حياة الإمام محمّد الباقر عليه السلام دراسة وتحليل المجلد 2

هوية الكتاب

المؤلف: باقر شريف القرشي

الناشر: دار البلاغة

المطبعة: دار البلاغة

الطبعة: 1

الموضوع : سيرة النبي (صلی اللّه عليه وآله) وأهل البيت (عليهم السلام)

تاريخ النشر : 1413 ه.ق

الصفحات: 406

المكتبة الإسلامية

باقر شريف القرشي

حياة الإمام محمد الباقر عليه السلام

دراسة وتحليل

الجزء الثاني

دارالبلاغة

المؤلف: باقر شريف القرشي

الناشر: دار البلاغة

المطبعة: دار البلاغة

الطبعة: 1

الموضوع : سيرة النبي (صلی اللّه عليه وآله وسلم) وأهل البيت (عليهم السلام)

تاريخ النشر : 1413 ه.ق

الصفحات: 374

المكتبة الإسلامية

باقر شريف القرشي

حياة الإمام محمد الباقر عليه السلام

الجزء الأول

دارالبلاغة

بطاقة تعريف: قریشی ، باقر شریف ، - 1926

عنوان المؤلف واسمه: حياة الإمام محمّد الباقر عليه السلام دراسة وتحليل/ باقر شریف القریشي

تفاصيل النشر: بیروت : دارالبلاغة ، م 1993 = .ق 1413 = .1372.

مواصفات المظهر: ج 2

حالة الاستماع: القائمة السابقة

ملحوظة: فهرس

موضوع : محمد بن علی (عليهماالسلام)، امام پنجم ، ق 114 - 57

تصنيف الكونجرس: BP44/ق 4ح 9

رقم الببليوغرافيا الوطنية: م 81-20426

محرّر الرّقمي: محمّد علي ملك محمّد

ص: 1

اشارة

ص: 2

المقدمة

اشارة

ص: 3

ص: 4

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

تقديم

[1]

وليس من نافلة القول ، ولا من الغلو في شيء إن قلنا إن الامام أبا جعفر كان من أبرز رجال الفكر ، ومن ألمع أئمة المسلمين ، فقد كان الرائد والقائد للحركة الثقافية والعلمية التي عملت على تنمية العقل العربي والاسلامي وأضاءت الجوانب الكثيرة من التشريعات الاسلامية الواعية التي تمثل الابداع والأصالة والتطور في عالم التشريع ... أما ما يدعم ذلك فقد ألمحنا إليه في الحلقة الأولى من هذا الكتاب من المعارف والعلوم التي فتق أبوابها ، وسائر الحكم والآداب التي أثرت عنه وهي مما يهتدي بها الحيران ، ويأوي إليها الظمآن ، ويسترشد بها كل من يفيء إلى كلمة اللّه ... لقد كانت حكمه وآدابه الخالدة من أبرز ما أثر عن أئمة المسلمين في هذا المجال فهي مما تملأ الفكر وعيا ، والقلب إيمانا والنفس ثقة وصفاء.

[2]

والشيء المحقق ان هذه البحوث على ما فيها من استيعاب وشمول لم تلم بجميع جوانب حياة الامام أبي جعفر (عليه السلام) ولا تحكي واقعه المشرق فان هذه الدعوى لا تتفق مع الواقع الذي نخلص إليه ، وإنما تلقي أضواء أو مؤشرات على بعض معالم شخصيته ، فقد كان هذا الامام العظيم باقر علوم الأولين والآخرين وانه أثرى شخصية في سعة علومه ومعارفه ، وقد

ص: 5

كان باجماع المؤرخين ممن خطط لهذه الأمة مسيرتها الثقافية الواعية وقد ذاع ذلك بين الناس ، وضربت به الأمثال ، يقول السيد الرفاعي : « وكانت مدة إمامته يختلف إليه الخاص والعام ، يأخذون عنه معالم دينهم حتى صار في الناس تضرب به الأمثال » (1).

لقد كان هذا الامام العظيم من أهم المراكز العليا للوعي الثقافي والعلمي بين المسلمين وكانت داره جامعة للعلوم والمعارف ، فتتلمذ على يده كبار فقهاء المسلمين وعلمائهم مما يعتبر عاملا جوهريا في ازدهار الحركة العلمية ، وتطور الفكر الاسلامي في عالم الابداع والانتاج.

واني أقول : - بالتأكيد - إن هذا الكتاب بجزئيه لا يعطي إلا صورة موجزة عن حياة الامام أبي جعفر (عليه السلام) الملهم الأول لقضايا الفكر والعلم في الاسلام.

[3]

أما بحوث هذا الكتاب فقد ألمحنا إليها في تقديم الجزء الأول منه ، ولا ضرورة في إعادة القول فيها لأن ذلك من التكرار الممل الذي لا نريده للقراء ... وإني في نهاية هذا التقديم أرى من الحق علي أن أذكر بالوفاء والعرفان ما تفضل به سماحة الاستاذ حجة الاسلام الشيخ حسين الخليفة من المساهمة في الانفاق على هذا الكتاب ، كما أكرر الشكر إلى ولدنا الفاضل السيد عبد الرسول السيد رضا الصائغ على ما تفضل به من المساهمة في طبع هذا الكتاب ، سائلا منه تعالى أن يتولى جزاءهم جميعا أنه تعالى ولي ذلك والقادر عليه.

النجف الأشرف

باقر شريف القرشي

ص: 6


1- صحاح الأخبار ( ص 41 ).

ملوك تافهون

اشارة

ص: 7

ص: 8

أما البحث عن ملوك الأمويين الذين عاصرهم الامام فيعد من ضروريات البحث المنهجي حسب الدراسات الحديثة لأنه يصور الحياة الفكرية والاجتماعية والسياسية في ذلك العصر الذي هو من أشد العصور الاسلامية حساسية ، فقد ابتلي فيه المؤمنون وارهقوا ارهاقا شديدا.

لقد كان الامام أبو جعفر (عليه السلام) في غضون الصبا ، فانقرضت دولة بني سفيان التي أسسها معاوية ، وانتهت بهلاك ولده يزيد الذي جهد على إذلال المسلمين وإرغامهم على ما يكرهون ، وقد كانت أيامه من أحلك الليالي التي مرت على العالم الاسلامي فقد عانوا ألوانا مرهقة من الأحداث والخطوب أغرقتهم في المآسي والآلام.

وقد تشكلت بعد سقوط دولة بني سفيان دولة بني مروان ونحن نلمح إلى ذكر سيرة ملوكهم الذين عاصرهم الامام وما أثر عنهم من صنوف السياسة من دون أن نتحيز أو نشذ عن الحق الذي أخلصنا له ، وكان أول ملوك بني مروان هو :

مروان بن الحكم :

اشارة

وآلت الخلافة الاسلامية التي هي مركز العدل في الاسلام إلى الوزغ ابن الوزغ مروان بن الحكم صاحب الأحداث والموبقات في الاسلام ، ويجمع الرواة على أنه لم تكن فيه أية نزعة كريمة ، أو صفة فاضلة حتى يستحق هذا المنصب العظيم ، وإنما كان عدوا لله ، وعدوا لرسوله ، وعدوا للمسلمين ونلمح - بايجاز - إلى بعض شئونه وأحواله.

ص: 9

1 - لعن النبي له :

ولعن النبي (صلی اللّه عليه وآله) مروان بن الحكم وهو في صلب أبيه حسب رواية عائشة فقد قالت بعد حديث لها : « ولكن رسول اللّه لعن أبا مروان ، ومروان في صلبه ، فمروان فضض من لعنة اللّه » (1) وقال عبد اللّه بن الزبير وهو يطوف بالكعبة : « ورب هذه البنية للعن رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) الحكم وما ولد » (2)

ويقول الرواة : انه كان لا يولد لأحد ولد في يثرب إلا أتى به إلى النبي (صلی اللّه عليه وآله) فلما ولد مروان جيء به إليه ، فقال (صلی اللّه عليه وآله) : هو الوزغ ابن الوزغ ، الملعون ابن الملعون (3) ومر الحكم بن أبي العاص على النبي (صلی اللّه عليه وآله) فقال : « ويل لأمتي مما في صلب هذا » (4) لقد استشف النبي (صلی اللّه عليه وآله) من وراء الغيب أن مروان مصدر خطر على أمته فلعنه ، وحذر المسلمين من قربه والاتصال به.

2 - نفي أبيه من يثرب :

وكان الحكم بن أبي العاص من أحقد الناس على رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله)

ص: 10


1- تفسير القرطبي 16 / 197 ، تفسير الرازي 7 / 491 ، اسد الغابة 2 / 34.
2- كنز العمال 6 / 90.
3- مستدرك الحاكم 4 / 479.
4- اسد الغابة 2 / 34 ، الاصابة 1 / 346 ، السيرة الحلبية 1 / 337.

وأكثرهم عداوة وايذاءا له شأنه شأن أبي لهب (1) وكان يسخر من النبي (صلی اللّه عليه وآله) فكان يمر خلفه فيغمز به ، ويحكيه ، ويخلج بأنفه وفمه ، وإذا صلى قام خلفه فأشار بأصابعه (2) وبصر به النبي (صلی اللّه عليه وآله) ، فدعا عليه وقال : اللّهم اجعل به وزغا (3) فرجف مكانه ، وارتعش (4) وبلغ من تأثر النبي (صلی اللّه عليه وآله) منه أن أمر بنفيه من يثرب ، وقال : من غذيري من هذا الوزغ اللعين ، لا يساكنني ولا ولده ، ونزح إلى الطائف ، وبقي مع أفراد عائلته فيه قابعين في زوايا الذل والخمول ، قد نهشهم الجوع والفقر ، وبقي منفيا في الطائف فلما توفي رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) خف عثمان إلى أبي بكر فسأله ردهم فأبى وقال : ما كنت لآوي طرداء رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) ، ولما استخلف عمر كلمه عثمان في شأنهم فقال : مثل قول أبي بكر ، ولما آلت الخلافة إلى عثمان أرجعهم إلى يثرب (5) ووهبهم الثراء العريض وجعلهم وزراءه وحاشيته.

3 - في أيام عثمان :

وحينما ولي عثمان أمور المسلمين قرب مروان بن الحكم فجعله وزيره ومستشاره الخاص ، وكانت أمور الدولة كلها بيد مروان وكان عثمان بيده

ص: 11


1- سيرة ابن هشام 2 / 25.
2- انساب الأشراف 5 / 27.
3- الوزغ : الارتعاش والرعدة.
4- الفائق 2 / 305 ، السيرة الحلبية 1 / 337.
5- انساب الأشراف 5 / 67.

كالميت بيد الغاسل ، لا إرادة له ولا اختيار.

وقد وهبه الأموال الكثيرة حتى أنكر عليه خازن بيت المال زيد بن أرقم فألقى عليه المفاتيح وبكى فقال له عثمان أتبكي ان وصلت رحمي فقال له ابن أرقم : لا ولكن أبكي لأني أظنك أخذت هذا المال عوضا عما كنت انفقته في سبيل اللّه في حياة رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) لو أعطيت مروان مائة درهم لكان كثيرا ، فقال : الق المفاتيح يا ابن أرقم فانا سنجد غيرك (1) ووهب عثمان إلى مروان مائة ألف وخمسين أوقية (2) لا نعلم أنها ذهب أو فضة.

وهذه إلهيات مما أوغرت صدور المسلمين على عثمان ، وأطاحت بحكومته.

نزعاته وصفاته :

أما نزعات مروان وصفاته فهي كما يلي :

أ - إنه كان حسودا ، يقول مالك بن هبيرة السكوني : إلى الحصين ابن نمير واللّه لئن استخلف مروان ليحسدك على سوطك وشراك نعلك ، وظل شجرة تستظل بها (3).

ب - ومن صفاته التي عرف بها الضحالة في الفكر والرأي فهو الذي أجهز على عثمان ويقول المؤرخون : انه حينما أحاط بعثمان الثوار طالبين

ص: 12


1- شرح النهج 1 / 67.
2- السيرة الحلبية 2 / 87.
3- تاريخ ابن الأثير 3 / 337.

منه الاستقالة من الحكم أو ابعاد الأمويين عنه ، فخرج إليهم مروان ، وقال لهم : شاهت الوجوه ذلا جئتم لنهبنا ، فأثارت هذه الكلمات العواطف واشعلت نار الحرب ، وأودت بحياة عثمان ولو كانت عنده صبابة من الفكر والرأي لما كلم الثوار بذلك.

ج - من ذاتيات مروان التنكر للمعروف والاحسان فقد أسدى عليه الامامان الحسن والحسين (عليهماالسلام) معروفا كبيرا ، وأنقذاه من الموت في حرب الجمل ، فقد تشفعا به عند الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) فشفعهما فيه إلا أنه قابل إحسانهما بالاساءة إليهما فقد منع جنازة الامام الحسن (عليه السلام) أن توارى بجوار رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) ولما دعا الوليد الامام الحسين (عليه السلام) إلى بيعة يزيد أشار عليه مروان بقتله إن امتنع عن البيعة ويقول المؤرخون انه أظهر الشماتة والحقد حينما قتل الامام الحسين (عليه السلام).

د - ومن مظاهر صفات مروان الغدر ، ونكث العهد ، فقد بايع الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) ثم غدر ونكث بيعته ، وخرج عليه يقول (عليه السلام) فيه لما قال له الحسنان (عليهما السلام) : في مبايعته : « لا حاجة في بيعته انها كف يهودية لو بايعني بيده لغدر بسبابته ».

ه - ومن صفاته البارزة اندفاعه في الباطل وانطلاقه في كل دعوة ضلال ، فقد انضم إلى حزب عائشة ، وانهزم إلى معاوية وبايعه وقد لقب « خيط باطل » لدقته وطوله شبه بالخيط ، وفيه يقول الشاعر :

لعمرك ما أدري واني لسائل *** حليلة مضروب القفا كيف يصنع

لحى اللّه قوما أمروا خيط باطل *** على الناس يعطي ما يشاء ويمنع

(1) وظل هذا اللقب سمة عار على أبنائه ، وفي ذلك يقول يحيى بن سعيد

ص: 13


1- أسد الغابة 4 / 348.

يهجو عبد الملك الذي قتل عمرو بن سعيد الأشرق :

غدرتم بعمرو يا بني خيط باطل *** ومثلكم يبني البيوت على الغدر

(1) هذه بعض صفاته ونزعاته ، وهي تصور لنا انسانا ممسوخا لم يعرف الخير ، ولا المعروف ، ولم يصنع في حياته سوى الباطل وما يضر الناس.

ولعه بسب أمير المؤمنين :

وكان مروان ولعا بسب الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) فكان يسبه على المنبر في كل جمعة حينما كان واليا على المدينة ، وكان الامام الحسن (عليه السلام) يعلم ذلك فيسكت ولا يدخل المسجد إلا عند الاقامة ، فلم يرض بذلك مروان فأرسل إلى الحسن في بيته بالسب له ولأبيه ، وكان من جملة ما قاله : ما وجدت مثلك إلا مثل البغلة يقال لها : من أبوك فتقول : أبي الفرس ، فقال الامام الحسن (عليه السلام) لرسوله « ارجع إليه فقل له : واللّه لا أمحو عنك شيئا مما قلت : بأني أسبك ، ولكن موعدي وموعدك اللّه ، فان كنت كاذبا فاللّه أشد نقمة ، وقد أكرم جدي أن يكون مثلي مثل البغلة » (2).

وليس غريبا أن يعلن مروان سب الامام أمير المؤمنين رائد الحق والحكمة في الأرض ، فانه لا يسبه ولا يبغضه إلا أمثال مروان من الذين لا عهد لهم بالشرف والانسانية.

ص: 14


1- أنساب الاشراف 5 / 144.
2- تطهير الجنان المطبوع على هامش الصواعق ص 142.

خلافته :

وتقلد الخلافة سنة ( 64 ه ) (1) بعد أن تنازل عنها رسميا معاوية ابن يزيد فارا بدينه عن حكم ورثه عن أبيه بغير حق ، لقد فر من ذلك الحكم الذي لم يقم إلا بحد السيف ، والتبذير بأموال المسلمين ، والنكاية بهم وقد فضح جده وأباه في خطابه الرائع الذي أعلن فيه استقالته من الحكم وقد جاء فيه :

« إن جدي معاوية نازع الأمر من كان أولى به لقرابته من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وقديمه وسابقته أعظم المهاجرين قدرا ، وأولهم إيمانا ، ابن عم رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) وزوج ابنته ، جعله لها بعلا باختياره لها ، وجعلها له زوجة باختيارها له ، فهما بقية رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) خاتم النبيين ، فركب جدي منه ما تعلمون ، وركبتم معه ما لا تجهلون (2) الأمر فكان غير أهل لذلك ، وركب هواه ، وأخلفه الأمل ، وقصر عنه الأجل ، وصار في قبره بذنوبه ، وأسيرا بجرمه.

ثم بكى وقال : إن من أعظم الأمور علينا علمنا بسوء مصرعه ، وبئس منقلبه وقد قتل عترة رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) وأباح الحرم وخرب الكعبة » (3).

وقد تهدم بذلك ملك آل أبي سفيان على يد معاوية بن يزيد الذي

ص: 15


1- تاريخ ابن الأثير 3 / 328.
2- جواهر المطالب في مناقب الامام علي بن أبي طالب ( ص 133 ).
3- النجوم الزاهرة 1 / 164.

هو أنبل أموي عرفه التأريخ.

ويقول المؤرخون : إنه تبرأ من أبيه ، ونظم ذلك في بيتين من الشعر وهما :

يا ليت لي بيزيد حين أنتسب *** أبا سواه وان أزرى بي النسب

برئت من فعله واللّه يشهد لي *** إني برئت وذا في اللّه قد يجب

وعلى أي حال فان مروان لم يكن يحلم بالخلافة ، وقد كان عازما ومصمما على البيعة لابن الزبير إلا أن عبيد اللّه بن زياد منعه عن ذلك (1) وقد رشحه للخلافة الحصين فقد زعم أنه رأى في منامه أن قنديلا معلق في السماء وان من يلي الخلافة يتناوله فلم يتناوله أحد إلا مروان (2) وقص ذلك على أهل الشام فاستجابوا له وانبرى روح بن زنباع فخطب في أهل الشام قائلا :

« يا أهل الشام هذا مروان بن الحكم شيخ قريش ، والطالب بدم عثمان ، والمقاتل لعلي بن أبي طالب يوم الجمل ، ويوم صفين ، فبايعوا الكبير ... » (3).

وتسابق الغوغاء إلى مبايعة مروان ، وهو أول خليفة للدولة المروانية التي عانى المسلمون في ظلالها الجور والفقر والحرمان.

وفاته :

ولم تطل خلافة مروان ، فقد كانت كلعقة الكلب أنفه - على حد تعبير

ص: 16


1- مروج الذهب 3 / 31.
2- تاريخ ابن الأثير 3 / 327.
3- تأريخ اليعقوبي 3 / 3.

الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) - (1) أما سبب وفاته فتعزوه بعض المصادر إلى زوجته أم خالد بن يزيد بن معاوية لأنه عيره بها حسبما يقول بعض المؤرخين (2) وقد انطوت بموته صفحة من صفحات الخيانة والباطل والاثم.

عبد الملك بن مروان :

بويع له بالخلافة في حياة أبيه ، ولما هلك أبوه جددت له البيعة بدمشق ومصر (3) ويقول المؤرخون : إنه كان قبل أن يتقلد الخلافة يظهر النسك والعبادة ، فلما بشر بالملك كان بيده المصحف الكريم فأطبقه وقال : هذا آخر العهد بك ، أو قال : هذا فراق بيني وبينك (4) وصدق فيما قال : فقد فارق كتاب اللّه وسنة نبيه منذ اللحظة الأولى التي تقلد فيها الحكم ، فقد أثرت عنه من الأعمال ما باعدت بينه وبين الاسلام والقرآن ونلمح إلى بعض شئونه وأحواله.

صفاته :

اشارة

ولم تتوفر في عبد الملك أية نزعة شريفة أو صفة كريمة كأبيه مروان فقد كان - فيما أجمع عليه المؤرخون - قد اتصف بأخس الصفات وأحطها ومن بينها :

ص: 17


1- شرح ابن أبي الحديد 2 / 53.
2- تأريخ اليعقوبي 3 / 4.
3- تأريخ ابن كثير 8 / 260.
4- تأريخ ابن كثير 8 / 260.

1 - الجبروت :

كان عبد الملك طاغية جبارا ، ويقول فيه المنصور : كان عبد الملك جبارا لا يبالي ما صنع (1) وكان فاتكا لا يعرف الرحمة والعدل ، وقد قال : في خطبته بعد قتله لابن الزبير : لا يأمرني أحد بتقوى اللّه بعد مقامي هذا إلا ضربت عنقه (2) لقد تخلى عن ذكر اللّه ، وأمن مكره ، وعقابه ، وهو أول من نهى عن الكلام بحضرة الخلفاء (3).

2 - الغدر :

وظاهرة اخرى من صفاته التي عرف بها وهي الغدر ، ونكث العهد فقد أعطى الأمان لعمرو بن سعيد الأشدق على أن تكون الخلافة له من بعده إلا أنه خان بعهده فغدر به ، وقتله ورمى برأسه إلى أصحابه (4) ولم يرع وشيجة النسب التي تربطه مع عمرو ، فلم يعن بها ودفعه حب الملك والسلطان إلى الغدر به ويقول بعض الشعراء في ذلك :

يا قوم لا تغلبوا عن رأيكم فلقد *** جربتم الغدر من أبناء مروانا

أمسوا وقد قتلوا عمروا وما رشدوا *** يدعون غدرا بعهد اللّه كيسانا

ص: 18


1- النزاع والتخاصم للمقريزي ( ص 8 ).
2- تأريخ الخلفاء للسيوطي ( ص 219 ).
3- تأريخ الخلفاء ( ص 218 ).
4- تأريخ اليعقوبي 3 / 16.

ويقتلون الرجال الذل ضاحية *** لكي يولوا أمور الناس ولدانا

تلاعبوا بكتاب اللّه فاتخذوا *** هواهم في معاصي اللّه قرآنا (1)

لقد خاف عبد الملك من الأشدق ، ولو كان حيا لأتخذ التدابير في القضاء على حكم بني مروان ولكن اللّه قد انتقم منه لأنه كان جبارا قد أسرف في اراقة دماء المسلمين وأشاع فيهم الخوف والرعب.

3 - القسوة والجفاء :

من الصفات البارزة في عبد الملك القسوة والجفاء فقد انعدمت من نفسه الرحمة والرأفة ، فكان فيما يقول المؤرخون : قد بالغ باراقة الدماء وسفكها بغير حق ، وقد اعترف بذلك ، فقد قالت له أم الدرداء : بلغني أنك شربت الطلى - يعني الخمر - بعد العبادة والنسك ، فقال لها غير متأثم :

« اي واللّه والدماء شربتها » (2).

وقد نشر الشكل والحزن والحداد في بيوت المسلمين أيام حكمه الرهيب فقد خطب في يثرب بعد قتله لابن الزبير خطابا قاسيا أعرب فيه عما يحمله في قرارة نفسه من القسوة والسوء قائلا :

« إني لا اداوي أدواء هذه الأمة إلا بالسيف حتى تستقيم لي قناتكم .. » (3).

ص: 19


1- تأريخ الخلفاء للسيوطي ( ص 218 ).
2- تأريخ الطبري
3- تأريخ ابن كثير 9 / 64.

وما كان مثل ذلك الضمير المتحجر الذي ران عليه الباطل أن يعي الرحمة والرفق بالمسلمين ، وإنما كان يعي القتل وسفك الدماء ، والتنكيل بالناس بغير حق.

4 - البخل :

ومن ذاتيات عبد الملك البخل فكان يسمى ( رشح الحجارة ) لشدة شحه وبخله (1) وقد عانت الأمة في أيام حكمه الجوع والفقر والحرمان هذه بعض صفات عبد الملك ، وذاتياته ، وهي تنم عن انسان لا عهد له بالمثل والقيم الكريمة.

نقله الحج إلى بيت المقدس :

وخاف عبد الملك أن يتصل ابن الزبير بأهل الشام فيفسدهم عليه فمنعهم من الحج ، فقالوا له : أتمنعنا من الحج وهو فريضة فرضها اللّه ، فقال قال ابن شهاب الزهري يروى عن رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) انه قال : لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، ومسجدي ، ومسجد بيت المقدس.

وصرفهم بذلك عن الحج إلى بيت اللّه الحرام ، وصيره إلى بيت المقدس وقد استغل الصخرة التي فيه ، وقد روى فيها أن رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) قد وضع قدمه عليها حين صعوده إلى السماء فأقامها لهم مقام الكعبة فبنى

ص: 20


1- تأريخ القضاعي ( ص 72 ).

عليها قبة وعلى فوقها ستور الديباج ، وأقام لها سدنة ، وأمر الناس أن يطوفوا حولها كما يطوفون حول الكعبة (1).

انتقاصه لسلفه

وانتقص عبد الملك سلفه من حكام بني أمية ، وقد أدلى بذلك في خطابه الذي ألقاه في يثرب ، فقد جاء فيه : « إني واللّه ما أنا بالخليفة ، المستضعف - يعني عثمان - ولا بالخليفة المداهن - يعني معاوية - ولا بالخليفة المأفون (2) - يعني يزيد - » وعلق ابن أبي الحديد على هذه الكلمات بقوله « وهؤلاء سلفه وأئمته ، وبشفعتهم قام ذلك المقام ، وبتقدمهم وتأسيسهم نال تلك الرئاسة ، ولو لا العادة المتقدمة ، والأجناد المجندة والصنائع القائمة ، لكان أبعد خلق اللّه من ذلك المقام ، وأقربهم إلى المهلكة إن رام ذلك الشرف ... » (3).

ولايته لحجاج

وأخطر عمل قام به عبد الملك ولايته للحجاج بن يوسف الثقفي ، فقد عهد بأمور المسلمين إلى هذا الانسان الممسوخ الذي هو من أقذر من عرفته البشرية في جميع مراحل التأريخ ... لقد منحه عبد الملك صلاحيات

ص: 21


1- اليعقوبي 2 / 311.
2- المأفون : الضعيف الرأي.
3- شرح ابن أبي الحديد 15 / 257.

واسعة النطاق ، فجعله يتصرف في امور الدولة حسب رغباته وميوله التي لم تكن تخضع إلا إلى منطق البطش والاستبداد ، وقد أمعن هذا المجرم الأثيم في النكاية بالناس ، وقهرهم واذلالهم ، واخضاعهم للظلم والجور ،

وقد خلق في البلاد الخاضعة لنفوذه جوا من الأزمات السياسة التي لا عهد للناس بمثلها ... ونعرض إلى ما قيل فيه ، وإلى بعض صفاته وأعماله التي سود فيها وجه التأريخ ، وفيما يلي ذلك.

تنبؤ النبي عنه

واستشف النبي (صلی اللّه عليه وآله) من وراء الغيب ما يجري على امته من الظلم والجور ، على يد الحجاج ، فقد روت أسماء بنت أبي بكر قالت : إني سمعت رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) يقول : « منافق ثقيف يملأ اللّه به زاوية من زوايا جهنم ، يبيد الخلق ، ويقذف الكعبة بأحجارها إلا لعنة اللّه عليه ... » (1).

أخبار الامام أمير المؤمنين عنه

وأخبر الامام أمير المؤمنين باب مدينة علم النبي (صلی اللّه عليه وآله) عن الحجاج وما يعانيه المسلمون في عهده من الظلم ما لا يوصف لفضاعته وقسوته ، ويقول المؤرخون ان الامام (عليه السلام) دعا على أهل الكوفة حينما خذلوه ، وتمردوا عليه قال (عليه السلام) : « اللّهم اني ائتمنتهم فخانوني ، ونصحتهم فغشوني اللّهم

ص: 22


1- الامامة والسياسة 2 / 45.

فسلط عليهم غلام ثقيف يحكم في دمائهم وأموالهم بحكم الجاهلية ... » (1).

لقد سلط اللّه عليهم الحجاج فصب عليهم وابلا من العذاب ، وسقاهم كأسا مصبرة ، وأرغمهم على الذل والعبودية.

وروى حبيب بن أبي ثابت : أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال لرجل :

لا تموت حتى تدرك فتى ثقيف ، قيل يا أمير المؤمنين ما فتى ثقيف؟ قال علیه السلام : ليقالن له يوم القيامة اكفنا زاوية من زوايا جهنم ، رجل يملك عشرين سنة أو بضعا وعشرين ، فلا يدع لله معصية إلا ارتكبها حتى لو لم يبق إلا معصية واحدة وبينها وبينه باب مغلق لكسره حتى يرتكبها يقتل من أطاعه (2) بمن عصاه ... » (3).

الناقمون على الحجاج :

ونقم علماء المسلمين وخيارهم على الحجاج ، وهذه بعض كلماتهم :

1 - عمر بن عبد العزيز :

وكان عمر بن عبد العزيز من الناقمين على الحجاج ، والساخطين عليه ، قال فيه : « لو جاءت كل أمة بخبيثها ، وجئنا بالحجاج لغلبناهم » (4).

2 - عاصم :

قال عاصم : « ما بقيت لله عز وجل حرمة إلا وقد ارتكبها

ص: 23


1- نهاية الأرب 21 / 334.
2- نهاية الأرب 21 / 334.
3- جاء في الكامل : يقتل بمن أطاعه من عصاه.
4- نهاية الأرب : 21 / 334.

الحجاج » (1).

3 - القاسم :

قال القاسم بن مخيمرة : « كان الحجاج ينقض عرى الاسلام عروة عروة » (2).

4 - زاذان :

وكان زاذان من الناقمين على الحجاج ، وقد قال : « كان الحجاج مفلسا من دينه » (3).

5 - طاوس :

قال طاوس : « عجبت لمن يسمي الحجاج مؤمنا » (4).

إلى غير ذلك من الكلمات التي أعربت عن خبثه وانه من سوءات التأريخ.

من صفاته :

واتصف الحجاج بجميع الصفات الكريهة والنزعات الشريرة فقد انطوت نفسه على الخبث والشر ، والحقد على الناس ، ومن مظاهر صفاته ما يلي :

أ - كان الحجاج قد خلق للجريمة والإساءة إلى الناس ، فلم يعرف الاحسان والمعروف ، ولما أراد الحج ولى على العراق شخصا اسمه محمد ، وقد خطب بين الناس فقال لهم : إني قد استعملت عليكم محمدا ، وقد أوصيته فيكم خلاف وصية رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) بالأنصار فانه قد أوصى أن يقبل من محسنهم ، ويتجاوز عن مسيئهم ، وقد أوصيته أن لا يقبل من

ص: 24


1- تأريخ ابن كثير 9 / 132.
2- تهذيب التهذيب 2 / 311.
3- تهذيب التهذيب 2 / 311.
4- تهذيب التهذيب 2 / 311.

محسنكم ، ولا يتجاوز عن مسيئكم ... » (1).

وخليق بهذا الانسان الممسوخ أن يخالف رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) ويشذ عن سيرته وسنته.

ب - ومن أبرز صفات هذا الطاغية سفكه للدماء ، يقول الدميري : « كان الحجاج لا يصبر عن سفك الدماء ، وكان يخبر عن نفسه أن أكبر لذاته اراقته للدماء ، وارتكاب امور لا يقدر عليها غيره » (2) وقد بالغ في قتل الناس بغير حق ، فقد كان عدد من قتلهم صبرا - سوى من قتل في حروبه - مائة وعشرين ألفا (3) وقيل مائة وثلاثون ألفا (4) وقد أعترف رسميا بسفكه للدماء بغير حق يقول : « واللّه ما أعلم اليوم رجلا على ظهر الأرض هو أجرا على دم مني » (5) وقد أنكر عليه عبد الملك اسرافه في ذلك إلا أنه لم يعن به (6). وقد وضع سيفه في رقاب القراء والعباد لأنهم أيدوا ثورة ابن الأشعث ، ومن جملة من قتلهم سعيد بن جبير من علماء الكوفة وزهادها ، وأحد أعلام الشيعة في ذلك العصر ، ولما بلغ الحسن البصري قتله قال : واللّه لقد مات سعيد بن جبير يوم

ص: 25


1- مروج الذهب 3 / 86.
2- حياة الحيوان للدميري 1 / 167.
3- تهذيب التهذيب 2 / 211 ، تيسير الوصول 4 / 31 ، التنبيه والاشراف ( ص 318 ) معجم البلدان 5 / 349.
4- حياة الحيوان 1 / 170 ، تأريخ الطبري.
5- طبقات ابن سعد 6 / 66.
6- مروج الذهب 3 / 74.

مات وأهل الأرض من مشرقها إلى مغربها محتاجون لعلمه (1).

ج - ومن صفاته أنه كان عبوسا سيئ الخلق ، لم يظهر منه لندمائه بشاشة ، ولا سماحة في الخلق (2) لقد كان فظا غليظا تنفر منه النفوس فقد غرق في الجريمة والاثم ... هذه بعض مظاهر شخصيته وصفاته.

كفره والحاده :

وحكم جماعة من أعلام المسلمين بكفره وإلحاده ، منهم سعيد بن جبير والنخعي ، ومجاهد ، وعاصم بن أبي النجود ، والشعبي وغيرهم (3) أما ما يدلل على كفره فاراقته لدماء المسلمين بغير حق ، واشاعته للخوف والارهاب بين الناس ، ولو كان مسلما لما فعل ذلك ، كما أثرت عنه بعض التصريحات التي أدلى بها وهي تدل على كفره ، ومن بينها ما يلي : الاستهانة بالنبي :

واستهان الحجاج بالنبي العظيم (صلی اللّه عليه وآله) ففضل عبد الملك بن مروان عليه فقد خاطب اللّه تعالى أمام الناس قائلا : « ارسلوك أفضل - يعني النبي - أم خليفتك - يعني عبد الملك - » (4) وكان ينقم ويسخر من الذين يزورون قبر النبي (صلی اللّه عليه وآله) ويقول : « تبا لهم إنما يطوفون بأعواد ورمة بالية ، هلا طافوا بقصر أمير المؤمنين عبد الملك ، ألا يعلمون أن خليفة المرء خير من

ص: 26


1- حياة الحيوان 1 / 171.
2- مروج الذهب 3 / 81.
3- تهذيب التهذيب 2 / 211.
4- النزاع والتخاصم للمقريزي ( ص 27 ) رسائل الجاحظ ( ص 297 ).

رسوله » (1) وعلق الدينوري على كلامه هذا بقوله : إنما كفروه - يعني الحجاج - بهذا لأن في هذا الكلام تكذيبا لرسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) .. فانه صح عنه (صلی اللّه عليه وآله) ان اللّه عز وجل حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء (2).

لقد دلت تصريحاته ، وأعماله على كفره ، ومروقه من الدين ، وانه لا علاقة له باللّه ، ولو كان يرجو لله وقارا ، ويؤمن باليوم الآخر لما أقترف تلك الاعمال التي باعدت بينه وبين اللّه ، وبقيت سمة عار وخزي عليه وعلى الحكم الاموي.

من جرائمه :

وحفل حكم هذا الخبيث بالجرائم والموبقات ، ومن بينها :

التنكيل بالشيعة :

ونكل الطاغية الفاجر بشيعة آل البيت (عليهم السلام) فأذاع فيهم القتل ، وأشاع في بيوتهم الثكل والحزن والحداد ، وقد كان عبد الملك قد كتب إليه « جنبني دماء بني عبد المطلب فليس فيها شفاء من الحرب ، وإني رأيت آل بني حرب قد سلبوا ملكهم لما قتلوا الحسين بن علي » (3).

ص: 27


1- شرح النهج 15 / 242.
2- حياة الحيوان للدميري 1 / 170.
3- العقد الفريد 3 / 149.

ولكن الحجاج قد تعرض إلى شيعة العلويين فانطلقت يده في الفتك بهم وسفك دمائهم حتى ان الرجل ليقال له زنديق أو كافر أحب إليه من أن يقال له من شيعة علي (1) ويقول المؤرخون إن خير وسيلة للتقرب إلى الحجاج هي انتقاص الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) فقد أقبل إليه بعض المرتزقة من أوغاد الناس وأجلافهم وهو رافع عقيرته قائلا :

« أيها الامير ، ان أهلي عقوني فسموني عليا ، وإني فقير بائس ، وأنا إلى صلة الامير محتاج ... ».

فسر الحجاج بذلك وقال : « للطف ما توسلت به ، فقد وليتك موضع كذا » (2).

وعلى أي حال فقد ذهبت الشيعة في عهد هذا الجلاد طعمة للسيوف والرماح ، فقد نكل بهم وقتلهم تحت كل حجر ومدر وأودع الكثيرين منهم في ظلمات السجون ... لقد أثار الحجاج في صفوف الشيعة جوا من الارهاب ، لم تشهد له الشيعة مثيلا حتى في أيام الطاغية زياد ، وابنه عبيد اللّه.

محنة الكوفة :

وامتحنت الكوفة في أيام هذا الجبار كأشد ما تكون المحنة ، فقد أخذ يقتل على الظنة والتهمة ، ويأخذ البريء بالسقيم ، والمقبل بالمدبر وقد خطب في الكوفة خطابا قاسيا ، لم يحمد اللّه ، ولم يثن عليه ، ولم

ص: 28


1- شرح النهج
2- حياة الامام الحسن بن علي 2 / 336.

يصل على النبي (صلی اللّه عليه وآله) وكان من جملة ما قاله فيه :

« يا أهل العراق ، يا أهل الشقاق ، والنفاق ، والمراق ، ومساوئ الاخلاق ان أمير المؤمنين - يعني عبد الملك - فتل كنانته فعجمها عودا عودا ، فوجدني من أمرها عودا ، وأصعبها كسرا ، فرماكم بي ، وأنه قلدني عليكم سوطا وسيفا ، فسقط السوط وبقى السيف (1) ثم قال : اني واللّه لارى أبصارا طامحة ، وأعناقا متطاولة ، ورءوسا قد أينعت ، وحان قطافها ، وإني أنا صاحبها كأني أنظر إلى الدماء ترقرق بين العمائم واللحى (2) ثم أنشد :

أنا ابن جلا وطلاع الثنايا

متى أضع العمامة تعرفوني

ومضى الجلاد فشهر السيف وأطاح بالرؤوس ، ونشر من الرعب والارهاب ما لا يوصف حتى قال له أبو وائل الاسدي : « وأيم اللّه ما أعلم الناس هابوا أميرا قط هيبتهم إياك » (3) وبلغ من عظيم خوف الناس انه لم يبق أحد في مجلسه إلا اهمته نفسه ، وارتعدت فرائصه كما يقول بعضهم (4).

لقد امتحن العراقيون امتحانا عسيرا في زمن الحجاج ، فقد صب عليهم وابلا من العذاب الاليم.

ص: 29


1- تأريخ اليعقوبي 3 / 68.
2- مروج الذهب 3 / 68.
3- طبقات ابن سعد 6 / 66.
4- طبقات ابن سعد 6 / 66.

رمي الكعبة بالمنجنيق

ومن جرائم هذا الطاغية انه قاد جيشا مكثفا إلى مكة لمحاربة ابن الزبير ، وقد حاصر البيت الحرام ستة أشهر وسبع عشر ليلة ، وقد امر برمي الكعبة المشرفة فرميت من جبل أبي قبيس بالمنجنيق ، وكان قومه يرمون الكعبة ويرتجزون.

خطارة مثل الفنيق المزيد *** نرمي بها اعواد هذا المسجد

(1) ودام الحصار حتى قتل عبد اللّه بن الزبير ، وصلب منكوسا وبعث برأسه الى عبد الملك فأمر ان يطاف به في البلاد (2) ولم يرجو وقارا لبيت اللّه الحرام الذي من دخله كان آمنا فقد انتهك حرمته ، وقبله يزيد بن معاوية لم يقم له اي حرمة.

سجونه :

واتخذ الطاغية سجونا لا تقي من حر ولا برد ، وكان يعذب المساجين بأقسى الوان العذاب ، فكان يشد على بدن السجين القصب الفارسي الشقوق ويجر عليه حتى يسيل دمه ، ويقول المؤرخون انه مات في حبسه خمسون الف رجل ، وثلاثون الف امرأة منهن ستة عشر الفا مجردات كان يحبس الرجال والنساء في موضع واحد (3) واحصي في محبسه ثلاث وثلاثون

ص: 30


1- تهذيب ابن عساكر 4 / 50.
2- تأريخ الخلفاء للسيوطي ( ص 84 ) تأريخ ابن كثير 9 / 63.
3- حياة الحيوان للدميري 1 / 170.

الف سجين لم يحبسوا في دين ولا تبعة (1) وكان يقول لاهل السجن : ( اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ ) (2) شبههم بأهل النار ، وشبه نفسه بالخالق تعالى ، عتوا وتكبرا منه.

ومن طريف ما يذكر ان بعض القراء روى ان الحجاج قرأ في سورة هود ( إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ ) فلم يدر أهي عمل أم عمل ، فقال : ائتوني بقارئ ، فأتوا بي وقد قام من مجلسه فحبست ، ونسيني الحجاج حتى عرض السجن بعد ستة أشهر فلما ان انتهى إلي قال : فيم حبست؟ قلت : في ابن نوح أصلح اللّه الامير فضحك وأطلقني.

هلاكه :

وأهلك اللّه هذا المجرم الخبيث الذي أغرق البلاد بالمحن والخطوب فقد أصابته الاكلة في بطنه ، وسلط اللّه عليه الزمهرير فكانت الكوانين تجعل حوله مملوءة نارا ، وتدنى منه حتى تحرق جلده ، وهو لا يحس بها وأخذت منه الآلام مأخذا عظيما فشكا ما هو فيه إلى الحسن البصري فقال له : قد كنت نهيتك أن تتعرض للصالحين ، فلججت ، فقال له : يا حسن لا أسألك أن تسأل اللّه أن يفرج عني ، ولكن أسألك أن تسأله أن يعجل قبض روحي ، ولا يطيل عذابي (3) وظل الجلاد يعاني آلام الموت وشدة

ص: 31


1- معجم البلدان 5 / 349.
2- تهذيب التهذيب 2 / 212.
3- وفيات الاعيان 6 / 347.

النزع حتى هلك (1) ومضت روحه الخبيثة إلى جهنم مقرنة بالاصفاد وقد انكسر بموته باب الجور ، وانحسرت روح الظلم ، فاهون به هالكا ومفقودا ولما بلغ هلاكه الحسن البصري قال اللّهم أنت أمته ، فأمت سنته أتانا أخيفش اعيمش قصير البنان ، واللّه ما عرق له عذار في سبيل اللّه قط فمن كفا كبره ، فقال : بايعوني وإلا ضربت أعناقكم (2).

وتلقى المسلمون نبأ وفاته بمزيد من السرور والافراح ، وكانت الشتائم تلاحقه من يوم وفاته حتى يرث اللّه الارض ومن عليها.

عبد الملك مع الأخطل :

كان الاخطل شاعر بني أميّة ولسانهم الناطق ، وكان أثيرا عند عبد الملك فقد دخل عليه وهو ثمل يترنح فأنشده البيتين.

إذا ما نديمي علني ثم علني *** ثلاث زجاجات لهن هدير

خرجت أجر الذيل تيها كأنني *** عليك أمير المؤمنين أمير

ولم يتخذ معه أي أجراء حاسم.

وقد قال لعبد الملك حينما عرض عليه الاسلام إن آمنت احللت لي الخمر ، ووضعت عني صوم رمضان اسلمت ، فقال له عبد الملك : إن أنت أسلمت ثم قصرت في شيء من الاسلام ضربت عنقك.

فقال الاخطل :

ولست بصائم رمضان عمري *** ولست بآكل لحم الاضاحي

ص: 32


1- كان هلاكه في شهر رمضان وقيل في شوال سنة ( 95 ه ) وكان عمره ثلاثا أو أربعا وخمسين سنة ، وفيات الاعيان 1 / 437.
2- تهذيب التهذيب 2 / 213.

ولست بزاجر عنسا بكورا *** إلى بطحاء مكة للنجاح

ولست بقائم كالعير يدعو *** قبيل الصبح حي على الفلاح

ولكني سأشربها شمولا *** وأسجد عند منبلج الصباح

وكان يخرج من بلاط عبد الملك ولحيته تقطر من الخمر ، وكان عبد الملك يغدق عليه بالاموال لانه قد استخدمه في مدحه ، ومما قال فيه :

إلى إمام تغادينا فواضله *** أظفره اللّه فليهنأ له الظفر

الخائض الغمر والميمون طائره *** خليفة اللّه يستسقى به المطر

والمستمر به أمر الجميع فما *** يغره بعد توكيد له غرر (1)

نفسي فداء أمير المؤمنين إذا *** أبدى النواجذ يوما عارم ذكر (2)

لقد أشاد الأخطل بعبد الملك ، ومدحه في كثير من المناسبات ، وقد شكره عبد الملك فكان يدخل عليه بغير اذن وفي عنقه سلسلة من ذهب وصليب وكان عبد الملك يسميه مرة شاعر أمير المؤمنين ، ومرة شاعر بني أمية ، وثالثة شاعر العرب (3).

الامام مع عبد الملك :

وابتلي المسلمون في ذلك العصر برجل من القدرية أفسد عليهم دينهم ولم يهتدوا إلى رد شبهه وابطال مزاعمه ، ورأى عبد الملك انه لا طريق لافحامه إلا الامام محمد الباقر (عليه السلام) فكتب إلى عامله على يثرب رسالة

ص: 33


1- الغرر : الهلاك.
2- ديوان الأخطل ( ص 98 ).
3- الأغاني 8 / 287.

يطلب فيها احضار الامام إلى دمشق ، والتلطف معه ، وعرض حاكم يثرب على الامام رسالة عبد الملك ، فاعتذر الامام (عليه السلام) عن السفر لأنه شيخ لا طاقة له على عناء السفر ولكنه أناب عنه ولده جعفر الصادق للقيام بهذه المهمة ، وسافر الامام الصادق إلى دمشق فلما حضر عند عبد الملك قال له : قد أعيانا هذا القدري ، وإني أحب أن أجمع بينك وبينه ، فانه لم يدع أحدا إلا خصمه ، وأمر باحضاره فلما حضر عنده أمره الامام بقراءة الفاتحة ، فبهر القدري ، وأخذ بقراءتها ، فلما بلغ قوله تعالى : « ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) » قال له الامام.

« من نستعين؟ وما حاجتك إلى المعرفة إن كان الأمر إليك ... »

وبان العجز على القدري ، ولم يطق جوابا (1) وواصل الامام حديثه في لبطال مزاعمه ورد شبهه.

الايعاز باعتقال الامام :

وأوعز عبد الملك إلى عامله على يثرب باعتقال الامام (عليه السلام) وارساله إليه مخفورا ، وتردد عامله في اجابته ورأى أن من الحكمة اغلاق ما أمر به فأجابه بما يلي :

« ليس كتابي هذا خلافا عليك ، ولا ردا لأمرك ، ولكن رأيت أن أراجعك في الكتاب نصيحة وشفقة عليك ، فان الرجل الذي أردته ليس على وجه الأرض اليوم أعف منه ، ولا أزهد ، ولا أورع منه ، وانه ليقرأ في محرابه فيجتمع الطير والسباع إليه تعجبا لصوته ، وإن قراءته

ص: 34


1- تفسير العياشي 1 / 23.

لتشبه مزامير أل داود ، وإنه لمن أعلم الناس ، وأرأف الناس ، وأشد الناس اجتهادا وعبادة ، فكرهت لأمير المؤمنين التعرض له ، فان اللّه لا يغير ما بقوم ، حتى يغيروا ما بأنفسهم ... » وكشفت هذه الرسالة عن صفحات مشرقة من صفات الامام أبي جعفر (عليه السلام) والتي كان منها :

1 - إنه أعف أهل الأرض فليس أحد يدانيه أو يساويه في هذه الظاهرة التي هي من أميز الصفات.

2 - إنه أزهد أهل الدنيا وانه قد بنى واقع حياته على الزهد ، والابتعاد عن زخارف الحياة.

3 - إنه أورع الناس عن محارم اللّه.

4 - إنه كان وحيدا في قراءته للقرآن الكريم فكانت قراءته له كمزامير آل داود.

5 - إنه أعلم الناس بأحكام الدين وشئون الشريعة وغيرها من سائر العلوم.

6 - إنه أرأف الناس بالناس ، وأشدهم عطفا وحنانا على الفقراء والمحرومين.

7 - إنه كان أكثر الناس اجتهادا في الطاعة ، والاقبال على اللّه والاتصال به.

وهذه الصفات هي التي تقول بها الشيعة في الامام ، وليس بها غلو أو خروج عن منطق الحق.

وعلى أي حال فان هذه الرسالة لما وافت عبد الملك عدل عن رأيه في اعتقال الامام (عليه السلام) ورأى أن الصواب فيما قاله عامله (1).

ص: 35


1- الدر النظيم ( ص 188 ) ضياء العالمين الجزء الثاني في أحوال الامام الباقر (عليه السلام).

الامام وتحرير النقد الاسلامي :

وقام الامام أبو جعفر (عليه السلام) بأسمى خدمة للعالم الاسلامي ، فقد حرر النقد من التبعية إلى الامبراطورية الرومية ، حيث كان يصنع هناك ويحمل شعار الروم ، وقد جعله الامام (عليه السلام) مستقلا بنفسه يحمل الشعار الاسلامي ، وقطع الصلة بينه وبين الروم ، أما السبب في ذلك فهو ان عبد الملك بن مروان نظر إلى قرطاس قد طرز بمصر فأمر بترجمته إلى العربية ، فترجم له ، وقد كتب عليه الشعار المسيحي الأب والابن والروح فأنكر ذلك ، وكتب إلى عامله على مصر عبد العزيز بن مروان بابطال ذلك وأن يحمل المطرزين للثياب والقراطيس وغيرها على أن يطرزوها بشعار التوحيد ، ويكتبوا عليها ( شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ ) وكتب إلى عماله في جميع الآفاق بابطال ما في أعمالهم من القراطيس المطرزة بطراز الروم ، ومعاقبة من وجد عنده شيء بعد هذا النهي ، وقام المطرزون بكتابة ذلك ، فانتشرت في الآفاق ، وحملت إلى الروم ولما علم ملك الروم بذلك انتفخت أوداجه ، واستشاط غيظا وغضبا فكتب إلى عبد الملك أن عمل القراطيس بمصر ، وسائر ما يطرز إنما يطرز بطراز الروم إلى أن أبطلته ، فان كان من تقدمك من الخلفاء قد أصاب فقد أخطأت ، وإن كنت قد أصبت فقد أخطئوا ، فاختر من هاتين الحالتين أيهما شئت وأحببت ، وقد بعثت إليك بهدية تشبه محلك ، وأحببت أن تجعل رد ذلك الطراز إلى ما كان عليه في جميع ما كان يطرز من أصناف الاعلاق حالة أشكرك عليها وتأمر بقبض الهدية.

ص: 36

ولما قرأ عبد الملك الرسالة أعلم الرسول أنه لا جواب له عنده كما رد الهدية ، وقفل الرسول إلى ملك الروم فأخبره الخبر ، فضاعف الهدية وكتب إليه ثانيا يطلب باعادة ما نسخه من الشعار ، ولما انتهى الرسول إلى عبد الملك رده ، مع هديته ، وظل مصمما على فكرته ، فمضى الرسول إلى ملك الروم وعرفه بالأمر ، فكتب إلى عبد الملك يتهدده ويتوعده وقد جاء في رسالته :

« انك قد استخففت بجوابي وهديتي ، ولم تسعفني بحاجتي فتوهمتك استقللت الهدية فأضعفتها ، فجريت على سبيلك الأول وقد أضعفتها ثالثة وأنا أحلف بالمسيح لتأمرن برد الطراز إلى ما كان عليه أو لآمرن بنقش الدنانير والدراهم ، فانك تعلم أنه لا ينقش شيء منها إلا ما ينقش في بلادي ، ولم تكن الدراهم والدنانير نقشت في الاسلام ، فينقش عليها شتم نبيك ، فاذا قرأته أرفض جبينك عرقا ، فأحب أن تقبل هديتي ، وترد الطراز إلى ما كان عليه ، ويكون فعل ذلك هدية تودني بها ، وتبقى الحال بيني وبينك ... ».

ولما قرأ عبد الملك كتابه ضاقت عليه الأرض ، وحار كيف يصنع ، وراح يقول : احسبني أشأم مولود في الاسلام ، لأني جنيت على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من شتم هذا الكافر ، وسيبقى علي هذا العار إلى آخر الدنيا فان النقد الذي توعدني به ملك الروم إذا طبع سوف يتناول في جميع أنحاء العالم.

وجمع عبد الملك الناس ، وعرض عليهم الأمر فلم يجد عند أحد رأيا حاسما ، وأشار عليه روح بن زنباع ، فقال له : إنك لتعلم المخرج من هذا الأمر ، ولكنك تتعمد تركه ، فأنكر عليه عبد الملك وقال له :

ص: 37

« ويحك من؟ ».

« عليك بالباقر من أهل بيت النبي (صلی اللّه عليه وآله) ».

فأذعن عبد الملك ، وصدقه على رأيه ، وعرفه أنه غاب عليه الأمر ، وكتب من فوره إلى عامله على يثرب يأمره باشخاص الامام وأن يقوم برعايته والاحتفاء به ، وأن يجهزه بمائة ألف درهم ، وثلاثمائة ألف درهم لنفقته ، ولما انتهى الكتاب إلى العامل قام بما عهد إليه ، وخرج الامام من يثرب إلى دمشق فلما سار إليها استقبله عبد الملك ، واحتفى به ، وعرض عليه الأمر فقال (عليه السلام) :

« لا يعظم هذا عليك فانه ليس بشيء من جهتين : إحداهما ان اللّه عز وجل لم يكن؟؟؟ ليطلق ما تهدد به صاحب الروم في رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) والأخرى وجود الحيلة فيه ... ».

وطفق عبد الملك قائلا :

« ما هي؟ ».

قال (عليه السلام) : تدعو في هذه الساعة بصناع فيضربون بين يديك سككا للدراهم والدنانير ، وتجعل النقش صورة التوحيد وذكر رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) احدهما في وجه الدرهم ، والآخر في الوجه الثاني ، وتجعل في مدار الدرهم والدينار ذكر البلد الذي يضرب فيه والسنة التي يضرب فيها ، وتعمد إلى وزن ثلاثين درهما عددا من الأصناف الثلاثة إلى العشرة منها وزن عشرة مثاقيل ، وعشرة منها وزن ستة مثاقيل ، وعشرة منها وزن خمسة مثاقيل ، فتكون أوزانها جميعا واحدا وعشرين مثقالا ، فتجزئها من الثلاثين فيصير العدة من الجميع وزن سبعة مثاقيل ، وتصب صنجات من قوارير لا تستحيل إلى زيادة ولا نقصان ، فتضرب الدراهم على وزن

ص: 38

عشرة ، والدنانير على وزن سبعة مثاقيل ... وأمره بضرب السكة على هذا اللون في جميع مناطق العالم الاسلامي ، وأن يكون التعامل بها ، وتلغى السكة الأولى ، ويعاقب بأشد العقوبة من يتعامل بها ، وترجع إلى المعامل الاسلامية لتصب ثانيا على الوجه الاسلامي.

وامتثل عبد الملك ذلك ، فضرب السكة حسبما رآه الامام (عليه السلام) ولما فهم ملك الروم ذلك سقط ما في يده ، وخاب سعيه ، وظل التعامل بالسكة التي صممها الامام (عليه السلام) حتى في زمان العباسيين (1).

وذكر ابن كثير ان الذي قام بهذه العملية الامام زين العابدين علیه السلام (2)

وعلى أي حال فان العالم الاسلامي مدين للامام أبي جعفر بما أسداه إليه من الفضل بانقاذ نقده من تبعية الروم ، وجعله مستقلا بنفسه يصنع في بلد المسلمين ، ويحمل الشعار الاسلامي.

وفاة عبد الملك :

ومرض عبد الملك مرضه الذي هلك فيه ، وكان غير آمن ولا مطمئن فقد أخذت تراوده أعماله المنكرة وما اقترفه من الظلم والجور وسفك الدماء بغير حق في سبيل الملك والسلطان ، وأخذ يضرب بيده على رأسه ويقول : « وددت أني اكتسبت قوتي يوما بيوم ، واشتغلت بعبادة ربي

ص: 39


1- حياة الحيوان للدميري 1 / 63 - 64 ، المحاسن والأضداد للبيهقي ، المطالعة العربية 1 / 31.
2- البداية والنهاية 9 / 68.

عز وجل ، وطاعته » (1).

وعهد بالخلافة من بعده إلى ولده الوليد ، وأوصاه بالحجاج خيرا ، وقال له : وانظر الحجاج فأكرمه ، فانه هو الذي وطأ لكم المنابر ، وهو سيفك يا وليد ، ويدك على من ناواك ، فلا تسمعن فيه قول أحد ، وأنت إليه أحوج منه إليك ، وادع الناس إذا مت إلى البيعة ، فمن قال برأسه هكذا ، فقل : بسيفك هكذا ... » (2).

ومثلت هذه الوصية اندفاعاته نحو الشر حتى في الساعة الأخيرة من حياته ، فقد أوصى ولي عهده بالجلاد الحجاج الذي أغرق البلاد في الثكل والحزن والحداد ، كما أوصى بالقتل لكل من تحدثه نفسه بعدم الرضا بالحكم الأموي ، ولم يبق بعد هذه الوصية إلا لحظات ثم توفى ، وكانت وفاته في يوم الأربعاء في النصف من شوال سنة ( 86 ه ) (3) وقد سئل عنه الحسن البصري فقال : ما أقول في رجل كان الحجاج سيئة من سيئاته (4).

الوليد بن عبد الملك :

وولي الوليد الخلافة بعد هلاك أبيه ، ويقول المؤرخون : انه لم تكن فيه أية صفة من صفات النبل تؤهله إلى الخلافة ، وإنما كان جبارا

ص: 40


1- البداية والنهاية 9 / 68.
2- تأريخ الخلفاء للسيوطي ( ص 220 ).
3- البداية والنهاية 9 / 68.
4- تأريخ أبي الفداء 1 / 209.

ظالما (1) وكان يغلب عليه اللحن ، وقد خطب في المسجد النبوي. فقال : يا أهل المدينة - بالضم - مع أن القاعدة تقتضي نصبه لأنه منادى مضاف.

وخطب يوما فقال : يا ليتها كانت القاضية ، وضم التاء فقال عمر بن عبد العزيز : عليك وأراحتنا منك (2) وعاتبه أبوه على إلحانه ، وقال : إنه لا يلي العرب إلا من يحسن كلامهم ، فجمع أهل النحو ودخل بيتا فلم يخرج منه ستة اشهر ، ثم خرج منه ، وهو أجهل منه يوم دخل (3).

وطعن عمر بن عبد العزيز في حكومته فقال : إنه ممن امتلأت الأرض به جورا (4) ويقول المؤرخون : إنه كان كثير النكاح والطلاق يقال إنه تزوج ثلاثا وستين امرأة (5) غير الإماء.

وهو الذي بنى مسجد دمشق الكبير المعروف بالجامع الأموي أنفق عليه نحو ستة ملايين دينار ذهبي من نقود زماننا (6) ، كما زاد في مسجد النبي (صلی اللّه عليه وآله) وزخرفه ، ونمقه ورصعه بالفسيفساء ، وأدخل فيه حجر أزواج النبي (صلی اللّه عليه وآله) وسائر المنازل التي حوله (7).

وفي عهد الوليد قتل الحجاج سعيد بن جبير صبرا وكان قتله من الأحداث الجسام التي روع بها العالم الاسلامي.

ص: 41


1- تأريخ الخلفاء ( ص 223 ).
2- تأريخ ابن الأثير 4 / 138.
3- تأريخ ابن الأثير 4 / 138.
4- تأريخ الخلفاء للسيوطي ( ص 223 ).
5- الانافة في مآثر الخلافة 1 / 133.
6- الاعلام للزركلي 9 / 141.
7- الانافة في مآثر الخلافة 1 / 133.

وكانت مدة خلافته تسع سنين وسبعة أشهر ، توفى بدير مروان سنة ( 96 ه ) وكان عمره خمسا وأربعين سنة (1).

سليمان بن عبد الملك :

بويع له بعهد من أبيه بعد هلاك أخيه في جمادى الآخرة سنة ( 96 ه ) وقد نكل بآل الحجاج تنكيلا فظيعا ، وقد عهد بتعذيبهم إلى عبد الملك ابن المهلب (2) وعزل جميع عمال الحجاج واطلق في يوم واحد من سجنه واحدا وثمانين ألفا ، وأمرهم أن يلحقوا بأهاليهم ، ووجد في السجن ثلاثين ألفا ممن لا ذنب لهم وثلاثين ألف امرأة (3) وكانت هذه من مآثره وألطافه على الناس.

وكان مجحفا أشد الاجحاف في جباية الخراج فقد كتب إلى عامله على مصر اسامة بن زيد التنوخي رسالة جاء فيها « احلب الدر حتى ينقطع ، واحلب الدم حتى ينصرم » وقدم عليه اسامة بما جباه من الخراج ، وقال له : إني ما جئتك حتى نهكت الرعية ، وجهدت فان رأيت أن ترفق بها وترفه عليها ، وتخفف من خراجها ما تقوى به على عمارة بلادها فافعل فانه يستدرك ذلك في العام المقبل فصاح به سليمان :

« هبلتك أمك احلب الدر ، فاذا انقطع فاحلب الدم » (4).

ص: 42


1- تأريخ ابن الأثير 4 / 138.
2- تأريخ ابن الأثير 4 / 138.
3- تأريخ ابن عساكر 5 / 80.
4- الجهشياري ( ص 32 ).

ودلت هذه البادرة على تجرده من الرحمة والرأفة على رعيته ، فقد أمات الحركة الاقتصادية ، وأشاع الفقر والبؤس في البلاد.

وفاته :

ويقول المؤرخون : إنه كان شديد الاعجاب بنفسه ، وقد لبس أفخر ثيابه وراح يقول : أنا الملك الشاب المهاب ، الكريم ، الوهاب ، وتمثلت أمامه احدى جواريه فقال لها :

« كيف ترين أمير المؤمنين؟!! ».

« أراه منى النفس ، وقرة العين ، لو لا ما قال الشاعر .. ».

« ما قال :؟ ».

« إنه قال : ».

أنت نعم المتاع لو كنت تبقى *** غير أن لا بقاء للانسان

أنت من لا يريبنا منك شيء *** علم اللّه غير أنك فان

ليس فيما بدا لنا منك عيب *** يا سليمان غير أنك فان

فكانت هذه الأبيات كالصاعقة على رأسه ، فقد تبدد جبروته واعجابه بنفسه ، ويقول المؤرخون : انه لم يمكث إلا زمنا يسيرا حتى هلك (1) وكانت خلافته سنتين وخمسة أشهر وخمسة أيام ، وتوفى يوم الجمعة لعشر ليال بقين من صفر سنة ( 99 ه ) (2).

ص: 43


1- مروج الذهب 3 / 113.
2- تأريخ ابن الأثير 4 / 151.

عمر بن عبد العزيز :

هو مفخرة البيت الأموي ، وسيد ملوكهم ، ونجيب بني أمية - كما يقول الامام أبو جعفر - (1) تقلد الخلافة بعهد من سليمان بن عبد الملك وذلك في يوم الجمعة لعشر خلون من صفر سنة ( 99 ه ) (2) ولمس الناس في عهده القصير الأمن ، والرفاه ، فقد أزال عنهم جور بني مروان وطغيانهم ، وكان محنكا ، وقد هذبته التجارب ، وقام على تكوينه عقل متزن ، وقد ساس المسلمين سياسة رشيدة لم يألفوها من قبله ، وكانت له ألطاف ، وأياد بيضاء على العلويين تذكر له بالخير على امتداد التأريخ ومن بينها :

رفع السب عن الامام علي :

وكانت الحكومة الأموية منذ تأسيسها قد تبنت بصورة ايجابية سب الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) وانتقاصه ، وقد رأوا أن ذاك هو السبب في بقاء دولتهم وبقاء سلطانهم ، لأن مبادئ الامام (عليه السلام) وما أثر عنه من روائع صور العدل السياسي والاجتماعي تطاردهم وتفتح أبواب النضال الشعبي ضد سياستهم القائمة على الظلم والجور والطغيان.

وقد أدرك عمر بن عبد العزيز بوعيه ، وأصالة تفكيره أن السياسة

ص: 44


1- تأريخ الخلفاء للسيوطي ( ص 230 ).
2- نهاية الأرب 21 / 355.

التي انتهجها آباؤه ضد الامام (عليه السلام) لم تكن حكيمة ولا رشيدة ، فقد جرت للأمويين الكثير من المصاعب والمشاكل ، وألقتهم في شر عظيم ، فعزم على أن يمحو هذه الخطيئة ، فأصدر أوامره الحاسمة والمشرفة إلى جميع أنحاء العالم الاسلامي برفع السب عن الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) وأن يقرأ عوض السب ( إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى ) وقد علل هو السبب في تركه لما سنه آباؤه من انتقاص الامام يقول : كان أبي إذا خطب فنال من علي تلجلج ، فقلت : يا أبت إنك تمضي في خطبتك فاذا أتيت على ذكر علي عرفت منك تقصيرا ، قال : أو فطنت لذلك؟ قلت : نعم ، فقال : يا بني إن الذين حولنا لو يعلمون من علي ما نعلم تفرقوا عنا إلى أولاده ، فلما ولي الخلافة لم يكن عنده من الرغبة في الدنيا مثل أبطال سب الامام (1) وقد أثارت هذه المكرمة إعجاب الجميع ، وأخذ الناس يتحدثون عنه بأطيب الذكر ويذكرون شجاعته النادرة في مخالفته لسلفه ، وقد وفد عليه الشاعر الكبير كثير عزة ، فتلا عليه هذه الأبيات :

وليت فلم تشتم عليا ولم تخف *** بريا ولم تتبع مقالة مجرم

تكلمت بالحق المبين وإنما *** تبين آيات الهدى بالتكلم

وصدقت معروف الذي قلت بالذي *** فعلت فأضحى راضيا كل مسلم

ألا إنما يكفي الفتى بعد زيغه *** من الأود الباقي ثقاف المقوم

لقد لبست لبس الملوك ببابها *** وأبدت لك الدنيا بكف ومعصم

وتومض أحيانا بعين مريضة *** وتبسم عن مثل الجمان المنظم

فأعرضت عنها مشمئزا كأنما *** سقتك مدوفا من سمام وعلقم

ص: 45


1- تأريخ ابن الأثير 44 / 154.

وقد كنت من أجيالها في ممنع *** ومن بحرها في مزبد الموج منهم

وما زلت سباقا إلى كل غاية *** صعدت بها أعلى البناء المقدم

فلما رآك الملك عفوا ولم يكن *** لطالب دنيا بعده من تكلم

تركت الذي يفنى وان كان مونقا *** وآثرت ما يبقى برأي مصمم

فاضررت بالفاني وشمرت للذي *** أمامك في يوم من الهول مظلم

ومالك ان كنت الخليفة مانع *** سوى اللّه من مال رغيب ولا دم

سما لك هم في الفؤاد مؤرق *** صعدت به أعلى المعالي بسلم

فما بين شرق الأرض والغرب كلها *** مناد ينادي من فصيح وأعجم

يقول أمير المؤمنين : ظلمتني *** بأخذ لدينار ولا أخذ درهم

ولا بسط كف لامرئ ظالم له *** ولا الفك منه ظالما ملء محجم

فلو يستطيع المسلمون تقسموا *** لك الشطر من أعمارهم غير ندم

فعشت به ما حج لله راكب *** مغذ مطيف بالمقام وزمزم

فاربح بها من صفقة لمبايع *** واعظم بها ثم اعظم (1)

ولم يمدح أحد من ملوك بني أمية بمثل هذه الرائعة ، فقد رفعته إلى أفذاذ الخالدين ، وقد افتتحها بمكرمته في منع السب عن الامام أمير المؤمنين علیه السلام ثم صور سياسته القائمة على الزهد والاحسان إلى الرعية ، وقد أحب المسلمون سياسته حتى انهم يتمنون أن يفدوه بأعمارهم ليطول عمره وتمتد حياته.

وعقب عمر على هذه الأبيات بقوله : أفلحنا اذن (2) لقد أفلح لأنه أرضى ضميره ، ولم يخن الأمة في سبه لقائد مسيرتها ، وعملاقها العظيم

ص: 46


1- الأغاني 8 / 148.
2- تأريخ ابن الأثير 4 / 654.

الامام أمير المؤمنين (عليه السلام).

وأثنى عليه ومدحه بعاطر المدح الشريف الرضي يقول :

يا بن عبد العزيز لو بكت الع *** ين فتى من أمية لبكيتك

غير أني أقول : إنك قد طب *** ت وان لم يطب ولم يزك بيتك

أنت نزهتنا عن السب والقذ *** ف فلو أمكن الجزاء جزيتك

ولو اني رأيت قبرك لاستحيي *** ت من أن أرى وما حييتك

وقليل أن لو بذلت دماء الب *** دن ضربا على الذرى وسقيتك

دير سمعان فيك مأوى أبي حفص*** فبودي لو انني آويتك

دير سمعان لا أغبك غيث *** خير ميت من آل مروان ميتك (1)

لقد قدم الشريف الرضي إلى عمر آيات الشكر والولاء ، وأعرب عن عميق وده بهذه الأبيات فهو لا ينسى فضله ولطفه على العلويين بما أسداء عليهم من رفع السب عن سيدهم الامام أمير المؤمنين (عليه السلام).

صلته للعلويين :

وجهدت الحكومة الأموية منذ تأسيسها على حرمان أهل البيت (عليهم السلام) من حقوقهم واشاعة الفاقة في بيوتهم ، وقد عانوا الفقر والحرمان ، ولكن لما ولي الحكم عمر بن عبد العزيز أجزل لهم العطاء فقد كتب إلى عامله على يثرب أن يقسم فيهم عشرة آلاف دينار ، فأجابه عامله : ان عليا قد ولد له في عدة قبائل من قريش ففي أي ولده؟ فكتب إليه : إذا أتاك كتابي هذا ، فاقسم في ولد علي من فاطمة رضوان اللّه عليهم عشرة

ص: 47


1- شرح ابن أبي الحديد 1 / 357.

ألاف دينار ، فطالما تخطتهم حقوقهم » (1) وكانت هذه أول صلة تصلهم أيام الحكم الأموي.

رد فدك :

والبادرة الكريمة التي قام بها عمر بن عبد العزيز أنه رد فدكا إلى العلويين بعد أن صودرت منهم ، وأخذت تتعاقب عليها الأيدي ، وتتناهب الرجال وارداتها ، وآل النبي (صلی اللّه عليه وآله) قد حرموا منها ، وقد روى رده لها بصور متعددة منها :

1 - إن عمر بن عبد العزيز زار مدينة النبي (صلی اللّه عليه وآله) وأمر مناديه أن ينادي من كانت له مظلمة أو ظلامة فليحضر ، فقصده الامام أبو جعفر علیه السلام فقام إليه عمر تكريما واحتفى به فقال الامام (عليه السلام) له : « إنما الدنيا سوق من الأسواق يبتاع فيها الناس ما ينفعهم وما يضرهم ، وكم قوم ابتاعوا ما ضرهم ، فلم يصبحوا حتى آتاهم للموت فخرجوا من الدنيا ملومين ، لما لم يأخذوا ما ينفعهم في الآخرة ، فقسم ما جمعوا لمن لم يحمدهم وصاروا إلى من لا يعذرهم ، فنحن واللّه حقيقيون أن ننظر إلى تلك الأعمال التي نتخوف عليهم منها ، فنكف عنها ، واتق اللّه ، واجعل في نفسك اثنتين ، انظر إلى ما تحب أن يكون معك إذا قدمت على ربك فقدمه بين يديك ، وانظر إلى ما تكره معك إذا قدمت على ربك فارمه وراءك ، ولا ترغبن في سلعة بادرت على من كان قبلك ، فترجو أن يجوز عنك ، وافتح الأبواب ، وسهل الحجاب ، وانصف المظلوم ، ورد الظالم ،

ص: 48


1- المناقب 4 / 207 - 208.

ثلاثة من كن فيه استكمل الايمان باللّه من إذا رضي لم يدخله رضاه في باطل ، ومن إذا غضب لم يخرجه غضبه من الحق ، ومن إذا قدر لم يتناول ما ليس له ... » وقد وعظه الامام بهذه الكلمات القيمة ، وأوصاه بمكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال ، إلا أنه (عليه السلام) لم يذكر فيها ظلامة أهل البيت في فدك ، وغيرها.

ولما سمع عمر كلام الامام (عليه السلام) أمر بدواة وبياض ، وكتب بعد البسملة : « هذا ما رد عمر بن عبد العزيز ظلامة محمد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب بفدك ».

2 - إنه لما ولي الخلافة أحضر قريشا ووجوه الناس ، فقال لهم : إن فدكا كانت بيد رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) ، فكان يضعها حيث أراه اللّه ، ثم وليها أبو بكر كذلك ، ثم عمر كذلك ، ثم اقطعها مروان (1) ثم انها صارت إلى ، ولم تكن من مالي أعود منها علي ، وإني أشهدكم أني قد رددتها على ما كانت عليه في عهد رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) (2).

وليس في هذه الرواية أنه ردها إلى العلويين ، وإنما وضعها حيث كان رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) يضعها ومن المعلوم أن رسول اللّه أقطعها إلى بضعته سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام) وتصرفت (عليهاالسلام) بها في حياة رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) ولكن القوم رغبوا في مصادرتها لمصالح سياسية دعتهم إلى ذلك.

3 - إن عمر بن عبد العزيز لما أعلن رد فدك إلى العلويين نقم عليه بنو أمية فقالوا له : نقمت على الشيخين - يعني أبا بكر وعمر - فعلهما

ص: 49


1- هكذا في الأصل والصحيح ثم اقطعها عثمان مروان.
2- تأريخ ابن الأثير 4 / 164.

وطعنت عليهما ، ونسبتهما إلى الظلم ، والغصب ، فقال : قد صح عندي وعندكم أن فاطمة بنت رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) ادعت فدكا ، وكانت في يدها ، وما كانت لتكذب على رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) مع شهادة علي ، وأم أيمن وأم سلمة ، وفاطمة عندي صادقة فيما تدعي ، وإن لم تقم البينة وهي سيدة نساء الجنة ، فأنا اليوم أردها على ورثتها أتقرب بذلك إلى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وأرجو أن تكون فاطمة والحسن والحسين يشفعون لي يوم القيامة ، ولو كنت بدل أبي بكر وادعت فاطمة (عليه السلام) كنت أصدقها على دعوتها ، ثم سلمها إلى الامام الباقر (عليه السلام) (1).

هذه بعض الأقوال التي ذكرت في رد عمر فدكا للعلويين ، وبذلك فقد خالف سلفه الحاقدين على أهل البيت (عليهم السلام) والمبغضين لهم.

مع الامام الباقر :

اشارة

وكانت بين الامام أبي جعفر (عليه السلام) وعمر بن عبد العزيز عدة التقاءات واتصالات كان من بينها :

1 - تنبؤ الامام بخلافة عمر :

وأخبر الامام (عليه السلام) بخلافة عمر بن عبد العزيز وذلك قبل أن تصير إليه الخلافة ، يقول أبو بصير : كنت مع الامام أبي جعفر (عليه السلام) في المسجد إذ دخل عمر بن عبد العزيز ، وعليه ثوبان ممصران ، فقال (عليه السلام) :

ص: 50


1- سفينة البحار 2 / 272.

ليلين هذا الغلام ، فيظهر العدل ، إلا أنه قدح في ولايته من جهة وجود من هو أولى منه بالحكم (1).

2 - تكريم عمر للامام :

ولما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة كرم الامام أبا جعفر (عليه السلام) وعظمه وقد أرسل خلفه فنون بن عبد اللّه بن عتبة بن مسعود ، وكان من عباد أهل الكوفة ، فاستجاب له الامام (عليه السلام) وسافر إلى دمشق ، فاستقبله عمر استقبالا رائعا ، واحتفى به ، وجرت بينهما أحاديث ، وبقي الامام أياما في ضيافته ولما أراد الامام الانصراف إلى يثرب خف إلى توديعه فجاء إلى البلاط الأموي وعرف الحاجب بأمره فأخبر عمر بذلك ، فخرج رسوله فنادى أين أبو جعفر ليدخل فاشفق الامام أن يدخل خشية أن لا يكون هو ، فقفل الحاجب إلى عمر وأخبره بعدم حضور الامام ، فقال له : كيف قلت؟ قال : قلت : أين أبو جعفر؟ فقال له : اخرج وقل أين محمد بن علي؟ ففعل ذلك ، فقام الامام ، ودخل عليه وحدثه ثم قال له : إني أريد الوداع ، فقال له عمر : أوصني.

قال (عليه السلام) : « أوصيك بتقوى اللّه ، وأن نتخذ الكبير أبا ، والصغير ولدا والرجل أخا ... ».

وبهر عمر من وصية الامام وراح يقول باعجاب :

« جمعت واللّه لنا ، ما ان أخذنا به ، وأعاننا اللّه عليه استقام لنا الخير ان شاء اللّه ... ».

ص: 51


1- سفينة البحار 2 / 127 ، الخرائج والجرائح مخطوط.

وخرج الامام من عنده ، ولما أراد الرحيل بادره رسول عمر فقال له : إن عمر يريد أن يأتيك ، فانتظره الامام حتى أقبل فجلس بين يدي الامام مبالغة في تكريمه وتعظيمه ، ثم انصرف عنه (1).

3 - مراسلة عمر للامام :

ونقلت مباحث الأمويين إلى عمر أن الامام أبا جعفر (عليه السلام) هو بقية أهله العظماء الذين رفعوا راية الحق والعدل في الأرض ، وقد أراد عمر أن يختبره فكتب إليه فأجابه الامام برسالة فيها موعظة ونصيحة له ، فقال عمر : اخرجوا كتابه إلى سليمان ، فاخرج له فاذا فيه تقريظ ومدح له ، فانفذه إلى عامله على يثرب ، وأمره أن يعرضه عليه مع كتابه إلى عمر ، ويسجل ما يقوله الامام (عليه السلام) : وعرضه العامل على الامام فقال (عليه السلام) : إن سليمان كان جبارا كتبت إليه ما يكتب إلى الجبارين ، وان صاحبك أظهر أمرا ، وكتبت إليه بما شاكله ، وكتب العامل هذه الكلمات إلى عمر فلما قرأها أبدى اعجابه بالامام ، وراح يقول :

« إن أهل هذا البيت لا يخليهم اللّه من فضل ... » (2).

هذه بعض التقاءات الامام بعمر بن عبد العزيز ، وهي تكشف عن أصالة رأي عمر ، وأصالة تفكيره في تقديره للامام ، وتعظيمه له.

ص: 52


1- تأريخ دمشق 51 / 38.
2- تأريخ اليعقوبي 2 / 48.

اتهام رخيص :

واتهم عمر بن عبد العزيز باتّهام رخيص لم يكن له أساس من الصحة والواقع فقد اتهم بأنه لم يكن يعرف أوقات الصلاة المفروضة وقد نقل ذلك الدكتور علي حسن عن بعض المصادر (1) وهو بعيد كل البعد عن الواقع وعن سيرة هذا الرجل العظيم الذي عرف بالتقوى ومجالسة العلماء والفقهاء فكيف تخفى عليه أوقات الصلاة التي هي من أعظم الواجبات الاسلامية.

مؤاخذات :

ووجهت لعمر بن عبد العزيز بعض المؤخذات ومن بينها :

1 - إنه أقر القطائع التي أقطعها الخلفاء والسابقون من أهل بيته ، وهي من دون شك كانت بغير وجه مشروع.

2 - إن عماله وولاته على الأقطار والأقاليم الاسلامية قد جهدوا في ظلم الناس وابتزاز أموالهم يقول كعب الأشعري مخاطبا له :

إن كنت تحفظ ما يليك فانما *** عمال أرضك بالبلاد ذئاب

لن يستجيبوا للذي تدعو له *** حتى تجلد بالسيوف رقاب

بأكف منصلتين أهل بصائر *** في وقعهن مزاجر وعقاب (2)

ص: 53


1- نظرة عامة في تأريخ الفقه الاسلامي ( ص 110 ).
2- حياة الامام موسى بن جعفر 1 / 305.

وكان عمر يخطب على المنبر فانبرى إليه رجل فقطع عليه خطابه ، وقال له :

إن الذين بعثت في أقطارها *** نبذوا كتابك واستحل المحرم

طلس الثياب على منابر أرضنا *** كل يجور وكلهم يتظلم

وأردت أن يلي الأمانة منهم *** عدل وهيهات الأمين المسلم

(1) 3 - إنه أقر العطاء الذي كان للأشراف ، فلم يغيره في حين أنه يتنافى مع المبادئ الاسلامية التي ألزمت بالمساواة بين المسلمين ، وألغت التمايز بينهم.

4 - إنه زاد في عطاء أهل الشام عشرة دنانير ، ولم يفعل مثل ذلك في أهل العراق (2). ولا وجه لهذا التمييز الذي يتصادم مع روح الاسلام وواقعه.

هذه بعض المؤاخذات التي تواجه سياسة عمر بن عبد العزيز وهي بالنسبة إليه كثيرة لأن الرجل - كما يقول مترجموه - قد تبنى العدل في سياسته.

وفاته :

وألمت الأمراض بعمر بن عبد العزيز ، ويقول المؤرخون : إنه امتنع من التداوي فقيل له : لو تداويت؟ قال : لو كان دوائي في مسح أذني

ص: 54


1- حياة الامام موسى بن جعفر 1 / 305.
2- تأريخ اليعقوبي 2 / 48.

ما مسحتها ، نعم المذهوب إليه ربي (1) وتنص بعض المصادر إنه سقي السم من قبل الأمويين لأنهم علموا أنه إن امتدت أيامه فسوف يخرج الأمر منهم ، ولا يعهد بالخلافة إلا لمن يصلح لها فعاجلوه (2).

توفي في دير سمعان سنة ( 101 ه ) في شهر رجب (3) وقد ترك الرجل سيرة حسنة كانت من مواضع الاعتزاز والفخر.

يزيد بن عبد الملك :

ولي الخلافة يزيد بن عبد الملك بعهد من أخيه سليمان ، وأقام أربعين يوما يسير بين الناس بسياسة عمر بن عبد العزيز ، فشق ذلك على بني أمية ، فأتوه باربعين شيخا فشهدوا عنده بأنه ليس على الخلفاء حساب ، ولا عقاب (4) فعدل عن سياسة عمر ، وساس الناس سياسة عنف وجبروت وعمد إلى عزل جميع ولاة عمر ، وكتب مرسوما إلى عماله جاء فيه : « أما بعد فان عمر بن عبد العزيز كان مغرورا ، فدعوا ما كنتم تعرفون من عهده ، واعيدوا الناس إلى طبقتهم الأولى أخصبوا أم أجدبوا ، أحبوا أم كرهوا ، حيوا أم ماتوا ... » (5) وعاد الظلم على الناس بأبشع صوره وألوانه ، وانتشر الجور ، وعم الطغيان جميع أنحاء البلاد.

ص: 55


1- تأريخ ابن الأثير 4 / 161.
2- الانافة في مآثر الخلافة 1 / 142.
3- تأريخ ابن الأثير 4 / 161.
4- تأريخ ابن كثير 9 / 232.
5- العقد الفريد 3 / 180.

ومما تجدر الاشارة إليه أن يزيد بن عبد الملك كان جاهلا ، وحقودا على أهل العلم ، فكان يحتقر العلماء ، ويسمي الحسن البصري بالشيخ الجاهل (1) كما كان مسرفا في اللّهو والمجون هام بحب حبابة ، وقد ثمل يوما ، فقال : دعوني أطير ، فقالت حبابة : على من تدع الأمة؟ قال : عليك (2) وخرجت معه إلى الأردن يتنزهان فرماها بحبة عنب فدخلت حلقها فشرقت ، ومرضت ، وماتت فتركها ثلاثة أيام لم يدفنها حتى انتنت ، وهو يشمها ، ويقبلها ، وينظر إليها ويبكي ، فكلم في أمرها حتى أذن في دفنها ، وعاد إلى مقره كئيبا حزينا (3) ويقول المسعودي : إنه أقام على قبرها ، وهو يقول :

فان تسل عنك النفس أو تدع الهوى *** فباليأس تسلو النفس لا بالتجلد

(4) وقيل انه نبشها بعد الدفن حتى شاهدها (5) وله أخبار كثيرة مخزية

في الدعارة واللّهو أعرضنا عن ذكرها ، هلك سنة ( 105 ه ).

هشام بن عبد الملك :

بويع هشام بن عبد الملك في اليوم الذي هلك فيه أخوه يزيد وهو يوم الجمعة لخمس بقين من شوال سنة ( 105 ه ) وهو أحول بني أمية

ص: 56


1- الطبقات الكبرى 5 / 95.
2- تأريخ ابن الأثير 4 / 191.
3- تأريخ ابن الأثير 4 / 191.
4- مروج الذهب 3 / 139 ، البدء والتأريخ 3 / 48.
5- الانافة في مآثر الخلافة 1 / 146

وكان حقودا على ذوي الاحساب العريقة ، ومبغضا لكل شريف ، وفيه يقول الشاعر :

يقلب رأسا لم يكن رأس سيد *** وعين له حولاء باد عيوبها

ومن مظاهر ذاته البخل فكان يقول : ضع الدرهم على الدرهم يكون مالا (1) وقد جمع من المال ما لم يجمعه خليفة قبله (2) وقال : ما ندمت على شيء ندامتي على ما أهب أن الخلافة تحتاج إلى الأموال كاحتياج المريض إلى الدواء (3) ودخل إلى بستان له فيها فاكهة فجعل أصحابه يأكلون من ثمرها ، فأوعز إلى غلامه بقلع الأشجار وزراعة الزيتون لئلا يأكل منه أحد (4) وكان له قباء أخضر كان يلبسه أميرا وخليفة (5) ووصفه اليعقوبي بانه بخيل فظ ظلوم شديد القسوة ، بعيد الرحمة ، طويل اللسان (6) ، وكان شديد البغض للعلويين ، وهو الذي قتل زيد بن علي ، وتعرض الامام أبو جعفر (عليه السلام) في عهده إلى ضروب من المحن والآلام كان من بينها ما يلي :

الامام في دمشق :

وأمر الطاغية هشام عامله على يثرب بحمل الامام إلى دمشق وقد روى

ص: 57


1- البخلاء ( ص 150 ).
2- اخبار الدول 2 / 200.
3- انساب الأشراف.
4- البخلاء ( ص 105 ).
5- الآداب السلطانية.
6- تأريخ اليعقوبي 2 / 393.

المؤرخون في ذلك بروايتين :

الرواية الاولى إن الامام (عليه السلام) لما انتهى إلى دمشق ، وعلم هشام بقدومه أو عز إلى حاشيته إنه ان دخل عليه الامام قابلوه بمزيد من التوهين والتوبيخ عند ما ينتهي حديثه معه ، ودخل الامام (عليه السلام) على هشام فسلم على القوم ولم يسلم عليه بالخلافة ، فاستشاط غضبا ، وأقبل على الامام (عليه السلام) فقال له :

« يا محمد بن علي لا يزال الرجل منكم قد شق عصا المسلمين ، ودعا إلى نفسه ، وزعم أنه الامام سفها وقلة علم .. ».

وسكت هشام فانبرى عملاؤه فجعلوا ينالون من الامام ويسخرون منه ووثب (عليه السلام) فقال :

« أيها الناس : أين تذهبون؟ وأين يراد بكم؟ بنا هدى اللّه أولكم وبنا يختم آخركم ، فان يكن لكم ملك معجل ، فان لنا ملكا مؤجلا ، وليس بعد ملكنا ملك ، لأنا أهل العاقبة ، والعاقبة للمتقين .. » (1).

وخرج (عليه السلام) وقد ملأ نفوسهم حزنا وأسى ، ولم يستطيعوا الرد على منطقه الفياض.

خطاب الامام في دمشق :

وازدحم أهل الشام على الامام. وهم يقولون : هذا ابن أبي تراب! وكانوا ينظرون إليه نظرة حقد وعداء ، فرأى (عليه السلام) أن يهديهم الى سواء السبيل ، ويعرفهم بحقيقة أهل البيت ، فقام فيهم خطيبا ، فحمد اللّه واثنى عليه ، وصلى على رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) ثم قال :

ص: 58


1- بحار الانوار 11 / 75.

اجتنبوا أهل الشقاق ، وذرية النفاق ، وحشو النار ، وحصب جهنم عن البدر الزاهر ، والبحر الزاخر ، والشهاب الثاقب ، وشهاب المؤمنين ، والصراط المستقيم ، من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو يلعنوا كما لعن أصحاب السبت ، وكان أمر اللّه مفعولا .... ثم قال بعد كلام له :

أبصنو رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) - يعني الامام امير المؤمنين - تستهزئون أم بيعسوب الدين تلمزون؟ وأي سبل بعده تسلكون؟ وأي حزن بعده تدفعون ، هيهات برز - واللّه - بالسبق وفاز بالخصل واستولى على الغاية ، واحرز على الختار (1) فانحسرت عنه الابصار ، وخضعت دونه الرقاب ، وفرع الذروة العليا ، فكذب من رام من نفسه السعي ، واعياه الطلب ، فانى لهم التناوش (2) من مكان بعيد ، وأنشد :

اقلوا عليهم لا أبا لأبيكم *** من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا

اولئك قوم إن بنوا أحسنوا البنا *** وان عاهدوا أوفوا وان عقدوا شدوا

فأنى يسد ثلمة أخي رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) إذ شفعوا ، وشقيقه إذ نسبوا ونديده إذ قتلوا ، وذي قرنى كنزها إذ فتحوا ، ومصلي القبلتين إذ تحرفوا ، والمشهود له بالايمان إذ كفروا ، وللمدعي لبذ عهد المشركين إذ نكلوا والخليفة على المهاد ليلة الحصار إذ جزعوا ، والمستودع الاسرار ساعة الوداع .. » (3).

ص: 59


1- الختار : الغدر.
2- التناوش : التناول.
3- المناقب 4 / 203 - 204.

وأكبر الظن ان هذه الفقرات مقتطفات من خطابه ، وهي وإن كانت متقطعة إلا أنها قد عنت بنشر مآثر أهل البيت ، والتدليل على فضائلهم أمام ذلك المجتمع الذي تربى على عدائهم وبغضهم.

اعتقال الامام :

ولما ذاع فضل الامام بين أهل الشام ، أمر الطاغية باعتقاله في السجن وقد احتف به السجناء وهم يتلقون من علومه وآدابه ، وخشي مدير السجن من الفتنة فبادر إلى هشام فأخبره بذلك فامره باخراجه من السجن ، وارجاعه إلى بلده (1).

هذا ما ورد في الرواية الأولى في مجيء الامام (عليه السلام) إلى دمشق وما جرى له مع هشام.

الرواية الثانية : رواها لوط بن يحيى الاسدي عن عمارة بن زيد الواقدي قال : حج هشام بن عبد الملك بن مروان سنة من السنين ، وكان قد حج فيها الامام محمد بن علي الباقر وابنه الامام جعفر الصادق (عليه السلام) فقال جعفر أمام حشد من الناس فيهم مسلمة بن عبد الملك :

« الحمد لله الذي بعث محمدا بالحق نبيا ، واكرمنا به ، فنحن صفوة اللّه على خلقه ، وخيرته من عباده ، فالسعيد من تبعنا ، والشقي من عادانا وخالفنا .. ».

وبادر مسلمة بن عبد الملك إلى أخيه هشام فأخبره بمقالة الامام الصادق فأسرها هشام في نفسه ، ولم يتعرض للإمامين بسوء في الحجاز إلا أنه لما قفل راجعا إلى دمشق أمر عامله على يثرب باشخاصهما إليه

ص: 60


1- بحار الأنوار : 11 / 75.

ولما انتهيا إلى دمشق حجبهما ثلاثة أيام ، ولم يسمح لهما بمقابلته استهانة بهما ، وفي اليوم الرابع أذن لهما في مقابلته ، وكان مجلسه مكتظا بالأمويين وسائر حاشيته ، وقد نصب ندماؤه برحاصا وأشياخ بني أمية يرمونه ، يقول الامام الصادق (عليه السلام) : فلما دخلنا ، كان أبي أمامي وأنا خلفه فنادى هشام :

« يا محمد ارم مع أشياخ قومك .. ».

فقال أبي : « قد كبرت عن الرمي ، فان رأيت أن تعفيني .. ». فصاح هشام : « وحق من أعزنا بدينه ، ونبيه محمد (صلی اللّه عليه وآله) لا أعفيك .. » وظن الطاغية أن الامام سوف يخفق في رمايته فيتخذ ذلك وسيلة للحط من شأنه أمام الغوغاء من أهل الشام ، وأومأ إلى شيخ من بني أمية أن يناول الامام (عليه السلام) قوسه ، فناوله ، وتناول معه سهما فوضعه في كبد القوس ، ورمى به الغرض فأصاب وسطه ، ثم تناول سهما فرمى به فشق السهم الأول الى نصله ، وتابع الامام الرمي حتى شق تسعة أسهم بعضها في جوف بعض ، ولم يحصل بعض ذلك إلى أعظم رام في العالم ، وجعل هشام ، يضطرب من الغيظ وورم أنفه ، فلم يتمالك أن صاح :

« يا أبا جعفر أنت أرمى العرب والعجم!! وزعمت أنك قد كبرت!! » ثم أدركته الندامة على تقريظه للامام ، فأطرق برأسه إلى الأرض والامام واقف ، ولما طال وقوفه غضب (عليه السلام) وبان ذلك على سحنات وجهه الشريف وكان إذا غضب نظر إلى السماء ، ولما بصر هشام غضب الامام قام إليه واعتنقه ، وأجلسه عن يمينه ، وأقبل عليه بوجهه قائلا :

« يا محمد لا تزال العرب والعجم تسودها قريش ، ما دام فيها مثلك لله درك!! من علمك هذا الرمي؟ وفي كم تعلمته؟ أيرمي جعفر

ص: 61

مثل رميك؟ .. ».

فقال أبو جعفر (عليه السلام) : « إنا لحن نتوارث الكمال ».

وثار الطاغية ، واحمر وجهه ، وهو يتميز من الغيظ. وأطرق برأسه إلى الأرض ، ثم رفع رأسه ، وراح يقول :

« ألسنا بنو عبد مناف نسبنا ونسبكم واحد؟ .. ».

ورد عليه الامام مزاعمه قائلا :

« نحن كذلك ، ولكن اللّه اختصنا من مكنون سره ، وخالص علمه بما لم يخص به أحدا غيرنا .. ».

وطفق هشام قائلا :

أليس اللّه بعث محمدا (صلی اللّه عليه وآله) من شجرة عبد مناف إلى الناس كافة أبيضها وأسودها وأحمرها ، فمن أين ورثتم ما ليس لغيركم؟ ورسول اللّه مبعوث إلى الناس كافة ، وذلك قول اللّه عز وجل : ( وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) فمن أين ورثتم هذا العلم؟ وليس بعد محمد نبي ، ولا أنتم أنبياء .. ».

ورد عليه الامام ببالغ الحجة قائلا :

« من قوله تعالى لنبيه : ( لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ) فالذي لم يحرك به لسانه لغيرنا أمره اللّه تعالى أن يخصنا به من دون غيرنا ، فلذلك كان يناجي أخاه عليا من دون أصحابه ، وأنزل اللّه به قرآنا في قوله : ( وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ ) فقال رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) : سألت اللّه أن يجعلها أذنك يا علي ، فلذلك قال علي : علمني رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) ألف باب من العلم يفتح من كل باب ألف باب ، خصه به النبي (صلی اللّه عليه وآله) من مكنون سره ، كما خص اللّه نبيه ، وعلمه ما لم يخص به أحدا من قومه ، حتى

ص: 62

صار إلينا فتوارثناه من دون أهلنا .. » والتاع هشام ، فالتفت إلى الامام وهو غضبان قائلا :

« إن عليا كان يدري علم الغيب؟ واللّه لم يطلع على غيبه أحدا ، فمن أين ادعى ذلك؟ .. ».

وأجابه الامام (عليه السلام) بالواقع المشرق من جوانب حياة الامام أمير المؤمنين علیه السلام قائلا :

« إن اللّه أنزل على نبيه كتابا بين دفتيه فيه ما كان ، وما يكون إلى يوم القيامة في قوله تعالى : ( وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ ) وفي قوله تعالى : ( وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ ) وفي قوله تعالى : ( ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ) وفي قوله : « وما من آية في السماء والأرض آية إلا في كتاب مبين » وأوحى اللّه إلى نبيه أن لا يبقي في عيبة سره ، ومكنون علمه شيئا إلا يناجي به عليا ، فأمره أن يؤلف القرآن من بعده ، ويتولى غسله وتحنيطه من دون قومه ، وقال لاصحابه : حرام على أصحابي وقومي أن ينظروا إلى عورتي غير أخي علي ، فانه مني ، وأنا منه ، له ما لي ، وعليه ما علي ، وهو قاضي ديني ، ومنجز موعدي ، ثم قال لاصحابه : علي بن أبي طالب يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله ، ولم يكن عند أحد تأويل القرآن بكماله وعامه إلا عند علي ، ولذلك قال رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) : « أقضاكم علي » أي هو قاضيكم ، وقال عمر بن الخطاب : لو لا علي لهلك عمر ، يشهد له عمر ويجحده غيره .. ».

وأطرق هشام برأسه إلى الأرض ، ولم يجد منفذا يسلك فيه للرد على الامام ، فقال له :

« سل حاجتك .. ».

ص: 63

قال الامام (عليه السلام) : « خلفت أهلي وعيالي مستوحشين لخروجي .. ».

قال هشام : آنس اللّه وحشتهم برجوعك إليهم ، فلا تقم وسر من يومك .. » (1).

وهذه الرواية لم تشر إلى ما جرى على الامام من الاعتقال في دمشق ، كما أن الرواية الأولى قد أهملت جميع ما جاء في الرواية الثانية.

الامام مع قسيس :

ولما كان الامام أبو جعفر (عليه السلام) في الشام التقى مع قسيس من كبار علماء النصارى وجرت بينهما مناظرة اعترف القسيس بعجزه ، وعدم استطاعته على محاججة الامام ومناظرته ، وهذا نصها : قال أبو بصير : قال أبو جعفر (عليه السلام) : مررت بالشام ، وأنا متوجه إلى بعض خلفاء بني أمية فاذا قوم يمرون ، فقلت : أين تريدون؟ قالوا : إلى عالم لم نر مثله ، يخبرنا بمصلحة شأننا ، قال (عليه السلام) : فتبعتهم حتى دخلوا بهوا عظيما فيه خلق كثير ، فلم ألبث أن خرج شيخ كبير متوكّئ على رجلين ، قد سقطت حاجباه على عينيه ، وقد شدهما فلما استقر به المجلس نظر إلي وقال :

- منا أنت أم من الامة المرحومة؟

- من الأمة المرحومة.

- أمن علمائها أم من جهالها؟

- لست من جهالها.

ص: 64


1- ضياء العالمين الجزء الثاني ، دلائل الامامة ( ص 104 - 106 ).

- أنتم الذين تزعمون أنكم تذهبون إلى الجنة فتأكلون وتشربون ، ولا تحدثون؟!

- نعم.

- هات على هذا برهانا.

- نعم الجنين يأكل في بطن أمه من طعامها ، ويشرب من شرابها ، ولا يحدث.

- ألست زعمت أنك لست من علمائها؟

- قلت : لست من جهالها.

- اخبرني عن ساعة ليست من النهار ، ولا من الليل؟

- هذه ساعة من طلوع الشمس ، لا نعدها من ليلها ، ولا من نهارنا وفيها تفيق المرضى.

وبهر القسيس ، وراح يقول للامام :

- ألست زعمت أنك لست من علمائها.

- إنما قلت : لست من جهالها.

- واللّه لأسألنك عن مسألة ترتطم فيها.

- هات ما عندك.

- اخبرني عن رجلين ولدا في ساعة واحدة ، وماتا في ساعة واحدة؟

عاش أحدهما مائة وخمسين سنة ، وعاش الآخر خمسين سنة؟

- ذاك عزير وعزيرة ، عاش أحدهما خمسين عاما ، ثم أماته اللّه مائة عام ، فقيل له كم لبثت؟ قال : يوما أو بعض يوم ، وعاش الآخر مائة وخمسين عاما ، ثم ماتا جميعا.

وصاح القسيس بأصحابه ، واللّه لا أكلمكم ، ولا ترون لي وجها اثنى عشر شهرا (1) ، فقد توهم أنهم عمدوا إلى ادخال الامام أبي جعفر (عليه السلام)

ص: 65


1- الدر النظيم ( ص 190 ) دلائل الامامة (106).

عليه لافحامه وفضيحته ، ونهض الامام أبو جعفر (عليه السلام) وأخذت أندية الشام تتحدث عن وفور فضله ، وقدراته العلمية.

اغلاق الحوانيت بوجه الامام :

وأمر الطاغية بمغادرة الامام أبي جعفر (عليه السلام) دمشق خوفا أن يفتتن الناس به ، ويتبلور الرأي العام ضد بني أمية ، وقد أوعز إلى أسواق المدن والمحلات التجارية الواقعة في الطريق أن تغلق محلاتها بوجهه ، ولا تبيع عليه أية بضاعة ، وقد أراد بذلك هلاك الامام (عليه السلام) والقضاء عليه ، وسارت قافلة الامام (عليه السلام) وقد أضناها الجوع والعطش فاجتازت على بعض المدن فبادر أهلها إلى اغلاق محلاتهم بوجه الامام ، ولما رأى الامام ذلك صعد على جبل هناك ، ورفع صوته قائلا :

« يا أهل المدينة الظالم أهلها أنا بقية اللّه ، يقول اللّه تعالى : بقية اللّه خير لكم إن كنتم مؤمنين ، وما أنا عليكم بحفيظ » وما أنهى الامام هذه الكلمات حتى بادر شيخ من شيوخ المدينة فنادى أهل قريته قائلا :

« يا قوم هذه واللّه دعوة شعيب ، واللّه لئن لم تخرجوا إلى هذا الرجل بالأسواق لتؤخذن من فوقكم ، ومن تحت أرجلكم فصدقوني هذه المرة ، وأطيعوني ، وكذبوني فيما تستأنفون فاني ناصح لكم .. ».

وفزع أهل القرية فاستجابوا لدعوة الشيخ الذي نصحهم ، ففتحوا حوانيتهم واشترى الامام ما يريده من المتاع (1) وفسدت مكيدة الطاغية وما دبره للامام (عليه السلام) وقد انتهت إليه الأنباء بفشل مؤامرته ولم يقف عند هذا الحد فقد أخذ يبغي له الغوائل حتى دس إليه السم ، كما سنذكر ذلك في نهاية البحث عن الامام (عليه السلام) وبهذا ينتهي بنا المطاف عن الملوك الذين عاصرهم الامام أبو جعفر.

ص: 66


1- المناقب 4 / 690 ، البحار 11 / 75.

عصر الإمام

اشارة

ص: 67

ص: 68

أما الحديث عن عصر الامام أبي جعفر (عليه السلام) وذكر الأحداث البارزة التي جرت فيه ، فانه - حسب الدراسات الحديثة - يعد من البحوث المنهجية التي لا غنى للباحث عنها ، فان دراسة العصر لها أشد التأثير في الكشف عن سلوك الشخص الذي يبحث عنه ، والوقوف على مكوناته الفكرية والاجتماعية ، فلم تكن اذن هذه الدراسة مما لا صلة لها بالموضوع وإنما هي داخلة في صميمه ، وجزء لا يتجزا منه.

لقد كان عصر الامام (عليه السلام) من أدق العصور الاسلامية ، وأكثرها حساسية فقد نشأت فيه الكثير من الفرق الاسلامية التي كانت من أخطر الظواهر الفكرية والاجتماعية في ذلك العصر ، كما تصارعت فيه الأحزاب السياسية كأشد ما يكون التصارع مما أدى إلى وقف المد الاسلامي ، والانحراف عن مجراه إلى مجرى آخر ليس فيه أي بصيص من النور والوعي.

وعلى أي حال فانا نبحث عن جميع مظاهر الحياة في ذلك العصر ، ولا نترك أي جانب منها ، وفيما يلي ذلك :

الفرق الاسلامية :

ونشأت في ذلك العصر كثير من الفرق الاسلامية ، وقد كان بعضها - فيما يقول المحققون - قد أنشئ بايعاز من الدولة الأموية أو بمساندتها لأسباب كان من أهمها مساندة الحكم الأموي ، وتبرير مواقفه واتجاهاته ، ونعرض - بايجاز - لدراسة بعض تلك الفرق رائدنا الاخلاص للحق مهما استطعنا إليه سبيلا.

ص: 69

المعتزلة :

ولعبت المعتزلة دورا خطيرا في تاريخ الحياة الفكرية والاجتماعية في ذلك العصر ، وتركت آثارا بعيدة المدى في الحياة العقلية الاسلامية ، كان منها تأسيس القواعد الفكرية التي قام عليها - فيما بعد - علم الكلام السني (1) ويرى ( كولد زيهر ) أن رجال المعتزلة هم أول من أدخلوا النزعة العقلية في الاسلام وصانوها (2). ولا بد لنا من وقفة قصيرة للبحث عن تأسيس الاعتزال ، ومبادئه ، وموقف الامام (عليه السلام) من قادته ، وغير ذلك فيما يتعلق بالموضوع.

تأسيس الاعتزال :

ويرى زهدي جار اللّه أن الاعتزال تأسس في بداية القرن الهجري الثاني في مدينة البصرة التي كانت مجمعا للعلم والأدب في الدولة الاسلامية (3) ولكن التحقيق أن الاعتزال كفكرة سياسية كانت أسبق من ذلك الوقت فقد تأسست حينما بويع الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) فاعتزل جماعة بيعته كسعد بن أبي وقاص ، وعبد اللّه بن عمر ، واسامة بن زيد ، ومحمد بن مسلمة الأنصاري ، فأطلق عليهم اسم المعتزلة ، كما أنهم لم يناصروا عليا

ص: 70


1- الفلسفة الاسلامية ( ص 170 ).
2- العقيدة والشريعة في الاسلام ( ص 102 ).
3- المعتزلة ( ص 1 ).

في معركة الجمل وصفين واعتزل الحرب الأحنف بن قيس فقال لقومه : « اعتزلوا الفتنة اصلح لكم » (1) فالاعتزال كفكرة سياسية ظهرت في ذلك الوقت ، أما أنها كمدرسة كلامية فقد ظهرت في أواخر القرن الأول الهجري.

الاعتزال والسياسة

إن الاعتزال بما يحمل من نزعات دينية ، ومناهج كلامية قد كان مساندا للحكم القائم في تلك العصور ، وقد عمل زعماؤه وأقطابه على مساندة السلطة وتبرير تصرفاتها السياسية ، فبالرغم مما كان يتظاهر به قادة الاعتزال من التقشف والزهد ، والنسك والعبادة فانهم كانوا من أجهزة الحكم القائم في تلك العصور ، أما ما يدعم ذلك فاقرارهم لامامة المفضول وجواز تقديمه على الفاضل ، وقد اتخذوا ذلك للقول بمشروعية خلافة الأمويين وغيرهم ممن تسلموا قيادة الحكم مع وجود من هو أعلم منهم بشئون الدين وأحكام الشريعة ، وقد نالوا بذلك التأييد المطلق من الأمويين واحترامهم وبعد انقلاب الحكم الأموي انضموا إلى الحكم العباسي فكانوا من أجهزته وأدواته ، وقد كان المنصور الدوانيقي على ما فيه من جفوة وقسوة ومعاداة للعلم والعلماء كان يكبر عمرو بن عبيد الزعيم الروحي للمعتزلة ، كما أن أحمد بن أبي دؤاد الزعيم الآخر للمعتزلة قد حظي بالاحترام والتبجيل من قبل ملوك بني العباس ، فقد قال فيه المعتصم : « هذا واللّه الذي يتزين بمثله ، ويبتهج بقربه ، ويعدل الوفا

ص: 71


1- فرق الشيعة ( ص 5 ).

من جنسه » (1) ومرض أحمد فعاده المعتصم ، وكان لا يعود أحدا من اخوته واجلاء أهله ، ولما قيل في ذلك أجاب « كيف لا أعود رجلا ما وقعت عيني عليه قط إلا ساق لي أجرا ، وأوجب إلي شكرا ، وأفادني فائدة تنفعني في ديني ودنياي » (2).

ويميل كل من المستشرق الايطالي « نلينو » والمستشرق « نيسبوح » إلى أن منشأ الاعتزال كان من أصل سياسي (3).

أما أحمد أمين فيقول : « إن جرأة المعتزلة في نقد الرجال هو بمثابة تأييد قوي للأمويين لأن نقد الخصوم ، ووضعهم موضع التحليل وتحكم العقل في الحكم لهم أو عليهم يزيل - على الأقل - فكرة تقديس علي التي كانت شائعة عند جماهير الناس » (4).

وعلى أي حال فان الاعتزال قد حظي بتكريم الحكم الأموي والعباسي ولو كان بمعزل عن تأييد السياسة القائمة في ذلك الوقت لما ظفر قادته بذلك التكريم من ملوك الأمويين والعباسيين.

الاعتزال والمسيحية

وليس من المنطق في شيء اتّهام المعتزلة بأنهم قد تأثروا فكريا بالمسيحية وأن هناك تشابها قويا بين آراء المعتزلة التي غرس بذورها الحسن البصري

ص: 72


1- مروج الذهب.
2- تأريخ بغداد 4 / 148 - 150.
3- دراسات في الفرق والعقائد الاسلامية ( ص 106 ).
4- فجر الاسلام ( ص 295 ).

وبين آراء النساطرة الدينية المتأثرة بالفلسفة الاغريقية ، كما ذهب إلى ذلك ( دي بو ) يقول : إن هناك دلائل متفرقة على أن طائفة من المسلمين الأولين الذين قالوا : بالاختيار تتلمذوا لاساتذة مسيحين (1) وقد مال إلى ذلك الدكتور نعمان القاضي قال : وقد يعزو هذا ما قيل أن أول من تكلم في القدر نصراني من العراق وأسلم ثم عاد إلى نصرانيته وأخذ عنه معبد الجهني وعيلان الدمشقي ، وهما من مرجئة القدرية (2) وليس فيما ذكره الدكتور القاضي حجة على ما ذهب إليه فان أول من تكلم في القدر أئمة أهل البيت (عليهم السلام) وقد أوضحوه ودللوا على ما ذهبوا إليه ، وعلى تقدير أن أول من تكلم بالقدر نصراني من العراق فليس معناه أن المعتزلة قد تأثرت بآرائه ، فالحق ان الاعتزال بما يحمل من أفكار دينية وفلسفية فانه غير متأثر مطلقا بالمسيحية ولا هو عيال عليها.

الاصول الاعتقادية :

اشارة

أما الأصول الاعتقادية العامة التي دانت بها للمعتزلة فهي خمسة مبادئ أساسية فمن اعتنقها ودان بها كان معتزليا ، ومن أنكر واحدا منها أو زاد عليها فقد فارق الاعتزال (3) وهي :

1 - التوحيد :

وأقوى المبادئ الخمسة التي تجمع عليها المعتزلة هي التوحيد ، وقد

ص: 73


1- تأريخ الفلسفة في الاسلام ( ص 49 ).
2- الفرق الاسلامية في العصر الاموي ( ص 290 ).
3- الفصل 2 / 113.

فسروه بتنزيه اللّه تعالى عن مشابهة المخلوقين ، فهو ليس جسما ، ولا عرضا ولا جوهرا ، ولا يحويه زمان ولا مكان ، وردوا كل ما يتعارض مع وحدانية اللّه تعالى وأزليته فأنكروا أن يكون لله صفات غير ذاته (1) فقد قالوا : إن وجود صفات قديمة خارجة عن الذات يؤدي إلى أن يكون هناك شيء قديم أزلي غير ذاته وهذا يقتضي التعدد ، وهو مستحيل بالنسبة إليه تعالى (2) وأولو الآيات التي تدل بظاهرها على التجسيم ، مثل قوله تعالى : ( يَدُ اللّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ) وقد بسطوا القول في هذه الجهة ، واستدلوا عليها بأروع الأدلة وأوثقها.

2 - العدل

وهذا هو الأصل الثاني من الأصول الأساسية لمذهبهم وهو العدل الالهي فليس اللّه بظلام للعبيد ، ولا بجائر عليهم ، وقد تشعب بحثهم في عدل اللّه تعالى إلى عدة بحوث كلامية ، منها نفي القدر ، واثبات حرية الانسان وارادته واختياره ، وان الانسان هو الذي يوجد أفعاله بمقتضى حريته واختياره وذلك نتيجة لعدالة اللّه وتنزهه عن الظلم ، فان اللّه تعالى لا يعاقب إنسانا على عمل أجبره عليه ووجهه إليه لأن من أعان فاعلا على فعله ثم عاقبه عليه كان جائرا وظالما له ، والظلم منفي عنه تعالى ( وَما رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ ) وقوله تعالى : ( فَما كانَ اللّهُ لِيَظْلِمَهُمْ ) .

فالثواب والعقاب تابعان للعمل ، وليسا خاضعين إلى شيء آخر ، وقد

ص: 74


1- الملل والنحل 1 / 58.
2- الملل والنحل 1 / 58.

بحثوا في قضية عدل اللّه عن الحسن والقبح العقليين ، فانهم لما آمنوا بعدالة اللّه ، وانه تعالى لا يفعل إلا ما فيه الخير العام لعباده ، فقد دعاهم ذلك إلى النظر في الأعمال فهل هي حسنة لذاتها ، أم أنها تكتسب حسنها وقبحها بتوجيه من الشرع المقدس؟ وقد ذهبوا إلى أن الحسن والقبح في الأشياء ذاتيان ، وان الشرع لا يحسن الشيء بأمره ، وإنما يأمر به لحسنه ، وكذلك لا يقبح الشيء بنهيه ، وإنما ينهى عنه لقبحه وقد مجدوا بذلك العقل ، وفتحوا الطريق أمام نضجه وارتقائه - كما يقول بعض الباحثين (1).

3 - الوعد والوعيد

هذا هو الأصل الثالث من أصولهم العقائدية ، ويراد به أن اللّه صادق في وعده ووعيده في يوم القيامة ، لا مبدل لكلماته ، وإن أهل الجنة يزفون إلى الجنة بأعمالهم ، وأهل النار يساقون إلى النار بأعمالهم ، ورتبوا على ذلك إنكار الشفاعة لأي أحد يوم القيامة (2) وتجاهلوا الآيات والأخبار الواردة في ثبوتها.

4 - المنزلة بين المنزلتين :

ويراد بهذا الأصل أن مرتكب الكبيرة لا مؤمن ، ولا كافر بل هو

ص: 75


1- الفرق الاسلامية في الشعر الأموي ( ص 312 ).
2- المعتزلة ( ص 51 - 52 ).

فاسق ، فجعلوا الفسق منزلة ثالثة مستقلة عن الايمان والكفر واعتبروه وسطا بينهما ، وقد قرر ذلك واصل بقوله : « إن الايمان عبارة عن خصال خير إذا اجتمعت سمي المرء مؤمنا ، وهو اسم مدح ، والفاسق لم يستجمع خصال الخير ، ولا استحق اسم المدح فلا يسمى مؤمنا ، وليس هو بكافر مطلق أيضا لأن الشهادة وسائر أعمال الخير موجودة فيه لا وجه لانكارها لكنه إذا خرج من الدنيا على كبيرة من غير توبة فهو من أهل النار خالدا فيها » (1) وتابع عمرو بن عبيد واصلا في ذلك ، كما أن الحسن البصري قد تابعهما في هذا الرأي بعد أن كان مصرا على أن مرتكب الكبيرة مؤمن فاسق (2).

5 - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

وهو الأصل الخامس من الأصول الاعتقادية ، ويرون أن الواجب على كل مسلم العمل على إقامة المعروف وتحطيم المنكر فان استطاعوا فبالسيف ويسمى جهادا ، وإن لم يستطيعوا بالسيف فبما دونه فلا فرق عندهم بين مقاومة الكافرين والفاسقين (3) إلا أن هذا المبدأ لم يستعملوه لمقاومة الحكم الأموي الذي تنكر للاسلام ، وعمل على إذلال المسلمين وارغامهم على ما يكرهون.

ص: 76


1- الملل والنحل 1 / 59. وجاء فيه أن عقاب الفاسق أخف من عقاب الكافر.
2- أمالي المرتضى 1 / 115 - 116.
3- المقالات 1 / 278.

هذه هي الأصول العامة للمعتزلة ، ويتفرغ عليها فروع كثيرة ذات أهمية علمية بالغة ، ذكرت في الكتب الكلامية.

الشيعة والمعتزلة

وذهب بعض المستشرقين إلى أن الشيعة اقتبست الكثير من مسائلها الكلامية من المعتزلة ، وإنهما معا يشكلان وحدة في الفكر ، والعقيدة وقد ذهب إلى ذلك ( كولدزيهر ) يقول : « استقر الاعتزال في مؤلفات الشيعة حتى في يومنا هذا ، ولذا فان من الخطأ الجسيم سواء من ناحية التأريخ الديني أو التأريخ الأدبي أن نزعم بأنه لم يبق للاعتزال أثر محسوس بعد الفوز الحاسم الذي نالته العقائد الأشعرية وعند الشيعة مؤلفات اعتقادية كثيرة يرجعون إليها وينسجون على منوالها ، وهي حجة قائمة تدحض هذا الزعم ، وتفنده ، ويمكن أن تعتبر كتب العقائد الشيعية كأنها مؤلفات المعتزلة » (1).

وممن ذهب إلى ذلك ( آدم متز ) يقول : « إن الشيعة في القرن الرابع الهجري لم يكن لهم مذهب كلامي خاص بهم ، فاقتبسوا من المعتزلة اصول الكلام وأساليبه حتى أن ابن بابويه القمي أكبر علماء الشيعة في القرن الرابع الهجري اتبع في كتابه « علل الشرائع » طريقة المعتزلة الذين كانوا يبحثون عن علل كل شيء ... إن الشيعة من حيث العقيدة والمذهب هم ورثة المعتزلة » (2) وليس لهذا الرأي أية أصالة علمية فان الشيعة لم تكن بأي حال عيالا على أية فرقة اسلامية ، فقد أمدها أئمة أهل البيت (عليهم السلام) بطاقات ثرية من البحوث الكلامية وغيرها ، فهم أول من فتق باب هذا العلم ، كما أنهم الرواد الأوائل للخوض في بحوث

ص: 77


1- العقيدة والشريعة في الاسلام ( ص 223 ).
2- دراسات في الفرق والعقائد الاسلامية ( ص 115 ).

التوحيد وغيره من المسائل الكلامية ، فنهج البلاغة للامام أمير المؤمنين (عليه السلام) ملئ بالخطب الرائعة التي أشادت بعظمة الخالق ونزهته عن صفات المخلوقين والصحيفة السجادية للامام الأعظم زين العابدين (عليه السلام) ثرية بهذه البحوث كما ان مما أثر عن أئمة الهدى (عليهم السلام) من الاحتجاج في الرد على الدهريين وغيرهم من الملاحدة مما يثبت - بوضوح - سبق الشيعة في هذه البحوث ، فكيف تكون عيالا على المعتزلة؟ يقول الشيخ المفيد : « لسنا نعرف للشيعة فقيها متكلما على ما حكيت عنه من أخذ الكلام من المعتزلة وتلقينه الاحتجاج » (1).

ويقول الدكتور عرفان عبد الحميد :

« أما علماء الشيعة قديما وحديثا فقد أنكروا دعوى الاقتباس والتقليد وردوا على القائلين به ، وذلك في نظرنا أمر طبيعي منطقي لا بد منه ممن يعتنق مذهب الامامية القاضي بأن الهيكل العام للتعاليم الشيعية إنما قام على ما روي من أحاديث وأخبار عن الامام المعصوم ، فمنطوق المذهب يقضي بطرد كل احتمال للتأثير الخارجي لا بل وانكاره باعتبار أن المذهب الشيعي وحدة فكرية قائمة بذاتها مستمدة من تعاليم الامام » (2).

المسائل المنفق عليها

واتفقت الشيعة والمعتزلة في بعض المسائل من الأصول الاعتقادية الخمسة

ص: 78


1- أجوبة المسائل الصاغانية ( ورقة 14 ) من مخطوطات مكتبة السيد الحكيم العامة.
2- دراسات في الفرق والعقائد الاسلامية ( ص 115 ).

كالعدل الالهي ، يقول الامام كاشف الغطاء : « والذي يجمعها - أي المعتزلة - مع الشيعة قولهم : بأن من صفاته تعالى العدل الذي ينكره الاشاعرة وعلى هذا تبتنى مسألة الحسن والقبح العقليين التي تقول بها الامامية والمعتزلة وتنكرها الاشاعرة أيضا ، وبهذا الملاك يطلق على الفريقين اسم العدلية (1) هذه بعض المسائل التي اتفق عليها الشيعة والمعتزلة.

المسائل الخلافية

اشارة

واختلفت الشيعة والمعتزلة اختلافا جوهريا في كثير من المسائل ومن بينها ما يلي :

1 - إمامة المفضول :

وذهبت المعتزلة إلى جواز إمامة المفضول ، وتقديمه على الفاضل في حين أن الشيعة قد أنكرت ذلك أشد الانكار ، واعتبرته خروجا عن المنطق وانحرافا عن القرآن الكريم الذي أعلن استنكاره للتساوي بينهما قال تعالى : ( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ) وترى الشيعة أن جميع الأزمات التي عانتها الأمة الاسلامية إنما كانت من جراء تقديم المفضول على الفاضل ، فان النبي (صلی اللّه عليه وآله) قد رشح للخلافة أفضل أهل بيته وأصحابه الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) وأخذ له البيعة في غدير خم ، ولكن الاطماع السياسية قد حدت بالقوم إلى اقصائه عن الخلافة وترشيح

ص: 79


1- جنة المأوى (232).

غيره لها ، فكان لذلك من المضاعفات السيئة التي عانتها الأمة في جميع مراحل تأريخها.

وعلى أي حال فان هذه النقطة الحساسة هي من جملة الفوارق الجوهرية بين الشيعة والمعتزلة.

2 - الشفاعة :

وأنكرت المعتزلة الشفاعة لأي أحد من أولياء اللّه ، وإن الانسان إنما يجازى بأعماله إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا ، ولا تنفعه شفاعة أي أحد وخالفت الشيعة في ذلك ، وذهبت إلى أن أولياء اللّه العظام كالأئمة الطاهرين لهم الشفاعة يوم القيامة ، وذلك لاظهار فضلهم وعظيم منزلتهم ومكانتهم عند اللّه ، وإذا لم تكن لهم الشفاعة فما هي الميزة لهم على غيرهم من الناس في ذلك اليوم.

هذه بعض الفوارق بين الشيعة والمعتزلة ، وقد جرت بين أعلام الشيعة وأعلام المعتزلة كثير من المناظرات الحادة ، وقد ذكرت فيها الفوارق الأساسية بين الطائفتين.

الامام الباقر مع قادة الاعتزال :

اشارة

والتقى كبار قادة الاعتزال بالامام أبي جعفر ، وجرت بينهما مناظرات وفيما يلي بعضها :

ص: 80

1 - مع الحسن البصري

ووفد الحسن البصري إلى يثرب فتشرف بمقابلة الامام أبي جعفر (عليه السلام) فقال للامام :

- جئت لأسألك عن أشياء من كتاب اللّه؟

- ألست فقيه أهل البصرة؟

- قد يقال ذلك.

- هل بالبصرة أحد تأخذ عنه؟

- لا

- فجميع أهل البصرة يأخذون عنك؟

- نعم

- لقد تقلدت عظيما من الأمر ، بلغني عنك أمر فما أدري أكذلك أنت أم يكذب عليك؟

- ما هو؟

- زعموا أنك تقول : إن اللّه خلق العباد ففوض إليهم أمورهم.

وأطرق الحسن البصري برأسه إلى الأرض وحار في الجواب ، فبادره الامام قائلا :

- أرأيت من قال له اللّه في كتابه : إنك آمن هل عليه خوف بعد القول منه؟

- لا

- إني أعرض عليك آية ، وأنهي إليك خطابا ، ولا أحسبك إلا وقد فسرته على غير وجهه ، فان كنت فعلت ذلك فقد هلكت ، وأهلكت.

ص: 81

- ما هو؟

- أرأيت حيث يقول اللّه : ( وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ ، سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ ) (1) بلغني أنك أفتيت الناس فقلت : هي مكة.

قال الحسن البصري : بلى.

وأخذ الامام يستدل على ما ذهب إليه في تفسير الآية حتى بهت الحسن البصري وحار في الجواب ، ثم نهاه عن القول بالتفويض وبين فساده (2).

2 - الرد على الحسن البصري

ودخل عثمان الأعمى على الامام أبي جعفر (عليه السلام) فعرض عليه رأيا للحسن البصري زعم فيه أن الذين يكتمون العلم تؤذي ريح بطونهم النار فأنكر عليه الامام (عليه السلام) وقال : فهلك إذن مؤمن آل فرعون ، واللّه مدحه بذلك ، وما زال العلم مكتوما منذ بعث اللّه عز وجل نوحا ، فليذهب الحسن يمينا وشمالا ، فو اللّه ما يوجد العلم إلا هاهنا - وأومأ إلى صدره الشريف - (3).

3 - مع عمرو بن عبيد

وعمرو بن عبيد هو شيخ المعتزلة وزعيمها الروحي الكبير الذي حظي

ص: 82


1- سورة سبأ : آية 19
2- الاحتجاج 2 / 62 - 63
3- التفسير والمفسرون 2 / 33 ، احتجاج الطبرسي 2 / 6

باكبار المنصور الدوانيقي وتعظيمه له (1) ، التقى بالامام أبي جعفر (عليه السلام) وكان قد قصد امتحانه واختباره فوجه له السؤال التالي :

جعلت فداك ، ما معنى قوله تعالى : ( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما ) (2).

قال (عليه السلام) : كانت السماء رتقا لا تنزل القطر ، وكانت الأرض فتقا لا تخرج النبات ».

وأفحم عمرو ولم يطق جوابا وخرج من المجلس ثم عاد إليه ، وقال للامام :

جعلت فداك ، أخبرني عن قوله تعالى : ( وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى ) (3) ما معنى غضب اللّه؟

قال (عليه السلام) : غضب اللّه عقابه ، ومن قال : إن اللّه يغيره شيء فقد كفر (4) المرجئة :

وظهرت المرجئة على الصعيد الاسلامي في العصر الأموي ، وقد لعبت 4

ص: 83


1- من مظاهر اكبار المنصور لعمرو أنه مر على قبره فصلى عليه ودعا له وأنشد : صلى الاله عليك من متوسد *** قبرا مررت به على مران قبرا تضمن مؤمنا متخشعا *** عبد الاله ودان بالقرآن وإذا الرجال تنازعوا في شبهة *** فصل الحديث بحجة وبيان ولو أن هذا الدهر أبقى صالحا *** أبقى لنا عمروا أبا عثمان ويقول ابن خلكان : إنه لم يسمع بخليفة يرثي من دونه سواه ، جاء ذلك في وفيات الأعيان 1 / 548 ، وفي المنية والأمل ( ص 24 )
2- سورة الأنبياء : آية 30
3- سورة طه : آية 81
4- روضة الواعظين 1 / 144

دورا خطيرا في مسرح الأحداث السياسية في تلك العصور ، وساهمت مساهمة إيجابية في تدعيم الحكم الأموي والدفاع عنه ولا بد لنا من وقفة قصيرة للنظر في شئونها وبيان موقف الامام أبي جعفر (عليه السلام) منها وفيما يلي ذلك :

1 - معني المرجئة

واختلف البحاث في معنى المرجئة ، وذلك لاختلافهم في فهم المادة التي اشتقّ منها وفيما يلي بعض الأقوال :

أ - ويرى بعضهم أن كلمة المرجئة مأخوذة من ( أرجأ ) بمعنى أمهل وأخر وقد سموا بالمرجئة لأنهم يرجئون أمر الذين اختلفوا وتنازعوا في الخلافة إلى يوم القيامة ، ولا يقضون بحكم على أحد منهم (1).

ب - وذهب بعضهم إلى أن المرجئة اشتقت من « أرجأ » بمعنى بعث الرجاء وذلك لأنهم لم يقضوا على مرتكب الكبيرة بأنه من أهل النار أو من أهل الجنة وإنما أخروا الحكم عليه إلى يوم القيامة ، فهم بهذا يعطون الرجاء في المغفرة ، ويرجون لكل مسلم المغفرة من اللّه (2).

ج - وقيل إنهم إنما سموا بذلك لأنهم ذهبوا إلى أن الايمان تصديق بالقلب واللسان ، ويؤخرون العمل فان المؤمنين - في اعتقادهم - وإن لم يصلوا ويصوموا ينجيهم اللّه بايمانهم القلبي ، فهم بهذا يقدمون القول ويرجئون العمل (3).

ص: 84


1- الفرق الاسلامية في العصر الأموي ( ص 264 )
2- نقد العلم والعلماء ( ص 102 )
3- تاج العروس مادة رجا

ويرجح أحمد أمين الرأي الأول (1) ويذهب ينكلسون إلى الرأي الثاني (2)

نشاة المرجئة :

وأكبر الظن أن المرجئة قد نشأت بايعاز ودعم من الحكم الأموي فهو الذي جهد على نشر أفكارها وإذاعتها بين الناس لأنها حكمت بمشروعية خلافتهم ، وتركت الحكم فيما اقترفوه من الاحداث الجسام إلى اللّه فهو الذي يحكم بين عباده بالحق يوم القيامة ، وليس لأحد أن يلج أو يخوض في أعمالهم أو يحكم عليهم بشيء.

لقد نشأت المرجئة نشأة سياسية ، وكان اعلامها أداة طيعة بأيدي الحكام والملوك سواء أكانوا من بني أمية أم من بني العباس ، يقول المأمون : الأرجاء دين الملوك (3) ولم يقفوا موقف المعارضة أمام الأحداث الهائلة التي صدرت من ملوك الأمويين ، وهي لا تتفق مع واقع الاسلام وجوهره يقول شوقي ضيف :

« إن أفكار المرجئة تخدم البيت الأموي الذي كان في رأي الشيعة وكثير من الأتقياء منحرفا عن الجادة الدينية ، وينبغي أن يغيره المسلمون ويضعوا مكانه البيت العلوي ، والمرجئة لم يكونوا يوافقونهم على هذا الرأي ، لأنهم لا يريدون المفاضلة بين المسلمين ، ولا الحكم على أحد بتقوى وغير تقوى ، فالمسلم يكفي أن يكون مسلما ، وليس من شأن

ص: 85


1- فجر الاسلام ( ص 279 )
2- الفرق الاسلامية في العصر الأموي ( ص 265 )
3- تأريخ بغداد لطيفور ( ص 86 )

أحد أن يحكم على عمله .. » (1).

ويرى خدابخش « أن أصل المرجئة يرجع إلى ما كان من ضرورة استنباط وسيلة للعيش في وفاق مع الحكم الأموي » (2).

لقد كانت المرجئة من أعوان السلطة الحاكمة في ذلك العصر وإحدى أجهزتها ، وقد قامت بدور إيجابي في دعم الحكم الأموي وتبرير سياسته القائمة على الظلم والجور.

الشيعة والمرجئة :

وكانت هناك منافرة شديدة بين الشيعة والمرجئة ، وسبب ذلك يرجع إلى اختلافهما في الخلافة فالشيعة ترى أن الامام بعد النبي (صلی اللّه عليه وآله) مباشرة هو الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) وترى أن الحكم الأموي غير شرعي ، ويجب القضاء عليه بينما ترى المرجئة أن حكومة الأمويين مشروعة ، ولا يدينون بالثورة عليهم ، وكان بين الطائفتين صراع حاد ، فكانت الشيعة تغيظ المرجئة بذكرها لعلي (عليه السلام) في أنديتها ومجالسها ، وفي ذلك يقول أحد شعراء الشيعة :

إذا المرجي سرك أن تراه *** يموت بدائه من قبل موته

فجدد عنده ذكرى علي *** وصل على النبي وآل بيته (3)

وقد عابت الشيعة على المرجئة حكمها بتقديم الخلفاء على الامام أمير

ص: 86


1- التطور والتجديد في الشعر الأموي ( ص 50 )
2- مقدمة لكريمر الحضارة الاسلامية ( ص 19 )
3- البيان والتبيين ( 2 / 149 )

المؤمنين (عليه السلام) واعتبرت ذلك من ضحالة الفكر ، وقد رد على الشيعة محارب بن دثار الذهلي أحد أعلام المرجئة وأئمتهم بقوله :

يعيب علي أقوام سفاها *** بأن أرجو أبا حسن عليا

وارجائي أبا حسن صواب *** عن العمران برا أو شقيا

فان قدمت قوما قال قوم : *** أسأت وكنت كذابا رديا

إذا أيقنت أن اللّه ربي *** وأرسل أحمدا حقا نبيا

وان الرسل قد بعثوا بحق *** وان اللّه كان لهم وليا

فليس علي في الأرجاء بأس *** ولا لبس ولست أخاف شيا (1)

وقد رد منصور النمري شاعر الشيعة ولسانهم على محارب بأبيات هجاء ، وقد عاب عليه أن يرجئ عليا لأنه بذلك إنما يرجئ نبيا من أنبياء اللّه ، يقول :

يود محارب لو قد رآها *** وأبصرهم حواليها جثيا

وان لسانه من ناب أفعى *** وما أرجى أبا حسن عليا

وان عجوزه مصعت بكلب *** وكان دماء ساقيها جريا

متى ترجى أبا حسن عليا *** فقد أرجيت يا لكع نبيا (2)

وتعرضت المرجئة لنقد الشيعة وسخريتها ، فقد هزأت من حكم المرجئة بارجاء الامام أمير المؤمنين والتسوية بينه وبين عثمان ومعاوية والخوارج يقول السيد الحميري :

خليلي لا ترجيا واعلما *** بأن الهدى غير ما تزعمان

وان عمى الشك بعد اليقين *** وضعف البصيرة بعد العيان

ص: 87


1- الأغاني 7 / 10
2- الأغاني 7 / 10 - 11

ضلال فلا تلججا فيهما *** فبئست لعمر كما الخصلتان

أ يرجى على إمام الهدى *** وعثمان ما أعند المرجيان

ويرجى ابن حرب وأشياعه *** وهوج الخوارج بالنهروان

يكون إمامهم في المعاد *** خبيث الهوى مؤمن الشيصان (1)

لقد فندت الشيعة أفكار المرجئة التي فيها خروج عن المنطق والدليل

مزاعم كريمر :

وذهب كريمر إلى أن هناك صلة بين مبادئ المرجئة وبين تعاليم الكنيسة الشرقية ، ويدلل على ذلك بما تذهب إليه المرجئة من عدم تخليد العصاة في النار ، وهذا ما تقول به آباء الكنيسة الشرقية مخالفين بذلك الكنيسة الغربية ، كما يرى أن إيمان المرجئة الهادئ الذي يغلب عليه الانشراح وتعزية النفس يتفق كل الاتفاق مع تعاليم يوحنا الدمشقي الذي كان وقت ظهور هذه الطائفة يشتغل بالأبحاث الدينية ، ويتمتع بشهرة كبيرة في عاصمة الخلفاء الأمويين ويؤكد في النهاية أن آراء المرجئة ترجع في أصلها وشكلها إلى فلسفة الكنيسة الإغريقية الدينية (2).

أما هذا الرأي فضعيف جدا لأن البحوث الكلامية قد ازدهرت في وقت مبكر في الاسلام وليس أي بحث منها قد أخذ من المسيحية أو غيرها ، يقول الدكتور يوسف خليف : « والرأي عندي أن الارجاء كالزهد ليس مسيحي النشأة والنزعة ، وإنما نشأ نشأة إسلامية ، واتجه

ص: 88


1- الأغاني 7 / 15.
2- الحضارة الاسلامية / 65.

اتّجاها إسلاميا ، وليس في هذا ما يمنع أنه تأثر بالمسيحية ، وأخذ عنها بعض اتّجاهاتها ، ولكنه صبغته صبغة إسلامية واضحة متميزة » (1).

تحديد الايمان :

وذهبت المرجئة إلى أن الايمان هو التصديق بالقلب ولا عبرة بالاقرار بالقول ولا بالعمل ، فان آمن الانسان بقلبه فهو مؤمن مسلم ، ولا يتوقف ذلك على صلاته وصومه وحجه ، فلا عبرة بهذه الطقوس الدينية ، وقد خالفوا بذلك المعتزلة الذين يرون أن مرتكب الكبيرة ليس مؤمنا ولا كافرا وإنما هو في منزلة بين المنزلتين ، كما خالفوا الخوارج الذين يرون أن مرتكب الكبيرة كافر ، وقد اشتهرت كلمتهم أنه لا تضر مع الايمان معصية كما لا تنفع مع الكفر طاعة (2) وقد نتج من هذا أنهم لا يحكمون بالكفر على النصارى واليهود مراعاة لهم ومجاراة لعواطفهم فقد امتلأ بهم البلاط الأموي ، وشغلوا المناصب العالية في الدولة الأموية (3)

الامام مع عمرو الماصر :

وكان عمرو بن قيس الماصر ممن يذهب إلى الأرجاء ، وقد قصد مع

ص: 89


1- حياة الشعر في الكوفة ( ص 312 ).
2- خطط المقريزي 4 / 171.
3- الفرق الاسلامية في العصر الأموي ( ص 305 ).

زميل له ، الامام أبا جعفر (عليه السلام) فانبرى عمرو إلى الامام قائلا :

« إنا لا نخرج أهل دعوتنا ، وأهل ملتنا من الايمان في المعاصي والذنوب » فرد عليه الامام مزاعمه الفاسدة قائلا :

( يا ابن قيس أما رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) فقد قال ، « لا يزني الزاني وهو مؤمن ولا يسرق السارق وهو مؤمن » فاذهب أنت وأصحابك حيث شئت ) (1)

إن ما ذهبت إليه المرجئة في تحديد الايمان يتنافى مع ما أثر عن النبي (صلی اللّه عليه وآله) من أن الزاني لا يقترف جريمة الزنا ، وهو مؤمن بربه ودينه ، وإنما تصدر هذه الجريمة ممن لا عهد له بالايمان ، وكذلك السارق لا يسرق وهو مؤمن باللّه واليوم الآخر ، وإنما يقدم عليها من انسلخت عن نفسه جميع أفانين التقوى .. إن الايمان قوة رادعة للنفس تصونها من ارتكاب الذنوب ، وإن من يقترفها لم يكن له أي عهد بواقع الايمان.

ابو حنيفة والارجاء :

وتنص بعض المصادر على أن أبا حنيفة كان ممن يعتنق الارجاء ، وإن مدرسته الدينية كانت تقوم على أساس الارجاء (2) وقال محمد بن عمرو : سمعت أبا مسهر يقول : كان أبو حنيفة رأس المرجئة ، وقال عمر بن سعيد : سمعت جدي يقول : قلت لأبي يوسف : أكان أبو حنيفة مرجئا؟

- نعم

ص: 90


1- تفسير فاتحة الكتاب للأميني ( ص 164 ).
2- مقالات الاسلاميين 1 / 202 ، الملل والنحل 1 / 276 ، الاعلاق النفسية ( ص 220 )

- أكان جهميا؟

- نعم

- فأين أنت منه؟

- إنما كان أبو حنيفة مدرسا ، فما كان من قوله حسنا قبلناه وما كان من قوله قبيحا تركناه (1)

وقد سببت هذه التهمة الكثير من الطعون عليه ، وشنت عليه بعض الأوساط الحاكمة عدة حملات تشهير لاذعة ، ولكن لم يتبين لنا بصورة مؤكدة صحة هذه النسبة.

الخوارج :

الخوارج من أقدم الفرق الثورية التي ظهرت على مسرح الحياة السياسية في الاسلام ، فقد نشأت حينما تفللت قوى معاوية وبان عليه الانكسار ، وهمّ بالهزيمة فالتجأ إلى رفع المصاحف مطالبا تحكيم القرآن ، وانخدعت هذه الزمرة التي لا تملك أي وعي سياسي أو اجتماعي بذلك فخفوا إلى الامام يلحون عليه أن يجيب إلى ما يحكم به الكتاب العظيم فعرفهم الامام أنها خديعة حربية ، وإن القوم لا يدينون بالكتاب ، ولا يرجون لله وقارا ، فلم ينصاعوا لرأيه ، وأجمعوا على خلعه أو إيقاف العمليات الحربية ، وشهروا سيوفهم في وجهه ، في حين أن طلائع جيشه بقيادة الزعيم الكبير مالك الأشتر قد أشرفت على الفتح ، ولم يبق لالقاء القبض على الذئب الجاهلي معاوية بن أبي سفيان سوى حلبة شاة أو أقل

ص: 91


1- تأريخ بغداد 13 / 375.

من ذلك حسبما يقول مالك الأشتر وكادت الفتنة أن تقع ويمنى الامام بانقلاب عسكري مدمر يقضى فيه على الاسلام ، فاستجاب (عليه السلام) لإيقاف الحرب ، وكتبت بذلك وثيقة التحكيم التي لم تحو أن عليا أمير المؤمنين واستبان لأولئك الأغبياء أنهم على ضلال مبين وأنهم قد خدعوا برفع المصاحف ، فنفروا من التحكيم ونقموا عليه وانطلقوا إلى الامام يطالبونه بإعلان التوبة ، والمضي في الحرب ، ولم يرتض منهم الامام هذا المنطق الهزيل ، إذ كيف ينقض ما عاهد عليه القوم من إيقاف القتال ، وكيف يتوب عن ذنب لم يقترفه ، وإنما هم الذين اقترفوه ، وأخذوا يضايقونه ، ويشاغبون عليه وهم يهتفون :

« لا حكم إلا لله »

وقد أصبحت هذه الكلمة شعارهم الرسمي ، وكان الامام (عليه السلام) يقول :

إنها كلمة حق أريد بها باطل ، فقد كان الحكم عندهم للسيف لا لله ، فأشاعوا القتل بين المسلمين بغير حق ، ونشروا الفساد في الأرض ، وقد حاججهم الامام وأقام سيلا من الأدلة على فساد ما ذهبوا إليه ، فلم ينفع ذلك معهم وأصروا على الغي والعدوان ، فاضطر الامام إلى مناجزتهم فكانت حرب النهروان التي أبيد فيها معظمهم ، وقد صحبوا معهم العار والخزي ، فقد سفكت دماؤهم ، وهم في ضلال مبين ، وقد نقم عليهم المسلمون وهجاهم الشعراء ، يقول الكميت :

إني أدين بما دان الوصي به *** يوم النخيلة من قتل المحلينا

وبالذي دان يوم النهر دنت به *** وشاركت كفه كفي بصفينا

تلك الدماء معا يا رب في عنقي *** ومثلها فاسقني آمين آمينا (1)

ص: 92


1- تهذيب الكامل 1 / 86.

لقد أريقت دماؤهم في محاربة الحق وإحياء الباطل. ومناهضة الاسلام يقول السيد الحميري :

خوارج فارقوه بنهروان *** على تحكيمه الحسن الجميل

على تحكيمه فعموا وصموا *** كتاب اللّه في فم جبرئيل

فمالوا جانبا وبغوا عليه *** فما مالوا هناك إلى مميل

فتاه القوم في ظلم حيارى *** عماة يعمهون بلا دليل

فضلوا كالسوائم يوم عيد *** تنحر بالغداة وبالأصيل

كأن الطير حولهم نصارى *** عكوفا حول صلبان الأصيل (1)

لقد اجتث الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) في واقعة النهروان أصولهم ، وقضى على إعلامهم إلا أنه فر منهم جماعة فأخذوا ينشرون مبادئهم التي تدعو إلى العصيان المسلح على الحكم القائم ، وقد شهدت منهم البلاد الاسلامية عدة ثورات دموية أزهقت فيها الأنفس. وسفكت فيها الدماء بغير حق ، ذكرها المؤرخون بالتفصيل.

آراؤهم الدينية :

وانفردت الخوارج عن بقية المسلمين بآرائهم التي شذت عن كتاب اللّه وسنة نبيه ، ومن بين آرائهم :

أولا - الحكم بالكفر على الإمام علي (عليه السلام) ومعاوية والحكمين عمرو ابن العاص ، وأبي موسى الأشعري ، وأصحاب الجمل من عائشة وطلحة والزبير.

ص: 93


1- مناقب آل أبي طالب 2 / 271 - 372.

ثانيا - تكفير مرتكب الذنوب الكبيرة ، والحكم بتخليده في النار.

ثالثا - جواز أن تكون الخلافة في غير قريش ، وخالفوا بذلك جمهور أهل السنة الذين أجمعوا على أن الخلافة في قريش ، كما قالوا إن الامامة لا تكون بالنص والتعيين وخالفوا بذلك الشيعة الذين قالوا بالنص ، كما ذهبوا إلى جواز أن لا يكون في العالم إمام أصلا وإن احتيج إليه فيجوز أن يكون عبدا أو حرا أو قبطيا أو غيرهم (1) ولهم آراء أخرى ذكرتها كتب الفرق وغيرها.

الامام الباقر مع نافع :

ووفد نافع الأزرق وهو من أعلام الخوارج على الامام أبي جعفر (عليه السلام) فأخذ يسأله عن بعض المسائل الدينية ، والامام (عليه السلام) يجيبه عنها ، وبعد ما فرغ من أسئلته قال له الامام :

قل لهذه المارقة بم استحللتم فراق أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد سفكتم دماءكم بين يديه في طاعته ، والقربة إلى اللّه في نصرته؟ وسيقولون لك : إنه قد حكم في دين اللّه ، فقل لهم : قد حكم اللّه في شريعة نبيه رجلين من خلقه فقال : ( فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ ، وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُما ) (2) وحكم رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) سعد بن معاذ في بني قريضة فحكم فيهم بما أمضاه اللّه عز وجل ، أو ما علمتم أن أمير المؤمنين (عليه السلام) إنما أمر الحكمين أن يحكما بالقرآن ، ولا يتعديا ،

ص: 94


1- الملل والنحل 1 / 158.
2- سورة النساء : آية 35.

واشترط رد ما خالف القرآن من أحكام الرجال ، وقال : حين قالوا له : قد حكمت على نفسك ، من حكم عليك فقال : ما حكمت مخلوقا ، وإنما حكمت كتاب اللّه ، فاين تجد المارقة تضليل من أمر الحكمين بالقرآن واشترط رد ما خالفه لو لا ارتكابهم في بدعتهم البهتان ».

وبهر نافع بهذا الكلام المشرق ، وطفق يقول :

« هذا واللّه كلام ما مر بسمعي قط ، ولا خطر ببالي ، وهو الحق إن شاء اللّه » (1).

وللامام أبي جعفر (عليه السلام) احتجاجات أخرى مع الخوارج تتعلق بالتوحيد سنذكر بعضها عند البحث عن الموجات الالحادية التي غزت المسلمين في ذلك العصر.

الشيعة :

أريد أن أتحدث عن الشيعة حديثا أخلص فيه للحق مهما استطعت إليه سبيلا ، أريد أن ألتزم جانب الحياد فأبرز ما تلتزم به هذه الطائفة في إطارها العقائدي ، فقد أاهمت في غير إنصاف باتهامات رخيصة لا مبرر لها ولا واقع لها بل وتبرأ منها ، وفيما يلي ذلك.

معنى الشيعة :

الشيعة : - في اللغة - هم الاتباع والأنصار ، وغلب هذا الاسم على

ص: 95


1- روضة الواعظين 1 / 245.

كل من يدين للامام علي (عليه السلام) وأهل بيته بالولاية حتى صار هذا الاسم خاصا بهم (1) قال الشيخ المفيد : « التشيع في أصل اللغة : هو الاتباع على وجه التدين والولاء للمتبوع على الاخلاص ، قال اللّه عز وجل : « فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه » (2) ففرق بينهما في الولاية والعداوة ، وجعل موجب التشيع لأحدهما هو الولاء بصريح الذكر له في الكلام .. فأما إذا أدخل فيه علامة التعريف بأن يقال : الشيعة - فهو على التخصيص لا محالة لاتباع أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه وآله بلا فصل ، ونفي الامامة عمن تقدمه في مقام الخلافة ، وجعله في الاعتقاد متبوعا له غير تابع لأحد منهم على وجه الاقتداء » (3).

لقد أصبح اسم الشيعة علما لكل من قال بالنص على إمامة أمير المؤمنين وخلافته من بعد النبي (صلی اللّه عليه وآله) مباشرة فقد أجمعوا على أنه (صلی اللّه عليه وآله) قد عهد إليه بالخلافة ، ونصبه علما لامته ، وقائدا لمسيرتها وهاديا لها إلى سواء السبيل.

نشأة التشيع :

والشيء المحقق أن النبي (صلی اللّه عليه وآله) هو الذي غرس بذرة التشيع ، وتعهدها ونماها فقد خاطب عليا فقال له : « يا علي أنت وشيعتك تردون علي

ص: 96


1- تاج العروس 5 / 405.
2- سورة القصص : آية 15.
3- أوائل المقالات ص 2 - 4.

الحوض ظماء مقمحين » (1).

يقول الامام الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء : « إن أول من وضع بذرة التشيع في حقل الاسلام هو نفس صاحب الشريعة الاسلامية يعني أن بذرة التشيع وضعت مع بذرة الاسلام جنبا إلى جنب ، وسواء بسواء » (2) ويقول النوبختي : « فأول الفرق الشيعة ، وهم فرقة علي ابن أبي طالب ، المسمون شيعة علي في زمان النبي (صلی اللّه عليه وآله) وبعده ، معروفون بانقطاعهم إليه ، والقول بامامته » (3) وذهب إلى ذلك الشيخ محمد الحسين المظفر يقول : إن الدعوة إلى التشيع ابتدئت من اليوم الذي هتف فيه المنقذ الأعظم محمد صلوات اللّه عليه صارخا بكلمة لا إله إلا اللّه ، فانه لما نزل عليه قوله ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) جمع بني هاشم وأنذرهم قائلا : أيكم يؤازرني ليكون أخي ووارثي ووصيي وخليفتي فيكم بعدي؟ فلما لم يجبه إلى ما أراد غير المرتضى قال لهم الرسول : هذا أخي ووارثي ووزيري ووصيي وخليفتي فيكم بعدي فاسمعوا له وأطيعوا ... فكانت الدعوة إلى التشيع لأبي الحسن من صاحب الرسالة تمشي معه جنبا لجنب مع الدعوة للشهادتين ، ومن ثم كان أبو ذر الغفاري من شيعة علي (عليه السلام) .. وينقل عن محمد كرد علي صاحب خطط الشام (4) قوله : عرف جماعة من كبار الصحابة بمولاة علي في عصر رسول اللّه مثل سلمان الفارسي القائل : بايعنا رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) على النصح للمسلمين ، والائتمام

ص: 97


1- مجمع الزوائد 9 / 131 كنوز الحقائق ( ص 188 ) ، الاستيعاب 2 / 457
2- اصل الشيعة واصولها ( ص 77 ) ط التاسعة المكتبة الحيدرية.
3- فرق الشيعة ( ص 15 ).
4- خطط الشام 5 / 251.

بعلي بن أبي طالب (عليه السلام) والموالاة له ، ومثل أبي سعيد الخدري القائل : أمر الناس بخمس فعلوا أربعا ، وتركوا واحدة ، ولما سئل عن الأربع قال : الصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان ، والحج ، قيل فما الواحدة التي تركوها؟ قال : ولاية علي بن أبي طالب » (1).

لقد نشأت الشيعة في عهد الرسول الأعظم (صلی اللّه عليه وآله) فهو الذي وضع قواعدها وأسس أصولها ، وذلك في ترشيحه للامام أمير المؤمنين (عليه السلام) خليفة من بعده ، وعلما لأمته ، أما الأدلة على ذلك فهي متوفرة ونلمح إلى بعضها :

أولا - إن النبي (صلی اللّه عليه وآله) صاحب رسالة ودعوة فقد جاء محررا ومنقذا للعالم بأسره ، وقد جاهد كأعظم ما يكون الجهاد في أداء رسالة ربه فخاض الأهوال ، وخاض الحروب ، وعانى من الاضطهاد ما لم يعانه أي مصلح اجتماعي في الأرض ، فكيف يترك الأمر فوضى من بعده ويهمل شئون الخلافة التي تتوقف عليها مصير أمته؟ إن من المؤكد أنه (صلی اللّه عليه وآله) قد أولى هذه الجهة المزيد من اهتمامه ، فأقام الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) علما لأمته وذلك حرصا عليها من الاختلاف والفرقة ، وضمانا لمصالحها ، وحفظا على استمرار رسالته في أداء فعالياتها المشرقة إلى الناس.

ثانيا - إن ما تتطلبه القيادة للأمة من النزعات الخيرة ، والصفات الفاضلة قد توفرت على الوجه الأكمل في الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) فهو أعلم الناس بشئون الرسالة الاسلامية ، وأدرى بفلسفتها ودقائقها ومحتوياتها ، فهو باب مدينة علم النبي (صلی اللّه عليه وآله) وأقضى أمته حسبما تواترت النصوص بذلك كما أنه من أزهد الناس فقد زهد في جميع رغبات الحياة ، وطلق دنياه

ص: 98


1- تأريخ الشيعة ( ص 9 ).

ثلاثا ، فلم يضع لبنة على لبنة ، ولم يتخذ من غنائمها وفرا ، كما كان (عليه السلام) من أعدل الناس فالقريب والبعيد عنده سواء ، والعزيز عنده ذليل حتى يأخذ منه الحق ، والذليل عنده عزيز ، وقضايا عدله من الأمور التي يعتز بها الاسلام ، ويفخر بها المسلمون فلم يؤثر عن حاكم مثله في عدله ومساواته بين الرعية.

ومع توفر الصفات الكاملة في الامام ، وعدم توفرها في غيره كيف لا ينتخبه النبي (صلی اللّه عليه وآله) قائدا لأمته يهديها إلى سواء السبيل ويرشدها إلى معالم الحياة الرفيعة.

ثالثا - إنه قد أثرت عن النبي (صلی اللّه عليه وآله) مجموعة ضخمة من الأخبار قد أجمع المسلمون على روايتها والاعتراف بصحتها في حق الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) كحديث الطائر المشوي ، وحديث المنزلة ، وحديث الغدير وحديث الثقلين وحديث السفينة ، وغيرها من الأحاديث التي تشيد بفضل أبي الحسين (عليه السلام) وتبرز قيمه ومواهبه ، والمتأمل فيها يطل على الغاية المنشودة للرسول (صلی اللّه عليه وآله) من تعيينه للامام خليفة من بعده وقائدا لمسيرة أمته.

رابعا - امتناع الامام عن بيعة أبي بكر ، وتخلف خيار الصحابة عن بيعته كأبي ذر وعمار بن ياسر ، وسلمان الفارسي وخالد بن سعيد وغيرهم من أعلام الاسلام واحتجاجهم على أبي بكر بأن عليا أولى منه بمقام رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) ، يقول خالد بن سعيد للامام : « هلم أبايعك فو اللّه ما في الناس أحد أولى بمقام محمد منك » (1).

ونقمت بضعة الرسول (صلی اللّه عليه وآله) وسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء على أبي بكر لاحتلاله مركز الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) ومقامه ، وقد خطبت

ص: 99


1- تأريخ اليعقوبي 2 / 105.

خطبتها الشهيرة التي دعت فيها إلى الثورة على حكومة أبي بكر ، وهي سلام اللّه عليها لو لم تعلم أن أباها قد عقد الامامة للامام علي (عليه السلام) ونصبه خليفة من بعده لما قامت بذلك ، ويقول المؤرخون إنها أوصت الامام أن يدفنها في غلس الليل البهيم وأن لا يحضر جنازتها أبو بكر وعمر كل ذلك مما يدلل على أن نشأة التشيع كانت في عهد الرسول (صلی اللّه عليه وآله).

خامسا - إن وصاية الامام (عليه السلام) عن النبي (صلی اللّه عليه وآله) كانت شائعة في الأوساط الاسلامية في العصر الأول ، يقول الصحابي العظيم خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين في يوم الجمل مخاطبا للامام :

يا وصي النبي قد أجلت الحر *** ب الاعادي وسارت الأظعان

وقال مخاطبا عائشة :

أعائش خلي عن علي وعيبه *** بما ليس فيه إنما أنت والده

وصي رسول اللّه من دون أهله *** وأنت على ما كان من ذاك شاهده

وقال عبد الرحمن بن جعيل حينما بايع الناس أمير المؤمنين بعد مقتل عثمان :

لعمري لقد بايعتم ذا حفيظة *** على الدين معروف العفاف موفقا

عليا وصي المصطفى وابن عمه *** وأول من صلى أخا الدين والتقى

وقال عبد اللّه بن أبي سفيان بن الحرث بن عبد المطلب مفتخرا بالامام :

ومنا علي ذاك صاحب خيبر *** وصاحب بدر يوم سالت كتائبه

وصي النبي المصطفى وابن عمه *** فمن ذا يدانيه ومن ذا يقاربه

وقال الشهيد العظيم حجر بن عدي الكندي يوم الجمل :

يا ربنا سلم لنا عليا *** سلم لنا المبارك المضيا

المؤمن الموحد التقيا *** لا خطل الرأي ولا غويا

ص: 100

بل هاديا موفقا مهديا *** واحفظه ربي واحفظ النبيا

فيه فقد كان له وليا *** ثم ارتضاه بعده وصيا

وقال الأشعث بن قيس الكندي :

أتانا الرسول رسول الامام *** فسر بمقدمه المسلمونا

رسول الوصي وصي النبي *** له السبق والفضل في المؤمنينا

وقال النعمان بن العجلان شاعر الأنصار وأحد ساداتهم من قصيدة له يخاطب فيها ابن العاص :

وكان هوانا في علي وأنه *** لأهل لها من حيث تدري ولا تدري

فذاك بعون اللّه يدعو إلى الهدى *** وينهى عن الفحشاء والبغي والنكر

وصي النبي المصطفى وابن عمه *** وقاتل فرسان الضلالة والكفر

وقال الفضل بن عباس :

ألا إن خير الناس بعد نبيهم *** وصي النبي المصطفى عند ذي الذكر

وأول من صلى وصنو نبيه *** وأول من أردى الغواة لدى بدر

وقال حسان بن ثابت :

حفظت رسول اللّه فينا وعهده *** إليك ومن أولى به منك من ومن

ألست أخاه في الهدى ووصيه *** واعلم منهم بالكتاب وبالسنن (1)

وتمثل هذه الجمهرة من الأدب ما كان يعتقده المسلمون في عصورهم الأولى من أن الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) هو وصي رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) وخليفته من بعده.

ص: 101


1- المراجعات للامام شرف الدين ( ص 326 - 221 ) وقد ذكر أمثلة كثيرة من النصوص الأدبية التي أضفت على الامام لقب الوصاية عن النبي (صلی اللّه عليه وآله).

هذه بعض المرجحات للقائلين بأن نشأة التشيع كانت في عهد الرسول (صلی اللّه عليه وآله) وأنه هو الذي وضعها وأقامها ، وذلك بنصبه للامام أمير المؤمنين (عليه السلام) خليفة من بعده يوم غدير خم فقد أمر المسلمين بمبايعته ، وأقامه علما من بعده حسبما ذكره المؤرخون.

الاسطورة السباية :

اشارة

وعزا بعض الحاقدين على الشيعة إلى أن نشأة التشيع تستند إلى عبد اللّه ابن سبأ ، فقالوا : إنه هو الذي أقامها ووضع أصولها وتبنى الدعوة إليها وفيما يلي بعض الذاهبين لذلك :

1 - الملطي :

ومن الذاهبين إلى هذه الاسطورة الملطي فقال : إن منشأ التشيع من ابن سبأ ، وحكم بالحاد جميع فرق الشيعة (1) ولم يدعم ما ذكره بدليل وإنما أرسل ذلك ارسال المسلمات ، وهو من الآراء التي لاوزن لها في ميدان البحوث العلمية.

2 - النشار :

ومن الحاقدين على أهل البيت والمبغضين لشيعتهم الدكتور النشار

ص: 102


1- التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع ( ص 25 ).

قال : كان اليهود مؤسسي العقيدة الشيعية الغالية الحقيقيين ، فقد دخل بعض أحبارهم أو كهانهم في الاسلام ، وتقدموا إلى العالم الاسلامي ، منتهزين إبعاد علي عن الخلافة بفكرة الامام المعصوم أو خاتم الأوصياء وتكاد تجمع كتب العقائد الاسلامية على أن عبد اللّه بن سبأ - هو أول من دعا إلى فكرة القداسة التي نسبت إلى علي - كان يهوديا قبل الاسلام .. وأضاف يقول : من المؤكد أن هذه الفكرة لم تظهر على عهد أبي بكر وعمر ، ولكنها نشأت في خلافة عثمان على يد عبد اللّه ابن سبأ تيارا باطنيا من التيارات التي كانت تعمل على هدم العالم الاسلامي (1).

3 - الشيخ أبو زهرة :

ومن الذاهبين إلى ذلك الشيخ أبو زهرة قال : « وكان الطاغوت الأكبر عبد اللّه بن سبأ الذي دعا إلى ولاية علي ووصايته وإلى رجعة النبي (صلی اللّه عليه وآله) وأنه في ظل هذه الفتن نشأ المذهب الشيعي » (2).

وهذه الأقوال من مهازل الفكر البشري وهي وصمة عار وخزي على أصحابها فقد طعنت في أعظم طائفة إسلامية تبنت حقوق المظلومين والمضطهدين ، ورفعت منار الكرامة الانسانية ، وسجلت فخرا للاسلام وعزا للمسلمين ، هذه الطائفة التي يتزعمها الامام أمير المؤمنين والسادة الهداة من أبنائه ، والتي تضم أعلام الإسلام أمثال عمار بن ياسر وأبي ذر وسلمان الفارسي ، وحجر بن عدي ، وأمثالهم ممن أضاءوا الحياة

ص: 103


1- نشأة الفكر الفلسفي في الاسلام ( ص 18 ).
2- المذاهب الاسلامية ( ص 46 ).

الفكرية في الاسلام ، فكيف تتهم بأن ابن سبأ هو الذي أنشأها على أن بعض المحققين قد ذهب إلى أن ابن سبأ شخصية وهمية مختلقة لا أصل لها (1)

كما أن بعض المستشرقين ( قد شكك في وجوده فكريا أي من ناحية أثره في منشأ الفكر الشيعي إذ يقول : ولكن التحقيق الحديث قد أظهر أن هذا استباق للحوادث ، وأنه صورة مثل بها في الماضي ، وتخيلها محدثو القرن الثاني للهجرة من أحوالهم وأفكارهم السائدة حينئذ ، وقد أظهر فلها وزن فريد ليندر بعد دراسة المصادر دراسة نقدية بأن المؤامرة والدعوة المنسوبتين إلى ابن سبأ من اختلاق المتأخرين ، وبين كايتانى أن مؤامرة مثل هذه بهذا التفكير ، وهذا التنظيم لا يمكن أن يتصورها العالم العربي المعروف عام ( 35 ه ) بنظامه القبلي القائم على سلطان الأبوة ، وأنها تعكس أحوال العصر العباسي الأول بجلاء (2).

وأفاد الدكتور طه حسين إلى أن حديث السبأية كان متكفلا ومنحولا ، قد اخترع حين كان الجدال بين الشيعة وغيرهم من الفرق الاسلامية أراد خصوم الشيعة أن يدخلوا في أصول هذا المذهب عنصرا يهوديا إمعانا في الكيد لهم والنيل منهم (3) وعلى أي حال فان الاسطورة السبأية قد انتحلت للحط من شأن الشيعة والنيل منهم ، ولا علاقة للشيعة بابن سبأ وغيره من المنحرفين عن الحق.

ص: 104


1- أنظر الجزء الأول من كتاب عبد اللّه بن سبأ للسيد العسكري ، فقد أثبت فيه وضع هذه الاسطورة.
2- نظرية الامامة لدى الشيعة الاثنى عشرية ( ص 37 - 38 ) نقلا عن أصول الاسماعيلية.
3- علي وبنوه ( ص 98 - 99 ).

الشيعة والغلو :

وأاهمت الشيعة بغير إنصاف بالغلو في أئمتهم مع أنهم براء من هذه التهمة ، ولا بد لنا من وقفة قصيرة للتحدث عن ذلك.

حقيقة الغلو

أما حقيقة الغلو فهي نسبة الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) إلى الألوهية ، وقد زعم بعض الغلاة في علي (عليه السلام) أنه ابن اللّه ، وفي ذلك يقول السيد الحميري في هجائهم.

قوم غلوا في علي لا أبا لهم *** واجشموا أنفسا في حبه تعبا

قالوا : هو ابن الاله جل خالقنا *** من أن يكون له ابن أو يكون أبا

(1) وقال المفيد بن سعيد : للامام أبي جعفر (عليه السلام) أقرر أنك تعلم الغيب حتى أجبي لك العراق ، فنهره الامام (عليه السلام) وطرده ، ثم جاء إلى ابنه جعفر (عليه السلام) فقال له مثل ذلك فقال : أعوذ باللّه (2).

براءة الشيعة من الغلاة

وتبرأ الشيعة من الغلاة ، ولا تعدهم من فرق الاسلام ، ويعاملونهم

ص: 105


1- العقد الفريد
2- تأريخ ابن الأثير 5 / 209.

معاملة الكفار ، فقد أثر عن الامام الصادق (عليه السلام) أنه قال : لرزام قل : للغالية توبوا إلى اللّه فانكم فساق كفار مشركون ، وقال (عليه السلام) : في عبد اللّه ابن سبأ لعن اللّه عبد اللّه بن سبأ أنه ادّعى الربوبية في أمير المؤمنين ، وكان واللّه أمير المؤمنين قد عبد اللّه طائعا ، والويل لمن كذب علينا ، إن ذكرت عبد اللّه بن سبأ قامت كل شعرة في جسدي ، لقد ادعى أمرا عظيما ما له لعنه اللّه ، كان علي واللّه عبدا صالحا ، ما نال الكرامة من اللّه إلا بطاعته لله ولرسوله ، وما نال رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) الكرامة من اللّه إلا بطاعة اللّه (1).

قال كثير النواء : سمعت أبا جعفر الباقر (عليه السلام) يقول برىء اللّه ورسوله من المغيرة بن سعيد ، وبنان بن سمعان فانهما كذبا علينا أهل البيت (2)

وقد أجمع فقهاء الشيعة على الحكم بنجاستهم ، ومعاملتهم معاملة الكفار في عدم جواز زواج المسلمة منهم ، وعدم جواز زواج المسلم منهم إلى غير ذلك من الأحكام التي تترتب على الكفار فقد افتوا بترتبها على الغلاة من دون أن يكون هناك أي فرق بينهما.

يقول الامام الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء : « أما الشيعة فيبرءون من تلك الفرق براءة التحريم على أن تلك الفرق لا تقول بمقالة النصارى ، بل خلاصة مقالتهم بل ضلالتهم : إن الامام هو اللّه سبحانه ظهورا واتّحادا أو نحو ذلك مما يقول به كثير من متصوفة الاسلام ، ومشاهير مشايخ الطرق ، وقد ينقل عن الحلاج والكيلاني والرفاعي

ص: 106


1- الامام الصادق والمذاهب الأربعة 1 / 235.
2- لسان الميزان 6 / 76.

والبدوي وأمثالهم من الكلمات وإن شئت سمها كما يقولون : شطحات ما يدل بظاهره على أن لهم منزلة فوق الربوبية ، وأن لهم مقاما زائدا عن الالوهيه ( لو كان ثمة موضع لمزيد ) وقريب من ذلك ما يقول به أرباب وحدة الوجود أو الموجود.

أما الشيعة الامامية ، وأعني بهم جمهرة العراق وإيران وملايين المسلمين في الهند ومئات الألوف في سوريا والأفغان فان جميع تلك المقالات يعدونها من أبشع الكفر والضلالات ، وليس دينهم التوحيد المحض ، وتنزيه الخالق عن كل مشابهة للمخلوق أو ملابسة لهم في صفة من صفات النقص والامكان والتغيير والحدوث وما ينافي وجوب الوجود والقدم والأزلية إلى غير ذلك من التنزيه ، والتقديس المشحونة به مؤلفاتهم في الحكمة والكلام من مختصرة أو مطولة ).

نظرة الشيعة للائمة

أما نظرة الشيعة للأئمة (عليهم السلام) فانها تتسم بالاعتدال فليس فيها غلو ولا إفراط في الحب ، فقد ذهبوا إلى أنهم عباد اللّه المكرمون الذين لا يسبقونه بالقول ، وهم بأمره يعملون ، وأنهم أهل الذكر ، وأولو الأمر ، وبقية اللّه في أرضه ، وخيرته في عباده ، وعيبة علمه ، قد عصمهم اللّه من الفتن ، وطهرهم من الدنس ، وأذهب عنهم الرجس ، وطهرهم تطهيرا ، ووصفهم سيدهم الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله :

« هم عيش العلم ، وموت الجهل ، يخبركم حلمهم عن علمهم ، وظاهرهم عن باطنهم ، وصمتهم عن حكم منطقهم ، لا يخالفون الحق ،

ص: 107

ولا يختلفون فيه ، هم دعائم الاسلام ، وولائج الاعتصام ، بهم عاد الحق في نصابه وانزاح الباطل عن مقامه ، وانقطع لسانه عن منبته ، عقلوا الدين عقل وعاية ورعاية ، لا عقل سماع ورواية فان رواة العلم كثير ورعاته قليل » (1).

ووصفهم شاعر الاسلام الكميت بقوله :

القريبين من ندى والبعيدين *** من الجور في عرى الأحكام

والمصيبين باب ما أخطأ النا *** س ومرسي قواعد الاسلام

والحماة الكفاة في الحرب إن لف *** ضرام وقوده بضرام

والغيوث الذين إن أمحل النا *** س فمأوى حواضن الأيتام

راجحي الوزن كاملي العدل في ال *** سيرة طبين بالأمور الجسام

ساسة لا كمن يرى رعية النا *** س سواء ورعية الأغنام

(2) هذه نظرة الشيعة للائمة الطاهرين ليس فيها غلو ولا خروج عن المنطق ولا انحراف عن الدين.

حب الشيعة للائمة

وامتلأت قلوب الشيعة بالحب والولاء لآل البيت (عليهم السلام) معتقدين أن ذلك من أهم الفروض الدينية ، فقد ألزمتهم النصوص الاسلامية بذلك فآية المودة وحديث الثقلين ، والسفينة وغيرها صريحة في إيجاب مودتهم على عموم المسلمين ، وقد آمنت الشيعة بذلك منذ فجر تأريخها ، فهذا أبو الأسود الدؤلي قد رد على من لامه في حبه لأهل البيت (عليهم السلام) بهذين البيتين :

ص: 108


1- نهج البلاغة محمد عبده 2 / 259.
2- الهاشميات.

أمفندي في حب آل محمد *** حجر بفيك فدع ملامك أو زد

من لم يكن بحبالهم متمسكا *** فليعترف بولاء من لا يرشد

(1) وقد عاب قوم على أبي الأسود تشيعه لآل البيت فرد عليهم بهذه الأبيات :

أحب محمدا حبا شديدا *** وعباسا وحمزة والوصيا

وجعفر إن جعفر خير سبط *** شهيد في الجنان مهاجريا

أحبهم كحب اللّه حتى *** أجئ إذا بعثت على هويا

هوى أعطيته منذ استدارت *** رحى الاسلام لم يعدل سويا

يقول الأرذلون بنو قشير *** طوال الدهر لا تنسى عليا

فقلت لهم : وكيف يكون تركي *** من الأعمال ما يقضي عليا

بنو عم النبي وأقربوه *** أحب الناس كلهم إليا

فان يك حبهم رشدا أصبه *** ولست بمخطئ إن كان غيا

هم أهل النصيحة من لدن *** وأهل مودتي ما دمت حيا

رأيت اللّه خالق كل شيء *** هداهم واجتبى منهم نبيا

هم أسوا رسول اللّه حتى *** تربع أمره أمرا قويا

(2) وهذا عبد اللّه بن كثير السهمي يرد على من يرى أن ولاءه لأهل البيت ذنبا ، بهذه الأبيات :

إن امرأ أمست معايبه *** حب النبي لغير ذي ذنب

وبني أبي حسن ووالدهم *** من طاب في الأرحام والصلب

أيعد ذنبا أن أحبهم *** بل حبهم كفارة الذنب (3)

ص: 109


1- ديوان أبي الأسود ( ص 253 )
2- ديوان أبي الأسود ( ص 176 ).
3- البيان والتبيين 3 / 360

وهذا حرب بن المنذر بن الجارود قد قنع من دنياه باليسير من الطعام ، زهدا في الدنيا وهو يعلن ظفره بولاء أهل البيت (عليهم السلام) يقول :

فحسبي من الدنيا كفاف يقيمني *** وأثواب كتان أزور بها قبري

وحبي ذوي قربى النبي محمد *** فما سألنا إلا المودة من أجر (1)

إن ولاء الشيعة لآل البيت (عليهم السلام) مما يتزودون به ، ويتقربون به إلى اللّه تعالى ويرجون به النجاة من العذاب يوم القيامة يقول السيد الحميري :

إني امرؤ حميري غير مؤتشب *** جدي رعين وأخوالي ذو يزن

ثم الولاء أرجو النجاة به *** يوم القيامة للهادي أبي حسن (2)

وهذا الفرزدق يرى أن حبه لآل البيت (عليهم السلام) دين وبغضهم كفر ومروق من الدين يقول :

من معشر حبهم دين وبغضهم *** كفر وقربهم منجى ومعتصم

أن عد أهل التقى كانوا أئمتهم *** أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم

ويقول الكميت :

إليكم ذوي آل النبي تطلعت *** نوازع من قلبي ظماء وألبب

فطائفة قد كفرتني بحبكم *** وطائفة قالوا مسىء ومذنب

فما ساءني تكفير هاتيك منهم *** ولا عيب هاتيك التي هي أعيب

يعبونني من خبهم وضلالهم *** على حبكم بل يسخرون وأعجب

وقالوا : تر ابي هواه ورأيه *** بذلك أدعى فيهم وألقب (3)

لقد ملك حب أهل البيت قلوب الشيعة وعواطفهم ، ولكن ذلك

ص: 110


1- البيان والتبيين 3 / 365
2- البيان والتبيين 3 / 360
3- الهاشميات ( ص 37 ).

الحب بعيد عن الغلو ، وبعيد عن كل ما عاب عليهم خصومهم.

مظاهر الولاء للائمة

أما مظاهر ولاء الشيعة للأئمة أهل البيت سلام اللّه عليهم فهي :

أولا - إن الشيعة تأخذ معالم الدين أصولا وفروعا عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) وتجمع على لزوم العمل بأقوالهم وأفعالهم ، وأنها من السنة التي يجب العمل بها ، وبذلك فقد بنوا إطارهم العقائدي على ما أثر عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) ولا يتعدون في المجالات التشريعية إلى غيرهم من بقية المذاهب الاسلامية ، ولم يكن عن تحزب أو تعصب ، وإنما النصوص القطعية التي أثرت عن الرسول (صلی اللّه عليه وآله) هي التي قادتهم إلى ذلك ، ودفعتهم إلى الاقتصار على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) يقول الامام شرف الدين : « إن تعبدنا في الأصول بغير المذهب الأشعري ، وفي الفروع بغير المذاهب الأربعة لم يكن لتحزب أو تعصب ، ولا لريب في اجتهاد أئمة تلك المذاهب ولا لعدم عدالتهم ، وأمانتهم ونزاهتهم ، وجلالتهم علما وعملا.

لكن الأدلة الشرعية أخذت بأعناقنا إلى الأخذ بمذاهب الأئمة من أهل بيت النبوة ، وموضع الرسالة ، ومختلف الملائكة ، ومهبط الوحي والتنزيل فانقطعنا إليهم في فروع الدين وعقائده وأصول الفقه وقواعده ، ومعارف السنة والكتاب وعلوم الأخلاق والسلوك والآداب ، نزولا على حكم الأدلة والبراهين وتعبدا بسنة سيد النبيين والمرسلين صلی اللّه علیه و آله أجمعين.

ولو سمحت لنا الأدلة بمخالفة الأئمة من آل محمد (صلی اللّه عليه وآله) أو تمكنا من تحصيل نية القربة لله سبحانه في مقام العمل على مذهب غيرهم لتعقبنا

ص: 111

أثر الجمهور ، وقوفنا إثرهم تأكيدا لعقد الولاء ، وتوثيقا لعرى الإخاء لكنها الأدلة تقطع على المؤمن وجهته ، وتحول بينه وبين ما يروم (1).

وأضاف بعد هذا يقول :

« وما أظن أحدا يجرأ على القول بتفضيلهم - أي أئمة المذاهب - في علم أو عمل على أئمتنا ، وهم أئمة العترة الطاهرة ، وسفن نجاة الأمة ، وباب حطتها ، وأمانها من الاختلاف في الدين ، وأعلام هدايتها ، وثقل رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) وقد قال (صلی اللّه عليه وآله) :

فلا تقدموهم فتهلكوا ، ولا تقصروا عنهم فتهلكوا ، فانهم أعلم منكم ، لكنها السياسة ، وما أدراك ما اقتضت في صدر الاسلام.

وقد أيد شيخ الأزهر هذا الجانب المشرق من حديث الامام شرف الدين ، قال :

« بل قد يقال إن أئمتكم الاثني عشر أولى بالاتباع من الأئمة الأربعة لأن الاثني عشر كلهم على مذهب واحد قد محصوه وقرروه باجماعهم بخلاف الأربعة فان الاختلاف بينهم شائع في أبواب الفقه كلها ، فلا تحاط موارده ، ولا تضبط ، ومن المعلوم أن ما يمحصه الشخص الواحد ، لا يكافئ في الضبط ما يمحصه اثنا عشر إماما ، هذا كله مما لم تبق فيه وقفة لمنصف ، ولا وجهة لمتعسف » (2).

ومن الطبيعي أن هذه الظاهرة التي تمسكت بها الشيعة ، وأعلنتها في جميع المجالات ليس فيها أي جانب من الغلو أو الافراط في الحب ،

ص: 112


1- المراجعات ( ص 40 - 41 )
2- المراجعات ( ص 44 )

وإنما هي متسمة بالاعتدال والاستقامة (1).

ثانيا - إن من مظاهر الولاء الذي تكنه الشيعة لأئمتها أنها تقوم باحياء ذكراهم ، وتشيد بفضائلهم ، ومآثرهم ، وتنشر مكارم أخلاقهم وتقيم الحفلات التأبينية على ما أصابهم من عظيم الخطب وفادح الرزء ، كما تقوم بزيارة مراقدهم الطاهرة للتبرك بها والتقرب إلى اللّه تعالى فانها من أعظم مظاهر الود الذي فرضه اللّه تعالى في كتابه المجيد للعترة الطاهرة على جميع المسلمين.

هذه بعض مظاهر الولاء الذي تكنه الشيعة للأئمة الطاهرين وليس فيه أي شائبة للغلو ، وعلى هذا الاساس المعتدل أقامت الشيعة إطارها العقائدي في الولاء لأهل البيت (عليهم السلام).

الشيعة والصحابة

وأاهمت الشيعة بتجريح الصحابة ، والقول بعدم عدالتهم ، وهو افتراء محض فان الشيعة تقدس صحابة النبي (صلی اللّه عليه وآله) وتكن لهم أعمق الود ، والحب وترى لهم الحق على كل مسلم ومسلمة ، لأنهم نصروا الاسلام أيام محنته وغربته ، ولو لا جهودهم ، وجهادهم ، لما انتشر الاسلام وقام على سوقه عبل الذراع ، ولا بد لنا من وقفة قصيرة لنتحدث عن الصحابة ، وموقف الشيعة منهم.

ص: 113


1- حياة الامام موسى بن جعفر 1 / 14

تعريف الصحابة :

المراد بالصحابة : هم الذين صحبوا النبي (صلی اللّه عليه وآله) وآمنوا به ، وماتوا على هديه ودينه ، وليس المراد بالصحابي كل من رأى النبي (صلی اللّه عليه وآله) فان هذا التحديد يوجب دخول الأطفال والكفار الذين رأوا النبي (صلی اللّه عليه وآله) في إطار الصحابة مع أنه لا أشكال في خروجهم عنه ، كما أنه بناء على اعتبار الرؤية تخرج بعض الصحابة عن هذا التعريف ممن فقدوا بصرهم كابن أم مكتوم ونحوه.

حكم الصحابة :

ولصحبة النبي (صلی اللّه عليه وآله) منزلة عظيمة ، وكريمة عند اللّه ، ولكن الصحبة لا توجب العصمة عن الخطأ ولا توجب النجاة من النار إلا بالعمل الصالح الذي هو المقياس الصحيح عند اللّه فمن آمن واهتدى وعمل صالحا فان الجنة هي المأوى ، ومن انحرف عن الحق بعد ما تبين له الهدى فان مصيره إلى النار هذا هو حكم الاسلام في قرآنه يقول اللّه تعالى ( وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاَّ ما سَعى ، وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى ) وقال تعالى : ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) فقد أناط تعالى ثوابه بالعمل الصالح وأناط عقابه بالعمل السيئ ، والصحابة وغيرهم سواء ، وليس لأحد عند اللّه منزلة خاصة فجميع البشر عنده سواء ، وأقربهم عنده المطيع له ، وأبعدهم عنه العاصي له ، وهذه آراء بعض

ص: 114

أعلام الشيعة في الصحابة.

رأي السيد علي خان :

قال سماحة المغفور له السيد علي خان المدني : « حكم الصحابة عندنا في العدالة حكم غيرهم ، ولا يتحتم الحكم بالايمان والعدالة بمجرد الصحبة ، ولا يحصل بها النجاة من عقاب النار وغضب الجبار إلا أن يكون مع يقين الايمان ، وخلوص الجنان فمن علمنا عدالته وإيمانه ، وحفظه وصية رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) في أهل بيته ، وانه مات على ذلك كسلمان الفارسي وأبي ذر وعمار واليناه ، وتقربنا إلى اللّه تعالى بحبه ، ومن علمنا انه انقلب على عقبه وأظهر العداوة لأهل البيت عاديناه لله تعالى ، وتبرأنا إلى اللّه منه ، ونسكت عن المجهولة حاله » (1).

وهذا الرأي وثيق للغاية فليس الحب لخيار الصحابة والتقدير لهم إلا حبا لله وتقربا إليه ، كما أن بغض المنحرفين منهم عن الحق إنما هو بغض للباطل وتقربا إلى اللّه تعالى الذي أمرنا بالابتعاد عن الباطل.

رأي الامام شرف الدين :

قال الامام شرف الدين : « إن من وقف على رأينا في الصحابة علم أنه أوسط الآراء إذ لم نفرط فيه تفريط الغلاة الذين كفروهم جميعا ، ولا أفرطنا إفراط الجمهور الذين وثقوهم جميعا ، فان الكاملية ، ومن

ص: 115


1- الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة ( ص 11 ).

كان في الغلو على شاكلتهم ، قالوا : بكفر الصحابة كافة ، وقال أهل السنة : بعدالة كل فرد ممن سمع النبي أو رآه من المسلمين مطلقا ، واحتجوا بحديث ( كل من دب أو درج منهم أجمعين أكتعين ).

أما نحن فان الصحبة بمجردها وان كانت عندنا فضيلة جليلة لكنها بما هي من حيث هي غير عاصمة ، فالصحابة كغيرهم من الرجال فيهم العدول ، وهم عظماؤهم ، وعلماؤهم ، وفيهم البغاة وفيهم أهل الجرائم من المنافقين ، وفيهم مجهول الحال ، فنحن نحتج بعدولهم ، ونتولاهم في الدنيا والآخرة ، أما البغاة على الوصي وأخي النبي (صلی اللّه عليه وآله) وسائر أهل الجرائم كابن هند ، وابن النابغة ، وابن الزرقاء ، وابن عقبة ، وابن أرطاة ، وأمثالهم فلا كرامة لهم ، ولا وزن لحديثهم ، ومجهول الحال نتوقف فيه حتى نتبين أمره ، هذا رأينا في حملة الحديث من الصحابة ، والكتاب والسنة بيننا على هذا الرأي ، كما هو مفصل في مظانه من أصول الفقه ، لكن الجمهور بالغوا في تقديس كل من يسمونه صحابيا حتى خرجوا عن الاعتدال فاحتجوا بالغث منهم والسمين ، واقتدوا بكل مسلم سمع من النبي (صلی اللّه عليه وآله) أو رآه اقتداء أعمى ، وأنكروا على من يخالفهم في هذا الغلو ، وخرجوا من الانكار على كل حد من الحدود ، وما أشد إنكارهم علينا حين يروننا نرد حديث كثير من الصحابة مصرحين بجرحهم أو بكونهم مجهولي الحال عملا بالواجب الشرعي في تمحيص الحقائق الدينية والبحث عن الصحيح من الآثار النبوية ، وبهذا ظنوا بنا الظنون ، فاتهمونا بما اتّهمونا رجما بالغيب ، وتهافتا على الجهل ، ولو ثابت إليهم أحلامهم ورجعوا إلى قواعد العلم ، لعلموا أن أصالة العدالة في الصحابة مما لا دليل عليها ، ولو تدبروا القرآن الحكيم لوجدوه مشحونا

ص: 116

بذكر المنافقين منهم ، وحسبك منه سورة التوبة والأحزاب » (1).

ويمثل رأي الامام شرف الدين عمق الفكر ، وأصالة الدليل فان الشيعة لم تقف مع الصحابة موقفا عاطفيا ، وإنما نظرت بعمق إلى أعمالهم فأكبرت كل من ساهم في بناء الاسلام وبقي صامدا أمام الاحداث التي أمتحن بها المسلمون كأشد ما يكون الامتحان بعد وفاة نبيهم ، كما لم تقم أي وزن لمن كان متهما في دينه كمروان بن الحكم وأبيه الحكم ، والوليد بن عقبة الذي سماه اللّه فاسقا ، وذي الثدية وثعلبة بن حاطب وأمثالهم من الذين عادوا اللّه ورسوله وانحرفوا عن الاسلام.

موقف الامام من الصحابة :

أما موقف الامام أبي جعفر (عليه السلام) من الصحابة فقد كان يتسم بالولاء والتقدير لخيارهم وصلحائهم ، وبالتوهين والازدراء لمن لا حريجة له في الدين منهم ، وقد روى في تجريحهم عدة أحاديث عن النبي (صلی اللّه عليه وآله) كما أشار إلى بعض الأخبار الموضوعة التي وردت في الثناء عليهم ، وفيما يلي ذلك :

1 - إنه (عليه السلام) روى عن عبد اللّه بن أبي رافع عن أبي هريرة ، قال قال رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) : « يرد علي يوم القيامة رهط من أصحابي فيحلون عن الحوض فأقول : يا رب أصحابي ، فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، إنهم ارتدّوا على أعقابهم القهقرى » (2).

ص: 117


1- المراجعات
2- المعرفة والتاريخ 1 / 360 ، وأخرجه البخاري 8 / 150.

وبمضمون هذا الحديث وردت أحاديث كثيرة منها ما رواه أحمد في مسنده عن عبد اللّه بن مسعود عن النبي (صلی اللّه عليه وآله) أنه قال لأصحابه : « أنا فرطكم على الحوض ، ولأنازعن أقواما ثم لاغلبن عليهم فأقول : يا رب أصحابي ، فيقول : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك » (1) وأخرج الترمذي عن النبي (صلی اللّه عليه وآله) أنه قال : ويؤخذ من أصحابي برجال ذات اليمين ، وذات الشمال فأقول : يا رب أصحابي فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فانهم لن يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم ، فأقول : كما قال العبد الصالح : إن تعذبهم فانهم عبادك ... (2).

إلى غير ذلك من الأخبار التي دلت على وجود المنحرفين من أصحاب النبي (صلی اللّه عليه وآله) وإن الصحبة لا توجب العصمة من الخطأ ، والتحرج في الدين.

2 - إن الامام (عليه السلام) أشار في حديث له مع جماعة من أعلام أصحابه إلى أن أكثر الأحاديث التي وردت في فضل بعض الصحابة كانت من الموضوعات أيام حكم معاوية فقد عهد إلى لجان الوضع بافتعال ذلك للحط من شأن العلويين ، وقد طلب أبان من الامام أن يسمي له بعض تلك الأخبار الموضوعة ، فقال (عليه السلام) : رووا

« إن سيدي كهول أهل الجنة أبو بكر وعمر » (3)

« إن عمر محدث - بصيغة المفعول أي تحدثه الملائكة - »

ص: 118


1- مسند أحمد 5 / 231
2- صحيح الترمذي 2 / 68
3- وضع الحديث لمعارضة الخبر المتواتر عن النبي (صلی اللّه عليه وآله) في حق السبطين الحسن والحسين إنهما سيدا شباب أهل الجنة ، وقد سئل الامام الجواد (عليه السلام) عنه فقال : واللّه ليس في الجنة كهول بل كلهم شباب مرد.

« إن عمر يلقنه الملك »

« إن السكينة تنطق على لسان عمر »

« إن الملائكة لتستحي من عثمان » (1)

واسترسل الامام أبو جعفر في عرض الأخبار المفتعلة حتى عد أكثر من مائة رواية (2) يحسبها الناس أنها حق ، وهي كذب وزور (3).

إن وضع الحديث في فضل الصحابة كان له مضاعفاته السيئة والتي كان منها تقديس الجمهور لعامة الصحابة تقديسا أعمى ، وألغوا النظر في الأعمال التي أثرت عن بعضهم وهي لا تتفق مع روح الاسلام وواقعه.

الفكر السياسي الشيعي :

وتبنت الشيعة منذ فجر تأريخها العدل السياسي ، والعدل الاجتماعي ونادت بحقوق الانسان ، وإلغاء التمايز العنصري بين جميع الناس على اختلاف قومياتهم وأديانهم.

إن الفكر السياسي الذي تبنته الشيعة إنما هو امتداد ذاتي لواقع الاسلام الذي بني على العدل الخالص والحق المحض ، والذي جاء لتطور

ص: 119


1- لا نعلم لما ذا تستحي الملائكة من عثمان بن عفان عميد الأسرة الأموية فهل إنها تعمل المنكر والقبيح حتى تستحي منه أو بالعكس ، إنا لا نتصور وجها لهذا الاستحياء المزعوم.
2- في رواية حتى عد أكثر من مائتي حديث.
3- حياة الامام الحسن ( 2 / 168 - 169 ) نقلا عن سليم بن قيس الكوفي ( ص 45 ).

الحياة ، ورفع مستوى الانسان ، وازدهار حياته ، ونلمح إلى بعض معالمه الرئيسية.

الرخاء الاقتصادي

وآمنت الشيعة بضرورة توفير الرخاء الاقتصادي لجميع الناس ، واعتبرت الفقر كارثة اجتماعية مدمرة يجب القضاء عليها بكافة الوسائل فانه ليس من الاسلام في شيء أن يكون في المجتمع الاسلامي ظل للفقر أو شبح للحرمان ، ومن أجل ذلك ثار الزعيم الاسلامي الكبير أبو ذر على الحكم الأموي الذي بني على الاثرة والاستغلال وإشاعة الفقر بين الناس ، وقد قال أبو ذر : كلمته الخالدة « عجبت لمن لا يجد القوت أن لا يخرج شاهرا سيفه »

وقد ضاقت الحكومة الأموية منه ذرعا ، فقد أخذ هذا المصلح العظيم يوقض المشاعر ، ويلهب العواطف ، ويدفع الناس إلى الثورة والتمرد على الحكم الأموي ، وفرض عليه الأمويون الاقامة الجبرية في الربذة التي هي أقفر بقعة في الحجاز ، وظل أبو ذر يعاني البؤس والجوع حتى توفى مضطهدا جائعا في حين أن ذهب الأرض بيد بني أمية وآل أبي معيط.

وإن من بين الأهداف الأصيلة التي ثار من أجلها الامام العظيم الحسين (عليه السلام) هو إنقاذ الاقتصاد الاسلامي من الطغمة الأموية التي تلاعبت به ، وسخرته لاشباع شهواتها وتدعيم نفوذها وأغراضها ، في حين أن الاسلام قد احتاط كأشد ما يكون الاحتياط في أموال الدولة فألزم ولاة الأمور في إنفاقها على تطوير الحياة العامة ، وازدهار حياة الفرد والمجتمع

ص: 120

وإنعاشهم ، كما حرم على الولاة إنفاق القليل أو الكثير من المال في الأمور التي لا تعود على المسلمين بفائدة.

وعلى أي حال فان ازدهار الاقتصاد العام وتطويره وتنميته جزء من برامج الفكر السياسي الذي آمنت به الشيعة.

الغاء التمايز العنصري

وأعلن الاسلام منذ فجر تأريخه إلغاء التمايز العنصري ، واعتبره ضرورة اجتماعية لا تستغني عنه الحياة ، فان التمايز ينم عن مجتمع متخلف قد فقد عناصر الفكر والوعي.

إن الاسلام - بكل فخر واعتزاز - نظر إلى المجتمع الانساني بعمق وشمول فلم يميز عنصرا على عنصر ، ولا قوما على آخرين ، يقول الرسول الأعظم (صلی اللّه عليه وآله) : « لا فضل لعربي على أعجمي ، ولا لأبيض على أسود ، كلكم لآدم ، وآدم من تراب » على هذا الأساس المتميز بالاصالة والوعي أقام الاسلام مجتمعه الذي أمد العالم بجميع مقومات الارتقاء والنهوض.

وتبنى الفكر الشيعي هذه الظاهرة ، يقول الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) : في عهده السياسي لمالك الأشتر : « الناس صنفان : أما أخ لك في الدين أو شبيه لك في الخلق » وطبق (عليه السلام) ذلك تطبيقا كاملا حينما آل إليه الأمر فساوى في عطائه وصلاته بين العرب والموالي ، ولم يميز قوما على آخرين وهذا هو السبب في اعتناق الموالي للتشيع ، وتفانيهم في الولاء والحب للامام أمير المؤمنين (عليه السلام).

ص: 121

بسط العدل

أما بسط العدل فهو من أهم ما عني به الاسلام ، فقد نشر الرسول الأعظم (صلی اللّه عليه وآله) العدل بجميع رحابه ومفاهيمه بين الناس ، وكذلك وصيه ، وباب مدينة علمه الامام أمير المؤمنين فانه حينما تقلد الحكم سعى جاهدا إلى تطبيق العدل السياسي ، والعدل الاجتماعي ، وكان القريب والبعيد عنده في ذلك سواء ، وقد رأى الناس في عهده من صنوف العدل ما لم يشاهدوه في جميع مراحل التأريخ ، وقد حفل التأريخ الاسلامي بصور رائعة من ذلك العدل الذي نشره الامام (عليه السلام) مما يعتبر عاملا أصيلا في ازدهار الوعي الاجتماعي والسياسي في العالم الاسلامي على امتداد التأريخ.

الثورة على الظلم

من المبادئ الأساسية في الفكر السياسي الشيعي مقاومة الظلم ومناجزة الظالمين فقد انطلق أعلام هذه الطائفة أيام الحكم الأموي والعباسي إلى مقارعة الظلم ومناجزة الطغيان ، وكان أول من انطلق في هذا الميدان الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) ثم تلميذه الوفي أبو ذر الغفاري صاحب رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) الذي قاوم الاستبداد الأموي والطغيان الفاجر ، ونادى بالعدالة الاجتماعية وتهيئة الفرص لجميع المواطنين.

ولما آل الأمر إلى الامام أمير المؤمنين تبنت حكومته القضايا المصيرية للأمة ، وتبنت العدل والمساواة وتحقيق الرخاء للأمة.

ص: 122

وقد خلق الامام أيام حكومته القصيرة الأمد وعيا أصيلا في نفوس شيعته يدعوهم إلى الثورة والتمرد على كل ظالم مستبد ، فقد ثار الزعيم العظيم حجر بن عدي مع الثوار من إخوانه في وجه معاوية الذئب الجاهلي الذي حول البلاد الاسلامية إلى مزرعة له ولبني أمية وسائر عملائهم وأذنابهم ، ولم تطق الحكومة المركزية في الكوفة صبرا على الهجمات التي يشنها عليها حجر فألقت القبض عليه وعلى إخوانه وسيرتهم إلى الشام فأعدموا في مرج عذراء وقد استشهدوا من أجل أداء رسالتهم الاسلامية الكبرى الهادفة إلى نشر العدل وتحقيق المساواة بين المسلمين.

ولم تمض الأيام حتى رفع علم الثورة الامام الحسين (عليه السلام) سبط الرسول الأعظم (صلی اللّه عليه وآله) فقد نقم على الظلم السائد في عصره فثار في وجه حفيد أبي سفيان العدو الأول للاسلام.

وقد استشهد الامام العظيم في سبيل الاصلاح الاجتماعي وفي سبيل توزيع خيرات الأرض على الفقراء والمعوزين والمحرومين.

وغير أبو الأحرار بثورته الخالدة وجه التأريخ العربي والاسلامي ، فقد أخرج المسلمين من حياة الذل إلى حياة العز ، وفتح لهم أبواب المجد والكفاح ، فقد انطلقت الثورات المتلاحقة من أحفاد الحسين وأحفاد أخيه الحسن ، قد رفعت شعار العدل والمساواة بين المسلمين.

يقول الوردي : « الشيعة أول من حمل الثورة الفكرية في الاسلام ضد الطغيان ، وفي نظرياتها تكمن روح الثورة ، وإن عقيدة الامامة التي آمن بها الشيعة حملتهم على انتقاد الطبقة الحاكمة ومعارضتها في جميع مراحل تأريخهم ، وجعلتهم يرون كل حكومة غاصبة ظالمة مهما كان نوعها إلا إذا تولى أمرها إمام معصوم ، لذلك كانوا في ثورة مستمرة

ص: 123

لا يهدءون ولا يفترون » (1).

إن الثورات التي فجرتها الشيعة أيام الحكم الأموي والعباسي كانت صدى لفكرتهم التي آمنوا بها وهي تحقيق العدالة الاجتماعية في الأرض والقضاء على جميع ألوان الظلم وضروب الفساد ، وإزالة الغبن الاجتماعي لقد كانت الشيعة من أعظم الفرق والمذاهب الاجتماعية انطلاقا في ميادين الجهاد دفاعا عن كلمة الحق والعدل في الأرض.

جرأة وإقدام

وملكت قادة الشيعة رصيدا هائلا من الجرأة والاقدام ، فلم يتهيبوا السلطة ، ولم يخضعوا لجور الحكم وجبروته ، وإنما اندفعوا بكل بسالة وشجاعة إلى مقاومة المنكر وشجب الباطل ... فهذا عبد اللّه بن عفيف الأزدي صاحب الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) قد ثار في وجه الطاغية ابن مرجانة حينما خطب بعد قتله لسيد شباب أهل الجنة الامام الحسين (عليه السلام) فأظهر الشماتة الآثمة بقتل الامام ، وأعلن سبه أمام تلك الوحوش الكاسرة فرد عليه الشيخ الأزدي وكان أعمى قائلا له :

« إنما الكذاب ابن الكذاب أنت وأبوك ، ومن استعملك وأبوه يا عبد بني علاج ، أتقتلون أبناء النبيين ، وتصعدون على منابر المسلمين!! أين أبناء المهاجرين والأنصار؟ لينتقموا منك ، ومن طاغيتك اللعين ابن اللعين - مشيرا إلى يزيد وأبيه معاوية - على لسان النبي الأمين ».

وترجمت هذه الكلمات المشرقة ما في عواطف الناس من الأمس المرير

ص: 124


1- وعاظ السلاطين ( ص 293 ).

والحزن العميق ، على قتل سيد الشهداء ، كما أبرزت للمجتمع واقع ابن مرجانة ، وإنه أقذر مخلوق ، وأشر إنسان وجد على هذه الأرض.

ومن بين أعلام الشيعة الذين قاموا المنكر ، وناهضوا الجور الكميت ابن زيد الأسدي ، فقد أعلن سخطه على الحكم الأموي بشعره الذي هو لسان الثورة على الأمويين ، وقد قال فيهم :

فقل لبني أمية حيث كانوا *** وإن خفت المهند والقطيعا

إلا أف لدهر كنت فيه *** هدانا طائعا لكم مطيعا

أجاع اللّه من أشبعتموه *** وأشبع من بجوركم أجيعا

ويلعن فذ أمته جهارا *** إذا ساس البرية والخليعا

بمرضي السياسة هاشمي *** يكون حيا لأمته ربيعا

وليثا في المشاهد غير نكس *** لتقويم البرية مستطيعا

يقيم أمورها ويذب عنها *** ويترك جدبها أبدا مريعا

لقد جاهر الكميت بلعن الأمويين وتمنى زوال سلطانهم دون خوف من سلطانهم ، كما تمنى أن يلي أمور المسلمين أحد الهاشميين لتتم به نعمة اللّه على الناس فيقيم أمورهم. ويذب عنهم كوارث الدهر ، ويبسط فيهم العدل حتى يترك جدب الأرض أبدا مريعا.

وهجا الكميت الطاغية هشام بن عبد الملك بقوله :

مصيب على الأعواد يوم ركوبها *** بما قال فيها مخطئ حين ينزل

كلام النبيين الهداة كلامنا *** وأفعال أهل الجاهلية نفعل

واضطهده الأمويون فسجنوه وعذبوه ونكلوا به ، ولكن ذلك لم يثنه عن تصلبه لعقيدته ومبدئه.

ومن الذين انتصروا للحق ، واستهانوا بالأمويين الفرزدق ، وذلك

ص: 125

في مدحه للامام الأعظم زين العابدين (عليه السلام) وانتقاصه لهشام بن عبد الملك الذي تجاهل مكانة الامام وزعم أنه لا يعرفه فقال له :

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته *** والبيت يعرفه والحل والحرم

هذا ابن خير عباد اللّه كلهم *** هذا التقي النقي الطاهر العلم

وليس قولك من هذا بضائره *** العرب تعرف من أنكرت والعجم

وتعرض لسخط الأمويين ونقمتهم ، فأودعوه في السجن وقال وهو في السجن يهجو هشاما :

يقلب رأسا لم يكن رأس سيد *** وعين له حولاء باد عيوبها

أجل لم يكن رأس هشام رأس سيد ، وإنما هو رأس صعلوك قد ولغ في دماء المسلمين ، وهو الذي ألجأ الشهيد العظيم زيد بن علي (عليه السلام) إلى إعلان الثورة عليه وذلك بالاستخفاف به ، مما اضطره إلى التمرد على حكومته.

وظهر في العصر العباسي شاعر من ألمع شعراء العربية وهو دعبل الخزاعي ، فقد وهب حياته لله فأعلن سخطه على الحكم العباسي الذي لا يقل في جوره وطغيانه عن الحكم الأموي ، وقد هجا الرشيد والأمين ، والمأمون ، والمعتصم ، وابراهيم بن المهدي ، وقد قال في المعتصم :

وقام إمام لم يكن ذا هداية *** فليس له عقل وليس له لب

ملوك بني العباس في الكتب سبعة *** ولم يأتنا عن ثامن لهم كتب

كذلك أهل الكهف في الكهف سبعة خيار إذا عدوا وثامنهم كلب

واني لأعلي كلبهم عنك رفعة *** لأنك ذو ذنب وليس له ذنب

وقد صور بهذه الأبيات المعتصم بأنه خال من الهداية والرشد وأنه إنسان تافه لا عقل له ولا تفكير ولا يملك قلبا وإن كلب أهل الكهف

ص: 126

خير منه لأنه لم يقترف ذنبا أما المعتصم فقد أغرق بالآثام والموبقات.

وظل دعبل منافحا عن مبادئه وهو مشرد عن وطنه يطارده الرعب والفزع ، وقد قال : « إني أحمل خشبتي على كتفي منذ أربعين سنة ، ولست أجد أحدا يصلبني عليها ».

إن تأريخ الشيعة حافل بالبطولات ، والتمرد على الظلم ، والنقمة على الجور والكفاح عن حقوق المظلومين والمضطهدين (1).

امتحان الشيعة

وامتحنت الشيعة امتحانا عسيرا وشاقا في تلك العصور فقد أمعنت السلطات الحاكمة في التنكيل بهم ، وعاملتهم بجميع ألوان القسوة والعذاب ، وقد اضطهدت اضطهادا رسميا أيام حكومة معاوية ، وقد روى الامام أبو جعفر (عليه السلام) عما جرى على الشيعة من المحن والخطوب في زمان معاوية قال (عليه السلام) « وقتلت شيعتنا بكل بلدة ، وقطعت الأيدي والأرجل على الظنة ، وكان من يذكر بحبنا والانقطاع إلينا سجن أو نهب ماله أو هدمت داره » (2).

وكانت شيعة الكوفة أشد الناس بلاء وأعظمهم محنة ويصور الشاعر الكبير عبد اللّه بن عامر المعروف بالعبلي الاضطهاد الذي عانه في حبه لأهل البيت بقوله :

شردوا بي عند امتداحي عليا *** ورأوا ذاك في داءا دويا

ص: 127


1- حياة الامام موسى بن جعفر 2 / 182.
2- حياة الامام الحسن 2 / 357.

فو ربي ما أبرح الدهر حتى *** تختلي مهجتي بحبي عليا

وبنيه لحب أحمد إني *** كنت أحببتهم بحبي النبيا

حب دين لا حب دنيا وشر *** الحب حب يكون دنياويا

صاغني اللّه في الذوابة منهم *** لا ذميما ولا سنيدا دعيا

وسئل الامام أبو جعفر (عليه السلام) فقيل له :

- كيف أصبحت؟

- أصبحت برسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) خائفا وأصبح الناس كلهم برسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) أمنين (1).

فقد استعمل عليهم معاوية بعد هلاك المغيرة زياد بن أبيه اللصيق في نسبه ، المرتد عن دينه ، وقد أشاع فيهم القتل والاعدام ، فقتلهم تحت كل حجر ومدر ، وقطع أيديهم ، وأرجلهم ، وسمل عيونهم وصلبهم على جذوع النخل (2) وكان من مظاهر ذلك الاضطهاد ما يلي :

1 - هدم دورهم.

2 - عدم قبول شهادتهم.

3 - سجنهم.

4 - قتلهم.

ونسبت أبيات من الشعر إلى بعض أئمة أهل البيت (عليهم السلام) يذكر فيها المحن الشاقة التي حلت بهم ، يقول :

نحن بنو المصطفى ذوو محن *** يجرعها في الأنام كاظمنا

عظيمة في الأنام محنتنا *** أولنا مبتلى وآخرنا

ص: 128


1- ميزان الاعتدال 4 / 160.
2- حياة الامام الحسن 2 / 356.

يفرح هذا الورى بعيدهم *** ونحن أعيادنا مآتمنا

إن الأعياد الاسلامية التي يفرح بها المسلمون كعيد الفطر والأضحى قد جعلها الأئمة مآتما لهم ، وذلك لما حل بهم من الكوارث والخطوب.

وأشار منصور النمري في بعض قصائده إلى الاضطهاد الذي عانته الشيعة لولائها لأهل البيت يقول :

آل النبي ومن بحبهم *** يتطامنون مخافة القتل

أمن النصارى واليهود وهم *** عن أمة التوحيد في عزل

وقال الطغرائي :

حب اليهود لآل موسى ظاهر *** وولاؤهم لبني أخيه بادى

وإمامهم من نسل هارون الأولى *** بهم اهتدوا ولكل قوم هاد

وكذا النصارى يكرمون محبة *** لنبيهم نجرا من الأعواد

ومتى تولى آل أحمد مسلم *** قتلوه أو وصموه بالالحاد

هذا هو الداء العضال *** لمثله ضلت عقول حواضر وبواد

لم يحفظوا حق النبي محمد *** في آله واللّه بالمرصاد

وصور شاعر آخر من شعراء الشيعة ما تعانيه الشيعة من صنوف التنكيل بقوله :

إن اليهود بحبها لنبيها *** آمنت معرة دهرها الخوان

وذوو الصليب بحب عيسى أصبحوا *** يمشون زهوا في قرى نجران

والمؤمنون بحب آل محمد *** يرمون في الآفاق بالنيران

ويقول المؤرخون : إن الفضل بن دكين كان يتشيع فجاء إليه ولده ، وهو يبكي فقال له :

- مالك؟

ص: 129

- يا أبتي إن الناس يقولون : إنك تتشيع.

فأنشأ الفضل يقول :

وما زال كتمانيك حتى كأنني *** برجع جواب السائلي لأعجم

لأسلم من قول الوشاة وتسلمي *** سلمت وهل حي على الناس يسلم

(1) لقد كان الاتهام في التشيع في العصر الأموي مما يستوجب البطش والنقمة من المسئولين ، فقد روى المؤرخون أن ابراهيم بن هرثمة دخل المدينة فأتاه رجل من العلويين فسلم عليه فقال له ابراهيم : تنح عني لا تشط بدمي (2) وقد عهدت السلطة الأموية إلى ولاتها بقتل كل مولود يسمى عليا ، ومن طريف ما ينقل أن علي بن رباح لما سمع ذلك خاف من القتل ، وجعل يقول : لا أجعل في حل من سماني عليا فاسمي علي - بضم العين - (3).

لقد كانت محنة الشيعة في العصر الأموي شاقة وعسيرة فقد واجهت أعنف المشاكل السياسية والاجتماعية ، ومنيت بالاضطهاد والحرمان من جميع حقوقها.

الالتجاء الى التقية :

ونظرا لامعان السلطات الحاكمة في قتل الشيعة وإرهاقهم فقد شرع أئمة أهل البيت التقية وهي « كتمان الحق ، وستر الاعتقاد فيه ،

ص: 130


1- تأريخ بغداد 12 / 351.
2- تأريخ بغداد 6 / 127.
3- تهذيب التهذيب 7 / 319.

ومكاتمة المخالفين ، وترك مظاهرتهم بما يعقب ضررا في الدين أو الدنيا » (1).

لقد شرع الأئمة التقية حفظا على دماء الشيعة التي استحلّها أولئك الجلادون من برابرة البشرية الذين خلقوا للجريمة والإساءة إلى الناس.

لقد اتّخذ الأئمة التقية قاعدة أساسية للسلوك السياسي والاجتماعي للشيعة ، ولو لا هذه القاعدة لما بقي للشيعة اسم ولا رسم نظرا لقسوة العذاب الذي لاقوه في تلك العهود السود التي لم تشهد الانسانية نظيرا لها في ظلمتها ومرارتها وقسوتها.

لقد شدد أئمة أهل البيت (عليهم السلام) على شيعتهم بكتمان عقيدتهم ، وإخفاء المودة لهم خوفا عليهم ، وحفظا لأرواحهم ، وقد قال الامام أبو جعفر (عليه السلام) : « التقية ديني ، ودين آبائي ، ولا إيمان لمن لا تقية له » (2).

لقد حفظت هذه الخطة الحكيمة مذهب أهل البيت (عليهم السلام) ولولاها لذهب ذكرهم وما بقى لهم اسم على وجه الأرض ، فقد جهدت الحكومة الأموية والعباسية على محو ذكرهم وإزالة آثارهم ، يقول الشيخ الطوسي ، « لم تلق فرقة ولا بلي مذهب بما بليت به الشيعة من التتبع والقصد ، وظهور كلمة أهل الخلاف ، حتى أنا لا نكاد نعرف زمانا - تقدم - سلمت فيه الشيعة من الخوف ولزوم التقية ، ولا حالا عريت فيه من قصد السلطان وعصبته وميله وانحرافه » (3).

إن التجاء الشيعة إلى التقية إنما هو دليل على مدى نضوج الفكر

ص: 131


1- شرح عقائد الصدوق ( ص 66 ) للمفيد.
2- وسائل الشيعة : كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
3- تلخيص الشافي 1 / 59.

السياسي عندهم ، فقد حفظوا عقيدتهم من خصومهم الأقوياء الذين لا حريجة لهم ، في استحلال دمائهم وأموالهم.

وبهذا العرض الموجز ينتهي بنا الحديث عن بعض برامج الفكر السياسي عند الشيعة.

وحدة الشيعة :

ويرى بعض المؤلفين أن الشيعة قد امتازت بالوحدة الشاملة في عصر الامام أبي جعفر (عليه السلام) فلم يكن هناك أي انقسام مذهبي بين صفوفهم ، وإنما حدث الاختلاف بعد وفاة الامام (1) ولكن في ذلك موضع نظر فان الكيسانية التي ذهبت إلى إمامة محمد بن الحنفية قد ظهرت في أيام الامام أبي جعفر (عليه السلام) نعم الزيدية ، والاسماعيلية ، والواقفية قد ظهرت بعد وفاته.

وبهذا ينتهي بنا الحديث عن الشيعة ، وسائر الفرق الاسلامية الأخرى ، أما استيعاب البحث عن الشيعة ، وإبراز قيمهم ، فقد أعددنا له دراسة خاصة ، عسى أن نوفق إلى نشرها في أقرب وقت إن شاء اللّه تعالى.

الحياة العلمية :

عاش العرب قبل الاسلام قبائل متعددة يتبعون مواقع الغيث ، ومنابت الكلاء ، وكانت الأكثرية الساحقة منهم تعيش بائسة فقيرة في الصحراء ، ولما انبثق

ص: 132


1- فرق الشيعة ( ص 84 ).

فجر الاسلام انقلبت حياتهم رأسا على عقب ، فقد انتقلوا من الحياة البدوية إلى الحياة المدنية ، كما تبدلت أكثر أوضاعهم الراهنة آنذاك فقد تبدلت أحاسيسهم بالحياة القبلية إلى الشعور بالأخوة الاسلامية التي لا تعرف التعصب ، ولا تخضع للعادات الجاهلية.

ولما استقر الاسلام كان من أهم ما عنى به نشر الثقافة وتعميم العلم وإشاعته بين الناس ، باعتباره الركيزة الأولى إلى التطور الفكري للمجتمع الاسلامي ، وفي أيام الحكم الأموي لم تعر الأوساط الحاكمة آنذاك أي اهتمام للناحية العلمية ، ولكن في يثرب موطن الفكر الاسلامي قد تأسست مدرستان وهما :

مدرسة التابعين

اشارة

وعنت هذه المؤسسة بعلوم الشريعة ، ولم تتجاوزها أما أعضاؤها فهم : سعيد بن المسيب ، عروة بن الزبير ، القاسم بن محمد بن أبي بكر ، أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، سليمان بن يسار ، عبيد اللّه بن عتبة بن مسعود ، خارجة بن زيد ، ونظم بعض الشعراء أسماءهم بقوله :

إذا قيل من في العلم سبعة أبحر *** روايتهم ليست عن العلم خارجة

فقل : هم عبيد اللّه عروة قاسم *** سعيد أبو بكر سليمان خارجة

وقال فيهم شاعر آخر :

ألا كل من لا يقتدي بأئمة *** فقسمته ضيزى عن العلم خارجة

ص: 133

فخذهم عبيد اللّه عروة قاسم *** سعيد سليمان أبو بكر خارجة (1)

ولا بد لنا من وقفة قصيرة لاعطاء ترجمة موجزة عن هؤلاء الأعلام ، وفيما يلي ذلك :

1 - سعيد بن المصيب :

اشارة

سعيد بن المسيب بن حزن القرشي المخزومي ، ولد لسنتين مضتا من خلافة عمر (2) ونلمح إلى بعض شئونه :

مكانته العلمية :

كان من أجل علماء عصره ، قال قتادة : ما رأيت أحدا قط أعلم بالحلال والحرام منه (3) وروى محمد بن إسحاق عن مكحول قال : طفت الأرض كلها في طلب العلم فما لقيت أعلم منه (4) ، وقال ابن المديني : لا أعلم في التابعين أوسع علما من سعيد بن المسيب (5) وروى الليث عن عن يحيى بن سعيد قال : كان ابن المسيب يسمى راوية عمر كان أحفظ الناس لأحكامه وأقضيته (6).

ووردت أقوال مماثلة تدل على سمو مكانته العلمية ، وأنه من أفاضل علماء عصره.

ص: 134


1- تأريخ أبي الفداء.
2- تهذيب التهذيب 4 / 87.
3- 3 و 4 و 5 و 6 تهذيب التهذيب 4 /3. 87.

وقد روى عن الامام زين العابدين (عليه السلام) الشيء الكثير ولازمه وأخذ عنه الكثير من مسائل الحلال والحرام.

وثاقته :

واختلف المترجمون له في وثاقته على أقوال ، فذهب بعضهم إلى وثاقته مستندا إلى بعض الأخبار الدالة على ذلك وذهب آخرون إلى تجريحه وعدم وثاقته ، ومال سيدنا الأستاذ الخوئي إلى التوقف في أمره ، وذلك لعدم تمامية سند المدح والقدح فيه (1) وروى عمرو بن ميمون عن أبيه قال : قدمت المدينة فسألت عن أعلم أهل المدينة فدفعت إلى سعيد بن المسيب (2) ومعنى ذلك أن السلطة الأموية قد دفعته إلى السؤال عنه ، وأنها هي التي تبنته.

وقال أبو إسحاق : كنت أرى الرجل في ذلك الزمان ، وأنه ليدخل يسأل عن الشيء فيدفعه الناس من مجلس إلى مجلس حتى يدفع إلى مجلس سعيد بن المسيب كراهية للفتيا (3) وكان سعيد بن المسيب ولعا بالغزل فكان ينشده في مسجد رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) (4).

ص: 135


1- معجم رجال الحديث 8 / 140.
2- تهذيب التهذيب 4 / 84.
3- اعلام الموقعين 1 / 18.
4- الاغاني 3 / 93.
وفاته :

توفى في يثرب سنة ( 94 ه ) في خلافة الوليد وهو ابن خمس وسبعين سنة وقيل توفى سنة ( 93 ه ) (1).

2 - عروة بن الزبير :

اشارة

عروة بن الزبير بن العوام المدني أحد فقهاء المدينة السبعة وكان أعلم الناس بحديث عائشة ، وقد وعى جميع أخبارها وأحاديثها (2) فهي خالته وقد حضر مع أبيه الزبير في حرب الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) وكان عمره 13 سنة فاستصغره (3) وكان عبد الملك بن مروان يشيد بذكره ومما قاله فيه : « من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى عروة بن الزبير (4).

ومن كلماته قال : إذا رأيت الرجل يعمل الحسنة فاعلم أن لها عنده أخوات ، وإذا رأيته يعمل السيئة فاعلم أن لها عنده أخوات (5).

ص: 136


1- تهذيب التهذيب 4 / 86.
2- تهذيب التهذيب 7 / 182.
3- تهذيب التهذيب 7 / 182.
4- شذرات الذهب 1 / 104.
5- تهذيب التهذيب 7 / 183.
وفاته :

توفى سنة ( 91 ه ) أو ( 92 ه ) (1).

3 - عبيد اللّه بن عبد اللّه :

ابن عتبة بن مسعود الهذلي أبو عبد اللّه المدني ، قال العجلي : كان أعمى ، وكان أحد فقهاء المدينة تابعي ثقة ، رجل صالح ، جامع للعلم ، وهو معلم عمر بن عبد العزيز (2) تغزل في امرأة من هذيل قدمت مكة ومن غزله فيها :

أحبك حبا لو علمت ببعضه *** لجدت ولم يصعب عليك شديد

وحبك يا أم الصبي مدلهي *** شهيدي أبو بكر فذاك شهيد

ويعلم وجدي القاسم بن محمد *** وعروة ما القى بكم وسعيد

ويعلم ما أضعن سليمان علمه *** وخارجة يبدي لنا ويعيد

متى تسألي عما أقول فتخبري *** فللحب عندي طارق وتليد

فبلغت أبياته سعيد بن المسيب فقال : واللّه لقد أمن أن تسألنا ، وعلم أنها لو أستشهدت بنا لم نشهد لها بالباطل (3) توفى سنة ( 99 ه ) (4).

ص: 137


1- تهذيب التهذيب 7 / 184.
2- تهذيب التهذيب 7 / 23.
3- الاغاني 8 / 16.
4- تهذيب التهذيب 7 / 24.

4 - عبد الرحمن :

ابن الحارث المخزومي أبو الحارث المدني روى عن جماعة منهم زيد ابن علي بن الحسين ، والحسن البصري ، وحكيم بن حكيم وغيرهم ، قال النسائي : ليس بالقوي ، ولكن ابن سعد قال : إنه ثقة ، وقال أحمد : متروك ، وضعفه علي بن المديني ، توفى في أول خلافة أبي جعفر المنصور (1).

5 - سليمان :

ابن يسار الهلالي أبو أيوب المدني ، يقال كان مكاتبا لأم سلمة ، روى عنها وعن عائشة ، وكان من علماء الناس بعد ابن المسيب ، توفى سنة ( 107 ه ) وهو ابن ( 73 سنة ) وقيل غير ذلك (2).

6 - خارجة :

ابن زيد بن ثابت الأنصاري النجاري أبو زيد المدني روى عن جماعة ، كما روى عنه قوم ، قال ابن سعد : كان ثقة كثير الحديث (3) ولم يذكره الذهبي في حفاظ الحديث.

7 - القاسم :

ابن محمد بن أبي بكر أبو محمد ، روى عن أبيه وعمته عائشة وعن

ص: 138


1- تهذيب التهذيب 6 / 155.
2- تهذيب التهذيب 4 / 229.
3- تهذيب التهذيب 8 / 334.

العبادلة وروى عنه قوم آخرون ، قال البخاري : قتل أبوه وبقي يتيما في حجر عائشة وفي رواية البخاري : أنه كان أفضل أهل زمانه ، وقال أبو الزناد : ما رأيت أحدا أعلم بالسنة منه ، ولا أحد ذهنا (1) وقد تزوج الامام الباقر (عليه السلام) بابنته أم فروة فأولدها الامام العظيم أبو عبد اللّه الصادق (عليه السلام) وقد عده الشيخ تارة في أصحاب السجاد (عليه السلام) وأخرى في أصحاب الباقر (عليه السلام).

توفى سنة ( 102 ه ) وكانت وفاته بعد وفاة عمر بن عبد العزيز (2) وبهذا ينتهي بنا الحديث عن الفقهاء السبعة الذين شكلوا مدرسة عرفت بمدرسة التابعين.

مدرسة أهل البيت :

وهي أول مدرسة فكرية أنشأت في الاسلام ، وقد عملت على تقدم المسلمين وتطوير حياتهم ، ولم تقتصر العلوم التي تلقى فيها على ما يخص التشريع الاسلامي ، وإنما تناولت جميع العلوم والمعارف من الفلسفة والحكمة والطب والكيمياء وعلم الكلام والسياسة والادارة والاقتصاد ، وغيرها.

وقد قامت هذه المؤسسة بدور مهم في تدوين العلوم ، وتأسيسها بعد أن منع الخليفة الأول والثاني تدوين الحديث ذاهبين إلى أن ذلك قد يؤثر على كتاب اللّه وهو اعتذار مهلهل لا واقع له.

ويذكر السيد حسن الصدر أن الشيعة هم أول من عنوا بالفقه

ص: 139


1- معجم رجال الحديث 14 / 48.
2- تهذيب التهذيب 8 / 335.

وتدوين بعض مسائله ، وقد ذكر منهم علي بن أبي رافع وهو من أعلام الشيعة وخيارهم في عصر الامام أمير المؤمنين كما كان كاتبا له ، وقد ألف كتابا في فنون الفقه : الوضوء والصلاة وسائر الأبواب.

كما كان من المؤلفين سليم بن قيس الهلالي الكوفي الذي هو من أصحاب الامام وعاش إلى زمن الحجاج في الدولة الأموية ، وقد أراد قتله الجلاد الحجاج فلجأ سليم إلى أبان بن عياش فآواه ، وحينما حضرته الوفاة أعطاه كتابه المشهور باسمه ، وهو أول كتاب ظهر للشيعة رواه أبان بن أبي عياش (1).

وعلى أي حال فان مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) قد عنت بجميع العلوم ولم تقتصر على علم خاص ، وقد كان المؤسس لها الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) ثم من بعده الأئمة الطاهرون من ولده ، وفي عهد الامام الباقر (عليه السلام) قام برعايتها ، وقد التفّ حوله العلماء ينتهلون من نمير علومه وقد روى عنه الثقات مجموعة كبيرة من العلوم لا تختص بعلم واحد من العلوم وسنشير إلى ذلك عند عرض أصحابه ورواة حديثه.

أما البحث عن هذه المؤسسة فقد ذكرناه بالتفصيل في كتابنا حياة الامام موسى بن جعفر (عليهماالسلام) كما نشر في أعيان الشيعة ومجلة الأضواء

الحياة الثقافية العامة

أما الحياة الثقافية العامة في عصر الامام فقد كانت ضحلة للغاية ، فلم تعد هناك مقاييس للأخلاق والمثل التي جاء بها الاسلام ، وإنما عاد الناس إلى

ص: 140


1- تأسيس الشيعة لعلوم الاسلام.

جاهليتهم الأولى ، فقد أخذ بعضهم يفخر على بعض بالآباء ، والأنساب ، وقد لوحظت هذه الظاهرة في شعر ذلك العصر الذي يمثل انطباعات ذلك المجتمع فقد تسابق الشعراء إلى الافتخار بالأنساب ، وغدا للهجاء سوق كبير ، ويلحظ ذلك بصورة ظاهرة في شعر الفرزدق وجرير ، فأنك تجد أكثر ما أثر عنهما من الشعر قد كان في هذا الموضوع ، وقد انتهز هذه الفرصة شاعر العلويين الكميت فأشاد بمناقب قومه من مضر وفضلهم على القحطانيين فأثار بذلك الفتنة بين القبائل مما يعتبر عاملا أصيلا في الإطاحة بالحكم الأموي ، وكان مما قاله في مدح قومه وهجاء القحطانيين :

لنا قمر السماء وكل نجم *** تشير إليه أيدي المهتدينا

وجدت اللّه إذ سمى نزارا *** وأسكنهم بمكة قاطنينا

لنا جعل المكارم خالصات *** وللناس القفا ولنا الجبينا

وما خربت هجائن من نزار *** فوالح من فحول الاعجمينا (1)

وما حملوا الحمير على عتاق *** مطهمة فيلفوا مبغلينا (2)

وما ولدت بنات بني نزار *** حلائل أسودين وأحمرينا

بنى الأعمام أنكحنا الايامى *** وبالآباء سمينا البنينا (3)

لقد فخر بهذه الأبيات على اليمينة فعيرهم بأنهم يزوجون بناتهم للحبش والفرس فتولد بناتهم السود والحمر ، فكان هذا النسل يشبه تلقيح الحمير للخيل العتاق التي تنتج البغال.

ص: 141


1- الهجائن : الحرات الكريمات ، الفوالخ : جمع فالخ ، ويراد به الزوج.
2- عتاق مطهمة : يراد بها النساء العربيات الشريفات.
3- مروج الذهب 2 / 196.

وقد أثار هذا الشعر حفائظ القحطانيين ، وأجج نار الفتنة بينهم وبين المضريين وقد انبرى للدفاع عنهم دعبل الخزاعي ، وأكاد أعتقد أنه على اتّفاق مع الكميت في ذلك لتأجيج نار الفتنة بين القبائل واضعافها وقد كانت القصيدة التي رد بها على الكميت قد بلغت ستمائة بيت (1) ومما جاء فيها :

أفيقي من ملامك يا ظغينا *** كفاك اللوم مر الأربعينا

ألم تحزنك أحداث الليالي *** يشبن الذوائب والقرونا

أحي الغر من سروات قومي *** لقد حييت عنا يا مدينا

فإن يك آل إسرائيل منكم *** وكنتم بالاعاجم فاخرينا

فلا تنسى الخنازير اللواتي *** مسخن مع القرود الخاسئينا

بأيلة والخليج لهم رسوم *** وآثار قدمن وما محينا

وما طلب الكميت طلاب وتر *** ولكنا لنصرتنا هجينا

لقد علمت نزار أن قومي *** إلى نصر النبوة فاخرينا

وتتابع فخر النزارية على اليمينة ، وفخر اليمنية على النزارية حتى تخربت البلاد وثارت العصبية في البدو والحضر (2).

وعلى أي حال فإن الطابع العام للأدب في ذلك العصر كان هو التفاخر والتنابز ولم يكن يمثل وعيا ولا جدا في الفكر ، ولا فيه دعوة إلى الخير وإنما فيه دعوة إلى ما يضر الناس.

ص: 142


1- مروج الذهب 2 / 197.
2- مروج الذهب 2 / 197.

الحياة السياسية :

أما الحياة السياسية في ذلك العصر فقد كانت بشعة للغاية ، فقد عمت الناس الفتن والاضطرابات وسادت الأحداث الرهيبة التي كان من أبرزها فقدان الأمن وانتشار الخوف ، وكان الناس يعيشون على أعصابهم من جراء الثورات الدامية التي ذهب ضحيتها آلاف من الناس ، وقد كانت من النتائج الحتمية لسوء السياسة الأموية التي لم تضع نصب أعينها مصلحة شعوبها ، وإنما استهدفت تحقيق أهدافها ومآربها ... ونلمح إلى بعض مظاهر الحياة السياسية في ذلك العصر.

الأحزاب السياسية

اشارة

وتشكلت في ذلك العصر عدة أحزاب ، قد سار معظمها في المنعطفات ، واستخدمت جميع الطرق الدبلوماسية للوصول إلى الحكم من دون أن تعني بمصلحة الأمة ، وقد كان الصراع فيما بينها كأشد ما يكون الصراع الحزبي عنفا وقسوة ، وهذه بعض الأحزاب.

1 - الحزب الأموي :

وهو الحزب الحاكم في ذلك الوقت ، وقد توصل إلى الحكم بشتى ألوان الخداع والتضليل ، فقد اتّخذ الأمويون دم عثمان الذي سفكته القوى

ص: 143

الشعبية شعارا لنيل أهدافهم وقد أقاموا الدنيا وأقعدوها على دم عميدهم في حين أنهم هم الذين خذلوه ، وما نصروه حينما أحاط به الثوار مطالبين بتحقيق العدالة الاجتماعية ، وقد بقي أياما محاصرا وهو بمرأى من الأمويين ومسمع فلم يهبوا لنجدته حتى أجهز عليه الثوار ، وقد طبل الأمويون بدم عثمان للاستيلاء على السلطة والظفر بخيرات البلاد ، وحينما جاءهم الملك اعتمدوا في سياستهم على جميع الوسائل التي لا يقرها الدين وكان من بينها.

أ - إنهم خدعوا أهل الشام فأوهموا عليهم أنهم أقرب الناس إلى رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) وألصقهم به ، وقد اعتقد الشاميون بذلك ، ولم يستبن لهم الحال إلا بعد انقلاب الحكم الأموي ومجيء الحكم العباسي ، وقد نظم بعض الشعراء ذلك بقوله :

أيها الناس اسمعوا أخبركم *** عجبا زاد على كل العجب

عجبا من عبد شمس أنهم *** فتحوا للناس أبواب الكذب

ورثوا أحمد فيما زعموا *** دون عباس بن عبد المطلب

كذبوا واللّه ما نعلمه *** يحرز الميراث إلا من قرب(1)

ب - إنهم استخدموا لجان الوضع في افتعال الأخبار على لسان الرسول الأعظم (صلی اللّه عليه وآله) من أن بني أمية هم سادة الخلق ، وأقرب الناس منزلة عند اللّه ، وقد بذل الأمويون الأموال الطائلة للوضاع تدعيما لملكهم وسلطانهم.

ج - إنهم استخدموا الشعراء في مدحهم والثناء عليهم ، وقد أجزلوا لهم العطاء ، ووهبوهم الثراء العريض لأن الشعر في ذلك العصر كان

ص: 144


1- مروج الذهب 2 / 73.

من أقوى وسائل الاعلام ، ويقول المؤرخون إن مروان بن محمد وهب شاعره أبا العباس الأعمى من الأموال ما أغنته أن يسأل أحدا من بعده وهو الذي مدحه بهذا الشعر الجزل :

ليت شعري أفاح رائحة المس *** ك وما أخال بالخيف أنسي

حين غابت بنو أمية عنه *** والبهاليل من بني عبد شمس

خطباء على المنابر فرسا *** ن عليها وقالة غير خرس

لا يعابون صامتين وإن قا *** لوا أصابوا ولم يقولوا بلبس

بحلوم إذا الحلوم تقضت *** ووجوه مثل الدنانير ملس(1)

وممن استخدمه الأمويون بالمال أعشى ربيعة الشيباني ، فقد مدح عبد الملك بن مروان فقال :

وما أنا في أمري ولا في خصومتي *** بمهتضم حقي ولا قارع سني

وفضلني في الشعر واللب أنني *** أقول على علم وأعرف ما أعني

فأصبحت إذ فضلت مروان وابنه *** على الناس قد فضلت خير أب وابن

فأحسن عبد الملك جائزته وقد اشترى منه ضميره فراح يكيل المدح والثناء لبني مروان بلا حساب (2).

وممن أخلص لبني مروان عدي بن الرقاع لأنهم وهبوا له الثراء العريض فقد مدح الوليد بن عبد الملك وقال فيه :

هو الذي جمع الرحمن أمته *** على يديه وكانوا قبله شيعا

إن الوليد أمير المؤمنين له *** ملك عليه أعان اللّه فارتفعا

هو القائل فيه :

ص: 145


1- الأغاني 15 / 59 - 63.
2- الأغاني 11 / 271.

ولقد أراد اللّه إذ ولاكها *** من أمة إصلاحها ورشادها

أعمرت أرض المسلمين فأقبلت *** وكففت عنها من يروم فسادها

وأصبحت في أرض العدو مصيبة *** عمت أقاصي غورها ونجادها

ظفرا ونصرا ما تناول مثله *** أحد من الخلفاء كان أرادها(1)

وقد استخدم يزيد بن معاوية الأحوص فمنحه الأموال الطائلة فراح يقول فيه :

ملك تدين له الملوك مبارك *** كادت لهيبته الجبال تزول

تجي له بلخ ودجلة كلها *** وله الفرات وما سعى والنيل

إن هيبة يزيد التي تزول منها الجبال جاءته من إدمانه على الخمر ومز أملته للقرود والفهود ، وقتله لعترة رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) وإباحته لمدينة الرسول (صلی اللّه عليه وآله).

وعلى أي حال فان الأمويين قد استخدموا الشعراء لدعم سياستهم وفرض حكمهم على الناس.

هذه بعض الوسائل التي استخدمها الحزب الأموي لاقامة سلطانهم.

2 - الحزب الزبيري

ويرى هذا الحزب أن أسرة الزبير وعلى رأسها عبد اللّه بن الزبير هي أولى بالحكم ، وذلك لقربهم من النبي (صلی اللّه عليه وآله) لأن الزبير أمه صفية عمة النبي (صلی اللّه عليه وآله) كما أنه أحد المرشحين الستة للخلافة حسب برنامج الشورى الذي وضعه عمر بن الخطاب ، وأهم دعاة هذا الحزب وأنصاره الشاعر

ص: 146


1- الاغاني 15 / 59 - 63.

الكبير ابن قيس الرقيات ، وهو الذي قال في مصعب بن الزبير :

إنما مصعب شهاب من اللّه تجلت عن وجه الظلماء

ملكه ملك قوة ليس فيه *** جبروت منه ولا كبرياء

يتقي اللّه في الأمور وقد أف *** لح من كان همه الاتقاء(1)

ودعا ابن قيس إلى الثورة العارمة على بني أمية قال :

كيف نومي على الفراش ولما *** تشمل الشام غارة شعواء

تذهل الشيخ عن بنيه وتبدي *** عن براها العقلية العذراء

أنا عنكم بني أمية مزور *** وأنتم في نفسي الأعداء

إن قتلى بالطف قد أوجعتني *** كان منكم - لئن قتلتم - شفاء(2)

ومن شعرائهم المناضلين عنهم النابغة الجعدي فقد قال في ابن الزبير :

حكيت لنا الصديق لما وليتنا *** وعثمان والفاروق فارتاح معدم

وسويت بين الناس في العدل فاستووا *** فعاد صباحا حالك اللون مظلم

أتاك أبو ليلى يشق به الدجى *** دجى الليل جوّاب الفلا عثمثم(3)

لترفع منه جانبا ذعذعت به *** صروف الليالي والزمان المصمم (4)

لقد أشاد النابغة بعبد اللّه بن الزبير وفخر بعدالته في الحكم وشبهه بأبي بكر وعمر وعثمان ، فهو جدير بالخلافة حسب ما يرى الجعدي وغيره من الدعاة ، ولكن هذا الحزب لم يدم طويلا فانه حينما قضى الحجاج على ابن الزبير تلاشى وذهب أدراج الرياح.

ص: 147


1- ديوان ابن قيس الرقيات ( ص 176 ).
2- الاغاني 5 / 78.
3- عثمثم : الجمل الشديد.
4- ذعذعت : اذهبت ماله ، وفرقت حاله ، المصمم : المؤذي القاطع.

3 - الخوارج

وهم الذين يؤمنون بضرورة الثورة على كل حكم قائم في البلاد الاسلامية إذا لم يحمل مبادئهم وأفكارهم ، وقد أشرنا في البحوث السابقة إلى بعض مبادئهم.

أما دعاتهم فكثيرون منهم الطرماح ، فقد أثنى عليهم ومجدهم كثيرا ومما قاله فيهم :

لله در الشراة إنهم *** إذا الكرى مال بالطلا أرقوا

يرجعون الحسنين آونة *** وإن علا ساعة بهم شهقوا

خوفا تبيت القلوب واجفة *** تكاد عنها الصدور تنفلق

كيف أرجي الحياة بعدهم *** وقد قضى مؤنسي فانطلقوا

قوم شحاح على اعتقادهم *** بالفوز مما يخاف قد وثقوا(1)

ولهم شعراء أخر مجدوا مبادئهم ، ودعوا قومهم إلى الثورة على الحكومات القائمة آنذاك.

4 - الشيعة

وانظم إلى هذا الحزب كبار الصحابة وأعلام الاسلام أمثال سلمان الفارسي ، وعمار بن ياسر ، وأبي ذر ، وذي الشهادتين وغيرهم من الذين ساهموا في بناء الاسلام ، وإقامة صروحه ، وقد آمن هذا الحزب

ص: 148


1- ديوان الطرماح ( ص 157 ).

إيمانا لا يخامره شك في أن أهل البيت أحق بالخلافة ، وأولى بها من غيرهم لأنهم الثقل الأكبر وسفن النجاة وأمن العباد حسبما يقول الرسول (صلی اللّه عليه وآله) بالاضافة إلى مواهبهم وعبقرياتهم التي لا تحد ، وكان لسانهم والناطق باسمهم في عصر الامام (عليه السلام) الكميت الأسدي فقد نافح عنهم ودافع واحتج وكان احتجاجه يعتمد على القرآن الكريم يقول :

وجدنا لكم في آل حميم آية *** تأولها منا تقي ومعرب

وفي غيرها آيا وآيا تتابعت *** لكم نصب فيها لذي الشك منصب

ويشير بذلك إلى الآيات التي وردت في حق أهل البيت (عليهم السلام) ولكن القوم تأولوها وصرفوها عنهم.

لقد احتج الكميت للشيعة في هاشمياته التي تعتبر الوثيقة الرائعة لاحتجاجهم على ما يذهبون إليه ، وهي من أروع الثروات الفكرية في الاسلام ... وهنا ظاهرة في الشعر السياسي الشيعي وهو أن أصحابه قد مدحوا أهل البيت (عليهم السلام) لا طمعا بالمال وإنما هو الاخلاص للحق.

وبهذا ينتهي الحديث عن الأحزاب السياسية في عصر الامام أبي جعفر (عليه السلام) وكان بينها صراع فكري كأعنف وأشد ما يكون الصراع ، وقد ذكرت مصادر التاريخ والأدب ألوانا كثيرة منه.

الفتن والاضطرابات :

ومنيت البلاد الاسلامية بالفتن والاضطرابات كانت نتيجة لسوء السياسة الأموية ، التي نشرت الفزع والارهاب ، وأذاعت الخوف في جميع أنحاء البلاد ، وقد وصف الشاعر الشهير الحارث بن عبد اللّه ما مني

ص: 149

به المسلمون من الأحداث بقوله :

أبيت أرعى النجوم مرتفقا (1) *** إذا استقلت تجري أوائلها

من فتنة أصبحت مجللة (2) *** قد عم أهل الصلاة شاملها

من بخراسان والعراق ومن *** بالشام كان شجاه (3) شاغلها

فالناس منها في لون مظلمة *** دهماء مثلجة غياطلها

يمسي السفيه الذي يعنف بالجه *** ل سواء فيه وعاقلها

والناس في كربة يكاد لها *** تنبذ أولادها حواملها

يغدون منها في كل مبهمة *** عمياء تمني لها غوائلها

لا ينظر الناس في عواقبها *** إلا التي لا يبين قائلها

كرغوة البكر أو كصيحة ح *** بلى طوقت حولها قوابلها

فجاء فينا أزرى بوجهته *** فيها خطوب حمر زلازلها(4)

وقد جاء هذا الوصف رائعا ودقيقا للحياة العامة التي يعيشها الناس فقد عمتهم الفتن وسادهم الاضطراب ، وأصبحت الأوضاع المؤلمة الحديث الشاغل للناس ، ووصف حالة المجتمع شاعر آخر هو العباس بن الوليد بقوله الذي يخاطب به بني أمية :

إني أعيذكم باللّه من فتن *** مثل الجبال تسامى ثم تندفع

إن البرية قد ملت سياستكم *** فاستمسكوا بعمود الدين وارتدعوا

لا تلمحن ذئاب الناس أنفسكم *** إن الذئاب إذا ما ألحمت رتعوا

ص: 150


1- المرتفق : الواقف الثابت.
2- مجللة : أي شاملة.
3- الشجا الحزن.
4- حياة الامام موسى بن جعفر 1 / 319 - 320.

لا تبقرن بأيديكم بطونكم *** فثم لا حسرة تغني ولا جزع(1)

لقد كانت الفتن التي انصبت على المجتمع كالجبال - كما يقول ابن الوليد - ومن الطبيعي أنها كانت من جراء السياسة الأموية التي بنيت على الجور والظلم والتنكيل بالمواطنين ، مما أدى إلى انفجار شعبي أطاح بالحكم الأموي ، وقضى على معالم زهوه واستبداده.

حياة اللّهو والترف.

وانغمس ملوك الأمويين باللّهو والترف ، وتهالكوا على اللذة والمجون وأنفقوا خزينة الدولة على شهواتهم وملاذهم ، كما أن ذوي الثراء شايعوا الأمويين في التفنن بأنواع اللذة والمجون ، وانهم لم يتركوا لونا من ألوان الترف إلا استعملوه ، وقد شذوا بذلك عما كان سائدا في حياة المسلمين أيام عصر الرسول (صلی اللّه عليه وآله) فقد كانت الحياة العامة تسودها التقشف والزهد في مباهج الحياة ، وقد سئلت عائشة عن ثوبها أيام الرسول (صلی اللّه عليه وآله) فقالت : أما واللّه ما كان خزا ولا قزا ، ولا ديباجا ، ولا قطنا ولا كتانا ... إنما كان سداء من شعر ، ولحمته من أوبار الأبل (2).

وتغيرت هذه الحياة تغيرا تاما في العصر الأموي ، فكان شباب بني مروان يرفلون في الوشي كأنهم الدنانير الهرقلية (3) وكان مروان بن أبان بن عثمان يلبس سبعة أقمص كأنها درج بعضها أقصر من بعض ،

ص: 151


1- تأريخ ابن الأثير 5 / 105.
2- العقد الفريد 1 / 394.
3- الأغاني 1 / 310 طبع دار الكتب.

وفوقها رداء عدني بألفي درهم (1) وكان عمر بن عبد العزيز أيام ولايته على المدينة يلبس الثوب بأربعمائة فيقول : ما أخشنه وأغلظه (2) ويروي هارون بن صالح عن أبيه أنه قال : « كنا نعطي الغسال الدراهم الكثيرة حتى يغسل ثيابنا في أثر ثياب عمر بن عبد العزيز من كثرة الطيب الذي فيها (3).

وتغيرت ثياب النساء في يثرب فكن يلبسن الديباج والحرير (4) وغيرها كما أن الرجال أخذوا يلبسون المضرجات (5) والممصرات والملونات (6).

المغالات في المهور :

ومن مظاهر الترف في ذلك العصر المغالات في المهور فقد تزوجت السيدة عائشة بنت طلحة بعد وفاة زوجها عبد اللّه بن عبد الرحمن بن أبي بكر بمصعب بن الزبير فأمهرها بألف ألف درهم (7) ويقول المؤرخون عن ترفها أنها إذا حجت ذهبت ومعها ستون بغلة عليها الهوادج والرحائل

ص: 152


1- الأغاني 17 / 89.
2- طبقات ابن سعد 5 / 246.
3- الاغاني طبع دار الكتب 9 / 262.
4- طبقات ابن سعد 8 / 352.
5- المضرجة : هي الثياب المصبوغة بالحمرة الغير المشبعة بها وفوق الموردة
6- الاغاني طبع دار الكتب 6 / 13.
7- الاغاني 10 / 60.

فتعرض لها عروة بن الزبير فقال :

عائش يا ذات البغال الستين *** أكل عام هكذا تحجين(1)

وعلى أي حال فان المغالات في المهر كانت أثرا من آثار الترف في ذلك العصر ، ولكنه خاص عند الأمويين ومن سار في ركابهم.

ترف النساء :

وكان من الطبيعي بعد حصول الثراء العريض عند الفئة الحاكمة ومن والاها أن يسود الترف عند النساء فقد روى المؤرخون أن عاتكة بنت يزيد بن معاوية استأذنت عبد الملك في الحج فقال لها : ارفعي حوائجك واستظهري ، فان عائشة بنت طلحة تحج ففعلت فجاءت بهيئة جهدت فيها ، فلما كانت بين مكة والمدينة إذا موكب قد جاء فضغطها ، وفرق جماعتها ، فقالت : أرى هذه عائشة بنت طلحة ، فسألت عنها ، فقالوا : هذه خازنتها ، ثم جاء موكب آخر أعظم من ذلك فقالوا : عائشة فضغطتهم ، فسألت عنه فقالوا : هذه ماشطتها ثم جاءت مواكب على هذه الهيئة إلى سننها ، ثم أقبلت كوكبة فيها ثلاثمائة راحلة عليها القباب والهوادج ، فقالت عاتكة ما عند اللّه خير وأبقى (2).

وينقل الرواة والمؤرخون صورا كثيرة من ترف النساء في ذلك العصر كان منها أن مصعب أهدى إلى عائشة ثماني حبات من اللؤلؤ قيمتها عشرون ألف دينار ، فلما دخل عليها ليقدم هديته إليها وجدها نائمة

ص: 153


1- الاغاني 10 / 60.
2- الاغاني 10 / 60.

فأيقضها فلما رأت الهذية لم تعن بها ، وقالت : كان النوم أحب إلي (1).

الغناء :

وشاع استعمال الغناء في العصر الأموي ، وكانت يثرب قد عنت بالغناء ، وكان ذلك أمرا مقصودا من قبل الحكم الأموي وذلك لاسقاط مكانة يثرب في نفوس المسلمين.

ويقول أبو الفرج : إن الغناء في المدينة لا ينكره عالمهم ، ولا يدفعه عابدهم (2) وكان فقيه المدينة مالك بن أنس له معرفة تامة بالغناء فقد روى حسين بن دحمان الأشقر قال : كنت بالمدينة فخلا لي الطريق وسط النهار فجعلت أغني :

ما بال أهلك يا رباب *** خزرا كأنهم غضاب

قال : فاذا خوخة قد فتحت ، وإذا وجه قد بدا تتبعه لحية حمراء فقال : يا فاسق أسأت التأدية ، ومنعت القائلة ، وأذعت الفاحشة ، ثم اندفع يغني فظننت أن طويا قد نشر بعينه فقلت له : أصلحك اللّه من أين لك هذا الغناء؟ فقال : نشأت وأنا غلام حدث أتبع المغنين وآخذ عنهم ، فقالت لي أمي : يا بني إن المغني إذا كان قبيح الوجه لم يلتفت إلى غنائه ، فدع الغناء واطلب الفقه فانه لا يضر معه قبح الوجه ، فتركت المغنين ، واتبعت الفقهاء ، فقلت له : فأعد جعلت فداك ، فقال لا ، ولا كرامة ، أتريد أن تقول : أخذته عن مالك بن أنس ، وإذا

ص: 154


1- الأغاني 10 / 57.
2- الأغاني 3 / 276.

هو مالك بن أنس ، ولم أعلم (1) ومن طريف ما ينقل أن دحمان المغني شهد عند القاضي لرجل من أهل المدينة على عراقي فأجازه القاضي فقال له العراقي : إنه دحمان فقال القاضي : أعرفه ، ولو لم أعرفه لسألت عنه ، قال العراقي : إنه يغني ويعلم الجواري الغناء! قال القاضي : غفر اللّه لنا ولك ، وأينا لا يغني (2).

وهكذا انتشر الغناء في يثرب التي هي عاصمة الاسلام ، ومما لا شك فيه أن ذلك كان بوحي من الحكومة الأموية وتشجيع منها لاسقاط هيبة المدينة التي هي عاصمة الرسول (صلی اللّه عليه وآله).

وقد شجعت الحكومة الأموية الغناء ووهبت الأموال للمغنين وقد روى المؤرخون أنه وفد على يزيد بن عبد الملك معبد ، ومالك بن أبي السمح وابن عائشة ، فأمر لكل واحد منهم بألف دينار (3) وتوسع الوليد بن يزيد في جوائز المغنين فأعطى معبدا أثني عشر ألف دينار كما استقدم جميع مغني الحجاز وأجازهم جوائز كثيرة (4) وقد راجت هذه الحرفة وأقبل الناس عليها حينما رءوا ملوك بنى أمية قد قربوا المغنين ، ووهبوهم الثراء العريض ومن طريف ما ينقل ما رواه المؤرخون أن الوليد بن يزيد لما ولي الخلافة استدعى عطرد من المدينة ، وكان جميل الوجه ، حسن الغناء طيب الصوت فغناه ، فشق الوليد حلة وشي كانت عليه ، ورمى بنفسه في بركة خمر ، فما زال بها حتى أخرج كالميت سكرا فلما أفاق قال

ص: 155


1- الاغاني 4 / 222.
2- الاغاني 6 / 21.
3- الاغاني 5 / 109.
4- الاغاني 5 / 161.

له : كأني بك الآن قد أتيت المدينة فقمت في مجالسها ومحافلها وقلت : دعاني أمير المؤمنين فدخلت عليه فاقترح علي فغنيته ، وأطربته فشق ثيابه وفعل ، واللّه لئن تحركت شفتاك بشيء مما جرى فبلغني لأضربن عنقك ، ثم أعطاه ألف دينار فأخذها وانصرف إلى المدينة (1) وكثير من أمثال هذه الصور قد رواها المؤرخون وهي تدلل على خلاعة بني أمية واستهتارهم وإنهم قد انحرفوا عما ألزم به الاسلام من ترك حياة اللّهو والعبث والمجون.

وضع الحديث :

وكان من أعظم ما عاناه المسلمون من المشاكل والخطوب هي الأحاديث المفتعلة التي وضعها من لا حريجة له في الدين ، لتشويه الواقع المشرق للاسلام ، وصرف المسلمين عن أحكام دينهم ، وتعاليم نبيهم ، وكان أول من تجرأ على اللّه ورسوله ، وفتح باب الوضع والافتعال هو معاوية ابن أبي سفيان ، فقد عمد إلى ذلك لتركيز أهدافه السياسية فشكل لجانا لوضع الحديث على لسان الرسول الأعظم (صلی اللّه عليه وآله) وقد ذاعت تلك الأحاديث بين الناس وحفظها الرواة وهم لا يعلمون زيفها وعدم صحتها ، ولو علموا ذلك لنبذوها وطرحوها وقد أشار المدائني إلى ذلك بقوله :

« وظهر حديث كثير موضوع ، وبهتان منتشر ، ومضى على ذلك الفقهاء والقضاة والولاة وكان أعظم الناس بلية في ذلك القراء المراءون والمستضعفون الذين يظهرون الخشوع والنسك فيفتعلون الأحاديث ليحظوا بذلك عند ولاتهم ، ويقربوا مجلسهم ، ويصيبوا الأموال والضياع والمنازل

ص: 156


1- الاغاني 3 / 307.

حتى انتقلت تلك الأخبار والأحاديث إلى أيدي الديانين الذين لا يستحلون الكذب والبهتان فقبلوها ورووها وهم يظنون أنها حق ، ولو علموا أنها باطلة لما رووها ولا تدينوا بها » (1).

وكانت من أهم الدوافع لمعاوية وبني أمية في ذلك هو الحط من شأن العترة الطاهرة التي فرض اللّه مودتها في كتابه ، وقد عهدوا إلى لجان الوضع أن تضع الأحاديث في فضل الصحابة لارغام الهاشميين يقول المحدث ابن عرفة المعروف بنفطويه :

« إن أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت أيام بني أمية تقربا إليهم بما يظنون أنهم يرغمون به أنوف بني هاشم » (2).

كما عهد معاوية إلى لجان الوضع أن تضع الأحاديث في ذم علي (عليه السلام) وتشويه سيرته قال ابن أبي الحديد :

« وذكر شيخنا أبو جعفر الاسكافي أن معاوية وضع قوما من الصحابة ، وقوما من التابعين على رواية أخبار قبيحة في علي تبتغي الطعن فيه ، والبراءة منه ، وجعل لهم على ذلك جعلا يرغب في مثله ، فاختلقوا ما أرضاه ، منهم أبو هريرة ، وعمرو بن العاص ، والمغيرة بن شعبة ، ومن التابعين عروة بن الزبير » (3).

قال الامام أبو جعفر (عليه السلام) في عرض حديث له عن الأخبار الموضوعة : ويروون عن علي (عليه السلام) أشياء قبيحة ، وعن الحسن والحسين ما يعلم اللّه أنهم

ص: 157


1- النهج 3 / 16.
2- الفصائح الكافية ( ص 74 ).
3- شرح ابن أبي الحديد 4 / 63 ، ط دار احياء الكتب العربية.

قد رووا في ذلك الباطل ، والزور » (1).

وقد انتشر الكذب والافتعال بصورة مؤسفة ، يقول المحدث عاصم بن نبيل : ما رأيت الصالح يكذب في شيء أكثر من الحديث ، ويقول وكيع : إن زياد بن عبد اللّه مع شرفه في الحديث كان كذوبا ، ويقول يزيد بن هارون : إن أهل الحديث بالكوفة كانوا مدلسين حتى السفيانيين (2) وكان من مظاهر ذلك الوضع ما رواه مسلم أن النبي (صلی اللّه عليه وآله) أمر بقتل الكلاب إلا كلب صيد أو ماشية ، وقد أخبر ابن عمر أن أبا هريرة قد زاد أو كلب زرع فقال : إن له أرضا كان يزرعها (3).

استغلال الزهري :

واستغلّ الأمويون المحدث الزهري فأخذ يضع لهم الحديث تدعيما لسياستهم ومن موضوعاته أنه روى عن النبي (صلی اللّه عليه وآله) أنه قال : « لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مسجدي هذا ، والمسجد الحرام والمسجد الأقصى » وقد جعل بيت المقدس كالبيت الحرام مما يشد إليه الرحال ، وقد افتعل ذلك حينما حرم الأمويون السفر إلى بيت اللّه الحرام خوفا من الاختلاط بأهل الحجاز حينما كانوا خاضعين لحكومة ابن الزبير ، وقد حج أهل الشام إلى بيت المقدس بدلا من البيت الحرام (4).

ص: 158


1- سليم بن قيس ( ص 45 ).
2- نظرة عامة في تاريخ الفقه الاسلامي ( ص 128 ).
3- صحيح مسلم كتاب الصيد.
4- نظرة عامة في تأريخ الفقه الاسلامي ( ص 129 ).

رواية مفتعلة على أبي جعفر :

ومن الروايات التي افتعلت على الامام أبي جعفر (عليه السلام) ما رواه أبو البختري قال : إن أبا حنيفة دخل على الامام أبي جعفر (عليه السلام) فقال له الامام : كأني بك وأنت تحي سنة جدي ، وقد اندرست ، وتكون معينا لكل ملهوف وغياثا لكل مهموم ، يسلك بك المتحيرون ، تهديهم إلى الواضح من الطريق إذا تحيروا فلك من اللّه العون والتوفيق حتى تشارك الربانيين في الطريق (1).

وهذه الرواية من موضوعات أبي البختري فقد ورد في ترجمته أنه أكذب من في البرية.

الكذابون على أبي جعفر :

اشارة

وامتحن الامام أبو جعفر بجماعة من الخونة والمارقين الذين أخذوا يفتعلون الأحاديث على لسانه ، ويكذبون عليه ، ومن بينهم.

1 - بيان :

بيان بن سمعان النهدي من بني تميم (2) كذاب مفتر على اللّه ورسوله

ص: 159


1- مناقب الامام أبي حنيفة لابن البزاز 1 / 31 ط حيدرآباد.
2- لسان الميزان 2 / 69.

طلب الامام أبو جعفر وولده الامام الصادق (عليه السلام) من الشيعة التبري منه لأنه يكذب على الأئمة (عليهم السلام) (1) روى زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال : « لعن اللّه بنانا - أو بيانا - وأنه لعنه اللّه كان يكذب على أبي أشهد أن أبي علي بن الحسين كان عبدا صالحا « (2) وقد ادعى بيان بعد وفاة أبي هاشم النبوة ، وكتب إلى أبي جعفر يدعوه إلى نفسه والاقرار بنبوته ، ويقول له : أسلم تسلم وترقق في سلم ، وتنح ، وتغنم فانك لا تدري أين جعل النبوة والرسالة وما على الرسول إلا البلاغ المبين ، وقد أعذر من أنذر » (3).

ونسب إليه أنه كان يقول : بالهية علي والحسن والحسين (عليهماالسلام) ومحمد ابن الحنفية آله من بعدهم ، ثم من بعده ابنه أبو هاشم بنوع من التناسخ ومن أباطيله أنه كان يقول : إن اللّه تعالى يفنى جميعه إلا وجهه ، ويحتج بقوله تعالى : ( وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ ) وزعم أنه المراد بقوله تعالى : ( هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ ) (4) وقد قتل هذا الخبيث على أباطيله وصلب (5).

2 - حمزة البربري :

حمزة بن عمارة البربري كان يكذب على الامام أبي جعفر الباقر (عليه السلام)

ص: 160


1- رجال الكشي ( ص 223 ).
2- معجم رجال الحديث 3 / 364.
3- فرق الشيعة ( ص 31 ).
4- تأريخ ابن الأثير 4 / 231.
5- فرق الشيعة ( ص 31 ).

وقد أعلن الامام (عليه السلام) براءته منه ، وكان حمزة زنديقا كافرا فمن كفره أنه نكح بنته ، وأحل جميع المحارم ، وقال : من عرف الامام فليصنع ما شاء فلا إثم عليه (1) وقد ادعى أن محمد بن الحنيفة هو اللّه عز وجل ، وأنه الامام ، وأنه ينزل عليه سبعة أسهاب من السماء فيفتح بهن الأرض ويملكها فتبعه ناس من أهل المدينة والكوفة ، فلعنه الامام أبو جعفر وكذبه ، وبرئت منه الشيعة ، وقد تبعه رجلان يقال لأحدهما صائد ، والآخر بيان.

كان تبانا في الكوفة ، ثم ادعى أن محمد بن علي أوصى إليه ، وأخذه خالد بن عبد اللّه القسري مع خمسة عشر رجل من أصحابه فشدهم في أطناب القصب ، وصب عليهم النفط في مسجد الكوفة ، والهب فيهم النار فأفلت منهم رجل فخرج ثم التفت إلى أصحابه فرآهم قد أخذتهم النار فكر راجعا إليهم فألقى نفسه في النار واحترق معهم (2).

3 - المغيرة بن سعيد :

المغيرة بن سعيد البجلي الكوفي الكذاب صاحب البدع والأحداث في الاسلام ، ونلمح إلى بعض شئونه :

1 - بدعه :

كان المغيرة صاحب بدع ومنكرات ، ومن بدعه ما يلي :

ص: 161


1- فرق الشيعة ( ص 25 ).
2- فرق الشيعة ( ص 25 ).

أ - إنه كان يرى التجسيم فكان يقول : إن اللّه على صوره رجل ، على رأسه تاج ، وإن أعضاءه على عدد حروف الهجاء (1) وله جوف ، وقلب ينبع بالحكمة ، وإن حروف أبجد على عدد أعضائه ، فالألف موضع قدمه لاعوجاجها ... ثم أنه ذكر الصاد من الحروف الهجائية ، وقال : لو رأيتم موضع الصاد منه تعالى لرأيتم منه أمرا عظيما ، يعرض لهم بالعورة ، وإنه قد رآها (2) وأنه تعالى لما أراد أن يخلق تكلم باسمه فطار ووقع على تاجه ، ثم كتب باصبعه أعمال العباد ، فلما رأى المعاصي أرفض عرقا ، فاجتمع من عرقه بحران ملح وعذب وخلق الكفار من البحر الملح ومن البحر العذب المؤمنين (3).

ب - كان مشعوذا ، ومن شعوذته أنه كان يخرج إلى المقبرة فيتكلم فيرى أمثال الجراد على القبور (4).

ج - أنه كان ماهرا في دس الأخبار ووضعها في كتب أهل البيت (عليهم السلام) فكان يدس الغلو في كتب الامام محمد الباقر علیه السلام (5) يقول الامام أبو عبد اللّه الصادق (عليه السلام) إلى أصحابه : لا تقبلوا علينا حديثا إلا ما وافق القرآن والسنة ، وتجدون معه شاهدا من أحاديثنا المتقدمة ، فان المغيرة ابن سعيد دس في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدث بها ، فاتقوا اللّه ، ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربنا وسنة نبينا.

ص: 162


1- تأريخ ابن الأثير 4 / 230.
2- الحور العين ( ص 168 ).
3- ميزان الاعتدال 4 / 162.
4- تأريخ ابن الأثير 4 / 230.
5- الكشي ( ص 224 ).

وروى هشام بن الحكم عن الامام الصادق (عليه السلام) أنه قال : كان المغيرة ابن سعيد يتعمد الكذب على أبي ، ويأخذ كتب أصحابه ، وكان أصحابه المتسترون بأصحاب أبي يأخذون الكتب فيدفعونها إلى المغيرة ، فيدس فيها الكفر والزندقة ، ويسندها إلى أبي ثم يدفعها إلى أصحابه ، ثم يأمرهم أن يبثوها في الشيعة ، فكل ما كان في كتب أبي من الغلو فذاك مما دسه المغيرة بن سعيد في كتبهم.

وقد ضاقت الشيعة منه ذرعا ، وقد خف أبو هريرة العجلي إلى الامام أبي جعفر (عليه السلام) يشكو إليه ما ألم بهم من بدع المغيرة ومفتعلاته قائلا :

أبا جعفر أنت الولي أحبه *** وأرضى بما ترضى به وأتابع

أتانا رجال يحملون عليكم *** أحاديث قد ضاقت بهن الاضالع

أحاديث أفشاها المغيرة فيهم *** وشر الأمور المحدثات البدائع(1)

ومعنى هذه الأبيات أن المغيرة أفشى بدعه ومفتعلاته فحفظها أصحابه وأخذوا يذيعونها بين الناس ، وينسبونها إلى الأئمة (عليهم السلام) ، وقد ضاقت من بدعه قلوب الشيعة ونفوسهم.

براءة الامام الباقر منه :

وكان من الطبيعي أن يعلن الامام أبو جعفر الباقر (عليه السلام) براءته من هذا الانسان الممسوخ الذي لم يؤمن باللّه وتجرد من جميع القيم الانسانية فقد روى كثير النواء قال : سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول : برىء اللّه ورسوله من المغيرة بن سعيد وبنان بن سمعان فإنهما كذبا علينا أهل

ص: 163


1- عيون الأخبار لابن قتيبة 2 / 151.

البيت (1).

كما أعلن الامام أبو عبد اللّه الصادق (عليه السلام) نقمته وسخطه على المغيرة قائلا : « لعن اللّه المغيرة بن سعيد ، ولعن اللّه يهودية كان يختلف إليها ، يتعلم منها السحر ، والشعبذة والمخاريق ، ان المغيرة كذب على أبي فسلبه اللّه الايمان ، وإن قوما كذبوا علي مالهم : أذاقهم اللّه حر الحديد فو اللّه ما نحن إلا عبيد خلقنا واصطفانا ، ما نقدر على ضر ولا نفع ، إن رحمنا فبرحمته ، وإن عذبنا فبذنوبنا ، واللّه ما بنا على اللّه حجة ، ولا معنا من اللّه براءة ، وإنا لميتون ومقبورون ومنشورون ، ومبعوثون ، وموقفون ، ومسئولون ، ما لهم لعنهم اللّه فلقد آذوا اللّه ، وآذوا رسول اللّه في قبره ، وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين ، وها أنا ذا بين أظهركم أبيت على فراشي خائفا وجلا يأمنون وأفزع ، وينامون على فراشهم ، وأنا خائف ساهر وجل ، أبرأ اللّه ما قال في الأجدع ، وعبد بني أسد أبو الخطاب لعنه اللّه ... ».

وأنت ترى مدى انفعال الامام وتأثره من هؤلاء الكاذبين الغلاة الذين مرقوا عن الدين وتلاعبوا بكتاب اللّه واتخذوا آياته هزوا.

ثورة المغيرة :

وثار المغيرة في الكوفة ، وبلغ حاكمها خالد بن عبد اللّه القسري وكان يخطب على المنبر فخاف الجبان ، وقال : أطعموني ماء فعيره يحيى بن نوفل وقال :

ص: 164


1- لسان الميزان 6 / 76.

وكنت لدى المغيرة عبد سوء *** تبول من المخافة للزئير

وقلت : لما أصابك اطعموني *** شربا ثم بلت على السرير

لأعلاج ثمانية وشيخ *** كبير السن ليس بذي نصير(1)

وأرسل خالد كتيبة عسكرية فألقت عليه القبض وعلى جماعته وجيء بهم مخفورين إلى جامع الكوفة فأمر بحرقهم فأحرقوا (2) وانتهت بذلك حياة هذا الخائن الذي خان اللّه ورسوله وصد عن سبيل اللّه واتخذ آياته هزوا.

الكفر والالحاد :

وظهرت موجات من الكفر والالحاد والزندقة في العصر الأموي حملها إلى البلاد الاسلامية بعض العناصر الحاقدة على الاسلام والباغية عليه وقد أعرضت الحكومات الأموية عن ملاحقة دعاتها مما أوجب انتشارها بين المسلمين ، وقد تصدى الامام أبو جعفر (عليه السلام) وولده الامام الصادق (عليه السلام) إلى تزيفها ونقدها ، وكان من بين ما عرض له الامام الباقر (عليه السلام) إلى الرد عليه ما يلي :

إن الامام أبا جعفر (عليه السلام) كان جالسا في فناء الكعبة ، فقصده رجل فقال له :

- هل رأيت اللّه حيث عبدته؟

- ما كنت لأعبد شيئا لم أره

- كيف رأيته؟

ص: 165


1- تأريخ ابن الأثير 4 / 230.
2- تأريخ ابن الأثير 4 / 230.

- لم تره الأبصار بمشاهدة العيان ، ولكن رأته القلوب بحقائق الايمان ، لا يدرك بالحواس ، ولا يقاس بالناس ، معروف بالآيات منعوت بالعلامات ، لا يجور في قضيته ، بان من الأشياء ، وبانت الأشياء منه ، ليس كمثله شيء ذلك اللّه لا إله إلا هو.

وأبطل الامام (عليه السلام) شبهات الرجل وفند أوهامه ، وقد بنى كلامه (عليه السلام) على الواقع المشرق من جوانب التوحيد ، وبهر الرجل من كلام الامام وراح يقول : « ( اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ ) فيمن يشاء » (1).

وقد انتشر الحديث عن ذات اللّه تعالى وأنها هل هي بسيطة أو مركبة وقد نهى الامام (عليه السلام) عن الخوض في ذلك ، وله بحوث كثيرة تتعلق في التوحيد ذكرناها في الجزء الأول من هذا الكتاب.

الامام مع عالم شامي :

روى محمد بن عطية أن رجلا من أهل الشام وفد على الامام أبي جعفر (عليه السلام) فقال له : إن عندي مسألة كلما سألت عنها العلماء عجزوا عن الاجابة عنها ، فقال له الامام :

« ما هي؟ »

الشامي : سؤالي عن أول ما خلق اللّه؟ فأجابني بعض بالقدر ، وبعض بالقلم ، وآخر بالروح.

فقال الامام (عليه السلام) : لم يصل القوم إلى الصواب ، أخبرك أن اللّه تبارك وتعالى كان ولا شيء غيره ، وكان عزيزا ولا أحد كان قبل عزه ، وذلك

ص: 166


1- تأريخ دمشق 51 / 45 ، زهر الآداب 1 / 116.

قوله تعالى : ( سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ) .

وكان الخالق قبل المخلوق ، ولو كان أول ما خلق من خلقه الشيء من الشيء إذا لم يكن له انقطاع أبدا ، ولم يزل اللّه إذا ومعه شيء ليس هو يتقدمه ، ولكنه كان إذا لا شيء غيره ، وخلق الشيء الذي جميع الأشياء منه وهو الماء الذي خلق الأشياء منه فجعل نسب كل شيء إلى الماء ، ولم يجعل للماء نسبا يضاف إليه وخلق الريح من الماء ، ثم سلط الريح على الماء فشققت الريح متن الماء حتى صار من الماء زبدا على قدر ما شاء أن يثور فخلق من ذلك الزبد أرضا بيضاء نقية ليس فيها صدع ، ولا ثقب ولا صعود ولا هبوط ، ولا شجرة ثم ، فوضعها فوق الماء ، ثم خلق اللّه النار فشققت النار متن الماء حتى صار من الماء دخان على قدر ما شاء أن يثور فخلق من ذلك الدخان سماء صافية نقية ليس فيها صدع ولا نقب ، وذلك قوله : ( أَمِ السَّماءُ بَناها ، رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها ) .

وأضاف (عليه السلام) قائلا : ولا شمس ولا قمر ولا نجوم ولا سحاب ثم طواها فوضعها فوق الأرض ، ثم نسب الخليقين ... فوضع السماء قبل الأرض فذلك قوله عز ذكره ( وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها ) أي بسطها.

قال الشامي : يا أبا جعفر قول اللّه عز وجل ( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما. )

قال أبو جعفر : لعلك تزعم أنهما كانتا رتقا ملتزقتان ففتقت إحداهما من الأخرى قال الشامي : نعم.

قال أبو جعفر : استغفر ربك ، فان قول اللّه عز وجل ( كانَتا رَتْقاً ) يقول : كانت السماء رتقا لا تنزل المطر ، وكانت الأرض رتقا لا تنبت

ص: 167

الحب ، فلما خلق اللّه تبارك وتعالى الخلق وبث فيها - أي في الأرض - من كل دابة ففتق السماء بالمطر والأرض بنبات الحب ... »

وبهر الشامي من سعة علوم الامام وإحاطته بكل فن من الفنون ، فراح يقول :

« أشهد أنك من أولاد الأنبياء ، وأن علمك علمهم » (1).

لقد عم النزاع بين المسلمين وغيرهم في المسائل الكلامية وكان من أهمها النزاع في صفات اللّه ، ويقول المؤرخون : إنه تجادل جهم بن صفوان مع بعض السمنية (2) فقالوا له :

« نكلمك فان غلبناك دخلت في ديننا ، وإن غلبتنا دخلنا في دينك »

« ألست تزعم ان لك إلها »

« بلى »

« هل رأيت إلهك؟ »

« لا »

« هل سمعت كلامه؟ »

« لا »

« أشممت له رائحة؟ »

« لا »

« ما يدريك أنه إله؟ »

فأجابهم جهم برائع الحجة قائلا :

« ألستم تزعمون أن فيكم روحا؟ »

« بلى »

ص: 168


1- بحار الأنوار ، ورويت هذه الرواية بصورة موجزة في توحيد الصدوق.
2- السمنية : طائفة من الهند تقول بتناسخ الأرواح.

« هل رأيتم روحكم؟ »

« لا »

« هل سمعتم كلامها؟ »

« لا »

« فكذلك اللّه لا يرى له وجه ، ولا يسمع له صوت ، ولا تشم له رائحة ، وهو غائب عن الأبصار ، ولا يكون في مكان دون مكان » (1).

كما أن هناك جدلا حادا بين المسلمين والنصارى في ذلك العصر ، وكان يوحنا الدمشقي هو الرأس المفكر للعالم المسيحي ، وقد ألف رسالة في الرد على المسلمين ، وكان نديما ليزيد بن معاوية وابنه سرجون مشرفا على الشؤون المالية في دمشق (2) وقد وقفت الحكومة الأموية موقف المتفرج أمام هذا الجدل العقائدي ، ولم تتخذ أي موقف حاسم ضد الذين أثاروا التشكيك في الأصول العقائدية للاسلام.

الثورات العارمة.

وتفجرت السياسة الأموية ببركان مدمر من الظلم والجور عصف باقتصاد الأمة ، وأمنها ورخائها ، ولم يعد على الصعيد الاجتماعي أي ظل لكرامتها وعزتها وحريتها ، فقد أخذت ترزح مثقلة بالقيود تحت وطأة ذلك الحكم الذي كفر بحقوق الانسان ، وانحرف عن كل قصد سليم.

وانطلقت الشعوب الاسلامية كالمارد الجبار بعد أن عانت الأهوال

ص: 169


1- الرد على الجهمية والزندقة ( ص 11 ) لابن حنبل.
2- الفرق الاسلامية في العصر الأموي ( ص 286 ).

والخطوب من الحكم الأموي ، وهي تعلن العصيان المسلح في ثورات رهيبة متلاحقة حتى قضت على جبروت ذلك الحكم ، وطغيانه ، وكان من أهم الثورات التي حدثت في عصر الامام أبي جعفر (عليه السلام) ما يلي :

ثورة المدينة :

وسماها المؤرخون بواقعة « الحرة » وهي أفجع حادثة في الاسلام بعد كارثة كربلا ، فقد انتهكت فيها جميع الحرمات ، واستباح الجيش الآثم نفوس المسلمين وأموالهم وأعراضهم ، أما سبب هذه الثورة فهو أن خيار المسلمين من بقايا الصحابة وأبنائهم رأوا في عهد يزيد جورا شاملا ، وسلطانا ظالما ، قد اقترف جميع الموبقات ، وقد انتهك حرمة رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) بإبادته لعترته ، وسبيه لذراريه ، فرأوا أن الخروج عليه واجب شرعي ، وقد أدلى بذلك أحد زعماء الثورة عبد اللّه بن حنظلة يقول : « واللّه ما خرجنا على يزيد حتى خفنا أن نرمى بالحجارة من السماء .. ان رجلا ينكح الأمهات والبنات ويشرب الخمر ويدع الصلاة واللّه لو لم يكن معي أحد من الناس لأبليت لله فيه بلاء حسنا .. » (1).

ويقول المنذر بن الزبير أحد قادة الثورة : « إنه - أي يزيد - قد أجازني بمائة ألف ، ولا يمنعني ما صنع بي أن أخبركم خبره ، واللّه إنه ليشرب الخمر ، واللّه إنه ليسكر حتى يدع الصلاة » (2).

وأجمع رأي أهل المدينة على خلع بيعة يزيد ، فطردوا حاكمهم وأخذوا

ص: 170


1- طبقات ابن سعد.
2- الطبري 4 / 368.

يطاردون الأمويين ويراقبونهم وخاف الدنس مروان بن الحكم على نسائه من أهل المدينة فخف إلى عبد اللّه بن عمر ليحميها من الثوار ، فاعتذر ابن عمر ، ولم يجبه إلى شيء فخف إلى الامام زين العابدين (عليه السلام) فأجابه (عليه السلام) إلى ذلك وتناسى إساءة مروان لأهل البيت (عليهم السلام) وقام (عليه السلام) بالانفاق عليها وهرب مروان من يثرب فزعا من الثوار (1) وبعث الطاغية يزيد ابن معاوية جيشا مكثفا إلى احتلال يثرب ، وقد أسند قيادته إلى أخطر مجرم لم يعرف التأريخ البشري له نظيرا في قسوته وجفائه وتمرده على الحق ، أما ذلك المجرم فهو مسلم بن عقبة الذي سماه المؤرخون بالمسرف وقد قال إلى يزيد : « واللّه لأدعن المدينة أسفلها أعلاها ».

وعهد إليه يزيد باحتلال المدينة وأن يبيحها إلى جيشه ثلاثة أيام يصنعون بأهلها ما شاءوا وما أحبوا.

وزحف المسرف الأثيم بجنوده إلى يثرب فاحتلها بعد معارك دامية لم يبد فيها أهل المدينة بسالة ولا صمودا ، وراح الجيش الآثم يمعن في قتل الأبرياء والأطفال والعجز ، وقد استباحوا كل ما حرمه اللّه ، وقد فقدت المدينة في هذه الواقعة ثمانين من أصحاب رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) حتى لم يبق بها بدري كما فقدت سبعمائة من قريش والأنصار ، وعشرة آلاف من سائر الناس (2) ، وقد أخذ الطاغية البيعة من أهل المدينة على أنهم خول وعبيد ليزيد يصنع بهم ما أراد ، ومن أبى ضربت عنقه (3) وجرت أحداث مروعة ومذهلة على أهل المدينة فلم يرع الجيش الأموي حرمة

ص: 171


1- تأريخ ابن الأثير 3 / 311.
2- تأريخ الطبري 7 / 5 - 12.
3- تأريخ اليعقوبي 2 / 232 أنساب الأشراف 4 / ق 2 / 38.

الرسول (صلی اللّه عليه وآله) في أنصاره الذين ناظلوا عن الاسلام أيام محنته وغربته.

ويقول بعض المؤرخين : إن الامام زين العابدين كان قد فزع إلى قبر جده رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) مستجيرا فألقي عليه القبض ، وجيء به إلى الطاغية المسرف في دماء المسلمين ، فلما رأى الامام ارتعدت فرائصه من هيبته (1) وقام إليه تكريما ، وقال له : سلني حوائجك فأخذ يتشفع بمن حكم عليه بالاعدام فأجابه إلى ذلك وخرج الامام من عنده فقيل للطاغية السفاح رأيناك تسب هذا الغلام وسلفه فلما أتى إليك رفعت منزلته؟ فقال : ما كان ذلك لرأي مني ، ولكن قد ملئ قلبي منه رعبا (2).

وعلى أي حال فقد استسلمت مدينة النبي (صلی اللّه عليه وآله) إلى جيش عات ظلوم قد عاث فيها فسادا ، وتركها واحة موحشة ، قد ملئت بيوتها بالثكل والحزن والحداد.

ولما انتصرت جيوش يزيد في واقعة الحرة تمثل بقول شاعر قريش في معركة أحد وهو عبد اللّه بن الزبعرى :

ليت أشياخي ببدر شهدوا *** جزع الخزرج من وقع الأسل

وزاد عليه قوله :

ص: 172


1- جاء في عيون الأخبار وفنون الآثار ( ص 166 ) أن مروان بن الحكم كان إلى جانب مسلم بن عقبة فلما سمع سبه للامام زين العابدين جعل يغريه به ويحرضه على قتله ، وقد تناسى مروان اليد البيضاء التي أسداها عليه الامام (عليه السلام) من إيواء حرمه ، والانفاق عليهن ، والحفاظ عليهن من أيدي الثوار.
2- مروج الذهب 3 / 18.

لأهلوا واستهلوا فرحا *** ثم قالوا يا يزيد لا تشل

ثم عاد إلى الاستشهاد بقول ابن الزبعرى :

فجزيناهم ببدر مثلها *** وأقمنا ميل بدر فاعتدل

وتركت تلك الصور في نفس الامام الباقر (عليه السلام) اللوعة والأسى ، وكان عمره الشريف أيام تلك المحنة الحازبة ما يقارب السبع سنين.

ثورة التوابين :

وكان مركزها الكوفة ، فقد ندم الشيعة هناك على ما اقترفوه من عظيم الاثم في خذلانهم لسيد الشهداء الامام الحسين (عليه السلام) في حين أنهم هم الذين كاتبوه بالقدوم إلى مصرهم وألحوا عليه برسائلهم ووفودهم ، وقد رأوا أن لا كفارة لهم سوى إعلان الثورة على حكومة يزيد ، والمطالبة بدم الامام الحسين (عليه السلام) واستئصال المجرمين من قتلته ، وكان زعيم التوابين سليمان بن صرد الخزاعي ، فقد أنتخب قائدا عاما للثورة وأناطوا به وضع الخطط السياسية والعسكرية ، ومراسلة المناطق التي تضم الشيعة في العراق وخارجه.

وأخذ التوابون يجمعون الأموال والتبرعات وأحاطوا أمرهم بكثير من السر والكتمان ، ولما هلك الطاغية الفاجر يزيد بن معاوية أعلن التوابون ثورتهم العارمة وذلك في سنة ( 65 ه ) وكان عددهم فيما يقول المؤرخون أربعة آلاف ، وقد نادوا بشعارهم :

« يا لثارات الحسين »

ولأول مرة دوى هذا النداء المؤثر في سماء الكوفة فكان كالصاعقة

ص: 173

على رءوس السفكة المجرمين الذين اقترفوا أفظع جريمة في تأريخ الانسانية.

وزحفت تلك القوى العسكرية إلى عين الوردة فأقامت فيها وانطلقت إليها جنود أهل الشام ، فالتحمت معها التحاما رهيبا ، وجرت بينهما أعنف المعارك ، وأشدها ضراوة وأبدى التوابون من البسالة والصمود ما يعجز عنه الوصف ، واستشهد في تلك المعارك قادة التوابين كسليمان ابن صرد والمسيب بن نجبة وعبد اللّه بن سعد وغيرهم ، ورأى التوابون أن لا قدرة لهم على مناجزة أهل الشام فتركوا ساحة القتال ، ورجعوا في غلس الليل البهيم إلى الكوفة ، ولم تتعقبهم جيوش أهل الشام وقد مضى كل جندي إلى بلده ، وانتهت بذلك معركة التوابين إلا أنها قد ملئت قلوب السفكة المجرمين فزعا ورعبا كما أدخلت السرور والفرح على أهل البيت (عليهم السلام) الذين أثكلهم الخطب بمصيبة سيد الشهداء (عليه السلام) وهم ينتظرون بفارغ الصبر أن ينتقم اللّه من الظالمين ، ويأخذ بثأرهم من السفكة المجرمين.

ثورة المختار :

المختار ألمع شخصية عرفها التأريخ العربي والاسلامي ، فقد كان من أبرز السياسيين في رسم المخططات ، ووضع المناهج للتغلب على الأحداث ، وقد كان على جانب كبير من الدراية بعلم النفس ، والالمام بوسائل الدعاية والاعلام ، وكان يخاطب عواطف الناس ، كما كان يخاطب عقولهم ، وكان لا يكتفي بوسائل الدعاية المعروفة حينئذ كالخطابة

ص: 174

والشعر بل لجأ إلى وسائل كثيرة للدعاية منها التمثيل والمظاهرات والاشاعات (1).

وهو من أعلام الشيعة وسيف من سيوف آل رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) ولم يفجر المختار ثورته طمعا في الحكم ، وإنما لأخذ الثأر لآل النبي (صلی اللّه عليه وآله) ويرى بعض المستشرقين ان المختار كان مخلصا في دعوته وانتصاره للشيعة كما ان حركته وما انطوت عليه من مساواة الموالي للعرب قد أتاحت للاسلام أن ينتشر فيما بعد بين الشعوب غير العربية (2) وقد شكك ولها وزن فيما نسب إلى المختار من أنه إنما اتخذ المطالبة بدم الحسين وسيلة للظفر بالحكم (3).

وقد اتهم هذا العملاق العظيم باتهامات رخيصة كادعاء النبوة وغيرها من النسب الباطلة التي هي بعيدة عنه ، وإنما اتهموه بذلك لأنه أخذ بثأر الامام العظيم أبي الأحرار (عليه السلام) وأسقط بثورته هيبة الحكم الأموي ، كما أنه ساوى بين العرب والموالي فلم يميز أحدا على أحد ، وقد رام أن يسلك في سياسته على ضوء سياسة الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) ويقتدي بهديه في السياسة الاقتصادية ، والاجتماعية.

وكان على جانب كبير من التقوى والحريجة في الدين ويقول المؤرخون انه كان في أيام حكومته القصيرة الأمد يكثر من الصوم شكرا لله تعالى لأنه وفقه للأخذ بثأر العترة الطاهرة وإبادته للأرجاس من أتباع الأمويين

ص: 175


1- المختار ( ص 43 ).
2- دائرة المعارف الاسلامية 3 / 765 من الطبعة الفرنسية.
3- الخوارج والشيعة ( ص 237 ).

فزع السفكة المجرمين :

وساد الرعب ، وعم الخوف والفزع أولئك المجرمين الذين قتلوا سيد الأحرار والأباة الإمام الحسين ، وقد فر بعضهم إلى عبد الملك بن مروان ليحميه من المختار وقد خاطبه شخص منهم فقال له :

ادنوا لترحمني وترتق خلتي *** وأراك تدفعني فأين المدفع(1)

وانهزم عبد الملك بن الحجاج التغلبي فلجأ إلى عبد الملك فقال له :

« إني هربت إليك من العراق »

فصاح به عبد الملك :

« كذبت ليس لنا هربت ، ولكن هربت من دم الحسين ، وخفت على دمك فلجأت إلينا » (2).

وهرب بعضهم إلى ابن الزبير فانظم إلى جيشه ، وقاتل معه خوفا من المختار.

وعلى أي حال فقد أشاع المختار الفزع والارهاب في بيوت الأوغاد الجبناء من قتلة الامام الحسين (عليه السلام) وملأ قلوبهم رعبا ، وممن ناله الفزع والرعب أسماء بن خارجة أحد الذين اشتركوا في قتل الحسين (عليه السلام).

فقد قال المختار : « لتنزلن من السماء نار دهماء ، فلتحرقن دار أسماء » فنقل قوله إلى أسماء فهرب فزعا وهو يقول : « أوقد سجع بي

ص: 176


1- حياة الامام الحسين 3 / 455.
2- عيون الأخبار لابن قتيبة 1 / 103.

أبو اسحاق هو واللّه محرق داري » فتركه وترك الدار وهرب من الكوفة.

الابادة الشاملة :

وأسرع المختار إلى تنفيذ حكم الاعدام بلا هوادة بكل من اشترك في قتل سيد شباب أهل الجنة الامام الحسين فقتل المجرم الخبيث ابن مرجانة ، وعمر بن سعد ، مع ولده حفص ، وبعث برءوسهم إلى يثرب هدية لأهل البيت (عليهم السلام) وقد نالت سرورهم ، وحكى لنا الامام أبو عبد اللّه الصادق (عليه السلام) مدى فرحهم بقوله : « ما امتشطت فينا هاشمية ، ولا اختضبت حتى بعث المختار إلينا برءوس الذين قتلوا الحسين (1) وأثنى عليه الامام أبو جعفر (عليه السلام) فقد قال للحكم بن المختار : رحم اللّه أباك ما ترك لنا حقا عند أحد.

وبعث المختار بعشرين ألف دينار إلى الامام زين العابدين فقبلها وبنى بها دور بني عقيل التي هدمتها بنو أمية (2).

لقد كان المختار من حسنات عصره ومن مفاخر الأمة الاسلامية بتقواه وحريجته في الدين ، وقد شفى اللّه بثورته صدور المؤمنين فقد قضى على تلك الزمرة الخائنة ، وأذاقها وبال ما جنت أيديها ومما لا شبهة فيه أنه قد استهدف بثورته الخالدة القضايا المصيرية للأمة من نشر المساواة والعدالة الاجتماعية بين الناس وإعادة سيرة الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) وسياسته المشرقة بين المسلمين ... وبهذا العرض الموجز ينتهي بنا

ص: 177


1- الكشي.
2- سفينة البحار 1 / 435.

الحديث عن ثورة المختار.

ثورة ابن الزبير :

أما ثورة ابن الزبير فلم تهدف إلى صالح الأمة وإسعادها وإنما جاءت لنقل الخلافة والملك إلى آل الزبير الذين لم يفكروا قط في غير مصلحتهم ويدلل على ذلك ما قاله عبد اللّه بن عمر لزوجته حينما ألحت عليه بمبايعته قال لها : « أما رأيت بغلات معاوية التي كان يحج عليها الشهباء؟ فان ابن الزبير ما يريد غيرهن » (1).

لقد كان ابن الزبير يبغي الملك والسلطان ، ولا يبغي بثورته وجه اللّه ومصلحة الأمة وقد تسلح للاستيلاء على السلطة بكل وسيلة فكان يظهر النسك والعبادة لاغراء السذج والبسطاء يقول الامام أمير المؤمنين فيه : « ينصب حبالة الدين لاصطفاء الدنيا » (2) ونعرض لبعض شئونه :

بخله :

ومن أبرز ذاتياته البخل ، فقد غلت يده إلى عنقه من شدة حرصه وشحه ، وكانت هذه الظاهرة من أهم الأسباب في الاطاحة بحكومته وسلطانه.

وقد روى المؤرخون صورا كثيرة من بخله وشحه كان منها : أن الشاعر عبد اللّه بن الزبير الأسدي ، وفد عليه يطلب منه أن يجود عليه

ص: 178


1- حياة الامام الحسين 2 / 310.
2- شرح النهج 7 / 24.

فقال يستعطفه :

« يا أمير المؤمنين إن بيني وبينك رحما من قبل فلانة ... » وظن أنه بذلك يجلب عطفه فينعم عليه ، فرد عليه ابن الزبير قائلا :

« نعم هذا كما ذكرت ، وإن فكرت في هذا أصبت أن الناس بأسرهم يرجعون إلى أب واحد ، وإلى أم واحدة ... »

ولما رأى الأسدي أن هذا لا يجدي معه قال له :

« يا أمير المؤمنين إن نفقتي نفدت ... »

ولم يخجل ابن الزبير وراح يقول له :

« ما كنت ضمنت لأهلك أنها تكفيك إلى أن ترجع إليهم »

وراح الأسدي يتوسل إليه ويستعطفه قائلا :

« يا أمير المؤمنين ناقتي قد نقبت ... »

فنهره ابن الزبير وقال :

« انجد (1) بها تبرد خفها ، وارفعها بسبت (2) واخفضها بهلب (3) وسر عليها البردين (4) ... »

وضاق الأسدي ذرعا وطفق يقول له :

« يا أمير المؤمنين إنما جئتك مستحملا ، ولم آتك مستوصفا ، لعن اللّه ناقة حملتني إليك ... »

ص: 179


1- انجد بها : أي عد بها إلى بلدك نجد.
2- السبت : الجلد المدبوغ ، ويراد به السوط والمعنى إذا أردت أن تسرع بك فاضربها بسوط.
3- الهلب : الشعر.
4- البردان : الغداة والعشي.

فصاح به ابن الزبير :

« إن وراكبها ... »

وخرج الأسدي وهو يقول :

أرى الحاجات عند أبي خبيب *** نكدن ولا أمية في البلاد(1)

من الأعياص (2) أو من آل حرب *** أغر كغرة الفرس الجواد

وقلت لصحبتي أدنوا ركابي *** أفارق بطن مكة في سواد

ومالي حين أقطع ذات عرق (3) *** إلى ابن الكاهلية (4) من معاد(5)

وعاب عليه مولاه أبو حرة شحه قال :

إن الموالي أمست وهي عاتبة *** على الخليفة تشكو الجوع والحربا

ما ذا علينا وما ذا كان يرزؤنا *** أي الملوك على ما حولنا غلبا

وكان ابن الزبير يقول : إنما بطني شبر فما عسى أن يسع ذلك من الدنيا؟ وأنا العائذ بالبيت ، والمستجير بالرب (6) وقد أثارت عليه هذه الكلمة السخرية من جميع الأوساط ، وقد تهكم به الضحاك بن فيروز الديلمي قال :

تخبرنا أن سوف تكفيك قبضة *** وبطنك شبر أو أقل من الشبر

وأنت إذا ما نلت شيئا قضمته *** كما قضمت نار الغضا حطب السدر

ص: 180


1- أبو خبيب : كنية عبد اللّه بن الزبير.
2- الاعياص : أولاد أمية بن عبد شمس.
3- ذات عرق : أحد مواقيت الحج وهو ميقات أهل العراق.
4- ابن الكاهلية : هو ابن الزبير ، وقد عيره الشاعر بذلك.
5- تأريخ الخلفاء للسيوطي ( ص 213 ).
6- الأغاني 1 / 22.

فلو كنت تجزى أو تبيت بنعمة *** قريبا لردتك العطوف على عمرو

لقد كان حريصا شديد الحرص حتى قيل انه حينما كان يعطي مال اللّه للفقراء كأنه يعطي ميراث أبيه (1) وقد سبب بخله إخفاقه ، وعدم نجاحه في معركته مع عبد الملك بن مروان وقد قيل أنه كان عظيم الشح فلذلك لم يتم أمره (2).

عداؤه للعلويين :

وأترعت نفس ابن الزبير بالكراهية والبغض لآل النبي (صلی اللّه عليه وآله) فقد كان حاقدا عليهم كأشد ما يكون الحقد ، وبلغ من عظيم حقده أنه ترك الصلاة على النبي (صلی اللّه عليه وآله) في خطبته فقيل له في ذلك فقال.

إن له أهل سوء يشرئبّون لذكره ، ويرفعون رءوسهم إذا سمعوا به ... » (3).

لقد تنكر هذا الجلف لعترة رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) الذين هم مصدر الوعي والفكر لهذه الأمة ، وتناسى فضل الرسول الأعظم على قومه فهو الذي أنقذهم من حياة البؤس في الصحراء ، وبنى لهم مجدا وملكا ، وجعلهم سادة الأمم والشعوب.

وطلب ابن الزبير من العلويين البيعة له فامتنعوا ، وقالوا له : لا نبايع حتى تجتمع الأمة فأوعز إلى شرطته باعتقالهم ، فاعتقلوا في ( زمزم )

ص: 181


1- اليعقوبي 3 / 9.
2- الفخري ( ص 105 ).
3- اليعقوبي 3 / 8.

وتوعدهم بالقتل والاحراق إن لم يبايعوا ، وضرب لهم أجلا ، وأشار على ابن الحنفية بعض أتباعه أن يستنجد بالمختار الذي كان حاكما على الكوفة ، فكتب إليه يعلمه بحاله ، وما عزم عليه ابن الزبير في التنكيل بهم فاستجاب له المختار على الفور ، وأرسل مفرزة عسكرية بقيادة أبي عبد اللّه الجدلي ، وخف الجيش إلى مكة فدخلها ، وقد رفعوا الرايات ، وهم ينادون « يا لثارات الحسين » وانتهوا إلى المسجد الحرام ، وقد أعد ابن الزبير الحطب على باب السجن ، وأشعل فيه النار لاحراقهم ، وقد بقي يومان من الأجل الذي ضربه لهم فكسروا باب السجن ، وأخرجوا الهاشميين ، وطلبوا من ابن الحنفية أن يخلي بينهم وبين ابن الزبير ليناجزوه الحرب فأبى وقال لهم : إني لا استحل الحرم ، ومنعهم من الاعتداء عليه (1) وعامله معاملة المحسن الكريم :

وفي نجاة ابن الحنفية من سجن ابن الزبير يقول كثير بن عبد الرحمن :

فمن ير هذا الشيخ بالحنيف من منى *** من الناس يعلم أنه غير ظالم

سمي النبي المصطفى وابن عمه *** وفكاك أغلال ونفاع غارم

أبى فهو لا يشري هدى بضلالة *** ولا يتقي في اللّه لومة لائم

ونحن بحمد اللّه نتلو كتابه *** حلولا بهذا الخيف خيف المحارم

بحيث الحمام آمن الردع ساكن *** وحيث العدو كالصديق المسالم

فما فرح الدنيا بباق لأهلها *** ولا شدة البلوى بضربة لازم

تخبر من لاقيت أنك عائذ *** بل العائذ المظلوم في سجن عارم(2)

لقد كان ابن الزبير من ألد الأعداء لعترة النبي (صلی اللّه عليه وآله) ولو استتبت له الأمور

ص: 182


1- تأريخ ابن الأثير 4 / 374 - 375.
2- الأغاني 8 / 31.

وصفا له الملك والسلطان لما أبقى أحدا منهم ولكن اللّه تعالى قوض ملكه وأطاح بسلطانه.

اخفاق ثورته :

وكان من الطبيعي أن يخفق ابن الزبير في ثورته بعد أن بلي بالبخل والشح ، والاستبداد بالرأي ، والعجب بنفسه كما يقول عبد الملك بن مروان (1) وقد أخذت جيوش الأمويين بقيادة السفاك الحجاج بن يوسف الثقفي توالي ضرباته عليه وهو معتصم بيت اللّه الحرام يلتمس السلامة والنجاة إلا أن الجيش الأموي لم يرجوا للبيت وقارا ، ولم يرع له حرمة فقد أخذت قذائف النار تتساقط عليه ، وعجز ابن الزبير عن مقاومة الجيوش الأموية ، وخرج أكثر أصحابه إلى الحجاج يطلبون منه الأمان فأمنهم وبقي عبد اللّه في قليل من أنصاره (2).

ويروي بعض المؤرخين أن ابن الزبير لما أيقن بدنو أجله ، وعجزه عن الدفاع عن نفسه ، أخذ يأكل المسك والصبر أياما لعلمه أن الحجاج سوف يصلبه ، فأراد أن يخرج المسك من بدنه ، ولما استولى عليه الحجاج وقتله وصلبه كان المسك يخرج من بدنه ، وفطن لذلك الحجاج فصلب إلى جانبه سنورا أو كلبا حتى تضيع رائحة المسك التي تخرج من

ص: 183


1- الاغاني 8 / 31.
2- ابن الأثير 4 / 29.

جثته ، وبقي ابن الزبير مصلوبا لم يسمح الحجاج بموراته حتى أذن له عبد الملك ، فدفن في مقره الأخير ، وبانتهاء ثورة ابن الزبير دانت لعبد الملك جميع أقاليم الدولة الاسلامية ، ومن المؤكد أن ثورة ابن الزبير لم تستهدف مصلحة الأمة ، وإنما كانت تهدف إلى الاستيلاء على الحكم ، والظفر بخيرات البلاد.

... هذه بعض الثورات العارمة التي تفجرت في ذلك العصر ، مضافا إلى الثورات المحلية كثورات الخوارج وغيرهم ، وهي تكشف عن عدم الاستقرار السياسي في ذلك العصر ، وإن الحياة العامة كانت قلقة ومضطربة إلى حد بعيد ومن الطبيعي أن ذلك كان ناجما عن سوء السياسة الأموية التي لم تع مصلحة شعوبها ، وإنما كانت تسعى جاهدة لتحقيق رغباتها وشئونها فلذا كتب لها الاخفاق وعدم النجاح.

الحياة الاقتصادية :

أما الحياة الاقتصادية في عصر الامام فقد كانت مشلولة ومضطربة فقد انحصرت ثروة البلاد عند الفئة الحاكمة آنذاك ، وعند عملائها وهم ينفقونها بسخاء على شهواتهم وملاذهم ، ويتفنون في أنواع الملذات في حين أن عامة الشعب كانت في حالة شديدة من البؤس والفقر ، فالأسعار قد أرهقت كواهل الناس ، وكلفتهم من أمرهم شططا ، قد خلت أكثر البيوت من حاجات الحياة ، وأصبحت الناس طاوية بطونهم عارية أجسامهم

ص: 184

وقد صور الشاعر الأسدي سوء حياته الاقتصادية بقصيدة يمدح فيها بعض نبلاء الكوفة ويطلب منه أن يمنحه بمعروفه وبره يقول :

يا أبا طلحة الجواد أغثني *** بسجال من سيبك المقسوم

أحيي نفسي - فدتك نفسي - فاني *** مفلس - قد علمت ذاك - عديم

أو تطوع لنا بسلت دقيق *** أجره - إن فعلت ذاك - عظيم

قد علمتم - فلا تعامس عني - *** ما قضى اللّه في طعام اليتيم

ليس لي غير جرة واصيص *** وكتاب ومنمنم كالوشوم

وكساء أبيعه برغيف *** قد رقعنا خروقه باديم

واكاف أعارنيه نشيط *** هو لحاف لكل ضيف كريم(1)

وأنت ترى أن هذا الشاعر قد استعطف هذا الكريم ، وطلب منه أن يسعفه بالطعام فيحي نفسه التي أماتها الجوع : وذكر ما يملكه من أثاث بسيط كان به في منتهى الفقر والبؤس.

وكان عامة الناس على هذا الغرار يعيشون حياة بائسة قد نهشهم الجوع والبؤس فقد تحول اقتصاد الأمة إلى جيوب الأمويين ومن سار في ركابهم من دون أن ينفق أي شيء منه على تطور الحياة العامة وازدهارها وتقدمها.

لقد جهد ولاة الأمويين وعمالهم في ابتزاز أموال الأمة ، وتجريدها من جميع مقوماتها الاقتصادية.

يقول النمري مخاطبا عبد الملك بن مروان بقصيدة يشكو فيها

ص: 185


1- حياة الحيوان للجاحظ 5 / 297 - 298.

اضطهاد العمال لقومه :

أ خليفة الرحمن إنا معشر *** حنفاء نسجد بكرة وأصيلا

إن السعاة عصوك يوم أمرتهم *** وآتوا دواهي لو علمت وغولا (1)

أخذوا العرين فقطعوا حيزومه *** بالأصبحية قائما مغلولا

حتى إذا لم يتركوا العضامة *** لحما ولا لفؤاده معقولا(2)

جاءوا بصكهم وأحدر أشارت *** منه السياط يراعه أجفيلا (3)

أخذوا حمولته فاصبح قاعدا *** لا يستطيع عن الديار حويلا

يدعو أمير المؤمنين ودونه *** خرق تجر به الرياح ذيولا(4)

كهداهد كسر الرماة جناحها *** تدعو بقارعة الطريق هديلا

أخليفة الرحمن أن عشيرتي *** أمسى سوامهم عزين فلولا (5)

قوم على الاسلام لما يتركوا *** ما عونهم ويضيعوا التهليلا (6)

قطعوا اليمامة يطردون كأنهم *** قوم أصابوا ظالمين فتيلا

شهري ربيع ما تذوق بطونهم *** إلا حموضا وخمسة وذبيلا (7)

ص: 186


1- الحيزوم : وسط الظهر ، الأصبحية - جمع أصبح - السياط.
2- المعقول : الادراك.
3- أسأرت : أي بقيت في الإناء بقية ، الأجفيل : الخائف.
4- الخرق : الصحراء الواسعة.
5- عزين : الجماعات.
6- الماعون : الزكاة.
7- الحموض : المر المالح.

وأتاهم يحيى فشد عليهم *** عقدا يراه المسلمون ثقيلا(1)

كتبا تركن غنيهم ذا عيلة *** بعد الغنى وفقيرهم مهزولا

فتركت قومي يقسمون أمورهم *** إليك أم يتربصون قليلا(2)

وصور النمري بهذه الأبيات الجور الهائل الذي صبه العمال على قومه حتى لم يتركوا عليهم عظما إلا هشومه ، قد ألهبت سياطهم أجسام قومه وتركتهم أشباحا مبهمة خالية من الحياة والروح.

واستمرت المظالم الاقتصادية حتى في دور عمر بن عبد العزيز الشهم النبيل فان عماله لم يألوا جهدا في سلب أموال الرعية واستصفاء ثرواتها بغير حق يقول كعب الأشعري مخاطبا له :

إن كنت تحفظ ما يليك فانما *** عمال أرضك بالبلاد ذئاب

لن يستجيبوا للذي تدعو له *** حتى تجلد بالسيوف رقاب

بأكف منصلتين أهل بصائر *** في وقعهن مزاجر وعقاب

وقد أقر ملوك الأمويين جميع تصرفات عمالهم ، فلم يحاسبوهم على ما اقترفوه من الجور والظلم للرعية ، وهذا مما سبب إشعال الفتن وعدم استقرار الوضع السياسي في البلاد ، مما نجم منه اندلاع نار الثورة في خراسان والتهامها لحكام بني أمية والقضاء على دولتهم.

وبهذا ينتهي بنا الحديث عن عصر الامام أبي جعفر (عليه السلام) وفيما أحسب أنا قد ألممنا بالكثير من مظاهره ، وأحداثه وقد كانت هذه الدراسة - على

ص: 187


1- يحيى : أحد السعاة الظالمين.
2- حياة الامام موسى بن جعفر 1 / 304.

إيجازها - ضرورة لا غنى لنا عنها لأنها تصور لنا بؤس المجتمع الذي نشأ فيه الامام أبو جعفر (عليه السلام).

ومن الطبيعي أن تلك الأوضاع المؤلمة والصور الحزينة قد تركت التياعا مستوعبا لنفس الامام (عليه السلام) لأنه بحكم قيادته الروحية وابوته العامة للمسلمين يعز عليه عنتهم وشقاءهم ، ويسؤه أن يراهم بتلك الحالة الراهنة من البؤس والشقاء.

ص: 188

أصحابه ورواة حديثه

اشارة

ص: 189

ص: 190

وكان من أهم ما عنى به الامام أبو جعفر (عليه السلام) نشر العلم وإذاعته بين الناس ، وقد جهد على تربية جماعة فغذاهم بفقهه وعلومه ، فكانوا من مراجع الفتيا في العالم الاسلامي ، ومن مفاخر هذه الأمة ، وقد عهد إلى ولده الامام الصادق (عليه السلام) القيام بنفقاتهم ليتفرغوا إلى تدوين الحديث الذي سمعوه منه ، وتعد الكوكبة من العلماء التي تخرجت على يده من خيار أصحاب الأئمة (عليهم السلام) ومن عيون الفقهاء والعلماء وقد أشاد بهم الامام الصادق (عليه السلام) وفضلهم على أصحابه ، فقد خاطب أصحابه قائلا : « كان أصحاب أبي واللّه خيرا منكم ، كان أصحاب أبي ورقا لا شوك فيه ، وأنتم اليوم شوك ، لا ورق فيه » (1).

ونلمح فيما يلي إلى ذكرهم ، واعطاء صورة موجزة عن تراجمهم :

( أ )

1 - أبان بن تغلب :

اشارة

أبان بن تغلب الربعي الكوفي من ألمع علماء الاسلام ، ومن أبرز فقهاء المسلمين ، ونتحدث عن بعض شئونه.

ولادته ونشأنه :

ولد بالكوفة ولم تعين المصادر التي بأيدينا سنة ولادته ، وقد نشأ

ص: 191


1- الكشي.

بالكوفة عاصمة الشيعة وبها ترعرع وقد تغذى بولاء أهل البيت (عليهم السلام) ونشأ على حبهم.

مكانته العلمية :

كان من أبرز علماء عصره وأنبههم ، وقد روى عن الامام علي بن الحسين وأبي جعفر وأبي عبد اللّه علیهم السلام ، وكانت له عندهم حظوة وقدم ، قال له الامام أبو جعفر (عليه السلام) اجلس في مسجد المدينة ، وأفت الناس ، فاني أحب أن أرى في شيعتي مثلك (1).

وكان أبان مقدما في كل فن من العلوم في القرآن والفقه والحديث والأدب واللغة والنحو (2).

ولاؤه لأهل البيت :

وأخلص أبان في ولائه لأهل البيت (عليهم السلام) كأعظم ما يكون الولاء فتحمل علومهم وآدابهم وأذاعها بين الناس ، في وقت كان حبهم من أشد المحن وأعظم الخطوب ، فقد جهد الأمويون على التنكيل وإنزال أقسى العقوبات بمن يحبهم ويذيع مآثرهم وفضائلهم ، ولكن أبان قد وطن نفسه على ذلك وتحمل صنوفا من الأذى والمكروه في سبيلهم ، وكان حبه لهم قائما على الفكر والدليل ، وليس عاطفيا ، وكان يرى فضل الصحابة وسمو مكانتهم

ص: 192


1- معجم الآداب 1 / 108.
2- معجم رجال الحديث 1 / 20.

بمدى اتصالهم بأهل البيت (عليهم السلام) فقد روى عبد الرحمن بن الحجاج قال : كنا في مجلس أبان بن تغلب فجاء شاب فقال له :

« يا أبا سعيد أخبرني كم شهد مع علي بن أبي طالب من أصحاب النبي (صلی اللّه عليه وآله)؟ .. ».

وأدرك أبان مراده فانبرى قائلا :

« كأنك تريد أن تعرف فضل علي بمن تبعه من أصحاب رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله)؟ »

« هو ذلك .. »

فأجابه أبان جواب العارف بحق الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) قائلا :

« واللّه ما عرفنا فضلهم - أي الصحابة - إلا باتباعهم إياه » (1).

ومر أبان على قوم فأخذوا يعيبون عليه لأنه روى عن الامام جعفر (عليه السلام) فسخر منهم قائلا : كيف تلوموني في روايتي عن رجل ما سألته عن شيء إلا قال : قال رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله).

وثاقته :

وكان أبان على جانب كبير من التقوى والحريجة في الدين ، قال العجلي : إنه ثقة (2) ووثقه أحمد بن حنبل ، وابن معين وأبو حاتم ، ومما يدلل على عظيم وثاقته إشادة الأئمة (عليهم السلام) به ، فقد روى سليم بن أبي حبة قال : كنت عند أبي عبد اللّه (عليه السلام) فلما أردت أن أفارقه ودعته ، وقلت له : أحب أن تزودني ، فقال أنت أبان بن تغلب فانه قد سمع مني

ص: 193


1- معجم رجال الحديث 1 / 21 - 22 ، تنقيح المقال 1 / 4.
2- تهذيب التهذيب 1 / 93.

حديثا كثيرا ، فما روى لك فاروه عني (1).

وروى صفوان بن يحيى عن أبان بن عثمان عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) أن أبان بن تغلب روى عني ثلاثين ألف حديث فاروها عني (2).

وروى أبان بن محمد بن أبان قال : سمعت أبي يقول : دخلت مع أبي على ابي عبد اللّه (عليه السلام) فلما بصر به أمر بوسادة فألقيت له وصافحه ، واعتنقه وساءله ورحب به (3).

وكان إذا قدم المدينة تقوضت إليه الحلق ، وأخليت له سارية النبي (صلی اللّه عليه وآله) (4).

وقال الذهبي : إنه شيعي جلد ، لكنه صدوق ، فلنا صدقه ، وعليه بدعته (5) وجرحه جماعة لحبه لأهل البيت (عليهم السلام) فقال الجوزجاني : إنه زائغ مذموم المذهب مجاهر (6) وعند هؤلاء أن حب أهل البيت انحراف عن الحق ومما لا شبهة فيه أن ولاءهم من صميم الاسلام وجزء لا يتجزأ من رسالته الخالدة فمن أنكرهم فقد أنكر الاسلام ومن والاهم فقد آمن بالاسلام.

مؤلفاته :

أما مؤلفاته فهي تدل على مدى سعة علومه ومعارفه وهذه بعضها :

ص: 194


1- معجم رجال الحديث 1 / 23.
2- المعجم 1 / 22.
3- المعجم 1 / 21.
4- المعجم 1 / 21.
5- 5 ميزان الاعتدال 1 / 5.
6- 6 معجم رجال الحديث 1 / 23.

1 - تفسير غريب القرآن ذكر شواهده من الشعر وجاء فيما بعد عبد الرحمن بن محمد الأزدي الكوفي فجمع من كتاب أبان ومحمد بن السائب الكلبي وابن رواق بن عطية بن الحرث كتابا واحدا.

2 - الفضائل (1).

3 - الأصول في الرواية على مذهب الشيعة (2) ، هذه بعض مؤلفاته.

وفاته :

توفي سنة ( 264 ه ) (3) وهو اشتباه والصحيح أنه توفي سنة ( 141 ه ) ولما بلغ الامام الصادق (عليه السلام) خبر وفاته حزن عليه حزنا عميقا ، وراح يؤبنه قائلا : « أما واللّه لقد أوجع قلبي موت أبان » (4) وقال أبو البلاد : « عض ببظر أم رجل من الشيعة في أقصى الأرض وأدناها يموت أبان لا تدخل مصيبته عليه » (5).

لقد كان أبان من أعظم رجال الاسلام علما وجهادا وتفانيا في خدمة الدين ، وكان موته من أعظم النكبات التي رزه بها الاسلام.

ص: 195


1- فهرست ابن النديم ، فهرست الطوسي ( ص 42 ).
2- فهرست ابن النديم.
3- تهذيب التهذيب 1 / 94 ، وفي معجم رجال الحديث 1 / 23 توفي أبان سنة (141) وكذلك في فهرست الشيخ الطوسي ( ص 42 ).
4- معجم الأدباء 1 / 108.
5- الامام الصادق والمذاهب الأربعة 3 / 57.

2 - أبان بن أبي عياش فيروز :

اشارة

عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وقال إنه تابعي ضعيف (1) وقال ابن الغضائري : أبان بن أبي عياش - اسم عياش هارون - تابعي روى عن أنس بن مالك ، وروى عن علي بن الحسين (عليهما السلام) ضعيف لا يلتفت إليه (2) وقد ضعفه جمهور كبير من المحدثين.

قال يزيد بن هارون : قال شعبة : ردائي وخماري في المساكين صدقة إن لم يكن ابن عياش يكذب في الحديث (3) وقال شعبة : لأن أشرب من بول حماري أحب إلي من أن أقول : حدثني أبان (4).

وهناك كلمات كثيرة من الأعلام في قدحه ورد حديثه.

وفاته :

توفي سنة ( 128 ه ) وقيل غير ذلك (5).

ص: 196


1- فهرست الطوسي.
2- معجم رجال الحديث.
3- تهذيب التهذيب 1 / 99.
4- تهذيب التهذيب 1 / 99.
5- ميزان الاعتدال 1 / 14.

3 - ابراهيم بن الأزرق :

الكوفي بياع الطعام ذكره أبو جعفر الطوسي من رجال الامام أبي جعفر (عليه السلام) (1) وهو إمامي مجهول.

4 - ابراهيم بن أبي البلاد :

قال النجاشي : « ابراهيم بن أبي البلاد ، واسم أبي البلاد يحيى ابن سليم ، وقيل ابن سليمان مولى بني عبد اللّه بن عطفان ، يكنى أبا يحيى كان أبو البلاد ضريرا ، وكان رواية للشعر ، وفيه يقول الفرزدق : « يا لهف نفسي على عينيك من رجل ».

وروى ابراهيم عن أبي جعفر (عليه السلام) وأبي عبد اللّه (2).

5 - ابراهيم بن جميل :

أخو طربال الكوفي عده الشيخ من أصحاب الامام أبي جعفر (عليه السلام) وكذلك البرقي (3).

ص: 197


1- الفهرست.
2- معجم رجال الحديث 1 / 58.
3- معجم رجال الحديث 1 / 79.

6 - ابراهيم بن حنان :

الأسدي الكوفي ، نزل واسط من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) حسبما ذكره الشيخ والبرقي (1).

7 - ابراهيم بن صالح الانماطي

7 - ابراهيم بن صالح الانماطي (2) :

من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) حسبما نص عليه الشيخ الطوسي في رجاله وقال : له تصانيف على مذهب الامامية (3).

8 - ابراهيم بن عبد اللّه :

الأحمري روى عن الامام الباقر وأبي عبد اللّه (عليه السلام) وروى عنه سيف بن عميرة (4) وهو مجهول الحال.

ص: 198


1- فهرست الطوسي.
2- الانماطي : نسبة إلى أنماط جمع نمط وهو ثوب صوف يطرح على الهودج له خمل رقيق وعن الأزهري أن العرب لا يطلقون النمط إلا لما كان ذا لون من حمرة أو خضرة أو صفرة ، فأما البياض فلا يقال له نمط ، وقيل الأنماط ضرب من البسط ، وعلى كل حال فالنسبة إليها باعتبار بيعه لها.
3- رجال الطوسي.
4- رجال الطوسي.

9 - ابراهيم بن عبيد :

أبو غرة الأنصاري عده الشيخ من أصحاب الباقر ومن أصحاب الصادق (عليه السلام) (1) وظاهره أنه إمامي مجهول الحال (2).

10 - ابراهيم بن عمر

الصنعاني اليماني قال النجاشي : إنه شيخ من أصحابنا ثقة روى عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه (عليه السلام) ذكر ذلك أبو العباس وغيره ، له كتاب يرويه عنه حماد بن عيسى وغيره.

وضعفه ابن الغضائري إلا إن سيدنا الاستاذ قال : الرجل يعتمد على روايته لتوثيق النجاشي له ، ولوقوعه في إسناد تفسير القمي (3).

11 - ابراهيم بن محمد :

المدني قال النجاشي : روى عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه (عليه السلام) وكان

ص: 199


1- رجال الشيخ ، لسان الميزان 1 / 87.
2- تنقيح المقال 1 / 25.
3- معجم رجال الحديث 1 / 126 وقال الوحيد بما حاصله : إن من تتبع كلمات العلامة في الخلاصة وغيره والنجاشي ظهر له أنهما يقبلان قوله : ويعتمدان عليه جاء ذلك في تنقيح المقال 1 / 28.

خصيصا بهما ، والعامة لهذه العلة تضعفه ،

وحكى بعض أصحابنا عن بعض المخالفين أن كتب الواقدي إنما هي كتب ابراهيم بن محمد بن أبي يحيى نقلها الواقدي وادعاها (1) وقد ذكر ابن حجر سيلا من الكلمات في القدح فيه وتجريحه ، فقد روى عن ابن أبي مريم أنه قال : سمعت يحيى يقول : كان فيه - أي في ابراهيم - ثلاث خصال كان كذابا ، وكان قدريا ، وكان رافضيا (2).

ووثقه الشافعي وروى عنه ، وكان يقول : لأن يخر ابراهيم من بعد أحب إليه من أن يكذب ، وكان ثقة في الحديث (3).

وعلى أي حال فان الطعون التي وجهت إلى الرجل لا واقعية لها وهو ثقة صدوق.

12 - ابراهيم بن مرثد :

الأزدي ، أبو سفيان من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (4) وهو إمامي مجهول الحال.

13 - ابراهيم بن معاذ :

من أصحاب الامام أبي جعفر (عليه السلام) روى عنه في قوله تعالى : « إلا

ص: 200


1- معجم رجال الحديث 3 / 136.
2- تهذيب التهذيب 1 / 158.
3- تهذيب التهذيب 1 / 159.
4- معجم رجال الحديث 1 / 159.

الذين ارتدوا على أدبارهم » حديث التعاقد بين القوم (1).

14 - ابراهيم بن معرض :

الكوفي ، من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) روى عنه وعن أبي عبد اللّه الصادق (عليه السلام) وروى عنه منصور بن حازم ، وحصين بن مخارق (2).

15 - ابراهيم بن نعيم :

الكناني ، يكنى بأبي الصباح ، من أعلام أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) قال له الامام أبو عبد اللّه الصادق : أنت ميزان ، فقال له : جعلت فداك ان الميزان ربما كان فيه عين ، قال : أنت ميزان لا عين فيه (3).

عده الشيخ المفيد من الفقهاء الأعلام ، والرؤساء المأخوذ عنهم الحلال والحرام الذين لا مطعن عليهم ، ولا طريق لذمهم (4).

16 - أبيض بن ابان :

ذكره يوسف بن عبد الرحمن فيمن روى عن الامام الباقر (عليه السلام)

ص: 201


1- معجم رجال الحديث 1 / 161 ، تنقيح المقال 1 / 34.
2- رجال الطوسي.
3- الكشي.
4- الرسالة العددية ، ورد توثيقه في الوجيزة ، والحاوي والبلغة وغيرها.

ولم نعثر على ترجمة له (1).

17 - أحمد بن عائذ بن حبيب :

الأحمسي البجلي ، مولى ثقة ، وكان خلالا ، له كتاب (2) عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر ، ومن أصحاب الامام الصادق (عليه السلام) (3).

18 - أحمد بن عمران :

الحلبي عده الشيخ الطوسي من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (4) وذكر الوحيد أنه من بيت مشهور بالتقوى والصلاح.

19 - اسحاق بن عبد اللّه :

ابن أبي طلحة المدني عده الشيخ من أصحاب الامام علي بن الحسين (عليهما السلام) ومن أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (5).

ص: 202


1- تهذيب الكمال ج 9 / ق 2 من مصورات مكتبة الحكيم ( تسلسل 379 ).
2- النجاشي.
3- رجال الطوسي.
4- رجال الطوسي.
5- رجال الطوسي.

20 - اسحاق بن بشير :

النبال من أصحاب الامام أبي جعفر الباقر (عليه السلام) حسب ما ذكره الشيخ الطوسي (1).

21 - اسحاق بن جعفر :

ابن علي من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (2) وهو إمامي مجهول الحال.

22 - اسحاق بن نوح :

الشامي من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (3).

23 - اسحاق بن الفضل :

ابن يعقوب بن الفضل بن عبد اللّه بن الحارث بن نوفل بن الحارث ابن عبد المطلب روى عن أبي جعفر (عليه السلام) وأبي عبد اللّه (عليه السلام) (4).

ص: 203


1- رجال الطوسي وفي تنقيح المقال 1 / 112 إسحاق بن بشر النبال.
2- رجال الطوسي.
3- رجال الطوسي.
4- رجال الطوسي.

24 - اسحاق بن يسار :

مولى قيس بن مخزمة ( مخرمة ) من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) حسبما ذكره الطوسي (1) والبرقي والظاهر أنه إمامي مجهول الحال.

25 - اسحاق بن يزيد :

الطائي أبو يعقوب مولى ، كوفى ثقة عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) ومن أصحاب الامام الصادق (عليه السلام) (2).

26 - اسحاق بن واصل :

الضبي عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (3).

27 - اسحاق القمي :

عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (4).

ص: 204


1- رجال الطوسي ، تنقيح المقال 1 / 122.
2- رجال الطوسي.
3- رجال الشيخ الطوسي.
4- رجال الطوسي.

28 - اسرائيل بن غياث :

المكي من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (1).

29 - اسماعيل بن زياد :

البزار الكوفي الأسدي من أصحاب الامام الباقر روى عنه وعن أبي عبد اللّه (عليه السلام) (2).

30 - اسماعيل بن جابر :

الجعفي قال النجاشي : « اسماعيل بن جابر الجعفي روى عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه علیهماالسلام ، وهو الذي روى حديث الأذان له كتاب » (3) أما روايته عن الامام الباقر والامام الصادق (عليهما السلام) فتبلغ مائة رواية (4).

وقد روى عنه جمهور غفير من الرواة منهم أبو أيوب وابن سنان

ص: 205


1- رجال الطوسي.
2- رجال الطوسي ، معجم رجال الحديث 3 / 131.
3- معجم رجال الحديث 3 / 112.
4- معجم رجال الحديث 3 / 117.

وابن مسكان ، وأبان بن عبد الملك ، وحريز ، والحسن بن عطية وغيرهم (1)

31 - اسماعيل بن عبد اللّه :

ابن جعفر بن أبي طالب المدني تابعي سمع أباه ، من اصحاب الامام السجاد ومن أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وممن روى عنه (2).

32 - اسماعيل بن عبد الرحمن :

الجعفي الكوفي ، تابعي ، روى عن الامام أبي جعفر (عليه السلام) والامام أبي عبد اللّه (عليه السلام) وكان فقيها ، قال النجاشي : « واسماعيل كان وجها في أصحابنا وأبوه وعمومته ، وكان أوجههم اسماعيل ، وهم بيت في الكوفة من جعف يقال لهم بنو أبي سبرة (3).

33 - اسماعيل بن سلمان :

الأزرق يكنى أبا خالد من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (4).

ص: 206


1- معجم رجال الحديث 3 / 119.
2- معجم رجال الحديث 3 / 147.
3- تنقيح المقال 1 / 137.
4- رجال الطوسي.

34 - اسماعيل الكاتب :

أبو أحمد روى عن أبي جعفر (عليه السلام) وروى عنه ابنه أحمد (1).

35 - أسلم بن أيمن :

التميمي ، المنقري ، الكوفي من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (2).

36 - أسلم القواص :

المكي عده الشيخ في رجاله من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) ومن أصحاب الامام الصادق (عليه السلام) (3).

37 - أسيد بن القاسم :

من أصحاب الامام الباقر ، وعده الشيخ من أصحاب الصادق (عليه السلام) قائلا : أسيد بن القاسم الكناني الكوفي (4).

ص: 207


1- معجم رجال الحديث 3 / 202.
2- معجم رجال الحديث 3 / 87.
3- معجم رجال الحديث 3 / 87.
4- معجم رجال الحديث 3 / 208.

38 - اسماعيل بن عبد الخالق :

قال النجاشي : « اسماعيل بن عبد الخالق بن عبد ربه بن أبي ميمونة بن يسار مولى بني أسد ، وجه من وجوه أصحابنا ، وفقيه من فقهائنا ، وهو من بيت الشيعة ، عمومته : شهاب ، وعبد الرحيم ، ووهب وأبوه عبد الخالق كلهم ثقات ، روى عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه (عليه السلام) (1).

39 - اسماعيل بن عبد العزيز :

من أصحاب الامام أبي جعفر الباقر علیه السلام (2) وفد على الامام الصادق (عليه السلام) فقال (عليه السلام) له : ضع لي ماء في المتوضإ فوضعه له ، وأخذ يناجي نفسه في شأن الامام فبصر (عليه السلام) به فقال له : يا اسماعيل لا ترفعونا فوق طاقة فيتهدم ، واجعلونا عبيدا مخلوقين وقولوا فينا ما شئتم.

40 - اسماعيل بن عبد الرحمن :

ابن أبي كريمة السدي (3) الكوفي ذكره الشيخ من أصحاب الامام

ص: 208


1- تنقيح المقال 1 / 136.
2- رجال الطوسي.
3- السدي : بضم السين ، وتشديد الدال ، نسبة إلى سدة مسجد الكوفة لبيعه المقانع والخمر فيها ، سميت سدة لبقائها من الطاق المسدود ، تنقيح المقال 1 / 137.

الباقر (عليه السلام) وكان مفسرا (1).

41 - اسماعيل بن الفضل :

ابن يعقوب بن الفضل بن عبد اللّه بن الحارث بن نوفل بن الحارث ثقة من أهل البصرة من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (2).

42 - أعين الرازي :

يكنى أبا معاذ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (3) وهو إمامي مجهول الحال

43 - أنس بن تغلب :

أبو سعيد البكري الحريري من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (4).

ص: 209


1- رجال الطوسي ، تنقيح المقال 1 / 137.
2- رجال الطوسي ، روي عن الامام الصادق (عليه السلام) في حقه أنه قال : ( هو كهل من كهولنا وسيد من ساداتنا ) وكفاه بهذا وثاقة وشرفا ، تنقيح المقال 1 / 141.
3- رجال الطوسي.
4- معجم رجال الحديث 3 / 232.

44 - أنس بن عمرو :

الأزدي من أصحاب الامام أبي جعفر الباقر (عليه السلام) (1) وهو إمامي مجهول الحال (2).

45 - أيوب بن بكر :

ابن أبي علاج الموصلي من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (3) وهو إمامي مجهول الحال.

46 - أيوب بن أبي تميمة :

كيسان السجستاني العنبري ( العنزي ) ( الغنوي ) البصري كنيته أبو بكر ، مولى عمار بن ياسر ، وكان عمار مولى فهو مولى مولى ، وكان يحلق شعره في كل سنة مرة فاذا طال فرق ، رأى أنس بن مالك ، ومات بالطاعون بالبصرة سنة ( 131 ه ) من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (4).

ص: 210


1- معجم رجال الحديث 3 / 232.
2- تنقيح المقال 1 / 154.
3- رجال الطوسي ، تنقيح المقال 1 / 158.
4- تنقيح المقال 1 / 158.

47 - أيوب بن شهاب :

ابن زيد البارقي الأزدي مولاهم كوفي من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (1) وهو إمامي مجهول الحال.

48 - أيوب وشيكة :

من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وهو إمامي مجهول الحال (2).

(ب)

49 - بدر بن الخليل :

الأسدي أبو الخليل الكوفي روى عن الامام الباقر (عليه السلام) وروى عنه ثعلبة بن ميمون ، وروى عن الامام الصادق (3).

50 - بره الاسكاف :

عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وقد روى عنه وعن الامام

ص: 211


1- رجال الطوسي.
2- تنقيح المقال 1 / 160.
3- تنقيح المقال 1 / 161.

أبي عبد اللّه الصادق (عليه السلام) (1) وله كتاب (2).

51 - بوه الخياط :

كوفي ذكره الشيخ في أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (3) والظاهر أنه إمامي وروى عن الامام الصادق (عليه السلام) وقيل لم يرو عنه (4).

52 - بريد الخياط :

ذكره البر في من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (5).

53 - بريد الكناسي :

53 - بريد الكناسي : (6)

روى عن الامام أبي جعفر (عليه السلام) وروى عنه هشام بن سالم (7).

ص: 212


1- رجال الطوسي.
2- النجاشي.
3- رجال الطوسي.
4- تنقيح المقال 1 / 164.
5- رجال الطوسي.
6- نسبة إلى الكناسة وهي محلة مشهورة بالكوفة.
7- رجال الطوسي.

54 - بريد بن معاوية :

قال النجاشي : « بريد بن معاوية أبو القاسم البجلي عربي روى عن أبي عبد اللّه وأبي جعفر (عليه السلام) ومات في حياة أبي عبد اللّه (عليه السلام) وجه من وجوه أصحابنا ، وفقيه أيضا له محل عند الأئمة ، قال أحمد بن الحسين : إنه رأى له كتابا يرويه عنه علي بن عقبة بن خالد الأسدي (1).

وهو ممن أجمعت العصابة على تصديقهم والاقرار لهم بالفقه ، وروى جميل بن دراج قال : سمعت أبا عبد اللّه (عليه السلام) يقول : أوتاد الأرض وأعلام الدين أربعة : محمد بن مسلم ، وبريد بن معاوية ، وليث بن البختري المرادي ، وزرارة بن أعين ، وروى دواد بن سرحان قال : سمعت أبا عبد اللّه (عليه السلام) يقول : إني لأحدث الرجل بحديث وأنهاه عن القياس فيخرج من عندي فيتأول حديثي على غير تأويله ، إني أمرت قوما أن يتكلموا ، ونهيت قوما فكل يتأول لنفسه يريد المعصية لله تعالى ، ولرسوله ، ولو سمعوا وأطاعوا لأودعتهم ما أودع أبي أصحابه ، إن أصحاب أبي كانوا زينا أحياء وأمواتا أعني زرارة ، ومحمد بن مسلم ، ومنهم ليث المرادي وبريد العجلي ، هؤلاء القوامون بالقسط ، هؤلاء القوامون بالصدق ، هؤلاء السابقون أولئك المقربون (2) إلى غير ذلك من الأخبار التي وردت في الاشادة بالرجل وبيان عظيم منزلته عند أهل البيت [عليهم السلام] ووردت أخبار قادحة فيه إلا إنه قد طعن في سندها سيدنا الأستاذ ، وأثبت أنها من

ص: 213


1- النجاشي.
2- معجم رجال الحديث 3 / 280 - 284.

الموضوعات أو أنها صدرت تقية محافظة على دمه من السلطة الحاكمة (1).

55 - بسام بن عبد اللّه :

الصيرفي مولى بني أسد روى عن الامام أبي جعفر وأبي عبد اللّه (عليه السلام) له كتاب (2) قتله المنصور لولائه لأهل البيت [عليهم السلام].

56 - بشار الأسلمي :

من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (3) وهو إمامي مجهول الحال.

57 - بشر بن جعفر :

الجعفي أبو الوليد من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) روى عنه أحمد بن الحارث الأنماطي (4) وهو إمامي مجهول الحال.

58 - بشر بن خثعم :

من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (5) وهو إمامي مجهول الحال.

ص: 214


1- معجم رجال الحديث 3 / 280 - 284.
2- النجاشي.
3- رجال الشيخ.
4- رجال الشيخ.
5- رجال الطوسي.

59 - بشر بن أبي عقبة :

المدائني ذكره الشيخ في رجاله من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (1).

60 - بشر بن عبد اللّه :

الخثعمي الكوفي من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (2).

61 - بشر بن ميمون :

الوابشي ، الهمداني ، النبال الكوفي ، وهو آخر شجرة ، ذكره الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (3).

62 - بشر بن يسار :

من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (4).

ص: 215


1- معجم رجال الحديث 3 / 306.
2- رجال الشيخ الطوسي ، تنقيح المقال 1 / 173.
3- رجال الطوسي.
4- رجال الطوسي.

63 - بشر بياع الزطي :

ذكره الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (1) وكذلك ذكره البرقي وظاهره أنه إمامي مجهول الحال.

64 - بشر الرحال :

من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) حسبما ذكره الشيخ (2) وذكره البرقي بعنوان بشير من أصحاب الباقر (عليه السلام) وإنما سمي بالرحال لأنه رحل خمسين رحلة من حج إلى غزوة (3).

65 - بشير الجعفي :

يكنى أبا محمد المستنير الأزرق بياع الطعام ، مجهول من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (4).

66 - بشير أبو عبد الصمد :

ابن بشر الكوفي روى عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه (عليه السلام) ذكره علي

ص: 216


1- رجال الطوسي.
2- رجال الطوسي.
3- تنقيح المقال 1 / 172.
4- رجال الطوسي.

ابن الحسن بن فضال من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (1).

67 - بشير بن سليمان :

المدني من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (2).

68 - بكر بن حبيب :

الأحمسي (3) ، البجلي الكوفي روى عن الامام الباقر (عليه السلام) وعن أبي عبد اللّه (عليه السلام) يكنى أبا مريم (4).

69 - بكر بن خالد

الكوفي من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) ومن أصحاب الامام الصادق (5)

ص: 217


1- رجال الطوسي.
2- رجال الطوسي تنقيح المقال 1 / 175.
3- الأحمسي : نسبة إلى بني أحمس ، حي من بني أنمار بن أرش من القحطانية غلب على بنيه اسمه ، فقيل لهم أحمس ، والأحمس في اللغة الشديد ، ويقع على الرجل الشجاع ، جاء ذلك في تنقيح المقال 1 / 177.
4- رجال الطوسي.
5- رجال الطوسي.

70 - بكر بن صالح

من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (1) وظاهره أنه إمامي مجهول الحال (2).

71 - بكرب بن كرب :

الصيرفي من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) ذكره الشيخ في رجاله ، وذكره أيضا من أصحاب الامام الصادق (عليه السلام) (3).

72 - بكرويه الكندي :

الكوفي روى عن الامام الباقر ، وروى عنه أبان بن عثمان ذكره الشيخ في أصحاب الامام الباقر وفي أصحاب الامام الصادق (عليه السلام) (4) والظاهر أنه إمامي مجهول الحال (5).

ص: 218


1- رجال الطوسي.
2- تنقيح المقال 1 / 178.
3- رجال الطوسي ، وفي بصائر الدرجات ان الامام الصادق (عليه السلام) قال له : ما لهم ولكم ، ما يريدون منكم؟ يقولون : الرافضة ، نعم واللّه رفضتم الكذب ، واتبعتم الحق.
4- رجال الطوسي.
5- تنقيح المقال 1 / 181.

73 - بكير بن أعين :

ابن سنسن الشيباني الكوفي ، روى عن الامام الباقر (عليه السلام) وعن أبي عبد اللّه (عليه السلام) يكنى أبا عبد اللّه ، ويقال له : أبو الجهم ، له ستة أولاد ذكور وهم : عبد اللّه ، والجهم ، وعبد الحميد ، وعبد الأعلى ، وعمر وزيد ، كان من عيون الشيعة وثقاتهم ولما توفي قال الامام أبو عبد اللّه الصادق (عليه السلام) أما واللّه لقد أنزله اللّه بين رسول اللّه وأمير المؤمنين (1).

74 - بكير بن جندب :

الكوفي روى عن الامام الباقر والصادق (عليه السلام) وهو من أصحاب الباقر (2) والظاهر أنه إمامي مجهول الحال (3).

75 - بكير بن حبيب :

الكوفي روى عن الامام الباقر وأبي عبد اللّه (عليهما السلام) وكان من أصحاب الامام الباقر (4) والظاهر أنه إمامي مجهول الحال.

ص: 219


1- الكشي.
2- رجال الطوسي.
3- تنقيح المقال 1 / 182.
4- رجال الطوسي.

( ت )

76 - نسيم بن زياد :

من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (1) وظاهره أنه إمامي مجهول الحال (2).

( ث )

77 - ثابت بن أبي ثابت :

عبد اللّه البجلي الكوفي ، يكنى أبا سعيد مولى ، روى عن الامام الباقر (عليه السلام) وعن أبي عبد اللّه (عليه السلام) وكان من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (3).

78 - ثابت بن دينار :

يكنى أبا حمزة الثمالي (4) علم من أعلام التقوى ، والصلاح ، لقي

ص: 220


1- رجال الطوسي.
2- تنقيح المقال 1 / 187.
3- رجال الطوسي.
4- الثمالي : نسبة إلى ثمالة بالثاء المضمومة على الأصح ، والمفتوحة حسب ما يرى ابن خلكان ، وهو لقب عوف بن أسلم بن حجر ، ولقب به لأنه أطعم قومه ، وسقاهم لبنا بثمالته أي برغوته ، تنقيح المقال 1 / 189.

الامام علي بن الحسين (عليه السلام) وأبا جعفر ، وأبا عبد اللّه (عليه السلام) وروى عنهم ، يقول النجاشي : وكان من خيار أصحابنا وثقاتهم ومعتمديهم في الرواية والحديث ، وروي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) أنه قال : أبو حمزة في زمانه ، مثل سلمان في زمانه (1) وكان مستجاب الدعوة (2) وقد استشهد أولاده مع الثائر العظيم زيد بن علي (عليه السلام) (3) ، أما مؤلفاته فهي :

1 - كتاب في تفسير القرآن الكريم.

2 - كتاب النوادر.

3 - كتاب الزهد.

توفى سنة ( 150 ه ) (4).

79 - ثابت بن زائدة :

العكلي (5) من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) ومن أصحاب الامام الصادق (عليه السلام) (6).

ص: 221


1- النجاشي.
2- الكشي.
3- النجاشي.
4- معجم رجال الحديث 3 / 383.
5- العكلي : نسبة إلى أبي قبيلة من العدنانية فيهم غباوة ، وقلة فهم ، ويقال لكل من فيه غفلة وحمق ( عكلي ) تنقيح المقال 1 / 192.
6- رجال الطوسي.

80 - ثابت بن هرمز :

قال النجاشي ، ثابت بن هرمز أبو المقدام الفارسي الكوفي الحداد ، روى نسخة عن علي بن الحسين (عليه السلام) رواها عنه ابنه عمر بن ثابت (1) عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) ومن أصحاب الامام الصادق (عليه السلام) (2) وقد روى عن الامام أبي جعفر فضل زيارة الامام الحسين (3).

قال ثابت للامام أبي جعفر (عليه السلام) : إن العامة يزعمون أن بيعة أبي بكر حيث اجتمع الناس كافة رضا لله عز ذكره ، وما كان اللّه ليفتن أمة محمد (صلی اللّه عليه وآله) من بعده ، فقال (عليه السلام) : أما يقرءون كتاب اللّه؟ أو ليس اللّه يقول : ( وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ ) قال ثابت : إنهم يفسرون الآية على وجه آخر ، فقال (عليه السلام) : أو ليس اللّه قد أخبر عن الذين من قبلهم من الأمم أنهم قد اختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات حيث قال تعالى : ( وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شاءَ اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ وَلكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شاءَ اللّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ ) (4)

ص: 222


1- النجاشي.
2- رجال الطوسي.
3- كامل الزيارات.
4- سورة البقرة : آية 253.

وفي هذا ما يستدل به على إن أصحاب محمد (صلی اللّه عليه وآله) قد اختلفوا من بعده (1).

وروى ثابت عن أبيه عن الامام أبي جعفر عن آبائه (عليهم السلام) أن رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) قال : « نجوم السماء أمان لأهل السماء فاذا ذهبت نجوم السماء أتى أهل السماء بما يكرهون ، ونجوم من أهل بيتي من ولدي أحد عشر نجما أمان في الأرض لأهل الأرض أن تميد بأهلها فاذا ذهبت نجوم أهل بيتي من الأرض أتى أهل الأرض ما يكرهون » (2) وقد اتهم ثابت بأنه زيدي تبرى إلا أنه لم يثبت ذلك.

81 - ثوير بن أبي فاختة :

قال النجاشي : ثوير بن أبي فاختة أبو جهم الكوفي ، واسم أبي فاختة سعيد بن علاقة يروي عن أبيه ، وكان مولى أم هاني بنت أبي طالب (3) عده الشيخ في رجاله من أصحاب الامام علي بن الحسين (عليه السلام) ومن أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (4) وقد روى ثوير ما يلي : قال : خرجت حاجا فصحبني عمرو بن ذر القاضي ، وابن قيس الماصر ، والصلت بن بهرام ، وكانوا إذا نزلوا قالوا : أنظر الآن فقد حررنا أربعة آلاف مسألة نسأل أبا جعفر (عليه السلام) عنها عن ثلاثين كل يوم وقد قلدناك ذلك ،

ص: 223


1- تنقيح المقال 1 / 194.
2- تنقيح المقال 1 / 194.
3- النجاشي.
4- رجال الطوسي.

فقال ثوير : فغمنى ذلك ، حتى إذا دخلنا المدينة فافترقنا ، فنزلت أنا على أبي جعفر (عليه السلام) فقلت له : جعلت فداك إن ابن ذر ، وابن قيس الماصر والصلت صحبوني ، وكنت أسمعهم يقولون : قد حررنا أربعة آلاف مسألة نسأل أبا جعفر عنها ، فغمنى ذلك فقال أبو جعفر : ما يغمك؟ فاذا جاءوا فأذن لهم ، فلما كان من غد دخل مولى لأبي جعفر (عليه السلام) فقال : جعلت فداك إن بالباب ابن ذر ومعه قوم ، فقال لي أبو جعفر : يا ثوير قم فأذن لهم ، فقمت فأدخلتهم ، فلما دخلوا سلموا وقعدوا ولم يتكلموا فلما طال ذلك أقبل أبو جعفر يستفتيهم الأحاديث ، وأقبلوا لا يتكلمون ، فلما رأى ذلك أبو جعفر قال لجارية له : يقال لها سرحة هاتي الخوان فلما جاءت به فوضعته قال أبو جعفر : الحمد لله الذي جعل لكل شيء حدا ينتهى إليه ، حتى أن لهذا الخوان حدا ينتهي إليه فبادر ابن ذر قائلا :

- ما حده؟

- إذا وضع ذكر اللّه ، وإذا رفع حمد اللّه.

وأمرهم الامام بتناول طعام الغذاء ، وأمر (عليه السلام) الجارية أن تسقيه فجاءته بكوز من أدم ، فقال (عليه السلام) : الحمد لله الذي جعل لكل شيء حدا ينتهى إليه.

قال ابن ذر : ما حده؟

الامام : حده أن يذكر اسم اللّه عليه إذا شرب ، ويحمد اللّه إذا فرغ ولا يشرب من عند عروته ، ولا من كسر إن كان فيه.

ولما فرغوا من تناول الطعام أقبل عليهم الامام (عليه السلام) يستفتيهم الأحاديث وهم صامتون ، ولما رأى ذلك منهم الامام التفت إلى ابن ذر فقال له :

ص: 224

« ألا تحدثنا ببعض ما سقط إليكم من حديثنا؟ »

« بلى يا ابن رسول اللّه ، قال رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) : إني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر : كتاب اللّه وأهل بيتي إن تمسكتم بهما لن تضلوا »

قال الامام أبو جعفر (عليه السلام) : يا ابن ذر فاذا لقيت رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) فقال ما خلفتني في الثقلين؟ فما ذا تقول له؟.

فبكى ابن ذر وقال : أما الأكبر فمزقناه - يعني الكتاب - وأما الأصغر - يعني العترة الطاهرة - فقتلناه.

فقال أبو جعفر : إذن تصدقه بابن ذر ، لا واللّه لا تزول قدم يوم القيامة حتى تسأل عن ثلاثة : عن عمره فيما أفناه ، ومن ماله من أين اكتسبه ، وفيما انفقه ، وعن حبنا أهل البيت.

وانصرفوا من منزل الامام وأمر (عليه السلام) غلامه بمتابعتهم ليسمع ما يقولون فرجع الغلام وقال له : لقد سمعتهم يقولون لابن ذر على هذا خرجنا معك؟ فقال : ويلكم اسكتوا ما أقول إن رجلا يزعم أن اللّه يسألني عن ولايته ، وكيف أسأل رجلا يعلم حد الخوان ، وحد الكوز .. » (1).

(ج)

82 - جابر بن عبد اللّه :

ابن عمرو بن حزام الأنصاري الخزرجي الصحابي العظيم من

ص: 225


1- معجم رجال الحديث 3 / 410 - 412.

الأصفياء وخيار المسلمين ، وفي طليعة المنقطعين لأهل البيت (عليهم السلام) وهو آخر من بقي من صحابة النبي (صلی اللّه عليه وآله) وقد روى عنه أبو الزبير المكي قال : سألت جابر بن عبد اللّه فقلت له : أخبرني أي رجل كان علي بن أبي طالب؟ قال : فرفع حاجبيه عن عينيه - وقد كانا سقطا على عينيه - فقال : ذلك خير البشر أما واللّه إن كنا لنعرف المنافقين على عهد رسول اللّه ببغضهم إياه (1).

وبلغ من عظيم ولائه للامام أمير المؤمنين (عليه السلام) إنه كان يتوكا على عصاه ويدور في سكك المدينة ومجالسها وهو يقول : علي خير البشر فمن أبى فقد كفر .. يا معاشر الأنصار أدبوا أولادكم على حب علي (2).

ومما يدل على عظيم ولائه لأهل البيت (عليهم السلام) ما رواه الامام الصادق (عليه السلام) عن آبائه ، قال : لما نزلت هذه الآية ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) قام رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) فقال : أيها الناس قد فرض لي عليكم فرضا فهل أنتم مؤدوه؟ فلم يجبه أحد منهم فانصرف ، فلما كان من الغد قام فقال : مثل ذلك ، فلم يجبه أحد ، فلما كان اليوم الثالث تلكم بمثل ذلك ، ثم قال : أيها الناس إنه ليس من ذهب ولا فضة ولا مطعم ، ولا مشرب ، قالوا : فالقه إذن قال : إن اللّه تبارك أنزل قوله : ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) فقالوا : أما هذه فنعم قال أبو عبد اللّه (عليه السلام) ، فو اللّه ما وفى بها إلا سبعة نفر سلمان وأبو ذر وعمار والمقداد بن الأسود وجابر بن عبد اللّه الانصاري ، ومولى لرسول

ص: 226


1- تنقيح المقال 1 / 199.
2- معجم رجال الحديث 4 / 15.

اللّه (صلی اللّه عليه وآله) وزيد بن أرقم (1).

وشهد جابر مع النبي (صلی اللّه عليه وآله) ثمان عشرة غزوة ، وشهد مع الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) صفين (2) وهو الذي حمل تحيات النبي (صلی اللّه عليه وآله) إلى الامام الباقر وقد تقدمت الأخبار في ذلك في الجزء الأول من هذا الكتاب.

وقد استغفر له النبي (صلی اللّه عليه وآله) ليلة البعير خمسا وعشرين مرة (3) وكانت له حلقة في المسجد يؤخذ عنه العلم (4) توفى وله من العمر 94 سنة (5).

83 - جابر بن يزيد :

اشارة

الجعفي من أعلام العلماء ومن أجل فقهاء أهل البيت (عليهم السلام) وفد على الامام أبي جعفر (عليه السلام) وتلقى منه المزيد من العلوم والمعارف حتى عد في طليعة علماء المسلمين ، وكان إذا حدث أو روى عن الامام أبي جعفر (عليه السلام) قال : حدثني وصي الأوصياء ، ووارث علم الأنبياء محمد بن علي علیه السلام (6)

وقد عده ابن شهر اشوب بابا للامام أبي جعفر (عليه السلام) والمراد من الباب بابه في علومه وأسراره.

ص: 227


1- تنقيح المقال 1 / 200.
2- سفينة البحار.
3- تهذيب التهذيب 2 / 43 ، الاصابة 1 / 214.
4- تهذيب التهذيب 2 / 43 ، الاصابة 1 / 214.
5- الاصابة 1 / 215.
6- معجم رجال الحديث 4 / 20.

وروي عن الامام الصادق (عليه السلام) إنه قال : إنما سمي جابر لأنه جبر المؤمنين بعلمه وهو بحر لا ينزح ، وهو الباب في دهره ، والحجة على الخلق من حجج اللّه أبي جعفر (عليه السلام).

ويقال : انتهى علم الأئمة [عليهم السلام] إلى أربعة نفر : سلمان الفارسي وجابر والسيد الحميري ، ويونس بن عبد الرحمن.

وثاقته :

وقد وثقه شعبة قال : كان جابر إذا قال : حدثنا ، وسمعت فهو من أوثق الناس ، وقال زهير بن معاوية إنه من أصدق الناس (1) وقال وكيع : مهما شككتم في شيء فلا تشكوا في أن جابر ثقة ، وقال سفيان الثوري لشعبة : لأن تكلمت في جابر لأتكلمن فيك (2) وقال سفيان : (3) ما رأيت في الحديث أورع من جابر الجعفي (4).

مؤلفاته :

ألف مجموعة من الكتب كان من بينها ما يلي :

1 - تفسير القرآن الكريم.

ص: 228


1- تهذيب التهذيب 2 / 47.
2- تهذيب التهذيب 2 / 47.
3- ميزان الاعتدال 1 / 382.
4- معجم رجال الحديث 4 / 18.

2 - كتاب النوادر.

3 - كتاب الجمل.

4 - كتاب صفين.

5 - كتاب النهروان.

6 - كتاب مقتل الامام أمير المؤمنين ع.

7 - كتاب مقتل الحسين ع.

8 - رسالة الامام أبي جعفر إلى أهل البصرة (1).

هذه بعض مؤلفاته ، وقد أخذ معظمها من الامام أبي جعفر (عليه السلام) ومن المؤسف انا لم نعثر على شيء منها في المكتبات العامة في بلدنا.

روايته عن الامام أبى جعفر :

روى جابر عن الامام الباقر (عليه السلام) روايات كثيرة فقد روى عند سبعين ألف حديث (2) وهي تكشف عن مدى اتصاله بالامام (عليه السلام) وانقطاعه إليه.

اختلاطه :

وأصيب جابر بالاختلاط ، وكان ذلك تصنعا خوفا عليه من السلطة فقد أوعز إليه أبو جعفر بذلك وأمره به وقد خرج إلى الناس وعلى رأسه قوصرة فجعل الناس يقولون : جن جابر ، ولم تمض أيام حتى كتب

ص: 229


1- معجم رجال الحديث 4 / 18.
2- ميزان الاعتدال 1 / 383.

هشام إلى عامله على الكوفة يأمره بحمل جابر إليه ، فسأل الأمير عنه فشهد عنده الناس بأنه قد اختلط ، وكتب بذلك إلى هشام فلم يعرض له بسوء ، ثم رجع جابر إلى حاله الأول (1).

وفاته :

توفى جابر سنة [ 167 ه ] (2).

84 - الجارود بن السري :

التميمي السعدي الحماني (3) الكوفي من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) ومن أصحاب الامام الصادق (عليه السلام) (4).

85 - الجارود بن المنذر :

الكندي النخاس ، كوفي ، ثقة عده الشيخ في رجاله من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) ومن أصحاب الامام الصادق (عليه السلام).

ص: 230


1- معجم رجال الحديث 4 / 22.
2- ميزان الاعتدال 1 / 384.
3- الحماني : بالحاء المهملة نسبة إلى حمان محلة بالبصرة أو إلى بني حمان ابن سعد المنسوب إلى تلك المحلة ، تنقيح المقال 1 / 205.
4- رجال الطوسي.

وقال النجاشي : جارود بن المنذر أبو المنذر الكندي النخاس روى عن أبي عبد اللّه ثقة ، ثقة ، ذكره أبو العباس في رجاله له كتاب (1).

86 - الجراح المدائني :

ذكره الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) ومن أصحاب الامام الصادق (عليه السلام) (2) قال النجاشي : جراح المدائني روى عن أبي عبد اللّه ، له كتاب (3).

87 - جعفر الأحمسي :

من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (4).

88 - جعفر بن ابراهيم :

الجعفي الجعفري ، من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (5) وهو إمامي

ص: 231


1- النجاشي.
2- رجال الطوسي.
3- النجاشي.
4- رجال الطوسي.
5- رجال الطوسي.

مجهول (1).

89 - جعفر بن ابراهيم :

الحضرمي عده البرقي من أصحاب الامام أبي جعفر (عليه السلام) (2).

90 - جعفر بن الحكيم :

ابن عباد الكوفي من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (3).

91 - جعفر بن عمرو :

ابن ثابت أبي المقدام بن هرمز الحداد العجلي الكوفي مولاهم من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (4) وهو إمامي مجهول الحال.

ص: 232


1- تنقيح المقال 1 / 211.
2- رجال البر في ، معجم رجال الحديث 4 / 47 ، وفي تنقيح المقال 1 / 211 جعفر بن ابراهيم الحضرمي عده الشيخ في رجاله من أصحاب الامام الرضا.
3- رجال الطوسي.
4- رجال الطوسي.

92 - جعدة :

ابن أبي عبد اللّه عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (1).

( ح )

93 - الحسن بن أبي سارة :

النيلي (2) الأنصاري القرظي مولى محمد بن كعب ، وهو ابن عم معاذ الهراء وله ابن يقال له أبو جعفر الرؤاسي النحوي ، ذكره البرقي من أصحاب الامام الباقر والصادق [عليهماالسلام] (3) ووثقه النجاشي في ترجمة ابنه.

94 - الحسن بن حبيش :

من أصحاب الامام الباقر علیه السلام (4) روى زيد الشحام قال :

ص: 233


1- رجال الطوسي.
2- النيلي : بكسر النون ، نسبة أما نيل مصر أحد الأنهار المشهورة في العالم ، أو نسبة إلى النيل قرية بالكوفة ، قرب الحلة ، أو الى بلدة تقع بين بغداد وواسط تسمى بالنيل ، أو إلى بيع النيل وتجارته ، تنقيح المقال 1 / 266.
3- معجم رجال الحديث 4 / 286.
4- البرقي.

كنت عند أبي عبد اللّه (عليه السلام) ومر الحسن بن حبيش ، فقال أبو عبد اللّه : لي : أتحبّ هذا وهذا من أصحاب أبي (1).

95 - الحسن ابن الحسن :

ابن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) المدني التابعي ، وهو أخو عبد اللّه بن الحسن وابراهيم لأبيهما وأمهما وأمهم فاطمة بنت الحسين توفي قبل وفاة أخيه عبد اللّه ، وهو من أصحاب الإمام الباقر علیه السلام (2).

96 - الحسن بن زياد :

الصيقل من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) قال الصدوق : هو كوفي مولى ، وكنيته أبو الوليد ، روى عنه يونس بن عبد الرحمن (3).

97 - الحسن بن السري

الكاتب الكرخي روى هو وأخوه علي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) له كتاب رواه عنه الحسن بن محبوب ، عده الشيخ في رجاله من أصحاب

ص: 234


1- تنقيح المقال 1 / 271.
2- رجال الطوسي.
3- معجم رجال الحديث 4 / 341.

الامام الباقر (عليه السلام) (1).

98 - الحسن بن شهاب

ابن يزيد البارقي الأزدي الكوفي ، روى عن الامام الباقر (عليه السلام) وعن أبي عبد اللّه (عليه السلام) (2).

99 - الحسن بن صالح :

ابن حي الهمداني الثوري ، الكوفي ، صاحب المقالة زيدي إليه تنسب الصالحية ، عده الشيخ في رجاله من أصحاب الإمام الباقر (عليه السلام) ، وتعرض له الكشي عند بيان الفرقة البشرية بعد ترجمة أبي الضبار ، وروى عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال : « لو أن البشرية صف واحد ما بين المشرق إلى المغرب ما أعز اللّه بهم دينه » قال الكشي : والبشرية هم أصحاب كثير النواء ، والحسن بن صالح بن حي ، وسالم ابن أبي حفصة ، والحكم بن عينية ، وسلمة بن كهيل ، وأبو المقدام ثابت الحداد ، وهم الذين دعوا إلى ولاية علي (عليه السلام) ثم خلطوها بولاية أبي بكر وعمر ، ويثبتون لهما الإمامة ، ويبغضون عثمان وطلحة والزبير وعائشة ، ويرون الخروج مع بطون ولد علي (عليه السلام) ويذهبون في ذلك إلى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، ويثبتون لكل من خرج من ولد علي (عليه السلام) عند

ص: 235


1- معجم رجال الحديث 4 / 350 ، رجال الطوسي.
2- معجم رجال الحديث 4 / 470.

خروجه الإمامة (1).

100 - الحسن بن علي :

الأحمدي الكوفي روى عن الإمامين الباقر والصادق (عليه السلام) وروى عنه عنبسة بن عمرو (2).

101 - الحسن بن عمار :

الدهان من أصحاب الإمام الباقر (عليه السلام) والإمام الصادق (عليه السلام) روى عن الإمام أبي عبد اللّه ، وروى عنه محمد بن عبد الرحمن بن حماد (3).

102 - الحسن بن عمارة :

الكوفي من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (4) وعده الشيخ من أصحاب الإمام السجاد (عليه السلام).

ص: 236


1- معجم رجال الحديث 4 / 372.
2- معجم رجال الحديث 5 / 15.
3- معجم رجال الحديث 5 / 77.
4- رجال الطوسي.

103 - الحسن بن كثير :

البجلي الكوفي روى الشيخ المفيد بأسناده عنه أنه قال : شكوت إلى أبي جعفر (عليه السلام) الحاجة وجفاء الأخوان ، فقال (عليه السلام) : بئس الأخ أخ يرعاك غنيا ويقطعك فقيرا ، ثم أمر غلامه فأخرج كيسا فيه سبعمائة درهم ، فقال : استنفق هذه فإذا نفذت فأعلمني (1).

104 - الحسن بن المنذر :

عده الشيخ مع أخيه الحسين من أصحاب الإمام الباقر (عليه السلام) (2) وظاهره إنه أمامي مجهول الحال.

105 - الحسن بن يوسف :

عده الشيخ من أصحاب الإمام الباقر (عليه السلام) (3) وهو أمامي مجهول الحال.

ص: 237


1- الإرشاد ، تنقيح المقال 1 / 303.
2- رجال الطوسي.
3- معجم رجال الحديث 5 / 158.

106 - الحسن الجعفي :

الكوفي من أصحاب الإمام أبي جعفر الباقر (عليه السلام) (1).

107 - الحسن الزيات :

البصري ، روى عن الإمام أبي جعفر الباقر (عليه السلام) وروى عنه عبد اللّه ابن مسكان ، وذكر سيدنا الاستاذ الخوئي عرضا إلى الروايات التي رواها عن الإمام الباقر (عليه السلام) (2).

108 - الحسين بن ابتر :

الكوفي ، من أصحاب الإمام الباقر علیه السلام (3) وهو أمامي مجهول الحال.

109 - الحسين ابن أبي العلاء :

الخفاف الزنجي أبو علي الأعود من أصحاب الإمام الباقر (عليه السلام)

ص: 238


1- معجم رجال الحديث 5 / 164.
2- معجم رجال الحديث 5 / 166.
3- رجال الطوسي.

والإمام الصادق (عليه السلام) له كتب ، منها كتاب يعد في الأصول ، روى عن أبي عبد اللّه الصادق وروى عنه صفوان بن يحيى (1).

110 - الحسين بن ثوير :

قال النجاشي الحسين بن ثوير بن أبي فاختة سعيد بن حمران جمهان ( رجهمان ) تولى أم هاني بنت أبي طالب روى عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه (عليه السلام) ثقة ذكره أبو العباس في الرجال وغيره .. له كتاب نوادر (2).

111 - الحسين بن حماد :

عده الشيخ من أصحاب الإمام الباقر (عليه السلام) (3) وقال النجاشي : الحسين بن حماد ابن ميمون العبدي مولاهم كوفي ، ... له كتاب يرويه داود بن حصين وابراهيم بن مهزم (4).

112 - الحسين بن عبد اللّه :

الرجاني (5) من أصحاب الإمام الباقر (عليه السلام) وروي عن الإمام

ص: 239


1- معجم رجال الحديث 5 / 185 ، تنقيح المقال 1 / 317.
2- النجاشي ، وفي الفهرست للطوسى وغيره الحسين بن ثوير.
3- رجال الطوسي.
4- النجاشي.
5- الرجانى : نسبة إلى رجان واد بنجد.

أبي عبد اللّه (عليه السلام) وروى عنه الهيثم بن راقد (1).

113 - الحسين ابن عبد اللّه

ابن عبيد اللّه بن العباس بن عبد المطلب عده الشيخ في رجاله من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) مدني تابعي ، روى عنه قيس بن الربيع (2).

114 - الحسين بن مصعب

الهمدانيّ الكوفي عده الشيخ من أصحاب الإمام الباقر (عليه السلام) وله كتاب (3) وهو أمامى.

115 - الحسين بن المنذر

ابن أبى طريفة هو ابن عم محمد بن علي بن النعمان ( مؤمن الطاق ) قال النجاشي في ترجمة محمد بن علي بن النعمان : روي الحسين بن المنذر عن علي بن الحسين وأبى جعفر وأبي عبد اللّه (عليه السلام) (4) وروى الحسين ابن المنذر قال : كنت عند أبى عبد اللّه (عليه السلام) فقال لي معتب : خفف

ص: 240


1- معجم رجال الحديث 6 / 13.
2- معجم رجال الحديث 6 / 66 ، تنقيح المقال 1 / 333.
3- معجم رجال الحديث 6 / 93.
4- معجم رجال الحديث 6 / 96.

عن أبي عبد اللّه ، فقال (عليه السلام) دعه فإنه من فراخ الشيعة (1).

116 - صفي الاعور

الكوفي ، روى عن الامام الباقر (عليه السلام) وعن الامام أبي عبد اللّه (عليه السلام) ومن أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (2).

117 - حفص بن غياث :

النخعي الكوفي عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (3) وقال النجاشي : حفص بن غياث بن طلق ... الكوفي روى عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد (عليه السلام) وولي القضاء ببغداد الشرقية لهارون ، ثم ولاه قضاء الكوفة ومات بها سنة ( 164 ه ) له كتاب أخبرنا عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن سعيد قال : سمعت عبد اللّه بن أسامة الكلبي يقول : سمعت عمر بن حفص بن غياث يقول وذكر كتاب أبيه عن جعفر بن محمد (عليه السلام) وهو سبعون ومائة حديث أو نحوها (4).

ص: 241


1- الكشي.
2- رجال الشيخ الطوسي.
3- رجال الشيخ الطوسي.
4- النجاشي.

118 - الحكم بن الصلت :

الثقفي ذكره الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وعده البرقي مع توصيفه بالمدني من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (1).

119 - الحكم بن أبي نعيم :

ذكره البرقي في أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وروى عنه (2).

120 - الحكم بن عبد الرحمن :

ابن أبي نعيم البجلي والد أبي من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) والامام الصادق (عليه السلام) (3).

121 - الحكم بن عتيبة :

اشارة

أبو محمد الكندي الكوفي ، عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) ومن أصحاب الامام الصادق (عليه السلام) وأضاف الشيخ أنه من البترية

ص: 242


1- معجم رجال الحديث 6 / 171.
2- معجم رجال الحديث 6 / 163 ، تنقيح المقال 1 / 256.
3- معجم رجال الحديث 6 / 172.

وقد روى أبو مريم الأنصاري أن الامام أبا جعفر (عليه السلام) قال له : قل لسلمة بن كهيل والحكم بن عتيبة شرقا أو غربا لن تجدا علما صحيحا إلا شيئا خرج من عندنا أهل البيت.

وروى أبو بصير قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن شهادة ولد الزنا أتجوز؟ قال (عليه السلام) : لا. قلت : إن الحكم بن عتيبة يزعم أنها تجوز ، فقال : اللّهم لا تغفر ذنبه قال اللّه ( إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ ) فليذهب الحكم يمينا وشمالا فو اللّه لا يوجد هذا العلم إلى في أهل بيت نزل عليهم جبرئيل ، وروى أبو بصير قال : سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول : إن الحكم ابن عتيبة وسلمة وكثير النواء وأبا المقدام والتمار « يعني سالما » ضلوا كثيرا ممن ضل من هؤلاء ، وإنهم ممن قال اللّه عز وجل : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ) (1).

ودلت هذه الرواية على زيغ الرجل وانحرافه عن الحق.

وروى زرارة قال : قدمت المدينة ، وأنا شاب أمرد فدخلت سرادقا لأبي جعفر (عليه السلام) فرأيت قوما جلوسا في الفسطاط ، وصدر المجلس ليس فيه أحد ، ورأيت رجلا جالسا ناحية يحتجم ، فعرفت برأي أنه أبو جعفر فقصدت نحوه فسلمت عليه ، فرد السلام علي ، فجلست بين يديه ، والحجام خلفه ، فقال : أمن بني أعين أنت؟ فقلت : نعم أنا زرارة ابن أعين ، فقال : عرفتك بالشبه ، احج حمران؟ قلت : لا ، وهو يقرؤك السلام ، فقال : إنه من المؤمنين حقا ، لا يرجع أبدا - يعني لا يرجع عن الاعتقاد بالامامة - إذا لقيته فاقرأه مني السلام ، وقل له : لم حدثت الحكم بن عتيبة؟ إن الأوصياء محدثون ، لا تحدثه واشباهه

ص: 243


1- معجم رجال الحديث 6 / 174 - 175.

بمثل هذا الحديث (1).

وكشفت هذه الرواية عن بعده عن أهل البيت (عليهم السلام) وانه كان منحرفا عنهم ، وقد وثقه ابن حجر وأثنى عليه ، وذكر كلمات كثيرة في حقه (2).

وفاته :

توفي سنة ( 113 ه ) (3) وقيل سنة ( 115 ه ) (4).

122 - الحكم بن علياء :

الأسدي كان واليا على البحرين فأصاب مالا كثيرا فحمل خمسه إلى الامام الباقر (عليه السلام) فقبله (5).

123 - الحكم بن القتات :

كوفي عده ابن داود من أصحاب الامامين الباقر والصادق وقال

ص: 244


1- الكشي.
2- تهذيب التهذيب 2 / 433.
3- تهذيب التهذيب 2 / 434.
4- تنقيح المقال 1 / 358.
5- تنقيح المقال 1 / 359.

النجاشي : إنه ثقة قليل الحديث له كتاب (1).

124 - الحكم بن المختار :

ابن أبي عبيدة الثقفي ، كنيته أبو محمد ثقة روى عن الامام الباقر (عليه السلام) والامام الصادق (عليه السلام) (2).

125 - حكيم بن حكم :

ابن عباد بن حنيف الأنصاري روى عن الأئمة الطاهرين علي بن الحسين والباقر والصادق علیهم السلام (3).

126 - حكيم بن صهيب :

الصيرفي الكوفي مولى بني ضبة عده الشيخ من أصحاب الامام علي ابن الحسين (عليه السلام) ومن أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (4).

ص: 245


1- النجاشي.
2- رجال الطوسي.
3- رجال الطوسي.
4- رجال الطوسي.

127 - حكيم بن معاوية :

النميري عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (1) وهو إمامي مجهول الحال.

128 - حماد بن أبي سليمان :

الأشعري كوفي من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) ومن أصحاب الامام الصادق (عليه السلام) (2) وهو إمامي مجهول الحال.

129 - حماد بن أبي العطارد :

الطائي ، الكوفي من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) ومن أصحاب الامام الصادق (عليه السلام) (3).

130 - حماد بن بشير :

الطنافسي الكوفي روى عن الامام الباقر (عليه السلام) والامام الصادق (عليه السلام) وكان

ص: 246


1- رجال الطوسي.
2- تنقيح المقال 1 / 362.
3- معجم رجال الحديث 6 / 220.

من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (1).

131 - حماد بن راشد :

الأزدي البزاز أبو العلاء الكوفي من أصحاب الامام الباقر والامام الصادق (عليه السلام) توفى سنة ( 156 ه ) (2).

132 - حماد بن المغيرة :

من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وظاهره أنه إمامي مجهول الحال (3).

133 - حمران بن أعين :

اشارة

الشيباني ، مولاهم يكنى أبا الحسن ، وقيل أبو حمزة تابعي من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) ومن أعيان العلماء ، واجلاء الرواة ، وكان من العارفين بالحق ، والصادعين بأمر اللّه ، ونلمح إلى بعض شئونه :

مكانتة العلمية :

كان حمران من كبار العلماء الذين حملوا رسالة الاسلام ، ووقفوا

ص: 247


1- رجال الطوسي.
2- رجال الطوسي.
3- تنقيح المقال 1 / 368 ، معجم رجال الحديث 6 / 239.

على دقائقها وواقعها أخذ علومه من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) الذين هم معدن العلم والحكمة وخزان الوحي ، تتلمذ عند الامام الباقر (عليه السلام) ومن بعده لازم الامام جعفر الصادق (عليه السلام) وأخذ الكثير من علومه ، وكان الامام الصادق (عليه السلام) يدلل على وفور علمه وفضله ، ويقول الرواة إن رجلا من أهل الشام وفد على الامام الصادق (عليه السلام) ليمتحنه ، فقال (عليه السلام) له :

« ما حاجتك؟ »

فقال الشامي : بلغني أنك عالم بكل ما تسأل عنه ، فصرت إليك لأناظرك. فتبسم الامام وقال له :

« بما ذا؟ »

« في القرآن ، وقطعه واسكانه ، وخفضه ، ونصبه ورفعه »

والتفت الامام (عليه السلام) إلى حمران فقال له :

« دونك الرجل »

فثار الشامي وقال :

« إنما أريدك أنت لا حمران »

وقابله الامام ببسمات فياضة بالبشر قائلا :

« إن غلبت حمران فقد غلبتني »

وأقبل الشامي على حمران فجعل يسأله عن مسائله ، وحمران يجيبه ، والتفت الامام إلى الشامي فقال له :

« كيف رأيته؟ »

« رأيته حاذقا ، ما سألته عن شيء إلا أجابني » (1).

وكشفت هذه البادرة عن سعة علومه ومعارفه ، ويقول أبو غالب

ص: 248


1- تنقيح المقال 1 / 370.

الرازي : كان حمران من أكبر مشايخ الشيعة ، المفضلين الذين لا يشك فيهم ، وكان أحد حملة القرآن ومن بعده ، يذكر اسمه في القراء ، وروي أنه قرأ على أبي جعفر (عليه السلام) وكان مع ذلك عالما بالنحو واللغة (1).

لقد كان حمران في طليعة علماء عصره ، وقد ساهم مساهمة إيجابية في نشر الوعي الثقافي والعلمي في ذلك العصر.

منزلته عنه الأئمة :

وكانت لحمران منزلة كريمة عند أئمة الهدى (عليهم السلام) وقد أثرت عنهم كثير من الأحاديث في الاشادة به وفيما يلي بعضها :

1 - روى بكير بن أعين قال : حججت أول حجة فصرت إلى منى فسألت عن فسطاط أبي عبد اللّه فدخلت عليه فرأيت في الفسطاط جماعة فأقبلت أنظر في وجوههم فلم أره فيهم ، وكان في ناحية الفسطاط يحتجم فقال : هلم إلي ، ثم قال : يا غلام أمن بني أعين أنت؟ قلت : نعم جعلني اللّه فداك ، قال : أيهم أنت؟ قلت : أنا بكير بن أعين فقال لي : ما فعل حمران؟ قلت : لم يحج العام على شوق شديد منه إليك ، وهو يقرأ عليك السلام ، فقال : عليك وعليه السلام حمران مؤمن من أهل الجنة لا يرتاب أبدا لا واللّه.

2 - روى زيد الشحام قال : قال لي أبو عبد اللّه (عليه السلام) : ما وجدت أحدا أخذ بقولي ، وأطاع أمري وحذا حذو أصحاب آبائي غير رجلين رحمهما اللّه : عبد اللّه بن أبي يعفور وحمران بن أعين إما إنهما مؤمنان

ص: 249


1- تنقيح المقال 1 / 370.

خالصان من شيعتنا أسماؤهما عندنا في كتاب أصحاب اليمين الذي أعطى اللّه محمدا (صلی اللّه عليه وآله).

3 - روى أبو خالد الأخرس عن حمران قال : قلت لأبي جعفر (عليه السلام) : جعلت فداك إني حلفت أن لا أبرح المدينة حتى أعلم ما أنا؟ قال (عليه السلام) : تريد ما ذا يا حمران؟ قال : تخبرني ما أنا؟ قال (عليه السلام) : أنت لنا شيعة في الدنيا والآخرة (1).

وروى الكشي طائفة أخرى من الأخبار تدلل على سمو مكانته ، وعظيم منزلته عند أئمة أهل البيت (عليهم السلام)

شدة ولائه للائمة :

كان حمران يكن في أعماق نفسه أعظم الولاء والحب للأئمة الطاهرين ويقول الرواة : إنه كان إذا جلس مع أصحابه فلا يخوض حديثا لا يتناول فضائل أهل البيت فان خلطوا ذلك بغيره ردهم إليه ، فان أبوا تركهم وانصرف عنهم (2) وكان حقا هذا منتهى الولاء والحب.

134 - حمزة بن حمران :

ابن أعين الشيباني الكوفي عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام)

ص: 250


1- الكشي.
2- تنقيح المقال 1 / 371.

وعده البرقي من أصحاب الامام الصادق (عليه السلام) وقال النجاشي : له كتاب (1).

135 - حمزة بن عطاء :

الكوفي من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) ومن أصحاب الامام الصادق (عليه السلام) وهو إمامي مجهول الحال (2).

136 - حمزة بن عمارة :

البربري اليزيدي روى الكشي بسنده عن بريد بن معاوية العجلي قال : كان حمزة بن عمارة اليزيدي لعنه اللّه يقول لأصحابه : إن أبا جعفر يأتيني في كل ليلة ... فقدر لي أني لقيت أبا جعفر (عليه السلام) فحدثته بما يقول حمزة : فقال : كذب عليه لعنة اللّه ما يقدر الشيطان أن يتمثل في صورة نبي : ولا وصي نبي (3) ووردت أخبار مماثلة في ذمه والبراءة منه.

137 - حمزة الطيار :

عده الشيخ في أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وذكره البرقي في أصحاب

ص: 251


1- معجم رجال الحديث 6 / 272.
2- تنقيح المقال 1 / 376.
3- الكشي.

الامام الصادق (عليه السلام) وروى الكشي بسنده عن حمزة الطيار قال : سألنا أبو عبد اللّه (عليه السلام) عن قراءة القرآن؟ فقلت : ما أنا بذلك ، فقال : لكن أباك ثم سألني عن الفرائض؟ فقلت : وما أنا بذلك ، فقال : لكن أباك قال : ثم قال : إن رجلا من قريش كان لي صديقا وكان عالما قارئا فاجتمع هو وأبوك عند أبي جعفر (عليه السلام) وقال : ليقبل كل واحد منكما على صاحبه ويسأل كل واحد منكما صاحبه ففعلا ، فقال القرشي لأبي جعفر : قد علمت ما أردت ، أردت أن تعلمني أن في أصحابك مثل هذا قال : هو ذاك ، فكيف رأيت ذلك (1) ودلت هذه الرواية على وفور فضله وسعة علمه ، ويقول الرواة إن الامام الصادق (عليه السلام) نهى بعض شيعته عن الخوض مع الغير في البحوث الكلامية ، وذلك لعدم تخصصهم بها ، ولما سمع ذلك حمزة خف إلى الامام (عليه السلام) فقال له : بلغنى أنك كرهت مناظرة الناس ، وكرهت الخصومة؟ فقال : أما كلام مثلك للناس فلا نكرهه ، إنك ممن إذا طار أحس أن يقع ، وإن وقع يحس أن يطير ، فمن كان هكذا فلا نكره كلامه (2) وكشفت هذه الرواية عن قدراته الكلامية ، وتخصصه فيها ، ويقول المترجمون له : إنه كان شديد الخصومة عن أهل البيت (عليهم السلام) والدفاع عنهم.

وكان حمزة شديد الولاء لأهل البيت (عليهم السلام) فقد دخل على الامام أبي عبد اللّه الصادق (عليه السلام) فأخذ بيده وجعل (عليه السلام) يعدد له الأئمة الذين فرض اللّه طاعتهم على عباده ، فلما انتهى (عليه السلام) إلى أبيه محمد الباقر أمسك فقال له حمزة : جعلني اللّه فداك لو فلقت رمانة فأحللت بعضها ، وحرمت بعضها

ص: 252


1- معجم رجال الحديث 6 / 278.
2- تنقيح المقال 1 / 375.

لشهدت أن ما حرمت حرام وما أحللت حلال ، فسر الامام بقوله وعرفه انه الامام بعد أبيه قائلا : فحسبك أن تقول بقوله : وما أنا إلا مثلهم لي مالهم ، وعلي ما عليهم ، وإن أردت أن تجيء يوم القيامة مع الذين قال اللّه تعالى : ( يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ ) فقل بقوله (1) لقد كان حمزة رحمه اللّه راسخ العقيدة ، والايمان ، وكان من أصلب المدافعين عن أهل البيت (عليهم السلام) ولما بلغ موته الامام الصادق (عليه السلام) قال : رحمه اللّه ولقاء نضرة وسرورا فقد كان شديد الخصومة عنا أهل البيت (2).

( خ )

138 - خازم الأشل :

الكوفي من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وممن روى عنه ، كما روى عن الامام أبي عبد اللّه الصادق (عليه السلام) (3) وهو إمامي مجهول الحال.

139 - خالد بن أبي كريمة

قال النجاشي : خالد بن أبي كريمة روى عن الامام الباقر (عليه السلام) ذكره ابن نوح ، روى عنه نسخة أحاديث ... وهي التي رواها عن

ص: 253


1- تنقيح المقال 1 / 374.
2- الكشي.
3- رجال الطوسي.

الامام الباقر (عليه السلام) (1).

140 - خالد بن أوفى :

أبو الربيع العنزي الشامي من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) حسبما ذكره الشيخ (2).

141 - خالد بن بكار :

أبو العلاء الخفاف الكوفي من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وهو إمامي مجهول الحال (3).

142 - خالد بن طهمان :

أبو العلاء الخفاف السلولي ، كان من العامة له نسخة أحاديث رواها عن الامام أبي جعفر (عليه السلام) وعده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (4).

ص: 254


1- النجاشي.
2- رجال الطوسي.
3- رجال الطوسي ، معجم رجال الحديث 7 / 14.
4- رجال الطوسي ، معجم رجال الحديث 7 / 30.

143 - خيثمة بن عبد الرحمن :

الجعفي روى عن الامام أبي جعفر (عليه السلام) وروى عنه علي بن عطية كما روى عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) وروى الخشاب عن بعض أصحابنا عنه (1).

144 - خيثمة بن أبي خيثمة :

روى محمد بن يعقوب الكليني بسنده عن أبي بصير قال : كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) فقال له سلام : إن خيثمة بن أبي خيثمة محدثنا عنك أنه سألك عن الاسلام فقلت له : إن الاسلام من استقبل قبلتنا وشهد شهادتنا ، ونسك نسكنا ، وو الى ولينا وعادى عدونا فهو مسلم ، فقال (عليه السلام) : صدق خيثمة ، قلت : وسألك عن الايمان فقلت : الايمان باللّه والتصديق بكتاب اللّه ، وأن لا يعصي اللّه فقال (عليه السلام) : صدق خيثمة (2).

( د )

145 - داود الأبزاري :

عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (3) وهو إمامي مجهول الحال.

ص: 255


1- معجم رجال الحديث 7 / 82 ، تنقيح المقال 1 / 404.
2- معجم رجال الحديث 7 / 83 ، تنقيح المقال 1 / 404.
3- رجال الطوسي ( ص 120 ).

146 - داود بن أبي هند

القشيري السرخسي يكنى أبا بكر ، واسم أبي هند دينار من أهل سرخس وبها عقبه مات في طريق مكة سنة [ 139 ه ] من أصحاب الإمام الباقر (عليه السلام) (1).

147 - داود بن حبيب :

أبو غيلان الكوفي روى عن الامام الباقر (عليه السلام) وعن أبي عبد اللّه علیه السلام (2).

148 - داود بن حرة :

أخو إسحاق بن حرة روى عن الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام) وكان من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) (3).

149 - داود بن زيد :

ص: 256


1- رجال الطوسي ( ص 120 ).
2- رجال الطوسي ( ص 120 ).
3- معجم رجال الحديث 7 / 100.

الهمداني الكوفي عده الشيخ الطوسي من أصحاب الإمام الباقر علیه السلام (1).

150 - داود بن الدجاجي :

الكوفي عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (2).

151 - دلهم بن صالح :

الكندي الكوفي من أصحاب الإمام الباقر (عليه السلام) (3).

( ذ )

( ر )

152 - رافع بن مسلمة :

ابن زياد بن أبي الجعد الأشجعي مولاهم كوفي روى عن الإمام أبي جعفر والإمام أبي عبد اللّه (عليه السلام) ثقة من بيت النقات وعيونهم له

ص: 257


1- رجال الطوسي ( ص 120 ).
2- رجال الطوسي ( ص 120 ).
3- رجال الطوسي ( ص 120 ).

كتاب (1).

153 - الربيع العبسي :

الكوفي من أصحاب الإمام الباقر (عليه السلام) (2).

154 - ربيع بن سعد :

الجعفي مولاهم الكوفي ، خزاز روى عن الامام الباقر ، وروى عنه حفيده أحمد بن النضر الخزاز (3).

155 - ربيعة بن أبي عبد الرحمن :

المعروف بربيعة الرأي المدني ، الفقيه ، العامي ، من أصحاب الإمام الباقر (عليه السلام) (4) وروى الكشي عن زرارة قال : جئت إلى حلقة بالمدينة فيها عبد اللّه بن محمد ، وربيعة الرأي ، فقال عبد اللّه : يا زرارة سل ربيعة عن شيء مما اختلفتم فيه ، فقلت : إن الكلام يورث الضغائن ، فقال لي : ربيعة الرأي سل يا زرارة ، قلت : بم كان رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله)

ص: 258


1- النجاشي.
2- معجم رجال الحديث 7 / 170.
3- معجم رجال الحديث 7 / 173 ، القسم الثاني من الخلاصة.
4- رجال الطوسي.

يضرب في الخمر؟ قال : بالجريد والنعل فقلت : لو أن رجلا أخذ اليوم شارب خمر وقدمه إلى الحاكم ما كان عليه؟ قال : يضربه بالسوط ، فقال عبد اللّه بن محمد : يا سبحان اللّه!! يضرب رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) بالجريد ، ويضرب عمر بالسوط ، نترك ما فعل رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) ونأخذ ما فعل عمر!!

156 - ربيعة بن ناجذ :

ابن كثير أبو صادق الكوفي روى عن الإمام الباقر (عليه السلام) وعن أبي عبد اللّه (عليه السلام) وكان من أصحاب الإمام الباقر (عليه السلام) (1).

157 - رزي الابزاري :

من أصحاب الإمام الباقر (عليه السلام) وهو مجهول الحال (2).

158 - رزين الانماطي

من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وهو مجهول الحال (3).

ص: 259


1- رجال الطوسي.
2- رجال الطوسي ، القسم الثاني من رجال ابن داود.
3- رجال الطوسي.

159 - رشد بن سعد

المصري ، من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وعده البرقي من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) وقال : إنه عربي (1).

160 - رفيد مولى بني هبيرة

من أصحاب الإمام الباقر (عليه السلام) وممن روى عنه ، وعن الامام الصادق (عليه السلام) (2) وقد انهزم من مولاه لما أراد قتله فالتجأ الى الإمام الصادق فكتب الإمام (عليه السلام) رسالة إلى مولاه يستشفع به وقال (عليه السلام) لرفيد اذهب برسالتي إلى مولاك وقل له إن جعفر بن محمد يقول لك قد آمنت رفيدا فلا تؤذه فحمل إليه الرسالة فاستجاب له وعفا عنه.

161 - رقبة بن مصقلة

من المفتيين في العراق وقد روي أنه دخل على أبي جعفر (عليه السلام) فسأله عن أشياء ، فقال له الإمام : إني أراك ممن يفتي في مسجد العراق فقال : نعم ، فقال (عليه السلام) : ممن أنت؟ فقال : ابن عم لصعصعة ، فقال (عليه السلام) : مرحبا بك يا بن عم صعصعة ، فقال له : ما تقول في المسح

ص: 260


1- معجم رجال الحديث 7 / 190.
2- معجم رجال الحديث 7 / 200.

على الخفين ، فقال : كان عمر يراه ثلاثا للمسافر ، ويوما وليلة للمقيم ، وكان أبي لا يراه في سفر ولا حضر ، وخرج من عند الإمام ، فلما كان على عتبة الباب أمره الإمام بالمجيء إليه ، فأقبل عليه ، فقال (عليه السلام) : إن القوم كانوا يقولون برأيهم فيخطئون ويصيبون ، وكان أبى لا يقول برأيه (1).

( ز )

162 - زائدة بن قدامة

من أصحاب الإمام الباقر (عليه السلام) وقد روى عن الإمام علي بن الحسين [عليهماالسلام] وروى عنه ابنه قدامة (2).

163 - زحر بن عبد اللّه

الأسدي ثقة روى عن الإمام أبي جعفر (عليه السلام) والإمام أبي عبد اللّه علیه السلام وله كتاب (3).

164 - زرارة بن أعين

اشارة

ص: 261


1- معجم رجال الحديث 7 / 202.
2- معجم رجال الحديث 7 / 215.
3- النجاشي.

فذ من أفذاذ الإسلام وعلم من أعلام الدين ، ومن كبار الفقهاء والعلماء ، ونتحدث - بإيجاز - عن بعض مظاهر شخصيته العظيمة.

نسبه :

كان زرارة روميا فأبوه أعين بن سنسن عبد رومي لرجل من بني شيبان ، تعلم القرآن ، ثم اعتقه ، فعرض عليه أن يدخل في نسبه ، فأبى أعين أن يفعل ، وقال : اقرني على ولائي ، وكان سنسن جد زرارة راهبا في بلد الروم.

أما زرارة فاسمه عبد ربه ، وزرارة لقب له ، ويكنى أبا الحسن (1).

منزلته العلمية :

وكان زرارة من أشهر علماء المسلمين فضلا وتقوى وحريجة في الدين ، وكان فيما أجمع عليه المؤرخون يملك طاقات هائلة من الفقه لا يملكها أحد من فقهاء عصره ، وهو أحد المؤسسين لفقه أهل البيت [عليهم السلام] فرواياته تحتل الصدارة عند الفقهاء ، وتتميز على غيرها ، وإليها يرجعون في استنباطهم للحكم الشرعي ، ولم تقتصر رواياته على باب واحد من أبواب الفقه وإنما شملت جميع بحوثه من العبادات والمعاملات ، وغيرهما.

ص: 262


1- رجال الطوسي.
روايته عن الإمام الباقر :

وكان زرارة من أبرز تلاميذ الإمام أبي جعفر ، وقد روى عنه ألفا ومائتين وستة وثلاثين موردا ، كما إن روايته عن الامام الصادق (عليه السلام) تبلغ أربعمائة وتسعة وأربعين موردا (1).

من روى عنه :

وروى عنه جمهرة كبيرة من العلماء والفقهاء كان منهم أبو أيوب ، وأبو بصير ، وأبو جميلة ، وأبو زياد النهدي ، وأبو السفاتج وأبو عينية وغيرهم (2).

الإشادة بمواهبه :
اشارة

وكانت مواهب زرارة مما تدعو إلى الاعتزاز والفخر بها ، وقد أشاد بها جمهور من رجال الفكر والعلم كان من بينهم من يلي :

1 - جميل بن دراج

وأشاد جميل بن دراج بمواهب زرارة وعبقرياته ، فقد قيل له : ما أحسن محضرك وازين مجلسك؟ فقال :

ص: 263


1- معجم رجال الحديث 7 / 249.
2- معجم رجال الحديث 7 / 225.

« أي واللّه ما كنا حول زرارة بن أعين إلا بمنزلة الصبيان في الكتاب حول المعلم .. » (1).

وكان جميل من العلماء البارزين ، وأحد الفقهاء المعدودين ، وهو - حسب اعترافه - يعد نفسه أمام زرارة لا شيء ، وإنه أمامه بمنزلة الصبي أمام المعلم.

2 - النجاشي :

قال النجاشي : « زرارة بن أعين بن سنسن مولى لبني عبد اللّه ... شيخ أصحابنا في زمانه ، ومتقدمهم ، وكان قاريا ، فقيها ، متكلما ، شاعرا ، أديبا ، قد اجتمعت فيه خلال الفضل والدين ، صادق فيما يرويه .. » (2).

3 - الكشي :

قال الكشي : « اجتمعت العصابة على تصديق هؤلاء الأولين من أصحاب أبي جعفر وأصحاب أبي عبد اللّه (عليه السلام) وانقادوا لهم بالفقه ، فقالوا : أفقه الأولين ستة : زرارة ، ومعروف بن خربوذ ، وبريد ، وأبو بصير الأسدي ، والفضيل بن يسار ومحمد بن مسلم الطائفي قالوا : أفقه الستة زرارة (3).

ص: 264


1- معجم رجال الحديث 7 /
2- النجاشي.
3- الكشي.
4 - ابن النديم :

قال ابن النديم : « زرارة أكبر رجال الشيعة فقها وحديثا ، ومعرفة بالكلام والتشيع » (1).

وكشفت هذه الكلمات عما يتمتع به زرارة من القدرات العلمية التي جعلته في القمة من رجال العلم والفكر في الاسلام.

الامام الصادق وزرارة

كان الإمام الصادق (عليه السلام) يبجل زرارة ، ويكبره ، ويعتز به ، لأنه من كبار العلماء ، والفقهاء الذين تتلمذوا على أبيه ، وحافظوا على ثرواته الفكرية والعلمية ، وقد أثرت عنه مجموعة من الأخبار تشيد بفضل زرارة ، وهذه بعضها :

1 - روى الفضل بن عبد الملك قال : سمعت أبا عبد اللّه (عليه السلام) يقول : « أحب الناس إلي أحياء ، وأمواتا أربعة : بريد بن معاوية العجلي ، وزرارة ، ومحمد بن مسلم ، والأحول. » (2).

ودلت هذه الرواية على مدى ما يحمله الامام (عليه السلام) من حب عميق لهؤلاء الأعلام الذين رفعوا راية الاسلام ، وأضاءوا حياة المسلمين بعلومهم وآدابهم.

ص: 265


1- فهرست ابن النديم.
2- الكشي.

2 - روى جميل بن دراج قال : سمعت أبا عبد اللّه (عليه السلام) يقول : « بشر المخبتين في الجنة ، بريد بن معاوية العجلي ، وأبا بصير ليث بن البختري المرادي ، ومحمد بن مسلم ، وزرارة ، أربعة نجباء أمناء اللّه على حلاله وحرامه ، لو لا هؤلاء انقطعت آثار النبوة واندرست » (1).

لقد كان لهؤلاء المجاهدين الفضل العظيم على الاسلام والمسلمين بما حفظوه من أحاديث أئمة أهل البيت (عليهم السلام) التي تمثل هدي الاسلام وواقعه.

3 - روى داود بن سرحان عن الامام أبي عبد اللّه (عليه السلام) أنه قال : « إن أصحاب أبي كانوا زينا أحياء وأمواتا ، أعني زرارة ، ومحمد بن مسلم ، ومنهم ليث المرادي ، وبريد العجلي ، هؤلاء القوامون بالقسط ، القوالون بالصدق ، وهؤلاء السابقون أولئك المقربون » (2).

لقد كان هؤلاء الأصفياء في حياتهم زينة لأهل البيت (عليهم السلام) وذلك لما لهم من السيرة الحسنة والسلوك الطيب ، فكانوا قدوة حسنة لمن أراد الاهتداء بهم ، وأما بعد مماتهم فكانوا زينة لأهل البيت (عليهم السلام) وذلك لما تركوه من الآثار العلمية التي هي من مواضع الاعتزاز والفخر.

4 - روى سليمان بن خالد الأقطع قال : سمعت أبا عبد اللّه (عليه السلام) يقول : « ما أجد أحدا أحيي ذكرنا ، وأحاديث أبي إلا زرارة ، وأبو بصير ليث المرادي ، ومحمد بن مسلم ، وبريد بن معاوية العجلي ، ولو لا هؤلاء ما كان أحد يستنبط هذا ، هؤلاء حفاظ الدين ، وأمناء أبي على حلال اللّه وحرامه وهم السابقون إلينا في الدنيا ، والسابقون إلينا

ص: 266


1- الكشي ..
2- الكشي.

في الآخرة » (1).

إن هؤلاء الفقهاء كانوا حفاظ الدين ، والأمناء والأوفياء على حلال لله وحرامه ، ولولاهم لاندرست آثار النبوة والامامة ، فهم الذين حفظوا أحاديث الأئمة ودونوها ، فما أعظم عائدتهم على الاسلام.

5 - روى جميل بن دراج قال : دخلت على أبي عبد اللّه (عليه السلام) فقال. لي : لقيت الرجل الخارج من عندي؟ قلت : بلى هو رجل من أصحابنا من أهل الكوفة ، قال (عليه السلام) : لا قدس اللّه روحه ولا قدس مثله ، إنه ذكر أقواما كان أبي ائتمنهم على حلال اللّه وحرامه ، وكانوا عيبة علمه وكذلك اليوم هم مستودع سري ، أصحاب أبي حقا ، إذا أراد اللّه بأهل الأرض سوء صرف بهم عنهم السوء ، هم نجوم شيعتي أحياء وأمواتا ، يحيون ذكر أبي ، بهم يكشف اللّه كل بدعة ، ينفون عن هذا الدين انتحال المبعللين ، وتأول الغالين.

ثم بكى الامام (عليه السلام) وبهر جميل بن دراج وراح يقول :

« من هم؟ »

قال (عليه السلام) : « من عليهم صلوات اللّه ورحمته أحياء وأمواتا ، بريد العجلي ، وزرارة ، وأبو بصير ، ومحمد بن مسلم ، أما إنه يا جميل سيتبين لك أمر هذا الرجل - وهو الذي انتقص زرارة - ينسب إلى أصحاب أبي الخطاب » (2).

وكشف هذا الحديث عن مدى أهمية زرارة وأصحابه العلماء الذين كانوا مستودع أسرار الامامة ، وأمناء الامام أبي جعفر على حلال اللّه

ص: 267


1- الكشي.
2- الكشي.

وحرامه ، وانهم قادة الأمة إلى ما يقربها إلى اللّه زلفى.

6 - قال الامام أبو عبد اللّه (عليه السلام) : « رحم اللّه زرارة بن أعين ، لو لا زرارة ونظراؤه لاندرست أحاديث أبي » (1).

إلى غير ذلك من الأحاديث التي أشادت بفضل زرارة ، وبينت منزلته ومكانته عند أئمة أهل البيت (عليهم السلام) وإنه قائم في قلوبهم ومشاعرهم يكنون له أعظم الود والاخلاص.

أخبار قادحة :

ووردت بعض الأخبار وهي تطعن بشخصية زرارة ، ولكن الشيء المحقق إن قسما منها من الموضوعات ، والقسم الآخر قد صدر من الامام لكن لا بدافع القدح والحط من شخصية زرارة ، وإنما جاءت للحفاظ عليه من السلطة الأموية ، وفيما يلي ذلك :

1 - ما رواه الذهبي بسنده عن أبي السماك قال : حججت فلقيني زرارة بن أعين بالقادسية فقال : إن لي إليك حاجة عظيمة ، فقلت : ما هي؟ فقال : إذا لقيت جعفر بن محمد فاقرئه مني السلام ، وسله أن يخبرني أنا من أهل النار أم من أهل الجنة؟ فأنكرت ذلك عليه ، فقال لي : إنه يعلم ذلك ، ولم يزل بي حتى أجبته ، فلما لقيت جعفر بن محمد فأخبرته بالذي كان منه ، فقال لي : هو من أهل النار ، فوقع في نفسي مما قال جعفر ، فقلت : ومن أين علمت ذلك؟ فقال : من ادّعى علي علم هذا فهو من أهل النار ، فلما رجعت لقيت زرارة فأخبرته بأنه

ص: 268


1- الكشي.

قال لي : إنك من أهل النار ، فقال : كان لك من جراب النورة (1)؟ قلت : وما جراب النورة؟ قال : عمل معك بالتقية (2) وهذه الرواية ساقطة ، فان زرارة يخالف ابن السماك في فكرته وعقيدته فكيف يكلفه بسؤال الامام إنه من أهل النار أم من أهل الجنة؟ مضافا إلى أن زرارة من أعلام الفكر والعلم في الاسلام ، فكيف يسأل عن هذه المسألة التافهة ، لأن الانسان على نفسه بصير فهو يعرف مصيره بمقتضى عمله في دار الدنيا ومدى إخلاصه وإنابته إلى اللّه تعالى.

2 - روى الكشي بسنده عن مسمع كردين بن سيار قال : سمعت أبا عبد اللّه (عليه السلام) يقول : « لعن اللّه بريدا ، ولعن اللّه زرارة » (3).

3 - روى الكشي بسنده عن ليث المرادي قال : سمعت أبا عبد اللّه (عليه السلام) يقول : « لا يموت زرارة إلا تائها » (4) وهذه الرواية كالرواية السابقة إمّا موضوعة أو إنها صدرت للحفاظ على حياة زرارة من السلطة الأموية التي لم تتحرج في سفك دماء شيعة أهل البيت (عليهم السلام) بغير حق ، ويدلل على هذه الجهة ما رواه عبد اللّه بن زرارة قال : قال لي أبو عبد اللّه (عليه السلام) اقرأ مني على والدك السلام ، وقل له : إني إنما أعيبك دفاعا

ص: 269


1- جاء في مجمع البحرين في مادة ( نور ) أن قوله (عليه السلام) : أعطاك من جراب النورة لا من العين الصافية على الاستعارة والأصل فيه أنه سأل سائل محتاج من حاكم قسي القلب شيئا فعلق على رأسه جراب نورة عند فمه وأنفه كلما تنفس دخل في أنفه منها شيء ، فصار مثلا يضرب لكل مكروه من غير رضى.
2- الكشي.
3- الكشي.
4- الكشي.

مني عنك ، فان الناس والعدو يسارعون إلى كل من قربناه ، وحمدنا مكانه لادخال في من نحبه ونقربه ويرمونه لمحبتنا له وقربه ودنوه منا ، ويرون إدخال الأذى عليه وقتله ، ويحمدون كل من عبناه نحن ، فانما أعيبك لأنك رجل اشتهرت بنا ، وبميلك إلينا ، وأنت في ذلك مذموم عند الناس غير محمود الأثر بمودتك لنا ، ولميلك إلينا فأحببت أن أعيبك ليحمدوا أمرك في الدين بعيبك ونقصك ، ويكون بذلك منا دافع شرهم عنك ، يقول اللّه عز وجل : ( أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً ) هذا التنزيل من عند اللّه صالحة ، لا واللّه ما عابها إلا لكي تسلم من الملك ، ولا تعطب على يديه ، ولقد كانت صالحة ليس للعيب فيها مسلغ والحمد لله ، فافهم المثل يرحمك اللّه ، فانك واللّه أحب الناس إلي وأحب أصحاب أبي حيا وميتا ، فانك أفضل سفن البحر ، القمقام الزاخر ، وإن من ورائك ملكا ظلوما غصوبا يرقب عبور كل سفينة صالحة ترد من بحر الهدى ليأخذها غصبا ، ثم يغصبها وأهلها ، ورحمة اللّه عليك حيا ، ورحمته ورضوانه عليك ميتا ... » (1).

وكشف هذا الحديث عما عانته الشيعة من الخطوب السود في تلك الأدوار المظلمة من حكم الأمويين ، فان من عرف بالانقطاع لأهل البيت (عليهم السلام) والولاء لهم تعرض لنقمة السلطان وغضبه ، وقد التجأ الأئمة الطاهرون إلى سب الأعلام من شيعتهم وانتقاصهم ليصرفوا عنهم السوء والتنكيل.

ص: 270


1- الكشي.
في ذمة الخلود :

ولم يحفل زرارة بما عاناه من المشاكل والخطوب في سبيل عقيدته ومبدئه ، فقد ظل وفيا لأئمة الهدى فدون علومهم وفقههم ، وحدث بها العلماء والفقهاء ، وقد كان عزا لأهل البيت (عليهم السلام) وذلك لما اتصف به من عظيم الفضل ومكارم الأخلاق ومحاسن الصفات.

ويقول المؤرخون : إنه قد ألم به المرض فبقي حفنة من الأيام يعاني آلاما مرهقة حتى وافاه الأجل المحتوم ، ومضى إلى اللّه ، وهو قرير العين بما قدمه للاسلام من خدمات يعجز عنها الوصف والاطراء ، وكانت وفاته سنة ( 150 ه ) أي قبل وفاة الامام الصادق (عليه السلام) بشهر ، وقد خسر المسلمون بموته علما من أعلام الفكر والعلم ، فتحيات من اللّه ورضوان على روحه وسلام عليه يوم ولد ويوم مات ، ويوم يبعث حيا.

165 - زكريا بن عبد اللّه :

الفياض ، أبو يحيى عده الشيخ في أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وقد روى عنه ، قال : سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول : « إن الناس كانوا بعد رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) بمنزلة هارون وموسى ، ومن اتبعه ، والعجل ومن اتبعه » له كتاب يرويه عنه جماعة (1).

ص: 271


1- رجال الطوسي.

166 - زهير المدائني :

من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وممن روى عنه وعن الامام الصادق (عليه السلام) وروى عنه حماد بن عثمان (1).

167 - زياد الأحلام :

مولى كوفي من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) روى عنه ، وعن الامام الصادق (عليه السلام) روى في التهذيب أن الامام الباقر (عليه السلام) رآه في مكة وقد تسلخ جلده ، فقال له : من أين أحرمت؟ قال : من الكوفة ، قال (عليه السلام) : لم؟ قال : بلغني عن بعضكم ما بعد من الاحرام فهو أعظم للأجر ، فقال (عليه السلام) : ما بلغك إلا الكذب (2)

168 - زياد الأسود :

البان لقب له - الكوفي من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) روى عنه وعن الامام الصادق (عليه السلام) (3) وله حديث مع الامام الباقر ذكرناه في الجزء الأول من هذا الكتاب.

ص: 272


1- رجال الطوسي.
2- تنقيح المقال 1 / 454.
3- معجم رجال الحديث 7 / 300.

169 - زياد بن أبي الحلال :

عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) ومن أصحاب الامام الصادق (عليه السلام) وقال البرقي إنه كوفي ثقة ، وقال النجاشي : له كتاب (1).

170 - زياد بن أبي رجاء :

عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وممن روى عنه وعن الامام الصادق (عليه السلام) ، وقال النجاشي إنه كوفي ثقة (2).

171 - زياد بن أبي زياد :

المنقري التميمي من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (3).

172 - زياد بن الأسود :

النجار من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وهو مجهول الحال (4).

ص: 273


1- معجم رجال الحديث 7 / 302.
2- معجم رجال الحديث 7 / 303.
3- معجم رجال الحديث 7 / 304.
4- معجم رجال الحديث 7 / 306.

173 - زياد بن سوفة :

البجلي الكوفي ، مولى تابعي يكنى أبا الحسن مولى جرير بن عبد اللّه عده الشيخ في أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وكذلك عده البرقي من أصحابه (عليه السلام) وروى عن الامام أبي عبد اللّه الصادق (عليه السلام) (1).

174 - زياد بن صالح :

الهمداني الكوفي من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (2).

175 - زياد بن عيسى :

أبو عبيدة الحذّاء ، كوفي مولى ثقة ، روى عن الامام أبي جعفر وأبي عبد اللّه ، قال العقيقي العلوي : أبو عبيدة الحذّاء كان حسن المنزلة عند آل محمد (صلی اللّه عليه وآله) وكان زامل أبا جعفر إلى مكة له كتاب يرويه علي بن رئاب.

عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر والصادق (عليهما السلام) ، وروى الكشي في ترجمة سالم بن أبي حفصة عن فضيل الأعور عن أبي عبيدة الحذاء قال : قلت : لأبي جعفر إن سالم بن أبي حفصة يقول لي : ما بلغك أنه

ص: 274


1- معجم رجال الحديث 7 / 308.
2- رجال الطوسي.

من مات وليس له إمام كانت ميتته ميتة جاهلية ، فأقول : بلى ، فيقول من إمامك؟ فأقول : أئمتي آل محمد (صلی اللّه عليه وآله) فيقول : واللّه ما أسمعك عرفت إماما ، قال أبو جعفر (عليه السلام) : ويح سالم وما يدري ما منزلة الامام إنها أعظم وأفضل مما يذهب إليه والناس أجمعون ، وروى الكشي في ترجمته له أنه لما توفي أبو عبيدة زياد بن عيسى قال الامام أبو عبد اللّه (عليه السلام) : للأرقط انطلق بنا حتى نصلي على أبي عبيدة ، قال : فانطلقنا فلما انتهينا إلى قبره لم يزد على أن دعا له فقال : اللّهم برد على أبي عبيدة اللّهم نور له قبره اللّهم ألحقه بنبيك ، ولم يصل عليه ، فقلت : هل على الميت صلاة بعد الدفن ، قال : لا إنما هو الدعاء.

وروى ابن ادريس في باب النوادر في مستطرفات السرائر عن كتاب أبان أنه روى أن امرأة أبي عبيدة جاءت إلى أبي عبد اللّه (عليه السلام) بعد موته ، فقالت : إنما أبكي إنه مات غريبا ، وهو غريب ، فقال (عليه السلام) : ليس هو بغريب إن أبا عبيدة منا أهل البيت (1).

176 - زياد بن عيسى :

الكوفي : بياع السابري ، من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (2).

177 - زياد بن المنذر :

أبو الجارود الهمداني ، الخارفي ، الأعمى ، قال : ولدت أعمى ،

ص: 275


1- معجم رجال الحديث 7 / 212 - 314
2- رجال الطوسي.

ما رأيت الدنيا قط (1) روى عن الامام الباقر (عليه السلام) وأبي عبد اللّه (عليه السلام) له أصل وله كتاب التفسير أخذه عن الامام الباقر (عليه السلام) وهو زيدي المذهب ، وإليه تنسب الزيدية الجارودية (2) ووردت أخبار كثيرة في ذمه فقد روى ابو أسامة عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) أنه قال : ما فعل أبو الجارود ، أما واللّه لا يموت إلا تائها ، وروى أبو بصير قال : ذكر أبو عبد اللّه (عليه السلام) كثير النواء وسالم بن أبي حفصة وأبا الجارود ، فقال : كذابون مكذبون كفار عليهم لعنة اللّه ، قال : قلت : جعلت فداك كذابون قد عرفتهم ، فما معنى مكذبون؟ قال : كذابون يأتوننا فيخبرون أنهم يصدقوننا وليس كذلك ، ويسمعون حديثنا فيكذبون به.

وضعف الأستاذ الامام الخوئي هذه الأحاديث وبنى على وثاقة الرجل لأنه ورد في إسناد « كامل الزيارات » وقد شهد مؤلفه جعفر بن محمد ابن قولويه بوثاقة جميع رواة كتابه ، ومضافا لذلك فقد شهد الشيخ المفيد في الرسالة العددية بأنه من الأعلام الرؤساء المأخوذ عنهم الحلال والحرام والفتيا والأحكام الذين لا يطعن عليهم ولا طريق إلى ذم واحد منهم.

ولشهادة علي بن ابراهيم في تفسيره بوثاقة كل من وقع في إسناده روى عن أبي جعفر (عليه السلام) وروى عنه كثير بن عياش تفسير القمي سورة آل عمران في تفسير قوله تعالى : ( إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ) .

وأضاف الامام الخوئي يقول : ثم إن الشيخ الصدوق قال : حدثنا

ص: 276


1- النجاشي.
2- رجال الطوسي.

أبي عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحسن بن محبوب عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال : دخلت على فاطمة (عليهاالسلام) وبين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء فعددت اثني عشر آخرهم القائم عجل اللّه تعالى فرجه ثلاثة منهم محمد وأربعة منهم علي علیهم السلام (1).

178 - زياد مولى أبي جعفر :

عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (2).

179 - زياد الهاشمي :

مولاهم ، كوفي من أصحاب الامام الباقر (3).

180 - زيد الأجرى :

عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وهو مجهول (4).

ص: 277


1- معجم رجال الحديث 7 / 322 - 326.
2- رجال الطوسي.
3- رجال الطوسي.
4- رجال الطوسي.

181 - زيد بن سليط :

عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وهو إمامي مجهول الحال (1)

182 - زيد الشحام :

أبو أسامة الأزدي الكوفي عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر والصادق (عليه السلام) وقال في « الفهرست » له كتاب ، وقال الشيخ المفيد : إنه من فقهاء أصحاب الصادقين (عليهماالسلام) الأعلام الرؤساء المأخوذ عنهم الحلال والحرام والفتيا وأحكام الدين ، ولا مطعن عليهم ، ولا طريق إلى ذم واحد منهم.

وروى زيد قال : إني لأطوف حول الكعبة ، وكفي في كف أبي عبد اللّه (عليه السلام) ، فقال (عليه السلام) لي ودمعه تجري على خديه ، ما رأيت ما صنع ربي إلي؟ ثم بكى ودعا ، وقال لي : يا شحام إني طلبت من إلهي في ساير ، وعبد السلام بن عبد الرحمن ، وكانا في السجن فوهبهما لي ، وخلى سبيلهما ، وتكشف هذه الرواية عن وثاقته وعظيم شأنه ، ووردت أخبار أخرى في وثاقته واتصاله بالأئمة (عليهم السلام) (2).

ص: 278


1- تنقيح المقال 1 / 465.
2- تنقيح المقال 1 / 465 - 466.

183 - زيد بن قدامة :

عده الشيخ في رجاله من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (1).

( س )

184 - سالم بن أبي حفصة :

مولى بن عجل الكوفي ، روى عن الامام علي بن الحسين (عليه السلام) ومحمد الباقر وجعفر الصادق (عليه السلام) يكنى أبا الحسن ، وأبا يونس ، له كتاب (2) وروى فيه الكشي روايات تدل على ضعفه ، وانحرافه عن الحق ، فقد روى عن زرارة أنه قال : لقيت سالم بن أبي حفصة ، فقال لي : ويحك يا زرارة إن أبا جعفر قال لي : أخبرني عن النخل عندكم بالعراق ينبت قائما ، أو معترضا؟ قال : فاخبرته أنه ينبت قائما ، قال : فأخبرني تمركم هو حلو؟ وسألني عن حمل النخل كيف تحمل؟ فأخبرته ، وسألني عن السفن تسير في الماء أو في البر؟ قال : فوصفت له أنها تسير في البحر ، ويمدونها الرجال بصدورهم ، فأتم بامام لا يعرف هذا؟ قال : فدخلت الطواف وأنا مفتم لما سمعت هذا منه فلقيت أبا جعفر (عليه السلام) فأخبرته بما قال لي : فلما جاوزنا الحجر الأسود قال : إله

ص: 279


1- رجال الطوسي [ ص 342 ].
2- النجاشي.

عن ذكره فانه واللّه لا يئول إلى خير أبدا (1).

وقال زيد بن علي (عليه السلام) : لسالم وأصحابه أتتبرءون من فاطمة؟ بترتم أمرنا بتركم اللّه (2) واختفى سالم أيام الحكم الأموي ، وظل قابعا في منزله فلما بويع لأبي العباس السفاح خرج من الكوفة محرما ، وهو يلبي « لبيك قاصم بني أمية لبيك » وظل يلبي بذلك حتى أناخ راحلته توفي سنة [ 138 ه ] في حياة الامام أبي عبد اللّه الصادق (عليه السلام) (3).

185 - سالم الأشل :

بياع المصاحف من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) حسبما ذكره الشيخ (4)

186 - سالم الجعفر :

من أصحاب الامام الباقر علیه السلام (5).

187 - سدير بن حكيم :

ابن مهيب الصيرفي ، يكنى أبا الفضل من أصحاب الامام السجاد (عليه السلام)

ص: 280


1- معجم رجال الحديث 8 / 18.
2- تنقيح المقال 2 / 3.
3- النجاشي.
4- رجال الطوسي [ ص 124 ].
5- رجال الطوسي [ ص 124 ].

والامام الباقر (عليه السلام) والامام الصادق (عليه السلام) (1) وهو الذي دعا له الامام الصادق (عليه السلام) ان ينقذه اللّه من السجن فاستجاب اللّه دعاه الامام ، وفرج عنه وروى الصدوق بسنده الصحيح عن حنان بن سدير عن ابيه قال : قال : دخلت أنا وأبي وجدي وعمي حماما في المدينة ، وإذا رجل في بيت المسلخ ، فقال لنا : ممن القوم؟ فقلنا : من اهل العراق ، فقال اي العراق؟ فقلنا : الكوفة ، فقال : مرحبا بكم يا اهل الكوفة واهلا ، انتم الشعار دون الدثار ، ثم قال : وما يمنعكم من الأزار؟ فان رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) قال : عورة المؤمن على المؤمن حرام ... فلما خرجنا من الحمام سألنا عن الرجل في المسلخ فاذا هو علي بن الحسين ، ومعه ابنه محمد بن علي (2) ووردت اخبار في قدحه الا انها ضعيفة السند فلا يلتفت إليها وقد ورد في إسناد كامل الزيارات فقد روى عنه ، عن الامام أبي جعفر (عليه السلام) في ثواب من زار الحسين (عليه السلام) فهو ثقة حسب ما يرى سيدنا الأستاذ الخوئي.

188 - سديف المكى

ابن اسماعيل المكي مولى بني هاشم ، عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (3) وروى الشيخ المفيد باسناده عن حنان بن سدير عن سديف المكي قال : حدثني محمد بن علي علیه السلام ، وما رأيت محمديا قط

ص: 281


1- تنقيح المقال 1 / 8.
2- معجم رجال الحديث 8 / 27.
3- رجال الطوسي « ص 124 ».

يعد له ، قال : حدثني جابر بن عبد اللّه الأنصاري ، قال : نادى رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) في المهاجرين والأنصار فحضروا بالسلاح ، فصعد (صلی اللّه عليه وآله) المنبر فحمد اللّه وأثنى عليه ، ثم قال : يا معشر المسلمين من أبغضنا أهل البيت بعثه اللّه يوم القيامة يهوديا (1).

كان سديف من عظماء الشيعة ، ومن أصلب المدافعين عن أهل البيت (عليهم السلام) وكان شاعرا ملهما ، من كبار شعراء عصره ، وقد نظم الكثير من شعره في مدح أئمة أهل البيت (عليهم السلام) وهجاء خصومهم الأمويين وقد تعرض لنقمتهم وسخطهم مما اضطره إلى الاختفاء عنهم ، ولما تم الانقلاب على الحكم الأموي ، وتشكلت الحكومة العباسية برئاسة السفاح ، خف سديف إلى الكوفة لمقابلته ولما انتهى إلى البلاط العباسي طلب منه حاجب السفاح أن يعرفه باسمه ليأذن له بالدخول فأبى ، ومضى الحاجب إلى السفاح فقال له :

« يا أمير المؤمنين رجل حجازي أسود ، راكب على نجيب متلثم يستأذن ، ولا يخبر باسمه ، ويحلف أن لا يحسر اللثام عن وجهه حتى يراك!! ».

فعرفه السفاح ، فقال لحاجبه : هذا مولاي سديف فليدخل ، ودخل سديف فرأى بني أمية قد جلسوا على النمارق والكراسي ، وكانوا قد جاءوا لطلب الأمان من السفاح ، وتميز سديف غضبا وغيظا حينما رآهم فاندفع يخاطب السفاح بحرارة قائلا :

أصبح الملك ثابت الأساس *** بالبهاليل من بني العباس

بالصدور المقدمين قديما *** والرءوس القماقم الرواس

ص: 282


1- أمالي الشيخ المفيد.

يا أمير المطهرين من الذم ويا *** رأس منتهى كل رأس

أنت مهدي هاشم وهداها *** كم أناس رجوك بعد إياس

لا تقيلن عبد شمس عثارا *** واقطعن كل رقلة وغراس

انزلوها بحيث أنزلها اللّه *** بدار الهوان والأتعاس

خوفهم أظهر التودد منهم *** وبهم منكم كحر المواس

واذكروا مصرع الحسين وزيدا *** وقتيلا بجانب المهراس

والامام الذي بحران أمسى *** رهن قبر ذي غربة وتناس

وألهبت هذه الأبيات مشاعر السفاح وعواطفه ، وتغير حاله ، وبدت الانفعالات على سحنات وجهه ، وأحس بالخطر بعض الأمويين ، فاندفع بذعر قائلا « قتلنا واللّه العبد » وأمر السفاح الخراسانيين أن يضربوهم بالدبابيس ، فضربوهم ضربا قاسيا ، فسقطوا على وجوههم صرعى ، وأمر السفاح أن يمد عليهم خوان الطعام ، ففعل غلمانه ذلك وجلس السفاح مع حاشيته يتناولون الطعام ، وهم يسمعون أنينهم حتى هلكوا عن آخرهم والسفاح مسرور ، والتفت إلى حاشيته فقال لهم :

« ما أكلت في عمري أكلة أهنا من هذ الأكلة »

ورفع عنهم ما بقى من الطعام ، وقد هلكوا عن أخرهم ، وسحبت جثثهم فرميت بالطرق فأكلت الكلاب أكثرها (1) وأطل عليهم سديف وهو مثلوج القلب ، قد استوفى ثأره منهم ، وراح يقول :

طمعت أمية أن سيرضى هاشم *** عنها ويذهب زيدها وحسينها

كلا ورب محمد وإلهه *** حتى يبيد كفورها وخئونها(2)

ص: 283


1- مختصر أخبار الخلفاء [ ص 10 ].
2- العقد الفريد 3 / 207.

وكان سديف يحث السفاح على استئصال الأمويين وقتلهم فقد دخل عليه وكان عنده سليمان بن هشام بن عبد الملك ، فثار سديف وخاطب السفاح :

لا يغرنك ما ترى من رجال *** إن تحت الضلوع داء دويا

فضع السيف وارفع السوط حتى *** لا ترى فوق ظهرها أمويا

وصاح هشام : قتلتني يا شيخ ، وأمر به السفاح فضربت عنقه (1) وواصل سديف جهاده ضد الأمويين لأنهم أبادوا عترة رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) وانتهكوا حرمة الرسول [ص] في أبنائه ، ولما وقف الجلاد المنصور الدوانيقي ضد العلويين ، وأباد أعلامهم أعلن سديف العداء له ، وهجاه ، وعامله معاملة الأمويين ، وأوعز المنصور إلى شرطته بقتله ، فقتل ، فمضى إلى اللّه شهيدا منافحا عن آل النبي [ص] ومدافعا عنهم.

189 - سعد بن أبي عمرو :

الجلاب الكوفي عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) والامام الصادق (عليه السلام) (2) روى عنه أحمد بن أبي داود فيمن بكى على الامام الحسين (عليه السلام) (3).

ص: 284


1- تأريخ ابن الأثير 4 / 332.
2- رجال الطوسي [ ص 124 ].
3- كامل الزيارات الباب 26.

190 - سعد الحداد :

عده الشيخ في رجاله من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وأضاف أنه مجهول (1).

191 - سعد بن الحسن :

الكندي من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وهو مجهول (2).

192 - سعد بن طريف :

الحنظلي الاسكاف مولى بني تميم كوفي ، قال النجاشي : روى عن الأصبغ ابن نباتة ، وروى عن أبي جعفر (عليه السلام) وأبي عبد اللّه وكان قاضيا ، له كتاب رسالة أبي جعفر إليه (3) وهو الذي قال للامام أبي جعفر (عليه السلام) : إني أجلس فأقص ، وأذكر حقكم ، وفضلكم ، قال (عليه السلام) : وددت أن على كل ثلاثين ذراعا قاصا مثلك (4) وقد روى عنه أيوب بن عبد الرحمن

ص: 285


1- رجال الطوسي [ ص 124 ].
2- رجال الطوسي [ ص 124 ].
3- النجاشي.
4- معجم رجال الحديث 8 / 70.

وزيد بن الحسن ، وعباد وغيرهم (1).

193 - سعد بن عبد الملك :

الأموي : كان الامام الباقر (عليه السلام) يسميه سعد الخير ، وهو من ولد عبد العزيز بن مروان ، دخل على الامام أبي جعفر (عليه السلام) وهو يبكي بكاء عاليا ، فقال له الامام (عليه السلام) : ما يبكيك يا سعد؟ قال : وكيف لا أبكي ، وأنا من الشجرة الملعونة في القرآن ، فقال (عليه السلام) له : لست منهم أنت أموي منا أهل البيت ، أما سمعت قول اللّه عز وجل يحكي عن ابراهيم « فمن تبعني فانه مني » (2).

194 - سكين الجعدي :

ذكره البرق في أصحاب الامام الباقر علیه السلام (3).

195 - سكين المعدني :

من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) حسبما ذكره الشيخ في رجاله (4).

ص: 286


1- معجم رجال الحديث 8 / 70.
2- معجم رجال الحديث 8 / 70.
3- رجال البرقي.
4- رجال الطوسي [ ص 124 ].

196 - سلام بن أبي عمرة :

الخراساني ، قال النجاشي : إنه ثقة روى عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه (عليه السلام) سكن الكوفة له كتاب يرويه عنه عبد اللّه بن جبلة (1).

197 - سلام بن سعد :

الأنصاري من أصحاب الامام الباقر علیه السلام حسبما ذكره الشيخ (2).

198 - سلام بن المستنير :

الجعفي ، الكوفي ، عده الشيخ تارة من أصحاب الامام زين العابدين (عليه السلام) وأخرى من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) كما عده من أصحاب الامام الصادق (عليه السلام) وعده البرقي من أصحاب الامام السجاد (عليه السلام) والامام الباقر (عليه السلام) روى عن الامام أبي جعفر ، وروى عنه أبو جعفر الأحول (3).

ص: 287


1- النجاشي.
2- رجال الطوسي [124].
3- معجم رجال الحديث 8 / 175.

199 - سلام الجعفي :

عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (1) وكذلك عده البرقي ، وقد روى عن عبد اللّه بن محمد الصنعاني عن الامام أبي جعفر (عليه السلام) قول رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) إن الحسين تقتله أمته من بعده (2).

200 - سلام المكي :

عده البرقي من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وروى عنه (3).

201 - سلم بن بشر :

من أصحاب الامام أبي جعفر (عليه السلام) حسبما ذكره الشيخ (4).

202 - سلمان بن خالد :

طلحي ، قمي ، كان شاعرا ، من أصحاب الامام الباقر علیه السلام (5).

ص: 288


1- رجال الطوسي.
2- معجم رجال الحديث 8 / 176.
3- رجال البرقي.
4- رجال الطوسي [ ص 124 ].
5- معجم رجال الحديث 8 / 182 ، تنقيح المقال 2 / 45.

203 - سلمان الكناني :

روى عن الامام أبي جعفر علیه السلام ، وروى عنه أبو خالد القماط (1).

204 - سلمة بن الاهتم :

عده الشيخ في رجاله من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) والامام الصادق (عليه السلام) وهو إمامي مجهول الحال (2).

205 - سليمان بن خالد :

أبو الربيع ، الهلالي ، البجلي ، الأقطع ، خرج مع الشهيد العظيم زيد بن علي فقطعت يده معه ، وكان الذي قطعها يوسف بن عمر بنفسه (3) ، قال الشيخ المفيد : سليمان بن خالد من شيوخ أصحاب الامام أبي عبد اللّه ، وخاصته وبطانته وثقاته الفقهاء الصالحين ، وقال النجاشي : كان قارئا ، فقيها وجها ، روى عن أبي عبد اللّه وأبي جعفر (عليه السلام) ... توفي في حياة الامام أبي عبد اللّه (عليه السلام) فتوجع لفقده ، ودعا

ص: 289


1- معجم رجال الحديث 8 / 201.
2- رجال الطوسي [ ص 124 ].
3- النجاشي ، وقيل قطع اصبعه لا يده.

لولده ، وأوصى بهم أصحابه ، ولسليمان كتاب رواه عنه عبد اللّه بن مسكان (1) وهو أحد الذين رووا النص من الامام أبي جعفر (عليه السلام) على إمامة ولده أبي عبد اللّه الصادق (عليه السلام) (2) وله أحاديث كثيرة تتعلق في الامامة رواها الكشي.

206 - سلمة بن محرز :

القلانسي الكوفي ، روى عن الامام أبي جعفر (عليه السلام) والامام الصادق (عليه السلام) وروى عنه جميل بن دراج : وابن أبي عمير عن الصادق (عليه السلام) النص على الامام الكاظم (عليه السلام) واعتبر بعضهم ذلك توثيقا له (3).

207 - سليمان مولى طربال :

عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (4) وقال النجاشي : سليمان مولى طربال (5) روى عن جعفر بن محمد (عليه السلام) ذكره ابن نوح له نوادر عنه (عليه السلام) روى عنه عباد بن يعقوب الأسدي (6).

ص: 290


1- النجاشي.
2- الارشاد.
3- تنقيح المقال 2 / 51.
4- رجال الطوسي.
5- في معجم رجال الحديث 8 / 282 سليمان بن مولى طربال.
6- النجاشي.

208 - سليمان بن هارون :

العجلي ، الأزدي ، النخعي ، عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (1).

209 - سنان بن سنان :

أبو عبد اللّه ، مولى قريش ، من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (2) ومن أصحاب الامام الصادق (عليه السلام) (3) وقد وفد مع ابنه عبد اللّه على الامام الصادق (عليه السلام) فقال (عليه السلام) لعبد اللّه : الزم أباك ، فان أباك لا يزداد على الكبر إلا خيرا (4).

210 - سورة بن كليب :

ابن معاوية الأسدي من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) والامام الصادق (عليه السلام) (5) وقد قال له زيد الشهيد : يا سورة كيف علمتم أن صاحبكم

ص: 291


1- رجال الطوسي ، وعده البرقي من أصحاب الباقر والصادق (عليه السلام).
2- رجال الطوسي.
3- رجال الطوسي ، رجال البرقي.
4- معجم رجال الحديث 8 / 311.
5- رجال الطوسي ، رجال البرقي.

- يعني الامام الصادق - على ما تذكرونه؟ قال : قلت : على الخبير سقطت ، قال : هات ، فقلت له : كنا نأتي أخاك محمد بن علي نسأله : فيقول : قال رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) : وقال اللّه عز وجل : في كتابه ، حتى مضى أخوك فأتيناكم ، وأنت فيمن أتينا فتخبرونا ببعض ، ولا تخبرونا بكل الذي نسألكم عنه ، حتى أتينا ابن أخيك جعفر ، فقال لنا : كما قال أبوه ، قال رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) : وقال تعالى : فتبسم زيد ، وقال : أما واللّه إن قلت بذا فان كتب علي صلوات اللّه عليه عنده (1) ودلت هذه الرواية على حسن عقيدته وايمانه.

( ش )

211 - شجرة بن ميمون :

ابن أبي أراكة النبال ، ثقة روى عن الامام أبي جعفر (عليه السلام) وأبي عبد اللّه (عليه السلام) (2).

212 - شريس الوابشي :

كوفي ، روى عن الامام الباقر والامام الصادق (عليه السلام) وروى عن جابر

ص: 292


1- معجم رجال الحديث 8 / 323.
2- النجاشي ، رجال الطوسي.

وروى عنه محمد بن الفضيل (1).

213 - شعيب بن بكر :

ابن عبد اللّه بن سعد الأشعري القمي ، روى عن الامام الباقر (عليه السلام) والامام الصادق علیه السلام (2).

214 - شعيب الحداد :

ذكره البرقي في أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وهو شعيب بن أعين الحداد (3).

215 - شهاب بن عبد ربه

قال النجاشي : شهاب بن عبد ربه بن أبي ميمونة مولى بني نصر ابن قعين من بني أسد روى عن أبي عبد اللّه ، وعن أبي جعفر (عليه السلام) وكان موسرا ذا حال ، ذكر ابن بطة أن له كتابا حدثه به الصفاء عن أحمد ابن محمد بن عيسى عن ابن أبي عمير عنه (4) وروى الكشي بسنده عنه

ص: 293


1- معجم رجال الحديث 9 / 20.
2- معجم رجال الحديث 9 / 33.
3- رجال البرقي.
4- النجاشي.

أن الامام الصادق (عليه السلام) قال له : كيف أنت إذا نعاني إليك محمد بن سليمان؟ قال : فاني يوما بالبصرة عند محمد بن سليمان إذ ألقى إلي كتابا ، وقال : عظم اللّه أجرك في جعفر بن محمد ، فذكرت الكلام فخنقتني العبرة (1) وروى الكشي روايات قادحة فيه إلا أنها ضعيفة السند حسبما ذكر ذلك سيدنا الأستاذ (2).

216 - شهر بن حوشب :

روى عن الامام الباقر (عليه السلام) وروى عنه أبو حمزة في تفسير قوله تعالى : ( وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ) وروى عن الامام جعفر بن محمد (عليه السلام) (3).

(صلی اللّه عليه وآله)

217 - صالح بن سهل :

الهمداني عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (4) قال ابن الغضائري : صالح بن سهل الهمداني كوفي غال ، كذاب : وضاع

ص: 294


1- الكشي.
2- معجم رجال الحديث 9 / 46.
3- معجم رجال الحديث 9 / 49.
4- رجال الطوسي ( ص 127 ).

للحديث ، روى عن أبي عبد اللّه لا خير فيه ، ولا في سائر ما رواه ، وروى عنه الكشي قال : كنت أقول في أبي عبد اللّه (عليه السلام) بالربوبية فدخلت عليه ، فلما نظر إلى قال : يا صالح إنا واللّه عبيد مخلوقون لنا ربّ نعبده وان لم نعبده عذبنا (1) وقد بنى سيدنا الاستاذ على توثيقه ، ولم يعن بتضعيف ابن الغضائري له (2).

218 - صالح بن عقبة :

ابن خالد الأسدي ، عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (3) وقال النجاشي : له كتاب (4).

219 - صالح بن ميثم :

الكوفي ، عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) والامام الصادق (عليه السلام) (5) وقد قال له الامام الباقر (عليه السلام) : إني أحبك ، وأحب أباك حبا شديدا (6) روى عن الامام أبي جعفر طائفة من الأحكام (7).

ص: 295


1- الكشي.
2- معجم رجال الحديث 9 / 76.
3- رجال الطوسي.
4- النجاشي.
5- رجال الطوسي.
6- الخلاصة للعلامة.
7- معجم رجال الحديث 9 / 89.

220 - صامت بياع الهروى :

عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (1) وكذلك ذكره البرقي من أصحاب الامام.

221 - صباح بن يحيى :

المزني ، كوفي ، ثقة ، روى عن الامام أبي جعفر (عليه السلام) وأبي عبد اللّه (عليه السلام) له كتاب يرويه جماعة منهم أحمد بن النضر (2).

222 - الصلت بن الحجاج :

من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) والامام الصادق (عليه السلام) (3).

( ض )

223 - ضريس بن عبد الملك :

روى عن الامام علي بن الحسين ، وأبي جعفر ، وأبي عبد اللّه علیهم السلام ، وروى عنه أبو جميلة ، وأبو خالد القماط ، وابن بكير ، وابن

ص: 296


1- رجال الطوسي.
2- النجاشي.
3- رجال الطوسي.

رئاب ، وابن مسكان ، وجعفر بن بشير وسيابة وغيرهم (1).

224 - ضريس بياع الغزل :

عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر علیه السلام (2).

225 - ضريس الكناني :

روى عن الامام أبي جعفر (عليه السلام) وروى عنه علي بن رئاب (3).

ط

226 - طاهر مولى أبي جعفر :

من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) حسبما ذكره الشيخ والبرقي (4).

227 - طربال بن رجاء :

روى عن الامام الباقر (عليه السلام) وروى عنه علي بن رئاب ، وخطاب أبو

ص: 297


1- معجم رجال الحديث 9 / 152.
2- رجال الطوسي.
3- معجم رجال الحديث 9 / 157.
4- رجال الطوسي والبرقي.

محمد الهمداني (1).

ظ

228 - ظريف بن ناصح

بياع الأكفان ، عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (2) وقال النجاشي : إن أصله كوفي نشأ ببغداد ، كان ثقة في حديثه صدوقا ، له كتب منها كتاب الآيات (3).

ع

229 - عاصم بن عمر :

البجلي ، روى زرارة قال : كنت قاعدا إلى جنب أبي جعفر (عليه السلام) وهو محتب مستقبل الكعبة ، فقال (عليه السلام) أما أن النظر إليها عبادة ، فجاءه رجل من بجيلة يقال له عاصم بن عمر فقال لأبي جعفر : إن كعب الأحبار كان يقول : إن الكعبة تسجد لبيت المقدس في كل غداة ، فقال أبو جعفر (عليه السلام) : فما تقول فيما قال كعب؟ فقال : صدق ، القول ما قال

ص: 298


1- معجم رجال الحديث 9 / 165.
2- رجال الطوسي.
3- النجاشي.

كعب ، فقال أبو جعفر (عليه السلام) كذبت ، وكذب كعب الأحبار معك ، وغضب ، قال زرارة : ما رأيته استقبل أحدا بقول : كذبت غيره (1).

230 - عامر بن أبي الأحوص :

من أصحاب الامام الباقر علیه السلام حسبما ذكره الشيخ (2).

231 - عباد البصري :

روى عن الامام أبي جعفر (عليه السلام) وروى عنه نعيم بن ابراهيم ، كما روى عن الامام أبي عبد اللّه (عليه السلام) وروى عنه عبد الرحمن بن الحجاج (3).

232 - عباد بن جريح :

من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) نسبه ابن داود في القسم الثاني إلى رجال الشيخ إلا إن النسخ بأجمعها خالية عن ذكره ، ونسب إلى النجاشي عند ذكره جماعة من العامة في آخر الكتاب ، وهذا أيضا لم يوجد في كتاب النجاشي (4).

ص: 299


1- معجم رجال الحديث 9 / 191.
2- رجال الطوسي.
3- معجم رجال الحديث 9 / 217.
4- معجم رجال الحديث 9 / 218 - 219.

233 - عباد بن صهيب :

عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) قائلا : عباد بن صهيب بصري عامي (1).

234 - عبد الجبار بن أعين :

الشيباني ، أخو الفقيه العظيم زرارة بن أعين ، وحمران من أصحاب الامام الباقر علیه السلام حسب ما نص عليه الشيخ (2).

235 - عبد الحميد بن أبي جعفر :

الفراء ، الفزاري ، روى عن الامام أبي جعفر (عليه السلام) وروى عنه القاسم ابن سليمان (3).

236 - عبد الحميد بن أبي الديلم :

روى عن الامام الباقر (عليه السلام) والامام الصادق علیه السلام (4).

ص: 300


1- رجال الطوسي.
2- رجال الطوسي.
3- رجال الطوسي.
4- رجال الطوسي.

237 - عبد الحميد بن عواض :

الطائي ، عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) كما عده من أصحاب الامام الصادق والامام الكاظم (عليه السلام) (1).

238 - عبد الحميد الواسطي :

عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر علیه السلام ، ومن أصحاب الامام الصادق (عليه السلام) (2).

239 - عبد الخالق بن عبد ربه :

روى عن الامامين الامام الباقر (عليه السلام) والامام الصادق (عليه السلام) (3).

240 - عبد الخالق بن عواض :

روى عن الامام الباقر والامام الصادق علیهماالسلام حسبما

ص: 301


1- رجال الطوسي.
2- رجال الطوسي.
3- رجال الطوسي.

ذكره الشيخ (1).

241 - عبد الرحمن

المكنى بأبي خيثمة ، من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (2).

242 - عبد الرحمن بن أعين :

الشيباني ، أخو العالم الكبير زرارة بن أعين ، روى عن الإمام أبي جعفر (عليه السلام) والامام الصادق (عليه السلام) وهو قليل الحديث ، له كتاب ، حسبما ذكره النجاشي (3).

243 - عبد الرحمن بن زرعة :

عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وكذلك عده البرقي ، وهو مجهول (4).

ص: 302


1- رجال الطوسي.
2- رجال الطوسي.
3- النجاشي.
4- رجال الطوسي ، ورجال البرقي.

244 - عبد الرحمن بن سالم :

الأشل الكوفي ، العطار ، بياع المصاحف (1) روى عن الامام الباقر (عليه السلام) والامام الصادق (عليه السلام) (2).

245 - عبد الرحمن بن سليمان :

الأنصاري من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (3).

246 - عبد الرحمن بن عجلان :

روى عن عن الامام أبي جعفر (عليه السلام) وروى عنه ابن مسكان (4).

247 - عبد الرحيم :

روى عن الامام أبي جعفر (عليه السلام) وروى عنه ابن مسكان (5).

ص: 303


1- النجاشي.
2- رجال الطوسي.
3- معجم رجال الحديث 9 / 343.
4- معجم رجال الحديث 9 / 351.
5- معجم رجال الحديث 10 / 9.

248 - عبد الرحيم بن روح :

القصير الأسدي ، كوفي ، روى عن الامامين الباقر والصادق علیهماالسلام (1).

249 - عبد الرحيم بن سليم :

الأنصاري من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) حسبما ذكره البرقي (2).

250 - عبد السلام بن كثير :

الكوفي روى عن الامامين الباقر والصادق علیهماالسلام حسبما ذكره الشيخ (3).

251 - عبد العزيز :

روى عن الامام أبي جعفر والامام أبي عبد اللّه علیهماالسلام ، (4)

ص: 304


1- رجال الشيخ.
2- رجال البرقي.
3- رجال الطوسي.
4- معجم رجال الحديث 10 / 30.

252 - عبد الغفار بن القاسم :

ابن قيس ، بن قيس ، بن فهد ، أبو مريم الأنصاري ، روى عن الامام أبي جعفر والامام أبي عبد اللّه (عليه السلام) ثقة له كتاب ، يرويه عدة من أصحابنا (1).

253 - عبد الكريم بن أبي يعفور :

روى عن الامام أبي جعفر (عليه السلام) وروى عنه أخوه عبد اللّه بن أبي يعفور (2).

254 - عبد الكريم بن مهران :

من أصحاب الامام الباقر علیه السلام حسبما نص عليه الشيخ (3).

255 - عبد اللّه بن بكير :

الهجري ، من أصحاب الامام الباقر علیه السلام (عليه السلام) روى عن

ص: 305


1- النجاشي.
2- معجم رجال الحديث 10 / 65.
3- رجال الطوسي.

معلى بن خنيس ، وروى عنه علي بن الحكم (1).

256 - عبد اللّه بن الجارود :

كوفي ، من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (2) روى عن الامام أبي عبد اللّه (عليه السلام) وروى عنه ربعي (3).

257 - عبد اللّه بن جريح :

من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وهو من العامة (4).

258 - عبد اللّه بن الحسن :

ابن الامام الحسن ، بن الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) شيخ الطالبيين عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر علیه السلام (5).

ص: 306


1- معجم رجال الحديث 10 / 135.
2- رجال الطوسي.
3- معجم رجال الحديث 10 / 136.
4- معجم رجال الحديث 10 / 141.
5- رجال الطوسي.

259 - عبد اللّه بن ذبيان :

روى عن الامام أبي جعفر علیه السلام ، وروى عنه حنان ابن سدير (1).

260 - عبد اللّه بن زرعة :

من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وهو مجهول حسبما ذكره الشيخ (2).

261 - عبد اللّه بن سليمان :

الصيرفي ، روى عن الامام أبي جعفر علیه السلام والامام أبي عبد اللّه (عليه السلام) وعن أبيه ، وحمران بن أعين ، وعبد اللّه بن أبي جعفر ، وروى عنه جماعة من الرواة (3).

262 - عبد اللّه بن سليمان :

الكوفي ، روى عن الامام أبي جعفر (عليه السلام) وروى عنه ربيع بن محمد ،

ص: 307


1- معجم رجال الحديث 10 / 192.
2- رجال الشيخ.
3- معجم رجال الحديث 10 / 207.

وروى عن الامام أبي عبد اللّه (عليه السلام) (1).

263 - عبد اللّه بن شريك :

العامري ، روى عن الامام علي بن الحسين (عليهما السلام) وأبي جعفر (عليه السلام) وكان يكنى أبا المحجل ، وكان عندهما وجيها مقدما (2).

264 - عبد بن صالح

الخثعمي ، روى عن الامامين الباقر والصادق علیهماالسلام ، ومن أصحاب الامام الصادق حسبما ذكره الشيخ (3).

265 - عبد اللّه بن عبد الرحمن :

روى عن الامام أبي جعفر (عليه السلام) وعن أبي بصير وابن بكير وابن مسكان وحريز وغيرهم وروى عنه أبو أيوب المدائني ، وابن فضال ، وأحمد بن أبي داود وغيرهم (4).

ص: 308


1- معجم رجال الحديث 10 / 210.
2- النجاشي.
3- رجال الطوسي.
4- معجم رجال الحديث 10 / 251.

266 - عبد اللّه بن عجلان :

الكوفي ، عده الشيخ في أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وكذلك البرقي ، ووصفه ابن شهرآشوب بأنه من خواص أصحاب الامام الصادق (عليه السلام) (1) وروى الكشي بسنده عن زرارة عن الامام أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال : رأيت كأني على رأس جبل ، والناس يصعدون عليه من كل جانب حتى إذا كثروا عليه تطاول بهم في السماء ، وجعل الناس يتساقطون عنه من كل جانب ، حتى لم يبق عليه إلا عصابة يسيرة يفعل ذلك خمس مرات فكل ذلك يتساقط الناس عنه ، وتبقى تلك العصابة عليه أما أن ميسرة ابن عبد العزيز ، وعبد اللّه بن عجلان في تلك العصابة (2) ودل هذا الحديث على قوة إيمانه ، وصلابة عقيدته ، وعدم انحرافه عن الحق.

267 - عبد اللّه بن عطاء :

روى عن الامام أبي جعفر (عليه السلام) وروى عنه أبو مالك الجهني ، وجميل ابن دراج وغيرهما (3).

ص: 309


1- المناقب.
2- الكشي.
3- معجم رجال الحديث 10 / 256.

268 - عبد اللّه بن عطاء :

ابن أبي رباح من أصحاب الامام أبي جعفر (عليه السلام) والامام أبي عبد اللّه (عليه السلام) (1).

269 - عبد اللّه بن عطاء

المكي ، عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (2) وروى الشيخ المفيد بسنده عنه أنه قال : ما رأيت العلماء قط أصغر منهم عند أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام) ولقد رأيت الحكم بن عتيبة مع جلالته في القوم بين يديه كأنه صبي بين يدي معلمه ، وكان جابر بن يزيد الجعفي إذا روى عن محمد بن علي (عليهماالسلام) شيئا ، قال : حدثني وصي الأوصياء ووارث علوم الأنبياء محمد بن علي بن الحسين علیهم السلام (3) وروى الصفار بسنده عنه قال : اشتقت إلى أبي جعفر (عليه السلام) وأنا بمكة فقدمت المدينة ، وما قدمتها إلا شوقا إليه فأصابني تلك الليلة مطر ، وبرد شديد فانتهيت إلى بابه نصف الليل ، فقلت : ما أطرقه هذه الساعة ، وانتظر حتى أصبح ، وإني لمتفكر في ذلك إذ سمعته يقول : يا جارية افتحي الباب لابن عطاء فقد أصابه في هذه الليلة برد وأذى ، قال فجاءت

ص: 310


1- معجم رجال الحديث 10 / 266.
2- رجال الطوسي.
3- الارشاد.

ففتحت الباب فدخلت عليه (1).

270 - عبد اللّه بن عمرو :

من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وهو مجهول حسب ما ذكره الشيخ (2).

271 - عبد اللّه بن غالب :

قال النجاشي : عبد اللّه بن غالب الأسدي ، الشاعر ، الفقيه ، أبو علي روى عن أبي جعفر ، وأبي عبد اللّه ، وأبي الحسن علیهم السلام . ثقة ثقة ، وأخوه اسحاق بن غالب له كتاب تكثر الرواة عنه (3).

272 - عبد اللّه بن كيسان :

روى عن الامام أبي جعفر (عليه السلام) وروى عنه عثمان بن يوسف ، وروى عن الامام أبي عبد اللّه (عليه السلام) (4).

ص: 311


1- الكشي.
2- رجال الطوسي.
3- النجاشي.
4- معجم رجال الحديث 10 / 302.

273 - عبد اللّه بن محرز :

الجعفي ، روى عن الامامين الباقر والصادق (عليهما السلام) ذكره النجاشي في ترجمة أخيه عقبة بن محرز (1).

274 - عبد اللّه بن محمد :

أبو بكر الحضرمي ، الكوفي ، تابعي ، روى عن الامام الباقر والامام الصادق علیهماالسلام (2) وروى الكشي بسنده عن عمرو بن الياس قال : دخلت أنا وأبو الياس على أبي بكر الحضرمي وهو يجود بنفسه فقال : يا عمرو ليست هذه بساعة الكذب ، أشهد على جعفر بن محمد أني سمعته يقول : لا تمس النار من مات وهو يقول بهذا الأمر (3).

275 - عبد اللّه بن محمد :

الأسدي ، كوفي يكنى أبا بصير ، من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) حسب ما ذكره الشيخ (4) وليس هو أبا بصير الأسدي ليث بن البختري المرادي.

ص: 312


1- النجاشي.
2- رجال الطوسي.
3- الكشي.
4- رجال الطوسي.

كما نص على ذلك الأستاذ الخوئي (1).

276 - عبد اللّه بن محمد :

الجعفي ، عده الشيخ في رجاله من أصحاب الامام زين العابدين ، وولده الامام محمد الباقر علیهماالسلام (2) وعده البرقي من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام).

277 - عبد اللّه بن محمد :

الصنعاني ، روى عن الامام أبي جعفر (عليه السلام) وروى عنه سلام الجعفي (3).

278 - عبد اللّه بن المختار :

من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) نص على ذلك الشيخ وكذلك البرقي (4)

ص: 313


1- معجم رجال الحديث 10 / 315.
2- رجال الطوسي.
3- معجم رجال الحديث 1 / 333.
4- رجال الطوسي ورجال البرقي.

279 - عبد اللّه بن الوليد :

الوصافي ، عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) كما عدد من أصحاب الامام الصادق (عليه السلام) (1).

280 - عبد اللّه الهاشمي :

روى عن الامام أبي جعفر (عليه السلام) والامام أبي عبد اللّه (عليه السلام) ، وروى عنه ابنه سليمان ، وابنه عيسى (2).

281 - عبد المؤمن الأنصاري :

روى عن الامام أبي جعفر (عليه السلام) وروى عنه أبو أيوب ، كما روى عن أبي عبد اللّه وروى عنه بكار بن كردم (3).

282 - عبد المؤمن بن القاسم :

الأنصاري ، روى عن الامام أبي جعفر (عليه السلام) والامام أبي عبد اللّه (عليه السلام)

ص: 314


1- رجال الطوسي.
2- معجم رجال الحديث 10 / 410.
3- معجم رجال الحديث 11 / 10.

ثقة هو وأخوه ، له كتاب ، توفى سنة ( 140 ه ) (1).

283 - عبد المؤمن بن الهيثم :

الأنصاري ، روى عن الامام أبي جعفر علیه السلام (2).

284 - عبد الملك بن أعين :

الشيباني ، أخو الفقيه العظيم زرارة بن أعين ، عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (3) وكذلك عده البرقي ، وكان عبد الملك مع أخوته من خيرة أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) فقد روى الكشي بسنده عن ربيعة الرأي قال : قلت لأبي عبد اللّه : ما هؤلاء الأخوة الذين يأتونك من العراق ولم أر في أصحابك خيرا منهم ، ولا أهيأ؟ قال (عليه السلام) : أولئك أصحاب أبي يعنى ولد أعين. (4)

وروى زرارة قال : قدم أبو عبد اللّه (عليه السلام) مكة فسأل عن عبد الملك ابن أعين ، فقلت : مات قال (عليه السلام) : مات؟ ، قلت : نعم ، قال : فانطلق بنا إلى قبره حتى نصلي عليه ، قلت : نعم ، فقال : لا ، ولكن نصلي عليه هنيئة هاهنا ، ورفع يده ، ودعا له ، واجتهد في الدعاء ، وترحم

ص: 315


1- النجاشي.
2- معجم رجال الحديث 11 / 12.
3- رجال الطوسي.
4- الكشي

عليه (1) وكان من دعائه (عليه السلام) له : « اللّهم أبا الضريس كنا عنده خيرتك من خلقك فصيره في ثقل محمد صلواتك عليه يوم القيامة (2).

285 - عبد الملك بن عتبة :

الهاشمي ، اللّهبي روى عن الامام أبي جعفر (عليه السلام) والامام الصادق (عليه السلام) حسبما ذكره النجاشي ، وقد نفى ان يكون له الكتاب المنسوب له ، وإنما هو لعبد الملك بن عتبة النخعي الصيرفي (3).

286 - عبد الملك بن عطاء :

الكوفي ، من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) نص على ذلك الشيخ (4) والبرقي

287 - عبد الملك بن عمرو :

الأحول ، الكوفي روى عن الامامين الباقر والصادق علیهماالسلام (5) وروى الكشي بسنده عنه أن الامام الصادق (عليه السلام) قال له :

ص: 316


1- الكشي.
2- الكشي.
3- النجاشي.
4- رجال الطوسي.
5- رجال الطوسي.

إني لأدعو اللّه لك حتى اسميك وابنك (1).

288 - عبد الواحد بن المختار :

الأنصاري ، الكوفي من أصحاب الامامين الباقر والصادق علیهماالسلام (2).

289 - عبيد بن كثير :

الكوفي ، روى عن الإمام علي بن الحسين والامام الباقر (عليه السلام) ، وقد ذكروا أنه كان يضع الحديث وإن له كتابا ، بعرف بكتاب التخريج في بني الشيصان ، وأكثره موضوع مزخرف ، والصحيح منه قليل ، قال ابن الغضائري : عبيد بن كثير بن عبد الواحد بن عبد اللّه بن شريك العامري الوحيدي الكلابي أبو سعيد كان يضع الحديث مجاهرة ، ولا يحتشم الكذب الصراح وأمره مشهور (3).

290 - عبيد اللّه بن محمد :

ابن عمر بن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) عده الشيخ من أصحاب

ص: 317


1- الكشي.
2- رجال الطوسي.
3- معجم رجال الحديث 11 / 62.

الإمام الباقر علیه السلام (1).

291 - عبيد اللّه بن الوليد :

الوصافي ، قال النجاشي : عبيد اللّه بن الوليد الوصافي ، عربي ثقة يكنى أبا سعيد ، روى عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه علیهماالسلام ، ذكره أصحاب الرجال له كتاب يرويه عنه جماعة (2).

292 - عبيد اللّه الوصافي

روى عن الإمام أبي جعفر علیه السلام ، وروى عنه أبو الحسن البجلي (3).

293 - عبيدة :

روى عن الامام أبي جعفر علیه السلام ، وروى عنه علي بن رئاب (4).

ص: 318


1- رجال الطوسي.
2- النجاشي.
3- معجم رجال الحديث 11 / 99.
4- معجم رجال الحديث 11 / 99.

294 - عبيدة الخثعمي

من أصحاب الامام الباقر علیه السلام نص على ذلك الشيخ (1).

295 - عبيدة السكسكي :

من أصحاب الإمام أبي جعفر علیه السلام حسب ما نص عليه الشيخ (2).

296 - عثمان بن جبلة

روى عن الامام أبي جعفر علیه السلام ، وروى عنه اسماعيل بن مهران (3).

297 - عثمان بن زياد :

روى عن الامام أبي جعفر (عليه السلام) وروى عنه زكار بن فرقد ، كما روى عن الامام أبي عبد اللّه علیه السلام (4).

ص: 319


1- رجال الطوسي.
2- رجال الطوسي.
3- معجم رجال الحديث 11 / 114.
4- معجم رجال الحديث 11 / 116.

298 - عثمان بن زياد :

الأحمسي روى عن الإمامين الباقر والصادق علیهماالسلام ، ومن أصحاب الإمام الصادق علیه السلام (1).

299 - عذافر :

روى عن الإمام أبي جعفر (عليه السلام) وروى عنه ابنه محمد ، كما روى عن الامام أبي عبد اللّه علیه السلام ، وروى عنه الحسن بن عطية (2).

300 - عذافر بن عبد اللّه :

من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) حسب ما نص عليه الشيخ (3).

301 - عروة بن عبد اللّه :

روى عن الامام أبي جعفر (عليه السلام) وروى عنه عمرو بن شمر (4).

ص: 320


1- رجال الطوسي.
2- معجم رجال الحديث 11 / 145.
3- رجال الطوسي.
4- معجم رجال الحديث 11 / 149.

302 - العطاء :

روى عن الامام أبي جعفر علیه السلام وعن الامام الصادق علیه السلام ، وروى عنه زياد ابن محمد ، ومعمر بن عمرو (1).

303 - عطاء بن يسار :

روى عن الامام أبي جعفر علیه السلام ، وروى عبد الرحمن بن زيد ابن أسلم عن أبيه عنه (2).

304 - عطية :

روى عن الامام الباقر (عليه السلام) وروى عنه عبد الصمد بن بشير (3).

305 - عطية :

أخو أبي العوام ، روى عن الإمام أبي جعفر علیه السلام ، وروى عنه عبد الصمد بن بشير (4).

ص: 321


1- معجم رجال الحديث 11 / 154.
2- معجم رجال الحديث 11 / 156.
3- معجم رجال الحديث 11 / 157.
4- معجم رجال الحديث 11 / 158.

306 - عطية بن ذكران :

من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وهو مجهول (1).

307 - عطية بن مزار

عده البرقي من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (2).

308 - عطية العوفي

عده البرقي من أصحاب الإمام الباقر علیه السلام (3).

309 - عقبة

روى عن الامام أبي جعفر علیه السلام وعن الإمام أبي عبد اللّه (عليه السلام) وروى عنه ابنه ، وأبان بن عثمان ، وابنه صالح ، وصالح بن عقبة وغيرهم (4).

ص: 322


1- رجال الطوسي.
2- رجال البرقي.
3- رجال البرقي.
4- معجم رجال الحديث 11 / 161.

310 - عقبة بن شيبة

الأسدي من أصحاب الإمام الباقر علیه السلام (1).

311 - عقبة بن قيس

من أصحاب الإمام الباقر (عليه السلام) وهو مجهول حسبما نص عليه الشيخ (2).

312 - عكرمة

يكنى أبا إسحاق ، من أصحاب الإمام الباقر (عليه السلام) (3).

313 - العلاء بن الحسن

عده البرقي من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وعده الشيخ من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) (4).

ص: 323


1- رجال الطوسي.
2- رجال الطوسي.
3- رجال الطوسي.
4- رجال البرقي ، ورجال الطوسي.

314 - العلاء بن الحسين

من أصحاب الامام الباقر علیه السلام نص على ذلك الشيخ (1).

315 - العلاء بن عبد الكريم

من أصحاب الإمام الباقر علیه السلام (2).

316 - علباء بن دراع

الأسدي عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (3) كان واليا على البحرين فأفاد سبع مائة ألف دينار ، ودوابا ، ورقيقا ، فحمل ذلك كله إلى الإمام أبي عبد اللّه الصادق (عليه السلام) وقال له : إني وليت البحرين لبني أمية ، وافدت هذا المال ، وعلمت أن اللّه عز وجل لم يجعل لهم من ذلك شيئا ، وإنه لك ، فقال له الامام : هاته ، فوضع المال بين يديه فقال (عليه السلام) له : قد قبلنا منك ، ووهبناه لك ، وأحللناك منه ، وضمنا لك على اللّه الجنة (4) ومن الطبيعي ان الامام (عليه السلام) إنما ضمن له على

ص: 324


1- رجال الطوسي.
2- رجال الطوسي.
3- رجال الطوسي.
4- الكشي.

اللّه الجنة لعظيم إيمانه ، وانابته إلى اللّه تعالى ، وعدم استحلاله لأموال المسلمين.

317 - علقمة بن محمد

الحضرمي ، من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) كما روى عن الإمام الصادق (عليه السلام) (1) دخل علقمة مع أخيه أبي بكر على زيد بن علي (عليه السلام) وكان قد بلغه أن زيدا قال : ليس الامام منا من أرخى عليه ستره ، إنما الامام من شهر سيفه ، فقال له أبو بكر : يا أبا الحسين اخبرني عن علي ابن أبي طالب (عليه السلام) أكان إماما وهو مرخ عليه ستره أو لم يكن أماما حتى خرج وشهر سيفه؟ فسكت زيد ولم يجبه ، فرد عليه الكلام ثلاث مرات ، فلم يجبه زيد بشيء ، فقال أبو بكر : إن كان علي بن أبي طالب أماما ، فقد يجوز أن يكون بعده امام مرخ عليه ستره ، وإن لم يكن أماما وهو مرخ عليه ستره فأنت ما جاء بك هاهنا؟ (2).

ودل هذا الكلام على وعي صاحبه ، وقوة بصيرته ، إلا أن الشهيد العظيم زيدا لم يدع الامامة وإنما ثار دفاعا عن حقوق المظلومين والمضطهدين ، لقد ثار لإقامة حكم القرآن ، واحياء معالم الإسلام الذي أجهزت عليه الحكومة الأموية.

318 - علي بن الاحمسي

كوفي ، روى عن الامام أبي جعفر (عليه السلام) وروى عنه ابن أبي عمير ،

ص: 325


1- رجال الطوسي.
2- الكشي.

وهو من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) (1).

319 - علي بن أبي حمزة

الثمالي ، روى ابن شهر اشوب بسنده حديثا عنه يتعلق في علم الإمام أبي جعفر (عليه السلام) (2).

320 - علي بن ابي المغيرة

الزبيدي ، الأزرق عده الشيخ في أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) ، كما عده في أصحاب الامام الصادق علیه السلام (3).

321 - علي بن حنظلة

العجلي الكوفي ، عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) كما عده من أصحاب الامام الصادق (عليه السلام) (4).

322 - علي بن سعيد

ابن بكير ، من أصحاب الامام الباقر علیه السلام روى عنه

ص: 326


1- معجم رجال الحديث 11 / 201.
2- معجم رجال الحديث 11 / 246.
3- رجال الطوسي.
4- رجال الطوسي.

سماعة (1).

323 - علي بن عبد العزيز

الكوفي ، عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر علیه السلام ، كما عده من أصحاب الامام الصادق علیه السلام (2).

324 - علي بن عبد اللّه

الجرمي ، روى عن الامامين الباقر والصادق علیهماالسلام (3).

325 - علي بن عطية

عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (4) وعده البرقي من أصحاب الصادق (عليه السلام) (5).

326 - علي بن عقبة

روى عن الإمام أبي جعفر (عليه السلام) وأبي عبد اللّه ، وأبي الحسن الأول

ص: 327


1- معجم رجال الحديث 12 / 43.
2- رجال الطوسي.
3- رجال الطوسي.
4- رجال الطوسي.
5- رجال البرقي.

علیهم السلام كما روى عن أبي حمزة وأبى خالد القماط ، وأبى الخطاب وغيرهم (1).

327 - علي بن ميمون

الصائغ عده الشيخ في أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (2) قال النجاشي : روى عن أبي عبد اللّه وأبي الحسن علیهماالسلام ، له كتاب يرويه عنه جماعة (3) وقد روى عن الامام أبي عبد اللّه (عليه السلام) في ثواب من زار الحسين (عليه السلام) راكبا أو ماشيا (4).

328 - عمار بن أبي الأحوص

من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) كما انه من أصحاب الامام الصادق (عليه السلام) حسبما نص على ذلك الشيخ (5).

329 - عمار بن مروان

روى عن الامام أبي جعفر والامام أبي عبد اللّه والامام أبي الحسن

ص: 328


1- معجم رجال الحديث 12 / 103.
2- رجال الطوسي.
3- النجاشي.
4- كامل الزيارات.
5- رجال الطوسي.

علیهم السلام كما روى عن أبي بصير ، وجابر وزيد الشحام وغيرهم ، وروى عنه جماعة من الرواة منهم أبو العباس ، وابن أبي عمير ، وابن رئاب وغيرهم (1).

330 - عمر بن أبان

روى عن الامام أبى جعفر (عليه السلام) والامام أبي عبد اللّه (عليه السلام) كما روى عن أبي بصير ، وأبي حمزة ، واسماعيل الجعفي وغيرهم ، وروى عنه ابن فضال ، وثعلبة بن ميمون ، وجعفر بن بشير وغيرهم (2).

331 - عمر بن أبان

الكلبي روى عن الإمام أبي جعفر (عليه السلام) والامام أبي عبد اللّه (عليه السلام) ، كما روى عن أبان بن تغلب ، وعبد الواسطي ، وعبد الرحيم القصير ، ومحمد بن مسلم وغيرهم (3) قال النجاشي : له كتاب يرويه جماعة (4).

332 - عمر ابن أبي شيبة

روى عن الإمام أبي جعفر (عليه السلام) وروى عنه منصور بن يونس (5).

ص: 329


1- معجم رجال الحديث 12 / 278.
2- معجم رجال الحديث 13 / 12.
3- معجم رجال الحديث 13 / 13.
4- النجاشي.
5- معجم رجال الحديث 13 / 68.

333 - عمر بن ثابت

ابن هرمز ، أبو المقدام ، الحداد ، مولى بني عجل ، كوفي ، روى عن الامام علي بن الحسين (عليهما السلام) والامام أبي جعفر (عليه السلام) والإمام أبي عبد اللّه (عليه السلام) ضعيف جدا (1).

334 - عمر بن حنظلة

الكوفي ، العجلي ، روى عن الامام الباقر (عليه السلام) ومن أصحاب الامام الصادق (عليه السلام) قال عمر : للامام الصادق (عليه السلام) إني أظن أن لي عندك منزلة؟ قال : أجل (2) وقال له الامام الصادق : « يا عمر لا تحملوا على شيعتنا ، وارفقوا بهم فإن الناس لا يتحلمون ما تحملون » (3)

335 - عمر بن قيس

روى عن الامام أبي جعفر (عليه السلام) وروى عنه الحسين بن المنذر (4).

336 - عمر بن قيس

الماصر ، روى عن الامام أبى جعفر (عليه السلام) (5) وقد ذكرنا في

ص: 330


1- معجم رجال الحديث 13 / 27.
2- بصائر الدرجات.
3- الروضة.
4- معجم رجال الحديث 13 / 57.
5- معجم رجال الحديث 13 / 57.

البحوث السابقة كلمات الامام معه.

337 - عمر بن معمر

ابن عطاء ، بن وشيكة ، روى عن الإمام أبي جعفر (عليه السلام) وروى عنه محمد بن سماعة (1).

338 - عمر بن هلال

عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وهو مجهول (2).

339 - عمر بن يحيى

من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وهو مجهول (3).

340 - عمرو بن أبي

من أصحاب الامام الباقر علیه السلام حسبما نص عليه الشيخ (4).

ص: 331


1- معجم رجال الحديث 13 / 65.
2- رجال الطوسي.
3- الخلاصة.
4- رجال الطوسي.

341 - عمرو بن أبي المقدام

قال النجاشي : عمرو بن أبى المقدام ثابت بن هرمز الحداد ، مولى بني عجل روى عن علي بن الحسين ، وأبي جعفر ، وأبي عبد اللّه علیهم السلام له كتاب لطيف (1) روى الكشي بسنده عن رجل من قريش ، قال : كنا بفناء الكعبة وأبو عبد اللّه (عليه السلام) قاعد ، فقيل له ما أكثر الحاج؟ فقال (عليه السلام) ما أقل الحاج ، فمر عمرو بن أبي المقدام فقال (عليه السلام) : هذا من الحاج (2).

342 - عمرو بن جميع

الأزدي ، البصري ، أبو عثمان ، قاضى الري ، ضعيف الحديث ، عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) ومن أصحاب الامام الصادق (عليه السلام) (3).

343 - عمرو بن خالد

من أصحاب الامام الباقر علیه السلام حسب ما ذكره الشيخ (4)

ص: 332


1- النجاشي.
2- الكشي.
3- رجال الطوسي.
4- رجال الطوسي.

روى عن الامام الباقر (عليه السلام) وعن أبي حمزة الثمالي ، والشهيد زيد ابن علي بن الحسين (عليه السلام) (1).

344 - عمرو بن خالد :

أبو خالد ، الواسطي ، عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (2) وهو من رءوس الزيدية وأعلامهم قال : كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) جالسا إذ أقبل زيد بن علي (عليه السلام) فلما نظر إليه أبو جعفر (عليه السلام) قال : هذا سيد أهل بيتي ، والطالب بأوتارهم (3) وروى عمرو بن خالد عن زيد أنه قال في الامام جعفر الصادق (عليه السلام) : « في كل زمان رجل منا أهل البيت يحتج اللّه به على خلقه ، وحجة زماننا ابن أخي جعفر بن محمد ، لا يضل من تبعه ، ولا يهتدي من خالفه » (4) وكشفت هذه الرواية عن زيغ ما نسب لزيد أنه ادعى الامامة.

345 - عمرو بن دينار :

المكي ، قال الشيخ : عمرو بن دينار المكي ، أحد أئمة التابعين ،

ص: 333


1- معجم رجال الحديث 13 / 101.
2- رجال الطوسي.
3- الكشي.
4- الامالي : المجلس 81.

وكان فاضلا عالما ثقة (1) وروى عنه قتادة ، وأيوب ، وابن جريح وغيرهم ، وقيل لمسعد : من رأيت أشد إتقانا للحديث؟ قال : عمرو ابن دينار (2).

346 - عمرو بن رشيد :

كوفي ، من أصحاب الامام الباقر علیه السلام (3).

347 - عمرو بن سعيد :

الثقفي ، من أصحاب الامامين الباقر والصادق علیهماالسلام (4) وقد قال للامام أبي عبد اللّه علیه السلام إني لا أكاد ألقاك إلا في السنين فأوصني بشيء أخذ به ، قال (عليه السلام) : أوصيك بتقوى اللّه : وصدق الحديث. والورع ، والاجتهاد (5).

348 - عمرو بن شمر

الجعفي ، عربي ، ضعيف الحديث ، له كتاب ، عده الشيخ من

ص: 334


1- رجال الطوسي ، تهذيب الكمال المجلد 9 / ق 2.
2- تهذيب التهذيب.
3- رجال الطوسي.
4- معجم رجال الحديث 113 / 113.
5- الروضة.

أصحاب الامام الباقر علیه السلام (1).

349 - عمرو بن عبد اللّه :

الثقفي ، عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر علیه السلام (2).

350 - عمرو بن عثمان :

روى عن الامام أبي جعفر (عليه السلام) والامام أبي عبد اللّه (عليه السلام) كما روى عن أبي جميلة ، وأبي شبل وأبي عمرو وغيرهم ، وروى عنه أبو اسحاق وأبو أيوب الخزاز ، وأبو العباس الكوفي وغيرهم (3).

351 - عمرو بن معمر :

ابن أبي وشيكة من أصحاب الامام الباقر علیه السلام (4).

352 - عمران

عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر علیه السلام وهو مجهول (5).

ص: 335


1- رجال الطوسي.
2- رجال الطوسي.
3- معجم رجال الحديث 13 / 126.
4- معجم رجال الحديث 13 / 142.
5- رجال الطوسي.

353 - عمران بن أبي خالد :

الغزاري ، من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) حسب ما نص عليه الشيخ (1).

354 - عمران بن أعين

روى عن الامام أبي جعفر علیه السلام ، وروى عنه بشير النبال (2).

355 - عنبة بن مصعب :

عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) كما عده من أصحاب الامام الصادق (عليه السلام) (3).

356 - عنبة العابد

روى عن الامامين الباقر والصادق علیهماالسلام ، (4) وروى عنه ابن

ص: 336


1- رجال الطوسي.
2- معجم رجال الحديث 13 / 152.
3- رجال الطوسي.
4- معجم رجال الحديث 13 / 182.

محبوب وابراهيم بن مهزم ، وأحمد بن الحسن وغيرهم (1).

357 - عيسى بن أبي منصور :

القرشي عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر علیه السلام كما عده من أصحاب الامام الصادق (عليه السلام) ونص الشيخ المفيد على أنه من الفقهاء الأعلام ، والرؤساء المأخوذ منهم الحلال والحرام والفتيا والأحكام الذين لا يطعن عليهم ، ولا طريق لذم واحد منهم ، وروى الكشي بسنده عن ابراهيم بن علي قال : كان أبو عبد اللّه (عليه السلام) إذا رأى عيسى بن أبي منصور قال : من أحب أن يرى رجلا من أهل الجنة فلينظر إلى هذا (2).

358 - عيسى بن أعين :

الشيباني ، أخو الفقيه العظيم زرارة بن أعين عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر علیه السلام (3).

359 - عيسى بن بكر :

ابن عبد اللّه بن سعد الأشعري ، القمي ، روى عن الامامين الباقر

ص: 337


1- معجم رجال الحديث 13 / 182.
2- معجم رجال الحديث 13 / 194.
3- رجال الطوسي.

والصادق علیهماالسلام (1).

360 - عيسى بن الضحاك :

روى عن الامام أبي جعفر (عليه السلام) وروى عنه عثمان بن عيسى (2).

361 - عيسى بن الطحان :

من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) حسب ما نص عليه الشيخ (3).

( غ )

362 - غالب أبو الهذيل :

الشاعر ، الكوفي ، من أصحاب الامامين الباقر والصادق علیهماالسلام روى عن الامام أبي جعفر (عليه السلام) وروى عنه حماد بن عثمان (4).

ص: 338


1- معجم رجال الحديث 13 / 200.
2- معجم رجال الحديث 13 / 212.
3- رجال الطوسي.
4- معجم رجال الحديث 13 / 240.

( ف )

363 - فائد الجمال :

الكوفي ، روى عن الامامين الباقر والصادق علیهماالسلام (1).

364 - فرات بن الأحنف :

العبدي ، عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر علیه السلام ، وقد رمي بالغلو والتفريط ، وقال ابن الغضائري : غال كذاب لا يرتفع به (2).

365 - فررة :

روى عن الامام أبي جعفر علیه السلام وروى عنه فضيل الرسان (3)

366 - الفضل بن الزبير :

الرسان ، من أصحاب الامام الباقر علیه السلام (4).

ص: 339


1- رجال الطوسي.
2- معجم رجال الحديث 13 / 275.
3- معجم رجال الحديث 13 / 283.
4- رجال الطوسي.

367 - الفضل بن عثمان :

الأعور ، المرادي ، الكوفي ، عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر علیه السلام وعده الشيخ المفيد من الفقهاء الأعلام والرؤساء المأخوذ منهم الحلال والحرام والفتيا والأحكام الذين لا يطعن عليهم ، ولا طريق لذم واحد منهم (1).

368 - الفضل النوفلي :

روى عن الامام أبي جعفر علیه السلام ، وروى عنه ابنه عبد اللّه (2).

369 - الفضيل :

روى عن الامام أبي جعفر (عليه السلام) وروى عنه يونس (3).

370 - الفضيل بن خيثم :

روى عن الامام أبي جعفر (عليه السلام) وروى عنه علي بن الحكم (4).

ص: 340


1- معجم رجال الحديث 13 / 333.
2- معجم رجال الحديث 13 / 346.
3- معجم رجال الحديث 13 / 347.
4- معجم رجال الحديث 13 / 352.

371 - الفضيل بن الزبير :

الرسان من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (1).

372 - الفضيل بن سعدان :

من أصحاب الامام الباقر علیه السلام حسبما نص عليه الشيخ (2).

373 - الفضيل بن شريح :

عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر علیه السلام (3).

374 - الفضيل بن عثمان :

عده البرقي من أصحاب الامام الباقر علیه السلام (4).

ص: 341


1- رجال الطوسي.
2- رجال الطوسي.
3- رجال الطوسي.
4- رجال البرقي.

375 - الفضيل بن غياث :

عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وأضاف أنه مجهول (1).

376 - الفضيل بن يسار :

النهدي ، يكنى أبا القاسم ، عربي ، بصري ، روى عن الامامين أبي جعفر وأبي عبد اللّه علیهماالسلام ، قال له الامام الصادق : رضاع اليهودية والنصرانية خير من رضاع الناصبية ، له كتاب (2) عده الشيخ المفيد في رسالته العددية من الفقهاء الأعلام ، والرؤساء المأخوذ منهم الحلال والحرام ، والفتيا ، والأحكام ، الذين لا يطعن عليهم ، ولا طريق لذم واحد منهم روى الكشي بسنده عن ابراهيم بن عبد اللّه قال : كان أبو عبد اللّه (عليه السلام) إذا رأى الفضيل بن يسار قال : بشر المخبتين ، من أحب أن ينظر رجلا من أهل الجنة فلينظر إلى هذا (3).

وروى الكشي بسنده عن خلف بن حماد عن رجل عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : كان أبو جعفر (عليه السلام) إذا دخل عليه الفضيل بن يسار يقول : بخ بخ بشر المخبتين ، مرحبا بمن تأنس به الأرض (4) ووردت أخبار كثيرة

ص: 342


1- رجال الطوسي.
2- النجاشي.
3- الكشي.
4- الكشي.

في الثناء عليه من الأئمة الطاهرين ، توفى في حياة الامام الصادق علیه السلام .

377 - فطر بن خليفة :

أبو بكر المخزومي ، تابعي ، روى عن الامامين الباقر والصادق علیهماالسلام ، وروى عنه المثنى ترحم عليه الامام أبو جعفر (عليه السلام) مرتين (1).

378 - فليح بن أبي بكر :

الشيباني من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) حسب ما نص عليه الشيخ ، وعده البرقي من أصحاب الامام زين العابدين والباقر والصادق علیهم السلام (2).

379 - الفيض بن المختار :

قال النجاشي : الفيض بن المختار الجعفي ، كوفي ، روى عن الامام أبي جعفر ، والامام أبي عبد اللّه ، والامام أبي الحسن عليهم

ص: 343


1- رجال الطوسي.
2- رجال الطوسي.

السلام (1) وقال الشيخ : له كتاب (2) وهو أحد الذين رووا النص على إمامة موسى بن جعفر (عليهما السلام) عن أبيه.

( ق )

380 - القاسم بن عبد الرحمن :

الأنصاري ، روى عن الامام أبي جعفر (عليه السلام) وروى عنه عبد الرحمن ابن الحجاج (3).

381 - قاسم بن عبد الملك :

عده الشيخ والبرقي من أصحاب الامام الباقر علیه السلام (4).

382 - قدامة بن زائدة :

روى عن الامام أبي جعفر علیه السلام وروى عنه ابن بكير (5).

ص: 344


1- النجاشي.
2- رجال الطوسي.
3- معجم رجال الحديث 14 / 26.
4- رجال الطوسي ورجال البرقي.
5- رجال الطوسي.

383 - قيس بن أبي مسلم :

الأشعري ، كوفي ، عده البرقي في أصحاب الامام الباقر علیه السلام وروى الكشي بسنده عنه قال : أتيت أبا جعفر علیه السلام فشكوت إليه الدين ، وخفة المال ، فقال : ائت قبر النبي (صلی اللّه عليه وآله) فاشكو إليه ، وعد إلي ، قال : فذهبت ففعلت الذي أمرني ثم رجعت إليه ، فقال لي : ارفع المصلى ، وخذ الذي تحته ، قال : فرفعته ، فاذا تحته دنانير ، فقلت : لا واللّه جعلت فداك ما شكوت إليك لتعطيني شيئا ، قال : فقال لي : خذها ، ولا تخبر أحدا بحاجتك فيستخف بك فأخذتها فاذا هي ثلاث مائة دينار (1).

384 - قيس بن الربيع :

عده الشيخ في أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وقال الكشي : إنه تبري ، وكانت له محبة ، وقد سأل أبا اسحاق السبيعي عن المسح على الخفين ، فقال له : أدركت الناس يمسحون حتى لقيت رجلا من بني هاشم لم أر مثله قط محمد بن علي بن الحسين علیهم السلام فسألته عن المسح فنهاني عنه ، وقال : لم يكن علي أمير المؤمنين (عليه السلام) يمسح ، وكان يقول : سبق الكتاب المسح على الخفين ، قال أبو اسحاق : فما مسحت منذ نهاني

ص: 345


1- معجم رجال الحديث 14 / 95.

عنه ، قال قيس بن الربيع : وما مسحت أنا منذ سمعت أبا اسحاق (1).

( ك )

385 - كامل بن العلاء :

التمار ، عده البرقي من أصحاب الامام الباقر علیه السلام (2).

386 - كامل الرصافي :

عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وهو مجهول (3).

387 - كامل صاحب السابري :

كوفي ، عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر علیه السلام (4).

388 - كامل النجار

من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) حسبما نص عليه الشيخ (5).

ص: 346


1- الكشي.
2- رجال البرقي.
3- رجال الطوسي.
4- رجال الطوسي.
5- رجال الطوسي.

389 - كثير بن كلثم :

أبو الحرث ، وقيل أبو الفضل ، كوفي ، ثقة روى عن الامامين الباقر والصادق علیهماالسلام (1).

390 - كثير النواء

بتري ، من أصحاب الامام الباقر علیه السلام حسب ما يقول الشيخ (2) وكان كثير النواء منحرفا عن الحق ، ومرتطما في الباطل ، وقد تبرأ الامام الصادق (عليه السلام) منه فقال (عليه السلام) : اللّهم إني إليك من كثير النواء أبرأ في الدنيا والآخرة (3) ووردت أخبار كثيرة في ذمه ، وإنه لا علاقة له باللّه.

391 - كليب بن معاوية :

الصيداوي ، الأسدي ، يكنى أبا محمد ، روى عن الامام أبي جعفر وأبي عبد اللّه علیهماالسلام له كتاب يرويه عنه جماعة (4) وكان محبوبا

ص: 347


1- النجاشي.
2- رجال الطوسي.
3- الكشي.
4- النجاشي.

عند أهل البيت (عليهم السلام) فقد قال رجل لأبي عبد اللّه (عليه السلام) : أيحب الرجل الرجل ولم يره؟ قال (عليه السلام) : ها هو ذا أنا أحب كليبا الصيداوي ولم أره (1) ووردت أخبار مماثلة في الثناء عليه.

392 - الكميت بن زيد :

الأسدي شاعر الشيعة الأكبر ، والمدافع عن حقوق أهل البيت علیهم السلام ، وقد ذكرنا في الحلقة الأولى من هذا الكتاب دراسة مفصلة عنه.

393 - كنكر :

عده الشيخ في رجاله من أصحاب الامام الباقر علیه السلام ، وروى عنه ، يكنى أبا خالد (2) قال ابن شهرآشوب : أبو خالد القماط الكابلي اسمه كنكر ، وقيل وردان .. روى الكشي بسنده عن أبي بصير قال : سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول : كان أبو خالد الكابلي يخدم محمد بن الحنفية دهرا ، وما كان يشك في أنه إمام حتى أتاه ذات يوم فقال له : جعلت فداك ، إن لي حرمة ومودة ، وانقطاعا فأسألك بحرمة رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) إلا أخبرتني أنت الامام الذي فرض اللّه طاعته على خلقه؟.

ص: 348


1- معجم رجال الحديث 14 / 127.
2- رجال الطوسي.

قال محمد بن الحنفية : حلفتني بالعظيم ، الامام علي بن الحسين (عليهما السلام) عليّ وعليك ، وعلى كل مسلم ، فأقبل أبو خالد لما أن سمع ما قاله محمد ، فجاء إلى علي بن الحسين فاستأذن فأذن (عليه السلام) له فلما دخل عليه قال (عليه السلام) له : مرحبا يا كنكر ، ما كنت لنا بزائر ما بدا لك فينا؟ فخر أبو خالد ساجدا شاكرا لله تعالى ، ولما رفع رأسه قال : الحمد لله الذي لم يمتني حتى عرفت إمامي ، فقال له علي بن الحسين : وكيف عرفت إمامك يا أبا خالد؟ فقال : إنك دعوتني باسمي الذي سمتني به أمي ، ثم إني خدمت محمد بن الحنفية دهرا من عمري ، ولا أشك ألا وإنه إمام حتى إذا كان قريبا سألته بحرمة اللّه وحرمة رسوله وبحرمة أمير المؤمنين فأرشدني إليك ... فعلمت أنك الامام الذي فرض اللّه طاعته على كل مسلم (1).

( ل )

394 - ليث بن أبي سليم :

عده الشيخ والبرقي من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وهو مجهول (2).

395 - ليث بن البختري :

المعروف بأبي بصير ، وهو من أجل الرواة علما وفقها وحريجة في

ص: 349


1- معجم رجال الحديث 14 / 135 - 137.
2- رجال الطوسي ، رجال البرقي.

الدين ، وهو أحد الرواة الذين حافظوا على الثروات العلمية للامام أبي جعفر (عليه السلام) فقد روى سليمان بن خالد الأقطع قال : سمعت أبا عبد اللّه علیه السلام يقول : ما أجد أحدا أحيا ذكرنا ، وأحاديث أبي إلا زرارة وأبو بصير ، ليث المرادي ، ومحمد بن مسلم ، وبريد بن معاوية العجلي ، ولو لا هؤلاء ما كان أحد يستنبط هذا ، هؤلاء حفاظ الدين ، وأمناء أبي على حلال اللّه وحرامه ، وهم السابقون إلينا في الدنيا ، والسابقون إلينا في الآخرة (1) ووردت أخبار مماثلة في الثناء عليه وتعظيمه ذكرنا أكثرها عند الحديث عن زرارة ، وقد وردت أخبار قادحة له إلا أنها إمّا موضوعة أو أنها وردت للحفاظ عليه من السلطة الأموية التي لم تتحرج في سفك دماء الشيعة بغير حق ... لقد كان ليث من أعلام الفكر الاسلامي ، ومن كبار العلماء الذين حافظوا على الثروات العلمية لأهل البيت (عليهم السلام).

( م )

396 - مالك بن أعين :

الجهني ، من أصحاب الامام الباقر علیه السلام ، والامام الصادق (عليه السلام) وهو الذي مدح الامام الباقر (عليه السلام) بقوله :

إذا طلب الناس علم القرآن *** كانت قريش عليه عيالا

وإن قيل أين ابن بنت النبي *** نلت بذلك فروعا طوالا

نجوم تهلل للمدلجين *** جبال تورث علما حبالا(2)

ص: 350


1- الكشي.
2- الارشاد.

وروى الأربلي بسنده عن مالك الجهني إنه قال : كنت قاعدا عند أبي جعفر (عليه السلام) فنظرت إليه ، وجعلت أفكر في نفسي وأقول لقد عظمك اللّه ، وكرمك ، وجعلك حجة على خلقه ، فالتفت إلى وقال : يا مالك الأمر أعظم مما تذهب إليه (1) وله التقائات كثيرة مع الامامين الباقر (عليه السلام) والصادق (عليه السلام) رواها الكشي.

397 - مالك بن عطية :

الأحمسي ، البجلي ، الكوفي ، عده الشيخ من أصحاب الامام زين العابدين (عليه السلام) ومن أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) والامام أبي عبد اللّه (عليه السلام) روى عن الامام الصادق (عليه السلام) وروى عنه محمد بن صدقة في فضل زيارة الامام الحسين (عليه السلام) قال مالك للامام الصادق (عليه السلام) : إني رجل من بجيلة ، وأنا أدين اللّه عز وجل ، بأنكم موالي ، وقد يسألني بعض من لا يعرفني فيقول : ممن الرجل؟ فأقول له : أنا رجل من العرب ، ثم من بجيلة فعلي في هذا إثم حيث لم أقل إني مولى لبني هاشم؟ فقال (عليه السلام) : لا ، أليس قلبك وهواك منعقدا على أنك من موالينا؟ فقلت : بلى واللّه ، فقال : ليس عليك في أن تقول : أنا من العرب ، إنما أنت من العرب في النسب (2).

ص: 351


1- كشف الغمة.
2- معجم رجال الحديث 14 / 677.

398 - محمد بن ابراهيم

الكوفي الخياط روى عن الامامين الباقر والصادق علیهماالسلام (1).

399 - محمد بن أبي سارة :

الكوفي عده الشيخ والبرقي من أصحاب الامام الباقر علیه السلام (2)

400 - محمد بن أبي منصور :

عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر علیه السلام (3).

401 - محمد بن اسحاق :

المدني ، صاحب السير ، عامي من أصحاب الامام الباقر علیه السلام (4).

ص: 352


1- رجال الطوسي.
2- رجال الطوسي ، رجال البرقي.
3- رجال الطوسي.
4- رجال الطوسي.

402 - محمد بن اسماعيل :

ابن جعفر العلوي ، من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) حسب ما نص عليه الشيخ (1).

403 - محمد بن الحسن :

ابن ابي سارة ، ابو جعفر ، مولى الانصاري ، يعرف بالرواسي ، اصله كوفي ، سكن هو وابوه النيل ، روى هو وابوه عن الامامين ابي جعفر وابي عبد اللّه علیهماالسلام ولمحمد عدة مؤلفات منها :

1 - كتاب الوقف.

2 - كتاب الابتلاء.

3 - كتاب الهمز

4 - كتاب اعراب القرآن

نقل هذه المؤلفات النجاشي (2)

404 - محمد بن حميد

عده الشيخ من اصحاب الامام الباقر علیه السلام (3)

ص: 353


1- رجال الطوسي.
2- النجاشي.
3- رجال الطوسي.

405 - محمد بن رستم

عده الشيخ من اصحاب الامام الباقر (عليه السلام) ويروي عن الاصبغ ابن نبانة (1).

406 - محمد بن زيد

من أصحاب الامام الباقر علیه السلام وهو من البترية (2).

407 - محمد بن سالم :

روى عن الامام أبي جعفر (عليه السلام) وعن أبان بن تغلب ، وأحمد بن النظر وغيرهم (3).

408 - محمد بن سليمان :

ابن الفراء ، عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر علیه السلام (4).

ص: 354


1- رجال الطوسي.
2- رجال الطوسي.
3- معجم رجال الحديث 16 / 113.
4- رجال الطوسي.

409 - محمد بن سوقة :

روى عن الامام أبي جعفر (عليه السلام) وروى عنه أبو أيوب ، كما روى عن الامام أبي عبد اللّه (عليه السلام) (1).

410 - محمد بن صاحب :

عده البرقي من أصحاب الامام الباقر علیه السلام (2).

411 - محمد بن عبد اللّه :

الطيار مولى فزارة ، عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وكذلك عده البرقي ، روى الكشي بسنده عنه قال : جئت إلى باب أبي جعفر (عليه السلام) استأذن عليه فلم يأذن لي ، وأذن لغيري ، فرجعت إلى منزلي وأنا مغموم فطرحت نفسي على سرير في الدار ، وذهب عني النوم ، فجعلت أفكر وأقول : أليس المرجئة تقول كذا :؟ والقدرية تقول : كذا؟ والحرورية تقول : كذا؟ والزيدية : كذا؟ فتفسد عليهم قولهم ، فأبا افكر في هذه حتى نادى المنادي فاذا بالباب يدق ، فقلت : من هذا؟ فقال : رسول لأبي جعفر (عليه السلام) يقول لك أبو جعفر (عليه السلام) : أجب ، فأخذت ثيابي ، ومضيت معه ، فدخلت عليه ،

ص: 355


1- معجم رجال الحديث 16 / 183.
2- رجال البرقي.

فلما رأني قال لي : يا محمد لا إلى المرجئة ، ولا إلى القدرية ولا إلى الحرورية ، ولا إلى الزيدية ، ولكن إلينا ، إنما حجبتك لكذا وكذا ، فقبلت قوله (1).

412 - محمد بن عجلان :

عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) روى عن مالك بن ضمرة الرواسي عن الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) وروى عنه عثمان بن عيسى في فضل الصلاة في مسجد الكوفة (2).

413 - محمد بن عجلان :

المدني ، عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر علیه السلام (3).

414 - محمد بن عطية

روى عن الامام أبي جعفر (عليه السلام) وروى عنه محمد بن داود ، كما روى عن الامام الصادق (عليه السلام) وعن زرارة (4).

ص: 356


1- معجم رجال الحديث 16 / 287.
2- معجم رجال الحديث 16 / 314.
3- رجال الطوسي.
4- معجم رجال الحديث.

415 - محمد بن علي

ابن أبي شعبة الحلبي ، أبو جعفر وهو - على حد تعبير النجاشي - وجه أصحابنا ، وفقيههم ، والثقة الذي لا يطعن عليه هو وأخوته ، عبيد اللّه ، وعمران ، وعبد الأعلى له كتاب التفسير ، كما أن له كتابا مبوبا في الحلال والحرام (1) عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (2).

416 - محمد بن عون :

النصيبي ، روى عن الامام أبي جعفر (عليه السلام) وروى عنه محمد بن الحسين (3).

417 - محمد بن الفرات :

سأل الامام أبا جعفر (عليه السلام) عن قوله تعالى : ( وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ) ، فأجابه (عليه السلام) : يعني في أصلاب النبيين ، وقال : رأيت عباية بن ربعي ، وهو يحدث قائلا : سمعت أمير المؤمنين يقول : أنا قسيم النار (4).

ص: 357


1- النجاشي.
2- رجال الطوسي.
3- معجم رجال الحديث 16 / 97.
4- معجم رجال الحديث 16 / 140.

418 - محمد بن الفضل :

الهاشمي ، يكنى أبا الربيع عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر علیه السلام (1).

419 - محمد بن الفيض :

روى عن الامامين الباقر والصادق علیهماالسلام ، وروى عنه أبو سليمان الحذاء وغيره (2).

420 - محمد بن قيس :

روى عن الامام أبي جعفر علیه السلام ، وقد عده الشيخ المفيد من الأعلام والرؤساء المأخوذ عنهم الحلال والحرام ، والفتيا والأحكام ، الذين لا يطعن عليهم ، ولا طريق إلى ذم واحد منهم ... روى عنه علي بن رئاب ، وأبو أيوب ، وأبو علي وغيرهم (3).

ص: 358


1- رجال الطوسي.
2- معجم رجال الحديث 16 / 167.
3- معجم رجال الحديث 16 / 187.

421 - محمد بن قيس :

أبو عبد اللّه البجلي ، ثقة ، عين ، كوفي روى عن الامامين الباقر والصادق علیهماالسلام ، له كتاب « القضايا » (1) توفى سنة [ 151 ه ] (2)

422 - محمد بن مروان :

روى عن الامام أبي جعفر (عليه السلام) والامام أبي عبد اللّه علیه السلام ، كما روى عن أبي يحيى وابن أبي يعفور ، وأبان بن عثمان وغيرهم وروى عنه أبو جميلة وابن مسكان وأبان بن عثمان وغيرهم (3).

423 - محمد بن مروان :

البصري ، عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر علیه السلام (4).

424 - محمد بن مروان :

الكلبي عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (5) وكذلك عده

ص: 359


1- النجاشي.
2- الكشي.
3- معجم رجال الحديث.
4- رجال الطوسي.
5- رجال الطوسي.

البرقي (1).

425 - محمد بن مسلم

اشارة

ابن رياح ، أبو جعفر الأوقصي الطحان ، مولى ثقيف الأعور (2) كان من أعلام الفكر واحد أئمة العلم في الاسلام ، وأحد الفقهاء العظام ، ومن أمناء اللّه على حلاله وحرامه ، اختص بالامامين الباقر والصادق (عليهما السلام) وروى الشيء الكثير من علومها ، وقد قال : ما شجر في رأيي شيء قط إلا سألت عنه أبا جعفر (عليه السلام) حتى سألته عن ثلاثين ألف حديث ، وسألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن ستة عشر ألف حديث (3).

تكريم وتعظيم :

وأثرت طائفة كبيرة من الأخبار عن أئمة أهل البيت علیهم السلام وهي تشيد بمحمد بن مسلم وتثني عليه عاطر الثناء ، ومن بينها ما يلي :

1 - روى الكشي بسنده عن عبد اللّه بن أبي يعفور قال : قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام) إنه ليس كل ساعة ألقاك ، ويمكن القدوم عليك ، ويجيء الرجل من أصحابنا فيسألني ، وليس عندي كلما يسألني عنه ، قال (عليه السلام) فما يمنعك من محمد بن مسلم الثقفي ، فانه قد سمع

ص: 360


1- معجم رجال الحديث
2- رجال البرقي.
3- النجاشي.

من أبي ، وكان عنده وجيها (1) ودل هذا الحديث على مدى ما يتمتع به محمد من القدرات والمواهب العلمية حتى كان مرجعا للفتيا بين المسلمين.

2 - روى الكشي بسنده عن محمد بن خالد الطيالسي قال : كان محمد بن مسلم من أهل الكوفة يدخل على أبي جعفر (عليه السلام) فقال أبو جعفر : بشر المخبتين (2) ودل هذا الحديث على أنه من أولياء اللّه المقربين.

3 - روى جميل بن دراج قال : سمعت أبا عبد اللّه (عليه السلام) يقول : بشر المخبتين بالجنة ، بريد بن معاوية العجلي ، وأبا بصير ليث بن البختري المرادي ، ومحمد بن مسلم ، وزرارة أربعة نجباء ، أمناء اللّه على حلاله وحرامه ، لو لا هؤلاء انقطعت آثار النبوة واندرست (3).

4 - قال الامام أبو عبد اللّه (عليه السلام) : « أربعة أحب الناس إلي أحياء وأمواتا : بريد بن معاوية العجلي ، وزرارة بن أعين ، ومحمد ابن مسلم ، وأبو جعفر الأحول (4) إلى غير ذلك من الأخبار التي أشادت بفضله وعظيم منزلته عند أهل البيت [عليهم السلام].

ص: 361


1- الكشي.
2- الكشي.
3- الكشي.
4- الكشي.
مكانته العلمية

وكان محمد بن مسلم من ألمع علماء عصره في فضله وفقهه ومعرفته بأحكام الدين ، وقد عده الشيخ المفيد في رسالته العددية من الفقهاء والأعلام الرؤساء المأخوذ عنهم الحلال والحرام والفتيا والأحكام ، وكان الامام أبو عبد اللّه الصادق علیه السلام يرجع إليه العلماء والفضلاء في مسائل الدين ، وقد سأل الامام أبا جعفر (عليه السلام) عن ثلاثين ألف مسألة وسأل الامام أبا عبد اللّه عن ستة عشر ألف مسألة.

محمد مع شريك القاضي :

ويقول المؤرخون إن محمد بن مسلم وأبا كريبة الأزدي شهدا بشهادة عند شريك القاضي وكان منحرفا عن أهل البيت (عليهم السلام) فنظر في وجهيهما مليا ثم قال : جعفريان فاطميان قادحا بذلك في شهادتهما ، ولما سمعا بذلك بكيا ، فبهر شريك وقال : « ما يبكيكما؟ »

فقالا له : نسبتنا إلى أقوام لا يرضون بأمثالنا أن نكونا من إخوانهم لما يرون من سخف ورعنا ، ونسبتنا إلى رجل - يعني الامام الصادق علیه السلام - لا يرضى بأمثالنا أن يكونوا من شيعته ، فان تفضل وقبلنا فله المن والفضل.

وأبدى شريك اعجابه بهما فراح يقول : إذا كانت الرجال فليكن أمثالكما وأجاز شهادتهما ، وحج محمد بن مسلم مع أبي كريبة بيت اللّه الحرام

ص: 362

وتشرفا بمقابلة الامام ونقلا له الحديث الذي دار بينهما وبين شريك فتأثر (عليه السلام) من شريك وقال : ما لشريك شركه يوم القيامة بشراكين من نار (1).

بيعة للتمر :

وكان محمد بن مسلم موسرا ومن ذوي الثراء في الكوفة ، وقد عهد إليه الامام أبو جعفر (عليه السلام) ببيع التمر للحفاظ على حياته من السلطة الأموية التي لم تتحرج في سفك دماء الشيعة بغير حق ، وقد أخذ محمد ابن مسلم قوصرة من تمر مع ميزان ، وجلس على باب مسجد الجامع في الكوفة ، وجعل ينادي على التمر ، فخف إليه قومه فقالوا له : فضحتنا فقال لهم : إن مولاي - يعني أبا جعفر (عليه السلام) - أمرني بأمر فلن أخالفه ، فقالوا له : إذا أبيت إلا أن تشتغل ببيع وشراء فاقعد مع الطحانيين ، فأجابهم إلى ذلك فهيأ له رحا وجعل يطحن وبذلك فقد حافظ على دمه وحياته (2).

وفاته :

انتقل هذا العملاق العظيم إلى جوار اللّه سنة ( 150 ه ) (3) فواراه أصحابه وقد واروا في التراب الفقه والفضل والورع والتقوى.

ص: 363


1- الكشي.
2- الكشي.
3- الكشي.

426 - محمد بن مسلم :

الثقفي ، روى عن الامام أبي جعفر علیه السلام ، وروى عنه عمر ابن اذينة (1).

427 - محمد بن المنكدر :

ابن عبد اللّه التيمي ، أبو عبد اللّه أحد الأئمة الأعلام ، قال ابن حيان : كان من سادات القراء (2) وكان يقول : ما كنت أرى أن علي ابن الحسين يدع خلفا أفضل منه ، حتى رأيت ابنه محمد بن علي (عليهما السلام) فأردت أن أعظه فوعظني ، فقال له أصحابه : بأي شيء وعظك؟ قال : خرجت إلى بعض نواحي المدينة في ساعة حارة فلقيني أبو جعفر محمد ابن علي ، وكان رجلا بادنا ، ثقيلا ، وهو متّكئ على غلامين أسودين أو موليين فقلت في نفسي : سبحان اللّه شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحالة على طلب الدنيا أما لأعظنه!!! فسلمت عليه وهو يتصبب عرقا ، فقلت : أصلحك اللّه شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا أرأيت لو جاء اجلك وأنت على هذه الحال ما كنت تصنع؟.

فقال : لو جاءني الموت وأنا على هذه الحال جاءني وأنا في طاعة اللّه

ص: 364


1- معجم رجال الحديث 17 / 288.
2- تهذيب التهذيب 9 / 473.

عز وجل ، أكف بها نفسي وعيالي عنك ، وعن الناس ، وإنما كنت أخاف أن لو جاءني الموت وأنا على معصية من معاصي اللّه.

فقلت : صدقت يرحمك اللّه أردت أن أعظك فوعظتني (1).

428 - المسئهل بن عطاء :

عده الشيخ من أصحاب الامامين الباقر والصادق علیهماالسلام وروى عنهما (2).

429 - مسعدة بن زياد :

الربعي عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (3) وقال النجاشي : إنه ثقة عين ، روي له كتاب في الحلال والحرام مبوب (4).

430 - مسعدة بن صدقة :

عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر علیه السلام وأضاف أنه

ص: 365


1- الكافي الجزء الخامس كتاب المعيشة.
2- رجال الطوسي.
3- رجال الطوسي.
4- النجاشي.

عامي (1) وذكر النجاشي أنه روى عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) وأبي الحسن (عليه السلام) له كتب منها كتاب خطب الأمير (عليه السلام) (2).

431 - مسكين :

ذكره الشيخ من أصحاب الامام الباقر علیه السلام وأضاف أنه ثقة (3).

432 - مسكين بن عبد :

من أصحاب الإمام الباقر علیه السلام وهو إمامي مجهول الحال (4).

433 - مسمع بن عبد الملك :

يكنى أبا سيار ، كوفي من أصحاب الامامين الباقر والصادق علیهماالسلام حسبما ذكر الشيخ ، وقال النجاشي : إنه شيخ بكر بن وائل بالبصرة ووجهها ، وسيد المسامعة.

روى عن أبي جعفر (عليه السلام) رواية يسيرة وروى عن أبي عبد اللّه وأكثر

ص: 366


1- رجال الطوسي.
2- النجاشي.
3- رجال الطوسي.
4- تنقيح المقال 3 / 214.

واختص به ، وقال له أبو عبد اللّه (عليه السلام) : إني لأعدك لأمر عظيم يا أبا سيار (1)

434 - معروف بن خربوذ :

المكي ، من سكان الكوفة ، من أصحاب الامام الباقر علیه السلام وهو من الفقهاء العظام وأحد أمناء اللّه على حلاله وحرامه ، وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم ، وهو من العباد ، وكان يطيل السجود في صلاته ، وقد تتلمذ على يد الامام أبي جعفر وولده الامام الصادق علیهماالسلام ، وقد أخذ الكثير من علومهم ، واقتدى في سلوكه بهديهم وورعهم فكان من أفذاذ المتقين والمنيبين إلى اللّه (2).

435 - معمر بن رشيد :

الكوفي ، عده الشيخ في رجاله من أصحاب الامام الباقر علیه السلام (3).

436 - معمر بن عطاء :

ابن وشيكة الكوفي ، عده الشيخ في رجاله من أصحاب الامام

ص: 367


1- النجاشي.
2- الكشي ، النجاشي ، رجال الطوسي.
3- رجال الطوسي.

الباقر (عليه السلام) وهو إمامي مجهول الحال (1).

437 - معمر بن يحيى :

ابن بسام عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر علیه السلام (2).

438 - معمر بن يحيى :

ابن سالم الخزار عده البرقي من أصحاب الامام الباقر علیه السلام (3)

439 - معمر بن يحيى :

العجلي ، عربي ، ثقة ، متقدم روى عن الامامين الباقر والصادق علیهماالسلام له كتاب يرويه عنه ثعلبة بن ميمون (4).

440 - المغيرة بن سعيد :

مولى بجيلة كذاب مفتر ، تظافرت الأخبار بذمه ولعنه ، وانه كان

ص: 368


1- رجال الطوسي.
2- رجال الطوسي.
3- رجال البرقي.
4- النجاشي.

يكذب على الامام الباقر علیه السلام ، قال الامام الصادق (عليه السلام) : لعن اللّه المغيرة بن سعيد إنه كان يكذب على أبي فأذاقه اللّه حر الحديد (1) وقد تحدثنا في البحوث السابقة عن بدعه وأضاليله.

441 - المفضل بن زيد :

عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر علیه السلام (2) وهو مجهول الحال

442 - المفضل بن قيس :

ابن رمانة عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (3) وقد روى الكشي طائفة من الأخبار في مدحه والثناء عليه.

443 - مقاتل بن سليمان :

الخراساني البجلي ، عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (4) وقال البرقي : إنه عامي المذهب (5).

ص: 369


1- الكشي.
2- رجال الطوسي.
3- رجال الطوسي.
4- رجال الطوسي.
5- رجال البرقي.

444 - مقرن السراج

عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (1) وهو مجهول الحال.

445 - منذر بن أبي طريفة :

البجلي ، الكوفي ، عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (2) وقال النجاشي : إنه روى عن الامام علي بن الحسين (عليهما السلام) والامام الباقر والصادق (عليهما السلام).

446 - منصور بن المضمر :

السلمي الكوفي ، تابعي عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (3) وكان من دعاة الشهيد العظيم زيد بن علي (عليه السلام) ولما قتل زيد لم يكن منصور في الكوفة ، ولما بلغه قتله صام سنة يرجو بذلك أن يكفر اللّه عنه ، وخرج مع عبد اللّه بن معاوية ، ثم خرج مع محمد بن عبد اللّه ابن الحسن أيام المنصور الدوانيقي.

ص: 370


1- رجال الطوسي.
2- رجال الطوسي.
3- رجال الطوسي.

447 - منصور بن الوليد :

الصيقل عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (1).

448 - موسى الأشعري :

عده الشيخ في رجاله من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (2).

449 - موسى بن أشيم :

عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (3) رمي بالغلو ، وانه كان من أتباع أبي الخطاب ، فقد روى الكشي بسنده عن حنان بن سدير عن الامام أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال : إني لأنفس على أجساد أصيب معه - يعني مع أبي الخطاب - النار ، وذكر (عليه السلام) ابن الأشيم فقال : كان يأتيني فيدخل علي هو وصاحبه حفص بن ميمون فيسألوني فأخبرهم الحق ، ثم يخرجون من عندي إلى أبي الخطاب فيخبرهم بخلاف قولي فيأخذون بقوله ، ويذرون قولي وقيل إنه رجع عن الغلو (4).

ص: 371


1- رجال الطوسي.
2- رجال الطوسي.
3- رجال الطوسي.
4- تنقيح المقال 3 / 253.

450 - موسى الخياط

عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (1) وهو مجهول الحال.

451 - موسى بن زياد :

عده الشيخ في رجاله من أصحاب الامام الباقر علیه السلام (2).

452 - موسى بن عبد اللّه :

الأسدي عده الشيخ في رجاله من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وهو مجهول الحال (3).

453 - مهزم بن أبي بردة :

الأسدي ، كوفي ، عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) والامام الصادق (عليه السلام) والامام الكاظم (عليه السلام) (4).

ص: 372


1- رجال الطوسي.
2- رجال الطوسي.
3- تنقيح المقال 3 / 356.
4- رجال الطوسي.

454 - ميسر بن عبد العزيز :

النخعي ، المدائني ، من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) حسب ما ذكر الشيخ (1) وقال الكشي : إنه كوفي ثقة ، وروى ميسر عن أحدهما - الباقر أو الصادق (عليهما السلام) - أنه قال له : يا ميسر إني لأظنك وصولا لقرابتك؟ قلت : نعم جعلت فداك لقد كنت في السوق وأنا غلام وأجرتي درهمان ، وكنت أعطي واحدا عمتي ، وواحدا خالتي ، فقال (عليه السلام) : أما واللّه لقد حضر أجلك مرتين ، كل ذلك يؤخر ، وقال ميسر : دخلنا جماعة على أبي جعفر فذكروا صلة الرحم والقرابة ، فقال أبو جعفر (عليه السلام) : يا ميسر أما أنه قد حضر أجلك غير مرة ولا مرتين كل ذلك يؤخر اللّه بصلتك قرابتك ، وروى ميسر عن الامام الباقر (عليه السلام) أنه قال له : أتخلون وتتحدثون ، وتقولون ما شئتم؟ فقلت : أي واللّه إنا لنخلوا ونتحدث ، ونقول ما شئنا ، فقال (عليه السلام) : أما واللّه لوددت أني معكم في بعض تلك المواطن ، أما واللّه إني لأحب ريحكم وأرواحكم وإنكم على دين اللّه ، ودين ملائكته فأعينونا بورع واجتهاد ... وقال الامام أبو جعفر (عليه السلام) : رأيت كأني على رأس جبل ، والناس يصعدون عليه من كل جانب إذا كثروا عليه تطاول بهم السماء ، وجعل الناس يتساقطون عنه من كل جانب حتى لم يبق منهم إلا عصابة يسيرة ، وجعل يفعل ذلك خمس مرات ، وكل ذلك يتساقط الناس عنه ، وتبقى تلك العصابة عليه أما أن ميسر ابن عبد العزيز ، وعبد اللّه بن عجلان في تلك العصابة ، ودلت هذه

ص: 373


1- رجال الطوسي.

الأخبار على عمق إيمانه وشدة ولائه لأهل البيت (عليهم السلام) (1).

455 - ميمون البان

الكوفي ، روى عن الامامين الباقر والصادق علیهماالسلام (2).

456 - ميمون القداح :

مولى بني مخزوم عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (3).

( ن )

457 - نجم بن الحطيم :

العبدي ، عده الشيخ في رجاله من أصحاب الامام الباقر علیه السلام (4).

458 - نجم الطائي

عده الشيخ في رجاله من أصحاب الامام الباقر وهو إمامي

ص: 374


1- الكشي.
2- رجال الطوسي.
3- رجال الطوسي.
4- رجال الطوسي.

مجهول الحال (1).

459 - نجح بن مسلم :

ذكره الشيخ من أصحاب الامام الباقر علیه السلام وهو مجهول الحال (2)

460 - النضر بن قرواش :

الخزاعي ، الكوفي ، عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وكان منحرفا عن أهل البيت (عليهم السلام) ويقول الرواة : إن الامام الباقر (عليه السلام) كان يحدث أصحابه فدخل النضر فاغتم أصحاب الامام منه ، وتحدث الامام ما شاء مع أصحابه ، فلما انتهى المجلس وانصرف النضر ، قال للامام بعض أصحابه : قد سمع منك ما قد سمع ، قال (عليه السلام) : لو سألتموه عما تكلمت به اليوم ما حفظه ، والتقى به بعض أصحاب الامام فسأله عن الأحاديث التي سمعها من الامام (عليه السلام) فقال : لا واللّه ما فهمت منها قليلا ولا كثيرا (3).

461 - نعمان الأحمسي :

عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر علیه السلام (4) وهو إمامي

ص: 375


1- رجال الطوسي.
2- رجال الطوسي.
3- تنقيح المقال 3 / 271.
4- رجال الطوسي.

مجهول الحال.

( و)

462 - الورد بن زيد :

الأسدي ، شقيق الشاعر الكبير الكميت بن زيد ، وقد عده الشيخ في رجاله من أصحاب الامام الباقر علیه السلام ، وكان فيما يقول الرواة شديد الولاء والحب لأهل البيت (عليهم السلام) (1).

463 - الوليد بن بشير :

عده الشيخ في رجاله من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وأضاف أنه مجهول (2).

464 - الوليد بن عروة :

الهجري عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر علیه السلام (3).

ص: 376


1- تنقيح المقال 3 / 278.
2- رجال الطوسي.
3- رجال الطوسي.

465 - الوليد بن القاسم :

ذكره الشيخ من أصحاب الامام الباقر علیه السلام (1) وهو مجهول الحال.

( ه )

466 - هارون الجبلي :

عده الشيخ في رجاله من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وأضاف أنه مجهول (2).

467 - هارون بن حمزة :

الغنوي ، الصيرفي ، الكوفي من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (3) وقال النجاشي : إنه ثقة عين ، روى عن الامام أبي عبد اللّه (عليه السلام) له كتاب يرويه جماعة (4).

ص: 377


1- رجال الطوسي.
2- رجال الطوسي.
3- رجال الطوسي.
4- النجاشي.

468 - هاشم بن أبي هاشم :

عده الشيخ في رجاله من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وأضاف أنه مجهول (1). 469 - هاشم الرماني :

عده الشيخ في رجاله من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وقال إنه مجهول (2).

( ي )

470 - يحيى بن أبي العلاء :

الرازي ، عده الشيخ في رجاله من أصحاب الامام الباقر علیه السلام (3) وفي الفهرست أن له كتابا.

471 - يحيى بن أبي القاسم :

الحذاء ، عده الشيخ في رجاله من أصحاب الامام الباقر

ص: 378


1- رجال الطوسي.
2- رجال الطوسي.
3- رجال الطوسي.

علیه السلام (1).

472 - يحيى بن السابق :

عده الشيخ في رجاله من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وهو مجهول (2).

473 - يزيد أبو خالد :

الكناسي ، عده الشيخ في رجاله من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (3).

474 - يزيد بن عبد الملك :

الجعفي ، عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (4) وظاهره أنه إمامي مجهول الحال.

475 - يزيد بن عبد الملك :

النوفلي ، عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر علیه السلام (5) وروى

ص: 379


1- رجال الطوسي.
2- رجال الطوسي.
3- رجال الطوسي.
4- رجال الطوسي.
5- رجال الطوسي.

عن الامام أبي عبد اللّه (عليه السلام) فقد روى أنه قال له : « تزاوروا فان في زيارتكم إحياء لقلوبكم ، وذكرا لأحاديثنا ، وأحاديثنا تعطف بعضكم على بعض ، فان أخذتم بها رشدتم ، ونجوتم ، وأن تركتموها ضللتم وهلكتم ، فخذوا بها وأنا بنجاتكم زعيم (1).

476 - يزيد بن محمد :

النيشابوري عده الشيخ في رجاله من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (2) وهو مجهول الحال.

477 - يزيد مولى الحكم :

ابن أبي الصلت ، عده الشيخ بهذا العنوان من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (3).

478 - يعقوب بن شعيب :

الأزدي بياع الطعام ، ذكره الشيخ في رجاله من أصحاب الامام

ص: 380


1- أصول الكافي.
2- رجال الطوسي.
3- رجال الطوسي.

الباقر (عليه السلام) (1) وهو مجهول.

479 - يعقوب بن شعيب :

ابن ميثم بن يحيى التمار مولى بني أسد ، أبو محمد ، ذكره الشيخ في رجاله من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (2) وقال النجاشي : إنه ثقة روى عن الامام أبي عبد اللّه (عليه السلام) ذكره ابن سعيد وابن نوح ، له كتاب يرويه عدة من أصحابنا (3).

480 - يونس بن أبي يعفور :

عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (4) وظاهره أنه إمامي مجهول الحال.

481 - يونس بن خباب :

عده الشيخ من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وأضاف أنه مجهول (5).

ص: 381


1- رجال الطوسي.
2- رجال الطوسي.
3- النجاشي.
4- رجال الطوسي.
5- رجال الطوسي.

482 - يونس بن المغيرة :

عده الشيخ في رجاله من أصحاب الامام الباقر (عليه السلام) (1) والظاهر أنه إمامي مجهول الحال ... وبهذا ينتهي بنا الحديث عن أصحاب الامام أبي جعفر (عليه السلام) ورواة حديثه ، ولا نزعم أننا أحطنا بجميعهم ، وأنما ألمحنا إلى بعضهم ، كما إنا لم نلم بتراجمهم ، وإنما ذكرنا فهرسا لأسمائهم وأعطينا إشارة موجزة لبعض أحوالهم لأن المصادر التي بأيدينا لم تعطنا أكثر من ذلك.

وعلى أي حال فان في هذه المجموعة الكبيرة من أصحاب الامام ورواة حديثة طائفة من كبار العلماء والفقهاء كمحمد بن مسلم وزرارة بن أعين ، وأبي بصير وغيرهم ممن كان لهم الفضل في تشييد صرح فقه أهل البيت وتدوين أحاديثهم التي يرجع إليها الفقهاء في استنباطهم للأحكام الشرعية ، ولولاهم لضاعت تلك الثروات العلمية الهائلة التي هي من ذخائر العلم والفكر في الاسلام.

ص: 382


1- رجال الطوسي.

الى جنّة المأوى

اشارة

ص: 383

ص: 384

وبعد ما أدى الامام أبو جعفر (عليه السلام) رسالته الخالدة من نشر العلم ، وإذاعة قيم الاسلام بين الناس ، اختاره اللّه إلى جواره لينعم في ظلال رحمته وجنانه ، ويسعد بملاقاة آبائه الذين سنوا مناهج الحق والعدل في الأرض ، ونتحدث - بايجاز - عن النهاية المشرقة من حياة الامام التي وقفها على الطاعة لله ، وإشاعة العلم ، والبر بالناس ، وفيما يلي ذلك :

الامام ينعى نفسه :

وشعر الامام العظيم بدنو أجله المحتوم ، وأخذت تراوده هواجس مريرة بين لحظة وأخرى وهي تنذره بمفارقة الحياة ، فخف مسرعا ، وهو مثقل بالهموم نحو عمته السيدة فاطمة بنت الامام الحسين (عليه السلام) وهو ينعى إليها نفسه قائلا :

« لقد أتت عليّ ثمان وخمسون سنة ... » (1).

وعلمت السيدة ما أراد فذاب قلبها أسى وحسرات على ابن أخيها الذي هو بقية أهلها الذين حصدتهم سيوف البغي والضلال ... لقد أتت على الامام ثمان وخمسون سنة وهي مليئة بالخطوب والأحداث ، وقد أشاعت في نفسه الأسى والحزن ، وقد فارق الحياة بما يقارب هذا السن أبوه الامام زين العابدين ، وجده الامام الحسين (عليه السلام) فشعر (عليه السلام) من ذلك بانطواء حياته ، وقرب أجله.

ص: 385


1- تذكرة الخواص ( ص 350 ) وجاء في كشف الغمة 2 / 332 عن الامام جعفر الصادق (عليه السلام) أن أباه محمد الباقر (عليه السلام) قال : قتل علي وهو ابن ثمان وخمسين سنة ، ومات علي بن الحسين وهو ابن ثمان وخمسين سنة ، وأنا اليوم ابن ثمان وخمسين سنة.

اغتيال الامام :

ولم يمت الامام أبو جعفر (عليه السلام) حتف أنفه ، وإنما اغتالته بالسم أيد أثيمة لا عهد لها باللّه ، ولا باليوم الآخر ، وقد اختلف المؤرخون في الأثيم الذي قدم على اقتراف هذه الجريمة ، وفيما يلي بعض الأقوال :

1 - إن هشام بن الحكم هو الذي قدم على اغتيال الامام فدس إليه السم (1) والأرجح هو هذا القول لأن هشاما كان حقودا على آل النبي (صلی اللّه عليه وآله) وكانت نفسه مترعة بالبغض والكراهية لهم وهو الذي ألجأ الشهيد العظيم زيد بن علي علیه السلام إلى إعلان الثورة عليه حينما استهان به ، وقابله بمزيد من الجفاء ، والتحقير ، ومن المؤكد أن الامام العظيم أبا جعفر قد اقض مضجع هذا الطاغية ، وذلك لذيوع فضله وانتشار علمه ، وتحدث المسلمين عن مواهبه ، فقدم على اغتياله ليتخلص منه.

2 - إن الذي قدم على سم الامام هو ابراهيم بن الوليد (2) ويرى السيد ابن طاوس ان ابراهيم بن الوليد قد شرك في دم الامام علیه السلام (3) ومعنى ذلك إن ابراهيم لم ينفرد وحده باغتيال الامام (عليه السلام) وإنما كان مع غيره.

وأهملت بعض المصادر اسم الشخص الذي اغتال الامام (عليه السلام)

ص: 386


1- بحار الانوار وغيره.
2- أخبار الدول ( ص 111 ).
3- بحار الأنوار.

واكتفت بالقول إنه مات مسموما (1) هذه بعض الأقوال التي قيلت في سم الامام علیه السلام .

دوافع اغتيال الامام :

أما الأسباب التي أدت الأمويين إلى اغتيالهم للامام (عليه السلام) فهي - فيما نحسب - كما يلي :

1 - سمو شخصية الامام :

لقد كان الامام أبو جعفر (عليه السلام) أسمى شخصية في العالم الاسلامي فقد أجمع المسلمون على تعظيمه ، والاعتراف له بالفضل ، وكان مقصد العلماء من جميع البلاد الاسلامية للانتهال من نمير علومه وفضله التي هي امتداد ذاتي لعلوم جده رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله).

لقد ملك الامام (عليه السلام) عواطف الناس واستأثر باكبارهم ، وتقديرهم لأنه العلم البارز في الأسرة النبوية ، وقد أثارت منزلته الاجتماعية غيظ الأمويين وحقدهم فاجمعوا على اغتياله للتخلص منه.

2 - أحداث دمشق :

من الأسباب التي أدت الأمويين إلى اغتياله (عليه السلام) هي الأحداث التي جرت

ص: 387


1- نور الأبصار [ ص 131 ] الأئمة الاثنى عشر لابن طولون [ ص 281 ].

للامام حينما كان في دمشق وهي :

أ - تفوق الامام في الرمي على بني أمية وغيرهم حينما دعاه هشام الى الرمي ظانا أنه سوف يفشل في رمية فلا يصيب الهدف فيتخذ ذلك وسيلة للحط من شأنه والسخرية به أمام أهل الشام ، ولما رمى الامام ، وأصاب الهدف عدة مرات بصورة مذهلة لم يعهد لها نظير في علميات الرمي في العالم ، فذهل الطاغية هشام ، وأخذ يتميز غيظا ، وضاقت عليه الأرض بما رحبت ، وصمم منذ ذلك الوقت على اغتياله.

ب - مناظرته مع هشام في شئون الامامة ، وتفوق الامام عليه حتى بان عليه العجز وقد أدت إلى حقده عليه.

ج - مناظرته مع عالم النصارى ، وتغلبه عليه حتى اعترف بالعجز عن مجاراته ، وقد أصبحت الحديث الشاغل لجماهير أهل الشام ، وقد ذكرنا هذه الأمور بمزيد من التفصيل في البحوث السابقة.

هذه هي الأسباب التي دفعت الأمويين إلى اغتيالهم للامام علیه السلام

نصه على الامام الصادق :

ونص الامام أبو جعفر علیه السلام على إمامة الامام الصادق (عليه السلام) مفخرة هذه الدنيا ، ورائد الفكر والعلم في الاسلام ، فعينه خليفة وإماما ، ومرجعا عاما للأمة من بعده ، وأوصى شيعته بلزوم أتباعه وطاعته.

وكان الامام أبو جعفر (عليه السلام) يشيد بولده الامام الصادق (عليه السلام) ويدلل على إمامته ، فقد روى أبو الصباح الكناني ، قال : نظر أبو جعفر إلى أبي

ص: 388

عبد اللّه يمشي ، فقال : ترى هذا؟ هذا من الذين قال اللّه عز وجل : « ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين » (1).

وروى علي بن الحكم عن طاهر قال : كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) فأقبل جعفر (عليه السلام) فقال أبو جعفر : هذا خير البرية (2).

وصاياه :

وعهد الامام محمد الباقر علیه السلام إلى ولده الامام جعفر الصادق علیه السلام بعدة وصايا كان من بينها ما يلي :

1 - إنه قال له : يا جعفر أوصيك بأصحابي خيرا ، فقال له الامام الصادق : جعلت فداك واللّه لأدعنهم ، والرجل منهم يكون في المصر فلا يسأل أحدا (3) لقد أوصى (عليه السلام) ولده بأصحابه ليقوم بالانفاق عليهم ، والتعهد بشئونهم ليتفرغوا للعلم ، وتدوين حديثه وإذاعة معارفه ، وآدابه بين الناس.

2 - أوصى (عليه السلام) ولده الصادق (عليه السلام) أن يكفنه في قميصه الذي كان يصلي فيه (4) ليكون شاهد صدق عند اللّه على عظيم عبادته ،

ص: 389


1- أصول الكافي 1 / 306.
2- أصول الكافي 1 / 306.
3- أصول الكافي 1 / 306.
4- صفة الصفوة 2 / 63 ، تأريخ ابن الوردي 1 / 184 ، تأريخ أبي الفداء 1 / 214 ، المنتظم لابن الجوزي الجزء السابع مصور.

وطاعته له.

3 - إنه أوقف بعض أمواله على نوادب تندبه عشر سنين في منى (1) ولعل السبب في ذلك يعود الى أن منى أعظم مركز للتجمع الاسلامي ، ووجود النوادب فيه مما تبعث المسلمين الى السؤال عن سببه ، فيخبرون بما جرى على الامام أبي جعفر (عليه السلام) من صنوف التنكيل من قبل الأمويين واغتيالهم له ، حتى لا يضيع ما جرى عليه منهم ولا تحفيه أجهزة الاعلام الأموي.

أما نص وصيته فقد رواها الامام أبو عبد اللّه الصادق (عليه السلام) قال (عليه السلام) : لما حضرت أبي الوفاة قال : أدع لي شهودا فدعوت له أربعة من قريش فيهم نافع مولى عبد اللّه بن عمر ، فقال : اكتب : « هذا ما أوصى به يعقوب بنيه « يا بني إن اللّه اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون » وأوصى محمد بن علي إلى جعفر بن محمد ، وأمره أن يكفنه في برده الذي كان يصلي فيه الجمعة ، وأن يعممه بعمامته ، وأن يربع قبره ، ويرفعه أربع أصابع ، وأن يحل عنه أطماره عند دفنه.

والتفت (عليه السلام) إلى الشهود فأمرهم بالانصراف ، وقال الامام الصادق (عليه السلام) : يا أبة ما كان في هذا بأن تشهد عليه؟ فقال (عليه السلام) : كرهت أن تغلب ، وأن يقال إنه لم يوص إليه فأردت أن تكون لك الحجة (2).

الى الفردوس الأعلى :

وتفاعل السم في بدن الامام أبي جعفر علیه السلام ، وأثر به تأثيرا

ص: 390


1- بحار الأنوار 11 / 62.
2- أصول الكافي 1 / 307.

بالغا ، وأخذ يدنو إليه الموت سريعا ، وقد اتجه في ساعاته الأخيرة بمشاعره وعواطفه نحو اللّه تعالى ، فأخذ يقرأ القرآن الكريم ، ويستغفر اللّه ، وبينما لسانه مشغول بذكر اللّه إذ وافاه الاجل المحتوم فارتفعت روحه العظيمة إلى خالقها ، تلك الروح التي أضاءت الحياة الفكرية والعلمية في الاسلام والتي لم يخلق لها نظير في عصره.

وقد انطوت بموته أروع صفحة من صفحات الرسالة الاسلامية أمدت المجتمع الاسلامي بعناصر الوعي والتطور والازدهار.

تجهيزه

وقام الامام الصادق علیه السلام بتجهيز الجثمان المقدس فغسله وكفنه ، وهو يذرف أحر الدموع على فقد أبيه الذي ما أظلت مثله سماء الدنيا في عصره علما وفضلا وحريجة في الدين.

مواراته

ونقل الجثمان العظيم من الحميمة (1) تحت هالة من التهليل والتكبير قد حفت به الجماهير ، والسعيد من الناس الذي يلمس نعش الامام ... وسارت مواكب التشييع ، وهي تعدد مناقب الامام أبي جعفر (عليه السلام) والطافه

ص: 391


1- الحميمة : بضم الحاء المهملة ، وفتح الميم ، وسكون الياء ، وهي قرية خارج المدينة كانت لعلي بن العباس وأولاده أيام الحكم الأموي ، جاء ذلك في تأريخ الأئمة الاثنى عشر لابن طولون [ ص 281 ].

وعائدته على هذه الأمة ، وأنتهي بالجثمان المقدس إلى بقيع الغرقد ، فحفر له قبر بجوار الامام الأعظم أبيه زين العابدين علیه السلام ، وبجوار عم أبيه الامام الحسن سيد شباب أهل الجنة (عليه السلام) وأنزل الامام الصادق أباه في مقره الأخير فواراه فيه ، وقد وارى معه العلم والحلم ، والمعروف والبر بالناس.

لقد كان فقد الامام أبي جعفر علیه السلام من أفجع النكبات التي مني بها المسلمون في ذلك العصر ، فقد خسروا القائد ، والرائد ، والموجه الذي جهد على نشر العلم ، وبلورة الوعي الفكري والثقافي بين المسلمين.

عمره الشريف

أما عمره الشريف حين وفاته فقد اختلف فيه المؤرخون والرواة وهذه بعض الأقوال :

1 - إنه توفي وله من العمر ( 73 سنة ) (1).

2 - كان عمره حين وفاته ( 63 سنة ) (2).

ص: 392


1- صفة الصفوة 2 / 63 ، تأريخ ابن عساكر 51 / 39 من مصورات مكتبة الامام أمير المؤمنين المنتظم لابن الجوزي ج 7 من مصورات مكتبة الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) تأريخ أبي الفداء 1 / 214 تأريخ ابن الأثير 4 / 217 ، تأريخ ابن الوردي 1 / 184.
2- طبقات الفقهاء لأبي اسحاق الشيرازي [ ص 36 ].

3 - توفي وعمره 61 سنة (1).

4 - توفي وعمره 60 سنة (2).

5 - توفي وعمره 58 سنة (3).

6 - توفي وعمره 56 سنة (4).

7 - توفي وعمره 55 سنة (5).

والمشهور بين الرواة أنه توفي وعمره الشريف 58 سنة وقد دلت على ذلك بعض الروايات التي تقدمت.

سنة وفاته

واختلف المؤرخون في السنة التي توفي فيها الامام ، وفيما يلي بعض ما ذكروه :

1 - إنه توفي سنة [ 127 ه ] (6).

2 - توفي سنة [ 118 ه ] (7).

ص: 393


1- بحار الأنوار 11 / 63.
2- مختصر تأريخ الاسلام للفاخوري [ ص 85 ].
3- الصراط السوي للشيخاني مصور في مكتبة الامام أمير المؤمنين [ ص 94 ] تأريخ الخميس 2 / 319 ، صفة الصفوة 2 / 63.
4- تأريخ الأئمة [ ص 5 ].
5- النفحة العنبرية من مخطوطات مكتبة الامام كاشف الغطاء.
6- مختصر تأريخ الاسلام [ ص 85 ].
7- تأريخ خليفة خياط 2 / 263.

3 - توفي سنة [ 117 ه ] (1).

4 - توفي سنة [ 116 ه ] (2).

5 - توفي سنة [ 114 ه ] (3).

6 - توفي سنة [ 113 ه ] (4).

هذه بعض الأقوال التي ذكرها المؤرخون ، والمشهور أنه توفى سنة [ 114 ه ].

تعزية المسلمين للامام الصادق

وهرع المسلمون وقد نخر الحزن قلوبهم إلى الامام الصادق علیه السلام ، وهم يعزونه بمصابه الأليم ، ويشاركونه اللوعة والأسى بفقيد أبيه ، وممن وفد عليه يعزيه سالم بن أبي حفصة ، قال : لما توفي أبو جعفر محمد بن علي الباقر علیهماالسلام ، قلت لأصحابي انتظروني حتى أدخل على أبي عبد اللّه جعفر بن محمد فأعزيه به ، فدخلت عليه فعزيته ،

ص: 394


1- صفة الصفوة 2 / 63.
2- تأريخ ابن الوردي 1 / 184 ، تأريخ أبي الفداء 1 / 214.
3- البستان الجامع لعماد الدين الأصفهاني من مصورات مكتبة الامام الحكيم ، النفحة العنبرية ، شذرات الذهب 1 / 149 ، تهذيب الكمال المجلد 9 / ق 2 من مصورات مكتبة السيد الحكيم ، تأريخ ابن الأثير 4 / 217 ، طبقات الفقهاء [ ص 36 ] جامع المقال للطريحي من مصورات الامام الحكيم ، تأريخ الأئمة لابن أبي الثلج البغدادي [ ص 5 ].
4- دائرة المعارف لوجدي 3 / 563.

وقلت له إنا لله ، وإنا إليه راجعون ، ذهب واللّه من كان يقول : قال رسول اللّه (صلی الله عليه وآله) : فلا يسأل عمن بينه وبين رسول اللّه (صلی الله عليه وآله) واللّه لا يرى مثله أبدا قال : وسكت الامام أبو عبد اللّه (عليه السلام) ساعة ، ثم التفت إلى أصحابه فقال لهم : قال اللّه تبارك وتعالى : إن من عبادي من يتصدق بشق من تمرة فاربيها له ، كما يربي أحدكم فلوه (1).

وخرج سالم وهو متبهر فالتفت إلى أصحابه قائلا : ما رأيت أعجب من هذا!! كنا نستعظم قول أبي جعفر علیه السلام قال رسول اللّه (صلی الله عليه وآله) بلا واسطة ، فقال لي أبو عبد اللّه علیه السلام قال اللّه بلا واسطة (2).

إن حديث الامام الصادق علیه السلام مستمد من أحاديث آبائه الذين أخذوا علومهم من جدهم رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله).

وبهذا ينتهي بنا الحديث عن حياة الامام أبي جعفر علیه السلام ، وقبل أن أطوي هذه الصفحة الأخيرة أود أن أؤكد ما أعلنته غير مرة من أن هذا الكتاب - على ما فيه من جهد وتتبع - لم يلم بحياة هذا الامام العظيم ، وإنما يلقي أضواء أو مؤشرات على بعض معالم شخصيته ، أما الاحاطة بها وتسجيل ما أثر عنه من العلوم وروائع الحكم والآداب فان ذلك - بصورة جازمة - يستدعي وضع موسوعة كبيرة ، وقبل أن أنصرف عن القراء أرى من الحق علي أن أشيد بالجهد المشرق لسماحة الحجة العلامة الكبير الأخ الشيخ هادي القرشي ، فله الفضل مشكورا على ملاحظاته العلمية القيمة في بحوث هذا الكتاب ، كما اشكر ولدنا

ص: 395


1- الفلو بفتح الفاء ، وضم اللام وتشديد الواو - المهر الصغير ، والأنثى فلوة ، والجمع أفلاء.
2- أمالي الشيخ الطوسي [ ص 125 ].

الوجيه عبد الحسين ويسين على تشجيعه لي في الاستمرار في خدمة أهل البيت علیهم السلام ... كما إن من الخير أن أختم كتابي بما ختم به العالم الزاهد الشيخ ورام كتابه القيم المسمى بمجموعة ورام فقد ختمه بوصية الامام أبي جعفر (عليه السلام) إلى تلميذه الفقيه الكبير محمد بن مسلم فقد قال علیه السلام له :

« لا يغرنك الناس من نفسك فان الأمر يصل إليك دونهم ، ولا يقطع النهار عنك كذا وكذا ، فان معك من يحصي عليك ، ولا تستصغرن حسنة تعملها فانك تراها حيث تسرك ، ولا تستصغرن سيئة تعملها فانك تراها حيث تسوءك ، وأحسن فاني لم أر شيئا قط أشد طلبا ولا أسرع دركا من حسنة لذنب قديم ، وليس بتقوى اللّه طول عبادة ، ولكنما التقوى مجانبة الشبه »

ص: 396

محتويات الكتاب

ص: 397

ص: 398

ملوك تافهون 7

مروان بن الحكم... 9

(1) لعن النبي له (2) نفي أبيه من يثرب (3) في أيام عثمان

نزعاته وصفاته... 12

ولعه بسب أمير المؤمنين... 14

خلافته... 15

وفاته... 16

عبد الملك بن مروان... 17

صفاته... 17

(1) الجبروت (2) الغدر (3) القسوة والجفاء (4) البخل

نقله الحج إلى بيت المقدس... 20

انتقاصه لسلفه... 21

ولايته للحجاج... 21

تنبؤ النبي عنه ، إخبار الامام أمير المؤمنين عنه... 22

الناقمون على الحجاج... 23

(1) عمر بن عبد العزيز (2) عاصم (3) القاسم (4) زادان

(5) طاوس

من صفاته... 24

كفره وإلحاده... 26

ص: 399

من جرائمه... 27

التنكيل بالشيعة ، محنة الكوفة ، رمي الكعبة بالمنجنيق ، سجونه

هلاكه... 31

عبد الملك مع الأخطل... 32

الامام مع عبد الملك... 33

الايعاز باغتيال الامام... 34

الامام وتحرير النقد الاسلامي... 36

وفاة عبد الملك... 39

الوليد بن عبد الملك... 40

سليمان بن عبد الملك... 42

وفاته... 43

عمر بن عبد العزيز... 44

رفعه السب عن الامام علي... 44

صلته للعلويين... 47

رد فدك... 48

مع الامام الباقر... 50

(1) تنبؤ الامام بخلافة عمر (2) تكريم عمر للامام

(3) مراسلة عمر للامام

اتّهام رخيص... 53

مؤخذات... 53

وفاته... 54

ص: 400

يزيد بن عبد الملك... 55

هشام بن عبد الملك... 56

الامام في دمشق... 57

خطاب الامام في دمشق... 58

اعتقال الامام... 60

الامام مع قسيس... 64

إغلاق الحوانيت بوجه الامام... 66

عصر الامام 67

الفرق الاسلامية... 69

المعتزلة... 70

تأسيس الاعتزال ، الاعتزال والسياسة

الاعتزال والمسيحية

الأصول الاعتقادية... 73

(1) التوحيد (2) العدل (3) الوعد والوعيد (4) المنزلة بين

المنزلتين (5) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

الشيعة والمعتزلة... 77

المسائل المتفق عليها... 78

المسائل الخلافية... 79

(1) إمامة المفضول (2) الشفاعة

الامام الباقر مع قادة الاعتزال... 80

(1) مع الحسن البصري (2) الرد على الحسن البصري

ص: 401

(3) مع عمرو بن عبيد

المرجئة... 83

معنى المرجئة... 84

نشأة المرجئة... 85

الشيعة والمرجئة... 86

مزاعم كريمر... 88

تحديد الايمان... 89

الامام مع عمرو الماصر... 89

أبو حنيفة والارجاء... 90

الخوارج... 91

آراؤهم الدينية ... 93

الامام الباقر مع نافع... 94

الشيعة ... 95

معنى الشيعة... 95

نشأة التشيع... 96

الأسطورة السبأية... 102

الذاهبون إليها (1) الملطي (2) النشار (3) الشيخ أبو زهرة

الشيعة والغلو... 105

حقيقة الغلو ، براءة الشيعة من الغلاة

نظرة الشيعة للأئمة... 107

حب الشيعة للأئمة... 108

ص: 402

مظاهر الولاء للأئمة... 111

الشيعة والصحابة... 113

تعريف الصحابة... 114

حكم الصحابة... 114

رأي أعلام الشيعة في الصحابة... 115

رأي السيد علي خان ، رأي الامام شرف الدين

موقف الامام من الصحابة... 117

الفكر السياسي الشيعي... 119

الرخاء الاقتصادي ، إلغاء التمايز العنصري ، بسط العدل

الثورة على الظلم ، جرأة وإقدام

امتحان الشيعة... 127

الالتجاء إلى التقية... 130

وحدة الشيعة... 132

الحياة العلمية في عصره... 132

مدرسة التابعين... 133

1 - سعيد بن المسيب... 134

مكانته العلمية ، وثاقته ، وفاته

2 - عروة بن الزبير... 136

3 - عبيد اللّه بن عبد اللّه... 137

4 - عبد الرحمن 5 - سليمان 6 - خارجة 7 - القاسم

مدرسة أهل البيت... 139

ص: 403

الحياة الثقافية العامة... 140

الحياة السياسية ، الأحزاب السياسية... 143

الحزب الأموي... 143

الحزب الزبيري... 146

الخوارج... 148

الشيعة... 148

الفتن والاضطرابات... 149

حياة اللّهو والترف... 151

المغالاة في المهور... 152

ترف النساء ... 153

الغناء... 155

وضع الحديث... 156

استغلال الزهري... 158

رواية مفتعلة على أبي جعفر... 159

الكذابون على أبي جعفر ... 159

(1) بيان (2) حمزة البربري (3) المغيرة بن سعيد ، بدعه

براءة الامام الباقر منه ، ثورة المغيرة

الكفر والحاد... 165

الامام مع عالم شامي... 166

الثورات العامة... 169

ثورة المدينة... 170

ص: 404

ثورة التوابين... 173

ثورة المختار... 174

فزع السفكة المجرمين... 176

الابادة الشاملة... 177

ثورة ابن الزبير... 178

بخله... 178

عداؤه للعلويين... 181

إخفاق ثورته... 183

الحياة الاقتصادية... 184

أصحابه ورواة حديثه 189

فيه عرض لتراجم أصحاب الامام ورواة حديثه البالغ عددهم

أربعمائة واثنان وثمانون شخصا

إلى جنة المأوى 383

الامام ينعى نفسه... 385

اغتيال الامام... 385

دوافع اغتيال الامام... 387

(1) سمو شخصيته (2) احداث دمشق... 387

نصه على الامام الصادق... 388

وصاياه ... 389

إلى الفردوس الأعلى ... 390

تجهيزه ، مواراته... 391

ص: 405

عمره الشريف... 392

سنة وفاته... 393

تعزية المسلمين للامام الصادق... 394

محتويات الكتاب... 397

ص: 406

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.