تاريخ مدينة دمشق و ذكر فضلها و تسمية من حلها من الأمائل أو اجتاز بنواحيها من وارديها و أهلها
تصنيف الإمام العالم الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة اللّه بن عبد اللّه الشافعي المعروف بابن عساكر
499 ه-571 ه
تفاصيل النشر: بیروت: دارالفکرالمعاصر؛ دمشق: دارالفکر دمشق: معهد الفتح الاسلامي، 1420ق.= 1999م.= 1378 -
دراسة و تحقيق علي شيري
عدد المجلدات: 80
لسان: العربية
ابراهيم بن عبد اللّه - ارتاش بن تتش
دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع
تصنيف الكونجرس: DS99 /د8 1378 الف243015
تصنيف ديوي: 956/9144
موضوع: تاريخ الإسلام | التاريخ والجغرافيا المحلية | الترجمة الجماعية | رجال
ص: 1
ص: 2
الجزء السابع عشر
أبو سعيد الفاخوري المعروف بابن الأعمى
قرأ عليه والدي رحمه اللّه حكايات بالإجازة المطلقة، عن عبد العزيز الكتاني، سمعت أكثرها، و كان شيخا مسنا مستورا ملازما لصلاة الجماعة، و تلاوة القرآن.
أبو عبد الرّحمن التميمي الدّارمي،
و يقال: البجلي، و يقال: المخزومي (1)
مولى آل جعدة بن هبيرة. كوفي نزل المصّيصة (2)،و طاف بالشام.
و سمع إبراهيم بن أدهم بجبيل من ساحل دمشق، و حدّث عنه، و عن إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر الكوفي، و عبد اللّه بن محمّد بن سعد الأنصاري، و عبد اللّه بن السّري الأنطاكي الزاهد، و زائدة بن قدامة الثقفي، و أبي الأحوص سلام بن سليم، و محمّد بن عبد العزيز التميمي، و المفضّل بن يونس، و عمّار بن سيف، و سفيان الثوري، و عاصم بن محمّد بن يزيد العمري، و أبيه (3) تميم بن مالك.
ص: 3
روى عنه: أبو إسحاق إبراهيم بن محمّد الفراوي، و الحسن بن الصّباح، و عبد العزيز بن المبارك الدّينوري، و علي بن محمّد بن علي بن أبي المضاء، و محمّد بن سعد كاتب الواقدي، و عبد اللّه بن خبيق الأنطاكي، و هارون بن الحسن، و الفضل بن سهل الأعرج، و أحمد بن إبراهيم الدّورقي، و محمّد بن الفرج الأزرق، و أحمد بن الخليل البغدادي نزيل نيسابور، و أبو حميد عبد اللّه بن محمّد بن تميم المصّيصي، و محمّد بن الحسين البرجلاني، و محمّد بن علي السّرخسي، و سريج (1) بن يونس، و محمّد بن عبد الرحيم صاعقة، و محمّد بن عبد الملك بن زنجويه، و محمّد بن الحسين بن إشكاب (2)،و محمّد بن غالب بن حصن الأنطاكي، و محمّد بن إسحاق الصّغاني، و عباس بن محمّد الدّوري، و أحمد بن بكر البالسي، و إسماعيل بن أبي الحارث، و محمّد بن يزيد المستملي، و أبو الحسن محمّد بن أحمد بن عبد اللّه بن صفوة المصّيصي، و يعقوب بن شيبة و غيرهم (3).
أخبرنا أبو عبد اللّه الفراوي، أنا أبو عثمان البحيري، أنا أبو الحسن أحمد بن بكر البالسي، نا خلف بن تميم، نا زائدة، عن منصور، عن عكرمة، عن ابن عباس قال:
كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم يتمثل بالشعر:
و يأتيك بالأخبار من لم تزوّد (4)
أخبرنا أبو محمّد بن طاوس، أنا عاصم بن الحسن بن محمّد، أنا أبو عمر بن مهدي، أنا أبو عبد اللّه محمّد بن مخلد بن حفص العطار، نا محمّد بن علي السّرخسي، نا خلف بن تميم، نا إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر، عن عباد بن يوسف، عن أبي بردة أن أبا موسى قال: إنه قد كان فيكم أمانان، قوله عز و جل: وَ مٰا كٰانَ اللّٰهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ مٰا كٰانَ اللّٰهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (5)،أحسبه قال: أما النبي صلى اللّه عليه و سلّم فقد مضى لسبيله، و أما الاستغفار فهو كائن فيكم إلى يوم القيامة.
ص: 4
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفقيه الشافعي، نا أبو محمّد عبد العزيز بن أحمد الصوفي - إملاء - أنا أبو بكر أحمد بن طلحة بن هارون المنقّي (1)،نا محمّد بن عبد اللّه الشافعي، نا محمّد بن الفرج الأزرق، نا خلف بن تميم، نا عبد اللّه بن السري، عن محمّد بن المنكدر، عن جابر أن النبي صلى اللّه عليه و سلّم قال:«إذا لعنت آخر هذه الأمة أولها، فمن كان عنده علم فليظهره، فإنّ كاتم العلم يومئذ ككاتم ما أنزل اللّه على محمّد صلى اللّه عليه و سلّم»[4015].
تابعه أبو يحيى محمّد بن عبد الرحيم صاحب السّابري، عن خلف.
أخبرنا أبو الحسن سعد الخير بن محمّد الأنصاري، أنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن أحمد بن موسى، أنا أبو بكر بن أبي علي المزكّي، أنا أبو أحمد محمّد بن أحمد بن إبراهيم الحافظ ، نا العباس بن حمدان الحنفي، نا أبو يحيى صاعقة (2)،نا خلف بن تميم، نا عبد اللّه بن السّري، و كان من الصالحين، عن محمّد بن المنكدر، عن جابر قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«إذا لعنت آخر هذه الأمّة أولها فمن كان عنده يومئذ علم فليظهره، فإن كاتم العلم يومئذ ككاتم ما أنزل على محمّد صلى اللّه عليه و سلّم»[4016].
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا إسماعيل بن مسعدة، أنا أبو عمرو عبد الرّحمن بن محمّد الفارسي، أنا أبو أحمد بن عدي قال (3):قال لنا ابن صاعد: و قد رواه شريح (4) بن يونس، و قدماء شيوخنا عن خلف بن تميم هكذا، و كانوا (5) يرون أن عبد اللّه بن السري هذا شيخ قديم ممن لقي ابن المنكدر، و سمع منه، و ممن (6) صنّف المسند، فقد رسمه باسمه في الشيوخ الذين رووا عن ابن المنكدر، فحدّثنا به عن شيخ خلف بن تميم، فإذا هو أصغر منه، و إذا خلف قد أسقط من الإسناد ثلاثة نفر.
قال ابن صاعد: حدّثناه موسى بن النعمان أبو هارون بمصر، نا عبد اللّه بن
ص: 5
السري - بأنطاكية - نا سعيد بن زكريا، عن عنبسة بن عبد الرّحمن القرشي، عن محمّد بن زاذان، عن محمّد بن المنكدر، عن جابر فذكره.
قال لنا ابن صاعد: و قد حدثونا عن الشيخ الذي حدّث به عنه شيخ خلف بن تميم.
حدّثناه محمّد بن معاوية الأنماطي، نا سعيد بن زكريا، عن عنبسة بن عبد الرّحمن، عن محمّد بن زاذان، عن محمّد بن المنكدر، عن جابر [قال:] (1) قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«إذا لعن (2) آخر هذه الأمة أوّلها فمن كان عنده علم فلم يظهره (3)،فإنّ كاتم العلم يومئذ ككاتم ما أنزل اللّه على محمّد صلى اللّه عليه و سلّم»[4017].
رواه أحمد بن نصر النّيسابوري، عن عبد اللّه بن السّري، مثل رواية موسى بن النعمان عنه، و قد وقع إليّ من حديث عبد اللّه بن السّري أعلى من هذا.
أخبرناه أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور، و أبو الحسن علي بن الحسن بن سعيد، قالا: نا أبو بكر أحمد بن علي الحافظ ، أنا أبو الحسن عبد الرّحمن بن محمّد بن عبيد اللّه الأصبهاني بها، نا سليمان بن أحمد الطّبراني، نا أحمد بن خليد الحلبي، نا عبد اللّه بن السري الأنطاكي، نا سعيد بن زكريا المدائني، عن عنبسة بن عبد الرّحمن، عن محمّد بن زاذان (4)،عن محمّد بن المنكدر، عن جابر قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«إذا لعن آخر هذه الأمة أولها فمن كان عنده علم فليظهره فإنّ كاتم العلم يومئذ ككاتم ما أنزل على محمّد صلى اللّه عليه و سلّم»[4018].
أخبرنا أبو القاسم الواسطي، نا أبو بكر الخطيب، أنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن إبراهيم قال: سمعت أحمد بن محمّد بن عبدوس قال: سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول: و سألت يحيى بن معين عن خلف بن تميم: أيش حاله ؟ فقال: هو المسكين صدوق، قلت: يروي عن عبد اللّه بن السّري من هو؟ قال: هو رجل (5).
ص: 6
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم الخطيب، أنا رشأ بن نظيف المعدّل، أنا الحسن بن إسماعيل الضّرّاب، أنا أحمد بن مروان الدّينوري، نا محمّد بن عبد العزيز، أنا أبي قال: سمعت خلف بن تميم يقول: رأيت إبراهيم بن أدهم بجبيل و سألته: من كم قدمت الشام ؟ قال: مذ أربع و عشرين سنة، فقلت: هنيئا لك مرابط و مجاهد، فقال:
و اللّه ما قدمت مرابطا و لا مجاهدا، و إنما قدمت الشام لأشبع من خبز الحلال، تراني أحمل هذا الحطب من الجبل فأبيعه، فلا يراني أحد إلاّ قال: فلاّح أو حمّال (1).
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، أنا أبو الحسين بن أبي الحديد، أنا جدي أبو بكر، أنا أبو بكر الخرائطي، نا العباس بن عبد اللّه الترقفي، نا خلف بن تميم البجلي أبو عبد الرّحمن، نا إسماعيل بن إبراهيم بن المهاجر بحديث (2).
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أحمد بن الحسن بن خيرون، أنا محمّد بن محمّد بن علي بن يعقوب، أنا محمّد بن أحمد بن محمّد البابسيري، أنا أبو أميّة الأحوص بن المفضّل بن غسّان الغلاّبي (3)،أنا أبي قال: أبو زكريا يحيى بن معين:
خلف بن تميم مولى جعدة بن هبيرة (4).
أنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي، ثم حدّثنا أبو الفضل السّلامي، أنا أحمد بن الحسن، و المبارك بن عبد الجبار، و محمّد بن علي - و اللفظ له - قالوا: أنا عبد الوهاب بن محمّد - زاد أحمد و محمّد بن الحسن، قالا:- أنا أحمد بن عبدان، أنا محمّد بن سهل، أنا محمّد بن إسماعيل قال (5):خلف بن تميم أبو عبد الرّحمن، سمع إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر، يقال: مولى جعدة بن هبيرة، قال الحسن بن الصباح:
نا خلف بن تميم أبو عبد الرّحمن الكوفي، نا عبد اللّه بن السّري، عن محمّد بن المنكدر، عن جابر، عن النبي صلى اللّه عليه و سلّم «إذا لعن آخر هذه الأمّة أوّلها»، قال أبو عبد اللّه: لا أعرف عبد اللّه، و لا له سماعا من ابن المنكدر[4019].
ص: 7
أخبرنا أبو بكر الشّقّاني، أنا أبو بكر أحمد بن منصور، أنا أبو سعيد بن حمدون، أنا مكي بن عبدان، قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول (1):أبو عبد الرّحمن خلف بن تميم المصّيصي، سمع إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر، و عمّار بن محمّد.
أخبرنا أبو الفضل محمّد بن ناصر، أنا أبو الفضل جعفر بن يحيى بن إبراهيم التميمي - قراءة - أنا أبو نصر عبيد اللّه بن سعيد بن حاتم، أنا الخصيب بن عبد اللّه.
أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن، أخبرني أبي قال: أبو عبد الرحمن خلف بن تميم (2).
قرأنا على أبي الفضل، عن أبي طاهر الأنباري، أنا هبة اللّه بن إبراهيم، أنا محمّد بن أحمد المهندس، أنا أبو بشر الدّولابي قال (3):أبو عبد الرحمن خلف بن تميم.
أنبأنا أبو جعفر محمّد بن أبي علي الهمذاني، أنا أبو بكر الصفّار، أنا أحمد بن علي الحافظ ، أنا أبو أحمد محمّد بن محمّد الحاكم قال: أبو عبد الرحمن خلف بن تميم التميمي الدارمي من أنفسهم، و يقال: مولى جعدة بن هبيرة المصّيصي، سمع إسماعيل بن إبراهيم، و زائدة، روى عنه إبراهيم بن محمّد أبو إسحاق.
قرأت على أبي الفتح نصر اللّه بن محمّد، عن المبارك بن عبد الجبار، أنا أبو الفضل عبيد اللّه بن أحمد بن علي بن الكوفي، أنا أبو الحسن عبد الرحمن بن عمر بن أحمد بن حمّة الخلاّل، أنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة، حدّثني جدي قال: و خلف بن تميم أبو عبد الرحمن ثقة صدوق، أحد النسّاك و المجاهدين، صحب إبراهيم بن أدهم (4).
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الخلاّل، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا حمد بن عبد اللّه - إجازة-.
قال: و أنا أبو طاهر بن سلمة، أنا علي بن محمّد، قالا: أنا أبو محمّد بن أبي
ص: 8
حاتم، قال (1):خلف بن تميم بن أبي عتّاب أبو عبد الرحمن، سمعت أبي يقول ذلك، و سألته عنه فقال: هو ثقة، صالح الحديث.
أخبرنا أبو محمّد طاهر بن سهل، أنا أبو بكر الخطيب، أخبرني علي بن أحمد المؤدب، نا أحمد بن إسحاق النهاوندي، أنا الحسن بن عبد الرحمن، نا عبد اللّه بن أحمد الغزّاء، أنا يوسف بن مسلم، نا خلف بن تميم قال: سمعت من سفيان الثوري عشرة آلاف حديث أو نحوها، فقال لي: لا تحدّث منها إلاّ بما تحفظ بقلبك، و تسمع بأذنك (2)،قال: فألقيتها.
قال: و أنا الحسن بن عبد الرحمن، نا عبد اللّه بن أحمد بن معدان، نا يوسف بن مسلم، نا خلف بن تميم قال: أتيت حيوة بن شريح، فسألته، فأخرج إليّ كتابا، قال:
اذهب فانسخ هذا و اروه عني، قلت: لا نقبله إلاّ سماعا، قال: كذا أفعل بغيرك، فإن أردته و إلاّ فذره، قال: فتركته (3).
أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل، أنا جدي أبو محمّد، نا أبو علي الأهوازي، أنا عمران بن الحسين بن يوسف الخفّاف، نا عبد اللّه بن ضوء الرّقّي، نا إبراهيم بن محمّد، نا محمّد بن العباس قال: كنت عند يوسف بن أسباط و عنده خلف بن تميم فقال له خلف: أوصني، قال: أوصيك يا عم بترك الحديث، فقال له خلف: يا أبا محمّد فلم كتبناه فأدلجنا منه بالأسحار، و لم رحلنا فيه ؟ فقال له يوسف: يا أبا عبد الرحمن أ ليس قد أكل به الألبّاء العقلاء، و استزاروا به الولاة، و استطالوا به على أهل بلادهم، أينا جلس مجلسا فأحبّ أن يقوم منه حتى يعرف مكانه، فمن سلم من هذا، فما أحسن (4) ما هذا أو كلام هذا معناه.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، أنا أبو محمّد الجوهري، أنا أبو بكر محمّد بن عبيد اللّه بن الشخير، نا عبد اللّه بن إسحاق المدائني، نا الحسن بن الصّباح البزار، نا خلف بن تميم قال ابن المبارك: من أراد الشهادة فليدخل دار البطيخ بالكوفة، فليقل: يرحم اللّه عثمان قال: دخلتها يوما فأردت أن أجعل اصبعي في أذني فأنادي بها،
ص: 9
فالتفتّ فإذا مواربتهم (1)(2)،فقلت: يا خلف الساعة يقولها (3)، فيرمونك فأريح نفسك (4).
أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر، أنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك، أنا أبو الحسن بن السقّا، نا أبو العباس الأصم، نا عباس بن محمّد، نا خلف بن تميم، نا عبد اللّه بن المبارك، قال: سمعته يقول: من أراد الشهادة فليدخل دار البطيخ بالكوفة، فيترحم على عثمان، قال خلف بن تميم: فدخلت دار البطيخ بالكوفة، فرأيت الأرطال و الكيالج، فكرهت أن أقول شيئا.
قال يحيى بن معين: و كان الفزاري (5) يحدّث عن خلف بن تميم يقول خلف مولى جعدة بن هبيرة (6).
أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي الخطيب، أنا أبو القاسم رمضان بن علي بن عبد السّاتر الزيادي - بتنّيس - أنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن عمر بن نصير، أنا أبو عمرو عثمان بن محمّد بن أحمد السّمرقندي (7)،أنا أبو أميّة محمّد بن إبراهيم الطّرسوسي، نا أبو مسلم المستملي قال: و مات حجّاج الأعور سنة ست و مائتين، و فيها مات الهيثم بن عدي، و يزيد بن هارون، و شبابة بن سوّار، و محاضر، و عمر بن حبيب، و خلف بن تميم، و محمّد بن جعفر المدائني (8).
و ذكر أبو عبد اللّه محمّد بن سعد كاتب الواقدي فيما سقط من رواية أحمد بن معروف، عن الحسين بن الفهم عنه، قال: خلف بن تميم الكوفي، و كان عالما، توفي بالمصّيصة سنة ثلاث عشرة و مائتين في خلافة عبد اللّه بن هارون (9).
ص: 10
و بلغني من وجه آخر: أن خلف بن تميم توفي بدمشق، و دفن بباب الصغير، و أن قبره إلى جانب مقبرة ابن المصّيصي و هي مقبرة البهجة بن أبي عقيل.
سمع أبا الحسن علي بن الحسين الأذني (1).
روى عنه: أبو علي الأهوازي، و أظنه سمع منه بدمشق.
أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل، أنا جدي أبو محمّد، نا أبو علي الأهوازي، نا خلف بن سعيد بن خلف اللّخمي، نا أبو الحسن علي بن الحسين القاضي - يعني الأذني - نا أبو الأزهر صدقة بن منصور بن عبيد اللّه الكندي، نا محمّد بن بكّار، نا زافر بن سليمان، عن عبد اللّه بن أبي صالح، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«إن اللّه تعالى إذا أنزل عاهة من السّماء على أهل الأرض صرفت عن عمّار المساجد»[4020].
سمع بدمشق هشام بن عمّار، و بغيرها: أبا مصعب الزهري، و يعقوب بن حميد بن كاسب.
روى عنه: سهل بن السّري البخاري.
أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن غانم بن أحمد، أنا عبد الرحمن بن محمّد بن إسحاق، أنا أبي أبو عبد اللّه، أنا سهل بن السّري، نا خلف بن سليمان، نا هشام بن عمّار، نا يحيى بن حمزة، عن عروة بن رويم، عن شيخ من جرش، حدّثني سليمان قال: كنت جالسا مع النبي صلى اللّه عليه و سلّم في عصابة من أصحابه، فجاءته عصابة فقالوا: يا رسول اللّه إنا كنا قريب عهد بجاهلية، نصيب من الآثام و الزنا، فائذن لنا في الجلوس في البيوت، نصوم و نقوم حتى يدركنا الموت، فسرّ النبي صلى اللّه عليه و سلّم حتى عرف البشر في وجهه، فقال:«إنكم ستجنّدون أجنادا، و يكون لكم ذمة و خراج و أرض، يمنحها اللّه لكم، فيها مدائن و قصور، فمن أدركه ذلك منكم، فاستطاع أن يحبس نفسه في مدينة من تلك
ص: 11
المدائن، أو قصر من تلك القصور حتى يدركه الموت فليفعل»[4021].
و قد وقع إليّ هذا الحديث عاليا، و قد ذكرته في أبواب فضائل الشام في صدر هذا الكتاب.
أبو سعيد القيرواني المغربي
قدم دمشق طالب علم، فسمع بها عبد الوهّاب الكلابي، و أبا بكر بن هلال النحوي.
و حدّث بها و بغيرها عن أبي بكر المهندس، و أبي القاسم عبيد اللّه بن محمّد بن خلف (1) المصريين، و أبي بكر أحمد بن الخطاب، و أبي بكر بن أبي الحديد، و عبد اللّه بن محمّد بن هلال.
روى عنه: عبد الوهاب الكلابي.
أخبرنا أبو القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان، نا أبو عبد اللّه محمّد بن علي بن أحمد بن المبارك الفرّاء - لفظا - أنا أبو محمّد عبد اللّه بن الحسين بن عبيد اللّه بن عبدان، أنا عبد الوهاب بن الحسن بن الوليد الكلابي - قراءة عليه - حدّثني خلف بن القاسم بن سليمان القيرواني أبو سعيد، أخبرني أبو بكر أحمد بن محمّد بن إسماعيل المهندس (2)،و أبو القاسم عبيد اللّه بن محمّد بن خلف بن سهل البزاز، يعرف بابن أبي غالب العدل، قالا: نا أبو بكر محمّد بن زبّان، قال: سمعت محمّد بن رمح يقول: حججت مع أبي و أنا صبي لم أبلغ الحلم، فنمت في مسجد النبي صلى اللّه عليه و سلّم في الروضة بين القبر و المنبر، فرأيت النبي صلى اللّه عليه و سلّم قد خرج من القبر، و هو متوكئ على أبي بكر و عمر، فقمت فسلّمت عليهم، فردّوا عليّ السّلام، فقلت: يا رسول اللّه أين أنت ذاهب ؟ قال:«أقيم لمالك الصّراط المستقيم»، فانتبهت و أتيت أنا و أبي، فوجدت الناس مجتمعين على مالك و قد أخرج لهم «الموطّأ» و كان أول خروج الموطّأ.
كذا كان في جزء أبي محمّد بن عبدان، و أظنه هو الذي سمع من خلف بن القاسم
ص: 12
لأنه قدم دمشق طالبا للعلم، فكتب عن الكلابي و أبي بكر بن أبي الحديد، فرآه من كتبه من ظهر خزائن عبدان فظن أنه عن الكلابي لأن الجزء كان من رواية ابن عبدان عن الكلابي، و اللّه أعلم، و أظنه الذي روى عنه الأهوازي و سمّاه خلف بن سعيد.
أبو القاسم، المعروف: بابن الدّبّاغ الأزدي القرطبي الحافظ (1)
سمع بدمشق أبا الميمون بن راشد، و أبا القاسم بن أبي العقب، و بمكة: أبا بكر أحمد بن محمّد بن سهل بن رزق اللّه المعروف ببكير الحداد، و أبا بكر بن أبي الموت، و بمصر: عبد اللّه بن محمّد بن المفسر الدمشقي، و حمزة بن محمّد الكناني (2)الحافظ ، و الحسن بن رشيق و غيرهم.
روى عنه: أبو عمر يوسف بن محمّد بن عبد البر الحافظ ، و أبو الفتح بن مسرور البلخي، و أبو الوليد عبد اللّه بن محمّد بن يوسف بن الفرضي، و أبو عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان الداني.
أخبرنا أبو القاسم صدقة بن محمّد، نا أبو عبد اللّه محمّد بن أبي نصر الحميدي قراءة، قال: قرأ لنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الحافظ بلفظه من كتابه بدمشق، قال:
قرأت في كتاب أبي الفتح عبد الواحد بن محمّد بن مسرور البلخي بخطه، نا أبو القاسم خلف بن القاسم بن سهلون الأندلسي، نا أحمد بن يحيى بن زكريا بن الشامة، حدّثني أبي، حدّثني خالي إبراهيم بن قاسم بن هلال، حدّثني فطيس الشّيباني، قال: سمعت مالكا يقول في قول اللّه عز و جل: مٰا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاّٰ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (3) قال: يكتب عليه حتى الأنين في مرضه (4).
و أخبرنا أبو القاسم صدقة بن محمّد قال: قال لنا أبو عبد اللّه الحميدي في
ص: 13
«كتاب تاريخ الأندلس» (1) تصنيفه: خلف بن قاسم بن سهل، و يقال له أيضا: ابن سهلون بن أسود، أبو القاسم المعروف بابن الدّبّاغ، كان محدّثا مكثرا حافظا (2)،سمع بالأندلس من يحيى بن زكريا بن الشامة، و غيره، و رحل قبل الخمسين و ثلاثمائة إلى مصر و مكة و الشام، و سمع جماعة منهم: أبو الحسن محمّد بن عثمان بن أبي التّمام إمام جامع مصر صاحب أبي عبد الرّحمن أحمد بن شعيب النسائي، و أبو قتيبة سالم (3) بن الفضل البغدادي، و أبو بكر محمّد بن الحارث بن الأبيض القرشي الأطروش، و أحمد بن محمّد بن موسى بن عيسى الحضرمي، صاحب أحمد بن شعيب النّسائي، و الحسن بن الخضر الأسيوطي، و أبو أحمد عبد اللّه بن محمّد بن ناصح بن شجاع المعروف بابن المفسّر بمصر، و أبو بكر أحمد بن محمّد بن أحمد بن أبي الموت المكي، صاحب علي بن عبد العزيز، و أبو محمّد عبد اللّه بن جعفر بن محمّد بن الورد بن زنجويه البغدادي، و علي بن يعقوب بن إبراهيم بن أبي العقب الدمشقي، و أبو محمّد الحسن بن رشيق المصري المعدّل، و أبو بكر محمّد بن أحمد بن المسور المعروف بابن أبي طينة (4)،و أبو الميمون عبد الرّحمن بن عمرو (5) بن راشد البجلي صاحب أبي زرعة الدمشقي، و أبو القاسم حمزة بن محمّد بن علي بن محمّد بن العباس الكناني، و أبو بكر محمّد بن الحسين بن محمّد بن عبد الخالق الحطّاب، بالحاء المهملة، و أبو عروبة الحسين بن أبي معشر الحرّاني، و أحمد بن محبوب بن سليمان الفقيه، و أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن علي الكندي، و أبو الحسن علي بن الحسن بن علاّن صاحب تاريخ الجزيرة، و أحمد بن محمّد الأصبهاني المعروف بابن أشتة صاحب كتاب المحبّر في القراءات، و الحسن بن أبي هلال صاحب النّسائي، و أبو بكر أحمد بن صالح بن عمر البغدادي المقرئ صاحب ابن مجاهد لقيه بمصر، و أبو حفص عمر بن محمّد بن القاسم التّنّيسي (6) صاحب بكر بن سهل الدمياطي، و أبو الفضل يحيى بن
ص: 14
الربيع بن محمّد العبدي لقيه بمصر، و أبو الحسن علي بن العباس بن محمّد بن عبد الغفار المعروف بابن الونّ ، و أبو بكر محمّد بن أحمد بن كامل بن الوليد بن صالح بن خروف، و أبو علي عبد الواحد بن أحمد بن محمّد بن أبي الخصيب، و أبو الحسن علي بن محمّد بن إبراهيم المعلّم الجلاّب، و أبو عمر محمّد بن يوسف بن يعقوب، و عبد اللّه بن محمّد بن إسحاق بن معمر الجوهري، و الحسين بن جعفر الزيات، و أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن محمّد بن الحداد، و السّليل (1) بن أحمد بن السّليل صاحب محمّد بن جرير الطبري، و أبو علي سعيد بن السّكن الحافظ ، و ذكر غيرهم، ثم قال: و جمع مسند (2) حديث مالك بن أنس، و مسند حديث شعبة بن الحجاج، و أسماء المعروفين بالكنى من الصحابة و سائر المحدثين و كتاب الخائفين و أقضية شريح و [زهد] (3) بشر بن الحارث، و غير ذلك.
روى عنه شيخنا أبو عمر بن عبد البر (4) الحافظ ، فأكثر، و كان لا يقدّم عليه من شيوخه أحدا، و ذكره لنا فقال: أما خلف بن القاسم بن سهل الحافظ فشيخ لنا، و شيخ لشيوخنا أبي الوليد بن الفرضي و غيره، كتب بالمشرق عن نحو الثلاثمائة رجل، و كان من أعلم الناس برجال الحديث، و أكتبهم له، و أجمعهم لذلك، و التواريخ و التفاسير، و لم يكن له بصر بالرأي، يعرف بابن الدّبّاغ، و هو محدث الأندلس في وقته.
قال الحميدي: و قد كتب عنه أبو الفتح عبد الواحد بن محمّد بن مسرور.
ذكر أبو الوليد عبد اللّه بن محمّد بن الفرضي (5):أنه قرأ القرآن على جماعة من أهل القراءة، و كان حافظا للحديث عالما بطرقه، ألّف كتبا حسانا في الزهد، و مولده سنة خمس و عشرين، و توفي ليلة السبت (6) لثلاث عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الآخر سنة ثلاث و تسعين و ثلاثمائة، و دفن يوم الأحد.
ص: 15
أبو محمّد الواسطي الحافظ (1)
صاحب كتاب أطراف أحاديث صحيحي البخاري و مسلم، حدّث عن أحمد بن جعفر القطيعي، و الحسين بن أحمد المديني، و أبي بكر الإسماعيلي، و أبي العباس أحمد بن سعيد بن معدان المروزي الفقيه، و أبي الحسن أحمد بن إبراهيم العبدوي النيسابوري، و أبي الفضل محمّد بن عبد اللّه بن خميرويه الهروي، و أبي بكر محمّد بن أحمد بن محمّد بن يعقوب المفيد، و أبي محمّد الحسن بن أحمد بن محمّد بن عيسى بن بشر بن شيرويه الفسوي (2).
روى عنه الحاكم أبو عبد اللّه الحافظ ، و أبو الحسن علي بن محمّد الحنّائي الدمشقي، و أبو نعيم الأصبهاني، و أبو علي الأهوازي، و أبو القاسم عبيد اللّه بن أحمد بن عثمان الأزهري، و عبد الرّحمن بن علي بن محمّد بن عمر بن رجاء بن أبي العيش الأطرابلسي.
أنبأنا أبو علي الحداد، و حدّثني أبو مسعود الأصبهاني عنه، أنا أبو نعيم الحافظ (3)،نا خلف بن محمّد بن علي بنيسابور، و كتب لي بخطه، نا أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي، نا محمّد بن عثمان بن أبي سويد، نا عروة بن سعيد الرّبعي، نا أبو عامر، نا سفيان الثوري، عن محمّد بن المنكدر، عن جابر أن النبي صلى اللّه عليه و سلّم شرب لبنا فمضمض و قال:«إن له دسما»[4022].
قرأت على أبي القاسم زاهر بن طاهر، عن أبي بكر البيهقي، أنا أبو عبد اللّه الحافظ ، قال: خلف بن محمّد الواسطي أبو محمّد، و كان من الحفاظ ، قدم نيسابور سنة إحدى و سبعين و ثلاثمائة، و سمع من مشايخنا ثم دخل مرو و هراة و انصرف إلينا مدة، و لنا به أنس، ثم انصرف إلى العراق، و ثبت على طلب الحديث، و دخل الشام
ص: 16
و مصر، و ورد عليّ كتابه و قد أخذ لي جملة من الإجازات بأحاديث استفدتها و كان حافظا لحديث شعبة و غيره (1).
أنبأنا أبو علي، و حدّثنا أبو مسعود الأصبهاني عنه، أنا أبو نعيم الحافظ ، قال (2):
خلف بن محمّد بن علي بن حمدون الواسطي، قدم علينا قدمتين، و صحبناه بنيسابور و أصبهان من الكتبة، آخر قدمته علينا سنة إحدى و ثمانين و ثلاثمائة.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد و أبو النجم بدر بن عبد اللّه، قالا: قال لنا أبو بكر الخطيب (3):خلف بن محمّد بن علي بن حمدون، أبو محمّد الواسطي، سمع عبد اللّه بن عثمان المزني. و ورد بغداد (4) فسمع من ابن مالك القطيعي، و أبي محمّد بن ماسي، و رافق أبا الفتح بن أبي الفوارس في رحلته، فكتب الكثير، و سمع من أبي بكر الإسماعيلي بجرجان، و دخل بلاد خراسان فكتب عن شيوخها، و عاد إلى بغداد فأقام بها مدة، ثم خرج إلى الشام، فسمع ممن (5) أدرك بها، و دخل مصر، فانتقى على شيوخها، و كتب الناس بانتخابه، و خرّج أطراف الصحيحين، و كان له حفظ و معرفة، و نزل بعد ذلك ناحية الرملة، و اشتغل بالتجارة، و ترك النظر في العلم إلى أن مات هناك، و قد كان حدّثنا ببغداد شيئا يسيرا، حدّثني عنه الأزهري.
قال: و سمعت الأزهري يقول: كان خلف بن محمّد الواسطي حافظا، و كان محمّد بن أبي الفوارس أستاذه، و قال: و قال لي محمّد بن علي الصوري: مات خلف الواسطي بعد سنة أربع مائة.
أبو القاسم العنبسي الدّاراني (6)
كان قاضي داريا، روى عن أبي يعقوب الأذرعي، و أبي الحسن بن حذلم،
ص: 17
و جعفر بن محمّد بن هشام.
روى عنه: عبد العزيز الكتاني، و علي الحنّائي، و أبو علي الأهوازي.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، نا عبد العزيز الكتاني، أنا القاضي أبو القاسم خلف بن محرز الداراني قراءة عليه بداريّا، نا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم الأذرعي، نا أبو جعفر محمّد بن الخضر بن علي البزاز، نا أبو سفيان عبد الرحيم بن مطرف الرواسي، نا وكيع، عن سفيان، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عمر، قال: أخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم ببعض جسدي و قال:«يا عبد اللّه كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل و اعدد نفسك في الموتى»[4023].
قال: و أنا خلف بن محمّد بن القاسم بن عبد السلام بن محرز العنبسي الدّاراني قراءة عليه بداريا، سنة (1) ثمان و أربعمائة، نا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن هاشم بن زامل الأذرعي (2)،نا أبو جعفر محمّد بن الخضر بن علي البزاز بالرقة، نا أبو سفيان عبد الرحيم بن مطرف الرواسي، نا وكيع بن الجراح، عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ميمون بن أبي شبيب، عن معاذ أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم قال:«يا معاذ أتبع السّيئة الحسنة تمحها، و خالق الناس بخلق حسن»[4024].
و أخبرنا أبو محمّد أيضا، نا عبد العزيز قال: توفي شيخنا أبو القاسم خلف بن محمد بن القاسم بن عبد السلام بن محرز العنبسي الدّاراني القاضي في سنة تسع و أربعمائة، حدّث عن أبي يعقوب الأذرعي، و أبي الحسن أحمد بن سليمان بن حذلم.
أبو القاسم، و يقال: أبو سعيد، الأنصاري الأندلسي المقرئ
روى عن أحمد بن علي المروزي الصّفّار، و سمع بدمشق محمد بن رزق اللّه المنيني، و أبا بكر أحمد بن جرير بن أحمد السّلماني، و أبا الحسن العتيقي، و رشأ بن
ص: 18
نظيف، و علي بن محمد الحنّائي، و أبا علي إسماعيل بن موسى الزنجاني، و عبد الوهاب بن حزوّر.
روى عنه: شيخه علي الحنّائي، و عبد العزيز الكتاني، و علي بن أحمد بن زهير المالكي.
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني، نا عبد العزيز بن أحمد، أنا أبو سعيد خلف بن مسعود الأنصاري قراءة عليه، نا أحمد بن علي المروزي الصفّار، نا حمد بن محمد بن إبراهيم، نا محمد بن هاشم، نا الدبري، عن عبد الرزاق، أنا معمر، عن الزّهري، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رجل: يا رسول اللّه أي الناس أفضل ؟ قال:«مؤمن يجاهد بنفسه و ماله في سبيل اللّه» قال: ثم من ؟ قال:«رجل معتزل في شعب من الشعاب يعبد ربّه و يريح الناس من شرّه»[4025].
أخبرناه عاليا أبو القاسم بن الحصين (1)،أنا أبو علي بن المذهب، أنا أحمد بن جعفر، نا عبد اللّه بن أحمد، حدّثني أبي، نا عبد الرزاق، نا معمر، عن الزهري، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه، أو عطاء بن يزيد - معمر يشك - عن أبي سعيد الخدري، قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم، فذكر مثله سواء إلاّ أنه قال:«و يدع الناس من شرّه».
2009 - خليد بن دعلج (1)
أبو حلبس (2)
و يقال: أبو عبيد، و يقال: أبو عمرو، و يقال: أبو عمر السّدوسي البصري.
سكن الموصل، ثم قدم الشام فسكن بيت المقدس.
حدّث بدمشق: عن عطاء بن أبي رباح، و الحسن، و قتادة، و ابن سيرين، و سعيد بن عبد الرّحمن أخي (3) حرة، و معاوية بن قرّة، و أبي سعد (4) سعيد [بن] المرزبان البقّال، و كلاب بن أمية، و مالك بن دينار، و ثابت البناني.
روى عنه: الوليد بن مسلم، و أبو الجماهر، و زيد بن يحيى بن عبيد، و بقية بن الوليد، و موسى بن داود، و روّاد بن الجرّاح، و إسحاق بن سعيد بن الأركون، و أبو توبة الربيع بن نافع، و سلمة بن سليمان الموصلي، و روح بن عبد الواحد الحرّاني، و منبّه بن عثمان اللّخمي، و يحيى بن اليمان، و أبو جعفر النّفيلي، و علي بن الحسن القرشي، و جرول بن جيفل (5) أبو توبة النّميري، و عمر بن حفص العسقلاني، و علي بن معمر القرشي.
ص: 20
أخبرنا أبو محمّد السّيدي، و أبو القاسم زاهر بن طاهر، قالا: أنا أبو عثمان البحيري، أنا أبو عمرو بن حمدان، أنا الحسن بن سفيان، نا صفوان بن صالح، نا الوليد بن مسلم، نا خليد بن دعلج، عن قتادة، عن عمران بن حصين، عن ابن مسعود، قال: قال النبي صلى اللّه عليه و سلّم:«إني لأرجو أن من أمتي شطر أهل الجنة» ثم تلا: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ ثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (1)[4026].
أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء، أنا أبو طاهر أحمد بن محمود، و أبو الفتح منصور بن الحسين، قالا: أنا أبو بكر بن المقرئ، نا أبو علي الحسن بن القاسم بن دحيم الدمشقي بمصر، نا أبو حفص عمر بن مضر.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الخلاّل، أنا أحمد بن محمود، أنا أبو بكر بن المقرئ، حدّثني الحسن بن القاسم بن دحيم بن اليتيم الدمشقي، نا أبو حفص عمر بن مضر بن عمر العبسي، نا منبّه بن عثمان، أنا خليد بن دعلج، عن الحسن، عن عبد الرّحمن بن سمرة، قال: قال حسن: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم يقول:«لا تسأل الإمارة فإنه من سألها وكل إليها، و من ابتلي بها، و لم يسألها أعين عليها»[4027].
قال ابن دعلج: و قال عمر بن عبد العزيز: إنّ هذا شيء ما سألت اللّه عز و جل قط لفظهما سواء، و قال الصيرفي: سمعت النبي صلى اللّه عليه و سلّم (2).
أنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني، نا عبد العزيز الكتاني، أنا أبو الحسن الرّبعي، أنا الحسن بن عبد اللّه الكندي، قال: قرأت على علي بن جعفر المالكي، قلت: حدثكم أبو إسحاق محمّد بن القاسم بن شعبان: أن خليد بن دعلج دمشقي (3).
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا إسماعيل بن مسعدة، أنا حمزة بن يوسف، أنا أبو أحمد بن عدي (4)،نا عبد اللّه بن محمّد بن عمر الحرّاني، نا محمّد بن عبيد اللّه بن يزيد القردواني (5)،نا أبي، نا خليد بن دعلج أبو عمر (6) البصري.
ص: 21
قال: و أنا أبو أحمد، نا محمّد بن منير، نا محمّد بن إسماعيل الترمذي، نا إسحاق بن سعيد الدمشقي، نا خليد بن دعلج، يكنى أبا عمر (1)،و يقال أبو عمرو السّدوسي جزري، و يقال أصله بصري، قال البخاري: يحدّث عن قتادة، روى عنه يحيى بن يمان.
قرأت على أبي محمّد عبد الكريم بن حمزة، عن عبد العزيز بن أحمد، أنا تمام بن محمّد، أخبرني أبي، نا محمّد بن جعفر بن محمّد بن هشام، نا الحسن بن محمّد بن بكّار بن بلال، حدّثني أبو مسلمة إسحاق بن سعيد بن الأركون، أن خليد بن دعلج كان يكنى أبا عمر، و كان سدوسيا (2).
كتب إليّ أبو جعفر الهمداني، أنا أبو بكر الصفار، أنا أبو بكر الأصبهاني، أنا الحاكم أبو أحمد، قال: أبو عمرو خليد بن دعلج السّدوسي بصري الأصل، نزل الموصل، سمع الحسن بن أبي الحسن (3).
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، نا عبد العزيز الكتاني، أنا تمام بن محمّد، نا أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد، نا أبو زرعة الدمشقي، قال في تسمية نفر قدموا الشام:
خليد بن دعلج.
أخبرنا أبو الغنائم محمّد بن علي في كتابه، ثم حدّثنا أبو الفضل بن ناصر، أنا أحمد بن الحسن، و المبارك بن عبد الجبار، و محمّد بن علي - و اللفظ له - قالوا: أنا أبو أحمد - زاد أحمد و أبو الحسين الأصبهاني، قالا:- أنا أحمد بن عبدان، أنا محمّد بن سهل، أنا محمّد بن إسماعيل، قال (4):خليد بن دعلج، سمع الحسن، و عن ابن سيرين، و سمع عطاء، و قتادة، روى عنه يحيى بن اليمان، و النّفيلي.
قرأت على أبي الفضل بن ناصر، عن جعفر بن يحيى، أنا أبو نصر الوائلي، أنا الخصيب بن عبد اللّه، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرّحمن، قال: أبو حلبس
ص: 22
خليد بن دعلج ليس بثقة (1).
قرأت على أبي القاسم بن السّمرقندي، عن محمّد بن أحمد بن أبي الصقر، أنا هبة اللّه بن إبراهيم بن عمر الصّوّاف، أنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن إسماعيل، نا أبو بشر محمّد بن أحمد بن حمّاد الدولابي (2)،قال: أبو حلبس خليد بن دعلج.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو بكر محمّد بن هبة اللّه، أنا محمّد بن الحسن، أنا عبد اللّه بن جعفر، نا يعقوب، قال (3):و خليد بن دعلج بصري الأصل تحول إلى الشام، و هو أمثل من سعيد بن بشير.
قرأت على أبي غالب بن البنّا، عن أبي الفتح المحاملي، أنا أبو الحسن الدارقطني، قال: خليد بن دعلج سمع الحسن و ابن سيرين، و عطاء، و قتادة، و مطر الوارق، روى عنه يحيى بن اليمان، و أبو الجماهر، و منبه بن عثمان، و سلمة بن سليمان، و أبو جعفر النّفيلي، و غيرهم.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أبو بكر محمّد بن المظفّر، أنا أحمد بن محمّد بن أحمد، أنا يوسف بن أحمد بن يوسف، نا محمّد بن عمرو بن موسى (4)،نا عبد اللّه بن أحمد بن حنبل، قال: سئل أبي عن خليد بن دعلج فقال: ضعيف الحديث، قال العقيلي: خليد بن دعلج: شامي.
أخبرنا ابن السّمرقندي، أنا أبو القاسم بن مسعدة، أنا أبو القاسم السهمي، أنا أبو أحمد بن عدي (5)،نا ابن حمّاد، حدّثني عبد اللّه بن أحمد، قال: سألت أبي عن خليد بن دعلج فقال: ضعيف.
أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر، أنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك، أنا أبو
ص: 23
الحسن بن السّقاء، نا أبو العباس محمّد بن يعقوب، قال: سمعت عباس بن محمّد يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: خليد بن دعلج ليس بشيء (1).
أخبرنا أبو القاسم الواسطي، أنا أبو بكر الخطيب، أنا أحمد بن محمّد بن إبراهيم، قال: سمعت أبا الحسن أحمد بن محمّد بن عبدوس، قال: سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول: قلت ليحيى بن معين فخليد بن دعلج ؟ فقال: ضعيف (2).
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، نا أبو الفضل بن خيرون، أنا أبو العلاء محمّد بن علي، أنا أبو بكر محمّد بن أحمد البابسيري، أنا أبو أمية الأحوص بن المفضّل الغلاّبي، أنا أبي أبو عبد الرّحمن، قال: و ضعّف يحيى بن معين سعيد بن بشير و خليد بن دعلج جميعا، و قال في موضع آخر: سعيد بن بشير، و خليد بن دعلج ضعيفان (3).
قال: و أنا ثابت، أنا أبو العلاء، أنا محمّد، أنا الأحوص، أنا أبي، قال: قال يحيى بن معين: خليد بن دعلج و سعيد بن بشير، و عثمان بن عطاء يضعّفون.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الخلاّل، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا حمد بن عبد اللّه إجازة ح.
قال: و أنا أبو طاهر بن سلمة، أنا علي بن محمّد، قالا: أنا أبو محمّد بن أبي حاتم، قال (4):سمعت أبي يقول: سألت يحيى بن معين عن خليد بن دعلج فقال:
ضعيف الحديث، قلت لأبي: فما تقوله أنت في خليد؟ فقال: صالح ليس بالمتين في الحديث، حدّث عن قتادة أحاديث بعضها منكرة.
و حكى أبو عبد اللّه محمّد بن إبراهيم بن محمّد الكتّاني الأصبهاني أنه قال لأبي حاتم: ما تقول في خليد بن دعلج ؟ فقال: كان بصري الأصل، سكن بيت المقدس ليس بمشهور بالبصرة، و ليس هو عندي بالمتين.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم السّلمي، و أبو يعلى حمزة بن علي، قالا: أنا أبو الفرج سهل بن بشر، أنا علي بن منير، أنا الحسن بن رشيق، أنا أبو عبد الرّحمن
ص: 24
النسائي، قال: خليد بن دعلج ليس بثقة.
أخبرنا أبو القاسم، أنا أبو القاسم، أنا أبو أحمد بن عدي، قال (1):و عامة حديثه - يعني خليدا - تابعه عليه غيره، و في بعض حديثه إنكار، و ليس بالمنكر الحديث جدا.
أخبرنا أبو القاسم يحيى بن بطريق، أنا محمّد بن علي بن علي، و علي بن محمّد بن الحسن في كتابيهما، عن أبي الحسن الدار قطني ح.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحسين بن محمّد، أنا أبو ياسر محمّد بن عبد العزيز، أنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن غالب إجازة قال: هذا ما وافقت عليه أبا الحسن الدار قطني من المتروكين، خليد بن دعلج شامي عن قتادة و أبي الحسن.
و أخبرنا أبو عبد اللّه أيضا، أنا أبو منصور محمّد بن الحسين، أنا أبو بكر البرقاني، قال: سألت أبا الحسن الدارقطني، قلت له: خليد بن دعلج، ثقة ؟ قال: لا.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو محمّد بن أبي عثمان، أنا الحسن بن الحسن بن علي بن صفوان، نا أبو بكر بن أبي الدنيا، نا علي بن أبي مريم، عن خالد بن يزيد، حدّثني مرزوق (2) الموصلي، قال: قال لي خليد بن دعلج: دع من الكلام ما لك منه بدّ فعسى إن فعلت ذلك تسلم و لا أراك.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، نا عبد العزيز، أنا أبو محمّد بن أبي نصر، أنا أبو الميمون، نا أبو زرعة (3)،حدّثني محمّد بن عثمان، قال: رأيت خليد بن دعلج سنة ثلاث و ستين و مائة.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنا إسماعيل بن مسعدة، أنا حمزة بن يوسف، نا أبو أحمد بن عدي (4)،نا أبو عروبة، نا محمّد بن يحيى بن كثير، قال:
سمعت أبا جعفر بن نفيل، يقول: مات خليد بن دعلج سنة ست و ستين و مائة.
قرأت على أبي الحسن علي بن المسلّم، عن أبي العباس أحمد بن إبراهيم بن
ص: 25
أحمد الرازي، أنا علي بن الحسين بن بندار الأذني، أنا أبو عروبة الحسين بن محمّد بن مودود الحرّاني (1)،قال: خليد بن دعلج بصري، نزل الموصل، و حدّث عنه أهل حرّان، و أهل الشام يحدّث عن قتادة (2).
و حدّثني محمّد بن عبيد اللّه، حدّثني أبي، نا خليد بن دعلج، أبو عمرو السّدوسي من أهل البصرة، قال: و نا إسحاق بن زيد و محمّد بن يحيى بن كثير، قالا:
سمعنا أبا جعفر بن نفيل يقول: مات خليد بن دعلج سنة ست و ستين و مائة.
2010 - خليد بن سعد السّلاماني (3)
و يقال: مولى أم الدّرداء و يقال: مولى أبي الدّرداء.
روى عنه: عثمان بن أبي سودة، و طلحة بن نافع، و عطاء بن أبي مسلم الخراساني، و عبد الرّحمن بن يزيد بن جابر.
أخبرنا أبو عبد اللّه الفراوي، و أبو محمّد السيدي، قالا: أنا أبو سعد الجنزرودي، أنا الحاكم أبو أحمد الحافظ ، أنا أبو بكر محمّد بن محمّد بن سليمان، نا هشام بن عمّار، عن يحيى بن حمزة، حدّثني عطاء الخراساني، عن خليد السّلامي، عن أم الدّرداء، عن أبي الدّرداء أنه أشغل في كتاب في يوم دجو الناس في صلاة العشاء، و لم يصلّ (4) المغرب، و صلّى العشاء فلما فرغ صلّى ركعة، قال ثلاث للمغرب و ركعتان تطوع، ثم قام فصلّى العشاء.
أنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي، ثم حدّثنا أبو الفضل بن ناصر، أنا أبو الفضل الباقلاني، و أبو الحسين الصيرفي، و أبو الغنائم - و اللفظ له - قالوا: أنا أبو أحمد - زاد أبو الفضل: و أبو الحسين الأصبهاني، قالا:- أنا أحمد بن عبدان، أنا محمّد بن سهل، أنا محمّد بن إسماعيل، قال (5):خليد مولى أبي الدّرداء، قال أبو عاصم: عن
ص: 26
الأوزاعي، عن عثمان بن أبي سودة، عن خليد (1)،عن أم الدّرداء: ما أبالي لو صلّيت على خمس طنافس، و قال ابن المبارك عن الأوزاعي، حدّثني عثمان، حدّثني خليد أن أبا الدرداء، و قال هشام بن عمّار: نا يحيى بن حمزة، نا عطاء الخراساني عن خليد السّلامي، عن أم الدّرداء، عن أبي الدّرداء في المغرب، روى عنه طلحة بن نافع قوله، هو الأنصاري، يعدّ في الشاميين.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، نا عبد العزيز بن أحمد، أنا تمام بن محمّد، نا جعفر بن محمّد، نا أبو زرعة، قال في موالي أم الدّرداء و أصحابها: خليد مولى أم الدّرداء يحدّث عنه ابن جابر (2).
أخبرنا أبو غالب بن البنّا، أنا أبو الحسين بن الآبنوسي، أنا عبد اللّه بن عتّاب، أنا أحمد بن عمير إجازة ح.
و أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد، أنا الحسن بن أحمد، أنا علي بن الحسن، أنا عبد الوهاب بن الحسن، أنا أحمد بن عمير قراءة، قال: سمعت أبا الحسن بن سميع يقول في الطبقة الثانية من تابعي أهل الشام: خليد بن سعد السّلاماني.
قال: و أنا أحمد بن عمير، قال خليد بن سعد السّلامي من بني سلامان من قضاعة.
قرأت على أبي غالب بن البنّا، عن أبي الفتح بن المحاملي، أنا أبو الحسن الدارقطني، قال: خليد بن سعد السّلامي، من سلامان من قضاعة، ذكر ذلك أبو الحسن محمود بن إبراهيم بن سميع في تاريخه.
أنبأنا أبو علي الحداد، أنا أبو نعيم الحافظ ، نا عبد اللّه بن محمّد بن جعفر، نا أبو بكر بن راشد - يعني محمّد بن أحمد بن راشد بن معدان-، نا أبو عمير بن النحاس، نا ضمرة، عن علي - يعني ابن أبي حملة-، قال: ما ضرب الناقوس ببيت المقدس قطّ إلاّ و خليد بن سعيد (3) قد جمع ثيابه و قام يصلّي على الصخرة التي على شام الصخرة.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، نا عبد العزيز بن أحمد، أنا أبو محمّد بن أبي
ص: 27
نصر، أنا أبو الميمون بن راشد، نا أبو زرعة، نا أبو مسهر، نا صدقة بن خالد، نا ابن جابر، قال: كانوا يجتمعون في بيت أم الدرداء يقرأ عليهم خليد بن سعد، و كان رجلا قارئا.
أخبرنا أبو المظفر عبد المنعم بن عبد الكريم بن هوازن، أنا أبي الأستاذ أبو القاسم، أنا أبو نعيم عبد الملك بن الحسن، نا أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الحافظ :
أخبرني العباس بن الوليد العذري، حدّثني أبي، نا ابن جابر، قال: كان خليد بن سعد رجلا قارئا حسن الصوت، و كانوا يجتمعون في بيت أم الدرداء فتأمره أم الدّرداء يقرأ عليهم (1).
أخبرنا جدي أبو المفضل يحيى بن علي القاضي، و خالي (2) أبو المعالي محمّد بن يحيى، و أبو العشائر محمّد بن الخليل بن فارس القيسي (3)،قالوا: أنا أبو القاسم بن أبي العلاء، أنا أبو محمّد بن أبي نصر، أنا أبو الحسن بن حذلم، نا خالد بن روح، نا هشام بن عمّار، نا الوليد، نا ابن جابر، عن خليد بن سعد، و كان حسن الصوت بالقرآن، فكان يقرأ على أم الدّرداء في بيتها، و يجتمع إليها أهل المسجد يقرءون عليه بأمر أم الدّرداء، فكان إذا حضرهم أبو أسيد قالت أم الدرداء لخليد: لا تقرأ عليه إلاّ بكل آية ليست شديدة لا يشق على الرجل و كان يصعق إذا قرئ عليه بآية شديدة، و يقول أم الدرداء الحمد للّه [يبتغي] (4) لنا كل آية شديدة، و لأبي أسيد كل آية لينة.
أخبرنا أبو عبد اللّه البلخي، أنا أبو منصور محمّد بن الحسين، أنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن غالب، قال: سألت أبا الحسن الدار قطني قلت: عطاء الخراساني عن خليد السّلامي، عن أم الدّرداء، فقال: مجهول يترك (5).
أخبرنا أبو محمّد بن طاوس، أنا أبو الغنائم بن أبي عثمان، أنا أبو الحسين بن بشران، أنا أبو علي بن صفوان، نا ابن أبي الدنيا، حدّثني محمّد بن الحسين، نا
ص: 28
هارون بن معروف، نا ضمرة، عن رجاء بن أبي سلمة، عن عقبة بن أبي نسيبة، قال:
رأيت خليد بن سعد في منامي بعد موته، فقلت: ما صنعت ؟ قال: أفلتنا و لم نكد، قلت: متى عهدكم بالقرآن ؟ قال: لا عهد لنا بن منذ فارقناكم، الصواب ابن أبي ثبيب.
2011 - خليد بن سعوة (1)
وفد على عمر بن عبد العزيز متظلما من سعد - و يقال سعيد - بن مسعود و الي عمان من قبل عدي بن أرطأة، و الي البصرة من قبل عمر.
قرأت على أبي الفتح نصر اللّه بن محمّد بن عبد القوي المصّيصي الفقيه، عن أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار، أنا أبو بكر عبد الباقي بن عبد الكريم بن عمر الشيرازي ح.
و أنبأنا أبو سعد بن الطّيّوري، عن عبد العزيز بن علي الأزجي، قالا: أنا أبو الحسين عبد الرّحمن بن عمر بن أحمد بن حمّة (2)،أنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة، حدّثني جدي يعقوب، قال: و يقولون إن سعيد أو سعد بن مسعود وثب على خليد بن سعوة فضربه مائة سوط في سبب ناقة طلبها منه فأبى خليد أن يعطيها إياه فركب خليد إلى عمر فأنشده قول بعض الشعراء فيه:
إن كنت تحفظ ما لديك فإنما *** عمّال أرضك بالعراق ذئاب
لن يستقيموا للذي تدعو له *** حتى تضرب بالسيوف رقاب
بالكفّ منصلتين أهل بصائر *** في وقعهن مواعظ و عقاب
لو لا قريش نصرها و عقافها *** ألفيت منقطعا بك الأسباب
قالوا: فكتب عمر إلى عدي أن اعزل سعيدا و احمله إليّ ، فعزله و حمله مقيدا، فقدم به إلى عمر فسأله عن ضربه خليدا فقال: أطلقني أخبرك، فأطلقه فأخبره، فلما خشي عمير بن سعد أن يجلد أبوه قال: أنا الذي ضربته، قال: إذا أقصه منك، فأقيم ليضرب، فقال له أبوه: اصرر (3) أذنيك إصرار الفرس الجموح، و اذكر أحاديث عدو آبائك، و اذكر اللّه فإنها معجزة.
ص: 29
و هو خليد بن أبي خليد الحكمي.
حكى عن أبيه.
حكى عنه أحمد بن أبي الحواري.
أنبأنا أبو طاهر بن الحنّائي، عن أبي الفضل محمّد بن أحمد بن عيسى بن عبد اللّه السعدي (1)،نا أبو محمّد عبد الغني بن سعيد الحافظ ، حدّثني أبو علي أحمد بن إسماعيل، حدّثني أبي إسماعيل بن محمّد بن وهب بن المهاجر القرشي، نا أحمد بن أبي الحواري، حدّثني خليد، عن أبيه، قال: قبّلت يد مالك بن أنس فقال لي:
يا أبا خليد على العلم لا بأس به
ص: 30
ابن موسى بن عبد اللّه بن عاصم بن جنك
أبو سعيد السّجزي القاضي الحنفي (1)
سمع بدمشق: أبا الحسن بن جوصا، و بنيسابور: أبا (2) العباس السراج، و أبا بكر بن خزيمة، و أبا العباس أحمد بن جعفر بن نصر بالري، و أبا القاسم البغوي، و أبا محمّد بن صاعد، و أبا بكر بن أبي داود، و أبا سعيد الحسن بن علي العدوي،[و أبا جعفر محمّد بن إبراهيم بن عبد اللّه الديبلي، و أبا بكر محمّد بن حمدون بن خالد النيلي] (3)،و أبا جعفر (4) محمّد بن إبراهيم بن شعيب الغازي بطبرستان.
روى عنه: أبو منصور أحمد بن محمّد بن إبراهيم البلخي، و أبو مضر محلّم بن إسماعيل بن مضر الضّبّي، و الحاكم أبو عبد اللّه، و أبو العباس جعفر بن محمّد بن المعتز المستغفري، و أبو ذرّ عبد بن أحمد الهروي الحافظ ، و أبو الفضل أحمد بن
ص: 31
محمّد بن عبد اللّه الرشيدي اللوكري، و ابنه أبو سعيد عبيد اللّه (1) بن الخليل، و أبو الحسن علي بن بشرى، و أبو عمر النّوقاني، و أبو سهل عبد الرّحمن بن يوسف بن داود بن سليمان السّجزيّون، و أبو علي عبد الرّحمن بن أحمد بن محمّد بن فضالة النيسابوري الحافظ ، و قيل إن اسمه محمّد و خليل لقب.
أخبرنا أبو الفضل محمّد بن إسماعيل الفضيلي بهراة، أنا أبو مضر محلّم بن إسماعيل بن مضر بن إسماعيل الضّبّي العصمي، أنا القاضي أبو سعيد الخليل بن أحمد بن محمّد بن الخليل بن موسى بن عبد اللّه السّجزي، نا أبو العباس محمّد بن إسحاق بن إبراهيم الثقفي السراج، نا قتيبة بن سعيد، نا هشيم، عن أبي الزّبير، عن جابر، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار»[4028].
أخبرني أبو النضر عبد الرّحمن بن عبد الجبار الفامي، أنا أبو أحمد إسماعيل بن عبد اللّه بن أبي عمرو البيّع، أنا أبو منصور أحمد بن محمّد بن إبراهيم بن إسحاق البلخي الكاتب، نا القاضي الخليل بن أحمد إملاء، نا أبو الحسن أحمد بن عمير بن يوسف بن جوصا، نا سعيد بن رحمة بن نعيم، نا محمّد بن حمير، عن إبراهيم بن أبي عبّاد، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«من أكل درهما ربا فهو مثل ثلاث و ثلاثين زنية»[4029].
أنبأنا أبو الحسن محمّد، و أبو القاسم الحسين ابنا إسماعيل بن أميرك العلويان، قالا: أنا أبو عمرو إلياس بن مضر بن محمّد التميمي، قال: سمعت إسحاق بن إبراهيم الحافظ يقول: سمعت الخليل بن أحمد القاضي يقول: سمعت أبا الحسن عبد اللّه بن محمّد بن الفقيه بمرو يقول: سمعت أبا عاصم عمرو بن محمّد يقول: سمعت أبا عصمة سعد بن معاذ يقول: سمعت أبا وهب محمّد بن مزاحم يقول: أول بركة العلم إعارة الكتب.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنا أبو بكر البيهقي، إجازة، أنا أبو عبد اللّه الحافظ ، قال: الخليل بن أحمد بن الخليل القاضي شيخ أهل الرأي في عصره، و كان من أحسن الناس كلاما في الوعظ و الذكر (2) مع تقدمه في الفقه، و كان ورد نيسابور
ص: 32
قديما، سمع من محمّد بن إسحاق بن خزيمة و أقرانه، و سمع بالري أبا العباس أحمد بن جعفر بن نصر و أقرانه، و سمع بالعراق أبا القاسم بن منيع، و أبا محمّد بن صاعد و أقرانهما، و سمع بالحجاز محمّد بن إبراهيم الدّيبلي و أقرانه، ورد نيسابور محدثا و مفيدا سنة تسع و خمسين و ثلاثمائة، و أنا ببخارا، ثم جاءنا إلى بخارا فكتبت عنه بها (1).
قرأت على أبي محمّد السلمي، عن أبي نصر بن ماكولا، قال (2):أما جنك - أوله جيم مفتوحة بعدها نون ساكنة - فهو أبو سعيد الخليل بن أحمد بن محمّد بن الخليل بن موسى بن عبد اللّه بن عاصم بن جنك، حدّث عن ابن صاعد، و محمّد بن حمدان بن خالد و غيرهما، جليل مكثر.
أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد الرّحمن بن أحمد الأشرف الحسيني (3) المروزي بدمشق، قال لنا أبو نصر هبة اللّه بن عبد الجبار بن فاخر بن معاذ بن أحمد السّجزي بها: القاضي الخليل بن أحمد بن محمّد بن الخليل بن موسى بن عبد اللّه، كنيته أبو سعيد، سكن سجستان، ثم انتقل إلى بلخ و سكنها، و سمع الكبار في البلدان، روى عن الأصم، و الثقفي، و ابن خزيمة، و البغوي و غيرهم، روى عنه ابنه القاضي أبو سعد و أبو عمر النّوقاني، و عبد الرّحمن الطبري الحافظ ، و أبو الحسن علي بن بشرى، و عبد الرّحمن بن يوسف و غيرهم (4).
أخبرنا أبو الفضل محمّد بن حمزة بن إبراهيم الزّنجاني - بزنجان - أنشدنا القاضي أبو حفص عمر بن أبي بكر البخاري، أنشدنا أبو إبراهيم إسماعيل بن محمّد المفسّر، أنشدنا القاضي الإمام أبو سعيد الخليل بن أحمد لنفسه (5):
سأجعل لي النعمان في الفقه قدوة *** و سفيان في نقل الأحاديث سيدا
ص: 33
و في ترك ما لم يعنني عن عقيدتي (1) *** سأتبع يعقوب العلا و محمدا
و أجعل درسي (2) من قراءة عاصم *** و حمزة بالتحقيق درسا مؤكدا
و أجعل في النحو الكسائي قدوة (3) *** و من بعده الفرّاء ما عشت سرمدا
و إن عدت للحجّ المبارك مرة *** جعلت لنفسي كوفة الخير مشهدا
فهذا اعتقادي و هو ديني و مذهبي *** فمن شاء فليبرز ليلقى موحّدا
و يلقى لسانا مثل سيف مهنّد *** يفلّ إذا لاقى الحسام المهنّدا
أنشدنا أبو عبد اللّه الفراوي، أنشدنا والدي الإمام الزاهد أبو مسعود الفضل بن أحمد بن محمّد، أنشدنا أبو نصر محمّد بن إبراهيم الهاروني، أنشدنا أبو بكر عقيل بن محمّد الخطيب ببست، أنشدنا الخليل بن أحمد - يعني البستي (4)-:
إذا ضاق باب الرزق عنك ببلدة *** فثمّ بلاد رزقها غير ضيّق
و إياك و السكنى بدار مذلّة *** فتسقى بكأس الذّلّة المتدفّق
فما ضاقت الدنيا عليك برحبها *** و لا باب رزق اللّه عليك (5) مغلّق
أخبرنا أبو الحسين محمّد بن كامل بن ديسم بن مجاهد، أنشدنا أبي أبو الحسين الفقيه، أنشدني الشريف أبو محمّد زيد بن الحسن الموسوي، أنشدنا أبو القاسم عبد الوهاب الخطابي، أنشدني أبو سعيد الخليل بن أحمد القاضي لنفسه (6):
ليس التطاول رافع (7) من جاهل *** و كذا التواضع لا يضرّ بعاقل
لكن تزاد بأن تواضع رتبة *** ثمّ التطاول ما له من حاصل
أخبرنا أبو المراوح عبد المعز بن عبد الواسع بن عبد الهادي بن عبد اللّه بن محمّد بن علي الأنصاري الهروي، أنا الحاكم أبو عبد اللّه الحسين بن محمّد الكتبي، أنا
ص: 34
أبو عبد اللّه محمّد بن سعيد بن علي الخطابي، أنشدنا القاضي أبو سعيد الخليل بن أحمد لنفسه (1):
رضيت من الدنيا بقوت يقيمني *** و لا أبتغي من بعده أبدا فضلا
و لست أروم القوت إلاّ لأنه *** يعين على علم أردّ به الجهلا
فما هذه الدنيا بطيب (2) نعيمها *** لأصغر ما في العلم من نكتة عدلا
أخبرنا أبو الفرج غيث بن علي إجازة، أنا هبة اللّه بن عبد الوارث الشيرازي، أنا القاضي أبو المظفّر هناد بن إبراهيم ح.
و أنبأنا أبو الحسن الموازيني، و حدّثني أبو طاهر إبراهيم بن الحسن بن طاهر عنه، قال: كتب إليّ هناد بن إبراهيم النّسفي، قال: أنشدنا إسماعيل بن عبد اللّه البخاري المستملي، أنشدنا الخليل بن أحمد القاضي لنفسه (3):
الله يجمع بيننا في غبطة *** و يزيل وحشتنا بوشك تلاق
ما طاب لي عيش فديتك بعد ما *** ناحت عليّ حمامة بفراق
إنّ الإله لقد قضى في خلقه *** أن لا يطيب العيش للمشتاق
قرأت على أبي القاسم الشّحّامي، عن أبي بكر البيهقي، أنا أبو عبد اللّه الحافظ ، قال: توفي الخليل بن أحمد بسمرقند (4)،و هو قاض بها في جمادى الآخرة من سنة ثمان و سبعين و ثلاثمائة، ورد بذلك عليّ كتاب أبي محمّد الزّهري بخطه، و قال غيره: مات بفرغانة سنة ثلاث و سبعين و ثلاثمائة (5).
أنبأنا أبو محمّد بن صابر، أنا سهل بن بشر، أنا أبو رجاء هبة اللّه بن محمّد بن علي الشيرازي إجازة، أنشدني أحمد بن أصرم أبو حامد السّجزي بالبصرة، و كان يكتب معنا الحديث، أنشدني أبو بكر عبد العزيز بن محمّد الطّبسي، أنشدنا أبو الحسن الضرير، أنشدنا أبو بكر الخوارزمي في الخليل بن أحمد في المرثية:
ص: 35
و لمّا رأينا الناس حيرى لهدّة *** بدت بأساس الدين بعد تأطّد
أفضنا دموعا بالدماء مشوبة *** و قلنا: عسى مات الخليل بن أحمد (1)
2014 - الخليل بن زياد المحاربي الخوّاصّ الكوفي (2)
سكن دمشق، و روى عن علي بن عابس، و علي بن مسهر، و أبي بكر بن عياش، و عمرو بن ثابت، و مروان بن معاوية.
روى عنه: أبو زرعة الدّمشقي، و أبو حاتم الرازي.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، نا عبد العزيز بن أحمد، نا أبو محمّد بن أبي نصر، نا أبو الميمون بن راشد، نا أبو زرعة (3)،حدّثني خليل بن زياد جليس لأبي مسهر، نا علي بن مسهر، قال: قال سفيان الثوري حفاظ الحديث أربعة: إسماعيل بن أبي خالد، و عاصم الأحول، و يحيى بن سعيد، و عبد الملك بن أبي سليمان.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الخلال، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا أحمد بن عبد اللّه إجازة ح، قال: و أنا أبو طاهر بن سلمة، أنا علي بن محمّد، قالا: أنا أبو محمّد بن أبي حاتم، قال (4):خليل بن زياد المحاربي الخوّاصّ الكوفي نزيل دمشق، روى عن علي بن عابس، و عمرو بن ثابت، و علي بن مسهر، و أبي بكر بن عياش، و مروان بن معاوية، روى عنه أبي.
ابن زياد بن أبيه المعروف بزياد بن أبي سفيان
له ذكر. ذكره أحمد بن حميد بن أبي العجائز في تسمية من كان بدمشق و غوطتها من بني أمية و ذكر أنه كان يسكن جرود من إقليم معلولا (5).
ص: 36
أبو علي الثقفي
حدّث عن عبد العزيز بن أحمد الكتاني.
روى عنه: طاهر الخشوعي، و سمع منه عمر بن عبد الكريم الدّهستاني، و أبو محمّد بن السّمرقندي.
أنبأنا أبو محمّد بن السّمرقندي، أنا الخليل بن عبد الرزاق بن الحسين بن أبي الخليل، أبو علي بدمشق في جامعها، نا عبد العزيز بن أحمد بن محمّد التميمي، أنا تمام بن محمّد بن عبد اللّه الحافظ ، نا علي بن يعقوب بن شاكر، نا أحمد بن أبي رجاء، نا سعيد بن محمّد المصّيصي، نا يحيى بن صالح، نا سعيد بن عبد العزيز، عن مسلم، عن أنس، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«كلّم اللّه موسى ببيت لحم»[4030].
أبو جعفر الصّيداوي
روى عن هشام بن خالد، و يحيى بن المبارك.
روى عنه: خيثمة، و محمّد بن الحسن بن قتيبة، و أحمد بن نصر بن بحير الذّهلي.
أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة، نا عبد العزيز بن أحمد، أنا تمام بن محمّد، أنا خيثمة بن سليمان، نا الخليل بن عبد القهار الصّيداوي، نا هشام بن خالد، نا بقية، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، أن النبي صلى اللّه عليه و سلّم قال:«حين خلق الله عزّ و جل جنّة عدن خلق فيها ما لا عين رأت، و لا خطر على قلب بشر، ثم قال لها: تكلمي، فقالت: قد أفلح المؤمنون»[4031].
قرأت على أبي القاسم بن السّمرقندي، عن محمّد بن أحمد بن محمّد بن أبي الصقر، أنا الحسن بن محمّد بن أحمد بن جميع، أنا أبو يعلى عبد اللّه بن محمّد بن حمزة بن أبي كريمة، قال: سمعت محمّد بن الحسن بن قتيبة يقول: ما كتبت في الإسلام عن شيخ أهيأ و لا أنبل منه - يعني الخليل بن عبد القهار-، و من ابن أبي
ص: 37
الخناجر، و سمعت جماعة من أهل بلدنا يقولون: إنه كان رجلا أديبا (1) و من أهل المروءات، ما رئي في حمّام قط ، و لا في سوق، إلاّ أن يكون في جنازة، و لا رئي في ميضأة قط و كان فصيحا، أبو يعلى هو القائل: و سمعت جماعة من أهل بلدنا.
قرأت على أبي محمّد السّلمي، عن عبد العزيز بن أحمد، أنا مكي بن محمّد بن الغمر، أنا أبو سليمان بن زبر قال: و فيها (2)-يعني سنة سبع و سبعين - مات الخليل الصيداوي.
أبو الحسن الصّيمري (3)
روى عن هشام بن عمّار، روى عنه أبو هشام المؤدب بالإجازة له منه.
أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن موهوب بن علي بن حمزة السّلمي المعروف بابن المقصص، أنا أبو الحسن علي بن الحسن بن عبد السلام بن أبي الجزوّر الأزدي، أنا أبو الحسن محمّد بن عوف بن أحمد المزني (4)،أنا أبو هاشم عبد الجبار بن عبد الصمد بن علي بن إسماعيل السّلمي (5)،أنا أبو سعيد محمّد بن أحمد بن عبيد بن فياض القرشي (6)،و أبو بكر محمّد بن خريم العقيلي، و أبو العباس محمّد بن صالح بن أبي عصمة، و أبو العباس محمّد بن العباس، محمّد (7) بن الحسن بن قتيبة العسقلاني بالرملة، و أبو عبد اللّه محمّد بن المعافى بصيدا، و أبو الحسن الخليل بن محمّد بن سعيد الصّيمري إجازة، و أبو عبد اللّه أحمد بن هشام بن عمّار، قالوا: نا هشام بن عمّار بن نصير بن ميسرة، أبو الوليد السلمي، نا مالك بن أنس، قال: و أنا أبو عبيد اللّه محمّد بن عبدان بمكة، نا أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري، نا مالك، حدّثني ابن شهاب، عن أنس بن مالك: أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم دخل مكة و على رأسه المغفر[4032].
ص: 38
أخبرناه عاليا أبو العزّ بن كادش، أنا أبو الحسين بن النّرسي، و أبو الحسن علي بن محمود الزوزني (1)،قالا: أنا عبد الوهاب بن الحسن، نا محمّد بن خريم، نا هشام فذكره.
2019 - الخليل بن محمّد بن فيروز الحلبي (2)
سمع بدمشق و غيرها هشام بن عمّار، و المسيّب بن واضح، و عمرو بن عثمان بن سعيد الحمصي، و محمّد بن سليمان لوينا، و أبا سعيد الأشج.
روى عنه: أبو الحسين علي بن الحسين الفرغاني.
أبو سعيد البستيّ (3)
قدم دمشق، و حدّث بها عن أبي عبد اللّه محمّد بن أبي حاتم الشروطي.
روى عنه: علي الحنّائي، و عبد العزيز الكتاني.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، نا عبد العزيز الكتاني، أنا أبو سعيد الخليل بن منصور بن محمّد البستي، قدم علينا، نا أبو عبد اللّه محمّد بن أبي حاتم الشروطي، نا الشيخ الإمام أبو حاتم محمّد بن حبّان بن أحمد بن حبّان (4)،نا الفضل بن الحباب، نا عمرو بن مرزوق، نا عمران القطان، عن قتادة، عن سعيد بن أبي الحسن، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«ليس شيء أكرم عليك من الدعاء»[4033].
كذا قال، و المحفوظ :«ليس شيء أكرم على اللّه من الدعاء».
أخبرناه أعلى من هذا على الصواب أبو عبد اللّه محمّد بن الفضل الفراوي، و أبو محمّد عبد الجبار بن محمّد بن أحمد البيهقي، و أبو علي عبد الحميد بن محمّد أخوه، قالوا: أنا أبو بكر البيهقي، أنا أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه الحافظ ، أنا أبو الفضل
ص: 39
الحسن بن يعقوب العدل، نا يحيى بن جعفر بن أبي طالب، نا أبو داود الطيالسي، نا أبو العوّام عمران بن القطان، عن قتادة، عن سعيد بن أبي الحسن، عن أبي هريرة أن النبي صلى اللّه عليه و سلّم قال:«ليس شيء أكرم على اللّه من الدعاء»[4034].
2021 - الخليل بن موسى الباهلي البصري (1)
سكن دمشق، و حدّث بها عن سليمان التيمي، و حميد الطويل، و يونس بن عبيد، و عبد اللّه بن عون، و يحيى بن أبي إسحاق، و داود بن أبي هند، و هشام بن عروة، و محمّد بن إسحاق، و سعيد الجريري، و روح بن القاسم، و عبد الرّحمن بن إسحاق، و عبيد اللّه بن أبي (2) حميد.
روى عنه: سليمان بن عبد الرّحمن، و هشام بن عمّار، و أبو سليمان عبد الرّحمن بن الضحاك البعلبكي، و محمّد بن أبي المتوكل العسقلاني، و سويد بن سعيد، و عبد الرّحمن بن يحيى بن إسماعيل المخزومي.
أخبرنا خالي أبو المعالي محمّد بن يحيى القاضي، أنا أبو القاسم بن أبي العلاء، أنا أبو نصر عبد الوهاب بن عبد اللّه بن عمر المرّي، أنا أبو عمر محمّد بن موسى بن فضالة بن إبراهيم القرشي (3)،نا أبو قصيّ إسماعيل بن محمّد (4)،نا سليمان بن عبد الرّحمن، نا الخليل بن موسى، نا سليمان التيمي، عن أنس بن مالك: أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم قال:«من كذب عليّ متعمّدا فليتبوأ مقعده من النّار»[4035].
و من عالي حديثه ما أخبرنا أبو الفرج قوام بن زيد بن عيسى، و أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، قالا: أنا أبو الحسين بن النّقّور، نا علي بن عمر بن محمّد بن الحسن الحربي، نا أحمد بن سعيد الدمشقي، نا هشام بن عمّار، نا الخليل بن موسى، نا ابن عون، عن عمرو بن سعيد، عن أنس بن مالك، قال: كنت مع النبي صلى اللّه عليه و سلّم إذ مرّ على حجرة فرأى فيها قوما جلوسا يتحدثون فدخل الحجرة، و أرخى الستر فجئت أبا طلحة فقال: لئن كان كما تقول لينزلنّ اللّه عز و جل قرآنا فأنزل اللّه عز و جل
ص: 40
يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاٰ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ الآية (1).
و أخبرنا أبو القاسم تميم بن أبي سعيد بن أبي العباس، أنا أبو سعد الجنزرودي، أنا أبو سعيد محمّد بن بشر بن العباس بن محمّد التميمي الكرابيسي (2)،أنا أبو لبيد محمّد بن إدريس الشامي (3) السّرخسي، نا سويد بن سعيد، نا خليل بن موسى، عن عبيد اللّه بن أبي حميد، عن أبي المليح، عن أبيه: أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم قال:«اعتمّوا (4)تزدادوا حلما»[4036].
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الخلال، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا أبو علي إجازة ح، قال: و أنا أبو طاهر، أنا أبو الحسن، قالا: أنا أبو محمّد بن أبي حاتم، قال (5):خليل بن موسى البصري، سكن دمشق، روى عن يونس بن عبيد، و ابن عون، و هشام، و الجريري، و يحيى بن أبي إسحاق، و داود بن أبي هند، و محمّد بن إسحاق، روى عنه محمّد بن المتوكل العسقلاني، و أبو سليم عبد الرّحمن بن الضّحّاك البعلبكي، و هشام بن عمّار، سمعت أبي يقول ذلك، و سئل أبي عنه فقال: يكتب حديثه و لا يحتج به، و سألته عنه فقال: ما بحديثه بأس ليس بالمشهور و محلّه الصدق، و لا يعرفونه بالبصرة، في حديثه بعض الإنكار.
أبو بكر التميمي البزاز
سمع عبد الوهاب الكلابي، و أبا علي الحسن بن محمّد بن القاسم بن درستويه، و أبا بكر محمّد بن مسلم بن السّمط .
روى عنه: أبو سعد إسماعيل بن علي السّمّان، و عبد العزيز بن أحمد، و نجا بن أحمد، و سهل بن بشر، و محمّد بن علي بن أحمد بن المبارك، و أبو نصر الطريثيثي،
ص: 41
و نصر بن أحمد بن الفتح الهمذاني المعلم، و أبو طاهر بن الحنّائي.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفرضي، أخبرني أبو عبد اللّه محمّد بن علي بن أحمد بن المبارك البزار بقراءتي عليه، أنا أبو بكر خليل بن هبة اللّه بن محمّد بن الحسن بن أحمد بن الخليل التميمي، أنا عبد الوهاب بن الحسن بن الوليد قراءة عليه، أنا أبو أيوب سليمان بن محمّد الخزاعي، نا محمّد بن مصفّى، نا بقية بن الوليد، حدّثني أبو شريح ضبارة (1) بن مالك الحضرمي، سمع أباه يحدث عن عبد الرّحمن بن جبير بن نفير أن أباه حدثه عن سفيان بن أسد (2) الحضرمي أنه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم يقول:«كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثا هو لك به مصدّق، و أنت له به كاذب»[4037].
كذا فيه و صوابه: سفيان بن أسيد (3)(4).
أخبرنا أبو محمّد عبد الرّحمن بن أبي الحسين بن إبراهيم، أنا أبو القاسم نصر بن أحمد المؤدب، أنا أبو بكر الخليل بن هبة اللّه بن الخليل، أنا أبو علي الحسن بن محمّد بن الحسن بن القاسم بن درستويه (5)،نا أحمد بن محمّد بن إسماعيل أبو الدحداح، نا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، نا عبد اللّه بن عثمان، نا عبد اللّه، هو ابن المبارك، أنا جعفر بن حيان، عن الحسن أن رجلا مرّ على رجل يكلّم امرأة فرأى ما لم تملك نفسه، فجاء بعصا فضربه حتى سالت الدماء، فشكى الرجل ما لقي إلى عمر بن الخطاب، فأرسل عمر إلى الرجل فسأله، فقال: يا أمير المؤمنين إني رأيته يكلم امرأة فرأيت منه ما لم أملك نفسي، فتكلم عمر ثم قال: و أينا كان يفعل هذا؟ ثم قال للرجل:
اذهب عين من عيون اللّه أصابتك.
أنبأنا أبو طاهر محمّد بن الحسين بن محمّد، و حدّثنا أبو البركات الخضر بن أبي
ص: 42
طاهر الفقيه عنه، أنا أبو بكر الخليل بن هبة اللّه في رجب سنة اثنتين و أربعين و أربعمائة، أنا أبو علي الحسن بن محمّد بن الحسن بن القاسم بن درستويه، نا أبو العباس محمّد بن جعفر بن هشام بن ملاس، نا أبو محمّد شعيب بن عمرو، نا سفيان بن عيينة، عن الزّهري، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه، عن أم قيس ابنة محصن الأسدية أخت عكّاشة، قالت: دخلت بابني على النبي صلى اللّه عليه و سلّم و قد أعلقت (1) عليه من العذرة (2)،فقال:«على ما تدغرن أولادكن بهذا العلاق (3)؟عليكن بهذا العود الهندي (4)،فإن فيه سبعة أشفية، يسعط (5) به من العذرة و تلدّ به (6) من ذات الجنب»[4038].
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، نا عبد العزيز الكتاني، قال: توفي أبو بكر خليل بن هبة اللّه بن الخليل في شهر رمضان من سنة اثنتين و أربعين و أربعمائة، و كان ثقة حدث عن عبد الوهاب بن الحسن و غيره.
ص: 43
أبو الأغرّ (1)
ولاّه المعتضد قتال الأعراب بطريق مكة، فقتل منهم جماعة و أسروا منهم صالح بن مدرك بالحيلة، و قدم بغداد في المحرم سنة سبع و ثمانين و مائتين فخلع عليه و طوّق بطوق ذهب، ثم ولي حلب، و قدم دمشق مع محمّد بن سليمان و غيره من الأمراء الذين وجههم المكتفي لحرب الطولونية بمصر، و غزا بلاد الروم مع مؤنس الخادم في ذي القعدة سنة ست و تسعين و مائتين ثم خالف على السلطان فأخذ و أدخل بغداد هو و أولاده فقيدوا يوم الاثنين لأربع بقين من شوال سنة سبع و تسعين و مائتين، ثم أطلق يوم الخميس، و خلع عليه يوم الخميس مستهل شعبان سنة ثلاث و ثلاثمائة، فمات فجاءة يوم الأربعاء لثمان خلون من ذي الحجة من سنة ثلاث و ثلاثمائة (2).
ص: 44
من اسمه (1) خمار
أبو الجيش الأمير ابن الأمير (2)
ولي إمرة دمشق، و مصر و الثغور بعد أبيه أحمد بن طولون، و كان جوادا ممدّحا، ذكر أحمد بن يوسف بن إبراهيم بن جعفر الكاتب، عن أحمد بن خاقان: أن المستعين باللّه وهب أحمد بن طولون جارية اسمها ميّاس فولدت منه بسامرّة (3) أبا الجيش خمارويه بن أحمد في المحرّم سنة خمسين و مائتين.
قرأت على أبي غالب بن البنّا، عن أبي الفتح المحاملي، أنا أبو الحسن الدار قطني، قال خمار بن أحمد بن طولون المعروف بخمارويه يستغنى بشهرته عن ذكر أخباره.
و قرأت على أبي محمّد بن حمزة، عن أبي نصر بن ماكولا، قال (4):و أما خمار - أوله خاء مضمومة بعدها ميم مخففة و آخره راء - فهو خمار بن أحمد بن طولون، و الي مصر يعرف بخمارويه.
و بلغني أن مدة ولايته على مصر ثنتا عشرة سنة و ثمانية عشر يوما.
ص: 45
قرأت بخط أبي الحسين الرازي، قال: قال أحمد بن يوسف: اجتمع الحسن بن مهاجر، و أحمد بن محمّد الواسطي الغد من يوم مات أحمد بن طولون على أخذ البيعة لأبي الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون، فبدءوا بالعباس بن أحمد بن طولون قبل سائر الناس لأنه أخوه و أكبر منه سنا، فوجهوا إليه عدة من خواصّ خدم أبيه يستحضرونه لرأي رأوه فلما وافى العباس قامت الجماعة إليه و صدروه و أبو الجيش داخل قاعد في صدر مجلس أبيه، فعزاه الواسطي و بكى و بكت الجماعة، ثم أحضر المصحف، و قال الواسطي للعباس: تبايع أخاك، فقال العباس: أبو الجيش، فديته ابني و ليس يسومني هذا، و من المحال أن يكون أحد أشفق عليه مني، فقال الواسطي: ما أصلحتك هذه المحبة أبو الجيش أميرك و سيدك، و من استحق بحسن طاعته لك التقديم عليك، فلم يبايع العباس فقام طبارجي و سعد الأيسر (1)،فأخذا سيفه و منطقته و عدلا به إلى حجرة من الميدان فلم يخرج منها إلاّ ميتا، و بايع الناس كلهم لأبي الجيش و أعطاهم البيعة و أخرج مالا عظيما ففرقه على الأولياء و سائر الناس، و صحت البيعة لأبي الجيش يوم الاثنين لاثنتي عشرة خلت من ذي القعدة سنة سبعين و مائتين.
أخبرنا أبو سعد أحمد بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي في كتابه، أنا أبو عبد اللّه محمّد بن علي الصوري، إجازة، أنا عبد اللّه بن أبي الزبر قراءة عليه، نا أبو الفتح عبد الواحد بن محمّد بن أحمد بن مسرور البلخي (2) إجازة، حدّثني علي بن محمّد المادرائي (3)،حدّثني أبو علي الحسين بن أحمد المادرائي (4) عم أبي المعروف بأبي زنبور، قال: كان أبو الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون يتنزه في مرج عذراء (5)بدمشق، قال أبو محمّد: و كان أبو زنبور عامل أبي الجيش، قال: فغنى له المعزفانيّ في الليل صوتا أبدل منه كلمة و الصوت:
قد قلت لما هاج قلبي الذّكرى *** و أعرضت وسط السماء الشّعرى
كأنها ياقوتة في مذرى *** ما أطيب الليل بسرّمن رأى (6)
ص: 46
فجعله المعزفاني: ما أطيب الليل بمرج عذرا.
فأمر له أبو الجيش بمائة ألف دينار، قال أبو زنبور: فقلت: أيها الأمير تعطي مغني في بدل كلمة مائة ألف دينار و تضايق المعتضد؟ قال: فقال لي: فكيف أعمل، و قد أمرت و ليس أرجع ؟ فقلت له: تجعلها مائة ألف درهم، قال: فقال لي: أفعل اطلقها له معجلة يعني المائة الألف درهم، و ما بقي له يبسطها (1) له في سنين - يعني المائة ألف دينار - حتى تصير إليه.
قال الصوري: و أخبرنا أبو الفتح بن مسرور إجازة، حدّثني أبو محمّد، حدّثني أبي، قال: كنت مع أبي الجيش خمارويه بن أحمد، و هو في الصيد على نهر ثورا (2)بدمشق فانحدر من الجبل أعرابي عليه كساء فجاء حتى أخذ بشكيمة لجامه و هو منفرد على يده بازي، فنفر البازي فصاح عليه الغلمان فقال لهم: دعوه فقال له: أيها الملك، قف و استمع، فقال له: قل، فقال (3):
إنّ السّنان و حدّ السيف لو نطقا *** لحدّثا عنك بين الناس بالعجب
أفنيت (4) مالك تعطيه و تنهبه *** يا آفة الفضّة البيضاء و الذهب
قال: فالتفت أبو الجيش إلى الخادم الذي معه الخريطة فقال: فرّغها، قال: و كان رسم الخريطة خمس مائة دينار، ففرغها في كسائه، فقال له: أيها الملك، زدني، فالتفت إلى الغلمان فقال لهم: اطرحوا سيوفكم و مناطقكم عليه، قال: فطرحوا، قال: فقال له:
أيها الملك أثقلتني فقال: أعطوه بغلا يحمله عليه، قال: فلما انصرف أمرني أن أعطي كلّ من طرح سيفه و منطقته عليه سيفا و منطقة ذهب، قال: فصنعناها لهم و دفعناها إليهم.
قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف، و أنبأنيه أبو القاسم علي بن إبراهيم، و أبو الوحش سبيع بن المسلّم عنه، أنا أبو الفتح إبراهيم بن علي بن سيبخت، نا محمّد بن أحمد بن إبراهيم بن قريش الحكيمي، حدّثني محمّد بن يوسف الطولونى، قال: أراني
ص: 47
فرهيوه كاتب ابن مهاجر ثبّت ما حمل إلى الحضرة للمعتمد، و فرق في جماعة لأربع سنين أولهن سنة اثنتين و ستين و مائتين، و آخرهن سنة ست و ستين و مائتين، مما نفذت به سفاتج (1) و لم تظهر تفريقه، فكان في جملته ألفا ألف دينار، و مائتا ألف دينار - يعني من جهة أحمد بن طولون-، قال: فقلت له: أيما كان أوسع نفقة أحمد أو أبو الجيش ؟ فقال لي: كان أبو الجيش أوسع صدرا و أكثر نفقة، و أحمد كان يجدّ في نفقته، و أبو الجيش يهزل فيها.
قرأت بخط أبي الحسين الرازي، قال أبو الفتح علي بن الفتح الكاتب المعروف بالمطوق: كان من دهاء عبيد اللّه بن سليمان بن وهب الوزير أنه لم يترك للمعتضد عدوا إلاّ أصلح الحال بينه و بينه، قال: فكاتب عبيد اللّه بن سليمان خمارويه بن أحمد بن طولون، و كان متغلبا على أعمال المغرب، كلها من حدّ الرّحبة إلى أقصى الأرض في المغرب في الصلح على أن يقتصر خمارويه على أعمال حمص و دمشق و الأردن و فلسطين و مصر و برقة، و ما والاها مما كان في يده، و تخلى عن ديار مضر و قنّسرين و العواصم و طريق الفرات و الثغور، فأجابه إلى ذلك، و كتب به سجلا أشهد فيه على المعتضد باللّه و على خمارويه بن أحمد، و وقع من كل واحد منهما مرضاة (2).
قال أبو الحسين: و حدّثني إبراهيم بن محمّد بن صالح الدمشقي (3)،قال: كان أبو الجيش كثير اللّواط بالخدم معجبا به مجترئا على اللّه عز و جل في ذلك، و بلغ من أمره في اللّواط بهم أنه دخل مع خدم له الحمام، فأراد من واحد منهم الفاحشة فامتنع الخادم و استحيا من الخدم الذين معه في الحمام، فأمر أبو الجيش أن يدخل في دبره يد كرنيب (4) غليظ مدور ففعل ذلك به، فما زال الخادم يضطرب و يصيح في الحمام حتى
ص: 48
مات، فبغضه سائر الخدم و شنفوه (1) و تبرموا (2) به و استقبحوا ما كان يفعله بهم و أنفوا من ذلك، فاستفتوا العلماء في حدّ اللوطي فقالوا: حدّه القتل، فتواطأ على قتله بعد الفتيا جماعة من خدمه فقتلوه ليلة الأحد لليلتين بقيتا إلى العيد من ذي الحجة (3) سنة اثنتين و ثمانين و مائتين في قصره بدير المرّان (4) خارج مدينة دمشق، و هربوا على طريق البرية على أن يوافوا بغداد فخرج خلفهم طغج بن جفّ فأخذهم و أدخلهم إلى دمشق مشهورين (5) و ذهب بهم إلى طريق دير المرّان طريق القصر فضرب أعناقهم و صلبهم بالقرب من قصر أبي الجيش.
و ذكر أبو جعفر محمّد بن الأزهر البغدادي غير هذا، حكى: أن إبراهيم بن أحمد المادرائي أتى مدينة السلام مقبلا من دمشق على طريق البرية فأعلم السلطان أن أبا الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون اتّهم خادما له من خواصّ خدمه بجارية له و أنه تهدده و تواعده أن يقتله فلما حذر الخادم على نفسه استغوى جماعة من الخدم الخاصة و حضّهم على قتله، فأجمعوا على ذلك في ليلتهم و شرب خمارويه ذلك اليوم شربا كثيرا فاحتملوه و أدخلوه بيت مرقده، فلما كان في الليل ذبحوه ذبحا، و أصبح أهل الدار فلم يروا حركته و لا رأوه يقوم في وقته ففتشوا عن أمره فأصابوه مذبوحا فجاءوا بجيش ابنه فوقفوه عليه و قرّر الخدم فأقرّوا بذلك فضرب أعناقهم و صلبهم و دعا الجند و الموالي إلى بيعته فبايعوه (6) و انصرف من دمشق إلى مصر (7).
و قال أحمد بن الخير: إن أبا الجيش حمل في تابوت من دمشق إلى مصر، و دفن
ص: 49
إلى جانب قبر أبيه أحمد بن طولون، و ذكر غيره أن (1) أبا الجيش قتل ليلة الأحد لليلتين بقيتا من ذي القعدة سنة اثنتين و ثمانين و مائتين بدمشق، قتله خدمه طاهر، و لؤلؤ، و ناشئ، و شابور، و محافظ ، و نظيف فقتلوا جميعا.
قرأت على أبي محمّد السلمي، عن أبي محمّد التميمي، أنا أبو الحسن مكي بن محمّد، أنا أبو سليمان الربعي، قال: و فيها - يعني سنة اثنتين و ثمانين و مائتين - قتل أبو الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون بدمشق آخر ذي القعدة.
أنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني، نا عبد العزيز الكتاني، نا أبو نصر بن الجبّان، نا عبد الوهاب بن الحسن، عن أبيه، قال: لحقنا غلاء في بعض السنين، قال: فخرجت إلى حمص أشتري لأهلي قوتا، فأتيت حمص فنزلت بها و دخلت جامعها، فإذا رجل مؤذن قد عرفني و أضافني عنده في المأذنة و كانت ليلة مقمرة، قال: فلما كان وقت السحر الأول قام يؤذن، فانتبهت فقمت، فأشرفت من المأذنة فإذا بكلب قد أقبل إلى كلب عند المأذنة فقام إليه فقال له: من أين جئت قال: من دمشق الساعة قال له: و ما رأيت فيها؟ قال: الساعة قتل أبو الجيش بن طولون، قال: و من قتله ؟ قال: بعض غلمانه، قال: فقلت للمؤذن: أ لا تسمع ما أسمع ؟ قال: نعم، و أصبحنا، قال: فورّخت ذلك اليوم عندي، ثم إني سرت إلى دمشق فوجدت الخبر صحيحا و أنه قتل في تلك الساعة التي حدّث بها الكلب.
قرأت بخط أبي الفرج غيث بن علي فيما حكاه على غالب ظنه، عن أبي أحمد بن بكر الطّبراني، قال: سمعت عبد المنعم بن عبد الملك يذكر عن بعض من حدّثه: أن أبا الجيش بن طولون لما مات دفنوه بحوران (2)،و أراه قال قريبا من قبر أبي عبيد البسري (3)،و أنه رئي (4) بعد ذلك في المنام فقيل له: ما فعل اللّه بك ؟ قال: غفر لي و رحمني، فقيل له: بما ذا؟ فقال: عادت عليّ بركة مجاورة قبر أبي عبيد البسري.
ص: 50
بعثه معاوية من دمشق إلى العراق ليأتيه بيزيد بن ربيعة بن مقرح الحمري (1) من جيش ابن زياد بالعراق، له ذكر في خبر، و يقال حمحام بالحاء، و يقال إن الذي بعثه يزيد بن معاوية، فاللّه أعلم.
2026 - خنّابة (2) و يقال حنابة بن كعب العبشمي (3)
أحد الشعراء المعمرين دخل على معاوية و أنشده من شعره.
قرأت على أبي محمّد عبد الكريم بن حمزة، عن أبي بكر الخطيب، أنا أبو منصور محمّد بن علي بن إسحاق الكاتب، خازن دار العلم، أنا أبو بكر أحمد بن بشر بن سعيد الخرقي، نا أبو روق أحمد بن محمّد بن بكر الهزّاني، نا أبو حاتم السجستاني (4)،قال:
ص: 51
ذكر العمري، حدّثني عطاء بن مصعب، عن الزّبرقان، قال عطاء: سمعته أنا و خلف الأحمر عنه قال: دخل خنّابة بن كعب العبشمي على معاوية حين اتّسق له الأمر ببيعة يزيد، و قد أتت لخنّابة يومئذ أربعون و مائة سنة، فقال له معاوية: يا خنّابة كيف نفسك اليوم ؟ فقال: يا أمير المؤمنين أمتعني اللّه بك (1):
عليّ لسان صارم إن هززته *** و ركني ضعيف و الفؤاد موفر
كبرت و أفنى الدهر حولي و قوتي *** فلم يبق إلاّ منطق ليس يهذر
و بين الحشا قلب كميّ مهذب *** متى ما يرى اليوم العشنزر يصبر
أهمّ بأشياء كثير فيعيقني *** مشيئة نفس أنها ليس تقدر
تلعبت الأيام بي فتركنني *** أجب السنام حائرا حين انظر
أرى الشخص كالشخص و الشيخ مولع *** يقول أرى و اللّه ما ليس يبصر
و قال خنابة لابنيه حين كبر و حالا بينه و بين ماله (2):
ما أنا إن أحسنتما لي و حلتما *** عن العهد بالغر (3) الصغير فأجزع
جزيت من الغايات تسعين حجّة *** و خمسين حتى قيل أنت المقزّع
المقزع: المسود.
قرأت على أبي محمّد السّلمي عن أبي نصر بن ماكولا، قال (4):و أمّا خنّابة - أوله خاء معجمة مكسورة و بعدها نون مشددة مفتوحة (5) و بعد الألف باء معجمة بواحدة، فهو خنّابة بن كعب العبشمي شاعر من المعمرين، أدرك معاوية و قد بلغ مائة و أربعين سنة، ذكره أبو حاتم في المعمرين.
ص: 52
2027 - خويلد بن خالد بن محرّث (1) بن أسد (2)
ابن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن غنم (3)
ابن سعد بن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر
أبو ذؤيب الهذلي (4)
شاعر مجيد مخضرم و أدرك الجاهلية و قدم المدينة عند وفاة النبي صلى اللّه عليه و سلّم و أسلم فحسن [إسلامه] (5) و غزا الروم في خلافة عمر بن الخطاب، و مات ببلاد الروم (6)،و كان أشعر هذيل، و كانت هذيل أشعر أحياء العرب، روى عنه صعصعة والد الهرماس الهذلي.
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع بن علي، أنا أبو عبد اللّه بن مندة، أنا عبد الرّحمن بن عبد اللّه الدّينوري، نا محمّد بن عمرو المكي، نا عبد اللّه بن محمّد البلوي، نا عمارة بن يزيد، نا إبراهيم بن سعد، نا أبو الأكارم الهذلي، عن الهرماس بن صعصعة الهذلي، عن أبيه، قال: حدّثني أبو ذؤيب الشاعر قال: قدمت
ص: 53
المدينة و لأهلها ضجيج بالبكاء كضجيج الحجيج أهلّوا (1) جميعا بإحرام، فقلت: مه، فقالوا: هلك رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم، لم يزد عليه (2).
و قد أخبرناه أبو محمّد عبد الرّحمن بن أبي الحسن بن إبراهيم، أنا أبو الفضل أحمد بن علي بن طاهر بن الفرات، أنا رشأ بن نظيف المقرئ، أنا عبد الوهاب بن جعفر بن علي الميداني، أنا أبو سليمان محمّد بن عبد اللّه بن أحمد بن زبر، أنا أبي، أنا محمّد بن عبد السلام البصري، نا محمّد بن إسحاق المديني، نا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، حدّثني أبي، عن محمّد بن إسحاق، قال: حدّثني أبو الأكارم الهذلي، عن الهرماس بن صعصعة الهذلي، عن أبيه أن أبا ذؤيب الشاعر الهذلي حدّثه قال: بلغنا أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم عليل، وقع ذلك إلينا عن رجل من الحي، قدم مغتمّا، فأوجس أهل الحي خيفة، و أشعرنا حزنا، فبت بليلة باتت النجوم طويلة الإباء (3)،لا ينجاب ديجورها (4)، و لا يطلع نورها، فظللت (5) أقاسي طولها، و أقارن غولها (6)،حتى إذا كان دوين السفر (7) و قرب السحر خفت فهتف الهاتف و هو يقول (8):
خطب أجلّ أناخ بالإسلام *** بين النخيل و معقد الآطام
قبض النبيّ محمّد فعيوننا *** تذري الدموع عليه بالتّسجام (9)
قال أبو ذؤيب: فوثبت من نومي فزعا، فنظرت إلى السّماء فلم أر إلاّ سعد الذابح، فتفاءلت به ذبحا يقع في العرب، و علمت أن النبي صلى اللّه عليه و سلّم قد قبض، أو هو ميت، فركبت ناقتي و سرت، فلما أصبحت طلبت شيئا أزجره (10) فعنج لي شيهم - يعني القنفذ - قد قبض على صلّ - يعني الحيّة - فهو يلتوي عليه، و الشّيهم يقضمه حتى أكله، فزجرت
ص: 54
ذلك، و قلت: تلوّي الصّل انفتال الناس عن الحق على القائم بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم، ثم أوّلت أكل الشّيهم إيّاه غلبة القائم على الأمر، فحثثت ناقتي، حتى إذا كنت بالعالية (1)زجرت الطائر، فأخبرني بوفاته و نعب غراب سانح فنطق بمثل ذلك، فتعوذت من شرّ ما عنّ لي في طريقي، و قدمت المدينة، و لأهلها ضجيج بالبكاء، كضجيج الحجيج إذا أهلّوا بالإحرام، فقلت: مه ؟ فقيل: قبض رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم، فجئت إلى المسجد فوجدته خاليا، فأتيت بيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم فأصبته مرتجا، و قد خلا به أهله، فقلت: أين الناس ؟ فقيل لي: هم في سقيفة بني ساعدة، صاروا إلى الأنصار، فجئت إلى السّقيفة، فأصبت أبا بكر، و عمر، و أبا عبيدة بن الجرّاح، و سالما، و جماعة من قريش، و رأيت الأنصار فيهم سعد بن عبادة و معهم شعراؤهم: حسان بن ثابت، و كعب و ملأ منهم، فأويت إلى قريش، و تكلّمت الأنصار، فأطالوا الخطب و أكثروا الصواب، و تكلم أبو بكر، فلله من رجل لا يطيل الكلام، و يعلم مواضع فصل الخصام، و اللّه لتكلم بكلام لا يسمعه سامع إلاّ انقاد له، و مال إليه، ثم تكلم بعده عمر بدون كلامه، و مدّ يده فبايعه، و رجع أبو بكر، و رجعت معه.
قال أبو ذؤيب: فشهدت الصّلاة على محمّد صلى اللّه عليه و سلّم، و شهدت دفنه، و لقد بايع الناس من أبي بكر رجلا (2) حلّ قداماها و لم يركب ذناباها (3).
و أنشد أبو ذؤيب يبكي النبي صلى اللّه عليه و سلّم (4):
لما رأيت الناس في أحوالهم (5) *** ما بين ملحود له و مضرّح
فهناك صرت إلى الهموم و من يبت *** جار الهموم يبيت غير مروّح
كسفت لمصرعه النجوم و بدرها *** و تزعزعت آطام بطن الأبطح (6)
ص: 55
و تحركت (1) أكام يثرب كلها *** و نخيلها لحلول خطب مفدح
و لقد زجرت الطير قبل وفاته *** بمصابه و زجرت سعد الأذبح (2)
و زجرت (3) إذ لقب المشحّج سانحا *** متفائلا فيه بفأل أقبح
قال: ثم انصرف أبو ذؤيب إلى باديته فأقام بها.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو محمّد عبد الوهّاب بن علي بن عبد الوهاب بن السّكري البزاز - إجازة - أنا أبو الحسن علي بن عبد العزيز الطاهري - قراءة - أنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن محمّد بن سلام بن راشد الختّلي، أنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي، نا أبو عبد اللّه محمّد بن سلام بن عبيد اللّه بن زياد الجمحي، قال في الطبقة الثالثة من شعراء الجاهلية (4):أبو ذؤيب الهذلي - و هو خويلد بن خالد بن محرّث بن ربيعة بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن غنم بن سعد بن هذيل.
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع بن علي، أنا أبو عبد اللّه بن مندة قال: أبو ذؤيب الهذلي الشاعر روى عنه صعصعة الهذلي.
أخبرنا أبو الحسين بن الفراء، و أبو غالب، و أبو عبد اللّه ابنا البنّا قالوا: أنا أبو جعفر بن المسلمة، أنا أبو طاهر المخلّص، نا أحمد بن سليمان، نا الزّبير بن بكّار، حدّثني حمزة بن عتبة بن إبراهيم اللّهبي، قال: صحب أبو ذؤيب الهذلي عبد اللّه بن الزبير في غزاة إفريقية، فأعجب أبو ذؤيب ما رأى من شجاعة عبد اللّه بن الزبير و صلابته و شدته، فقال يذكره (5):
ص: 56
فأمّا تحبين أن تهجري (1) *** و تنأى نواك و كانت طروحا
و أمّا تحبين (2) أن تهجري *** و تستبدلي بدلا أو نصيحا
فصاحب صدق كسيّد الضّرا *** ء ينهض في الغزو نهضا نجيحا
يريع الغزاة فما أن يزال *** مضطبرا طرفاه طليحا (3)
و شيك الفضول بعيد القفول *** إلاّ مشاحا به أو مشيحا
قد أبقى لك الأين (4) من جسمه *** نواشر سيد و وجها صبيحا
أربت لصحبته (5) فانطلقت *** أزجي لحبّ اللقاء السنيحا
أخبرنا أبو محمّد بن طاوس، أنا رزق اللّه بن عبد الوهاب بن عبد الواحد التميمي، أنا أبو الفرج أحمد بن محمّد بن عمر بن الحسن بن المسلمة - إملاء - أنا أبو عبد اللّه الحسين بن محمّد بن عبيد العسكري، أنا أبو عبد اللّه محمّد بن العباس اليزيدي قال: قال أبو الفضل العبّاس بن الفرج: قال الأصمعي: أبرع بيت قالته العرب قول أبي ذؤيب (6):
و النفس راغبة إذا رغّبتها *** و إذا تردّ إلى قليل تقنع
و أخبرناه أبو محمّد عبد الرّحمن بن أبي الحسن، أنا سهل بن بشر، أنا عبد الوهاب بن الحسن، أنا الحسين بن محمّد بن عبيد، نا محمّد بن العبّاس اليزيدي قال: قال أبو الفضل الرياشي: قال الأصمعي: أبرع بيت قالته العرب قول أبي ذؤيب:
و النفس راغبة إذا رغّبتها *** و إذا تردّ إلى قليل تقنع
ص: 57
أخبرناه أبو القاسم علي بن إبراهيم، أنا رشأ بن نظيف الشاهد، أنا الحسن بن إسماعيل الضراب، أنا أحمد بن مروان الدّينوري، نا إبراهيم الحربي، نا الرياشي قال:
سمعت الأصمعي يقول: أبرع بيت قالته العرب بيت أبي ذؤيب:
و النفس راغبة إذا رغّبتها *** و إذا تردّ إلى قليل تقنع
و أحسن ما قيل في الاستعفاف:
من يسأل الناس يحرموه *** و سائل اللّه لا يخيب (1)
و أحسن ما قيل في حفظ المال قول المتلمّس:
قليل المال تصلحه فيبقى *** و لا يبقى الكثير مع الفساد (2)
و أحسن ما قيل في الكبر:
أرى بصري قد رابني بعد صحّة *** و حسبك داء أن يصحّ و تسلما (3)
و أحسن مرثية قول أوس بن حجر الكندي:
أيتها النفس أجملي جزعا *** إن الذي تحذرين قد وقعا (4)
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، أنا أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد، أنا جدي أبو بكر، أنا أبو محمّد بن زبر، نا الحسن بن عليل، أنشدنا الرياشي، أنشدنا الأصمعي لأبي ذؤيب الهذلي:
و العين (5) ساهمة كأنّ حداقها *** سملت بشرّك فهي عور تدمع
لم يزد على هذا.
أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، و أبو الوحش سبيع بن المسلّم، عن رشأ بن نظيف، أنا أبو الفتح إبراهيم البغدادي، أنا أبو بكر محمّد بن القاسم بن الأنباري،
ص: 58
أنشدني أبو العبّاس أحمد بن يحيى ثعلب لأبي ذؤيب الهذلي يرثي بنين له ماتوا (1):
و إذا المنية أنشبت أظفارها *** ألفيت كلّ تميمة لا تنفع
فالعين بعدهم كأنّ حداقها *** سملت بشوك (2) فهي عور تدمع
و تجلّدي للشامتين أريهم *** أنّي لريب الدّهر لا أتضعضع
حتى كأني للحوادث مروة *** بصفا المشرّق كلّ يوم تقرع
و النفس راغبة إذا رغّبتها *** و إذا تردّ إلى قليل تقنع
قال أبو العباس: المشرّق: نحو مسجد الخيف (3)،و المرو: الحجارة (4).
أخبرنا أبو غالب أحمد، و أبو عبد اللّه يحيى ابنا البنّا، قالا: أنا أبو جعفر بن المسلمة، أنا أبو طاهر المخلّص، أنا أحمد بن سليمان الطوسي، نا الزّبير بن بكّار، حدّثني محمّد بن الضحاك بن عثمان الحرّاني، عن أبيه قال: يقول ابن الزبير: قال أبو ذؤيب الهذلي (5):
و عيّرها الواشون أنّي أحبّها *** و تلك شكاة ظاهر عنك عارها
فإن أعتذر منها فإنّي مكذّب *** و إن تعتذر يردد عليها اعتذارها
أخبرنا أبو محمّد بن طاوس، أنا أبو الغنائم بن أبي عثمان، أنا أبو الحسن بن رزقويه، نا أبو الحسن عبد اللّه بن عمر بن يعقوب الهروي، نا جعفر بن أحمد بن عاصم الدمشقي، نا هشام بن عمّار، نا عثمان بن عبد الرّحمن الجزري، نا عبيد اللّه بن العبّاس، عن جويبر بن سعيد الأزدي، عن الضحاك بن مزاحم في حديث سؤال نافع بن الأزرق لابن عباس، قال:- يعني ابن عباس - أ ما سمعته - يقول: أبو ذؤيب الهذلي - و هو يقول (6):
كأن النصل و الفوقين منه *** خلال الريش سيط به المشيح (7)
ص: 59
فجالت فالتمست به حشاها *** و خر كأنه خوط مريح (1)
قرأت في كتاب أبي الفرج علي بن الحسين بن محمّد (2)،أخبرني محمّد بن الحسن بن دريد، نا السّكن بن سعيد، نا العباس بن هشام، حدّثني أبو عمرو عبد اللّه بن الحارث الهذلي، من أهل المدينة، قال: خرج أبو ذؤيب مع أبيه و ابن أخ له، يقال له أبو عبيد حتى قدموا على عمر بن الخطاب، فقال له: أي العمل أفضل يا أمير المؤمنين ؟ قال: الإيمان باللّه و برسوله، قال: قد فعلت، فأيّه أفضل بعده ؟ قال: الجهاد في سبيل اللّه، قال: ذلك كان عملي (3) و لا أرجو جنة و لا أخاف نارا، ثم خرج فغزا الروم مع المسلمين، فلما قفلوا أخذه الموت (4)،فأراد ابنه و ابن أخيه أن يتخلفا عنه جميعا فمنعهما صاحب السّاقة (5)،و قال ليتخلف عليه أحدكما، و ليعلم أنه مقتول، فاتكلا بينهما من يتخلف عليه، فقال لهما أبو ذؤيب: اقرعا، فطارت القرعة لأبي عبيد فتخلف عليه و مضى ابنه مع الناس، فكان ابن أخيه يحدّث قال: قال لي أبو ذؤيب: يا أبا عبيد، احفر ذاك الجرف برمحك، ثم اعضد من الشجر بسيفك و اجررني إلى هذا النهر، فإنك لا تفرغ حتى أفرغ، فاغسلني و كفّني بكفني، ثم اجعلني في حفيرتك، و انثل (6)عليّ الجرف برمحك، و ألق عليّ الغصون و الحجارة، ثم اتبع الناس، فإن لهم رهجة (7) تراها في الأفق إذا أمسيت كأنّها جهامة (8)،قال: فما أخطأ مما قال شيئا، و لو لا نعته لم أهتد لأثر الجيش، و قال و هو يجود بنفسه (9):
أبا عبيد وقع (10) الكتاب *** و اقترب الموعود (11) و الحساب
ص: 60
و عند رحلي جمل نجاب (1) *** أحمر في حاركه (2) انصباب
ثم مضيت حتى لحقت الناس، فكان يقال: إن أهل الإسلام أبعدوا الأثرة في بلاد الروم، فما كان وراء قبر أبي ذؤيب قبر يعلم للمسلمين.
و قيل إنه مات في غزوة إفريقية.
كتب إليّ أبو طالب بن يوسف، ثم أخبرني أبو المعمر الأنصاري - لفظا - أنا أبو الحسين بن الطّيّوري، قالا: أنا إبراهيم بن عمر البرمكي - زاد ابن الطيوري: و علي بن عمر القزويني - قالا: أنا أبو عمر بن حيّوية، أنا عبيد اللّه بن عبد الرّحمن السكري، نا عبد اللّه بن مسلم بن قتيبة، حدّثني الرياشي عن الأصمعي أنه قال: كان أبو ذؤيب صاحب عبد اللّه بن الزبير في مغزى إلى إفريقية، و مات أبو ذؤيب و دلاّه ابن الزبير في حفرته، و فيه يقول أبو ذؤيب في هذه الغزاة:
و صاحب صدق كسيد الضّرا *** ء انهض في الغزو نهضا صحيحا
و شيك الفضول بعيد القفول *** إلاّ مشاحا به أو مشيحا
شاعر، وفد على الحارث بن شمر الغسّاني متظلما.
أنبأنا أبو الحسن علي بن محمّد بن العلاف.
ح و أخبرني أبو المعمر المبارك بن أحمد الأنصاري عنه.
ح و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو علي بن أبي جعفر، و أبو الحسن بن العلاّف، قالا: أنا عبد الملك بن محمّد بن بشران، أنا أحمد بن إبراهيم، أنا محمّد بن جعفر الخرائطي، نا علي بن الأعرابي، عن بعض شيوخه قال: كان الحارث بن أبي شمر الغسّاني إذا أعجبته امرأة من قيس بعث إليها فاغتصبها نفسها، فبعث إلى الداهرية (3) بنت خويلد بن نفيل بن عمرو بن كلاب فاغتصبها، فأتاه أبوها فقال في ذلك:
ص: 61
يا أيها الملك المخوف أما ترى *** ليلا و صبحا كيف يختلفان
هل تستطيع الشمس أن تأتي بها *** ليلا و هل لك بالمليك يدان
و اعلم و أيقن أن ملكك زائل *** و اعلم بأنّ كما تدين تدان
فقال الحارث: من هذا؟ قالوا: الكلابي المغتصب ابنته، فتذمّم (1) و خاف العقوبة، فردها و أعطاه ثلاثمائة بعير.
كان من أصحاب يزيد بن الوليد، فهرب إلى البصرة حين انتشر أمر يزيد، فلما قتل الوليد بن يزيد قدم دمشق، له ذكر.
أبو يزيد الأسدي الخناصري (2)
من أهل خناصرة.
حدّث بدمشق و حلب عن أبيه محمّد بن هانئ، و عبد اللّه بن خبيق الأنطاكي، و اليمان بن سعيد، و المسيّب بن واضح.
روى عنه: محمّد بن مروان، و أبو بكر محمّد بن الحسين بن صالح بن إسماعيل السّبيعي الحلبي، و أبو بكر محمّد بن الحسن بن أحمد (3) بن إبراهيم بن فيل الأنطاكي (4).
أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة، نا عبد العزيز بن أحمد، أنا تمام بن محمّد، أنا أبو عبد اللّه محمّد بن إبراهيم بن مروان - قراءة عليه - نا أبو يزيد خلاّد بن محمّد بن هانئ بن واقد الأسدي، حدّثني أبي محمّد بن هانئ، نا عبد العزيز بن
ص: 62
عبد الرّحمن القرشي البالسي، نا خصيف، عن عكرمة، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«إن أفضل الهدية - أو أفضل العطية - الكلمة من كلام الحكمة يسمعها العبد، ثم يتعملها ثم يتعلّمها أخاه، خير له من عبادة سنة على نيّتها»[4039].
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا محمّد بن علي بن الحسن بن سكّينة الأنماطي (1)،أنا أبو أحمد محمّد بن عبد اللّه بن أحمد بن القاسم بن جامع الدهّان، أنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن فيل، نا خلاّد بن محمّد بن هانئ بن واقد الأسدي، إمام مسجد خناصرة، حدّثني أبي، نا عبد العزيز بن عبد الرّحمن الطيالسي، نا خصيف، عن سعيد بن جبير، عن معاذ بن جبل قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم يقول:
«من احتكر طعاما على أمّتي أربعين يوما و تصدّق به لم يقبل منه»، الصواب البالسي[4040].
ص: 63
2031 - خيّار (1) بن أوفى، و يقال ابن أبي أوفى النّهدي
شاعر مجيد، دخل على معاوية و أنشده من شعره.
أخبرنا أبو القاسم هبة اللّه بن عبد اللّه بن أحمد الواسطي، أنا أبو بكر الخطيب، أنا أحمد بن عبد الواحد الوكيل، أنا إسماعيل بن سعيد المعدّل، نا الحسين بن القاسم الكوكبي، نا ابن أبي الدنيا، أنا العباس بن بكّار، عن عيسى بن يزيد قال: دخل خيّار بن أوفى النهدي على معاوية فقال (2):ما صنع بك الدهر؟ قال: ضعضع (3) قناتي و شتت سراتي (4)،و جرّأ عليّ عداتي (5)،قال: فأنشدني ما قلت في الخمر و النهي عنها، فقال:
أنهد بن زيد ليس في الخمر رفعة *** فلا تقربوها إنني غير فاعل
فإني وجدت الخمر شينا و لم يزل *** أخو الخمر حلالا شرار المنازل
فكم قد رأينا من فتى ذي جهالة *** صحا بعد أزمان و طول تجاهل
و من سيّد قد قنّعته خزاية *** فعاد (6) ذليلا ضحكة في المحافل
ص: 64
فلله أقوام تمادوا بشربها *** فأضحوا و هم أحدوثة في القوافل
فقال معاوية: صدقت و اللّه لكم من سيّد أدمنها فتركته ضحكة و أحدوثة، و من ذي رغبة فيها قد صحا عنها فصار سيد قومه و غيرهم، و اللّه ما وضع شيء قط الرجل كما وضعه الشراب، و اللّه لهي الداء العياء، و ما رأيت كذي عقل شربها أو رأى من شربها فعاد لشربها، و قد علم ما فيها من العار و الشّنار، و إنها لهي الداعية إلى كل سوأة (1)و الحاملة على كل بليّة، و المحسّنة لكل قبيح، و ما هي بأكرومة، و ما يريد اللّه بها خيرا، و إنها لتورّث الفقر و الفاقة و تحمل على العظيمة و تزري بالكريم.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، أنا رشأ بن نظيف، أنا الحسن بن إسماعيل بن محمّد، نا أحمد بن مروان الدّينوري، نا محمّد بن عبد العزيز، نا - (2) عن النضر، عن عمر بن الحسن، عن أبيه، قال: دخل ابن أبي أوفى النهدي على معاوية بن أبي سفيان و كان كبير السن فقال له معاوية لقد غيّرك الدهر.[فقال له:] (3) يا أمير المؤمنين، ضعضع قناتي، و شتت شواتي (4) و أفنى لذاتي (5) و تجرأ عليّ عداتي، و لقد بقيت زمانا آنس الأصحاب (6)،و أسبل الثياب، و آلف الأحباب، فبادوا عني، و دنا الموت مني.
قال: الشوي: جلدة الرأس، و الشوي: اليدان و الرجلان.
قال لنا أبو القاسم الواسطي، قال لنا أبو بكر الخطيب: و أما: خيار بالخاء المعجمة المكسورة و الياء المعجمة باثنتين من تحتها خيار بن أوفى النهدي شاعر كان في زمن معاوية بن أبي سفيان.
قرأت على أبي محمّد السلمي، عن أبي نصر بن ماكولا، قال (7) في باب خيار بالخاء المعجمة و الراء خيار بن أوفى النهدي، شاعر، له مع معاوية خبر.
ص: 65
كان في صحابة عمر بن عبد العزيز.
و حكى عنه أخوه موسى بن رياح (1).
قرأت على أبي غالب بن البنّا، عن أبي محمّد الجوهري، أنا أبو عمر بن حيّوية، أنا سليمان بن إسحاق الجلاب، نا الحارث بن أبي أسامة، نا محمّد بن سعد (2)،أنا مسلم بن إبراهيم، نا عثمان بن عبد الحميد بن لا حق، نا موسى بن رياح بن عبيدة، عن أخيه الخيار، قال: كنت في مجلس، قال: فجاءنا عمر بن عبد العزيز - قال: و ذلك قبل أن يستخلف - فقعد و لم يسلّم، قال: فذكر فقام فسلّم ثم قعد.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنا محمّد بن هبة اللّه، أنا محمّد بن الحسين، أنا عبد اللّه بن جعفر، نا يعقوب (3)،نا ابن بكير، و أبو زيد نحوه، قالا: نا يعقوب - يعني ابن عبد الرّحمن-، عن أبيه أن عبد اللّه بن عمر بن عبد العزيز أتى إلى أبيه - و هو خليفة - يستكسي أباه، فقال: يا أبة اكسني، فقال: اذهب إلى الخيّار بن رياح (4) البصري فإن عنده ثيابا فخذ منها ما بدا ذلك، قال: فذهب إلى الخيار بن رياح (5) فقال: إني استكسيت أبي فأرسلني إليك و قال لي: إن لي عند الخيار بن رياح ثيابا، فقال: صدق أمير المؤمنين فأخرج إليه ثيابا سنبلانية (6) أو قطريّة (7)،فقال: هذا ما لأمير المؤمنين عندي،[فخذ منها] (8) فرجع عبد اللّه بن عمر إلى أبيه عمر بن عبد العزيز، فقال: يا أبتاه استكسيتك فأرسلتني إلى الخيار بن رياح، فأخرج لي ثيابا ليست من ثيابي، و لا من ثياب قومي، قال: فذاك ما لنا عند الرجل، فانصرف
ص: 66
عبد اللّه بن عمر حتى إذا كاد أن يخرج ناداه فقال: هل لك أن أسلفك من عطائك مائة درهم ؟ قال: نعم يا أبتاه، فأسلفه مائة درهم، فلما خرج عطاؤه حوسب بها فأخذت منه.
أخبرنا أبو الفضل بن ناصر، أنا أبو طاهر أحمد بن علي الدقاق، و أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار، قالا: أنا الحسين بن علي الطناجيري، نا محمّد بن إبراهيم الدارمي، نا عبد الملك بن بدر بن الهيثم، نا أحمد بن هارون الحافظ ، قال في الطبقة الثالثة من الأسماء المنفردة: خيار بن عبيدة أخو رياح بن عبيدة شامي هو خيار بن رياح بن عبيدة لا أخوه و قد سمي بهذا الاسم غيره.
قرأت على أبي غالب بن البنّا، عن أبي الفتح بن المحاملي، أنا أبو الحسن الدار قطني ح.
و أخبرنا أبو غالب، و أبو عبد اللّه ابنا البنّا، قالا: أنا أبو الحسين بن الآبنوسي، عن أبي الحسن الدار قطني ح.
قال الخيار بن رياح بن عبيدة بصري، روى عنه أخو [ه] موسى بن رياح (1).
قرأت على أبي محمّد السلمي، عن أبي زكريا عبد الرحيم بن أحمد بن نصر البخاري ح.
و حدّثنا خالي القاضي أبو المعالي محمّد بن يحيى، نا نصر بن إبراهيم المقدسي، أنا أبو زكريا البخاري، أنا عبد الغني بن سعيد، قال: خيار بن رياح (2) بن عبيدة، عن أبيه.
قرأت على أبي محمّد السّلمي، عن أبي نصر بن ماكولا، قال (3) في باب خيار بالخاء المعجمة و الياء: خيار بن رياح بن عبيدة بصري يحدّث عن أبيه، روى عنه أخوه موسى بن رياح (4).
ص: 67
- و يقال: خيثمة بن سليمان بن الحرّ بن حيدرة - بن سليمان
ابن هزان بن سليمان بن حيّان - و يقال: خيثمة بن سليمان
ابن حيدرة بن سليمان بن داود بن خيثمة -
أبو الحسن القرشي الأطرابلسي (1)
أحد الثقات المكثرين الرحّالين في طلب الحديث، سمع بالشام و اليمن و بغداد و الكوفة و واسط .
حدّث عن العباس بن الوليد بن مزيد البيروتي، و يحيى بن أبي طالب جعفر بن الزّبرقان، و أبي عتبة الحجازي، و أبي بكر الحسين بن محمّد بن أبي معشر، و إبراهيم بن عبد اللّه بن عمر القصّار، و محمّد بن الحكم (2) القطري الرّملي، و الحسن بن مكرم، و أبي عبيدة السّري بن يحيى الكوفي، و محمّد بن عوف الطائي، و محمّد بن عيسى بن حيان المدائني، و إسحاق بن سيار النّصيبي، و أبي إسماعيل (3)محمّد بن إسماعيل الترمذي، و عثمان بن خرّزاد، و عبد اللّه بن أحمد بن حنبل، و عبد العزيز بن معاوية البغدادي، و أبي عبد اللّه أحمد بن محمّد بن غالب، و أبي الحسن أحمد بن إبراهيم بن فيل، و أبي الحسين خلف بن محمّد بن عيسى كردوس، و أبي يحيى بن أبي مسرّة (4)،و محمّد بن مسلمة الواسطي، و أبي قلابة الرقاشي (5)،
ص: 68
و يعقوب بن يوسف القزويني، و محمّد بن غالب بن حرب تمتام، و محمّد بن أحمد بن أبي العوّام الرياحي، و عبد الكريم بن الهيثم، و محمّد بن سعد العوفي، و أحمد بن حازم بن أبي غرزة (1)،و أبي عوف عبد الرّحمن بن مرزوق البزوري (2)،و عبيد بن محمّد الكشوري، و أبي محمّد عبد الرّحمن بن عبد الحميد بن فضالة، سمع منه بدمشق، و أبي الوليد بن برد الأنطاكي، و أحمد بن محمّد بن أبي الخناجر، و محمّد بن علي بن زبر الصائغ، و أحمد بن محمّد بن يحيى بن حمزة، و سليمان بن عبد الرّحمن (3) البهراني، و أحمد بن المعلى بن يزيد، و الحسين بن الحكم الحيري، و إسحاق بن إبراهيم الدّبري، و أبي قرصافة محمّد بن عبد الوهاب العسقلاني، و أبي الحسن علي بن عبد اللّه بن موسى القراطيسي علاّن الواسطي، و محمّد بن علي الطبري بصور، و أبي علي بن قيراط ، و نجيح بن إبراهيم النّخعي، و موسى بن عيسى بن المنذر (4).
روى عنه: أبو علي محمّد بن القاسم بن أبي نصر، و أبو الحسن بن داود الدّاراني المقرئ، و عبد الوهاب الكلابي، و أبو بكر بن أبي الحديد، و أبو الحسين بن جميع، و تمام بن محمّد، و أبو محمّد بن أبي نصر، و الحسن بن جبارة الضّرّاب، و أبو عبد اللّه بن أبي كامل، و أبو الحسن أحمد بن محمّد بن سلامة الستيني، و علي بن محمّد بن أحمد بن إدريس الأنماطي، و أبو الحسن محمّد بن يوسف البغدادي الأخباري الأديب، و عبد اللّه (5) بن محمّد بن عبد الغفار بن ذكوان البعلبكي، و أحمد بن عبد اللّه بن حميد بن رزيق (6)،و القاضي أبو الحسن علي بن محمّد بن إسحاق بن يزيد الحلبي، و أبو عبد اللّه محمّد بن عبد الصمد بن محمّد بن لاو الزرافي، و أبو عبد اللّه محمّد بن جعفر بن عبيد اللّه الكلاعي، و أبو نصر عبد اللّه بن محمّد بن بندار الهمداني، و عبد اللّه بن محمّد بن أيوب القطان، و أبو حفص بن شاهين، و أبو بكر
ص: 69
أحمد بن إبراهيم بن تمام بن حيان السكسكي المقرئ (1).
و ذكر أبو عبد اللّه بن أبي كامل: أن مولده سنة خمسين و مائتين (2).
أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة، نا عبد العزيز بن أحمد - لفظا - و أبو القاسم عبيد اللّه بن عبد اللّه بن هشام بن سوّار العنسي الداراني قراءة عليه، قالا: أنا أبو محمّد عبد الرّحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر، قال أملى علينا أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة القرشي الأطرابلسي في يوم الجمعة في مسجد الجامع بدمشق في شهر ربيع الآخر سنة ثلاث و أربعين و ثلاثمائة، نا يحيى بن أبي طالب، نا علي بن عاصم، أنا عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد اللّه بن عمر، عن النبي صلى اللّه عليه و سلّم قال:«إن رجلا في الجاهلية جعل يتبختر و عليه حلّة قد لبسها فأمر اللّه الأرض فأخذته، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة»[4041].
قرأت على أبي محمّد السّلمي، عن أبي زكريا البخاري ح.
و حدّثنا خالي أبو المعالي القاضي، نا نصر بن إبراهيم، أنا أبو زكريا، أنا عبد الغني بن سعيد، قال في باب حيدرة بالحاء و الياء: خيثمة بن سليمان بن حيدرة الطرابلسي (3).
أخبرنا أبو نصر الحسن بن محمّد بن إبراهيم الأصبهاني، أنا أبو الفضل المقدسي الحافظ ، أنا أبو الحسن (4) بن مكي بن الحسن الشيزري - بحلب - أنا أبو عبد اللّه الحسين بن عبد اللّه بن محمّد بن إسحاق بن أبي كامل (5)-بأطرابلس الشام - قال (6):
سمعت خيثمة بن سليمان بن حيدرة يقول: كنت في البحر و قصدت جبلة (7) أسمع من يوسف بن بحر و خرجت منها أريد أنطاكية لأسمع من يوسف بن سعيد بن المسلم،
ص: 70
فلقينا مركب من مراكب العدو فقاتلناهم، و كنت ممن قاتل، فسلّم المركب قوم من مقدّمه، فأخذوني فضربوني ضربا وجيعا، و كتبوا أسماء الأسرى، فقالوا لي: اسمك ؟ قلت: خيثمة، قالوا: ابن من ؟ قلت: قلت ابن حيدرة، فقالوا: اكتب حمار بن حمار، قال: فلما ضربوني سكرت و نمت، فرأيت في النوم كأني في الآخرة، و كأني انظر إلى الجنة و على بابها من الحور العين جماعة يتلاعبن، فقالت إحداهن لي: يا شقيّ أيش فاتك، فقالت الأخرى: أيش فاته ؟ قالت: لو كان قتل مع أصحابه كان في الجنة مع الحور العين، فقالت لها الأخرى: يا فلانة لأن يرزقه اللّه الشهادة في عزّ من الإسلام و ذلّ من الشرك خير من أن يرزقه شهادة في ذل من الإسلام و عزّ من الشرك، ثم انتبهت و جعلت في الأسرى، فرأيت في بعض الليالي في منامي كأن قائلا يقول لي: اقرأ بَرٰاءَةٌ مِنَ اللّٰهِ وَ رَسُولِهِ (1)فقرأتها إلى أن بلغت فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ (2)قال:
و انتبهت فعددت من ليلة الرؤيا أربعة أشهر ففكّ اللّه أسري.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، أنا أبو محمّد عبيد اللّه بن إبراهيم بن كبينة النجار إجازة، أنا تمام بن محمّد بن عبد اللّه قراءة عليه، نا أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة الأطرابلسي، قال: كنا في بلاد الروم في الحبس عشرة أنفس فبينا أنا نائم إذا بإنسان يقول: اقرأ، قلت: ما أقرأ؟ قال: اقرأ بَرٰاءَةٌ مِنَ اللّٰهِ وَ رَسُولِهِ فقرأت إلى أن بلغت فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي (3) اللّٰهِ وَ أَنَّ اللّٰهَ مُخْزِي الْكٰافِرِينَ فانتبهت، فقال لي أصحابي: يا أبا الحسن سمعناك تقرأ ببراءة، فقلت لهم:
سمعتموني ؟ قالوا لي: نعم، تصيح، فبعد ثلاثة أيام جاء فرسان فحملونا إلى رسول الملك ابن طولون خمار قال خيثمة: فلم أزل أعد الأيام يوما يوما إلى تمام أربعة أشهر صرت إلى أطرابلس.
أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل، أنا أبو محمّد عبد اللّه بن الحسن بن حمزة بن الحسن بن أبي فجة (4) البعلبكي، أنا أبو عبد اللّه الحسين بن عبد اللّه بن أبي كامل إجازة، قال: سمعت خيثمة يقول (5):كنت بدمشق فحدثت بحديث سفيان
ص: 71
الثوري، عن طلحة بن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس أن النبي صلى اللّه عليه و سلّم قال:«التمسوا الخير عند حسان الوجوه» فأنكر القاضي البلخي هذا الحديث[4042].
و كتب ابن عقدة بالكوفة و أنفذ فيها قاصدا يسأله عن هذا الحديث فكتب ابن عقدة إليه قد كان السري بن يحيى حدّث بهذا الحديث في يوم كذا و كذا في شهر كذا و كذا في سنة كذا و كذا، فإن كان هذا الشيخ قد حضر في ذلك فقد سمعه فأنفذ البلخي و أنا مقيم بدمشق: أن أنفذ إليّ الأصل، فأنفذته إليه فوافق ما كتب به ابن عقدة من التاريخ، فاستحلني البلخي، فلم أحله، قال أبو عبد اللّه: حدّثنا به خيثمة، نا السري بن يحيى، عن قبيصة، عن سفيان، و ذكره.
قرأت بخط أبي الفرج غيث بن علي، سألت أبا بكر الخطيب عن خيثمة بن سليمان فقال: ثقة ثقة، قلت: يقال إنه كان يتشيع، فقال: ما أدري غير أنه قد جمع فضائل الصحابة لم يخصّ واحدا عن الآخر (1).
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، نا عبد العزيز بن أحمد الكتاني، قال: وجدت في كتاب عبيد بن أحمد بن فطيس والد شيخنا سعيد: توفي أبو الحسن خيثمة بن سليمان الأطرابلسي في ذي القعدة سنة ثلاث و أربعين و ثلاثمائة و ذكر أنه سأله عن مولده فذكر أن مولده سنة سبع و عشرين (2).
و قال غيره: سمع الحديث على كبر سنه سبع عشرة و مائتين، سمع بعد الستين و مائتين، و حدّث عن شيوخ الشام و الساحل و حمص و دمشق و غيرهم من الكوفيين و البغداديين حدّث عن العباس بن الوليد البيروتي، و عن أحمد بن الفرج الحمصي، و محمّد بن عوف الطائي الحمصي، و إسحاق بن سيار النصيبي و غيرهم، ثقة مأمون.
كان يذكر أنه من العبّاد غير أن بعض الناس رماه بالتشيع، حدّثنا عنه أبو القاسم صدقة بن محمّد بن مروان القرشي، و أبو نصر حديد بن جعفر الرماني، و عبد الرّحمن بن عمر بن نصر و عده غيرهم، و ذكر ابن فطيس أنه مات و هو ابن مائة و ستة (3) و عشرين سنة، و ذكر غيره أنه توفي في رجب من هذه السنة، فاللّه أعلم.
ص: 72
أبو بكر الكلبي الكيساني الأصم
من أهل دمشق، روى عن الأوزاعي، و زهير بن محمّد، و إبراهيم بن العلاء بن محمّد، و حمّاد بن سلمة.
روى عنه: ابنه عمرو بن خيران، و أبو عمرو الأوزاعي، و هو شيخه، و أحمد بن عيسى المصري، و روح بن صلاح بن سيابة الحارثي، و عبد العزيز بن عبد اللّه الأويسي، و علي بن حجر، و خالد بن نجيح، و يحيى بن بكير.
أنبأنا أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد بن الحطاب، أنا أبو القاسم علي بن عبد الواحد بن عيسى النّجيرمي، نا أبو الحسن علي بن محمّد بن إسحاق بن يزيد إملاء، نا عبيد اللّه بن الحسين نا يحيى بن صالح ح.
و أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم، نا عبد العزيز بن أحمد، أنا تمام بن محمّد، أنا محمّد بن علي بن أحمد بن أبي فروة الملطي - قراءة عليه - نا عبيد اللّه بن عبد الرّحمن بن الحسين الصابوني القاضي، نا يحيى بن عثمان بن صالح، نا روح بن صلاح بن سيابة الحارثي - زاد ابن المسلّم: من بني الحارث بن كعب من أنفسهم، و قالا:- قال حدّثني خيران بن العلاء الكلبي، عن الأوزاعي، عن مكحول، قال:
سمعت واثلة بن الأسقع الليثي، قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم يقول:«أول من يلحقني من أهلي أنت يا فاطمة، و أول من يلحقني من أزواجي زينب و هي أطولهن كفّا» قال: و كانت
ص: 73
زينب من أعمد الناس لقبال (1) أو شسع (2) أو قربة أو إداوة، و تفتل و تحمل و تعطي في سبيل اللّه. فلذلك قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«أطولكن كفا»[4043].
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن محمّد بن الفضل الحافظ ، أنا أبو إبراهيم أسعد بن مسعود بن علي العتبي بنيسابور، أنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري، نا أبو العباس محمّد بن يعقوب الأصم، نا أبو الدرداء هاشم بن محمّد بن صالح الأنصاري، نا عبد العزيز بن عبد اللّه بن عامر الأويسي، نا حمران (3) بن العلاء الكيساني، ثم الدمشقي، عن زهير بن محمّد، عن ابن شهاب، عن قبيصة بن ذؤيب أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم قال:«لا تكثروا الكلام عند مجامعة النساء، فإنّ منه يكون الخرس و الفأفاء»، كذا و الصواب خيران[4044].
قرأنا على أبي القاسم إسماعيل بن أحمد بن محمّد بن أبي الصقر، أنا هبة اللّه بن إبراهيم بن عمر الصّوّاف، نا أبو بكر أحمد (4) بن محمّد بن إسماعيل بن أحمد بن إبراهيم المهندس، نا أبو بشر محمّد بن أحمد بن حمّاد الدولابي، أنا أحمد بن شعيب، نا علي بن حجر، نا خيران الكلبي أبو بكر الأصم، عن الأوزاعي، عن سليمان بن حبيب، عن ابن عمر، قال: لو أدخلت إصبعي في الخمر ما أحببت أن تتبعني.
و في موضع آخر قال: قال عمر بن عبد العزيز.
أنبأنا أبو الغنائم الحافظ ، ثم حدّثنا أبو الفضل بن ناصر، أنا أبو الفضل الباقلاني، و أبو الحسين الصيرفي، و أبو الغنائم، و اللفظ له، قالوا: أنا أبو أحمد - زاد الباقلاني: و أبو الحسين الأصبهاني، قالا:- أنا أحمد بن عبدان، أنا محمّد بن سهل، أنا محمّد بن إسماعيل، قال (5):خيران الدمشقي الكلبي سمع الأوزاعي، روى عنه أحمد بن عيسى.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الخلاّل، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا حمد بن
ص: 74
عبد اللّه إجازة ح، قال: و أنا أبو طاهر بن سلمة، أنا علي بن محمّد، قالا: أنا أبو محمّد بن أبي حاتم، قال (1):خيران الكلبي الدمشقي، روى عن الأوزاعي، روى عنه أحمد بن عيسى المصري، سمعت أبي يقول ذلك، قال أبو محمّد: هو خيران بن العلاء الكيساني الدمشقي، روى عن زهير بن محمّد، روى عنه عبد العزيز بن عبد اللّه الأويسي.
قرأت على أبي الفضل بن ناصر، عن جعفر بن يحيى، نا أبي نصر الوائلي، أنا الخصيب بن عبد اللّه، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرّحمن، أخبرني أبي، قال: أبو بكر خيران، أنا علي بن حجر، أنا خيران الكلبي أبو بكر الأصم عن الأوزاعي.
و قرأنا على أبي القاسم عن أبي طاهر الأنباري، أنا أبو القاسم الصّوّاف، أنا أبو بكر المهندس، أنا أبو بشر الدولابي، قال: أبو بكر خيران الكلبي يروي عنه علي بن حجر.
كتب إليّ أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن مندة، و حدّثني أبو بكر اللفتواني عنه، أنا أبو القاسم بن مندة، عن أبيه أبي عبد اللّه، قال: قال لنا أبو سعيد بن يونس:
خيران بن العلاء الكيساني يكنى أبا بكر دمشقي قدم مصر، يروي عن الأوزاعي، كتب عنه، روى عنه خالد بن نجيح، و يحيى بن بكير، و إدريس بن يحيى، و محمّد بن رمح، و ابنه عمرو بن خيران.
قرأت على أبي غالب بن البنّا، عن أبي الفتح المحاملي، أنا أبو الحسن الدار قطني، قال: خيران بن العلاء الدمشقي.
أخبرنا أبو بكر اللفتواني، أنا أبو صادق محمّد بن أحمد بن جعفر، أنا أحمد بن محمّد بن زنجويه، أنا أبو أحمد الحسن بن عبد اللّه العسكري، قال: و خيران - بزيادة ألف و نون - الكلبي الدمشقي، روى عن الأوزاعي، روى عنه أحمد بن عيسى المصري.
قرأت على أبي محمّد السلمي، عن أبي نصر بن ماكولا، قال (2):أمّا خيران أوله خاء معجمة و بعدها ياء معجمة باثنتين من تحتها فهو خيران بن العلاء الدمشقي الكلبي،
ص: 75
سمع الأوزاعي، و زهير بن محمّد، سمع منه عبد العزيز الأويسي، و أحمد بن عيسى.
أنبأنا أبو عبد اللّه الفراوي و غيره، عن أبي بكر البيهقي، أنا محمّد بن عبد اللّه الحافظ ، حدّثني أبو الوليد حسان بن محمّد الفقيه، نا الحسن بن سفيان، نا أحمد بن عيسى المصري، حدّثني خيران بن العلاء و كان الأوزاعي يروي عنه، و كان من خيار أصحاب الأوزاعي.
أبو طاهر المصري (1)
مولى الأنصار، سمع بدمشق و غيرها سليمان بن عبد الرّحمن، و محمّد بن المتوكل، و عروة بن مروان (2) العرقي، و إبراهيم بن حرب العسقلاني ختن آدم بن أبي إياس، و خيرة بن شريح الحمصي، و يزيد بن عبد ربه الجرجسي، و عبد اللّه بن عبد الحكم بن أعين المصري، و هانئ بن المتوكل الإسكندراني، و يحيى بن عبد اللّه بن بكير، و أبي صالح عبد اللّه بن صالح، و محمّد بن حاتم حييّ (3)الجرجاني (4)،و محمّد بن خلاّد الجرجرائي، و محمّد بن خلاّد الإسكندراني.
روى عنه: أبو العباس محمّد بن جعفر بن محمّد بن كامل الحضرمي، و سليمان الطّبراني، و أبو طالب عمر بن الربيع بن سليمان الخشاب، و أبو عبد اللّه محمّد بن إدريس بن إسحاق الدلال، و أبو جعفر محمّد بن محمّد بن عبد اللّه بن حمزة البغدادي، و أبو الحسن علي بن محمّد الواعظ المعروف بالمصري، و محمّد بن عبد اللّه الرازي، و أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن هاشم الأذرعي.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، أنا أبو إسحاق إبراهيم بن سعيد بن عبد اللّه الحبال بمصر، أنا أبو العباس منير بن أحمد بن الحسن بن علي بن منير سنة اثنتي عشرة و أربعمائة، أنا أبو العباس محمّد بن جعفر بن محمّد بن كامل الحضرمي، سنة تسع و ثلاثين و ثلاثمائة، نا خير بن عرفة، نا أبو أيوب سليمان بن عبد الرّحمن الدمشقي،
ص: 76
حدّثني إسماعيل بن عياش، حدّثني مجير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن جبير بن نفير، عن أبي الدرداء أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم قال:«قال اللّه تعالى: ابن آدم لا تعجزني من أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره»[4045].
أنبأنا أبو علي الحداد، أنا أبو نعيم ح.
و أخبرنا أبو علي الحداد في كتابه، أنا أبو بكر بن ريذة (1)،أنا سليمان بن أحمد، نا خير بن عرفة التجيبي، أبو الطاهر المصري، نا عروة بن مروان الرقي - و الصواب:
العرقي - نا عبد اللّه بن المبارك، عن عاصم الأحول، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي يوم القيامة»[4046].
قال الطّبراني: لم يروه عن عاصم إلاّ ابن المبارك، تفرد به عروة بن مروان.
أنبأنا أبو سعد محمّد بن محمّد بن أحمد (2) المطرّز.
و أخبرني أبو القاسم محمود بن أحمد بن الحسن بن علي الحدادي بتبريز عنه، أنا أبو العباس أحمد بن الحسن بن فورك المؤدب، نا سليمان بن أحمد بن أيوب، نا خير بن عرفة المصري، نا حيوة بن شريح الحمصي، نا بقية بن الوليد، حدّثني صفوان بن عمرو، حدّثني عبد الرّحمن بن جبير بن نفير، و شريح بن عبيد الحضرميان، عن أبي الدرداء، عن النبي صلى اللّه عليه و سلّم [قال]: «قال اللّه عز و جل: إني و الجنّ و الإنس في نبأ عظيم، أخلق و يعبد غيري، و أرزق و يشكر غيري»[4047].
كتب إليّ أبو [محمّد] (3) حمزة بن العباس بن علي، و أبو الفضل أحمد بن محمّد بن الحسن بن سليم، ثم حدّثني أبو بكر اللفتواني، أنا أبو الفضل بن سليم، قالا:
أنا أحمد بن الفضل، أنا أبو عبد اللّه بن مندة، قال: قال لنا أبو سعيد بن يونس: خير بن عرفة بن عبد اللّه بن كامل مولى الأنصار، يكنى أبا طاهر توفي ليلة الجمعة لثلاث ليال خلون من المحرم سنة ثلاث و ثمانين و مائتين، و كان قد أسنّ ، حدّث عن عروة بن مروان العرقي و غيره.
ص: 77
ابن علي بن عبد الرّحمن بن علي بن عيسى بن يزدجرد بن شهريار
أبو الفتح الفارسي
ورد دمشق في صحبة نور الدين رحمه اللّه و كان يكتب له بالعربي و العجمي، و تولى ديوان الأشراف بحماة، و أقام مدة بحمص مرابطا لحصن الأكراد و كان جده دارا كاتبا للسلطان أبي الفتح ملك شاه، ثم ترك الكتابة و انقطع في منزله و قال يصف حاله في ما أنشدنا القاضي أبو اليسر شاكر بن عبد اللّه، أنشدنا أبو الفتح دارا قال: أنشدني جدي (1):
قالت أميمة إذ رأت من عطلتي *** ما استنكرته و حقّ ذا من شأني
أنبا بك الديوان أم بك نبوة (2) *** عنه فتقعد خارج الديوان (3)؟
إذ أنت من شهد اليراعة أنّه *** في حلبتيها (4) فارس الفرسان
أو كنت من أفنى ثميلة عمره *** و شبابه في خدمة السلطان
و لكم مقام قمت فيه و مجلس *** رفّعت فيه إلى أعزّ مكان
و كتابة سيّرت من إبرادها *** ما سيّرته البرد في البلدان
فلم اطّرحت و لم جفتك عصابة *** لهم بحقّك أصدق العرفان ؟
ص: 78
فأجبتها: إنّ الأحاجي لم تزل *** مقدورة لرجال كلّ زمان
إن لم أنل فيهم كفاء فضيلتي *** فالفضل ينطق لي بكلّ لسان
و لو أنّ نفسي طاوعتني لم أكن *** في نيل أسباب الغنى بالواني
و لربما لحق الجواهر بذلة *** من بعد ما رصّعن في التيجان
ص: 79
2037 - داود بن ايشا بن عربد (1) بن ناعر (2)
ابن سلمون بن بحشون (3) بن غوينادب (4) بن إرم (5) بن حصرون
ابن كارص (6) بن يهوذا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم
و يقال: داود بن زكريا بن بشوي
نبي اللّه و خليفته في أرضه من أهل بيت المقدس.
روي أنه جاء إلى ناحية دمشق، و قتل جالوت عند قصر أم حكيم بقرب مرج الصّفّر (7).
أنبأنا أبو طاهر محمّد بن الحسين، عن أبي الحسن علي بن محمّد بن شجاع الرّبعي، أنا أبو عثمان سعيد بن عبيد اللّه بن محمّد بن أحمد بن محمّد بن فطيس، نا أبي، نا محمّد بن بكّار بن بلال،[نا] (8) أبو الحسن السكسكي، نا يزيد بن محمّد بن عبد الصمد، نا أبو مسهر، قال: سمعت سعيد بن عبد العزيز يقول في قول اللّه عز
ص: 80
و جل: إِنَّ اللّٰهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي، وَ مَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي (1)، قال: هو النهر الذي عند قنطرة أم حكيم بنت الحارث بن هشام، قال: و سمعت سعيد بن عبد العزيز يقول: و فيه غسل يحيى لعيسى عليهما السلام.
أخبرنا أبو تراب حيدرة بن أحمد بن الحسين المقرئ - في كتابه - أنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، أنا محمّد بن أحمد بن محمّد بن رزقويه، أنا أحمد بن سندي بن الحسين، نا الحسن بن علي، نا إسماعيل بن عيسى، أنا إسحاق بن بشر، أنا عثمان بن الساج، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، و مقاتل، عن عطاء، عن ابن عباس، و جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس، و سعيد بن بشير، عن قتادة، و سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، و ابن سمعان، عن من يخبره عن مكحول، و إدريس بن إلياس، عن وهب بن منبّه كلّ يحدّث بقصّة داود عليه السلام - و زاد بعضهم: على بعض فاختلف بعضهم قالوا: كان سبب ما أراد اللّه عز و جل من الخير و الكرامة بداود أنه كان داود مع أربعة إخوة له، و كان أبوهم شيخا كبيرا، فخرج إخوة داود مع طالوت و تخلّف أبوهم، و أمسك داود يرعى غنما له، و قد تقارب الناس للقتال، و دنا بعضهم من بعض، فحدّثني سعيد بن بشير، و ابن أبي عروبة عن قتادة، عن الحسن: أن داود كان رجلا قصيرا أزرق، أزعر - قليل شعر الرأس - طاهر القلب، فبينما هو في غنمه يرعاها إذ أتاه نداء: يا داود أنت قاتل جالوت فما تصنع هاهنا؟ استودع غنمك ربك عز و جل و الحق بإخوتك، فإن طالوت قد جعل لمن يقتل جالوت نصف ماله، و يزوّجه ابنته، قال: فاستودع غنمه ربّه، و خرج حتى أتاه، فقال له: ما جاء بك ؟ قال:
جئت ألحق بإخوتي فأنظر ما حالهم، و كره أن يخبر أباه بما سمع.
قال: و أنا إسحاق، أنا ابن سمعان عن من يخبره، قال: قال مكحول: إن أباه اتخذ لإخوته زادا، فقال له: يا بني انطلق إلى إخوتك بما صنعنا لهم يتقوون به على عدوهم، فادفعه إليهم، و انظر ما حالهم، و عجّل الانصراف إليّ و إلى ضيعتك.
قال: و أنا إسحاق، أنا جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس: أن داود لما سمع النداء استودع غنمه ربه عز و جل و انصرف إلى أبيه، فقال له أبوه: ما صنعت بغنمك ؟
ص: 81
قال: وكلت بها من يحفظها، و لا يظن أبوه إلاّ أنه قد وكل بها بعض أصحابه من الرعاة، فقال: يا بني فإنا قد صنعنا لإخوتك زادا (1)فاخرج به إليهم، و عجّل الانصراف إليّ .
قال: و أنا إسحاق قال: قال هؤلاء المسمون جميعا بإسنادهم: أن داود خرج و حمل زادا لإخوته، و معه عصاه و مخلاته و مرجمته - و هي القذّافة - و هي المقلاع الذي يرمي به السّباع عن غنمه، قال: فبينا هو يمشي إذ ناداه حجر فقال: يا داود احملني اقتل لك جالوت، قال: من أنت ؟ قال: أنا حجر إبراهيم الذي قتل بي كذا و كذا، أنا أقتل جالوت بإذن اللّه، قال: فحمله، فجعله في مخلاته، قال: ثم مضى، فناداه حجر آخر، فقال: يا داود احملني، قال: من أنت ؟ قال: أنا حجر إسحاق الذي قتل بي كذا و كذا، أنا قاتل جالوت بإذن اللّه، قال: فحمله و جعله في مخلاته، قال: ثم مضى، فإذا هو بحجر آخر فقال: يا داود احملني معك، قال: من أنت ؟ قال: أنا حجر يعقوب، أنا أقتل جالوت بإذن اللّه عزّ و جل.
قال: و أنا إسحاق، نا جويبر، عن الضحاك، و مقاتل، عن الضحاك قال: فقال له داود: كيف تقتله ؟ قال: أستعين بالريح فتلقي بيضته، و أصيب جبهته، و أنفذها منه فأقتله، فحمله و جعله في مخلاته.
قال: و أنا إسحاق، قال: و أنا أبو إلياس، عن وهب بن منبّه قال: لما تقدم داود أدخل يده في مخلاته فإذا تلك الحجارة الثلاثة صارت حجرا واحدا، قال: فأخرجه فوضعه في مقلاعه، فأوحى اللّه إلى الملائكة أن أعينوا عبدي داود و انصروه، قال: فتقدم داود و كبّر، قال: فأجابه الخلق غير الثقلين؛ الملائكة و حملة العرش فمن دونهم، فسمع جالوت و جنده شيئا ظنوا أن اللّه عز و جل قد حشر عليهم أهل الدنيا، و هبّت ريح و أظلمت عليهم، و ألقت بيضة جالوت، و قذف داود الحجر في مقلاعه، ثم أرسله فصار الحجر ثلاثة، فأصاب أحدهم جبهة جالوت فنفذها منه فألقاه قتيلا، و ذهب الحجر الآخر فأصاب ميمنة جند جالوت فهزمهم، و الثالث أصاب الميسرة فهزمهم، و ظنوا أن الجبال قد خرّت عليهم، فولّوا مدبرين، و قتل بعضهم بعضا، و منح اللّه عز و جل بني إسرائيل أكتافهم حتى أبادهم، و انصرف طالوت ببني إسرائيل مظفّرا، قد نصرهم اللّه عز
ص: 82
وجل على عدوّهم، فزوج ابنته من داود عليه السلام و قاسمه نصف ماله (1).
أخبرنا أبو علي الحداد في كتابه، ثم أخبرني أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا يوسف بن الحسن، قالا: أنا أبو نعيم الحافظ ، نا عبد اللّه بن جعفر.
ح و أخبرنا أبو عبد اللّه الفراوي، أنا أبو بكر البيهقي (2)،أنا أبو بكر بن فورك، أنا عبد اللّه بن جعفر، نا يونس بن حبيب، نا أبو داود، نا شعبة، عن أبي إسحاق، عن بشر بن حزن النصري قال: افتخر أصحاب الإبل و الغنم عند النبي صلى اللّه عليه و سلّم فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«بعث داود و هو راعي غنم، و بعث موسى و هو راعي غنم، و بعثت أنا و أنا أرعى غنما لأهلي بأجياد»[4048].
كذا قال: و قد أنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو الحسين بن النّقّور، أنا عيسى بن علي، أنا عبد اللّه بن محمّد، نا محمّد بن بشار، نا محمّد بن جعفر، نا شعبة قال: سمعت أبا إسحاق يحدّث أنه سمع ابن حزن قال: تفاخر أهل الإبل و أهل الشاء، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«بعث اللّه موسى و هو راعي غنم، و بعث داود و هو راعي غنم، و بعثت أنا و أنا أرعى غنما لأهلي بأجياد» (3)،رواه غيره عن غندر فقال: عن عبدة بن حزن، و كذا قال محمود بن غيلان، عن أبي داود[4049].
أخبرناه أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع بن علي، أنا أبو عبد اللّه بن مندة، أنا أحمد بن محمّد بن زياد، أنا أحمد بن عبد الجبّار، نا يونس بن بكير، عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه، عن عبيدة (4)النصري قال: تفاخر رعاء الإبل و رعاء الغنم عند رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«بعث موسى راعي غنم، و بعثت أنا راعي غنم بأجياد» فغلبهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم. و هكذا رواه عثمان بن أبي جبلة، عن شعبة، و نسبه فقال ابن حزن. و رواه إسرائيل عن أبي إسحاق فقال: عبدة[4050].
أخبرناه أبو بكر عبد الغفار بن محمّد في كتابه، ثم حدّثني أبو المحاسن
ص: 83
عبد الرزاق بن محمّد عنه، أنا أبو بكر الحيري، أنا أبو العباس الأصم، نا محمّد بن خالد بن خلي، نا أحمد بن خالد الوهبي، نا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبدة بن حزن النّصري قال: تفاخر عند رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم أصحاب الإبل و أصحاب الغنم فقال أصحاب الإبل: و ما أنتم يا رعاة الشاء هل تحيون شيئا أو تصيدونه ؟ ما هي إلاّ شويهات أحدكم، يرعاها ثم يروّحها (1)حتى أصمتوهم، فقال النبي صلى اللّه عليه و سلّم:«بعث داود و هو راعي غنم، و بعث موسى و هو راعي غنم، و بعثت أنا و أنا أرعى غنم أهلي بأجياد»، فغلبهم أصحاب الغنم[4051].
رواه بندار، عن أبي داود، فقال نصر بن حزن:
كتب إليّ أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد بن إبراهيم بن الخطّاب، أنا أبو الفضل محمّد بن أحمد بن عيسى، أنا أبو عبد اللّه بن بطة، قال: قرئ على أبي القاسم البغوي، نا محمّد بن بشار بندار، نا أبو داود و ابن أبي عدي، قالا: نا شعبة، عن أبي إسحاق، عن نصر بن حزن قال: افتخر أهل الإبل و الغنم فقال النبي صلى اللّه عليه و سلّم:«بعث داود و هو راعي غنم، و بعث موسى و هو راعي غنم، و بعثت أنا و أنا أرعى غنما لأهلي في جياد»[4052].
قال ابن أبي عدي: قال شعبة: فقلت لأبي إسحاق: أنصر أدرك النبي صلى اللّه عليه و سلّم ؟ قال:
نعم (2).
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفقيه، نا عبد العزيز بن أحمد، أنا تمام بن محمّد، أنا جمح بن القاسم، نا أبو قصيّ إسماعيل بن محمّد، نا سليمان بن عبد الرّحمن، نا هاشم بن أبي هريرة، نا أبي، عن علي - هو ابن أبي طلحة - عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«أنزلت الصحف على إبراهيم في ليلتين من رمضان، و أنزل الزّبور على داود في ست، و أنزلت التوراة على موسى لثمان عشرة من رمضان، و أنزل الفرقان على محمّد صلى اللّه عليه و سلّم لأربع و عشرين من رمضان»[4053].
أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمّد بن البغدادي، أنا المطهّر بن عبد الواحد
ص: 84
البزاني (1)،أنا عبد اللّه بن محمّد بن أحمد بن عبد الوهاب السّلمي، أنا عبد اللّه بن محمّد بن عمر، نا عمي عبد الرّحمن بن عمر رستة (2)،نا يزيد بن هارون، نا العوّام بن حوشب، عن مجاهد قال: قلت لابن عباس: أسجد في ص ؟فتلا هذه الآية: وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ دٰاوُدَ وَ سُلَيْمٰانَ إلى قوله: أُولٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّٰهُ فَبِهُدٰاهُمُ اقْتَدِهْ (3)،قال: كان داود ممن أمر نبيكم صلى اللّه عليه و سلّم أن يقتدي به (4).
قال: و نا عمي، نا روح بن عبادة، نا العوّام بن حوشب - يعني عن مجاهد - قال:
سألت عنها ابن عبّاس فقرأ عليّ : وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ دٰاوُدَ وَ سُلَيْمٰانَ وَ أَيُّوبَ إلى قوله:
أُولٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّٰهُ فَبِهُدٰاهُمُ اقْتَدِهْ ،قال: فكان داود ممن أمر نبيكم أن يقتدي به (5).
أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن بركات بن محمّد المقدسي، أنا أبو محمّد عبد اللّه بن الحسن بن عمر بن رداد التّنّيسي المقرئ [قدم بيت] (6) المقدس، نا أبو ذرّ عبد بن أحمد الحافظ (7)-بقراءته علينا بمكة - أنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد المستملي - ببلخ - نا عبد اللّه بن محمّد بن دينار السّاوي - بساوة (8)-نا أبو علي أحمد بن محمّد بن الحارث السّاوي، نا أبو الحسين أحمد بن محمّد، نا أبي، عن نوفل بن سليمان الهناني، عن عبيد اللّه بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم يقول:«حقا لم يكن لقمان نبيّا، و لكن كان عبدا صمصامة، كثير التفكر، حسن الظّنّ ، أحبّ اللّه فأحبّه، و ضمن عليه بالحكمة، كان نائما نصف النهار إذ جاءه نداء: يا لقمان، هل لك أن يجعلك اللّه خليفة في الأرض تحكم بين الناس بالحق ؟ فانتبه، فأجاب الصوت، فقال: إن يخيرني ربي قبلت، فإني أعلم إن فعل ذلك بي أعانني و علّمني
ص: 85
و عصمني، و إن خيرني ربي قبلت العافية، و لم أقبل البلاء، فقالت الملائكة بصوت لا يراهم: لم يا لقمان ؟ قال: لأنّ الحاكم بأشدّ (1) المنازل و أكدرها، يغشاه الظلم من كلّ مكان، ينجو و يعان، و بالحري أن ينجو و إن أخطأ أخطأ طريق الجنة، و من يكن في الدنيا ذليلا خير (2) من أن يكون شريفا، و من يختر الدنيا على الآخرة (3)[تفتنه الدنيا و لا يصيب ملك الآخرة قال: فعجبت الملائكة من حسن منطقه فنام نومة فغطّ بالحكمة غطا فانتبه فتكلّم بها ثم نودي داود بعده فقبلها و لم يشترط شرط لقمان فهوى في الخطيئة غير مرة، و كل ذلك يصفح اللّه و يتجاوز و يغفر له و كان لقمان يؤازره بالحكمة و علمه، فقال له داود:
طوبى لك يا لقمان أوتيت الحكمة و صرفت عنك البلية، و أوتي داود الخلافة و ابتلي بالرزية أو الفتنة»[4054].
أخبرنا أبو سهل محمّد بن إبراهيم، أنا أبو الفضل عبد الرّحمن بن الحسن، أنا جعفر بن عبد اللّه، نا محمّد بن هارون، حدّثنا أبو كريب محمّد بن فضيل، حدّثني محمّد بن سعد، عن عبد اللّه بن ربيعة بن يزيد الدمشقي، عن عائذ اللّه أبي إدريس عن أبي الدّرداء قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«كان داود يقول: اللّهمّ إني أسألك حبك و حب من يحبك، و العمل الذي يبلغني حبك اللّهمّ اجعل حبك أحبّ إليّ من نفسي و أهلي، و من الماء البارد».
قال: و كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم إذا ذكر داود و حدّث عنه قال:«كان أعبد البشر».
أخبرنا أبو علي الحدّاد في كتابه، ثم حدّثني أبو مسعود الأصبهاني عنه، أنا أبو نعيم أحمد بن عبد اللّه، نا أبو محمّد بن حبان - من أصله - نا الحسن بن محمّد بن أسيد الأبهري أبو علي، نا محمّد بن سعيد، نا علي بن مجاهد عن(....) بن الغصن، عن أنس بن مالك أن رجلا قال للنبي صلى اللّه عليه و سلّم: يا خير الناس ؟ قال:«ذاك إبراهيم» قال: يا أعبد الناس، قال:«ذاك داود».
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين، أنا أبو طالب بن غيلان، أنا إبراهيم بن محمّد بن يحيى المزكي - إملاء - أنا أبو بكر محمّد بن إسحاق، نا بشر بن معاذ العقدي، نا
ص: 86
حمّاد بن يحيى الأبح، نا سعيد بن مينا، عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص قال: قلت:
يا رسول اللّه إني رجل أسرد الصوم أ فأصوم الدهر؟ قال:«لا» قلت: فأصوم يومين و أفطر يوما؟ قال:«لا» قال: فجعلت أناقصه حتى قال لي:«صم صوم داود، فإنه كان يصوم يوما و يفطر يوما».
أخبرنا أبو بكر محمّد بن الحسين، نا أبو الحسين بن المهتدي، أنا عيسى بن علي، أنا عبد اللّه بن محمّد، نا داود بن عمرو، نا محمّد بن مسلم، عن عمرو قال:
سمعت عمرو بن أوس يحدّث عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص يقول: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم قال:«خير الصيام صيام داود، كان يصوم نصف الدهر، و خير الصّلاة صلاة داود كان يرقد نصف الليل الأول و يصلّي آخر الليل حتى إذا بقي سدس الليل رقده».
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، و أبو الحسن علي بن هبة اللّه بن عبد السّلام قالا: أنا أبو محمّد الصريفيني، أنا أبو القاسم بن حبابة، نا عبد اللّه بن محمّد البغوي، نا علي بن الجعد، أنا شعبة، عن حبيب بن أبي ثابت قال: سمعت أبا العبّاس المكّي يقول: سمعت عبد اللّه بن عمرو يقول: قال لي رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«يا عبد اللّه بن عمرو، إنك تصوم الدهر و تقوم الليل، إنك إذا فعلت ذلك هجمت له العين، و نقهت له النفس، لا صام من صام الأبد صوم ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كلّه» فقلت: إني أطيق أكر من ذلك فقال:«صم صوم داود كان يصوم يوما و يفطر يوما و لا يفر إذا لاقا».
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين، نا أبو علي المذهب - لفظا - أنا أحمد بن جعفر، نا عبد اللّه بن أحمد، حدّثني أبي، نا محمّد بن عبيد، نا محمّد - يعني - ابن إسحاق، عن محمّد بن إبراهيم، عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن قال: كان عبد اللّه بن عمرو بن العاص، فذكر الحديث و قال فيه: قال: فقال النبي صلى اللّه عليه و سلّم:«صم صيام داود عليه السلام صم يوما و أفطر يوما، فإنه أعدل الصيام عند اللّه عزّ و جلّ ».
هذا هو الصحيح في صومه.
و قد أخبرنا أبو البركات بن الأنماطي، أنا المعالي ثابت بن بندار، أنا أبو العلاء محمّد بن علي، أنا أبو بكر محمّد بن أحمد البابسيري، أنا الأحوص بن المفضل، نا أبي، نا سليمان بن داود، نا محمّد بن أبان و أبو بكر عن أبي إسحاق عن الحارث، عن علي قال:
كان داود النبي صلى اللّه عليه و سلّم يصوم يوما و يفطر يومين يوما لقضائه و يوما لنسائه.
ص: 87
أخبرنا أبو القاسم الحصين، أنا أبو علي بن المذهب، أنا أبو بكر بن مالك، نا عبد اللّه بن أحمد، حدّثني أبي.
ح و أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنا أحمد بن علي بن خلف، و محمّد بن القاسم الصّفّار، و علي بن أحمد النافقي.
ح و أخبرنا أبو الفضل محمّد بن إسماعيل الفضيلي، أنا عبد الرّحمن بن محمّد الماليني قالوا:
أنا محمّد بن محمّد الفقيه، أنا محمّد بن الحسين القطّان، أنا أحمد بن يوسف السلمي.
ح و أخبرنا أبو الفضل الفضيلي، و أبو الفتح عبد الرشيد بن أبي يعلى المليجي، قالا: أنا أبو عمرو المليجي، أنا محمّد بن عمرو بن حفصوية، و عبد اللّه بن الليث، و الحسن بن محمّد الخذاباني، قالوا: أنا أبو يزيد حاتم بن محبوب، أنا سلمة بن شبيب.
ح و أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن أيوب بن الحسين، أنا أبو الغنائم عبد الصّمد بن علي بن المأمون، أنا أبو الحسن(...)، أنا أبو عمر القاضي، أنا الحسن بن أبي الربيع، قالوا: أنا عبد الرزّاق، أنا معمر، عن همام بن منبّه قال: هذا ما حدّثنا أبو هريرة.
ح و أخبرنا أبو عبد اللّه الخلاّل، أنا إبراهيم بن منصور، أنا أبو بكر بن المقرئ، أنا أبو يعلى الموصلي، نا إسحاق بن أبي إسرائيل، نا عبد الرزّاق، أخبرنا معمر، نا همام بن منبّه قال: هذا ما حدّثنا أبو هريرة قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«خفف على داود القرآن فكان يأمر بدابته فتسرح، فكان يقرأ القرآن من قبل أن تسرح دابته و كان لا يأكل إلا من عمل يديه».
و أخبرنا أبو عبد اللّه الفراوي، و أبو المظفّر بن القشيري، قالا: أنا أبو سعيد محمّد بن علي بن محمّد الخشاب، أنا محمّد بن الفضل بن محمّد بن إسحاق، أنا جدي أبو بكر، نا محمّد بن يحيى، و عبد الرّحمن بن بشر قالا: نا عبد الرزّاق، أنا معمر، عن همّام بن منبّه قال: هذا ما حدّثنا أبو هريرة عن محمّد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم أنه قال.
ص: 88
ح و أنا أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور الغسّاني، أنا أبي أبو العباس، و عبد العزيز بن أحمد التميمي، و أبو عبد اللّه بن أبي الرضا، و غنائم بن أحمد، و علي بن أبي العلاء.
ح و أخبرنا] أبو القاسم علي بن إبراهيم [العلوي] و أبو يعلى حمزة بن علي، و أبو الفتح ناصر بن عبد الرّحمن، و أبو [القاسم نصر بن أحمد بن] مقاتل، و الحسين بن الحسن بن محمّد، و أبو العشائر محمّد بن [الخليل][قالوا: أنا علي بن] محمّد بن أبي العلاء (1).
ح و أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن بن علي بن [البري] (2)،أنا عمي أبو الفضل عبد الواحد بن علي، قالوا: أنا محمّد بن أبي نصر، أنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمّد بن ثابت، أنا محمّد بن حمّاد الطّهراني، أنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى اللّه عليه و سلّم:«خفّف على داود القرآن، فكان يأمر بدابّته تسرج، فكان يقرأ القرآن من قبل أن تسرج دابته، و كان لا يأكل إلاّ من عمل يديه - و في حديث ابن أبي ثابت: بدوابه فتسرج - فيقرأ القرآن قبل أن تسرج، و كان لا يأكل إلاّ من عمل يديه»[4055].
أخبرنا أبو غالب بن البنّا، أنا أبو الحسين محمّد بن أحمد بن محمّد النّرسي (3)، أنا موسى بن عيسى بن عبد اللّه، أنا عبد اللّه بن سليمان.
ح و أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنا عبد الرّحمن بن علي بن محمّد، أنا محمّد بن أحمد بن محمّد.
ح و أخبرنا أبو محمّد، و أبو القاسم الشّحّامي، قالا: أنا أبو يعلى الصّابوني، أنا أبو جعفر محمّد بن أحمد بن محمّد بن إبراهيم بن عبدة السّليطي، نا أبو حامد بن الشرقي، قالا: أنا أحمد بن حفص بن عبد اللّه، حدّثني أبي، نا إبراهيم بن طهمان، عن موسى بن عقبة، عن صفوان بن سليم، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«خفّف على داود القرآن، فكان يأمر بدابته تسرج - و في حديث ابن
ص: 89
الشرقي: فتسرج - فيقرأ القرآن قبل أن تسرج، و كان لا يأكل إلاّ من عمل يديه»[4056].
أخبرنا أبو غالب بن البنّا، أنا أبو محمّد الجوهري، أنا أبو عمر بن حيّوية، نا أبو بكر محمّد بن هارون بن حميد المجدّر (1)،نا محمّد بن حميد الرازي (2)،نا كنانة بن جبلة، عن إبراهيم بن طهمان (3)،عن موسى بن عقبة، عن صفوان بن سليم، عن عطاء، عن أبي هريرة، عن النبي صلى اللّه عليه و سلّم قال:«كان داود عليه السّلام خفّف عليه القرآن، فكان يأمر بدابته أن تسرج، فلا تسرج حتى يقرأ القرآن»[4057].
قال: و نا محمّد بن هارون، نا عقبة بن مكرم (4)،نا أبو عاصم، نا أبو بكر التّستري، عن صفوان بن سليم: أن عطاء بن يسار حدثه عن أبي هريرة، عن النبي صلى اللّه عليه و سلّم بنحوه.
قال: و أنا الجوهري، أنا أبو عمر بن حيّوية، نا محمّد بن هارون بن حميد بن المجدّر، نا محمّد بن حميد، نا كنانة بن جبلة، عن إبراهيم بن طهمان، عن موسى بن عقبة، عن صفوان بن سليم، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة، عن النبي صلى اللّه عليه و سلّم قال:
«كان داود يأكل من عمل يديه»[4058].
أخبرنا أبو محمّد هبة اللّه بن أحمد المقرئ، أنا أبو الحسن علي بن الحسين بن قريش البنّا، أنا أبو الحسن أحمد بن محمّد الأهوازي و يعرف بابن الصلت، نا محمّد بن مخلد العطار، نا العباس بن محمّد الدوري، نا أبو معمر القطيعي، نا سفيان، قال:
سألت الأعمش عن قوله: وَ أَلَنّٰا لَهُ الْحَدِيدَ (5)قال: مثل الخيوط .
أخبرنا أبو علي بن السبط ، أنا أبي أبو سعد المظفّر بن الحسن، أنا أحمد بن إبراهيم بن فراس، أنا محمّد بن إبراهيم بن عبد اللّه، نا سعيد بن عبد الرّحمن المخزومي، نا سفيان، عن ابن أبي نجيح في قوله تعالى: وَ قَدِّرْ فِي السَّرْدِ (6)،قال:
ص: 90
لا يدقّ المسمار فيسلس في الحلقة، و لا يجلّه فيفصمها (1)،و اجعله قدرا.
أخبرنا أبو نصر محمّد بن حمد بن عبد اللّه الكبريتي (2)،أنا أبو مسلم محمّد بن علي بن محمّد بن الحسين النحوي، أنا أبو بكر بن المقرئ، أنا أبو عروبة الحسين بن أبي معشر بن محمّد الحرّاني، نا سلمة بن شبيب، نا عبد الرزاق، أنا معمر، عن قتادة:
وَ عَلَّمْنٰاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ (3) ،قال: كانت صفائح، و أول من سردها و حلقها داود (4).
أنبأنا أبو تراب حيدرة بن أحمد الأنصاري، نا أبو بكر الخطيب، أنا محمّد بن أحمد بن رزقويه، أنا أحمد بن سيدي، نا الحسن بن علي، نا إسماعيل بن عيسى، أنا إسحاق بن بشر، أنا أبو إلياس، عن وهب بن منبّه قال: و أقام داود عليه السلام صدرا من زمانه على عبادة ربه، و رحمته للمساكين، و كان قلّ يوم إلاّ و هو يحرج متنكرا لا يعرف، فإذا لقي القدّام ساءلهم عن مقدمهم، ثم يقول: أ رأيتم داود النبي كيف حاله هو لأمته، و من هو بين ظهريه، و هل تنقمون من أمره شيئا؟ فيقولون: لا، هو خير خلق اللّه عز و جل لنفسه و لأمته، حتى بعث اللّه ملكا في صورة رجل قادم، فلقيه داود، فسأله كما كان يسأل غيره ؟ فقال: هو خير الناس لنفسه و أمته، إلاّ أن فيه خصلة لو لم تكن فيه، كان كاملا، قال: ما هي ؟ قال: يأكل و يطعم عياله من مال المسلمين، فعند ذلك نصب داود إلى ربه عز و جل في الدعاء أن يعلمه عملا بيده يستغني به و يغني به عياله، فألان اللّه عز و جل له الحديد و علّمه صنعة الدروع، فعمل الدرع و هو أول من عملها، فقال اللّه عز و جل: أَنِ اعْمَلْ سٰابِغٰاتٍ وَ قَدِّرْ فِي السَّرْدِ يعني المسامير في الحلق، قال: و كان يعمل الدرع فإذا ارتفع من عمله درع باعها، فتصدق بثلثها، و اشترى بثلثها ما يكفيه و عياله، و أمسك الثلث يتصدق به يوما بيوم إلى أن يعمل غيرها، و قال: إن اللّه عز و جل أعطى داود شيئا لم يعطه غيره، من حسن الصوت من خلقه، إنه كان إذا قرأ الزّبور تسمع الوحش إليه حتى يؤخذ بأعناقها و ما تنفر، و ما صنعت الشياطين المزامير و البرابط
ص: 91
و الصّنوج (1) إلاّ على أصناف صوته، و كان شديد الاجتهاد، و كان إذا افتتح الزّبور بالقراءة فكأنما ينفخ في المزامير، و كان قد أعطي سبعين مزمورا في حلقه.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، و أبو المعالي ثعلب بن جعفر، قالا: أنا عبد الدائم بن الحسن، أنا عبد الوهاب بن الحسن، أنا أبو العباس عبد اللّه بن عتّاب بن الزفتي، نا أحمد بن أبي الحواري، نا أبو معاوية، نا هشام، عن أبيه قال: كان داود يجعل القفّة من الخوص و هو على المنبر، ثم يرسل بها فيبيعها و يأكل (2) ثمنها.
أخبرنا أبو السعود بن المجلي، نا أبو الحسين بن المهتدي، أنا أبو بكر محمّد بن علي بن محمّد بن النّضر الديباجي البغدادي، نا علي بن عبد اللّه بن معشر الواسطي، نا محمّد بن حرب أبو عبد اللّه النسائي، نا أبو مروان يحيى بن أبي زكريا الغسّاني، عن هشام بن عروة قال: كان داود النبي صلى اللّه عليه و سلّم يخطب الناس و هو نبيّ ، و هو يعمل قفّة من خوص، و يقول لبعض من يليه: اذهب فبعها.
قال: و نا محمّد بن حرب، نا حمّاد بن خالد الخيّاط ، عن معاوية بن صالح، عن أبي الزاهرية قال: كان داود النبي صلى اللّه عليه و سلّم يعمل القفاف فيبيعها و يأكل ثمنها، و كان موسّعا عليه (3).
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع بن علي الصقلي، أنا أبو عبد اللّه بن مندة، أنا محمّد بن محمّد بن الأزهر الجوزجاني، نا أبو معشر الحسن بن سليمان الدارمي، نا محمّد بن جامع العقيلي العطار، نا عيسى بن شعيب، نا عمار بن أيوب، عن حميد بن أبي حميد، عن عبد الرّحمن بن دلهم، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:
«شكى داود عليه السلام إلى ربه عز و جل قلة الولد، فأوحى اللّه إليه أن خذ البيض» قال ابن مندة: هذا حديث منكر[4059].
أخبرنا أبو القاسم الحسين بن الحسن، أنا أبو القاسم علي بن محمّد، أنا أبو الحسن علي بن أحمد، أنا أبو بكر محمّد بن ياسر، حدّثني أحمد بن محمّد بن إسماعيل البزاز، نا يحيى بن عبدك القزويني، نا خالد بن عبد الرّحمن المخزومي، نا مالك بن
ص: 92
أنس، عن الزهري: أَوِّبِي مَعَهُ (1)قال: سبّحي معه (2).
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنا أبو بكر أحمد بن الحسن البيهقي، أنا أبو عبد اللّه الحافظ ، و أبو محمّد بن أبي حامد المقرئ، قالا: نا أبو العباس محمّد بن يعقوب، نا الخضر بن أبان، نا سيار بن حاتم، أنا جعفر بن سليمان الضّبعي، قال:
سمعت ثابتا يقول: كان داود نبي اللّه صلى اللّه عليه و سلّم قد جزّأ ساعات الليل و النهار على أهله، و لم يكن يأتي ساعة من ساعات الليل و النهار إلاّ و إنسان من آل داود قائم يصلي، فعمّهم اللّه في هذه الآية اِعْمَلُوا آلَ دٰاوُدَ شُكْراً، وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبٰادِيَ الشَّكُورُ (3).
أخبرنا أبو محمّد هبة اللّه بن أحمد بن طاوس، أنا أبو القاسم بن أبي العلاء، أنا أبو القاسم عبد الرّحمن بن عبيد اللّه الخرقي، أنا أحمد بن سلمان، نا أبو بكر بن أبي الدنيا، نا علي بن الجعد، أخبرني مزاحم بن زفر، عن مسعر قال: لما قيل لهم:
اِعْمَلُوا آلَ دٰاوُدَ شُكْراً لم يأت على القوم ساعة إلاّ و منهم مصلّ .
أخبرنا أبو القاسم الشّحّامي، أنا أحمد بن الحسين البيهقي، أنا أبو حازم الحافظ ، حدّثني أبو أحمد الحافظ ، أنا عبد اللّه بن سليمان بن الأشعث أنا أحمد بن صالح أنا ابن وهب حدّثني عبد اللّه بن سعيد، عن عبد الجليل بن حميد أنه سمع ابن شهاب يقول في قول اللّه عز و جل: اِعْمَلُوا آلَ دٰاوُدَ شُكْراً قال: قولوا الحمد للّه.
أخبرنا أبو القاسم علي بن عبد السيد بن محمّد بن عبد الواحد بن الصباغ، و إسماعيل بن أحمد بن عمر، و أبو العباس أحمد بن علي بن الحسن بن نصر الباخمشي، و أبو النجم بدر بن عبد اللّه قالوا: أنا أبو محمّد الصّريفيني، أنا أبو القاسم بن حبّابة، نا أبو القاسم البغوي، نا علي بن مسلم، نا سيّار، نا جعفر، نا ثابت البناني قال: كان داود عليه السلام يطيل الصلاة ثم يركع، ثم يرفع رأسه، ثم يقول:
إليك رفعت رأسي يا عامر السماء، انظر نظر العبيد إلى أربابها يا ساكن السماء.
أنبأنا أبو علي الحداد، أنا أبو نعيم الحافظ ، نا الحسين بن محمّد بن علي، نا
ص: 93
عبد الرّحمن بن سعيد بن هارون، نا الحسن بن محمّد بن التياح، نا محمّد بن يزيد بن خنيس، قال: قال وهيب بن الورد: كان داود النبيّ صلى اللّه عليه و سلّم قد جعل الليل عليه و على أهل بيته دولا، لا تمر ساعة من ليل إلاّ و في بيته للّه ساجد و ذاكر، فلما كان نوبة داود قام يصلي لنوبته، فكأنه دخل قلبه مما هو و أهل بيته من العبادة، فاطّلع اللّه على قلبه و عجبه مما هو فيه و أهل بيته من العبادة، و كان بين يديه نهر، فأنطق اللّه ضفدعا من ذلك النهر فنادته، فقالت: يا داود، ما يعجبك مما أنت فيه و أهل بيتك من العبادة ؟ فو الذي أكرمك بالنبوة إني لقائمة للّه على رجل ما استراحت أوداجي من تسبيحه منذ خلقني اللّه إلى هذه الساعة، فوالذي يعجبك مما أنت فيه و أهل بيتك، قال: فتصاغر إلى داود ما هو فيه و أهل بيته من العبادة.
أخبرنا أبو علي بن السبط ، أنا أبي أبو سعد، أنا أبو الحسن بن فراس، أنا أبو جعفر الدّيبلي، نا أبو عبيد اللّه المخزومي، نا سفيان في قوله تعالى: وَ اذْكُرْ عَبْدَنٰا دٰاوُدَ ذَا الْأَيْدِ (1) ذا القوة في أمر اللّه، و النصرة في أمر اللّه و البصيرة.
أخبرنا أبو محمّد هبة اللّه بن أحمد بن عبد اللّه، أنا أبو القاسم بن أبي العلاء، أنا أبو الحسن محمّد بن عوف بن أحمد المزني، و أبو عبد اللّه محمّد بن حمزة بن محمّد الحرّاني، قالا: قرئ على أبي القاسم الحسن بن علي البجلي، نا أبو بكر أحمد بن علي بن سعيد، نا يحيى بن معين، نا عبد الحميد بن أبي راود عن صدقة بن يسار قال:
بينا داود في محرابه إذ أبصر دودة فتفكر في خلقها، فقال: ما يعبأ اللّه بهذه شيئا، فانطقها اللّه له، فقالت: يا داود أ تعجبك نفسك ؟ لأنا على قدر ما أتاني اللّه أكثر ذكرا للّه و أشكر له منك، قال اللّه تعالى: وَ إِنْ مِنْ شَيْ ءٍ إِلاّٰ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ (2)،كذا قال، و رواه غيره عن عبد المجيد، عن أبيه.
أخبرناه أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنا أبو بكر البيهقي، أنا أبو عبد اللّه محمّد بن الفضل بن نظيف (3)-بمكة - نا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن أحمد التّنّيسي، قدم علينا - إملاء - نا الحسن بن منير الوشاء، نا شريح بن يونس، نا عبد المجيد بن
ص: 94
عبد العزيز بن أبي روّاد (1)،عن أبيه، عن صدقة بن يسار، قال: كان داود في محرابه إذ نظر إلى دودة صغيرة، فعجب من خلقها، فأنطقها اللّه تعالى، فقالت: يا داود أنا على صغري أطوع للّه منك على كبرك.
قال: و أنا أبو (2) عبد اللّه الحافظ ، و محمّد بن موسى، قالا: أنا أبو العباس - هو الأصم - نا محمّد بن إسحاق، نا يحيى - هو ابن معين - نا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي روّاد، قال: قال أبي عن صدقة بن يسار، قال: كان داود في محرابه فأبصر دودة صغيرة، قال: ففكر في خلقها، و قال: ما يعبأ اللّه جل ذكره بخلق هذه، قال: فأنطقها اللّه عز و جل، فقالت: يا داود أ تعجبك نفسك، لأنا على قدر ما أتاني اللّه عز و جل أذكر للّه و أشكر له منك على ما أتاك اللّه، قال اللّه عز و جل: وَ إِنْ مِنْ شَيْ ءٍ إِلاّٰ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ (3).
أخبرنا أبو محمّد بن طاوس أنا أبو القاسم بن أبي العلاء أنا أبو القاسم الحربي أنا أحمد بن سلمان، نا ابن أبي الدنيا، نا محمّد بن بشير الكندي نا عبد المجيد عن أبيه عن صدقة بن يسار قال: بين داود عليه السلام في محرابه إذ مرت به ذرّة فنظر إليها و فكر في خلقها و عجب منها و قال: ما يعبأ اللّه عز و جل هذه فأنطقها اللّه عز و جل فقالت: يا ذا تعجبك نفسك، فو الذي نفسي بيده لأنا على ما أتاني اللّه عز و جل من فضله أشكر منك على ما أتاك اللّه من فضله (4).
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنا أحمد بن الحسين ح.
و أخبرنا أبو محمّد بن طاوس، أنا أبو القاسم بن أبي العلاء، قال: أنا أبو القاسم الحربي، أنا أحمد بن سلمان، نا عبد اللّه، أنا محمود بن غيلان - و في رواية زاهر:
قال: قال محمود بن غيلان - نا أبو أسامة حدّثني خالد بن محدوج أبو روح، قال:
سمعت أنس بن مالك يقول: إن داود نبي اللّه صلى اللّه عليه و سلّم ظنّ في نفسه أن أحدا لم يمدح خالقه أفضل مما مدحه، و أن ملكا نزل و هو قاعد في المحراب و البركة إلى جنبه، فقال: يا
ص: 95
داود افهم إلى ما يصوت الضفدع، فأنصت داود، فإذا الضفدع يمدحه بمدحة لم يمدحه بها داود؛ فقال له الملك: كيف ترى يا داود؟ فهمت ما قالت ؟ قال: نعم، قال: ما ذا قالت ؟ قال: قالت: سبحانك و بحمدك منتهى علمك يا رب، قال داود: لا و الذي جعلني نبيّه إني لم أمدحه بهذا (1).
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنا أبو بكر البيهقي، أنا أبو الحسين بن بشران، أنا أبو الحسين إسحاق بن أحمد الكاذي، نا عبد اللّه بن أحمد بن حنبل، حدّثني أبي، نا عبد الرّحمن، نا جابر بن يزيد، عن المغيرة بن عتيبة، قال: قال داود: يا رب هل بات أحد من خلقك الليلة أطول ذكرا لك مني فأوحى اللّه إليه: نعم، الضفدع، و أنزل اللّه عليه: اِعْمَلُوا آلَ دٰاوُدَ شُكْراً، وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبٰادِيَ الشَّكُورُ ،قال: يا رب كيف أطيق شكرك و أنت الذي تنعم عليّ ؟ ثم قال: يا رب كيف أطيق شكرك و أنت الذي تنعم عليّ ثم ترزقني على النعمة الشكر، ثم تزيدني نعمة بعد نعمة، فالنعمة منك يا رب و الشكر منك فكيف أطيق شكرك ؟ قال: الآن عرفتني يا داود حق معرفتي.
أخبرنا أبو القاسم الشّحّامي، أنا أبو بكر، أنا أبو عبد اللّه الحافظ ، و أبو محمّد عبد الرّحمن بن أبي حامد المقرئ، قالا: نا أبو العباس محمّد بن يعقوب، نا الخضر بن أبان، نا سيّار بن حاتم، نا جعفر بن سليمان، حدّثني ثابت، و عبد الوهاب بن أبي حفص، قال: أمسى داود عليه السلام صائما، فلما كان عند إفطاره أتى بشربة لبن، قال: من أين لكم هذا اللبن ؟ قالوا: من شاتنا، قال: و من أين ثمنها؟ قالوا: يا نبي اللّه، من أين يسأل، قال: إنا معاشر الرسل أمرنا أن نأكل من الطيبات و نعمل صالحا.
أخبرنا أبو محمّد الحسن بن أبي بكر بن أبي الرضا، أنا أبو عاصم الفضيل بن يحيى الفضيلي، أنا أبو محمّد بن أبي شريح، أنا أبو عبد اللّه محمّد بن عقيل بن الأزهر البلخي، نا أبو عبيد اللّه، نا سيّار - يعني ابن حاتم-، نا جعفر، حدّثني ثابت، و عبد الوهاب بن أبي حفص: أن داود نبي اللّه أمسى صائما فأتي بشربة لبن، فقال: من أين لكم هذا اللبن ؟ قالوا: من شاة لنا، قال: و من أين لكم الشاة ؟ قالوا: اشتريناها فلم تسأل يا نبي اللّه ؟ قال: إنا معاشر الرسل أمرنا أن نأكل من الطيبات و أن نعمل صالحا.
ص: 96
أخبرنا أبو عبد اللّه الخلاّل، أنا إبراهيم بن منصور، أنا أبو بكر بن المقرئ، أنا أبو سعيد المفضل بن محمّد بن إبراهيم الجندي (1)،نا صامت بن معاذ، قال: قرأنا على أبي قرّة، قال: ذكر ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبيه، قال: قال داود: يا رب قد أنعمت عليّ كثيرا، فدلّني على أن أشكرك كثيرا؛ قال: اذكرني كثيرا، فإذا ذكرتني فقد شكرتني، و إذ نسيتني فقد كفرتني.
أخبرنا أبو عبد اللّه أيضا، أنا أبو عثمان العيّار (2)،أنا أبو سعيد محمّد بن عبد اللّه بن حمدون نا محمّد بن أحمد بن دلويه، نا محمّد بن يزيد نا إبراهيم بن الأشعث قال: سمعت الفضيل بن عياض يقول: قال داود عليه السلام: كيف لي أن أشكرك إلاّ بنعمتك، فأوحى اللّه تبارك و تعالى إليه: أ ما علمت أن ما بك من النعمة مني، فقد شكرتني.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنا أبو بكر البيهقي ح.
و أنا أبو محمّد بن طاوس، أنا أبو القاسم بن أبي العلاء قالا: أنا أبو القاسم عبد الرّحمن بن عبيد اللّه الخرقي ببغداد، أنا أحمد بن سلمان النجاد، نا عبد اللّه بن أبي الدنيا، نا إسماعيل بن بسام، نا صالح المرّي (3)،عن أبي عمران الجوني عن أبي الجلد (4)قال: قرأت في مسلة (5) داود عليه السلام أنه قال: أي ربّ ، كيف لي أن أشكرك و أنا لا أصل إلى شكرك إلاّ بنعمتك ؟ قال: فأتاه الوحي: إن يا داود أ ليس تعلم أن الذي بك من النعم مني ؟ قال: بلى يا رب. قال: فإني أرضى بذلك منك شكرا (6).
لفظ البيهقي أتم:
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنا أبو بكر البيهقي أنا أبو إسحاق إبراهيم بن
ص: 97
محمّد بن علي بن معاوية النيسابوري، نا أبو حامد أحمد بن محمّد العفصي، نا أحمد بن سلمة، نا إسحاق بن موسى الخطمي، نا الوليد بن مسلم، نا سعيد بن عبد العزيز التنوخي: أن داود عليه السلام كان يقول: سبحان مستخرج الشكر بالعطاء، و مستخرج الدعاء بالبلاء.
قال: و أنا البيهقي: أنا أبو الحسين بن بشران أنا الحسين بن صفوان أنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: و قال أبو نصر التمار نا سعيد بن عبد العزيز قال: قال داود: سبحان مستخرج الدعاء بالبلاء، سبحان مستخرج الشكر بالرجاء.
أخبرنا أبو القاسم الشّحّامي أنا أبو بكر البيهقي ح.
و أخبرنا أبو محمّد بن طاوس، أنا أبو القاسم بن أبي العلاء، قالا: أنا أبو القاسم الخرقي (1)،نا أحمد بن سلمان، نا أبو بكر بن أبي الدنيا، نا عبيد اللّه بن عمر، نا معاوية بن عبد الكريم نا الحسن قال قال داود: إلهي لو أن لكل شعرة مني لسانين يسبحانك الليل و النهار ما قضيا نعمة من نعمك.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، نا أحمد بن الحسين، أنا أبو عبد اللّه الحافظ نا أبو بكر بن بالوية، نا محمّد بن يونس القرشي، نا روح بن عبادة حدّثني عبد اللّه بن لا حق عن ابن شهاب قال: قال داود عليه السلام: الحمد للّه كما ينبغي لكرم وجهه، و عزّ جلاله، فأوحى اللّه إليه: إنك أتعبت الحفظة يا داود (2).
أخبرنا أبو عبد اللّه الخلال، أنا إبراهيم بن منصور، أنا أبو بكر بن المقرئ، أنا أبو سعيد المفضل بن محمّد، نا صامت بن معاذ قال: قرأنا على أبي قرّة نا أبو المنذر، قال داود عليه السلام لما أصاب الذنب و تاب اللّه عليه: اللّهم ألهمني شكرا يرضيك عني. قال فألهم داود: أن قل: الحمد للّه رب العالمين كما ينبغي لكرم وجهك و عز جلالك، فجعل يقولها فنودي من السماء: يا داود أتعبت الكتبة.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر أنا أحمد بن الحسين ح.
و أخبرنا أبو محمّد بن طاوس، أنا علي بن محمّد قالا: أنا أبو القاسم الخرقي، نا
ص: 98
أحمد بن سليمان (1)،نا عبد اللّه بن أبي الدنيا، نا علي بن الجعد قال: سمعت سفيان بن سعيد و ذكر داود النبي صلى اللّه عليه و سلّم فقال: الحمد للّه حمدا ينبغي لكرم وجه ربي و عز جلاله، فأوحى اللّه إليه: يا داود أتعبت الملائكة (2).
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور و علي بن الحسن بن سعيد قالا: نا و أبو النجم بدر بن عبد اللّه، أنا أبو بكر الخطيب، نا أبو القاسم المغيري يعني عبد اللّه بن محمّد بن إبراهيم بن محمّد في سنة خمس عشرة و أربعمائة، نا عمر بن جعفر بن سالم، نا عبد اللّه بن محمّد بن الكريم الرازي - بأصبهان - نا عمي أبو زرعة:
نا العباس بن الوليد الدمشقي، حدّثني أبي عن الأوزاعي حدّثني عبد اللّه بن عامر قال:
أعطي داود صلى اللّه عليه و سلّم من حسن الصوت ما لم يعط أحد قط حتى إنّ كان الطير و الوحش لتعكف (3) حوله حتى تموت عطشا و جوعا، و إن الأنهار لتقف (4).
أخبرنا أبو بكر بن المزرفي (5)،نا أبو الحسين بن المهتدي، أنا أبو محمّد عبيد اللّه بن محمّد بن أبي مسلم، أنا عثمان بن أحمد الدقاق، نا إسحاق بن إبراهيم الختّلي، نا محمود بن أبي بشر، نا محمّد بن صالح، نا الحسين بن جعفر قال سمعت أبي يقول: قال وهب بن منبّه: كان داود إذا قرأ القرآن لم يسمعه شيء إلاّ حجل كهيئة الرقص (6).
كتب إليّ أبو علي بن نبهان ثم حدّثنا أبو الفضل بن ناصر، أنا أبو طاهر الباقلاني، و أبو الحسن بن مخلد، و أبو علي الكاتب ح.
و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو طاهر الكرجي قالوا (7):أنا أبو علي بن شاذان، أنا أبو بكر بن مقسم المقرئ، أنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي، أنا ابن عائشة قال: كان لداود صوت يطرب المحموم و يسلي الثكلى و تصغي له الوحش،
ص: 99
حتى تؤخذ بأعناقها و ما تشعر.
أنبأنا أبو تراب حيدرة بن أحمد المقرئ، أنا أبو بكر الخطيب، أنا أبو الحسن بن رزقويه، أنا أحمد بن سيدي، نا الحسن بن علي القطان، نا إسماعيل بن عيسى، نا إسحاق بن بشر القرشي، قال: و أنا أبو العباس عن وهب بن منبه: إن بدء ما صنعت المزامير (1) و البرابط (2) و الصنوج على صوت داود، كان يقرأ الزّبور بصوت لم تسمع الآذان بمثله قط ، فتعكف الجن و الإنس و الطير و الدوابّ على صوته حتى يهلك بعضها جوعا (3)،فخرج إبليس مذعورا لما رأى من استئناس الناس و الدواب بصوت داود بالزبور، فدعا عفاريته فقال: ما هذا الذي دهاكم فيمن أنتم بين ظهريه ؟ قالوا: مرنا بما أحببت، قال: فإنه لا يصرفهم عنه إلا ما يشبه ما يسمعون منه، فعند ذلك احتفروا المزامير و البرابط و اتّخذوا الصنوج على أصناف صوته (4).فلما سمع ذلك غواة الناس و الجنّ انصرفوا إليهم و انصرفت الدواب و الطير أيضا، و قام داود في بني إسرائيل يحكم فيهم بأمر اللّه، نبيا حكيما عابدا مجتهدا، و كان له أشد الأنبياء اجتهادا و أكثرهم بكاء حتى عرض له من فتنة تلك المرأة ما عرض، و كان له محراب يتوحد فيه لتلاوة الزبور، و لصلاته إذا صلى، و كان أسفل منه بستان لرجل من بني إسرائيل يقال له أوريا بن صورى و كانت امرأته سابع بنت حنانا التي أصاب داود عليه السلام منها ما أصاب.
أخبرنا أبو المظفر عبد المنعم بن عبد الكريم بن هوازن القشيري، أنا أبي أبو القاسم، أنا أبو نعيم عبد الملك بن الحسن بن محمّد الأزهري، أنا أبو عوانة يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الأسفرايني، نا ابن أبي الدنيا، نا محمّد بن منصور الطوسي، قال:
سمعت صبيحا أبا تراب ح، قال أبو عوانة: و حدّثني أبو العباس المرّي (5)،نا محمّد بن صالح العدوي، نا سيّار، هو ابن حاتم، عن جعفر، عن مالك، قال: كان داود النبي صلى اللّه عليه و سلّم إذا أخذ في قراءة الزّبور تفنقتت العذارى (6).
ص: 100
قال: و أنا أبو عوانة، نا يوسف بن مسلم، نا أحمد بن الحجاج بن محمّد، و أبوه جالس معنا، حدّثني أبي ح، قال أبو عوانة: و نا إسحاق بن إبراهيم الصّنعاني عن عبد الرزاق كلاهما عن ابن جريج، قال: سألت عطاء عن القراءة على الغناء، قال: و ما بأس بذلك سمعت عبيد بن عمير يقول: كان داود نبي اللّه صلى اللّه عليه و سلّم يأخذ المعزفة فيضرب بها و يقرأ عليها يردّ عليه صوته، يريد بذلك يبكي و يبكي (1)،هذا حديث يوسف و الآخر بمعناه.
أخبرنا أبو حفص عمر بن ظفر بن أحمد المغازلي (2)،أنا طراد بن محمّد، أنا عبد اللّه بن يحيى بن عبد الجبار السكري، نا إسماعيل بن محمّد الصفار، نا أحمد بن منصور الرّمادي، نا عبد الرزاق، أنا ابن جريج، قال: سألت عطاء عن القراءة على الغناء، قال: و ما بأس بذلك، حدّثني عبيد بن عمير: أن داود النبي صلى اللّه عليه و سلّم كان يأخذ المعزفة (3) فيضرب بها ثم يقرأ فترد عليه صوته يلتمس بذلك أن يبكي و يبكي.
أخبرنا أبو الحسين بن الفراء، و أبو غالب، و أبو عبد اللّه ابنا أبي علي، قالوا: أنا أبو جعفر بن المسلمة، أنا أبو طاهر المخلّص، أنا أحمد بن سليمان، نا الزبير بن بكار، حدّثني إبراهيم بن المنذر، عن عبد العزيز بن عمران، عن عبد الرّحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن بلال بن أبي بردة، عن أبيه، عن أبي موسى الأشعري، قال: داود أول من قال: أما بعد، و هو فَصْلَ الْخِطٰابِ (4)(5).
أنبأنا أبو بكر السيوري، ثم أخبرنا أبو المحاسن الطّبسي عنه، أنا أبو بكر الحيري، نا أبو العباس الأصم، نا يحيى بن جعفر بن أبي طالب، أنا عبد الوهاب - يعني ابن عطاء-، أنا سعيد - يعني ابن أبي عروبة-، عن قتادة في قوله وَ آتَيْنٰاهُ الْحِكْمَةَ وَ فَصْلَ الْخِطٰابِ (6)،قال: البيّنة على المدّعي، و اليمين على المدعى عليه (7).
ص: 101
أخبرنا أبو القاسم الشّحّامي، أنا أبو بكر البيهقي، أنا أبو عبد اللّه الحافظ ، أنا أحمد بن عثمان الأدمي، نا أبو قلابة، نا بشر بن عمر، نا شعبة، عن الحكم، عن شريح في قوله: وَ آتَيْنٰاهُ الْحِكْمَةَ وَ فَصْلَ الْخِطٰابِ ،قال: الأيمان و الشهود (1)،و كذا قال مجاهد (2).
قال: و أنا أبو عبد اللّه الحافظ ، و أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي، قالا: نا أبو العباس محمّد بن يعقوب، نا الحسن بن علي بن عفان، نا أبو يحيى الحمّاني، عن مسعر، عن أبي حصين، عن أبي عبد الرّحمن السّلمي أن داود النبي صلى اللّه عليه و سلّم أمر بالقضاء، فقطع به، فأوحى اللّه عز و جل إليه: أن استحلفهم باسمي و سلهم البينات، قال: فذلك فَصْلَ الْخِطٰابِ .
أخبرنا أبو محمّد عبد الجبار بن محمّد الفقيه، أنا علي بن أحمد بن محمّد المفسر، أخبرني أبو عمرو محمّد بن عبد العزيز، فيما أجازني أن أبا الفضل و هو محمّد بن الحسين الحدادي أخبرهم عن أبي يزيد الخالدي، أنا إسحاق بن إبراهيم، أنا عبد اللّه بن يزيد المقرئ، نا داود بن أبي الفرات، عن علباء بن أحمر، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن رجلا من بني إسرائيل استعدى على رجل من عظمائهم عند داود، فقال: إن هذا غصبني بقرا لي، فسأل داود الرجل عن ذلك، فجحده، فسأل الآخر البيّنة فلم يكن له بيّنة، فقال لهما داود: قوموا حتى انظر في أمركما، فقاما من عنده، فأوحى اللّه عز و جل إلى داود في منامه أن يقتل الرجل الذي استعدي عليه، فقال: هذه رؤيا، و لست أعجل حتى أتثبت، فأوحى اللّه إليه في منامه أن يقتله، فلم يفعل، فأوحى اللّه إليه في الثالثة أن يفعل أو تأتيه العقوبة فأرسل داود إليه فقال له: إن اللّه أوحى إليّ أن أقتلك، فقال الرجل تقتلني بغير بيّنة ؟ قال داود: نعم، و اللّه لأنفذن، أمر اللّه فيك، فلما عرف الرجل أنه قاتله، قال: لا تعجل عليّ أخبرك، إني و اللّه ما أخذت بهذا الذنب (3)،و لكني كنت اغتلت أبا هذا فقتلته فبذلك أخذت، فأمر به داود فقتل فاشتدت هيبة بني إسرائيل
ص: 102
لداود عند ذلك، و شدّد به ملكه، و هو قوله: وَ شَدَدْنٰا مُلْكَهُ (1).
أخبرنا أبو الحسن بركات بن عبد العزيز بن الحسين البزّاز، نا أبو بكر الخطيب، أنا أبو الحسن محمّد بن أحمد بن رزقويه، أنا أحمد بن سندي، نا أبي الحسن بن علي، نا إسماعيل بن عيسى، نا إسحاق بن بشر، أنا أبو إلياس - يعني إدريس بن [سنان] (2)-، عن وهب بن منبّه، قال: لما كثر الشر في بني إسرائيل و شهادات الزور أعطى (3) اللّه تعالى داود سلسلة بفصل الخطاب، قال وهب: كانت السلسلة سلسلة من ذهب معلقة من السماء إلى الأرض بحيال الصخرة إلى بيت المقدس، فإذا تشاجر اثنان في شيء، قال لهما داود: اذهبا إلى السلسلة، فكان أولاهما بالعدل ينالها و إن كان قصيرا، قال: فاستودع رجل لؤلؤة لها خطر ثم ابتغاها منه فقال له رددتها عليك، فاستعدى عليه، فانطلق المستعدي عليه فثقب عصا فجعل فيها اللؤلؤة ثم قبض على العصا و غدا معه إلى داود، فقال داود: اذهبا إلى السلسلة فذهبا فجاء صاحب اللؤلؤة فقال: اللّهم إن كنت تعلم أني استودعت هذا اللؤلؤة فلم يردها عليّ فأسألك أن أنالها فنال السلسلة، و قال الآخر كما أنت حتى أدعو أنا أيضا، أمسك عصاي هذه فدفعها إليه فقال: اللّهم إن كنت تعلم أني دفعت إليه لؤلؤته، فأسألك أن أنالها فنالها، فقال داود:
ما هذا، ينالها الظلوم و المظلوم، فأوحى اللّه إلى داود: إن اللؤلؤة في العصا فارتفعت السلسلة (4).
أخبرنا أبو سهل محمّد بن إبراهيم، أنا أبو الفضل الرازي، أنا جعفر بن عبد اللّه، نا محمّد بن هارون، نا أحمد بن يوسف، نا خلف، نا إسماعيل، نا عبد الصمد بن معقل أنه سمع وهب بن منبّه يقول (5):إن داود أراد أن يعلم عدّة لبني إسرائيل كم هم ؟ فبعث لذلك نقباء و عرفاء و أمرهم أن يدفعوا إليه ما بلغ عددهم، فعتب اللّه عليه ذلك و قال: قد علمت أني وعدت إبراهيم أن أبارك فيه و في ذريته حتى أجعلهم كعدد نجوم السماء، و أجعلهم لا يحصى عددهم، فأردت أن تعلم عددها قلت: إنه لا
ص: 103
يحصى عددهم، فاختاروا بين أن ابتليكم بالجوع ثلاث سنين أو أسلط عليهم العدو ثلاثة أشهر، أو الموت ثلاثة أيام، فشاور داود بني إسرائيل، فقالوا: ما لنا بالجوع ثلاث سنين صبر، و لا بالعدو ثلاثة أشهر، فإن كان لا بدّ فالموت بيده لا بيد غيره، فذكر وهب:
مات منهم في ساعة من نهار ألوف كثيرة (1)،لا يدرى ما عددهم فلما رأى ذلك داود، شقّ عليه ما بلغه من كثرة الموت، فتبتّل إلى اللّه فدعاه فقال: أي ربّ أنا آكل الحمّاض (2)،و بنو إسرائيل يضرسون، أنا طلبت ذلك و أمرت به بني إسرائيل فما كان من شيء فبي، و اعف عن بني إسرائيل، فاستجاب اللّه له و رفع عنهم الموت، فرأى داود الملائكة سالّين سيوفهم (3) ثم يغمدونها و هم يرفعون (4) في سلّم من ذهب من الصخرة إلى السماء، فقال داود: هذا مكان ينبغي أن نبني للّه فيه مسجدا و نكرّمه، فأسس داود قواعده و أراد أن يأخذ في بنائه، فأوحى إليه إنّ هذا بيت مقدس، و إنك قد صبغت يديك في الدماء، فلست ببانيه، و لكن ابنا لك أملّكه بعدك اسمه سليمان و أسلّمه من الدنيا فلما ملك سليمان بناه و شرّفه.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم، أنا أبو القاسم بن أبي العلاء، و أخبرنا أبو المعالي الحسين بن حمزة، أنا أبو السرايا نجيب بن عمار بن أحمد الغنوي، قالا: أنا أبو محمّد بن أبي نصر، أنا خيثمة بن سليمان، أنا الحسن بن مكرم، نا عبد اللّه بن بكر السهمي، نا عبّاد بن شيبة، قال: بلغني أن داود النبي صلى اللّه عليه و سلّم خلا يوما فقال: يا رب هجرني الناس فيك و هجرتهم لك، فأوحى اللّه إلى نبيه عليه السلام أ لا أدلك على شيء يستوي فيه وجوه الناس إليك ؟ أن تخالط الناس بأخلاقهم، و تحتجز الإيمان فيما بيني و بينك.
أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن الفضل، أنا أبو بكر محمّد بن عبد اللّه العمري، أنا أبو محمّد عبد الرّحمن بن أحمد بن أبي شريح، أنا [أبو] (5) جعفر محمّد بن أحمد بن عبد الجبار الرّذاني (6)،نا حميد بن زنجويه النسوي، نا عبيد اللّه بن موسى، نا
ص: 104
إسرائيل، عن منصور، عن عطاء بن أبي مروان، عن أبيه، عن كعب قال: كان داود نبي اللّه صلى اللّه عليه و سلّم يقول هؤلاء الكلمات ثلاثا حين يصبح و حين يمسي: اللّهم، خلّصني من كل مصيبة نزلت الليلة من السماء إلى الأرض، اللّهم اجعل لي سهما في كل حسنة نزلت الليلة من السماء إلى الأرض.
أخبرنا أبو الأعز قراتكين بن الأسعد، أنا أبو محمّد الحسن بن علي الجوهري، أنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن الفضل بن الجرّاح، نا أبو جعفر أحمد بن عبد اللّه بن الغبري البزاز، نا أبو سعيد عبد اللّه بن سعيد بن الحصين بن عدي الكندي، نا أبو خالد الأحمر، عن ابن عجلان، عن سعيد، قال: كان من دعاء داود: اللّهم لا تكثر علي فأطغى، و لا تقل لي فأنسى، فإنّ ما قلّ و كفى خير مما كثر و ألهى، اللّهم رزق يوم بيوم، فإذا رأيتني أجوز (1) مجلس الذاكرين إلى مجالس المتكبرين فاكسر رجلي، فإنها نعمة منك تمنّ بها عليّ .
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي، أنا رشأ بن نظيف المقرئ، أنا الحسن بن إسماعيل الضّرّاب، أنا أحمد بن مروان الدّينوري، نا أبو بكر بن أبي الدنيا، نا عبد الرّحمن بن أخي الأصمعي، نا عبد المنعم، عن أبيه، عن وهب، قال: كان من تحميد داود: الحمد للّه عدد قطر المطر، و ورق الشجر، و تسبيح الملائكة، و عدد ما يكون في البر و البحر، و الحمد للّه عدد أنفاس الخلق و لفظهم و طرفهم و ظلالهم، و عدد ما عن أيمانهم و عن شمائلهم، و عدد ما قهره ملكه، و وسعه حفظه، و أحاطت به قدرته، و أحصاه (2) علمه، و الحمد للّه عدد ما تجري به الرياح، و يحمله السحاب، و عدد ما يختلف به الليل و النهار، و تسير به الشمس و القمر و النجوم، و الحمد للّه عدد كل شيء أدركه بصره و يعد فيه علمه، و الحمد للّه الذي حلم في الذنوب عن عقوبته (3) حتى كان لا ذنب لي، و لم يؤاخذني، لم يظلمني سيدي، و الحمد للّه الذي أرجوه أيام حياتي، و هو ذخري (4) في آخرتي، و لو رجوت غيره لا انقطع رجائي، و الحمد للّه الذي تمسي أبواب
ص: 105
الملوك مغلقة دوني و بابه مفتوح لكل ما شئت من حاجتي بغير شفيع (1) فيقضيها لي، و الحمد للّه الذي أخلو به في حاجتي، و أضع عنده سري في أي ساعة شئت، و الحمد للّه الذي يتحبب إليّ و هو غني عني.
أخبرنا أبو محمّد الحسن بن أبي بكر بن أبي الرضا، أنا أبو عاصم الفضيل بن يحيى الفضيلي، أنا أبو محمّد بن أبي شريح، أنا أبو عبد اللّه محمّد بن عقيل بن الأزهر بن عقيل البلخي، نا أبو عبد اللّه الوراق - يعني حماد بن الحسن بن عنبسة-، نا حبان - يعني ابن هلال-، نا صالح - يعني المري-، نا أبو عمران، عن أبي الجلد، قال:
قرأت في دعاء داود عليه السلام: إلهي إذا ذكرت ذنوبي ضاقت علي الأرض برحبها، فإذا ذكرت رحمتك وسعت عليّ ، إلهي أن أذوق مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة أهون عليّ من أن أذوق مرارة الآخرة بحلاوة الدنيا.
أخبرنا أبو القاسم الشّحّامي، أنا أبو بكر البيهقي، أنا أبو عبد اللّه الحافظ ، نا أبو العباس محمّد بن يعقوب، نا الخضر بن أبان، نا سيّار، نا جعفر، نا مالك بن دينار، قال: بلغنا أن داود نبي اللّه صلى اللّه عليه و سلّم كان يقول في دعائه: اللّهم اجعل حبّك أحبّ إليّ من سمعي و بصري، و من الماء البارد.
أخبرنا أبو سهل محمّد بن إبراهيم، أنا أبو الفضل الرازي، أنا جعفر بن عبد اللّه، نا محمّد بن هارون، نا أحمد - يعني ابن عبد الرّحمن بن وهب، نا عمي، نا حفص بن ميسرة، عن موسى بن عقبة، عن عطاء بن أبي مروان، عن أبيه: أن كعبا حلف بالذي فلق البحر لموسى عليه السلام إنّا لنجد في التوراة أن داود نبي اللّه صلى اللّه عليه و سلّم كان إذا انصرف من صلاته [قال:] اللّهم أصلح ديني الذي جعلته لي عصمة، و اصلح لي دنياي الذي جعلت فيها معاشي، اللّهم أعوذ برضاك من سخطك، و أعوذ بعفوك من نقمتك، و أعوذ بك منك، اللّهم لا مانع لما أعطيت و لا معطي لما منعت، و لا ينفع ذا الجد منك الجد.
قال: و حدّثني كعب: أن صهيبا سمع النبي صلى اللّه عليه و سلّم كان يقولهن عند انصرافه من صلاته.
أخبرنا أبو عبد اللّه الفراوي، أنا أبو بكر العمري الهروي، أنا أبو محمّد
ص: 106
الأنصاري، أنا أبو جعفر الرّذاني (1)،نا حميد بن زنجويه، نا ابن أبي أويس، نا ابن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة، عن عطاء بن أبي مروان، عن أبيه، عن كعب الأحبار قال:
إنا لنجد في التوراة أن داود نبي اللّه صلى اللّه عليه و سلّم كان إذا انصرف من صلاته قال: اللّهم أصلح لي ديني الذي جعلته لي عصمة، و أصلح لي دنياي التي جعلت فيها معاشي، اللّهم إني أعوذ برضاك من سخطك، و أعوذ بعفوك من نقمتك، و أعوذ بك منك، لا مانع لما أعطيت و لا معطي لما منعت، و لا ينفع ذا الجد منك جده.
قال كعب: و أخبرني صهيب: أن محمّدا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم كان ينصرف بهذا الدعاء من صلاته.
أخبرنا أبو محمّد بن طاوس، أنا عاصم بن الحسن، أنا محمود بن عمر بن جعفر، أنا علي بن الفرج بن أبي روح، نا أبو بكر بن أبي الدنيا، نا عمر بن سعيد الدمشقي، عن سعيد بن عبد العزيز، عن مكحول، قال: كان من دعاء داود عليه السلام: يا رازق النّعّاب (2) في عشه، و ذاك أن الغراب إذا فقص عن فراخه فقص عنها بيضا، فإذا رآها كذلك نفر عنها فيفتح أفواهها، فيرسل اللّه عليها ذبابا يدخل في أفواهها، فيكون ذلك غذاءها حتى تسودّ، فإن اسودّت انقطع الذباب عنها، و عاد الغراب إليها فغذّاها (3).
كذا في الأصل، و لعله سقط منه شيخ ابن أبي الدنيا، فهو يروي عن رجل عن عمر بن سعيد.
أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن بن علي الماوردي، أنا أبو القاسم عبد اللّه بن الحسن بن محمّد الخلال، أنا عبيد اللّه بن أحمد بن علي المقرئ، نا أبو محمّد يزداد بن عبد الرّحمن بن محمّد بن يزداد الكاتب، نا أبو سعيد عبد اللّه بن سعيد الأشج، نا أبو خالد عن ابن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد، قال: كان من دعاء داود عليه السلام: اللّهم إني أعوذ بك من جار السوء و من زوج يشيّبني قبل المشيب، و من ولد يكون عليّ و باء، و من مال يكون عليّ عذابا، و من خليل ماكر عيناه ترياني و قلبه
ص: 107
يرعاني، إذا رأى حسنة دفنها، و إذا رأى سيئة أذاعها (1).
أخبرنا أبو الفضل محمّد بن إسماعيل الفضيلي، و أبو المحاسن أسعد بن علي بن الموفق بن زياد (2)،و أبو بكر أحمد بن يحيى بن الحسن، و أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب (3)،قالوا: أنا أبو الحسن عبد الرّحمن بن محمّد بن المظفر، أنا أبو محمّد عبد اللّه بن أحمد الحمري السرخسي، أنا أبو عمران عيسى بن عمر بن العباس السّمرقندي، أنا أبو محمّد عبد اللّه بن عبد الرّحمن الدارمي، أنا عبد اللّه بن محمّد بن أبي شيبة، نا مروان بن معاوية، عن عوف، عن عباس العمي (4) قال: بلغني أن داود النبي صلى اللّه عليه و سلّم كان يقول في دعائه: سبحانك اللّهم أنت ربي تعاليت فوق عرشك، و جعلت خشيتك على من في السموات و الأرض، فأقرب خلقك منك منزلة أشدّهم لك خشية، و ما علم من لم يخشك، أو ما حكمة من لم يطع أمرك ؟ أخبرنا أبو القاسم الواسطي، أنا أبو بكر الخطيب، أنا الحسن بن أبي بكر، أنا أحمد بن إسحاق بن نيخاب الطيبي، نا محمّد بن أيوب البجلي، أنا عمرو بن الحصين، نا فضيل بن سليمان النّميري، عن موسى بن عقبة، عن عطاء بن أبي مروان، عن أبيه، عن عبد اللّه بن مغيث، عن كعب، قال: أخبرني صهيب أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم قال:«اللّهم إنك لست بإله استحدثناه، و لا ربّ استبدعناه، و لا كان لنا قبلك من إله نلجأ إليه و ندرك، و لا أعانك على خلقك أحد فنشكّ فيك، تباركت و تعاليت»[4060].
قال: هكذا كان داود عليه السلام يقوله (5).
ص: 108
أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء شفاها، أنا أبو الفتح منصور... (1) عن علي الأزدي، قال: كان داود عليه السلام يقول: اللهم، إني أعوذ بك من غنى يطغي، و فقر ينسي، و هوى يردي، و عمل يخزي (2)(3).
ص: 109
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ و باللّه التوفيق (1)
دمشقي. ممن سعى في بيعة يزيد بن الوليد الناقص، حكى عن وضين بن عطاء، و هشام بن عروة.
روى عنه محمّد بن راشد المكحولي.
أخبرنا أبو الفرج غيث بن علي الخطيب في كتابه، أنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم الرازي، أنبأنا أبو عبد اللّه شعيب بن عبد اللّه بن أحمد بن المنهال بن حبيب (2)،أنبأ [نا] أبو القاسم حمزة بن محمّد بن علي بن محمّد بن العباس الكناني (3)، حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن المعافا، ثنا محمود بن خالد، ثنا أبي، نا محمّد بن راشد، عن داود بن الأسود، و سفيان الثوري، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة:
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم كان إذا صلى تطوعا فشق عليه طول القيام ركع ثم سجد سجدتين ثم قعد فقرأ قاعدا ما بدا له فإذا أراد أن يركع قام فقرأ ثم ركع و سجد صلى اللّه عليه و سلّم»[4061].
أخبرناه عاليا أبو بكر محمّد بن الحسين، نا أبو الحسين بن المهتدي، نا أبو حفص بن شاهين - إملاء،- نا أحمد بن عبد اللّه بن نصر بن هلال السّلمي بدمشق، نا محمّد بن عبد الرّحمن بن الأشعث، نا محمّد بن بكار بن بلال، نا محمّد بن راشد، عن داود بن أبي الأسود، و سفيان الثوري، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة:
أن النبي صلى اللّه عليه و سلّم كان إذا صلى قائما في التطوع فشق عليه القيام ركع ثم سجد سجدتين ثم قعد فقرأ ما بدا له و هو قاعد، فإذا أراد أن يركع قام فقرأ بعض ما يريد أن يقرأ ثم يركع و يسجد[4062].
قال ابن شاهين: و هذا الحديث من طريق سفيان الثوري، عن هشام بن عروة، غريب.
ص: 110
أنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي، ثم حدّثنا أبو الفضل البغدادي، أنا أبو الفضل الباقلاني و أبو الحسين الصيرفي، و أبو الغنائم و اللفظ له قالوا: ثنا أبو أحمد - زاد الباقلاني و محمّد بن الحسن، قالا:- أنبأ أحمد بن عبدان، أنا محمّد بن سهل، أنبأ محمّد بن إسماعيل، قال (1):داود بن الأسود، عن هشام بن عروة، قاله موسى بن إسماعيل، عن محمّد بن راشد.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الأديب، أنا عبد الرّحمن بن مندة، أنا حمد بن عبد اللّه إجازة ح، قال: و أنبأ أبو طاهر بن سلمة، أنبأ علي بن محمّد، قالا: أنا أبو محمّد بن أبي حاتم، قال (2):داود بن الأسود روى عن هشام بن عروة، روى عنه محمّد بن راشد، سمعت أبي يقول ذلك.
و يقال: عبد الواحد بن أبي حجر
أبو بشر، و يقال: أبو سليمان بن أبي سليمان الأيلي (3)
حدّث عن أبيه أيوب بن سليمان، و هشام بن عمّار، و إبراهيم بن المنذر.
روى عنه: خيثمة بن سليمان، و أبو سعيد بن الأعرابي، و أبو القاسم علي بن جعفر بن موسى الكاتب، و محمّد بن حمدان بن سفيان.
أخبرنا أبو طالب علي بن عبد الرّحمن بن أبي عقيل، أنبأ أبو الحسن الخلعي، أنا أبو محمّد بن النحاس، أنبأ أبو سعيد بن الأعرابي، نا داود بن أيوب بن سليمان بن أبي حجر الأيلي بأيلة سنة سبعين، نا أبي، نا بكر بن صدقة، عن هشام بن سعد (4)،عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن زيد بن خالد الجهني، أن النبي صلى اللّه عليه و سلّم قال:«من توضّأ و أحسن الوضوء، ثم صلّى ركعتين لا يسهو فيهما غفر اللّه له ما تقدم من ذنبه[4063].
ص: 111
أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، نا عبد العزيز بن أحمد، أنبأ تمام بن محمّد، نبأ أبو الحسن خيثمة بن سليمان، نا داود بن أبي حجر،- بأيلة - نا هشام بن عمّار، نا عمرو بن واقد، نا عمر بن يزيد البصري، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، عن النبي صلى اللّه عليه و سلّم قال:«خرج ثلاثة نفر فأصابتهم السماء فدخلوا غارا فانطبق عليهم الجبل فقال بعضهم لبعض: هذا بأعمالكم، فليقم كلّ رجل فليدع اللّه بخير عمل عمله»، و ذكر حديث الغار[4064].
كتب إليّ أبو محمّد حمزة بن العباس بن علي، و أبو الفضل أحمد بن محمّد بن الحسين بن سليم، ثم حدّثني أبو بكر اللفتواني، أنبأنا أبو الفضل بن سليم، قالا: أنبأنا أحمد بن الفضل الباطرقاني، أنا أبو عبد اللّه بن مندة، قال: قال لنا أبو (1) سعيد بن يونس: داود بن أيوب بن سليمان بن عبد الأحد بن أبي حجر الأيلي، يكنى أبا سليمان، يروي عن أبيه، و عن إبراهيم بن المنذر.
و أنبأنا أبو محمّد العلوي، و أبو الفضل بن سليم، و حدّثني أبو بكر عنهما، قالا:
أنبأنا أبو بكر الباطرقاني، أنبأ أبو عبد اللّه بن مندة، قال: قال لنا أبو سعيد: أيوب بن سليمان بن عبد الواحد بن أبي حجر الأيلي، يكنى أبا سليمان، و قد رأيت من يحدث عنه، يروي عن بكر بن صدقة، روى عنه داود بن أيوب.
قرأت على أبي غالب بن البنّا، عن أبي الفتح بن المحاملي، أنا أبو الحسن الدارقطني، قال: أيوب بن سليمان بن عبد الواحد بن أبي حجر الأيلي أبو سليم (2)، يروي عن بكر بن صدقة الجدي (3)،روى عنه ابنه داود.
قرأت على أبي محمّد السّلمي، عن أبي زكريا البخاري ح.
و حدّثنا خالي أبو المعالي القاضي، نا أبو الفتح نصر بن إبراهيم، أنا أبو زكريا، أنبأ عبد الغني بن سعيد، قال: و أيوب بن أبي حجر الأيلي بالفتح أيضا، و داود من ولده.
ص: 112
قرأت على أبي محمّد السّلمي، عن أبي نصر بن ماكولا، قال (1):و أما حجر - بفتح الحاء و الجيم - داود بن أيوب بن سليمان بن عبد الأحد بن أبي حجر الأيلي، يكنى أبا بشر، يروي عن أبيه، و عن إبراهيم بن المنذر.
بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموي (2)
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمّد بن العلاّف، في كتابه، و أخبرني أبو المعمّر الأنصاري عنه، و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأ أبو علي بن أبي جعفر، و أبو الحسن بن العلاّف، قالا: أنا أبو القاسم بن بشران، أنا أحمد بن إبراهيم الكندي، أنا محمّد بن جعفر الخرائطي، نا علي بن بحر بن أيوب الكوفي، نا محمّد بن عبيد اللّه العتبي، عن محمّد بن الحكم، قال: كانت فاطمة بنت عبد الملك بن مروان تحت عمر بن عبد العزيز فهويت داود بن بشر بن مروان و هوى بها فلما مات عمر بن عبد العزيز، قالت لأخيها مسلمة: إني قد اشتهيت أن أجد رائحة الولد قال: ويحك بعد عمر، قالت: لا بد من ذلك، قال: لا جرم لا تسوري (3) بك الأزواج، قالت: قد تسوّرت، منهم داود و كان أعور قبيح المنظر، فقال في ذلك الأحوص (4):
أبعد الأغرّ ابن عبد العزيز *** قريع قريش إذا تذكر
تبدّلت داود مختارة *** ألا ذلك الخلف الأعور
و قيل إنها تزوجت سليمان بن داود بن مروان بن الحكم، و هو الخلف الأعور، فاللّه أعلم (5).
مولى الوليد بن عبد الملك، حكى عنه ابنه سليمان بن داود.
ص: 113
أبو سليمان النّيسابوري ثم البيهقي الخسروجردي (1)
رجل و سمع بالشام محمّد بن هاشم البعلبكي، و أبا التّقيّ (2) هشام بن عبد الملك اليزني، و محمّد بن خلف العسقلاني، أبا نصر، و إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، و بمصر: محمّد بن رمح و عيسى بن حمّاد، و عبد الملك بن شعيب بن الليث، و أبا الطاهر، و حرملة [بن يحيى]، و بالعراق: عبد اللّه بن معاوية الجمحي، و نصر بن علي الجهضمي، و بشر بن آدم بن بنت أزهر بن سعد السّمّان، و بالحجاز: أبا مصعب الزهري (3)،و يعقوب بن حميد بن كاسب، و بخراسان: يحيى بن يحيى، و إسحاق بن راهوية، و قتيبة بن (4) سعيد و سعد بن يزيد العدّاء، و علي بن حجر، و عمرو بن زرارة الكلابي.
روى عنه: أبو حامد بن الشرقي، و أبو بكر بن علي الحافظان، و عبد اللّه بن محمّد بن مسلم (5) الأسفرايني، و بشر بن أحمد الأسفرايني، و أبو حامد أحمد بن محمّد بن الحسين البيهقي، و أبو جعفر محمّد بن صالح بن هانئ، و أبو يوسف يعقوب بن (6) محمّد بن يعقوب الأزهري الخسروجردي.
أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن الفضل، و أبو محمّد إسماعيل بن أبي القاسم بن أبي بكر، قالا: أنا أبو الحسين (7) عبد الغافر بن محمّد بن عبد الغافر الفارسي سنة ثمان و أربعين، أنبأ أبو سهل بشر بن أحمد بن بشر بن محمود الأسفرايني (8) سنة تسع و ستين و ثلاثمائة، نبأ أبو سليمان داود بن الحسين بن عقيل البيهقي بخسروجرد سنة ثلاث
ص: 114
و سبعين و مائتين، نا أبو زكريا يحيى بن يحيى بن عبد الرّحمن التميمي النيسابوري، أنا الليث بن سعد، عن نافع، عن عبد اللّه: أنه وجد بردا شديدا و هو في سفر، فأمر المؤذن و من معه بأن يصلوا في رحالهم، فإني رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم يأمر بذلك إذا كان مثل هذا.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأ أبو بكر البيهقي، أنبأ أبو عبد اللّه الحافظ ، نا أبو حامد أحمد بن محمّد بن الحسين البيهقي، نا داود بن الحسين، نا محمّد بن هاشم البعلبكي، نا سويد بحديث ذكره.
و أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، قال: أجاز لنا أبو بكر أحمد بن الحسين، أنبأ أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه، قال: داود بن الحسين بن عقيل بن سعيد النيسابوري أبو سليمان الخسروجردي - و هي قصبة رستاق بيهق - سمع بخراسان:، يحيى بن يحيى، و إسحاق بن إبراهيم، و سعد بن يزيد الفراء، و قتيبة بن سعيد، و علي بن حجر، و عمرو بن زرارة، و أقرانهما (1)،و سمع بالعراق: عبد اللّه بن معاوية الجمحي، و نصر بن علي الجهضمي، و بشر بن آدم و الطبقة، و سمع بالحجاز: أبا مصعب الزهري، و يعقوب بن حميد و أقرانهما، و سمع بمصر عيسى (2) بن حمّاد، و محمّد بن رمح، و أبا الطاهر، و حرملة و أقرانهم، و سمع بالشام أبا التّقيّ اليزني، و محمّد بن خلف العسقلاني و أقرانهما، روى عنه أبو حامد بن الشرقي، و أبو بكر بن علي الحافظ ، و عبد اللّه بن محمّد بن مسلم، قال: و سمعت أبا حامد أحمد بن محمّد بن الحسين الخطيب الخسروجردي يقول: سمعت داود بن الحسين بن عقيل يقول: مولدي سنة مائتين، و مات بخسروجرد سنة ثلاث و تسعين و مائتين (3).
ص: 115
2043 - داود بن دينار أبي هند بن عذافر (1)
أبو بكر - و يقال: أبو محمّد- (2)
و يقال اسم أبي هند طهمان القشيري مولاهم البصري.
حدّث عن مكحول، و الوليد بن عبد الرّحمن، و أبي منيب الجرشي (3)، و سعيد بن المسيّب، و الحسن البصري، و عكرمة، و الشعبي، و ابن سيرين، و عمرو بن سعيد، و أبي العالية، و عبيد اللّه بن عبيد الأنصاري، و سعيد بن أبي حمزة، و أبي نضرة (4)،و أبي عثمان النهدي، و أبي قلابة الجرمي (5)،و عبد اللّه بن عون، و عباد بن منصور، و خلاس بن عمرو، و العباس بن عبد الرّحمن الهاشمي، و بشر بن نمير، و سماك بن حرب، و أبي صالح مولى آل طلحة بن عبيد اللّه، و عطاء الخراساني.
روى عنه: شعبة، و الثوري، و حمّاد بن سلمة،[و حمّاد] (6) بن زيد، و وهيب بن خالد، و هشيم، و يزيد بن زريع، و ابن عليّة، و خالد بن عبد اللّه الطحان، و يزيد بن هارون، و مسلمة بن علقمة أبو أحمد العدل، و إبراهيم بن طهمان، و أبو شهاب الحنّاط ، و عبد الأعلى بن عبد الأعلى، و محمّد بن فضيل الحلبي، و عدي (7) بن عبد الرّحمن الطائي، و الهيثم بن حميد الدمشقي، و قدم دمشق، و حدث بها.
أخبرنا أبو عبد اللّه الفراوي، و أبو محمّد السيدي، قالا: أنبأ أبو عثمان البحيري، أنا أبو عمرو بن حمدان، قال: أخبرنا أبو عبد اللّه أحمد بن الحسين بن عبد الجبار الصوفي ببغداد ح.
ص: 116
و أخبرنا أبو عبد اللّه الخلال، أنبأ أحمد بن محمود، أنبأ محمّد بن إبراهيم، أنبأ أحمد بن علي بن المثنى، قالا: نا محرز بن عون، نا علي بن مسهر، عن داود بن أبي هند، عن ابن سيرين - زاد أبو يعلى: يعني محمّدا - عن أبي هريرة - قال: نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم أن تنكح المرأة على خالتها أو على عمتها[4065]، و أن تسأل المرأة طلاق أختها لتكفئ ما في صحفتها، زاد الصوفي: فإن اللّه عز و جل رازقها.
أخرجه مسلم عن محرز (1).
أخبرنا أبو غالب الماوردي، أنبأ أبو الحسن محمّد بن علي بن أحمد السيرافي، نبأ القاضي أبو عبد اللّه أحمد بن إسحاق النهاوندي، نا أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد بن يعقوب المتّوثي (2)،نا أبو داود سليمان بن الأشعث، نا الحسن بن شوكر، نا إسماعيل بن إبراهيم، نا داود بن أبي هند، قال: قدمت دمشق فسألوني عن أولاد المشركين فحدثتهم عن الحسن، عن أبي هريرة أنه قال: كل مولود يولد على الفطرة.
و حدّثتهم عن الشعبي، عن علقمة أن ابني مليكة قالا (3):يا رسول اللّه إن أمّنا و أدت موءودة في الجاهلية فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«الوائدة و الموءودة في النار، إلاّ أن تدرك الوائدة الإسلام فتسلم»[4066].
أنبأنا أبو علي الحداد، أنبأ أبو نعيم، نا عبد اللّه بن محمّد بن جعفر، قال في كتابي عن محمّد بن أبان المديني، نا يحيى بن الفضل الحرفي، نا سعيد بن عامر، قال:
قال داود بن أبي هند: أتيت الشام فلقيني غيلان، فقال: يا داود إني أريد أن أسألك عن مسائل، قلت: سلني عن خمسين مسألة و أسألك عن مسألتين، قال: سل يا داود، قلت: أخبرني ما أفضل ما أعطي ابن آدم ؟ قال: العقل، قلت: فأخبرني عن العقل هو شيء مباح للناس من شاء أخذه و من شاء تركه، أو هو مقسوم بينهم ؟ قال: فمضى و لم يجبني (4).
ص: 117
أنبأنا أبو نصر بن القشيري، أنبأ أبو بكر البيهقي، أنبأ أبو عبد اللّه الحافظ ، أخبرني أبو سعيد أحمد بن محمّد بن رميح بن وكيع النّخعي، نا عبد الرّحمن بن محمّد بن عبد اللّه المروزي، نا عبد اللّه بن محمّد بن النصر الأصم، نا العلاء بن عمران، نا خارجة، قال: قال لي داود بن أبي هند: أين مسألتك ؟ قلت: مرق على نهر الماء جار، قال لي: تعرف قصر يونس، قلت: بلى، قال: فإني ولدت في دار قبالة ذلك القصر، قال أبو بكر: و هو قبالة سلة عمّار بن قرة، قال: و كان أبي دينار بن غذافر مولى لامرأة من بني قشير.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أبو الفضل بن خيرون، و أبو المعالي ثابت بن بندار، قالا: أنا أبو العلاء الواسطي أنا أبو بكر محمّد بن أحمد البابسيري، أنا الأحوص بن المفضّل بن غسان، أنا أبي [قال: نا يحيى] (1) بن معين، قال: داود بن أبي هند أبو عبد (2)،زاد ثابت في موضع آخر بهذا الإسناد: داود بن أبي هند بن عذافر، و أبو هند دينار.
أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر، أنبأ أبو صالح أحمد بن عبد الملك، أنبأ أبو الحسن بن السّقّا، و أبو محمّد بن بالوية، قالا: حدّثنا أبو العباس محمّد بن يعقوب، قال: سمعت عباس (3) بن محمّد يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: داود بن أبي هند، أبو هند اسمه دينار، و داود بن أبي هند أبو بكر كان ينزل البصرة.
قرأت على أبي الفتح نصر اللّه بن محمّد، عن أبي الحسين بن الطّيّوري، أنا أبو الفضل عبيد اللّه بن أحمد بن علي الكوفي، أنا عبد الرّحمن بن عمر بن حمّة الخلاّل، أنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة، حدّثني جدي، قال: سمعت علي بن المديني يقول: داود بن أبي هند، أبو هند اسمه دينار بن العذافر، قال: و كان دينار مولى لامرأة من قشير، و كان العذافر مولى لعبد اللّه بن عامر بن ليزيد قال يعقوب:
و داود بن أبي هند ثقة ثبت بصري.
ص: 118
أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة، نا أبو بكر الخطيب ح.
و أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأ أبو بكر محمّد بن هبة اللّه، قالا: أنا أبو الحسين بن الفضل، أنبأ عبد اللّه بن جعفر، نا يعقوب (1)،قال: قال لي أبو موسى (2)-يعني الزمن-، قال لي عامر بن صالح بن رستم: داود بن من ؟ قلت:
داود بن أبي هند، قال: داود بن دينار.
أخبرنا أبو يعلى حمزة بن الحسن بن المفرج (3)،أنبأ أبو الفرج سهل بن بشر الأسفرايني، و أبو نصر أحمد بن محمّد بن سعيد الطبرسي، قالا: أنبأ أبو الفضل محمّد بن أحمد السعدي، أنبأ أبو العباس منير بن أحمد، أنبأ جعفر بن أحمد بن إبراهيم، نا أبو جعفر أحمد بن الهيثم، قال: قال أبو نعيم الفضل بن دكين: داود بن أبي هند داود بن دينار، سمعت أبا القاسم بن السّمرقندي يقول: سمعت إسماعيل بن مسعدة يقول: سمعت أبا عمرو عبد الرّحمن بن محمّد الفارسي يقول: سمعت أبا أحمد [بن] عدي يقول: سمعت الساجي (4) يقول: سمعت ابن المثنى يقول: عباد بن راشد بن خالة داود بن أبي هند مولى بني قشير اسم أبي هند دينار، و كان أصله من خراسان (5).
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنبأ أبو الفضل أحمد بن الحسن، أنبأ أبو القاسم بن بشران، أنا أبو علي محمّد بن أحمد بن الصواف، نا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة، قال: قال أبي داود بن أبي هند، أبو هند اسمه طهمان مولى بني قشير لامرأة منهم تسمى بحيرة بنت ضمرة.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو الفضل بن البقّال، أنا أبو الحسن بن الحمّامي، أنا إبراهيم بن أحمد بن الحسن، أنا أبو إسحاق إبراهيم بن أبي أمية، قال:
سمعت نوح بن حبيب يقول: داود بن أبي هند اسم أبيه دينار بن عذافر، مولى بني قشير، و داود يكنى أبا بكرة.
ص: 119
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، و علي بن عبد السيد بن محمّد، و أبو العباس أحمد بن علي بن الحسن، و أبو النجم بدر بن عبد اللّه، قالوا: أنبأ أبو محمّد الصّريفيني، أنبأ أبو القاسم بن حبّابة، أنبأ أبو القاسم البغوي، حدّثني محمّد بن إسحاق، عن ابن نمير، قال: داود بن أبي هند: داود بن دينار.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، و أبو عبد اللّه الحسين بن ظفر بن الحسين بن يزداد، قالا: أنا أبو الحسين بن النقور، أنبأ أبو طاهر المخلّص، نا أبو القاسم البغوي، قال: قال قطن بن نسير (1):داود بن أبي هند بن مهران، قال ابن منيع: و ليس هو كما قال، إنما هو داود بن دينار.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع، أنبأ أبو عمرو بن مندة، أنبأ الحسن بن محمّد بن يوسف، أنبأ أحمد بن محمّد بن عمر، أنبأ أبو (2) بكر بن أبي الدنيا، نا محمّد بن سعد، قال: داود بن أبي هند مولى بني قشير، و يكنى أبا بكر، و اسم أبي هند دينار، و سمعت يزيد بن هارون يقول: مات سنة تسع و ثلاثين و مائة (3).
قرأت على أبي غالب بن البنّا، عن أبي محمّد الجوهري، أنا أبو عمر بن حيّوية، أنا أحمد بن معروف، نا الحسين بن الفهم، نا محمّد بن سعد، قال (4) في الطبقة الرابعة من أهل البصرة: داود بن أبي هند، و يكنى أبا بكر و اسم أبي هند دينار، سمعت عمرو بن عاصم يقول: هو مولى آل الأعلم القشيريين (5).و توفي داود سنة تسع و ثلاثين و مائة، و كان من أهل سرخس و بها ولده، و كان ثقة كثير الحديث.
أنبأنا أبو الغنائم الكوفي، ثم حدّثنا أبو الفضل محمّد بن ناصر، أنبأ أبو الفضل بن خيرون، و أبو الحسين بن الطّيّوري، و أبو الغنائم و اللفظ له قالوا: أنا عبد الوهاب بن محمّد زاد ابن خيرون: و محمّد بن الحسن، قالا:- أنا أحمد بن عبدان، أنا محمّد بن سهل، أنا محمّد بن إسماعيل، قال (6):داود بن أبي هند أبو
ص: 120
محمّد، و اسم أبي هند دينار مولى بني قشير البصري، قال محمّد بن المثنى: سمعت قريش بن أنس يقول: مات سنة تسع و ثلاثين و مائة في طريق مكة، سمع سعيد بن المسيّب، و عكرمة، و الشعبي، و الحسن، و محمّد بن سيرين، روى عنه الثوري، قال علي: سمع داود، و عاصم من الشعبي بواسط ، و قال أحمد: عن يزيد بن هارون مات داود سنة تسع و ثلاثين و مائة، مر بنا هو و سعيد بن أبي عروبة قبل ذلك، سمعت منهما، و يقال كنيته أبو بكر أيضا.
قرأنا على أبي القاسم بن السّمرقندي، عن أبي طاهر بن أبي الصقر الأنباري، أنا هبة اللّه بن إبراهيم المصري، أنا أحمد بن محمّد المهندس المصري، نا أبو بشر الدولابي، حدّثني عبد اللّه بن أحمد بن حنبل، قال: سمعت أبي يقول: داود بن أبي هند كنيته أبو بكر، قال الدولابي: أبو بكر داود بن أبي هند.
أخبرنا أبو بكر الشّقّاني (1)،أنبأ أبو بكر أحمد بن منصور، أنبأ أبو سعيد بن حمدون، أنبأ مكي بن عبدان، قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أبو محمّد داود بن أبي هند سمع ابن المسيّب و عكرمة، و الحسن، روى عنه الثوري، و يزيد بن هارون.
قرأت على أبي الفضل بن ناصر، عن أبي الفضل بن الحكاك، أنا أبو نصر الوائلي، أنبأ الخصيب بن عبد اللّه، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرّحمن، أخبرني أبي قال: أبو بكر داود بن أبي هند، و قيل أبو محمّد عن سعيد بن المسيّب، و الشعبي، و قال في موضع آخر: أبو محمّد داود بن أبي هند، و هو داود بن دينار بصري ثقة.
و قرأنا على أبي الفضل بن ناصر، عن أبي طاهر، أنا هبة اللّه بن إبراهيم، أنا أبو بكر المهندس، أنا أبو بشر محمّد بن أحمد الدولابي، قال: أبو محمّد داود بن أبي هند، و هو داود بن دينار.
كتب إليّ أبو جعفر الهمذاني، أنا أبو بكر الصفار، أنا أبو بكر بن منجويه، أنا أبو أحمد الحافظ ، قال: أبو محمّد، و يقال أبو بكر داود بن أبي هند القشيري مولاهم البصري، و اسم أبي هند دينار، و يقال طهمان مولى لبني قشير لامرأة منهم، تابعي رأى أنس بن مالك الأنصاري، و عبادة بن عبد الخثعمي، و سمع أبا عثمان عبد الرّحمن بن
ص: 121
مل النهدي و رفيعا أبا العالية الرياحي، و أبا عمر، و الشعبي، و أبا محمّد سعيد بن المسيّب القرشي، و الحسن بن أبي الحسن، حدث عن عبادة بن دعامة، و يحيى بن سعيد الأنصاري، و عبد اللّه بن عبد العزيز(-------) (1)و مسعر بن.......... (2)
أخبرنا أبو الفضل بن ناصر، أنبأ أبو الفضل بن خيرون، أنا محمّد بن علي بن يعقوب الواسطي، أنا علي بن الحسن بن الجراحي ح.
قال: و أنا ابن خيرون، أنا أبو علي الحسن بن الحسين النعالي، حدّثني إسحاق بن محمّد النعالي، قالا: أنا عبد اللّه بن إسحاق المدائني، نا قعنب بن المحرز الباهلي، قال: داود بن أبي هند، أبو هند اسمه طهمان مولى بني قشير مولى بحيرة ابنة ضمرة.
أخبرنا أبو الفتح نصر اللّه بن محمّد الفقيه، أنبأ نصر بن إبراهيم الفقيه، أنبأ سليم بن أيوب الفقيه، أنبأ طاهر بن محمّد بن سليمان، نا علي بن إبراهيم الجوزي، نا أبو زكريا يزيد بن محمّد بن إياس، قال: سمعت محمّد بن أحمد بن محمّد القاضي المقدّمي يقول: داود بن أبي هند هو ابن دينار مولى بني قشير يكنى أبا بكر.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأ محمّد بن هبة اللّه، أنا محمّد بن الحسين، أنا عبد اللّه بن جعفر، نا يعقوب بن سفيان، قال (3):داود بن أبي هند، أبو هند دينار بن العذافر مولى بني قشير، و دينار مولى لعبد اللّه بن عامر بن كريز.
أخبرنا أبو القاسم أيضا، أنا أبو القاسم يوسف بن الحسن التفكري (4)،أنبأ أبو علي الحسن بن علي بن بندار الريحاني، أنبأ أبو سعيد القاسم بن علقمة الأبهري، أنبأ أبو علي الحسن بن علي بن نصر بن منصور الطوسي، قال: و يقال: أبو هند اسمه دينار، و داود يكنى بأبي محمّد.
قرأت على أبي القاسم زاهر بن طاهر، عن أبي بكر البيهقي، أنا أبو عبد اللّه الحافظ ، أنبأ أبو النصر محمّد بن محمّد بن يوسف الفقيه، قال: سئل صالح بن محمّد
ص: 122
جزرة (1) عن سماع داود بن أبي هند، عن أنس فقال: لم يسمع داود بن أبي هند من أنس شيئا.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنبأ أحمد بن الحسن بن خيرون، أنا أبو القاسم بن بشران، أنبأ أبو علي محمّد بن أحمد بن الصواف، نا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة، نا هاشم بن محمّد، نا الهيثم بن عدي قال في الطبقة الثالثة من أهل البصرة:
داود بن أبي هند مولى بني قشير.
أخبرنا أبو البركات أيضا، أنا أحمد بن الحسن بن أحمد، أنبأ يوسف بن رباح بن علي، أنا أحمد بن محمّد بن إسماعيل، ثنا أبو بشر محمّد بن حمّاد، نا معاوية بن صالح، قال: سمعت يحيى بن معين يقول في تسمية أهل البصرة: داود بن أبي هند.
أخبرنا أبو طالب علي بن عبد الرّحمن، أنبأ أبو الحسن علي بن الحسن الفقيه، أنبأ أبو محمّد بن النحاس، أنبأ أبو سعيد بن الأعرابي، نا أبو بكر يوسف بن يعقوب المطوّعي، قال: و سمعت محمّد بن سلام قال: سمعت وهيب بن خالد يقول: دار الأمير بالبصرة على أربعة: أيوب و يونس و ابن عون و سليمان التيمي، فذكرت ذلك لأبي فقال: فأين داود بن أبي هند (2).
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو بكر بن الطبري، أنبأ أبو الحسين بن الفضل، أنا عبد اللّه بن جعفر، نا يعقوب بن سفيان (3)،نا سليمان بن حرب، قال: قال حمّاد - يعني ابن زيد-: ما رأيت أحدا أفقه فقها من داود بن أبي هند.
قال يعقوب (4):و كان داود خرج إلى الكوفة فسمع منه أبو معاوية و حفص بن غياث، و ابن إدريس (5) بالكوفة، و ذكر ابن عيينة عن أبيه قال: كان داود يقال له القاري و كان في بعض قرى السواد يقرأ عليه.
قرأت على أبي الفتح نصر اللّه بن محمّد الشافعي، عن أبي الحسين المبارك بن
ص: 123
عبد الجبار، أنبأ عبيد اللّه بن أحمد بن علي بن الكوفي، أنا عبد الرّحمن بن عمر بن حمّة، أنبأ محمّد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة، حدّثني جدي، حدّثني عبد الرّحمن بن محمّد، حدّثني محمّد بن الصباح الأعرابي، قال: سمعت سفيان بن عيينة يقول: يا عجبا لأهل البصرة يسألون البتّي يريد عثمان (1)،و عندهم داود بن أبي هند (2).
قال: و حدّثني جدي، حدّثني محمّد بن صالح، حدّثني أبو هاشم بن ابنة داود بن أبي هند، قال: أرسل ابن هبيرة إلى داود بن أبي هند و إلى حميد الطويل، و إلى ابن شبرمة، و ابن أبي ليلى فكانوا يحضرونه فيسألهم عن الشيء، فيبتدر ابن شبرمة و ابن أبي ليلى الجواب و يسكت هذان؛ قال ابن هبيرة: ما بالكما تسكتان ؟ قال داود لها ذين:
أخبراني عما تجيبان فيه أ شيئا سمعتما فيه شيئا، أم برأيكما؟ فقالا: بل برأينا. قال داود:
ما بال الرأي يبادر إليه، أو يسارع إليه ؟.
أخبرنا أبو محمّد هبة اللّه بن أحمد، نبأ عبد العزيز بن أحمد، أنبأ عبد الرّحمن بن عثمان، أنا أبو الميمون، نا أبو زرعة (3)،حدّثني عبد اللّه بن النصر (4)، قال: قال مالك بن أنس للثوري: يا أبا عبد اللّه من خلّفت بالعراق ؟ قال: فكرهت أن أذكر له أهل الكوفة، قال: فقلت له: تركت بها أيوب، و يونس بن عبيد، و ابن عون، و التيمي، قال:[فقال] لي: ذكرت الناس.
قال أبو زرعة (5):و معهم من نحوهم: داود بن أبي هند، و خالد الحذاء (6).
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الأديب، أنبأ أبو القاسم بن مندة، أنبأ حمد بن عبد اللّه إجازة، ح، قال: أخبرنا أبو طاهر بن سلمة، أنبأ علي بن محمّد، قالا: أنا أبو محمّد بن أبي حاتم، قال (7):نا محمّد بن مسلم و عبد الملك بن أبي عبد الرّحمن، قالا: نبأ عبد الرّحمن بن الحكم بن بشير، نا نوفل، عن ابن المبارك، عن سفيان، قال:
ص: 124
داود بن أبي هند من حفاظ البصريين.
أخبرنا أبو منصور بن زريق، أنا أبو بكر الخطيب، أنا هبة اللّه بن الحسن بن منصور الطبري، أنا علي بن منصور بن محمّد بن أحمد بن يعقوب، و علي بن محمّد بن عمر، قالا: أنبأ عبد الرّحمن بن أبي حاتم، نا عبد الملك بن أبي عبد الرّحمن، نا عبد الرّحمن بن الحكم، نا نوفل، عن ابن المبارك، عن سفيان، قال: حفاظ البصريين ثلاثة: سليمان التيمي، و عاصم الأحول، و داود بن أبي هند، و كان عاصم أحفظهم.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، و علي بن عبد السيد بن محمّد، و أبو العباس أحمد بن علي بن الأحمسي، و أبو النجم بدر بن عبد اللّه، قالوا: أنا أبو محمّد الصّريفيني، أنبأ أبو القاسم بن حبّابة، نا أبو القاسم البغوي، حدّثني محمّد بن ميمون الخيّاط ، نا سفيان بن عيينة عن ابن جريج، قال: ما رأيت مثل داود بن أبي هند إن كان ليقرع العلم قرعا (1).
قال: و حدّثنا البغوي، حدّثني عبد اللّه بن أحمد، قال: سألت أبي عن داود بن أبي هند فقال: عن مثل داود تسأل عنه (2).
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الخلال، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا حمد بن عبد اللّه إجازة ح، قال: و أنبأ أبو طاهر بن سلمة، أنبأ علي بن محمّد، قالا: أنا أبو محمّد بن أبي حاتم (3)،أنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبل، فيما كتب إلي، قال: سمعت أبي يقول: داود بن أبي هند ثقة، قال: و سألته مرة أخرى، فقال: و مثل داود يسأل عنه ؟ قال ابن أبي حاتم: و ذكره أبي عن إسحاق الكوسج، عن يحيى بن معين أنه قال:
داود بن أبي هند ثقة.
أخبرنا أبو القاسم الواسطي، نبأ أبو بكر الخطيب، أنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن إبراهيم، قال: سمعت أحمد بن محمّد بن عبدوس الطرائفي يقول: سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول: سألت يحيى عن داود بن أبي هند فقال: ثقة، قلت: داود أحبّ
ص: 125
إليك أو خالد الحذّاء؟ فقال: داود أحب إليّ .
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، و أبو عبد اللّه البلخي، قالا: أنا أبو الحسين بن الطّيّوري، و ثابت بن بندار، قالا: أنا أبو عبد اللّه الحسين بن جعفر بن محمّد السّلماسي، و أبو نصر محمّد بن الحسن، قالا: أنبأ الوليد بن بكر بن مخلد، أنبأ علي بن أحمد بن زكريا، نبأ صالح بن أحمد، حدّثني أبي أحمد قال (1):داود بن أبي هند بصري [ثقة] (2) جيد الإسناد رفيع، و كان خيّاطا.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحسين بن أحمد بن علي، و أبو القاسم زاهر بن طاهر، قالا: أنا أحمد بن منصور بن خلف، أنا أبو العباس الوليد بن بكر الأندلسي - قدم علينا نيسابور - أنا أبو الحسن علي بن أحمد بن زكريا بن الخصيب بالمغرب في منزله، نا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد اللّه بن صالح بن مسلم العجلي، حدّثني أبي أحمد، قال (3):و كان داود بن أبي هند خيّاطا، و كان رجلا صالحا ثقة حسن الإسناد، سمع يزيد بن هارون منه مائة حديث إلاّ حديث (4)،و قد سمعتها أنا من يزيد.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أبو الفضل بن خيرون، أنا أبو العلاء، أنا أبو بكر البابسيري، أنا الأحوص بن المفضل بن غسان، أنا أبي [المفضل، أنا] (5) أبي عن خلاّد بن جبير، قال: كان حديث داود بن أبي هند مثل كلامه - يعني في الصواب-.
أخبرنا أبو محمّد بن طاوس، أنبأ أبو الغنائم بن أبي عثمان، أنبأ أبو عمر بن مهدي، أنبأ محمّد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة، قال: قال جدي يعقوب: قتادة و داود بن أبي هند: ثقتان ثبتان.
قرأت على أبي القاسم بن عبدان، عن أبي عبد اللّه محمّد بن علي بن أحمد بن المبارك، أنا رشأ بن نظيف، أنبأ محمّد بن إبراهيم بن محمّد الطّرسوسي، أنبأ محمّد بن
ص: 126
محمّد بن داود بن عيسى، نا عبد الرّحمن بن يوسف بن سعيد بن خراش (1)،قال:
داود بن أبي هند بصري ثقة، و هو داود بن دينار القاري، و ذكر أبو عبد اللّه محمّد بن إبراهيم الأصبهاني أنه سأل أبا حاتم الرازي عن داود بن أبي هند؟ فقال: ثقة.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الخلاّل، أنبأ عبد الرّحمن بن مندة، أنا حمد بن عبد اللّه إجازة ح، قال: و أنا أبو طاهر بن سلمة، أنا علي بن محمّد، قالا: أنا أبو محمّد بن أبي حاتم، قال (2):و سألت أبي عن داود بن أبي هند و قرّة و عوف ؟ فقال:
داود أحب إليّ ، و داود بن أبي هند أحب إليّ [من] (3) عاصم الأحول و من خالد الحذّاء، و هو ثقة.
أنبأنا أبو علي الحداد، أنبأ أبو نعيم الحافظ (4)،نا محمّد بن علي، نا علي بن أحمد بن سليمان، نا محمّد بن أبي حمزة (5)،نا سفيان بن عيينة، حدّثني أبي قال:
رأيت داود بن أبي هند بواسط و إنه لشاب يقال له داود القارئ، و لقد كان يفتي في زمان الحسن.
قال: و أنا أبو نعيم (6)،نا عبد اللّه بن محمّد بن جعفر، نا أبو بكر بن أبي عاصم، نا ابن عبد الأول، قال: سمعت يزيد بن زريع يقول: كان داود بن أبي هند مفتي أهل البصرة.
قال: و أنا (7) أبو نعيم (8)،نا أبو محمّد بن حيّان (9)،نا يحيى بن عبد اللّه القسّام [قال: ثنا] (10) أبو سيار (11)،نا أبو بكر بن خلاّد، قال: سمعت سفيان بن عيينة يقول:
ص: 127
حدّثني أبي قال: كنا إذا قدم داود بن أبي هند خرجنا نتلقاه ننظر إلى هيبته و تشميره (1).
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو الفضل بن البقّال، أنا أبو الحسين بن بشران، أنبأ عثمان بن أحمد، نا حنبل بن إسحاق، نا أبو عبد اللّه، نا سفيان، حدّثني أبي قال: رأيت داود بن أبي هند بواسط فقال: هذا داود القاري.
أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر، أنبأ أبو صالح أحمد بن عبد الملك، أنبأ أبو الحسن بن السّقّا، و أبو محمّد بن بالوية، قالا: ثنا أبو العباس الأصم قال: سمعت عباس بن محمّد يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: قدم داود بن أبي هند عليهم الكوفة فقام مستملي أهل الكوفة فقال: كيف حديث سعيد يكفن الصبي في ثوب ؟ قال يحيى: يريد يكفن الصبي في ثوب. قال يحيى: سمع من داود بالكوفة أبو معاوية و حفص، و ابن إدريس، قال: قلت ليحيى: فأبو أسامة و وكيع لم يسمعا منه، قال: لم يدركوه.
أنبأنا أبو علي الحداد، أنبأنا أبو نعيم الحافظ (2)،نا أحمد بن عبد اللّه و في نسخة ابن عبيد اللّه نا عبد اللّه بن وهب، نا أبو عيسى (3) بن النحاس، نا ضمرة بن ربيعة، نا سفيان الثوري، قال: سمعت داود بن أبي هند - و كان عاقلا - يقول: إنك إذا أخذت بالذي أجمعوا عليه لم يضرك الذي اختلفوا فيه، إن الذي اختلفوا فيه هو الذي نهوا عنه.
أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر، أنبأ أبو صالح أحمد بن عبد الملك، أنبأ أبو الحسن بن السّقّا، قال: ثنا أبو العباس الأصم، نا عباس بن محمّد، قال: سمعت يحيى بن معين يقول: داود بن أبي هند أحب إليّ من عاصم الأحول، و هو ثقة.
أخبرنا أبو عبد اللّه الفراوي، أنبأ أبو بكر البيهقي ح.
و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأ أبو الفضل بن البقّال، قالا: أنا أبو الحسين بن بشران، أنبأ أبو عمرو بن السماك، نا حنبل بن إسحاق، نا مسلم بن
ص: 128
إبراهيم، نا حمّاد بن زيد، قال: قلت لداود بن أبي هند: يا أبا بكر ما تقول في القدر؟ فقال: أقول كما قال مطرّف بن عبد اللّه (1):لم توكلوا إلى القدر، و إلى القدر تصيرون.
أنبأنا أبو علي الحداد، أنبأ أبو نعيم (2)،نا عبد اللّه بن محمّد بن جعفر، نا سلم (3) بن عصام، نا محمّد بن مرزوق، نا الأنصاري، قال: رأيت داود بن أبي هند و عوف بن أبي جميلة قد تكلما في القدر حتى أخذ كل واحد منهما برأس صاحبه، و كان داود مثبتا.
قال: و أنا أبو نعيم (4)،نا عبد اللّه بن محمّد بن جعفر، نا محمّد بن أحمد بن سليمان، نا محمّد بن المثنى، قال: سمعت ابن أبي عدي يقول: أقبل علينا داود بن أبي هند، فقال: يا فتيان أخبركم لعلّ بعضكم أن ينتفع به، كنت و أنا غلام أختلف إلى السوق، فإذا انقلبت إلى البيت جعلت على نفسي أن أذكر اللّه إلى مكان كذا و كذا، فإذا بلغت ذلك المكان جعلت على نفسي أن أذكر اللّه إلى مكان كذا و كذا حتى آتي المنزل.
قال: و أنا أبو نعيم (5)،نا عبد اللّه بن محمّد، حدّثني الفضل بن جعفر، عن عمرو بن علي، قال: سمعت ابن أبي (6) عدي يقول: صام داود أربعين سنة لا يعلم به أهله، و كان خزازا يحمل (7) معه غداءه من عندهم فيتصدق به في الطريق، و يرجع عشاء فيفطر معهم.
أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة، نبأ أبو بكر الخطيب، أنبأنا أبو الحسين بن بشران، أنا أبو علي بن صفوان، نا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدّثنا الحسين بن علي العجلي، نا عمرو بن خالد الأسدي، نا داود بن أبي هند، قال: مرضت مرضا شديدا حتى ظننت أنه الموت، فكان باب بيتي قبالة باب حجرتي، و كان باب حجرتي قبالة باب
ص: 129
داري، قال: فنظرت إلى رجل قد أقبل ضخم الهامة ضخم المناكب. كأنه من هؤلاء الذين يقال لهم: الزط ، قال فلما رأيته شبهته بهؤلاء الذين يعملون الرحمن (1) فاسترجعت و قلت: تقبضني و أنا كافر. قال: و سمعت أنه يقبض أنفس الكفار ملك أسود. قال: فبينا أنا كذلك إذ سمعت سقف البيت ينتقض، ثم انفرج حتى رأيت السماء، قال: ثم نزل عليّ رجل عليه ثياب بياض، ثم أتبعه آخر فصارا اثنين، فصاحا بالأسود، فأدبر و جعل ينظر إليّ من بعيد. قال: و هما يزجرانه، قال داود: و قلبي أشد من الحجارة، قال:
فجلس واحد عند رأسي، و جلس واحد عند رجلي. قال: فقال صاحب الرأس لصاحب الرجلين: المس، فلمس بين أصابعي ثم قال له: كثير النقل بهما الصلاة، ثم قال صاحب الرجلين لصاحب الرأس: المس، فلمس لهواتي ثم قال: رطبة تذكر اللّه عز و جل قال: ثم قال أحدهما لصاحبه: لم يأن له بعد. قال: ثم انفرج السقف فخرجا. ثم عاد السقف كما كان.
أخبرنا أبو نصر بن رضوان، أنا أبو محمّد الجوهري، أنبأ أبو عمر بن حيّوية، أنبأ محمّد بن خلف بن المرزبان، نا أحمد بن منصور، نا عبد اللّه بن صالح، عن علي بن معبد، عن رجل، عن داود بن أبي هند، قال: جالست الفقهاء فوجدت ديني عندهم، و جالست كبار الناس فوجدت المروءة فيهم، و جالست شرار الناس فوجدت أحدهم يطلّق امرأته على ما لا يساوي شعيرة.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، أنبأ رشأ بن نظيف، أنا الحسن بن إسماعيل، نا أحمد بن مروان، نا أبو إسماعيل الترمذي، نا عبد اللّه بن صالح، عن رجاء، عن داود بن أبي هند قال: جالست الفقهاء فوجدت ديني عندهم، و جالست أصحاب المواعظ فوجدت الرقة في قلوبهم، و جالست كبار الناس فوجدت المروءة فيهم و جالست شرار الناس فوجدت أحدهم يطلق امرأته على شيء لا يساوي شعيرة.
قرأت على أبي غالب بن البنّا، عن أبي محمّد الجوهري، أنا أبو عمر بن حيّوية، أنبأ أحمد بن معروف، نا الحسين بن الفهم، نا محمّد بن سعد (2)،أنا علي بن عبد اللّه، نا سفيان، قال: سمعت داود بن أبي هند يقول: أصابني - يعني الطاعون - فأغمي علي
ص: 130
فكأنّ اثنين آتياني فغمز (1) أحدهما عكوة (2) لساني، و غمز (3) الآخر أخمص قدمي فقال:
أي شيء تجد؟ فقال: تسبيحا و تكبيرا و شيئا من خطو إلى (4) المساجد و شيئا من قراءة القرآن، قال: و لم أكن أخذت القرآن حينئذ، قال: فكنت أذهب في الحاجة فأقول: لو ذكرت اللّه حتى آتي حاجتي، قال: فعوتبت (5) فأقبلت على القرآن فتعلّمته.
أنبأنا أبو علي الحداد، أنبأ أبو نعيم الحافظ (6)،نا أبو محمّد بن حيّان (7)،نا أبو العباس الهروي، قال: سمعت أبا موسى محمّد بن المثنى يقول: سمعت ابن أبي عدي يحدث عن داود بن أبي هند، قال: بينا أنا نائم إذ أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي و الآخر عند رجلي فقال أحدهما للآخر: انظر فأدخل يده في فمي، فقال: كم من خير تكلمت به، و قال أحدهما للآخر: انظر فنظر إلى رجلي فقال: كم من خير مشيت فيه، ثم قال: لم يأن (8) له فارتفعا.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم، أنبأ أبو القاسم علي بن محمّد، أنبأ أبو علي بن أبي نصر، أنبأ أبو (9) سليمان بن زبر، أنا أبي أبو محمّد، نبأ محمّد بن العباس أبو عبد اللّه الكابلي، نا خالد بن خداش، نا حمّاد قال: بسم اللّه الرّحمن الرحيم هذا ما أوصى به داود بن أبي هند: أوصى بتقوى اللّه و لزوم طاعته و طاعة رسوله صلى اللّه عليه و سلّم و الرضا بقضائه، و التسليم لأمره، و أوصاهم بما وصى به يعقوب بنيه: يا بني إن اللّه اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلاّ و أنتم مسلمون، و داود يشهد بما شهد اللّه عز و جل عليه و ملائكته أن لا إله إلاّ اللّه، و أن محمّدا عبده و رسوله، و بالجنة و النار، و بالقدر كله، على ذلك يحيا، و على ذلك يموت، و على ذلك يبعث، إن شاء اللّه.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أبو الفضل أحمد بن الحسين، أنبأ
ص: 131
عبد الملك بن محمّد بن بشران، أنا أبو علي بن الصواف، نا أبو جعفر بن أبي شيبة، نا هاشم بن محمّد، قال: قال الهيثم بن عدي: مات داود بن أبي هند مولى لبني قشير هلك في أول خلافة أبي جعفر.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأ أبو الفضل عمر بن عبيد اللّه بن عمر، أنبأ أبو الحسين بن بشران، أنا عثمان بن أحمد، أنبأ حنبل بن إسحاق، نا أبو عبد اللّه أحمد بن محمّد بن حنبل، نا يزيد بن هارون، قال: مات داود بن أبي هند سنة تسع و ثلاثين، مرّ بنا هو و سعيد بن أبي عروبة قبل ذلك، فسمعت منهما.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، نا أبو بكر الخطيب، أنا أبو الحسن علي بن أبي بكر الطرازي بنيسابور، أنا أبو حامد أحمد بن علي بن حسنويه المقرئ، نا سهل بن عمّار العتكي، نا يزيد بن هارون، قال: مات داود بن أبي هند سنة تسع و ثلاثين و مائة و كنيته أبو بكر.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، نا أبو محمّد عبد العزيز بن أحمد، أنبأ أبو محمّد بن أبي نصر، أنا أبو الميمون بن راشد، نا أبو زرعة، قال (1):قال أحمد بن حنبل عن يحيى بن سعيد: مات داود سنة تسع و ثلاثين و مائة.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو الفضل بن البقّال، أنبأ أبو الحسين بن بشران، أنا عثمان بن أحمد، نا حنبل بن إسحاق، حدّثني أبو عبد اللّه، قال: سمعت يحيى بن سعيد يقول: داود في سنة تسع و ثلاثين - يعني - و مائة مات.
أخبرنا أبو القاسم النسيب، نا أبو بكر الخطيب، أنا أبو القاسم الأزهري، أنا محمّد بن العباس، أنا إبراهيم بن محمّد الكندي، نا أبو موسى بن المثنى، قال: سألت قريش بن أنس سنة (2) كم مات داود بن أبي هند؟ قال: مات سنة تسع و ثلاثين و مائة في طريق مكة.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأ أبو بكر بن الطبري، أنبأ أبو الحسين بن
ص: 132
الفضل، أنا عبد اللّه بن جعفر، نا يعقوب (1)،نا سلمة، قال: قال أحمد، قال يحيى:
و داود بن أبي هند سنة تسع و ثلاثين و مائة - يعني مات-.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي و علي بن عبد السيد و أبو العباس أحمد بن علي، و أبو النجم بدر بن عبد اللّه، قالوا: أنا أبو محمّد الصّريفيني، أنبأ أبو القاسم بن حبّابة، قال: ثنا أبو القاسم البغوي، حدّثني ابن هاني، نا أحمد بن حنبل، نا يزيد بن هارون، قال: مات داود بن أبي هند سنة تسع و ثلاثين.
قرأت على أبي غالب بن البنّا، عن أبي الفتح عبد الملك بن عمر بن خلف، أنبأ أبو حفص عمر بن أحمد بن شاهين ح.
و أخبرنا أبو عبد اللّه البلخي، أنبأ أبو الحسين بن الطّيّوري، أنبأ أبو الفتح الرّزّاز، أنا أبو حفص بن شاهين ح.
و أخبرنا أبو عبد اللّه البلخي، أنبأ أبو الحسين بن الطّيّوري، أنبأ أبو الحسن العتيقي، أنبأ أبو عمرو عثمان بن محمّد المخرّمي، نا إسماعيل بن محمّد الصفار، قالا:
أنا العباس بن محمّد بن حاتم الدوري، ثنا أبو بكر عبد اللّه بن محمّد بن أبي الأسود، قال: قال سعيد - يعني ابن عامر - ولد عوف سنة تسع و خمسين و مات يونس و داود سنة تسع و ثلاثين - يعني و مائة-.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا علي بن أحمد بن محمّد، أنبأ أبو طاهر المخلّص إجازة، نا عبيد اللّه بن عبد الرّحمن، أخبرني عبد الرّحمن بن محمّد بن المغيرة، أخبرني أبي محمّد بن المغيرة، حدّثني أبو عبيد، قال: سنة تسع و ثلاثين و مائة فيها مات داود بن أبي هند مولى بني قشير، و كذا ذكر أبو حسان الزيادي (2) و ذكر: أنه مات و هو ابن خمس [و سبعين] سنة يكتب هنا قول خليفة من كتابيه.
قرأت على أبي محمّد السّلمي، عن عبد العزيز التميمي، أنبأ مكي بن محمّد بن الغمر، أنا أبو سليمان بن أبي محمّد الرّبعي، قال: قال الهيثم فيها - يعني سنة تسع و ثلاثين - مات بالبصرة داود بن أبي هند و يونس بن عبيد، و قال عمرو: و فيها - يعني
ص: 133
سنة أربعين - مات داود بن أبي هند و ذكر أن أباه أخبره عن أحمد بن عبيد، عن الهيثم بذلك، و مصعب بن إسماعيل، عن محمّد بن أحمد بن ماهان، عن عمرو بذلك.
أخبرنا أبو الأعز قراتكين بن الأسعد، أنا الحسن بن علي، أنبأ علي بن محمّد بن أحمد بن بصير (1)،أنبأ محمّد بن الحسين بن شهريار، نا أبو حفص عمرو بن علي الفلاس، قال: داود بن أبي هند هو داود بن دينار مولى امرأة من قشير، و مات داود بن أبي هند سنة أربعين و مائة، سمعت يزيد بن زريع يقول سنة ثمانين و مائة: داود بن أبي هند فاستفهمه رجل فقال: من ذكرت ؟ فقال: رجل مات منذ أربعين سنة و كان مولى لبني قشير.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، ثنا أحمد بن علي بن ثابت، أنبأ علي بن أحمد الرزاز، أنبأ محمّد بن أحمد بن الحسن، نا بشر بن موسى، نا عمرو بن علي قال:
مات داود بن أبي هند سنة أربعين.
أخبرنا أبو غالب الماوردي، أنبأ محمّد بن علي، أنبأ أحمد بن إسحاق، نا أحمد بن عمران، نا موسى بن زكريا، نا خليفة بن خيّاط ، قال (2):و فيها - يعني سنة تسع و ثلاثين - مات يونس بن عبيد و داود بن أبي هند مصدر الناس عن الحج.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأ أبو بكر بن الطبري، أنبأ أبو الحسين بن الفضل، أنا عبد اللّه بن جعفر، نا يعقوب بن سفيان، قال (3):و قال علي: مات داود بن أبي هند سنة أربعين و مائة في طريق مكة.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أبو طاهر الباقلاني، و أبو الفضل بن خيرون ح.
و أخبرنا أبو العزّ ثابت بن منصور، أنبأ أبو طاهر الباقلاني، قالا: أنا محمّد بن الحسن بن أحمد، أنبأ محمّد بن أحمد بن إسحاق، نا عمر بن أحمد، نا خليفة بن خيّاط ، قال (4):داود بن أبي هند، اسم أبي هند: دينار مولى بني قشير، و يكنى أبا بكر،
ص: 134
مات منصرف (1) الناس عن الحج سنة تسع و ثلاثين [أو أول سنة أربعين و مائة] (2).
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأ أبو الفضل بن البقّال، أنبأ أبو الحسن بن الحمّامي، أنبأ أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن الحبشي، أنا إبراهيم بن أبي أمية، قال:
سمعت نوح بن حبيب يقول: مات داود بن أبي هند سنة إحدى و أربعين و مائة، و قال نوح في موضع آخر: مات داود بن أبي هند سنة تسع و ثلاثين و مائة.
2044 - داود بن رشيد (3)
أبو الفضل الخوارزميّ (4)
سمع بدمشق: الوليد بن مسلم، و أبا الزرقاء عبد الملك بن محمّد الصّنعاني (5)، و شعيب بن إسحاق، و سويد بن عبد العزيز، و عمر بن عبد الواحد، و الهيثم بن عمران، و مروان بن معاوية، روى عنهم و عن عباد بن العوّام و أبي المليح الحسن بن عمر الرّقّي، و بقية بن الوليد، و صالح بن عمر، و حسان بن إبراهيم الكرماني، و أبي حفص عمر بن عبد الرّحمن الأبّار، و أبي غسان محمّد بن مطرّف المديني.
روى عنه: أبو يحيى محمّد بن عبد الرحيم صاعقة، و زهير بن محمّد بن فهر، و مسلم بن الحجّاج في صحيحه، و أبو زرعة، و أبو حاتم الرازيان، و أبو العباس أحمد بن خالد الدّامغاني، و أحمد بن سهل بن بحر النيسابوري، و محمّد بن نعيم، و إبراهيم بن إسحاق الحربي، و يعقوب بن شيبة بن الصلت السّدوسي، و نصر بن قتيبة، و زكريا بن يحيى السجزي (6)،و علي بن إبراهيم بن مطر السكري، و أبو الأزهر صدقة بن منصور بن محمّد الكندي الحرّاني، و أحمد بن الحسين (7) بن عبد الجبار
ص: 135
الصوفي، و إسحاق بن إبراهيم بن محمّد بن عرعرة، و أبو موسى عمران بن موسى المؤدب، و أبو القاسم البغوي، و صالح بن محمّد جزرة، و إبراهيم بن عبد اللّه بن الجنيد، و عبد العزيز بن محمّد بن دينار الفارسي، و أبو جعفر أحمد بن مهدي بن رستم الأصبهاني.
أخبرنا أبو القاسم هبة اللّه بن محمّد بن عبد الواحد، أنبأ أبو طالب محمّد بن محمّد بن إبراهيم بن غيلان، أنبأ أبو بكر محمّد بن عبد اللّه بن إبراهيم، ثنا أحمد بن يعقوب المقرئ، و عبد اللّه بن ناجية، قالا: نا داود بن رشيد، نا الوليد بن مسلم، عن أبي غسان محمّد بن مطرّف، عن زيد بن أسلم، عن علي بن حسين (1)،عن سعيد بن مرجانة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى اللّه عليه و سلّم قال:«من أعتق رقبة أعتق اللّه بكل إرب منها إربا منه من النار حتى باليد اليد، و بالرجل الرجل، و بالفرج الفرج» فقال له علي بن حسين:
يا سعيد، سمعت هذا من أبي هريرة ؟ قال: نعم، قال لغلام له، أقرب غلمانه: ادع لي قبطيا. فلما قام بين يديه قال: اذهب فأنت حرّ لوجه اللّه عز و جل[4067].
أخبرناه أبو محمّد إسماعيل بن أبي القاسم القارئ، أنبأ أبو حفص عمر بن أحمد بن عمر ح.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الفراوي، و أبو القاسم الشّحّامي، قالا: أنا محمّد بن عبد الرّحمن بن محمّد، قالا: أنا أبو الحسين أحمد بن محمّد البختري.
و أخبرناه أبو عبد اللّه الفراوي، و أبو المظفّر القشيري، و أبو القاسم الشّحّامي، قالوا: قرئ على أبي عثمان سعيد بن محمّد البختري، أنبأ جدي أبو الحسين، قال: أنا أبو العباس محمّد بن إسحاق الثقفي، نا داود بن رشيد، نا الوليد بن مسلم، عن أبي غسان محمّد بن مطرّف، عن زيد بن أسلم، عن علي بن الحسين، عن سعيد بن مرجانة، عن أبي هريرة قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم يقول:«من أعتق رقبة مؤمنة أعتق اللّه بكل عضو منه عضوا من النار»[4068].
و أخبرناه أبو عبد اللّه الفراوي، و أبو المظفّر بن القشيري، و أبو القاسم الشّحّامي، قالوا: أنا أبو عثمان سعيد بن محمّد بن أحمد، أنبأ أبو علي زاهر بن أحمد
ص: 136
الفقيه، زاد أبو المظفّر و أبو الحسين محمّد بن عبد اللّه بن الحسين بمدينة السلام، قالا:
أناح.
و حدّثناه أبو عبد اللّه يحيى بن الحسن بن أحمد لفظا، و أبو (1) القاسم إسماعيل بن أحمد، و عبد اللّه بن أحمد بن عبد القادر بن محمّد بن يوسف، و المبارك بن أحمد بن علي القصار، و أبو الحسن محمّد بن أحمد بن محمّد بن توبة الأسدي، و علي بن المبارك بن الحسين المصريان و زوجه كريمة بنت أبي بكر محمّد بن أحمد بن عبد الباقي بن الخاضبة (2) بقراءتي عليهم ببغداد، قالوا: أنا أبو الحسين أحمد بن محمّد بن النقور، أنبأ محمّد بن عبد اللّه بن أخي ميمي، نا عبد اللّه بن محمّد، نا داود بن رشيد زاد السّرخسي: أبو الفضل، نا الوليد بن مسلم، عن أبي غسان محمّد بن مطرّف، عن زيد بن أسلم، عن علي بن الحسين، عن سعيد بن مرجانة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى اللّه عليه و سلّم قال - و قال أبو المظفر قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:- «من أعتق رقبة»- زاد السّرخسي:«مؤمنة - أعتق اللّه بكل عضو منها عضوا منه من النار حتى فرجه بفرجه» و في حديث الشّحّامي: بكل عضو منه عضوا منها و هو وهم[4069].
و أخبرناه أبو محمّد هبة اللّه بن سهل بن عمر، و أبو المظفّر عبد المنعم بن عبد الكريم، قالا: أنبأ أبو عثمان سعيد بن محمّد، أنا أبو عمرو بن حمدان، أنبأ الحسن بن سفيان، نا داود بن رشيد، نا الوليد بن مسلم، عن محمّد بن مطرّف، عن زيد بن أسلم، عن علي بن الحسين، عن سعيد بن مرجانة، عن أبي هريرة، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم قال:«من أعتق رقبة مسلمة أعتق اللّه بكل عضو منه عضوا منه من النار حتى فرجه بفرجه»[4070].
أخرجه البخاري (3) عن أبي يحيى محمّد بن عبد الرحيم المعروف بصاعقة، عن داود بن رشيد، و أخرجه مسلم (4) عن داود نفسه.
ص: 137
حدّثنا أبو عبد اللّه بن البنّا لفظا، و أبو القاسم بن السّمرقندي، و المبارك بن أحمد بن علي القصار قراءة، قالوا: أنا أبو الحسين بن النّقّور، أنبأ أبو الحسين بن أخي ميمي، أنا عبد اللّه بن محمّد بن عبد العزيز، نا داود بن رشيد، أبو الفضل الخوارزمي، نا شعيب بن إسحاق، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد اللّه بن عمر أن النبي صلى اللّه عليه و سلّم قال:«لا تحرّوا بصلاتكم طلوع الشمس و لا غروبها، فإنها تطلع بقرني شيطان»[4071].
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأ أبو الحسين بن النّقّور، و عبد الباقي بن محمّد بن غالب، قالا: أنا أبو طاهر المخلّص، نا أبو القاسم بن منيع، نا داود بن رشيد، نا سلمة بن بشر، نا سعيد بن عمارة الكلاعي، نا الحارث بن النعمان: أنه سمع أنس بن مالك يقول: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«أكرموا أولادكم و أحسنوا أدبهم»[4072].
قرأت على أبي غالب بن البنّا، عن أبي محمّد الجوهري، أنبأ أبو عمر بن حيّوية، أنا أحمد بن معروف، نا الحسين بن الفهم، نا محمّد بن سعد، قال (1) في تسمية أهل بغداد: داود بن رشيد نزل مدينة أبي جعفر و هو من أبناء أهل خراسان من أهل خوارزم، روى عن الوليد بن مسلم، و بقية بن الوليد، و إسماعيل بن عياش و غيرهم من الشاميين و كتب عنه أهل بغداد و هو ثقة كثير الحديث.
أنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي ثم حدّثنا أبو الفضل محمّد بن ناصر، أنبأ أحمد بن الحسن، و المبارك بن عبد الجبار، و محمّد بن علي و اللفظ له - قالوا: أنا عبد الوهاب بن محمّد زاد أحمد: و محمّد بن الحسن، قالا:- أنبأ أحمد بن عبدان، أنا محمّد بن سهل، أنا محمّد بن إسماعيل، قال (2):داود بن رشيد أبو الفضل كان ببغداد سمع أبا المليح الحسن، و الوليد بن مسلم، و بقية.
أخبرنا أبو بكر الشّقّاني (3)،أنبأ أبو بكر أحمد بن منصور، أنبأ أبو سعيد بن حمدون، أنبأ مكي بن عبدان، قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أبو الفضل داود بن رشيد البغدادي سمع الوليد بن مسلم.
أخبرنا أبو الفضل بن ناصر، قال: أجاز لنا أبو الفضل بن الحكّاك، أنا أبو نصر
ص: 138
الوائلي، أنا الخصيب بن عبد اللّه، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرّحمن، قال:
أخبرني أبي قال: أبو الفضل داود بن رشيد.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الحسين بن عبد الملك، أنبأ عبد الرّحمن بن محمّد بن إسحاق، أنا أبو علي إجازة ح، قال: و أنبأ الحسين بن سلمة، أنبأ علي بن محمّد، قالا: أنبأ أبو محمّد بن أبي حاتم، قال (1):داود بن رشيد أبو الفضل البغدادي، روى عن صالح بن عمر، و حسان بن إبراهيم الكرماني، و عبّاد بن العوام، و أبي حفص الأبّار، روى عنه أبي، و أبو زرعة سئل أبي عنه ؟ فقال: صدوق.
قرأنا على أبي الفضل بن ناصر عن أبي طاهر بن أبي الصفر، أنا هبة اللّه بن إبراهيم بن عمر، أنبأ محمّد بن أحمد بن إسماعيل، نا أبو بشر الدولابي، قال: أبو الفضل داود بن رشيد.
أنبأنا أبو جعفر محمّد بن أبي علي بن محمّد الهمذاني، أنا أبو بكر الصفار، أنبأ أحمد بن علي الحافظ ، أنبأ أبو أحمد محمّد بن محمّد الحاكم، قال: أبو الفضل داود بن رشيد الهاشمي مولاهم الخوارزمي، سكن بغداد، سمع أبا العباس الوليد بن مسلم القرشي، و صالح بن عمر الواسطي، روى عنه أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري، و أبو عبد اللّه محمّد بن إسماعيل الجعفي كناه لنا (2) أبو محمّد عبد اللّه بن إسحاق بن إبراهيم المدائني.
قرأت على أبي غالب بن البنّا، عن أبي الفتح بن المحاملي، أنا أبو الحسن الدار قطني، قال: داود بن رشيد الخوارزمي، أبو الفضل يروي عن أبي حفص الأبّار و عبد اللّه بن جعفر بن نجيح، و إسماعيل بن عياش، و الوليد بن مسلم و غيرهم، حدّثنا عنه أبو القاسم بن منيع بحديثه على الوجه و هو آخر من حدث عنه.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا محمّد بن طاهر، أنا مسعود بن ناصر، أنا عبد الملك بن الحسن، أنا أبو نصر الكلاباذي، قال: داود بن رشيد أبو الفضل البغدادي، و كان قد كفّ بصره، سمع الوليد بن مسلم، روى البخاري عن محمّد بن
ص: 139
عبد الرحيم عنه في كفارات الأيمان، مات يوم الجمعة لسبع خلون من شعبان سنة تسع و ثلاثين و مائتين، قاله البخاري.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، و أبو النجم بدر بن عبد اللّه، قالا: قال أنا أبو بكر الخطيب (1):داود بن رشيد أبو الفضل مولى بني هاشم خوارزميّ الأصل بغداديّ الدار، سمع أبا المليح الرّقّي، و إسماعيل بن جعفر المدني، و الوليد بن مسلم، و شعيب بن إسحاق الدمشقيين، و هشيم بن بشير، و إسماعيل بن عليّة، و أبا حفص الأبّار، و مروان بن معاوية، و محمّد بن ربيعة، و عبّاد بن العوّام، و صالح بن عمر الواسطي، روى عنه أبو يحيى صاعقة، و أبو جعفر بن المنادي، و إبراهيم بن هانئ النيسابوري، و إبراهيم بن عبد اللّه بن الجنيد، و أبو بكر عبد اللّه بن أبي الدنيا، و عمر بن أيوب السّقطي، و أبو القاسم البغوي و غيرهم.
أنبأنا أبو المظفّر بن القشيري، عن محمّد بن علي بن محمّد، أنبأ أبو عبد الرّحمن السّلمي، أنبأ أبو الحسن الدار قطني، قال: داود بن رشيد خوارزمي ثقة نبيل (2).
قرأت على أبي القاسم الشّحّامي، عن أبي بكر البيهقي، أنبأ أبو عبد اللّه الحافظ ، أخبرني أبو أحمد علي بن محمّد الحسني المروزي، قال: سألت - يعني صالح بن محمّد - جزرة عن داود بن رشيد؟ فقال: كان يحيى بن معين يوثقه (3).
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، أنبأ رشأ بن نظيف، أنبأ الحسن بن إسماعيل، ثنا أحمد بن مروان، نا إبراهيم الحربي، نا داود بن أبي (4) رشيد، قال: قمت ليلة أصلّي فأخذني البرد لما أنا فيه من العري فأخذني النوم فرأيت فيما يرى النائم كأن قائلا يقول لي: يا داود أنمناهم و أقمناك، فتبكي علينا قال إبراهيم: فأرى داود ما نام بعدها (5).
ص: 140
قال (1):سمعت إبراهيم الحربي يقول: سمعت داود بن رشيد يقول: قالت حكماء الهند لا ظفر مع بغي، و لا صحة مع نهم، و لا ثناء مع كبر، و لا صداقة مع خبّ (2)،و لا شرف مع سوء أدب، و لا برّ مع شحّ ، و لا اجتناب محرّم مع حرص، و لا محبة مع هزو، و لا ولاية حكم مع عدم فقه، و لا عذر مع إصرار، و لا سلم قلب مع الغيبة، و لا راحة مع حسد، و لا سؤدد مع انتقام، و لا رئاسة مع غزارة (3) نفس و عجب، و لا صواب مع ترك المشاورة، و لا ثبات ملك مع تهاون و جهالة وزراء (4).
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأ أبو علي بن المسلمة، و أبو القاسم بن العلاّف، قالا: أنا أبو الحسن الحمّامي، أنبأ الحسن بن محمّد بن الحسن السّكوني، نا محمّد بن عبد اللّه بن سليمان، قال: مات داود بن رشيد سنة تسع و ثلاثين و مائتين.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، ثنا و أبو النجم بدر بن عبد اللّه، أنبأ أبو بكر الخطيب (5)،أنبأ أحمد بن أبي جعفر، أنبأ محمّد بن المظفر، قال: قال عبد اللّه بن محمّد البغوي: مات داود بن رشيد سنة تسع و ثلاثين - يعني و مائتين (6)-.
أبو عمرو الرّقاشيّ البصري (7)
حدّث عن داود بن أبي هند، و علي بن زيد بن جدعان، و سعيد بن أبي عروبة، و معلم الوراق، و يزيد بن أبي مريم الدمشقي، و ثابت البناني، و أبي عبد اللّه الفلسطيني، و أيوب السختياني، و عاصم الأحول و محمّد بن جحادة، و شعبة بن الحجاج، و يحيى بن سعيد الأنصاري، و أبي الزبير، و عطاء بن السائب، و زيد بن أسلم، و يونس بن عبيد، و أبان بن أبي عياش، و مجالد بن سعيد، و حجّاج بن أرطأة
ص: 141
و محمّد بن عبيد اللّه العرزمي (1).
يروي عنه سعيد بن أبي عروبة، و هو من شيوخه، و شعبة بن الحجاج و هو أكبر منه، و محمّد بن شعيب بن شابور، و أظنه سمع منه حين سمع هو من يزيد بن أبي مريم، و محمّد بن أبي بكر المقدّمي، و زكريا بن يحيى بن صبيح الواسطي، و بشير بن هلال الصّوّاف، و أحمد بن عبدة الضّبّي، و محمّد بن معاوية بن صالح الأنماطي، و أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم بن بسام الترجماني (2)،و داود بن مهران الدباغ، و محمّد بن سليمان بن أبي داود الحرّاني، و الحسن بن عمر بن شقيق، و أزهر بن مروان الرقاشي فريح (3)،و علي بن حجر و خلف بن يحيى قاضي أصبهان، و إسماعيل بن موسى بن بنت السّدّي، و العباس بن الفرج المصيصي، و إسماعيل بن زرارة البرقي، و الفضل بن جبير الوراق، و إسماعيل بن عيسى العطار، و محرز بن عون، و أحمد بن منيع، و الحسن بن عروة (4)،و غيرهم.
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين، أنا أبو طالب بن غيلان، أنا أبو بكر الشافعي، نا الحسن بن علي القطان، ثنا إسماعيل بن عيسى العطار، نا داود بن الزّبرقان، عن مطر - يعني الوراق - و هشام، و يونس - يعني ابن عبيد-، عن الحسن، عن عبد الرّحمن بن سمرة القرشي أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم قال:«يا عبد الرّحمن لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن غير مسئلة أعنت عليها و إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فائت الذي هو خير، و كفّر عن يمينك»[4073].
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، نا أبو بكر أحمد بن علي الخطيب، أنا أحمد بن أبي جعفر القطيعي، أنا عثمان بن محمّد بن القاسم الأدمي، نا الحسين بن محمّد بن سعيد، نا جحدر، نا بقية، عن شعبة، عن داود البصري، عن زيد بن أسلم، عن محمود بن أسد، عن رافع بن خديج، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«أسفروا بالفجر (5)فإنها مسفرة»[4074].
ص: 142
قال الخطيب: حديث عن أبي الحسن الدار قطني أن داود البصري هو داود بن الزّبرقان.
كتب إليّ أبو نصر أحمد بن محمّد بن علي بن البخاري، أنبأ أبو بكر محمّد بن عبد الملك بن بشران، أنبأ أبو الحسن الدار قطني، حدّثني أبي، نا يحيى بن محمّد بن صاعد، نا عد اللّه بن محمّد بن أبي بكر، نا يحيى بن أبي بكر، نا داود بن الزّبرقان، قال: حدثت يزيد بن أبي مريم، قلت: حدّثني مطر الوراق عن قتادة، عن سالم بن أبي الجعد، عن معدان بن طلحة، عن أبي نجيح السّلمي أنه كان مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم حين حاصر أهل الطائف فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«من رمى بسهم» الحديث[4075].
قال داود: فقال لي يزيد بن أبي مريم: ابتدي ما أتيتم، أبو نجيح هو عمرو بن عبسة السّلمي، و كنيته أبو نجيح، و حدّثني بهذا الحديث الذي حدّثني عبادة بن أوفى أنه سمعه من عمرو بن عبسة.
أنبأنا أبو الغنائم الكوفي، ثم حدّثنا أبو الفضل الحافظ ، أنا أحمد بن الحسن، و المبارك بن عبد الجبار، و أبو الغنائم - فاللفظ له قالوا: أنا أبو أحمد الغندجاني - زاد أحمد و أبو الحسين الأصبهاني قالا:- أنا أحمد بن عبدان، أنا محمّد بن سهل، أنا محمّد بن إسماعيل (1)،قال: داود بن الزّبرقان: أبو عمرو، بصري، عن داود بن أبي هند.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الأديب، أنبأ أبو القاسم بن مندة، أنبأ حمد بن عبد اللّه إجازة ح.
قال: و أنا أبو طاهر بن سلمة، أنبأ علي بن محمّد، قالا: أنا أبو محمّد بن أبي حاتم، قال (2):داود بن الزّبرقان بصري روى عن داود بن أبي هند، و سعيد بن أبي عروبة، و علي بن زيد، روى عنه زكريا بن يحيى بن صبيح الواسطي، سمعت أبي يقول ذلك، قال أبو محمّد: روى داود بن الزبرقان عن مطر الوراق، روى عنه محمّد بن شعيب بن شابور، و محمّد بن أبي بكر المقدّمي.
ص: 143
أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن بن سعيد، و أبو النجم بدر بن عبد اللّه، قالا:
قال أنا أبو بكر الخطيب (1):داود بن الزّبرقان، أبو عمرو الرقاشي البصري. نزل بغداد و حدث بها عن زيد بن أسلم، و أيوب السختياني، و محمّد بن جحادة، و علي بن زيد بن جدعان، و يونس بن عبيد، و أبان بن أبي عياش، و مطر الوراق، و حجاج بن أرطأة، و شعبة بن الحجاج، و محمّد بن عبيد اللّه العرزمي، و مجالد بن سعيد، و سعيد بن أبي عروبة، روى عنه داود بن مهران الدباغ، و الفضل بن جبير الوراق، و إسماعيل بن عيسى العطار، و أبو إبراهيم التّرجماني، و محرز بن عون، و أحمد بن منيع، و محمّد بن معاوية بن صالح، و الحسن بن عرفة و غيرهم.
قال الخطيب (2):و بلغني عن إبراهيم بن عبد اللّه بن الجنيد، قال: قلت ليحيى بن معين: داود بن الزّبرقان ؟ قال: قد كتبت عنه كان يكون في قصر الوضاح.
قال الخطيب (3):و أخبرني أحمد بن عبد اللّه الأنماطي، نا محمّد بن المظفّر، أنا علي بن أحمد بن سليمان المصري، نا أحمد بن سعد بن أبي مريم، قال: و داود بن الزّبرقان كان يكون ببغداد.
أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر، أنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك، أنا أبو الحسن بن السقا، و أبو محمّد بن بالوية، قالا: نا أبو العباس محمّد بن يعقوب، نا عباس بن محمّد، قال: سمعت ح.
و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا إسماعيل بن مسعدة، أنا حمزة بن يوسف، أنبأ أبو أحمد بن عدي (4)،ثنا ابن أبي بكر و ابن حمّاد، قالا: أنا عياش بن محمّد، عن يحيى، قال: داود بن الزّبرقان ليس بسيّئ، زاد ابن حمّاد: و قد روى عنه سعيد بن أبي عروبة حديثا (5) في أصنافه (6) قلت ليحيى: من روى عن سعيد؟ قال:
الخفّاف.
ص: 144
أخبرنا أبو غالب أحمد، و أبو عبد اللّه يحيى، ابنا الحسن بن البنّا، قالا: أنا أبو الحسين بن الابنوسي، أنا أبو بكر بن بيري إجازة، أنا محمّد بن الحسين الزعفراني (1)، نا أبو بكر بن أبي خيثمة، قال: سمعت يحيى بن معين يقول: داود بن الزّبرقان ليس حديثه بشيء.
أخبرنا أبو القاسم الواسطي، و أبو الحسن بن سعيد، قالا: حدّثنا و أبو النجم الشّيحي (2)،قال: أنبأ أبو بكر الحافظ ، أنبأ أبو بكر أحمد بن محمّد بن إبراهيم، قال:
سمعت أبا الحسن أحمد بن محمّد بن عبدوس، قال: سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول: قلت ليحيى بن معين فداود بن الزّبرقان ؟ قال: ليس بشيء (3).
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا قاضي القضاة أبو بكر محمّد بن المظفّر، أنا أحمد بن محمّد بن أحمد العتيقي، أنا أبو يعقوب يوسد بن أحمد بن يوسف، نا أبو جعفر محمّد بن عمرو العقيلي (4)،نا محمّد بن عبد الحميد السهمي، نا أحمد بن محمّد الحضرمي، قال: سألت يحيى بن معين عن داود بن الزّبرقان ؟ فقال: ليس بشيء.
أخبرنا أبو الحسن بن سعيد، قالا: نا و أبو النجم الشّيحي (5)،أنبأ أبو بكر الخطيب (6)،أخبرني الأزهري، نا عبد اللّه بن عثمان الصفار، نا محمّد بن عمران بن موسى، نا عبد اللّه بن علي بن المديني، قال: سمعت أبي يقول: داود الزّبرقان كتبت عنه شيئا يسيرا، و رميت به، و ضعّفه جدا.
أخبرنا أبو الحسن بن سعيد، نا و أبو النجم بدر بن عبد اللّه، أنا أبو بكر الخطيب ح.
و أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، قالا: ثنا عبد العزيز بن أحمد لفظا بدمشق، نا عبد الوهاب بن جعفر الميداني، نا أبو هاشم عبد الجبار بن عبد الصمد السّلمي، نا
ص: 145
القاسم بن عيسى العصار، نا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، قال: داود بن الزّبرقان كذاب (1).
أخبرنا أبو الحسن بن سعيد، قالا: ثنا و أبو النجم بدر بن عبد اللّه، أنبأ أبو بكر الخطيب (2)،أخبرني الأزهري، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن عمر الخلاّل، نا محمّد بن أحمد بن يعقوب، ناجدي، قال: داود بن الزّبرقان متروك الحديث.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني شفاها، نا عبد العزيز بن أحمد، أنبأ أبو نصر بن الجبان إجازة، نا أحمد بن القاسم الميانجي، نا أحمد بن طاهر بن النجم، حدّثني سعيد بن عمرو البردعي، قال: قلت - يعني لأبي زرعة الرازي - داود بن الزّبرقان ؟ قال:
واهي الحديث.
أخبرنا أبو الحسن بن سعيد، ثنا و أبو النجم بدر بن عبد اللّه، أنبأ أبو بكر الخطيب (3)،أنبأ البرقاني، نا يعقوب بن موسى الأردبيلي، نا أحمد بن طاهر بن النجم، نا سعيد بن عمرو البردعي (4)،قال: قلت لأبي زرعة: داود بن الزّبرقان، قال: متروك الحديث، قلت: ترى أن نذاكر عنه أو نكتب حديثه، قال: لا.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الخلاّل، أنبأ أبو القاسم بن مندة، أنبأ حمد بن عبد اللّه إجازة ح، قال: و أنا أبو طاهر بن سلمة، أنبأ علي بن محمّد، قالا: أنا أبو محمّد بن أبي حاتم، قال (5):سمعت أبي يقول: داود بن الزّبرقان ضعيف الحديث.
أخبرنا أبو الحسن بن سعيد، ثنا و أبو النجم بدر بن عبد اللّه، أنبأ أبو بكر الخطيب (6)،أنبأ أحمد بن أبي جعفر، أنبأ محمّد بن عدي البصري في كتابه، نا أبو عبيد محمّد بن علي الآجري، قال: سمعت أبا داود يقول: داود بن الزّبرقان ترك حديثه.
ص: 146
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفقيه، و أبو يعلى حمزة بن علي بن الحبوبي، قالا: أنبأ سهل بن بشر، أنا علي بن منير بن أحمد بن منير، أنبأ الحسن بن رشيق، أنا أبو عبد الرّحمن النسائي، قال: داود بن الزّبرقان ليس بثقة.
أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن بن سعيد، قال: نا و أبو النجم بدر بن عبد اللّه، أنبأ أبو بكر الخطيب ح.
و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو بكر بن الطبري، قالا: أنبأ أبو الحسين بن الفضل، أنا عبد اللّه بن جعفر، نا يعقوب بن سفيان، قال: و داود بن الزّبرقان ضعيف (1).
قال: و نا يعقوب، قال في باب من يرغب عن الرواية عنهم و كنت أسمع أصحابنا يضعفونهم فذكرهم و ذكر فيهم داود بن الزّبرقان (2).
أخبرنا أبو القاسم أيضا، أنبأ أبو القاسم الإسماعيلي، أنا حمزة يوسف، أنبأ أبو أحمد بن عدي (3)،نا علاّن، نا ابن أبي مريم، قال: و قال لي غير يحيى بن معين:
اجتمع الناس على طرح هؤلاء النفر ليس يذاكر بحديثهم و لا يعتدّ بهم فذكر داود بن الزّبرقان فيهم، و قال: كان يكون ببغداد.
أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن بن سعيد، ثنا و أبو النجم الشّيحي (4)،أنا أبو بكر الخطيب (5)،أنا علي بن طلحة المقرئ، أنا علي (6) بن إبراهيم الغازي، نا محمّد بن محمّد بن داود الكرجي (7)،نا عبد الرّحمن بن يوسف بن خراش (8)،قال:
ص: 147
داود بن الزّبرقان بصري ضعيف الحديث.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا إسماعيل بن مسعدة، أنا حمزة بن يوسف أبو أحمد بن عدي (1) قال: داود بن الزّبرقان أبو عمر، و قد قيل: أبو عمرو البصري - قال البخاري: داود بن الزّبرقان أبو عمرو البصري، عن داود بن أبي هند مقارب الحديث.
قال ابن عدي (2):و لداود [بن الزّبرقان] حديث كثير و عامة ما يرويه عن كلّ من روى عنه مما لا يتابعه عليه أحد، و هو في جملة الضعفاء الذي يكتب حديثهم (3).
2046 - داود بن سلم (4)،يقال: إنه مولى بني تيم بن مرّة
ثم لآل أبي بكر الصّدّيق،
و يقال: لآل طلحة
شاعر من أهل المدينة.
قدم على حرب بن خالد بن يزيد بن معاوية دمشق، و مدحه و له مدائح مستحسنة مستفيضة، و قد تقدم ذكر وفوده في ترجمة حرب بن خالد بن يزيد بن معاوية.
أخبرنا أبو غالب أحمد و أبو عبد اللّه يحيى، ابنا الحسن بن البنّا، قالا: أنبأ أبو جعفر بن المسلمة، أنا أبو طاهر المخلّص، نا أحمد بن سليمان الطوسي، نا الزّبير بن بكّار، قال (5):سألت محمّد بن موسى بن طلحة بن عمر، عن داود بن سلم هل هو مولاهم ؟ فقال: كذلك يقول الناس و ليس بمولانا: أبوه رجل من النّبط و أمّه ابنة حوط مولى عمر بن عبيد اللّه فنسب إلى ولائه (6) قال: و في ذلك يقول و هو يمدح بني معمر:
و إذا دعا الجاني النصر (7) لنصره *** وارتني أوجهها النضيرة معمر
ص: 148
متخارزين (1) كأنّ أشدّ خفيّة *** فمقامها متبسلات (2) نزير
يتجاسرون بحمل كل ملمّة *** يتجبرون على الذي يتجبر
غسل الرضا فإذا بلغت خطابهم *** خلط السماء ثم يقبل صاب ممقر (3)
لا يطبعون و لا نرى أخلاقهم *** إلاّ تطيب كما يطيب العنبر
رفعوا بنائي فكان حوط قصره (4) *** جدّي و منهم الذي لا أنكر
أخبرنا أبو الحسين محمّد بن محمّد بن الفراء، و أبو غالب و أبو عبد اللّه ابنا البنّا، قالوا: أنبأ أبو جعفر بن المسلمة، أنبأ أبو طاهر المخلّص، نا أحمد بن سليمان، نا الزّبير بن بكّار، قال: و حدّثني غير عمي قال: سمعت داود بن سلم ينشد لنفسه في قثم بن العباس رضي اللّه عنهما (5):
نجوت من حلّ و من رحلة (6) *** يا ناق إن قرّبتني (7) من قثم
إنّك إن بلّغتنيه غدا *** عاش لنا بشير (8) و مات العدم
في باعه طول و في وجهه *** نور و في العرنين منه شمم (9)
لم يدر مالا و بلى قد درى *** فعافها و اعتاض منها نعم
قال الزبير: و أنشدني عبد اللّه بن محمّد بن موسى بن عمر لداود بن سلم يمدح قثم بن العباس، و أنشدني ذلك يونس بن عبد اللّه قال: سمعته من داود بن أسلم:
كما صارخ بك من راج و صارخة *** يدعوك يا قثم الخيرات يا قثم
ص: 149
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته *** و البيت يعرفه و الحلّ و الحرم (1)
يكاد يعلقه عرفان راحته *** ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم
إذا رأته قريش قال قائلها *** إلى مكارم هذا ينتهي الكرم
هذا الذي لم يضع للملل حرمته *** إنّ الكريم الذي يحظى به الحرم
قال (2):و نا الزبير، حدّثني يونس بن عبد اللّه، عن داود بن سلم قال: كنت يوما جالسا مع قثم بن العباس قبل أن يمللوا (3) بفنائه فمرّت جارية فأعجبت قثم فتمنّاها و لم يمكنه ثمنها، فلما ولي قثم اليمامة اشترى الجارية إنسان يقال له صالح، فكتب داود بن سلم إلى قثم بن العباس:
يا صاحب العيس ثم راكبها *** بلّغ إذا ما أثبته قثما (4)
إنّ العزال الذي أجاز بنا *** معارضا إذ توسّط الحرما
حوّله صالح فصار مع الإنس *** و خلا الوحوش و السّلما
فأرسل قثم في طلب الجارية يشتريها، فوجدها قد ماتت.
قال الزبير: و قال داود بن سلم (5):
و كنا حديثا قبل تأمير جعفر *** و كان المنى في جعفر أن يؤمّرا
فرحت بتأمير الأمير فكلما *** لقيت خليلا لمته أو تشزرا
كصاد أصابته سموم ظهيرة *** بأرض مغاز حين راح فهجرا
أرى عارضا يرجي إليه سحابة *** فلما علاه الويل سمح فأمطرا
كأن بني حوّاء صفّوا أمامه *** فخيّر في أنسابهم فتخيرا
حوته فروع المجد من كل جانب *** إذا نسبوا حاز النبي المطهّرا
سليل نبي اللّه و ابن ابن عمه *** فيا لك فخرا ما أجلّ و أكثرا
ص: 150
صفا كصفاء المري في نافع الثرى *** من الرفق حتى ماؤه غير أكدرا
حوى المنبرين الطاهرين فجعفر (1) *** إذا ما خطا عن منبر أمّ منبرا
قال الزبير: فحدّثني يونس بن عبد اللّه بن سالم الخيّاط أن جعفر بن سليمان أعطى داود بن سلم فيها عشرة آلاف درهم، قالها حين ولي جعفر المدينة و مكة.
أخبرنا أبو منصور عبد الرّحمن بن محمّد بن عبد الواحد، أنا أبو بكر الخطيب، أنا الحسن بن أبي بكر، أنا الحسن بن محمّد بن يحيى بن الحسن العلوي، نا جدي، قال: و أبو عبد اللّه بن محمّد أبو الكرام، محمّد بن عبد اللّه أمه الجلاس بنت خالد بن محمّد بن زهير بن أبي أمية بن المغيرة، و أمها أم الحارث بنت خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة و له يقول داود بن سلم:
يا ابن بنت النبي زارك زور *** لم يكن ملحقا و لا سآلا
زار خير الأنام نفسا و أمّا *** و الذي يمنح الثدي السؤالا
و إذا مرّ عابرا من سبيل *** يجمع القاطنين و القفالا
بهت الناس ينظرون إليه *** مثل ما ترقب العيون الهلالا
أخبرنا أبو الحسين بن الفراء، و أبو غالب، و أبو عبد اللّه ابنا البنّا، قالوا: أنا أبو جعفر بن المسلمة، أنا أبو طاهر المخلّص، نا أحمد بن سليمان، نا الزّبير بن بكّار، قال في تسمية ولد جعفر، قال: و منهم ابن أبي الكرام محمّد بن عبد اللّه بن محمّد بن علي بن عبد اللّه بن جعفر، كان مع عيسى بن موسى حين قاتل محمّد بن عبد اللّه بن حسين و هو حمل رأس محمّد بن عبد اللّه و رءوس من قتل معه إلى أمير المؤمنين المنصور بن جعد و له يقول داود بن سلم:
يا ابن بنت النبي أراك زور *** لم تكن ملحقا و لا سؤالا
و واراه يا ابن النبي رجال *** كلهم سائلوه ما منك بالا
ذاك خير الأنام نفسا و أمّا *** و الذي يمنح الثدي السؤالا
و إذا مرّ عابر السبيل *** يجمع القاطنين و القفالا
بهت الناس ينظرون إليه *** مثل ما ترقب العيون الهلالا
ص: 151
أخبرنا أبو غالب و أبو عبد اللّه ابنا البنّا، قالا: أنبأ أبو جعفر بن المسلمة، أنا أبو طاهر المخلّص، أنبأ أحمد بن سليمان الطوسي، نا الزبير بن بكار، قال: و حدّثني أبو غزية محمّد بن موسى الأنصاري قال: خطب أبو بكر بن حمزة بن عبد اللّه بن الزبير امرأة من قريش فأرسلت إليه: إني لا أريد التزوج، و لو أردته ما عدوتك و لكنت لذاك أهلا فبلغت القصة داود بن سلم فقال:
اللّه يعلم ما صاحبت من أحد *** خيرا و أكرم منه حين يختضل
إما لحمزة أو عيّاد والده *** أو ثابت منه جزل الرأي و الجدل
قوم يفون بأموال و إن عظمت *** أعراضهم و يرون الغنم ما فعلوا
إنّ الزبير و أياما خلون له *** مع التي بها قد يضرب المثل
ثم العيادة و الإقدام قد عرفا *** لابن الزبير إذا ما قيل من رجل
فأين لا أين عنهم معدل أبدا *** هم الكرام إذا ما حملوا احتملوا
أتيت جود بني اللكعاء انباها *** قدر جسم و عرض ليس يبتذل
لو كان ينكح شمس الناس من أحد *** لكانت الشمس في أبياتهم تقل
أو كان يبلغ حذو النجم ذو شرف *** لكان جارهم في جوها زحل
أو كان يعدل عن قوم لفضّلهم *** ريب المنون لما وافاهم الأجل
ما آن لهم و لكم شبه و لا مثل *** إلا البرود و سحق الفروة العمل
فأرسل إليهم أبو بكر: إن المرأة لم تردّنا ردّ مكروه، و أقسمت عليك إلاّ أمسكت عنها، و إنما هي امرأة. فقال: أما و اللّه لو لا تقدمك إليّ لهجوتها بمائة شعر، فبلغ المرأة بعد ما كان منه فبعثت إليه أن أخطبني فإني غير رادّتك، فأرسل إليها: إن الذي كان فينا مثل الذي عطف علينا هو كان أولى أن يصبرني به إلى قضاء حاجتنا، و لو علمت جئت خطبتك أنك لا ترمي خيرا منك ما خطيتك لا حاجة لي، قيل فتزوجها بعد رجل من قريش كان مكبرا فأساء إليها، فكانت تقول ابن الزبير و تمره خير منك و الدنيا لك، فكان يقول لها: إن اللّه عز و جل عاتبك له لي، فيقول: صدقت و اللّه فقال داود عند ذلك:
لقد خبرت زينب حين تشكو *** تقول لربها ها ذي ذنوبي
أحل و تقي كثير لم تريحه *** لحاك اللّه من عجب عجيب
أبعد ابن الزبير نكحت بعلا *** فأين الملح من ماء عذوب
ص: 152
قال: و ثنا الزبير، حدّثني أحمد بن محمّد بن عبد العزيز الزهري، حدّثني أخي إبراهيم بن محمّد أن أباه محمّد بن عبد العزيز الزهري لما عزل عن قضاء المدينة وقف عليه داود بن سلم فقال:
أمين كنت تحكم حين كنت *** تريد اللّه جهدك ما استطعتا
تذكّرنا الأمين إياك بخ بخ *** غداة له تقول الناس أنتا
فإن يعزل فليس بشر سوم *** أتاك اليوم منه ما أردتا
فقال محمّد بن عبد العزيز لكاتبه محرز بن جعفر مولى أبي هريرة: يا محرز، أعطه خمسين دينارا فإنه و اللّه علمي فيه إذا مدح يصح و إذا ذم شرح قال: فقال داود بن سلم: و اللّه لقول محمّد في شعري كان أعظم عندي قدرا من عطيته.
كتب إليّ أبو عبد اللّه محمّد بن علي بن محمّد بن الجلاّبي (1) الواسطي من واسط ، يخبرني عن أبي غالب محمّد بن أحمد بن بشران الواسطي، قال: أنشدنا علي بن محمّد بن عبد الرحيم بن دينار، قال: أنشدنا أبو الفرج علي بن الحسين الأصبهاني، قال: أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب لداود بن سلم الأدلم (2)(3):
ما ذرّ قرن الشمس إلاّ ذكرتها *** و يذكرنيها ما ذب الغروب (4)
و أذكرها ما بين دار و بعده *** و بالليل أحلامي و عند هبوبي
و أفنيتها (5) شوقا و أبلاني الهوى *** و أعيا الذي من طبّ كلّ طبيب
و أعجب أني لا أموت صبابة *** و ما كل من وامق بعجيب (6)
و كلّ محبّ قد سلا غير أنني *** غريب الهوى (7) ويح كلّ غريب
ص: 153
و كم لام فيها من أخ ذي (1) نصيحة *** فقلت له أقصر فغير مصيب
أ تأمر أشياء يا مفارق قلبه *** أ تصلح أجساد بغير قلوب
ابن الحكم بن أبي العاص بن أمية الأموي
له ذكر.
ابن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس
ابن عبد مناف القرشي الأموي (2)
أمه أم ولد، ولاه بعض الصوائف و أراد أن يجعله ولي عهده بعد موت أخيه أيوب بن سليمان فلم يفعل.
أخبرنا أبو الحسين بن الفراء، و أبو غالب، و أبو عبد اللّه ابنا البنّا، قالوا: أنا أبو جعفر بن المسلمة، أنا أبو طاهر محمّد بن عبد الرّحمن، أنا أحمد بن سليمان، نا الزّبير بن بكّار، قال: فولد سليمان بن عبد الملك: الحارث و عمرو، و عمر، و عبد الرّحمن، و داود لأمهات أولاد شتى.
قرأت على أبي غالب بن البنّا، عن أبي محمّد الجوهري، أنا أحمد بن معروف إجازة، نا الحسين بن الفهم، نا محمّد بن سعد (3)،نا محمّد بن عمر، نا داود بن خالد أبو سليمان، عن سهيل بن أبي سهيل، قال: سمعت رجاء بن حيّوية (4) يقول: لما كان يوم الجمعة لبس سليمان بن عبد الملك ثيابا خضرا من خزّ و نظر في المرآة فقال: أنا و اللّه الملك الشاب. فخرج إلى الصلاة فصلّى بالناس الجمعة فلم يرجع حتى وعك، فلما ثقل كتب كتابا عهده إلى ابنه أيوب، و هو غلام لم يبلغ، فقلت: ما تصنع يا أمير المؤمنين، إنه مما يحفظ به الخليفة في قبره أن يستخلف الرجل الصالح، فقال سليمان:
ص: 154
كتاب أستخير اللّه فيه و انظر و لم أعزم عليه. فمكث يوما أو يومين ثم خرّقه (1)،ثم دعاني فقال: ما ترى في داود بن سليمان ؟ فقلت: هو غائب بقسطنطينة و أنت لا تدري أ حي هو أو ميت، قال: يا رجاء فمن ترى ؟ قال: فقلت: رأيك يا أمير المؤمنين (2).
الصحيح أن أيوب مات قبل أبيه سليمان فأما داود فبقي بعده.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني بقراءتي عليه، ثنا أبو محمّد [الكتاني] (3)،أنا أبو محمّد بن أبي نصر، أنا أبو القاسم بن أبي العقب، أنا أحمد بن إبراهيم بن بشر، نا ابن عائذ، قال: فحدّثنا الوليد بن مسلم، قال: فحدّثني بعض المشيخة: أن سليمان بن عبد الملك في سنة ثمان و تسعين نزل بدابق و أغزى على صائفة الجزيرة عبد اللّه بن عمر بن الوليد، و داود بن سليمان فافتتح حصن المرأة (4) و حصن الأحرب و كان مسلمة على حصار القسطنطينة في ذلك العام (5).
أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن بن البنّا، أنا أبو الحسين بن الآبنوسي، أنبأ أبو القاسم بن جنيقا الدقاق، نا إسماعيل بن علي الخطبي، قال: توفي أيوب في حياة أبيه سليمان، و أراد سليمان أن يعقد العهد لابنه داود فمنعه من ذلك أنه كان ابن أمة و كان يكرهون ذلك، و لا يولّون إلاّ ابن منهم فعدل عنه (6).
و بلغني أن داود هذا قتل يوم نهر أبي فطرس، و لا أظنه بقي إلى ذلك الوقت، و اللّه أعلم.
ص: 155
ابن مروان بن الحكم الأموي
قتله السفاح مع أبيه سليمان بن هشام بالعراق، له ذكر.
أخو إبراهيم بن أبي شيبان
من علماء أهل دمشق يأتي له حكاية في ترجمة سويد بن عبد العزيز إن شاء اللّه.
ابن أبي العاص بن أمية الأموي
له ذكر، و كان له ابن اسمه سليمان، قتل مع بني أمية يوم نهر أبي فطرس (1) سنة اثنتين و ثلاثين و مائة.
ابن عبد المطّلب بن هاشم
أبو سليمان الهاشمي (2)
كان بالحميمة من أرض الشّراة من البلقاء، و ولي إمرة الكوفة في زمن ابن أخيه أبي العباس السفاح، ثم ولاّه المدينة و الموسم و مكة و اليمن و اليمامة.
روى عن أبيه.
روى عنه: الأوزاعي، و سعيد بن عبد العزيز، و الحكم بن عبد اللّه البصري، و مسور بن الصلت، و الحسن بن عمارة، و محمّد بن شعيب بن شابور (3)،و شريك بن عبد اللّه النّخعي القاضي، و قيس بن الربيع الأسدي، و عتبة بن يقظان، و محمّد بن
ص: 156
سليمان بن أبي ضمرة الحمصي، و محمّد بن عبد الرّحمن بن أبي ليلى، و ابن جريج، و عبد الرّحمن بن ثابت بن ثوبان (1)،و جابر بن يزيد.
و قدم دمشق غير مرة و كان بها حين وصل الخبر بوفاة هشام بن عبد الملك، فكتب إلى أخيه محمّد بذلك و كان بها أيضا حين ابتدأ أهل المزّة في التدبير على الوليد بن يزيد و عزموا عليه أن يبايع يزيد بالخلافة فأبى، و قيل: إنه كان قدريا.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأ أبو سعد الجنزرودي، و أبو سعد أحمد بن إبراهيم المقرئ، قالا: أنا أبو طاهر بن خزيمة، أنبأ جدي، نا محمّد بن خلف العسقلاني، نا آدم يعني ابن أبي إياس، نا قيس - يعني ابن الربيع-، عن محمّد بن أبي ليلى، عن داود بن علي، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: بعثني العباس إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم فأتيته ممسيا و هو في بيت خالتي ميمونة بنت الحارث، فقام رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم يصلي من الليل فلما صلّى ركعتي الفجر، قال:«اللّهم إني أسألك رحمة من عندك تهدي بها قلبي، و تجمع بها شملي، و تلمّ بها شعثي، و ترد بها ألفتي و تصلح بها ديني، و تحفظ بها غائبي، و ترفع بها شاهدي، و تزكي بها عملي، و تبيض بها وجهي، و تلهمني بها رشدي، و تعصمني بها من كل سوء، اللّهم أعطني إيمانا صادقا و يقينا ليس بعده كفر، و رحمة أنال بها شرف كرامتك في الدنيا و الآخرة، اللّهم، إني أسألك الفوز عند القضاء، و نزل الشهداء و عيش السعداء و مرافقة الأنبياء، و النصر على الأعداء، اللّهم أنزل بك حاجتي، و إن قصر رأيي و ضعف عملي و افتقرت إلى رحمتك، و أسألك يا قاضي الأمور، و يا شافي الصدور، كما تجير بين البحور أن تجيرني من عذاب السعير، و من دعوة الثبور، و من فتنة القبور، اللّهم ما قصّر عنه رأيي و ضعف عنه عملي، و لم تبلغه شيء من خير و عذبه (2) أحدا من عبادك أو خير أنت معطيه أحدا من خلقك، فإني أرغب إليك فيه.
و أسألك يا رب العالمين، اللّهم اجعلنا هداة (3) مهتدين غير ضالّين و لا مضلّين، حربا لأعدائك سلما لأوليائك، تحب بحبك الناس، و تعادي بعداوتك من خالفك (4)،اللّهم
ص: 157
هذا الدعاء و عليك الاستجابة - أو الإجابة» شك ابن خلف (1)-«و هذا الجهد و عليك التكلان، و لا حول و لا قوة إلاّ باللّه، اللّهم ذا الحبل الشديد و الأمر الرشيد، أسألك الأمن يوم الوعيد، و الجنة يوم الخلود مع المقربين الشهود، و الركّع السجود، الموفين بالعهود، إنك رءوف رحيم ودود، و أنت تفعل ما تريد، سبحان الذي تعطّف (2) العزّ، و قال به. سبحان الذي لبس المجد و تكرّم به، سبحان الذي لا ينبغي التسبيح إلاّ له، سبحان الذي أعطى كل شيء بعلمه، سبحان ذي الفضل و النعم، سبحان ذي القدرة و الكرم، اللّهم اجعل لي نورا في قلبي، و نورا في قبري، و نورا في سمعي، و نورا في بصري، و نورا في شعري، و نورا في بشري، و نورا في لحمي، و نورا في دمي، و نورا في عظامي، و نورا من بين يديّ ، و نورا من خلفي، و نورا عن يميني، و نورا عن شمالي، و نورا من فوقي، و نورا من تحتي، اللّهم زدني نورا، و أعطني نورا، و اجعل لي نورا»، و رواه عاصم، عن علي بن عاصم، عن قيس بن الربيع[4076].
أخبرناه أبو عبد اللّه محمّد بن الفضل الفقيه، و أبو علي عبد الحميد، و أبو محمّد عبد الجبار، أنبأ أبو محمّد الفقيهان، و أبو الحسين عبيد اللّه بن محمّد بن أحمد، قالوا:
أنا أحمد بن الحسين الحافظ ، أنبأ أبو نصر بن قتادة، نا أبو الحسن محمّد بن الحسن بن الحسين بن منصور التاجر (3)،أنبأ أبو بكر محمّد بن يحيى بن سليمان، نا عاصم بن علي، نا قيس بن الربيع ح.
و أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن إبراهيم المقرئ، أخبرنا سهل بن بشر، أنبأ علي بن منير الخلاّل، أنبأ القاضي أبو طاهر الذّهلي، نا أبو الحسن محمّد بن يحيى بن سليمان المروزي، نا عاصم بن علي، نا قيس بن الربيع، عن ابن أبي ليلى، عن داود بن علي، عن أبيه، عن عبد اللّه بن عباس، قال: بعثني العباس إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم فأتيته ممسيا و هو في بيت خالتي ميمونة، قال: فقام رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم يصلّي من الليل فلما صلّى الركعتين قبل الفجر قال:«اللّهم إني أسألك رحمة من عندك تهدي بها قلبي، و تجمع بها شملي، و تلمّ بها شعثي، و تردّ بها ألفتي، و تصلح بها ديني، و تحفظ بها غايتي، و ترفع بها
ص: 158
شاهدي، و تزكي بها عملي، و تبيّض بها وجهي، و تلهمني بها رشدي، و تعصمني بها من كل سوء، اللّهم أعطني إيمانا صادقا، و يقينا ليس بعده كفر، و رحمة أنال بها شرف كرامتك في الدنيا و الآخرة، اللّهم إني أسألك الفوز عند القضاء و نزل الشهداء، و عيش السعداء، و مرافقة الأنبياء، و النصر على الأعداء، اللّهم أنزل بك حاجتي، و إن قصر رأيي، و ضعف عملي و افتقرت إلى رحمتك فأسألك يا قاضي الأمور، و يا شافي الصدور كما تجير بين البحور أن تجيرني من عذاب السعير، و من دعوة الثبور و من فتنة القبور، اللّهم ما قصر عنه رأيي و ضعف عنه عملي و لم يبلغه نيتي أو أمنيتي - شك عاصم - من خير وعدته أحدا من عبادك، أو خير أنت معطيه أحدا من خلقك، فإني أرغب إليك فيه و أسألك يا رب العالمين، اللّهم اجعلنا هادين مهديين غير ضالّين و لا مضلّين حربا لأعدائك، سلما لأوليائك نحب بحبك الناس و نعادي بعداوتك من خالفك من خلقك، اللّهم هذا الدعاء و عليك الاستجابة، و هذا الجهد و عليك التكلان، و لا حول و لا قوة إلاّ باللّه، اللّهم ذا الحبل الشديد، و الأمر الرشيد، أسألك الأمن يوم الوعيد، و الجنة يوم الخلود مع المقربين الشهود، و الركّع السجود، الموفين بالعهود، إنك رحيم ودود، و أنت تفعل ما تريد، سبحان الذي تعطّف (1) العزّ و قال به، سبحان الذي لبس المجد و تكرّم به، سبحان الذي لا ينبغي التسبيح إلاّ له، سبحان ذي الفضل و النعم، سبحان ذي القدرة و الكرم، سبحان الذي أحصى كل شيء بعلمه، اللّهم اجعل لي نورا في قلبي، و نورا في قبري، و نورا في سمعي، و نورا في بصري، و نورا في شعري، و نورا في بشري، و نورا في لحمي، و نورا في دمي، و نورا في عظامي، و نورا من بين يدي، و نورا من خلفي، و نورا عن يميني، و نورا عن شمالي، و نورا من فوقي، و نورا من تحتي، اللّهم زدني نورا، و أعطني نورا و اجعل لي نورا» لفظهما قريب إلاّ أن الذّهلي لم يقل:«ممسيا» و قال: و منازل الشهداء، و قال:«و الجبل الشديد»، و لم يقل:«و نورا في قبري»، و قال شيخنا أبو الحسن: و الجبل[4077].
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأ أبو بكر محمّد بن هبة اللّه، أنبأ محمّد بن الحسين، أنبأ عبد اللّه بن جعفر، نا يعقوب بن سفيان، قال (2):قال أبو بكر
ص: 159
الحميدي في حديث سفيان عن ابن أبي ليلى، عن داود بن علي في زمن بني أمية، و رواه الحسين بن عمارة، عن داود:
أخبرناه أبو الفتح محمّد بن عبد الرحيم الكشميهني الخطيب، و أبو بكر محمّد بن أحمد بن الجنيد الميهني، و أبو بكر فضل اللّه بن المفضّل بن فضل اللّه، و أبو الثناء المنور، و أبو الضياء نصر ابنا أسعد بن سعيد بن فضل اللّه، و أبو علي الحسن بن عبد الرّحمن بن سلمان، و أبو محمّد العباس بن محمّد بن أبي منصور، قالوا: أنبأ أبو الفضل محمّد بن أحمد العارف الطوسي، أنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري، نا أبو العباس الأصم، نا محمّد بن خالد بن خلي، نا أحمد بن خالد الوهبي، عن داود بن علي، عن أبيه، عن ابن عباس: أنه كان ربما بات عند النبي صلى اللّه عليه و سلّم فكان النبي صلى اللّه عليه و سلّم إذا فرغ من صلاته جلس فدعا بهذا الدعاء:«اللّهم إني أسألك أن تهب لي رحمة من عندك تهدي بها قلبي، و تجمع بها أمري، و تلمّ بها شعثي، و ترد بها ألفتي و تحفظ بها غائبي، و تزكي بها عملي، و ترفع بها شاهدي، و تبيّض بها وجهي، و تلهمني بها رشدي، و تعصمني بها من كل سوء، اللّهم إني أسألك إيمانا صادقا و يقينا ليس بعده كفر، و رحمة أتاك بها شرف كرامتك في الدنيا و الآخرة، اللّهم إني أسألك الفوز عند القضاء، و منازل الشهداء، و النصر على الأعداء، و عيش السعداء، و مرافقة الأنبياء. اللّهم إني أسألك و إن قصر بها عملي، و ضعف رأيي، افتقرت (1) إلى رحمتك فإني أسألك يا قاضي الأمور، و يا شافي الصدور، كما تجير بين البحور أن تجيرني من عذاب السعير، و من دعوة الثبور، و من فتنة القبور، اللّهم ما قصر عنه عملي و لم تبلغه مسألتي من خير وعدته أحدا من عبادك، أو خير أنت تعطيه أحدا من خلقك فإني أسألك إياه، و أرغب إليك فيه برحمتك يا رب العالمين، اللّهم اجعلنا هداة مهتدين غير ضالّين و لا مضلّين، حربا لأعدائك، سلما لأوليائك، نحب (2) بحبك الناس، و نعادي (3) بعداوتك من خالفك، اللّهم رب الأمر الرشيد، و الحبل الشديد أسألك الأمن يوم الوعيد، و الجنة يوم الخلود مع المقربين الشهود، الركّع السجود الموفين بالعهود، إنك رحيم ودود، و أنت تفعل ما تريد، اللّهم
ص: 160
ربي و إلهي هذا الدعاء و عليك الإجابة و هذا الجهد و عليك التكلان، و لا حول و لا قوة إلاّ باللّه، اللّهم اجعل لي نورا في قلبي، و نورا في قبري، و نورا في سمعي، و نورا في بصري، و نورا في لحمي، و نورا في دمي، و نورا في مخي، و نورا في عظامي، و نورا في شعري، و نورا في بشري، و نورا من بين يدي، و نورا من خلفي، و نورا من فوقي، و نورا من تحتي، اللّهم زدني نورا، و أعطني نورا، سبحان الذي لبس العز و لاق (1) به، سبحان الذي لا ينبغي التسبيح إلاّ له، سبحان الذي أحصى كل شيء بعلمه، سبحان ذي المنّ و النعم، سبحان ذي الطول و الفضل، سبحان ذي القدرة و الكرم»[4078].
أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة، نا عبد العزيز بن أحمد، أنبأ تمام بن محمّد، نا أبو عبد اللّه محمّد بن إبراهيم، أنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم، نا نصر بن محمّد بن سليمان بن أبي ضمرة الحمصي، نا أبي، نا داود بن علي بن عبد اللّه بن عباس، عن أبيه، عن جده عبد اللّه بن عباس، قال: أردت أن أعرف صلاة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم من الليل فسألت عن ليلته ؟ فقيل لميمونة الهلالية: فأتيتها فقلت: إني تنحيت عن الشيخ ففرشت لي في جانب الحجرة، فلما صلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم بأصحابه صلاة العشاء الآخرة دخل إلى منزله، فحسّ حسّي، فقال:«يا ميمونة، من ضيفك ؟» قالت: ابن عمك يا رسول اللّه عبد اللّه بن عباس، قال: فأوى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم إلى فراشه، فلما كان في جوف الليل خرج إلى الحجرة، فقلّب في أفق السماء وجهه ثم قال:
«نامت العيون و غارت النجوم و اللّه حي قيوم» ثم رجع إلى فراشه، فلما كان في ثلث الليل الآخر خرج إلى الحجرة فقلّب في أفق السماء وجهه و قال:«نامت العيون و غارت النجوم و اللّه حي قيوم» ثم عمد إلى قربة في ناحية الحجرة فحلّ شناقها (2) ثم توضّأ فأسبغ وضوءه، ثم قام إلى مصلاّه، فكبّر فقام حتى قلت، لن يركع ثم ركع فقلت لن يرفع صلبه، ثم رفع صلبه، ثم سجد فقلت: لن يرفع رأسه ثم جلس فقلت: لن يعود، ثم سجد فقلت: لن يقوم، ثم قام فصلّى ثمان ركعات، كل ركعة دون التي قبلها يفعل في كل ثنتين بالتسليم، و صلى ثلاثا أوتر بهن بعد الاثنتين (3) و قام في الواحدة الأولى فلما
ص: 161
ركع الركعة الأخيرة فاعتدل قائما من ركوعه قنت فقال:«اللّهم إني أسألك رحمة من عندك تهدي بها قلبي، و تجمع بها أمري، و تلمّ بها شعثي، و ترد بها ألفتي، و تحفظ بها غيبتي و تزكي بها عملي، و تلهمني بها رشدي، و تعصمني بها من كل سوء، أسألك إيمانا لا يرتد و يقينا ليس بعده كفر، و رحمة من عندك أنال بها شرف كرامتك في الدنيا و الآخرة، أسألك الفوز عند القضاء، و منازل الشهداء و عيش السعداء و مرافقة الأنبياء إنك سميع الدعاء، اللّهم إني أسألك يا قاضي الأمور، و يا شافي الصدور، كما تجير بين البحور أن تجيرني من عذاب السعير، و من فتنة القبور دعوة الثبور، اللّهم ما قصر عنه عملي و لم تبلغه مسألتي من خير وعدته أحدا من خلقك، أو أنت معطيه أحدا من عبادك الصالحين فأسألكه، و أرغب إليك فيه رب العالمين. اللّهم اجعلنا هداة مهتدين غير ضالّين و لا مضلّين، سلما لأوليائك حربا لأعدائك، نحبّ بحبك و نعادي لعداوتك من خالفك، اللّهمّ إني أسألك بوجهك الكريم ذي الجلال الشديد الأمن يوم الوعيد، و الجنة يوم الخلود مع المقربين الشهود، و الموفين بالعهود، إنك رحيم ودود، إنك تفعل ما تريد، اللّهمّ هذا الدعاء و عليك الإجابة و هذا الجهد و عليك التكلان، و لا حول و لا قوة إلاّ بك، اللّهم اجعل لي نورا في سمعي و بصري، و مخي، و عظمي، و شعري، و بشري، و من بين يدي، و من خلفي، و عن يميني، و عن شمالي، اللّهم أعطني نورا، و زدني نورا، و زدني نورا، و زدني نورا (1) ثم قال: سبحان من لبس العز و لاق به، سبحان الذي تعطّف بالمجد و تكرّم به، سبحان من لا ينبغي التسبيح إلاّ له، سبحان من أحصى كل شيء بعلمه، سبحان ذي الفضل و الطول، سبحان ذي المنّ و النعم، سبحان ذي القدرة و الكرم»، ثم سجد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم فكان فراغه من وتره وقت ركعتي الفجر، فركع في منزله ثم خرج فصلّى بأصحابه صلاة الصبح[4079].
و من أعلى ما وقع لي من حديثه:
ما أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، و أبو الفضل أحمد بن الحسن بن العالمة، و أبو منصور علي بن علي بن عبيد اللّه بن سكينة (2)،قالوا: أنا أبو محمّد الصّريفيني، أنبأ أبو القاسم بن حبّابة، نا أبو القاسم البغوي، نا علي بن الجعد، أنا ابن ثوبان، عن
ص: 162
داود بن علي أن أباه أخبره عن جده ابن عباس قال: أكل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم لحما ثم صلّى و لم يتوضّأ[4080].
أنبأنا أبو الغنائم الكوفي، ثم حدّثنا أبو الفضل الحافظ ، أنبأ أبو الفضل الباقلاني، و أبو الحسين الصيرفي، و أبو الغنائم و اللفظ له، قالوا: أنا عبد الوهاب بن محمّد - زاد الباقلاني: و محمّد بن الحسن، قالا:- أنا أحمد بن عبدان، أنا محمّد بن سهل، أنبأ محمّد بن إسماعيل، قال (1):داود أخو عيسى و محمّد بن علي بن عبد اللّه بن عباس القرشي الهاشمي، عن أبيه؛ روى عنه ابن أبي ليلى و المسور بن الصّلت.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الأديب، أنبأ أبو القاسم بن مندة، أنبأ أبو علي الأصبهاني إجازة، قال: و أنا أبو طاهر بن سلمة بن محمّد، قالا: أنبأ أبو محمّد بن أبي حاتم، قال (2):داود بن علي بن عبد اللّه بن العباس روى (3) عن أبيه، روى عنه ابن أبي ليلى، و الأوزاعي، سمعت أبي يقول ذلك.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، نا عبد العزيز الكتاني، أنبأ تمام بن محمّد، أنبأ جعفر بن محمّد، نا أبو زرعة قال: و ولد علي بن عبد اللّه بن عباس ممن يحدث:
داود بن علي، و ذكر غيره.
أخبرنا أبو غالب بن البنّا، أنبأ أبو الحسين بن الآبنوسي، أنبأ عبد اللّه بن عتّاب (4)،أنبأ الحسن بن جوصا إجازة ح.
و أخبرنا أبو القاسم بن السّوسي، أنا أبو عبد اللّه بن أبي الحديد، أنا أبو الحسن الرّبعي، أنا عبد الوهاب الكلابي، أنا أبو الحسن بن جوصا قراءة، قال: سمعت أبا الحسن بن سميع يقول في الطبقة الرابعة: داود بن علي بن عبد اللّه بن عباس.
أخبرنا أبو القاسم الواسطي، أنبأ أبو بكر الخطيب، أنبأ أبو بكر أحمد بن محمّد بن إبراهيم، قال: سمعت أبا الحسن أحمد بن محمّد بن عبدوس يقول: سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول: و سألت يحيى بن معين عن داود بن علي بن عبد اللّه بن
ص: 163
عباس، قال: شيخ هاشمي، قلت: كيف حديثه ؟ فقال: أرجو أنه ليس يكذب، إنه - و قال غيره عن الدارمي: إنما - يحدث بحديث واحد (1).
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأ إسماعيل بن مسعدة، أنا حمزة بن يوسف، أنا أبو أحمد بن عدي (2)،قال: و عندي أنه لا بأس برواياته - يعني داود - عن أبيه، عن جده. فإن عامة ما يرويه عن أبيه، عن جده.
قال: و أنبأ أبو أحمد (3)،ثنا محمّد بن أحمد بن محمّد بن نصر بن زياد النيسابوري، نا عبد الملك بن محمّد أبو قلابة، عن جارود بن أبي الجارود السّلمي، حدّثني محمّد بن أبي رزين الخزاعي، قال: سمعت داود بن علي حين بويع لبني العباس و هو مسند ظهره إلى الكعبة، فقال: شكرا شكرا، إنا و اللّه ما خرجنا لنحتفر فيكم نهرا، و لا لنبني قصرا، ظنّ عدو اللّه أن لن نقدر عليه، أمهل له في طغيانه، و أرخى (4) له من زمامه حتى عثر في فضل خطامه، فالآن أخذ القوس باريها، و عاد النبال إلى النزعة (5)، و عاد الملك في نصابه في أهل بيت نبيكم، أهل الرأفة و الرحمة، و اللّه إن كنا لنشهد لكم (6) و نحن على فرشنا، أمن (7) الأسود و الأبيض. لكم ذمة اللّه و ذمة رسوله و ذمة العباس. ها و رب هذه البنية لا نهيج أحدا. ثم نزل.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو الحسين بن النّقّور، و أبو القاسم بن البسري (8).
ح و أخبرنا أبو منصور موهوب بن أحمد بن محمّد بن الخضر بن الجواليقي (9)، و أبو الحسين أحمد بن الطيب بن الصباغ، قالا: أنا أبو القاسم بن البسري، قالا: أنا أبو
ص: 164
طاهر المخلّص، نا عبد اللّه بن محمّد، نا محمّد بن حميد، قال: سمعت جريرا قال:
سمعت سالم بن أبي حفصة يطوف بالبيت و هو يقول: لبيك مهلك بني أمية، فأجازه داود بن علي بألف دينار.
أخبرنا أبو غالب الماوردي، أنبأ أبو الحسن السيرافي، أنا أحمد بن إسحاق، نا أحمد بن عمران، نا موسى بن زكريا، نا خليفة العصفري، قال (1):و أقام الحج يعني سنة اثنتين و ثلاثين و مائة داود بن علي بن عبد اللّه بن عباس بن عبد المطلب.
و قال (2):و استعمل - يعني السفاح - على الكوفة عمه داود بن علي ثم عزله، و بعثه فصلّى بالموسم.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو بكر بن الطبري، أنا أبو الحسين بن الفضل، أنا عبد اللّه بن جعفر، نا يعقوب، قال: حج داود بن علي سنة اثنتين و ثلاثين و مائة.
أخبرنا أبو الحسين بن الفراء، و أبو غالب، و أبو عبد اللّه ابنا البنّا، قالوا: أنا أبو جعفر بن المسلمة، أنا أبو طاهر المخلّص، نا أحمد بن سليمان، نا الزّبير بن بكّار، قال: و داود بن علي أول من ولي المدينة من بني العباس و أقام الحجّ حين ولي بنو (3)العباس الناس سنة اثنتين و ثلاثين و مائة، و توفي بالمدينة و استخلف عليها ابنه موسى بن داود و له يقول إبراهيم بن علي بن هرمة:
يا أيها الشاعر المكارم بالمدح *** رجالا لكنهم (4) ما فعلوا
حسبك من قولك الخلاف كما *** نحا خلافا ببوله الحمل
الآن فانطق بما أردت *** فقد أبدت بهاجا وجوهها السبل
و قل لداود منك ممدحة *** لها زها من خلفها نغل
أروع لا يخلف العدات و لا *** تمنع منه سؤاله العلل
لكنه سابغ عطيته يدرك *** منه السؤال ما سألوا
ص: 165
لا عاجز عازب مروءته *** و لا ضعيف في رأيه زلل
يحمده الجار و المعقب *** و الأرحام شتى بحسن ما يصل
يسبق بالفضل ظنّ صاحبه *** و يقبل الرثب عرفه العجل
حل من المجد و المكارم *** في خير محلّ يحله رجل
و قال إبراهيم بن علي بن هرمة لداود بن علي:
أوصي غنيا مما أنفك اذمره *** أخشى عليه أمورا ذات عقال
أما هللت و لم تنظر إلى نشب *** كما تعطل بعد الخلقة الحال
فقد فتحت لك الأبواب مغلقة *** فأدخل على كل ذي ناجين مفصال
دار الملوك تعش في غمر بحرهم *** و أرفع رجاك عن عمر و عن خال
الق الرجال بما لاقوك من كتب *** ضرا بضر و إبهالا بإبهال
داود داود لا تفلت حبائله *** و اشدد يديك بباق الود و صال
فما نسيت فداك الناس كلهم *** و ما أثمر من أهل و من مال
يوم الرديئة و الأعداء قد حضروا *** إذا جئت أمشي على خوف و أهوال
و الناس يرمون عن شرر بأعينهم *** كالصفر أصبح فوق المرقب العالي
لا يرفعون إليه الطرف خشية لا *** خوف فحش و لكن خوف إجلال
حتى تلاقيت حاجاتي فسوتهم *** فقد تبرأ أولو الشحناء أحوالي
ثم استقل بهم ضخم حمالته *** ألقى أشطة ظهري بعد أثقال
خفضت حاشى و قد رام النشوز و قد *** جئت لتلحق بالمصرين إجمالي
أخبرنا أبو غالب الماوردي، أنا أبو الحسن السيرافي، أنا أحمد بن إسحاق، نا أحمد بن عمران، نا موسى بن زكريا، نا خليفة، قال (1):سنة ثلاث و ثلاثين و مائة فيها مات داود بن علي بن عبد اللّه بن العباس في غرة شهر ربيع الأول.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو بكر بن الطبري، أنا أبو الحسين بن الفضل، أنا عبد اللّه بن جعفر، نا يعقوب، قال (2):و في هذه السنة - يعني سنة ثلاث و ثلاثين - مات داود بن علي بن عبد اللّه بن عباس، و هو وال على المدينة، فهلك ليلة
ص: 166
هلال شهر ربيع الأول سنة ثلاث و ثلاثين و مائة.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، أنبأ الحسن بن علي، أنبأ أبو عمر بن حيّوية، أنبأ سليمان بن إبراهيم الحلاب، نا الحارث بن أبي أسامة، نا محمّد بن سعد، قال (1) في الطبقة الرابعة من أهل المدينة: داود بن علي بن عبد اللّه بن عبد المطّلب و أمّه أم ولد، و كان داود لما ظهر أبو العباس عبد اللّه بن محمّد بالكوفة صعد المنبر ليخطب بالناس فحضر فلم يتكلم فوثب داود بن علي بين يدي المنبر فخطب و ذكر أمرهم و خروجهم و منّى الناس و وعدهم العدل فتفرقوا عن خطبته، و ولاّه أبو العباس مكة و المدينة، و حجّ بالناس سنة اثنتين و ثلاثين و مائة، و هي أول حجّة حجّها ولد العباس ثم صار داود إلى المدينة فأقام بها أشهرا ثم مات سنة ثلاث و ثلاثين و مائة، و هو ابن اثنتين و خمسين، و إنما أدرك من دولتهم ثمانية أشهر، و قد روى محمّد بن عبد الرّحمن بن أبي ليلى و غيره عن داود بن علي بن عبد اللّه بن عباس، و روى داود عن أبيه.
قرأت على أبي محمّد السّلمي، عن أبي محمّد بن أحمد التميمي، أنا علي بن محمّد بن الغمر، أنا أبو سليمان الرّبعي، قال: و فيها - يعني سنة ثلاث و ثلاثين و مائة - مات داود بن علي بن عبد اللّه بن العباس في شهر ربيع الأول بالمدينة، و ذكر الواقدي أن ولايته كانت ثلاثة أشهر، و ذكر إبراهيم بن عيسى بن المنصور أن داود ولد سنة إحدى (2) و ثمانين، قال: و قالوا: ولد سنة ثمان و سبعين، و توفي داود سنة اثنتين و ثلاثين، و قالوا: سنة ثلاث منصرفه من الحج، عاش في ملكهم تسعة أشهر، و أمّه و أم عيسى بريرية اسمها لبابة.
الهمداني نزيل طرسوس، و محمّد بن الحسين القاضي بحلوان (1)،و أحمد بن محمّد الزنجاني (2) نزيل طرسوس.
روى عنه: أبو بكر أحمد بن علي الحلبي الحبّال الصوفي.
قرأت بخط علي بن محمّد بن منصور العقيلي، قرئ على أبي بكر محمّد بن عبد اللّه الحرمي المقرئ بدمشق، ثنا أبو بكر أحمد بن علي الحبّال الحلبي، أنا داود بن عمر بن حفص بدمشق، نا عمرو بن عثمان الحمصي، نا سويد بن عبد العزيز، عن يحيى بن الحارث، عن القاسم بن عبد الرّحمن، عن أبي أمامة، عن النبي صلى اللّه عليه و سلّم قال:«من أحب للّه و أبغض للّه و أعطى للّه و منع للّه فقد استكمل الإيمان، و إنّ أفاضلكم أحاسنكم أخلاقا. و إنّ من الإيمان حسن الخلق»[4081].
2054 - داود بن عمرو الأوديّ الدمشقي (3)
عامل واسط .
روى عن بسر بن عبيد اللّه، و أبي سلاّم [الأسود]، و مكحول، و القاسم بن مخيمرة، و عبد اللّه بن أبي زكريا الخزاعي، و عطية بن قيس.
روى عنه: هشيم، و محمّد بن يزيد، و خالد بن عبد اللّه الطحان الواسطيون، و أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الحميد الجرشي.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأ أبو بكر البيهقي ح.
و أخبرنا أبو الفضل عبد الرحيم بن غانم بن عبد الواحد، و أبو زيد شكر بن أحمد بن محمّد، قالا: أنا القاسم بن الفضل ح.
و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأ أبو القاسم بن البسري (4)،و أبو علي بن المسلمة، و عمر بن عبيد اللّه بن عمر بن البقال، و أبو الوفاء طاهر بن الحسين بن
ص: 168
القواس (1)،و عاصم بن الحسن، و أبو الحسن هبة اللّه بن عبد الرزاق الأنصاري، و أبو القوارس طراد بن محمّد ح.
و أخبرنا أبو الكرم المبارك بن الحسن بن أحمد بن الشهرزوري (2) ح، و أبو محمّد هبة اللّه بن أحمد بن طاوس، و أبو الحسن علي بن محمّد بن يحيى الدّرسى (3)و صاحبته شهدة بنت أحمد بن الفرج الإبري، قالوا: أنا النقيب أبو الفوارس طراد بن محمّد، قالوا: أنبأ هلال بن محمّد الحفار، أنا الحسين بن يحيى بن عياش، نا إبراهيم بن محشر، نا هشيم، عن داود بن عمرو، عن بسر (4) بن عبيد اللّه الحضرمي، عن أبي إدريس الخولاني، أنا عوف بن مالك الأشجعي: أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم أمر بالمسح على الخفّين في غزوة تبوك ثلاثة أيام و لياليهن للمسافر و يوم و ليلة للمقيم[4082].
أخبرنا أبو الأعزّ قراتكين بن الأسعد، أنبأ أبو محمّد الجوهري، أنبأ علي بن محمّد بن لؤلؤ، أنبأ زكريا بن يحيى الساجي، نا الحسن بن علي الواسطي، نا خالد و هشيم ح.
و أخبرنا أبو سهل محمّد بن بزيع إبراهيم، أنا أبو الفضل عبد الرّحمن بن الحسن، أنبأ جعفر بن عبد اللّه، نا محمّد بن هارون، نا إسحاق بن شاهين نا هشيم عن داود بن عمرو عن بسر بن عبيد اللّه عن أبي إدريس الخولاني، عن عوف بن مالك الأشجعي، قال: أمر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم في غزوة تبوك بالمسح ثلاثة أيام و لياليهن للمسافر، و يوم و ليلة للمقيم[4083].
و في حديث أبي سهل: يمسح على الخفين - و زاد و قال هشيم: و هي آخر غزوة غزاها، و زاد قراتكين: قال هشيم: و لم أسمع في المسح شيئا أحسن من هذا.
أخبرتنا أم المجتبى العلوية، قالت: قرئ على إبراهيم بن منصور، أنبأ أبو بكر بن المقرئ، أنا أبو يعلى أحمد بن علي، نا أبو معمّر، نا هشيم، عن داود بن عمرو، عن عبد اللّه بن أبي زكريا، عن أبي الدرداء، قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم يقول:
ص: 169
«إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم، و أسماء آبائكم. فأحسنوا أسماءكم»[4084].
قال: و أنا أبو يعلى، نا زكريا بن يحيى الواسطي، نا هشيم، عن داود بن عمرو، عن عبد اللّه بن أبي زكريا، عن أبي الدرداء قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«إنكم تدعون يوم القيامة» فذكر مثله[4085].
أنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي الحافظ ، ثم حدّثنا أبو الفضل محمّد بن ناصر، أنا أبو الفضل أحمد بن الحسن، و أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار، و أبو الغنائم محمّد بن علي - و اللفظ له - قالوا: أنا عبد الوهاب بن محمّد،- زاد أحمد: و محمّد بن الحسن قالا:- أنا أحمد بن عبدان، أنا محمّد بن سهل، أنا محمّد بن إسماعيل، قال (1):داود بن عمرو الأودي عن بسر (2) بن عبيد اللّه و أبي سلاّم، سمع منه هشيم، قال محمّد بن يزيد عن داود بن عمرو الدمشقي هو عامل واسط ، سمع القاسم بن مخيمرة قوله، و مكحول مرسل.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الحسين بن عبد الملك، أنبأ عبد الرّحمن بن محمّد بن إسحاق، أنبأ حمد بن عبد اللّه إجازة ح، قال: و أنا أبو طاهر بن سلمة، أنبأ علي بن محمّد، قالا: أنبأ أبو محمّد بن أبي حاتم، قال (3):داود بن عمرو الدمشقي عامل واسط ، روى عنه مكحول، و بسر (4) بن عبيد اللّه، و القاسم بن مخيمرة، و أبي سلاّم، و عبد اللّه بن أبي زكريا، و عطية بن قيس، روى عنه هشيم، و محمّد بن يزيد الواسطي، سمعت أبي يقول ذلك.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأ إسماعيل بن مسعدة، أنبأ حمزة بن يوسف، أنبأ أبو أحمد بن عدي (5)،نا ابن حمّاد، حدّثني عبد اللّه بن أحمد، عن أبيه قال: داود بن عمرو حديثه مقارب، روى عنه هشيم و محمّد بن يزيد.
أخبرنا أبو القاسم هبة اللّه بن عبد اللّه، نا أبو بكر الخطيب، أنبأ أحمد بن
ص: 170
محمّد بن إبراهيم، قال: سمعت أحمد بن محمّد بن عبدوس يقول: سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول: قلت ليحيى: فداود بن عمرو الذي يروي عنه هشيم ما حاله ؟ فقال: ثقة (1).
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، و أبو عبد اللّه البلخي، قالا: أنا أبو الحسين بن الطّيّوري، و ثابت بن بندار، قالا: أنا أبو عبد اللّه الحسين بن جعفر و أبو نصر محمّد بن الحسن، قالا: أنبأ الوليد بن بكر، أنبأ علي بن أحمد بن زكريا، أنبأ صالح بن أحمد، حدّثني أبي قال (2):داود بن عمرو شامي يكتب حديثه، و ليس بالقوي.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الأديب، أنبأ أبو القاسم بن مندة، أنبأ حمد بن عبد اللّه إجازة ح، قال: و أنا أبو طاهر بن سلمة، أنبأ علي بن محمّد، قالا: أنا أبو محمّد بن أبي حاتم، قال (3):سمعت أبي يقول: داود بن عمرو شامي قدم عليهم واسط ، قلت: ما حاله ؟ قال: هو شيخ؛ سألت أبا زرعة عن داود بن عمرو، فقال:
لا بأس به.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأ إسماعيل بن مسعدة، أنا حمزة بن يوسف، أنبأ أبو أحمد بن عدي، قال (4):داود بن عمرو، قال البخاري: داود بن عمرو عن بسر (5) بن عبيد اللّه و هو الأودي، روى عنه هشيم كان قدم واسط ، يعدّ في الشاميين.
ابن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف الهاشمي (6)
حدّث عن أبيه، و أبي بكر بكّار بن عبد اللّه بن مصعب الزبيري.
روى عنه: ابن ابنه محمّد بن عيسى بن داود بن عيسى، و محمّد بن عبد الرّحمن
ص: 171
المخزومي القاضي، و سعيد بن عمرو، و ولي إمرة الحرمين، و دخل دمشق.
أخبرنا أبو القاسم محمود بن أحمد بن الحسن التبريزي (1)،أنا أبو الفضائل محمّد بن أحمد بن عمر بن الحسن بن يونس، نا أبو نعيم أحمد بن عبد اللّه الحافظ ، نا محمّد بن إبراهيم بن علي - إملاء نا أحمد بن محمّد بن عيسى بن داود بن عيسى بن علي بن عبد اللّه بن عباس، حدّثني أبي محمّد بن عيسى، نا جدي داود بن عيسى، عن أبيه عيسى بن علي، عن علي بن عبد اللّه، عن ابن عباس، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:
«إنّ قول لا حول و لا قوة إلاّ باللّه تدفع عن قائلها تسعا و تسعين بابا أدناها الهمّ »[4086].
أنبأنا أتم من هذا بأعلى أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الأصبهاني، أنبأ منصور بن الحسين بن علي بن القاسم، و أحمد بن محمود بن أحمد، قالا: أنبأ أبو بكر بن المقرئ، نا أحمد بن محمّد بن عيسى بن داود بن عيسى بن علي بن عبد اللّه بن عباس بن عبد المطلب بالرّقّة، نا أبي محمّد بن عيسى، حدّثني جدي داود بن عيسى، عن أبيه عيسى بن علي، عن علي بن عبد اللّه بن عباس، عن ابن عباس، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«إنّ صدقة السرّ تطفئ غضب الربّ ، و إنّ صلة الرحم تزيد في العمر؛ و إنّ صنائع المعروف تقي مصارع السوء، و إنّ قول لا إله إلاّ اللّه تدفع عن قائلها تسعة و تسعين بابا من البلاء. أدناها الهمّ »[4087].
أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمّد بن البغدادي، أنبأ أبو منصور بن شكرويه، و محمّد بن أحمد بن علي السمسار، قالا: أنا إبراهيم بن عبد اللّه بن محمّد بن خرّشيذ (2) قوله: نا أبو عبد اللّه المحاملي، نا عبد اللّه بن نسيب، حدّثني محمّد بن مسلمة المخزومي، حدّثني محمّد بن عبد الرّحمن المخزومي القاضي، عن داود بن عيسى، عن أبيه، عن محمّد بن عبد اللّه بن العباس (3)،قال: دخلت يوما على عمر بن عبد العزيز [و] (4) عنده شيخ من النصارى، فقال له عمر بن عبد العزيز: من تجدون الخليفة بعد سليمان بن عبد الملك ؟ قال له النصراني: أنت، فأقبل عمر بن عبد العزيز
ص: 172
عليّ فقال: دمي في ثيابك يا أبا عبد اللّه، قال محمّد بن علي: فلما كان بعد ذلك جعلت ذلك النصراني من بالي فرأيته يوما في الطريق، فأمرت غلامي أن يحبسه عليّ ، فذهبت به إلى منزلي، و سألته عما يكون بعد (1) خلفاء بني أمية واحدا واحدا. و تجاوز عن مروان بن محمّد، قال: قلت له: ثم من ؟ قال: ثم ابنك ابن الحارثية، قال داود بن عيسى: فأخبرتني مولاة لنا - هي أثبت للحديث مني - أنه قال: هو الآن حمل.
أخبرنا أبو الحسين بن الفراء، و أبو غالب، و أبو عبد اللّه ابنا البنّا، قالوا: أنا أبو جعفر بن المسلمة، أنا أبو طاهر المخلّص، نا أحمد بن سليمان، نا الزّبير بن بكّار، قال: و كان داود بن عيسى واليا على المدينة و مكة، فكان بالمدينة ثم خرج إلى مكة فأقام بها فكتب إليه يحيى بن مسكين بن أيوب بن مخراق:
ألا قل لداود ذي المكرمات *** و العدل في بلد المصطفا
مكة ليست بدار المقام *** فهاجر كهجرة من قد مضى
قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف، و أنبأنيه أبو القاسم علي بن إبراهيم، و أبو الوحش سبيع بن المسلّم، و أبو القاسم عبد اللّه بن الحسن بن هلال عنه، قال: أخبرني عبد الرّحمن بن أحمد بن معاذ، أنا أبو الطّيّب أحمد بن سليمان الحريري، نا أبو عبيد اللّه محمّد بن أحمد بن إبراهيم المادرائي، نا محمّد بن العباس المبرّد، نا محمّد بن الوليد، حدّثني عمي سعيد بن عمرو قال: كنا عند داود بن عيسى يوما و عنده جماعة من القرشيين و غيرهم إذ قال: لقد شهدت من أبي بكر بن عبد اللّه بن مصعب مشهدا ما شهدت مثله لقد رأيتنا يوما عند أمير المؤمنين الرشيد و أبو بكر بن عبد اللّه عنده إذ قال أمير المؤمنين من العمران ؟ فأسكت الناس فلم يجبه أحد، قال: فقال أبو بكر بن عبد اللّه: أبو بكر و عمر يا أمير المؤمنين، قال: و كيف يكون أبو بكر و عمر؟ فقال: قد قال الفرزدق (2):
أخذنا بآفاق السماء عليكم *** لنا قمراها و النجوم الطوالع
و إنما أراد الشمس و القمر فعجب لذلك منه و قال: أحسنت يا أبا بكر.
ص: 173
أخبرنا أبو غالب الماوردي، أنبأ أبو الحسن السيرافي، أنبأ أحمد بن إسحاق، نا أحمد بن عمران، نا موسى بن زكريا، نا خليفة بن خيّاط ، قال (1):مات هارون و عليها - يعني مكة - محمّد بن عبد الرّحمن المخزومي القاضي، و عزله المخلوع و ولّى داود بن عيسى بن علي فولاّها داود ابنه إبراهيم بن داود، ثم وثب فخلع داود بن عيسى المخلوع، و دعا إلى المأمون، فلما خرجت المبيّضة غلب ابن الأفطس (2) على مكة، و أقام الحج - يعني سنة إحدى و مائتين - داود بن عيسى بن علي (3).
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأ أبو بكر بن الطبري، أنبأ أبو الحسين بن الفضل، أنا عبد اللّه بن جعفر، نا يعقوب بن سفيان، قال (4):سنة ثلاث و تسعين و مائة حج بالناس داود بن عيسى بن موسى، و سنة خمس و تسعين و مائة حج بالناس داود بن عيسى بن موسى.
قرأنا على أبي عبد اللّه بن البنّا، عن أبي الحسين بن الآبنوسي، أنبأ أحمد بن عبيد.
و قرأنا على أبي عبد اللّه، عن أبي نعيم محمّد بن عبد الواحد بن عبد العزيز، أنبأ علي بن محمّد بن خزفة، قالا: نا محمّد بن الحسين، نا ابن أبي خيثمة، أخبرني سليمان بن أبي شيخ، قال: قال وكيع بن الجراح: أهل الكوفة اليوم بخير أميرهم داود بن عيسى، و قاضيهم حفص بن غياث، و محتسبهم حفص الدّورقي (5).
أنبأنا أبو علي الحسن بن خلف بن هبة اللّه بن قاسم الشامي، أنبأ أبي أبو القاسم خلف، نا الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن فراس------- (6)،نا أبي أحمد، نا أبي إبراهيم، نا أبو محمّد إسحاق بن نافع الخزاعي، أخبرني إبراهيم بن عبد الرّحمن
ص: 174
المكي، عن محمّد بن العياش المكي، أخبرني بعض المشايخ(-------) (1):أن داود بن عيسى بن موسى لما ولي مكة و المدينة أقام بمكة و ولّى ابنه سليمان بن داود المدينة و أقام بمكة عشرين شهرا فكتب إليه أهل المدينة، و قال الزبير بن أبي بكر كتب إليه يحيى بن مسكين بن أيوب بن مخراق يسأله التحول إليهم و يعلمه أن مقامه بالمدينة أفضل من مقامه بمكة و أهدوا إليه في ذلك شعرا قاله شاعرهم يقول فيه:
أ داود قد فزت بالمكرمات *** و بالعدل في بلد المصطفا
و صرت ثمالا لأهل الحجاز *** و سرت بسيرة أهل التقا
و أنت المهذّب من هاشم *** و في منصب العزّ و المرتجى
و أنت الرضا للذي نابهم *** و في كل حالك و ابن الرضا
و بالفي أعنيت أهل الحصاص *** فعدلك فينا هو المنتهى
و مكة ليست بدار المقام *** فهاجر كهجرة من قد مضا
مقامك عشرين شهرا بها *** كثير لهم عند أهل الحجى
فصم ببلاد الرسول التي بها *** اللّه خص نبيّ الهدى
و لا يلفتنك عن قرية *** مشير مشورته بالهدى
فقبر النبي و آثاره *** أحق بقربك من ذي طوى
قال: فلما ورد الكتاب و الأبيات على داود بن عيسى أرسل إلى رجال من أهل مكة فقرأ عليهم الكتاب فأجابه رجل منهم يقال له عيسى بن عبد العزيز الشعلبوشي بقصيدة يرد عليه و يذكر فيها فضل مكة و ما خصها اللّه به من الكرامة و الفضيلة و يذكر المشاعر و المناقب فقال:
أ داود أنت الإمام الرضا *** و أنت ابن عمّ نبي الهدى
و أنت المهذّب من كلّ عيب *** كبير و من قتل في الصبا
و أنت المؤمّل من هاشم *** و أنت ابن قوم كرام تقا
و أنت غياث لأهل الخصاص *** تسد خصاصتهم بالغنا
أتاك كتاب حسود جحود *** أسى في مقالته و اعتدا
ص: 175
بخير يثرب في شعره *** على حرم اللّه حيث ابتنى
فإن يك (1) يصدق فيما يقول *** فلا يسجدن إلى ما هنا
و أيّ بلاد تفوق أمّها *** و مكة مكة أم القرى
و ربي دحا الأرض من تحتها *** و يثرب لا شك فيما دحا
و بيت المهيمن فينا مقيم *** يصلى إليه برغم العدى
و مسجدنا بيّن فضله *** على غيره ليس في ذا مرا
صلاة المصلى تعدلنّه *** ما بين الوفا صلاة وفا
كذلك أتى في حديث النبي *** و ما قال حق به يقتدى
و أعمالكم كل يوم و فود إلينا *** شوارع مثل القطا
فيرفع منها إلا هي الذي *** يشاء و يترك ما لا يشا
و نحن تحجّ إلينا العباد *** و يرمون شعثا بوتر الحصا
و يأتون من كل فجّ عميق *** على أينق (2) ضمر كالقنا
ليقضوا مناسكهم عندنا *** فمنهم شتات و منهم معا
فكم من ملبّ بصوت حزين *** ترى صوته في الهوى قد علا
و آخر يذكر ربّ العباد *** و يثني عليه بحسن الثنا
و كلهم أشعث أغبر يؤم *** المعرّف (3) أقصى المدى
فصلّوا به يومهم كله *** وقوفا على الجبل حتى المسا
حفاة ضحاة قياما لهم *** عجيج ينادون ربّ السما
رجاء و خوفا لما قدموا *** و كلّ يسائل دفع البلا
يقولون: يا ربّنا، اغفر لنا *** بعفوك، و اصفح عمن أسا
فلمّا دنا الليل من يومهم *** و ولّى النهار أجدّوا البكا
و سار الحجيج لهم رجّة *** فحلّوا بجمع (4) بعيد العشا
فيأتوا بجمع فلما بدا *** عمود الصباح و ولّى الدجى
ص: 176
دعوا ساعة ثم شدوا النّسوع *** على قلص (1) ثم أمّوا منى
فمن بين من قد قضا نسكه *** و آخر يبدأ بسفك الدّما
و آخر يهوى إلى مكة *** ليسعا و يدعوه فيمن دعا
و آخر يرمل جوف الطواف *** و آخر ماض بأم الصفا
فأتوا بأفضل مما رجوا *** و ما طلبوا من جزيل العطا
و حج الملائكة المكرمون *** إلى أرضنا قبل فيما مضا
و آدم قد حج من بعدهم *** و من بعده أحمد المصطفا
و حجّ إلينا خليل الإله *** و هجر بالرمي فيمن رمى
فهذا لعمري لنا رفعة *** جبانا بهذا شديد القوى
و منا النبيّ نبيّ الهدى *** و فينا تنبّى و منا ابتدى
و منا أبو بكر بن الكرام *** و منا أبو حفص المرتجى
و عثمان منا فمن مثله *** إذا عدّد الناس أهل التقا
و منا علي و منا الزبير *** و طلحة منا و فينا انتشا
و منا ابن عباس ذو المكرمات *** نسيب النبي و خلف الندى
و منا قريش و آباؤها *** فنحن إلى فخرنا المنتها
و منا الذين بهم يفخرون *** فلا يفخرون علينا بنا
نفخر الآبي لنا رفعة *** و فينا من العجز ما قد كفا
و زمزم و الحجر فينا فهل *** لكم مكرمات كما قد لنا
و زمزم طعم و شرب لمن *** أراد الطعام و فيه الشفا
و زمزم ينقّي هموم الصدور *** و زمزم من كل سقم دوا
و من جاء زمزم من جائع *** إذا ما تضلّع (2) منها اكتفا
و ليست كزمزم في أرضكم *** كما ليس نحن و أنتم سوا
و فينا سقاية عمّ الرسول *** و منها النبيّ امتلا و ارتوا
ص: 177
و فينا المقام فأكرم به *** و فينا المحصّب (1) و المجتبا
و فينا الحجون (2) ففاخرته *** و فينا كداء (3) و فينا كدا
و فينا الأباطح (4) و المرويان *** فبخ بخ فمن مثلنا يا فتى
و فينا المشاعر منشأ النبي *** و أجياد و الركن و المتكا
و ثور فهل عندكم مثل ثور *** و فينا ثبير (5) و فينا حرا (6)
و فيه اختبأ نبي الإله *** و معه أبو بكر المرتضى
و كم بين أجداد جاء فخر *** و بين العبسي فيما ترا
و بلدتنا حرم لم تزل محرّمة *** الصيد فيما حلا
و يثرب كانت فلا تكذبن *** حلالا فلم بين هذا و ذا
فحرّمها بعد ذاك النبيّ *** فمنّ أحل ذلك جاز كدا
و لو قتل الوحش في يثرب *** إلى فدى الوحش حتى اللقا
و لو قتلت عندنا نملة *** أخذتم بها أو تودوا الفدا
و لو لا زيارة قبر النبيّ *** لكنتم كسائر من قد يرى
و ليس النبيّ بها ثاويا *** و لكنه في جنان العلا
فإن قلت قولا خلاف الذي *** أقول فقد قلت كلّ الخطا
فلا تفحشن علينا المقال *** و لا تنطقن بقول الخنا
و لا تفخرن بما لم يكن *** و لا ما يشينك عند الملا
و لا تهج بالشعر أرض الحرام *** و كفّ لسانك عن ذي طوى
و إلاّ فجاءك ما لا تريد *** من الشتم في يثرب و الأذى
ص: 178
فقد تمكن القول في أرضكم *** نسب العقيق (1) و وادي قبا
فأجابهما رجل - من بني عجل - ناسك كان مقيما بجدة مرابطا فحكم بينهما فقالا:
إني قضيت على الذين تماريا *** في فضل مكة و المدينة فاسألوا
فلسوف أخبركم بحقّ فافهموا *** فالحكم حينا قد يجور و يعدل
و أنا الفتى العجلي جدة مسكني *** و خزانة الحرم التي لا تجهل
و بها الجهاد مع الرباط و إنها *** لبها الوقيعة لا محالة ينزل
من آل حام في أواخر دهرها *** و شهيدها بشهيد بدر يعدل
شهداؤنا قد فضلوا بسعادة *** و بها السرور لمن يموت فيقتل
يا أيها المدني أرضك فضلها *** فوق البلاد و فضل مكة أفضل
أرض بها البيت المحرّم قبلة *** للعالمين له المساجد تعدل
حرم حرام أرضها و صيودها *** و الصيد في كلّ البلاد محلّل
و بها المشاعر و المناسك كلها *** و إلى فضيلتها البرية ترحل
و بها المقام و حوض زمزم مترعا *** و الحجر و الركن الذي لا يرحل
و المسجد العالي الممجد و الصفا *** و المشعران لمن يطوف و يرمل
هل في البلاد محلة معروفة *** مثل المعروف أو محلّ تحلل
أو مثل جمع في المواطن كلها *** أو مثل خيف (2) منا بأرض منزل
فلكم مواضع لا يرى بحرابها *** إلاّ الدماء و محرم و محلّل
شرفا لمن وافى المعرّف ضيفه *** شرفا له و لأرضه إذ ينزل
و بمكة الحسنات يضعف أجرها *** و بها المسيء عن الخطيئة يسأل
يجزي المسيء عن الخطيئة مثلها *** و تضاعف الحسنات منه و تقبل
ما ينبغي لك أن تفاخر يا فتى *** أرض بها ولد النبيّ المرسل
بالشعب دون الردم (3) مسقط رأسه *** و بها نشا صلى عليه المرسل
ص: 179
و بها أقام و جاءه وحي السما *** و سرا به الملك الرفيع المنزل
و نبوة الرّحمن فيها أنزلت *** و الدين فيها قبل دينك أول
هل بالمدينة هاشمي ساكن *** أو من قريش ناشئ أو مكهل
إلاّ و مكة أرضه و قراره *** لكنهم عنها نبوا فتحولوا
فكذاك هاجر نحوكم لما أتى *** إن المدينة هجرة فتجمّلوا
فاخرتم و قربتم و نصرتم *** خير البرية حقكم أن تفعلوا
فضل المدينة بيّن و لأهلها *** فضل قديم نوره يتهلل
من لم يقل إنّ الفضيلة فيكم *** قلنا: كذبت، و قول ذلك أرذل
لا خير فيمن ليس يعرف فضلكم *** من كان يجهله فلسنا نجهل
في أرضكم قبر النبي و بيته *** و المنبر العالي الرفيع الأطول
فيها قبور السابقين بفضلهم *** عمر و صاحبه الرفيق الأفضل
و العترة الميمونة اللاتي *** سبقت فضيلتهم كلّ من يتفضل
آل النبي بنو عليّ أنهم *** أمسوا ضياء للبرية يشمل
يا من يبصّ إلى المدينة عينه *** قبل الصغار و صغر خدك أسفل
إنّا لنهواها و نهوى أهلها *** و ودادها حقا على من يعقل
قل للمديني الذي يرى *** دار داود الأمير و يستحث و يعجل
قد جاءكم داود بعد كتابكم *** قد كان خيلك في أميرك يقتل
فاطلب أميرك فاستزره و لا تقع *** في بلدة عظمت فوعظك أفضل
فساق الإله لبطن مكة ديمة *** يروي بها و على المدينة يسبل
من أهل الكوفة سكن دمشق، و روى عن أبي جحيفة السّوائي، و منصور، و سليمان الأعمش، و عرو بن دينار، و ليث بن أبي سليم، و سعيد بن جبير، و سعيد بن مسروق الثوري، و عاصم بن عبيد اللّه، و ميسرة بن حبيب، و إسماعيل بن مسلم المكي، و أبان بن تغلب، و أبي هارون العبدي، و سماك بن حرب، و محمّد بن
ص: 180
عبد الرّحمن بن أبي ليلى (1)،و زبيد بن الحارث اليامي (2)،و عمرو بن قيس الملائي، و أبان بن أبي عياش، و الصباح بن يحيى.
روى عنه: سويد بن عبد العزيز، و يحيى بن حمزة، و إسماعيل بن عياش.
أخبرنا أبو عبد اللّه الخلاّل، أنا أبو طاهر بن محمود، أنا أبو بكر بن المقرئ، نا عبدان بن أحمد الجواليقي، و أبو عروبة، قالا: نا محمّد بن المصفّى، نا سويد بن عبد العزيز، عن داود بن عيسى، عن ميسرة، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم قال:«ما دعا عبد بهؤلاء الدعوات لمريض إلاّ شفاه اللّه إلاّ مريض حضر أجله، قوله: أسأل اللّه العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك».
- سبع مرات-[4088].
أخبرنا أبو القاسم هبة اللّه بن أحمد بن عمر الحريري، أنا أبو إسحاق الرملي، أنا أبو عمر بن حيّوية، نا أبو بكر الباغندي محمّد بن محمّد، نا محمّد بن هاشم البعلبكي، نا سويد بن عبد العزيز، عن داود بن عيسى، عن ميسرة، عن المنهال، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي صلى اللّه عليه و سلّم نحو حديث قبله أنه كان يعود الحسن، الحديث.
أنبأنا أبو الغنائم بن النّرسي، ثم حدّثنا أبو الفضل السّلامي، أنا أبو الفضل الباقلاني، و أبو الحسين الصّيرفي، و أبو الغنائم - و اللفظ له - قالوا: أنا أبو أحمد - زاد الباقلاني: و أبو الحسين الأصبهاني، قالا:- أنا أحمد بن عبدان، أنبأ محمّد بن سهل، أنا محمّد بن إسماعيل، قال (3):داود بن عيسى، عن عاصم بن عبيد اللّه، عن سالم بن عبد اللّه، عن أبيه، عن النبي صلى اللّه عليه و سلّم قال:«من اشترى شاة لدرّتها حلبها ثلاثة أيام، فهو بالخيار: إن شاء أمسك، و إلاّ رد صاعا من تمر» قال هشام بن عمّار: نا سويد بن عبد العزيز، نا داود بن عيسى[4089].
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الخلال، أنبأ أبو القاسم بن مندة، أنبأ حمد بن عبد اللّه إجازة ح، قال: و أنا الحسين بن سلمة، أنا علي بن محمّد، قالا: أنا أبو
ص: 181
محمّد بن أبي حاتم، قال (1):داود بن عيسى مولى للنخع (2)،روى عن سعيد بن جبير، و سعيد بن مسروق، و ميسرة بن حبيب، و عاصم بن عبيد اللّه و هو من أقران قيس بن الربيع، روى عنه سويد بن عبد العزيز، و إسماعيل بن عياش (3)،و روى الفزاري، عن ابن أبي غنية (4) عنه، سمعت أبي يقول ذلك، قال أبو محمّد: و روى عن إسماعيل بن مسلم المكي.
قرأت على أبي القاسم زاهر بن طاهر، عن أبي بكر أحمد بن الحسين، أنبأ أبو عبد اللّه الحافظ ، قال: سمعت أبا علي الحافظ يقول: داود بن عيسى النخعي كوفي، رفع حديثه إلى الشام، روى عنه يحيى بن حمزة و سويد بن عبد العزيز، و إسماعيل بن عياش.
قرأنا على أبي الفضل، عن أبي طاهر بن أبي الصقر، أنا هبة اللّه بن إبراهيم، أنا أبو بكر المهندس، أنا أبو بشر الدولابي، قال: أبو سليمان داود بن عيسى.
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع بن علي، أنا أبو عبد اللّه بن مندة، قال: داود بن عيسى كوفي نزل الشام.
2057 - داود بن فراهيج مولى سفيان بن زياد (5)
من بني قيس بن الحارث بن فهر المدينيّ .
حدّث عن أبي هريرة، و أبي سعيد الخدري.
روى عنه: محمّد بن عجلان، و شعبة، و محمّد بن إسحاق، و عبد الرّحمن بن إسحاق بن الحارث، و يزيد بن عبد الملك النوفلي، و أبو غسان محمّد بن مطرّف، و زياد أبو سفيان المدني الكاتب.
و قدم على الوليد بن يزيد بن عبد الملك.
ص: 182
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، أنبأ أبو محمّد الجوهري، أنبأ أبو حفص عمر بن محمّد بن علي بن الزيات (1)،نا أحمد بن محمّد بن خالد البراثي (2)،حدّثني علي بن الجعد، أنبأ شعبة، عن داود بن فراهيج، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم ح.
قال: و أنا ابن الزيات قال: نا أبو حفص عمر بن إسماعيل بن أبي غيلان، أنا علي بن الجعد ح.
و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، و أبو الحسن علي بن هبة اللّه بن عبد السلام، قالا: أنا أبو محمّد الصّريفيني، أنبأ أبو القاسم بن حبّابة، نا أبو القاسم عبد اللّه بن محمّد، نا علي، أنبأ شعبة، عن داود بن فراهيج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى اللّه عليه و سلّم قال:«الضيافة ثلاثة أيام فما كان بعد ذلك فهو صدقة»[4090].
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو محمّد الصّريفيني، أنا أبو القاسم بن حبّابة، نا أبو القاسم البغوي، نا علي بن الجعد، أنا أبو غسان قال: سمعت داود بن فراهيج يقول: سمعت أبا هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه من المساجد، إلاّ المسجد الحرام» (3)[4091].
قرأت بخط أبي الحسين الرازي، أنا محمّد بن جعفر بن أحمد، نا جدي، نا أبي، عن أبيه يحيى بن حمزة، حدّثني أبو غسان المديني، عن داود بن فراهيج قال أبو غسان:
قدمنا معه الشام و معنا رجل من بني و علة السّبائي كان صاحب علم و حلم فقال له داود:
أنت رجل شريف الق هذا الرجل و تعرض له - يعني الوليد بن يزيد - فبالحري أن ترد علينا خيرا أو تجرّ إليهم منفعة مع حظ مثلك من الخلفاء، فقال إنه مقتول، فقال داود:
مه، لا تقل ذاك، قال: نعم لتمام أربعين ليلة من هذا اليوم، و هو انقضاء خلافة العرب إلى قيام صاحب الوادي من آل أبي سفيان، ثم تعود إلى الشام سنتهم حتى يكونوا أصحاب الأعماق، فقال داود بن فراهيج: سمعت أبا هريرة يقول: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم يقول:«صاحب الأعماق الذي يهزمن اللّه العدوّ على يديه نصر» فقال: إنما
ص: 183
سمي نصر (1) لنصر اللّه إياه فأما اسمه فسعيد[4092].
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، و أبو الحسن بن عبد السلام، قالا: أنا أبو محمّد الصّريفيني، أنا أبو القاسم بن حبّابة، نا أبو القاسم البغوي، نا خلاّد بن أسلم، نا النضر بن شميل، أنا شعبة، نا داود بن فراهيج من أهل المدينة بحديث ذكره.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنبأ أبو طاهر أحمد بن الحسن بن أحمد، أنبأ يوسف بن رباح، أنا أحمد بن محمّد بن إسماعيل، نا محمّد بن أحمد بن حمّاد، نا معاوية بن صالح، قال: سمعت يحيى بن معين يقول في تسمية تابعي أهل المدينة و محدثيهم: داود بن فراهيج.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع، أنا أبو عمرو بن مندة، أنبأ الحسن بن محمّد، أنا أبو الحسن اللبناني، نا أبو بكر بن أبي الدنيا، نا محمّد بن سعد، قال في الطبقة الثالثة من أهل المدينة: داود بن فراهيج مولى لقريش قال الواقدي: أحسبه مولى لبني مخزوم، سمع أبا هريرة، و أبا سعيد، و هو قديم الموت (2).
قرأت على أبي غالب بن البنّا، عن أبي محمّد الجوهري، أنا أبو عمر بن حيّوية إجازة، أنا أبو أيوب سليمان بن إسحاق بن إبراهيم بن الخليل الجلاّب، نا حارث بن أبي أسامة، نا محمّد بن سعد قال (3) في الطبقة الثالثة من أهل المدينة داود بن فراهيج مولى لقريش، قال محمّد بن عمر: أحسبه مولى لبني مخزوم، و سمع من أبي هريرة، و أبي سعيد الخدري، و هو قديم الموت، و له أحاديث.
أنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي، ثم حدّثنا أبو الفضل البغدادي، أنا أحمد بن الحسن، و المبارك بن عبد الجبار، و محمّد بن علي - و اللفظ له - قالوا: أخبرنا عبد الوهاب بن محمّد - زاد أحمد و محمّد بن الحسن، قالا:- أنا أحمد بن عبدان، أنا محمّد بن سهل، أنا محمّد بن إسماعيل، قال (4):داود بن فراهيج مولى بني قيس بن الحارث بن فهر نسبه موسى الزمعي، سمع أبا هريرة، روى عنه شعبة قاله (5) علي: أراه
ص: 184
مديني قدم البصرة، محمّد بن أبي عون أبو بكر قال: نا يعقوب بن إسحاق الحضرمي، نا شعبة، عن داود بن فراهيج (1) و كان كبر و افتقر.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الأديب، أنبأ أبو القاسم، أنا أحمد إجازة ح، قال: و أنا أبو طاهر، أنا علي، قالا: أنبأ أبو محمّد بن أبي حاتم، قال (2):داود بن فراهيج مولى قيس بن الحارث بن فهر روى عن أبي سعيد و أبي هريرة، روى عنه شعبة، و عبد الرّحمن بن إسحاق بن الحارث، و محمّد بن إسحاق، و زياد أبو سفيان الكاتب، و يزيد بن عبد الملك سمعت أبي يقول ذلك.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا إسماعيل بن مسعدة، أنبأ حمزة بن يوسف، أنا أبو أحمد بن عدي قال (3):نا الحسن بن سفيان، حدّثني عبد العزيز بن سلام، قال: سمعت أبا بكر أو محمّد (4) بن يحيى يقول: حدّثني علي بن عبد اللّه قال:
سألت يحيى بن سعيد، عن داود بن فراهيج قال: ثقة، فقلت: من وثقه ؟ قال: سفيان و شعبة.
أنبأنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة، عن أبي جعفر بن المسلمة، أنا عبد الرّحمن بن عمر بن أحمد بن حمّة (5) الخلاّل (6) إجازة، أنا حمزة بن القاسم بن عبد العزيز الإمام، نا أبو علي حنبل بن إسحاق، قال: قال أبو عبد اللّه داود بن فراهيج مديني صالح الحديث.
قرأنا على أبي عبد اللّه يحيى بن الحسن، عن أبي تمام علي بن محمّد الواسطي، أنا أحمد بن عبيد بن الفضل، أنبأ محمّد بن الحسين بن محمّد، قال: ثنا أبو بكر بن أبي خيثمة، قال: سمعت يحيى بن معين يقول: داود بن فراهيج ليس به بأس، روى عنه شعبة.
قرأنا على أبي غالب و أبي عبد اللّه ابني أبي علي، عن أبي الحسن محمّد بن
ص: 185
محمّد بن مخلد، أنبأ علي بن محمّد بن خزفة (1)،أنبأ محمّد بن الحسين الزّعفراني، نا ابن أبي خيثمة، قال: سمعت يحيى بن معين يقول: داود بن فراهيج، روى عنه شعبة ليس به بأس، و سئل يحيى بن معين مرة أخرى عن داود بن فراهيج، فقال: ضعيف.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الأديب، أنبأ أبو القاسم بن مندة، أنا أبو علي إجازة ح، قال: و أنبأ أبو طاهر الحسين بن سلمة، أنا علي بن محمّد، قالا: أنا أبو محمّد، قالا: أنا أبو محمّد بن أبي حاتم، قال (2):سمعت أبي يقول: داود بن فراهيج صدوق.
و ذكر أبو عبد اللّه محمّد بن إبراهيم الكتاني الأصبهاني، قال: قلت لأبي حاتم ما تقول في داود بن فراهيج ؟ فقال: هو صحيح أو قال: صالح الحديث إلاّ أن شعبة روى عنه فقال حدّثني بعد ما كبر.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أبو بكر محمّد بن المظفّر، أنا أحمد بن محمّد بن أحمد العتيقي، أنا يوسف بن أحمد بن يوسف، نا محمّد بن عمرو العقيلي (3)،نا أحمد بن محمّد بن صدقة، نا أبو رفاعة عبد اللّه بن محمّد بن عمر بن حبيب البصري، نا حجاج بن نصير، نا شعبة، نا داود بن فراهيج بعد ما كبر و افتقر و افتتن.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو بكر محمّد بن هبة اللّه، أنبأ محمّد بن الحسين، أنا عبد اللّه بن جعفر، نا يعقوب (4)،نا محمّد بن عبد الرحيم صاعقة، قال:
قال علي: كان شعبة يقول: حدّثنا داود بن فراهيج و كان ضعيفا.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، و أبو الحسن بن عبد السلام، قالا: أنا أبو محمّد الصّريفيني، أنبأ أبو القاسم بن حبابة، نا أبو القاسم البغوي، نا صالح بن أحمد، نا علي، قال: سمعت يحيى - يعني القطان-، و ذكر داود بن فراهيج، فقال: كان شعبة يضعّفه (5).
ص: 186
قال: و نا البغوي، ثنا عبد اللّه بن أحمد، ثنا أبي، نا وكيع، قال: ذكر شعبة داود بن فراهيج فغصبه - يعني تكلم فيه - قال أبي: و قال يحيى بن سعيد: داود بن فراهيج مديني.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأ إسماعيل بن مسعدة، أنا حمزة بن يوسف، أنا أبو أحمد بن عدي، نا ابن حمّاد، حدّثني عبد اللّه، حدّثني أبي، نا وكيع، قال: ذكر شعبة داود بن فراهيج فغصبه (1).
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأ عمر بن عبيد اللّه، أنبأ أبو الحسين بن بشران، أنبأ عثمان بن أحمد بن السماك، نا حنبل بن إسحاق، قال: سمعت عليا قال:
سمعت يحيى بن سعيد و ذكر داود بن فراهيج، قال: كان شعبة يضعفه.
أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر، أنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك، أنا أبو الحسن بن السّقّا، و أبو محمّد بن بالوية، قالا: ثنا أبو العباس الأصم، نا عباس بن محمّد، قال: سمعت يحيى بن معين يقول: داود بن فراهيج قد روى عنه شعبة، و محمّد بن مطرّف أبو غسان، و هو ضعيف الحديث.
أخبرنا أبو القاسم الواسطي، نا أبو بكر الخطيب، أنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن إبراهيم، قال: سمعت أبا الحسن أحمد بن محمّد بن عبدوس، قال: سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول: سألت يحيى عن داود بن فراهيج كيف حديثه ؟ فقال: ليس به بأس (2).
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفقيه، و أبو يعلى حمزة بن علي بن الحبوبي، قالا: أنبأ أبو الفرج سهل بن بشر، أنبأ علي بن منير، أنا الحسن بن رشيق، نا أبو عبد الرّحمن النسائي، قال: داود بن فراهيج ضعيف.
2058 - داود بن محمّد بن الجراح الكاتب (3)
قدم دمشق مع المتوكل فيما قرأته بخط أبي محمّد عبد اللّه بن محمّد الخطابي
ص: 187
الشاعر، و كان داود هذا على مظالم المتوكل و ولي ديوان الزّمام (1) في أيام المتوكل و في أيام المستعين.
2059 - داود بن محمّد بن الحسين (2) بن أبي خالد
أبو سليمان الأصيلي (3) ثم الموصلي
الفقيه الشافعي، قاضي دمشق غيرة مرة.
قال لي بعض أصحابنا: إنه ولد بالموصل في سنة ثلاث و تسعين، و تفقه بالعراق و سمع الحديث من جماعة منهم أبو (4) القاسم بن بيان الرزاز، و دخل خراسان و أقام بمرو مدة و سمع بها من أبي منصور الكراعي (5) و أبي طاهر [الفضل بن عمر بن أحمد] (6)النسائي المعروف [بليلى] (7) الصوفي، و حدث بدمشق و الموصل و غيرهما (8) من البلاد، و تولى القضاء بحصن (9) كيفا، و ذكر لي بعض أصحابنا أنه ذاكره يوما فيما عنده من مسموعات الكتب الكبار، و أخبر أنه سمع منها قطعة صالحة. منها: الجامع الصحيح للبخاري، و ذكر أن بينه و بين البخاري فيه ثلاثة أنفس. و سمعت والدي رحمه اللّه يستبعد ذلك و قال: الآفة في ذلك من شيوخ القاضي، فإن القاضي أبا سليمان لم يتعمد ذلك، و إنما دخل الوهم فيه على شيخه أو شيخ شيخه، و لا شك أنه سقط من الإسناد رجل، و توفي رحمه اللّه بالموصل في يوم عيد الأضحى سنة ثلاث و سبعين و خمسمائة (10).
ص: 188
2060 - داود بن محمّد المعيوفيّ الحجوريّ (1)
من أهل قرية عين ثرماء من غوطة دمشق.
حدّث عن أبي عمرو المخزومي، و نمير بن أوس بن نمير بن أوس الأشعري.
روى عنه: أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد السّلمي، و أحمد بن عبد الواحد الجوبري.
أنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني، نا عبد العزيز الكتّاني، أنبأ أبو محمّد بن أبي نصر، أنا أبو القاسم علي بن يعقوب بن إبراهيم بن أبي العقب، نا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد السّلمي، صاحب تفسير سعيد بن داود، نا داود بن محمّد الحجوري من عين ثرماء، نا أبو عمرو المخزومي، نا علي بن الحسن الشامي، نا حفص بن ميسرة، عن عروة، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«القرآن أفضل من كل شيء دون اللّه، و من قرأ القرآن فقد وقّر اللّه، و من استخفّ بحقّ القرآن استخفّ بحقّ اللّه، و حرمة القرآن في التوراة و قار اللّه، و حملة القرآن المخصوصون برحمة اللّه، و من والاهم فقد و الى اللّه، يدفع عن مستمع القرآن بلاء الدنيا، و يدفع عن قارئ القرآن بلاء الآخرة. ثم قال: يا حملة القرآن، إنّ أهل السماء يدعونكم» و ذكر الحديث. كذا كان في الأصل[4093].
ابن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي
أدرك عصر الصحابة، له ذكر و داره بدمشق في ناحية البزوريين و كانت له دار أخرى في جيرون و إليه تنسب الأرض المعروفة بالداودية في شام الأرزة من إقليم بيت لهيا.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو طاهر محمّد بن أحمد بن محمّد بن أبي الصقر الأنباري، أنا أبو عبد اللّه محمّد بن الحسين بن يوسف الأصبهاني، أنا أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد بن عبد اللّه النقوي (2)،نا إسحاق بن إبراهيم بن عباد
ص: 189
الدّبري (1)،أنبأ عبد الرزاق بن همّام، عن ابن جريج قال: سمعت سليمان بن موسى يحدث عطاء قال: أراد داود بن مروان [أن] (2) يجيز بين يدي أبي سعيد و هو يصلّي و عليه حلّة له، و مروان أمير المدينة فردّه فكأنه أبي، فلهده (3) في صدره فذهب الفتى إلى أبيه فأخبره، فدعا مروان أبا سعيد و هو يظنّ إنما لهده (4) من أجل حلّته قال فذكر ذلك له فقال: نعم، قال النبي صلى اللّه عليه و سلّم:«اردده، فإن أبى فجاهده»[4094].
أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك، أنبأ أحمد بن الحسن بن أحمد، أنبأ أبو محمّد يوسف بن رباح، أنا أبو بكر أحمد بن محمّد المهندس، نا أبو بشر الدولابي، نا معاوية بن صالح، قال: سألت أبا مسهر عن ولد مروان فقال: عبيد اللّه، و أبان، و عثمان و داود، و ذكر غيرهم.
أخبرنا أبو الحسين بن الفراء و أبو غالب و أبو عبد اللّه ابنا البنّا، قالوا: أنا أبو جعفر بن المسلمة، أنا أبو طاهر المخلّص، أنا أحمد بن سليمان الطوسي، نا الزّبير بن بكّار، قال: فولد مروان بن الحكم: أبان، و عبيد اللّه، و عبد اللّه درج، و عثمان، و أيوب، و داود، و رملة تزوجها أبو بكر بن الحارث (5) بن الحكم، و أمهم: أم أبان بنت عثمان [بن عفّان] و هي التي شبب بها عبد الرّحمن بن الحكم فقال (6):
و اكبدا من غير جوع و لا ظما *** و وا كبدا من حبّ أمّ أبان
و أمها رملة بنت شيبة بن ربيعة.
من أهل دمشق، و هو عمّ إبراهيم بن أبي شيبان لقي عبد اللّه بن إياس بن أبي زكريا.
و حكى عن: عبيد اللّه بن أبي المهاجر.
ص: 190
حكى عنه: ابن أخيه إبراهيم بن أبي شيبان.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، نا عبد العزيز بن أحمد الكتاني، أنا أبو محمّد بن أبي نصر، أنبأ عبد الرّحمن بن عبد اللّه البجلي، نا أبو زرعة النّصري (1)،نا عبد الرّحمن بن يحيى بن إسماعيل (2)،نا إبراهيم بن أبي شيبان، عن عمه داود بن نافع قال: عدت عبيد اللّه بن أبي المهاجر و ابن أبي زكريا، قال: فقال له بعض القوم: أبشر يا أبا الوليد، فقال: ما استعفيت اللّه من شكوى أصابتني منذ عقلت، و لا لقيت أحدا إلاّ بالذي في نفسي.
أخبرنا أبو غالب بن البنّا، أنا أبو الحسين محمّد بن أحمد بن محمّد، أنا عبد اللّه بن عتّاب، أنا أبو الحسن بن جوصا إجازة.
و أخبرنا أبو القاسم بن السّوسي، أنا أبو عبد اللّه بن الحسن بن أحمد، أنا علي بن الحسن، أنا عبد الوهاب بن الحسن، أنا أحمد بن عمير قراءة، قال: سمعت أبا الحسن بن سميع يقول في الطبقة الرابعة: داود بن نفيع العتيقي دمشقي.
أبو سليمان البوشنجي (3)
مشهور ببلده (4) له تصانيف معروفة.
و رحل في طلب الحديث.
فسمع بدمشق: إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني نزيل دمشق، و عبد الرّحمن بن الحسن بن يزيد، و العباس بن الوليد بن مزيد، و محمّد بن هاشم البعلبكي، و أحمد بن موسى بن صاعد الصوري، و جعفر بن مسافر، و أحمد بن عبد الواحد بن عبود، و محمّد بن عزيز الأيلي، و عمرو و يحيى ابني عثمان الحمصي، و محمّد بن عوف،
ص: 191
و كثير بن عبيد، و هشام بن عبد الملك أبو التّقي، و أبا العباس أحمد بن سعيد بن يعقوب، و علي و موسى ابني سهل الرملي، و هارون بن زيد بن أبي الزرقاء، و عيسى بن محمّد، و عيسى بن يونس الرمليين، و محمّد بن خلف العسقلاني، و حفص بن عمرو الرباني، و محمّد بن عبد اللّه بن يزيد بن المقرئ الملس (1)،و عمر بن شبّة النّميري، و عبد القدوس بن محمّد بن عبد الكبير الحجابي، و محمّد بن الوليد القرشي البسري، و محمّد بن معمر القيسي، و جميل بن الحسن العتكي، و موسى بن عبد الرّحمن المسروقي، و أبا سعيد الأشج، و هارون بن إسحاق الهمداني، و محمّد بن إسماعيل الأحمسي، و عمرو بن عبد اللّه الأودي، و أحمد بن سنان القطان، و محمّد بن عبد الملك بن زنجويه، و عمّار بن خالد، و محمّد بن وزير، و محمّد بن حسان الأزرق، و الحسن بن عرفة، و الحسن بن محمّد بن الصباح الزعفراني، و إبراهيم بن هانئ النيسابوري نزيل بغداد، و خلقا كثيرا أمثالهم.
روى عنه: أبو عبد اللّه محمّد بن الحسن النيرجاني (2)،و أبو القاسم منصور بن العباس الفقيه، و أبو بكر محمّد بن الحسن بن زياد النقاش، و أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد بن أحمد بن إبراهيم بن يونس البوشنجي (3).
أخبرنا أبو سعد منصور بن علي بن عبد الرّحمن الحجري ببوشنج (4)،أنبأ أبو منصور أسعد بن عبد المجيد البوشنجي (5)،أنا الخطيب أبو الحسين أحمد بن محمّد بن منصور العالي، أنا أبو عبد اللّه محمّد بن النيرجاني (6)،و أبو القاسم منصور بن العباس الفقيه، قالا: نا أبو سليمان داود بن الوسيم بن أيوب بن سليمان، نا عبد الرّحمن بن الحسن الدمشقي، حدّثنا مروان بن معاوية بن أسماء بن خارجة الفزاري الكوفي عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم يقول:«ويل للذي يحدث و يكذب فيضحك القوم، ويل له، ويل له»- مرتين-[4095].
قال: و نا داود بن الوسيم، نا أبو عبد اللّه أحمد بن عبد الواحد الدمشقي، نا
ص: 192
الوليد بن الوليد، نا ابن ثوبان، عن سهل بن معاذ بن أنس، عن أبيه، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم قال:«من أكل طعاما فقال: الحمد للّه الذي رزقنيه من غير حول مني، و لا قوة غفر له ما تقدّم من ذنبه، و من لبس ثوبا فقال: الحمد للّه الذي كساني هذا، و رزقنيه من غير حول مني و لا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه»[4096].
أخبرنا أبو بكر محمّد بن أبي نصر اللفتواني، أخبرتنا أم سعد أسماء بنت أحمد بن مهران قراءة عليها، قالت: أنبأ أبو الحسين أحمد بن محمّد بن منصور بن الحسين الخطيب البوشنجي (1) العالي إجازة، قال: سمعت أبا عبد اللّه محمّد بن الحسن النيرجاني (2) يقول دخل داود العراق و الشام في كتبة العلم نيف و عشرين سنة، قال أبو الحسين: داود بن الوسيم بن سليمان البوشنجي (3) الخسفي أبو سليمان.
و في حاشية الأصل: قرية (4) من قرى بوشنج (5).
أبو القاسم السّلمي المحاملي
حدّث عن من لم يسم لنا.
كتب عنه أبو الحسين الرازي.
قرأت بخط نجا بن أحمد و ذكر أنه نقله من خط أبي الحسين الرازي في تسمية من كتب عنهم من شيوخ مدينة دمشق، أبو القاسم داود بن هلال بن عبيد اللّه السّلمي المحاملي شيخ ثقة صاحب سنّة رحمه اللّه تعالى، مات في ذي القعدة سنة أربعين و ثلاثمائة.
تقدم ذكره فيما مضى.
ص: 193
ابن عبد شمس بن عبد مناف الأموي
كان يسكن دير البخت من أعمال دمشق (1)،و هو الذي خلف على فاطمة بنت عبد الملك بن مروان بعد عمر بن عبد العزيز، و قد قيل إن الذي خلف عليها بعد عمر هو داود بن بشر، و قد تقدم ذكر ذلك في ترجمة داود بن بشر بن مروان.
ابن الحكم بن أبي العاص بن أمية
أمه أمّ ولد، له ذكر، يأتي ذكره في ترجمة أخيه سليمان بن يزيد.
كان أبوه و جده أمير [ين] على العراق، و هم من أهل دمشق. له ذكر.
أخبرنا أبو غالب الماوردي، أنا أبو الحسن السيرافي، أنا أحمد بن إسحاق، نا أحمد بن عمران، نا موسى بن زكريا، نا خليفة بن خيّاط ، قال (2):فيها - يعني سنة إحدى و ثلاثين و مائة - توجه قحطبة ابن شبيب من جرجان بعد قتل حنظلة (3)-يعني ابن شبابة - فبلغ ابن هبيرة فوجه عامر بن ضبارة (4) إلى إصطخر (5) و وجه ابنه داود بن يزيد بن عمر بن هبيرة فسار داود و عامر من إصطخر إلى أصبهان، و بعث ابن هبيرة مالك بن أدهم الباهلي في خيل عظيمة و المصعب بن ضحضح (6) الأسدي، و غطيف (7)السّلمي متساندين، فنزل بعضهم ماه و بعضهم همذان فوجه قحطبة ابنه الحسن إلى تلك الجيوش، فبلغهم مسير الحسن، فانضموا إلى نهاوند، و نزل بهم الحسن فحاصرهم.
ص: 194
فحدّثني محمّد بن معاوية عن بيهس بن حبيب، قال: توجه قحطبة فلقي عامر بن ضبارة و داود، فالتقوا بجابلق رستاق أصبهان يوم السبت لسبع بقين من رجب سنة إحدى و ثلاثين و مائة، فقتل عامر و انهزم داود فلحق بأبيه - يعني بواسطة-.
فلما (1) كان يوم الاثنين لثلاث عشرة بقيت من ذي القعدة سنة اثنين (2) و ثلاثين و مائة بعث أبو جعفر - يعني المنصور - خازم بن خزيمة فقتل ابن هبيرة، و قتلوا داود بن يزيد بن عمر بن هبيرة، و كان [أبو جعفر حينئذ أميرا من قبل أخيه أبي العباس السفاح] (3).
إن كان الذي ذكر اسمه حقق ذلك و إلاّ فالمعروف خالد بن يزيد بن معاوية.
قرأت بخط محمّد بن عمران المرزباني، حدّثني أبو بكر عبد اللّه بن محمّد بن أبي سعيد البزار، حدّثني محمّد بن القاسم بن خلاّد، قال: سمعت ابن عائشة يقول: كتب ملك الروم إلى عبد الملك بن مروان: إنك أحدثت في القراطيس ما لم يكن، و لئن لم تنته عن ذلك لأشتمن نبيك صلى اللّه عليه و سلّم في كلّ ما يعمل في مملكتي. فأهمّ ذلك عبد الملك فدخل عليه داود بن يزيد بن معاوية، فرآه مهموما بما ورد عليه، فقال له: اضرب دنانير و دراهم أنقص من دنانيره، و أثبت فيها اسم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم ليستغنى بها عما يضرب عنده. ففعل؛ و كان ذلك في سنة سبعين.
و لا يؤخذ شيء مؤرخ بما قبل السبعين من الدنانير و الدراهم العربية.
لم أجد ذكر داود هذا في كتاب النسب، و هو تصحيف و الصواب خالد بن يزيد.
ص: 195
ذكر من اسمه (1) دثار
وفد على عمر بن عبد العزيز.
و حدث عن سليمان بن صرد.
روى عنه: الثوري، و مسعر، و محمّد بن قيس.
قرأت على أبي محمّد السّلمي، عن أبي بكر الخطيب، أنبأ أبو بكر البرقاني، أنا محمّد بن عبد اللّه بن خميرويه، نا الحسين بن إدريس، أنا محمّد بن عبد اللّه بن عمّار الموصلي، نا أبو معاوية، نا محمّد بن قيس، عن دثار بن الحارث النهدي، عن سليمان بن صرد، قال: قال عليّ يوم الجمل: ليتني مت قبل هذا بعشرين، قال ابن عمّار: أراه قال: سنة.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأ أبو الحسين بن الطّيّوري، نا عبد العزيز بن علي الأزجي، أنا عبيد اللّه بن محمّد بن سليمان المخرمي، نا جعفر الفريابي، نا محمّد بن العلاء، أنا ابن إدريس، عن عمر بن ذرّ قال: قدمنا على عمر بن عبد العزيز خمسة: موسى بن أبي كثير، و دثار النّهدي، و يزيد الفقير، و الصّلت بن بهرام، و عمر بن ذرّ، فقال: إن كان أمركم واحدا فليتكلم متكلمكم، فتكلم موسى بن أبي كثير - و كان أخوف ما يتخوف عليه أن يكون عرض بشيء من أمر القدر قال: فعرض له عمر، فحمد اللّه و أثنى عليه ثم قال: لو أراد اللّه أن لا يعصى لم يخلق إبليس و هو رأس
ص: 196
الخطيئة، و إن في ذلك لعلما (1) من كتاب اللّه عز و جل، علمه من علمه، و جهله من جهله، ثم تلا هذه الآية: فَإِنَّكُمْ وَ مٰا تَعْبُدُونَ ، مٰا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفٰاتِنِينَ ، إِلاّٰ مَنْ هُوَ صٰالِ الْجَحِيمِ (2) ثم قال: لو أنّ اللّه عز و جل حمّل خلقه من حقّه على قدر عظمته لم تطق ذلك أرض و لا سماء، و لا ماء و لا جبل، و لكنه رضي من عباده بالتخفيف.
ذكر أبو عبد اللّه محمّد بن إبراهيم الكتاني الأصبهاني، قال: قلت لأبي حاتم الرازي، كان دثار النّهدي كوفيا؟ فقال: نعم، روى عنه الثوري و مسعر صالح الحديث.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه، أنا عبد الرّحمن بن مندة، أنا أبو علي إجازة ح، قال: و أنا الحسين بن سلمة، أنا علي بن محمّد، قالا: أنا أبو محمّد بن أبي حاتم، قال (3):دثار بن الحارث النّهدي، قال: خطبنا علي، روى عنه محمّد بن قيس أظنه الهمداني، سمعت أبي يقول ذلك.
ص: 197
ذكر من اسمه (1) دحمان
2071 - دحمان الجماني (2)
قدم الشام، و استقدمه بعد ذلك الوليد بن يزيد إليه.
قرأت في كتاب أبي الفرج علي بن الحسين (3)،أخبرني محمّد بن خلف وكيع، حدّثني أبو أيوب المديني عن أبي محمّد العامري، قال: كان دحمان جمّالا يكري إلى المواضع، و يتّجر، و كان له مروءة. فبينا هو ذات يوم قد أكرى جماله و أخذ ماله إذ سمع رنّة فقام و اتّبع الصوت فإذا جارية قد خرجت تبكي، فقال لها أ مملوكة أنت ؟ قالت:
نعم، قال: لمن ؟ قالت: لامرأة من قريش و نسبتها (4) له، فقال لها: أ تبيعك ؟ قالت:
نعم، و دخلت على مولاتها فقالت: هذا إنسان يشتريني، قالت: ائذني له، فدخل فساومها بها حتى استقرّ الأمر بينهما على مائتي دينار، فاشتراها و نقدها الثمن و انصرف بالجارية.
قال دحمان: فأقامت عندي مدة أطرح عليها، و يطارحها معبد و الأبجر و نظراؤهما من المغنين. ثم خرجت بعد ذلك إلى الشام و قد حذقت فكنت لا أزال أنزل ناحية
ص: 198
و أعتزل بالجارية في محمل، و أطرح على المحمل أعبية (1) من أعبية الجمّالين، و أجلس أنا و هي تحت ظلها، ثم أخرج شيئا آكله، و تتغنى حتى نرحل، فلم نزل كذلك حتى قربنا من الشام، فبينا أنا ذات يوم نازل و أنا ألقي عليها لحني (2):
و إني لآتي البيت ما إن أحبّه *** و أكثر هجر البيت و هو حبيب
و أغضي على أشياء منكم تسوؤني *** و أدعى إلى ما سرّكم فأجيب
قال: و لم أزل أردده عليها حتى أخذته و اندفعت تغنيه، فإذا أنا براكب قد طلع علينا فسلّم علينا فرددنا عليه السلام، فقال لنا: أ تأذنون لي أن أنزل تحت ظلكم هذا ساعة ؟ قلنا: نعم، فنزل و عرضت عليه الطعام فأجاب فقدمت إليه السفرة فأكل و استعاد الصوت مرارا، ثم قال للجارية: أ تروين (3) لدحمان شيئا من غنائه ؟ قالت: نعم، قال:
فغنني صوتا، فغنته أصواتا من صنعتي و غمزتها ألاّ تعرفيه أني دحمان، فطرب و امتلأ سرورا و الجارية تغنيه حتى قرب وقت الرحيل فأقبل عليّ و قال: أ تبيعني هذه الجارية ؟ قلت: نعم، قال: بكم ؟ قلت كالعابث: بعشرة آلاف دينار، قال: قد أخذتها، فهلمّ دواة و قرطاسا فجئته بذلك، فكتب فيه:«ادفع إلى حامل هذا الكتاب ساعة تقرأه عشرة آلاف دينار، و تسلّم منه الجارية، و استعلم مكانه و عرفنيه، و استوص به خيرا». و ختم الكتاب و دفعه إليّ و قال: إذا دخلت المدينة فسل عن فلان، فاقبض منه المال و سلّم إليه الجارية (4)،ثم ركب و تركني فلما أصبحنا رحلنا و دخلنا المدينة فحططت رحلي و قلت للجارية: البسي ثيابك و قومي معي - و أنا و اللّه لا أطمع في ذلك، و لا أظن الرجل إلاّ عابثا - فقامت معي فخرجت بها و سألت عن الرجل فدللت عليه، و إذا هو وكيل الوليد بن يزيد، فأتيته فأوصلت إليه الكتاب. فلما قرأ وثب قائما و قبّله و وضعه على عينه، و قال: السمع و الطاعة لأمير المؤمنين، ثم دعا بعشرة آلاف دينار فسلّمت إليّ و أنا لا أصدق أنها لي، و قال لي: أقم حتى أعلم أمير المؤمنين خبرك، فقلت له: حيث كنت
ص: 199
فأنا ضيفك، و قد كان أمر لي بمنزل - و كان بخيلا - قال: و خرجت، فصادفت كراء (1)فقضيت حوائجي في يومي و غدي و رحلت رفقتي و رحلت معهم، و ذكرني صاحبي بعد أيام فسأل عني و أمر بطلبي فعرف أن الرفقة قد ارتحلت، فأمسك فلم يذكرني إلاّ بعد شهر، فقال لها و قد غنّته صوتا من صنعتي: لمن هذا؟ قالت: لدحمان، قال: و ودت و اللّه أني قد رأيته و سمعت غناءه، قالت: فقد و اللّه رأيته و سمعت غناءه، قال: لا و اللّه ما رأيته قط و لا سمعته، قالت: بلى و اللّه قد رأيته و سمعت غناءه، فغضب و قال لها: أنا أحلف لك أني لم أره و لم أسمعه و أنت تعارضيني و تكذبيني، قالت: إن الرجل الذي اشتريتني منه دحمان، قال: ويحك، فهلاّ أعلمتني ؟ قالت: نهاني عن ذلك [قال:] و انه لهو، أم و اللّه لأجشّمنّه السفر، ثم كتب إلى عامل المدينة [بأن] يحمل إليه. فحمل فلم يزل أثيرا (2) عنده.
ص: 200
ذكر من اسمه (1) دحية
2072 - دحية (2) بن خليفة بن فروة بن فضالة بن زيد
ابن امرئ القيس بن الخزج (3) بن عامر بن بكر
ابن عامر الأكبر بن بكر بن زيد اللات
ابن رفيدة بن ثور بن كلب بن و برة بن تغلب
ابن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة الكلبي (4)
له صحبة، و هو الذي كان جبريل يأتي النبي صلى اللّه عليه و سلّم في صورته و بعثه النبي صلى اللّه عليه و سلّم بكتابه إلى قيصر، فأوصله إلى عظيم بصرى.
روى عن النبي صلى اللّه عليه و سلّم شيئا يسيرا.
روى عنه: خالد بن يزيد بن معاوية، و عبد اللّه بن شدّاد بن الهاد، و عامر الشعبي، و منصور بن سعيد بن الأصبغ الكلبي، و محمّد بن كعب القرظي.
و شهد اليرموك، و كان أميرا على كردوس ثم سكن دمشق، بعد ذلك، و كان منزله بقرية المزّة.
ص: 201
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين، أنا أبو علي بن المذهب، أنا أحمد بن جعفر، نا عبد اللّه بن أحمد (1)،حدّثني أبي، نا محمّد بن عبيد، نا عمر من آل حذيفة عن الشعبي، عن دحية الكلبي قال: قلت: يا رسول اللّه أ لا أحمل لك حمارا على فرس فتنتج لك بغلا فتركبها، قال:«إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون»[4097].
رواه أبو بكر يحيى بن أبي طالب، عن محمّد بن عبيدة، و نسب الرجل الحذيفي.
أخبرنا بحديثه: أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنبأ شجاع بن علي بن شجاع، أنبأ محمّد بن إسحاق بن مندة ح.
و أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن غانم بن أحمد الأصبهاني، أنا أبو القاسم عبد الرّحمن بن محمّد بن إسحاق، أنبأ أبي، أنا محمّد بن يعقوب بن يوسف، نا يحيى بن جعفر بن الزبرقان، نا محمّد بن عبيد، نا عمر،- و هو - ابن أبي حسيل بن حذيفة، عن الشعبي، عن دحية الكلبي قال: قلت: يا رسول اللّه أ لا أحمل لك حمارا على فرس فتنتج لك بغلة فقال:«إنما يفعل ذلك الذين لا يعقلون»[4098].
رواه عيسى بن يونس السبيعي و غيره، عن عمر بن الحذيفي، عن الشعبي: أن حذيفة قال للنبي صلى اللّه عليه و سلّم فصار (2).
أخبرنا أبو القاسم الحسين بن الحسن، أنا أبو القاسم علي بن محمّد الشافعي، أنا أبو علي و أبو الحسين ابنا عبد الرّحمن، أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم بن أبي الحسن الحسيني، أنبأ أبو الحسين محمّد بن عبد الرّحمن بن عثمان بن أبي نصر (3)،ثنا أبو سليمان محمّد بن عبد اللّه بن زيد، نا أحمد بن عبد الوارث، حدّثنا عيسى بن حمّاد، أنبأ الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الحسن، عن منصور الكلبي: أن دحية بن خليفة خرج من قريته بدمشق المزّة إلى قدر قرية عقبة من الفسطاط و ذلك ثلاثة أميال، في رمضان، ثم إنه أفطر و أفطر معه أناس، و كره آخرون أن يفطروا فلما رجع إلى قريته قال: و اللّه لقد رأيت اليوم أمرا ما كنت أظن أني أراه: إن قوما رغبوا عن هدي
ص: 202
رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم و أصحابه.- يقول ذلك للذين صاموا - ثم قال عند ذلك: اللّهم اقبضني إليك.
رواه أبو داود عن عيسى (1).
أخبرنا أبو منصور محمود بن أحمد بن عبد المنعم بن ماشاذة، أنا أبو علي الحسن بن عمر بن الحسن بن يونس، أنبأ أبو عمر القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي، نا أبو العباس محمّد بن أحمد الأثرم، نا حميد بن الربيع، نا سعيد بن أبي مريم، عن يحيى بن أيوب، عن موسى بن جبير مولى أم سلمة أن عياش بن عباس حدثه عن خالد بن يزيد بن معاوية عن دحية بن خليفة الكلبي، عن النبي صلى اللّه عليه و سلّم أنه أتى بقباطي (2)فأعطاني منه ثوبا، و قال:«اصدعه صدعين صدعا تجعله قميصا و صدعا تختمر به امرأتك»، فلما ولّيت قال:«قل لها تجعل تحته شيئا لا يصفها»[4099].
كذا وقع في هذه الرواية، و رواه غير حميد، عن ابن أبي مريم، فقال: عن عباس بن عبد اللّه بن عباس، و يقال ابن عبيد اللّه.
أخبرناه أبو عبد اللّه محمّد بن عابد بن أحمد بن محمّد الحداد بأصبهان، أنا أبو القاسم عبد الرّحمن بن محمّد بن إسحاق، أنبأ أبي.
و أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع بن علي، أنا أبو عبد اللّه محمّد بن إسحاق بن محمّد العبدي، أنبأ الحسن بن أبي الحسن العسكري بمصر، نا أحمد بن حمّاد بن زغبة (3)،نا سعيد بن أبي مريم، نا يحيى بن أيوب، عن موسى بن جبير: أن عباس بن عبد اللّه بن عباس بن عبد المطلب حدثه عن خالد بن يزيد بن معاوية، عن دحية بن خليفة الكلبي حين بعثه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم إلى هرقل ح.
و أخبرناه أبو القاسم زاهر بن طاهر المستملي، أنبأ أحمد بن أبي الحسين بن علي، أنبأ محمّد بن عبد اللّه بن محمّد الحافظ ، و أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي، قالا: نا أبو العباس محمّد بن يعقوب، نا أبو بكر محمّد بن إسحاق الصّغانيّ ، نا ابن أبي مريم، أنبأ يحيى بن أيوب، حدّثني موسى بن جبير: أن عباس بن عبد اللّه بن عباس بن
ص: 203
عبد المطلب حدثه عن خالد بن يزيد بن معاوية، عن دحية بن خليفة، قال: بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم إلى هرقل فلما رجع أعطاه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم قبطية (1) قال:«اجعل صديعها»- و في حديث زغبة (2) صدعتها - قميصا و اعط صاحبتك صديعا (3) تختمر به» فلما ولّى دعاه، قال: مرها تجعل تحته شيئا لئلا يصف»[4100].
و رواه عبد اللّه بن لهيعة الحضرمي المصري، عن موسى، فاختلف عليه فيه، فرواه زيد بن الحباب عنه على ما أخبرنا به أبو منصور محمود بن أحمد بن عبد المنعم الواعظ ، أنبأ أبو الحسن بن عمر الحافظ ، أنبأ أبو عمر القاسم بن جعفر، أنا أبو العباس محمّد بن أحمد الأثرم، نا حميد بن الربيع، نا زيد بن الحباب العدائي (4)،حدّثني ابن لهيعة، حدّثني موسى بن جبير مولى أم سلمة، عن عبيد اللّه بن عدي، حدّثني خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، عن دحية الكلبي فذكر الحديث.
و رواه عبد اللّه بن وهب المصري عنه. كما أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن عبد اللّه بن داود المقرئ الفقيه، و أبو غالب محمّد بن الحسن بن علي البصري الماوردي، قالا: أنا أبو علي علي بن أحمد التّستري بالبصرة، أنبأ أبو عمر القاسم بن جعفر الهاشمي، أنا أبو علي محمّد بن أحمد بن عمرو اللؤلؤي، نا أبو داود سليمان بن الأشعث، نا أحمد بن عمرو بن السرح، و أحمد بن سعيد الهمداني، قالا: أنا ابن وهب، أنا ابن لهيعة، عن موسى بن جبير: أن عبيد اللّه بن عباس حدثه عن خالد بن يزيد بن معاوية، عن دحية بن خليفة الكلبي أنه قال: أتى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم بقباطي فأعطاني منها قبطية فقال:«اصدعها صدعين، فاقطع احدهما قميصا، و اعط الآخر امرأتك تختمر به» فلما أدبر قال:«و أمر امرأتك تجعل تحته ثوبا لا يصفها»، و رواه عنه أبو الأسود المقرئ[4101].
كما أخبرنا أبو علي الحسين بن أحمد بن الحسين المقرئ في كتابه، أنبأ أبو نعيم أحمد بن عبد اللّه بن أحمد الحافظ ، ثنا سليمان بن أحمد، نا المقدام بن داود، نا أبو
ص: 204
الأسود النضر بن عبد الجبار، نا ابن لهيعة، عن موسى بن جبير: أن عبد اللّه بن عباس حدثه عن خالد بن يزيد بن معاوية، عن دحية الكلبي، قال: أخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم قباطيا فأعطاني قبطية فقال:«اصدعها صدعتين فاقطع احدهما قميصا، و اعط الآخر امرأتك تختمر بها» فلما أدبرت قال:«مر امرأتك تجعل تحت صدعتها ثوبا لا يصفها»[4102].
أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع، أنبأ أبو عمرو بن مندة، أنبأ الحسن بن محمّد، ثنا أبو الحسن اللبناني، ثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، نا محمّد بن سعد، قال: دحية بن خليفة الكلبي أسلم قبل بدر، و لم يشهدها، و كان رسول (1) اللّه صلى اللّه عليه و سلّم أتى قيصر بكتابه، و كان يشبّه بجبريل عليه السلام، و بقي إلى زمن معاوية (2).
قرأت على أبي غالب بن البنّا، عن أبي إسحاق إبراهيم بن عمر، حدّثنا عمي رحمه اللّه، أنا أبو طالب بن يوسف، أنا الجوهري قراءة على أبي عمر، قال: قال: و أنا ------- (3) إجازة، أنا أبو عمرو، أنا الفقيه، أنبأ أبو عمر بن حيّوية، أنبأ أحمد بن معروف، نا الحسين بن الفهم، نا محمّد بن سعد (4)،قال: دحية بن خليفة بن فروة بن فضالة بن زيد بن امرئ القيس بن الخزرج و هو زيد مناة بن عامر بن بكر بن عامر الأكبر بن عوف بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن و برة بن ثعلب (5) بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة، و أسلم دحية بن خليفة قديما، و لم يشهد بدرا و كان يشبّه بجبريل، و شهد دحية مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم المشاهد بعد بدر، و بقي إلى خلافة معاوية بن أبي سفيان.
أخبرنا أبو محمّد عبد اللّه بن علي بن الآبنوسي في كتابه، و أخبرني أبو الفضل بن ناصر عنه، أنبأ أبو محمّد الجوهري، أنبأ أبو الحسين بن المظفّر، أنبأ أبو علي أحمد بن علي المدائني، أنبأ أحمد بن عبد اللّه بن عبد الرحيم بن البرقي، قال: و من كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة: دحية بن خليفة بن فروة بن
ص: 205
فضالة بن زيد بن امرئ القيس بن الخزرج بن عامر بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللّه بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة، و كان يشبّه بجبريل، جاء عنه حديثان.
أخبرنا أبو غالب بن البنّا، أنبأ أبو الحسين بن الآبنوسي، أنبأ عبد اللّه بن عتّاب، أنا أحمد بن عمير إجازة ح.
و أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد، أنبأ الحسن بن أحمد، أنبأ علي بن الحسن، أنبأ عبد الوهاب بن الحسن، أنا أحمد بن عمير، قال: سمعت أبا الحسن بن سميع يقول: و دحية بن خليفة، قال أبو سعيد ولده بالبقاع (1).
أنبأنا أبو الغنائم الحافظ ، ثم حدّثنا أبو الفضل بن ناصر، أنا أبو الفضل و أبو الحسين، و أبو الغنائم - و اللفظ له - قالوا: أنا أبو أحمد - زاد أبو الفضل: و أبو الحسين الأصبهاني، قالا:- أنبأ أحمد بن عبدان، أنا محمّد بن سهل، أنا محمّد بن إسماعيل، قال (2):دحية بن خليفة الكلبي (3).
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الخلاّل، أنا أبو القاسم عبد الرّحمن بن مندة، أنبأ حمد بن عبد اللّه إجازة، قال: و أنبأ الحسين بن سلمة، أنبأ علي بن محمّد، قالا:
أنبأ أبو محمّد بن أبي حاتم، قال (4):دحية بن خليفة الكلبي له صحبة سكن مصر، و روى عنه خالد بن يزيد بن معاوية، و منصور الكلبي، سمعت أبي يقول ذلك، قال أبو محمّد: روى عنه عبد اللّه بن شداد بن الهاد، و عامر الشعبي.
قرأت على أبي غالب بن البنّا، عن أبي الفتح الضّبّي، أنا أبو الحسن علي بن عمر [الدارقطني]، قال: دحية بن خليفة الكلبي له صحبة و رواية عن النبي صلى اللّه عليه و سلّم و هو الذي كان ينزل جبريل عليه السلام في صورته، روى عنه عبد اللّه بن شداد بن الهاد و غيره، و كان رسول اللّه (5) صلى اللّه عليه و سلّم أتى قيصر و فيه نزلت: وَ إِذٰا رَأَوْا تِجٰارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْهٰا (6)
ص: 206
و نسبه فيما ذكره أبو سعيد السكري، عن ابن جبير، عن هشام بن الكلبي: دحية بن خليفة بن فروة بن فضالة بن زيد بن امرئ القيس بن الخزج بن عامر بن بكر بن عامر الأكبر بن عوف. و اسم الخزج زيد سمّي لعظم لحمه.
أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن غانم بن أحمد، أنبأ عبد الرّحمن بن محمّد بن إسحاق، أنبأ أبي.
و أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنبأ شجاع بن علي، أنا أبو عبد اللّه بن مندة، قال: دحية بن خليفة الكلبي كان يشبّه بجبريل عليه السلام، روى عنه عامر الشعبي، و عبد اللّه بن شداد [بن الهاد]، و خالد بن يزيد بن معاوية، و منصور الكلبي.
قرأت على أبي محمّد السّلمي، عن أبي نصر بن ماكولا، قال (1):و أما خزج بخاء معجمة مفتوحة و زاي ساكنة و جيم. فقال ابن حبيب عن ابن الكلبي في نسب قضاعة:
الخزج بن عامر بن بكر بن عامر الأكبر بن عوف و اسمه زيد، و إنما سمّي الخزج لعظم لحمه، و من ولده: دحية بن خليفة بن فروة بن فضالة بن زيد بن امرئ القيس بن الخزج صحب النبي صلى اللّه عليه و سلّم و كان رسوله، أتى قيصر و وجدته في كتاب ابن سعيد دحية بفتح الدال، و لدحية [صحبة، و رواية عن النبي صلى اللّه عليه و سلّم] (2).
أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد المقرئ، أنبأ أبو نعيم أحمد بن عبد اللّه الحافظ ، نا عبد اللّه بن محمّد بن عثمان الواسطي، نا محمّد بن أحمد بن الوضاح، قال: وجدت في كتاب جدي علي بن كليب الجعفي، نا الهيثم بن عدي، عن الكلبي، عن محمّد بن أسامة بن زيد، عن أبيه، عن دحية الكلبي، قال: قدمت من الشام فأهديت إلى النبي صلى اللّه عليه و سلّم فاكهة يابسة من فستق و لوز و كعك فوضعته بين يديه فقال:«اللّهم ائتني بأحب أهلي إليك» أو قال إليّ «يأكل معي من هذا» فطلع العباس فقال:«ادن يا عم، فإني سألت اللّه أن يأتيني بأحبّ أهلي إليّ و إليه يأكل معي من هذا فأتيت» قال: فجلس يأكل (3)[4103].
ص: 207
قال: و ثنا سليمان بن أحمد، ثنا محمّد بن يحيى بن مندة، نا محمّد بن حميد بن الضريس، عن عنبسة بن سعيد، عن جابر، عن عامر، عن دحية الكلبي، قال: أهديت لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم جبّة صوف و خفّين فلبسهما حتى تخرّقا و لم يسأل عنهما ذكيتا أم لا (1).
أخبرنا أبو غالب الماوردي، أنبأ أبو الحسن السيرافي، أنا أحمد بن إسحاق، نا أحمد بن عمران، نا موسى بن زكريا، نا خليفة بن خيّاط ، قال (2):سنة خمس فيها بعث النبي صلى اللّه عليه و سلّم دحية بن خليفة إلى قيصر في الهدنة.
قرأت على أبي غالب بن علي الحنبلي، حدّثنا عمي، أنا أبي يوسف، أنا الجوهري قراءة عن أبي عمر بن حيّوية ح، قال: و أنا البرمكي إجازة، أنا ابن عمر قراءة عن إبراهيم بن عمر البرمكي، أنا أبو عمر محمّد بن العباس، أنا أحمد بن معروف، نا الحسين بن الفهم، ثنا محمّد بن سعد قال (3):قال محمّد بن عمر: لقيه (4) بحمص فدفع إليه كتاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم و ذلك في المحرم سنة سبع من الهجرة.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد و علي بن المسلّم الفقيهان، قالا: أنبأ أبو العباس أحمد بن منصور المالكي، أنبأ عبد الرّحمن بن عثمان التميمي، أنا خيثمة بن سليمان القرشي، أنبأ العباس بن الوليد، أخبرني أبي قال: سمعت ابن جابر يقول:
حدّثني أخ لي عن الزهري، حدّثني عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة بن مسعود، حدّثني ابن عباس، قال: كتب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم إلى قيصر يدعوه إلى الإسلام و بعث بكتابه مع دحية بن خليفة الكندي و أمره أن يدفعه إلى عظيم بصرى ليدفعه إلى قيصر.
أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد، أنبأ أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون، أنا عبد الملك بن محمّد بن عبد اللّه الواعظ ، أنبأ أبو علي بن الصواف، نا محمّد بن عثمان بن محمّد بن أبي شيبة، نا يحيى بن عبد الحميد، نا يحيى بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن عبد اللّه بن شدّاد، عن دحية الكلبي، قال:
ص: 208
بعث النبي صلى اللّه عليه و سلّم معي بكتاب إلى قيصر، فقمت بالباب، فقلت: أنا رسول رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم ففزعوا لذلك فدخل عليه الآذن فقال: هذا رجل بالباب يزعم أنه رسول رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم فأذن لي، فدخلت عليه، فأعطيته الكتاب فقرئ عليه:
«بسم اللّه الرّحمن الرحيم، من محمّد رسول اللّه إلى قيصر صاحب الروم».
فإذا ابن أخ له أحمر أزرق سبط (1) الشعر، قد نخر (2)،ثم قال: لم كتب إلى ملك الروم و لم يبدأ بك ؟ لا تقرأ كتابه اليوم، فقال لهم: اخرجوا، فدعا الأسقف - و كانوا يصدرون عن رأيه، و يقبلون قوله - فلما قرئ عليه الكتاب قال: هو و اللّه رسول اللّه الذي بشّرنا به موسى و عيسى بن مريم، هو و اللّه رسول اللّه الذي بشرنا به موسى و عيسى، هو و اللّه رسول اللّه الذي بشرنا به موسى و عيسى، قال: فأي شيء ترى ؟ قال:
أرى أن نتبعه، قال قيصر: و أنا أعلم ما تقول و لكن لا أستطيع أن أتبعه يذهب ملكي و يقتلني الروم (3).
رواه إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن جده، عن سلمة نحوه.
أخبرنا أبو القاسم هبة اللّه بن أحمد بن عمر الحريري المقرئ، أنا أبو طالب محمّد بن علي بن الفتح الحربي (4) المعروف بالعشاري سنة أربع و أربعين و أربعمائة، نا أبو الحسين محمّد بن أحمد بن إسماعيل بن عنبس بن إسماعيل (5) المعروف بابن سمعون ح.
و أخبرنا أبو بكر محمّد بن الحسين بن علي بن إبراهيم، ثنا أبو الحسين محمّد بن علي بن محمّد بن عبيد اللّه بن المهتدي، أنا أبو أحمد عبيد اللّه بن محمّد بن أبي مسلم الفرضي، أنا عثمان بن أحمد بن يزيد، نا إسحاق بن إبراهيم الختّلي، نا عمر بن إبراهيم بن خالد، نا نجيح أبو معشر، عن محمّد بن كعب، عن دحية بن
ص: 209
خليفة، قال: وجّهني النبي صلى اللّه عليه و سلّم إلى ملك الروم بكتابه و هو بدمشق، فناولنيه - و في حديث أبي بكر قال: فناولته - كتاب النبي صلى اللّه عليه و سلّم فقبّل خاتمه و وضعه تحت شيء كان عليه قاعدا (1) ثم نادى فاجتمع البطارقة و قومه، فقام على وسائد ثنيت له و كذلك كانت فارس و الروم - و في حديث أبي بكر تقوم فارس و الروم - لم تكن لها منابر، ثم خطب أصحابه فقال: هذا كتاب النبي الذي بشّرنا به المسيح من ولد إسماعيل بن إبراهيم، قال:
فنخروا نخرة فأومئ،- و في حديث أبي بكر، قال: فأومئ بيده - أن اسكتوا، و قال أبو بكر أن اسكتوا، ثم قال: إنما جرّبتكم كيف نصرتكم النصرانية - و قال المقرئ:
للنصرانية قال: فبعث إليّ من الغد سرا فأدخلني بيتا عظيما فيه ثلاثمائة و ثلاثة عشر (2)صورة فإذا هي صور الأنبياء المرسلين قال: انظر أين صاحبكم من هؤلاء، قال: فرأيت صورة النبي صلى اللّه عليه و سلّم كأنه ينظر،- و في حديث أبي بكر كأنه ينطق - قلت: هذا، قال:
صدقت، فقال: صورة من هذا عن يمينه ؟ قلت: رجل من قومه يقال له أبو بكر الصديق، قال: فمن ذا عن يساره ؟ قلت: رجل من قومه يقال له عمر بن الخطاب، قال: أما أنا - و قال أبو بكر أما إنه - يجد في الكتاب أن بصاحبيه هذين يتمم اللّه هذا الدين. فلما قدمت على النبي صلى اللّه عليه و سلّم أخبرته، فقال:«صدق، بأبي بكر و عمر يتمّم اللّه هذا الدين» زاد أبو بكر:«بعدي» و قالا:«و يفتح»[4104].
قرأت على أبي غالب أحمد بن الحسن بن البنّا، عن أبي إسحاق البرمكي، أنبأ أبو عمر بن حيّوية، حدّثنا عمي، أنا ابن يوسف، أنا الجوهري قراءة، أنا أبو عمر إجازة ح، قال: و أنا البرمكي إجازة، أنا ابن حيّوية قراءة، أنا أحمد بن معروف، نا الحسين بن الفهم، نا محمّد بن سعد (3)،أنا وكيع بن الجرّاح، عن سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم دحية الكلبي سرية وحده[4105].
هذا مرسل إلاّ أن إسناده صحيح.
أخبرناه عاليا أنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنا أبو بكر البيهقي، أنا أبو الحسين بن بشران، أنا إسماعيل بن محمّد، نا سعدان بن نصر، نا سفيان بن عيينة، عن
ص: 210
ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: قد بعث النبي صلى اللّه عليه و سلّم ابن مسعود و خبّابا سرية، و بعث دحية سرية وحده[4106].
أخبرنا أبو القاسم هبة اللّه بن محمّد بن عبد الواحد بن الحصين، أنبأ الحسن بن علي، أنبأ أحمد بن جعفر، نا عبد اللّه بن أحمد، حدّثني أبي، نا سفيان، عن مجالد، عن الشعبي، عن أبي سلمة، عن عائشة قالت: رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم واضعا يده على معرفة فرس و هو يكلم رجلا، قلت ح.
و أخبرنا خالي أبو المعالي محمّد بن يحيى القاضي، أنبأ علي (1) بن الحسن بن الحسين الخلعي (2) الشافعي بمصر، أنبأ عبد الرّحمن بن عمر بن محمّد (3) أبو محمّد البزار، أنبأ أبو عمرو عثمان بن محمّد بن أحمد بن محمّد بن هارون السّمرقندي، نا أحمد بن شعبان الرّملي، نا سفيان بن عيينة، عن مجالد، عن الشعبي، عن أبي سلمة، قال: قالت عائشة رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم واضعا يده على معرفة فرس دحية الكلبي و هو يكلمه، قالت: قلت: يا رسول اللّه رأيتك واضعا يديك،- و في حديث خالي يدك - على معرفة فرس دحية الكلبي و أنت تكلمه، قال:«و رأيتيه ؟»- و في حديث خالي «أو رأيتيه»- قالت: نعم، قال:«ذلك جبريل و هو يقرئك السلام» قالت: و عليه السلام و رحمة اللّه و بركاته جزاه اللّه من صاحب و دخيل خيرا، فنعم الصاحب و نعم الدخيل.
قال سفيان: الدخيل: الضيف[4107].
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين، أنبأ أبو طالب بن غيلان، أنبأ أبو بكر الشافعي، حدّثني ابن ياسين، و اسمه عبد اللّه بن محمّد، نا محمّد بن كرامة، نا خالد بن مخلد، نا عبد اللّه بن عمر، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم، عن عائشة، قالت: وثب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم وثبة فنظرت فإذا معه رجل واقف على برذون و عليه عمامة بيضاء قد سدل طرفها بين كتفيه و رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم واضع يده على معرفة برذونه، قالت: يا رسول اللّه لقد راعني و ثبتك من هذا قال:«و رأيتيه»؟ قالت: نعم قال:«و من رأيتيه ؟» قالت: دحية الكلبي، قال:«ذاك جبريل»[4108].
ص: 211
اختلف على عبد اللّه العمري فيه، فيروى عنه هكذا، و روي عنه عن عبد الرّحمن بن القاسم، عن أبيه، و روي عنه عن أخيه عبيد اللّه، عن القاسم.
فأما رواية من رواه عنه عن عبد الرّحمن بن القاسم:
فأخبرنا بها أبو [القاسم] (1) ابن الحصين، أنا أبو طالب محمّد بن محمّد، أنبأ محمّد بن عبد اللّه الشافعي، نا عبيد بن عبد الواحد بن شريك البزار، حدّثنا سعيد بن أبي مريم، أنبأ العمري، عن عبد الرّحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، قالت: لما رجع النبي صلى اللّه عليه و سلّم يوم الخندق بينا هو عندي إذ دق الباب فارتاع لذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم و وثب وثبة منكرة، و خرج، فقمت فخرجت في أثره فإذا رجل على دابة و النبي صلى اللّه عليه و سلّم متكئ على معرفة الدابّة يكلمه فرجعت، فلما دخلت قلت: من ذاك الرجل الذي كنت تكلمه ؟ قال:
«و رأيتيه ؟» قلت: نعم، قال:«بمن شبّهته» قلت: بدحية بن خليفة الكلبي، قال:«ذاك جبريل، أمرني أن أمضي إلى بني قريظة»[4109].
و أما رواية من رواه عنه عن أخيه عبيد اللّه:
فأخبرناه أبو القاسم بن الحصين، أنا أبو طالب بن غيلان، أنا أبو بكر الشافعي، نا محمّد بن محمّد المطرّز، و عبد اللّه بن ياسين، قالا: نا محمّد بن معمر ح، قال:
و ثنا الهيثم بن خلف، نا إبراهيم بن سعيد الجوهري، قالا: أنا روح بن عبادة ح، قال:
و نا الحسين بن عبد اللّه، نا عمرو بن علي، نا عبد الرّحمن بن مهدي، قالا: ثنا عبد اللّه بن عمر، عن أخيه عبيد اللّه عن القاسم بن محمّد، عن عائشة، قالت: أتى جبريل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم على برذون عليه عمامة طرفها بين كتفيه، فسألت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم فقال:«هل رأيتيه، ذاك جبريل»[4110].
أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن الفضل الفقيه، و أبو الفضل محمّد بن إسماعيل الفضيلي، قالا: أنبأ سعيد بن أحمد بن محمّد بن نعيم، أنا أبو الفضل عبيد اللّه بن محمّد الفامي، نا محمّد بن إسحاق السّرّاج، نا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي، نا أبي، نا أبو العنبس سعيد بن كثير، عن أبيه، عن عائشة، قالت: رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم يقاوم رجلا على فرس أبيض أخذ بمعرفته، قالت: ثم أتاني، فقلت: من صاحب الفرس
ص: 212
الأبيض ؟ قال:«رأيتيه ؟» قلت: نعم، قال:«و من»، قلت: دحية الكلبي، قال:«ذاك جبريل، و هو يقرئك السلام» فقلت: على الذي أرسله و عليه و عليك السلام[4111].
أخبرنا أبو عبد اللّه الفراوي، و أبو المظفّر القشيري، قالا: أنا محمّد بن عبد الرّحمن، أنا أبو عمرو بن حمدان ح.
و أخبرتنا أم المجتبى فاطمة بنت ناصر، قالت: قرئ على إبراهيم بن منصور، أنا أبو بكر بن المقرئ، قالا: أنا أبو يعلى الموصلي، أنا محمّد بن إسماعيل بن أبي سمينة (1)،نا معمر، عن أبيه، عن أبي عثمان، قال: قالت أم سلمة: كان النبي صلى اللّه عليه و سلّم، - و قال ابن حمدان: رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم - يحدث رجلا فلما قام قال:«يا أم سلمة من هذا؟» قلت:- و في حديث ابن المقرئ: قالت - دحية الكلبي، فلم أعلم أنه جبريل حتى سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم يحدث أصحابه ما كان بيننا[4112].
قلت لأبي عثمان: من حدثك هذا؟ قال: حدّثني أسامة بن زيد.
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين، أنبأ أبو طالب محمّد بن محمّد، أنبأ محمّد بن عبد اللّه الشافعي، نا محمّد بن بشر بن مطر، نا عبيد اللّه بن معاذ، نا معتمر، قال: قال أبي عن أبي عثمان و اللبب (2) أن جبريل أتى النبي صلى اللّه عليه و سلّم و عنده أم سلمة فجعل يتحدث ثم قام، فقال النبي صلى اللّه عليه و سلّم لأم سلمة:«من هذا؟» أو كما قال، قالت: دحية الكلبي، قالت أم سلمة: و أيم اللّه ما حسبته إلاّ إياه حتى سمعت خطبة النبي صلى اللّه عليه و سلّم يخبر خبرنا، أو كما قال النبي صلى اللّه عليه و سلّم، فقلت لأبي عثمان: ممن سمعت هذا؟ قال: من أسامة بن زيد.
أخبرنا أبو المنذر (3) إبراهيم بن محمّد بن منصور، أنا (4) أحمد بن محمّد بن النّقّور (5)،نا أبو القاسم عبيد اللّه بن أحمد بن علي المقرئ الصّيدلاني، نا المحاملي، نا هارون بن عبد الخالق أبو موسى، نا معاوية بن عبد اللّه الزّبيري، نا سلام أبو المنذر.
ص: 213
عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن أبي رافع، عن أبي هريرة قال: قدم دحية الكلبي المدينة - و كان جميلا-[فخرج ناس] (1) يعني يوم الجمعة من المسجد و النبي صلى اللّه عليه و سلّم يخطب [يسألوني عن السعر، و خرج جوار من جواري المدينة يضرين بدفوفهن] (2)فأنزل اللّه عز و جل: وَ إِذٰا رَأَوْا تِجٰارَةً أَوْ لَهْواً (3) انْفَضُّوا إِلَيْهٰا وَ تَرَكُوكَ قٰائِماً (4).
أخبرنا أبو محمّد هبة اللّه بن أحمد بن طاوس، أنا عبد المحسّن بن محمّد بن علي، أنا أبو الحسن عبد الملك بن عبد اللّه بن محمود بن مسكين، نا أبو العباس أبيض (5) بن محمّد بن أبيض (6)،نا أبو عبد الرّحمن أحمد بن شعيب النّسائي إملاء، أنبأ الحسن بن محمّد، نا عفان، نا حمّاد، عن إسحاق بن سويد، عن يحيى بن يعمر، عن ابن عمر، عن النبي صلى اللّه عليه و سلّم قال: كان جبريل يأتي النبي صلى اللّه عليه و سلّم في صورة دحية الكلبي.
أنبأنا أبو علي الحداد و جماعة، قالوا: أنا أبو بكر بن ريذة (7)،ثنا سليمان بن أحمد، نا أبو زيد أحمد بن عبد الرحيم بن يزيد الحوطي، نا أبو المغيرة، نا عفير بن معدان، عن قتادة، عن أنس أن النبي صلى اللّه عليه و سلّم كان يقول:«يأتيني جبريل عليه السلام على صورة دحية الكلبي، و كان دحية رجلا جميلا» (8)[4113].
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أبو الحسين بن الطّيّوري، أنبأ أبو الحسن العتيقي ح.
و أخبرنا أبو عبد اللّه البلخي، أنا ثابت بن بندار، أنبأ الحسين بن جعفر، قالوا:
أنبأ الوليد بن بكر، أنبأ علي بن أحمد بن زكريا، أنبأ صالح بن أحمد بن صالح العجلي، حدّثني أبي أحمد، عن أبيه (9)،قال: قال رجل لعوانة بن الحكم: أجمل الناس جرير بن
ص: 214
عبد اللّه، قال له عوانة: أجمل الناس من نزل جبريل على صورته - يعني دحية الكلبي-.
كتب إليّ أبو طالب بن يوسف، أنا أبو إسحاق البرمكي ح.
ثم حدّثني أبو المعمّر الأنصاري، أنا أبو الحسين بن الطّيّوري، أنا أبو الحسن بن القزويني، و أبو إسحاق البرمكي، قالا: أنا أبو عمر بن حيّوية، أنا عبد اللّه بن عبد الرّحمن السكري، قالا: أنا أبو محمّد عبد اللّه بن مسلم بن قتيبة، قال (1):في حديث ابن عباس أنه قال: كان دحية إذا قدم لم تبق معصر إلاّ خرجت تنظر إليه.
المعصر الجارية إذا دنت من الحيض، و يقال هي [التي أدركت] (2) قال الشاعر:
قد أعصرت أو قد دنا إعصارها (3)و إنما كن يخرجن ينظرن إليه لجماله، و كان جبريل صلى اللّه عليه و سلّم يتشبّه به، و إذا خرج المعاصير (4) و هن (5) يحجبن (6) و يمنعن من الخروج و كان النساء أحرى الخروج، و قال الفراء في قول اللّه عز و جل: وَ أَنْزَلْنٰا مِنَ الْمُعْصِرٰاتِ مٰاءً ثَجّٰاجاً (7) هي السحاب، و الأصل معاصير الجواري كلها شبهت بها، و قال أبو عمرو: و المعصرات الكثيرات الطير (8)،و يقال هي ذوات الأعاصير.
فأما ما أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن بن أحمد، أنبأ أبو محمّد الجوهري، أنا محمّد بن العباس الخزّاز، نا محمّد بن هارون بن حميد بن المجدّر، نا الوليد بن شجاع أبو همّام السلولي نا الحسين بن عيسى، نا الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن دحية الكلبي إنما أسلم في زمن أبي بكر (9) رضي اللّه عنه، فإنه منكر.
ص: 215
و الحسين بن عيسى الحنفي أخو سليم القارئ صاحب مناكير، و لو لم يكن دحية مسلما في عهد النبي صلى اللّه عليه و سلّم لم يبعثه سرية وحده، و لا كان جبريل عليه السلام يتشبه في صورته، و اللّه أعلم.
أبو الحسن العنسي الدّاراني
حدّث عن أبي الحسن علي بن الحسن بن ميمون بن بكر الرّبعي.
روى عنه عبد العزيز [بن] أحمد.
أخبرنا أبو محمّد هبة اللّه بن أحمد المزكّي، نا عبد العزيز بن أحمد الصوفي، أنبأ أبو الحسن دحيم بن عبد الجبار بن دحيم بن محمّد بن دحيم العنسي الدّاراني قراءة عليه، نا أبو الحسن علي بن بكر، نا عبد الوهاب بن موسى، نا أحمد بن محمّد، نا إبراهيم بن يعقوب، نا عمرو بن عاصم، نا عمران أبو العوام القطان، نا معمر بن راشد، عن الزّهري، عن أنس أن أبا بكر قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«إذا شهدوا أن لا إله إلاّ اللّه و أنّ محمّدا رسول اللّه، و أقاموا الصلاة، و آتوا الزكاة عصموا مني دماءهم و أموالهم»[4114].
عبد الوهاب بن موسى، هو الكلابي نسبة إلى جد أبيه، و أحمد بن محمّد هو أبو الدحداح، و أبو الحسن بن بكر هو علي بن الحسن بن علي بن بكر بن ميمون بن أبي زروان الرّبعي الحافظ ، نسبه إلى جد أبيه، و هو من شيوخ عبد العزيز، و إنما نزل في رواية هذا الحديث لأجل اسم دحيم.
ابن الأخضر بن الحارث السّلمي
حكى عن أبيه.
حكى عنه ابنه محمّد بن دحيم.
ص: 216
قرأت بخط أبي الحسين الرازي، قال: أخبرني أبو عمرو دحيم بن محمّد بن دحيم بن عمرو بن عمّار السّلمي الدمشقي، قال: سمعت أبي يذكر عن أبيه، عن جده عمرو بن عمّار، قال (1):لما أن أخذ أصحاب أبي العميطر المصّيصة - قرية على باب دمشق (2)-دخل عليه بعض أصحابه فقال: يا أمير المؤمنين قد أخذنا المصّيصة فخرّ أبو العميطر ساجدا (3) و هو يقول: الحمد للّه الذي ملكنا الثغر، توهم (4) أنهم قد أخذوا المصّيصة التي عند طرسوس.
ابن صالح بن ميمون بن الأخضر بن الحارث
ابن أبي عمرو بن عنبسة
صاحب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم
أبو عمر السلمي
حدّث عن أبي.
كتب عنه أبو الحسين الرازي.
قرأت بخط نجا بن أحمد و ذكر أنه نقله من خط أبي الحسين الرازي في تسمية من كتب عنهم من شيوخ دمشق: أبو عمر دحيم بن محمّد بن دحيم، و ساق باقي نسبه، و قال: مات في ذي الحجة سنة ثلاثين و ثلاثمائة.
ص: 217
ذكر من اسمه (1) دراج
2076 - درّاج بن سمعان، و يقال اسمه عبد الرّحمن، و درّاج لقب
أبو السّمح المصري مولى عبد اللّه بن عمرو بن العاص (2)
أدرك عبد اللّه بن عمرو، و حدث عن عبد اللّه بن الحارث بن جزء الزّبيدي، و أبي الهيثم سليمان بن عمرو بن عبد العتواري، و عبد الرّحمن بن حجيرة، و السائب مولى أم سلمة.
روى عنه: الليث بن سعد، و عمرو بن الحارث، و عبد اللّه بن لهيعة، و سالم بن غيلان، و سعيد بن يزيد الغسّاني، و خلاّد بن سليمان، و حيوة بن شريح المصريون، و قدم دمشق طالبا للعلم.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، قال: قرئ على علي بن إبراهيم بن عيسى الباقلاني، حدثكم أبو بكر بن مالك، حدّثنا أبو علي بشر بن موسى الأسدي، نا أبو زكريا يحيى بن إسحاق، نا ابن لهيعة عن درّاج أبي السمح، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«الجنة مائة درجة، فلو أن الناس كلهم في درجة واحدة لوسعتهم»[4115].
أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمّد بن أحمد، قالت: أنبأ سعيد بن أحمد بن محمّد، أنا أبو محمّد عبد اللّه بن أحمد الصّيرفي المعروف بالرومي، نا أبو العباس
ص: 218
السّرّاج، نا قتيبة، نا ابن لهيعة، عن درّاج، قال: سمعت عبد اللّه بن الحارث بن جزء يقول: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«كما أن في النار لحيّات مثل أعناق البخت، تلسع أحدهم اللسعة يجد حموها أربعين خريفا، و إنّ في النار لعقارب أمثال البغال الموكفة، تلسع أحدهم اللسعة يجد حموها أربعين خريفا»[4116].
أخبرنا أبو الوفاء عبد الواحد بن حمد، أنبأ أبو طاهر أحمد بن محمود، أنا أبو بكر المقرئ، أنا أبو العباس بن قتيبة، نا حرملة بن يحيى، أنبأ ابن وهب، أخبرني عمرو: أن درّاجا أبا السّمح حدّثه عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم قال:«صدق (1) الرؤيا بالأسحار»[4117].
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأ أبو الحسين بن النّقّور، أنبأ أبو طاهر المخلّص، نا عبد اللّه بن محمّد بن زياد، نا يونس بن عبد الأعلى، أنبأ عبد اللّه بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن درّاج أبي السّمح، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«أصدق الرؤيا بالأسحار»[4118].
أخبرناه عاليا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي بن محمّد، أنبأ أبو الحسن علي بن إبراهيم بن عيسى المقرئ الباقلاني، نا أبو بكر بن مالك إملاء، نا أبو مسلم إبراهيم بن عبد اللّه، حدّثني يحيى بن كثير، نا ابن لهيعة، عن درّاج أبي السّمح، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«أصدق الرؤيا بالأسحار»[4119].
و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأ أبو الحسين بن النّقّور، أنا أبو طاهر المخلّص، نا عبد اللّه بن محمّد بن زياد ح.
و أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر، أنا أبو حامد الأزهري، أنا الحسن بن أحمد المخلدي، أنبأ أبو الحسن محمّد بن إسماعيل بن إسحاق المروزي، قالا: حدّثنا يونس بن عبد الأعلى، أنبأ عبد للّه بن وهب، أخبرني عمرو،- و في حديث وجيه: عن عمرو بن الحارث، عن درّاج أبي السّمح، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري: أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم،- و في حديث وجيه: عن النبي صلى اللّه عليه و سلّم - قال:«الشتاء ربيع المؤمن»[4120].
ص: 219
أخبرنا أبو الوفاء عبد الواحد بن حمد، أنبأ أبو طاهر بن محمود، أنبأ أبو بكر بن المقرئ، أنبأ أبو العباس بن قتيبة، نا حرملة بن يحيى، نا ابن وهب، أنبأ عمرو: أن دراجا حدثه عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري: أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم قال:«أكثروا ذكر اللّه حتى يقولوا (1):مجنون»[4121].
ذكر القاضي أبو القاسم الحسن بن محمّد بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن هاشم الأنباري، أنبأ أبو العباس أحمد بن الحسن بن إسحاق بن عتبة الرازي، نا أبو الزّنباع روح بن الفرج، ثنا ابن بكير، نا خلاّد بن سليمان، قال: سمعت درّاج أبا السّمح يقول:
كنت بالشام أطلب العلم فأوا في الليل إلى رفيقة طبخوا قدرا لهم، فتعشيت معهم فقاموا إلى الصلاة من غير وضوء، فأنكرت ذلك عليهم، و قلت: أكلتم طعاما قد مسّته النار لا تتوضئون منه ؟ فقال رجل منهم: ترى من ترى هاهنا، ليس منهم رجل إلاّ و قد بايع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم، لا يتوضئون مما مسّته النار.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو بكر محمّد بن هبة اللّه، أنا أبو الحسين بن الفضل، أنا عبد اللّه بن جعفر، نا يعقوب بن سفيان (2)،نا ابن بكير (3)،نا عبد اللّه بن لهيعة، نا درّاج أبو السّمح - رجل من أهل مصر، و اسمه عبد الرّحمن - عن أبي الهيثم و اسمه سليمان بن عمرو (4) مديني (5).
و قال يعقوب: قال: سمعت ابن بكير قال: حج (6) درّاج كان قاصا أظنه في زمن هشام مات و كان قديما.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الحسين بن عبد الملك، أنا عبد الرّحمن بن مندة، أنا حمد بن عبد اللّه إجازة ح، قال: و أنا أبو طاهر، أنبأ علي بن محمّد، قالا: أنا
ص: 220
أبو محمّد بن أبي حاتم (1)،نا علي بن الحسن الهسنجاني (2)،قال: سمعت أحمد بن صالح يقول: درّاج مصري و لا يعرف اسم أبيه، قال أبو رجاء: و حدّثنا حسين (3) بن عبد العزيز الجروي (4)،نا أبو حفص - يعني عمرو بن أبي سلمة-، قال: سمعت منذر (5) بن يونس التّنّيسي يقول: سمعت درّاج مولى عمرو بن العاص يقول في قصصه.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأ عمر بن عبيد اللّه بن عمر، أنبأ عبد الواحد بن محمّد بن عثمان، أنا الحسن بن محمّد بن إسحاق، نا إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل، قال: سمعت علي بن المديني يقول: أبو السّمح درّاج، و أبو الهيثم - معروف بالرواية عن أبي سعيد الخدري - و اسمه سليمان بن عمرو بن عبد العتواري و العتواريون فخذ (6) من كنانة من بني كعب.
أنبأنا أبو الغنائم الكوفي، ثم حدّثنا أبو الفضل البغدادي، أنبأ أبو الفضل، و أبو الحسن، و أبو الغنائم - و اللفظ له قالوا: أنا عبد الوهاب بن محمّد زاد أبو الفضل:
و محمّد بن الحسن، قالا:- أنبأ أحمد بن عبدان، أنا محمّد بن سهل، أنبأ محمّد بن إسماعيل، قال (7):درّاج أبو السّمح المصري سمع عبد اللّه بن الحارث بن جزء الزبيدي، و أبا الهيثم و ابن حجيرة، و يقال اسمه عبد الرّحمن.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن العباس، أنا أبو بكر أحمد بن منصور، أنبأ أبو سعيد بن حمدون، أنبأ مكي بن عبدان، قال: سمعت مسلم بن الحجّاج يقول: أبو السّمح درّاج و اسمه عبد الرّحمن، عن أبي الهيثم، روى عنه عمرو بن الحارث، و سالم بن غيلان.
قرأت على أبي الفضل السّلامي، عن أبي الفضل التميمي، أنا أبو نصر الوائلي، نا
ص: 221
الخصيب بن عبد اللّه، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرّحمن، أخبرني أبي، قال: أبو السّمح درّاج مصري ليس بالقوي، و قيل اسمه عبد الرّحمن (1).
أخبرنا أبو الفضل بن ناصر، أنا أبو طاهر أحمد بن علي الدقاق، و أبو الحسين المبارك (2) بن عبد الجبار، قالا: أنا أبو الفرج الطناجيري، نا محمّد بن إبراهيم التميمي، نا عبد الملك بن بدر بن الهيثم، نا أحمد بن هارون بن روح البرديجي الحافظ ، قال في الطبقة الثالثة من الأسماء المنفردة (3):درّاج و عبد (4) الرّحمن روى عنه عمرو بن الحارث و ابن لهيعة مصري.
قرأنا على أبي الفضل، عن أبي طاهر الأنباري، أنا أبو القاسم الصّوّاف، أنا أبو بكر المهندس، أنا أبو بشر الدولابي، قال أبو السّمح درّاج، و يقال أيضا اسمه عبد الرّحمن.
كتاب إليّ أبو جعفر الهمداني، أنا أبو بكر الصفار، أنا أحمد بن علي الأصبهاني، أنا الحاكم أبو أحمد، قال: أبو السّمح درّاج، و اسمه عبد الرّحمن يعد في المصريين، سمع عبد اللّه بن الحارث بن جزء الزبيدي، و سليمان بن عمرو، أبا الهيثم العتواري، روى عنه أبو أمية عمرو بن الحارث بن يعقوب الأنصاري، و سالم بن غيلان الحسني.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا إسماعيل بن مسعدة، أنا حمزة بن يوسف، أنبأ أبو أحمد بن عدي (5)،قال: درّاج، يقال هو ابن سمعان أبو السّمح المصري، سمع عبد اللّه بن الحارث بن جزء (6)،و أبا الهيثم و ابن حجيرة، روى عنه عمرو بن الحارث، هكذا ذكره البخاري.
كتب إليّ أبو الفضل أحمد بن محمّد بن سليم، و أبو محمّد حمزة بن العباس، ثم حدّثني أبو بكر اللفتواني، أنا أبو الفضل بن سليم، قالا: أنا أبو بكر أحمد بن الفضل،
ص: 222
أنا أبو عبد اللّه بن مندة، قالا: أنا أبو سعيد بن يونس، حدّثني إسماعيل بن داود بن وردان، نا هارون بن سعيد، نا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن درّاج، قال:
رأيت عبد اللّه بن عمرو بن العاص كره الزينة.
قال: و أنا ابن يونس حدّثني أبي عن جدي، نا ابن وهب، قال: سمعت خلاّد بن سليمان الحضرمي يقول: سمعت درّاجا أبا السّمح يقول: أدركت زمانا إذا سمعنا بالرجل قد جمع القرآن حججنا إليه، فنظرنا إليه.
أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر، أنبأ أبو صالح أحمد بن عبد الملك، أنا أبو الحسن بن السّقّا، ثنا أبو العباس الأصم، قال: سمعت عباس بن محمّد يقول: سمعت يحيى بن معين يسأل عن حديث درّاج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، قال: ما كان هكذا بهذا الإسناد فليس به بأس، فقلت له: إن دراجا يحدث عن أبي الهيثم عن أبي سعيد، عن النبي صلى اللّه عليه و سلّم قال:«أصدق الرؤيا بالأسحار»، و يروى أيضا «اذكروا اللّه حتى يقولوا مجنون»[4122]، فقال: هما ثقة، درّاج و أبو الهيثم، قال يحيى: و قد روى بعض هذه الأحاديث عن عمرو بن الحارث، فقلت ليحيى: درّاج من هو؟ قال: مصري، و هو أبو السّمح، قلت ليحيى: أبو الهيثم من هو؟ قال: مصري، و اسمه سليمان بن عمرو (1).
أخبرنا أبو القاسم الواسطي، نا أبو بكر الخطيب، أنا أبو بكر الأشناني، قال:
سمعت أبا الحسن بن عبدوس يقول: سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول: قلت ليحيى بن معين: فدرّاج أبو السّمح فقال: ثقة.
قال أبو سعيد: درّاج و مشرح بن هاعان ليسا بكلّ ذاك، و هما صدوقان (2).
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا محمّد بن المظفر بن بكران، أنبأ أبو الحسن العتيقي، أنبأ يوسف بن أحمد بن يوسف، نا محمّد بن عمرو العقيلي (3)،نا عبد اللّه بن أحمد، قال: سمعت أبي يقول: درّاج أبو السّمح أحاديثه أحاديث مناكير.
ص: 223
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأ إسماعيل بن مسعدة، أنا حمزة بن يوسف، أنبأ أبو أحمد بن عدي (1)،نا ابن أبي عصمة، نا أحمد بن أبي يحيى، قال:
سمعت أحمد بن حنبل يقول: أحاديث درّاج عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد فيها ضعف.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الخلال، أنا أبو القاسم، أنا حمد إجازة ح، قال: و أنا أبو طاهر، أنا علي، قالا: أنبأ أبو محمّد بن أبي حاتم، قال (2):سمعت أبي يقول: درّاج في حديثه صنعة.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفرضي، و أبو يعلى حمزة بن علي البزار، قالا: أنا أبو الفرج سهل بن بشر (3)،أنبأ أبو الحسن بن منير، أنبأ الحسن بن رشيق، نا أبو عبد الرّحمن النّسائي، قال: درّاج أبو السّمح ليس بالقوي.
أخبرنا أبو القاسم، أنا أبو القاسم، أنا أبو القاسم، أنا أبو أحمد، قال (4):سمعت ابن حمّاد يقول: درّاج أبو السّمح منكر الحديث. قاله (5) أحمد بن شعيب النّسائي.
قال: و أنا أبو أحمد، قال (6):سمعت محمّد بن حمدان (7) بن سفيان الطائفي يقول: سمعت فضلك الرازي و ذكر له قول يحيى بن معين في درّاج أنه ثقة، فقال فضلك: ما هو بثقة و لا كرامة له.
كذا قال: و هو الطرائفي.
أنبأنا أبو المظفّر بن القشيري و غيره، عن أبي بكر البيهقي، أنبأ أبو عبد اللّه الحافظ ، أنا أبو الحسن الدارقطني، قال: درّاج أبو السّمح ضعيف (8).
أخبرنا أبو عبد اللّه البلخي، أنبأ محمّد بن الحسين بن عبد اللّه، أنبأ أبو بكر
ص: 224
البرقاني قال: قال أبو الحسن الدارقطني: درّاج أبو السّمح هو ابن سمعان مصري متروك.
أخبرنا أبو القاسم، أنا أبو القاسم، أنبأ أبو القاسم، أنا أبو أحمد بن عدي، قال (1):و عامة الأحاديث التي أمليتها مما لا يتابع درّاج عليه، و فيها ما قد روي عن غيره، و من غير هذا الطريق و لدرّاج عن ابن جزء و أبي الهيثم، و ابن حجيرة غير ما ذكرت.
من الحديث، و يروي عن درّاج عمرو بن الحارث و ابن لهيعة، و حيوة بن شريح و غيرهم، و مما ينكر من أحاديثه بعض ما ذكرت، و هو قوله:«أصدق الرؤيا بالأسحار»، و «الشتاء ربيع المؤمن»، و «السّباع حرام» (2)،و «أكثروا من ذكر اللّه حتى يقال مجنون»، و قد روي عنه بهذا الإسناد أيضا:«لا حليم إلاّ ذو عثرة»، عن عمرو، عن درّاج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، يرويه عن ابن وهب الغرباء، و سائر أخبار درّاج غير ما ذكرت من هذه الأحاديث يتابعه الناس عليها و أرجو إذا أخرجت درّاجا و برّأته من (3) هذه الأحاديث التي أنكرت عليه أن سائر أحاديثه لا بأس بها، و يقرب (4) صورته مما قال فيه يحيى بن معين.
أنبأنا أبو محمّد حمزة بن العباس العلوي، و أبو الفضل بن سليم، و حدّثني أبو بكر اللفتواني، أنبأ أبو الفضل، قالا: أنا أبو الفضل، قالا: أنا أبو بكر أحمد بن الفضل، أنبأ أبو عبد اللّه بن مندة، قال: قال أنا أبو سعيد بن يونس: درّاج بن سمعان مولى عبد اللّه بن عمرو بن العاص، يكنى أبا السّمح رأى عبد اللّه بن عمرو بن العاص، و سمع من عبد اللّه بن الحارث بن جزء، روى عنه عمرو بن الحارث و الليث بن سعد، و سالم بن غيلان، و سعيد بن يزيد القتباني، و عبد اللّه بن لهيعة، و خلاّد بن سليمان و غيرهم، و كان يقص بمصر، يقال: توفي سنة ست و عشرين و مائة.
ص: 225
ذكر من اسمه (1) درباس
2077 - درباس بن حبيب بن درباس بن لا حق بن معدّ (2)
ابن ذهل و يقال درواس بن حبيب بن درواس
وفد على هشام بن عبد الملك.
أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل، أنبأ جدي أبو محمّد مقاتل بن مطكود السّوسي، ثنا أبو علي الأهوازي، ثنا ح.
و أخبرنا أبو محمّد هبة اللّه بن أحمد بن محمّد - شفاها نا عبد العزيز بن أحمد - لفظا أنا أبو القاسم علي بن بشرى بن عبد اللّه العطار، أنبأ أبو علي محمّد بن هارون بن شعيب الأنصاري، نا محمّد بن أحمد بن رجاء، حدّثني بدر بن عبد اللّه، ثنا عبد الملك بن قريب الأصمعي، و في حديث هبة اللّه، قال: حدّثني الأصمعي، عن أبي عمرو بن العلاء المقرئ، قال (3):سمعت عاصم بن الحدثان يحدث: أن البادية قحطت زمان هشام بن عبد الملك، فقدمت و فود العرب من القبائل، فجلس هشام لرؤسائهم. فدخلوا عليه و فيهم درباس (4) بن حبيب بن لا حق بن معدّ و له أربع عشرة سنة عليه شملتان، له ذؤابة، فأحجم القوم و هابوا هشاما، فوقعت عين هشام على درباس فاستصغره فقال لحاجبه: ما يشاء أحد يصل إليّ إلاّ قد وصل حتى الصبيان، فعلم درباس
ص: 226
أنه يريده فقال: يا أمير المؤمنين إن دخولي لم يضرك و لا أنقصك و لكنه شرّفني، و إن هؤلاء قدموا لأمر فأحجموا دونه، و إن الكلام لنشر، و إنّ السكوت طيّ لا يعرف إلاّ بنشره، قال: فانشر لا أبا لك، و أعجبه كلامه، فقال: إنه أصابنا سنون (1) ثلاثة، فسنة أكلت اللحم، و سنة أذابت الشحم، و سنة أنقت (2) العظم، و في أيديكم فضول أموال، فإن،- و في حديث ابن السّوسي: إن - كانت للّه عز و جل ففرقوها على عباده و في حديث ابن السّوسي: عباد اللّه،- و إن كانت لهم فعلام تحبسونها عنهم ؟ و إن كانت لكم فتصدقوا بها، فإن اللّه عز و جل يجزي المتصدقين، و لا يضيع أجر المحسنين، يا أمير المؤمنين، أشهد باللّه لقد سمعت أبي حبيب بن درباس بن لا حق بن معدّ يحدث عن أبيه، عن جده لا حق بن معدّ بن ذهل أنه وفد إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم فسمعه يقول:«كلّكم راع و كلّكم مسئول عن رعيّته، و إنّ الوالي من الرعية كالرّوح من الجسد، لا حياة له إلاّ بها» (3) فاحفظ ما استرعاك اللّه عز و جل من رعيتك، فقال هشام: سمعا لمن فهم عن اللّه و ذكّر به، ثم قال هشام: ما ترك الغلام في واحدة عذرا ثم أمر أن يقسم في أهل البوادي ثلاثمائة ألف، و أمر لدرباس بمائة ألف درهم، فقال: يا أمير المؤمنين ارددها إلى جائزة المسلمين فإني أخاف أن تعجز عن بلوغ كفايتهم، قال: فما لك حاجة ؟ قال: تقوى اللّه و العمل بطاعته، قال: ثم ما ذا؟ قال: ما لي حاجة في خاصة نفسي دون عامة المسلمين[4123].
قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف، و أنبأنيه أبو القاسم النسيب، و أبو الوحش المقرئ، عنه أنبأ أبو الفتح إبراهيم بن علي بن سيبخت، نا محمّد بن أحمد بن إبراهيم بن قريش الحكيمي، نا عون بن محمّد، و أبو العيناء البصري، قالا: نا أحمد بن أبي المتوكل، نا سعدان الكاتب الأيلي، حدّثني عمر بن أبي بكر المؤمّلي، عن عبد اللّه بن أبي عبيدة بن محمّد بن عمّار بن ياسر، عن أبيه، عن جده، قال: أصاب الناس مجاعة شديدة على عهد هشام بن عبد الملك، فأذن هشام للناس فدخل في غمارهم درواس بن وردان العجلي و عليه جبة صوف منفصلا عليها بشملة، فلما نظر إليه
ص: 227
هشام أنكر دخوله، ثم نظر إلى حاجبه قال: أ تدخل عليّ من شاء بغير إذن، فعرف درواس أنه إنما عناه، فقال: يا أمير المؤمنين ما أخلّ بك دخولي عليك، و لا وضع من قدرك، و لكنه شرّفني و رفع من قدري، رأيت الناس قد دخلوا لأمر فأحجموا عنه، فإن أذنت لي تكلّمت، قال هشام: تكلم، فإني أظنك صاحبهم، قال: يا أمير المؤمنين توالت علينا سنون ثلاث فأما أولهن فأذابت الشحم، و أما الثانية فأكلت اللحم، و أما الثالثة فهاضت (1) العظم و نقّت المخ، و عندك أموال، فإن تكن للّه فعد بها على عباد اللّه، و إن تك لعباد اللّه فعلى ما تحبسونها، و إن تكن لك فتصدق إن اللّه يجزي المتصدقين، قال هشام: و اللّه ما تركت لنا واحدة من ثلاث، و أمر بمائة ألف دينار فقسمت في الناس و أمر له بمائة ألف درهم، فقال: يا أمير المؤمنين أ لكلّ رجل منا مثلها؟ قال: لا، قال:
لا حاجة لي فيها تبعث عليّ صدقة. فلما صار إلى منزله بعث إليه بالمائة الألف درهم ففرق درواس في تسعة أبطن من العرب حوله عشرة آلاف، و أخذ لنفسه عشرة آلاف، فقال هشام: إن الصنيعة عند درواس لتضعف على سائر الصنائع.
رواه أبو بكر محمّد بن جعفر الخرائطي، عن أبي الفضل الرّبعي، عن إسحاق بن إبراهيم، قال: يروي عن عاصم بن الحدثان، قال: قحطت البادية فذكر معناه و سماه درواشا.
ذكر من اسمه (2) درباح
2078 - درباح (3) بن أحمد بن محمّد بن المرجّى
أبو الحسن السّلمي الشاهد
سمع أبا الحسن بن أبي الحديد، و عبد الدائم بن الحسن بن عبيد اللّه، و علي بن الخضر بن سليمان، و القاضي أبا المظفر عبد الجليل بن عبد الجبار المروزي الفقيه، و قرأ عليه شيئا من الفقه، و أبا القاسم عبد الرزاق بن عبد اللّه بن الفضيل.
ص: 228
سمع منه أبو الفتيان عمر الدّهستاني، و طاهر الحسني، عن رغيب بن علي، و عبد الرّحمن بن صابر.
أنبأنا أبو محمّد عبد اللّه بن أحمد بن عمر بن السّمرقندي، أنبأ درباح بن أحمد بن محمّد بن مرجّى السّلمي، أبو الحسن الدمشقي بها، أنبأ أحمد بن محمّد بن سليمان الدمشقي، أنا محمّد بن أحمد بن الحكم الدمشقي، نا أحمد بن محمّد بن إسماعيل التميمي، نا عبد الوهاب بن عبد الرحيم، نا محمّد بن شعيب، عن أبي مهدي، عن أبي الزاهرية، عن أبي شجرة أن النبي صلى اللّه عليه و سلّم قال:«الإسلام ثلاثمائة و ستون شريعة من أتى اللّه عزّ و جل بخصلة منها دخل الجنة»[4124].
و مما حدث أبو الحسن درباح بن أحمد: أنبأ أبو الحسن بن أبي الحديد، أنبأ جدي محمّد بن أحمد بن عثمان السّلمي، أنبأ أحمد بن محمّد بن إسماعيل التميمي، نا عبد الوهاب بن عبد الرحيم الأشجعي، نا الوليد بن مسلم، نا الأوزاعي، عن إسحاق بن عبد اللّه بن أبي طلحة الأنصاري، حدّثني أنس بن مالك قال: ما صلّيت خلف إمام قط أخف و لا أتم من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم.
[حدّثنا] (1) بالحديثين معا أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور، و علي بن المسلّم الفقيهان، قالا: أنا أبو الحسن بن أبي الحديد فذكراهما.
سألت فرقد بن درباح عن وفاة أبيه في سنة أربع و ثلاثين و خمسمائة، فقال: توفي منذ أربع و ثلاثين سنة، فقلت له: في سنة خمسمائة ؟ فقال: نعم، ثم وجدت فيما ذكر أبو محمّد بن الأكفاني: أن درباح بن محمّد المرجّى الوراق توفي في يوم الأحد النصف من ذي الحجة سنة ست و تسعين و أربع مائة بدمشق. و هكذا ذكر أبو محمّد بن صابر في وفاته.
ص: 229
ذكر من اسمه (1) درع
2079 - درع بن عبد اللّه
أبو الحسن (2) الزهري
حدّث عن: أبي القاسم علي بن عبد اللّه المقرئ الإمام.
روى عنه: علي بن محمّد الحنّائي.
قرأت بخط أبي الحسن الحنّائي، أنا أبو الخير درع بن عبد اللّه الزهري، أنا أبو القاسم علي بن عبد اللّه المقرئ الإمام، نا خيثمة بن سليمان. أخبرنا العباس بن الوليد، أنا محمّد بن شعيب ح.
و أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة، نا عبد العزيز بن أحمد، أنبأ أبو محمّد بن أبي نصر، أنا خيثمة بن سليمان، نا عباس، أنبأ ابن شعيب، أنا شيبان بن عبد الرّحمن التميمي، نا الحسين بن دينار، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عروة بن الزبير أن رجلا قال: سألت عائشة عن الرجل يقبّل امرأته أ يعيد الوضوء؟ فقالت: قد كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم يقبّل بعض نسائه ثم لا يعيد الوضوء، قال: فقلت لها لأن كان ذلك ما كان إلاّ منك ؟ قال: فسكتت.
أبو القاسم هذا أظنه علي بن بشرى بن عبد اللّه العطار، نسبه الجياني إلى جده عبد اللّه تدليسا له لنزول الحديث، و اللّه أعلم.
ص: 230
ذكر من اسمه (1) درهم
2080 - درهم
مولى عمر بن عبد العزيز.
روى عن عمر بن عبد العزيز، روى عنه عبد اللّه بن ميمون.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الخلال، أنا أبو القاسم بن مندة، أنبأ حمد بن عبد اللّه إجازة، قال: و أنا أبو طاهر بن سلمة، أنبأ علي بن محمّد، قالا: أنا أبو محمّد بن أبي حاتم، قال (2):درهم مولى عمر بن عبد العزيز، روى عنه (3)عبد السلام بن هاشم، عن أبي الحكم بن عبد اللّه بن ميمون، عن أبيه عنه، سمعت أبي يقول ذلك، كذا قال: و إنما هو أدهم الذي تقدم في حرف الألف، و اللّه أعلم.
2081 - دريد بن الصّمّة بن بكر بن علقة (4) بن خزاعة بن غزيّة
ابن جشم بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور
و يقال: دريد بن الصّمّة بن الحارث بن بكر بن جلهمة
ابن خزاعي بن عريف بن جشم (5) بن معاوية بن بكر
أبو قرّة الجشمي (6)
و اسم الصّمّة معاوية، وفد على الحارث بن أبي شمر المعروف بابن جفنة الغسّاني.
ص: 231
قرأت على أبي غالب بن البنّا، عن أبي الفتح المحاملي، أنا أبو الحسن الدارقطني، قال: و أما دريد: فدريد بن الصّمّة، و هو الذي خطب الخنساء ابنة عمرو بن الشريد فلم تجبه فقال فيها (1):
كفاك (2) الله يا ابنة آل عمرو *** من الفتيان أمثالي و نفسي
أ تزعم (3) أنني شيخ كبير *** و هل أنبأتها (4) أنّي ابن أمس ؟
في أبيات، و كان مع مالك بن عوف النّصري قائد المشركين يوم حنين فسيره في أمر الحارث، و قتل يومئذ كافرا، و هو يعدّ في الشعراء و الفرسان.
حدّثنا حبيب بن الحسن، نا المروزي - يعني محمّد بن يحيى-، نا ابن أيوب، عن إبراهيم بن سعد، عن أبي إسحاق، قال: الذي قتل دريد بن الصّمّة ربيعة بن رفيع بن لهبان (5) بن ثعلبة بن ربيعة بن يربوع بن سماك (6) بن عوف بن امرئ القيس يوم هوازن.
قال الدارقطني: و أما عريف فهو عريف بن جشم من ولده دريد بن الصّمّة بن الحارث بن بكر بن جلهمة بن خزاعي بن عريف بن جشم، كانت له أيام و غارات و كان من فرسان قيس المعدودين، ذكر ذلك أبو عبيدة فيما أخبرنا أبو طاهر القاضي، عن أبي عمران الجوني، عن أبي عثمان المازني عنه.
قرأت على أبي محمّد عبد الكريم بن حمزة، عن أبي نصر علي (7) ابن هبة اللّه، قال (8):أما دريد مثل الذي قبله (9) إلاّ أن عوض الواو راء فهو دريد بن الصّمّة بن الحارث بن معاوية بن خزاعة بن غزيّة بن جشم بن معاوية بن بكر بن هوازن فارس
ص: 232
شاعر، أحضره مالك بن عوف النّصري يوم حنين معه، فقتل كافرا.
قرأت في كتاب أبي الفرج علي بن الحسين بن محمّد الكاتب (1)،أخبرني محمّد بن الحسن بن دريد، حدّثني عمي، عن العباس بن هشام، عن أبيه، قال: حدّثني بعض بني الحارث بن كعب. قال أبو الفرج، و أخبرني عمي - يعني الحسين بن محمّد - حدّثني عبد اللّه بن أبي سعد، حدّثني علي (2) بن الصباح، عن ابن الكلبي، عن أبيه، قال: قدم يزيد بن عبد المدان، و عمرو بن معدي كرب و مكشوح المرادي على ابن (3)جفنة (4) زوارا (5) فلقوا عنده وجوه قيس: ملاعب الأسنّة عامر بن مالك، و يزيد بن عمرو بن الصّعق، و دريد بن الصّمّة.
أخبرنا أبو نصر أحمد بن عبد اللّه بن رضوان، أنا أبو محمّد الجوهري، أنا أبو عمر بن حيّوية، أنا محمّد بن خلف بن المرزبان، نا الحارث بن أبي أسامة، قال: قال المدائني: قال دريد بن الصّمّة: كفى بالمروءة صاحب، و من كانت له مروءة فليظهرها، و قومه أعلم به.
أنبأنا أبو علي محمّد بن عبد العزيز بن المهدي، عن أبي الحسين محمّد بن عبد الواحد بن علي بن رزمة البزار، أنا أبو سعيد الحسن بن عبد اللّه بن المرزبان السيرافي القاضي النحوي قراءة عليه، نا أبو بكر محمّد بن أبي الأزهر، نا الزّبير بن بكّار، حدّثني المهاص الخزاعي، قال: لما فارق دريد بن الصّمّة زوجته أم معبد قال (6):
أرت (7) جديد الوصل من أم معبد *** بعافية و اختلفت كل موعد
و بانت (8) و لم أحمد إليك جوارها *** و لم ترج منها ردة اليوم أو غد
ص: 233
قالت: بئس ما أثنيت عليّ أبا قرّة، فو اللّه لقد أطعمتك مأدومي، و حديثك مكتومي و جئتك باهلا (1) بغير صرار.
كتب إليّ أبو الحسن علي بن محمّد بن العلاّف ح.
و أخبرني أبو المعمر (2) الأنصاري عنه ح.
و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو علي بن أبي جعفر، و أبو الحسن بن العلاّف، قالا: أنا أبو القاسم بن بشران، أنا أحمد بن إبراهيم الكندي، نا محمّد بن جعفر الخرائطي، نا نصر بن داود، نا أبو عبيد القاسم بن سلاّم، أنا هشام بن محمّد الكلبي: أن دريد بن الصّمّة خطب الخنساء بنت عمرو إلى أخويها صخر و معاوية فوافقها و هي تهنأ (3) إبلا لها فاستأمرها أخواها فيه فقالت: أ ترونني تاركة بني عمي كأنهم عوالي الرماح، و مرتثة شيخ بني جشم قال: فانصرف دريد و هو يقول (4):
ما [إن] رأيت و لا سمعت به *** كاليوم هاني أينق صهب (5)
متبذّلا (6) تبدو محاسنه *** يضع الهناء مواضع النّقب (7)
قال أبو عبيد: يقال ارتثّ الرجل فهو مرتثّ إذا حمل من المعركة و به رمق من الجراحات، قال: كان قد مات فحمل ميتا فليس بمرتثّ (8) فشبّهت الخنساء دريد بن الصمة لهرمه و كبر سنه بالمجروح الذي لم يبق منه إلاّ الرمق.
قرأت على أبي محمّد السّلمي، عن أبي بكر الخطيب، أنا أحمد بن عمر بن روح، أنا المعافا بن زكريا، نا الحسين بن القاسم الكوكبي، نا أبو عكرمة، نا الرياشي، قال:
ص: 234
هجا دريد بن الصّمّة عبد اللّه بن جدعان بأقبح الهجاء و أفحشه (1)،فوقف عبد اللّه بن جدعان بالموسم بعكاظ فأتاه دريد بن الصمة فحياه و قال (2):هل تعرفني يا دريد؟ قال:
لا، قال: فلم هجوتني ؟ قال: و من أنت ؟ قال: عبد اللّه، قال: هجوتك لأنك كنت امرأ حسيبا فأحببت أن أضع شعري موضعه، قال عبد اللّه: أين كنت هجوت لقد مدحت فحمله على ناقة برحلها و كساه حلّة، فقال دريد بن الصمة:
إليك ابن جدعان أعملتها *** معرّضة السّرى و النّصب
فلا خفض حتى تلاقي امرأ *** جواد الضحى (3) و حليم الغضب
و جلدا إذا الحرب مرّت به *** كأن (4) عليها بجزل الحطب
و جئت البلاد فما إن رأى *** شبيه ابن جدعان وسط العرب
أنبأنا أبو القاسم النسيب و غيره، عن أبي بكر الخطيب، أنا أبو منصور محمّد بن علي بن إسحاق الكاتب، أنا أبو بكر أحمد بن بشر بن سعيد الخرقي، أنا أبو روق أحمد بن محمّد بن بكر الهزّاني، نا أبو حاتم سهل بن محمّد بن عثمان السّجستاني، قال: و عاش دريد بن الصّمّة الجشمي من جشم بن معاوية بن بكر نحوا من مائتي سنة حتى سقط حاجباه على عينيه، و أدرك الإسلام و لم يسلم؛ و قتل يوم حنين، و إنما خرجت به هوازن تتيمن به و قال دريد:
فإن يك رأسي كالثّغامة نسله *** يطوف به الولدان أحدب كالقرد
نسله: ما ينسل من شعره أي يسقط :
رهينة قعر البيت كل عشية *** كأني أزق أو أصوت في المهد
فمن بعد فضل من شباب دفوه *** و شعر أثيث حالك اللون مسود
و إنه لما كبر أراد أهله أن يحبسوه، فقالوا: إنّا حابسوك و مانعوك من كلام الناس، و قد خشينا أن تخلّط فيروي ذلك الناس علينا، و يرون منك علينا عارا، فقال: أو قد
ص: 235
خشيتم ذلك مني ؟ قالوا: نعم، قال: فانحروا جزورا و اصنعوا طعاما و اجمعوا لي قومي حتى أحدث إليهم عهدا، فنحروا جزورا و عملوا طعاما، و لبس ثيابا حسانا و جلس لقومه؛ حتى إذا فرغوا من طعامهم قال: اسمعوا مني فإني أرى أمري بعد اليوم صائرا لغيري، قد زعم أهلي أنهم قد خافوا عليّ الوهم، و أنا اليوم خبير بصير، إن النصيحة لا تهجم على فضيحة. أما أول ما أنهاكم عنه فأنهاكم عن محاربة الملوك، فإنهم كالسبيل (1) بالليل لا تدري كيف تأتيه، و لا من أين يأتيك. و إذا دنا منك الملك واديا فاقطعوا بينكم و بينه واديين؛ و إن أجزيتم (2) فلا ترعوا حمى الملوك و إن أذنوا لكم، فإن من يرعاه غانما لم يرجع سالما، و لا تحقرنّ شرا فإن قليله كثير، و استكثروا من الخير، فإن زهيده كثير، اجعلوا السلام محياة بينكم و بين الناس. و من خرق ستركم فارقعوه، و من حاربكم فلا تغفلوه، و روا منه ما يرى منكم و اجعلوا عليه حدّكم كله، و من ترككم فاتركوه، و من أسدى إليكم خيرا فأضعفوه له. و إلاّ فلا تعجزوا أن تكونوا مثله. و على كل إنسان منكم بالأقرب إليه، يكفي كل إنسان ما يليه، إذا التقيتم على حسب فلا تواكلوا فيه، و ما أظهرتم من خير فاجعلوه كبيرا و لا يرى رفدكم صغيرا، و لا تنافسوا السؤدد، و ليكن لكم سيد، فإنه لا بد لكلّ قوم من شريف، و من كانت له مروءة فليظهرها، ثم قومها أعلم، و حسبه بالمروءة صاحبا، و وسعوا الخير (3) و إن قلّ و ادفنوا الشرّ يمت، و لا تنكحوا دنيئا من غيركم، فإنه عار عليكم، و لا يحتشمن شريف أن يرفع وضيعه بأياماه (4)،و إياكم و الفاحشة في النساء، فإنها عار أبد و عقوبة غد، و عليكم بصلة الرحم فإنها تعظم الفضل، و تزين النسل؛ و أسلموا ذا الجريرة بجريرته (5)،و من أبى الحقّ فأعلقوه إياه، و إذا عنيتم بأمر فتعاونوا عليه تبلغوا، و لا تحضروا ناديكم السفيه، و لا تلجّوا الباطل فيلجّ بكم.
أخبرنا أبو محمّد هبة اللّه بن أحمد المزكّي قراءة عليه، نا عبد العزيز بن أحمد - لفظا - أنا أبو محمّد بن أبي نصر، و أبو نصر بن الجندي، قالا: أنا أبو القاسم بن أبي
ص: 236
العقب، أنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم، نا محمّد بن عائذ (1)،أنا الوليد بن مسلم، عن عبد اللّه بن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، قال: ثم خرج - يعني رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم - عامها لحنين و رئيس المشركين مالك بن عوف النّصري (2) معه دريد بن الصّمّة ينعش من الكبر و أصيب من المشركين دريد بن الصّمّة في بشر كثير و ضربه رجل بسيفه فلم يغن شيئا، فقال دريد: بئس ما سلّحتك أمك، خذ سيفي فإذا أتيت أمك فقل:
قتلت دريد بن الصّمّة و قتله رجل من بني سليم ثم أحد بني سماك (3)،و يزعمون أن دريدا أشار على قومه حين لقوا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم فلم يلتفت إليه فقال قائلهم: قد كبر سنك فليس لك رأي، فقال دريد مجيبا له:«ليتني فيها جذع» (4)،هذا يوم لم يسبقني، و لم أدركه، فقتله اللّه على ضلالته.
أخبرنا أبو عبد اللّه الفراوي، أنا أبو بكر البيهقي (5)،أنا أبو عبد اللّه الحافظ ، نا أبو العباس محمّد بن يعقوب ح.
و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو الحسين بن النّقّور، أنا أبو طاهر المخلّص، أنبأ رضوان بن أحمد بن جالينوس، قالا: نا أحمد بن عبد الجبار، نا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، قال (6):فلما انهزم المشركون أتوا الطائف و معهم مالك بن عوف و عسكر بعضهم بأوطاس (7) و توجه بعضهم نحو نخلة،- و قال الفراوي: نخيلة - و لم يكن فيمن توجه نخلة (8)-و قال الفراوي: نخيلة - من ثقيف إلاّ بنو غيرة فتبعت خيل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم من سلك في نخلة - و قال الفراوي: نخيلة - من الناس و لم تتبع من سلك الثنايا، فأدرك ربيعة بن رفيع بن وهبان بن ثعلبة بن ربيعة بن يربوع بن عوف (9) بن امرئ القيس، و كان يقال له ابن لدغة (10)،و لدغة أمه فغلبت على
ص: 237
اسمه، فأدرك دريد بن الصّمّة فأخذ بخطام جمله و هو يظن أنه امرأة و ذلك أنه كان في شجار (1) له، فإذا هو برجل، فأناخ به، فإذا هو بشيخ كبير، و إذا هو دريد و لا يعرفه الغلام فقال له دريد: ما ذا تريد؟ قال: قتلك، قال: و من أنت ؟ قال: أنا ربيعة بن رفيع السّلمي ثم ضربه بسيفه فلم يغن شيئا، فقال دريد: بئس ما سلّحتك أمك، خذ سيفي هذا من مؤخر الشجار ثم اضرب به، و ارفع عن الطعام - و قال الفراوي: عن العظام - و اخفض عن الدّماغ، فإني كذلك كنت أقتل الرجال فإذا أتيت أمك فأخبرها أنك قتلت دريد بن الصّمّة، ربّ يوم و اللّه قد تبعث فيه نساءك، قال: فقتله، فزعمت بنو سليم أن ربيعة قال: لما ضربته و وقع تكشّف فإذا عجانه (2) و بطون فخذيه أبيض كالقرطاس من ركوب الخيل، أعراء (3)،فلما رجع ربيعة (4) إلى أمه أخبرها بقتله إياه فقالت: لقد أعتق أمهات لك - زاد ابن السّمرقندي: ثلاثا-.
قال: و نا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، و رجع إلى إسناده الأول، قال (5):
و أقبل مالك بن عوف فيمن معه ممن جمع من قبائل قيس و ثقيف و معه دريد بن الصّمّة شيخ كبير في شجار له فعاد به حتى نزل الناس بأوطاس، فقال دريد حين نزلوا بأوطاس فسمع رغاء البعير، و نهيق الحمير - و قال الفراوي: الحمار - و يعار (6) الشاء، و بكاء الصغير، بأي وادي أنتم ؟ فقالوا: بأوطاس، فقال: نعم مجال الخيل، لا حزن (7)ضرس، و لا سهل دهش (8)،ما لي أسمع رغاء البعير و بكاء الصغير و نهيق الحمير - و قال الفراوي: الحمار - و يعار الشاء فقالوا: ساق مالك مع الناس أموالهم و ذراريهم و نساءهم و نساءهم (9)،قال: فأين مالك ؟ فدعي مالك فقال: يا مالك إنك قد أصبحت
ص: 238
رئيس قومك، و إن هذا يوم كائن له ما بعده من الأيام. فما دعاك إلى أن تسوق مع الناس أبناءهم و نساءهم و أموالهم، قال: أردت أن أجعل خلف كل رجل أهله و ماله ليقاتل عنهم، فانقضّ (1) به دريد و قال: راعي ضأن و اللّه، و هل يردّ وجه المنهزم شيء، إنها إن كانت لك لم تنفعك إلاّ رجل بسيفه و رمحه، و إن كانت عليك فضحت في أهلك و مالك - زاد ابن السّمرقندي: إنك لم تصنع بتقديمك البيضة بيضة هوازن إلى نحور الخيل شيئا ثم اتفقا فقالا:- فارفع الأموال و النساء و الذراري إلى علياء قومهم و ممتنع (2) بلادهم - زاد ابن السّمرقندي: ثم الق الصّباء على متون الخيل، فإن كانت لك لحق من وراءك، و إن كانت عليك كنت قد أحرزت أهلك و مالك. ما فعلت كعب و كلاب - و في رواية الفراوي: ثم قال دريد: و ما فعلت كعب و كلاب ؟- فقالوا: لم يحضرها منهم أحد فقال: غاب الحد (3) و الجدّ، لو كان يوم غلاء و رفعة لم تغب عنه كعب و كلاب، و لوددت لو فعلتم ما فعلت كلاب و كعب فمن حضرها؟- زاد ابن السّمرقندي: من سواهم من قومهم، ثم اتفقا فقالا:- فقالوا عمر بن عامر و عوف بن عامر، فقال: ذلك الجذعان، لا يضران و لا ينفعان، فكره مالك أن يكون لدريد فيها رأي - زاد ابن السّمرقندي: أو قول و قالا:- فقال: إنك قد كبرت و كبر علمك، و اللّه لتطيعني (4) يا معشر هوازن أو لأتكئن على هذا السيف حتى يخرج من ظهري. فقالوا: أطعناك - زاد رضوان: فقال دريد: هذا يوم لم أشهده و لم يفتني حرب عوان (5):
[يا] ليتني فيها جذع *** أخب فيها و أضع (6)
أقود و طفاء الزمع *** كأنها شاة صدع (7)
ثم اتفقا فقالا: ثم قال مالك للناس: إذا رأيتموهم فاكسروا جفون سيوفكم، ثم شدوا شدة رجل واحد.
ص: 239
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، أنا الحسن بن علي، أنا أبو عمر بن حيّوية، أنا عبد الوهاب بن أبي حيّة، أنا محمّد بن شجاع البلخي (1)،أنا محمّد بن عمر الواقدي (2)،نا محمّد بن عبد اللّه، و عبد اللّه بن جعفر، و ابن أبي سبرة، و محمّد بن صالح، و أبو معشر، و ابن أبي حبيبة، و محمّد بن يحيى بن سهل، و عبد الصمد بن محمّد السعدي، و معاذ بن محمّد، و بكير بن مسمار، و يحيى بن عبد اللّه بن أبي قتادة، فكلّ قد حدّثنا بطائفة من هذا (3) الحديث، و بعضهم أوعى له من بعض. و قد جمعت كل ما حدثوني. فذكر قصة اجتماع هوازن لحرب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم بحنين قالوا: و حضرها (4)دريد بن الصّمّة في (5) بني جشم و هو يومئذ ابن ستين و مائة سنة. شيخ كبير ليس فيه شيء إلاّ التيمن به و معرفته بالحرب، و كان شيخا مجربا. و قد ذهب بصره يومئذ.
و جماع الناس. ثقيف و غيرها من هوازن إلى مالك بن عوف النّصري، فلما أجمع مالك المسير بالناس إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم أمر الناس فجاءوا معهم بأموالهم و نسائهم و أبنائهم حتى نزلوا بأوطاس. و اجتمع الناس به فعسكروا و أقاموا به، و جعلت الأمداد تأتيهم من كل ناحية، و دريد بن الصّمّة يومئذ في شجار يقاد به على بعير، فمكث على بعيره، فلما نزل الشيخ لمس الأرض بيده فقال: بأي واد أنتم، قالوا: بأوطاس، قال: نعم مجال الخيل، لا حزن ضرس، و لا سهل دهس، ما لي أسمع رغاء البعير و نهاق الحمير، و ثغاء (6) الشاء، و خوار البقرة، و بكاء الصغير؟ قالوا: ساق مالك مع الناس أبناءهم و أموالهم و نساءهم، قال: يا معشر هوازن أ معكم من بني كلاب بن ربيعة أحد؟ قالوا:
لا، قال: فمعكم من بني كعب بن ربيعة أحد؟ قالوا: لا، قال: فمعكم من بني هلال بن عامر أحد؟ قالوا: لا، قال دريد: لو كان خيرا ما سبقتوهم إليه، و لو كان ذكرا و شرفا ما تخلفوا عنه، فأطيعوني يا معشر هوازن و ارجعوا و افعلوا ما فعل هؤلاء، فأبوا عليه، قال: فمن شهدها منكم ؟ قالوا: عمرو بن عامر، و عوف بن عامر، قال: ذانك الجذعان
ص: 240
من عامر لا يضران و لا ينفعان، ثم قال: أين مالك ؟ قالوا: هذا مالك، فدعا له فقال: يا مالك إنك تقاتل رجلا كريما، و قد أصبحت رئيس قومك، و إن هذا اليوم كائن له ما بعده من الأيام، يا مالك ما لي أسمع رغاء البعير و نهاق الحمير و خوار البقرة و بكاء الصغير و ثغاء (1) الشاة ؟ قال مالك: سقت مع الناس أموالهم و أبناءهم و نساءهم، قال دريد:
و لم ؟ قال مالك:[أردت] (2) أن أجعل خلف كل رجل أهله و ماله و ولده و نساءه حتى يقاتلوا عنهم، قال: فأنفض بيده، ثم قال: راعي ضأن، ما له و للحرب ؟ و هل يرد المنهزم شيء؟ إنها إن كانت لك لم ينفعك إلاّ رجل بسيفه و رمحه، و إن كانت عليك فضحت في أهلك و مالك، ثم قال: ما فعلت كعب و كلاب ؟ قالوا: لم يشهدها منهم أحد، قال: غاب الجد و الحد، و لو كان يوم رفعة و علاء لم تغب عنه كعب و لا كلاب، يا مالك إنك لم تصنع بتقديم بيضة هوازن إلى نحور الخيل شيئا، فإذا صنعت ما صنعت فلا تعصني في هذه الخطة ارفعهم إلى ممتنع بلادهم و علياء قومهم و عزهم ثم الق القوم على متون الخيل، فإن كان لك لحق بك من ورائك و كان أهلك لا فوت عليهم، و إن كانت عليك ألفاك ذلك و قد أحرزت أهلك و مالك، فغضب مالك من قوله و قال: و اللّه لا أفعل، و لا أغير أمرا صنعته، إنك قد كبرت و كبر علمك، و حدث بعدك من هو أبصر بالحرب منك، قال دريد: يا معشر هوازن، و اللّه ما هذا لكم برأي، هذا فاضحكم في عورتكم و ممكّن منكم عدوكم، و لا حق بحصن ثقيف و تارككم فانصرفوا و اتركوه قال:
فسلّ مالك سيفه ثم نكسه، ثم قال: يا معشر هوازن و اللّه لتطيعنني (3) أو لأتكئنّ على السيف حتى يخرج من ظهري. و كره مالك أن يكون لدريد فيها ذكر أو رأي فمشى بعضهم إلى بعض فقالوا: و اللّه إن عصينا مالكا، و هو شاب. ليقتلنّ نفسه و نبقى مع دريد، شيخ كبير لا قتال فيه، ابن ستين و مائة سنة، فأجمعوا رأيهم مع مالك، فلما رأى ذلك دريد أنهم قد خالفوه قال: هذا يوم لم أشهده و لم أغب عنه.
يا ليتني فيها جذع *** أخب فيها و أضع
و كان دريد قد ذكر بالفروسية و الشجاعة. و لم يكن له عشرون سنة، و كان سيد بني
ص: 241
جشم و أوسطهم نسبا. و لكن السن أدركته حتى فني فناء و هو دريد بن الصّمّة بن بكر بن علقمة، و ذكر الحديث في انهزام هوازن.
و قال (1):فبعث رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم خيلا تتبع من سلك نخلة (2) و لم تتبع من سلك الثنايا، و يدرك ربيعة بن رفيع بن وهبان (3) بن ثعلبة بن ربيعة بن يربوع بن سمّال (4) بن عوف بن امرئ القيس من بني سليم دريد بن الصّمّة فأخذ بخطام جمله و هو يظن أنه امرأة و ذلك أنه كان في شجار له فإذا هو رجل فأناخ به و هو شيخ كبير ابن ستين و مائة سنة فإذا هو دريد و لا يعرفه الغلام فقال [له دريد: ما تريد؟ قال: أقتلك، قال: و ما تريد إلى المرعش الكبير الفاني الأدرد (5) قال] (6) الفتى: ما أريد إلى غيره ممن هو على مثل دينه، قال له دريد: من أنت ؟ قال: أنا ربيعة بن رفيع السلمي، قال: فضربه بسيفه فلم يغن شيئا، قال دريد: بئس ما سلّحتك أمك! خذ سيفي من وراء الرحل في الشّجار فاضرب به، و ارفع عن العظام (7) و اخفض عن الدماغ، فإني كنت كذلك أقتل الرجال، ثم إذا أتيت أمك فأخبرها أنك قتلت دريد بن الصّمّة، فرب يوم قد منعت فيه نساءك، زعمت بنو سليم أن ربيعة لما ضربه تكشف للموت عجانه، و بطون فخذيه مثل القراطيس من ركوب الخيل، فلما رجع ربيعة إلى أمه أخبرها بقتله إياه، فقالت: و اللّه لقد أعتق أمهات لك ثلاثا في غداة واحدة، و جزّ ناصية أبيك، قال الفتى لم أشعر.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأ أبو الحسين بن النّقّور، أنبأ أبو طاهر المخلّص، أنا رضوان بن أحمد، أنبأ أحمد بن عبد الجبار، ثنا يونس بن بكير، عن محمّد بن إسحاق، قال: فقالت عمرة ابنة دريد في قتل ربيعة دريدا (8):
ص: 242
جزى عنا الإله بني سليم *** و أعقبهم (1) بما فعلوا عقاق (2)
و أسقانا إذا قدنا (3) إليهم *** دماء خيارهم عند التلاقي
فربّ عظيمة دافعت عنهم *** و قد بلغت نفوسهم التراقي
و ربّ كريمة أعتقت منهم *** و أخرى قد فككت من الوثاق
و ربّ منوّه بك من سليم *** أجبت و قد دعاك بلا رماق (4)
فكان جزاؤنا منهم عقوقا *** و هما ماع فيه مخّ ساقي
عفت آثار خيلك بعد أين *** بذي بقر (5) إلى فيف النهاق (6)
لعمرك ما خشيت على دريد *** ببطن شعيرة (7) جيش العناق
و قالت عمرة ابنة دريد أيضا (8):
قالوا: قتلنا دريدا، قلت: قد صدقوا *** و ظل دمعي على (9) السّربال ينحدر
لو لا الذي قهر الأقوام كلّهم *** رأت سليم و كعب كيف تأتمر
إذا لصبّحهم (10) غبّا و ظاهرة *** حيث استقرت نواهم جحفل ذفر (11)
الملقب بشهاب الدولة (12)
ولي إمرة دمشق في أيام الملقب بالمستنصر، فقدمها في العشر الأخير من ذي
ص: 243
القعدة سنة ست و خمسين و أربعمائة بعد عزل حيدرة بن منزو، و انصرف عنها في بقية هذه السنة و ولي الرملة فتوجه إليها، و قتل بها في شهر ربيع الآخر سنة ستين و أربعمائة، و خلت دمشق بعده من الولاة مدة إلى أن أعيد إليها المعروف بأمير الجيوش واليا لها ولايته الثانية سنة ثمان و خمسين في شعبان.
قرأت ذلك بخط شيخنا أبي محمّد هبة اللّه بن أحمد الأكفاني سوى ذكر حيدرة بن منزوا.
ص: 244
ذكر من اسمه (1) دعبل
2083 - دعبل بن علي بن رزين بن عثمان بن عبد اللّه بن بديل
ابن ورقاء،
و يقال دعبل بن علي بن رزين بن سليمان بن تميم ابن بهز بن دوّاس بن خلف بن عبد بن دعبل ابن أنس بن مالك بن خزيمة بن مالك بن مازن ابن الحارث بن سلامان بن أسلم بن أفصى ابن عامر بن قمعة بن إلياس بن مضر، و يقال: ابن تميم ابن نهشل، و قيل: بهنس بن حراس بن خالد بن عبد ابن دعبل بن أنس بن خزيمة بن سلامان بن أسلم بن أفصى ابن حارثة بن عمرو بن عامر مزيقيا أبو علي الخزاعي (2)الشاعر المشهور، له شعر رائق و ديوان مجموع و صنّف كتابا في طبقات الشعراء.
يقال إن أصله من الكوفة، و يقال من قرقيسياء (3) و كان أكثر مقامه ببغداد، و يسافر إلى غيرها من البلاد، قدم دمشق و مدح بها نوح بن عمرو بن حويّ السكسكي بعدة قصائد، ذكر في بعضها قصيدة إليه و رحلته نحوه و خرج منها إلى مصر، و مدح بها.
و يقال: إن اسمه محمّد و كنيته أبو جعفر و دعبل لقب، و يقال: الدعبل البعير المسن، و يقال: الشيء القديم.
ص: 245
حدّث عن المأمون، و مالك بن أنس، و يقال إنه حدث عن يحيى بن سعيد الأنصاري و شعبة بن الحجاج، و سفيان الثوري، و سالم بن نوح العطار، و خزيمة بن حازم الأزدي، و الحكم بن عبد الملك البصري، و محمّد بن عمر الواقدي، و موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي، و عبيد اللّه بن كلثوم الخزاعي البصري، و أبي سفيان بن العلاء أخي أبو عمرو المقرئ، و شريك بن عبد اللّه النّخعي.
روى عنه: أحمد بن أبي دؤاد (1)،و محمّد بن موسى بن حمّاد البربري، و أخوه إسماعيل بن علي بن رزين.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، ثنا أبو بكر الخطيب (2)،نا هلال بن محمّد الحفّار، نا إسماعيل بن علي بن علي بن رزين الخزاعي بواسط ، نا أبي علي بن علي، ثنا أخي دعبل بن علي، و قتيبة بن سعيد البغلاني، قالا: نا مالك بن أنس، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«نعم الإدام الخلّ »، رواه الدارقطني عن إسماعيل أتم منه[4125].
أخبرنا أبو عبد اللّه الفراوي، و أبو القاسم المستملي، قالا: أنا أبو عثمان البحيري، قراءة عليه، أنبأ أبو بكر محمّد بن علي بن عمران العطار، نا أبو عمر محمّد بن الحسين بن عمران، نا إسماعيل بن علي بن رزين الخزاعي بواسط ، نا أخي (3) دعبل بن علي، قال: سمعت مالك بن أنس فقيه المدينة يحدث هارون الرشيد قال: يا أمير المؤمنين حدّثنا صدقة بن يسار أبو محمّد عن سعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة، قال: لم يزل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم يتختم في يمينه حتى قبضه اللّه عز و جل إليه[4126].
أخبرنا أبو نصر زاهر بن محمّد بن القاسم المغازلي، و أبو عمرو عبد الرزاق بن أحمد بن حمد الأبهري المؤدب، و أبو الفتح إسماعيل بن محمّد بن عبد الواحد الطّرسوسي، و أبو إبراهيم عبد الكريم بن عمر بن أحمد الجهبذ بأصبهان، قالوا: أنبأ أبو عبد اللّه القاسم بن الفضل بن محمود الثقفي، نا هلال بن محمّد، نا إسماعيل بن
ص: 246
علي بن علي بن رزين بواسط ، نا أبي علي بن علي، نا أخي دعبل بن علي، نا شعبة بن الحجاج، عن علقمة بن مرثد، عن سعد بن عبيدة، عن البراء بن عازب، عن النبي صلى اللّه عليه و سلّم في قول اللّه عز و جل: يُثَبِّتُ اللّٰهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثّٰابِتِ فِي الْحَيٰاةِ الدُّنْيٰا وَ فِي الْآخِرَةِ (1) قال: في القبر إذا سئل المؤمن.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، أنا أبو محمّد الجوهري، أنا أبو بكر محمّد بن عبيد اللّه بن الشخير الصّيرفي، نا أبو بكر أحمد بن إسحاق الملحمي، نا أبو عمير عبد الكبير بن محمّد الأنصاري بمصر، حدّثني الحسن بن الخضر بن علي الأزدي، قال: سمعت أحمد بن أبي دواد (2) يقول: خرج دعبل بن علي إلى خراسان فنادم عبد اللّه بن طاهر فأعجب به، فكان في كل يوم ينادمه فيه يأمر له بعشرة آلاف درهم، و كان ينادمه في الشهر خمسة عشر يوما، و كان ابن طاهر يصله في كل شهر بمائة و خمسين ألف درهم، فلما كثرت صلاته له توارى عنه دعبل يوم منادمته في بعض الخانات فطلبه فلم يقدر عليه فشق ذلك عليه، فلما كان من الغد كتب (3):
هجرتك لم أهجرك من كفر نعمة *** و هل ترتجا فيك الزّيادة بالكفر
و لكنني لما أتيتك (4) زائرا *** فأفرطت في بري عجزت عن الشّكر
فملآن (5) لا آتيك إلاّ معذّرا *** أزورك في الشهرين يوما و في الشهر
فإن زدت في برّي تزيّدت جفوة *** و لم نلتقي حتى القيامة و الحشر (6)
و قد حدّثني أمير المؤمنين المأمون عن أمير المؤمنين الرشيد عن المهدي، عن المنصور، عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«من لا يشكر الناس لا يشكر اللّه عز و جل، و من لا يشكر القليل لا يشكر الكثير» فوصله بثلاثمائة ألف درهم، و انصرف[4127].
ص: 247
كتب إليّ أبو الحسن بن العلاّف، و حدّثني أبو المعمر الأنصاري عنه.
و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأ أبو علي بن أبي جعفر، و أبو الحسن بن العلاّف، قالا: أنا عبد الملك بن محمّد بن بشران، أنا أحمد بن إبراهيم الكندي، أنا محمّد بن جعفر الخرائطي، نا الحسين بن أيوب العكبراني، نا أبو عبد اللّه بن أسباط ، حدّثني دعبل، قال: كنت بالثغر فنودي بالنفير فخرجت مع الناس فإذا أنا بفتى يجرّ رمحه بين يدي، فالتفتّ فنظر إليّ فقال لي: أنت دعبل ؟ قلت: نعم، قال: اسمع مني بيتين، فأنشدني:
أنا في أمري رشاد *** بين غزو و جهاد
بدني يغزو عدوي *** و الهوى يغزو فؤادي
ثم قال: كيف ترى ؟ قلت جيد. قال: و اللّه ما خرجت إلاّ هاربا من الحب، ثم (1)التقينا فكان أول قتيل (2).
كتب إليّ أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن مندة، و حدّثني أبو بكر اللفتواني عنه، أنا عمي أبو القاسم، عن أبيه أبي عبد اللّه، قال: قال أنا أبو سعيد بن يونس:
دعبل بن علي بن رزين بن عثمان بن عبد اللّه بن يزيد بن ورقاء الخزاعي من أهل قرقيسيا قدم مصر هاربا من المعتصم لهجو هجاه به و خرج منها إلى المغرب إلى الأغلب و كان يجالس بمصر جماعة من أهل الأدب منهم محمّد بن يحيى بن أبي المغيرة، و كان محمّد بن يحيى بن أبي المغيرة يحكي عنه حكايات و إنشادات (3).
أخبرنا أبو الحسن بن سعيد، و أبو النجم بدر بن عبد اللّه، قالا: قال: أنا أبو بكر الخطيب (4):دعبل بن علي بن رزين بن عثمان بن عبد اللّه بن بديل بن ورقاء. أبو علي الخزاعي الشاعر، أصله من الكوفة - و يقال من قرقيسا - و كان ينتقل في البلاد، و أقام ببغداد مدة ثم خرج منها هاربا من المعتصم لما هجاه، و عاد إليها بعد ذلك، و كان خبيث اللسان قبيح الهجاء، و قد روي عنه أحاديث مسندة عن مالك بن أنس و عن غيره، و كلها
ص: 248
باطلة، نراها (1) من وضع ابن أخيه إسماعيل بن علي الدعبلي، فإنها لا تعرف إلاّ من جهته، و روى عنه قصيدته التي أولها: مدارس آيات (2) و غيرها من شعره، أحمد بن القاسم أخو أبي الليث الفرائضي. و زعم أحمد بن القاسم أن دعبلا لقب و اسمه الحسن، و قال ابن أخيه: اسمه عبد الرّحمن، و قال غيرهما: اسمه محمّد و كنيته أبو جعفر، فاللّه أعلم.
قرأت على أبي محمّد السّلمي، عن أبي نصر بن ماكولا، قال (3):دعبل بن علي بن رزين بن سليمان بن نهشل، و قيل بهنس بن خراش بن خالد بن عبد بن دعبل (4) بن أنس بن خزيمة بن سلامان بن أسلم بن أفصى بن حارثة بن عمرو بن عامر مزيقيا، شاعر محسن و اسمه محمّد و كنيته أبو جعفر، و دعبل لقب و هو البعير المسن.
ثم قال في موضع آخر (5):و أمّا دعبل أوله دال مهملة ثم عين ساكنة مهملة و باء معجمة بواحدة (6) مكسورة فهو دعبل بن علي الخزاعي الشاعر المشهور، روى عن مالك بن أنس و غيره، روى عنه أخوه علي بن علي، و له كتاب في الشعراء تقدم نسبته في حرف الباء (7).
أخبرنا أبو الحسن بن سعيد، ثنا و أبو النجم بدر بن عبد اللّه، قال: أنا أبو بكر الخطيب (8)،أخبرني الأزهري، نا أحمد بن إبراهيم بن الحسن، قال: سمعت أبا بكر أحمد بن القاسم أخا أبي الليث يقول: كان دعبل بن علي أطروش (9)،و كان في قفاه
ص: 249
سلعة، و كان يجيء إلى علويّ و كان بالقرب منا قد سماه، و عنده كان ينشدنا و أسمع منه.
أنبأنا أبو الحسن سعد الخير بن محمّد الأنصاري، أنا أبو الحسين بن الطّيّوري، أنا عبد العزيز بن علي الأزجي، أنا أبو عبد اللّه الحسين بن محمّد بن عبيد العسكري، نا أبو عبد اللّه إبراهيم بن محمّد بن عرفة النحوي، أخبرني بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه بن أبي داود، قال: استنشد المأمون يوما عبد اللّه بن طاهر بن الحسين من شعر دعبل بن علي قوله (1):
سقيا و رعيا لأيام الصّبابات *** أيام أرفل في أثواب لذّاتي
أيام غصني رطيب، من لدونته *** أصبو إلى غير كنّاتي و جاراتي (2)
دع عنك ذكر زمان فات مطلبه *** و اقذف برجلك عن متن الجهالات
و اقصد بكلّ مديح أنت قائله *** نحو الهداة بني بيت الكرامات
فلما أتى على القصيدة قال المأمون: للّه دره ما أغوصه و أنصفه و أنصفه و أوصفه، ثم قال:
إنه وجد و اللّه مقالا فقال: و نال من بعيد ذكرهم ما من غيرهم لا ينال.
قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف، و أنبأنيه أبو القاسم علي بن إبراهيم، و أبو الوحش سبيع بن المسلّم عنه، نا أبو محمّد بن أحمد، قال: أنشد الحسن بن إسماعيل المصري بها، نا عبد العزيز بن محمّد بن إسحاق، نا الحسين بن القاسم، حدّثني محمّد بن أحمد، قال: أنشد المأمون أبا دلف شعرا لدعبل قاله في بعض عبثاته (3)(4):
و قائلة لما استمرت بها النوى *** و محجرها فيه دم و دموع
ترى (5) لقض للسّفر الذين تحملوا *** إلى بلد فيه الشجيّ رجيع
فقلت: و لم أملك سوابق عبرة (6) *** نطقن بما ضمت عليه ضلوع
ص: 250
تبين (1) فكم دار تفرّق شملها *** و شمل شتيت عاد و هو جميع
كذاك الليالي صرفهنّ كما ترى *** لكلّ أناس جدبة و ربيع
قال: ثم قال: يا قاسم ما عزمت على سفر قط إلاّ هيأت هذه الأبيات مخاطبة لي، و نصبا بين عيني رعدة في أوبتي و مسلية لي في فرقتي، أن الفهم إذا فهم المعنى استحسنه، و المستغلق إذا لم يفهمه استبرمه.
أخبرنا أبو سعد محمّد بن أحمد بن محمّد بن الخليل الطوسي بنوقان (2)،نا أبو بكر أحمد بن علي بن عبد اللّه بن خلف (3) قال انشدونا لدعبل (4):
لا تعجبي يا هند (5) من رجل *** ضحك المشيب برأسه فبكا
لا تأخذوا بظلامتي أحدا *** عيني و قلبي (6) في دمي اشتركا
كذا قال يا هند، و المحفوظ : يا سلم.
أخبرنا أبو الحسن بن سعيد، نا و أبو النجم بدر بن عبد اللّه أنبأ أبو بكر الخطيب (7)،أنبأ الحسن بن أبي بكر، أنبأ أبو جعفر أحمد بن يعقوب بن يوسف الأصبهاني، أنشدنا أبو طالب الدعبلي، أنشدنا علي بن الجهم - و ليست له - و جعل يعيدها و يستحسنها:
لما رأت شيبا يلوح بمفرقي *** صدّت صدود مفارق متجمّل
فظللت أطلب وصلها بتذلّل *** و الشيب يغمزها بأن لا تفعلي
قال أبو طالب: و من أحسن ما قيل في هذا قول جدي:
لا تعجبي يا سلم من رجل *** ضحك المشيب برأسه فبكا
أين الشباب و أية سلكا *** لا أين يطلب ؟ ضلّ بل هلكا
ص: 251
لا تأخذي بظلامتي أحدا *** طرفي و قلبي في دمي اشتركا
قال: و قرأت على الحسن بن علي الجوهري، عن أبي عبيد اللّه المرزباني، أخبرني محمّد بن يحيى، نا محمّد بن يزيد النحوي، قال: حدّثني من سمع دعبلا يقول: أنشدت أبا نواس شعري:
أين الشباب و أيّة سلكا *** لا أين يطلب [ضل] (1) بل هلكا
لا تعجبي يا سلم من رجل *** ضحك المشيب برأسه فبكا
فقال: أحسنت ملء فيك و أسماعنا قال: و كان و اللّه فصيحا.
أخبرنا خالي أبو المعالي محمّد بن يحيى القاضي، أنبأ سهل بن بشر، أنبأ محمّد بن الحسين بن أحمد بن السري، أنا الحسن بن رشيق، نا يموت بن المزرّع نا أبو هفّان قال: أنشدني دعبل لنفسه (2):
وداعك مثل وداع الحياة (3) *** و فقدك مثل افتقاد الدّيم
عليك السلام فكم من وفاء *** أفارق منك، و كم من كرم
فقلت له: قد أحسنت غير أنك سرقت البيت الأول [من] (4) الربعيين. النصف الأول من القطامي:
ما للكواعب و دعن الحياة بأن *** و دعيني و اتّخذن الشيب ميعادي
و النصف الثاني من ابن بجرة حيث يقول:
عليك سلام اللّه وقفا فإنني *** أرى الموت و قاعا بكلّ شريف (5)
فقال لي: بل الطائي و اللّه سرق هذا البيت بأسره من ابن بجرة في قصيدته التي تعرف بالمسروقة رثى بها محمّد بن حميد الطوسي و أولها:
ص: 252
كذا فليجلّ الخطب أو يقدح الأمر *** و ليس لعين لم ينص ماؤها عذر (1)
إلى قوله:
عليك سلام اللّه وقفا فإنني *** رأيت الكريم الحرّ ليس له عمر (2)
أخبرنا أبو بكر محمّد بن الحسين، أنبأ أبو منصور محمّد بن محمّد بن أحمد بن الحسين العكبري، أنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن الصلت، نا أبو الفرج علي بن الحسين بن محمّد الأصبهاني (3)،أخبرني محمّد بن يزيد، حدّثني الحسين بن دعبل بن علي الخزاعي، حدّثني أبي قال: بينا أنا جالس على باب دار كنت أنزلها في الكرخ إذ مرت بي غصن جارية بن الأحدب و كانت شاعرة مغنية يبلغني خبرها، و لم أكن شاهدتها فرأيت وجها جميلا و قدا حسنا، و قواما و شكلا، و هي تخطر في مشيتها و ينظر في أعطافها فقلت لها:
دموع عيني بها انبساط *** و نوم عيني به انقباض
فقالت مسرعة:
ذاك قليل لمن دهته *** بلحظها الأعين المراض
فقلت:
فهل لمولاتي عطف قلب *** أم للذي في الحشاء انقراض
فقالت:
إن كنت تهوى الوداد منا *** فالودّ في ديننا قراض
فما دخل أذني كلام أحلى من كلامها، و لا رأت [عيني] (4) أنضر وجها منها، فعدلت بها عن ذلك الروي فقلت:
أ ترى الزمان يسرّنا بتلاق *** و يضم مشتاقا إلى مشتاق
ص: 253
فقالت:
ما للزمان يقال فيه و إنما (1) *** أنت الزمان فسرّنا بتلاق
أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد اللّه - إذنا و مناولة، و قرأ عليّ إسناده - أنبأ أبو علي محمّد بن الحسين، أنا المعافا بن زكريا (2)،نا محمّد بن يحيى الصولي، نا عون (3) بن محمّد، قال: قال دعبل لإبراهيم بن العباس: أريد أن أصحبك إلى خراسان، فقال له إبراهيم: حبذا أنت صاحبا مصحوبا، إن كنا على شريطة بشار قال: و ما شريطة بشار (4)قال قوله:
أخ خير من آخيت أحمل ثقله *** و يحمل عني حين يفدحني ثقلي
أخ إن نبا دهر به كنت دونه *** و إن كان كون كان لي ثقة مثلي
أخ ما له لي لست أرهب بخله *** و ما لي له لا ترهب الدهر من بخلي
قال: ذلك لك و مزية فاصطحبا.
كتب إليّ أبو نصر عبد الرحيم بن عبد الكريم، أنا أبو بكر البيهقي، أنا أبو عبد اللّه الحافظ ، أنشدنا أبو عمرو الزردي، و هو أحمد بن محمّد بن عبد اللّه الأديب الأسفرايني - و الزرد (5):قرية من قرى أسفراين، قال: أنشدني بعض الأدباء لدعبل بن علي الخزاعي (6):
العلم ينهض بالخسيس إلى العلى *** و الجهل يقعد بالفتى المنسوب
و إذا الفتى نال العلوم بفهمه *** و أعين بالتشذيب و التهذيب
جرت الأمور له فبرّز سابقا *** في كل محضر مشهد و مغيب (7)
ص: 254
أخبرنا أبو العز بن كادش، أنبأ أبو يعلى، أنبأ أبو يعلى بن الفراء، أنبأ أبو القاسم إسماعيل بن سعيد بن إسماعيل بن محمّد بن سويد المعدّل، نا أبو علي الحسين بن القاسم بن جعفر الكوكبي، أنشدنا أبو العباس المبرّد لدعبل (1):
أخ لك عاداه الزمان فأصبحت *** مذمّمة فيما لديه العواقب
متى ما تحذره (2) التجارب صاحبا *** من الناس تردده إليك التجارب
قرأت على أبي القاسم زاهر بن طاهر، عن أبي بكر البيهقي، أنا أبو عبد اللّه الحافظ ، نا أبو زكريا يحيى بن محمّد العنبري، قال (3):كان علي بن القاسم الخوافي مدح أبا عمرو أحمد بن نصر، و تردد إليه بعد أن مدحه، و لم يخرج الجواب كما أحبّه، فكتب إليه رقعة يقول فيها: قال علي بن الجهم في مثل ما نحن فيه (4):
يا من يوقّع «لا» في قصتي أبدا *** ما ذا يضرّك لو وقّعت لي «نعما»
وقّع «نعم» ثم تنوي الوفاء بها *** إن كنت من قوله باللفظ محتشما
أولا فوقع «عسى» كيما تعلّلني *** فإن قولك «لا» يبكي العيون دما
قال: و كتب في رقعته: و من أحسن ما يذكر لعبد اللّه بن طاهر:
افعل الخير ما استطعت و إن *** كان قليلا فلن تحيط بكلّه
و متى تفعل الكثير من الخير *** إذا كنت تاركا لأقلّه
قال: و كتب في رقعته أن دعبل بن علي كتب في رقعة إلى عبد اللّه بن طاهر (5):
ما ذا أقول إذا انصرفت و قيل لي *** ما ذا أخذت من الجواد المفضل (6)
إن قلت: أعطاني، كذبت و إن أقل *** ضن الأمير بماله لم يجمل (7)
ص: 255
فاحتل لنفسك كيف شئت فإنني *** لا بدّ مخبرهم، و إن لم أسأل
أخبرنا أبو الحسن بن سعيد، ثنا و أبو النجم الشّيحي (1)،أنا أبو بكر الخطيب (2)،أخبرني القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد اللّه الطبري، أنا المعافا بن زكريا، نا أحمد بن إبراهيم الطبري، حدّثني محمّد بن يحيى الحنفي، حدّثني أبو كعب الخزاعي، قال: وفد دعبل بن علي الخزاعي إلى عبد اللّه بن طاهر فلما وصل إليه قام تلقاء وجهه ثم أنشأ يقول (3):
أتيت مستشفعا بلا سبب *** إليك إلاّ بحرمة الأدب
فاقض ذمامي فإنني رجل *** غير ملحّ عليك في الطلب
فانتعل عبد اللّه و دخل [إلى الحرم] (4)،و وجه إليه برقعة معها ستون (5) ألف درهم، و في الرقعة بيتان فكانا (6):
أعجلتنا فأتاك أول (7) برّنا *** قلاّ و لو أخرته لم يقلل
فخذ القليل فكن كمن (8) لم يقبل *** و نكون نحن كأننا لم نفعل
أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن المفضل بن يسار الدهان بهراة، أنا أبو سهل يحيى بن ميمون بن سهل بن علي الواسطي، أنا أبو علي منصور بن عبد اللّه بن خالد بن أحمد بن خالد الخالدي، أنشدني إسماعيل بن علي بن علي الدعبلي، أنشدني أبي، أنشدني أخي دعبل بن علي (9):
هدايا الناس بعضهم لبعض *** تولّد في قلوبهم الوصالا
و توزع في الضمير هوى و ودّا *** و تكسوهم إذا حضروا جمالا
ص: 256
قال: و أنشدني دعبل بن علي (1):
أرى منا قريبا بيت زور *** و زور لا يزور و لا يزار
و لا يهدي و لا يهدى إليه *** و ليس كذاك في العرب الحوار
قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف، و أنبأنيه أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي، و أبو الوحش المقرئ عنه، أنا أبو الفتح إبراهيم بن علي بن إبراهيم سيبخت، نا أبو بكر محمّد بن يحيى بن العباس الصولي، أنشدني ثعلب، قال: أنشدني أبو عمرو الشيباني، أنشدني عمرو بن عثمان لدعبل بن علي الخزاعي (2):
أهملته حين لم أملك مقادته *** ثمّ انقبضت بودي عنه و انقبضا
و قلت للنفس: عدّيه فتى (3) نزحت *** به النوى أو من القرن الذي انقرضا
فما بكيت عليه حين فارقني *** و لا وجدت له بين الحشا مضضا
قال رشأ: و أخبرني أبو الحسن عبد الرّحمن بن أحمد بن معاذ، أنبأ أبو العباس أحمد بن محمّد الكاتب، أنا أبو الطيب محمّد بن إسحاق بن يحيى بن الوشّاء النحوي، قال: و قال دعبل بن علي:
كيف اختيالي لبسط الضيف من حصر *** عند الطعام فقد ضاقت به حيلي
أخاف يزداد قولي: كل، فأحشمه *** و الكفّ يحمله مني على البخل (4)
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي، أنبأ رشأ بن نظيف، أنا الحسن بن إسماعيل، أنبأ أحمد بن مروان، قال: سمعت ابن قتيبة يقول (5):سمعت دعبلا يقول:
أدخلت على المعتصم فقال لي: يا عدو اللّه أنت الذي يقول في بني العباس إنهم في الكتب سبعة و أمر بضرب عنقي، و ما كان في المجلس إلاّ من كان عدوا لي و أشدهم
ص: 257
عليّ بن شكلة فقام قائما فقال: يا أمير المؤمنين: أنا الذي قلت هذا و نميته إلى دعبل فقال له: و ما أردت بهذا؟ قال: لما يعلم بيني و بينه من العداوة فأردت أن أشيط بدمه، قال: فقال: أطلقوه، فلما كان بعد مدة قال لابن شكلة: سألتك باللّه أنت الذي قلته ؟ فقال: لا و اللّه يا أمير المؤمنين و ما نظرة انظر أبغض إليّ من دعبل، فقال له: فما الذي أردت بهذا؟ قال: علم أن ماله في المجلس عدو أعدى مني (1) فنظر إليّ بعين العداوة و نظرت إليه بعين الرحمة، قال: فجزاه خيرا أو نحو ذلك.
أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي و قرأته من خطه، أنبأ أبو بكر أحمد بن علي الخطيب بقراءتي عليه، أنبأ أبو علي الحسن بن علي بن عبد اللّه المقرئ العطار، أنبأ أبو الحسن محمّد بن جعفر التميمي الكوفي المعروف بابن النجار، أنبأ أبو بكر بن الأنباري قراءة، ثنا أبي قال: قرأت على أبي جعفر أحمد بن عبيد (2)،قال: قال ضبّي (3)و هو أحمد بن عبد اللّه راوية كلثوم بن عمرو العتّابي، و كان سميرا لعبد اللّه بن طاهر:
إن عبد اللّه بن طاهر بينا هو معه ذات ليلة إذ تذاكرا (4) الأدب و أهله و شعراء الجاهلية و الإسلام إلى أن صار إلى المحدثين فذكرا دعبل بن علي الخزاعي، فقال له عبد اللّه بن طاهر: ويحك يا ضبّيّ (5) إني أريد أن أوعز إليك بشيء تستره عليّ أيام حياتي، قال:
قلت: أصلح اللّه الأمير أنا عبدك و أنا عندك في موضع تهمة ؟ فقال: لا و لكن أطيب لنفسي أن توثق لي بالأيمان لأركن إليها، و يسكن قلبي عندها فأخبرك، قال: قلت:
أصلح اللّه الأمير إن كنت عندك في هذه الحال فلا حاجة بك إلى إفشاء سرك إليّ و استعفيته مرارا فلم يعفني فاستحييت من مراجعته فقلت: ليرى الأمير رأيه، فقال: يا ضبّي (6)،قل و اللّه، فقلت: و اللّه فأمرها عليّ غموسا و وكدها بالبيعة و الطلاق و كلما يحلف به مسلم، ثم قال: ويحك يا ضبّي (7) أشعرت أني أظن أن دعبلا مدخول النسب، و أمسك. قال: قلت: أصلح اللّه الأمير أ في هذا أخذت عليّ الأيمان و العهود و المواثيق ؟ قال: أي و اللّه، قلت: و لم ذاك ؟ قال: لأني رجل لي في نفسي حاجة، و دعبل رجل قد حمل جذعه على عنقه و لا يجد من يصلبه عليه فأتخوف إن بلغه أن يلقي عليّ من الخزي
ص: 258
ما يبقى عليّ الدهر، و قصاراي (1) إن أنا ظفرت به و أمكنني ذلك و أسلمته اليمن، و ما أراها تسلمه لأنه لسانها و شاعرها و الذابّ عنها و المحامي دونها أن أضربه مائة سوط و أثقله حديدا و أصيره فيّ مطبق (2) باب الشام و ليس فيّ ذلك عوضا مما سار فيّ من الهجاء، و في عقبي من بعدي.
قلت: أ تراه كان يفعل و يقدم عليك ؟ قال: يا عاجز أهون عليه مما لم تكن تراه أقدم على سيدي هارون و مولاي المأمون و على أبي نضر اللّه وجهه و لم يكن يقدم علي ؟ قال: قلت: إذا كان الأمر على ما وصف الأمير فقد وفق فيما أخذ عليّ قال: و كان دعبل لي صديقا فقلت: هذا قد عرفته و لكن من أين ؟ قال الأمير: إنه مدخول النسب فو اللّه لعلمته في البيت الرفيع من خزاعة و ما أعلم فيها بيتا أكرم من بيته إلاّ بيت أهبان مكلم الذئب و هم بنو عمه دنية.
قال: ويحك كان دعبل غلاما خاملا أيام ترعرع لا يؤبه له، و كان خلّه لا يدرك بقله، و كان بينه و بين مسلم بن الوليد إزار لا يملكان غيره شيئا، فإذا أراد دعبل الخروج جلس مسلم بن الوليد في البيت عاريا و إذا أراد الخروج فعل دعبل مثل ذلك، و كانا إذا اجتمعا لدعوة يتلاصقان يطرح هذا شيئا منه عليه و الآخر الباقي، و كانا يعبثان بالشعر إلى أن قال دعبل بن علي هذا الشعر (3):
أين الشباب و أيّة سلكا *** لا، أين يطلب ؟ ضلّ بل هلكا
لا تعجبي يا سلم من رجل *** ضحك الشيب برأسه فبكا
قصر الغواية عن هوى قمر *** وجد السبيل إليه مشتركا
و غدا بأخرى عزج مطلبها *** صبّا يطامن دونها الحسكا
يا ليت شعري كيف نومكما *** يا صاحبيّ إذا دمي سفكا
لا تأخذا بظلامتي أحدا *** قلبي فطر في دمي اشتركا
إلى آخرها (4) قال: فثقف أوله بعض المغنين فغنّى به هارون الرشيد فاستحسنه جدا و استجاد قوله:
ص: 259
ضحك المشيب برأسه فبكا
فقال للمغني: لمن هذا الشعر ويحك ؟ قال: لبعض أحداث خزاعة ممن لا يؤبه له يا أمير المؤمنين، قال: و من هو؟ قال: دعبل بن علي الخزاعي، قال: يا غلام أحضرني عشرة آلاف درهم و حلّة من حللي و مركبا من مراكبي خاصة يشبه هذا، فأحضر ما أمره، قال: ادع لي فلانا فدعاه له، فقال له: اذهب بهذا حتى توصله إلى دعبل، و أجاز المغني بجائزة عظيمة، و تقدم إلى الرجل الذي بعثه إلى دعبل أن يعرض عليه المصير إلى هارون فإن صار و إلاّ أعفاه من ذلك، فانطلق الرسول حتى أتى دعبلا في منزله، و خبره كيف كان السبب في ذكره، و أشار عليه بالمصير إليه قال: فانطلق دعبل معه فلما مثل بين يديه سلّم فرد عليه هارون السلام و قرّبه و رحّب به حتى سكن رعبه، و استنشده الشعر فأنشده و أعجب به و أقام عنده يمتدحه، و أجرى عليه الرشيد أجزل جراية و أسناها، و كان الرشيد أول من ضرّاه (1) على قول الشعر و بعثه عليه فو اللّه ما كان إلاّ بعد ما غيّب هارون في حفرته إذ أنشأ يمتدح آل الرسول صلى اللّه عليه و سلّم و يهجو الرشيد فمن ذلك قوله (2):
و ليس حيّ من الأحياء يعرفه (3) *** من ذي يمان و لا بكر و لا مضر
إلاّ و هم شركاء في دمائهم *** كما يشارك أيسار على جزر
قتل و أسر و تحريق و منهبة (4) *** فعل الغزاة بأهل الروم و الخزر
أرى أمية معذورين إن قتلوا *** و لا أرى لبني العباس من عذر
أبناء حرب (5) و مروان و أسرتهم *** بنو معيط ولاة الحقد و الوغر
قوم قتلتم على الإسلام أولهم *** حتى إذا استمكنوا جازوا على الكفر
أربع بطوس على القبر الزكي به *** إن كنت تربع من دين على وطر
قبران في طوس: خير الناس كلهم *** و قبر شرّهم، هذا من العبر
ما ينفع النجس (6) من قرب الزكيّ و لا *** على الزكي بقرب النجس (7) من ضرر
ص: 260
هيهات كلّ امرئ رهن بما كسبت *** يداه (1) حقا، فخذ ما شئت أو فذر
قال العباس: و القبران (2):اللذان ذكرهما بطوس: قبر هارون و الآخر قبر الرضا علي بن موسى (3).فو اللّه ما كافأه و كان سبب نعمته بعد اللّه عز و جل، فهذه واحدة يا ضبّي، و أما الثانية فإنه لما استخلف المأمون جعل يطلب دعبلا إلى أن كان من أمره مع إبراهيم بن شكلة (4) و خروجه مع أهل العراق يطلب الخلافة فأرسل إليه دعبلا بشعر يقول فيه (5):
علم و تحكيم و شيب مفارق *** طلّسن (6) ريعان الشباب الرائق
و إمارة من دولة ميمونة *** كانت على اللّذّات أشغب عائق
فالآن لا أغدو، و لست برائح *** في كبر معشوق و ذلّة عاشق
أنّى يكون و ليس ذاك بكائن *** يرث الخلافة فاسق عن فاسق
نفر (7) ابن شكلة بالعراق و أهلها *** فهفا إليه كلّ أطلس (8) مائق
إن كان إبراهيم مضطلعا بها (9) *** فلتصلحن من بعده لمخارق
فضحك المأمون و قال: قد غفرنا لدعبل كلّ ما هجانا به بهذا البيت:
إن كان إبراهيم مضطلعا بها *** فلتصلحن من بعده لمخارق (10)
قال: فكتب إلى أبي طاهر أن يطلب له دعبلا حيث كان، و يعطيه الأمان، قال:
فكتب أبي إليه و كان واثقا بناحيته فأقرأه كتاب أمير المؤمنين، و حمله و خلع عليه و أجازه بالكثير و أشار عليه بالمصير إلى المأمون قال: فتحمل دعبل إلى المأمون.
ص: 261
قال: و ثبت في الخلافة المأمون و ضرب الدنانير باسمه، و أقبل يجمع الآثار في فضائل آل (1) رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم قال: فتناهى إليه فيما تناهى من فضائلهم قول دعبل (2):
مدارس آيات خلت من بلاده *** و منزل وحي مقفر القرعات (3)
لآل رسول اللّه بالخيف من منى *** و بالرّكن و التعريف و الجمرات
فما زالت تردد في صدر المأمون حتى قدم عليه دعبل فقال: أنشدني و لا بأس عليك، و لك الأمان من كل شيء فيها، فإني أعرفها و قد رويتها إلاّ أني أحب أن أسمعها من فيك، قال: فأنشده حتى صار إلى هذا الموضع:
أ لم تر أنّي مذ ثلاثون حجة (4) *** أروح و أغدو دائم الحسرات
أرى فيئهم في غيرهم (5) متقسّما *** و أيديهم من فيئهم صفرات
و آل رسول اللّه نحف جسومها (6) *** و آل زياد غلّظ القصرات
بنات زياد في الخدور (7) مصونة *** و بنت رسول اللّه في الفلوات
إذا و تروا مدّوا إلى واتريهم *** أكفّا عن الأوتار منقبضات
فلو لا الذي أرجوه في اليوم أو غد *** تقطّع قلبي إثرهم حسرات
قال: فبكى المأمون حتى اخضلّت لحيته، و جرت دموعه على نحره، و كان دعبل أول داخل إليه و آخر خارج من عنده، فو اللّه إن شعرنا بشيء إلاّ و قد عتب على المأمون و أرسل إليه بشعر يقول فيه (8):
و يسومني المأمون خطّة ظالم (9) *** أ و ما رأى بالأمس رأس محمّد؟
توفي على هام الخلائق مثل ما *** توفي الجبال على رءوس القردد
ص: 262
لا تحسبنّ جهلي كحكم أبي فما *** حكم المشايخ (1) مثل جهد الأمرد
إني من القوم الذين سيوفهم *** قتلت أخاك و شرّفتك بمقعد
سادوا بذكرك بعد طول خموله *** و استنقذوك من الحضيض الأبعد (2)
فلما سمع هذا المأمون قال: كذب عليّ متى كنت خاملا و إني لخليفة و ابن خليفة و أخو خليفة و متى كنت خاملا فرفعني دعبل، فو اللّه ما كافأه و لا كافئ أبي ما أسدى إليه، و ذلك أنه لما توفي أنشأ يقول (3):
و أبقى طاهر فينا خلالا (4) *** عجائب تستخفّ لها الحلوم
ثلاثة إخوة (5) لأب و أم *** تمايز عن ثلاثتهم أروم
فبعضهم يقول: قريش قومي *** و يدفعه الموالي و الصميم
و بعض في خزاعة منتماه *** ولاء، غير مجهول، قديم
و بعضهم يهش لآل كسرى *** و يزعم أنه علج لئيم
لقد كثرت مناسبهم علينا *** فكلّهم على حال زنيم (6)
فهذه الثالثة يا ضبّي، أما الرابعة فإنه لما استخلف المعتصم باللّه، دخل عليه دعبل ذات يوم فأنشده قصيدة، فقال: أحسنت و اللّه يا دعبل فاسألني ما أحببت. قال: مائة بدرة (7)،قال: نعم على أن تمهلني مائة سنة و تضمن لي أجلي معها، قال: قد أمهلتك ما شئت، و خرج مغضبا من عنده، فلقي خصيا قد كان عوّده أن يدخل مدائحه إلى أمير المؤمنين، و يجعل له سهما من الجائزة إذا قبضها فقال: ويحك إني كنت عند أمير المؤمنين و أغفلت حاجة لي أن أذكرها له، فأذكرها في أبيات و تدخلها إليه ؟ قال: نعم، و لي نصف الجائزة ؟ فماكسه ساعة ثم أجابه إلى أن يجعل له نصف الجائزة، فأخذ الرقعة فكتب فيها (8):
ص: 263
بغداد دار الملوك كانت *** حين دهاها الذي دهاها
ما غاب عنها سرور ملك *** أعاره (1) بلدة سواها
ما (2) سرّ من را بسرّمن رأى *** بل هي بؤس لمن يراها
عجّل ربي لها خرابا *** برغم أنف الذي ابتناها
و ختمها و دفعها إلى الخصي، فأدخلها إلى المعتصم فلما نظر إليها قال للخصي:
من صاحب هذه الرقعة ؟ قال: دعبل يا أمير المؤمنين، و قد جعل لي يا أمير المؤمنين نصف الجائزة، فطلب فكأن الأرض انطوت عليه فلم يعرف له خبر قال: فقال المعتصم: أخرجوا الخصيّ فأجيزوه بألف سوط ، فإنه زعم أن له نصف الجائزة، فقد أردنا أن نجيز دعبلا بألفي سوط ، قال: ثم لم يلبث أن كتب إليه من قمّ أبياتا و هي هذه (3):
ملوك بني العباس في الكتب سبعة *** و لم يأتنا في ثامن (4) منهم الكتب
كذلك أهل الكهف في الكهف سبعة *** عداة (5) ثووا فيه و ثامنهم كلب
و إني لأزهي (6) كلبهم عنك رغبة *** لأنك ذو ذنب و ليس لهم ذنب
كأنك إذ (7) ملكتنا لشقائنا *** عجوز عليها التاج و العقد و الإتب (8)
فقد ضاع أمر الناس (9) حين يسوسهم *** و صيف و أشناس و قد عظم الخطب
و إني لأرجو أن يرى من مغيبها *** مطالع شمس قد يغصّ بها الشّرب
و همّك تركي عليه مهانة *** فأنت له أمّ ، و أنت له أبّ
ص: 264
و أما الخامسة فإن ابن أبي دؤاد (1) كان يعطيه الجزيل من ماله، و يقسم له على أهل عمله، فعتب عليه فقال فيه (2):
أبا عبد الإله أصخ لقولي *** و بعض القول يصحبه السّداد
يرى طسما تعود بها الليالي *** إلى الدّنيا كما رجعت إياد
قبائل جذّ أصلهم فبادوا *** و أودى ذكرهم زمنا فعادوا
و كانوا غرّزوا في الرمل بيضا *** فأمسكه، كما غرز الجراد
فلمّا أن سقوا درجوا و دبّوا *** و زادوا حين جادهم العهاد (3)
هم بيض الرماد يشق منهم *** و بعض البيض يشبهه الرّماد
غدا تأتيك إخوتهم جديش *** و جرهم قصّرا، و تعود عاد
فتعجز عنهم الأمصار ضيفا *** و تمتلئ المنازل و البلاد
فلم أر مثلهم بادوا فعادوا *** و لم أر مثلهم قلّوا (4) فعادوا
توغّل فيهم سفك و خوز *** و أوباش فهم لهم مداد
و أنباط السواد قد استحالوا *** بها عربا فقد خرب السواد
فلو شاء الإمام أقام سوقا *** فباعهم كما بيع السّماد
و قال فيه و قد تزوج في بني عجل (5):
أيا للناس من خبر طريف *** تفرّد (6) ذكره في الخافقين:
*** أعجل أنكحوا ابن أبي دواد (7)و لم يتأمّلوا فيه اثنتين
أرادوا نقد عاجلة فباعوا *** رخيصا عاجلا نقدا بدين
بضاعة خاسر بارت عليه *** فباعك بالنّواة التمرتين
و لو غلطوا بواحدة لقلنا *** يكون الوهم بين الغافلين (8)
ص: 265
و لكن شفع واحدة بأخرى *** تدلّ على فساد المنصبين
لحا اللّه المعاش بفرج أنثى *** و لو زوّجتها من ذي رعين
و لما أن أفاد ظريف مال *** و أصبح رافلا في الحلّتين
تكنّى و انتمى لأبي دواد (1) *** و قد كان اسمه ابن الفاعلين
فردّوه إلى فرج أبيه *** و زرياب، فألأم و الدين
و هجاه بغير قصيدة. و قال في الحسن بن وهب، و كان على برد الآفاق (2):
ألا أبلغا عني الإمام رسالة (3) *** رسالة ناي عن جنابيه شاحط
بأن ابن وهب حين يشحج شاحج *** يمرّ على القرطاس أقلام غالط
و قال عنه أيضا (4):
من مبلغ عني إمام الهدى *** قافية للستر (5) هتاكه
هذا جناح المسلمين الذي *** قد قصّه تولية الحاكه
و هؤلاء أهل قمّ (6)،كانوا يعطونه الكثير من أموالهم و يمنعون الخلفاء منهم فكافأهم بأن قال فيهم (7):
تلاشى أهل قمّ فاضمحلّوا *** تحلّ المخزيات بحيث حلّوا
و كانوا شيّدوا في الفقر مجدا *** فلما جاءت الأموال ملّوا
و قال فيهم أيضا (8):
ظلت بقمّ مطيتي يعتادها *** همان: غربتها و بعد المدلج
ما بين علج قد تعرّب، فانتمى *** أو بين آخر معرب مستعلج
ص: 266
قال و هجاهم بغير قصيدة.
قال: و هذا علي بن عيسى الأشعري قد دل بعض شعره على أنه قد أخذ منه ألوفا، و ذلك في قوله لعلي بن عيسى (1):
فلا تفسدن خمسين ألفا وهبتها *** و عشرة أحوال (2) و حقّ تناسب
و شكرا تهاداه الرجال تهاديا *** إلى كلّ مصر بين جائي و ذاهب
بلا زلّة كانت، و إن تك زلّة *** فإنّ عليك العفو ضربة لازب
فما كان بين هذا القول و بين أن هجاه إلاّ أياما قلائل حتى قال فيه هذه الأبيات (3):
كنت من أرفض خلق اللّه إذ كنت صبيا
فتواليت (4) أبا بكر و أرجأت الوليّا
و تجنبت عليا إذ تسمّيت عليا
قال: و هذه خزاعة هجاهم، و هي قبيلته فقال (5) فيهم (6):
أ خزاع غير الكرام فأقصروا *** وضعوا القلم (7) على الأفواه
الراتقين و لات حين مراتق *** و الفاتقين شرائع (8) الأستاه
فدعوا الفخار فلستم من أهله *** يوم الفخار ففخركم بسياه
قال: و هذا المطّلب بن عبد اللّه الخزاعي، قال فيه يمتدحه، و كان يعطيه الجزيل فقال (9):
إن كاثرونا جئنا بأسرته *** أو واحدونا جئنا بمطّلب
ص: 267
أبعد مصر و بعد مطّلب *** نرجو الغنا إنّ ذا من العجب
و قال فيه يهجوه (1):
شعارك في الحرب يوم الوغا *** بفرسانك (2) الأول الأول
فأنت (3) إذا أقبلوا آخر *** و أنت إذا أدبروا أول
فمنك الرؤس غداة اللقاء *** و ممّن يحاربك المفصل (4)
فذلك ذاتكما إذ يموت *** من القوم بينكما الأعجل
قال: و هذا الحسن بن رجاء و ابنا هشام و دينار بن عبد اللّه، و يحيى بن أكثم، و كان ينزلون المخرّم (5) ببغداد، فقال فيهم يهجوهم كلّهم (6):
ألا فاشتروا مني ملوك المخرّم (7) *** أبع حسنا و ابني هشام بدرهم
و أعطي رجاء بعد ذاك زيادة *** و أغلط (8) بدينار بغير تندّم
فإن ردّ من عيب عليّ جميعهم *** فليس يردّ العيب يحيى بن أكثم
و قال أيضا في يحيى بن أكثم يهجوه (9):
رفع الكلب فاتّضع *** ليس في الكلب مصطنع
بلغ الغاية التي *** دونها كل مرتفع
إنما قصر كل شيء *** إذا طار أن يقع
قيل ليحيى بن أكثم *** :إنّ ما خفت قد وقع
لعن اللّه نخوة *** كان من بعدها ضرع
ص: 268
قال: و هؤلاء بنو أهبان مكلّم الذئب، و هم بنو عمه دنية هجاهم، فقال فيهم (1):
تهتم علينا بأن الذئب كلّمكم *** فقد لعمري أبيكم (2) كلّم الذئبا
فكيف لو كلّم الليث الهصور إذا *** جعلت (3) الناس مأكولا و مشروبا
هذا السّنيديّ لا يسوء أتاوته *** يكلّم الذئب تصعيدا و تصويبا
فاذهب إليك فإني لا أرى أبدا *** بباب دارك طلاّبا و مطلوبا
قال: و هذا الهيثم بن عثمان الغنوي قد دل شعره على أنه قد كان إليه محسنا إذ يقول فيه (4):
يا هيثما يا ابن عثمان الذي افتخرت *** به المكارم، و الأيام تفتخر
أضحت ربيعة و الأحياء من يمن *** تيها (5) بنجدته لا وحدها مضر
و قال فيه يهجوه (6):
سألت أبي و كان أبي عليما *** بساكنة الجزيرة و السواد
فقلت: أ هيثم من حي قيس ؟ *** فقال: نعم كأحمد من دواد (7)
فإن يك هيثم من حي قيس *** فأحمد غير شكّ من إياد
و قال في أخيه رزين بن علي الخزاعي يهجوه (8):
مهدت له ودّي صغيرا و نصرتي *** و قاسمته مالي، و بوّأته حجري
و قد كان يكفيه من العيش كله *** رجاء و يأس يرجعان إلى فقر
و فيه عيوب ليس يحصى عدادها *** فأصغرها عيبا يجلّ عن الفكر
ص: 269
و لو أنّني أبديت للناس بعضها *** لأصبح من بصق الأحبة في بحر
فدونك عرضي فاهج حيا و إن أمت *** فأقسم إلاّ ما خريت على قبري
و قال في امرأته يهجوها (1):
يا ركبتي خزز (2) و ساق نعامة *** و زنبيل كنّاس و رأس بعير
يا من أشبهها بحمّى نافض *** قطّاعة للظهر ذات زئير
صدغاك قد شمطا و نحرك يابس *** و الصدر منك كجؤجؤ الطنبور (3)
يا من معانقها يبيت كأنه *** في محبس قمل، و في ساجور (4)
قبّلتها فوجدت طعم (5) لثاتها *** فوق اللثام كلسعة الزنبور
و له هجاء قبيح في امرأته عالية و له في جاريته غزال يهجوها (6):
رأيت غزالا و قد أقبلت *** فأبدت لعينيّ عن مبصقة
قصيرة الخلق دحداحة (7) *** تدحرج في المشي كالبندقة
كأن ذراعا على كفها *** إذا حسرت ذنب الملعقة
تخطّط حاجبها بالمداد *** و تربط في عجزها مرفقة
و أنف على وجهها ملصق *** قصير المناخر كالفستقة
و ثديان؛ ثدي كبلوطة *** و آخر كالقربة المفهقة (8)
و صدر نحيف كثير العظام *** تقعقع من فوقه المخنقة (9)
و ثغر إذا كسرت (10) خلجته *** نحانح (11) فامية مغلقة
ص: 270
ثم قال عبد اللّه بن طاهر لضبّي: فعلى من بقي هذا، ويحك يا ضبي ما أحسبه إلاّ كما قلت فبقيت من حفظه لهذه الأشياء متعجبا.
قال: فلقيت دعبلا بعد ذلك فخفت أن أذكر له شيئا فضحكت فقال لي: و يلي عليك قد تحاماني الناس و أنا عندك موضع مطنزة و سخرية، قلت: لا و لكني إنما ضحكت استبشارا بالنظر إليك، قال: ثم لقيته من بعد فضحكت فقال: ويلك أنت على ذاك الذي عهدت فالتفت إلي غلامه نفنف فقال: خذ برجله ابن كذى و كذا قال: قلت: يا أبا علي إن هجرتني وصلتك و إن وصلتني وددتك و إن جفوتني زرتك و لا سبيل إلى إخبارك بهذا الذي أنا فيه، فلم يزل كذلك حينا حتى توفي عبد اللّه بن طاهر.
قال: فلقيت دعبلا يوما بكرخ بغداد فضحكت، فقال: ليس لضحكك هذا آخر يا ابن الفاعلة، قال: فقلت له: امض بنا فقد فرج اللّه عني و عنك، فذهبت به إلى منزلي فطعمنا و أخبرته الخبر على جهته، فقال: و يلي على ابن العوراء الفاعلة، و اللّه لو أعلمتني قبل وفاته لأعلمتك كيف كانت تكون حاله، قال: قلت: هو و اللّه كان أبصر منك، و أعرف بك إذ أخذ عليّ في أمرك ما أخذ، ثم أمسك متعجبا.
أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن بن سعيد، قال: ثنا و أبو النجم بدر بن عبد اللّه، أنبأ أبو بكر الخطيب (1)،أخبرني عبيد اللّه بن [أبي] (2) الفتح، أنا محمّد بن العباس الخزّاز، نا محمّد بن خلف بن المرزبان المحولي، حدّثني إسحاق بن محمّد بن أبان، قال: كنت قاعدا مع دعبل بن علي بالبصرة، و على رأسه غلام يقال له نفنف فمر به أعرابي يرفل في ثياب خزّ فقال لغلامه: ادع هذا الأعرابي إلينا، فأومأ الغلام إليه فجاء، فقال له دعبل: ممن الرجل ؟ فقال: رجل من بني كلاب، قال: من أي بني كلاب ؟ قال:
من ولد أبي بكر، قال: أ تعرف الذي يقول (3):
و نبّئت كلبا من كلاب يسبّني *** و محض كلاب يقطع الصّلوات
فإن أنا لم أعلم كلابا بأنها *** كلاب، و أني باسل النقمات
ص: 271
فكان إذا من قيس عيلان والدي *** و كانت إذا أمي من الحبطات (1)
يعني بني تميم و هم أعدى الناس لليمن، قال أبو يعقوب: و هذا الشعر لدعبل في عمرو بن عاصم الكلابي، فقال له الأعرابي: ممن أنت ؟ فكره أن يقول له من خزاعة، فقال: أنا أنتمي إلى القوم الذين يقول فيهم الشاعر:
أناس عليّ الخير منهم و جعفر *** و حمزة و السجاد ذو الثّفنات
إذا افتخروا يوما أتوا بمحمّد *** و جبريل و القرآن و السورات (2)
و هذا الشعر أيضا له، قال: فوثب الأعرابي و هو يقول: محمّد و جبريل و القرآن و السورات ما إلى هؤلاء مرتقى ما إلى هؤلاء مرتقى.
أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، و أبو الوحش سبيع بن المسلّم، عن أبي الحسن رشأ بن نظيف، أنا أبو الحسن محمّد بن جعفر النهدي بالكوفة، أنا أبو [بكر] الصولي، أخبرني أبو عبد اللّه الألوسي، أخبرني أبو محمّد الخزاعي المكي صاحب كتاب مكة، عن الأزرقي، قال: بلغ دعبلا أن أبا تمام قد هجاه عند قوله قصيدته التي ردّ فيها على الكميت و هي:
أفيقي من ملامك يا ظعينا *** كفاك الشيب مرّ الأربعينا (3)
فقال أبو تمام (4):
نقضنا للحطيئة ألف بيت *** فذاك الحي يغلب ألف ميت
كذلك دعبل يرجوا شفاها *** و حمقا أن ينال مدى الكميت
إذا ما الحيّ ناقض حثو رمس *** فذلكم ابن فاعلة بزيت
فقال دعبل (5):
ص: 272
يا (1) عجبا من شاعر مفلق *** آباؤه في طيئ تنمي
أتيته يشتم من جهله *** أمّي (2) و ما أصبح من همّي
فقلت: لكن (3) حبّذا أمّه *** طاهرة زاكية علمي
كذبت و اللّه على أمّه *** ككذبه أيضا على أمّي
قال: أنا الصولي: و قد رويت الأبيات الثانية لأبي سعد المخزومي و رويت أيضا لغير دعبل في أبي تمام.
أخبرنا أبو السعادات أحمد بن أحمد المتوكلي، أنبأ أبو بكر الخطيب، أنا أبو علي المقرئ، أنا محمّد بن جعفر التميمي، أنشدنا أبو علي المنصوري لدعبل بن علي:
قوم إذا أكلوا أخفوا كلامهم *** و استوثقوا من لزوم الباب و الدار
لا يقبس الجار منهم فضل نارهم *** و لا تكف يد عن حرمة الجار
أخبرنا أبو القاسم الحسين بن الحسن بن محمّد، أنا أبو البركات بن طاوس، أنا علي بن المحسّن التنوخي، أنبأ أبو عمر بن حيّوية، أنا أبو بكر محمّد بن خلف بن المرزبان إجازة، قال: أنشد لدعبل بن علي الخزاعي (4):
عدوّ راح في ثوب الصديق *** شريك في الصّبوح و في الغبوق
له وجهان: ظاهره ابن عم *** و باطنه ابن زانية (5) عتيق
يسرك مقبلا و يسوؤك غيبا *** كذلك يكون أولاد الطريق
أخبرنا أبو الحسن بن سعيد، نا و أبو النجم الشّيحي، أنا أبو بكر الخطيب (6)، أخبرني أبو عبد اللّه محمّد بن عبد الواحد، أنا محمّد بن العباس، أنا محمّد بن خلف بن
ص: 273
المرزبان، أخبرني أحمد بن منصور، قال: أهدى بعض العمال إلى دعبل بن علي برذونا فوجده زمنا فردّه و كتب إليه (1):
و أهديته زمنا فانيا *** فلا للركوب و لا للثمن (2)
حملت على زمن شاعرا (3) *** فسوف تكافأ بشعر زمن
و قال محمّد بن خلف: أخبرني عبد الرّحمن بن حبيب، قال: قدم صديق لدعبل من الحج فوعده أن يهدي له نعلا فأبطأت عليه، فكتب إليه (4):
و عدت النعل ثم صدفت عنها *** كأنها تبتغي شتما و قذفا
فإن لم تهد لي نعلا فكنها *** إذا أعجمت بعد النون حرفا
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، و أبو الفضل أحمد بن الحسن بن هبة اللّه، قالا: أنا أبو الخطاب عبد الملك بن أحمد بن عبد اللّه الخطيب، أنا أبو عبد اللّه الحسين بن محمّد بن جعفر الجائع، أنا سليمان بن أحمد الطّبراني، أنشدنا أبو العباس المبرّد، أنشدنا دعبل لنفسه ح.
و أخبرنا أبو السعادات المتوكلي، أنا أبو بكر أحمد بن علي، أنا أبو علي الحسن بن علي بن عبد اللّه المقرئ، أنا أبو الحسن محمّد بن جعفر التميمي الكوفي، أنشدنا أبو بكر الصولي لدعبل بن علي الخزاعي (5):
رأيت أبا عمران يبذل عرضه *** و خبز أبي عمران في أحرز الحرز
يحن إلى جاراته بعد شبعه (6) *** و جاراته غرثى تحنّ إلى الخبز
أنبأنا أبو طالب الحسين بن محمّد الزينبي، و حدّثنا عمي رحمه اللّه لفظا، أنا أبو طالب الزينبي قراءة، أنبأ أبو القاسم عبيد اللّه بن أحمد بن عثمان الأزهري، أنا أبو
ص: 274
عمر بن حيّوية الخزاز، نا أبو مزاحم موسى بن عبيد اللّه بن خاقان، قال: قال الحارث - يعني ابن أبي أسامة - و أنشدني - يعني محمّد بن يحيى - لدعبل - يعني ابن علي- (1):
شهدت الزطاطي (2) في مجلس *** و قد كان عندي بغيضا مقيتا
فقال: اقترح بعض ما تشتهي *** فقلت: اقترحت عليك السكوتا
أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد اللّه بن كادش - فيما قرأ علي إسناده، و ناولني إياه، و قال اروه عني - أنبأ محمّد بن الحسن، أنبأ أبو الفرج المعافا بن زكريا القاضي (3)،نا محمّد بن يحيى، حدّثني عون بن محمّد، قال: لما هجا دعبل المطّلب بن عبد اللّه بن مالك الخزاعي فقال (4):
اضرب ندى طلحة الطلحات متئدا *** ببخل (5) مطّلب فينا و كن حكما
تخرج خزاعة من لؤم و من كرم *** فلا تعدّلها لؤما: و لا كرما
و يروى:«تسلم خزاعة» فدعاه بعد ذلك المطّلب، فلما دخل عليه قال: و اللّه لأقتلنك لهجائك لي، فقال له: فأشبعني إذا و لا تقتلني جائعا، فقال: قبحك اللّه هذا أهجا من الأول، ثم وصله فحلف أنه يمدحه ما عاش فقال فيه (6):
سألت الندى لا عدمت الندى *** و قد كان منا زمانا عزب
فقلت له؛ طال عهد اللقاء *** فهل غبت باللّه أم لم تغب
فقال: بلى، لم أزل غائبا *** و لكن قدمت مع المطلب
قال القاضي: و في هذا الخبر ما دلّ [على] (7) دهاء دعبل و لطف حيلته، و أنبأ عن ذكاء المطّلب و دقة فطنته، و قد روي مثل هذا عن معن بن زائدة، و أتى بجماعة قد عاثوا في عمله فأمر بقتلهم، فقال له أحدهم: أعيذك باللّه أن تقتلنا عطاشا، فأمر بإحضار ماء
ص: 275
يسقونهم فأحضر فلما شربوا قال: أيها الأمير لا تقتل أضيافك، فقال: أولى لك، و أمر بتخليتهم.
قال: و أنا المعافا، نا محمّد بن يحيى الصولي، نا عون، أنشدني دعبل لنفسه يرثي المطّلب (1):
مات الثلاثة لما مات مطّلب *** مات الحياء و مات الرعب و الرّهب
للّه أربعة قد ضمها كفن *** أضحى يعزى بها الإسلام و العرب
يا يوم مطّلب أصحبت أعيننا *** دمعا يدوم لها ما دامت الحقب
هذي خدود بني قحطان قد لصقت *** بالتّرب منذ استوى من فوقك الترب
قال القاضي: قول دعبل في شعره في الخبر المتقدم:«اضرب ندى طلحة الطلحات» اسكن اللام في قوله الطّلحات للضرورة و حقها التحريك، و العرب تقول طلحة الطّلحات و حمزة و حمزات و تمرة و تمرات و جمرة و جمرات و مثله الرّكعات و السّجدات بفتح عين الفعل من فعلات في الأسماء من هذا الباب، ما لم تكن العين واوا أو ياء أو ألفا و قد أسكن الراجز العين من الاسم في الباب الذي وصفت فقال:
على (2) صروف الدهر أو دلاتها *** تديلنا اللّمة من لماتها
فتستريح النفس من زفراتها
بعث إليّ أبو الغيث منقذ بن مرشد بن علي بن المقلد كتابا كان لأبيه أبي سلامة جمعه أبو غالب همّام بن الفضل بن جعفر بن علي بن المهذب المضري في التواريخ فكان فيه سنة عشرين و مائتين فيها قتل المعتصم باللّه دعبل بن علي الخزاعي لهجائه له، و كان قد استجار بغير الرشيد بطوس فلم يجره كذا ذكر هذا المعري و لا أدري عمن أخذ ذلك، و الصحيح في هلاكه غير ذلك.
أخبرنا أبو الحسن بن سعيد، ثنا و أبو النجم بدر بن عبد اللّه، أنبأ أبو بكر الخطيب (3)،أنا بشرى بن عبد اللّه الرومي، نا عمر بن أحمد بن يوسف الوكيل، حدّثني
ص: 276
محمّد بن القاسم المعروف بابن أخي السوس، قال: قال أبو القاسم إسماعيل بن علي الخزاعي: ولد دعبل سنة ثمان و أربعين و مائة، و مات سنة ست و أربعين و مائتين - بالطّيب (1)-فعاش سبعا و تسعين سنة و شهورا من سنة ثمان، و يكنى أبا علي، و اسمه عبد الرّحمن بن علي، و إنما لقبته دايته لدعابة كانت فيه، فأرادت ذعبلا فقلبت الذال دالا.
و بلغني أن سبب وفاته أنه هجا مالك بن طوق التّغلبي، فبعث إليه رجلا ضمن له عشرة آلاف درهم، و أعطاه سمّا فلم يزل يطلبه حتى وجده قد نزل في قرية بنواحي السّوس (2)،فاغتاله في وقت من الأوقات بعد صلاة العتمة فضرب ظهر قدمه بعكازة لها زجّ مسموم فمات من غد، و دفن بتلك القرية، و قيل: بل حمل إلى السّوس فدفن بها (3).
أبو محمّد السختياني (4) الفقيه الثقة، نزيل بغداد (5)
سمع بدمشق أبا (6) الحسن بن جوصا، و بمكة: علي بن عبد العزيز البغوي، و بخراسان: محمّد بن إبراهيم البوشنجي (7)،و جعفر بن محمّد بن الحسين الترك، و محمّد بن عمرو الحرسي كشمرد (8)،و أبا بكر بن خزيمة، و محمّد بن إسحاق بن راهوية، و عبد اللّه بن محمّد بن شيرويه (9)،و الحسن بن سفيان، و أبا العباس أحمد بن خالد الدامغاني، و أحمد بن محمّد بن مهدي الهروي، و بالري: علي بن الحسين بن الجنيد، و محمّد بن أيوب، و بالعراق: العباس بن الفضل الأسفاطي (10)،
ص: 277
و هشام بن علي السّدوسي، و عبد العزيز بن معاوية، و أبا المثنى الحسن بن مثنى بن معاذ العنبري، و أحمد بن علي الأبّار، و بشر بن موسى، و عبد اللّه بن أحمد بن حنبل، و محمّد بن سليمان بن الحارث الواسطي، و ابنه محمّد بن محمّد بن سليمان، و يوسف بن يعقوب القاضي، و أبا مسلم إبراهيم بن عبد اللّه الكجّي، و محمّد بن غالب بن حرب التمتام، و موسى بن هارون الحمّال (1)،و عبد اللّه بن أحمد بن الحسن الحرّاني، و أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، و جعفر بن محمّد بن الحسن الفريابي، و أحمد بن إبراهيم بن ملحان، و أبوي بكر بن أبي داود، و عبد اللّه بن محمّد بن إياد، و أبا القاسم البغوي، و خلقا غيرهم.
روى عنه: أبو عمر بن حيّوية، و أبو الحسن الدارقطني، و الحاكم أبو عبد اللّه الحافظ ، و أبو أحمد عبيد اللّه بن محمّد بن أحمد بن أبي مسلم الفرضي، و أبو الحسين بن جميع الصّيداوي، و أبو الفضل أحمد بن أبي عمران الهروي، و أبو محمّد الحسن بن إسماعيل الضّرّاب، و أبو عبد اللّه أحمد بن عمر بن محمّد الحيري، و أبو علي بن شاذان، و محمّد بن أحمد بن روق البزّار، و أبو الحسين بن الفضل القطان، و علي و عبد الملك ابنا بشران، و علي بن أحمد الرزاز، و أحمد بن علي البادا (2)و غيرهم.
كتب إليّ أبو الحسن علي بن محمّد بن يوسف بن العلاّف المقرئ، و أخبرني أبو طاهر محمّد بن محمّد بن عبد اللّه السنجي بمرو عنه، أنبأ أبو الحسن بن الحمّامي، أنبأ دعلج بن أحمد بن دعلج، نا موسى بن إبراهيم، و أنا سألته، نا الحارث بن عبد اللّه الهمذاني بهمذان (3)،نا هشيم، عن عاصم بن كليب، عن علقمة بن وائل، عن أبيه، قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم إذا ركع فرج أصابعه، و إذا سجد ضم أصابعه الخمس[4128].
قال أبو محمّد دعلج: حدّثنا عبد اللّه بن علي بن الجارود، نا محمّد بن إسحاق بن خزيمة، حدّثني موسى بن هارون، قال الجارودي: ثم لقيت موسى بن هارون، فحدّثني به.
ص: 278
قال أبو محمّد دعلج، و حدّثناه ابن خزيمة، قال: حدّثني موسى بن هارون، قال أبو محمّد: ثم لقيت موسى بن هارون فحدّثني به.
أنبأنا أبو المظفّر بن القشيري عن محمّد بن علي بن محمّد، أنا أبو عبد الرّحمن السّلمي، أنا أبو الحسن الدارقطني، قال: سمعت دعلج بن أحمد يقول: دخلت دمشق و كتب لي عن ابن جوصا جزء.
كتب إلي أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن مندة، و حدّثني أبو بكر اللفتواني عنه، أنبأ عمي أبو القاسم عن أبيه أبي عبد اللّه، قال: قال: أنا أبو سعيد بن يونس:
دعلج بن أحمد بن دعلج، يكنى أبا محمّد سجستاني سكن بغداد و قدم منها إلى مصر، و حدّث بها عن أهل خراسان و عن أهل بغداد، و كان ثقة (1).
كتب إليّ أبو نصر بن القشيري، أنا أبو بكر البيهقي، أنا أبو عبد اللّه الحافظ ، قال: دعلج بن أحمد بن دعلج الفقيه أبو محمّد السّجزي شيخ أهل الحديث في عصره، له صدقات جارية على أهل الحديث بمكة و بغداد و سجستان، و كان أول رحلة له إلى نيسابور ثم انصرف مرة أخرى بعد دخوله العراق إلى نيسابور، فسمع المصنفات من أبي بكر بن خزيمة، و كان يفتي على مذهبه، سمعته يقول ذلك، ثم إنه سكن مكة و جاور بها ثم انتقل إلى بغداد (2).
أخبرنا أبو الحسن بن سعيد، ثنا و أبو النجم بدر بن عبد اللّه، أنبأ أبو بكر الخطيب، قال (3):دعلج بن أحمد بن دعلج بن عبد الرّحمن أبو محمّد السّجستاني المعدل، سمع الحديث ببلاد خراسان، و بالري، و حلوان، و بغداد، و البصرة، و الكوفة، و مكة، و كان من ذوي اليسار و الأحوال، و أحد المشهورين بالبر و الإفضال، و له صدقات جارية، و وقوف محبسة على أهل الحديث ببغداد، و بمكة، و سجستان، و كان جاور بمكة زمانا، ثم سكن بغداد و استوطنها، و حدث بها عن محمّد بن عمرو الحرشي، و محمّد بن النضر الجارودي، و جعفر بن محمّد الترك، و عبد اللّه بن شيرويه
ص: 279
النيسابوريين، و عن عثمان بن سعيد الدارمي، و علي بن محمّد بن عيسى الجكّاني (1)الهرويين (2)،و عن محمّد بن إبراهيم البوشنجي (3)،و الحسن بن سفيان النّسوي، و محمّد بن أيوب، و علي بن الحسين بن الجنيد الرازيين، و إبراهيم بن زهير الحلواني، و محمّد بن رمح البزّاز، و محمّد بن أحمد بن البراء العبدي، و أحمد بن القاسم بن المساور، و محمّد بن شاذان الجوهريين، و محمّد بن سليمان الباغندي، و محمّد بن غالب التمتام، و بشر بن موسى الأسدي، و علي بن الحسن بن بنان (4) الباقلاني، و إسحاق بن الحسن الجرمي (5)،و عبد اللّه بن أحمد بن حنبل، و أحمد بن علي الأبّار، و موسى بن هارون الحافظ ، و معاذ بن المثنى العنبري، و أبي مسلم الكجّي، و عبيد اللّه بن موسى الإصطخري، و محمّد بن يحيى بن المنذر القزاز البصري، و عباس بن الفضل الاسفاطي (6)،و عبد العزيز بن معاوية القرشي، و أحمد بن موسى الحمّار (7) الكوفي، و محمّد بن عبد اللّه الحضرمي، و علي بن عبد العزيز البغوي، و محمّد بن علي بن زيد الصائغ المكي، و خلق كثير سوى هؤلاء، روى عنه أبو عمر بن حيّوية، و أبو الحسن الدارقطني، و حدّثنا عنه أبو الحسن بن رزقويه، و أبو الحسين بن الفضل، و علي و عبد الملك ابنا بشران، و علي بن أحمد الرزاز، و أحمد بن علي البادا، و أحمد بن عبد اللّه بن المحاملي، و غيلان بن محمّد السمسار، و أبو علي بن شاذان و غيرهم، و كان ثقة ثبتا، قبل الحكام شهادته، و أثبتوا عدالته و جمع له المسند، و حديث شعبة و مالك و غير ذلك، و بلغني أنه بعث بكتابه المسند إلى أبي العباس بن عقدة لينظر فيه، و جعل في الأجزاء بين كل ورقتين دينارا، و كان أبو الحسن الدارقطني هو الناظر في أصوله و المصنف له كتبه، فحدّثني القاضي أبو العلاء الواسطي عن الدارقطني، قال:
صنفت لدعلج المسند الكبير، فكان إذا شك في حديث ضرب عليه، و لم أر في مشايخنا
ص: 280
أثبت منه، قال لي أبو العلاء: و قال عمر بن جعفر البصري: ما رأيت ببغداد ممن انتخبت عليهم أصح كتبا و لا أحسن سماعا من دعلج بن أحمد.
قرأت على أبي محمّد السّلمي، عن أبي محمّد التميمي، قال: كتب إليّ أبو ذر عبد [بن] (1) أحمد، و حدّثني عبد الغفار بن عبد الواحد عنه، قال: سمعت علي بن عمر و ذكر حكاية عن دعلج، ثم قال: كان أبو محمّد قليل الهزو، سمعت أن معزّ الدولة استرجع من غلامه جاشتبكين و أشهد عليه العدول و هو من وراء الستر فشهدوا، فلما شهد الناس قالوا لدعلج: اشهد، قال: أين المشهود عليه ؟ لعله مقيد لعلّه مكره، أبرزوه لي حتى أراه و كان خلف الستر، فقال معزّ الدولة: ما كان فيهم مسلم غيره.
قال أبو ذر: و سمعت أن أول مال أخذه معزّ الدولة من المواريث مال دعلج خلّف ثلاثمائة ألف مثقال ذهبا، فقال معز الدولة: دغرا (2) ما أريده فقالوا: إنه كثير فأخذه (3).
كتب إليّ أبو نصر بن القشيري، أنا أبو بكر البيهقي، أنا أبو عبد اللّه الحافظ ، قال: سمعت علي بن عمر الحافظ يقول: صنفت لدعلج المسند الكبير فكان إذا شك في حديث ضرب عليه، و لم أر في مشايخنا أثبت منه.
قال: و سمعت عمر بن جعفر البصري يقول: ما رأيت ببغداد فيمن انتخبت عليهم أصح كتبا و لا أحسن سماعا من دعلج بن أحمد (4).
أنبأ أبو المظفّر بن القشيري، عن محمّد بن علي بن محمّد، أنبأ أبو عبد الرّحمن السلمي، قال: و سألته - يعني الدارقطني - عن دعلج بن أحمد فقال: الثقة المأمون ملازم أصوله و كتبه (5).
أخبرنا أبو القاسم السّمرقندي، أنا إسماعيل بن مسعدة، أنا حمزة بن يوسف، قال: سئل أبو الحسن الدارقطني عن دعلج بن أحمد فقال: كان ثقة مأمونا، و ذكر له قصة في أمانته و فضله و نبله (6).
ص: 281
أخبرنا أبو الحسن بن سعيد، قال: حدّثنا و أبو النجم بدر بن عبد اللّه، قال: أنا أبو بكر الخطيب (1)،حدّثني أبو القاسم الأزهري، عن أبي عمر محمّد بن العباس بن حيّوية، قال: أدخلني دعلج إلى داره و أراني بدرا من المال معبأة في منزله، و قال لي: يا أبا عمر خذ من هذه ما شئت، فشكرت له، و قلت: أنا في كفاية و غنى عنها فلا حاجة لي فيها.
قال الخطيب (2):و حكى لي القاضي أبو العلاء الواسطي، عن دعلج أنه سئل عن سبب مفارقته مكة بعد أن سكنها، فقال: خرجت ليلة من المسجد فتقدم ثلاثة من الأعراب فقالوا: أخ لك من أهل خراسان قتل أخانا. فنحن نقتلك به. فقلت: اتقوا اللّه فإن خراسان ليست بمدينة واحدة، فلم أزل أداريهم إلى أن اجتمع الناس و خلوا عني.
فكان هذا سبب انتقالي إلى بغداد. و كان يقول ليس في الدنيا مثل داري، و ذلك أنه ليس في الدنيا مثل بغداد، و لا ببغداد مثل القطيعة، و لا في القطيعة مثل درب أبي خلف، و ليس في الدرب مثل داري.
قال (3):و حدّثني أبو بكر محمّد بن علي بن عبد اللّه الحداد - و كان من أهل الدين و القرآن و الصلاح - عن شيخ سماه، فذهب عني حفظ اسمه، قال: حضرت يوم جمعة مسجد الجامع بمدينة المنصور، فرأيت رجلا بين يدي في الصف حسن الوقار ظاهر (4)الخشوع دائم الصلاة لم يزل يتنفل مذ دخل المسجد إلى قرب قيام الصلاة، قال: ثم جلس، قال: فغلبني هيبته و دخل قلبي محبته، ثم أقيمت الصلاة فلم يصلّ مع الناس الجمعة، فكبر عليّ ذلك من أمره، و تعجبت من حاله، و غاظني فعله، فلما قضيت الصلاة تقدمت إليه و قلت له: أيها الرجل ما رأيت أعجب من أمرك أطلت النافلة و أحسنتها و تركت الفريضة و ضيعتها، فقال: يا هذا إن لي عذرا و لي علة منعتني عن الصلاة، قلت: و ما هي ؟ قال: أنا رجل على دين اختفيت في منزلي مدة بسببه، ثم حضرت اليوم الجامع للصلاة فقبل أن تقام التفت فرأيت صاحبي الذي له الدين عليّ ورائي، فمن خوفه أحدثت في ثيابي فهذا خبري. فأسألك باللّه إلاّ سترت عليّ و كتمت
ص: 282
أمري، قال: فقلت: و من الذي له عليك الدين ؟ قال: دعلج بن أحمد، قال: و كان إلى جانبه صاحب لدعلج قد صلّى و هو لا يعرفه فسمع هذا القول و مضى في الوقت إلى دعلج فذكر له القصة، فقال له دعلج: امض إلى الرجل و احمله إلى الحمام، و اطرح عليه خلعة من ثيابي، و أجلسه في منزلي حتى انصرف من الجامع. ففعل الرجل ذلك فلما انصرف دعلج إلى منزله أمر بالطعام فأحضر و أكل هو و الرجل ثم أخرج حسابه فنظر فيه، و إذا له عليه عليه خمسة آلاف درهم، فقال له: انظر لا يكون عليك في الحساب غلط ، أو نسي لك نقد، فقال الرجل: لا، فضرب دعلج على حسابه و كتب تحته علامه الوفاء ثم أحضر الميزان و وزن خمسة آلاف درهم، و قال له: أما الحساب الأول فقد حللناك مما بيننا و بينك فيه، و أسألك أن تقبل هذه الخمسة آلاف الدرهم و تجعلنا في حلّ من الروعة التي دخلت قلبك برؤيتك إيانا في مسجد الجامع، أو كما قال.
قال (1):و حدّثني أبو منصور محمّد بن محمّد بن أحمد العكبري، حدّثني أبو الحسين أحمد بن الحسين الواعظ ، قال: أودع أبو عبد اللّه بن أبي موسى الهاشمي عشرة آلاف دينار ليتيم فضاقت يده و امتدت إليها، فأنفقها، فلما بلغ الغلام مبلغ الرجال أمر السلطان بفك الحجرة عليه، و تسليم ماله إليه، و تقدم إلى ابن أبي موسى يحمل المال ليسلم إلى الغلام، قال ابن أبي موسى: فلما تقدم إليّ بذلك ضاقت علي الأرض بما رحبت، و تحيرت في أمري، لا أعلم من أي وجه أغرم المال، فبكرت من داري، و ركبت بغلتي، و قصدت الكرخ لا أعلم أين أتوجه، فانتهت بي البغلة إلى درب السلولي، و وقفت بي على باب مسجد دعلج بن أحمد، فثنيت رجلي و دخلت المسجد فصليت خلفه صلاة الفجر، فلما سلم انفتل إليّ و رحب بي و قام و قمت معه و دخل إلى داره فلما جلسنا جاءته الجارية بمائدة لطيفة و عليها هريسة، فقال: يأكل الشريف ؟ فأكلت و أنا لا أحصل أمري، فلما رأى تقصيري قال: أراك منقبضا، فما الخبر؟ فقصصت عليه القصة، و انني أنفقت المال، فقال: كل فإن حاجتك تقضى، ثم أحضر حلواء فأكلنا، فلما رفع الطعام و غسلنا أيدينا قال: يا جارية افتحي ذلك الباب فإذا خزانة مملوءة زبلا (2) مجلدة فأخرج إليّ بعضها و فتحها إلى أن أخرج النقد الذي كانت الدنانير
ص: 283
منه، و استدعى الغلام و التخت (1) و الطيار (2).فوزن عشرة آلاف دينار و بدّرها و قال:
يأخذ الشريف هذه ؟ فقلت: يثبتها الشيخ عليّ ، فقال أفعل، و قمت و قد كاد عقلي يطير فرحا. فركبت بغلتي و تركت الكيس على القربوس (3) و غطيته بطيلساني و عدت إلى داري و انحدرت إلى دار السلطان بقلب قوي و جنان ثابت، فقلت: ما أظن إلاّ أنه قد استشعر في أني قد أكلت مال اليتيم، و استبددت (4) به، و المال فقد أخرجته، فأحضر قاضي القضاة و الشهود و النقباء و ولاة العهود، و أحضر الغلام و فك حجره، و سلم المال إليه، و عظم الشكر لي و الثناء عليه فلما عدت إلى منزلي استدعاني أحد الأمراء من أولاد الخليفة، و كان عظيم الحال فقال: قد رغبت في معاملتك و تضمينك أملاكي ببادوريا (5)و نهر الملك (6)،فضمنت ذلك بما تقرر بيني و بينه من المال، و جاءت السنة و وفيته و حصل في يدي من الربح ما له قدر كثير (7)،و كان ضماني لهذه الضياع ثلاث سنين. فلما مضت حسبت حسابي و قد تحصل في يدي ثلاثون ألف دينار، فعزلت عوض العشرة آلاف التي أخذتها من دعلج و حملتها إليه، و صلّيت معه الغداة فلما انفتل من صلاته و رآني نهض معي إلى داره (8)،و قدم المائدة و الهريسة فأكلت بجأش ثابت و قلب طيب، فلما قضينا الأكل قال لي خبرك (9) و حالك ؟ فقلت: بفضل اللّه و بفضلك قد أفدت بما فعلته معي ثلاثين ألف دينار، و هذه منها عشرة آلاف دينار عوض الدنانير التي أخذتها منك، فقال: يا سبحان اللّه، و اللّه ما خرجت الدنانير عن يدي و نويت آخذ عوضها، حلّ بها الصبيان. فقلت له: أيها الشيخ إيش هذا المال حتى يهب لي عشرة آلاف دينار؟ فقال نشأت و حفظت القرآن و سمعت الحديث، و كنت أتبزز، فوافاني رجل من تجار البحر فقال لي: أنت دعلج بن أحمد؟ فقلت: نعم، فقال: قد رغبت في تسليم مالي إليك
ص: 284
لتتجر به. فما سهل اللّه من فائدة كانت بيننا، و ما كان من جائحة كانت في أصل مالي، و سلّم إليّ بارنامجات بألف ألف درهم و قال لي: ابسط يدك و لا تعلم موضعا ينفق فيه هذا المتاع إلاّ حملته إليه، و استبنت فيه الكفاءة و لم يزل يتردد إليّ سنة بعد سنة يحمل إليّ مثل هذا و البضاعة تنمي، فلما كان في آخر سنة اجتمعنا فيها قال لي: أنا كثير الأسفار في البحر فإن قضى اللّه عليّ بما قضاه على خلقه فهذا المال لك على أن تصدق منه و تبني المساجد و تفعل الخير فأنا أفعل مثل هذا، و قد ثمر اللّه المال في يدي، فأسألك أن تطوي هذا الحديث أيام حياتي.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم الخطيب، نا أبو بكر أحمد بن علي الحافظ ، نا محمّد بن الحسين القطان، قال: توفي دعلج بن أحمد في سنة إحدى و خمسين و ثلاثمائة.
و أخبرنا أبو الحسن بن سعيد، نا و أبو النجم الشيحي (1)،أنا أبو بكر الخطيب، قال (2):أنا محمّد بن الحسين بن الفضل القطان، و الحسن بن أبي بكر بن شاذان، قالا: توفي دعلج بن أحمد يوم الجمعة لإحدى عشرة ليلة بقيت،- و قال: ابن شاذان - لعشر بقين من جمادى الآخرة سنة إحدى و خمسين و ثلاثمائة.
أنبأنا أبو عبد اللّه الفراوي و غيره، نصر (3) بن القشيري، عن أبي بكر البيهقي، أنا أبو عبد اللّه الحافظ ، قال: توفي أبو محمّد دعلج بن أحمد ببغداد في عشر ذي الحجة من سنة ثلاث و خمسين و ثلاثمائة، و هو ابن أربع أو خمس و تسعين سنة، و كان السلطان بها لا يتعرض للتركات ثم لم يصبروا عن أموال دعلج إذ لم يكن في الدنيا على ما يقال أيسر منه من التجار، فقبضوا على أمواله إلاّ الأوقاف.
ص: 285
ذكر من اسمه (1) دغفل
2085 - دغفل بن حنظلة بن زيد (2) بن عبدة بن عبد اللّه
ابن ربيعة بن عمرو بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة
ابن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب
ابن أفصى بن دعميّ بن جديلة بن أسد بن ربيعة
السّدوسي الذّهلي الشّيباني النسابة (3)
يقال إن له صحبة، و يقال: لا صحبة له.
روى عن النبي صلى اللّه عليه و سلّم.
روى عنه الحسن البصري، و محمّد بن سيرين، و عبد اللّه بن بريدة، و سعيد بن أبي الحسن.
و استقدمه معاوية فقدم عليه و أمره أن يعلم ابنه يزيد.
أخبرنا أبو المظفّر بن القشيري، أنا أبو سعد الجنزرودي، أنا أبو عمرو بن حمدان الفقيه ح.
و أخبرتنا أم المجتبى قالت: قرئ على إبراهيم بن منصور، أنا محمّد بن إبراهيم بن المقرئ، قالا: أنا أبو يعلى، نا أبو هشام زاد ابن المقرئ: الرفاعي - نا
ص: 286
معاذ بن هشام، حدّثني - و في حديث ابن حمدان نا - أبي عن و في حديث ابن حمدان:
نا - قتادة عن الحسن، عن دغفل: أن النبي صلى اللّه عليه و سلّم توفي و هو ابن خمس و ستين.
أخبرنا أبو طالب علي بن عبد الرّحمن بن أبي عقيل، أنبأ علي بن الحسن الفقيه، أنا أبو محمّد بن النحاس، نا أبو سعيد بن الأعرابي، نا أبو سعيد عبد الرّحمن بن محمّد بن منصور الحارثي ح.
و أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنبأ شجاع بن علي، أنا أبو عبد اللّه بن مندة ح.
و أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن غانم بن أحمد، أنا عبد الرّحمن بن أبي عبد اللّه، أنبأ أبي، أنا إسماعيل بن محمّد البغدادي، و أحمد بن محمّد بن زياد، و عبد اللّه بن عبد الرّحمن بن حمّاد العسكري، قالوا: حدّثنا عبد الرّحمن بن محمّد بن منصور، نا معاذ بن هشام، نا أبي، عن قتادة، عن الحسن، عن دغفل قال: كان على النصارى صوم شهر رمضان فمرض ملك منهم فقال: لئن شفاه اللّه ليزيدن عشرة أيام، ثم كان ملك بعده فأكل لحما فوجع فاه، فقال: لئن شفاه اللّه ليزيدن سبعة أيام، ثم كان ملك بعده فقال: ما ندع (1) هذه الثلاثة الأيام أن نتمها (2) و نجعل صومنا في الربيع ففعل فكانت خمسين يوما، و اللفظ لابن مندة، رواه إسحاق بن راهوية، عن معاذ بن هشام بهذا الإسناد و رفعه (3)إلى النبي صلى اللّه عليه و سلّم. و أخرجه البخاري في تاريخه عن إسحاق مرفوعا.
قرأنا على أبي عبد اللّه يحيى بن الحسن، عن أبي تمام الواسطي، أنا محمّد بن عبيد، أنا محمّد بن الحسين، أنا أبو بكر بن أبي خيثمة، أنا الفضل بن غانم، نا سلمة، عن أبي إسحاق، قال: بنو عمرو رهط دغفل العلامة من ولد عليا بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معدّ بن عدنان.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن، و أبو الفضل أحمد بن الحسن ح.
ص: 287
و أخبرنا أبو العز ثابت بن منصور، أنا أبو طاهر، قالا: أنا محمّد بن الحسن بن أحمد، نا محمّد بن أحمد بن إسحاق، نا عمر بن أحمد بن إسحاق، نا خليفة بن خيّاط ، قال (1):في ذكر التابعين من أهل البصرة من بني سدوس بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي: دغفل بن حنظلة بن زيد بن عبدة بن عبد اللّه بن ربيعة بن عمرو بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الخلال، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا حمد بن عبد اللّه إجازة، قال: و أنا أبو طاهر بن سلمة، أنا علي بن محمّد، قالا: أنا أبو محمّد بن أبي حاتم قال (2):أنا حرب بن إسماعيل فيما كتب إليّ ، قال: قلت لأحمد بن حنبل: دغفل بن حنظلة له صحبة ؟ قال: ما أعرفه، قال أبو محمّد - يعني لا يعرف له صحبة أم لا-.
أنبأنا أبو الفضل محمّد بن ناصر، و أبو القاسم إسماعيل بن محمّد، قالا: أنا أبو الحسين الصيرفي، أنا أبو إسحاق البرمكي، أنا أبو بكر محمّد بن عبد اللّه، أنا أبو حفص الجوهري، نا أحمد بن محمّد بن هانئ الأثرم، عن أبي عبد اللّه أحمد بن حنبل، قال:
قد سمعت منه - يعني معاذ بن هشام - حديث دغفل بن حنظلة أن النبي صلى اللّه عليه و سلّم قبض و هو ابن خمس و ستين، قلت لأبي عبد اللّه: دغفل بن حنظلة له صحبة فقال: لا، من أين له صحبة، هذا كان صاحب نسب، قيل لأبي عبد اللّه روي عنه غير هذا الحديث، فقال:
نعم، حديث آخر يرويه أبان العطار:«كان على النصارى صوم» قال أبو عبد اللّه: لا أعلمه روي عن دغفل غيرهما (3).
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا ثابت بن بندار، أنا أبو [العلاء] (4) الواسطي، نا محمّد بن أحمد البابسيري، أنا......... (5)
أخبرنا أبو الأعز قراتكين بن الأسعد، أنا أبو محمّد الجوهري، أنا علي بن
ص: 288
محمّد بن أحمد، أنا محمّد بن الحسين بن شهريار، نا أبو حفص الفلاس (1)،قال:
دغفل بن حنظلة و ليس بصحيح أنه سمع من النبي صلى اللّه عليه و سلّم، و روى أن النبي صلى اللّه عليه و سلّم قبض و هو ابن خمس و ستين و كان علاّمة (2).
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا محمّد بن هبة اللّه بن الحسن، نا أبو الحسين بن بشران، نا عثمان بن أحمد، نا محمّد بن أحمد بن البراء، قال: قال علي بن المديني: و الذين روى عنهم الحسن من المجهولين فذكرهم و ذكر منهم دغفل بن حنظلة (3).
أخبرنا أبو القاسم أيضا، أنا أبو الفضل بن البقّال، أنا أبو الحسن بن الحمّامي، نا إبراهيم بن أحمد بن الحسن، نا إبراهيم بن أبي أمية، قال: سمعت نوح بن حبيب القومسي يقول: و دغفل بن حنظلة يقال إنه رأى النبي صلى اللّه عليه و سلّم (4)،و قال نوح في موضع آخر في تسمية أهل البصرة من أصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلّم ممن روى عنه دغفل السّدوسي و هو الذي يقال له النّسّابة (5).
أخبرنا أبو بكر اللفتواني، أنا أبو عمرو بن مندة، أنا الحسن بن محمّد بن يوسف، أنا أحمد بن محمّد بن عمر، نا أبو بكر بن أبي الدنيا، نا محمّد بن سعد، قال في الطبقة الأولى من تابعي أهل البصرة: دغفل بن حنظلة السّدوسي لم يسمع من النبي صلى اللّه عليه و سلّم، وفد على معاوية (6).
أنبأنا أبو طالب بن يوسف، و أبو نصر بن البنّا، قالا: قرئ على أبي محمّد الجوهري، عن أبي عمر بن حيّوية، أنا أحمد بن معروف، نا الحسين بن الفهم، نا محمّد بن سعد، قال (7):في الطبقة الأولى من تابعي أهل البصرة: دغفل بن حنظلة
ص: 289
السّدوسي أدرك النبي صلى اللّه عليه و سلّم و لم يسمع منه شيئا، و وفد على معاوية بن أبي سفيان، و كان له علم و رواية للنسب و علم به.
أنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي، ثم حدّثنا أبو الفضل الحافظ ، أنا أبو الفضل بن خيرون، و أبو الحسين بن الطّيّوري، و أبو الغنائم - و اللفظ له - قالوا: أنا أبو أحمد - زاد ابن خيرون و محمّد بن الحسن، قالا:- أنا أحمد بن عبدان، أنا محمّد بن سهل، أنا محمّد بن إسماعيل، قال (1):دغفل بن حنظلة النساب هو السّدوسي الذّهلي الشّيباني (2)و لا يتابع عليه - يعني حديث الصوم-، و لا يعرف سماع الحسن من دغفل، و لا يعرف لدغفل إدراك النبي صلى اللّه عليه و سلّم.
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمّد الخطيب، أنبأ محمّد بن الحسن بن محمّد، نا أحمد بن الحسين النهاوندي.
أخبرنا أبو عبد اللّه بن محمّد بن الأشقر، نا محمّد بن إسماعيل، قال: و إن لم يصح لدغفل إدراك النبي صلى اللّه عليه و سلّم و لا يعرف سماع الحسن من دغفل.
قرأنا على أبي عبد اللّه بن البنّا، عن أبي تمام الواسطي، أنبأ أبو بكر أحمد بن عبيد، أنا محمّد بن الحسين الزعفراني، نا أبو بكر بن أبي خيثمة، نا موسى بن إسماعيل، نا أبو هلال، عن محمّد بن سيرين، قال: كان دغفل رجلا عالما و لكن اعتلته (3) النسبة، و قال أبو بكر: بلغني أن دغفلا لم يسمع من النبي صلى اللّه عليه و سلّم شيئا.
أخبرنا أبو الفضل بن ناصر، أنا أبو طاهر أحمد بن علي الدقاق، و أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار، قالا: أنا أبو الفرج الحسين بن علي الطناجيري، نا أبو بكر محمّد بن إبراهيم الدارمي، نا عبد الملك بن بدر بن الهيثم، نا أحمد بن هارون الحافظ ، قال في الطبقة الأولى من الأسماء المنفردة و هم أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم: دغفل و قد قيل لا صحبة له، روى عنه الحسن البصري (4).
قرأت على أبي محمّد عبد الكريم بن حمزة، عن أبي، عن أبي زكريا
ص: 290
عبد الرحيم بن أحمد ح.
و أخبرنا أبو القاسم بن السّوسي، أنا إبراهيم بن يونس بن محمّد الخطيب، أنا أبو زكريا ح.
و أخبرنا أبو الحسين أحمد بن سلامة الأبّار، أنا سهل بن بشر الأسفرايني، أنبأ رشأ بن نظيف، قالا: نا عبد الغني بن سعيد: كان دغفل بن حنظلة الشّيباني النسابة له حديث يرويه في صيام النصارى لا يرويه غيره.
أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن غانم الحداد، أنا أبو القاسم عبد الرّحمن بن محمّد بن إسحاق، أنا أبي ح.
و أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع بن علي، أنا محمّد بن إسحاق، قال: دغفل بن حنظلة النساب الشّيباني من بني عمرو بن شيبان، و هو السّدوسي الذّهلي، عاش إلى أيام معاوية، روى عنه الحسن، و محمّد بن سيرين، و روى أبو هلال عن عبد اللّه بن بريدة أن معاوية بعث إلى دغفل فسأله عن أنساب العرب، قال إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني قلت لأحمد بن حنبل: دغفل له صحبة ؟ قال: ما أرى، و قال البخاري: لا يعرف للحسن سماع من دغفل و لا يعرف لدغفل إدراك النبي صلى اللّه عليه و سلّم.
أخبرنا أبو المعالي محمّد بن إسماعيل بن محمّد الفارسي، أنبأ أبو بكر البيهقي ح.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأ أبو الفضل عمر بن عبيد اللّه بن البقّال، قالا: أنا أبو الحسين بن بشران، أنا أبو عمرو بن السماك، نا حنبل بن إسحاق، نا عاصم بن علي، نا أبو هلال، نا عبد اللّه بن بريدة، قال: أرسل معاوية إلى دغفل فسأله عن أنساب العرب، و عن النجوم، و العربية، و عن أنساب قريش فأخبره، فإذا رجل عالم، فقال: من أين حفظت هذا يا دغفل ؟ قال: بلسان سئول، و قلب عقول زاد أبو القاسم: و إن آفة العلم النسيان، قال: فأمره أن يذهب إلى يزيد بن معاوية فيعلمه العربية، و أنساب قريش، و أنساب العرب (1).
ص: 291
أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد بن إبراهيم في كتابه، أنا أبو الفضل محمّد بن أحمد بن عيسى السعدي، أنبأ أبو عبد اللّه بن بطة، قال: قرئ على أبي القاسم البغوي، ثنا شيبان بن فروخ، نا أبو هلال، نا عبد اللّه بن بريدة: أن معاوية أرسل إلى دغفل فسأله عن العربية و سأله عن أنساب الناس، و سأله عن النجوم فإذا رجل عالم فقال: يا دغفل من أين حفظت هذا؟ قال: حفظت هذا بلسان سئول و قلب عقول و إن غائلة العلم النسيان، قال: اذهب إلى يزيد فعلمه العربية و أنساب قريش و النجوم (1).
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي، أنا رشأ بن نظيف المعدل، أنا محمّد [بن] الحسن بن إسماعيل، أنا أبو بكر أحمد بن مروان، نا إبراهيم الحربي، نا الرياشي، قال: سمعت الأصمعي يقول: قيل لدغفل النسابة: بم (2) أدركت ما أدركت من العلم ؟ قال: بلسان سئول و قلب عقول، و كنت إذا لقيت عالما أخذت (3) منه و أعطيته (4).
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور، أنبأ أحمد بن عبد الواحد السّلمي، أنا جدي أبو بكر، أنا أبو محمّد بن زبر، نا بشر بن موسى، نا الأصمعي، نا أبو هلال، عن ابن بريدة - إن شاء اللّه - أن دغفل أتى معاوية فأنشده الأشعار، و روى له الأحاديث فقال له معاوية: بما حفظت هذا؟ قال: بقلب عقول و لسان سئول ح.
أخبرنا أبو بكر اللفتواني، أنا أبو عمرو بن عبدة، أنا الحسن بن محمّد، أنا أحمد بن محمّد اللبناني، نا عبد اللّه بن محمّد العروبي، حدّثني عبد الرّحمن بن صالح، نا أبو بكر بن عياش، قال: قال معاوية لدغفل: أنى لك هذا الحديث ؟ قال:
بمفاوضة الرجال.
أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن الفضل، أنا عبد الغافر بن محمّد بن أحمد، أنا أبو سليمان الطائي، قال في حديث معاوية: أنه قال لدغفل بن حنظلة: بم ضبطت ما أرى ؟
ص: 292
قال: بمفاوضة العلماء، قال: و ما مفاوضة العلماء؟ قال: كنت إذا لقيت عالما أخذت ما عنده و أعطيته ما عندي.
حدّثنيه ابن الزنبقي، نا أبي عن أبيه، عن نا الأصمعي، عن أبي هلال الراسبي، عن قتادة، أخبرني بعض أصحابنا عن أبي عمر قال: أصل المفاوضة المساواة قال:
و منها شركة المفاوضة و ذلك لأن كل واحد من الشريكين يساوي صاحبه فيما يستفيده و لا ينفرد بشيء دون صاحبه، قال و منه قول الشاعر:
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم *** و لا سراة إذا جهالهم سادوا (1)
أي لا يصلح أمورهم و هم أكفاء متساوون في الدرجة ليس لهم رئيس يقودهم فيصدروا عن أمره و ينتهوا إلى رأيه.
أخبرنا أبو عبد اللّه الفراوي، أنبأ أحمد بن الحسين البيهقي (2)،نا أبو عبد الرّحمن محمّد بن الحسين السّلمي، أنا أبو بكر محمّد بن علي بن إسماعيل الفقيه الشاشي، نا الحسن بن صاحب بن حميد الشاشي (3)،حدّثني عبد الجبار بن كثير الرقي، نا محمّد بن بشر اليماني عن أبان بن عبد اللّه البجلي، عن أبان بن تغلب (4)، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: حدّثني علي بن أبي طالب من فيه، قال: لما أمر اللّه تعالى رسوله صلى اللّه عليه و سلّم أن يعرض نفسه على قبائل العرب خرج و أنا معه و أبو بكر، فدفعنا إلى مجلس من مجالس العرب فتقدم أبو بكر - و كان مقدّما في كل خير و كان رجلا نسابة - فسلّم و قال: ممن القوم ؟ قالوا: من ربيعة، قال: و أي ربيعة أنتم ؟ أ من هامها أم من لهازمها؟ فقالوا: بل من الهامة العظمى، فقال أبو بكر: و أي هامتها العظمى أنتم ؟ قالوا:
من ذهل الأكبر، قال: منكم عوف الذي يقال لا حرّ بوادي عوف، قالوا: لا، قال:
فمنكم جساس بن مرّة حامي الذمار و مانع الجار؟ قالوا: لا، قال: فمنكم بسطام بن قيس أبو اللواء و منتهى الأحياء؟ قالوا: لا، قال: فمنكم الحوفزان قاتل الملوك و سالبها
ص: 293
أنفسها؟ قالوا: لا، قال: فمنكم المزدلف صاحب العمامة الفردة ؟ قالوا: لا، قال:
فمنكم أخوال الملوك من كندة ؟ قالوا: لا، قال: فمنكم أصهار الملوك من لخم ؟ قالوا:
لا، قال أبو بكر: فلستم ذهل الأكبر أنتم ذهل الأصغر، قال: فقام إليه غلام من بني شيبان يقال له دغفل حين بقل (1) وجهه فقال:
إن على سائلنا أن نسأله *** و العبء لا نعرفه أو نجهله
يا هذا إنك قد سألتنا فأخبرناك و لم نكتمك شيئا، فممن الرجل ؟ قال أبو بكر الصّدّيق: أنا من قريش، فقال الفتى: بخ بخ أهل الشرف و الرئاسة من أي القرشيين أنت ؟ قال: من ولد تيم بن مرة، فقال الفتى: أمكنت و اللّه الرامي من سواء الثّغرة. أمنكم قصيّ الذي جمع القبائل من فهر فكان يدعى في قريش مجمّعا؟ قال: لا، قال: فمنكم - أظنه قال هاشم - الذي هشم الثريد لقومه:
و رجال مكة مسنتون عجاف،
قال: لا، قال: فمنكم شيبة الحمد عبد المطّلب مطعم طير السماء الذي كان وجهه القمر يضيء في الليلة الداجية الظلماء؟ قال: لا، قال: فمن أهل الإفاضة بالناس أنت ؟ قال: لا، قال: فمن أهل الحجابة أنت ؟ قال: لا، قال: فمن أهل السقاية أنت ؟ قال: لا، قال: فمن أهل الندوة أنت ؟ قال: لا، قال: فمن أهل الرّفادة أنت ؟ قال: لا، و اجتذب أبو بكر زمام الناقة راجعا إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم فقام الغلام:
صادف در السيل درأ يدفعه *** يهيضه حينا و حينا يصدعه
أما و اللّه لو ثبت لأخبرتك من قريش، قال: فتبسم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم، قال علي:
فقلت: يا أبا بكر لقد وقعت من الأعرابي على باقعة قال: أجل أبا حسن ما من طامّة إلاّ و فوقها طامّة، و البلاء موكّل بالمنطق، قال: ثم رجعنا (2) إلى مجلس آخر عليهم السكينة و الوقار، فتقدم أبو بكر فسلّم، فقال: ممن القوم ؟ قالوا: من بني شيبان بن ثعلبة، فالتفت أبو بكر إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم فقال: بأبي و أمي هؤلاء غرر الناس و فيهم مفروق بن عمرو، و هانئ بن قبيصة، و المثنى بن حارثة، و النعمان بن شريك، و كان مفروق قد
ص: 294
غلبهم جمالا و لسانا و كانت له غديرتان يسقطان على تريبته و كان أدنى القوم مجلسا؛ فقال أبو بكر: كيف العدد فيكم ؟ فقال مفروق: إنا لنزيد على ألف، و لن يغلب ألف من قلة، فقال أبو بكر: و كيف المنعة فيكم ؟ فقال: المفروق: علينا الجهد، و لكل قوم جدّ (1).فقال أبو بكر: كيف الحرب بينكم و بين عدوكم ؟ فقال مفروق: إنا لأشدّ ما نكون غضبا حين نلقى، و إنّا لأشدّ ما نكون لقاء حين نغضب، و إنا لنؤثر الجياد على الأولاد، و السلاح على اللقاح، و النصر من عند اللّه، يديلنا مرة و يديل علينا أخرى.
لعلك أخا قريش، فقال أبو بكر: قد بلغكم أنه رسول اللّه، ألا هو ذا، فقال مفروق: بلغنا أنه يذكر ذاك، فإلى ما تدعو يا أخا قريش ؟ فتقدم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم فجلس و قام أبو بكر يظله بثوبه، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، و أن محمّدا عبده و رسوله، و إلى أن تؤووني و تنصروني، فإن قريشا قد ظاهرت على أمر اللّه، و كذّبت رسوله (2)،و استغنت بالباطل عن الحق، و اللّه هو الغني الحميد.» فقال مفروق بن عمرو: إلى ما تدعونا يا أخا قريش، فو اللّه ما سمعت كلاما أحسن من هذا، فتلا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم: قُلْ تَعٰالَوْا أَتْلُ مٰا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ إلى قوله فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذٰلِكُمْ وَصّٰاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (3).
فقال مفروق: و إلى ما تدعونا يا أخا قريش - زاد فيه غيره فو اللّه ما هذا من كلام أهل الأرض ثم رجعنا إلى روايتنا قال: فتلا: إِنَّ اللّٰهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسٰانِ وَ إِيتٰاءِ ذِي الْقُرْبىٰ وَ يَنْهىٰ عَنِ الْفَحْشٰاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ الْبَغْيِ ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (4).
فقال مفروق بن عمرو: دعوت و اللّه يا أخا قريش إلى مكارم الأخلاق، و محاسن الأعمال، و لقد أفك قوم كذّبوك فظاهروا عليك، و كأنه أحب أن يشركه في الكلام هانئ بن قبيصة، فقال: و هذا هانئ شيخنا و صاحب ديننا. فقال هانئ: قد سمعت مقالتك يا أخا قريش، و إني أرى إن تركنا ديننا و اتّبعناك على دينك بمجلس جلسته إلينا ليس له أول (5)و لا آخر، إنّه زلل في الرأي و قلّة نظر في العافية (6)،و إنما تكون الزلة مع
ص: 295
العجلة، و من ورائنا قوم نكره أن نعقد عليهم عقدا، و لكن ترجع و نرجع، و تنظر و ننظر.
و كأنه أحب أن يشركه المثنى بن حارثة، فقال: و هذا المثنى بن حارثة شيخنا و صاحب حربنا، فقال المثنى بن حارثة: قد سمعت مقالتك يا أخا قريش و الجواب فيه جواب هانئ بن قبيصة في تركنا ديننا و متابعتك على دينك، و إنا إنما نزلنا بين صرّتين (1)اليمامة و الشأمة (2)،فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«ما هاتان الصّريان» فقال: أنهار كسرى و مياه العرب، فأما ما كان من أنهار كسرى فذنب صاحبه غير مغفور و عذره غير مقبول (3)، و أما ما كان مما يلي مياه العرب فذنب صاحبه مغفور و عذره مقبول، و إنا إنما نزلنا على عهد أخذه علينا، أن لا نحدث حدثا و لا نؤوي محدثا، و إني أرى أن هذا الأمر الذي تدعونا إليه يا قرشي مما يكره الملوك، فإن أحببت أن نؤويك و ننصرك مما يلي مياه العرب فعلنا.
فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«ما أسأتم في الرد إذ أفصحتم بالصدق، و إنّ دين اللّه لن ينصره إلاّ من حاطه من جميع جوانبه، أ رأيتم إن لم يلبثوا إلا قليلا حتى يورثكم اللّه أرضهم و ديارهم و أموالهم، و يفرشكم نساءهم، أ تسبّحون اللّه و تقدّسونه»؟ فقال النعمان بن شريك: اللّهم فلك ذلك، قال: فتلا إِنّٰا أَرْسَلْنٰاكَ شٰاهِداً وَ مُبَشِّراً وَ نَذِيراً وَ دٰاعِياً إِلَى اللّٰهِ بِإِذْنِهِ وَ سِرٰاجاً مُنِيراً (4)ثم نهض رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم قابضا على يدي أبي بكر و هو يقول:«يا أبا بكر أية أخلاق في الجاهلية ما أشرفها. بها يدفع اللّه عزّ و جلّ بأس بعضهم عن (5)بعض، و بها يتحاجزون فيما بينهم».
قال: فدفعنا إلى مجلس الأوس و الخزرج فما نهضنا حتى بايعوا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم، قال: فلقد رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم و قد سرّ بما كان من أبي بكر و معرفته بأنسابهم (6)[4129].
رواه غيره فقال أبان بن عثمان الأحمر: قرأته على أبي محمّد السّلمي، عن أبي بكر الخطيب، أنا الحسن بن أبي بكر، أنا أبو سهل أحمد بن محمّد بن عبد اللّه بن زياد
ص: 296
القطان، نا أبو يحيى عبد الكريم بن الهيثم الديرعاقولي، نا إسماعيل بن مهران بن أبي نصر السّموني، حدّثني أحمد بن محمّد بن أبي نصر السّكوني، عن أبان بن عثمان الأحمر، عن أبان بن تغلب، عن عكرمة، عن عبد اللّه بن عباس، قال: حدّثني علي بن أبي طالب، قال: لما أمر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم أن يعرض نفسه على قبائل العرب خرج و أنا معه و أبو بكر فدفعنا إلى مجلس من مجالس العرب فتقدم أبو بكر و كان رجلا نسابة فسلّم فردوا عليه السلام فقال: ممن القوم ؟ قالوا: من ربيعة، قال: من هامها أم من لهازمها؟ قالوا: بل هامتها العظمى، قال: فأنى هامتها العظمى أنتم ؟ قالوا: ذهل الأكبر، قال:
أ فمنكم عوف الذي كان يقال لا حرّ بوادي عوف ؟ قالوا: لا، قال: أ فمنكم بسطام أبو اللواء و منتهى الأحباء؟ قالوا: لا، قال: أ فمنكم جساس بن مرّة حامي الذمار و مانع الجار؟ قالوا: لا، قال: فمنكم الحوفزان قاتل الملوك و سالتها أنفسها؟ قالوا: لا، قال:
فمنكم المزدلف صاحب العلمة (1)الوردة ؟ قالوا: لا، قال: أ فأنتم الملوك من كندة ؟ قالوا: لا، قال: أ فأنتم أختان (2)الملوك من لخم ؟ قالوا: لا، قال: فلستم ذهل الأكبر، أنتم ذهل الأصغر، فقام إليه غلام من شيبان حين بقل وجهه يقال له دغفل، فقال:«إن على سائلنا أن نسأله».
يا هذا، إنك قد سألتنا فلم نكتمك شيئا فممن الرجل ؟ قال: رجل من قريش، قال: بخ بخ أهل الشرف و الرئاسة، فمن أي قريش أنت ؟ قال: من تيم بن مرّة، قال:
أمكنت و اللّه الرامي من صفا الثغرة، أ فيكم قصي بن كلاب الذي جمع القبائل من فهر فكان يدعى مجمّعا؟ قال: لا، قال: أ فمنكم هاشم الذي هشم الثريد لقومه، و رجال مكة مسنتون عجاف ؟ قال: لا، قال: أ فمنكم شيبة الحمد مطعم طير السماء، الذي كأنه وجه قمر يضيء ليلة الظلام الداجي ؟ قال: لا، قال: أ فمن المقتصين بالناس أنت ؟ قال: لا، قال: أ فمن أهل الندوة أنت ؟ قال: لا، قال: أ فمن أهل الرّفادة أنت ؟ قال: لا، قال:
أ فمن أهل الحجابة أنت ؟ قال: لا، أ فمن أهل السقاية (3)أنت ؟ قال: لا، و اجتذب أبو
ص: 297
بكر زمام ناقته فرجع إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم، فقال دغفل:
صادف در السيل درا يدفعه *** يهيضه حينا و حينا يصدعه
أما و اللّه لو ثبت لأخبرتك إنك من زمعات (1)قريش، و أما أنا فدغفل، قال: فتبسم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم، قال علي له: يا أبا بكر لقد وقعت من الأعرابي على باقعة (2)،فقال:
أجل أبا حسن، إن لكل طامّة طامّة و البلاء موكل بالمنطق.
قال علي: ثم دفعنا إلى مجلس آخر عليه السكينة و الوقار، فتقدم أبو بكر فسلّم فردوا عليه السلام فقال: ممن القوم ؟ قالوا: من شيبان بن ثعلبة، فالتفت إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم فقال له: بأبي أنت و أمي ليس بعد هؤلاء عزّ في قومهم، و كان في القوم مفروق بن عمرو، و هانئ بن قبيصة، و المثنى بن حارثة، و النعمان بن شريك، و كان مفروق بن عمرو قد غلبهم جمالا (3)و لسانا و كان له غديرتان (4)تسقطان على تريبته (5)، و كان أدنى القوم إلى أبي بكر مجلسا، فقال له أبو بكر: كيف العدد فيكم ؟ قالوا: إنا نزيد على ألف، و لن يغلب ألف من قلّة، قال: فكيف المنعة فيكم، قال: علينا الجهد و لكل قوم جدّ، قال: فكيف الحرب فيما بينكم و بين عدوكم ؟ قالوا: إنّا أشد ما نكون لقاء حين نغضب، و أشد ما نكون غضبا حين نلقى، و إنا لنؤثر جيادنا على أولادنا و السلاح على اللقاح، و النصر من عند اللّه، يديل لنا و يديل علينا، لعلك أخو قريش ؟ قال: إن كان قد بلغكم أنه رسول اللّه فها هو ذا، قال: قد بلغنا إنه يقول ذاك، فإلام تدعو يا أخا قريش ؟ قال: فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلاّ اللّه و أني رسول اللّه، و أن تؤووني و تنصروني، فإن قريشا قد ظاهرت عن أمر اللّه و كذّبت رسله، و استغنت بالباطل عن الحق، و اللّه هو الغني الحميد».
ص: 298
قال: و إلام تدعو أيضا؟ قال: فتلا عليهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم: قُلْ تَعٰالَوْا أَتْلُ مٰا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاّٰ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَ بِالْوٰالِدَيْنِ إِحْسٰاناً إلى قوله: ذٰلِكُمْ وَصّٰاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ قال: و إلام تدعو أيضا؟ قال: فتلا عليهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم: إِنَّ اللّٰهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسٰانِ وَ إِيتٰاءِ ذِي الْقُرْبىٰ ، وَ يَنْهىٰ عَنِ الْفَحْشٰاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ الْبَغْيِ ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ .
فقال مفروق بن عمرو: دعوت إلى مكارم الأخلاق و محاسن الأعمال و لقد أفك (1) قوم ظاهروا عليك و كذّبوك و كأنه أحب أن يشركه في الكلام هاني بن قبيصة فقال: و هذا هانئ بن قبيصة، فقال: يا أخا قريش قد سمعت مقالتك و إنا لنرى تركنا ديننا و اتبعناك على دينك لمجلس جلسته منا لم ننظر فيه في أمرك و لم نتثبت في عاقبة ما تدعونا إليه زلة في الرأي و إعجالا في النظر، و الزلة تكون مع العجلة، و من ورائنا قوم نكره أن نعقد عليهم عقدا و لكن ترجع و نرجع و تنظر و ننظر، و كأنه أحب أن يشركه في الكلام المثنى (2).
فقال: يا أخا قريش قد سمعت مقالتك فأما الجواب في تركنا ديننا و اتبعناك على دينك فهو جواب هانئ بن قبيصة، و أما أن نؤويك و ننصرك فإنا نزلنا بين صريين (3) بين اليمامة و السمامة (4)،فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«و ما هذان الصريان ؟» قال: مياه العرب و أنهار كسرى فأما ما كان مما يلي مياه العرب فذنب صاحبه مغفور و عذره مقبول، و أما ما كان مما يلي أنهار كسرى أن لا نحدث (5) حدثا و لا نؤوي محدثا، و لسنا بأمر أن يكون هذا الأمر الذي تدعونا إليه مما تكرهه الملوك فإن أحببت أن نؤويك مما يلي مياه العرب أويناك و نصرناك فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«ما أسأتم في الردّ إنما فصحتم بالصدق و ليس يقوم بدين اللّه إلاّ من حاطه من جميع جوانبه، أ رأيتم إن لم تلبثوا إلاّ يسيرا حتى يمنحكم اللّه أموالهم و يورثكم ديارهم و يفرشكم نساءهم أ تسبّحون اللّه و تقدّسونه ؟».
فقال النعمان بن شريك: اللّهم لك ذلك، قال: فتلا عليهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم
ص: 299
إِنّٰا أَرْسَلْنٰاكَ شٰاهِداً وَ مُبَشِّراً وَ نَذِيراً وَ دٰاعِياً إِلَى اللّٰهِ بِإِذْنِهِ وَ سِرٰاجاً مُنِيراً فوثب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم فأخذ بيدي فقال: يا علي أي أخلاق في الجاهلية، يرد اللّه بأس بعضهم عن بعض بها في هذه الدنيا[4130].
قال الخطيب: و روى بعض أهل العلم هذا الحديث فقال فيه: أمنكم المزدلف صاحب العمامة الفردة بالفاء، و قال: سمّي صاحب العمامة الفردة لأنه كان إذا ركب لم يعتم معه غيره، و قال أيضا فيه:«لا حرّ بوادي عوف»: لشرف عوف و عزّه، و ان الناس له كالعبيد و الخول، و هو عوف بن محلّم بن ذهل.
قرأت بخط رشأ بن نظيف، و أنبأنيه أبو القاسم علي بن إبراهيم، و أبو الوحش سبيع بن المسلّم عنه، أنا أبو أحمد عبيد اللّه بن محمّد بن أبي مسلم الفرضي، نا أبو طاهر عبد الواحد بن عمر بن أبي هاشم المقرئ إملاء، نا إسماعيل بن يونس، نا عمر بن شبّة، حدّثني العتبي، حدّثني أبي، عن هشام بن صالح، عن سعد القصر، قال:
مرّ نفر من الأنصار بدغفل النسابة بعد ما ذهب بصره فسلّموا عليه فقال: من أنتم ؟ قالوا:
أشراف أهل اليمن، قال: من أهل ملكها القديم و شرفها العميم (1) كندة ؟ قالوا: لا، قال: فمن الطوال قصبا و الممحّضين نسبا بني عبد المدان ؟ قالوا: لا، قال: فمن أقودها للزحوف، و أخرقها للصفوف، و أضربها بالسيوف، بني زبيد رهط عمرو بن معدي كرب ؟ قالوا: لا، قال: فمن أحضرها قراء و أطنبها فناء، و أصدقها لقاء طيء؟ قالوا:
لا، قال: فمن الغارسين النخل، و المطعمين في المحل، و القائلين بالعدل، الأنصار؟ قالوا: نعم.
أنبأنا خالي القاضي أبي المعالي محمّد بن يحيى القرشي، أنا سهل بن بشر، أنا أبو الحسن محمّد بن الحسين بن أحمد، أنبأ الحسن بن رشيق العسكري، أنا يموت بن المزرّع بن يموت البصري، نا رفيع بن سلمة دماذ عن أبي عبيدة معمر بن المثنى قال:
جاء قوم من بني سعد بن زيد مناة بن تميم إلى دغفل النسابة فسلّموا عليه و هو مولّي ظهره للشمس في مشرفة له فرد عليهم من غير أن يلتفت إليهم، ثم قال لهم: من القوم ؟ قالوا: نحن سادة مضر، قال: أنتم إذن قريش الحرم، أهل العز و القدم، و الفضل،
ص: 300
و الكرم، و الرأي في البهم (1)؟قالوا: لسنا منهم، قال: لا؟ قالوا: لا، قال: فأنتم إذا هوازن أجرؤها فوارسا و أجملها مجالسا؟ قالوا: لسنا بهم، قال: لا؟ قالوا: لا، قال:
فأنتم إذا سليم فوارس عصاصها (2) و مناع أعراضها، قالوا: لسنا بهم ؟ قال: لا؟ قالوا:
[لا،] (3) قال فأنتم إذا غطفان أعظمها أحلاما، و أسرعها إقداما. قالوا: لسنا منهم، قال:
لا؟ قالوا: لا، قال: فأنتم إذا بنو حنظلة أكرمها جدودا و أسهلها خدودا و ألينها جلودا، قالوا: لسنا بهم، قال: لا؟ قالوا: لا، اذهبوا لا أ فلا أراكم إلاّ من ربعات مضر، و أنتم تأبون إلاّ أن تترقوا في الغلاصم منهم، اذهبوا لا كثّر اللّه بكم من قلّة، و لا أعزّ بكم من ذلّة.
و قد روي هذا من وجه آخر:
أخبرناه أبو نصر أحمد بن عبد اللّه بن رضوان، أنا أبو محمّد الجوهري، أنا أبو عمر بن حيّوية، أنا محمّد بن خلف بن المرزبان، نا أحمد بن منصور الرمادي، نا عبد اللّه بن صالح، حدّثني الليث، حدّثني خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن سليمان بن عبد اللّه أنه قال: وقف رجل من بني سعد مناة يقال له طلبة بن قيس هو و أصحاب له على دغفل رجل من شيبان و ذلك في الجاهلية، فقال دغفل: من القوم ؟ قال: خيار مضر، قال دغفل: قريش أهل المروة و القدم و العلاء و الكرم و عامرة الحرم، قال: لا، قال: فغطفان خيرها أياما و أعظمها أحكاما و أسرعها إقداما، قال: لا، قال:
فبنو حنظلة أرقها خدودا و أعظمها و فودا و خيرها جدودا؟ قال: لا، قال: فبنو عامر أوسعها محابس و أعظمها مجالس و خيرها فوارس، قال: لا، قال: فلست من خيار مضر.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، أنا أبو الحسن بن أبي الحديد، أنا جدي، أنا أبو محمّد بن زبر، نا إسماعيل بن إسحاق، نا نصر بن علي، قال: أخبرنا (4) الأصمعي قال: و النسابون أربعة: دغفل، و أبو ضمضم، و صبيح، و الكيّس النمري.
ص: 301
قال: و أخبرنا (1) الأصمعي عن مسمع بن عبد الملك قال: قيل للنّسّاب البكري:
قد نسبت كل شيء حتى نسبت الذرّ، قال: الذرّ ثلاثة أبطن: الذرّ، و فازر (2)،و عقفان.
قرأت على أبي القاسم الشّحّامي، عن أبي بكر البيهقي، أنا أبو عبد اللّه الحافظ ، قال: سمعت أبا الحسين الصفار، و هو محمّد بن محمّد بن الحسين يقول: سمعت الدريدي يقول: حدّثني عبد الرّحمن بن أخي الأصمعي عن عمه أن دغفل دخل على معاوية فقال له معاوية: أيّ بيت قالته العرب أفخر و أندى ؟ قال له: قول الشاعر:
لهم همم لا منتها لكبارها *** و همّته الصغرى أجلّ من الدهر
له راحة لو أنّ مغشاه جودها *** على البرّ كان البرّ أندى من البحر
أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك، أنا أبو الحسن علي بن الحسين بن علي، أنبأ محمّد بن عمر بن محمّد، نا محمّد بن عبد اللّه بن محمّد، قال: قرأت على محمّد بن أحمد بن هارون، قلت له: أخبرك إبراهيم بن الجنيد، حدّثني أحمد بن إبراهيم بن كثير، حدّثني عبد الملك بن قريب الأصمعي، نا العلاء بن أخي العلاء بن زياد العدوي، عن رؤبة بن العجّاج، قال: أتيت النّساب البكري فقال لي: من أنت يا غلام ؟ قال: قلت: أنا ابن العجّاج، قال: قصرت و اللّه و عرفت، لعلك كقوم عندي إن سألت عنهم لم يسألوني، و إن حدّثتهم لم يعوا عني، قال: قلت: أرجو أن لا أكون كذلك، قال: فما أعداء المروءة ؟ قال: قلت: تخبرني، قال بنو عم السوء رأوا صالحا دفنوه، و إن رأوا قبيحا أذاعوه، قال: ثم قال لي: إنّ للعلم آفة و نكدا و هجنة، فآفته نسيانه و هجنته نشره عند غير أهله، كذا قال ابن سلم، و إنما هو ابن أسلم.
أخبرناه أبو المعالي الفارسي، أنا أبو بكر البيهقي، أنا أبو الحسين بن بشران، أنا أبو سهل أحمد بن محمّد بن عبد اللّه بن زياد، نا بشر بن موسى، نا الأصمعي عبد الملك بن قريب أبو سعيد سنة إحدى عشرة و مائتين بالبصرة في بني أصمع، نا العلاء بن أسلم، عن رؤبة بن العجّاج قال: أتيت النسابة العنبري (3) فقال: من أنت ؟ قلت: ابن العجّاج، قال: قصرت و عرفت، لعلك كأقوام يأتونني، فإن سكتّ عنهم لم
ص: 302
يسألوني، و إن حدّثتهم لم يعوا عني، قلت: أرجو أن لا أكون كذاك، قال: فما أعداء المروءة ؟ قلت: تخبرني، قال: بنو عم السوء إن رأوا صالحا دفنوه و إن رأوا شرا أذاعوه، ثم قال: إن للعلم آفة و نكدا و هجنة، فآفته نسيانه، و نكده الكذب فيه، و هجنته نشره في غير أهله.
و أخبرناه أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنا أبو بكر البيهقي، أنا أبو عبد اللّه الحافظ ، قال: سمعت أبا بكر إسماعيل بن محمّد الضرير بالري قال: سمعت بشر بن موسى الأسدي يقول: سمعت الأصمعي يقول: حدّثنا العلاء بن أسلم عن رؤبة بن العجّاج، قال: دخلت على النسابة البكري، فقال: من أنت ؟ قلت: رؤبة بن العجّاج، فقال: قصرت و عرفت، لعلك كأقوام يأتونني إن حدّثتهم لم يعوا عني، و إن سكتّ عنهم لم يسألوني، قال: قلت: أرجو أن لا أكون كذلك، فقال لي: فما أعداء المروءة ؟ قلت:
تخبرني، قال: بنو عم السوء، إن أرادوا حسنا دفنوه، و إن أرادوا سيئا أذاعوه، ثم قال:
إن للعلم آفة و هجنة و نكدا، فآفته الكذب، و نكده النسيان، و هجنته [نشره] (1) عند خير أهله.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن الحسين الفرضي المقرئ، أنا أبو بكر الخطيب، أنبأ أبو الحسن بن رزقويه (2) ح.
و أخبرنا أبو المعالي الفارسي، أنا أبو بكر البيهقي ح.
و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا عمر بن عبيد اللّه بن عمر، قالا: أنا أبو الحسين بن بشران، قالا: أنبأ أبو عمرو بن السماك، نا حنبل بن إسحاق، نا عفان، نا معاذ بن السفير، قال: حدّثني أبي قال: قال دعفل العلاّمة: في العلم خصال: إنّ له آفة و له هجنة و له نكد: فآفته أن تخزنه فلا تحدث به و لا تنشره، و هجنته أن تحدّثه من لا يعيه و لا يعمل به، و نكده أن تكذّب (3) فيه.
بلغني أن دغفل بن حنظلة غرق في يوم دولاب (4) من فارس، في قتال الخوارج.
ص: 303
ذكر من اسمه (1) دقاق
2086 - دقاق بن تتش بن ألب رسلان
أبو نصر المعروف بالملك شمس الملوك (2)
ولي إمرة دمشق بعد قتل أبيه تاج الدولة في سنة سبع و ثمانين و أربع مائة، و كان بحلب فراسله خادم لأبيه اسمه ساوتكين كان نائبا لأبيه في قلعة دمشق سرا من أخيه رضوان بن تتش صاحب حلب، فخرج دقاق إلى دمشق، و حصل بها و أجلسه ساوتكين في منصب أبيه ثم دبر هو و طغتكين المعروف بأبي بكر زوج أم الملك دقاق على ساوتكين فقتل، و أقام دقاق بدمشق و قدم أخوه رضوان فحاصرها، فلم يصل منها إلى مقصود فرجع إلى حلب، ثم عرض لدقاق مرض تطاول به، و توفي منه في الثاني (3) عشر من شهر رمضان سنة سبع و تسعين و أربعمائة فغلب طغتكين حينئذ على دمشق، و قيل:
إن دقاق مات سنة ثلاث و تسعين و أربعمائة، و أن أمه زينت له جارية فسمّته في عنقود عنب معلّق في شجرته ثقبته بابرة فيها خيط مسموم و أن أمّه ندمت على ذلك بعد الفوت، و أومأت إلى الجارية أن لا تفعل، فأشارت إليها أن قد كان و تهرى جوفه فمات (4).
ص: 304
2087 - دكين بن رجاء الفقيمي (1)
راجز، وفد على الوليد بن عبد الملك.
حكى عيسى بن لهيعة بن عيسى بن لهيعة بن عقبة، أبو محمّد الحضرمي المصري، عن أدهم بن محرز الحمصي - و لم يدركه - عن أبيه قال: أجرى الوليد بن عبد الملك الخيل فقاد إليه دكين بن رجاء الفقيمي فرسا، فلما رآه الوليد قال: أخرجوه من الحلبة قبح اللّه هذا، فقال دكين: يا أمير المؤمنين و اللّه ما لي مال غيره، فإن لم يسبق خيلك فهو حبيس في سبيل اللّه، فضحك الوليد و أمر بختمه و أرسلت الخيل فجاء سابقا فقال دكين (2):
قد أغتدي و الطير في أكنات (3) *** و ما (4) يحدوني من الفلات
و الليل لم يحسر عن القنات *** و للنّدى لم (5) على لمّاتي
بذي شنيب (6) سابغ الصّلعات *** ناتي المعدّ (7) مشرف القطات
من قارح (8) وا أؤمّن و آت *** و من رباع و رباعيات
ص: 305
و من ثنيّ و مثنّيات *** و جذع عبل و مجذعات
بتن على الخيل مسطّرات *** حتى إذا انشقّت دجى الظّلمات
و وضع الخيل على اللّبّات (1) *** و فرّق الغلمان بالوصاة
من كلّ ذي قرط مقزّعات (2) *** أرسلن يغبطن ذرى الصّعدات
يسري دوين الشمس ملخصات (3) *** من قسطلان القاع مسحلات (4)
حتى إذا كنّ بمهويّات *** بالنّصف بين الخطّ و الغايات
عض بنابيه على الشّبات *** وسط سنا ضنط ملمّحات (5)
مثل السّراجين مصلّيات *** جاء أمام سبّق الغايات
منهنّ من عرّض للذمات
أخبرنا أبو الحسين محمّد بن محمّد بن الفراء، و أبو غالب، و أبو عبد اللّه ابنا أبي علي بن البنّا، قالوا: أنا أبو جعفر بن المسلمة، أنا أبو طاهر المخلّص، نا أحمد بن سليمان الطوسي، نا الزبير بن بكار قال: و كان دكين بن رجاء التّميمي ثم الفقيمي يمدح مصعب بن الزبير (6):
يا ناق خبّي بالقيود خببا *** حتى تزوري بالعراق مصعبا
قد علم الأنام إذ ينتخبا *** بيانه و رأيه المجرّبا
و في الأمور عقله المؤدبا *** يا مرسل الرّيح الجنوب و الصّبا
و آذنا للبحر تجرني خببا (7) *** و خالق الماء وشيجا نسبا
يعيد خلقا بعد خلق عجبا *** عظما و لحما و دما و قضبا (8)
خالا و عمّا و ابن عمّ و أبا *** أعط الأمير مصعبا ما احتسبا
ص: 306
و اجعل له من سلسبيل مشربا *** فرعا يزين المنبر المنصّبا
قلبا دهيّا و لسانا قصعبا (1) *** هذا و إن قيل له هب وهبا
جواريا و فضّة و ذهبا *** و الخيل تعلكن الحديد المنشبا
فودا تلجلجن أبازيم الشّبا *** قد جعل الناس إليه سببا
من صادر و وارد أيدي سبا (2)
و يقال: ابن سعد بن زيد مناة بن تميم الدّارمي الراجز (3)
من أهل البصرة.
وفد على عمر بن عبد العزيز.
قرأت بخط أبي الحسين الميداني في سماعه من أبي سليمان بن زبر قال: أنا أبي، أنبأ أبو إبراهيم الزهري، و الحسن بن عليل العنزي، و هذا لفظ العنزي، حدّثني الوليد بن عثمان القرشي، قال: سمعت علي بن حجر الشامي يقول: حدّثنا أبو مطرّز عن سعيد بن عمرو بن جعدة قال: لما ولي عمر بن عبد العزيز المدينة كان ينقطع إليه رجل من بني دارم يقال له تكين و قال الزهري في حديثه: دكين بن سعد (4) يسامره بالليل مع أبي عون و سالم قال: فقال له ليلة: من ذاك أصلحك اللّه ؟ إني لأرى لك هيئة (5) ما الدنيا عنك بمنقطعة حتى تلي ولاية أجشم من هذه قال: و ما علمك ؟ قال: ما هي إلاّ فراسة فما لي عليك [قال:] إن كان ذلك أحسنت إليك، قال: هات يدك، فأعطاه يده؛ قال: فلما ولي عمر الخلافة انقطع إليه دكين فاستأذن، فقال له البواب: إنه عنك في شغل، إنه في رد المظالم فأعدّ أبياتا لخروج عمر إلى الصلاة ثم ناداه نداء الأعرابي (6):
ص: 307
يا عمر الخيرات ذا المكارم *** و عمر الدسائع (1) العظائم
إنّي امرؤ من قطن بن دارم *** أنشد (2) حقّ المسلم المسالم
بيع يمين بالإخاء الدّائم *** إذ ينتحي و اللّه (3) غير نائم
و نحن (4) في ظلمة ليل عاتم *** عند أبي عون و عند سالم
قال: فعرف عمر القصة، فدخل على أمهات أولاده فما زال يجمع له من عندهن العشرة و العشرين حتى جمع له ثلاثمائة، و كانت من عمر عطية.
أخبرنا أبو القاسم محمود بن أحمد بن الحسن التبريزي (5) بها، أنا أبو الفضائل محمّد بن أحمد بن عمر بن الحسن بن يونس الأصبهاني - بها - أنا أبو نعيم أحمد بن عبد اللّه بن إسحاق، نا محمّد بن أحمد بن سليمان الهروي، نا أبو عبيد اللّه معاوية بن صالح، أنشدني أحمد بن سعيد المصري الكاتب للدكين:
ربّ أمر تشرق النّفس به *** جاءها من خلل الباب الفرج
و دياجي مطبق إظلامها *** مزّق الصبح دجاها فبلج
لا تكن من وشك زوج آنسا *** فكأن قد فرّجت تلك الرّتج
بينما المرء كئيب موجع *** جاءه اللّه بفتح فبهج
قلّ ما أدمن قرعا قارع *** غلّق الأبواب إلاّ سيلج
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، أنبأ رشأ بن نظيف، أنبأ الحسين بن إسماعيل، أنا أحمد بن مروان، نا أبو بكر بن أبي الدنيا، أنشدنا محمّد بن الحسين لدكين الراجز (6):
ص: 308
إذا المرء لم يدنس من اللّؤم عرضه *** فكلّ رداء يرتديه جميل
فإن هو لم يدنس من اللّوم نفسه *** فليس إلى حسن الثناء سبيل
أخبرنا أبو القاسم هبة اللّه بن محمّد بن عبد الواحد، أنبأ الأمير أبو محمّد الحسن بن عيسى بن المقتدر باللّه، نا أبو العباس أحمد بن منصور اليشكري، نا ابن الأنباري، حدّثني أبي، نا أحمد - يعني ابن عبيد - عن أبي عبيدة قال: ابتنى رجل من بني مخزوم و كان ينزل ضاحية بني تميم فوافى دكين الراجز، فقال للبواب: إني ألاع إلى السخن فأدخلني، فأبى البواب أن يدخله، فوقف دكين على دكان و قد انصرف بعض القوم و أنشأ يقول:
اجتمع الناس و قالوا عرس *** إذا قصاع كالأكفّ خمس
زلجلجات (1) قد جمعن ملس *** ففقئت عين و فاضت نفس
فقال له البواب: من أنت لا حياك اللّه ؟ قال: أنا دكين الراجز، فأدخله.
قال أبو بكر بن الأنباري تفسير هذا: قال لي: أي قال أحمد بن عبيد: ألاع:
معناه أتوقد حرصا عليه، و يحترق فؤادي طلبا له، قال: و الزلجلجات: التي تحرك و تذهب و يجاء بها، لا تقر في موضع واحد.
قال: و جرى بين الأصمعي و أبي عبيدة في هذا البيت:«و فاضت نفس» تشاجر و منازعة، فقال الأصمعي: العرب لا تقول فاظت نفسه، و لا فاضت نفسه، و إنما يقولون: فاض الرجل إذا مات، قال: و كان يرويه:«وطّن الضرس» (2).
و قال أبو عبيدة: كذب الباهلي - يعني الأصمعي - ما هو إلاّ: فاضت نفس.
قال أبو بكر: و قال أصحابنا الكسائي و الفراء و من نقل عنهما يقال: فاضت نفس، و فاظت نفس، و فاض الميت نفسه، و أفاضه اللّه نفسه (3).
ص: 309
حكى شيئا من أمر يزيد بن الوليد الناقص.
روى عنه: عمر بن مروان الكلبي.
قرأت على أبي الوفاء حفّاظ بن الحسن الغسّاني، عن عبد العزيز الكتاني، أنا عبد الوهاب الميداني، أنا أبو سليمان بن زبر، أنا عبد اللّه بن أحمد الفرغاني، أنا محمّد بن جرير (1)،حدّثني أحمد بن زهير، عن علي بن محمّد، عن عمر (2) بن مروان الكلبي قال: حدّثني دكين بن الشّمّاخ الكلبي و أبو علاقة بن صالح السّلامانيّ أن يزيد بن الوليد أمر رجلا فنادى: من ينتدب إلى الفاسق و له ألف درهم ؟ فاجتمع إليه أقلّ من ألف رجل، فأمر رجلا فنادى من ينتدب له و له ألف و خمسمائة فانتدب يومئذ ألف و خمسمائة، فعقد لمنصور [بن] (3) جمهور على طائفة، و عقد ليعقوب بن عبد الرّحمن بن سليم الكلبي على طائفة أخرى، و عقد لهرمز (4) بن عبد اللّه بن دحية على طائفة أخرى [و عقد لحميد بن حبيب اللخمي على طائفة أخرى، و عليهم] (5) جميعا عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك، فخرج عبد العزيز فعسكر بالحيرة بالجمرتين.
ص: 310
ذكر من اسمه (1) دواس
2090 - دواس بن سيدهم بن مولاهم بن أفلاسوا
أبو الفتيان الكناني
شاعر محسن.
قرأت بخط أبي عبد اللّه محمّد بن مارح المقدسي، أنشدني الأمير أبو الفتيان أبياتا قالها عند ذهاب يده و هي:
أصبحت في حالة جلت فليس لها *** حدّ بحدّ و ضرّ غير منكشف
ما زال جفني على راجي يسح دما *** حتى أنطقا أسفا طرفي على طرفي
فليتني كنت مكفوفا بلا بصر *** و كان كفي من الخطب الملمّ كفي
قرأت بخط أبي الفرج غيث بن علي، قال: ذكر لي الأمير أبو تراب علي بن الحسين الربعي أن الذي قطع يد ابن أفلاسوا حصن الدولة - يعني ابن منزوا - لاطلاعه منه على عمل الزغل، و هو دمشقي.
أبو عيسى (2)
أخو مسلمة بن نافع مولى سعيد بن عبد الملك بن مروان.
من أهل دمشق، و يقال: من أهل حمص.
ص: 311
حدّث عن كعب الأحبار مرسلا، و عن عبد اللّه بن مسلم أخي الزّهري، و عن الزّهري، و مالك بن كثير التجيبي، و أبي صالح السّمّان، و عطاء بن أبي رباح، و عروة بن الزبير بن العوّام، و أبي (1) منصور غير مسمّى.
روى عنه: ابنه عبد اللّه بن دويد، و ضبارة (2) بن عبد اللّه بن أبي السليك (3)، و إسماعيل بن رافع أبو رافع المديني، و الليث بن سعد، و أخوه مسلمة بن نافع.
أخبرنا أبو عبد اللّه الفراوي، أنا أبو بكر محمّد بن عبد اللّه بن عمر الهروي العمري، أنا عبد الرّحمن بن أحمد بن محمّد بن أبي شريح، أنا أبو جعفر محمّد بن أحمد بن عبد الجبار الرّذاني، ثنا حميد بن زنجويه، نا حيوة بن شريح، نا بقية بن الوليد، عن ضبارة بن عبد اللّه بن أبي السليك، و كان يسكن اللاذقية، قال: أخبرني دويد بن نافع، عن ابن شهاب الزّهري، قال: قال سعيد بن المسيّب ان أبا قتادة بن ربعي أخبره قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم (4).
و أخبرنا أبو سعد منصور بن علي بن عبد الرّحمن الحجزي - ببوشنج (5)-أنا أبو منصور أسعد بن عبد المجيد البوشنجي (6)،أنا الخطيب أبو الحسين أحمد بن محمّد بن منصور العالي، نا أبو عبد اللّه محمّد بن الحسن، و أبو القاسم منصور بن العباس الفقيه، قالا: نا أبو سليمان داود بن الرستم بن أيوب بن سليمان، نا يحيى بن عثمان الحمصي، نا بقية بن الوليد، حدّثني ضبارة بن عبد اللّه بن أبي سليك، أخبرني دويد بن نافع، عن الزّهري قال: قال سعيد بن المسيّب أن أبا قتادة أخبره أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم قال:«قال اللّه عز و جل: إني فرضت على أمتك خمس صلوات و عهدت (7) عندي عهدا: أنه من حافظ عليهن لوقتهن أدخلته الجنة في عهدي، و من لم
ص: 312
يحافظ عليهن فلا عهد له عندي»[4131].
أنبأنا أبو علي الحداد، أنبأ أبو نعيم.
و أنبأنا أبو الفتح الحداد، أنا عبد الرّحمن بن عبيد اللّه قالا: أنا سليمان بن أحمد الطّبراني، نا محمّد بن أحمد بن روح، نا محمّد بن عبّاد المكي، نا حاتم بن إسماعيل، عن محمّد بن عجلان، عن إسماعيل بن رافع، عن مولى لسعيد بن عبد الملك بن مروان يقال له: دويد، عن أم هانئ بنت أبي طالب، فذكر حديثا، هذا مرسل.
أنبأنا أبو الغنائم الكوفي، ثم حدّثنا أبو الفضل بن ناصر، أنا أبو الفضل بن خيرون، و أبو الحسين الصيرفي، و أبو الغنائم - و اللفظ له - قالوا: أنا عبد الوهاب بن محمّد - زاد ابن خيرون و محمّد بن الحسن الأصبهاني، قالا:- أنا أحمد بن عبدان، أنا محمّد بن سهل، أنا محمّد بن إسماعيل قال (1):دويد بن نافع. إسحاق، عن بقية، عن مسلمة بن نافع القرشي، عن أخيه دويد بن نافع، و قال بقية عن ضبارة، نا دويد بن نافع، عن الزهري، ذكره في حرف الدال المهملة.
[أخبرنا] (2) أبو غالب بن البنّا، أنبأ أبو الحسين بن الآبنوسي، أنا عبد اللّه بن عتّاب، أنا أحمد بن عمير - إجازة-.
ح و أخبرنا أبو القاسم نصر بن السّوسي، أنا أبو عبد اللّه بن أبي الحديد، أنبأ علي بن الحسن، أنا عبد الوهاب بن الحسن، أنبأ أحمد - قراءة - قال: سمعت أبا الحسن بن سميع يقول في الطبقة الرابعة: دويد بن نافع.
كتب إليّ أبو محمّد حمزة بن العبّاس بن علي، و أبو الفضل أحمد بن محمّد بن الحسن، و حدّثني أبو بكر محمّد بن شجاع، أنا أبو الفضل قالا: أنا أبو بكر الباطرقاني، أنا أبو عبد اللّه بن مندة.
ح و حدّثنا أبو بكر اللفتواني قال: و أنبأني أبو عمرو بن منده، عن أبيه، قال:
قال: أنا أبو سعيد بن يونس في حرف الدال المهملة: دويد بن نافع مولى سعيد بن عبد الملك بن مروان، يكنى أبا عيسى، كان بمصر، و روى عنه جماعة من أهل مصر.
ص: 313
كتب إليّ أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن منده، و حدّثني أبو بكر عنه، قال:
أنا عمي عن أبيه أبي عبد اللّه قال: قال: أنا أبو سعيد بن يونس: دويد بن نافع مولى سعيد بن عبد الملك بن مروان، يكنى أبا عثمان دمشقي، قدم مصر و سكنها، و كان ينزل بجنب دار أبي صالح الحرّاني بالراية (1) في ظهر حمام حريب بن زيد صاحب ديوان مصر، و قد كان من ولده بقية إلى قريب من سنة عشر و ثلاثمائة (2).
قرأت على أبي غالب بن البنّا، عن أبي الفتح بن المحاملي، أنا أبو الحسن الدارقطني، قال في باب دويد بالدال المهملة: دويد بن نافع، يروي عن الزهري، و ضبارة بن عبد اللّه بن أبي السّليك، روى عنه بقية بن الوليد.
قرأت على أبو محمّد السّلمي، عن أبي نصر بن ماكولا، قال (3):أما دويد أوله دال مهملة فهو دويد بن نافع، يروي عن الزهري، و ضبارة بن عبد اللّه بن أبي السّليك، روى عنه بقية بن الوليد.
قرأت بخط أبي محمّد بن الأكفاني، و ذكر أنه وجد بخط بعض أصحاب الحديث:
مسلمة بن نافع أخو دويد بن نافع دمشقي.
و بلغني عن محمّد بن عوف الطائي الحمصي قال: دويد بن نافع حمصي.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الخلاّل، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا أبو علي - إجازة-.
ح قال: و أنا أبو طاهر، أنا علي بن محمّد، قالا: أنا أبو محمّد بن أبي حاتم، قال (4):سمعت أبي يقول: هو شيخ.
شاعر جاهلي كان قد ورد العراق لبعض أمره فاتّهمه النعمان بن المنذر أنه كان في قوم أخذوا مالا لبعض التجار فأخذه فحبسه فقال:
ص: 314
يا أيها الملك الذي غشم الأنام علانية *** السجن أضر عني إليك و لن أعود الثانية
لعن الإله عشيرة تمسي لفعلك راضية *** لا تسرفن على الرعية إنها لك فالية
المال آخذه سواي و كنت عنه ناحية *** إني أؤديه (1) إليك و لو بقرطيّ مارية
أزدية أضحت بقرطيها عليكم عالية *** لا مثل أمكم التي قد قلدتكم داهية
كم بين هادمة البنّا و بين أخرى بانية
و مارية هذه هي أم بني جفنة الغسانيين الذين قال فيهم حسان بن ثابت:
أولاد جفنة حول قبر أبيهم *** قبر ابن مارية الكريم المفضل (2)
ص: 315
ذكر من اسمه (1) دهثم
2093 - دهثم بن خلف بن الفضل
أبو سعيد القرشي الرّملي (2)
سمع بدمشق: سليمان بن عبد الرّحمن ابن بنت شرحبيل، و بغيرها: ضمرة بن ربيعة، و سوّار بن عمارة، و مؤمّل بن إسماعيل، و روّاد بن الجرّاح، و سلم بن ميمون الخواص، و أيوب بن سويد، و محمّد بن عليم.
روى عنه: أبو بكر بن أبي الدنيا، و أحمد بن محمّد المغلّس، و عبد اللّه بن محمّد بن ناجية، و إسحاق بن إبراهيم بن محمّد بن غالب الأنباري، و العباس بن أحمد بن أبي شحمة الختّلي، و أبو الربيع سليمان بن داود الرازي، و أبو يوسف يعقوب بن يوسف بن حازم الطحان، و أبو الليث نصر بن القاسم الفرائضي، و حدث ببغداد.
أخبرنا أبو غالب بن البنّا، أنا أبو محمّد الجوهري، أنا أبو عمر محمّد بن العباس، أنا أبو القاسم بن إبراهيم بن محمّد بن غالب الأنباري، نا دهثم بن أبي (3)خلف بن الفضل الرّملي، نا سوّار بن عمارة، نا السّري بن يحيى، نا العلاء بن هارون، عن شهر بن حوشب قال: أتيت أبا أمامة و هو في مسجد حمص، فقلت: يا أبا أمامة حدّثت بشيء عنك أنك حدثت عن النبي صلى اللّه عليه و سلّم ؟ قال: نعم، سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم يقول:
«من قال لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد، يحيي و يميت، بيده
ص: 316
الخير، و هو على كل شيء قدير - عشر مرّات - في دبر صلاة الغداة، كتب له بكلّ واحدة منها عشر حسنات، و محي عنه عشر سيئات، و رفع له عشر درجات، و كانت له خيرا من عشر محرّرين يوم القيامة، و من قالها في دبر صلاة العصر كان له مثل ذلك»، فقلت له:
أنت سمعت هذا من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم ؟ قال: نعم، غير مرة و لا مرتين، و لا ثلاث، و لا أربع، و لا خمس، حتى ضمّ أصابعه[4132].
أخبرنا أبو النجم بدر بن عبد اللّه، أنبأ أبو بكر الخطيب (1)،أنا أبو طاهر محمّد بن علي بن محمّد بن يوسف الواعظ ، نا مخلد بن جعفر الدقاق، نا العباس بن أحمد بن أبي شحمة، نا دهثم بن الفضل، نا روّاد (2) بن الجرّاح، نا أبو صالح الجزري، عن ضرار بن عمرو، عن مجاهد عن علي قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«صلاة الرجل متقلدا بسيفه - يعني تفضل - على صلاة غير متقلد سبع مائة ضعف»، و سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم يقول:«إن اللّه عز و جل يباهي بالمتقلد سيفه في سبيل اللّه عز و جل ملائكته (3) و هم يصلون ما دام متقلده»[4133].
قال الخطيب: دهثم بن خلف بن الفضل القرشي الرّملي، قدم بغداد، و حدّث بها عن ضمرة بن ربيعة، و سوّار بن عمارة، و مؤمّل بن إسماعيل، و سلم بن ميمون الخوّاص، و سليمان بن عبد الرّحمن الدمشقي.
روى عنه: أبو بكر بن أبي الدنيا، و أحمد بن محمّد بن المغلّس، و عبد اللّه بن محمّد بن ناجية، و إسحاق بن إبراهيم بن غالب الأنباري، و العباس بن أحمد بن أبي شحمة و غيرهم.
أنبأنا أبو البركات الأنماطي، أنا أبو الحسين بن الطّيّوري، أنا عبد العزيز بن علي الأزجي.
أخبرنا عبد الرّحمن بن عمر الخلاّل، أنا محمّد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة، نا جدي قال: روى شيخ يقال له دهثم بن الفضل (4) قدم بغداد، قال: نا ابن بنت شرحبيل فذكر حديثا.
ص: 317
ذكر من اسمه (1) دينار
2094 - دينار بن بنان (2) الجوهري
حدّث عن الحسن بن جرير الصّوري.
روى عنه: أبو عبد اللّه بن مندة، و أظنه من ولد إسحاق بن إبراهيم بن بنان، أو من ولد ابن عمه علي بن شيبان بن بنان نسب إلى جده الأعلى، و اللّه أعلم.
أخبرني أبو القاسم إسماعيل بن محمّد بن الفضل، أنا أحمد بن محمّد بن عمر النقاش، و حمد بن أحمد الصّيرفي، قالا: ثنا أبو عبد اللّه بن مندة: أخبرنا دينار بن بنان الجوهري، نا الحسن بن جرير الصّوري، نا إبراهيم بن المنذر الحزامي، نا عمر بن عمّار المدني، عن مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر قال: العلم ثلاثة: كتاب ناطق، و سنة ماضية و لا أدري، كذا قال، و إنما هو عمر بن عصام.
أخبرناه عاليا أبو المظفّر عبد المنعم بن عبد الكريم، و أبو القاسم زاهر بن طاهر، قالا: أنبأ محمّد بن عبد الرّحمن بن محمّد بن أحمد بن حمدان، أنا أبو العباس الحسن بن سفيان بن عامر الشيباني - إملاء و قراءة ما لا أحصي من مرة - نا إبراهيم بن المنذر الحزامي، نا عمر بن عاصم، نا مالك بن أنس - و قال زاهر: عن مالك - عن نافع، عن ابن عمر قال: العلم ثلاثة: كتاب ناطق، و سنة ماضية، و لا أدري.
ص: 318
2095 - دينار بن عبد اللّه بن زاذا.... (1)
ابن عم الفضل و الحسن ابني سهل بن راد العروح (2).
ولي إمرة دمشق في خلافة المعتصم و لم تطل مدته.
قرأت بخط أبي الحسين الرازي، حدّثني بكر بن عبد اللّه بن حبيب قال: قال علي بن حرب: و في سنة خمس و عشرين و مائتين ولّى المعتصم باللّه دينار بن عبد اللّه دمشق، فأقام بها أياما ثم عزل و ولي البحر، و ولي مكانه محمّد بن الجهم الشامي، ثم ولي برقة فقتل بها.
ذكر أبو حسان الحسن بن عثمان الزّيادي أن دينارا مات ببرقة سنة إحدى و ثلاثين و مائتين و هو ابن سبع و سبعين سنة.
و ذكر أبو الحسن محمّد بن أحمد بن القوّاس الوراق أنه مات للنصف من جمادى الآخرة سنة ثلاثين و مائتين.
ص: 319
ذكر من اسمه (1) ذكر
2096 - ذكر و يقال ابن ذكر الألهاني
دمشقي، و يقال: إنه حمصي
و كان في رسل يزيد بن معاوية إلى ابن الزبير يدعوه إلى طاعته، له ذكر في وقعة مرج راهط .
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، نا عبد العزيز بن أحمد، أنبأ أبو محمّد بن أبي نصر، أنبأ أبو الميمون بن راشد، نا أبو زرعة (2)،أخبرني محمّد بن معاذ، عن أبيه، عن الهيثم بن عمران أنه سمع إسماعيل بن عبيد اللّه يذكر: أن الضحاك بن قيس، و همّام بن قبيصة، و ذكر الألهاني و أبي ثور، قتلوا برهط .
ص: 320
ذكر من اسمه (1) ذكوان
2097 - ذكوان بن إسماعيل بن يحيى البعلبكّي القاضي
حدّث عن إسماعيل بن حصن الجبيلي.
روى عنه: ابن شعيب.
أنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني، أنا أبو الحسن علي بن الحسين بن أحمد بن صصري، أنا تمام بن محمّد، أنا محمّد بن هارون بن شعيب، حدّثني ذكوان بن إسماعيل بن أخي القاضي ببعلبك، و محمّد بن عثمان بن حمّاد الأنصاري الكفرسوسي (2)،قالا: ثنا أبو سليم إسماعيل بن حصن، نا سويد بن عبد العزيز، نا سفيان بن حسين، عن الحسن البصري، عن عبد الرحمن بن حمزة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم قال له:«لا تسأل الإمارة، فإنك إن أعطيتها عن مسئلة وكلت إليها، و إن أعطيتها عن غير مسئلة أعنت عليها، و إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فائت الذي هو خير، و كفّر عن يمينك»[4134].
2098 - ذكوان مولى عمر بن الخطاب (3)
قدم على معاوية.
أنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني، أنا أبو محمّد الحسن بن علي بن عبد الصمد
ص: 321
الكلاعي اللّبّاد - قراءة عليه - أنا تمام بن محمّد، أخبرني أبي أبو الحسين، أخبرني أبو الميمون - يعني أحمد بن محمّد بن بشر بن مامية، أخبرني أبي، نا أبو الحكم - يعني الهيثم بن مروان - حدّثني محمّد بن إدريس الشافعي قال: استعمل معاوية ذكوان مولى ابن الخطاب على عشور الكوفة فمكث زمانا ثم بلغه عنه بعض ما كره فعزله، فلما استعمل الضّحّاك بن قيس الفهري على الكوفة أمره أن يقيمه للناس و يأخذ منه خمسين ألفا، ففعل ذلك به، ثم كتب إليه معاوية، فقدم، فلما قام بين السّمّاطين قال معاوية: يا ذكوان قد علمت قريش أنّا أحلاس الخيل، قال ذكوان: و نحن فرسانها، فقال معاوية: يا ذكوان أرض و لك مائة ألف، قال: لا، قال: فمائتي ألف، قال: فلم يزل يزيده فرضي قال: و قد كان ذكوان صبر للضحاك حتى نجا منه و هجاه فقال (1):
تطاولت (2) للضحاك حتى رددته *** إلى حسب في قومه متقاصر
فلو شهدتني من قريش عصابة *** قريش البطاح لا قريش الظواهر
فريقان منهم ساكن بطن يثرب *** و منهم فريق ساكن بالمشاعر
ص: 322
ذكر من اسمه (1) ذكي
2099 - ذكي بن عبد اللّه
أبو الحسن المشرقي (2)
حدّث بدمشق عن أبي بكر محمّد بن عبيد اللّه بن أبي المغيث.
روى عنه: علي بن محمّد الحنّائي.
قرأت بخط أبي الحسن الحنّائي، أنا أبو الحسن ذكي بن عبد اللّه المشرقي، نا أبو بكر محمّد بن عبيد اللّه بن أبي المغيث، نا عبد اللّه بن سليمان، نا العباس بن الوليد بن مزيد البيروتي، أخبرني أبي، و عقبة بن علقمة قالا: نا الأوزاعي، حدّثني عبد الواحد بن قيس، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى اللّه عليه و سلّم قال:«كل مسكر خمر» عبد اللّه بن سليمان هذا هو خيثمة بن سليمان، دلسه الحنّائي[4135].
و قد أخبرناه عاليا من حديث خيثمة أبو الحسن علي بن المسلّم الفقيه، أنبأ أبو القاسم بن أبي العلاء، أنا أبو بكر محمّد بن عبد الرّحمن القطان - قراءة عليه - سنة خمس عشرة و أربع مائة، أنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة الأطرابلسي، أنا العباس بن الوليد بن مزيد البيروتي، أخبرني أبي، و عقبة بن علقمة، قالا: ثنا الأوزاعي حدّثني عبد الواحد بن قيس، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى اللّه عليه و سلّم.[قال:
«كلّ مسكر خمر» (3)[4135 م].
ص: 323
ذكر من اسمه (1) ذواد
2100 - ذوّاد العقيلي الجزري
حدّث بالرّصافة.
حكى عنه معمر.
أنبأنا أبو الحسن سعد الخير بن محمّد، و أبو منصور بن الجواليقي، و أبو الفضل محمّد بن محمّد بن عطاف، قالوا: أنا طراد بن محمّد، أنبأ علي بن محمّد بن عبد اللّه بن بشران، نا إسماعيل بن محمّد بن إسماعيل الصفار، نا عبد الرزاق، أنا معمر قال: سمعت رجلا من أهل الجزيرة يقال له ذوّاد يحدث محمّد بن علي بن عبد اللّه بن عباس - و دخلنا عليه بالرصافة - فقال: دخل سعد بن أبي وقاص على معاوية فقال: السلام عليك أيها الملك، فقال معاوية: فهلاّ غير ذلك، أنتم المؤمنون و أنا أميركم، فقال سعد: نعم، إن كنا أمرناك، فقال معاوية: لا يبلغني أن أحدا يقول:
إنّ سعيدا ليس من قريش إلاّ فعلت به و فعلت، فقال محمّد بن علي: لعمري، إنّ سعدا لوسط من قريش، ثابت النسب.
أنبأنا أبو الغنائم، ثم حدّثنا أبو الفضل بن ناصر، أنا أبو الفضل بن خيرون، و أبو الحسين، و أبو الغنائم - و اللفظ له - قالوا: أنا أبو أحمد - زاد ابن خيرون: و أبو الحسين الأصبهاني قالا:- أنا أحمد بن عبدان، أنا محمّد بن سهل، أنا محمّد بن إسماعيل، قال (2):ذوّاد العقيلي أن سعدا روى عنه معمر مرسل.
ص: 324
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الخلال - أنا أبو القاسم بن منده، أنا حمد بن عبد اللّه - إجازة-.
قال: و أنا أبو طاهر بن سلمة، أنا علي بن محمّد قالا: أنا أبو محمّد بن أبي حاتم قال (1):ذوّاد العقيلي روى عن سعد، و معاوية، روى عنه معمر، سمعت أبي يقول ذلك.
ص: 325
ذكر من اسمه (1) ذؤالة
2101 - ذؤالة بن الأصبغ بن ذؤالة الكلبي
أحد فرسان كلب المشهورين، و كان أبوه ممن قام مع يزيد بن الوليد الناقص ثم إن ذؤالة و حمزة و فرافصة بني الأصبغ خلعوا مروان بن محمّد تبع جماعة من أهل الشام، و ساروا من تدمر إلى حمص، و تحصنوا بها، فأقبل إليهم مروان، فحاصرهم بها حتى غلب عليها، و قتل ذؤالة و صلبه على باب حمص، فقال في ذلك بعض الشعراء:
ألا هل أتى حسان كلب بأننا *** تركنا بحمص من ذؤالة مرقبا
فبدل بعد السير فيها إقامة *** و بعد ركوب الخيل جذعا مشذبا
حدّث عن أبيه، عن جده.
روى عنه: أبو صالح الجسريني (2).
قرأت على أبي محمّد السّلمي، عن عبد العزيز بن أحمد، أنا تمام بن محمّد، أنبأ أبو إسحاق بن سنان، نا أبو صالح الجسريني (3)،حدّثني ذؤالة بن محمّد، عن أبيه، عن جده، عن الأوزاعي، قال: أنست (4) عن ليث بن أبي سليم، عن أبي الزبير، عن جابر:
ص: 326
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم لم يكن يبيت حتى يقرأ بهاتين السورتين:«الم تنزيل» و «تبارك»[4136].
أخبرناه أعلى من هذا بثلاث درجات أبو المحاسن مسعود بن محمّد بن غانم الغانمي الفقيه الهروي بها.
أنبأنا أبو القاسم أحمد بن محمّد بن محمّد الخليلي - ببلخ - أنبأ أبو القاسم علي بن أحمد بن محمّد بن الحسن الخزاعي (1)،أنا أبو سعيد الهيثم بن كليب الشاشي، نا أبو عبيدة الشريف بن يحيى، نا أحمد بن يونس، نا أبو بكر بن عياش، و زهير، و فضيل هو ابن عياض، و الحسين بن صالح، و أبو معاوية، و أبو الأحوص، و حفص - هو - ابن غياث، و عبد السلام هو ابن حرب، و مندل و حبان، عن ليث، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم لا ينام حتى يقرأ الم تنزيل و تبارك.
و كذا رواه أيوب السختياني و أبو الأحوص سلاّم بن سليم، و عبد الرّحمن بن محمّد المحاربي، عن ليث، و نافع أتيا على روايته هكذا المغيرة بن مسلم السراج، و ذكر أبو خيثمة زهير بن معاوية الجعفي أنه سأل أبا الزبير، فقال: لم أسمعه من جابر.
أخبرناه أبو القاسم بن السّمرقندي، و أبو عبد اللّه محمّد بن طلحة بن علي الرازي الصوفي، أنبأ أبو محمّد الصّريفيني، أنا أبو القاسم بن حبّابة، نا أبو القاسم البغوي، نا علي بن الجعد، أنا زهير، قال: قال: قلت لأبي الزبير أسمعت جابر بن عبد اللّه يذكر أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم كان لا ينام حى يقرأ الم تنزيل السجدة و تبارك الذي بيده الملك ؟ قال: ليس جابر، حدّثني صفوان أو ابن صفوان.
ص: 327
ذكر من اسمه (1) ذو الفقار
2105 - ذو الفقار بن محمّد بن معبد بن الحسن بن الحسن (2)
ابن أحمد المعروف بحميدان
أبو الضمضام (3) الحسني العلوي المروزي الضرير الواعظ
سمع ببغداد مالكا البانياسي، و الوزير أبا علي الحسن بن علي بن إسحاق المعروف بنظام الملك، و قدم علينا دمشق قبل العشرين و الخمسمائة و حضرت مجلس وعظه بها و أظهر الميل إلى الروافض، و تعصّب له جماعة منهم، و كان يروي الحديث على كرسيه بإسناده عن نظام الملك فلم أحفظ عنه شيئا، و خرج عن دمشق بعد حدوث فتنة جرت و سكن الموصل، و سمع منه بها، و استجيز لي منه.
أخبرنا ذو الفقار (4) بن محمّد في كتابه إلىّ من الموصل، أنا أبو عبد اللّه مالك بن أحمد بن إبراهيم البانياسي ببغداد سنة تسع و سبعين و أربعمائة، أنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن أحمد بن الصلت، نا إبراهيم بن عبد الصمد، نا محمّد بن عبد اللّه بن يزيد المقرئ، نا أبي، نا أبو هلال، نا أبو الوازع، عن أبي برزة، قال: أتيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم فقلت: علمني شيئا لعل اللّه أن ينفعني به، قال:«انظر ما يؤذي الناس فنحّه عن الطريق»[4137].
قال لي أبو سعد بن السمعاني: سألت أبا الضمضام ذو الفقار بن محمّد بن معبد العلوي بالموصل عن ولادته، فقال في سنة خمس و خمسين و أربعمائة بمرو في سكة أبي عاصم.
ص: 329
ذكر من اسمه (1) ذو القرنين
2106 - ذو القرنين و اسمه الاسكندر بن فيلفتين (2)
ابن مضريم (3) بن هرمس بن هردس بن ميطون بن رومي
ابن أنطي (4) بن يونان بن يافث بن نوتة (5) بن سرحون
ابن رومة (6) بن ثرنط (7) بن توفيل بن رومي
ابن الأصفر بن أليفر (8) بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم
و يقال اسمه مرزبا بن مردفة اليوناني، من ولد يونن بن يافث بن نوح، و قيل: ابن ملنوس بن مطرنوس، و ذكر إسماعيل بن أبي أويس، قال: بلغنا أن اسم ذي القرنين صعب بن عبد اللّه بن فنان بن منصور بن عبد اللّه بن الأزد بن غوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن قحطان.
و ذكر عبد اللّه بن جعفر الزهري، عن محمّد بن عبد اللّه بن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، قال: وجدت في كتاب أبي سلمة بن عبد الرّحمن: أن الضحاك بن معدّ ولد رجلين: عبد اللّه بن الضحاك و هو ذو القرنين، و عباد بن الضحاك.
ص: 330
أخبرنا أبو الحسين بن الفراء، و أبو غالب، و أبو عبد اللّه ابنا البنّا، قالوا: أنا أبو جعفر بن المسلمة، أنا أبو طاهر المخلّص، أنبأ أحمد بن سليمان الطوسي، نا الزّبير بن بكّار، حدّثني إبراهيم بن المنذر، عن عبد العزيز بن عمران، عن إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: ذو القرنين عبد اللّه بن الضحاك بن معدّ.
و ذكر أبو عبيدة معمر بن المثنى، قال: قد قال بعض الفرس (1):أنه يعني الاسكندر بن دارا بن بهمن الملك، و القرنين تسمية الإسكندر. قال أبو عبيدة: و لكن الثبت عندنا أن ذا القرنين الاسكندر كان من الروم، و إنه فيلوس بن مضريم بن هرمس بن هردش بن مبطون بن رومي بن ذو القرنين لنطي بن نوفان بن يافث بن نونة بن سرود بن يرويبة بن نوفيل (2).
أخبرنا أبو غالب، و أبو عبد اللّه ابنا البنّا، قالا: أنا أبو الحسين بن الآبنوسي، عن أبي الحسن الدارقطني ح.
و قرأت على أبي غالب بن البنّا، عن أبي الفتح بن المحاملي، أنا أبو الحسن الدارقطني، قال: و أما يونان فهو فيما ذكر الحسن بن عليل العنزي، عن أبي كريب، عن هشام بن الكلبي، قال: و من بني يونان بن يافث بن نوح النبي صلى اللّه عليه و سلّم رومي بن لنطي بن يونان بن يافث بن نوح، و منهم ذو القرنين، و هو هرمس، و يقال هرديس بن فيطون بن رومي بن لنيطي بن كسلوحين بن يونان بن يافث بن نوح. و ان دبيل و باجروان و ورتان و دبيل و ببلقان بن أرميني بن لنطي بن يونان و فلسطين و هو فلستين بن كسلوحيم بن لنطي بن يونان.
قرأت على أبي محمّد السّلمي، عن أبي نصر بن ماكولا، قال (3):أما يونان - أوله ياء معجمة باثنتين من تحتها، و بعد الواو نون - فهو يونان بن يافث بن نوح، من ولد رومي بن لنطي بن يونان، و من ولده ذو القرنين و هو هرمس، و يقال هرديس بن
ص: 331
فيطون بن رومي بن لنطي بن كسلوحين (1) بن يونان، كذا قال بالفتح و قال غيره بالضم.
أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل، أنبأ إبراهيم بن يونس بن محمّد، أنا عبد العزيز بن أحمد النصيبي إجازة، أنا أبو بكر محمّد بن أحمد الواسطي، نا عمر بن الفضل بن مهاجر، نا أبي، نا الوليد بن حمّاد، نا محمّد بن العباس، نا عمران بن موسى البغدادي، نا السام بن داود، نا أحمد بن نباتة، عن سلمة بن أبي سلمة الأبرش، عن محمّد بن إسحاق، عن أبي مالك بن ثعلبة بن أبي مالك القرظي، قال: سمعت إبراهيم بن محمّد بن طلحة بن عبيد اللّه يحدث عن أبيه، عن جده يرفعه، قال: إن ذا القرنين كان ابن رجل من حمير حميريّا و كان قد وفد إلى الروم، فأقام فيهم، و كان يسمى أبوه الفيلسوف لعقله و أدبه، فتزوج في الروم امرأة من غسان - و كانت على دين الروم - فولدت ذا القرنين فسمّاه أبوه الإسكندر. فهو الإسكندر بن الفيلسوف من حمير (2)،و أمه رومية غسّانية.
قال ابن إسحاق: قال أبو مالك بن ثعلبة بن أبي مالك القرظي: و لذلك يقول تبّع الحميري لما فخر بأجداده - وجده ملكهم - في قصيدة يقولها يفخر بذي القرنين إلى أجداده:
قد كان ذو القرنين جدّي مسلما *** ملكا تدين له الملوك و تحسد (3)
بلغ المشارق و المغارب يبتغي *** أسباب أمر من حكيم مرشد (4)
فرأى مغيب الشمس عند غروبها *** في عين ذي خلب (5) و ثأط حرمد
ص: 332
من بعده بلقيس كانت عمّتي *** ملكتهم حتى أتاها المزهد
قال السام بن داود و ليس كل الناس يعلم أنه من حمير و لا يعرف أباه، و إنما نسبته الروم إلى أمه كان أبوه مات و هو صغير، و خلفه في حجر أمه فلذلك جهل العلماء، و نسبوه إلى أمه، و لقد كان أبوه من أهل الملك، و المروءة، و لذلك سمّي الفيلسوف في حديث طويل اختصرناه.
أخبرنا أبو الفضائل الحسن بن الحسن بن أحمد، و أبو تراب حيدرة بن أحمد بن الحسين في كتابيهما، قالا: نا أبو بكر الخطيب، أنا أبو الحسن محمّد بن أحمد بن محمّد، أنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن عبد اللّه، و أبو بكر أحمد بن سندي، قالا: نا الحسن بن علي العطار، أنا إسماعيل بن عيسى، أنا إسحاق بن بشر، عن محمّد بن إسحاق، حدّثني سعيد بن بشير، عن قتادة أنه قال: الإسكندر هو ذو القرنين و أبوه قيصر و هو أول القياصرة، و كان من ولد سام بن نوح عليهما السلام.
أخبرنا أبو الفضل محمّد بن إسماعيل بن الفضل، أنبأ أبو مضر (1) محلّم (2) بن إسماعيل بن مضر بن إسماعيل الضبّي، أنا أبو سعيد الخليل (3) بن أحمد بن محمّد بن الخليل بن موسى بن عبد اللّه القاضي، نا أبو العباس السراج، نا قتيبة بن سعيد ح.
و أخبرنا أبو سهل محمّد بن إبراهيم، أنا أبو الفضل عبد الرّحمن بن أحمد بن الحسن، أنا جعفر بن عبد اللّه، نا محمّد بن هارون، نا خالد بن يوسف بن خالد السمتي، قالا: نا أبو عوانة عن - و في حديث أبي سهل نا - سماك، عن حبيب بن جماز، قال: كنت عند علي بن أبي طالب و سأله رجل عن ذي القرنين كيف بلغ المشرق و المغرب ؟ فقال: سخّر له السحاب، و مدّت له الأسباب، و بسط له في النور، و قال:
أزيدك ؟ قال: فسكت الرجل، و سكت عليّ رضي اللّه عنه (4).
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو الحسين بن النّقّور، و عبد الباقي بن محمّد بن غالب العطار، قالا: أنا أبو طاهر المخلّص، نا محمّد بن هارون الحضرمي،
ص: 333
نا سعيد بن يحيى، نا أبي، نا بسام الصيرفي، نا عامر بن واثلة، أن رجلا جاء إلى علي بن أبي طالب، فقال: يا أمير المؤمنين ما اَلذّٰارِيٰاتِ ذَرْواً (1)قال: الرياح، قال:
فما فَالْحٰامِلاٰتِ وِقْراً (2)قال: السحاب، قال: فما فَالْجٰارِيٰاتِ يُسْراً (3)قال:
السفن، قال: فما فَالْمُدَبِّرٰاتِ أَمْراً؟ (4)قال: الملائكة، قال: فمن: اَلَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللّٰهِ كُفْراً، وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دٰارَ الْبَوٰارِ (5)قال: هم منافقو قريش، قال: فمن:
اَلَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيٰاةِ الدُّنْيٰا، وَ هُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً؟ (6) قال:
منهم أهل حروراء، قال: فما ذو القرنين نبي أو ملك ؟ قال: ليس بنبيّ و لا ملك، و لكن كان عبدا صالحا أحبّ اللّه فأحبه، و ناصح اللّه فنصحه، بعثه اللّه إلى قوم فضرب على قرنه الأيمن فمات، فبعثه اللّه فضرب على قرنه الأيسر فمات.
أخبرنا أبو الحسين بن الفراء، و أبو غالب، و أبو عبد اللّه ابنا البنّا، قالوا: أنا أبو جعفر بن المسلمة، أنا أبو طاهر المخلّص، نا أحمد بن سليمان الطوسي، نا الزّبير بن بكّار، حدّثني - يعني إبراهيم بن المنذر - عن عبد العزيز بن عمران، عن هشام بن سعد، عن سعيد بن أبي هلال، عن القاسم بن أبي بزّة، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، قال: سمعت ابن الكوا قال لعلي بن أبي طالب: أخبرني يا أمير المؤمنين ما كان ذو القرنين ؟ قال: كان رجلا أحبّ اللّه فأحبه اللّه، بعثه اللّه إلى قوم فضربوه على قرنه ضربة مات منها، ثم بعثه اللّه إليهم فضربوه على قرنه ضربة مات منها، ثم بعثه اللّه فسمّي ذا القرنين و لا نعلم (7)أحدا من الناس كان له قرنان.
أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك، أنا أحمد بن الحسن بن أحمد، أنا أبو علي بن شاذان، أنا أبو سهل بن زياد القطان، نا أبو الحسين علي بن إبراهيم الواسطي، إملاء، نا محمّد بن أبي نعيم، نا ربعي بن عبد اللّه بن الجارود، نا سيف بن
ص: 334
وهب مولى لبني تيم، قال: دخلت شعب ابن عامر على أبي الطفيل عامر بن واثلة، قال: فإذا شيخ كبير قد وقع حاجبه على عينه (1)،قال: فقلت له: أحب أن تحدّثني بحديث سمعته من علي ليس بينك و بينه أحد، قال: أحدثك به إن شاء اللّه و تجدني له حافظا: أقبل عليّ يتخطى رقاب الناس بالكوفة حتى صعد المنبر فحمد اللّه و أثنى عليه، ثم قال: يا أيها الناس سلوني قبل أن تفقدوني، فو اللّه ما بين لوحي المصحف آية تخفى عليّ فيم أنزلت و لا أين أنزلت و لا ما عني بها، و اللّه لا تلقوا أحدا يحدثكم ذاكم بعدي حتى تلقوا نبيكم صلى اللّه عليه و سلّم قال: فقام رجل يتخطى رقاب الناس فنادى أيا أمير المؤمنين قال:
فقال علي: ما أراك بمسترشد أو ما أنت مسترشد، قال: يا أمير المؤمنين حدّثني عن قول اللّه عز و جل: وَ الذّٰارِيٰاتِ ذَرْواً قال: الرياح ويلك، قال: فَالْحٰامِلاٰتِ وِقْراً قال:
السحاب ويلك، قال: فَالْجٰارِيٰاتِ يُسْراً قال: السفن ويلك، قال: فَالْمُدَبِّرٰاتِ أَمْراً ،قال: الملائكة ويلك، قال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن قول اللّه عز و جل:
وَ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ، وَ السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (2) قال: ويلك بيت في ست سماوات، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه إلى يوم القيامة، و هو الضّراح، و هو حذاء الكعبة من السماء، قال: يا أمير المؤمنين حدّثني عن قول اللّه عز و جل: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللّٰهِ كُفْراً وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دٰارَ الْبَوٰارِ، جَهَنَّمَ قال: ويلك ظلمة قريش، قال: يا أمير المؤمنين حدّثني عن قول اللّه عز و جل قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمٰالاً اَلَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيٰاةِ الدُّنْيٰا ؟قال: ويلك منهم أهل حروراء (3)،قال: يا أمير المؤمنين حدّثني عن ذي القرنين، أ نبيّ كان أو رسول ؟ قال: لم يكن نبيا و لا رسولا و لكنه عبد ناصح اللّه عز و جل فناصحه اللّه عزّ و جلّ ، و أحبّ اللّه فأحبه اللّه، و إنه دعا قومه إلى اللّه فضربوه على قرنه فهلك، فغبر زمانا ثم بعثه اللّه عزّ و جلّ إليهم فدعاهم إلى اللّه عزّ و جلّ فضربوه على قرنه الآخر فهلك بذلك قرناه.
أنبأنا أبو الفضائل الحسن بن الحسن، و أبو تراب حيدرة بن أحمد، و أبو الحسن علي بن بركات بن إبراهيم الخشوعي، قالوا: حدّثنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، أنا
ص: 335
محمّد بن أحمد بن محمّد بن رزقويه، أنا عثمان بن أحمد، و أحمد بن سندي، قالا: نا الحسن بن علي، نا إسماعيل بن عيسى، أنبأ إسحاق، عن عبد اللّه بن زياد بن سمعان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن ذا القرنين أنه دعا ملكا جبارا إلى اللّه عزّ و جلّ و دينه فضرب على قرنه فكسره و رضّه، ثم قال: ثم دعاه إلى اللّه فدقّ قرنه الثاني فكسره، فسمّي ذا القرنين.
أخبرنا أبو الحسين بن الفراء، و أبو غالب و أبو عبد اللّه ابنا البنّا، قالوا: أنا أبو جعفر بن المسلمة، أنا أبو طاهر المخلّص، نا أحمد بن سليمان الطوسي، نا الزّبير بن بكّار، حدّثني إبراهيم، عن عبد العزيز، عن حازم بن حسين، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، قال: إنما سمّي ذو القرنين أنه كانت له غديرتان في رأسه من شعر يطأ فيهما.
قال: و حدّثني إبراهيم بن المنذر، عن عبد العزيز، عن سليمان بن أسيد، عن ابن شهاب، قال: إنما سمّي ذو القرنين أنه بلغ قرن الشمس من مغربها و قرن الشمس من مطلعها فسمّي ذا القرنين.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أبو طاهر الباقلاني، و أبو الفضل أحمد بن الحسن، قالا: أنا أبو القاسم بن بشران، أنا أبو علي الصّوّاف، نا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة، نا أبي، نا إسماعيل بن أبان، نا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن عبد اللّه الوادعي (1)،قال: سمعت معاوية يقول: ملك الأرض أربعة: سليمان بن داود النبي، و ذو القرنين، و رجل من أهل حلوان، و رجل آخر فقيل له: الخضر؟ قال: لا (2).
أخبرنا أبو الحسين بن الفراء، و أبو غالب و أبو عبد اللّه ابنا البنّا، قالوا: أنا أبو جعفر بن المسلمة، أنا أبو طاهر المخلّص، نا أحمد بن سليمان، نا الزّبير بن بكّار، حدّثني إبراهيم بن المنذر، عن محمّد بن الضحاك، عن أبيه، عن سفيان الثوري، قال:
بلغني أنه ملك الأرض كلها أربعة: مؤمنان و كافران سلميان النبي صلى اللّه عليه و سلّم، و ذو القرنين، و نمرود، و بخت نصّر (3).
ص: 336
أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل، أنا أبو الفرج سهل بن بشر، أنا أبو القاسم علي بن محمّد بن علي الفارسي بمصر، أنا أبو أحمد عبد اللّه بن محمّد بن عبد اللّه (1) المعروف بابن المفسر قراءة عليه، نا أبو سليمان حوشب بن أحمد بن أبي حكيم القرشي قراءة عليه في ذكره بسوق البقل في ذي الحجة سنة إحدى و تسعين و مائتين، نا أبو الجماهر محمّد بن عثمان التنوخي، نا سعيد بن بشير، قال: ملك الأرض أربعة: اثنان مؤمنان: سليمان بن داود، و ذو القرنين، و اثنان كافران: نمرود بن كوش بن حام بن نوح، و بخت نصر (2).
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفرضي، نا عبد العزيز بن أحمد و أبو القاسم بن أبي العلاء، و أبو نصر بن طلاّب، و أبو القاسم غنائم بن أحمد بن عبيد اللّه الخيّاط ، و أبو الحسن علي بن الخضر بن عبد البرح.
و أخبرنا أبو محمّد طاهر بن سهل، أنبأ أبو القاسم الحنّائي ح.
و أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن بن علي بن النوبي (3)،أنا عمي أبو الفضل عبد الواحد بن علي بن عبد الواحد، قالوا: أنا أبو محمّد بن أبي نصر، أنبأ [أبو] (4)إسحاق إبراهيم بن محمّد بن أبي ثابت، نا محمّد بن حمّاد، أنا عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«لا أدري أ تبّع كان لعينا أم لا، و لا أدري الحدود كفارات لأهلها أم لا، و لا أدري ذو القرنين كان (5) نبيا أم لا»[4138].
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أبو الفضل بن خيرون، أنا أبو القاسم بن بشران، أنا أبو علي بن الصّوّاف، أنا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة، نا أبي، نا وكيع، عن إسرائيل، عن جابر، عن مجاهد، عن عبد اللّه بن عمرو، قال: ذو القرنين نبيّ .
ص: 337
أخبرنا أبو عبد اللّه الفراوي، أنا أبو بكر البيهقي (1)،أنبأ علي بن أحمد بن عبدان، أنا أحمد بن عبيد الصفار، نا محمّد بن يونس، نا عبد اللّه بن مسلمة القعنبي، نا عبد اللّه بن عمر بن حفص بن عاصم، عن عبد الرّحمن بن زياد بن أنعم، عن سعيد (2) بن مسعود، عن رجلين من كندة من قومه قالا: استطلنا يومنا فانطلقنا إلى عقبة بن عامر الجهني فوجدناه في ظل داره جالسا، فقلنا له: إنا استطلنا يومنا فجئنا نتحدث عندك، فقال: و أنا استطلت يومي فخرجت إلى هذا الموضع، قال: ثم أقبل علينا و قال: كنت أخدم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم فخرجت ذات يوم، فإذا أنا برجال من أهل الكتاب بالباب معهم مصاحف فقالوا: من يستأذن لنا على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم فدخلت على النبي صلى اللّه عليه و سلّم فأخبرته فقال:«ما لي و لهم، يسألونني عما لا أدري، إنما أنا عبد لا أعلم إلاّ ما علّمني ربي عزّ و جلّ » ثم قال:«أبغني وضوءا» فأتيته بوضوء، فتوضأ ثم خرج إلى المسجد فصلّى ركعتين، ثم انصرف، فقال لي و أنا أرى السرور و البشر في وجهه فقال:
«أدخل القوم عليّ ، و من كان من أصحابي فأدخله أيضا»، قال: فأذنت لهم فدخلوا فقال لهم:«إن شئتم أحدثكم عما جئتم تسألونني عنه من قبل أن تكلّموا، و إن شئتم فتكلّموا قبل أن أقول»، قالوا: بل أخبرنا، قال:«جئتم تسألوني عن ذي القرنين، إنّ أول أمره أنه كان غلاما من الروم أعطي ملكا. فسار حتى أتى ساحل أرض مصر، فابتنى مدينة يقال لها الإسكندرية، فلما فرغ من بنائها (3) بعث اللّه تعالى ملكا، ففرع به فاستعلى بين السماء و الأرض ثم قال: انظر ما تحتك فقال: أرى مدينتين، ثم استعلى به ثانية ثم قال: انظر ما تحتك فنظر فقال (4):أرى مدينتين قد أحاطت بهما، ثم استعلى به و قال: انظر ما تحتك، فنظر فقال (5):ليس أرى شيئا؛ فقال: المدينتين هو البحر المستدير و قد جعل اللّه تعالى له مسلكا يسلك به، فعلم الجاهل و ثبت العالم، قال: ثم جوّزه فابتنى السدّ جبلين زلقين، لا يستقر عليهما شيء أصلا. فلما فرغ منهما صار في الأرض فأتى على أمة - أو على قوم - وجوههم كوجوه الكلاب، فلما قطعهم أتى على قوم قصار، فلما قطعهم أتى
ص: 338
على قوم من الحيات، تلتقم الحية منهم الصخرة العظيمة ثم أتى على الغرانيق، و قرأ هذه الآية: وَ آتَيْنٰاهُ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ سَبَباً فَأَتْبَعَ سَبَباً (1)،فقالوا: هكذا نجده في كتابنا[4139].
أنبأنا أبو الفضائل الحسن بن الحسن، و أبو تراب حيدرة بن أحمد، و أبو الحسن علي بن بركات، قالوا: ثنا أبو بكر الخطيب لفظا، أنا أبو الحسن بن رزقويه، أنبأ أبو عمرو الدقاق، و أبو بكر بن سندي، قالا: نا الحسن بن علي، نا إسماعيل بن عيسى، نا إسحاق بن بشر، عن عثمان بن الساج، عن خصيف، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه قال: كان ذو القرنين ملكا صالحا أرضى اللّه عزّ و جلّ عمله و أثنى عليه في كتابه، و كان منصورا و كان الخضر وزيره (2).
و أنبأنا أبو الفضائل، و أبو تراب، قالا: ثنا أبو بكر الخطيب، أنا أبو الحسن، أنبأ أبو عمرو و أبو بكر، قالا: أنا الحسن، نا إسماعيل، نا إسحاق، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن قال: كان ذو القرنين ملك بعد نمرود و كان من معه أنه كان رجلا مسلما صالحا أتى المشرق و المغرب مدّ اللّه عزّ و جلّ له في الأجل و بصّره حتى قهر البلاد، و احتوى (3) على الأموال و فتح المدائن و قتل الرجال، و جال في البلاد و القلاع فسار حتى أتى المشرق و المغرب فذلك قول اللّه عزّ و جلّ : وَ يَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً (4)-يعني خبرا- إِنّٰا مَكَّنّٰا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَ آتَيْنٰاهُ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ سَبَباً (5)-أي علما - أن يطلب أسباب المنازل (6).ثم أتبع سببا.
ص: 339
قال إسحاق: فزعم مقاتل - و زاد على ما قال سعيد بن أبي عروبة - قال: كان يفتح المدائن و يجمع الكنوز فمن اتبعه على دينه و شايعه عليه و إلاّ قتله (1).
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو الحسين بن النّقّور، و أبو منصور بن العطار، قالا: أنا أبو طاهر المخلّص، نا عبيد اللّه بن عبد الرّحمن، نا زكريا بن يحيى، نا الأصمعي، نا الفضل بن عطية، عن عطاء و عبد اللّه بن عبيد بن عمير: أن ذا القرنين حجّ ماشيا.
أخبرنا أبو محمّد بن طاوس، أنا طراد بن محمّد، أنا أبو الحسن بن رزقويه، أنا أبو جعفر محمّد بن يحيى بن عمر بن علي بن حرب، نا علي بن حرب، نا سفيان، عن الفضل بن عطية، سمع عبيد بن عمير يحدث: أن ذا القرنين حجّ ماشيا فسمع به إبراهيم صلى اللّه عليه و سلّم فخرج يتلقاه، كذا في هذه الرواية.
و رواه غيره عن سفيان، عن الفضل، عن عطاء، عن عبد اللّه بن عبيد بن عمير:
أخبرناه أبو البركات الأنماطي، و أبو طاهر أحمد بن الحسن، و أبو الفضل أحمد بن الحسن، قالا: أنا أبو القاسم بن بشران، أنبأ أبو علي بن الصّوّاف، نا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة، نا سعيد بن عمرو، ثنا سفيان بن عيينة، عن الفضل بن عطية، عن عطاء: أن عبد اللّه بن عبيد بن عمير قال: حجّ ذو القرنين ماشيا أول من حج فسمع به إبراهيم فخرج يتلقاه (2).
أنبأنا أبو الفضائل الحسن بن الحسن و أبو تراب حيدرة بن أحمد، و أبو الحسن علي بن بركات قالوا: حدّثنا أبو بكر الخطيب، أنا أبو الحسن بن رزقويه، أنا أبو عمرو عثمان بن أحمد و أبو بكر أحمد بن سيدي، قالا: ثنا الحسن بن علي القطان، نا إسماعيل بن عيسى، نا علي بن عاصم، حدّثني أصبغ بن زيد الوراق، عن بعض أصحابه، قال: كان إبراهيم خليل الرّحمن جالسا بمكان فسمع صوتا فقال: ما هذا الصوت، قال: قيل له: هذا ذو القرنين قد أقبل في جنوده فقال لرجل عنده: ائت ذا القرنين فاقرئه السلام، فأتاه فقال: إن إبراهيم يقرئك السلام، قال: و من إبراهيم ؟
ص: 340
قال: خليل الرّحمن، قال: و إنه لها هنا؟ قال: نعم، قال: فنزل، قال: فقيل له أن بينك و بينه هنيهة قال: ما كنت لأركب في بلد فيه إبراهيم، قال: فمشى إليه، قال: فسلّم عليه و أوصاه إبراهيم فأوحى اللّه إلى ذي القرنين: أن اللّه قد سخّر لك السحاب فاختر أيها شئت، إن شئت صعابها و إن شئت ذللها، فاختار ذلولها فكان إذا انتهى إلى مكان من برّ أو بحر لا يستطيع أن يتقدم احتملته السحاب فقذفته، وراء ذلك حيث شاء.
أخبرنا أبو الحسين بن الفراء، و أبو غالب، و أبو عبد اللّه ابنا البنّا، قالوا: أنا أبو جعفر بن المسلمة، نا أبو طاهر المخلّص، نا أحمد بن سليمان، نا الزّبير بن بكّار، حدّثني إبراهيم بن المنذر، عن سفيان بن عيينة، عن ليث بن أبي سليم، عن من حدثه عن علي بن أبي طالب أنه سئل ما كان ذو القرنين ركب في مسيره يوم سار؟ قال: خيّر بين ذلك السحاب و صعابه، فاختار ذلك، و هو الذي لا برق فيه و لا رعد.
أنبأنا أبو الفضائل الكلابي، و أبو تراب الأنصاري، و أبو الحسن الخشوعي، قالوا: حدّثنا أبو بكر الخطيب، أنا أبو الحسن بن رزقويه، أنا عثمان بن أحمد، و أحمد بن سندي، قالا: نا الحسن بن علي، نا إسماعيل بن عيسى، نا إسحاق، عن مقاتل بن سليمان، عن قتادة، عن الحسن: أن ذا القرنين كان إذا انتهى إلى الأرض أو كورة ففتحها أمر أصحابه الذين معه أن يقيموا بها و أخرج هؤلاء معه إلى الأرض التي تليهم، فبذلك كان يقوى الناس على المسير معه، فكان ذو القرنين إذا سار يكون أمامه على مقدمته ستمائة ألف، و على ساقته مائة ألف، و هو في ألف ألف لا ينقصون، كلما هرم رجل جعل مكانه غيره، و إذا مات رجل جعل مكانه غيره، فهذه العدة معه و كان اللّه عزّ و جلّ ألهمه الرشد، و لقّنه الحكمة و الصواب، و أعطاه القوة و الظفر و النصر.
أنبأنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمّد بن بيان ح.
و أخبرنا أبو البركات قال: أنا أبو الفضل أحمد بن الحسن العدل، قالا: أنبأ أبو القاسم بن بشران، أنبأ أبو علي بن الصّوّاف، نا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة، نا عباد بن يعقوب، ثنا عمرو بن ثابت، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، قال: سار ذو القرنين من مطلع الشمس إلى مغربها اثنتي عشرة سنة.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، أنبأ رشأ بن نظيف، أنبأ الحسن بن إسماعيل، أنبأ أحمد بن مروان، نا محمّد بن موسى القطان، نا عبد اللّه بن جعفر
ص: 341
الرّقّي، قال: وشى واش برجل إلى الإسكندر فقال له: أ تحب أن نقبل منك ما قلت فيه على أنا نقبل منه ما قال فيك ؟ فقال: لا، فقال له: فكفّ عن الشرّ يكف الشرّ عنك.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، نا أبو بكر الخطيب، أنا أبو الحسين بن بشران، أنا أبو علي بن صفوان، نا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدّثني محمّد بن الحسين، حدّثني إبراهيم بن بشار، حدّثنا سفيان، نا ليث بن أبي سليم، قال: مرّ ذو القرنين في مسيره على ملك منبطح على وجهه، آخذ بأصل جبل، فقال له ذو القرنين: يا عبد اللّه أ معذب أم مأمور؟ قال: بل مأمور، قال: فما هذا؟ فقال: الجبال كلها محدقة بهذا الجبل، فأنا ممسك بأصله، فمن أنت ؟ قال: أنا ذو القرنين، قال: أ لكم خلقت الجنة و النار؟ قال:
نعم، قال: لقد خلقتم لأمر عظيم.
أخبرنا أبو محمّد بن طاوس، أنا محمّد بن علي بن الحسن، أنبأ الحسين بن الحسن الغضائري (1)،نا أحمد بن سلمان، نا إبراهيم بن إسحاق الحربي، نا سفيان بن وكيع، نا أبي عن عباد بن ميسرة المنقري، عن الحسن البصري، عن الثقة من أصحابه قال: حدّثني أبو أمامة: أن ذا القرنين سار في الظلمة حتى انتهى إلى جبل قاف (2).
قال: و نا أحمد بن سلمان، نا الحسن بن علي القطان، نا إسماعيل بن عيسى، عن إسحاق، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن: أن ذا القرنين سار في الظلمة فلما دنا إذا هو بملك قابض على ظهر جبل و هو جبل قاف فقال له: ما خلف هذا الجبل ؟ قال: سبعون حجابا من نار، و سبعون حجابا من دخان، و سبعون حجابا من نار و سبعون حجابا من ظلمة، غلظ كل حجاب مسيرة خمسمائة عام، و من خلف هؤلاء حملة الكرسي، أرجلهم تحت الثرى السابعة، و جاوزت رءوسهم فوق سبع سماوات، و لو لا هذه الحجب لاحترقت أنا و هذا الجبل من نورهم، قال: فما خلف أولئك من الحجب بعد ذلك قال: بعد ذلك و خلف تلك الحجب حملة العرش، خرقت الأرضين السابعة، و جاوزت رءوسهم السماء السابعة، كما بين سبع سماوات و لهم قرون غلظ كلّ قرن ملك ما بين الخافقين، قال: و ما خلف أولئك ؟ قال: أرض ملساء ضوأها من نورها، و نورها
ص: 342
من ضوأها مسيرة الشمس أربعون يوما، يكون مثل الدنيا عامرها، و غامرها ضعفا ليس فيها موضع شبر إلاّ و ملك ساجد لم يرفع رأسه منذ خلقه اللّه عز و جل، و لا يرفعه إلى يوم القيامة. فإذا كان يوم القيامة رفعوا رءوسهم، فقالوا: ربنا لم نعبدك حق عبادتك قال:
فما خلف أولئك ؟ قال: ملائكة يضعفون على هؤلاء أربعين ضعفا، طول كل ملك منهم ما بين سبع سماوات إلى سبع أرضين، ليس في جسده موضع ظفر ابن آدم إلاّ و فيه لسان ناطق يحمد اللّه عز و جل و يقدسه، قال: فما خلف أولئك ؟ قال: ملك قد أحاط بجميع ما ذكرت لك، لو أذن اللّه تبارك و تعالى له بجميع ما ذكر في ذلك، و ما في سبع سماوات و سبع أرضين ما خلا العرش و الكرسي لالتقمهم في لقمة واحدة. قال: فما خلف ذلك ؟ قال: انقطع علمي و علم كل عالم، و كل ملك، ليس وراء ذلك إلاّ اللّه جل و عز و سلطانه و بهاؤه.
و في حديث إبراهيم الذي رواه عن أبي أمامة فقال له: أخبرك أن هذا الجبل يحيط بالماء كله و ليس خلف هذا الجبل أحد من الخلائق إلاّ الظلمة و الملائكة الذين يحملون الكرسي، و خلف ذلك سبعون حجابا من ثلج. غلظ كل حجاب خمسمائة سنة، و خلف ذلك الملائكة الذين يحملون العرش و قوائم العرش على ظهورهم و رقابهم، و غلظ كل ملك و طول قامته كطول أيام العالم و كطول السموات السبع و الأرضين السبع، و لو لا ما جعل اللّه بين هؤلاء و هؤلاء من الحجاب احترقت الملائكة الأربعة الذين يحملون الكرسي من نور الملائكة الذين يحملون العرش، و إني أخبرك أن اللّه جل و عز ربي و ربك أيها الإنسان جعل بيني و بين الملائكة الذين يحملون العرش هذا الجبل و لو لا هذا الجبل لاحترقت من نورهم، و بيني و بينهم كعدد أيام العالم، و بيني و بينهم سبعون حجابا من الظلمة و الثلج و أنّ ذا القرنين سأله: ما لك قابض على هذا الجبل، قال:
إن اللّه عز و جل خلق الأرض و كان عرشه على الماء و خلق السماء.
أنبأنا أبو الفضائل الكلابي، و أبو تراب الأنصاري، قالا: نا أبو بكر الخطيب، أنبأ محمّد بن أحمد بن محمّد، أنبأ عثمان بن أحمد الدقاق، و أحمد بن سندي الحداد، قالا: نا الحسن بن علي، أنا إسماعيل بن عيسى، أنبأ إسحاق بن بشر، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن: أن ذا القرنين لما سدّ الرّدم على يأجوج و مأجوج سار يريد ما وراء المشرق و المغرب، فسار حتى بلغ ظلمة عجز أصحابه عن المسير،
ص: 343
و أعطى اللّه ذا القرنين تلك القوة و الجلادة حتى سار ثمانية عشر يوما وحده، لا يقف على سهل و لا جبل و لا حجر و لا شجرة، و لا يأكل و لا يشرب و لا ينام و لا يركب، إذا سمع صوتا من مسيرة يوم و ليلة مثل الرعد القاصف، و رأى ضوءا مثل البرق الخاطف، و قائل يقول: سبحان ربي من منتهى الدهر، سبحان ربي من منتهى قدمي من الأرض السابعة، سبحان من بلّغ رأسي السماء، سبحان من بلّغ يدي أقصا العالم. فلما دنا منه إذا هو بملك قابض على طرفي جبل قاف؛ و هو جبل من زمرّدة خضراء، فلما نظر إليه الملك ظنّ أنه ملك بعثه اللّه إليه يأمره أن يزيل الدنيا، فقال له: آدمي أم ملك ؟ قال: بل آدمي، قال: من أين أقبلت ؟ قال: جاوزت المشرق و المغرب و أنا أسير منذ ثمانية عشر يوما في ظلمة على أرض ملساء، قال الملك: لم تمش على الأرض، و إنما مشيت ساعة من النهار، و إنما مشيت على البحر السابع - فشك ذو القرنين أن يكون قد مشى على الماء، فانغمس في الماء إلى ركبتيه - فقال له الملك: ابن آدم، شككت أنك مشيت على الماء فاستيقن فاستوى على الماء. قيل: يا أبا سعيد (1) من سماه ذا القرنين ؟ قال: ذلك الملك، فقال له: يا ذا القرنين، فقال له ذو القرنين: لعلك سببتني أو لقبتني، إنّ اسمي غير هذا، قال: ما سببتك و لا لقّبتك، و لكنك جاوزت قرن المشرق و المغرب، فهذا اسمك و اسم من يعمل كعملك، قال: فما لي أراك قابضا على هذا الجبل ؟ قال: إن اللّه جعل هذا الجبل وتد هذه الأرض، و الجبال من دونه أوتادا، و كانت الأرض لا تستقر حتى وضع اللّه هذا الجبل، و أنبت الجبال من هذا كنبات الشجر من عروقها، و بعثني أن أمسك هذا الجبل أن لا تزول الدنيا، قال: فما خلف هذا الجبل ؟ قال: سبعون حجابا من نار و سبعون حجابا من دخان و سبعون حجابا من ثلج، و سبعون حجابا من ظلمة، غلظ كل حجاب مسيرة خمسمائة عام، و من خلف هؤلاء حملة الكرسي، أرجلهم من تحت الثرى (2)،و قد جاوزت رءوسهم فوق سبع سماوات و لو لا هذه الحجب احترقت أنا و هذا الجبل من نورهم، قال: فما خلف أولئك ؟ قال: من الحجب بعد ذلك، و خلف تلك الحجب حملة العرش قد مرقت أرجلهم أرضين السابعة، و جاوزت رءوسهم فوق السماء السابعة، كما بين سبع سماوات إلى سبع أرضين، و لو لا تلك الحجب لاحترقت
ص: 344
حملة الكرسي من نور حملة العرش، و لهم قرون غلظ كل قرن كلّ ملك ما بين الخافقين، قال: فما خلف أولئك ؟ قال: أرض بيضاء ملساء، ضوأها من نورها، و نورها من ضوأها مسيرة الشمس أربعين يوما، تكون مثل الدنيا عامرها، و غامرها أربعين ضعفا، ليس فيه موضع شبر إلاّ و ملك ساجد لم يرفع رأسه منذ خلقه اللّه، و لا يرفعه إلى يوم القيامة، فإذا كان يوم القيامة رفعوا رءوسهم فقالوا: ربنا لم نعبدك حق عبادتك، قال: فما خلف أولئك ؟ قال: ملائكة يضعفون عليهم أربعين ضعفا، لكلّ ملك منهم أربعون رأسا في كل رأس أربعون وجها في كل وجه أربعون فما، في كل فم أربعون لسانا، في كل لسان أربعون لغة تسبّح اللّه و تقدّسه بكل لغة أربعين نوعا، قال: فما خلف أولئك ؟ قال: ملائكة يضعفون على هؤلاء أربعين ضعفا، طول كلّ منهم ما بين سبع سماوات إلى سبع أرضين، ليس في جسده موضع ظفر ابن آدم إلاّ و فيه لسان ناطق يحمد اللّه و يقدسه. قال: فما خلف أولئك ؟ قال: ملك قد أحاط بجميع ما ذكرت لك، لو أذن اللّه له لجمع جميع ما ذكرت لك، و ما في سبع سماوات و سبع أرضين ما خلا العرش و الكرسي، لالتقمهم بلقمة واحدة، قال: فما خلف ذلك ؟ قال: انقطع علمي و علم كلّ عالم و كل ملك، ليس وراء ذلك إلاّ اللّه و بهاءه و سلطانه. فانصرف ذو القرنين إلى أصحابه.
فقال الحسن: إنما حمل ذا (1) القرنين على أن يأتي المشرق و المغرب أنه وجد في بعض الكتب أن رجلا من ولد سام بن نوح يشرب من عين في البحر - و هي من الجنة - فيعطى الخلد، قال: فطلب (2) تلك العين.
قال إسحاق: و بلغني أن الخضر كان وزيره و كان معه يسايره، و كان يقال: كان ابن خالته، فبينما هو يسير معه في البحر إذ تخلف عنه الخضر فهجم على تلك العين فشرب منها و توضّأ، فلما رجع إلى ذي القرنين أخبره، فقال له: إني أردت أمرا و فزت به أنت، فارجع عني. فحسده و ردّه، و اغتم لذلك ذو القرنين حين فاته ما أراد. فقال له العلماء و الحسّاب: لا تحزن فإنا نرى لك أيها الملك مدة طويلة، و إنك لا تموت إلاّ على أرض من حديد و سماء من خشب؛ فانصرف راجعا يريد الروم، و يدفن كنوز كلّ أرض بها،
ص: 345
و يكتب ذكر ذلك و مبلغ ما دفن و موضعه، فيحمله معه في كتاب حتى بلغ بابل، فرعف و هو في المسير فسقط عن دابته، و بسط له درع، و كانت الدرع إذ ذاك مثل الصفائح و الجواشن، و إنما استحدث هذه الدرع داود عليه السلام قال: فنام على ذلك الدرع فآذته الشمس فدعوا له ترسا فأظلّوه به، فنظر فإذا هو على حديد مضطجع، و فوقه خشب، فقال: هذه أرض من حديد و سماء من خشب، فدعا كاتبه و استعان بعلماء بابل فكتب:
بسم اللّه الرّحمن الرحيم، من الاسكندر بن قيصر رفيق أهل الأرض ببدنه قليلا، و رفيق أهل السماء بروحه الطويل، إلى أمه روقية ذات الصفاء التي لم تمتّع بثمرة قلبها في ذات القرب و هي مجاورته عما قليل في ذكر البعد، يا روقية يا ذات الصفاء، هل رأيت معطيا لا يأخذ ما أعطى ؟ و لا معيرا لا يأخذ عاريته ؟ و لا مستودعا لا يأخذ وديعته ؟ يا روقية إن كان أحد بالبكاء حقيقا فلتبك السماء على شمسها، كيف يعلوها الطمس و الكسوف، و على قمرها كيف يعلوه السواد، و على كواكبها كيف تنهار و تناثر، و لتبك الأرض على خضرتها و نباتها، و الشجر على ثمارها، و أوراقها كيف تتحاتّ و تصير هشيما، و لتبك البحار على حيتانها، يا أمّتّاه هل رأيت نعيما لا يزول، أو حيا دائما فهما مقرونان بالفناء، يا أمّتّاه، لا يبغينك (1) موتي، فإنك كنت مستيقنة بأني أموت، و أنا لم يبغتني الموت لأني كنت مستيقنا أني من الذين يموتون. يا أمّتّاه اعتبري و لا تحزني، فكوني في مصيبتي كما كنت تحبين أن أكون في الرجال، يا أمتاه اقرأ عليك السلام إلى يوم اللقاء.
قال: فمات، قال: و كان فيمن ملك الضحاك بن الأهيوب بعده.
أنبأنا أبو محمّد عبد اللّه بن أحمد بن السّمرقندي، و هبة اللّه بن أحمد بن الأكفاني، قالا: أنبأ أبو الحسن علي بن الحسين بن صصري، أنبأ أبو محمّد بن أبي نصر، أنبأ خيثمة بن سليمان، نا أبو عبيدة بن أخي هنّاد بن السّري بن يحيى، نا سفيان بن وكيع بن الجرّاح، نا أبي، ثنا معتمر بن سليمان، عن أبي جعفر، عن أبيه: أنه سئل عن ذي القرنين (2) فقال: كان ذو القرنين عبدا من عباد اللّه صالحا، و كان من اللّه بمنزل ضخم، و كان قد ملك ما بين المشرق و المغرب، و كان له خليل من الملائكة يقال
ص: 346
له زيافيل (1)،و كان يأتي ذا القرنين يزوره، فبينما هما ذات يوم يتحدثان إذ قال له ذو القرنين: حدّثني كيف عبادتكم في السماء؟ فبكا ثم قال: يا ذا القرنين و ما عبادتكم عند عبادتنا إن في السماء لملائكة قيام لا يجلسون أبدا، و منهم سجود لا يرفع رأسه أبدا، و راكع لا يستوي قائما أبدا، أو رافع وجهه لا يطرف شاخصا أبدا يقولون: سبحان الملك القدوس ربّ الملائكة و الروح، ربّ ما عبدناك حق عبادتك. فبكا ذو القرنين بكاء شديدا ثم قال: يا زيافيل إني أحب أن أعمّر حتى أبلغ عبادة ربي حق طاعته، قال:
و تحب ذاك يا ذا القرنين، قال: نعم، قال زيافيل: فإن للّه عينا تسمى عين الحياة، من شرب منها شربة لم يمت أبدا حتى يكون هو الذي يسأل ربه الموت، قال ذو القرنين:
فهل تعلمون أنتم موضع تلك العين ؟ قال زيافيل: لا، غير أنّا نتحدث في السماء أن للّه في الأرض ظلمة لم يطأها انس و لا جان، فنحن نظن أن العين في تلك الظلمة.
فجمع ذو القرنين علماء أهل الأرض، و أهل دراسة الكتب و آثار النبوة، فقال:
أخبروني هل وجدتم في كتاب اللّه، و فيما عندكم من أحاديث الأنبياء و العلماء قبلكم أن اللّه وضع في الأرض عينا سماها عين الحياة ؟ قالوا: لا، قال ذو القرنين: فهل وجدتم فيها أن اللّه وضع في الأرض ظلمة لم يطأها انس و لا جان ؟ قالوا: لا، قال عالم منهم: أيها الملك لم تسأل عن هذا؟ قال: فأخبره بما قال له زيافيل، فقال له: أيها الملك، إني قرأت وصية آدم فوجدت فيها أن اللّه وضع في الأرض ظلمة لم يطأها انس و لا جان، قال ذو القرنين: فأين وجدتها من الأرض ؟ قال: وجدتها عند قرن الشمس، فبعث ذو القرنين فحشر الفقهاء و الأشراف و الملوك و الناس، ثم سار يطلب مطلع الشمس، فسار إلى أن بلغ طرف الظلمة اثنتي عشرة سنة، فأما الظلمة فليست بليل، و هي ظلمة تفور مثل الدخان فعسكر ثم جمع علماء أهل عسكره فقال لهم: إني أريد أن أسلك هذه الظلمة، فقالوا: أيها الملك قد كان قبلك من الأنبياء و الملوك لم يطلبوا هذه الظلمة قبل أن تطلبها فإنا نخاف أن ينبعق (2) عليك أمر تكرهه، و يكون فيه فساد أهل الأرض،
ص: 347
قال ذو القرنين: لا (1) بد من أن أسلكها، فخرّت العلماء سجودا، ثم قالوا: أيها الملك كفّ عن هذه و لا تطلبها. فإنا لو كنا نعلم أنك إذا طلبتها ظفرت بما تريد و لم يسخط اللّه علينا لكان. و لكنا نخاف العيب (2) من اللّه و أن ينبعق علينا منها أمر يكون فيه فساد أهل الأرض و من عليها، فقال ذو القرنين: إنه لا بدّ من أن أسلكها، قالوا: فشأنك.
قال: فأخبروني أي الدوابّ أبصر؟ قالوا: البكارة، فأرسل فجمع له ستة آلاف فرس أنثى بكارة، و انتخب من عسكره ستة (3) آلاف رجل من أهل العقل و العلم، فدفع إلى كل رجل فرسا و عقد للخضر على مقدمته في ألفي رجل، و بقي هو في أربعة آلاف، و قال لمن بقي من الناس في العسكر: لا تبرحوا من عسكركم اثنتي عشرة سنة، فإن نحن رجعنا إليكم و إلاّ فارجعوا إلى بلدكم، فقال الخضر: أيها الملك إنما نسلك ظلمة لا ندري كم مسيرها، و لا بعضنا بعضا، فكيف تصنع بالضّلل إذا أضللنا؟ فدفع ذو القرنين خرزة حمراء، فقال: إذا أصابكم الضّلل، فاطرح هذه الخرزة إلى الأرض، فإذا صاحت فلترجع أهل الضلال؛ فسار الخضر بين يدي ذي القرنين، يرتحل الخضر و ينزل ذو القرنين، و قد عرف الخضر ما يطلب ذو القرنين، و ذو القرنين يكتمه ذلك.
فبينما الخضر يسير إذ عارضه واد، فظن أن العين في ذلك الوادي، فلما أتى شفير الوادي قال لأصحابه: قفوا و لا يبرحنّ رجل منكم من موضعه، و رمى الخضر بالخرزة فإذا هي على حافة العين، فنزع الخضر ثيابه فإذا ماء أشد بياضا من اللبن و أحلى من الشهد فشرب منه و توضّأ و اغتسل ثم خرج فلبس ثيابه ثم رمى بالخرزة نحو صاحبه فوقعت الخرزة فصاحت، فرجع الخضر إلى صوت الخرزة و إلى أصحابه، فركب، و قال لأصحابه سيروا بسم اللّه و مرّ ذو القرنين فأخطأ الوادي، فسلكوا تلك الظلمة أربعين يوما ثم خرجوا إلى ضوء ليس بضوء شمس و لا قمر، أرض حمراء خشاشة، و إذا في تلك الأرض قصر مبني، طوله فرسخ، في فرسخ مبوّب له (4) أبواب، فنزل ذو القرنين بعسكره ثم خرج وحده حتى نزل القصر، فإذا حديدة قد وضع طرفها على حافتي القصر
ص: 348
من هاهنا و هاهنا، و إذا طائر أسود كأنه الخطّاف مزموما بأنفه إلى الحديدة، معلّق بين السماء و الأرض، فلما سمع الطائر خشخشة ذي القرنين قال: من ذا؟ قال: ذو القرنين، قال الطائر: أ ما كفاك ما وراءك حتى وصلت إليّ يا ذا القرنين، حدّثني قال: سل عمّ شئت، قال: هل كثر بنا الجص و الآجرّ؟ قال: نعم، قال: فانتفض انتفاضة ثم انتفخ حتى بلغ ثلث الحديدة، ثم قال: يا ذا القرنين، أخبرني، قال: سل، قال: هل كثرت شهادات الزور في الأرض ؟ قال: نعم، قال: فانتفض الطائر ثم انتفخ حتى ملأ ثلثي الحديدة، ثم قال: يا ذا القرنين، أخبرني هل كثرت المعازف في الأرض ؟ قال: نعم، فانتفض الطائر ثم انتفخ حتى ملأ الحديدة و سدّ ما بين جداري القصر. ففرق ذو القرنين فرقا شديدا فقال الطائر: يا ذا القرنين لا تخف، حدّثني، قال: سل، قال: هل ترك الناس شهادة أن لا إله إلاّ اللّه بعد؟ قال: لا، فانتفض الطائر ثلاثا ثم قال: حدّثني، قال:
سل، قال: هل ترك الناس صلاة المكتوبة بعد؟ قال: لا، فانتفض الطائر ثلاثا، ثم قال:
حدّثني، قال: سل، قال: ترك الناس الغسل من الجنابة بعد؟ قال: لا، قال: فعاد الطائر كما كان.
ثم قال: يا ذا القرنين أسألك الدرجة إلى أعلى القصر، فسلكها ذو القرنين و هو خائف، حتى إذا استوى على صدر الدرجة إذا سطح ممدود و إذا عليه رجل نائم أو شبهه بالرجل شاب عليه ثياب بياض. رافع وجهه إلى السماء واضع يده على فيه، فلما سمع حس ذي القرنين قال: من هذا؟ قال: أنا ذو القرنين، فمن أنت ؟ قال: أنا صاحب الصّور، قال: فما لي أراك واضعا يدك على فيك رافعا وجهك إلى السماء؟ قال: إنّ الساعة قد اقتربت، فأنا انتظر من ربي أن يأمرني أن أنفخ فأنفخ؛ ثم أخذ صاحب الصّور من بين يديه شيئا كأنه حجر، فقال: خذ هذا يا ذا القرنين، فإن شبع هذا الحجر شبعت، و إن جاع جعت، فأخذ ذو القرنين الحجر، ثم رجع إلى أصحابه فحدّثهم بالطائر، و ما قال له و ما ردّ عليه، و ما قال له صاحب الصّور و ما ردّ عليه، فجمع ذو القرنين أهل عسكره ثم قال: أخبروني عن هذا الحجر ما أمره ؟ فأخذ العلماء كفتي الميزان فوضعوا الحجر في إحدى الكفتين، ثم أخذوا حجرا مثله فوضعوه في الكفة الأخرى، فإذا الحجر الذي جاء به ذو القرنين يميل بجميع ما وضع معه، حتى وضعوا معه ألف حجر، فقال العلماء: أيها الملك انقطع علمنا دون هذا، أسحر هذا أم علم ؟ ما ندري ما هذا، و الخضر ينظر ما يصنعون و هو ساكت، فقال ذو القرنين للخضر: هل عندك علم من
ص: 349
هذا؟ قال: نعم، فأخذ الميزان بيده و أخذ الحجر الذي جاء به ذو القرنين فوضعه في إحدى الكفتين ثم أخذ حجرا من تلك الحجارة مثله فوضعه في الكفة الأخرى، ثم أخذ كفا (1) من تراب فوضعه مع الحجر الذي جاء به ذو القرنين فاستوى (2) فخرّ العلماء سجّدا و قالوا: سبحان اللّه، إنّ هذا العلم ما نبلغه، فقال ذو القرنين للخضر: فأخبرنا ما هذا؟ فقال الخضر: أيها الملك إن سلطان اللّه قاهر لخلقه، و أمره نافذ فيهم، و ان اللّه ابتلى خلقه بعضهم ببعض، فابتلى العالم بالعالم، و الجاهل بالجاهل، و ابتلى العالم بالجاهل، و الجاهل بالعلم، و اللّه ابتلاني بك و ابتلاك بي. فقال له ذو القرنين: حسبك قد أبلغت فأخبرني.
قال: أيها الملك هذا مثل ضربه لك صاحب الصّور، إن اللّه سيّب لك البلاد، و أوطأك منها ما لم يوطئ أحدا، فلم تشبع و أبت نفسك إلاّ شرها حتى بلغت من سلطان اللّه ما لم يبلغه أحد، و لم يطلبه انس و لا جان. فهذا مثل ضربه لك صاحب الصّور، و أن ابن آدم لن يشبع أبدا دون (3) أن يحثا عليه التراب، فبكا ذو القرنين ثم قال:
صدقت يا خضر في ضرب هذا المثل، لا جرم لا أطلب أثرا في البلاد بعد مسيري هذا حتى أموت. ثم ارتحل ذو القرنين راجعا، حتى إذا كان في وسط الظلمة لقي (4) الوادي الذي كان فيه الزبرجد، فقال الذين معه: أيها الملك ما هذا تحتك و سمعوا خشخشة تحتهم ؟ فقال ذو القرنين: خذوا، فإنه من أخذ ندم و من ترك ندم، فأخذ الرجل منه الشيء بعد الشيء، و ترك عامتهم فلم يأخذوا شيئا، فلما خرجوا إذا هو زبرجد، فندم الآخذ و التارك، ثم رجع ذو القرنين إلى دومة الجندل، و كان منزله بها فقام بها حتى مات.
قال أبو جعفر: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم يقول:«يرحم اللّه أخي ذا القرنين لو ظفر بالزبرجد في مبدئه ما ترك منه شيئا حتى يخرجه إلى الناس، لأنه كان راغبا في الدنيا، و لكنه ظفر به و هو زاهد في الدنيا، لا حاجة له فيها»[4140].
ص: 350
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأ أبو طاهر محمّد بن أحمد بن محمّد بن أبي الصقر، أنا أبو القاسم هبة اللّه بن إبراهيم بن عمر الصّوّاف، نا أبو بكر أحمد بن محمّد بن إسماعيل المهندس، نا أبو بشر محمّد بن أحمد بن حمّاد الدّولابي، نا أبو بكر أحمد بن منصور الرمادي، نا عبد الوهاب بن عطاء، نا أبو خشرم، عن وهب بن منبّه، قال: لما بلغ ذو القرنين مطلع الشمس قال له ملكها: يا ذا القرنين، صف لي الناس، قال: إن محادثتك من لا يعقل بمنزلة رجل يغني الموتى، و محادثة من لا يعقل بمنزلة رجل يبلّ الصخر حتى يبتل، و يطبخ الحديد يلتمس إدامه، و محادثتك من لا يعقل بمنزلة من يضع الموائد لأهل القبور، و نقل الحجارة أيسر من محادثتك من لا يعقل.
أخبرناه عاليا أبو عبد اللّه الحسني بن عبد الملك، أنا أبو طاهر أحمد بن محمود، أنبأ أبو بكر بن المقرئ، نا محمّد بن أحمد بن أبي يوسف الخلاّل المصري بمصر، نا أبو غسان بن سيف - يعني مالكا - نا عبد الوهاب بن عطاء، نا أبو خشرم، عن وهب بن منبّه: أن ذا القرنين لما بلغ مطلع الشمس قال له ملكها: يا ذا القرنين، صف لي الناس، فقال: إن محادثتك من لا يعقل بمنزلة من يغني الموتى، و محادثتك من لا يعقل بمنزلة من يبلّ الصخر حتى يبتل أو يطبخ الحديد يلتمس أدمه (1)،و نقل الصخر من رءوس الجبال أيسر من محادثتك من لا يعقل.
و أخبرناه أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأ أبو بكر البيهقي، أنا أبو عبد اللّه الحافظ ، و محمّد بن موسى، قالا: نا أبو العباس محمّد بن يعقوب، نا يحيى بن أبي طالب، أنا عبد الوهاب، أنا أبو خشرم، عن وهب بن منبّه قال: لما بلغ ذو القرنين مطلع الشمس قال له ملكها: يا ذا القرنين صف لي الناس، قال: إن محادثتك من لا يعقل بمنزلة من يضع الموائد لأهل القبور، و محادثتك من لا يعقل بمنزلة من يبلّ الصخرة حتى تبتل أو يطبخ الحديد يلتمس أدمه، نقل الحجارة من رءوس الجبال أيسر من محادثتك من لا يعقل.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو محمّد بن أبي عثمان، و عاصم بن الحسن، قالا: أنبأ القاضي أبو القاسم الحسن بن علي بن المنذر.
[نا الحسين بن صفوان البرذعي، نا أبو بكر بن أبي الدنيا] (2)،نا أحمد بن
ص: 351
محمّد بن أيوب، نا إبراهيم بن سعد، عن محمّد بن إسحاق، عن وهب بن منبّه: أن ذا القرنين قال لبعض الأمم: ما بال كلمتكم واحدة و طريقتكم مستقيمة ؟ قالوا: من قبل أنّا لا نتخادع و لا يغتاب بعضنا بعضا.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، أنبأ رشأ بن نظيف، أنبأ الحسن بن إسماعيل، أنا أحمد بن مروان، نا أحمد بن عبدان الأزدي، نا عبد المنعم، عن أبيه، عن وهب بن منبّه: أن ذا القرنين أتى مغرب الشمس، فرأى قوما لا يعملون عملا، و إذا منازلهم ليس لها أبواب و ليس لهم حكام و لا قضاة، فاجتمعوا إليه فقال لهم: قد رأيت منكم عجبا، قالوا: و ما رأيت من العجب ؟ قال: أرى قبوركم على باب منازلكم، قالوا: كي لا ننسى الموت، قال: فما لي أرى بيادركم واحدة ؟ قالوا: نتقاسم بالسوية، فنعطي من زرع و من لم يزرع قال: فما لي أرى بيوتكم ليس لها أبواب ؟ قالوا: ليس فينا متّهم، قال: فما لي أرى الحيات و العقارب تدور فيما بينكم و لا تضرّكم ؟ قالوا: نزع اللّه من قلوبنا الغش و الحناث، فنزع منها السموم، قال: فما لي لا أرى فيكم حكّاما؟ قالوا: ليس فينا من يظلم صاحبه، قال: فما لي أراكم أطول الناس أعمارا؟[قالوا:] وصلنا أرحامنا، فطوّل اللّه عزّ و جلّ أعمارنا.
قال: و نا أحمد بن مروان، نا محمّد بن عبد العزيز - يعني الدّينوري-، نا أبي المحاربي، عن بكر بن خنيس، عن شعيب بن سليمان، قال: أتى ذو القرنين مغيب [الشمس] (1) فرأى ملكا من الملائكة كأنه يترجّح في أرجوحة من خوف اللّه عزّ و جلّ فهاله ذلك فقال له: علّمني علما لعلي أزداد إيمانا، فقال: إنّك لا تطيق ذلك، فقال: لعل اللّه عزّ و جلّ أن يطوّقني لذلك، فقال له الملك: لا تغتمّ لغد و اعمل في اليوم لغد و إذا أتاك اللّه من الدنيا سلطانا فلا تفرح به، و إن صرف عنك فلا تأس عليه، و كن حسن الظن باللّه، وضع يدك على قلبك، فما أحببت أن تصنع بنفسك فاصنع بأخيك، و لا تغضب فإن الشيطان أقدر ما يكون على ابن آدم حين يغضب، فردّ الغضب بالكظم، و سكّنه بالتؤدة، و إياك و العجلة، فإنك إذا عجّلت أخطأت، و كن سهلا لينا للقريب و البعيد، و لا تكن جبارا عنيدا.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع، أنا عبد الوهاب بن محمّد بن إسحاق، أنا
ص: 352
الحسن بن محمّد بن أحمد بن يوسف، أنا أحمد بن محمّد بن عمر ح.
و أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمّد بن البغدادي، أنا أبو نصر محمّد بن أحمد بن محمّد بن عمر بن سيبويه، أنا أبو سعد محمّد بن موسى، أنا محمّد بن عبد اللّه الصفّار قالا: نا عبد اللّه بن محمّد بن عبيد، نا يعقوب بن إسماعيل، أنا حبان بن موسى، قال:
و نا عبد اللّه بن المبارك، أنا رشدين بن سعد، نا عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، أنه بلغه: أن ذا القرنين في بعض مسيره دخل مدينة فاستكف عليه أهلها ينظرون إلى موكبه الرجال و النساء و الصبيان و بها شيخ على عصا له فمرّ به ذو القرنين فلم يلتفت الشيخ إليه فعجب ذو القرنين، فأرسل إليه فقال: ما شأنك استكف الناس ينظرون إلى موكبي فما بالك أنت ؟ قال: لم يعجبني ما أنت فيه، إني رأيت ملكا مات في يوم هو و مسكين و لموتانا موضع يجعلون فيه فادخلا جميعا فاطلعتهما بعد أيام و قد تغير أكفانهما ثم اطلعتهما بعد أيام و قد تزايلت لحومها ثم رأيتهما قد تفصلت العظام و اختلطت فما أعرف الملك من المسكين فما يعجبني ملكك أنت، فلما خرج استخلفه على المدينة.
أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة، نا أبو بكر أحمد (1) بن علي بن ثابت الحافظ ، أنا أبو الحسن محمّد بن الحسين القطان، و أبو علي الحسن بن أحمد بن شداد ح، قالا: أنا محمّد بن عبد اللّه بن عمروية الصفار، نا محمّد بن إسحاق الصاغاني (2)،نا أبو اليمان الحكم بن نافع، نا صفوان بن عمرو، عن عبد الرّحمن بن عبد اللّه الخزاعي، أن ذا (3) القرنين كان فيما مكن اللّه عزّ و جلّ له (4) فيما سار من مطلع الشمس إلى مغربها إلى السدّ و كان إذا نصر على أمة أخذ منها جيشا، فسار بهم إلى أمة غيرهم، فإذا فتح له، و زاد ذلك الجيش أخذ من الآخرين الذين يفتح له عليهم حتى يبلغ مكانه الذي يريد، أتى على أمة من الأمم ليس في أبدانهم شيء مما يستمتع به الناس من دنياهم، قد احتفروا قبورهم فإذا أصبحوا تعاهدوا تلك القبور، فكسوها (5) و صلّوا عندها، فرعوا البقل كما ترعى البهائم، و قد قيّض لهم في ذلك معاش من نبات الأرض،
ص: 353
فأرسل ذو القرنين إلى ملكهم، فقيل له أجب الملك ذا القرنين، فقال: ما لي إليه من حاجة، فأقبل إليه ذو القرنين، فقال له: إني أرسلت إليك لتأتيني فأبيت (1)،فها أنا ذا قد جئتك فقال له: لو كانت لي إليك حاجة لأتيتك، فقال له ذو القرنين: ما لي أراكم على الحال التي رأيت، لم أر أحدا من الأمم التي رأيت ؟ قال: و ما ذاك ؟ قال: ليس لكم دنيا و لا شيء. أ فلا اتخذتم الذهب و الفضة فاستمتعتم بها؟ فقال: إنما كرهناها لأن أحدكم لا يعطى منها شيئا إلاّ تاقت نفسه و دعته إلى أفضل منه، قال: فما بالكم قد حفرتم قبورا، فإذا أصبحتم تعاهدتموها فكنستموها و صلّيتم عندها؟ قالوا: أردنا [إذا نحن] (2) نظرنا إليها، و أملنا الدنيا منعتنا قبورنا من الأمل. قال: و أراكم لا طعام لكم إلاّ البقل من نبات الأرض، أ فلا اتّخذتم البهائم من الأنعام فاحتلبتموها و ركبتموها و استمتعتم بها؟ قال:
كرهنا أن نجعل بطوننا قبورا لشيء من خلق ربنا عزّ و جلّ ، و رأينا أن في نبات الأرض بلاغا، و إنما يكفي ابن آدم أدنى العيش من الطعام، و إنّ ما جاوز الحنك منها لم نجد له طعما كائنا ما كان من الطعام.
ثم بسط ملك تلك الأمة يده خلف ذي القرنين فتناول جمجمة و قال: يا ذا القرنين أ تدري من هذا؟ قال: لا، و من هو؟ قال: ملك من ملوك الأرض، أعطاه اللّه عزّ و جلّ سلطانا على أهل الأرض، فغشم و ظلم و عتا (3)،فلما رأى اللّه ذلك منه حسمه بالموت فصار كالحجر الملقى قد أحصى اللّه عزّ و جلّ عليه عمله حتى يجيء به في آخرته. ثم تناول جمجمة أخرى بالية، فقال: يا ذا القرنين أ تدري من هذا؟ قال: لا، و من هو؟ فقال: هذا ملك ملّكه اللّه بعده، قد كان يرى ما يصنع الذي قبله بالناس من الظلم و الغشم و التجبر، فتواضع و خشع للّه عزّ و جلّ و عمل بالعدل في أهل مملكته، فصار كما قد ترى، قد أحصى اللّه عزّ و جلّ عليه عمله حتى يجزيه في آخرته، ثم أهوى إلى جمجمة ذي القرنين فقال: و هذه الجمجمة، كأن قد كانت كهاتين، فانظر يا ذا القرنين ما أنت صانع؛ فقال ذو القرنين: هل لك في صحبتي فاتخذك أخا و وزيرا و شريكا فيما آتاني اللّه عزّ و جلّ من هذا الملك ؟ فقال له: ما أصلح أنا و أنت في مكان، و لا أن نكون جميعا، فقال له ذو القرنين: و لم ؟ فقال: من أجل أن الناس كلهم لك عدو و لي صديق، قال:
ص: 354
و كلّ (1) ذلك ؟ قال: يعادونك لما في يديك من الملك و المال و الدنيا، و لا أجد أحدا يعاديني لرفضي ذلك، و لما عندي من الحاجة و قلة الشيء. فانصرف عنه ذو القرنين.
أخبرنا أبو سعد بن البغدادي، أنا أبو نصر بن سيبويه، أنا أبو سعيد الصيرفي، أنا أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه الصفار، نا أبو بكر بن أبي الدنيا، قال: و قال سعيد بن سليمان: نا خلف بن خليفة، نا أبو هاشم الرماني، قال: بلغني أن ذا القرنين لما بلغ المشرق و المغرب مرّ برجل معه عصا يقلب عظام الموتى، و كان إذا أتى مكانا أتاه ملك ذلك المكان فسائلوه (2) بعلم ما به فعجب ذو القرنين فأتاه فقال: لم لا تأتيني و لم تسألني قال: لم يكن لي إليك حاجة، و علمت أنك إن يكن لك إليّ حاجة فستأتيني، قال: فقال له: ما هذا الذي تقلب ؟ قال: عظام الموتى هذا عملي منذ أربعين سنة أعرف الشريف من الوضيع و قد اشتبهوا عليّ ، فقال له ذو القرنين: هل لك أن تصحبني و تكون معي قال:
إن ضمنت لي أمرا صحبتك، قال ذو القرنين: ما هو؟ قال: تمنعني من الموت إذا نزل بي، قال ذو القرنين: ما أستطيع ذلك، قال: فلا حاجة لي في صحبتك.
قال: و نا ابن أبي الدنيا، حدّثني الحارث بن محمّد التميمي عن شيخ من قريش، قال: مرّ الاسكندر بمدينة قد ملكها أملاك سبعة و بادوا فقال: هل بقي من نسل (3)الأملاك الذين ملكوا هذه الدنيا أحد؟ قالوا: نعم، رجل يكون في المقابر، فدعا به فقال: ما دعاك إلى لزوم المقابر؟ قال: أردت أن أعزل عظام الملوك من عظام عبيدهم، فوجدت عظامهم و عظام عبيدهم سواء، فقال له: فهل لك أن تتبعني فأورثك شرف آبائك إن كانت لك همة، قال: إنّ همتي لعظيمة إن كانت بغيتي عندك قال: و ما بغيتك ؟ قال: حياة لا موت فيها و شباب لا هرم معه، و غنى لا فقر فيه و سرور بغير مكروه، قال:
لا، قال: فامض لشأنك و دعني أطلب ذلك ممن هو عنده - عزّ و جلّ - و يملكه، قال الاسكندر: و هذا أحكم منا (4).
أنبأنا أبو بكر محمّد بن الحسين بن علي، أنبأ أبو بكر محمّد بن علي الخيّاط
ص: 355
المقرئ، نا أبو عبد اللّه أحمد بن محمّد بن يوسف البزار، نا أبو محمّد جعفر بن نصير الخلدي: أخبرنا إبراهيم بن أحمد الخواص، قال: قال سليمان الأشجّ صاحب كعب الأحبار: كان ذو القرنين ملكا صالحا، و كان طوّافا في الأرض، و ها هو يطوف يوما إذ وقف على جبل الهند، فقال له الخضر - و كان صاحب لوائه الأعظم-: ما لك أيها الملك قد فزعت و وقفت ؟ فقال: و ما لي أفزع و أقف، و هذا أثر الآدميين، و موضع قدمين و كفّين (1)،و هذه الأشجار ما رأيت في طوافي أطول منها، يسيل منها ماء أحمر، إنّ لها لشأنا، قال: و كان الخضر قد قرأ كلّ كتاب فقال للملك: أما ترى الورقة المعلقة في الشجرة الكبرى ؟ قال: بلى، قال: هي تخبرك بنبإ هذا المكان، قال: فرأى كتابا فيه:
بسم اللّه الرّحمن الرحيم. من آدم أبي البشر عليه السلام إلى ذرّيته أوصيكم ذرّيتي بنيّ و بناتي بتقوى اللّه، و أحذّركم كيد عدويّ و عدوّكم إبليس اللعين، الذي يلين كلامه و يجوّز أمنيته، أنزلني من الفردوس الأعلى إلى البرية، فألقيت في موضعي هذا لا يلتفت إليّ مائتي سنة لخطيئة واحدة عملتها و هذا أثري و هذه الأشجار تنبت من دموعي، و عليّ في هذا الموضع أنزلت التوبة فتوبوا إلى ربكم قبل أن تندموا، و قدّموا قبل أن تقدّموا، و بادروا قبل أن يبادر بكم و السلام.
قال: فنزل ذو القرنين فمسح جلوس آدم عليه السلام فإذا هو مائة و ثمانون ميلا، و عدّ الأشجار التي نبتت من دموع آدم فإذا هي سبع مائة شجرة، قال: فلما قتل قابيل هابيل جفّت الأشجار و سال منها الماء الأحمر، فقال ذو القرنين للخضر: ارجع بنا، فو اللّه لا طلبت الدنيا بعدها أبدا.
أخبرنا الشريف أبو القاسم الحسيني، أنا رشأ بن نظيف، أنا الحسن بن إسماعيل، نا أحمد بن مروان، نا النضر بن عبد اللّه الحلواني، نا عبد المنعم، عن أبيه، عن وهب قال: ظفر الإسكندر ببعض الملوك فسأله ما تشاء أن أفعل بك ؟ قال: ما يحمل بالكرام أن يفعلوا إذا ظفروا.
أنبأنا أبو تراب حيدرة بن أحمد، و أبو الفضائل الحسن بن الحسن، و أبو الحسن علي بن بركات بن إبراهيم، قالوا: حدّثنا أبو بكر الخطيب، أنا أبو الحسن بن رزقويه،
ص: 356
نا عثمان بن أحمد بن عبد اللّه، و أحمد بن سندي، قالا: نا الحسن بن علي، نا إسماعيل بن عيسى، نا إسحاق بن بشر، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن: أن ذا القرنين كان يتفقد أمور ملوكه و عمّاله بنفسه، و كان لا يطّلع على أحد منهم خيانة إلاّ أنكر ذلك عليه، و كان لا يقبل ذلك حتى يطّلع هو عليه بنفسه، قال: فبينا هو يسير متنكرا في بعض المدائن، قال: فجلس إلى قاض من قضاتهم أياما. لا يختلف إليه أحد في خصومة. فلما أن طال ذلك بذي القرنين و لم يطّلع على شيء من أمر ذلك القاضي، و همّ بالانصراف إذ هو برجلين قد اختصما إليه، فادّعى أحدهما فقال: أيها القاضي، إني اشتريت من هذا دارا عمّرتها و وجدت فيها كنزا، و إني دعوته إلى أخذه فأبى عليّ فقال له القاضي: ما تقول ؟ قال: ما دفنت و لا علمت به، فليس هو لي و لا أقبضه منه، قال المدّعي: أيها القاضي مر من يقبضه فيضعه حيث أحببت، فقال القاضي: تفرّ من الشرّ و تدخلني فيه ؟ ما أنصفتني و ما أظن هذا في قضاء الملك، فقال القاضي: تفرّ من الشرّ و تدخلني فيه ؟ ما أنصفتني و ما أظن هذا في قضاء الملك، فقال القاضي: هل لكما في أمر أنصف مما دعوتماني إليه ؟ قالا: نعم، قال للمدّعي: أ لك ابن ؟ قال: نعم، و قال الآخر: أ لك ابنة ؟ قال: نعم قال: اذهب فزوّج ابنتك من ابن هذا، و جهّزوهما من هذا المال و ادفعوا فضل ما بقي إليهما يعيشان به، فتكونا قد صليتما بخيره و شره. فعجب ذو القرنين حين سمع ذلك، ثم قال للقاضي: ما ظننت أن في الأرض أحدا يفعل مثل هذا، أو قاضي يقضي بمثل هذا. فقال القاضي - و هو لا يعرفه:- فهل أحد يفعل غير هذا؟ قال ذو القرنين: نعم، قال القاضي: فهل تمطرون في بلادهم ؟ فعجب ذو القرنين من ذلك فقال: بمثل هذا قامت السموات و الأرض.
أخبرنا أبو الفتح نصر اللّه بن محمّد الفقيه، أنا أبو البركات أحمد بن عبد اللّه بن علي المقرئ، أنا أبو القاسم عبيد اللّه بن أحمد بن [عثمان] (1)،أنا الحسن بن الحسين بن [حمار] (2)،أنا النقاش أبو بكر، نا الحسن بن عامر بنسا، نا أبو [موسى] (3)قال: سمعت الشافعي يقول: جلس الإسكندر يوما فلم يأته طالب حاجة، فلمّا قام من مجلسه قال: هذا يوم لا أعدّه من عمري.
أخبرنا أبو السعود أحمد بن علي بن محمّد المجلي (4)،أنا أبو بكر أحمد بن
ص: 357
علي، حدّثني عبيد اللّه بن أبي الفتح الفارسي، نا عبد الرّحمن بن محمّد بن محمّد أبو سعد الأسترآباذي (1)،قال: سمعت عبد اللّه بن محمّد بن ساه يقول: سمعت أبا ثور عمرو بن جعفر الفقيه اللبناني بسمرقند يقول: قيل للإسكندر: ما لنا نرى تجليلك (2)أستاذك أكثر من تجليلك لوالدك ؟ فقال: لأن والدي سبب حياتي الفانية، و أستاذي سبب حياتي الباقية.
أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي، أنا أبو بكر الخطيب، أنبأ أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد بن محمّد الوكيل، أنا أبو الحسن محمّد بن جعفر التميمي، قال: قال: أنا أبو سعيد الواعظ النيسابوري، كتب الإسكندر على باب مدينة الإسكندرية: أجل قريب بيد غيرك، و سوق حثيث من الليل و النهار، و إذا انتهت المدّة حيل بينك و بين العدّة، فأكرم أجلك بحسن صحبة سائقيك، و إذا بسط لك الأمل فاقبض نفسك عنه بالأجل، فهو المورد و إليه الموعد.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن، و أبو الفضل بن خيرون، قالا: أنا أبو القاسم بن بشران، أنا أبو علي بن الصّوّاف، نا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة، نا أبي، نا أبو داود، عن سفيان، قال: بلغنا أن أول من صافح ذو القرنين (3).
أخبرنا أبو سهل محمّد بن إبراهيم، أنبأ أبو الفضل الرازي، أنا جعفر بن عبد اللّه، نا محمّد بن هارون، أنا أحمد بن عبد الرّحمن، أخبرني عمي، أخبرني ابن لهيعة، حدّثني سالم بن غيلان، عن سعيد بن أبي هلال أن معاوية بن أبي سفيان، قال لكعب الأحبار: أنت تقول: إن ذا القرنين لما حضرته الوفاة كتب إلى أمه يأمرها أن تصنع طعاما ثم تجمع عليه نساء أهل المدينة، فإذا وضع الطعام بين أيديهن، فاعزمي عليهن ألا تأكل منه امرأة ثكلى، ففعلت ذلك، فلم تمد امرأة يدها إليه، فقالت:
سبحان اللّه كلكن ثكلى ؟ قلن: أي و اللّه، ما منا امرأة إلاّ أثكلت (4).
أنبأنا أبو الفضائل الحسن بن الحسن، و أبو تراب حيدرة بن أحمد، و أبو الحسن
ص: 358
علي بن بركات، قالوا: حدّثنا أبو بكر أحمد بن علي، أنبأ محمّد بن أحمد بن محمّد بن أحمد، أنا عثمان بن أحمد بن عبد اللّه، و أحمد بن سندي، قالا: نا الحسن بن علي، نا إسماعيل بن عيسى، أنا إسحاق بن بشر، عن عبد اللّه بن زياد، قال: حدّثني بعض من قرأ الكتب أن ذا القرنين لما رجع من مشارق الأرض و مغاربها و بلغ أرض بابل فمرض مرضا شديدا أشفق من مرضه أن يموت بعد ما دوّخ البلاد و حول العباد و استعبد الرجال و جمع الأموال و نزل بأرض بابل، فدعا كاتبه فقال: خفف عليّ في الموتة بكتاب تكتبه إلى أمي تعزيها بي و استعن ببعض علماء أهل فارس ثم اقرأه عليه فكتب الكاتب:
بسم اللّه الرّحمن الرحيم من الاسكندر - قال ابن سمعان: و هو بنى الاسكندرية و عمل الوشي الاسكندراني فباسمه سميت الاسكندرية و الاسكندراني - فكتب من الاسكندر بن قيصر رقيق أهل الأرض بجسده قليلا، و رقيق أهل السماء بروحه طويلا، إلى أمه روقية ذات الصفاء التي لم تمنع بثمرتها في دار القرب و هي مجاورته عما قليل في دار البعد، يا أمّتّاه يا ذات الحلم، أسألك برحمتي و ودّي و ولادتك إياي، هل وجدت لشيء فرارا باقيا أو خيالا دائما أ لم تري إلى الشجرة كيف تنضر أغصانها، و يخرج ثمرها، و تلتف أوراقها؟ ثم لا يلبث ذلك الغصن أن ينهشم و التمرة أن تتساقط و الورق أن يتناثر، أ لم تري إلى النبت الأزهر يصبح نضيرا و يمشي هشيما، أ لم تري إلى النهار المضيء كيف يخلفه الليل المظلم، أ لم تري إلى القمر الزاهر ليلة نوره يغشاه الكسوف، أ لم تري إلى الشهب النار الموقدة ما أوشك ما تخمد. أ لم تري إلى عذب المياه الصافية ما أسرعها إلى البحور المتغيرة، أ لم تري إلى هذا الخلق كيف يعيش في الدنيا و قد امتلأت منه الآفاق، و استقلت به الأشياء، ولهت به الأبصار و القلوب، إنما هو شيئان إما مولود و إما ميت، كلاهما مقرون بهما الفناء، أ لم تري أنه قيل لهذه الدار روحي بأهلك فإنك لست لهم بدار يا واهبة الموت، و يا مورثة الأحزان، و يا مفرقة بين الأحبة، يا مخربة العمران، أ لم تري أن كل مخلوق يجري على ما لا يدري و إن كان مستقيما منهم غير راض بما فيه و ذلك أنه منزل بغير قران. هل رأيت يا أمتاه معطي (1) لا يأخذ و مقرض لا يتقاضى و مستودع لا يرد وديعته، يا أمتاه إن كان أحد بالبكاء حقيقا فلتبك السموات على نجومها، و لتبك الحيتان على بحورها، و ليبك الجو على طائره، و لتبكي الأرض
ص: 359
على أولادها، و النبت الذي يخرج منها، و ليبك الإنسان على نفسه التي تموت في كل ساعة عند كل طرفة و قول، و في كل همّ و فعل بل على ما يبكي الثاني لفقد ما فقد أ كان قبل فراقه إياه قابل لذلك من فقده أم هو لما بقي باق له لبكائه، و الحزن عليه، أو هو باق بعده فإن لم يكن هذا و لا هذا فليكن للباكي على ذلك دليل يتبع و إلاّ فإنه غير هادي، يا أمّتّاه إن الموت لا يبعثني من أجل أني كنت عارفا أنه نازل بي و لا يبعثنك الحزن فإنك لم تكوني جاهلة بأني من الذين يموتون.
يا أمّتاه إني كتبت كتابي هذا و أنا أرجو أن تعتبري به و تحسن موقعه منك، و لا تخلفي ظنك و لا تحزني روحك، يا أمّتاه إني قد علمت يقينا أن الذي أذهب إليه خير من مكاني الذي أنا فيه أظهر من الهموم و الأحزان و الأسقام و النصب و الأمراض، فاغتبطي لي بمذهبي (1) و استعدي في احتمالك لاتّباعي.
يا أمّتاه إن ذكري قد انقطع عن الدنيا فإنما كنت أذكر به من الملك و الرأي، فاجعلي لي من بعدي ذكرا اذكريه في حلمك و صبرك و طاعة الفقهاء و الرضا بما يقول الحكماء، يا أمّتاه إن الناس سينظرون إلى هذا منك و ما يكون منك من بين راض و كاره و مدل مستمع، و ما كل قول و مخبر، فاحسبي إليّ في ذلك و إلى نفسك من بعدي.
يا أمّتاه السلام عليك في هذه الدار قليل زائل فليكن عليك السلام و علينا في دار الأبد السلام الدائم ففكري بنعهم (2) و رغبة عن نفسك أن تكون سنة النساء في الجزع كما كنت لا أرضا أن أكون شبه الرجال في الرقة و الجزع و الاستكانة و الضعف، و لم يكن ذلك يرضيك مني، ثم مات.
أخبرنا أبو القاسم العلوي، أنا رشأ بن نظيف، أنا الحسن بن إسماعيل، أنا أحمد بن مروان، نا أحمد بن محمّد البغدادي، نا عبد المنعم، عن أبيه، عن وهب، قال: لما مات ذو القرنين و حمل على النعش اجتمعت الحكماء حواليه، فتكلم كلّ واحد منهم على قدر علمه، حتى كان آخرهم رجل من عظماء الحكماء فقال: يا ذا القرنين كنا نعجب بالنظر إلى وجهك فقد صرنا الساعة نتقذر من النظر إلى وجهك، فقد أمن من كان يخافك فليت شعري قد أمنت ممن كنت تخافه.
ص: 360
و أنبأنا أبو الفضائل، و أبو تراب، قالا: نا أبو بكر، أنا أبو الحسن، أنا عثمان، و أحمد، فالا: أنا الحسن، أنا إسماعيل، قال: و أنا إسحاق عن عبد اللّه بن زياد بن سمعان، قال: بلغني عن بعض مؤمني أهل الكتاب أن ذا القرنين عاش ثلاثة آلاف (1) سنة و ذلك انه ولد بالروم حين تولّى (2) سام الروم فكان هو من القرن الأول، و اللّه أعلم.
و بلغني من وجه آخر: أن ذا القرنين مات و له ست و ثلاثون سنة، و قيل اثنتان و ثلاثون، و بلغني أن من ملك داود إلى ملك الاسكندر سبع مائة و أربعون سنة، و من آدم إلى ملك الإسكندر خمسة آلاف و مائة و إحدى و ثمانون سنة، و كان ملك الإسكندر ست عشرة سنة (3).
ابن عبد اللّه بن حمدان
أبو المطاع التغلبي المعروف بوجيه الدولة الشاعر (4)
كان أديبا فاضلا شاعرا سائسا مدبرا ولي إمرة دمشق بعد لؤلؤ البشراوي (5) في سنة إحدى و أربعمائة.
حدّثنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفرضي، قال: دفع إليّ مجير الكتامي - شيخ من جند المصريين - ورقة فيها أسماء الولاة بدمشق فكان فيها: ثم ولي الأمير أبو المطاوع بن حمدان سنة اثنتين و أربع مائة، ثم ولي وجيه الدولة ابن حمدان سنة اثنتي عشرة، ثم ولي ابن حمدان ولايته الثالثة سنة ست عشرة.
ص: 361
قال: أنا أبو محمّد بن الأكفاني، و في يوم عيد النحر و هو يوم الجمعة على العدد سنة إحدى و أربعمائة بعد صلاة العيد وصل السجل من مصر إلى الأمير أبي المطاع ذي القرنين بن ناصر الدولة بن حمدان بولاية دمشق و تدبير العساكر، و خلع عليه و قرأ الشريف القاضي الحسيني النصيبي السجل، و عزل لؤلؤ البشراوي، فكان جميع ما أقام واليا ستة أشهر و ثلاثة أيام، و سير الأمير أبو المطاع الأمير لؤلؤا مقيدا في يوم السبت لثمان بقين من ذي الحجة سنة إحدى و أربعمائة إلى مصر، و ورد الأمير لؤلؤ البشراوي الملقب بمنتخب الدولة على يد ابن الأمير أبي المطاع ثم عزله عنها بمحمّد بن نزال (1)في جمادى الأولى سنة اثنتين و أربعمائة، ثم ولي الأمير أبو المطاع دمشق مرة أخرى في صفر سنة اثنتي عشرة و أربعمائة الملقب بالظاهر بعد ولي العهد، ثم ولي بعده سختطين (2) و عزل عنها في جمادى الآخرة سنة اثنتي عشرة و أربعمائة، و وليها مرة ثالثة في يوم الأربعاء لتسع خلون من شهر ربيع الأول سنة خمس عشرة، و يقال في شهر ربيع الآخر سنة ست عشرة و أربعمائة إلى أن عزل عنها في سنة تسع عشرة بالدّزبري (3).
قرأت بخط أبي محمّد بن الأكفاني مما نقله من خط عبد الوهاب الميداني و جاءت الولاية إلى ذي القرنين بن حمدان و كان شاعرا و لقب بوجيه الدولة و برز إلى المزّة يوم السبت لست خلون من جمادى الآخرة من سنة اثنتي عشرة و أربعمائة، و سار في عد هذا اليوم - يعني معزولا - إلى مصر، و قدم وجيه الدولة يوم الأربعاء لتسع خلون من شهر ربيع الأول سنة خمس عشرة فنزل في المزّة و دخل في عد هذا اليوم يوم الخميس لعشر خلون من شهر ربيع الأول فنزل في القصر.
أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد اللّه السلمي، أنا أبو محمّد الجوهري، قال:
أنشدني الأمير أبو المطاع بن ناصر الدولة (4):
لو كنت أملك صبرا أنت تملكه *** عني لجازيت منك التيه بالصلف
و بتّ تضمر وجدا بتّ أضمره *** جزيتني كلفا عن شدة الكلف
تعمّد الرفق بي يا حبّ محتسبا *** فليس يبعد ما تهواه من تلفي
ص: 362
قال: و أنشدني أبو المطاع لنفسه (1):
لو كنت ساعة بيننا ما بيننا *** و شهدت حين نكرر (2) التوديعا
أيقنت أن من الدموع محدثا *** و علمت أنّ من الحديث دموعا
قال: و أنشدني أبو المطاع لنفسه (3):
و مفارق ودّعت عند فراقه *** ودّعت صبري عنه في توديعه
و رأيت منه مثل لؤلؤ عقده *** من ثغره و حديثه و دموعه
أنشدنا أبو الحسين أحمد بن محمّد بن محمّد الفقيه السمناني المعروف بالعالم سمنان، قال: أنشدنا أبو سعيد عبد الواحد بن عبد الكريم، أنشدنا الشريف أبو الحسن عمران بن موسى المغربي لأمير أبي المطاع (4):
أفدي الذي زرته بالسيف مشتملا *** و لحظ عينيه أمضى من مضاربه
فما خلعت نجادي للعناق له *** حتى (5) لبست نجادا من ذوائبه
فبات أسعدنا في نيل بغيته *** من كان في الحب أشقانا بصاحبه
أنشدنا أبو شجاع ناصر بن محمّد بن أحمد بن محمّد النوقاني القاضي بها، أنشدنا الإمام أبو سعيد عبد الواحد بن عبد الكريم إملاء بنيسابور، أنشدنا الشريف أبو الحسن عمران بن موسى المغربي، قال: كتب ابن أخي الأمير أبي المطاع بن حمدان إليه لا أحب مخاطبتك و لا مكاتبتك فقال (6):
يا غانيا عن خلّتي *** أنا عنك إن فكرت أغنا
إنّ التقاطع و العقوق *** هما أزالا الملك عنا
و أظن أن لن يتركا *** في الأرض مؤتلفين منا
يفنى الذي وقع التنازع *** بيننا فيه و نفنى (7)
ص: 363
و وجدت هذه الأبيات من غير هذه الرواية لوجيه الدولة على غير هذا الوجه:
يا من أقام على الصدود *** لغير جرم كان منا
أخطر بقلبك عند ذكرك *** كيف نحن و كيف كنا
لم يغن عني صاحب *** إلاّ و عنه كنت أغنا
و إذا أساء فلست أحمل *** في الضمير عليه ضغنا
يفنى الذي وقع التنازع *** بيننا فيه و نفنى (1)
أخبرنا أبو القاسم الحسين بن الحسن بن محمّد، أنبأ أبو الفرج سهل بن بشر بن أحمد، أنبأ أبو الحسن علي بن عبيد اللّه الهمداني إجازة، قال لوجيه الدولة ذي القرنين و أجاز لي أن أرويه عنه (2):
بأبي من هويته فافترقنا *** و قضى اللّه بعد ذلك اجتماعا
و افترقنا حولا فلما التقينا (3) *** كان تسليمه عليّ وداعا
و له (4):
من كان يرضى بذلّ في ولايته *** خوف الزوال فإني لست بالراضي
قالوا: فتركب أحيانا، فقلت لهم: *** تحت الصليب و لا في موكب القاضي
و من مستحسن شعره قوله (5):
موعدي بالبين ظنّا *** أنني بالبين أشقى
ما أرى بين مماتي *** و فراقي لك فرقا
لا تهددني ببين *** لست منه أتوقّا
إنما يشقى ببين *** منك من بعدك يبقا
قال: أنا أبو محمّد بن الأكفاني: توفي الأمير وجيه الدولة ذو القرنين أبو المطاع بن حمدان و الي دمشق في صفر سنة ثمان و عشرين و أربعمائة، و كان شاعرا، و ذكر ابن الأكفاني في موضع آخر: أنه مات بمصر.
ص: 364
ذكر من اسمه: (1) ذو قربات
2108 - ذو قربات (2) الحميري (3)
يقال إنه صحب النبي صلى اللّه عليه و سلّم.
روى عنه شعيب بن الأسود المعافري، و هانئ بن جدعان اليحصبي، و يزيد بن قودر.
أنبأنا أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد الرازي، أنبأ محمّد بن أحمد بن عيسى السعدي، أنا أبو عبد اللّه بن بطة، قال: قرئ على أبي القاسم البغوي، حدّثني محمّد بن هارون، حدّثني محمّد بن يحيى بن معاوية الكلبي الحرّاني، نا عثمان بن عبد الرّحمن، عن سعيد بن عبد العزيز، عن ذي قربات، قال: لما توفي رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم قيل: يا قربات من بعده ؟ قال: الأمين يعني أبا بكر، قيل: فمن بعده ؟ قال: قرن من حديد، يعني عمر، قيل: فمن بعده ؟ قال: يعني عثمان، قيل: فمن بعده ؟ قال: الوضاح الأزهر المنصور - يعني معاوية - قال البغوي و هذا الحديث، رواه عثمان بن عبد الواحد و هو ضعيف الحديث: و لا أحسب سعيد بن عبد العزيز أدرك ذا قربات و لا أحسب ذا قربات سمع من النبي صلى اللّه عليه و سلّم (4).
أخبرنا أبو القاسم الواسطي، أنا أبو بكر الخطيب، أنا أبو الفتح علي بن
ص: 365
الفضل بن طاهر بن الفرات الدمشقي، أنا عبد الوهاب بن الحسن الكلابي، أنبأ أحمد بن عمير بن يوسف، قال: سمعت محمود بن إبراهيم بن سميع يقول في تسمية الطبقة الأولى من تابعي أهل الشام: ذو قربات جابر بن أزد المقرائي (1)،كذا ذكر الخطيب اسم ذي قربات جابر بن أزد لأنه لم يكن في كتابه بينهما فاصلة، و جابر غير ذي قربات.
أخبرنا أبو غالب بن البنّا، أنبأ أبو الحسين بن الآبنوسي، أنا عبد اللّه بن عتّاب، أنا أبو الحسن بن جوصا إجازة.
و أخبرنا أبو القاسم بن السّوسي، أنا أبو عبد اللّه بن أبي الحديد، أنا علي بن الحسن، أنبأ عبد الوهاب بن الحسن، أنبأ أبو الحسن بن جوصا، قال: سمعت أبا الحسن بن سميع يقول في تسمية من روى عن عمر، و أبي عبيدة، و معاذ، و بلال ممن أدرك الجاهلية: ذو قربات (2).
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الخلال، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا حمد بن عبد اللّه إجازة، قال: و أنا أبو طاهر بن سلمة، أنا علي بن محمّد، قالا: أنا أبو محمّد بن أبي حاتم (3)،قال: ذو قربات صاحب الملاحم و الفتن قرأ كتب الأوائل، روى معاوية بن صالح عن مرثد بن سمي عنه.
أخبرنا أبو محمّد حمزة بن العباس بن علي، و أبو الفضل أحمد بن محمّد بن الحسن في كتابيهما، و حدّثني أبو بكر اللفتواني، أنا أبو الفضل، قالا: أنا أبو بكر الباطرقاني، أنا أبو عبد اللّه بن مندة، قال: و أنبأني أبو عمرو (4) بن مندة، عن أبيه، قال: قال: أنا أبو سعيد بن يونس: ذو قربات الحميري صاحب أخبار الملاحم، يقال إن له صحبة، روى عنه شعيب بن الأسود المعافري، و هانئ بن جدعان اليحصبي، و يزيد بن قودر و غيرهم.
أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن غانم بن أحمد الحداد، أنبأ عبد الرّحمن بن
ص: 366
محمّد بن إسحاق، أنبأ أبي أبو عبد اللّه، قال: ذو قربات اختلف في صحبته، روى عنه يونس بن ميسرة بن حلبس (1) مرفوعا.
أخبرنا أبو سهل محمّد بن إبراهيم المزكي، أنبأ أبو الفضل عبد الرّحمن بن أحمد بن الحسن، أنبأ جعفر بن عبد اللّه، نا محمّد بن هارون الرّوياني، ثنا أحمد - يعني ابن أخي ابن وهب - ثنا عمي، ثنا سعيد بن عبد الرّحمن بن نافع أنه سمع أباه يذكر أن معاوية بن أبي سفيان قال لكعب: دلني على أعلم الناس، فقال: ما أعلمه إلا ذو قربات و هو باليمن يا أمير المؤمنين، قال: فبعث إليه معاوية فأتى به و معاوية يومئذ بالغوطة - غوطة دمشق - قد نصبت الأبنية و الأروقة و الفساطيط ، فتلقاه كعب فلما لقي الحبر اليهودي وضع رأسه الحبر لكعب و وضع كعب رأسه للحبر كما فعل، فبلغ ذلك معاوية بن أبي سفيان قبل أن يدخلا عليه، فبعث إلى كعب و حبس الحبر فقال: يا كعب أكفرت بعد إيمانك ؟ قال: لا لم أفعل، قال: أ و لم يبلغني أنك سجدت للحبر اليهودي، قال: لم أفعل و لم أكفر و لكنها تحية، حياني بتحية فحييته بمثلها يقول اللّه عز و جل:
وَ إِذٰا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهٰا أَوْ رُدُّوهٰا (2) قال: و أخبرني أبا إسحاق أقبح منها بلغني أنك تضاهي إلى اليهودية و أنك تبدأ بالتوراة قبل القرآن إذا قرأت، قال: نعم إني لأبدأ بها بدأ اللّه بالتوراة قبل القرآن، ثم أقرأ ما علّمني اللّه من القرآن، قال له معاوية: ما أراك تنجو مما أقول لك، ثم خرج كعب إلى الحبر اليهودي فلما غشينا منزل معاوية و رأى الأبنية و الأروقة و الفساطيط بكى الحبر فقال له: ما أبكاك ؟ قال: ذكرت بعض الأمراء أنشدك باللّه و بالتوراة التي أنزلت على موسى، إن أنا أخبرتك ما أبكاك أ تخبرني أنت ؟[قال:] نعم، قال كعب أنشدك اللّه، أ تجد في كتاب اللّه أن موسى عليه السلام نظر في التوراة، إني أجد أمة مرحومة، خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر، و يؤمنون بالكتاب الأول، و يؤمنون بالكتاب الآخر، و يقتلون أهل الضلالة حتى يقاتلوا الأعور الدجال ؟ قال موسى: يا رب اجعلهم أمتي، قال: يا موسى هم أمة محمّد صلى اللّه عليه و سلّم ؟ فقال الحبر: نعم، قال كعب: أنشدك اللّه أ تجد في كتاب اللّه المنزل أن موسى نظر في التوراة فقال: ربّ إني أجد أمة هم الحامدون رعاة الشمس و القمر هم
ص: 367
المحكمون إذا أرادوا أن يفعلوا أمرا قالوا: نفعل إن شاء اللّه، قال موسى: ربّ اجعلهم أمتي، قال: هم أمة محمّد يا موسى، قال الحبر: نعم، قال كعب: أنشدك اللّه أ تجد في كتاب اللّه المنزل أن موسى نظر في التوراة فقال: رب إني أجد أمة إذا أشرف أحدهم على شرف كبر اللّه، و إذا هبط واديا حمد اللّه، الصعيد لهم طهورا، و الأرض حيث ما كانوا لهم مسجدا، يتطهرون من الجنابة طهورهم بالصعيد كطهورهم بالماء حيث لا يجدون الماء غرّ محجّلون من أثر الطهور، قال موسى: ربّ اجعلهم أمتي، قال لموسى: هم أمة محمّد، قال الحبر: اللّهم نعم، قال كعب: أنشدك اللّه أ تجد في كتاب اللّه المنزل أن موسى نظر في التوراة فقال ربّ إني أجد في التوراة أمة إذا همّ أحدهم بحسنة و لم يعملها كتبت له حسنة مثلها، و إذا عملها ضعفت له عشر أمثالها إلى سبع مائة ضعف، و إذا همّ بسيئة و لم يعملها لم تكتب عليه و إذا عملها كتبت سيئة بمثلها، قال موسى: ربّ اجعلهم أمتي، قال: هم أمة محمّد يا موسى. قال الحبر: نعم، قال كعب: أنشدك باللّه أ تجد في كتاب اللّه المنزل أن موسى نظر في التوراة فقال: ربّ إني أجد أمة يأكلون كفاراتهم و صدقاتهم في بطونهم يكفر الرجل عن يمينه فيطعم اليتيم و المسكين و الأرملة و ذا الحاجة، و كان الأولون يحرقونها بالنار لا ينتفعون بها غير أن موسى كان يجمع صدقات بني إسرائيل فلا يجد عبدا مملوكا و لا أمة إلاّ اشتراها من تلك الصدقات و ما فضل حفر له بئرا عميقة القعر فألقاه فيها ثم دفنه فيه لا يرجعوا (1) في صدقاتهم و هم المستجيبون و المستجاب لهم و الشافعون المشفعون، قال موسى: ربّ اجعلهم أمتي، قال: هم أمة أحمد يا موسى، قال الحبر: نعم، قال كعب: أنشدك اللّه أ تجد في كتاب اللّه المنزل أن موسى نظر في التوراة فقال: إني أجد أمة مرحومة ضعفى يرثون الكتاب الذين اصطفيناهم فمنهم ظالم لنفسه و منهم سابق بالخيرات فلا أجد أحدا منهم إلاّ مرحوما يقول اللّه تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتٰابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنٰا مِنْ عِبٰادِنٰا، فَمِنْهُمْ ظٰالِمٌ لِنَفْسِهِ ، وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ، وَ مِنْهُمْ سٰابِقٌ بِالْخَيْرٰاتِ (2)،قال موسى: رب اجعلهم أمتي، قال: هم أمة محمّد، قال الحبر: نعم، قال كعب: أنشدك اللّه أ تجد في كتاب اللّه المنزل أن موسى نظر في التوراة فقال: ربّ إني أجد أمة، مصاحفهم في صدورهم أهل قباب بيض،
ص: 368
يلبسون اللواث (1)،يصفون في صلاتهم صفوف الملائكة، أصواتهم في مساجدهم كدويّ النحل، لا يدخل النار منهم أحد إلاّ من هو يرى من الحسنات مثل ما الحجر يرى من الورق ورق الشجر و هي هذه الكتائب التي تكتب حين نظرت إليها، قال موسى:
اللّهم اجعلهم أمتي، قال هم أمة أحمد يا موسى، قال الحبر: نعم، فلما أن عجب موسى من الخير الذي أعطاه اللّه محمّدا و أمته، يجد صفتهم في التوراة قبل أن يخرجوا بألفي سنة قال: يا ليتني من أمة محمّد، قال: فأوحى اللّه إليه ثلاث آيات يرضيه بهن قال: يٰا مُوسىٰ إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النّٰاسِ بِرِسٰالاٰتِي إلى آخر (2) الآية، وَ كَتَبْنٰا لَهُ فِي الْأَلْوٰاحِ إلى آخر الآية (3)،ثم قال وَ مِنْ قَوْمِ مُوسىٰ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ (4) قال:
فرضي موسى كل الرضا (5).
و لا أرى هذا الحديث صحيحا، لأن كعبا لم يدرك خلافة معاوية (6)،و إنما مات في خلافة عثمان.
ص: 369
2109 - ذو الكفل (1)
قيل اسمه شبر، و يقال: بشر بن أيوب النبي صلى اللّه عليه و سلّم، و قد ذكرت الخلاف في نسب أبيه في ترجمته، كان مع أبيه نذير أيوب، و تنبّأه اللّه بعد أبيه أيوب على ما ذكره أبو جعفر الطبري في تاريخه (2)،و يقال: إن ذا الكفل هو إلياس، و يقال: يوشع، و يقال: اليسع.
أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن الفضل الفقيه، أنبأ أبو بكر البيهقي، أنبأ أبو عبد اللّه الحافظ ، قال: سمعت أبا زكريا يحيى بن محمّد العنبري يقول: قال الخليل بن أحمد:
خمسة من الأنبياء ذو اسمين: محمّد و أحمد نبينا صلى اللّه عليه و سلّم، و عيسى و المسيح عليه السلام، و إسرائيل و يعقوب، و يونس و ذو النون، و إلياس و ذو الكفل.
أنبأنا أبو الفضائل الكلابي، و أبو تراب الأنصاري، و أبو الحسن علي بن بركات، قالوا: حدّثنا أبو بكر أحمد بن علي، أنا محمّد بن أحمد بن محمّد، نا أبا عثمان بن أحمد، و أحمد بن سندي، قالا: نا الحسن بن علي، نا إسماعيل بن عيسى، أنا إسحاق بن بشر، عن جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس: أن الخضر كان اسمه اليسع و إنما سمّي لأنه هجم على عين من عيون الجنة فشرب منها و توضّأ منها و كان بعد ذلك لا يضع قدمه بالأرض إلاّ اخضرّ موضع قدمه، فلذلك سمّي الخضر.
قال ابن عباس: و من الأنبياء خمسة لهم اسمان: اليسع و هو الخضر، و يونس
ص: 370
و هو (1) ذو الكفل، و يعقوب و هو إسرائيل، و إنما سمّي إسرائيل لأنه أسري به في سبع سماوات، و إنما سمّي يوشع ذو الكفل لأنه يكفل على جبار مترف من ملوك الأرض إن هو تاب و راجع أن يدخله اللّه الجنة، فوفى اللّه عز و جل له بذلك، و يونس و هو ذو النون و إنما سمّي ذا النون لأنه كان في بطن النون أربعين يوما، و عيسى و هو المسيح و إنما سمّي المسيح لأنه كان سياحا في الأرض، فهو فضل محمّد صلى اللّه عليه و سلّم عليهم فاسمه في القرآن محمّد و في الإنجيل أحمد، و فضل أحيد (2) و اسمه في التوراة أحيد.
أنبأنا أبو تراب الأنصاري، نا أحمد بن علي، أنا محمّد بن أحمد، نا أحمد بن سندي، قال: أنا الحسن، نا إسماعيل، نا إسحاق، قال: و حدثت عن ابن سمعان عن بعض أهل العلم بالكتب: أن ذا (3) الكفل كان اليسع بن خطوب (4) الذي كان مع الناس و ليس اليسع الذي ذكره اللّه جل و عز في القرآن و اليسع و ذا الكفل، و يقال: كان غيرهما، و اللّه أعلم، و لكنه كان قبل داود عليه السلام، و ذلك أن ملكا جبارا يقال له كنعان و كان من العماليق و يقال بل كان من بني إسرائيل و كان لا يطاق في زمانه لظلمه و طغيانه، و كان ذو الكفل يعبد اللّه عز و جل سرا منه و يكتم إيمانه و هو في مملكته فقيل للملك إنّ في مملكتك رجلا يفسد عليك أمرك و يدعو الناس إلى غير عبادتك فبعث إليه ليقتله فأتى به، فلما دخل عليه قال له الملك: ما هذا الذي بلغني عنك أنك تعبد غيري ؟ فقال له ذو الكفل: اسمع مني و لا تعجل و تفهّم و لا تغضب، فإن الغضب عدو للنفس، يحول بينها و بين الحق و يدعوها إلى هواها، و ينبغي لمن قدر أن لا يغضب فإنه قادر على ما يريد. قال: تكلم، قال: فبدأ ذو الكفل و افتتح الكلام بذكر اللّه عز و جل و الحمد للّه ثم قال له: تزعم أنك إله، فإله من يملك، أو إله جميع الخلق ؟ فإن كنت إله من تملك فإن لك شريكا فيما لا تملك و إن كنت إله الخلق فمن إلهك ؟ فقال له: ويحك، فمن إلهي ؟ قال: إله السماء و الأرض و هو خالقهما، و هذه الشمس و القمر و النجوم، فاتّق اللّه و احذر عقوبته، فإن أنت عبدته و وحّدته رجوت لك ثوابه، و الخلود في جواره، قال له
ص: 371
الملك: اختر ثم أخبرني (1) من عبد إلهك ما جزاؤه ؟ قال: الجنة إذا مات، قال: فما الجنة ؟ قال: دار خلقها اللّه بيده فجعلها مسكنا لأوليائه يبعثهم يوم القيامة شبابا مردا أبناء ثلاث و ثلاثين سنة، فيدخلهم الجنة في نعيم و خلود، شباب لا يهرمون مقيمين لا يظعنون أحياء لا يموتون، في نعيم و سرور و بهجة، قال: فما جزاء من لم يعبده و عصاه ؟ قال: النار، مقرونين مع الشياطين، مغلغلين بالأصفاد، لا يموتون أبدا في عذاب مقيم، و هوان طويل، تضربهم الزبانية بمقامع الحديد، طعامهم الزّقّوم (2) و الضريع (3)، و شرابهم الحميم، قال: فرقّ الملك و بكى لما كان قد سبق له، فقال: إن أنا آمنت باللّه فما لي ؟ قال: الجنة، قال: فمن لي بذلك ؟ قال: أنا لك الكفيل على اللّه جل و عز.
و أكتب لك على اللّه كتابا، فإذا أتيته تقاضيته ما في كتابك و فى لك فإنه قادر قاهر، يوفيك و يزيدك، ففكر الملك في ذلك، و أراد اللّه به الخير، فقال له: اكتب لي على اللّه كتابا، فكتب:
بسم اللّه الرّحمن الرحيم. هذا كتاب كتبه فلان الكفيل على اللّه لكنعان الملك، ثقة منه باللّه أن لا يضيع أجر من أحسن عملا، و لكنعان على اللّه بكفالة فلان إن تاب و رجع، و عبد اللّه أن يدخله الجنة و يبوئه منها حيث يشاء، و أنّ له على اللّه ما لأوليائه، و أن يجيره من عذابه، فإنه رحيم بالمؤمنين واسع الرحمة، سبقت رحمته غضبه.
ثم ختم على الكتاب و دفعه إليه ثم قال له الملك: أرشدني كيف أصنع ؟ قال: قم فاغسل و البس ثيابا جددا ففعل، ثم أمره أن يتشهد بشهادة الحق و أن يبرأ من الشرك ففعل؛ ثم قال: كيف أعبد ربي ؟ فعلّمه الشرائع و الصلاة، ثم قال له: يا ذا الكفل استر هذا الأمر و لا تظهره حتى ألحق بالنّسّاك قال: فخلع الملك و خرج سرا فلحق بالنّسّاك فجعل يسيح في الأرض. و لحق بالنساك و فقده أهل مملكته و طلبوه فلما لم يقدروا عليه قال: اطلبوا ذا الكفل فإنه هو الذي غرّ آلهتنا قال: فذهب قوم في طلب الملك و توارى
ص: 372
ذو الكفل فقدروا على الملك على مسيرة شهر من بلادهم، فلما نظروا إليه قائم يصلي خرّوا له سجّدا فانصرف إليهم فقال: اسجدوا للّه، و لا تسجدوا لأحد من الخلق، فإني آمنت برب السموات و الأرض و الشمس و القمر. فوعظهم و خوّفهم قال: فعرض له وجع و حضره الموت فقال لأصحابه: لا تبرحوا فإن هذا آخر عهدي بالدنيا فإذا متّ فادفنوني، و أخرج كتابه فقرأه عليهم، حتى حفظوه و علموا ما فيه. و قال لهم: هذا كتاب كتب لي أستوفي منه ما فيه، فادفنوا هذا الكتاب معي، قال: فمات، فجهّزوه و وضعوا الكتاب على صدره و دفنوه. فبعث اللّه عز و جل ملكا فجاء به إلى ذي الكفل فقال: يا ذا الكفل إنّ ربك قد وفى لكنعان بكفالتك، و هذا الكتاب الذي كتبته له، و إن اللّه يقول:
إني هكذا أفعل بأهل طاعتي، فلما أن جاءه الملك بالكتاب ظهر للناس، أخذوه فقالوا:
أنت غررت ملكنا و خدعته، فقال لهم: لم أغرّه و لم أخدعه، و لكن دعوته إلى اللّه و تكفّلت له بالجنة، و قد مات ملككم اليوم في ساعة كذى، و كذا و دفنه أصحابكم و هذا الكتاب الذي كنت كتبته له على اللّه بالوفاء، و قد أوفاه اللّه حقه، و هذا الكتاب تصديق لما أقول لكم، فانتظروا حتى يرجع أصحابكم؛ فحبسوه حتى قدم أصحابهم، فسألوهم فقصّوا عليهم القصة و قالوا لهم: تعرفون الكتاب الذي دفنتموه معه ؟ قالوا: نعم، فأخرجوا الكتاب فقرءوه فقالوا: هذا الكتاب الذي كان معه و دفناه في يوم كذا و كذا، فنظروا و حسبوا فإذا ذو الكفل كان قد قرأ عليهم الكتاب و أعلمهم بموت الملك في اليوم الذي مات فيه، فآمنوا به و اتّبعوه فبلغ من آمن به مائة ألف و أربعة و عشرين ألفا، و تكفّل لهم مثل الذي تكفّل لملكهم على اللّه، فسماه اللّه ذا الكفل.
أخبرنا أبو محمّد هبة اللّه بن أحمد البغدادي، أنبأ أبو الحسين [عاصم] (1) بن الحسن بن محمّد العاصمي، أنا أبو الحسين علي بن محمّد بن عبد اللّه بن بشران، أنا أبو علي الحسين بن صفوان، نا عبد اللّه بن محمّد بن عبيد بن سفيان، نا إسحاق بن إسماعيل، نا قبيصة، نا سفيان، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن عبد اللّه بن الحارث في ذي الكفل، قال: قال نبي من الأنبياء لمن معه: هل منكم من يكفل لي لا يغضب و يكون معي في درجتي و يكون بعدي، قال شاب من القوم: أنا، ثم أعاد عليه، فقال الشاب: أنا، ثم أعاد عليه، فقال الشاب: أنا، فلما مات قام بعده في مقامه فأتاه
ص: 373
إبليس و قد قال ليغضبه يستعديه فقال لرجل: اذهب معه فجاء فأخبره أنه لم ير شيئا ثم أتاه فأرسل معه آخر فجاء فقال: لم أر شيئا، ثم أتاه فقام معه فأخذ بيده فانفلت منه، فسمّي الكفل لأنه كفل بالغضب أن لا يغضب.
أخبرنا أبو تراب حيدرة بن أحمد المقرئ في كتابه، نا أبو بكر أحمد بن علي، أنا أبو الحسن بن رزقويه، أنا أحمد بن سندي، نا الحسن بن علي، نا إسماعيل بن عيسى، أنا علي بن عاصم، عن الحريري، عن أبي نضرة، قال: كان نبي في بني إسرائيل، فأرسل إليهم أن اجتمعوا عندي، فاجتمعوا عنده فقال: إني لا أحسبني إلاّ قد احتضر أجلي، فالتمسوا لي رجلا يصوم النهار و يقوم الليل و يقضي بين [بني] (1) إسرائيل، و لا يغضب، فلما سمع ذلك المشيخة سكتوا و قام غلام من بني إسرائيل، فقال: أنا لك بهذا، فقال: أ لا أراك غلاما فاجلس قال: ثم أرسل إليهم أن اجتمعوا إليّ فاجتمعوا، فقال لهم مثل ذلك، فسكت المشيخة و قام الغلام فقال: أنا لهذا، فقال: أ لا أراك غلاما فاجلس، قال: فأرسل إليهم أن اجتمعوا إليّ فقال لهم مثل ذلك، فسكت المشيخة و قام الغلام فقال: أنا لك بهذا، قال: تصوم النهار و تقوم الليل و تقضي بين بني إسرائيل، و لا تغضب ؟ قال: نعم، قال: قد ولّيتك أمر بني إسرائيل بعدي، قال: و مات نبيهم قال:
فجعل ذو الكفل يصوم النهار و يقوم الليل و يقضي بين بني إسرائيل، فإذا انتصف النهار و قام فأوى إلى بيته، فقال: ثم يخرج فيقضي بينهم، قال: قال إبليس لعنه اللّه لجنوده:
احتالوا أن تغضبوه، فأرادوه بكل شيء فجعلوا لا يقدرون على أن يغضبوه، فلما رأى ذلك إبليس قال: أنا صاحبه فجاءه في صورة شيخ كبير، يمشي على عصا له حتى قعد حيث يراه، فجعل ذو الكفل ينظر إليه و يرق له، و يحسب أنه لا يستطيع الزحام، فلما كانت الساعة التي يقوم فيها للقائلة (2) قام حتى قعد بين يديه فقال: شيخ كبير مظلوم، ظلمني بنو فلان، قال له ذو الكفل: فهل لا قمت إليّ قبل هذه الساعة ؟ قال: شيخ كبير لم أستطع الزحام، قال: فأخذه بخدعته حتى مضت ساعته، فالتفت ذو الكفل فإذا ساعته التي يقيل فيها قد مضت فقال: يا شيخ منعتني من القائلة، قال: إني شيخ كبير ملهوف، قال: فكتب معه، قال: فأخذ الكتاب فرمى به ثم تحيّنه (3) من الغد، فأتاه في الساعة التي
ص: 374
أتاه فيها فقعد بحياله فجعل ذو الكفل ينظر إليه و لا يقوم فيها للقائلة فقام فقعد بين يديه فقال: قد أخبرتك (1) أن القوم لا يلتفتون إلى كتابك، طردوني و لم يجيبوني، و أخذه بخدعته حتى ذهبت ساعته، فالتفت فإذا ساعته قد ذهبت، فقال: يا شيخ منعتني أمس و اليوم من القائلة و إنما أنام هذه السويعة قال: شيخ كبير مظلوم ضعيف، قال: فكتب معه و شدّد عليهم فقال: إنهم لا يلتفتون إلى كتابك قال: و كل ذلك يريد أن يغضبه - قال: فكتب معه و تشدد على القوم. قال: فانطلق فمزق الكتاب و خمش وجهه، و مزق ثيابه، ثم تحيّن الساعة التي يقوم فيها قام فقعد بين يديه، قال: فقال: هذا ما لقيت منك، ضربوني و مزقوا عليّ ثيابي و قد أخبرتك أنهم لا يجيبوك و أخذه بخدعته حتى مضت ساعته، فالتفت ذو الكفل فإذا ساعته قد ذهبت فقال: أول من أمس و أمس و اليوم اللّهم إنما أنا بشر لا أستطيع ألاّ أغضب قال: فرفع يده فطرف لإبليس، فساخ (2) الخبيث فذهب، فسماه اللّه ذا الكفل لأنه كفل بشيء فوفى (3) به (4).
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، أنبأ أبو الحسن بن أبي الحديد، أنبأ جدي أبو بكر، أنا أبو عبد اللّه محمّد بن يوسف بن بشر الهروي، نا محمّد بن إسماعيل بن سالم، نا عفان، نا حمّاد.
و أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أحمد بن الحسن بن خيرون، أنا أبو القاسم بن بشران، أنبأ أبو علي بن الصّوّاف، نا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة، نا أبي، نا عون، نا حمّاد بن سلمة، عن ثابت، عن أبي موسى: أن ذا الكفل إنما سمي ذا الكفل أن رجلا كان يصلي كل يوم مائة صلاة فتكفل بها فسمّي ذا الكفل.
أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي، و أبو الحسن علي بن الحسن الموازيني، قالا: أنا أبو الحسن بن أبي الحديد، أنبأ جدي، أنبأ محمّد بن يوسف بن بشر، أنبأ محمّد بن حمّاد، أنا عبد الرزاق، أنبأ معمر، عن قتادة في قوله: وَ ذَا الْكِفْلِ (5) قال: قال أبو موسى الأشعري: لم يكن ذو الكفل نبيا و لكنه يكفل بصلاة
ص: 375
رجل كان يصلّي كل يوم مائة صلاة فتوفي، فكفل بصلاته فلذلك سمّي ذا الكفل (1).
أنبأنا أبو تراب حيدرة بن أحمد، نا أبو بكر أحمد بن علي، أنا محمّد بن أحمد بن محمّد، أنبأ أحمد بن سندي، حدّثنا الحسن بن علي، نا إسماعيل، أنبأ إسحاق بن بشر، أنبأ أبو إلياس، عن وهب بن منبّه، قال: كانت قبل إلياس و قبل داود أحداث و أمور في بني إسرائيل و أنبياء منهم اليسع صاحب إلياس و ذو الكفل، و كان عيلون مستخلفا خلافة نبوة، و لم تكن له نبوة، غير أن بني إسرائيل كانوا يسمون خليفة النبي نبيا و كان فيهم من جمع التوراة يسمونهم أنبياء، و منهم من كان نبيا في منامه، و كان إسمويل (2) بعده، و كان ذو الكفل يكتب الكفالات على اللّه بالوفاء لمن آمن به. فكان من شأنه أنهم كانوا ثلاثة إخوة عبّاد تواخوا في اللّه حين عظمت الأحداث في بني إسرائيل، فخرجوا عنهم و اعتزلوهم و تعبّدوا في موضع لا يعرفون، حتى إذا اشتد البلاء في بني إسرائيل و كادوا (3) أن يتفانوا، و ضيّعت فيهم الأحكام و السّنن و الشرائع، فلما أن خاف القوم الهلاك طلبوا الثلاثة ليملّكوا أحدهم على أنفسهم ليقيم فيهم الحدود و الأحكام و يجمع ألفتهم، قال: فقدروا عليهم، فخيّروهم بين القتل و بين أن يكون أحدهم عليهم، فاختاروا القتل و كان أصغرهم أعبدهم و أشدّهم اجتهادا، فقال اثنان منهم للثالث و هو أصغرهم سنا: أنت أحدثنا سنا و أقوانا، فهل لك أن تحتسب بنفسك عليهم فتقيم لهم أحكامهم و شرائعهم ؟ فقال: أفعل بشرط أن لا تقرباني و لا تنظرا إليّ ، و لا انظر إليكما حتى يبلغكما أني عدلت عن الحق، فقالا: نعم.
فمضى مع القوم فتوّجوه و أقعدوه (4) على سرير الملك فأقام فيهم الحق و أحيا فيهم السّنن، و حسنت حال بني إسرائيل و اغتبطوا به، فجاءه الشيطان من قبل النساء، فلم يزل حتى واقع النساء، ثم أتاه من قبل الشراب فلم يزل به حتى خالط الناس في الشراب، و لم يزل به حتى ركب المعاصي و ضيّع الحدود، و انتهك المحارم، و خالط الدماء فبلغ أخويه فجاءا حتى دخلا عليه، فأمر بهما فحبسا، فلما أمسى دعا بهما، فقالا له: أي عدوّ اللّه غررتنا بدينك، و طلبت الدنيا بعمل الآخرة، فقال لهما: فدعاني عنكما، فقد ارتكبت ما
ص: 376
بلغكما و أنا غير مقصر، و قد أصبت الدنيا، و قد علمت علما يقينا أن لا آخرة لي، فدعاني أتمتع (1) من دنياي، فقال له أحدهما يقال (2) له عايوذا كان و أخاه في اللّه عز و جل: أ فلا خير من ذلك ؟ قال: و ما ذاك ؟ قال: ترجع و تتوب إلى اللّه، و أتكفّل لك بالمغفرة و الرحمة و الجنة، قال: أ تفعل ؟ قال: نعم، فقال: اكتب لي على ربك كتابا بالوفاء، فكتب له؛ ثم خلع الملك و عاد إلى ما كان و لحق بالعبّاد، و قال لهما: لا تصحباني. و كان عبّاد بني إسرائيل حين عظمت الأحداث فيهم اعتزلوهم و لحقوا بالجبال و السواحل، يعبدون اللّه فلحق هذا بشعب العبّاد، فانتهى إلى رجل قائم يصلي إلى جنب شجرة جرداء ليس عليها ورق، كثيرة الشوك، فقام إلى جنبه يصلّي، و كانت تلك الشجرة تحمل كل عشية رمانة عند إفطار العابد، فهي [رزقه إلى] (3) مثلها من القابلة، فلما أمسى قال في نفسه: إني أطوي ليلتي هذه و أجعل رزقي لضيفي هذا، قال:
فحملت الشجرة رمّانتين فدفع إحداهما إلى الفتى و أكل الأخرى، فقال له الفتى: هل أمامك من العبّاد أحد؟ قال: امض أمامك، قال: فلما أصبح مضى حتى انتهى إلى رجل قائم يصلّي على صخرة، عليه برنس له من مسوح (4)،فقام إلى جنبه يصلّي، و كان له كل ليلة إناء من ماء، عليها رغيف و هو رزقه، فلما أمسى جعل في نفسه أن يجعل رزقه لضيفه و يمسك عن نفسه فأتاه اللّه بإناءين على كل واحد منهما رغيف، فأطعم أحدهما الفتى و أكل الآخر و شربا، فلما أصبح الفتى قال له: هل في الوادي من هو أعبد منك ؟ قال: امض أمامك قال: فمضى فانتهى إلى رجل قائم على تل بغير حذاء و لا قلنسوة في يوم شديد الحرّ، عليه إزار من مسوح، و جبّة من مسوح، قائم يصلي، فقام إلى جنبه، و كانت و علة سخّرها اللّه عز و جل، تجيء في كل ليلة من الجبل، فتقوم بين يديه، و تفرج بين رجليها و ضرعها، يدرّ لبنا، و عنده قعبة (5) له فيحلب من الوعلة ملء فعبته فذلك طعامه و شرابه، فقال في نفسه: أجعل رزقي لضيفي هذا و أمسك عن نفسي، فلما أمسى جاءت الوعلة حتى وقفت، فقام العابد إليها فحلبها و سقى الفتى و هي واقفة و ضرعها يدرّ
ص: 377
لبنا و هي تومئ إلى العابد أن احتلب، قال: فاحتلب حتى ملأ قعبته و انصرفت الوعلة فلما أصبح قال له الفتى: هل في الوادي من هو أعبد منك ؟ قال: امض أمامك قال:
فمضى حتى انتهى إلى شيخ في أعلى الجبل، قائم يعبد اللّه عز و جل منذ مائة و ثمانين سنة اعتزل الناس، طعامه عشب الأرض، و له عين تجري، إذا أمسى جرت تلك العين بما تكفيه لشرابه و وضوئه، و تعشب الأرض حول عينه و هو على صخرة كقدر ما يغنيه، فلما أمسى جعل في نفسه، أن يجعل رزقه لضيفه و يمسك عن نفسه، فلما أمسى فجر اللّه عينين، و أعشب الأرض حولهما، فقال للفتى: هذا طعامي و هذا شرابي، و هذا رزق ساقه اللّه إليك على قدر رزقي، و لا يكلف اللّه نفسا إلاّ طاقتها، و ليس عندنا إلاّ ما ترى، قد رضينا من الدنيا بهذا و هذا من اللّه عز و جل، إن رزقنا القناعة و الرضا، فقال الفتى:
قد رضيت بهذا و لا أريد بهذا بدلا، فأقام معه يتعبد حتى أدركه الموت فقال للشيخ: قد صحبتك فأحسنت صحبتي، و رزقني اللّه بصحبتك الخير و الفضل، و لي عندك حاجة، قال: و ما هي ؟ قال: أن تحفر لي و تدفنّي، ثم أخرج الكتاب فدفعه إليه و قال: ضع هذا الكتاب بين كفني و صدري، فقال له الشيخ: فكيف لي بأن (1) أحفر لك ؟ قال: قل أنت نعم إن شاء اللّه، فإن اللّه سيهيئ ذلك لك، فقال الشيخ: نعم، فمات الفتى فقام الشيخ ليحفر له لما وعده فلم يصل. إنما هو يحفر بيده حتى تقطعت أنامله إذ بعث اللّه أسدا، له مخاليب من حديد، فحفر له قبرا، فلما أن رأى العابد ذلك اشتد سروره بذلك، فدفن الفتى و أهال عليه. و وضع الكتاب بين صدره و كفنه، فبعث اللّه إليه ملكا فأخذ الكتاب و كتب: إنّ اللّه عز و جل قد وفى له بشرطك و تمّت كفالتك و نفذ كتابك. فجاء بالكتاب حتى دفعه إلى عايوذا، و هو الذي كان كتب له الكفالة، و كان بعد ذلك يكتب الكفالات على نفسه للّه عزّ و جلّ فسمي ذا الكفل، فاللّه أعلم أيّ ذلك كان مما قالوا.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن الحسين المقرئ، نا أبو الحسين بن المهتدي، أنا أبو أحمد عبيد اللّه بن محمّد بن أبي مسلم، أنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السماك، نا إسحاق بن إبراهيم بن سنين الختّلي، حدّثني اليمان بن عيسى أبو سهل الحذاء، أنا أسباط بن محمّد قال: كان في بني إسرائيل رجل يقال له ذو الكفل و كان لا يتورع عن ذنب عمله فأتته امرأة فسألته فأبى أن يعطيها إلاّ أن تمكّنه من نفسها، فلما جلس معها
ص: 378
ارتعدت و بكت فقال لها: ما يبكيك ؟ قالت: إنّ هذا عملا ما عملته قط و ما حملني عليه إلاّ الحاجة قال: فتركها و سلم لها الدنانير و لم يصب منها، فمات من ليلته فأصبح مكتوب على بابه اشهدوا جنازة ذي الكفل إنّ اللّه قد غفر له، كذا رواه اليمان منقطعا، و قد رواه غيره عن أسباط فأسنده إلاّ أنه قال: الكفل لم يقل ذا الكفل.
أخبرنا أبو عبد اللّه الفراوي، و أبو المظفّر القشيري، قالا: أنا أبو سعد محمّد بن عبد الرّحمن، أنا أبو عمرو بن حمدان ح.
و أخبرناه أبو عبد اللّه الخلال، أنا إبراهيم بن منصور، أنبأ أبو بكر بن المقرئ، قالا: أنا أبو يعلى، نا أبو خيثمة.
و أخبرناه أبو القاسم بن الحصين، قال: نا أبو علي بن المذهب - لفظا،- أنبأ أحمد بن جعفر، نا عبد اللّه بن أحمد (1)،حدّثني أبي، قالا:
حدّثنا أسباط بن محمّد، نا الأعمش، عن عبد اللّه بن عبد اللّه، عن سعد مولى طلحة، عن ابن عمر قال: سمعت - و قال أحمد: لقد سمعت - من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم حديثا لو لم أسمعه إلاّ مرة أو مرتين حتى عدّ سبع مرار (2) و لكن قد سمعته أكثر من ذلك، قال:
كان الكفل من بني إسرائيل لا يتورع من ذنب عمله فأتته امرأة فأعطاها ستين دينارا على أن يطأها فلما قعد منها مقعد الرجل،-، زاد أحمد: من امرأته، فقالا:- أرعدت،- و قال أبو خيثمة: ارتعدت - و بكت فقال: ما يبكيك أكرهتك، قالت: لا و لكن هذا عمل لم أعمله قط و إنما حملني عليه الحاجة، قال: فتفعلين هذا و لم تفعليه قط ، قال: ثم نزل فقال: اذهبي و الدنانير (3) لك، ثم قال: و اللّه لا يعصي اللّه الكفل أبدا، فمات من ليلته فأصبح مكتوبا على بابه قد غفر اللّه للكفل.
و كذا رواه عبد الرزاق بن منصور، عن أسباط ، و كذا رواه محمّد بن فضيل الضّبّي الكوفي، و الفضل بن موسى الشيباني، و شيبان بن عبد الرّحمن، عن الأعمش.
فأما حديث ابن فضيل:
ص: 379
فأخبرناه أبو البركات عمر بن إبراهيم بن محمّد، أنا أبو الفرح محمّد بن أحمد بن محمّد بن علاّن الخازن (1)،أنا القاضي أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه بن الحسين الجعفي (2)،أنبأ أبو جعفر محمّد بن جعفر بن محمّد بن رياح الأشجعي، نا علي بن المنذر، نا محمّد بن فضيل، نا الأعمش، عن عبد اللّه بن عبد اللّه، عن سعد مولى طلحة، عن عبد اللّه بن عمر قال: سمعت النبي صلى اللّه عليه و سلّم يحدث حديثا لو لم أسمعه إلاّ مرة أو مرتين لم أحدث به، و لكن قد سمعته أكثر من سبع مرات قال: كان في بني إسرائيل رجل يقال له الكفل لا يتورع من ذنب عمله، فاتبع امرأة فأعطاها []سبعين دينارا على أن تعطيه نفسها، فلما قعد منها مقعد الرجل من المرأة ارتعدت و بكت، فقال: ما شأنك ؟ فقالت: إن هذا العمل ما عملته قط ، فقال: أكرهتك ؟ قالت: لا، و لكن حملتني عليه الحاجة، قال: فقال: اذهبي فهي لك، ثم قال: و اللّه لا أعصي اللّه أبدا، قال: فمات من ليلته، فقيل: مات الكفل فوجد على باب داره مكتوب: إن اللّه قد غفر للكفل.
و أما حديث الفضل بن موسى:
فأخبرناه أبو محمّد الحسن بن أبي بكر بن أبي الرضا، أنا أبو عاصم الفضيل بن يحيى الفضيلي، أنبأ أبو محمّد عبد الرّحمن بن أحمد بن محمّد بن أبي شريح (3)،أنا [أبو] (4) عبد اللّه محمّد بن عقيل بن الأزهر بن عقيل البلخي، نا علي بن خشرم (5)،نا الفضل بن موسى، نا الأعمش، عن عبد اللّه بن عبد اللّه، عن سعد مولى طلحة - أو سعيد،- شك علي قال: سمعت ابن عمر يقول: كان رجل في بني إسرائيل، يقال له الكفل يعمل بالمعاصي و يقطع الطريق و يغصب الأموال فأعجبته امرأة فراودها فأبت عليه فرضيت بعد أن يجعل لها ستين دينارا، فجلس منها مجلس الرجل من امرأته فأرعدت فقال لها: ما شأنك، أكرهتك ؟ قالت (6):لا و لكن هذا شيء لم أفعله قط و ما حملني
ص: 380
عليه إلاّ الحاجة، قال: فقال لها: قومي، فهي لك، ثم قال: هذه لم تذنب، و أنا عملت ما عملت لا أعصي اللّه أبدا، فمات من ليلته، فقالت بنو إسرائيل مات الكفل و هم لا يريدون أن يصلّوا عليه، فأصبحوا فوجدوا مكتوبا على بابه، إن اللّه عز و جل قد غفر للكفل فأقر به علي.
و أما حديث شيبان:
فأخبرناه أبو الحسن علي بن محمّد بن العلاف في كتابه، و أخبرني أبو المعمّر المبارك بن أحمد بن عبد العزيز عنه.
و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأ أبو علي محمّد بن محمّد بن أحمد، و أبو الحسن علي بن محمّد، قالا: أنا أبو القاسم عبد الملك بن محمّد بن بشران، أنا أحمد بن إبراهيم الكندي، أنا محمّد بن جعفر الخرائطي، نا عباس بن محمّد الدوري، نا عبيد اللّه بن موسى، نا شيبان بن عبد الرّحمن، عن الأعمش، عن عبد اللّه، عن سعد مولى طلحة، عن ابن عمر، قال: لقد سمعت من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم حديثا لو لم أسمعه إلاّ مرة أو مرتين حتى عد سبع مرات، ما حدثت به، و لكن سمعته أكثر من ذلك، قال: كان الكفل من بني إسرائيل لا يتورّع من ذنب عمله فأتته امرأة فأعطاها ستين دينارا على أن يطأها فلما قعد منها مقعد الرجل من امرأته ارتعدت و بكت فقال: ما يبكيك أكرهتك ؟ قالت: لا و لكن هذا عمل لم أعمله قط ، قال: فتفعلين هذا و لم تفعليه قط؟ قالت:
حملتني عليه الحاجة، قال: فنزل ثم قال: اذهبي بالدنانير لك، ثم قال: و اللّه لا يعصي اللّه الكفل أبدا، فمات من ليلته فأصبح مكتوبا على بابه غفر اللّه للكفل.
بلغني: أن ذا الكفل كان عمره خمسا و سبعين سنة (1).
ص: 381
ذكر من اسمه: (1) ذو الكلاع
2110 - ذو الكلاع و هو أسميفع (2) بن باكورا (3)
و يقال سميفع بن حوشب بن عمرو بن قعقر (4) بن يزيد،
و هو ذو الكلاع الأكبر بن النعمان
أبو شرحبيل، و يقال أبو شراحيل الحميري الأحاظي (5)
ابن عم كعب الأحبار، أدرك النبي صلى اللّه عليه و سلّم و لم يره (6)،و راسله بجرير البجلي.
[روى] (7):عن عمر بن الخطاب، و عمرو بن العاص، و عوف بن مالك.
روى عنه: أزهر بن سعيد، و زامل بن عمرو الحذامي، و أبو نوح الحميري.
و كان يسكن حمص، و كانت له بدمشق حوانيت، و شهد وقعة اليرموك، و فتح
ص: 382
دمشق و صفّين، و كان على أهل حمص و هم الميمنة، و يقال: إن معاوية أنزله حين قدم دمشق بدار المدنيين (1).
أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن غانم بن أحمد الحداد، أنا عبد الرّحمن بن محمّد بن إسحاق، أنبأ أبي، أنبأ محمّد بن سعد البيوردي (2)،و محمّد بن أحمد بن أحمد بن إبراهيم، قالا: نا محمّد بن أيوب، حدّثنا عبد اللّه بن محمّد العبسي، نا ابن إدريس، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير قال: كنت باليمن فلقيت رجلين من أهل اليمن: ذا الكلاع، و ذا عمرو؛ فجعلت أحدثهم عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم (3)،و استخلف أبو بكر و الناس صالحون قال: فقالا: أخبر صاحبك إنا قد جئنا و سنعود إن شاء اللّه، فرجعت فأخبرت أبا بكر بحديثهما قال: أ لا جئت بهم، فلما كان بعده قال لي ذو عمرو: يا جرير إنّ بك كرامة، و إنّي مخبرك خبرا، إنكم معشر العرب لن تزالوا بخير ما كنتم إذا هلك أمير أمّرتم آخر، فإذا كان السيف كانوا ملوكا يغضبون غضب الملوك، و يرضون رضا الملوك (4).
أخبرناه عاليا أبو القاسم بن الحصين، أنبأ أبو علي بن المذهب، أنا أحمد بن جعفر، حدّثنا عبد اللّه بن أحمد (5)،حدّثني أبي، نا عبد اللّه بن محمّد، قال عبد اللّه:
و سمعته أنا من ابن أبي شيبة، نا عبد اللّه بن إدريس، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير، قال: بعثني رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم إلى اليمن فلقيت بها رجلين:
ذا كلاع و ذا عمرو، قال: و أخبرتهما شيئا من خبر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم قال: ثم أقبلنا فإذا قد رفع لنا ركب من قبل المدينة قال: فسألناهم ما الخبر؟ قال: فقالوا: قبض رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم و استخلف أبو بكر و الناس صالحون، قال فقال لي أخبر صاحبك:[إنا قد جئنا و سنعود إن شاء اللّه، فرجعت فأخبرت أبا بكر بحديثهما قال: أ لا جئت بهم، فلما كان بعد قال: فرجعنا] (6) ثم لقيت ذا عمرو فقال لي: يا جرير إنكم لن تزالوا بخير ما إذا هلك
ص: 383
أمير [ثم] (1) تأمرتم في آخر، و إذا كانت بالسيف غضبتم غضب الملوك و رضيتم رضا الملوك.
رواه مسلم عن ابن أبي شيبة.
أخبرنا أبو الحسين بن الفراء و أبو غالب بن البنّا، قالا: أنا أبو يعلى بن الفراء، أنا أبو القاسم عبيد اللّه بن أحمد بن علي الصّيدلاني، نا عبد اللّه بن محمّد بن زياد النيسابوري، نا علي بن حرب، نا هارون بن عمران، نا يونس بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق، عن جرير، قال: بعثني رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم إلى ذي الكلاع و ذي عمرو، فأما ذو الكلاع فقال: ادخل على أم شرحبيل، و اللّه ما دخل أحد بعد أبي شرحبيل قبلك، و أسلما. و أما ذو عمرو فقال: يا جرير، هل شعرت أن من بادئ كرامة اللّه جل و عز للعبد أن يحسن صورته. و كان أمر لي بدجاجة و قال: لو لا أن أمنعك دجاجتك لأنباتك (2) أن صاحبك الذي جئت من عنده إن كان نبيا فقد مات اليوم، فأهويت إلى قائم سيفي لأضربه به، ثم كففت فلما كنت ببعض الطريق لقيني وفاة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم (3).
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، أنبأ الحسن بن علي، أنا محمّد بن العباس، أنا أحمد بن معروف، نا الحارث بن أبي أسامة، أنا محمّد بن سعد (4)،أنبأ محمّد بن عمر الأسلمي، حدّثني معمر بن راشد، و محمّد بن عبد اللّه، عن الزهري، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة، عن ابن عباس ح.
قال: و نا أبو بكر بن عبد اللّه بن أبي سبرة، عن المسور بن رفاعة، قال: و حدّثنا عبد الحميد بن جعفر، عن أبيه، قال: و نا عمر بن سليمان بن أبي حثمة، عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة، عن جدته الشّفاء قال: و نا أبو بكر بن عبد اللّه بن أبي سبرة، عن محمّد بن يوسف، عن السائب بن يزيد، عن العلاء بن الحضرمي (5)،قال:
و نا معاذ بن محمّد الأنصاري، عن جعفر بن عمرو بن جعفر بن عمرو بن أمية الضّمري
ص: 384
عن أهله عن عمرو بن أمية الضّمري دخل حديث بعضهم في حديث بعض قالوا: و بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم جرير بن عبد اللّه البجلي إلى ذي الكلاع بن ناكور بن حبيب بن مالك بن حسّان بن تبّع، و إلى ذي عمرو يدعوهما إلى الإسلام فأسلما، و أسلمت ضريبة (1) بنت أبرهة بن الصباح امرأة ذي الكلاع و توفي رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم و جرير عندهم، فأخبره ذو عمرو بوفاته فرجع جرير إلى المدينة.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأ أبو الحسين بن النّقّور، أنا أبو طاهر المخلّص، نا أحمد بن عبد اللّه بن يوسف، نا السّري بن يحيى، نا شعيب بن إبراهيم، نا سيف بن عمر، نا طلحة بن الأعلم، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: و بعث - يعني رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم - جرير بن عبد اللّه إلى ذي الكلاع أسميفع بن ناكورا و إلى ذي ظليم حوشب بن طخمة.
و قال سيف: و كان ذو الكلاع على كردوس - يعني يوم اليرموك (2)-.
أخبرنا أبو سهل محمّد بن إبراهيم بن سعدوية، أنا إبراهيم بن منصور السلمي، أنا أبو بكر محمّد بن إبراهيم بن المقرئ، أنا أبو يعلى الموصلي، حدّثنا علي بن الجعد، نا عمرو بن شمر، نا جابر الجعفي، عن الشعبي، عن صعصعة بن صوحان، قال: سمعت زامل بن عمرو الجذامي (3) يحدث عن ذي كلاع الحميري، قال: سمعت عمر يقول: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم يقول:«إنما يبعث المقتتلون على النّيّات»[4141].
أخبرنا أبو الوفاء عبد الواحد بن حمد الشرابي، و أم المجتبى فاطمة بنت ناصر، قالا: أنا أبو طاهر أحمد بن محمود، أنا أبو بكر بن المقرئ، أنبأ أبو العباس بن قتيبة، نا حرملة، نا ابن وهب، أنا معاوية بن صالح، عن أزهر بن سعيد، قال: سمعت الكلاع يقول: كان كعب يقصّ في إمارة معاوية، فقال لي عوف بن مالك: يا أبا شرحبيل أ رأيت ابن عمك هذا بأمر الأمير يقصّ ؟ قال: لا أدري، قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم يقول:
«القاصّ ثلاثة: أمير أو مأمور أو محتال»، كذا قال سمعت الكلاع[4142].
و أخبرناه أبو سهل محمّد بن إبراهيم، أنبأ أبو الفضل الرازي، أنا جعفر بن
ص: 385
عبد اللّه، نا محمّد بن هارون، نا محمّد بن بشار، نا عبد الرّحمن بن مهدي، نا معاوية بن صالح، عن أزهر بن سعيد، عن ذي الكلاع، عن عوف بن مالك، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«القصّاص ثلاثة: أمير أو مأمور أو محتال»[4143].
ذكر أبو الحسين الرازي عن مشايخه الدمشقيين: أن الصف القبلي من الحوانيت عند باب الجابية كانت لذي الكلاع.
قرأت على أبي غالب بن البنّا، عن أبي محمّد الجوهري، أنا أبو عمر بن حيّوية، أنبأ أحمد بن معروف، نا الحسين بن الفهم، نا محمّد بن سعد، قال (1) في الطبقة الأولى من تابعي أهل الشام: ذو الكلاع و اسمه سميفع بن حوشب.
أخبرنا أبو سعد إسماعيل بن أحمد بن عبد الملك و أبو الحسن مكي بن أبي طالب، قالا: أنبأ أبو بكر أحمد بن علي بن خلف، أنا أبو عبد اللّه الحافظ ح.
و أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر، أنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك بن علي، أنا أبو الحسن علي بن علي، و عبد الرّحمن بن محمّد بن أحمد بن بالوية، قالوا: حدّثنا أبو العباس الأصم، قال: سمعت العباس بن محمّد الدوري يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: ذو الكلاع ح.
و أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أبو الفضل بن خيرون، نا أبو المعالي ثابت بن بندار، قال: نا أبو العلاء المقرئ، أنا أبو بكر البابسيري، أنا الأحوص بن المفضّل، نا أبي، عن يحيى، قال: كان ذو الكلاع يكنى أبا شرحبيل.
أنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي الحافظ ، ثم حدّثنا أبو الفضل محمّد بن ناصر الحافظ ، أنبأ أبو الفضل بن خيرون، و أبو الحسين بن الطّيّوري، و أبو الغنائم - و اللفظ له،- قالوا: أنبأ عبد الوهاب بن محمّد،- زاد ابن خيرون: و محمّد بن الحسن الأصبهاني، قالا:- أنا أحمد بن عبدان، أنا محمّد بن سهل، أنا محمّد بن إسماعيل، قال (2):ذو الكلاع أبو شراحيل ابن عم كعب يعد في الشاميين. قال ابن المنذر: حدّثنا معن سمع معاوية، عن أزهر بن سعيد، عن ذي الكلاع: كان كعب يقصّ في إمارة معاوية
ص: 386
فقال عوف بن مالك لذي الكلاع: يا أبا شراحيل أ رأيت ابن عمك أ بأمر الأمير يقصّ ؟ فإني سمعت النبي صلى اللّه عليه و سلّم يقول:«القصّاص ثلاثة أمير أو مأمور أو محتال (1)»، فمكث كعب سنة لا يقص حين أرسل إليه معاوية فأمر بأن يقص، و يقال: أبو شرحبيل (2) قدم الشام[4144].
قرأت على أبي الفضل بن ناصر، عن جعفر بن يحيى بن إبراهيم، أنبأ عبيد اللّه بن سعيد بن حاتم، أنا أبو الحسن الخصيب بن عبد اللّه بن الخصيب.
أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرّحمن، أخبرني أبي قال: أبو شرحبيل ذو الكلاع.
قرأنا على أبي الفضل، عن أبي طاهر الأنباري، أنا هبة اللّه بن إبراهيم، أنا أبو بكر المهندس، أنا أبو نضر الدّولابي، قال: أبو شرحبيل ذو الكلاع.
كتب إليّ أبو جعفر الهمذاني (3)،قال: أنا أبو بكر الصقل، أنا أبو بكر بن منجويه، قال: أنا أبو أحمد محمّد بن محمّد الحاكم، قال: أبو شرحبيل و يقال أبو شراحيل ذو الكلاع ابن عم كعب بن ماتع الحميري، عن أبي عبد الرّحمن عوف بن مالك الأشجعي، روى عنه أزهر بن سعيد الحرازي (4)،حديثه في الشاميين.
قرأت على أبي محمّد السّلمي، عن أبي نصر بن ماكولا، قال (5):سميفع بن ناكور بن عمرو بن يعفر بن يزيد و هو ذو الكلاع الأكبر بن النعمان (6)،و هو الذي كتب إليه النبي صلى اللّه عليه و سلّم مع جرير بن عبد اللّه فأعتق أربعة آلاف بيت (7) كانوا ثيبا (8) له و قتل يوم
ص: 387
صفّين مع معاوية و كان رؤبة يقول: يعفر بضم الياء و الفاء و هي لغة حكاها يونس عنه، و يقال: يعفر بضم الياء و كسر الفاء، و هو اختيار ابن الأعرابي، و يقال بفتح الياء و ضم الفاء يعفر مثل يشكر و كله مأخوذ من العفر [و العفر] (1) و هما التراب.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا ثابت بن بندار، أنا محمّد بن علي الواسطي، أنا محمّد بن أحمد البابسيري، نا الأحوص بن المفضّل بن [غسان] (2) قال: قال أبي................ (3).
أخبرنا أبو العزّ بن كادش، أنبأ أبو يعلى بن الفراء، أنبأ إسماعيل بن سعيد بن إسماعيل بن محمّد بن سويد، أنبأ أبو علي الحسين بن القاسم بن جعفر الكوكبي، حدّثني أبو العباس الهروي، حدّثني سليمان بن معبد، نا ابن عفير، حدّثني علوان بن داود، عن رجل من قومه قال: بعثني أهلي بهدية إلى الكلاع في الجاهلية، فلبثت على بابه حولا لا أصل إليه، ثم إنه أشرف ذات يوم من القصر، فلم يبق أحد حول القصر إلاّ خرّ له ساجدا؛ قال: فأمر بهديتي فقبلت. ثم رأيته بعد في الإسلام و قد اشترى لحما بدرهم، فسمّطه (4) على فرسه و هو يقول:
أفّ للدّنيا إذا كانت كذا *** أنا منها كل يوم في أذى
و لقد كنت إذا ما قيل: من *** أنعم الناس معاشا؟ قيل: ذا
ثم بدّلت بعيشي شقوة *** حبّذا هذا شقاء حبّذا (5)
رواه أبو عبد اللّه محمّد بن الوضاح، عن أبي داود سليمان بن معبد السّنجي، عن سعيد بن عفير فقال: إلى ذي الكلاع.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا محمّد بن محمّد بن أحمد بن المسلمة، أنبأ علي بن أحمد بن عمر، أنبأ محمّد بن أحمد بن الحسن، نا الحسن بن علي القطان، نا إسماعيل بن عيسى العطار، نا إسحاق بن بشر، قال: قال ابن إسحاق: فسمعت من
ص: 388
حدّثني عن أنس بن مالك، قال: أتيت أهل اليمن، فبدأت بهم حيا حيا أقرأ عليهم كتاب أبي بكر، حتى إذا فرغت قلت: الحمد للّه و أشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أن محمّدا عبده و رسوله، أما بعد، فإني رسول خليفة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم، و رسول المؤمنين ألا و اني تركتهم معسكرين، ليس يثقلهم عن الشخوص إلى عدوهم إلاّ انتظاركم، فاحتملوا إلى إخوانكم بالنصر، رحمة اللّه عليكم أيها المسلمون؛ قال: فكل من اقرأ عليه ذلك الكتاب و يسمع مني هذا القول يرد أحسن الرد و يقول: نحن سائرون إلى إخواننا حين انتهينا إلى ذي الكلاع فلما قرأنا عليه الكتاب و قلت هذا القول، فدعا بفرسه و سلاحه، ثم نهض في قومه و أمر بالمعسكر، فما برحنا حتى عسكر و قام فيهم فقال لهم: أيها الناس إنّ من رحمة اللّه عليكم، و نعمته فيكم أن بعث منكم نبيا، أنزل عليه الكتاب و أحسن عنه البلاغ، فعلّمكم ما يرشدكم، و نهاكم عما يفسدكم حتى علّمكم ما لم تكونوا تعلمون، و رغّبكم فيما لم تكونوا ترغبون فيه من الخير، و قد دعاكم إخوانكم الصالحون إلى جهاد المشركين، و اكتساب الأجر العظيم، فلينفر من أراد النفر معي، قال: فنفر معه بعدة من الناس، و أقبل إلى أبي بكر، قال: و رجعنا نحن فسبقناه بأيام، فوجدنا أبا بكر بالمدينة، و وجدنا ذلك العسكر على حاله، و أبو عبيدة يصلّي بأهل العسكر، فلما قدمت حمير معها أولادها و نساؤها، قال لهم أبو بكر: عباد اللّه، أ لم نكن نتحدث فنقول: إذا مرت حمير معها نساؤها و أولادها نصر اللّه المسلمين، و خذل المشركين. أبشروا أيها الناس فقد جاءكم النصر.
كتب إليّ أبو الحسن علي بن محمّد بن العلاّف، و أخبرني أبو المعمر الأنصاري عنه.
و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو علي بن أبي جعفر، و أبو الحسن بن العلاّف، قالا: أنا عبد الملك بن محمّد، أنا أحمد بن إبراهيم، أنبأ محمّد بن جعفر الخرائطي، أنا علي بن الأعرابي، نا علي بن عمروس، عن هشام بن محمّد بن السائب الكلبي، عن أبيه، عن أبي صالح، قال: كان يدخل مكة رجال متعمّمون من جمالهم مخافة أن يفتتن بهم منهم: عمرو الطّهوي، و أعيفر اليربوعي، و سبيع الطهوي، و حنظلة بن مرثد من بني قيس بن ثعلبة، و الزّبرقان بن بدر، و عمرو بن حممة و أبو خيثمة بن رافع، و زيد الخليل بن مهلهل الطائي، و قيس بن سلمة بن شراحيل
ص: 389
الجعفي (1)،و ذو الكلاع الحميري، و امرؤ القيس بن حجر الكندي، و جرير بن عبد اللّه البجلي (2).
أنبأنا أبو محمّد هبة اللّه بن أحمد، و عبد اللّه بن أحمد، قالا: ثنا عبد العزيز بن أحمد، أنبأ أبو محمّد بن أبي نصر، نا أبو بكر أحمد بن محمّد بن سعد بن فطيس، قال:
قرئ على أبي عبد الملك، نا ابن عائذ (3)،قال: و أخبرني الهيثم بن عمران، قال:
سمعت إسماعيل بن عبيد اللّه (4) يحدّث: أن ذا الكلاع رأى أن ملكا نزل من السماء فقام إليه رجل من أهل العراق فقال: إن اللّه بعث إلينا رسولا فعمل فينا بكتاب اللّه حتى قبضه اللّه، ثم استخلف أبو بكر فعمل بمثل ذلك حتى قبضه اللّه، ثم استخلف عمر فعمل بمثل ذلك حتى قبضه اللّه، ثم استخلف عثمان فعمل بغير ذلك، فأنكرنا عليه فقتلناه، ثم قمت إليه فقلت مثل ما قال حتى انتهيت إلى عثمان فقلت غير ما قال: فألقى حصا بيضا و حصا سودا، فلقطت الحصا البيض و لقط الحصا السود؛ فقلت: اقض بيننا، فقال: قد فعلت.
أو قال: أ لم أفعل ؟ أخبرنا أبو الفتوح أسامة بن محمّد بن زيد، أنا أبو جعفر بن المسلمة إجازة، قال: أجاز لنا أبو عبيد اللّه محمّد بن عمران بن موسى، قال (5):ذو الكلاع الأصغر اسمه سميفع بن ناكول (6) مخضرم له مع عمر بن الخطاب أخبار و بقي إلى أيام معاوية، و لما بلغ عمر كثرة شرب (7) الناس للخمر بالشام و إقامة الحدود عليهم أمر أن يطبخ كل عصير بالشام حتى يذهب ثلثاه، فقال ذو الكلاع (8):
صبرت و لم أجزع و قد مات إخوتي *** و لست عن الصهباء يوما بصابر
ص: 390
رماها أمير المؤمنين بحتفها *** فخلاّنها يبكون حول المعاصر
فلا تجلدوني (1) و اجلدوها فإنها *** هي العيش للباقي و من في المقابر
أخبرنا أبو عبد اللّه البلخي، أنبأ أبو الفضل بن خيرون، أنبأ أبو علي بن شاذان، أنبأ أبو الحسن أحمد بن إسحاق بن نيخاب الطيبي، نا إبراهيم بن الحسين بن علي الكسائي، ثنا يحيى بن سليمان الجعفي، حدّثني خلاّد بن يزيد الجعفي، نا عمرو بن سمر الجعفي، نا جابر الجعفي، عن عامر الشعبي، قال أو عن أبي جعفر محمّد بن علي شك خلاد، قال: لما ظهر أمر معاوية بالشام و بايعوه على أمره دعا عليّ رجلا فأمره أن يتجهز و أن يسير إلى دمشق، و أمره إذا دخل دمشق أناخ راحلته - يعني و يقول لهم تركت عليا قد نهد إليكم - فذكره، و قال فخرج معاوية حتى صعد المنبر فحمد اللّه و أثنى عليه ثم قال: أيها الناس، إن عليا قد نهد إليكم في أهل العراق فما الرأي ؟ فقام ذو الكلاع الحميري فقال: عليك الرأي و علينا أمر فعال، قال: و هي بالحميرية - يعني الفعال-.
و أخبرني أبو عبد اللّه أيضا، أنبأ أبو غالب محمّد بن الحسن بن أحمد الباقلاني، أنبأ أبو علي بن شاذان، أنا أبو الحسن بن نيخاب، نا إبراهيم بن الحسين، نا علي بن الجعد، أنبأ عمرو بن شمر، عن جابر، عن الشعبي، عن صعصعة بن صوحان، قال:
سمعت زامل بن عمرو الجذامي (2) قال: طلب معاوية إلى ذي الكلاع أن يخطب الناس و يحرّضهم على قتال علي و من معه من أهل العراق، فقعد (3) على فرسه - و كان من أعظم أصحاب معاوية خطرا - فقال:
الحمد للّه حمدا كثيرا ناميا جزيلا واضحا منيرا، بكرة و أصيلا، أحمده و أستعينه و أؤمن به و أتوكّل عليه، و كفى باللّه وكيلا، ثم إني أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، و أن محمّدا عبده و رسوله، أرسله بالفرقان إماما، و بالهدى و دين الحق حين ظهرت المعاصي، و درست الطاعة، و امتلأت الأرض جورا (4) و ضلالة، و اضطرمت الدنيا كلها نيرانا و فتنة، و ورّك (5) عدو اللّه إبليس على أن يكون قد عبد في أكنافها، و استولى على
ص: 391
جميع أهلها، فكان الذي أطفأ نيرانها و نزع أوبارها (1)،و أوهن (2) به قوى إبليس و آيسه مما كان قد طمع من ظفره بهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم محمّد بن عبد اللّه فأظهره على الدين كله و لو كره المشركون، صلى اللّه على محمّد و السلام عليه و رحمة اللّه و بركاته، و قد كان مما قضى اللّه أن ضمّ بيننا و بين أهل ديننا بصفّين، و إنا لنعلم أن منهم قوما قد كانت لهم مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم سابقة ذات شأن و خطر عظيم؛ و لكنّي قلّبت (3) هذا الأمر ظهرا و بطنا، فلم أر أن يسعنا أن يهدر دم ابن عفان، صهر نبينا صلى اللّه عليه و سلّم و مجهّز جيش العسرة (4)،و اللاحق في مسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم بيتا، و باني سقاية المسلمين، و بايع له رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم بيده اليمنى على اليسرى، و اختصّه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم بكريمتيه أم كلثوم و رقية ابنتي رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم، فإن كان أذنب ذنبا فقد أذنب من هو خير منه، قال اللّه عز و جل من قائل لنبيه صلى اللّه عليه و سلّم: لِيَغْفِرَ لَكَ اللّٰهُ مٰا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ مٰا تَأَخَّرَ (5) و قتل موسى عليه السلام نفسا ثم استغفر اللّه فغفر له، و قد أذنب نوح عليه السلام ثم استغفر اللّه فغفر له، و قد أذنب أبوكم آدم عليه السلام ثم استغفر اللّه فغفر له، فلم يعرّ أحد من الذنوب، و إنا لنعلم أنه قد كانت لابن أبي طالب سابقة حسنة مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم فإن لم يكن مالأ على قتل عثمان فقد خذله، و إنّه لأخوه في دينه، و ابن عمه، و سلفه، و ابن عمّته (6)،و قد أقبلوا من عراقهم حتى نزلوا شامكم و بلادكم و بيضتكم، و إنما عامتهم بين قاتل و خاذل، فاستعينوا باللّه و اصبروا فقد ابتليتم، أيتها الأمة، و اللّه لقد رأيت في منامي في ليلتي هذه، لكأنا و أهل العراق قد اعتورنا مصحفا نضربه بأسيافنا، و نحن في ذلك ننادي: ويحكم، اللّه اللّه! مع إنا و اللّه ما نحن بمفارقي العرصة (7) حتى نموت، عليكم بتقوى اللّه، و لتكن النيّات للّه عز و جل، فإني سمعت عمر بن الخطاب يقول: إنما يبعث المقتتلون على النيّات (8)،أفرغ
ص: 392
اللّه علينا الصبر، و أعزّ لنا و لكم النصر، و كان لنا و لكم وليا و ناصرا، و حافظا في كل أمر، و أستغفر اللّه لي و لكم.
قال: و ثنا إبراهيم بن الحسين، نا يحيى - هو - ابن سليمان، نا نصر - هو - ابن مزاحم (1)،نا عمر (2) بن سعد، عن عبد الرّحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي، و ذكر أهل صفّين، فقال: كانوا عربا يعرف بعضهم بعضا في الجاهلية و التقوا في الإسلام، معهم تلك الحمية و نية الإسلام، فتصابروا و استحيوا من الفرار، و كانوا إذا تحاجزوا دخل هؤلاء في عسكر هؤلاء و هؤلاء في عسكر هؤلاء، فيستخرجون قتلاهم فيدفنونهم، فلما أصبحوا يوما - و ذلك يوم الثلاثاء - خرج الناس إلى مصافّهم فقال أبو نوح الحميري: و كنت في خيل عليّ ، فبينا أنا واقف إذ نادى رجل من أهل الشام: من دلّني على أبي نوح الحميري ؟ قال أبو نوح: فقلت: أيهم تريد؟ فقال: الكلاعي، فقلت: قد وجدته، فمن أنت ؟ قال: أنا ذو الكلاع فسر إليّ ، قال أبو نوح: فقلت: معاذ اللّه أن أسير إليك إلاّ في كتيبة، فقال: سر فلك ذمة اللّه و ذمة رسوله، و ذمة ذي الكلاع حتى ترجع، فإنما أريد أن أسألك عن أمر فيكم، فسار إليه أبو نوح و سار إليه ذو الكلاع حتى التقيا فقال له ذو الكلاع: إنما دعوتك أحدثك حديثا حدّثناه عمرو بن العاص في إمارة عمر؛ فقال أبو نوح: و ما هو؟ فقال ذو الكلاع: حدّثنا عمرو بن العاص أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم [قال:] يلتقي أهل الشام و أهل العراق، في إحدى الكتيبتين الحق - أو قال الهدى - و معها عمار بن ياسر، فقال أبو نوح: نعم و اللّه إن عمارا لمعنا و فينا، فقال:
أ جادّ هو على قتالنا؟ فقال أبو نوح: نعم و رب الكعبة، لهو أجدّ على قتالكم مني، و لوددت أنكم خلق واحد فذبحته.
أخبرنا أبو غالب الماوردي، أنا أبو الحسن محمّد بن علي السيرافي، أنا أحمد بن إسحاق، نا أحمد بن عمران، نا موسى بن زكريا، نا خليفة بن خيّاط ، قال: قال أبو عبيدة، و كان على أهل حمص الميمنة ذو الكلاع - يعني بصفّين - مع معاوية (3).
أخبرني أبو عبد اللّه الحسين بن محمّد، أنبأ محمّد بن الحسن بن أحمد، أنبأ أبو
ص: 393
علي بن شاذان، أنا أبو الحسن بن نيخاب، نا إبراهيم بن الحسين، نا يحيى بن سليمان، حدّثني نصر بن مزاحم (1)،نا عمر بن سعد، عن الحارث بن حصيرة (2):أن ابن ذي الكلاع أرسل إلى الأشعث بن قيس رسولا فقال له: إنّ ابن عمك ابن ذي الكلاع يقرأ عليك السلام و يقول لك: إنّ ذا الكلاع قد أصيب و هو في الميسرة، أ فتأذن لنا فيه ؟ فقال له الأشعث: أقرئه السلام، و قل له: إني أخاف أن يتهمني أمير المؤمنين، فاطلبوا ذاك إلى سعيد بن قيس الهمداني فإنه في الميمنة، فذهب إلى معاوية فأخبره - و ذلك بينهم يتراسلون في اليوم و الأيام - فقال معاوية: ما عسيت أن أصنع ؟ و قد كانوا منعوا أهل الشام أن يدخلوا عسكر عليّ ، و خافوا أن يفسدوا أهل العسكر، فقال معاوية لأصحابه:
لأنا أشد فرحا بقتل ذي الكلاع مني بفتح مصر لو افتتحتها، لأن ذا الكلاع كان يعرض له في أشياء كان يأمر بها، فخرج ابن ذي الكلاع إلى سعيد بن قيس فاستأذنه في أبيه فأذن له فيه، قال عمر (3) بن سعد: و قال سعد الإسكاف (4) و الحارث بن حصيرة (5):إنّ سعيد بن قيس قال لابن ذي الكلاع حين قال له: إنهم يمنعوني من دخول عسكرهم:
كذبت، لم يمنعوك، إن أمير المؤمنين لا يبالي من دخل عسكره لهذا الأمر، و لا يمنع أحدا من ذلك فادخل، فدخل من قبل الميمنة فلم يجده، فأتى المسيرة فوجده قد ربط برجله طنب من أطناب فسطاط ، فسلّم عليهم و معه عبد له أسود، فقال لهم: أ تأذنون لنا في طنب من أطناب فسطاطكم فقالوا: نعم، ثم قالوا له: معذرة إلى ربنا و إليكم، أما إنه لو لا بغيه علينا ما صنعنا ما ترون، فنزل عليه و قد انتفخ و كان عظيما جسيما فلم يستطيعا احتماله فقال ابنه: هل من فتى معوان ؟ فخرج إليه الخندف (6) رجل من أصحاب علي، فقال تنحّوا، فقال ابن ذي الكلاع: و من يحمله ؟ قال: يحمله الذي قتله فاحتمله الخندف (7) حتى رمى به على ظهر بغل، ثم شدّاه بالحبال و انطلقا إلى عسكرهم.
أخبرنا أبو غالب الماوردي، أنا أبو الحسن السيرافي، أنا أحمد بن إسحاق، نا
ص: 394
أحمد بن عمران، نا موسى بن زكريا، نا خليفة، قال في تسمية من قتل مع معاوية ذو الكلاع (1).
أخبرنا أبو طالب الزينبي في كتابه، و أخبرنا عمي رحمه اللّه، أنا الزينبي قراءة، أنا أبو القاسم التنوخي، أنا محمّد بن المظفّر، أنا بكر بن أحمد بن حفص، نا أحمد بن محمّد بن عيسى، قال: ذو الكلاع يكنى أبا شرحبيل و اسمه سميفع قتل يوم صفّين، و كانت صفّين سنة سبع و ثلاثين.
أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، و حدّثنا عنه أبو البركات بن أبي طاهر الفقيه عنه، حدّثني عبد العزيز بن أحمد أنا تمام بن محمّد، أنبأ أبو محرز عبد الواحد بن إبراهيم بن عبد الواحد العبسي، و محمّد بن عبد اللّه بن أحمد القاضي، قالا: ثنا أبو صالح يحيى بن محمّد بن محمّد البغدادي ببيت سوا (2)،نا عمرو بن علي الفلاس، نا يحيى بن سعيد، نا سفيان، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل، قال: رأيت في المنام قبابا في رباض فقلت: لمن هذه ؟ قالوا: لعمّار بن ياسر و أصحابه، و رأيت قبابا في رياض فقلت: لمن هذه ؟ فقالوا: لذي الكلاع و أصحابه فقلت: كيف و قد قتل بعضهم بعضا؟ قال: إنهم وجدوا اللّه واسع المغفرة (3).
أخبرناه أبو عبد اللّه البلخي، أنا أبو الحسن علي بن الحسين بن أيوب، أنا أبو علي بن شاذان، أنبأ أبو الحسين بن نيخاب، نا إبراهيم بن الحسين، نا يحيى بن سليمان الجعفي، حدّثني يحيي بن اليمان، نا سفيان الثوري، عن الأعمش، عن أبي وائل شقيق بن سلمة، عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل الهمداني، قال: رأيت عمّار بن ياسر و ذا الكلاع في المنام في ثياب بيض بأفنية الجنة، فقلت: أ لم يقتل بعضكم بعضا؟ فقالوا: بلى، و لكنا وجدنا اللّه واسع المغفرة (4).
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، و أنبأ أبو محمّد و أبو الغنائم، ابنا أبي عثمان، و أبو القاسم بن البسري، و أبو الحسن علي بن محمّد بن الأخضر الأنباري، و أبو طاهر
ص: 395
أحمد بن إبراهيم القصاري، قالوا: أنا أبو عمر بن مهدي، أنا محمّد بن أحمد بن يعقوب، نا جدي، نا عثمان بن محمّد، نا يحيى بن يمان، عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي وائل، قال: رأى أبو ميسرة ذا الكلاع و عمّارا في قباب بيض بفناء الجنة، فقال:
أ لم يقتل بعضكم بعضا؟ قال: بلى و لكن وجدنا اللّه واسع المغفرة.
خالفهما قبيصة بن عقبة، عن سفيان، و قال عن أبي الضحى بدلا من أبي وائل.
أخبرناه أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، أنبأ أبو محمّد الجوهري، أنا أبو عمر بن حيّوية، أنا أحمد بن معروف بن بشر الخشاب، نا الحسين بن محمّد بن عبد الرّحمن بن الفهم، نا محمّد بن سعد، أنا قبيصة بن عقبة، قال سفيان: أخبرنا عن الأعمش عن أبي الضحى قال: رأى أبو ميسرة في المنام روضة خضراء فيها قباب مضروبة فيها عمار، و قباب مضروبة فيها ذو الكلاع، قال: قلت: كيف هذا و قد اقتتلوا؟ قال: فقيل لي:
وجدوا ربا واسع المغفرة.
و قد رواه عمرو بن مرة عن أبي وائل:
أخبرنا بها أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأ أبو محمّد أحمد، و أبو الغنائم محمّد، أنبأ علي بن الحسن بن أبي عثمان، و أبو القاسم علي بن أحمد بن محمّد بن البسري، و أبو الحسن علي بن محمّد بن محمّد بن الأخضر، و أبو طاهر أحمد بن إبراهيم القصاري (1)،قالوا: أنا أبو عمر عبد الواحد بن محمّد بن مهدي، أنبأ محمّد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة، نا جدي، نا يزيد بن هارون، أنا العوّام بن حوشب، عن عمرو بن مرّة، عن أبي وائل (2)،قال: قال أبو ميسرة عمرو بن شرحبيل فكان من أفاضل أصحاب عبد اللّه، قال: رأيت في المنام كأني أدخلت الجنة فإذا قباب مضروبة فقلت:
لمن هذه ؟ فقالوا: لذي الكلاع و حوشب، و كانا ممن قتل مع معاوية، قلت: فأين عمّار و أصحابه ؟ قالوا: أمامك، قلت: و قد قتل بعضهم بعضا؟ قيل: إنهم لقوا اللّه فوجدوه واسع المغفرة، قلت: فما فعل أهل النهر؟ قال: لقوا برحا (3).
ص: 396
قال يزيد: سمعت الجرّاح بن منهال يقول: كان عند ذي الكلاع اثنا عشر ألف بيت من المسلمين فبعث إليه عمر فقال: نشتري (1) هؤلاء نستعين بهم على عدوّ المسلمين فقال: لا، هم أحرار فأعتقهم كلهم في ساعة واحدة (2)،قال يزيد بن هارون: يا أصحاب الدنيا لا تغتروا.
ص: 397
ذكر من اسمه (1) ذو النون
2111 - ذو النون بن إبراهيم، و يقال: ابن أحمد اسمه ثوبان،
و يقال: اسمه الفيض
أبو الفيض - و قيل: أبو الفيّاض -
الإخميمي المصري الزّاهد (2)
قدم الشام للسياحة، و طاف جبل لبنان من أعمال دمشق، و دخل دمشق و له صحبه مع ابن سيد حمدويه.
و حدث عن مالك، و الليث بن سعد، و سالم الخوّاص، و يلز بن سليم، و فضيل بن عياض، و عبد اللّه بن لهيعة، و سفيان بن عيينة، و رشدين بن سعد، و مروان بن معاوية الفزاري، و يونس بن يزيد.
روى عنه: أحمد بن صبيح بن رسلان الفيّومي، و أبو قضاعة ربيعة بن محمّد الطائي، و أبو اليقين رضوان بن محيميد، و مقدام بن داود تليد، و الحسن بن مصعب النخعي، و الجنيد بن محمّد، و محمّد بن قطن.
أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن الفضل، و أبو القاسم زاهر بن طاهر، قالا: أنا أبو سعد الجنزرودي، أنا أبو الفضل نصر بن محمّد بن أحمد بن يعقوب العطار
ص: 398
الطوسي (1)،أنبأ أبو أيوب سليمان بن أحمد الملطي، أنبأ أبو قضاعة ربيعة بن محمّد الطائي، نا ثوبان بن إبراهيم، حدّثنا الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سعيد بن يسار، عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«إنما الصبر عند الصّدمة الأولى، و اتّقوا النار و لو بشقّ تمرة»، كذا وقع في الأصل و الصواب سعد بن سنان و يقال: سنان بن سعد[4145].
و قد وقع لي الحديث بحمد للّه عاليا من حديث الليث على الصواب:
أخبرناه أبو القاسم غانم بن خالد بن عبد الواحد بن خالد التاجر، أنبأ عبد الرزاق بن عمر بن موسى بن شمّة - قراءة عليه و أنا حاضر - أنبأ أبو بكر محمّد بن إبراهيم، نا محمّد بن زيان بن حبيب المصري، نا محمّد بن رمح، أنبأ الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سعيد بن سنان، عن أنس بن مالك أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم أنه قال:
«إنما الصبر عند الصدمة الأولى، و اتّقوا النار و لو بشق تمرة»[4146].
قرأت على أبي غالب بن البنّا، عن أبي الفتح المحاملي، أنا أبو الحسن الدارقطني، حدّثني أبو أحمد المادرائي الحسن بن أحمد بن علي قال: قرأ عليّ أبو عمر الكندي محمّد بن يوسف بن يعقوب كتابه هذا تصنيفه في أعيان الموالي من جند مصر من الفقهاء و المحدّثين و الزهّاد و غيرهم، فذكر فيه: و منهم أبو الفيض ذو النون بن إبراهيم الإخميمي مولى لقريش، فيما أخبرنا به علي بن الحسن بن قديد قال: كان أبوه إبراهيم نوبيا، قال الدارقطني: ذو النون بن إبراهيم روى عنه عن مالك أحاديث في أسانيدها نظر، و كان واعظا (2).
أنبأنا أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر، أنبأ أبو بكر يحيى بن إبراهيم، أنبأ أبو عبد الرّحمن السّلمي قال: سمعت عبد اللّه بن محمّد الحلواني ببغداد يقول: قال أبو سعيد عبد الرّحمن بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى: ذو النون بن إبراهيم الإخميمي الزاهد، يكنى أبا الفيض، و كان حكيما فصيحا عالما، و أصله من النّوبة، و كان من قرية من قرى الصعيد يقال لها إخميم، توفي في ذي القعدة سنة خمس و أربعين و مائتين (3).
ص: 399
و قال أبو عبد الرّحمن السلمي: ذو النون بن إبراهيم المصري أبو الفيض، و يقال: الفيض بن إبراهيم، ذو النون لقب، كذلك ذكره أبو يعقوب يوسف بن أحمد بن عبد اللّه البغدادي صاحبه، و يقال: ان اسمه ثوبان بن إبراهيم، و ذو النون لقب، و يقال ذو النون بن أحمد كذلك ذكره عبد اللّه بن عطاء الشجري.
و ذكر أبو يعقوب يوسف بن أحمد البغدادي صاحبه: أن كنيته أبو الفياض، و اسمه الفيض، أخبرني بذلك عنه عبد الواحد بن بكر الورثاني (1)،ثنا إبراهيم بن حمّاد الأبهري، نا أبو يعقوب يوسف بن أحمد البغدادي قال: ذو النون كنيته أبو الفياض، و اسمه الفيض، و قال أبو عبد الرّحمن: رئيس القوم و المرجوع إليه و المقبول على جميع الألسنة، و أول من عبّر عن علوم المنازلات أحاديث عن مالك و غيره له السياحات المشهورة و الرياضات المذكورة، و ذو النون من أهل إخميم من نواحي مصر، و دخل ذو النون العراق فدخل بغداد، و لم يقم بها كثيرا، و نزل بسرّمن رأى سنة أربع و أربعين و مائة، حمل إلى المتوكل على البريد، استحضره من مصر، فدخل عليه و وعظه و كان إذا ذكر بين يدي المتوكل أهل الورع بكا (2).و قال: إذا ذكر أهل الورع فحي هلا بذي النون، و كانوا أربعة إخوة: ذو النون، و ذو الكفل، و عبد الخارق، و عبد الباري، و كان أهل مصر يسمونه الزّنديق، فلما مات أظلّت الطير جنازته فاحترموا بعد ذلك قبره (3)، و لما مرض ذو النون مرضه الذي مات فيه قيل له: ما تشتهي ؟ قال: أن أعرفه قبل موتي بلحظة، و لما مات وجد على قبره مكتوبا: مات ذو النون حبيب اللّه من الشوق قتيل اللّه.
أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن بن سعيد، نا و أبو النجم بدر بن عبد اللّه، أنبأ أبو بكر الخطيب (4)،أنبأ أحمد بن علي المحتسب، نا أبو عبد الرّحمن السّلمي، قال:
ذو النون بن إبراهيم كنيته أبو الفيض، و يقال: إن اسمه الفيض بن إبراهيم، و ذو النون لقب و يقال: إن اسمه ثوبان.
ص: 400
قرأت على أبي محمّد عبد الكريم بن حمزة، عن أبي زكريا عبد الرحيم بن أحمد البخاري، و حدّثنا خالي أبو المعالي محمّد بن يحيى القرشي،[نا] (1) أبو الفتح نصر بن إبراهيم، أنبأ أبو زكريا البخاري، أنا عبد الغني بن سعيد قال: أبو الفيض بالفاء، ذو النون بن إبراهيم أبو الفيض المصري العابد الصالح، أصله إخميمي.
أخبرنا أبو الحسن بن سعيد، و أبو النجم الشّيحي، قالا: قال: أنا أبو بكر الخطيب (2):ذو النون بن إبراهيم أبو الفيض المعروف بالمصري، أصله من النوبة (3)، و كان من قرية من قرى صعيد مصر يقال لها إخميم، فنزل مصر، و كان حكيما فصيحا زاهدا، وجه إليه جعفر المتوكل على اللّه، فحمل إلى حضرته بسرّمن رأى، حتى رآه، و سمع كلامه، ثم انحدر إلى بغداد، فأقام بها مديدة، و عاد إلى مصر، و قيل: إن اسمه ثوبان، و ذو النون لقب له، و قد أسند عنه أحاديث غير ثابتة، و الحمل فيها على من دونه، و حكى عنه من البغداديين: سعيد بن عياش الخيّاط (4)،و أبو العباس بن مسروق الطوسي.
أخبرنا أبو المظفّر عبد المنعم بن عبد الكريم القشيري قال: سمعت أبي الأستاذ أبا القاسم يقول: و منهم أبو الفيض ذو النون المصري، و اسمه ثوبان بن إبراهيم، و قيل الفيض بن إبراهيم، و أبوه كان نوبيا، توفي سنة خمس و أربعين و مائتين، فاتق هذا اللسان و أوحد وقته علما و ورعا و حالا و أدبا، سعوا به إلى المتوكل فاستحضره من مصر، فلما دخل عليه وعظه فبكى، و ردّه مكرما، و كان المتوكل إذا ذكر بين يديه أهل الورع يبكي و يقول: إذا ذكر أهل الورع فحي هلاّ بذي النون، و كان رجلا نحيفا تعلوه حمرة (5)،ليس بأبيض اللحية.
قرأت على أبي محمّد السّلمي، عن أبي نصر بن ماكولا، قال (6):أما ذو النون
ص: 401
آخره نون: ذو النون، ذو النون (1) بن إبراهيم أبو الفيض الإخميمي مولى لقريش، و كان أبوه نوبيا، و ذو النون هذا أحد الزهاد الوعّاظ المذكورين، قال الدارقطني: روى عن مالك بن أنس أحاديث في إسنادها نظر، توفي سنة خمس و أربعين و مائتين.
حدّثنا أبو القاسم إسماعيل بن محمّد بن الفضل - إملاء - أنبأ أبو مطيع محمّد بن عبد الواحد الصّحّاف، أنبأ أبو منصور معمر قال: و سمعته يعني أبا الفتح الفضل بن جعفر يقول: سمعت أبا غالب الورداسي يقول: سمعت أبا عبد اللّه الهاشمي يقول:
دخل ذو النون المصري مسجد دمشق فاجتمع مع سيّد حمدويه، فدعانا بعض أبناء الدنيا إلى داره، فلما أكلنا قال صاحب الدار: هاهنا سماع فيكم من يرغب ؟ فقال ذو النون:
فهلاّ قبل الطعام، أ ما علمت أن المقدحة إذا ابتلّت لم تور.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحسين بن عبد الملك، أنبأ أحمد بن محمود أنبأ أبو بكر بن المقدّمي قال: سمعت عبد الحكم بن أحمد بن محمّد بن سلام الصّدفي المصري (2)يقول: كان ذو النون رجلا نحيفا تعلوه صفرة، ليس بأبيض اللحية.
أخبرنا أبو القاسم هبة اللّه بن عبد اللّه بن أحمد، أنبأ أبو بكر الخطيب قال: كتب إليّ أبو إسحاق إبراهيم بن سعيد بن عبد اللّه الحبّال (3) من مصر، و حدّثني محمّد بن فتوح الأندلسي عنهما، ثنا يحيى بن علي بن محمّد بن إبراهيم الحضرمي، نا أبو الحسن علي بن نعيل بن محمّد بن عبد اللّه الإخميمي، قال: سمعت عمران بن أحمد الإخميمي يقول: حدّثني أيوب بن إبراهيم مؤذن ذي النون قال: كان أصحاب المطالب أتوا ذا النون و خرج معهم إلى قفط (4) و هو شاب فاحتفروا قبرا، فوجدوا فيه شيئا و وجدوا لوحا فيه اسم اللّه الأعظم، فأخذه ذو النون و سلّم إليهم ما وجدوا.
أخبرنا أبو عبد اللّه الفراوي، و أبو المظفّر بن القشيري، قالا: أنا سعيد بن محمّد بن أحمد البحيري.
ص: 402
ح و أخبرنا أبو المظفّر بن القشيري قال: سمعت والدي أبا القاسم يقول: سمعت الشيخ أبا عبد الرّحمن - زاد البحيري: محمّد بن الحسين بن موسى و قالا:- السّلمي يقول: سمعت أبا بكر محمّد بن عبد اللّه بن شاذان - و قال البحيري: محمّد بن عبد اللّه الرازي - يقول: سمعت يوسف بن الحسين يقول: حضرت مجلس ذي النون يوما و جاءه - و في حديث البحيري: ذي النون المصري ذات يوم - و فيه سالم المغربي فقال:
- زاد البحيري: له - و قالا:- يا أبا الفيض ما كان سبب توبتك - و في حديث البحيري:
أصل توبتك - قال: عجب لا نطيقه، فقال - زاد البحيري: سألتك و قالا: بمعبودك - إلاّ أخبرتني، فقال ذو النون: أردت الخروج من مصر إلى بعض القرى فنمت في الطريق في بعض الصحاري - و قال البحيري: فلما كنت في الصحاري نمت و قالا:- ففتحت عيني فإذا أنا بطير يقال له القنبرة (1) أعمى معلق بمكان ذكره، فسقط إلى الأرض - و في حديث القشيري: فإذا أنا بقنبرة عمياء سقطت من وكرها إلى الأرض و قالا:- فانشقت الأرض، فخرج منها سكرّجتان (2) إحداهما ذهب، و الأخرى فضة. في إحداهما سمسم و في الأخرى ماء، فجعل يأكل من هذا و يشرب من هذا، فقلت: حسبي قد تبت و لزمت الباب إلى أن قبلني (3).
أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء، أنا أبو الفتح منصور بن الحسين، و أبو طاهر بن محمود قالا: أنا أبو بكر بن المقرئ، قال: سمعت علي بن حاتم العثماني بمصر، سمعت ذا النون يقول: القرآن كلام اللّه غير مخلوق (4).
أخبرنا أبو المظفّر بن القشيري قال: سمعت أبي يقول: سمعت أبا حاتم السجستاني يقول: سمعت أبا نصر الطوسي السراج يحكي عن يوسف بن الحسين، قال: قام رجل بين يدي ذي النون المصري فقال: أخبرني عن التوحيد ما هو؟ فقال: هو أن.
و سمعت أبا المظفّر يقول: سمعت أبي يقول: سمعت إلخ، أنا عبد الرّحمن
ص: 403
السلمي يقول: سمعت محمّد بن عبد اللّه بن معاذ يقول: سمعت يوسف بن الحسين يقول: سمعت ذا النون المصري يقول و قد سئل عن التوحيد: فقال: أن تعلم أن قدرة اللّه في الأشياء بلا مزاج، و صنعه للأشياء بلا علاج، و علّة كل شيء صنعه، و لا علّة لصنعه، و مهما تصور في نفسك شيء فاللّه بخلافه، هذا لفظ السلمي - و في رواية أبي حاتم:
و ليس في السموات العلى و لا في الأرضين السفلى مدبّر غير اللّه، و كل ما تصوّر في وهمك فاللّه بخلاف ذلك-.
أنبأنا أبو الحسين عبد الغافر بن إسماعيل، أنبأ أبو بكر يحيى بن إبراهيم المزكّي.
ح و أخبرنا أبو الحسن بن سعيد، ثنا و أبو النجم، أنبأ أبو بكر الخطيب (1)، أخبرني أبو الحسن محمّد بن عبد الواحد، قالا: أنبأ محمّد بن الحسين بن موسى، قال: سمعت عبد اللّه بن علي يقول: سمعت محمّد بن داود الرّقّي يقول: سمعت ابن الجلاّء يقول: لقيت ستمائة شيخ ما لقيت فيهم مثل أربعة، أحدهم ذو النون.
قال: و أنا أبو بكر المزكي، أنا أبو عبد الرّحمن.
ح قال الخطيب (2):و أخبرنا إسماعيل بن أحمد الحيري، نا محمّد بن الحسين قال: سألت علي بن عمر عن ذي النون فقال: إذا صح السند إليه فأحاديثه مستقيمة، و هو ثقة.
أخبرنا أبو الحسن بن سعيد، نا و أبو النجم الشّيحي، أنا أبو بكر الخطيب (3)،أنبأ الأزهري، أنا أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني، قال: ذو النون بن إبراهيم المصري، روى عنه عن مالك أحاديث في أسانيدها نظر، و كان واعظا.
أخبرنا أبو القاسم الشّحّامي، أنبأ أبو بكر البيهقي، أنا أبو سعد الماليني، أنا أبو محمّد الحسن بن أبي الحسن العسكري، نا محمّد بن أحمد بن عبد اللّه العامري، حدّثني عمر بن صدقة الجمّال قال: كنت مع ذي النون بإخميم فسمع صوت لهو و دفاف
ص: 404
و أكبار (1) فقال: ما هذا؟ فقيل: عرس لبعض أهل المدينة، و سمع إلى جانبه بكاء و صياحا و ولولة له فقال: ما هذا؟ فقالوا: فلان مات، فقال لي: يا عمر بن صدقة أعطوا (2) هؤلاء فما شكروا، و ابتلوا (3) هؤلاء فما صبروا، و للّه عليّ إن بتّ في هذه المدينة، فخرج من ساعته من إخميم إلى الفسطاط (4).
أخبرنا أبو عبد اللّه الفراوي، أنا أبو عثمان الصابوني، أنبأ أبو سعد عبد الملك بن أبي عثمان الواعظ ، أنبأ أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد الوشاء - بمصر - نا الحسن بن رشيق، نا أحمد بن جعفر السمسار، قال: سمعت ذا النون يقول: دخلت إخميم الصعيد، فدخلت في بعض البراري فسمعت صوتا و لم أر شخصا و هو يقول: يا أبا الفيض أقبل عليّ ، فاتّبعت الصوت، فإذا أنا بوجه قد خرج من موضعه، فقال لي:
أنت ذو النون المصري ؟ فقلت: نعم، فقال لي: أنت زاهد أهل زمانك ؟ قلت: يا عبد اللّه، كذا يقال، فقال لي: يا أبا الفيض أ ليس تقولون: إن الدنيا ليس تسوى عند اللّه جناح بعوضة ؟ فازهدوا في الآخرة خير لكم، فقلت له: و كيف نزهد في الآخرة ؟ قال:
تزهدون في جنتها و نارها، و ترغبون في النظر إلى اللّه جلّت عظمته، ثم أمسك عني و رجعت.
أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن، ثنا و أبو النجم بدر بن عبد اللّه، أنبأ أبو بكر الخطيب (5)،أخبرني عبد الصمد بن محمّد الخطيب، نا الحسن بن الحسين الهمداني (6) الفقيه، قال: سمعت محمّد بن أبي إسماعيل العلوي يقول: سمعت أحمد بن رجاء - بمكة - يقول: سمعت ذا الكفل المصري - و هو أخو ذي النون - يقول: دخل غلام لذي النون إلى بغداد فسمع قوالا يقول، فصاح غلام ذي النون صيحة فخرّ ميتا، فاتصل الخبر بذي النون، فدخل إلى بغداد فقال: عليّ بالقوّال و استرده الأبيات، فصاح ذو النون صيحة فمات القوّال، ثم خرج ذو النون و هو يقول: النفس بالنفس و الجروح قصاص.
ص: 405
سمعت أبا المظفّر بن القشيري يقول: سمعت أبي يقول: سمعت محمّد بن الحسين يقول: سمعت عبد الواحد بن علي يقول: سمعت القاسم بن القاسم يقول:
سمعت محمّد بن موسى الواسطي يقول: سمعت محمّد بن الحسين الجوهري يقول:
سمعت ذا النون المصري يقول و جاءه رجل فقال: ادع اللّه لي، فقال: إن كنت قد أيدت في علم الغيب بصدق التوحيد فكم من دعوة مجابة، قد سبقت لك، و إلاّ فإن النداء لا ينقذ الغرقى.
سمعت أبا المظفر يقول: سمعت أبي يقول: سمعت حمزة بن يوسف السهمي يقول: سمعت أبا الحسن إسماعيل بن عمرو بن كامل يقول: سمعت أبا محمّد نعمان بن موسى الجيزي بالجيزة يقول: رأيت ذا النون المصري و قد تقاتل اثنان أحدهما من أولياء السلطان فعدا الذي من الرعية عليه، فكسر ثنيته، فتعلق الجندي بالرجل، فقال: بيني و بينك الأمير، فجازوا بذي النون، فقال لهم الناس: اصعدوا إلى الشيخ، فصعدوا إليه، فعرّفوه ما جرى، فأخذ السن ثم بلها بريقه وردها إلى فم الرجل في الموضع الذي كانت فيه، و حرّك شفتيه فتعلّقت بإذن اللّه، فبقي الرجل يفتش فاه فلم يجد الأسنان إلاّ سواء.
أخبرنا أبو العلاء عيسى (1) بن محمّد بن عيسى (2)،نا أبو المظفر منصور بن محمّد - إملاء - نا القاضي أبو القاسم الفضل بن أحمد البصري، أنا والدي أبو العباس أحمد بن محمّد بن يوسف، قال: سمعت أبا بكر محمّد بن عبد اللّه بن عبد العزيز الواعظ قال: سمعت محمّد بن علي الكتاني - بمكة - قال: سمعت محمّد بن يعقوب الفرجي (3) يقول: رأيت ليلة ذا النون التف في عباءة و رمى بنفسه طويلا ثم كشف عن وجهه العباءة، و نظر إلى السماء فقال: اللّهمّ إنك تعلم أن كثرة استغفاري مع مقامي على الذنوب لؤم، ثم غطى رأسه طويلا ثم كشف عن وجهه و نظر إلى السماء و قال: اللّهمّ إنك تعلم أني أعلم إن تركي الاستغفار مع علمي بسعة رحمتك عجز.
أخبرنا أبو الحسن بن سعيد، ثنا و أبو النجم بدر بن عبد اللّه، أنبأ أبو بكر الخطيب (4)،أنا القاضي أبو القاسم عبد الواحد بن محمّد بن عثمان البجلي، أنا
ص: 406
جعفر بن محمّد بن نصير الخلدي، نا أحمد بن [محمّد بن] (1) مسروق، قال: سمعت ذا النون المصري يقول: بينا أنا في بعض مسيري إذ لقيتني امرأة، فقالت لي: من أين ؟ قلت: رجل غريب، فقالت لي: ويحك و هل يوجد مع اللّه أخوان (2) الغربة، و هو مؤنس الغرباء و معين الضعفاء؟ فبكيت فقالت لي: ما يبكيك ؟ فقلت: وقع الدواء على داء قد قرح فأسرع في نجاحه. قالت: إن كنت صادقا فلم بكيت قلت: و الصادق لا يبكي ؟ قالت: لا، قلت: و لم ؟ قالت: لأن البكاء راحة القلب، و ملجأ يلجأ إليه، و ما كتم القلب شيئا أحق من الشهيق و الزفير، فإذا أسبلت الدمعة استراح القلب، و هذا ضعف عند الألباء يا بطال، فبقيت متعجبا من كلامها، فقالت لي: ما لك ؟ قلت: تعجبا من هذا الكلام، قالت: و قد أنسيت القرحة التي سألت عنها؟ قلت: لا، قلت: علميني شيئا ينفعني اللّه به، قالت: و ما أفادك الحكيم في مقامك هذا من الفوائد ما تستغني به عن طلب الزوائد؟ قلت: لا ما أنا بمستغن عن طلب الزوائد، فقالت: صدقت. أحبّ (3)ربك و اشتق (4) له، فإن له يوما يتجلى فيه على كرسي كرامته لأوليائه و أحبائه، فيذيقهم من محبته كأسا لا يظمئون بعدها أبدا، قال: ثم أخذت في البكاء و الزفير و الشهيق و هي تقول: سيدي إلى كم تخلفني في دار لا أجد فيها أحدا يسعدني على البكاء أيام حياتي ؟ ثم تركتني و مضت.
أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة، ثنا أبو بكر أحمد بن علي - لفظا - و أبو القاسم حمزة بن محمّد بن الحسن الزهري.
ح و أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأ أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي قالوا: أنا عبد الرّحمن بن عبيد اللّه الحرفي (5) قال: سمعت محمّد بن الحسن
ص: 407
النقاش يقول: سمعت يوسف بن الحسين بالذي يقول: سمعت ذا النون يقول في مناجاته: كم من ليلة بارزتك يا سيدي فيما استوجبت منك الحرمان، و أشرفت بقبيح فعالي منك على الخذلان، فسترت عيوبي عن الاخوان، و تركتني مستورا بين الجيران، لم تكافئني بجريرتي، و لم تهتكني بسوء سريرتي، فلك الحمد على صيانة جوارحي و لك الحمد على ترك إظهار فضائحي فأنا أقول كما قال النبي الصالح: لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ أَنْتَ سُبْحٰانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّٰالِمِينَ (1).
أخبرنا أبو المظفّر القشيري، أنبأ أبو عثمان البحيري، أنبأ أبو القاسم إبراهيم بن محمّد بن الشاه التميمي بمرو الرّوذ، نا أبو بكر محمّد بن علي النيسابوري.
و أخبرنا أبو صالح ذكوان بن سيار بن محمّد الهروي، أنا أبو عاصم الفضل بن يحيى الفضيلي، نا أبو القاسم إبراهيم بن محمّد بن علي بن الشاه، نا محمّد بن عبد اللّه حفيد العباس بن حمزة قال: سمعت جدي العباس يقول: سمعت ذا النون المصري يقول.
و أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأ أبو بكر البيهقي، أنا أبو عبد اللّه الحافظ قال: سمعت أبا بكر الحفيد يقول: سمعت جدي - يعني العباس بن حمزة - يقول:
سمعت ذا النون المصري يقول: عرف المطيعون عظمتك فخضعوا، و سمع المذنبون بجودك فطمعوا.
أخبرنا أبو حامد محمّد بن الفضل بن أحمد الفقيه الطوسي بطابران (2) في جامعها قال: سمعت أبا سعيد عبد الواحد بن عبد الكريم بن هوازن يقول: سمعت الشيخ أبا صالح منصور بن عبد الوهاب الشالنجي الصوفي يقول: سمعت أبا عبد اللّه أحمد بن عبد الرّحمن العباسي يقول: سمعت جعفر بن محمّد بن نصير يقول: سمعت يوسف بن الحسين الرازي يقول: سمعت ذا النون المصري يقول: أنا أسير قدرتك، فاجعلني طليق رحمتك.
أخبرنا أبو المعالي عبد اللّه بن أحمد بن محمّد الحلواني - بمرو - أنبأ أبو بكر بن
ص: 408
خلف - بنيسابور - أنبأ الشيخ السعيد والدي أبو الحسن علي بن عبد اللّه بن خلف الشيرازي، نا أبو سعيد الواعظ ، أنبأ أبو الحسن محمّد بن أحمد الإخميمي - بمصر - نا أحمد بن عبد الرّحمن بن أبي مالك، قال: قال ذو النون رحمه اللّه في دعائه: اللّهم استر عن خلقك عيوبي، و اغفر لي جملة ذنوبي، و لا تردني إلى ذنب تركته، و لا تقطعني عن خير عملته.
أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل، أنبأ سهل بن بشر، أنا أبو عبد اللّه محمّد بن إسماعيل بن القاسم الحداد - ببانياس - نا أبو علي محمّد بن أحمد بن الحسين بن بكر، نا عمي عبد اللّه بن بكر الطّبراني قال: و ذكر أبو إسحاق محمّد بن القاسم بن شعبان القرطي (1) شيخنا رحمه اللّه، و كان إماما:
حدّثني محمّد بن سليمان بن داود القوصي (2) عن سعيد (3) الإسكاف، عن عمرو السراج (4) قال: قلت لذي النون: يا أبا الفيض كيف كان خلاصك من المتوكل و قد أمر بقتلك ؟ قال: لما أوصلني الغلام إلى الستر رفعه ثم قال لي: ادخل، فنظرت فإذا المتوكل في غلالة (5) مكشوف الرأس، و عبيد اللّه قائم على رأسه متكئ على السيف، و عرفت في وجوه القوم الشرّ، ففتح لي باب، قلت في نفسي: يا من ليس في السموات قطرات، و لا في البحار قطرات، و لا في ديلج (6) الرياح دلجات، و لا في الأرضين (7)خبيات، و لا في قلوب الخلائق خطرات و لا في أعصابهم (8) حركات، و لا في عيونهم لحظات إلاّ و هي لك شاهدات و عليك دالات (9)،و بربوبيتك معترفات، و في قدرتك متحيرات، فبالقدرة التي تحيّر بها من في الأرضين و من في السموات إلاّ صلّيت على محمّد و على آل محمّد و أخذت قلبه عني، قال: فقام إليّ المتوكل يخطو حتى اعتنقني ثم
ص: 409
قال: أتعبناك يا أبا الفيض، إن تشأ أن تقيم عندنا فأقم، و إن تشأ أن تنصرف فانصرف، فاخترت الانصراف (1).
أخبرنا أبو القاسم هبة اللّه بن عبد اللّه، و أبو النجم بدر بن عبد اللّه، قالا: أنا أبو بكر الخطيب.
ح و أخبرنا أبو الحسن بن سعيد، نا أبو بكر الخطيب (2)،أنبأ أبو الفرج محمّد بن عبيد اللّه الخرجوشي (3)-لفظا - نا أبو العباس الحسن بن سعيد (4)المطوعي، نا أبو محمّد (5) بنان بن عبد اللّه المصري - بمصر - قال: سمعت أبا الفيض ذا النون بن إبراهيم المصري يقول: سألني جعفر المتوكل أمير المؤمنين أن أكتب له دعاء يدعو به، و أمر يحيى بن أكثم أن يكتبه له، فقلت له اكتب: ربّ أقمني في أهل ولايتك، مقام رجاء الزيادة من محبتك، و اجعلني و لها بذكرك في ذكرك إلى ذكرك، و في روح بحابح أسمائك لا سمك، وهب لي قدما أعادل بها بفضلك أقدام من لم يزل عن طاعتك، و أحقق بها ارتياحا في القرب منك، و أحف (6) بها جولا في الشغل بك، ما حييت، و ما بقيت رب العالمين، إنك رءوف رحيم. اللّهم بك أعوذ و ألوذ و أؤمل البلغة إلى طاعتك، و المثوى الصالح من مرضاتك، و أنت ولي قدير.
قال ذو النون: فقال لي يحيى بن أكثم: هذا بس (7) يا أبا الفيض ؟ فقلت له: هذا لهذا كثير إن أراد اللّه به خيرا، قال: ثم خرجت و ودعته.
أخبرنا أبو الحسن بن سعيد، نا و أبو النجم الشّيحي، أنبأ أبو بكر الخطيب (8)،أنا
ص: 410
أبو علي (1) عبد الرّحمن بن محمّد بن أحمد بن فضالة النيسابوري - بالري - أخبرنا محمّد بن عبد اللّه بن شاذان الرازي - بنيسابور - قال: سمعت يوسف بن الحسين يقول: حضرت مع ذي النون مجلس المتوكل، و كان المتوكل مولعا به، يفضله على العبّاد و الزّهّاد، فقال له المتوكل: يا أبا الفيض صف لي أولياء اللّه عز و جل.
فقال ذو النون: يا أمير المؤمنين هؤلاء قوم ألبسهم اللّه عز و جل النور الساطع من محبته، و جللهم بالبهاء من أردية كرامته، و وضع على مفارقهم تيجان مسرّته، و نشر لهم المحبّة في قلوب خليقته، ثم أخرجهم و قد أودع القلوب ذخائر الغيوب، فهي معلقة بمواصلة المحبوب، فقلوبهم إليه سائرة، و أعينهم إلى عظيم جلاله ناظرة، ثم أجلسهم بعد أن أحسن إليهم على كراسي طلب المعرفة بالدواء، و عرفهم منابت الأدواء، و جعل تلاميذهم أهل الورع و التقى، و ضمن لهم الإجابة عند الدعاء، و قال: يا أوليائي إن أتاكم عليل من فرقي فداووه، أو مريض من إرادتي فعالجوه، أو مجروح بتركي إياه فلاطفوه، أو فار مني فرغبوه، أو آبق مني فخادعوه، أو خائف مني فأمنوه، أو راغب في مواصلتي فمنوه، أو قاصد نحوي فأدوه، أو جبان من متاجرتي فجرّءوه، أو آيس من فضلي فعدوه، أو راج لإحساني فبشروه، أو حسن الظن بي فباسطوه، أو محب لي فواصلوه، أو معظم لقدري فعظّموه، أو مستوصف نحوي فأرشدوه، أو مسيء بعد إحساني فعاينوه (2)،أو ناس لإحساني فذكروه، و إن استغاث بكم ملهوف فأغيثوه، و من وصلكم فيّ فواصلوه فإن غاب عنكم فافتقدوه، و إن ألزمكم جناية فاحتملوه، و إن قصر في واجب حق فاتركوه، و إن أخطأ خطيئة فانصحوه، و إن مرض فعودوه، و إن وهبت لكم هبة فشاطروه، و إن رزقتكم فآثروه بأوليائي لكم عاتبت، و لكم خاطبت، و إياكم رغبت، و منكم الوفاء طلبت، لأنكم بالأثرة آثرت و انتخبت، و إياكم استخدمت و اصطنعت و اختصصت. لا أريد استخدام الجبارين، و لا مطاوعة الشرهين. جزائي لكم أفضل الجزاء، و إعطائي لكم أوفر العطاء، و بذلي لكم أغلى البذل، و فضلي عليكم أكبر الفضل، و معاملتي لكم أو في المعاملة، و مطالبتي لكم أشد المطالبة، أنا مفتش القلوب، أنا علاّم الغيوب، أنا ملاحظ اللحظ ، أنا مراصد الهمم، أنا مشرف على الخواطر، أنا
ص: 411
العالم بأطراف الجفون و لا يفزعكم صوت جبار دوني، و لا مسلط سواي، فمن أرادكم قصمته، و من آذاكم آذيته، و من عاداكم عاديته، و من والاكم واليته، و من أحسن إليكم أرضيته، أنتم أوليائي و أنتم أحبائي، أنتم لي و أنا لكم.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنا أبو بكر البيهقي، أنا أبو عبد اللّه الحافظ ، أنا الحسن بن محمّد بن إسحاق، قال: سمعت أبا عثمان الحناط يقول: سمعت ذا النون يقول: طوبى لمن يطهر و لزم الباب، طوبى لمن تضمن للسياق، طوبى لمن أطاع اللّه أيام حياته.
قال: و سمعت ذا النون يقول: من صحح استراح، و من تقرّب قرب، و من صفا صفى له، و من توكل وثق، و من تكلف ما لا يعنيه ضيع ما لا يعينه.
قال: و سمعت ذا النون لا يسأل بما يعرف العارفون ربهم عز و جل، قال: إن كان شيء فيقطع الطمع و الإسراف منهم على الإياس مع التمسك منهم بالأحوال التي أقامهم عليها، و بذل المجهود من أنفسهم و ما وصلوا بعد إلى اللّه إلا باللّه.
أخبرنا أبو عبد اللّه الفراوي، أنا أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرّحمن الصابوني، قال: سمعت أبا عمرو - يعني - محمّد بن أحمد بن جعفر البحيري يقول: سمعت أحمد بن محمّد بن إبراهيم الشروطي يقول: سمعت علي بن محمّد الوراق يقول:
سمعت أبا الحسين المهلّبي يقول: قال ذو النون المصري: علامة السعادة للعبد ثلاث:
متى زيد في عمره نقص من حرصه، و متى ما زيد في ماله زاد هو في سخائه و بذله، و متى ما زيد في قدره زاد في تواضعه و علامة الشقاء ثلاث: متى ما زيد في عمره زيد في حرصه، و متى ما زيد في ماله زيد بخله، و متى ما زيد في قدره زيد في تجبره و تكبره.
أخبرنا أبو عبد اللّه الخلال، أنا أبو طاهر بن محمود، أنبأ أبو بكر بن المقرئ، قال: سمعت عبد الرّحمن بن عبد الأعلى قال: قال ذو النون المصري.
ح و أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر قال: قرئ على سعيد بن أحمد البحيري قال: سمعت أبا عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه الحافظ يقول: سمعت الحسين بن يحيى الواعظ الصوفي يقول: سمعت محمّد بن الحسين يقول: سمعت يوسف.
ح و أخبرنا أبو روح لطف اللّه بن سعد بن أسعد بن سعيد بن فضل اللّه بن أبي
ص: 412
الخير، و أبو المظفّر سعد بن محمّد بن أبي الفتوح بن فضل العامري الميهنيان (1)الصوفيان - بمرو - قالا: أنبأ أبو سعد أسعد بن سعيد بن فضل اللّه بن أبي الخير، و أبو القاسم نوح بن منصور بن إسحاق الميهنيان قالا: أنبأ أبو بكر خلف بن أحمد الميهني المعروف بالمقيد، نا أبو عبد الرّحمن السّلمي، قال: سمعت عبد اللّه بن الحسين الصوفي يقول: سمعت عبد الرّحمن بن محمّد بن علوية يقول: سمعت يوسف بن الحسين يقول: سمعت ذا النون يقول: من جهل قدره هتك ستره.
أخبرنا أبو بكر صدّيق بن عثمان بن إبراهيم الدّيباجي - بتبريز - أنبأ محمّد بن أبي نصر الحميدي، أنا أبو إسحاق إبراهيم بن أبي الطيب - بمصر - أنا أبو القاسم يحيى بن علي الحضرمي، نا محمّد بن أحمد الإخميمي، نا عمران بن محمّد الإخميمي، نا أحمد بن عبد اللّه، نا إبراهيم بن متقنة الإخميمي، قال: سمعت ذا النون الزاهد.
ح و حدّثني أبو عبد اللّه البلخي، أنبأ أبو الحسين بن الطّيّوري، أنا أبو عبد اللّه الصّوري، نا عبد الغني بأطرابلس من حفظه.
ح و كتب إليّ أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد بن إبراهيم، و حدّثنا عنه أبو بكر يحيى بن سعدون القرطبي عنه قال: سمعت أبا الحسن علي بن عبيد اللّه بن محمّد الكسائي - بمصر - قال: سمعت أبا محمّد عبد الغني بن سعيد الحافظ يقول: سمعت عبد اللّه بن جعفر بن الورد يقول: سمعت عبد اللّه بن محمّد بن عبد الرحيم البرقي يقول: سمعت ذا النون المصري.
ح و أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأ أحمد بن الحسين، أنا أبو عبد اللّه الحافظ ، قال: سمعت أبا سعد بن أبي سعيد العلاّف يقول: سمعت عبيد اللّه بن القاسم الواعظ يقول: سمعت أبا دجانة يقول:
و أخبرنا أبو القاسم، أنا أحمد بن الحسين، أنا أبو سعد الشعيبي (2)،أنبأ أبو علي الحسين بن محمّد الزّبيري يقول: سمعت أبا محمّد الحسن بن محمّد بن نصر الرازي
ص: 413
-ببلخ - يقول: سمعت يوسف بن الحسين يقول: سمعت ذا النون بن إبراهيم يقول:
الأنس باللّه نور ساطع، و الأنس بالناس غمّ (1) واقع، و في رواية أبي دجانة: مع اللّه و مع الناس، و قال: سم قاطع.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنا أبو بكر البيهقي، أنا أبو عبد اللّه الحافظ ، أنبأ الحسن بن محمّد بن إسحاق، قال: سمعت أبا عثمان الحنّاط يقول: حدّثنا ذو النون بن إبراهيم المصري قال: إن اللّه عز و جل خلق القلوب أوعية العلم، و لو لا أن اللّه سبحانه و بحمده أنطق اللسان بالبيان و افتتحه بالكلام ما كان الإنسان إلاّ بمنزلة البهيمة يومئ بالرأس و يشير باليد.
قال: و سمعت ذا النون يقول: ثلاثة من أعلام المراقبة مآثر اللّه، و تعظيم ما عظّم اللّه، و تصغير ما صغّر اللّه.
قال: و ثلاثة من أعلام الاغترار باللّه؛ التكاثر بالحكمة، و لبس بالعشرة، و الاستعانة باللّه، و ليس بالمخلوقين، و التذلل لأهل الدين في اللّه و ليس لأبناء الدنيا.
و سمعت ذا النون يقول: ثلاثة من أعلام الخوف: الورع عن الشبهات بملاحظية الوعيد، و حفظ اللسان مراقبة للنظر العظيم، و دوام الكيد استطلق من غضب الحكيم.
و سمعت ذا النون يقول: ثلاثة من أعلام الهدى: الاسترجاع عند المصيبة، و الاستتابة عند النعمة، و بقي الإحسان عند الغضب.
قال: و سمعت ذا النون يقول: ثلاثة من أعلام المحبّة: الرضا في المكروه، و حسن الظن به في المجهود (2) و التحسين لاختياره في المحذور.
و ثلاثة من أعلام المعرفة: الإقبال على اللّه، و الانقطاع إلى اللّه، و الافتخار باللّه عز و جل.
و ثلاثة من أعلام الاتعاظ (3) باللّه: الهرب من كل شيء إليه، و سؤال كل شيء منه، و الدلالة في كل وقت عليه.
ص: 414
قال: و سمعت ذا النون يقول: ثلاثة من أعلام الأنس باللّه: استلذاذ الخلوة و الاستيحاش من الصحبة، و استحلاء الوحدة (1)،و ثلاثة من أعلام الوصول: الأنس به في جميع الأحوال، و السكون إليه في جميع الأعمال، و حب الموت لغلبة الشوق في جميع الأشغال.
قال: و ثلاثة من أعلام الشوق: حب الموت مع الراحة، و بغض الحياة مع الدعة، و دوام الحزن مع الكفاية (2).
قال: و سمعت ذا النون يقول: ثلاثة من أعلام الصبر: التباعد عن الخلطاء في الشدة و السكوت عليه مع تجرع غصص البلية، و إظهار الغنى مع كثرة العيال، و جفاء الخلق و هجرانهم له، و قوله الحق فيهم باحتمال الضرر في المال و البدن.
و قال في موضع آخر: و إظهار المعنى مع حلول الفقر بساحة المعيشة من أعلام التسليم مقابلة القضاء بالرضا، و الصبر عند البلاء، و الشكر عند الرخاء.
سمعت أبا المظفّر بن القشيري يقول: سمعت أبي يقول: سمعت محمّد بن الحسين يقول: سمعت محمّد بن عبد اللّه بن شاذان يقول: سمعت يوسف بن الحسين يقول: سمعت ذا النون المصري يقول: ما أعز اللّه عبدا بعزّ هو أعزّ له من أن يذله على ذل نفسه، و ما أذل اللّه عبدا بذلّ هو أذلّ له من أن يحجبه عن ذلّ نفسه (3).
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور، و علي بن الحسن بن سعيد، قالا:
ثنا و أبو النجم بدر بن عبد اللّه، أنبأ أبو بكر الخطيب (4)،أنبأ أبو نعيم الحافظ ، نا محمّد بن أحمد بن يعقوب، نا عبد اللّه بن محمّد بن ميمون قال: سألت ذا النون عن الصوفي فقال: من إذا نطق أبان نطقه عن الحقائق، و إذا سكت نطقت عنه الجوارح بقطع العلائق.
أخبرنا أبو القاسم الشّحّامي، أنا أبو بكر البيهقي، أنا أبو سعد الماليني، قال:
سمعت أبا حفص بن عبيد اللّه قال: ذكر الحسن بن علي الأبرش قال: سمعت ذا النون
ص: 415
يقول: سلب الغنى من حرم الرضا من لم يقنعه اليسير افتقر في طلب الكثير.
أخبرنا أبو العباس أحمد بن الفضل بن أحمد بن سملويه الخيّاط - بأصبهان - أنبأ جدي لأمي أبو بكر محمّد بن إبراهيم بن علي الخيّاط [أنا] (1) أبو سعيد محمّد بن علي بن عمرو بن مهدي النقاش (2)-إملاء - أنبأ أبو علي الحسين بن علي الأسير قاني المقتول ظلما قال: سمعت أبا بكر محمّد بن الحسن النقاش، قال: سمعت يوسف بن الحسين الرازي قال: قال ذو النون المصري: عبد ذليل، و لسان كليل، و عمل قليل لربّ طويل، و نيل جزيل، فأين أذهب يا سيدي إلاّ بالدليل.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، ثنا و أبو منصور بن خيرون، أنبأ أبو بكر الخطيب (3)،حدّثني الحسن بن أبي طالب، نا يوسف بن عمر القواس، نا إبراهيم بن ثابت الدّعاء، قال: سمعت أبا ثمامة الأنصاري قال: كنت عند ذي النون المصري فقال له رجل ممن كان حاضرا: رضي اللّه عنك يا أبا الفيض؛ عظني بموعظة أحفظها عنك، فقال له: و تقبل ؟ قال: و أرجو إن شاء اللّه قال: توسّد الصبر، و عانق الفقر، و خالف النفس، و قاتل الهوى، و كن مع اللّه حيث كنت.
أخبرنا أبو السعادات أحمد بن أحمد المتوكلي، أنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة، ثنا أبو بكر الخطيب، نا محمّد بن أحمد بن أخي الفوارس - إملاء - نا محمّد بن أحمد الوراق، نا محمّد بن عبد الملك بن هاشم - بمصر - قال: سمعت ذا النون يقول:
الدرجات التي عمل لها ابناء الآخرة سبع درجات: أولها التوبة، ثم الخوف، ثم الزهد، ثم الشوق، ثم الرضا، ثم الحبّ ، ثم المعرفة، ثم قال: بالتوبة تطهّروا من الذنوب، و بالخوف جازوا قناطر النار، و بالزهد تخففوا من الدنيا و تركوها، و بالشوق استوجبوا المزيد، و بالرضا استعجلوا الراحة، و بالحب عقلوا النعم، و بالمعرفة وصلوا إلى الأمل.
قال الخطيب: و أخبرني سلامة بن عمر الكاتب أنا أحمد بن جعفر، نا العباس بن يوسف الشكلي، نا سعيد بن عثمان قال: سمعت ذا النون يقول: من علامة المحبّ للّه
ص: 416
ترك كلما يشغله عن اللّه حتى يكون الشغل باللّه وحده، ثم قال: إن من علامة المحبّين للّه أن لا يأنسوا بسواه، و لا يستوحشوا معه، ثم قال: إذا سكن حبّ اللّه القلب أنس باللّه، لأنّ اللّه أجلّ في قلوب العارفين من أن يحبوا سواه.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، أنبأ رشأ بن نظيف، أنا أبو محمّد الحسن بن إسماعيل بن محمّد بن إسماعيل، نا أحمد بن مروان المالكي، نا محمّد بن عبد اللّه الرّزاز، قال: سمعت ذا النون المصري يقول: إن للّه عبادا نصبوا أشجار الخطايا نصب رامق القلوب و سقوها بماء التوبة، فأثمرت نعما و أحزانا، فجنوا من خير جنون و تبلدوا من غير عيوبهم ذلا بكم، و إنهم لهم الفصحاء البلغاء الرزناء العارفون باللّه و برسوله، و بأمر اللّه ثم شربوا بكأس الصفا، فورثوا الصبر على طول البلاء حتى تولّهت قلوبهم في الملكوت، و جالت بين سرايا حجب الجبروت فاستظلوا تحت رواق الندم، فقرءوا صحيفة الخطايا، و أورثوا أنفسهم الجزع حتى و صلوا علو علو (1) الزهد بسلّم الورع، و استعذبوا مرارة الترك للدنيا، و استلانوا خشونة المضجع حتى ظفروا بحبل النجاة، و عروة السلامة، و سرحت أرواحهم في العلا، و جعلت قلوبهم في خفي خفيات الهوى حتى أناخوا في رياض النعيم، و جنوا من ثمار النسيم، و خاضوا في بحر النجاة، و أردموا خنادق الجزع (2)،و غيروا جسور الهوى حتى أناخوا بفناء العلم، فاستقوا (3) من غدير الحكمة، و ركبوا بالحياة سفينة الفطنة، فأقلعوا بربح النجاة في بحر السلامة حتى وصلوا إلى رياض الراحة، و معدن العزّ و الكرامة.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع، ثنا سليمان بن إبراهيم بن محمّد، و سهل بن عبد اللّه بن علي، و أبو شكر غانم بن عبد الواحد بن عبد الرحيم الخطيب، و أبو الخير محمّد بن أحمد الإمام، و أحمد بن عبد الرّحمن بن محمّد الذكواني (4)،و أبو بكر محمّد بن علي بن محمّد بن جولة، و رجاء بن عبد الواحد بن عبد اللّه بن قولويه ح.
ص: 417
و أخبرنا أبو القاسم رجاء بن حامد بن رجاء المعداني الخطيب (1)،نا سليمان بن إبراهيم ح.
و أخبرنا أبو غانم صاعد بن رجا بن محمّد بن عبد الوهاب، أنبأ رجاء بن قولويه، قالوا: حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن جعفر إملاء، قال: سمعت محمّد بن محمّد بن عبيد اللّه الجرجاني يقول: سمعت محمّد بن بشير يقول: سمعت محمّد بن عبيد يقول: سمعت ذا النون يقول: لو عرف الناس ذلّ أهل المعرفة في أنفسهم عند أنفسهم لحثّوا في وجوههم الرماد، قال: فذكر ذلك لطاهر المقدسي، فقال: رحم اللّه أبا الفيض حقا ما قال و لكني أقول: لو أبدى اللّه نور أهل المعرفة للزاهدين و العابدين لاحترقوا و تلاشوا و اضمحلوا حتى كأنهم لم يكونوا.
أخبرنا بها بتمامها: أبو القاسم إسماعيل بن الحسن بن عبد العزيز الضّبّي، أنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن أسيد المديني، قال: سمعت أبا عبد اللّه الجرجاني يقول:
سمعت محمّد بن محمّد بن عبيد اللّه الجرجاني يقول: سمعت محمّد بن بشر يقول:
سمعت محمّد بن عبيد يقول: سمعت ذا النون يقول: لو عرف الناس ذلّ أهل المعرفة في أنفسهم لحثوا في وجوههم (2) قال: فذكر ذلك لطاهر المقدسي فقال: رحم اللّه أبا الفيض حقا ما قال و لكني أقول: لو أبدى اللّه نور أهل المعرفة للزاهدين و العابدين لاحترقوا، و تلاشوا و اضمحلوا حتى كأنهم لم يكونوا (3)،لا يزال العارف (4) مترددا بين الفخر و الفقر، فإذا ذكر اللّه افتخر، و إذا ذكر نفسه افتقر.
و قال ذو النون يوما: ذكر اللّه لك أكبر من ذكرك له لأنك ذكرته بعد أن ذكرك، و حبه لك أشدّ من حبك له.
لأنه أحبك قبل أن يخلقك و من حبه لك ثواب حبك له، و قال يوما: اللّه يعبده في أوان معاصيه و إعراضه عن ربه أشد نظرا له وحيا من العبد في أوان تتابع نعمه و كمال كرامته و عظم ستره و إحسانه.
ص: 418
ثم قال: إلهي و هل يليق بك إلاّ ذلك.
و قال: حذر قوم عقوبة، و عقوبة العارف انقطاعه من ذكره (1)،و من لم يذق مرارة الكفر لا يجد حلاوة الإيمان، و من لم يذق ذلّ المعاصي لم يجد عزّ الطاعة، و من يذق نعمة الوقيلة لم يجد طعم قرب الذكر، و بالعبد حاجة إلى اختلاف الأحوال عليه ليخلص إلى ربه حقيقة الفاقة إليه، و هم على الطريق ما لم يزل عنهم الخوف، فإذا زال عنهم الخوف فقد تركوا الطريق و أخذ بهم ذات الشمال.
أخبرنا أبو سهل محمّد بن إبراهيم، أنا أبو الفضل الرازي، أنا جعفر بن عبد اللّه، نا محمّد بن هارون، حدّثنا بعض أصحابنا، نا محمّد بن الحسن الهمداني ح.
قال: و حدّثنا عيسى بن عبد اللّه، نا محمّد بن الحسن الهمداني، قال: سمعت ذا النون بن إبراهيم المصري يقول: المؤمن بشره في وجهه و حزنه في قلبه أوسع شيء صدرا، و أذل شيء نفسا، زاجر عن كل أفن حاض على كل جنس المؤمن لا حقود و لا حسود و لا وثاب، لا سباب و لا عياب و لا مغتاب، يكره الرفعة و يشنأ للسمعة، طويل العمر بعيد الهمّ كثير الصمت، المؤمن وفور ذكور، صبور شكور مغمور، بفكره مسرور سهل الخليفة لين العريكة، رضين الوفاء قليل الأذى لا متأفك و لا متهتك، إن ضحك لم يخرق، و إن غضب لم ينزف، و المؤمن ضحكه تبسم، و استفهامه تعلّم و مراجعته تفهّم، كثير علمه عظيم حلمه، رحمة المؤمن لا يبخل و لا يعجل، و لا يضجر و لا يتطير و لا يسخر، و لا يحيف في حكمه، و لا يخون في علمه، يقينه أصلب من الصلد، و منادمته أحلى من الشهد، لا جشع و لا هلع و لا عنف و لا صلف، و لا متعمق و لا متكلف، وصول في غير عنف بذول في غير سرف، المؤمن جميل المنازعة كريم المراجعة، عدل إن غضب رقيق إن طلب، أخلص ألوف وفي بالوعد شفيق، وصول عليم حمول قليل الفصول، راض عن اللّه مخالف لهواه لا يغلظ على من يؤذيه و لا يخوض فيما لا يعنيه، إن سبّ بقدح لم يسبب، و إن سأل و منع لم يغضب، المؤمن لا يشمت بمصيبة و لا يذكر أحدا بعينه، كثير الفضل رحيب سهل لين الجنان صدوق اللسان، عفيف الطعمة خفيف المئونة كثير المعونة، ورع عن الحرمات وقّاف عن الشّبهات، عظيم الشكر على البلاء طويل الصبر على الأذى، عزيز خيره قليل شره، إن سئل أعطى و إن ظلم عفا، و إن قطع
ص: 419
وصل، مستهتر لعلته مستأثر لربه، يأنس إلى البلاء كما يستوحش منه أهل الدنيا، أمار بالحق بها بالصدق غضاب للّه مسارع في رضاه مكادح بعمله مسرور لأمله مترقب لأجله، المؤمن قد عرف قدر نفسه فشنى كبرها و مقت فخرها و أكرمها كل دله و نواها كل مهنة.
المؤمن ناصر للدين محام عن المؤمنين كهف للمسلمين لا يخرق الثناء سمعه و لا ينكأ الطمع قلبه، و لا يصرف العبء حلمه و لا يتطلع الجهل علمه، قوّال عمّال عالم حازم لا بفحاش و لا بطياش المؤمن، و لا يقتفي أثرا و لا يحيف شرا، رقيق بالحلف سارح في عون الضعيف، عونه للملهوب، لا يهتك سترا، و لا يكشف سرا كثير البلوى قليل الشكوى، إن رأى خيرا ذكره، و إن عاين شرا ستره، يستر العيب و يحفظ الغيب، و يقبل العثرة، و يغتفر الذلة لا يطّلع على نصح فيذره، و لا يرى [جنح] (1) حيف فيصله، المؤمن أمين رصين نقي تقي زكي رضي، يقبل العذر و يحمل الذكر و يحسن بالناس ظنه، و يتهم على العيب نفسه، يحب في اللّه بفقه و علم، و يقطع في اللّه بحزم و عزم، خلطته فرحة و رؤيته حجة، صفاه العلم من كل خلق، نكد كما تصفي النار خبث الحديد، المؤمن مذاكر للعالم معلم للجاهل، لا يتوقع له غائلة كل سعي عنده أخلص من سعيه، و كل نفس عنده أخلص من نفسه، المؤمن عالم بعيبه، مشغول بغمه، و لا يفيق لغير ربه، فريد وحيد لا يشتم لنفسه و لا توانى في سخط ربه، مجالس لأهل الفقر، مصادق مؤازر لأهل الحق، المؤمن عون للغريب، أب لليتيم، بعل للأرملة، خفي بأهل المسكنة مرجو لكل كربة (2)،مأمول لكل شدّة، هشاش بشاش لا (3) و لا (4)،نجيب كظام، بسام دقيق النظر، عظيم الخطر لا يبخل و إن بخل عليه صبر. المؤمن إن تفكر فعليه السكينة شكرا، متواضع و رضى فلم يهتم، و خلّى الدنيا فنجا من الشرّ، و طرح الحسد فظهرت له المحبة، و ترك الشهوات فصار حرا، و انفرد فكفى، و سلت نفسه عن كل فان فاستكمل العقل.
أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن الفضل، أنبأ أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرّحمن، قال: سمعت أبا يعلى المهلّبي يقول: سمعت حفدة (5) عباس بن حمزة - يعني محمّد بن
ص: 420
عبد اللّه - يقول: سمعت جدي أبا الفضل عباس بن حمزة (1) يقول: سمعت ذا النون يقول: هل ندري من تطلب و من تعامل أرفض التواني و الخداع من أكرم و أعز ممن انقطع إلى من ملك الأشياء بيده.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأ أبو بكر البيهقي، أنا أبو عبد اللّه الحافظ ، أنبأ الحسن بن محمّد بن إسحاق، قال: سمعت أبا عثمان سعيد بن عثمان الخيّاط يقول: سمعت ح.
قال: و أنبأ أبو سعد بن أبي عثمان الزاهد، أنا عبد اللّه بن محمّد الفقيه، نا عبد اللّه بن موسى المسيبي، نا سعيد بن عثمان، قال: سمعت ذا النون يقول: ويحك من ذكر اللّه على حقيقة ذكره نسي في حب (2) اللّه كل شيء، و من نسي في حب (3) اللّه كل شيء؛ حفظ اللّه عليه كل شيء، و كان له عوضا من كل شيء (4).
قال: و سمعت ذا النون يقول: لا يزال العارف ما دام في الدنيا [مترددا] (5) بين الفقر و الفخر، فإذا ذكر اللّه افتخر و إذا ذكر نفسه افتقر (6)،و أراد الزاهد في روايته ثم قال: باللّه فخرنا و إلى اللّه فقرنا.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحسين بن أحمد بن علي القاضي، و أبو القاسم زاهر بن طاهر المستملي، قالا: أنا أبو بكر أحمد بن منصور، أنا أبو بكر بن عبدوس، أنا أبو محمّد الحسن بن محمّد بن إسحاق، نا أبو عثمان سعيد بن عثمان، قال: سمعت ذا النون يقول: ينبغي للمريد أن يحكم الأصل ثم يطلب الفرع كيف يسأل عن الزهد و هو لم يحكم الورع، و قيل الورع التوبة و لربما نظرت إلى الرجل يسأل عن الرضا. و هو لا يدري ما القنوع.
أخبرنا أبو سعد أحمد بن عبد الجبار الطّيّوري في كتابه، عن عبد العزيز بن علي الأزجي.
ص: 421
و أنبأنا أبو الحسن علي بن الحسن الموازيني، عن عبد العزيز بن بندار الشيرازي، و أنبأنا أبو جعفر أحمد بن محمّد المكي، أنا الحسين بن يحيى بن إبراهيم، أنا الحسين بن علي بن محمّد، قالوا: أنا أبو الحسن بن جهضم، نا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن عيسى - زاد المكي: الواعظ - حدّثنا محمّد بن الحسن الجوهري، قال:
سمعت ذا النون - زاد المكي: بن إبراهيم - يقول: يا أيها الناس هذا أوان تنصح فيه الأحياء إذ الأموات في غمرتهم يعمهون حين غدا الدين غريبا منبوذا، و غدا أهله غرباء مهينون قد أقبلوا على أهل الحرام، و تركوا طلب الحلال، و رفضوا المعروف، و أقبلوا على المنكر، و تركوا الجهاد، فأظلمت الأرض بعد نورها، و رضيت (1) العلماء من العلم بعلمهم، فانتبهوا أيها الأموات أبناء الأموات و أخوات الأموات و جيران الأموات، و عن قليل أنتم (2) أموات قد أخليتم الدور و عمرتم القبور، ألا فقد برح الخفاء لمن فهم الجفاء، و خانت (3) العلماء - زاد ابن الطّيّوري (4) و الموازيني: فارتقبت - و قالوا أو قلن و قال المكي: و هي الخطيات كثرة الدواهي، و قلّ النواهي، و كثر الأشرار، و قلّ الأخيار، و انتهكوا الآثام و قطعوا الأرحام، و رضوا بالسلام، و جلس بعضهم مجالس العلماء يقولون ما لا يعلمون - و قال المكي: يفعلون - عبيد الدنيا فهم لها متصنعون، و لها متخشعون غنيّهم فقير، و جارهم ذليل. لا يبالي غنيّهم ما طوى عليه جاره من جوع أو عري، إن سألوا ألحّوا، و إن سئلوا شحّوا، لبسوا الثياب على قلوب الذئاب، اتّخذوا مساجد اللّه الذي يذكر فيها اسمه لرفع أصواتهم و جمع لمصوماتهم لا تجالسوهم فليس للّه فيهم حاجة.
أخبرنا أبو الحسن بن سعيد، ثنا و أبو النجم بدر بن عبد اللّه، أنبأ أبو بكر الخطيب (5)،أنا علي بن محمّد بن عبد اللّه المعدل، نا جعفر بن محمّد بن نصير الخلدي، نا أحمد بن محمّد بن مسروق، قال: سمعت ذا النون المصري يقول: اعلموا أن الذي أقام الحياء من اللّه معرفته بإحسانه إليهم، و علمهم بتضييع ما افترض من شكره،
ص: 422
فليس لشكره نهاية. كما [ليس لعظمته نهاية] (1).
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأ أبو بكر البيهقي، أنا أبو الحسن علي بن محمّد المقرئ، أنا الحسن بن محمّد بن إسحاق، أنا أبو عثمان سعيد بن عثمان الخيّاط ، قال: سمعت ذا النون يقول: اعلموا أن القاتل يعترف بذنبه و يحسّن ذنب غيره، و يجود بما لديه و يزهد فيما عند غيره، و يكفّ أذاه و يتحمل الأذى من غيره.
قال: و سمعت ذا النون يقول: تجوع و تخلي ترى العجب من أحب اللّه عاش، و من مال إلى غير اللّه طاش، و الأحمق يغدو و يروح في لاس (2)،و الغافل عن خواطر نفسه فتاش.
حدّثنا أبو محمّد بن طاوس إملاء قال: ثنا أبو منصور محمّد بن أحمد بن علي بن شكرويه إملاء، نا أحمد بن موسى بن مردويه، نا أحمد بن محمّد بن سياه فيما أرى، نا أحمد بن روح بن أيوب، قال: سمعت ذا الكفل بن إبراهيم قال: سمعت أخي ذا النون بن إبراهيم يقول: من أحب اللّه تعالى عاش، و من مال إلى غير اللّه طاش و الأحمق يغدو و يروح في لاش، و العاقل عن خاطر نفسه فتاش.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبا أبو بكر البيهقي، أنا أبو عبد اللّه الحافظ ، أنا الحسن بن محمّد بن إسحاق، قال: سمعت أبا عثمان الخيّاط يقول: سمعت ذا النون بن إبراهيم يقول: من أحب اللّه عاش، و من مال إلى غيره طاش و الأحمق يغدو و يروح في لاش (3)،و العاقل عن خواطر نفسه فتاش.
أخبرنا أبو المعالي محمّد بن بكر بن محمّد، أنبأ أبو بكر البيهقي، أنا أبو الحسن علي بن الحسن بن علي المقرئ المقيم بمكة، نا الحسن بن رشيق، نا أحمد بن إبراهيم بن الحكم، قال: سمعت ذا النون بن إبراهيم يقول: ثلاثة من أعلام الخير في المتعلم: تعظيم العلماء بحسن التواضع لهم، و العمى عن عيوب الناس بالنظر في عيب نفسه، و بذل المال في طلب العلم إيثارا له على متاع الدنيا.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأ أبو بكر البيهقي، قال: و أنا أبو عبد اللّه
ص: 423
الحافظ ، أنبأ الحسن بن محمّد بن إسحاق، قال: سمعت أبا عثمان الخيّاط يقول:
سمعت ذا النون يقول: ثلاثة من أعمال الكياسة: ترك المراء و الجدال في الدين، و الإقبال على العمل بيسير العلم، و الاشتغال بإصلاح عيوب النفس غافلا عن عيوب [الناس] (1).
قال: و ثلاثة من أعلام التواضع: تصغير النفس معرفة بالعيب، و تعظيم الناس حرمة للتوحيد، و قبول الحق و النصيحة من كل أحد (2).
و ثلاثة أعلام حسن الخلق: قلة الخلاف على المعاشرين، و تحسين ما يرد عليهم من أخلاقهم، و إلزام النفس اللائمة فيما يختلفون فيه كفّا عن معرفة عيوبهم (3).
قال: سمعت أبا عبد الرّحمن يقول: سمعت ابن عبد اللّه بن المطّلب يقول:
سمعت عبد اللّه بن محمّد بن عبيد التميمي يقول: سمعت ذا النون بن إبراهيم الإخميمي يقول: ثلاثة مفقودة و ثلاثة موجودة: العلم موجود، و العمل بالعلم مفقود، و العمل موجود، و الإخلاص فيه مفقود، و الحب موجود و الصدق فيه مفقود.
أخبرنا أبو الأسعد هبة الرّحمن بن عبد الواحد بن القشيري، و ابن عمه أبو المكارم عبد الرزاق بن عبد اللّه بن عبد الكريم بن هوازن، قالا: أخبرتنا حديثا فاطمة بنت الحسن بن علي الدقاق، قالت: سمعت الشيخ أبا عبد الرّحمن السّلمي يقول:
سمعت ذا النون يقول: ثلاثة من أعلام الصفاء: رقة القلب، و سرعة الدمع، و الانتفاع بالموعظة.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفقيه، حدّثني نجاء بن أحمد العطار، أنا محمّد بن الحسين الطّفّال بمصر، نا الحسن بن رشيق، ثنا ذو النون بن أحمد بن صالح، نا عبد الباري بن إسحاق، نا ذو النون بن إبراهيم قال: ثلاثة من أعلام الكياسة:
ترك المراء و الجدال في الدين، و الإقبال على العمل بيسير العلم، و الاشتغال بإصلاح عيوبك عن عيوب الناس.
ص: 424
و ثلاث من أعلام المراقبة: إيثار ما أمر اللّه، و تعظيم ما عظّم اللّه، و تصغير ما صغّر اللّه.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنا أبو بكر البيهقي [أنا] عبد اللّه بن يوسف الأصبهاني، قال: سمعت أبا عمرو محمّد النجاد الزاهد يقول: سمعت عبد الرّحمن بن عبد ربه يقول: قال ذو النون من قبلته عبادته فدينه جنته، و من قبله حبه فدينه النظر إليه.
و أنا أبو عبد اللّه الحافظ ، أنبأ الحسن بن محمّد بن إسحاق، قال: سمعت سعيد بن عثمان الخيّاط يقول: سمعت ذا النون يقول: ثلاثة من أعلام موت القلب:
الأنس مع الخلق، و الوحشة في الخلوة مع اللّه، و افتقاد حلاوة الذكر للقسوة.
و ثلاثة من أعلام الوله إلى اللّه: اضطراب الروح في البدن عند الذكر تشوقا، و لو صاح العقل عند النجوى تملقا، و دلوج الهمّة في العيوب نحو اللّه تخلقا.
قال: و سمعت ذا النون يقول: ثلاثة من أعلام التوكل: نقص العلائق، و ترك التلون في السلائق و استعمال الصدق في الخلائق (1).
و ثلاثة من أعلام الثقة باللّه: السخاء بالموجود، و ترك الطلب للمفقود، و الاستنابة (2) إلى فضل الودود (3).
و ثلاثة من أعلام الاستغناء باللّه: التواضع للفقراء المتذللين، و ترك تعظيم الأغنياء المكثرين، و ترك المخالطة لأبناء الدنيا المتكبرين.
قال: و سمعت ذا النون يقول: ثلاثة من أعلام الخير في العالم المتقي فمع الطمع عن القلب في الخلق، و تقريب الفقير و الرفق به في التعليم، و الجواب و التباعد من السلطان.
و ثلاثة من أعلام الخير في المتعلم: تعظيم العلماء بحسن التواضع لهم، و العمى عن عيوب الناس بالنظر في عيب نفسه، و بذل المال في طلب العلم إيثارا له على متاع الدنيا.
ص: 425
و ثلاثة من أعلام الفهم: تلقف معاني الأقوال، و إيجاز الجواب في المقال، و لقائه الخصم مئونة التكرار.
و ثلاثة من أعلام الأدب: الصمت حتى يفرغ المتكلم من كلامه، و ردّ الجواب إذا اقتضى منه الجواب، و إعطاء الجليس حظه من المؤانسة و المكاشرة في وجهه حتى يقوم.
قال: و سمعت رجلا يسأل ذا النون فقال: يا أبا الفيض ما التوكل ؟ قال له: خلع الأرباب و قطع الأنساب، فقال له: زدني فيه حالة أخرى، قال: إلقاء النفس في العبودية و إخراجها من الربوبية (1).
قال: و سمعت ذا النون يقول: صفة الحكيم ألاّ يطلب بحكمته المنزلة و الشرف، فإذا أحب الحكيم الرئاسة زال حب اللّه من قلبه، غلب عليه من حب ثناء المستمعين له فصار لا بلفظ لمسموع ينفع للذي غلب على قلبه من حب تبجيل الناس له.
قال: و سمعت ذا النون يقول: لا تنفق بمودة من لا يحبك إلاّ معصوما.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد المالكي، أنبأ أبي أبو العباس الفقيه المالكي، أنبأ القاضي أبو محمّد عبد الوهاب بن علي بن نصر البغدادي المالكي، نا أبو الفتح يوسف بن مسرور القواس، نا أبو الفضل الخراساني الصّيرفي، كان ينزل قطيعة الربيع إملاء سمعته من لفظه من أصله، نا سعيد - يعني ابن عثمان الخيّاط -، قال: و سمعت ذا النون و قيل: ما فساد النية ؟ قال: إذا انفسدت النية وقعت البلية.
قال: و سمعت ذا النون يقول: تجوع و تخلاّ و تفرد و اصحر تر العجب. من أحب اللّه عاش، و من مال إلى غيره طاش، و الأحمق يغدو و يروح في لاش.
أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة، أنا أبو القاسم الحنّاني، أنا أبو الحسن علي بن عبد القادر بن بزيع الطّرسوسي، قال: و حدّثني أبو الحسين بن محمّد السّروي، نا أبو عمرو عثمان بن محمّد بن عثمان العثماني، نا محمّد بن أحمد بن عيسى الرازي، قال: سمعت يوسف بن الحسن يقول: سمعت ذا النون المصري يقول: حرمة الجليس أن تسرّه، فإن لم تسرّه فلا تسؤه أما اكتسب محبة الناس في هذا الزمان [إلاّ] رجل
ص: 426
خفيف المئونة عليهم، فأحسن القول فيهم و أطاب العشرة معهم.
أنبأنا بهذه الحكاية: أبو محمّد طاهر بن سهل بن بشر (1)،أنا أبو القاسم الحنائي (2)،فذكره.
أخبرنا أبو الفتح ميمون بن عبد اللّه بن محمّد الدبوسي بمرو، نا أبو المظفّر منصور بن محمّد بن عبد الجبار السمعاني الفقيه بمرو، ثنا أبو محمّد عبد اللّه بن ثابت السهمي بجرجان، قال: سمعت الفقيه أبا الحسن واصل بن عمر المطوعي، نا الحاكم أبو بكر الفارسي، نا فائق الخاصة، قال: سمعت محمّد بن عبد اللّه بن شاذان، قال:
سمعت يوسف بن الحسين، قال: سمعت ذا النون يقول: علامة أهل الجنة خمس:
وجه حسن، و خلق حسن، و قلب رحيم، و لسان لطيف، و اجتناب المحارم.
أخبرنا أبو المظفّر بن القشيري، قال: سمعت والدي الأستاذ أبا القاسم يقول:
سمعت محمّد بن الحسين يقول: سمعت أحمد بن جعفر يقول: سمعت محمّد بن أحمد بن محمّد بن سهل يقول: سمعت سعيد بن عثمان يقول: سمعت ذا النون المصري يقول: من علامات المحبّ للّه متابعة حبيب اللّه صلى اللّه عليه و سلّم في أخلاقه و أفعاله و أوامره و سننه (3).
و سئل ذو النون عن السفلة فقال: من لا يعرف (4) الطريق إلى اللّه و لا يتعرف.
و أنبأنا أبو جعفر أحمد بن محمّد بن عبد العزيز المكي، أنا الحسين بن يحيى بن إبراهيم، أنا الحسين بن علي بن محمّد الشيرازي، أنا علي بن عبد اللّه بن جهضم، حدّثني أبو عبد اللّه محمّد بن فليح، قال: ذكر أحمد بن يحيى خادم ذي النون بن إبراهيم أنه سئل: ما أخفى ما يخدع به المريد عن اللّه عز و جل فقال: الألطاف و الكرامات و رؤية الآيات. قيل له: فيما يخدع قبل وصوله إلى ذا الموضع فقال: بوط ء الأعقاب و تعظيم الناس إياه، و التوسع له في المجالس و كثرة من يغشاه من أتباعه و نحو هذا، ثم قال: به نستعيذ من مكره و خدعه.
ص: 427
أخبرنا أبو القاسم الشّحّامي، أنا أبو بكر البيهقي، قال: سمعت أبا محمّد عبد اللّه بن يوسف الأصبهاني يقول: سمعت أبا بكر الوراق يقول: سمعت يوسف بن الحسين يقول: سمعت ذا النون المصري يقول: ليس العجب ممن ابتلي فصبر، و إنما العجب ممن ابتلي فرضي.
قال: و أنا أبو عبد اللّه الحافظ ، أنا الحسن بن محمّد بن إسحاق، قال: سمعت سعيد بن عثمان الخيّاط يقول: سمعت ذا النون يقول: إذا لم يكن في عملك حبّ حمد المخلوقين و لا مخافة ذمهم، فأنت حكيم مخلص إن شاء اللّه.
قال: و سمعت ذا النون يقول: اعلموا أنه لا يصفو لعامل عمل إلاّ بإخراج الخلق من القلب في عمله و هو الإخلاص، فمن أخلص للّه لم يرج غير اللّه، فكن على علم أنه لا قبول لعمل يراد به غير اللّه، فمن أراد طريق تجريد إلى الإخلاص فلا يدخلوا في إرادته أحد سوى اللّه عز و جل، فشمر عن ساقط ، و احذر حذر الرجل أن تدخل في العظمة للّه تعظيم غير اللّه، و اجعل الغالب على قلبك ذلك و قد صفا قلبك بالإخلاص.
قال: و سمعت ذا النون يقول: قال بعض العلماء: ما أخلص العبد للّه إلاّ أحب أن يكون في حبّ لا يعرف (1).
قال: و سمعت أبا الفيض يقول: إن من أراد أن يلقى العدو بغير سلاح خفت أن لا تسلم من القتل.
قال: سمعت ذا النون يقول: عبدوا اللّه بالخالص من الصدق فأوصل إليهم خالصا من البر.
قال: و سمعت ذا النون يقول: و أتاه رجل فقال له رجل: يا أبا الفيض رحمك اللّه دلني على طريق الصدق المعرفة باللّه، فقال: يا أخي أدّ إلى اللّه صدق حالتك التي أنت عليها على موافقة الكتاب و السنّة، و لا ترق حيث لم ترق فتزل قدمك، فإنه إذا زال لم تسقط و إذا ارتقيت أنت سقطت، و إياك أن تترك ما تراه يقينا لما ترجوه شكا.
قال: و سمعت ذا النون يقول: و سئل متى يجوز للرجل أن يقول أراني اللّه كذا و كذا، قال: إذا لم يطق نطق ذلك. ثم قال ذو النون: أكثر الناس إشارة إلى اللّه في
ص: 428
الظاهر أبعدهم من اللّه عز و جل.
أخبرنا أبو عبد اللّه الفراوي، أنا أبو عثمان الصابوني، أنا أبو يعلى حمزة بن عبد العزيز المهلّبي، قال: سمعت أبا الحسن علي بن محمّد بن حمشاد يقول: سمعت يوسف بن الحسين الرازي يقول: سمعت ذا النون المصري يقول: اعلموا أنه لا يصفو للعامل عمل إلاّ بالإخلاص فمن أخلص للّه لم يرج غير اللّه، و اعلم أنه لا قبول لعمل يراد به غير اللّه، فمن أراد طريقا قريبا إلى الإخلاص فلا يدخلن في إرادته أحدا غير اللّه، فشمر عن ساقك، و احذر حذر رجل لم يدخل في العظمة للّه تعظيم غير اللّه و جعل الغالب على قلبه أنه لو لا اللّه ما عملت عملا، فإذا علت على قلبك ذلك فقد صفا قلبك بالإخلاص.
حدّثنا أبو محمّد هبة اللّه بن أحمد بن عبد اللّه إملاء و قراءة، قال: نا محمّد بن أحمد بن علي إملاء، نا أحمد بن موسى، نا أحمد بن محمّد بن سياه فيما أرى، نا أحمد بن روح بن أيوب، قال: سمعت ذا الكفل بن إبراهيم قال: سمعت أخي ذا النون يقول: العاقل لا ينبغي لنفسه مسرة تكون على غيره مضرة.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنا أحمد بن الحسين، نا أبو سعد الشعبي، قال: سمعت أبا بكر محمّد بن عبد اللّه الجوزقي يقول: سمعت أحمد بن محمّد بن هاشم يقول: سمعت بكر بن عبد الرّحمن يقول: سمعت ذا النون يقول: إلهي أنا لا أصبر عن ذكرك في الدنيا فكيف أصبر عنك في الآخرة.
قال: و أنا بكر بن أحمد بن الحسين الحافظ ، أنا أبو عبد الرّحمن السّلمي، قال:
سمعت أبا جعفر محمّد بن أحمد بن سعيد الرازي يقول: سمعت أبا الفضل العباس بن حمزة قال: سمعت ذا النون يقول: كان الرجل من أهل العلم يزداد بعلمه بغضا للدنيا و تركا لها، و اليوم يزداد الرجل بعلمه للدنيا حبا و لها طلبا، كان الرجل ينفق ماله على علمه، و اليوم يكسب الرجل بعلمه مالا، و كان يرى على صاحب العلم زيادة في باطنه و ظاهره، و اليوم يرى على كثير من أهل العلم فساد الباطن و الظاهر.
قال: و أنا أبو عبد اللّه الحافظ ، أخبرني أبو بكر بن عبد العزيز، قال: سمعت يوسف بن الحسين يقول: سمعت ذا النون المصري يقول: الناس كلهم موتى إلاّ العلماء، و العلماء كلهم نيام إلاّ العاملون، و العاملون كلهم مغترون إلاّ المخلصون،
ص: 429
و المخلصون على خطر عظيم، قال اللّه عز و جل: لِيَسْئَلَ الصّٰادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ (1).
قال: و أنا أبو محمّد بن يوسف، قال: سمعت أبا المكارم ناصر بن محمّد يقول:
سمعت أبا بكر الشبلي يقول: سمعت الجنيد بن محمّد البغدادي يقول: سمعت ذا النون المصري يقول: من كمال سعادة المرء سبع خصال: صفاء التوحيد، و غزارة (2) العقل، و كمال الخلق، و حسن الخلق، و خفّة الروح، و طيب المولد، و تحقيق التواضع.
قال: و أنا أبو محمّد بن يوسف الأصبهاني، نا أبو العباس رافع بن عصم الضبي بهراة، قال: سمعت أبا الحسن موسى بن عيسى الدينوري يقول: سمعت يوسف بن الحسين يقول: سمعت ذا النون يقول: الجود بالموجود غاية الجود، و البخل بالموجود سوء ظنّ بالمعبود.
أخبرتنا أم الفتوح فاطمة بنت محمّد بن عبد اللّه بن الحسن القيسية قالت: أنبأ أم الفتح عائشة بنت الحسن بن إبراهيم الوركانية قالت: حدّثنا أبو الحسين عبد الواحد بن محمّد بن شاه الشيرازي إملاء، حدّثني عبد الواحد بن بكر، حدّثني همّام بن الحارث، قال: سمعت يوسف بن الحسين يقول: سمعت ذا النون يقول: ترك الربا للربا أقبح من كل ربا (3).
قال: و قال: أمت نفسك أيام حياتك لتحيا بين الأموات بعد وفاتك.
أخبرني أبو القاسم الواسطي، أنا أبو بكر الخطيب، أخبرني الحسن بن محمّد الخلاّل، نا أبو بكر بديل بن أحمد بن محمّد الهروي، قدم علينا، أنبأ أبو محمّد منصور بن الحسن الخزاعي الدّينوري، نا محمّد بن قطن الأدبي، قال: سمعت ذا النون يقول: الحب ينطق و الحياء يسكت و الشوق يغلغل.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنا أبو بكر البيهقي، أنا أبو الحسن علي بن الحسن بن علي بن فهر المصري المقيم بمكة في المسجد الحرام، نا ابن رشيق، نا أحمد بن إبراهيم بن الحكم ح.
ص: 430
قال البيهقي: و أنا أبو سعد الماليني، أنا أبو محمّد الحسن بن رشيق، نا أحمد بن إبراهيم أبو دجانة، قال: سمعت ذا النون - زاد الماليني: بن إبراهيم - يقول و قال له بعض إخوانه - و قال الماليني: أصحابه - كيف أصبحت فقال: أصبحت و بنا من نعم اللّه عز و جلّ ما لا يحصى مع كثير ما نعصى، فلا ندري على ما نشكر على جميل ما يسّر أم على قبيح ما ستر.
سمعت أبا المظفّر بن القشيري يقول: سمعت أبي الأستاذ أبا القاسم يقول (1):
سمعت علي بن عمر الحافظ يقول: سمعت ابن رشيق يقول: سمعت أبا دجانة يقول:
سمعت ذا النون يقول: لا يسكن الحكمة معدة ملئت طعاما.
و سئل ذو النون عن التوبة ؟ قال: توبة العوام من الذنوب، و توبة الخواصّ من الغفلة (2).
أخبرنا أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الفاضلي بنوقان (3)،قال: سمعت أبا سعيد عبد الواحد بن عبد الكريم القشيري يقول: سمعت الشيخ أبا صالح منصور بن عبد الوهاب الصوفي يقول: أنا عبد اللّه بن عبد الرّحمن بن محمّد العباسي يقول:
سمعت جعفر بن محمّد الخلدي يقول: سمعت يوسف بن الحسين الرازي يقول:
سمعت ذا النون المصري يقول: ما أكلت طعام امرئ بخيل و لا منّان إلاّ وجدت ثقله على فؤادي أربعين صباحا.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر بن محمّد، أنا أبو بكر البيهقي، أنا أبو عبد الرّحمن السّلمي، قال: سمعت محمّد بن عبد اللّه بن شاذان الرازي يقول: سمعت يوسف بن الحسين يقول: سمعت ذا النون يقول: الشوق أعلى الدرجات و أعلى المقامات إذا بلغها العبد استبطأ الموت شوقا إلى ربه و حبا للقائه و النظر إليه.
قال: و أنا أبو عبد الرّحمن، قال: سمعت محمّد بن عبد اللّه الرازي يقول:
سمعت أبا عمر الدمشقي يقول: سمعت أبا عبد اللّه بن الجلاّء يقول: سألت ذا (4) النون
ص: 431
متى يكون العبد مفوضا؟ قال: إذا آيس من نفسه و فعله و التجأ إلى اللّه في جميع أحواله و لم تكن له علاقة سوى ربه.
أخبرنا أبو القاسم الشحامي، أنا أبو بكر البيهقي، أنا أبو عبد اللّه الحافظ ، قال:
سمعت أبا بكر محمّد بن عبد اللّه الواعظ يقول: سمعت يوسف بن الحسين يقول: قال لي ذو النون: عليك بصحبة من تسلم منه في ظاهر الغيب كسلامتك منه في المشاهدة.
قال: أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة، نا أبو بكر الخطيب إملاء، أنا أبو عمر الحسن بن عثمان الواعظ ، أنا أحمد بن جعفر بن حمدان، نا العباس بن يوسف الشكلي، حدّثني سعيد بن زيد المدني، قال: قال عبد الباري: سألت ذا النون رحمه اللّه قال: قلت: يا أبا الفيض أصيّر الموقف بالمشعر و لم يصيّر بالحرم ؟ فقال لي: ويحك الكعبة بيت اللّه و الحرم حجابه، و الموقف بابها؛ فلما قصده الوافدون أوقفهم بالباب يتضرعون، فلما أذن لهم بالدخول أوقفهم بالحجاب الثاني، و هو المزدلفة، فلما نظر إلى طول تضرعهم له أمرهم بتقريب قربانهم، حتى إذا قرّبوا قربانهم و قضوا تفثهم و تطهّروا من الذنوب التي كانت لهم حجابا دونه أمرهم بالزيارة على طهارة، قلت: يا أبا الفيض فلم كرّه الصوم أيام التشريق ؟ فقال: ويحك القوم في ضيافة اللّه، فلا ينبغي للرجل أن يصوم عند من ضاف به، قلت: يا أبا الفيض فما بال القوم يتعلقون بأستار الكعبة ؟ فقال لي: ويحك مثل ذلك كمثل رجل له على رجل دين، فهو يتعلق بثوبه و يخضع له رجاء أن يهب له ذلك الدّين.
أخبرنا أبو سعيد محمّد بن إبراهيم بن أحمد الغزي، أنبأ أبو بكر محمّد بن إسماعيل بن السري بن بنون، أنا أبو عبد الرّحمن، قال: سمعت أحمد بن علي بن جعفر يقول: سمعت فارس يقول: سمعت يوسف بن الحسين يقول: سمعت ذا النون يقول: ما خلع اللّه عز و جل على عبد من عبيده خلعة أحسن من العقل، و لا قلّده قلادة أجمل من العلم، و لا زيّنه بزينة أفضل من الحلم، و كمال ذلك التقوى.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأ أحمد بن الحسين، أنا أبو عبد اللّه الحافظ ، أنبأ الحسن بن محمّد بن إسحاق، قال: سمعت أبا عثمان سعيد بن عثمان الخيّاط يقول: سمعت ذا النون يقول: من نظر في عيوب الناس عمي عن عيوب نفسه، و من عني بالنار و الفردوس شغل عن القال و القيل، و من هرب من الناس سلم من
ص: 432
شرورهم، و من شكر زيد (1).
قال: و أنا أبو محمّد بن يوسف، قال: سمعت ناصر بن محمّد يقول: سمعت إبراهيم بن المولّد يقول: سمعت الجنيد بن محمّد يقول: سمعت ذا النون المصري يقول: و الاستئناس بالناس من علامة الإفلاس.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن محمّد بن الفضل، نا سليمان بن إبراهيم، نا أبو سعيد النقاش، أنا محمّد بن أحمد بن شاذان البجلي، نا يوسف بن الحسين الرازي، قال: سمعت ذا النون المصري و هو يوصي أخاه ذا الكفل: يا أخي كن بالخير موصوفا، و لا تكن للخير وصافا.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنا أحمد بن الحسين، أنا أبو عبد اللّه الحافظ ، أنا الحسين بن محمّد بن إسحاق، نا أبو عثمان الخيّاط ، قال: سمعت ذا النون يقول:
إياك أن تكون في المعرفة مدّعيا أو تكون بالزهد محترفا أو تكون بالعبادة متعلقا قيل له فسر لنا ذلك رحمك اللّه، فقال: أ ما علمت أنك إذا أشرت في المعرفة إلى نفسك بأشياء أنت معرى من حقائقها كنت مدعيا، و إذا كنت في زهدك موصوفا بحالة و بك دون الأحوال كنت محترفا، و إذ علّقت بالعبادة قلبك و ظننت أنك تنجو من اللّه تعالى بالعبادة لا باللّه في العبادة كنت بالعبادة متعلقا لا بوليها و المنان بها عليك.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحسين بن أحمد [بن] علي البيهقي، و أبو القاسم زاهر بن طاهر بن محمّد، قالا: أنبأ أحمد بن منصور بن خلف، قال: سمعت أبا علي القضاعي، و هو الحسن بن حفص الأندلسي يقول: سمعت عبد الخالق بن أحمد يقول: أخبرني عثمان بن محمّد البصري، أخبرني أحمد بن محمّد بن عيسى قال: سمعت محمّد بن أحمد بن سلمة النيسابوري يقول: بينا أنا نائم في صحن مسجد ذي النون إذ سمعت نغمته في جوف الليل و هو يقول (2):
حبّك قد أرقني *** و زاد قلبي سقما
كتمت (3) في القلب و في *** الأحشاء حتى انكتما
ص: 433
لا تهتك الستر (1) الذي *** ألبستني تكرّما
ضيّعت نفسي سيدي *** فردّها مسلما
ثم قال سقى اللّه أرواح قوم مناهم إن ذكروا (2) نسوا النفوس، و لم يذكروا مع اللّه غير اللّه. ثم قال: هم [و اللّه مرادون] (3) قد خصوا و صفوا و طيبوا فعاشوا بروح اللّه في أعظم القدر.
أخبرنا أبو عبد اللّه الفراوي، أنبأ أبو عثمان الصابوني، أنشدني أبو القاسم بن حبيب المفسّر، أنشدني أبو محمّد أحمد بن محمّد بن إبراهيم البلاذري (4) الطوسي، أنشدني بكر بن عبد الرّحمن لذي النون المصري:
أنت في غفلة و قلبك ساهي *** نفذ العمر و الذنوب كما هي
جمة حصلت عليكم جميعا *** في كتاب و أنت عن ذاك لا هي
لم تبادر بتوبة منك حتى *** صرت شيخا فحبلك اليوم واهي
فاجتهد في فكاك نفسك واحد *** و يوم تبدو السمات فوق الجباه
قال: و أنا أبو عثمان قال: سمعت أبا يعلى حمزة بن عبد العزيز المهلّبي يقول:
سمعت أبا الحسن علي بن محمّد بن حمشاد العدل يقول: سمعت يوسف بن الحسين يقول: سمعت ذا النون المصري يقول: كان لي عكازة مكتوب عليها:
سر في بلاد اللّه سياحا *** و ابك على نفسك نوّاحا
و امش بنور اللّه في أرضه *** كفى بنور اللّه مصباحا
قال: و كان لي عصا مكتوب عليها (5):
عبرات كتبن في الخد سطرا *** قد قرأه من ليس يحسن يقرا
إنّ موت الحبّ من ألم الشوق *** و خوف الفراق يورث عذرا
صابر الصبر فاستغاث به *** الصبر فصاح المحبّ بالحبّ صبرا
ص: 434
فقال: و كان لي مخلاة مكتوب عليها:
لا ربّك ينساك *** و لا رزقك يعدوك
و من يرغب إلى الناس *** فهو للناس مملوك
يكن سعيك للّه *** فإن اللّه يكفيك
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأ أبو بكر البيهقي، أنشدنا أبو القاسم بن حبيب، أنشدنا أبو محمّد أحمد بن محمّد بن إبراهيم البلاذري، أنشدنا بكر بن عبد الرّحمن، أنشدنا ذو النون المصري:
قلبي إلى ما ساءني داعي *** يكثر أسقامي و أوجاعي
كيف احتراسي من عدوي إذا *** كان عدوي بين أضلاعي
كتبت عن أبي نصر محمّد بن حمد بن عبد اللّه - و لم يتفق لي سماعه منه و هو لي إجازة - نا أحمد بن الفضل بن محمّد قال: سمعت أبا العباس أحمد بن محمّد بن زكريا النسوي شيخ الحرم قال: سمعت أبا حفص [عباس] (1) بن عبيد اللّه بن عتيق الإخميمي بها، قال: ذكر عبد الوهاب بن يزيد، قال: سمعت ذا النون المصري يقول:
لقيت بعض الشيوخ فقلت له: من أين أقبلت ؟ فأنشأ يقول:
من عند من علق الفؤاد بحبّه *** و شكا إليه بخاطر مشتاق
يبغي إليه من الوصال تقرّبا *** فيه الشفا لوامق توّاق
ثم قال ذو النون:
أطلعت قلبي على سري و أحشائي *** من نظرة وقعت مني على دائي
قد كنت غرا ما حيّفت من نظري *** لا علم لي أن بعضي بعض أعدائي
أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل، أنبأ سهل بن بشر، أنا محمّد بن إسماعيل بن القاسم الحداد، ثنا أبو علي محمّد بن الحسين بن أحمد بن بكر الطّبراني، نا عمي عبد اللّه بن بكر، أخبرني إبراهيم بن أحمد، عن عثمان بن أحمد، نا الحسن بن مصعب، قال: سمعت ذا النون يقول: لقيت بعض السواح فقلت له: من أين أقبلت ؟ فأنشأ يقول:
ص: 435
من عند من علق الفؤاد بحبّه *** و شكا إليه بخاطر مشتاق
يبغي إليه من الوسائل قربة *** فيها الشفا لوامق توّاق
أنبأنا أبو علي الحداد، أنبأ أبو نعيم الحافظ (1)،نا عثمان بن محمّد العثماني، حدّثني علي بن عبد اللّه بن سويد، نا محمّد بن حمدان (2) بن الصباح، نا أبو بكر محمّد بن خلف المؤدب - و كان من خيار عباد اللّه - قال: رأيت ذا النون المصري على ساحل البحر عند صخرة موسى، فلما جنّ الليل خرج فنظر إلى السماء و الماء فقال:
سبحان اللّه ما أعظم شأنكما، بل شأن خالقكما أعظم منكما و من شأنكما، فلما تهور الليل لم يزل ينشد هذين البيتين إلى أن طلع عمود الصبح:
اطلبوا لأنفسكم *** مثل ما وجدت أنا
قد وجدت لي سكنا *** ليس (3) في هواه عنا
إن بعدت قرّبني *** أو قريب (4) منه دنا
قال و أنا أبو نعيم، قال (5):أنشدنا عثمان بن محمّد العثماني، أنشدني العباس بن أحمد لذي النون:
إذا ارتحل الكرام إليك يوما *** ليلتمسوك حالا بعد حال
فإنّ رحالنا حطّت لترضى *** بحكمك (6) من حلول و ارتحال
أنخنا في فنائك يا إلهي *** إليك معرّضين بلا اعتلال
فسسنا كيف شئت و لا تكلنا *** إلى تدبيرنا يا ذا المعالي
أخبرنا أبو الحسن بن سعيد، ثنا و أبو النجم بدر بن عبد اللّه، أنبأ أبو بكر الخطيب (7)،نا عبد العزيز بن علي الوراق، نا علي بن عبد اللّه الهمذاني، نا أحمد بن مقاتل الحريري - مذاكرة - قال: لما وافى ذو النون إلى بغداد، اجتمع إليه جماعة من
ص: 436
الصوفية و معهم من يقول، فاستأذنوه أن يقول شيئا عنده، فقال: نعم، فابتدأ القوال:
صغير هواك عذبني *** فكيف به إذا احتنكا
و أنت جمعت من قلبي *** هوى قد كان مشتركا
أ ما ترثي (1) لمكتئب *** إذا ضحك الخليّ بكا؟
فقام ذو النون قائما، ثم سقط على وجهه، فرأى الدم يجري منه و لا يسقط إلى الأرض منه شيء، ثم قام بعده رجل ممن كان حاضرا في المجلس يتواجد، فقال له ذو النون: الذي يراك حين تقوم، فجلس الرجل.
أنبأنا أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل، أنا أبو بكر المزكي، نا أبو عبد الرّحمن السّلمي، قال: سمعت عبد الواحد بن بكر يقول: سمعت أحمد بن مقاتل البغدادي يقول: لما دخل ذو النون بغداد دخل عليه صوفية بغداد و معهم قوّال فقالوا: بادر له حتى يقول، قال: نعم، فقال القوّال:
صغير هواك عذّبني *** فكيف به إذا احتنكا
و أنت جمعت من روحي *** هوى قد كان مشتركا
أ ما ترثي لمكتئب *** إذا ضحك الخلّي بكا؟
قال: فقام ذو النون و تواجد و طال تواجده ثم قعد، فقام رجل آخر يتواجد فقال له ذو النون الذي يراك حين تقوم، فقعد الرجل.
و قال ذو النون: من كان في توحيده ناظرا إلى نفسه لم ينجه توحيده من النار.
أنبأنا أبو عبد اللّه البلخي، أنا أبو الحسين أحمد بن عبد القادر بن محمّد بن يوسف، قال: قرأت على أبي الحسن محمّد بن علي بن صخر في كتابه لذي النون المصري:
خلا من الذكر قلبه فقسا *** كالعود طال الظمأ به فعشا
عساه اما بكا و اعول أن *** يدرك ما فاته عسا و عسا
عساه يلقى النعيم إن نعمت *** عيناه لما توسط الغلسا
ص: 437
يسير حزنا كأن صورته *** دارس رسم من البلا درسا
لا تفقد العين في تأمله *** ضوء سراج لطالب قبسا
من عرف اللّه حقّ معرفة *** باين فيه الأصحاب و الجلسا
يخشى و يرجو و لو أحسى لظى *** و هي تلظى عليه ما ينسا
يخاف من لا يزال راجيه *** و هو يريه السرور و الأنسا
يوحشه أن يرى الغنيّ و أن *** يرى فقيرا يقويه أنسا
إن قام قامت همومه معه *** و يجلس الحري حيث ما جلسا
كأنه في ظلام ليلته أسير *** حزن لنفسه حبسا
من أول الليل قائما حذرا *** لو مات من كدّه لما جلسا
أخبرنا أبو القاسم المستملي، أنا أبو بكر الحافظ ، أنا عبد اللّه بن يوسف الأصبهاني، قال: سمعت أبا بكر محمّد بن عبد اللّه الرازي يقول: سمعت يوسف بن الحسين الرازي يقول: سمعت ذا النون المصري يقول: كنت في الطواف فإذا أنا بجاريتين قد أقبلتا فتعلقت إحداهما بأستار الكعبة فإذا هي تقول:
أ ما لفتاة حرّد الهجر بينها *** و بين الذي تهواه يا رب من وصل
حججت و لم أحجج لسوء عملته *** و لكن لتعذيبي على قاطع الحبل
ذهبت بعقلي في هواه صغيره *** فقد كبرت سني فردّ به عقلي
و إلاّ فساو (1) الحبّ بيني و بينه *** فإنك يا مولاي توصف بالعدل (2)
قال: فصحت بها فقلت: ويحك أمثل هذا الشعر يقال للّه عز و جل ؟ فقالت: إليك عني يا ذا النون، فلو أطلعك الخبير على الضمير لرحمت من عذلت، ثم وثبت الأخرى فقالت: يا ذا النون لأقولنّ أعجب من هذا، ثم أنشأت تقول:
صبرت و كان الصبر خير مغبّة *** و هل جزع يجدي عليّ فأجزع ؟
صبرت على ما لو تحمّل بعضه (3) *** جبال شرورى (4) أصبحت تتصدّع
ملكت دموع العين ثم رددتها *** إلى ناظري فالعين في القلب تدمع
ص: 438
فقلت: مما ذا يا جارية ؟ فقالت: من مصيبة نالتني، لم تصب أحدا قط ، قلت: و ما هذه المصيبة ؟ قالت: يا ذا النون كان شبلان يلعبان أمامي، و كان أبوهما ضحّى بكبش، فقال أحدهما لأخيه يا أخيه (1):أريك كيف ضحّى أبونا بكبشه ؟ فنام أحدهما فأخذ الآخر شفرة فنحره، و هرب القاتل فدخل أبوهما فقلت: إن ابنك قتل أخاه و هرب، فخرج في طلبه فوجده قد افترسه السّبع، فرجع الأب فمات في الطريق ظمأ و جوعا و كان لي طفل صغير و كنت أطبخ قدرا فغفلت عنه فأصاب (2) فسقط القدر عليه فمات حرقا، قال ذو النون: فلم أسمع بشيء أعجب من ذلك.
أنبأنا أبو جعفر أحمد بن محمّد بن عبد العزيز المكي، أنبأ الحسن بن يحيى بن إبراهيم، أنبأ الحسن بن علي بن محمّد الشيرازي، أنبأ علي بن عبد اللّه بن جهضم، نا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن عيسى الواعظ ، حدّثني يوسف بن الحسين، قال: قال لي أبو نصر فتح بن شخرف (3) الكسّي (4):دخلت على أبي الفيض ذي النون بن إبراهيم عند موته فقلت: كيف تجدك ؟ فقال (5):
أموت و ما ماست (6) إليك صبابتي *** و لا رويت من صدق حبك أوطاري
أموت وشيكا فيك يا علة المنى *** و لم أقض يا ذا الكبر يا منك أفكاري
مناي المنى كل المنى أنت لي منى *** و أنت الغنى كل الغنى عند اقتاري (7)
و أنت مدا سؤلي و غاية رغبتي *** و موضع آمالي (8) و مكنون إضماري
تضمن قلبي منك مالك قد بدا *** و إن طال سري فيك أو طال إظهاري (9)
ص: 439
و بين ضلوعي منك ما (1) لا أبثه *** و لم أبد باديه لأهل و لا جار
سرائر لا يخفى عليك خفيّها *** و لست أبح حتى التنادي بأسراري
فهب لي نسيما منك أحيا بروحه *** وجد لي لليسر منك بطرد إعساري
فلا روح إلا ما به النفس روحت *** و ما فيك لاقت في رواحي و إبكاري
آثرت الهدى للمهتدين و لم يكن *** من العلم في أيديهم غير معشار (2)
و علمتهم علما فباتوا بنوره *** و بانت لهم منه معالم أسرار
معاينة للعين حتى كأنها *** لما غاب عنها منه حاضرة الدار
فأبصارهم محجوبة و قلوبهم *** تراك بأوهام حديدات أبصار
جمعت لها الهم المعرف و التقى *** على قدر و الهمّ يجري بمقدار
فاصمت إقرارا لما أنا مؤمن *** به إنّ هذا الصمت قائد أفكاري
أ لست دليل الركب إذ هم تحيروا *** و عصمة من أمسى على جرف هار
قال فتح بن شخرف: فلما ثقل قلت له: كيف تجدك ؟ فقال:
فما لي سوى الإطراق و الصمت حيلة *** و وضعي على خدي يدي عند تذكاري
فإن طرقتني عبرة بعد عبرة *** تجرّعتها حتى إذا عيل تصباري
أفضت دموعا جمّة مستهلّة *** أطفي بها حرّا تضمن أسراري
و ينعش قلبي حسن ظني بواحدي *** فأحيا و لو لا ذاك بحت بأسراري
فيا منتهى سؤل المحبين كلهم *** أبحني محل الأنس مع كل زوار
و لست أبالي فائتا بعد فائت *** إذا كنت في الدارين يا واحدي جار
أخبرنا أبو الحسن بن سعيد، نا و أبو النجم بدر بن عبد اللّه، قال: أنبأ أبو بكر الخطيب (3)،أنا الجوهري، أنا محمّد بن العباس ح.
قال: و أنا الأزهري، أنا أحمد بن محمّد بن موسى القرشي، قالا: أنا أبو الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي، قال: و دخلها - يعني بغداد - أبو الفيض ذو النون النوبي المعروف بالمصري، حين أشخص إلى سرّ من رأى أيام المتوكل، ثم زار جماعة من
ص: 440
إخوانه، فأقام ببغداد أياما (1) يسيرة ثم رجع إلى مصر.
قال (2):و أنا أبو سعد الماليني - إجازة - أنا الحسن بن رشيق المصري، حدّثني جبلة بن محمّد الصّدفي، حدّثني عبد اللّه بن سعيد بن كثير بن عفير، قال: توفي ذو النون سنة خمس و أربعين و مائتين، و قال ابن رشيق، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن بن أبي مالك الإخميمي، قال: سمعت أبا العباس حيان بن أحمد السهمي يقول: مات ذو النون بالجيزة (3)،و حمل في مركب حتى عدّي به إلى الفسطاط خوفا عليه من زحمة الناس على الجسر، و دفن في مقابر أهل المعافر، و ذلك يوم الاثنين لليلتين خلتا من ذي القعدة سنة ست و أربعين و مائتين، و كان والده يقال له إبراهيم مولى لإسحاق بن محمّد الأنصاري، و كان له أربعة (4) بنين، ذو النون و الهميسع، و عبد الباري، و ذو الكفل و لم يكن منهم أحد على مثل طريقة ذي النون.
قرأت على أبي محمّد السّلمي، عن أبي محمّد التميمي، أنا أبو الحسن المؤدب، أنبأ أبو سليمان الرّبعي، قال: قال الحسن بن علي فيها - يعني خمس و أربعين و مائتين-:
مات ذو النون بن إبراهيم الإخميمي.
كتب إليّ أبو محمّد حمزة بن العباس بن علي، و أبو الفضل أحمد بن محمّد بن الحسن بن سليم، و حدّثني أبو بكر اللفتواني، أنا أبو الفضل بن سليم، قالا: أنا أبو بكر الباطرقاني، أنا أبو عبد اللّه بن مندة ح، و حدّثني أبو بكر قال: و أنبأني أبو عمرو بن مندة، عن أبيه، قال: قال لنا أبو سعيد بن يونس: ذو النون بن إبراهيم الإخميمي الزاهد يكنى أبا الفيض، توفي في ذي القعدة سنة خمس و أربعين و مائتين: قد لقيت غير واحد من أصحابه.
أنبأنا أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل، أنبأ يحيى بن إبراهيم، أنا أبو عبد الرّحمن السّلمي، أخبرني الحسن بن رشيق إجازة، حدّثني جبلة بن محمّد الصّدفي، نا عبيد اللّه بن سعيد بن كثير بن عفير، قال: مات سنة خمس و أربعين
ص: 441
و مائتين و قال أبو عبد الرّحمن السّلمي: توفي سنة ثمان و أربعين و مائتين، و الأول أصح (1).
أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد، أنبأ سهل بن بشر، أنا محمّد بن إسماعيل الحداد، نا أبو علي محمّد بن الحسين الطّبراني، نا عمي عبد اللّه بن بكر، حدّثني عبد الرّحمن بن معاذ المصري، حدّثني أبي، عن أبي بكر بن زيّان، قال: وقعت في حمام الغلّة بمصر و قد جاءوا بنعش ذي النون فرأيت طيورا خضرا ترفرف عليه إلى أن وصل به إلى قبره، فلما دفن غابت.
أبو الكرم السّلمي الصوفي
حدّث عن عبد الدائم بن الحسن.
روى عنه: عمر بن أبي الحسن الدّهستاني (2)،و طاهر الخشوعي، و هو نسبه، و الفقيه أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي، و عبد اللّه بن أحمد بن السّمرقندي.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمّد بن الحسن الفرغولي بمرو، نا عمر بن أبي الحسن بن سعدويه الحافظ ، أنبأ ذو النون بن علي بن صدقة السّلمي أبو الكريم (3)الصوفي الدمشقي بوادي ينبع (4)،أنبأ أبو الحسن بن أبي القاسم البرزي (5) بدمشق، نا أبو الحسين أخو تبوك بن الحسن الكلابي، نا طاهر بن محمّد الإمام، نا هشام بن عمّار، ثنا عثمان بن عبد الرّحمن، نا حفص بن سليمان، عن كثير بن زاذان، عن عاصم بن ضمرة، عن علي بن أبي طالب، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«من قرأ القرآن فحفظه
ص: 442
و استظهره أدخله اللّه عز و جل الجنة، و شفّعه في عشرة من أهل بيته كلّهم قد وجبت له النار»[4147].
قد ذكرت قبل هذا أن عبد الدائم لم يسمع هذا الحديث من عبد الوهاب، و ما أعجب إلاّ من قول الدهستاني (1) فيه، ثنا أبو الحسين (2).
أخبرناه أعلى من هذا بثلاث درجات أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، قال: قرئ على أبي الحسن علي بن إبراهيم بن عيسى بن الطيب بن حمزة البلخي سنة سبع و ثلاثمائة، نا علي بن حجر السعدي، نا حفص بن سليمان، عن كثير بن زاذان، عن عاصم بن ضمرة، عن علي بن أبي طالب، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«من قرأ القرآن و حفظه و استظهره و أحلّ حلاله و حرّم حرامه، أدخله اللّه عز و جل الجنة و شفّعه في عشرة من أهل بيته، كلّهم قد استوجب له النار»[4148].
أنبأنا أبو محمّد عبد اللّه بن أحمد بن عمر، أخبرنا ذو النون بن علي بن أحمد بن الحسن بن صدقة السّلمي، قراءة عليه بدمشق، أنا أبو الحسن بن [أبي] القاسم الدمشقي، أخبرني أبو الحسين عبد الوهاب بن موسى بن سعيد بحديث ذكره.
ذكر من اسمه (3) ذويد
2113 - ذويد بن نافع، و يقال دويد
تقدم في حرف الدال المهملة.
ص: 443
ذكر من اسمه (1) ذيّال
2114 - ذيّال بن محمّد بن ذيّال بن عامر السّلمي
من أهل قرية جوبر (2).
حدّث عن أحمد بن عبد الرحيم بن محمّد بن علي السّلمي.
روى عنه: أبو العباس بن السمسار، و أبو الحسين الرازي والد تمّام.
قرأت بخط تمام بن محمّد الرازي.
ثم أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفقيه، و أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة، عن عبد العزيز بن أحمد، أنبأ تمام بن محمّد، حدّثني أبو العباس محمّد بن موسى الحافظ ، حدّثني ذيّال بن محمّد بن ذيّال بن عامر السّلمي الجوبري، نا أحمد بن عبد الرحيم بن محمّد بن علي السّلمي، نا عمي عبد اللّه بن محمّد، حدّثني المسيّب بن شريك، عن مالك بن أنس، عن الزهري، عن أنس بن مالك: أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم دخل مكة و على رأسه المغفر[4149].
أخبرناه أعلى من هذا بثلاث درجات أبو القاسم علي بن إبراهيم الحسيني، و أبو الحسن علي بن الحسن الموازيني، قالا: أنا أبو الحسين بن أبي نصر، أنا القاضي أبو بكر يوسف بن القاسم بن يوسف الميانجي (3)،نا أبو خليفة الفضل بن الحباب، نا أبو
ص: 444
الوليد و الحجبي، قالا: نا مالك بن أنس عن الزهري، عن أنس أن النبي صلى اللّه عليه و سلّم دخل مكة و على رأسه المغفر فلما وضعه على رأسه قيل هذا ابن خطل (1) متعلّق بأستار الكعبة فقال:
«اقتلوه»[4150].
أخرجه البخاري عن أبي الوليد هشام بن عبد الملك الطّيالسي.
أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، نا عبد العزيز بن أحمد، أنبأ تمام بن محمّد، حدّثني أبي، حدّثني ذيّال بن محمّد بن ذيّال من أهل قرية جوبر، نا أحمد بن عبد الرحيم، حدّثني عمي عبد اللّه بن عامر، نا المسيّب بن شريك، عن عتبة بن يقظان، عن الشعبي، عن فاطمة بنت قيس، عن النبي صلى اللّه عليه و سلّم فذكر حديث الجسّاسة (2)بطوله.
ص: 445
أبو المهلّب
- و يقال: أبو داود - اليرسمي (1) الصّنعاني (2)،صنعاء دمشق
روى عن أبي الأشعث شراحيل بن أدّة (3)،و أبي عثمان شراحيل بن مرثد الصّنعانيّين، و أبي أسماء الرّحبي، و نافع، و يعلى بن شداد بن أوس، و عبد الرّحمن بن حسان الكناني، و أبي صالح الأشعري.
روى عنه: يحيى بن حمزة، و عبد الملك (4) بن محمّد الصّنعاني، و عبد الرّحمن بن سليمان بن أبي الجون، و معاوية بن يحيى أبو مطيع، و إسماعيل بن عياش، و الهيثم بن حميد، و صدقة بن عبد اللّه السمين.
أخبرنا أبو عبد اللّه الفراوي، و أبو محمّد السيد، قالا: أنا أبو سعد (5) محمّد بن عبد الرّحمن الجنزرودي (6)،أنا أبو أحمد الحاكم، أنا محمّد بن سليمان، نا هشام بن عمّار، نا عبد الملك بن محمّد، نا راشد بن داود، عن نافع، عن يعلى بن شداد، عن
ص: 446
أبيه قال: إنّي لمع النبي صلى اللّه عليه و سلّم في بيت و نفر من أصحابه فقال:«انظروا هل فيكم من غيركم»- و هو يعني أهل الكتابين - فنظر بعضهم إلى بعض، فقالوا: لا، قال:
«أجف (1) الباب» فأغلق الباب، ثم قال:«ارفعوا أيديكم و قولوا: لا إله إلاّ اللّه» و رفع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم يده و رفعنا أيدينا فقلنا (2):لا إله إلاّ اللّه فقال:«أبشروا» ثم قال:«ضعوا أيديكم» فوضعنا أيدينا ثم قال:«أبشروا فقد غفر لكم، إني بها بعثت و بها أمرت و عليها وعدت، و عليها أدخل الجنة»[4151].
رواه أحمد بن المعلّى الدمشقي، عن هشام بن عمّار، فلم يذكر نافعا في إسناده، و كذلك رواه إسماعيل بن عياش، عن راشد بن داود.
فأما حديث ابن (3) المعلّى:
فأخبرناه أبو علي الحداد في كتابه و حدّثني أبو مسعود الأصبهاني عنه، أنبأ أبو نعيم الحافظ ، ثنا سليمان بن أحمد الطّبراني، نا أحمد بن المعلّى، نا هشام بن عمّار، نا عبد الملك بن محمّد الصّنعاني، حدّثني راشد بن داود الصّنعاني، نا يعلى بن شداد بن أوس، عن أبيه فذكر نحوه.
و أما حديث ابن عياش:
فأخبرناه أبو غالب بن الحسن بن البنّا، و أبو نصر بن رضوان، و أبو القاسم بن الحصين، قالوا: أنا أبو محمّد الجوهري، أنا أبو بكر بن مالك، نا جعفر بن محمّد، هو الفريابي، نا إبراهيم بن العلاء، نا إسماعيل بن عياش، حدّثني راشد بن داود، عن يعلى بن شداد (4) بن أوس، حدّثني أبي شداد [بن] (5) أوس، و عبادة بن الصامت حاضر فصدّقه، قال: كنا عند النبي صلى اللّه عليه و سلّم فقال:«هل فيكم غريب»- يعني أهل الكتاب-، فقلنا:
لا يا رسول اللّه، فأمر فأغلق الباب، فقال:«ارفعوا أيديكم، قولوا لا إله إلاّ اللّه» فرفعنا
ص: 447
أيدينا ساعة قال: ثم (1) وضع نبي اللّه صلى اللّه عليه و سلّم يده ثم قال:«الحمد للّه، اللّهم إنك بعثتني بهذه الكلمة، و أمرتني بها، و وعدتني عليها الجنة، إنك لا تخلف الميعاد» ثم قال:«اشتروا (2)فإن اللّه قد غفر لكم»، و هذا هو الصواب[4152].
قرأت على أبي الفتح نصر اللّه بن محمّد، عن أبي الحسين بن الطّيّوري، أنبأ أبو محمّد الجوهري، عن أبي عمر بن حيّوية، أنبأ محمّد بن القاسم الكوكبي، نا إبراهيم بن الجنيد، قال: سألت يحيى بن معين، عن راشد بن داود الصّنعاني، فقال: ليس به بأس ثقة، روى عنه أبو مطيع معاوية بن يحيى، و إسماعيل بن عياش (3)،قال يحيى: و أنا أسمع: صنعاء هذه: قرية من قرى الشام منها راشد بن داود و أبو الأشعث الصّنعاني و حنش، ليس صنعاء اليمن (4).
أنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي، ثم حدّثنا أبو الفضل بن ناصر، أنبأ أبو الفضل بن خيرون، و أبو الحسين بن الطّيّوري، و محمّد بن علي - و اللفظ له - قالوا: أنا أبو أحمد - زاد ابن خيرون، و محمّد بن الحسن، قالا:- أنا أحمد بن عبدان، أنا محمّد بن سهل، أنا محمّد بن إسماعيل، قال (5):راشد بن داود الصّنعاني الشامي أبو المهلّب، سمع أبا الأشعث الصّنعاني، و أبا عثمان، و أبا أسماء، روى عنه إسماعيل بن عياش كناه أبو اليمان، و قال في موضع آخر: راشد فيه نظر.
أخبرنا أبو بكر الشّقّاني (6)،أنبأ أبو بكر أحمد بن منصور بن خلف، أنبأ أبو سعيد بن حمدون، أنا مكي بن عبدان، قال: سمعت مسلم بن الحجّاج يقول: أبو المهلّب راشد بن داود الصّنعاني، سمع أبا الأشعث الصّنعاني، و أبا عثمان، روى عنه يحيى بن حمزة، و إسماعيل بن عياش.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الخلاّل، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا أحمد بن
ص: 448
عبد اللّه إجازة، قال: و أنا أبو طاهر بن سلمة، نا علي بن محمّد، قالا: أنا أبو محمّد بن أبي حاتم، قال (1):راشد بن داود الصّنعاني أبو المهلّب شامي، روى عن أبي الأشعث، و أبي أسماء، و أبي عثمان الصّنعاني، روى عنه يحيى بن حمزة، و عبد الرّحمن بن سليمان، و معاوية بن يحيى أبو مطيع، و إسماعيل بن عياش، و عبد الملك بن محمّد الصّنعاني، سمعت أبي يقول ذلك.
قرأت على أبي الفضل بن ناصر، عن جعفر بن يحيى، أنا أبو نصر الوائلي (2)،أنا الخصيب (3) بن عبد اللّه، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرّحمن: أخبرني أبي قال:
أبو داود راشد الصّنعاني، عن أبي الأشعث، روى عنه يحيى بن حمزة، و قال في موضع آخر: أبو المهلّب راشد بن داود.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، نا عبد العزيز بن أحمد، أنا تمام بن محمّد، أنا أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد بن جعفر، نا أبو زرعة قال في ذكر نفر ذوي أسنان و علم:
أبو المهلّب راشد بن داود الصّنعاني.
أخبرنا أبو غالب بن البنّا، أنا أبو الحسين بن الآبنوسي، أنا عبد اللّه بن عتّاب، أنا أحمد بن عمير (4) إجازة ح.
و أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل، أنا أبو عبد اللّه بن أبي الحديد، أنبأ أبو الحسن الرّبعي، أنا عبد الوهاب الكلابي، ثنا أحمد بن عمير، قال: سمعت أبا الحسن بن سميع يقول في الطبقة الخامسة [من] (5) أهل الشام: راشد بن داود الصّنعاني.
قرأنا على أبي الفضل بن ناصر، عن أبي طاهر بن أبي الصقر، أنا هبة اللّه بن إبراهيم الصّوّاف، أنا محمّد بن أحمد المهندس، أنا أبو بشر الدولابي، قال: أبو المهلّب راشد بن داود الصّنعاني.
ص: 449
أنبأنا أبو جعفر محمّد بن أبي علي بن محمّد، أنا أبو بكر الصفار، أنا أبو بكر أحمد بن علي الحافظ ، أنبأ أبو أحمد محمّد بن محمّد الحاكم، قال: أبو المهلّب راشد بن داود الصّنعاني سمع أبا أسماء عمرو بن مرثد الرّحبي، و أبا الأشعث شراحيل بن أدّة الصّنعاني، روى عنه أبو عبد الرّحمن يحيى بن حمزة الحضرمي، و أبو عتبة إسماعيل بن عياش العنسي، و أبو أحمد الهيثم بن حميد الغسّاني.
أخبرنا أبو عبد اللّه البلخي، أنا أبو منصور محمّد بن الحسين، أنا أبو بكر البرقاني، قال: سمعت أبا الحسن (1) الدارقطني يقول: راشد بن داود أبو المهلّب حمصي ضعيف لا يعتبر به. هو دمشقي ليس بحمصي.
2116 - راشد بن سعد المقرائي (2)،و يقال الحبراني (3) الحمصي (4)
حدّث عن ثوبان مولى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم، و معاوية بن أبي سفيان، و أبي أمامة الباهلي، و يعلى بن مرّة، و عمرو بن العاص، و عبد اللّه بن بشر السّلمي المازني، و أبي الدرداء، و المقدام بن معدي كرب، و عتبة بن عبد السّلمي، و جبلة بن الأزرق، و عبد الرّحمن بن قتادة، و عبد الرّحمن بن عائذ (5) اليماني (6)،و عبد اللّه بن لحي الهوزني (7).
روى عنه: ثور بن يزيد الكلاعي، و حريز بن عثمان الرّحبي، و معاوية بن صالح الحضرمي، و أبو ضمرة محمّد بن سليمان بن أبي ضمرة السّلمي، و محمّد بن الوليد الزبيدي، الحمصيون و شهد مع معاوية صفّين.
أخبرنا أبو الوفا عبد الواحد بن حمد الشّرابي، و أم المجتبى فاطمة بنت ناصر، قالا: أنا أبو طاهر أحمد بن محمود، أنبأ أبو بكر بن المقرئ، أنبأ أبو العباس محمّد بن
ص: 450
الحسن بن قتيبة، نا حرملة بن يحيى التجيبي، نا عبد اللّه بن وهب، حدّثني معاوية بن صالح، عن راشد بن سعد، حدّثني عبد الرّحمن بن قتادة السّلمي، و كان من أصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلّم، قال: سمعت النبي صلى اللّه عليه و سلّم قال:«خلق اللّه آدم عليه السلام ثم أخذ الخلق من ظهره فقال: هؤلاء في الجنة و لا أبالي، و هؤلاء في النار و لا أبالي» قال قائل: يا رسول اللّه فعلى ما ذا نعمل ؟ قال:«على مواقع القدر»[4153].
أنبأنا أبو علي الحداد، ثم حدّثني أبو مسعود عبد الرحيم بن علي بن حمد الشاهد عنه، أنا أبو نعيم أحمد بن عبد اللّه، ثنا سليمان بن أحمد، نا بكر بن سهل، نا عبد اللّه بن صالح، حدّثني معاوية بن صالح، عن راشد بن سعد، عن المقدام بن معدي كرب الكندي، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«من ترك دينا أو ضيعة فإليّ (1)،و من ترك مالا فلورثته، و أنا مولى من لا مولى له، أفكّ عانيه و أرث ماله»[4154].
أخبرنا أبو محمّد السّلمي، ثنا أبو بكر الخطيب ح.
و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنبأ أبو بكر بن الطبري، قالا: أنا أبو الحسين بن الفضل، أنبأ عبد اللّه بن جعفر، نا يعقوب (2)،حدّثني حيوة بن شريح، نا بقية، قال: سمعت صفوان بن عمرو السّكسكي، قال: ذهبت عين راشد بن سعد يوم صفّين.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن بن أحمد، أنبأ يوسف بن رباح بن علي، أنبأ أحمد بن محمّد بن إسماعيل، نا محمّد بن أحمد بن حمّاد، نا معاوية بن صالح، قال: سمعت يحيى بن معين يقول في تسمية تابعي أهل الشام: راشد بن سعد المقرائي.
أخبرنا أبو بكر اللفتواني، أنبأ عبد الوهاب بن محمّد بن إسحاق، أنبأ أبو محمّد الحسن بن محمّد، أنا أبو الحسن أحمد بن محمّد، أنا أبو بكر بن أبي الدنيا، نا محمّد بن سعد (3) قال: في الطبقة الثالثة من التابعين من أهل الشام: راشد بن سعد الحميري توفي سنة ثلاث عشرة و مائة، و هذا القول في وفاته وهم، و لا أراه بقي إلى هذا
ص: 451
التاريخ إلاّ أن يكون غير صاحب الترجمة.
قرأت على أبي غالب بن البنّا، عن أبي محمّد الجوهري، أنبأ أبو عمر بن حيّوية، أنبأ أحمد بن معروف، نا الحسين بن الفهم، نا محمّد بن سعد، قال (1) في الطبقة الثالثة من أهل الشام: راشد بن سعد الحميري من أهل حمص، و كان ثقة، مات سنة ثمان و مائة في خلافة هشام بن عبد الملك.
قال أبو عبد اللّه الصوري: فيما وجدته بخطه: كان في الأصل: ثلاث عشرة و مائة، فضرب عليه و كتبت فوقه سنة ثمان و مائة، و قال: كذا في كتاب ابن معروف.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، نا عبد العزيز بن أحمد، أنبأ تمام بن محمّد، نا جعفر بن محمّد، نا أبو زرعة، قال في تسمية أهل حمص: راشد بن سعد.
أخبرنا أبو غالب بن البنّا، أنا أبو الحسين بن الآبنوسي، أنا عبد اللّه بن عتّاب، أنا أبو الحسن بن جوصا - إجازة - و أخبرنا أبو القاسم بن السّوسي، أنبأ أبو عبد اللّه الحسن بن أحمد، أنا علي بن الحسن، أنبأ عبد الوهاب بن الحسن، أنبأ أبو الحسن بن جوصا، قال: سمعت أبا الحسن بن سميع يقول في الطبقة الرابعة: راشد بن سعد المقرائي، من اليمن، حمصي.
أنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي، ثم حدّثنا أبو الفضل بن ناصر، أنبأ أبو الفضل بن خيرون، و أبو الحسين بن الطّيّوري، و محمّد بن علي - و اللفظ له - قالوا:
أخبرنا أبو أحمد - زاد ابن خيرون و محمّد بن الحسن، قالا:- أنا أحمد بن عبدان، أنا محمّد بن سهل، أنا محمّد بن إسماعيل، قال (2):راشد بن سعد الحمصي المقرائي، سمع ثوبان، و يعلى بن مرّة، و عن جبلة بن الأزرق، روى عنه ثور، قال حيوة: حدّثنا بقية، عن صفوان بن عمرو: ذهبت عين راشد يوم صفّين، و قال إسماعيل بن عياش، عن صفوان، عن راشد بن سعد الحبراني.
قرأنا على أبي عبد اللّه بن البنّا، عن أبي تمام علي بن محمّد، عن أبي عمر بن حيّوية، أنبأ محمّد بن القاسم بن جعفر، نا أبو بكر بن أبي خيثمة، نا الحوطي، نا بقية،
ص: 452
نا أرطأة بن المنذر، قال: دخلت على طاوس فقال: ما فعل راشد بن سعد؟ قلت:
بخير، قال: أقرئه مني السلام.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، نا عبد العزيز بن أحمد، أنبأ أبو محمّد بن أبي نصر، أنبأ أبو الميمون بن راشد، نا أبو زرعة، قال (1):قلت له - يعني عبد الرّحمن بن إبراهيم - دحيما فمن يوازي عندك (2) خالد بن معدان في مذهبه و علمه ؟ فذكر ابن أبي عوف (3) و راشد بن سعد، فقلت له: إن الوليد بن عبد الملك كتب يحمل القضاة على قول خالد.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا ثابت بن بندار، أنا أبو العلاء الواسطي، أنا أبو بكر البابسيري (4)،أنا الأحوص بن المفضّل بن غسان، نا أبي (5)،قال يحيى بن معين:
راشد بن سعد ليس به بأس، كان القطان يقدمه على مكحول، قال أبي: راشد بن سعد المقرائي من حمير من أثبت أهل الشام (6).
أخبرني أبو محمّد بن الأكفاني شفاها، أنا عبد العزيز بن أحمد إجازة، أنبأ تمام بن محمّد إجازة، حدّثني أبي، أخبرني أبو محمّد عبد اللّه بن أحمد بن ربيعة الرّبعي، نا جعفر بن محمّد بن أبي عثمان الطيالسي، قال: سمعت يحيى بن معين يقول: قال يحيى القطان راشد بن سعد أحب إليّ من مكحول (7).
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الخلال، أنبأ أبو القاسم بن مندة، أنبأ حمد بن عبد اللّه إجازة ح، قال: و أنا أبو طاهر بن سلمة، أنا علي بن محمّد، قالا: أنا أبو محمّد بن أبي حاتم (8)،نا صالح بن أحمد بن حنبل، نا علي - يعني ابن المديني-،
ص: 453
قال: قلت ليحيى - يعني القطان-: تروي عن راشد بن سعد؟ قال: ما شأنه ؟ هو أحب إليّ من مكحول.
قال أبو محمّد: و أنبأ علي بن أبي طاهر فيما كتب إليّ ، ثنا الأثرم، قال: سمعت أبا عبد اللّه أحمد بن حنبل يقول: راشد بن سعد لا بأس به، و سئل أبي عن راشد بن سعد؟ فقال: ثقة.
أخبرنا أبو القاسم الواسطي، ثنا أبو بكر الخطيب، أنبأ أحمد بن محمّد بن إبراهيم، قال: سمعت أحمد بن محمّد بن عبدوس، سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول: قلت ليحيى: فراشد بن سعد؟ فقال: ثقة (1).
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، و أبو عبد اللّه البلخي، قالا: أنا أبو الحسين بن الطّيّوري، و ثابت بن بندار، قالا: أنا أبو عبد اللّه الحسين بن جعفر، و أبو نصر محمّد بن الحسن، قالا: أنا الوليد بن بكر، أنبأ علي بن أحمد بن زكريا، أنبأ صالح بن أحمد، حدّثني أبي، قال: راشد بن سعد، شامي ثقة (2).
و أخبرنا أبو عبد اللّه البلخي، أنا ثابت بن بندار، أنبأ الحسين بن جعفر ح.
و أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنبأ أبو الحسين بن الطّيّوري، أنبأ الحسين بن جعفر، و محمّد بن الحسن، و أحمد بن محمّد العتيقي، قالوا: أنا الوليد بن بكر، أنا علي بن أحمد، أنا صالح بن أحمد، حدّثني أبي أحمد، قال (3):راشد بن سعد شامي تابعي ثقة.
قرأت على أبي محمّد السّلمي، عن أبي جعفر بن المسلمة، عن أبي الحسين بن حمد، أنا محمّد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة، نا جدي، قال: روى أبو بكر بن عبد اللّه بن أبي مريم - و هو ثقة - عن راشد بن سعد، و هو ثقة.
أخبرنا أبو عبد اللّه البلخي، أنبأ أبو منصور محمّد بن الحسين بن هريسة، أنبأ أحمد بن محمّد بن غالب البرقاني، قال: قال أبو الحسن الدارقطني، و راشد بن سعد
ص: 454
الحمصي لا بأس به، و هو يعتبر به إذا لم يحدث عنه متروك.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أحمد بن الحسن بن خيرون، أنا أبو القاسم بن بشران، أنا أبو علي بن الصّوّاف، نا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة، ثنا هاشم بن محمّد، قال: قال الهيثم بن عدي: مات راشد بن سعد المقرائي زمن هشام بن عبد الملك.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، و أبو العزّ الكيلي، قالا: أنا أبو طاهر الباقلاني - زاد الأنماطي: و أبو الفضل بن حمدون، قالا:- أنا محمّد بن الحسن الأصبهاني، أنا محمّد بن أحمد بن إسحاق، أنا عمر بن أحمد بن إسحاق، نا خليفة بن خيّاط (1)،قال:
في الطبقة الثانية من أهل الشام: راشد بن سعد المقرائي، مات سنة ثلاث عشرة و مائة، حمصي.
أخبرنا ابن السّمرقندي، أنا ابن السّري، أنا المخلّص إجازة، أنا عبد اللّه بن عبد الرّحمن السكري، أخبرني عبد الرّحمن بن محمّد بن المغيرة، أخبرني أبي، أنا أبو عبيد بن سلاّم، قال: سنة ثلاث عشرة و مائة فيها مات راشد بن سعد.
أبو بكر القرشي الرّملي (2)
سمع بدمشق الوليد بن مسلم، و محمّد بن شعيب بن شابور، و بغيرها: ضمرة بن ربيعة، و يزيد بن هارون، و عبيد اللّه بن موسى.
روى عنه: أبو حاتم الرازي، و أبو عبد اللّه محمّد بن يزيد بن ماجة، و عبد اللّه بن محمّد بن سلم المقدسي، و أبو المنذر محمّد بن سفيان بن المنذر الرّملي.
أخبرنا أبو سعد عبد الرّحمن بن عبد اللّه بن عبد الرّحمن الرازي الفقيه، أنبأنا أبو منصور محمّد بن الحسين بن أحمد بن الهيثم المقوّمي القزويني (3)،أنبأ أبو طلحة القاسم بن أبي المنذر الخطيب، نا أبو الحسن علي بن إبراهيم بن سلمة القطان، نا أبو عبد اللّه محمّد بن يزيد بن ماجة القزويني الحافظ ، نا راشد بن سعيد بن راشد الرّملي،
ص: 455
نا الوليد بن مسلم، عن أبي رافع إسماعيل بن رافع، عن سمي مولى أبي بكر، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم:«المشّاءون إلى المساجد في الظلم أولئك الخوّاضون في رحمة اللّه»[4155].
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الخلاّل، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا حمد بن عبد اللّه إجازة ح، قال: و أنبأ أبو طاهر بن سلمة، أنا علي بن محمّد، قالا: أنا أبو محمّد بن أبي حاتم، قال (1):راشد بن سعيد القرشي (2) أبو بكر، روى عن الوليد، و ضمرة، و محمّد بن شعيب، كتب عنه أبي رضي اللّه عنه ببيت المقدس سنة ثلاث و أربعين و مائتين، سئل أبي عنه فقال: صدوق.
قرأت على أبي محمّد عبد الكريم بن حمزة، عن أبي بكر الخطيب، قال:
راشد بن سعد ثلاثة، منهم: راشد بن سعد الرّملي، حدث عن الوليد بن مسلم، روى عنه عبد اللّه بن محمّد بن سلم المقدسي، ثم ساق له حديثا عن الصّوري، عن أبي العباس بن الحاج، عن أبي بكر بن أبي دجانة، عن أبي سلم، سماه فيه راشد بن سعد بغير ياء و ذلك وهم (3)،و الصواب ما قدمناه.
2118 - راشد بن أبي سكنة (4)،و يقال: سكنة
أبو عبد الملك العبدري، مولاهم
سكن مصر و ولي الخراج بها.
روى عن أبي الدرداء، و معاوية، و واثلة بن الأسقع، و سمع منهما بدمشق.
روى عنه: ابناه محمّد و إبراهيم ابنا راشد، و عمرو بن الحارث.
و كان مقدّما عند عمر بن عبد العزيز.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو محمّد بن أبي عثمان، أنا أبو طاهر محمّد بن علي بن عبد اللّه بن مهدي الشاهد، أنا أبو طاهر أحمد بن محمّد بن عمرو
ص: 456
المديني، نا أبو موسى يونس بن عبد الأعلى بن ميسرة الصّدفي، نا عبد اللّه بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث أن راشد بن أبي سلمة (1) حدثه أنه سمع معاوية على المنبر فيقول إنه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم يقول:«من يرد الله به خيرا يفقّهه في الدين»، كذا قال، و الصواب ابن أبي سكنة[4156].
أخبرناه أبو الوفاء عبد الواحد [بن] (2) حمد بن عبد الواحد، أنا أبو طاهر أحمد بن محمود بن أحمد، أنا أبو بكر محمّد بن إبراهيم بن علي، نا أبو العباس محمّد (3) بن الحسن بن قتيبة العسقلاني، نا حرملة بن يحيى، أنا عبد اللّه بن وهب:
أخبرني عمرو بن الحارث أن راشد بن أبي سكنة حدّثه أنه سمع معاوية و هو على المنبر يقول: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم يقول:«من يرد اللّه به خيرا يفقّهه في الدين»، و رواه غيره عن عمرو، فقال راشد أبي سكنة[4157].
أخبرناه أبو القاسم هبة اللّه بن عبد اللّه بن أحمد، أنا أبو بكر الخطيب، أنا الحسن بن أبي بكر، أنا محمّد بن محمّد بن أحمد بن مالك الإسكافي، نا أبو الأحوص محمّد بن الهيثم بن حمّاد القاضي، نا عمرو بن خالد، نا بكر - يعني ابن مضر-، عن عمرو بن الحارث، عن راشد [بن] أبي سكنة، قال: سمعت معاوية بن أبي سفيان على المنبر يقول: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم يقول:«من يرد الله به خيرا يفقّهه في الدين»، قال أبو الأحوص: كذا قال عمرو.
أخبرنا أبو محمّد حمزة بن العباس بن علي، و أبو الفضل أحمد بن محمّد بن سليم في كتابيهما، و حدّثني أبو بكر اللفتواني عنهما، قالا: أنبأ أبو بكر الباطرقاني، أنا أبو عبد اللّه بن مندة، نا أبو سعيد بن يونس، حدّثني أبي، عن جدي، نا ابن وهب، حدّثني حرملة بن عمران: أنه سمع حمد بن راشد يخبر عن أبيه أنه قال: عرضت القرآن على أبي الدّرداء و واثلة بن الأسقع صاحبي النبي صلى اللّه عليه و سلّم فلم يردّا عليّ شيئا و أنه كان يقرأ:
يقضي الحق و هو خير الفاصلين (4) .
ص: 457
حدّثنا أبو الفضل بن ناصر، أنا أبو الفضل بن خيرون، أنا أبو طالب عمر بن إبراهيم بن سعيد الفقيه الزهري، أنا أبو الحسين محمّد بن عبد اللّه بن أخي ميمي الدقاق، أنا أبو القاسم منصور بن محمّد بن الحسن الحذّاء، أنا أبو بكر محمّد بن يونس المقرئ، حدّثني أبو الحسن علي بن أحمد بن محمّد المقرئ، نا أبو علي الحسن بن محمّد الحرّاني، نا شباب خليفة بن خيّاط ، نا أبو عبد الرّحمن - يعني المقرئ - نا حرملة بن عمران، قال: سمعت محمّد بن راشد، عن أبيه، قال: عرضت القرآن على أبي الدّرداء، و واثلة بن الأسقع ثلاث مرات بدمشق.
أنبأنا أبو الغنائم الكوفي، ثم حدّثنا أبو الفضل البغدادي، أنا أحمد بن الحسن، و المبارك بن عبد الجبار، و أبو الغنائم - و اللفظ له - قالوا: أنا عبد الوهاب بن محمّد - زاد أحمد: و محمّد بن الحسن، قالا:- أنا أحمد بن عبدان، أنا محمّد بن سهل، أنا محمّد بن إسماعيل، قال (1):راشد بن أبي سكنة، سمع معاوية، روى عنه عمرو بن الحارث يعدّ في الشاميين.
و قال البخاري: محمّد بن راشد بن أبي سكنة، روى عنه حرملة بن عمران يحدث عن أبيه في المصريين.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد اللّه الأديب، أنبأ عبد الرّحمن بن مندة، أنا حمد بن عبد اللّه إجازة ح، قال: و أنا أبو طاهر، أنا علي، قال: أنا أبو محمّد بن أبي حاتم (2)،قال: راشد بن أبي سكنة، روى عن معاوية، روى عنه عمرو بن الحارث، سمعت أبي يقول ذلك.
أخبرنا أبو محمّد حمزة بن العباس و أبو الفضل أحمد بن محمّد في كتابيهما، ثم حدّثني أبو بكر اللفتواني، أنا أبو الفضل، قالا: أنا أبو بكر الباطرقاني، أنا أبو عبد اللّه بن مندة ح.
و حدّثني أبو بكر أيضا، قال: أنبأني أبو عمرو بن مندة، عن أبيه، قال: قال أنا أبو سعيد بن يونس، راشد بن أبي سكنة مولى لبني عبد الدار ولي خراج مصر، يروي عن
ص: 458
معاوية بن أبي سفيان، و أبي الدّرداء، روى عنه ابنه محمّد بن راشد، و عمرو بن الحارث، روى عن ابنه محمّد بن راشد حرملة بن عمران، يقال: توفي سنة تسع عشرة و مائة.
قرأت على أبي غالب بن البنّا، عن أبي الفتح بن المحاملي، أنا أبو الحسن الدارقطني، قال: و أما سكنة فهو راشد بن أبي سكنة، يكنى أبا عبد الملك، عداده في أهل مصر هو من موالي بني عبد الدار، روى عن معاوية بن أبي سفيان، و كان مقدّما عند عمر بن عبد العزيز، فيما يقال، و قال أحمد بن يحيى بن الوزير: مات راشد بن أبي سكنة سنة تسع عشرة و مائة، روى عنه عمرو بن الحارث.
قرأت على أبي محمّد السّلمي، عن أبي زكريا البخاري.
و حدّثنا خالي أبو المعالي القاضي، نا نصر بن إبراهيم الزاهد، أنا أبو زكريا البخاري، نا عبد الغني بن سعيد، قال: سكنة - بالنون ساكنة الكاف - راشد بن أبي سكنة، عن معاوية بن أبي سفيان، روى عنه عمرو بن الحارث.
قال أنا أبو القاسم الواسطي، قال: أنا أبو بكر الخطيب، قال: أبو الحسن راشد بن أبي سكنة، يكنى أبا عبد الملك، عداده في أهل مصر، قال الخطيب: كذا كان مضبوطا في الكتاب عن أبي الحسن سكنة بتحريك الحروف كلها، و ذلك وهم، و الصواب سكنة بتسكين الكاف، و هكذا ذكره أبو محمّد.
و قال أبو سعيد بن يونس: راشد بن أبي سكنة مولى لبني عبد الدار، يكنى أبا عبد الملك، كان هو و إخوته قرّاء، فقهاء و كانوا يخلفون في المسجد الجامع العتيق الأمراء و القضاة إذ غابوا صلّوا هم للناس، و كان راشد ولي خراج مصر، يروي راشد عن معاوية بن أبي سفيان، و أبي الدّرداء، روى عنه ابنه محمّد بن راشد، و عمرو بن الحارث، توفي راشد سنة تسع عشرة و مائة فيما ذكر أحمد بن يحيى بن وزير.
قرأت على أبي محمّد السّلمي، عن أبي نصر بن ماكولا، قال (1):أما سكنة - بالنون و سكون الكاف - و قال الدارقطني: بفتح الكاف، فهو راشد بن أبي سكنة، أبو عبد الملك، عداده في أهل مصر، و هو من موالي بني عبد الدار، و كان و إخوانه قرّاء،
ص: 459
فقهاء، ولي راشد خراج مصر، روى عن أبي الدّرداء و معاوية بن أبي سفيان، روى عنه عمرو بن الحارث.
قال في موضع آخر: أما سكنة كذلك هو في كتاب أبي الحسن: بفتح الكاف، و صوابه بسكون الكاف فذلك ذكره أبو محمّد، و قد ذكره أبو سعيد بن يونس في تاريخ مصر بسكون الكاف، فقال: راشد بن أبي سكنة مولى لبني عبد الدار يكنى أبا عبد الملك كان هو و إخوته قراء فقهاء و كانوا يخلفون في الجامع العتيق الأمراء و القضاة إذا غابوا صلّوا هم للناس، و كان راشد ولي خراج مصر، يروي راشد، عن معاوية بن أبي سفيان، و أبي الدرداء، روى عنه ابنه محمّد بن راشد، و عمرو بن الحارث، توفي راشد سنة تسع عشرة و مائة فيما ذكر أحمد بن يحيى بن وزير.
قال ابن ماكولا: و هذا هو المعتمد عليه، و قد روى حديثه أبو الأحوص محمّد بن الهيثم بن حمّاد القاضي، عن عمرو بن خالد، عن بكر بن مضر، عن عمرو بن الحارث، عن راشد أبي سكنة، فجعل كنية راشد أبا سكنة و ليس بشيء، و قول ابن يونس هو الصحيح، و اللّه تعالى الموفق.
أخبرنا أبو عبد اللّه البلخي، أنا ثابت بن بندار، أنا الحسين بن جعفر.
و أخبرنا أبو البركات، أنا أبو الحسين بن الطّيّوري، أنا الحسين بن جعفر، و محمّد بن الحسن، و أحمد بن محمّد العتيقي، قالوا: أنا الوليد بن بكر، أنا علي بن أحمد، أنا صالح بن أحمد، حدّثني أبي قال (1):راشد مصري تابعي ثقة.
شهد اليرموك.
و حكى عن أبي عبيدة بن الجرّاح.
روى عنه: المهاصر بن صيفي العذري.
أنبأنا أبو تراب حيدرة بن أحمد، و أبو محمّد بن الأكفاني، و عبد اللّه بن أحمد بن عمر، قالوا: حدّثنا عبد العزيز بن أحمد، أنبأ أبو الحسين أحمد بن علي بن
ص: 460
محمّد الدّولابي البغدادي، نا القاضي أبو محمّد عبد اللّه بن محمّد بن عبد الغفار بن أحمد بن ذكوان، نا أبو يعقوب إسحاق بن عمّار بن جش بن محمّد المصّيصي، نا أبو بكر محمّد بن إبراهيم بن مهدي، نا عبد اللّه بن محمّد بن ربيعة القدّامي، قال: فحدّثني الصعوب بن زهير، عن المهاصر (1) بن صيفي العذري، عن راشد بن عبد الرّحمن الأزدي، قال: حدّثنا أبو عبيدة.
و أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو علي بن أبي جعفر، أنا أبو الحسن بن الحمّامي، أنا أبو علي بن الصّوّاف، نا الحسن بن علي القطان، نا إسماعيل بن عيسى العطار، نا أبو حنيفة إسحاق بن بشر، عن سعيد بن عبد العزيز القرشي، عن قدماء أهل الشام و غيرهم، قالوا حديث عن بعض من شهد اليرموك أنهم قالوا: صلى بنا أبو عبيدة بن الجراح الغداة التي لقينا فيها الروم باليرموك فقرأ ب اَلْفَجْرِ وَ لَيٰالٍ عَشْرٍ (2)و قال. فلما قرأ: أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعٰادٍ، إِرَمَ ذٰاتِ الْعِمٰادِ اَلَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهٰا فِي الْبِلاٰدِ (3) إلى قوله إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصٰادِ (4)،قال: فقلت في نفسي ظهرنا بالذي أجرى اللّه على لسانه و سررنا بذلك و قلت: عدونا نظير لهذه الأمم في الكفر و الكبر و المعاصي قال: ثم قرأ في الثانية: وَ الشَّمْسِ وَ ضُحٰاهٰا (5) فلما قرأ: كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوٰاهٰا (6)إلى قوله: وَ لاٰ يَخٰافُ عُقْبٰاهٰا (7) قال: فقلت في نفسي هذه أحرى إن صدق الطير ليصبّنّ اللّه عليهم سوط عذاب و ليدمرن عليهم كما دمدم على هذه القرون، و اللفظ لحديث أبي حذيفة.
ص: 461
عبد الرّحمن بن عبد اللّه بن عمر بن راشد
أبو نصر البجلي
حدّث عن وجوده في كتاب حداثته و عن أبي القاسم عبد الرّحمن بن عمر بن نصر الإمام.
روى عنه علي الحنّائي، و أبو سعد إسماعيل بن علي السّمّان.
قرأت بخط علي بن محمّد، أنبأ أبو نصر راشد بن عبد الرّحمن بن عبد الواحد بن أبي الميمون البجلي، قال: وجدت في كتاب جد أبي أبي الميمون عبد الرّحمن بن عبد اللّه بن عمر بن راشد البجلي، و حدّثني عنه أبو القاسم الإمام، نا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم القرشي، نا الخليل بن زياد، نا شريك، عن هشام بن عروة، عن أبيه رفعه إلى النبي صلى اللّه عليه و سلّم أنه قنت بهم في صلاة الصبح فقال بعد ما قضى الصلاة:«إنما قنتّ بكم لتسألوا اللّه حوائجكم و تدعوا، فادعوا»[4158].
2121 - راشد بن محمّد بن عقيل بن جنن (1)
أبو طاهر القرشي المعروف بابن المكبري [العطار
كان شيخا مسنا و ذكر أنه سمع من إبراهيم بن عقيل بن المكبري] (2)،و أبي بكر الخطيب، و أبي الحسن بن أبي الحديد، و أنه سمع بالعراق، و لم يكن عنده شيء من الحديث، و لم يظفر له بشيء من سماعه، و قرئ عليه شيء يسير بالإجازة المطلقة من عبد العزيز الكتاني، و قد سمعت منه شيئا من ذلك، مات أبو طاهر يوم الخميس الخامس من شهر رمضان سنة اثنين (3) و أربعين و خمس مائة و هو في عشر المائة.
حكى عن كعب بن مالك الحبر، حكى عنه هاشم بن عفيف، و ذكر أنه كان من المصلّين العابدين.
ص: 462
حكى عن عمر بن عبد العزيز.
حكى عنه نوح بن قيس.
قرأنا على أبي الفضل بن ناصر، عن أبي طاهر محمّد بن أحمد، أنا هبة اللّه بن إبراهيم، نا أحمد بن محمّد بن إسماعيل، نا أبو بشر الدّولابي، نا عبيد اللّه بن عبد الكريم أبو زرعة الرازي (1)،نا إبراهيم بن موسى، نا نوح بن قيس، نا راشد أبو عبد الجبار، قال: رأيت عمر بن عبد العزيز إذا حضرت الصلاة يجبه المؤذن فيقول: قد حضرت الصلاة، قد حضرت الصلاة، لا يقول الصلاة يرحمك اللّه.
ص: 463
ذكر من اسمه خلف
1997 - خلف بن إسماعيل أبو سعيد الفاخوري المعروف بابن الأعمى 3
1998 - خلف بن تميم بن مالك أبي عتّاب أبو عبد الرّحمن التميمي الدّارمي، و يقال: البجلي، و يقال: المخزومي 3
1999 - خلف بن سعيد بن خلف اللّخمي المغربي 11
2000 - خلف بن سليمان البخاري 11
2001 - خلف بن القاسم بن سليمان أبو سعيد القيرواني المغربي 12
2002 - خلف بن القاسم بن سهل بن محمّد بن يونس بن الأسود، أبو القاسم، المعروف:
بابن الدّباغ الأزدي القرطبي الحافظ 13
2003 - خلف بن محمّد بن علي بن حمدون أبو محمّد الواسطي الحافظ 16
2004 - خلف بن محمّد بن القاسم بن عبد السّلام بن محرز أبو القاسم العنبسي الدّاراني 17
2005 - خلف بن مسعود أبو القاسم، و يقال: أبو سعيد، الأنصاري الأندلسي المقرئ 18
2006 - خلف بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي 19
2007 - خلف بن يزيد الأفقم بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم 19
2008 - خلف والد أحمد بن خلف الدمشقي 19
ذكر من اسمه خليد
2009 - خليد بن دعلج أبو حلبس 20
2010 - خليد بن سعد السّلاماني 26
2011 - خليد بن سعوة 29
2012 - خليد بن عتبة بن حمّاد 30
ذكر من اسمه خليل
2013 - الخليل بن أحمد بن محمّد بن الخليل بن موسى بن عبد اللّه بن عاصم ابن جنك أبو سعيد السّجزي القاضي الحنفي 31
ص: 464
2014 - الخليل بن زياد المحاربي الخوّاصّ الكوفي 36
2015 - الخليل بن سليمان بن خالد بن عبّاد بن زياد بن أبيه المعروف بزياد بن أبي سفيان 36
2016 - الخليل بن عبد الرزّاق بن الحسين بن أبي الخليل أبو علي الثقفي 37
2017 - الخليل بن عبد القهّار أبو جعفر الصّيداوي 37
2018 - الخليل بن محمّد بن سعيد أبو الحسن الصّيمري 38
2019 - الخليل بن محمّد بن فيروز الحلبي 39
2020 - الخليل بن منصور بن محمّد أبو سعيد البستيّ 39
2021 - الخليل بن موسى الباهلي البصري 40
2022 - الخليل بن هبة اللّه بن محمّد بن الحسن بن أحمد بن الخليل أبو بكر التميمي البزاز 41
من اسمه خليفة
2023 - خليفة بن المبارك أبو الأغرّ 44
من اسمه خمار
2024 - خمار بن أحمد بن طولون المعروف بخمارويه أبو الجيش الأمير ابن الأمير 45
من اسمه خمخام
2025 - خمخام الراسبي 51
من اسمه خنّابة
2026 - خنّابة و يقال حنابة بن كعب العبشمي 51
ذكر من اسمه خويلد
2027 - خويلد بن خالد بن محرّث بن أسد بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث ابن غنم بن سعد بن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر أبو ذؤيب الهذلي 53
2028 - خويلد بن نفيل بن عمرو بن كلاب الكلابي 61
2029 - خلاّد بن سليمان العذري 62
2030 - خلاّد بن محمّد بن هانئ بن واقد أبو يزيد الأسدي الخناصري 62
ذكر من اسمه خيّار
2031 - خيّار بن أوفى، و يقال ابن أبي أوفى النهدي 64
2032 - خيار بن رياح بن عبيدة البصري 66
ذكر من اسمه خيثمة
2033 - خيثمة بن سليمان بن حيدرة و يقال: خيثمة بن سليمان بن الحرّ بن حيدرة ابن سليمان بن هزان بن سليمان بن حيّان و يقال: خيثمة بن سليمان بن حيدرة ابن سليمان بن داود بن خيثمة أبو الحسن القرشي الأطرابلسي 68
ص: 465
ذكر من اسمه خيران
2034 - خيران بن العلاء أبو بكر الكلبي الكيساني الأصم 73
2035 - خير بن عرفة بن عبد اللّه بن كامل أبو طاهر المصري 76
حرف الدال
2036 - دارا بن منصور بن دارا بن العلاء بن أحمد بن علي بن عبد الرّحمن ابن علي بن عيسى بن يزدجرد بن شهريار أبو الفتح الفارسي 78
ذكر من اسمه داود
2037 - داود بن ايشا بن عربد بن ناعر بن سلمون بن بحشون بن غوينادب ابن أردم بن حصرون بن كارص بن يهوذا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم و يقال: داود بن زكريا بن بشوي 80
2038 - داود بن الأسود، و يقال ابن أبي الأسود الجهني 110
2039 - داود بن أيوب بن سليمان بن عبد الأحد، و يقال: عبد الواحد بن أبي حجر أبو بشر، و يقال: أبو سليمان بن أبي سليمان الأيلي 111
2040 - داود بن بشر بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية ابن عبد شمس بن عبد مناف الأموي 113
2041 - داود بن جناح بن روح بن جناح القرشي 113
2042 - داود بن الحسين بن عقيل بن سعيد أبو سليمان النّيسابوري ثم البيهقي الخسروجردي 114
2043 - داود بن دينار أبي هند بن عذافر أبو بكر و يقال: أبو محمّد 116
2044 - داود بن رشيد أبو الفضل الخوارزميّ 135
2045 - داود بن الزّبرقان أبو عمرو الرّقاشيّ البصري 141
2046 - داود بن سلم، يقال: إنه مولى بني تيم بن مرّة ثم لآل أبي بكر الصّدّيق، و يقال: لآل طلحة 147
2047 - داود بن سليمان بن داود بن مروان بن الحكم بن أبي العاص ابن أمية الأموي 154
2048 - داود بن سليمان بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية ابن عبد شمس ابن عبد مناف القرشي الأموي 154
2049 - داود بن سليمان بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي 156
2050 - داود بن أبي شيبان العنسي أخو إبراهيم بن أبي شيبان 156
2051 - داود بن عبيد اللّه بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية الأموي 156
2052 - داود بن علي بن عبد اللّه بن العبّاس بن عبد المطّلب ابن هاشم أبو سليمان الهاشمي 156
ص: 466
2053 - داود بن عمر بن حفص 167
2054 - داود بن عمرو الأودي الدمشقي 168
2055 - داود بن عيسى بن علي بن عبد اللّه بن عبّاس بن عبد المطّلب ابن هاشم بن عبد مناف الهاشمي 171
2056 - داود بن عيسى النّخعي 180
2057 - داود بن فراهيج مولى سفيان بن زياد 182
2058 - داود بن محمّد بن الجراح الكاتب 187
2059 - داود بن محمّد بن الحسين بن أبي خالد أبو سليمان الأصيلي ثم الموصلي 188
2060 - داود بن محمّد المعيوفيّ الحجوريّ 189
2061 - داود بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية ابن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي 189
2062 - داود بن نفيع، و يقال: نافع، العبسي 190
2063 - داود بن الوسيم بن أيوب بن سليمان أبو سليمان البوشنجي 191
2064 - داود بن هلال بن عبيد اللّه أبو القاسم السّلمي المحاملي 193
2065 - داود بن أبي هند هو داود بن دينار 193
2066 - داود بن يحيى بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس ابن عبد مناف الأموي 194
2067 - داود بن يزيد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم ابن أبي العاص بن أمية 194
2068 - داود بن يزيد بن عمر بن هبيرة الفزاري 194
2069 - داود بن يزيد بن معاوية 195
ذكر من اسمه دثار
2070 - دثار بن الحارث النّهدي الكوفي 196
ذكر من اسمه دحمان
2071 - دحمان الجماني 198
ذكر من اسمه دحية
2072 - دحية بن خليفة بن فروة بن فضالة بن زيد بن امرئ القيس بن الخزج ابن عامر بن بكر بن عامر الأكبر بن بكر بن زيد اللات بن رفيدة ابن ثور بن كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف ابن قضاعة الكلبي 201
ص: 467
ذكر من اسمه دحيم
2073 - دحيم بن عبد الجبّار بن دحيم بن محمّد بن دحيم أبو الحسن العنسي الداراني 216
2074 - دحيم بن عمرو بن عمّار بن صالح بن ميمون بن الأخضر بن الحارث السّلمي 216
2075 - دحيم بن محمّد بن دحيم بن عمرو بن عمّار بن صالح بن ميمون بن الأخضر ابن الحارث بن أبي عمرو بن عنبسة صاحب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم أبو عمر السلمي 217
ذكر من اسمه دراج
2076 - درّاج بن سمعان، و يقال اسمه عبد الرّحمن، و درّاج لقب أبو السمح المصري مولى عبد اللّه بن عمرو بن العاص 218
ذكر من اسمه درباس
2077 - درباس بن حبيب بن درباس بن لاحق بن معدّ بن ذهل و يقال درواس بن حبيب بن درواس 226
ذكر من اسمه درباح
2078 - درباح بن أحمد بن محمّد بن المرجّى أبو الحسن السّلمي الشاهد 228
ذكر من اسمه درع
2079 - درع بن عبد اللّه أبو الحسن الزهري 230
ذكر من اسمه درهم
2080 - درهم 231
2081 - دريد بن الصّمّة بن بكر بن علقة بن خزاعة بن غزيّة بن جشم بن معاوية بن بكر ابن هوازن بن منصور و يقال: دريد بن الصّمّة بن الحارث بن بكر بن جلهمة بن خزاعي ابن عريف بن جشم بن معاوية بن بكر أبو قرّة الجشمي 231
2082 - درّي بن عبد اللّه المستنصري الملقّب بشهاب الدولة 243
ذكر من اسمه دعبل
2083 - دعبل بن علي بن رزين بن عثمان بن عبد اللّه بن بديل بن ورقاء، و يقال دعبل بن علي بن رزين بن سليمان بن تميم بن بهز بن دوّاس بن خلف ابن عبد بن دبل بن أنس بن مالك بن خزيمة بن مالك بن مازن بن الحارث ابن سلامان بن أسلم بن أفصى بن عامر بن قمعة بن إلياس بن مضر، و يقال: ابن تميم بن نهشل، و قيل: بهنس بن حراس بن خالد بن عبد بن دعبل ابن أنس بن خزيمة بن سلامان بن أسلم بن أفصى بن حارثة بن عمرو ابن عامر مزيقيا أبو علي الخزاعي 245
ص: 468
2084 - دعلج بن أحمد بن دعلج بن عبد الرّحمن أبو محمّد السختياني الفقيه الثقة، نزيل بغداد 277
ذكر من اسمه دغفل
2085 - دغفل بن حنظلة بن زيد بن عبدة بن عبد اللّه ابن ربيعة بن عمرو بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب ابن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعميّ بن جديلة ابن أسد بن ربيعة السّدوسي الذّهلي الشّيباني النسابة 286
ذكر من اسمه دقاق
2086 - دقاق بن تتش بن ألب رسلان أبو نصر المعروف بالملك شمس الملوك 304
ذكر من اسمه دكين
2087 - دكين بن رجاء الفقيمي 305
2088 - دكين بن سعيد الدّارمي التّميمي و يقال: ابن سعد ابن زيد مناة بن تميم الدّارمي الراجز 307
2089 - دكين بن شمّاخ الكلبي 310
ذكر من اسمه دواس
2090 - دواس بن سيدهم بن مولاهم بن أفلاسوا أبو الفتيان الكناني 311
2091 - دويد بن نافع، و يقال: ذويد أبو عيسى 311
2092 - دويد العاملي 314
ذكر من اسمه دهثم
2093 - دهثم بن خلف بن الفضل أبو سعيد القرشي الرّملي 316
ذكر من اسمه دينار
2094 - دينار بن بنان الجوهري 318
2095 - دينار بن عبد اللّه بن زاذا 318
حرف الذال
ذكر من اسمه ذكر
2096 - ذكر و يقال ابن ذكر الألهاني دمشقي، و يقال: إنه حمصي 320
ذكر من اسمه ذكوان
2097 - ذكوان بن إسماعيل بن يحيى البعلبكيّ القاضي 321
2098 - ذكوان مولى عمر بن الخطاب 321
ذكر من اسمه ذكي
2099 - ذكي بن عبد اللّه أبو الحسن المشرقي 323
ص: 469
ذكر من اسمه ذواد
2100 - ذوّاد العقيلي الجزري 324
ذكر من اسمه ذؤالة
2101 - ذؤالة بن الأصبغ بن ذؤالة الكلبي 326
2102 - ذؤالة بن محمّد 326
ذكر من اسمه ذؤابة
2103 - ذؤابة بن الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص 328
ذكر من اسمه ذو ظليم
2104 - ذو ظليم 328
ذكر من اسمه ذو الفقار
2105 - ذو الفقار بن محمّد بن معبد بن الحسن بن الحسن بن أحمد المعروف بحميدان أبو الضمضام الحسني العلوي المروزي الضرير الواعظ 329
ذكر من اسمه ذو القرنين
2106 - ذو القرنين و اسمه الاسكندر بن فيلفتين بن مضريم بن هرمس ابن هردس بن ميطون بن رومي بن أنطي بن يونان بن يافث بن نونة ابن سرحون بن رومة بن ثرنط بن توفيل بن رومي بن الأصفر ابن أليفر بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم 330
2107 - ذو القرنين بن ناصر الدولة أبي محمّد الحسن بن عبد اللّه بن حمدان أبو المطاع التغلبي المعروف بوجيه الدولة الشاعر 361
ذكر من اسمه ذو قربات
2108 - ذو قربات الحميري 365
2109 - ذو الكفل 370
ذكر من اسمه ذو الكلاع
2110 - ذو الكلاع و هو أسميفع بن باكورا و يقال سميفع بن حوشب بن عمرو بن قعقر ابن يزيد، و هو ذو الكلاع الأكبر بن النعمان أبو شرحبيل، و يقال أبو شراحيل الحميري الأحاظي 381
ذكر من اسمه ذو النون
2111 - ذو النون بن إبراهيم، و يقال: ابن أحمد اسمه ثوبان، و يقال: اسمه الفيض أبو الفيض و قيل: أبو الفيّاض الإخميمي المصري الزاهد 398
ص: 470
2112 - ذو النون بن علي بن أحمد بن الحسن بن صدقة، أبو الكرم السّلمي الصوفي 442
ذكر من اسمه ذويد
2113 - ذويد بن نافع، و يقال دويد 443
ذكر من اسمه ذيّال
2114 - ذيّال بن محمّد بن ذيّال بن عامر السّلمي 444
حرف الراء
ذكر من اسمه راشد
2115 - راشد بن داود أبو المهلّب و يقال: أبو داود اليرسمي الصنعاني، صنعاء دمشق 447
2116 - راشد بن سعد المقرائي، و يقال الحبراني الحمصي 450
2117 - راشد بن سعيد بن راشد أبو بكر القرشي الرّملي 455
2118 - راشد بن أبي سكنة، و يقال: سكنة أبو عبد الملك العبدري، مولاهم 456
2119 - راشد بن عبد الرّحمن الأزدي 460
2120 - راشد بن عبد الرّحمن بن عبد الواحد بن أبي الميمون عبد الرّحمن ابن عبد اللّه بن عمر بن راشد أبو نصر البجلي 462
2121 - راشد بن محمّد بن عقيل بن جنن أبو طاهر القرشي المعروف بابن المكبري العطار 462
2122 - راشد اليماني مولى عبد الملك بن مروان 462
2123 - راشد أبو عبد الجبّار 463
فهرس الجزء السابع عشر 464
ص: 471