن أبي المتوكل النّاجي قال:
أتى حبر من أحبار اليهود إلى كعب فقال: تركت دين موسى و تبعت دين محمّد؟ قال:
أنا على دين موسى و تبعت دين محمّد صلى اللّه عليه و سلم، قال: و لم ذاك ؟ قال: إنّي وجدت أمّة محمّد صلى اللّه عليه و سلم يقسمون يوم القيامة ثلاثة أثلاث: ثلثا يدخلون الجنة بغير حساب، و ثلثا يحاسبون حسابا يسيرا، و يدخلون الجنة، و ثلثا يقول اللّه لملائكته: قلبوا عبادي ما كانوا يعملون، فيقلبونهم فيقولون: يا ربّنا نرى ذنوبا كثيرة، و خطايا عظيمة، ثم يقول ذلك ثلاث مرات، ثم يقول:
قلّبوا ألسنتهم، فانظروا ما كانوا يقولون، فيقلّبون ألسنتهم فيقولون: يا ربنا نراهم كانوا يخلصون لك لا يشركون بك شيئا، فيقول: اشهدوا ملائكتي، أنّي قد غفرت لهم فيما أخلصوا و لم يشركوا بي شيئا، فقال له الحبر: فإن كنت صادقا ما كسوة (6) رب العالمين ؟ و ذكر الحكاية إلى أن قال: فقال له الحبر: صدقت، و أسلم.
قرأنا على أبي عبد اللّه بن البنّا، عن أبي تمّام، عن أبي (7) عمر، أنبأنا الكوكبي، حدّثنا
ص: 165
ابن أبي خيثمة، حدّثنا إبراهيم بن عبد اللّه، أنبأنا هشيم، عن أبي حمزة، عن ابن سيرين: كره أن يقول كعب الأحبار، و لكن كعب المسلم.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، أنبأنا رشأ بن نظيف، أنبأنا الحسن بن إسماعيل، أنبأنا أحمد بن مروان، حدّثنا أحمد بن الحسين الأنماطي، حدّثنا محمّد بن الحسين الترجماني، عن عبد اللّه بن عبد العزيز بن أبي معشر، عن النّضر بن بشير (1) قال: قال كعب الحبر (2):لو لا كلمات أقولهن إذا أصبحت و إذا أمسيت لجعلتني اليهود كلبا نبّاحا، أو حمارا نهّاقا من سحرهم، فأدعو بهنّ أسلم من سحرهم: أعوذ بكلمات اللّه التّامات التي لا يجاوزهن برّ و لا فاجر، و أعوذ بوجه اللّه العظيم الجليل الذي لا يخفره جاره، الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلاّ بإذنه من شر السامّة و العامة، و من شرّ ما ذرأ في الأرض، و من شرّ ما يخرج منها، و من شرّ ما ينزل من السماء، و ما يعرج فيها، و من شرّ ما ذرأ و برأ، و من شرّ كلّ دابة هو آخذ بناصيتها، إنّ ربي على صراط مستقيم.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفرضي، أنبأنا أبو الحسن بن أبي الحديد، أنبأنا جدي أبو بكر، أنبأنا محمّد بن يوسف بن بشر، أنبأنا محمّد بن حمّاد الطّهراني، أنبأنا عبد الرزّاق، أنبأنا جعفر بن سليمان في قوله تبارك و تعالى: يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجٰادِلُ عَنْ نَفْسِهٰا (3)قال: سمعت علي بن زيد بن جدعان يحدّث عن مطرف بن عبد اللّه بن الشّخّير، حدّثنا كعب. أن عمر قال له: يا كعب خوّفنا، قال: قلت: يا أمير المؤمنين، أ ليس فيكم كتاب اللّه - تبارك و تعالى - و رسوله صلى اللّه عليه و سلم و الحكمة (4)؟قال: بلى، و لكن خوّفنا، قال: قلت: يا أمير المؤمنين اعمل عمل رجل (5)،لو وافيت يوم القيامة بعمل سبعين نبيا لازدريت بعملك مما ترى، قال: فأطرق عمر مليا، ثم أفاق، و قال: زدنا يا كعب، فقلت: يا أمير المؤمنين، لو فتح قدر منخر ثور من جهنم بالمشرق، و رجل بالمغرب لغلى دماغه حتى يسيل من شدة حرّها، قال: فأطرق عمر، ثم أفاق فقال: زدنا يا كعب، فقلت: يا أمير المؤمنين، إنّ جهنم لتزفر زفرة ما يبقى ملك مقرّب، و لا نبيّ مصطفى إلاّ خرّ جاثيا لركبتيه حتى أنّ إبراهيم خليل
ص: 166
اللّه - تبارك و تعالى - ليخرّ جاثيا لركبتيه و يقول: يا ربّ لا أسألك إلاّ نفسي، قال: فأطرق عمر ثم أفاق فقلت: يا أمير المؤمنين أ ليس هذا في كتاب اللّه تبارك و تعالى ؟ قال: أين ؟ قلت:
يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجٰادِلُ عَنْ نَفْسِهٰا الآية.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، و أبو منصور بن العطار، قالا: أنبأنا أبو طاهر المخلّص، أنبأنا عبيد اللّه بن عبد الرّحمن، أنبأنا زكريا بن يحيى، حدّثنا الأصمعي، عن سفيان بن عيينة، عن من أخبره قال:
كان كعب عند عمر بن الخطّاب فتباعد في مجلسه، فأنكر ذلك عليه، فقال كعب: يا أمير المؤمنين، إنّ في حكمة لقمان و وصيته لابنه: يا بني، إذا جلست إلى ذي سلطان فليس بينك و بينه مقعد رجل فلعله يأتيه من هو آثر عنده منك، فتنحى عنه فيكون ذلك نقصا عليك.
أخبرنا أبوا (1) الحسن الفقيهان، قالا: أنبأنا أبو الحسن بن أبي الحديد، أنبأنا جدي أبو بكر، أنبأنا أبو بكر الخرائطي قال: سمعت أبا موسى عمران بن موسى يقول: يروى عن كعب الأحبار أنه دخل على عمر بن الخطّاب و هو جالس على فراشه و تحت الفراش حصير، و عن يمينه و شماله وسادتان، فقال له عمر: اجلس يا أبا إسحاق، و أشار إلى الوسادة فنحّاها كعب و جلس دونها، ثم قال: إنّ فيما أوصى به سليمان بن داود: أن لا يغشى السلطان حتى يملك، و لا تقعد عنه حتى ينساك، و اجعل بينك و بينه مجلس رجل أو اثنين، فعسى أن يأتي من هو أخص بذلك المجلس منك، فتزال عنه، فيكون زيادة له و نقصان عليك.
أخبرنا (2) أبو الحسن الفقيه، حدّثنا عبد العزيز بن أحمد، أنبأنا تمّام بن محمّد، أنبأنا أبو زرعة، و أبو بكر ابنا أبي دجانة، حدّثنا محمّد بن أمية بن عبد الملك، حدّثنا محمّد بن المصفّى، حدّثنا بقية، عن عتبة بن أبي حكيم (3)،عن طلحة بن نافع، عن كعب قال:
أتيت عائشة فقلت: هل سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ينعت (4) الإنسان فابصري، هل يوافق - يعني - نعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ؟ فقالت: انعت، فقال: عيناه هاد، و أذناه قمع، و لسانه ترجمان، و يداه جناحاه، و رجلاه بريد، و كبده رحمة، أو قال رأفة، و رئته نفس، و طحاله ضحك، و كليته مكر، و القلب ملك، فإذا طاب الملك طابت جنوده، و إذا فسد فسدت جنوده،
ص: 167
فقالت: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ينعت (1) الإنسان كذلك (2).
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، أنبأنا رشأ بن نظيف، أنبأنا الحسن بن إسماعيل، أنبأنا أحمد بن مروان، حدّثنا علي بن عبد العزيز، حدّثنا عارم محمّد بن الفضل، حدّثنا أبو هلال، عن قتادة، عن عبد اللّه بن غيلان، حدّثني العبد الصالح كعب ان اللّه تعالى أسّس الأرض على قُلْ هُوَ اللّٰهُ أَحَدٌ (3).
قال: و أنبأنا ابن مروان، حدّثنا محمّد بن موسى بن حمّاد، حدّثنا محمّد بن الحارث، عن المدائني قال: لما قتل ابن الزبير وجد الحجاج صندوقا في خزانته عليه أقفال حديد، ففتحت و تعجّب الحجّاج من ذلك، و قال: أرى في هذا شيئا، فإذا صندوق آخر عليه أقفال ففتحه، فإذا سفط فيه درج ففتحه، فإذا فيه صحيفة فإذا فيها: إذا كان الحديث حلفا، و الميعاد خلفا، و المقيت إلفا، و كان الولد غيظا (4)،و الشتاء قيظا، و غاض الكرام غيضا (5)،و فاض اللئام فيضا (6) فاعبر عبرتي (7) جبل وعر خير من ملك بني النضر، حدّثني بذلك كعب الحبر.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنبأنا أبو طاهر أحمد بن الحسن، و أبو الفضل أحمد بن الحسن، قالا: أنبأنا أبو القاسم عبد الملك بن محمّد، أنبأنا أبو علي بن الصّوّاف، حدّثنا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة، حدّثنا أبي، حدّثنا محمّد بن بشر، حدّثنا عبد اللّه بن الوليد، عن ابن أبي ذئب قال: استلقى عبد اللّه بن الزبير يوما فرأى طائرا في جوّ السماء فقال: حدّثني كعب أنه لا يصعد طير يطير في السماء أكثر من اثني عشر ميلا قال: و ما أصبت في سلطاني شيئا إلاّ أخبرني به كعب قبل أن أليه.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، أنبأنا أبو محمّد الجوهري، أنبأنا أبو عمر بن حيّوية، أنبأنا أحمد بن معروف، حدّثنا الحسين بن محمّد بن عبد الرّحمن، حدّثنا محمّد بن سعد قال: أخبرت عن معاوية بن صالح الحضرمي (8) عن عبد الرّحمن بن جبير بن نفير قال
ص: 168
قال معاوية: ألا إن أبا الدّرداء أحد الحكماء، ألا إن عمرو بن العاص أحد الحكماء، ألا إن كعب الأحبار أحد العلماء، إن كان عنده لعلم كالثمار، و إن كنا فيه لمفرطين.
أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر، أنبأنا أبو حامد أحمد بن الحسن الأزهري، أنبأنا أبو سعيد محمّد بن عبد اللّه بن حمدون، أنبأنا أبو حامد بن الشرقي، حدّثنا محمّد بن يحيى الذهلي، حدّثنا أبو اليمان (1)،أنبأنا شعيب، عن الزهري، أخبرني حميد بن عبد الرّحمن أنه سمع معاوية بن أبي سفيان يحدّث رهطا من قريش و هو بالمدينة فذكر كعب الأحبار فقال:
إن كان لمن أصدق هؤلاء المحدثين الذين يتحدثون عن الكتاب.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، أنبأنا أبو محمّد الكتّاني (2)،أنبأنا أبو محمّد بن أبي نصر، أنبأنا أبو الميمون، حدّثنا أبو زرعة (3)،حدّثني الحكم بن نافع، حدّثنا شعيب بن أبي حمزة (4)،عن الزهري، أخبرني حميد. ح و أخبرنا أبو الحسن علي بن محمّد، أنبأنا أبو منصور النهاوندي، أنبأنا أبو العباس النهاوندي، أنبأنا أبو القاسم بن الأشقر، حدّثنا محمّد بن إسماعيل (5)،حدّثنا أبو اليمان (6)،أنبأنا شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، حدّثني حميد بن عبد الرّحمن بن عوف.
أنه سمع معاوية بن أبي سفيان يحدّث رهطا من قريش و هو بالمدينة فذكر كعب الأحبار فقال:
إن كان لمن - و قال البخاري: من - أصدق هؤلاء المحدّثين، الذين يحدّثون عن الكتاب، فإن كان مع ذلك لنبلو عليه الكذب.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي قال: قرئ على أبي إسحاق البرمكي، أنبأنا أبو محمّد عبد اللّه بن إبراهيم بن أيوب بن ياسر، حدّثنا أبو مسلم، حدّثنا الأنصاري، حدّثنا عبد الأعلى بن أبي مساور، حدّثنا بن إبراهيم، عن روح بن زنباع قال: شهدت كعبا جاء إلى معاوية فقام على باب الفسطاط ، فناداه: يا معاوية، يا معاوية، يا معاوية، فخرج إليه، فأخذ
ص: 169
بيده فانطلقا جميعا، فقلت لأمر ما جاء كعب يدعو معاوية ؟ فاتبعت آثارهما فلما كنت قريبا منهما حيث أسمع كلامهما و لا أحب أن يرياني سمعت كعبا يقول: يا معاوية و الذي نفسي بيده إنّ في كتاب اللّه المنزل: محمّد أحمد صلى اللّه عليه و سلم، أبو بكر الصّدّيق رحمه اللّه، عمر الفاروق، عثمان الأمين، فاللّه اللّه يا معاوية في أمر هذه الأمة، ثم ناداه الثانية: إن في كتاب اللّه المنزل، ثم أعاد الثالثة.
قرأنا على أبي عبد اللّه يحيى بن الحسن، عن أبي تمّام العبدي القاضي، عن محمّد بن العباس الخزّاز (1)،أنبأنا محمّد بن القاسم، حدّثنا ابن أبي خيثمة، حدّثنا أبي، حدّثنا جرير، عن مطرف، عن القاسم بن كثير، عن رجل من أصحابه قال: كان كعب يقصّ (2) فقال عبد الرّحمن بن عوف: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«لا يقصّ (3) إلاّ أمير أو مأمور، أو محتال»، و أتى كعب فقيل له: ثكلتك أمك، هذا عبد الرّحمن يقول كذا و كذا فترك القصص، ثم ان معاوية أمره بالقصص، فاستحل ذلك بعد[10635]. كذا قال.
و قد أخبرنا (4) أبو (5) عبد اللّه محمّد بن إبراهيم بن جعفر، أنبأنا أبو القاسم بن أبي العلاء، أنبأنا أبو محمّد بن أبي نصر، أنبأنا أبو علي محمّد بن هارون بن شعيب، حدّثني أبو عبد اللّه محمّد بن يحيى بن مندة الأصبهاني، حدّثني إبراهيم بن عامر بن إبراهيم، حدّثنا أبي، حدّثنا يعقوب القمي عن عنبسة بن سعيد، عن عاصم بن كثير قال:
وقف عوف بن مالك على كعب و هو يقصّ بالشام، فقال: يا كعب، سمعت النبي صلى اللّه عليه و سلم يقول:«لا يقصّ إلاّ أمير، أو مأمور، أو مختال» فقام فدخل على معاوية فاستأذنه، فأذن له، فاستحل ذلك بذلك (6).
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، و أبو محمّد الصّريفيني. ح و أخبرنا أبو البركات بن المبارك، أنبأنا أبو محمّد الصّريفيني.
قالا: أنبأنا أبو بكر محمّد بن الحسن بن عبدان الصيرفي، حدّثنا الحسين (7)-و هو ابن
ص: 170
إسماعيل - حدّثنا أبو السائب (1)،حدّثنا (2) وكيع، حدّثنا سفيان، عن أسامة بن زيد، عن ابن معن قال: قال عبد اللّه بن سلام لكعب:- أو كعب لعبد اللّه بن سلام:- ما يذهب العلم من صدور الرجال بعد إذ حفظوه ؟ قال: الطمع، و كثرة السؤال، و الطلب إلى الناس الحوائج.
أخبرنا أبو محمّد بن طاوس، أنبأنا عاصم بن الحسن بن محمّد، أنبأنا أبو السهل محمود بن عمر بن جعفر، أنبأنا علي بن الفرج بن علي بن أبي روح العكبري، حدّثنا ابن أبي الدنيا، حدّثني أبو عبد اللّه العجلي، حدّثنا أبو أسامة، عن أسامة بن زيد (3)،عن أبي معن قال: لقي عبد اللّه بن سلام كعب الأحبار عند عمر فقال: يا كعب، من أرباب العلم ؟ قال:
الذين يعملون به، قال: فما يذهب بالعلم من قلوب العلماء بعد إذ حفظوه و عقلوه ؟ قال:
يذهبه الطمع، و شره النفس، و تطلّب الحاجات إلى الناس، قال: صدقت.
أخبرنا أبو سهل محمّد بن إبراهيم، أنبأنا أبو الفضل الرازي، أنبأنا جعفر بن عبد اللّه، حدّثنا محمّد بن هارون الروياني، أنبأنا أحمد بن عبد الرّحمن، أخبرني عمي عن ابن لهيعة عن أبي الأسود أن رأس الجالوت قال لهم يوما: إن كل ما يذكرون من حديث كعب بما يكون، أنه قال لكم: إنه مكتوب في التوراة، فقد كذبكم، إنما التوراة ككتابكم من الحلال و الحرام، ألا إن كلامكم في كتابكم جامع: يُسَبِّحُ لِلّٰهِ مٰا فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ مٰا فِي الْأَرْضِ (4)و في التوراة: يسبح للّه الطير و الشجر، و كذا و كذا. و لكن ما حدثكم كعب بما يكون، فإنّما هو من أنبياء بني إسرائيل و أصحابهم كما تحدثون أنتم عن نبيكم و أصحابه (5).
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، حدّثنا أبو محمّد الكتاني، أنبأنا تمّام بن محمّد، و أبو محمّد بن أبي نصر، و أبو نصر بن الجندي، و أبو بكر القطان، و أبو القاسم بن أبي العقب، حدّثنا أبو زرعة، حدّثنا محمّد بن زرعة الرّعيني. ح و أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، حدّثنا عبد العزيز الكتّاني، أنبأنا تمام بن محمّد، و عبد الرّحمن بن عثمان، و عقيل
ص: 171
بن عبيد اللّه. ح و أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، أنبأنا أبو الحسن بن أبي الحديد، أنبأنا أبو محمّد بن أبي نصر، قالوا: أنبأنا أبو بكر أحمد بن القاسم، أنبأنا أبو زرعة، حدّثنا محمّد بن زرعة، حدّثنا مروان، عن سعيد بن عبد العزيز، عن إسماعيل بن عبيد اللّه، عن السائب بن يزيد قال: سمعت عمر بن الخطّاب يقول لأبي هريرة: لتتركن الحديث عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أو لألحقنك بأرض دوس، و انقطع من كتاب أبي بكر كلمة معناها دوس، و قال لكعب: لتتركن الحديث أو لألحقنك بأرض القردة (1).
قال: و أنبأنا أبو زرعة، قال: و سمعت أبا مسهر يذكره عن سعيد بن عبد العزيز - زاد ابن أبي العقب: قال محمّد، و لم يسنده.
قرأنا (2) على أبي عبد اللّه يحيى بن الحسن، عن أبي تمام علي بن محمّد، عن أبي عمر بن حيّوية، أنبأنا محمّد بن القاسم بن جعفر، حدّثنا ابن أبي خيثمة، حدّثنا أبي، حدّثنا جرير، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة قال:
جاء رجل إلى عبد اللّه - يعني - ابن مسعود فقال: إنّ كعبا يقرأ عليك السلام و يبشّركم أن هذه الآية نزلت في أهل الكتاب: وَ إِذْ أَخَذَ اللّٰهُ مِيثٰاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتٰابَ (3) لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنّٰاسِ (4) قال ابن مسعود: و عليه السلام، إذا أنت أتيته، فأخبره أنها نزلت و هو يهودي.
قال: و حدّثنا ابن أبي خيثمة، حدّثنا موسى بن إسماعيل، حدّثنا أبو هلال، حدّثنا قتادة أن كعبا قال: إن السماء تدور على قطب كقطب الرحى فبلغ ذلك حذيفة، فقال: كذب كعب، إِنَّ اللّٰهَ يُمْسِكُ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ تَزُولاٰ (5)(6).
قال: و حدّثنا ابن أبي خيثمة، حدّثنا أبي، حدّثنا جرير، عن الأعمش، عن شمر، عن شهر بن حوشب قال: قال كعب: و اللّه لوددت أنّي كنت كبش أهلي فذبحوني ثم طبخوني ثم أكلوني.
أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد، أنبأنا سهل بن بشر، أنبأنا طرفة بن أحمد، أنبأنا عبد الوهّاب بن الحسن، أنبأنا أبو الجهم بن طلاّب، حدّثنا أحمد بن أبي الحواري، حدّثنا يزيد بن
ص: 172
عبد الملك الجوزي (1)،حدّثنا بحير (2) بن سعيد (3)،عن خالد بن معدان (4)،عن كعب قال:
لأن أبكي من خشية اللّه أحبّ إليّ من أن أتصدّق بوزني ذهبا (5)،و ما من عينين بكتا من خشية اللّه في دار الدنيا إلاّ كان حقّا على اللّه عزّ و جلّ [أن] (6) يضحكهما في الآخرة.
أخبرنا أبو غالب بن البنّا، أنبأنا أبو محمّد الجوهري، أنبأنا أبو عمر بن حيّوية.
ح و أخبرنا أبو غالب، و أبو عبد اللّه ابنا أبي علي، أنبأنا أبو الحسين بن الآبنوسي، أنبأنا أبو الطّيّب عثمان بن عمرو بن محمّد بن المنتاب قالا: حدّثنا يحيى بن محمّد بن صاعد، حدّثنا الحسين بن الحسن، حدّثنا الهيثم بن جميل، عن عبد الغفور، عن همّام قال:
دخلنا على كعب و هو مريض فقلنا له: كيف تجدك يا أبا إسحاق، قال: أجدني جسدا مرتهنا بعملي، فإنّ بعثني اللّه من مرقدي بعثني و لا ذنب لي، و إن قبضني قبضني و لا ذنب لي (7).
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأنا أبو بكر البيهقي، أنبأنا أبو سعيد بن أبي عمرو.
ح و أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن محمّد بن الفضل، أنبأنا إسماعيل بن عثمان النيسابوري. ح و أخبرنا أبو سعد محمّد بن أحمد بن محمّد بن الخليل الطوسي - بنوقان - أنبأنا خالي أبو الفضل محمّد بن أحمد بن أبي الحسن العارف. قالا: أنبأنا أبو سعيد محمّد بن موسى بن الفضل بن شاذان الصيرفي، أنبأنا أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه الصفّار الأصفهاني، أنبأنا أبو بكر عبد اللّه بن محمّد بن عبيد، حدّثنا أبو جعفر الآدمي (8)،حدّثنا أبو اليمان (9)،عن أبي بكر بن أبي مريم، عن عطية بن قيس قال:
مرض كعب فعاده نفر من أهل دمشق، فقالوا: كيف تجدك يا أبا إسحاق قال: بخير جسد آخذ بذنبه، إن شاء ربّه عذّبه و إن شاء رحمه، و إن بعثه بعثه خلقا جديدا لا ذنب له.
أنبأنا أبو طالب الحسين بن محمّد، أنبأنا أبو القاسم علي بن المحسّن، أنبأنا محمّد بن
ص: 173
المظفر، أنبأنا بكر بن أحمد بن حفص، حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى (1)،حدّثني يزيد بن محمّد، حدّثنا محمّد بن عائذ، أخبرني الوليد بن مسلم (2)،عن صخر بن جندلة (3) أنه حدّثه عن يونس بن ميسرة بن حلبس، عن أبي فوزة (4) حدير السلمي قال: خرج بعث الصائفة فاكتتب فيه كعب أحسبه، فخرج البعث - قال: خرج البعث و هو مريض - فقال: لأن أموت بحرستا أحبّ إليّ من أن أموت بدمشق، و لأن أموت بدومة أحبّ إليّ من أن أموت بحرستا، هكذا قدما في سبيل اللّه جلّ و عزّ، قال: فمضى، قال: فلما كان بفجّ معلولا (5)،قلت:
أخبرني قال: شغلتني نفسي حى إذا كان بحمص توفي بها فدفناه هنالك بين زيتونات أرض حمص، و مضى البعث فلم يقفل (6) حتى قتل عثمان.
أخبرنا أبو محمّد هبة اللّه بن أحمد المزكي، حدّثنا أبو محمّد التميمي، أنبأنا أبو محمّد العدل، أنبأنا أبو الميمون البجلي، حدّثنا أبو زرعة قال (7):سمعت أبا مسهر يقول: حدّثنا سعيد بن عبد العزيز قال: مات أبو الدّرداء و كعب الأحبار في خلافة عثمان لسنتين بقيتا من خلافته.
أخبرنا أبو محمّد بن حمزة، أنبأنا أبو بكر الخطيب. ح و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو بكر محمّد بن هبة اللّه. قالا: أنبأنا محمّد بن الحسين، أنبأنا عبد اللّه بن جعفر، حدّثنا يعقوب قال: مات كعب ابن ماتع (8) الحميري الحبر قبيل قتل عثمان.
أخبرنا (9) أبو البركات بن المبارك (10) الأنماطي، أنبأنا ثابت بن بندار، أنبأنا أبو العلاء، أنبأنا أبو بكر، أنبأنا أبو أمية، حدّثنا أبي، حدّثنا الواقدي قال:
سنة اثنتين و ثلاثين فيها مات كعب الأحبار بالشام (11).
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد (12)،أنبأنا أبو علي بن المسلمة، و أبو القاسم
ص: 174
عبد الواحد بن علي، قالا: أنبأنا أبو الحسن بن الحمّامي، أنبأنا الحسن بن محمّد بن الحسن، حدّثنا محمّد بن عبد اللّه الحضرمي، حدّثنا ابن نمير قال:
مات كعب الأحبار سنة اثنتين و ثلاثين بالشام.
قرأت على أبي محمّد السّلمي، عن عبد العزيز التميمي، أنبأنا مكي بن محمّد المؤدب، أنبأنا أبو سليمان الرّبعي قال: قال أبو موسى: مات أبو الدّرداء و كعب الأحبار سنة اثنتين و ثلاثين، قال: و كذلك قال المدائني، و أبو موسى و عمرو، و الهيثم بن عدي.
أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن، أنبأنا محمّد بن علي بن أحمد بن إبراهيم، أنبأنا أحمد بن إسحاق بن خربان (1)،حدّثنا أحمد بن عمران بن موسى، حدّثنا موسى التستري، حدّثنا خليفة العصفري قال: سنة اثنتين و ثلاثين فيها مات كعب الحبر (2).
أخبرنا أبو طالب الحسين بن محمّد (3)،أنبأنا علي بن المحسّن، أنبأنا محمّد بن المظفر، أنبأنا بكر بن أحمد بن [حفص، ثنا أحمد بن] (4) محمّد بن عيسى، حدّثني إبراهيم ابن يعقوب، حدّثني عبد اللّه بن يوسف، حدّثني يحيى بن حمزة، عن إسماعيل بن عيّاش، عن صفوان بن عمرو، حدّثني شريح بن عبيد. أن كعبا مات سنة أربع و ثلاثين بذات الجوز من درب الحدث (5).
قرأت على أبي محمّد بن حمزة، عن عبد العزيز بن أحمد، أنبأنا تمّام بن محمّد، أخبرني أبي، حدّثنا أبو العباس محمّد بن جعفر بن ملاّس، حدّثني الحسن بن محمّد بن بكّار، عن أبيه، عن يحيى بن حمزة، عن صفوان بن عمرو، عن شريح بن عبيد الحضرمي.
أن كعب الأحبار مات بذات الجوز من درب الحدث في سنة أربع و ثلاثين و كان اسم أبيه ماتع (6).
[قال ابن عساكر] (7) و لا أظن قوله بالدرب محفوظا، و اللّه أعلم.
ص: 175
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا أبو القاسم علي بن أحمد، أنبأنا أبو طاهر المخلّص - إجازة - حدّثنا عبيد اللّه بن عبد الرّحمن، أخبرني أبي، حدّثني أبو عبيد قال:
سنة أربع و ثلاثين فيها توفي كعب الأحبار، و هو كعب بن ماتع (1) من آل ذي رعين.
5818 - كعب بن مالك بن أبي كعب - و اسمه عمرو - بن القين (2) بن كعب بن سواد
بن غنم بن كعب بن سلمة بن سعد بن علي بن أسد بن ساردة بن يزيد بن
جشم بن الخزرج أبو عبد اللّه، و يقال: أبو عبد الرّحمن، و يقال: أبو
صاحب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و شاعره.
روى عن النبي صلى اللّه عليه و سلم أحاديث صالحة، و شهد العقبة و أحدا.
روى عنه: بنوه: عبد اللّه، و عبيد اللّه، و عبد الرّحمن و محمّد بنو كعب، و عبد اللّه بن عباس، و جابر بن عبد اللّه، و أبو أمامة الباهلي، و أبو جعفر محمّد بن علي، و عمر (5) بن الحكم بن ثوبان، و عمر (6) بن كثير بن أفلح.
و قدم على معاوية بعد قتل عثمان بن عفّان.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، و أبو القاسم بن البسري، و أبو نصر الزينبي. ح و أخبرنا أبو عبد اللّه الحسين بن الحسن بن عبد اللّه المعدل، و أبو الفضل محمّد، و أبو القاسم محمود ابنا أحمد بن الحسن التبريزيان، قالوا: أنبأنا أبو نصر الزينبي. ح و أخبرنا أبو البركات الأنماطي [أنبأنا [أبو] (7) القاسم عبد العزيز بن علي بن أحمد ابن الحسن (8) الأنماطي،] (9) قالوا: أنبأنا أبو طاهر المخلّص، حدّثنا يحيى بن محمّد
ص: 176
ابن صاعد، حدّثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام، حدّثنا أمية بن خالد، حدّثنا إسحاق بن يحيى ابن طلحة بن عبيد اللّه، حدّثني ابن كعب بن مالك عن أبيه قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«من طلب العلم ليجاري به العلماء، أو يماري (1) به السفهاء، أو يصرف به وجوه الناس إليه أدخله اللّه النار»[10636]. رواه الترمذي (2) عن أبي الأشعث.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو الحسين أحمد بن محمّد، أنبأنا عيسى بن علي بن عيسى، حدّثنا عبد اللّه بن محمّد بن عبد العزيز، حدّثنا أبو عبيد اللّه المخزومي سعيد ابن عبد الرّحمن، حدّثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن ابن شهاب عن عبد اللّه بن كعب بن مالك عن أبيه عن النبي صلى اللّه عليه و سلم أنه قال:«أرواح الشهداء في طير خضر تعلق (3) من ثمر أو شجر الجنّة»[10637]. رواه الترمذي (4) عن ابن أبي عمر عن سفيان و قال: حسن صحيح، و رواه النسائي (5) و القزويني (6) من وجهين آخرين.
قرأت في كتاب أبي الفرج علي بن الحسين (7) بن محمّد القرشي (8)،أخبرني أحمد بن عبيد اللّه بن عمّار، حدّثنا أبو جعفر محمّد بن منصور الربعي، و ذكر له إسنادا شاميا، هكذا قال ابن عمّار في الخبر، و ذكر حديثا فيه طول لحسان بن ثابت، و النعمان بن بشير، و كعب ابن مالك، فذكرت ما كان لكعب فيه، قال: لما بويع علي بن أبي طالب بلغه عن حسّان بن ثابت، و كعب بن مالك، و النعمان بن بشير و كانوا عثمانية [أنهم] (9) يقدمون بني أمية على بني هاشم، و يقولون: الشام خير من المدينة، و اتصل - بهم أن ذلك قد بلغه، فدخلوا عليه، فقال له كعب بن مالك: يا أمير المؤمنين، أخبرنا عن عثمان أقتل ظالما، فنقول بقولك ؟ أو قتل مظلوما فنقول بقولنا، و نكلك إلى الشبهة، و العجب من ثبتنا (10) و شكك، و قد زعمت العرب
ص: 177
أن عندك علم ما اختلفنا فيه، فهاته لنعرف (1)،ثم قال (2):
كفّ يديه ثم أغلق بابه *** و أيقن أنّ اللّه ليس بغافل
و قال لمن في داره: لا تقاتلوا (3) *** عفا اللّه عن كلّ امرئ لم يقاتل
فكيف رأيت اللّه صبّ عليهم *** العداوة و البغضاء التّواصل
و كيف رأيت الخير أدبر عنهم *** و ولّى كإدبار النعام الجوافل (4)
فقال لهم علي: لكم عندي ثلاثة أشياء: استأثر عثمان و أساء الأثرة، و جزعتم و أسأتم الجزع، و عند اللّه ما تختلفون فيه إلى يوم القيامة، فقالوا: لا ترضى (5) بهذا العرب، و لا تعذرنا به، فقال علي: أ ترد عليّ بين ظهراني المسلمين بلا نيّة (6) صادقة و لا حجّة واضحة ؟ اخرجوا، فلا تجاوروني في بلد أنا فيه أبدا، فخرجوا من يومهم فساروا حتى أتوا معاوية، فقال لهم: لكم الكفاية أو الولاية، فأعطى حسان بن ثابت ألف دينار، و كعب بن مالك ألف دينار، و ولّى النعمان بن بشير حمص، ثم نقله إلى الكوفة بعد.
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنبأنا شجاع بن علي، أنبأنا أبو عبد اللّه بن مندة، أنبأنا محمّد بن يعقوب بن يوسف، و محمّد بن عبد اللّه بن يوسف العماني، قالا:
حدّثنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبل، حدّثنا أبي، حدّثنا هارون بن إسماعيل بن النعمان بن عبد اللّه بن كعب بن مالك بن أبي كعب بن القين بن كعب بن سواد بن غنم. أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا أحمد بن محمّد البزاز (7)،أنبأنا عيسى بن علي، أنبأنا عبد اللّه بن محمّد البغوي، حدّثني عبد اللّه بن أحمد، حدّثني أبي، حدّثنا هارون ابن إسماعيل من ولد كعب بن مالك قال: كانت كنية كعب في الجاهلية أبا بشير (8)،فكنّاه النبي صلى اللّه عليه و سلم بأبي عبد اللّه، و لم يكن لمالك ولد غير كعب.
أخبرنا أبو البركات بن المبارك، و أبو العزّ بن منصور، قالا: أنبأنا أبو طاهر الباقلاني -
ص: 178
زاد ابن المبارك: و أبو الفضل بن خيرون قالا:- أنبأنا أبو الحسين محمّد بن الحسن، أنبأنا محمّد بن أحمد بن (1) إسحاق، حدّثنا عمر بن أحمد، أنبأنا خليفة قال (2):كعب بن مالك بن أبي كعب بن القين بن كعب بن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة، أمّه ليلى بنت زيد بن ثعلبة من بني سلمة، يكنى أبا عبد اللّه، شهد العقبة، قال ابن الكلبي: و شهد بدرا، و مات بالمدينة قبل الأربعين، و قال الواقدي (3):مات سنة خمسين.
حدّثنا أبو بكر يحيى بن إبراهيم، أنبأنا نعمة اللّه بن محمّد، حدّثنا أحمد بن محمّد بن عبد اللّه، حدّثنا محمّد بن أحمد بن سليمان، أنبأنا سفيان بن محمّد، حدّثني الحسن بن سفيان، حدّثنا محمّد بن علي، عن محمّد بن إسحاق قال: سمعت أبا عمر الضرير يقول كعب بن مالك أبو عبد اللّه.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو الفضل بن البقّال (4)،أنبأنا أبو الحسن الحمّامي، أنبأنا إبراهيم بن أحمد بن الحسن، أنبأنا إبراهيم بن أبي أمية قال: سمعت نوح بن حبيب يقول: كنية كعب بن مالك أبو عبد الرّحمن.
قال: و حدّثنا نوح قال: كعب بن مالك بن أبي كعب بن القين.
أخبرنا أبو الحسين محمّد بن محمّد، أنبأنا أبي محمّد بن الحسين (5).ح و أخبرنا أبو السعود أحمد بن علي، حدّثنا محمّد بن علي بن عبيد اللّه (6) قالا: أنبأنا عبيد اللّه بن أحمد بن علي، أنبأنا محمّد بن مخلد قال: قرأت على علي بن عمرو حدثكم الهيثم بن عدي قال: قال ابن عيّاش (7):كعب بن مالك يكنى أبا عبد اللّه.
أخبرنا أبو غالب، و أبو عبد اللّه ابنا البنّا قال: أنبأنا أبو الحسين بن الآبنوسي، أنبأنا أحمد بن عبيد - إجازة - حدّثنا محمّد بن الحسين (8)،حدّثنا ابن أبي خيثمة قال: سمعت أبي يقول: كعب بن مالك أبو عبد الرّحمن.
ص: 179
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا أبو القاسم عيسى بن علي، أنبأنا عبد اللّه بن محمّد، حدّثني أحمد بن زهير قال: سمعت أبي يقول: كنية كعب بن مالك أبو عبد اللّه.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع، أنبأنا أبو عمرو بن مندة، أنبأنا أبو محمّد بن يوة، أنبأنا أبو الحسن اللنباني (1)،أنبأنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدّثنا محمّد بن سعد قال (2):كعب بن مالك بن أبي كعب بن القين أحد بني سلمة بن سعد من الخزرج، و يكنى أبا عبد اللّه، و كان من أهل العقبة، و كان قد ذهب بصره.
قرأت على أبي غالب بن البنّا، عن أبي إسحاق البرمكي، أنبأنا أبو عمر بن حيّوية، أنبأنا أحمد بن معروف، حدّثنا الحسين بن فهم، حدّثنا محمّد بن سعد قال (3):في الطبقة الثانية:
كعب بن مالك بن أبي كعب بن القين بن كعب بن مالك بن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة، و هو شاعر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و أمّه ليلى بنت زيد بن ثعلبة بن عبيد من بني سلمة، شهد كعب العقبة في قولهم جميعا، قال محمّد بن عمر: و قد سمعت أن كعب بن مالك كان يكنى أبا عبد اللّه، و كان قد شهد العقبة مع السبعين من الأنصار، و شهد كعب بن مالك أحدا، و الخندق، و المشاهد كلها مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ما خلا تبوك، فإنه أحد الثلاثة الذين تخلّفوا عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم.
أخبرنا (4) أبو البركات الأنماطي (5)،أنبأنا ثابت بن بندار، أنبأنا أبو العلاء، أنبأنا أبو بكر، أنبأنا أبو أمية، حدّثنا أبي قال: كعب بن مالك أبو عبد اللّه (6).
أخبرنا أبو محمّد بن الآبنوسي في كتابه، و أخبرني أبو الفضل بن ناصر عنه، أنبأنا أبو (7) محمّد الجوهري، أنبأنا أبو الحسين بن المظفر، أنبأنا أبو علي المدائني، أنبأنا أبو بكر ابن البرقي قال: و من بني سلمة بن سعد بن علي بن أسد بن ساردة (8) بن يزيد بن جشم بن
ص: 180
الخزرج: كعب بن مالك بن أبي كعب بن القين بن كعب بن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة، شهد العقبة و هو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم، حدّثنا بنسبه ابن هشام عن زياد عن ابن إسحاق، و أم كعب ليلى بنت زيد بن ثعلبة من بني سلمة، يكنى أبا عبد اللّه، مات بالمدينة قبل الأربعين.
أنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي، ثم حدّثنا أبو الفضل السلامي، أنبأنا أبو الفضل بن خيرون، و أبو الحسين الصيرفي، و أبو الغنائم - و اللفظ له - قالوا: أنبأنا أبو أحمد - زاد أبو الفضل: و أبو الحسين قالا:- أنبأنا أحمد بن عبدان، أنبأنا محمّد بن سهل، أنبأنا محمّد بن إسماعيل قال (1):كعب بن مالك بن أبي [كعب بن] (2) القين الأنصاري السلمي المديني قال عبد الرّحمن ابن حمّاد عن ابن عون عن محمّد: كان أشعر أصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلم: حسان بن ثابت، و كعب بن مالك، و عبد اللّه بن رواحة، و قال يحيى بن سليمان عن ابن إدريس عن ابن إسحاق: أنّ كعب بن مالك حين قتل عثمان قال أبياتا.
أخبرنا أبو الحسين القاضي، و أبو عبد اللّه الأديب - إذنا - قالا: أنبأنا عبد الرّحمن بن محمّد بن إسحاق، أنبأنا حمد (3)-إجازة-. ح قال: و أنبأنا أبو طاهر، أنبأنا علي. قالا: أنبأنا ابن أبي حاتم قال (4):كعب بن مالك بن أبي كعب بن القين السلمي المديني أحد بني سلمة بن سعد بن الخزرج، يكنى بعبد اللّه، و كان من أهل الصفّة، و كان ذهب بصره في خلافة معاوية، قال: و مات و هو ابن سبع و سبعين، و ذلك سنة خمسين، له صحبة، روى عنه ابنه عبد الرّحمن بن كعب، سمعت أبي يقول ذلك.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو بكر بن الطبري، أنبأنا أبو الحسين بن الفضل، أنبأنا عبد اللّه، حدّثنا يعقوب قال: كعب بن مالك بن أبي القين بن كعب بن سواد بن غنم بن ثعلبة.
أخبرنا أبو جعفر الهمذاني في كتابه، أنبأنا أبو بكر الصفّار، أنبأنا أحمد بن علي، أنبأنا أبو أحمد، أنبأنا الثقفي، حدّثنا أبو يونس - يعني - محمّد بن أحمد الجمحي، حدّثنا إبراهيم
ص: 181
ابن المنذر قال: كعب بن مالك يكنى أبا عبد اللّه.
أخبرنا أبو الفضل بن ناصر فيما قرأت عليه عن أبي الفضل بن الحكاك، أنبأنا أبو نصر الوائلي، أنبأنا الخصيب بن عبد اللّه، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرّحمن، أخبرني أبي قال: أبو عبد الرّحمن كعب بن مالك، و قيل: أبو عبد اللّه.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا أبو طاهر بن أبي الصقر (1)،أنبأنا هبة اللّه ابن إبراهيم بن عمر، أنبأنا أبو بكر المهندس، حدّثنا أبو بشر الدولابي قال (2):أبو عبد اللّه كعب بن مالك.
ثم قال في موضع آخر (3):أبو عبد الرّحمن كعب بن مالك، و يقال أبو عبد اللّه.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا عيسى بن علي، أنبأنا عبد اللّه بن محمّد البغوي قال: كعب بن مالك السلمي الأنصاري أبو عبد اللّه، و يقال أبو عبد الرّحمن، سكن المدينة، و روى عن النبي صلى اللّه عليه و سلم أحاديث.
أخبرنا أبو الفضل محمّد بن إسماعيل الفضيلي (4)،أنبأنا أبو القاسم أحمد بن محمّد الخليلي، أنبأنا أبو القاسم علي بن أحمد الخزاعي، أنبأنا أبو سعيد الهيثم بن كليب الشاشي (5)قال: كعب بن مالك بن أبي كعب بن القين بن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة من بني عمرو ابن عامر، و كان من أهل العقبة.
أنبأنا أبو جعفر محمّد بن أبي علي، أنبأنا أبو بكر الصفّار، أنبأنا أحمد بن علي بن منجويه، أنبأنا أبو أحمد الحاكم قال: أبو عبد اللّه، و يقال أبو عبد الرّحمن كعب بن مالك بن أبي كعب بن القين بن كعب بن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة السلمي الأنصاري المديني، و أمّه ليلى بنت زيد بن ثعلبة من بني سلمة، شهد العقبة، و قال ابن الكلبي: و شهد بدرا مع النبي صلى اللّه عليه و سلم. أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنبأ شجاع بن علي، أنبأنا أبو عبد اللّه بن مندة قال:
كعب بن مالك بن أبي كعب بن القين بن كعب بن سواد بن غنم بن علي السلمي و قيل:
ص: 182
ابن مالك بن أبي القين، يكنى أبا عبد اللّه، و قيل أبو عبد الرّحمن، و كان كنيته أبو بشير، فكنّاه النبي صلى اللّه عليه و سلم أبا عبد اللّه، شهد العقبة، روى عنه عبد اللّه بن عباس، و جابر بن عبد اللّه، و أبو أمامة، و من أولاده عبد اللّه، و عبد الرّحمن، و روى عنه أبو جعفر محمّد بن علي، و عمر ابن الحكم بن ثوبان، و عمر بن كثير بن أفلح.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنبأنا أبو الفضل المقدسي، أنبأنا مسعود بن ناصر، أنبأنا عبد الملك بن الحسن، أنبأنا أبو نصر البخاري قال (1):كعب بن مالك بن أبي كعب بن القين أبو عبد اللّه الأنصاري السّلمي المديني الضرير، سمع النبي صلى اللّه عليه و سلم، روى عنه بنوه عبد اللّه، و عبد الرّحمن، و عبيد اللّه، و ابن ابنه عبد الرّحمن ابن عبد اللّه بن كعب، قال الواقدي: مات سنة خمسين، و هو ابن سبع و سبعين (2) سنة.
أنبأنا أبو علي المقرئ (3)،قال: قال لنا (4) أبو نعيم الحافظ : كعب بن مالك بن أبي كعب بن القين بن كعب سواد بن غنم بن كعب بن سلمة السلمي الأنصاري الخزرجي الشاعر، شهد بيعة العقبة مع السبعين يكنى أبا عبد اللّه، و قيل أبو عبد الرّحمن، كانت كنيته أبو بشير في الجاهلية أحد المتخلفين (5) من الثلاثة الذين تخلّفوا (6) فتيب عليهم، شهد المشاهد كلها إلاّ بدرا و تبوكا، آخى النبي صلى اللّه عليه و سلم بينه و بين طلحة بن عبيد اللّه (7)،روى عنه ابن عباس، و جابر، و أبو أمامة، و من أولاده: عبد اللّه، و عبد الرّحمن، و روى عنه أبو جعفر محمّد بن علي، و عمر بن الحكم بن ثوبان، و عمر بن كثير بن أفلح.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو طاهر الأنباري، أنبأنا أبو القاسم (8) بن الصوّاف، حدّثنا أبو بكر المهندس (9)،حدّثنا أبو بشر الدولابي (10).ح و أخبرنا أبو غالب، و أبو عبد اللّه ابنا البنّا، قالا: أنبأنا أبو الحسين (11) بن الآبنوسي، أنبأنا أبو الحسن الدارقطني -
ص: 183
إجازة-. ح و قرأت على أبي غالب بن البنّا الحريري عن أبي الفتح بن المحاملي، أنبأنا أبو الحسن الدارقطني. حدّثنا محمّد بن أحمد بن الحسن.
قالا: حدّثنا عبد اللّه بن أحمد، حدّثني أبي، حدّثنا هارون بن إسماعيل بن النعمان بن عبد اللّه بن كعب بن مالك أبو (1) موسى قال: كانت كنية كعب بن مالك في الجاهلية أبا بشير (2)،فكنّاه النبي صلى اللّه عليه و سلم بأبي عبد اللّه.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا عيسى بن علي، أنبأنا عبد اللّه بن محمّد، حدّثني أحمد بن محمّد بن يحيى بن سعيد القطان، حدّثنا عبد اللّه بن نمير، حدّثنا محمّد بن إسحاق، عن الحارث بن فضيل، عن عبد الرّحمن بن كعب. أن ابنة البراء بن معرور قالت لكعب: يا أبا عبد الرّحمن، في حديث ذكره، سقط منه الزهري بين الحارث و عبد الرّحمن.
حدّثناه أبو بكر وجيه بن طاهر - لفظا - أنبأنا أبو حامد الأزهري، أنبأنا أبو سعيد بن حمدون، أنبأنا أبو حامد بن الشّرقي، حدّثنا محمّد بن يحيى الذهلي، حدّثنا يزيد بن هارون، أنبأنا محمّد بن إسحاق، عن الحارث بن فضيل، عن الزهري، عن عبد الرّحمن بن كعب بن مالك عن أبيه قال: لما حضر كعبا الوفاة أتته أم بشر بنت البراء بن معرور فقالت: يا أبا عبد الرّحمن إن لقيت ابني فلانا فاقرأ عليه مني السلام، فقال: غفر اللّه لك يا أم بشر، نحن أشغل من ذلك، فقالت: يا أبا عبد الرّحمن أ ما سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«إنّ أرواح المؤمنين في طير خضر تعلق بشجر الجنة ؟» قال: بلى، قالت: فهو ذاك[10638].
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا أبو بكر بن الطبري، أنبأنا أبو الحسين بن الفضل، أنبأنا عبد اللّه بن جعفر، حدّثنا يعقوب قال: في تسمية أصحاب العقبة في المرة الثانية، حدّثنا عمرو بن خالد، و حسّان بن عبد اللّه، و عثمان بن صالح عن ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة قال: و من بني سواد بن غنم بن ثعلبة: كعب بن مالك بن أبي القين بن كعب بن سواد.
أخبرنا أبو الفتح الماهاني، أنبأنا شجاع بن علي، أنبأنا أبو عبد اللّه بن مندة، أنبأنا أحمد بن محمّد بن إبراهيم، حدّثنا أحمد بن مهدي، حدّثنا عمرو بن خالد، حدّثنا ابن لهيعة،
ص: 184
عن أبي الأسود محمّد بن عبد الرّحمن، عن عروة بن الزبير. في تسمية من شهد العقبة من الأنصار ثم من بني سلمة: كعب بن مالك بن أبي القين ابن كعب بن سواد.
قال: و أنبأنا ابن مندة، أنبأنا علي بن أحمد بن إسحاق البغدادي - بمصر - حدّثنا جعفر ابن سليمان النوفلي، حدّثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي، حدّثنا محمّد بن فليح، عن موسى بن عقبة، عن الزهري. في تسمية من شهد العقبة من الأنصار، ثم من بني سلمة كعب بن مالك.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا عيسى بن علي، أنبأنا عبد اللّه بن محمّد، حدّثني هارون بن موسى الفروي (1)،حدّثنا ابن فليح، عن موسى ابن عقبة، عن الزهري قال: كعب بن مالك السلمي في السبعين الذين بايعوا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بالعقبة.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، أنبأنا محمّد (2)ابن الحسين بن الفضل، أنبأنا محمّد بن عبد اللّه بن عتّاب، أنبأنا القاسم بن عبد اللّه بن المغيرة، حدّثنا إسماعيل بن أبي أويس، حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن عمّه موسى بن عقبة، عن ابن شهاب قال في تسمية من شهد العقبة: كعب بن مالك.
أخبرنا أبو القاسم بن [أبي] (3) الأشعث، أنبأنا أحمد بن محمّد، أنبأنا أبو القاسم الوزير، أنبأنا أبو القاسم البغوي، حدّثني زهير بن محمّد، أخبرني صدقة بن ثابت، عن ابن إسحاق (4).ح قال: و حدّثني ابن الأموي، حدّثني أبي عن ابن إسحاق. فيمن شهد العقبة كعب بن مالك بن أبي كعب بن القين بن كعب بن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا أبو طاهر المخلّص، أنبأنا رضوان بن أحمد، حدّثنا أحمد بن عبد الجبّار، حدّثنا يونس، عن ابن إسحاق قال (5):و شهد العقبة من بني سواد بن غنم: كعب بن مالك بن أبي (6) كعب بن القين
ص: 185
بن سواد ابن غنم بن كعب بن سلمة بن سعد بن علي بن أسد بن ساودة (1).
[قال ابن عساكر:] (2) كذا قال، و الصواب: ساردة (3).
أخبرنا أبو القاسم أيضا، أنبأنا أبو الفضل بن البقّال، أنبأنا أبو الحسين بن بشران، أنبأنا عثمان بن أحمد، حدّثنا حنبل بن إسحاق، حدّثني أبو عبد اللّه قال: قال سفيان: كعب بن مالك ليس بدري، و لكنه عقبي (4).
أخبرنا أبو القاسم أيضا، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا عيسى بن علي، أنبأنا عبد اللّه بن محمّد، حدّثني زهير بن محمّد، أخبرني صدقة بن سابق، عن ابن إسحاق، حدّثني محمّد بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن أبيه أبي أمامة عن عبد الرّحمن بن كعب بن مالك. ح قال: و حدّثني ابن الأموي، حدّثني أبي قال: قال ابن إسحاق (5)،حدّثني محمّد بن أبي أمامة، عن أبيه أن عبد الرّحمن بن كعب قال: كنت قائد أبي كعب حين ذهب بصره، و كنت إذا خرجت به إلى الجمعة فسمع الأذان بها صلّى على أبي أمامة أسعد بن زرارة قال:
فمكث حينا على ذلك، لا يسمع الأذان إلى الجمعة إلاّ صلى عليه و استغفر له، قال: فقلت في نفسي: إنّ هذا بي لعجز أن لا (6) أسأله ما له إذا سمع الأذان بالجمعة صلّى على أبي أمامة أسعد بن زرارة ؟ قال: فخرجت به يوم جمعة كما كنت أخرج فلما سمع الأذان صلى عليه و استغفر له، فقلت له: يا أبة ما لك، إذا سمعت الآذان بالجمعة صلّيت على أبي أمامة أسعد بن زرارة ؟ قال: أي بني، كان أول من جمع بنا بالمدينة في هزم (7) من حرّة بني بياضة في بقيع يقال له: بقيع (8) الخضمات، قال: و كم كنتم أنتم يومئذ؟ قال: أربعون رجلا. و اللفظ لزهير.
قال: و أنبأنا عبد اللّه، حدّثني زهير بن محمّد، أخبرني صدقة بن سابق عن ابن إسحاق قال (9):آخى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بين طلحة بن عبيد اللّه و بين كعب بن مالك أخي بني سلمة.
ص: 186
كذا قال ابن إسحاق و قال غيره: آخى بينه و بين الزبير (1).
أخبرنا أبو غالب و أبو عبد اللّه ابنا البنا، قالا أنا أبو سعد محمد بن الحسن بن عبد اللّه بن علاّنة (2).ح و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، و أبو عبد اللّه الحسين بن ظفر المناطقي، قالا: أنبأنا أبو الحسين بن النقور. قالا: أنبأنا أبو طاهر المخلّص، أنبأنا أبو القاسم البغوي، حدّثنا عبد الأعلى بن حمّاد النرسي، حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه. أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم آخى بين الزبير بن العوّام، و كعب بن مالك فارتث (3) كعب يوم أحد فجاء بن الزبير يقود راحلته بزمامها و لو مات - و قال ابن النقور: و لو كان مات - كعب يومئذ على الضح و الريح لورثة الزبير، فأنزل اللّه عزّ و جلّ وَ أُولُوا الْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْلىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتٰابِ اللّٰهِ » (4)(5).
أخبرنا أبو غالب، و أبو عبد اللّه ابنا البنّا، قالا: أنبأنا أبو جعفر بن المسلمة، أنبأنا محمّد بن عبد الرّحمن بن العباس، أنبأنا أحمد بن سليمان، حدّثنا الزبير بن بكّار، حدّثني عمي مصعب بن عبد اللّه عن جدي عبد اللّه بن مصعب عن موسى بن عقبة، عن ابن شهاب قال: غبي (6) خبر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يوم أحد على الناس كلهم إلاّ على ستة نفر (7):الزبير بن العوّام، و طلحة بن عبيد اللّه، و سعد بن أبي وقّاص، و كعب بن مالك، و أبي دجانة، و سهل ابن حنيف.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، أنبأنا الحسن بن علي، أنبأنا أبو عمر محمّد بن العباس، أنبأنا أبو القاسم بن أبي حيّة، حدّثنا محمّد بن شجاع، حدّثنا محمّد بن عمر (8)، حدّثني موسى بن شيبة بن (9) عمرو بن عبد اللّه بن كعب بن مالك عن عميرة بنت (10) عبيد اللّه ابن كعب بن مالك عن أبيهما (11) قال: قال كعب: لما انكشف الناس - يعني - يوم أحد
ص: 187
كنت أول من عرف رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و بشّرت به المؤمنين حيّا سويّا، قال كعب: و أنا في الشّعب، فدعا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كعبا بلأمته - و كانت صفراء، أو بعضها - فلبسها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و نزع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لأمته فلبسها كعب، و قاتل كعب يومئذ قتالا شديدا حتى جرح سبعة عشر جرحا.
قال: و حدّثنا محمّد بن عمر (1)،حدّثني يعقوب بن محمّد بن أبي صعصعة، عن موسى بن ضمرة بن سعيد، عن أبيه، عن أبي بشير المازني قال: لما صاح الشيطان أزبّ العقبة إن محمّدا قد قتل، لما أراد اللّه من ذلك، سقط في أيدي المسلمين و تفرّقوا في كل وجه، و أصعدوا في الجبل، فكان أول من بشّرهم برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم سالما كعب (2) بن مالك، قال كعب: فجعلت أصيح و يشير إليّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بإصبعه على فيه أن اسكت.
قال: و حدّثنا محمّد بن عمر (3)،قال: و حدّثني معمر بن راشد، عن الزهري، عن ابن كعب بن مالك، عن أبيه قال: كنت أوّل من عرف رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يومئذ، فعرفت عينيه من تحت المغفر، فناديت: يا معشر الأنصار أبشروا، هذا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فأشار إليّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أن اصمت.
حدّثنا أبو الحسن علي بن المسلّم الشافعي - لفظا - و أبو القاسم الخضر بن الحسين - قراءة - قالا: أنبأنا أبو القاسم بن أبي العلاء، أنبأنا أبو محمّد بن أبي نصر، أنبأنا أبو القاسم بن أبي العقب، أنبأنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم، حدّثنا محمّد بن عائد قال: و أخبرني محمّد بن شعيب، أخبرني أبو المخارق محفوظ بن المسور. أن أبا سفيان بن حرب أقبل يوم أحد فقال: يا معشر الأنصار خلّوا بيننا و بين إخواننا من قريش، فإنكم إن فعلتم رحلنا عنكم و لم نمدكم (4)،فقد أتيناكم في الدهم و ما لا قبل لكم به، فكاد ذلك يكسر في أذرع القوم، قال كعب بن مالك الأنصاري يحرّض الأنصار و بعث بقصيدته هذه إلى أبي سفيان (5):
أبلغ أبا سفيان أن قد أضاء (6) لنا *** بأحمد نور من هدى اللّه ساطع
ص: 188
فلا ترغبن في حربنا أن تكيدنا (1) *** و ألّب و جمّع كلّ ما أنت جامع
و دونك فاعلم أنّ نقض عهودنا *** أباه الملا منّا الّذين تبايعوا (2)
أباه البراء و ابن عمرو كلاهما *** و أسعد يأباه عليك و رافع (3)
و سعد أباه الساعدي و منذر *** لأنفك إن حاولت ذلك جادع
و ما ابن ربيع إن تناولت عهده *** بمسلمة، لا يطمعن ثمّ طامع
و أيضا فلا يعطيكه (4) ابن رواحة *** و إخفاره من دونه السمّ نافع
وفاء به و الصامتي (5) بن صامت *** بمندوحة عما يحاول باقع (6)
أبو هيثم أيضا جدير (7) بمثلها *** و فيّ بما أعطى من العهد جائع (8)
و سعد أخو عمرو بن عوف فإنه *** ضروح (9) بما يأتي من الأمر مانع
و ما ابن حضير إن أردت بمطمع *** فهل أنت عن أحموقة الرأي نازع
و نحن نجوم ما نغبّك منهم *** عليك بنحس من دجى الليل طالع
فهؤلاء الذين ذكرهم كعب بن مالك في قصيدته النقباء: البراء هو ابن معرور، و ابن عمرو هو عبد اللّه والد جابر، و أسعد هو أبو أمامة، و رافع هو ابن مالك بن العجلان، و سعد هو ابن عبادة، و منذر هو ابن عمرو، و ابن الربيع هو سعد بن الربيع، و ابن رواحة هو عبد اللّه، و السالمي بن صامت هو عبادة، و أبو هيثم هو ابن التّيّهان، و سعد العمري هو ابن خيثمة، و ابن حضير هو أسيد، و هم اثنا (10) عشر نقيبا من الأنصار.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، أنبأنا أبو محمّد الجوهري، أنبأنا أبو عمر بن حيّوية، أنبأنا أبو القاسم بن أبي حيّة، حدّثنا محمّد بن شجاع، حدّثنا محمّد بن عمر
ص: 189
الواقدي (1) قال: قال كعب بن مالك: أنشديها مشيخة آل كعب و أصحابنا جميعا في غزوة بدر الموعد:
وعدنا أبا سفيان بدرا فلم نجد *** لموعده صدقا و ما كان وافيا
فأقسم لو وافيتنا فلقيتنا *** رجعت ذميما و افتقدت المواليا
تركنا بها أوصال عتبة و ابنه *** و عمرا أبا جهل تركناه ثاويا
عصيتم رسول اللّه أفّ لدينكم *** و أمركم السّيئ (2) الذي كان غاويا
و إنّي و لو عنّفتموني لقائل *** فدى لرسول اللّه أهلي و ماليا
أطعنا فلم نعدل سواه بغيره *** شهابا لنا في ظلمة الليل هاديا
أخبرنا أبو غالب الماوردي، أنبأنا أبو الحسن السّيرافي، أنبأنا أبو القاسم علي بن الحسين، أنبأنا علي بن محمّد بن خشنام، حدّثنا خالد بن النضر (3) القرشي، حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، حدّثنا معتمر بن سليمان، حدّثنا أبي قال: و ذكر كعب بن مالك قرب الحارث - يعني ابن أبي ضرار - في غزوة بني المصطلق و عدة أصحاب نبي اللّه صلى اللّه عليه و سلم فامتنع منه القوم، فأتى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقام على رأسه بالسيف حتى أصبح، فلما استيقظ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إذا هو بكعب قائم على رأسه بالسيف، قال:«ما لك يا كعب ؟» قال: ذكرت الحارث بن أبي ضرار و قربه منك، و عزّتك يا نبي اللّه و عزة أصحابك فامتنع مني القوم قمت إليك أحرسك، فقال له النبي صلى اللّه عليه و سلم معروفا[10639].
أخبرنا أبو محمّد بن طاوس، و أبو القاسم إسماعيل بن محمّد بن الفضل، قالا: أنبأنا أبو منصور بن شكرويه. ح و أخبرنا أبو سعد بن البغدادي، أنبأنا عبد الوهّاب بن محمّد بن إسحاق، و محمّد ابن أحمد بن علي. قالوا: أنبأنا إبراهيم بن عبد اللّه بن محمّد بن خرّشيد (4)قولة (5)،حدّثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي، حدّثنا علي بن أحمد الجواربي، حدّثنا عبد الرّحمن بن عبد الملك الحزامي (6)،حدّثنا عمرو (7) بن طلحة التيمي عن المنكدر بن محمّد بن المنكدر، عن أبيه، عن جابر. أن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال لكعب بن مالك:«ما نسي ربك - و ما كان
ص: 190
ربّك نسيا - بيتا قلته» قال: ما هو؟ قال:«أنشده يا أبا بكر»، فقال:
زعمت سخينة (1) أن ستغلب ربها *** و ليغلبنّ مغالب الغلاّب (2)
[قال ابن عساكر:] (3) كذا قال، و إنما هو محمّد بن طلحة[10640].
أخبرناه أبو بكر محمّد بن شجاع، أنبأنا أبو عمرو بن مندة، أنبأنا أبو محمّد بن يوة، أنبأنا أبو الحسن اللّنباني (4)،حدّثنا ابن أبي الدنيا، حدّثنا إبراهيم بن المنذر، حدّثنا محمّد بن طلحة التيمي، عن منكدر بن محمّد بن المنكدر، عن أبيه، عن جابر قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لكعب بن مالك:«ما نسي ربك - و ما كان نسيا، شعرا (5) قلته»، قال: ما هو؟ قال (6):«يا أبا بكر أنشد»، فقال، فذكر البيت[10641].
أخبرنا (7) أبو [الوفاء عبد] (8) الواحد بن حمد، أنبأنا أحمد بن محمود الثقفي، حدّثنا أبو بكر (9) بن المقرئ، أنبأنا أبو (10) العباس بن قتيبة، حدّثنا حرملة بن يحيى، أنبأنا عبد اللّه ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن يحيى بن سعيد حدّثه عن عبد اللّه بن أنيس (11)أنه حدّثه عن أمه و هي ابنة كعب بن مالك. أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم خرج على كعب بن مالك في مسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ينشد، فلما رآه كأنه القمر، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ما كنتم عليه، قال كعب: كنت أنشد، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«فأنشدني» حتى مرّ بقوله (12):
نقاتل عن جذمنا كل قحمة (13) *** [مذربة فيها القوانس تلمع] (14)
ص: 191
فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«لا تقل: نقاتل عن جذمنا و قل عن ديننا» (1)[10642].
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأنا أبو بكر أحمد بن الحسين، أنبأنا أبو عبد اللّه الحافظ ، و أبو سعيد بن أبي عمرو، قالا: حدّثنا أبو العباس محمّد بن يعقوب، حدّثنا هارون ابن سليمان، حدّثنا عبد الرّحمن بن مهدي، عن سعيد بن عبد الرّحمن، عن محمّد بن سيرين قال (2):كان شعراء أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عبد اللّه بن رواحة، و حسّان بن ثابت، و كعب بن مالك.
قال: و أنبأنا أبو بكر بن الحسن القاضي، أنبأنا أبو سهل بن زياد القطّان، حدّثنا عبد الكريم بن الهيثم، حدّثنا أبو اليمان (3)،أخبرني شعيب عن الزهري، أخبرني عبد الرّحمن بن عبد اللّه بن كعب بن مالك. أن كعب بن مالك حين أنزل اللّه في الشعر ما أنزل أتى [إلى] (4)رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال له: إن (5) اللّه قد أنزل في (6) الشعر ما قد علمت، فكيف ترى فيه، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«إنّ المؤمن يجاهد بسيفه و لسانه»[10643].
أخبرنا أبو القاسم بن أبي الأشعث، أنبأنا أبو محمّد بن أبي عثمان، أنبأنا أبو طاهر محمّد بن علي بن عبد اللّه بن مهدي الشاهد، أنبأنا أبو طاهر أحمد بن محمّد بن عمرو المديني، حدّثنا يونس بن عبد الأعلى الصّدفي، حدّثنا ابن وهب، أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، عن عبد الرّحمن بن كعب بن مالك عن أبيه أنه قال: يا رسول اللّه، ما ذا ترى في الشعر؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم (7).ح و أخبرنا أبو غالب بن البنّا أنبأ أبو محمّد الجوهري، أنبأنا أبو الحسين بن المظفر، حدّثنا محمّد بن خريم (8)،حدّثنا هشام بن عمّار، حدّثنا سعيد (9) بن يحيى، حدّثنا يونس - يعني: ابن يزيد - عن الزهري، عن عبد الرّحمن بن كعب.
أن كعبا قال: يا رسول اللّه قد أنزل اللّه فيّ الشعر ما قد علمت، فما ترى فيه ؟ فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم:
«إنّ المؤمن يجاهد بسيفه و لسانه، و الذي نفسي بيده لكأنما ينضحونهم بالنبل» (10)[10644].
ص: 192
أخبرنا (1) أبو القاسم المستملي، أنبأنا أبو بكر الحافظ ، أنبأنا أبو الحسين بن بشران - ببغداد - أنبأنا إسماعيل بن محمّد الصفّار، حدّثنا أحمد بن منصور، حدّثنا عبد الرزّاق، أنبأنا معمر، عن الزهري، عن عبد الرّحمن بن كعب بن مالك عن أبيه. أنه قال للنبي صلى اللّه عليه و سلم: إنّ اللّه عزّ و جلّ قد أنزل في الشعر ما أنزل، قال:«إنّ المؤمن يجاهد بسيفه و لسانه، و الذي نفسي بيده لكأنما ترمونهم (2) به نضح النّبل»[10645].
قرأت (3) على أبي غالب بن البنّا، عن أبي إسحاق البرمكي، أنبأنا أبو عمر بن حيّوية، أنبأنا أحمد بن معروف، حدّثنا أبو علي بن الفهم، حدّثنا محمّد بن سعد (4)،أنبأنا عبد الوهّاب بن عطاء، أنبأنا عبد اللّه بن عون، عن محمّد بن سيرين. أن النبي صلى اللّه عليه و سلم أتى كعب بن مالك على جمل قد شنق له حتى بلغ رأسه المورك (5)،فقال:«أين هو»، فجاء من خلفه فقال:«هيه»، فأنشده، فقال:«لهو أشد عليهم من وقع النبل»[10646].
قال: و حدّثنا ابن سعد، أنبأنا محمّد بن عبد اللّه الأنصاري، حدّثنا ابن عون قال: قال محمّد: كان ثلاثة من الأنصار يهاجون عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: حسان بن ثابت، و عبد اللّه بن رواحة، و كعب بن مالك، فأمّا حسّان فكان يذكر عيوبهم و أيامهم، و أمّا عبد اللّه بن رواحة فكان يعيّرهم بالكفر و تردّدهم فيه، و أما كعب فكان يذكر الحرب فيقول فعلنا و نفعل و نفعل و يتهددهم (6).
أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع، أنبأنا أبو عمرو بن مندة، أنبأنا أبو محمّد بن يوة، أنبأنا أبو الحسن اللنباني (7)،حدّثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدّثني إسحاق بن إسماعيل، حدّثني معن بن عيسى، حدّثني مسور بن عبد الملك قال: مرّ النبي صلى اللّه عليه و سلم بكعب بن مالك و هو يقول:
تجالدنا (8) عن جذمنا كل قحمة (9) *** مدرّبة فيها القوانس تلمع
ص: 193
قال: فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم:«عن ديننا يا كعب»[10647].
قال: و حدّثنا ابن أبي الدنيا، حدّثني سلم (1) بن جنادة، حدّثنا وكيع، عن جرير بن حازم، عن محمّد بن سيرين قال: أسلمت دوس فرقا من بيت قاله كعب بن مالك:
تخيّرها و لو نطقت لقالت *** قواطعهم دوسا أو ثقيفا (2)
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، و أبو الوحش سبيع بن المسلّم - قراءة عليهما - قالا: أنبأنا رشأ بن نظيف - قراءة - أنبأنا أبو مسلم محمّد بن أحمد بن علي الكاتب، قال:
قرئ على أبي بكر محمّد بن القاسم الأنباري قال: و حدّثني أبي، حدّثني الحسن بن عبد الرّحمن الربعي، أنبأنا أبو محمّد التوزي، حدّثنا أبو معمر صاحب عبد الوارث، عن عبد الوارث قال: كان شعبة يحقرني أبدا إذا ذكرت شيئا، قال:
فحدث يوما عن ابن عون عن ابن سيرين أن كعب بن مالك قال (3):
قضينا من تهامة كلّ ريب *** و خيبر ثم أجمعنا السّيوفا
نخيّرها و لو نطقت لقالت: *** قواطعهنّ : دوسا أو ثقيفا
و تنتزع العروش عروش وجّ *** و نترك داركم (4) منكم خلوفا
فلست لحاصر (5) إن لم تزركم (6) *** بساحة داركم منّا ألوفا
قال: فقال شعبة: و تنتزع العروس عروش وجّ ، فقلت له: يا أبا بسطام و أي عروش ثمّة ؟ فقال: ويلك ما هيه ؟ فقلت: العروش، قال اللّه عزّ و جلّ : فَهِيَ خٰاوِيَةٌ عَلىٰ عُرُوشِهٰا (7)فكان بعد ذلك يهابني و يجلّني.
أخبرنا أبو الفتح المختار بن عبد الحميد بن المنتصر، و أبو المحاسن أسعد بن علي، و أبو القاسم الحسين بن علي بن الحسين قالوا: أنبأنا عبد الرّحمن بن محمّد الداودي. أنا عبد اللّه بن أحمد بن حموية، أنبأنا إبراهيم بن خزيم (8)،حدّثنا عبد بن حميد، أنبأنا عبد
ص: 194
الملك بن عمرو، حدّثنا إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير عن ابن كعب بن مالك عن أبيه.
أن النّبي صلى اللّه عليه و سلم بعثه و أوس بن حدثان فناديا أيام التشريق:«أنه لا يدخل الجنّة إلاّ مؤمن، و أن هذه أيام أكل و شرب» (1)[10648].
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنبأنا شجاع بن علي، أنبأنا أبو عبد اللّه بن مندة، أنبأنا عمر بن الربيع بن سليمان، حدّثنا بكر بن سهل، حدّثنا عبد الغني بن سعيد، عن موسى بن عبد الرّحمن، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس.
وَ عَلَى الثَّلاٰثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا (2) كعب بن مالك، و مرارة بن الربيع، و هلال بن أمية.
قال: و أنبأنا ابن مندة، أنبأنا أحمد بن محمّد بن زياد، و محمّد بن يعقوب، قالا: أنبأنا أحمد بن عبد الجبّار، حدّثنا أبو معاوية، حدّثنا الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، وَ عَلَى الثَّلاٰثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا ،قال: هم كعب بن مالك، و مرارة بن الربيع، و هلال بن أمية كلّهم من الأنصار.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، أنبأنا أبو الحسين محمّد بن عبد الرّحمن بن عثمان، أنبأنا أبو بكر يوسف بن القاسم الميانجي، أنبأنا علي بن الحسن بن سلم (3)،حدّثنا إسماعيل بن محمّد بن عصام بن يزيد بن عجلان قال: وجدت في كتاب جدي عن سفيان عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال:
الذين خلّفوا عن التوبة: كعب بن مالك، و مرارة بن ربيعة، و هلال بن أمية، و كان ممن تخلف عن النّبي صلى اللّه عليه و سلم في غزوة تبوك ستة: أبو لبابة (4)،و أوس بن خذام (5)،و ثعلبة بن وديعة (6)،و كعب بن مالك، و مرارة بن ربيعة - كذا قال: ربيعة - و هلال بن أمية، فجاء أبو لبابة و أوس بن خذام، و ثعلبة بن وديعة فربطوا أنفسهم بالسّواري و جاءوا بأموالهم فقالوا: يا رسول اللّه، خذها، هذا الذي حبسنا عنك، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«لا أحلّهم حتى يكون» (7)فنزل القرآن: خَلَطُوا عَمَلاً صٰالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللّٰهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ (8)الآية،
ص: 195
خُذْ مِنْ أَمْوٰالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِهٰا وَ صَلِّ عَلَيْهِمْ -أي استغفر لهم- إِنَّ صَلاٰتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ (1)وَ آخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللّٰهِ إِمّٰا يُعَذِّبُهُمْ وَ إِمّٰا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ (2)كان ممن خلّف عن التوبة و أرجى: كعب بن مالك، و مرارة ربيع (3)،و هلال بن أمية (4)،فأرجوا أربعين يوما فخرجوا و ضربوا فساطيطهم، و اعتزلهم نساؤهم، و لم ينزلوهم المسلمين (5)و لم يتبرّوا منهم، فنزل فيهم وَ عَلَى الثَّلاٰثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتّٰى إِذٰا ضٰاقَتْ إلى قوله: اَلتَّوّٰابُ الرَّحِيمُ (6)فبعثت أم سلمة إلى كعب فبشرته[10649].
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين، أنبأنا أبو علي الحسن بن علي، أنبأنا أحمد بن جعفر، حدّثنا عبد اللّه بن أحمد، حدّثني أبي (7)،حدّثنا يعقوب بن إبراهيم، حدّثنا ابن أخي الزّهري محمّد بن عبد اللّه، عن عمّه محمّد بن مسلم الزّهري، أخبرني (8) عبد الرّحمن بن عبد اللّه بن كعب بن مالك أن عبيد اللّه (9) بن كعب بن مالك - و كان قائد كعب من بنيه حين عمي - قال:
سمعت كعب بن مالك يحدّث حديثه حين تخلّف عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في غزوة تبوك فقال كعب بن مالك:
لم أتخلف عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في غزوة قط إلاّ في غزوة تبوك، غير أني كنت تخلّفت في غزوة بدر، و لم يعاتب أحد (10) تخلّف عنها إنّما خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يريد عير قريش حتى جمع اللّه بينهم و بين عدوّهم على غير ميعاد، و لقد شهدت مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ليلة العقبة حين توافقنا على الإسلام، و ما أحبّ أن لي بها مشهد بدر، و إن كانت بدر أذكر في الناس منها [و أشهر] (11) و كان من خبري حين تخلّفت عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في غزوة تبوك أنّي لم أكن قط أقوى و لا أيسر مني حين تخلّفت عنه في تلك الغزوة (12)،و اللّه ما جمعت قبلها راحلتين قط حتى جمعتهما في تلك الغزوة، و كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قلّما يريد غزوة يغزوها إلاّ ورّى بغيرها
ص: 196
حتى كانت تلك الغزوة، فغزاها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في حرّ شديد، و استقبل سفرا بعيدا، و مفازا (1)،و استقبل عدوا كثيرا، فجلا للمسلمين أمره ليتأهبوا أهبة عدوهم، و أخبرهم بوجهه الذي يريد، و المسلمون مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم [كثير] (2) لا يجمعهم كتاب حافظ يريد الديوان، فقال كعب: فقلّ رجل يريد أن يتغيب إلاّ ظن أن ذلك سيخفى (3) له ما لم ينزل فيه وحي من اللّه، و غزا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم تلك الغزوة حين طابت الثمار و الظل (4)،فتجهّز إليها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و المؤمنون معه، و طفقت أغدو لكي أتجهز معه فأرجع، و لم أقض شيئا فأقول في نفسي: أنا قادر على ذلك إذا أردت، فلم يزل كذلك يتمادى بي حتى شمّر بالناس الجد، فأصبح رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم غاديا و المسلمون معه، و لم أقض (5) من جهازي شيئا فقلت: أتجهز (6) بعد يوم أو يومين ثم ألحقهم، فغدوت بعد ما فصلوا لأتجهز فرجعت و لم أقض شيئا من جهازي، ثم رجعت و لم أقض شيئا فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى أسرعوا و تفارط الغزو، و هممت أن أرتحل فأدركهم وليت أنّي فعلت، ثم لم يقدر (7) ذلك لي، فطفقت إذا خرجت في الناس بعد خروج رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فطفت فيهم يحزنني أن لا أرى إلاّ رجلا مغموصا عليه في النفاق، أو رجلا (8) ممن عذر اللّه، و لم يذكرني رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حتى بلغ تبوكا (9)،فقال و هو جالس في القوم بتبوك:«ما فعل كعب بن مالك» قال رجل من بني سلمة: حبسه يا رسول اللّه برداه و النظر في عطفيه، فقال له معاذ بن جبل: بئس ما قلت، و اللّه يا رسول اللّه ما علمنا عليه إلاّ خيرا، فسكت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال كعب بن مالك: فلمّا بلغني أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قد توجّه قافلا من تبوك حضرني بثي فطفقت أتفكر الكذب و أقول: بما ذا أخرج من سخطه (10) عذرا أستعين (11) على ذلك كلّ رأي من أهلي فلمّا قيل: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قد أظل قادما زاح عني الباطل و عرفت أن لا أنجو منه بشيء أبدا، فأجمعت صدقه، و صبح رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و كان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين، ثم جلس للناس فلما فعل ذلك جاءه
ص: 197
المخلفون (1)،فطفقوا يعتذرون إليه و يحلفون له، و كانوا بضعة و ثمانين رجلا، فقبل منهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم علانيتهم و يستغفر لهم و يكل سرائرهم إلى اللّه حتى جئت، فلما سلمت عليه تبسم تبسّم المغضب ثم قال لي:«تعال» فجئت أمشي حتى جلست بين يديه فقال لي:«ما خلّفك، أ لم تكن قد استمر ظهرك ؟» قال: فقلت: يا رسول اللّه، إني لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أني أخرج من سخطته بعذر، لقد أعطيت جدلا و لكنه و اللّه لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به عني ليوشكن اللّه يسخطك علي، و لئن حدثتك (2) بصدق تجد علي فيه إني لأرجو قرة (3) عيني عفوا من اللّه، و اللّه ما كان لي عذر، و اللّه ما كنت قط أفرغ مني و لا أيسر مني حين تخلّفت عنك، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«أما هذا فقد صدق (4)،فقم حتى يقضي اللّه فيك» فقمت و بادرت رجالا (5) من بني سلمة فأتبعوني فقالوا لي: و اللّه ما علمناك كنت أذنبت ذنبا قبل هذا، و لقد عجزت أن لا تكون اعتذرت إلى رسول اللّه بما اعتذر به المخلفون (6)،فقد كان كافيك من ذنبك استغفار رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم [لك] (7).قال: و اللّه، ما زالوا يؤنبوني حتى أردت أن أرجع [إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم] (8) فأكذب نفسي. قال: ثم قلت لهم:
هل لقي (9) هذا معي أحد؟ قالوا: نعم، لقيه معك (10) رجلان، قالا: ما قلت، و قيل لهما مثل ما قيل لك. قال: فقلت لهما: من هما؟ قالوا: مرارة بن الربيع العامري، و هلال بن أمية الواقفي. قال: فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرا لي فيهما أسوة قال: فمضيت حين ذكروهما لي. قال: و نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم المسلمين عن كلامنا أيها الثلاثة من بين من تخلف عنه، فاجتنبنا الناس، قال: و تغيروا لنا حتى تنكرت لي في نفسي الأرض فما هي بالأرض التي كنت أعرف، فلبثنا على ذلك خمسين ليلة، فأما صاحباي فاسكتنا و قعدا في بيوتهما يبكيان، و أما أنا فكنت أشب القوم و أجلدهم، فكنت أشهد الصلاة مع المسلمين و أطوف بالأسواق و لا يكلمني أحد و آتي رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و هو في مجلسه بعد الصلاة فأسلم عليه فأقول
ص: 198
في نفسي: حرك شفتيه برد السلام أم لا؟ ثم أصلي (1) قريبا منه و أسارقه النظر، فإذا أقبلت على صلاتي نظر إليّ فإذا التفت نحوه أعرض حتى إذا طال على ذلك من هجر المسلمين، مشيت حتى تسوّرت حائط أبي قتادة و هو ابن عمي، و أحب الناس إلي، فسلمت عليه فو اللّه ما ردّ علي السلام، فقلت له: يا أبا قتادة أنشدك اللّه هل تعلم أني أحب اللّه و رسوله ؟ قال:
فسكت، قال: فعدت فنشدته فسكت، فعدت و نشدته فقال: اللّه و رسوله أعلم، ففاضت عيناي و توليت حتى تسوّرت الجدار فبينا أنا أمشي بسوق المدينة إذا نبطي من أنباط أهل الشام (2) ممن قدم بطعام يبيعه بالمدينة يقول: من يدلني على كعب بن مالك ؟ قال: فطفق يشيرون (3) له إليّ حتى جاء فدفع إليّ كتابا من ملك غسان و كنت كاتبا فإذا فيه: أما بعد، فقد بلغنا (4) أن صاحبك جفاك و لم يجعلك اللّه بدار هوان و لا مضيعة، فالحق بنا نواسك (5)، قال: فقرأتها، فقلت حين قرأتها: و هذا أيضا من البلاء. قال: فتيممت بها التنور فسجرته بها، حتى إذا مضت أربعون ليلة من الخمسين إذا برسول رسول (6) اللّه صلى اللّه عليه و سلم يأتيني، فقال: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يأمرك أن تعتزل امرأتك. قال: فقلت: أطلقها أم ما ذا أفعل ؟ قال: بل اعتزلها فلا تقربها، قال: و أرسل إلى صاحبيّ بمثل ذلك. قال: فقلت لامرأتي: الحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي اللّه في هذا الأمر. قال: فجاءت امرأة هلال بن أمية رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقالت له: يا رسول اللّه إن هلالا شيخ ضائع، ليس له خادم فهل تكره أن أخدمه ؟ قال:«لا، و لكن لا يقربنك» قالت: فإنه و اللّه ما به حركة إلى شيء، و اللّه ما زال يبكي لدن إن كان من أمرك ما كان إلى يومه هذا. قال: فقال لي بعض أهلي لو استأذنت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في امرأتك فقد أذن لامرأة هلال بن أمية أن تخدمه ؟ قال: فقلت: و اللّه لا أستأذن فيها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم. و ما أدري ما يقول رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إذا استأذنته، و أنا رجل شاب قال: فلبثنا بعد ذلك عشر ليال، فكمل لنا خمسين (7) ليلة حين نهى عن كلامنا. قال: ثم صليت صلاة الفجر صباح خمسين ليلة على ظهر بيت من بيوتنا، فبينا أنا جالس على الحال الذي ذكر اللّه منا قد ضاقت عليّ نفسي
ص: 199
و ضاقت عليّ الأرض بما رحبت سمعت صارخا أو فى علي جبل سلع (1)،يقول بأعلى صوته: يا كعب بن مالك، أبشر، قال: فخررت ساجدا، و عرفت أنه قد جاء فرج، و آذن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بتوبة اللّه علينا حين صلى صلاة الفجر، فذهب يبشروننا و ذهب قبل قبل صاحبي يبشرون، و ركض إلي رجل فرسا و سعى ساع من أسلم و أوفى الجبل، فكان الصوت أسرع من الفرس، فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني نزعت له ثوبيّ فكسوتهما إياه ببشارته، و اللّه ما أملك غيرهما يومئذ، و استعرت ثوبين فلبستهما فانطلقت أؤم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم تلقاني الناس فوجا فوجا يهنئوني بالتوبة يقولون لي: ليهنك توبة اللّه عليك حتى دخلت المسجد فإذا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم جالس في المسجد حوله الناس، فقام إلي طلحة بن عبيد اللّه يهرول حتى صافحني، و هنّأني، و اللّه ما قام إلاّ رجل من المهاجرين غيره - قال: فكان كعب لا ينساها لطلحة - قال كعب: فلما سلمت على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و هو يبرق وجهه من السرور [قال:] «أبشر بخير يوم مرّ عليك منذ ولدتك أمك» قال: قلت من عندك يا رسول أم من عند اللّه ؟ قال:«لا بل من عند اللّه» قال: و كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إذا سرّ استنار وجهه كأنه قطعة فمر حتى يعرف ذلك منه، قال: فلما جلست بين يديه قال: قلت: يا رسول اللّه، إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى اللّه و إلى رسوله ؟ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«أمسك بعض مالك فهو خير لك» قال: فقلت: إني أمسك سهمي الذي بخيبر، قال: قلت يا رسول اللّه إنما اللّه نجاني بالصدق، و إن من توبتي أن لا أحدث إلا صدقا ما بقيت. قال: فو اللّه ما أعلم أحدا من المسلمين أبلاه اللّه من الصدق في الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أحسن مما أبلاني اللّه، و اللّه ما تعمدت كذبه منذ قلت ذلك لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إلى يومي هذا، و إني لأرجو أن يحفظني فيما بقي. قال: و أنزل اللّه: لَقَدْ تٰابَ اللّٰهُ عَلَى النَّبِيِّ وَ الْمُهٰاجِرِينَ وَ الْأَنْصٰارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سٰاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مٰا كٰادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تٰابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ * وَ عَلَى الثَّلاٰثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتّٰى إِذٰا ضٰاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمٰا رَحُبَتْ وَ ضٰاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَ ظَنُّوا أَنْ لاٰ مَلْجَأَ مِنَ اللّٰهِ إِلاّٰ إِلَيْهِ ثُمَّ تٰابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللّٰهَ هُوَ التَّوّٰابُ الرَّحِيم*ُ يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّٰهَ وَ كُونُوا مَعَ الصّٰادِقِينَ (2) قال كعب: فو اللّه ما أنعم اللّه عليّ من نعمة قط بعد أن هداني أعظم في نفسي من صدقي رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يومئذ ألا أكون كذبته فأهلك كما هلك الذين كذبوه حين كذبوه فإن اللّه قال للذين كذبوه حين أنزل الوحي شرّ ما يقال لأحد،
ص: 200
فقال اللّه عز و جلّ : سَيَحْلِفُونَ بِاللّٰهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ ، فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَ مَأْوٰاهُمْ جَهَنَّمُ جَزٰاءً بِمٰا كٰانُوا يَكْسِبُونَ . يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللّٰهَ لاٰ يَرْضىٰ عَنِ الْقَوْمِ الْفٰاسِقِينَ (1)قال: و كنا خلفنا أيها الثلاثة عن أمر أولئك الذين قبل منهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حين حلفوا فبايعهم و استغفر لهم و أرجأ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أمرنا حتى قضى اللّه في ذلك. قال اللّه عز و جلّ : وَ عَلَى الثَّلاٰثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا و ليس تخليفه إيانا و إرجاؤه أمرنا الذي ذكرنا منا خلفنا بتخلفنا عن الغزو، و إنما هو عن من حلف له و اعتذر إليه فقبل منه[10650].
حدّثناه أبو بكر وجيه بن طاهر، أنبأنا أبو حامد أحمد بن الحسن الأزهري، أنبأنا أبو سعيد محمّد بن عبد اللّه بن حمدون، أنبأنا أبو حامد بن الشرقي، حدّثنا محمّد بن يحيى الذهلي، حدّثنا عبد الرزّاق، أنبأنا معمر، عن الزهري، عن عبد الرّحمن بن كعب بن مالك عن أبيه. ح قال: و حدّثنا محمّد بن يحيى قال: و حدّثنا أبو صالح، حدّثني الليث، حدّثني عقيل، عن ابن شهاب، أخبرني عبد الرّحمن بن عبد اللّه بن كعب بن مالك أن عبد اللّه بن كعب بن مالك و كان قائد كعب من بنيه حين عمي، قال: سمعت كعب بن مالك يحدّث حديثه حين تخلف عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في غزوة تبوك. ح قال: و حدّثنا محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن محمّد النّفيلي (2)،حدّثنا محمّد بن سلمة، عن محمّد بن إسحاق قال: فذكر محمّد بن مسلم عن عبد الرّحمن بن عبد اللّه بن كعب بن مالك الأنصاري أن أباه عبد اللّه بن كعب و كان قائد أبيه كعب حين أصيب بصره، قال: سمعت أبي كعب بن مالك يحدّث حديثه حين تخلّف عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم. ح قال: و حدّثنا محمّد بن يحيى، قال: و حدّثنا أحمد بن أبي شعيب الجزري، حدّثنا موسى بن أعين، حدّثنا إسحاق بن راشد أن الزهري حدّثه قال:
أخبرني عبد الرّحمن بن عبد اللّه بن كعب بن مالك عن أبيه قال: سمعت أبي كعب بن مالك؛ و اقتصوا الحديث، و بعضهم يزيد على بعض. و هذا حديث عبد الرزّاق. ح و أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن الفضل الفراوي، أنبأنا أحمد بن منصور بن خلف، أنبأنا أبو بكر محمّد بن عبد اللّه الشيباني، أنبأنا أبو حامد بن الشرقي، حدّثنا محمّد بن يحيى، حدّثنا أحمد بن أبي شعيب الحرّاني، حدّثنا موسى بن أعين، حدّثنا إسحاق بن رشد أن الزهري حدّثه قال: أخبرني عبد الرّحمن بن عبد اللّه بن كعب بن مالك عن أبيه قال: سمعت أبي كعب بن مالك. ح قال:
ص: 201
و أنبأنا أبو حامد بن الشرقي، حدّثنا محمّد بن يحيى، و أبو الأزهر، و حمدان السّلمي، قالوا:
أنبأنا عبد الرزّاق، أنبأنا معمر، عن الزهري، عن عبد الرّحمن بن كعب بن مالك عن أبيه قال:
لم أتخلف عن النّبي صلى اللّه عليه و سلم في غزوة غزاها حتى كانت غزوة تبوك إلاّ بدرا و لم يعاتب النّبي صلى اللّه عليه و سلم أحدا تخلّف عن بدر، إنّما خرج يريد العير، فخرجت قريش معونين لعيرهم، فالتقوا عن غير موعد كما قال اللّه، و لعمري أنّ أشرف مشاهد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في الناس لبدر، و ما أحب أنّي كنت شهدتها مكان بيعتي ليلة العقبة حيث تواثقنا (1) على الإسلام ثم لم أتخلّف عن النّبي صلى اللّه عليه و سلم بعد في غزوة غزاها حتى كانت غزوة تبوك و هي آخر غزوة غزاها، و أذن النّبي صلى اللّه عليه و سلم الناس بالرحيل، و أراد أن يتأهبوا أهبة غزوهم، و ذلك حين طاب الظلال و طابت الثمار، و كان [قلّ ] (2) ما أراد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم غزوة إلاّ ورّى (3) بغيرها، و في حديث ابن حمدون قال محمّد: قال عبد الرزّاق مرة إلاّ وري بغيرها، قال لي بعض أصحابنا: وارى خبرها، ثم اتفقا فقالا:- و كان يقول:«الحرب خدعة»، فأراد النّبي صلى اللّه عليه و سلم في غزوة تبوك أن يتأهب الناس أهبته و أنا أيسر ما كنت قد جمعت راحلتين و أنا أقدر شيء في نفسي على الجهاد و خفة الحاد و أنا في ذلك أصفو إلى الظلال، و طيب الثمار، فلم أزل كذلك حتى قام النّبي صلى اللّه عليه و سلم بالغداة و ذلك يوم الخميس، و كان يحب أن يخرج يوم الخميس فأصبح غاديا إلى السوق، فأشتري جهازي ثم ألحق بهم، فانطلقت إلى السوق من الغد فعسر عليّ بعض شأني فرجعت فقلت: أرجع غدا (4) إن شاء اللّه فألحق بهم، فعسر عليّ بعض شأني أيضا، فلم أزل كذلك حتى التبس بي الذنب، و تخلّفت عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و جعلت - و قال الشيباني: فجعلت - أمشي في الأسواق و أطوف و أطوف بالمدينة فتحدّثني - و قال الشيباني: يحدّثني - إنّي لا أرى أحدا إلاّ رجلا مغموصا عليه في النفاق - و قال أبو الأزهر و حمدان السلمي هاهنا إلاّ رجلا مغموصا عليه في النفاق أو بعض من عذر اللّه من الضعفاء، و كان ليس أحد تخلف إلاّ رئي و قال الشيباني: رأى - أن ذلك سيخفى له و كان الناس كثيرا لا يجمعهم ديوان، و كان جميع من تخلّف عن النّبي صلى اللّه عليه و سلم بضعة و ثمانين رجلا و لم يذكرني (5) النّبي صلى اللّه عليه و سلم حتى بلغ تبوكا، فلمّا بلغ تبوكا قال: ما فعل
ص: 202
كعب (1)؟قال رجل من قومي خلفه: يا نبي (2) اللّه برداه و النظر في عطفيه، فقال معاذ بن جبل: بئس ما قلت، و اللّه يا نبي اللّه ما نعلم إلاّ خيرا، قال: فبينما هم كذلك إذا هم برجل يزول به السراب، فقال النّبي صلى اللّه عليه و سلم:«كن أبا خيثمة» فإذا هو أبو خيثمة، فلما قضى النّبي صلى اللّه عليه و سلم غزوة تبوك و قفل و دنا من المدينة جعلت - و قال الشيباني: و قلت أتذكر بما ذا أخرج من سخطة النّبي صلى اللّه عليه و سلم، و أستعين على ذلك كلّ ذي رأي من أهلي، حتى إذا قيل: النّبي صلى اللّه عليه و سلم مصبحكم بالغداة، راح عني الباطل و عرفت أني - و قال الشيباني: أن - لا أنجو إلاّ بالصدق دخل - و قال الشيباني: و دخل - النبي صلى اللّه عليه و سلم ضحى فصلّى في المسجد ركعتين، و كان إذا جاء من سفر فعل ذلك، دخل المسجد فصلّى ركعتين ثم جلس، فجعل يأتيه من تخلّف فيحلفون له و يعتذرون إليه فيستغفر لهم، و يقبل علانيتهم و يكل سرائرهم إلى اللّه عزّ و جلّ ، فدخلت المسجد، فإذا هو جالس، فلمّا رآني تبسّم تبسّم المغضب، فجئت فجلست بين يديه فقال: أ لم تكن اتّبعت (3) ظهرك ؟ قلت: بلى يا رسول اللّه، قال:«فما خلّفك ؟» قلت: و اللّه لو بين أحد من الناس غيرك جلست لخرجت من سخطته عليّ يعذر لقد أوتيت جدلا و لكن قد علمت يا نبي اللّه أني إن أخبرك اليوم بقول تجد علي فيه و هو حقّ فإنّي أرجو - و قال الشيباني: لأرجو (4)- فيه عفو (5) اللّه، و إن حدّثتك اليوم حديثا ترضى عني - و قال الشيباني: علي - فيه و هو كذب، أوشك اللّه أن يطلعك عليّ ، و اللّه يا نبي اللّه ما كنت قط أيسر، و لا أخف حاذاً مني حين تخلفت عنك [و قال-] (6) و قال الشيباني: فقال:- أما هذا فقد صدقكم الحديث، قم حتى يقضي اللّه فيك، فقمت فثار على أثري ناس من قومي يؤنّبوني، فقالوا: و اللّه ما نعلمك أذنبت - زاد الشيباني: ذنبا و قالا:- قبل هذا، فهلاّ اعتذرت إلى النّبي صلى اللّه عليه و سلم بعذر يرضى عنك فيه، فكان - و قال الشيباني: و كان - استغفار رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم سيأتي من وراء ذنبك، و لم تقف نفسك موقفا لا تدري ما ذا يقضي لك - و في حديث الشيباني: ما ذا يقضي - اللّه لك - فيه، فلم يزالوا يؤنبوني حتى هممت أن أرجع فأكذب نفسي فقلت: هل قال هذا القول أحد غيري ؟ قالوا:
نعم - زاد ابن حمدون: قاله - و قالا: هلال بن أمية، و مرارة بن ربيعة - زاد ابن حمدون: قال عبد الرزّاق و قال غير معمر: ربعي، فذكروا - و قال الشيباني: ذكروا رجلين صالحين قد
ص: 203
شهدا (1) بدرا لي فيهما أسوة، فقلت: و اللّه لا أرجع إليه في هذا أبدا و لا أكذب نفسي قال: و نهى النّبي صلى اللّه عليه و سلم الناس عن كلامنا أيها الثلاثة قال: فجعلت أخرج إلى السوق فلا يكلّمني أحد، و تنكر لنا الناس حتى ما هم بالذين - و قال الشيباني: بالذي - نعرف، و تنكرت لنا الحيطان حتى ما هي بالحيطان التي نعرف، و تنكرت لنا الأرض حتى ما هي بالأرض التي نعرف، و كنت أقوى أصحابي، فكنت أخرج فأطوف بالأسواق فآتي إلى المسجد فأدخل و آتي - و قال الشيباني: فآتي - النّبي صلى اللّه عليه و سلم فأسلّم عليه، فأقول هل حرك شفتيه بالسلام، فإذا قمت أصلّي إلى سارية فأقبلت قبل (2) صلاتي نظر إليّ بمؤخر عينيه، و إذا نظرت إليه أعرض عني، و استكان صاحباي (3) فجعلا يبكيان الليل و النهار لا يطلعان رءوسهما. قال: فبينا أن أطوف بالسوق إذا رجل نصراني جاء بطعام له يبيعه يقول: من يدلّني على كعب بن مالك فطفق الناس يشيرون له إليّ ، فأتاني و أتاني بصحيفة من ملك غسان، فإذا فيها: أما بعد، فإنه بلغني أن صاحبك قد جفاك و أقصاك، و لست بدار مضيعة و لا هوان، فالحق بنا نواسك (4) فقلت:
هذا أيضا من البلاء و الشرّ، فسجرت لها التنور و أحرقتها - و قال الشيباني: فأحرقتها - فلما مضت أربعون ليلة إذا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قد أتاني، فقال: اعتزل امرأتك، فقلت: أطلّقها؟ قال:
«لا، و لكن لا تقربنها»، فجاءت امرأة هلال، فقالت: يا نبي اللّه، إنّ هلال بن أمية شيخ ضعيف، فهل - و قال الشيباني: هل - تأذن لي أن أخدمه ؟ قال:«نعم، و لكن لا يقربنّك» قالت: و قال الشيباني: فقالت - يا نبي اللّه، و اللّه ما به حركة لشيء، ما زال مكبا يبكي الليل و النهار منذ - و قال الشيباني: مذ - كان من أمره ما كان. قال كعب: فلما طال عليّ البلاء اقتحمت على أبي قتادة حائطه و هو ابن عمي، فسلمت عليه فلم يرد عليّ فقلت: أنشدك اللّه يا أبا قتادة، أتعلم أنّي أحب اللّه و رسوله ؟ فسكت حتى قلتها ثلاثا، فقال أبو قتادة في الثالثة: اللّه و رسوله أعلم، فلم أملك نفسي أن بكيت، ثم اقتحمت الحائط خارجا، حتى إذا مضت خمسون ليلة من حين نهى - زاد الشيباني: النبي صلى اللّه عليه و سلم - الناس عن كلامنا صلّيت على ظهر بيت لنا صلاة الفجر، ثم جلست و أنا في المنزلة التي قال اللّه عزّ و جلّ قد ضاقت علينا الأرض بما رحبت و ضاقت علينا أنفسنا إذ سمعت نداء من ذروة سلع: أن أبشر يا كعب بن مالك،
ص: 204
فخررت ساجدا، و علمت أن اللّه قد جاء بالفرج، ثم جاء رجل يركض على فرس يبشرني - فكان الصوت أسرع من فرسه فأعطيته ثوبي بشارة و لبست آخرين - و قال الشيباني: ثوبين آخرين - قال: و كأن توبتنا نزلت - و قال الشيباني: توبتي قد نزلت - على النبي صلى اللّه عليه و سلم ثلث الليل، فقالت أم سلمة: يا نبي اللّه - و قال الشيباني: يا رسول اللّه - أ لا نبشر كعب بن مالك ؟ قال:«إذا يحطمنكم (1) الناس و يمنعونك النوم سائر الليلة» و كانت أم سلمة محسنة في شأني، تحزن بأمري، فانطلقت إلى النبي صلى اللّه عليه و سلم فإذا هو جالس في المسجد و حوله المسلمون و هو يستتر كاستتار القمر، و كان إذا تنكر بالأمر استتار فجئت فجلست - و قال الشيباني: و جلست - بين يديه، فقال:«أبشر يا كعب بن مالك بخير يوم أتى عليك منذ - و قال الشيباني: مذ (2)-ولدتك أمك» قلت: يا نبي اللّه، أ من عند اللّه أم من عندك ؟ قال:«بل من عند اللّه» ثم تلا عليهم:
لَقَدْ تٰابَ اللّٰهُ عَلَى النَّبِيِّ وَ الْمُهٰاجِرِينَ وَ الْأَنْصٰارِ حتى رَؤُفٌ و قال ابن حمدون: حتى بلغ: رَؤُفٌ رَحِيمٌ (3) و فينا أنزلت أيضا: اِتَّقُوا اللّٰهَ وَ كُونُوا مَعَ الصّٰادِقِينَ (4) فقلت: يا نبي اللّه، إن من توبتي ألا أحدث الأصدقاء، و أن أنخلع من مالي كله صدقة إلى اللّه و إلى رسوله ؟ فقال:«أمسك عليك بعض مالك، فهو خير لك» قلت: فإني أمسك سهمي الذي بخيبر (5).قال: فما أنعم اللّه عليّ نعمة بعد الإسلام، أعظم في نفسي من صدقي رسول اللّه حين صدقته أنا و صاحباي أن لا نكون كذبنا فهلكنا كما هلكوا، و إني لأرجو أن لا يكون اللّه أبلى أحدا في الصدق مثل الذي أبلاني، ما تعمدت لكذبة بعد، و إني لأرجو أن يحفظني اللّه فيما بقي - قال الزهري: هذا - و في حديث ابن حمدون: فهذا - ما انتهى إلينا من حديث كعب ابن مالك. قال الشيباني: هذا لفظ محمد بن يحيى عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري.
و لفظ الآخرين قريب من لفظه[10651].
رواه البخاري عن محمد بن يحيى عن ابن أبي شعيب بعضه بمعناه بلفظ آخر، و لم يسقه بتمامه.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني - بقراءتي عليه - أنبأنا أبو محمّد بن أبي طاهر - لفظا - أنبأنا أبو محمّد بن أبي نصر، و أبو نصر بن الجندي، قالا: أنبأنا أبو القاسم بن أبي العقب، أنبأنا أحمد بن إبراهيم القرشي، حدّثنا محمّد بن عائذ في قصة كعب بن مالك و تخلّفه عن غزوة
ص: 205
تبوك، قال: و قالت بنو سلمة: و اللّه ما أصبت و لا أحسنت، و لو اعتذرت لقبل منك، و لاموه فيما صنع و عجزوه (1)،فقال لهم: و اللّه لا أجمع اثنتين: أتخلّف عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و أكذب، و قد اطّلع اللّه على ما في نفسي، فقالت بنو سلمة: و اللّه إنّك لشاعر بليغ مفوّه جريء على الكلام، قال: أما على الكذب فلن اجترئ، و ذكر الحديث.
أخبرنا (2) أبو (3) غالب الماوردي، أنبأنا أبو الحسن السّيرافي، أنبأنا أحمد بن إسحاق، حدّثنا أحمد بن عمران، حدّثنا موسى بن زكريا، حدّثنا خليفة بن خيّاط (4) قال: سنة أربعين مات فيها كعب بن مالك (5).
أخبرنا أبو الحسن بن المسلّم الفرضي، أنبأنا أبو الحسين (6) بن أبي الحديد، أنبأنا جدي أبو بكر، أنبأنا أبو عبد اللّه محمّد بن يوسف بن بشر، أنبأنا محمّد بن حمّاد، أنبأنا عبد الرزّاق، أنبأنا معمر، عن قتادة في قوله تعالى: وَ آخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللّٰهِ (7) قال: هم الثلاثة الذين خلّفوا.
قال: و أنبأنا معمر عن من سمع عكرمة يقول: وَ عَلَى الثَّلاٰثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا (8) قال:
خلّفوا عن التوبة.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا أحمد بن محمّد بن أحمد، أنبأنا عيسى بن علي بن عيسى، أنبأنا عبد اللّه بن محمّد بن عبد العزيز، حدّثنا محمّد بن الفرج، حدّثنا عبد السّلام بن حرب الملائي، عن إسحاق بن عبد اللّه، عن عبد الرّحمن بن كعب بن مالك عن أبيه قال: لما نزلت توبتي قبّلت يد النّبي صلى اللّه عليه و سلم.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن جعفر بن محمّد بن أحمد بن مهران، و محمّد بن شجاع، قالا: أنبأنا عبد الوهّاب بن محمّد بن إسحاق، أنبأنا أبو محمّد الحسن بن محمّد بن أحمد، أنبأنا أحمد بن محمّد بن عمر، حدّثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، أخبرني محمّد بن الحسين قال:
سمعت أبا عبد الرّحمن الطائي يذكر عن بعض أشياخ [الأنصار] (9) عن أبي عدي العتكي (10)،
ص: 206
قال: قال كعب بن مالك في بعض أشعاره:
إن يسلم المرء من قتل و من هرم *** و ملّي (1) العيش أبلاه الجديدان
أخبرنا أبو السعود بن المجلي (2)،أنبأنا أبو الحسين بن المهتدي. ح و أخبرنا أبو الحسين بن الفرّاء، أنبأنا أبي أبو يعلى. قالا: أنبأنا أبو القاسم الصيدلاني، أنبأنا محمّد بن مخلد بن حفص قال: قرأت على [علي] (3) ابن عمرو حدّثكم الهيثم بن عدي قال: قال ابن عياش (4):في تسمية العميان من الأشراف: كعب بن مالك.
أخبرنا أبو بكر اللفتواني، أنبأنا أبو عمرو بن مندة، أنبأنا أبو محمّد، أنبأنا أبو الحسن، أنبأنا ابن أبي الدنيا، حدّثنا محمّد بن سعد (5)،حدّثنا الهيثم بن عدي قال: توفي كعب بن مالك في خلافة معاوية.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا أبو القاسم عيسى ابن علي، أنبأنا أبو القاسم البغوي قال: و بلغني أن كعب بن مالك توفي في أيام معاوية بن أبي سفيان، أحسبه بالشام، و قد ذهب بصره.
قرأت (6) على أبي محمّد السّلمي عن عبد العزيز بن أحمد، أنبأنا مكي بن محمّد بن الغمر، أنبأنا أبو سليمان بن زبر قال: قال الهيثم بن عدي، و أبو موسى محمّد بن المثنى، و المدائني: و في سنة أربعين مات أبو رافع، و حسّان بن ثابت، و كعب بن مالك (7).
[قال ابن عساكر:] (8) و قد أسلفنا القول عن الكلبي أنه مات قبل الأربعين، و ذكر قول من خالفهما في ذلك، و أنه مات سنة خمسين.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع، أنبأنا أبو عمرو بن مندة، أنبأنا أبو محمّد بن يوة، أنبأنا أبو الحسن اللّنباني (9)،حدّثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدّثنا محمّد بن سعد، أنبأنا محمّد ابن عمر، أنبأنا أيوب بن النعمان من ولده عن أبيه قال: مات كعب سنة خمسين، و هو ابن سبع و سبعين سنة (10).
ص: 207
قرأت على أبي محمّد، عن أبي محمّد، أنبأنا مكي بن محمّد، أنبأنا أبو سليمان بن زبر قال: قال الهيثم بن عدي: في هذه السنة - يعني - سنة إحدى و خمسين مات كعب بن مالك الأنصاري (1).
و قال الهيثم بن عدي: و أخبرني ابن أبي ليلى: أن كعب بن مالك توفي في هذه السنة (2)(3).
5819 - كعب بن معدان الأزدي، ثم الأشقري (4)
و الأشاقر (5):قبيلة من الأزد. أصله (6) من عمان، و سكن خراسان.
و كان أحد الشعراء الخطباء الشجعان و له في حرب الأزارقة (7) مع المهلّب آثار.
و وفد على عبد الملك بن مروان.
أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد، أنبأنا أبو بكر أحمد بن الفضل (8) بن محمّد الباطرقاني، أنبأنا أبو عبد اللّه محمّد (9)،أنبأنا أبو العباس القاسم بن القاسم بن عبد اللّه بن مهدي (10) السّيّاري قال: قال جدي أحمد بن سيّار: كعب بن معدان الشقري و هو من التابعين و هو أبو فيروز بن كعب، و قد بينّا قصة فيروز مع قصة أبيه، و كعب رجل شريف منزلهم فيما بين النهرين: نهر الرّزيق (11) و نهر ماجان (12).
قرأت على أبي محمّد السلمي عن أبي نصر بن ماكولا قال (13):أمّا الأشقري بالقاف
ص: 208
فهو كعب بن معدان الأشقري الشاعر، نزل مرو، روى عن نافع عن ابن عمر، منازله بين الرزيق و الماكان.
قرأت على أبي الفتح نصر اللّه بن محمّد الفقيه، عن أبي الفتح المقدسي، عن أبي الحسن بن السمسار، أنبأنا أبو الحسن (1) محمّد بن يوسف البغدادي، حدّثنا الحسن بن رشيق، حدّثنا يموت بن المزرّع، حدّثنا عيسى نننه (2) و أسنده إلى المدائني، قال: لما افتتح المهلّب خراسان و نفى عنها الخوارج، و تفرّقت الأزارقة، كتب الحجّاج إلى المهلّب: أن اكتب إليّ بخبر الوقعة، و اشرح لي القصة حتى كأنّي شاهدها، فلمّا قرأ المهلّب كتابه، وجّه إليه بكعب الأشقري (3)،فلمّا قدم عليه أنشده قصيدته و هي ستون بيتا، يقتصّ فيها الأزارقة لا يخرم شيئا حتى وفاه الخبر، فقال له الحجاج: أ خطيب أنت أم شاعر؟ قال: كلّ ذاك، أعزّ اللّه الأمير، فقال له الحجّاج: أخبرني عن بني المهلّب، فقال: المغيرة سيّدهم، و كفاك بزيد فارسا، و ما لفتى الأبطال مثل حبيب، و ما يستحيي شجاع أن يفرّ عن مدرك، و عبد الملك موت ناقع، و حسبك بالمفضل في النجدة، و أسمحهم قبيصة، و محمّد فليث غاب (4).
فقال له الحجّاج: ما أراك فضّلت عليهم واحدا منهم، فأخبرني عن جملتهم، و من أفضلهم، قال: هم، أعزّ اللّه الأمير كالحلقة، لا يدرى أين طرفها، فقال: إنّ خير حربكم - كان بلغني - عظيما، أ فكذلك كان ؟ قال: أعزّ اللّه الأمير، كان السماع بها دون العيان، قال:
أخبرني كيف رضى المهلّب عن بنيه ؟ و رضى بنيه عنه ؟ فقال: أعزّ اللّه الأمير، شفقة الوالد و برّ الولد، قال: أخبرني كيف فاتكم قطري ؟ قال: كدناه في منزله فتحوّل عنه، و توهم أنه قد كادنا بذلك، قال: فهلا اتّبعتموه، فقال: إنّ الكلب إذا أجحر عقر، فأطرق (5) الحجّاج مليا ثم قال له: أ كنت تهيّأت لهذا الكلام ؟ فقال: لا يعلم الغيب إلاّ اللّه، قال الحجّاج: لقد كان (6)المهلّب أعلم بك مني إذ أرسلك إليّ .
قرأت بخط أحمد بن محمّد الخلال، عن أبي الفرج علي بن الحسين الكاتب (7)،أنبأنا
ص: 209
علي بن سليمان الأخفش، حدّثنا محمّد بن يزيد. ح قال: و أنبأنا أبو الفرج قال: و أنبأنا عمي، حدّثنا (1) الكراني، حدّثنا العمري عن العتبي - و اللفظ له و خبره أتم، قالا:
أوفد المهلّب بن أبي صفرة كعب بن معدان الأشقري (2) و معه مرّة بن التليد (3) الأزدي إلى الحجّاج بخبر وقعة كانت له مع الأزارقة، فلمّا قدما عليه و دخلا داره بدر كعب بن معدان فأنشد الحجّاج قوله (4):
يا حفص إنّي عداني عنكم السّفر *** و قد سهرت فآذى عيني السّهر
علّقت يا كعب بعد الشيب غانية *** و الشيب فيه عن الأهواء مزدجر
أ ممسك أنت عنها بالذي عهدت *** أم حبلها إذا نأتك اليوم منبتر
ذكرت خودا (5) بأعلى الطّفّ منزلها *** في غرفة دونها الأبواب و الحجر
و قد تركت بشط الزابيين (6) لها *** دار بها يسعد البادون و الحضر
و اخترت دارا بها حيّ (7) أسرّ بهم *** ما زال فيهم لمن نختارهم حضر
أبا سعيد فإنّي سرت منتجعا *** أرجو نوالك لمّا مسّني الضرر (8)
لما نبت بي بلاد سرت منتجعا *** و طالب الخير مرتاد و منتظر
لو لا المهلّب ما زرنا بلادهم *** ما دامت الأرض فيها الماء و الشجر
و ما من الناس من حيّ علمتهم *** إلاّ يرى فيه من سيبكم (9) أثر
أحييتهم بسجال من يديك (10) كما *** تحيى البلاد إذا ما جاءها المطر
ص: 210
إنّي لأرجو إذا ما فاقة نزلت *** فضلا من اللّه في كفّيك يبتدر
و هي قصيدة طويلة قد ذكرها الراوون في الخبر، فتركت ذكرها لطولها، يقول فيها:
فما تجاوز باب الجسر من أحد *** قد عضّت الحرب أهل المصر فانجحروا (1)
كنّا نهوّن قبل اليوم شأنهم *** حتى تفاقم أمر كان يحتقر
لمّا وهنّا و قد حلّوا بساحتنا *** و استنفر الناس تارات فما نفروا
نادى امرؤ لا خلاف في عشيرته *** عنه و ليس له عن مثلها قصر
حتى انتهى إلى قوله بعد وصفه وقائعهم مع المهلّب في بلد بلد و أمرهم فيها:
خبّوا كمينهم بالسفح إذ نزلوا *** بكازرون (2) فما عزّوا و لا نصروا
باتت كتائبنا تردي مسوّمة *** حول المهلب حتى نوّر القمر
هناك ولّوا خزايا بعد ما هزموا *** و حال دونهم الأنهار و الجدر
تأبى علينا حزازات النفوس فما *** نبقي عليهم و لا يبقون إذ قدروا
فضحك الحجّاج و قال له: إنّك لمنصف يا كعيب، ثم قال له الحجّاج: أ خطيب أنت أم شاعر؟ قال: شاعر خطيب (3)،قال: كيف كانت حالكم مع عدوكم ؟ قال: كنا إذا لقيناهم فعفونا و عفوهم،[فعفوهم] (4) تأنيس (5) منهم و إذا (6) لقيناهم بجهدنا و جهدهم طمعنا فيهم، قال: فكيف كان بنو المهلب ؟ قال: حماة الحريم نهارا (7)،و فرسان الليل تيقظا، قال: فأين السماع (8) من العيان ؟ قال: السماع دون العيان، قال: صفهم رجلا رجلا، قال: المغيرة فارسهم و سيّدهم، نار ذاكية، و صعدة عالية، و كفى (9) بيزيد فارسا شجاعا، ليث غاب، و بحر جمّ العباب، و جوادهم قبيصة، ليث المغار، و حامي (10) الذمار، و لا يستحي الشجاع أن يفرّ من مدرك، و كيف لا يفرّ من الموت الحاضر، و الأسد الخادر، و عبد الملك سم ناقع
ص: 211
و سيف (1) قاطع و حبيب الموت الذعاف، إنّما هو طود شامخ، و فخر باذخ، و أبو عيينة (2) البطل الهمام، و السيف (3) الحسام، و كفاك بالمفضل نجدة، ليث هدار و بحر موّار (4)،و محمّد ليث غاب، و حسام ضراب، قال: فأيهم أفضل ؟ قال: هم كالحلقة المفرغة لا يعرف طرفاها، قال:
فكيف جماعة الناس ؟ قال: على أحسن حال، أدركوا ما رجوا، و أمنوا ما خافوا، و أرضاهم العدل، و أغناهم النفل، قال: فكيف رضاهم بالمهلّب ؟ قال: أحسن رضا، و كيف لا يكون كذلك و هم لا يعدمون منه إشفاق الوالد، و لا يعدم منهم برّ الولد، قال: فكيف فاتكم قطري ؟ قال: كدناه فتحوّل عن منزله و ظنّ أنه قد كادنا، قال: أ فلا اتّبعتموه، قال: حال الليل بيننا و بينه، فكان التحرز، إلى أن يقع العيان، و يعلم امرؤ ما يصنع، أحزم و كان الحدّ عندنا آثر من الفلّ ، فقال له: المهلب كان أعلم بك حيث بعثك، و أمر له بعشرة آلاف درهم، و حمله على فرس، و أوفده (5) إلى عبد الملك، فقدم كعب على عبد الملك فاستنطقه و استنشده فأعجبه ما سمع منه، فأوفده إلى الحجّاج و كتب إليه يقسم عليه أن يعفو عنه.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، أنبأنا رشأ بن نظيف، أنبأنا الحسن بن إسماعيل، أنبأنا أحمد بن مروان قال: أنشدنا ابن قتيبة لكعب الأشقري في قتيبة بن مسلم (6):
لا يدرك الناس ما قدمت من حسن *** و لا يفوتك مما قدّموا شرف
أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، و أبو الوحش سبيع بن المسلّم عن رشأ بن نظيف - و نقلته من خطه - أنبأنا أبو مسلم محمّد بن علي الكاتب، أنبأنا أبو بكر محمّد بن الحسن بن دريد، أنبأنا ابن أبي حاتم عن أبي عبيدة قال:
لما عزل يزيد بن المهلّب عن خراسان و ولّي قتيبة قال كعب الأشقري:
ذهب الكرام المفضلون *** فهذا العام لا رعد و لا برق
ص: 212
و نرى مياه الأرض غائصة *** و نرى سحابا ما له و دق
لا فضل يرجى عند ذي سعة *** كيلا يدرّ لمرضع عرق
يبدي و لا (1) كفّ يجاد بها *** بعطاء ذي فقر و لا رزق
بلغني عن المدائني (2) أن يزيد [بن] المهلب حبس كعبا لهجاء بلغه عنه، و دسّ إليه ابن أخ له فقتله بعمان لأنه هرب من خراسان إليها، و كان بين كعب و بين أخيه (3) مهاجاة، و قيل إن زياد بن المهلب هو الذي دس إليه في فتنة يزيد بن المهلب.
حكى عن عثمان بن حصن بن علاق. حكى عنه محمّد بن عائذ الدمشقي.
5821 - كلثوم بن زياد أبو عمرو المحاربي الدّاراني (4).(5)
مولى سليمان بن حبيب. ولي القضاء بدمشق بعد سليمان بن حبيب (6).
روى (7) عن أبي مسلم الخولاني، و سليمان بن حبيب، و شداد أبي عمار، و إسماعيل ابن عبيد اللّه بن أبي المهاجر (8)،و أبي كثير المحاربي، و يحيى بن أبي كثير اليمامي.
روى عنه: الوليد بن مسلم، و الوليد بن مزيد، و محمّد بن شعيب، و محمّد بن ربيعة، و أبو مسهر، و الحسن (9) بن يحيى الخشني، و عبد اللّه بن يوسف التّنّيسي، و عبد السّلام بن حرب، و إبراهيم بن أبي حنيفة اليمامي، و مروان بن محمّد.
ص: 213
أنبأنا أبو علي الحدّاد، و حدّثني أبو مسعود الأصبهاني عنه، أنبأنا أبو نعيم الحافظ ، حدّثنا سليمان بن أحمد (1)،حدّثنا بكر بن سهل، حدّثنا عمرو بن هاشم البيروتي، عن الأوزاعي، حدّثنا سليمان بن حبيب المحاربي، عن أبي أمامة الباهلي قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«ثلاث من كان فيه (2) واحدة منهن كان ضامنا على اللّه: من خرج في سبيل اللّه كان ضامنا على اللّه، إن توفّاه أدخله الجنّة، و إن ردّه إلى أهله فبما نال (3) من أجر أو غنيمة، و رجل كان في المسجد فهو ضامن على اللّه [إن توفّاه أدخله] (4) الجنّة، و إن ردّه إلى أهله فبما نال من أجر أو غنيمة (5)،و رجل دخل بيته بسلام، فهو ضامن على اللّه»[10652].
قال: و حدّثنا بكر بن سهل، حدّثنا عبد اللّه بن يوسف، حدّثنا كلثوم بن زياد، عن سليمان بن حبيب، عن أبي أمامة عن النّبي صلى اللّه عليه و سلم مثله.
أنبأنا أبو محمّد هبة اللّه بن أحمد المزكي، حدّثنا عبد العزيز بن أحمد التميمي، و القاضي أبو المكارم محمّد، و أبو الفتيان محمّد، أنبأنا سلطان بن محمّد بن حيوس، و أبو الحسن محمّد بن إبراهيم بن حذلم الأسدي - قراءة - قالوا: أنبأنا القاضي أبو نصر محمّد بن أحمد بن هارون بن الجندي، أنبأنا الحسن بن منير التنوخي، حدّثنا جعفر بن أحمد بن عاصم، حدّثنا هشام بن عمّار، حدّثنا الوليد، حدّثنا الأوزاعي و كلثوم بن زياد قالا: حدّثنا أبو كثير قال: سمعت أبا هريرة يقول:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«الخمر (6) من هاتين الشجرتين: النخلة و العنبة»[10653].
أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي، أنبأنا أبو محمّد عبيد اللّه بن عبد الواحد بن أبي الحديد، أنبأنا أبو محمّد عبد الرّحمن بن عثمان، أنبأنا خيثمة بن (7) سليمان، أنبأنا العباس بن الوليد بن مزيد البيروتي، أخبرني أبي الوليد بن مزيد، حدّثني أبو عمرو كلثوم بن (8) زياد
ص: 214
مولى زياد بن حبيب (1)،فذكر كتاب الديات.
أخبرنا أبو الغنائم محمّد بن علي، ثم حدّثنا أبو الفضل محمّد بن ناصر، أنبأنا أبو الفضل أحمد بن خيرون، و ابن الطّيّوري (2)،و أبو الغنائم - و اللفظ له - قالوا: أنبأنا عبد الوهّاب بن محمّد - زاد أحمد: و أبو الحسين بن الحسن قالا:- أنبأنا أبو بكر أحمد بن (3)عبدان، أنبأنا أبو الحسن محمّد بن سهل، أنبأنا البخاري قال (4):
كلثوم بن زياد أبو عمرو، سمع إسماعيل بن أبي المهاجر (5)،روى عنه محمّد بن ربيعة، و الوليد بن مسلم.
أخبرنا أبو الحسين القاضي - إذنا - و أبو عبد اللّه بن (6) عبد الملك - مشافهة - قالا: أنبأنا أبو القاسم بن مندة، أنبأنا أبو علي - إجازة-. ح قال: و أنبأنا أبو طاهر بن سلمة، أنبأنا (7) علي بن محمّد.
قالا: أنبأنا أبو محمّد بن أبي حاتم قال (8):كلثوم بن زياد أبو عمرو، روى عن سليمان بن حبيب، و أبي (9) كثير يزيد بن عبد الرّحمن السحيمي، و شداد أبي عمّار، و إسماعيل بن عبيد اللّه بن أبي المهاجر، روى عنه الوليد بن مسلم، و عبد السّلام بن حرب، و محمّد بن شعيب، و الوليد بن مزيد (10)،و محمّد ابن ربيعة، و أبو مسهر، و عبد اللّه بن يوسف التّنّيسي، و إبراهيم بن أبي حنيفة سمعت أبي يقول ذلك.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن العبّاس، أنبأنا أحمد بن منصور بن خلف، أنبأنا أبو سعيد بن حمدون، أنبأنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلما يقول: أبو عمرو كلثوم بن زياد سمع إسماعيل بن إبراهيم بن المهاجر، و سليمان بن حبيب، روى عنه الوليد بن مسلم، و إبراهيم بن أبي حنيفة.
[قال ابن عساكر:] (11) كذا فيه، و هو وهم، و صوابه إسماعيل بن عبيد اللّه بن أبي المهاجر.
ص: 215
قرأت على أبي الفضل بن ناصر، عن جعفر بن يحيى، أنبأنا أبو نصر الوائلي، أنبأنا الخصيب بن عبد اللّه، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرّحمن، أخبرني أبي قال: أبو عمرو كلثوم بن زياد.
قرأنا (1) على أبي الفضل أيضا، عن أبي (2) طاهر الخطيب، أنا هبة اللّه بن إبراهيم بن عمر، أنا أبو بكر المهندس، نا أبو بشر الدولابي (3)،قال: أبو عمرو كلثوم بن زياد].
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، حدّثنا أبو محمّد الكتاني، أنبأنا أبو القاسم تمام بن محمّد، أنبأنا أبو عبد اللّه الكندي، حدّثنا أبو زرعة قال في ذكر نفر ثقات: كلثوم بن زياد مولى سليمان بن حبيب.
أخبرنا أبو غالب بن البنّا، أنبأنا أبو الحسين بن الآبنوسي، أنبأنا أبو القاسم بن عتّاب، أنبأنا أحمد بن عمير - إجازة-. ح و أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد، أنبأنا أبو عبد اللّه بن أبي الحديد، أنبأنا أبو الحسن الربعي، أنبأنا عبد الوهّاب الكلابي، أنبأنا أحمد بن عمير - قراءة. قال: سمعت ابن سميع يقول في الطبقة الخامسة: كلثوم بن زياد مولى سليمان.
أنبأنا أبو جعفر بن أبي علي، أنبأنا أبو بكر الصفّار، أنبأنا أحمد بن علي بن منجويه، أنبأنا أبو أحمد الحاكم قال: أبو عمرو كلثوم بن زياد، سمع إسماعيل بن (4) أبي المهاجر، و الزهري، و أبا ثابت سليمان بن حبيب المحاربي، روى عنه الوليد بن مسلم، و إبراهيم بن أبي حنيفة (5)،كنّاه البخاري.
أخبرنا (6) أبو الحسن علي بن (7) المسلّم الفرضي، و أبو يعلى حمزة بن علي، قالا:
أنبأنا سهل بن بشر، أنبأنا أبو (8) الحسن بن منير، أنبأنا أبو الحسن محمّد بن رشيق، حدّثنا (9)أبو عبد الرّحمن النسائي قال: كلثوم بن زياد ضعيف، يروي (10) عن سليمان بن حبيب (11).
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا أبو القاسم بن مسعدة، أنبأنا حمزة بن
ص: 216
يوسف (1)،أنبأنا أبو أحمد بن عدي قال (2):كلثوم بن زياد عن سليمان بن حبيب، سمعت ابن حمّاد يذكر عن أحمد بن شعيب (3) النسائي أنه ضعيف، قال ابن عدي: و كلثوم [بن زياد] (4) ليس له من الحديث إلاّ اليسير.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، حدّثنا أبو محمّد الكتاني، أنبأنا أبو الحسن علي بن محمّد بن طوق، أنبأنا عبد الجبّار (5) بن محمّد بن مهنّى قال (6):كلثوم بن زياد و كان كاتبا لسليمان بن حبيب المحاربي، و ولي القضاء بعد موت سليمان، و كان فاضلا خيارا.
قرأت على أبي الفضل السلامي، عن جعفر المكي، أنبأنا عبيد اللّه الوائلي، أخبرني الخصيب، أخبرني عبد الكريم، أخبرني أبي، أنبأنا أحمد بن حرب، عن محمّد بن ربيعة، عن كلثوم بن زياد، قال: سألت الزهري عن رجل تزوج أمة ثم اشتراها على أيّ شيء تكون عنده ؟ قال: سريّة.
ذكر محمّد بن خلف وكيع عن محمّد بن أحمد بن معدان عن الهيثم بن مروان عن (7)أبي مسهر قال: كان محمّد بن لبيد يقضي على الجند - يعني - جند دمشق حتى هرب مروان ابن محمّد ثم أفضى الأمر إلى بني هاشم، فولّوا القضاء كلثوم بن عبد اللّه الحكمي، ثم عزل و وليّ محمّد بن لبيد فهلك، و ولّي سالم بن عبد اللّه المحاربي في خلافة أبي العباس.
بن عامر بن صعصعة القشيري (8)
ولي دمشق لهشام بن عبد الملك، ثم ولي غزو المغرب، فقتل هناك.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأنا أبو بكر البيهقي، أنبأنا أبو عبد اللّه الحافظ ،
ص: 217
أنبأنا الحسن (1) بن محمّد بن إسحاق، حدّثنا أبو عثمان الخيّاط (2)،حدّثنا أحمد بن أبي الحواري، حدّثنا إسحاق بن إبراهيم أبو يعقوب، حدّثنا الهيثم بن عمران قال: سمعت كلثوم بن عياض القشيري و هو على منبر دمشق ليالي هشام و هو يقول: من آثر اللّه آثره اللّه، فرحم اللّه عبدا استعان بنعمته على طاعته، و لم يستعن بنعمته على معصيته، فإنّه لا يأتي على صاحب الجنّة ساعة إلاّ و هو مزاد صنفا من النعيم لا يكون يعرفه، و لا يأتي على صاحب العذاب (3) ساعة إلاّ و هو مستنكر لشيء من العذاب لم يكن يعرفه.
أخبرنا أبو (4) الحسن علي بن المسلّم الفقيه، و علي بن زيد المؤدب قالا: أنبأنا أبو الفتح نصر بن إبراهيم - زاد ابن المسلّم: و أبو محمّد عبد اللّه (5) بن عبد الرزّاق قالا:- أنبأنا محمّد بن عوف بن أحمد بن محمّد، أنبأنا الحسن بن منير بن محمّد بن منير، حدّثنا محمّد ابن خريم بن محمّد، حدّثنا هشام بن عمّار، حدّثنا الهيثم بن (6) عمران قال: سمعت كلثوم بن عياض القشيري أمير دمشق في آخر خلافة هشام بن عبد الملك (7) يخطب يوم الجمعة هذه الخطبة:
الحمد للّه نحمده و نستعينه، و نعوذ باللّه من شرور أنفسنا، و من (8) سيّئات أعمالنا، من يطع اللّه و رسوله فقد رشد، و من يعصهما فقد غوى، أسأل اللّه ربّنا و ربّ (9) كلّ شيء أن يجعلنا و إيّاكم ممن يطيعه و يطيع رسوله، و يتبع رضوانه، و يجتنب سخطه (10)،فإنّما نحن به و له، أوصيكم بتقوى اللّه و إيثار طاعته، فإنّه من آثر اللّه آثر اللّه، و من عمل (11) بأمر اللّه أرشده اللّه، و من ترك ذلك لم يضرر إلاّ نفسه، و لم ينقص إلاّ حظه، و وجد اللّه غنيا حميدا، اتّقوا اللّه وصية اللّه في الأولين و الآخرين من عباده، و أحقّ الوصايا أن يحافظ عليها، و ينتفع بها وصية اللّه، قال اللّه تبارك و تعالى:
ص: 218
وَ لَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتٰابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ إِيّٰاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللّٰهَ وَ إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلّٰهِ مٰا فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ مٰا فِي الْأَرْضِ وَ كٰانَ اللّٰهُ غَنِيًّا حَمِيداً (1) من أراد يدرك آخر ما رغب اللّه فيه، و ينجو من أسوأ ما خوف اللّه منه، فليتّق اللّه في السّرّ و العلانية، فإنّ اللّه جعل العاقبة للمتّقين، و ليسمع و ليطع، فإن اللّه يقول: وَ إِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا (2) و ليذكر اللّه كثيرا، فإنّ اللّه جعل للذاكرين اللّه مغفرة و أجرا عظيما. أسعد الناس بقضاء اللّه في الأمور كلها المؤمن؛ إن كان قضاء اللّه فيما يوافق هواه حمد اللّه و شكر، فاستوجب على اللّه ما يجزي الصابرين. إنّ اللّه لم يدع لأحد عليه حجة من كل شيء على الخير، و يسره، و بين الشر و حذره، فلو أن أدناكم علما أتى بما عنده من العلم أمة من الناس كفارا، كثيرا عددهم، شديدا بأسهم، شديدا كفرهم، فأمرهم بما يعلم مما يحب اللّه، و نهاهم عما يعلم مما يكره اللّه، فأطاعوه دخلوا الجنّة أجمعون، فلا يهلكن (3) امرؤ على ما قد علم رد امرئ على نفسه ثم أكثر الرغبة إلى اللّه في أن يحسن هداه، و توبته رشده؛ فإنه من يشاء اللّه يضلله و من يشاء يجعله على صراط مستقيم، أبصر امرؤ، و البصر ينفعه (4)،و عقل، و العقل ينفعه، فإن اللّه يقول في آي تترى من القرآن أَ فَلاٰ يُبْصِرُونَ (5)أَ فَلاٰ يَعْقِلُونَ (6)، فَأَنّٰى تُؤْفَكُونَ (7)تفكّر امرؤ لما خلق له الفراغ أم لعمل الشقاء أم لسعادة ؟ الجنّة أم لنار؟ و ليتذكر فجأة [سكرة] (8) الموت (9) و شدته و انقطاع العمل عنده، و ليتذكر من بعد الموت ما هو أشدّ من الموت بما خوف (10) اللّه تبارك و تعالى من يوم القيامة من شدّته و طوله و عبوسه و قمطراره و استطارة شرر ناره، قال (11) اللّه تبارك و تعالى: إِنَّ هٰؤُلاٰءِ يُحِبُّونَ الْعٰاجِلَةَ وَ يَذَرُونَ وَرٰاءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً (12) اللّهمّ صلّ (13) على محمّد عبدك و نبيك، اللّهم أعظم برهانه، و شرّف بنيانه، و اجعله أعظم عبادك (14) عليك حقا و أقربهم منك مجلسا و أكثرهم يوم يلقاك تابعة، و السلام
ص: 219
عليكم و رحمة اللّه (1) و بركاته (2).
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفقيه، أنبأنا (3) أبو الفتح نصر بن إبراهيم الزاهد، و أبو محمّد عبد اللّه بن عبد الرزّاق (4)(5).ح و أخبرنا (6) أبو الحسن علي بن زيد بن علي،
ص: 220
أنبأنا أبو الفتح الزاهد. قالا: أنبأنا أبو الحسن محمّد بن عوف بن أحمد، أنبأنا أبو علي الحسن بن منير، حدّثنا محمّد بن خريم (1)،حدّثنا أبو الوليد هشام بن عمّار، حدّثنا الهيثم بن عمران قال: رأيت كلثوم بن عياض القشيري يخطب يوم الجمعة ثم رفع يديه في خطبته، و يدعو، و يأمر الناس فيدعو، ثم يصلّي الجمعة فإذا كان قبل أن يركع في الناس (2) قنت و يقنت الناس معه، ثم يركع، قال هشام بن عمّار: لا يؤخذ به.
ص: 221
و كان كلثوم بن عياض يقول في خطبته الآخرة حين يريد أن يقوم: هذا بلاغ للناس و لينذروا به إلي، و ليذكر أولو الألباب، و قال: إنّ في هذا لبلاغا لقوم عابدين، و قال لنبيّه عليه السلام: وَ مٰا أَرْسَلْنٰاكَ إِلاّٰ رَحْمَةً لِلْعٰالَمِينَ (1)و قال: لا يأتي على صاحب النار حال إلاّ و هو يستكثر فيها مزيدا من العذاب على أن لا يقضي عليهم فيموتوا، قال اللّه تعالى لأهل النار حين بلغهم جهد العذاب: فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلاّٰ عَذٰاباً (2)و كان يقول تفكر امرئ لما خلق الفراغ أم لشغل الشقاء؟ أم لسعادة الجنّة أم لنار؟ ثم ليتذكر فجأة الموت و شدته و انقطاع [العمل] (3)عنده و ليتذكر من عهده به حديث من أهل قرابته، و أهل ودّه و أهل لطفه كانوا ... (4)معا لا يدرون أيهم أقرب هذا السالك سبيل الموت لعله أن يكون كان أحدثهم سنّا و أظهرهم صحة و أطولهم أملا، أمسى و أصبح لا يسمع و لا يستطيع أن يزيد في حسنة و لا يستعتب من سيئة هذا الباقي بعده يعلم أنه سالك سبيل صاحبه من الموت، ما هو أشد من الموت مما خوف اللّه من يوم القيامة من شدته و طوله و عبوسه و قمطراره و استطارة شرر ناره قال اللّه عز و جلّ : إِنَّ هٰؤُلاٰءِ يُحِبُّونَ الْعٰاجِلَةَ وَ يَذَرُونَ وَرٰاءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً ،يوم تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمّٰا أَرْضَعَتْ وَ تَضَعُ كُلُّ ذٰاتِ حَمْلٍ حَمْلَهٰا وَ تَرَى النّٰاسَ سُكٰارىٰ وَ مٰا هُمْ بِسُكٰارىٰ وَ لٰكِنَّ عَذٰابَ اللّٰهِ شَدِيدٌ (5)يوم المجادلة و العرض، يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجٰادِلُ عَنْ نَفْسِهٰا وَ تُوَفّٰى كُلُّ نَفْسٍ مٰا عَمِلَتْ وَ هُمْ لاٰ يُظْلَمُونَ (6)هذا الذي يجادل عن نفسه، إن قال صادقا حين يسأل، فإن اللّه يقول: وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ (7)و قال: لاٰ يُسْئَلُ عَمّٰا يَفْعَلُ وَ هُمْ يُسْئَلُونَ (8)،و قال: فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمّٰا كٰانُوا يَعْمَلُونَ (9)قال صادقا كنت أقيم الصلاة و آتي الزكاة و أصوم رمضان و أحج البيت إن وجدت إليه سبيلا، و أمر بالمعروف و أنهى عن المنكر، و أحل الحلال و احرم الحرام لقى كتابه فأخذه بيمينه فقال لمن يخاطبه من أمر اللّه: هٰاؤُمُ اقْرَؤُا كِتٰابِيَهْ ، إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاٰقٍ حِسٰابِيَهْ (10)،قال اللّه تعالى: فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رٰاضِيَةٍ ، فِي جَنَّةٍ عٰالِيَةٍ ، قُطُوفُهٰا دٰانِيَةٌ (11)،و أما الذي اتبع هواه، و كان أمره فرطا فلقي كتابه
ص: 222
بشماله (1)،من وراء ظهره، فنظر فيه إلى الصغيرة و الكبيرة من عمله مما كان يعمل مما كان يبدو اللّه و يخفى على الناس، فحلف باللّه مجتهدا لقد ظلم في هذا الكتاب و زيد عليه فيه: فإن اللّه يقول: يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللّٰهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمٰا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلىٰ شَيْ ءٍ أَلاٰ إِنَّهُمْ هُمُ الْكٰاذِبُونَ ، اِسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطٰانُ فَأَنْسٰاهُمْ ذِكْرَ اللّٰهِ أُولٰئِكَ حِزْبُ الشَّيْطٰانِ أَلاٰ إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطٰانِ هُمُ الْخٰاسِرُونَ (2)قيل ما تريد؟ قال: أريد بينة عدل فيختم على فيه و أمرت جوارحه و يداه و رجلاه و سمعه و بصره فينطقن (3)و يشهدن (4)باللّه أن ما في هذا الكتاب لحق، ما ظلم و لا زيد عليه فيه، فلما فرغن من شهادتهن، قيل: تكلم، فأقبل عليهن، فقال: لم شهدتك عليّ ؟ قالوا: أنطقنا اللّه الذي أنطق كل شيء، و هو خلقكم أول مرة و إليه ترجعون و ما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم و لا أبصاركم و لا جلودكم و لكن ظننتم أن اللّه لا يعلم كثيرا مما تعملون و ذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم، أرداكم فأصبحتم من الخاسرين فإن يصبروا فالنار مثوى لهم و إن يستعتبوا فما هم من المعتبين، و قال: اَلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلىٰ أَفْوٰاهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنٰا أَيْدِيهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمٰا كٰانُوا يَكْسِبُونَ (5)فبلغ أن ببان (6)ثوابهم الجحيم طعامهم فيها الغسلين و الزقوم و شرابهم فيها الحميم و الصديد، قال اللّه تعالى: يَتَجَرَّعُهُ وَ لاٰ يَكٰادُ يُسِيغُهُ ، وَ يَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكٰانٍ وَ مٰا هُوَ بِمَيِّتٍ وَ مِنْ وَرٰائِهِ عَذٰابٌ غَلِيظٌ (7)،و كان يقول:
أبصر امرؤ و البصر ينفعه، و عقل و العقل ينفعه، فإن اللّه تبارك و تعالى يقول في آي من القرآن تترى: أَ فَلاٰ يُبْصِرُونَ ، أَ فَلاٰ يَعْقِلُونَ ، فَأَنّٰى تُؤْفَكُونَ إن المعاصي من الهلكان، إنما جعل اللّه إبليس شيطانا رجيما مدحورا بسجدة أمر أن يسجدها فاستكبر عنها، و إنما أخرج اللّه تبارك و تعالى آدم من الجنة لأكلة نهى أن يأكلها فأكل منها. قال اللّه عز و جلّ : وَ عَصىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوىٰ (8)و إنما جعل اللّه قوما قردة، و قال ابن فضيل: و إنما جعل اللّه اليهود قردة خاسئين ليوم نهوا أن يعتدوا فيه، فاعتدوا فيه، فإن اللّه قال: وَ سْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كٰانَتْ حٰاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتٰانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَ يَوْمَ لاٰ يَسْبِتُونَ لاٰ تَأْتِيهِمْ كَذٰلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمٰا كٰانُوا يَفْسُقُونَ ، وَ إِذْ قٰالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللّٰهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ
ص: 223
عَذٰاباً شَدِيداً. قٰالُوا: مَعْذِرَةً إِلىٰ رَبِّكُمْ وَ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ فَلَمّٰا نَسُوا مٰا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَ أَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذٰابٍ بَئِيسٍ بِمٰا كٰانُوا يَفْسُقُونَ . فَلَمّٰا عَتَوْا عَنْ مٰا نُهُوا عَنْهُ قُلْنٰا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خٰاسِئِينَ (1) .
فأيكم هذا الذي لم يأت - زاد ابن فضيل: منا هي، و قالا: من آثام اللّه و مساخطه ما هو أعظم من ترك سجدة أو أكلة أو من اعتدى في يوم لكن اللّه يقول: إِنَّمٰا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصٰارُ، مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لاٰ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَ أَفْئِدَتُهُمْ هَوٰاءٌ. وَ أَنْذِرِ النّٰاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذٰابُ (2).
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، حدّثنا أبو محمّد التميمي، أنبأنا أبو القاسم البجلي، أنبأنا أبو عبد اللّه الكندي، حدّثنا أبو زرعة قال: كلثوم بن عياض عامل هشام على جند دمشق، ذكره في الطبقة الثالثة.
أخبرنا أبو غالب أحمد بن أبي علي، أنبأنا أبو الحسين الصّيرفي، أنبأنا عبد اللّه بن عتّاب، أنبأنا أبو الحسن بن جوصا - إجازة-. ح و أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد، أنبأنا الحسن بن أحمد، أنبأنا أبو الحسن علي ابن الحسن، أنبأنا عبد الوهّاب بن الحسن، أنبأنا ابن جوصا - قراءة. قال: سمعت أبا الحسن بن سميع يقول في الطبقة الرابعة: كلثوم بن عياض القشيري، دمشقي.
أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن، أنبأنا أبو الحسن السّيرافي، أنبأنا أحمد بن إسحاق، حدّثنا أحمد بن عمران، حدّثنا موسى، حدّثنا خليفة قال (3):
و فيها - يعني - ثلاث و عشرين و مائة قدم كلثوم بن عياض واليا على إفريقية في أوّل شعبان، فسار حتى نزل تلمسين (4).
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو بكر بن الطبري، أنبأنا أبو الحسين بن الفضل، أنبأنا عبد اللّه بن جعفر، حدّثنا يعقوب قال: قال ابن بكير: قال الليث:
و في سنة اثنتين و عشرين و مائة غزا حسان بن عتاهية على أهل مصر، و غزا أهل الشام
ص: 224
على الجماعة كلثوم بن عياض، و أمر كلثوم على إفريقية و نزع عبيد اللّه بن الحبحاب.
كتب إليّ أبو محمّد حمزة بن العبّاس، و أبو الفضل أحمد بن محمّد، و حدّثني أبو بكر اللفتواني، أنبأنا أبو الفضل، قالا: أنبأنا أبو بكر الباطرقاني، أنبأنا أبو عبد اللّه بن مندة. ح و حدّثني أبو بكر أيضا قال: أنبأني أبو عمرو بن مندة، عن أبيه أبي عبد اللّه، قال: قال لنا أبو سعيد بن يونس: كلثوم بن عياض القشيري عامل هشام على إفريقية و كان مقتله في ذي الحجة سنة ثلاث و عشرين و مائة، و ذكر أبو جعفر الطبري: أنه قتل سنة اثنتين و عشرين (1).
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو بكر بن اللاّلكائي، أنبأنا أبو الحسين بن الفضل، أنبأنا عبد اللّه بن جعفر، حدّثنا يعقوب قال: قال ابن بكير: قال الليث بن سعد:
و في سنة أربع و عشرين و مائة قتل كلثوم أمير إفريقية و من صبر معه، قتلهم ميسرة (2)و أصحابه و أمر حنظلة بن صفوان على أهل إفريقية.
أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن، أنبأنا محمّد بن علي، أنبأنا أحمد بن إسحاق، حدّثنا أحمد بن عمران، حدّثنا موسى، حدّثنا خليفة قال (3):سنة أربع و عشرين و مائة فيها مات ميسرة الحقير الصفري ببلاد المغرب، و افترقت الصفرية فرقتين: فرقة عليها خالد بن حميد و فرقة عليها سالم أبو (4)يوسف الأزدي، فسار إليهم كلثوم بن عياض و اجتمعا جميعا فلقيه (5)كلثوم بن عياض على واد (6)من أودية طنجة، فقتل كلثوم و محمّد بن عبيد اللّه الأزدي، و يزيد بن سعيد بن عمرو الحرشي، و حبيب بن أبي عبيدة (7)،و استباحوا عسكر كلثوم و سبوا الذرية، و انهزم بلج بن بشر ابن عم كلثوم بالناس فاتّبعهم أبو يوسف و خالد بن حميد، و في ساقة بلج بن بشر حسّان بن عتاهية (8)،فلمّا غشوه قاتلهم و صبر لهم و قتلهم
ص: 225
و هزمهم، و قتل أبو يوسف و ناس كثير من الصفرية، و مضت الصفرية على هزيمتها و مضى بلج و أصحابه فنزلوا الحصن.
[ذكر من اسمه] (1)كلياتكين
ولي إمرة دمشق في أيام المتوكل خلافة للفتح بن خاقان (4).
قرأت بخط أبي الحسين الرازي، سمعت أبا عبيدة أحمد بن عبد اللّه بن ذكوان يقول:
إنّ جعفرا (5)المتوكل لمّا أن نزل دمشق في قصره بداريا، و همّ بالرحيل عنها - و كان مقامه بها من يوم وردها إلى أن خرج عنها ثمانية و أربعين يوما - عقد للفتح بن خاقان على دمشق يوم الأحد لخمس ليال بقين من شهر ربيع الأوّل سنة أربع و أربعين و مائتين، و عزل عنها صالح العباسي، و ولى الفتح بن خاقان دمشق كلياتكين.
5825 - كليب بن أده اليماني الأبناوي (6)
نزل دمشق. له ذكر، و لم يقع له إليّ رواية و لا أذكر إلاّ فيما:
أنبأنا أبو عبد اللّه الحسين بن عبد الملك، و أبو الحسين الأبرقوهي، قالا: أنبأنا أبو القاسم بن مندة، أنبأنا أبو علي - إجازة-. ح قال: و أنبأنا أبو طاهر بن سلمة، أنبأنا علي بن محمّد.
قالا: أنبأنا أبو محمّد بن أبي حاتم (7)،قال: كليب بن أدة من أهل اليمن، نزل من
ص: 226
دمشق من الأبناء، توفي في زمن معاوية، روى عنه الشاميون، سمعت أبي يقول ذلك.
5826 - كليب بن علي بن الحسن أبو الفتح البزّاز (1)
حدّث عن حديد بن جعفر الرماني. روى عنه: عليّ (2)الحنّائي.
قرأت بخط أبي الحسن الحنّائي، أنبأنا أبو الفتح كليب بن علي بن الحسن البزّاز الشيخ الصالح، أنبأنا عبد اللّه بن جعفر الرماني، حدّثنا خيثمة بن سليمان، حدّثنا محمّد بن عوف بن سفيان (3)الطائي، حدّثنا مروان بن محمّد الطّاطري، حدّثنا سليمان بن بلال، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة عن النّبي صلى اللّه عليه و سلم قال:«نعم الإدام الخلّ »[10654].
[قال ابن عساكر:] (4)عبد اللّه هو حديد بن جعفر، دلّسه الحنّائي لنزوله، و لهذا الحديث عندي طرق عالية في الموافقات.
5827 - كليب بن عيسى بن أبي حجير الثّقفي (5)
روى عن سعيد بن عبد العزيز، و زجلة (6)مولاة عاتكة.
روى عنه: الهيثم بن خارجة.
أخبرنا أبو القاسم هبة اللّه بن عبد اللّه، أنبأنا أبو بكر الخطيب، أنبأنا أبو العلاء محمّد ابن الحسن بن محمّد الورّاق، حدّثنا إسماعيل بن محمّد الصفّار، حدّثنا محمّد بن إسحاق الصّغاني، حدّثنا الهيثم بن خارجة، حدّثنا كليب بن عيسى بن أبي حجير قال: سمعت زجلة قالت: سمعت سالما أو نافعا يحدّث عن ابن عمر قال:
قال النّبي صلى اللّه عليه و سلم:«من أحبّ أن يلقى اللّه غدا مسلما فليحافظ على الصلوات الخمس حيث حيث بهن»[10655].
أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد، أنبأنا أبو نعيم الحافظ . ح و أخبرنا أبو الفتح الحداد، أنبأنا أبو الحسن عبد الرّحمن بن محمّد بن عبيد اللّه.
قالا: أنبأنا سليمان بن أحمد الطّبراني، حدّثنا معاذ بن المثنّى بن معاذ بن معاذ العنزي،
ص: 227
حدّثنا الهيثم بن خارجة، حدّثنا كليب بن عيسى بن أبي حدير قال: سمعت زجلة قالت:
سمعت سالما أو نافعا يحدّث عن ابن عمر قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«من سرّه أن يلقى اللّه غدا مسلما فليحافظ على الصلوات الخمس حيث ينادى بهن»[10656].
قال الطّبراني: لم يرو هذا الحديث عن زجلة مولاة عاتكة إلاّ كليب بن عيسى، تفرّد به الهيثم بن خارجة.
[قال ابن عساكر:] (1)كذا كان في الأصل: ابن أبي حذير، و الصواب: ابن أبي حجير، و زجلة مولاة عاتكة بنت يزيد بن معاوية، زوج عبد الملك بن مروان.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفرضي، حدّثنا عبد العزيز بن أحمد الحافظ ، حدّثنا عبد العزيز بن محمّد بن محمّد النّخشبي - لفظا-. ح و أخبرناه عاليا أبو القاسم هبة اللّه بن عبد اللّه بن أحمد، أنبأنا (2)أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، قالا: أنبأنا محمّد بن محمّد بن عثمان السوّاق (3)-ببغداد - أنبأنا أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي (4)،حدّثنا إدريس بن عبد الكريم الحداد، حدّثنا الهيثم - يعني ابن خارجة - حدّثنا كليب بن عيسى بن أبي حجير الثّقفي قال: سمعت زجلة مولاة معاوية (5)قالت (6):
أدركت يتامى كنّ في حجر النّبي صلى اللّه عليه و سلم إحداهن تسمى كويسة قالت: فخرجت معهن إلى بيت رجل و قد هلك لأعزي أهله، فلمّا أخرجت الجنازة وضعت رجلي أخرج من عتبة الباب، فأخذتني حتى أدخلتني البيت قالت: و لم يكن تتبع الجنازة امرأة إلاّ أن تكون نفساء أو مبطونة، تخرج معها امرأة من ثقاتها حتى يضعوها في المصلّى، تدخل يدها تنظر هل خرج شيء، فلا يزال القوم جلوسا أو قياما حتى إذا توارت المرأة قالوا للإمام: كبّر.
هذا حديث غريب لم أكتبه إلاّ من هذا الوجه.
أنبأنا أبو الحسين القاضي، و أبو عبد اللّه الأديب، قالا: أنبأنا أبو القاسم بن مندة، أنبأنا أبو علي - إجازة-. ح قال: و أنبأنا أبو طاهر بن سلمة، أنبأنا علي بن محمّد. قالا: أنبأنا أبو محمّد بن أبي حاتم (7)قال: كليب بن عيسى روى عن سعيد بن عبد العزيز، روى عنه الهيثم بن خارجة، سمعت أبي يقول ذلك.
ص: 228
[ذكر من اسمه] (1)كميت
5828 - كميت بن زيد بن خنيس (2)بن مجالد بن وهيب بن عمرو بن سبيع،
و يقال: بن زيد بن حبيش بن مجالد بن ذؤيبة بن قيس بن عمرو بن سبيع بن
مالك بن سعد بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة أبو المستهل الأسدي
الشاعر (3)
من أهل الكوفة.
روى عن الفرزدق، و مذكور مولى زينب بنت جحش، و أبي جعفر محمّد بن علي.
روى عنه: والبة بن الحباب الشاعر، و حفص بن سليمان الأسدي، و حبيب بن سليم، و أبان بن تغلب.
و وفد على يزيد و هشام ابني عبد الملك.
أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل، أنبأنا جدي أبو محمّد، أنبأنا الحسن بن علي بن إبراهيم المقرئ، حدّثنا أبو زكريا عبد الرحيم بن أحمد بن نصر بن إسحاق التميمي الشاعر، حدّثنا جعفر بن محمّد النّسفي الخطيب الشاعر، حدّثنا أبو الحسن محمّد بن عمرو ابن علي الشاعر البصري، حدّثنا أبو بكر عبد اللّه بن أحمد الشاعر بهمذان، حدّثنا أبو عثمان سعيد بن زيد بن خالد الشاعر - بحمص - حدّثنا عبد السلام بن رعبان الشاعر، حدّثنا دعبل بن علي الشاعر، حدّثنا أبو نواس الحسن بن هانئ الشاعر، حدّثنا والبة بن الحباب الشاعر، حدّثنا الكميت بن زيد الشاعر، حدّثنا خال الفرزدق الشاعر، حدّثني الطّرمّاح الشاعر قال:
لقيت نابعة بني جعدة الشاعر فقلت له: لقيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ؟ قال: نعم، و أنشدته قصيدتي التي أقول فيها:
ص: 229
بلغنا السماء مجدا و سؤددا *** و إنّا لنرجو فوق ذلك مظهرا
قال: فرأيت وجه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قد تغيّر، و بدا الغضب فيه، فقال:«إلى أين يا أبا ليلى» فقلت: إلى الجنّة يا رسول اللّه، فقال:«إلى الجنّة إن شاء اللّه» (1)[10657].
أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد، أنبأنا أبو نعيم الحافظ ، حدّثنا سليمان بن أحمد (2)، حدّثنا الحسين بن إسحاق التّستري، حدّثنا الحسين بن أبي السّري العسقلاني، حدّثنا الحسن ابن محمّد بن أعين الحرّاني، حدّثنا حفص بن سليمان، عن الكميت بن زيد الأسدي قال:
قال مذكور مولى زينب بنت جحش عن زينب بنت جحش قالت:
خطبني عدة من قريش، فأرسلت أختي حمنة إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أستشيره، فقال لها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«أين هي ممن يعلّمها كتاب ربّها و سنّة نبيّها؟» قالت: و من هو يا رسول اللّه ؟ قال:«زيد بن حارثة»، قال: فغضبت حمنة غضبا شديدا، فقالت: يا رسول اللّه، أتزوج ابنة عمك مولاك ؟ قالت: و جاءتني فأعلمتني، فغضبت أشدّ من غضبها و قلت أشدّ من قولها، فأنزل اللّه عزّ و جلّ : وَ مٰا كٰانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لاٰ مُؤْمِنَةٍ إِذٰا قَضَى اللّٰهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ الآية (3)،قالت: فأرسلت إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إنّي أستغفر اللّه و أطيع اللّه و رسوله، افعل يا رسول اللّه ما رأيت، فزوّجني زيدا، فكنت أرزأ (4) عليه، فشكاني إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فعاتبني رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، ثم عدت فأخذته بلساني، فشكاني إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«أمسك عليك زوجك، و اتّق اللّه»، فقال: يا رسول اللّه أنا أطلقها، قالت (5):فطلّقني، فلمّا انقضت عدتي لم أعلم إلاّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قد دخل عليّ بيتي و أنا مكشوفة الشعر، فعلمت أنه أمر من السماء، فقلت: يا رسول اللّه بلا خطبة و لا إشهاد، فقال:«اللّه المزوّج، و جبريل الشاهد»[10658].
أخبرناه أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأنا أبو بكر البيهقي، أنبأنا أبو الحسين بن بشران - ببغداد - أنبأنا أبو الحسن علي بن محمّد المصري، حدّثنا القاسم بن الليث، حدّثني حسين بن أبي السّري، حدّثنا الحسن بن أعين الحرّاني، حدّثنا حفص بن سليمان الأسدي عن الكميت أبي زيد الأسدي، حدّثني مذكور مولى زينب بنت جحش عن زينب بنت جحش قالت:
ص: 230
خطبني عدة من أصحاب النّبي صلى اللّه عليه و سلم، فأرسلت إليه أختي أشاوره في ذلك، قال:«فأين هي ممن يعلّمها كتاب ربّها و سنّة نبيّها، قالت: من ؟ قال:«زيد بن حارثة»، فغضبت و قالت:
تزوّج بنت عمك مولاك، ثم أتتني» فأخبرتني بذلك فقلت أشدّ من قولها، و غضبت أشدّ من غضبها، قال: فأنزل اللّه عزّ و جلّ : وَ مٰا كٰانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لاٰ مُؤْمِنَةٍ إِذٰا قَضَى اللّٰهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ (1) قالت: فأرسلت إليه: زوّجني من شئت، قال: فزوّجني منه، فأخذته بلساني، فشكاني إلى النّبي صلى اللّه عليه و سلم، فقال له النّبي صلى اللّه عليه و سلم:«أمسك عليك زوجك و اتّق اللّه»، ثم أخذته بلساني، فشكاني إلى النّبي صلى اللّه عليه و سلم و قال: أنا أطلقها، فطلّقني، فبت طلاقي، فلمّا انقضت عدّتي لم أشعر إلاّ و النبي صلى اللّه عليه و سلم و أنا مكشوفة الشعر، فقلت: هذا أمر من السماء، فقلت: يا رسول اللّه بلا خطبة و لا إشهاد؟ قال:«اللّه المزوّج، و جبريل الشاهد»[10659].
قال البيهقي: و هذا و إن كان إسناد لا يقوم بمثله الحجة فمشهور أن زينب بنت جحش و هي من بني أسد بن خزيمة، و أمها أميمة بنت عبد المطّلب بن هاشم عمة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كانت عند زيد بن حارثة حتى طلّقها ثم تزوج رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بها.
[قال ابن عساكر:] (2) و كذا في الحديث: ابنة عمك، و الصواب ابنة عمتك.
قرأت في كتاب أبي الفرج علي بن الحسين الكاتب (3)،أخبرني عمّي، حدّثني يعقوب بن إسرائيل، حدّثني إبراهيم بن عبد اللّه الخصّاف الطّلحي، أخبرني حبيش بن الكميت بن (4)المستهل بن الكميت بن زيد قال:
وفد الكميت على يزيد بن عبد الملك فدخل إليه يوما، و قد اشتريت له سلاّمة القس، فأدخلت إليه و الكميت حاضر فقال له: يا أبا المستهلّ ، هذه جارية تباع، أ فترى أن نبتاعها؟ قال: أي و اللّه يا أمير المؤمنين، و لا أرى لها مثلا في الدنيا، فلا تفوتنّك (5) قال: فصفها لي في شعر حتى أقبل رأيك، فقال الكميت:
هي شمس النهار في الحسن إلاّ *** أنها فضّلت بفتك (6) الطّراف
غضّة بضّة رخيم لعوب *** وعثة المتن شختة الأطراف
ص: 231
زانها دلّها و ثغر نقيّ *** و حديث مرتّل غير خاف (1)
خلقت فوق منية المتمنّي *** فاقبل النّصح يا بن عبد مناف
فضحك يزيد، و قال: قد قبلنا نصحك يا أبا المستهل، و أمر له بجائزة سنية.
قرأت على أبي محمّد السّلمي، عن أبي نصر بن ماكولا قال (2):
و أما ذؤيبة بالذال المعجمة فهو: الكميت بن زيد بن الأخنس بن مجالد بن ربيعة بن قيس بن الحارث بن عامر بن ذؤيبة بن عمرو بن مالك بن سعد بن ثعلبة بن ذودان الشاعر المشهور.
قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف، و أنبأنيه أبو القاسم علي بن إبراهيم، و أبو الوحش سبيع بن المسلّم عنه، أنبأنا أبو الحسن محمّد بن جعفر بن النجار التميمي النحوي بالكوفة، أنبأنا أبو الحسن علي بن حامد الضّبّي، حدّثنا أحمد بن موسى، عن الجرمي الراوية الكوفي، أو عن العتابي قال:
كان في الكميت عشر خصال لم تكن في شاعر: كان خطيب أسد، و فقيه الشيعة، و حافظ القرآن، و ثبت الجنان، و كان كاتبا حسن الخط ، و كان نسّابة، و كان جدلا، و كان أول من ناظر في التشيّع، و كان راميا لم يكن في أسد أرمى منه بنبل، و كان فارسا، و كان شجاعا، و كان سخيا دينا.
قال: و أنبأنا محمّد بن جعفر، أنبأنا أبو علي الحسن بن علي بن محمّد بن عقبة قال:
سمعت أبي يقول: سمعت جدي يقول:
كانت بنو أسد تقول فينا فضيلة ليست في العالم، ما دخل أحد منزل أحد منا و لا محلة (3) من محالنا إلاّ وجد فيها بركة و راية الكميت لأنه رأى النّبي صلى اللّه عليه و سلم في النوم فقال له:
أنشدني..... (4)،فأنشده فقال له: بوركت و بورك قومك.
قال: و أنبأنا محمّد بن جعفر قال: سمعت أبا رياش يقول: سمعت ابن دريد يقول:
سمعت الأشنانداني يقول: سمعت أبا عبيدة يقول (5):
ص: 232
لو لم يكن لبني أسد منقبة غير الكميت لكفاهم، حبّبهم إلى الناس، و أبقى لهم ذكرا، و أخرج فضائلهم التي غاص عليها البحار، و لولاه لما عرف الناس قبائل نزار من غيرها، و لا فضائلها.
قال محمّد: و أنبأنا أبو عبد اللّه محمّد بن إبراهيم بن عرفة، أنبأنا المبرّد عن الزيادي قال:
كان عمّ الكميت رئيس قومه فقال له يوما: يا كميت لم لا تقول الشعر؟ ثم أخذه فأدخله ماء كان لهم، و قال: لا أخرجتك منه أو تقول الشعر، فمرّت به قبّرة فأنشأ متمثلا يقول:
يا لك من قبّرة بمعمر *** خلا لك الجوّ فبيضي و اصفري
و نقّري ما شئت أن تنقّري
فقال له عمه: إنّما حلفت أنك تقول شعرا و قد قلته، فاخرج فقال: و اللّه لا خرجت من الماء أو أقول شعرا لنفسي. فما رام من الماء حتى قال قصيدته المشهورة، و هي أول شعره ثم غدا على عمه فقال له: اجمع لي العشيرة ليسمعوا قولي، فجمع له العشيرة ثم قام فأنشد (1):
طربت و ما شوقا إلى البيض أطرب *** و لا لعبا مني، و ذو الشيب يلعب
ثم قال له عمه: ثم ما ذا؟ فقال:
و لم تلهني دار و لا ربع (2) منزل *** و لم يتطربني بنان مخضّب
فقال له عمه: ثم ما ذا؟ فقال:
و لا أنا ممن يزجر الطير همّه *** أ صاح غراب أم يعرّض ثعلب (3)
و لا السانحات البارحات عشية *** أمرّ سليم القرن أم مرّ أعضب (4)
فقال له عمه: فأي شيء؟ فقال:
و لكن إلى أهل الفضائل و النّهى (5) *** و خير بني حواء، و الخير يطلب
ص: 233
فقال له عمه: من ويلك ؟ فقال:
إلى النفر البيض (1) الذين بحبّهم *** إلى اللّه فيما نابني أتقرّب
فقال له عمه: ثكلتك أمّك من هم ؟ فقال:
بني هاشم رهط النبي فإنّني *** لهم و بهم أرضى مرارا و أغضب
قال: فأمسك عمّه حتى أتى على القصيدة إلى آخرها فقال عمه لقومه: ليهنكم النعمتين إن فيكم شاعرا، و مع ذلك إنه طاهر الولادة.
قال: و أنبأنا محمّد بن جعفر، حدّثنا ابن الأنباري عن أبيه، عن أبي عكرمة الضبّي قال:
لو لا شعر الكميت لم يكن للغة ترجمان، و لا للبيان لسان (2).
أخبرنا أبو الحسين بن الفراء، و أبو غالب، و أبو عبد اللّه ابنا البنّا، قالوا: أنبأنا أبو جعفر بن المسلمة، أنبأنا أبو طاهر المخلّص، أنبأنا أبو عبد اللّه الطوسي، حدّثنا الزبير بن بكّار، حدّثني محمّد بن الحسن الأسدي قال: أنشدني ابن المستهلّ بن الكميت لأبيه الكميت ابن زيد يعاتب قريشا و بعث إليهم ببرة بنت مرّ (3):
بني ابنة مرّ! أين مرّة عنكم *** و عنا التي شعبا تصير شعوبها
و أين ابنها عنا و عنكم و بعلها *** خزيمة و الأرحام و عثا (4) جئوبها (5)
إذا نحن منكم لم ننل فضل اخوة (6) *** على اخوة لم نخش غشا جئوبها
يشوبون للأقصين (7) معسول شيمة *** فأنى لنا بالصاب أنى مشوبها (8)
كلوا ما لديكم من سنام و غارب *** إذا غيّبت دودان عنكم غيوبها
ستذكرنا منكم قلوب (9) و أعين *** ذوارف لم يضنن بدمع سكوبها (10)
فلو مات من نصح لقوم أخوهم *** لقد لقيتني بالمنايا شعوبها
ص: 234
قال: و حدّثنا الزبير قال: و حدّثني محمّد بن أنس (1) الأسدي عن ابن المستهل بن الكميت بن زيد الأسدي قال: قتل النضر بن كنانة أخاه لأمه فوداه مائة من الإبل من ماله، فهو أول من سنّها، و قال في ذلك الكميت بن زيد الأسدي:
أبونا الذي سنّ المئين لقومه *** ديات و عدّاها سلوفا منيبها (2)
فسلّمها و استوثق الناس للذي *** تعلل مما استنّ فيها حدوبها (3)
غنائم لم تجمع ثلاثا و أربعا *** مسائل بالإلحاف شتى ضروبها
قال: السلوف: ما تقدم، و المنيب الأوائل، و الحدوب: العائف.
قال: و حدّثنا الزبير، حدّثني محمّد بن أنس (4) الأسدي عن رجل عن المستهل بن الكميت بن زيد الأسدي قال: قال الكميت بن زيد يفخر بقرابته من قريش و يصف لزومهم ميراثهم عن أبيهم خليل الرّحمن صلى اللّه عليه و سلم و حوزهم ما اثره قبلك:
ثياب إبراهيم فينا *** صحاحا ما دنس و ما بلينا
و إنّ لنا بمكة أبطحيها *** و ما بين الأخاشب و الحجونا
قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف، و أنبأنيه أبو القاسم العلوي، و أبو الوحش المقرئ عنه، أنبأنا أبو الحسن محمّد بن جعفر بن النجار، حدّثنا أبو القاسم السكوني، عن أبي عبيد اللّه قال: قال ابن عبدة النسّاب:
ما عرف النساب أنساب العرب على حقيقة حتى قال الكميت النزاريات فأظهر بها علما كثيرا، و لقد نظرت في شعره فما رأيت أحدا أعلم منه بالعرب و أيامها.
قال أبو عبيد اللّه: فلما سمعت هذا جمعت شعره فكان عوني على التصنيف لأيام العرب، قال محمّد: و سألته عن أبي عبيد اللّه فقال: هذا هو السّكوني، و كان أحد النّسّابة و من فضلائهم و علمائهم.
قال: و حدّثنا محمّد بن جعفر، حدّثنا أبو علي الحسن بن داود، حدّثنا الوضاحي، عن الخصّاف، عن محمّد بن سهل قال: قال الكميت:
ص: 235
رأيت و أنا مختف فيما يرى النائم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال لي: مم خوفك ؟ قلت: يا رسول اللّه، من بني أمية، قال: أ لست القائل:
حياتك كانت مجدنا (1)
قلت: بلى، و أنا القائل أيضا:
فبوركت مولودا (2)
و أنا القائل (3):
أ لم ترني من حب آل محمّد *** أروح و أغدوا خائفا أترقّب
قال: اظهر فإنّ اللّه قد آمنك في الدنيا و الآخرة، و قال في قوله (4):
فطائفة قد أكفرتني بحبّكم *** و طائفة قالت مسيء و مذنب
التي أكفرتني: التيم، و التي قالت مسيء: بنو حرام (5).
قال: و أنبأنا محمّد بن جعفر، أنبأنا أبو أحمد الجلودي، حدّثنا محمّد بن ركونة، حدّثنا ابن عائشة عن أبيه قال:
أتى الكميت بن زيد إلى علي بن الحسين فقال له: إنّي قد مدحتكم بما أرجو أن يكون وسيلة عند رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يوم القيامة فاسمعه، فوجّه علي بن الحسين فجمع أهله و مواليه ثم أنشده:
طربت و هل بك من مطرب (6)
فلما فرغ منها قال له علي بن الحسين: ثوابك نحن عاجزون عنه، و لكن ما عجزنا عنه فإنّ اللّه و رسوله لن يعجزا عن مكافأتك، و سقط له على نفسه و أهله أربع مائة ألف درهم،
ص: 236
فقال له: خذ هذه يا أبا المستهل فاستعن بها على سفرك، فقال: لو وصلتني بدانق لكان شرفا، و لكن على مدحكم لا آخذ ثمنا و لا أجرا إلاّ من أردت به وجهه و الوسيلة عنده، و لكن إن أحببت أن تحسن إليّ فادفع بعض ثيابك التي تلي جسدك أتبرّك به، فقام علي بن الحسين فنزع ثيابه فدفعها كلها إليه و أمر بجبّة له كانت يصلّي فيها فدفعت إليه ثم قال: اللّهمّ إنّ الكميت جادّ في آل رسولك و ذرية نبيك بنفسه حين ضنّ الناس، و أظهر ما كتمه غيره من الحقّ فأمته شهيدا و أحيه سعيدا، و أره الجزاء عاجلا، و اجز له جزيل المثوبة آجلا، فإنّا قد عجزنا عن مكافأته و أنت واسع كريم، قال الكميت: فما زلت أتعرّف بركة دعائه.
قال: و حدّثنا محمّد بن جعفر، أنبأنا ابن الأنباري، حدّثنا أبي عن أحمد بن عبيد، عن المدائني قال:
قال الكميت لمحمّد بن علي: إنّي قد قلت أبياتا إن أظهرتها خشيت على نفسي، و إن أخفيتها خشيت على ديني، قال: هاتها، فأنشده هذه الأبيات (1):
نفى عن عينك الأرق الهجوعا *** و همّ يمتري منه (2) الدموعا (3)
فاستدار علي بن الحسين إلى القبلة ثم رفع يديه و قال: اللّهم اغفر للكميت - ثلاث مرات-.
قال: و أنبأنا محمّد بن جعفر، أنبأنا أبو عبد اللّه أحمد بن إبراهيم بن عرفة نفطويه أنا المبرّد، حدّثنا العتبي عن أبيه قال:
لما قال الكميت بن زيد الأسدي شعره أتى أبا جعفر محمّد بن علي بن الحسين فقال:
إنّي قد قلت شعرا إن كتمته خشيت اللّه، و إن أظهرته خفت على نفسي، فأنشده:
نفى عن عينك الأرق الهجوعا *** و همّ يمتري منه الدموعا
إلى قوله (4):
أجاع اللّه من أشبعتموه *** و أشبع من بجوركم أجيعا
فأدار أبو جعفر وجهه إلى القبلة حتى أتمّ القصيدة، قال أبو عبد اللّه: و في هذا شرف
ص: 237
إلاّ أن يحتال له فيصرف إلى بعض المصارف.
[قال ابن عساكر:] (1) كذا قال، و إنما هو إبراهيم بن محمّد.
قال: و أنبأنا محمّد، أنبأنا أبو أحمد الجلودي حدّثنا المغيرة بن محمّد عن ابن عائشة عن أبيه قال: قال جعفر بن محمّد.
الكميت سيف آل محمّد في كلّ قلب معاند مغمد.
قال: و حدّثنا محمّد، حدّثنا أبو الحسين بن عامر قال: سمعت أبا جعفر محمّد بن يزيد الرّمادي يقول: سمعت مشايخ أهل البيت يقولون:
خذوا أولادكم بتعليم الهاشميات فإنّها تنبت الولاية في قلوبهم على حقّها.
قال: و أنبأنا محمّد، أنبأنا الصولي عن علي بن الصباح قال: سمعت الحسن بن رجاء يقول لأبي محلّم يوما.
كان في الكميت تكلّف شديد و خاصة في مدحه. فقال له أبو محلّم: و اللّه ما هو بالمطبوع، و لكن مدحه أطبع شعره و خاصة في بني هاشم لتوفيق اللّه له فيهم، أ ليس هو القائل (2):
قوم إذا املولح (3) الرجال على *** أفواه من ذاق مدحهم (4) عذبوا
حتى انتهى إلى قوله (5):
و الكاشفو المفظع المهمّ إذا *** التقت (6) بتصدير أهله (7) الحقب (8)
ثم أنشده:
أناس إذا وردت بحرهم *** صواد الغرائب لم يطرد
قال علي بن الصباح: فلم يحر الحسن بن رجاء جوابا، و كان أبو محلم إذا أنشد شعرا فكان الناس لم يسمعوه لحسن ألفاظه و جودة معانيه.
ص: 238
قال: و حدّثناه محمّد بن جعفر، حدّثنا أبو محمّد العتكي عن يموت قال:
قال الجاحظ : ما فتح لشيعة الحجّاج إلاّ الكميت بقوله:
فإن (1) هي لم تصلح لحيّ سواهم *** فإنّ ذوي القربى أحقّ و أوجب (2)
يقولون (3) لم يورث (4) و لو لا تراثه *** لقد شركت فيها بكيل و أرحب (5)
و قال: هذا وضع نكد يصغي إليه كلّ أحد، و لو كان شعره في المكانة مثل حجاجه لكان منقطع القرين، و كان يقول: ما رأيت شيئا من البرودة أشدّ (6) من قوله في مدح النّبي صلى اللّه عليه و سلم (7):
فبوركت مولودا و بوركت ناشئا *** و بوركت عند الشّيب إذ أنت أشيب
و بورك قبر أنت فيه و بوركت *** به و له أهل لذلك يثرب
لو مدحوا بها سائر الناس لما كان مرضيا، فكيف النّبي صلى اللّه عليه و سلم ؟ أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع، أنبأنا أبو عمرو بن مندة، أنبأنا أبو محمّد بن يوة، أنبأنا أبو الحسن اللنباني (8)،أنبأنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدّثني إسماعيل بن حفص، حدّثنا ابن فضيل، عن ابن شبرمة قال:
قلت للكميت الأسدي الشاعر: إنّك قد قلت في بني هاشم فأحسنت، و قد قلت في بني أمية أفضل مما قلت في بني هاشم، قال: إنّي إذا قلت أحببت أن أحسن.
أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد اللّه - إذنا و مناولة و قرأ عليّ إسناده - أنبأنا محمّد بن الحسين، أنبأنا المعافى بن زكريا القاضي (9)،حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن عرفة الأزدي، حدّثنا عبد اللّه بن إسحاق بن سلاّم قال:
ص: 239
أتى الكميت باب مخلد بن يزيد بن المهلّب يمدحه، فصادف على بابه أربعين شاعرا، فقال للآذن: استأذن لي على الأمير، فاستأذن له عليه، فأذن له، فقال: كم رأيت بالباب من شاعر؟ قال: أربعين شاعرا، قال: فأنت جالب التمر (1) إلى هجر قال: إنّهم جلبوا دقلا (2)و جلبت أزاذا (3)،قال: فهات أزاذك، فأنشده:
هلاّ سألت منازلا بالأبرق *** درست و كيف سؤال من لم ينطق
لعبت بها ريحان ريح عجاجة *** بالسّافيات من التراب المعنق
و الهيف رائحة لها بنتاجها *** طفل العشي بذي حناتم سرّق
الحناتم: جرار خضر شبّه الغيم بها، و الهيف: الريح الحارة. قال القاضي: و من الهيف قول ذي الرمة (4):
و صوّح البقل نآج تجيء به *** هيف يمانية في مرّها نكب
و الحناتم واحدها حنتمة، قال الشاعر في الحنتم:
و أقفر من حضارة ورد أهله *** و قد كان يسقي في زجاج (5) و حنتم
و قال في الحناتم:
يمشون حول مكدّم قد كدّحت *** متنيه حمل حناتم و قلال
قوله: كدّحت متنيه حمل حناتم كقول الشاعر:
أرى مر السنين أخذن منّي *** كما أخذ السّرار (6) من الهلال
و لهذا نظائر تذكر، و تشرح عللها في مواضع أخر.
تمام شعر الكميت:
تصل اللقاح إلى النتاج مزيّة *** لحقوق كوكبها و إن لم يحقق
غيرن (7) عهدك بالديار و من يكن *** رهن الحوادث من جديد (8) يخلق
ص: 240
إلاّ خوالد في المحلة بيتها *** كالطيلسان من الرماد الأورق (1)
و متبجحا ترك الولائد رأسه *** مثل السّواك و دمه كالمهرق
دار التي تركتك غير ملومة *** [دنا] (2) فارع بها عليك و اشفق
قد كنت قبل تتوق من هجرانها *** فاليوم إذ شحط (3) المزار بها تق
و الحبّ فيه حلاوة و مرارة *** سائل بذلك من تطعّم أو ذق
ما ذاق بؤس معيشة و نعيمها *** فيما مضى أحد إذا لم يعشق
من قال رب (4) أخا الهموم و من يبت *** غرض الهموم و نصبهنّ يؤرّق
حتى بلغ إلى قوله:
بشّرت نفسي إذ رأيتك بالغنى *** و وثقت حين سمعت قولك لي: ثق
فأمر بالخلع عليه، فخلع عليه حتى استغاث، فقال: أتاك الغوث، ارفعوا عنه.
أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، و أبو الوحش المقرئ، عن رشأ بن نظيف، أنبأنا أبو الفتح إبراهيم بن علي بن سيبخت (5) البغدادي، حدّثنا أبو بكر محمّد بن القاسم بن الأنباري، حدّثنا أبي، حدّثنا أبو حاتم، حدّثنا أبو عبيدة قال:
خرج الكميت إلى أبان بن عبد اللّه البجلي و هو على خراسان، فأدخله في سمّاره و كان في الكميت حسد، فبينا هو ليلة يسمر معه فأغفى البجلي و تناظر القوم في الجود فرفع أحدهم صوته فقال: مات و اللّه الجود يوم مات الفياض، و انتبه أبان بصوته فقال: فيم كنتم، فقال الكميت (6):
زعم النضر، و المغيرة، و النعم *** ان، و البحتري، و ابن عياض
قال: زعموا ما ذا يا أبا المستهل ؟ فقال:
إنّ جود الأنام مات جميعا *** يوم راحوا بطلحة الفيّاض (7)
ص: 241
كذبوا و الذي يلبي له الركب *** سراعا بالمفضيات العراض
لا يموت الندى و لا الجود ما *** عاش أبان غياث ذي الأنقاض
فإذا ما دعا الإله أبانا *** آذن الجود بعده بانقراض
قال: سلني، قال: لكلّ بيت عشرة آلاف، قال: لك ذلك، فأمر له بخمسين ألفا.
كتب إليّ أبو نصر بن القشيري، أنبأنا أبو بكر البيهقي، أنبأنا أبو عبد اللّه الحافظ قال:
سمعت أبا الحسن المزني يقول: و هو محمّد بن محمّد بن عبد اللّه بن بشر الهروي قال:
سمعت أبا محمّد الديناري يقول: خرج الكميت إلى أصبهان و عليها رجل من بني تميم يقال له مجاشع، فامتدحه الكميت فقال:
ألا يا دهر إن تك دهر سوء *** فإن مجاشعا لي منك جار
و كان مجاشع بباله، فقال: اللّه جارك، اللّه جارك، فما لبث عنده إلاّ أياما يسيرة حتى جاءه عزله، و قدم عليها رجل من عكل، فقال الكميت:
إذا كان الزمان زمان عكل *** وليتم فالسلام على الزمان
زمان صار فيه العز ذلاّ *** و صار الزج قدام السنان
لعل زماننا سيعود يوما *** كما عاد الزمان على بطان
قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف، و أنبأنيه أبو القاسم النّسيب، و أبو الوحش المقرئ عنه، أنبأنا أبو الحسن محمّد بن جعفر النحوي، أنبأنا أحمد بن السّري، حدّثنا إبراهيم جدي، حدّثنا أبو عكرمة عن أبيه قال:
أدركت الناس بالكوفة من لم يرو:
ألا حبينا عنا يا مدينا (1)
فليس بعد من العرب، و من لم يرو: (2)
ذكر القلب إلفه المهجورا (3) *** و تلافى من الشباب أخيرا
ص: 242
فليس بأموي، و من لم يرو:
طربت و ما شوقا إلى البيض أطرب (1)
فليس بهاشمي، و من لم يرو:
أ تصرم الحبل حبل البيض لم تصل
و من لم يرو:
هلاّ عرفت منازلا بالأبرق (2)
فليس بمهلبي، و من لم يرو:
طربت و هاجك الشوق الحبيب (3)
فليس بثقفي، و من لم يرو:
يا رب عيني بعد وهن سهودها
فليس بأسدي، و من لم يرو:
ألا أبلغ جماعة أهل مرو *** على ما كان من نأي و بعد
فليس بمروزي، و لا خراساني.
قال: و كانوا يقولون: إنه ما جمع أحد من علم العرب و مناقبها، و معرفة أنسابها ما جمع الكميت، فمن صحح نسبه الكميت صح، و من طعن فيه وهن.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، أنبأنا رشأ بن نظيف، أنبأنا الحسن بن إسماعيل، أنبأنا أحمد بن مروان، حدّثنا المبرّد قال:
وقف الكميت على الفرزدق و هو صبي، و الفرزدق ينشد، فلما فرغ قال له: يا غلام أ يسرك أنّي أبوك ؟ فقال الكميت: أما أبي فلا أبغي به بدلا، و لكن يسّرني أن تكون أمي، فحصر الفرزدق و قال: ما مرّ بي مثلها.
أنبأنا أبو القاسم العلوي، و أبو الوحش المقرئ، عن رشأ بن نظيف و نقلته من خطه،
ص: 243
أنبأنا أبو الحسن محمّد بن جعفر النجار، أنبأنا أبو علي الحسن بن داود النقار، حدّثنا غسان الوضاحي، حدّثنا إبراهيم بن عبد اللّه الخصّاف عن محمّد بن أنس عن محمّد بن سهل قال:
أتى الفرزدق و جرير الكميت يتنافران إليه فجعل الكميت يخلو بجرير فيقول له: أ تفاخر الفرزدق ؟ أ لك مثل أبي الفرزدق نهشل ؟ أ لك مثل حاجب ابن زرارة، أ لك مثل لقيط بن معبد، أ لك كذا؟ أ لك كذا؟ و يخلو بالفرزدق فيقول له: أ لم تعرف ما في بني يربوع من الشرف ؟ هل في بني تميم كلها مثل عيينة بن الحارث بن شهاب ؟ أين مثل فرسانها؟ أين مثل وقفاتها؟ فجعل يكسر هذا مرة و هذا مرة، و يعدّ شرف هذا و شرف هذا حتى افترقا على ذلك، فجعلا يتوعدانه، فبلغه ذلك، فقال:
سأقضي بين كلب بني كليب *** و بين القين قين بني عقال
بأنّ الكلب مطمعه خبيث *** و أن القين يعمل في سفال
فما بقيا عليّ تركتماني *** و لكن خفتما صرد النّبال
و قال النجار: و قد رويت هذه الأبيات (1) لغيره إلاّ أن النقار رواها لنا.
قال رشأ: و حدّثنا أبو أحمد عبيد اللّه بن محمّد الفرضي، حدّثنا محمّد بن يحيى الصولي، حدّثنا القاسم بن إسماعيل، حدّثنا قعنب بن محرر الباهلي، قال:
لقي الكميت نصيبا فقال: يا عمّ أريد أن أعرض عليك شيئا من شعري فقال: هات يا بني، فأنشده (2):
هل أنت عن طلب الإيفاع (3) منقلب *** أم هل يحسّن بعد الشيبة اللّعب
و هل (4) ظعائن بالخلصاء بائعة *** و إن تكامل فيها الذّلّ و الشنب
فعقد نصيب بيده فقال: ما هذا العقد يا عم ؟ قال: أعقد خطأك؛ قال: و في أي شيء؟ قال: في قولك الذل و الشنب، و ما يشبه الذل من الشنب، و الشنب من برد الدين، و ما بينهما من المقاربة ؟ أ لا قلت كما قال ذو الرمة:
ص: 244
حواء (1) في شفتيها حوّة (2) لعس (3) *** و في اللثات و في أنيابها شنب
أ لا ترى يا بني قرب اللثة و تناسبها. قال ثم أنشده قصيدته (4):
أبت هذه النفس إلا ادكارا *** و إلا رجاء و إلا اصطبارا
إلى أن بلغ:
إذا ما الهجارس (5) غنّينها *** تجاوب (6) بالفلوات الوبارا (7)
فعقد نصيب، فقال: ما عقدت يا عم ؟ قال: خطأك، الوبار، لا يسكن الفلوات.
قال الصولي: و الهجارى أولاد الثعالب، الواحد هجرس. قال: ثم مرّ في القصيدة، إلى أن بلغ:
كأن الغطامط من غليها (8) *** أراجيز أسلم يهجو غفار (9)
فقال: يا بني هذا أقبح مما مضى، ما هجت أسلم غفارا قط ، و لا هجت غفار أسلم قط (10).
أنبأنا أبو محمّد بن صابر، أنبأنا سهل بن بشر، أنبأنا علي بن بقاء الورّاق - إجازة - أنبأنا يحيى بن علي بن محمّد الطحّان، أنبأنا الحسن بن رشيق، حدّثنا يموت بن المزرّع، حدّثنا ابن نفيع (11) بن سلمة، حدّثنا أبو عبيدة قال:
كان أبو عمرو بن العلاء إذا ذكر عنده الكميت و كثيّر قال: مرتعين مهتدمين أغر بهما عنك.
أنبأنا أبو غالب بن البنّا، عن محمّد بن علي بن الفتح، أنبأنا محمّد بن عبد الرّحمن المخلّص، حدّثنا عبيد اللّه بن عبد الرّحمن السكري، حدّثنا عبد اللّه بن محمّد بن أبي الدنيا، حدّثنا (12).
ص: 245
ح و أنبأنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفرضي، أنبأنا محمّد بن علي بن أحمد الفرّاء، و أبو السرايا غنائم بن أحمد بن أبي الوبر، قالا: أنبأنا رشأ بن نظيف - قراءة - أنبأنا أحمد بن محمّد بن يوسف، أنبأنا الحسين (1) بن صفوان، حدّثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدّثنا عبد اللّه ابن أشهب التميمي، حدّثني بعض أهل العلم عن أبان بن تغلب قال:
قال لي الكميت و أنا أحادثه: يا أبان لا تخبر الناس فقرأ و إن مت هزلا، فإن الفقير تريكة من الترائك لا يعبأ بها و لا يلتفت إليها، و أنشدني قوله:
و ما أنتم يا كلب إلاّ تريكة *** كما تركت في دمنة خلق النعل
أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن الفضل، أنبأنا أبو الحسين الفارسي، أنبأنا أبو سليمان الخطابي (2)،أخبرني أبو رجاء الغنوي، حدّثنا أبي، حدّثني أبو أيوب سليمان بن أيوب قال:
قيل للكميت لم لم ترث أخاك ؟ قال: إنّ مرثيته لا تردّ مرزيته.
قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف، و أنبأنيه أبو القاسم العلوي، و أبو الوحش المقرئ عنه، أنبأنا أبو الحسن محمّد بن جعفر بن النجار، أنبأنا أبو جعفر محمّد بن جعفر بن التيّان الشيخ الصالح، حدّثنا علي بن محمّد الزهري، حدّثني الحسن بن محمّد الرازي، حدّثني أحمد بن محمّد القزويني، حدّثني داود - و كان ينزل خوار (3) الري - حدّثنا محمّد بن الأصم، عن سليمان بن الحكم، حدّثنا ثور بن يزيد الشامي (4) قال:
رأيت الكميت بن زيد في النوم فقلت: ما فعل اللّه بك ؟ قال: غفر لي، قال: بما ذا؟ قال: نصب لي كرسيا و أجلسني عليه و أمرت بإنشاد:«طربت» فلما بلغت إلى قولي (5):
حنانيك رب الناس من أن يغرّني *** كما غرّهم شرب الحياة المنضب (6)
قال: صدقت يا كميت، إنه ما غرّك ما غرّهم، فقد غفرت لك بصدقك في صفوتي من بريتي، و خيرتي من خليقتي، و جعلت لك بكلّ منشد أنشد بيتا من مدحك آل محمّد رتبة أرفعها لك في الآخرة إلى يوم القيامة.
قال: و أنبأنا أبو الحسن بن النجار قال: سمعت أبا عبد اللّه المفجع يقول:
ص: 246
كان سبب قول الشعر في آل البيت أنّي كنت قد نظرت في شيء من شعر الكميت، فلمّا كان تلك الليلة التي قرأت في نومها الكتاب، رأيت أمير المؤمنين عليه السلام في النوم فقلت: أشتهي أقول الشعر في أهل البيت، فقال: عليك بالكميت، فاقتف أثره، فإنه إمام شعرائنا أهل البيت، و بيده لواؤهم يوم القيامة حتى يقودهم إلينا.
[قال ابن عساكر:] (1) بلغني أن مبلغ شعر الكميت خمسة آلاف و مائتان و تسعة و ثمان بيتا و انه ولد أيام قتل الحسين بن علي سنة ستين و مات سنة ست و عشرين و مائة في خلافة مروان بن محمّد.
بن سعد بن مالك بن النّخع بن مذحج النخعي الصّهباني الكوفي (2)
حدّث عن عمر، و علي، و عثمان، و ابن مسعود، و أبي هريرة.
روى عنه: عبد الرّحمن بن عابس، و عباس بن ذريح، و أبو إسحاق الهمداني، و عبد اللّه بن يزيد الصّهباني، و الأعمش، و عبد الرّحمن بن جندب، و أبو راشد رشيد.
و قدم دمشق في خلافة عثمان في جملة المنشرين (3) فيما رواه المدائني عن علي بن مجاهد، عن محمّد بن إسحاق عن الشعبي.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن الحسين، حدّثنا أبو الحسين بن المهتدي.
ح و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، قالا: أنبأنا عيسى ابن علي، أنبأنا عبد اللّه بن محمّد، حدّثنا خلف - يعني - ابن هشام البزار، حدّثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن كميل، عن أبي هريرة قال:
ص: 247
كنت أمشي مع النبي صلى اللّه عليه و سلم في بعض حيطان المدينة فقال:«يا أبا هريرة»، فقلت: لبّيك يا رسول اللّه، فقال:«إن المكثرين هم الأقلّون [إلاّ] (1)،قال: بالمال هكذا أو هكذا أو هكذا و أومأ عن يمينه و عن يساره و قليل ما هم» ثم قال:«يا أبا هريرة أ لا أدلّك على كنز من كنوز الجنّة ؟» قلت: بلى يا رسول اللّه، قال:«تقول: لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه، و لا ملجأ و لا منجا من اللّه إلاّ إليه»، ثم قال:«يا أبا هريرة، هل تدري ما حقّ اللّه على العباد، و ما حقّ العباد على اللّه ؟» قلت: اللّه و رسوله أعلم، قال:«حقّ اللّه على العباد أن يعبدوه، و لا يشركوا به شيئا، و حقّ العباد على اللّه أن لا يعذّب من لا يشرك به»[10660].
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأنا أبو سعد محمّد بن عبد الرّحمن، أنبأنا أبو بكر محمّد بن الحسين بن مهران الأصبهاني المقرئ بانتخاب أبي عبد اللّه الحاكم، حدّثنا أبو الوفاء المؤمّل بن الحسن بن عيسى، حدّثنا أحمد بن منصور الرمادي، حدّثنا أبو أحمد الزّبيري محمّد بن عبد اللّه بن الزبير، حدّثنا جابر بن الحر النخعي، عن عبد الرّحمن بن عابس، عن كميل بن زياد، عن أبي هريرة قال:
خرجت مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في حائط فقال:«يا أبا هريرة هم الأكثرون إلاّ من قال بالمال هكذا أو هكذا، و قليل ما هم» فمشيت معه، فقال:«أ لا أدلّك على كنز من كنوز الجنّة، لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه»، ثم قال:«يا أبا هريرة، تدري ما حقّ اللّه على العباد؟» قال: قلت: اللّه و رسوله أعلم، قال:«حقّه أن يعبدوه و لا يشركوا به شيئا» ثم قال:«أ تدري ما حقّ العباد على اللّه إذا فعلوا ذلك ؟ أن لا يعذّبهم» قلت: أ لا أخبرهم ؟ قال:«دعهم فليعملوا».
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، و أبو العزّ الكيلي، قالا: أنبأنا أبو طاهر أحمد بن الحسن - زاد الأنماطي: و أحمد بن الحسن بن خيرون، قالا:- أنبأنا محمّد بن أحمد بن إسحاق، حدّثنا خليفة قال (2):
كميل بن زياد بن نهيك بن هيثم بن سعد بن مالك بن الحارث بن صهبان بن سعد بن مالك بن النّخع، قتله الحجّاج سنة اثنتين و ثمانين.
أخبرنا أبو البركات بن المبارك، أنبأنا أحمد بن الحسن بن أحمد، أنبأنا يوسف بن رباح، أنبأنا أبو بكر المهندس، حدّثنا أبو بشر الدولابي، حدّثنا معاوية بن صالح قال: سمعت
ص: 248
يحيى بن معين يقول في تسمية أهل الكوفة: كميل بن زياد النّخعي، قتله الحجّاج أيام ابن الأشعث، أدرك عثمان.
قرأت على أبي غالب بن البنّا، عن أبي محمّد الجوهري، أنبأنا أبو عمر بن حيّوية، أنبأنا أحمد بن معروف، حدّثنا الحسين بن الفهم، حدّثنا محمّد بن سعد قال (1):
في الطبقة الأولى من أهل الكوفة: كميل بن زياد بن نهيك بن هيثم بن سعد بن مالك ابن الحارث بن صهبان بن سعد بن مالك بن النّخع من مذحج، روى عن عثمان، و علي، و عبد اللّه، و شهد مع علي صفّين، و كان شريفا مطاعا في قومه، فلمّا قدم الحجّاج بن يوسف الكوفة دعا به فقتله، قال غير ابن حيوية: و كان ثقة، قليل الحديث.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنبأنا ثابت بن بندار، أنبأنا محمّد بن علي بن يعقوب، أنبأنا محمّد بن أحمد بن محمّد، أنبأنا الأحوص بن المفضّل بن غسّان الغلاّبي، قال: قال أبي: كميل بن زياد بن نهيك نخعي.
أنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي، ثم حدّثنا أبو الفضل بن ناصر، أنبأنا أحمد بن الحسن، و المبارك بن عبد الجبّار، و محمّد بن علي - و اللفظ له - قالوا: أنبأنا أبو أحمد - زاد أحمد: و محمّد بن الحسن قالا:- أنبأنا أحمد بن عبدان، أنبأنا محمّد بن سهل، أنبأنا محمّد ابن إسماعيل قال (2):كميل بن زياد النّخعي الكوفي عن أبي هريرة، روى عنه عبد الرّحمن بن عابس، و قال أبو أسامة عن إسحاق بن سليمان عن أبيه عن عباس بن ذريح (3) عن كميل بن عبد اللّه النّخعي، سمع عليا.
أخبرنا أبو الحسين (4) القاضي، و أبو عبد اللّه الأديب - إذنا - قالا: أنبأنا أبو القاسم بن مندة، أنبأنا أبو علي - إجازة-. ح قال: و أنبأنا أبو طاهر، أنبأنا علي. قالا: أنبأنا ابن أبي حاتم قال (5):كميل بن زياد النّخعي الكوفي، روى عن عمر، و عثمان، و علي، و أبي هريرة، و ابن مسعود، روى عنه أبو إسحاق الهمداني، و عبد الرّحمن بن عابس، و عبد اللّه بن يزيد الصّهباني، و الأعمش، و عباس بن ذريح غير أنه يقول: كميل بن عبد الرّحمن، سمعت أبي يقول ذلك.
ص: 249
قرأت على أبي غالب بن البنّا، عن أبي الفتح بن المحاملي، أنبأنا أبو الحسن الدارقطني قال:
و أمّا كميل بالميم فهو كميل بن زياد، يروي عن علي بن أبي طالب، و ابن مسعود، و أبي هريرة، حديثه مشهور، روى عنه عبد الرّحمن بن جندب،[و أبو إسحاق السبيعي] (1)و عبد الرّحمن بن عابس، و عبد اللّه بن يزيد الصّهباني.
قرأت على أبي محمّد السّلمي، عن أبي نصر بن ماكولا قال (2):
أما كميل بالميم فهو كميل بن زياد عن علي، و ابن مسعود، و أبي هريرة، روى عنه عبد الرّحمن بن جندب (3)،و السّبيعي (4)،و عبد الرّحمن بن عابس، و عبد اللّه بن يزيد الصّهباني.
قرأنا على أبي غالب، و أبي (5) عبد اللّه ابني البنّا، عن أبي تمام علي بن محمّد الواسطي عن أبي عمر بن حيّوية، أنبأنا محمّد بن القاسم بن جعفر، حدّثنا ابن أبي خيثمة قال: قال علي بن محمّد بن أبي سيف المدائني:
و فيهم - يعني - أهل الكوفة من العبّاد أويس القرني، و عمرو بن عتبة بن فرقد، و يزيد بن معاوية النّخعي، و ربيع بن خثيم، و همّام بن الحارث، و معضد الشيباني، و جندب بن عبد اللّه، و كميل بن زياد النخعي.
أنبأنا أبو الحسين هبة اللّه بن الحسن، و أبو عبد اللّه الحسين بن عبد الملك، قالا:
أنبأنا أبو القاسم عبد الرّحمن بن محمّد، أنبأنا حمد (6)-إجازة-. ح قال: و أنبأنا ابن سلمة، أنبأنا علي بن الفأفاء. قالا: أنبأنا ابن أبي حاتم قال (7):ذكره أبي عن إسحاق بن منصور، عن يحيى بن معين، قال: كميل بن زياد ثقة.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنبأنا أبو الحسين بن الطّيّوري، أنبأنا أبو الحسن العتيقي. ح و أخبرنا أبو عبد اللّه البلخي، أنبأنا ثابت بن بندار، أنبأنا الحسين بن جعفر.
قالا: أنبأنا الوليد بن بكر، أنبأنا علي بن أحمد، أنبأنا صالح بن أحمد، حدّثني أبي
ص: 250
قال (1):كميل بن زياد، كوفي، تابعي، ثقة.
قرأت على أبي محمّد السلمي، عن أبي بكر الخطيب، أنبأنا أبو بكر البرقاني، أنبأنا محمّد بن عبد اللّه بن خميرويه، حدّثنا الحسين بن إدريس، أنبأنا محمّد بن عبد اللّه بن عمّار قال: كميل بن زياد رافضي، و هو ثقة، من أصحاب علي.
و قال في موضع آخر: كميل بن زياد هو من رؤساء الشيعة، كان بلاء من البلاء.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، أنبأنا رشأ بن نظيف، أنبأنا الحسن بن إسماعيل، أنبأنا أحمد بن مروان، حدّثنا محمّد بن علي بن خلف البغدادي سنة ثمان و سبعين، حدّثنا عمرو بن عبد الغفّار، عن الحسن بن عمرو الفقيمي، عن رشيد أبي راشد، عن كميل بن زياد قال: خرجت مع علي بن أبي طالب، فلمّا أن أشرف على الجبّان التفت إلى المقبرة فقال: يا أهل القبور، يا أهل البلاء، يا أهل الوحشة، ما الخبر عندكم، فإنّ الخبر عندنا: قد قسمت الأموال، و أيتمت الأولاد، و استبدل بالأزواج، فهذا الخبر عندنا، فما الخبر عندكم ؟ ثم التفت إليّ فقال: يا كميل لو أذن لهم في الجواب لقالوا: إنّ خير الزاد التقوى، ثم بكى، و قال لي: يا كميل القبر صندوق العمل، و عند الموت يأتيك الخبر.
أخبرنا (2) أبو الحسن علي بن أحمد الفقيه، و أبو (3) منصور محمّد بن عبد الملك المقرئ، قالا (4):أبو بكر أحمد بن علي الحافظ (5)،أخبرني محمّد بن أحمد بن رزق، حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن إبراهيم الشافعي، حدّثنا بشر بن موسى، حدّثنا عبيد بن الهيثم، حدّثنا إسحاق بن محمّد بن أحمد - أبو يعقوب النّخعي - حدّثنا عبد اللّه بن الفضل بن عبد اللّه ابن أبي الهياج بن محمّد بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطّلب، حدّثنا هشام بن محمّد بن السائب - أبو المنذر الكلبي - عن أبي مخنف لوط بن يحيى [عن] (6) فضيل (7) بن حديج عن كميل بن زياد النخعي قال:
أخذ بيدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بالكوفة فخرجنا حتى انتهينا إلى الجبّان (8)،
ص: 251
فلمّا أصحر (1) تنفس صعداء ثم قال لي: يا كميل بن زياد، إنّ هذه القلوب أوعية، و خيرها أوعاها للعلم، احفظ عني ما أقول لك، الناس ثلاثة: عالم ربّاني، و متعلّم على سبيل نجاة، و همج رعاع أتباع كلّ ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، و لم يلجئوا إلى ركن وثيق، يا كميل بن زياد، العلم خير من المال، العلم يحرسك و أنت تحرس المال، المال ينقصه النفقة، و العلم يزكو على الإنفاق، يا كميل بن زياد، محبد العالم دين يدان تكسبه الطاعة في حياته، و جميل الأحدوثة بعد وفاته، و منفعة المال تزول بزواله، العلم حاكم و المال محكوم عليه، يا كميل مات خزّان المال و هم أحياء، و العلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، و أمثالهم في القلوب موجودة، و إن هاهنا - و أشار إلى صدره - لعلما جما، لو أصبت حملة بلى أصبت لقنا غير مأمون يستعمل آلة الدين (2) بالدنيا، و ذكر الحديث (3).
كذا (4)[في أصل] (5) ابن رزق (6)،و ذكر لنا أن الشافعي قطعه من هاهنا فلم يتمه.
[قال ابن عساكر:] (7) هذا طريق غريب و المعروف:
ما أخبرنا أبو محمّد هبة اللّه بن سهل بن عمر، و أبو القاسم تميم بن أبي سعيد بن أبي العبّاس (8)،قالا: أنبأنا أبو سعد محمّد بن عبد الرّحمن بن محمّد، أنبأنا أبو أحمد محمّد بن محمّد بن أحمد بن إسحاق، أنبأنا أبو جعفر محمّد بن الحسين الخثعمي بالكوفة، حدّثنا إسماعيل بن موسى الفزاري، أنبأنا عاصم بن حميد الحنّاط (9)،أو رجل عنه، حدّثنا ثابت بن أبي صفية أبو حمزة الثّمالي، عن عبد الرّحمن بن جندب، عن كميل بن زياد النخعي، قال:
أخذ علي بيدي فأخرجني إلى ناحية الجبّان، فلما أصحرنا، جلس ثم تنفس، ثم قال:
يا كميل بن زياد القلوب أربعة: فخيرها أوعاها، احفظ ما أقول لك، الناس ثلاثة: فعالم ربّاني، و عالم متعلّم على سبيل نجاة، و همج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، و لم يلجئوا إلى ركن وثيق، العلم خير من المال، العلم يحرسك و أنت
ص: 252
تحرس المال، العلم يزكو على العمل، و المال تنقصه النفقة، و محبة العالم دين يدان بها باكتساب الطاعة في حياته، و جميل الأحدوثة بعد موته و صنعه (1)،يفنى المال بزوال صاحبه، مات خزّان الأموال و هم أحياء، و العلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، و أمثالهم في القلوب موجودة، ها إن هاهنا - و أشار بيده إلى صدره - علما لو أصبت له حملة. بلى أصبته لقنا غير مأمون عليه، يستعمل آلة الدين للدنيا (2) يستظهر بحجج اللّه على كتابه، و بنعمه على عباده، أو منقاد لأهل الحق لا بصيرة له في أحنائه، يقتدح الشك في قلبه بأوّل عارض من شبهة لا ذا، و لا ذاك، أو منهوم باللذة سلس القياد للشهوات، أو مغريّ يجمع الأموال و الإدخار، ليسا من دعاة الدين، أقرب شبههما بهما الأنعام السائمة، كذلك يموت العلم بموت حامليه، اللهم بلى لن تخلو الأرض من قائم للّه بحجة، لكي لا تبطل حجج اللّه و بيّناته (3) أولئك الأقلون عددا، الأعظمون عند اللّه قدرا، بهم يدفع اللّه من حججه، حتى يودوها إلى نظرائهم، فيزرعوها في قلوب أشباههم، هجم به العلم على حقيقة الأمر، تلك أبدان أرواحها معلّقة بالمحل الأعلى، أولئك خلفاء اللّه في بلاده، و الدعاة إلى دينه، هاه هاه، شوقا إلى رؤيتهم، و أستغفر اللّه لي و لك، إذا شئت فقم.
رواه أبو نعيم ضرار بن صرد (4) عن عاصم بن حميد فزاد فيه ألفاظا.
أخبرناه أبو القاسم علي بن إبراهيم - قراءة - أنبأنا عمّي الشريف الأمير النقيب عماد الدولة أبو البركات عقيل بن العبّاس الحسيني (5)،أنبأنا الحسين بن عبد اللّه بن محمّد بن أبي كامل الأطرابلسي - قراءة عليه بدمشق - أنبأنا خال أبي أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة الأطرابلسي، حدّثنا نجيح بن إبراهيم الزهري، حدّثنا ضرار بن صرد، حدّثنا عاصم بن حميد الحنّاط ، حدّثنا ثابت بن أبي صفية أبو حمزة الثمالي، عن عبد الرّحمن بن جندب، عن كميل ابن زياد قال:
أخذ - عليه السلام - بيدي فأخرجني ناحية الجبّان فلما أصحر جعل يتنفس ثم قال: يا كميل بن زياد، القلوب أوعية، فخيرها أوعاها، احفظ عني ما أقول لك، الناس ثلاثة: فعالم ربّاني، و متعلم على سبيل نجاة، و همج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح، لم
ص: 253
يستضيئوا بنور العلم و لم يلجئوا إلى ركن وثيق، العلم خير من المال، العلم يحرسك و أنت تحرس المال، العلم يزكو على العمل، و المال تنقصه النفقة، و محبة العالم دين يدان بها فتكسبه الطاعة في حياته، و جميل الأحدوثة بعد موته، العلم حاكم و المال محكوم عليه، و صنيعة المال تزول بزواله، مات خزّان المال و هم أحياء، و العلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، و أمثالهم في القلوب موجودة، ها إن هاهنا لعلما لو أصبت له حملة بل أصبت لقنا غير مأمون عليه، يستعمل آلة الدين للدنيا، يستظهر بحجج اللّه على كتابه، و بنعمه على عباده، أو منقاد (1) لأهل الحقّ لا بصيرة له في إحيائه، يقتدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهه، فلاذا و لا ذاك، أو من هو منهوم باللذة، سلس القياد للشهوات، أو مغريّ بجمع الأموال و الادخار، ليس من دعاة الدين أقربهما شبههما الأنعام السائمة، كذلك يموت العلم بموت حامليه، اللّهم بل لن تخلو الأرض من قائم للّه بحجة كيلا تبطل آيات اللّه و بيّناته، أولئك الأقلون عددا، الأعظمون عند اللّه قدرا، بهم يدفع اللّه عن حججه حتى يؤدّوها إلى نظرائهم، أو يزرعوها في قلوب أشباههم، هجم بهم العلم على حقيقة الأمر، فاستلانوا ما استوعر منه المترفون و أنسوا بما استوحش منه الجاهلون، صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلّقة بالمحل الأعلى، أولئك خلفاء اللّه في بلاده، و الدعاة إلى دينه، هاه شوقا إلى رؤيتهم، و أستغفر اللّه لي و لك، إذا شئت فقم.
أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد اللّه - إذنا و مناولة و قرأ عليّ إسناده - أنبأنا محمّد بن الحسين، أنبأنا المعافى بن زكريا القاضي (2)،حدّثنا محمّد بن أحمد المقدّمي، حدّثنا عبد اللّه ابن عمر بن عبد الرّحمن الورّاق، حدّثنا ابن عائشة، حدّثني أبي عن عمه عن كميل.
ح قال: و حدّثني أبي، حدّثنا أحمد بن عبيد، حدّثنا المدائني - و الألفاظ في الروايتين مختلطة - قالا: قال كميل بن زياد النّخعي (3):
ص: 254
أخذ علي بن أبي طالب بيدي فأخرجني إلى ناحية الجبّان، فلما أصحر تنفس، ثم (1)قال: يا كميل، إن هذه القلوب أوعية، فخيرها أوعاها، احفظ عني ما أقول لك، الناس ثلاثة: عالم ربّاني، و متعلّم على سبيل نجاة، و همج رعاع أتباع كلّ ناعق غاو، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، و لم يلجئوا إلى ركن وثيق، يا كميل العلم خير من المال، العلم يحرسك و أنت تحرس المال، و العلم يزكو على الانفاق و المال تنقصه النفقة، يا كميل محبة العالم دين يدان به في كسبه العلم لذته في حياته و جميل الأحدوثة بعد وفاته، و نفقة المال تزول بزواله، و العلم حاكم و المال محكوم عليه، يا كميل مات خزّان الأموال و هم أحياء، و العلماء باقون ما بقي الدهر أعيانهم مفقودة، و أمثالهم في القلوب موجودة، إنّ هاهنا لعلما - و أشار إلى صدره - لو أصبت له حملة، ثم قال: اللّهم بل أصبته لقنا غير مأمون عليه يستعمل آلة الدين في الدنيا، و يستظهر بحجج اللّه على أوليائه، و بنعمه على كتابه، أو منقادا لجملة الحق على أن لا بصيرة له في إحيائه (2) يقدح الزيغ في قلبه بأول عارض من شبهة، اللّهم لا ذا و لا ذاك أو منهوما باللذّات، سلس القياد في الشهوات، و مغرما بالجمع و الادخار، و ليسا من دعاة (3) الدين أقرب شبها بهما الأنعام السائمة، و كذلك يموت العلم بموت حملته، ثم قال: اللّهم بلى لا تخلو الأرض من قائم بحجة، إما ظاهر مستور (4)،و إما خائف مغمور، لأن لا تبطل حجج اللّه و بيناته فيكم، و أين أولئك ؟ الأقلّون عددا، الأعظمون قدرا، بهم يحفظ اللّه حججه حتى يودعوها نظراءهم، و يزرعوها في قلوب أشباههم، هجم بهم العلم على حقيقة الأمر، فباشروا روح اليقين، و استسهلوا ما استوعر المترفون، و أنسوا بما استوحش منه الجاهلون، و صحبوا الدنيا بأرواح معلّقة بالمحل (5) الأعلى، يا كميل، أولئك خلفاء اللّه في أرضه، الدعاة إلى دينه، هاه شوقا إلى رؤيتهم، أستغفر اللّه لي و لك.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع، أنبأنا أبو عمرو بن مندة، أنبأنا أبو محمّد بن يوة، أنبأنا أبو الحسن اللنباني (6)،حدّثنا ابن أبي الدنيا، حدّثني عبد الرّحمن بن صالح، حدّثنا أبو بكر بن عيّاش عن الأعمش قال:
ص: 255
دخل الهيثم بن الأسود النّخعي على الحجّاج فقال له: ما فعل كميل بن زياد؟ قال:
شيخ كبير، مطروح في البيت، قال: بلغني أنه فارق (1) الجماجم، قال: ذاك شيخ كبير خرف، قال: لتخلن عني لسانك أو لتنكري قال: قد خلفته حتى بلغ أنفي، و لئن شئت لأبلغن به المآقي، قال: فأعطى العطاء بعد، فدعا كميلا فقال له: أنت صاحب عثمان ؟ قال: ما صنعت بعثمان ؟ لطمني، فأقادني فعفوت، فأمر بقتله.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفقيه، أنبأنا نصر بن إبراهيم الزاهد، و عبد اللّه بن عبد الرزّاق بن عبد اللّه، قالا: أنبأنا أبو الحسن محمّد بن عوف بن أحمد المزني (2)،أنبأنا أبو علي الحسن بن منير بن محمّد التنوخي، أنبأنا أبو بكر محمّد بن خريم، حدّثنا هشام بن عمّار، حدّثنا أيوب بن حسّان، حدّثنا محمّد بن عبد الرّحمن قال:
منع الحجّاج النّخع أعطياتهم و عيالهم حتى يأتون بكميل بن زياد، فلما رأى ذلك كميل أقبل إلى قومه فقال: أبلغوني الحجّاج، فأبلغوه، فقال الحجّاج: يا أهل الشام، أ تعرفون هذا، هذا كميل بن زياد الذي قال لعثمان: أقدني من نفسك، فقال كميل: فعرف حقي، فقلت: أما إذا قدتني، فهو لك هبة، فمن كان أحسن قولا أنا أو عثمان ؟ فذكر الحجّاج علي بن أبي طالب فصلّى عليه كميل، فقال الحجّاج: و اللّه لأبعثن إليك إنسانا أشد بغضا لعلي من حبك أنت له، فبعث إلى أدهم (3) القيسي من أهل حمص، فضرب عنق كميل بن زياد.
أنبأنا أبو القاسم تمام بن عبد اللّه بن المظفّر الظني، أنبأنا أبو محمّد عبد اللّه بن الحسن بن حمزة العطّار، أنبأنا أبو نصر عبد الوهّاب بن عبد اللّه بن عمر المرّي - إجازة - أنبأنا أبو سليمان محمّد بن عبد اللّه بن زبر، أخبرني أبي عبد اللّه بن أحمد بن ربيعة بن زبر، حدّثنا أحمد بن عبيد بن ناصح، حدّثنا الأصمعي، عن [ابن] أبي زناد (4)،عن أبيه قال:
طلب الحجّاج كميل بن زياد النخعي طلبا شديدا فلم يقدر عليه، فقيل له: إن أردته فامنع قومه العطاء، قال: فمنع النّخع، و قال: لا أعطيكم حتى تأتوني به، فبلغ ذلك كميل بن زياد في موضعه الذي هو مستتر فيه، فأرسل إلى قومه: أنا أظهر له فلا تمنعون عطاءكم، فخرج إليه، فلما رآه قال: أنت الطالب من أمير المؤمنين عثمان القصاص، فقال له كميل:
ص: 256
فمن أي ذلك عجبت ؟ منه حين لطمني ؟ أو مني حين طلبت القصاص ؟ أو منه حين أقصني من نفسه (1)،أو مني حين عفوت عنه ؟ فقال: و اللّه لأدعنّك و أنت لا تطلب القصاص من خليفة أبدا، فقدّمه، و أمر أبا الجهم بن كنانة فضرب عنقه.
قال: و أبلى أبو الجهم بين يدي الحجّاج يوم الزّاوية فقال له الحجّاج: من أنت ؟ قال:
أنا أبو الجهم بن كنانة فقال له الحجّاج: قد زدناك في عطائك ألفا و في كنيتك ألفا، و لا ما أنت أبو الجهم.
قرأنا على أبي عبد اللّه يحيى بن الحسن، عن أبي الحسين بن الآبنوسي، أنبأنا أحمد ابن عبيد بن الفضل - قراءة. ح و عن أبي الحسن محمّد بن محمّد بن مخلد، أنبأنا علي بن محمّد بن خزفة، أنبأنا محمّد بن الحسين بن محمّد، حدّثنا ابن أبي خيثمة قال: سمعت يحيى بن معين يقول: مات كميل بن زياد سنة اثنتين و ثمانين أو أربع و ثمانين، و هو ابن تسعين سنة (2).
أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن، أنبأنا محمّد بن علي السيرافي، أنبأنا أبو عبد اللّه أحمد بن إسحاق، حدّثنا أحمد بن عمران، حدّثنا موسى، حدّثنا خليفة قال (3):
و فيها - يعني - سنة اثنتين و ثمانين قتل الحجّاج كميل بن زياد النّخعي.
قرأت (4) على أبي محمّد السّلمي، عن عبد العزيز بن أحمد، أنبأنا مكي بن محمّد بن الغمر، أنبأنا أبو سليمان بن زبر قال: قال المدائني: مات كميل بن زياد سنة اثنتين و ثمانين، و هو ابن سبعين سنة (5).
روى عنه: حيّان بن الأعين بن نمير بن سليع الحضرمي.
و قيل: إنه كان في الرّهن التي أخذها معاوية من أهل مصر، و سجنهم بلدّ (1)،و قيل:
بدمشق، و قيل: إنه قتل يوم الدار، و قيل: إنه قتل قبل دخول جيش معاوية مصر.
كتب إليّ أبو محمّد حمزة بن العبّاس بن علي، و أبو الفضل أحمد بن محمّد بن الحسن، و حدّثني أبو بكر اللفتواني عنهما قالا: أنبأنا أبو بكر الباطرقاني، أنبأنا أبو عبد اللّه بن مندة، قال: قال لنا أبو سعيد بن يونس:
كنانة بن بشر بن سلمان التّجيبي ثم الأيدعاني شهد فتح مصر، قتل بفلسطين سنة ست و ثلاثين، و كان ممن أخرجه معاوية من مصر في الرّهن، و كان أحد قتلة عثمان بن عفّان، روى عنه حيّان بن الأعين بن نمير الحضرمي.
أخبرنا أبو محمّد هبة اللّه بن أحمد، و عبد اللّه بن أحمد بن عمر - إذنا - قالا: حدّثنا أبو محمّد عبد العزيز بن أحمد، أنبأنا أبو محمّد عبد الرّحمن بن عثمان بن القاسم، أنبأنا أحمد بن محمّد بن سعيد بن عبيد اللّه، أنبأنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم، حدّثنا محمّد ابن عائذ قال: فحدّثنا الوليد بن مسلم، حدّثنا عبد اللّه بن لهيعة الحضرمي، عن يزيد بن أبي حبيب قال:
ثم ترافع معاوية بن حديج (2) و جيش بعثهم إليه محمّد بن أبي حذيفة عليهم قيس بن حرمل اللخمي - و يقول آخرون: كان عليهم يومئذ رجل من بليّ يقال له: ابن الحثما - فاقتتلوا بخربتا (3) في أوّل يوم من شهر رمضان سنة ست و ثلاثين، فقتل قيس بن الحرمل و ابن الجثما و أصحابهما، و خرج أصحاب ابن حديج و ابن حديج حتى صرع في القتلى، فجنح عليه ابن أخيه عبيد اللّه بن عبد اللّه بن حديج، فأكبّ عليه يقول: لحمي يحمي لحمك، و تناول الراية قيس بن سفيان الأزدي، فقال: أنا معاوية بن حديج، و كان على مجنبة معاوية يومئذ خيار بن مرثد الأبدوي، و درع بن الحارث الخولاني، و كان عدة من مع معاوية بن حديج يومئذ ممن تابعه في... (4) قيس بن حبشي ألف و مائة سوى أهل خربتا من بني مدلج، كانوا معه لما
ص: 258
غشيهم معاوية بن حديج حين خرج إليهم من ناحية الصعيد، فقال: إن كنتم تريدون نصرة بني مدلح فألصقوا برحالهم عند حلولكم بهم، ففعلوا ذلك، فقالت بنو مدلج: تزحزحوا عنا، فإن أيدينا مع أيديكم، فأبوا عليهم ثم انهم ساروا إلى أنطابلس (1)،قال: و قدم معاوية بن أبي سفيان في سنة ست و ثلاثين فنزل عين شمس، و كان على مجنبة محمّد بن أبي حذيفة أبو عريب البلوي، و على اليسرى عزيز بن فارع الأصبحي، فمنعوا معاوية و أصحابه أن يدخلوا الفسطاط ، فلما رأى معاوية أنه لا يستطيع الدخول كتب إلى محمّد بن أبي حذيفة: إنّا لا نريد قتال أحد من المسلمين، إنّما جئنا نسأل القود بعثمان ادفعوا إلينا قاتله ابن عديس، و كنانة بن بشر، و هما رأس القوم، و أمر معاوية عمرا أن يكتب إلى ابن أبي حذيفة بمثل (2) ذلك، فكتب عمرو، فكتب محمّد بن أبي حذيفة: إنّي لم أكن لأقيد بعثمان جديا أرطب السّرّة، و أمر بصحيفة أخرى فطويت ليس في جوفها شيء و كتب عنوانها: من محمد بن أبي حذيفة إلى عمرو بن العاص. فلما فضّها عمرو بن العاص لم ير فيها شيئا، فقال له معاوية: ما كتب إليك ابن أبي حذيفة ؟ قال: زعم أني لست شيئا. سيعلم أينا يدحض في بول أمه. فقال معاوية لابن أبي حذيفة: اجعلوا بيننا و بينكم رهنا منا و منكم، لا يكون بيننا و بينكم حرب حتى يستخلف اللّه و يجمع الأمة على من يشاء. فقال ابن أبي حذيفة: فإني أرضى بذلك على أني أستخلف على جندي و انطلق مع الرهن و كان ذلك منه جبنا، فقال معاوية عند ذلك - و اغتنم قول ابن أبي حذيفة-: فمن تستخلف ؟ قال: أستخلف أمية بن شييم، قال معاوية: كلا، قال: فإذ كرهت، فإني أستخلف الحكم بن الصلت. فقال معاوية: نعم، فانطلق ابن أبي حذيفة مع معاوية حتى دخل بهم الشام، ففرقهم نصفين، فسجن ابن أبي حذيفة و من معه في سجن دمشق، و سجن ابن عديس و النصف الثاني في سجن بعلبك. قال: فبينا معاوية في مسيره ذلك جاءه بريد، فأخبره أن قيس بن عدي اللخمي ثم الراشدي صاحب مصر قد أغار على خيل حتى بلغ فلسطين، ثم جاءه آخر فأخبره أن محمد بن أبي حذيفة قد خرج من السجن، ثم جاءه آخر، فأخبره أن ابن عديس و أصحابه قد خرجوا من السجن، فكان رأس القوم بعد ابن أبي حذيفة عبد الرحمن بن عديس، و كنانة بن بشر، ثم جاءه بريد آخر، فأخبره أن ابن هرقل قد نزل الدرب، ثم جاءه بريد آخر فأخبره أن علي بن أبي طالب قد شارق، جاءته
ص: 259
خمسة برد في ليلة واحدة، فأرسل معاوية إلى عمرو بن العاص: ما ترى في خمسة أمور شتى في ليلة واحدة، ما منها أمر إلاّ يهد المرى ذا القوى ؟ فقال: و ما هن ؟ فأخبره الخبر، فقال:
أما قيس بن عدي فإنما هو سارق، و لن يضر أحدا، و أما ابن عديس و أصحابه فإنهم قد خرجوا من سجن الناس إلى سجن اللّه، فابعث إليّ سفيان الأزدي صاحب بعلبك، فيبعث لمن خرج منهم من سجن بعلبك الرصد، فإنهم لن يعجزوا اللّه، و ابعث إلى أبي راشد صاحب فلسطين يبعث بمن عرج منهم إلى أرضه. فبعث أبو راشد عمرو بن عبد اللّه الخثعمي في طلب الرهن. قال: فخرجت نبطية من أنباط فلسطين تطلب حمارا، فاتبعت الحمار حتى صل إلى غار. فرأت محمد بن أبي حذيفة و أصحابه في الغار - و كانوا يسيرون الليل و يكمنون النهار - فدلت النبطية عليهم عمرو بن العاص. فزعم من زعم أن ابن أبي حذيفة و كنانة بن بشر عرض عليهما أن يستبقيا، فكرها ذلك. فقتلوا.
و خرج سفيان بن محبب (1) في أثر عبد الرحمن بن عديس بالفرس و بخيل له سواهم فأدركوهم و ذكر الحديث.
و ذكر أبو مخنف: إن كنانة بن بشر قتله جيش معاوية الذي أنقذه (2) لافتتاح مصر.
و ذكر أبو عمر محمد بن يوسف المصري قال (3):كان قتل كنانة بن بشر في ذي الحجة سنة ست و ثلاثين.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، أنبأنا أبو محمّد الجوهري، أنبأنا أبو عمر بن حيّوية، أنبأنا أحمد بن معروف، حدّثنا الحسين بن فهم، حدّثنا محمّد بن سعد (4)،أنبأنا محمّد بن عمر الواقدي، حدّثني عبد اللّه بن جعفر، عن ابن أبي عون، عن الزهري قال: قتل عثمان عند صلاة العصر، و شدّ عبد لعثمان أسود على كنانة بن بشر فقتله.
[ذكر من اسمه] (5) كنجور
سمع بدمشق: أبا علي بن قيراط العذري، و حدّث بدمشق.
ص: 260
روى عنه: أبو هاشم عبد الجبّار بن عبد الصّمد المؤدب.
حدّثني ابن الأكفاني - شفاها - عن محمّد بن علي الحداد، أنبأنا تمّام بن محمّد، و نقلته من خط تمّام، أنبأنا أبو هاشم المؤدّب، أخبرني كنجور بن عيسى أبو محمّد الفرغاني، حدّثنا أبو علي إسماعيل بن محمّد بن قيراط العذري، حدّثنا سليمان بن عبد الرّحمن، عن مسلمة ابن علي أنه حدّثهم عن سليم بن عامر، عن أبي أمامة الباهلي: عن النّبي صلى اللّه عليه و سلم أنه تلا هذه الآية: وَ آوَيْنٰاهُمٰا إِلىٰ رَبْوَةٍ ذٰاتِ قَرٰارٍ وَ مَعِينٍ (1) قال: أ تدرون أين هي ؟» قالوا: اللّه و رسوله أعلم، قال:«هي بالشام، بأرض يقال لها: الغوطة، مدينة يقال لها: دمشق»[10661].
مولى المنتصر باللّه بن جعفر المتوكل على اللّه، كان من أهل بغداد، ثم خرج إلى مصر، و أقام بها مدة، و سكن دمشق و مات بها.
و حدّث عن يحيى بن عثمان بن صالح المصري، و الحسن بن محمّد الزعفراني، و داود ابن علي الظاهري، و حرملة بن يحيى، و الربيع بن سليمان المرادي.
روى عنه: أبو علي الحسن بن حبيب الحصائري، و سليمان الطّبراني.
أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد، و غيره، قالوا: أنبأنا أبو بكر بن ريذة (2)،أنبأنا سليمان بن أحمد الطّبراني، حدّثنا كنيز الخادم المعدل الفقيه مولى أحمد بن طولون بمصر، حدّثنا الربيع بن سليمان، حدّثنا بشر بن بكر، عن الأوزاعي، عن عطاء بن أبي رباح، عن عبيد بن عمير، عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«إنّ اللّه تجاوز عن أمّتي: الخطأ و النسيان، و ما استكرهوا عليه»[10662].
قال سليمان: لم يروه عن الأوزاعي إلاّ بشر، تفرّد به الربيع بن سليمان.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، أنبأنا أبي أبو العبّاس، أنبأنا أبو نصر بن الجبّان، أنبأنا أبو علي الحسن بن محمّد بن درستويه، أنبأنا الحسن بن حبيب، حدّثنا كنيز بن عبد اللّه الخادم، حدّثنا يحيى بن عثمان قال: سمعت سعيد بن أبي مريم يقول: ذكر مالك بن أنس عند الليث ابن سعد فقال الليث: إنّي لأدعو اللّه لمالك في صلاتي و ذكر حاجة الناس إليه في الفتوى.
ص: 261
قرأت على أبي محمّد السّلمي، عن أبي زكريا البخاري.
ح و حدّثنا خالي (1) القاضي أبو المعالي محمّد بن يحيى، حدّثنا أبو الفتح نصر بن إبراهيم، أنبأنا أبو زكريا قال:
و أما كنيز بضم الكاف و النون و يليها الياء المعجمة باثنتين من تحتها، و بعدها الزاي فهو كنيز الخادم، كان يحدّث بمصر.
قرأت على أبي محمّد السّلمي، عن أبي نصر علي بن هبة اللّه الحافظ ، قال (2):
و أما كنيز مثل ما قبله إلاّ أن كافه مضمومة و نونه مفتوحة فهو كنيز الخادم، كان مولى أحمد بن طولون، حدّث عن الربيع بن سليمان المرادي، حدّث عنه الطّبراني.
أنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني، حدّثنا أبو محمّد الكتاني، أنبأنا تمام بن محمّد - إجازة - حدّثني أبي أبو الحسين قال: سمعت أبا علي الحسن بن حبيب بن عبد الملك يقول: سمعت أبا علي كنيز الخادم الفقيه يقول:
كنت للمنتصر باللّه فلما مات خرجت إلى مصر، فكنت أجلس في حلقة محمّد بن عبد اللّه بن عبد الحكم و أناظرهم على مذهب الشافعي - رحمه اللّه - و أحتج عنه، و كانوا (3) هؤلاء مالكيين، فكنت أقيم قيامتهم، و أكشف عيوبهم فلمّا تبيّن لهم أنهم لا يقوون لي سعوا بي إلى أحمد بن طولون، و أمر بحبسي في موضع قذر، فكنت أحتاج أن أصلي في مكان فيه قذارة، فبقيت في ذلك الموضع القذر محبوسا سبع سنين حتى مات أحمد بن طولون، و خلّي عن المحبّسين، فخرجت من الحبس، و ذهبت مستوي (4) كما أنا إلى الإسكندرية، فبقيت بها سبع سنين، أعيد صلاة سبع سنين التي كنت أصلي في ذلك الموضع القذر الذي حبست فيه، ثم خرجت من الاسكندرية و جئت إلى دمشق.
قال الحسن بن حبيب: فبقي عندنا بدمشق سنين، و له حلقة في مسجد الجامع، و كان فقيها فهما بقول الشافعي: و مات بدمشق رحمه اللّه.
ص: 262
5833 - كوثر بن الأسود - و يقال كوثر بن عبيد القنوي (1)
كان على شرطة مروان بن محمّد، و كان معه حين هزم سليمان بن هشام، و غلب على دمشق، له ذكر، و قيل هما اثنان: ابن الأسود غير ابن عبيد، و الصحيح أنهما واحد.
أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن، أنبأنا أبو الحسن السّيرافي، أنبأنا أحمد بن إسحاق، حدّثنا أحمد بن عمران، حدّثنا موسى، حدّثنا خليفة قال (2) في تسمية عمّال مروان:
شرط مروان كوثر بن الأسود القنوي (3).
قرأت على أبي محمّد السّلمي، عن أبي نصر الحافظ قال (4):
أما القنوي (5) بعد القاف نون ثم واو فهو: الكوثر بن الأسود القنوي (6)،أرسله مروان ابن محمّد مع عثمان بن أبي نسعة الخثعمي إلى الأسود بن نافع لما سود بالاسكندرية فانهزم عنها، و هرب إلى صالح بن علي. قاله ابن يونس.
أنبأنا أبو عامر محمّد بن سعدون بن مرجا، و نقلته من خطّه، أنبأنا أبو عبد اللّه الجزري - يعني - الحميدي: أن أبا القاسم منصور بن النعمان بن منصور بن أحمد بن النعمان الصّيمري، أخبرهم، أنبأنا الشريف أبو عبد اللّه محمّد بن عبيد اللّه (7)،عن أبي العباس عبد اللّه بن عبيد اللّه الصفري عن أبي بكر الصنوبري، أنبأنا أبو الحسن علي بن سليمان الأخفش، قال: قال أبو العباس محمّد بن يزيد المبرّد الأزدي، حدّثني إسحاق عن كناسة قال:
لما التقى مروان و أهل خراسان قال مروان لصاحب شرطه - و كان (8) يقال له: كوثر انزل فقاتل راجلا قال: لا أفعل، قال مروان: و اللّه لأسوأنّك، فقال كوثر: وددت و اللّه أنك تقدر على ذلك، و بلغني أن الكوثر طلب الأمان من صالح بن علي على أن يفتك بمروان فجعله
ص: 263
له، فلما دنا منه شدّ عليه مولّى لمروان كان بلغه ذلك فقتله، فقال مروان: ما صنعت ؟ فأخبره، فقال: أحسنت.
ثم الحلبي (1)
حدّث عن نافع مولى ابن عمر، و عطية بن سعد العوفي، و عطاء بن أبي رباح، و مكحول الفقيه، و المحسن بن نافع.
روى عنه هشيم بن بشير، و مبشّر بن إسماعيل الحلبي، و محمّد بن يزيد بن سنان الرّهاوي، و أبو نصر عبد الملك بن عبد العزيز الشيباني التمّار (2).
و قيل: إنه اجتاز بدمشق.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن الحسين، أنبأنا أبو الغنائم بن المأمون، أنبأنا أبو القاسم بن حبابة، حدّثنا أبو القاسم البغوي، حدّثنا أبو نصر عبد الملك بن عبد العزيز التمّار (3)،حدّثنا كوثر يعني: ابن حكيم، عن نافع، عن ابن عمر، أن النّبي صلى اللّه عليه و سلم قال:«يا بن أم عبد، هل تدري كيف حكم اللّه فيمن بغى من هذه الأمة ؟» قال: اللّه و رسوله أعلم، قال:«لا تجهز على جريحها، و لا تقتل أسيرها، و لا تطلب هاربها، و لا تقسم فيئها»[10663].
قرأت على أبي القاسم الخضر بن الحسين بن عبد اللّه، عن (4) عبد العزيز بن أحمد، أنبأنا أبو نصر عبد الوهّاب بن عبد اللّه بن عمر المرّي، أنبأنا أبو عمر محمّد بن موسى بن فضالة، حدّثنا محمّد بن يزيد بن عبد الصمد، حدّثنا هشام بن عمّار، حدّثنا محمّد بن شعيب، حدّثنا الكوثر بن (5) حكيم التستري (6) قال: غزونا مع مسلمة بن هشام، فلمّا كان أول يوم من شهر رمضان قام في الناس فقال: إنّ أمير المؤمنين يقول: من صام رمضان في السفر فلا صيام له، فقام أمية بن يزيد بن أبي عثمان القرشي فقال: أصلح اللّه الأمير، إنّ مكحولا كان إماما من أئمة المسلمين، و كان يقول: من أفطر في السفر ففي عذر وسعة و من
ص: 264
صام فهو أفضل، و ما صمتم شهر رمضان في شهر أحبّ إلى اللّه من الشهر الذي فرضه فيه، فدع الناس، فمن شاء فليصم و من شاء فليفطر، فقال: صدق أبو عبد اللّه، من شاء صام، و من شاء أفطر.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو القاسم بن مسعدة، أنبأنا حمزة بن يوسف، أنبأنا أبو أحمد بن عدي قال (1):سمعت أبا الميمون أحمد بن محمّد بن ميمون بن إبراهيم بن كوثر بن حكيم بن أبان بن عبد اللّه بن العبّاس الهمداني الحلبي - بحلب - هكذا نسب لي جده كوثرا، و قال لي: كنية كوثر أبو مخلد، و كان كوفيا.
قال: و حدّثنا أبو أحمد (2)[نا] (3) الجنيدي، حدّثنا البخاري قال: كوثر بن حكيم عن نافع، سمع منه هشيم، و أبو نصر التمّار، كان أحمد - يعني: ابن حنبل - لا يرى الكتابة عنه.
أخبرنا أبو القاسم هبة اللّه بن عبد اللّه، أنبأنا أبو بكر الخطيب. ح و حدّثني أبو عبد اللّه الحسين بن محمّد، أنبأنا أبو منصور محمّد بن الحسين. قالا: أنبأنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن غالب، أنبأنا أبو يعلى حمزة بن محمّد بن علي، حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن شعيب. ح و أخبرنا أبو الغنائم محمّد بن علي في كتابه، ثم حدّثنا أبو الفضل بن ناصر، أنبأنا أبو الفضل بن خيرون، و محمّد بن الحسن، قالا: أنبأنا أحمد بن عبدان، أنبأنا محمّد بن سهل المقرئ، قالا: أنبأنا البخاري (4).ح و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو القاسم بن مسعدة، أنبأنا حمزة بن يوسف، أنبأنا أبو (5) أحمد بن عدي (6) قال: سمعت ابن حماد يقول: قال البخاري:
كوثر بن حكيم عن نافع (7)-زاد ابن شعيب: مولى ابن عمر، و قالوا:- منكر الحديث.
أنبأنا أبو الحسين القاضي، و أبو عبد اللّه الأديب، قالا: أنبأنا أبو القاسم بن مندة، أنبأنا أبو علي - إجازة-. ح قال: و أنبأنا أبو طاهر بن سلمة، أنبأنا أبو الحسن. قالا: أنبأنا أبو محمّد بن أبي حاتم قال (8):
ص: 265
كوثر بن حكيم، روى عن نافع، روى عنه هشيم، و أبو نصر التمّار، سمعت أبي يقول ذلك.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنبأنا أبو بكر السامي، أنبأنا أبو الحسن العتيقي، أنبأنا يوسف بن أحمد، أنبأنا أبو جعفر العقيلي (1)،حدّثنا عبد اللّه بن أحمد قال: قال أبي: كان هشيم ذهب إلى حلب فسمع من كوثر بن حكيم فقلت: ليس هو بشيء.
و قال في موضع آخر: حديثه لا يسوى شيء.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو القاسم بن مسعدة، أنبأنا حمزة بن يوسف.
ح و أخبرنا (2) أبو المظفّر بن القشيري، أنبأنا أبو بكر البيهقي، أنبأنا أبو سعد الماليني.
قالا: أنبأنا أبو أحمد بن عدي (3)،حدّثنا ابن أبي عصمة - يعني - عبد الوهّاب، حدّثنا أبو طالب، و هو أحمد بن حميد قال: سألت أحمد بن حنبل عن كوثر؟ فقال: ليس هو من عيالنا. قال: كان أبو نعيم إذا لم يرو عن إنسان قال: هو ليس من عيالنا - زاد حمزة: متروك الحديث.
قال حمزة: و أنبأنا أبو أحمد (4)،حدّثنا أحمد بن الحسن القمي، حدّثنا عبد اللّه بن أحمد قال: سمعت أبي يقول: كوثر أحاديثه بواطيل، ليس بشيء.
قال: و أنبأنا أبو أحمد (5)،حدّثنا ابن حمّاد، حدّثنا عبد اللّه، عن أبيه قال: كوثر حكيم ليس يسوى [شيئا] (6) أحاديثه بواطيل.
قال: و أنبأنا أبو أحمد (7)،حدّثنا ابن حمّاد، حدّثنا معاوية، عن يحيى قال: كوثر بن حكيم، روى عنه هشيم، ليس بشيء.
أخبرنا أبو القاسم هبة اللّه بن عبد اللّه، حدّثنا أبو بكر الخطيب، أنبأنا أبو بكر أحمد ابن محمّد بن إبراهيم قال: سمعت أحمد بن محمّد بن عبدوس قال: سمعت عثمان بن سعيد
ص: 266
يقول: و سألته - يعني - يحيى بن معين عن الكوثر بن حكيم ؟ فقال: ليس بشيء.
أنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني، حدّثنا عبد العزيز بن أحمد، أنبأنا عبد الوهّاب بن جعفر، أنبأنا عبد الجبّار بن عبد الصّمد، أنبأنا القاسم بن عيسى، حدّثنا إبراهيم بن يعقوب قال: كوثر بن حكيم لا يحلّ كتاب حديثه عندي لأنه مطروح.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا أبو القاسم بن مسعدة، أنبأنا حمزة بن يوسف، أنبأنا أبو أحمد قال (1):سمعت ابن حمّاد يقول: قال السعدي: كوثر بن حكيم لا يحل كتابة حديثه عندي لأنه مطروح (2).
قال ابن عدي (3):و عامة ما يرويه غير محفوظ .
أخبرنا أبو البركات بن المبارك، أنبأنا أبو بكر محمّد بن المظفر، أنبأنا أبو الحسن (4)العتيقي، أنبأنا يوسف بن أحمد، أنبأنا أبو جعفر العقيلي (5)،حدّثني الحسين بن عبد اللّه الدارع قال: سمعت أبا داود يقول: كوثر بن حكيم لا يكتب حديثه.
أنبأنا أبو الحسين القاضي، و أبو عبد اللّه الأديب، قالا: أنبأنا أبو القاسم بن مندة، أنبأنا حمد - إجازة-. ح قال: و أنبأنا أبو طاهر، أنبأنا علي. قالا: أنبأنا ابن أبي حاتم قال (6):
سألت أبي عن كوثر بن حكيم ؟ فقال: ضعيف الحديث، قلت: هو متروك الحديث ؟ قال: لا أعلم له حديثا مستقيما، و سئل أبو زرعة عن كوثر بن حكيم ؟ فقال: ضعيف الحديث.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو بكر بن الطبري، أنبأنا أبو الحسين بن الفضل، أنبأنا عبد اللّه بن جعفر، حدّثنا يعقوب قال: كوثر بن حكيم، حدّثنا عنه أبو نصر التمّار، روى عن هشيم، منكر الحديث.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفرضي، و أبو يعلى حمزة بن علي البزّار، قالا:
أنبأنا أبو الفرج الأسفرايني، أنبأنا علي بن منير بن أحمد، أنبأنا الحسن بن رشيق، حدّثنا أبو
ص: 267
عبد الرّحمن النسائي قال: كوثر بن حكيم متروك الحديث.
قرأت على أبي القاسم زاهر بن طاهر، عن أبي بكر البيهقي، أنبأنا أبو عبد اللّه الحافظ ، أنبأنا أبو بكر محمّد بن جعفر، حدّثنا أبو بكر محمّد بن إسحاق بن خزيمة و سئل عن كوثر بن حكيم الذي روى عنه هشيم، فقال: لا أحتج بحديثه.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحسين بن محمّد، أنبأنا أبو ياسر محمّد بن عبد العزيز، أنبأنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن غالب - إجازة - قال: هذا ما وافقت عليه أبا الحسن الدارقطني من المتروكين.
ح و أخبرنا أبو القاسم يحيى بن بطريق بن بشري، أنبأنا أبو الغنائم بن الدجاجي، و أبو تمام الواسطي في كتابيهما عن أبي الحسن الدارقطني قال:
كوثر بن حكيم الحلبي عن نافع - زاد ابن بطريق: متروك الحديث.
و أخبرنا (1) أبو عبد اللّه البلخي، أنبأنا أبو منصور محمّد بن الحسين، أنبأنا أبو بكر البرقاني قال: سمعت الدارقطني يقول: كوثر بن حكيم كان بحلب، منكر الحديث (2).
أنبأنا أبو سعد المطرز، و أبو علي الحدّاد، قالا: قال لنا أبو نعيم الحافظ .
كوثر بن حكيم منكر الحديث، عن نافع و عطاء، قاله البخاري، روى عنه هشيم.
شاعر فارس، له ذكر في حرب أبي العميطر.
فمما وجدته من شعره ما قرأت بخط أبي الحسين الرازي، حدّثني محمّد بن أحمد بن غزوان، حدّثنا أحمد بن المعلّى، حدّثنا صالح بن البختري، حدّثني النضر بن يحيى قال: قال الكوثر:
لو لم يكن مع هاشم عاجل *** لكان في الآجل خير كثير
فكيف و الأمران: من عاجل *** و آجل عندهم مستنير
و أنتم أبناء صخر لمن *** يهواكم النار و نيل حقير
أقسمت لا أنفك أرديكم *** ما لاح لي نجم و أرسا ثبير
ص: 268
أرجو به زلفى إلى عالم *** بما يواري و تجن الصدور
من أهل دمشق.
سمع أبا هريرة، و أبا أمامة الباهلي.
روى عنه: خالد بن عبد اللّه بن الفرج سبلان، و عثمان بن عبد الأعلى بن سراقة، و أخطأ في ذلك.
و كانت له دار بدمشق عند الباب الشرقي عن يمين الداخل.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد، و علي بن المسلّم، قالا: أنبأنا أبو عبد اللّه الحسين ابن محمّد بن أبي الرضا، أنبأنا أبو محمّد بن أبي نصر، حدّثنا أبو عبد اللّه الحسين بن يحيى ابن حزلان، حدّثنا أبو زرعة، حدّثنا محمّد بن المبارك، حدّثنا صدقة بن خالد، حدّثنا خالد ابن دهقان، عن خالد سبلان، عن كهيل بن حرملة قال:
أقبل أبو هريرة إلى دمشق فنزل على أبي كلثم الدّوسي، قال: فجلس في المسجد في غربيه، قال: فتذاكرنا الصلاة الوسطى، فاختلفنا، فقال أبو هريرة: اختلفنا فيها كما اختلفتم، و نحن بفناء بيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و فينا الرجل الصّالح أبو هاشم بن عتبة بن ربيعة فقال: أنا أعلم لكم ذلك، و كان جريئا عليه، فاستأذن على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، ثم خرج، فأخبرنا أنها صلاة العصر.
أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد، و حدّثني أبو مسعود عبد الرحيم بن علي بن حمد عنه، أنبأنا أبو نعيم الحافظ ، حدّثنا سليمان بن أحمد، حدّثنا عبد اللّه بن موسى بن أبي عثمان الأنماطي البغدادي، حدّثنا الحكم بن موسى، حدّثنا مسلمة بن علي عن (1) خالد بن دهقان، عن كهيل بن حرملة، عن أبي أمامة الباهلي قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«تكفير كلّ لحاء ركعتان»[10664].
أنبأنا أبو علي الحدّاد، أنبأنا أبو نعيم (2)،حدّثنا أبو عمرو بن حمدان، حدّثنا الحسن ابن سفيان، حدّثنا داود بن رشيد، حدّثنا عبد الملك بن محمّد أبو الدّرداء (3)،عن علقمة بن
ص: 269
عبد اللّه القرشي، عن القاسم بن محمّد، عن كهيل الأزدي - و كانت له صحبة - قال: أصيب الناس يوم أحد و كثر فيهم الجراحات فأتى رجل النّبي صلى اللّه عليه و سلم فقال: إنّ الناس قد كثر فيهم الجراحات قال:
«انطلق فقم على الطريق فلا يمرّ بك جريح إلاّ قلت: بسم اللّه، ثم تفلت في جرحه، و قلت: بسم اللّه شفاء الحي الحميد من كلّ حدّ و حديد، أو حجر تليد، اللّهمّ اشف، إنه لا شافي إلاّ أنت» قال كهيل: فإنه لا يقيح و لا يدم (1)[10665].
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنبأنا أبو طاهر أحمد بن الحسن، أنبأنا أبو محمّد يوسف بن رباح، أنبأنا أبو بكر المهندس، حدّثنا أبو بشر الدولابي، حدّثنا معاوية بن صالح قال في تسمية أهل الشام: كهيل بن حرملة النميري.
أنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي، ثم حدّثنا أبو الفضل محمّد بن ناصر، أنبأنا أحمد بن الحسن، و المبارك بن عبد الجبار، و محمّد بن علي - و اللفظ له - قالوا: أنبأنا أبو أحمد - زاد أحمد: و محمّد بن الحسن قالا:- أنبأنا أحمد بن عبدان، أنبأنا محمّد بن سهل، أنبأنا محمّد ابن إسماعيل قال (2):كهيل بن حرملة النميري سمع أبا هريرة، روى عنه خالد سبلان.
أخبرنا أبو الحسين القاضي، و أبو عبد اللّه الخلاّل - إذنا - قالا: أنبأنا أبو القاسم بن مندة، أنبأنا أبو علي - إجازة-. ح قال: و أنبأنا أبو طاهر، أنبأنا أبو الحسن. قالا: أنبأنا ابن أبي حاتم قال (3):كهيل بن حرملة النميري (4) روى عن أبي هريرة، روى عنه خالد سبلان، سمعت أبي يقول ذلك.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، حدّثنا أبو محمّد الكتاني، أنبأنا أبو القاسم تمام بن محمّد، أنبأنا أبو عبد اللّه الكندي، حدّثنا أبو زرعة قال: في طبقة قدم تلي الطبقة العليا من تابعي أهل الشام: كهيل بن حرملة النميري، حدّثني دحيم عن أبي مسهر قال: كهيل من نمر الأسد لا من نمر بن قاسط ، من أصحاب أبي هريرة.
أخبرنا أبو غالب بن البنّا، أنبأنا أبو الحسين بن الآبنوسي، أنبأنا أبو القاسم بن عتّاب،
ص: 270
أنبأنا أحمد بن عمير - إجازة-. ح و أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد، أنبأنا أبو عبد اللّه الحسن بن أحمد، أنبأنا علي ابن الحسن، أنبأنا عبد الوهّاب الكلابي، أنبأنا أحمد بن عمير - قراءة.
قال: سمعت أبا الحسن بن سميع يقول: كهيل بن حرملة النميري أزدي، قال أبو سعيد: أزدي من رهط ابن سراقة، دمشقي.
أخبرنا أبو الفضل محمّد بن ناصر، أنبأنا أبو طاهر أحمد بن علي الدقّاق، و أبو الحسين المبارك بن عبد الجبّار، قالا: أنبأنا الحسين بن علي، حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن السري، حدّثنا عبد الملك بن بدر بن الهيثم، حدّثنا أحمد بن هارون بن روح قال في الطبقة الثانية من الأسماء المنفردة، و هم التابعون: كهيل بن حرملة، يروي عن أبي هريرة، شامي.
قرأت على أبي غالب بن البنّا، عن أبي الفتح بن المحاملي، أنبأنا أبو الحسن الدارقطني، قال: أما كهيل: فكهيل بن حرملة النميري، سمع أبا هريرة، روى عنه خالد سبلان، حديثه عند الشاميين.
أنبأنا أبو علي الحدّاد، قال: قال لنا أبو نعيم الحافظ : كهيل الأزدي غير منسوب، ذكره الحسن بن سفيان في الوحدان.
قرأت على أبي محمّد السّلمي، عن أبي نصر بن ماكولا قال (1):كهيل بن حرملة النميري سمع أبا هريرة، روى عنه خالد سبلان، حديثه عند الشاميين.
أنبأنا أبو عبد اللّه محمّد بن علي بن أبي العلاء، و أبو محمّد بن صابر، قالا: أنبأنا أبو القاسم بن أبي العلاء، أنبأنا أبو الحسن بن السّمسار، أنبأنا أبو سليمان بن زبر، حدّثنا يحيى ابن محمّد بن صاعد، حدّثنا عبد الصّمد بن عبد الوهّاب البصري. ح قال: و أنبأنا أبي، حدّثنا سليمان بن عبد الحميد البهراني (1)،و عبد اللّه بن داود بن قبيصة، و العبّاس بن محمّد بن كثير، و الحكم بن عمرو الأنماطي. ح قال: و أنبأنا ابن جوصا، حدّثنا محمّد بن عوف بن سفيان، و موسى بن سهل، قالوا: حدّثنا علي بن عيّاش، حدّثنا عبد الرّحمن بن سليمان بن أبي الجون، حدّثني إبراهيم بن أبي عبلة (2)،حدّثني كلاب بن أميّة قال: قدم علينا واثلة بن الأسقع فنزل دار أم خالد بنت أبي هاشم، فأتيناه نسلّم عليه، فقال له بعضنا: حدّثنا - رحمك اللّه - بحديث سمعته من حديث رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ليس فيه زيادة و لا نقصان، قال: فغضب حتى عرفنا الغضب في وجهه، ثم قال: إنّ مصحف أحدكم ليكون عند رأسه، فينظر فيه كلّ يوم، و هو يزيد و ينقص، تسألونا (3) أنّ نحدّثكم بحديث قد أتى له كذا و كذا، لا زيادة و لا نقصان، قال: فلمّا سرّي عنه الغضب قال: شهدت نبي اللّه صلى اللّه عليه و سلم و أتاه نفر من بني سليم فقالوا: يا رسول اللّه إنّ صاحبا لنا قد أوجب فقال:«مروه فليعتق رقبة، يفكّ اللّه بكلّ عضو منها عضوا منه من النار»[10666].
كانت دار أم خالد بدمشق خارج باب جيرون، و لها دار أيضا بحمص، فاللّه أعلم في أي البلدين كان.
أخبرتنا أم المجتبى بنت ناصر قالت: أنبأنا إبراهيم بن منصور، أنبأنا أبو بكر بن المقرئ، أنبأنا أبو يعلى الموصلي، حدّثنا القواريري، حدّثنا حمّاد بن زيد، حدّثنا علي بن زيد، عن الحسن قال:
بعث زياد كلاب بن أميّة اللّيثي على الأبلّة (4)،فمرّ به عثمان بن أبي العاص فقال: يا أبا هارون ما يجلسك هاهنا؟ قال: بعثني هذا على الأبلّة، فقال: المكس من يبرّ عمله، أ لا أحدّثك حديثا سمعته من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:
ص: 272
«إنّ داود كان يوقظ أهله ساعة من الليل يقول: يا آل داود قوموا فصلّوا، فإنّ هذه الساعة يستجاب [فيها] (1) الدعاء إلاّ لساحر أو عشّار» (2) قال: فدعا بسفينة فركبها، ثم رجع إلى زياد، فقال: ابعث على عملك من شئت[10667].
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين، أنبأنا أبو علي بن المذهب، أنبأنا أحمد بن جعفر، [حدثنا عبد اللّه بن أحمد] (3)[حدثنا أبي] (4)(5) حدّثنا عبيد اللّه بن عمر القواريري، حدّثنا حمّاد بن زيد، عن علي بن زيد، عن الحسن قال: مرّ عثمان بن أبي العاص على كلاب بن أميّة، فذكر نحوه.
و روي عن حمّاد بن سلمة عن علي بن زيد إلاّ [أنه] (6) نسب فيه كلابا نسبة أخرى.
أخبرناه أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، أنبأنا أبو محمّد الجوهري، أنبأنا أبو الحسين بن المظفر، حدّثنا محمّد بن محمّد بن سليمان، حدّثنا محمّد بن أبان، حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن الحسن.
أن زيادا استعمل كلاب بن عامر على الأبلّة، فمرّ [به] (7) عثمان بن أبي العاص فقال:
ما لك ؟ قال: استعملني على الأبلّة، فقال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:
«خرج نبي اللّه داود صلوات اللّه عليه ذات ليلة فقال: لا يسأل اللّه الليلة أحد إلاّ استجيب له إلاّ أن يكون ساحرا أو عشّارا» فدعا بقرقر (8) فركبه فأتاه فقال: ولّ عملك غيري، فإنّي سمعت عثمان بن أبي العاص يحدّث عن النّبي صلى اللّه عليه و سلم بكذا و كذا[10668].
و روي عن كلاب بن أميّة من وجه آخر:
أخبرناه أبو سعد أحمد بن محمّد البغدادي، و زوجه رابعة بنت معمر اللنبانية (9)،و أبو القاسم إسماعيل بن محمّد بن الفضل، قالوا: أنبأنا أبو الطّيّب بن سكة، و هو محمّد بن أحمد
ص: 273
ابن إبراهيم - زاد أبو سعد: و أبو المظفر محمود بن جعفر بن محمّد الكوسج و أبو القاسم عبد الرّحمن بن محمّد بن مندة، و محمّد بن أحمد بن علي بن شكرويه، قالوا: أنبأنا أبو علي بن البغدادي، حدّثنا أبي علي بن أحمد بن سليمان، حدّثنا أبو حاتم محمّد بن إدريس، حدثنا أبو الجماهر محمّد بن عثمان، حدّثنا خليد بن دعلج، عن سعيد بن عبد الرّحمن، عن كلاب بن أميّة أنه لقي عثمان بن أبي العاص فقال له: ما جاء بك ؟ قال: استعملت على عشور الأبلّة، فقال عثمان: إنّي سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«إنّ اللّه عزّ و جلّ يدنو من خلقه فيغفر لمن استغفره إلاّ لبغي (1) لفرجها أو العشار»[10669].
و سقط من حديث إسماعيل ذكر علي بن أحمد، و لا بدّ منه.
و روي عن خليد عن كلاب نفسه.
أخبرناه أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو القاسم بن مسعدة، أنبأنا حمزة بن يوسف، أنبأنا أبو أحمد بن عدي (2)،حدّثنا محمّد بن أحمد بن هارون، حدّثنا ابن أبي العوّام، حدّثنا سلمة بن سليمان، حدّثنا خليد (3) بن دعلج، عن كلاب بن أميّة أنه لقي عثمان ابن أبي العاص فقال: ما جاء بك ؟ قال: استعملت على عشور الأبلّة، قال: فإنّي سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«إنّ اللّه يدنو من خلقه فيغفر لمن استغفر إلاّ البغي بفرجها و العشّار»[10670].
و روي عن حمّاد عن الحسن:
أخبرناه أبو القاسم هبة اللّه بن محمّد، أنبأنا أبو علي الحسن بن علي، أنبأنا أبو بكر بن مالك، حدّثنا عبد اللّه بن أحمد (4)،حدّثني أبي، حدّثنا يزيد (5)،أنبأنا حمّاد بن زيد، عن الحسن قال:
مرّ عثمان بن أبي العاص على كلاب بن أميّة و هو جالس على مجلس العاشر بالبصرة، فقال: ما يجلسك هاهنا؟ قال: استعملني هذا على هذا المكان - يعني زيادا - فقال له عثمان:
ص: 274
أ لا أحدّثك حديثا سمعته من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ؟ قال: بلى، فقال عثمان: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«كان لداود نبي اللّه صلى اللّه عليه و سلم من الليل ساعة يوقظ فيها أهله يقول: يا آل داود قوموا فصلّوا، فإنّ هذه ساعة يستجيب اللّه فيها الدعاء إلاّ لساحر أو عشّار»، فركب كلاب بن أميّة سفينة (1)فأتى زيادا فاستعفاه فأعفاه.
قرأت على أبي الفضل بن ناصر، عن جعفر بن يحيى، أنبأنا أبو نصر الوائلي، أنبأنا الخصيب بن عبد اللّه، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرّحمن، أخبرني أبي قال: أبو هارون كلاب بن أميّة.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو طاهر بن أبي الصّقر، أنبأنا هبة اللّه بن إبراهيم بن عمر، أنبأنا أبو بكر المهندس، حدّثنا أبو بشر الدولابي قال (2):أبو هارون كلاب بن أميّة اللّيثي، الحسن البصري عنه.
أنبأنا أبو جعفر محمّد بن أبي علي، أنبأنا أبو بكر الصفّار، أنبأنا أحمد بن علي بن منجويه أنبا أبو أحمد الحاكم قال: أبو هارون كلاب بن أميّة اللّيثي، و يقال: كلاب بن علي، سمع أبا عبد اللّه عثمان بن أبي العاص الثقفي، ذكره الحسن البصري في بعض أخباره، حديثه في البصريين، و لم يذكره البخاري و لا ابن أبي حاتم في كتابيهما.
خرج إلى الشام مجاهدا، و كان في جيش يزيد بن أبي سفيان.
أنبأنا أبو عبد اللّه محمّد بن علي بن أبي العلاء، حدّثنا أبو بكر الخطيب، أنبأنا أبو (3)الحسين بن بشران، أنبأنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن عبد اللّه الدقّاق، أنبأنا محمّد بن أحمد ابن النضر، حدّثنا معاوية بن عمرو، عن أبي إسحاق، عن زائدة، عن عطاء بن السّائب، عن رجل قال: سمعت عثمان بن أبي العاص يقول: كنت جالسا عند عمر فأتاه رجل فأنشده:
تركت أباك مرعشة يداه *** و أمّك ما يسيغ لها شرابا
إذا غنّت حمامة بطن فجّ *** على بيضاتها ذكرت كلابا
فقال عمر: مم ذاك ؟ قال: هاجر إلى الشام و ترك أبوين له شيخين كبيرين، فجعل عمر
ص: 275
يبكي، ثم كتب إلى يزيد بن أبي سفيان في أن يرحّله بثقله إلى عمر، فقدم عليه، فقال: أنت كلاب ؟ ثم أنشده البيتين، ثم قال: ائت أبويك فبرّهما و كن معهما حتى يموتا.
5839 - كيسان (1)[بن عبد الله بن طارق اليماني الشامي أبو نافع الدمشقي]
له صحبة.
روى عنه: ابنه نافع بن كيسان.
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنبأنا شجاع بن علي، أنبأنا أبو عبد اللّه بن مندة، أنبأنا إسماعيل بن محمّد الصفار، حدّثنا محمّد بن إسحاق الصّغاني، حدّثنا عثمان بن صالح، حدّثنا ابن لهيعة، عن سليمان بن عبد الرّحمن، عن نافع بن كيسان عن أبيه أنه كان يتجر في الخمر في زمن النّبي صلى اللّه عليه و سلم، فلما حرّمت الخمر نهاه النّبي صلى اللّه عليه و سلم - يعني - عن ذلك.
كذا أخرجه ابن مندة مختصرا (2).
و قد أخبرناه بتمامه أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا عيسى بن علي، حدّثنا أبو القاسم البغوي، حدّثني محمّد بن إسحاق، حدّثنا عثمان بن صالح، حدّثنا ابن لهيعة، عن سليمان بن عبد الرّحمن أن نافع بن كيسان أخبره أن أباه كيسان أخبره. أنه كان يتجر في الخمر في زمان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فأقبل من الشام و معه خمر في زقاق يريد به التجارة، فأتى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال: يا رسول اللّه لقد جئت بشراب جيّد، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«إنّها قد حرّمت بعدك يا كيسان»، قال: فأذهب فأبيعها يا رسول اللّه ؟ فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«إنّها قد حرّمت و حرّم ثمنها» قال: فانطلق كيسان إلى الزقاق فأخذ بأرجلها ثم أهراقها جميعا (3)[10671].
و أخبرناه أبو سهل محمّد بن إبراهيم، أنبأنا أبو الفضل الرازي، أنبأنا جعفر بن عبد
ص: 276
اللّه، حدّثنا محمّد بن هارون، حدّثنا أحمد بن عبد الرّحمن، حدّثنا عمي، حدّثنا ابن لهيعة، عن سليمان بن عبد الرّحمن، عن نافع بن كيسان الدمشقي أخبره أن أباه كيسان أخبره.
أنه كان يتجر بالخمر في زمن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فقال: إنّي قد جئت بشراب جيّد، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«يا كيسان إنّها قد حرّمت و حرّم ثمنها»، فانطلق كيسان إلى الزقاق و أخذ بأرجلها ثم أهراقها جميعا[10672].
و سيأتي لهذا الحديث طريق آخر في ترجمة نافع بن كيسان.
[قال ابن عساكر:] و لكيسان هذا حديث آخر في نزول عيسى بن مريم عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، فيه اختلاف.
و قد أخطأ ابن مندة في كتابه خطأ فاحشا فقال: كيسان بن عبد اللّه بن طارق، و قيل ابن بشر، عداده في أهل الحجاز، روى (1) عنه ابناه عبد الرّحمن، و نافع، و ساق في الترجمة هذا الحديث، و حديث عبد الرّحمن عن أبيه كيسان قال: رأيت النّبي صلى اللّه عليه و سلم يصلي بالبئر العليا في ثوب.
[قال ابن عساكر:] و هما اثنان: كيسان أبو عبد الرّحمن غير كيسان أبي نافع، أحدهما مدني و الآخر دمشقي، و قد فرّق بينهما البخاري في تاريخه، و ابن أبي حاتم في كتابه، و البغوي في معجمه، إلاّ أنّ أبا حاتم قال في نسب أبي نافع: كيسان بن عبد اللّه بن طارق، و حكي ذلك عن ابن لهيعة، و ما قالوه أولى بالصواب من قول ابن مندة، و اللّه أعلم، غير أن ابن أبي حاتم فرّق بين كيسان راوي حديث الخمر و بين كيسان راوي حديث نزول عيسى (2)، و ذكر أنّ كل واحد منهما روى عنه ابنه نافع، و أنّ الصواب في راوي حديث نزول عيسى نافع ابن كيسان عن النّبي صلى اللّه عليه و سلم، و حكاه عن أبيه أبي حاتم، و لم يصنع شيئا، فإنّ قول من روى عن الوليد بن مسلم عن ربيعة بن ربيعة عن نافع بن كيسان عن أبيه مع ما يعضده من رواية سليمان ابن عبد الرّحمن عن نافع بن كيسان عن أبيه بحديث آخر أولى من قول من أتى بخلاف ذلك، و اللّه أعلم (3).
ص: 277
أنبأنا أبو الغنائم بن النرسي، ثم حدّثنا أبو الفضل السلامي، أنبأنا أحمد بن الحسن، و المبارك بن عبد الجبّار، و محمّد بن علي - و اللفظ له - قالوا: أنبأنا أبو أحمد - زاد أحمد و أبو الحسين الأصبهاني - قالا: أنبأنا أحمد بن عبدان، أنبأنا محمّد بن سهل، أنبأنا محمّد بن إسماعيل قال (1):
كيسان قال عمرو بن محمّد: حدّثنا حمّاد بن خالد الخيّاط (2) سمع عمرو بن كثير بن أفلح عن عبد الرّحمن بن كيسان عن أبيه أنه رأى النّبي صلى اللّه عليه و سلم عند البئر العليا (3).
ثم قال البخاري (4):كيسان قال هشام: حدّثنا الوليد بن مسلم، حدّثني ربيعة بن ربيعة (5)،حدّثني نافع بن كيسان عن أبيه قال: سمعت النّبي صلى اللّه عليه و سلم يقول:«ينزل عيسى...».
أنبأنا أبو الحسين القاضي - إذنا - و أبو عبد اللّه الأديب - شفاها - قالا: أنبأنا أبو القاسم ابن مندة، أنبأنا أبو علي - إجازة-. ح قال: و أنبأنا أبو طاهر بن سلمة، أنبأنا علي بن محمّد.
قالا: أنبأنا ابن أبي حاتم قال (6):كيسان قال: سمعت النّبي صلى اللّه عليه و سلم يقول:«ينزل عيسى بن مريم عند باب دمشق الشرقي»[10673].
روى عنه ابنه نافع بن كيسان في رواية من أخطأ، و الصحيح نافع بن كيسان عن النّبي صلى اللّه عليه و سلم ليس فيه ذكر كيسان، سمعت أبي يقول ذلك.
ثم قال (7):كيسان بن عبد اللّه بن طارق فيما روى ابن لهيعة عن سليمان بن عبد الرّحمن بن عيسى الخراساني الدمشقي أن نافع بن كيسان أخبره أنّ أباه كيسان كان يتجر في الخمر في زمان النّبي صلى اللّه عليه و سلم، فحرم الخمر، فقال له النّبي صلى اللّه عليه و سلم:«إنّ الذي حرّم شربه حرّم بيعه» سمعت أبي يقول ذلك[10674].
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، حدّثنا أبو محمّد الكتّاني، أنبأنا أبو القاسم تمام بن محمّد، حدّثنا أبو عبد اللّه الكندي، حدّثنا أبو زرعة قال: و كيسان من قريش، له بالشام حديث.
ص: 278
أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن، أنبأنا أبو الحسين بن الآبنوسي، أنبأنا أبو القاسم ابن عتّاب، أنبأنا أحمد بن عمير - إجازة-. ح و أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد، أنبأنا أبو عبد اللّه بن أبي الحديد، أنبأنا أبو الحسن الربعي، أنبأنا عبد الوهّاب الكلابي، أنبأنا أحمد بن عمير قال: سمعت ابن سميع يقول: و كيسان من قريش، ولده بدمشق.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم، حدّثنا عبد العزيز بن أحمد، أنبأنا مسدّد بن علي ابن عبد اللّه، أنبأنا أبي، حدّثنا أبو القاسم عبد الصّمد بن سعيد القاضي قال: في تسمية من نزل حمص من أصحاب النّبي صلى اللّه عليه و سلم: كيسان من قريش، ولده بدمشق، من مهاجرة اليمن، قال أبو سعيد: توفي بحمص.
5840 - كيسان أبو حريز (1)
مولى معاوية بن أبي سفيان القرشي.
روى عنه معاوية.
روى عنه: محمّد بن مهاجر.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم، حدّثنا عبد العزيز بن أحمد، أنبأنا أبو محمّد بن أبي نصر، أنبأنا أبو الميمون بن راشد، حدّثنا أبو زرعة النّصري قال (2):فحدّثني يحيى بن صالح، حدّثنا محمّد بن مهاجر، عن كيسان مولى معاوية عن معاوية أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حرّم عشرة أشياء لا أحفظ عددهن، و أحسبه أنه نحو من هذا الحديث يعني ما:
أنبأنا أبو الحسن أيضا، حدّثنا أبو محمّد الصوفي، حدّثنا أبو محمّد عبد الرّحمن بن عثمان، أنبأنا أبو الميمون البجلي، حدّثنا أبو زرعة الدمشقي (3)،حدّثنا محمّد بن المبارك، حدّثنا ابن عياش، حدّثني عبد اللّه بن دينار، عن أبي حريز مولى معاوية، قال: خطب معاوية الناس بحمص فذكر في خطبته أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حرّم سبعة أشياء منها: الشعر، و التصاوير، و النوح، و التّبرّج، و جلود السباع، و الذهب، و الحرير[10675].
أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن الفضل الفقيه، و أبو المظفّر عبد المنعم بن عبد الكريم القشيري، قالا: أنبأنا أبو سعد محمّد بن عبد الرّحمن، أنبأنا أبو عمرو بن حمدان. ح
ص: 279
و أخبرتنا أم المجتبى بنت ناصر قالت: قرئ على أبي القاسم إبراهيم بن منصور السّلمي، أنبأنا أبو بكر محمّد بن إبراهيم بن المقرئ، قالا: أنبأنا أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى، حدّثنا أبو عبيدة بن فضيل بن عياض، حدّثنا أبو سعيد، حدّثنا عبد الرّحمن أبو العلاء، حدّثنا محمّد بن مهاجر، عن كيسان مولى معاوية قال:
خطبنا معاوية فقال: إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم نهى عن تسع و أنهاكم - و قال ابن حمدون: و أنا أنهاكم - عنهن، ألا منهن: النوح، و الغناء - و قال ابن المقرئ: و الفخر - و التصاوير، و الشعر، و الذهب، و جلود السباع، و التبرّج، و الحرير[10676].
أخبرتنا أم المجتبى العلوية قالت: قرئ على إبراهيم بن منصور، أنبأنا أبو بكر بن المقرئ، أنبأنا أبو يعلى الموصلي، حدّثنا إبراهيم بن سعيد، حدّثنا يحيى بن صالح، عن محمّد بن مهاجر، عن كيسان مولى معاوية، عن معاوية.
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم نهى عن الغناء، و النوح، و الحرير، و التبرج، و التصاوير، و الحديد - يعني الخاتم-[10677].
أنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي، ثم حدّثنا أبو الفضل بن ناصر، أنبأنا أحمد بن الحسن، و المبارك بن عبد الجبّار، و محمّد بن علي - و اللفظ له - قالوا: أنبأنا أبو أحمد - زاد أحمد و محمّد بن الحسن قالا:- أنبأنا أحمد بن عبدان، أنبأنا محمّد بن سهل، أنبأنا محمّد بن إسماعيل البخاري (1) قال يحيى بن صالح حدّثنا محمّد بن مهاجر عن كيسان مولى معاوية قال: خطب معاوية الناس فقال: يا أيها الناس إنّ النّبي صلى اللّه عليه و سلم نهى عن تسع، و أنا أنهى عنهن:
النوح، و الشعر، و التبرج، و التصاوير، و جلود السباع، و الغناء، و الذهب، و الحديد، و الحرير[10678].
قال: و حدّثنا البخاري قال (2):
كيسان مولى معاوية بن أبي سفيان القرشي، و قال يحيى بن صالح: حدّثنا محمّد بن مهاجر عن كيسان مولى معاوية، فذكر الحديث.
أخبرنا أبو الحسين هبة اللّه بن الحسن - إذنا - و أبو عبد اللّه الحسين بن عبد الملك الأديب - شفاها - قالا: أنبأنا أبو القاسم عبد الرّحمن بن محمّد بن إسحاق.
ص: 280
[ح و] (1) أنبأنا أبو طاهر بن سلمة، أنبأنا علي بن محمّد الفأفاء.
قالا: أنبأنا أبو محمّد بن أبي حاتم (2) قال: كيسان مولى معاوية بن أبي سفيان شامي، روى عن معاوية بن أبي سفيان، روى عنه محمّد بن المهاجر، سمعت أبي يقول ذلك.
أخبرنا أبو محمّد هبة اللّه بن أحمد بن محمّد المزكي، حدّثنا أبو محمّد عبد العزيز بن أحمد التميمي، أنبأنا أبو القاسم تمّام بن محمّد بن عبد اللّه، أنبأنا جعفر بن محمّد بن جعفر الكندي، حدّثنا أبو زرعة الدمشقي قال: في الطبقة الرابعة من أهل دمشق و الأردن كيسان مولى معاوية.
أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد و غيره قالوا: أنبأنا أبو بكر محمّد بن عبد اللّه بن ريذة (3)،أنبأنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطّبراني، قال: كيسان أبو حريز مولى معاوية.
قال القاسم: و باب كيسان المسدود، يعرف بكيسان هذا.
5841 - كيسان بن محمّد العرقي (4)
من ساحل دمشق.
حدّث عن أبي معشر المديني (5).
روى عنه: موسى بن أيوب النّصيبي.
قاله أبو عبد اللّه محمّد بن إسحاق بن مندة فيما حكاه عنه أبو الفضل محمّد بن طاهر المقدسي، و كذا ذكر أبو جعفر محمّد بن عمرو العقيلي. و ساق له حديثا في تاريخه (6).
5842 - كيلان نوش بن جسر شاه أبو محمّد الجيلي (7)
قدم دمشق، و حدّث عن الحسين بن سندية الفارسي.
و سمع بدمشق من علي بن الخضر بن سليمان السلمي.
ص: 281
روى عنه: أبو الحسن علي بن الخضر بن سليمان أيضا (1).
ص: 282
حرف (1) اللام
[ذكر من اسمه] (2) لبدة
5843 - لبدة بن عامر بن خثعمة (3)
ممن أدرك النّبي صلى اللّه عليه و سلم.
و وجّهه أبو عبيدة بن الجرّاح قائدا على خيل بعد وقعة اليرموك من مرج الصّفّر إلى فحل (4) من أرض فلسطين.
ذكره سيف بن عمر فيما أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا أبو طاهر المخلص، أنبأنا أبو بكر بن سيف، أنبأنا السري بن يحيى، أنبأنا شعيب بن إبراهيم، حدّثنا سيف بن عمر، عن أبي عثمان الغسّاني، عن خالد و عبادة (5).
روى عنه سفيان بن عيينة، و خالد بن مهران الحذاء، و أبو عبيدة معمر (1) بن المثنّى، و القاسم بن الفضل الحداني، و عبد العزيز بن عقبة الحارثي، و ابنه أعين بن لبطة، و عبد السّلام بن حرب.
و بعثه أبوه إلى هشام بن عبد الملك.
أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمّد بن البغدادي، أنبأنا أبو منصور بن شكرويه، أنبأنا إبراهيم بن خرّشيد قوله، حدّثنا أبو عبد اللّه المحاملي، حدّثنا محمّد بن يزيد أخو كرخويه سنة خمس و أربعين و مائتين، أنبأنا مسلم بن إبراهيم، أنبأنا القاسم - يعني - بن الفضل، حدّثنا لبطة بن الفرزدق عن أبيه.
أنه كان بالمدينة فإذا قوم على باب، فقلت: من ذا؟ قالوا: أبو سعيد الخدري ننظره قال: فجلست حتى أذن للقوم فدخلوا و دخلت معهم، قال: فجست وسط الحلقة فقلت: يا أبا سعيد، إن قبلنا قوما (2) يصلّون صلاة لا يصلّيها أحد، و يقرءون قراءة لا يقرؤها أحد، قال: و كان متكئا فقال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«إنّ قبل المشرق قوما (3) يقرءون القرآن لا يجاوز حلاقيمهم»[10679].
أخبرنا (4) أبو القاسم الشحامي، أنبأنا أبو بكر البيهقي، أنبأنا علي بن أحمد بن عبدان، أنبأنا أحمد بن عبيد، حدّثنا محمّد بن الفضل بن جابر، حدّثنا أبو معمر، حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن القاسم بن الفضل، عن لبطة بن الفرزدق، عن أبيه قال: لقيت أبا هريرة فقال:
من أنت ؟ قلت: أنا الفرزدق، قال: إنّ قدميك صغيرتان كم من محصنة قذفتها، و إن لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حوضا ما بين أيلة إلى كذا و كذا فهو قائم بدنياه فيقول إليّ إليّ ، فإن استطعت فلا تحرمه، قال: فلما قمت قال: ما صنعت من شيء فلا تقنط .
أخبرنا أبو الحسن علي بن المظفّر، و أبو نصر أحمد بن عبد اللّه بن رضوان، و أبو غالب أحمد بن الحسن قالوا: أنبأنا أبو محمّد الجوهري، أنبأنا أبو بكر بن مالك، حدّثنا محمّد بن يونس بن موسى القرشي، حدّثنا معمر بن المثنى، حدّثنا لبطة بن الفرزدق عن أبيه قال: حججت فمررت بذات عرق (5) فإذا بها قباب منصوبة فقلت: ما هذه ؟ قالوا: الحسين
ص: 284
ابن علي، فدخلت عليه فقال: ما الخبر؟ ما وراءك ؟ قال: قلت: القلوب معك، و السيوف مع بني أمية.
رواه سفيان بن عيينة عن لبطة أتم من هذا.
أخبرناه (1) أبو يعقوب يوسف بن أيوب بن الحسين، حدّثنا أبو الحسين محمّد بن علي ابن المهتدي باللّه (2)(3).و أخبرناه أبو غالب أحمد بن الحسن، أنبأنا أبو الغنائم عبد الصّمد بن علي بن محمّد، قالا: أنبأنا عبيد اللّه بن محمّد بن إسحاق، أنبأنا عبد اللّه بن محمّد البغوي، حدّثنا يحيى بن الربيع المكي، حدّثنا سفيان بن عيينة، حدّثني لبطة بن الفرزدق و كان أبان بن تغلب سمعه فلقيناه فسألناه فقال: سمعت أبي يقول:
خرجت حاجا حتى إذا كنا بالصّفاح (4) لقينا ركب من الغسق عليهم الدروع، قلت: من هؤلاء؟ قالوا: هذا الحسين بن علي، فنزلت عن راحلتي و كان بيني و بينه معرفة، فأخذت بزمام راحلته، قال: ما وراءك ؟ قلت: أنت أحبّ الناس إلى الناس، و السيوف مع بني أميّة، و القضاء في السماء، قال: فشهدت الموسم مع الناس، فلما كان يوم الصدر (5) و تقلّع (6)الناس فإذا فسطاط فقلت: لمن هذا الفسطاط؟ فقالوا: لعبد اللّه بن عمرو فأتيته، فإذا أغيلمة سود قصار يلعبون، قلت: يا غلمان أين أبوكم ؟ قالوا: في هذا الفسطاط يتوضأ، فخرج كأنه قد توضأ، فقلت: ما تقول في هذا الرجل الذي خرج - يعني - الحسين ؟ قال: ليس يحيك فيه السلاح، قال: قلت: أ لست القائل لفلان كذا و كذا، فسبّني، قال: قلت: ما مثله إلاّ مثل موسى حين خرج هاربا من آل فرعون، قال الفرزدق: فلما كنت على ماء لنا يقال له تعشار (7)إذا رفقة من أهل الكوفة قلت: ما الخبر؟ قالوا: قتل الحسين - عليه السلام- (8).
و رواه سفيان عن أبان بن تغلب عن خالد الحذّاء، عن الفرزدق، ثم سمعه من لبطة، عن الفرزدق و ذلك فيما: أخبرناه أبو غالب بن البنّا، أنبأنا أبو الغنائم بن المأمون، أنبأنا أبو
ص: 285
القاسم بن حبابة، أنبأنا أبو القاسم البغوي، حدّثنا محمّد بن ميمون الخيّاط ، حدّثنا سفيان، عن أبان بن تغلب، عن خالد الحذاء عن الفرزدق - قال سفيان: فلقيت لبطة - يعني - ابن الفرزدق فقلت: أسمعت من أبيك ؟ فقال: تاللّه إذا سمعت أبي - قال:
حججت فلما كنا بالصّفاح إذا نحن بقوم عليهم الدروع و الأترسة، قال: قلت: من هذا؟ قالوا: الحسين بن علي، قال: فأتيته فاعترفت إليه فعرفني، فقلت: أبا عبد اللّه ؟! قال:
و ما وراءك ؟ قلت: أنت أحبّ الناس إلى الناس، و السيوف مع بني أميّة، و القضاء في السماء، قال: فما ردّ عليّ شيئا.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا أبو بكر بن الطبري، أنبأنا أبو الحسين بن الفضل، أنبأنا عبد اللّه بن جعفر، حدّثنا يعقوب (1)،حدّثنا أبو بكر، حدّثنا سفيان، حدّثني لبطة بن الفرزدق، عن أبيه قال: خرجنا حجّاجا، فذكر نحوه.
قال سفيان: أخطأ الفرزدق التأويل، إنّما أراد عبد اللّه بن عمرو بقوله: لا يحيك فيه السلاح، أي لا يضره السلاح، مع ما قد سبق له، ليس أنه لا يقتل كقول حاك في فلان ما قيل فيه.
أخبرنا أبو القاسم أيضا، أنبأنا أبو محمّد عبد الوهّاب بن علي بن عبد الوهّاب، أنبأنا أبو الحسن علي بن عبد العزيز الطاهري قال: قرئ على أبي بكر أحمد بن جعفر بن محمّد ابن سلم بن راشد، أنبأنا أبو خليفة الفضل بن الحباب بن محمّد، حدّثنا محمّد بن سلاّم بن عبيد اللّه (2)،حدّثني أبو يحيى قال: قال الفرزدق لابنه لبطة و هو محبوس: أشخص إلى هشام و مدحه بقصيدة، قال لابنه: استعن بالقيسية و لا يمنعك منهم هجائي لهم، فإنهم سيغضبون لك و قال:
أ نقتل فيكم إن قتلنا عدوكم *** على دينكم و الحرب باد قتامها
فغير أمير المؤمنين فإنها *** يمانية حمقاء (3) أنت هشامها
أنشدنيها أبو الغرّاف فأعانته القيسية و قالوا: يا أمير المؤمنين إذا ما كان في مضر ناب،
ص: 286
أو شاعر، أو سيد وثب عليه خالد (1)[فحبسه] (2).
قرأت على أبي محمّد بن حمزة السّلمي، عن أبي بكر الخطيب، حدّثنا محمّد بن علي ابن محمّد الهاشمي قال عبد الكريم بن حمزة السلمي: و أخبرنيه الهاشمي - إجازة - أنبأنا أبو الفضل محمّد بن الحسن بن المأمون، حدّثنا محمّد بن القاسم الأنباري، حدّثنا الحسن بن عليل العنزي، حدّثنا رفيع بن سلمة أبو غسان دماذ، حدّثنا أبو عبيدة قال: ولد الفرزدق: لبطة و سنطة و حبطة، و عمرا و غير ذلك.
و كذا قيّده أبو الفتح محمّد بن الحسين الأودي الموصلي، و أبو الحسن بن الفرات.
أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر، أنبأنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك، أنبأنا أبو الحسن بن السّقّا، و أبو محمّد بن بالوية، قالا: حدّثنا محمّد بن يعقوب، حدّثنا عباس بن محمّد قال: سمعت يحيى بن معين يقول:
حدّثنا ابن (3) عيينة عن لبطة بن الفرزدق. قال يحيى: و قد سمع عبد السّلام بن حرب من لبطة بن الفرزدق و لم يسمع منه أبو بكر بن عياش شيئا.
قال يحيى: قال سفيان: كان خالد الحذاء يحدّث به عن لبطة، ثم لقيت أنا لبطة فحدّثني به.
أخبرنا أبو الغنائم محمّد بن علي - إذنا - ثم حدّثنا أبو الفضل بن ناصر، أنبأنا أحمد بن الحسن، و المبارك بن عبد الجبّار، و محمّد بن علي - و اللفظ له - قالوا: أنبأنا أبو أحمد - زاد أحمد: و محمّد بن الحسن قالا:- أنبأنا أحمد بن عبدان، أنبأنا محمّد بن سهل، أنبأنا محمّد ابن إسماعيل قال (4):
لبطة بن الفرزدق أبو غالب المجاشعي التميمي عن أبيه، روى عنه ابن عيينة.
أنبأنا أبو الحسين هبة اللّه بن الحسن - إذنا - و أبو عبد اللّه الأديب - شفاها - قالا: أنبأنا أبو القاسم بن مندة، أنبأنا حمد - إجازة-. [ح] (5) قال: و أنبأنا أبو طاهر، أنبأنا علي. قالا:
ص: 287
أنبأنا ابن أبي حاتم قال (1):لبطة بن الفرزدق بن غالب التميمي المجاشعي، روى عن أبيه، روى عنه القاسم بن الفضل الحداني، و سفيان بن عيينة، سمعت أبي يقول ذلك.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن العبّاس، أنبأنا أحمد بن منصور بن خلف، أنبأنا أبو سعيد بن حمدون، أنبأنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجّاج يقول: أبو غالب لبطة بن الفرزدق عن أبيه، روى عنه ابن عيينة.
أنبأنا أبو جعفر محمّد بن علي، أنبأنا أبو بكر الصفّار، أنبأنا أحمد بن علي بن منجويه، أنبأنا أبو أحمد الحاكم قال: أبو غالب لبطة بن الفرزدق المجاشعي التميمي عن أبيه، روى عنه أبو المنازل خالد بن مهران الحذاء المجاشعي (2)،و أبو محمّد سفيان بن عيينة الهلالي، كنّاه محمّد بن إسماعيل، بلغني أن لبطة بن الفرزدق قتل مع إبراهيم بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن (3) بن علي بن أبي طالب، و هو شيخ كبير، و ذلك في خلافة المنصور سنة خمس و أربعين و مائة.
[ذكر من اسمه] (4) لبيب
مولى القاضي أبي بكر بن حيدرة.
حدّث بأطرابلس عن مولاه القاضي أبي (5) بكر.
روى عنه أبو الحسين أحمد بن الحسين بن علي بن مهدي بن الشّمّاع الأطرابلسي، و القاضي أبو عبد اللّه القضاعي.
أخبرنا أبو الحسين محمّد بن كامل المقدسي قال: كتب إلينا أبو الحسين أحمد بن الحسين بن علي بن مهدي بن الشماع الأطرابلسي البزاز من عسقلان، أنبأنا أبو الحسن لبيب
ص: 288
ابن عبد اللّه مولى القاضي أبي بكر عبد اللّه بن الحسين بن محمّد بن حيدرة - قراءة عليه بطرابلس - أنبأنا مولاي القاضي أبو بكر عبد اللّه بن الحسين بن محمّد بن حيدرة قال: قرئ على أبي العبّاس أحمد بن محمّد بن عمرو بن الكندي، حدّثنا أبو أحمد زكريا بن دويد بن محمّد بن الأشعث بن قيس بن (1) جبلة بن ثور بن المرتع (2) الكندي بحمص، حدّثنا حميد الطويل، عن أنس بن مالك قال:
أول خطبة خطبها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أن صعد المنبر، فحمد اللّه و أثنى عليه و قال:«يا أيّها الناس إنّ اللّه قد اختار لكم الإسلام دينا، فأحسنوا صحبة الإسلام بالسخاء، و حسن الخلق، ألا إن السخاء شجرة في الجنة، و أغصانها في الدنيا، فمن كان منكم سخيّا لا يزال متعلقا بغصن من أغصانها حتى يورده اللّه الجنّة، ألا إن اللؤم شجرة في النار، و أغصانها في الدنيا، فمن كان منكم لئيما (3) لا يزال متعلقا بغصن من أغصانها حتى يورده اللّه النار»، ثم قال مرتين:«السخاء في اللّه، السخاء في اللّه»[10680].
5846 - لبيد بن حميد بن لبيد أبو الوقار (4) البقّال
حدّث عن أبي بكر بن عبد الرّحمن.
روى عنه علي بن محمّد الحنّائي.
قرأت بخط أبي الحسن الحنائي، أنبأنا أبو الوقار لبيد بن حميد بن لبيد البقّال، حدّثنا أبو بكر عبد اللّه بن عبد الرّحمن الدّاراني، حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، حدّثنا سليمان بن عبد الحميد البهراني، حدّثنا يحيى بن صالح، حدّثنا ابن عيّاش، حدّثني سفيان الثوري عن عاصم، عن القاسم بن محمّد عن عائشة قالت:
رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قبّل عثمان بن مظعون عند موته حتى سالت دموعه على وجهه[10681].
ص: 289
عبد اللّه بن سليمان هو خيثمة بن سليمان، و عبد اللّه بن عبد الرّحمن أظنه أبا بكر محمّد بن عبد الرّحمن بن عبيد اللّه القطّان، دلّسه الحنّائي للنزول، و اللّه أعلم.
5847 - لبيد بن عطارد بن حاجب - و اسمه زيد (1)،و يكنى أبا عكرشة بن زرارة بن
عدس بن زيد بن عبد اللّه بن دارم بن مالك ابن حنظلة بن مالك بن زيد مناة
بن تميم بن مرّ بن طابخة التميمي (2)
.
من وجوه أهل الكوفة و أشرافهم.
وفد على يزيد بن معاوية و له قصة مع عمرو بن الزبير بن العوّام.
أنبأنا بها أبو محمّد بن الأكفاني، أنبأنا أبو محمّد الحسن بن علي بن عبد الصّمد الكلاعي اللبّاد، أنبأنا تمام بن محمّد، أخبرني أبي أبو الحسين، أخبرني أبو الميمون - يعني - أحمد بن محمّد بن بشر بن يوسف بن مامويه، أخبرني أبي، حدّثنا أبو الحكم - يعني - الهيثم ابن مروان العبسي، حدّثني محمّد بن إدريس الشافعي قال:
قدم لبيد بن عطارد التميمي على يزيد بن معاوية فبينا هو جالس في رواق يزيد إذ بصر به عمرو بن الزبير فقال: من هذا؟ فقالوا: لبيد بن عطارد، فقال لغلام له: إنّ مشيت إليه حتى ترتم (3) أنفه فأنت حرّ، ففعل الغلام و جعل لبيد يستدمي، فقال عمرو بن الزبير: أعلى بساط أمير المؤمنين تستدمي لا أم لك ؟ فقال: أنت و اللّه صاحبي، فأنشأ مسكين يقول:
معاذ اللّه أن تلف ركابي *** سراعا قد طلعن على ضميري
طوال الدهر أو يرضى لبيد *** و كان الضيف محقوقا بخير
سنلطم منذرا أو وجه عمرو *** و لو دخلا بيثرب في است عير
فإن تك لطمة أنسيتموها *** فلما تدركوا بدم الزبير
فخرج المنذر بن الزبير إلى الكوفة بعد ذلك يريد عبيد اللّه بن زياد و قد أجلست له بنو تميم ثلاثة نفر أحدهم على باب... (4) و رجل في وسط المسجد، و رجل على باب
ص: 290
القصر، فلما مرّ المنذر بالأول لطمه فقال: حس بسم اللّه ما لك ويلك، ثم مضى حتى إذا كان في وسط المسجد لطمه فقال: حس بسم اللّه، ما لك ويلك، فلما انتهى إلى باب القصر لطمه فقال: حس بسم اللّه [ما لك] (1) ويلك، ثم دخل على عبيد اللّه بن زياد و قد اخضرّت عينه فقال: ما لك ؟ قال: ما زلت ملطوما حتى دخلت عليك، قال: علي بهم فأتي بهم فضربهم خمس مائة خمس مائة، و أتى بابن لبيد و كان غلاما فضربه خمس مائة، فقال محمّد بن عمير ابن عطارد و هو معه على السرير: قتلت الغلام، قال: قتله اللّه، و اللّه لو أعلم أنك شركت في ذلك لنثرت لحمك، فقال في ذلك شاعرهم:
نحن لطمنا منذرا يوم مشهد (2) *** إذا رفعت عنه الأكفّ نعيدها
لطمناه حتى أسهلت بدمائها *** خياشيم كانت مستكن (3) صديدها
متى لم ندافع دخلنا دخل خندف *** و ترضى بدون النصف منا عميدها
و قيل: إن ابن الزبير أذن للناس إذنا عاما فرحم لبيد بن عطارد عمرو بن الزبير بن العوام فلطمه ثم قدم منذر بن الزبير على ابن زياد فلطمه محمد بن عمير بن عطارد، فأخذه ابن زياد فضربه، و جاءت بنو أسد بن خزيمة لتلطم تميما غضبا لآل الزبير، لأن أم خويلد بن أسد زهرة بنت عمرو بن جبير من بني كاهل بن أسد بن خزيمة فلم يبق تميمي ظهر لهم إلاّ لطموه.
و يقال: إن عمر بن سعد بن أبي وقاص نازع ابن أم الحكم عند معاوية فأجابه عنه لبيد ابن عطارد لأن ابن أم الحكم كان مائلا إلى بني حنظلة، فقام معاوية فدخل على أهله، فقال عمر بن سعد: يا معاشر قريش أ ما أحد منكم يكفيني هذا الكلب التميمي. فقال عمرو بن الزبير لغلام له: ائت صاحب العمامة الحمراء فاكسر (4) أنفه، ففعل الغلام ذلك، فصاح لبيد:
يا أمير المؤمنين، أ يفعل هذا [بي] (5) في دارك ؟ فخرج معاوية، و أمر بضرب الغلام، فقال لبيد: ما يقنعني هذا، فقال معاوية: أ يضربك الغلام و أضرب عمرا؟ لست بفاعل، و بلغ الخبر بني تميم، ففعلوا بمنذر ما فعلوا.
أخبرنا أبو نصر بن رضوان، أنبأنا أبو محمّد الجوهري، أنبأنا أبو عمر بن حيّوية، أنبأنا محمّد بن خلف بن المرزبان، حدّثنا محمّد بن عمر، حدّثنا سليمان بن أبي شيخ، عن محمّد
ص: 291
ابن الحكم، عن عوانة قال: قال لبيد بن عطارد و اجتمعت إليه بنو تميم في مسجد في حمالات حملوها فقال لبيد: أرسلوا إلى عتاب بني ورقاء فأرسلوا إليه، فجاء فلم يجلس حتى احتملها ثم مضى، فقال لبيد ابن عطارد: نعم العون على المروءة الجدة.
[ذكر من اسمه] (1) لجلاج
5848 - لجلاج أبو خالد بن اللّجلاج الزّهري (2)
مولى بني زهرة، و يقال: العامري، له صحبة.
روى عن النّبي صلى اللّه عليه و سلم حديثا.
روى عنه ابناه خالد، و العلاء.
و فرّق أبو الحسن (3) بن سميع بين لجلاج أبي خالد، و لجلاج أبي العلاء (4)،و جمعهما يحيى بن معين.
أخبرنا أبو القاسم هبة اللّه بن محمّد بن عبد الواحد، أنبأنا أبو علي التميمي، أنبأنا أحمد بن جعفر، حدّثنا عبد اللّه بن أحمد، حدّثني أبي (5)،حدّثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن علاثة، حدّثنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، حدّثنا خالد بن اللّجلاج أنّ أباه حدّثه قال:
بينما نحن في السوق إذ مرّت امرأة تحمل صبيا، فثار الناس و ثرت معهم، فانتهيت إلى رسول اللّه (6) صلى اللّه عليه و سلم و هو يقول لها:«من أبو هذا؟» فسكتت، فقال:«من أبو هذا؟» فسكتت، فقال شاب بحذائها: يا رسول اللّه إنّها حديثة السن، حديثة عهد بجزية و إنها لن تخبرك، و أنا
ص: 292
أبوه يا رسول اللّه، فالتفت إلى من عنده كأنه يسألهم عنه فقالوا: ما علمنا إلاّ خيرا أو نحو ذلك، فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«أحصنت ؟» قال: نعم، فأمر برجمه، فذهبنا فحفرنا له حتى أمكنا و رميناه بالحجارة حتى هدأ، ثم رجعنا إلى مجالسنا فبينما نحن كذلك إذا شيخ يسأل عن الفتى، فقمنا إليه، فأخذنا بتلابيبه، فجئنا به إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقلنا: يا رسول اللّه إنّ هذا جاء يسأل عن الخبيث، فقال:«مه، لهو أطيب عند اللّه ريحا من المسك»، قال: فذهبنا فأعنّاه على غسله و حنوطه و تكفينه و حفرنا له، و لا أدري أذكر الصلاة أم لا[10682] ح.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا عيسى بن علي، أنبأنا عبد اللّه بن محمّد، حدّثني عباس بن محمّد و جماعة قالوا: حدّثنا جرمي (1) بن حفص، حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن علاثة، حدّثني عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز أن خالد بن اللّجلاج حدّثه أن أباه اللّجلاج أخبره.
أنه كان قاعدا يعتمل (2) في السوق، فمرّت امرأة تحمل صبيا، فثار الناس و ثرت فيمن ثار، فانتهيت إلى النّبي صلى اللّه عليه و سلم، أظنه قال: فقال:«من أبو هذا؟» قال: فسكتت، قال: فقال فتى شاب حذائها: أنا أبوه يا رسول اللّه، قال: فأقبل عليها فقال:«من أبو هذا معك ؟» قال:
فسكتت قال: فقال الفتى: أنا يا رسول اللّه، إنها حديثة السن، حديثة عهد بجزية، و ليست مكلمتك، فأنا أبوه يا رسول اللّه، فنظر إلى بعض من حوله كأنه يسألهم عنه، قالوا: ما علمنا إلاّ خيرا، أو نحو ذا، فقال النّبي صلى اللّه عليه و سلم:«أحصنت ؟» قال: نعم، فأمر به يرجم، قال: فخرجنا فحفرنا له حتى أمكنا، ثم رميناه بالحجارة حتى هدأ ثم انصرفنا إلى مجالسنا، قال: فبينا نحن كذلك إذ جاء شيخ يسأل عن المرجوم، قال: فقمنا إليه، فأخذنا بتلابيبه فانطلقنا به إلى النّبي صلى اللّه عليه و سلم، فقلنا: إنّ هذا جاء يسأل عن الخبيث، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«لهو أطيب عند اللّه من ريح المسك»، قال: فانصرفنا مع الشيخ فإذا هو أبوه، فأتينا إليه فأعنّاه على غسله و تكفينه و دفنه، قال: و لا أدري [قال:] و الصلاة عليه، أم لا.
أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد، أنبأنا أبو نعيم أحمد بن عبد اللّه، حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن يحيى، حدّثنا محمّد بن إسحاق. ح و أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، حدّثنا[- و] (3) أبو منصور بن خيرون، أنبأنا أبو بكر الخطيب (4)،أنبأنا أبو الحسين علي بن محمّد بن
ص: 293
جعفر الأصبهاني - بالريّ - أنبأنا إسحاق بن أحمد الفارسي (1)،أنبأنا محمّد بن إسحاق السراج، حدّثنا أبو همّام السّكوني، حدّثنا مبشّر - يعني - بن إسماعيل، حدّثنا عبد الرّحمن بن العلاء بن اللّجلاج، حدّثنا أبيه، عن جده قال:
أسلمت مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و أنا ابن خمسين سنة، و مات اللجلاج و هو ابن عشرين و مائة سنة قال: ما ملأت بطني من طعام منذ أسلمت مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، آكل حسبي، و أشرب حسبي - و زاد إسحاق: قال السرّاج: كتب عني هذا الحديث محمّد بن إسماعيل البخاري.
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنبأنا شجاع بن علي، أنبأنا عبد اللّه بن مندة، أنبأنا خيثمة، حدّثنا إسحاق بن سيّار النّصيبي، حدّثنا محمّد بن أبي أسامة، عن مبشّر بن إسماعيل. ح و أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأنا أبو بكر أحمد بن الحسين. ح و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو بكر بن الطبري، قالا: أنبأنا أبو الحسين بن الفضل (2).أنبأنا عبد اللّه بن جعفر، حدّثنا يعقوب (3)،حدّثنا محمّد بن أسامة الحلبي، حدّثنا مبشّر عن عبد الرّحمن بن العلاء بن اللّجلاج عن أبيه عن جده قال: ما ملأت بطني طعاما منذ أسلمت مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، آكل حسبي، و أشرب حسبي، زاد يعقوب قال: و كان عاش مائة و عشرين سنة، خمسين في الجاهلية و سبعين في الإسلام.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا عيسى بن علي، أنبأنا عبد اللّه بن محمّد، حدّثني الوليد بن شجاع السّكوني، حدّثنا مبشّر بن إسماعيل (4)، حدّثنا عبد الرّحمن بن العلاء بن اللّجلاج، عن أبيه، عن جده قال: أسلمت و أنا ابن خمسين سنة.
قال: و مات اللجلاج و هو ابن عشرين و مائة سنة، قال: ما ملأت بطني منذ أسلمت مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، آكل حسبي، و أشرب حسبي.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، و أبو العزّ الكيلي، قالا: أنبأنا أبو طاهر - زاد الأنماطي:
و أبو الفضل بن خيرون - قالا: أنبأنا أبو الحسين محمّد بن الحسن، أنبأنا أبو الحسين
ص: 294
الأهوازي، حدّثنا أبو حفص، حدّثنا خليفة قال (1):و اللّجلاج روى عن النّبي صلى اللّه عليه و سلم في الرجم.
أنبأنا أبو محمّد بن الآبنوسي، و أخبرنا أبو الفضل بن ناصر عنه، أنبأنا أبو محمّد الحسن بن علي الجوهري، أنبأنا أبو الحسين بن المظفر، أنبأنا أبو علي المدائني، أنبأنا أبو بكر بن البرقي قال: و ممن لم ينسب لنا من أصحاب النّبي صلى اللّه عليه و سلم اللّجلاج، له حديث - يعني - حديث الرجم.
أنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي، و حدّثنا أبو الفضل السّلامي، أنبأنا أبو الفضل الباقلاني، و أبو الحسين الصيرفي، و أبو الغنائم - و اللفظ له - قالوا: أنبأنا أبو أحمد - زاد أبو الفضل: و محمّد بن الحسن قالا:- أنبأنا أحمد بن عبدان، أنبأنا محمّد بن سهل، أنبأنا محمّد ابن إسماعيل قال (2):اللّجلاج العامري، له صحبة، ثم ذكر له حديث الرجم عن هشام (3) بن عمّار، عن صدقة بن خالد، عن محمّد بن عبد اللّه الشّعيثي، عن مسلمة بن عبد اللّه الجهني، عن خالد ابن اللّجلاج عن أبيه.
أخبرنا أبو الحسين القاضي - إذنا - و أبو عبد اللّه الأديب - شفاها - قالا: أنبأنا أبو القاسم ابن مندة، أنبأنا حمد - إجازة-. ح قال: و أنبأنا أبو طاهر، أنبا علي.
قالا: أنبأنا ابن أبي حاتم قال (4):
اللّجلاج العامري شامي، له صحبة، روى عن معاذ بن جبل، روى عنه ابنه خالد بن اللّجلاج، و أبو الورد بن ثمامة، سمعت أبي يقول ذلك.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، حدّثنا أبو محمّد الكتّاني، أنبأنا أبو القاسم البجلي، أنبأنا أبو عبد اللّه الكندي، حدّثنا أبو زرعة قال:
في تسمية من نزل الشام من الصحابة: اللّجلاج صاحب حديث الرجم، حدّثني عبد الرّحمن بن إبراهيم عن أبي مسهر أنه مولى لبني زهرة.
أخبرنا أبو غالب بن البنّا، أنبأنا أبو الحسين بن الآبنوسي، أنبأنا أبو القاسم بن عتّاب، أنبأنا أحمد بن عمير - إجازة-. ح و أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد، أنبأنا الحسن (5) بن
ص: 295
أحمد، أنبا أبو الحسن الربعي، أنبأنا أبو الحسين الكلابي، حدّثنا أحمد - قراءة، قال: سمعت أبا الحسن بن سميع يقول: و اللجلاج أبو خالد بن اللّجلاج مولى بني زهرة، دمشقي، مات بالشام (1)،قال أبو سعيد: زاد ابن عتّاب عبد الرّحمن بن إبراهيم: بدمشق، و قال أبو الحسين الكلابي: لبني زهرة، مات بدمشق.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا عيسى بن علي، أنبأنا عبد اللّه بن محمّد قال: اللّجلاج سكن المدينة، و روى عن النّبي صلى اللّه عليه و سلم حديثين.
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنبأ شجاع بن علي، أنبأنا أبو عبد اللّه بن مندة قال: اللّجلاج أبو العلاء، روى عنه ابناه: أبو العلاء، و خالد.
أنبأنا أبو علي الحداد قال: قال لنا أبو نعيم.
اللّجلاج أبو العلاء سكن دمشق، و روى عنه ابناه العلاء و خالد، أسلم و هو ابن خمسين، و مات و هو ابن عشرين و مائة سنة.
أخبرنا أبو الحسين بن أبي الحديد، أنبأنا جدي أبو عبد اللّه، أنبأنا أبو علي الأهوازي، أنبأنا عبد الوهّاب بن الحسن، حدّثنا أبو أيوب سليمان بن محمّد الخزاعي، حدّثنا هشام بن خالد الأزرق، حدّثنا الوليد بن مسلم، حدّثنا أبو حفص عثمان بن أبي العاتكة، عن ابن اللجلاج قال:
خرجت مع أبي إلى المصلى في يوم عيد، فخرج و هو يرفع صوته بالتكبير، فقلت:
اخفض صوتك يا أبتاه، فإنّ الناس ينظرون إليك، قال: و قد بقيت حتى صرت في قوم أظهر سنة فيرمقوني بأبصارهم، و ينكرونها؟ اللّهمّ لا تردّني إلى أهلي حتى تقبضني إليك، قال: فما رجع إلى منزله حتى مات، قال: و كان قد أدرك النّبي صلى اللّه عليه و سلم.
أخبرنا جدي لأمّي أبي المفضل (2) يحيى بن علي القاضي، أنبأنا عبد الرزّاق بن عبد اللّه بن الحسن بن الفضيل. ح و حدّثنا أبو محمّد بن صابر - لفظا - أنبأنا علي بن الحسن بن عبد السّلام بن أبي الحزوّر، و عبد اللّه بن عبد الرزّاق بن عبد اللّه.
قالوا (3):أنبأنا أحمد بن محمّد بن أحمد العتيقي، حدّثنا علي بن محمّد بن أحمد بن
ص: 296
لؤلؤ، حدّثنا عبد اللّه بن محمّد بن ناجية، حدّثنا أبو همّام، حدّثنا مبشّر بن إسماعيل، حدّثنا عبد الرّحمن بن العلاء بن اللّجلاج عن أبيه قال: قال لي أبي:
يا بني إذا أنا مت فالحد (1) لي فإذا وضعتني في لحدي فقل: بسم اللّه، و على سنّة رسول اللّه، ثم سنّ عليّ التراب سنّا (2)،ثم اقرأ عند رأسي بفاتحة البقرة و خاتمتها، فإنّي سمعت ابن عمر يقول ذلك.
[ذكر من اسمه] (3) لشكر فيروز
قدم دمشق و سمع بها الفقيه نصر بن إبراهيم، و عاد إلى بغداد و حدّث بها.
سمع منه أبو الفضل محمّد بن محمّد بن محمّد بن عطاف (4)،و حدّثني أنه توفي ضاحي نهار يوم الجمعة ثامن شهر ربيع الأول من سنة خمس عشرة و خمس مائة.
حدّث عن محمّد بن عبد اللّه بن مطرف.
روى عنه أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه بن عبيد اللّه بن أحمد بن باكويه الشيرازي الصوفي (7).
أخبرنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن الحسن بن أحمد البروجردي، أنبأنا أبو عبد اللّه [محمد بن عبد اللّه بن باكويه الشيرازي، نا لقمان بن أحمد البيروتي، نا] (8) محمّد بن عبد اللّه
ص: 297
ابن مطرف، حدّثنا محمّد بن الحسن بن قتيبة، حدّثنا أبو يعلى المنقري، حدّثنا الأصمعي، حدّثنا روح بن قبيصة، عن أبيه قال:
قال بعض الحكماء لابنه: يا بني اتّق الجواب، و زلّة اللسان فإنّي رأيت الرجل تزل قدمه فيقوم من عثرته سويا و يزل لسانه فيوبقه فيكون هلاكه فيه، و أنشدني:
لسانك لا يلقيك في الغي غيره *** فإنّك مأخوذ بما أنت لافظ
و لا يملك الإنسان رجعا لما مضى *** و لو جهدت فيه النفوس اللوافظ
و لن يهلك الإنسان إلاّ لسانه *** فهل أنت مما ليس يعنيك حافظ
5851 - لقيط بن عبد القيس بن بجرة الفزاري (1)
حليف بني ظفر.
أدرك النّبي صلى اللّه عليه و سلم و شهد اليرموك، و كان أميرا على بعض الكراديس.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا أبو طاهر المخلّص، أنبأنا أحمد بن عبد اللّه بن سعيد، حدّثنا السري بن يحيى، حدّثنا شعيب بن إبراهيم، حدّثنا سيف بن عمر قال (2):
و كان لقيط بن عبد القيس بن بجرة حليف لبني ظفر من فزارة على كردوس - يعني - باليرموك.
منصور، حدّثنا عتّاب بن بشير، أنبأنا خصيف قال: خرج سعد الجزري مهلاّ بالعمرة و لقيم الدمشقي مهلا بالحجّ فأتيا سالم بن عبد اللّه فقال سعد: إنّي بدأت بالعمرة، و قال لقيم: بدأت بالحج فقال: إن بدأتم [بالعمرة] (1) فحسن، و إن بدأتم بالحج فلا بأس، ثم خرجا حتى أتيا القاسم بن محمّد فقضا (2) عليا فقال: من أين أنتما؟ قال سعد: أنا جزري، و هذا شامي، فقال: يا شامي أطع هذا الجزري، فإني لأحسب أنّ بالجزيرة علما.
5853 - لمازة (3) بن زبّار (4) أبو لبيد الجهضمي البصري (5)
روى عن: عمر بن الخطّاب، و علي بن أبي طالب، و أبي موسى الأشعري، و عبد الرّحمن بن سمرة، و أنس بن مالك، و عروة بن أبي الجعد.
روى عنه: الزّبير بن الخرّيت، و الرّبيع بن سليم، و يعلى بن حكيم البصري، و مطر بن حمران، و طالب بن السّميدع.
و وفد على يزيد بن معاوية.
أخبرتنا أم المجتبى العلوية قالت: قرئ على إبراهيم بن منصور، أنبأنا أبو بكر بن المقرئ، أنبأنا أبو يعلى الموصلي، حدّثنا أبو ياسر المستملي، أنبأنا سعيد - يعني - بن زيد، حدّثنا الزبير (6)-يعني - بن الخرّيت عن أبي لبيد، عن عروة بن أبي الجعد البارقي قال:
نظر النّبي صلى اللّه عليه و سلم إلى جلب (7) من الغنم فأعجبه نحوها قال عروة: فأعطاني النّبي صلى اللّه عليه و سلم دينارا قال:«أي عروة، ائت ذاك الجلب، فابتع لنا منه شاة بدينار» قال: فأتيت الجلب، فساومت صاحبها، فاشتريت شاتين بدينار، ثم جئت بهما أقودهما و أسوقهما. قال فلقيني رجل بالطريق، فساومني بهما، فبعته إحداهما بدينار، قال ثم جئت إلى النبي صلى اللّه عليه و سلم بالشاة و الدينار.
قال: و أخبرته الخبر. قال: فدعا لي في صفقة (8) يميني بالبركة. قال: فإن كنت لأبيع الرقيق بالكناسة، فتبلغ الجارية عشرة آلاف أو أكثر، فما أرجع إلى أهلي حتى أربح أربعين ألفا.
ص: 299
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين، أنبأنا أبو علي بن المذهب، أنبأنا أحمد بن جعفر، حدّثنا عبد اللّه بن أحمد (1)،حدثني أبي حدّثني إبراهيم بن الحجّاج، حدّثنا سعيد بن زيد، أنبأنا الزّبير بن الخرّيت، عن أبي لبيد - و هو لمازة بن زبّار - عن عروة بن [أبي] (2) الجعد البارقي، عن النّبي صلى اللّه عليه و سلم مثل حديث بيع الشاتين - يعني - حديث أبيه عن أبي كامل مظفر بن مدرك، عن سعيد بن زيد (3) نحو حديث أبي ياسر و معناه.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا القاضي أبو محمّد عبد اللّه بن محمّد الأسدي الأكفاني، حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن مخلد العطّار، حدّثنا أبو يحيى زكريا بن يحيى بن الحارث بن ميمون البصري شريك السري، حدّثنا وهب ابن جرير، عن أبيه قال: سمعت يعلى بن حكيم يحدّث عن أبي لبيد قال:
شهدت كابل مع ابن سمرة، فأصاب الناس غنما فانتهبوا، فقال: أيها الناس من انتهب من هذه الغنم نهبة فليؤدها، فإنّي سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«من انتهب فليس منّا»[10683].
أخبرنا أبو القاسم هبة اللّه بن محمّد، أنبأنا الحسن بن علي، أنبأنا أبو بكر القطيعي، حدّثنا عبد اللّه بن أحمد، حدّثنا أبي (4)،حدّثنا عفّان، حدّثنا سعيد بن زيد، حدّثني الزبير بن الخرّيت، عن أبي لبيد قال:
أرسلت الخيل في زمن الحجاج و الحكم بن أيوب أمير على البصرة قال: فأتينا الرهان فلما جاءت الخيل قلنا: لو ملنا إلى أنس بن مالك فسألناه أ كنتم تراهنون على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ؟ فأتيناه و هو في قصره في الزاوية، فسألناه فقلنا: يا أبا حمزة، أ كنتم تراهنون على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ؟ أ كان (5) رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يراهن ؟ قال: نعم، و اللّه، لقد راهن على فرس يقال لها سبحة (6)،فسبق الناس فابتشّ (7) لذلك و أعجبه.
أنبأنا أبو نصر أحمد بن محمّد بن (8) الطوسي، و أبو الحسن علي بن عبيد اللّه بن
ص: 300
الزّاغوني، قالا: أنبأنا أبو الحسين بن الطّيّوري، أنبأنا الحسن بن علي الشاموخي أو محمّد بن سعيد الصيدلاني - ذكر أحدهما - أنبأنا عمر بن محمّد بن سيف، حدّثنا أبو بكر بن أبي داود، حدّثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، حدّثنا وهب بن جرير، حدّثنا أبي عن الزبير بن الخرّيت، عن أبي لبيد قال:
وفدنا إلى يزيد قال: فبينا هو نازل في الصحراء فجعل الناس يقولون: هو الآن قاعد على الخمر يشربها، فهاجت ريح شديدة فألقت بناءه فإذا هو قد نشر المصحف بين يديه و هو يقرأ.
أنبأنا أبو القاسم إسماعيل بن محمّد، و أبو الفضل محمّد بن ناصر، قالا: أنبأنا المبارك بن عبد الجبّار، أنبأنا إبراهيم بن عمر، أنبأنا محمّد بن عبد اللّه بن خلف، أنبأنا عمر ابن محمّد الجوهري، حدّثنا أحمد بن محمّد بن هانئ قال: و ذكر أبو عبد اللّه أحمد بن حنبل، حدّثنا عن أبي لبيد فقال: اسمه لمازة بن زبّار (1)،قد رأى علي بن أبي طالب.
أخبرنا أبو الأعز قراتكين بن الأسعد، أنبأنا أبو محمّد الجوهري، أنبأنا أبو الحسن علي ابن محمّد بن أحمد، أنبأنا محمّد بن الحسين بن شهريار، حدّثنا أبو حفص الفلاّس قال: أبو لبيد الجهضمي اسمه لمازة بن زياد.
[قال ابن عساكر:] (2) الصواب: بن زبّار.
أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر، أنبأنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك، أنبأنا أبو الحسن ابن السقا، حدّثنا محمّد بن يعقوب، حدّثنا عباس بن محمّد قال: سمعت يحيى يقول: أبو لبيد هو لمازة بن زبّار.
قال: و سمعت يحيى يقول: قد رأى حمّاد بن زيد لبيد (3)،و أبو لبيد رأى علي بن أبي طالب، و اسمه لمازة بن زبّار.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنبأنا أبو طاهر أحمد بن الحسن، أنبأنا أبو محمّد بن رباح، أنبأنا أبو بكر المهندس، حدّثنا أبو بشر الدولابي (4)،حدّثنا معاوية بن صالح قال:
ص: 301
سمعت يحيى بن معين يقول في تسمية أهل البصرة: أبو لبيد لمازة بن زبّار الجهضمي، قديم.
أخبرنا أبو عبد اللّه يحيى بن الحسن - قراءة - عن أبي تمّام علي بن محمّد، عن أبي عمر بن حيّوية، أنبأنا محمّد بن القاسم بن جعفر، حدّثنا ابن أبي خيثمة قال: سمعت يحيى ابن معين يقول: أبو لبيد لمازة بن زبّار.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو الفضل بن البقّال، أنبأنا أبو الحسن بن الحمّامي، أنبأنا إبراهيم بن أحمد بن الحسن، أنبأنا إبراهيم بن أبي أمية قال: سمعت نوح بن حبيب يقول: و أبو لبيد لمازة بن زبّار، سمعته من أبي عبد اللّه.
و قال في موضع آخر: أبو لبيد لمازة بن زبّار الجهضمي، سمع من علي و عبد الرّحمن ابن سمرة، و من كعب بن سور.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع، أنبأنا أبو عمرو بن مندة، أنبأنا أبو محمّد الحسن بن محمّد، أنبأنا أحمد بن محمّد بن عمر، حدّثنا ابن أبي الدنيا (1)،حدّثنا محمّد بن سعد قال:
في الطبقة الثانية من أهل البصرة: أبو لبيد لمازة بن زبّار الجهضمي، روى عن علي.
أنبأنا أبو طالب بن يوسف، و أبو نصر بن البنّا قال: قرئ على أبي محمّد الجوهري عن أبي عمر بن حيّوية، أنبأنا أحمد بن معروف، حدّثنا الحسين بن فهم، حدّثنا محمّد بن سعد (2) قال: في الطبقة الثانية: أبو لبيد و اسمه لمازة بن زبّار الأزدي ثم الجهضمي، سمع من علي، و كان ثقة، و له أحاديث.
أخبرنا أبو الغنائم محمّد بن علي - إذنا و اللفظ له-. ح و حدّثنا أبو الفضل بن ناصر، أنبأنا أحمد بن الحسن، و المبارك، و محمّد، قالوا: أنبأنا أبو أحمد الغندجاني - زاد أحمد:
و أبو الحسن الأصبهاني قالا: أنبأنا أحمد بن عبدان، أنبأنا محمّد بن سهل، أنبأنا محمّد بن إسماعيل قال (3):لمازة (4) بن زبّار أبو لبيد الجهضمي البصري، سمع عليا، و عبد الرّحمن بن سمرة، روى عنه الزبير بن خرّيت، و الربيع بن سليم، قال أبو الغنائم محمّد بن علي: كذا هو في رواية أخرى: زياد، و هو خطأ.
ص: 302
أنبأنا أبو الحسين القاضي، و أبو عبد اللّه الأديب، قالا: أنبأنا القاسم بن مندة، أنبأنا أبو علي - إجازة-. ح و أنبأنا أبو طاهر بن سلمة، أنبأنا علي بن محمّد. قالا: أنبأنا أبو محمّد بن أبي حاتم قال (1):
لمازة بن زبّار أبو لبيد الجهضمي روى عن عمر بن الخطّاب، و علي بن أبي طالب، و أبي موسى الأشعري، و عبد الرّحمن بن سمرة، روى عنه الزبير بن خرّيت، و الربيع بن سليم (2)،و رآه حمّاد بن زيد، سمعت أبي يقول ذلك.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن العبّاس، أنبأنا أحمد بن منصور بن خلف، أنبأنا أبو سعيد بن حمدون، أنبأنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلما بن ناصر عن جعفر بن يحيى، أنبأنا أبو نصر الوائلي، أنبأنا الخصيب بن عبد اللّه، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرّحمن، أخبرني أبي قال: أبو لبيد لمازة بن زبّار (3).
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنبأنا أبو الفضل بن خيرون، أنبأنا أبو القاسم بن بشران، أنبأنا أبو علي بن الصوّاف، حدّثنا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة قال:
أبو لبيد لمازة، و أظن أنه حكاه عن أبيه عثمان بن أبي شيبة.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، حدّثنا أبو محمّد التميمي، أنبأنا أبو محمّد بن أبي نصر، أنبأنا أبو الميمون، حدّثنا أبو زرعة قال: أبو لبيد لمازة.
أخبرنا أبو الفتح نصر اللّه بن محمّد، أنبأنا نصر بن إبراهيم - قراءة - أنبأنا سليم بن أيوب، أنبأنا طاهر بن محمّد بن سليمان، حدّثنا علي بن إبراهيم، حدّثنا يزيد بن محمّد بن إياس قال: سمعت أبا عبد اللّه المقدّمي يقول: أبو لبيد لمازة بن زبّار (4).
قرأنا على أبي الفضل الحافظ ، عن أبي طاهر الخطيب، أنبأنا هبة اللّه بن إبراهيم بن عمر، أنبأنا أبو بكر المهندس، حدّثنا أبو بشر قال: أبو لبيد يحدّث عن الزبير بن الخرّيت (5).
أخبرنا أبو الفضل بن ناصر، أنبأنا أبو طاهر أحمد بن علي، و أبو الحسين المبارك بن
ص: 303
عبد الجبار، قالا: أنبأنا الحسين بن علي، حدّثنا محمّد بن إبراهيم، حدّثنا عبد الملك بن بدر ابن الهيثم، حدّثنا أحمد بن هارون بن روح قال في الطبقة الثانية و هم التابعون: لمازة بن زياد (1) و هو أبو لبيد يروي عن عروة البارقي، روى عنه الزبير بن الخرّيت، بصري، ذكره في الأسماء المنفردة، و قد سمي لمازة غيره.
أخبرنا أبو بكر اللفتواني، أنبأنا أبو صادق محمّد بن أحمد بن جعفر، أنبأنا أحمد بن محمّد بن زنجويه، أنبأنا أبو أحمد العسكري قال:
و أما زبّار: أول الاسم زاي و بعدها باء مشدّدة و آخرها راء فمنهم: لمازة بن زبّار أبو لبيد الجهضمي روى عن عمر، و عن علي، و عن عبد الرّحمن بن سمرة، روى عنه الزبير بن الخرّيت، و الربيع بن سليم.
أنبأنا أبو جعفر محمّد بن أبي علي، أنبأنا أبو بكر الصّفّار، أنبأنا أحمد بن علي بن منجويه، أنبأنا أبو أحمد الحاكم قال:
أبو لبيد لمازة بن زبّار الجهضمي، سمع علي بن أبي طالب، قال يحيى بن سعيد: رأى حمّاد بن زيد أبا لبيد، و أبو لبيد رأى علي بن أبي طالب، و اسمه لمازة بن زبّار.
قرأت على أبي غالب بن البنّا، عن أبي الفتح بن المحاملي، أنبأنا أبو الحسن الدارقطني قال: و أما زبّار فلمازة بن زبّار أبو لبيد، يروي عن علي بن أبي طالب، و عروة بن أبي الجعد البارقي، روى عنه الزبير بن الخرّيت، و محمّد بن ذكوان، كان منحرفا عن علي عليه السلام يقول: كيف أحبّه و قد قتل من أهلي في غداة واحدة كذا و كذا.
و قال في موضع آخر: أما (2) لمازة فهو لمازة بن زبّار يكنى أبا لبيد، رأى علي بن أبي طالب، و روى عن عبد الرّحمن بن سمرة، و عروة البارقي، روى عنه الزبير بن خرّيت.
قرأت على أبي محمّد السّلمي، عن أبي زكريا البخاري.
و حدّثنا خالي أبو المعالي محمّد بن يحيى القاضي، حدّثنا أبو الفتح نصر بن إبراهيم، أنبأنا أبو زكريا.
حدّثنا عبد الغني بن سعيد قال: زبّار بالزاي و الراء لمازة بن زبّار أبو لبيد بصري.
ص: 304
قرأت على أبي محمّد السّلمي، عن أبي نصر بن ماكولا قال (1):
و أما زبّار بباء مشددة معجمة بواحدة فهو أبو لبيد لمازة بن زبّار، يروي عن علي بن أبي طالب، و عروة بن أبي الجعد البارقي، روى عنه الزبير بن خرّيت، و محمّد بن ذكوان، كان منحرفا عن علي.
و قال في موضع آخر (2):أما (3) لمازة بالزاي فهو لمازة بن زبّار أبو لبيد رأى عليا، روى عن عبد الرّحمن بن سمرة، و عروة البارقي، حدّث عنه الزبير بن خرّيت.
أخبرنا (4) أبو البركات الأنماطي، أنبأنا ثابت بن بندار، أنبأنا أبو العلاء الواسطي، أنبأنا أبو بكر البابسيري، أنبأنا الأحوص بن المفضّل بن غسّان، حدّثنا أبي، حدّثنا سليمان هو ابن حرب، حدّثنا جرير، عن الزبير بن الخرّيت، عن أبي لبيد حديث فيه طول عن عمر.
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ذكر عثمان و لم يلق أبو لبيد عمر بن الخطّاب، و لكنه علي بن أبي طالب، و كعب بن سور.
قال أبي: و قال يحيى بن معين عن حمّاد بن زيد قال: رأيت أبا لبيد لمازة بن زبّار أصفر اللحية (5).
أنبأنا أبو الحسين القاضي، و أبو عبد اللّه الأديب، قالا: أنبأنا أبو القاسم العبدي، أنبأنا حمد - إجازة-. ح قال: و أنبأنا أبو طاهر بن سلمة، أنبأنا علي بن محمّد. قالا: أنبأنا ابن أبي حاتم (6)،[قال:] أنبأنا حرب بن إسماعيل (7) فيما كتب إليّ قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: كان أبو لبيد صالح الحديث، و أثنى عليه ثناء حسنا.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنبأنا أبو الفضل بن خيرون، أنبأنا أبو القاسم بن بشران، أنبأنا أبو علي بن الصوّاف، حدّثنا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة، حدّثنا سعيد بن عمرو، أنبأنا حمّاد بن زيد قال: رأيت أبا عبد الرّحمن يصفّر لحيته، و كانت لحيته تبلغ سرّته، و قد قاتل عليا يوم الجمل (8).
ص: 305
أخبرنا أبو غالب الماوردي، أنبأنا أبو الحسن السيرافي، أنبأنا أحمد بن إسحاق، حدّثنا أحمد بن عمران، حدّثنا موسى، حدّثنا خليفة (1)،حدّثني أبو عبد الرّحمن - يعني: القرشي - عن حمّاد بن زيد، عن الزبير بن الخرّيت قال: قيل لأبي لبيد: أ تحب عليا؟ قال: كيف أحب رجلا قتل من قومي حين كانت الشمس من هاهنا إلى أن صارت من هاهنا ألفين و خمسمائة.
قرأنا على أبي عبد اللّه بن البنّا، عن أبي تمّام علي بن محمّد، عن أبي عمر بن حيّوية، أنبأنا محمّد بن القاسم، حدّثنا ابن أبي خيثمة، حدّثنا موسى بن إسماعيل (2)،حدّثنا مطر بن حمران قال: كنا عند أبي لبيد، فقيل له: أ تحب عليا؟ فقال: أحب عليا و قد قتل من قومي في غداة واحدة ستة آلاف.
أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر، أنبأنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك، أنبأنا أبو الحسن ابن السقا، حدّثنا أبو العبّاس الأصم، حدّثنا عباس بن محمّد، حدّثنا يحيى بن معين، حدّثنا وهب بن جرير، عن أبيه، عن أبي لبيد، و كان شتاما، قلت ليحيى بن معين: من كان يشتم ؟ قال: نرى أنه كان يشتم علي بن أبي طالب (3).
[ذكر من اسمه] (4) لوط
اللّه بن تارخ - و تارخ هو آزر - بن ناحور بن ساروع بن أرغو بن فالغ ابن غابر
بن شالغ بن أرفخشد بن سام بن نوح بن لمك ابن متوشلح بن خنوخ - و هو
إدريس، و هو يارد - ابن مهلاييل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم صلى
اللّه عليه و سلم (5)
صلّى في مقام إبراهيم ببرزة على ما قيل.
قرأت على أبي محمّد السّلمي، عن عبد العزيز بن أحمد، أنبأنا تمام بن محمّد، حدّثنا
ص: 306
أبو علي الحسن بن أحمد بن يعقوب، حدّثنا يحيى بن محمّد بن سهل، حدّثنا محمّد بن يعقوب بن حبيب الغسّاني، حدّثنا عبد الرّحمن بن يحيى بن إسماعيل بن عبيد اللّه، حدّثنا الوليد بن مسلم، حدّثنا سعيد بن عبد العزيز قال: بلغني أن حسان بن عطية قال:
أغار ملك نبط هذا الجبل على لوط فسباه و أهله، فبلغ ذلك إبراهيم خليل اللّه فأقبل في طلبه، فاقتتلوا فهزمه إبراهيم و استنقذ لوطا و أهله، فأتى هذا الموضع الذي في برزة الذي ينسب إلى مسجد إبراهيم فصلّى فيه.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو القاسم بن الخلاّل، أنبأنا أبو عبد اللّه أحمد بن محمّد بن يوسف الصيرفي، حدّثنا حسين بن نصر بن مزاحم، حدّثنا خالد بن عيسى، عن حصين - يعني - بن عبد الرّحمن، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جابر قال:
أوّل من قاتل في سبيل اللّه إبراهيم خليل الرّحمن حيث أسر لوط ، و استأسرته (1) الروم، فغزا إبراهيم حتى استنقذه من الروم.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، أنبأنا أبو محمّد الجوهري، أنبأنا أبو عمر بن حيّوية، أنبأنا أحمد بن معروف، حدّثنا الحارث بن أبي أسامة، أنبأنا محمّد بن سعد (2)،أنبأنا هشام بن محمّد بن السّائب الكلبي عن أبيه قال:
أول نبي بعث إدريس، و هو خنوخ بن يارد بن مهلاييل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم، ثم نوح بن لمك بن متوشلخ بن خنوخ، ثم إبراهيم بن تارح بن ناحور بن ساروغ بن أرغو بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح، ثم إسماعيل و إسحاق ابنا إبراهيم، ثم يعقوب ابن إسحاق، ثم يوسف بن يعقوب، ثم لوط بن هاران بن تارح بن ناحور ابن ساروغ، و هو ابن أخي إبراهيم خليل الرّحمن.
قرأت على أبي محمّد بن حمزة، عن أبي بكر الخطيب، أنبأنا أبو بكر البرقاني، أنبأنا محمّد بن عبد اللّه بن خميرويه، أنبأنا الحسين بن إدريس، حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن عمّار، حدّثنا قاسم - يعني - بن يزيد الحرمي، عن مطيّن، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عبّاس قال: كلّ الأنبياء من ذرية يعقوب إلاّ عشرة: محمّد، و إسماعيل، و إبراهيم،
ص: 307
و إسحاق، و يعقوب، و لوط ، و هود، و شعيب، و صالح، و نوح.
أخبرنا أبو القاسم، أنبأنا أبو الفضل بن البقّال، أنبأنا أبو الحسين بن بشران، أنبأنا أبو عمرو (1) بن السمّاك، حدّثنا حنبل بن إسحاق، حدّثنا مسلم، حدّثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن سليمان بن صرد قال: أبو لوط هو عم إبراهيم.
أخبرنا أبو القاسم أيضا، أنبأنا أبو القاسم بن مسعدة، أنبأنا أبو عمرو الفارسي، أنبأنا أبو أحمد بن عدي (2)،حدّثنا موسى بن هارون، حدّثنا أبو موسى، حدّثنا أبو عبد اللّه (3) بن داود الواسطي، حدّثنا عبد الملك بن عبد الرّحمن من ولد عتّاب بن أسيد (4)،عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس قال:
أوّل من هاجر مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عثمان بن عفّان كما هاجر لوط إلى إبراهيم (5).
أنبأنا أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد بن إبراهيم، ثم حدّثنا أبو محمّد عبد الرّحمن بن أبي الحسن، أنبأنا سهل بن بشر، قالا: أنبأنا أبو القاسم علي بن محمّد بن علي الفارسي، حدّثنا القاضي أبو طاهر محمّد بن عبد اللّه بن أحمد بن نصر بن بجير الذهلي، حدّثنا أبو أحمد بن عبدوس، حدّثنا إبراهيم بن سعيد، حدّثنا عثمان بن خالد العثماني، حدّثنا عبد اللّه بن عمر ابن وهيب مولى زيد بن ثابت عن أبيه، عن خارجة بن زيد بن ثابت عن النّبي صلى اللّه عليه و سلم قال:«ما كان بين عثمان و رقية و لوط من مهاجر» يعني أنهما أول من هاجر إلى أرض الحبشة (6)[10684].
أخبرتنا (7) أم المجتبى بنت ناصر قالت: قرئ على إبراهيم بن منصور، أنبأنا أبو بكر ابن المقرئ، أنبأنا أبو يعلى، حدّثنا موسى بن محمّد بن حيان، حدّثنا بشار بن موسى، حدّثنا الحسن بن زياد قال: سمعت قتادة يقول: أوّل من هاجر من المسلمين بأهله إلى الحبشة عثمان بن عفّان.
ص: 308
قال: و حدّثني النضر بن أنس قال: قال أبو حمزة - يعني - أنسا:
إن أول من هاجر من المسلمين إلى الحبشة بأهله عثمان بن عفّان، فاحتبس على النّبي صلى اللّه عليه و سلم خبره، فجعل يخرج يتوكّف (1) عنه الأخبار، فقدمت امرأة من قريش فقالت له: يا أبا القاسم، قد رأيت ختنك متوجها في سفره و امرأته على حمار من هذه الدبابة و هو يسوق بها يمشي خلفها، فقال النّبي صلى اللّه عليه و سلم:«صحبهما اللّه، إنّ عثمان لأول من هاجر إلى اللّه بأهله بعد لوط صلى اللّه عليه و سلم»[10685].
أنبأنا أبو الفضائل الحسن بن الحسين بن أحمد، و أبو تراب حيدرة بن أحمد بن الحسين، و أبو الحسن علي بن بركات، قالوا: أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي، أنبأنا محمّد بن أحمد بن رزقويه، أنبأنا عثمان بن أحمد بن عبد اللّه، و أحمد بن سندي، قالا: حدّثنا الحسن ابن علي القطّان، حدّثنا إسماعيل بن عيسى، أنبأنا إسحاق بن بشر، عن عثمان بن الساج، عن خصيف، عن عكرمة، عن ابن عبّاس أنه قال:
إنّ سارة لما فعلت ذلك بهاجر و عفت عنها أحب اللّه أن يهب لها ولدا و ذلك بعد ما أرسل إبراهيم قال: فأرسل إبراهيم إلى الأرض المقدسة، و لوط إلى المؤتفكات، و كانت قرى لوط أربع مدائن: سدوم، و أموراء، و عاموراء، و صبويراء، و كان في كل قرية مائة ألف مقاتل، فجميعهم أربع مائة ألف، و كانت أعظم مدائنهم سدوم، و كان لوط يسكنها و هي المؤتفكات، و هي من بلاد الشام و من فلسطين مسيرة يوم و ليلة، و كان إبراهيم خليل الرّحمن عمّ لوط بن هارون بن تارح، و إبراهيم بن تارح و هو آزر و كان إبراهيم ينصح قوم لوط ، و كان اللّه قد أمهل قوم لوط فخرقوا حجاب الإسلام، و انتهكوا المحارم، و أتوا الفاحشة الكبرى، فكان إبراهيم يركب على حماره حتى يأتي مدائن قوم لوط ، فينصحهم، فيأبون أن يقبلوا، فكان بعد ذلك يجيء على حماره، فينظر إلى سدوم فيقول: يا سدوم أي يوم لك من اللّه! سدوم، إنّما أنهاكم ألاّ تتعرضوا لعقوبة اللّه، حتى بلغ الكتاب أجله، فبعث اللّه جبريل في نفر من الملائكة قال: فهبطوا في صورة الرجال حتى انتهوا إلى إبراهيم و هو في زرع له يثير الأرض، كلّما بلغ الماء إلى مسكنة من الأرض، ركز مسحاته في الأرض، فصلّى خلفها ركعتين. قال: فنظرت الملائكة إلى إبراهيم، فقالوا: لو كان اللّه - عزّ و جلّ - ينبغي أن يتّخذ خليلا لاتخذ هذا العبد خليلا، و لا يعلمون أن اللّه قد اتّخذه خليلا.
ص: 309
أخبرنا أبو غالب، و أبو عبد اللّه ابنا البنّا، قالا: أنبأنا أبو الحسين بن الآبنوسي، أنبأنا عثمان بن عمرو بن محمّد بن المنتاب، حدّثنا يحيى بن محمّد بن صاعد، حدّثنا الحسين بن الحسن، أنبأنا ابن المبارك، أنبأنا معمر، عن قتادة في قول اللّه عزّ و جلّ : قٰالَ : إِنَّ فِيهٰا لُوطاً. قٰالُوا: نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهٰا (1)قال: لا يجد المؤمن الا يحوط المؤمن حيث كان.
أنبأنا أبو الفضائل الحسن بن الحسن، و أبو تراب حيدرة بن أحمد، و أحمد بن سندي، قالا: حدّثنا الحسن بن علي، حدّثنا إسماعيل بن عيسى، أنبأنا إسحاق، عن جويبر، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاس قال:
لما رأى إبراهيم عليه السلام أنه لاٰ تَصِلُ إلى العجل أيديهم نَكِرَهُمْ فخافهم، و إنما كان خوف إبراهيم أنهم كانوا في ذلك الزمان إذا همّ أحدهم بامرئ سوء، فاضطربت مفاصله و ارتعدت وَ امْرَأَتُهُ سارة قٰائِمَةٌ تخدمهم، و كان إذا أراد أن يكرم أضيافه أقام سارة لتخدمهم فَضَحِكَتْ سارة، و إنّما ضحكت سارة أنها قالت: يا إبراهيم و ما تخاف إنّما هم ثلاثة نفر و أنت و أهلك و غلمانك، قال لها جبريل: أيتها الضاحكة، أما إنك ستلدين غلاما يقال له إسحاق، و من ورائه غلام يقال له يعقوب، فأقبلت في صرة فصكّت وجهها، فأقبلت والهة تقول: يا ويلتاه و وضعت يدها على وجهها استحياء فذلك قوله: فَصَكَّتْ وَجْهَهٰا و قالت: أَ أَلِدُ وَ أَنَا عَجُوزٌ (2) و هذا بعلي شيخا.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفرضي، أنبأنا أبو الحسن بن أبي الحديد، أنبأنا جدي، أنبأنا محمّد بن يوسف بن بشر، أنبأنا محمّد بن حمّاد، أنبأنا عبد الرزّاق، أنبأنا معمر عن قتادة في قوله: أَوْ آوِي إِلىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ (3) قال: العشيرة.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأنا أبو سعيد محمّد بن علي بن محمّد الخشّاب، أنبأنا أبو محمّد الحسن بن أحمد المخلدي، أنبأنا أبو بكر عبد اللّه بن محمّد بن مسلم الأسفرايني، حدّثنا علي بن عثمان الحرّاني، حدّثنا سعيد بن عيسى بن تليد القتباني، حدّثنا عبد الرّحمن بن القاسم، حدّثنا بكر بن مضر، عن عمرو بن الحارث، عن يونس، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن، و سعيد بن المسيّب عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«نحن أحقّ بالشك من أبينا إبراهيم»، إذ قال
ص: 310
رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتىٰ قٰالَ : أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قٰالَ : بَلىٰ وَ لٰكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي (1) (2) ،و يرحم اللّه لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد، و لو لبثت في السجن لبث يوسف لأجبت الداعي»[10686].
أخبرنا أبو عبد اللّه الحسين (3)بن عبد الملك، أنبأنا إبراهيم بن منصور، أنبأنا أبو بكر ابن المقرئ، أنبأنا أبو يعلى، حدّثنا عبد اللّه بن محمّد بن أسماء، حدّثنا جويرية، عن مالك، عن الزهري، عن أبي عبيد، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«رحم اللّه لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد، و لو لبثت في السجن ما لبث يوسف ثم جاءني الداعي لأجبت»[10687].
رواه البخاري (4)و مسلم (5)عن عبد اللّه بن محمّد بن أسماء، و رواه النسائي عن عمرو ابن منصور عن عبد اللّه بن محمّد.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأنا أبو نصر عبد الرّحمن بن علي بن محمّد بن موسى، أنبأنا أبو العباس محمّد بن أحمد بن محمّد بن محمّد السليطي، أنبأنا أبو حامد أحمد ابن محمّد بن الحسن بن (6)الشّرقي، حدّثنا محمّد بن عقيل، و أحمد بن حفص، قالا: حدّثنا حفص بن عبد اللّه، حدّثني إبراهيم بن طهمان عن موسى بن عقبة، أخبرني أبو الزناد عن عبد الرّحمن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«يغفر (7)اللّه لوطا إن كان ليأوي إلى ركن شديد»[10688].
ص: 311
أخبرنا (1) أبو القاسم الشحامي، أنبأنا أبو يعلى الصابوني، أنبأنا أبو سعيد الرازي، أنبأنا محمّد بن أيوب، حدّثنا موسى بن إسماعيل، حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن محمّد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة في قوله عزّ و جل: أَوْ آوِي إِلىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ (2)قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«رحمه اللّه، قد كان يأوي إلى ركن شديد، فما بعث اللّه تعالى بعده نبيا إلاّ في ثروة من قومه» (3)[10689].
أخبرنا أبو سعد بن البغدادي، أنبأنا أبو منصور بن شكرويه، و أبو بكر السمسار، قالا:
أنبأنا إبراهيم بن عبد اللّه، حدّثنا الحسين بن إسماعيل، حدّثنا أبو السّائب، حدّثنا أبو أسامة عن محمّد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«يرحم اللّه على لوط ، لقد كان يأوي إلى ركن شديد إذ قال لقومه لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد، فما بعث اللّه بعده نبيا إلاّ في ثروة من قومه»[10690].
أخبرنا أبو علي الحداد في كتابه، ثم حدّثنا أبو مسعود المعدل عنه، أنبأنا أبو نعيم الحافظ ، حدّثنا سليمان بن أحمد، حدّثنا عمرو بن إسحاق بن إبراهيم، حدّثنا أبو علقمة نصر ابن خزيمة بن جنادة أن أباه حدّثه عن نصر بن علقمة عن أخيه محفوظ ، عن ابن عائذ قال:
أخبرني بلال بن أبي بلال أن عثامة بن قيس البجلي من أصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: قال النبي صلى اللّه عليه و سلم:«نحن أحقّ بالشكّ من إبراهيم، و يغفر اللّه للوط ، لقد كان يأوي إلى ركن شديد - عليهما السلام-» (4)[10691].
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، أنبأنا أبو الحسين بن الآبنوسي، أنبأنا أبو الحسن الدارقطني، أنبأنا أبو القاسم عبيد اللّه بن أحمد بن عبد اللّه (5)بن بكير التميمي، أنبأنا أبو علي سهل بن علي الدوري، أنبأنا أبو الحسن الأثرم، قال: قال أبو عبيدة في الحديث:«ما بعث اللّه نبيا بعد لوط إلاّ في ثروة»، قالوا: الثروة: العدد و المنعة.
أخبرنا أبو الفضائل الحسن بن الحسن، و أبو تراب حيدرة بن أحمد، و أبو الحسن الخشوعي - إذنا - قالوا: حدّثنا أحمد بن علي بن ثابت - لفظا - أنبأنا أبو الحسن بن رزقويه، أنبأنا أبو عمرو الدقّاق، و أبو بكر الحداد قالا: أنبأنا الحسن بن علي، حدّثنا إسماعيل بن
ص: 312
عيسى، أنبأنا إسحاق، عن مقاتل، و جويبر عن الضّحّاك، عن ابن عباس قال: لما سمعت الفسقة بأضياف لوط جاءوا إلى باب لوط ، فأغلق الباب دونهم، ثم أطّلع عليهم فقال: هٰؤُلاٰءِ بَنٰاتِي (1)يعرض عليهم بناته بالنكاح و التزويج، و لم يعرضها عليهم للفاحشة، و كانوا كفّارا و بناته مسلمات، فلمّا رأى البلاء و خاف الفضيحة عرض عليهم التزويج، و كان في سنتهم ألاّ يتزوجوا إلاّ امرأة واحدة، فلما خطبوا إلى (2)لوط فلم يزوجهم تزوجوا فقالوا: لَقَدْ عَلِمْتَ مٰا لَنٰا فِي بَنٰاتِكَ مِنْ حَقٍّ ، وَ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ مٰا نُرِيدُ (3)،و كان اسم ابنتيه إحداهما رعوثا، و الأخرى رميثا، و يقال: زبوثا، و رعوثا، فاللّه أعلم، و كان الذي حملهم على إتيان الرجال دون النساء أنه كانت لهم ثمار في منازلهم و حوائطهم، و ثمار خارجة على ظهر الطريق، و أنهم أصابهم قحط و قلّة من الثمار، فقال بعضهم لبعض: إنكم إن منعتم ثماركم هذه الظاهرة من أبناء السبيل كان لكم فيها عيش، قالوا: بأي شيء نمنعها؟ قال: اجعلوا سنتكم من أخذتم في بلادكم غريبا سنّتكم فيه أن تنكحوه و أغرموه أربعة دراهم، فإنّ الناس يظهرون ببلادكم إذا فعلتم ذلك، فذلك الذي حملهم على ما ارتكبوا من الحدث العظيم الذي لم يسبقهم إليه أحد من العالمين.
و قال في آية أخرى: أَ تَأْتُونَ الذُّكْرٰانَ مِنَ الْعٰالَمِينَ (4)يعني الغرباء و قالوا فيما عاتبوا لوطا: أَ وَ لَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعٰالَمِينَ (5)،أي لم ننهك عن الغرباء حتى نفعل بهم الفاحشة، فعند ذلك قال: هٰؤُلاٰءِ بَنٰاتِي دعاهم إلى الحلال، فأبوا، فَاتَّقُوا اللّٰهَ وَ لاٰ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي، أَ لَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (6)أي يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر.
قال: و أنبأنا إسحاق، أخبرني محمّد بن إسحاق عن بعض رواة ابن عباس أنه كان يقول: إنّما كان بدء عمل قوم لوط أنّ إبليس جاءهم عند ذكرهم ما ذكروا في هيئة صبي، أجمل صبي رآه الناس، فدعاهم إلى نفسه، فنكحوه، ثم جروا على ذلك، فلم يتناهوا و لم يردهم قوله و لم يقبلوا - يعني - قوم لوط لم يقبلوا شيئا مما عرض عليهم من أمر بناته، قال:
لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ (7) -يعني - عشيرة أو شيعة تنصرني لحلت بينكم
ص: 313
و بين هذا، فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم:«رحم اللّه أخي لوطا حين قال: لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ قال: يعني عشيرة شديدة، فلم يبعث اللّه بعد لوط نبيا إلاّ في عزّ من قومه»[10692].
قال: فكسروا الباب و دخلوا عليه، قال: و تحوّل جبريل في صورته - و له صورتان إذا كان في الأرض، كان في صورة دحية بن خليفة الكلبي، و إذا كان في السماء كان رأسه في السماء و رجلاه في الأرض، و له جناحان أخضران موشّحان بالدرّ و الياقوت - قال: فتحول في صورته التي يكون فيها في السماء، قال: ثم قال: يا لوط لا تخف، نحن الملائكة لن يصلوا إليك، و أمرنا بعذابهم، فقال لوط : يا جبريل، الآن فعذبهم، و هو شديد الأسف عليهم، قال جبريل: يا لوط مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ، أَ لَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (1)فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَ اتَّبِعْ أَدْبٰارَهُمْ وَ لاٰ يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ (2)و وثب القوم فتعلقوا بهم، فطمس جبريل بجناحه (3)وجوههم فشدخت وجوههم و تناثرت أحداقهم بالأرض، فذلك قوله: وَ لَقَدْ رٰاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنٰا أَعْيُنَهُمْ (4)فعند ذلك قالوا: يا لوط معك رجال سحروا أعيننا فأوعدوه، قال:
فخرجوا من عنده عمي لا يهتدون الطريق، فلما كان عند وجه الصبح - يعني - جاءهم العذاب.
قرأنا على أبي القاسم إسماعيل بن أحمد، عن أبي طاهر محمّد بن أحمد بن محمّد، أنبأنا هبة اللّه بن إبراهيم بن عمر، أنبأنا أبو بكر المهندس، حدّثنا أبو بشر الدولابي، حدّثنا عمران بن بكّار، حدّثنا أبو المغيرة، حدّثنا صفوان بن عمرو، حدّثنا أبو المثنى الأملوكي، و مسلم أبو الجميل، قال: فَلَمّٰا ذَهَبَ عَنْ إِبْرٰاهِيمَ الرَّوْعُ (5)إلى آخر الآية، قال إبراهيم:
أ تعذب عالما من عالمك كثير و فيهم مائة رجل يعبدونك، قال: لا و عزتي، و لا خمسين حتى انتهى إلى خمسة، قال: و عزتي لو كان فيهم خمسة لا أعذبهم، قال اللّه عزّ و جل: فَمٰا وَجَدْنٰا فِيهٰا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (6)لوطا و ابنتيه.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم، أنبأنا أبو الحسن بن أبي الحديد، أنبأنا جدي أبو
ص: 314
بكر، أنبأنا أبو عبد اللّه الهروي، أنبأنا محمّد بن حمّاد، أنبأنا عبد الرزّاق، أنبأنا معمر، عن قتادة في قوله: يُجٰادِلُنٰا فِي قَوْمِ لُوطٍ (1)قال: فقال لهم يومئذ: أ رأيتم إن كان فيها خمسون من المسلمين، قالوا: إن كان فيها خمسون لم نعذبهم، قال: فأربعون ؟ قال: و أربعون، قال:
فثلاثون ؟ قالوا: و ثلاثون، قال: و عشرون ؟ قالوا: و عشرون، قالوا: و إن كان فيهم عشرة ؟ فقال: قوم لا يكون فيهم عشرة مسلمين لا خير فيهم.
أنبأنا أبو الفضائل الكلابي، و أبو تراب الأنصاري، و أبو الحسن الخشوعي، قالوا:
أنبأنا أبو بكر الخطيب، أنبأنا محمّد بن أحمد بن محمّد، أنبأنا عثمان بن أحمد بن عبد اللّه، و أحمد بن سندي، قالا: حدّثنا الحسن بن علي، حدّثنا إسماعيل بن عيسى، أنبأنا إسحاق بن بشر، أخبرني جويبر عن الضحاك، و مقاتل عن الضحاك عن ابن عباس قال:
لما بشّر إبراهيم بقول اللّه: فَلَمّٰا ذَهَبَ عَنْ إِبْرٰاهِيمَ الرَّوْعُ وَ جٰاءَتْهُ الْبُشْرىٰ بإسحاق يُجٰادِلُنٰا فِي قَوْمِ لُوطٍ و إنما كان جداله أنه قال: يا جبريل، أين تريدون ؟ و إلى من بعثتم ؟ قالوا: إلى قوم لوط ، و قد أمرنا بعذابهم، فقال إبراهيم: إِنَّ فِيهٰا لُوطاً، قٰالُوا: نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهٰا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَ أَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ (2)و كانت زعموا تسمّى والغة قال: فقال إبراهيم: إن كان فيهم مائة مؤمن تعذبونهم ؟ قال جبريل: لا، قال: إن كان فيهم تسعون مؤمنون تعذبونهم ؟ فقال جبريل: لا، قال: فإن كان فيهم ثمانون مؤمنون تعذبونهم ؟ قال جبريل: لا، حتى انتهى العدد إلى واحد مؤمن، قال جبريل: لا، فلما لم يذكروا لإبراهيم أنّ فيها مؤمنا واحدا.
قال: و أنبأنا إسحاق، أخبرني جويبر عن الضحاك، و مقاتل عن مجاهد قالا: أسقط في يدي إبراهيم حين قال جبريل: إن كان فيهم مؤمن واحد لا نعذّبهم، فخاف إبراهيم على لوط ، فقال: إِنَّ فِيهٰا لُوطاً ليدفع به عنهم، فقالوا: نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهٰا، لَنُنَجِّيَنَّهُ وَ أَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كٰانَتْ مِنَ الْغٰابِرِينَ -يعني من الباقين الذين أهلكوا و لم ينجوا، إنّما أنجى لوطا و غبرت امرأته مع الغابرين، فهلكت، فقال جبريل: يٰا إِبْرٰاهِيمُ ، أَعْرِضْ عَنْ هٰذٰا، إِنَّهُ قَدْ جٰاءَ أَمْرُ رَبِّكَ (3)في هلاك قوم لوط ، و أنه الغداة آتِيهِمْ عَذٰابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ (4)قال: فانطلق جبريل و من معه من الملائكة إلى لوط ، فلما انتهوا إليه و هو في زرع له ببئر الأرض، فسلّموا عليه، فحسب لوط أنهم رجال، فلما أمسوا استحيا منهم ألاّ يعرض عليهم، و خاف من قومه
ص: 315
على أضيافه مما كانوا يأتون من الدواهي العظام، فضاق بهم ذرعا مما يخاف إن هو لم يعرض عليهم أثم، و إن دعاهم فضحوهم، فذلك قوله: سِيءَ بِهِمْ وَ ضٰاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَ قٰالَ : هٰذٰا يَوْمٌ عَصِيبٌ (1)عصبته شدة، فقال لهم: لكم عندي الضيافة، فانطلقوا معه، و كان اللّه عزّ و جلّ عهد إلى جبريل ألاّ يعذّب قوم لوط حتى يشهد لوط على قومه ثلاث شهادات (2)،فلما توجّه بهم خاف عليهم قومه و استحيا فقال: أما إنّي أذهب بكم و قومي أشرّ من خلق اللّه، فالتفت جبريل إلى الملائكة فقال: هذه واحدة احفظوها، فلما توسط بهم القرية بكى لوط حياء منهم، فقال: قومي أشرّ من خلق اللّه، و قد التفت جبريل إلى الملائكة فقال: هاتان اثنتان احفظوهما، فلما دخل (3)البيت و جلسوا قال: قومي أشرّ خلق اللّه، قال جبريل: هذه ثلاث، فقد وجب العذاب، فلما رأتهم امرأته انطلقت فأعلمتهم - يعني قوم لوط -.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم، أنبأنا أبو الحسن بن أبي الحديد، أنبأنا جدي أبو بكر، أنبأنا عبد اللّه الهروي، أنبأنا محمّد بن حمّاد، أنبأنا عبد الرزّاق، أنبأنا معمر عن قتادة قال (4):
جاءت الملائكة لوطا و هو يعمل في أرض له، فقالوا: إنا مضيفوك الليلة، فانطلق معهم، فلما مشى معهم ساعة التفت إليهم فقال: أ ما تعلمون ما تعمل أهل هذه القرية ؟ ما أعلم على وجه الأرض أهل قرية شرا منهم حتى قال ذلك ثلاث مرات، و كانوا أمروا أن لا يعذّبونهم حتى يشهد عليهم ثلاث مرّات، فلما دخلوا عليه ذهبت عجوز السوء فأتت قومها فقالت: يضيف لوطا الليلة قوم ما رأيت قوما قط أحسن وجوها منهم، قال: فجاءوا يسرعون فعالجهم لوط على الباب، فقام ملك فلزّ الباب يقول فسدّه، و استأذن جبريل ربه في عقوبتهم فأذن له، فضربهم جبريل بجناحه فتركهم عميا، فباتوا بشرّ ليلة، ثم قالوا: إِنّٰا رُسُلُ رَبِّكَ ، فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ ، وَ لاٰ يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهٰا مٰا أَصٰابَهُمْ (5)قال: فبلغني أنها سمعت صوتا، فالتفت فأصابها حجر و هي شاذة من القوم معلوم مكانها (6).
ص: 316
قال قتادة (1):فبلغنا أن جبريل أخذ بعروة القرية الوسطى، ثم ألوى بها إلى السماء حتى سمع أهل السماء ضواغي (2)كلابهم، ثم دمدم (3)بعضها على بعض، فجعل عاليها سافلها، ثم أتبعهم الحجارة.
قال معمر: قال قتادة: فبلغنا أنهم كانوا أربعة آلاف ألف.
قال: و أنبأنا معمر عن قتادة في قوله: قٰالَ : يٰا قَوْمِ هٰؤُلاٰءِ بَنٰاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ (4)قال:
أمرهم لوط أن يتزوجوا النساء، و قال: هنّ أطهر لكم، قال معمر: و بلغني مثل ذلك عن مجاهد.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع، أنبأنا أبو عمرو بن مندة، أنبأنا أبو محمّد بن يوة، أنبأنا أبو الحسن اللنباني (5)،حدّثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدّثني سليمان بن أبي شيخ، حدّثنا الحكم بن ظهير، عن السّدي في قوله: هٰؤُلاٰءِ بَنٰاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ،قال: عرض عليهم نساء أمّته، كلّ نبي فهو أبو أمّته (6)،و في قراءة عبد اللّه: اَلنَّبِيُّ أَوْلىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ (7)و هو أب لهم، وَ أَزْوٰاجُهُ أُمَّهٰاتُهُمْ (8).
أنبأنا أبو الفضائل الحسن بن الحسن، و أبو تراب حيدرة بن أحمد، و أبو الحسن علي ابن بركات، قالوا: أنبأنا أبو بكر الحافظ ، أنبأنا محمّد بن أحمد بن محمّد، أنبأنا عثمان بن أحمد، و أحمد بن سندي قالا: حدّثنا الحسن بن علي، حدّثنا إسماعيل بن عيسى، أنبأنا إسحاق بن بشر، أخبرني غير واحد منهم ابن زياد بن سمعان، و إبراهيم بن طهمان عن رجال سمّوهم أن آية ما كان بين قوم لوط و بين امرأة لوط إذا جاءهم غريب أن تبعث إلى الرجال تقول: أطعمونا ملحا، فكانت تدعوهم بهذا إلى الفاحشة.
قال: و أنبأنا إسحاق، حدّثني ابن جريج، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عبّاس أنه قال: صعدت ظهر بيتها فلوحت بثوب لها، فأتاها الفسقة يهرعون إليها سراعا، فقالوا: هل عندك شيء؟ قالت: نعم و اللّه، لقد نزل بنا أضياف، ما رأينا قوما قطّ أحسن وجوها منهم، و لا أطيب منهم ريحا.
ص: 317
قال: و أنبأنا إسحاق عن سفيان الثوري، عن أشرس الخراساني يرفعه إلى النبي صلى اللّه عليه و سلم أنه قال:«ما بغت امرأة نبي قط »[10693].
قال: و أنبأني إسحاق، أخبرني مقاتل عن عكرمة، عن ابن عبّاس أنه قال: إنما كانت خيانة امرأة لوط حين تخونه في أضيافه فتخبر عنهم في دينها، و لم تخنه في فرج هي و لا امرأة نوح عليه السّلام.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا أحمد بن أبي عثمان، و عاصم بن الحسن، قالا: أنبأنا الحسين بن الحسن بن المنذر، أنبأنا أبو علي بن صفوان. ح و أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن محمّد بن الفضل، أنبأنا عاصم بن الحسن، أنبأنا أبو الحسين بن بشران، أنبأنا أحمد بن محمّد الجوزي، قالا: حدّثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدّثنا فضيل بن عبد الوهّاب، حدّثنا أبو عوانة، عن موسى بن أبي عائشة، عن سليمان بن بريدة قال: سمعت ابن عباس يقول في قوله: فَخٰانَتٰاهُمٰا (1)قال: لم يكن زنى، و لكن امرأة نوح كانت تخبر أنه مجنون، و امرأة لوط تخبر بالضيف إذا نزل (2).
[قال ابن عساكر:] (3)كذا قال ابن السّمرقندي: ابن بريدة و إنّما هو ابن قنة (4)،و هو في رواية ابن الفضل غير منسوب.
أخبرنا أبو الحسن الفرضي، أنبأنا أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد، أنبأنا جدي أبو بكر، أنبأنا محمّد بن يوسف، أنبأنا محمّد بن حمّاد، أنبأنا عبد الرزّاق، أنبأنا الثوري و ابن عيينة عن موسى بن أبي عائشة، عن سليمان بن قنة (5)قال: سمعت ابن عبّاس يسأل و هو جالس إلى جنب الكعبة عن قول اللّه تبارك و تعالى: فَخٰانَتٰاهُمٰا فقال ابن عبّاس: اما إنه ليس بالزنا، و لكن كانت تخبر الناس أنه مجنون، و كانت هذه تدل على الأضياف، ثم قرأ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صٰالِحٍ (6).
ص: 318
أخبرنا أبو طالب علي بن عبد الرّحمن، أنبأنا أبو الحسن الخلعي، أنبأنا أبو محمّد بن النحّاس، أنبأنا أبو سعيد بن الأعرابي، حدّثنا الحسن بن علي بن عفّان، حدّثنا يحيى بن آدم، حدّثنا سفيان بن عيينة، و سفيان الثوري، و قيس بن الربيع عن موسى بن أبي عائشة، عن سليمان بن قنّة، عن ابن عبّاس في قوله تعالى: فَخٰانَتٰاهُمٰا قال: ما زنيا في هذه الآية، قال: فَخٰانَتٰاهُمٰا قال: كانت امرأة نوح تخبر الناس أنه مجنون، و كانت امرأة لوط تدلّ على الضيف، فتلك خيانتهما.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأنا أبو بكر البيهقي، أنبأنا أبو سعد الماليني.
ح و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو القاسم بن مسعدة، أنبأنا حمزة بن يوسف، قالا: أنبأنا أبو أحمد بن عدي (1)،أنبأنا محمّد بن الحسين بن حفص الكوفي - و قال ابن السّمرقندي: الأشناني - حدّثنا فضالة بن الفضل، حدّثنا بزيع (2) زاد ابن السّمرقندي:
مولى يحيى بن عبد الرّحمن، و قالا:- عن الضحاك في قوله: فَخٰانَتٰاهُمٰا قال: إنّما كانت خيانة امرأة نوح و امرأة لوط النميمة.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن أبي عبد الرّحمن، أنبأنا أبو نصر عبد الرّحمن بن علي بن محمّد، أنبأنا أبو الحسين بن بشران، حدّثنا الحسين بن صفوان، حدّثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدّثنا الحسين بن علي - هو العجلي - حدّثنا محمّد بن الصلت، حدّثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عبّاس في قوله: أَ تَأْتُونَ الْفٰاحِشَةَ (3) قال: أدبار الرجال.
أخبرنا أبو القاسم أيضا، أنبأنا أبو بكر أحمد بن الحسين، و عبد الرّحمن بن علي بن محمّد، قالا: أنبأنا علي بن محمّد بن بشران، أنبأنا الحسين بن صفوان، حدّثنا أبو بكر عبد اللّه بن أبي الدنيا، حدّثنا إسحاق بن إبراهيم، حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم عن ابن [أبي] (4)نجيح: أَ تَأْتُونَ الْفٰاحِشَةَ مٰا سَبَقَكُمْ بِهٰا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعٰالَمِينَ (5) قال: قال عمرو بن دينار: ما نزا ذكر على ذكر حتى كان قوم لوط (6).
قال: و حدّثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدّثنا الحسين بن علي العجلي، حدّثنا محمّد بن
ص: 319
فضيل، حدّثنا عمرو بن أبي زائدة، عن أبي صخرة رفعه، قال: كان اللواط في قوم لوط في النساء قبل أن تكون في الرجال بأربعين سنة.
قال: و حدّثنا الحسين بن علي، حدّثنا محمّد بن فضيل، حدّثنا الأعمش عن أبي ظبيان عن حذيفة قال:
إنما حقّ القول على قوم لوط حين استغنى النساء بالنساء، و الرجال بالرجال.
أخبرنا أبو القاسم أيضا، أنبأنا أبو نصر عبد الرّحمن بن علي، أنبأنا أبو الحسين بن بشران، أنبأنا أبو علي بن صفوان، حدّثنا ابن أبي الدنيا، حدّثنا زياد بن أيوب، حدّثنا محمّد بن يزيد، عن محمّد بن مسلم الطائفي، قال:
سئل طاوس عن الرجل يأتي المرأة في عجيزتها، قال: تلك كفره، إنّما بدأ قوم لوط ، ذاك صنعه الرجال بالنساء، ثم صنعه الرجال بالرجال (1).
أخبرنا أبو القاسم أيضا، أنبأنا أبو بكر البيهقي، و أبو نصر عبد الرّحمن بن علي، قالا:
أنبأنا أبو الحسين بن بشران، أنبأنا أبو علي بن صفوان، حدّثنا عبد اللّه بن أبي الدنيا، حدّثنا محمّد بن بكّار، حدّثنا مروان بن معاوية، حدّثنا حفص - أو أبو حفص - عن جعفر بن محمّد ابن علي قال:
جاءته امرأتان قد قرأتا القرآن، فقالتا: هل تجد غشيان المرأة المرأة محرما في كتاب اللّه ؟ فقال لها: نعم، هن اللواتي كن على عهد تبع، و هن صواحب الرسّ ، و كل نهر و بئر رسّ ، قال: يقطع لهن سبعون جلبابا من نار، و درع من نار، و نطاق من نار، و تاج من نار، و خفّان من نار، و من فوق ذلك ثوب غليظ جاف جلف منتن من نار، قال جعفر: علّموا هذا نساءكم.
قال ابن أبي الدنيا: و قال أبي: أخبرت عن عمرو بن هاشم الجنبي (2)،عن أبي حمزة (3) قال:
قلت لمحمّد بن علي: عذب اللّه نساء قوم لوط بعمل رجالهم ؟ قال: اللّه أعدل - و في رواية أبي نصر: أعذر - من ذلك، يستغني الرجال بالرجال، و النساء بالنساء.
ص: 320
أخبرنا أبو الفضل محمّد بن إسماعيل الفضيلي، أنبأنا أبو القاسم أحمد بن محمّد الخليلي، أنبأنا أبو القاسم علي بن أحمد الخزاعي، أنبأنا أبو سعيد الهيثم بن كليب، حدّثنا محمّد بن عبيد اللّه المنادي، حدّثنا داود بن رشيد، حدّثنا هارون بن محمّد أبو الطيب، حدّثنا روح بن غطيف، عن صالح بن عبد اللّه، عن ابن الزبير، عن الزبير قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«كلّ سنن قوم لوط قد فقدت إلاّ ثلاثا (1):جرّ نعال السيوف، و خصف (2) الأظفار، و كشف عن العورة»، قال: و ضرب بيده على فخذه (3)[10694].
أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن السوسي، أنبأنا جدي أبو محمّد، حدّثنا أبو علي الأهوازي، أنبأنا أبو القاسم عبد الرّحمن بن عمر بن نصر بن محمّد الشيباني (4)،حدّثنا شاذن ابن عبد اللّه مولى الفضل بن جعفر بن حنزابة (5)،حدّثنا الحسين بن إدريس الأصبهاني - بأصبهان - حدّثنا خالد بن هياج بن يساط ، حدّثني أبي عن الحسن بن دينار، عن الخصيب بن جحدر، عن أبي غالب، عن أبي أمامة الباهلي قال:
كان في قوم لوط عشر خصال يعرفون بها: لعب الحمام، و رمي البندق، و المكاء (6)، و الخذف في الأنداء (7)،و تبسيط الشعر، و فرقعة العلك، و إسبال الإزار، و حبس الأقبية، و إتيان الرجال، و المنادمة على الشراب، و ستزيد هذه الأمة عليها بالسحق و النقش.
أنبأنا أبو الحسن علي بن عبيد اللّه (8) الزاغوني، أنبأنا أبو الغنائم بن أبي عثمان، أنبأنا القاضي أبو (9) الحسين محمّد بن أحمد بن القاسم بن المحاملي، حدّثنا أبو عمر غلام ثعلب، حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن ميمون قال: سمعت مصعب بن سلام، عن سعد بن طريف عن الأصبغ عن علي قال:
ستّ من أخلاق قوم لوط في هذه الأمة: الجلاهق، و الصّفير، و البندق، و الخذف، و حل إزار القباء، و مضغ العلك.
ص: 321
[قال:] و ثمانية من الناس لا يسلّم عليهم: اليهودي، و النصراني، و المجوسي، و المتفكهين بسبب الأمهات، و الشاعر الذي يقذف المحصنات، و قوم يشربون الخمر بين أيديهم الريحان، و أصحاب النردشير، و الشطرنج.[قال:] و ستة لا يصلّى خلفهم: ولد الزنا، و العبد، و المتعزّب بعد الهجرة، و الأعرابي، و المحدود إلاّ أن يتوب، و الأعمى.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأنا أبو نصر عبد الرّحمن بن علي بن محمّد بن موسى، أنبأنا أبو الحسين بن بشران، أنبأنا أبو علي بن صفوان، حدّثنا ابن أبي الدنيا، حدّثنا أبو إسحاق، حدّثنا القعنبي، حدّثنا مروان بن معاوية، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ، عن علي قال: من أخلاق قوم لوط الجلاهق، و الصفير، و الخذف، و مضغ العلك.
أخبرنا بها عالية أبو غالب بن البنّا، أنبأنا أبو يعلى بن الفرّاء، أنبأنا محمّد بن عبد اللّه ابن الحسين. ح و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا أبو طاهر المخلّص، قالا: أنبأنا أبو القاسم البغوي، حدّثنا محمّد بن زياد البلدي، حدّثنا مروان بن معاوية، عن سعد (1) بن طريف الإسكاف، عن الأصبغ بن نباتة قال: قال علي:
إن في هذه الأمّة من أخلاق قوم لوط ستا: الجلاهق، و البندق، و الصفير، و الخذف، و مضغ العلك، و حل الإزار - و قال ابن البنّا: و جرّ الإزار-.
أخبرنا أبو الفضائل الكلابي، و أبو تراب المقرئ، و أبو الحسن الخشوعي - إذنا - قالوا: أنبأنا أبو بكر الخطيب - لفظا - أنبأنا أبو الحسن بن رزقويه، أنبأنا عثمان بن أحمد بن عبد اللّه، و أحمد بن سندي، قالا: حدّثنا الحسن بن علي، حدّثنا إسماعيل بن عيسى، أنبأنا إسحاق بن بشر، أخبرني سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«عشر خصال عملتها قوم لوط ، بها أهلكوا، و تزيدها أمّتي بخلّة: إتيان الرجال بعضهم بعضا، و رميهم بالجلاهق (2) و الخذف، و لعبهم بالحمام، و ضرب الدفوف، و شرب الخمور، و قصّ اللحية، و طول الشارب، و الصفير، و التصفيق، و لباس الحرير، و تزيدها أمّتي بخلّة:
إتيان النساء بعضهن بعضا»[10695].
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفرضي، و أبو المعالي الحسين بن حمزة بن الشعيري (3)،قالا: أنبأنا أبو الحسن بن أبي الحديد، أنبأنا جدي أبو بكر، أنبأنا أبو بكر
ص: 322
الخرائطي، حدّثنا سعدان بن يزيد، حدّثنا علي بن عاصم، عن حاتم بن أبي صغيرة، عن سماك بن حرب، عن أبي صالح مولى أم هانئ، عن أم هانئ قالت:
قلت: يا رسول اللّه، أ رأيت قول اللّه: وَ تَأْتُونَ فِي نٰادِيكُمُ الْمُنْكَرَ (1)ما كانوا يصنعون ؟ قال:«كانوا يخذفون أهل الطريق و يسخرون منهم» (2)[10696].
أخبرتنا أم المجتبى فاطمة بنت ناصر، قالت: قرئ على إبراهيم بن منصور، أنبأنا أبو بكر بن المقرئ، أنبأنا أبو يعلى الموصلي، حدّثنا أبو الربيع الزهراني، حدّثنا يزيد بن زريع، حدّثني حاتم بن أبي صغيرة، حدّثنا سماك بن حرب، حدّثني أبو صالح، حدثتني أم هانئ بنت أبي طالب، قالت:
سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عن هذه الآية: وَ تَأْتُونَ فِي نٰادِيكُمُ الْمُنْكَرَ ،ما المنكر الذي كانوا يأتون في ناديهم ؟ قال:«كانوا يخذفون أهل الطريق، و يسخرون منهم»[10697].
أخبرنا (3)أبو الفضل الفضيلي، أنبأنا أبو القاسم الخليلي، أنبأنا أبو القاسم الخزاعي، أنبأنا الهيثم بن كليب، حدّثنا العبّاس بن محمّد الدوري، حدّثنا أبو وهب عبد اللّه بن بكر السهمي، حدّثنا حاتم بن أبي صغيرة، عن سماك، عن أبي صالح مولى أم هانئ، عن أم هانئ.
أنها سألت النبي عليه السلام عن قول اللّه عزّ و جلّ : وَ تَأْتُونَ فِي نٰادِيكُمُ الْمُنْكَرَ ما كان ذلك المنكر الذي كانوا يأتون في ناديهم ؟ قال:«كان يسخرون بأهل الطريق و يخذفونهم» (4)[10698].
أخبرنا أبو الحسن الفرضي، أنبأنا أبو الحسن بن أبي الحديد، أنبأنا جدي، أنبأنا محمّد ابن يوسف، أنبأنا محمّد بن حمّاد، أنبأنا عبد الرزّاق، أنبأنا معمر، عن قتادة في قوله تبارك و تعالى: مِنْ سِجِّيلٍ (5)قال: من طين مُسَوَّمَةً قال: قال مطوقة بها نضح من حمرة مَنْضُودٍ يقول: مصفوفة قال: وَ مٰا هِيَ مِنَ الظّٰالِمِينَ بِبَعِيدٍ (6)قال: يقول كم بين أمتهم ظالم بعدهم.
أنبأنا أبو الفضائل الحسن بن الحسن، و أبو تراب حيدرة بن أحمد، و أبو الحسن علي
ص: 323
ابن بركات، قالوا: أنبأنا أبو بكر الخطيب، أنبأنا أبو الحسن بن رزقويه، أنبأنا عثمان بن أحمد، و أحمد بن سندي، قالا: حدّثنا الحسن بن علي، حدّثنا إسماعيل بن عيسى، أنبأنا أبو حذيفة، أخبرني مقاتل بن سليمان، و جويبر عن الضحاك عن ابن عبّاس قال: إن اللّه يهيّئ العذاب في أوّل الليل إذا أراد أن يعذّب قوما، ثم يعذّبهم في وجه الصبح، قال: فهيئت الحجارة لقوم لوط في أوّل الليل ليرسل عليهم غدوة، و كذلك عذّبت الأمم: عاد و ثمود بالغداة، قال: فلما كان عند وجه الصبح عمد جبريل إلى قرى لوط بما فيها من رجالها، و نسائها، و ثمارها، و طيرها، و ما فيها من أموالها فحواها و طواها، ثم قلعها من تخوم الثرى، ثم احتملها من تحت جناحه، ثم رفعها إلى السماء الدنيا، قال: فسمع سكّان سماء الدنيا أصوات الكلاب، و الطير، و الرجال، و النساء تحت جناح جبريل، فقالوا عند ذلك: يا جبريل، ما هذا معك ؟ قال: قرى آل لوط بما فيها، أمرت بعذابهم، ثم أرسلها منكوسة فبعدا و سحقا للقوم الظالمين، ثم اتّبعها بالحجارة، و كانت الحجارة للرعاة و التجّار و من كان خارجا (1)عن مدائنهم.
أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن الفضل، أنبأنا أبو الحسين الفارسي، أنبأنا حمد بن محمّد ابن إبراهيم الخطابي، أخبرني محمّد بن المكي، أنبأنا الصائغ، حدّثنا سعيد - يعني ابن منصور - حدّثنا سويد بن عبد العزيز، حدّثنا حصين، عن سعيد بن جبير، و ذكر قصة هلاك قوم لوط ، و أنه لما كان في جوف الليل رفعت القرية حتى كان أصوات الطير لتسمع في جو السماء، قال: فمن أصابته تلك الافكة أهلكته.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، و أبو البركات سعيد بن الحسين بن الحسن بن حسّان، قالا: أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا أبو القاسم بن حبابة، أنبأنا عبد اللّه بن محمّد البغوي، حدّثنا هدبة، حدّثنا همّام عن قتادة في قول اللّه عزّ و جلّ : وَ الْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوىٰ (2)قال: قوم لوط (3).
أخبرنا أبو الحسن السّلمي الفقيه، أنبأنا أبو الحسن بن أبي الحديد، أنبأنا جدي أبو بكر، أنبأنا محمّد بن حمّاد، أنبأنا عبد الرزّاق، أنبأنا معمر عن قتادة في قوله: وَ الْمُؤْتَفِكَةَ
ص: 324
قوم لوط ، ائتفكت (1) بهم أرضوهم، فجعل عاليها سافلها.
أخبرنا أبو الفرج غيث بن علي - قراءة - أنبأنا أبو القاسم رمضان بن علي بن عبد الساتر الزيادي، حدّثنا أبو بكر محمّد بن علي بن يحيى بن السّري، حدّثنا جعفر بن محمّد بن الحسن الجروي، حدّثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام، حدّثنا الفضيل بن سليمان. ح و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو القاسم بن البسري، و أبو علي بن المسلمة، و أبو الفضل عمر بن عبيد اللّه بن عمر، و أبو الوفاء طاهر بن الحسين القوّاس، و أبو الحسين عاصم بن الحسن، و أبو الحسن هبة اللّه بن عبد الرزّاق الأنصاري، و أبو الفوارس طراد بن محمّد. ح أخبرنا أبو الكرم المبارك بن الحسن بن أحمد بن علي بن فتحان، و أبو محمّد هبة اللّه بن أحمد بن طاوس، و أبو الحسن علي بن محمّد بن يحيى الدريني، و صاحبته شهدة بنت أحمد بن الفرج، قالوا: أنبأنا طراد بن محمّد. قالوا: أنبأنا هلال بن محمّد بن جعفر الحفّار.
ح و أخبرنا أبو محمّد بن طاوس، أنبأنا عاصم بن الحسن بن محمّد، أنبأنا أبو عمر عبد الواحد بن محمّد بن عبد اللّه بن مهدي، قالا: أنبأنا أبو عبد اللّه الحسين بن يحيى بن عياش القطّان، حدّثنا أبو الأشعث، حدّثنا فضيل بن سليمان، عن الأعمش، عن مجاهد قال (2):
نزل جبريل فأدخل جناحه - و قال الجروي: جناحيه - تحت مدائن قوم لوط ، فرفعها حتى أسمع أهل سماء الدنيا نبيح الكلاب، و أصوات الدجاج، ثم قلبها فجعل أعلاها أسفلها، ثم أتبعها - و قال الجروي و ابن مهدي: ثم اتبعوا - بالحجارة.
أخبرنا أبو محمّد عبد الجبّار بن محمّد بن أحمد، أنبأنا علي بن أحمد بن محمّد.
أخبرني عبد الرّحمن بن الحسن التاجر - فيما أجاز لي - أنبأنا عمر بن أحمد الواعظ ، حدّثنا عثمان بن أحمد الدقّاق، حدّثنا الحسن بن علي، حدّثنا إسماعيل بن عيسى، حدّثنا المسيّب ابن شريك، حدّثنا يزيد بن أبي زياد، عن معاوية بن قرّة، قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لجبريل:«ما أحسن ما أثنى عليك ربك، ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ ، مُطٰاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (3)،فما كانت قوّتك، و ما كانت أمانتك»، قال: أمّا قوّتي، فإنّي بعثت إلى مدائن لوط و هي أربع مدائن، و في كلّ مدينة أربع مائة ألف مقاتل سوى الذّراري، فحملتهم من الأرض السفلى حتى سمع أهل السماء أصوات الدجاج، و نباح الكلاب، ثم
ص: 325
هويت بهنّ فقلبتهن، و أما أمانتي، فلم أؤمر بشيء فعدوته إلى غيره»[10699].
أنبأنا أبو الفضائل بن الحسن، و أبو تراب حيدرة بن أحمد، و أبو الحسن الخشوعي، قالوا: حدّثنا أبو بكر أحمد بن علي - لفظا - أنبأنا محمّد بن أحمد بن محمّد بن أحمد، أنبأنا عثمان بن أحمد (1)بن عبد اللّه، و أحمد بن سندي، قالا: حدّثنا الحسن بن علي، حدّثنا إسماعيل بن عيسى، أنبأنا إسحاق بن بشر، حدّثني مقاتل بن سليمان، عن مجاهد أنه قال:
قلت لمجاهد: يا أبا الحجّاج هل بقي من قوم لوط أحد؟ قال: لا، إلاّ رجل بقي أربعين يوما تاجرا كان بمكة، فجاءه حجر ليصيبه في الحرم فقام إليه ملائكة الحرم، فقالوا للحجر: ارجع من حيث جئت، فإنّ الرجل في حرم اللّه، فخرج الحجر، فوقف خارجا من الحجر أربعين يوما بين السماء و الأرض حتى قضى الرجل تجارته، فلمّا خرج أصابه الحجر خارجا من الحرم، يقول اللّه: وَ مٰا هِيَ مِنَ الظّٰالِمِينَ بِبَعِيدٍ (2)يعني من ظالمي هذه الأمة ببعيد.
قال: و أنبأنا إسحاق عن مقاتل، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد قال: من عمل ذاك من عمل قوم لوط ، إنّما كانوا ثلاثين رجلا و نيّفا لا يبلغون أربعين، فأهلكهم اللّه جميعا، و قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«لتأمرن بالمعروف و لتنهون عن المنكر أو لتعمّنّكم العقوبة جميعا»[10700].
قال: و حدثنا إسماعيل، و أنبأنا إسحاق عن محمد بن إسحاق عن الزهري: أنّ لوطا [لما عذب اللّه قومه، لحق بإبراهيم، و أهلك اللّه ما حوله.
قال: و أنا إسحاق عن محمد بن إسحاق عن الزهري: أن لوطا] (3)لم يزل مع إبراهيم حتى قبضه اللّه إليه.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو القاسم بن مسعدة، أنبأنا حمزة بن يوسف، أنبأنا أبو أحمد بن عدي (4)،حدّثنا أحمد بن محمّد بن حرب، حدّثنا إبراهيم بن الحكم بن أبان (5)-و زعم أنه كتب عنه بجرجان و كذب، لأن إبراهيم ما دخل جرجان قط ، و مات قبل أن يولد أحمد بن محمّد بن حرب - عن أبيه عن السّدي عن أبي الجلد قال: رأيت
ص: 326
امرأة لوط قد مسخت حجرا (1)تحيض عند رأس كل شهر.
قال ابن عدي: و أحمد بن محمّد بن حرب (2)هذا هو مشهور بالكذب و وضع الحديث.
أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن الفضل، أنبأنا أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرّحمن الصابوني، أنبأنا أبو عبد الرّحمن محمّد بن الحسين السلمي، أنبأنا أبو عمرو بن مطر قال:
سمعت أبا بكر محمّد بن دلوية الدقاق يقول: سمعت سعيد بن سعد يقول: سمعت أبا مطيع عبد الرّحمن بن المثنى يقول: سمعت علي بن الجارود يقول:
كنا خرجنا في طلب العلم، فمررنا عشية عرفة أنا و صاحب لي بمدينة قوم لوط - صلى اللّه على لوط - فقلت لصاحبي، أو قال لي: ندخل فنطوف في تلك السكك إلى غروب الشمس، إذا نحن برجل كوسج، أشعث، أغبر، على جمل له أحمر، فوقف علينا، فسألنا:
من أنتم ؟ و من أين أنتم ؟ فأخبرناه، فلمّا أراد أن يجوزنا قلنا له: من أنت ؟ فتغافل، فقلنا الثانية، فتغافل، فقلنا: لعلك إبليس، قال: أنا إبليس، قلنا: يا معلون من أين ؟ قال: هذا وجهي من الموقف، رأيت اليوم ثمّ من كان يذنب خمسين سنة، حتى كنت شفيت صدري منه، فاليوم أنزل عليه الرحمة، فلم أصبر من ذلك حتى وضعت التراب على رأسي، و جئت هاهنا انظر إليهم يسكن ما بي.
سمع بدمشق أبا الدحداح التميمي.
روى عنه: أبو الحسن أحمد بن الحسن بن أحمد بن الطيان الدمشقي.
أنبأنا أبو طاهر محمّد بن الحسين بن الحنّائي، أنبأنا أحمد بن الحسن بن أحمد بن عثمان بن سعيد بن قاسم الغسّاني - إجازة - كتب بها الينا من أطرابلس، أنبأنا أبو محمّد لؤلؤ ابن صدقة المرعشي السمسار ببيت المقدس، حدّثنا أبو الدحداح أحمد بن محمّد بن
ص: 327
إسماعيل بن محمّد بن يحيى بن يزيد، حدّثني أبي محمّد بن إسماعيل، حدّثني أبي إسماعيل ابن محمّد عن أبيه محمّد بن يحيى بن يزيد عن الأعمش عن زيد بن وهب، حدّثني عبد اللّه ابن مسعود، حدّثني رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و هو الصادق المصدوق:«إنّ أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون علقة» فذكر الحديث[10701].
كان لزبيدة، و يقال: بل كان لهارون الرشيد فوهبه لليث بن سعد، و قدم مع الليث دمشق لمّا رجع من بغداد إلى مصر.
حكى عن هارون الرشيد، و الليث بن سعد.
حكى عنه أبو علي الحسن بن يوسف بن مليح المصري الطرائفي (1).
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، حدّثنا أبو بكر الخطيب (2)،حدّثني محمّد بن علي الصوري، أنبأنا عبد الرّحمن بن عمر التّجيبي - بمصر - أنبأنا الحسن بن يوسف بن مليح قال:
سمعت أبا الحسن الخادم - و كان قد عمي من الكبر، في مجلس يسر (3)مولى عرق - أنا (4)و منصور - يعني: الفقيه - و جماعة قال:
كنت غلاما لزبيدة، و إنّي يوم أتى بالليث يستفتيه، فكنت واقفا على رأس ستي زبيدة خلف الستارة، فسأله هارون الرشيد: حلفت أن لي جنتين ؟ فاستحلفه الليث ثلاثا أنه يخاف اللّه ؟ فحلف له، فقال له الليث: قال اللّه - عزّ و جلّ -: وَ لِمَنْ خٰافَ مَقٰامَ رَبِّهِ جَنَّتٰانِ (5)قال:
فأقطعه قطائع بمصر كثيرة.
أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد، أنبأنا أبو نعيم الحافظ ، حدّثنا محمّد بن أحمد بن محمّد الجرجاني، حدّثنا أبو علي الحسن بن مليح الطرائفي بمصر، حدّثنا لؤلؤ الخادم - خادم الرشيد - قال:
جرى بين هارون الرشيد و بين ابنة عمّه زبيدة مناظرة و ملاحاة في شيء من الأشياء،
ص: 328
فقال هارون في عرض كلامه لها: أنت طالق إن لم أكن من أهل الجنّة، ثم ندم و اغتمّا جميعا بهذه اليمين، و نزل بهما مصيبة لموضع ابنة عمّه منه، فجمع الفقهاء و سألهم عن هذه اليمين، فلم يجد منها مخرجا، ثم كتب إلى سائر البلدان من عمله أن يحمل إليه الفقهاء من بلدانهم، فلمّا اجتمعوا جلس لهم و أدخلوا عليه، و كنت واقفا (1)بين يديه لأمر إن حدث يأمرني بما شاء فيه، فسألهم عن يمينه و كنت المعبّر عنه، و هل له منها مخلص، فأجابه الفقهاء بأجوبة مختلفة، و كان إذ ذاك فيهم الليث بن سعد فيمن أشخص من مصر، و هو جالس في آخر المجلس لم يتكلم بشيء، و هارون يراعي واحدا واحدا، فقال بقي (2)ذلك الشيخ في آخر المجلس لم يتكلم بشيء، فقلت له: إن أمير المؤمنين يقول لك: ما لك لا تتكلم كما تكلّم أصحابك ؟ فقال: قد سمع أمير المؤمنين قول الفقهاء و فيه مقنع، فقال: قل: إن أمير المؤمنين يقول: لو أردنا ذلك سمعنا من فقهائنا و لم نشخصكم من بلدانكم، فلما ذا أحضرت هذا المجلس ؟ فقال: يخلّيني أمير المؤمنين مجلسه إن أراد أن يسمع كلامي في ذلك، فانصرف من كان بحضرة أمير المؤمنين من الفقهاء و الناس، ثم قال له: تكلم، فقال: يدنيني أمير المؤمنين، فأمر به فأدني حتى كان قريبا منه، قال: تكلم، قال: يخلّيني أمير المؤمنين، قال:
فليس بالحضرة إلاّ هذا الغلام، و ليس عليك منه عين، فقال: يا أمير المؤمنين أتكلم على الأمان و على طرح التعمل و الهيبة و الطاعة لي من أمير المؤمنين في جميع ما أمر به ؟ قال:
ذلك لك، قال: يدعو أمير المؤمنين بمصحف جامع، فأمر به فأحضر، فقال: يأخذه أمير المؤمنين فيتصفحه حتى يصل إلى سورة الرّحمن، فأخذه و تصفّحه حتى وصل إلى سورة الرّحمن، فقال: يقرأ أمير المؤمنين، فقرأ، فلما بلغ: وَ لِمَنْ خٰافَ مَقٰامَ رَبِّهِ جَنَّتٰانِ قال:
قف يا أمير المؤمنين هاهنا، فوقف، فقال: يقول أمير المؤمنين: و اللّه (3)،فاشتد على الرشيد و علي ذلك، فقال له أمير المؤمنين (4):ما هذا؟ قال: يا أمير المؤمنين على هذا وقع الشرط ، فنكس أمير المؤمنين رأسه، و كانت زبيدة في بيت مسبل عليه ستر قريب من المجلس تسمع الخطاب، ثم رفع هارون رأسه إليه فقال: و اللّه، قال: الذي لا إله إلاّ هو الرّحمن الرحيم، إلى أن بلغ آخر اليمين، ثم قال: إنّك يا أمير المؤمنين تخاف مقام اللّه، قال هارون: إنّي
ص: 329
أخاف مقام اللّه، فقال: يا أمير المؤمنين، فهي جنتان و ليست بجنة واحدة كما ذكر اللّه في كتابه، فسمعت التصفيق و الفرح من خلف الستر.
و قال هارون: أحسنت و اللّه، بارك اللّه فيك، ثم أمر بالجوائز و الخلع لليث بن سعد، ثم قال هارون: يا شيخ اختر ما شئت، و سل ما شئت تجب فيه.
فقال: يا أمير المؤمنين، و هذا الخادم الواقف على رأسك ؟ فقال: و هذا الخادم، فقال:
يا أمير المؤمنين، و الضياع التي هي لك بمصر و لابنة عمّك أكون عليها، و تسلّم إليّ لأنظر في أمورها، قال: بل نقطعك إقطاعا، فقال: يا أمير المؤمنين ما أريد من هذا شيئا، بل تكون في يدي لأمير المؤمنين فلا يجري عليّ حيف العمال و أعزّ بذلك، فقال: ذلك لك، و أمر أن يكتب له و يسجل بما قال.
و خرج من بين يدي أمير المؤمنين بجميع الجوائز و الخلع و الخادم، و أمرت زبيدة له بضعف ما أمر به الرشيد، فحمل إليه، و استأذن في الرجوع إلى مصر، فحمل مكرّما، أو كما قال.
5857 - لؤلؤ بن عبد اللّه أبو محمّد الخصيّ (1)
مولى أبي الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون المصري.
قدم دمشق، و حدّث بها عن بكر بن سهل، و أبي إبراهيم المزني (2)،و أحمد بن عمرو ابن عبد الخالق البزّار (3)،و الربيع بن سليمان.
روى عنه: أبو الحسين الرازي، و عبد الوهّاب الكلابي، و سليمان الطّبراني.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، حدّثنا[-و] (4) أبو منصور بن خيرون، أنبأنا أبو بكر الخطيب (5)،أنبأنا محمّد بن عبد اللّه بن شهريار الأصبهاني، حدّثنا سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني، حدّثني لؤلؤ الرومي - مولى أحمد بن طولون ببغداد - حدّثنا الربيع بن سليمان، حدّثنا عبد الرّحمن بن شيبة الجدي (6)،حدّثنا هشيم، عن يونس بن عبيد، و منصور ابن زاذان عن الحسن عن أبي بكرة قال:
ص: 330
رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم على المنبر و معه الحسن بن علي، و هو يقول:«إنّ ابني هذا لسيّد، و إنّ اللّه سيصلح على يديه بين فئتين عظيمتين من المسلمين»[10702].
قال سليمان: لم يروه عن يونس إلاّ هشيم، و لا عنه إلاّ ابن شيبة، تفرّد به الربيع.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني - إذنا - أنبأنا أبو محمّد الحسن بن علي بن عبد الصّمد اللبّاد، و أبو بكر محمّد بن علي بن محمّد الحداد - إجازة - قالا: أنبأنا تمام بن محمّد، أنبأنا أبي، أخبرني أبو محمّد لؤلؤ الخادم مولى خمارويه بن أحمد بن طولون المصري بدمشق، عن المزني (1) قال: دخلت على الشافعي في اليوم الذي مات فيه، فقلت: كيف أصبحت يا أبا عبد اللّه ؟ قال: فرفع إليّ رأسه فقال: أصبحت من الدنيا راحلا، و لكأس المنية شاربا، و لسوء فعالي ملاقيا، و على اللّه واردا، فلا أدري روحي إلى جنّة تصير فأهنّئها، أو إلى نار تصير فأعزّيها، ثم بكى و أنشأ يقول (2):
لما قسى قلبي و ضاقت مذاهبي *** جعلت (3) الرّجا مني لعفوك سلّما
تعاظمني ذنبي فلمّا قرنته *** بعفوك ربّي كان عفوك أعظما
فلولاك لم يغوى (4) بإبليس عابد *** و كيف و قد أغوى صفيّك آدما
أخبرتنا (5) بهذه الحكاية أعلى من هذا و أتم أم البهاء فاطمة بنت محمّد بن البغدادي قالت: أنبأنا أبو عثمان سعيد بن أحمد بن محمّد، أنبأنا أبو محمّد عبد اللّه بن أحمد بن محمّد الرومي، قال: سمعت محمّد بن إسحاق بن خزيمة يقول: سمعت إسماعيل بن يحيى المزني قال: دخلت على محمّد بن إدريس الشافعي في مرضه الذي مات فيه، فقلت: يا أبا عبد اللّه كيف أصبحت ؟ قال: فرفع رأسه فقال: أصبحت من الدنيا راحلا، و لإخواني مفارقا، و لسوء فعلي ملاقيا، و على اللّه واردا، ما أدري روحي تصير إلى الجنّة فأهنّئها، أم إلى النار فأعزّيها، ثم بكى و أنشأ يقول:
فلما قسى قلبي و ضاقت مذاهبي *** جعلت رجائي نحو عفوك سلّما
ص: 331
تعاظمني ذنبي فلمّا قرنته *** بعفوك ربّي كان عفوك أعظما
فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل *** تجود و تعفو منّة و تكرّما
فإن تعف عني تعف عن متهتّك (1) *** ظلوم غشوم لا يزايل مأثما
و إن تنتقم مني فلست بآيس *** و لو دخلت (2) نفسي بجرمي جهنما
فلولاك لم يغوى بإبليس عالم *** فكيف و قد أغوى صفيّك آدما
و إنّي لآتي الذنب أعرف قدره *** و أعلم أنّ اللّه يعفو و يرحما (3)
قال: و سمعت أيضا يقول: سمعت إسماعيل بن يحيى المزني يقول: سمعت أبا عبد اللّه محمّد بن إدريس الشافعي يقول (4):
ما شئت كان و إن لم أشأ *** و ما شئت إن لم تشأ لم يكن
خلقت العباد على (5) ما علمت *** ففي العلم يمض الفتى و المسن
فهذا (6) مننت و هذا خذلت *** و هذا (7) أعنت و ذا لم تعن
فهذا (8) شقي و هذا (9) سعيد *** و هذا (10) قبيح و هذا (11) حسن
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، و أبو منصور بن خيرون، قالا: قال لنا أبو بكر الخطيب (12):لؤلؤ الرومي مولى أحمد بن طولون، حدّث عن الربيع بن سليمان المرادي، و روى عنه أبو القاسم الطّبراني.
قرأت بخط أبي الحسن نجاء بن أحمد، و ذكر أنه نقله من خط أبي الحسين الرازي في تسمية من كتب عنه بدمشق من الغرباء:
أبو محمّد لؤلؤ الخادم مولى أبي الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون كان من أهل مصر، و قدم دمشق، و أقام بها ثم مات (13) بدمشق سنة إحدى و عشرين و ثلاثمائة.
ص: 332
5858 - لؤلؤ بن عبد اللّه أبو محمّد القيصري (1)
مولى المقتدر باللّه.
سمع بدمشق عبد اللّه بن محمّد بن الحسن بن جمعة، و الحسن بن حبيب، و هشام بن أحمد بن عبد اللّه بن كثير الدمشقيين، و قاسم بن إبراهيم الملطي، و إبراهيم بن محمّد النّصيبي الصوفي، و أحمد بن إبراهيم بن غالب البلدي.
روى عنه أبو الحسن علي بن أبي حامد الجرجاني، و أبو بكر البرقاني، و علي بن عبد العزيز الطاهري، و القاضي أبو العلاء محمّد بن علي الواسطي، و محمّد بن عمر بن بكير المقرئ.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، حدّثنا[-و] (2) أبو منصور بن خيرون، أنبأنا - أبو بكر الخطيب (3)،أنبأنا الطاهري، أنبأنا لؤلؤ بن عبد اللّه القيصري، حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمّد النّصيبي الصوفي بالموصل، حدّثنا أبو عبد اللّه الحسين بن الحسن بن شداد، حدّثني محمّد بن سنان الحنظلي، حدّثني إسحاق بن بشر القرشي، عن بهز بن حكيم عن أبيه، عن جده عن النبي صلى اللّه عليه و سلم أنه قال:«مبارزة علي بن أبي طالب لعمرو بن عبد ودّ يوم الخندق أفضل من عمل أمّتي إلى يوم القيامة»[10703].
[قال ابن عساكر:] (4) هذا حديث منكر، و في إسناده غير مجهول، و إسحاق بن بشر كذّاب.
أخبرنا أبو القاسم محمود بن أحمد بن الحسن التبريزي، أنبأنا أبو العباس أحمد بن عبد الغفّار بن أشتة (5)،أنبأنا أبو الحسن علي بن أحمد بن محمّد بن الحسن الجرجاني (6)، أنبأنا أبو محمّد لؤلؤ بن عبد اللّه مولى المقتدر باللّه، حدّثنا عبد اللّه بن محمّد بن الحسين (7)ابن جمعة بدمشق، حدّثنا أخطل بن الحكم، حدّثنا الوليد بن مسلم، حدّثنا سعيد بن عبد
ص: 333
العزيز، عن مكحول، و ربيعة بن يزيد عن عبد اللّه بن حوالة، قال:
سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:«سيجندون أجنادا، جندا بالشام، و جندا بالعراق، و جندا باليمن»، قال عبد اللّه: فقمت، فقلت: خر لي يا رسول اللّه، فقال:«عليكم بالشام، فمن أبى فليلحق بيمنه، فإنّ اللّه قد تكفّل لي بالشام»[10704].
[قال ابن عساكر:] (1) المشهور عندنا عبد اللّه بن الحسين بن محمّد بن جمعة، فإن كان (2) هذا عمه و إلاّ فهو هو.
أخبرنا أبو الحسن المالكي، و أبو منصور العطار، قالا (3):قال لنا أبو بكر الخطيب (4):
لؤلؤ بن عبد اللّه أبو محمّد القيصري. حدث عن قاسم بن إبراهيم الملطي، و إبراهيم بن محمّد النّصيبي الصوفي، و أحمد بن إبراهيم بن غالب البلدي، و هشام بن أحمد بن (5) عبد اللّه بن كثير، و الحسن بن حبيب (6) الدمشقيين، حدّثنا عنه علي (7) بن عبد العزيز الطاهري، و أبو بكر البرقاني، و القاضي أبو العلاء الواسطي، و محمّد بن عمر بن بكير المقرئ، سألت البرقاني عن لؤلؤ القيصري فقال: كان خادما، حضر مجلس أصحاب الحديث فعلقت عنه أحاديث، قلت: كيف حاله ؟ قال: لا أخبره.
قال الخطيب: و لم أسمع أحدا من شيوخنا يذكره إلاّ بالجميل.
حدّثنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفقيه، قال: دفع إلي شيخ يعرف بمجير الكتامي من جند المصريين ورقة فيها أسماء الولاة بدمشق، فكان فيها: ثم ولي الأمير لؤلؤ سنة إحدى و أربعمائة.
قرأت بخط شيخنا أبي محمّد بن الأكفاني مما وجده بخط أبي الحسين عبد الوهّاب بن جعفر الميداني.
و عزل بدر العطّار (1)،و قدم لؤلؤ البشراوي واليا على دمشق، و لقّب منتجب الدولة يوم الأحد لسبع خلون من جمادى الآخرة سنة إحدى أربعمائة، فنزل بيت لهيا (2)،ثم انتقل إلى الدكة (3)،ثم انتقل إلى مرج الأشعريين (4)،و أقام فيه إلى ليلة الأربعاء لعشر خلون من جمادى الآخرة، فدخل القصر في الليل، و ركب إلى الجامع يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من جمادى الآخرة، و قرئ عهده على المنبر قرأه القاضي الشريف أبو عبد اللّه محمّد بن الحسين الحسني، عزل يوم عيد الأضحى، و ولي أبو المطاع ذو القرنين بن حمدان (5)،و كان العيد يوم الجمعة، فصلّى لؤلؤ بالناس العيد، و صلّى الجمعة بالناس ابن حمدان، فكان جميع ما أقام واليا ستة أشهر و ثلاثة أيام.
قرأت بخط عبد المنعم بن علي بن النحوي، قدم الأمير أبو محمّد لؤلؤ من الرقة، و دخل إلى دمشق واليا عليها في يوم الاثنين لثمان خلون من جمادى الآخرة سنة إحدى و أربعمائة، و أظهر ابن الهلالي بعد صلاة العيد - يعني - عند الفجر من سنة إحدى و أربعمائة سجلا معه إلى أبي المطاع ذي القرنين (6) ناصر الدولة بن حمدان بولاية دمشق و تدبير العساكر، و ركب إلى الجامع، و قرئ سجله على المنبر، و عزل لؤلؤ، فلما كان يوم الاثنين لثلاث عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة إحدى أرسل الأمير ذو (7) القرنين إلى الأمير لؤلؤ
ص: 335
يقول له: إن كنت في الطاعة فتركب إلى القصر و تخدم، و إن كنت عاصيا فاخرج عن البلد، فظن لؤلؤ أنهم يريدونه يجيء إلى القصر حتى يؤخذ رأسه، فردّ لؤلؤ جواب الرسالة إلى ابن حمدان يقول: أنا في الطاعة غير أني ما أدخل في القصر، أخّروني ثلاثة أيام حتى أسير عن البلد، فركب ابن حمدان من وقته و معه المغاربة و الجند، و جاء إلى باب البريد ليأخذوا لؤلؤ من دار العقيقي (1)،فركب لؤلؤ و أصحابه و لقيه و قاتله، و لم يزل القتال بينهم إلى بعد عتمة، و قتل بينهم جماعة، ثم طلع لؤلؤ من فوق السطوح و استتر و نهبت داره و نودي بدمشق: من جاء بلؤلؤ فله ألف دينار، فلمّا كان بعد العتمة - يعني - من ليلة الأربعاء ركب رجل تركي يعرف بخواجاة إلى الأمير ذي القرنين فعرّفه أن لؤلؤ عنده، و أنه نزل من السطوح فأنفذ الأمير معه من قبض على لؤلؤ، و أخذوه إلى القصر، و سيّر الأمير أبو المطاع الأمير لؤلؤ مقيدا محمولا على بغل على جوالقات (2) فيها تبن إلى بعلبك في ليلة الأربعاء لثمان بقين من ذي الحجة سنة إحدى، و في يوم الثلاثاء لعشر بقين من المحرم من سنة اثنتين و أربع مائة ورد من بعلبك ابن الأمير ذي القرنين و معه رأس لؤلؤ البشاري الذي كان و الي دمشق الملقب بمنتجب الدولة، و ذلك أنه وصل السجل إلى الأمير ابن حمدان بأخذ رأسه.
من أهل ساحل دمشق من غزاة البحور (1).
روى عنه: الوليد بن مسلم.
قرأت على أبي القاسم بن السّمرقندي، عن أبي طاهر محمّد بن أحمد بن محمّد بن أبي الصقر، أنبأنا الحسن بن محمّد بن أحمد بن جميع، أنبأنا أبو يعلى عبد اللّه بن محمّد بن حمزة بن أبي كريمة، أنبأنا عبد اللّه بن محمّد بن سلم، حدّثنا عبد الرّحمن بن إبراهيم بن عمرو بن ميمون القرشي، حدّثنا الوليد بن مسلم، حدّثني سليمان بن أبي كريمة، و الليث الفارسي (2) و غيرهما من مشيخة ساحل دمشق.
أن صلح قبرس وقع على جزية سبعة آلاف دينار يؤدونها إلى المسلمين راتبة في كل سنة، و يؤدون إلى الروم مثلها، ليس للمسلمين أن يحولوا بينهم و بين ذلك، و على أن لا يغزوهم المسلمون، و لا يقاتلوا من ورائهم ممن أرادهم من خلفهم، و عليهم أن يؤذنوا المسلمين بمسير عدوّهم من الروم إليهم و على أن يتطرق (3) امام المسلمين عليهم منهم.
قال الوليد بن مسلم: فسمعت أبا عمرو يذكر صلح قبرس هذا.
هذا صولح على القتال من ورائه فلا يرى أبو عمرو (4) أن يؤخذ منهم غير ما عليهم، و لا يصلح أن يؤخذ منهم رءوس أبنائهم و لا من أحرارهم.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني - بقراءتي عليه - حدّثنا (5) عبد العزيز بن أحمد، أنبأنا أبو محمّد بن أبي نصر، أنبأنا أبو القاسم بن أبي العقب، أنبأنا أحمد بن إبراهيم، حدّثنا ابن عائذ، حدّثنا الوليد قال: قال الليث:
كنت ممن غزا على اسمه و عطائه بفيء عمر بن هبيرة إذ ولاّه سليمان غازية البحر، رافقت أخي أبا خراسان في مركب، فسار بنا عمر حتى مررنا بأهل مصر، فتبعونا و مضينا حتى
ص: 337
أتينا أطرابلس إفريقية، و علونا أرض الروم حتى إذا حاذتنا بالقسطنطينة (1) سرنا في بحر الشام حتى دفعنا إلى خليج القسطنطينة، فخرجنا في الخليج على باب القسطنطينة لنجيز (2) إلى مسلمة و من معه من المسلمين و صفّ مسلمة من معه من المسلمين صفّا لم أر قط أطول منه مع الكراديس الكثيرة، و جلس ليون طاغية الروم على برج باب القسطنطينة و بروجها، و يصفّ منهم رجاله فيما بين الحائط و البحر صفّا طويلا بحذاء صف المسلمين، و أظهرنا السلاح في ألف مركب بين محرقات و قوادس فيها الخزائن من كسوة مصر، و ما فيها مما إليه و المعينات (3) فيها المقاتلة.
قال الليث: فما رأيت يوما قط كان أعجب منه لما ظهر من عدونا في البرّ و البحر، و ما أظهرنا من السلاح، و ما أظهر طاغية الروم على حائط القسطنطينة و صفّهم ذلك، و العدة، و نصبوا المجانيق و العرّادات، فتكبر المسلمون في البر و البحر، و يظهر [الروم] (4) قبلها (قريا السين لكع) (5) ابن هبيرة و جماعة من معه من السفن عن الإقدام على باب المينا لما هابته على أنفسها، فلمّا رأت ذلك الروم خرج إلينا من باب مينائهم معينات (6) أو قال محرقات، فمضى مركب منها إلى أدنى من يليه من مراكب المسلمين، فألقى عليه الكلاليب بالسلاسل فاجترّه حتى أدخله بأهله القسطنطينة، فأسقط ذلك في أيدينا، و خرجوا إلى مركب ليفعلوا ذلك به، فجعل ابن هبيرة يتجسر و يقول: أ لا رجل، فقام إليه أبو خراسان فقال: هذا أنا رجل، و لكنّك صيرتني في المركب معك لبعض من لا غنى عنده، فقال له ابن هبيرة: فمر بما ترى، و مر بما تحب، فأشار إلى مركب من الفرس يعرفهم بالشدة و البأس، فقال: ابعثني في قارب أنا و أخي و مرهم بطاعتي، ففعل فأمر أبو خراسان لنوتي المركب أن يوجهه إلى ذلك المركب الذي ذهب بالمسلمين، فكع عنه النوتي، فأشار إليه أبو خراسان بالسيف فمضى به حتى ألصق المركب بمركبهم، ثم سار أبو خراسان حتى أوثقهما بسلسلة لئلا يفرّ أحدهما عن صاحبه، قال: فاجتلدنا بأسيافنا فيما بين السفينتين، فرزقنا اللّه الظفر، فدخلنا سفينتهم و وضعنا السيف
ص: 338
فيهم، فانتهينا إلى قومس السفينة الذي فعل ما فعل، و قد ألقى بيضته و جثا على ركبتيه، شيخ أصلع، فضربه صاحب لنا ضربة لم تغن شيئا، و تقدّم إليه أبو خراسان فضربه ضربة شقّ منها هامته حتى نظرت إلى السيف قد أجاز إلى الذقن إلى الحنجرة و ما يليها، و استسلم من بقي منهم فقدناها إلى من يلينا من المسلمين، و رجعنا إلى من كان منهم فدخلوا الميناء، و وقف أبو خراسان موقفا حسنا يأمن به من فرّ منا إلى مسلمة و من يليه، حتى مروا من آخرهم، لم يصب منهم إلاّ ذلك المركب الأول حتى انتهينا إلى مسلمة و من معه، فأخذناهم إلى الخليج إلى السقع الذي على باب القسطنطينة و البحر، أو قال: الخليج، محيط بها إلاّ مما يلي برّها، فعسكر عليه مسلمة، و كنا في سفننا مرسيين على ساحلها مما يلي العسكر، يخرج من سفننا عمر بن هبيرة و غيره إلى مسلمة و من أردنا من أهل العسكر، و يأتينا أهل العسكر فيدخلون علينا في سفننا.
5862 - ليث بن أبي رقيّة (1) الثقفي مولاهم (2)
و يقال: مولى أم الحكم بنت أبي سفيان، و كانت متزوجة في ثقيف.
و كان كاتب سليمان بن عبد الملك، و عمر بن عبد العزيز.
روى عن عمر قوله.
روى عنه: عبد العزيز بن إسماعيل بن عبيد اللّه بن أبي المهاجر، و محمّد بن راشد المكحولي، و النضر بن عربي، و منصور (3).
ذكر أبو الحسين الرازي.
أن ليثا كان كاتب عمر بن عبد العزيز، و هو مولى أم الحكم بنت أبي سفيان، و يقال:
مولى أبيها عبد الرّحمن بن أم الحكم.
قرأت على أبي غالب بن البنّا، عن أبي الفتح بن المحاملي، أنبأنا أبو الحسن الدارقطني، حدّثنا أبو بكر الشافعي، حدّثنا جعفر بن الأزهر، حدّثنا المفضّل بن غسان الغلاّبي. ح و أخبرنا (4) أبو البركات، أنبأنا ثابت بن بندار، أنبأنا أبو العلاء، أنبأنا أبو بكر،
ص: 339
أنبأنا أبو أمية، حدّثنا أبي (1) قال: قال أبو زكريا - يعني - ابن معين: ليث بن أبي رقيّة الذي روى عنه مجاهد كان يكون مع عمر بن عبد العزيز.
أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر، أنبأنا أبو حمد بن عبد الملك، أنبأنا أبو الحسن (2) بن السّقّا، و أبو محمّد بن بالوية، قالا: حدّثنا محمّد بن يعقوب، حدّثنا عباس بن محمّد، قال:
سمعت يحيى يقول: منصور عن ليث بن أبي رقيّة، كان كاتبا مع عمر بن عبد العزيز.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا محمّد بن هبة اللّه، أنبأنا محمّد بن الحسين، أنبأنا عبد اللّه، حدّثنا يعقوب قال (3):و روى منصور عن ليث بن أبي رقيّة و هو شامي، [كاتب] (4) كان يكون مع عمر بن عبد العزيز.
أنبأنا أبو الغنائم، ثم حدّثنا أبو الفضل، أنبأنا أبو الفضل، و أبو الحسين، و أبو الغنائم - و اللفظ له - قالوا: أنبأنا أبو أحمد - زاد أبو الفضل: و محمّد بن الحسن قالا:- أنبأنا أحمد بن عبدان، أنبأنا ابن سهل، أنبأنا البخاري (5) قال:
ليث بن أبي رقيّة عن عمر بن عبد العزيز، قوله روى عنه محمّد بن راشد الشامي.
أخبرنا أبو الحسين القاضي، و أبو عبد اللّه الأديب - إذنا - قالا: أنبأنا أبو القاسم بن مندة، أنبأنا حمد - إجازة-. ح قال: و أنبأنا ابن سلمة، أنبأنا علي. قالا: أنبأنا ابن أبي حاتم، قال (6):ليث بن أبي رقيّة كاتب عمر بن عبد العزيز الشامي، روى عن عمر بن عبد العزيز، روى عنه [محمد بن راشد] (7) الشامي، سمعت أبي يقول ذلك.
أخبرنا أبو غالب بن البنّا، أنبأنا أبو الحسين بن الآبنوسي، أنبأنا أبو القاسم بن عتّاب، أنبأنا ابن عمير - إجازة-. ح و أخبرناه أبو القاسم بن السّوسي، أنبأنا أبو عبد اللّه بن أبي الحديد، أنبأنا أبو الحسن علي بن الحسن، أنبأنا عبد الوهّاب بن الحسن، أنبأنا ابن عمير - قراءة - قال:
ص: 340
سمعت أبا الحسن بن سميع يقول: الليث بن أبي رقيّة مولى الثقفيين، دمشقي، كاتب عمر بن عبد العزيز.
قرأت على أبي محمّد السّلمي عن أبي نصر بن ماكولا قال (1):
أما رقيّة بضم الراء و فتح القاف، و الياء المشددة المعجمة باثنتين من تحتها: ليث بن أبي رقيّة، كاتب عمر بن عبد العزيز، حدّث عنه مجاهد.
أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن، أنبأنا أبو الحسن السّيرافي، أنبأنا أحمد بن إسحاق، حدّثنا أحمد بن عمران، حدّثنا موسى، حدّثنا خليفة قال (2):
في تسمية عمّال سليمان كاتب الرسائل ليث بن أبي رقيّة مولى أم الحكم ابنة أبي سفيان.
ثم ذكره خليفة في عمال عمر بن عبد العزيز (3).
5863 - الليث بن سعد بن عبد الرّحمن أبو الحارث الفهمي المصري الفقيه (4)
سمع يزيد بن أبي حبيب، و محمّد بن مسلم الزهري، و أبا الزبير المكي و سعيد (5) بن أبي هلال، و عبيد اللّه بن أبي جعفر، و نافع مولى ابن عمر، و عبد اللّه بن عبيد اللّه بن أبي مليكة، و عطاء بن أبي رباح، و سعيد المقبري، و محمّد بن عجلان، و بكير بن عبد اللّه بن الأشجّ ، و يونس بن يزيد، و عقيل بن خالد، و عمرو بن الحارث.
روى عنه: محمّد بن عجلان، و هو من شيوخه، و هشام بن سعد، و قيس بن الربيع، و عبد اللّه بن لهيعة، و عبد اللّه بن المبارك، و هشيم بن بشير، و عبد اللّه بن وهب، و يحيى بن عبد اللّه بن بكير، و أبو صالح كاتب الليث، و سعيد بن كثير بن عفير.
روى عنه: من أهل دمشق: محمّد بن بكّار بن بلال، و أبو خليد عتبة بن حمّاد،
ص: 341
و الوليد بن مسلم، و أبو عمر حجين بن المثنى، و منصور بن سلمة الخزاعي، و يونس بن محمّد المؤدب، و أبو النضر هاشم (1) بن القاسم، و يحيى بن إسحاق السّيلحيني، و شبابة بن سوّار، و موسى بن داود، و عيسى بن حمّاد زغبة، و محمّد بن رمح، و قتيبة بن سعيد، و يزيد ابن خالد بن عبد اللّه بن موهب الرملي، و عاصم بن علي بن عاصم الواسطي، و غسان بن الربيع الموصلي، و كامل بن طلحة الجحدري و غيرهم.
أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن بن الحسين الموازيني، أنبأنا أبو الحسين بن أبي نصر، أنبأنا أبو بكر الميانجي، حدّثنا إبراهيم بن أسباط - ببغداد - حدّثنا عاصم بن علي. ح قال: و حدّثنا السّرّاج بنيسابور، و هو محمّد بن إسحاق، حدّثنا قتيبة بن سعيد. ح قال: و أنبأنا ابن قتيبة محمّد بن الحسن العسقلاني - بعسقلان - حدّثنا يزيد بن موهب. ح قال: و حدّثنا أبو عامر حامد بن سعدان بالميانج (2)،و أبو بكر بن زبّان بمصر، قالا: حدّثنا محمّد بن رمح، قالوا: حدّثنا الليث عن الزهري عن أنس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«من كذب علي».
ح و أخبرنا أبو عبد اللّه الحسين بن عبد الملك، و أم البهاء فاطمة بنت محمّد، قالا:
أنبأنا سعيد بن أحمد العيّار، أنبأنا عبد اللّه بن أحمد الصيرفي، حدّثنا أبو العباس السراج، حدّثنا قتيبة، حدّثنا الليث، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أنه قال:
«من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار»[10705].
لفظ علي عاصم (3) بن علي.
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين، أنبأنا أبو طالب بن غيلان، أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمّد بن يحيى المزكي ببغداد.
ح و أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن الفضل الفراوي، أنبأنا أبو عثمان الصابوني. ح أخبرنا أبو عبد اللّه الفراوي، و أبو المظفّر القشيري، قالا: أنبأنا أبو سعيد محمّد بن علي الخشّاب، قالا: أنبأنا أبو طاهر محمّد بن الفضل بن محمّد بن إسحاق بن خزيمة، قالا: أنبأنا أبو العباس محمّد بن إسحاق بن إبراهيم الثقفي، حدّثنا قتيبة بن سعيد، حدّثنا ليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، عن معاذ بن جبل. أنّ النبي صلى اللّه عليه و سلم كان في غزوة
ص: 342
تبوك إذا ارتحل قبل زيغ - و قال المزكي: قبل أن تزيغ - الشمس آخر الظهر حتى يجمعها إلى العصر فيصليهما جميعا، و إذا ارتحل قبل زيغ الشمس صلى الظهر و العصر جميعا، ثم سار، و كان إذا ارتحل قبل المغرب أخّر المغرب حتى يصليها مع العشاء، فإذا ارتحل بعد المغرب عجّل العشاء فصلاها مع المغرب[10706].
قال قتيبة: عليه سبع علامات، علامة أحمد بن حنبل (1).
أخرجه أبو داود (2)،و الترمذي (3) عن قتيبة.
أنبأنا أبو محمّد بن العباس العلوي، و أبو الفضل بن سليم، و حدّثني أبو بكر اللفتواني عنهما، قالا: أنبأنا أحمد بن الفضل الباطرقاني، أنبأنا أبو عبد اللّه بن مندة، أنبأنا أبو سعيد بن يونس، قال (4):
و قد انفرد الغرباء عن الليث بأحاديث ليست عند المصريين عنه: فمنها حديث مروان بن محمّد عن الليث عن يزيد بن عمرو المعافري عن أبي ثور الفهمي ليس بمصر عند المصريين، و منها حديث قتيبة بن سعيد، عن الليث، عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل، عن معاذ بن جبل: حديث الصلاة ليس بمصر أيضا، و أحاديث أخر للغرباء عن الليث ليست بمصر.
أخبرنا أبو سعد إسماعيل بن أحمد بن عبد الملك، و أبو الحسن مكي بن أبي طالب، قالا: أنبأنا أبو بكر بن خلف، أنبأنا الحاكم أبو عبد اللّه الحافظ قال:
هذا حديث رواته أئمة ثقات، و هو شاذ الإسناد و المتن، ثم لا نعرف له علة نعلّله بها، فلو كان الحديث عن الليث عن أبي الزبير عن أبي الطفيل لعلّلنا به الحديث، و لو كان عند (5)يزيد بن أبي حبيب عن أبي الزبير لعلّلنا به، فلمّا لم نجد له العلتين خرج عن أن يكون معلولا، ثم نظرنا لم نجد ليزيد بن أبي حبيب عن أبي الطّفيل رواية، و لا وجدنا هذا المتن بهذه السياقة عند أحد من أصحاب أبي الطفيل، و لا عند أحد ممن رواه عن معاذ بن جبل غير أبي الطفيل، فقلت: الحديث شاذ، و قد حدّثونا عن أبي العبّاس الثقفي، قال: كان قتيبة بن
ص: 343
سعيد يقول لنا علي: هذا الحديث علامة أحمد بن حنبل، و علي بن المديني، و يحيى بن معين، و أبي بكر بن أبي شيبة، و أبي خيثمة حتى عدّ قتيبة أسامي سبعة من أئمة الحديث كتبوا عنه هذا الحديث.
و قد أخبرناه أحمد بن جعفر القطيعي، حدّثنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبل، حدّثني أبي، حدّثنا قتيبة، فذكر نحوه.
قال الحاكم: فأئمة الحديث إنّما سمعوه من قتيبة تعجبا من إسناده و متنه، ثم لم يبلغنا عن واحد منهم أنه ذكر للحديث علة، و قد قرأ علينا أبو علي الحافظ هذا الباب و حدّثنا به عن أبي عبد الرّحمن النسائي، و هو إمام عصره عن قتيبة بن سعيد، و لم يذكر أبو عبد الرّحمن، و لا أبو علي للحديث علّة فنظرنا فإذا الحديث موضوع و قتيبة ثقة مأمون.
قال الحاكم: حدّثني علي بن محمّد بن موسى بن عمران الفقيه، حدّثنا محمّد بن إسحاق بن خزيمة قال: سمعت صالح بن حفصوية النيسابوري قال أبو بكر: و هو صاحب حديث يقول سمعت محمّد بن إسماعيل البخاري يقول: قلت لقتيبة بن سعيد: مع من كتبت عن الليث بن سعد حديث يزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل ؟ فقال: كتبته مع خالد المدائني، قال البخاري: و كان خالد المدائني يدخل الأحاديث على الشيوخ.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور المالكي، حدّثنا[-و] (1) أبو منصور محمّد ابن عبد الملك، قالا: أنبأنا - أبو بكر الخطيب (2)،أنبأنا أبو حازم عمر بن أحمد بن إبراهيم العبدوي - بنيسابور - أنبأنا القاسم بن غانم بن حموية المهلّبي، حدّثنا محمّد بن إبراهيم البوشنجي (3)،قال: سمعت ابن بكير يقول: خرج الليث إلى العراق سنة إحدى و ستين.
أخبرنا أبو محمّد هبة اللّه بن أحمد، حدّثنا عبد العزيز بن أحمد، أنبأنا أبو محمّد بن أبي نصر، أنبأنا أبو الميمون، حدّثنا أبو زرعة، حدّثنا أبو مسهر، قال:
قدم علينا ليث بن سعد، و كان يجالس سعيد بن عبد العزيز. فأتاه أصحابنا فعرضوا عليه، فلم أر أخذها عرضا حتى قدمت على مالك بن أنس، فأخبرني عبد اللّه بن أحمد - يعني - ابن ذكوان عن مروان قال: لما قدم علينا ليث بن سعد جالس سعيد بن عبد العزيز.
ص: 344
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، حدّثنا أبو بكر الخطيب، أنبأنا أبو سعيد بن حسنويه، أنبأنا عبد اللّه بن محمّد بن جعفر. ح و أخبرنا أبو البركات بن المبارك، أنبأنا أبو طاهر الباقلاني، و أبو الفضل بن خيرون. ح و أخبرنا أبو العزّ ثابت بن منصور، أنبأنا أبو طاهر، قالا: أنبأنا أبو الحسين الأصبهاني، أنبأنا أبو الحسين محمّد بن أحمد، قالا: حدّثنا عمر بن أحمد الأهوازي، حدّثنا خليفة بن خيّاط قال (1):
ليث بن سعد مولى لقيس، يكنى أبا الحارث، مات سنة خمس و سبعين و مائة، ذكره في الطبقة الرابعة من أهل مصر.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنبأنا أحمد بن الحسن بن أحمد، أنبأنا يوسف بن رباح، أنبأنا أبو بكر المهندس، حدّثنا أبو بشر الدولابي، حدّثنا معاوية بن صالح عن يحيى بن معين قال في تسمية محدثي أهل مصر: ليث بن سعد.
أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر، أنبأنا أبو صالح المؤذن، أنبأنا أبو الحسن (2) بن السقا، حدّثنا محمّد بن يعقوب، حدّثنا عباس بن محمّد قال: سمعت يحيى يقول: ليث بن سعد كنيته أبو الحارث.
و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو الفضل بن البقّال، أنبأنا أبو الحسن بن الحمّامي، أنبأنا إبراهيم بن أحمد، حدّثنا إبراهيم بن أبي أمية قال: سمعت نوح بن حبيب يقول: الليث بن سعد يكنى أبا الحارث.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع، أنبأنا أبو عمرو بن مندة، أنبأنا أبو محمّد بن يوة، أنبأنا أبو الحسن اللّنباني (3)،حدّثنا أبو بكر بن أبي الدنيا. ح و قرأت على أبي غالب بن البنّا، عن أبي محمّد الجوهري، أنبأنا أبو عمر بن حيّوية، أنبأنا أحمد بن معروف، حدّثنا الحسين بن الفهم. قالا: حدّثنا محمّد بن سعد قال (4):
في الطبقة الخامسة من أهل مصر: الليث بن سعد مولى لقيس، يكنى أبا الحارث، مات يوم الجمعة لأربع عشرة بقيت من شعبان سنة خمس و ستين و مائة، و كان قد استقل
ص: 345
بالفتوى في زمانه بمصر - زاد ابن الفهم: ولد سنة ثلاث أو أربع و تسعين في خلافة الوليد بن عبد الملك، و كان ثقة، كثير الحديث، صحيحه، و كان سريا من الرجال، نبيلا، سخيا، له ضيافة.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، حدّثنا أبو بكر الخطيب، أنبأنا محمّد بن الحسين القطّان، أنبأنا علي بن إبراهيم المستملي قال: قال أبو أحمد بن فارس، قال محمّد بن إسماعيل البخاري. ح و أخبرنا أبو الغنائم محمّد بن علي في كتابه، و حدّثنا أبو الفضل بن ناصر الحافظ ، أنبأنا أحمد بن الحسن، و المبارك بن عبد الجبّار، و محمّد - و اللفظ له - قالوا:
أنبأنا أبو أحمد - زاد أحمد: و أبو الحسين قالا:- أنبأنا أبو بكر الشيرازي، أنبأنا أبو الحسن المقرئ، أنبأنا البخاري قال (1):ليث بن سعد (2) مولى فهم، مصري، قال عمرو بن خالد:
مات سنة خمس و سبعين و مائة.
أخبرنا أبو الحسين القاضي - إذنا - و أبو عبد اللّه بن عبد الملك - مشافهة - قالا: أنبأنا أبو القاسم بن مندة، أنبأنا أبو علي - إجازة-. ح قال: أنبأنا أبو طاهر، أنبأنا علي. قالا: أنبأنا ابن أبي حاتم قال (3):
ليث بن سعد بن عبد الرّحمن أبو الحارث المصري، روى عن ابن أبي مليكة، و عطاء، و الزهري، و بكير بن الأشج، روى عنه ابن المبارك، و هشيم، و الوليد بن مسلم، و ابن وهب، و أبو صالح كاتب الليث، و يحيى بن عبد اللّه بن بكير، سمعت أبي يقول ذلك.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن العبّاس، أنبأنا أحمد بن منصور بن خلف، أنبأنا أبو سعيد بن حمدون، أنبأنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلما يقول: أبو الحارث الليث بن سعد الفهمي، سمع الزهري، و نافعا، روى عنه ابن المبارك، و أبو النضر.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو بكر بن الطبري، أنبأنا أبو الحسين بن الفضل، أنبأنا عبد اللّه بن جعفر، حدّثنا يعقوب قال: و الليث يكنى أبا الحارث.
قرأت على أبي الفضل بن ناصر، عن جعفر بن يحيى، أنبأنا أبو نصر الوائلي، أنبأنا
ص: 346
الخصيب بن عبد اللّه، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرّحمن، أخبرني أبي قال:
أبو الحارث الليث بن سعد، مصري، ثقة.
أخبرنا أبو الفتح نصر اللّه بن محمّد [الفقيه، أنا نصر بن إبراهيم الزاهد، أنا طاهر بن محمد بن سليمان، نا علي بن إبراهيم، نا يزيد بن محمد] (1) بن إياس، قال: سمعت أبا عبد اللّه المقدمي يقول: الليث بن سعد الفهمي أبو الحارث.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو طاهر بن أبي الصّقر، أنبأنا هبة اللّه بن إبراهيم بن عمر، أنبأنا أبو بكر المهندس، حدّثنا أبو بشر الدولابي قال: الليث بن سعد أبو الحارث.
أنبأنا أبو جعفر محمّد بن أبي علي، أنبأنا أبو بكر الصفّار، أنبأنا أحمد بن علي بن منجويه، أنبأنا أبو أحمد الحاكم قال (2):أبو الحارث الليث بن سعد بن عبد الرّحمن الفهمي، مولى فهم بن قيس عيلان المصري، سمع عطاء بن أبي رباح، و نافعا مولى ابن عمر، روى عنه هشيم بن بشير، و أبو صفوان عطاف بن خالد، و ابن المبارك، و ابن وهب (3).
كتب إليّ أبو محمّد حمزة بن العباس، و أبو الفضل أحمد بن محمّد بن الحسن، و حدّثني أبو بكر اللفتواني عنهما، قالا: أنبأنا أبو بكر أحمد بن الفضل الباطرقاني، أنبأنا أبو عبد اللّه بن مندة، أنبأنا أبو سعيد بن يونس، قال: ليث بن سعد بن عبد الرّحمن الفقيه، يكنى أبا الحارث، يقال: مولى بني فهم، ثم لآل خالد بن ثابت بن طاعن الفهمي، ثم من بني كنانة بن عمرو بن القين، و كان اسمه في ديوان مصر في موالي كنانة بن فهم، و أهل بيته يقولون:
نحن من الفرس من أهل أصبهان، و ليس لما قالوه عندنا من ذلك صحة، و مولد الليث بن سعد بقرقشندة (4) قرية من أسفل أرض مصر.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنبأنا أبو الفضل المقدمي (5)،أنبأنا مسعود بن ناصر، أنبأنا عبد الملك بن الحسن، أنبأنا أبو نصر الحافظ ، قال (6):الليث بن سعد أبو الحارث
ص: 347
الفهمي مولاهم، و يقال: من قيس بن عيلان مولاهم المصري، سمع الزهري، و يحيى بن سعيد، و نافعا، و سعيد المقبري، و يونس بن يزيد، و عقيل، و عبد الرّحمن بن خالد، و يزيد بن أبي حبيب، و عبيد اللّه بن أبي جعفر، و خالد بن يزيد، روى عنه ابن المبارك، و عبد اللّه بن يوسف، و يحيى بن بكير، و عمرو بن خالد، و سعيد بن عفير، و آدم بن أبي إياس، و أبو الوليد الطيالسي، و أحمد بن يونس، و سعيد بن سليمان، و قتيبة بن سعيد في بدء الوحي.
قال البخاري: قال يحيى بن بكير: إنّ الليث ولد يوم الخميس لأربع عشرة خلت من شعبان سنة أربع و تسعين، و قال يحيى عن الليث: و سمعت ابن شهاب بمكة سنة ثلاث عشرة و مائة. و قال البخاري: قال عمرو بن خالد الحرّاني: مات الليث سنة خمس و سبعين و مائة.
قال ابن نصر: و هو ابن إحدى و ثمانين سنة. و قال ابن سعد كاتب الواقدي: مات يوم الجمعة لأربع عشرة بقيت من شعبان سنة خمس و ستين و مائة.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور الفقيه المالكي، قال: أنبأنا أبو بكر أحمد ابن علي (1):
ليث بن سعد بن عبد الرّحمن أبو الحارث، فقيه أهل مصر، يقال: إنه مولى خالد بن ثابت بن ظاعن الفهمي، و أهل بيته يقولون: نحن من الفرس من أهل أصبهان، و روى عن الليث أنه قال مثل ذلك. و المشهور أنه فهمي، ولد بقرقشندة، و هي قرية من أسفل أرض مصر، و سمع علماء المصريين، و الحجازيين، و روى عن عطاء بن أبي رباح، و ابن أبي مليكة، و ابن شهاب الزهري، و سعيد المقبري، و أبي الزبير المكي، و نافع مولى ابن عمر، و عمرو بن الحارث، و يزيد بن أبي حبيب، و عقيل بن خالد، و يونس بن يزيد، و عبد الرّحمن ابن خالد الفهمي، و سعيد بن أبي هلال، حدّث عنه هشيم بن بشير، و عطاف بن خالد، و عبد اللّه بن المبارك، و عبد اللّه بن وهب، و أبو (2) عبد الرّحمن المقرئ، و عبد اللّه بن عبد الحكم، و سعيد بن أبي مريم، و يحيى بن بكير، و عبد اللّه بن صالح الجهني، و عمرو بن خالد، و عبد اللّه بن يوسف التّنّيسي، و قدم بغداد و حدّث بها، فروى عنه من أهلها حجين بن المثنى، و منصور بن سلمة، و يونس بن محمّد، و هاشم بن القاسم، و يحيى بن إسحاق السّيلحيني (3)،و شبابة بن سوّار، و موسى بن داود و جماعة من البصريين سمعوا منه ببغداد.
ص: 348
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو بكر بن الطبري، أنبأنا أبو الحسين بن الفضل، أنبأنا عبد اللّه بن جعفر، حدّثنا يعقوب قال (1):قال ابن بكير: أخبرني شعيب بن الليث عن أبيه الليث قال: كان يقول لنا: قال لي بعض أهلي: ولدت سنة ثنتين و تسعين، و لكن الذي أوقن سنة أربع و تسعين.
أخبرنا أبو عبد اللّه بن الحطّاب (2) في كتابه، أنبأنا علي بن عبيد اللّه الهمذاني (3)،أنبأنا أبو عبد اللّه محمّد بن الحسين التميمي، أنبأنا جعفر بن أحمد بن عبد السّلام الحميري، حدّثنا الحسين بن نصر بن المبارك، قال: سمعت أحمد بن صالح قال في قول الناس (4):إن الليث ولد سنة ثلاث و تسعين، و مات الليث بن سعد سنة خمس و سبعين و مائة.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد (5) بن منصور الفقيه، حدّثنا أبو بكر الخطيب (6)، أنبأنا أبو حازم العبدوي، أنبأنا القاسم بن غانم المهلبي، أنبأنا محمّد بن إبراهيم البوشنجي (7)،قال: سمعت ابن بكير يقول: مولد الليث بن سعد سمعته يقول: ولدت في شعبان سنة أربع و تسعين.
قال ابن بكير: و أخبرني ابنه شعيب قال: كان يقول لنا بعض أهلي: إنّي ولدت في شعبان سنة ثنتين (8) و تسعين، و أما الذي أوقنه (9) أربع و تسعين.
قال (10):و أنبأنا محمّد بن أحمد بن رزق، أنبأنا إسماعيل بن علي الخطبي، و أبو علي بن الصوّاف، و أحمد بن جعفر بن حمدان، قالوا: أنبأنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبل، قال:
قال أبي: ولد ليث بن سعد سنة أربع و تسعين، و قال بعضهم: سنة ثلاث و تسعين.
ص: 349
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو الفضل بن البقّال، أنبأنا أبو الحسين بن بشران، أنبأنا عثمان بن أحمد، حدّثنا حنبل بن إسحاق، قال: قال أبو عبد اللّه: ولد ليث بن سعد سنة أربع و تسعين، و قال: بعد ثلاث و تسعين، و في نسخة: و قال بعضهم سنة ثلاث و تسعين.
أنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي، ثم حدّثنا أبو الفضل بن ناصر، أنبأنا أحمد بن الحسن، و المبارك بن عبد الجبّار، و محمّد بن علي - و اللفظ له - قالوا: أنبأنا أبو أحمد - زاد أحمد: و محمّد بن الحسن قالا:- أنبأنا أحمد بن عبدان، أنبأنا محمّد بن سهل، أنبأنا محمّد بن إسماعيل قال (1):و قال يحيى بن بكير عن الليث قال: سمعت من ابن شهاب سنة ثلاث عشرة و مائة بمكة، و أنا ابن عشرين سنة، و ولد سنة أربع و تسعين فاستكمل إحدى و ثمانين سنة.
أنبأنا أبو محمّد حمزة بن العباس، و أبو الفضل بن سليم، و حدّثني أبو بكر اللفتواني عنهما، قالا: أنبأنا أبو بكر الباطرقاني، أنبأنا أبو عبد اللّه بن مندة، أنبأنا أبو سعيد بن يونس، حدّثني عاصم بن رازح، حدّثني زكريا بن يحيى بن أبان قال: سمعت أبا صالح كاتب الليث يقول: سمعت الليث يقول: أنا أكبر من ابن لهيعة بسنتين، و مات عمر بن عبد العزيز و لي سبع سنين.
أنبأنا أبو علي الحداد، ثم حدّثني أبو مسعود الأصبهاني عنه، أنبأنا أبو نعيم الحافظ .
[ح و أخبرنا أبو الحسن علي بن أبي العباس المالكي، نا أبو بكر الخطيب (2) أنا أبو نعيم الحافظ ] (3) حدّثنا عبد اللّه بن محمّد بن جعفر، قال: سمعت أبا الحسن الطّحان يقول:
سمعت ابن زغبة يقول: سمعت الليث بن سعد يقول: نحن من أهل أصبهان، فاستوصوا بهم خيرا.
أنبأنا أبو علي، و حدّثني عنه أبو مسعود، أنبأنا أبو نعيم (4)،حدّثنا عبد اللّه بن محمّد ابن جعفر، حدّثني ابن صبيح - يعني - أحمد بن محمود، حدّثنا إسماعيل بن زيد (5) قال:
ص: 350
سمعت بعض أصحابنا يقول: كان الليث بن سعد من أهل أصبهان من فاربين (1).
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو بكر بن الطبري، أنبأنا أبو الحسين بن الفضل، أنبأنا عبد اللّه بن جعفر، حدّثنا يعقوب (2) قال: كان - يعني - الليث يقول: أصلنا من أصبهان قال ابن بكير: و هم من الطبنة (3).
أنبأنا أبو محمّد حمزة بن العبّاس، و أبو الفضل بن سليم، و حدّثني أبو بكر اللفتواني عنهما قالا: أنبأنا أبو بكر الباطرقاني، أنبأنا أبو عبد اللّه بن مندة، أنبأنا أبو سعيد بن يونس، حدّثني عبد الوهّاب بن سعد، حدّثنا عمرو بن أحمد بن عمرو بن السّرح قال: سمعت يحيى ابن بكير يقول: سعد أبو الليث بن سعد، مولى لقريش و إنما افترض أبوه سعد وحده، و الليث في فهم، كان ديوانه فيهم، فنسب إلى فهم و أصلهم من أصبهان.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، حدّثنا أبو بكر الخطيب (4)،أنبأنا الحسن بن أبي بكر، أنبأنا أحمد بن كامل القاضي، حدّثنا محمّد بن إسماعيل السّلمي قال: سمعت ابن أبي مريم يقول: قال الليث: حججت سنة ثلاث عشرة و أنا ابن عشرين سنة.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، حدّثنا أبو بكر الخطيب (5).ح و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو بكر بن اللاّلكائي. قالا: أنبأنا ابن الفضل، أنبأنا عبد اللّه بن جعفر، حدّثنا يعقوب بن سفيان قال (6):قال ابن بكير: حج الليث بن سعد سنة ثلاث عشرة، فسمع [من] (7) ابن شهاب بمكة، و سمع من ابن أبي مليكة، و عطاء بن أبي رباح، و أبي الزّبير، و نافع، و عمران بن أبي أنس، و عدة مشايخ في هذه السنة (8).
أنبأنا أبو القاسم النسيب، حدّثنا أبو الحسن بن مرزوق، أنبأنا أبو بكر الخطيب، أنبأنا
ص: 351
أبو نعيم الحافظ ، حدّثنا حبيب بن الحسن الفرار (1)،حدّثنا الخضر بن عبيد الأكفاني (2)، حدّثنا عيسى بن حماد زغبة، حدّثنا الليث قال:
حججت أنا و ابن لهيعة، فلمّا صرت بمكة رأيت نافعا، فأقعدته في دكان علاّف، قال:
فمرّ بي ابن لهيعة فقال: من هذا الذي رأيته معك ؟ قلت: مولى لنا، فلمّا قدمنا مصر قلت:
حدّثني نافع فوثب إلي ابن لهيعة فقال: يا سبحان اللّه، فقلت: أ لم تر الأسود معي في دكان العلاّف بمكة ؟ فقال لي: نعم، فقلت: ذاك نافع، فحج، قابل (3) فوجده قد توفي، و قدم الأعرج يريد الاسكندرية فرآه ابن لهيعة، فأخذه فما زال عنده يحدّثه حتى اكترى له سفينة، و أحدره إلى الاسكندرية، فخرج إلى الاسكندرية فقعد يحدّث، فقال: حدّثني الأعرج عن أبي هريرة، فقلت: الأعرج متى رأيته ؟ قال - إن أردته هو بالاسكندرية، فخرج الليث إلى الاسكندرية، فوجده قد مات، فذكر أنه صلى عليه.
كتب إليّ أبو محمّد حمزة بن العبّاس، و أبو الفضل أحمد بن محمّد بن الحسن، و حدّثني أبو بكر اللفتواني عنهما، قالا: أنبأنا أبو بكر الباطرقاني، أنبأنا أبو عبد اللّه بن مندة، أنبأنا أبو سعيد بن يونس، حدّثنا أحمد بن حفص بن يزيد المعافري، حدّثنا محمّد بن سلمة المرادي (4)،حدّثنا ابن وهب، عن ليث بن سعد قال:
خسفت (5) الشمس و نحن بمكة سنة ثلاث عشرة و مائة، و بها يومئذ ابن شهاب، و أيوب ابن موسى، و عطاء بن أبي رباح، و أبو الزبير، و عمر بن دينار، و ابن أبي حسين النوفلي، و ابن أبي مليكة، و أبو بكر بن حزم، و عمرو بن شعيب، و قتادة و غيرهم، فقمنا قياما بعد العصر ندعو، فقلت لأيوب بن موسى: ما لهم لا يصلّون و قد صلّى النبي صلى اللّه عليه و سلم ؟ قال: لأن النهي قد جاء في الصلاة بعد العصر أن لا يصلى، و لذلك لا يصلّون، و إنّ النهي يقطع الأمر.
أخبرنا (6) أبو طالب بن أبي عقيل، أنبأنا علي بن الحسن الخلعي، أنبأنا عبد الرّحمن ابن عمر بن النحّاس، أنبأنا أبو سعيد بن الأعرابي، حدّثنا علي بن داود القنطري، حدّثنا عبد اللّه بن صالح (7)،حدّثنا الليث بن سعد قال:
ص: 352
كنا بمكة سنة ثلاث عشرة، و على الموسم سليمان بن هشام، و بها ابن شهاب، و عطاء ابن أبي رباح، و ابن أبي مليكة، و عمرو بن شعيب، و قتادة بن دعامة، و عكرمة بن خالد، و أيوب بن موسى، و إسماعيل بن أمية، فكسفت الشمس بعد العصر، فقاموا قياما يدعون في المسجد، فسألت أيوب بن موسى، فقلت: ما يمنعهم أن يصلّوا صلاة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم التي صلاّها في الكسوف ؟ فقال أيوب بن موسى: نهى عن الصلاة بعد العصر، و النهي يقطع الأمر (1)[10707].
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، حدّثنا أبو بكر الخطيب (2)،حدّثنا محمّد بن الحسين، أنبأنا عبد اللّه بن جعفر، حدّثنا يعقوب قال (3):قال ابن بكير: و أخبرني من سمع الليث يقول: كتبت من علم ابن شهاب علما كثيرا، و طلبت ركوب البريد إليه إلى الرّصافة، فخفت أن لا يكون ذلك للّه فتركت ذاك.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنبأنا أبو الفضل بن خيرون، أنبأنا محمّد بن علي المقرئ، أنبأنا محمّد بن أحمد، أنبأنا الأحوص بن المفضّل بن غسّان الغلاّبي، حدّثنا أبي:
قال: و حدّثنا أبو نصر عن عبد اللّه بن يوسف قال: قال الليث بن سعد: لم أسمع من عبيد اللّه بن أبي جعفر إنما هي مناولة.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو بكر محمّد بن هبة اللّه، أنبأنا محمّد بن الحسين، أنبأنا عبد اللّه، حدّثنا يعقوب، قال (4):قال ابن بكير: و أخبرني حبيس (5) بن سعيد، عن الليث بن سعد قال:
جئت أبا الزبير فأخرج إلينا كتبا، فقلت: سماعا من جابر؟ فقال: و من غيره ؟ قلت:
سماعك من جابر؟ فأخرج إليّ هذه الصحيفة، قال (6) ابن بكير: و أخبرني من سمع الليث يقول: كتبت من علم ابن شهاب علما كثيرا، و طلبت ركوب البريد إليه إلى الرصافة، فخفت أن لا يكون ذلك للّه فتركت ذاك. قال الليث: و دخلت على نافع فسألني، فقلت: أنا رجل من
ص: 353
أهل مصر، قال: ممّن ؟ قلت: من قيس، فقال: ابن رفاعة ؟ فقلت: أو رجل (1) من قومه ؟ فقال لي: ابن كم ؟ قلت: ابن عشرين سنة، قال: أما فلحيتك لحية [ابن] (2) أربعين.
أخبرنا أبو المعالي محمّد بن إسماعيل، أنبأنا أبو بكر البيهقي، أنبأنا أبو عبد اللّه الحافظ ، أنبأنا أبو جعفر البغدادي، حدّثنا يحيى بن عثمان بن صالح السهمي بمصر، حدّثنا عمرو بن خالد الحرّاني قال: قلت لليث: يا أبا الحارث بلغني أنك أخذت بركاب الزهري ؟! قال: للعلم، فأما غير ذلك فلا و اللّه ما أخذت بركاب والدي الذي ولدني.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن علي بن الحسين الحمامي (3)،و أبو بكر محمّد بن الفضل بن محمّد بن علي الخاني (4)،قالا: أنبأنا أبو مسلم بن مهرابزد (5)،أنبأنا أبو بكر بن المقرئ قال: سمعت إسماعيل بن أحمد بمصر يقول: حدّثنا ابن زغبة، قال: سمعت أصحاب الحديث شعبوا، فقال الليث بن سعد: تعلّموا الحلم قبل العلم.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد المالكي، حدّثنا أبو بكر الخطيب (6)،أنبأنا محمّد بن أحمد بن رزق، أنبأنا علي بن محمّد المصري، حدّثنا محمّد بن أحمد بن عياض بن أبي طيبة المفرّض، حدّثنا هارون بن سعيد بن الهيثم قال: سمعت ابن وهب يقول: كل ما كان في كتب مالك، و أخبرني من أرضى من أهل العلم فهو الليث بن سعد.
أخبرنا أبو الحسين القاضي، و أبو عبد اللّه الأديب - إذنا - قالا: أنبأنا أبو القاسم بن مندة، أنبأنا أبو علي - إجازة-. ح قال: و أنبأنا أبو طاهر، أنبأنا علي. قالا: أنبأنا ابن أبي حاتم [قال:] (7)حدّثنا محمّد بن إبراهيم، حدّثنا عمرو بن علي الصيرفي قال: الليث بن سعد صدوق (8)،قد سمعت عبد الرّحمن بن مهدي يحدّث عن ابن المبارك عن ليث، و سماعه من الزهري قراءة.
ص: 354
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس المالكي، حدّثنا أبو بكر الخطيب (1)،أنبأنا محمّد بن الحسين القطّان، أنبأنا عثمان بن أحمد الدّقّاق، حدّثنا سهل بن أحمد الواسطي، حدّثنا عمرو ابن علي، قال: و ليث بن سعد صدوق، سمعت عبد الرّحمن بن مهدي يحدّث عن ابن المبارك عن ليث.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، حدّثنا أبو بكر الخطيب (2).ح و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا محمّد بن هبة اللّه. قالا: أنبأنا محمّد بن الحسين، أنبأنا عبد اللّه بن جعفر، حدّثنا يعقوب قال: سمعت ابن بكير يقول: قال عبد العزيز بن محمّد: رأيت الليث بن سعد عند ربيعة يناظرهم في المسائل، و قد فرفر أهل الحلقة.
أخبرنا أبو محمّد حمزة بن العبّاس، و أبو الفضل أحمد بن محمّد - إذنا - و حدّثني أبو بكر اللفتواني عنهما، قالا: أنبأنا أبو بكر الباطرقاني، أنبأنا أبو عبد اللّه بن مندة، أنبأنا أبو سعيد بن يونس، حدّثني سلامة بن عمر المرادي، حدّثني حفص بن مدرك بن عاصم قال:
سمعت يحيى بن بكير يقول: قال: يقول لي الدراوردي: رأيت الليث بن سعد إذا أتى يحيى بن سعيد، و ربيعة بن أبي عبد الرّحمن و إنّهما ليتزحزحان له زحزحة، و يعظّمانه (3).
قال: و أنبأنا أبو سعيد، حدّثنا علي بن الحسن بن قديد، حدّثنا يحيى بن عثمان بن صالح أن يحيى بن بكير حدّثه قال: سمعت شرحبيل بن يزيد مولى شرحبيل بن حسنة قال:
أدركت الناس زمن هشام بن عبد الملك، و الناس إذ ذاك متوافرون: يزيد بن أبي حبيب، و ابن أبي جعفر، و جعفر بن ربيعة، و ابن هبيرة، و الحارث بن يزيد و من يقدم علينا من علماء أهل المدينة، و علماء أهل الشام للرباط ، و الليث يومئذ حدث شاب، و إنهم ليعرفون فضله و يقدّمونه، و يشار إليه.
أخبرنا أبو الحسن المالكي، أنبأنا أبو بكر الخطيب (4)،أنبأنا محمّد بن أحمد بن رزق، أنبأنا محمّد بن العبّاس العصمي (5)،حدّثنا أبو إسحاق أحمد بن محمّد بن يونس الحافظ ، حدّثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدّثنا يحيى بن بكير، حدّثنا شرحبيل بن حميد (6) بن يزيد مولى شرحبيل بن حسنة قال:
ص: 355
أدركت الناس أيام هشام، و كان الليث بن سعد حديث السن، و كان بمصر عبيد اللّه بن أبي (1) جعفر، و جعفر بن ربيعة، و الحارث بن يزيد، و يزيد بن أبي حبيب، و ابن هبيرة و غيرهم من أهل مصر، و من يقدم علينا من فقهاء المدينة، و إنهم ليعرفون لليث فضله، و ورعه، و حسن إسلامه على (2) حداثة سنة، قال ابن بكير: و رأيت من رأيت، فلم أر مثل الليث.
قال (3):و أنبأنا علي بن محمّد بن عيسى البزّار (4)،أنبأنا علي بن محمّد بن أحمد المصري قال: سمعت أبا الوليد عبد الملك بن يحيى بن بكير يقول: سمعت أبي يقول: ما رأيت أحدا أكمل من الليث بن سعد، كان فقيه البدن، عربي اللسان، يحسن القرآن، و النحو، و يحفظ الشعر، و الحديث، حسن المذاكرة، و ما زال يذكر خصالا جميلة و يعقد بيده حتى عقد عشرة، لم أر مثله.
كتب إليّ أبو محمّد بن العبّاس، و أبو الفضل بن سليم، و حدّثني أبو بكر اللفتواني عنهما، قالا: أنبأنا أبو بكر الباطرقاني، أنبأنا أبو عبد اللّه بن مندة، أنبأنا أبو سعيد بن يونس، حدّثني أحمد بن محمّد بن الحارث القباب، حدّثنا محمّد بن عبد الملك بن شعيب بن الليث قال (5):سمعت أبي يذكر عن أبيه قال: قيل لليث: أمتع اللّه بك، إنّا نسمع منك الحديث ليس في كتبك، فقال: أ و كلما في صدري في كتبي، لو كتبت ما في صدري ما وسعه هذا المركب.
قال: و أنبأنا ابن يونس، حدّثني عاصم بن رازح، حدّثني زكريا بن يحيى بن أبان قال:
سمعت أبا صالح كاتب الليث يقول:
كنت مع الليث لما خرج إلى العراق، فكان يقرأ على أصحاب الحديث من فوق علية، و الكتاب بيدي فإذا فرغ منه رميت به إليهم فنسخوه.
أنبأنا أبو نصر بن القشيري، أنبأنا أبو بكر البيهقي، أنبأنا أبو عبد اللّه الحافظ ، أنبأنا أبو
ص: 356
بكر المطوّعي - يعني - محمّد بن عبد اللّه بن حمشاذ الغازي. ح و أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، حدّثنا أبو بكر الخطيب (1)،أخبرني محمّد بن أحمد ابن يعقوب، أنبأنا محمّد بن نعيم، حدّثنا أبو بكر محمّد بن عبد اللّه المطوعي، حدّثنا محمّد ابن إبراهيم العبدي قال:
سمعت ابن بكير يحدّث عن يعقوب بن داود وزير المهدي قال: قال أمير المؤمنين لما قدم الليث بن سعد العراق: الزم هذا الشيخ، فقد ثبت عند أمير المؤمنين أنه لم يبق أحد أعلم بما حمل منه.
كتب إليّ أبو محمّد حمزة بن العبّاس الغازي، و أبو الفضل أحمد بن محمّد، و حدّثني أبو بكر محمّد بن شجاع عنهما، قالا: أنبأنا أبو بكر الباطرقاني، أنبأنا أبو عبد اللّه بن مندة، أنبأنا أبو سعيد بن يونس، حدّثني عبد الوهّاب بن سعد، حدّثنا عمرو بن أحمد، حدّثنا يحيى ابن بكير قال:
كتب الوليد بن رفاعة في وصيته و قد أسندت وصيتي إلى عبد الرّحمن بن خالد بن مسافر، و إلى الليث بن سعد، و ليس لعبد الرّحمن أن يفتئت على الليث بن سعد، فإنّ له نصحا و رأيا، قال يحيى: و الليث بن سعد إذ ذاك ابن أربع و عشرين سنة.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو بكر بن الطبري، أنبأنا أبو الحسن بن الفضل، أنبأنا عبد اللّه بن جعفر، حدّثنا يعقوب قال (2):و سمعت ابن بكير يقول: قال الليث ابن سعد:
كنت بالمدينة مع موافاة الحجّاج هي كثيرة الرّوث و السّرقين (3) فكنت ألبس خفين، فإذا وصلت باب المسجد نزعت إحداهما و دخلت المسجد، فقال يحيى بن سعيد الأنصاري: لا تفعل، فإنك إمام منظور إليك.
أخبرنا أبو بكر الشحامي، أنبأنا أحمد بن عبد الملك، أنبأنا علي بن محمّد، حدّثنا محمّد بن يعقوب، حدّثنا العباس الدوري، حدّثنا يحيى بن معين قال:
ص: 357
هذه رسالة مالك بن أنس إلى الليث بن سعد، حدّثنا عبد اللّه بن صالح فذكرها و ذكر فيها:
و أنت في إمامتك و فضلك و منزلتك من أهل بلدك، و حاجة من قبلك إليك، و اعتمادهم على ما جاءهم منك، و ذكرها (1).
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، و أبو الحسن علي بن أحمد، قالا: حدّثنا[-و] (2)أبو منصور بن خيرون، أنبأنا - أبو بكر الخطيب، أنبأنا علي بن عبد العزيز الطاهري، أنبأنا إبراهيم بن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن المسيّب، قال: سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول: سمعت الشافعي يقول: ما فاتني أحد فأسفت عليه ما أسفت على الليث، و ابن أبي ذئب (3).
أخبرنا أبو الأعز بن الأسعد، أنبأنا أبو محمّد الجوهري، أنبأنا أبو الحسن بن مردك، أنبأنا عبد الرّحمن بن أبي حاتم، حدّثنا يونس بن عبد الأعلى قال: قال لي الشافعي: ما اشتدّ عليّ فوت أحد من العلماء مثل فوت ابن أبي ذئب، و الليث بن سعد، فذكرت ذلك لأبي فقال: ما ظننت أنه أدركهما حتى يأسف عليهما.
أخبرنا أبو المعالي محمّد بن إسماعيل، أنبأنا أبو بكر البيهقي، أنبأنا أبو الحسن محمّد بن يعقوب الفقيه بالطّابران، حدّثنا أبو أحمد بن عدي، حدّثنا إبراهيم بن إسحاق السّمرقندي - بمصر - قال: سمعت أبا عبيد اللّه (4) بن أخي ابن وهب قال: سمعت الشافعي يقول: الليث أفقه من مالك، إلاّ أن أصحابه لم يقوموا به (5).
أخبرنا أبو الحسين القاضي - إذنا - و أبو عبد اللّه الأديب - شفاها - قالا: أنبأنا أبو القاسم ابن مندة، أنبأنا أبو علي - إجازة-. ح قال: و أنبأنا أبو طاهر بن سلمة، أنبأنا علي. قالا: أنبأنا ابن أبي حاتم قال (6):
سمعت أبا زرعة يقول: سمعت ابن بكير يقول: الليث أفقه من مالك، و لكن كانت الحظوة لمالك.
ص: 358
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد الفقيه المالكي، حدّثنا أبو بكر الخطيب (1)،أنبأنا أبو حازم، أنبأنا القاسم بن غانم، حدّثنا محمّد بن إبراهيم البوشنجي (2) قال: سمعت ابن بكير يقول: أخبرت عن سعيد بن أبي أيوب قال: لو أن مالكا و الليث اجتمعا لكان مالك عند الليث أبكم، و لباع الليث مالكا فيمن يريد، قال: و هو يضرب يده على الأخرى - يرينا ذلك ابن بكير-.
قرأت على أم البهاء بنت البغدادي عن أبي طاهر بن محمود، و أحمد بن محمّد بن النعمان قالا: أنبأنا أبو بكر بن المقرئ، أنبأنا أبو العباس بن قتيبة، حدّثنا حرملة قال: سمعت ابن وهب يقول: لو لا الليث و مالك لضللنا (3).
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، حدّثنا أبو بكر الخطيب (4)،حدّثني الصوري، أنبأنا عبد الرّحمن بن عمر التّجيبي، أنبأنا الحسن بن يوسف بن صالح بن مليح الطرائفي، قال: سمعت الربيع بن سليمان يقول: قال ابن وهب: لو لا مالك و الليث لضلّ الناس.
قال (5):و أخبرني محمّد بن الحسين القطّان، أنبأنا دعلج بن أحمد، حدّثنا أحمد بن علي الأبار، حدّثنا أبو طاهر عن ابن وهب قال: لو لا مالك بن أنس، و الليث بن سعد لهلكت، كنت أظن أنّ كلّ ما جاء عن النبي صلى اللّه عليه و سلم يفعل به.
أخبرنا أبو المعالي الفارسي، أنبأنا أبو بكر البيهقي، أنبأنا أبو عبد اللّه الحافظ ، أنبأنا دعلج بن أحمد، حدّثنا أحمد بن علي الأبّار، حدّثنا أبو الطاهر عن ابن وهب قال: لو لا مالك ابن أنس، و الليث بن سعد لهلكت، كنت أظنّ أنّ كلّ ما جاء عن النبي صلى اللّه عليه و سلم يعمل به (6).
حدّثنا أبو القاسم إسماعيل بن محمّد بن الفضل - إملاء - أنبأنا أبو طالب الكندلاني أحمد بن محمّد بن أحمد، أنبأنا أبو بكر بن أبي علي، حدّثنا ابن المقرئ، حدّثنا عبد الحكم ابن أحمد بن سلام، حدّثنا هارون الأيلي قال: سمعت ابن وهب و ذكر اختلاف الأحاديث و الناس، فقال: لو لا أنّي لقيت مالكا و الليث لضللت، يقول: لاختلاف الأحاديث (7).
ص: 359
أنبأنا أبو علي الحداد، أنبأنا أبو نعيم (1)،حدّثنا محمّد بن عبد الرّحمن بن سهل، حدّثنا أحمد بن إسماعيل الصّدفي، حدّثنا يحيى بن عثمان، حدّثنا حرملة بن يحيى قال:
سمعت الشافعي يقول: الليث بن سعد أتبع للأثر من مالك بن أنس (2).
قال: و أنبأنا أبو نعيم (3)،حدّثنا إبراهيم بن عبد اللّه، حدّثنا محمّد بن إسحاق، حدّثنا الحسن بن عبد العزيز، حدّثنا الحارث بن مسكين عن عمرو بن يزيد - شيخ من أهل مصر - صديق لمالك بن أنس، قال: قلت لمالك: يا أبا عبد اللّه، يأتيك ناس من بلدان شتى قد أنضوا مطاياهم، و أنفقوا نفقاتهم، يسألونك عن ما جعل اللّه عندك من العلم ؟ تقول لا أدري!! فقال: يا عبد اللّه، يأتيني الشامي من شامه، و العراقي من عراقه، و المصري من مصره، فيسألونني عن الشيء لعلي أن يبدو لي فيه غير ما أجيب فيه،[فأين أجدهم ؟] (4) قال عمرو:
فأخبرت الليث بن سعد بقول مالك هذا فبكى (5).
ثم قال: مالك، فإنه مالك، و اللّه أقوى عليه من الليث، و الليث و اللّه أضعف عنه من مالك.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد المالكي، و أبو القاسم هبة اللّه بن عبد اللّه الواسطي، قالا: حدّثنا أبو بكر الخطيب (6)،أنبأنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن محمّد الأشناني، قال:
سمعت أحمد بن محمّد بن عبدوس الطرائفي يقول: سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول:
قلت ليحيى بن معين: فالليث أحبّ إليك أو يحيى بن أيوب ؟ فقال: الليث أحبّ إليّ ، و يحيى ثقة، قلت: فالليث كيف حديثه عن نافع ؟ قال: صالح، ثقة، انتهت رواية المالكي، و زاد الواسطي: قلت: فإبراهيم بن سعد أحبّ إليك أو ليث ؟ فقال: كلاهما ثقتان.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا أبو القاسم بن مسعدة، أنبأنا حمزة بن يوسف، أنبأنا أبو أحمد بن عدي (7)،أنبأنا محمّد بن خلف المرزباني قال: سمعت العباس بن محمّد يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: ليث بن سعد أثبت في يزيد بن أبي حبيب من محمّد بن إسحاق.
ص: 360
قال: و حدّثنا ابن عدي (1)،حدّثنا أحمد بن علي المدائني، حدّثنا الليث بن عبدة قال:
سمعت يحيى بن معين يقول: الليث أرفع عندي من محمّد بن إسحاق.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، حدّثنا أبو بكر الخطيب (2)،أنبأنا أحمد بن عبد اللّه الأنماطي، حدّثنا محمّد بن المظفر، حدّثنا علي بن أحمد بن سليمان المصري، حدّثنا أحمد ابن سعد بن أبي مريم، قال: قال يحيى بن معين: الليث عندي أرفع من محمّد بن إسحاق، قلت له: فالليث أو مالك ؟ قال لي: مالك.
قال (3):و أنبأنا بشرى بن عبد اللّه الرومي، حدّثنا أحمد بن جعفر بن حمدان، حدّثنا محمّد بن جعفر الراشدي. ح قال: و أنبأنا إبراهيم بن عمر البرمكي، حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن خلف الدقّاق، حدّثنا عمر بن محمّد الجوهري قالا: حدّثنا أبو بكر الأثرم، قال: سمعت أبا (4) عبد اللّه يقول: ما في هؤلاء المصريين أثبت من الليث بن سعد، لا عمرو بن الحارث، و لا أحد، و قد كان عمرو بن الحارث عندي، ثم رأيت له أشياء مناكير، ثم قال لي أبو عبد اللّه: ليث بن سعد ما أصح حديثه، و جعل يثني عليه، فقال إنسان لأبي عبد اللّه: إنّ إنسانا ضعّفه، فقال: لا يدري.
أخبرنا أبو الحسن أيضا، حدّثنا أبو بكر الخطيب (5).ح و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو بكر بن الطبري.
قالا: أنبأنا ابن الفضل، أنبأنا عبد اللّه بن جعفر، حدّثنا يعقوب بن سفيان قال: قال الفضل - و هو ابن زياد - قال أحمد: ليث بن سعد كثير العلم، صحيح الحديث.
أنبأنا أبو الحسين القاضي، و أبو عبد اللّه الأديب، قالا: أنبأنا أبو القاسم بن مندة، أنبأنا أبو علي - إجازة-. ح قال: و أنبأنا أبو طاهر بن سلمة، أنبأنا علي بن محمّد.
قالا: أنبأنا ابن أبي حاتم،[قال:] (6)حدّثنا محمّد بن حموية بن الحسن قال: سمعت أبا طالب قال: قال أحمد بن حنبل (7):الليث بن سعد كثير العلم، صحيح الحديث.
ص: 361
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، حدّثنا أبو بكر أحمد بن علي (1)،أنبأنا البرقاني، أنبأنا أبو حامد أحمد بن محمّد بن حسنويه، حدّثنا الحسين بن إدريس الأنصاري، حدّثنا أبو داود، قال: سمعت أحمد يقول. ح و قرأت على أبي الفضل بن ناصر، عن جعفر بن يحيى، أنبأنا أبو نصر الوائلي، أنبأنا الخصيب بن عبد اللّه، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرّحمن، أخبرني أبي، أنبأنا سليمان ابن الأشعث، قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ليس فيهم - يعني أهل مصر - أصحّ حديثا من الليث بن سعد، و عمرو بن الحارث يقاربه.
أخبرنا أبو الحسن المالكي، حدّثنا أبو بكر الخطيب (2)،أخبرني الحسن بن علي التميمي، حدّثنا علي بن محمّد بن لؤلؤ الورّاق، حدّثنا موسى بن جعفر بن محمّد بن قرين، حدّثنا أحمد بن سعد الزهري قال: سمعت أحمد بن حنبل يسأل (3) عن الليث بن سعد؟ فقال: ثقة، ثبت.
قال الخطيب (4):و أخبرني علي بن الحسن بن محمّد الدقّاق، حدّثنا أحمد بن إبراهيم، حدّثنا عمر (5) بن محمّد بن شعيب (6) الصابوني، حدّثنا حنبل بن إسحاق قال: سئل أبو عبد اللّه: ابن أبي ذئب أحبّ إليك عن المقبري أو ابن عجلان عن المقبري ؟ قال ابن عجلان اختلط عليه سماعه من سماع أبيه، و ليث بن سعد أحبّ إليّ منهم، فيما يروي عن المقبري.
قال الخطيب (7):و أنبأنا محمّد بن أحمد بن رزق، أنبأنا محمّد بن أحمد بن الحسن الصوّاف، حدّثنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبل قال: سمعت أبي يقول: أصحّ الناس حديثا عن سعيد بن أبي سعيد المقبري ليث بن سعد، يفصل ما روي عن أبي هريرة، و ما روي عن أبيه عن أبي هريرة، هو ثبت في حديثه جدا.
أنبأنا أبو الحسين هبة اللّه بن الحسن، و أبو عبد اللّه بن عبد الملك، قالا: أنبأنا أبو القاسم بن مندة، أنبأنا حمد - إجازة-. ح قال: و أنبأنا أبو طاهر، أنبأنا علي. قالا: أنبأنا ابن أبي حاتم [قال:] (8).
ص: 362
حدّثنا محمّد بن أحمد بن البراء قال: قال علي بن المديني: الليث بن سعد ثبت، قال: و ذكره أبي عن إسحاق عن يحيى بن معين أنه قال: ليث بن سعد ثقة.
أخبرنا أبو غالب، و أبو عبد اللّه ابنا البنّا، قالا: أنبأنا أبو الحسين بن الآبنوسي، أنبأنا أبو بكر أحمد بن عبيد بن الفضل - إجازة-: أنبأنا محمّد بن الحسين حدّثنا ابن أبي خيثمة، قال: سئل يحيى بن معين عن الليث بن سعد، فقال: ثقة.
أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر، أنبأنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك، أنبأنا أبو الحسن ابن السّقّا، و أبو محمّد بن بالوية، قالا: حدّثنا محمّد بن يعقوب، حدّثنا عباس بن محمّد، سألت يحيى بن معين قلت: أيهما أثبت ليث بن سعد، أو ابن أبي ذئب في سعيد المقبري ؟ فقال: كلاهما ثبت (1).
قال: و أنبأنا ابن السّقا، حدّثنا محمّد، حدّثنا عبّاس قال: سمعت يحيى يقول: ليث بن سعد أثبت في يزيد بن أبي حبيب من محمّد بن إسحاق، قال يحيى: و قد روى عنه ابن لهيعة فأكثر (2).
أخبرنا أبو الحسن المالكي، حدّثنا أبو بكر الخطيب (3)،أنبأنا البرقاني قال: قرئ على أبي الفضل محمّد بن عبد اللّه بن خميرويه و أنا أسمع، أخبركم يحيى بن أحمد بن زياد قال: سمعت يحيى بن معين يقول: ليث بن سعد، و حيوة، و سعيد بن أبي أيوب ثقات.
قال (4):و أنبأنا عبيد اللّه بن عمر الواعظ ، حدّثنا أبي قال: و في كتاب جدي عن ابن رشدين قال: سمعت أحمد بن صالح - و ذكر الليث بن سعد - فقال: إمام، قد أوجب اللّه علينا حقه، فقلت لأحمد: الليث إمام ؟ فقال لي: نعم، إمام، لم يكن بالبلد بعد عمرو بن الحارث مثل الليث.
أخبرنا أبو الحسن، حدّثنا أبو بكر الخطيب (5)،أنبأنا حمزة بن محمّد بن طاهر. ح و أخبرنا أبو البركات الأنماطي، و أبو عبد اللّه البلخي، قالا: أنبأنا أبو الحسين بن الطّيّوري، و ثابت بن بندار قالا: أنبأنا أبو عبد اللّه، و أبو نصر. قالوا: أنبأنا الوليد بن بكر الأندلسي،
ص: 363
حدّثنا علي بن أحمد بن زكريا الهاشمي، حدّثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد اللّه العجلي، حدّثني أبي قال: ليث بن سعد يكنى أبا الحارث، مصري، فهمي، ثقة.
أخبرنا أبو الحسين بن الأبرقوهي - إذنا - و أبو عبد اللّه الأديب - شفاها - قالا: أنبأنا أبو القاسم بن مندة، أنبأنا أبو علي - إجازة-. ح قال: و أنبأنا أبو طاهر، أنبأنا علي. قالا: أنبأنا ابن أبي حاتم قال (1):سألت أبا زرعة عن الليث بن سعد فقال: صدوق، قلت: يحتج بحديثه ؟ قال: أي لعمري.
قال: أنبأنا أبو القاسم بن مندة، أنبأنا أبو علي - إجازة-. قال: و أنبأنا ابن أبي حاتم قال (2):و سمعت أبي يقول: الليث بن سعد أحبّ إليّ من المفضل بن فضالة المصري.
أخبرنا أبو الحسن المالكي، حدّثنا أبو بكر الخطيب (3)،حدّثني الصوري، أنبأنا الخصيب بن عبد اللّه القاضي - بمصر - أنبأنا عبد الكريم بن أحمد بن شعيب النسائي، أخبرني أبي قال: أبو الحارث، الليث بن سعد مصري ثقة.
قال (4):و أنبأنا علي بن طلحة المقرئ، أنبأنا محمّد بن إبراهيم الغازي، أنبأنا محمّد بن محمّد بن داود الكرجي، حدّثنا عبد الرّحمن بن يوسف بن خراش قال: ليث بن سعد المصري، صدوق، صحيح الحديث.
أخبرنا أبو محمّد بن طاوس، أنبأنا أبو الغنائم بن أبي عثمان، أنبأنا أبو عمر بن مهدي، أنبأنا محمّد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة قال: قال جدي: الليث بن سعد هو ثقة، و هو دونهم - يعني - مالكا، و معمرا، و سفيان بن عيينة في الزهري، و في حديثه عن الزهري بعض الاضطراب (5).
أخبرنا أبو الفضل بن ناصر فيما قرأت عليه عن أبي الفضل بن الحكّاك، أنبأنا أبو نصر الوائلي، أنبأنا الخصيب بن عبد اللّه، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرّحمن، أخبرني أبي، أنبأنا سليمان بن الأشعث (6)،حدّثني محمّد بن الحسين قال: سمعت [أحمد] (7) يقول:
ص: 364
الليث بن سعد ثقة، و لكن في أخذه سهولة.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحسين بن محمّد بن خسرو، أنبأنا أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون، أنبأنا محمّد بن عمرو قال: قرئ على عثمان بن أحمد و أنا أسمع أنبأنا الهيثم بن خلف، حدّثنا محمود بن غيلان، حدّثنا رجل عن العكلي - يعني - زيد بن الحباب (1)،قال:
رأيت الليث بن سعد عند معاوية بن صالح نائما في ناحية المسجد، و معاوية يحدّث، فلما فرغ معاوية من الحديث قال الليث لغلامه: انظر ما حدّث معاوية فاكتب لي، فكتبه له و ذهب به.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو القاسم بن مسعدة، أنبأنا حمزة بن يوسف، أنبأنا أبو أحمد بن عدي، حدّثنا بشر بن موسى المقرئ، حدّثنا يحيى بن سعيد، حدّثنا يحيى بن بكير، أنبأنا ابن وهب قال: دخلت على مالك بن أنس فسألني عن الليث بن سعد، فقال لي: كيف هو؟ قلت: بخير، فقال لي: كيف صدقه ؟ قال: قلت: يا أبا عبد اللّه إنه لصدوق، قال: أما إنه إن فعل متّع بسمعه و بصره (2).
كتب إليّ أبو محمّد حمزة بن العبّاس، و أبو الفضل أحمد بن محمّد بن الحسن، و حدّثني أبو بكر اللفتواني عنهما، قالا: أنبأنا أبو بكر الباطرقاني، أنبأنا أبو عبد اللّه بن مندة، أنبأنا أبو سعيد بن يونس، حدّثنا أحمد بن محمّد بن الحارث أبو الحسن بن القباب، حدّثنا محمّد بن عبد الملك بن شعيب بن الليث قال (3):سمعت أبي يذكر عن أبيه، قال: قال أبي الليث.
قال لي المنصور حين أردت أن أودّعه: قد سرّني ما رأيت من سداد عقلك، فأبقى اللّه في الرعية أمثالك.
أخبرنا أبو الحسن (4) المالكي، حدّثنا أبو بكر الخطيب (5).
ح و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو بكر بن الطبري.
قالا: أنبأنا ابن الفضل القطّان، أنبأنا عبد اللّه بن جعفر، حدّثنا يعقوب بن سفيان (6)
ص: 365
قال: قال ابن بكير: سمعت الليث بن سعد كثيرا ما يقول: أنا أكبر من ابن لهيعة، فالحمد للّه الذي متّعنا بعقلنا.
قال ابن بكير: و حدّث شعيب بن الليث عن أبيه قال: لما ودّعت أبا جعفر ببيت المقدس قال: أعجبني ما رأيت من شدة عقلك، و الحمد للّه الذي جعل في رعيتي مثلك، و كان أبي يقول: لا تخبروا بهذا ما دمت حيا (1).
و أخبرنا أبو الحسن المالكي، حدّثنا أبو بكر (2)،أنبأنا البرقاني، قال: قرأت على أبي إسحاق المزكي أخبركم السراج قال: سمعت قتيبة يقول: سمعت الليث بن سعد يقول: أنا أكبر من ابن لهيعة بثلاث سنين، و أظنه عاش بعده ثلاث سنين - أو أقل - قال أبو رجاء: و مات ابن لهيعة في سنة أربع و تسعين (3) و مائة، قال أبو رجاء: و كان الليث أكبر من ابن لهيعة و لكن إذا نظرت إليهما تقول: ذا ابن و ذا أب - يعني - ابن لهيعة الأب.
قرأت على أبي منصور بن خيرون عن أبي بكر الخطيب (4)،أنبأنا أحمد بن محمّد بن أحمد السّمناني، حدّثنا عبيد اللّه بن محمّد بن أحمد المقرئ، حدّثنا أبو بكر الصولي، حدّثنا عبد اللّه بن أحمد بن موسى بن عبدان، حدّثنا جعفر بن محمّد الرسعني، حدّثنا عثمان بن صالح قال: كان أهل مصر ينتقصون عثمان حتى نشأ فيهم الليث بن سعد فحدّثهم بفضائل عثمان، فكفّوا عن ذلك، و كان أهل حمص ينتقصون عليا حتى نشأ فيهم إسماعيل بن عياش فحدّثهم بفضائله فكفّوا عن ذلك.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأنا أبو بكر البيهقي. ح و أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، حدّثنا أبو بكر الخطيب (5).
ح و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا أبو بكر بن الطبري. قالوا: أنبأنا أبو الحسين بن الفضل، أنبأنا عبد اللّه بن جعفر، حدّثنا يعقوب بن سفيان (6) قال: سمعت يحيى بن عبد اللّه بن بكير قال: قال الليث:
قال لي أبو جعفر: تلي لي مصر؟ قلت: لا يا أمير المؤمنين، إنّي أضعف عن ذلك،
ص: 366
و إني رجل من الموالي، فقال: ما بك من ضعف معي، و لكن ضعفت نيتك في العمل لي على ذلك.
انتهى رواية ابن قبيس، و زادا: تريد قوة أقوى مني و من عملي، فأما إذا أبيت فدلّني على رجل أقلّده أمر مصر، قلت: عثمان بن الحكم الجذامي، رجل له صلاح و عشيرة، قال:
فبلغه ذلك، فعاهد اللّه أن لا يكلّم الليث بن سعد.
أخبرنا أبو القاسم أيضا، أنبأنا ابن الطبري، أنبأنا ابن الفضل، أنبأنا عبد اللّه، حدّثنا يعقوب [قال:] (1) قال ابن بكير: قال الليث:
و قال لي أبو جعفر: أ لا تنظر لي رجلا أستعمله على مصر؟ فقلت له: فلان واليك، كان عليها، قال: لا، ذاك ضعيف، قلت: يا أمير المؤمنين هو قوي، قال: لا، ذاك ضعيف، قلت: أمير المؤمنين أبصر برعيته، فقال لي: انظر رجلا أستعمله عليها، فقلت: أفعل، قال:
فما يمنعك أنت ؟ قال: قلت: أنا لا أقوى، أنا ضعيف، قال: فقال لي: أنت قويّ إلاّ أن تضعف نيّتك فينا.
قال: و حدّثنا يعقوب (2)،قال: سمعت ابن بكير قال: ولي الليث بن سعد لهم ثلاث ولايات: لصالح بن علي قال: قال صالح لعمرو (3):لا أدعه حتى يتولى لي، فقال عمرو: لا تفعل، قال: لأضربن عنقه، قال: فجاءه عمرو فحذره، فولي ديوان العطاء و ولي الجزيرة أيام أبي جعفر، و ولي أيام المهدي الديوان.
أنبأنا أبو علي الحداد، أنبأنا أبو نعيم (4)،حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن يحيى، حدّثنا محمّد بن إسحاق قال: سمعت أبا رجاء قتيبة بن سعيد يقول: قفلنا مع الليث بن سعد من الاسكندرية و كان معه ثلاث سفائن: سفينة فيها مطبخه، و سفينة فيها عياله، و سفينة فيها أضيافه.
أخبرنا أبو الحسن (5) بن قبيس، حدّثنا أبو بكر الخطيب (6)،أنبأنا البرقاني قال: قرأت على أبي إسحاق المزكي أخبركم السّرّاج قال: سمعت أبا رجاء قتيبة بن سعيد يقول: قفلنا مع
ص: 367
الليث بن سعد من الاسكندرية، و كان معه ثلاث سفائن (1):سفينة فيها مطبخه، و سفينة فيها عياله، و سفينة فيها أضيافه، و كانت إذا حضرت الصلاة يخرج إلى الشطّ ، فيصلي، و كان ابنه شعيب إمامه، فخرجنا لصلاة المغرب، فقال: أين شعيب ؟ فقالوا: حمّ ، فقام الليث، فأذّن، و أقام، ثم تقدم فقرأ: وَ الشَّمْسِ وَ ضُحٰاهٰا (2)فقرأ وَ لاٰ يَخٰافُ عُقْبٰاهٰا (3)و كذلك في مصاحف أهل المدينة يقولون هو غلط من الكاتب عند أهل العراق، و يجهر ببسم اللّه الرّحمن الرحيم، و يسلّم تسليمة تلقاء وجهه.
قال (4):و أخبرني الأزهري، حدّثنا محمّد بن الحسن النجاد، حدّثنا علي بن محمّد المصري، حدّثنا أبو علاثة المفرّض، حدّثنا إسماعيل بن عمرو الغافقي قال: سمعت أشهب ابن عبد العزيز يقول:
كان الليث له كل يوم أربع (5)مجالس يجلس (6)فيها، أما أولها فيجلس ليأتيه (7)السلطان في نوائبه و حوائجه، و كان الليث يغشاه السلطان، فإذا أنكر من القاضي أمرا أو من السلطان كتب إلى أمير المؤمنين فيأتيه القرار (8)و يجلس لأصحاب الحديث، و كان يقول:
نجحوا (9)أصحاب الحوانيت فإنّ قلوبهم معلقة بأسواقهم، و يجلس للمسائل يغشاه الناس فيسألونه، و يجلس لحوائج الناس لا يسأله أحد من الناس فيردّه كبرت حاجته أو صغرت، قال: و كان يطعم الناس في الشتاء الهرائس بعسل النحل و سمن البقر، و في الصيف سويق اللوز بالسكر.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأنا أبو بكر البيهقي، أنبأنا أبو عبد اللّه الحافظ ، حدّثنا محمّد بن القاسم العتكي، حدّثنا أحمد بن محمّد بن أحمد الخفاف. ح و أخبرنا أبو
ص: 368
القاسم أيضا، أنبأنا البيهقي. ح و أخبرنا أبو النجم بدر بن عبد اللّه، أنبأنا أبو بكر الخطيب.
قالا (1):أنبأنا أبو القاسم عبد الرّحمن بن محمّد السراج، أنبأنا أبو منصور محمّد بن القاسم الضّبعي، حدّثنا أبو عمرو أحمد بن محمّد، حدّثنا أبي قال: سمعت محمّد بن معاوية و سليمان بن حرب إلى جنبه يقول: خرج الليث بن سعد يوما فقوموا ثيابه و دابته و خاتمه و ما كان عليه ثمانية عشر ألف درهم إلى عشرين ألف درهم، فقال سليمان بن حرب: خرج شعبة يوما فقوّموا حماره و سرجه و لجامه ثمانية عشر درهما إلى عشرين درهما.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، حدّثنا أبو بكر الخطيب (2)،أنبأنا أبو نعيم الحافظ ، حدّثنا عبد اللّه بن جعفر بن أحمد بن فارس، حدّثنا إسماعيل بن عبد اللّه بن مسعود العبدي، حدّثنا عبد اللّه بن صالح قال: صحبت الليث عشرين سنة لا يتغدى و لا يتعشى إلاّ مع الناس، و كان لا يأكل إلاّ بلحم إلاّ أن يمرض.
أنبأنا أبو علي المقرئ، أنبأنا أبو نعيم الحافظ (3)،حدّثنا عبد اللّه بن محمّد بن جعفر، حدّثنا الوليد بن أبان، حدّثنا أبو حاتم، حدّثنا سليم (4) بن منصور بن عمّار قال:
سمعت أبي يقول: كنا عند الليث بن سعد يوما جالسا فأتته امرأة و معها قدح فقالت له: يا أبا الحارث، إنّ روحي يشتكي (5)،و قد نعت له العسل، قال: اذهبي إلى أبي قسيمة فقولي له يعطيك مطرا من عسل، فذهبت فلم ألبث أن جاء أبو قسيمة فسارّه بشيء لا أدري ما هو (6)، قال: فرفع رأسه إليه، فقال: اذهب فأعطها، إنّها سألت بقدرها و أعطيناها بقدرنا، و المطر فرق، و الفرق: عشرون و مائة رطل (7).
أخبرنا أبو سعد محمّد بن أحمد بن محمّد بن الخليل، أنبأنا أبو الفضل محمّد بن أحمد بن أبي الحسن العارف. ح و أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، حدّثنا أبو بكر أحمد بن علي (8).
ص: 369
قالا: أنبأنا أبو سعيد محمّد بن موسى بن الفضل (1)،أنبأنا أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه الصفّار، أنبأنا ابن أبي الدنيا، حدّثنا أبو بكر بن عسكر قال: سمعت أبا صالح قال:
سألت امرأة الليث بن سعد منّا من عسل فأمر لها بزقّ ، فقال له كاتبه: إنّما سألتك منّا فأمرت لها بزق، فقال: إنها سألت على قدرها و نعطيها على قدر النعمة علينا، و في حديث ابن قبيس: أن أبا بكر بن أبي الدنيا أخبرهم، و قال: على قدر السعة علينا.
أخبرنا أبو الحسن أيضا، حدّثنا أحمد بن علي (2)،أخبرني الأزهري، أنبأنا عبد الرّحمن بن عمر الخلاّل، أنبأنا محمّد بن أحمد بن يعقوب، حدّثني جدّي، حدّثني عبد اللّه ابن إسحاق قال: سمعت يحيى بن إسحاق السّيلحيني (3) قال:
جاءت امرأة بسكرّجة (4) إلى الليث بن سعد، فطلبت منه فيها عسلا - أحسبه قال:
لمريض - قال: فأمر من يحمل معها زقا من عسل، فجعلت المرأة تأبى، قال: و جعل الليث يأبى إلاّ أن يحمل معها زقا من عسل، قال: نعطيك على قدرنا، أو على ما عندنا.
أخبرنا (5) أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأنا أبو بكر البيهقي، أنبأنا أبو عبد اللّه الحافظ ، أنبأنا أبو حامد المقرئ، حدّثنا أبو عيسى الترمذي، حدّثنا أحمد بن إبراهيم الدّورقي، حدّثني شيخ قد سمع من ليث بن سعد قال: جاءت امرأة إلى الليث بن سعد تسأله عسلا و معها قدح، و قالت: زوجي مريض، قال: أعطوها راوية عسل، قالوا: يا أبا الحارث سألت قدحا، قال:
سألت على قدرها، و نعطيها على قدرنا.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، حدّثنا عبد العزيز الكتاني، أنبأنا عبد الوهّاب بن جعفر أن أبا جحوش أخبره: أن أبا عمرو أحمد بن محمّد النيسابوري أخبره: حدّثنا أحمد بن عثمان قال: سمعت أبا رجاء قتيبة بن سعيد يقول: سمعت شعيب بن الليث يعني ابن سعد يقول:
قدمت مع أبي المدينة حاجّا، فأهدى مالك بن أنس إلى أبي طبق رطب، فأهدى إليه أبي ألف دينار، و سألته امرأة سكرّجة عسل، فأمر بزقّ عسل فحمل معها.
ص: 370
و سمعت شعيب بن الليث يقول: كان أبي يستغلّ في السنة ما بين عشرين ألف دينار إلى خمسة و عشرين ألف دينار، فما يحول الحول إلاّ و عليه خمسة آلاف دينار دين.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، حدّثنا أبو بكر الخطيب (1)،أنبأنا علي بن طلحة المقرئ، أنبأنا صالح بن أحمد بن محمّد الهمذاني (2) الحافظ ، حدّثنا أحمد بن محمّد القاضي السّحيمي، حدّثنا أحمد بن عثمان النسائي، قال: سمعت قتيبة بن سعيد يقول:
سمعت شعيب بن الليث يقول: خرجت مع أبي حاجّا فقدم المدينة، فبعث إليه مالك بن أنس بطبق رطب، قال: فجعل على الطبق ألف دينار و ردّه إليه.
أخبرنا أبو عبد اللّه الخلاّل، أنبأنا أبو طاهر بن محمود، أنبأنا أبو بكر بن المقرئ، حدّثنا محمّد بن موسى أبو بكر الحضرمي أخو أبي عجينة بمصر، حدّثنا علاّن بن المغيرة عن أبي صالح قال (3):
كنا على باب مالك فامتنع عن الحديث، فقلنا: ما يشبه هذا صاحبنا؟ قال: فسمع مالك كلامنا، فأدخلنا عليه، فقال: من صاحبكم ؟ قلنا: الليث، فقال مالك: تشبّهونا برجل كتبنا إليه في قليل عصفر، نصبغ به ثياب صبياننا، فأنفذ إلينا فأصبغنا به ثياب صبياننا و صبيان جيراننا و بعنا الفضلة بألف دينار؟! أخبرنا أبو بكر محمّد بن الحسين، حدّثنا أبو الحسين بن المهتدي - لفظا - أنبأنا أبو الحسن عبد الرّحمن بن عمر بن أحمد بن حمّة، أنبأنا علي بن محمّد بن أحمد المصري (4)، حدّثنا محمّد بن أحمد بن عياض أبو علاثة قال: سمعت حرملة بن يحيى قال: سمعت ابن وهب يقول:
كان الليث بن سعد يصل مالك بن أنس بمائة دينار في كل سنة، فكتب إليه: إنّ علي دينا، فبعث إليه بخمس (5) مائة دينار.
أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن أيوب، و أبو بكر بن المزرفي، قالا: حدّثنا ابن
ص: 371
المهتدي، أنبأنا عبد الرّحمن بن عمر، أنبأنا علي بن محمّد، حدّثنا محمّد بن أحمد قال:
سمعت حرملة قال (1):و سمعت ابن وهب يقول: كتب مالك إلى الليث بن سعد إنّي أريد أن أدخل ابنتي على زوجها، فأحبّ أن تبعث إليّ بشيء من عصفر، قال ابن وهب: فبعث إليه الليث بثلاثين حملا عصفرا، فصبغ لابنته، و باع بخمسمائة دينار و بقي عنده فضلة.
رواهما الخطيب (2) في تاريخه عن الأزهري عن عبيد اللّه بن عثمان عن المصري.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأنا أبو بكر البيهقي، أنبأنا أبو عبد اللّه الحافظ قال: سمعت أبا زكريا العنبري يقول: سمعت أبا جارية (3) قتيبة بن سعيد يقول: سمعت شعيب بن الليث يقول:
وجّه أبي إلى مالك بن أنس بألف دينار، و إلى عبد اللّه بن لهيعة بألف دينار حين احترق منزله، و إلى أبي السّري منصور بن عمّار بألف دينار.
[قال ابن عساكر:] (4) كذا فيه، و قد أسقط منه رجلا، و كنى قتيبة بغير كنيته، فإنه أبو رجاء.
قرأت أبي القاسم زاهر بن طاهر، عن أبي بكر البيهقي. ح و أخبرنا خالي أبو المعالي محمّد بن يحيى القرشي أنّ أبا روح ياسين بن سهل بن محمّد بن الحسن قال: سمعت أبا منصور محمّد بن أحمد بن منصور القاني قالا: أنبأنا.
ح و أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، حدّثنا أبو بكر الخطيب (5)،أنبأنا محمّد بن يوسف النيسابوري - لفظا - حدّثنا محمّد بن عبد اللّه الحافظ قال: سمعت أبا زكريا يحيى بن محمّد العنبري يقول: سمعت أبا عبد اللّه البوشنجي (6) يقول: سمعت قتيبة بن سعيد يقول: لما احترقت كتب ابن لهيعة بعث إليه الليث بن سعد من الغد بألف دينار.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، حدّثنا أبو بكر الحافظ (7)،حدّثنا علي بن طلحة المقرئ، حدّثنا صالح بن أحمد الهمذاني (8)،حدّثنا أبو بكر محمّد بن علي بن الحسين
ص: 372
الصّيدلاني قال: سمعت محمّد بن صالح الأشج يقول: سئل قتيبة بن سعيد: من أخرج لكم هذه الأحاديث من عند الليث ؟ فقال شيخ كان يقال له زيد بن الحباب. و قدم منصور بن عمّار على الليث بن سعد فوصله بألف دينار، و احترق بيت عبد اللّه بن لهيعة فوصله بألف دينار، و وصل مالك بن أنس بألف دينار، قال: و كساني قميص سندس فهو عندي.
قال (1):و أنبأنا محمّد بن عبد العزيز بن جعفر البرذعي، و أحمد بن محمّد العتيقي، قالا: حدّثنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن أحمد بن سعيد الرّفّاء قال: سمعت أبا بكر بن أبي داود يقول: حدّثنا أبي. ح قال: و أخبرنا عبيد اللّه بن عمر الواعظ ، حدّثني أبي، حدّثنا عبد اللّه بن سليمان قال: سمعت أبي يقول: قال قتيبة بن سعيد:
كان الليث بن سعد يستغلّ عشرين ألف دينار في كلّ سنة، و قال: ما وجبت (2) عليّ زكاة قط ، و أعطى ابن لهيعة ألف دينار، و أعطى مالك بن أنس ألف دينار، و أعطى منصور بن عمّار ألف دينار، و جارية تسوى ثلاثمائة دينار، قال: و جاءت امرأة إلى الليث فقال: يا أبا الحارث إنّ ابنا لي عليل و اشتهى عسلا، فقال: يا غلام أعطها مرط عسل، و المرط عشرون و مائة رطل.
أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر، أنبأنا أبو صالح المؤذن، أنبأنا علي بن محمّد بن السّقّا، حدّثنا محمّد بن يعقوب، حدّثنا عباس قال: سمعت يحيى يقول: كان ليث بن سعد يجيء إلى المسجد يصلّي فيه كل صلاة على فرس، و كان له مجلس يجلس فيه، و كان يحيى بن أيوب يجلس في ناحية المسجد قال: فمرّ به ليث بن سعد يوما فغمزه فقام معه يحيى بن أيوب إلى مجلسه، فكان ليث بن سعد يقول له: ما عندك في كذا؟ فيجيبه يحيى بن أيوب، فبعث إليه ليث بن سعد بمائة دينار، فكان بعد يلزمه.
أنبأنا أبو علي بن أحمد، أنبأنا أبو نعيم الحافظ (3)،حدّثنا سليمان بن أحمد، حدّثنا أحمد بن أبي يحيى الحضرمي، حدّثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد قال: سمعت أسد بن موسى يقول: كان عبد اللّه بن علي يطلب بني أمية فيقتلهم، فلما دخلت مصر دخلتها
ص: 373
في هيئة رثّة، فدخلت على الليث بن سعد، فلمّا فرغت من مجلسه خرجت، فتبعني خادم له في دهليزه فقال: اجلس حتى أخرج إليك، فجلست، فلمّا خرج إليّ و أنا وحدي دفع إليّ صرة فيها مائة دينار، فقال: يقول لك مولاي أصلح بهذه النفقة أمرك، و لم من شعثك.
و كان في حوزتي (1) هميان (2) فيه ألف دينار، فأخرجت (3) الهميان فقلت: أنا عنها في غنى، استأذن لي على الشيخ، فاستأذن لي، فدخلت فأخبرته بنسبي فاعتذرت إليه من ردّها و أخبرته بما معي (4)،فقال: هذه صلة و ليست بصدقة، فقلت: أكره أن أعوّد نفسي عادة و أنا في غنى، فقال: ادفعها إلى بعض أصحاب الحديث ممن تراه مستحقا لها، فلم يزل بي حتى أخذتها، ففرّقتها على جماعة.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأنا أبو بكر البيهقي، أنبأنا أبو عبد اللّه الحافظ قال: سمعت إسماعيل بن محمّد الشّعراني يقول: سمعت جدي يقول: سمعت علي بن خشرم يقول: سمعت منصور بن عمّار يقول: لما مرض ابن لهيعة مرضه الذي مات فيه دخل عليه الليث بن سعد فقال له: ما تشتكي ؟ قال: الدّين، قال: كم دينك ؟ قال: ألف دينار، فأتى فأعطاه إياه، قال: ولي القضاء ثلاثين سنة لم يستحل أن يغرس ريحانة يشمها.
قال: و أنبأنا أبو عبد اللّه الحافظ ، أنبأنا أبو حامد المقرئ، حدّثنا أبو عيسى الترمذي، قال: سمعت قتيبة يقول:
كان الليث يركب في جميع الصلوات إلى مسجد الجامع، و يتصدّق كلّ يوم على ثلاثمائة مسكين (5).
أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد الرّحمن بن أحمد الأشرف المروزي بدمشق، أنبأنا أبو نصر هبة اللّه بن عبد الجبّار بن فاخر بن معاذ بن أحمد السّجزي - بسجستان - أنبأنا أبو عبد اللّه الحسين بن علي الخازن المقرئ، أنبأنا أبو الحسن محمّد بن الحسين النيسابوري - بمصر - أنبأنا أبو محمّد الحسن بن رشيق العسكري، حدّثنا أبو القاسم عبد اللّه بن الحسين المصعبي
ص: 374
الإمام، حدّثنا أبو رفاعة عمارة بن وثيمة بن موسى بن الفرات، حدّثني ابن رمح قال:
أتى الليث سائل يسأله، فأمر له بدينار، فأبطأ الغلام به إلى أن جاء سائل آخر، فجعل يلحّ فقال له السائل الأول: اسكت، فسمعه الليث فقال: ما لك و له، و لم يمسك دعه يرزقه اللّه فأمر له بدينارين.
أخبرنا أبو الحسن المالكي، حدّثنا أبو بكر الخطيب (1)،أنبأنا عبيد اللّه بن عمر الواعظ ، حدّثني أبي، حدّثنا علي بن محمّد بن أحمد العسكري، حدّثني أحمد بن محمّد بن نجدة التنوخي قال: سمعت محمّد بن رمح يقول: حدّثني سعيد الأدم قال: مررت بالليث بن سعد فتنحنح لي، فرجعت إليه، فقال لي: يا أبا سعيد، خذ هذا القنداق (2) فاكتب لي فيه من يلزم المسجد ممن لا بضاعة له و لا غلّة قال: فقلت: جزاك اللّه خيرا يا أبا الحارث، و أخذت منه القنداق ثم صرت إلى المنزل، فلمّا صليت أوقدت السراج، و كتبت: بسم اللّه الرّحمن الرحيم، ثم قلت: فلان بن فلان، ثم بدرتني نفسي، فقلت: فلان بن فلان، قال: فبينا أنا على ذلك إذ أتاني آت، فقال: ها اللّه يا سعيد تأتي إلى قوم عاملوا اللّه سرا فتكشفهم لآدمي ؟ مات الليث، و مات شعيب بن الليث، أ ليس مرجعهم إلى اللّه الذي عاملوه، قال: فقمت و لم أكتب شيئا، فلمّا أصبحت أتيت الليث بن سعد، فلما رآني تهلل وجهه، فناولته القنداق فنشره فأصاب فيه: بسم اللّه الرّحمن الرحيم، ثم ذهب ينشره فقلت: ما فيه غير ما كتبت، فقال لي:
يا سعيد، و ما الخبر؟ فأخبرته بصدق عما كان، فصاح صيحة [فاجتمع] (3) عليه الناس من الخلق، فقالوا: يا أبا الحارث إلاّ خيرا؟ فقال: ليس إلاّ خيرا (4)،ثم أقبل عليّ فقال: يا سعيد تبيّنتها و حرمتها، صدقت، مات الليث، أ ليس مرجعهم إلى اللّه ؟! قال علي بن محمّد: سمعت مقدام بن داود يقول: سعيد الأدم هذا يقال إنه من الأبدال، و قد كان رآه مقدام.
قال (5):و أنبأنا أبو نعيم، حدّثنا عبد اللّه بن محمّد بن جعفر، حدّثنا إسحاق بن
ص: 375
إسماعيل الرملي قال: سمعت محمّد بن رمح يقول: كان دخل الليث بن سعد في كلّ سنة ثمانين ألف دينار، ما أوجب اللّه عليه زكاة درهم قط .
أنبأنا بها عاليا أبو علي الحداد، و حدّثني بها أبو مسعود المعدل عنه، أنبأنا أبو نعيم (1)فذكرها.
أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن أحمد المروزي، أنبأنا أبو نصر هبة اللّه بن عبد الجبّار، أنبأنا الحسين بن علي الخازن، أنبأنا محمّد بن الحسين النيسابوري، أنبأنا الحسن بن رشيق، حدّثنا عبد اللّه بن الحسين الضبعي، حدّثنا عمارة بن وثيمة قال: قال لي أبو يحيى زكريا بن يحيى:
كان الليث يفتل في كلّ سنة عشرين ألف دينار، لا يأتي عليه الحول إلاّ و عليه دين.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، حدّثنا أبو بكر الخطيب (2)،حدّثني الأزهري، حدّثني أحمد بن إبراهيم، حدّثنا أبو بكر بن أبي داود، حدّثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث قال:
سمعت أبي يقول: قال أبي: ما وجبت عليّ زكاة قطّ منذ بلغت، قال أبو بكر: و كان يستغل عشرين ألف دينار.
قال (3):و أنبأنا علي بن طلحة، أنبأنا صالح بن أحمد، حدّثنا أحمد بن محمّد القاضي السّحيمي، حدّثنا أحمد بن عثمان النسائي قال: سمعت قتيبة بن سعيد يقول: سمعت شعيب ابن الليث بن سعد يقول:
يستغل أبي في السنة ما بين عشرين ألف دينار إلى خمسة و عشرين ألف، تأتي عليه السنة و عليه دين.
قال (4):و أنبأنا إبراهيم بن عمر البرمكي، أنبأنا محمّد بن العباس الخزّاز، حدّثنا عمر بن سعد، حدّثنا عبد اللّه بن محمّد، حدّثني الحسن بن عبد العزيز قال: قال لي الحارث بن مسكين:
اشترى قوم من الليث بن سعد ثمرة، فاستغلوها، فاستقالوه فأقالهم (5)،ثم دعا بخريطة
ص: 376
فيها أكياس فأمر لهم بخمسين دينارا، فقال له الحارث ابنه في ذلك، فقال: اللّهمّ غفرا، إنهم قد كانوا أملوا فيه أملا، فأحببت أن أعوّضهم من أملهم بهذا.
كتب إليّ أبو محمّد حمزة بن العباس، و أبو الفضل بن سليم، و حدّثني أبو بكر اللفتواني عنهما، قالا: أنبأنا أبو بكر الباطرقاني، أنبأنا أبو عبد اللّه بن مندة، حدّثنا أبو سعيد ابن يونس، حدّثني قتادة بن عقبة بن يزيد الصّدفي، حدّثني جعفر بن أحمد بن داود الصّدفي، حدّثني خالد بن عبد السّلام الصّدفي، قال (1):
جالست الليث بن سعد و شهدت جنازته و أنا مع أبي، فما رأيت جنازة قط بعدها أعظم منها، و لا أكثر أهلها، و رأيت الناس كلّهم في جنازته عليهم الحزن، و الناس يعزّي بعضهم بعضا و يبكون، فقلت لأبي: يا أبة كأنّ كلّ واحد من الناس صاحب الجنازة، فقال لي: يا بني كان عالما كريما حسن العقل، كثير الإفضال، يا بني، لا يرى مثله أبدا.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، حدّثنا أبو محمّد الكتّاني، أنبأنا أبو محمّد بن أبي نصر، أنبأنا أبو الميمون، حدّثنا أبو زرعة (2)،حدّثني عبد الرّحمن بن إبراهيم، عن يحيى بن بكير قال:
مات مالك بن أنس، و الليث بن سعد، هذا ابن خمس و ثمانين، و هذا ابن ثلاث و ثمانين.
أخبرنا أبو الحسن المالكي، حدّثنا أبو بكر الخطيب (3)،أنبأنا عثمان بن محمّد بن يوسف العلاّف، حدّثنا محمّد بن عبد اللّه الشافعي، أنبأنا أبو إسماعيل الترمذي، قال:
سمعت ابن أبي مريم يقول: كان الليث بن سعد أسنّ من ابن لهيعة بسنة، و مات قبل ابن لهيعة بسنة.
قال الخطيب: و هذا القول الأخير خطأ، إنّما مات الليث بعد موت ابن لهيعة بسنة.
أخبرنا أبو سعد إسماعيل بن أبي صالح، و أبو الحسن مكي بن أبي طالب، قالا: أنبأنا أبو بكر بن خلف، أنبأنا أبو عبد اللّه الحافظ ، أنبأنا أبو سعيد أحمد بن محمّد بن عمرو الأحمسي - بالكوفة - حدّثني الحسين بن حميد بن الربيع، حدّثني أبي قال:
مات الليث بن سعد سنة خمس و ستين و مائة.
ص: 377
[قال ابن عساكر:] (1) و كذا سلف القول عن محمّد بن سعد، و هو وهم، و الصواب سنة خمس و سبعين.
أخبرنا أبو محمّد بن حمزة (2)-قراءة - عن أبي محمّد التميمي، أنبأنا مكي المؤدب، أنبأنا أبو سليمان بن زبر، أنبأنا أبي، حدّثنا أحمد بن سعد بن إبراهيم، حدّثنا ابن بكير قال:
مات الليث بن سعد سنة أربع و سبعين، و هو ابن ثمانين سنة.
قال: و أنبأنا ابن زبر، أنبأنا أبي، حدّثنا خالد، حدّثنا ابن بكير قال: مات الليث سنة خمس و سبعين للنصف من شعبان، و هو ابن اثنتين و ثمانين سنة.
قال: و قال أبو موسى: و في سنة خمس و سبعين مات حزم القطعي (3)،و الليث بن سعد أبو الحارث المصري، و ذكر أن أباه أخبره عن أبيه عن أبي موسى (4) بذلك.
[قال ابن عساكر:] (5) و القول الأول وهم أيضا.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد، حدّثنا أحمد بن علي (6).ح و أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا محمّد بن هبة اللّه. قالا: أنبأنا ابن الفضل، أنبأنا عبد اللّه بن جعفر، حدّثنا يعقوب بن سفيان قال (7):قال ابن بكير: ولد الليث بن سعد سنة أربع و تسعين، و توفي يوم النصف من شعبان يوم الجمعة سنة خمس و سبعين و مائة، و صلّى عليه موسى بن عيسى الهاشمي، و دفن بعد الجمعة، يكنّى أبا الحارث.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي، حدّثنا أبو بكر الخطيب، أنبأنا أبو القاسم علي بن محمّد بن عيسى بن موسى البزار (8)،أنبأنا علي بن محمّد بن أحمد المصري، حدّثنا أحمد بن يحيى بن خالد بن حمان الرّقّي قال: سمعت يحيى بن عبد اللّه بن بكير يقول: مات الليث بن سعد سنة خمس و سبعين.
ص: 378
أخبرنا أبو القاسم أيضا، و أبو الحسن بن قبيس، قالا: حدّثنا أبو بكر الخطيب (1)، أنبأنا أبو حازم عمر بن أحمد بن إبراهيم العبدوي الحافظ بنيسابور، أنبأنا أبو محمّد القاسم بن غانم بن حموية الصيدلاني، أنبأنا أبو عبد اللّه محمّد بن إبراهيم بن سعيد البوشنجي (2) قال:
سمعت ابن بكير يقول: مات الليث النصف من شعبان يوم الجمعة سنة خمس و سبعين و مائة، و صلّى عليه موسى بن عيسى.
و لفظ الإسناد لأبي القاسم.
أخبرنا أبو الحسن المالكي، حدّثنا أبو بكر الحافظ (3)،أنبأنا الحسن بن أبي بكر، أنبأنا أحمد بن كامل القاضي، حدّثنا محمّد بن إسماعيل السلمي قال: سمعت ابن أبي مريم يقول:
و توفي الليث ليلة الجمعة في نصف شعبان سنة خمس و سبعين، و ولد الليث سنة ثلاث و تسعين.
أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن، أنبأنا أبو الحسن السّيرافي، أنبأنا أحمد بن إسحاق، حدّثنا أحمد بن عمران، حدّثنا موسى، حدّثنا خليفة قال (4):
سنة خمس و سبعين و مائة فيها مات ليث بن سعد بمصر.
أخبرنا أبو محمّد المزكي، حدّثنا أبو محمّد الصوفي، حدّثنا أبو محمّد المعدل، أنبأنا أبو الميمون، حدّثنا أبو زرعة قال (5):
فأخبرني عبد الرّحمن بن إبراهيم أن الليث مات سنة خمس و سبعين و مائة، و مالك بن أنس سنة تسع و سبعين.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، حدّثنا أبو بكر الخطيب. ح و أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا أبو بكر بن الطبري. قالا: أنبأنا أبو الحسين بن الفضل، أنبأنا عبد اللّه بن جعفر، حدّثنا يعقوب بن سفيان قال: قال محمّد بن رمح: مات الليث بن سعد سنة خمس و سبعين و مائة.
ص: 379
أخبرنا أبو القاسم العلوي، و أبو الحسن الغساني، قالا: حدّثنا أبو بكر الخطيب (1)، أخبرني محمّد بن الحسين القطّان - و قال العلوي: أنبأنا ابن الفضل - أنبأنا دعلج بن أحمد، حدّثنا أحمد بن علي الأبّار قال:
سألت عيسى بن حمّاد زغبة: سنة كم مات الليث بن سعد؟ فقال: سنة خمس و سبعين و مائة.
أخبرنا أبو القاسم العلوي، حدّثنا أبو بكر الخطيب، حدّثنا عبد العزيز بن علي الأزجي، قال: قرئ على محمّد بن عبد الرّحمن المخلّص - و أنا أسمع - حدّثنا عبيد اللّه بن عبد الرّحمن السكري، أخبرني عبد الرّحمن بن محمّد بن المغيرة، حدّثني أبي، حدّثني أبو عبيد.
أن الليث بن سعد مات في سنة خمس و سبعين و مائة.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأنا علي بن أحمد بن محمّد، أنبأنا أبو طاهر المخلّص - إجازة - حدّثنا عبد اللّه بن عبد الرّحمن، أخبرني عبد الرّحمن بن محمّد بن المغيرة، أخبرني أبي، حدّثني أبو عبيد قال:
سنة خمس و سبعين فيها مات الليث بن سعد مولى بني فهم من قيس عيلان.
أخبرنا أبو القاسم بن أبي الجنّ ، حدّثنا أحمد بن علي، أخبرني الحسن بن أبي بكر، قال: كتب إليّ محمّد بن إبراهيم الجوزي أن أحمد بن حمدان بن الخضر أخبرهم: حدّثنا أحمد بن يونس الضّبّي، حدّثني أبو حسان الزّيادي قال:
سنة خمس و سبعين و مائة فيها مات الليث بن سعد الفهمي، و يكنى أبا الحارث، ليلة النصف من شعبان و هو ابن ثنتين و ثمانين سنة (2).
قال: و أنبأنا الحسن بن أبي بكر، أنبأنا أبو سهل أحمد بن محمّد بن عبد اللّه بن زياد القطّان، قال: قال موسى بن هارون، و مات الليث سنة خمس و سبعين.
كان كاتبا ليزيد بن الوليد.
ص: 380
أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن، أنبأنا أبو الحسن السّيرافي، أنبأنا أحمد بن إسحاق، حدّثنا أحمد بن عمران، حدّثنا موسى، حدّثنا خليفة قال (1):
في تسمية عمال يزيد بن الوليد: كاتب الرسائل: ليث بن سليمان (2) بن سعد.
حدّث عن فضالة بن عبيد.
روى عنه: معاوية بن يحيى.
إن لم يكن كاتب يزيد فهو غيره.
حافظ ، انتقى على أبي بكر محمّد بن سليمان بن يوسف الربعي البندار، لم يقع له إليّ رواية.
من ندامى الوليد بن يزيد بن عبد الملك.
ذكر أبو محمّد عبد اللّه بن سعد القطربلي، قال: قال المدائني: عرض الوليد بن يزيد الخيل فرأى مهرة، فقال: أرسلوها فمن لحقها فضربها بسوطه فهي له، فأرسلها و اتّبعتها الخيل، فبدر رجل من بني ليث يقال له ليث، على فرس جواد أمام الخيل، و سمعت المهرة حسّه، فدفعت و احتمله الفرس، فلم يملك عنانه، فصدمها فسقط ، فاندقت عنقه، فمات، فوقف عليه الوليد، و كان من ندمائه، فقال:
عجبت اليوم من ليث *** لقرب الدار و البعد
فلا يبعد و كيف البعد *** إلاّ المكث في اللّحد
ص: 381
حرف الكاف
5775 - كابس بن ربيعة بن مالك السامي البصري 3
5776 - كافور أبو المسك الإخشيدي 4
5777 - كافور بن عبد اللّه أبو الحسن الحبشي الخصي الليثي الصوري 7
5778 - كالب بن يوقنا بن بارص بن يهوذا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليه السلام 8
5779 - كامل بن أحمد بن محمّد بن أحمد بن سلامة بن الحسين بن محمّد بن يزيد بن أبي جميل 10
5780 - كامل بن ديسم بن مجاهد بن عروة بن تغلب بن محمود أبو الحسن النصري 10
5781 - كامل بن علي بن أحمد السلمي 12
5782 - كامل بن علي بن سالم بن علي أبو التمام السنبسي الهيتي الأعور 12
5783 - كامل بن علي بن محمّد بن سلم بن عقيل بن عمارة أبو القاسم التميمي البصري 14
5784 - كامل بن محمّد بن عبد اللّه بن هارون بن محمّد بن موسى أبو البركات القرشي الصوري 14
5785 - كامل بن المخارق الصوفي 15
5786 - كامل بن مكرم أبو العلاء 16
5787 - كتائب بن علي بن حمزة بن الخضر بن أحمد بن إسحاق أبو البركات السلمي 17
5788 - كثير بن الحارث أبو أمين الحميري 18
5789 - كثير بن زيد أبو محمّد المدني الأسلمي ثم السهمي سهم أسلم مولاهم 20
5790 - كثير بن زيد بن محمّد بن سلامة أبو الطيب الغساني اللاذقي 26
5791 - كثير بن شهاب بن الحصين بن ذي الغصة و يقال: الحصين ذو الغصة بن يزيد بن شداد 28
5792 - كثير بن الصلت بن معدي كرب بن وليعة بن شرحبيل بن معاوية بن حجر القرد بن الحارث 34
5793 - كثير بن عبد اللّه، و يقال: كثير بن فروة بن خثيم بن عبد بن حبيب بن مالك بن عوف 39
5794 - كثير بن عبيد بن نمير أبو الحسن المذحجي الحمصي 40
5795 - كثير بن قيس و يقال: قيس بن كثير الحمصي 42
5796 - كثير بن كثير و يقال: ابن أبي كثير أبو كامل الجرشي 51
5797 - كثير بن مرة أبو شجرة و يقال: أبو القاسم الحضرمي الحمصي 53
5798 - كثير بن المنذر الغساني 60
5799 - كثير بن ميسرة 61
5800 - كثير بن هراسة الكلابي البصري 65
5801 - كثير بن هشام أبو سهل الكلابي الرقي 71
5802 - كثير بن يسار أبو الفضل الطفاري البصري 75
5803 - كثير الصنعاني اليماني 85
ص: 382
5804 - كثير بن عبد الرّحمن بن الأسود بن عامر بن عويمر بن مخلد بن سبيع بن جعثمة بن سعد 76
5805 - كدام بن حيان العنزي 111
5806 - كردم بن معبد 111
5807 - كريب بن أبرهة بن الصباح بن مرثد بن ينكف بن نيف بن معدي كرب بن عبد اللّه 112
5808 - كريب بن الصباح الحميري 117
5809 - كريب بن أبي مسلم أبو رشدين 118
5810 - كريم بن عفيف بن عبد اللّه بن كعب بن غزية بن مالك بن نصر بن مالك بن عمرو 125
5811 - كعب بن جعيل بن قمير بن عجرة بن ثعلبة بن عوف بن مالك بن بكر بن حبيب بن عمرو 126
5812 - كعب بن حامد و يقال: حامز بالزاي، ابن سلمة بن جابر بن شراحيل بن ربيعة ذي 130
5813 - كعب بن خريم بن جندب أبو حارثة المري 132
5814 - كعب بن عبد اللّه و يقال: ابن مالك القيسي المعروف بالمخبل 133
5815 - كعب بن عجرة أبو محمّد و يقال: أبو عبد اللّه و يقال: أبو إسحاق الأنصاري السالمي المديني 139
5816 - كعب بن عمير الغفاري 149
5817 - كعب بن ماتع بن هيسوع و يقال هلسوع بن ذي هجري بن ميتم بن سعد بن عوف بن عدي 151
5818 - كعب بن مالك بن أبي كعب و اسمه عمرو بن القين بن كعب بن سواد بن غنم بن كعب 176
5819 - كعب بن معدان الأزدي ثم الأشقري 208
5820 - كعب الدمشقي 213
5821 - كلثوم بن زياد أبو عمرو المحاربي الداراني 213
5822 - كلثوم بن عبد اللّه الحكمي 217
5823 - كلثوم بن عياض بن وحوح بن قيس بن الأعور بن قشير بن كعب بن ربيعة بن عامر 217
5824 - كلياتكين التركي 226
5825 - كليب بن أده اليماني الأنباوي 226
5826 - كليب بن علي بن الحسن أبو الفتح البزاز 227
5827 - كليب بن عيسى بن أبي حجير الثقفي 227
5828 - كميت بن زيد بن خنيس بن مجالد بن وهيب بن عمرو بن سبيع و يقال: بن زيد بن حبيش 229
5829 - كميل بن زياد بن نهيك بن هيثم بن سعد بن مالك بن الحارث بن صهبان بن سعد بن مالك 247
5830 - كنانة بن بشر بن سلمان و يقال: بن بشر بن عتاب التجيبي الأيدعاني 257
5831 - كنجور بن عيسى أبو محمّد الفرغاني 260
5832 - كنيز بن عبد اللّه أبو علي الخادم الفقيه الشافعي 261
5833 - كوثر بن الأسود و يقال كوثر بن عبيد القنوي 263
5834 - كوثر بن حكيم بن أبان بن عبد اللّه بن العباس أبو مخلد الهمداني الكوفي ثم الحلبي 264
5835 - كوثر النميري 268
ص: 383
5836 - كهيل بن حرملة النميري 269
5837 - كلاب بن أمية أبو هارون الليثي 271
5838 - كلاب 275
5839 - كيسان 276
5840 - كيسان أبو حريز 279
5841 - كيسان بن محمّد العرقي 281
5842 - كيلان نوش بن جسر شاه أبو محمّد الجيلي 281
5843 - لبدة بن عامر بن خثعمة 283
5844 - لبطة بن همام الفرزدق بن غالب بن صعصعة بن ناجية بن عقال بن محمّد بن سفيان 283
5845 - لبيب بن عبد اللّه أبو الحسن الأطرابلسي 288
5846 - لبيد بن حميد بن لبيد أبو الوقار البقال 289
5847 - لبيد بن عطارد بن حاجب 290
5848 - لجلاج أبو خالد بن اللجلاج الزهري 292
5849 - لشكر فيروز بن خورشيد أبو منصور حاجب نظام الملك وزير ملك شاه 297
5850 - لقمان بن أحمد البيروتي 297
5851 - لقيط بن عبد القيس بن بجرة الفزاري 298
5852 - لقيم 298
5853 - لمازة بن زبار أبو لبيد الجهضمي البصري 299
5854 - لوط بن هاران و يقال: بن أهرن بن تارخ و هاران هو أخو إبراهيم خليل اللّه بن تارخ و تارخ 306
5855 - لؤلؤ بن صدقة أبو محمّد المرعشي السمسار 327
5856 - لؤلؤ بن عبد اللّه أبو الحسن الخادم 328
5857 - لؤلؤ بن عبد اللّه أبو محمّد الخصي 330
5858 - لؤلؤ بن عبد اللّه أبو محمّد القيصري 333
5859 - لؤلؤ بن عبد اللّه أبو محمّد البشراوي، و يقال: البشاري 334
5860 - لؤي بن الوليد بن يزيد بن عبد الملك 336
5861 - الليث بن تميم الفارسي 337
5862 - ليث بن أبي رقية الثقفي مولاهم 339
5863 - الليث بن سعد بن عبد الرّحمن أبو الحارث الفهمي المصري الفقيه 341
5864 - ليث بن سليمان بن سعد الخشني مولاهم 380
5865 - ليث بن سليمان 381
5866 - ليث بن عبيد اللّه 381
5867 - ليث الليثي 381
ص: 384