حليه الابرار في احوال محمد و آله الاطهار عليهم السلام المجلد 4

اشارة

سرشناسه : بحراني، هاشم بن سليمان، - 1107؟ق

عنوان و نام پديدآور : حليه الابرار في احوال محمد و آله الاطهار عليهم السلام/ تاليف هاشم البحراني؛ تحقيق غلام رضا مولانا البروجردي

مشخصات نشر : قم: موسسه المعارف الاسلاميه، [ 13] - 1415ق. = 1373.

مشخصات ظاهري : ج 5

فروست : (بنياد معارف اسلامي؛ 15، 16)

شابك : بها:5300ريال(ج.4) ؛ بها:5300ريال(ج.4) ؛ بها:5300ريال(ج.4) ؛ بها:5300ريال(ج.4)

وضعيت فهرست نويسي : فهرستنويسي قبلي

يادداشت : فهرستنويسي براساس اطلاعات فيپا.

يادداشت : چاپ اول: 1372؛ 4200 ريال (ج. )3

يادداشت : جلد چهارم (1372)؛ بها: 600 ريال

يادداشت : ج. 1 (چاپ اول: 2200 :1369 ريال)

يادداشت : كتابنامه

موضوع : چهارده معصوم

شناسه افزوده : مولانا بروجردي، غلامرضا، مصحح

شناسه افزوده : بنياد معارف اسلامي

رده بندي كنگره : BP36/ب 3ح 8

رده بندي ديويي : 297/95

شماره كتابشناسي ملي : م 73-3586

ص: 1

اشارة

حليه الابرار في احوال محمد و آله الاطهار عليهم السلام

تاليف هاشم البحراني

تحقيق غلام رضا مولانا البروجردي

ص :2

بسم الله الرحمن الرحیم

ص :3

جمیع حقوق الطبع والنشر محفوظه

لموسسه المعارف الاسلامیه

ایران - قم المقدسه

ص.ب.27185/768

تلفون 32009

ص :4

المنهج السابع في الإمام السادس أبي عبد اللّه الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام

اشارة

بسم الله الرحمن الرحيم و به نستعين الحمد للّه ربّ العالمين و صلّى اللّه على محمّد و آله الطّاهرين.

و بعد فهذا المنهج السّابع في الإمام السادس أبي عبد اللّه الصادق جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام و فيه ثلاثون بابا.

الباب الأوّل-في شأنه عليه السلام في الأمر الأوّل.

الباب الثاني-في علّة تسميته الصادق عليه السلام.

الباب الثالث-في شدّة يقينه و تعظيمه للّه جل جلاله.

الباب الرّابع-في أنّ علمه عليه السلام عن اللّه سبحانه و عن رسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

الباب الخامس-في أنّ نشره للعلوم و الفتيا بأمر اللّه جل و عزّ إسمه و شأنه.

الباب السّادس-في سعة مجلسه للعلم و أخذ علماء الأمّة عنه و رجوعهم إليه عليه السلام.

ص:5

الباب السابع-في مجلس له عليه السلام مع أبي حنيفة و غيره من المخالفين.

الباب الثامن و هو من الباب الأوّل من طريق المخالفين.

الباب التاسع-في الرّواية عنه عليه السلام بالعدد.

الباب العاشر-في أنّ مجلسه عليه السلام أنبل المجالس.

الباب الحادي عشر-في حلمه عليه السلام و عفوه.

الباب الثّاني عشر-في أمره مع المنصور.

الباب الثّالث عشر-في إبتلائه بالمرض.

الباب الرّابع عشر-في عبادته عليه السلام.

الباب الخامس عشر-في جوده عليه السلام.

الباب السّادس عشر-في صدقته و كيفيّة إعطاء السائل.

الباب السابع عشر-في مطعمه مشربه عليه السلام.

الباب الثامن عشر-في آداب المائدة من ذكر اللّه تعالى عزّ و جلّ و غير ذلك.

الباب التاسع عشر-في إكرامه عليه السلام الضيف.

الباب العشرون-في عمله عليه السلام بيده و تعرضه للرزق و حسن تقدير المعيشة.

الباب الحادي و العشرون-في لباسه عليه السلام.

الباب الثاني و العشرون-فيما يقوله من الدعاء عند قرائة القرآن، و عند رؤية هلال شهر رمضان، و عند النوم و الإنتباه، و إذا أصبح و إذا خرج من المنزل و غير ذلك.

ص:6

الباب الثالث و العشرون-فيما يقوله عليه السلام إذا خرج إلى مكة، و عند نحر الهدي و في الكعبة و الخروج منها و عند دخوله على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و دعاؤه لزوّار الحسين عليه السلام.

الباب الرابع و العشرون-في تعظيم الناس له عليه السلام و قبول شفاعته.

الباب الخامس و العشرون-في الأخذ من الشارب و التمشّط.

الباب السادس و العشرون-في الحمّام و عمله عليه السلام فيه و التنوّر و أخذ الإبط.

الباب السابع و العشرون-في أنّه عليه السلام لا تأخذه في اللّه تعالى لومة لائم في إظهار الحق.

الباب الثامن و العشرون-في أنّه عليه السلام وصيّ أبيه عليه السلام.

الباب التاسع و العشرون-في صبره عليه السلام و رضاه بقضاء اللّه تعالى بأحسن القبول.

الباب الثلاثون-في حديثه عليه السلام مع القدري.

ص:7

ص:8

الباب الأول

في شأنه عليه السلام في الأمر الأوّل

1-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن محمّد، عن عبد اللّه بن إسحق العلوي، عن محمّد بن زيد الرّزامي، عن محمّد بن سليمان الدّيلمي، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث طويل، قال: إنّه لمّا كانت الليلة الّتي علق فيها بجدّي أتى آت جدّ أبي بكاس فيه شربة أرقّ من الماء، و ألين من الزبد، و أحلى من الشهد، و أبرد من الثّلج و أبيض من اللبن، فسقاه إيّاه و أمره بالجماع، فقام فجامع فعلق بجدّي و لمّا أن كانت الليلة الّتي علق فيها بأبي أتى آت جدّي فسقاه كما سقى جدّ أبي و أمره بمثل الّذي أمره، فقام فجامع فعلق بأبي، و لمّا أن كانت الليلة التي علق فيها بي أتى آت أبي فسقاه بما سقاهم، و أمره بالّذي أمرهم به فقام فجامع فعلق بي، و لمّا أن كانت الليلة الّتي علق فيها بإبني أتاني آت كما أتاهم ففعل بي كما فعل بهم، فقمت و يعلم اللّه أنّي مسرور (1)بما يهب اللّه لي، فجامعت فعلق بإبني هذا المولود، فدونكم فهو و اللّه صاحبكم من بعدي يعني موسى عليه السلام.

ص:9


1- 1) في المصدر: فقمت بعلم اللّه و إنّي مسرور.

و هذا الحديث بتمامه قد تقدّم و غيره من الأحاديث في هذا المعنى في الباب الأوّل من المنهج الخامس في أبي الحسن عليّ بن الحسين عليه السلام فتؤخذ الأحاديث من هناك. (1)

ص:10


1- 1) الكافي ج 1/386 ح 1. [1]

الباب الثاني

في علة تسميته عليه السلام بالصادق

1-إبن بابويه، قال: حدّثنا عليّ بن أحمد بن محمّد رضي اللّه عنه، قال: حدّثنا محمّد بن هرون الصوفي، قال: حدّثنا أبو بكر عبيد اللّه بن موسى الحبّال الطبري، قال: حدّثنا محمّد بن الحسين الخشّاب، قال:

حدّثنا محمّد بن الحصين، قال: حدّثنا المفضّل إبن عمر، عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي، عن علي، بن الحسين، عن أبيه، عن جدّه عليهم السلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إذ ولد إبني جعفر ابن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب فسمّوه الصادق، فإنّه سيكون في ولده سمي له يدّعي الإمامة بغير حقّها و يسمى كذّابا. (1)

2-و عنه، قال: حدّثنا عليّ بن عبد اللّه الورّاق، قال: حدّثنا محمّد ابن هارون الصوفي، عن عبد اللّه بن موسى، عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني رضي اللّه عنه، قال: حدّثنا صفوان بن يحيى عن إبراهيم (2)بن أبي زياد، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي خالد الكابلي، قال: دخلت

ص:11


1- 1) علل الشرايع:234 ح 1، و [1]عنه البحار ج 47/8 ح 2. [2]
2- 2) ابراهيم بن أبي زياد الكرخي البغدادي الكوفي أبو أيّوب من ثقاة الاماميّة و من ابناء العجم روى عن أبي حمزة الثمالي و روى عنه صفوان و ابن أبي عمير. كان من أصحاب الصادق عليه السلام كما في رجال الشيخ-جامع الرواة ج 1-. [3]

على سيّدي عليّ بن الحسين زين العابدين عليه السلام فقلت له: يابن رسول اللّه أخبرني بالّذين فرض اللّه عزّ و جلّ طاعتهم و مودّتهم و أوجب على عباده الإقتداء بهم بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

فقال لي يا كابلي (1)إنّ اولي الأمر الّذين جعلهم اللّه عزّ و جلّ أئمّة للناس و أوجب عليهم طاعتهم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام «ثمّ الحسن، ثم الحسين إبناء عليّ بن أبي طالب» ثم انتهى الأمر إلينا ثمّ سكت.

فقلت يا سيّدي (2)روي لنا أنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال: إنّ الأرض لا تخلو من حجّة للّه جلّ و عزّ على عباده، فمن الحجّة و الإمام بعدك؟

فقال: إبني محمّد و إسمه في التوراة باقر يبقر العلم بقرا، هو الحجّة و الإمام بعدي، و من بعد محمّد إبنه جعفر، و إسمه عند أهل السماء الصّادق.

فقلت له: يا سيّدي فكيف صار إسمه الصّادق، و كلكم صادقون.

قال: حدّثني أبي عن أبيه عليه السلام: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: إذا ولد إبني جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام فسمّوه الصّادق، فإنّ الخامس من ولده الّذي إسمه جعفر يدّعي الإمامة إجتراء على اللّه عزّ و جلّ و كذبا عليه، فهو عند اللّه جعفر الكذّاب المفتري على اللّه و المدّعي لما ليس له

ص:12


1- 1) في بعض النسخ: يا كنكر.
2- 2) في البحار: [1] فقلت له: يا سيّدي عن أمير المؤمنين أنّه قال: لا تخلو الأرض من حجّة.

بأهل، المخالف على أبيه، و الحاسد على (1)أخيه الّذي (2)يروم كشف سرّ اللّه عند غيبة وليّ اللّه عزّ و جل.

ثمّ بكى عليّ بن الحسين عليه السلام بكاءا شديدا ثمّ قال: كأنّي بجعفر الكذّاب و قد حمل طاغية زمانه على تفتيش أمر وليّ اللّه و المغيّب في حفظ اللّه، و الموكّل بحرم أبيه، جهلا منه بولادته، و حرصا منه على قتله إن ظفر به، طمعا في ميراث أخيه (3)حتى يأخذه بغير حقّ.

قال أبو خالد: فقلت له: يابن رسول اللّه و إنّ ذلك لكائن؟ فقال: إيّ و ربّي إنّه لمكتوب عندنا في الصحيفة الّتي فيها ذكر المحن الّتي تجري علينا بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

قال أبو خالد: (فقلت:) يا ابن رسول اللّه ثمّ ماذا يكون؟ قال: تمتدّ الغيبة بولّي اللّه عزّ و جلّ الثّاني عشر من أوصياء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و الأئمّة بعده عليهم السلام.

يا أبا خالد إنّ أهل زمان غيبته القائلين بإمامته، و المنتظرين لظهوره أفضل من أهل كلّ زمان، لأنّ اللّه تبارك و تعالى أعطاهم من العقول و الأفهام و المعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة، و جعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بالسيف، أولئك هم المخلصون حقّا و شيعتنا

ص:13


1- 1) في البحار: و [1]الحاسد لأخيه.
2- 2) في البحار: [2] ذلك الذي يكشف سرّ اللّه.
3- 3) في البحار و [3]المصدر: أبيه حتى يأخذه بغير حقّه.

صدقا، و الدعاة إلى دين اللّه عزّ و جلّ سرّا و جهرا و قال عليّ بن الحسين عليه السلام: إنتظار الفرج من أفضل العمل. (1)

ص:14


1- 1) كمال الدين:319 ح 2 و [1]عنه اعلام الورى:384، و [2]البحار ج 36/386 ح 1 [3] عنه و عن الاحتجاج:317، و [4]قطعة منه في اثبات الهداة ج 3/9 ح 11 [5] عن الكمال.

الباب الثالث

في شدّة يقينه عليه السلام و تعظيمه للّه جلّ جلاله و لرسوله

صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و خشوعه و خوفه

1-إبن بابويه قال: حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل رضي اللّه قال: حدّثنا عليّ بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي، عن أبيه، قال: حدّثنا أبو أحمد (1)محمّد بن زياد الأزدي قال:

سمعت مالك بن أنس فقيه المدينة يقول: كنت أدخل على الصّادق عليه السلام جعفر بن محمّد عليهما السلام فيقدّم لي مخدّة و يعرف لي قدرا و يقول: يا مالك إنّي احبك فكنت اسّر بذلك و أحمد اللّه عزّ و جلّ عليه قال: و كان عليه السلام لا يخلو من إحدى ثلاث خصال: إمّا صائما و إمّا قائما، و إمّا ذاكرا، و كان من عظماء العبّاد و أكابر، الزهّاد الذين يخشون اللّه عزّ و جلّ، و كان كثير الحديث، طيّب المجالسة، كثير الفوائد، فإذا قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إخضرّ مرة و إصفرّ مرة اخرى حتى ينكره من يعرفه، و لقد حججت معه سنة فلمّا إستوت به

ص:15


1- 1) هو ابو أحمد محمّد بن أبي عمير زياد بن عيسى الازدي البغدادي من أوثق الناس عند الخاصّة و العامّة، حبس في أيام الرشيد أربع سنين ليدلّ على أصحاب الامام الكاظم عليه السلام و ضرب أسواطا فلم يدلّ، توفي سنة (217) . -معجم الرجال ج 14 رقم 10020-. [1]

راحلته عند الإحرام كان كلّما همّ بالتلبية إنقطع الصوت في حلقه و كاد أن يخرّ من راحتله فقلت: قل يابن رسول اللّه، و لا بدّ لك من أن تقول.

فقال: يا بن أبي عامر كيف أجسر أن أقول: لبيّك أللهمّ لبيّك و أخشى أن يقول عزّ و جلّ: لا لبيّك و لا سعديك (1).

2-محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن الحسن (2)بن علي بن يقطين، عن أسد (3)بن أبي العلاء عن محمّد بن الفضيل، عمّن رأى أبا عبد اللّه عليه السلام و هو محرم، قد كشف عن ظهره حتّى أبداه للشمس، و هو يقول: لبيّك في المذنبين لبيّك (4).

3-ابن بابويه قال: حدّثني أبي قال: حدّثنا سعد بن عبد اللّه، قال:

حدّثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، قال: حدّثنا محمّد بن سنان، عن المفضّل بن عمر، قال كان الصادق عليه السلام يدعو بهذا الدعاء:

إلهي كيف أدعوك و قد عصيتك! و كيف لا أدعوك و قد عرفتك! حبّك في قلبي و إن كنت عاصيا، مددت إليك يدا بالذنوب مملوّة، و عيناي بالرجاء ممدودة، مولاي أنت عظيم العظماء و أنا أسير الاسراء، أنا

ص:16


1- 1) أمالي الصدوق:143 ح 3، [1]علل الشرايع:234 ح 4، و [2]الخصال:167 ح 219 و عنها البحار: 47/16 ح 1 و [3]عن مناقب ابن شهراشوب ج 4/275. [4]
2- 2) الحسن بن علي بن يقطين بن موسى مولى بني هاشم كان ثقة فقيها متكلّما، روى عن الكاظم و الرضا عليهما السلام، و له كتاب مسائل الكاظم عليه السلام-جامع الرواة ج 1/ 218-. [5]
3- 3) أسد (أو اسيد) بن أبي العلاء عدّة الشيخ في رجاله من أصحاب الكاظم عليه السلام.
4- 4) الكافي ج 4/336 ح 4 و [6]عنه الوسائل ج 9/55 ح 9. [7]

أسير بذنبي، مرتهن بجرمي، إلهي لئن طالبتني بذنبي لاطالبنّك بكرمك، و لئن طالبتني بجريرتي لاطالبنّك بعفوك، و لئن أمرت بي إلى النار لاخبرنّ أهلها أنّي كنت أقول: لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، أللّهمّ إن الطاعة تسرّك و المعصية لا تضرّك، فهب لي ما يسرّك و إغفر لي ما لا يضرّك يا أرحم الراحمين (1).

4-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن محمّد، عن إبراهيم بن إسحق الأحمر، عن عبد اللّه بن حمّاد، عن عمر بن يزيد، قال: أتى رجل أبا عبد اللّه عليه السلام يقتضيه، و أنا عنده حاضر، فقال له: ليس عندنا اليوم شيء و لكن يأتينا خطر و وسمة (2). فتباع و نعطيك إن شاء اللّه.

فقال له الرّجل: عدني.

فقال له: كيف أعدك و أنا لما لا أرجو أرجى منّي لما أرجو (3).

5-و عنه عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن إبن سنان، عن أبي هارون مولى آل جعدة (4)قال: كنت جليسا لأبي عبد اللّه عليه السلام بالمدينة ففقدني أيّاما، ثمّ إنّي جئت إليه، فقال لي: لم أرك منذ أيّام يا أبا هارون؟

ص:17


1- 1) امالي الصدوق:292 ح 2 و [1]عنه البحار ج 94/92 ح 5. [2]
2- 2) الوسمة (بكسر السين و سكونها) : نبات يختضب به.
3- 3) الكافي: ج 5/96 ح 5 و [3]عنه البحار ج 47/58 ح 110 و [4]في الوسائل ج 13/86 ح 4 [5] عنه و عن التهذيب ج 6/187 ح 15.
4- 4) أبو هارون: هو موسى بن عمير المكفوف مولى آل جعدة بن هبيرة، ابن امّ هاني اخت أمير المؤمنين عليه السلام، كان من أصحاب أبي جعفر الباقر عليه السلام-قاموس الرجال ج 10/212-.

فقلت: ولد لي غلام.

فقال: بارك اللّه لك فيه فما سميّته؟

قلت: سمّيته محمّدا قال: فأقبل بخدّه نحو الأرض و هو يقول:

محمّد محمّد محمّد حتّى كاد يلصق خدّه بالأرض، ثمّ قال: بنفسي و بولدي و بأهلي و بأبوي و بأهل الأرض كلّهم جميعا الفداء لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، لا تسبّه، و لا تضربه و لا تسيء إليه، و إعلم أنّه ليس في الأرض دار فيها إسم فيها إسم محمّد إلاّ و هي تقدّس كلّ يوم (1).

6-و عنه عن أبي علي الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، و محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعا عن إبن (2)فضّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن عبيد بن زرارة، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول و ذكر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال: أللهمّ إنّك تعلم أنّه أحبّ إلينا من الآباء و الامّهات و الماء البارد (3).

7-و عنه عن عليّ بن إبراهيم، عن صالح (4)بن السندي، عن جعفر ابن بشير، عن صباح (5)الحذّاء، عن أبي اسامة، قال: زاملت أبا عبد اللّه

ص:18


1- 1) الكافي ج 6/39 ح 2 و [1]عنه الوسائل ج 15/126 ح 4. [2]
2- 2) إبن فضّال: قال المامقاني في تنقيح الرجال: هو على بن الحسن ابن فضّال، و قد يطلق على أخويه: أحمد و محمّد و على أبيه، و قال التستري: بل لا يطلق إلاّ على أبيه أي الحسن بن فضّال-قاموس الرجال ج 10/256-.
3- 3) الكافي 6/380 ح 2 و [3]عنه الوسائل ج 17/186 و [4]عن المحاسن:571 ح 10 و [5]أخرجه في البحار ج 66/455 ح 37 [6]عن المحاسن. [7]
4- 4) صالح بن السندي له كتاب. عدّة الشيخ فيمن لم يرو عنهم.
5- 5) صباح الحذّاء بن صبيح الفزاري إمام مسجد دار اللؤلؤ بالكوفة ثقة عين، روى عن الصادق عليه السلام-رجال النجاشي:143-.

عليه السلام قال: فقال لي: إقرء، قال: فافتتحت سورة من القرآن فقرأتها فرّق و بكى.

ثمّ قال: يا أبا اسامة أرعوا (1)قلوبكم بذكر اللّه عزّ و جلّ، و إحذروا النكت، فإنّه يأتي على القلب تارات أو ساعات الشك من صباح، ليس فيه إيمان و لا كفر، شبه الخرقة البالية أو العظم النخر.

يا أبا أسامة أليس ربما تفقّدت قلبك فلا تذكر به خيرا و لا شرا و لا تدري أين هو؟

قال: قلت له: بلى إنّه ليصيبني و أراه يصيب الناس، قال: أجل ليس يعرى منه أحد.

قال: فإذا كان ذلك فاذكروا اللّه عزّ و جل و إحذروا النكت، فإنّه إذا أراد بعبد خيرا نكت إيمانا، و إذا أراد به غير ذلك نكت غير ذلك.

قال: قلت: ما غير ذلك جعلت فداك ما هو؟

قال: إذا أراد كفرا نكت كفرا (2).

ص:19


1- 1) في الوسائل: [1] يا ابا اسامة ادعوا قلوبكم.
2- 2) الكافي ج 8/168 ح 188 و [2]عنه الوسائل ج 4/1190 ح 1. [3]

ص:20

الباب الرابع

في أنّ علمه عليه السلام عن اللّه سبحانه و عن رسول اللّه

صلّى اللّه عليه و آله و سلّم

1-الشيخ في «أماليه» قال: أخبرنا محمّد بن محمّد، يعني المفيد، قال: أخبرني المظفّر (1)بن أحمد البلخي، قال: حدّثنا أبو عليّ محمّد بن همام الإسكافي، قال: أخبرني أبو جعفر أحمد (2)بن مابندار، أنّ منصور بن العبّاس القصباني حدّثهم عن الحسن بن علي الخزّاز، عن عليّ بن عقبة، عن سالم بن أبي حفصة، قال: لمّا هلك أبو جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليهما السلام قلت لأصحابي: أنظروني حتى أدخل علي أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد عليهما السلام فاعزّيه به، فدخلت عليه فعزّيته، ثمّ قلت: إنّا للّه و إنا إليه راجعون، ذهب و اللّه من كان يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فلا يسئل عن من بينه و بين رسول اللّه

ص:21


1- 1) المظفر بن محمّد البلخي الخراساني ابو الجيش المتكلّم، كان عارفا بالأخبار من غلمان أبي سهل النوبختي له مصنّفات في الإمامة و في المثالب، و نقض الرسالة العثمانية للجاحظ، و كان شاعرا مجوّدا في أهل البيت عليهم السلام توفّي سنة (367) ه-قاموس الرجال ج 9/10-.
2- 2) أبو جعفر أحمد بن ما بنداد أو ما بندار كما في أمالي المفيد، عنونه العلاّمة في الإيضاح آخذا من النجاشي في عنوان محمّد بن همام الإسكافي و هذا ابن عمّ أبيه.

صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و اللّه لا يرى مثله أبدا.

قال: فسكت أبو عبد اللّه عليه السلام ساعة ثمّ قال: قال اللّه تعالى:

إنّ من عبادي من يتصدّق بشقّ من تمرة فأربيّها له كما يرّبي أحدكم فلوه حتى أجعلها له مثل جبل أحد فخرجت إلى أصحابي، فقلت: ما رأيت أعجب من هذا، كنّا نستعظم قول أبي جعفر عليه السلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بلا واسطة، فقال لي أبو عبد اللّه عليه السلام:

قال اللّه تعالى بلا واسطة (1).

و رواه المفيد في «أمالية» عن سالم بن أبي حفصة عن الصّادق عليه السلام بالسند و المتن.

2-ابو عليّ الطبرسي في «إعلام الورى» و عليّ بن عيسى في «كشف الغمة» إن الصادق عليه السلام كان يقول: حديثي حديث أبي، و حديث أبي حديث جدّي، و حديث جدّي حديث عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين، و حديث عليّ حديث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و حديث رسول اللّه قول اللّه عزّ و جلّ (2).

ص:22


1- 1) أمالي الطوسي ج 1/125- [1]بحار الانوار ج 47/337 ح 12 [2] عن امالي المفيد:354 ح 7.
2- 2) إعلام الورى:277، [3]كشف الغمة ج 2/170. [4]

الباب الخامس

في أنّ نشره عليه السلام للعلم و الفتيا

بأمر اللّه جلّ جلاله

1-الشيخ في «أماليه» قال: حدّثنا أبو عبد اللّه الحسين بن عبيد اللّه الغضايري، قال: أخبرنا أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمي، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن الحسين الكناني، عن جدّه عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السلام إنّ اللّه جلّ إسمه أنزل على نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كتابا قبل أن يأتيه الموت، فقال: يا محمّد هذا الكتاب وصيّتك الى النجيب من أهلك.

قال: و من النجيب من أهلي يا جبرائيل؟

فقال: عليّ بن أبي طالب عليه السلام و كان على الكتاب خواتيم من ذهب، فدفعه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلى عليّ عليه السلام و أمره أن يفكّ خاتما منها و يعمل بما فيه ففكّ عليّ عليه السلام خاتما منها و عمل بما فيه، ثمّ دفعه إلى إبنه الحسن عليه السلام ففكّ خاتما و عمل بما فيه، ثمّ دفعه إلى اخيه الحسين عليه السلام ففكّ خاتما و عمل بما فيه، فوجد فيه: أن اخرج بقوم إلى الشهادة و لا شهادة لهم إلاّ

ص:23

معك و إشر نفسك للّه عزّ و جلّ ففعل: ثم دفعه إلى علي بن الحسين عليه السلام، ففكّ خاتما فوجد فيه: أصمت و إلزم منزلك و أعبد ربك حتى ياتيك اليقين، ففعل، ثمّ دفعه إلى محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام ففكّ خاتما فوجد فيه: حدّث الناس و أفتهم و لا تخافنّ أحدا إلاّ اللّه فإنّه لا سبيل لأحد عليك، ثم دفعه إليّ ففككت خاتما فوجدت فيه: حدّث الناس و أفتهم و انشر علوم أهل بيتك و صدّق آبائك الصالحين و لا تخافنّ أحدا إلاّ اللّه، فأنت في حرز و أمان، ففعلت ثم أدفعه إلى موسى ابن جعفر، و كذلك يدفعه إلى من بعده، ثمّ كذلك إلى القائم (1)المهدي (2).

و الروايات في معنى هذا الحديث تقدّم ذكرها في الباب الثالث من منهج السّادس في أبي جعفر عليه السلام.

ص:24


1- 1) في كمال الدين: [1] إلى يوم قيام المهدي عليه السلام.
2- 2) أمالي الطوسي ج 2/56- [2]البحار ج 36/192 ح 1 [3]عن كمال الدين:376 و [4]أمالي الصدوق: 341. [5]

الباب السادس

في سعة مجلسه عليه السلام للعلم و أخذ علماء

العامّة منه و رجوعهم اليه

1-محمّد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن عليّ بن الحكم عن معاوية بن وهب عن زكريا بن إبراهيم، قال:

كنت نصرانيّا فأسلمت و حججت، فدخلت على أبي عبد اللّه عليه السلام بمنى، و الناس حوله كأنّه معلّم صبيان، هذا يسأله و هذا يسأله (1).

2-و قال الشيخ المفيد في «إرشاده» : نقل الناس عن الصادق عليه السلام من العلوم ما سارت به الركبان و إنتشر ذكره في البلدان. و لم ينقل العلماء عن أحد من أهل بيته ما نقل عنه، و كذا أهل الآثار و نقلة الأخبار، و لا نقلوا عنهم ما نقلوا عن أبي عبد اللّه عليه السلام، فإنّ أصحاب الحديث قد جمعوا أسماء الرواة عنه من الثقات على إختلافهم في الآراء و المقالات فكانوا أربعة آلاف رجل، و كان له عليه السلام من الدلائل الواضحة في إمامته ما بهرت القلوب و أخرست المخالف عن

ص:25


1- 1) الكافي ج 2/160 و [1]عنه البحار ج 47/374 ح 97 و [2]ج 74/53 ح 11.

الطعن فيها بالشبهات (1).

3-و قال الشيخ الفاضل محمّد بن عليّ بن شهراشوب في كتاب «الفضائل» : أخذ من مشهوري أهل العلم من جعفر بن محمّد عليهما السلام أربعة آلاف إنسان فيهم أبو حنيفة، و مالك، و محمّد، و قد روى عنه الشافعي، و احمد، و صنّف من جواباته مأة كتاب و هي معروفة بكتب الاصول (2).

4-و قال الشيخ أبو علي الطبرسي في كتاب «إعلام الورى» قال:

كان الصّادق عليه السلام أعلم أولاد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في زمانه بالإتّفاق و أنبئهم ذكرا و أعلاهم قدرا و أعظمهم مقاما عند الخاصّة و العامّة، و لم ينقل عن أحد من سائر العلوم ما نقل عنه، و إنّ أصحاب الحديث قد جمعوا أسامي الرواة عنه من الثقاة على اختلافهم في المقالات و الديانات فكانوا أربعة آلاف رجل (3).

5-و ذكر الشيخ الطوسي في «الفهرست» و النجاشي في كتاب «الرجال» أن لأحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة «كتاب الرجال» فيمن روى عن الصادق عليه السلام (4).

6-و قال كمال الدين محمّد بن طلحة الشامي في كتاب «مطالب السؤل» و هو من أعيان علماء العامّة: أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد

ص:26


1- 1) ارشاد المفيد:270 و [1]عنه كشف الغمة ج 2/166. [2]
2- 2) روى في المناقب [3]في ج 4/247-248 ما يدل على ذلك.
3- 3) إعلام الورى:276. [4]
4- 4) الفهرست للطوسي:28 رقم 76- [5]رجال النجاشي:94 رقم 233.

الصادق بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام ذو علوم جمّة، و عبادة موفورة، و أوراد متواصلة، و زهادة بيّنة، و تلاوة كثيرة و يتبع معاني القرآن الكريم، و يستخرج من بحره جواهره، و يستنتج عجائبه، و يقسم أوقاته على أنواع الطاعات بحيث يحاسب عليها نفسه، رؤيته تذكّر الآخرة و إستماع كلامه يزهد في الدنيا، و الإقتداء بهداه يورث الجنة، نور قسماته شاهد أنّه من سلالة النبوّة، و طهارة أفعاله يصدع أنّه من ذرية الرسالة، نقل عنه الحديث و إستفاد منه العلم جماعة من أعيان الأئمة و أعلامهم، مثل يحيى (1)بن سعيد الأنصاري و إبن جريح (2)، و مالك بن انس، و الثوري، و إبن عيينة، و أبي حنيفة، و شعبة، و أبي أيوب السجستاني، و غيرهم، و أخذهم عنه منقبة شرّفوا بها و فضيلة إكتسبوها (3).

7-و من أعيان العامّة المالكي في «فصول المهمّة» قال: كان جعفر ابن محمّد الصّادق عليهما السلام من بين أخوته خليفة أبيه و وصيّه و القائم بالإمامة من بعده، برز على جماعة بالفضل، و كان أنبههم ذكرا و أجلّهم قدرا، نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان و إنتشر صيته، و ذكره في سائر البلدان، و لم ينقل العلماء عن أحد من أهل بيته ما نقل عنه من الحديث، روى عنه جماعة من أعيان الامّة و أعلامهم

ص:27


1- 1) يحيى بن سعيد بن قيس المدني الانصاري توفي سنة (143) - [1]تاريخ بغداد ج 14/101. [2]
2- 2) ابن جريح: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريح المكّي ولد سنة «80» و توفي سنة «150» .
3- 3) مطالب السئول ج 2/55 و عنه كشف الغمة ج 2/154. [3]

مثل يحيى بن سعيد، و إن جريح، و مالك بن أنس، و الثوري، و إن عيينة، و أبي حنيفة، و شعبة، و أبي أيّوب السجستاني و غيرهم، وصّي إليه أبو جعفر بالإمامة و غيرها (1).

8-و من أعيان العامّة الشهرستاني في كتاب «الملل و النحل» قال:

أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد الصادق رضي اللّه عنه، و هو ذو علم غريز في الدين، و أدب كامل في الحكمة، و زهد بالغ في الدنيا، و ورع تامّ عن الشهوات، و قد أقام بالمدينة مدّة يفيد الشيعة المنتمين إليه و يفيض على الموالين له أسرار العلوم (2).

قال مؤلّف هذا الكتاب: العجب كلّ العجب من المخالفين حيث ذكروا أنّ أئمّتهم و هو أبو حنيفة و مالك و غيرهما من أئمّتهم أخذوا العلم عن الصادق عليه السلام و يعدّون ذلك شرفا و فضيلة إكتسبوها و مع ذلك كلّه تركوا الهادي و العالم! و إتّبعوا طالب الهداية و المتعلّم، و اللّه سبحانه و تعالى قال في كتابة هَلْ يَسْتَوِي اَلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ اَلَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (3)و قال سبحانه أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى اَلْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاّ أَنْ يُهْدى (4).

و انظر أيّها الأخ إلى ما ذكر هؤلاء المخالفون في صفات سيّدنا و إمامنا و مقتدانا الصادق عليه السلام من الصفات الحسنى التي لم

ص:28


1- 1) الفصول المهمّة:222. [1]
2- 2) الملل و النحل:147. [2]
3- 3) الزمر:9. [3]
4- 4) يونس:35. [4]

يذكروها لأئمّتهم، و لم يصلها ساداتهم، و كبرائهم الّذين بهم ضلّوا السبيل بعد ما عاينوا الحق فضلّوا أيّ تضليل فنعوذ باللّه سبحانه من العمى بعد الإستبصار، و الغواية بعد الاستظهار، و تراهم وافقونا على الحقّ و خالفونا بعد البيان، و إتّبعوا الشيطان بوساوس الخسران، و الحمد للّه ربّ العالمين و العاقبة للمتقين، و ما أشبه رجوع هؤلاء المخالفين الى هذا الإمام المنصوب من جهة اللّه جلّ جلاله الصادق عليه السلام برجوع أبي بكر و عمر إلى الإمام عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه السلام كما هو مسطور في كتب المخالفين.

ص:29

ص:30

الباب السابع

في مجلس له عليه السلام مع أبي حنيفة

و غيره من المخالفين

1-ابن بابويه عن أبيه و محمّد بن الحسن قال: حدّثنا سعد بن عبد اللّه، قال: حدّثنا أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، قال: حدّثنا أبو زهير (1)بن شبيب إبن أنس عن بعض (2)أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام إذ دخل عليه غلام من كندة فإستفتاه في مسألة فأفتاه فيها، فعرفت الغلام و المسألة فقدمت الكوفة، فدخلت على أبي حنيفة فإذا ذاك الغلام بعينه يستفتيه في تلك المسألة بعينها فأفتاه فيها بخلاف ما أفتاه فيها أبو عبد اللّه عليه السلام، فقمت إليه فقلت: ويلك يا أبا حنيفة إنّي كنت العام حاجّا فأتيت أبا عبد اللّه عليه السلام مسلّما عليه فوجدت هذا الغلام يستفتيه في هذه المسألة بعينها فأفتاه بخلاف ما أفتيته.

فقال: و ما يعلم جعفر بن محمّد، أنا أعلم منه، أنا لقيت الرجال و سمعت من أفواههم، و جعفر بن محمّد صحفي، أخذ العلم من الكتب

ص:31


1- 1) أبو زهير بن شعيب بن أنس: مجهول.
2- 2) كما في البحار، و [1]لكن في المصدر: عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

فقلت في نفسي: و اللّه لأحجّن و لو حبوا (1)قال: فكنت في طلب حجّة فجائتني حجّة فحججت فأتيت أبا عبد اللّه عليه السلام فحكيت له الكلام، فضحك ثمّ قال عليه السلام: عليه لعنة اللّه أمّا في قوله: إنّي رجل صحفي فقد صدق، قرأت صحف آبائي إبراهيم و موسى فقلت له: و من له بمثل تلك الصحف؟

قال: فما لبثت أن طرق الباب طارق و كان عنده جماعة من أصحابه فقال للغلام: انظر من ذا؟ فرجع الغلام فقال: أبو حنيفة.

قال: أدخله، فدخل و سلّم على أبي عبد اللّه عليه السلام فردّ عليه، ثمّ قال: أصلحك اللّه أتاذن لي في القعود؟ فأقبل على أصحابه يحدّثهم و لم يلتفت اليه ثمّ قال الثانية و الثالثة فلم يلتفت إليه، فجلس أبو حنيفة من غير اذنه.

فلمّا علم أنّه قد جلس إلتفت إليه فقال: أين أبو حنيفة؟

فقال: هو ذا أصلحك اللّه.

فقال: أنت فقيه أهل العراق؟

قال: نعم، قال: فبما تفتيهم؟

قال: بكتاب اللّه و سنّة نبيّه.

قال: يا أبا حنيفة تعرف كتاب اللّه حق معرفته و تعرف الناسخ و المنسوخ؟ قال: نعم.

قال: يا ابا حنيفة لقد إدّعيت علما ويلك ما جعله اللّه ذلك إلاّ عند

ص:32


1- 1) حبوا: بلا اجرة.

أهل الكتاب الذين انزل عليهم، ويلك و لا هو إلاّ عند الخاصّ من ذريّة نبينا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و ما ورثك اللّه من كتابه حرفا، فإن كنت كما تقول: و لست كما تقول، فأخبرني عن قول اللّه عز و جل: سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيّاماً آمِنِينَ (1)أين ذلك من الأرض؟

قال: أحسبه ما بين مكّة و المدينة، فإلتفت أبو عبد اللّه عليه السلام إلى أصحابه فقال: تعلمون أنّ الناس يقطع عليهم بين المدينة و مكّة فتؤخذ أموالهم و لا يؤمنون على أنفسهم و يقتلون؟

قالوا: نعم.

قال: فسكت أبو حنيفة.

فقال: يا أبا حنيفة أخبرني عن قول اللّه عزّ و جلّ: وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً (2)اين ذلك من الأرض؟

قال: الكعبة.

قال: أفتعلم أنّ الحجّاج (3)بن يوسف حين وضع المنجنيق على إبن الزبير في الكعبة فقتله كان آمنا فيها؟

قال: فسكت، ثمّ قال له: يا أبا حنيفة إذا ورد عليك شيء ليس في كتاب اللّه و لم يات به خبر و لا أثر (4)كيف تصنع؟

فقال: أصلحك اللّه أقيس و أعمل فيه برأيي قال: يا أبا حنيفة إنّ

ص:33


1- 1) سورة سبأ:18. [1]
2- 2) سورة آل عمران:97. [2]
3- 3) حجّاج بن يوسف بن الحكم الثقفي السفّاك المعروف ولد بالطائف سنة «40» و هلك بواسط سنة «95» -وفيات الأعيان ج 1/123-. [3]
4- 4) فى المصدر و البحار: و [4]لم تأت به الآثار و السنّة.

أوّل من قاس إبليس الملعون، قاس على ربّنا تبارك و تعالى، فقال أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (1)فسكت أبو حنيفة، فقال: يا أبا حنيفة أيّما أرجس البول أو الجنابة؟

فقال: البول؟

فقال: فما بال الناس يغتسلون من الجنابة و لا يغتسلون من البول؟

فسكت، فقال: يا أبا حنيفة أيّما أفضل الصّلوة أم الصّوم.

قال: الصلوة.

قال: فما بال الحائض تقضي صومها و لا تقضي صلوتها؟

فسكت.

فقال: يا أبا حنيفة أخبرني عن رجل كانت له امّ ولد و له منها إبنة و كانت له حرّة لا تلد فزارت الصبيّة بنت أم الولد أباها فقام الرجل بعد فراغه من صلوة الفجر فواقع أهله التي لا تلد و خرج إلى الحمام فأرادت الحرّة ان تكيد امّ الولد و إبنتها عند الرجل فقامت إليها بحرارة ذلك الماء فوقعت عليها و هي نائمة فعالجتها كما يعالج الرجل المراة فعلقت، أي شيء عندك فيها قال: لا و اللّه ما عندي فيها شيء.

فقال: يا أبا حنيفة أخبرني عن رجل كانت له جارية فزوّجها من مملوك له و غاب المملوك فولد له من أهله مولود و ولد للمملوك مولود من امّ ولد له فسقط البيت على الجاريتين و مات المولى من الوارث؟

فقال: جعلت فداك لا و اللّه ما عندي فيها شيء.

ص:34


1- 1) الاعراف:12. [1]

فقال أبو حنيفة: أصلحك اللّه إنّ عندنا قوما بالكوفة يزعمون أنّك تأمرهم البراءة من فلان و فلان و فلان.

فقال: ويلك يا أبا حنيفة لم يكن هذا معاذ اللّه، فقال: أصلحك اللّه إنّهم يعظّموه الأمر فيهما.

قال: فما تأمرني؟

قال: تكتب إليهم، قال: بماذا؟

قال: تسألهم الكفّ عنهما.

قال: لا يطيعوني.

قال: بلى أصلحك اللّه إذا كنت أنت الكاتب و أنا الرسول أطاعوني.

فقال: يا أبا حنيفة أبيت إلاّ جهلا، كم بيني و بين الكوفة من الفراسخ؟

قال: أصلحك اللّه ما لا يحصى.

فقال: كم بيني و بينك؟

قال: لا شيء.

قال: أنت دخلت علي في منزلي فاستأذنت في الجلوس ثلاث مرّات فلم آذن لك فجلست بغير إذن خلافا عليّ كيف يطيعوني أولئك و هم هناك و أنا ههنا؟ !

قال: فقبل رأسه و خرج و هو يقول: أعلم الناس و لم نره عند عالم.

فقال: أبو بكر الحضرمي: جعلت فداك الجواب في المسئلتين الاوليين.

ص:35

فقال عليه السلام: يا أبا بكر سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيّاماً آمِنِينَ فقال: مع قائمنا أهل البيت، و أمّا قوله: وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً فمن بايعه و دخل معه و مسح على يده و دخل في عقد أصحابه كان آمنا (1).

2-و عنه قال: حدّثنا الحسين بن أحمد، عن أبيه، عن محمّد بن أحمد، قال: حدّثنا أبو عبد اللّه الرازي عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن سفيان (2)الجريري، عن معاذ (3)بن بشر، عن يحيى العامري، عن إبن أبي ليلى (4)قال: دخلت على أبي عبد اللّه عليه السلام و معي النّعمان (5)، فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: من الّذي معك؟ فقلت: جعلت فداك هذا.

رجل من أهل الكوفة له نظر و نقاد (6)و رأي يقال له: النعمان، قال:

فلعلّ هذا الّذي يقيس الأشياء برأيه.

فقلت: نعم، فقال: يا نعمان هل تحسن أن تقيس رأسك؟

فقال: لا.

فقال: ما أراك أن تحسن شيئا و لا فرضك إلاّ من عند غيرك، فهل

ص:36


1- 1) علل الشرايع ج 1/90- [1]بحار الأنوار ج 2/292 ح 13 [2]عن العلل. [3]
2- 2) هو سفيان بن ابراهيم بن مزيد الجريري مولى كوفّي كان من أصحاب الصادق عليه السلام -رجال الشيخ:170-.
3- 3) و في رواية اخرى كما في العلل و [4]البحار: [5] معاذ بن عبد اللّه، عن بشير بن يحيى العامري، و على أيّ تقدير لم أظفر على ترجمة لهما.
4- 4) هو محمّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى يسار الكوفي القاضي ولد سنة (74) و مات بالكوفة سنة (148) ه.
5- 5) هو النعمان بن، ثابت ابو حنيفة الكوفي امام الحنفيّة ولد بالكوفة سنة (80) و مات سنة (150) ه-الاعلام ج 9/4-. [6]
6- 6) في بحار الأنوار [7]في حديث آخر: له رأي و بصيرة و نفاذ.

عرفت كلمة أوّلها كفر و آخرها إيمان؟

قال: لا.

قال: فهل عرفت ما الملوحة في العينين، و المرارة في الاذنين، و البرودة في المنخرين، و العذوبة في الشفتين؟

قال: لا.

قال إبن أبي ليلى: فقلت: جعلت فداك فسّر لنا جميع ما وصفت.

قال: حدّثني أبي عن آبائه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّ اللّه تبارك و تعالى خلق عيني إبن آدم من شحمتين فجعل فيهما الملوحة، و لولا ذلك لذابتا، فالملوحة تلفظ ما يقع في العين من القذى، و جعل المرارة في الاذنين حجابا من الدماغ، فليس من دابّة تقع فيه إلاّ إلتمست الخروج، و لولا ذلك لوصلت إلى الدماغ، و جعلت العذوبة في الشفتين منّا من اللّه عزّ و جلّ على إبن آدم فيجد بذلك عذوبة الريق و طعم الطعام و الشراب، و جعل البرودة في المنخرين لئلاّ تدع في الرأس شيئا إلاّ اخرجته، قلت: فما الكلمة التي أوّلها كفر و آخرها إيمان؟

قال: قول الرجل لا إله إلاّ اللّه فأولها كفر و آخرها إيمان.

ثمّ قال: يا نعمان إيّاك و القياس فقد حدّثني أبي عن آبائه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال: من قاس شيئا من دين اللّه بشيء قرنه اللّه عزّ و جلّ مع إبليس في النار، فإنّه أوّل من قاس على ربّه فدع الرأي و القياس، فإنّ الدين لم يوضع بالقياس و الرأي (1).

ص:37


1- 1) علل الشرايع ج 1/91 ح 6-و [1]عنه بحار الانوار ج 2/295 ح 14-. [2]

3-و عنه عن أبيه قال: حدّثنا محمّد بن يحيى، قال: حدّثنا محمد ابن أحمد، عن إبراهيم بن هاشم، عن أحمد بن عبد اللّه العقيلي القرشي، عن عيسى بن عبد اللّه القرشي، رفع الحديث قال: دخل أبو حنيفة على أبي عبد اللّه عليه السلام فقال له: يا أبا حنيفة بلغني عنك أنّك تقيس؟

قال: نعم أنا أقيس.

قال: لا تقس فإنّ أوّل من قاس إبليس حين قال: خلقتني من نار و خلقته من طين، فقاس ما بين النار و الطين، و لو قاس (1)نوريّة آدم بنورية النار عرف فضل ما بين النورين و صفاء أحدهما على الآخر، و لكن قس لي رأسك: أخبرني عن اذنيك ما لهما مرّتان؟

قال: لا أدري.

قال: فأنت لا تحسن أن تقيس رأسك فكيف تقيس الحلال و الحرام قال: يا بن رسول اللّه أخبرني ما هو؟ .

قال: إنّ اللّه عز و جل جعل الاذنين مرّتين لئلا يدخلهما شيء إلاّ مات و لولا ذلك لقتل ابن آدم الهوامّ، و جعل الشفتين عذبتين ليجد إبن آدم طعم الحلو و المرّ، و جعل العينين مالحتين لأنّهما شحمتان و لولا ملوحتهما لذابتا، و جعل الأنف باردا سائلا لئلا يدع في الرأس داء إلاّ أخرجه و لولا ذلك لثقل الدماغ و تدود (2).

ص:38


1- 1) في البحار: و [1]لو قاس نورية آدم بنوريّة النار عرف ما بين. النورين و ضياء أحدهما على الآخر.
2- 2) علل الشرايع ج 1/86 ح 1 و [2]عنه البحار ج 2/291 ح 10 و [3]صدره في الوسائل ج 18/28 ح 24 و [4]أخرج صدره في البحار ج 2/288 ح 5 [5]عن الاحتجاج ج 1/362 و [6]في البرهان ج 2/4 ح 2 [7]عن الكافي ج 1/58 ح 5. [8]

4-و عنه قال: حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان، قال: حدّثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم، قال: حدّثنا أبو زرعة، قال: حدثنا هشام (1)بن عمار قال: حدّثنا محمد بن عبد اللّه القرشي، عن إبن شبرمة (2)قال:

دخلت انا و أبو حنيفة على جعفر بن محمّد عليهما السلام فقال لأبي حنيفة: إتّق اللّه و لا تقس الدين برأيك، فإنّ أوّل من قاس إبليس، أمره اللّه عز و جل بالسجود لآدم فقال: أنا خير منه خلقتني من نار و خلقته من طين، ثمّ قال: أتحسن ان تقيس رأسك من بدنك؟

قال: لا، قال جعفر عليه السلام: فأخبرني لأيّ شيء جعل اللّه الملوحة في العينين، و المرارة في الاذنين، و الماء المنتن في المنخرين، و العذوبة في الشفتين؟

قال: لا أدري، قال جعفر عليه السلام: لأنّ اللّه تبارك و تعالى خلق العينين فجعلهما شحمتين و جعل الملوحة فيهما منّا منه على إبن آدم، و لولا ذلك لذابتا، و جعل الاذنين مرّتين و لولا ذلك لهجمت الدوابّ و أكلت دماغه، و جعل الماء في المنخرين ليصعد منه النفس و ينزل و يجد منه الريح الطيبة من الخبيثة و جعل العذوبة في الشفتين ليجد إبن آدم لذّة مطعمه و مشربه.

ثمّ قال جعفر عليه السلام لأبي حنيفة: أخبرني عن كلمة أوّلها شرك و آخرها إيمان.

قال: لا أدري.

ص:39


1- 1) هشام بن عمّار السلمي أبو الوليد الخطيب الدمشقي المتوفى سنة (245) ه.
2- 2) عبد اللّه بن شبرمة القاضي الكوفي المتوفى سنة (144) ه.

قال: هي كلمة لا إله إلا اللّه لو قال لا إله كان شرك (و لو قال: إلاّ اللّه كان إيمان) .

ثمّ قال جعفر عليه السلام: ويحك أيّهما أعظم قتل النفس او الزنا؟

قال: قتل النفس، قال: فإنّ اللّه عزّ و جلّ قد قبل في قتل النفس شاهدين و لم يقبل في الزنا إلاّ أربعة، ثم قال عليه السلام: أيّهما أعظم الصلوة أم الصوم؟

قال: الصلوة.

قال: فيما بال الحائض تقضي الصيام و لا تقضي الصلوة فكيف يقوم لك القياس، فاتق اللّه و لا تقس (1).

5-و عنه عن أبيه (ره) قال: حدّثنا سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي عن محمّد بن علي، عن عيسى بن عبد اللّه القرشي، رفعه قال: دخل أبو حنيفة على أبي عبد اللّه عليه السلام فقال له: يا أبا حنيفة بلغني أنّك تقيس؟

قال: نعم أنا أقيس.

فقال: ويلك لا تقس إنّ أوّل من قاس إبليس.

قال: خلقتني من نار، و خلقته من طين، قاس ما بين النار و الطين، و لو قاس نورية آدم بنور النار عرف فضل ما بين النورين و صفاء أحدهما على الاخر، و لكن قس لي رأسك من جسدك، أخبرني عن اذنيك مالهما

ص:40


1- 1) علل الشرايع ج 1/86 ح 2 و [1]عنه البحار ج 2/291 ح 11 و [2]الوسائل ج 18/29 ح 25 و [3]ص 159 ح 5 عن حلية الأولياء.

مرّتان و عن عينيك مالهما مالحتان و عن شفتيك مالهما عذبتان، و عن أنفك ماله بارد؟

فقال: لا أدري فقال له: أنت لا تحسن أن تقيس رأسك فكيف تقيس الحلال و الحرام؟

فقال يابن رسول اللّه أخبرني كيف ذلك؟ فقال: انّ اللّه تبارك و تعالى جعل الاذنين مرّتين لئلا يدخلهما شيء إلا مات، و لو لا ذلك لقتلت الدوابّ إبن آدم، و جعل العينين مالحتين لأنّهما شحمتان، و لولا ملوحتهما لذابتا، و جعل الشفتين عذبتين ليجد إبن آدم طعم الحلو و المرّ، و جعل الأنف باردا سائلا لئلاّ يدع في الرأس داء إلاّ أخرجه و لولا ذلك لثقل الدماغ و تدوّد.

قال أحمد بن أبي عبد اللّه: و روي بعضهم أنّه قال: في الاذنين لامتناعهما من العلاج، و قال: في موضع ذكر الشفتين: فان عذب الريق ليميّز به بين الطعام و الشراب و قال في ذكر الأنف: لولا برد ما في الأنف و إمساكه الدماغ لسال الدماغ من حرارته (1).

6-و قال أحمد بن أبي عبد اللّه: و رواه معاذ بن عبد اللّه، عن بشير بن يحيى العامري، عن إبن أبي ليلى قال: دخلت أنا و النّعمان على جعفر بن محمّد عليه السلام فرحّب بنا و قال: يابن أبي ليلى من هذا الرجل؟

قلت: جعلت فداك هذا رجل من أهل الكوفة له رأي و نظر و نقاد.

قال: فلعلّه الذي يقيس الأشياء برأيه، ثم قال له: يا نعمان هل

ص:41


1- 1) علل الشرايع ج 1/87 ح 3 و [1]عنه البحار ج 2/291 ذيل ح 10. [2]

تحسن تقيس رأسك؟

قال: لا قال عليه السلام: فما أراك تحسن تقيس شيئا و لا تهتدي إلاّ من عند غيرك، فهل عرفت ممّا الملوحة في العينين، و المرارة في الاذنين و البرودة في المنخرين و العذوبة في الفم؟

قال: لا.

فقال عليه السلام: فهل عرفت كلمة أوّلها كفر و آخرها إيمان قال:

لا.

قال إبن أبي ليلى: فقلت: جعلت فداك لا تدعنا في عمى ممّا وصفت لنا.

قال: نعم حدّثني أبي عن آبائه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: إنّ اللّه تبارك و تعالى خلق عيني إبن آدم شحمتين، فجعل فيهما الملوحة، و لو لا ذلك لذابتا و لم يقع فيهما شيء من القذى إلاّ أذابهما، و الملوحة تلقط ما يقع في العينين من القذى، و جعل المرارة في الاذنين حجابا للدماغ فليس من دابّة تقع في الاذنين إلاّ إلتمست الخروج و لو لا ذلك لوصلت إلى الدماغ، و جعل البرودة في المنخرين حجابا للدماغ و لو لا ذلك لسال الدماغ، و جعل اللّه العذوبة في الفم منّا من اللّه على إبن آدم ليجد لذّة الطعام و الشراب و أمّا كلمة أوّلها كفر و آخرها إيمان فقول لا إله إلاّ اللّه، أوّلها كفر و آخرها إيمان.

ثم قال: يا نعمان إيّاك و القياس، فإنّ أبي حدّثني عن آبائه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: من قاس شيئا من الدين برأيه قرنه اللّه مع إبليس في النار، فإنّه أوّل من قاس حين قال: خلقتني من نار و خلقته

ص:42

من طين، فدعوا الرأي و القياس، و ما قال قوم ليس له في دين اللّه برهان، فإنّ دين اللّه لم يوضع بالأراء و المقاييس (1).

7-و عنه قال: حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل (ره) ، قال:

حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس ابن عبد الرحمان، عن داود (2)بن فرقد عن إبن شبرمة قال: ما ذكرت حديثا سمعته من جعفر بن محمّد عليه السلام إلاّ كاد أن يتصدّع له قلبي، سمعته يقول: حدّثني أبي، عن جدّي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال إبن شبرمة: و اقسم باللّه ما كذب على أبيه، و لا كذب أبوه على جدّه، و لا كذب جدّه على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من عمل بالمقاييس فقد هلك و أهلك، و من أفتى الناس و هو لا يعلم الناسخ من المنسوخ و المحكم من المتشابه فقد هلك و أهلك (3).

8-إبن بابويه في «الفقيه» قال: روي عن أبي حنيفة النعمان بن ثابت أنّه قال: لو لا جعفر بن محمّد عليه السلام ما علم الناس مناسك حجّهم (4).

ص:43


1- 1) علل الشرايع ج 1/88 ح 4 و [1]عنه البحار ج 2/286 ح 3 و [2]عن الاحتجاج ج 2/358 و [3]ذيله في الوسائل ج 18/29 ح 26. [4]
2- 2) داود بن فرقد بن فرقد الكوفي مولى آل أبي السمّاك او (آل أبي السمّال) روى عن الصادق و الكاظم عليهما السلام و كان ثقة-جامع الرواة ج 1/305-. [5]
3- 3) امالي الصدوق:343 ح 16 و [6]عنه البحار ج 2/298 ح 18 و [7]عن الكافي ج 1/43 ح 9 [8]أخرجه البحار أيضا [9]ج 47/49 ح 79.
4- 4) الفقيه ج 2/519 ح 3112.

9-الشيخ أحمد بن عليّ الطبرسي في «الإحتجاج» قال: روي أنّ الصادق عليه السلام قال لأبي حنيفة لمّا دخل عليه: من أنت؟

قال: أبو حنيفة.

قال عليه السلام: مفتي أهل العراق؟

قال: نعم.

قال: بما تفتيهم؟

قال: بكتاب اللّه، قال عليه السلام: و إنّك لعالم بكتاب اللّه ناسخه و منسوخه، و محكمه و متشابهه؟

قال: نعم، قال فأخبرني عن قول اللّه عز و جل: وَ قَدَّرْنا فِيهَا اَلسَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيّاماً آمِنِينَ (1)أيّ موضع هو؟ قال أبو حنيفة: هو ما بين مكة و المدينة.

فالتفت أبو عبد اللّه إلى جلسائه و قال: نشدتكم باللّه هل تسيرون بين مكّة و المدينة و لا تأمنون على دمائكم من القتل و لا على أموالكم من السرق؟ فقالوا: أللهمّ نعم.

فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: ويحك يا أبا حنيفة إنّ اللّه لا يقول إلاّ حقا أخبرني عن قول اللّه عز و جل وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً (2)أيّ موضع هو؟

قال: ذلك بيت اللّه الحرام فالتفت أبو عبد اللّه إلى جلسائه و قال:

نشدتكم باللّه هل تعلمون أنّ عبد اللّه بن الزبير، و سعيد بن جبير دخلاه

ص:44


1- 1) سورة سبأ:18. [1]
2- 2) سورة آل عمران:97. [2]

فلم يأمنا القتل قالوا: أللّهم نعم.

فقال أبو عبد اللّه: ويحك يا أبا حنيفة إنّ اللّه لا يقول إلاّ حقا.

فقال أبو حنيفة: ليس لي علم بكتاب اللّه إنّما أنا صاحب قياس.

فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: فانظر في قياسك إن كنت مقيسا أيّما أعظم عند اللّه القتل أو الزنا؟

قال: بل القتل.

قال: فكيف رضي في القتل بشاهدين و لم يرض في الزنا إلاّ بأربعة؟

ثم قال له: الصلوة أفضل أم الصوم؟ قال بل الصّلوة أفضل؟

قال عليه السلام: فيجب على قياس قولك على الحائض قضاء ما فاتها من الصلوة في حال حيضها دون الصيام، و قد أوجب اللّه تعالى عليها قضاء الصوم دون الصلوة.

ثم قال له: ألبول أقذر أم المني؟

قال: البول أقذر قال عليه السلام: يجب على قياسك أن يجب الغسل من البول دون المني و قد أوجب اللّه تعالى الغسل من المني دون البول.

قال: إنّما أنا صاحب رأى قال عليه السلام: فما ترى في رجل كان له عبد فتزوّج و زوّج عبده في ليلة واحدة، فدخلا بإمرأتيهما في ليلة واحدة ثم سافرا و جعلا إمرأتيهما في بيت واحد، و ولدتا غلامين فسقط البيت عليهم فقتل المرأتين و بقي الغلامان أيّهما في رأيك المالك و أيّهما المملوك و أيّهما الوارث و أيّهما الموروث؟

ص:45

قال: إنّما أنا صاحب حدود قال: فما ترى في رجل أعمى فقأ عين صحيح، و أقطع قطع يد رجل كيف يقام عليهما الحدّ؟

قال: إنّما أنا رجل عالم بمباعث الأنبياء.

قال: فأخبرني عن قول اللّه عزّ و جل لموسى و هرون حين بعثهما إلى فرعون لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى (1)و لعلّ منك شكّ قال: نعم.

قال: فكذلك من اللّه شكّ إذ قال: لعلّه.

قال أبو حنيفة: لا علم لي، قال عليه السلام: تزعم أنّك تفتي بكتاب اللّه و لست ممّن ورثه، و تزعم أنّك صاحب قياس فأوّل من قاس إبليس و لم يبن دين الاسلام على القياس، و تزعم أنّك صاحب رأي و كان الرأي من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم صوابا، و من دونه خطأ، لأنّ اللّه تعالى قال فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اَللّهُ (2)و لم يقل ذلك لغيره، و تزعم أنّك صاحب حدود و من انزلت عليه أولى بعلمها منك، و تزعم أنّك عالم بمباعث الأنبياء، و خاتم الأنبياء صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أعلم بمباعثهم منك و لولا أن يقال: دخل على إبن رسول اللّه فلم يسأله عن شيء مما سألتك عن شيء فقس ان كنت مقيسا.

قال أبو حنيفة: لا أتكلّم بالرأي و القياس في دين اللّه بعد هذا المجلس قال: كلا إن حبّ الرياسة غير تاركك كما لم يترك من كان قبلك

ص:46


1- 1) طه:44. [1]
2- 2) المائدة:48. [2]

تمام الخبر (1).

10-الشيخ في «أماليه» قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضّل، قال:

حدّثنا أبو سليمان أحمد بن هوذة بن أبي هراسة الباهلي بالنهروان من كتابه، قال: حدّثنا إبراهيم إبن إسحق بن أبي بشر الأحمري بنهاوند، قال: حدّثنا عبد اللّه بن حمّاد الأنصاري عن عبد العزيز بن محمّد الدراوردي قال: دخل سفيان الثوري على أبي عبد اللّه جعفر بن محمد عليه السلام و أنا عنده فقال له جعفر عليه السلام: يا سفيان إنّك رجل مطلوب، و أنا رجل تسرّع إلي الالسن، فسل عمّا بدا لك فقال: ما أتيتك يابن رسول اللّه إلاّ لأستفيد منك خيرا.

قال: يا سفيان إنّي رأيت المعروف لا يتمّ إلاّ بثلاث: تعجيله، و ستره، و تصغيره فإنّك إذا عجّلته هنّأته، و اذا سترته أتممته، و إذا أصغرته عظم عند من تسديه اليه، يا سفيان إذا أنعم اللّه على أحدكم بنعمة فليحمد اللّه عزّ و جلّ، و إذا إستبطأ الرزق فليستغفر اللّه، و إذا أحزنه أمر قال: لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه، يا سفيان ثلاث أيّما ثلاث:

نعمة الهديّة، نعمة العطيّة، الكلمة الصالحة يسمعها المؤمن فينطوي عليها حتى يهديها إلى أخيه المؤمن.

و قال عليه السلام المعروف كاسمه و ليس شيء أعظم من المعروف إلاّ ثوابه، و ليس كلّ من يحب أن يصنع المعروف يصنعه، و لا كلّ من يرغب فيه يقدر عليه، و لا كلّ من يقدر عليه يؤذن له فيه، فإذا

ص:47


1- 1) الاحتجاج ج 2/360 و [1]عنه البحار ج 2/287 ح 4 و [2]قطعة منه في الوسائل ج 18/30 ح 28.

إجتمعت الرغبة و القدرة و الإذن فهنالك تمّت السعادة للطالب و المطلوب اليه (1).

قال مؤلف هذا الكتاب: انظر إلى هذا الكلام الذي لا يصدر إلاّ عن ينبوع الحكمة و معدن الوحي و العصمة.

ص:48


1- 1) أمالي الطوسي ج 2/94 و [1]عنه البحار ج 78/197 ح 20. [2]

الباب الثامن

و هو من الباب الاول

1-من طريق المخالفين من الجزء الرابع من «حلية الاولياء» لأبي نعيم الإصفهاني بالإسناد قال: عن «عمرو بن أبي المقدام» قال كنت إذا نظرت إلى جعفر بن محمّد عليهما السلام علمت أنّه من سلالة النبيين (1).

2-و يليه قال الحافظ أبو نعيم: قال: عن مالك بن أنس، عن جعفر ابن محمّد بن علي بن الحسين عليهم السلام، قال: لمّا قال له السفيان الثوري لا أقوم حتى تحدّثني، قال له جعفر عليه السلام، أما إنّي احدّثك و ما كثرة الحديث لك بخير يا سفيان إذا أنعم اللّه عليك بنعمة فأحببت بقاءها و داومها فأكثر من الحمد و الشكر عليها فإنّ اللّه عزّ و جلّ قال في كتابه: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ (2)و إذا إستبطأت الرزق فأكثر من الإستغفار فإنّ اللّه تعالى قال في كتابه: اِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفّاراً يُرْسِلِ اَلسَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً، وَ يُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ (3)يعني في

ص:49


1- 1) حلية الاولياء ج 3/193 و عنه كشف الغمّة ج 2/183 و [1]أخرجه في البحار ج 47/29 [2]عن المناقب لابن شهراشوب ج 4/24 [3] نقلا عن حلية الأولياء و اورده في تهذيب التهذيب ج 2/ 104. [4]
2- 2) ابراهيم:7. [5]
3- 3) نوح:10،11 و 12.

الدنيا و الآخرة يجعل لكم جنات و يجعل لكم أنهارا، يا سفيان إذا حزنك أمر من سلطان أو غيره فأكثر من قول لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه فإنّها مفتاح الفرج و كنز من كنوز الجنة، فعقد سفيان بيده و قال: ثلاث و أيّ ثلاث قال جعفر، عقلها و اللّه أبو عبد اللّه و لينفعه اللّه بها (1).

3-قال أبو نعيم قال بالإسناد عن سفيان الثوري قال: دخلت على جعفر بن محمّد عليه السلام و عليه جبّة خز دكناء و كساء خز إيرجاني، فجعلت أنظر اليه تعجبّا فقال لي: يا ثوري مالك تنظر إلينا لعلّك تعجّبت ممّا ترى؟

قال: قلت: يابن رسول اللّه ليس هذا من لباسك و لا لباس آبائك.

فقال لي: يا ثوري كان ذلك زمان تقتّر فكانوا يعملون على قدر إقتاره و إفتقاره، و هذا زمان قد أسبل كلّ شيء فيه عزاليه، ثمّ حسر عن ردن (2)جبّته فإذا تحتها جبّة صوف بيضاء يقصر الذيل عن الذيل و الردن عن الردن.

فقال لي: يا ثوري لبسنا هذا للّه و هذا لكم، فما كان للّه أخفيناه و ما كان لكم أبديناه (3).

4-و من الكتاب أيضا قال أبو نعيم: قال بالإسناد عن بشر، عن جعفر بن محمّد عليهما السلام قال: أوحى اللّه تعالى إلى الدنيا أن

ص:50


1- 1) حلية الأولياء ج 3/193 و اخرج صدره في كشف الغمة ج 3/182 و [1]في ص 156 عن مطالب السئول:156 الى قوله عليه السلام: (من كنوز الجنة) و رواه في الفصول المهمّة: 223 و [2]صفة الصفوة ج 2/168 [3] مثل مطالب السئول.
2- 2) الردن «بضمّ الراء المهملة» : الكمّ.
3- 3) حلية الأولياء ج 3/193 و أخرجه في كشف الغمّة ج 2/157 [4] عن مطالب السئول:56.

أخدمي من خدمني و أتعبي من خدمك (1).

5-و يليه من الكتاب أيضا بالإسناد قال: عن عمرو بن جميع، قال:

دخلت على جعفر بن محمّد عليهما السلام أنا و إبن أبي ليلى، و أبو حنيفة، و عبد اللّه بن شبرمة بالإسناد الآتي قال: دخلت أنا و أبو حنيفة على جعفر بن محمّد عليهما السلام فقال لابن أبي ليلى: من هذا معك؟

قال: هذا رجل له بصر و نفاذ في أمر الدين فقال له يقيس أمر الدين برأيه؟

قال: نعم.

قال: فقال جعفر عليه السلام لأبي حنيفة: ما إسمك؟

قال: نعمان.

قال: يا نعمان هل قست رأسك بعد؟

قال: كيف أقيس رأسي.

قال: ما أراك تحسن شيئا هل علمت ما الملوحة في العينين، و المرارة في الاذنين، و الحرارة في المنخرين، و العذوبة في الشفتين؟

قال: لا، قال: ما أراك تحسن شيئا.

قال: فهل علمت كلمة أوّلها كفر و آخرها إيمان؟

قال: لا يابن رسول اللّه أخبرني عن ذلك.

قال: أخبرني أبي عن جدّي عليّ عليه السلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

ص:51


1- 1) حلية الأولياء ج 3/194 و عنه كشف الغمّة ج 2/183.

قال: إن اللّه بفضله و منّه و رحمته جعل المرارة في الاذنين حجابا من الدوابّ ما دخلت في الرأس دابّة إلا إلتمست الوصول إلى الدماغ، فإذا ذاقت المرارة إلتمست الخروج، و إنّ اللّه بفضله و منّه و رحمته جعل الحرارة في المنخرين يستنشق بهما الريح و لولا ذلك لأنتن الدماغ و إنّ اللّه بمنّه و فضله و رحمته لابن آدم جعل العذوبة في الشفتين يجد بهما طعم كلّ شيء و يسمع الناس حلاوة منطقه.

قال: فأخبرني عن الكلمة الّتي أولها كفر و آخرها ايمان.

قال: إذا قال العبد لا إله فهو كفر، و إذا قال إلاّ اللّه فهو إيمان، حدّثني أبي عن جدّي أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: أوّل من قاس أمر الدين برأيه إبليس، قال اللّه تعالى له: اسجد لآدم قال: أنا خير منه خلقتني من نار و خلقته من طين، فمن قاس أمر الدين برأيه قرنه اللّه يوم القيامة بأبليس لأنه أتبعه بالقياس.

و زاد ابن شبرمة في حديثه:

ثم قال جعفر عليه السلام أيّهما أعظم قتل النفس أو الزنا؟

قال: قتل النفس، قال: فإنّ اللّه عز و جل قبل في قتل النفس شاهدين و لم يقبل في الزنا إلاّ أربعة، ثمّ قال: أيّهما أعظم الصلاة أم الصوم؟

قال: الصلاة.

قال: فما بال الحائض تقضي الصوم و لا تقضي الصلوة، فكيف

ص:52

ويحك يقوم لك قياسك إتّق اللّه و لا تقس الدين برأيك (1).

و الرواية عن الصادق عليه السلام من طريق المخالفين كثيرة من أرادها وقف عليها من كتبهم مثل كتاب «مطالب السئول» لكمال الدين ابن طلحة و غيره.

ص:53


1- 1) حلية الأولياء ج 3/196 باختلاف و عنه كشف الغمّة ج 2/185 و في ص 152 ح 4 عن العلل.

ص:54

الباب التاسع

في الرواية عنه عليه السلام بالعدد

1-النجاشي (1)في «كتاب الرجال» قال: أخبرنا أبو الحسين عليّ ابن أحمد (2)قال؛ حدّثنا محمّد بن الحسن عن الحسن بن متيل (3)، عن محمّد بن الحسين الزيّات، عن صفوان بن يحيى، و غيره، عن أبان بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّ أبان بن تغلب روى عنّي ثلاثين ألف حديث فاروها عنه (4).

2-و عنه عن محمّد (5)بن عبد اللّه بن غالب قال: حدّثني محمّد بن

ص:55


1- 1) النجاشي احمد بن علي بن احمد بن العبّاس بن محمّد بن عبد اللّه بن ابراهيم بن محمّد بن عبد اللّه بن النجاشي الذي ولي الأهواز و كتب إلى الصادق عليه السلام يسئله و كتب إليه الرسالة المعروفة، أبو العباس من أكابر أصحابنا الموثّقين المعتمدين في الرجال، ولد سنة (372) و توفّي (450) ه-جامع الرواة ج 1/54-. و التحقيق أنّه توفّي بعد سنة (464) كما في معجم رجال الحديث ج 2/157. [1]
2- 2) عليّ بن أحمد بن محمّد بن طاهر أبي جيّد الأشعري أبو الحسين القمي كان من مشايخ النجاشي الموثوقين-معجم الرجال ج 2/162-. [2]
3- 3) الحسن بن متيل من وجوه أصحابنا كثير الحديث، و من تصحيح العلاّمة طريق الصدوق الى جعفر بن ناجية يلزم توثيقه-جامع الرواة ج 1/220-. [3]
4- 4) رجال النجاشي ط قم:9.
5- 5) محمّد بن عبد اللّه بن غالب أبو عبد اللّه الأنصاري البزّاز ثقة في الرواية على مذهب الواقفة له كتاب-جامع الرواة ج 2/143-. [4]

الوليد، عن يونس بن يعقوب، عن عبد اللّه بن خفقة (1)، قال: قال لي أبان ابن تغلب: مررت بقوم يعيبون عليّ روايتي عن جعفر عليه السلام قال:

فقلت لهم: كيف تلوموني في روايتي عن رجل ما سألته عن شيء إلاّ قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم؟ !

قال: فمرّ صبيان و هم ينشدون: ألعجب كلّ العجب بين جمادى و رجب، فسألته عنه، فقال: لقاء الأحياء بالأموات (2).

3-قال: ثمّ قال سلامة (3)بن محمّد الأرزني: حدّثنا أحمد (4)بن عليّ بن أبان، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن صالح (5)بن السندي، عن اميّة بن عليّ (6)، عن سليم بن أبي حيّة (7)، قال: كنت عند أبي عبد اللّه

ص:56


1- 1) عبد اللّه بن خفقة، أو عبد اللّه خفقة كما في بعض النسخ و علي أيّ تقدير بعد الجدّ و الكد لم أظفر على ترجمة له لا في كتب أصحابنا و لا في كتب غيرهم.
2- 2) رجال النجاشي:9.
3- 3) سلامة بن محمّد بن محمد بن إسماعيل الأرزني أبو الحسن، توفّي ببغداد سنة (339) ه، سمع منه التلعكبري سنة (328) ه و له منه إجازة-جامع الرواة ج 1/370-. [1]
4- 4) أحمد بن علي بن أبان القمي، لم أظفر على ترجمة له في كتب الرجال و الشيخ في «التهذيب» ج 6 ح 158 أورد روايته في باب فضل زيارة أبي الحسن موسى الكاظم عليه السلام.
5- 5) صالح بن السندي الرقي الجمّال أبو مضاء عدّه الشيخ في رجاله ممّن لم يرو عنهم عليهم السلام، وقع بعنوان صالح بن السندي في اسناد عدة من الروايات تبلغ (85) موردا- معجم رجال الحديث ج 9/70-. [2]
6- 6) اميّة بن علي القبسي (القيسي) الشّامي أبو محمد له كتاب روى عن أبي جعفر الثاني عليه السلام-معجم رجال الحديث ج 3/233-. [3]
7- 7) سليم بن أبي حيّة (أبي حبّة) و هذه الرواية تشير إلى حسن حاله في الجملة، و الكشي ذكر الرواية في ترجمة أبان و لكن بعنوان مسلم بن أبي حبّة-معجم الرجال ج 8/216 و ج 18/ 147-. [4]

عليه السلام فلمّا أردت أن افارقه ودّعته و قلت: احبّ أنّ تزوّدني.

فقال: إيت أبان بن تغلب فإنّه قد سمع منّي حديثا كثيرا فما روى لك فاروه عنّي (1).

4-الكشّي قال: حدّثني حمدويه بن نصير (2)، قال: حدّثنا محمّد ابن عيسى، عن ياسين الضرير البصري (3)، عن حريز، عن محمّد بن مسلم قال: ما شجر في رأسي (رأيي) شيء قط إلاّ سألت عنه أبا جعفر عليه السلام حتّى سألته ثلثين ألف حديث، و سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن ستة عشر ألف حديث (4).

5-الكشّي أيضا قال: قال محمّد بن مسعود: حدّثني عليّ بن محمّد، عن محمّد بن احمد، عن عبد اللّه بن أحمد الرازي (5)، عن بكر ابن صالح، عن إبن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال: أقام محمّد بن مسلم بالمدينة أربع سنين يدخل على أبي جعفر عليه السلام يسئله ثمّ كان يدخل على جعفر بن محمّد عليهما السلام يسأله قال أبو أحمد:

فسمعت عبد الرّحمان بن الحجّاج، و حمّاد بن عثمان يقولان: ما كان

ص:57


1- 1) رجال النجاشي:10.
2- 2) حمدويه (بفتح الحاء و الدال المهملتين) ابن نصير بن الشاهي أبو الحسن، عديم النظير في زمانه، كثير العلم و الرواية، ثقة حسن المذهب كان من مشايخ الكشي، و عدّه الشيخ في رجاله في من لم يرو عنهم عليهم السلام-معجم رجال الحديث ج 6/255-. [1]
3- 3) ياسين الضرير الزيّات البصري له كتاب، لقي أبا الحسن موسى الكاظم عليه السلام و روى عنه و صنّف هذا الكلام المنسوب إليه-معجم رجال الحديث ج 2/11-. [2]
4- 4) رجال الكشي:163 رقم 276 و [3]أخرجه المفيد في الاختصاص:201 و البحار ج 46/ 292 ح 17. [4]
5- 5) عبد اللّه بن أحمد الرازي إستثناه ابن الوليد من روايات محمد بن يحيى المتقدّم.

أحد من الشيعة أفقه من محمّد بن مسلم.

قال: فقال محمّد بن مسلم: سمعت من أبي جعفر عليه السلام ثلاثين ألف حديث، ثم لقيت جعفرا إبنه عليهما السلام فسمعت منه أو قال: سألته عن ستة عشر ألف حديث أو قال: مسئلة (1).

6-الشيخ في «أماليه» قال: أخبرنا محمّد (2)بن محمّد، قال:

أخبرني أبو الحسن (3)أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد، قال:

حدّثني أبي، قال: حدّثني محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن معيد، عن هشام بن الحكم، قال: سألت أبا عبد اللّه جعفر بن محمّد عليهما السلام بمنى عن خمسمأة حرف من الكلام.

قال: فأقبلت أقول: يقولون: كذا و كذا، قال: فتقول: يقال لهم كذا (4)فقلت: هذا الحلال و الحرام و القرآن أعلم أنّك صاحبه، و أعلم الناس به، فهذا الكلام من أين؟

قال: فقال لي: و تشكّ (5)يا هشام يحتج اللّه على خلقه بحجّة لا

ص:58


1- 1) رجال الكشي:167 رقم 280 و أخرجه في البحار ج 47/393 ح 116 [1] عن الإختصاص: 202 باختلاف.
2- 2) هو الشيخ المفيد محمّد بن محمد النعمان المتوفى ببغداد سنة «413» ه.
3- 3) وثّقه الشهيد الثاني و الشيخ البهائي و العجب أنّ الشيخ الطوسي لم يتعرض لحاله في رجاله مع أنه من المعاريف و كثير الرواية.
4- 4) في البحار عن الكشي: قال: فيقول لي قل كذا.
5- 5) في البحار [2]عن الكشي: فقال: يحتجّ اللّه على خلقه بحجّة لا يكون عنده كلّما يحتاجون إليه.

يكون عالما بكلّ ما يحتاج إليه الناس (1)؟

7-إبن بابويه في «الفقيه» باسناده عن بكير (2)بن أعين، عن أخيه زرارة، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: جعلني اللّه فداك أسألك في الحجّ منذ أربعين عاما فتفتيني فيه!

فقال: يا زرارة بيت يحجّ قبل آدم بألفي عام تريد أن تفني مسائله في أربعين عاما (3).

ص:59


1- 1) امالي الطوسي ج 1/45 و [1]أخرجه في البحار ج 47/35 ح 34 [2]عن رجال الكشي:273 رقم 491 [3] باختلاف.
2- 2) بكير بن أعين أبو الجهم الكوفي روى عن الباقر و الصادق عليهما السلام مشكور مات على الإستقامة-جامع الرواة ج 1/129-.
3- 3) الفقيه ج 2/519 ح 3111.

ص:60

الباب العاشر

في أنّ مجلسه عليه السلام أنبل المجالس

1-محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد (1)، عن بعض أصحابه رواه عن رجل من العامّة قال: كنت اجالس أبا عبد اللّه عليه السلام فلا و اللّه ما رأيت مجلسا أنبل من مجلسه (2)قال:

فقال لي ذات يوم: من أين تخرج العطسة؟

فقلت: من الأنف.

فقال لي: أصبت الخطاء.

فقلت: جعلت فداك من أين تخرج؟

فقال: من جميع البدن، كما أنّ النطفة تخرج من جميع البدن و مخرجها من الإحليل ثمّ قال: أما رأيت الإنسان إذا عطس نفض (3)أعضاؤه، و صاحب العطسة يأمن الموت سبعة أيّام (4).

2-و عنه عن عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، و محمّد بن يحيى، عن موسى بن الحسن، عن عمر بن (5)علي بن

ص:61


1- 1) هو أحمد بن محمّد بن خالد البرقي أبو جعفر.
2- 2) في المصدر و البحار: [1] من مجالسه.
3- 3) نفض: تحرك.
4- 4) الكافي ج 2/657 ح 23 و [2]عنه البحار ج 47/47 ح 71 و [3]الوسائل ج 8/462 ح 4. [4]
5- 5) عمر بن علي بن عمر بن يزيد، قيل باعتباره لأجل رواية محمّد بن أحمد بن يحيى عنه و لم يستثنه إبن الوليد من رواياته-معجم رجال الحديث ج 13/48-.

عمر بن يزيد، عن محمّد بن عمر، عن أخيه الحسين (1)، عن أبيه عمر بن يزيد، قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام و عنده رجل فقال له:

جعلت فداك إنّي احبّ الصبيان.

فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام: فتصنع ماذا؟

قال أحملهم على ظهري، فوضع أبو عبد اللّه عليه السلام يده على جبهته و ولّى وجهه عنه، فبكى الرّجل فنظر إليه أبو عبد اللّه عليه السلام كأنّه رحمه، فقال: إذا أتيت بلدك فاشتر جزورا سمينا و أعقله عقالا شديدا و أخذ السّيف فاضرب السنام ضربة تقشّر عنه الجلدة و إجلس عليه بحرارته.

فقال عمر: فقال الرجل: فأتيت بلدي فاشتريت جزورا فعقلته عقالا شديدا و أخذت السيف فضربت به السنام ضربة و قشرت عنه الجلد، و جلست عليه بحرارته، فسقط منّي شيء على ظهر البعير شبه الوزغ أصغر من الوزغ و سكن ما بي 2.

3-و عنه، عن أبي عليّ الأشعري، عن محمّد بن سالم، عن أحمد ابن النضر، عن عمرو بن النعمان الجعفي 3، قال: كان لأبي عبد اللّه عليه السلام صديق لا يكاد يفارقه إذا ذهب مكانا، فبينما هو يمشي معه في

ص:62


1- 1) الحسين بن عمر بن يزيد [1] كان من أصحاب أبي الحسن ا [2]لرضا عليه السلام و كان ثقة-جامع الرواة ج 1/250-.

الحذّائين (1)و معه غلام له سندي يمشي خلفهما إذا إلتفت الرجل يريد غلامه ثلاث مرات فلم يره، فلمّا نظر في الرابعة، قال: يا بن الفاعلة أين كنت؟

قال فرفع أبو عبد اللّه عليه السلام يده فصكّ بها جبهة نفسه، ثمّ قال: سبحان اللّه تقذف امّه قد كنت أرى أنّ لك ورعا فإذا ليس لك ورع.

فقال: جعلت فداك إنّ امه سنديّة مشركة، فقال: أما علمت أنّ لكل قوم نكاحا، تنحّ عنّي.

قال: فما رأيته يمشي معه حتى فرّق الموت بينهما.

و في رواية اخرى أنّ لكلّ امّة نكاحا يحتجزون به من الزنا (2).

4-و عنه عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن بعض أصحابه عن أبي المغرا، عن الحلبي (3)عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تسفهوا فإنّ أئمتكم ليسوا بسفهاء و قال أبو عبد اللّه عليه السلام (4): من كافىء السفيه بالسفه (5)فقد رضي بما أتى إليه حيث

ص:63


1- 1) الحذّاء: صانع النعل.
2- 2) الكافي ج 2/324 ح 5 و [1]عنه الوسائل ج 11/330 ح 1. [2]
3- 3) هو محمد بن أبي شعبة الحلبي أبو جعفر له كتاب، و هو من وجوه الأصحاب و فقهائهم- جامع الرواة ج 2/151-. [3]
4- 4) الظاهر أنّها رواية اخرى بحذف الإسناد.
5- 5) السفه: قلّة العقل، و [4]المبادرة إلى سوء القول و [5] الفعل بلا رويّة، و الجهل، و سفه (بضمّ الفاء و كسرها) : جهل. قال العلاّمة المجلسي في ذيل الحديث: بيان: نقل عن المبرّد و تغلب أنّ سفه بكسر الفاء متعدّ و بالضمّ لازم فإن كسرت الفاء (في الماضي و فتحت في المضارع) كان المفعول في «لا تسفهوا» محذوفا، أي لا تسفهوا أنفسكم، و الخطاب للشيعة كلّهم، و الغرض من التعليل هو الترغيب في الاقتداء بهم عليهم السلام و كأنّه تنبيه على أنّكم إن

إحتذى مثاله 1.

5-و عنه عن الحسين بن محمّد، عن معلّى، عن أحمد بن غسّان 2، عن سماعة قال: دخلت على أبي عبد اللّه عليه السلام فقال لي مبتدئا: يا سماعة ما هذا الّذي كان بينك و بين جمّالك؟ ! إيّاك أن تكون فحّاشا أو سخّابا 3أو لعّانا.

فقلت: و اللّه لقد كان ذلك إنّه ظلمني فقال: إن كان ظلمك لقد أربيت عليه 4إنّ هذا ليس من فعالي و لا آمر به شيعتي إستغفر ربّك و لا تعد، قلت: أستغفر اللّه و لا أعود 5.

6-المفيد في «أماليه» قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن أبي عمير عن الحارث بن بهرام 6، عن

ص:64

عمرو بن جميع، قال: قال لي أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد عليهما السلام: من جائنا يلتمس الفقه و القرآن و التفسير فدعوه، و من جائنا يبدي عورة قد سترها اللّه فنحّوه.

فقال له رجل من القوم: جعلت فداك أذكر حالي لك؟

قال إن شئت، قال: و اللّه إنّي لمقيم على ذنب منذ دهر، اريد أن اتحول عنه إلى غيره فما أقدر عليه.

قال له: إن تكن صادقا فإنّ اللّه يحبّك و ما يمنعك من الإنتقال عنه إلاّ أن تخافه (1).

ص:65


1- 1) أمالي المفيد: المجلس الأول ج 12 و رواه الكافي ج 2/442 ح 4. [1]

ص:66

الباب الحادي عشر

في حلمه و عفوه

1-محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عبد اللّه الحجال، عن حفص (1)بن أبي عايشة، قال: بعث أبو عبد اللّه عليه السلام غلاما له في حاجة فأبطأ، فخرج أبو عبد اللّه عليه السلام على أثره لمّا أبطأ، فوجده نائما، فجلس عند رأسه يروّحه حتّى إنتبه، فلمّا إنتبه قال له أبو عبد اللّه: يا فلان و اللّه ما ذلك لك، تنام الليل و النهار؟ لك الليل و لنا منك النهار (2).

2-و عنه عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن صفوان الجمّال، قال: وقع بين أبي عبد اللّه عليه السلام و بين عبد اللّه بن الحسن كلام حتى وقعت الضوضاء بينهم و إجتمع الناس، فافترقا عشيّتهما بذلك، و غدوت في حاجة، فإذا أنا بأبي عبد اللّه عليه السلام على باب عبد اللّه بن الحسن و هو يقول: يا جارية قولي لأبي محمد: (يخرج) قال: فخرج فقال: يا أبا عبد اللّه ما بكّر بك (3)؟

ص:67


1- 1) حفص بن أبي عائشة المنقري: الكوفي عدّه الشيخ في رجال الصادق عليه السلام.
2- 2) الكافي ج 2/112 ح 7 و [1]عنه البحار ج 47/56 ح 97 و [2]عن المناقب ج 3/395. [3]
3- 3) ما بكر بك: من البكور، و في بعض النسخ: ما يكربك من الاكراب و هو الاسراع.

قال: إنّي تلوت آية من كتاب اللّه عزّ و جلّ البارحة فأقلقتني.

قال: و ما هي؟

قال: قول اللّه جلّ و عزّ ذكره: اَلَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اَللّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَ يَخافُونَ سُوءَ اَلْحِسابِ (1)فقال: صدقت لكأنّي لم أقرأ هذه الآية من كتاب اللّه قطّ فاعتنقا و بكيا (2).

3-و عنه عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمّد عن محمد بن مرازم (3)، عن أبيه قال: خرجنا مع أبي عبد اللّه عليه السلام حيث خرج من عند أبي جعفر (4)من الحيرة (5)فخرج ساعة اذن له و إنتهى إلى السالحين (6)في أوّل الليل، فعرض له عاشر (7)، كان يكون في السالحين في أوّل الليل، فقال له: لا أدعك أن تجوز فألحّ عليه فطلب اليه (8)فأبى إباء، و أنا و مصادف (9)معه.

ص:68


1- 1) الرعد:21. [1]
2- 2) الكافي ج 2/155 ح 23 و [2]عنه البحار ج 47/298 ح 24 و [3]قال العلاّمة المجلسي قدّس سرّه في «ذيل الحديث في مرآت العقول» : [4] الظاهر أنّ هذا كان لتنبيه عبد اللّه و تذكيره بالآية ليرجع و يتوب و إلاّ فلم يكن ما فعله الامام عليه السلام بالنسبة إليه قطعا للرحم، بل كان عين الشفقة عليه لينزجر عما أراده لأنّه كان يطلب البيعة منه عليه السلام لولده. . .
3- 3) محمّد بن مرازم بن حكيم الساباطي من أصحاب الكاظم عليه السلام ثقة و له كتاب- معجم رجال الحديث ج 7/214-. [5]
4- 4) ابو جعفر: المنصور الدوانيقي عبد اللّه بن محمد بن علي بن العبّاس، ثاني خلفاء بني العبّاس ولد سنة (95) و مات سنة (158) ه-الاعلام ج 4/259-. [6]
5- 5) الحيرة (بكسر الحاء المهملة) بلد قرب الكوفة.
6- 6) السالحين: موضع على أربعة فراسخ من بغداد الى المغرب.
7- 7) العاشر: من يأخذ العشر.
8- 8) الضمير في «ألحّ و طلب» مستتر يرجع إلى أبي عبد اللّه عليه السلام.
9- 9) مصادف: مولى الصادق عليه السلام و من أصحاب الكاظم عليه السلام.

فقال له مصادف: جعلت فداك إنّما هذا كلب قد آذاك، و أخاف أن يردّك و ما أدري ما يكون من أمر أبي جعفر، و أنا و مرازم (1)أتأذن لنا أن نضرب عنقه ثمّ نطرحه في النهر؟ فقال: كيف (2)يا مصادف؟ فلم يزل يطلب إليه حتّى ذهب من اللّيل أكثره، فأذن له فمضى.

فقال: يا مرازم هذا خير أم الذي قلتماه؟

قلت: هذا جعلت فداك.

فقال: يا مرازم إنّ الرجل يخرج من الذلّ الصغير فيدخله ذلك في الذلّ الكبير (3).

ص:69


1- 1) أنا و مرازم، أي و الحال أنا و مرازم نكون معك.
2- 2) و في نسخة: كفّ.
3- 3) الكافي ج 8/87 ح 49 و [1]عنه البحار ج 47/206 ح 48. [2]

ص:70

الباب الثاني عشر

في أمره عليه السلام مع المنصور

1-محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن إبن جمهور (1)، عن أبيه، عن سليمان بن سماعة، عن عبد اللّه بن قاسم، عن المفضّل بن عمر، قال: وجّه أبو جعفر المنصور إلى الحسن بن زيد (2)، و هو واليه على الحرمين أن أحرق على جعفر بن محمّد داره، فألقى النار في دار أبي عبد اللّه عليه السلام، فأخذت النار في الباب و الدهليز، فخرج أبو عبد اللّه يتخطّى النّار و يمشي فيها و يقول: أنا ابن أعراق الثرى، أنا إبن إبراهيم خليل اللّه عليه السلام (3).

2-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن أيّوب بن نوح، عن العبّاس بن عامر، عن داود بن الحصين، عن رجل من أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال و هو بالحيرة في زمان أبي العباس (4): إنّي دخلت عليه و قد شكّ الناس في الصوم، و هو و اللّه من

ص:71


1- 1) هو الحسن بن محمد بن جمهور ابو محمد البصري، ثقة في نفسه-معجم الرجال ج 5/ 113-. [1]
2- 2) هو الحسن بن زيد بن الحسن عليه السلام كان أمير الحرمين من قبل المنصور.
3- 3) الكافي ج 1/473 ح 2. [2]
4- 4) أبو العبّاس عبد اللّه بن محمّد بن عليّ بن عبد اللّه بن العبّاس أوّل خلفاء الدولة العباسيّة و كان ملقّبا بالسفّاح، ولد سنة (104) و مات سنة (136) ه-الأعلام ج 4/257-. [3]

شهر رمضان، فسلّمت عليه فقال: يا أبا عبد اللّه عليه السلام أصمت اليوم؟

فقلت: لا، و المائدة بين يديه.

قال: فادن فكل.

قال: فدنوت و أكلت.

قال: و قلت: الصوم معك و الفطر معك.

فقال الرّجل لأبي عبد اللّه عليه السلام: تفطر يوما من شهر رمضان؟

فقال: إي و اللّه ان افطر يوما من شهر رمضان أحبّ إليّ من أن يضرب عنقي (1).

3-الشيخ في «التهذيب» بإسناده عن محمّد، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن خلاّد بن عمارة (2)، قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: دخلت على أبي العباس في يوم شكّ و أنا أعلم أنّه من شهر رمضان فهو يتغدّى فقال: يا أبا عبد اللّه ليس هذا من أيامّك.

فقلت: لم يا أمير المؤمنين؟ ما صومي إلاّ بصومك و لا إفطاري إلاّ بإفطارك.

ص:72


1- 1) الكافي ج 4/83 ح 9 و [1]عنه البحار ج 47/210 ح 53. [2]
2- 2) خلاّد بن عمارة: قال الوحيد البهبهاني في التعليقة: رواية البزنطي عنه تشعر بوثاقته، و لكن صاحب «معجم الرجال» [3] استشكل عليه بقوله: مرّ ما فيه غير مرّة-معجم رجال الحديث ج 7/59-. [4]

قال: فقال: أدن.

قال: فدنوت فأكلت، و أنا و اللّه أعلم أنّه من شهر رمضان (1).

4-محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن عليّ بن ميسرة (2)قال: لمّا قدم أبو عبد اللّه عليه السلام على أبي جعفر أقام أبو جعفر مولى له على رأسه، و قال له: اذا دخل عليّ فاضرب عنقه، فلمّا دخل أبو عبد اللّه عليه السلام نظر إلى أبي جعفر و أسرّ شيئا فيما بينه و بين نفسه لا يدرى ما هو، ثمّ أظهر: يا من يكفي خلقه كلّهم و لا يكفيه أحد إكفني شرّ عبد اللّه بن عليّ.

قال: فصار أبو جعفر لا يبصر مولاه، و صار مولاه لا يبصره، فقال أبو جعفر: يا جعفر بن محمّد لقد عييّتك في هذا الحرّ فانصرف، فخرج أبو عبد اللّه عليه السلام من عنده، فقال أبو جعفر لمولاه: ما منعك أن تفعل ما أمرتك به؟ فقال: لا و اللّه ما أبصرته و لقد جاء شيء فحال بيني و بينه، فقال أبو جعفر له: و اللّه لئن حدّثت بهذا الحديث أحدا لأقتلنّك (3).

5-و عنه، عن عليّ بن محمّد، عن إبراهيم بن إسحق الأحمر، عن أبي القاسم الكوفي، عن محمّد بن إسماعيل، عن معاوية بن عمّار،

ص:73


1- 1) التهذيب ج 4/317 ح 33 و عنه الوسائل ج 7/95 ح 6. [1]
2- 2) علي بن ميسرة بن عبد اللّه الكوفي النخعي مولاهم، عدّ من أصحاب الصادق عليه السلام.
3- 3) الكافي ج 2/559 ح 12 و [2]أخرجه في البحار ج 47/169 ح 11 [3] عن مختصر البصائر:8، و البصائر:494 ح 1، و [4]الخرايج:245.

و العلاء بن سيابة (1)، و ظريف بن ناصح (2)قال: لمّا بعث أبو الدوانيق (3)إلى أبي عبد اللّه عليه السلام رفع يده إلى السماء ثم قال:

أللّهمّ إنّك حفظت الغلامين بصلاح أبويهما فاحفظني بصلاح آبائي محمّد، و عليّ، و الحسن، و الحسين و عليّ بن الحسين، و محمّد بن علي عليهم السلام أللهم إنّي أدرء بك في نحره، و أعوذ بك من شرّه، ثم قال للجمّال: سر، فلمّا إستقبله الربيع (4)بباب أبي الدوانيق قال له: يا أبا عبد اللّه ما أشدّ باطنه عليك! لقد سمعته يقول: و اللّه لا تركت لهم نخلا إلاّ عقرته، و لا مالا إلاّ نهبته، و لا ذرية إلاّ سبيتها، قال: فهمس (5)بشي خفي و حرّك شفتيه، فلمّا دخل سلّم و قعد فردّ عليه السلام، ثمّ قال: أما و اللّه لقد هممت أن لا أترك لك نخلا إلاّ عقرته، و لا مال إلاّ أخذته.

فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: يا أمير المؤمنين إنّ اللّه إبتلى أيوب فصبر، و أعطى داود فشكر، و قدّر يوسف فغفر، و أنت من ذلك النسل، و لا يأتي ذلك النسل إلاّ بما يشبهه فقال: صدقت فقد عفوت عنكم، فقال له: يا أمير المؤمنين إنّه لم ينل منّا أهل البيت أحد دما إلاّ سلبه اللّه

ص:74


1- 1) العلاء بن سيابة الكوفي مولى روى عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام-معجم رجال الحديث ج 11/172-. [1]
2- 2) ظريف بن ناصح الكوفي بيّاع الأكفان نشأ ببغداد و روى عن الصادق عليه السلام، و كان ثقة في حديثه-جامع الرواة ج 1/425-. [2]
3- 3) أبو الدوانيق هو المنصور إشتهر بأبي الدوانيق او الدوانيقي لأنّه لمّا أراد حفر الخندق بالكوفة قسط على كلّ واحد منهم دانق فضّة.
4- 4) هو الربيع بن يونس بن محمد بن أبي فروة من موالي بني العبّاس، ولد سنة (111) و مات ببغداد سنة (169) ه-الاعلام ج 3/39-. [3]
5- 5) الهمس: الصوت الخفي.

ملكه، فغضب لذلك و إستشاط (1)فقال: على رسلك (2)يا أمير المؤمنين إنّ هذا الملك كان في آل أبي سفيان فلمّا قتل يزيد (3)حسينا سلبه اللّه ملكه، فورثه اللّه آل مروان، فلمّا قتل هشام زيدا سلبه اللّه ملكه، فورثه مروان بن محمد (4)، فلمّا قتل مروان إبراهيم (5)سلبه اللّه ملكه، فأعطاكموه فقال: صدقت هات ارفع حوائجك فقال: الإذن، فقال: هو في يدك متى شئت، فخرج فقال له الرّبيع: قد أمر لك بعشرة آلاف درهم، قال: لا حاجة لي فيها، قال: إذن تغضبه فخذها ثمّ تصدّق بها (6).

6-و عنه باسناده عن سهل بن زياد، عن عليّ بن الحكم، عن رفاعة عن رجل، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: دخلت على أبي العباس بالحيرة، فقال: يا أبا عبد اللّه ما تقول في الصيام اليوم؟ فقلت: ذاك إلى الامام إن صمت صمنا و إن أفطرت أفطرنا، فقال: يا غلام عليّ بالمائدة فأكلت معه، و أنا أعلم و اللّه أنّه يوم من شهر رمضان، فكان إفطاري يوما

ص:75


1- 1) استشاط: إلتهب غضبا.
2- 2) الرسل (بكسر الراء المهملة) : الرفق.
3- 3) يزيد بن معاوية الهالك سنة (64) ه.
4- 4) مروان بن محمّد بن مروان بن حكم الأموي المعروف بالحمار، آخر الملوك الأمويين في الشام، ولد سنة (72) و قتل في بوصير من أعمال مصر سنة (132) ه-الأعلام ج 8/96-.
5- 5) هو إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد اللّه بن العبّاس زعيم الدعوة العباسيّة قبل ظهورها و كان معروفا بالإمام، ولد سنة (82) ه و قتله مروان الحمار في السجن بحرّان سنة (131) ه-الاعلام ج 1/54-. [1]
6- 6) الكافي ج 2/562 ح 22 و [2]عنه البحار ج 47/208 ح 51. [3]

و قضاؤه أيسر عليّ من أن يضرب عنقي و لا يعبد (1)اللّه (2).

7-الفضل بن الحسن أبو علي الطبرسي في كتاب «إعلام الورى» قال: إشتهر في الرواية أنّ المنصور أمر الربيع بإحضار أبي عبد اللّه عليه السلام فأحضره فلمّا بصر به قال: قتلني اللّه إن لم أقتلك أتلحد في سلطاني؟ و تبغيني الغوائل؟ فقال له أبو عبد اللّه: و اللّه ما فعلت و لا أردت، فإن كان بلغك فمن كاذب، و لو كنت فعلت لقد ظلم يوسف فغفر، و ابتلى أيوّب فصبر، و اعطي سليمان فشكر، فهؤلاء أنبياء اللّه و إليهم يرجع نسبك.

فقال له المنصور: أجل إرتفع ههنا فارتفع، فقال له: إنّ فلان بن فلان أخبرني عنك بما ذكرت، فقال له جعفر عليه السلام: أحضره يا أمير المؤمنين ليوافقني على ذلك فأحضر الرّجل المذكور، فقال له المنصور: أنت سمعت ما حكيت عن جعفر؟ قال: نعم، قال له أبو عبد اللّه عليه السلام: فاستحلفه على ذلك، قال المنصور: أتحلف؟ قال:

نعم فابتدأ باليمين فقال أبو عبد اللّه دعني يا أمير المؤمنين احلّفه أنا، فقال له: إفعل، فقال أبو عبد اللّه للساعي: قل: برئت من حول اللّه و قوّته و إلتجأت إلى حولي و قوّتي لقد فعل كذا و كذا جعفر، فامتنع منها هنيئة ثمّ حلف بها فما برح حتى ضرب برجله فقال أبو جعفر: جرّوا برجله فأخرجوه لعنه اللّه.

ص:76


1- 1) (و لا يعبد اللّه) أي صار قتلي سببا لأن يترك الناس عبادة اللّه فإنّ العبادة تكون بالإمام و ولايته و متابعته.
2- 2) الكافي ج 4/82 ح 7 و [1]عنه البحار ج 47/210 ح 54 و [2]وسائل الشيعة ج 7/95 ح 5. [3]

قال الربيع: و كنت رأيت أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد عليهما السلام حين دخل على المنصور يحرّك شفتيه فكلّما حرّكهما سكن غضب المنصور، حتى أدناه منه و قد رضي عنه فلمّا خرج أبو عبد اللّه من عند أبي جعفر تبعته فقلت له: إنّ هذا الرجل كان أشدّ الناس غضبا عليك فلمّا دخلت عليه و حرّكت شفتيك سكن غضبه فبأيّ شيء كنت تحرّكهما؟ قال: بدعاء جدّي الحسين بن عليّ عليهما السلام فقلت:

جعلت فداك و ما هذا الدعاء؟ قال: يا عدّتي عند شدّتي و يا «غوثي» عند كربتي احرسني بعينك الّتي لا تنام و اكنفني بركنك الّذي لا يرام.

فقال الربيع: فحفظت هذا الدعاء، فما نزلت بي شدة قطّ فدعوت به الاّ فرّج اللّه عنّي قال: و قلت لجعفر بن محمّد عليهما السلام: لم منعت الساعي أن يحلف باللّه تعالى؟ قال: كرهت أن يراه اللّه تعالى يوحّده و يمجّده فيحلم عنه و يؤخّر عقوبته فاستحلفته بما سمعت فأخذه اللّه أخذة رابية (1).

و امثال ذلك كثيرة مذكورة من طريق الخاصّة و العامّة.

ص:77


1- 1) اعلام الورى:270 و [1]اخرجه في كشف الغمّة ج 2/168 و [2]البحار ج 47/174 ح 21 [3]عن إرشاد المفيد:272، و [4]روى نحوه في مطالب السئول ج 2/58 و الفصول المهمّة:225 [5]بالتفصيل.

ص:78

الباب الثالث عشر

في ابتلائه عليه السلام بالمرض

1-الشيخ المفيد في «اماليه» قال: أخبرني أبو غالب أحمد بن محمّد الزراري (1)، قال: حدّثنا أبو القاسم حميد بن زياد، قال: حدثنا الحسن بن محمّد، عن محمّد بن الحسن بن زياد العطّار (2)، عن أبيه الحسن بن زياد (3)، قال: لمّا قدم زيد بن عليّ الكوفة دخل قلبي من ذلك بعض ما يدخل، قال: فخرجت إلى مكّة و مررت بالمدينة فدخلت على أبي عبد اللّه عليه السلام و هو مريض فوجدته على سرير مستلقيا عليه، و ما بين جلده و عظمه شيء، فقلت: إنّي احبّ أن أعرض عليك ديني فانقلب على جنبه ثمّ نظر إليّ فقال: يا حسن ما كنت أحسبك إلاّ و قد إستغنيت عن هذا.

ثم قال: هات فقلت: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له،

ص:79


1- 1) ابو غالب أحمد بن محمّد بن سليمان الزراري كان شيخ العصابة في زمنه و وجهم و ثقتهم و نقيبهم، ولد سنة (285) ه و توفّي سنة (368) ه، و له مصنّفات-معجم رجال الحديث ج 2/280-. [1]
2- 2) محمّد بن الحسن بن زياد العطّار الكوفي، روى أبوه عن الصادق عليه السلام، ثقة و له كتاب-معجم الرجال ج 15/215-. [2]
3- 3) الحسن بن زياد العطّار الكوفي ثقة روى عن الصادق عليه السلام و له أصل.

و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله (1)فقال عليه السلام: معي مثلها.

فقلت: و أنا مقرّ بجميع ما جاء به محمّد بن عبد اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

قال: فسكت.

قلت: و أشهد أنّ عليّا إمام بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فرض طاعته، من شكّ فيه كان ضالاّ، و من جحده كان كافرا.

قال: فسكت.

قلت: و أشهد أنّ الحسن و الحسين عليهما السلام بمنزلته، حتى إنتهيت إليه عليه السلام فقلت: و أشهد أنّك بمنزلة الحسن و الحسين عليهما السلام و من تقدّم من الأئمّة عليهم السلام، فقال: كفّ، قد عرفت الذي تريد، ما تريد إلاّ أن أتولاّك على هذا.

قال: قلت: فإذا تولّيتني على هذا فقد بلغت الذي أردت.

قال: تولّيتك عليه.

فقلت: جعلت فداك إنّي قد هممت بالمقام.

قال: و لم؟

قال: قلت: إن ظفر زيد و أصحابه فليس أحد أسوء حالا عندهم منّا، و إن ظفر أحد من بني اميّة فنحن عندهم بتلك المنزلة.

قال: فقال لي: إنصرف فليس عليك بأس من الى (2)و لا من الى (3).

ص:80


1- 1) في نسخة من المصدر و البحار: و [1]أشهد أنّ محمّدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.
2- 2) «الى» : أولئك.
3- 3) امالي المفيد:32 ح 6 و عنه البحار ج 47/348 ح 46. [2]

2-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أحمد بن محمّد (1)، عن محمّد بن خالد، عن فضالة بن أيّوب، عن عمر بن أبان، و سيف بن عميرة، عن فضيل بن يسار، قال: دخلت على أبي عبد اللّه عليه السلام في مرضة مرضها لم يبق منه إلا رأسه (2)، فقال: يا فضيل إننّي كثيرا ما أقول: ما (3)على رجل عرّفه اللّه هذا الأمر لو كان في رأس جبل حتّى يأتيه الموت.

يا فضيل بن يسار إنّ الناس أخذوا يمينا و شمالا و إنّا و شيعتنا هدينا الصّراط المستقيم.

يا فضيل بن يسار إنّ المؤمن لو أصبح له ما بين المشرق و المغرب كان ذلك خيرا له.

و لو أصبح مقطّعا أعضاؤه كان ذلك خيرا له، يا فضيل بن يسار إنّ اللّه لا يفعل بالمؤمن إلاّ ما هو خير له، يا فضيل بن يسار لو عدلت الدنيا عند اللّه عزّ و جلّ جناح بعوضة ما سقى عدوه منها شربة ماء.

يا فضيل بن يسار إنّه من كان همّه همّا واحدا كفاه اللّه همّه، و من كان همّه في كلّ واد (4)لم يبال اللّه (5)بأيّ واد هلك.

ص:81


1- 1) هو احمد بن محمّد بن خالد البرقي يروي عن أبيه.
2- 2) كناية عن نحافة جسمه الشريف.
3- 3) «ما» يحتمل أن تكون نافية و يحتمل أن تكون إستفهاميّة.
4- 4) «في كلّ واد» أي من أودية الضلالة و الجهالة.
5- 5) «لم يبال اللّه» أي صرف اللّه لطفه و توفيقه عنه و تركه مع نفسه و أهوائها حتى يهلك باختيار واحد من الأديان الباطلة. أو كل واد من أودية الدنيا و شهواته المردية.

و رواه الحسين بن سعيد الأهوازي أيضا في كتاب «التمحيص» (1).

3-محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن الفضيل (2)، عن الربيع بن خثيم (3)، قال: شهدت أبا عبد اللّه عليه السلام و هو يطاف به حول الكعبة في محمل، و هو شديد المرض، فكان كلّما بلغ الركن اليماني أمرهم فوضعوه بالأرض، فأخرج يده من كوّة المحمل حتّى يجرّها على الأرض، ثم يقول: إرفعوني فلما فعل ذلك مرارا في كلّ شوط قلت له:

جعلت فداك يا بن رسول اللّه إنّ هذا يشقّ عليك فقال: إنّي سمعت اللّه عزّ و جلّ يقول: لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ (4)فقلت: منافع الدّنيا أو منافع الآخرة؟ فقال: ألكلّ (5).

ص:82


1- 1) الكافي ج 2/246 ح 5، و [1]التمحيص:56 ح 112 و عنهما البحار ج 67/150 ح 11. [2]
2- 2) هو محمد بن الفضيل بن كثير الازدي الكوفي من أصحاب الصادق و الكاظم و الرضا عليهم السلام.
3- 3) ربيع بن خثيم (خيثم) هو غير الزاهد المعروف الذي توفّي سنة (61) او بعدها، و الرجل مجهول الحال-معجم رجال الحديث ج 7/169-. [3]
4- 4) الحجّ:28. [4]
5- 5) الكافي ج 4/422 ح 1، و [5]عنه نور الثقلين ج 3/488 ح 77، و [6]في الوسائل ج 9/456 ح 8 [7]عنه و عن التهذيب ج 5/122 ح 70.

الباب الرابع عشر

في عبادته عليه السلام

1-عليّ بن إبراهيم، في تفسيره قال: حدّثني أبي، عن الفضل بن أبي قرّة، قال: رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام يطوف من أول الليل إلى الصباح و هو يقول: أللهم قني شحّ نفسي، فقلت: جعلت فداك ما سمعتك تدعو بغير هذا الدعاء؟

فقال عليه السلام: و أيّ شيء أشدّ من شحّ النفس، إنّ اللّه يقول:

وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ اَلْمُفْلِحُونَ (1) (2).

2-محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد ابن عيسى، عن إبن فضّال، عن الحسن بن الجهم، عن منصور، عن أبي بصير (3)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: مرّبي أبي عليه السلام و أنا بالطواف و أنا حدث (4)، و قد إجتهدت في العبادة فرآني و أنا أتصابّ عرقا، فقال لي: يا جعفر يا بنيّ إنّ اللّه إذا أحبّ عبدا أدخله الجنة

ص:83


1- 1) سورة التغابن:16 و [1]سورة الحشر:9. [2]
2- 2) تفسير القمي ج 2/372 و [3]عنه نور الثقلين ج 5/291 ح 68. [4]
3- 3) أبو بصير مشترك بين جماعة، و عند الإطلاق فالمراد به يحيى بن القاسم الأسدي، أو ليث ابن البختري المرادي و كلاهما ثقتان.
4- 4) الحدث: الشابّ.

و رضي عنه باليسير (1).

3-الشيخ في «التهذيب» باسناده عن أحمد بن محمّد، عن إبن فضّال، عن إبن بكير عن حمزة بن حمران، و الحسن بن زياد (2)، قالا:

دخلنا على أبي عبد اللّه عليه السلام و عنده قوم فصلّى بهم العصر، و قد كنّا صلّينا فعددنا له في الركوع (في ركوعه) سبحان ربّي العظيم أربعا أو ثلاثا و ثلاثين مرّة.

و قال أحدهما في حديثة و بحمده في الركوع و السجود (3).

4-و عنه باسناده، عن محمّد بن عبد الحميد، عن إبن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن عمر بن يزيد، قال: كان أبو عبد اللّه عليه السلام يصلّي عن ولده في كّل ليلة ركعتين، و عن والديه في كلّ ليلة ركعتين، قلت له: جعلت فداك و كيف صار للولد الليل؟

قال لأنّ الفراش للولد، قال: و كان يقرء فيهما إنّا أنزلناه في ليلة القدر، و إنّا أعطيناك الكوثر (4).

5-إبن بابويه قال: حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكل رضي اللّه عنه، قال: حدّثنا عليّ بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن محمّد بن

ص:84


1- 1) الكافي ج 2/86 ح 4 و [1]عنه البحار ج 47/55 ح 94. [2]
2- 2) الحسن بن زياد العطّار الكوفي مولى بني ضبة، ثقة، عرض دينه المرضيّ على الصادق عليه السلام-جامع الرواة ج 1/200-. [3]
3- 3) التهذيب ج 2/300 ح 66، و الاستبصار ج 1/325 ح 11 و عنهما الوسائل ج 4/927 ح 2 و [4]عن الكافي ج 3/329 ح 3 و [5]مستطرفات السرائر:26 ح 5، و أخرجه في البحار ج 47/50 ح 81 [6]عن الكافي و [7]ج 85/108 ح 18 عن مستطرفات السرائر.
4- 4) التهذيب ج 1/467 ح 178 و عنه البحار ج 82/63 ح 5 و [8]الوسائل ج 2/656 ح 7. [9]

خالد، عن أبيه، قال: حدّثنا أبو أحمد محمّد بن زياد الأزدي، قال:

سمعت مالك بن أنس فقيه المدينة يقول: كنت أدخل على الصّادق جعفر بن محمّد عليهما السلام فيقدّم لي مخدّة و يعرف لي قدرا و يقول:

يا مالك إنّي احبّك فكنت أسرّ بذلك و أحمد اللّه عزّ و جلّ عليه.

قال: و كان عليه السلام لا يخلو عن إحدى ثلاث خصال: إمّا صائما، و إمّا قائما، و إمّا ذاكرا، و كان من عظماء العبّاد و أكابر الزهّاد الذين يخشون اللّه عز و جل، و كان كثير الحديث طيّب المجالسة، كثير الفوائد، فإذا قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إخضر مرّة، و إصفر اخرى حتّى ينكره من يعرفه.

و لقد حججت معه سنة فلما إستوت به راحلته عند الإحرام كان كلّما هم بالتلبية إنقطع الصوت في حلقه، و كاد أن يخر من راحلته، فقلت: قل يا بن رسول اللّه و لا بدلك من أن تقول.

فقال: يا بن أبي عامر كيف أجسر أن أقول: لبيّك أللّهم لبيّك، و أخشى أن يقول عزّ و جلّ لي: لا لبيّك و لا سعديك! (1).

6-محمّد بن يعقوب عن أبي عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن أبي المغراء، عن سلمة بن محرز (2)، قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام إذ جائه رجل يقال له: أبو الورد (3)فقال

ص:85


1- 1) الخصال ج 1/167 ح 219، و [1]علل الشرايع:234 ح 4، و [2]الأمالي:143 ح 3 [3] تقدم الحديث بتمامه في الباب الثالث و له تخريجات ذكرناها هناك.
2- 2) سلمة بن محرز أبو يحيى القلانسي الكوفي كان من أصحاب الباقر و الصادق عليهما السلام-معجم رجال الحديث ج 8/212-. [4]
3- 3) أبو الورد: عدّه الشيخ و البرقي من أصحاب الباقر عليه السلام وقع بهذا العنوان في اسناد

لأبي عبد اللّه عليه السلام: رحمك اللّه إنّك لو كنت أرحت (1)بدنك من المحمل؟ فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: يا أبا الورد إنّي احبّ أن أشهد المنافع التي قال اللّه عزّ و جلّ لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ 2انه لا يشهدها أحد إلاّ نفعه اللّه، أمّا أنتم فترجعون مغفورا لكم، و أمّا غيركم فيحفظون في أهليهم و أموالهم 3.

7-و عنه، عن عدّة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه عن القاسم بن إبراهيم 4، عن أبان بن تغلب، قال: كنت مع أبي عبد اللّه عليه السلام مزامله فيما بين مكّة و المدينة، فلمّا إنتهى إلى الحرم نزل و إغتسل و أخذ نعليه بيده، ثمّ دخل الحرم حافيا، فصنعت مثل ما صنع.

فقال: يا أبان من صنع مثل ما رأيتني صنعت تواضعا للّه محى اللّه عنه مأة ألف سيّئة، و كتب له مأة ألف حسنة، و بنى اللّه له مأة ألف درجة، و قضى له مأة ألف حاجة 5.

ص:86


1- 1) قال المجل [1]سي قدّس سرّه: «أرحت بدنك» اي بترك الحجّ، فإنّ ركوب المحمل يشقّ عليك، و يحتمل أن يكون إشارة الى ما روي أنّ أبا عبد اللّه عليه السلام كان يطاف به حول الكعبة في محمل و هو شديد المرض و هو مع ذلك يستلم الأركان. . .

8-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إبن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن عمر بن يزيد (1)، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: حجّة أفضل من عتق سبعين رقبة.

فقلت: ما يعدل الحجّ شيء؟

قال: ما يعد له شيء، و لدرهم واحد في الحجّ أفضل من ألفي ألف درهم فيما سواه من سبيل اللّه.

ثمّ قال له: خرجت على نيّف و سبعين بعيرا و بضع (2)عشرة دابّة و لقد إشتريت سودا (3)أكثر بها العدد، و لقد آذاني أكل الخلّ و الزيت حتّى أنّ حميدة (4)أمرت بدجاجة فشويت فرجعت إلى نفسي (5).

ص:87


1- 1) هو مشترك بين رجلين: عمر بن محمّد بن يزيد بياع السابري أبو الأسود، و عمر بن يزيد ابن ذبيان أبو موسى كلاهما ثقتان يرويان عن الصادق عليه السلام.
2- 2) البضع (بكسر الباء الموحّدة) يقال لما بين الثلاثة الى التسع أو الى العشرة.
3- 3) السود: العبيد، و «العدد» أي عدد الحاجّ.
4- 4) حميدة البربرية المصفّاة، قيل: إسمها نباتة المغربيّة، و قيل: لؤلؤة بنت صاعد، و هي زوجة الصادق عليه السلام و امّ الكاظم عليه السلام.
5- 5) الكافي ج 4/260 ح 31، و [1]عنه الوسائل ج 8/84 ح 3. [2]

ص:88

الباب الخامس عشر

في جوده عليه السلام

1-الشيخ في «أماليه» عن أبي محمّد الفحّام، قال: حدّثنا أبو الحسن (1)محمّد بن أحمد بن عبيد اللّه الهاشمي المنصوري قال:

حدّثني عمّ أبي أبو موسى (2)عيسى بن أحمد بن عيسى بن المنصور، قال: حدّثني الإمام عليّ بن محمّد العسكري قال: حدّثني أبي محمّد، ابن عليّ قال: حدّثني أبي عليّ بن موسى، قال: حدّثني أبي موسى بن جعفر عليهما السلام، قال: كنت عند سيّدنا الصادق عليه السلام إذ دخل عليه أشجع (3)السلمي يمدحه، فوجده عليلا فجلس و أمسك، فقال له سيّدنا الصادق عليه السلام: عد عن العلّة و اذكر ما جئت له، فقال له:

ألبسك اللّه منه عافية في نومك المعتري و في أرقك

ص:89


1- 1) أبو الحسن محمّد بن أحمد بن عبيد اللّه بن أحمد بن عيسى بن منصور العبّاسي، عدّه الشيخ في رجاله تارة من أصحاب الهادي عليه السلام و تارة فيمن لم يرو عنهم عليهم السلام.
2- 2) أبو موسى عيسى بن أحمد بن المنصور السرّ من رآئي، عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الهادي عليه السلام.
3- 3) أشجع السلمي: بن عمرو بن أبي الوليد من بني سليم، شاعر فحل ولد باليمامة، و نشأ بالبصرة فانتقل إلى الرقّة و إستقرّ ببغداد، توفّي نحو سنة (195) ه-تاريخ بغداد ج 7/ 45-. [1]

يخرج من جسمك السقام كما أخرج ذلّ السؤال من عنقك

فقال يا غلام إيش معك؟

قال: أربعمائة درهم.

قال: أعطها للأشجع.

قال: فأخذها و شكر و ولّى فقال ردّوه.

فقال: يا سيّدي سألت فأعطيت، و أغنيت فلم رددتني؟

قال: حدّثني أبي عن آبائه، عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال: خير العطاء ما أبقى نعمة باقية، و إنّ الذي أعطيتك لا يبقي لك نعمة باقية و هذا خاتمي، فإن اعطيت به عشرة آلاف درهم و إلاّ فعد إليّ وقت كذا و كذا اوفك إيّاها.

قال: يا سيدي قد أغنيتني و أنا كثير الأسفار و أحصل في المواضع المفزعة فعلّمني ما آمن به على نفسي.

قال: إذا خفت أمرا فاترك يدك (1)على امّ رأسك و اقرأ برفيع صوتك: أَ فَغَيْرَ دِينِ اَللّهِ يَبْغُونَ وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (2).

قال أشجع: فحصلت في دار تعبث فيه الجنّ، فسمعت قائلا يقول: خذوه، فقرأتها، فقال قائل: كيف نأخذه و قد إحتجز بآية طيبة (3).

ص:90


1- 1) في المصدر و البحار: [1] فاترك يمينك.
2- 2) سورة آل عمران:83. [2]
3- 3) أمالي الطوسي ج 1/287، و [3]عنه البرهان ج 1/296 ح 8 و [4]مستدرك الوسائل ج 10/390 [5]

2-محمّد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن مسمع بن عبد الملك قال: كنّا عند أبي عبد اللّه عليه السلام بمنى و بين أيدينا عنب نأكله، فجاء سائل فسأله فأمر بعنقود (1)فأعطاه.

فقال السائل: لا حجة لي في هذا إن كان درهم.

قال: يسع اللّه عليك، فذهب ثمّ رجع.

فقال: ردّوا العنقود، فقال: يسع اللّه لك و لم يعطه شيئا.

ثم جاء سائل آخر فأخذ أبو عبد اللّه عليه السلام ثلاث حبّات عنب فناولها إيّاه، فأخذ السائل من يده، ثم قال: ألحمد للّه ربّ العالمين الّذي رزقني.

فقال أبو عبد اللّه عليه السلام «مكانك فحشا ملأ كفّيه عنبا فناولها إيّاه، فأخذه السائل من يده، ثمّ قال: الحمد للّه ربّ العالمين الذي رزقني.

فقال أبو عبد اللّه: مكانك، يا غلام أيّ شيء معك من الدراهم؟ فإذا معه نحو من عشرين درهما فيما حزرنا (2)أو نحوها، فناولها إيّاه فأخذها ثم قال: ألحمد للّه هذا منك وحدك لا شريك لك.

فقال أبو عبد اللّه: مكانك، فخلع قميصا كان عليه، فقال: إلبس هذا

ص:91


1- 1) العنقود (بضمّ العين) : ما تراكم من حبّة العنب في عرق واحد.
2- 2) حزرنا: قدّرنا بالحدس.

فلبسه، ثم قال: ألحمد للّه الذي كساني و سترني يا أبا عبد اللّه، أو قال:

جزاك اللّه خيرا، لم يدع لأبي عبد اللّه عليه السلام إلاّ بهذا ثم انصرف فذهب.

قال: فظننا أنّه لو لم يدع له لم يزل يعطيه، لأنّه كلّما كان يعطيه حمد اللّه عز و جل أعطاه (1).

3-و عنه، عن عليّ بن محمّد، و أحمد بن محمّد، عن علي بن الحسن، عن العبّاس بن عامر، عن محمّد بن إبراهيم الصيرفي (2)، عن مفضّل (3)بن رمّانة، قال: دخلت على أبي عبد اللّه عليه السلام فذكرت له بعض حالي فقال: يا جارية هاتي ذلك الكيس، هذه أربعمأة دينار وصلني بها أبو جعفر (4)، فخذها و تفرّج بها.

قال: قلت: لا و اللّه جعلت فداك ما هذا دهري (5)ولكن أحببت أن تدعو اللّه لي.

قال: فقال لي: إنّي سأفعل، و لكن إيّاك أن تخبر الناس بكلّ حالك فتهون عليهم (6).

ص:92


1- 1) الكافي ج 4/49 ح 12، و [1]عنه البحار ج 47/42 ح 56، و [2]الوسائل ج 6/272 ح 1. [3]
2- 2) في رجال الكشي: [4] محمّد بن إبراهيم العبدي، و على أيّ حال لم أظفر على ترجمة له في كتب الرجال.
3- 3) المفضّل بن قيس بن رمانة، عدّه الشيخ تارة في أصحاب أبي جعفر الباقر عليه السلام، و تارة اخرى في أصحاب أبي عبد اللّه الصادق عليه السلام، مضيفا إلى العنوان قوله: مولى الأشعرييّن كوفي-معجم رجال الحديث ج 18/305-. [5]
4- 4) المراد به ابو جعفر المنصور الدوانيقي.
5- 5) «ما هذا دهري» اي عادتي و همّتي فإنّ الدهر يستعمل بمعنى العادة و الهمّة.
6- 6) الكافي ج 4/21 ح 7 و [6]عنه الوسائل ج 6/311 ح 1، و [7]في البحار ج 47/34 ح 31 [8] عنه و عن

4-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عبد اللّه ابن محمّد الحجّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن سعيد بن عمرو الجعفي، قال: خرجت إلى مكة و أنا من أشدّ الناس حالا فشكوت إلى أبي عبد اللّه عليه السلام فقال (1): أما إنّك حيث شكوت إليّ أمرنا لك بثلاثين دينارا، يا جارية هاتيها، فأخذتها و أنا من أحسن قومي حالا 2.

5-و عنه عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه عن أبي إسحاق الخفّاف 3، عن محمّد بن أبي زيد 4عن أبي هارون المكفوف، قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام أيسرك أن يكون لك قائد يا أبا هارون؟

ص:93


1- 1) سقط من الحديث بين «أب [1]ي عبد اللّه» و بين «فقال» أ [2]كثر، من ثمانية أسطر، و في المصدر هكذا: «فشكوت إلى أبي عبد اللّه عليه السلام، فلمّا خرجت من عنده وجدت على بابه كيسا فيه سبعمائة دينار، فرجعت إليه من فوري ذلك فأخبرته، فقال: يا سعيد إتّق اللّه عزّ و جلّ و عرّفه في المشاهد، و كنت رجوت أن يرخّص لي فيه، فخرجت و أنا مغتمّ، فأتيت منى و تنحّيت عن الناس و تقصّيت حتى أتيت الموقوفة فنزلت في بيت متنحّيا عن الناس، ثمّ قلت: من يعرف الكيس؟ قال: فأوّل صوت صوته فإذا رجل على رأسي، يقول: أنا صاحب الكيس. قال: فقلت في نفسي: أنت فلا كنت. قلت: ما علامة الكيس؟ فأخبرني بعلامته فدفعته إليه. قال: فتنحّى ناحية فعدّها فإذا الدنانير على حالها، ثمّ عدّ منها سبعين دينارا فقال: خذها حلالا خير من سبعمائة حراما، فأخذ منها، ثمّ دخلت على أبي عبد اللّه عليه السلام فأخبرته كيف تنحّيت و كيف صنعت، فقال» . . .

قال: قلت: نعم جعلت فداك.

قال: فأعطاني ثلاثين دينارا فقال إشتر خادما كسوميّا (1)فاشتراه، فلمّا أن حجّ دخل عليه فقال له: كيف رأيت قائدك يا أبا هارون.

فقال خيرا، فأعطاه خمسة و عشرين دينارا فقال له: إشتر له جارية شبانية (2)فإنّ أولادهنّ قرّة (3)، فاشتريت جارية شبانية فزوّجتها منه فأصبت ثلاث بنات فأهديت واحدة منهن إلى بعض ولد أبي عبد اللّه عليه السلام و أرجو أن يجعل ثوابي منها الجنّة، و بقيت بنتان ما يسرّني بهن الوف (4).

6-الشيخ في «التهذيب» بإسناده عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمّد بن سنان، عن أبي حنيفة (5)السائق قال: مرّ بنا المفضّل و أنا و ختني نتشاجر في ميراث فوقف علينا ساعة، ثم قال: تعالوا إلى المنزل فأتيناه فأصلح بيننا بأربع مأة درهم، و دفعها إلينا من عنده حتى إستوثق كلّ واحد منّا من صاحبه، ثمّ قال: أما إنّها ليست من مالي، ولكن أبو عبد اللّه عليه السلام أمرني إذا تنازع الرجلان من أصحابنا في شيء أن اصلح بينهما و أفتديهما من ماله، فهذا مال أبي عبد اللّه عليه السلام (6).

ص:94


1- 1) الكسوم (بضمّتين) جمع كسم موضع من بلاد الحبشة.
2- 2) شبانية و الاشبانية بالضمّ منسوب إلى بلاد المغرب.
3- 3) أي قرّة العين، و في بعض النسخ: «فره» من الفراهة و الفارهة.
4- 4) الكافي ج 5/480 ح 4، و [1]عنه الوسائل ج 14/547 ح 1. [2]
5- 5) أبو حنيفة سابق (سائق) الحاج، وثقه النجاشي-رجال النجاشي:129-.
6- 6) التهذيب ج 6/312 ح 70، الكافي ج 2/209 ح 4 و [3]عنهما الوسائل ج 3/126 ح 4 [4]

و رواه محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن مفضّل، عن أبي حنيفة سائق الحاج، فقال: مرّ بنا المفضّل.

و ساق الحديث إلى آخره.

7-الشيخ في «التهذيب» بإسناده عن سعد بن عبد اللّه، عن أبي جعفر، عن الحسن بن محبوب، عن عمر بن يزيد، قال: رأيت أبا سيّار مسمع بن عبد الملك بالمدينة و قد كان حمل إلى أبي عبد اللّه عليه السلام مالا في تلك السنة فردّه أبو عبد اللّه عليه السلام عليه.

فقلت له: لم ردّ عليك أبو عبد اللّه عليه السلام المال الذي حملته إليه؟

قال: فقال: إنّي قلت له حين حملت اليه المال: إنّي كنت ولّيت الغوص فأصبت أربعمأة ألف درهم و قد جئت بخمسها ثمانين ألف درهم، و كرهت أن أحبسها عنك و أعرض (1)لها و هي حقك الّذي جعله اللّه لك في أموالنا.

فقال: و مالنا في الأرض و ما أخرج اللّه منها إلاّ الخمس؟

يا أبا سيّار الأرض كلّها لنا فما أخرج اللّه منها من شيء فهو لنا.

قال: قلت له: أنا أحمل إليك المال كلّه.

فقال لي: يا أبا سيّار قد طيبّناه لك و أحللناك منه فضمّ اليك مالك، و كلّ ما كان في أيدي شيعتنا من الأرض فهم فيه محللّون يحلّ لهم ذلك

ص:95


1- 1) اعرض: أتعرّض و أتصرّف.

إلى أن يقوم قائمنا عليه السلام فيجبيهم (1)طسق (2)ما كان في أيديهم و يترك الأرض في أيديهم، و أمّا ما كان في أيدي سواهم فإنّ كسبهم من الأرض حرام عليهم حتى يقوم قائمنا فيأخذ الأرض من أيديهم و يخرجهم عنها صغرة (3).

8-و من طريق المخالفين ما رواه كمال الدين بن طلحة الشامي في «مطالب السئول» قال الهياج (4)بن بسطام: كان جعفر بن محمّد يطعم حتى لا يبقى لعياله شيء و كان يقول عليه السلام: لا يتمّ المعروف إلاّ بثلاثة: تعجيله، و تصغيره، و ستره (5)انتهى كلامه.

ص:96


1- 1) فيجبيهم: من الجباية بمعنى الجمع.
2- 2) الطسق «بفتح الطاء و سكون السين المهملتين» : الوظيفة من خراج الأرض.
3- 3) التهذيب ج 4/144 ح 25، و عنه الوسائل ج 6/382 ح 12 و [1]عن الكافي ج 1/408 ح 3 [2]باختلاف.
4- 4) هياج بن بسطام الخراساني، قيسي، سكن البصرة و رأى أنس بن مالك، روى عنه بشر بن الحكم-الجرح و التعديل لابن ابي حاتم الرازي ج 9 ص 112-.
5- 5) مطالب السئول ج 2/57 و عنه كشف الغمّة ج 2/157 و [3]أورد صدره في حلية الأولياء ج 3/194، و ذيله فيها أيضا ج 3/198 و اخرج صدره في البحار ج 47/33 ح 30 [4]عن كشف الغمة. [5]

الباب السادس عشر

في صدقته عليه السلام و كيفية اعطاء السائل

1-محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن إبن أبي عمير، عن هشام بن سالم، قال: كان أبو عبد اللّه عليه السلام إذا أعتم (1)و ذهب من الليل شطره أخذ جرابا فيه خبز و لحم و الدراهم فحمله على عنقه، ثم ذهب به إلى أهل الحاجة من أهل المدينة فقسّمه فيهم و لا يعرفونه، فلمّا مضى أبو عبد اللّه عليه السلام فقدوا ذلك، فعلموا أنّه كان أبا عبد اللّه صلوات اللّه عليه (2).

2-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن محمد إبن خالد، عن سعدان بن مسلم، عن معلّى بن خنيس قال: خرج أبو عبد اللّه عليه السلام في ليلة قد رشّت السّماء (3)و هو يريد ظلّة بني ساعدة، فاتّبعته فإذا هو قد سقط منه شيء، فقال: بسم اللّه أللهم ردّه علينا.

قال: فأتيته فسلّمت عليه.

فقال: معلّى؟

قلت: نعم جعلت فداك.

فقال: إلتمس بيدك فما وجدت من شيء فادفعه إليّ فإذا أنا بخبز

ص:97


1- 1) أعتم: دخل في عتمة الليل و هي ظلمته.
2- 2) الكافي ج 4/8 ح 1 و [1]عنه البحار ج 47/38 ح 4، و [2]الوسائل ج 6/278 ح 1. [3]
3- 3) رشّت السماء: أمطرت.

منتشر كثير، فجعلت أدفع إليه ما وجدت فاذا أنا بجراب أعجز عن حمله من خبز.

فقلت: جعلت فداك أحمله على رأسي (عاتقي) فقال: لا أنا أولى به منك ولكن إمض معي.

قال: فأتينا ظلّة بني ساعدة فإذا نحن بقوم نيام فجعل يدسّ (1)الرغيف و الرغيفين حتى أتى على آخرهم ثمّ إنصرفنا، فقلت: جعلت فداك يعرف هؤلاء الحقّ؟

فقال: لو عرفوه لواسيناهم بالدقّة و الدقة (2)هي الملح إنّ اللّه تبارك و تعالى لم يخلق شيئا إلاّ و له خازن يخزنه إلاّ الصدقة فإنّ الربّ يليها بنفسه، و كان أبي إذا تصدّق بشيء وضعه في يد السائل ثم إرتدّه منه فقبّله و شمّه ثمّ ردّه في يد السائل، إنّ صدقة الليل تطفيء غضب الربّ، و تمحق (3)الذنب العظيم، و تهوّن الحساب، و صدقة النهار تثمر المال، و تزيد في العمر، إنّ عيسى بن مريم عليهما السلام لمّا مرّ على شاطىء البحر رمى بقرص من قوته في الماء، فقال له بعض الحواريين: يا روح اللّه و كلمته لم فعلت هذا و إنّما هو من قوتك؟

قال: فقال: فعلت هذا لدابّة تأكله من دوابّ الماء و ثوابه عند اللّه 1 عظيم (4).

ص:98


1- 1) الدسّ: الإخفاء.
2- 2) الدقّة «بضمّ الدال المهملة» : الملح.
3- 3) في الوسائل: [1] تمحو الذنب.
4- 4) الكافي ج 4/8 ح 3 و [2]عنه الوسائل ج 6/278 ح 2، و [3]ص 284 ح 1 و ص 283 ح 2، و عن التهذيب ج 4/105 ح 34، و ثواب الأعمال:173 ح 2 و [4]صدره في البحار ج 47/21 ح 18 [5]

3-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن شعيب (1)، عن الحسين بن الحسن (2)، عن عاصم، عن يونس، عمّن ذكره عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه كان يتصدق بالسكر، فقيل له:

أتتصدق بالسكر؟

فقال: نعم إنّه ليس شيء أحبّ إليّ منه فأنا احبّ أن أتصدق بأحبّ الأشياء إلي (3).

4-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن حديد، عن مرازم، عن مصادف، قال: كنت مع أبي عبد اللّه عليه السلام في أرض له و هم يصرمون، فجاء سائل يسئل فقلت: اللّه يرزقك.

فقال: مه ليس ذلك لكم حتى تعطوا ثلاثة، فإذا أعطيتم ثلاثة، فإن أعطيتم فلكم و إن أمسكتم فلكم (4).

5-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن إبن أبي نصر، عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن قول اللّه عزّ و جلّ:

ص:99


1- 1) محمّد بن شعيب: عدّه الشيخ في أصحاب الرضا عليه السلام.
2- 2) الحسين بن الحسن بن عا [1]صم بن يونس، روى عن أبيه، ع [2]ن جده، عن يونس و هو جد [3]ّه الأعلى عن رجل عن الصادق-عليه السلام-و روى الحديث الشيخ في التهذيب ج 4 باب الزيادات تحت رقم 1036 و فيه: الحسين بن عاصم بن يونس عن بعض اصحابنا بدل الحسين بن الحسن عن عاصم، عن يونس، عمن ذكره.
3- 3) الكافي ج 4/61 ح 3، و ع [4]نه البحار ج 47/53 ح 86 و ف [5]ي الوسائل ج 6/330 ح 2 [6]عن التهذيب.
4- 4) الكافي ج 3/566 ح 5، و عنه البرهان ج 1/556 ح 8 و في الوسائل ج 6/138 ح 1 عنه و عن الفقيه ج 2/47 ح 1665.

وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَ لا تُسْرِفُوا (1)، قال: كان أبي عليه السلام يقول: من الإسراف في الحصاد و الجداد (2)أن يتصدّق الرجل بكفّيه جميعا، و كان أبي عليه السلام إذا حضر شيئا من هذا فرأى أحدا من غلمانه يتصدّق بكفّيه صاح به: أعط بيد واحدة القبضة بعد القبضة، و الضغث بعد الضغث من السنبل (3). (4)

6-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عبد اللّه بن سنان، عن الوليد بن صبيح (5)، قال:

كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام فجائه سائل فأعطاه، ثمّ جائه آخر فأعطاه، ثم جائه آخر فأعطاه، ثمّ جاءه الآخر فقال: يسع اللّه عليك ثمّ قال: إنّ رجلا لو كان له مال يبلغ ثلاثين أو أربعين ألف درهم ثمّ شاء أن لا يبقي منها إلاّ وضعها في حقّ لفعل فيبقى لا مال له، فيكون من الثلاثة الذين يردّ دعائهم.

قلت: من هم؟

قال: أحدهم رجل كان له مال فأنفقه في غير وجهه ثمّ قال: يا ربّ

ص:100


1- 1) الأنعام:141. [1]
2- 2) الجداد «بفتح الجيم و كسرها» : صرام النخل.
3- 3) في بعض النسخ: «من القصيل» بدل «من السنبل» ، و القصيل: الشعير يجزّ أخضر لعلف الدوابّ.
4- 4) الكافي ج 3/566 ح 6 و [2]عنه البرهان ج 1/556 ح 7، و [3]في الوسائل ج 6/139 ح 1 [4] عنه و عن قرب الإسناد:162 [5] نحوه، و أخرجه في البحار ج 96/94 ح 6 و [6]ص 97 ح 18 و البرهان ج 1/556 ح 10 و [7]ص 557 ح 18 عن قرب الإسناد و [8]تفسير العياشي ج 1/378 ح 106. [9]
5- 5) الوليد بن صبيح أبو العبّاس الكوفي ثقة روى عن الصادق عليه السلام قاله النجاشي و العلاّمة-خاتمة الوسائل:359-.

ارزقني فيقال له: ألم أجعل (1)لك سبيلا إلى طلب الرزق؟ (2)

7-و عنه، عن عليّ بن محمّد، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن موسى بن بكر، عن عجلان، قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام فجائه سائل فقام إلى مكتل (3)فيه تمر، فملأ يده فناوله، ثمّ جاء آخر فسأله فقام فأخذ بيده فناوله، ثمّ جاء آخر فسأله فقام فأخذ بيده فناوله، ثمّ جاء آخر فسأله فقام فأخذ بيده فناوله، ثمّ جاء آخر فقال: رزقنا اللّه و إيّاك.

ثمّ قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان لا يسأله أحد من الدنيا شيئا إلاّ أعطاه، فأرسلت إليه إمرأة ابنا لها فقالت: إنطلق إليه فاسئله فإن قال لك: ليس عندنا شيء فقل: أعطني قميصك، قال: فأخذ قميصه فرمى به إليه.

ص:101


1- 1) قوله: «ألم أجعل لك سبيلا» و لا يخفى أنّ الجواب في الحديث لا يطابق السؤال، و لعلّ في هذا سقطا وقع سهوا من النسّاخ، كما في هامش «الكافي» [1] نقلا عن المجلسي قدّس سرّه، و الصواب ما رواه في «الفقيه» عن ابن صبيح قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام- الى قوله-: ثمّ قال: يا ربّ ارزقني فيقول الربّ: ألم أرزقك، و رجل جلس في بيته و لا يسعى في طلب الرزق و يقول: يا ربّ أرزقني، فيقول اللّه عزّ و جلّ: ألم أجعل لك سبيلا إلى طلب الرزق؟ و رجل له إمرأة تؤذيه فيقول: يا ربّ خلّصني منها فيقول عزّ و جلّ: ألم أجعل أمرها بيدك؟ انتهى.
2- 2) الكافي ج 4/16 ح 1 و [2]عنه الوسائل ج 6/293 ح 1 و [3]عن الفقيه ج 2/69 ح 1747 و مستطرفات السرائر:28 ح 14 نحوه، و في ص 322 ح 1 عنها و عن الخصال:160 ح 208، و أخرجه في البحار ج 93/354 ح 2 [4] عن الخصال و في ج 96/166 ح 6 عن الخصال و مستطرفات السرائر، و في الوسائل ج 4/1158 ح 1 [5]عن الكافي و [6]الخصال و السرائر.
3- 3) المكتل: زنبيل من خوص.

و في نسخة اخرى: و أعطاه، فأدبّه اللّه تبارك و تعالى على القصد فقال: وَ لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ اَلْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً (1). (2)

8-و عنه عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن حديد، عن مرازم، عن مصادف، قال: كنت عند (3)أبي عبد اللّه عليه السلام بين مكّة و المدينة، فمررنا على رجل في أصل شجرة و قد ألقى بنفسه، فقال: مل بنا إلى هذا الرّجل فإنّي أخاف أن يكون قد أصابه عطش، فملنا فإذا رجل من الفراسين (4)طويل الشعر، فسأله أعطشان أنت؟

فقال: نعم.

فقال لي: انزل يا مصادف فاسقه، فنزلت فسقيته، ثمّ ركبت و سرنا فقلت: هذا نصرانيّ تتصدّق على نصراني؟

فقال: نعم إذا كانوا في مثل هذا الحال. (5)

9-و عنه عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حسين بن مختار، عن الوليد بن صبيح، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال صحبته بين مكّة و المدينة فجاء سائل فأمر أن يعطى، ثم جاء آخر فأمر أن يعطى، ثمّ جاء آخر فأمر أن يعطى، ثم جاء الرّابع، فقال أبو عبد اللّه

ص:102


1- 1) الإسراء:29. [1]
2- 2) الكافي 4/55 ح 7 و [2]تقدّم أنّ البحار ج 16/271 ح 90 [3] أخرج ذيله عن الكافي. [4]
3- 3) في المصدر: مع أبي عبد اللّه عليه السلام.
4- 4) الفراسين جمع فرسان لقب قبيلة.
5- 5) الكافي ج 4/57 ح 4 و [5]عنه الوسائل ج 6/285 ح 3. [6]

عليه السلام: يشبعك اللّه، ثمّ إلتفت إلينا فقال: أما عندنا (1)ما نعطيه و لكن نخشى أن نكون كأحد الثلاثة الّذين لا يستجاب لهم دعوة: رجل أعطاه اللّه مالا فأنفقه في غير حقّه، ثم قال: أللهمّ ارزقني فلا يستجاب له، و رجل يدعو على إمرأته أن يريحه منها و قد جعل اللّه عزّ و جلّ أمرها إليه، و رجل يدعو على جاره و قد جعل اللّه عزّ و جلّ له السبيل إلى أن يتحوّل عن جواره و يبيع داره (2).

10-الشيخ في «التهذيب» بإسناده عن أحمد، عن الحسين (3)، عن القاسم بن الحسين (4)، عن الحسين بن عاصم بن يونس، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: كان يتصدّق بالسكر فقيل له أتتصدّق بالسكر؟

فقال: ليس شيء أحبّ إليّ منه، فأنا احبّ أن أتصدق بأحبّ الأشياء إليّ (5).

11-و عنه في «مجالسه» قال: أخبرنا الحسين بن إبراهيم

ص:103


1- 1) في المصدر: أما إنّ عندنا ما نعطيه و لكن أخشى.
2- 2) الكافي ج 2/510 ح 1 [1] تقدم الحديث مع تخريجاته في هذا الباب رقم 6.
3- 3) الظاهر أنّه الحسين بن الحسن بن أبان الذي ذكره الشيخ في أصحاب الحسن العسكري عليه السلام و قال: أدركه و لم نعلم أنّة روى عنه.
4- 4) القاسم بن الحسين: لم أظفر على ترجمة له إلاّ أنّ صاحب «معجم رجال الحديث» قال: روى عن الحسين بن عاصم و روى عنه الحسين-التهذيب ج 4 باب الزيادات من الصيام ح 1036-.
5- 5) التهذيب ج 4/331 ح 104 باب زيادات الصوم و تقدّم عن الكافي ج 4/61 ح 3 بإسناده الى عاصم بن يونس عمّن ذكره عن الصادق عليه السلام الحديث، و عنه البحار ج 47/53 ح 86، و [2]في الوسائل ج 6/330 ح 2 [3] أخرجه عن التهذيب.

القزويني، قال: أخبرنا محمّد بن وهبان قال: حدّثنا أبو عيسى (1)محمّد ابن إسماعيل بن حيّان الورّاق في دكانه بسكة الموالي، قال: حدّثنا أبو جعفر محمّد بن الحسين بن حفص الخثعمي الأسدي، قال: حدّثنا أبو سعيد عبّاد بن يعقوب الأسدي قال: حدّثنا خلاّد أبو علي (2)، عن رجل، قال: كنّا جلوسا عند جعفر عليه السلام فجائه سائل فأعطاه درهما، ثم جاء آخر فأعطاه درهما، ثم جاء آخر فأعطاه درهما ثم جاء الّرابع فقال له: يرزقك ربّك.

ثمّ أقبل علينا فقال: لو أنّ أحدكم كان عنده عشرون ألف درهم و أراد أن يخرجها في هذا الوجه لأخرجها ثمّ بقي ليس عنده شيء كان من الثلاثة الّذين دعوا فلم يستجب لهم دعوة:

رجل آتاه اللّه مالا فمزّقه فلم يحفظه فدعا اللّه أن يرزقه، فقال: ألم أرزقك؟ فلم يستجب له دعوة وردّت عليه دعوته.

و رجل جلس في بيته و سئل اللّه أن يرزقه، قال: أفلم أجعل لك إلى طلب الرزق سبيلا أن تسير في الأرض و تبتغي من فضلي؟ فردّت عليه دعوته.

و رجل دعا على إمرأته فقال: ألم أجعل أمرها في يدك؟ فردّت عليه دعوته (3).

ص:104


1- 1) لم أظفر على ترجمة له.
2- 2) خلاّد مشترك، و خلاّد أبو علي مجهول.
3- 3) أمالي الطوسي ج 2/292 و [1]عنه البحار ج 93/359 ح 19 و [2]الوسائل ج 4/ص 1160. [3]

الباب السابع عشر

في مطعمه و مشربه عليه السلام

1-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن محمّد، عن منصور بن العبّاس، عن سليمان بن رشيد (1)، عن أبيه، عن مفضّل بن عمر، قال: أكلت عند أبي عبد اللّه عليه السلام فأتي بلون فقال: كل من هذا فأمّا انا فما شيء أحب إلي من الثريد، و لوددت الإسفناجات (سفاناجات) حرّمت (2).

2-و عنه عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن معوية بن وهب، عن أبي اسامة زيد الشحّام قال: دخلت على سيّدي أبي عبد اللّه عليه السلام و هو يأكل سكباجا (3)بلحم البقر (4).

3-و عنه، عن عليّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن سعدان بن مسلم، عن اسماعيل بن جابر (5)قال: كنت عند

ص:105


1- 1) سليمان بن رشيد: عدّ من أصحاب الكاظم و الرضا عليهما السلام.
2- 2) الكافي ج 6/317 ح 1 و [1]عنه البحار ج 66/81 ح 9 و [2]الوسائل ج 17/45 ح 4. [3]
3- 3) السكباج (بكسر السين المهملة) : الغذاء الذي فيه لحم و خلّ.
4- 4) الكافي ج 6/318 ح 6 و [4]عنه الوسائل ج 17/47 ح 1 و [5]عن المحاسن ص 403 ح 98، و [6]أخرجه في البحار ج 66/81 ح 7 [7]عن المحاسن. [8]
5- 5) إسماعيل بن جابر الجعف [9]ي الكوفي، ثقة ممدوح. كان م [10]ن أصحاب أبي جعفر الباقر، و أبي [11] عبد اللّه الصادق [12] و أبي الحسن الكاظم عليهم السلام، و له اصول رواها عنه صفوان بن يحيى- خاتمة الوسائل-.

أبي عبد اللّه عليه السلام فدعا بالمائدة فاتي بثريد و لحم، و دعا بزيت و صبّ على اللحم فأكلت معه (1).

4-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن إبن فضّال، عن يونس بن يعقوب، عن عبد الأعلى 2، قال: أكلت مع أبي عبد اللّه عليه السلام يوما فاتي بدجاجة محشوّة خبيصا 3ففككناها و أكلناها 4.

5-و عنه بهذا الإسناد عن إبن فضّال، عن يونس بن يعقوب، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كنّا بالمدينة فأرسل إلينا: إصنعوا لنا فالوذج و أقلّوا، فأرسلنا إليه في قصعة صغيرة 5.

6-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن إبن محبوب، عن يونس بن يعقوب، عن سليمان بن خالد، قال: حضرت

ص:106


1- 1) الكافي ج 6/318 ح 7 و عنه الوسائل ج 17/47 ح 2 و عن المحاسن ص 403 ح 99، و أخرجه في البحار ج 66/81 ح 8 عن المحاسن.

عشاء أبي عبد اللّه عليه السلام في الصيف فأتي بخوان عليه خبز، و أتي بقصعة ثريد و لحم، فقال: هلم الطعام (1)فدنوت، فوضع يده فيه و رفعها، و هو يقول عليه السلام: أستجير باللّه من النار أعوذ باللّه من النار، أعوذ باللّه من النار، هذا ما لا نصبر عليه فكيف النّار، هذا ما لا نقوى عليه فكيف النار؟ ! هذا ما لا نطيقه فكيف النار؟ !

قال: و كان عليه السلام يكرّر ذلك حتى أمكن الطعام فأكل و أكلت معه (2).

7-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إبن أبي عمير عن عبيدة الواسطي (3)، عن عجلان قال تعشيّت مع أبي عبد اللّه عليه السلام بعد عتمة، و كان يتعشّى بعد عتمة فأتي بخلّ و زيت، و لحم بارد، فجعل ينتف اللحم فيطعمنيه، و يأكل هو الخلّ و الزيت، و يدع اللحم فقال: إنّ هذا طعامنا و طعام الأنبياء (4).

8-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن إبن فضّال، عن يونس بن يعقوب، عن عبد الأعلى قال: أكلت مع أبي عبد اللّه عليه السلام فقال: يا جارية إيتينا بطعامنا المعروف فأتي بقصعة فيها

ص:107


1- 1) في المصدر: هلّم إلي هذا الطعام.
2- 2) الكافي ج 6/322 ح 5 و [1]عنه الوسائل ج 16/516 ح 3 و [2]عن الكافي ج 8/164 ح 174 [3]بسند آخر عن يونس، و المحاسن:407 ح 122 و [4]أخرجه في البحار ج 66/403 ح 14 [5]عن المحاسن. [6]
3- 3) عبيدة الواسطي: لم أظفر على ترجمته.
4- 4) الكافي ج 6/328 ح 4. [7]

خلّ و زيت فأكلنا (1).

9-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن خالد بن نجيح (2)، قال: كنت أفطر مع أبي عبد اللّه عليه السلام و مع أبي الحسن الأوّل عليه السلام في شهر رمضان، فكان أوّل ما يؤتى به قصعة من ثريد خلّ و زيت، فكان أوّل ما يتناول منها ثلاث لقم ثم يؤتى بالجفنة (3). (4)

10-و عنه، عن عليّ بن محمّد، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبان (5)بن عبد الملك عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: إنّا لنبدء بالخلّ عندنا كما تبدؤن بالملح عندكم، فإنّ الخلّ ليشدّ العقل (6).

11-و عنه عن عليّ، عن أبيه عن حنان عن أبيه عن أبي عبد اللّه عليه

ص:108


1- 1) الكافي ج 6/328 ح 5 و [1]عنه البحار 47/41 ح 51، و [2]في الوسائل ج 17/63 ح 1 و [3]عن المحاسن:483 ح 522 و [4]أخرجه في البحار ج 66/181 ح 11 [5]عن المحاسن. [6]
2- 2) خالد بن نجيح الجوان مولى كوفّي أبو عبد اللّه، روى عن الصادق و الكاظم عليهما السلام، و عن زرارة بن أعين، و روى عنه ابن أبي عمير، و صفوان بن يحيى، و عثمان بن عيسى، و علي بن الحكم و يحيى بن الحجّاج-معجم رجال الحديث ج 7/35 رقم 4217-. [7]
3- 3) الجفنة (بفتح الجيم و سكون الفاء) : القصعة الكبيرة.
4- 4) الكافي ج 6/327 ح 1 و [8]عنه الوسائل ج 17/63 ح 5 و [9]عن المحاسن:482 ح 519 و [10]أخرجه في البحار ج 66/180 ح 8 [11]عن المحاسن. [12]
5- 5) أبان بن عبد الملك الخثعمي الكوفي الثقفي كان من أصحاب الصادق عليه السلام و روى عنه و عن إسماعيل بن جابر، و بكر الارقط-و روى عنه إبراهيم بن محمّد الأشعري، و أحمد ابن أبي عبد اللّه-و محمّد بن سنان-معجم رجال الحديث ج 1/156-. [13]
6- 6) الكافي ج 6/329 ح 5 و [14]عنه الوسائل ج 17/66 ح 5 و [15]عن المحاسن 485 ح 539 و [16]أخرجه في البحار ج 66/301 ح 2 [17]عن المحاسن و [18]في ص 303 ذيل ح 16 عن مكارم الاخلاق: 190. [19]

السلام قال: ذكر عنده خلّ الخمر (1)فقال: إنّه ليقتل دوابّ البطن و يشدّ الفم (2).

12-و عنه عن عدّة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبي سليمان (3)الحذّاء الجبلي، عن محمّد بن الفيض، قال: تغدّيت مع أبي عبد اللّه عليه السلام و على الخوان بقل و معنا شيخ فجعل يتنكّب الهندباء (4)فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: أمّا أنتم فتزعمون أنّ الهندباء بارد، و ليست كذلك، و لكنّها معتدلة و فضلها على البقول كفضلنا على الناس (5).

13-و عنه، عن الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمّد البصري عن أبي داود المسترقّ، عمنّ حدّثه، قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام فدعا بتمر فأكل و أقبل يشرب عليه الماء.

فقلت له: جعلت فداك لو أمسكت عن الماء.

فقال: إنّما آكل التمر لأستطيب عليه الماء (6).

ص:109


1- 1) خلّ الخمر هو العصير العنب المصفّى الذي يجعل فيه مقدار من الخلّ و يوضع في الشمس حتّى يصير الخمر خلاّ.
2- 2) الكافي ج 6/330 ح 8 و [1]عنه الوسائل ج 17/69 ح 1، و [2]عن المحاسن:487 ح 549 و [3]أخرجه في البحار ج 66/302 ح 10 [4]عن المحاسن. [5]
3- 3) أبو سليمان الحذّاء الجبلي، إبن نوح، عدّه الشيخ في رجاله فيمن لم يرو عنهم عليهم السلام، و له كتاب-معجم الرجال ج 21/178-. [6]
4- 4) الهندباء «بكسر الهاء و سكون النون» بقل يقال بالفارسيّة: الكاسني.
5- 5) الكافي ج 6/363 ح 7 و [7]عنه الوسائل ج 17/141 ح 3 و [8]عن المحاسن:509 ح 670 و [9]أخرجه في البحار ج 66/208 ح 17 [10]عن المحاسن. [11]
6- 6) الكافي ج 6/381 ح 3 و [12]عنه الوسائل ج 17/189 ح 1 و [13]عن المحاسن:581 ح 7 و [14]اخرجه في البحار ج 66/455 ح 35 [15]عن المحاسن. [16]

14-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن إبن فضّال، عن إبن بكير، عن بعض أصحابنا قال: كان أبو عبد اللّه عليه السلام ربّما أطعمنا الفراني (1)و الأخبصة ثمّ يطعم الخلّ (2)و الزيت، فقيل له: لو دبّرت أمرك حتّى تعتدل.

فقال: إنّما نتدبّر بأمر اللّه عزّ و جلّ فإذا وسّع علينا وسّعنا، و إذا قتّر علينا قتّرنا (3).

15-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن أبي سعيد (4)، عن أبي حمزة، قال: كنّا عند أبي عبد اللّه عليه السلام جماعة، فدعا بطعام مالنا عهد بمثله لذاذة و طيبا و أوتينا بتمر ننظر فيه إلى وجوهنا من صفائه و حسنه فقال رجل: لتسألنّ عن هذا النعيم الذي تنعمتم به عند إبن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم؟

فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: إنّ اللّه عزّ و جلّ أكرم و أجلّ من أن يطعمكم طعاما فيسوغّكموه ثمّ يسألكم عنه و لكن يسألكم اللّه عمّا أنعم عليكم بمحمّد و آل محمّد عليهم السلام (5).

ص:110


1- 1) الفراني: غذاء معمول من اللبن و السكر، و الأخبصة حلواه تعمل من التمر و الخبز و الزيت.
2- 2) في المصدر: ثم يطعم الخبز و الزيت.
3- 3) الكافي ج 6/279 ح 1 و [1]عنه البحار ج 47/22 ح 22 و [2]الوسائل ج 16/444 ح 2 و [3]عن المحاسن:400 ح 84 و [4]أخرجه في البحار ج 66/318 ح 12 [5]عن المحاسن. [6]
4- 4) هو أبو سعيد المكاري هاشم بن حيّان، كان من أصحاب الصادق عليه السلام و له كتاب يرويه جماعة-معجم رجال الحديث ج 19/241-. [7]
5- 5) الكافي ج 6/280 ح 3 و [8]عنه البحار ح 47/40 ح 48 و [9]في الوسائل ج 16/445 ح 3 [10] عنه

16-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد اللّه بن المغيرة، عن عمرو بن شمر، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: إنّي لألحس أصابعي من الادم حتّى أخاف أن يراني خادمي فيرى أنّ ذلك من التجشّع (1)و ليس ذلك كذلك، إنّ قوما افرغت عليهم النعمة و هم أهل الثرثار 2فعمدوا إلى مخّ الحنطة فجعلوها خبزا هجاء 3و جعلوا ينجون به صبيانهم حتّى إجتمع من ذلك جبل عظيم.

قال: فمرّ بهم رجل صالح و إذا إمرأة تفعل ذلك بصبي لها، فقال لهم: و يحكم إتقوا اللّه عزّ و جلّ و لا تغيّروا ما بكم من نعمة.

فقالت له: كأنّك تخوّفنا بالجوع؟ أمّا ما دام ثرثارنا يجري فإنّا لا نخاف الجوع.

قال: فأسف 4اللّه عزّ و جلّ و أضعف لهم الثرثار، و حبس عنهم قطر السماء و نبات الأرض قال: فاحتاجوا إلى ذلك الجبل، و إنّه كان

ص:111


1- 1) التجشّع: شدّة الحرص.

يقسّم بينهم بالميزان (1).

17-و عنه عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد ابن علي، عن يونس بن يعقوب، عن أخيه يوسف قال: كنت مع أبي عبد اللّه عليه السلام بالحجر فاستسقى ماء فأتي بقدح من صفر.

فقال رجل: إنّ عبّاد بن (2)كثير يكره الشرب في الصفر.

فقال: لا بأس، و قال عليه السلام للرجل: ألاّ سالته أذهب هو أم فضة (3)؟

18-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر ابن بشير، عن عمرو بن أبي المقدام، قال: رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام قد اتي بقدح من ماء فيه ضبّة (4)من فضّة فرأيته ينزعها بأسنانه (5).

ص:112


1- 1) الكافي ج 6/301 ح 1 و [1]عنه الوسائل ج 16/504 ح 1 و [2]عن المحاسن:586 ح 5 و [3]اخرجه في البحار ج 66/268 ح 3 [4]عن المحاسن. [5]
2- 2) هو عبّاد بن كثير الثقفي البصري العابد المجاور بمكّة المكرّمة، متروك عند الفريقين كما يستفاد من الميزان للذهبي ج 2/371 رقم 4134، و معجم رجال الحديث ج 9/217 رقم 6143، [6] توفّي بمكّة بعد سنة «150» .
3- 3) الكافي ج 6/385 ح 4 و [7]عنه الوسائل ج 2/1084 ح 6 و [8]عن المحاسن:583 ح 68 و [9]الفقيه ج 3/353 ح 4240 و التهذيب ج 9/92 ح 128 و أخرجه في البحار ج 66/531 ح 18 [10]عن المحاسن. [11]
4- 4) الضبّة «بفتح الضاد المعجمة و الباء الموحّدة المفتوحة المشدّدة» : يطلق في الأصل على حديدة عريضة يشعب بها الإناء، و المراد بها هيهنا صفحة رقيقة من الفضّة مستمرّة في القدح من الخشب و نحوها إمّا للزينة أو لجبر كسره-تعليقة الكافي ج 6/267-. [12]
5- 5) الكافي ج 6/267 ح 6 و [13]عنه البحار ج 47/39 ح 43 و [14]في ج 66/530 ح 15، و الوسائل ج 2/1086 ح 6 [15] عنه و عن المحاسن:582 ح 64 و [16]رواه في التهذيب ج 9/91 ح 123.

الباب الثامن عشر

في آداب المائدة من ذكر اللّه تعالى و غير ذلك

1-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم عن ابيه عن ابن ابي عمير، عن أبي إسماعيل البصري (1)عن الفضيل بن يسار، قال: كان عبّاد البصري عند أبي عبد اللّه عليه السلام يأكل فوضع أبو عبد اللّه عليه السلام يده على الأرض، فقال له عبّاد: أصلحك اللّه أما تعلم أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم نهى عن هذا، فرفع يده فأكل، ثمّ أعادها أيضا، فقال له أيضا، فرفعها ثم أكل فأعادها، فقال له عبّاد أيضا.

فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام: لا و اللّه ما نهى رسول اللّه عن هذا قطّ (2).

2-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إبن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي إبن أبي شعبة قال: أخبرني إبن أبي أيوب (3)أنّ أبا عبد اللّه عليه السلام كان يأكل متربّعا قال: و رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام

ص:113


1- 1) الظاهر أنّه ابو اسماعيل حمّاد بن زيد البصري الأزدي، و له كتاب رواه الشيخ باسناده- معجم رجال الحديث ج 21/22-. [1]
2- 2) الكافي ج 6/271 ح 5 و [2]عنه البحار ج 47/360 ح 70، و [3]الوسائل ج 16/415 ح 1. [4]
3- 3) ابن أبي أيّوب: لم أظفر له على ترجمة، أورده في معجم رجال الحديث ج 22 ص 94 رقم 14965 و [5]قال: روى عن الصادق عليه السلام، و روى عنه ابن أبي شعبة الحلبي ثمّ أشار إلى الحديث.

كان يأكل متكئا (1).

3-و عنه عن محمّد بن يحيى، عن محمّد (2)بن الحسين عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن أبي خديجة عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه كان يجلس جلسة العبد، و يضع يده على الأرض، و يأكل بثلاث أصابع، و إنّ رسول اللّه كان يأكل هكذا، ليس كما يفعل الجبّارون لأحدهم (3)ياكل باصبعيه (4).

4-و عنه عن أبي عبد اللّه الأشعري، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن حمّاد بن عثمان، قال: جلس أبو عبد اللّه متورّكا رجله اليمنى على فخذه اليسرى فقال له رجل: جعلت فداك هذه جلسة مكروهة.

فقال: لا إنّما هو شيء قالت اليهود لمّا أن فرغ اللّه عزّ و جلّ من خلق السموات و الأرض و استوى على العرش جلس هذه الجلسة ليستريح فأنزل اللّه عزّ و جلّ: اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ اَلْحَيُّ اَلْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لا

ص:114


1- 1) الكافي ج 6/272 ح 9 و [1]عنه الوسائل ج 16/412 ح 3، و [2]عن التهذيب ج 9/93 ح 136 و المحاسن:485 ح 395، و [3]أخرجه في البحار ج 66/387 ح 11 « [4]عن المحاسن» . [5]
2- 2) في المصدر: محمّد بن الحسن، قال آية اللّه العظمى الخوئي قدّس سرّه في معجم رجال الحديث ج 9 ص 306: [6] كذا في الطبعة القديمة و مرآة العقول، و [7]الوافي أيضا و [8]لكن في الوسائل [9]في موضعين من أبواب آداب المائدة: «محمّد بن الحسين» بدل محمّد بن الحسن، و هو الصحيح بقرينة سائر الروايات. و الظاهر أن المراد به محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب أبو جعفر الزيات الهمداني المتوفى سنة «262» و قد تقدمت ترجمته.
3- 3) في المصدر: أحدهم «بدون اللام» .
4- 4) الكافي ج 6/297 ح 6 [10] تقدّم الحديث في ج 1 مع تخريجاته.

نَوْمٌ (1)و بقي أبو عبد اللّه عليه السلام متورّكا كما هو (2).

5-الحسين بن سعيد، في «الكتاب الزهد» عن إبن أبي عمير، عن حمّاد بن عيسى، قال: رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام يأكل متّكئا، ثمّ ذكر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال: ما أكل متّكئا حتّى مات (3).

6-محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد:

عن إبن فضّال، عن إبن بكير، عن عبيد بن زرارة قال: أكلت مع أبي عبد اللّه عليه السلام طعاما فما احصي كم مرّة قال: ألحمد للّه الذي جعلني أشتهيه (4).

7-و عنه عن أبي علي الأشعري، عن الحسن بن عليّ الكوفي، عن عبيس بن هشام (5)، عن الحسين بن أحمد المنقري (6)، عن يونس بن ظبيان قال: كنت مع أبي عبد اللّه عليه السلام فحضر وقت العشاء

ص:115


1- 1) سورة البقرة:255. [1]
2- 2) الكافي ج 2/661 ح 5 و [2]عنه البحار ج 47/47 ح 2 و [3]الوسائل ج 8/473 ح 3 و [4]أخرجه في البحار ج 75/469 ح 3، و [5]البرهان ج 1/242 ح 14 [6]عن تفسير العياشي ج 1/137 ح 452. [7]
3- 3) الزهد:59 ح 156 و [8]عنه البحار ج 66/388 ح 23 و [9]في الوسائل ج 16/415 ح 10 [10] عنه و عن الفقيه ج 3/354 ح 424 بسند آخر.
4- 4) الكافي ج 6/295 ح 17 و [11]عنه الوسائل ج 16/488 ح 8 و [12]عن المحاسن:437 ح 284 و [13]أخرجه في البحار ج 66/378 ح 38 [14]عن المحاسن. [15]
5- 5) عبيس بن هشام: قال النجاشي: العبّاس بن هشام ابو الفضل الناشري الأسدي ثقة جليل في أصحابنا كثير الرواية كسر اسمه فقيل: عبيس له كتب، مات سنة «220» ه أو قبلها بسنة-معجم رجال الحديث ج 9/249-. [16]
6- 6) الحسين بن أحمد المنقري التميمي أبو عبد اللّه عدّ من أصحاب الباقر و الكاظم عليهما السلام، و روى عن الصادق عليه السلام رواية شاذّة لا تثبت و كان ضعيفا، و له كتاب و وقع في اسناد عدّة من الروايات تبلغ «15» موردا-معجم رجال الحديث ج 5/195-. [17]

فذهبت أقوم، فقال: إجلس يا أبا عبد اللّه فجلست حتى وضع الخوان فسمّى حين وضع، فلمّا فرغ قال: ألحمد للّه هذا منك و من محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (1).

8-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن إبن بكير قال: كنّا عند أبي عبد اللّه عليه السلام فأطعمنا ثمّ رفعنا أيدينا فقلنا: ألحمد للّه.

فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: أللّهم هذا منك و من محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم رسولك أللّهم لك الحمد صلّ على محمّد و آل محمّد (2).

9-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن إسماعيل المدائني (3)، عن عبد اللّه بن بكير، عن رجل قال:

أمر أبو عبد اللّه عليه السلام بلحم فبرّد، ثم أتى به من بعده فقال: ألحمد للّه الذي جعلني أشتهيه، ثمّ قال: النعمة في العافية أفضل من النعمة على القدرة (4).

10-و عنه عن عليّ بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن

ص:116


1- 1) الكافي ج 6/295 ح 21 و [1]عنه الوسائل ج 16/488 ح 8 و [2]عن المحاسن:437 ح 284 و [3]أخرجه في البحار ج 66/378 ح 38 [4]عن المحاسن. [5]
2- 2) الكافي ج 6/296 ح 22 و [6]عنه الوسائل ج 16/488 ح 7 و [7]عن المحاسن:437 ح 281 و [8]أخرجه في البحار ج 66/377 ح 35 [9]عن المحاسن. [10]
3- 3) لم أظفر على ترجمة له.
4- 4) الكافي ج 6/296 ح 24 و [11]عنه الوسائل ج 16/481 ح 7 و [12]في ص 517 ح 7 عن المحاسن: 406 ح 112 و [13]أخرجه في البحار ج 66/59 ح 11 [14]عن المحاسن. [15]

بشير، عن أبان بن عثمان، عن داود بن كثير (1)، قال: تعشّيت عند أبي عبد اللّه عليه السلام عتمة فلمّا فرغ من عشائه حمد اللّه عز و جل و قال: هذا عشائي و عشاء آبائي فلمّا رفع الخوان تقمّم (2)ما سقط منه ثمّ ألقاه إلى فيه (3).

11-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن منصور بن العباس، عن الحسن بن معاوية (4)، عن أبيه، قال: أكلنا عند أبي عبد اللّه عليه السلام فلمّا رفع الخوان لقط ما وقع منه فأكله ثم قال لنا: إنّه ينفي الفقر و يكثر الولد (5).

12-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن بعض أصحابه، عن الأصمّ (6)عن عبد اللّه الأرّجاني، قال: كنت عند

ص:117


1- 1) داود بن كثير الرقي الكوفي من أصحاب الصادق و الكاظم عليهما السلام و عاش إلى زمن الرضا عليه السلام، وثقه الشيخ الطوسي.
2- 2) تقمّم: أكل ما سقط على الخوان.
3- 3) الكافي ج 6/300 ح 2 و [1]عنه الوسائل ج 16/501 ح 2 و [2]عن المحاسن:443 ح 319 و [3]اخرجه في البحار ج 66/428 ح 1 [4]عن المحاسن. [5]
4- 4) الحسن بن معاوية بن وهب: لم أعثر على ترجمته و أمّا و ثاقته فهل تستفاد من كونه من رجال كامل الزيارات الباب «32» [6] في ثواب الباكي على الحسين عليه السلام ح 5، أو لا تستفاد فيه كلام و أما أبوه فهو معاوية بن وهب أبو الحسن البجلي الكوفي روى عن الصادق و الكاظم عليهما السلام و عدّه المفيد في رسالته العددية من الفقهاء و الاعلام الذين لا طريق لأحد الى ذمّ واحد منهم-معجم رجال الحديث ج 18/223-. [7]
5- 5) الكافي ج 6/300 ح 4 و [8]عنه الوسائل ج 16/502 ح 4 و [9]عن المحاسن:444 ح 326 و [10]أخرجه في البحار ج 66/429 ح 8. [11]
6- 6) الأصمّ: وقع بهذا العنوان في اسناد عدّة من الروايات تبلغ واحدا و عشرين موردا، و لا يبعد أن يكون هو عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصمّ البصري كما صرّح به في الكافي الجزء (3) باب زيارة القبور [12] (85) الحديث (10) و هو غير معتمد عند المحققين-معجم رجال [13]

أبي عبد اللّه عليه السلام و هو يأكل 1من آنية فرأيته يتتبّع مثل السمسم من الطعام ما سقط من الخوان فقلت جعلت فداك تتبع هذا؟

فقال يا أبا عبد اللّه هذا رزقك فلا تدعه أما إنّ فيه شفاء من كل داء 2.

13-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن وهب بن عبد ربّه، قال: رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام يتخلّل فنظرت إليه فقال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان يتخلّل و هو يطيب الفم. 3

ص:118

الباب التاسع عشر

في اكرامه الضيف

1-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إبن أبي عمير، عن هشام بن سالم، قال: دخلنا مع إبن أبي يعفور على أبي عبد اللّه عليه السلام و نحن جماعة فدعا بالغداء فتغدّينا و تغدّى معنا و كنت أحدث القوم سنّا فجعلت أقصر و أنا آكل، فقال لي: كل أما علمت أنّه تعرف مودّة الرجل لأخيه بأكله من طعامه. (1)

2-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عمر بن عبد العزيز، عن رجل، عن عبد الرحمان بن الحجّاج، قال: أكلنا مع أبي عبد اللّه عليه السلام فاوتينا بقصعة من أرزّ فجعلنا نعذر (2)فقال عليه السلام: ما صنعتم شيئا، إنّ أشدّكم حبّا لنا أحسنكم أكلا عندنا.

قال عبد الرحمان: فرفعت كسحة المائدة (3)فأكلت.

ص:119


1- 1) الكافي ج 6/278 ح 1 و [1]عنه الوسائل ج 16/436 ح 1 و [2]عن المحاسن:413 ح 160 و [3]أخرجه في البحار ج 75/449 ح 6 [4]عن المحاسن. [5]
2- 2) نعذر: أن نقصر و لم نبالغ في الأكل.
3- 3) في اكثر النسخ: «كسحة المائدة» أي أخذت ما يكسح و يسقط من المائدة، و في بعضها: «كشحة» بالشين المعجمة، أي رفعت جانبا منها بسرعة الأكل-و في المحاسن ص 414 [6] في رواية اخرى عن ابن الحجّاج: «فرفعت كشحه ما به فأكلت» و في بعض النسخ: «كصيحة المائدة» اي كالعذاب النازل عليها، فيكون مفعول «رفعت» محذوفا للتضخيم و التكثير- تعليق الكافي ج 6/278-. [7]

فقال: نعم الان ثمّ أنشأ يحدّثنا أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم اهدي إليه قصعة أرزّ من ناحية الأنصار فدعا سلمان و المقداد و ابا ذرّ رحمة اللّه عليهم (1)فجعلوا يعذرون في الأكل فقال لهم: ما صنعتم شيئا، أشدّكم حبّا لنا أحسنكم اكلا عندنا فجعلوا يأكلون أكلا جيّدا.

ثمّ قال أبو عبد اللّه عليه السلام: رحمهم اللّه و رضي اللّه عنهم و صلّى عليهم. (2)

3-و عنه عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن يونس بن يعقوب، عن عيسى بن أبي منصور (3)، قال:

أكلت عند أبي عبد اللّه عليه السلام فجعل يلقي بين يديّ الشواء ثمّ قال:

يا عيسى إنّه يقال: إعتبر حبّ الرجل بأكله من طعام أخيه. (4)

4-و عنه، عن عليّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن عدّة من أصحابنا عن يونس بن يعقوب، عن عبد اللّه بن سليمان الصيرفي (5)قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام فقدّم إلينا طعاما فيه شواء و أشياء بعده، ثمّ جاء بقصعة فيها أرزّفأ فأكلت معه، فقال: كل.

ص:120


1- 1) في المصدر: رضي اللّه عنهم.
2- 2) الكافي ج 6/278 ح 2 و [1]قد تقدّم في ج 1 من الكتاب مع تخريجات له.
3- 3) عيسى بن أبي منصور مولى كوفي كان من أصحاب الصادق عليه السلام و عدّه المفيد في رسالته العدديّة من الفقهاء الأعلام الذين لا يطعن عليهم و لا طريق لذمّ واحد منهم-معجم رجال الحديث ج 13/176-. [2]
4- 4) الكافي ج 6/278 ح 3 و [3]عنه الوسائل ج 16/436 ح 2، و [4]عن المحاسن:413 ح 157 و [5]أخرجه في البحار ج 75/449 ح 3 [6]عن المحاسن. [7]
5- 5) عبد اللّه بن سليمان الصيرفي مولى كوفي روى عن الصادق عليه السلام و له أصل رواه- معجم الرجال 10/201-. [8]

قلت: قد أكلت.

قال: كل فإنّه يعتبر حبّ الرجل لأخيه بانبساطه في طعامه، ثمّ حاز لي حوزا (1)بأصبعه من القصعة فقال لي: لتأكلنّ ذا بعد ما قد أكلت، فأكلته. (2)

5-و عنه، عن عدّة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميرة، عن أبي المغرا العجلي، قال:

حدّثني عنبسة بن مصعب، قال: أتينا أبا عبد اللّه عليه السلام و هو يريد الخروج إلى مكة فأمر بسفرة فوضعت بين أيدينا فقال: كلوا فأكلنا.

فقال: أثبتّم أثبتّم (3)إنّه كان يقال: إعتبر حبّ القوم بأكلهم، قال:

فأكلنا و قد ذهبت الحشمة. (4)

6-و عنه، عن الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن ابن علي، عن يونس، عن أبي الربيع، قال: دعا أبو عبد اللّه عليه السلام بطعام فأتي بهريسة، و قال لنا: ادنوا فكلوا.

قال: فأقبل القوم يقصرون، فقال عليه السلام: كلوا فإنّما يتبين مودّة الرّجل لأخيه في أكله.

ص:121


1- 1) حاز حوزا: جمع جمعا.
2- 2) الكافي ج 6/279 ح 4 و [1]عنه البحار ج 47/40 ح 46 و [2]في ج 75/449 ح 4 اخرجه عن المحاسن و [3]في الوسائل ج 16/437 ح 5 [4] عنه و عن المحاسن:413 ح 158. [5]
3- 3) أي أثبتّم حبّكم إيّاي بأكلكم عندي كما أحببت.
4- 4) الكافي ج 6/279 ح 5 و [6]عنه الوسائل ج 16/437 ح 4 و [7]عن المحاسن:413 ح 161، و [8]أخرجه البحار ج 75/449 ح 7 [9]عن المحاسن. [10]

قال: فأقبلنا نغصّ أنفسنا (1)كما تغصّ الإبل. (2)

7-و عنه عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن موسى (3)، عن ذبيان بن حكيم (4)، عن موسى النميري (5)، عن ابن أبي يعفور قال: رأيت عند أبي عبد اللّه عليه السلام ضيفا و قام يوما في بعض الحوائج، فنهاه عن ذلك و قام بنفسه إلى تلك الحاجة و قال: نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن أن يستخدم الضيف (6).

ص:122


1- 1) من غصصت بالماء إذا شرقت به أو وقف في حلقومك، و في المحاسن: « [1]تضفز أنفسنا كما تضفز الإبل» بالضاد المعجمة و الفاء و الزاي، و هو الأظهر قال في النهاية: ظفزت البعير إذا علّفته الضفاز و هي اللقم الكبار.
2- 2) الكافي ج 6/279 ح 6 و [2]عنه البحار ج 47/40 ح 37 و [3]في الوسائل ج 16/437 ح 6 [4] عنه و عن المحاسن:413 ح 162 و [5]اخرجه في البحار ج 75/450 ح 8 [6]عن المحاسن. [7]
3- 3) في المصدر: أحمد بن موسى، و لم أظفر على ترجمة له، أورده في المعجم و قال: روى عن ذبيان بن حكيم، و علي بن جعفر، و روى عنه احمد بن أبي عبد اللّه و محمد بن يحيى- معجم الرجال ج 2/343-.
4- 4) ذبيان بن حكيم الأودي «الازدي» يستفاد من كلام النجاشي في ترجمة أحمد بن يحيى بن حكيم أنّ ذبيان كان من المعاريف المشهورين-معجم رجال الحديث ج 7/149-. [8]
5- 5) هو موسى بن أكيل النميري الكوفي وثّقه النجاشي و قال: روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام، له كتاب يرويه جماعة.
6- 6) الكافي ج 6/283 ح 1 و [9]عنه البحار ج 47/41 ح 49 و [10]الوسائل ج 16/457 ح 1. [11]

الباب العشرون

في عمله عليه السلام بيده و تعرضه للرزق

و حسن تقدير المعيشة

1-محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن إبن سنان، عن إسماعيل بن جابر، قال: أتيت أبا عبد اللّه عليه السلام فإذا هو في حائط له بيده مسحاة و هو يفتح بها الماء، و عليه قميص شبه الكرابيس كأنّه مخيط عليه من ضيقه. (1)

2-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط، عن محمّد بن عذافر (2)، عن أبيه قال (3): أعطى أبو عبد اللّه عليه السلام أبي ألفا و سبعمائة دينار، فقال له: إتّجر بها، ثمّ قال: أما إنّه ليس لي رغبة في ربحها و إن كان الربح مرغوب فيه، و لكنّي أحببت أن يراني اللّه عزّ و جلّ متعرّضا لفوائده.

قال: فربحت له فيها مأة دينار، ثمّ لقيته فقلت له: قد ربحت لك فيها مأة دينار.

ص:123


1- 1) الكافي ج 5/76 ح 11 و [1]عنه البحار ج 47/56 ح 99 و [2]الوسائل ج 12/23 ح 9. [3]
2- 2) محمد بن عذافر بن ميثم الخزاعي الصيرفي الكوفي مولى من أصحاب الصادق و الكاظم عليهما السلام وثّقه الشيخ و قال له كتاب-معجم رجال الحديث ج 16/280-. [4]
3- 3) الضمير في «قال» راجع الى إبن عذافر.

قال: ففرح أبو عبد اللّه عليه السلام بذلك فرحا شديدا ثم قال لي:

أثبتها في رأس مالي.

قال: فمات أبي و المال عنده، فأرسل إلي أبو عبد اللّه عليه السلام فكتب: عافانا اللّه و إيّاك إنّ لي عند أبي محمّد ألفا و ثمانمأة دينار أعطيته يتّجر بها فادفعها إلى عمر بن يزيد.

قال: فنظرت في كتاب أبي فإذا فيه لأبي عبد اللّه (1)عندي ألف و سبعمأة دينار و أتّجر له فيها مأة دينار، و عبد اللّه بن سنان، و عمر بن يزيد يعرفانه. (2)

3-و عنه عن عدّة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، قال: حدّثني جميل بن صالح، عن أبي عمرو الشيباني (3)قال: رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام و بيده مسحاة و عليه إزار غليظ يعمل في حائط له و العرق يتصابّ عن ظهره، فقلت: جعلت فداك أعطني أكفك.

فقال لي: إنّي احبّ أن يتاذّى الرّجل بحرّ الشمس في طلب المعيشة. (4)

ص:124


1- 1) في المصدر: «فإذا فيه لأبي موسى» و في تعليقة الكافي: [1] يعني به أبا عبد اللّه عليه السلام فإنّ إبنه موسى عليه السلام، و لعلّه كتب هذا تقيّة.
2- 2) الكافي ج 5/76 ح 12 و [2]عنه البحار ج 47/56 ح 100 و [3]في الوسائل ج 12/26 ح 1 [4] عنه و عن التهذيب ج 6/326 ح 19.
3- 3) لم أعثر على ترجمته، قال في «المعجم» : أبو عمرو «أبو عمر» الشيباني: روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام و روى عنه جميل بن صالح، الكافي ج 5 كتاب المعيشة 2 باب ما يجب من الإقتداء بالائمّة عليهم السلام 4 [5] ح 13.
4- 4) الكافي ج 5/76 ح 13 و [6]عنه البحار ج 47/57 ح 101، و [7]الوسائل ج 12/23 ح 7. [8]

4-و عنه عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: إنّي لأعمل في بعض ضياعي حتى أعرق، و إنّ لي من يكفيني ليعلم اللّه جلّ و عزّ أني أطلب الرزق الحلال. (1)

5-و عنه، عن عليّ بن محمّد، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن عذافر، عن أبيه قال: دفع إليّ أبو عبد اللّه عليه السلام سبعمأة دينار و قال: يا عذافر إصرفها في شيء أما ما بي شره (2)و لكنّي أحببت أن يراني اللّه عزّ و جلّ متعرّضا لفوائده.

قال عذافر: فربحت فيها مأة دينار، فقلت له في الطواف (3):

جعلت فداك قد رزق اللّه جلّ و عزّ فيها مأة دينار.

فقال: أثبتها في رأس مالي. (4)

6-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن إبن فضّال، عن داود بن سرحان (5)، قال: رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام يكيل تمرا بيده، فقلت: جعلت فداك لو أمرت بعض ولدك أو بعض مواليك فيكفيك.

ص:125


1- 1) الكافي ج 5/77 ح 15 و [1]عنه الوسائل ج 12/23 ح 8. [2]
2- 2) في المصدر: «أمّا على ذاك ما بي شره» و الشره: الحرص.
3- 3) في بعض النسخ: «في الطريق» .
4- 4) الكافي ج 5/77 ح 16 و [3]عنه الوسائل ج 12/26 ح 2 و [4]عن الفقيه ج 3/158 ح 3581.
5- 5) داود بن سرحان العطّار، كوفي ثقة، روى عن الصادق و الكاظم عليهما السلام، و له كتاب- معجم رجال الحديث 7/105-. [5]

فقال: يا داود إنّه لا يصلح المرء المسلم إلاّ ثلاثة التفقّه (1)في الدين، و الصبر على النائبة، و حسن التقدير في المعيشة. (2)

7-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن إبن فضّال، عن الحسن بن الجهم، قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: إنّ الإنسان إذا أدخل طعام سنته خفّ ظهره و إستراح، و كان أبو جعفر و أبو عبد اللّه عليهما السلام لا يشتريان عقدة (3)حتّى يحرزا طعام سنتهما. (4)

8-و عنه عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن معمّر بن خلاّد قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: إنّ رجلا أتى جعفرا عليه السلام شبيها بالمستنصح له، فقال له: يا أبا عبد اللّه كيف صرت إتّخذت الأموال قطعا متفرّقة؟ و لو كانت في موضع واحد كان أيسر لمؤنتها و أعظم لمنفعتها.

فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: إتّخذتها متفرّقة فإذا أصاب هذا المال شيء سلم هذا المال، و الصرّة تجمع هذا كلّه. (5)

9-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إبن أبي عمير، عن

ص:126


1- 1) قال في الوافي: [1] التفقّه في الدين هو تحصيل البصيرة في العلوم الدينيّة، و النائبة: المصيبة، و تقدير المعيشة: تعديلها بحيث لا يميل إلى طرفي الإسراف و التقتير بل يكون قواما كما قال اللّه عزّ و جلّ.
2- 2) الكافي ج 5/87 ح 4 و [2]عنه البحار ج 47/57 ح 103، و [3]في الوسائل ج 12/41 ح 5 [4] عنه و عن الفقيه ج 3/166 ح 3618.
3- 3) العقدة «بضم العين المهملة» : الضيعة و العقار الذي إعتقده صاحبه ملكا-القاموس-.
4- 4) الكافي ج 5/89 ح 1 و [5]عنه الوسائل ج 12/320 ح 2. [6]
5- 5) الكافي ج 5/91 ح 1 و [7]عنه الوسائل ج 12/44 ح 2. [8]

حفص بن البختري قال: إستقرض قهرمان (1)لأبي عبد اللّه عليه السلام من رجل طعاما لأبي عبد اللّه عليه السلام فألحّ في التقاضي، فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام: ألم أنهك أن تستقرض لي ممّن لم يكن له فكان. (2)

10-و عنه عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن حمّاد بن عثمان، قال: أصاب أهل المدينة غلاء و قحط حتى أقبل الرجل الموسر يخلط الحنطة بالشعير و يأكله، و يشتري ببعض الطعام و كان عند أبي عبد اللّه عليه السلام طعام جيّد قد اشتراه أوّل السنة، فقال لبعض مواليه: إشتر لنا شعيرا فاخلطه بهذا الطعام أو بعه فإنّا نكره أن نأكل جيّدا و يأكل الناس رديّا. (3)

11-و عنه عن محمد بن يحيى، عن عليّ بن إسماعيل، عن عليّ بن الحكم عن جهم بن أبي جهم (4)عن معتّب، قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام و قد يزيد السعر بالمدينة: كم عندنا من طعام؟

قال: قلت: عندنا ما يكفينا أشهرا كثيرة.

قال: أخرجه و بعه.

قال: قلت له: و ليس بالمدينة طعام.

ص:127


1- 1) في النهاية: كتب الى قهرمانه، هو كالخازن و الوكيل بما تحت يده و القائم بامور الرجل بلغة الفرس.
2- 2) الكافي ج 5/158 ح 4 و [1]عنه الوسائل ج 12/306 ح 2 و [2]في ص 48 ح 3 عنه و عن التهذيب ج 7/10 ح 39.
3- 3) الكافي ج 5/166 ح 1 و [3]عنه الوسائل ج 12/321 ح 1، و [4]عن التهذيب ج 7/160 ح 14.
4- 4) جهم بن أبي جهم، أو جهيم بن أبي جهم الكوفي كان من أصحاب الكاظم عليه السلام كما في رجالي الشيخ و البرقي، و يقال له أيضا جهم بن أبي جهمة-معجم رجال الحديث ج 4/ 179-. [5]

قال: بعه، فلمّا بعته قال: إشتر مع الناس يوما بيوم، و قال: يا معتّب إجعل قوت نصفا شعيرا و نصفا حنطة فإنّ اللّه عزّ و جلّ يعلم أنّي واجد أن اطعمهم الحنطة على وجهها، و لكنّي احبّ أن يراني اللّه جلّ إسمه قد أحسنت تقدير المعيشة. (1)

12-و عنه، عن أبي علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن أحمد بن النضر، عن أبي جعفر الفزاري (2)، قال: دعا أبو عبد اللّه عليه السلام مولى له يقال له: مصادف فأعطاه ألف دينار فقال له: تجهّز حتى تخرج إلى مصر فإنّ عيالي قد كثروا.

قال: فتجهّز بمتاع، و خرج مع التجّار إلى مصر فلمّا دنوا من مصر إستقبلتهم قافلة خارجة من مصر، فسألوهم عن المتاع الذي معهم ما حاله في المدينة و كان متاع (3)العامّة فأخبروهم أنّه ليس بمصر منه شيء فتحالفوا و تعاقدوا على أن لا ينقصوا متاعهم من ربح الدينار دينارا، فلمّا قبضوا أموالهم و إنصرفوا إلى المدينة دخل مصادف على أبي عبد اللّه عليه السلام و معه كيسان في كلّ واحد ألف دينار فقال:

ص:128


1- 1) الكافي ج 5/166 ح 2 و [1]عنه البحار ج 47/59 ح 112 و [2]في الوسائل ج 12/321 ح 2 [3] عنه و عن التهذيب ج 7/161 ح 15.
2- 2) أبو جعفر الفزاري، لم أظفر على ترجمة له، أورده في معجم رجال الحديث في ص 94 من ج 21 تحت رقم 14035 و قال: روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام و روى عنه أحمد بن النضر.
3- 3) «متاع العامّة» أي الذي يحتاج إليه عامّة الناس، قال في الدروس: يكره اليمين على البيع، و روى كراهة الربح المأخوذ باليمين، و ظاهر الرواية أنّه ليس الكراهة للحلف بل لاتّفاقهم على أن يبيعوا متاعا يحتاج إليه عامّة الناس باغلاء الثمن و هو من قبيل مبايعة المضطرّين التي كرهها الأصحاب «آت» -تعليق الكافي [4]ذيل الحديث-.

جعلت فداك هذا رأس المال و هذا الآخر الربح.

فقال: إنّ هذا الرّبح كثير و لكن ما صنعتم في المتاع؟ فحدّثه كيف صنعوا و كيف تحالفوا.

فقال: سبحان اللّه تحلفون على قوم مسلمين ألاّ تبيعوهم إلاّ بربح الدينار دينارا؟ ! ثم أخذ أحد الكيسين فقال: هذا رأس مالي و لا حاجة لنا في هذا الربح، ثمّ قال: يا مصادف مجالدة السيوف أهون من طلب الحلال. (1)

ص:129


1- 1) الكافي ج 5/161 ح 1 و [1]عنه البحار ج 47/59 ح 111 و [2]في الوسائل ج 12/311 ح 1 و [3]عنه و عن التهذيب ج 7/13 ح 58.

ص:130

الباب الحادي و العشرون

في لباسه

1-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، قال: دخل سفيان الثّوري على أبي عبد اللّه عليه السلام فرأى عليه ثياب بيض كانها غرقىء (1)البيض فقال له: إنّ هذا اللّباس ليس من لباسك.

فقال له: إسمع منّي وع ما أقول لك، فإنّه خير لك عاجلا و آجلا إن أنت متّ على السنّة و الحق، و لم تمت على بدعة (2)، اخبرك أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان في زمان مقفر جدب (3)، فأمّا إذا أقبلت الدنيا فأحقّ أهلها بها (4)أبرارها لا فجّارها و مؤمنوها لا فسّاقها (5)و مسلموها لا كفّارها، فما أنكرت يا ثوريّ فوا اللّه إنّني لمع ما ترى ما أتي عليّ منذ عقلت صباح و لا مساء و للّه في مالي حقّ أمرني أن أضعه

ص:131


1- 1) الغرقىء «بكسر الغين المعجمة و القاف بينهما الراء كزبرج» : القشرة الملتزمة ببياض البيض، قال الفرّاء: همزته زائدة-الصحاح-.
2- 2) أي انتفاعك بما أقول آجلا إنّما يكون إذا تركت البدع.
3- 3) القفر: خلو الأرض من الماء، و الجدب: إنقطاع المطر.
4- 4) في الوسائل: « [1]فأحقّ الناس بها» .
5- 5) في المصدر: «و مؤمنوها لا منافقوها» .

موضعا إلاّ وضعته. (1)

2-و عنه عن عليّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن عليّ (2)رفعه قال: مرّ سفيان الثوري في المسجد الحرام فرأى أبا عبد اللّه عليه السلام و عليه ثياب كثيرة القيمة حسان، فقال: و اللّه لآتينّه و لأوبخنّه فدنا منه فقال: يا بن رسول اللّه ما لبس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مثل هذا اللباس و لا عليّ عليه السلام و لا أحد من آبائك.

فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام: كان رسول اللّه في زمان قتر مقتر (3)، و كان يأخذ لقتره و إقتاره و إن الدّنيا بعد ذلك أرخت عزاليها (4)فأحق أهلها أبرارها ثم تلا قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اَللّهِ اَلَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ اَلطَّيِّباتِ مِنَ اَلرِّزْقِ (5)فنحن أحقّ من أخذ منها ما أعطاه اللّه غير أني يا ثوري ما ترى عليّ من ثوب إنّما ألبسه للناس.

ثمّ إجتذب بيد سفيان فجرّها إليه، ثم رفع الثوب الأعلى و أخرج ثوبا تحت ذلك على جلده غليظا فقال: هذا ألبسه لنفسي و ما رأيته للناس ثمّ جذب ثوبا على سفيان أعلاه غليظ خشن، و داخل ذلك ثوب

ص:132


1- 1) الكافي ج 5/65 ح 1 و [1]عنه البحار ج 47/232 ح 22 و [2]الوسائل ج 3/349 ح 10. [3]
2- 2) هو مشترك بين محمّد بن علي الصيرفي، و محمّد بن علي الكوفي، و محمّد بن عليّ الهمداني، و محمّد بن علي بن يوسف، روى البرقي أحمد بن عبد اللّه عن كلّهم، فالرجل مجهول.
3- 3) قتّر على عياله تقتيرا: ضيّق عليهم في المعاش.
4- 4) العزالي (بفتح العين المهملة و فتح اللام و كسرها) جمع العزلاه كحمراء: مصبّ الماء من القربة، يقال: انزلت السماء عزاليتها إشارة الى شدّة وقع المطر.
5- 5) الأعراف:31. [4]

ليّن فقال: لبست هذا الأعلى للناس و لبست هذا لنفسك تسرّها. (1)

3-و عنه عن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشاء، عن عبد اللّه بن سنان، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: بينا أنا في الطواف فإذا برجل يجذب ثوبي و اذا هو عبّاد بن كثير البصري، فقال:

يا جعفر بن محمّد تلبس مثل هذه الثياب؟ و أنت في هذا الموضع مع المكان الذي أنت فيه من عليّ عليه السلام؟ !

فقلت ثوب فرقبيّ (2)إشتريته بدينار، و كان عليّ عليه السلام في زمان يستقيم له ما لبس فيه، و لو لبست مثل ذلك اللباس في زماننا لقال الناس: هذا مراء مثل عبّاد. (3)

4-و عنه عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن ابن القدّاح قال: كان أبو عبد اللّه عليه السلام متّكئا عليّ أو قال على أبي فلقيه عبّاد بن كثير البصري، و عليه ثياب مرويّة حسان (4)فقال: يا أبا عبد اللّه إنّك من أهل بيت النبوّة، و كان أبوك و كان (5)فما هذه الثياب المرويّة عليك؟ فلو لبست دون هذه الثياب؟

فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام: ويلك يا عباد مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اَللّهِ

ص:133


1- 1) الكافي ج 6/442 ح 8 و [1]عنه البحار ج 47/360 ح 71 و [2]الوسائل ج 3/350 ح 1. [3]
2- 2) الفرقب «بالراء بين الفاء و القاف المضمومتين» موضع قرب مصر و أصله فرقوب مع الواو، ينسب اليه ثوب أبيض من كتّان.
3- 3) الكافي ج 6/443 ح 9 و [4]عنه البحار ج 47/361 ح 72 و [5]الوسائل ج 3/347 ح 3 و [6]عن رجال الكشي:391 ح 736 و أخرجه في البحار ج 79/308 [7]عن مكارم الاخلاق:97 و [8]في ص 315 ح 28 رواه عن الكشي.
4- 4) المرو: إسم مدينة بخراسان و النسبة اليها مروزي، و الثوب المروي على طبق القياس.
5- 5) أي و كان أبوك كذا و كذا من الورع و التقوى و القناعة و الزهد.

اَلَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ اَلطَّيِّباتِ مِنَ اَلرِّزْقِ (1)ان اللّه عزّ و جلّ إذا أنعم على عبد نعمة أحبّ أن يراها عليه، ليس بها بأس ويلك يا عبّاد إنما أنا بضعة من رسول اللّه فلا تؤذني، و كان عبّاد يلبس ثوبين قطريين (2). (3)

5-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى، عن حمّاد بن عثمان قال كنت حاضرا عند أبي عبد اللّه عليه السلام إذ قال له رجل: أصلحك اللّه ذكرت أنّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام كان يلبس الخشن، يلبس القميص بأربعة دراهم و ما أشبه ذلك و نرى عليك اللباس الجيّد؟ قال: فقال له: إنّ علي بن أبي طالب كان يلبس ذلك في زمان لا ينكر، و لو لبس مثل ذلك اليوم لشهر به، فخير لباس كلّ زمان لباس أهله غير أنّ قائمنا عليه السلام إذا قام لبس لباس عليّ عليه السلام و سار بسيرته (4).

6-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن بعض أصحابه، عن صفوان الجمّال، قال: حملت أبا عبد اللّه عليه السلام الحملة الثانية إلى الكوفة و أبو جعفر المنصور بها، فلمّا أشرف على الهاشميّة (5)مدينة أبي جعفر، أخرج رجله من غرز الرجل (6)ثمّ

ص:134


1- 1) الأعراف:31. [1]
2- 2) ثوب قطري: ضرب من البرود فيه حمرة و لها أعلام فيه بعض الخشونة.
3- 3) الكافي ج 6/443 ح 13 و [2]عنه البحار ج 47/361 ح 73 و [3]الوسائل ج 3/347 ح 4. [4]
4- 4) الكافي ج 6/444 ح 15 و [5]عنه الوسائل ج 2/347 ح 7، و [6]قد تقدّم الحديث مع تخريجاته.
5- 5) الهاشميّة: بلد بالكوفة للسفّاح.
6- 6) الغرز: ركاب من خشب او جلد.

نزل و دعا ببغلة شهباء، و لبس ثياب بيض و كمة (1)بيضاء، فلمّا دخل عليه قال له أبو جعفر: لقد تشبّهت بالأنبياء؟ فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: و أنّى تبعدني من أبناء الأنبياء؟

قال: لقد هممت أن أبعث إلى المدينة من يعقر نخلها و يسبي ذريّتها فقال: و لم ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال: رفع إليّ أنّ مولاك المعلّى يدعو إليك و يجمع لك الأموال فقال: و اللّه ما كان، فقال: لست أرضى منك إلاّ بالطلاق و العتاق و الهدي و المشي، فقال عليه السلام أبا لأنداد من دون اللّه تأمرني أن أحلف؟ إنّه من لم يرض باللّه فليس من اللّه في شيء، فقال: أتتفقّه عليّ؟ فقال: و أنّي تبعدني من الفقة، و أنا إبن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: فإنّي أجمع بينك و بين من سعى بك، قال: فافعل فجاء الرّجل الذي سعى به، فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام: يا هذا فقال: نعم و اللّه الّذي لا إله إلاّ هو عالم الغيب و الشّهادة الرّحمن الرّحيم لقد فعلت، فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام: ويلك تمجّد اللّه فيستحيي من تعذيبك، و لكن قل: برئت من حول اللّه و قوّته و ألجأت إلى حولي و قوّتي، فحلف بها الرّجل فلم يستتمّها حتى وقع ميّتا، فقال له أبو جعفر: لا اصدّق بعدها عليك أبدا و أحسن جايزته وردّه. (2)

7-و عنه عن أبي عليّ الأشعري، عن بعض أصحابه، عن محمّد بن

ص:135


1- 1) الكمّة «بضمّ الكاف» : القلنسوة المدوّرة-النهاية-.
2- 2) الكافي ج 6/445 ح 3 و [1]عنه البحار ج 47/203 ح 44 و [2]صدره في الوسائل ج 3/355 ح 2 و [3]ذيله في ج 16/167 ح 1.

سنان، عن حذيفة بن منصور (1)، قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام بالحيرة، فأتاه رسول أبي جعفر الخليفة يدعوه فدعا بممطر (2)أحد وجهيه أسود و الآخر أبيض فلبسه ثمّ قال أبو عبد اللّه عليه السلام: أما إنّي ألبسه، و أنا أعلم أنّه لباس أهل النار (3). (4)

8-و عنه عن أبي عليّ الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن إبن فضّال، عن محمّد بن الحسين بن كثير الخزّاز (5)، عن أبيه قال: رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام و عليه قميص غليظ خشن تحت ثيابه، و فوقها جبّة صوف، و فوقها قميص غليظ، فمسستها فقلت: جعلت فداك إنّ الناس يكرهون لباس الصوف؟ فقال: كلاّ كان أبي محمّد بن علي عليهما السلام يلبسها، و كان عليّ بن الحسين عليهما السلام يلبسها، و كانوا يلبسون أغلظ ثيابهم إذا قاموا إلى الصلوة، و نحن نفعل ذلك. (6)

9-و عنه عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن

ص:136


1- 1) حذيفة بن منصور بن كثير بن سلمة أبو محمّد الكوفي روى عن الباقر و الصادق و الكاظم عليهم السلام و له كتاب، و ثقه المفيد و النجاشي و ابن قولويه-معجم رجال الحديث ج 4/ 242-. [1]
2- 2) الممطر بكسر الميم الاولى: ما يلبس في المطر يتوقّى به و تسمّيه العامّة المسمّع.
3- 3) قال الفيض رحمه اللّه: إنّما كان من لباس أهل النار لسواده و لبسه عليه السلام للتّقية، لأنّ آل عبّاس كانوا يلبسون السواد و لا يعجبهم إلاّ ذلك.
4- 4) الكافي ج 6/449 ح 2 و [2]عنه البحار ج 47/45 ح 16، و [3]في الوسائل ج 3/279 ح 8 و [4]عن الفقيه ج 1/252 ح 771 و علل الشرايع ص 347 ح 4. [5]
5- 5) محمّد بن الحسين بن كثير الخزّاز، روى عن الصادق عليه السلام و عن أبيه و هارون بن خارجة، و روى عنه أبان الأحمر، و ابن فضّال الحسن بن علي-معجم رجال الحديث ج 16 /17 رقم 10579-. [6]
6- 6) الكافي ج 6/450 ح 4 و [7]عنه البحار ج 47/42 ح 55 و [8]ج 83/175 و الوسائل ج 3/330 ح 1. [9]

عيسى، عن حفص بن عمرو أبي محمّد مؤذّن عليّ بن يقطين، قال رأيت على أبي عبد اللّه عليه السلام و هو يصلّي في الروضة جبة خزّ سفر جلية. (1)

10-و عنه عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن يعقوب عن عبد اللّه بن يعقوب، عن عبد اللّه بن هلال (2)قال: أمرني أبو عبد اللّه عليه السلام أن أشتري له إزارا فقلت له:

إنّي لست اصيب إلاّ واسعا قال: إقطع منه و كفّه (3)قال: ثم قال: إن أبي قال: و ما جاوز الكعبين ففي النار. (4)

11-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه عن محمّد بن سنان، عن حذيفة بن منصور، قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام فدعا بأثواب فذرع منها فعمد إلى خمسة أذرع فقطعها ثم شبّر عرضها ستة أشبار ثم شقّه و قال: شدّوا صنفته (5)و هدّبوا طرفيه. 6

ص:137


1- 1) الكافي ج 6/452 ح 10 و [1]عنه الوسائل ج 3/265 ح 11 و [2]عن قرب الإسناد:8. [3]
2- 2) عبد اللّه بن هلال: مشترك بين رجلين: أحدهما ابن جابان (خاقان) الاسدي مولاهم الكوفي، و الآخر عربيّ كوفي و كلاهما من اصحاب الصادق عليه السلام-معجم رجال الحديث ج 10/372-. [4]
3- 3) كفّ الثوب: خاط حاشيته، و هو الخياطة الثانية بعد الشلّ.
4- 4) الكافي ج 6/456 ح 3 و [5]عنه الوسائل ج 3/367 ح 5. [6]
5- 5) الصنفة (بكسر الصاد المهملة و سكون النون او فتح الصاد و كسر النون) : الجانب و الحاشية، و [7]في المصدر: ضفّته و هي بفتح الضاد المعجمة و كسرها: الجانب للنهر، و ساحل البحر.

12-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن محمّد بن عليّ عن رجل عن سلمة 1بيّاع القلانس، قال: كنت عند أبي جعفر عليه السلام إذ دخل عليه أبو عبد اللّه عليه السلام فقال أبو جعفر يا بني ألا تطهّر قميصك؟ فذهب و ظننّا أنّ ثوبه قد أصابه شيء فرجع فقال: إنّه هكذا فقلنا: جعلنا اللّه فداك ما لقميصه؟ قال: كان قميصه طويلا و أمرته أن يقصّره إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ 2. 3

13-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن يقطين، عن الفضل بن كثير 4المدائني عمّن ذكره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: دخل عليه بعض أصحابه فرأى عليه قميصا فيه قبّ 5قد رقعه فجعل ينظر اليه فقال له أبو عبد اللّه: ما لك تنظر؟ فقال: قبّ ملقى في قميصك، قال: فقال له: إضرب بيدك إلى هذا الكتاب فاقرأ ما فيه، و كان بين يديه كتاب أو قريب منه فنظر الرجل فيه فإذا فيه: لا إيمان لمن لا حياء له، و لا مال لمن لا تقدير له، و لا جديد لمن لا خلق له. 6

ص:138

الباب الثاني و العشرون

فيما يقوله عليه السلام من الدعاء عند قرائة القرآن،

و عند رؤية هلال شهر رمضان، و عند النّوم و الإنتباه

و إذا أصبح و إذا خرج من المنزل و غير ذلك

1-محمّد بن يعقوب في «الكافي» قال (1): كان أبو عبد اللّه عليه السلام يدعو عند قرائة كتاب اللّه عزّ و جلّ: «أللّهم ربّنا لك الحمد، أنت المتوحّد بالقدرة و السلطان المتين، و لك الحمد، أنت المتعال بالعزّ و الكبرياء و فوق السموات و العرش العظيم ربّنا و لك الحمد أنت المكتفي بعلمك و المحتاج إليك كلّ ذي علم، ربّنا و لك الحمد يا منزل الآيات و الذكر العظيم، ربّنا فلك الحمد بما علّمتنا من الحكمة و القرآن العظيم. (2)

أللّهم أنت علّمتناه قبل رغبتنا في تعليمه، و اختصصتنا به قبل رغبتنا بنفعه، أللّهم فإذا كان ذلك منّا منك و فضلا وجودا و لطفا بنا و رحمة لنا و إمتنانا علينا من غير حولنا و لا حيلتنا و لا قوّتنا.

أللّهم فحبّب إلينا حسن تلاوته، و حفظ آياته، و إيمانا بمتشابهه و عملا بمحكمه و سبيلا في تاويله، و هدي في تدبيره، و بصيرة بنوره،

ص:139


1- 1) الحديث مرسل.
2- 2) في المصدر: العظيم المبين.

أللّهم و كما أنزلته شفاء لأوليائك و شقاء على أعدائك و عمى على أهل معصيتك و نورا لأهل طاعتك.

أللّهم فاجعله لنا حصنا من عذابك، و حرزا من غضبك، و حاجزا عن معصيتك، و عصمة من سخطك، و دليلا على طاعتك، و نورا يوم نلقاك، نستضيء به في خلقك، و نجوز به على صراطك، و نهتدي به إلى جنّتك.

أللّهم إنّا نعوذ بك من الشقوة في حمله، و العمى عن عمله، و الجور عن حكمه، و الغلق عن قصده (1)و التقصير دون حقّه.

أللّهم إحمل عنّا ثقله، و أوجب لنا أجره، و أوزعنا شكره، و اجعلنا نراعيه و نحفظه.

أللّهم إجعلنا نتّبع حلاله، و نجتنب حرامه، و نقيم حدوده، و نؤدّي فرائضه.

أللّهم ارزقنا حلاوة في تلاوته، و نشاطا في قيامه، و وجلا في ترتيله، و قوّة في إستعماله في آناء الليل و أطراف النهار.

أللّهم واشفنا من النوم باليسير، و أيقظنا في ساعة الليل من رقاد الراقدين، و نبّهنا عند الأحايين التي يستجاب فيها الدعاء من سنة الوسنانين (2)أللّهم اجعل لقلوبنا ذكاء عند عجائبه التي لا تنقضي، و لذاذة عند ترديده، و عبرة عند ترجيعه، و نفعا بيّنا عند إستفهامه.

ص:140


1- 1) في نسخة: و العلوّ عن قصده.
2- 2) الوسن: أوّل النوم، و الوسنان الذي ليس بمستغرق في نومه.

أللّهم إنّا نعوذ بك من تخلّفه في قلوبنا، و توسّده عند رقادتنا (1)و نبذه وراء ظهورنا، و نعوذ بك من قساوة قلوبنا لمّا به وعظتنا.

أللّهم إنفعنا بما صرّفت فيه من الآيات و ذكّرنا بما ضربت فيه من المثلات، و كفّر عنا بتأويله السيئات، و ضاعف لنا به جزاء في الحسنات و ارفعنا به ثوابا في الدرجات، و لقنّا به البشرى بعد الممات.

أللّهم إجعله لنا زادا تقوّينا به في الموقف بين يديك، و طريقا واضحا نسلك به إليك، و علما نافعا نشكر به نعمائك، يقينا صادقا (2)نسبّح به أسمائك فإنّك إتّخذت به علينا حجّة قطعت به عذرنا، و إصطنعت به عندنا نعمة قصر عنها شكرنا.

اللّهم إجعله لنا وليا يثبتنا من الزلل، و دليلا يهدينا لصالح العمل، و عونا و هاديا يقوّمنا من الميل (3)، و عونا يقوّينا من الملل، حتى يبلغ بنا أفضل الأمل.

أللّهم اجعله لنا شافعا يوم اللقاء، و سلاحا يوم الإرتقاء، و حجيجا لنا يوم القضاء، و نورا يوم الظلماء، يوم لا أرض و لا سماء، يوم يجزى كل ساع بما سعى.

أللّهم إجعله لنا ريّا يوم الظمأ و نورا يوم الجزاء من نار حامية قليلة البقيا (4)على من بها إصطلى و بحرّها تلظّى.

ص:141


1- 1) في نسخة: عند رقادنا.
2- 2) في نسخة: و تخشّعا صادقا.
3- 3) بالتحريك: ما كان خلقة.
4- 4) البقياء «بضمّ الباء الموحّدة و سكون القاف» : الرحمة و الشفقة.

أللّهم إجعله لنا برهانا على رؤوس الملأ يوم يجمع فيه أهل الأرض و أهل السماء.

أللّهم ارزقنا منازل الشهداء، و عيش السعداء، و مرافقة الانبياء، إنّك سميع الدعاء. (1)

2-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل ابن مرار، عن يونس، عن معوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّه عليه السلام:

إنّه كان إذا أهل هلال شهر رمضان قال: أللّهم أدخله علينا بالسّلامة و الإسلام و اليقين و الإيمان، و البرّ و التوفيق لما تحبّ و ترضى. (2)

3-و عنه عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد، عن غير واحد، عن أبان بن عثمان، عن يحيى بن أبي العلاء، عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه كان يقول عند منامه: آمنت باللّه، و كفرت بالطاغوت، أللّهم إحفظني في منامي و في يقظتي. (3)

4-و عنه، عن أبي عليّ الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، و محمّد بن اسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمان بن الحجّاج، قال: كان أبو عبد اللّه عليه السلام إذا قام آخر الليل يرفع صوته حتّى يسمع أهل الدار و يقول: أللّهم أعنّي على هول المطّلع، و وسّع عليّ ضيق المضجع، و ارزقني خير ما قبل الموت،

ص:142


1- 1) الكافي ج 2/573 ح 1. [1]
2- 2) الكافي ج 4/74 ح 4، و [2]عنه الوسائل ج 7/334 ح 5. [3]
3- 3) الكافي ج 2/536 ح 3، و [4]عنه مستدرك الوسائل ج 5/41 ح 6. [5]

و ارزقني خير ما بعد الموت. (1)

5-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إبن أبي عمير، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن أبي حمزة، قال: رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام يحرّك شفتيه حين أراد أن يخرج و هو قائم على الباب، فقلت: إنّي رأيتك تحرّك شفتيك حين خرجت فهل قلت شيئا؟

قال: نعم إنّ الإنسان إذا خرج من منزله قال حين يريد أن يخرج:

اللّه أكبر اللّه أكبر ثلاثا «باللّه أخرج و باللّه أدخل و على اللّه أتوكل» ثلاث مرّات «أللّهم إفتح لي في وجهي هذا بخير، و إختم لي بخير، و قني شرّ كلّ دابة أنت آخذ بناصيتها، إنّ ربّي على صراط مستقيم» لم يزل في ضمان اللّه عزّ و جلّ حتّى يردّه إلى المكان الذي كان فيه. (2)

و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن أبي حمزة مثله. (3)

6-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد ابن علي، عن عبد الرحمن إبن أبي هاشم، عن أبي خديجة قال: كان أبو عبد اللّه عليه السلام إذا خرج يقول: أللّهم بك خرجت، و لك أسلمت، و بك آمنت، و عليك توكّلت.

أللّهم بارك لي في يومي هذا و ارزقني فوزه و فتحه و نصره و طهوره و هداه و بركته، و إصرف عنّي شرّه و شرّ ما فيه، بسم اللّه و باللّه و اللّه أكبر،

ص:143


1- 1) الكافي ج 2/538 ح 13 و [1]عنه البحار ج 87/192 ح 6 و [2]عن الفقيه ج 1/480 ح 1389.
2- 2) الكافي ج 2/540 ح 1 و [3]عنه الوسائل ج 8/277 ح 2. [4]
3- 3) الكافي ج 2/541 ذيل الحديث «1» . [5]

و الحمد للّه رب العالمين، أللّهم إنّي قد خرجت فبارك لي في خروجي و إنفعني به.

قال: و إذا دخل في منزله قال ذلك. (1)

7-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إبن أبي عمير، عن محمّد الجعفي (2)، عن أبيه قال: كنت كثيرا ما أشتكي عيني، فشكوت ذلك إلى أبي عبد اللّه عليه السلام، فقال: ألا اعلمّك دعاء لدنياك و آخرتك و بلاغا لوجع عينيك؟

قلت: بلى.

قال: تقول في دبر الفجر و دبر المغرب: أللهم إنّي أسئلك بحقّ محمّد و آل محمد (3)و اجعل النور في بصري، و البصيرة في ديني، و اليقين في قلبي، و الإخلاص في عملي، و السلامة في نفسي، و السعة في رزقي، و الشكر لك أبدا ما ابقيتني. (4)

ص:144


1- 1) الكافي ج 2/542 ح 6 و [1]عنه الوسائل ج 3/579 ح 3 و [2]عن المحاسن:351 ح 35 و [3]أخرجه في البحار ج 76/171 ح 18. [4]
2- 2) محمّد الجعفي: الكوفي عدّه الشيخ من أصحاب الصادق عليه السلام في رجاله، و عدّه البرقي من أصحاب علي بن الحسين عليهما السلام و غير بعيد أن يكونا شخصين، و يؤيّد ذلك أنّه روى عن أبيه عن الصادق عليه السلام و روى عنه ابن أبي عمير-معجم الرجال ج 18/72-. [5]
3- 3) في المصدر: «اسئلك بحقّ محمّد و آل محمّد عليك صلّ على محمّد و آل محمّد، و اجعل. . .» .
4- 4) الكافي ج 2/549 ح 11، و [6]أمالي المفيد:179 ح 9 و أخرجه في الوسائل ج 4/1055 ح 5 [7]عن الكافي، و [8]أمالي الطوسي ج 1/199، و [9]في مستدرك الوسائل ج 5/99 ح 3 [10]عن أمالي المفيد، و [11]في البحار ج 86/95 ح 2 [12]عن أمالي المفيد و [13]الطوسي و في ج 95/86 ح 2 عن أمالي الطوسي. [14]

و رواه الشيخ المفيد في «أماليه» قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمّد رحمه اللّه، عن أبيه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن أبي عمير، و ساق الحديث إلى آخره سندا و متنا.

8-الشيخ في «أماليه» بإسناده عن موسى بن جعفر قال: سمعت أبي جعفر بن محمّد يقول إذا أمسى: أمسينا و أمسى الملك للّه الواحد القهار و الحمد للّه رب العالمين الذي ذهب بالنهار و جاء بالليل و نحن في عافية منه.

أللّهم هذا خلق جديد قد غشّانا (1)فما عملت فيه من خير فسهّله و قيّضه (2)و اكتبه أضعافا مضاعفة، و ما عملت فيه من شرّ فتجاوز عنه برحمتك، أمسيت لا أملك ما أرجو، و لا أدفع شرّ ما أخشى أمسى الامر لغيري، و أمسيت مرتهنا بكسبي، و أمسيت لا فقير أفقر منّي، فسع لفقري من سعتك ممّا كتبت على نفسك و أسئلك التقوى ما أبقيتني، و الكرامة إذا توفّيتني، و الصبر على ما إبتليتني، و البركة فيما رزقتني، و العزم على طاعتك فيما بقي من عمري، و الشكر لك فيما أنعمت به عليّ.

و قال: إذا خرجت من منزلك فقل: بسم اللّه، توكّلت على اللّه، ما شاء اللّه لا قوة إلاّ باللّه، أللّهم إنّي أسئلك خير ما خرجت له، و أعوذ بك من شرّ ما خرجت له، أللّهم أوسع عليّ من فضلك، و أتمّ عليّ نعمتك،

ص:145


1- 1) غشّانا: غطّانا.
2- 2) قيّضه: سبّبه و قدّره.

و إستعملني في طاعتك، و اجعلني راغبا فيما عندك، و توفّني في سبيلك و على ملّتك و ملّة رسولك صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

و كان يقول إذا خرج إلى الصلوة: أللّهم إنّي أسئلك بحقّ السائلين لك، و بحقّ مخرجي عن هذا فإنّي لم أخرج أشرا و لا بطرا و لا رياء و لا سمعة، و لكن خرجت إبتغاء رضوانك، و إجتناب سخطك، فعافني بعافيتك من النار. (1)

9-محمّد بن يعقوب، عن الحسين بن محمّد، عن أحمد بن إسحق (2)، عن سعدان، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

تقول في كلّ ليلة من شهر رمضان عند الإفطار إلى آخره: ألحمد للّه الّذي أعاننا فصمنا، و رزقنا فأفطرنا، أللّهم تقبّل منّا، و أعنّا عليه، و سلّمنا فيه، و تسلّمه منّا في يسر منك و عافية، ألحمد للّه الّذي قضى (3)عنّا يوما من شهر رمضان. (4)

ص:146


1- 1) أمالي الطوسي ج 1/380 و [1]صدره في البحار ج 86/249 ح 13 و [2]قطعة منه في ج 76/ 170 ح 16 عنه و عن المحاسن:351 ح 38. [3]
2- 2) أحمد بن اسحاق بن عبد اللّه بن سعد الأشعري ابو علي القمي كان وافد القميين، روى عن أبي جعفر الثاني و أبي الحسن عليهما السلام و كان خاصّة أبي محمّد عليه السلام، و رأى صاحب الزمان عجل اللّه تعالى فرجه الشريف-معجم رجال الحديث ج 2/47-. [4]
3- 3) أي وفّقنا لأدائه.
4- 4) الكافي ج 4/95 ح 2 و [5]عنه الوسائل ج 7/106 ح 2 و [6]عن التهذيب ج 4/200 ح 2 و الفقيه ج 2/106 ح 1851 و المقنعة:51. [7]

الباب الثالث و العشرون

فيما يقوله اذا خرج الى مكة، و مسحه الحجر و التزامه

الركن و ما يقوله عند نحر الهدي و في الكعبة

و الخروج منها و عند دخوله على النبي-صلّى اللّه عليه و آله-

و دعاؤه لزوار الحسين-عليه السلام-

1-محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه عن محمّد بن سنان، عن حذيفة بن منصور، قال: صحبت أبا عبد اللّه عليه السلام و هو متوجّه إلى مكّة فلمّا صلّى قال: أللّهم خلّ سبيلنا و أحسن مسيرنا (1)و أحسن عافيتنا.

و كلّما صعد آكمة (2)قال: أللّهم لك الشرف (3)على كلّ شرف. (4)

2-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إبن أبي عمير، عن عمر بن اذينة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول لمّا إنتهى إلى

ص:147


1- 1) في المصدر: و أحسن تسييرنا.
2- 2) الأكمة «محرّكة» : التلّ دون الجبال، أو الموضع يكون أشدّ إرتفاعا ممّا حوله- القاموس-.
3- 3) الشرف «محركّة» : العلوّ، و المكان العالي، فاريد هنا بالأوّل و بالثاني الثاني-مرآت العقول-. [1]
4- 4) الكافي ج 4/287 ح 1 و [2]عنه الوسائل ج 8/286 ح 2 و [3]عن المحاسن:353 ح 43 و [4]اخرجه في البحار ج 76/245 ح 32 [5] عن المحاسن.

ظهر الكعبة حين يجوز الحجر: ياذا المنّ و الطول و الجود و الكرم إنّ عملي ضعيف فضاعفه لي و تقبّله مني إنّك أنت السميع العليم. (1)

3-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن إبن أبي عمير، عن جميل بن صالح، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كنت أطوف بالبيت فإذا رجل يقول: ما بال هذين الركنين يستلمان و لا يستلم هذان (2)؟

فقلت: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إستلم هذين و لم يتعرّض لهذين فلا تعرّض لهما إذ لم يتعرّض لهما رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

قال جميل: و رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام يستلم الأركان كلها. (3)

4-و عنه بهذا الإسناد عن أحمد بن محمّد، عن البرقي رفعه عن زيد الشحام أبي اسامة عن أبي عبد اللّه قال: كنت أطوف مع أبي عبد اللّه عليه السلام و كان إذا انتهى إلى الحجر مسحه بيده و قبّله و إذا إنتهى إلى الركن اليماني إلتزمه.

فقلت: جعلت فداك تمسح الحجر بيدك و تلتزم اليماني؟

فقال: قال رسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ما أتيت الركن اليماني

ص:148


1- 1) الكافي ج 4/407 ح 6 و [1]عنه الوسائل ج 9/417 ح 6. [2]
2- 2) الظاهر أنّ المراد بالأوّلين العراقي و اليماني لقول الأكثر باستحباب استلامهما و بالأخيرين الشامي و المغربي لمنع ابن الجنيد عن استلامهما على ما نقل-تعليقة الكافي-. و لكن منع إبن الجنيد إن صحّ ينافي الجواز الذي يستفاد من الحديث.
3- 3) الكافي ج 4/408 ح 9 و [3]عنه الوسائل ج 9/418 ح 1 و [4]التهذيب ج 5/106 ح 14 و الاستبصار ج 2/217 ح 3.

إلاّ وجدت جبرئيل قد سبقني إليه يلتزمه. (1)

5-و عنه عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين عن عبد الرحمن بن أبي هاشم البجلي، عن أبي خديجة، قال: رأيت أبا عبد اللّه و هو ينحر بدنته معقولة يدها اليسرى ثمّ يقوم من جانب يدها اليمنى و يقول: بسم اللّه و اللّه أكبر هذا منك و لك أللّهم تقبّله منّي ثمّ يطعن في لبّتها ثمّ يخرج السكّين بيده، فإذا وجبت قطع موضع الذّبح بيده. (2)

6-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين ابن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام و هو خارج من الكعبة و هو يقول: أللّه اكبر اللّه أكبر، حتّى قالها ثلاثا ثمّ قال: أللّهم لا تجهد بلائنا ربنّا و لا تشمت بنا أعدائنا فإنّك أنت الضارّ النافع ثمّ هبط فصلّى إلى جانب الدرجة (3)جعل الدرجة عن يساره مستقبل الكعبة ليس بينه و بينها أحد ثم خرج إلى منزله. (4)

7-و عنه بهذا الإسناد عن إبن فضّال، عن يونس بن يعقوب، قال:

رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام قد دخل الكعبة ثمّ أراد بين العمودين فلم يقدر عليه فصلّى دونه، ثمّ خرج فمضى حتى خرج من المسجد؟ (5)

8-و عنه عن أبي عليّ الأشعري، عن الحسن بن عليّ الكوفي 6،

ص:149


1- 1) الكافي ج 4/408 ح 10 و [1]عنه الوسائل ج 9/419 ح 3. [2]
2- 2) الكافي ج 4/498 ح 8 و [3]عنه الوسائل ج 10/135 ح 3، و [4]عن التهذيب ج 5/221 ح 84.
3- 3) الدرجة «بالفتحات» : المرقاة.
4- 4) الكافي ج 4/529 ح 7 و [5]عنه الوسائل ج 9/377 ح 1 و [6]عن التهذيب ج 5/279 ح 14.
5- 5) الكافي ج 4/530 ح 9 و [7]عنه الوسائل ج 9/375 ح 7. [8]

عن علي بن مهزيار 1عن حماد بن عيسى عن محمّد بن مسعود 2قال:

رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام إنتهى إلى قبر النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فوضع يده عليه و قال: أسال اللّه الّذي إجتباك و إختارك و هداك و هدى بك أن يصلّي عليك، ثمّ قال: إِنَّ اَللّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى اَلنَّبِيِّ يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً 3. 4

9-و عنه، عن محمّد بن يحيى، و غيره عن محمّد بن أحمد، و محمّد بن الحسن جميعا، عن موسى بن عمر، عن غسّان البصري 5، عن معاوية بن وهب، و عليّ بن إبراهيم، عن أبيه عن بعض أصحابنا، عن إبراهيم بن عقبة 6، عن معاوية بن وهب، قال: إستأذنت على أبي عبد اللّه عليه السلام فقيل لي: ادخل، فدخلت فوجدته في مصلاّه في بيته،

ص:150

فجلست حتّى قضى صلوته فسمعته و هو يناجي ربّه و يقول: «يا من خصنّا بالكرامة، و خصّنا بالوصية، و وعدنا الشفاعة، و أعطانا علم ما مضى و ما بقي، و جعل أفئدة من الناس تهوي إلينا، إغفر لي و لإخواني و لزوارّ قبر أبي عبد اللّه الحسين صلّى اللّه عليه، الّذين أنفقوا أموالهم و أشخصوا ابدانهم رغبة في بّرنا، و رجاء لما عندك في صلتنا، و سرورا أدخلوه على نبيّك صلواتك عليه و آله و إجابة منهم لأمرنا و غيظا أدخلوه على عدوّنا، أرادوا بذلك رضاك فكافئهم عنّا بالرضوان، و أكلأهم باللّيل و النهار و اخلف على أهاليهم و أولادهم الّذين خلّفوا بأحسن الخلف و إصحبهم و إكفهم شرّ كلّ جبّار عنيد، و كلّ ضعيف من خلقك أو شديد، و شرّ شياطين الإنس و الجنّ، و أعطهم أفضل ما أمّلوا منك في غربتهم عن أوطانهم و ما آثرونا به على أبنائهم و أهلهم و قراباتهم.

أللّهم إنّ أعدائنا عابوا عليهم خروجهم فلم ينههم ذلك عن الشخوص إلينا و خلافا منهم على من خالفنا فارحم تلك الوجوه الّتي قد غيّرتها الشمس، و إرحم تلك الخدود الّتي تقلّبت على حفرة أبي عبد اللّه عليه السلام و إرحم تلك الأعين الّتي جرت دموعها رحمة لنا، و إرحم تلك القلوب الّتي جزعت و إحترقت لنا، و إرحم تلك الصرخة التي كانت لنا.

أللّهم إنّي أستودعك تلك الأنفس و تلك الأبدان حتّى توافيهم على الحوض يوم العطش.

فما زال و هو ساجد يدعو بهذا الدّعاء، فلمّا إنصرف قلت: جعلت

ص:151

فداك لو أنّ هذا الّذي سمعت منك كان لمن لا يعرف اللّه لظننت أنّ النار لا تطعم منه شيئا، و اللّه لقد تمنّيت أن كنت زرته و لم أحجّ.

فقال لي: ما أقربك منه فما الّذي يمنعك من إتيانه؟

ثمّ قال: يا معاوية لم تدع ذلك؟

قلت: جعلت فداك لم أدر أنّ الأمر يبلغ هذا كلّه.

قال: يا معاوية من يدعو لزوارّه في السماء أكثر ممّن يدعو لهم في الأرض. (1)

ص:152


1- 1) الكافي ج 4/582 ح 11 و [1]عنه الوسائل ج 10/320 ح 7 و [2]عن ثواب الأعمال:120 ح 44 و [3]أخرجه في البحار ج 101/51 ح 1 [4]عن كامل الزيارات:116 ح 2 و [5]في ص 8 ح 30 عن الثواب و لكن الرمز في «البحار» «مل» و هو سهو لأنّ الرواية بعينها رواها في ثواب الأعمال سندا و متنا و لم نجدها في «الكامل» .

الباب الرابع و العشرون

في تعظيم الناس له عليه السلام و قبول شفاعته

1-محمّد بن يعقوب، عن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن البرقي عن أبيه عمّن ذكره عن رفيد مولى يزيد بن عمر بن هبيرة (1)قال: سخط عليّ إبن هبيرة و حلف عليّ ليقتلني، فهربت منه و عذت بأبي عبد اللّه عليه السلام فأعلمته خبري، فقال لي: إنصرف و أقرئه منّي السلام و قل له: إنّي قد أجرت عليك مولاك رفيدا فلا تهجه بسوء.

فقلت له: جعلت فداك شاميّ خبيث الرأي.

فقال: إذهب إليه كما أقول لك، فأقبلت.

فلمّا كنت في بعض البوادي إستقبلني أعرابي فقال: أين تذهب إنّي أرى وجه مقتول؟ ثمّ قال لي: أخرج يدك، ففعلت فقال: يد مقتول.

ثمّ قال لي: أبرز رجلك فأبرزت رجلي، فقال: رجل مقتول.

ثم قال لي: أبرز جسدك ففعلت، فقال؛ جسد مقتول.

ثمّ قال لي: أخرج لسانك ففعلت، فقال لي: إمض فلا بأس عليك

ص:153


1- 1) يزيد بن عمر بن هبيرة أبو خالد الفزاري أمير قائد من ولاة الدولة الأمويّة، كان واليا في البصرة و الكوفة سنة «128» ه في أيّام مروان بن محمّد، ولد سنة «87» و قتل بقصر واسط سنة «132» ه-الأعلام ج 9/240-. [1]

فإنّ في لسانك رسالة لو أتيت بها الجبال الرّواسي لانقادت لك.

قال: فجئت حتّى وقفت على باب إبن هبيرة فاستأذنت، فلمّا دخلت عليه قال أتتك بخائن رجلاه (1)يا غلام النّطع و السيف ثمّ أمرني، فكتّفت (2)و شدّ رأسي وقام عليّ السيّاف ليضرب عنقي فقلت: أيّها الأمير لم تظفر بي عنوة و إنّما جئتك من ذات نفسي و ههنا أمر أذكره لك ثمّ أنت و شأنك.

فقال: قل، قلت: أخلني فأمر من حضرني فخرجوا.

فقلت له: جعفر بن محمّد عليه السلام يقرئك السلام و يقول لك قد أجرت عليك مولاك رفيدا فلا تهجه بسوء.

فقال: اللّه أكبر لقد قال لك جعفر بن محمّد: هذه المقالة و أقرأني السلام؟ فحلفت ثلاثا فردّها عليّ ثلاثا ثمّ حلّ أكتافي، ثمّ قال لا يقنعني منك حتّى تفعل بي ما فعلت بك.

قلت: ما تنطلق يدي بذاك و لا تطيب به نفسي.

فقال: و اللّه ما يقنعني إلاّ ذاك ففعلت به كما فعل بي فأطلقته فناولني خاتمه قال: اموري في يدك فدبّر فيها ما شئت. (3)

2-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد عن السيّاري عن محمّد بن جمهور (4)قال: كان النجاشي و هو رجل من الدهاقين

ص:154


1- 1) مثل معروف، و الخطاب لنفسه، و «رجلاه» فاعل «أتت» .
2- 2) كتّفت: شدّ يدي بالكتاف و هو حبل شديد.
3- 3) الكافي ج 1/473 ح 3 و [1]اخرجه البحار ج 47/179 ح 27 [2]عن مناقب ابن شهر اشوب ج 4/ 235. [3]
4- 4) محمّد بن جمهور أبو عبد اللّه العمي البصري، روى عن الرضا عليه السلام و له كتب،

عاملا على الأهواز و فارس، فقال بعض أهل عمله لأبي عبد اللّه عليه السلام: إنّ في ديوان النجاشي عليّ خراجا و هو مؤمن يدين بطاعتك، فإن رأيت أن تكتب لي إليه كتابا؟

قال: فكتب إليه أبو عبد اللّه: بسم اللّه الرحمن الرحيم سرّ أخاك يسرّك اللّه.

قال: فلمّا ورد الكتاب عليه، دخل عليه و هو في مجلسه؛ فلمّا خلانا و له الكتاب و قال: هذا كتاب أبي عبد اللّه عليه السلام فقبّله و وضعه على عينيه، و قال له: ما حاجتك؟

قال: خراج عليّ في ديوانك.

فقال له: و كم هو؟

قال: عشرة آلاف درهم، فدعا كاتبه و أمره بأدائها عنه، ثمّ أخرجه منها و أمر أن يثبتها له لقابل، ثمّ قال له: سررتك؟

فقال: نعم جعلت فداك ثمّ أمر له بمركب و جارية و غلام و أمر له بتخت ثياب (1)، في كلّ ذلك يقول: هل سررتك؟ فيقول: نعم جعلت فداك، فكلّما قال: نعم زاده حتّى فرغ.

ثم قال له: إحمل فرش هذا البيت الذي كنت جالسا فيه حين دفعت إليّ كتاب مولاي الّذي ناولتني فيه، و ارفع اليّ حوائجك.

قال: ففعل.

ص:155


1- 1) التخت «بفتح التاء المثناة و سكون الخاء» : خزانة الثياب.

و خرج الرّجل فصار إلى أبي عبد اللّه عليه السلام بعد ذلك فحدّثه بالحديث على جهته فجعل يسرّ بما فعل.

فقال الرّجل: يا بن رسول اللّه كأنّه قد سرّك ما فعل بي؟

قال: إي و اللّه لقد سر اللّه و رسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم. (1)

3-و عنه، عن عليّ بن محمّد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن خالد عمنّ ذكره عن الوليد بن أبي العلاء (2)، عن معتّب قال: دخل محمّد ابن بشر الوشّاء (3)على أبي عبد اللّه عليه السلام يسأله أن يكلّم شهابا (4)أن يخفّف عنه حتّى ينقضي الموسم، و كان له عليه ألف دينار، فأرسل إليه فأتاه.

فقال له: قد عرفت حال محمّد و إنقطاعه إلينا و قد ذكر أنّ لك عليه ألف دينار، لم تذهب في بطن و لا فرج، و إنّما ذهبت دينا على الرّجال و وضايع وضعها، و أنا احبّ أن تجعله في حلّ.

فقال: لعلّك ممّن يزعم أنّه يقبض من حسناته (5)و تعطاها؟

ص:156


1- 1) الكافي ج 2/190 ح 9 و [1]عنه البحار ج 74/292 ح 22 و [2]في ج 47/370 ح 89 عنه و عن الإختصاص:26 و في الوسائل ج 11/572 ح 11 [3]عن الكافي [4]مختصرا و أخرجه في الوسائل ج 12/142 ح 13 [5] عن التهذيب ج 6/333 ح 46.
2- 2) الوليد بن أبي العلاء: لم أظفر على ترجمة له أورده المعجم بلا ترجمة.
3- 3) لم أعثر على ترجمة له نعم أورده في المعجم و أشار إلى هذا الحديث.
4- 4) الظاهر أنّه شهاب بن عبد ربه بن أبي ميمونة روى عن الباقر و الصادق عليهما السلام و كان موسرا و وثقه النجاشي.
5- 5) حاصل مغزى جواب الشهاب أنّك أمرتني أن أجعله في حلّ، فلعلّك تقدر أن تقبض من حسناته و إعطاءها إيّاي عوضا عمّا لي عليه من الحقّ و ملخّص جوابه عليه السلام تصديق ذلك و لكن بطريق شفاعته من اللّه سبحانه في القبض و الإعطاء لا من عند نفسه عليه السلام، و لمّا كان المفهوم من هذا الجواب لزومها بالنظر إليه سبحانه بطريق الشفاعة و هو

فقال: كذلك في أيدينا.

فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: اللّه أكرم و أعدل من أن يتقرّب إليه عبده فيقوم في الليلة القرّة 1أو يصوم في اليوم الحارّ أو يطوف بهذا البيت ثمّ يسلبه ذلك فتعطاه و لكن للّه فضل كثير يكافيء المؤمن، فقال:

هو في حلّ. 2

ص:157

ص:158

الباب الخامس و العشرون

في الأخذ من الشارب و التمشّط

1-محمّد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن بعض أصحابنا عن عليّ بن أسباط، عن عبد اللّه بن عثمان (1)، أنّه رأى أبا عبد اللّه أحفى (2)شاربه حتى ألصقه بالعسيب. (3)

2-و عنه عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثمي (4)، عن محمّد بن إسحق، عن عمّار النوفلي (5)، عن أبيه قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: المشط يذهب بالوباء، و كان لأبي عبد اللّه عليه السلام مشط في المسجد يتمشّط به إذا فرغ من صلوته. (6)

ص:159


1- 1) عبد اللّه بن عثمان أبو اسماعيل السرّاج، روى عن الصادق عليه السلام و عن أبي جميلة، و أبي الحسن البجلي، و الحسين بن مهران، و عبد اللّه بن مسكان، و قدامة بن أبي زيد، و روى عنه علي بن أسباط، و محمد بن إسماعيل، و إبراهيم بن هاشم، و علي بن الحسن- معجم رجال الحديث ج 10/248-. [1]
2- 2) أحفى شاربه أي بالغ في أخذه، و العسيب: منبت الشعر.
3- 3) الكافي ج 6/487 ح 9 و [2]عنه البحار ج 47/47 ح 68 و [3]الوسائل ج 1/422 ح 5. [4]
4- 4) أحمد بن الحسن الميثمي ابن اسماعيل بن شعيب بن ميثم التمّار روى عن الرضا عليه السلام، قال النجاشي: ثقة، صحيح الحديث معتمد عليه، له كتاب النوادر-معجم رجال ج 2/71-. [5]
5- 5) عمّار النوفلي: لم أظفر على ترجمة له.
6- 6) الكافي ج 6/488 ح 2 و [6]عنه الوسائل ج 1/426 ح 2 و [7]أخرجه في البحار ج 76/116 ح 2 [8]

3-و عنه، عن عليّ بن ابراهيم، عن أبيه، عن إبن أبي عمير، عن الحسين بن الحسن بن عاصم، عن أبيه قال: دخلت على أبي إبراهيم، و في يده مشط عاج يتمشّط به فقلت له: جعلت فداك إنّ عندنا بالعراق من يزعم أنّه لا تحلّ التمشّط بالعاج.

فقال: و لم؟ فقد كان لأبي عليه السلام منها مشط أو مشطان.

ثمّ قال: تمشّطوا بالعاج فإنّ العاج يذهب بالوباء. 1

4-الشيخ في «التهذيب» بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن عبد الحميد بن سعيد 2، قال سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن عظام الفيل أيحل بيعه و شراؤه الّذي يجعل منه الأمشاط؟

فقال: لا باس قد كان لأبي منه مشط أو أمشاط. 3

5-و عنه بإسناده، عن محمّد بن يعقوب، عن أبي عليّ الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الحميد بن سعد، قال سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن عظام الفيل يحلّ بيعه و شراؤه الذي يجعل منه الأمشاط؟

ص:160

فقال: لا بأس قد كان لأبي منه مشط أو أمشاط. (1)

ص:161


1- 1) التهذيب ج 6/373 ح 204 و عنه الوسائل ج 12/123 ح 2 و [1]عن الكافي ج 5/226 ح 1. [2]

ص:162

الباب السادس و العشرون

في الحمام و عمله فيه و التنّور و اخذ الابط

1-محمّد بن يعقوب، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن رفاعة بن موسى، عمّن أخبره عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه كان إذا أراد دخول الحمّام تناول شيئا فأكله.

قال قلت له: إنّ النّاس عندنا يقولون: إنّه على الريق أجود ما يكون.

قال: لا بل يأكل شيئا قبله يطفيء المرارة و يسكّن حرارة الجوف. (1)

2-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن أبي حمزة قال: دخلت مع أبي بصير الحمّام، فنظرت إلى أبي عبد اللّه عليه السلام قد أطلى و أطلى إبطيه بالنورة، قال: فخبّرت أبا بصير.

قال: أرشدني إليه لأسأله عنه.

فقلت: قد رأيته، أنا.

فقال أنت قد رايته و أنا لم أره أرشدني إليه.

قال: فأرشدته إليه، فقال له: جعلت فداك أخبرني قائدي أنّك قد

ص:163


1- 1) الكافي ج 6/497 ح 6 و [1]عنه الوسائل ج 1/377 ح 2. [2]

أطليت إبطيك بالنورة.

قال: نعم يا أبا محمّد إنّ نتف الإبطين يضعّف البصر أطل يا أبا محمّد فقال: أطليت منذ أيام.

فقال: أطل فإنّه طهور. (1)

3-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن إسحاق بن عبد العزيز (2)، قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن التدلّك بالدقيق بعد النورة.

فقال: لا باس.

قلت: يزعمون أنه إسراف.

قال: ليس فيما أصلح البدن إسراف، إنّي ربما أمرت بالنقى (3)فبلّت بالزيت فأتدلّك به، إنّما الإسراف فيما أتلف المال و أضرّ بالبدن. (4)

4-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أحمد بن محمّد بن محمّد بن أسلم الجبلي (5)، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبان بن تغلب، قال: قلت

ص:164


1- 1) الكافي ج 6/498 ح 9 و [1]عنه الوسائل ج 1/437 ح 1. [2]
2- 2) اسحاق بن عبد العزيز الكوفي ابو يعقوب الملّقب أبا السفاتج كان من أصحاب الصادق عليه السلام-معجم رجال الحديث ج 3/49-. [3]
3- 3) النقى «بكسر النون و سكون القاف» : مخ العظم، و قيل: مخ العظم من غير الرأس، و يقال أيضا للدقيق أي الحنطة المنخولة ناعما، و كانوا يتدلّكون بالنخالة بعد النورة ليقطع ريحها.
4- 4) الكافي ج 6/499 ح 14 و [4]عنه الوسائل ج 1/397 ح 4. [5]
5- 5) محمّد بن أسلم الجبلي ا [6]لطبري أبو جعفر أصله كوفي ك [7]ان يتّجر إلى طبرستان، [8]روى عن الرضا عليه السلام، كم [9]ا قال النجاش [10]ي، و عدّه البرقي من أصحاب الكاظم عليه السلام-

لأبي عبد اللّه عليه السلام: إنّا لنسافر و لا يكون معنا نخالة فنتدلّك بالدقيق.

فقال: لا بأس إنّما الفساد فيما أضرّبا لبدن و أتلف المال، و أمّا ما أصلح البدن فإنّه ليس بفساد، إنّي ربما أمرت غلامي فلتّ لي النقي بالزيت ثمّ أتدلّك به. (1)

5-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن سيف بن عميرة، قال: خرج أبو عبد اللّه عليه السلام من الحمّام فتلبّس و تعمّم فقال لي: إذا خرجت من الحمّام فتعمّم قال: ما تركت العمامة عند خروجي من الحمّام شتاء و لا صيفا 2. 3

6-و عنه، عن محمّد بن يحيى، رفعه عن عبد اللّه بن مسكان، قال:

كنّا جماعة من أصحابنا دخلنا الحمّام فلمّا خرجنا لقينا أبو عبد اللّه عليه السلام فقال لنا: من اين أقبلتم؟

فقلنا له: من الحمّام.

فقال: أنقى اللّه غسلكم 4.

فقلنا له: جعلنا اللّه فداك و إنّا جئنا معه حتّى دخل الحمّام،

ص:165


1- 1) الكافي ج 6/499 ح 16 و عنه الوسائل ج 1/397 ح 5 و عن المحاسن:312 ح 28 و أخرجه في البحار ج 76/75 ح 18 عن المحاسن.

فجلسنا له حتّى خرج فقلنا له: أنقى اللّه غسلك.

فقال: طهّركم اللّه. (1)

7-و عنه عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحجّال، عن حمّاد بن عثمان، عن عبد الرحمن (2)بن أبي عبد اللّه، قال: دخلت مع أبي عبد اللّه عليه السلام الحمّام فقال لي: يا عبد الرحمن أطل.

فقلت: إنّما أطليت منذ أيّام فقال: أطل فإنّه طهور. (3)

8-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن خلف بن حماد، عمّن رواه قال: بعث أبو عبد اللّه إبن أخيه في حاجة فجاء و أبو عبد اللّه قد أطلى بالنورة فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام: أطل.

فقال: إنّما عهدي بالنورة منذ ثلاثة أيّام.

فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: إنّ النورة طهور. (4)

9-و عنه عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن بعض أصحابه، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: كنت معه أقوده فأدخلته الحمّام، فرأيت أبا عبد اللّه عليه السلام يتنوّر، فدنا منه أبو بصير فسلّم عليه، فقال: يا أبا بصير تنوّر، فقال: إنّما تنوّرت أوّل من

ص:166


1- 1) الكافي ج 6/500 ح 20 و [1]عنه البحار ج 47/46 ح 67 و [2]الوسائل ج 1/382 ح 1. [3]
2- 2) هو عبد الرحمن بن ميمون أبي عبد اللّه البصري عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام، و وثقه النجاشي-معجم رجال الحديث ج 9/294-. [4]
3- 3) الكافي ج 6/505 ح 2 و [5]عنه الوسائل ج 1/389 ح 1. [6]
4- 4) الكافي ج 6/505 ح 4 و [7]عنه الوسائل ج 1/386 ح 2 و [8]ص 390 ح 6.

أمس و اليوم الثالث (1).

فقال: أما علمت أنّه طهور فتنوّر. (2)

10-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن أبي كهمس، قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: نتف الإبط يضعّف المنكبين و كان أبو عبد اللّه عليه السلام يطلي إبطيه. (3)

11-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، و محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعا عن إبن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن حفص بن البختري، أنّ أبا عبد اللّه عليه السلام كان يطلي إبطيه (4). (5)

12-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن ابيه، و محمّد بن إسماعيل جميعا عن إبن أبي عمير عن هشام بن الحكم، عن حفص بن البختري أنّ أبا عبد اللّه عليه السلام كان يطلي إبطيه بالنورة في الحمّام. (6)

13-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن علي، عن سعدان قال: كنت مع أبي بصير في الحمّام فرأيت أبا عبد اللّه عليه السلام يطلي إبطيه فأخبرت بذلك أبا بصير فقال له: جعلت فداك أيّما أفضل نتف الإبط أو حلقه.

ص:167


1- 1) يعني هذا اليوم هو اليوم الثالث من إطلالي.
2- 2) الكافي ج 6/505 ح 6 و [1]عنه الوسائل ج 1/389 ح 4. [2]
3- 3) الكافي ج 6/507 ح 2 و [3]عنه الوسائل ج 1/437 ح 2. [4]
4- 4) في المصدر: كان يطلي إبطه بالنّورة في الحمّام، و هذا الحديث نفس الحديث الآتي.
5- 5) الكافي ج 6/507 ح 3 و [5]عنه الوسائل ج 1/436 ح 1. [6]
6- 6) الكافي ج 6/507 ح 3 و [7]عنه الوسائل ج 1/436 ح 1. [8]

قال: يا أبا محمّد إنّ نتف الابط يوهي أو يضعّف إحلقه. (1)

14-و عنه، عن بعض أصحابنا عن ابن جمهور، عن محمد بن القاسم، و محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن يوسف بن السخت البصري، عن محمّد بن سليمان، عن ابراهيم بن يحيى بن أبي البلاد، عن الحسن بن علي بن مهران جميعا عن عبد اللّه بن أبي يعفور، قال: كنّا بالمدينة فلاحاني (2)زرارة في نتف الابط و حلقه، فقلت: حلقه أفضل، و قال زرارة: نتفه أفضل، فاستاذنّا على ابي عبد اللّه عليه السلام فأذن لنا و هو في الحمّام يطلي و قد أطلى إبطيه، فقلت لزرارة: يكفيك؟

قال: لا لعله فعل هذا لما لا يجوز لي أن أفعله، فقال: فيما أنتما.

فقلت: لاحاني زرارة في نتف الإبط و حلقه فقلت: حلقه أفضل، و قال زرارة: نتفه أفضل، فقال: أصبت السنة و أخطأها زرارة، حلقه أفضل من نتفه، و طليه أفضل من حلقه، ثمّ قال لنا: أطليا فقلنا: فعلنا ذلك منذ ثلاث.

فقال عليه السلام أعيدا فإنّ الإطلاء طهور. (3)

15-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن إبن محبوب، عن يونس بن يعقوب، أنّ أبا عبد اللّه عليه السلام كان يدخل الحمّام فيطلي إبطه وحده إذا إحتاج إلى ذلك وحده. (4)

ص:168


1- 1) الكافي ج 6/508 ح 4 و [1]عنه الوسائل ج 1/437 ح 3. [2]
2- 2) فلاحاني: أي فنازعني من الملاحاة أي المنازعة.
3- 3) الكافي [3]ج 4/327 ح 6 و ج 6/508 ح 5 و عنه الوسائل ج 1/437 ح 4 و [4]ص 390 ح 5 و عن العلل:292 ح 1 [5] نحوه و التهذيب ج 5/62 ح 7 و أخرجه في البحار ج 76/71 ح 5 [6]عن العلل. [7]
4- 4) الكافي ج 6/508 ح 6 و [8]عنه الوسائل ج 1/438 ح 5 و [9]أخرجه في البحار ج 76/93 [10] عن

16-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن يونس بن يعقوب، قال: بلغني أنّ أبا عبد اللّه عليه السلام ربّما دخل الحمّام متعمّدا يطلي إبطه وحده إذا إحتاج إلى ذلك وحده. (1)

17-الشيخ في «التهذيب» بإسناده عن محمّد بن عليّ بن محبوب، عن العباس، عن علي بن اسماعيل، عن محمّد بن حكيم (2)، قال الميثمي: لا أعلمه إلاّ قال: رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام أو من رآه متجرّدا و على عورته ثوب، فقال: إنّ الفخذ ليست من العورة. 3

18-و عنه بإسناده عن عليّ بن مهزيار، عن عمرو بن إبراهيم، عن خلف بن حمّاد، عن هرون بن حكيم 4الأرقط خال أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أتيته في حاجة فأصبته في الحمّام يطلي فذكرت له

ص:169


1- 1) الكافي ج 6/508 ح 7 «من غير جملة: إذا إحتاج الى ذلك وحده» و عنه الوسائل ج 1/ 438 ح 6.
2- 2) محمّد بن حكيم الخثعمي أبو جعفر الكوفي روى عن الص [1]ادق و الكاظم عليهما السلام، و له كتاب-المعجم ج 16/33-.

حاجتي، فقال: ألا تطلي؟

فقلت: إنّما عهدي به أول من أمس فقال: اطل فإنّ النورة طهور. (1)

19-و عنه بإسناده عن أحمد بن محمّد، عن البرقي، عن إبن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، و حفص، أنّ أبا عبد اللّه عليه السلام كان يطلي إبطيه بالنورة في الحمّام. (2)

20-و عنه بإسناده عن محمّد بن عليّ بن محبوب، عن أبي إسحق النهاوندي، عن أبي عبد اللّه البرقي، عن عثمان بن عيسى، عن إسحق بن عبد العزيز، عن رجل ذكره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: إنّا نكون في طريق مكة نريد الإحرام و لا يكون معنا نخالة نتدلّك به من النورة فنتدلّك بالدقيق فيدخلني من ذلك ما اللّه به عليم، قال: مخافة الإسراف به؟

فقلت: نعم، فقال: ليس فيما أصلح البدن إسراف، أنا ربّما أمرت بالنقى بلّت بالزيت فأتدلّك به، و إنما الإسراف فيما أتلف المال و أضرّ بالبدن. (3)

21-و عنه بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن إبن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن محمّد بن مسلم، قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الحمّام يغتسل فيه الجنب و غيره أغتسل من مائه؟

ص:170


1- 1) التهذيب ج 1/375 ح 14 و عنه الوسائل ج 1/390 ح 7. [1]
2- 2) التهذيب ج 1/376 ح 17.
3- 3) التهذيب ج 1/376 ح 18 و عنه الوسائل ج 1/397 ح 7 و [2]اخرجه في البحار ج 76/81 ح 22 [3]عن مكارم الأخلاق:57 و [4]في الوسائل ج 15/260 ح 1 [5]عن الكافي ج 4/53 ح 10. [6]

قال: نعم لا بأس أن يغتسل منه الجنب، و لقد إغتسلت فيه ثمّ جئت فغسلت رجلي و ما غسلتهما إلاّ ممّا لزق بهما من التراب. (1)

ص:171


1- 1) التهذيب ج 1/378 ح 30 و عنه الوسائل ج 1/111 ح 2 و [1]ص 153 ح 3.

ص:172

الباب السابع و العشرون

في انه عليه السلام لا تاخذه في اللّه تعالى

لومة لائم في اظهار الحق

1-الشيخ في «أماليه» قال: أخبرنا محمّد بن محمّد يعني المفيد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه رحمه اللّه، قال:

حدّثني أبو علي محمّد بن همّام الإسكافي رحمه اللّه قال: حدّثني أحمد بن موسى النوفلي، قال: حدّثني محمّد (1)بن عبد اللّه بن مهران، عن معوية بن حكيم (2)، قال: حدّثني عبد اللّه بن سليمان التميمي (3)،

ص:173


1- 1) محمّد بن عبد اللّه بن مهران أبو جعفر الكرخي، عدّه الشيخ في رجاله تارة من أصحاب الجواد عليه السلام، و اخرى في أصحاب الهادي عليه السلام و ثالثة في من لم يرو عنهم عليه السلام، و ضعّفه و قال: يرمى بالغلوّ بل تسالم على ضعفه الأعاظم و مع ذلك فقد وقع في اسناد كامل الزيارات و قد التزم مؤلّفه أن لا يذكر فيه رواية من غير الثقات، و يمكن ان يقال أنّ الواقع في الكامل هو غير هذا الرجل و إنّما هو محمّد بن أحمد بن عبد اللّه بن مهران الثقة، و اللّه العالم-المعجم 16/247-.
2- 2) معاوية بن الحكيم: بن معاوية بن عمّار الدهني عدّه الشيخ في رجاله تارة في أصحاب الجواد عليه السلام، و اخرى في أصحاب الهادي عليه و وصفه بالكوفي، و ثالثة فيمن لم يرو عنهم عليهم السلام و قال: روى عنه الصفّار، و عدّه الكشي من الفطحيّة، و من أجلّة العلماء و الفقهاء و العدول-معجم رجال الحديث ج 18/202-. [1]
3- 3) في المصدر: عبد اللّه بن سلمان التميمي، و على أيّ تقدير لم أعثر على ذكر له في كتب التراجم.

قال: لمّا قتل محمّد (1)و إبراهيم (2)إبنا عبد اللّه بن الحسن بن الحسن عليه السلام صار إلى المدينة رجل يقال له: شبه (3)غفّال، ولاه المنصور على أهلها، فلمّا قدمها، و حضرت الجمعة، صار إلى مسجد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فرقى المنبر و حمد اللّه و أثنى عليه ثمّ قال: أمّا بعد فإنّ عليّ إبن أبي طالب شقّ عصا المسلمين، و حارب المؤمنين، و أراد الأمر لنفسه، و منعه من أهله فحرّمه اللّه عليه أمنيته و أماته بغصّته، و هؤلاء ولده يتبعون أثره في الفساد و طلب الأمر بغير إستحقاق لهم فهم في نواحي الأرض مقتولون و بالدماء مضرّجون.

قال: فعظم هذا الكلام منه على الناس و لم يجسر أحد منهم أن ينطق بحرف، فقام إليه رجل عليه إزار قومسيّ (4)سخين فقال: و نحن نحمد اللّه و نصلّي على محمّد خاتم النبيين و سيّد المرسلين و على رسل اللّه و أنبيائه اجمعين، أمّا ما قلت من خير فنحن أهله، و ما قلت من سوء فأنت و صاحبك به أولى و أحرى يا من ركب غير راحلته و أكل غير زاده

ص:174


1- 1) محمد بن عبد اللّه بن الحسن المثنى الملقب بالنفس الزكيّة، ولد سنة «93» ه و قتل بالمدينة و بعث عيسى بن موسى العباسي برأسه الى المنصور في سنة «145» ه-الاعلام ج 7/90-. [1]
2- 2) ابراهيم بن عبد اللّه بن الحسن المثنّى، ولد سنة «97» ، خرج بالبصرة على المنصور العباسي و بايعه «4000» مقاتل و حارب جيوش المنصور الى ان قتله حميد بن قحطبة و حز رأسه الى المنصور و دفن جسده بباخمرى سنة «145» ه.
3- 3) في البحار: [2] شيبة بن غفال.
4- 4) قومس «بضم القاف و فتح الميم» : صقع كبير بين خراسان و بلاد الجبل و اقليم بالاندلس، و قوسان: قرية بهمدان ذكرها في القاموس ج 2/242. [3]

إرجع مأزورا، ثمّ أقبل على الناس فقال: ألا انبّئكم بأخلى (1)الناس ميزانا يوم القيامة و أبينهم خسرانا، من باع آخرته بدنيا غيره و هو هذا الفاسق، فأسكت الناس و خرج الوالي من المسجد لم ينطق بحرف، فسألت عن الرّجل؟

فقيل لي: هذا جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب صلوات اللّه عليهم. (2)

2-محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه عن الحسين بن موسى (3)، عن محمّد بن صباح (4)، عن بعض أصحابنا قال: أتى الربيع أبا جعفر المنصور و هو خليفة في الطواف، فقال له: يا أمير المؤمنين مات فلان مولاك البارحة، فقطع فلان مولاك رأسه بعد موته، قال:

و استشاط (5)و غضب.

قال: فقال لابن شبرمة، و إبن أبي ليلى، و عدّه معه من القضاة و الفقهاء ما تقولون في هذا؟ فكلّ قال: ما عندنا في هذا شيء.

قال: فجعل يردّد المسئلة في هذا و يقول: أقتله أم لا.

فقالوا: ما عندنا في هذا شيء.

ص:175


1- 1) في المصدر: بأخفّ الناس.
2- 2) أمالي الطوسي ج 1/49 و [1]عنه البحار ج 47/165 ح 5. [2]
3- 3) هو الحسن بن موسى الخشّاب «و الحسين مصحّف» ، قال النجاشي من وجوه أصحابنا مشهور كثير العلم و الحديث له مصنّفات، و عدّه الشيخ في رجاله في أصحاب العسكري عليه السلام، و فيمن لم يرو عنهم عليهم السلام، و قال: روى عنه الصفّار.
4- 4) محمّد بن الصباح، كوفي، ثقة، له كتاب، عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الكاظم عليه السلام.
5- 5) استشاط: إلتهب من الغضب.

قال: فقال له بعضهم: قد قدم رجل السّاعة فإن كان عند أحد شيء فعنده الجواب في هذا و هو جعفر بن محمّد و قد دخل المسعى، قال للربيع: إذهب إليه فقل له: لولا معرفتنا بشغل ما أنت فيه لسألناك أن تأتينا و لكن أجبنا في كذا و كذا.

قال: فأتاه الرّبيع و هو على المروة فأبلغه الرّسالة فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام: قد ترى شغل ما أنا فيه و قبلك العلماء و الفقهاء فاسئلهم، فقال له: قد سألهم و لم يكن عندهم فيه شيء.

قال: فردّه إليه، فقال: أسئلك إلاّ أجبتنا فيه فليس عند القوم في هذا شيء، فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام: حتّى أفرغ ممّا أنا فيه.

قال: فلمّا فرغ فجاء فجلس في جانب المسجد الحرام.

فقال للربيع: إذهب فقل: له عليه مأة دينار، قال: فأبلغه ذلك، فقالوا له: إسأله كيف صار عليه مأة دينار؟

فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: في النطفة عشرون، و في العلقة عشرون، و في المضغة عشرون، و في العظم عشرون، و في اللحم عشرون ثم أنشأناه خلقا آخر، و هذا هو ميّت بمنزلته قبل أن ينفخ فيه الروح في بطن امّه جنينا.

قال: فرجع إليه و أخبره بالجواب فأعجبهم ذلك و قالوا إرجع إليه فاسئله الدنانير لمن هي لورثته أم لا؟

فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: ليس لورثته منها شيء إنّما هذا شيء أتى إليه في بدنه بعد موته، يحجّ بها عنه أو يتصدّق بها عنه، أو يصير في سبيل من سبل الخير قال: فزعم الرّجل أنهم ردّوا الرسول إليه

ص:176

فأجاب فيها أبو عبد اللّه بستة و ثلاثين مسئلة و لم يحفظ الرّجل إلاّ قدر هذا الجواب. (1)

ص:177


1- 1) الكافي ج 7/347 ح 1 و [1]عنه الوسائل ج 19/247 ح 1 و [2]عن التهذيب ج 10/270 ح 10 باب دية من قطع رأس الميّت و أورده في الاستبصار ج 4 ح 1113 و لكن في التهذيبين و كذا في الوسائل: [3] الحسن بن موسى «بدل الحسين» موافقا للوافي و هو الصواب، و أورد الحديث مختصرا ابن شهر اشوب في المناقب ج 4/263. [4]

ص:178

الباب الثامن و العشرون

في أنه وصيّ أبيه عليه السلام

1-محمّد بن يعقوب، عن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن أبان بن عثمان، عن أبي الصباح قال: نظر أبو جعفر إلى أبي عبد اللّه عليه السلام يمشي فقال: ترى هذا؟ من الّذين قال اللّه عز و جل وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى اَلَّذِينَ اُسْتُضْعِفُوا فِي اَلْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ اَلْوارِثِينَ (1). (2)

2-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن إبن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لمّا حضرت أبي الوفاة قال: يا جعفر اوصيك بأصحابي خيرا، قلت: جعلت فداك و اللّه لأدعنّهم (3)و الرجل يكون منهم في المصر-فلا يسأل

ص:179


1- 1) القصص:5. [1]
2- 2) الكافي ج 1/306 ح 1 و [2]عنه اعلام الورى:267، و [3]البرهان ج 3/217 ح 1 و [4]أخرجه في البحار ج 47/13 ح 4 و 5 [5]عن إرشاد المفيد:271 و [6]اعلام الورى، و [7]في البرهان ج 3/218 ح 5 [8]عن الإرشاد و [9]في ص 219 ح 8 عن مجمع البيان ج 4/239 نقلا عن تفسير العيّاشي، و في كشف الغمّة ج 2/167 [10]عن الإرشاد. [11]
3- 3) لأدعنّهم: أي لا أتركنّهم، و الواو في «و الرجل» للحال، فلا يسأل أحدا، أي من المخالفين، أو الأعمّ شيئا من العلم، أو الأعمّ منه و من المال، و الحاصل انّي لا أرفع يدي عن تربيتهم حتّى يصيروا علماء أغنياء لا يحتاجون الى السؤال، أو أخرج من بينهم و قد صاروا كذلك-البحار ج 47/13 ح 13 و 14-. [12]

أحدا. (1)

3-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إبن أبي عمير، عن هشام بن المثنّى (2)عن سدير الصيرفي، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إنّ من سعادة الرّجل أن يكون له الولد يعرف فيه شبه خلقه و خلقه و شمائله، و إنّي لأعرف من ابني هذا شبه خلقي و خلقي و شمائلي يعني أبا عبد اللّه عليه السلام. (3)

4-و عنه عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن طاهر (4)قال: كنت، عند أبي جعفر عليه السلام فأقبل جعفر عليه السلام فقال أبو جعفر عليه السلام: هذا خير البرية. (5)

5-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن إبن محبوب، عن هشام بن سالم، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سئل عن القائم عليه السلام فضرب بيده على أبي عبد اللّه عليه السلام فقال: و اللّه هذا قائم آل محمد صلّى اللّه عليه و آله

ص:180


1- 1) الكافي ج 1/306 ح 2 و [1]عنه اعلام الورى:267 و [2]أخرجه البحار [3]عن ارشاد المفيد:271 و [4]إعلام الورى، و [5]في كشف الغمّة ج 2/166 [6]عن الإرشاد. [7]
2- 2) هشام بن المثنّى و يقال أيضا: هاشم بن المثنّى الحنّاط الكوفي من أصحاب الصادق عليه السلام، تقدّمت ترجمته.
3- 3) الكافي ج 1/306 ح 3 و [8]صدره في الكافي ج 6/4 ح 2 و [9]عنه الوسائل ج 15/95 ح 6 و [10]اخرج صدره في البحار ج 104/95 ح 37 [11]عن مكارم الاخلاق ص 222. [12]
4- 4) طاهر: روى عن الباقر و الصادق عليهما السلام، و روى عنه عليّ بن الحكم، و الفضيل بن عثمان، و يونس بن يعقوب و لم أظفر على ترجمة له.
5- 5) الكافي ج 1/306 ح 4 و 307 ح 5 و [13]ح 6، و عنه البحار ج 47/13 ح 6 و ح 7 و [14]ح 8 عن إرشاد المفيد:271 و [15]اعلام الورى:268 [16] نقلا عن الكليني، و في اثباة الهداة ج 3/72 ح 5 [17]عن الكافي و [18]إعلام الورى، و [19]أخرجه في كشف الغمّة ج 2/167 [20]عن الإرشاد. [21]

و سلّم.

قال عنبسة: فلمّا قبض أبو جعفر عليه السلام دخلت على أبي عبد اللّه عليه السلام فأخبرته بذلك فقال: صدق جابر، ثمّ قال: لعلّكم ترون أن ليس كلّ أمام هو القائم بعد الامام الذي كان قبله. (1)

6-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: إنّ أبي عليه السلام إستودعني ما هناك فلمّا حضرته الوفاة، قال: ادع لي شهودا، فدعوت له أربعة من قريش، فيهم نافع مولى عبد اللّه بن عمر، فقال: اكتب هذا ما أوصى به يعقوب بنيه يا بَنِيَّ إِنَّ اَللّهَ اِصْطَفى لَكُمُ اَلدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاّ وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (2)و أوصى محمّد بن علي إلى جعفر بن محمّد، و أمره أن يكفنّه في برده الّذي كان يصلّي فيه الجمعة، و أن يعمّمه بعمامته، و أن يربّع قبره، و يرفعه أربع أصابع، و أن يحلّ عنه أطماره عند دفنه، ثمّ قال للشهود: إنصرفوا رحمكم اللّه.

فقلت له: يا أبت (بعد ما إنصرفوا) ما كان في هذا بأن تشهد عليه (3)فقال: يا بنيّ كرهت أن تغلب و أن يقال: إنّه لم يوص إليه، فأردت أن تكون لك الحجة. (4)

ص:181


1- 1) الكافي ج 1/307 ح 7 و [1]أخرجه البحار ج 47/14 ح 11 [2]عن إعلام الورى:267 [3] نقلا عن الكليني، و أخرجه كشف الغمة ج 2/167 عن إرشاد المفيد:271.
2- 2) البقرة:132. [4]
3- 3) أي لم يكن لك حاجة في ذلك.
4- 4) الكافي ج 1/307 ح 8 و [5]اخرجه البحار ج 47/13 ح 9 [6]عن ارشاد المفيد:289 و [7]اعلام الورى ص 268. [8]

7-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إبن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: إنّ أبي قال لي ذات يوم في مرضه: يا بنيّ أدخل اناسا من قريش من أهل المدينة حتى اشهدهم.

قال: فأدخلت عليه اناسا منهم، فقال: يا جعفر إذا أنا متّ فغسلّني و كفّني و إرفع قبري أربع أصابع و رشّه بالماء، فلمّا خرجوا قلت: يا أبة لو أمرتني بهذا لصنعته، و لم ترد أن ادخل عليك قوما تشهدهم.

فقال: يا بني أردت أن لا تنازع (1). (2)

8-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن عبد الحميد (3)بن أبي جعفر الفرّاء، قال: إنّ أبا جعفر عليه السلام إنقلع ضرس من أضراسه فوضعه في كفّه، ثم قال:

ألحمد للّه، ثمّ قال: يا جعفر اذا أنا متّ و دفنتني فادفنه معي، ثمّ مكث بعد حين ثمّ إنقلع أيضا آخر، فوضعه على كفّه ثمّ قال: ألحمد للّه يا جعفر إذا متّ فادفنه معي. (4).

ص:182


1- 1) أي لا يختلف الشيعة في امامتك بعدي لأنّه لمّا أوصى اليه في مشهد الشهود بحيث علم المؤالف و المخالف أنّه وصيّه، فاذا ورد المدينة أحد من الشيعة الجاهلين بالامام من بعده فسأل أهل المدينة الى من أوصى أمره؟ فقيل له: الى فلان علم أنّه الامام و إن لم يعرف الشهود ذلك فلم يختلف الشيعة في أمره-الوافي للفيض الكاشاني-. [1]
2- 2) الكافي ج 3/200 ح 5 و [2]عنه البحار ج 46/214 ح 9. [3]
3- 3) عبد الحميد بن أبي جعفر الفرّاء الفزاري مولاهم الكوفي، عدّه الشيخ في رجاله «199» من أصحاب الصادق عليه السلام، روى عن أبي جعفر عليه السلام-معجم رجال الحديث ج 9/269-. [4]
4- 4) الكافي ج 3/262 ح 43 و [5]عنه الوسائل ج 1/431 ح 2 و [6]صدره في ج 2/896 ح 2.

الباب التاسع و العشرون

في صبره و رضائه بقضاء اللّه تعالى باحسن القبول

1-إبن بابويه، حدّثنا أبو الحسن بن محمّد بن القاسم المفسّر الجرجاني رضي اللّه عنه، قال: حدّثنا أحمد بن الحسن الحسيني (1)، عن الحسن بن علي (أي العسكري عليه السلام) عن أبيه، عن محمّد بن علي، عن أبيه الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر عليهم السلام قال: نعي إلى الصادق جعفر بن محمّد عليه السلام إسماعيل بن جعفر، و هو أكبر أولاده، و هو يريد أن يأكل و قد إجتمع ندماؤه، فتبسّم ثمّ دعا بطعامه و قعد مع ندمائه، و جعل يأكل أحسن من أكله سائر الأيّام، و يحثّ ندمائه و يضع بين أيديهم، و يعجبون منه أن لا يروا للحزن في وجهه أثرا.

فلمّا فرغ قالوا: يا بن رسول اللّه لقد رأينا عجبا، أصبت بمثل هذا الإبن و أنت كما ترى؟

قال: و مالي لا أكون كما ترون، و قد جائني خبر أصدق الصادقين

ص:183


1- 1) أحمد بن الحسن الحسيني روى عن الإمام العسكري عليه السلام أورد الصدوق عشرة أحاديث في «العيون» [1] بعنوان الأخبار المنثورة عن الامام الرضا عليه السلام كلّها برواية المفسّر الجرجاني عن صاحب الترجمة و هو يرويها عن الامام الحسن العسكري عليه السلام، و كذا في الأمالي عن الحسن بن علي بن الناصر عن أبيه الرضا عليه السلام-طبقات اعلام الشيعة [2]في القرن الرابع ص 22-.

أنّي ميّت و إيّاكم إنّ قوما عرفوا الموت فجعلوه نصب أعينهم و لم ينكروا من يخطفه الموت منهم و سلّموا الأمر خالقهم عزّ و جلّ (1).

2-محمّد بن يعقوب، عن الحسين بن محمد، عن عبد اللّه بن عامر، عن عليّ بن مهزيار، عن الحسن بن محمد بن مهزيار، عن قتيبة الأعشى (2)، قال: أتيت أبا عبد اللّه عليه السلام أعود إبنا له، فوجدته على الباب فإذا هو مهتّم حزين.

فقلت: جعلت فداك كيف الصبي؟

فقال: و اللّه إنه لما به (3)ثمّ دخل فمكث ساعة.

ثم خرج إلينا و قد اسفر وجهه (4)و ذهب التغيّر و الحزن.

قال: فطمعت أن يكون قد صلح الصبي.

فقلت: كيف الصبي جعلت فداك؟

فقال: قد مضى لسبيله.

فقلت: جعلت فداك لقد كنت و هو حي مهتمّا حزينا (5)و قد رأيت حالك الساعة و قد مات غير تلك الحال فكيف هذا؟

ص:184


1- 1) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 2/2 ح 1 و [1]عنه البحار ج 47/18 ح 7 و [2]في ج 82/128 ح 4 عنه و عن أمالي الصدوق و لكن لم نجده في الأمالي، نعم السند فيه موجود بغير هذا المتن.
2- 2) قتيبة بن محمّد الأعشى المؤدّب أبو محمّد المقري الكوفي، ثقة، عين، روى عن الصادق عليه السلام و له كتاب، و عدّه المفيد من الفقهاء الاعلام [3]الذين لا مطعن فيهم-المعجم ج 14 /74-.
3- 3) هذا كناية عن احتضاره و إشرافه على الموت.
4- 4) أسفر وجهه: أضاء و أشرق.
5- 5) في نسخة: مغتّما حزينا.

فقال: إنّا أهل بيت إنّما نجزع قبل المصيبة، فإذا وقع أمر اللّه رضينا بقضائه و سلّمنا لأمره. (1)

3-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن العلاء بن كامل، قال: كنت جالسا عند أبي عبد اللّه عليه السلام فصرخت صارخة من الدار فقام أبو عبد اللّه عليه السلام ثم جلس فاسترجع و عاد في حديثه حتّى فرغ منه ثم قال: إنّا لنحبّ أن نعافى أنفسنا و أموالنا و أولادنا، فاذا وقع القضاء فليس لنا أن نحبّ مالم يحبّ اللّه لنا. (2)

4-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن أبي المغرا قال: حدّثني يعقوب الأحمر قال: دخلنا على أبي عبد اللّه عليه السلام نعزّيه بإسماعيل، فترحّم عليه ثم قال: إن اللّه عزّ و جلّ نعى الى نبيه صلّى اللّه عليه و آله نفسه فقال: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (3)و قال كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ اَلْمَوْتِ (4)ثمّ أنشأ يحدّث، فقال: إنه يموت أهل الارض حتى لا يبقى أحد، ثم يموت أهل السماء حتّى لا يبقى أحد إلاّ ملك الموت و حملة العرش و جبرائيل و ميكائيل.

قال: فجيء ملك الموت حتى يقوم بين يدي اللّه عزّ و جلّ فيقال

ص:185


1- 1) الكافي ج 3/225 ح 11 و [1]عنه البحار ج 47/49 ح 76، و [2]الوسائل ج 2/918 ح 1. [3]
2- 2) الكافي ج 3/226 ح 13 و [4]عنه البحار ج 47/49 ح 78، و [5]الوسائل ج 2/918 ح 2. [6]
3- 3) الزمر:32. [7]
4- 4) آل عمران:182.

له: من بقي؟ و هو أعلم فيقول: يا رب لم يبق إلاّ ملك الموت و حملة العرش، و جبرئيل، و ميكائيل فيقال له: قل لجبرائيل و ميكائيل:

فليموتا، فتقول الملائكة عند ذلك: رسوليك و أمينيك فيقول: إنّي قد قضيت على كلّ نفس فيها الروح الموت ثمّ يجيء ملك الموت حتى يقف بين يدي اللّه عزّ و جلّ فيقال له: من بقي؟ و هو أعلم، فيقول: يا رب لم يبق إلاّ ملك الموت و حملة العرش، فيقول: قل لحملة العرش:

فليموتوا.

قال: ثمّ يجيء كئيبا حزينا لا يرفع طرفه فيقال: من بقي؟ فيقول: يا ربّ لم يبق إلاّ ملك الموت، فيقال له: مت يا ملك الموت فيموت، ثم يأخذ الأرض بيمينه و السموات بيمينه (1)و يقول: أين الذين كانوا يدعون معي شريكا؟ أين الذين كانوا يجعلون معي إلها آخر؟ ! (2)

ص:186


1- 1) إشارة الى قوله تعالى: «و الأرض جميعا قبضته يوم القيامة و السماوات مطويّات بيمينه» الزمر:66. [1]
2- 2) الكافي ج 3/256 ح 25 و [2]عنه البرهان ج 3/75 ح 1 و [3]نور الثقلين ج 1/419 ح 470 و [4]في البحار ج 6/329 ح 14 [5] عنه و عن الزهد:8 ح 216. [6]

الباب الثلاثون

حديثه مع القدري

1-العيّاشي في «تفسيره» بإسناده عن الحسن بن محمّد الجمّال، عن بعض أصحابنا قال: بعث عبد الملك بن مروان إلى عامل المدينة أن وجّه الى محمّد بن علي بن الحسين و لا تهيجّه و لا تروعّه و اقض له حوائجه و قد كان ورد على عبد الملك رجل من القدرية فحضر جميع من كان بالشام فأعياهم جميعا فقال: ما لهذا إلاّ محمّد بن عليّ، فكتب إلى صاحب المدينة أن يحمل محمّد بن علي إليه، فأتاه صاحب المدينة بكتابه فقال له أبو جعفر عليه السلام: إنّي شيخ كبير لا أقوى على الخروج و هذا جعفر إبني يقوم مقامي فوجّهه إليه.

فلمّا قدم على الأموي أزراه لصغره و كره أن يجمع بينه و بين القدري مخافة أن يغلبه و تسامع الناس بالشام بقدوم جعفر لمخاصمة القدري، فلمّا كان من الغد إجتمع الناس بخصومتهما فقال الأموي لأبي عبد اللّه عليه السلام: إنّه قد أعيانا أمر هذا القدري و إنّما كتبت إليك لأجمع بينك و بينه فانّه لم يدع أحدا إلاّ خصمه فقال: إنّ اللّه يكفيناه.

قال: فلمّا إجتمعوا قال القدري لأبي عبد اللّه عليه السلام: سل عمّا شئت فقال له: إقرأ سورة الحمد.

قال: فقرأها، و قال الأموي و أنا معه: ما في سورة الحمد علينا! إنّا

ص:187

للّه و إنّا إليه راجعون.

قال فجعل القدري يقرء سورة الحمد حتى بلغ قول اللّه تبارك و تعالى إِيّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّاكَ نَسْتَعِينُ فقال له جعفر عليه السلام: قف من تستعين و ما حاجتك الى المعونة ان الامر إليك؟ فَبُهِتَ اَلَّذِي كَفَرَ وَ اَللّهُ لا يَهْدِي اَلْقَوْمَ اَلظّالِمِينَ (1). (2)

قال مؤلّف هذا الكتاب: توجيه ذلك أنّ القدري يقول: إنّ فعل العبد من العبد مفوّض إليه أمره من اللّه سبحانه و تعالى، و ليس للّه سبحانه مشيّة في فعله، بل هو مهمل، و نفسه مستقلّ في أفعاله، و هذا القول خلاف الجبر، و القول الصحيح هو المنزلة بين المنزلتين لا جبر و لا تفويض، و الجبر هو قول المجبرة، و التفويض هو قول القدرية.

و قول المجبرة بأنّ العباد مجبورون على أفعالهم و أن أفعال العباد من اللّه سبحانه مخلوقة منه تعالى الطاعات و المعاصي.

و التفويض هو قول القدرية و هو أنّ فعل العبد مفوّض الى العبد حسب ما قررّناه سابقا فقال الامام أبو عبد اللّه عليه السلام في ردّه على القدري من سورة الفاتحة في قوله تعالى: وَ إِيّاكَ نَسْتَعِينُ (3)من نستعين إذا كنت في زعمك الأمر إليك في أفعالك مفوّض إليّك بالإستقلال لست محتاجا إلى غيرك فيه، فكيف تطلب المعونة فيما أنت فيه مستقّلا غير محتاج؟ فلمّا تطلب المعونة على افعالك من اللّه سبحانه

ص:188


1- 1) البقرة:258. [1]
2- 2) تفسير العياشي ج 1/23 ح 24، و [2]عنه البحار ج 92/239 ح 44 و [3]البرهان ج 1/51 ح 33. [4]
3- 3) الفاتحة:4.

و تعالى دلّ على الحاجة في افعالك و طلب المعونة من اللّه تعالى على أفعالك و لست بمفوّض إليك في أفعالك و مهمل، كما زعمت فَبُهِتَ اَلَّذِي كَفَرَ وَ اَللّهُ لا يَهْدِي اَلْقَوْمَ اَلظّالِمِينَ . (1)

ص:189


1- 1) سورة البقرة:258. [1] الحمد للّه الذي أعانني و وفّقني لتصحيح هذا السفر الشريف في أحوال الامام الصادق و آباءه الطاهرين عليهم صلوات اللّه و سلامه و أرجوه أن يوفّقني لتصحيح الأسفار الأخر و التعليق عليها في أحوال بقيّة الائمّة المعصومين عليهم أفضل التحيّات الزاكيات، عسى أن ينفعني ليوم لا ينفع مال و لا بنون إلاّ من أتى اللّه بقلب سليم تمّ التصحيح و التعليق على يد العبد الفقير غلام رضا بن علي أكبر مولانا البروجردي في بلدة الكويت في شهر صفر الخير سنة «1414» ه.

ص:190

المنهج الثامن في الامام السابع أبي الحسن الاول موسى بن جعفر عليهما السلام

اشارة

بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه رب العالمين و صلّى اللّه على محمد و آله الطاهرين أما بعد فهذا المنهج الثامن في الامام السابع أبي الحسن الاول موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام و فيه اثنان و عشرون بابا.

الباب الأول-في مولده عليه السلام.

الباب الثاني-في حديثه عليه السلام مع أبي حنيفة.

الباب الثالث-في معرفة الشيعة له عليه السلام لما علموا من غزارة علمه عليه السلام.

الباب الرابع-حديثه عليه السلام مع النصرانية و ما في ذلك من سرائر العلوم.

الباب الخامس-حديثه عليه السلام مع الراهب و الراهبة و ما في ذلك من سرائر العلوم.

الباب السادس-حديثه عليه السلام مع الشقيق البلخي من طريق

ص:191

الخاصة و العامة و ما فيه من العمل الصالح و البرهن الواضح و هو من مشاهير الاحاديث.

الباب السابع-في عبادته عليه السلام.

الباب الثامن-في جوده عليه السلام و يدرء بالحسنة السيئة.

الباب التاسع-في مقامات له عليه السلام مع الرشيد.

الباب العاشر-في اعتراف الرشيد لابي الحسن موسى عليه السلام بالامامة و الخلافة.

الباب الحادي عشر-في منطقه الصادع بالصواب.

الباب الثاني عشر-في أنّه عليه السلام كاظم الغيظ.

الباب الثالث عشر-في قرائته عليه السلام القرآن.

الباب الرابع عشر-في مجلسه عليه السلام و من يجالس.

الباب الخامس عشر-في ورعه عليه السلام.

الباب السادس عشر-في ادعية له شتى.

الباب السابع عشر-في طعامه عليه السلام و اطعامه و آداب المائدة.

الباب الثامن عشر-في استعماله عليه السلام الطيب.

الباب التاسع عشر-في الخضاب و التمشط.

الباب العشرون-في الحمام.

الباب الحادي و العشرون-في عمله بيده و لبسه عليه السلام.

الباب الثاني و العشرون-في أنه وصي ابيه عليه السلام.

ص:192

الباب الاول

في مولده عليه السلام

1-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن محمّد، عن عبد اللّه بن إسحاق العلوي (1)، عن محمّد إبن زيد الرزامي عن محمّد بن سليمان الديلمي، عن عليّ بن أبي حمزة عن أبي بصير قال: حججنا مع أبي عبد اللّه عليه السلام في السّنة الّتي ولد فيها ابنه موسى عليه السلام، فلمّا نزلنا بالأبواء (2)وضع لنا الغداء (3)و كان إذا وضع الطعام لأصحابه أكثر و أطاب.

قال: فبينا نحن نأكل إذ أتاه رسول حميدة فقال له: إنّ حميدة تقول: قد أنكرت نفسي، و قد وجدت ما كنت أجد إذا حضرت ولادتي، و قد أمرتني أن لا أستبقك بابنك هذا.

فقام أبو عبد اللّه عليه السلام فانطلق مع الرّسول فلمّا إنصرف قال له أصحابه: سرّك اللّه و جعلنا فداك فما أنت صنعت مع حميدة؟

قال: سلّمها اللّه و قد وهب لي غلاما و هو خير من برأ اللّه في خلقه،

ص:193


1- 1) لم أظفر على ترجمة له، نعم أورده الأردبيلي في «جامع الرواة» و [1]السيّد السند الخوئي في «معجم رجال الحديث» و لكن إكتفيا بذكر الراوي و المروي عنه و قالا: روى عن الحسن بن علي، و محمّد بن زيد الرزامي، و روى عنه علي بن محمّد.
2- 2) الأبواء «بفتح الهمزة و سكون الباء الموحدة» : موضع بين الحرمين.
3- 3) الغداء: طعام الضحى.

و لقد أخبرتني حميدة (1)عنه بأمر ظنّت أنّي لا أعرفه، و لقد كنت أعلم به منها.

فقلت: جعلت فداك فما الّذي أخبرتك به حميدة عنه؟

قال: ذكرت أنه سقط من بطنها حين سقط واضعا يده على الأرض رافعا رأسه إلى السماء، فأخبرتها أنّ ذلك أمارة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أمارة الوصيّ من بعده «فقلت: جعلت فداك و ما هذا من أمارة رسول اللّه و أمارة الوصي من بعده؟» .

فقال لي: إنّه لمّا كانت الليلة التي علق فيها بجدّي أتى آت جدّ أبي بكأس فيه شربة أرقّ من الماء و ألين من الزبد (2)و أحلى من الشهد، و أبرد من الثلج و أبيض من اللبن، فسقاه إيّاه و أمره بالجماع فقام فجامع فعلق بجدّي فلمّا أن كانت الليلة الّتي علق فيها بأبي أتى آت جدّي فسقاه كما سقا جدّ أبي و أمره بمثل الّذي أمره فقام فجامع فعلق بأبي، و لمّا أن كانت الليلة الّتي علق فيها بي أتى آت أبي فسقاه بما سقاهم و أمره بالّذي أمرهم به فقام فجامع فعلق بي.

و لما أن كانت الليلة التي علق فيها بابني أتاني آت كما أتاهم و فعل بي كما فعل بهم فقمت و يعلم اللّه أني مسرور بما يهب اللّه لي، فجامعت

ص:194


1- 1) حميدة المصفّاة: كانت سلام اللّه عليها من أشراف العجم و روى الكليني في الكافي [1]بإسناده عن المعلّى بن خنيس [2]أنّ أبا عبد اللّه عليه السلام قال: حميدة مصفّاة من الأدناس كسبيكة الذهب، ما زالت الأملاك تحرسها حتى ادّيت إليّ كرامة من اللّه لي و الحجة من بعدي.
2- 2) الزبد «بضم الزاي و سكون الباء الموحّدة» : ما يستخرج بالمخض من لبن البقرة و الغنم- و أما لبن الإبل فلا يسمّى ما يستخرج منه زبدا، بل يقال له: حباب.

فعلق بابني هذا المولود فدونكم فهو و اللّه صاحبكم من بعدي، و إنّ نطفة الامام ممّا أخبرتك و اذا سكنت النطفة في الرحم أربعة أشهر و أنشأ فيها الروح بعث اللّه تبارك و تعالى ملكا يقال له: حيوان فكتب على عضده الأيمن وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَ هُوَ اَلسَّمِيعُ اَلْعَلِيمُ (1).

و إذا وقع من بطن امّه وقع واضعا يديه على الأرض رافعا رأسه إلى السماء «فأمّا وضع يديه على الأرض فإنّه يقبض كل علم للّه أنزله من السماء إلى الأرض، و أمّا رفعه رأسه إلى السماء» فإنّ مناديا ينادي به من بطنان العرش من قبل رب العزة من الافق الأعلى باسمه و إسم أبيه، يقول: يا فلان بن فلان إثبت تثبت فلعظيم ما خلقتك: أنت صفوتي من خلقي و موضع سرّي و عيبة علمي و أميني على وحيي و خليفتي في أرضي لك، و لمن تولاك أوجبت رحمتي و منحت جناني و احللت جواري ثمّ و عزتي و جلالي لأصلينّ من عاداك أشدّ عذابي و إن وسعت عليه في دنياي من سعة رزقي، فاذا إنقضى الصوت-صوت المنادي- أجابه هو واضعا يديه رافعا رأسه إلى السماء يقول: شَهِدَ اَللّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ وَ اَلْمَلائِكَةُ وَ أُولُوا اَلْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ اَلْعَزِيزُ اَلْحَكِيمُ (2).

قال: فإذا قال ذلك أعطاه اللّه العلم الأوّل و العلم الآخر و استحق زيارة الروح في ليلة القدر، قلت: جعلت فداك الروح ليس هو جبرئيل؟

ص:195


1- 1) الأنعام:115. [1]
2- 2) آل عمران:18. [2]

قال: الروح أعظم من جبرئيل، إنّ جبرئيل من الملائكة و إن الروح هو خلق أعظم من الملائكة أليس يقول اللّه تبارك و تعالى: تَنَزَّلُ اَلْمَلائِكَةُ وَ اَلرُّوحُ (1). (2)

2-أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري في «مسند (3)فاطمة عليها السلام» ، باسناده عن أبي بصير قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام في السنة التي ولد فيها موسى بن جعفر عليه السلام بالأبواء فبينا نحن نأكل معه إذ أتاه الرسول أنّ حميدة قد أتاها الطلق فقام فرحا مسرورا و مضي، فلم يلبث إذ عاد الينا حاسرا من ذراعيه ضاحكا مستبشرا، فقلنا: أضحك اللّه سنّك و أقرّ عينك ما صنعت حميدة؟

فقال: وهب اللّه لي غلاما و هو خير أهل زمانه و لقد خبرتني امه عنه بما كنت أعلم به منها.

فقلت: جعلت فداك فما الذي أخبرتك به حميدة؟

قال: إنّه لمّا خرج من أحشائها و وقع إلى الأرض رافعا رأسه إلى السماء قد إتّقى الأرض بيده يشهد أن لا إله إلاّ اللّه فقلت لها: إنّ ذلك من أمارة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أمارة الائمّة من بعده.

فقلت: جعلت فداك و ما الأمارة؟

ص:196


1- 1) القدر:5. [1]
2- 2) الكافي ج 1/385 ح 1 و [2]أخرجه البحار ج 48/3 ح 3 [3]عن محاسن البرقي ج 2/314 ح 32 و [4]له تخريجات آخر تقدّمت.
3- 3) هي «دلائل الامامة» و [5]لعلّ وجه تسميتها بمسند فاطمة عليها السلام أنّ أوّل الكتاب الى نحو خمسين صفحة في روايات تحكي و تعرب عن أحوال الصديقة الكبرى و مكارمها العليا و فضائلها العظمى سلام اللّه عليها.

فقال: العلامة يا أبا بصير إنّه لما كانت في الليلة التي علق فيها أتاني آت بكأس فيه شربة من الماء أبيض من اللبن و أحلى من العسل و أشدّ و أبرد من الثلج، فسقانيه، فشربته و أمرني بالجماع، ففعلت فرحا مسرورا و كذلك يفعل بكلّ واحد منّا، فهو و اللّه صاحبكم.

إنّ نطفة الإمام حين تكون في الرحم أربعين يوما و ليلة نصب له عمود من نور في بطن امّه ينظر به مدّ بصره، فإذا تمّت أربعة أشهر أتاه ملك يقال له: الخير فكتب على عضده الأيمن وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلاً الاية (1)فإذا وضعته امّه إتّقى الأرض بيده رافعا رأسه إلى السماء و يشهد أن لا إله إلاّ اللّه و ينادي مناد من قبل العرش من الافق العرش باسمه و إسم أبيه يا فلان بن فلان يقول الجليل: أبشر فإنّك صفوتي و خيرتي من خلقي و موضع سري، و عيبة علمي، لك و لمن تولاّك أوجبت رحمتي و أسكنه جنّتي و احللّه جواري، ثمّ و عزّتي و جلالي لاصلينّ من عاداك ناري و أشدّ عذابي و إن أوسعت عليه في دنياه.

فإذا انقطع المنادي أجابه الإمام: شَهِدَ اَللّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ وَ اَلْمَلائِكَةُ وَ أُولُوا اَلْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ اَلْعَزِيزُ اَلْحَكِيمُ (2)فإذا قالها أعطاه اللّه علم الأوّلين و علم الآخرين و استوجب الزيادة من الجليل ليلة القدر، فقلت: جعلت فداك أليس الروح هو جبرئيل؟

فقال: جبرئيل من الملائكة و الروح خلق أعظم منه و هو مع الإمام

ص:197


1- 1) سورة الأنعام:115. [1]
2- 2) سورة آل عمران:18. [2]

حيث كان. (1)

3-و عنه عن أبي المفضّل محمّد بن عبد اللّه قال: حدّثني أبو النجم (2)بدر بن عمّار الطبرستاني، قال: حدّثنا أبو جعفر محمّد بن علي (3)، رفعه إلى أبي عبد اللّه عليه السلام قال: إنّ حميدة أخبرتني بشيء ظنّت أنّي لا أعرفه و كنت أعلم به منها.

قلنا له: و ما أخبرتك به؟

قال: ذكرت أنه لمّا سقط من الأحشاء سقط واضعا يديه على الأرض رافعا رأسه إلى السماء فأخبرتها أنّ ذلك أمارة رسول اللّه و الوصّي إذا خرج من بطن امّه أن تقع يداه على الأرض رافعا رأسه إلى السماء يقول: شَهِدَ اَللّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ وَ اَلْمَلائِكَةُ (4)الاية، أعطاه اللّه العلم الأوّل و العلم الآخر، و استحق زيارة الروح في ليلة القدر، و هو أعظم خلقا من جبرئيل (5).

ص:198


1- 1) دلائل الإمامة:146 ح 1. [1]
2- 2) أبو النجم بدر بن عمّار الطبرستاني، روى صاحب «الدلائل» [2] في غير واحد من مواضع كتابه هذا عنه بواسطة أبي المفضّل محمّد بن عبد اللّه الشيباني المتوفّى «387» ه و هو يروى عن الشلمغاني و لكن لم أظفر على ترجمة له في كتب التراجم.
3- 3) أبو جعفر محمّد بن علي الشلمغاني المعروف بابن أبي العزاقر، له كتب و روايات، قال الشيخ: كان مستقيم الطريقة، ثمّ تغيّر و ظهرت منه مقالات منكرة إلى أن أخذه السلطان فقتله و صلبه ببغداد و له من الكتب التي عملها في حال الاستقامة: «كتاب التكليف» و عدّه في رجاله فيمن لم يرو عنهم عليهم السلام، و قال الزركلي في الاعلام ج 7/157: [3] إدّعى الشلمغاني أنّ اللاهوت حلّ فيه و أحدث شريعة جاء فيها بالغريب، فأفتى علماء بغداد باباحة دمه فأمسكه الراضي باللّه العباسي فقتله و أحرق جثته سنة «322» .
4- 4) آل عمران:18. [4]
5- 5) دلائل الامامة:147 ح 1. [5]

و قد تقدّم من الروايات ما يدخل في هذا الباب في المنهج الخامس في مولد عليّ بن الحسين زين العابدين عليه السلام.

ص:199

ص:200

الباب الثاني

في حديثه عليه السلام مع أبي حنيفة مع صغر سنّه

1-أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري، قال: حدّثني أبو المفضل محمّد بن عبد اللّه قال حدّثني أبو النجم بدر بن الطبرستاني قال: حدّثني أبو جعفر محمّد بن علي الشلمغاني قال: إنّ أبا حنيفة صار إلى باب أبي عبد اللّه عليه السلام ليسأله عن مسألة فلم يؤذن له فجلس ينتظر الإذن فخرج أبو الحسن عليه السلام و سنّه خمس سنين فدعاه و قال: يا غلام أين يضع المسافر خلاه في بلدكم هذا؟ فاستند أبو الحسن عليه السلام إلى الحائط و قال: يا شيخ يتوقّى شطوط الأنهار، و مساقط الأثمار، و منازل النزّال و أفنية المساجد و لا يستقبل القبلة و لا يستدبرها و يتوارى خلف جدار و يضعه حيث شاء، فانصرف أبو حنيفة في تلك السنة و لم يدخل على أبي عبد اللّه عليه السلام (1). (2)

ص:201


1- 1) في المستدرك ج 1/263 ح 549: [1] يا شيخ يتوقّى شطوط الأنهار، و مساقط الثمار، و منازل البراك، و محجة الطريق، و أقبلة المساجد و افنيتها، و لا يستقبل القبلة و لا يستدبرها، و يتوارى حيث لا يرى، و يضعه حيث يشاء، فانصرف ابو حنيفة في تلك السنة و لم يلق أبا عبد اللّه عليه السلام.
2- 2) دلائل الإمامة:162، و [2]أخرجه المستدرك [3]عن اثبات الوصيّة:162 و [4]في البحار ج 5/27 ح 33 [5]عن الاحتجاج:387 [6] نحوه، و العوالم ج 21/181 ح 5.

2-و في كتاب ثاقب المناقب (1): إشتهر عند الخاصّ و العامّ من حديث أبي حنيفة حين دخل دار الصادق عليه السلام فرأى موسى صلوات اللّه عليه في دهليز داره و هو صبيّ فقال في نفسه: إنّ هؤلاء يزعمون أنّهم يعطون العلم صبيّا و أنا أسنّ (2)ذلك.

فقال له: يا غلام إذا دخل الغريب بلدة أين يحدث؟ فنظر إليه مغضب و قال: يا شيخ أسأت الأدب فاين السلام قال: فخجلت و رجعت حتّى خرجت من الدار و قد نبل في عيني، ثمّ رجعت إليه و سلّمت عليه، و قلت: يا بن رسول اللّه الغريب إذا دخل بلدة أين يحدث؟

فقال عليه السلام يتوقّى شطوط البلد، و مشارع الماء، و فيء النزّال، و مسقط الثمار، و أفنية الدور، و جوادّ الطرق و مجاري المياه و رواكدها، ثم يحدث أين يشاء.

قال: قلت: يا بن رسول اللّه ممّن المعصية؟ فنظر إليّ و قال: إمّا أن تكون من اللّه أو من العبد أو منهما معا، فإن كانت من اللّه فهو أكرم من أن يؤاخذه بما لم يكتسبه، فإن كانت منهما فهو أعدل من أن يأخذ العبد بما هو شريك فيه، فلم يبق إلاّ أن تكون من العبد، فإن عفى فبفضله و إن عاقب فبعدله، قال أبو حنيفة فاغرورقت عيناي و قرأت: ذُرِّيَّةً

ص:202


1- 1) ثاقب المناقب [1]في المعجزات الباهرات للشيخ عماد الدين أبي جعفر محمّد بن علي بن حمزة المشهدي الطوسي المعروف بابن حمزة صاحب «الواسطة» و «الوسيلة» و [2]يظهر من بعض القصص في الكتاب أنّه ألّفه في سنة «560» ه-الذريعة ج 5/5-. [3]
2- 2) أسنّ: أبيّن.

بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اَللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1). (2)

3-و روى الحديث الشيخ المفيد في كتاب «العيون و المحاسن» و أبو عليّ الطبرسي في كتاب «اعلام الورى» و اللفظ للطبرسي قال:

روي عن أبي حنيفة النعمان بن ثابت قال: دخلت المدينة فأتيت أبا عبد اللّه جعفر بن محمّد عليهما السلام: فسلّمت عليه و خرجت من عنده فرأيت إبنه موسى عليه السلام في دهليزه قاعدا في مكتبة و هو صغير السّن فقلت له: يا غلام أين يضع الغريب إذا كان عندكم إذا أراد ذلك؟

فنظر إليّ ثم قال: يجتنب شطوط الأنهار، و مساقط الثمار، و أفنية الدار، و الطرق النافذة و المساجد، و يضع بعد ذلك أين شاء.

فلمّا سمعت هذا القول منه نبل في عيني و عظم في قلبي و قلت:

جعلت فداك ممّن المعصية؟

فقال: إجلس حتى اخبرك فجلست فقال: إنّ المعصية لا بدّ أن تكون من العبد أو من ربه أو منهما جميعا، فإن كانت من الربّ فهو أعدل و أنصف من أن يظلم عبده و يأخذه بما لم يفعله، و إن كانت منهما جميعا فهو شريكه، فالقويّ أولى بإنصاف عبده الضعيف، و إن كانت من العبد وحده فعليه وقع الأمر و إليه توجّه النهي و له حق الثواب و عليه العقاب، و لذلك وجبت له الجنة و النار، فلمّا سمعت ذلك قلت ذُرِّيَّةً بَعْضُها

ص:203


1- 1) سورة آل عمران:34. [1]
2- 2) ثاقب المناقب [2]خطي:69، و العوالم ج 21/18 ح 5 ثاقب المناقب:171 ح 157. [3]

مِنْ بَعْضٍ وَ اَللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1) (2)

و نظم بعضهم في هذا المعنى شعرا فقال:

لم تخل أفعالنا اللاتي نذمّ بها (3)

إحدى ثلاث خلال حين نأتيها

إمّا تفرّد بارينا بصنعتها

فيسقط اللوم عنّا حين ننشيها

(4) أو كان يشركنا فيها فيلحقه

ما سوف يلحقنا من لائم فيها

أو لم يكن لإلهي في جنايتها

ذنب فما الّذنب إلاّ ذنب جانيها

(5) (6)4-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم رفعه قال خرج أبو حنيفة من عند أبي عبد اللّه عليه السلام و أبو الحسن موسى عليه السلام قائم و هو غلام، فقال له أبو حنيفة يا غلام أين يضع (7)الغريب ببلدكم؟

فقال: إجتنب أفنية المساجد، و شطوط الأنهار، و مساقط الثمار،

ص:204


1- 1) سورة آل عمران:34. [1]
2- 2) الفصول المختارة من العيون و المحاسن:43، [2]إعلام الورى:297 و [3]أخرج نحوه في البحار ج 48/106 [4]عن المناقب لابن شهر آشوب ج 4/314 [5] نحوه.
3- 3) في المصدر: نذمّ لها.
4- 4) في نسخة: حين ينشيها.
5- 5) أمالي السيّد المرتضى ج 1/152.
6- 6) في حواشي الأصل: زيادة في آخر هذه القطعة: سيعلمون إذا الميزان شال بهم أهم جنوها أم الرحمن جانيها.
7- 7) حذف المفعول لا ستهجان ذكره.

و منازل النزّال، و لا تستقبل القبلة بغايط و لا بول، و ارفع ثوبك، وضع حيث شئت. (1)

ص:205


1- 1) الكافي ج 3/16 ح 5 و [1]عنه البحار ج 48/114 ح 23 و [2]في الوسائل ج 1/212 ح 1 و [3]ص 228 ح 2 عنه و عن التهذيب ج 1/30 ح 18.

ص:206

الباب الثالث

في معرفة الشيعة له لما علموا من غزارة علمه عليه السلام

1-محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أبي يحيى الواسطي (1)، عن هشام بن سالم، قال: كنّا بالمدينة بعد وفاة أبي عبد اللّه عليه السلام أنا و صاحب الطاق و الناس مجتمعون على عبد اللّه بن جعفر (2)أنّه صاحب الأمر بعد أبيه، فدخلنا عليه أنا و صاحب الطاق و النّاس عنده، و ذلك أنّهم رووا عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال: إنّ الأمر في الكبير ما لم يكن به، عاهة، فدخلنا عليه

ص:207


1- 1) ابو يحيى الواسطي: هو سهيل بن زياد، و امّه بنت محمد بن النعمان أبي جعفر الأحول مؤمن الطاق، له كتاب، لقي أبا محمّد العسكري عليه السلام و عدّه الشيخ في رجاله فيمن لم يرو عنهم عليهم السلام-معجم رجال الحديث ج 8/357-. [1]
2- 2) عبد اللّه بن جعفر الصادق عليه السلام، قال المفيد في الإرشاد: [2] كان عبد اللّه أكبر اخوته بعد اسماعيل، و يقال: إنّه كان يخالط الحشويّة، و إدّعى بعد أبيه الإمامة و احتجّ بأنّه أكبر إخوته الباقين فاتبّعه على قوله جماعة من أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام، ثمّ رجع اكثرهم بعد ذلك الى القول بإمامة أخيه موسى عليه السلام، و أقام نفر يسير منهم على أمرهم و هم الطائفة الملقبّة بالفطحيّة، لأنّ عبد اللّه كان أفطح الرجلين، و يقال: لقّبوا بذلك لأنّ داعيهم الى إمامة عبد اللّه كان عبد اللّه بن أفطح. روى عن الصادق عليه السلام أنّه قال لموسى: يا بنيّ إنّ أخاك سيجلس مجلسي و يدّعي الامامة بعدي! فلا تنازعه بكلمة فإنّه أوّل أهلي لحوقا بي، و روي أنّه مات بعد أبيه بتسعين يوما-سفينة البحار ج 2/373-. [3]

نسأله عمّا كنّا نسأل عنه أباه فسألناه عن الزكوة في كم تجب؟

فقال: في مأتين خمسة، فقلنا: في مأة؟

فقال: درهمان و نصف فقلنا: و اللّه ما تقول المرجئة (1)هذا! .

قال: فرفع يده الى السماء فقال: و اللّه ما أدري ما تقول المرجئة.

قال: فخرجنا من عنده ضلاّلا لا ندري إلى أين نتوجّه أنا و أبو جعفر الأحول، فقعدنا في بعض أزقّه المدينة باكين حيارى لا ندري إلى أين نتوجّه و إلى من نقصد؟ و نقول: إلى المرجئة؟ إلى القدريّة (2)؟ إلى الزّيديّة؟ إلى المعتزلة؟ إلى الخوارج؟ فنحن كذلك إذ رأيت رجلا شيخا لا أعرفه يوميء إليّ بيده فخفت أن يكون عينا من عيون أبي جعفر المنصور، و ذلك أنّه كان له بالمدينة جواسيس ينظرون إلى من أتفقت شيعة جعفر عليه السلام عليه فيضربون عنقه، فخفت أن يكون منهم.

فقلت للأحول: تنحّ فإنّي خائف على نفسي و عليك، و إنّما يريدني لا يريدك، فتنحّ عني لا تهلك و تعين على نفسك، فتنحّى غير بعيد، و تبعت الشيخ و ذلك أنّي ظننت أنّي لا أقدر على التخلّص منه، فما زلت أتبعه و قد عزمت على الموت حتى ورد بي على باب أبي الحسن عليه السلام ثمّ خلاّني و مضى، فإذا خادم بالباب فقال لي:

أدخل رحمك اللّه، فدخلت فإذا أبو الحسن موسى عليه السلام فقال لي

ص:208


1- 1) المرجئة فرقة تعتقد أنّه لا يضرّ مع الإيمان معصية كما أنّه لا ينفع مع الكفر طاعة، سمّوا مرجئة لأنّهم قالوا: إنّ اللّه أرجأ تعذيبهم على المعاصي أي أخّره، و قد يطلق على من أرجأ و أخّر أمير المؤمنين عليه السلام عن درجته الاولى-سفينة البحار ج 1/510-. [1]
2- 2) القدريّة: يطلق في أخبارنا على الجبري و على التفويضي كليهما و قالت المعتزلة: القدريّة هم القائلون بأنّ الخير و الشر كلّه من اللّه و بتقديره و مشيّته-السفينة ج 2/409-.

إبتداء منه: لا إلى المرجئة و لا إلى القدريّة و لا إلى الزيدية و لا إلى المعتزلة و لا إلى الخوارج إليّ إليّ.

فقلت: جعلت فداك مضى أبوك؟

قال: نعم.

قلت: مضى موتا؟

قال: نعم.

قلت: فمن لنا من بعده؟

فقال: إنشاء اللّه أن يهديك هداك.

«قال:» قلت: جعلت فداك إنّ عبد اللّه يزعم أنّه من بعد أبيه.

قال: يريد عبد اللّه أن لا يعبد اللّه.

قال: قلت: جعلت فداك فمن لنا من بعده؟

قال: إنشاء اللّه أن يهديك هداك.

قال: قلت: فأنت هو؟

قال: لا، ما أقول ذلك، قال: فقلت في نفسي: لم اصب طريق المسئلة.

ثمّ قلت له: جعلت فداك أعليك إمام؟

قال: لا، فداخلني شيء لا يعلمه إلاّ اللّه عزّ و جلّ إعظاما له و هيبة أكثر ممّا كان يحلّ بي من أبيه إذا دخلت عليه، ثمّ قلت له: جعلت فداك أسألك عمّا كنت أسأل أباك؟

فقال: سل تخبر و لا تذع فإن أذعت فهو الذّبح، فسألته فإذا هو بحر لا ينزف.

ص:209

قلت: جعلت فداك شيعتك و شيعة أبيك ضلاّل فالقي إليهم و أدعوهم إليك؟ فقد أخذت عليّ الكتمان.

قال: من آنست منهم (1)رشدا فألق إليه و خذ عليه الكتمان فإذا أذاعوا به فهو الذبح، و أشار بيده إلى حلقه.

قال: فخرجت من عنده فلقيت أبا جعفر الأحول فقال لي: ما ورائك؟

قلت: الهدى، فحدّثته بالقصّة ثمّ لقينا الفضيل و أبا بصير، فدخلا عليه و سمعا كلامه و سائلاه و قطعا عليه بالإمامة، ثم لقينا الناس أفواجا فكلّ من دخل عليه قطع إلاّ طائفة عمّار و أصحابه و بقي عبد اللّه لا يدخل إليه إلاّ قليل من الناس، فلمّا رأى ذلك قال: ما حال الناس؟ فأخبر أنّ هشاما صدّ عنك الناس، قال هشام: فأقعد لي بالمدينة غير واحد ليضربوني. (2)

2-أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري قال: أخبرني أبو الحسن عليّ بن هبة اللّه (3)، قال: حدّثنا أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى، عن أبيه، عن سعد بن عبد اللّه، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن

ص:210


1- 1) في المصدر: آنست منه.
2- 2) الكافي ج 1/351 ح 7 و [1]عنه إعلام الورى:291 و [2]أخرجه في كشف الغمّة ج 2/222 [3]عن ارشاد المفيد:291 و [4]أورده ابن شهر آشوب في المناقب ج 4/292-. [5]
3- 3) عليّ بن هبة اللّه الورّاق، من مشايخ الصدوق، يروى عنه مترضّيا كما في «التعليقة» للوحيد، و هو غير أبي الحسن علي بن هبة اللّه بن عثمان بن الرائقة الموصلي، صاحب كتاب «المستمسك بحبل آل الرسول» فإنّه من تلاميذ الصدوق و من مشايخ المفيد عبد الرحمن، بن أحمد النيسابوري الذي هو تلميذ المرتضى و الطوسي-طبقات أعلام الشيعة [6]في القرن الرابع ص 211-.

أبي عمير، عن هشام بن سالم، قال: دخلت على عبد اللّه بن جعفر بن محمّد بعد موت أبي عبد اللّه عليه السلام و كان إدّعى الإمامة فسألته عن شيء من الزكوة، فقلت له: كم في المأة؟

فقال: خمسة دراهم قلت: و كم في نصف المأة؟ قال درهمين و نصف.

فقلت: ما قال بهذا أحد من الامّة فخرجت من عنده إلى قبر رسول اللّه مستغيثا برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقلت: يا رسول اللّه إلى من؟ إلى القدرية؟ إلى الحروريّة؟ إلى المرجئة؟ إلى الزيدية؟ فإنّي كذلك إذ أتاني رسول أبي الحسن عليه السلام غلام صغير دون الخماسي.

فقال: أجب مولاك موسى بن جعفر عليه السلام فأتيته فلمّا بصر بي من صحن الدار إبتدأني فقال: يا هشام قلت: لبيك.

قال: لا إلى القدرية و لا إلى الحروريّة و لا إلى المرجئة و لا إلى الزيدية و لكن إلينا.

فقلت: أنت صاحبي فسألته فأجابني عن كلّ ما أردت. (1)

3-محمّد بن الحسن الصفّار في «بصائر الدرجات» عن يعقوب بن

ص:211


1- 1) دلائل الإمامة:160 و [1]أخرجه في البحار ج 48/50 ح 44 [2]عن بصائر الدرجات:250 ح 1 و [3]لفظة: دخلت على عبد اللّه بن جعفر، و أبو الحسن في المجلس و قدّامه مرآة و آلتها، مردّى بالرداء، موزّرا، فأقبلت على عبد اللّه فلم أزل أسائله حتّى جرى ذكر الزكاة فسألته فقال: تسألني عن الزكاة؟ من كانت عنده أربعون درهما ففيها درهم، قال: فاستشعرته و تعجّبت منه فقلت له: أصلحك اللّه قد عرفت مودّتي لأبيك و انقطاعي اليه و قد سمعت منه كتبا فتحبّ أن آتيك بها؟ قال: نعم بنو أخ، أئتنا، فقمت مستغيثا برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فأتيت القبر، فقلت: يا رسول اللّه إلى من؟ إلى القدرية. . .

يزيد، عن محمّد بن الحسن بن زياد الميثمي (1)قال حدّثنا الحسن الواسطي، عن هشام بن سالم، قال: لما دخلت على عبد اللّه بن أبي عبد اللّه فسألته فلم أر عنده شيئا، فدخلني من ذلك ما اللّه أعلم به (2)و خفت أن لا يكون أبو عبد اللّه عليه السلام ترك خلفا، فأتيت قبر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فجلست عند رأسه أدعو اللّه و أستغيث به.

ثمّ فكّرت فقلت: أصير إلى قوم الزنادقة، ثمّ فكّرت فيما يدخل عليهم و رأيت قولهم يفسد ثمّ قلت: لابل قول الخوارج، آمر بالمعروف و أنهى عن المنكر و أضرب بسيفي حتى أموت، ثمّ فكّرت في قولهم و ما يدخل عليهم فوجدته يفسد، ثمّ قلت أصير إلى القدرية (المرجئة) ثمّ فكّرت فيما يدخل عليهم فإذا قولهم يفسد، فبينا أنا افكّر في نفسي و أمشي إذ مرّ بي بعض موالي أبي عبد اللّه عليه السلام فقال لي: أتحبّ أن أستأذن لك على أبي الحسن عليه السلام قلت: نعم، فذهب فلم يلبث إلى أن عاد إليّ فقال: قم و ادخل عليه، فلمّا نظر إلى أبو الحسن عليه السلام قال لي: مبتدئا لا إلى الزنادقة، و لا إلى الخوارج، و لا إلى المرجئة، و لا إلى القدرية، و لكن إلينا.

قلت: أنت صاحبي، ثم سألته فأجابني عمّا أردت. (3)

4- «ثاقب المناقب» عن هشام بن سالم قال: لمّا قبض أبو عبد اللّه

ص:212


1- 1) محمّد بن الحسن بن زياد الميثمي الأسدي مولاهم أبو جعفر، وثّقه النجاشي و قال: ثقة، عين، روى عن الرضا عليه السلام و له كتاب-معجم رجال الحديث ج 15/217-. [1]
2- 2) في البحار: [2] ما اللّه به عليم.
3- 3) بصائر الدرجات:251 ح 4 و [3]عنه البحار ج 48/51 ح 47 و [4]العوالم ج 21/91 ح 6.

عليه السلام إختلف أصحابه من بعده و مالوا إلى عبد اللّه بن جعفر فتبيّن لهم منه أنه ليس بصاحب الأمر من بعد أبيه فمالوا إلى محمد بن جعفر (1)، فوجدوا فيه مثل ما وجدوا في عبد اللّه، فاغتمّوا لذلك غمّا شديدا فدخلنا مسجد الرسول صلّى اللّه عليه و آله و صلّى كلّ واحد منا ركعتين، ثمّ رفعنا أيدينا إلى السماء باكية أعيننا حيرة منّا في أمرنا، و نحن نقول: اللّهم إلى من؟ إلى المرجئة؟ إلى الخوارج؟ إلى المعتزلة؟ فجائنا مولى لأبي عبد اللّه عليه السلام فدعا إلى أبي الحسن عليه السلام فمضينا إليه فاستأذن لنا عليه، فأذن لنا فدخلنا فلمّا بصر بنا قال من قبل أن نتكلّم: إلي لا إلى الخوارج، و لا إلى المعتزلة، و لا إلى المرجئة، فعلمنا أنّه صاحب الأمر عليه السلام. (2)

5-و رواه أيضا إبن شهر آشوب في «المناقب» (3)و الراوندي (4)في «الخرايج» (5)و الاختلاف بالزيادة و النقصان لا يضعف الحديث بل يقويه لان توافر الدواعي على نقله لا يؤمن فيه الاختلاف من الرواة

ص:213


1- 1) محمّد بن جعفر الصادق عليه السلام، كان سخيّا شجاعا، و كان يصوم يوما و يفطر يوما، خرج على المأمون في سنة «199» ه بمكة المكرّمة فخرج لقتاله عيسى الجلّودي ففرّق جمعه و أخذه و أنفذه الى المأمون فأكرمه المأمون و وصله و كان مقيما معه بخراسان إلى أن توفّي فيه فحمل المأمون جنازته و صلّى عليه و قام على قبره حتّى دفن-سفينة البحار ج 1/ 317-. [1]
2- 2) ثاقب المناقب [2]خطي:189، و العوالم ج 21/91 ح 6 ثاقب المناقب:437 ح 373. [3]
3- 3) المناقب ج 4/292.
4- 4) الراوندي: قطب الدين سعد بن هبة اللّه كان من أعاظم محدّثي الشيعة، توفي سنة «573» و قبره ببلدة قم في جوار الحضرة الفاطميّة لا زالت مهبطا للفيوضات الربانيّة.
5- 5) الخرايج:203.

الكثيرين مع سلامة المطلوب و الاتفاق على المقصود.

6-محمّد بن يعقوب بإسناده عن خلف بن حمّاد، عن أبي الحسن موسى عليه السلام و قد سأله عن دم العذرة (1)و الحيض، فقال عليه السلام يا خلف سر اللّه فلا تذيعوه، و لا تعلّموا هذا الخلق اصول دين اللّه بل إرضوا لهم ما رضي اللّه لهم من ضلال (2)، قال: ثمّ عقد بيده اليسرى تسعين (3)ثمّ قال: تستدخل قطنة ثم تدعها مليّا ثم تخرجها اخراجا رقيقا فان كان الدم مطوقا في القطنة فهو من العذرة و إن كان مستنقعا (4)في القطنة فهو من الحيض.

قال خلف: فاستخفّني الفرح، فبكيت فلمّا سكن بكائي.

قال: ما أبكاك؟

قلت: جعلت فداك من كان يحسن هذا غيرك؟

ص:214


1- 1) العذرة «بضمّ العين المهملة و سكون الذال المعجمة» : البكارة.
2- 2) لعلّ المراد باصول الدين الأحكام الكلّية التي يستنبط منها الجزئيّات و القواعد الاصليّة التي تستخرج منها الفرعيّات، و قوله عليه السلام: «و ارضوا لهم ما رضى اللّه لهم» أي أقرّوهم على ما أقرّهم اللّه عليه، و ليس المراد حقيقة الرضا فإنّ اللّه تعالى لا يرضى لعباده الكفر و الضلال، تعالى اللّه عن ذلك. قال صاحب المدارك: هذا الكلام وارد على سبيل المجاز، و المراد أنّه رضي لهم الإختيار الموصل بسوء اختيارهم الى الضلال.
3- 3) أراد أنّه عليه السلام وضع رأس ظفر مسبّحة يسراه على المفصل الأسفل من إبهامها، فإنّ ذلك بحساب عقود الأصابع موضع للتسعين إذا كان باليد اليمنى و للتسعمائة إذا كان باليد اليسرى، و ذلك لان وضع عقود أصابع اليد اليمنى للآحاد و العشرات و أصابع اليسرى للمأت في اليسرى على صورة عقود العشرات في اليمنى من غير فرق كما تبيّن في محلّه و لعلّ الراوي و هم في التعبير في جمعه بين قوله: «تسعين» و قوله: «بيده اليسرى» - الوافي [1]للفيض قدّس سرّه-.
4- 4) مستنقعا: منغمسا.

قال: فرفع يده إلى السماء و قال: و اللّه اني ما اخبرك إلاّ عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن جبرئيل عن اللّه تعالى. (1)

7-ابن بابويه قال: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي اللّه عنه قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عبد اللّه بن محمّد الهاشمي (2)في حديث له مع المأمون (3): يا عبد اللّه يلومونني (4)أهل بيتي و أهل بيتك أن نصبت أبا الحسن الرّضا عليه السلام علما و اللّه لاحدثنّك بحديث تتعجّب منه، جئته يوما فقلت له: جعلت فداك إنّ آبائك موسى بن جعفر، و جعفر بن محمد، و محمد بن علي، و علي بن الحسين عليهم السلام كان عندهم علم ما كان و ما هو كائن إلى يوم القيامة و أنت وصيّ القوم و وارثهم و عندك علمهم و قد بدت لي إليك حاجة و ذكر الحديث. (5)

ص:215


1- 1) الكافي ج 3/92 ح 1 و [1]عنه مناقب ابن شهر آشوب ج 4/310 [2] مختصرا و البحار ج 48/ 113 ذيل ح 22 و [3]في الوسائل ج 2/535 [4] عنه و عن المحاسن:308 ذيل ح 22 و [5]أخرجه في البحار ج 81/99 ذيل ح 14 [6]عن المحاسن. [7]
2- 2) الظاهر أنّه عبد اللّه بن محمد بن ابراهيم الهاشمي العبّاسي أبو محمّد المعروف بابن زينب، ولى مصر للرشيد سنة «189» ه و عزل بعد ثمانية أشهر و 19 يوما، فعاد إلى بغداد، فجعله الرشيد في جملة قوّاده يوجّهه في المهمّات الى أن مات حدود سنة «200» ه-الأعلام ج 4/260-. [8]
3- 3) المأمون العبّاسي: عبد اللّه بن هارون بن محمّد المهدي بن أبي جعفر المنصور، سابع الخلفاء من بني العبّاس في العراق ولد سنة «170» ه و ولى الخلافة بعد الأمين سنة «198» ه، و توفى سنة «218» ه في «بذندون» و دفن في طرسوس-الاعلام ج 4/ 287-. [9]
4- 4) في المصدر: أيلومني أهل بيتي؟ .
5- 5) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 2/223 ح 44 و [10]عنه البحار ج 49/30، و [11]الحديث طويل قطعه المصنّف ره و أخذ موضع الحاجة منه.

ص:216

الباب الرابع

حديثه مع النصرانيين و ما في ذلك من سرائر العلوم

1-محمّد بن يعقوب، عن أحمد بن مهران (1)، و عليّ بن إبراهيم جميعا عن محمّد بن علي، عن الحسن بن راشد، عن يعقوب بن جعفر بن إبراهيم (2)، قال: كنت عند أبي الحسن موسى عليه السلام إذ أتاه رجل نصرانيّ و نحن معه بالعريض (3)فقال له النصراني: إنّي أتيتك من بلد بعيد و سفر شاقّ، و سألت ربّي منذ ثلاثين سنة أن يرشدني إلى خير الأديان و إلى خير العباد و أعلمهم، و أتاني آت في النوم فوصف لي رجلا بعليا دمشق، فإنطلقت حتى أتيته فكلّمته.

فقال: أنا أعلم أهل ديني و غيري أعلم منّي.

فقلت له: أرشدني إلى من هو أعلم منك، فإنّي لا أستعظم السفر و لا تبعد عليّ الشقّة، و اللّه لقد قرأت الإنجيل كلّها و مزامير داود، و لقد

ص:217


1- 1) أحمد بن مهران: وقع في إسناد جملة من الروايات تبلغ «52» موردا، روى عن عبد اللّه العظيم بن عبد اللّه الحسني، و محمد بن علي، و روى عنه الكليني في جميع الموارد و ترحّم عليه في عدّة منها و لذلك إعتمد عليه الوحيد البهبهاني قدّس سرّه في «التعليقة» و إن ضعّفه ابن الغضائري-معجم رجال الحديث ج 2/346-. [1]
2- 2) يعقوب بن جعفر بن إبراهيم الجعفري، روى عن أبي ابراهيم عليه السلام و روى عن اسحاق بن جعفر، و روى عنه الحسن بن راشد و محمّد بن عليّ، و لم اظفر على ترجمة له.
3- 3) العريض «بالعين المهملة المضمومة» : واد بالمدينة.

قرأت أربعة أسفار من التوراة، و قرأت ظاهر القرآن حتى إستوعبته كله.

فقال لي العالم: إن كنت تريد علم النصرانيّة فأنا أعلم العرب و العجم بها و إن كنت تريد علم اليهودية فباطى بن شرحبيل السامري أعلم الناس بها أليوم، و إن كنت تريد علم الإسلام و علم التوراة و علم الإنجيل و علم الزبور و كتاب هود و كلّما انزل على نبيّ من الأنبياء في دهرك و ما انزل من السماء من خبر فعلمه أحد أو لم يعلم به أحد، فيه تبيان كلّ شيء، و شفاء للعالمين، و روح لمن إستروح إليه، و بصيرة لمن أراد اللّه به خيرا، و انس إلى الحق، فأرشدك إليه فأته و لو مشيا على رجليك فإن لم تقدر فحبوا على ركبتيك، فإن لم تقدر فزحفا على إستك، فإن لم تقدر فعلى وجهك، فقلت: لا بل أنا أقدر على المسير في البدن و المال.

قال: فانطلق من فورك حتّى تأتي يثرب، فقلت: لا أعرف يثرب، قال: فانطلق حتّى تاتي مدينة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الّذي بعث في العرب، و هو النبيّ العربيّ الهاشميّ فإذا دخلتها فسل عن بني غنم بن مالك بن النجّار، و هو عند باب مسجدها و أظهر بزة (1)النصرانية و حليتها، فإنّ واليها يتشدّد عليهم و الخليفة أشدّ، ثم تسأل عن بني عمرو بن مبذول و هو ببقيع الزبير، ثم تسأل عن موسى بن جعفر عليه السلام و أين منزله و أين هو؟ مسافر أم حاضر، فإن كان مسافرا فألحقه فإنّ سفره أقرب مما ضربت إليه، ثمّ أعلمه أنّ مطران عليا الغوطة (2)

ص:218


1- 1) البزّة «بكسر الباء الموحدّة» : الهيئة.
2- 2) الغوطة «بضمّ الغين المعجمة» : موضع بالشام كثير الماء و الشجر و هو غوطة دمشق.

دمشق هو الّذي أرشدني إليك، و هو يقرئك السلام كثيرا و يقول لك:

إنّي لاكثر مناجات ربّي أن يجعل إسلامي على يديك، فقصّ هذه القصّة، و هو قائم معتمد على عصاه ثمّ قال لي: إن أذنت لي يا سيّدي كفّرت لك (1)و جلست، فقال: آذن لك أن تجلس و لا آذن لك أن تكفّر فجلس، ثمّ ألقى عنه برنسه، ثمّ قال: جعلت فداك تأذن لي في الكلام؟

قال: نعم ما جئت إلاّ له.

فقال له النصراني: اردد على صاحبي السّلام أو ما تردّ السلام عليه؟

فقال أبو الحسن عليه السلام: على صاحبك السلام أن هداه اللّه، فأمّا التسليم فذلك إذا صار في ديننا.

فقال النصراني: إنّي أسئلك أصلحك اللّه قال: سل.

قال: أخبرني عن الكتاب الّذي انزل على محمّد صلّى اللّه عليه و آله و نطق به ثمّ وصفه بما وصفه فقال: حم وَ اَلْكِتابِ اَلْمُبِينِ إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنّا كُنّا مُنْذِرِينَ فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (2)ما تفسيرها في الباطن.

فقال: أمّا حم فهو محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هو في كتاب هود الّذي انزل عليه و هو منقوص الحروف، و أمّا الكتاب المبين فهو أمير المؤمنين عليّ عليه السلام، و أمّا اللّيلة ففاطمة صلوات اللّه عليها، و أما قوله فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ يخرج منها خير كثير، فرجل

ص:219


1- 1) التكفير: وضع اليد على الصدر.
2- 2) سورة الدخان:1-4. [1]

حكيم، و رجل حكيم، و رجل حكيم.

فقال الرجل: صف لي الأوّل و الأخر من هؤلاء الرجال.

فقال: إنّ الصفات تشتبه و لكنّ الثالث من القوم أصف لك ما يخرج من نسله و أنّه عندكم لفي الكتب التي نزلت عليكم إن لم تغيّروا و تحرّفوا و تكفروا و قديما ما فعلتم.

فقال له النصراني: لا أستر عنك ما علمت و لا اكذبّك و أنت تعلم ما أقول في صدق ما أقول و كذبه، و اللّه لقد أعطاك اللّه من فضله و قسم عليك من نعمه ما لا يخطره الخاطرون، و لا يستره الساترون و لا يكذّب فيه من كذب، فقولي لك في ذلك الحقّ كما ذكرت فهو كما ذكرت.

فقال له أبو ابراهيم عليه السلام: اعجلك أيضا خبرا لا يعرفه إلاّ قليل ممن قرء الكتب أخبرني ما إسم امّ مريم و أيّ يوم نفخت فيه مريم؟ و لكم من ساعة من النهار؟ و أيّ يوم وضعت مريم فيه عيسى؟ و لكم من ساعة من النهار؟

فقال النصراني لا أدري.

فقال أبو إبراهيم عليه السلام أمّا امّ مريم فإسمها مرثا و هي و هيبة بالعربيّة، و أما اليوم الّذي حملت فيه مريم فهو يوم الجمعة للزوال، و هو اليوم الّذي هبط فيه الرّوح الأمين و ليس للمسلمين عيد كان أولى منه، عظّمه اللّه تبارك و تعالى، و عظّمه محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فأمره أن يجعله عيدا فهو يوم الجمعة، و أمّا اليوم الذي ولدت فيه مريم، فهو يوم الثلاثاء لأربع ساعات و نصف من النهار.

و النهر الّذي ولدت عليه مريم عيسى عليهما السلام هل تعرفه؟

ص:220

قال: لا.

قال: هو الفرات و عليه شجر النخل و الكرم، و ليس يساوي بالفرات شيء للكروم و النخيل، فأمّا اليوم الذى حجبت فيه لسانها و نادى قيدوس ولده و أشياعه فأعانوه و أخرجوا آل عمران لينظروا إلى مريم فقالوا لها: ما قصّ اللّه عليك في كتابه و علينا في كتابه، فهل فهمته؟

قال: نعم و قرأته اليوم الأحدث.

قال: إذا لا تقوم من مجلسك حتى يهديك اللّه.

قال النصراني: ما كان إسم امّي بالسريانية و العربية؟

فقال: كان إسم امّك بالسريانية عنقالية، و عنقورة كانت جدتك لأبيك (1)و أمّا إسم امّك بالعربية فهو ميّة و أمّا إسم أبيك فعبد المسيح، و هو عبد اللّه بالعربية، و ليس للمسيح عبد.

قال: صدقت و بررت فما كان إسم جدّي.

قال: كان إسم جدك جبرئيل و هو عبد الرحمان سمّيته في مجلسي هذا.

قال: أما إنّه كان مسلما؟

قال أبو إبراهيم عليه السلام: نعم و قتل شهيدا دخلت عليه أجناد فقتلوه في منزله غيلة و الأجناد من أهل الشام.

قال: فما كان إسمي قبل كنيتي!

ص:221


1- 1) في المصدر: كان اسم جدّتك لأبيك.

قال: كان إسمك عبد الصليب.

قال: فما تسمّيني؟

قال: اسمّيك عبد اللّه.

قال: إنّي آمنت باللّه العظيم، و شهدت أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له فردا صمدا ليس كما تصفه النصارى و ليس كما تصفه اليهود و لا جنس من أجناس الشرك، و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله أرسله بالحق فأبان به لأهله و عمي المبطلون، و إنّه كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلى الناس كافة إلى الأحمر و الأسود و كلّ فيه مشترك، فأبصر من أبصر و إهتدى من إهتدى و عمى المبطلون و ضلّ عنهم ما كانوا يدّعون، و أشهد أنّ وليّه نطق بحكمته و أنّ من كان من قبله من الأنبياء نطقوا بالحكمة البالغة و توازروا على الطاعة للّه و فارقوا الباطل و أهله و الرجس و أهله و هجروا سبيل الضلالة، و نصرهم اللّه بالطاعة له و عصمهم من المعصية فهم للّه أولياء و للدين أنصار، يحثّون على الخير، و يأمرون به آمنت بالصغير و بالكبير (1)و من ذكرت منهم و من لم أذكر و آمنت باللّه تبارك و تعالى ربّ العالمين، ثمّ قطع زنّاره و قطع صليبا كان في عنقه من ذهب.

ثمّ قال: مرني حتّى أضع صدقتي (2)حيث تأمرني.

فقال: ههنا أخ لك كان على مثل دينك و هو رجل من قومك من

ص:222


1- 1) في المصدر: آمنت بالصغير منهم و الكبير.
2- 2) أضع صدقتي: لعلّ المراد بالصدقة الصليب الذي كان في عنقه، أراد أن يتصدّق بذهبه، و يحتمل الأعمّ.

قيس بن ثعلبة و هو في نعمة (1)كنعمتك فتواسيا و تجاورا و لست أدع أن اورد عليكما حقّكما (2)في الإسلام فقال: و اللّه أصلحك اللّه إنّي لغنّي و لقد تركت ثلثمأة طروق (3)بين فرس و فرسة و تركت ألف بعير فحقّك (4)فيها أوفر من حقّي، فقال له: أنت مولى (5)اللّه و رسوله و أنت في حد نسبك (6)على حالك فحسن إسلامه و تزوّج إمرأة من بني فهر و أصدقها أبو إبراهيم عليه السلام خمسين دينارا من صدقة عليّ بن أبي طالب عليه السلام و أخدمه و بوّأه و أقام حتّى اخرج أبو إبراهيم (7)عليه السلام فمات بعد مخرجه بثمانية و عشرين ليلة. (8)

2-و عنه عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن إبراهيم (9)، عن يونس، عن هشام بن الحكم، في حديث برية (10)أنّه لمّا جاء معه إلى أبي عبد اللّه عليه السلام فلقي أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السلام فحكى له هشام الحكاية، فلمّا فرغ قال أبو الحسن عليه السلام لبرية كيف علمك بكتابك؟

ص:223


1- 1) و هو في نعمة كنعمتك: أي الهداية الى الاسلام بعد الكفر.
2- 2) حقّكما: أي من الصدقات.
3- 3) تركت ثلثمأة طروق: المراد بالطروق ما بلغ حدّ الطرق ذكرا كان أو انثى.
4- 4) فحقّك فيها: أي الخمس، أو بناء على أنّ الإمام أولى بالمؤمنين من انفسهم.
5- 5) أنت مولى اللّه و رسوله: أي عتيقهما لأنّه بهما اعتق من النار.
6- 6) و أنت في حدّ نسبك: أي لا يضرّ ذلك في نسبك و منزلتك-بحار الأنوار-. [1]
7- 7) اخرج أبو ابراهيم عليه السلام: أي اخرج من المدينة الى بغداد بأمر هارون.
8- 8) الكافي ج 1/478 ح 4 و [2]عنه البحار ج 48/85 ح 106. [3]
9- 9) الحسن بن ابراهيم بن سفيان، روى عن يزيد بن هارون الواسطي، و يونس بن عبد الرحمن، و يونس بن يعقوب، و روى عنه ابراهيم بن هاشم و الحسن بن السري.
10- 10) في بعض النسخ: بريهة في جميع المواضع.

قال: أنا به عالم، ثم قال: كيف ثقتك (1)بتأويله؟

قال: ما أوثقني (2)بعلمي فيه.

قال: فابتدأ أبو الحسن عليه السلام بقرائة الإنجيل فقال بريه: إيّاك كنت أطلب منذ خمسين سنة أو مثلك.

فقال: آمن بريه و حسن إيمانه و آمنت المرأة التي كانت معه.

فدخل هشام و بريه و المرأة على أبي عبد اللّه عليه السلام فحكى له هشام الكلام الّذي جرى بين أبي الحسن موسى عليه السلام و بين بريه فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اَللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (3)فقال بريه: أنّى لكم التوراة و الإنجيل و كتب الأنبياء؟

قال: هي عندنا وراثة من عندهم نقرأها كما قرأوها (4)إنّ اللّه لا يجعل حجّة في أرضه يسأل عن شيء فيقول: لا أدري. (5)

ص:224


1- 1) «كيف ثقتك بتأويله» أي كيف إعتمادك على نفسك في تأويله و العلم بمعانيه.
2- 2) «و ما أوثقني» صيغة تعجّب أي أنا واثق به وثوقا تامّا بما أعرف من تأويله-مرآة العقول-. [1]
3- 3) سورة آل عمران:34. [2]
4- 4) في المصدر: نقرئها كما قرأوها و نقولها كما قالوا.
5- 5) الكافي ج 1/227 ح 1 و [3]عنه البحار ج 48/114 ح 25 و [4]نور الثقلين ج 1/329 ح 23 و [5]أخرجه في البحار ج 26/183 ح 13 [6]عن بصائر الدرجات:136 ح 4 [7] باختلاف و في ج 10/ 238 قطعة من الحديث الأوّل عن التوحيد:275. و العوالم ج 21/306 ح 1.

الباب الخامس

حديثه عليه السلام مع الراهب و الراهبة

و ما في ذلك من اسرار العلوم

1-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، و أحمد بن مهران جميعا، عن محمد بن علي عن الحسن بن راشد، عن يعقوب بن جعفر (1)، قال: كنت عند أبي إبراهيم و أتاه رجل من أهل نجران اليمن من الرهبان، و معه راهبة فاستأذن لهما الفضل بن سوار، فقال له: إذا كان غدا فأت بهما عند بئر أمّ خير.

قال: فوافينا من الغد، فوجدنا القوم قد وافوا، فأمر بخصفة (2)بواري ثم جلس و جلسوا فبدأت الراهبة بالمسائل فسألت عن مسائل كثيرة، كلّ ذلك يجيبها، و سألها أبو إبراهيم عليه السلام عن أشياء لم يكن عندها فيه شيء ثمّ أسلمت، ثمّ أقبل الراهب يسأله فكان يجيبه في

ص:225


1- 1) هو يعقوب بن جعفر بن ابراهيم الجعفري، روى عن أبي ابراهيم موسى الكاظم عليه السلام، و روى عن اسحاق بن جعفر، و روى عنه الحسن بن راشد و الحسين بن زياد، و محمد بن عليّ، و لم اظفر على ترجمة له.
2- 2) الخصفة: الجلّة تعمل من الخوص للتمر، و الثوب الغليظ جدّا-القاموس-و كأنّ الإضافة الى البواري لبيان أنّ المراد بها ما يعمل من الخوص للفرش مكان البارية لا ما يعمل للتمر- بحار الأنوار. [1]

كلّ ما يسأله.

قال الراهب: قد كنت قويّا على ديني و ما خلّفت أحدا من النصارى في الأرض يبلغ مبلغي في العلم، و لقد سمعت برجل في الهند، اذا شاء حجّ إلى بيت المقدس في يوم و ليلة، ثم يرجع إلى منزله بأرض الهند، فسألت عنه بأيّ أرض هو؟ فقيل لي: إنّه بسندان، و سئلت الذي أخبرني فقال: هو علم الإسم الذي ظفر به آصف صاحب سليمان لمّا أتى بعرش سبأ و هو الذي ذكر اللّه لكم في كتابكم و لنا معشر الأديان في كتبنا.

فقال له أبو إبراهيم عليه السلام: فكم للّه من الاسم لا يردّ (1)؟

فقال الراهب: الأسماء كثيرة فأمّا المحتوم منها الّذي لا يردّ سائله فسبعة.

فقال له أبو الحسن عليه السلام: فأخبرني عمّا تحفظ منها.

قال الراهب: لا و اللّه الذي أنزل التوراة على موسى، و جعل عيسى عبرة (2)للعالمين و فتنة لشكر اولي الألباب، و جعل محمّدا صلّى اللّه عليه و آله بركة و رحمة، و جعل عليّا عليه السلام عبرة و بصيرة، و جعل الأوصياء من نسله و نسل محمّد صلّى اللّه عليه و آله ما أدري (3)، و لو دريت ما احتجت فيه إلى كلامك و لا جئتك و لا سألتك.

ص:226


1- 1) «لا يردّ» أي سائله أو المسئول به.
2- 2) «عبرة» : ما يعتبر به ليستدلّوا به على كمال قدرة اللّه حيث خلقه من غير أب و «فتنة» : إمتحانا ليشكروه على نعمة ايجاد عيسى لهم كذلك فيثابوا.
3- 3) ما أدري: جواب للقسم.

فقال له أبو إبراهيم عليه السلام عد إلي حديث الهنديّ.

فقال له الراهب: سمعت بهذه الأسماء و لا أدري ما بطانتها (1)و لا شرايحها و لا أدري ما هي و لا كيف هي و لا بدعائها، فانطلقت حتّى قدمت سندان الهند (2)فسألت عن الرّجل فقيل لي: إنّه بني ديرا في جبل فصار لا يخرج و لا يرى إلاّ في كلّ سنة مرّتين، و زعمت الهند أنّ اللّه فجرّ له عينا في ديره، و زعمت الهند أنّه يزرع له من غير زرع يلقيه، و يحرث له من غير حرث يعمله، فانتهيت إلى بابه فأقمت ثلاثا، لا أدقّ الباب و لا اعالج الباب، فلمّا كان اليوم الرّابع فتح اللّه الباب، و جائت بقرة عليها حطب تجرّ ضرعها يكاد يخرج ما في ضرعها من اللبن، فدفعت الباب فانفتح فتبعتها و دخلت، و وجدت الرّجل قائما ينظر إلى السماء فيبكي ، و ينظر إلى الأرض فيبكي، و ينظر إلى الجبال فيبكي فقلت: سبحان اللّه ما أقلّ ضربك (3)في دهرنا هذا! .

فقال لي: و اللّه ما أنا إلاّ حسنة من حسنات رجل خلّفته وراء ظهرك.

فقلت له: اخبرت أنّ عندك إسم من أسماء اللّه تبلغ به في كلّ يوم و ليلة بيت المقدس و ترجع إلى بيتك.

فقال لي: و هل تعرف بيت المقدس؟

قلت: لا أعرف إلاّ بيت المقدس الذي بالشام.

ص:227


1- 1) بطانتها: أي سرائرها، و شرائحها أي ما يشرحها و يبيّنها و كأنّه كناية عن ظواهرها.
2- 2) في المصدر: سبذان الهند.
3- 3) ما أقلّ ضربك: ما أقلّ مثلك.

قال: ليس بيت (1)المقدس و لكنّه البيت المقدّس و هو بيت آل محمّد عليه السلام.

فقلت له: أمّا ما سمعته إلى يومي هذا فهو بيت المقدّس.

فقال لي: تلك محاريب الأنبياء، و إنّما كان يقال لها حظيرة (2)المحاريب حتى جائت الفترة التي كانت بين محمّد و بين عيسى صلوات اللّه عليهما، و قرب البلاء من أهل الشرك و حلّت النقمات في دور الشياطين، فحوّلوا و بدّلوا و نقلوا تلك الأسماء، و هو قول اللّه تبارك و تعالى (البطن (3)لآل محمّد، و الظهر مثل) : إِنْ هِيَ إِلاّ أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَ آباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اَللّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ . (4)

فقلت له: إنّي قد ضربت إليك من بلد بعيد تعرّضت (5)إليك بحارا و غموما و هموما و خوفا، و أصبحت و أمسيت مؤيسا ألاّ أكون (6)ظفرت بحاجتي.

ص:228


1- 1) قوله: «ليس بيت القدس» إسم ليس ضمير مستتر للذي بالشام و ضمير «لكنّه» يرجع إلى بيت المقدّس، و الحاصل أنّه ليس الّذي بالشام إسمه بيت المقدّس و لكن المسمّى ببيت المقدّس هو البيت المقدّس المطهّر و هو بيت آل محمّد الّذين أنزل اللّه فيهم آية التطهير فهو بيت المقدّس.
2- 2) الخطيرة: في الأصل هي التي تعمل للإبل من شجر، ثمّ استعمل في كلّ ما يحيط بالشيء خشيا أو قصبا أو غيرهما-بحار الأنوار-. [1]
3- 3) قوله: «البطن» الى قوله «مثل» جملة معترضة.
4- 4) سورة النجم:19. [2]
5- 5) تعرّضت إليك: توجّهت إليك.
6- 6) ألاّ أكون: الظاهر أنّ «ألاّ» بفتح الهمزة مركبة من أن و لا، و حرف لا زائدة كما في قوله تعالى: ما مَنَعَكَ أَلاّ تَسْجُدَ في سورة الاعراف:12، [3] أو يضمن «مؤيسا» معنى الخوف أي خائفا أن لا اكون.

فقال لي: ما أرى امّك حملت بك إلاّ و قد حضرها ملك كريم، و لا أعلم أنّ أباك حين أراد الوقاع بامّك إلاّ و قد إغتسل و جائها على طهر، و لا أزعم إلاّ أنّه قد كان درس السفر الرابع من شهره ذلك فختم له ذلك بخير، إرجع من حيث جئت، فانطلق حتّى تنزل مدينة محمّد صلّى اللّه عليه و آله الّتي يقال لها: طيبة، و قد كان إسمها في الجاهلية يثرب، ثمّ إعمد إلى موضع منها يقال له: البقيع، ثمّ سل عن دار يقال لها: دار مروان، فانزلها و أقم ثلاثا ثمّ سل الشيخ الأسود الذي يكون على بابها يعمل البواري، و هي في بلادهم تسمّى الخصف، فالطف بالشيخ و قل له: بعثني إليك نزيلك الذي كان ينزل في الزاوية في البيت الذي فيه الخشيبات الأربع، ثم سله عن فلان (1)بن فلان الفلاني، و سأصفه لك، و سله أيّ ساعة يمرّ فيها فليريكاه (2)أو يصفه لك فتعرفه بالصفة و سأصفه لك، قلت: فإذا لقيته فأصنع ماذا؟

قال: سله عمّا كان و عمّا يكون و سله عن معالم دين من مضى و من بقي. (3)

قال له أبو إبراهيم عليه السلام قد نصحك الذي لقيت.

فقال الراهب: ما إسمه جعلت فداك؟

قال هو متمم بن فيروز، و هو من أبناء الفرس، و هو ممّن آمن باللّه وحده لا شريك له، و عبده بالإخلاص و الإيقان، و فرّ من قومه لمّا

ص:229


1- 1) عن فلان بن فلان الفلاني: أي عن موسى بن جعفر العلوي، مثلا.
2- 2) فليريكاه: الألف من إشباع الفتحة، و في بعض النسخ: فليريكه.
3- 3) من بقي: أمّة خاتم الأنبياء فإنّ دينه باق إلى يوم القيامة.

خافهم، فوهب له ربّه حكما و هداه سبيل الرشاد، و جعله من المتقين، و عرّف بينه و بين عباده المخلصين، و ما من سنة إلاّ و هو يزور فيها مكّة حاجّا و يعتمر في رأس كلّ شهر مرة و يجيء من موضعه من الهند إلى مكة، فضلا من اللّه و عونا، و كذلك يجزى اللّه الشاكرين، ثمّ سأله الراهب عن مسائل كثيرة كلّ ذلك يجيبه فيها و سأل الراهب عن أشياء لم يكن عند الراهب فيها شيء فأخبره بها.

ثمّ إنّ الراهب قال: أخبرني عن ثمانية أحرف نزلت فتبيّن (1)في الأرض منها أربعة و بقي (2)في الهواء منها أربعة على من نزلت تلك الأربعة التي في الهواء و من يفسّرها؟

قال: ذاك قائمنا ينزله اللّه عليه فيفسّره، و ينزل عليه ما لم ينزل على الصديّقين و الرسل و المهتدين.

ثمّ قال الراهب: فأخبرني عن الاثنين من تلك الأربعة الأحرف التي في الأرض ما هي؟

قال: اخبرك بالأربعة كلّها أمّا أوّلهن فلا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له باقيا (3)، و الثانية محمّد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مخلصا، و الثالثة نحن (4)أهل البيت، و الرابعة شيعتنا منّا، و نحن من رسول اللّه صلّى اللّه

ص:230


1- 1) فتبيّن في الارض: أي ظهرت و عمل بمضمونها.
2- 2) بقي في الهواء: كناية عن عدم تبيّنها في الأرض و عدم العمل بمضمونها إلى الحين.
3- 3) باقيا: كأنّه حال من القول المقدّر في قوله «فلا إلاه إلاّ اللّه» أي فقولي لا إله إلاّ اللّه حال كون ذلك القول باقيا أبد الدهر، و كذا قوله: «مخلصا» فيما بعد، أو إلها باقيا، و رسولا مخلصا.
4- 4) نحن اهل البيت: يمكن رفع الأهل على الخبرية أي نحن المعنيّون بآية التطهير، أو على البدليّة، و يحتمل نصبه على الإختصاص فالمعنى أنّ الكلمة الثالثة نحن، فإنّهم كلمات اللّه

عليه و آله و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من اللّه بسبب 1، فقال له الراهب: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، و أنّ محمّدا رسول اللّه، و أن كلّ ما جاء به من عند اللّه حقّ، و أنّكم صفوة اللّه من خلقه، و أنّ شيعتكم المطهّرون المستذلّون 2، و لهم عاقبة اللّه و الحمد للّه ربّ العالمين، فدعا أبو إبراهيم عليه السلام بجبّة خزّ و قميص قوهي 3و طيلسان و خفّ و قلنسوة فأعطاه إيّاها و صلّى الظهر و قال له: إختتن، فقال: قد إختتنت في سابعي. 4

ص:231

ص:232

الباب السادس

حديثه عليه السلام مع شقيق البلخي من طريق الخاصة

و العامة و ما فيه من العمل الصالح و البرهان

الواضح و هو من مشاهير الأحاديث

1-الشيخ الفاضل أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري في «مسند فاطمة» عليها السلام قال: حدّثني أبو المفضّل محمّد بن عبد اللّه، قال:

حدّثنا محمّد بن عليّ بن زبير البلخي ببلخ، قال: حدّثنا حسام بن حاتم الأصمّ، قال: حدّثني أبي، قال لي شقيق (1)بن إبراهيم البلخي: خرجت حاجّا إلى بيت اللّه الحرام في سنة تسع و أربعين و مأة، فنزلنا القادسيّة.

قال شقيق: فنظرت إلى الناس في زيّهم بالقباب و العماريات و الخيم و المضارب، و كلّ إنسان منهم قد تزيأ على قدره، فقلت: أللّهم إنّهم قد خرجوا إليك فلا تردّهم خائبين.

فبينما أنا قائم و زمام راحلتي بيدي و أنا أطلب موضعا أنزل فيه منفردا عن الناس إذ نظرت إلى فتى حدث السنّ، حسن الوجه، شديد

ص:233


1- 1) شقيق بن إبراهيم أبو علي البلخي، كان من كبار مشايخ التصوف في خراسان و كان استاذا لحاتم الأصمّ، و قيل: هو أوّل من تكلّم في علوم الأحوال، كان له ثلاثمائة قرية ثمّ مات بلا كفن، سنة «194» ه و ترجمة ابن خلّكان في الوفيات و لكن أرّخ وفاته سنة «153» بسمرقند.

السمرة، عليه سيماء العبادة و شواهدها، و بين عينيه سجّادة كأنّها كوكب درّي، و عليه من فوق ثوبه شملة من صوف، و في رجله نعل عربيّ، و هو منفرد في عزلة من الناس.

فقلت في نفسي: هذا الفتى من هؤلاء الصوفية المتوكلّة، يريد أن يكون كلاّ على الناس في هذا الطريق، و اللّه لأمضينّ عليه و لاوبّخنّه، قال: فدنوت منه فلمّا رآني مقبلا نحوه قال لي يا شقيق: اِجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ اَلظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ اَلظَّنِّ إِثْمٌ وَ لا تَجَسَّسُوا (1)و قرء الآية ثمّ تركني و مضى، فقلت في نفسي: قد تكلّم هذا الفتى على سرّي، و نطق بما في نفسي و سمّاني باسمي، ما فعل هذا إلاّ و هو وليّ اللّه، الحقه و أسأله أن يجعلني في حلّ، فأسرعت ورائه فلم الحقه و غاب عن عيني فلم أره، و إرتحلنا حتّى نزلنا واقصة، فنزلت ناحية من الحاجّ و نظرت فإذا صاحبي قائم يصلّي على كثيب رمل و هو راكع و ساجد، و أعضاؤه تضطرب، و دموعه تجري من خشية اللّه عزّ و جلّ، فقلت: هذا صاحبي لأمضيّن إليه.

ثم لأسألنّه أن يجعلني في حلّ، فأقبلت نحوه، فلمّا نظر إليّ مقبلا قال لي يا شقيق وَ إِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اِهْتَدى (2)ثم غاب عن عيني فلم أره، فقلت: هذا رجل من الأبدال و قد تكلّم على سرّي مرّتين، و لو لم يكن عند اللّه فاضلا ما تكلّم على سرّي.

و رحل الحاجّ و أنا معهم حتّى نزلنا زبالة، فإذا أنا بالفتى قائم على

ص:234


1- 1) الحجرات:12. [1]
2- 2) سورة طه:82. [2]

البئر و بيده ركوة يستقي بها ماء، فانقطعت الركوة في البئر، فقلت صاحبي و اللّه فرأيته قد رمق السماء بطرفه: و هو يقول: أنت ربّي إذا ظمأت من الماء، و قوتي إذا أردت الطعام، إلهي و سيّدي مالي سواها فلا تعدمنيها.

قال شقيق: و اللّه لقد رأيت البئر و قد فاض ماؤها حتى جرى على وجه الأرض فمدّ يده فتناول الركوة فملأها ماء، ثمّ توضّأ و أسبغ الوضوء و صلّى ركعات، ثمّ مال إلى كثيب رمل أبيض فجعل يقبض بيده من الرمل و يطرحه في الركوة ثمّ يحرّكها و يشرب.

فقلت في نفسي: أتراه قد تحوّل الرمل سويقا! فدنوت منه فقلت له: أطعمني رحمك اللّه من فضل ما أنعم اللّه به عليك، فنظر و قال لي: يا شقيق لم تزل نعمة اللّه علينا أهل البيت سابقة، و أياديه إلينا جميلة، فأحسن ظنّك بربّك فإنّه لا يضيع أجر من أحسن به ظنّا، فأخذت الركوة من يده فشربت، فإذا سويق و سكر، فو اللّه ما شربت شيئا قطّ ألذّ منه و لا أطيب رائحة منه فشبعت و رويت و أقمت أياما لا أشتهي طعاما و لا شرابا فدفعت إليه الركوة.

ثمّ غاب عن عيني فلم أره حتى دخلت مكّة، و قضيت حجّي، فإذا أنا بالفتى في هدأت من الليل و قد زهرت النجوم و هو إلى جانب بيت فيه الشراب راكعا ساجدا لا يزيد مع اللّه سواه، فجعلت أراه و أنظر إليه و هو يصلّي بخشوع و أنين و بكاء، و يرتّل القرآن ترتيلا فكلّما مرت آية فيها وعد و وعيد رددّها على نفسه و دموعه تجري على خدّه، حتّى إذا دنا الفجر جلس في مصلاّه يسبّح ربّه و يقدّسه، ثمّ قام فصلّى الغداة، و طاف

ص:235

بالبيت اسبوعا و قد خرج من باب المسجد، فخرجت فرأيت له حاشية و موالي و إذا عليه لباس خلاف الذي شاهدت، و إذا الناس من حوله يسألونه عن مسائلهم و يسلّمون عليه، فقلت لبعض الناس، أحسبه من مواليه: من هذا الفتى؟

فقال لي: هذا أبو إبراهيم عالم آل محمّد عليهم السلام.

قلت: و من أبو إبراهيم؟

قال: موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين إبن علي بن أبي طالب عليهم السلام.

فقلت: لقد عجبت أن توجد هذه الشواهد إلاّ في هذه الذريّة. (1)

2-و من طريق المخالفين ما رواه المالكي في «الفصول المهمّة» و كمال الدين بن طلحة الشامي في «مطالب السؤول» عن حسام بن حاتم الأصمّ، قال لي أبي حاتم (2)، قال: قال لي شقيق البلخي رضي اللّه عنه:

خرجت حاجّا في سنة تسع و أربعين و مأة، فنزلت القادسيّة (3)فبينما أنا أنظر إلى الناس في زينتهم و كثرتهم، فنظرت إلى فتى حسن الوجه، شديد السمرة، ضعيف، فوق ثيابه ثوب من صوف، مشتمل بشملة، في رجليه نعلان، و قد جلس منفردا.

فقلت في نفسي: هذا الفتى من الصوفية يريد أن يكون كلاّ على

ص:236


1- 1) دلائل الإمامة:155، و [1]العوالم ج 21/169 ح 1.
2- 2) حاتم الأصمّ: بن عنوان أبو عبد الرحمن المشهور بالزهد و التقشّف، كان من أهل بلخ تلميذا للشقيق البلخي، مات سنة «237» ه-تاريخ بغداد ج 8/241-. [2]
3- 3) القادسيّة: قرية قرب الكوفة من جهة البرّ بينها و بين الكوفة خمسة عشر فرسخا.

الناس في طريقهم، و اللّه لأمضينّ إليه و لاوبخنّه فدنوت منه، فلمّا رآني مقبلا قال: يا شقيق اِجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ اَلظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ اَلظَّنِّ إِثْمٌ (1)ثمّ تركني و مضى.

فقلت في نفسي: إنّ هذا الأمر عظيم قد تكلّم بما في نفسي، و نطق باسمي، و ما هذا إلاّ عبد صالح لألحقنه و لأسئلنّه أن يحلّلني فأسرعت في أثره فلم الحقه و غاب عن عيني، فلمّا نزلنا واقصة (2)فإذا به يصلّي و أعضاؤه تضطرب، و دموعه تجري، فقلت: هذا صاحبي أمضي إليه و أستحلّه، فصبرت حتّى جلس و أقبلت نحوه.

فلمّا رآني مقبلا قال لي: يا شقيق اتل: وَ إِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اِهْتَدى (3)ثمّ تركني و مضى، فقلت: إنّ هذا الفتى لمن الأبدال لقد تكلّم على سرّي مرّتين.

فلمّا نزلنا زبالة (4)إذا بالفتى قائم على البئر و بيده ركوة (5)يريد «أن» يستقي فسقطت الركوة من يده في البئر و أنا أنظر إليه، فرأيته قد رمق (6)إلى السماء و سمعته يقول: أنت ربّي إذا ظمأت إلى الماء و قوتي إذا أردت الطعام (7)، أللّهم سيّدي مالي سواها (8)فلا تعدمنيها.

ص:237


1- 1) سورة الحجرات:12. [1]
2- 2) واقصة «بكسر القاف و فتح الصاد المهملة» : منزل في طريق مكّة بعد القرعاء.
3- 3) سورة طه:82. [2]
4- 4) زبالة «بضمّ الزاي» : موضع معروف في طريق مكّة بين واقصة و الثعلبية، فيها بركتان.
5- 5) الركوة «بتثليث الراء المهملة» : إناء صغير من جلد يشرب فيه الماء.
6- 6) رمق إلى السماء: أطال النظر إليها.
7- 7) في البحار: « [3]أنت ربّي إذا ظمأت إلى الماء و قوتي إذا أردت الطعاما» .
8- 8) في البحار: [4] مالي غيرها.

قال شقيق: فو اللّه لقد رأيت البئر و قد إرتفع ماؤها فمدّ يده و أخذ الركوة و ملؤها ماء، فتوضّأ و صلّى أربع ركعات، ثمّ مال إلى كثيب رمل (1)فجعل يقبض الرمل بيده و يطرحه في الركوة و يحرّكه و يشرب.

فأقبلت إليه فسلّمت عليه فرّد عليّ السلام، فقلت: أطعمني من فضل ما أنعم اللّه عليك، فقال: يا شقيق لم تزل نعمة اللّه علينا ظاهرة و باطنة، فأحسن ظنّك باللّه، ثمّ ناولني الركوة فشربت منها فإذا هو سويق و سكّر، فو اللّه ما شربت قطّ ألذّ منه و لا أطيب ريحا، فشبعت و رويت أيّاما لا أشتهي طعاما و لا شرابا.

ثمّ لم أره حتّى دخلنا مكّة فرأيته ليلة إلى جنب قبّة الشراب في نصف الليل قائما يصلّي بخشوع و أنين و بكاء، فلم يزل كذلك حتى ذهب الليل، فلمّا رأى الفجر جلس في مصلاّه يسبّح، ثمّ قام فصلّى الغداة، و طاف بالبيت أسبوعا، و خرج فتبعته فإذا غاشية (2)و موالي، و هو على خلاف ما رأيته في الطريق، و دار به الناس من حوله يسلّمون عليه.

فقلت لبعض من رأيته: من هذا الفتى؟

فقال: هذا موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ ابن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، فقلت: قد عجبت أن يكون هذه العجائب إلاّ لمثل هذا السيّد.

و لقد نظم بعض المتقدّمين واقعة شقيق معه في أبيات طويلة

ص:238


1- 1) الكثيب «بفتح الكاف» : التلّ من الرمل.
2- 2) غاشية الرجل: خدمة و زوّاره و أصدقائه.

إقتصرت على ذكر بعضها.

سل شقيق البلخيّ عنه و ما شاهد (1)عنه و ما الّذي كان أبصر

قال لمّا حججت عاينت شخصا شاحب اللون ناحل الجسم أسمر

سائرا وحده و ليس له زاد فما زلت دائما أتفكّر

و توهمت أنّه يسأل الناس و لم أدر أنّه الحجّ الأكبر

ثمّ عاينته و نحن نزول فوق فيد (2)على الكثيب الأحمر

يضع الرمل في الإناء و يشربه فناديته و عقلي محيّر

إسقني شربة فناولني منه فعاينته سويقا و سكّر

فسألت الحجيج من يك هذا؟ قيل هذا الإمام موسى بن جعفر

فهذه الكرامات العالية الأقدار الخارقة للعوائد، و هي على التحقيق حلية المناقب و زينة المزايا و غرر الصفات و لا يؤتاها إلاّ من أفاضت عليه العناية الربّانية و أنوار التأييد و مرت له أخلاف التوفيق و ازلفته من مقام التطهير و التقديس وَ ما يُلَقّاها إِلاَّ اَلَّذِينَ صَبَرُوا وَ ما يُلَقّاها إِلاّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (3). (4)

3-ثمّ قال العامي كمال الدين بن طلحة الشامي بعد هذا الذي ذكرته عنه قال: و لقد قرع سمعي ذكر واقعة عظيمة ذكرها بعض صدور

ص:239


1- 1) في البحار: و [1]ماما بن منه.
2- 2) في البحار و [2]كشف الغمّة: [3] دون فيد-و فيد منزل بطريق مكة المكرّمة.
3- 3) فصّلت:35. [4]
4- 4) الفصول المهمّة:233، مطالب السئول ج 2/62 و أخرجه في البحار ج 48/80 ح 102 [5]عن كشف الغمّة ج 2/213 [6] نقلا من مطالب السئول، و رواه ابن الجوزي في صفة الصفوة ج 2/185.

أهل العراق أثبتت لموسى عليه السلام أشرف منقبة، و شهدت له بعلوّ مقامه عند اللّه تعالى و زلفى منزلته لديه، و ظهرت بها كراماته بعد وفاته، و لا شك أنّ ظهور الكرامة بعد الموت أكثر منها دلالة حال الحياة، و هي أنّ من عظماء الخلفاء مجّدهم اللّه تعالى من كان له نائب كبير الشأن في الدنيا من مماليكه الأعيان و كان في ولاية عامّة، طالت فيها مدّته، و كان ذا سطوة و جبروت، فلمّا إنتقل إلى اللّه تعالى أمر الخليفة له أن يقدم بدفنه (1)في ضريح مجاور لضريح الامام موسى بن جعفر عليهما السلام بالمشهد المطهّر و كان بالمشهد المطهر نقيب معروف و مشهود له بالصلاح كثير التردد و الملازمة للضريح و الخدمة له قائم بوظائفها.

فذكر هذا النقيب أنّه بعد دفن هذا المتوفّى في ذلك القبر بات بالمشهد فرآى في منامه أنّ القبر قد إنفتح و النار تشعل فيه، و قد انتشر منه دخان و رائحة قتار (2)هذا المدفون فيه إلى أن ملأت المشهد، و أنّ الإمام موسى بن جعفر عليه السلام واقف فصاح لهذا النقيب باسمه و قال له: تقول للخليفة: يا فلان-و سمّاه بأسمه-لقد آذيتني بمجاورة هذا الظالم و قال: كلاما خشنا.

فاستيقظ ذلك النقيب و هو يرتعد فزعا «فرقا» و خوفا فلم يلبث أن كتب ورقة و سيّرها الى الخليفة منهيا فيها صورة الواقعة بتفصيلها فلمّا جنّ الليل جاء الخليفة إلى المشهد المطهّر بنفسه و إستدعى النقيب

ص:240


1- 1) في كشف الغمّة: [1] أقتضت عناية الخليفة أن تقدم بدفنه.
2- 2) القتار «بضمّ القاف» : ريح القدر و الشواء و العظم المحروق.

و دخلوا إلى الضريح، و أمر بكشف ذلك القبر و نقل ذلك المدفون إلى موضع آخر خارج المشهد، فلمّا كشفوه وجدوا فيه رماد الحريق و لم يجدوا للميت أثرا، و في هذه الفضيلة زيادة إستغناء عن تعداد بقيّة مناقبه و إكتفاء عن بسط القول فيها. (1)

و قال المالكي في كتابه «الفصول المهمة» عقيب ذكره قصّة شقيق البلخي مع الإمام عليه السلام: و هذه الحكاية رواها جماعة من أهل التأليف و المحدّثين، رواها إبن الجوزي (2)في كتابيه «مثير العزم الساكن إلى أشرف الأماكن» وصفة الصفوة (3)و رواها الحافظ عبد العزيز بن الأخضر الجنابذي (4)في كتابه «معالم العترة النبويّة» و رواها الرامهرمزي (5)قاضي القضاة في كتابه «كرامات الاولياء» (6)إنتهى كلام المالكي. (7)

ص:241


1- 1) كشف الغمّة ج 2/215-216 [1] نقلا عن مطالب السئول:84 و أخرجه البحار ج 48/83 ح 103 [2] عن الكشف، و صفة الصفوة ج 2/104.
2- 2) ابن الجوزي: عبد الرحمن بن علي بن محمّد الجوزي البغدادي ابو الفرج علاّمة عصره في التاريخ و الحديث، ولد سنة «508» ببغداد و توفّى فيها سنة «597» ه، له نحو «300» مصنّف-الأعلام ج 4/89-. [3]
3- 3) صفة الصفوة ج 2/104.
4- 4) الحافظ أبو محمد عبد العزيز بن الأخضر الجنابذي «جنابذ ناحية بنيسابور» البغدادي الحنبلي المتوفى سنة «611» ه-كشف الظنون ج 2/1726-. [4]
5- 5) الرامهرمزي: عبد الرحمن بن الحسن بن خلاّد أبو محمد، أديب القضاة، محدّث العجم في عصره، كان مختصّا بابن العميد، و له إتصال بالوزير المهلّبي، توفّى نحو سنة «360» ه و له مصنّفات في علوم الحديث و الشعر و الأدب-الأعلام ج 4/209-. [5]
6- 6) جامع كرامات الأولياء ج 2/229.
7- 7) الفصول المهمّة:234، و [6]أورده البحار ج 48/82 [7] في ذيل ح 102 عن كشف الغمّة ج 2/ 215-261 و [8]الفصول. [9]

ص:242

الباب السابع

في عبادته عليه السلام

1-إبن بابويه في «عيون الأخبار» قال: حدّثنا أبو بكر محمّد بن علي بن محمّد بن حاتم (1)، قال: حدّثنا عبد اللّه بن بحر الشيباني، قال:

حدّثني الخرزي أبو العبّاس بالكوفة، قال: حدّثنا الثوباني (2)قال: كانت لأبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام بضع عشرة سنة كلّ يوم سجدة بعد إنقضاض الشمس إلى وقت الزوال، فكان هارون ربما صعد سطحا يشرف منه على الحبس الذي حبس فيه أبو الحسن عليه السلام فكان يرى أبا الحسن عليه السلام ساجدا فقال للربيع: يا ربيع ما ذاك الثوب الذي أراه كلّ يوم في ذلك الموضع؟

قال: يا أمير المؤمنين ما ذاك بثوب، و إنّما هو موسى بن جعفر عليه السلام له كلّ يوم سجدة بعد طلوع الشمس إلى وقت الزوال.

قال الربيع: فقال لي هارون: أما إنّ هذا من رهبان بني هاشم.

ص:243


1- 1) محمّد بن علي بن محمّد بن حاتم ابو بكر النوفلي الكرماني من مشايخ الصدوق المتوفي «381» ه روى عنه في عدّة موارد من كتبه منها في كمال الدين مترضّيا عليه في ذكر من شاهد القائم عليه السلام و رآه و كلّمه ح 6 الباب 43 منه-معجم رجال الحديث ج 17/24-. [1]
2- 2) الثوباني: الظاهر أنّه عمّار بن مروان مولى بني ثوبان بن سالم الخزّان الكوفي، عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام و روى عنه و عن أبي الحسن الكاظم عليهما السلام.

قلت: فما لك قد ضيّقت عليه الحبس؟

قال: هيهات لابدّ من ذلك. (1)

2-و عنه قال: حدّثني أبي رضي اللّه عنه، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن عيسى اليقطيني، عن أحمد بن عبد اللّه القروي، عن أبيه قال: دخلت على الفضل بن ربيع (2)، و هو جالس على سطح، فقال لي: ادن، فدنوت حتّى حاذيته، ثمّ قال لي: أشرف إلى بيت في الدار، فأشرفت، فقال: ما ترى في البيت؟

فقلت: ثوبا مطروحا.

فقال: انظر حسنا فتأمّلت و نظرت فتيقّنت.

فقلت: رجل ساجد.

فقال لي: تعرفه؟

قلت: لا.

قال: هذا مولاك.

قلت: و من مولاي؟

فقال: تتجاهل عليّ؟

فقلت: ما أتجاهل و لكنّي لا أعرف لي مولى.

فقال: هذا أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام إنّي أتفقّده في

ص:244


1- 1) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 1/95، و [1]عنه البحار [2]في ج 48/220 ح 24، و صدره في الوسائل ج 4/1073 ح 4، و [3]العوالم ج 21/293 ح 1.
2- 2) الفضل بن الربيع: عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام قال المفيد: حبس موسى بن جعفر عليهما السلام عنده مدّة طويلة، فأراده الرشيد على شيء من أمره فأبى فكتب إليه بتسليمه الى الفضل بن يحيى.

الليل و النهار فلا أجده في وقت من الأوقات إلاّ على الحال التي اخبرك بها إنّه يصلّي الفجر فيعقّب ساعة في دبر الصلوة إلى أن تطلع الشمس، ثمّ يسجد سجدة فلا يزال ساجدا حتّى تزول الشمس، و قد و كلّ من يترصّد له الزّوال فلست أدري متى يقول الغلام: قد زالت الشمس إذ يثب فيبتديء في الصلوة من غير أن يحدث (1)حدثا فأعلم أنّه لم ينم في سجوده و لا أغفى.

و لا يزال كذلك إلى أن يفرغ من صلوة العصر فإذا صلّى العصر سجد سجدة فلا يزال ساجدا إلى أن تغيب الشمس، فإذا غابت الشمس وثب من سجدته فصلّى المغرب من غير أن يحدث حدثا و لا يزال في صلوته و تعقيبه إلى أن يصلّي العتمة (2)فإذا صلّى العتمة أفطر على شويّ يؤتى به، ثمّ يجدّد وضوئه ثم يسجد ثم يرفع رأسه، فينام نومة خفيفة، ثمّ يقوم فيجدّد الوضوء، ثم يقوم فلا يزال يصلّي في جوف الليل، حتى يطلع الفجر فلست أدري متى يقول الغلام: إنّ الفجر قد طلع إذ قد وثب هو لصلوة الفجر فهذا دأبه منذ حوّل إليّ.

فقلت: إتّق اللّه و لا تحدّثن في أمره حدثا يكون فيه زوال النعمة فقد تعلم أنّه لم يفعل أحد بأحد منهم سوءا إلاّ كانت نعمته زائلة.

فقال: قد أرسلوا إليّ في غير مرّة يأمرونني بقتله فلم اجبهم إلى ذلك و أعلمتهم أنّي لا أفعل ذلك و لو قتلوني ما أجبتهم إلى ما سألوني.

ص:245


1- 1) في البحار: [1] من غير أن يجدّد وضوءا.
2- 2) العتمة «بفتح العين المهملة و التاء» : الثلث الأول من اللّيل و المراد بها صلوة العشاء.

فلمّا كان بعد ذلك حوّل إلى الفضل بن يحيى (1)البرمكي فحبس عنده أيّاما، و كان الفضل بن الربيع يبعث اليه في كل ليلة مائدة، و منع أن يدخل اليه من عنده غيره، فكان لا يأكل و لا يفطر إلا على المائدة التي يؤتى بها حتى مضى على تلك الحال ثلاثة أيّام ولياليها، فلمّا كانت الليلة الرابعة قدّمت إليه مائدة للفضل بن يحيى فرفع عليه السلام يده الى السماء فقال: يا ربّ إنّك تعلم أني لو أكلت قبل اليوم كنت قد أعنت على نفسي فأكل فمرض فلمّا كان من الغد جائه (2)الطبيب فعرض عليه خضرة في بطن راحته، و كان السمّ الذي سمّ به قد إجتمع في ذلك الموضع فانصرف الطبيب إليهم فقال: و اللّه لهو أعلم بما فعلتم به منكم، ثمّ توفّي. (3)

3-و روي أنّ بعض عيون عيسى بن جعفر (4)رفع إليه أنّه يسمعه

ص:246


1- 1) الفضل بن يحيى بن خالد البرمكي، وزير هارون العبّاسي و أخوه في الرضاع إستوزره مدّة قصيرة، ثمّ ولاّه خراسان سنة «178» ه، و أقام إلى أن تغيّر هارون بالبرامكة سنة «187» ه و كان الفضل عنده ببغداد فقبض عليه و على أبيه يحيى، و أخذهما معه الى الرقّة فسجنهما و استصفى اموال البرامكة كافّة، و توفّى الفضل فى سجنه سنة «193» ه- وفيات الاعيان ج 1/408-. [1]
2- 2) في البحار: [2] فلمّا كان من غد بعث إليه بالطبيب ليسئله عن العلّة فقال له الطبيب: ما حالك؟ فتغافل عنه، فلمّا أكثر عليه أخرج إليه راحته فأراها الطبيب، ثمّ قال: هذه علّتي، و كانت خضرة وسط راحته تدلّ على أنّه سمّ فاجتمع في ذلك الموضع.
3- 3) عيون اخبار الرضا ج 1/106، [3]أمالي الصدوق:126 ح 18 و [4]عنهما البحار ج 48/210 ح 9 و [5]روى صدره ابن شهر آشوب في مناقبه ج 4/318 باختلاف و عنه البحار ج 48/107 و [6]ذيله في نفس المناقب:328 [7] باختلاف و العوالم ج 21/434.
4- 4) عيسى بن جعفر المنصور العباسي، من امراء بني العباس و هو أخو زبيدة و ابن عم هارون، قتل في سجن بعمّان نحو سنة «185» ه-الأعلام ج 5/485-. [8]

كثيرا يقول في دعائه و هو محبوس عنده: أللّهم إنّك تعلم أنّي كنت أسألك أن تفرغني لعبادتك، اللّهم و قد فعلت ذلك، فلك الحمد، فوجّه الرشيد من يتسلّمه من عيسى بن جعفر و صيّر به إلى بغداد فسلّمه إلى الفضل بن الربيع، فبقي عنده مدة طويلة فأراده الرشيد على شيء من أمره فأبى، فكتب إليه بتسليمه إلى الفضل بن يحيى فتسلّمه منه و جعله في بعض حجر داره و وضع عليه الرصد.

و كان عليه السلام مشغولا بالعبادة يحيى الليل كلّه صلوة و قرائة للقرآن و دعاء و إجتهادا و يصوم النهار في أكثر الأيّام و لا يصرف وجهه عن المحراب، فوسّع عليه الفضل بن يحيى و أكرمه فاتّصل ذلك بالرّشيد و هو في الرقّة فكتب إليه ينكر عليه توسيعه على موسى بن جعفر عليه السلام و يأمره بقتله و توقّف عن ذلك و لم يقدم عليه فاغتاظ الرشيد لذلك و دعا مسرورا الخادم و قال له: اخرج على الرقّة في هذا الوقت إلى بغداد و أدخل من فورك على موسى بن جعفر فإن وجدته في دعة و رفاهية فأوصل هذا الكتاب إلى العباس بن محمّد (1)و مره بامتثال ما فيه. الحديث. (2)

4-المفيد في «إرشاده» قال: كتب عيسى بن جعفر إلى الرشيد يقول له: إنّه قد طال أمر موسى بن جعفر و مقامه في حبسي و قد إختبرت

ص:247


1- 1) العبّاس بن محمّد: بن عليّ بن عبد اللّه بن عبّاس، أبو الفضل الهاشمي أخو المنصور و السفّاح، ولاّه المنصور دمشق و بلاد الشام كلّها، و في أيّام هارون ولّى إمارة الجزيرة، مات ببغداد سنة «186» ه-تاريخ بغداد ج 1/95-. [1]
2- 2) إرشاد المفيد:300 و [2]عنه كشف الغمّة ج 3/25 ط النجف. [3]

حاله و وضعت عليه العيون طول هذه المدّة فما وجدته يفتر عن العبادة. (1)

5-إبن بابويه بإسناده عن سفيان بن نزار، عن المأمون قال: رأيت موسى بن جعفر عليه السلام إذ دخل على أبي إذ هو شيخ مسخّد (2)قد أنهكته العبادة و كأنّه شنّ (3)بال قد كلم (4)السجود وجهه و أنفه. (5)

6-و عنه باسناده عن الفضل بن ربيع حاجب الرشيد قال: أرسلني الرشيد إلى موسى عليه السلام فقلت لغلامه: إستأذن لي على مولاك يرحمك اللّه.

فقال لي: لج ليس له حاجب و لا بوّاب، فولجت إليه فأذن بغلام أسود بيده مقص يأخذ اللحم من جبينه و عرنين أنفه من كثرة سجوده. (6)

7-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إبن أبي عمير، عن عليّ بن عطية عن هشام بن أحمر (7)قال: كنت أسير مع أبي

ص:248


1- 1) ارشاد المفيد:300 و [1]عنه كشف الغمّة ج 2/232. [2]
2- 2) قال الجوهري في الصحاح ج 1/482: أصبح فلان مسخّدا: أي أصبح مصفرّا ثقيلا مورّما.
3- 3) الشنّ (بفتح الشين المعجمة و تشديد النون) : القربة بالخلق الصغيرة.
4- 4) كلمه: جرحه «بفتح اللام في الماضي و ضمّها في المضارع» .
5- 5) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 1/89 [3] قطعة من ح 11 سيأتي بتمامه إنشاء اللّه مع تخريجاته.
6- 6) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 1/76 [4] قطعة من ح 5 سيأتي.
7- 7) هشام بن أحمر الكوفي: عدّه الشيخ في رجاله من اصحاب الصادق عليه السلام و عدّه البرقي في أصحاب الكاظم عليه السلام ممّن أدرك الصادق عليه السلام-معجم رجال الحديث ج 19/267-. [5]

الحسن عليه السلام في بعض أطراف المدينة إذ ثنى رجله عن دابّته فخرّ ساجدا فأطال و أطال ثمّ رفع رأسه و ركب دابّته، فقلت: جعلت فداك قد أطلت السجود؟

فقال: إنّني ذكرت نعمة أنعم اللّه بها عليّ فأحببت أن أشكر ربّي. (1)

8-قال الشيخان: المفيد في «إرشاده» و أبو علي الطبرسي في «أعلام الورى» قالا: قد إشتهر في الناس أنّ أبا الحسن موسى عليه السلام كان أجلّ ولد الصادق عليه السلام شأنا و أعلاهم في الدين مكانا و أسخاهم بنانا و أفصحهم لسانا، و كان أعبد أهل زمانه و أعلمهم و أفقههم و أكرمهم نفسا.

قال: و روي أنّه كان يصلّي نوافل الليل و يصلها بصلوة الصبح، ثمّ يعقّب حتى تطلع الشمس ثم يخرّ للّه ساجدا فلا يرفع رأسه من الدعاء و التحميد حتى يقرب زوال الشمس، و كان عليه السلام يدعو كثيرا فيقول: اللّهم إني أسئلك الراحة عند الموت و العفو عند الحساب، و يكرّر ذلك، و كان من دعائه عليه السلام: عظم الذنب من عبدك فليحسن العفو من عندك، و كان يبكي من خشية اللّه حتى تخضلّ لحيته بالدموع، و كان يتفقّد فقراء المدينة فيحمل إليهم في الليل العين و الورق

ص:249


1- 1) الكافي ج 2/98 ح 26 و [1]عنه البحار ج 48/116 ح 29 و [2]الوسائل ج 4/1081 ح 4 و [3]العوالم ج 21/194 ح 1.

و الأدقة و التمور و غير ذلك فيوصلها إليهم و هم لا يعرفون من أيّ وجه هو انتهى كلامهما. (1)

ص:250


1- 1) إعلام الورى:295، [1] إرشاد المفيد:296 من قوله: «و كان أعبد. . . الخ» و عنهما البحار ج 48/101 ح 5 و أخرجه في كشف الغمّة ج 2/228 عن الإرشاد و صدره في الوسائل ج 4/ 1074 ح 8-9 عن الإرشاد، و أخرجه العوالم ج 21/178 ح 1.

الباب الثامن

في جوده عليه السلام و يدرء بالحسنة السيئة

1-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن موسى بن القاسم البجلي، عن عليّ بن جعفر، قال: جاءني محمّد بن إسماعيل و قد إعتمرنا عمرة رجب و نحن يومئذ بمكة؛ فقال: يا عمّ إنّي اريد بغداد و قد أحببت أن اودّع عمّي أبا الحسن يعني موسى بن جعفر عليهما السلام و أحببت أن تذهب معي إليه فخرجت معه نحو أخي، و هو في داره التي بالحوبة، و ذلك بعد المغرب بقليل، فضربت الباب فأجابني أخي، فقال: من هذا؟ فقلت: عليّ.

فقال: هو ذا أخرج و كان بطييء الوضوء.

فقلت: العجل.

قال: و أعجل و خرج و عليه إزار ممشّق (1)قد عقده في عنقه حتى قعد تحت عتبة الباب.

فقال عليّ بن جعفر: فانكببت عليه فقبّلت رأسه و قلت قد جئتك في أمر إن تره صوابا فاللّه وفّق له، و إن يكن غير ذلك فما أكثر ما نخطيء.

قال عليه السلام: و ما هو؟

ص:251


1- 1) الممشّق: المصبوغ بالمشق و هو الطين الأحمر.

قلت: هذا إبن أخيك يريد أن يودّعك و يخرج إلى بغداد.

فقال له: ادعه فدعوته، و كان متنحّيا فدنا منه فقبّل رأسه و قال:

جعلت فداك أوصني.

فقال: اوصيك أن تتقي اللّه في دمي.

فقال مجيبا له: من أرادك بسوء فعل اللّه به و فعل، و جعل يدعو على من يريده بسوء.

ثمّ عاد فقبّل رأسه، ثم قال: يا عمّ أوصني، فقال: أوصيك أن تتقي اللّه في دمي فقال: من أرادك بسوء فعل اللّه به و فعل.

ثمّ عاد فقبّل رأسه ثم قال: يا عمّ أوصني، فقال: اوصيك أن تتقي اللّه في دمي، فدعا على من أراده بسوء.

ثم تنحّى عنه و مضيت معه، فقال لي أخي: يا عليّ مكانك فقمت مكاني فدخل منزله ثمّ دعاني، فدخلت إليه فتناول صرّة فيها مأة دينار فأعطانيها، و قال: قل لإبن أخيك يستعين بها على سفره.

قال عليّ: فأخذتها و أدرجتها في حاشية ردائي ثمّ ناولني مأة اخرى و قال: أعطه أيضا ثمّ ناولني صرّة أخرى فقال: أعطه أيضا.

فقلت: جعلت فداك إذا كنت تخاف منه مثل الّذي ذكرت فلم تعينه على نفسك؟

فقال: إذا وصلته و قطعني قطع اللّه أجله.

ثمّ تناول مخدّة أدم فيها ثلاثة آلاف درهم وضح (1)فقال: أعطه

ص:252


1- 1) الدرهم الوضح: الدرهم الصحيح.

هذه أيضا قال: فخرجت إليه فأعطيته المأة الاولى ففرح بها فرحا شديدا و دعا لعمّه، ثمّ أعطيته المأة الثانية و الثالثة ففرح بها حتّى ظننت أنّه سيرجع و لا يخرج، ثم أعطيته الثلاثة آلاف درهم فمضى على وجهه حتى دخل على هارون فسلّم عليه بالخلافة، و قال: ما ظننت أنّ في الأرض خليفتين حتّى رأيت عمّي موسى بن جعفر يسلّم عليه بالخلافة، فأرسل هارون إليه بمأة ألف درهم، فرماه اللّه بالذبحة (1)فما نظر منها إلى درهم و لا مسّة. (2)

2-ابن بابويه، عن محمّد بن إبراهيم بن إسحق الطالقاني رضي اللّه عنه، قال: حدّثنا محمد بن يحيى الصولي (3)، قال: حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن عبد اللّه، عن عليّ بن محمّد بن سليمان النوفلي، عن صالح بن علي بن عطية (4)، قال: كان السبب في وقوع موسى بن جعفر عليه السلام إلى بغداد، و ذكر حديثا طويلا قال: فيه و كان سبب ذلك أنّ يحيى بن خالد قال ليحيى بن أبي مريم: ألا تدلّني على رجل من آل أبي طالب «له رغبة في الدنيا فاوسّع له منها قال: بلى أدلّك على رجل بهذه الصفة و هو عليّ بن اسماعيل بن جعفر بن محمّد، فأرسل إليه يحيى، فقال: أخبرني

ص:253


1- 1) الذبحة «بضمّ الذال المعجمة و فتح الباء» : وجع في الحلق، أو دم يخنق فيقتل.
2- 2) الكافي ج 1/485 ح 8 و [1]عنه البحار ج 48/239 ح 48 و [2]الوسائل ج 8/522 ح 9 و [3]عن رجال الكشي:263 ح 478 [4] نحوه، و العوالم ج 21/257 ح 2.
3- 3) محمد بن يحيى بن عبد اللّه ابو بكر الصولي، و قد يعرف بالشطرنجي نادم ثلاثة من خلفاء العباسييّن: الراضي، و المكتفي، و المقتدر، و كان من أكابر علماء الأدب، مات في البصرة مستترا سنة «335» ه.
4- 4) صالح بن علي بن عطيّة البغدادي، عدّه البرقي من أصحاب الكاظم عليه السلام، و عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الرضا عليه السلام-معجم رجال الحديث ج 9/80-. [5]

عن عمّك و عن شيعته، و المال الذي يحمل إليه، فقال له عندي الخبر و سعى بعمّه، و كان سعايته أنّه قال: من كثرة المال عنده أنّه إشترى ضيعة تسمى البشرية (1)بثلاثين ألف دينار فلما أحضر المال قال البايع:

لا أريد هذا النقد اريد نقد كذا و كذا، فأمر بها فصبّت في بيت ماله و اخرج منه ثلاثين ألف دينار من ذلك النقد و وزنه في ثمن الضيعة.

قال النوفلي: قال أبي: و كان موسى بن جعفر عليهما السلام يأمر لعليّ بن إسماعيل بالمال ويثق به حتّى ربما خرج الكتاب منه إلى بعض شيعته بخطّ عليّ بن إسماعيل ثم إستوحش منه، فلمّا أراد الرشيد الرحلة إلى العراق بلغ موسى بن جعفر عليه السلام أنّ عليّا إبن أخيه يريد الخروج مع السّلطان، يعني الرشيد إلى العراق، فأرسل إليه مالك و السلطان و الخروج مع السلطان؟ قال: لأنّ عليّ دينا.

قال: دينك عليّ.

قال: فتدبير عيالي.

قال: أنا أكفيهم، فأبى إلاّ الخروج، فأرسل إليه مع أخيه محمّد بن اسماعيل بن جعفر بثلاثماة دينار و أربعة آلاف درهم فقال: إجعل هذا في جهازك و لا تؤتم ولدي. (2)

3-الشيخ المفيد في «إرشاده» قال: كان السبب في قبض الرشيد على أبي الحسن موسى عليه السلام و حبسه و قتله ما ذكره أحمد بن عبيد اللّه بن عمّار، عن عليّ بن محمّد النوفلي عن أبيه، و أحمد بن محمّد

ص:254


1- 1) في بعض النسخ: اليسيرة.
2- 2) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 1/69 ح 1 و [1]عنه البحار ج 48/207 ح 7. [2]

ابن سعيد، و أبو محمّد الحسن بن يحيى (1)، عن مشايخهم قالوا: كان السبب في أخذ موسى بن جعفر أنّ الرشيد جعل إبنه في حجر جعفر بن محمّد بن الأشعث (2)، فحسده يحيى بن خالد (3)بن برمك على ذلك، و قال: إن أفضت إليه الخلافة زالت دولتي و دولة ولدي، فاحتال على جعفر بن محمّد، و كان يقول بالإمامة حتّى داخله و أنس اليه، و كان يكثر غشيانه في منزله، و يقف على أمره و يرفعه إلى الرشيد و يزيد على ذلك بما يقدح في قلبه.

ثمّ قال يوما لبعض ثقاته: أتعرفون لي رجلا من آل أبي طالب ليس بواسع الحال فيعرّفني ما أحتاج إليه؟ فدلّ على عليّ بن إسماعيل بن جعفر بن محمّد عليه السلام فحمل إليه يحيى بن خالد مالا و كان موسى ابن جعفر عليهما السلام يأنس بعليّ بن إسماعيل بن جعفر عليه السلام

ص:255


1- 1) أبو محمّد الحسن بن محمد بن يحيى العلوي النسّابة الشريف كان من مشايخ الصدوق و قد أدركه المفيد و اكثر الرواية عنه في الإرشاد و [1]روى عنه ايضا ابن عبدون المتوفى سنة «423» و ترجم له الذهبي في «ميزان الاعتدال» و عدّ من دلائل [2]رفضه روايته «عليّ خير البشر» و روايته «علي و ذريّته يختمون الأوصياء الى يوم الدين» و ذكر نسبه هكذا: الحسن ابن محمّد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد اللّه بن الحسين بن زيد الشهيد بن زين العابدين عليه السلام و قال: مات العلوي «358» [3] ه و هو معمّر روى عن إبراهيم بن عبد اللّه ابن همام الصنعاني، عن عمّه عبد الرزاق بن همام المتوفى سنة «211» ه-طبقات اعلام الشيعة [4]في القرن الرابع ص 101-.
2- 2) جعفر بن محمد بن الأشعث الكوفي، عدّه الشيخ قدّس سرّه من رجال الصادق عليه السلام، كان عاميّا، فاستبصر كما يظهر من رواية الكليني قدّس سرّه هنا بسنده عنه في الكافي ج 1 كتاب الحجّة باب مولد الصادق عليه السلام ص 475 ح 6- [5]معجم رجال الحديث ج 4 ص 104. [6]
3- 3) يحيى بن خالد بن برمك، أبو الفضل الوزير، مؤدّب هارون العبّاسي و معلّمه، ولد سنة «120» ه، و مات في سجن هارون سنة «190» ه-وفيات الأعيان ج 2/243-. [7]

و يصله و يبرّه.

ثمّ أنفذ إليه يحيى بن خالد يرغّبه في قصد الرشيد و يعده بالإحسان إليه فعمل على ذلك فأحسّ به موسى عليه السلام فدعاه فقال: إلى أين تريد يا بن أخي؟

قال: إلى بغداد.

قال: و ما تصنع؟

قال: عليّ دين و أنا مملق.

فقال له موسى عليه السلام: فأنا اقضي دينك و أفعل بك و أصنع فلم يلتفت إلى ذلك و عمد على الخروج فاستدعاه أبو الحسن عليه السلام فقال له: أنت خارج؟

قال: نعم: لا بدّ لي من ذلك.

فقال له: انظر يا بن أخي و اتق اللّه و لا تؤتم أولادي، و أمر له بثلاث مأة دينار و أربعة آلاف درهم فلمّا قام بين يديه قال أبو الحسن عليه السلام لمن حضره: و اللّه ليسعينّ في دمي و ليؤتمنّ أولادي.

فقالوا له: جعلنا اللّه فداك فأنت تعرف و تعلم هذا من حاله و تعطيه و تصله؟

قال لهم: نعم حدّثني أبي عن آبائه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إنّ الرحم إذا قطعت فوصلت فقطعت قطعها اللّه و إنّي أردت أن أصله بعد قطعه لي حتّى إذا قطعني قطعه اللّه.

قالوا: فخرج عليّ بن إسماعيل حتى أتى على يحيى بن خالد فتعرّف منه خبر موسى بن جعفر عليهما السلام و رفعه إلى الرشيد و زاد

ص:256

عليه ثمّ أوصله إلى الرشيد فسأله عن عمّه فسعى به إليه، ثمّ قال له: إنّ الأموال تحمل إليه من المشرق و المغرب و إنّه إشترى ضيعة سمّاها اليسيرة بثلاثين ألف دينار فقال له صاحبها و قد احضر المال: لا آخذ هذا النقد و لا آخذ إلاّ النقد الذي أسأله بعينه فسمع ذلك منه الرشيد و أمر له بمأتي ألف درهم تسبيبا على بعض النواحي (1)فاختار بعض كور المشرق و مضت رسله لقبض المال و أقام ينتظرهم فدخل في بعض تلك الأيّام إلى الخلاء فزحر زحرة (2)خرجت منه حشوته (3)كلها فسقط و جهدوا في ردّها فلم يقدروا فوقع لما به، و جائه المال و هو ينزع فقال و ما أصنع به و أنا في الموت؟ !

و خرج الرشيد في تلك السنة الى الحجّ و بدأ بالمدينة فقبض بها على أبي الحسن موسى عليه السلام و يقال: إنّه لما ورد المدينة إستقبله موسى عليه السلام في جماعة من الأشراف و إنصرفوا من استقباله، و مضى أبو الحسن عليه السلام إلى المسجد على رسمه و قام الرشيد إلى الليل و صار إلى قبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قال: يا رسول اللّه إنّي أعتذر إليك من شيء اريد أن افعله أريد أن أحبس موسى بن جعفر فإنّه يريد التشتّت بين امتّك و سفك دمائها.

ثم أمر به فأخرج من المسجد فادخل عليه، و قيّده و إستدعى قبّتين فجعله في إحديهما على بغل، و جعل القبّة الاخرى على بغل

ص:257


1- 1) في المصدر: يسبّب له على بعض النواحي.
2- 2) زحر: أخرج الصوت و النفس بأنين عند عمل او شدّة.
3- 3) الحشوة «بكسر الحاء المهملة» : من البطن الأمعاء.

آخر، و أخرج البغلان من داره و عليهما القبّتان مستورتان، و مع كلّ واحدة منهما خيل، فافترقت الخيل فمضى بعضها مع إحدى القبّتين على طريق البصرة، و الاخرى على طريق الكوفة، و كان أبو الحسن عليه السلام في القبّة التي مضى بها على طريق البصرة، و إنّما فعل ذلك الرشيد ليعمي على الناس الأمر في باب أبي الحسن عليه السلام و أمر القوم الذي كانوا مع قبّة أبي الحسن عليه السلام أن يسلّموه إلى عيسى ابن جعفر بن المنصور، و كان على البصرة حينئذ، فسلّم إليه فحبسه عنده سنة.

و كتب إليه الرشيد في دمه و إستدعى عيسى بن جعفر بعض خاصّته و ثقاته فاستشارهم فيما كتب اليه الرشيد فأشاروا عليه بالتوقّف عن ذلك و الإستعفاء منه، فكتب عيسى بن جعفر إلى الرشيد يقول له: إنّه قد طال أمر موسى بن جعفر عليهما السلام و مقامه في حبسي و قد اختبرت حاله و وضعت عليه العيون طول هذه المدّة فما وجدته يفتر عن العبادة و وضعت من يسمع منه ما يقول في دعائه فما دعا عليك و لا عليّ و لا ذكرنا بسوء و ما يدعو لنفسه إلاّ بالمغفرة و الرحمة، و إن أنت أنفذت من يتسلّمه منّي و إلاّ خليت سبيله فإنيّ متحرّج من حبسه. (1)

4-تفسير الامام أبي محمّد العسكري عليه السلام قال: قال

ص:258


1- 1) إرشاد المفيد:298 و [1]عنه كشف الغمّة ج 2/230، [2]في البحار ج 48/231-234 ح 38- 39 [3] عنه و عن غيبة الطوسي:21 [4] نحوه، و رواه في مقاتل الطالبيين:333 [5] مثل غيبة الشيخ و ابن شهر آشوب في مناقبه ج 4/308 مختصرا و تقدّم قطعة منه و أورده في العوالم ج 21/ 429 ح 1.

موسى بن جعفر عليه السلام و قد حضرة فقير مؤمن يسأله سدّ فاقته فضحك في وجهه و قال: أسألك بمسألة فإن أصبتها أعطيتك ما طلبت عشرة أضعاف ما طلبت، و إن لم تصبها أعطيتك ما طلبت، و كان قد طلب منه مأة درهم يضعها في بضاعته يتعيش بها.

فقال الرجل: سل فقال موسى عليه السلام: لو جعل إليك التمنّي في نفسك في الدّنيا ماذا كنت تتمنّى؟

قال: كنت أتمنّى أن ارزق التقية في ديني و قضاء حقوق إخواني.

قال: فما لك لا تسأل الولاية لنا أهل البيت؟

قال: ذلك قد اعطيته و هذا لم نعطه فأنا أشكر اللّه تعالى على ما اعطيت و أسأل ربّي عزّ و جلّ ما منعت.

فقال: أحسنت أعطوه ألفي درهم، و قال: إصرفها في كذا يعني العفص (1)فإنّه متاع بائر (2)، و سيقبل بعد ما أدبر فانتظر به سنة، و اختلف إلى دارنا و خذ الأجر في كلّ يوم، ففعل فلمّا تمّت له سنة إذ قد (3)زاد في ثمن العفص للواحد خمسة عشر فباع ما كان إشترى بألفي درهم بثلاثين ألف درهم. (4)

5-أبو عليّ الطبرسي في «إعلام الورى» و المفيد في «إرشاده»

ص:259


1- 1) العفص: حمل شجرة البلوط، و هو دواء قابض مجفف، يدبغ به و يتخذ منه الحبر، و هو مولد ليس من كلام أهل البادية يقال له بالفارسية: مازو.
2- 2) البائر: الكاسد، و في نسخة: يابس «مكان بائر» و هو كناية عن عدم سرعة التلف.
3- 3) في نسخة: فإذا قد زاد.
4- 4) تفسير الامام:322، عنه الوسائل ج 11/474 ح 9 [1] قطعة و ج 12/312 ح 3 باختصار، و البحار ج 75/415 [2] ضمن ح 68 و مدينة المعاجز:470 ح 129. [3]

قالا: ذكر جماعة من أهل العلم أنّ أبا الحسن عليه السلام كان يصل بمأتي دينار إلى ثلاثمأة دينار، و كانت صرار موسى مثلا. (1)

6-المفيد في «إرشاده» قال: أخبرني الشريف أبو محمّد بن محمّد بن يحيى، قال: حدّثنا جدّي يحيى بن الحسن بن جعفر (2)، قال:

حدّثنا إسماعيل بن يعقوب، قال: حدّثنا محمّد بن عبد اللّه البكري، قال: قدمت المدينة أطلب بها دينا فأعياني، فقلت لو ذهبت إلى أبي الحسن موسى عليه السلام فشكوت إليه فأتيته بنقمى (3)في ضيعته فخرج إلي و معه غلام بمنسف (4)فيه قديد مجزع (5)ليس معه غيره فأكل و أكلت معه، ثم سألني عن حاجتي، فذكرت له قصّتي، فدخل و لم يقم إلاّ يسيرا حتّى خرج إليّ فقال لغلامه: إذهب، ثمّ مدّ يده إليّ صرّة فيها ثلاث مأة دينار ثمّ قام فولّى، فقمت و ركبت دابّتي و إنصرفت. (6)

ص:260


1- 1) اعلام الورى:296، [1]إرشاد المفيد:297 و [2]عنهما البحار ج 8/103 و [3]في ص 108 عن مناقب ابن شهر آشوب ج 4/318 و [4]في كشف الغمة ج 2/229 [5]عن الارشاد. [6]
2- 2) يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد اللّه الأعرج بن الحسين الأصغر ابن السجاد عليه السلام، يروي عن الرضا عليه السلام، صنّف كتبا منها «نسب آل أبي طالب» ترجمه النجاشي و قال: أبو الحسن العالم الفاضل الصدوق-معجم رجال الحديث ج 20/42-. [7]
3- 3) نقمى «بفتح النون و القاف و القصر» : موضع من أعراض المدينة كان لآل أبي طالب.
4- 4) المنسف «بكسر الميم و سكون النون و فتح السين المهملة» : الغربال الكبير.
5- 5) المجزّع: المقطّع.
6- 6) إرشاد المفيد:296 و [8]عنه كشف الغمة ج 2/228 و البحار ج 48/102 ح 6. [9]

الباب التاسع

في مقامات له عليه السلام مع الرشيد

1-أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري (1)قال: حدّثنا أبو محمّد سفيان قال: حدّثنا وكيع، عن الاعمش (2)قال: رأيت كاظم الغيظ عليه السلام عند الرشيد و قد خضع له فقال له عيسى بن أبان (3)يا أمير المؤمنين لم تخضع له؟

قال: رأيت من ورائه أفعى تضرب بأنيابها و تقول: أجبه بالطاعة و إلاّ بلعتك ففزعت منها فأجبته. (4)

2-إبن بابويه في «عيون الأخبار» قال: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رحمه اللّه قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، قال:

ص:261


1- 1) في المصدر: قال ابو جعفر: حدّثنا ابو محمد سفيان، و المراد بابي جعفر إن كان ابا جعفر محمد بن جرير الطبري صاحب «الدلائل» [1] فالحديث مرسل لأنّ صاحب «الدلائل» [2] كان معاصرا للنجاشي و الطوسي و لا يعقل أن يحدّث عن أبي محمد سفيان بن وكيع المتوفي سنة «247» ه كما سيأتي و ان كان غيره فهو مجهول و اللّه سبحانه هو العالم.
2- 2) الظاهر أنّه سليمان بن مهران الأعمش و لكنّه مات قبل ولادة الرشيد بسنة فإنّه توفي سنة «148» ه و كانت ولادة الرشيد سنة «149» ه. إلاّ أن يكون غير سليمان و لم أظفر على غيره.
3- 3) عيسى بن ابان بن صدقة أبو موسى القاضي الحنفي خدم المنصور العبّاسي مدّة و ولى القضاء بالبصرة عشر سنين و توفّي بها سنة «221» ه-تاريخ بغداد ج 11/157-. [3]
4- 4) دلائل الإمامة:157 و [4]عنه مدينة المعاجز:427 ح 4. [5]

حدّثنا محمّد بن الحسن المدني (1)عن أبي محمّد عبد اللّه بن الفضل عن أبيه قال: كنت أحجب الرشيد، فأقبل عليّ يوما غضبانا و بيده سيف يقلّبه فقال لي: يا فضل بقرابتي من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لئن لم تأتني بابن عمّي الآن لأخذنّ الذي فيه عيناك.

فقلت: بمن أجيئك؟

فقال: بهذا الحجازي.

قلت: و أيّ الحجازي؟

قال: موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام.

قال الفضل: فخفت من اللّه عزّ و جلّ أن أجىء به إليه، ثمّ فكرّت في النقمة فقلت له: أفعل فقال: إيتني بسوطين و سمارين (2)و جلاّدين قال: فأتيته بذلك، و أمضيت إلى منزل ابي إبراهيم موسى بن جعفر فأتيت إلى خربة فيها كوخ (3)من جرائد النخل فإذا أنا بغلام أسود فقلت له: إستأذن لي على مولاك يرحمك اللّه، فقال لي: لج ليس له حاجب و لا بوّاب، فولجت إليه فإذا بغلام أسود بيد مقصّ (4)يأخذ اللحم من جبينه و عرنين أنفه من كثرة سجوده، فقلت له: السّلام عليك يا بن رسول اللّه أجب الرشيد.

ص:262


1- 1) في البحار: [1] محمّد بن الحسين المدني، و على أيّ حال لم أظفر على ترجمة له.
2- 2) في البحار: [2] بسوّاطين و هبنازين.
3- 3) الكوخ «بضمّ الكاف» : بيت من قصب بلا كوّة.
4- 4) المقصّ «بكسر الميم و فتح القاف» : المقراض.

فقال: ما للرشيد و مالي؟ أما تشغله نعمته عنّي؟ ثمّ وثب مسرعا و هو يقول: لولا أنّي سمعت في خبر عن جدّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّ طاعة السلطان للتقية واجبة إذا ما جئت.

فقلت له: إستعدّ للعقوبة يا أبا إبراهيم رحمك اللّه، فقال عليه السلام: أليس معي من يملك الدنيا و الآخرة، و لن يقدر اليوم على سوء بي إنشاء اللّه تعالى.

قال الفضل بن الربيع: فرأيته و قد أدار يده يلوّح (1)بها على رأسه ثلاث مرّات فدخلت على الرشيد فإذا كأنّه إمرأة ثكلى قائم حيران فلمّا رآني قال لي: يا فضل فقلت: لبّيك.

فقال: جئتني بابن عمّي؟

قلت: نعم.

قال: لا تكون أزعجته (2)؟

فقلت: لا.

قال: لا تكون أعلمته أنّي عليه غضبان؟ و أنّي قد هيّجت على نفسي ما لم أرده، أئذن له بالدخول فأذنت له.

فلما رآه وثب إليه قائما و عانقه، و قال له: مرحبا بابن عمّي، و أخي و وارث نعمتي، ثمّ أجلسه على فخذيه و قال له: ما الذي قطعك عن زيارتنا؟

فقال: سعة مملكتك و حبّك للدنيا.

ص:263


1- 1) لوّح الرجل بثوبه و بسيفه: لمع و حرّكه.
2- 2) أزعجه: أقلقه، و قلعه عن مكانه.

فقال: إيتوني بحقّة الغالية فاتي بها فغلّفه بيده ثم أمر أن يحمل بين يديه خلع و بدرتا (1)دنانير.

فقال موسى بن جعفر عليه السلام: لولا أنّي أرى أن ازوجّ بها (2)من عزّاب بني أبي طالب لئلاّ ينقطع نسله أبدا ما قبلتها، ثمّ تولّى عليه السلام و هو يقول: ألحمد للّه رب العالمين.

فقال الفضل (3): أردت أن تعاقبه فخلعت عليه و أكرمته؟

فقال لي: يا فضل إنّك لمّا مضيت لتجيئني به رأيت أقواما قد أحدقوا (4)بداري بأيديهم حراب (5)قد غرسوها في أصل الدار يقولون:

إن آذى إبن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خسفنا به، و إن أحسن إليه إنصرفنا عنه و تركناه.

فتبعته (6)عليه السلام فقلت له: ما الّذي قلت حتى كفيت أمر الرشيد؟ !

قال: دعاء جدّي عليّ بن أبي طالب عليه السلام كان إذا دعا به ما برز إلى عسكر إلاّ هزمه، و لا إلى فارس إلاّ قهره و هو دعاء كفاية البلاء.

قلت: و ما هو.

ص:264


1- 1) البدرة: «بفتح الباء الموحدة» : عشرة آلاف درهم.
2- 2) في البحار: و [1]اللّه لولا أنّي أرى س من أزوّجه بها من عزّاب بني ابي طالب.
3- 3) في المصدر و البحار: [2] فقال الفضل: يا أمير المؤمنين أردت. . .
4- 4) أحدقوا بداري: أحاطوا بها.
5- 5) الحراب «بكسر الحاء المهملة» : جمع الحربة و هي آلة للحرب من الحديد قصيرة محدّدة و هي دون الرمح.
6- 6) فتبعته: أي قال الفضل: فتبعته فقلت له.

قال: قلت: اللهم بك أساور، و بك احاول، و بك أجاور، و بك اصول و بك أنتصر و بك أموت و بك أحيا أسلمت نفسي إليك و فوّضت أمري إليك لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم اللّهم إنّك خلقتني و رزقتني و سترتني عن العباد بلطف (1)ما خوّلتني (2)و أغنيتني، و إذا هويت رددتني، و إذا عثرت قوّمتني، و إذا مرضت شفيتني، و إذا دعوت أجبتني يا سيدي إرض عنّي فقد أرضيتني. (3)

3-و عنه قال حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، قال:

حدّثني عليّ بن ابراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عبد اللّه بن صالح (4)، قال:

حدّثنا صاحب (5)الفضل بن الربيع، عن الفضل الربيع قال: كنت ذات ليلة في فراشي مع بعض جواريّ فلمّا كان في نصف الليل سمعت حركة باب المقصورة فراعني (6)ذلك، فقالت الجارية: لعلّ هذا من الريح، فلم يمض إلاّ يسير حتى رأيت باب البيت الذي كنت فيه قد فتح، و إذا مسرور الكبير قد دخل علي، فقال لي أجب الأمير و لم يسلّم عليّ.

فآيست في نفسي و قلت: هذا مسرور و دخل عليّ (7)بلا إذن و لم يسلّم، ما هو إلاّ القتل و كنت جنبا و لم أجسر أن أسأله إنظاري حتى

ص:265


1- 1) هكذا في اكثر النسخ، و لكن في بعضها الآخر: «بلطفك» .
2- 2) خوّله الشيء: أعطاه إيّاه متفضّلا، ملّكه إيّاه.
3- 3) عيون اخبار الرضا عليه السلام ج 1/76 ح 5 و [1]عنه بحار الأنوار ج 48/215 ح 16، و [2]في ج 95/212 ح 5، و العوالم ج 21/281 ح 1 و تقدّم قطعة منه.
4- 4) في البحار: [3] عن عبيد اللّه بن صالح و على أيّ حال لم أظفر على ترجمته.
5- 5) في البحار: [4] حاجب الفضل.
6- 6) راعني: أخافني.
7- 7) في المصدر و البحار: و [5]دخل إليّ.

أغتسل، فقالت لي الجارية: لمّا رأت تحيّري و تبلّدي ثق باللّه عزّ و جلّ و إنهض فنهضت و لبست ثيابي، و خرجت معه حتى أتيت الدار، فسلّمت على أمير المؤمنين و هو في مرقده، فردّ عليّ السلام فسقطت، فقال: تداخلك رعب؟

قلت: نعم يا أمير المؤمنين فتركني ساعة حتى سكنت، ثمّ قال لي: صر إلى حبسنا فأخرج موسى بن جعفر بن محمّد و إدفع اليه ثلاثين ألف درهم، فأخلع عليه خمس خلع، و إحمله على ثلاث مراكب و خيّره بين المقام معنا أو الرحيل عنّا إلى أي بلد أراد و أحبّ.

فقلت: يا أمير المؤمنين تأمر بإطلاق موسى بن جعفر؟

قال: نعم فكرّرت ذلك عليه ثلاث مرّات فقال لي: نعم و يلك أتريد أن أنكث العهد؟

فقلت يا أمير المؤمنين و ما العهد؟

قال بينا أنا في مرقدي هذا إذ ساورني (1)أسد ما رأيت من السودان أعظم منه فقعد على صدري و قبض على حلقي و قال لي: حبست موسى بن جعفر ظالما له؟

فقلت: و أنا اطلقه و أهب له، و أخلع عليه، فأخذ على عهد اللّه عزّ و جلّ و ميثاقه و قام عن صدري و قد كادت نفسي تخرج.

فخرجت من عنده فوافيت موسى بن جعفر عليه السلام و هو في حبسه فرأيته قائما يصلّي فجلست حتى سلّم، ثمّ أبلغته سلام أمير

ص:266


1- 1) ساورني: و اثبني و أخذ برأسي.

المؤمنين، و أعلمته بالذي أمرني به في أمره و إنّي قد أحضرت ما أوصله به، فقال: إن كنت أمرت بشيء غير هذا فافعله، فقلت: لا و حقّ جدّك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ما امرت إلاّ بهذا فقال: لا حاجة لي في الخلع و الحملان و المال إذا كانت فيه حقوق الامّة.

فقلت: ناشدتك باللّه أن لا تردّه فيغتاظ.

فقال: أعمل به ما أحببت و أخذت (1)بيده و أخرجته من السجن.

ثمّ قلت له: يا بن رسول اللّه أخبرني بالسبب الذي نلت به هذه الكرامة من هذا الرجل فقد وجب حقّي عليك لبشارتي إيّاك و لما أجراه اللّه تعالى على يدي من هذا الأمر.

فقال عليه السلام: رأيت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ليلة الأربعاء في النوم فقال لي: يا موسى أنت محبوس مظلوم؟

فقلت: نعم يا رسول اللّه محبوس مظلوم، فكرّر عليّ ذلك ثلاثا ثم قال: وَ إِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَ مَتاعٌ إِلى حِينٍ (2)أصبح غدا صائما فأتبعه بصيام الخميس و الجمعة، فإذا كانت وقت الإفطار فصلّ إثنتى عشر ركعة تقرء في كلّ ركعة الحمد مرّة و إثنتى عشر مرّة قل هو اللّه أحد ، فإذا صلّيت منها أربع ركعات فاسجد، ثمّ قل: يا سابق الفوت، يا سامع كلّ صوت، يا محيي العظام و هي رميم بعد الموت، أسألك باسمك العظيم الأعظم أن تصلّي على محمّد عبدك و رسولك و على أهل بيته الطاهرين عليهم السلام و أن تجعل لي الفرج ممّا أنا فيه، ففعلت فكان

ص:267


1- 1) في المصدر: فأخذت.
2- 2) سورة الأنبياء:111. [1]

الذي رأيت. (1)

4-و عنه قال: حدّثنا أحمد بن يحيى (2)المكتّب، قال: حدّثنا أبو الطيّب أحمد بن محمّد الوراق، قال حدّثنا عليّ بن هرون الحميري، قال: حدّثنا عليّ بن محمّد بن سليمان النوفلي قال: حدّثني أبي، عن علي بن يقطين (3)، قال: أنهى الخبر إلى ابي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام، و عنده جماعة من أهل بيته، بما عزم عليه موسى بن المهدي (4)في امره، فقال لأهل بيته: ما تشيرون؟

قالوا: نرى أن تباعد عنه و أن تغيّب شخصك، فإنّه لا يؤمن شره، فتبسّم أبو الحسن عليه السلام ثمّ قال: شعرا.

زعمت سخينة (5)أن ستغلب ربّها و ليغلبنّ مغالب الغلاّب

(6)ثمّ رفع عليه السلام يده إلى السماء، فقال: اللّهم كم من عدوّ

ص:268


1- 1) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 1/73 ح 4 و [1]عنه البحار ج 48/213 ح 14 و [2]عن الاختصاص:59 نحوه-عوالم ج 21/289 ح 1-.
2- 2) أحمد بن يحيى المكتّب «المؤدّب» أبو علي، كان من مشايخ الصدوق قدّس سرّه، حدّث عنه في «كمال الدين» مترضّيا عليه.
3- 3) علي بن يقطين بن موسى البغدادي، ولد بالكوفة سنة «124» ه، و كان في خدمة السفّاح و المنصور و المهدي و الرشيد و لكن كان شيعيّا ثقة جليل القدر روى عن الصادق عليه السلام حديثا واحدا، و عن الكاظم عليه السلام كثيرا، توفّي ببغداد سنة «185» ه.
4- 4) موسى بن المهدي بن المنصور العبّاسي الملقّب بالهادي ولد بالرّي سنة «144» ه و ولي بعد أبيه سنة «169» ه و مدّة خلافته سنة و ثلاثة أشهر و مات سنة «170» ه خنقته جواري امّه خيزران-الأعلام ج 8/279-. [3]
5- 5) سخينة: اسم قريش.
6- 6) الغلاّب: كثير الغلبة.

شحذ (1)لي ظنة مديته، و أرهف (2)لي شبا حدّه، و داف لي (3)قواتل سمومه، و لم تنم عنّي عين حراسته فلمّا رأيت ضعفي عن إحتمال الفوادح، و عجزي عن ملمّات الجوانح، صرفت ذلك عنّي بحولك و قوّتك، لا بحولي و قوّتي، فألقيته في الحفير الذي إحتفره لي، خائبا ممّا أمّله في دنياه، متباعدا عمّا رجاه في آخرته، فلك الحمد على ذلك قدر إستحقاقك سيّدي.

اللّهم فخذه بعزّتك و افلل (4)حدّه عنّي بقدرتك، و إجعل له شغلا فيما يليه و عجزا عمّن يناويه اللّهم و أعدني (5)عليه من عدوّي حاضرة لتكون من غيظي شفاء، و من حقّي عليه وقاء، و صل اللّهم دعائي بالإجابة، و انظم شكايتي بالتغيير، و عرّفه عمّا قليل ما وعدت الظالمين، و عرّفني ما وعدت في إجابة المضطرين إنّك ذو الفضل العظيم و المنّ الكريم.

قال: ثمّ تفرّق القوم فما إجتمعوا إلاّ لقرائة الكتاب الوارد بموت موسى بن المهدي، ففي ذلك يقول بعض من حضر موسى عليه السلام من أهل بيته:

و سارية لم تسر في الأرض تبتغي

محلاّ و لم يقطع بها البعد قاطع

ص:269


1- 1) شحذ ظبة مديته: أحدّ طرف سكّينه.
2- 2) و أرهف شباحدّه: رقّق طرف حدته.
3- 3) داف: خلط و بلّ بالماء.
4- 4) فلّ السيف: ثلمه.
5- 5) و أعدني: و أعنّي.

سرت حيث لم تحد الركبان و لم تنخ

لورد و لم يقصر لها العبد مانع

تمرّ وراء الليل و الليل ضارب

بجثمانه فيه سمير و هاجع

تفتّح أبواب السماء و دونها

إذا قرع الأبواب منهنّ قارع

إذا وردت لم يردد اللّه وفدها

على أهلها و اللّه راء و سامع

و إنّي لأرجو اللّه حتّى كأنّما

أرى بجميل الظنّ ما اللّه صانع

(1) (2)

5-و عنه، قال: حدّثني محمّد بن علي ما جيلويه رضي اللّه عنه، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه قال: سمعت رجلا من أصحابنا يقول: لمّا حبس الرشيد موسى بن جعفر عليهما السلام جنّ

ص:270


1- 1) قال المجلسي في ذيل الحديث: و سارية: أي و ربّ سارية من السرى و هو السير بالليل، اي ربّ دعوة لم تجرّ في الأرض تطلب محلاّ، بل صعدت الى السماء و لم يقطعها قاطع لبعد المسافة، جرت حيث لم تحد الركاب، من حدى الإبل، و لم تنخ من إناخة الإبل، لورد: أي ورد على الماء، قوله: تمرّ وراء الليل أي تمرّ هذه الدعوة وراء ستر الليل بحيث لا يطلع عليها أحد، قوله: و الليل ضارب بجثمانه أي ضرب بجسده الأرض، و سكن و استقرّ فيها، و قال الجوهري: الضارب: الليل الذي ذهبت ظلمته يمينا و شمالا و ملأت الدنيا، قوله: لم يردد اللّه وفدها أي لم يرددها وافدة.
2- 2) أمالي الصدوق:307 ح 2، [1]عيون الأخبار ج 1/79 ح 7 و [2]عنهما البحار ج 48/217 ح 17 و [3]عن أمالي الطوسي ج 2/35 و [4]أورده ابن شهر آشوب في المناقب ج 4/307 و [5]الاربلي في كشف الغمّة ج 2/250 مختصرا.

عليه الليل فخاف ناحية هارون أن يقتله فجدّد موسى عليه السلام طهوره، فاستقبل بوجهه القبلة، و صلّى (1)أربع ركعات، ثمّ دعا بهذه الدعوات فقال: يا سيّدي نجّني من حبس هارون، و خلّصني من يده، يا مخلّص الشجر من بين رمل و طين و ماء، و يا مخلّص اللبن من بين فرث و دم، و يا مخلّص الولد من بين مشيمة (2)و رحم، و يا مخلّص النار من بين الحديد و الحجر، و يا مخلّص الروح من بين الأحشاء و الأمعاء فخلّصني من يد (3)هارون.

قال: فلمّا دعا موسى عليه السلام بهذه الدعوات رأى هارون رجلا أسود في منامه و بيده سيف قد سلّه، فوقف على رأس هارون و هو يقول: يا هارون أطلق عن موسى بن جعفر و إلاّ ضربت علاوتك (4)بسيفي هذا، فخاف هارون من هيبته ثمّ دعا الحاجب فجآء الحاجب فقال له: إذهب إلى السجن فأطلق عن موسى بن جعفر.

قال (5): فخرج الحاجب فقرع باب السجن فأجابه صاحب السجن فقال: من ذا؟

قال: إنّ الخليفة يدعو موسى بن جعفر فأخرجه من سجنك

ص:271


1- 1) في المصدر و البحار: [1] فصلّى للّه عزّ و جلّ أربع ركعات.
2- 2) المشيمة: غشاء الولد يخرج معه عند الولادة.
3- 3) في البحار: [2] من يدي هارون.
4- 4) العلاوة «بكسر العين المهملة» : أعلى الرأس و العنق، و في بعض النسخ: «هامتك» مكان «علاوتك» .
5- 5) قال: يعني الراوي.

و أطلق عنه، فصاح السجّان يا موسى إنّ الخليفة يدعوك.

فقام موسى عليه السلام مذعورا (1)فزعا و هو يقول: لا يدعوني في جوف هذا الليل إلاّ لشرّ يريده بي فقام باكيا حزينا مغموما آيسا من حياته فجاء إلى هارون و هو ترتعد فرائصه (2)، فقال: سلام على هارون فردّ عليه السلام، ثم قال له هارون: ناشدتك باللّه هل دعوت في جوف الليل بدعوات (3)فقال: نعم.

قال: و ما هنّ قال: جدّدت طهورا و صلّيت للّه عزّ و جلّ أربع ركعات، و رفعت طرفي إلى السماء و قلت: يا سيّدي خلّصني من يد هارون و شرّه، و ذكر له ما كان من دعائه.

فقال هارون: قد إستجاب اللّه دعوتك، يا حاجب أطلق عن هذا، ثمّ دعا بخلع فخلّع عليه ثلاثا، و حمله على فرسه، و أكرمه و صيّره نديما لنفسه، ثم قال: هات الكلمات فعلّمه حتّى اثبتها ثمّ دعا بدواة و قرطاس و كتب هذه الكلمات.

قال: فأطلق عنه و سلّمه إلى الحاجب ليسلّمه إلى الدار و يكون معه فصار موسى بن جعفر عليه السلام كريما شريفا عند هارون، و كان يدخل عليه في كلّ خميس إلى أن حبسه الثانية فلم يطلق عنه حتى

ص:272


1- 1) الذعر: الخوف، و الفزع: الخوف مع الاضطراب.
2- 2) الفرائص: جمع الفريصة و هي اللحمة بين الجنب و الكتف أو بين الثدي و الكتف ترعد عند الفزع، يقال: إرتعدت فرائصه أي فزع فزعا شديدا.
3- 3) في المصدر و البحار: [1] في جوف هذه الليلة.

سلّمه إلى السّندي (1)بن شاهك و قتله بالسم. (2)

6-و روي في حديث أنّ الرشيد قال: لكني أفعل فعلا إن تمّ لم يبق لي غيره في موسى، و كتب إلى عمّاله في الأطراف أن التمسوا إليّ قوما غتما (3)لا دين لهم و لا يعرفون اللّه و لا رسوله فأقدم عليه منهم طائفة فلمّا نظر إليهم فإذا هم قوم يقال لهم: الغيدة و كانوا خمسين رجلا.

قال عليّ بن أحمد البزّاز: فلمّا قدموا عليه أمر أن ينزلوا في حجرة في دار الرشيد، فجعل لهم هارون الكسي و الحلي و المال و الجواهر و الطيب و الجواري و الخدم ملا يحلّ ذكره، و غدوا بأطيب الطعام، و سقوا أفضل الشراب و ادخلوا على الرشيد بعد ثلاثة ايام.

فقال لترجمانهم: قل لهم: من ربّكم؟

قالوا: لا نعرف ربّا و ما ندري ما هذه الكلمة.

فقال: قل لهم: من أنا؟

فقالوا له: قل: إنّك ما شئت

فقال: أنا أقدر أن أجيعكم و أعريكم و أقتلكم و أحرقكم بالنار؟

ص:273


1- 1) سندي بن الشاهك: هو العميل الظالم القسي القلب، قال ابن شهر آشوب في المناقب: [1]لمّا مات موسى بن جعفر «عليهما السلام» أخرجه السندي و وضعه على الجسر ببغداد و نودى: هذا موسى بن جعفر الذي تزعم الرافضة أنّه لا يموت فانظروا إليه. . . فنفر بالسندي فرسه نفرة فألقاه في الماء فغرق فيه و فرّق اللّه جموع يحيى بن خالد.
2- 2) أمالي الصدوق:308 ح 3- [2]عيون الأخبار ج 1/93 ح 13 و [3]عنهما البحار ج 48/219 ح 20 و [4]عن أمالي الطوسي ج 2/36 و [5]أورده إبن شهر آشوب في المناقب ج 4/305 مختصرا و العوالم ج 21/287 ح 1.
3- 3) الغتم «بضمّ الغين المعجمة و التاء المثناة الساكنة» : جمع الأغتم و هو من لا يفصح في كلامه.

فقالوا: لا ندري ما تقول إلا أن نطيعك و لو في قتل أنفسنا، و كان الرشيد قد مثّل لهم صورة ابي الحسن عليه السلام حتى لو رآه من عرفه لحلف باللّه إنّ ذلك المثال أبو الحسن موسى عليه السلام.

فأمر الرشيد فنصب لهم موائد و هو جالس، و الخادم معه في مستشرف له و ينقل إليهم الطعام الذي لا يعقلونه، و خرجت عليهم الجواري و العيدان و النأيات و الطبول فوقفن صفوفا حولهم يغنّين و الكأسات تأخذهم من كل جانب، و الخلع تطرح عليهم و الأموال تنثر عليهم، فلما سكروا قال لترجمانهم: قل لهم: قوموا فخذوا سيوفكم فادخلوا على عدوّلي في هذه الحجرة فاقتلوه.

و كان الرشيد قد أمر بذلك المثال فجعل في تلك الحجرة و قال:

إن كان هؤلاء في معرفة موسى مثل البعر عر الّذين عرفوا صورة جعفر بن محمد عند جدي المنصور فإذا رأوا صورته سيفعلون فعلهم، و ان لم يعرفوه فسيقتلون صورته، فاذا قتلوا صورته أليوم قتلوا نفسه غدا، فأخذوا سيوفهم و دخلوا الحجرة، فلمّا رأوا المثال تبادروا إليه و وضعوا سيوفهم عليه فرضّوه فقال الرشيد: الحمد للّه قتلت موسى بهؤلاء القوم بلا شكّ، فخلع عليهم خلعا أخرى، و حمل إليهم الأموال و ردّهم إلى دورهم و لم يزل الرشيد يمثّل لهم ذلك المثال سبع مرّات و هم يقتلونه.

فلمّا رأى ذلك منهم أمر باحضار موسى عليه السلام و جعل في حجرة مثل تلك الحجرة على سبيل تلك التماثيل ثم أحضرهم، و قال:

لترجمانهم: قل لهم: ما بقي لي عدّو من أعدائي إلاّ واحد فاقتلوه، و قد

ص:274

سلّمت إليكم المملكة فأخذوا سيوفهم و دخلوا على أبي الحسن موسى عليه السلام، و الرشيد و خادم مستشرف له على تلك الحجرة يقول للخادم: أين موسى؟

قال: جالس في وسط الدار على بساط.

قال: فماذا يصنع؟

قال: مستقبل القبلة مادّا يديه إلى السماء يحرّك شفتيه.

فقال الرشيد: إنّا للّه ليته لا يكفي ما نريده.

ثمّ قال للخادم: هل دخل القوم عليه؟

قال: قد دخل أوّلهم و رمى بسيفه، و دخل جميعهم و رموا سيوفهم و خرّوا سجدا حوله و هو يمرّ يده على رؤسهم و يخاطبهم بمثل لغتهم و هم يخاطبونه على وجوههم.

قال: فغشى على الرشيد و قال للخادم: خذ باب المستشرف الذي نحن فيه كي لا يأمرهم موسى بقتلنا، و قل لترجمانهم حتى يقول لهم:

اخرجوا و أقبل يتململ و يقول: يا فضيحتاه كدت موسى كيدا ما نفعني فيه شيء و صاح الخادم بترجمانهم: قل لهم أمير المؤمنين يقول لكم:

اخرجوا فخرجوا مكتّفين الأيدي على ظهورهم يمشون القهقرى حتى غابوا عنه ثم جاؤا إلى منازلهم و أخذوا كلّ ما فيها و ركبوا من ساعتهم و خرجوا فأمر الرشيد بترك التعرّض لهم.

قال عليّ بن أحمد: و لقد تبعهم خلق كثير من شيعة أبي الحسن

ص:275

عليه السلام فما وجدوا لهم أثرا و لا علموا أيّ طريق أخذوا. (1)

ص:276


1- 1) أخرجه المؤلّف ره في «مدينة المعاجز» :471 [1] عن «هداية الحضيني» :57 مخطوط.

الباب العاشر

في اعترف الرشيد لابي الحسن موسى عليه السلام

بالامامة و الخلافة

1-ابن بابويه قال: حدّثنا عليّ بن عبد اللّه الورّاق (1)، و الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتّب، و أحمد بن جعفر بن زياد الهمداني، و الحسين بن إبراهيم بن تاتانة (2)و أحمد بن عليّ بن إبراهيم بن هاشم (3)و محمّد بن عليّ ماجيلويه، و محمّد بن موسى بن المتوكّل رضي اللّه عنهم جميعا قالوا: حدّثنا علي بن ابراهيم بن هاشم، عن أبيه عن عثمان ابن عيسى، عن سفيان بن نزار قال: كنت يوما على رأس المأمون فقال:

أتدرون من علّمني التشيّع؟

فقال القوم جميعا: لا و اللّه ما نعلم.

قال: علّمنيه الرشيد.

قيل له: و كيف ذلك؟ و الرشيد كان يقتل أهل هذا البيت؟

ص:277


1- 1) علي بن عبد اللّه الورّاق: من مشايخ الصدوق و روى عنه في الفقيه و العيون و [1]وصفه بالرازي و ترضّى عليه، روى عن سعد بن عبد اللّه القمي، و أحمد بن يحيى بن زكريا القطّان، و محمد بن هارون الصوفي، و محمّد بن جعفر بن بطّة-طبقات الشيعة [2]في القرن الرابع/ 190-.
2- 2) الحسين بن ابراهيم بن تاتانة او «ناتانة» مصحّف ناتوانا كما ذكره المجلسي، أو «ثاثانة» كما في كثير من مواضع «الأمالي» [3] كان من مشايخ الصدوق و قد ترضّى عليه في الفقيه.
3- 3) احمد بن علي بن ابراهيم بن هاشم: من مشايخ الصدوق قدّس سرّه ذكره في «العيون» [4]مترضّيا له، و عدّه الشيخ في رجاله في من لم يرو عنهم عليهم السلام.

قال: كان يقتلهم على الملك لأنّ الملك عقيم.

و لقد حججت معه سنة فلمّا صار إلى المدينة تقدّم إلى حجّابه و قال: لا يدخلنّ عليّ رجل من أهل المدينة و مكّة من أبناء المهاجرين و الأنصار و بني هاشم و سائر بطون قريش إلاّ نسب نفسه، و كان الرّجل إذا دخل عليه قال: أنا فلان بن فلان حتّى ينتهى إلى جده من هاشمي أو قرشي أو مهاجري أو أنصاري، فيصله من المال بخمسة آلاف دينار و ما دونها إلى مأتي دينار على قدر شرفه و هجرة آبائه.

فانا ذات يوم واقف إذ دخل الفضل بن ربيع، فقال: يا أمير المؤمنين على الباب رجل يزعم أنّه موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام فأقبل علينا، و نحن قيام على رأسه، و الأمين و المؤتمن و سائر القوّاد.

فقال: إحفظوا على أنفسكم، ثم قال: لآذنه إئذن له، و لا ينزل إلاّ على بساطي، فإنّا كذلك إذ دخل عليه شيخ مسخّد (1)قد أنهكته العبادة، كانه شنّ (2)بال قد كلم السجود وجهه و أنفه.

فلمّا رأى الرشيّد رمى بنفسه عن حمار كان راكبه فصاح الرّشيد لا و اللّه إلاّ على بساطي، فمنعه الحجّاب من الترجّل، و نظرنا إليه بأجمعنا بالإجلال و الإعظام فما زال يسير على حماره حتى صار إلى البساط، و الحجّاب و القوّاد محدقون به؛ فنزل فقام إليه الرشيد و إستقبله إلى آخر البساط، و قبّل وجهه و عينيه، و أخذ بيده حتى صيره في صدر

ص:278


1- 1) المسخّد: المصفرّ المورّم الثقيل-صحاح الجوهري-.
2- 2) الشنّ «بفتح الشين المعجمة و تشديد النون» : القربة الخلق الصغيرة.

المجلس، و أجلسه معه فيه، و جعل يحدّثه و يقبل بوجهه عليه، و يسأله عن أحواله.

ثم قال له: يا أبا الحسن ما عليك من العيال؟

فقال: يزيدون على الخمسمأة.

قال: أولاد كلّهم؟

قال: لا أكثرهم موالى و حشم، و أمّا الولد فلي نيّف (1)و ثلاثون، الذكران منهم كذا، و النسوان منهم كذا.

قال: فلم لا تزوّج النسوان من بني عمومتهنّ و أكفائهن؟

قال: اليد تقصر عن ذلك.

قال: فما حال الضيعة؟

قال: تعطي في وقت و تمنع في آخر.

قال فهل عليك دين؟

قال: نعم.

قال: كم؟

قال: نحوا من عشرة آلاف دينار.

فقال الرشيد: يا إبن عمّ انا اعطيك من المال ما تزوّج به الذكران و النسوان و تقضي الدين و تعمر الضياع.

فقال له: و صلتك رحم يا إبن عمّ (2)و شكر اللّه لك هذه النيّة

ص:279


1- 1) النيف «بفتح النون و تشديد الياء المثناة التحتانية او تخفيفها» : الزيادة.
2- 2) وصلتك رحم يا بن عمّ: أي صارت الرحم سببا لصلتك.

الجميلة، و الرحم ماسّة (1)، و القرابة و اشجة (2)و النسب واحد و العبّاس عمّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم وصنو (3)أبيه و عمّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام و صنو أبيه، و ما أبعدك اللّه من أن تفعل ذلك و قد بسط يدك و أكرم عنصرك و أعلى محتدك (4).

فقال: أفعل ذلك يا أبا الحسن و كرامة.

فقال: يا أمير المؤمنين إنّ اللّه عزّ و جلّ قد فرض على ولاة عهده أن ينعشوا (5)فقراء الامّة، و يقضوا عن الغارمين، و يؤدّوا عن المثقل، و يكسوا العاري و يحسنوا إلى العاني (6)، و أنت أولى من يفعل ذلك.

فقال أفعل يا أبا الحسن، ثمّ قام فقام الرشيد لقيامه و قبّل عينيه و وجهه، ثمّ أقبل عليّ و على الأمين و المؤتمن فقال: يا عبد اللّه و يا محمّد و يا إبراهيم إمشوا بين يدي عمّكم و سيّدكم، خذوا بركابه، و سوّوا عليه ثيابه، و شيّعوه إلى منزله.

فأقبل عليّ أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام سرّا بيني و بينه فبشرّني بالخلافة و قال لي: إذا ملكت هذا الأمر فأحسن إلى ولدي، ثمّ إنصرفنا و كنت أجرء ولد أبي عليه.

فلمّا خلا المجلس قلت: يا أمير المؤمنين من هذا الرّجل الّذي

ص:280


1- 1) الرحم ماسّة: أي قريبة.
2- 2) الواشجة: المشتبكة.
3- 3) الصنو: اذا خرجت نخلتان من اصل واحد فكلّ منهما صنو الاخرى.
4- 4) المحتد: الأصل.
5- 5) نعشه: رفعه.
6- 6) العاني: الأسير، الذليل.

عظّمته و أجللته، و قمت من مجلسك إليه فاستقبلته، و أقعدته في صدر المجلس و جلست دونه ثمّ أمرتنا بأخذ الركاب له؟

قال: هذا إمام الناس و حجّة اللّه على خلقه و خليفته على عباده.

فقلت: يا أمير المؤمنين أو ليست هذه الصفات كلّها لك و فيك؟

فقال: أنا إمام الجماعة في الظاهر بالغلبة و القهر، و موسى بن جعفر إمام حقّ، و اللّه يا بنّي إنّه لأحقّ بمقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله منّي و من الخلق جميعا و و اللّه لو نازعتني في هذا الأمر لأخذت الّذي فيه عيناك فإنّ الملك عقيم (1).

فلمّا أراد الرحيل من المدينة إلى مكة أمر بصرّة سوداء فيها مأتا دينار، ثمّ أقبل على الفضل بن الربيع فقال له: إذهب بهذه إلى موسى بن جعفر و قل له: يقول لك أمير المؤمنين: نحن في ضيق و سيأتيك برّنا بعد هذا الوقت.

فقمت في صدره (2)فقلت: يا أمير المؤمنين تعطي أبناء المهاجرين و الأنصار و سائر قريش و بني هاشم و من لا يعرف حسبه و لا نسبه خمسة آلاف دينار إلى ما دونها و تعطي موسى بن جعفر و قد أعظمته و أجللته مأتي دينار؟ أخسّ عطية أعطيتها أحدا من الناس؟

فقال: اسكت لا أمّ لك فإنّي لو أعطيت هذا ما ضمنته له ما كنت آمنه أن يضرب وجهي غدا بمأة ألف سيف من شيعته و مواليه، و فقر

ص:281


1- 1) الملك عقيم: قال الفيروز آبادي في القاموس ج 4/152: [1] الملك عقيم أي لا ينفع فيه نسب، لأنّه يقتل في طلبه الأب، و الأخ و العمّ و الولد.
2- 2) في صدره: في مقابله.

هذا و أهل بيته أسلم لي و لكم من بسط أيديهم و أعينهم.

فلمّا نظر إلى ذلك مخارق المغنّي (1)دخله من ذلك غيظ فقام إلى الرشيد فقال: يا أمير المؤمنين قد دخلت المدينة و أكثر أهلها يطلبون منّي شيئا، فإن خرجت فلم أقسم فيهم شيئا لم يتبيّن لهم تفضّل أمير المؤمنين عليّ و منزلتي عنده.

فأمر له بعشرة آلاف دينار.

فقال له: يا أمير المؤمنين هذا لأهل المدينة و عليّ دين أحتاج أن أقضيه.

فأمر له بعشرة آلاف دينار أخرى.

فقال له: يا أمير المؤمنين بناتي أريد أن أزوجّهنّ و أنا محتاج إلى جهازهنّ.

فأمر له بعشرة آلاف دينار اخرى.

فقال له: يا أمير المؤمنين لابدّ من غلة تعطينيها تردّ عليّ و على عيالي و بناتي و أزواجهن بقوت، فأمر له بأقطاع ما يبلغ غلّته في كلّ سنة عشرة آلاف دينار و أمر أن يعجّل ذلك له من ساعته.

ثمّ قام مخارق من فوره و قصد موسى بن جعفر عليهما السلام، و قال له: قد وقفت على ما عاملك به هذا الملعون و ما أمر لك به، و قد

ص:282


1- 1) مخارق بن يحيى أبو المهنّأ: كان إمام عصره في الغناء، و كان الرشيد يعجب به حتى رفعه مرّة على السرير معه و أعطاه «000ر30» درهم و اتصل بعد الرشيد بالمأمون و زار معه دمشق، كان مملوكا لعاتكة بنت شهدة بالكوفة و هي الّتي علّمته الغناء و الضرب على العود فباعته و صار إلى الرشيد و كنّاه بأبي المهنّأ، و كان لحّانا لا يقيم الإعراب-الأعلام ج 8/48-. [1]

إحتلت عليه لك و أخذت منه صلات ثلاثين ألف دينار و أقطاعا تغلّ في السنة عشرة آلاف دينار و لا و اللّه يا سيّدي ما أحتاج إلى شيء من ذلك و ما أخذته إلاّ لك، و أنا أشهد لك بهذا الأقطاع و قد حملت المال إليك.

فقال: بارك اللّه لك و في مالك، و أحسن جزاك ما كنت لاخذ منه درهما واحدا و لا من هذه الأقطاع شيئا و قد قبلت صلتك و برّك فانصرف راشدا، و لا تراجعني في ذلك فقبّل يده و إنصرف. (1)

2-و عنه قال: حدّثنا أبي رضي اللّه عنه: قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه عن الريّان بن شبيب (2)قال: سمعت المأمون يقول ما زلت احب أهل البيت و أظهر للرشيد بغضهم تقرّبا إليه فلمّا حجّ الرشيد كنت أنا و محمّد (3)و القاسم (4)معه، فلمّا كان بالمدينة إستأذن

ص:283


1- 1) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 1/88 ح 11 و [1]عنه البحار ج 48/129-132 ح 4 و 5 و [2]عن الاحتجاج ج 2/392 [3] نحوه إلى قوله: «من بسط أيديهم و إغنائهم» -العوالم ج 21/ 245 ح 1-.
2- 2) ريّان بن شبيب خال المعتصم العبّاسي كما قال النجاشي أو خال المأمون كما نقل التستري في «قاموس الرجال» عن «اثبات الوصيّة» للمسعودي، وثّقه النجاشي و قال: سكن قم و روى عنه أهلها و جمع مسائل الصباح بن نصر الهندي للرضا عليه السلام، روى عن الامام، و روى عنه ابراهيم بن هاشم.
3- 3) محمّد: هو الأمين بن هارون و امّه زبيدة ولد في سنة «170» في رصافة بغداد و بويع بالخلافة بعد أبيه سنة «193» و في سنة «195» خلعه المأمون في خراسان و جهّز طاهر بن الحسين لحربه فحاصر بغداد و إنهزم جيش الأمين و انتهى بقتل الأمين في سنة «198» - الاعلام ج 7/350-. [4]
4- 4) القاسم بن هارون العباسي عهد إليه أبوه بولاية العهد بعد الأمين و المأمون و أقطعه الجزيرة و الثغور و العواصم سنة «186» ه و هو يومئذ ابن «13» سنة و كان المأمون ينظر في أمر المقاطعات باسم المؤتمن إلى أن شبّ و أغزاه الرشيد أرض الروم سنة «187» و استخلفه على الرقّة سنة «192» و لمّا اشتّدت فتنة الأمين و المأمون سار المؤتمن إلى

عليه الناس و كان آخر من أذن له موسى بن جعفر عليه السلام فدخل فلمّا نظر إليه الرشيد تحرّك و مدّ بصره و عنقه إليه حتّى دخل البيت الّذي كان فيه.

فلما قرب منه جثا (1)الرشيد على ركبتيه و عانقه، ثمّ أقبل عليه فقال له: كيف أنت يا أبا الحسن؟ و كيف عيالك و عيال أبيك؟ كيف أنتم؟ ما حالكم؟ فما زال يسأله عن هذا و أبو الحسن عليه السلام يقول:

خير خير (2)، فلمّا قام أراد الرشيد أن ينهض فأقسم عليه أبو الحسن عليه السلام فقعد 3و عانقه و سلّم عليه و ودّعه.

قال المأمون و كنت أجرأ ولد أبي عليه.

فلمّا خرج أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام قلت لأبي: يا أمير المؤمنين لقد رأيتك عملت بهذا الرجل شيئا ما رأيتك فعلته بأحد من أبناء المهاجرين و الأنصار و لا ببني هاشم فمن هذا الرجل؟

فقال: يا بنيّ هذا وارث علم النبيين هذا موسى بن جعفر بن محمد إن أردت العلم الصحيح فعند هذا، قال المأمون: فحينئذ انغرس في قلبي حبّهم. 4

ص:284


1- 1) جثى يجثوا جثوّا: جلس على ركبتيه، أو قام على أطراف أصابعه.
2- 2) في بعض النسخ: خيرا [1]خيرا.

الباب الحادي عشر

في منطقه الصادع بالصواب

1-محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن حسّان، عن بعض أصحابنا قال: حضرت أبا الحسن الأوّل عليه السلام و هارون الخليفة، و عيسى بن جعفر، و جعفر بن يحيى بالمدينة قد جاءوا إلى قبر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال هارون لأبي الحسن عليه السلام: تقدّم فأبى، فتقدّم هارون فسلّم و قام ناحية.

و قال عيسى بن جعفر لأبي الحسن عليه السلام: تقدّم فأبى فتقدّم عيسى فسلّم و وقف مع هارون، فقال جعفر لأبي الحسن عليه السلام:

تقدّم فأبى فتقدّم جعفر فسلّم و وقف مع هارون، و تقدّم أبو الحسن عليه السلام فقال: السلام عليك يا أبة أسال اللّه الذي إصطفاك و إجتباك و هداك و هدا بك أن يصلّي عليك.

فقال هارون لعيسى: سمعت ما قال؟

قال: نعم.

فقال هارون: أشهد أنّه أبوه حقّا. (1)

ص:285


1- 1) الكافي ج 4/553 ح 8 و [1]عنه البحار:100/155 ح 26 و [2]قطعة منه في الوسائل ج 10/ 268 ح 4 [3] عنه و عن التهذيب ج 6/6 ح 10 و أخرجه في البحار ج 48/136 ح 9 [4]عن كامل الزيارات:18 ح 7، [5] العوالم ج 21/244 ح 4.

2-أبو علي الطبرسي في «اعلام الورى» قال: إنّ الرشيد لمّا خرج إلى الحجّ و قرب من المدينة إستقبله وجوه أهلها يقدمهم موسى بن جعفر على بغلة فقال له الربيع: ما هذه الدابّة التي تلقّيت عليها أمير المؤمنين و أنت إن طلبت عليها لم تدرك و إن طلبت لم تفت.

فقال عليه السلام: إنّها تطأطأت عن خيلاء الخيل و إرتفعت عن ذلّة العير، و خير الامور أوسطها.

قالوا: و لمّا دخل هارون المدينة وزار النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: السّلام عليك يا رسول اللّه، السّلام عليك يا بن عمّ مفتخرا بذلك على غيره، فتقدّم أبو الحسن عليه السلام و قال: السّلام عليك يا رسول اللّه، السلام عليك يا أبة، فتغيّر وجه الرشيد و تبيّن فيه الغضب. (1)

3-ثم قال أبو عليّ أيضا: و روى الشريف الأجلّ المرتضى (2)قدس اللّه روحه العزيزة عن أبي عبد اللّه المرزباني مرفوعا إلى أيّوب بن الحسين الهاشمي، قال: كان نقيع رجل من الأنصار حضر باب الرشيد- و كان عرّيضا- (3)و حضر معه عبد العزيز (4)بن عمر بن عبد العزيز، و حضر موسى بن جعفر عليه السلام على حمار له، فتلقّاه الحاجب

ص:286


1- 1) إعلام الورى:296 و [1]عنه البحار ج 48/103 و [2]عن ارشاد المفيد:297 [3] باختلاف و أخرجه في كشف الغمة ج 2/229 [4]عن الإرشاد و [5]ذيله في البحار ج 48/135 ح 8 [6]عن الاحتجاج: 393 [7] باختلاف و روى صدره في مقاتل الطالبيين:333، و [8]العوالم ج 21/201 ح 1.
2- 2) الشريف المرتضى علي بن الحسين بن موسى الموسوي المولود «355» و المتوفى «436» ه.
3- 3) العرّيض «بكسر العين المهملة و الراء المشدّدة» : الذي يتعرّض للناس بالشرّ.
4- 4) عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز بن مروان من أمراء المدينة من قبل يزيد بن الوليد الأموي توفّي بعد سنة «147» ه-الأعلام ج 4/148-. [9]

بالبشر (1)و الإكرام، و أعظمه من كان هناك، و عجّل له بالإذن، فقال نفيع لعبد العزيز بن عمرة من هذا الشيخ؟

قال: شيخ آل أبي طالب، شيخ آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله، هذا موسى بن جعفر.

قال: ما رأيت أعجز من هؤلاء القوم! يفعلون هذا برجل يقدر أن يزيلهم عن السرير! أما لإن خرج لأسوءنّه.

قال له عبد العزيز: لا تفعل، فإنّ هؤلاء أهل بيت قلّ من تعرّض لهم في الخطاب إلاّ و سموه بالجواب سمّة يبقى عارها عليه مدى الدهر.

قال: و خرج موسى بن جعفر عليه السلام فقام إليه نفيع الأنصاري فأخذ بلجام حماره، ثمّ قال: من أنت يا هذا؟

فقال يا هذا إن كنت تريد النسب فأنا إبن محمّد حبيب اللّه إبن إسماعيل ذبيح اللّه إبن إبراهيم خليل اللّه، و إن كنت تريد البلد فهو الّذي فرض اللّه عزّ و جلّ على المسلمين و عليك إن كنت منهم الحجّ إليه، و ان كنت تريد المفاخرة فو اللّه ما رضى مشركو قومي مسلمي قومك أكفاءا لهم حتّى قالوا: يا محمد أخرج الينا أكفائنا من قريش، و إن كنت تريد الصيت و الإسم فنحن الذين أمر اللّه بالصلاة علينا في الصلوات المفروضة تقول اللّهم صلّ على محمّد و آل محمّد فنحن آل محمّد خلّ عن الحمار، فخلّى عنه و يده ترعد و إنصرف مخزيا، فقال له عبد

ص:287


1- 1) في نسخة: بالبّر و الاكرام.

العزيز: ألم أقل لك؟ (1).

ص:288


1- 1) اعلام الورى:297 و [1]اخرجه في البحار ج 48/143 ح 9 [2] عن غرر السيّد «الأمالي» ج 1/ 274 و اعلام الدين:305 [3] باختلاف و في البحار ج 78/333 ذيل ح 9 [4]عن اعلام الدين-و [5]ابن شهر آشوب في المناقب ج 4/316 [6] عن الغرر.

الباب الثاني عشر

في انه عليه السلام كاظم الغيظ

1-إبن بابويه قال: حدّثنا عليّ بن عبد اللّه الورّاق رضي اللّه عنه، قال: حدّثنا سعد بن عبد اللّه، قال: حدّثنا أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عن أبيه، عن ربيع بن عبد الرّحمان (1)قال: كان و اللّه موسى بن جعفر عليه السلام من المتوسّمين (2)يعلم من يقف عليه بعد موته و يجحد الإمام بعد (3)إمامته، و كان يكظم غيظه عليهم، و لا يبدي لهم ما يعرفه منهم فسمّي الكاظم لذلك. (4)

2-المفيد في «الارشاد» قال: أخبرني الشريف أبو محمّد الحسن ابن محمّد، عن جدّه، عن غير واحد من أصحابه و مشايخه أنّ رجلا من ولد عمر بن الخطاب كان بالمدينة يؤذي أبا الحسن موسى عليه السلام

ص:289


1- 1) ربيع بن عبد الرحمن الأسدي مولاهم الكوفي من أصحاب الصادق عليه السلام-معجم رجال الحديث ج 7/173-. [1]
2- 2) من المتوسّمين أي من المتفرسين بالخير الّذي هو التجاوز عن قبائح الرعيّة مع فراسته و علمه بها، و التوسّم هو التفرّس، و المؤمن ينظر بنور اللّه، و قيل: المتوسّم: الذي يعلم المؤمن من الكافر بعلامات علّمه اللّه تعالى.
3- 3) في البحار: «و [2]يجحد الامام بعده إمامته» .
4- 4) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 1/112 ح 1، [3]علل الشرايع:235 ح 1 و [4]عنهما البحار ج 48/10 ح 1 و [5]عن معاني الأخبار:65 نحوه، و في الوسائل ج 8/525 ح 13 [6]عن العلل، و [7]العوالم ج 21/26 ح 1.

و يسبّه إذا رآه و يشتم عليا عليه السلام.

قال له بعض جلسائه يوما: دعنا نقتل هذا الفاجر، فنهاهم عنه أشدّ نهي و زجرهم أشدّ زجر (1)و سال عن العمري فذكر أنّه يزرع بناحية من نواحي المدينة. فركب إليه فوجده في مزرعة فدخل المزرعة بحماره فصاح به العمريّ: ألا لا توطيء زرعنا، فتوطاه أبو الحسن عليه السلام بالحمار حتّى وصل إليه، فنزل و جلس عنده و باسطه و ضاحكه، و قال له: كم غرمت في زرعك هذا؟

فقال له: مأة دينار.

قال: و كم ترجو أن تصيب فيه؟

قال: لست أعلم الغيب.

قال له إنّما قلت: كم ترجو أن يجيئك فيه؟

قال: أرجو فيه مأتي دينار. (2)

قال: فأخرج له أبو الحسن عليه السلام صرّة فيها ثلثمأة دينار، و قال: هذا زرعك على حاله، و اللّه يرزقك فيه ما ترجو.

قال: فقام العمري فقبّل رأسه و سأله أن يصفح عن فارطه، فتبسّم إليه أبو الحسن عليه السلام و إنصرف.

قال: و راح إلى المسجد فوجد العمري جالسا فلمّا نظر إليه قال:

اللّه أعلم حيث يجعل رسالته.

قال: فوثب أصحابه إليه فقالوا له: ما قصتّك؟ قد كنت تقول غير

ص:290


1- 1) في المصدر: فنهاهم عن ذلك أشدّ النهي، و زجرهم أشدّ الزجر.
2- 2) في البحار: [1] أرجو أن يجيء مائتا دينار.

هذا.

قال: فقال لهم: قد سمعتم ما قلت الآن، و جعل يدعو لأبي الحسن عليه السلام فخاصموه و خاصمهم، فلمّا رجع أبو الحسن إلى داره قال لحاشيته الذين سألوه في قتل العمري: أيمّا كان خيرا ما أردتم؟ أو ما أردت؟ إنّني أصلحت أمره بالمقدار الّذي عرفتم و كفيت به شرّه. (1)

3-محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن سعدان، عن معتّب قال: كان أبو الحسن موسى عليه السلام في حائط له يصرم (2)فنظرت إلى غلام له قد أخذ كارة (3)من تمر فرمى بها وراء الحائط، فأتيته فأخذته و ذهبت به إليه، فقلت له: جعلت فداك إنّي وجدت هذا و هذه الكارة.

فقال للغلام: يا فلان!

قال: لبيك.

قال أتجوع؟

قال: لا سيّدي.

قال: فتعرى؟

قال: لا سيّدي.

قال: فلايّ شيء أخذت هذه؟

ص:291


1- 1) إرشاد المفيد:297 و [1]عنه كشف الغمّة ج 2/228 و [2]في البحار ج 48/102 ح 7 [3] عنه و عن اعلام الورى:296 و [4]أورده ابن شهر آشوب في مناقبه ج 4/319 مختصرا.
2- 2) صرم النخل: جزّه و قطعه.
3- 3) الكارة: مقدار معلوم من الطعام.

قال: إشتهيت ذلك قال: إذهب فهي لك، و قال: خلّوا عنه. (1)

ص:292


1- 1) الكافي ج 2/108 ح 7 و [1]عنه البحار ج 48/115 ح 26 و [2]ج 71/402 ح 7 و العوالم ج 21/ 212 ح 1.

الباب الثالث عشر

في قرائته عليه السلام القرآن

1-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم (1)، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص قال: سمعت موسى بن جعفر عليه السلام يقول لرجل: أتحبّ البقاء في الدنيا؟

فقال: نعم.

فقال و لم؟

قال: لقرائة قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ فمكث عنه فقال لي بعد ساعة: يا حفص من مات من أوليائنا و شيعتنا و لم يحسن القرآن علّم في قبره ليرفع اللّه به من درجته فإنّ درجات الجنّة على قدر عدد آيات القرآن، يقال: إقرء و إرق، فيقرء ثم يرقى.

قال حفص: فما رأيت أحدا أشدّ خوفا على نفسه من موسى بن جعفر و لا أرجى الناس منه، و كانت قرائته حزنا فاذا قرء فكأنه يخاطب

ص:293


1- 1) هو القاسم بن محمّد، و هو مشترك بين القاسم بن محمّد الإصفهاني أبي محمد المعروف بكاسولا أو الكاسام و لم يكن بالمرضيّ عند الأصحاب، و بين القاسم بن محمّد الجوهري الكوفي البغداديّ الموثّق عند الأصحاب، و هما لا يشتركان في الاسم و اسم الوالد فقط بل يشتركان أيضا في أنّهما رويا عن سليمان بن داود المنقري و يروى عنهما ابراهيم بن هاشم- معجم رجال الحديث ج 14/53-. [1]

إنسانا. (1)

2-المفيد في «إرشاده» قال: و قد روى الناس عن أبي الحسن موسى عليه السلام فأكثروا و كان أفقه أهل زمانه و أحفظهم لكتاب اللّه و أحسنهم صوتا بالقرآن، و كان اذا قرأه يحزن و يبكى السامعون لتلاوته، و كان الناس بالمدينة يسمّونه زين المتهجدين. (2)

ص:294


1- 1) الكافي ج 2/606 ح 10 و [1]ذيله في البحار ج 48/111 ح 18 و [2]اخرج صدره في الوسائل ج 4/869 ح 8 [3] عن ثواب الأعمال:157 ح 10 و العوالم ج 21/194 ح 1.
2- 2) إرشاد المفيد:298 و [4]عنه كشف الغمّة ج 2/230، و [5]في البحار ج 48/103 ذيل الحديث 8 عنه و عن إعلام الورى:298 باختلاف. [6]عن إعلام الورى:298 [7] باختلاف.

الباب الرابع عشر

في مجلسه و من يجالس

1-محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن بكر بن محمّد (1)، عن الجعفري (2)قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام (3)يقول: ما لي رأيتك عند عبد الرحمن بن يعقوب؟

فقال: إنّه خالي.

فقال: إنه يقول في اللّه قولا عظيما، يصف اللّه و لا يوصف: فإمّا جلست معه و تركتنا، و إمّا جلست معنا و تركته.

فقلت: هو يقول: ما شاء، أيّ شيء عليّ منه إذا لم أقل ما يقول؟

ص:295


1- 1) بكر بن محمّد بن عبد الرحمن بن نعيم أبو محمد الأزدي الغامدي الكوفي، عدّ من أصحاب الصادق و الكاظم و الرضا عليهم السلام، و كان ثقة، و عمّر عمرا طويلا، له كتاب يرويه جماعة من أصحابنا-معجم رجال الحديث ج 3/352-. [1]
2- 2) الجعفري هو أبو هاشم داود بن القاسم بن إسحاق بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب كان عظيم المنزلة عند الائمّة عليهم السلام، لقى الرضا عليه السلام الى آخر الائمّة عليهم السلام، عنونه الخطيب في تاريخ بغداد و قال: حبس في بغداد سنة «252» و بلغني أنّه مات سنة «261» .
3- 3) يحتمل أنّ المراد بأبي الحسن في هذه الرواية هو الامام الرضا عليه السلام و يحتمل الإمام الهادي عليه السلام و لا يحتمل أن يكون الكاظم عليه السلام لأنّ أبا هاشم الجعفري ما سمع منه بل ما لقيه، إلاّ أن يكون المراد بالجعفري هو سليمان بن جعفر الجعفري و هو بعيد فإيراد المصنّف قدّس سرّه الحديث في أبواب أحوال أبي الحسن الكاظم عليه السلام سهو منه، و اللّه العالم.

فقال أبو الحسن عليه السلام: أما تخاف أن تنزل به نقمة فتصيبكم جميعا؟ أما علمت بالذي كان من أصحاب موسى عليه السلام و كان أبوه من أصحاب فرعون فلمّا لحقت خيل فرعون موسى تخلّف عنه ليعظ أباه فيلحقه بموسى فمضى أبوه و هو يراغمه (1)حتى بلغا طرفا من البحر فغرقا جميعا، فأتى موسى عليه السلام الخبر، فقال: هو في رحمة اللّه، و لكنّ النقمة إذا نزلت لم يكن لها عمّن قارب المذنب دفاع. (2)

2-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن اسباط، عن محمّد بن الصباح، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن عبد اللّه ابن مصعب الزبيري (3)، قال: سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام و جلسنا إليه في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فتذاكرنا أمر النساء فأكثرنا الخوض و هو ساكت لا يدخل في حديثنا بحرف.

فلمّا سكتنا قال: أمّا الحرائر فلا تذكروهنّ، و لكن خير الجواري ما كان لك فيها هوى، و كان لها عقل و أدب، فلست تحتاج إلى أن تأمر و لا تنهى، و دون ذلك ما كان لك فيها هوى و ليس لها أدب فأنت تحتاج إلى الأمر و النهى.

و دونها ما كان لك فيها هوى، و ليس لها عقل و لا أدب فتصبر

ص:296


1- 1) يراغمه: اي يبالغ في ذكر ما يبطل مذهبه.
2- 2) الكافي ج 2/374 ح 2 و [1]عنه البحار ج 74/200 ح 39 و [2]الوسائل ج 11/503 ح 5 و [3]اخرجه ايضا في البحار ج 74/195 ح 25 [4] عن امالي المفيد:112 ح 3.
3- 3) عبد اللّه بن مصعب الزبيري: بن ثابت بن عبد اللّه بن الزبير، كان من الأمراء العبّاسيّين، ولد بالمدينة سنة «111» ه و ولى اليمامة في أيّام المهدي و الهادي و صار واليا بالمدينة من قبل الرشيد، مات بالرقّة و هو في صحبة الرشيد «184» ه-تاريخ بغداد ج 10/173-. [5]

عليها لمكان هواك فيها، و جارية ليس لك فيها هوى، و ليس لها عقل و لا أدب فتجعل فيما بينك و بينها البحر الأخضر.

قال: فأخذت بلحيتي أريد أن أضرط فيها لكثرة خوضنا لما لم نقم فيه على شيء و لجمعه الكلام فقال لي: مه إن فعلت لم اجالسك. (1)

ص:297


1- 1) الكافي ج 5/322 ح 2 و [1]عنه الوسائل ج 14/13 ح 1. قال المحدّث المجلسي في «مرآة العقول» [2] في تعليقته على هذا الحديث: انظر الى هذا الرجل و وقاحته و مبلغ أدبه الديني و عدم مراعاته حرمة مسجد النبي صلّى اللّه عليه و آله و مهبط أنوار الوحي و حرمة رسول اللّه و حرمة ابنه صلوات اللّه عليهما، و كيف هم بهذه الشناعة الّتي تعرب عن خباثته الموروثة و لا غرو منه و من امثاله الذين تقلّبوا عمرهم في دنيا بني العبّاس.

ص:298

الباب الخامس عشر

في ورعه عليه السلام

1-محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن البرقي، عن محمّد بن يحيى، عن حمّاد بن عثمان قال بينا موسى بن عيسى (1)في داره الّتي في المسعى تشرف على المسعى إذ رآى أبا الحسن موسى عليه السلام مقبلا من المروة على بغلة، فأمر ابن هيّاج- رجلا من همدان منقطعا إليه-أن يتعلّق بلجامه و يدّعي البغلة، فأتاه فتعلّق باللجام و إدّعى البغلة.

فثنّى أبو الحسن عليه السلام رجله فنزل عنها و قال لغلمانه:

خذوا سرجها و إدفعوها إليه.

فقال: و السرج أيضا لي.

فقال أبو الحسن عليه السلام: كذبت عندنا البيّنة بأن السرج سرج محمّد بن عليّ عليه السلام، و أما البغلة فإنّا إشتريناها (2)منذ قريب و أنت أعلم و ما قلت. (3)

ص:299


1- 1) موسى بن عيسى: بن موسى بن محمّد العبّاسي الهاشمي من أمراء آل عبّاس ولى الحرمين للمنصور و المهدي مدة طويلة، ثمّ ولى اليمن للمهدي، و ولى مصر للرشيد سنة «171» ه، مات ببغداد سنة «183» ه-الولاة و القضاة:132-137-. [1]
2- 2) في البحار: فأنا إشتريتها.
3- 3) الكافي ج 8/86 ح 48 و [2]عنه البحار ج 48/148 ح 23. [3]

2-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن بعض أصحابه محمّد بن إسماعيل، عن إبراهيم بن أبي البلاد، قال: أوصى إسحق بن عمر عند وفاته بجوار له مغنّيات أن يبعن و يحمل ثمنهن إلى أبي الحسن عليه السلام.

قال إبراهيم: فبعت الجواري بثلاثمأة ألف درهم، و حملت الثمن إليه، فقلت له: إنّ مولى لك يقال له: إسحق بن عمر قد أوصى عند وفاته ببيع جوار له مغنّيات و حمل الثمن إليك، و قد فعلت و بعتهن و هذا الثمن ثلاثمأة ألف درهم.

فقال: لا حاجة لي فيه، إنّ هذا سحت، و تعليمهنّ كفر، و الإستماع منهنّ نفاق، و ثمنهن سحت. (1)

3-و عنه عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و أحمد بن محمّد جميعا، عن إبن محبوب، عن يونس بن يعقوب، عن عبد الحميد بن سعيد، قال: بعث أبو الحسن عليه السلام غلاما يشتري له بيضا فأخذ الغلام بيضة أو بيضتين فقامر بها فلمّا أتى به أكله، قال له مولى له: إنّ فيه من القمار.

قال: فدعا بطشت فقاءه فتقيّأه. (2)

4-الشيخ في «التهذيب» عن موسى بن بكر، قال: كنّا عند أبي

ص:300


1- 1) الكافي ج 5/120 ح 7 و [1]عنه الوسائل ج 12/87 ح 5 و [2]عن التهذيب ج 6/357 ح 142 و الاستبصار ج 3/61 ح 4-و العوالم ج 21/280 ح 1.
2- 2) الكافي ج 5/123 ح 3 و [3]عنه البحار ج 48/117 ح 23 و [4]الوسائل ج 12/119 ح 2 و [5]العوالم ج 21/194 ح 1.

الحسن عليه السلام فإذا دنانير مصبوبة بين يديه، فنظر إلى دينار فأخذه بيده ثم قطعه نصفين ثم قال: لي ألقه في البالوعة حتى لا يباع شيء فيه غشّ. (1)

و رواه محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن بعض أصحابه، عن موسى بن بكر، قال: كنّا عند أبي الحسن عليه السلام فإذا دنانير مصبوبة، الحديث بعينه. (2)

5-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن محسن بن أحمد (3)، عن يونس بن يعقوب، عن معتّب، قال: كان أبو الحسن عليه السلام يأمرنا إذا أدركت الثمرة أن نخرجها و نبيعها، و نشتري مع المسلمين يوما بيوم. (4)

ص:301


1- 1) التهذيب ج 7/12 ح 50، الكافي ج 5/160 ح 3، و [1]أخرجه في «الوسائل» ج 12/209 ح 5 [2]عن الكافي. [3]
2- 2) الكافي ج 5/160 ح 3. [4]
3- 3) محسن بن أحمد القيسي من موالي قيس غيلان، روى عن الرضا عليه السلام، و عدّه الشيخ من أصحابه، و عدّه البرقي من أصحاب الكاظم عليه السلام-معجم رجال الحديث ج 14/192-. [5]
4- 4) الكافي ج 5/166 ح 3 و [6]عنه البحار ج 48/117 ح 33 و [7]في الوسائل ج 12/322 ح 3 [8] عنه و عن التهذيب ج 7/161 ح 16 و العوالم ج 21/215 ح 2.

ص:302

الباب السادس عشر

في أدعية له عليه السلام

1-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن الرضا عليه السلام قال: كان أبي عليه السلام إذا خرج من منزله قال: « بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » خرجت بحول اللّه و قوته لا بحول منّي و لا قوّتي بل بحولك و قوّتك يا ربّ متعرضا لرزقك فأتني به في عافية. (1)

2-و عنه، عن الحسين بن محمّد، عن عبد اللّه بن عامر، عن عليّ بن مهزيار، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع قال: رأيت أبا الحسن عليه السلام يركع ركوعا أخفض من ركوع كلّ من رأيته يركع فكان إذا ركع جنّح بيديه. (2)

3-و عنه بهذا الإسناد عن محمّد بن إسماعيل، قال رأيت أبا الحسن عليه السلام إذا سجد يحرّك ثلاث أصابع من أصابعه واحدة بعد

ص:303


1- 1) الكافي ج 2/542 ح 7 و [1]عنه الوسائل ج 3/579 ح 4، و [2]في ج 8/281 ح 12 عنه و عن المحاسن:352 ح 39، و [3]أخرجه في البحار ج 76/171 ح 21 [4]عن المحاسن و [5]في ص 169 ح 13 عن عيون أخبار الرضا ج 2/5 ح 11 باختلاف يسير. [6]
2- 2) الكافي ج 3/320 ح 5 و [7]عنه الوسائل ج 4/941 ح 1 و [8]عن عيون اخبار الرضا عليه السلام ج 2/8 ذيل الحديث 18. [9]

واحدة تحريكا خفيفا كأنّه يعدّ التسبيح ثمّ رفع رأسه. (1)

4-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إبن أبي عمير، عن جعفر بن عليّ، قال: رأيت أبا الحسن عليه السلام و قد سجد بعد الصلاة فبسط ذراعيه على الأرض و ألصق جؤجؤه (2)بالأرض في دعائه. (3)

5-و عنه، عن عليّ بن محمد، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن عبد العزيز (4)قال: حدّثني بعض أصحابنا قال: كان أبو الحسن الأوّل عليه السلام إذا رفع رأسه من آخر ركعة الوتر قال: «هذا مقام من حسناته نعمة منك، و شكره ضعيف، و ذنبه عظيم، و ليس له إلاّ دفعك و رحمتك، فإنّك قلت في كتابك المنزل على نبيّك المرسل: كانُوا قَلِيلاً مِنَ اَللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ وَ بِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (5)طال هجوعي (6)و قلّ قيامي، و هذا السّحر، و أنا أستغفرك لذنبي إستغفار من لا يجد لنفسه ضرّا و لا نفعا و لا موتا و لا حياة و لا نشورا» ثمّ يخرّ ساجدا صلوات اللّه عليه. (7)

6-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى،

ص:304


1- 1) الكافي ج 3/322 ح 3 و [1]عنه الوسائل ج 4/978 ح 1 و [2]عن العيون ج 2/7 صدر الحديث 18. [3]
2- 2) الجؤجؤ «كهدهد» : الصدر.
3- 3) الكافي ج 3/324 ح 14 و [4]عنه الوسائل ج 4/1076 ح 3 و [5]عن التهذيب ج 2/85 ح 79.
4- 4) أحمد بن عبد العزيز لم أظفر له على ترجمة.
5- 5) سورة الذاريات آية 18-19. [6]
6- 6) الهجوع: النوم.
7- 7) الكافي ج 3/325 ح 16 و [7]عنه البحار ج 87/208 و [8]عن التهذيب ج 2/132 ح 276 و علل الشرايع:364 ح 3 [9] باختلاف.

عن عليّ بن الحكم، عن محمّد بن سليمان، عن أبيه قال: خرجت مع أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام إلى بعض أمواله، فقام إلى صلاة الظهر، فلمّا فرغ خرّ للّه ساجدا فسمعته يقول بصوت حزين و تغرغر (1)دموعه: ربي عصيتك بلساني و لو شئت و عزّتك لأخرستني، و عصيتك ببصري و لو شئت و عزتّك لأكمهتني (2)و عصيتك بسمعي و لو شئت و عزّتك لأصممتني، و عصيتك بيدي، و لو شئت و عزتّك لكنعتني (3)، و عصيتك برجلي و لو شئت و عزتّك لجذمتني، و عصيتك بفرجي، و لو شئت و عزّتك لأعقمتني، و عصيتك بجميع جوارحي التي أنعمت بها عليّ و ليس هذا جزاؤك منّي.

قال: ثمّ أحصيت له ألف مرّة و هو يقول: «العفو العفو» .

قال: ثمّ ألصق خدّه الأيمن بالأرض فسمعته و هو يقول بصوت حزين: «بؤت إليك بذنبي، عملت سوء و ظلمت نفسي، فاغفر لي فإنّه لا يغفر الذنوب غيرك يا مولاي» ثلاث مرّات ثمّ ألصق خدّه الأيسر بالأرض و هو يقول: «إرحم من أساء و إقترف و إستكان و إعترف» ثلاث مرّات ثمّ رفع رأسه. (4)

7-و عنه، عن عليّ بن محمد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن أحمد ابن الجهم الخزّاز، عن محمّد بن عمر بن يزيد، عن بعض أصحابه قال:

ص:305


1- 1) الغرغرة: ترديد الماء في الحلق-القاموس-.
2- 2) الكمه: العمى.
3- 3) كنعه: كسر يده.
4- 4) الكافي ج 3/326 ح 19 و [1]عنه الوسائل ج 4/1079 ح 5 و [2]عن التهذيب ج 2/111 ح 186، و ذكر الدعاء في كشف الغمّة ج 2/252 باختلاف.

كنت مع أبي الحسن عليه السلام (1)على الصفا أو على المروة و هو لا يزيد على حرفين: أللّهم إنّي أسألك حسن الظنّ بك في كلّ حال، و صدق النيّة في التوكّل عليك. (2)

8-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين ابن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن معوية بن عمّار، قال رأيت العبد الصالح عليه السلام دخل الكعبة فصلّى ركعتين على الرخامة الحمراء، ثمّ قام فاستقبل الحائط بين الرّكن اليماني و الغربي، فوقع يده عليه و لزق به و دعا، ثمّ تحوّل إلى الرّكن اليماني فلصق به و دعا، ثمّ أتى الركن الغربيّ ثمّ خرج. (3)

ص:306


1- 1) في المصدر: كنت وراء أبي الحسن موسى عليه السلام.
2- 2) الكافي ج 4/433 ح 9 و [1]عنه الوسائل ج 9/520 ح 6 و [2]عن التهذيب ج 5/148 ح 11 و الاستبصار ج 2/238 ح 2.
3- 3) الكافي ج 4/529 ح 5 و [3]عنه الوسائل ج 9/374 ح 4 و [4]عن التهذيب ج 5/278 ح 9.

الباب السابع عشر

في طعامه و اطعامه عليه السلام و آداب المائدة

1-محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد، عن عليّ بن حسّان، عن موسى بن بكر، قال: كان أبو الحسن الأول عليه السلام كثيرا ما يأكل السكر عند النوم. (1)

2-و عنه بإسناده عن موسى بن بكر، قال: حدّثني من رأى أبا الحسن عليه السلام يأكل الكرّاث في المشارة (2)و يغسله بالماء و يأكله. (3)

3-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الوليد، عن يونس بن يعقوب، قال رأيت أبا الحسن عليه السلام يقطع الكرّاث بأصوله فيغسله بالماء و يأكله. (4)

4-و عنه، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن

ص:307


1- 1) الكافي ج 6/332 ح 1 و [1]عنه البحار ج 48/110 ح 13، و [2]في الوسائل ج 17/79 ح 2 [3] عنه و عن المحاسن:501 ح 624 و [4]أخرجه في البحار ج 66/299 ح 8 [5]عن المحاسن. [6]
2- 2) في البحار: [7] بيان: قال الفيروز آبادي: المشارة: الدبرة في المزرعة، و قال: الدبرة: البقعة تزرع، و في الصحاح: الدبرة و الدبارة: المشارة في المزرعة و هي بالفارسية كردو.
3- 3) الكافي ج 6/365 ح 2 و [8]عنه الوسائل ج 17/150 ح 1، و [9]عن المحاسن:512 ح 685، و [10]أخرجه في البحار ج 66/203 ح 12 [11] عن المحاسن.
4- 4) الكافي ج 6/365 ح 3 و [12]عنه الوسائل ج 17/150 ح 2، و [13]عن المحاسن:512 ح 690، و [14]أخرجه في البحار ج 66/204 ح 16. [15]

هارون (1)، عن موفّق المديني عن أبيه، عن جدّه قال: بعث إلي الماضي عليه السلام يوما فأجلسني للغداء، فلمّا جاءوا بالمائدة لم يكن عليها بقل، فأمسك يده، ثمّ قال للغلام: أما علمت أنّي لا آكل على مائدة ليس عليه (2)خضرة فأتني بالخضرة.

قال: فذهب الغلام فجاء بالبقل فألقاه على المائدة فمدّ يده عليه السلام حينئذ فأكل. (3)

5-الشيخ في «التهذيب» بإسناده عن بكر بن محمّد، و محمد بن أبي عمير جميعا، عن الفضل بن يونس (4)، قال: تغدّى أبو الحسن عليه السلام عندي بمنى و معه محمّد بن زيد (5)فأتينا بسكرجات (6)و فيها الربيثا.

فقال له محمّد بن زيد: هذه الرّبيثا (7).

ص:308


1- 1) هذا السند بعينه مذكور في باب الحلوى 71 ح 1 من الكافي و [1]فيه: أحمد بن هارون ابن موفق المديني، فأحدهما تحريف لا محالة-معجم رجال الحديث ج 2/354-. [2]
2- 2) في المصدر: ليس فيها خضرة.
3- 3) الكافي ج 6/362 ح 1 و [3]عنه الوسائل ج 2/354 و ج 19/82، و [4]عن المحاسن:507 ح 651 و [5]أخرجه في البحار ج 66/199 ح 2 [6]عن المحاسن. [7]
4- 4) الفضل بن يونس: الكاتب البغدادي اصله كوفي كان من أصحاب الكاظم عليه السلام، وثّقه النجاشي و قال: له كتاب-معجم الرجال ج 13/317-. [8]
5- 5) يحتمل أنّه محمّد بن زيد بن علي بن الحسين السجّاد عليهما السلام، و اللّه العالم.
6- 6) السكّرجة «بضمّ السين المهملة و الكاف و الراء» : إناء صغير يؤكل فيه الشيء القليل من الأدم.
7- 7) الربيثا «بفتح و كسر الباء الموحّدة» : ضرب من السمك.

قال: فأخذ لقمة فغمسها فيه ثمّ أكلها. (1)

6-محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن علي بن الحكم عن بعض أصحابنا قال: أولم أبو الحسن موسى صلوات اللّه عليه وليمة على بعض ولده، فأطعم أهل المدينة ثلاثة أيّام الفالوذجات في الجفان في المساجد و الأزقّة، فعابه بذلك بعض أهل المدينة فبلغه عليه السلام ذلك.

فقال: ما آتى اللّه عزّ و جلّ نبيّا من أنبيائه شيئا إلاّ و قد آتى محمدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مثله وزاده ما لم يؤتهم، قال لسليمان عليه السلام: هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ (2).

و قال لمحمّد صلّى اللّه عليه و آله: وَ ما آتاكُمُ اَلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا (3). (4)

ص:309


1- 1) التهذيب ج 9/82 ح 83 و عنه الوسائل ج 16/338 ح 6 و [1]عنه الاستبصار ج 4/91 ح 3.
2- 2) سورة ص:39. [2]
3- 3) سورة الحشر:7. [3]
4- 4) الكافي ج 6/281 ح 1 و [4]عنه البحار ج 48/110 ح 12 و [5]الوسائل ج 16/452 ح 2 و [6]نور الثقلين ج 5/282 ح 38. [7] قال في الوافي [8]بعد ذكر الحديث: أراد عليه السلام كما أنّه تعالى أعطى سليمان التوسعة و التخيير و هي اعطاء ما انعم اللّه به عليه و الإمساك، كذلك أعطى محمّدا صلّى اللّه عليه و آله التوسعة و التخيير في أن يأمر بما شاء و ينهي عما شاء، و إن كان كلّ منهما إنّما يفعل ما يفعل بوحي اللّه و إلهامه فإنّه لا ينافي ذلك لموافقة إرادتهما، إرادة اللّه تعالى في كلّ شيء. و أيضا فإنّ الوحي بالأمر الكلّي وحي بكلّ جزئيّ منه، ثمّ إنّ إطعام الإمام عليه السلام على النحو المذكور ليس ممّا نهاه النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عنه فيكون مباحا، أو هو في جملة ما أتاه فيكون سنّة فلا عيب فيه، و يحتمل ان يكون المراد أنّه يجب عليكم متابعتنا و الأخذ بأوامرنا و نواهينا كما يجب عليكم متابعة النبي صلّى اللّه عليه و آله و الأخذ باوامره و نواهيه و ليس لكم أن تعيبوا علينا افعالنا لأنّا أوصيائه و نوّابه و ارادتنا مستهلكة في

7-و عنه، عن عليّ بن محمّد، عن أحمد بن محمّد، عن الفضل بن مبارك (1)، عن الفضل بن يونس، قال: لمّا تغدّى عندي أبو الحسن عليه السلام و جييء بالطست بدأ به عليه السلام و كان في صدر المجلس.

فقال عليه السلام: إبدء بمن على بمينك فلمّا أن توضّأ واحد أراد الغلام أن يرفع الطست.

فقال له أبو الحسن عليه السلام: دعها فاغسلوا أيديكم فيها. 2

8-الكشي في «الرجال» قال: وجدت بخط محمّد بن الحسن بن بندارالقمي في كتابه: حدّثني عليّ بن إبراهيم، عن إبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن سالم قال: لمّا حمل سيّدي موسى بن جعفر عليهما السلام إلى هارون، جاء إليه هشام بن إبراهيم العبّاسي 3، و قال له: يا سيّدي تركب إلى الفضل بن يونس 4تسأله أن يروّج أمري؟

ص:310


1- 1) الفضل بن المبارك: يحت [1]مل أنّه البصري، روى عن أبي [2]الحسن الهادي عليه السلام، و الفضل بن يونس، و روى أيضا عن أبيه، و روى عنه أحم [3]د بن محمّد، و محمد بن عيسى العبيدي-معجم الرجال ج 13/313-.

قال: فركب إليه أبو الحسن عليه السلام فدخل عليه حاجبه.

فقال: يا سيّدي أبو الحسن موسى عليه السلام بالباب.

فقال: إن كنت صادقا فأنت حرّ و لك كذا و كذا، فخرج الفضل بن يونس حافيا يعدو حتّى خرج إليه فوقع على قدميه يقبّلهما ثمّ سأله أن يدخل فدخل، فقال له: إقض حاجة هشام بن إبراهيم فقضاها.

ثمّ قال: يا سيّدي قد حضر الغداء فتكريمي أن تتغدّى عندي، فقال: هات فجاء بالمائدة و عليها البوارد، فأجال عليه السلام يده في البارد، ثمّ قال: البارد تجال اليد فيه، فلمّا رفع البارد و جاءوا بالحارّ.

فقال أبو الحسن عليه السلام: الحار حمى (1). (2)

9-محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن مرازم قال: رأيت أبا الحسن عليه السلام إذا توضّأ قبل الطعام لم يمسّ المنديل، و إذا توضّأ بعد الطعام مسّ المنديل. (3)

10-و عنه، عن علي بن محمّد بن بندار، و غيره عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن عبد اللّه بن الفضل النوفلي، عن الفضل بن يونس، قال: تغدّى عندي أبو الحسن صلوات اللّه عليه فجيىء بقصعة و تحتها خبز.

فقال: أكرموا الخبز أن لا يكون تحتها، و قال لي: مر الغلام أن

ص:311


1- 1) الحارّ حمى: أي تمنع حرارته عن إجالة اليد فيه، أو كناية عن استحباب ترك إدخال اليد فيه قبل أن يبرد.
2- 2) رجال الكشي:500 ح 957 و عنه البحار ج 48/109 ح 11 و [1]العوالم ج 21/202 ح 1.
3- 3) الكافي ج 6/291 ح 2 و [2]عنه الوسائل ج 16/476 و [3]عن التهذيب ج 9/98 ح 161 و المحاسن:428 ح 244 و [4]أخرجه في البحار ج 360 ح 32 [5]عن المحاسن. [6]

يخرج الرغيف من تحت القصعة. (1)

ص:312


1- 1) الكافي ج 6/304 ح 11 و [1]عنه الوسائل ج 16/510 ح 2 و [2]عن المحاسن:589 ح 89 و [3]أخرجه في البحار ج 66/270 ح 7. [4]

الباب الثامن عشر

في استعماله عليه السلام الطيب

1-محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن الحسن بن الجهم، قال: أخرج إليّ أبو الحسن عليه السلام مخزنة فيها مسك من عتيدة (1)آبنوس فيها بيوت كلّها ممّا يتّخذها النساء. (2)

2-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن موسى بن القاسم، عن عليّ بن أسباط، عن الحسن بن جهم، قال: خرج إليّ أبو الحسن عليه السلام فوجدت فيه رائحة التجمير (3). (4)

3-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن مرازم، قال دخلت مع أبي الحسن عليه السلام إلى الحمّام فلمّا خرج إلى المسلخ، دعا بمجمرة فتجمّر بها ثمّ قال: جمّروا مرازما.

ص:313


1- 1) العتيدة «بفتح العين المهملة» : و عاء تجعل فيه العروس ما تحتاج إليه من طيب و مشط و نحوهما.
2- 2) الكافي ج 6/515 ح 4 و [1]عنه الوسائل ج 1/445 ح 2. [2]
3- 3) التجمير: التبخير بالطيب.
4- 4) الكافي ج 6/518 ح 3 و [3]عنه الوسائل ج 1/449 ح 3. [4]

قال: قلت: من أراد أن يأخذ نصيبه يأخذ؟

قال: نعم. (1)

ص:314


1- 1) الكافي ج 6/518 ح 4 و [1]عنه البحار ج 48/111 ح 19 و [2]الوسائل ج 1/449 ح 2. [3]

الباب التاسع عشر

في الخضاب و التمشط

1-محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن إبن فضّال، عن الحسن بن جهم، قال: دخلت على أبي الحسن موسى ابن جعفر عليه السلام و قد اختضب بالسواد فقلت: أراك قد اختضبت بالسواد؟

فقال: إنّ في الخضاب أجرا و الخضاب و التهيئة ممّا يزيد اللّه عزّ و جلّ في عفّة النساء، و لقد ترك النّساء العفّة بترك أزواجهن لهنّ التهيئة.

قال: قلت له: بلغنا أنّ الحنّاء يزيد في الشيب.

قال: أيّ شيء يزيد في الشيب؟ الشيب يزيد في كل يوم. (1)

2-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن الحسن بن عاصم، عن أبيه، قال: دخلت على أبي إبراهيم عليه السلام و في يده مشط عاج يتمشّط به، فقلت له: جعلت فداك إنّ عندنا بالعراق من يزعم أنّه لا يحلّ التمشّط بالعاج.

قال: و لم؟ فقد كان لأبي منها مشط أو مشطان، ثم قال: تمشّطوا

ص:315


1- 1) الكافي ج 6/480 ح 1 و [1]عنه الوسائل ج 1/404 ح 1 و [2]عن الفقيه ج 1/122 ح 276 و أخرج صدره في البحار ج 76/102 [3]عن مكارم الأخلاق:81 [4] باختلاف.

بالعاج فإنّ العاج يذهب بالوباء (1). (2)

3-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن موسى بن بكر، قال: رأيت ابا الحسن عليه السلام يتمشّط بمشط عاج و إشتريته له. (3)

ص:316


1- 1) الوباء «بفتح الواو و الباء الموحّدة» : مرض عام معروف و في بعض النسخ: «الونى بالنون و الألف المقصورة» : الضعف.
2- 2) الكافي ج 6/488 ح 3 و [1]له تخريجات تقدّمت.
3- 3) الكافي ج 6/489 ح 4 و [2]عنه البحار ج 48/111 ح 17 و [3]الوسائل [4]ج 1/427 ح 2 و ج 12/ 123 ح 3، و العوالم ج 21/209 ح 2.

الباب العشرون

في الحمام

1-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن محمّد بن بندار، و محمد بن الحسن جميعا، عن إبراهيم بن إسحق الأحمر، عن الحسين بن موسى (1)، قال: كان أبي موسى بن جعفر عليه السلام إذا أراد دخول الحمّام أمر أن يوقد له عليه ثلاثا، و كان لا يمكنه دخوله حتى يدخله السودان فيلقون له اللبود فإذا دخله فمرّة قاعد و مرّة قائم، فخرج يوما من الحمّام فاستقبله رجل من آل الزبير يقال له: كنيد، و بيده أثر حنّاء فقال: ما هذا الأثر بيدك؟

فقال: أثر حنّاء.

فقال: و يلك يا كنيد حدّثني أبي-و كان أعلم أهل زمانه-عن أبيه، عن جدّه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من دخل الحمّام فأطلى ثمّ أتبعه بالحنّاء من قرنه إلى قدميه كان أمانا له من الجنون و الجذام و البرص و الإكلة (2)الى مثله من النورة. (3)

ص:317


1- 1) الحسين بن موسى الكاظم عليه السلام أبو عبد اللّه، روى عن أبيه و أمّه و ام أحمد بن موسى عليه السلام و روى عنه ابراهيم بن اسحاق الأحمر و إسحاق بن محمد البصري- المعجم ج 6/98-.
2- 2) الاكلة «بكسر الهمزة و سكون الكاف» : الحكّة و الجرب.
3- 3) الكافي ج 6/509 ح 1 و [1]عنه البحار ج 48/110 ح 15 و [2]الوسائل ج 1/386 ح 1 و [3]ص 395

2-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إبن أبي عمير، عن عبد الرحمن الحجّاج، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يطلي بالنورة، فيجعل له الدقيق بالزيت يلتّ به، فيتمسّح به بعد النورة ليقطع ريحها عنه.

قال: لا بأس. (1)

3-و في حديث آخر لعبد الرحمن، قال: رأيت أبا الحسن عليه السلام، و قد تدلّك بدقيق ملتوت بالزيت، فقلت له: إنّ الناس يكرهون ذلك.

قال: لا باس به. (2)

ص:318


1- 1) الكافي ج 6/499 ح 12 و [1]عنه الوسائل ج 1/396 ح 1. [2] و لا يخفى أنّ الرواية غير مرتبطة بالباب فذكرها في أحوال الكاظم عليه السلام سهو.
2- 2) الكافي ج 6/499 ح 13 و عنه الوسائل ج 1/396 ح 2.

الباب الحادي و العشرون

في عمله عليه السلام بيده و لبسه

1-محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد (1)، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة عن أبيه قال: رأيت أبا الحسن عليه السلام يعمل في أرض له قد إستنقعت قدماه في العرق فقلت: جعلت فداك أين الرجال؟

فقال يا عليّ! قد عمل باليد من هو خير منّي في أرضه و من أبي.

فقلت: و من هو؟

فقال: رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أمير المؤمنين عليه السلام و آبائي كلّهم كانوا قد عملوا بأيديهم، و هو من عمل النبييّن و المرسلين و الأوصياء و الصالحين. (2)

2-و عنه، عن عليّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي جرير القمي (3)، قال: سألت

ص:319


1- 1) في المصدر: سهل بن زياد، عن الجاموراني، عن الحسن بن علي. . . ، و الجاموراني هو محمد بن أحمد المتقدم ذكره.
2- 2) الكافي ج 5/75 ح 10، [1] تقدّم الحديث مع تخريجاته.
3- 3) ابو جرير القمي: مشترك بين ثلاثة أشخاص، و المراد في الحديث بالقرينة هو زكريا بن ادريس بن عبد اللّه بن سعد الأشعري القمي أو زكريا بن عبد الصمد و كلاهما ثقة-المعجم ج 21/82-. [2]

الرّضا عليه السلام عن الريش أذكيّ هو؟

فقال: كان أبي يتوسّد الريش. (1)

3-و عنه، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، قال سأل الحسين بن قياما (2)أبا الحسن عليه السلام عن الثوب الملحم بالقزّ و القطن و القزّ أكثر من النصف، أيصلّى فيه؟

قال: لا باس و قد كان لأبي الحسن عليه السلام منه جبّات كذلك. (3)

ص:320


1- 1) الكافي ج 6/450 ح 5 و [1]عنه الوسائل ج 3/333 ح 2 و [2]ص 587 ح 1.
2- 2) الحسين بن قياما الصيرفي الواسطي: واقفيّ من أصحاب الرضا عليه السلام-معجم الرجال ج 6/65-. [3]
3- 3) الكافي ج 6/455 ح 11 و [4]عنه الوسائل ج 3/271 ح 1. [5]

الباب الثاني و العشرون

في أنه وصي أبيه عليهما السلام

1-محمّد بن يعقوب، عن أحمد بن مهران، عن محمّد بن علي، عن عبد اللّه القلا، عن الفيض بن المختار، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: خذ بيدي من النار، من لنا بعدك؟

فدخل عليه أبو إبراهيم عليه السلام، و هو يومئذ غلام، فقال: هذا صاحبكم فتمسّكوا به. (1)

2-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبي ايوب الخزّاز، عن ثبيت (2)عن معاذ بن كثير (3)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: أسأل اللّه الذي رزق أباك منك هذه المنزلة أن يرزقك من عقبك قبل الممات مثلها.

فقال: قد فعل اللّه ذلك.

ص:321


1- 1) الكافي ج 1/307 ح 1 و [1]اخرجه في البحار ج 48/18 ح 18 [2]عن ارشاد المفيد:289 و [3]اعلام الورى:288 [4] عن محمد بن يعقوب و في كشف الغمّة ج 2/220 [5]عن الارشاد، و [6]رواه في الفصول المهمة:231-و [7]العوالم ج 21/36 ح 6-.
2- 2) ثبيت: لعلّه الكوفي من أصحاب الصادق عليه السلام، و له عنه أحاديث، قال النجاشي: و ما أعرفها «الأحاديث» مدوّنة روى عنه أبو أيّوب الخزّاز.
3- 3) معاذ بن كثير: هو متّحد مع معاذ بن مسلم الكوفي بيّاع الأكسية عدّه المفيد قدّس سرّه من شيوخ أصحاب الصادق عليه السلام و خاصّته و بطانته و ثقاته الفقهاء الصالحين-معجم رجال الحديث ج 18/186-. [8]

قال: قلت: من هو جعلت فداك؟ فأشار إلى العبد الصالح (1)و هو راقد فقال: هذا الراقد و هو غلام. (2)

3-و عنه بهذا الإسناد عن أحمد بن محمّد، قال: حدّثني أبو عليّ الأرجاني الفارسي، عن عبد الرحمان بن الحجّاج، قال: سألت عبد الرحمن في السنة التي اخذ فيها أبو الحسن الماضي عليه السلام فقلت له: إنّ هذا الرجل قد صار في يد هذا و ما ندري إلى ما يصير، فهل بلغك عنه في أحد من ولده شيء؟

فقال لي: ما ظننت أنّ أحدا يسألني عن هذه المسألة، دخلت على جعفر بن محمّد عليه السلام في منزله فإذا هو في بيت كذا في داره في مسجد له، و هو يدعو و على يمينه موسى بن جعفر عليهما السلام يؤمّن على دعائه، فقلت له: جعلت فداك قد عرفت إنقطاعي إليك و خدمتي لك فمن وليّ الأمر (3)بعدك؟

فقال: إنّ موسى قد لبس الدرع و ساوى عليه.

فقلت له: لا أحتاج بعد هذا إلى شيء. (4)

4-و عنه عن أحمد بن مهران، عن محمّد بن علي، عن موسى الصيقل، عن المفضّل بن عمر، قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام

ص:322


1- 1) هو الكاظم عليه السلام.
2- 2) الكافي ج 1/308 ح 2 و [1]أخرجه في البحار ج 48/17 ح 15 و 16 [2]عن الإرشاد:289 و [3]إعلام الورى:288 [4] عن محمد بن يعقوب و في كشف الغمة ج 2/219-و العوالم ج 21/35 ح 4.
3- 3) في المصدر: فمن وليّ الناس بعدك؟ .
4- 4) الكافي ج 1/308 ح 3 و [5]أخرجه في كشف الغمّة ج 2/220 و [6]البحار ج 48/17 ح 17 [7]عن إرشاد المفيد:289 و [8]العوالم ج 21/56 ح 6.

فدخل أبو إبراهيم عليه السلام و هو غلام، فقال عليه السلام: إستوص به وضع أمره عند من تثق به من أصحابك. (1)

5-و عنه عن أحمد بن مهران، عن محمّد بن علي، عن يعقوب بن جعفر الجعفري، قال: حدّثني إسحق بن جعفر (2)، قال: كنت عند أبي يوما فسأله عليّ بن عمر (3)بن علي فقال: جعلت فداك إلى من نفزع و يفزع الناس بعدك؟

فقال: إلى صاحب الثوبين الاصفرين و الغديرتين (4)، يعني الذؤابتين، و هو الطالع عليك من هذا الباب، يفتح البابين بيديه جميعا، فما لبثنا أن طلعت علينا كفّان آخذة بالبابين ففتحهما، ثمّ دخل علينا أبو إبراهيم عليه السلام. (5)

ص:323


1- 1) الكافي ج 1/308 ج 4 و [1]أخرجه في البحار ج 48/17 ح 13 و 14 [2]عن إرشاد المفيد:289 و [3]إعلام الورى:288 [4] عن محمّد بن يعقوب و في كشف الغمّة ج 2/219 [5]عن الإرشاد، و [6]العوالم ج 21/34 ح 3.
2- 2) إسحاق بن جعفر الصادق عليه السلام، كان من أهل الفضل و الصلاح و الورع و الاجتهاد، و روى عنه الناس الحديث و الآثار و عدّه البرقي من اصحاب الباقر و الصادق و الكاظم عليهم السلام، و كان علي بن جعفر يعتني بشأنه و يستند الى أفعاله.
3- 3) عليّ بن عمر بن علي بن الحسين عليهما السلام، المدني عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام، و الرواية تدلّ على أنّه كان من الشيعة الإماميّة خاضعا لقول الإمام عليه السلام، لكن الرواية بأحمد بن مهران و يعقوب بن جعفر-معجم رجال الحديث ج 12/102-. [7]
4- 4) الغديرة «بفتح الغين المعجمة» : الذؤابة «بضم الذال المعجمة» و هي ما نبت في الصدغ من الشعر.
5- 5) الكافي ج 1/308 ح 5 و [8]أخرجه في البحار ج 48/20 ح 29 [9]عن إرشاد المفيد:290 و [10]إعلام الورى:290 [11] عن محمد بن يعقوب باختلاف، و في كشف الغمّة ج 2/221 [12]عن الإرشاد [13]باختلاف.

6-و عنه عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي نجران، عن صفوان الجمّال، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال له منصور بن حازم: بأبي أنت و امّي إنّ الأنفس يغدى عليها و يراح، فاذا كان ذلك فمن؟

فقال أبو عبد اللّه: إذا كان ذلك فهو صاحبكم، فضرب بيده على منكب أبي الحسن الأيمن-فيما أعلم-و هو يومئذ خماسيّ و عبد اللّه بن جعفر عليه السلام جالس معنا. (1)

7-و عنه عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عيسى بن عبد اللّه بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عليه السلام عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: إن كان كون-و لا أراني اللّه ذلك-فبمن أئتمّ؟

قال: فأومأ إلى إبنه موسى عليه السلام.

قلت: فإن حدث بموسى حدث فبمن أئتم؟

قال: بولده.

قلت: فإن حدث بولده حدث و ترك أخا كبيرا و إبنا صغيرا فبمن أئتّم؟

قال: بولده ثمّ قال: هكذا أبدا.

ص:324


1- 1) الكافي ج 1/309 ح 6 و [1]أخرجه في البحار ج 48/18 ح 20 [2]عن ارشاد المفيد:289 و [3]إعلام الورى:288 [4] عن محمد بن يعقوب، و في كشف الغمّة ج 2/220 [5]عن الإرشاد. و رواه النعماني في غيبته:329 ح 9 و [6]ابن الصبّاغ في الفصول المهمّة:232 نحوه و العوالم ج 21/36.

قلت: فإن لم أعرفه و لا أعرف موضعه؟

قال: تقول: أللّهم إنّي أتولّى من بقي من حججك من ولد الإمام الماضي، فإنّ ذلك يجزيك إن شاء اللّه. (1)

8-و عنه عن أحمد بن مهران، عن محمّد بن علي، عن عبد اللّه القلا، عن المفضّل بن عمر، قال: ذكر أبو عبد اللّه عليه السلام أبا الحسن موسى، و هو يومئذ غلام.

فقال: هذا المولود الّذي لم يولد فينا مولود أعظم بركة على شيعتنا منه، ثمّ قال: لا تجفوا إسماعيل. (2)

9-و عنه، عن محمّد بن يحيى، و أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن الحسن بن الحسين، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن فيض بن المختار (3)، في حديث طويل في أمر أبي الحسن عليه السلام حتّى قال أبو عبد اللّه عليه السلام: هو صاحبك الّذي سألت عنه، فقم إليه فأقرّ له بحقّه، فقمت حتّى قبلّت يده و رأسه، و دعوت اللّه عزّ و جلّ له.

ص:325


1- 1) الكافي ج 1/309 ح 7 و [1]عنه البحار ج 25/253 ح 11. و أخرجه في البحار أيضا [2]ج 48/16 ح 8 عن كمال الدين:349 ح 43 و ص 415 ح 7 و [3]إعلام الورى:288 [4] عن محمّد بن يعقوب و إرشاد المفيد:289 [5] باختلاف، و في كشف الغمّة ج 2/202 [6] عن الإرشاد. و رواه في اثبات الوصيّة:162، و [7]العوالم ج 21/55 ح 5.
2- 2) الكافي ج 1/309 ح 8 و [8]عنه الوافي ج 2/355 ح 12 ط ج و [9]اثبات الهداة ج 3/157 ح 7. [10]
3- 3) الفيض بن المختار: الجعفي الكوفي روى عن الباقر و الصادق و الكاظم عليهم السلام، عدّه المفيد من شيوخ أصحاب الصادق عليه السلام و خاصّته و بطانته و ثقاته الفقهاء الصالحين-معجم رجال الحديث ج 13/346-. [11]

فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: أما إنّه لم يؤذن لنا في أوّل منك (1).

قال: قلت: جعلت فداك فأخبر به أحدا؟

فقال: نعم أهلك و ولدك، و كان معي أهلي و ولدي و رفقائي، و كان يونس بن ظبيان من رفقائي فلمّا أخبرتهم حمدوا اللّه عزّ و جلّ و قال يونس: لا و اللّه حتّى أسمع ذلك منه، و كانت به عجلة، فخرج فأتبعته فلمّا إنتهيت الى الباب سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول له: و قد سبقني إليه يا يونس، الأمر كما قال لك فيض.

قال: فقال: سمعت و أطعت.

فقال لي أبو عبد اللّه عليه السلام: خذه اليك يا فيض. (2)

10-و عن عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن جعفر بن بشير، عن فضيل عن طاهر (3)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان أبو عبد اللّه يلوم عبد اللّه و يعاتبه و يعظه، و يقول: ما منعك أن تكون مثل أخيك؟ فو اللّه إنّي لأعرف النور في وجهه!

فقال عبد اللّه: لم أليس أبي و أبوه واحد، و أمّي و أمه (4)واحدة؟

فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام: إنّه من نفسي و أنت إبني. (5)

ص:326


1- 1) في أول منك: أي في أسبق منك «آت» .
2- 2) الكافي ج 1/309 ح 9 و [1]أخرجه في البحار ج 48/14 ح 3 [2]عن بصائر الدرجات:336 ح 11 و [3]اعلام الورى:289 [4] عن محمّد بن يعقوب، و في ج 47/260 ذيل ح 27 عن غيبة النعماني:326 [5] نحوه، و العوالم ج 21/54 ح 3.
3- 3) هو الفضيل بن عثمان الأعور الصيرفي الصائغ، روى عن الصادق عليه السلام، و الظاهر أنّه بقي إلى زمان الكاظم عليه السلام-معجم رجال الحديث ج 13/330-. [6]
4- 4) و الظاهر أنّ «امّي و امّه» مصحّف و الصواب أصلي و اصله.
5- 5) الكافي ج 1/310 ح 10 و [7]أخرجه في البحار ج 48/18 ح 22- [8]عن إرشاد المفيد:290 [9]

11-و عنه، عن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن محمّد بن سنان، عن يعقوب السرّاج 1، قال دخلت على أبي عبد اللّه عليه السلام و هو واقف على رأس أبي الحسن موسى عليه السلام و هو في المهد، فجعل يسارّه طويلا، فجلست حتّى فرغ، فقمت إليه فقال لي: أدن من مولاك فسلّم عليه.

فدنوت فسلّمت عليه فردّ عليّ السلام بلسان فصيح، ثمّ قال لي:

إذهب فغيّر إسم إبنتك التّي سميتها أمس، فإنّه إسم يبغضه اللّه و كان ولدت لي ابنة سمّيتها بالحميراء.

فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: إنته إلى أمره ترشد فغيّرت إسمها. 2

12-و عنه عن أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن إبن مسكان، عن سليمان بن خالد، قال: دعا أبو عبد اللّه عليه السلام أبا الحسن عليه السلام يوما و نحن عنده، فقال لنا: عليكم بهذا فهو و اللّه صاحبكم بعدي. 3

ص:327

13-و عنه عن عليّ بن محمّد، عن سهل أو غيره، عن محمّد بن الوليد، عن يونس، عن داود بن زربي 1، عن أبي أيّوب النحوي، قال:

بعث إليّ أبو جعفر المنصور في جوف الليل فأتيته فدخلت عليه، و هو جالس على كرسيّ و بين يديه شمعة و في يده كتاب.

قال: فلمّا سلّمت عليه رمى بالكتاب إليّ و هو يبكي، فقال لي: هذا كتاب محمّد بن سليمان يخبرنا أنّ جعفر بن محمّد عليه السلام قد مات، فإنّا للّه و إنّا إليه راجعون ثلاثا و اين مثل جعفر عليه السلام؟

ثمّ قال لي: اكتب.

قال: فكتبت صدر الكتاب، ثمّ قال: اكتب إن كان أوصى إلى رجل واحد بعينه فقدّمه و إضرب عنقه.

قال: فرجع إليه الجواب أنّه قد أوصى إلى خمسة: واحدهم أبو جعفر المنصور، و محمّد بن سليمان، و عبد اللّه، و موسى، و حميدة. 2

14-و عنه عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النضر بن سويد، بنحو من هذا إلاّ أنّه ذكر أنّه أوصى إلى أبي جعفر المنصور، و عبد اللّه، و موسى، و محمّد بن جعفر، و مولى لأبي عبد اللّه عليه السلام قال: فقال أبو

ص:328

جعفر: ليس إلى قتل هؤلاء سبيل. (1)

15-و عنه عن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن عليّ بن الحسن، عن صفوان الجمّال، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن صاحب الأمر.

فقال: إنّ صاحب هذا الأمر لا يلهو و لا يلعب.

و أقبل أبو الحسن موسى عليه السلام و هو صغير و معه عناق مكيّة و هو يقول لها: اسجدي لربّك، فأخذه أبو عبد اللّه عليه السلام و ضمّه إليه و قال: بأبي و امّي من لا يلهو و لا يلعب. (2)

16-و عنه عن عليّ بن محمّد عن بعض أصحابنا، عن عبيس بن هشام، قال: حدّثني عمر الرمّاني (3)عن فيض بن المختار، قال: إنّي لعند أبي عبد اللّه عليه السلام إذ أقبل أبو الحسن موسى عليه السلام و هو غلام فالتزمته و قبّلته.

فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: انتم السفينة و هذا ملاّحها.

قال: فحججت من قابل و معي ألفا دينار، فبعثت بألف إلى أبي عبد اللّه عليه السلام و ألف إليه، فلمّا دخلت على أبي عبد اللّه عليه

ص:329


1- 1) الكافي ج 1/310 ح 14 و [1]عنه اعلام الورى:290 و [2]الوافي ج 2/356 ح 15 ط الجديد، و [3]إثبات الهداة ج 3/159 ذيل ح 15. [4]
2- 2) الكافي ج 1/311 ح 15 و [5]أخرجه في البحار ج 48/19 ح 37 [6]عن إرشاد المفيد:290 و [7]اعلام الورى:289 [8] عن محمّد بن يعقوب و في ص 107 ح 9 عن المناقب لابن شهر آشوب ج 4/317 و [9]في كشف الغمّة ج 2/221 [10]عن الارشاد و [11]العوالم ج 21/37 ح 8.
3- 3) عمر الرمّاني: أبو حفص الكوفي وثقّة النجاشي و قال: روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام، له كتاب يرويه عنه جماعة عبيس بن هشام-معجم رجال الحديث ج 13/7-. [12]

السلام قال: يا فيض عدلته بي؟

قلت: إنّما فعلت ذلك لقولك.

فقال: أما و اللّه ما أنا فعلت ذلك، بل اللّه عزّ و جلّ فعله به. (1)

17-و عنه، عن أحمد بن مهران، عن محمّد بن علي، عن أبي الحكم الأرمني قال: حدّثني عبد اللّه بن إبراهيم (2)بن عليّ بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب، عن يزيد بن سليط (3)قال أبو الحكم: و أخبرني عبد اللّه بن محمد بن عمارة الجرمي، عن يزيد بن سليط قال: لقيت أبا إبراهيم عليه السلام و نحن نريد العمرة في بعض الطريق، فقلت: جعلت فداك هل تثبّت هذا الموضع (4)الذي نحن فيه؟

قال: نعم فهل تثبتّه أنت؟

قلت: نعم أنا و أبي لقيناك هيهنا و أنت مع أبي عبد اللّه عليه السلام و معه إخوتك.

فقال له أبي: بأبي أنت و امّي أنتم كلكم أئمّة مطهرون و الموت لا يعري منه أحد فأحدث إليّ شيئا احدّث به من يخلّفني من بعدي فلا يضلّ.

ص:330


1- 1) الكافي ج 1/311 ح 16 و [1]عنه إثبات الهداة ج 3/159 ح 16 و [2]الوافي ج 2/353 ح 9. [3]
2- 2) عبد اللّه بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد اللّه بن جعفر بن ابي طالب ابو محمد ثقة صدوق، له كتب منها: كتاب خروج محمد بن عبد اللّه و مقتله، و كتاب خروج صاحب فخّ و مقتله-معجم رجال الحديث ج 10/83-. [4]
3- 3) يزيد بن سليط الزيدي من أصحاب الكاظم عليه السلام، و عدّه المفيد من خاصّته و ثقاته و اهل الورع و العلم و الفقه من شيعته ممّن رووا النصّ على الرضا عليه السلام-معجم رجال الحديث ج 20/114-. [5]
4- 4) اي تعرفه حقّ المعرفة.

قال: نعم يا أبا عبد اللّه هؤلاء ولدي و هذا سيّدهم-و أشار إليك- و قد علم الحكم و الفهم و السخاء و المعرفة بما يحتاج إليه الناس و ما اختلفوا فيه من أمر دينهم و دنياهم، و فيه حسن الخلق و حسن الجواب، و هو باب من أبواب اللّه عزّ و جلّ. (1)

ص:331


1- 1) الكافي ج 1/313 ح 14. و يأتي فيما بعد بتمامه مع تخريجاته إنشاء اللّه فالحمد للّه، فرغ من تصحيحه و تحقيقه و تعليقه العبد المتمسّك بحبل أهل البيت غلام رضا بن علي اكبر مولانا البروجردي في رابع ربيع الأوّل سنة «1414» ه بالكويت و أسأل اللّه التوفيق لما يرضاه، آمين ربّ العالمين.

ص:332

المنهج التاسع في الامام الثامن علي بن موسى الرضا عليه السلام

اشارة

بسم اللّه الرحمن الرحيم المنهج التاسع في الامام الثامن علي بن موسى الرضا بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.

و فيه احد و عشرون بابا:

الباب الاول-في مولده عليه السلام.

الباب الثاني-في تسميته الرضا عليه السلام.

الباب الثالث-في علمه عليه السلام.

الباب الرابع-في دخوله عليه السلام نيشابور و لقاء العامة و طلبهم منه الحديث من طريق الخاصة و العامة.

الباب الخامس-في عبادته عليه السلام.

الباب السادس-في جوده عليه السلام.

الباب السابع-فيما اعطاه الشعراء من دعبل و غيره.

ص:333

الباب الثامن-في ذكر قصيدة دعبل بطولها.

الباب التاسع-في قصة دعبل من طريق العامة.

الباب العاشر-في ذكر العهد من المأمون الى الامام أبي الحسن الرضا عليه السلام بخطهما.

الباب الحادي عشر-في خروجه عليه السلام الى صلوة العيد.

الباب الثاني عشر-في مقامات له عليه السلام مع المأمون.

الباب الثالث عشر-و هو من الباب الأول من طريق الخاصة و العامة.

الباب الرابع عشر-في مطعمه عليه السلام.

الباب الخامس عشر-في ملبسه عليه السلام.

الباب السادس عشر-في استعماله الطيب.

الباب السابع عشر-في تواضعه عليه السلام.

الباب الثامن عشر-في ورعه عليه السلام.

الباب التاسع عشر-في ادعية له عليه السلام.

الباب العشرون-في النص عليه من ابيه عليه السلام بالوصاية و الامامة.

الباب الحادي و العشرون-و هو من الباب الاول.

ص:334

الباب الاول

في مولده عليه السلام

1-محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين (1)عن موسى بن سعدان (2)عن عبد اللّه بن القاسم (3)، عن الحسن بن راشد، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: إن اللّه تبارك و تعالى إذا أحبّ أن يخلق الإمام أمر ملكا فأخذ شربة من ماء تحت العرش فيسقيها أباه، فمن ذلك يخلق الإمام، فيمكث أربعين يوما و ليلة في بطن امّه لا يسمع الصوت، ثم يسمع بعد ذلك الكلام، فإذا ولد بعث اللّه ذلك الملك فيكتب بين عينيه: وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَ هُوَ اَلسَّمِيعُ اَلْعَلِيمُ (4).

فإذا مضى الإمام الّذي كان قبله رفع لهذا منار من نور ينظر به إلى

ص:335


1- 1) هو محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب تقدّم ذكره.
2- 2) موسى بن سعدان الكوفي الحنّاط، عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الكاظم عليه السلام، و له كتب كثيرة منها كتاب الطرائف ضعّفه ابن الغضائري، و وثّقه علي بن إبراهيم و ابن قولويه، فالتوثيق و التضعيف يتعارضان فيصبح الرجل مجهول الحال-معجم الرجال ج 19/46-. [1]
3- 3) هو عبد اللّه بن القاسم الحضرمي المعروف بالبطل الواقفي، ضعّفه النجاشي و وثّقه ابن قولويه فيتعارضان فالرجل لم تثبت وثاقته-معجم رجال الحديث ج 10/284-. [2]
4- 4) الأنعام:115. [3]

أعمال الخلائق فبهذا يحتجّ اللّه على خلقه (1).

2-و عنه عن محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن حديد، عن منصور بن يونس (2)، عن يونس بن ظبيان، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: إنّ اللّه عزّ و جلّ إذا أراد أن يخلق الإمام من الإمام بعث ملكا فأخذ شربة من ماء تحت العرش، ثمّ أوقعها أو دفعها إلى الإمام فشربها، فيمكث في الرحم أربعين يوما لا يسمع الكلام، ثم يسمع الكلام بعد ذلك.

فإذا وضعته امّه بعث اللّه إليه ذلك الملك الّذي أخذ الشربة فكتب على عضده الأيمن: وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ (3)فإذا قام بهذا الأمر رفع اللّه له في كل بلدة منارا ينظر به إلى أعمال العباد. (4)

3-ابن بابويه قال: حدّثنا تميم (5)بن عبد اللّه بن تميم القرشي رضي اللّه عنه قال: حدّثني أبي، عن أحمد بن عليّ الأنصاري، قال: حدّثني

ص:336


1- 1) الكافي ج 1/387 ح 2 و [1]تقدّم الحديث مع تخريجاته.
2- 2) هو منصور بن يونس بزرج أبو يحيى و قيل: أبو سعيد الكوفي وثّقه النجاشي و قال: روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السلام و له كتاب-معجم رجال الحديث ج 18/ 354-. [2]
3- 3) سورة الانعام:115. [3]
4- 4) الكافي ج 1/387 ح 3 [4] تقدّم مع تخريجاته.
5- 5) تميم بن عبد اللّه بن تميم القرشي ابو الفضل الحميري «الحيري» كان من مشايخ الصدوق قدّس سرّه ذكره مترضيّا عليه، روى عنه في «العيون» و «التوحيد» و قال فيه: حدّثنا بفرغانة.

علي بن ميثم (1)، عن أبيه، قال: لمّا إشترت الحميدة امّ موسى بن جعفر عليه السلام أمّ الرضا عليه السلام نجمة، ذكرت حميدة: أنّها رأت في المنام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول لها: يا حميدة هبي نجمة لابنك موسى فإنّه سيولد له منها خير أهل الأرض فوهبتها له.

فلمّا ولدت له الرّضا عليه السلام سمّاها الطاهرة، و كانت لها أسماء: منها نجمة، و أروى، و سكن، و سمان (2)، و تكتم، و هو آخر أسمائها.

قال عليّ بن ميثم: سمعت أبي يقول: كانت نجمة بكرا لمّا إشترتها حميدة. (3)

4-و عنه، قال: حدّثنا أبي رضي اللّه عنه، قال: حدثنا سعد بن عبد اللّه، عن احمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن يعقوب ابن اسحق، عن أبي زكريا الواسطي عن هشام بن أحمر (4)قال: قال أبو الحسن الأوّل عليه السلام: هل علمت أحدا من أهل المغرب قدم؟ .

قلت: لا.

فقال عليه السلام: بلى قد قدم رجل فانطلق بنا إليه، فركب و ركبنا

ص:337


1- 1) أبو الحسن عليّ بن ميثم: كان من العارفين بأخبار الأئمّة عليهم السلام قال الصدوق في العيون ج 1/14 ح 2: [1] حدّثنا الحاكم أبو علي الحسين بن احمد البيهقي، قال: حدّثنا الصولي، قال: حدّثني عون بن محمّد الكندي، قال: سمعت أبا الحسن علي بن ميثم يقول، و ما رأيت أحدا قطّ أعرف بامور الأئمّة عليهم السلام و أخبارهم و مناكحهم منه. . .
2- 2) في نسخة: «سمانة» .
3- 3) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 1/16 ح 3 و [2]عنه البحار ج 49/7 ح 8. [3]
4- 4) في المصدر: «احمد» ، و في الخرائج: الاحمر، و في الارشاد: « [4]أحمر» .

معه حتّى إنتهينا إلى الرّجل، فإذا رجل من أهل المغرب معه رقيق (1)، فقال له: أعرض علينا فعرض علينا تسع جوار كلّ ذلك يقول أبو الحسن عليه السلام: لا حاجة لي فيها ثمّ قال له: أعرض علينا.

قال: لا و اللّه ما عندي إلاّ جارية مريضة.

فقال له: ما عليك أن تعرضها؟ فأبي عليه، ثمّ إنصرف عليه السلام.

ثمّ إنّه أرسلني من الغد إليه، فقال لي: قل له: كم غايتك فيها؟ فاذا قال: كذا و كذا فقل: قد أخذتها.

فأتيته فقال: ما أريد أن أنقصها من كذا.

قلت: قد أخذتها و هو لك.

فقال: هي لك، و لكن من الرّجل الّذي كان معك بالأمس؟

فقلت: رجل من بني هاشم.

فقال: من أيّ بني هاشم (2)؟

فقلت: ما عندي أكثر من هذا.

فقال: أخبرك عن هذه الوصيفة (3)إني إشتريتها من أقصى بلاد المغرب، فلقيتني إمرأة من أهل الكتاب، فقالت: ما هذه الوصيفة معك؟

فقلت: إشتريتها لنفسي.

ص:338


1- 1) الرقيق: المملوك، يطلق على الواحد و غيره.
2- 2) زاد في المصدر: فقلت: من نقبائهم، فقال: اريد أكثر من هذا.
3- 3) الوصيف: الخادم غلاما كان أو جارية.

فقالت: ما ينبغي أن تكون هذه الوصيفة عند مثلك، إنّ هذه الجارية ينبغي أن تكون عند خير أهل الأرض، فلا تلبث عنده إلاّ قليلا حتى تلد منه غلاما يدين له شرق الأرض و غربها.

قال: فأتيته بها فلم تلبث عنده إلاّ قليلا حتى ولدت له عليّا عليه السلام. (1)

ثم قال إبن بابويه: و حدّثني بهذا الحديث محمد بن علي بن ماجيلويه رضي اللّه عنه قال: حدّثني عمّي محمّد بن أبي القاسم، عن محمّد بن عليّ الكوفي، عن محمّد بن خالد، عن هشام بن أحمر مثله سواء. (2)

5-و عنه، حدّثنا تميم بن عبد اللّه بن تميم القرشي رضي اللّه عنه، قال: حدّثني أبي، عن أحمد بن عليّ الأنصاري، عن عليّ بن ميثم، عن أبيه، قال: سمعت امّي تقول: سمعت نجمة امّ الرضا عليه السلام تقول:

لمّا حملت بابني عليّ لم أشعر بنقل الحمل، و كنت أسمع في منامي تسبيحا و تهليلا و تمجيدا من بطني فيفزعني ذلك و يهولني، فإذا إنتبهت لم أسمع شيئا.

فلمّا وضعته وقع على الأرض واضعا يديه على الأرض رافعا رأسه إلى السماء يحرّك شفتيه كأنّه يتكلّم فدخل إليّ أبوه موسى بن

ص:339


1- 1) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 1/17 ح 4 و [1]ص 18 ح 5، و عنه البحار ج 49/7 ح 11 و [2]عن الخرائج:235 و إرشاد المفيد:307 [3] باسناده عن الكليني الكافي ج 1/486 ح 1 و [4]أخرجه في كشف الغمة ج 2/272 [5] عن الارشاد و في ص 244 عن دلائل الحميري.
2- 2) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 1/18 ح 5. [6]

جعفر عليه السلام فقال لي: هنيئا لك يا نجمة كرامة ربك، فناولته إيّاه في خرقة بيضاء فأذّن في اذنه اليمنى و أقام في اليسرى، و دعا بماء الفرات فحنّكه به، ثمّ ردّه إليّ و قال: خذيه فإنّه بقية اللّه في أرضه. (1)

ص:340


1- 1) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 1/20 ح 2 و [1]عنه البحار ج 49/9 ح 14. [2]

الباب الثاني

في تسميته عليه السلام الرضا

1-إبن بابويه قال: حدّثنا أبي، و محمّد بن موسى بن المتوكّل، و محمّد بن علي بن ما جيلويه، و أحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم، و الحسين بن إبراهيم بن تاتانة، و أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، و الحسين بن ابراهيم بن احمد بن هشام المكتّب، و عليّ بن عبد اللّه الورّاق رضي اللّه عنهم أجمعين قالوا: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي، قال: قلت لأبي جعفر محمّد ابن عليّ بن موسى عليهم السلام إنّ قوما من مخالفيكم يزعمون أنّ أباك عليه السلام إنّما سمّاه المأمون الرّضا لمّا رضيه لولاية عهده؟

فقال عليه السلام: كذبوا و اللّه و فجروا بل اللّه تعالى و تبارك سمّاه الرّضا لأنّه كان رضى للّه عزّ و جلّ في سمائه، و رضى لرسوله و الأئمّة بعده عليهم السلام في أرضه.

قال: فقلت له: ألم يكن كلّ واحد من آبائك الماضين عليهم السلام رضى للّه عزّ و جلّ و لرسوله و الأئمّة بعده عليهم السلام؟

فقال: بلى.

فقلت: فلم سمّي أبوك من بينهم الرّضا؟

قال: لأنّه رضي به المخالفون من أعدائه كما رضي به الموافقون

ص:341

من أوليائه، و لم يكن ذلك لأحد من آبائه عليهم السلام فلذلك سمّي من بينهم الرضا عليه السلام. (1)

2-و عنه، قال: حدّثنا عليّ بن أحمد بن محمّد بن عمران الدقّاق رضي اللّه عنه قال: حدّثنا محمد (2)بن ابي عبد اللّه الكوفي، عن سهل بن زياد الآدمي، عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني، عن سليمان بن حفص المروزي، قال: كان موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ عليهم السلام يسمّي ولده عليّا عليه السلام الرضا و كان يقول:

ادعوا لي ولدي الرّضا، و قلت لولدي الرّضا، و قال لي ولدي الرّضا، و إذا خاطبه قال: يا أبا الحسن صلوات اللّه عليهما. (3)

ص:342


1- 1) العيون ج 1/13 ح 1 و [1]العلل:236 ح 1 و [2]معاني الأخبار:56 مختصرا و عنهما البحار ج 49/4 ح 5. [3]
2- 2) هو محمّد بن ابي عبد اللّه جعفر بن محمّد بن عون الأسدي ابو الحسين الكوفي ساكن الري، كان ثقة، صحيح الحديث الا أنه روى عن الضعفاء و كان أبوه وجها توفى «312» - معجم الرجال ج 15/165-. [4]
3- 3) عيون اخبار الرضا عليه السلام ج 1/13 ح 2 و [5]عنه البحار ج 49/4 ح 6. [6]

الباب الثالث

في علمه عليه السلام

1-إبن بابويه، قال: حدّثنا الحاكم (1)أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى الصولي (2)قال: حدّثنا أبو ذكوان (3)قال: سمعت إبراهيم بن العبّاس (4)، يقول ما رأيت الرضا عليه السلام يسأل عن شيء قطّ إلاّ علمه، و لا رأيت أعلم منه بما كان في الزّمان الأوّل إلى وقته و عصره، و كان المأمون يمتحنه بالسؤال عن كلّ شيء فيجيب فيه، و كان كلامه كلّه و جوابه و تمثّله انتزاعات من القرآن،

ص:343


1- 1) الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي من أعلام الإماميّة في القرن الرابع و من مشايخ الصدوق كان حيّا في سنة «352» ه فإن الصدوق قدّس سرّه قال في العيون: [1] حدّثنا الحاكم ابو علي. . . في هذه السنة بنيسابور. . .
2- 2) الصولي: محمد بن يحيى بن عبد اللّه بن العبّاس ابو بكر الكاتب الشاعر النحوي المعروف بالصولي تلميذ المبرّد، عدّه في «معالم العلماء» من الشعراء المتّقين، توفّى مستترا بالبصرة سنة «335» ه-طبقات اعلام الشيعة [2]في القرن الرابع:314-.
3- 3) ابو ذكوان: القاسم بن إسماعيل، كان عالما بالأخبار و السير، لقي جماعة من أهل العلم و كان التوزي زوج امّ أبي ذكوان، و له كتاب «معاني الشعر» رواه عنه ابن درستويه-معجم الأدباء ج 16/236-. [3]
4- 4) ابراهيم بن العبّاس بن محمد بن صول ابو إسحاق كاتب العراق في عصره أصله من خراسان و كان جدّه محمّد من رجال الدولة العباسية، و نشأ ابراهيم في بغداد و كان كاتبا للمعتصم و الواثق و المتوكل، ولد سنة 176 ه و توفي سنة «243» ه-معجم الادباء ج 1/ 261-. [4]

و كان يختمه في كلّ ثلاثة، و يقول: لو أردت أن أختمه في اقرب من ثلاثة لختمت، و لكنّي ما مررت بآية قطّ إلاّ فكّرت فيها، و في أيّ شيء أنزلت، و في أيّ وقت، فلذلك صرت أختمه في كلّ ثلاثة أيام. (1)

2-و عنه: قال: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي اللّه عنه قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عبد اللّه بن محمّد الهاشمي في حديث له مع المأمون، قال المأمون: يا عبد اللّه أيلومونني (2)أهل بيتي و أهل بيتك أن نصبت أبا الحسن الرّضا عليه السلام علما و اللّه لاحدثنّك بحديث تتعجب منه، جئته يوما فقلت له:

جعلت فداك إنّ آباءك موسى و جعفرا و محمّدا و عليّ بن الحسين عليهم السلام كان عندهم علم ما كان و ما هو كائن إلى يوم القيامة، و أنت وصيّ القوم و وارثهم، و عندك علمهم، و قد بدت لي إليك حاجة و ذكر حديث (3)الزاهرية و قد ذكرته في كتاب «مدينة المعاجز» (4)في معاجز

ص:344


1- 1) عيون اخبار الرضا عليه السلام ج 2/180 ح 4 و [1]أمالي الصدوق:252 و [2]عنهما البحار ج 49/90 ح 3. [3]
2- 2) في المصدر: أيلومني أهل بيتي. . .
3- 3) بقيّة الحديث هكذا: قال عليه السلام: هاتها، فقلت: هذه الزاهريّة خطيّتي «الخطيّة: السريّة المكرّمة عند أمير أو ملك» و لا اقدّم عليها من جواريّ، و قد حملت غير مرّة و أسقطت، و هي الآن حامل فدلّني على ما تتعالج به فتسلم، فقال: لا تخف من إسقاطها، فإنّها تسلم و تلد غلاما أشبه الناس بامّه و تكون له خنصر زائدة في يده اليمنى ليست بالمدلاّة و في رجله اليسرى خنصر زائدة ليست بالمدلاّة، فقلت في نفسي: أشهد أنّ اللّه على كلّ شيء قدير، فولدت الزاهريّة غلاما أشبه الناس بامّه في يده اليمنى خنصر زائدة ليست بالمدلاّة و في رجله اليسرى خنصر زائدة ليست بالمدلاّة على ما كان وصفه لي الرضا عليه السلام فمن يلومني على نصبي إيّاه علما؟ ! -العيون ج 2/223-. [4]
4- 4) مدينة المعاجز:486 [5]عن العيون و [6]ثاقب المناقب، و [7]المناقب لابن شهر آشوب.

الرضا عليه السلام. (1)

3-و عنه قال: حدّثنا تميم بن عبد اللّه بن تميم القرشي رضي اللّه عنه، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثنا أحمد بن علي الأنصاري، عن الحسن بن الجهم، قال: حضرت مجلس المأمون يوما و عنده عليّ بن موسى الرضا عليه السلام و قد إجتمع الفقهاء و أهل الكلام من الفرق المختلفة فسأله بعضهم فقال له: يا ابن رسول اللّه بأيّ تصحّ الإمامة لمدّعيها؟

قال: بالنصّ و الدليل.

قال له: فدلالة الإمام فيما هي؟

قال: في العلم و إستجابة الدعوة.

قال: فما وجه إخباركم بما يكون؟

قال: ذلك بعهد معهود الينا من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

قال: فما وجه إخباركم بما في قلوب الناس؟

قال عليه السلام له: أما بلغك قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إتقّوا فراسة المؤمن فإنّه ينظر بنور اللّه؟

قال: بلى.

قال: و ما من مؤمن إلاّ و له فراسة ينظر بنور اللّه على قدر أيمانه و مبلغ إستبصاره و علمه، و قد جمع اللّه في الأئمّة منا ما فرّقه في جميع المؤمنين و قال تعالى في كتابه العزيز: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ

ص:345


1- 1) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 2/223- [1]المناقب لابن شهر آشوب ج 4/333 [2] نقلا عن الجلاء و الشفاء عن محمّد بن عبد اللّه بن الحسن.

لِلْمُتَوَسِّمِينَ (1)فأوّل المتوسمين رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، ثمّ أمير المؤمنين عليه السلام من بعده، ثمّ الحسن و الحسين و الائمة من ولد الحسين عليهم السلام إلى يوم القيمة.

قال: فنظر إليه المأمون فقال له: يا أبا الحسن زدنا ممّا جعل اللّه لكم أهل البيت.

فقال الرضا عليه السلام: إنّ اللّه تعالى قد أيّدنا بروح منه مقدّسة مطهّرة ليست بملك لم تكن مع أحد ممّن مضى إلاّ مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هي مع الأئمّة منا تسدّدهم و توفقهم و هو عمود من نور بيننا و بين اللّه تعالى.

فقال له المأمون: يا أبا الحسن قد بلغني أنّ قوما يغلون فيكم و يتجاوزون فيكم الحدّ.

فقال الرضا عليه السلام حدّثني أبي موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ، عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لا ترفعوني فوق حقّي فإنّ اللّه تعالى إتّخذني عبدا قبل أن يتخذّني نبيا قال اللّه تعالى: ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اَللّهُ اَلْكِتابَ وَ اَلْحُكْمَ وَ اَلنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اَللّهِ وَ لكِنْ كُونُوا رَبّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ اَلْكِتابَ وَ بِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ وَ لا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا اَلْمَلائِكَةَ وَ اَلنَّبِيِّينَ أَرْباباً أَ يَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ

ص:346


1- 1) سورة الحجر:75. [1]

مُسْلِمُونَ . (1)

قال عليّ عليه السلام: يهلك فيّ إثنان و لا ذنب لي، محبّ مفرط، و مبغض مفرط و إنّا لنبرأ (2)إلى اللّه ممّن يغلوا فينا و يرفعنا فوق حدّنا كبرائة عيسى بن مريم عليه السلام من النصارى، قال اللّه جل ثناؤه:

وَ إِذْ قالَ اَللّهُ يا عِيسَى اِبْنَ مَرْيَمَ أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنّاسِ اِتَّخِذُونِي وَ أُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اَللّهِ قالَ سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَ لا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاّمُ اَلْغُيُوبِ ما قُلْتُ لَهُمْ إِلاّ ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اُعْبُدُوا اَللّهَ رَبِّي وَ رَبَّكُمْ وَ كُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ اَلرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَ أَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (3).

و قال تعالى: لَنْ يَسْتَنْكِفَ اَلْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلّهِ وَ لاَ اَلْمَلائِكَةُ اَلْمُقَرَّبُونَ (4)و قال تعالى: مَا اَلْمَسِيحُ اِبْنُ مَرْيَمَ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ اَلرُّسُلُ وَ أُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ اَلطَّعامَ (5)و معناه أنّهما كانا يتغوّطان، فمن إدّعى للانبياء ربوبيّة أو لغيرهم نبوة «و ادّعى للائمة ربوبية او نبوة» او لغير الائمة أمامة فنحن منهم براء في الدّنيا و الآخرة.

فقال المأمون: يا أبا الحسن فما تقول في الرجعة؟

ص:347


1- 1) آل عمران:79-80. [1]
2- 2) في المصدر: و أنا أبرء.
3- 3) المائدة:115-117. [2]
4- 4) النساء:172. [3]
5- 5) المائدة:75. [4]

فقال الرضا عليه السلام: إنّها لحقّ قد كانت في الامم السالفة و نطق بها القرآن، و قد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يكون في هذه الامّة كلّما كان في الامم السالفة حذو النعل بالنعل، و القذّة بالقذّة. (1)

و قال عليه السلام: إذا خرج المهديّ من ولدي نزل عيسى بن مريم عليهما السلام فصلّى خلفه.

و قال عليه السلام: إنّ الإسلام بدأ غريبا و سيعود غريبا فطوبى للغرباء.

قيل: يا رسول اللّه ثمّ يكون ماذا؟

قال: ثمّ يرجع الحقّ إلى أهله.

فقال المأمون: يا أبا الحسن فما تقول في القائلين بالتناسخ؟

فقال الرضا عليه السلام: من قال بالتناسخ فهو كافر باللّه العظيم، مكذّب باللّه و بالجنّة و النار.

قال المأمون: ما تقول في المسوخ؟

قال الرّضا عليه السلام أولئك قوم غضب اللّه عليهم فمسخهم، فعاشوا ثلاثة أيّام ثمّ ماتوا و لم يتناسلوا، فما يوجد في الدنيا من القردة و الخنازير و غير ذلك ممّا وقع عليهم اسم المسوخية فهو مثلها، لا يحلّ أكلها و الانتفاع بها.

قال المأمون: لا ابقاني اللّه بعدك يا أبا الحسن فو اللّه ما يوجد العلم

ص:348


1- 1) قد وردت بهذا المضمون روايات باسانيد مختلفة مذكورة في كتب كثيرة منها ما في مجمع الزوائد ج 7/261 ط مصر، و المستدرك للحاكم ج 1/129 ط حيدر آباد-و «القذّة» بضمّ القاف و تشديد الذال المعجمة: ريش السهم-تعليقة العيون ج 2/210-. [1]

الصحيح إلاّ عند أهل هذا البيت و إليك إنتهى علوم آبائك فجزاك اللّه عن الإسلام و أهله خيرا.

قال الحسن بن الجهم (1): فلمّا قام الرضا عليه السلام تبعته فانصرف إلى منزله فدخلت إليه و قلت له: يا بن رسول اللّه ألحمد للّه الّذي وهب لك من جميل رأي أمير المؤمنين ما حمله على ما أرى من إكرامه لك و قبوله لقولك.

فقال: يا بن الجهم لا يغرنّك ما ألفيته «عليه من اكرامي و الإستماع منّي فإنّه سيقتلني بالسمّ و هو ظالم لي إنّي أعرف ذلك بعهد معهود إليّ من آبائي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فاكتم عليّ هذا ما دمت حيّا.

قال الحسن بن الجهم: فما حدّثت أحدا بهذا الحديث إلى أن مضى الرّضا عليه السلام بطوس مقتولا بالسم و دفن في دار حميد بن قحطبة (2)الطائي في القبة التي فيها قبر هارون الرشيد جانبه. (3)

4-أبو عليّ الطبرسي في «اعلام الورى» قال: روى الحاكم (4)أبو

ص:349


1- 1) الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين ابو محمّد الشيباني، وثّقه النجاشي و قال: روى عن أبي الحسن موسى و الرضا عليهما السلام، له كتاب-رجال النجاشي ج 1/158-.
2- 2) حميد بن قحطبة: بن شبيب الطائي، كان من الامراء، ولي امرة مصر سنة «143» ه ثمّ إمرة الجزيرة، و وجه لغزو أرمينية سنة «148» ه و لغزو كابل سنة «152» ه ثمّ جعل أميرا على خراسان حتى مات فيها سنة «159» ه-الأعلام ج 2/318-. [1]
3- 3) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 2/200 ح 1 و [2]عنه البحار ج 25/134 ح 6 و [3]ذيله في ج 49/284 ح 4 و صدره في البرهان ج 2/350 ح 8.
4- 4) الحاكم أبو عبد اللّ [4]ه محمد بن عبد اللّه الحافظ الني [5]سابوري المتوفّى سنة «405» ه و هو أوّل من دوّن علم دراية الحديث و إستدرك على البخاري في صحيحه أحاديث منها في أهل

عبد اللّه الحافظ باسناده عن الفضل بن العباس، عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي، قال: ما رأيت أعلم من عليّ بن موسى الرضا عليه السلام و لا رآه عالم الا شهد له بمثل شهادتي.

و لقد جمع المأمون في مجالس له ذوات عدد علماء الأديان و فقهاء الشريعة و المتكلمين فغلبهم عن آخرهم حتى ما بقى أحد منهم إلاّ أقرّ له بالفضل و أقرّ على نفسه بالقصور.

و لقد سمعت عليّ بن موسى الرضا عليه السلام يقول: كنت أجلس بالروضة و العلماء بالمدينة متوافرون، فاذا أعيا الواحد منهم عن مسألة أشاروا إليّ باجمعهم و بعثوا إليّ بالمسائل فأجيب عنها.

قال أبو الصلت: و لقد حدّثني محمّد بن إسحق بن موسى بن جعفر، عن أبيه أنّ موسى بن جعفر عليهما السلام كان يقول لبنيه: هذا أخوكم عليّ بن موسى الرضا عالم آل محمد عليهم السلام فاسألوه عن أديانكم و احفظوا ما يقول لكم فإنّي سمعت أبي جعفر بن محمّد عليهما السلام غير مرة يقول: إنّ عالم آل محمد لفي صلبك و ليتني أدركته فإنّه سميّ أمير المؤمنين عليّ عليه السلام. (1)

ص:350


1- 1) اعلام الورى:315، و عنه بحار الأنوار ج 49/100 ح 17.

الباب الرابع

في دخوله عليه السلام نيسابور و لقاء العلماء له و طلبهم

منه الحديث من طرق الخاصة و العامة

1-الشيخ الطوسي في «مجالسه» قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضّل قال: حدّثنا أبو نصر (1)الليث بن محمّد بن الليث العنبري إملاء من كتابه، قال: حدّثنا أحمد بن عبد الصمّد بن مزاحم الهروي سنة احدى و ستين و مأتين قال: حدّثني خالي أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي قال: كنت مع الرّضا عليه السلام لمّا دخل نيسابور و هو راكب بغلة شهباء، و قد خرج علماء نيسابور في إستقباله، فلمّا صاروا إلى المرتعة تعلّقوا بلجام بغلته و قالوا: يا بن رسول اللّه حدّثنا بحق آبائك الطاهرين حديثا عن آبائك صلوات اللّه عليهم أجمعين.

فأخرج رأسه من الهودج و عليه مطرف خز فقال: حدّثني أبي موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ سيد شباب أهل الجنة عن أبيه أمير المؤمنين عليه السلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم

ص:351


1- 1) ابو نصر الليث بن محمّد بن الليث بن عبد الرحمن الكاتب المروزي ترجمه الخطيب البغدادي و قال: قدم بغداد حاجّا في سنة «323» ه و حدّث بها-تاريخ بغداد ج 13/17 رقم 6973-. [1]

قال: أخبرني جبرئيل الروح الأمين عن اللّه عزّ و جلّ تقدّست أسماؤه و جلّ وجهه قال: إنّي أنا اللّه لا إله إلاّ أنا وحدي، عبادي فاعبدوني و ليعلم من لقيني منكم بشهادة أن لا إله إلاّ اللّه مخلصا بها أنّه قد دخل حصني، و من دخل حصني أمن من عذابي.

قالوا: يا ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و ما إخلاص الشهادة للّه؟

قال: طاعة اللّه و طاعة رسوله و ولاية أهل بيته عليهم السلام. (1)

2-ابن بابويه قال: حدثنا أبو سعيد محمّد بن الفضل بن محمّد بن إسحق المذكّر بنيسابور، قال: حدّثنا أبو علي الحسين بن علي الخزرجي الأنصاري السعدي، قال: حدّثنا عبد السلام بن صالح أبو الصلت الهروي قال: كنت مع عليّ بن موسى الرضا عليهما السلام حين رحل من نيسابور، و هو راكب بغلة شهباء، فإذا محمد بن رافع (2)، و احمد بن الحارث (3)، و يحيى بن يحيى (4)، و اسحق بن راهويه (5)و عدّة

ص:352


1- 1) أمالي الطوسي 2/201 و [1]عنه البحار ج 3/14 ح 39 و [2]ج 49/120 ح 1.
2- 2) هو محمّد بن رافع بن أبي زيد سابور القشيري مولاهم الحافظ بخراسان الزاهد أحد الأعلام، [3] روى عنه البخاري و مسلم و ابو داود و الترمذي و النسائي، توفّى سنة «245» ه- الوافي بالوفيات ج 3/68-. [4]
3- 3) يحتمل أنّه احمد بن الحارث بن المبارك ابو جعفر الخرّاز المورّخ البغدادي مولى أبي جعفر المنصور، و صاحب أبي الحسن المدائني، توفى «258» ه.
4- 4) هو يحيى بن يحيى بن بكير بن عبد الرحمن التميمي الحنظلي أبو زكريا النيسابوري المحدّث ولد سنة «142» و توفى سنة «226» ه-الاعلام ج 9/223-. [5]
5- 5) هو اسحاق بن ابراهيم بن مخلد الحنظلي التميمي المروزي المعروف بابن راهويه كان عالم خراسان في عصره ولد سنة «161» ه و توفى سنة «238» ه-تاريخ ابن خلكان ج 1/64-.

من أهل العلم قد تعلّقوا بلجام بغلته في المربعة، فقالوا: بحقّ آبائك الطاهرين حدّثنا بحديث سمعته من أبيك.

فاخرج رأسه من العمارية، و عليه مطرف خزّ ذو وجهين، و قال:

حدّثني أبي العبد الصّالح موسى بن جعفر قال: حدّثني أبي الصّادق جعفر بن محمّد، قال: حدّثني أبي أبو جعفر محمّد بن علي باقر علم (1)الأنبياء، قال: حدّثني أبي عليّ بن الحسين زين العابدين (2)قال: حدّثني أبي سيد شباب أهل الجنة الحسين، قال: حدّثني أبي علي بن أبي طالب قال: سمعت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: سمعت جبرئيل عليه السلام يقول: قال اللّه جلّ جلاله: إنّي أنا اللّه لا إله إلاّ أنا فاعبدوني، من جاء منكم بشهادة أن لا اله إلا اللّه بالإخلاص دخل في حصني و من دخل حصني أمن من عذابي. (3)

3-قال: حدّثنا أبو الحسين محمّد بن عليّ بن الشاه الفقيه المروروذي في منزله بمروالروذ، قال (4): حدّثنا أبو القاسم عبد اللّه بن أحمد بن العامر الطّائي بالبصرة، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عليّ بن موسى الرّضا، قال: حدّثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدّثني أبي جعفر بن محمّد، قال: حدّثني أبي محمّد بن عليّ، قال: حدّثني أبي عليّ بن الحسين، قال: حدّثني أبي الحسين بن علي، قال: حدّثني أبي

ص:353


1- 1) في المصدر: باقر علوم الأنبياء.
2- 2) في المصدر: سيّد العابدين.
3- 3) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 2/134 ح 1، و [1]التوحيد:24 ح 22 و [2]عنهما البحار [3]ج 3/ 6 ح 15 و ج 49/122 ح 3 عن العيون. [4]
4- 4) في التوحيد: [5] قال حدّثنا أبو بكر محمد بن عبد اللّه النيشابوري قال: حدّثنا، أبو القاسم. . .

عليّ بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يقول اللّه جلّ جلاله: لا إله إلاّ اللّه حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي. (1)

4-و عنه قال: حدّثنا أبو نصر أحمد بن الحسين بن أحمد بن عبيد الضبّي، قال: حدّثنا أبو القاسم محمّد بن عبد اللّه بن بابويه الرّجل الصالح، قال: حدّثنا أبو محمّد أحمد بن محمّد بن إبراهيم بن هاشم الحافظ، قال: حدّثنا الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر أبو السيد المحجوب إمام عصره بمكّة، قال: حدّثني أبي عليّ بن محمّد النقي، قال: حدّثني أبي محمّد بن عليّ التقي، قال: حدّثني أبي عليّ بن موسى الرضا، قال: حدّثني أبي موسى بن جعفر الكاظم، قال:

حدّثني أبي جعفر بن محمّد الصادق، قال: حدّثني أبي محمّد بن عليّ الباقر، قال: حدّثني أبي عليّ بن الحسين السجّاد زين العابدين، قال:

حدّثني أبي الحسين بن عليّ سيّد شباب أهل الجنة، قال: حدّثني أبي عليّ بن أبي طالب سيّد الأوصياء عليه السلام قال: حدّثني محمّد بن عبد اللّه سيد الأنبياء صلّى اللّه عليه و آله قال: حدّثني جبرئيل سيّد الملائكة عليه السلام قال: قال اللّه سيّد السادات جلّ جلاله: إنّي أنا اللّه لا إله إلاّ أنا من أقرّ لي بالتوحيد دخل حصني و من دخل حصني أمن من

ص:354


1- 1) عيون اخبار الرضا عليه السلام ج 2/134 ح 2، [1]التوحيد:24 ح 21 و [2]عنهما البحار ج 3/5 ح 14 و [3]ص 13 ح 27 عن صحيفة الرضا عليه السلام/79 ح 1 و رواه الزمخشري في ربيع الأبرار ج 2/249، و [4]الرافعي القزويني في التدوين ج 2/214 [5] بسند آخر، و المتّقي الهندي في كنز العمّال ج 1/52 ح 158.

عذابي. (1)

5-و عنه، قال: حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل رضي اللّه عنه، قال: حدّثنا أبو الحسين (2)محمد بن جعفر الأسدي قال: حدّثنا محمد ابن الحسين الصوفي (3)، قال: حدّثنا يوسف بن عقيل، عن إسحق بن راهويه، قال: لمّا وافى أبو الحسن الرضا عليه السلام نيسابور و أراد أن يخرج منها إلى المأمون إجتمع عليه أصحاب الحديث فقالوا له: يا بن رسول اللّه ترحل عنّا و لا تحدّثنا بحديث فنستفيده منك؟

و كان قد قعد في العمارية فأطلع رأسه و قال عليه السلام: سمعت أبي موسى بن جعفر يقول: سمعت أبي جعفر بن محمّد يقول: سمعت أبي محمّد بن عليّ، يقول: سمعت أبي عليّ بن الحسين يقول: سمعت أبي الحسين بن عليّ يقول: سمعت أبي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهم السلام يقول: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول:

سمعت جبرئيل عليه السلام يقول: سمعت اللّه جلّ جلاله يقول: لا إله إلاّ اللّه حصني فمن دخل أمن من عذابي.

قال: فلمّا مرّت الراحلة نادانا: بشروطها و أنا من شروطها. (4)

ص:355


1- 1) العيون ج 2/135 ح 3 و [1]عنه البحار ج 3/10 ح 22. [2]
2- 2) هو ابو الحسين محمّد بن جعفر بن محمّد بن عون الأسدي الكوفي الساكن بالري المتوفي سنة «312» ه تقدم ذكره.
3- 3) قيل: الصوفي منسوب إلى الصوفة و هو موضع في نواحي الكوفة، و في نسخة: «الصولى» و على أي تقدير لم أظفر على ترجمة له.
4- 4) ثواب الأعمال:21 ح 1، معاني الاخبار:37 ح 1 عيون اخبار الرضا عليه السلام ج 2/ 135 ح 4، [3] التوحيد:25/23 و عنهما البحار ج 3/7 ح 16 و [4]في ج 49/123 ح 4 عن العيون و [5]عن امالي الصدوق:195 ح 8. [6]

6-قال إبن بابويه بعد أن ذكر هذا الحديث: قال مصنّف هذا الكتاب رحمه اللّه: من شروطها الإقرار للرضا عليه السلام بأنّه إمام من قبل اللّه تعالى على العباد مفترض الطاعة عليهم.

و يقال: إنّ الرضا عليه السلام لمّا دخل نيسابور نزل في محلّة يقال لها الفرويني فيها حمام و هو الحمّام المعروف اليوم بحمّام الرضا عليه السلام.

و كانت هناك عين قد قلّ ماؤها، فأقام عليها من أخرج ماءها حتى توفّر و كثر و إتّخذ عن خارج الدرب حوضا ينزل إليه بالمراقي إلى هذه العين فدخله الرّضا عليه السلام و إغتسل فيه ثمّ خرج منه فصلّى على ظهره، و الناس ينتابون (1)ذلك الحوض و يغتسلون فيه و يشربون منه إلتماسا للبركة و يصلّون على ظهره و يدعون اللّه تعالى في حوائجهم فتقضى لهم، و هي العين المعروفة بعين كهلان يقصدها الناس إلى يومنا هذا. (2)

7-و من طريق المخالفين ما ذكره عليّ بن محمّد المالكي في كتاب «الفصول المهمة» قال: قال المولى السعيد إمام الدنيا عماد الدين محمّد بن أبي سعد عبد الكريم الوزان (3)في محرّم من سنة ستّ و تسعين و خمسمائة، قال: أورد صاحب «كتاب نيسابور» في كتابه أنّ عليّ بن

ص:356


1- 1) الإنتياب: الإتيان مرّة بعد اخرى و في المصدر: «يتناوبون» .
2- 2) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 2/135 و [1]عنه البحار ج 49/123 ح 5. [2]
3- 3) هو ابن أبي سعد الوزّان محمّد بن عبد الكريم بن أحمد بن عبد الكريم بن أحمد بن طاهر الوزّان، كان من الريّ رئيسها و ابن رئيسها و المقدّم من كبار الشافعيّة له مكانة على الملوك و السلاطين، و منزلته عندهم رفيعة، توفّى سنة «598» -طبقات السبكي ج 4/77-. [3]

موسى الرضا عليه السلام لمّا دخل نيسابور في سفره التي حظي بها بفضيلة الشهادة كان في قبّة مستورة بالسقلاط (1)على بغلة شهباء و قد شقّ نيسابور فعرض له الإمامان الحافظان للاحاديث النبوية و المثابران (2)على السنّة المحمدية أبو زرعة الرازي (3)، و محمد بن أسلم الطوسي (4)، و معهما خلايق لا يحصون من طلبة العلم و الحديث و اهل الرواية و الدراية.

فقالوا (5): أيّها السيّد الجليل إبن السادة الأئمّة بحق آبائك الأطهرين و أسلافك الأكرمين إلاّ ما أريتنا وجهك الميمون المبارك، و رويت لنا حديثا عن آبائك و عن جدّك محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم نذكرك به، فاستوقف البغلة و أمر غلمانه بكشف المظلّة عن القبّة و أقرّ

ص:357


1- 1) السقلاط «بكسر السين المهملة و القاف و اللام المشدّدة» : شيء من الصوف يلقى على الهودج كما في القاموس.
2- 2) المثابر: المواظب.
3- 3) أبو زرعة الرازي: عبيد اللّه بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ، كان من حفّاظ الحديث من أهل الري، زار بغداد و حدّث بها و جالس أحمد بن حنبل، قيل: إنّه كان يحفظ مئة الف حديث، توفّى بالري سنة «264» و لا يخفى أنّ أبا زرعة الرازي الموصوف بالحفظ و الإمامة في هذا الحديث لا يعقل أن يكون هو الحافظ المشهور الذي ترجمته بالايجاز، لأنّه في تاريخ ورود الامام الرضا [1]عليه السلام في نيسابور لم يولد او كان في المهد صبيّا فإنّ المؤرّخين أرّخوا ولادته في سنة «200» كما في تاريخ بغداد ج 10 ص 336، [2] فإذا أبو زرعة المذكور في الحديث إمّا رجل آخر لم نظفر عليه و هو بعيد، و إمّا سهو وقع من النسّاخ، و اللّه العالم.
4- 4) محمّد بن أسلم بن سالم بن يزيد أبو الحسن الكندي مولاهم الطوسي من حفّاظ الحديث، إشتهر بالصلاح و نعته الذهبي بشيخ المشرق من مصنفاته «المسند» و غيره. توفى سنة «242» ه-تذكرة الحفّاظ 2/103-.
5- 5) في المصدر: فقالا.

عيون تلك الخلايق برؤية طلعته المباركة فكانت له ذؤابتان مدليّتان على عاتقه و الناس كلّهم قيام على طبقاتهم ينظرون إليه، و هم بين صارخ و باك و متمرّغ في التراب و مقبّل لحافر بغلته، و علا الضجيج، فصاح الفقهاء و العلماء (1): معاشر الناس إسمعوا و عوا و أنصتو السماع ما ينفعكم، و لا تؤذونا بكثرة صراخكم و بكائكم، و كان المستملي أبو زرعة الرازي، و محمّد بن أسلم الطوسي.

فقال عليّ بن موسى الرضا عليهما السلام حدّثني أبي موسى الكاظم، عن أبيه جعفر الصادق، عن أبيه محمّد الباقر، عن أبيه عليّ زين العابدين، عن أبيه الحسين الشّهيد بكربلا، عن أبيه عليّ بن أبي طالب كرّم اللّه وجهه و رضوان اللّه عليهم، أنّه قال: حدّثني حبيبي و قرّة عيني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: حدّثني جبرئيل عن ربّ العزّة سبحانه و تعالى يقول: كلمة لا إله إلاّ اللّه حصني فمن قالها دخل حصني و من دخل حصني أمن من عذابي ثمّ أرخى الستر على القبّة و سار.

قال: فعدّ أهل المحابر و الدفتر الّذين كانوا يكتبون فأنافوا (2)على عشرين الفا. (3)

قال الاستاذ أبو القاسم القشيري (4): إتّصل هذا الحديث بهذا

ص:358


1- 1) في المصدر: فصاحت الائمة و العلماء و الفقهاء.
2- 2) أناف عليه: زاد.
3- 3) الفصول المهمّة لابن الصبّاغ المالكي:253، و [1]أخرجه في البحار ج 49/162 ح 3 عن كشف الغمّة ج 2/307.
4- 4) ابو القاسم القشيري: عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة النيسابوري [2]القشيري من بني قشير بن كعب، كان شيخ خراسان في عصره، و كانت إقامته بنيسابور و توفى فيها

السند ببعض امراء السامانية فكتبه بالذهب و أوصى أن يدفن معه في قبره فرئي في النوم بعد موته فقيل له: ما فعل اللّه بك؟

قال: غفر اللّه لي بتلفّظي بلا اله إلاّ اللّه و تصديقي بأنّ محمّدا رسول اللّه.

و دخل عليّ بن موسى نيسابور فجاءه قوم من الصوفية فقالوا له: إنّ أمير المؤمنين المأمون لمّا نظر فيما ولاّه اللّه تعالى من الامور فرآكم أهل البيت أولى من قام بأمر الناس، ثمّ نظر في أهل البيت فرآك أولى الناس بالناس من كلّ واحد منهم فردّ هذا الأمر إليك و الامّة تحتاج إلى من يأكل الجشب و يلبس الخشن و يركب الحمار، و يعود المريض و يشيّع الجنازة.

قال: فكان الرضا عليه السلام متّكئا فاستوى جالسا ثمّ قال: كان يوسف الصديق بن يعقوب نبيا فلبس أقببة الديباج المزورة بالذهب و القباطي المنسوجة بالذهب و جلس على متّكئات آل فرعون و حكم و أمر و نهى، و إنّما يراد من الإمام قسط و عدل إذا قال صدق، و اذا حكم عدل، و إذا وعد أنجز، إنّ اللّه لم يحرّم ملبوسا و لا مطعوما و تلا قوله تعالى و تقدّس: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اَللّهِ اَلَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ اَلطَّيِّباتِ مِنَ اَلرِّزْقِ 1انتهى كلام المالكي. 2

ص:359

ص:360

الباب الخامس

في عبادته عليه السلام

1-إبن بابويه قال: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رحمه اللّه، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عبد السلام بن صالح الهروي، قال: جئت إلى باب الدّار التي حبس فيها أبو الحسن الرضا عليه السلام بسرخس و قد قيد، فاستأذنت عليه السجّان، فقال: لا سبيل لك إليه.

فقلت: و لم؟

قال: لأنّه ربّما صلّى في يومه و ليلته ألف ركعة، و إنّما ينفتل من صلوته ساعة في صدر النهار، و قبل الزوال و عند إصفرار الشمس، فهو في هذه الأوقات قاعد في مصلاّة و يناجي ربّه.

قال: فقلت له: فاطلب لي منه إذنا عليه في هذه الأوقات فاستأذن لي فدخلت عليه و هو قاعد في مصلاّه متفكّرا.

قال أبو الصلت: فقلت له: يا بن رسول اللّه ما شيء يحكيه عنكم الناس؟

قال: و ما هو؟

قلت: يقولون: إنّكم تدّعون أنّ الناس لكم عبيد.

فقال: «أللّهم فاطر السموات و الأرض عالم الغيب و الشهادة»

ص:361

أنت شاهد بأنّي لم أقل ذلك قطّ، و لا سمعت أحدا من آبائي عليهم السلام قاله قطّ، و أنت العالم بما لنا من المظالم عند هذه الامّة و إنّ هذه منها.

ثم أقبل عليّ فقال: يا عبد السلام إذا كان الناس كلّهم عبيدنا على ما حكوه عنا فممّن نبيعهم؟

قلت: صدقت يا بن رسول اللّه، ثمّ قال عليه السلام: يا عبد السلام أمنكر أنت لما أوجب اللّه تعالى لنا من الولاية كما ينكره غيرك؟

قلت: معاذ اللّه بل أنا مقرّ بولايتكم. (1)

2-و عنه، قال: حدّثنا الحاكم أبو محمّد جعفر بن نعيم بن شاذان رضي اللّه عنه قال حدّثنا أحمد بن إدريس، عن إبراهيم بن هاشم، عن إبراهيم بن العبّاس، قال: ما رأيت أبا الحسن الرّضا جفا أحدا بكلامه (2)قطّ، و لا رأيته قطع على أحد كلامه حتى يفرغ منه، و ما ردّ أحدا عن حاجة يقدر عليها، و لا مدّ رجليه (3)بين يدي جليس له قطّ، و لا إتّكى بين يدي جليس له قطّ، و لا رأيته شتم أحدا من مواليه و مماليكه قطّ، و لا رأيته تفل قطّ، و لا رأيته يقهقه في ضحكه قطّ، بل كان ضحكه التبسّم.

و كان إذا خلا و نصبت مائدته أجلس معه على مائدته مماليكه

ص:362


1- 1) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 2/183 ح 6 و [1]عنه البحار ج 49/170 و [2]في ص 91 ح 5 صدره.
2- 2) في نسخة: بكلمة.
3- 3) في المصدر: رجله.

و مواليه حتى البّواب و السائس، و كان عليه السلام قليل النوم بالليل كثير السهر، يحيي أكثر لياليه من أولّها إلى الصبح، و كان كثير الصيام، و لا يفوته صيام ثلاثة أيّام في الشهر و يقول: ذلك صوم الدهر، و كان عليه السلام كثير المعروف و الصدقة في السر و أكثر ذلك يكون منه في الليالي المظلمة، فمن زعم أنّه رآى مثله في فضله فلا تصدّقه. (1)

3- «النجاشي» (2)في كتاب «الرجال» عن عثمان بن أحمد الواسطي (3)، و أبي محمد عبد اللّه (4)بن محمّد الدعلجي قالا: حدّثنا أحمد بن عليّ (5)قال: حدثنا إسماعيل (6)بن عليّ بن عليّ بن رزين أبو القاسم قال: حدّثنا أبي أبو الحسن (7)الرضا عليه السلام بطوس سنة

ص:363


1- 1) عيون اخبار الرضا عليه السلام ج 2/184 ح 7 و [1]عنه البحار ج 49/90 ح 4. [2]
2- 2) النجاشي: أحمد بن علي بن أحمد بن العبّاس بن محمد بن عبد اللّه بن ابراهيم بن محمد ابن عبد اللّه النجاشي-الّذي ولي الأهواز و كتب الى الصادق عليه السلام يسأله و كتب اليه رسالة عبد اللّه النجاشي المعروفة. ولد النجاشي سنة «372» و توفّى «450» ه هذا هو المعروف في تاريخ وفاته، و لكن لا يلائم ما في رجاله في ترجمة محمد بن الحسن بن حمزة الجعفري من أنّ وفاته سنة «463» ه-معجم رجال الحديث ج 2/156-. [3]
3- 3) هو من مشايخ النجاشي، يروى عن أحمد بن علي الأنصاري الذي كان حيّا سنة «340» .
4- 4) هو أيضا من مشايخ النجاشي تعلّم منه المواريث.
5- 5) احمد بن علي: بن مهدي بن صدقة الرقي ابن هاشم «هشام» بن غالب بن محمّد بن علي أبو علي الرقي الانصاري كان حيّا في سنة «340» ه و قد سمع منه في تلك السنة بمصر أبو محمد هارون بن موسى التلعكبري و روى هو عن والده كتابه الذي رواه عن الإمام الرضا عليه السلام-طبقات أعلام الشيعة [4]في القرن الرابع ص 35-.
6- 6) اسماعيل بن علي بن عليّ بن رزين بن عثمان بن عبد الرحمن بن عبد اللّه ابن بديل بن ورقاء الخزاعي ابن أخي دعبل، أبو القاسم، كان بواسط مقامه ولد في «24» من شهر المحرّم سنة «257» -رجال النجاشي:198-.
7- 7) علي بن علي بن زرين والد اسماعيل السابق ذكره، أخو دعبل الخزاعي ولد سنة «172» ه

ثمان و تسعين و مائة، و كنّا قصدناه على طريق البصرة، و دخلناها فصادفنا بها عبد الرحمن (1)بن مهدي عليلا فأقمنا عليه أيّاما و مات عبد الرحمن، و حضرنا جنازته و صلّى عليه.

و دخلنا إلى الرضا عليه السلام أنا و أخي دعبل، فأقمنا عنده إلى آخر سنة مأتين، و خرجنا إلى قم بعد أن خلع الرضا عليه السلام على أخي دعبل قميص خزّ أخضر و أعطاه خاتما فصّه عقيق، و دفع إليه دراهم رضويه، و قال له: يا دعبل مرّ على قم فإنّك تستفيد بها (2)و قال له:

إحتفظ بهذا القميص فقد صليت فيه ألف ليلة كلّ ليلة ألف 3ركعة، و ختمت فيه القرآن ألف ختمة.

قال: حدّثنا بالكتاب الذي أولّه حديث الزبيب الأحمر و آخره حديثه عن آبائه عن جابر بن عبد اللّه إنّ اللّه حرّم لحم ولد فاطمة على النار. 4

4-إبن بابويه قال: حدّثنا تميم بن عبد اللّه بن تميم القرشي رضي اللّه عنه قال: حدّثني أبي عن أحمد بن عليّ الأنصاري، قال: سمعت

ص:364


1- 1) عبد الرحمن بن مهدي بن حسّان العنبري البصري اللؤلؤي أبو سعيد من كبار حفّاظ الحديث عند الجمهور حتى نقل عن الشافعي أنّه قال في حقّه: لا أعرف له نظيرا في الدنيا، ولد سنة «135» ه بالبصرة و توفّى بها «198» ه-الاعلام ج 4/115-.
2- 2) في نسخة: ستفيد بها. [1]

رجاء (1)بن أبي الضحّاك، يقول: بعثني المأمون في اشخاص عليّ بن موسى الرّضا عليهما السلام من المدينة و قد أمرني أن آخذ به على طريق البصرة و الأهواز و فارس، و لا آخذ به على طريق قم، و أمرني أن أحفظه بنفسي في الليل و النهار حتى أقدم به عليه، فكنت معه من المدينة إلى مرو، فو اللّه ما رأيت رجلا كان أتقى للّه منه و لا أكثر ذكرا له في جميع أوقاته و لا أشدّ خوفا للّه تعالى منه.

و كان إذا أصبح صلّى الغداة فإذا سلّم جلس في مصلاه يسبّح اللّه و يحمده و يكبّره و يهلّله و يصلّي على النبيّ و آله حتّى تطلع الشمس، ثمّ يسجد سجدة يبقى فيها حتى يتعالى النهار، ثمّ أقبل على الناس يحدّثهم و يعظهم إلى قرب الزوال.

ثمّ جدّد وضوءه و عاد الى مصلاّه فإذا زالت الشمس قام فصلّى ست ركعات يقرأ في الركعة الاولى الحمد و الجحد، و في الثانية الحمد و التوحيد، و يسلّم (2)في كل ركعتين و يقنت فيهما في الثانية قبل الركوع و بعد القرائة، ثمّ يؤذّن و يصلّي ركعتين، ثمّ يقيم و يصلّي الظهر.

فإذا سلّم سبّح اللّه و حمده و كبّره و هلّله ما شاء اللّه، ثمّ سجد سجدة الشكر يقول فيها مائة مرة شكرا للّه، فإذا رفع رأسه قام فصلّى ست ركعات يقرأ في كلّ ركعة: الحمد و التوحيد، و يسلّم في كل

ص:365


1- 1) رجاء بن أبي الضحاك الجرجرائي من عمّال الدولة العباسيّة، ولي ديوان الخراج في عصر المأمون، ثمّ ولي خراج دمشق في عصر المعتصم، فخراج دمشق و الاردن في أيّام الواثق حتى صار مقتولا قتله علي بن اسحاق عامل الواثق سنة «226» ه-الأعلام ج 3/44-. [1]
2- 2) في المصدر: و يقرأ في كل ركعة: الحمد للّه و قل هو اللّه أحد، و يسلّم. . .

ركعتين، و يقنت في ثانية كلّ ركعتين قبل الرّكوع و بعد القراءة، ثمّ يؤذّن ثم يصلّي ركعتين و يقنت في الثانية، فإذا سلّم قام و صلّى العصر، فإذا سلّم جلس في مصلاّه يسبّح اللّه و يحمده و يكبّره و يهلّله ما شاء اللّه، ثم سجد سجدة الشكر يقول فيها مائة مرة: حمدا للّه.

فإذا غابت الشمس توضّأ و صلّى المغرب ثلاثا بأذان و اقامة و قنت في الثانية قبل الركوع و بعد القراءة، فإذا سلّم جلس في مصلاّه يسبّح اللّه و يحمده و يكبّره و يهلّله ما شاء اللّه، ثمّ يسجد سجدة الشكر ثم يرفع رأسه و لم يتكلّم حتى يقوم و يصلّي أربع ركعات بتسليمتين، و يقنت في كل ركعتين في الثانية قبل الركوع و بعد القراءة، و كان يقرأ في الاولى من هذه الأربع الحمد و الجحد، و في الثانية الحمد و التوحيد، و يقرأ في الركعتين الباقيتين الحمد و التوحيد، ثمّ يجلس بعد التسليم في التعقيب ما شاء اللّه «حتى يمسي» (1)ثم يفطر.

ثمّ يلبث حتّى يمضي من الليل قريب من الثلث ثم يقوم فيصلّي العشاء الآخرة أربع ركعات و يقنت في الثانية قبل الركوع و بعد القراءة، فإذا سلّم جلس في مصلاّه يذكر اللّه تعالى و يسبّحه و يحمده و يكبّره و يهلّله ما شاء اللّه و يسجد بعد التعقيب سجدة الشكر، ثمّ يأوي إلى فراشه.

فإذا كان الثلث الأخير من الليل قام من فراشه بالتّسبيح و التّحميد و التّكبير و التهليل و الإستغفار فاستاك ثمّ توضأ ثمّ قام إلى صلوة الليل

ص:366


1- 1) جملة «حتى يمسي» ليست في المصدر.

فيصلّي ثماني ركعات يسلّم في كلّ ركعتين يقرأ في الاوليين منها في كلّ ركعة ألحمد مرّة و التوحيد ثلاثين مرّة ثمّ يصلّي صلوة جعفر بن أبي طالب عليه السلام أربع ركعات يسلّم في كل ركعتين و يقنت في كلّ ركعتين في الثانية قبل الركوع و بعد القراءة و يحتسب بها من صلوة الليل ثمّ يقوم فيصلّي الركعتين الباقيتين يقرأ في الاولى: الحمد و سورة الملك، و في الثانية الحمد و هل أتى على الإنسان.

ثمّ يقوم فيصلّي ركعتي الشفع يقرأ في كلّ ركعة منهما: الحمد مرّة و التوحيد ثلاث مرات، و يقنت في الثانية قبل الركوع و بعد القراءة فإذا سلّم قام و صلّى ركعة الوتر يتوجّه فيها و يقرء فيها: الحمد و التوحيد ثلاث مرّات و الفلق مرّة واحدة و الناس مرّة واحدة و يقنت فيها قبل الركوع و بعد القراءة و يقول في قنوته: ألّلهم صلّ على محمّد و آل محمّد ألّلهم إهدنا فيمن هديت، و عافنا فيمن عافيت، و تولّنا فيمن تولّيت، و بارك لنا فيما أعطيت و قنا شرّ ما قضيت فإنّك تقضي و لا يقضى عليك إنّه لا يذلّ من واليت و لا يعزّ من عاديت تباركت ربّنا و تعاليت.

ثمّ إستغفر (1)اللّه و سأله التوبة سبعين مرّة فإذا سلّم جلس في التعقيب. ما شاء اللّه فإذا قرب من الفجر قام فصلّى ركعتي الفجر يقرء في الاولى: الحمد و قل يا أيّها الكافرون، و في الثانية الحمد و قل هو اللّه احد.

فإذا طلع الفجر أذّن و أقام و صلّى الغداة ركعتين فإذا سلّم جلس

ص:367


1- 1) في المصدر: ثمّ يقول: «أستغفر اللّه و أسأله التوبة» سبعين مرّة.

في التعقيب حتى تطلع الشمس ثمّ يسجد سجدة الشكر حتى يتعالى النهار.

و كانت قراءته في جميع المفروضات في الاولى الحمد و القدر، و في الثانية الحمد و التوحيد إلاّ في صلاة الغداة و الظهر و العصر يوم الجمعة فإنه كان يقرأ فيها بالحمد و سورة الجمعة و المنافقين.

و كان يقرء في صلوة العشاء الآخرة ليلة الجمعة في الاولى الحمد و سورة الجمعة و في الثانية الحمد و سبّح اسم ربك الأعلى.

و كان يقرأ في صلوة الغداة يوم الإثنين و يوم الخميس في الاولى الحمد و هل أتى على الإنسان، و في الثانية الحمد و هل أتاك حديث الغاشية.

و كان يجهر بالقراءة في المغرب و العشاء و صلوة الليل و الشفع و الوتر و الغداة و يخفي القراءة في الظهر و العصر كان يسبّح في الاخراوين يقول: «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا اله الا اللّه اكبر» ثلاث مرات، و كان قنوته في جميع صلواته ربّ إغفر و إرحم و تجاوز عمّا تعلم إنّك أنت الأعزّ الأجلّ الأكرم.

و كان إذا أقام في بلدة عشرة أيام صائما لا يفطر، فإذا جنّ الليل بدأ بالصلوة قبل الإفطار، و كان في الطريق يصلّي فرائضه ركعتين إلاّ المغرب فإنّه كان يصلّيها ثلاثا، و لا يدع نافلتها، و لا يدع صلوة الليل و الشفع و الوتر و ركعتي الفجر في سفر و لا حضر.

و كان لا يصلّي من نوافل النّهار في السفر شيئا، و كان يقول بعد كلّ صلوة يقصرها: «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر» ثلاثين

ص:368

مرة، و يقول: هذا تمام الصلوة، و ما رأيته صلّى الضحى في سفر و لا حضر، و كان لا يصوم في السفر شيئا و كان يبدأ في دعائه بالصلوة على محمّد و آله، و يكثر من ذلك في الصلوة و غيرها و كان يكثر بالليل في فراشه من تلاوة القرآن فاذا مرّ بآية فيها ذكر جنة أو نار بكى و سأل اللّه الجنّة و تعوّذ به من النار.

و كان عليه السلام يجهر ب بسم اللّه الرّحمن الرّحيم في جميع صلوته بالليل و النهار و كان إذا قرأ قل هو اللّه احد قال سرا: اللّه أحد، فإذا فرغ منها قال: «كذلك اللّه ربنا» ثلاثا.

و كان إذا قرأ سورة الجحد قال في نفسه سرا: «يا أيها الكافرون» فإذا فرغ منها قال: «ربي اللّه و ديني الإسلام» ثلاثا.

و كان إذا قرأ: و التين و الزيتون قال: عند الفراغ منها: «بلى و أنا على ذلك من الشاهدين» .

و كان إذا قرأ: لا اقسم بيوم القيامة قال عند الفراغ منها: سبحانك اللهم بلى.

و كان يقرأ في سورة الجمعة: قُلْ ما عِنْدَ اَللّهِ خَيْرٌ مِنَ اَللَّهْوِ وَ مِنَ اَلتِّجارَةِ وَ اَللّهُ خَيْرُ اَلرّازِقِينَ (1).

و كان إذا فرغ من الفاتحة قال: ألحمد للّه ربّ العالمين، و إذا قرأ:

سبّح اسم ربّك الأعلى قال سرّا: سبحان ربّي الأعلى، و إذا قرأ: يا أيها الذين آمنوا قال: لبيّك أللّهم لبيّك» سرّا.

ص:369


1- 1) سورة الجمعة:11. [1]

و كان عليه السلام لا ينزل بلدا إلاّ قصده الناس يستفتونه في معالم دينهم فيجيبهم و يحدّثهم الكثير عن أبيه عن آبائه عن عليّ عليهم السلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فلمّا وردت به على المأمون سألني عن حاله في طريقه فأخبرته بما شاهدت منه في ليله و نهاره و ظعنه و إقامته فقال لي: يا بن أبي الضحّاك هذا خير أهل الأرض و أعلمهم و أعبدهم فلا تخبر أحدا بما شاهدت منه لئلاّ يظهر فضله إلاّ على لساني و باللّه أستعين على ما أنوي من الرفع منه و الإشارة به (1). (2)

5-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن محمّد بن عبد اللّه، عن إبراهيم بن إسحق الأحمر عن الحسن بن عليّ الوشّاء، قال: دخلت على الرضا عليه السلام و بين يديه إبريق يريد ان يتهيأ منه للصلوة، فدنوت منه لأصبّ عليه، فأبى ذلك و قال: مه يا حسن.

فقلت له: لم تنهاني أن أصبّ على يدك تكره أن اوجر؟

قال: توجر أنت و أوزر أنا.

فقلت له: و كيف ذلك؟

فقال: أما سمعت اللّه عز و جل يقول فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً (3)و ها أنا ذا أتوضا للصلوة و هي العبادة فأكره أن يشركني فيها أحد. (4)

ص:370


1- 1) في المصدر و البحار: و [1]باللّه أستعين على ما أقوى من الرفع منه و الإساءة به.
2- 2) عيون اخبار الرضا عليه السلام ج 2/180 ح 5 و [2]عنه البحار ج 49/91 ح 7. [3]
3- 3) سورة الكهف:110. [4]
4- 4) الكافي ج 3/69 ح 1 و [5]عنه البحار ج 49/104 ح 30 و [6]البرهان ج 2/496 ح 3. [7]

الكشي في «الرجال» قال: حدّثني محمّد بن مسعود (1)قال:

أخبرنا عليّ بن الحسن بن فضّال (2)قال: حدّثني معمّر بن خلاّد قال: قال أبو الحسن الرّضا عليه السلام: إنّ رجلا من أصحاب عليّ عليه السلام يقال له: قيس (3)كان يصلّي فلمّا صلى ركعة أقبل أسود «سالخ» فصار في موضع السجود، فلمّا نحّى جبينه عن موضعه تطوّق الأسود في عنقه، ثمّ إنساب في قميصه، و إنّي أقبلت يوما من الفرع (4)فحضرت الصلوة فصرت إلى ثمامة (5)فلمّا صلّيت ركعة أقبل أفعى نحوي فأقبلت على صلاتي لم أخفّفها و لم ينتقص منها شيء، فدنا منّي ثمّ رجع إلى ثمامة، فلمّا فرغت من صلوتي، و لم أخفّف دعائي، دعوت بعض من معي فقلت: دونك الأفعى تحت الثمامة، و من لم يخف إلاّ اللّه تعالى كفاه. (6)

ص:371


1- 1) هو محمّد بن مسعود بن محمد بن عيّاش أبو النضر السلمي السمرقندي المعروف بالعياشي، تقدّم ذكره.
2- 2) علي بن الحسن بن علي بن فضال سمع العياشي منه بعد سنة «260» ه، و قال: ما رأيت فيمن لقيت بالعراق و ناحية خراسان أفقه و لا افضل من علي بن الحسن بن علي بن فضال بالكوفة و لم يكن كتاب عن الائمة عليهم السلام من كلّ صنف الاّ كان عنده-طبقات اعلام الشيعة [1]في القرن الرابع ص 306-.
3- 3) قال الكشي: في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام أربعة نفر أو اكثر يقال لكل واحد منهم: قيس، فلا أعلم أيّهم هذا: أوّلهم قيس بن سعد بن عبادة و هو أميرهم و أفضلهم و قيس بن عباد البكري و هو خليق أيضا بهذا إن كان، و قيس بن قرّة بن حبيب غير خليق به، لأنّه هرب الى معاوية، و قيس بن مهران أيضا خليق ذلك به فكلّ هؤلاء صحبوا أمير المؤمنين عليه السلام و لا أدري أيّهم أراد الإمام الرضا عليه السلام بهذا الخبر.
4- 4) الفرع «بضم الفاء و سكون الراء المهملة» : من أعمال المدينة.
5- 5) الثمام: نبت ضعيف لا يطول، واحدته ثمامة.
6- 6) رجال الكشي:95 رقم 151. [2]

ص:372

الباب السادس

في جوده عليه السلام

1-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن محمد، عن إبن جمهور، عن إبراهيم بن عبد اللّه، عن أحمد بن عبد اللّه، عن الغفاري (1)قال: كان لرجل من آل أبي رافع مولى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقال له: طيس عليّ حق، فتقاضاني و ألحّ عليّ و أعانه الناس، فلما رأيت ذلك صلّيت الصبح في مسجد الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ثمّ توجّهت نحو الرّضا عليه السلام و هو يومئذ بالعريض، فلما قربت من بابه إذا هو قد طلع على حمار، و عليه قميص ورداء، فلمّا نظرت إليه إستحييت منه فلمّا لحقني وقف و نظر إليّ فسلّمت عليه و كان شهر رمضان.

فقلت جعلني اللّه فداك: إنّ لمولاك طيس عليّ حقا و قد و اللّه شهرني و أنا أظنّ في نفسي أنّه يأمره بالكفّ عنّي و و اللّه ما قلت له: كم له عليّ و لا سمّيت له شيئا فأمرني بالجلوس إلى رجوعه، فلم أزل حتّى صلّيت المغرب و أنا صائم، فضاق صدري و أردت أن انصرف فإذا هو قد طلع عليّ و الناس حوله و قد قعد له السؤّال و هو يتصدّق عليهم،

ص:373


1- 1) الغفاري: هو عبد اللّه بن ابراهيم بن أبى عمرو الغفاري حليف الأنصار سكن مزينة بالمدينة فتارة يقال له الغفاري و تارة يقال الأنصاري و اخرى يقال المزني، له كتاب يرويه عنه الحسن بن علي بن فضال-معجم رجال الحديث ج 10/80-. [1]

فمضى و دخل بيته ثمّ خرج و دعاني فقمت إليه و دخلت معه، فجلس و جلست، فجعلت احدّثه عن إبن المسيب و كان أمير المدينة و كان كثيرا ما احدّثه عنه، فلمّا فرغت قال: لا أظنّك أفطرت بعد؟

فقلت: لا فدعا لي بطعام فوضع بين يدّي، و أمر الغلام أن يأكل معي فأصبت و الغلام من الطعام.

فلمّا فرغنا قال لي: إرفع الوسادة و خذ ما تحتها فرفعتها و إذا دنانير، فأخذتها و وضعتها في كمّي و أمر أربعة من عبيده أن يكونوا معي حتى يبلغوني منزلي.

فقلت: جعلت فداك إنّ طايف إبن المسيّب يدور و أكره أن يلقاني و معي عبيدك.

فقال لي: أصبت أصاب اللّه بك الرّشاد، و أمرهم أن ينصرفوا إذا رددتهم، فلمّا قربت من منزلي و أمنت رددتهم، فصرت إلى منزلي و دعوت بالسراج و نظرت إلى الدنانير و إذا هي ثمانية و أربعون دينارا، و كان حقّ الرجل عليّ ثمانية و عشرين دينارا و كان فيها دينار يلوح فأعجبني حسنه، فأخذته و قرّبته من السراج فإذا عليه نقش واضح حقّ الرجل ثمانية و عشرون دينارا و ما بقي فهو لك و لا و اللّه ما عرّفت ماله عليّ و الحمد للّه ربّ العالمين الّذي أعزّ وليّه. (1)

2-و عنه عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن صندل، عن ياسر (2)،

ص:374


1- 1) الكافي ج 1/487 ح 4 و [1]اخرجه في البحار ج 49/97 ح 12، و [2]كشف الغمّة ج 2/273. [3]
2- 2) ياسر: خادم الرضا عليه السلام، عدّه الشيخ في رجاله من أصحابه عليه السلام و قال: ياسر مولى اليسع الأشعري القمي، روى عن ياسر علي بن ابراهيم القمي في تفسيره،

عن اليسع بن حمزة قال: كنت في مجلس أبي الحسن الرّضا عليه السلام أحدّثه و قد إجتمع إليه خلق كثير يسألونه عن الحلال و الحرام، إذ دخل عليه رجل طوال آدم (1)فقال: السّلام عليك يا بن رسول اللّه رجل من محبّيك و محبّي آبائك و أجدادك عليهم السلام، مصدري من الحجّ و قد إفتقدت نفقتي و ما معي ما أبلغ به مرحلة، فإن رأيت ان تنهضني إلي بلدي و للّه عليّ نعمة فإذا بلغت بلدي تصدّقت بالّذي توليني عنك، فلست موضع صدقة.

فقال له: إجلس رحمك اللّه و أقبل على النّاس يحدّثهم حتّى تفرّقوا و بقي هو و سليمان الجعفري (2)، و خيثمة، و أنا.

فقال: أتأذنون لي في الدّخول؟

فقال له سليمان: قدّم اللّه أمرك فقام فدخل الحجرة و بقي ساعة، ثمّ خرج وردّ الباب، و أخرج يده من أعلى الباب و قال: أين الخراساني؟

فقال: ها أنا ذا.

فقال: خذ هذه مأتي دينار واستعن بها في مؤنتك و نفقتك و تبرّك بها و لا تصدّق بها عنّي، و اخرج فلا أراك و لا تراني.

ثمّ خرج، فقال له سليمان: جعلت فداك لقد أجزلت و رحمت، فلماذا سترت وجهك عنه؟

ص:375


1- 1) الآدم: أسمر اللون.
2- 2) هو سليمان بن جعفر بن ابراهيم بن محمد بن علي بن عبد اللّه بن جعفر الطيّار أبو محمد الطالبي الجعفري روى عن الرضا عليه السلام و وثقة النجاشي و الشيخ.

فقال: مخافة أن أرى ذلّ السؤال في وجهه لقضائي حاجته أما سمعت حديث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم المستتر بالحسنة تعدل سبعين حجة، و المذيع بالسيئة مخذول، و المستتر بها مغفور له أما سمعت قول الاول (1).

متى آته يوما لأطلب حاجة

رجعت إلى أهلي و وجهي بمائه

(2)3-و عنه عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، و محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، جميعا عن إبن أبي نصر قال: قرأت في كتاب أبي الحسن الرّضا عليه السلام إلى أبي جعفر عليه السلام يا أبا جعفر بلغني أنّ الموالي إذا ركبت أخرجوك من الباب الصغير فإنّما ذلك من بخل منهم لئلاّ ينال منك أحد خيرا، و أسألك بحقّي عليك لا يكن مدخلك و مخرجك إلاّ من الباب الكبير، فإذا ركبت فليكن معك ذهب و فضة ثمّ لا يسألك أحد شيئا إلاّ أعطيته، و من سألك من عمومتك أن تبرّه فلا تعطه أقل من خمسين دينارا، و الكثير إليك (و من سألك من عمّاتك فلا تعطها أقل من خمسة و عشرين دينارا و الكثير إليك إنّي) إنّما أريد بذلك أن يرفعك اللّه فأنفق و لا تخش من ذي العرش إقتارا. (3)

ص:376


1- 1) أي القدماء الذين تقدّم عهدهم.
2- 2) الكافي ج 4/23 ح 3 و [1]عنه الوسائل ج 6/319 ح 2 و [2]في البحار ج 49/101 ح 19 [3] عنه و عن المناقب لابن شهر آشوب ج 4/360 [4] مختصرا.
3- 3) الكافي ج 4/43 ح 5 و [5]عيون اخبار الرضا عليه السلام ج 2/8 ح 20 و [6]عنهما البحار ج 50/ 102 ح 16 و [7]الوسائل ج 6/324 ح 1. [8]

و رواه إبن بابويه في «عيون الأخبار» قال: حدّثنا أبي و محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى اللّه عنهما، قالا: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي، قال: قرأت كتاب أبي الحسن الرّضا عليه السلام إلى أبي جعفر عليه السلام: يا أبا جعفر بلغني أنّ الموالي إذا ركبت أخرجوك من الباب الصغيره (1)و ذكر الحديث بعينه.

4-إبن بابويه قال: حدّثنا عليّ بن عبد اللّه الورّاق قال: حدّثني محمّد بن جعفر (2)بن بطّة قال: حدّثني محمّد بن الحسن الصفّار، عن محمّد بن عبد الرحمن الهمداني (3)، قال: حدّثني أبو محمّد الغفاري قال: لزمني دين ثقيل، فقلت ما لقضاء ديني غير سيّدي و مولاي أبي الحسن عليّ بن موسى الرّضا عليه السلام فلمّا أصبحت أتيت منزله فاستأذنت فأذن لي فلمّا دخلت قال لي إبتداء: يا أبا محمّد قد عرفنا حاجتك و علينا قضاء دينك، فلمّا أمسينا أتى بطعام للافطار فأكلنا فقال: يا أبا محمّد تبيت أو تنصرف؟

فقلت: يا سيّدي إن قضيت حاجتي فالإنصراف أحبّ إليّ.

ص:377


1- 1) عيون اخبار الرضا عليه السلام ج 2/8 ح 20. [1]
2- 2) محمّد بن جعفر بن أحمد بن بطّة أبو جعفر المودّب القمي، له كتب منها «قرب الاسناد» يرويها عنه الحسن بن حمزة العلوي الطبري المتوفّى «358» ه و يروي ابن بطّه كثيرا عن احمد بن محمد بن خالد البرقي المتوفى «274» او سنة «280» ، و عن الصفّار محمد بن الحسن المتوفى سنة «290» -طبقات اعلام الشيعة [2]في القرن الرابع ص 253-.
3- 3) محمّد بن عبد الرحمن الهمداني: عدّه البرقي من أصحاب الامام الهادي عليه السلام، و له مكاتبة اليه عليه السلام.

قال: فتناول عليه السلام من تحت البساط قبضة فدفعها إليّ، فخرجت و دنوت من السراج فإذا هي دنانير حمر و صفر، فأوّل دينار وقع بيدي و رأيت نقشه كان عليه يا أبا محمد الدنانير خمسون، ستة و عشرون منها لقضاء دينك و أربعة و عشرون لنفقة عيالك، فلمّا أصبحت فتشت الدنانير فلم أجد ذلك الدينار و إذا هي لا تنقص شيئا. (1)

5-و عنه عن الحسين بن أحمد بن إدريس، قال: حدّثني أبي عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن معمّر بن خلاّد قال: قال لي الريّان (2)بن الصلت بمرو، و قد كان الفضل بن سهل بعثه إلى بعض كور (3)خراسان، فقال لي: احبّ أن تستأذن لي على أبي الحسن عليه السلام فاسلّم عليه، و احبّ أن يكسوني من ثيابه، و أن يهب لي من الدراهم الّتي ضربت باسمه، فدخلت على أبي الحسن عليه السلام فقال لي مبتدئا: إنّ الريّان بن الصلت يريد الدخول علينا و الكسوة من ثيابنا و العطيّة من دراهمنا فأذنت له، فدخل و سلّم فأعطاه ثوبين و ثلاثين درهما من الدّراهم المضروبة باسمه. (4)

ص:378


1- 1) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 2/218 ح 29 و [1]عنه البحار ج 49/38 ح 22 و [2]الخرايج: 204.
2- 2) الريّان بن الصلت ابو علي الأشعري القمي، وثّقه النجاشي و وصفه بالصدق و قال: له كتاب جمع فيه كلام الرضا عليه السلام في الفرق بين الآل و الامّة، و عدّه الشيخ في رجاله من اصحاب الرضا و الهادي عليهما السلام و قال: بغدادي ثقة خراساني الأصل-معجم رجال الحديث ج 7/209-. [3]
3- 3) الكور «بضم الكاف و فتح الواو» : جمع الكورة و هي البقعة الّتي تجتمع فيها المساكن و القرى.
4- 4) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 2/208 ح 10 و [4]رجال الكشي:547 و عنهما البحار [5]

و رواه الكشي في الرّجال بإسناده عن معمّر بن خلاّد.

ص:379

ص:380

الباب السابع

فيما اعطاه عليه السلام الشعراء من دعبل و غيره

1-إبن بابويه قال حدّثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي، قال: حدّثني محمّد بن يحيى الصولي قال حدّثني هارون بن عبد اللّه المهلّبي، قال: لمّا وصل إبراهيم بن العبّاس، و دعبل بن عليّ الخزاعي إلى الرضا عليه السلام و قد بويع له بالعهد أنشده دعبل.

مدارس آيات خلت من تلاوة و منزل وحي مقفر العرصات

و أنشده إبراهيم بن العبّاس:

ازالت عزاء الصبر بعد التجلد (1) مصارع أولاد النبيّ محمّد

فوهب لهما عشرين ألف درهم من الدراهم الّتي عليها إسمه كان المأمون أمر بضربها في ذلك الوقت.

قال: فأما دعبل فصار بالعشرة آلاف التي حصّته إلى قم فباع كلّ درهم بعشرة دراهم، فحصلت له مائة ألف درهم، و أما إبراهيم فلم تزل عنده بعد أن أهدى بعضها و فرّق بعضها على أهله إلى أن توفي رحمه اللّه و كان كفنه و جهازه منها. (2)

2-و عنه قال: حدّثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتّب

ص:381


1- 1) في المصدر: أزالت عناء القلب، و في البحار: [1] أزال عزاء القلب.
2- 2) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 2/142 ح 8 و [2]عنه البحار ج 49/234 ح 2. [3]

رحمه اللّه: قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه قال: حدّثنا ابو الحسن (1)محمّد بن يحيى الفارسي قال: نظر أبو نواس (2)إلى أبي الحسن عليّ بن موسى الرّضا عليهما السلام ذات يوم، و قد خرج من عند المأمون على بغلة له، فدنا منه أبو نواس فسلّم عليه و قال: يا بن رسول اللّه قد قلت فيك أبياتا فاحبّ أن تسمعها منّي.

قال: هات فأنشأ يقول:

مطهّرون نقيّات ثيابهم (3)

تجري (4)الصلوة عليهم أينما ذكروا

من لم يكن علويّا حين تنسبه

فماله من قديم الدهر مفتخر

فاللّه لمّا برو خلقا فأتقنه

صفاكم و اصطفاكم أيّها البشر

فأنتم الملأ الأعلى و عندكم

علم الكتاب و ما جاءت به السور

ص:382


1- 1) أبو الحسن محمد بن يحيى الفارسي، يروي عن خلق و طاف الدنيا، و جمع كثيرا من الأخبار، و أورده الشيخ في رجاله فيمن لم يرو عنهم عليهم السلام-معجم رجال الحديث ج 18/44-. [1]
2- 2) أبو نواس: الحسن بن هانيء بن عبد الأوّل بن صباح الحكمي بالولاء شاعر العراق في عصره، ولد بالأهواز سنة «146» ه و نشأ بالبصرة و رحل الى بغداد فاتصل بالخلفاء، و قد نظم في جميع أنواع الشعر. قال أبو عبيدة للمحدثين كامرىء القيس للمتقدّمين، توفّى ببغداد سنة «198» ه-الاعلام ج 2/240-. [2]
3- 3) في نسخة: جيوبهم.
4- 4) في نسخة: تتلى الصلوة.

فقال الرضا عليه السلام: قد جئتنا بأبيات ما سبقك إليها أحد، ثمّ قال: يا غلام هل معك من نفقتنا شيء؟

فقال: ثلثمائة دينار.

فقال: أعطها إيّاه، ثم قال عليه السلام لعلّه إستقلّها يا غلام سق إليه البغلة.

و لمّا كانت سنة إحدى و مأتين حجّ بالناس إسحق بن موسى (1)بن عيسى بن موسى و دعا للمأمون و لعليّ بن موسى عليهما السلام من بعده بولاية العهد، فوثب عليه حمدويه (2)بن عليّ بن موسى بن ماهان فدعا إسحق بسواد ليلبسه فلم يجده فأخذ علما أسود فالتحف به و قال: أيها الناس إنّي قد أبلغتكم ما أمرت به و لست أعرف إلاّ أمير المؤمنين المأمون و الفضل بن سهل ثم نزل.

و دخل عبد اللّه بن مطرف بن هامان على المامون يوما و عنده عليّ ابن موسى الرّضا عليه السلام قال له المأمون: ما تقول في أهل البيت؟

فقال عبد اللّه: ما قولي في طينة عجنت بماء الرسالة و غرست بماء الوحي هل ينفخ منها إلاّ مسك الهدى و عنبر التقى؟

قال: فدعا المأمون بحقّة فيها لؤلؤ فحشافاه. (3)

ص:383


1- 1) إسحاق بن موسى بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد اللّه بن عبّاس كان عامل المأمون العبّاسي باليمن.
2- 2) كان عاملا على اليمن إستعمله الحسن بن سهل عليها، و في المصدر: حمدويه بن علي بن عيسى بن هامان.
3- 3) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 2/143 ح 10 و [1]عنه البحار ج 49/236 ح 5 و [2]عن كشف الغمة ج 2/317 نقلا عن اعلام الورى:315. [3] الى قوله: «إليه البغلة» .

3-و عنه قال: حدّثنا أحمد بن يحيى المكتّب، قال: حدّثنا أبو الطيّب أحمد بن محمّد الورّاق، قال: حدّثنا عليّ بن هارون الحميري، قال: حدّثنا عليّ بن محمّد بن سليمان النوفلي قال: إنّ المأمون لمّا جعل عليّ بن موسى الرضا عليه السلام وليّ عهده و انّ الشعراء قصدو المأمون و وصلهم بأموال جمّة حين مدحوا الرضا عليه السلام و صوبّوا رأي المأمون في الأشعار دون أبي نواس فإنّه لم يقصده و لم يمدحه، و دخل على المأمون فقال: يا أبا نواس قد علمت مكان عليّ بن موسى الرضا منّي و ما أكرمته به فلماذا أخّرت مدحه عليه السلام و أنت شاعر زمانك و قريع 1دهرك؟

فأنشأ يقول:

قيل لي أنت أوحد الناس طرّا في فنون من الكلام النبيه

لك من جوهر الكلام بديع يثمر الدرّ في يدي مجتنيه

فعلى ما تركت مدح ابن موسى و الخصال التي تجمّعن فيه

قلت: لا أهتدي لمدح أمام كان جبريل خادما لأبيه

فقال المأمون أحسنت و وصله من المال مثل الّذي وصل به كافّة الشعراء و فضلّه عليهم. 2

4-و عنه قال: حدثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام

ص:384

المؤدّب، و عليّ بن عبد اللّه الورّاق رضي اللّه عنهما قالا: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: دخل دعبل بن عليّ الخزاعي رحمه اللّه على أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه السلام بمرو فقال له: يا بن رسول اللّه إنّي قد قلت فيك: قصيدة و آليت على نفسي أن لا أنشدها أحدا قبلك.

فقال عليه السلام هاتها فأنشده.

مدارس آيات خلت من تلاوة و منزل وحي مقفر العرصات

فلمّا بلغ إلى قوله:

أرى فيئهم في غيرهم متقسّما و أيديهم من فيئهم صفرات

بكى أبو الحسن الرّضا عليه السلام و قال له: صدقت يا خزاعي.

فلمّا بلغ إلى قوله:

إذا وتروا مدّوا إلى واتريهم أكفّا من الأوتار منقبضات

جعل أبو الحسن عليه السلام يقلّب كفّيه و يقول: أجل و اللّه منقبضات.

فلمّا بلغ إلى قوله:

لقد خفت في الدنيا و أيّام سعيها و إنّي لأرجو الأمن بعد وفاتي

قال الرضا عليه السلام: آمنك اللّه يوم الفزع الأكبر.

فلمّا إنتهى إلى قوله:

و قبر ببغداد لنفس زكيّة تضمنّها الرحمن في الغرفات

قال له الرضا عليه السلام: أفلا الحق لك بهذا الموضع بيتين بهما تمام قصيدتك؟

ص:385

فقال: بلى يا بن رسول اللّه.

فقال عليه السلام:

و قبر بطوس يا لها من مصيبة توقّد في الأحشاء بالحرقات

(1) إلى الحشر حتّى يبعث اللّه قائما يفرّج عنّا الهمّ و الكربات

فقال دعبل: يا بن رسول اللّه هذا القبر الذي بطوس، قبر من هو؟ فقال الرّضا عليه السلام: قبري و لا تنقضي الأيّام و الليالي حتى تصير طوس مختلف شيعتي و زوّاري، ألا فمن زارني في غربتي بطوس كان معي في درجتي يوم القيامة مغفورا له.

ثم نهض الرضا عليه السلام بعد فراغ دعبل من إنشاد القصيدة و أمره أن لا يبرح من موضعه فدخل الدّار فلمّا كان بعد ساعة خرج الخادم إليه بمائة دينار رضوية، فقال له: يقول لك مولاي: إجعلها في نفقتك.

فقال دعبل: و اللّه ما لهذا جئت، و لا قلت هذه القصيدة طمعا في شيء يصل إليّ وردّ الصرّة، و سأل ثوبا من ثياب الرضا عليه السلام ليتبرّك و يتشرف به فأنفذ إليه الرّضا عليه السلام جبّة خز مع الصرّة، و قال للخادم: قل له: خذ هذه الصرّة فإنّك ستحتاج إليها و لا تراجعني فيها.

فأخذ دعبل الصرّة، و الجبّة، و إنصرف و سار من مرو في قافلة، فلمّا بلغ ميان قوهان، وقع عليهم اللّصوص فأخذوا القافلة بأسرها

ص:386


1- 1) في البحار: [1] توقد بالأحشاء في الحرقات.

و كتّفوا أهلها و كان دعبل فيمن كتّف، و ملك اللصوص القافلة و جعلوا يقسمونها بينهم، فقال رجل من القوم متمثلا بقول دعبل في قصيدته:

أرى فيئهم في غيرهم متقسّما و أيديهم من فيئهم صفرات

فسمعه دعبل فقال لهم (1)لمن هذا البيت؟

فقال: لرجل من خزاعة يقال له: دعبل بن عليّ.

قال دعبل: فأنا دعبل قائل هذه القصيدة التي منها هذا البيت، فوثب الرجل إلى رئيسهم، و كان يصلّي على رأس تلّ و كان من الشيعة، فأخبره فجاء بنفسه حتى وقف على دعبل و قال له: أنت دعبل؟

فقال: نعم.

فقال له: أنشد (2)القصيدة فأنشدها، فحلّ كتافه و كتاف جميع أهل القافلة و ردّ إليهم جميع ما أخذوا (3)منهم لكرامة دعبل.

و سار دعبل حتّى وصل إلى قم فسأله أهل قم أن ينشدهم القصيدة فأمرهم أن يجتمعوا في المسجد الجامع فلمّا إجتمعوا صعد المنبر فأنشدهم القصيدة، فوصله الناس من المال و الخلع بشيء كثير، و إتصل بهم خبر الجبّة فسألوه أن يبيعها منهم بألف دينار فامتنع من ذلك، فقالوا له: فبعنا شيئا منها بألف دينار فأبى عليهم و سار عن قم، فلمّا خرج من رستاق البلد لحق به قوم من أحداث العرب فأخذوا الجبّة منه، فرجع دعبل إلى قم و سألهم ردّ الجبّة عليه فامتنع الأحداث من

ص:387


1- 1) في المصدر: فقال له: لمن هذا البيت؟
2- 2) في المصدر: أنشدني القصيدة.
3- 3) في المصدر: «ما أخذ منهم» .

ذلك و عصوا المشايخ في أمرها، فقالوا لدعبل: لا سبيل لك إلى الجبّة فخذ ثمنها ألف دينار فأبى عليهم فلمّا يئس من ردّهم الجبّة عليه سألهم أن يدفعوا إليه شيئا منها فأجابوه إلى ذلك و أعطوه بعضها و دفعوا إليه ثمن باقيها ألف دينار.

و إنصرف دعبل إلى وطنه فوجد اللصوص قد أخذوا جميع ما كان في منزله فباع المائة دينار التي كان الرّضا عليه السلام وصله بها من الشيعة كل دينار بمائة درهم، فحصل في يده عشرة آلاف درهم فذكر قول الرّضا عليه السلام: إنّك ستحتاج إلى الدنانير.

و كانت له جارية لها من قلبه محلّ فرمدت عينها رمدا عظيما فأدخل أهل الطب عليها فنظروا إليها فقالوا: أما العين اليمنى فليس لنا فيها حيلة و قد ذهبت، و أمّا اليسرى فنحن نعالجها و نجتهد و نرجو أن تسلم، فاغتمّ لذلك دعبل غمّا شديدا و جزع عليها جزعا عظيما ثمّ ذكر ما كان معه من وصلة الجبّة فمسحها على عيني الجارية و عصبها بعصابة منها من أوّل الليل فأصبحت و عيناها أصحّ ممّا كانتا قبل ببركة أبي الحسن الرّضا عليه السلام. (1)

5-الكشي في «الرجال» بلغني أنّ دعبل بن عليّ الخزاعي وفد على أبي الحسن الرّضا عليه السلام بخراسان فلمّا دخل عليه قال له: إنّي قد قلت قصيدة و جعلت في نفسي أن لا أنشدها أحدا أولى منك.

فقال: هاتها فأنشده قصيدته التي يقول فيها.

ص:388


1- 1) عيون اخبار الرضا عليه السلام ج 2/363 ح 34 و [1]كمال الدين:373 ذيل ح 6 و [2]عنهما البحار ج 49/239 ح 9 و [3]أورده في اعلام الورى:316 [4] باختلاف في آخره.

ألم تر أنّي مذ ثلاثون حجّة أروح و أغدو دائم الحسرات

أرى فيئهم في غيرهم متقسّما و أيديهم من فيئهم صفرات

قال: فلمّا فرغ من إنشادها قام أبو الحسن عليه السلام فدخل منزله و بعث إليه بخرقة خز فيها ستمائة دينار، و قال للجارية: قولي له: يقول مولاي: إستعن بهذه على سفرك و أعذرنا، فقال لها دعبل: لا و اللّه ما هذا أردت و لا له خرجت، و لكن قولي له هب لي ثوبا من ثيابك، فردّها عليه أبو الحسن الرضا عليه السلام و قال له: خذها و بعث اليه بجبّة من ثيابه.

فخرج دعبل حتّى ورد قم فنظروا إلى الجبة و أعطوه بها ألف دينار، فأبى عليهم و قال: لا و اللّه و لا خرقة منها بألف دينار ثمّ خرج من قم فأتبعوه قد جمعوا عليه فأخذوا الجبّة فرجع إلى قم و كلّمهم فيها.

فقالوا: ليس إليها سبيل، و لكن إن شئت فهذه ألف دينار.

فقال: نعم و خرقة منها، فأعطوه ألف دينار و خرقة منها. (1)

قلت: قد تقدّم في الباب الخامس أنّها قميص خزّ أخضر، و قال له عليه السلام: إحتفظ بهذه القميص فقد صلّيت فيه ألف ليلة كلّ ليلة ألف ركعة، و ختمت فيه القرآن ألف ختمة. (2)

ص:389


1- 1) رجال الكشي:504 ح 970 و [1]عنه البحار ج 49/260 ح 15. [2]
2- 2) رجال النجاشي:276 و أخرجه في البحار ج 49/238 ح 7 [3]عن امالي الطوسي ج 1/369 [4]باختلاف.

ص:390

الباب الثامن

في ذكر قصيدة دعبل بطولها

تجاوبن بالإرنان و الزفرات

نوائح عجم اللّفظ و النطقات

(1) يخبّرن بالأنفاس عن سرّ أنفس

أسارى هوى ماض و آخر آت

فأسعدن أو أسعفن حتى تقوّضت

جيوش الدجى بالفجر منهزمات

(2) على العرصات الخاليات من المها

سلام شج صبّ على العرصات

(3) فعهدي بها خضر المعاهد مألفا

من العطرات البيض و الخفرات

(4)

ص:391


1- 1) الإرنان: صوت البكاء، و العجم «بضم العين المهملة» : جمع العجماء الّتي في لسانها لكنة، أو لا يفهم كلامها.
2- 2) الإسعاد: الإعانة، و الإسعاف: الإيصال الى الحاجة، و تقوّضت: إنهدمت و تفرّقت، و في بعض النسخ: صفوف الدجى.
3- 3) المها «بفتح الميم» جمع المهاة و هي الشمس، و البقرة الوحشية و الشجى: الحزين، و الصبّ: العاشق.
4- 4) الخفرة «بفتح الخاء المعجمة و كسر الفاء» : شديدة الحياء.

ليالي يعدين الوصال على القلى

و يعدى تدانينا على الغربات

(1) و إذهنّ يلحظن العيون سوافرا

و يسترن بالأيدي على الوجنات

(2) و إذ كلّ يوم لي بلحظي نشوة

يبيت بها قلبي على نشوات

(3) و كم حسرات هاجها بمحسّر

و قوفي يوم الجمع من عرفات

(4) ألم تر للايّام ما جرّ جورها

على الناس من نقض و طول شتات

(5) و من دول المستهزئين و من غدا

بهم طالبا للنور في الظّلمات

(6)

ص:392


1- 1) الإعداء: الإعانة، و القلى «بكسر القاف» : البغض، و الغربات جمع الغربة «بفتح الغين المعجمة» : النوى و البعد.
2- 2) الوجنة «بتثليث الواو و فتح الجيم و كسرها» : ما إرتفع من الخدّين.
3- 3) النشوة «بفتح النون» : السكر، أو أوّله.
4- 4) محسر «بضم الميم و فتح الحاء المهملة و كسر الراء المشددّة» : واد بين منى و المزدلفة، و يوم الجمع: يوم عرفة.
5- 5) ما جرّ من الجريرة أي الجناية، و «من نقض» من للبيان، و يحتمل التعليل، و المراد نقض العهود في الإمامة، و الشتات: التفرّق.
6- 6) «و من دول المستهزئين» أي بالشرع و الدين و بأئمّة المسلمين، و في بعض النسخ: «المستهترين» من إستهتر أي إتبّع هواه فلا يبالي بما يفعل.

فكيف؟ و من أنّى يطالب زلفة

إلى اللّه بعد الصّوم و الصّلوات

سوى حبّ أبناء النبيّ و رهطه

و بغض بني الزّرقاء و العبلات

(1) و هند (2)و ما أدّت سميّة (3)و ابنها

اولوا الكفر في الإسلام و الفجرات

(4) هم نقضوا عهد الكتاب و فرضه

و محكمه بالزور و الشبهات

ص:393


1- 1) «بني الزرقاء» قال الطيبّي: الزرقة أبغض الألوان الى العرب لأنّه لون أعدائهم الروم، و المراد بهم بنو مروان، فإنّ امّه كانت زرقاء زانية، كما روى ابن الجوزي: أنّ الحسين عليه السلام قال لمروان: يا بن الزرقاء الداعية إلى نفسها بسوق عكاظ و قال الجوهري: العبلة: اسم امّية الصغرى يقال لهم: العبلات بالتحريك-بحار الأنوار ج 49/252-. [1]
2- 2) هند ام معاوية بن ابي سفيان بنت عتبة بن ربيعة أحوالها مشهورة، كانت في يوم احد تحرّض المشركين و ترتجز و النساء من حولها يضربون الدفوف: نحن بنات طارق. نمشي على النمارق إن تقبلوا نعانق. أو تدبروا نفارق. فراق غير وامق و كانت في وسط العسكر كلّما إنهزم رجل من قريش دفعت إليه ميلا و مكحلة و قالت: إنّما أنت إمرأه فاكتحل بها، و أعطت وحشيّا عهدا لئن قتلت محمدا صلّى اللّه عليه و آله أو عليّا أو حمزة لاعطينّك رضاك فلمّا قتل حمزة أخذت كبده في فمها و قطعت اذنيه و جعلتهما خرصين و شدّتهما في عنقها و قطعت يديه و رجليه. ماتت سنة «14» ه عليها و زوجها و وليدها و حفيدها لعائن اللّه.
3- 3) سميّة ام زياد بن أبيه، كانت بغيّا في الطائف و كانت أمة للحارث بن كلده، فأولدها زيادا، أو وقع عليها أبو سفيان كما شهد به أبو مريم الخمّار عند معاوية فجائت بزياد و لذلك ألحق معاوية زيادا بأبي سفيان و صيّره أخا نفسه.
4- 4) «و الفجرات» معطوفة على الكفر.

و لم تك إلاّ محنة كشفتهم

بدعوى ضلال من هن و هنات

(1) تراث بلا قربى و ملك بلا هدى

و حكم بلا شورى بغير هدات

(2) رزايا أرتنا خضرة الافق حمرة

و ردّت أجاجا طعم كلّ فرات

(3) و ما سهّلت تلك المذاهب فيهم

على الناس إلاّ بيعة الفلتات

(4) و ما قيل أصحاب السقيفة جهرة

بدعوي تراث في الضلال نتات

(5)

ص:394


1- 1) «و لم تك إلاّ محنة» أي لم يكن إلاّ إمتحان أصابهم بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فظهر كفرهم و نفاقهم بدعوى ضلال، «و من هن و هنات» كناية عن شيء و أشياء من القبائح، و بسبب الكفر و الاغراض الباطلة، و الأحقاد القديمة.
2- 2) التراث: الإرث و التاء بدل من الواو، و الملك: السلطنة و الخلافة اي ورثوا الني صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بلا قرابة، و ملكوا الخلافة بلا هداية و علم، و حكموا في النفوس و الأموال و الفروج بغير مشورة من الهداة.
3- 3) قوله: «رزايا» أي تلك الامور مصائب صارت بسببها خضرة افق السماء حمرة. «وردّت» أي و صيّرت تلك الرزايا طعم كلّ فرات أي عذب اجاجا أي مالحا-البحار ج 49/253-. [1]
4- 4) أي ما سهّلت الامور لمعاوية و أشباهه إلاّ بيعة السقيفة، و قد روى عن الثاني أنّه قال: «كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى اللّه شرّها فمن عاد الى مثلها فاقتلوه» -شرح ابن أبي الحديد ج 1/123- [2]في القاموس: كان الأمر فلتة أي فجأة من غير تدبّر و تردّد.
5- 5) قوله: «و ما قيل» «ما» نافية، و قيل مصدر بمعنى القول إسمها و خبرها قوله «نتات» مشتق من نتأ أي إرتفع و انتفخ، و «في الضلال» صفة او متعلق بنتات، و «جهرة» حال عن «قيل» .

و لو قلّدوا الموصى إليه أمورها

لزمّت بمأمون على العثرات

(1) أخي خاتم الرسل المصفّى من القذى

و مفترس الأبطال في الغمرات

(2) فإن جحدوا كان الغدير شهيده

و بدر و أحد شامخ الهضبات

(3) و آي من القرآن تتلى بفضله

و إيثاره بالقوت في اللزبات

(4) و عزّ خلال أدركته بسبقها

مناقب كانت فيه مؤتنفات

(5)

ص:395


1- 1) و في نسخة: «و لو قلّدوا الموصى اليه زمامها» و زمّت بتشديد الميم: شدّت، و الموصى اليه هو أمير المؤمنين عليه السلام.
2- 2) «أخي» بدل من «مأمون» و في نسخة: «أخا» بالألف فيكون بدلا من «الموصى إليه» أو منصوب بكلمة أعني المقدّر، يشير الناظم في هذا المصراع الى قول النبي صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السلام: «أنت أخي في الدنيا و الآخرة» و ذلك بعد أن آخى بين المهاجرين و الانصار، راجع الاستيعاب ج 3/35، و تهذيب النووي ج 1/348 و الاصابة ج 2/501.
3- 3) «شامخ الهضبات» صفة لاحد، الشامخ: المرتفع، و الهضبة: الجبل المنبسط على وجه الأرض.
4- 4) «أي» جمع آية، و «اللزبات» جمع اللزبة بالتحريك و هي الشدّة و القحط، و الآيات التي نزلت في فضل الامام عليه السلام كثيرة نصّت عليها كتب التفاسير و أسباب النزول.
5- 5) «ادركته» فاعله «مناقب» و الضمير المفعول يرجع الى «العزّ» و الضمير في «بسبقها» يرجع الى المناقب و لا إشكال في عود الضمير الى المتأخّر لفظا فقط، و قوله: «مؤتنقات» أي طريّات مبتدعات.

مناقب لم تدرك بخير و لم تنل

بشيء سوى حدّ القنا الذربات

(1) نجيّ لجبريل الأمين و أنتم

عكوف على العزى معا و منات

(2) بكيت لرسم الدار من عرفات

و أذريت دمع العين بالعبرات

(3) و بان عرى صبري و هاجت صبابتي

رسوم ديار قد عفت و عرات

(4) مدارس آيات خلت من تلاوة

و منزل وحي مقفر العرصات

(5)

ص:396


1- 1) «بخير» أي بمال، و في بعض النسخ: «بكيد» و لعلّه أصوب، و الذربات جمع الذربة أي الحادّة.
2- 2) «نجيّ لجبريل» أي كان جبريل يناجيه و يساره، «و انتم عكوف» أي و الحال أنتم ملازمون و محبوسون على عبادة الأصنام، «معاومنات» فيه تقديم و تأخير و في الأصل «و أنتم عكوف على العزّى و منات معا» .
3- 3) «بكيت» هذا مطلع ثان، و المراد رسم دار أهل البيت عليهم السلام «و أذريت» قال الجوهري: أذريت الشيء إذا ألقيته كإلقائك الحبّ للزرع.
4- 4) «و بان» أي إفترق و بعد، و في بعض النسخ: «وفكّ» «عفت» : اندرست و إنمحت، و في بعض النسخ: «أقفرت» مكان عفت، اي خلت عن الانسان و الماء و الكلاء، «و عرات» اي المكان المخوف الموحش، و هي صفة «ديار» .
5- 5) هذا البيت مطلع القصيدة التائية على رأي ياقوت الرومي في معجم الادباء ج 11/103 و [1]قد ذكر ابن شهر آشوب في المناقب ج 3/450 و [2]ابن الفتال في روضة الواعظين:194 [3] أنّ دعبلا أنشد الإمام من قوله «مدارس آيات» فقيل له: لم تركت التشبيب؟ قال: إستحييت من الامام عليه السلام قوله: «العرصات» هي جمع العرصة اي وسعة الدار، أو كلّ بقعة بين الدور واسعة لا بناء فيها، «مدارس» بالرفع مبتدأ و خبره «لأل» في البيت الآتي، و يمكن ان

لآل رسول اللّه بالخيف (1)من منى

و بالبيت و التعريف (2)و الجمرات

3 ديار لعبد اللّه بالخيف من منى

و للسيّد الداعي إلى الصلوات

ديار عليّ و الحسين و جعفر

و حمزة و السجّاد ذي الثفنات

4 ديار لعبد اللّه و الفضل صنوه

نجيّ رسول اللّه في الخلوات

و سبطي رسول اللّه و ابني وصيّه

و وارث 5علم اللّه و الحسنات

ص:397


1- 1) الخيف: ما انحدر من غلظ الجبل وارتفع عن مسيل الماء، و منه سمّى مسجد الخيف بمنى لأنّه بني في خيف الجبل، و روى أنّه صلّى فيه ألف نبيّ-الكافي ج 4/519-.
2- 2) التعريف: الوقوف في عرفات، و المراد هنا محلّ الوقوف.

منازل وحي اللّه ينزل بينها

على أحمد المذكور في السورات

منازل قوم يهتدى بهداهم

فتؤمن منهم زلّة العثرات

منازل كانت للصلاة و للتقى

و للصوم و التطهير و الحسنات

منازل لا تيم يحلّ بربعها

و لا إبن صهّاك هاتك الحرمات

ديار عفاها جور (1)كلّ منابذ

و لم تعف للايّام و السنوات

قفا (2)نسئل الدار الّتي خفّ أهلها

متى عهدها (3)بالصوم و الصّلوات

ص:398


1- 1) في معجم الأدباء ج 11/104: « [1]ديار عفاها كلّ جون مباكر» و الجون هو السحاب الأسود الممطر.
2- 2) قال العلاّمة المجلسي قدّس سرّه: قوله: «قفا» قد شاع في الأشعار هذا النوع من الخطاب، فقيل: إنّ العرب قد يخاطب الواحد مخاطبة الإثنين، و قيل: هو للتأكيد من قبيل لبيّك أي قف قف، و قيل: خطاب الى أقلّ ما يكون معه من جمل و عبد، و قيل: إنّما فعلت العرب ذلك لأنّ الرّجل يكون أدنى أعوانه اثنين: راعي إبله و غنمه، و كذلك الرفقة أدنى ما يكون ثلاثة فجرى خطاب الإثنين على الواحد لمرون ألسنتهم عليه و قيل: أراد قفن على جهة التأكيد فقلبت النون ألفا في حال الوقف فحمل الوصل على الوقف-و نسأل جواب الأمر-.
3- 3) «متى عهدها» الضمير للدار، أي بعد عهدها عن الصوم و الصلوات لجور المخالفين على أهلها و إخراجهم عنها.

و أين الاولى شطّت بهم غربة النوى

أفانين في الأقطار مفترقات

(1) هم أهل ميراث النبيّ إذا إعتزوا (2)

و هم خير سادات و خير حماة

إذا لم نناج اللّه في صلواتنا

بأسمائهم لم تقبل الصلوات

مطاعيم (3)للإعسار في كلّ مشهد

لقد شرفوا بالفضل و البركات

و ما النّاس إلاّ غاصب و مكذّب

و مضطغن (4)ذو إحنة (5)و ترات

(6) إذا ذكروا قتلى ببدر و خيبر

و يوم حنين أسبلوا العبرات

(7)

ص:399


1- 1) قوله: «و اين الاولى» اولى هنا اسم موصول جمع لا واحد له من لفظه، نعم له واحد من غير لفظه و هو «الذّي» . و قوله: «شطّت» أي بعدت، و قوله: «النوى» : الوجه الذي ينويه المسافر، و قوله: «الأفانين» : الأغصان، جمع أفنان و هو جمع فنن.
2- 2) قوله: «اعتزوا» : إنتسبوا.
3- 3) المطاعيم: جمع المطعام «بكسر الميم» : كثير الأضياف و القرى.
4- 4) الإضطغان: الإنطواء على الأحقاد.
5- 5) الإحنة «بكسر الهمزة» : الحقد.
6- 6) «ترات» جمع ترة للموتور الذي قتل له قتيل، و ذو ترات اي ذو دماء.
7- 7) اي إذا ذكر المنافقون و الكفّار من اليهود و غيرهم قتلاهم اجروا دموعهم عليهم.

فكيف يحبّون النبيّ و رهطه

و هم تركوا أحشاءهم و غرات

(1) لقد لا ينوه في المقال و أضمروا

قلوبا على الأحقاد منطويات

فإن لم يكن إلاّ بقربى محمّد

فهاشم أولى من هن و هنات

(2) سقى اللّه قبرا بالمدينة غيثه

فقد حلّ فيه الأمن و البركات

نبيّ الهدى صلّى عليه مليكه

و بلّغ عنّا روحه النفحات

(3) و صلّى عليه اللّه ما ذرّ شارق (4)

و لاحت (5)نجوم اللّيل مبتدرات

(6) أفاطم لو خلت الحسين مجدّلا

و قد مات عطشانا بشطّ فرات

ص:400


1- 1) الوغرات جمع الوغرة و هي شدّة الحرارة، اي كيف يحبّ هؤلاء النبيّ و آله عليهم السلام و قد تركوا أحشاءهم متوقّدة مشتعلة من الغيظ على قتلاهم في هذه المواقع.
2- 2) قوله: «إلاّ بقربى محمّد» إشارة إلى ما احتجّ به المهاجرون على الأنصار في السقيفة بكونهم أقرب إلى الرسول صلّى اللّه عليه و آله، و لا يبعد ان يكون هن و هنات إشارة إلى قدحهم.
3- 3) في بعض النسخ: التحفتات.
4- 4) ذرّ: طلع، و الشارق: الشمس.
5- 5) لاحت: ظهرت و تلألأت.
6- 6) مبتدرات، اي يبتدرن طلوع الشمس.

إذا للطمت الخدّ فاطم عنده

و أجريت دمع العين في الوجنات

أفاطم قومي يا ابنة الخير و اندبي

نجوم سماوات بأرض فلات

قبور بكوفان (1)و اخرى بطيبة (2)

و أخرى بفخّ (3)نالها صلوات

و اخرى بأرض الجوزجان محلّها

و قبر بباخمرى لدى الغربات

4

ص:401


1- 1) في معجم الادباء ط-مارجليوت: كوفات، بالتاء و هو تصحيف و الصواب كوفان، و كوفان او الكوفة مصرّت سنة «17» او «19» انظر تاريخ الكوفة و ما بعدها ص 114 و معجم البلدان ج 4/490. في مسجدها الاعظم استشهد امير المؤمنين عليه السلام سنة «40» ، و بالكوفة استشهد مسلم بن عقيل سنة «60» .
2- 2) هي المدينة المنوّرة، في البقيع منها قبور الأئمّة من آل البيت: الحسن بن علي عليه السلام «50 ه» و السجّاد علي بن الحسين عليهما السلام «95 ه» و الباقر ابي جعفر محمد بن علي عليهما السلام «114 ه» و الصادق أبي عبد اللّه جعفر بن محمد عليهما السلام «148 ه» .
3- 3) فخّ: واد بمكة المكرّمة و هو المسمّى اليوم بالشهداء لأنّه محلّ استشهاد الحسين بن علي ابن الحسن «المثلّث» بن الحسن «المثنّى» بن الامام الحسن المجتبى عليه السلام، كان من الشجعان الشرفاء الكرماء خرج على الهادي العبّاسي بالمدينة مع نحو «300» من أصحابه و أهل بيته و قصد مكة و تبعه ناس من الأعراب فنزل بفّخ في ذي القعدة سنة «169» ه فقاتل حتى قتل و حمل رأسه إلى الهادي.

و قبر ببغداد لنفس زكيّة

تضمّنها 1الرحمن في الغرفات

و قبر بطوس يا لها من مصيبة

الحت على الأحشاء بالزفرات

2 إلى الحشر حتّى يبعث اللّه قائما

يفرّج عنّا الغمّ و الكربات

3

ص:402

عليّ بن موسى أرشد اللّه أمره

و صلّى عليه أفضل الصلوات

(1) فأمّا الممضّات (2)التي لست بالغا (3)

مبالغها منّي بكنه صفات

قبور (4)ببطن النهر من جنب كربلا

معرّسهم (5)منها (6)بشط فرات

توفّوا عطاشا بالفرات فليتني

توفّيت فيهم قبل حين وفاتي

إلى اللّه أشكوا لوعة (7)عند ذكرهم

سقتني بكأس الثكل (8)و الفظعات

أخاف بأن أزدارهم فتشوقني

مصارعهم بالجزع فالنخلات

(9)

ص:403


1- 1) لم نظفر على هذا البيت في ديوان دعبل المطبوع، نعم هو مذكور في البحار. [1]
2- 2) الممضّات: الموجعات، يقال: أمضّه الجرح أي أوجعه.
3- 3) اي لا أبلغ بكنه صفاتي أن أصف أنّها بلغت منّي أيّ مبلغ من الحزن و يحتمل أن يكون صفات بالتنوين أي صفات المبالغ، فالتنوين بدل من المضاف إليه-بحار الأنوار-. [2]
4- 4) قبور خبر للممضّات و أصله فقبور، حذفت الفاء منه للضرورة و بطن النهر أي بقربه، و النهر هو الشعبة التي اجريت من الفرات الى كربلاء و هو الذي منع الحسين عليه منه.
5- 5) المعرّس من التعريس: النزول من السفر للاستراحة فالمعرّس موضع النزول.
6- 6) في بعض النسخ: معرّسهم فيها.
7- 7) اللوعة: إحتراق الفؤاد من الهمّ أو الحبّ، من لاع يلاع لوعة.
8- 8) في بعض النسخ: بكأس الذلّ، و الثكل: فقدان الولد.
9- 9) أزدار: مضارع باب الافتعال من الزيارة، قلبت التاء من الافتعال دالا. تشوقني: يقال شاقني حبّها أي هاجني، و شاق الطنب الى الوتد أي شدها و أوثقها. الجزع «بكسر الجيم و سكون الزاي» : منعطف الوادي و وسطه و قيل: لا يسمّى جزعا حتى

تغشّاهم (1)ريب (2)المنون فما ترى

لهم عقرة مغشيّة (3)الحجرات

(4) خلا أنّ منهم بالمدينة عصبة

مدينين (5)أنضاء (6)من اللزبات

7 قليلة زوّار سوى أنّ 8زورّا

من الضبع 9و العقبان 10و الرخمات

11

ص:404


1- 1) تغشّاهم: أحاط بهم، و في بعض النسخ: «تقسمّهم» أي تفرّقهم.
2- 2) الريب: ما يقلق النفوس من الحوادث، و المنون: الدهر و الموت.
3- 3) العقر «بضم العين و فتحها» : محلّة القوم، و وسط الدار و أصلها.
4- 4) الحجرات «بالتحريك» جمع الحجرة كالغرفة لفظا و معنى و في نسخة: «لهم عقوة مغشيّة الحجرات» و العقوة: الساحة.
5- 5) «المدينين» : الأذلاء.
6- 6) الأنضاء: جمع النضو «بكسر النون و سكون الضاد» : المهزول. و في نسخة: «سوى ان منهم بالمدينة عصبة. مدى الدهر أنضاء من الأزمات» و الازمات بالتحريك جمع الازمة بسكون الزاي و هي الشدة.

لهم كلّ يوم تربة بمضاجع

ثوت (1)في نواحي الأرض مفترقات

(2) تنكّب (3)لأواء السنين جوارهم

و لا تصطليهم جمرة الجمرات

(4) لقد كان منهم بالحجاز و أرضها

مغاوير (5)نحّارون في الأزمات

(6) حمى لم تزره المذنبات و أوجه

تضييّ لدى الأستار و الظلمات

إذا وردوا خيلا بسمر من القنا

مساعير حرب أقحموا الغمرات

(7) فإن فخروا يوما أتوا بمحمّد

و جبريل و الفرقان و السورات

(8)

ص:405


1- 1) ثوت: أقامت.
2- 2) في معجم الادباء و [1]ديوان دعبل: لهم كلّ حين نومة بمضاجع لهم في نواحي الأرض مختلفات.
3- 3) تنكّب: تعدل عنهم و لا يجاورهم لأواء السنين أي الشدّة و ضيق العيش.
4- 4) المراد بالجمرات جمرات الجحيم.
5- 5) المغاوير: جمع المغوار اي المقاتل كثير الغارات.
6- 6) في معجم الادباء و [2]ديوان الناظم: «لقد كان منهم بالحجاز و أهلها مغاوير يختارون في السروات» السروات جمع لسراة و هي اسم جمع للسريّ أي الشريف.
7- 7) السمرة بين البياض و السواد، و القنا جمع القنات و هي الرمح، و المساعير جمع المسعر «بكسر الميم» : الخشب الذي تسعر به النار، و مساعير تكون منصوبا على الحالية، و يحتمل الرفع، و «أقحموا» أي أدخلوا أنفسهم بلا رويّة، و الغمرة: الشدة.
8- 8) في المعجم: «ذي السورات» .

و عدّوا عليا ذا المناقب و العلى

و فاطمة الزهراء خير بنات

و حمزة و العباس ذا الطول و التقى

و جعفرا الطيّار في الحجبات

اولئك لا منتوج هند و حزبها

سميّة من نوكى (1)و من قذرات

(2) ستسأل تيم (3)عنهم و عديّهم (4)

و بيعتهم من أفجر الفجرات

هم منعوا الأباء عن أخذ حقّهم

و هم تركوا الأبناء رهن شتات

و هم عدلوها عن وصييّ محمّد

فبيعتهم جاءت عن الغدرات

وليّهم صنو النبيّ محمّد

أبو الحسن الفرّاج للغمرات

ص:406


1- 1) النوكى «بفتح النون و سكون الواو و في آخرها الف مقصورة» جمع الأنوك اي الأحمق و الجاهل.
2- 2) في نسخة مطبوعة من الديوان: «اولئك لا أبناء هند و تربها» و الترب «بكسر التاء» اللدة في السن، من ولد معك.
3- 3) تيم: قبيلة ينسب إليها أبو بكر بن أبي قحافة.
4- 4) عدي بطن منها الّتي ينتسب عمر بن الخطاب.

ملامك (1)في آل النبيّ فإنّهم

أحبّاي ما داموا و أهل ثقاتي

تخيّرتهم رشدا لنفسي (2)و إنّهم

على كلّ حال خيرة (3)الخيرات

قصدت إليهم (4)بالمودّة صادقا

و سلّمت نفسي طائعا لولاتي

فيا ربّ زدني في هواى (5)بصيرة

وزد حبّهم يا ربّ في حسناتي

سأبكيهم ما حجّ للّه راكب

و ما ناح قمريّ على الشجرات

و إنّي لمولاهم و قال عدوّهم

و إنّي لمحزون بطول حياتي

بنفسي أنتم من كهول و فتية

لفكّ عنات (6)أو لحمل ديات

ص:407


1- 1) «ملامك» بالنصب أي كفّ عنّي ملامك.
2- 2) في نسخة: رشدا لأمري فإنّهم.
3- 3) الخيرة «بكسر الخاء المعجمة و سكون الياء المثناة التحتانية و فتحها» أي الأفضل.
4- 4) في البحار و [1]ديوان دعبل المطبوع في بيروت: نبذت إليهم بالمودّة.
5- 5) في الديوان: فيا ربّ زدني من يقيني بصيرة.
6- 6) العناة: الأسراء، أي كانوا معدّين مرجون لفكّ الاسارى و حمل الديات عن القوم.

و للخيل لمّا قيّد الموت خطوها

فأطلقتم منهن بالذربات

(1) احبّ قصيّ الرّحم (2)من أجل حبّكم

و أهجر فيكم زوجتي و بناتي

و اكتم حبيّكم (3)مخافة كاشح (4)

عنيد لأهل الحقّ غير موات

(5) فياعين بكيّهم وجودي بعبرة

فقد آن للتسكاب (6)و الهملات

(7) لقد خفت في الدنيا و أيام سعيها (8)

و إنّي لأرجو الأمن بعد وفاتي

ألم تر أنّي مذ ثلاثون حجّة (9)

اروح و اغدو دائم الحسرات

ص:408


1- 1) أي و لنجاة قوم من الركبان وقعوا في مخمصة فأشرفوا على الموت و القيد كأنّه قيّد خيولهم فأطلقتم و حللتم القيود عن الخيول بالقنا و السيوف الذربة الحديدة.
2- 2) «قصيّ الرحم» أي احبّ من كان بعيدا من جهة الرحم إذا كان محبّا لكم و أهجر زوجتي و بناتي إذا كنّ مخالفات لكم.
3- 3) «و اكتم حبّيكم» أي حبّي إياكم.
4- 4) الكاشح: الذي يضمر العداوة.
5- 5) و المؤاتات المطاوعة و الموافقة و قد نقلت الهمزة واوا.
6- 6) التسكاب: الإنصباب.
7- 7) هملت عينه: فاضت.
8- 8) في الديوان: لقد خفّت الأيّام حولي بشرّها.
9- 9) الحجّة «بكسر الحاء المهملة» : السنة.

أرى فيئهم (1)في غيرهم متقسّما

و أيديهم من فيئهم صفرات

و كيف أداوي من جوى بي؟ و الجوى (2)

أمية أهل الكفر و اللعنات

(3) و آل زياد في الحرير مصونة

و آل رسول اللّه منهتكات

سأبكيهم ما ذرّفي الافق (4)شارق

و نادى منادي الخير بالصلوات

و ما طلعت شمس و حان غروبها

و بالليل أبكيهم و بالغدوات

ديار رسول اللّه اصبحن بلقعا (5)

و آل زياد تسكن الحجرات

و آل رسول اللّه تدمى نحورهم

و آل زياد ربّة الحجلات

(6)

ص:409


1- 1) الفيىء: الخراج و الغنيمة.
2- 2) الجوى: شدّة الوجد و الحرقة من عشق او حزن.
3- 3) في الديوان: اميّة أهل الفسق و التبعات.
4- 4) في الديوان: ما ذرّ في الأرض شارق.
5- 5) البلقع: الأرض القفر التي لا شيء بها.
6- 6) الحجلة بالتحريك: موضع يزيّن بالثياب و الستور للعروس.

و آل رسول اللّه يسبى حريمهم

و آل زياد آمنوا السربات

(1) و آل رسول اللّه نحف جسومهم

و آل زياد غلّظ القصرات

(2) اذا وتروا مدّوا إلى واتريهم (3)

أكفّا عن الأوتار منقبضات

فلولا الّذي أرجوه في اليوم أوغد

تقطّع نفسي إثرهم حسرات

خروج إمام لا محالة خارج

يقوم على اسم اللّه و البركات

(4) يبيّن فيها كلّ حق و باطل

و يجزى على النعماء و النقمات

فيا نفس طيبي ثم يا نفس فابشري

فغير بعيد كلّ ما هو آت

ص:410


1- 1) يقال: فلان آمن في سربه «بكسر السين المهملة» أي في نفسه، يقال: فلان واسع السرب أي خلّي البال.
2- 2) أي غليظ العنق.
3- 3) أي اذا قتل منهم أحد لم يقدروا على القصاص و أخذ الدية بل احتاجوا الى السؤال منهم و لم يقدروا على اظهار الجناية.
4- 4) روى انّ دعبلا لمّا انتهى الى هذا البيت و البيت الذي يليه قال له الامام عليه السلام: يا خزاعي نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين.

و لا تجزعي من مدّة الجوار إننّي

أرى قوّتي قد آذنت بشتات

فياربّ عجّل ما اؤمّل فيهم

لأشفي نفسي من أسى المحنات

فإن قرّب الرحمن من تلك مدّتي

و أخّر من عمري و وقت وفاتي

شفيت و لم أترك لنفسي غصة

و روّيت منهم منصلي (1)و قناتي

فإنّي من الرحمن أرجو بحبّهم

حياة لدى الفردوس غير بتات

(2) عسى اللّه أن يرتاح (3)للخلق إنّه (4)

إلى كلّ قوم دائم اللحظات

فإن قلت عرفا أنكروه بمنكر

و غطّوا على التحقيق بالشبهات

تقاصر (5)نفسي دائما عن جدالهم

كفاني ما ألقى من العبرات

ص:411


1- 1) المنصل «بضم الميم و الصاد» : السيف.
2- 2) غير بتات: أي غير منقطع.
3- 3) إرتاح له: رحمه.
4- 4) في الديوان: عسى اللّه أن ياوي لذا الخلق إنّه.
5- 5) في «الديوان» المطبوع ببيروت: «سأقصر نفسي جاهدا عن جدالهم» .

أحاول نقل الصمّ (1)عن مستقرّها

و إسماع أحجار من الصلدات

فحسبى منهم أن أبوء (2)بغصّة (3)

تردّد في صدري و في لهواتي

(4) فمن عارف لم ينتفع و معاند

تميل به الأهواء للشهوات

(5) كأنّك بالأضلاع قد ضاق ذرعها (6)

لما حملت من شدّة الزفرات

(7)قال عليّ بن عيسى في «كشف الغمة» : قد أورد الطبرسي قصّة دعبل الخزاعي عن أبي الصلّت الهروي قال: دخل دعبل بن عليّ الخزاعيّ على الرّضا عليه السلام بمرو فقال له: يا بن رسول اللّه إنّي قلت فيكم قصيدة، و آليت على نفسي أن لا انشدها أحدا قبلك، فقال له الرّضا عليه السلام: هاتها فأنشد.

تجاوبن بالإرنان و الزفرات نوائح عجم اللفظ و النطقات

ثمّ ذكر القصيدة بطولها بهذا العدد و هي مأة و عشرون بيتا كعدّة ما ذكرناه

ص:412


1- 1) في «الديوان» : «احاول نقل الشمس من مستقرّها» و في نسخة: نقل الشمّ.
2- 2) أبوء: أرجع، من باء يبوء: رجع يرجع.
3- 3) في «الديوان» : «قصاراى منهم أن أءوب بغصّة» .
4- 4) في «الديوان» : «تردّد بين الصدر و اللهوات» و «اللهوات» جمع اللهاة «بفتح اللام» و هي اللحمة المشرفة على الحلق في أقصى سقف الفم.
5- 5) في «الديوان» : «يميل مع الأهواء و الشهوات» .
6- 6) الذرع «بفتح الذال المعجمة» : بسط اليد، يقال: «ضقت بالأمر ذرعا» أي لم أقدر عليه.
7- 7) في «الديوان» : كأنّك بالأضلاع قد ضاق رحبها. لما ضمنّت من شدّة الزفرات.

هنا. (1)

و قال أيضا المالكي في فصول المهمة (2): إنّها مائة و عشرون بيتا و ذكر بعضها.

ص:413


1- 1) كشف الغمّة ج 2/318 و [1]عنه البحار ج 49/245 ح 13. [2]
2- 2) فصول المهمة:248. و لا يخفى على المتتبّع أنّ قصيدة دعبل الخزاعي هذه خرّجها غير واحد من الفريقين و إليك بعضها: (1) عيون اخبار الرضا ج 2/142 و 263 و 265. (2) امالي الطوسي:61-62 و فيه «22» بيتا. (3) زهر الآداب ج 1/93-94 و فيه «11» بيتا. (4) مقتل الخوارزمي ج 2 و فيه «45» بيتا. (5) تذكرة خواص الامة:130-131 و فيه «28» بيتا. (6) روضة الواعظين:317/324 و فيه «22» بيتا. (7) الاتحاف بحب الاشراف:161-163 و فيه «29» بيتا و نصّ على أنها «120» بيتا. (8) معجم الأدباء ج 11/103-110 و فيه «45» بيتا و أورده من القصيدة أبياتا متفرقة غير واحد في مصنفاتهم، راجع: مروج الذهب ج 3/308 و الأغاني ج 18/42 و ثمار القلوب: 233 و تاريخ بغداد ج 8/383 و تهذيب ابن عساكر ج 5/234 و مناقب آل أبي طالب ج 3/450.

ص:414

الباب التاسع

في قصة دعبل من طريق العامة

كمال الدين محمّد بن طلحة الشامي في «مطالب السئول» قال:

قال دعبل: لمّا قلت: «مدارس آيات خلت» قصدت بها أبا الحسن عليّ ابن موسى الرضا عليه السلام و هو بخراسان وليّ عهد المأمون في الخلافة فوصلت المدينة، و حضرت عنده و أنشدته إيّاها فاستحسنها و قال لي: لا تنشدها أحدا حتى آمرك.

و إتّصل خبري بالخليفة المأمون فأحضرني و سألني عن خبري ثمّ قال: يا دعبل أنشدني «مدارس آيات خلت من تلاوة» .

فقلت: ما أعرفها يا أمير المؤمنين.

فقال: يا غلام أحضر أبا الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه السلام فلم يك إلاّ ساعة حتّى حضر، فقال له: يا أبا الحسن سألت دعبلا عن « مدارس آيات» فذكر أنّه لا يعرفها، فقال لي أبو الحسن عليه السلام: يا دعبل أنشد أمير المؤمنين، فأخذت فيها فأنشدتها فاستحسنها و أمر لي بخمسين ألف درهم، و أمر لي أبو الحسن عليّ بن موسى عليهما السلام بقريب من ذلك.

فقلت: يا سيدي إن رأيت أن تهبني شيئا من ثيابك ليكون كفني فقال: نعم ثمّ دفع إليّ قميصا قد ابتذله و منشفة لطيفة، و قال لي: إحفظ

ص:415

هذا تحرس به، ثم دفع لي ذو الرياستين أبو العبّاس الفضل بن سهل وزير المأمون صلة، و حملني على برزون أصفر خراساني و كنت، أسايره في يوم مطير، و عليه ممطر خزّ و برنس، فأمر لي به، و دعا بغيره جديدا فلبسه، و قال: إنّما آثرتك باللبيس لأنّه خير الممطرين.

قال فأعطيت به ثمانين دينارا فلم تطب نفسي ببيعه، ثم كررّت راجعا إلى العراق فلمّا صرت في بعض الطريق خرج علينا الأكراد فأخذونا و كان ذلك اليوم يوما مطيرا فبقيت في قميص خلق و ضرّ شديد و أنا متاسّف من جميع ما كان معي على القميص و المنشفة و متفكّر في قول سيّدي الرّضا عليه السلام إحتفظ بهذا تحرس به إذ مرّ بي واحد من الأكراد الحرامية تحته البرزون الأصفر الخراساني الذي حملني عليه ذو الرياستين و عليه الممطر و وقف بالقرب منّي ليجتمع إليه أصحابه و هو ينشد: «مدارس آيات خلت من تلاوة» و يبكي فلمّا رأيت ذلك منه عجبت من لصّ من الأكراد يتشيّع ثمّ طمعت في القميص و المنشفة.

فقلت: يا سيّدي لمن هذه القصيدة؟ فقال: و ما أنت و ذاك ويلك؟ فقلت له: فيه سبب أخبرك به، فقال: هي أشهر بصاحبها أن يجهل فقلت: من هو؟

فقال: دعبل بن عليّ الخزاعي شاعر آل محمّد جزاه اللّه خيرا.

فقلت له: يا سيّدي أنا و اللّه دعبل، و هذه قصيدتي.

فقال: و يلك ما تقول؟

قلت: الأمر أشهر من ذلك فأرسل إلى القافلة و استحضر منهم جماعة، فقالوا بأسرهم: هذا دعبل بن عليّ الخزاعي.

ص:416

قال: قد أطلقت كلّما أخذ من هذه خلالة (1)فما فوقها كرامة لك، ثمّ نادى في أصحابه: من أخذ شيئا فليردّه فرجع على الناس جميع ما أخذ منهم، و رجع إليّ جميع ما كان معي ثم بذرقنا (2)إلى المأمن فحرست أنا و من كان معي ببركة ذلك القميص و المنشفة.

فانظر إلى هذه المنقبة ما أعلاها و ما أشرفها، و قد يقف على هذه القصيدة بعض الناس ممّن يطالع هذا الكتاب و يقرأه فتدعوه نفسه إلى معرفة هذه الأبيات المعروفة «بمدارس آيات» و يشتهي الوقوف عليها و ينسبني إلى إعراضي عن ذكرها، إمّا لأننّي لم أعرفها، أو أننّي جهلت ميل النفوس حينئذ على الوقوف عليها، فأحببت أن أدخل راحة على بعض النفوس، و أن أدفع عني هذا النقص المتطرّق إلى بعض الظنون فأوردت منها ما يناسب ذلك و هي هذه:

ذكرت محّل الربع (3)من عرفات

فأسبلت دمع العين بالعبرات

و قلّ عرى صبري و هاج صبابتي (4)

رسوم ديار أقفرت (5)و عرات (6)

ص:417


1- 1) الخلالة «بكسر الخاء المعجمة» : ما تخلّل به الأسنان.
2- 2) بذرقة «كدحرجه» : أجاره و حماه و حرسه و أمّنه، و البذرقة كأنّها معرّب «بدرقه» بالفارسية، يقال: بعث السلطان بذرقة مع القافلة أي خفراء و حرّاسا.
3- 3) الربع «بفتح الراء المهملة» : الدار و المحلّة و المنزل.
4- 4) الصبابة «بفتح الصاد المهملة» : الشوق و الولع الشديد.
5- 5) أقفرت: خلت عن الناس و الماء و الكلاء.
6- 6) الوعرات «بفتح الواو و كسر العين المهملة» : المكان الصعب و الموحش.

مدارس آيات خلت من تلاوة

و مهبط وحي مقفر العرصات

لآل رسول اللّه بالخيف من منى

و بالبيت و التعريف و الجمرات

ديار عليّ و الحسين و جعفر

و حمزة و السجّاد ذي الثفنات

ديار عفاها جور كلّ معاند

و لم تعف بالأيّام و السنوات

ديار لعبد اللّه و الفضل صنوه

سليل (1)رسول اللّه ذى الدعوات

منازل كانت للصلوة و للتقى

و للصوم و التطهير و الحسنات

منازل جبريل الأمين يحلّها

من اللّه بالتسليم و الزكوات

منازل وحي اللّه معدن علمه

سبيل رشاد واضح الطرقات

منازل وحي اللّه ينزل حولها

على أحمد الروحات و الغدوات

ص:418


1- 1) السليل: الولد و استعمل هنا مجازا.

و إنّ الاولى شطّت (1)بهم غربة النوى (2)

أفانين (3)في الأقطار مفترقات

هم آل ميراث النبي إذا انتموا

و هم خير سادات و خير حمات

مطاعيم في الإعسار في كلّ مشهد

لقد شرّفوا بالفضل و البركات

إذا لم نناج اللّه في صلواتنا

بذكرهم لم تقبل الصلوات

أئمّة عدل يقتدى بفعالهم

و يؤمن منهم زلّة العثرات

فيار ربّ زد قلبي هدى و بصيرة

وزد حبّهم يا ربّ في حسناتي

ديار رسول اللّه أصبحن باتعا

ودار زياد أصبحت عمرات

و آل رسول اللّه هلب (4)رقابهم

و آل زياد غلّظ القصرات

ص:419


1- 1) شطّت: بعدت.
2- 2) النوى: الجهة التي ينويها المسافر.
3- 3) الأفانين: الأغصان و هو جمع الأفنان و هو جمع الفنن.
4- 4) الهلب «بضم الهاء و سكون اللام» : الشعر مطلقا، او ما غلظ منه و كأنّه هنا كناية عن دقّة أعناقهم كالشعر عكس أعناق أعدائهم فإنّهم غلّظ القصرات اي غلّظ الأعناق.

و آل رسول اللّه تدمى نحورهم

و آل زياد زينوا الحجلات

و آل رسول اللّه تسبى حريمهم

و آل زياد آمنوا السربات

و آل زياد في القصور مصونة

و آل رسول اللّه في الفلوات

فيا وارثي علم النبيّ و آله

عليكم سلام دائم النفحات

لقد أمنت نفسي بكم في حياتها

و إنّي لأرجوا الأمن بعد وفاتي

ثم قال كمال الدين بن طلحة عقيب ذلك: و ممّا تلقّته الأسماع بالإستماع و نقله الألسن في بقاع الأصقاع أنّ الخليفة المأمون وجد في يوم عيد إنحراف مزاج أحدث عنده ثقلا عن الخروج إلى الصلوة بالناس، فقال لأبي الحسن عليّ الرّضا عليه السلام: يا أبا الحسن قم و صلّ بالناس فخرج الرّضا عليه السلام و عليه قميص قصير أبيض و عمامة بيضاء لطيفة، و هما من قطن، و في يده قضيب، فأقبل ماشيا يأمّ المصلّى و هو يقول: السلام على أبويّ آدم و نوح، السّلام على أبوي إبراهيم و إسماعيل، السّلام على أبوي محمّد و عليّ، السلام على عباد اللّه الصالحين.

ص:420

فلمّا رأوه الناس هرعوا (1)اليه و انثالوا (2)عليه لتقبيل يده، فأسرع بعض الحاشية الى الخليفة المأمون فقال: يا أمير المؤمنين تدارك الناس و اخرج اليهم و صلّ بالناس و إلاّ خرجت الخلافة منك الآن، فحمله على أن خرج بنفسه و جاء مسرعا و الرّضا عليه السلام من كثرة الزحام لم يخلص إلى المصلّى فتقدّم المأمون و صلّى بالناس.

فلمّا إنقضى ذلك قال هرثمة بن أعين (3): و كان في خدمة الخليفة إلاّ أنّه محبّ لأهل البيت الى الغاية يأخذ نفسه بأنّه من شيعتهم و كان قائما بمصالح الرّضا عليه السلام باذلا نفسه بين يديه، متقرّبا إلى اللّه بخدمته قال: طلبني سيّدي الرّضا عليه السلام و قال: يا هرثمة إنّي مطّلعك على أمر و حالة تكون عندك سرّا لا تظهرها و أنا حيّ فإن أظهرتها حال حياتي كنت خصمك عند اللّه تعالى.

فقال هرثمة: إنّي لا اعلم بها أحدا ما لم تأمرني.

فقال: إعلم أننّي بعد أيّام آكل عنبا و رمّانا مسموما، و يقصد الخليفة أن يجعل قبري و مدفني خلف قبر أبيه الرّشيد، و إنّ اللّه تعالى لم يقدره على ذلك، فإنّ الأرض تشتدّ عليهم فلا يستطيع أحد يحفر

ص:421


1- 1) هرع اليه: مشى اليه باضطراب و سرعة.
2- 2) إنثال عليه: إنصبّوا و تجمّعوا عليه.
3- 3) هرثمة بن أعين، من الأمراء ولاّه الرشيد مصر سنة «178» ثم وجهّه الى افريقية فدخل القيروان و بنى فيها قصرا معروفا، ثمّ انتقل إلى خراسان سنة «181» فانتقل الى مرو سنة «192» ه و كان الفضل بن سهل يبغضه فاتّهمه بممالأة ابراهيم بن المهدي أو بالتراخي في قتال الطالبيين فصار سببا لحبسه و دسّ إليه من قتله في السجن سرّا سنة «200» ه الاعلام ج 9/75-. [1]

شيئا منها، و إنّما قبري في بقعة كذا بموضع عيّنه، فأنا إذا متّ و جهّزت فأعلمه بجميع ما قلت لك، و قل له: يتأنّ في الصلوة عليّ فإنّه يأتي رجل عربيّ ملثم على بعير مسرع و عليه و عثاء (1)السفر فينزل عن بعيره و يصلّي عليّ فإذا صلّى عليّ و حملت فاقصد المكان الذي عيّنته لك، فاحضر شيئا يسيرا من وجه الأرض تجد قبرا محفورا في قعره ماء أبيض فإذا كشفته نضب (2)الماء فهو مدفني فادفنّي و اللّه اللّه أن تخبر بهذا قبل موتي.

قال هرثمة بن أعين: فو اللّه ما طالت مدتّه حتّى أكل عنبا و رمّانا كثيرا فمات فدخلت على الخليفة فوجدته يبكي عليه، فقلت: يا أمير المؤمنين عاهدني الرّضا عليه السلام على أمر أقوله لك، و قصصت عليه تلك القصة الّتي قالها من أوّلها إلى آخرها و هو يعجب ممّا أقوله، فأمر بتجهيزه، فلمّا تجهّز تأنّى بالصلوة عليه و إذا بالرّجل قد أقبل على بعير من الصحراء مسرعا فلم يتكلّم، ثمّ دخل إلى جنازته فوقف و صلّى عليه و خرج، و صلّى الناس عليه و أمر الخليفة بطلب الرّجل ففاتهم فلم يعلموا له خبرا ثمّ أمر الخليفة بأن يحفر له قبر خلف أبيه الرشيد، فعجز الحافرون عن الحفر فذهبت إلى موضع ضريحه الآن فبقدر ما كشف وجه الأرض ظهر قبر محفور، و كشفت عنه طوابيقه (3)و إذا في قبره ماء أبيض كما قال فأعلمت الخليفة به و أبصر على الصورة التي ذكرها

ص:422


1- 1) الوعثاء «بفتح الواو و سكون العين المهملة» : التعب و المشقّة.
2- 2) نضب الماء: جرى و سال.
3- 3) الطوابيق: جمع الطابق بفتح الباء و هي الأجرّ الكبير.

فنضب الماء فدفن فيه و لم يزل الخليفة المأمون يعجب من قوله و لم يزد عنه كلمة واحدة عمّا ذكرها و ازداد تأسّفه عليه، و كلّما خلوت في خدمته يقول: يا هرثمة كيف قال لك أبو الحسن عليه السلام؟ فاعيد عليه.

فانظر إلى هذه المنقبة العظيمة و الكرامة البالغة التي ينطق بعناية اللّه عزّ و جلّ و إزلاف مكانه عنده إنتهى كلام العامي كمال الدين إبن طلحة الشامي. (1)

قال مؤلف هذا الكتاب: انظر أيّها الموالي إلى هؤلاء المخالفين الّذين هم منحرفون عن الأئمة الإثني عشر عليهم السلام يروون عن أئمتنا عليهم السلام ما يوجب لهم الإمامة من المعاجز الدالّة على صدق دعواهم الإمامة كالمعاجز الّتي ظهرت على أيدي الأنبياء الدالّة على صدق دعواهم النبوّة فإنّ اللّه جلّ جلاله لا يظهر المعاجز على أيدي الكذّابين عليه لأنّه إغراء بالقبيح المستحيل عليه، و قد ذكر هذا العامي و غيره من طرقهم في معاجز أئمّتنا عليهم السلام ما ذكرت منه في كتاب «مدينة معاجز الائمة الاثني عشر» ما هو مذكور هناك و الحمد للّه رب العالمين.

ص:423


1- 1) مطالب السئول:71 و أخرج صدره في البحار ج 49/171 ح 9 عن كشف الغمّة ج 2/265 [1]نقلا عن مطالب السئول.

ص:424

الباب العاشر

في ذكر العهد من المأمون إلى الإمام أبي الحسن

الرّضا عليه السلام بخطهما

قال الشيخ الفاضل عليّ بن عيسى في كتاب «كشف الغمّة» قال الفقير إلى اللّه تعالى عليّ بن عيسى أثابه اللّه تعالى: و في سنة سبعين و ستّمائة وصل من مشهده الشريف يعني الرّضا عليه اسلام أحد قوّامه، و معه العهد الّذي كتب له المأمون (1)بخطّ يده و بين سطوره و في ظهره بخطّ الإمام عليه السلام ما هو مسطور فقبّلت مواضع أقلامه و سرّحت نظري (2)في روض كلامه، و عددت الوقوف عليه من منن اللّه و إنعامه، و نقلته حرفا حرفا و ما هو بخطّ المأمون.

بسم اللّه الرحمن الرحيم: هذا كتاب كتبه عبد اللّه بن هارون الرشيد أمير المؤمنين لعليّ بن موسى بن جعفر عليهم السلام وليّ عهده، أمّا بعد فإنّ اللّه عزّ و جلّ إصطفى الإسلام دينا و إصطفى له من عباده رسلا دالّين عليه، و هادين إليه، يبشّر أولّهم بآخرهم، و يصدّق تاليهم ماضيهم، حتى إنتهت نبّوة اللّه إلى محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم على

ص:425


1- 1) في المصدر: كتبه المأمون.
2- 2) في المصدر: و سرحت طرفي في رياض كلامه.

فترة من الرسل، و دروس من العلم، و إنقطاع من الوحي، و إقتراب من الساعة، فختم اللّه به النبيين، و جعله شاهدا لهم و مهيمنا عليهم، و أنزل عليه كتابه العزيز الّذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، بما أحلّ و حرّم، و أوعد و توعدّ، و حذّر و أنذر، و أمر به و نهى عنه، لتكون له الحجّة البالغة على خلقه ليهلك من هلك عن بيّنة و يحيى من حيّ عن بيّنة و إنّ اللّه سميع عليم (1).

فبلّغ عن اللّه رسالته، و دعا إلى سبيله بما أمره به من الحكمة و الموعظة الحسنة و المجادلة بالّتي هي أحسن، ثمّ بالجهاد و الغلظة حتّى قبضه اللّه إليه، و إختار له ما عنده صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

فلمّا إنقضت النبّوة و ختم اللّه بمحمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الوحي و الرّسالة جعل قوام الدين و نظام أمر المسلمين بالخلافة، و إتمامها و عزّها و القيام بحق اللّه تعالى فيها بالطاعة التي بها يقام فرائض اللّه و حدوده، و شرايع الإسلام و سننه، و يجاهد بها عدوه.

فعلى خلفاء اللّه طاعته فيما إستحفظهم و إسترعاهم من دينه و عباده و على المسلمين طاعة خلفائهم و معاونتهم على إقامة حقّ اللّه، و عدله، و أمن السبيل و حقن الدماء و صلاح ذات البين «و جمع الالفة، و في خلاف ذلك إضطراب حبل المسلمين و إختلالهم و اختلاف ملّتهم و قهر دينهم» و إستعلاء عدوّهم و تفرّق الكلمة و خسران الدنيا و الآخرة.

ص:426


1- 1) في المصدر و البحار: و [1]إنّ اللّه لسميع عليم.

فحقّ على من إستخلفه اللّه تعالى في أرضه و ائتمنه على خلقه أن يجهد للّه نفسه و يؤثر ما فيه رضاه (1)و طاعته و يعتدّ لما وفق اللّه موافقه عليه و مسائله عنه (2)و يحكم بالحق و يعمل بالعدل فيما حمّله اللّه و قلّده، فإنّ اللّه عزّ و جلّ يقول لنبيه داود: يا داوُدُ إِنّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي اَلْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ اَلنّاسِ بِالْحَقِّ وَ لا تَتَّبِعِ اَلْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اَللّهِ إِنَّ اَلَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اَللّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ اَلْحِسابِ (3)و قال عزّ و جلّ: فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمّا كانُوا يَعْمَلُونَ (4).

و بلغنا أنّ عمر بن الخطّاب قال: لو ضاعت سخلة بشاطيء الفرات لتخوّفت أن يسألني عنها، و أيم اللّه إنّ المسؤل من خاصّة نفسه الموقوف على عمله فيما بين اللّه و بينه ليعرض على أمر كبير و على خطر عظيم، فكيف و المسئول عن رعاية الامّة و باللّه الثقة، و إليه المفزع و الرغبة في التوفيق و العصمة و التسديد و الهداية لما (5)فيه ثبوت الحجّة و الفوز من اللّه بالرضوان و الرحمة.

و أنظر الامّة لنفسه و أنصحهم للّه في دينه و عباده من خلفائه (6)في

ص:427


1- 1) في المصدر و البحار: [1] رضا اللّه و طاعته.
2- 2) في المصدر و البحار: و [2]يعتدّ لما اللّه مواقفه عليه و مسائله عنه.
3- 3) سورة ص:26. [3]
4- 4) سورة الحجر:92-93. [4]
5- 5) في المصدر و البحار: [5] الى ما فيه ثبوت الحجّة.
6- 6) في المصدر و البحار: [6] من خلائقه في أرضه.

أرضه من عمل بطاعته (1)و كتابه و سنّة نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في مدّة أيامه و بعدها، و أجهد نظره و رأيه فيمن يولّيه عهده، و يختاره لإمامة المسلمين و رعايتهم بعده و ينصبه علما لهم و مفزعا في جمع الفتهم و لمّ شعثهم، و حقن دمائهم، و الأمن باذن اللّه من فرقتهم و فساد ذات بينهم و إختلافهم، و رفع نزغ الشيطان و كيده عنهم، فإنّ اللّه عزّ و جلّ جعل العهد بعد الخلافة من تمام أمر الإسلام و كماله و عزّه و صلاح أهله و ألهم خلفاءه من توكيده لمن يختارونه له من بعدهم ما عظمت به النعمة و شملت فيه العافية و نقض اللّه بذلك مكر أهل الشقاق و العداوة و السعي في الفرقة و التربّص للفتنة.

و لم يزل أمير المؤمنين منذ أفضت إليه الخلافة فاختبر بشاعة مذاقها و ثقل محملها و شدّة مؤنتها و ما يجب على من تقلّدها من إرتباط طاعة اللّه و مراقبته فيما حمله منها فأنصب بدنه و أسهر عينه و أطال فكره فيما فيه عزّ الدين و قمع المشركين و صلاح الامّة و نشر العدل و إقامة الكتاب و السنّة و منعه ذلك من الخفض و الدعة و مهنّؤا العيش علما بما اللّه سائله عنه و محبة أن يلقى اللّه مناصحا له في دينه و عباده و مختارا لولاية عهده و رعاية الامّة من بعده أفضل من يقدر عليه في دينه و ورعه و علمه و أرجاهم للقيام في أمر اللّه و حقّه مناجيا للّه بالإستخارة في ذلك و مسألته العامّة ما فيه رضاه و طاعته في آناء ليله و نهاره، معملا في طلبه و إلتماسه في أهل بيته من ولد عبد اللّه بن العبّاس و عليّ بن أبي

ص:428


1- 1) في المصدر و البحار: [1] من عمل بطاعة اللّه و كتابه.

طالب فكره و نظره، مقتصرا لمن علم حاله و مذهبه منهم على علمه، و بالغا في المسألة عمّن خفى عليه امره جهده و طاقته.

حتى إستقصى امورهم معرفة، و إبتلى أخبارهم مشاهدة، و إستبرأ أحوالهم معاينة، و كشف ما عندهم مسائلة، و كانت خيرته بعد إستخارته للّه تعالى و إجهاده نفسه في قضاء حقه في عباده و بلاده في البيتين جميعا عليّ بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليهم السلام لما رأى من فضله البارع له، و علمه الناصع (1)و ورعه الظاهر و زهده الخالص و تخلّيه من الدنيا و تسلّمه من الناس.

و قد إستبان له ما لم تزل الأخبار عليه متواطئة، و الألسن عليه متّفقة، و الكلمة فيه جامعة، و لمّا لم يزل يعرفه بها من الفضل يافعا و ناشئا و حدثا و مكتهلا فعقد له بعقد الخلافة (2)من بعده، واثقا بخيرة اللّه في ذلك إذ علم اللّه أنّه فعله إيثارا له و للدين، و نظرا للاسلام و المسلمين، و طلبا للسلامة و ثبات الحجّة (3)، و النجاة في اليوم الذي يقوم الناس فيه لربّ العالمين.

و دعا أمير المؤمنين ولده و أهل بيته و خاصّته و قوّاده و خدمه فبايعوا مسرعين مسرورين، عالمين بإيثار أمير المؤمنين طاعة اللّه على

ص:429


1- 1) الناصع: الخالص من كلّ شيء، و في البحار: و [1]علمه النافع.
2- 2) في المصدر: فعقد له بالعهد و الخلافة، و في البحار: [2] بالعقد و الخلافة.
3- 3) في المصدر: و ثبات الحق.

الهوى في ولده و غيرهم ممّن هو أشبك رحما (1)و أقرب قرابة و سمّي الرضا (2)إذ كان رضى عند أمير المؤمنين، فبايعوا معشر أهل بيت أمير المؤمنين و من بالمدينة المحروسة من قوّاده و جنده و عامّة المسلمين لأمير المؤمنين و للرّضا من بعده عليّ بن موسى الرّضا عليه السلام على اسم اللّه و بركته و حسن قضائه لدينه و عباده بيعة مبسوطة إليها أيديكم، منشرحة لها صدوركم، عاملين بما أراد أمير المؤمنين بها، و آثر طاعة اللّه و النظر لنفسه و لكم فيها، شاكرين للّه على ما ألهم أمير المؤمنين من قضاء حقّه في رعايتكم، و حرصه على رشدكم و صلاحكم، راجين عائدة ذلك في جمع الفتكم، و حقن دماءكم و لمّ شعثكم و سدّ ثغوركم و قوة دينكم و رغم عدوكم و إستقامة اموركم و سارعوا إلى طاعة اللّه و طاعة أمير المؤمنين فإنّه الأمن إن سارعتم إليه و حمدتم اللّه عليه عرفتم الحظّ ان شاء اللّه (3).

و كتب بيده في يوم الإثنين لسبع خلون من شهر رمضان سنة إحدى و مأتين صورة ما كان على ظهر العهد بخطّ الإمام عليّ بن موسى الرضا عليه السلام:

بسم اللّه الرحمن الرحيم: ألحمد للّه الفعّال لما يشاء، لا معقبّ لحكمه و لا رادّ لقضائه يعلم خائنة الأعين و ما تخفي الصدور و صلواته على نبيّه محمد خاتم النبيين و على آله الطيبين الطاهرين.

ص:430


1- 1) في المصدر و البحار: [1] أشبك منه رحما.
2- 2) في المصدر و البحار: و [2]سمّاه الرضا.
3- 3) في المصدر و البحارك عرفتم الحظّ فيه اشناء اللّه.

أقول و أنا عليّ بن موسى بن جعفر: إنّ أمير المؤمنين عضّده اللّه بالسداد و وفّقه للرشاد، عرف من حقّنا ما جهله غيره، فوصل أرحاما قطّعت، و آمن نفوسا فزعت، بل أحياها و قد تلفت، و اغناها إذا افتقرت، مبتغيا رضا ربّ العالمين، لا يريد جزاء من غيره و سيجزي اللّه الشاكرين، و لا يضيع أجر المحسنين.

و إنّه جعل إليّ عهده و الأمرة الكبرى و إن بقيت بعده فمن حلّ عقدة أمر اللّه بشدّها و قصم عروة أحب اللّه إيثاقها فقد أباح حريمه و أحلّ محرّمه، إذ كان بذلك زاريا على الإمام، منتهكا حرمة الاسلام، بذلك جرى السالف فصبر منه على الفلتات، و لم يعترض بعدها على الغرمات، خوفا من شتات الدين و إضطراب حبل المتين (1)و لقرب أمر الجاهلية و رصد فرصة تنتهز، و بائقة تبتدر.

و جعلت للّه على نفسي أن إسترعاني أمر المسلمين، و قلّدني خلافته العمل فيهم عامّة و في بني العبّاس بن عبد المطلب خاصّة بطاعته و طاعة رسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أن لا أسفك دما حراما و لا ابيح فرجا و لا مالا إلا ما سفكته حدوده و أباحته فرائضه و أن أتخير الكفاة جهدي و طاقتي، و جعلت بذلك على نفسي عهدا مؤكّدا يسألني اللّه عنه و أنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: وَ أَوْفُوا بِعَهْدِ اَللّهِ إِذا عاهَدْتُمْ (2)و قال عزّ من قائل وَ أَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ اَلْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً (3).

ص:431


1- 1) في المصدر و البحار: و [1]إضطراب حمل المسلمين.
2- 2) سورة النحل:91. [2]
3- 3) سورة الاسراء:34. [3]

و إن أحدثت أو غيّرت أو بدّلت كنت للغير متسحقّا، و للنكال متعرّضا و أعوذ باللّه من سخطه و اليه أرغب في التوفيق لطاعته، و الحول بيني و بين معصيته في عافية لي و للمسلمين.

و الجامعة و الجفر يدلاّن على ضدّ ذلك، وَ ما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَ لا بِكُمْ (1)، إِنِ اَلْحُكْمُ إِلاّ لِلّهِ يَقُصُّ اَلْحَقَّ وَ هُوَ خَيْرُ اَلْفاصِلِينَ (2).

لكنّي إمتثلت أمر أمير المؤمنين و آثرت رضاه و اللّه يعصمني و إيّاه، و اشهد اللّه على نفسي بذلك و كفى باللّه شهيدا.

و كتبت بخطّي بحضرة أمير المؤمنين أطال اللّه بقاءه، و الفضل بن سهل و سهل بن الفضل، و يحيى بن اكثم (3)، و عبد اللّه بن طاهر (4)، و ثمامة بن أشرس (5)، و بشر بن المعتمر (6)، و حماد بن النعمان (7)في

ص:432


1- 1) إقتباس من سورة الاحقاف:9. [1]
2- 2) اقتباس من سورة الانعام:57. [2]
3- 3) يحيى بن أكثم بن محمد بن قطن التميمي المروزي أبو محمد يتّصل نسبه بأكثم بن صيفي، ولي قضاء البصرة سنة «202» ه ثم قضاء القضاة ببغداد الى أن مات المأمون و ولي المعتصم فعزله عن القضاء، و لما آل الأمر الى المتوكل فردّه إلى عمله ثم عزله سنة «240» و أخذ أمواله، توفى سنة «242» ه و كانت ولادته سنة «159» ه-وفيات الأعيان ج 2/217-. [3]
4- 4) عبد اللّه بن طاهر بن الحسين بن مصعب بن زريق الخزاعي بالولاء أبو العباس أمير خراسان و من أشهر الولاة في العصر العبّاسي ولد سنة «182» ه و توفي بنيسابور سنة «230» - الوفيات ج 1/260-. [4]
5- 5) ثمامة بن أشرس أبو معن من كبار المعتزلة، كان من المتّصلين بالرّشيد ثمّ بالمأمون و أراد المأمون أن يستوزره فاستعفاه، مات سنة «213» ه-الاعلام ج 4/86-. [5]
6- 6) بشر بن المعتمر البغدادي أبو سهل فقيه معتزلي كان من أهل الكوفة مات ببغداد سنة «210» ه-دائرة المعارف الاسلاميّة ج 3/660-.
7- 7) إن كان المراد به حمّاد بن النعمان أبي حنيفة بن ثابت بن زوطي فهو ما كان حيّا في ذلك

شهر رمضان سنة احدى و مأتين.

الشهود على الجانب الأيمن: شهد يحيى بن اكثم على مضمون هذا الكتاب ظهره و بطنه، و هو يسأل اللّه ان يعرّف أمير المؤمنين و كافة المسلمين بركة هذا العهد و الميثاق، و كتبه بخطّه في التاريخ المبيّن فيه.

عبد اللّه بن طاهر بن الحسين أثبت شهادته فيه بتاريخه.

شهد حمّاد بن النعمان بمضمونه ظهره و بطنه و كتب بيده في تاريخه بشر بن المعتمر يشهد بمثل ذلك.

الشهود على الجانب الايسر: رسم (1)أمير المؤمنين أطال اللّه بقاءه قراءة هذه الصحيفة التي هي صحيفة الميثاق نرجو أن نجوز بها الصراط، ظهرها و بطنها بحرمة سيّدنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بين الروضة و المنبر على رؤوس الأشهاد بمرأى و مسمع من وجوه بني هاشم و سائر الأولياء بعد إستيفاء شروط البيعة عليهم بما أوجب أمير المؤمنين الحجة به على جميع المسلمين، و لتبطل الشبهة التي كانت إعترضت آراء الجاهلين و ما كان اللّه ليدز المؤمنين على ما أنتم عليه، و كتب الفضل بن سهل بحضرة أمير المؤمنين بالتاريخ فيه (2).

ثم قال عليّ بن عيسى: قال الفقير إلى اللّه الغنيّ تعالى أثابه اللّه تعالى و رأيت خطه عليه السلام في واسط سنة سبع و سبعين و ستمائة

ص:433


1- 1) رسم: أي كتب و أمر أن [1] يقرأ هذه الصحيفة في حرم [2]الرسول صلّى اللّه عليه و آله.
2- 2) كشف الغمة ج 2/333 و عنه البحار ج 49/148 ح 25.

جوابا عمّا كتبه إليه المأمون و هو:

بسم اللّه الرحمن الرحيم: وصل كتاب أمير المؤمنين أطال اللّه بقاءه يذكر ما ثبت من الروايات و رسم أن أكتب له ما صحّ عندي من هذه الشعرة الواحدة و الخشبة التي لرحا (1)اليد لفاطمة بنت محمّد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و على أبيها و زوجها و بنيها و هذه الشعرة الواحدة شعرة من شعر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لا شبهة و لا شك، و هذه الخشبة المذكورة لفاطمة عليها السلام لا ريب و لا شبهة، و أنا قد تفحّصت و تحرّيت و كتبت و كتبت إليك فاقبل قولي فقد أعظم اللّه لك في هذا الفحص أجرا عظيما و باللّه التوفيق و كتب علي بن موسى ابن جعفر عليهم السلام في سنة إحدى (2)و مأتين من هجرة صاحب التنزيل انتهى. (3)

ص:434


1- 1) رحى اليد: الطاحونة التي تدحرج.
2- 2) في المصدر و البحار: [1] على سنة إحدى.
3- 3) كشف الغمّة ج 2/339 و [2]عنه البحار ج 49/154 ح 26. [3]

الباب الحادي عشر

في خروجه عليه السلام الى صلاة العيد

1-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن ياسر الخادم، و الريّان بن الصلت جميعا قال: لمّا انقضى أمر المخلوع (1)و إستوى الأمر للمأمون كتب الى الرضا عليه السلام يستقدمه إلى خراسان فاعتلّ عليه أبو الحسن عليه السلام بعلل، فلم يزل المأمون يكاتبه في ذلك حتّى علم أنّه لا محيص له و أنّه لا يكفّ عنه فخرج عليه السلام و لأبي جعفر عليه السلام سبع سنين فكتب إليه المأمون لا تأخذ على طريق الجبل و قم و خذ على طريق البصرة و الأهواز و فارس حتى وافى مرو.

فعرض عليه المأمون أن يتقلّد الأمر و الخلافة فأبى أبو الحسن عليه السلام.

قال: فولاية العهد.

فقال: على شروط أسألكها.

قال المأمون له: سل ما شئت، فكتب الرضا عليه السلام: إنّي داخل في ولاية العهد على أن لا آمر و لا أنهى و لا أفتي و لا أقضي، و لا اولّي و لا أعزل و لا اغيرّ شيئا مما هو قائم، و تعفيني من ذلك كلّه، فأجابه

ص:435


1- 1) اريد بالمخلوع اخو المأمون فانه خلع عن الخلافة-في-.

المأمون إلى ذلك كلّه.

قال: فحدّثني ياسر قال: فلمّا حضر العيد بعث المأمون إلى الرّضا عليه السلام يسأله أن يركب و يحضر العيد و يصلّي و يخطب، فبعث إليه الرّضا عليه السلام قد علمت ما كان بيني و بينك من الشروط في دخول هذا الأمر فبعث اليه المأمون إنما اريد بذلك ان تطمئن قلوب الناس و يعرفوا فضلك فلم يزل عليه السلام يرادّه الكلام في ذلك فألحّ عليه، فقال يا أمير المؤمنين إن أعفيتني من ذلك فهو أحبّ إليّ و إن لم تعفني خرجت كما خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أمير المؤمنين عليه السلام.

فقال المأمون: اخرج كيف شئت، و أمر المأمون القوّاد و الناس أن يبكّروا (1)إلى باب أبي الحسن عليه السلام.

قال: فحدّثني ياسر الخادم أنّه قعد الناس لأبي الحسن عليه السلام في الطرقات و السطوح الرّجال و النّساء و الصبيان، و إجتمع القوّاد و الجند على باب أبي الحسن عليه السلام فلمّا طلعت الشمس قام عليه السلام فاغتسل و تعمّم بعمامة بيضاء من قطن، ألقى طرفا منها على صدره، و طرفا بين كتفيه، و تشمّر (2)، ثم قال لجميع مواليه: افعلوا مثل ما فعلت ثم أخذ بيده عكّازا (3)ثم خرج و نحن بين يديه و هو حاف قد

ص:436


1- 1) في نسخة: أن يركبوا.
2- 2) تشمّر: تهيّأ للأمر.
3- 3) العكاز «بضمّ العين المهملة و الكاف المشدّدة» : العصا ذات زجّ في أسفلها.

شمّر (1)سراويله إلى نصف الساق، و عليه ثياب مشمّرة، فلمّا مشى و مشينا بين يديه رفع رأسه إلى السماء و كبّر أربع تكبيرات، فخيّل إلينا أنّ السماء و الحيطان تجاوبه، و القوّاد و الناس على الباب قد تهيّؤا و لبسوا السلاح و تزيّنوا بأحسن الزينة.

فلمّا طلعنا عليهم بهذه الصورة و طلع الرضا عليه السلام وقف على الباب وقفة ثم قال: اللّه أكبر، اللّه أكبر، اللّه أكبر، اللّه أكبر على ما هدانا، اللّه أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام، و الحمد للّه على ما أبلانا نرفع بها أصواتنا.

قال ياسر: فتزعزعت مرو بالبكاء و الضجيج و الصياح لمّا نظروا إلى أبي الحسن عليه السلام و سقط القوّاد عن دوابّهم و رموا بخفافهم لمّا رأوا أبا الحسن عليه السلام حافيا و كان يمشي و يقف في كل عشر خطوات، و يكبر ثلاث مرّات.

قال ياسر: فتخيّل الينا أن السماء و الأرض و الجبال تجاوبه، و صارت مرو ضجّة واحدة من البكاء، و بلغ المأمون ذلك فقال له الفضل ابن سهل ذو الرياستين: يا أمير المؤمنين إن بلغ الرضا عليه السلام المصلّى على هذا السبيل إفتتن به الناس، و الرأي أن تسأله أن يرجع، فبعث اليه المأمون فسأله الرجوع فدعا أبو الحسن عليه السلام بخفّه فلبسه و ركب و رجع. (2)

ص:437


1- 1) شمّر سراويله: رفعها.
2- 2) الكافي ج 1/488- [1]عيون اخبار الرضا عليه السلام ج 2/149 ج 21 و [2]اخرجه في البحار ج 49/133 ح 9 [3]عن العيون و [4]ارشاد المفيد:312 و [5]في كشف الغمة ج 2/278 [6]عن الارشاد [7]

2-و رواه أيضا في «العلل» قال: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، و الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتّب، و عليّ بن عبد اللّه الورّاق رضي اللّه عنهم، قالوا: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، قال: حدّثني ياسر الخادم: لمّا رجع من خراسان بعد وفاة أبي الحسن الرضا عليه السلام بطوس باخباره كلّها، قال عليّ بن إبراهيم: و حدّثني الريّان بن الصلت، و كان من رجال الحسن بن سهل، و حدّثني أبي، عن محمّد بن عرفة 1، و صالح بن سعيد 2الكاتب الراشديين كلّ هؤلاء حدّثني بأخبار أبي الحسن عليه السلام و قالوا: لمّا إنقضى أمر المخلوع 3و إستوى أمر المأمون كتب إلى الرّضا عليه السلام يستقدمه إلى خراسان و ساق الحديث إلى آخره. 4

ص:438

الباب الثاني عشر

في مقامات له عليه السلام مع المأمون

1-إبن بابويه قال: حدّثنا الحسين بن إبراهيم بن تاتانه رحمه اللّه قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن أبي الصلت الهروي قال: إنّ المأمون قال للرضا عليّ بن موسى عليه السلام:

يابن رسول اللّه قد عرفت فضلك و علمك و زهدك و ورعك و عبادتك و أراك أحقّ بالخلافة منّي.

فقال الرّضا عليه السلام: بالعبوديّة للّه تعالى أفتخر، و بالزهد في الدنيا أرجو النجاة من شرّ الدنيا، و بالورع عن المحارم أرجو الفوز بالمغانم، و بالتواضع في الدنيا أرجو الرفعة عند اللّه تعالى.

فقال له المأمون: إني قد رأيت أن أعزل نفسي عن الخلافة، و أجعلها لك و أبايعك.

فقال له الرضا عليه السلام: إن كانت هذه الخلافة لك و اللّه جعلها لك فلا يجوز لك أن تخلع لباسا ألبسكه اللّه و تجعله لغيرك، و إن كانت الخلافة ليست لك فلا يجوز لك أن تجعل لي ما ليس لك.

فقال له المأمون: يابن رسول اللّه لا بدّ لك من قبول هذا الأمر.

فقال: لست أفعل ذلك طائعا أبدا فما زال يجهد به أيّاما حتى يئس من قبوله، فقال له: فإن لم تقبل الخلافة و لم تحبّ مبايعتي لك فكن

ص:439

ولي عهدي لتكون ذلك الخلافة بعدي.

فقال: الرضا عليه السلام و اللّه لقد حدّثني أبي عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه السلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّي أخرج من الدنيا قبلك مقتولا بالسمّ مظلوما تبكي عليّ ملائكة السماء و ملائكة الأرض و أدفن في أرض غربة إلى جنب هارون الرشيد، فبكى المأمون ثم قال له: يا ابن رسول اللّه و من الذي يقتلك أو يقدر على الاساءة اليك و أنا حيّ؟

فقال الرضا عليه السلام: أما إنّي لو أشاء أن أقول من الذي يقتلني لقلت.

فقال المأمون: يا ابن رسول اللّه إنّما تريد بقولك هذا التخفيف عن نفسك، و دفع هذا الأمر عنك ليقول الناس: إنّك لزاهد (1)في الدنيا.

فقال الرضا عليه السلام: و اللّه ما كذبت منذ خلقني ربّي عزّ و جلّ و ما زهدت في الدنيا للدنيا، و إنّي لأعلم ما تريد.

فقال المأمون: و ما اريد؟

قال: الأمان على الصدق.

قال: لك الأمان.

قال: تريد بذلك أن يقول الناس: إنّ علي بن موسى لم يزهد في الدنيا بل زهدت الدنيا فيه، ألا ترون كيف قبل ولاية العهد طمعا في الخلافة، فغضب المأمون ثم قال: إنّك تتلقاني ابدا بما اكرهه، و قبد

ص:440


1- 1) في البحار: [1] إنّك زاهد في الدنيا.

آمنت سطواتي فبالله اقسم لان قبلت ولاية العهد و إلاّ أجبرتك على ذلك، فإن فعلت و إلاّ ضربت عنقك.

فقال الرضا عليه السلام: قد نهاني اللّه عزّ و جلّ أن ألقى بيدي إلى التهلكة، فإن كان الأمر على هاذا فافعل ما بدا لك و أنا أقبل ذلك على أني لا اوّلي أحدا و لا أعزل أحدا و لا أنقض رسما و لا سنّة، و أكون في الأمر من بعيد مشيرا، فرضي منه ذلك، و جعله وليّ عهده على كراهة منه عليه السلام لذلك. (1)

2-و عنه قال حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي اللّه عنه قال: حدّثني عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن الريّان بن الصلت قال:

أكثر الناس في بيعة الرّضا عليه السلام من القوّاد و العامة، و من لم يحبّ ذلك، و قالوا: إنّ هذا من تدبير الفضل بن سهل ذي الرياستين، فبلغ المأمون ذلك فبعث إليّ في جوف الليل فصرت إليه، فقال: يا ريّان بلغني أنّ الناس يقولون: إنّ بيعة الرضا عليه السلام كانت من تدبير الفضل بن سهل.

فقلت: يا أمير المؤمنين يقولون ذلك.

قال: ويحك يا ريّان أيجسر أحد أن يجيء إلى خليفة و ابن خليفة قد إستقامت (2)له الرعية و القوّاد و إستوت له الخلافة فيقول له: إدفع الخلافة من يدك إلى غيرك، أيجوز هذا في العقل؟

ص:441


1- 1) علل الشرائع:237 ح 1- [1]أمالي الصدوق:65 ح 3- [2]عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 2/ 139 ح 3 و [3]عنها البحار ج 49/128 ح 3 و [4]الوسائل ج 12/148 ح 6. [5]
2- 2) في نسخة: قد اتّسقت له الرعية.

قال قلت له: لا و اللّه يا أمير المؤمنين ما يجسر على هذا أحد.

قال: لا و اللّه ما كان كما يقولون، و لكنّي سأخبرك بسبب ذلك.

إنّه لمّا كتب إليّ محمّد أخي يأمرني بالقدوم عليه فأبيت عليه، عقد لعليّ بن عيسى بن ماهان (1)و أمره أن يقيّدني بقيد، و يجعل الجامعة (2)في عنقي فورد عليّ بذلك الخبر، و بعثت هرثمة بن أعين إلى سجستان و كرمان و ما والاهما، فأفسد عليّ أمري و إنهزم هرثمة، و خرج صاحب السرير، و غلب على كور خراسان من ناحية فورد عليّ هذا كلّه في اسبوع.

فلما ورد ذلك عليّ لم يكن لي قوّة في ذلك، و لا كان لي مال أتقوّى به، و رأيت من قوّادي و رجالي الفشل و الجبن أردت أن ألحق بملك كابل، فقلت في نفسي: ملك كابل رجل كافر و يبذل محمّد له الأموال فيدفعني إلى يده، فلم أجد وجها أفضل من أن أتوب إلى اللّه تعالى من ذنوبي و أستعين به على هذه الامور، و أستجير باللّه تعالى فأمرت بهذا البيت، و أشار إلى بيت فكنس، و صببت عليّ الماء، و لبست ثوبين أبيضين و صليت أربع ركعات فقرأت فيها من القرآن ما حضرني، و دعوت اللّه تعالى و إستجرت باللّه و عاهدته عهدا وثيقا بنيّة صادقة إن أفضى اللّه بهذا الأمر إليّ و كفاني عادية هذه الامور الغليظة أن

ص:442


1- 1) علي بن عيسى بن ماهان من كبار القادة في عصر هارون و الامين العباسيّين و هو الذي حرّض الأمين على خلع المأمون من ولاية العهد و سيّره الأمين لقتال المأمون فخرج من بغداد في اربعين الف فارس فتلقّاه طاهر بن الحسين قائد جيش المأمون في الري فقتل ابن ماهان و انهزم أصحابه سنة «195» ه-الأعلام ج 5/133-. [1]
2- 2) الجامعة: الغلّ لأنّها تجمع اليدين إلى العنق.

أضع هذا الأمر في موضعه الّذي وضعه اللّه تعالى فيه.

ثمّ قوى فيه قلبي فبعثت طاهرا إلى عليّ بن عيسى بن ماهان، فكان من أمره ما كان، ورددت هرثمة بن أعين الى رافع (1)فظفر به و قتله، و بعثت إلى صاحب السرير فهادنته و بذلت له شيئا حتى رجع، فلم يزل أمري يقوى حتى كان من أمر محمّد ما كان و أفضى اللّه إليّ بهذا الأمر و استوى لي.

فلمّا وفى اللّه تعالى لي بما عاهدته عليه أحببت أن أفي للّه تعالى ما عاهدته، فلم أر أحدا أحقّ بهذا الأمر من أبي الحسن الرّضا عليه السلام فوضعته فيه، فلم يقبلها إلاّ على ما قد علمت، فهذا كان سببها فقلت:

وفق اللّه أمير المؤمنين.

فقال: يا ريّان إذا كان غدا و حضر الناس فاقعد بين هؤلاء القوّاد و حدّثهم بفضل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.

فقلت: يا أمير المؤمنين ما أحسن من الحديث شيئا إلاّ ما سمعته منك.

فقال: سبحان اللّه ما أجد أحدا يعينني على هذا الأمر، لقد هممت أن أجعل أهل قم شعاري و دثاري.

فقلت: يا أمير المؤمنين أنا احدّث عنك بما سمعته منك من

ص:443


1- 1) رافع بن الليث بن نصر بن سيّار، كان مقيما بسمرقند و ناب فيها أيّام هارون العبّاسي، ثم عزل و حبس بسبب إمرأة و هرب من السجن، فقتل العامل على سمرقند و استولى عليها سنة «190» ه و خلع طاعة الرشيد و دعا الى نفسه، فانتدب الرشيد لقتاله هرثمة بن أعين فانهزم رافع سنة «193» و ضعف أمره، و ادام هرثمة على حصار سمرقند حتى فتحها و قتل رافعا سنة «195» في عهد المأمون-الأعلام ج 3/35-. [1]

الأخبار؟

فقال: نعم حدّث عني بما سمعته منّي من الفضائل، فلمّا كان من الغد، قعدت بين القوّاد في الدار فقلت: حدّثني أمير المؤمنين، عن أبيه، عن آبائه: عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه، و حدّثني أمير المؤمنين، عن أبيه، عن آبائه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: عليّ منّي بمنزلة هارون من موسى، و كنت أخلط الحديث بعضه ببعض لا أحفظه على وجهه.

و حدّثت بحديث خيبر، و بهذه الأخبار المشهورة، فقال لي عبد اللّه بن مالك الخزاعي (1): رحم اللّه عليّا كان رجلا صالحا، و كان المأمون قد بعث غلاما إلى مجلسنا يسمع الكلام فيؤدّيه إليه.

قال الريّان: فبعث إليّ المأمون فدخلت إليه فلمّا رآني قال: يا ريّان ما أرواك للأحاديث و أحفظك لها؟

ثم قال: قد بلغني ما قال اليهوديّ عبد اللّه بن مالك في قوله: «رحم اللّه عليا كان رجلا صالحا» و اللّه لأقتلنّه إنشاء اللّه.

و كان هشام بن إبراهيم الراشدي الهمداني (2)من أخصّ الناس عند الرضا عليه السلام من قبل أن يحمل و كان عالما أديبا لبيبا و كانت أمور الرّضا عليه السلام تجري من عنده و على يده و تصير الأموال من

ص:444


1- 1) عبد اللّه بن مالك كان يتولّى شرطة للمهدي العبّاسي و الهادي و الرشيد وجّهه الرشيد في عشرة آلاف سنة «192» الى دفع الحزميّة بناحية آذربايجان، و في سنة «193» وجّهه مع المأمون الى مرو.
2- 2) هشام بن ابراهيم العباسي الراشدي الهمداني كان من اصحاب الرضا عليه السلام و مؤمنا في أوّل أمره و لكن إنحرف في العاقبة-راجع معجم رجال الحديث ج 19/260-. [1]

النّواحي كلّها إليه قبل حمل أبي الحسن عليه السلام فلمّا حمل أبو الحسن عليه السلام إتصل هشام بن إبراهيم بذي الرياستين و قرّبه ذو الرياستين (1)و أدناه و كان ينقل أخبار الرضا عليه السلام إلى ذي الرياستين و المأمون، فحظي بذلك عندهما و كان لا يخفي عنهما (2)من أخباره شيئا.

فولاّه المأمون حجابة الرضا عليه السلام فكان لا يصل إلى الرّضا عليه السلام إلاّ من أحب و ضيّق على الرّضا عليه السلام و كان من يقصده من مواليه لا يصل إليه، و كان لا يتكلم الرضا عليه السلام في داره بشيء إلاّ أورده هشام على المأمون و ذي الرياستين، و جعل المأمون العباس (3)إبنه في حجر هشام و قال له: أدّبه فسمّي هشام العبّاسي لذلك.

قال: و أظهر ذو الرياستين عداوة شديدة لأبي الحسن عليه السلام و حسده على ما كان المأمون يفضّله به فأوّل ما ظهر لذي الرياستين من أبي الحسن عليه السلام أنّ إبنة عمّ المأمون كانت تحبّه و كان يحبّها و كان ينفتح باب حجرتها إلى مجلس المأمون و كانت تميل إلى أبي الحسن

ص:445


1- 1) ذو الرياستين: هو الفضل بن سهل السرخسي أبو العبّاس إتّصل بالمأمون العباسي في صباه و أسلم على يده سنة «190» ه و كان مجوسيّا، و صحبه قبل أن يلي الخلافة فلمّا وليها جعل له الوزارة و قيادة الجيش معا فكان يلقّب بذي الرياستين، قتل في الحمّام بسرخس سنة «202» ه-الاعلام ج 5/354-. [1]
2- 2) في المصدر و البحار: و [2]كان لا يخفي عليهما.
3- 3) العبّاس بن عبد اللّه المأمون، كان من أمراء العباسيين و لاّه أبوه الجزيرة و الثغور و العواصم سنة «213» ه، سجنه المعتصم العبّاسي بمنبج إلى أن مات سنة «223» ه الاعلام ج 2/35-. [3]

عليه السلام و تحبّه، و تذكر ذا الرياستين و تقع فيه.

فقال ذو الرياستين حين بلغه ذكرها له: لا ينبغي أن يكون باب دار النساء مشرعا إلى مجلسك فأمر المأمون بسدّه.

و كان المأمون يأتي الرضا عليه السلام يوما و الرّضا عليه السلام يأتي المأمون يوما و كان منزل أبي الحسن عليه السلام بجنب منزل المأمون، فلمّا دخل أبو الحسن عليه السلام إلى المأمون و نظر إلى الباب مسدودا قال: يا أمير المؤمنين ما هذا الباب الّذي سددته؟

فقال: رأى الفضل ذلك و كرهه.

فقال الرضا عليه السلام: إنّا للّه و إنّا إليه راجعون، ما للفضل و الدخول بين أمير المؤمنين و حرمه؟

قال: فما ترى؟

قال: فتحه و الدخول إلى إبنة عمّك، و لا تقبل قول الفضل فيما لا يحلّ و لا يسع، فأمر المأمون بهدمه و دخل على إبنة عمّه فبلغ الفضل ذلك فغمّه. (1)

3-و عنه قال: حدّثنا محمّد بن أحمد السناني رضي اللّه عنه، قال:

حدّثنا محمّد بن أبي عبد اللّه الكوفي، قال: حدّثنا محمّد بن خلف، قال:

حدّثني هرثمة بن أعين، قال: دخلت على سيدي و مولاي يعني الرّضا عليه السلام في دار المأمون و كان قد ظهر في دار المأمون أنّ الرضا عليه السلام قد توفي و لم يصح هذا القول فدخلت اريد الاذن عليه قال: و كان

ص:446


1- 1) عيون اخبار الرضا ج 2/151 ح 22 و [1]عنه البحار ج 49/137 ح 12. [2]

في بعض ثقاة خدم المأمون غلام يقال له: صبيح الديلمي و كان يتولّى سيّدي عليه السلام حقّ ولايته، و إذا صبيح قد خرج.

فلما رآني، قال لي: يا هرثمة ألست تعلم أني ثقة المأمون على سرّه و علانيته؟

قلت: بلى قال: إعلم يا هرثمة أنّ المأمون دعاني و ثلاثين غلاما من ثقاته على سرّه و علانيته في الثلث الأوّل من اللّيل، فدخلت عليه و قد صار ليله نهارا من كثرة الشموع، و بين يديه سيوف مسلولة مشحوذة مسمومة فدعا بنا غلاما غلاما، و أخذ علينا العهد و الميثاق بلسانه، و ليس بحضرتنا أحد من خلق اللّه غيرنا، فقال لنا: هذا العهد لازم لكم إنّكم تفعلون ما آمركم به و لا تخالفوا فيه شيئا.

قال: فحلفنا له، فقال: يأخذ كلّ واحد منكم سيفا بيده و امضوا حتى تدخلوا على عليّ بن موسى الرضا عليه السلام في حجرته، فإن وجدتموه قائما أو قاعدا أو نائما فلا تكلّموه وضعوا أسيافكم عليه، و اخلطوا لحمه و دمه و شعره و عظمه و مخّه، ثمّ اقلبوا عليه بساطه و إمسحوا أسيافكم به و صيروا إلي، و قد جعلت لكل واحد منكم على هذا الفعل و كتمانه عشر بدر دراهم و عشر ضياع منتخبة و الحظوظ عندي ما حييت و بقيت.

قال: فأخذنا الأسياف بأيدينا و دخلنا عليه في حجرته فوجدناه مضطجعا يقلب طرف يديه و يتكلّم بكلام لا نعرفه، قال: فبادر الغلمان إليه بالسيوف و وضعت سيفي و أنا قائم أنظر اليه و كأنّه قد كان علم مصيرنا إليه فلبس على بدنه ما لا تعمل فيه السيوف، فطووا عليه بساطه

ص:447

و خرجوا حتى دخلوا على المأمون، فقال: ما صنعتم؟

قالوا: فعلنا ما أمرتنا به يا أمير المؤمنين، قال لا تعيدوا شيئا ممّا كان.

فلما كان عند تبلّج الفجر خرج المأمون فجلس مجلسه مكشوف الرأس محلّل الأزرار و أظهر وفاته و قعد للتعزية، ثمّ قام حافيا حاسرا فمشى لينظر إليه و أنا بين يديه فلمّا دخل عليه حجرته سمع همهمته فارعد، ثم قال: من عنده؟

قلت: لا علم لنا يا أمير المؤمنين، فقال: أسرعوا و انظروا.

قال صبيح: فأسرعنا إلى البيت فإذا سيّدي عليه السلام جالس في محرابه يصلّى و يسبّح، فقلت: يا أمير المؤمنين هوذا نرى شخصا في محرابه يصلّي و يسبّح فانتفض المأمون و ارتعد، ثمّ قال: غدرتموني لعنكم اللّه.

ثم التفت اليّ من بين الجماعة فقال لي: يا صبيح أنت تعرفه فانظر من المصلّي عنده قال صبيح: فدخلت و تولّى المأمون راجعا، ثم صرت إليه عند عتبة الباب قال عليه السلام لي: يا صبيح، قلت: لبيك يا مولاي و قد سقطت لوجهي، فقال: قم يرحمك اللّه يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اَللّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ اَللّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ اَلْكافِرُونَ (1).

قال: فرجعت إلى المأمون فوجدت وجهه كقطع الليل المظلم، فقال لي: يا صبيح ما وراءك، فقلت له: يا أمير المؤمنين هو و اللّه جالس

ص:448


1- 1) سورة الصفّ:8. [1]

في حجرته و قد ناداني و قال لي: كيت و كيت.

قال: فشدّ أزراره و أمر بردّ أثوابه و قال: قولوا إنّه كان: غشي عليه و إنّه قد أفاق، قال هرثمة فأكثرت للّه عزّ و جلّ شكرا و حمدا.

ثمّ دخلت على سيّدي الرّضا عليه السلام فلما رآني قال: يا هرثمة لا تحدّث أحدا بما حدثّك به صبيح إلاّ من إمتحن اللّه قلبه للإيمان بمحبّتنا و ولايتنا.

فقلت: نعم يا سيّدي.

ثمّ قال عليه السلام: يا هرثمة و اللّه لا يضرّنا كيدهم شيئا حتى يبلغ الكتاب أجله. (1)

4-و عنه، قال: حدّثنا عليّ بن عبد اللّه الورّاق، و الحسين بن إبراهيم ابن أحمد بن هشام المؤدّب، و حمزة بن محمد بن احمد العلوي، و أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي اللّه عنهم، قالوا: أخبرنا عليّ ابن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عبد السلام بن صالح الهروي، و حدّثنا أبو محمد جعفر بن نعيم بن شاذان رضي اللّه عنه، عن أحمد بن أدريس، عن إبراهيم بن هاشم، عن عبد السلام بن صالح الهروي قال:

رفع إلى المأمون أنّ أبا الحسن عليّ بن موسى الرّضا عليه السلام يعقد مجالس الكلام، و الناس يفتتنون بعلمه، فأمر محمّد بن عمرو الطوسي حاجب المأمون فطرد الناس عن مجلسه و أحضره، فلمّا نظر إليه المأمون زبره (2)و استخفّ به فخرج أبو الحسن الرّضا عليه السلام من

ص:449


1- 1) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 2/214-216 و [1]عنه البحار ج 49/186-187 ح 18. [2]
2- 2) زبره: زجره، منعه، انتهره.

عنده مغضبا و هو يدمدم شفتيه (1)و يقول: و حقّ المصطفى و المرتضى و سيّدة النساء عليهم السلام لأستنزلنّ من حول اللّه تعالى بدعائي عليه ما يكون سببا لطرد كلاب أهل هذه الكورة إيّاه و إستخفافهم به و بخاصّته و عامّته.

ثمّ إنّه عليه السلام إنصرف إلى مركزه و إستحضر الميضاة و توضأ و صلّى ركعتين وقنت في الثانية فقال:

أللّهم يا ذا القدرة الجامعة، و الرحمة الواسعة و المنن المتتابعة، و الآلاء المتوالية و الأيادي الجميلة، و المواهب الجزيلة، يا من لا يوصف بتمثيل، و لا يمثّل بنظير، و لا يغلب بظهير يا من خلق فرزق، و ألهم فأنطق، و إبتدع فشرع، و علا فارتفع، و قدّر فأحسن، و صوّر فأتقن، و إحتجّ فأبلغ، و أنعم فأسبغ، و أعطى فأجزل، يا من سما في العز، ففات خواطف الأبصار، و دنا في اللطف فجاز هواجس الأفكار، يا من تفرّد بالملك فلا ندّ له في ملكوت سلطانه، و توحّد بالكبرياء فلا ضدّ له في جبروت شأنه.

يا من حارت في كبرياء هيبته دقائق لطائف الأوهام، و حسرت دون إدراك عظمته خطائف أبصار الأنام، يا عالم خطرات قلوب العارفين، و يا شاهد لحظات أبصار الناظرين، يا من عنت الوجوه لهيبته، و خضعت الرّقاب لجلالته، و وجلت القلوب من خيفته و إرتعدت الفرائص من فرقته، يا بديء يا بديع يا قويّ يا منيع يا عليّ يا رفيع، صلّ

ص:450


1- 1) يدمدم بشفتيه: يتكلّم مغضبا.

على من شرّفت الصلوة بالصلوة عليه، و إنتقم لي ممّن ظلمني و إستخفّ بي و طرد الشيعة عن بابي، و أذقه مرارة الذلّ و الهوان كما أذاقنيها و إجعله طريد الأرجاس و شريد الأنجاس.

قال أبو الصلت عبد السّلام بن صالح الهروي: فما إستتمّ مولاي عليه السلام دعائه حتى وقعت الرجفة في المدينة و إرتجّ البلد، و إرتفعت الزعقة (1)و الضجة و استفحلت (2)النعرة: و ثارت الغبرة، و هاجت القاعة (3)فلم أزائل مكاني إلى أن سلّم مولاي عليه السلام فقال لي: يا أبا الصلت إصعد السطح فإنّك سترى إمرأة بغية عثة رثّة (4)مهيّجة الأشرار، متّسخة الأطمار، يسميّها أهل هذه الكورة سمانة، لغباوتها و تهتّكها، قد اسندت مكان الرمح إلى نحرها قصبا، و قد شدّت وقاية لها حمراء إلى طرفه مكان اللواء، فهي تقود جيوش القاعة، و تسوق عساكر الطغام (5)إلى قصر المأمون و منازل قوّاده.

فصعدت السطح فلم أر إلاّ نفوسا تزعزع بالعصاء، و هامات ترضخ بالأحجار، و لقد رأيت المأمون متدرّعا قد برز من قصر الشاهجان متوجّها للهرب فما شعرت إلاّ بشاجرد الحجّام قد رمى من بعض أعالي السطوح لبنة ثقيلة فضرب بها رأس المأمون فأسقطت بيضته بعد أن شقّت جلدة هامته.

ص:451


1- 1) الزعق: الصياح.
2- 2) إستفحل الأمر: تفاقم و عظم.
3- 3) قاعة الدار: ساحتها.
4- 4) العثّة: العجوز و المرأة البذيّة و الحمقاء، و الرثّة «بكسر الراء» الحمقاء.
5- 5) الطغام «بكسر الطاء المهملة» أو غاد الناس.

فقال لقاذف اللبة (1)بعض من عرف المأمون و يلك هذا أمير المؤمنين، فسمعت سمانة تقول: اسكت لا امّ لك ليس هذا يوم التمييز و المحاباة و لا يوم إنزال الناس على طبقاتهم فلو كان هذا أمير المؤمنين لما سلّط ذكور الفجّار على فروج الأبكار و طرد المأمون و جنوده أسوء طرد بعد إذلال و إستخفاف شديدة. (2)

ص:452


1- 1) اللبنة: المضروبة من الطين مربّعة للبناء.
2- 2) عيون اخبار الرضا عليه السلام ج 2/172 ح 1 و [1]عنه البحار ج 49/82 ح 2 و [2]عن مناقب ابن شهر اشوب ج 4/345. [3]

الباب الثالث عشر

و هو من الباب الاول من طريق الخاصة و العامة

1-ابن بابويه قال: حدّثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدّب و علي بن عبد اللّه الورّاق، و أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي اللّه عنهم، قالوا: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، قال كنت عند مولاي الرّضا عليه السلام بخراسان، و كان المأمون يقعده على يمينه إذا قعد للناس، يوم الإثنين و يوم الخميس فرفع إلى المأمون أنّ رجلا من الصوفية سرق، فأمر بإحضاره، فلمّا نظر إليه وجده متقشّفا (1)بين عينيه أثر السجود، فقال له: سوأة لهذه الآثار الجميلة و هذا الفعل القبيح، أتنسب إلى السرقة مع ما أرى من جميل آثارك و ظاهرك؟

قال: فعلت ذلك إضطرارا لا إختيارا حين منعتني حقّي من الخمس و الفيء.

فقال المأمون: و أيّ حقّ لك في الخمس و الفيء؟

قال: إنّ اللّه تعالى قسّم الخمس ستة أقسام فقال: وَ اِعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي اَلْقُرْبى وَ اَلْيَتامى

ص:453


1- 1) التقشّف: التبلّغ و الاكتفاء باللباس الوسخ و الخشن.

وَ اَلْمَساكِينِ وَ اِبْنِ اَلسَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللّهِ وَ ما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ اَلْفُرْقانِ يَوْمَ اِلْتَقَى اَلْجَمْعانِ (1)و قسّم الفيء على ستّة أقسام فقال عزّ و جلّ: ما أَفاءَ اَللّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ اَلْقُرى فَلِلّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي اَلْقُرْبى وَ اَلْيَتامى وَ اَلْمَساكِينِ وَ اِبْنِ اَلسَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ اَلْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ (2).

قال: فمنعتني حقّي (3)و أنا إبن السبيل منقطع بي و مسكين لا أرجع على شيء و من حملة القرآن.

فقال له المأمون: أعطّل حدّا من حدود اللّه و حكما من أحكامه في السارق من أجل أساطيرك هذه؟

فقال الصوفي: إبدأ بنفسك تطهّرها ثمّ طهّر غيرك و أقم حدّ اللّه تعالى عليها ثمّ على غيرك، فالتفت المأمون إلى أبي الحسن عليه السلام فقال: ما يقول؟

فقال: إنّه يقول سرق (4)فسرق، فغضب المأمون غضبا شديدا، ثمّ قال للصوفي: و اللّه لأقطعنّك فقال الصوفي: أتقطعني و أنت عبد لي؟

ص:454


1- 1) سورة الانفال:41. [1]
2- 2) سورة الحشر:7. [2]
3- 3) المراد باليتامى و المساكين و ابن السبيل في أية الخمس و [3]الفيء يتامى آل الرسول و مساكينهم و أبناء سبيلهم بقرينة الالف و اللام حيث إنّها في أمثال هذه المواضع عوض من المضاف اليه فكأنّه قال: للّه و لرسوله و لذي قرباه و يتاماهم و مساكينهم و ابن سبيلهم فلا حقّ في الخمس و [4]الفيء لعامّة المسلمين. و امّا هذا الذي ذكره الصوفي فعلى مذاهب فقهاء العامّة حيث يقولون: إنّها فقراء المسلمين و أيتامهم و أبناء سبيلهم عامّة-تعليقة البحار ج 49/389-. [5]
4- 4) في البحار: [6] سرقت فسرق.

فقال المأمون: و يلك من أين صرت عبدا لك؟

فقال: لأنّ امّك اشتريت من مال المسلمين، فأنت عبد لمن في المشرق و المغرب حتى يعتقوك، و أنا لم اعتقك، ثم بلّعت الخمس بعد ذلك فلا أعطيت آل الرسول حقا و لا أعطيتني و نظرائي حقّنا:

و الاخرى أنّ الخبيث لا يطهّر خبيثا مثله، إنّما يطهّره طاهر، و من في جنبه الحدّ لا يقيم الحدود على غيره حتى يبدأ بنفسه، أما سمعت اللّه تعالى يقول: أَ تَأْمُرُونَ اَلنّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَ أَنْتُمْ تَتْلُونَ اَلْكِتابَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ (1).

فالتفت المأمون إلى أبي الحسن عليه السلام فقال: ما ترى في أمره؟

فقال عليه السلام إنّ اللّه عزّ و جلّ قال لمحمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فَلِلّهِ اَلْحُجَّةُ اَلْبالِغَةُ (2)و هي الّتي لم تبلغ الجاهل فيعلمها على جهله، كما يعلمها العالم بعلمه، و الدنيا و الأخرة قائمتان بالحجّة، و قد إحتج الرّجل فأمر المأمون عند ذلك بإطلاق الصوفي، و إحتجب عن الناس و إشتغل بأبي الحسن الرضا عليه السلام حتى سمّه فقتله، و قد كان قتل الفضل بن سهل و جماعة من الشيعة.

قال ابن بابويه عقيب ذلك: قال مصنّف هذا الكتاب: و روي هذا الحديث كما حكيته، و أنا بريء من عهدة صحّته. (3)

ص:455


1- 1) سورة البقرة:44. [1]
2- 2) سورة الانعام:149. [2]
3- 3) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 2/237-238، [3]علل الشرايع ج 1/228 ح 2 و [4]عنهما

2-و عنه، قال: حدّثنا أبو الطيب 1الحسين بن أحمد بن محمّد الرازي رضي اللّه عنه بنيسابور سنة إثنتين و خمسين و ثلاثمائة قال:

حدّثنا محمّد بن عليّ ما جيلويه 2قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن خالد البرقي قال: أخبرني ابي قال: اخبرني الريّان بن الشبيب خال المعتصم أخو ماردة أنّ المأمون لمّا أراد أن يأخذ البيعة لنفسه بإمرة المؤمنين و لأبي الحسن عليّ بن موسى الرّضا عليهما السلام بولاية العهد، و لفضل ابن سهل بالوزارة أمر بثلاثة كراسيّ فنصبت لهم، فلمّا قعدوا عليها أذن للناس فدخلوا يبايعون، فكانوا يصفقون بأيمانهم على أيمان الثلاثة من أعلى الإبهام إلى الخنصر و يخرجون، حتى بايع في آخر الناس فتى من الأنصار فصفق بيمينه من الخنصر الى أعلى الإبهام فتبسّم أبو الحسن الرّضا عليه السلام ثمّ قال: كلّ من بايعنا بايع بفسخ البيعة غير هذا الفتى فإنّه بايعنا بعقدها.

فقال المأمون: و ما فسخ البيعة من عقدها؟

قال أبو الحسن عليه السلام: عقد البيعة هو من أعلى الخنصر إلى أعلى الإبهام، و فسخها من أعلى الإبهام إلى أعلى الخنصر.

ص:456

قال: فماج الناس في ذلك، و أمر المأمون بإعادة الناس إلى البيعة على ما وصفه أبو الحسن عليه السلام و قال الناس: كيف يستحقّ الإمامة من لا يعرف عقد البيعة، إنّ من علم لأولى بها ممّن لا يعلم، قال: فحمله ذلك على ما فعله من سمّه. (1)

3-و عنه حدّثنا تميم بن عبد اللّه بن تميم القرشي رضى اللّه عنه، قال: حدّثني أبي عن أحمد بن عليّ الأنصاري، قال: سألت أبا الصلت الهروي فقلت له: كيف طابت نفس المأمون بقتل الرضا عليه السلام مع إكرامه و محبّته له، و ما جعل له من ولاية العهد من بعده؟

فقال: إنّ المأمون إنّما كان يكرمه و يحبّه لمعرفته بفضله، و جعل له ولاية العهد من بعده ليرى الناس أنّه راغب في الدنيا فيسقط محلّه من نفوسهم، فلمّا لم يظهر منه في ذلك للناس إلاّ ما إزداد به فضلا عندهم و محلاّ في نفوسهم جلب عليه المتكلمين من البلدان طمعا في أن يقطعه واحد منهم فيسقط محلّه عند العلماء و يشتهر نقصه عند العامّة.

فكان لا يكلّمه خصم من اليهود و النصارى و المجوس و الصابئين و البراهمة و الملحدين و الدهرية، و لا خصم من فرق المسلمين المخالفين له إلاّ قطعة و ألزمه الحجّه، و كان الناس يقولون: و اللّه إنّه أولى بالخلافة من المأمون، و كان اصحاب الأخبار يرفعون ذلك إليه فيغتاظ من ذلك و يشتدّ جسده له، و كان الرضا عليه السلام لا يحابي المأمون من حقّ و كان يجيبه بما يكره في أكثر احواله فيغيظه ذلك و يحقده عليه،

ص:457


1- 1) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 2/237 ح 2، [1]علل الشرايع:239 ح 1 و [2]عنهما البحار ج 49/144 ح 21. [3]

و لا يظهره له فلمّا أعيته الحيلة في أمره إغتاله فقتله بالسمّ. (1)

4-و من طريق المخالفين ما ذكره كمال الدين بن طلحة الشامي في «مطالب السؤل» إنّه كانت بخراسان إمرأة تسمّى زينب، فادّعت أنّها علوية من سلالة فاطمة عليها السلام و صارت تصول على أهل خراسان بنسبها فسمع بها علي الرضا عليه السلام فلم يعرف نسبها فاحضرت إليه فردّ نسبها و قال: هذه كذّابة فسفهت عليه و قالت: كما قدحت في نسبي فأنا أقدح في نسبك فأخذته الغيرة العلوية.

فقال عليه السلام لسلطان خراسان: أنزل هذه إلى بركة السباع يتبيّن لك الأمر، و كان لذلك السلطان بخراسان موضع واسع فيه سباع في سلسلة للانتقام من المفسدين يسمّى ذلك الموضع بركة السباع إذا اراد الإنتقام من بعض المجرمين الخارجين عليه ألقاه بينهم فافترسوه لوقته، فأخذ الرّضا عليه السلام بيد تلك المرأة و أحضرها عند ذلك السلطان و قال: هذه كذّابة على عليّ و فاطمة عليهما السلام و ليست من نسلهما، فإنّ من كان حقّا بضعة من فاطمة و عليّ فإنّ لحمه حرام على السباع، فألقوها في بركة السباع فإن كانت صادقة فإنّ السباع لا تقربها و إن كانت كاذبة فتفرسها السباع.

فلمّا سمعت ذلك منه قالت: فانزل أنت إلى السباع فإن كنت صادقا فإنّها لا تقربك و لا تفرسك فلم يكلّمها و قام، فقال له ذلك السلطان: إلى أين؟

ص:458


1- 1) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 2/239 ح 3 و [1]عنه البحار ج 49/290 ح 2. [2]

فقال: إلى بركة السباع و اللّه لأنزلن إليها.

فقام السلطان و الناس و الحاشية و جاءوا و فتحوا باب تلك البركة فنزل الرّضا عليه السلام و الناس ينظرون من أعلى البركة فلمّا حصل بين يدي السباع أقعت جميعها على الأرض على أذنابها، و صار يأتي إلى واحد واحد يمسح وجهه و رأسه و ظهره و السبع يبصبص له هكذا أن أتى على الجميع، ثم طلع و الناس ينظرون، فقال لذلك السلطان: أنزل هذه الكذّابة على عليّ و فاطمة ليبين لك، فامتنعت فألزمها ذلك السلطان و أمر أعوانه بإلقائها فبدروها السباع و وثبوا إليها (1)و افترسوها فاشتهر إسمها زينب الكذّابة و حديثها هناك مشهور. (2)

أقول سيأتي إنشاء اللّه تعالى في آخر الباب العاشر من المنهج الحادي عشر في أبواب أبي الحسن الثالث عليّ بن محمّد الهادي عليه السلام ما يوافق هذه الرواية فتؤخذ من هناك.

ص:459


1- 1) في البحار: [1] فمذ رأها السباع و ثبوا إليها.
2- 2) مطالب السئول ج 2/67 و أخرجه في البحار ج 49/61 [2] من كشف الغمّة ج 2/260 [3] نقلا عن مطالب السئول.

ص:460

الباب الرابع عشر

في مطعمه عليه السلام

1-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن محمّد بن بندار، عن أبيه، عن محمّد بن علي الهمداني أنّ رجلا كان عند الرضا عليه السلام بخراسان فقدمّت إليه مائدة عليها خلّ و ملح فافتتح عليه السلام بالخلّ فقال الرجل: جعلت فداك أمرتنا أن نفتتح بالملح، فقال: هذا مثل هذا يعني الخلّ و أن الخلّ يشد الذهن و يزيد في العقل. (1)

2-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن إسماعيل الرازي عن سليمان بن جعفر الجعفري، قال دخلت على أبي الحسن الرضا صلوات اللّه عليه و آله و بين يديه تمر برني، و هو مجدّ في أكله يأكله بشهوة، فقال لي يا سليمان ادن فكل.

قال: فدنوت منه فأكلت معه و أنا اقول له: جعلت فداك إنّي أراك تأكل هذا التمر بشهوة فقال: نعم إنّي احبّه.

قال: قلت و لم ذاك؟

قال: لأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان تمريّا، و كان علي عليه السلام تمريّا، و كان الحسن عليه السلام تمريّا، و كان الحسين عليه

ص:461


1- 1) الكافي ج 6/329 ح 4 و [1]عنه الوسائل ج 16/522 ح 2 و [2]عن المحاسن:487 ح 554 و [3]أخرجه في البحار ج 66/303 ح 14 [4]عن المحاسن. [5]

السلام تمريّا، و كان زين العابدين عليه السلام تمريّا، و كان أبو جعفر عليه السلام تمريّا، و كان أبو عبد اللّه عليه السلام تمريّا، و كان أبي عليه السلام تمريّا و أنا تمريّ، و شيعتنا يحبون التمر لأنّهم خلقوا من طينتنا و أعداؤنا يا سليمان يحبّون المسكر لأنّهم خلقوا من مارج من نار. (1)

3-و عنه باسناده عن داود بن أبي داود، عن رجل رآى أبا الحسن عليه السلام بخراسان يأكل الكرّاث من البستان كما هو، فقيل له: إنّ فيه السماد (2)فقال عليه السلام لا تعلق به منه شيء و هو جيّد للبواسير. (3)

4-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن عيسى، عن يعقوب بن يقطين (4)، قال: قال أبو الحسن الرضا عليه السلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: صغّروا رغفانكم (5)فإنّ مع كل رغيف بركة.

و قال يعقوب بن يقطين: رأيت أبا الحسن عليه السلام يعني الرّضا

ص:462


1- 1) الكافي ج 6/345 ح 6 و [1]عنه البحار 49/102 ح 23 و [2]الوسائل ج 127/105 ح 3. [3]
2- 2) السماد «بفتح السين المهملة» ما تصلح به الأرض من زبل و رماد و سرجين يقال له بالفارسيّة: كود.
3- 3) الكافي ج 6/365 ح 6 و [4]عنه الوسائل ج 17/151 ح 2 و [5]عن المحاسن:512 ح 687 و [6]أخرجه في البحار ج 66/203 ح 13 [7]عن المحاسن. [8]
4- 4) يعقوب بن يقطين، عدّه الشيخ الطوسي قدّس سرّه في رجاله «13» من أصحاب الرضا عليه السلام و وثّقه، و عدّه البرقي من أصحاب الكاظم عليه السلام-معجم رجال الحديث ج 20/153-. [9]
5- 5) الرغفان «بضمّ الراء المهملة و سكون الغين المعجمة» : جمع الرغيف بفتح الراء و هي كتلة من العجين.

عليه السلام بكسر الرغيف إلى فوق (1). (2)

ص:463


1- 1) قال في البحار: « [1]كسر الرغيف الى فوق» يحتمل وجهين: الأوّل-و هو الأظهر-أن يكون المعنى كسر اليابس بعطف اليدين الى جانب التحت لينكسر الخبز من جهة الفوق. و الثاني أن يكون المراد كسر الرطب بابتدائه من الجانب الأسفل و خرقة الى الأعلى.
2- 2) الكافي ج 6/303 ح 8 و [2]عنه البحار ج 66/273 ح 20 و [3]الوسائل ج 16/513 ح 1-2. [4]

ص:464

الباب الخامس عشر

في ملبسه عليه السلام

1-محمّد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن أبيه، عن سعد بن سعد (1)قال: سألت الرضا عليه السلام عن جلود الخزّ، فقال: هو ذا نلبس الخزّ.

فقلت: جعلت فداك ذاك الوبر.

فقال: إذا حلّ وبره حلّ جلده. (2)

2-و رواه الشيخ في «التهذيب» عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن البرقي عن سعد بن سعد، عن الرضا عليه السلام قال: سألته عن جلود الخز فقال عليه السلام: هوذا نحن نلبس، فقلت:

ذاك الوبر جعلت فداك.

فقال: إذا حلّ وبره حلّ جلده. (3)

3-ابن بابويه قال: حدّثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي بنيسابور سنة إثنين و خمسين و ثلثمائة، قال: حدّثني محمّد بن

ص:465


1- 1) سعد بن سعد: بن الأحوص بن سعد بن مالك الاشعري القمي وثّقه النجاشي و الشيخ، كان من أصحاب الكاظم و الرضا و الجواد عليهم السلام-معجم رجال الحديث ج 8/59-. [1]
2- 2) الكافي ج 6/452 ح 7 و [2]عنه الوسائل ج 3/266 ح 14. [3]
3- 3) التهذيب ج 2/372 ح 79.

يحيى الصولي، قال: حدّثنا عون بن محمد (1)عن أبي عبّاد، قال: كان جلوس الرضا عليه السلام في الصيف على حصير، و في الشتاء على مسح، و لبسه الغليظ من الثياب حتّى إذا برز الناس تزيّن لهم. (2)

4-محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد، عن معمّر بن خلاّد، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: خرجت و أنا اريد داود بن عيسى (3)بن علي، و كان ينزل بئر ميمون، و كان عليّ ثوبان غليظان، فلقيت (4)إمرأة عجوزا و معها جاريتان، فقلت: يا عجوز أتباع هاتان الجاريتان؟

فقالت: نعم: و لكن لا يشتريهما مثلك، قلت: و لم؟

قالت: لأنّ إحديهما مغنّية و الاخرى زامرة، فدخلت على داود بن عيسى، فرفعني و أجلسني في مجلسي، فلمّا خرجت من عنده، قال لأصحابه: تعلمون من هذا؟ هذا علي بن موسى الذي يزعم أهل العراق أنه مفترض (5)الطاعة. (6)

5-إبن بابويه، قال: حدّثنا أبي رضي اللّه عنه، و عليّ بن عبد اللّه

ص:466


1- 1) قال الذهبي: عون بن محمد الكندي أخباريّ ما حدّث عنه سوى الصولي-ميزان الاعتدال ج 3/307-.
2- 2) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 2/178 ح 1 و [1]عنه البحار ج 49/89 ح 1 و [2]ج 79/300 ح 7 و ص 321 ح 1 و الوسائل ج 3/376 ح 3. [3]
3- 3) داود بن عيسى بن علي العبّاسي، كان أمير الكوفة للرشيد، و قد ولى إمرة الحرمين و حجّ بالناس سنة «195» ه و أقام الموسم سنة «201» -تهذيب تاريخ دمشق ج 5/210-.
4- 4) في المصدر: فرأيت إمرأة.
5- 5) في المصدر: أنّه مفروض الطاعة.
6- 6) الكافي ج 6/478 ح 4 و [4]عنه الوسائل ج 12/226 ح 4 و [5]ج 3/375 ح 1.

الورّاق، قالا: حدّثنا سعد بن عبد اللّه، قال: حدثني عليّ بن الحسين الخيّاط (1)النيسابوري، قال: حدّثني إبراهيم بن محمّد بن عبد اللّه بن موسى بن جعفر، عن ياسر الخادم بن أبي الحسن العسكري عن أبيه، عن جده علي بن موسى عليهم السلام (2)أنّه كان يلبس ثيابه مما يلي يمينه، فإذا لبس ثوبا جديدا دعا بقدح من ماء فقرأ عليه إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ عشر مرات، و قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ عشر مرات و قُلْ يا أَيُّهَا اَلْكافِرُونَ عشر مرات، ثم نضحه على ذلك الثوب، ثمّ قال: من فعل هذا بثوبه قبل أن يلبسه لم يزل في رغد من عيشه ما بقى منه سلك.

قال ابن بابويه: ياسر الخادم قد لقي الرضا عليه السلام و حديثه عن أبي الحسن العسكري عليه السلام غريب. (3)

الشيخ في التهذيب باسناده عن الحسين بن سعيد الأهوازي، عن سليمان بن جعفر الجعفري قال: رأيت أبا الحسن الرّضا عليه السلام يصلّي في جبّة خزّ. (4)

ص:467


1- 1) في نسخة: الحنّاط.
2- 2) في نسخة من الوسائل: [1] عن جدّه الرضا عن أبيه موسى عليهما السلام.
3- 3) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 1/315 ح 91 و [2]عنه الوسائل ج 3/372 ح 4. [3]
4- 4) التهذيب ج 2/212 ح 40 و عنه البحار ج 49/91 ح 6 و [4]في الوسائل ج 3/260 ح 1 [5] عنه و عن الفقيه ج 1/262 ح 806.

ص:468

الباب السادس عشر

في استعماله عليه السلام الطيب

1-محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن معمّر بن خلاد، قال: أمرني أبو الحسن الرّضا عليه السلام فعملت له دهنا فيه مسك و عنبر، فأمرني أن أكتب في قرطاس آية الكرسي، و أمّ الكتاب، و المعوذتين، و قوارع (1)من القرآن، و إجعله بين الغلاف و القارورة، ففعلت ثمّ أتيته به فتغلّف به (2)و أنا أنظر إليه. (3)

2-و عنه عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أبي القاسم الكوفي، عمّن حدثه عن محمّد بن الوليد الكرماني (4)، قال: قلت لأبي جعفر الثّاني عليه السلام: ما تقول في المسك؟

فقال: إنّ أبي أمر فعمل له مسك في بان (5)بسبعمائة درهم، فكتب

ص:469


1- 1) قوارع القرآن: الأيات الّتي قرائتها تطرد الشيطان و تقرعها و تؤمن الأنسان من شرّه و كلّ ذي شرّ مثل «المعوذتين» «و إن يكاد الذين كفروا» .
2- 2) تغلّف الرّجل لحيته: لطّخ لحيته بالغالية.
3- 3) الكافي ج 6/516 ح 2 و [1]عنه البحار ج 49/103 ح 26 و [2]الوسائل ج 1/447 ح 1. [3]
4- 4) قال المامقاني في التنقيح: قد وقع في طريق الصدوق في الفقيه و ليس له ذكر في كتب الرجال اصلا. . . نعم يظهر ممّا رواه في «الخرائج» عنه عن ابي جعفر الجواد عليه السلام أنّه كان شاكّا فأجلى اللّه ببركته عمّا في قلبه، و الخبر طويل يتضمّن عنايات كثيرة للجواد عليه السلام به.
5- 5) البان: ضرب من الشجر له حبّ حارّ يؤخذ منه الدهن و قد يقال لنفس الدهن: البان.

إليه الفضل بن سهل يخبره أنّ الناس يعيبون ذلك، فكتب إليه يا فضل أما علمت أنّ يوسف و هو نبيّ كان يلبس الديباج مزررا بالذهب، و يجلس على كراسي الذهب، و لم ينقص ذلك من حكمته شيئا؟

قال: ثم أمر فعملت له غالية بأربعة آلاف درهم. (1)

3-و روى مسير عن محمّد بن الوليد، عن الجواد عليه السلام قال:

سألته فقلت: جعلت فداك ما تقول في المسك؟

فقال لي: إنّ أبي الرضا عليه السلام أمر أن يتخذ له مسك فيه بان، فكتب إليه الفضل بن سهل يقول له: يا سيّدي إنّ الناس يعيبون ذلك عليك، فكتب عليه السلام إليه: يا فضل أما علمت أن يوسف الصدّيق عليه السلام كان يلبس الديباج مزرورا بأزرار الذهب و الجواهر، و يجلس على كرسي الذهب و اللجين فلم يضرّه ذلك، و لم ينقص من نبوّته و حكمته شيئا.

و إن سليمان بن داود عليه السلام صنع له كرسي من ذهب و لجين مرصّع بالجوهر و الحلي و عمل له درج من ذهب و لجين، و كان إذا صعد على الدرج إندرجت وراءه، و إذا نزل إنتشرت بين يديه، و الغمام تظلّه، و الجنّ و الإنس بين يديه وقوف لأمره، و الرياح تنسم و تجري كما أمرها، و السباع و الوحش و الهوام مذلّلة عكّف حوله، و الملأ تختلف إليه، فما ضرّه ذلك و لا نقص من نبوته شيئا و لا منزلته عند اللّه، و قد قال اللّه عزّ و جلّ: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اَللّهِ اَلَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ اَلطَّيِّباتِ مِنَ

ص:470


1- 1) الكافي ج 6/516 ح 4 و [1]عنه ج 49/103 ح 25 و الوسائل ج 1/443 ح 3. [2]

اَلرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ اَلْقِيامَةِ (1).

ثم أمر أن يتخذ له غالية فاتخذت بأربعة آلاف دينار و عرضت عليه فنظر إليها و الى سروها (2)و حسنها و طيبها فأمر أن تكتب رقعة فيها عوذة من العين و قال عليه السلام العين حق. (3)

4-ابن بابويه قال: حدّثنا الحاكم أبو عليّ الحسين بن أحمد البيهقي، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى الصولي قال: حدّثتني جدّتي امّ أبي، و إسمها عذر، قالت: اشتريت مع عدّة جوار من الكوفة، و كنت من مولّداتها قالت: فحملنا إلى المأمون، فكنّا في داره في جنّة من الأكل و الشرب و الطيب و كثرة الدنانير، فوهبني المأمون للرضا عليه السلام فلمّا صرت في داره فقدت جميع ما كنت فيه من النعيم، و كانت علينا قيمة تنبّهنا من الليل و تأخذنا بالصلوة، و كان ذلك من أشدّ شيء علينا فكنت أتمنّى الخروج من داره إلى أن وهبني لجدّك عبد اللّه بن العبّاس فلمّا صرت إلى منزله كنت كأنّي قد أدخلت الجنّة.

قال الصولي: و ما رأيت إمرأة قطّ أتمّ من جدّتي هذه عقلا و لا أسخى كفّا و توفّيت في سنة سبعين و مأتين، و لها نحو مائة سنة، و كانت تسأل عن أمر الرضا عليه السلام كثيرا فتقول ما أذكر منه شيئا إلاّ أنّي كنت أراه يتبخّر بالعود الهندي النيء (4)و يستعمل بعده ماء ورد

ص:471


1- 1) سورة الاعراف:32. [1]
2- 2) في المستدرك: و [2]إلى سيورها.
3- 3) هداية الحضيني:62 و عنه المستدرك ج 1/421 ح 1 ط الجديد. [3]
4- 4) في المصدر: السنيء و في البحار: [4] النيىء.

و مسكا، و كان عليه السلام إذا صلّى الغداة و كان يصلّيها في أوّل وقت ثمّ يسجد فلا يرفع رأسه إلى أن ترتفع الشمس، ثمّ يقوم فيجلس للناس أو يركب.

و لم يكن أحد يقدر أن يرفع صوته في داره كائنا من كان، إنّما يتكلّم الناس قليلا قليلا، و كان جدّي عبد اللّه يتبرّك بجدّتي هذه فدبّرها يوم وهبت له، فدخل عليه خاله العبّاس بن الأحنف (1)الحنفي الشاعر فأعجبته فقال لجدّي: هب لي هذه الجارية فقال: هي مدبّرة فقال العباس بن الأحنف.

يا عذر زيّن باسمك العذر رأسا (2)لم يحسن بك الدهر

(3)

ص:472


1- 1) العباس بن الأحنف بن الأسود الحنفي نشأ ببغداد، شاعر لم يمدح و لم يهج بل شعره كلّه غزل و تشبيب و له ديوان مطبوع توفى ببغداد او بالبصرة سنة «192» -الأغاني ج 8/352-.
2- 2) في المصدر و البحار: و [1]أساء لم يحسن بك الدهر.
3- 3) عيون اخبار الرضا عليه السلام ج 2/179 ح 3 و [2]عنه البحار ج 49/89 ح 2 و [3]الوسائل ج 1/450 ح 2.

الباب السابع عشر

في تواضعه عليه السلام

1-محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد (1)، عن عبد اللّه بن الصلت (2)، عن رجل من أهل بلخ قال: كنت مع الرّضا عليه السلام في سفره إلى خراسان فدعا يوما بمائدة له فجمع عليها مواليه من السودان و غيرهم، فقلت: جعلت فداك لو عزلت لهؤلاء مائدة؟

فقال: مه إنّ الربّ تبارك و تعالى واحد، و الامّ واحدة، و الأب واحد، و الجزاء بالأعمال. (3)

2-إبن بابويه، قال: حدّثنا الحاكم أبو محمّد (4)جعفر بن نعيم بن شاذان رضي اللّه عنه، قال: حدّثنا أحمد بن إدريس، عن إبراهيم بن

ص:473


1- 1) هو أحمد بن محمد بن عيسى الاشعري القمي المتفق على وثاقته، تقدّمت ترجمته.
2- 2) عبد اللّه بن الصلت أبو طالب القمي و ثّقه النجاشي و الشيخ، و عدّه في رجاله من أصحاب الرّضا و الجواد عليهما السلام و قال النجاشي: مسكون الى روايته، روى عن الرضا عليه السلام يعرف له كتاب التفسير، قال الصدوق في أوّل كمال الدين: [1] كان أحمد بن محمد بن عيسى في فضله و جلالته يروي عن ابي طالب عبد اللّه بن الصلت القمي-تنقيح المقال ج 2/189-. [2]
3- 3) الكافي ج 8/230 ح 296 و [3]عنه البحار ج 49/101 ح 18 و [4]الوسائل ج 16/423 ح 1. [5]
4- 4) هو من مشايخ الصدوق و وصفه بالحاكم دليل على شموخ مقامه في الحديث مضافا الى ترضّي الصدوق عليه.

هاشم، عن إبراهيم بن العبّاس قال ما رأيت أبا الحسن الرضا عليه السلام جفا أحدا بكلمة قط، و لا رأيته قطع على أحد كلامه و لا رأيته قطع على أحد بكلامه حتى يفرغ منه و ما ردّ أحدا عن حاجة يقدر عليها، و لا مدّ رجله بين يدي جليس له قطّ، و لا إتّكأ بين يدي جليس له قطّ، و لا رأيته شتم أحدا من مواليه و ممالكيه قطّ، و لا رأيته تفل قطّ و لا رأيته يقهقه في ضحكه قطّ، بل كان ضحكه التبسّم.

و كان إذا خلا و نصبت مائدته أجلس معه على مادئته مماليكه و مواليه حتّى البوّاب و السائس و كان عليه السلام قليل النوم بالّليل كثير السهر، يحيى اكثر لياليه من أوّلها إلى الصبّح، و كان كثير الصيام فلا يفوته صيام ثلاثة أيّام في الشهر، و يقول: ذلك صوم الدهر، و كان عليه السلام كثير المعروف و الصّدقة في السر، و أكثر ذلك يكون منه في الليالي المظلمة، فمن زعم أنّه رأى مثله في فضله فلا تصدّقه. (1)

3-و عنه حدّثنا حمزة بن محمّد بن أحمد بن جعفر بن محمّد بن زيد بن عليّ بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام بقم في رجب سنة تسع و ثلاثين و ثلثمائة، قال: أخبرني عليّ بن إبراهيم بن هاشم فيما كتب إليّ سنة سبع و ثلثمائة قال: حدّثني ياسر الخادم، قال: كان الرّضا عليه السلام إذا خلا جمع حشمه كلّهم عنده الصّغير و الكبير فيحدّثهم و يأنس بهم و يؤنسهم، و كان عليه السلام إذا جلس على المائدة لا يدع صغيرا و لا كبيرا حتّى السّائس و الحجّام إلاّ أقعده معه على مائدته. (2)

ص:474


1- 1) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 2/182 ح 7. [1]
2- 2) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 2/159 [2] صدره ح 24، و عنه البحار ج 49/164 ح 5. [3]

4-و عنه، قال: حدّثنا أبي رضي اللّه عنه، قال: حدّثنا أحمد بن إدريس، قال: حدّثنا محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري، قال: حدثنا معاوية بن حكيم (1)، عن معمّر بن خلاّد قال: قال لي أبو الحسن الرّضا عليه السلام: قال لي المأمون يوما: يا أبا الحسن انظر بعض من تثق به نولّه هذه البلدان الّتي قد فسدت علينا، فقلت له: تفي لي و أفي لك، فإنّي إنّما دخلت على أن لا آمر فيه، و لا أنهى، و لا أعزل، و لا اولّي، و لا اشير حتى يقدمني اللّه تعالى قبلك، فو اللّه إنّ الخلافة لشيء ما حدّثت به نفسي، و لقد كنت بالمدينة أتردّد في طرقها على دابّتي و إنّ أهلها و غيرهم يسألوني الحوائج فأقضيها لهم فيصيرون كالأعمام لي و إنّ كتبي لنافذة في الأمصار، و ما زدتني في نعمة هي عليّ من ربّي، فقال له: أفي لك. (2)

5-و عنه قال: حدّثنا الحاكم أبو علي الحسن بن أحمد البيهقي، قال: حدّثني محمّد بن يحيى الصولي، قال: حدّثني أبو عبد اللّه محمّد ابن موسى (3)بن نصر اللّه الرازي قال: سمعت أبي يقول: قال رجل للرضا عليه السلام: و اللّه ما على وجه الأرض أشرف منك أبا، فقال: التقوى

ص:475


1- 1) معاوية بن حكيم بن معاوية بن عمّار الدهني وثّ [1]قه النجاشي، و عدّه الشيخ [2]في رجاله في أصحاب الجواد و الهادي عليهما السلام و فيمن لم يرو عنهم عليهم السلام، و قال النجاشي بعد توثيقه: جليل في أصحاب الرضا عليه السلام، و عدّه الكشي من الفطحيّة و من أجلّة العلماء و الفقهاء و العدول-معجم رجال الحديث ج 18/202-.
2- 2) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 2/166 ح 29 و عنه البحار ج 49/144 ح 20.
3- 3) في المصدر: محمّد بن موسى بن نصر الرّازي، و على أيّ تقدير لم أظفر له على ترجمة.

شرّفتهم و طاعة اللّه أحاطتهم. (1)

فقال له آخر: أنت و اللّه خير الناس، فقال له: لا تحلف يا هذا خير منّي من كان أتقى للّه تعالى و أطوع له، و اللّه ما نسخت هذه الآية:

وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اَللّهِ أَتْقاكُمْ (2). (3)

6-و عنه، قال: حدّثنا الحاكم أبو عليّ الحسين بن أحمد البيهقي، قال: حدّثني محمّد بن يحيى الصولي، قال: حدّثنا أبو ذكوان، قال:

سمعت إبراهيم بن العبّاس، يقول: سمعت عليّ بن موسى الرّضا عليه السلام يقول: حلفت بالعتق و لا أحلف بالعتق إلاّ أعتقت رقبة و أعتقت بعدها جميع ما أملك إن كان أرى (4)أنّي خير من هذا و أومىء إلى عبد أسود من غلمانه، بقرابتي من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلاّ أن يكون لي عمل صالح فأكون أفضل به منه. (5)

ص:476


1- 1) في المصدر: و طاعة اللّه أحضتهم، و في نسخة: عظمّهم.
2- 2) سورة الحجرات:13. و في هامش بعض النسخ: حاول عليه السلام بذلك التنبيه على أنّ الإعتماد على محضر القرابة ليس بمستحسن في العقول، و إنّما الشرف في الكمال العلمي و العملي و رأسهما التقوى.
3- 3) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 2/236 ح 10 و [1]عنه البحار ج 49/59 ح 8 و [2]البرهان ج 4/211 ح 3. [3]
4- 4) في المصدر و البحار: « [4]إن كان يرى أنّه خير» و في الوسائل: « [5]إن كان أرى أنّي خير» قال في البحار: [6] قوله: «ان كان يرى» اى إن كنت أرى، و هكذا قاله عليه السلام فغيّره الراوي فرواه على الغيبة، لئلاّ يتوهم تعلّق حكم الحلف.
5- 5) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 2/237 ح 11 و [7]عنه البحار ج 49/95 ح 9 و [8]الوسائل ج 16/140 ح 11. [9] قال في البحار: [10] حاصل المعنى أنّه عليه السلام حلف بالعتق إن كان يعتقد أنّ فضله على عبده الأسود بمحض قرابة الرسول صلّى اللّه عليه و آله بدون انضمام الاعتقادات الحسنة

7-محمّد بن يعقوب، عن الحسين بن محمّد 1، عن السيّاري، عن عبيد بن أبي عبد اللّه البغدادي 2، عمّن أخبره قال: نزل بأبي الحسن الرّضا عليه السلام ضيف، و كان جالسا عنده يحدّثه في بعض الليل، فتغيّر السراج، فمدّ الرجل يده ليصلحه، فزبره أبو الحسن عليه السلام ثم بادره بنفسه فأصلحه ثمّ قال له: إنّا قوم لا نستخدم أضيافنا. 3

ص:477

ص:478

الباب الثامن عشر

في ورعه عليه السلام

1-محمّد بن يعقوب، عن عدّه من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن هارون بن مسلم، عن بعض رجاله عن أبي الحسن الرّضا عليه السلام أنّ بعض بني هاشم دعاه مع جماعة من أهله فأتى بصبيّة له، فأدناها أهل المجلس جميعا إليهم، فلمّا دنت منه سأل عن سنّها فقيل: خمس فنحّاها عنه (1). (2)

2-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن سليمان ابن جعفر الجعفري، قال كنت مع الرّضا عليه السلام في بعض الحاجة فأردت أن أنصرف إلى منزلي فقال لي: إنصرف معي، فبت عندي الليلة، فانطلقت معه فدخل بي داره مع، المعتّب، فنظر إلى غلمانه يعملون بالطّين أوارى (3)الدوابّ و غير ذلك، و إذا معهم أسود ليس منهم فقال: ما هذا الرّجل معكم؟

قالوا: يعاوننا و نعطيه شيئا؛ قال قاطعتموه على اجرته؟

فقالوا: لا هو يرضى منا بما نعطيه، فأقبل عليهم يضربهم بالسّوط

ص:479


1- 1) قال المجلسي قدّس سرّه في مرآة العقول: [1] لعلّه محمول على الكراهة جمعا.
2- 2) الكافي ج 5/533 ح 3 و [2]عنه الوسائل ج 14/170 ح 3. [3]
3- 3) الأوارى: جمع الأريّ و هي محبس الدوابّ، و حبل تشدّ به الدوابّ.

و غضب لذلك غضبا شديدا.

فقلت: جعلت فداك لم تدخل على نفسك؟

فقال: إنّي قد نهيتهم عن مثل هذا غير مرّة أن يعمل معهم أحد حتّى يقاطعوه أجرته. و اعلم أنّه ما من أحد يعمل لك شيئا بغير مقاطعة ثمّ زدته لذلك الشيء ثلاثة أضعاف على اجرته إلاّ ظنّ أنّك قد نقصته أجرته، و إذا قاطعته ثمّ أعطيته أجرته حمدك على الوفاء، فان زدته حبّة عرف ذلك ورآى أنّك قد زدته. (1)

ص:480


1- 1) الكافي ج 5/288 ح 1 و [1]عنه البحار ج 49/106 ح 34، و [2]في الوسائل ج 13/245 ح 1 [3] عنه و عن التهذيب ج 7/212 ح 14.

الباب التاسع عشر

في ادعية له عليه السلام

1-المفيد في «اماليه» قال: أخبرني أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الريّان بن الصلت قال: سمعت الرّضا عليّ بن موسى عليهما السلام يدعو بكلمات فحفظتها عنه فما دعوت بها في شدة إلاّ فرّج اللّه عنّي و هي: «أللّهم أنت ثقتي في كلّ كرب (1)، و أنت رجائي في كلّ شدّة (2)و أنت لي في كلّ أمر نزل (3)بي ثقة و عدّة، كم من كرب يضعف فيه الفؤاد، و تقلّ فيه الحيلة و تعيي فيه الامور، و يخذل فيه القريب و البعيد و الصديق (4)، و يشمت فيه العدّو، و أنزلته بك، و شكوته إليك راغبا إليك فيه عمّن سواك ففرّجته و كشفته و كفيته (5)، فأنت وليّ كلّ نعمة، و صاحب كلّ حاجة و منتهى كلّ رغبة، فلك الحمد كثيرا و لك المنّ فاضلا بنعمتك تتمّ الصالحات، يا معروفا بالمعروف، يا من هو بالمعروف موصوف، أنلني من معروفك معروفا تغنيني به عن معروف

ص:481


1- 1) في أمالي ابن الشيخ ج 1/33: « [1]كربة» و هما بمعنى الحزن و الغمّ.
2- 2) و في بعض النسخ: «شديدة» .
3- 3) و في بعض النسخ: «في كل أمر ينزل بي ثقتي و عدّتي.
4- 4) في نسخة: «و اللصيق» .
5- 5) في المصدر: و كفيتنيه.

من سواك برحمتك يا أرحم الراحمين. (1)

2-إبن بابويه قال: حدّثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي اللّه عنه، حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن خالد، عن بعض أصحابنا قال: مرّ أبو الحسن الرّضا عليه السلام بقبر من قبور أهل بيته فوضع يده عليه ثمّ قال: إلهي بدت قدرتك، و لم تبد هيئتك (2)فجهلوك، و قدّروك (3)و التقدير على غير ما به وصفوك (4)، و أنا بريء يا إلهي من الّذين بالتشبيه طلبوك، ليس كمثلك شيء إلهي و لن يدركوك، و ظاهر ما بهم من نعمك دليلهم عليك لو عرفوك، و في خلقك يا إلهي مندوحة (5)أن يتناولوك، بل سوّوك بخلقك، فمن ثمّ لم يعرفوك، و اتّخذوا بعض آياتك ربّا فبذلك و صفوك، تعاليت ربّي عما به المشبّهون نعتوك. (6)

ص:482


1- 1) أمالي المفيد:273 ح 4 و عنه البحار ج 95/186 ح 9 و [1]عن أمالي الطوسي ج 1/33. [2]
2- 2) في المصدر: «و لم تبد هيئة» ، و قال المحقّق في الهامش: هيئة منصوب على التميز و فاعل «لم تبد» ضمير يرجع الى القدرة، و في البحار: «و [3]لم تبد هيئته» مضافا الى الضمير يرجع الى القدرة و لا بأس بعدم تطابق الضمير و المرجع، و الهيئة بمعنى الكيفيّة، و معنى الكلام إلهي بدت قدرتك في الأشياء و ما بدت كيفيتها.
3- 3) في البحار: «و [4]به قدّروك» أي و بالجهل قدّروك.
4- 4) قوله: «و التقدير على غير ما به وصفوك» أي التقدير بما قدّروا به من المقادير الجسمانيّة ينافي ما و صفوك به من الربوبيّة، و يحتمل أن يكون المراد بالتقدير مطلق التوصيف، أي ينبغي و يجب توصيفك على غير ما وصفوك به من الجسم و الصورة-البحار ج 3/293 [5] في ذيل الحديث-.
5- 5) قوله: «مندوحة» أي في التفكّر في خلقك و الإستدلال به على عظمتك و تقدسّك عن صفات المخلوقين مندوحة و سعة من أن يتفكروا في ذاتك فينسبوا إليك ما لا يليق بجنابك-البحار-. [6]
6- 6) التوحيد:124 ح 2 و [7]عنه البحار ج 3/293 ح 14 و [8]عن أمالي الصدوق:487 ح 2 [9] نحوه.

3-و عنه قال حدّثنا أبي رحمه اللّه، قال: حدثنا محمّد بن يحيى العطّار عن محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري قال: حدّثني أبو سعيد الآدمي (1)، عن أحمد بن موسى، عن سعد بن سعد (2)، عن أبي الحسن الرّضا عليه السلام قال: كنت معه في الطواف، فلمّا صرنا معه بحذاء الركن اليماني قام عليه السلام فرفع يديه ثمّ قال: يا اللّه يا وليّ العافية، و خالق العافية (3)، و رازق العافية، و المنعم بالعافية، و المنّان بالعافية و المتفضّل بالعافية عليّ و على جميع خلقك، و تمام العافية (4)يا رحمن الدنيا و الآخرة و رحيمهما صلّ على محمّد و آل محمّد، و ارزقنا العافية و دوام العافية، و تمام العافية، و شكر العافية في الدنيا و الآخرة يا أرحم الراحمين. (5)

4-و عنه قال: حدّثنا أبي رضي اللّه عنه قال: حدّثنا سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ بن فضال قال:

رأيت أبا الحسن عليه السلام و هو يريد أن يودّع للخروج إلى العمرة فأتى القبر عن موضع رأس النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بعد المغرب فسلّم

ص:483


1- 1) أبو سعيد الأدمي: هو سهل بن زياد [1]الرازي من أصحاب الهادي و العسكري عليهما السلام تقدّمت ترجمته.
2- 2) سعد بن سعد: بن الأحوص بن سعد بن مالك الأشعري القمي، وثّقه النجاشي و الشيخ، روى عن الرضا و الجواد عليهما السلام، و عدّه البرقي في أصحاب الكاظم عليه السلام- معجم رجال الحديث ج 8/59-. [2]
3- 3) في المصدر: «و يا خالق العافية، و يا رازق العافية» .
4- 4) ليس في المصدر: «و تمام العافية» .
5- 5) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 2/16 ح 37 و [3]عنه البحار ج 99/195 ح 4 و [4]الوسائل ج 9/417 ح 7. [5]

على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و لزق (1)بالقبر.

ثمّ إنصرف حتى أتى القبر فقام إلى جانبه يصلّي فألزق منكبه الأيسر بالقبر قريبا من الاسطوانة الّتي دون الاسطوانة المخلّفة عند رأس النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فصلّى (2)ست ركعات أو ثمان ركعات في نعليه.

قال: و كان مقدار ركوعه و سجوده ثلث تسبيحات أو أكثر. فلمّا فرغ سجد سجدة أطال فيها حتى بلّ عرقه الحصى.

قال: و ذكر بعض أصحابنا (3)أنه ألصق خدّيه بأرض المسجد. (4)

5-و عنه و عنه، قال حدّثنا أبي رضي اللّه عنه، قال: حدّثنا أحمد ابن إدريس، عن محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري، قال:

حدّثني محمّد بن أحمد، عن الحسن بن عليّ بن كيسان، عن موسى بن سلام، قال: إعتمر أبو الحسن الرّضا عليه السلام فلما ودّع البيت و صار إلى باب الحناطين (5)ليخرج منه وقف في صحن المسجد في ظهر الكعبة ثمّ رفع يديه فدعا، ثمّ إلتفت إلينا فقال: نعم المطلوب به الحاجة

ص:484


1- 1) لزق به: لصق به.
2- 2) في المصدر: «و صلّى» .
3- 3) في المصدر: «بعض أصحابه» .
4- 4) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 2/17 ح 40 و [1]عنه البحار ج 100/149 ح 15 و [2]في ص 157 ح 35 عن كامل الزيارات:27 و [3]في الوسائل ج 10/281 ح 3 [4] عنهما و في ج 3/ 455 ح 4 صدره و في ص 308 ح 2 قطعة منه عن العيون. [5]
5- 5) باب الحنّاطين: باب من أبواب صحن المسجد الذي زاد بنو اميّة على المسجد الحرام، و باب الزيادة عند زاوية هذا الصحن-هامش العيون-. [6]

إليه الصلوة فيه أفضل من الصلوة في غيره ستّين سنة أو شهرا (1)فلمّا صار عند الباب قال: اللّهم إنّي خرجت على أن لا إله إلاّ إنت. (2)

6-و عنه، عن محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي اللّه عنه، قال: حدّثنا سعد بن عبد اللّه، عن إبراهيم بن هاشم، عن إبراهيم بن أبي محمود (3)، قال رأيت الرّضا عليه السلام ودّع البيت فلمّا أراد أن يخرج من باب المسجد خرّ ساجدا ثمّ قام فاستقبل القبلة و قال: أللّهم إنّي أنقلب على أن لا إله إلاّ اللّه. (4)

7-و عنه حدّثنا تميم بن عبد اللّه بن تميم القرشي رضي اللّه عنه، قال: حدّثنا أبي قال: حدّثنا أحمد بن عليّ الأنصاري، قال: حدّثنا عبد السلام بن صالح الهروي، قال: لمّا خرج عليّ بن موسى الرّضا عليهما السلام من نيسابور إلى المأمون، فبلغ قرب قرية الحمراء قيل له: يا إبن رسول اللّه: قد زالت الشمس أفلا تصلّي؟

فنزل عليه السلام فقال: إيتوني بماء فقيل: ما معنا ماء، فبحث عليه السلام بيده الأرض فنبع من الماء ما توضّأ به هو و من معه و أثره باق

ص:485


1- 1) في بعض النسخ: «و شهرا» و الظاهر أنّ الصواب أو شهرا و الترديد من الراوي.
2- 2) عيون أخبار الرضا ج 2/17 ح 42 و [1]عنه البحار ج 99/370 ح 1، و [2]الوسائل ج 3/537 ح 6. [3]
3- 3) ابراهيم بن أبي محمود الخراساني، كان من اصحاب الكاظم و الرضا عليهما السلام و روى عنهما و عن أبي جعفر الجواد عليهم السلام، وثقه النجاشي و الشيخ و العلاّمة-معجم رجال الحديث ج 1/199-. [4]
4- 4) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 2/18 ح 43 و [5]عنه البحار ج 99/370 ح 2 و [6]في الوسائل ج 10/232 ح 2 [7] عنه و عن التهذيب ج 5/281 ح 2 و الكافي ج 4/531 ح 2. [8]

إلى اليوم، فلمّا دخل سناباد (1)إستند إلى الجبل الّذي تنحت منه القدور، فقال: أللّهم إنفع به و بارك فيما يجعل فيه و فيما ينحت منه، ثمّ أمر عليه السلام فنحت له قدور الجبل، و قال: لا يطبخ ما آكله إلاّ فيها، و كان عليه السلام خفيف الأكل قليل الطعام، فاهتدى الناس إليه من ذلك اليوم و ظهرت بركة دعائه عليه السلام فيه.

ثم دخل دار حميد بن قحطبة الطائي، و دخل القبّة التي فيها قبر هارون الرشيد، ثمّ خطّ بيده إلى جانبه ثم قال عليه السلام: هذه تربتي و فيها ادفن و سيجعل اللّه هذا المكان مختلف شيعتي و أهل محبّتي و اللّه ما يزورني منهم زائر و لا يسلّم عليّ منهم مسلّم إلاّ وجب له غفران اللّه و رحمته بشفاعتنا أهل البيت.

ثمّ إستقبل القبلة و صلى ركعات و دعا بدعوات فلمّا فرغ سجد سجدة طال مكثه فيها فأحصيت له فيها خمسمأة تسبيحة ثمّ إنصرف. (2)

ص:486


1- 1) سناباد «بالسين المهملة ثمّ نون بعدها الف، ثم باء موحّدة و دال معجمة» : بلدة بخراسان و هي الموضع الذي دفن فيه الرضا عليه السلام و هي من نوقان على دعوة اي قدر سماع صوت الشخص-هامش العيون ج 2/136-. [1]
2- 2) عيون اخبار الرضا عليه السلام ج 2/136 ح 1 و [2]عنه البحار ج 49/125 ح 1 و [3]قطعة منه في ج 102/36 ح 22 و ذيله في الوسائل ج 10/439 ح 24 و [4]ج 4/1073 ح 5.

الباب العشرون

في النص عليه من ابيه عليهما السلام بالوصاية و الامامة

1-محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن إبن محبوب، عن الحسين بن نعيم الصحّاف (1)قال: كنت أنا و هشام بن الحكم، و عليّ بن يقطين (2)ببغداد، فقال عليّ بن يقطين: كنت عند العبد الصّالح جالسا فدخل عليه إبنه عليّ فقال لي: يا عليّ بن يقطين هذا عليّ سيّد ولدي، أما إنّي قد نحلته كنيتي. فضرب هشام بن الحكم براحته جبهته ثمّ قال: ويحك كيف قلت؟

فقال عليّ بن يقطين: سمعت و اللّه منه كما قلت.

فقال هشام: أخبرك أنّ الأمر فيه من بعده. (3)

2-و رواه إبن بابويه في «عيون الأخبار» قال: حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي اللّه عنه قال: حدّثنا محمّد بن الحسن

ص:487


1- 1) الحسين بن نعيم الصحّاف الكوفي مولى بني أسد روى عن الصادق عليه السلام و كان متكلّما مجيدا له كتاب بروايات كثيرة وثّقه النجاشي-جامع الرواة ج 1/258-. [1]
2- 2) علي بن يقطين: بن موسى البغدادي الكوفي الأصل، روى عن الصادق عليه السلام حديثا واحدا و عن الكاظم عليه السلام أكثر، وثّقه النجاشي و هو جليل القدر عظيم المنزلة، ولد بالكوفة سنة «124» ه و توفي سنة «180» ه او سنة «182» ه-جامع الرواة ج 1/609- [2]تحفة الأحباب:341-345-.
3- 3) الكافي ج 1/311 ح 1. [3]

الصفّار، عن عبد اللّه بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، و عثمان بن عيسى، عن الحسين بن نعيم الصحّاف، قال: كنت أنا و هشام ابن الحكم و عليّ بن يقطين ببغداد فقال عليّ بن يقطين: كنت عند العبد الصّالح موسى بن جعفر عليه السلام جالسا فدخل عليه إبنه الرّضا عليه السلام فقال يا عليّ هذا سيّد ولدي و قد نحلته كنيتي، فضرب هشام براحته جبهته ثمّ قال: ويحك كيف قلت؟

فقال عليّ بن يقطين: سمعت و اللّه منه كما قلت لك: فقال هشام:

أخبرك و اللّه أنّ الأمر فيه من بعده. (1)

و عنه عن أحمد بن مهران (2)عن محمد بن علي (3)عن الحسين بن نعيم الصحاف قال: كنت العبد الصالح [و في نسخة الصفواني]قال:

كنت أنا ثمّ ذكر مثله. (4)

3-و عنه عن عدة من اصحابنا، عن أحمد بن محمد (5)، عن معاوية

ص:488


1- 1) العيون ج 1/21 ح 3 و [1]عنه كشف الغمة ج 2/297 و [2]في البحار ج 49/13 ح 4 [3] عنه و عن اعلام الورى:303 [4] عن محمّد بن يعقوب و ارشاد المفيد:305 و [5]غيبة الطوسي:25 و [6]في كشف الغمة ج 2/270. [7]
2- 2) أحمد بن مهران من مشايخ الكليني، ضعّفه ابن الغضائري، وردّ تضعيفه الوحيد نظرا إلى إكثار الكليني عنه مترحّما و هو أعرف بحاله من ابن الغضائري، روى عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني-الجامع في الرجال:190-.
3- 3) هو محمد بن علي الكوفي الصيرفي أبو سمينة تقدّمت ترجمته.
4- 4) الكافي ذيل ح 1 [8] من ج 1/311.
5- 5) هو احمد بن محمد بن خالد بن عبد الرحمن البرقي تقدّمت ترجمته.

ابن حكيم (1)، عن نعيم القابوسي (2)عن أبي الحسن عليه السلام أنّه قال:

إنّ إبني عليّا اكبر ولدي، و أبرّهم عندي، و أحبّهم إليّ، و هو ينظر معي في الجفر، و لم ينظر فيه إلاّ نبيّ أو وصيّ نبيّ. (3)

4-و عنه عن احمد بن مهران عن محمد بن علي، عن محمّد بن سنان و اسماعيل بن عبّاد القصري (4)جميعا عن داود الرقّي (5)قال:

قلت: لأبي إبراهيم عليه السلام جعلت فداك إنّي قد كبر سنّي فخذ بيدي من النار.

قال: فأشار إلى إبنه أبي الحسن عليه السلام فقال: هذا صاحبكم من بعدي. (6)

5-و عنه عن الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمّد، عن أحمد بن محمد بن عبد اللّه (7)عن الحسن، عن إبن أبي عمير، عن محمّد بن إسحق

ص:489


1- 1) معاوية بن حكيم بن معاوية بن عمّار الكوفي الدهني ثقة جليل في أصحاب الرضا عليه السلام-جامع الرواة ج 2/236-. [1]
2- 2) نعيم القابوسي: عدّه المفيد من خاصّة موسى الكاظم عليه السلام و ثقاته و من اهل الورع و العلم و الفقه من شيعته-جامع الرواة ج 2/295-. [2]
3- 3) الكافي ج 1/311 ح 2 و [3]أخرجه في البحار ج 49/24 ح 36 [4]عن ارشاد المفيد:305 [5]بإسناده عن الكليني و اعلام الورى:304 و [6]غيبة الطوسي:26 [7] عن محمد بن يعقوب.
4- 4) اسماعيل بن عبّاد القصري، من قصر إبن هبيرة عدّه الشيخ في أصحاب الرضا عليه السلام و ذكره بعض في أصحاب الكاظم عليه السلام-جامع الرواة ج 1/97-. [8]
5- 5) هو داود بن كثير بن أبي خالد الرقّي عدّه الشيخ من أصحاب الصادق و الكاظم عليهما السلام و قال: مولى بني أسد ثقة ثقة-الجامع في الرجال:749-. [9]
6- 6) الكافي ج 1/312 ح 3 و [10]أخرجه في البحار ج 49/23 ح 34 [11]عن إرشاد المفيد:304 [12]باسناده عن الكليني و إعلام الورى:304، و [13]غيبة الطوسي:25 [14] عن محمد بن يعقوب، و في كشف الغمّة ج 2/270 عن الإرشاد. [15]
7- 7) هو أحمد بن محمد بن عبد اللّه بن مروان الأنباري تقدّمت ترجمته.

ابن عمّار، قال: قلت لأبي الحسن الأول: عليه السلام ألا تدلّني إلى من آخذ عنه ديني؟

فقال: هذا إبني عليّ إنّ أبي أخذ بيدي فأدخلني إلى قبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا بنيّ إنّ اللّه عزّ و جلّ قال: إِنِّي جاعِلٌ فِي اَلْأَرْضِ خَلِيفَةً (1)و إنّ اللّه عزّ و جلّ إذا قال قولا وفى به. (2)

6-و عنه عن احمد بن ادريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي (3)عن يحيى بن عمرو (4)، عن داود الرّقي، قال: قلت لأبي الحسن موسى عليه السلام: إنّي قد كبرت سني و دقّ عظمي و إنّي سألت أباك عليه السلام: فأخبرني بك [فأخبرني من بعدك؟].

فقال: هذا أبو الحسن الرضا عليه السلام. (5)

7-و عنه عن أحمد بن مهران، عن محمّد بن عليّ، عن زياد بن مروان القندي (6)، و كان من الواقفية قال: دخلت على أبي إبراهيم عليه

ص:490


1- 1) سورة البقرة:30. [1]
2- 2) الكافي ج 1/312 ح 4 و [2]أخرجه في البحار ج 49/24 ح 35 [3]عن ارشاد المفيد:305 و [4]اعلام الورى:304 و [5]غيبة الطوسي:25 و [6]في كشف الغمّة ج 2/270. [7]
3- 3) الحسن بن الحسين اللؤلؤي: عدّه الشيخ قدّس سرّه في باب من لم يرو عنهم عليهم السلام، و قال النجاشي رحمه اللّه: كوفي ثقة كثير الرواية له كتاب مجموع نوادر-تنقيح المقال ج 1/274-. [8]
4- 4) يحيى بن عمرو: عدّه الشيخ رحمه اللّه في رجاله من أصحاب الرضا عليه السلام و ظاهره كونه إماميّا إلاّ أنّ حاله مجهول-التنقيح ج 3/320-. [9]
5- 5) الكافي ج 1/312 ح 5. [10]
6- 6) زياد بن مروان: القندي الأنباري ابو الفضل من اصحاب الصادق و الكاظم عليهما السلام، و قد اختلف الأصحاب في قبول روايته و عدمه لأنّه كان من أركان الواقفية و [11]من منكري

السلام و عنده ابنه أبو الحسن عليه السلام فقال لي: يا زياد هذا إبني فلان، كتابه كتابي، و كلامه كلامي، و رسوله رسولي، و ما قال فالقول قوله. 1

8-و رواه إبن بابويه قال: حدّثنا أبي رضي اللّه عنه قال: حدّثنا سعد ابن عبد اللّه عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن زياد بن مروان القنديّ، قال: دخلت على أبي إبراهيم عليه السلام و عنده عليّ إبنه فقال لي: يا زياد هذا كتابه كتابي، و كلامه كلامي، و رسوله رسولي، و ما قال فالقول قوله.

قال: إبن بابويه عقيب هذا الحديث: إنّ زياد بن مروان القندي روى هذا الحديث ثمّ أنكره بعد مضيّ موسى بن جعفر عليه السلام و قال بالوقف و حبس ما كان عنده من مال موسى بن جعفر عليهما السلام. 2

9-و عنه عن أحمد بن مهران عن محمد بن علي عن محمّد بن الفضيل، قال: حدّثني المخزومي 3و كانت امّه من ولد جعفر بن أبي

ص:491

طالب عليه السلام قال: بعث إلينا أبو الحسن موسى عليه السلام فجمعنا، ثمّ قال لنا: أتدرون لم دعوتكم؟ فقلنا: لا فقال: إشهدوا أنّ إبني هذا وصيّي و القيّم بأمري و خليفتي من بعدي، من كان له عندي دين فليأخذه من إبني هذا، و من كانت له عندي عدة فلينجزها منه، و من لم يكن له بدّ من لقائي فلا يلقني إلاّ بكتابه 1.

10-و رواه إبن بابويه قال: حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي اللّه عنه قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمّد بن الفضيل، عن عبد اللّه بن الحارث و امّه من ولد جعفر بن أبي طالب عليه السلام قال: فبعث إلينا أبو إبراهيم عليه السلام فجمعنا ثمّ قال: أتدرون لم جمعتكم؟

قلنا: لا قال: إشهدوا أنّ عليّا إبني هذا وصيّي و القيّم بأمري و خليفتي من بعدي، من كان له عندي دين فليأخذه من إبني هذا، و من كانت له عندي عدة فلينجزها منه 2و من لم يكن له بدّ من لقائي فلا يلقني إلاّ بكتابه. 3

11-و عنه، عن أحمد بن مهران، عن محمّد بن علي، عن محمّد بن

ص:492

سنان، و عليّ بن الحكم جميعا عن الحسين بن المختار (1)قال: خرجت إلينا ألواح من أبي الحسن موسى عليه السلام و هو في الحبس: عهدي إلى أكبر ولدي أن يفعل كذا، و فلان لا تنله شيئا حتى ألقاك أو يقضي اللّه عليّ الموت. (2)

12-و رواه إبن بابويه قال: حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي اللّه عنه قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عبد اللّه بن محمّد الحجّال (3)و أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، و محمّد بن سنان، و عليّ بن الحكم، عن الحسين بن المختار قال خرجت إلينا ألواح من أبي إبراهيم موسى عليه السلام، و هو في الحبس فإذا فيها مكتوب: عهدي إلى أكبر ولدي. (4)

13-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عبد اللّه بن المغيرة، عن الحسين بن المختار قال: خرج إلينا من أبي الحسن عليه السلام بالبصرة ألواح مكتوب فيها بالعرض: عهدي

ص:493


1- 1) الحسين بن المختار القلانسي الكوفي أبو عبد اللّه، كان واقفيّا، روى عن الصادق و الكاظم عليهما السلام، و له كتاب، و عدّه المفيد في «الارشاد» [1] من خاصّة الكاظم عليه السلام و ثقاته و أهل الورع و العلم و الفقه من شيعته-جامع الرواة ج 1/254-. [2]
2- 2) الكافي ج 1/312 ح 8 و [3]أخرجه في البحار ج 49/24 ح 37 [4]عن ارشاد المفيد:305 و [5]اعلام الورى:305 و [6]غيبة الطوسي:26 و [7]في كشف الغمة: ج 2/271 [8]عن الارشاد. [9]
3- 3) عبد اللّه بن محمّد الحجال الأسدي الكوفي أبو محمّد، وثّقه النجاشي مرتّين و قال: ثقة ثقة ثبت-جامع الرواة ج 1/503-. [10]
4- 4) عيون اخبار الرضا عليه السلام ج 1/30 ح 23 و [11]عنه البحار ج 49/18 ح 21. [12]

إلى أكبر ولدي يعطى فلان كذا، و فلان كذا، و فلان كذا، و فلان لا يعطى حتّى أجييء أو يقضي اللّه عزّ و جلّ عليّ الموت إنّ اللّه يفعل ما يشاء. (1)

14-و عنه، عن أحمد بن مهران، عن محمّد بن عليّ عن إبن محرز، عن عليّ بن يقطين، عن أبن الحسن عليه السلام قال: كتب إليّ من الحبس أنّ فلانا إبني سيّد ولدي و قد نحلته كنيتي. (2)

15-و عنه عن أحمد بن مهران، عن محمّد بن علي، عن أبي عليّ الخزّاز، عن داود بن سليمان (3)، قال: قلت لأبي إبراهيم عليه السلام: إني أخاف أن يحدث حدث و لا ألقاك فأخبرني من الإمام بعدك؟

فقال: إبني فلان، يعني أبا الحسن عليه السلام. (4)

16-و عنه عن أحمد بن مهران، عن محمّد بن عليّ، عن سعيد بن

ص:494


1- 1) الكافي ج 1/313 ح 9 و [1]أخرج صدره في البحار ج 49/19 ح 22 [2]عن العيون ج 1/30 ح 24. [3]
2- 2) الكافي ج 1/313 ح 10. [4]
3- 3) داود بن سليمان من خاصّة أبي الحسن عليه السلام وثقاته و أهل الورع و العلم من شيعته، ذكره الشيخ المفيد في إرشاده [5]في فصل من روى النصّ على الرضا عليه السلام، أقول: لم يظهر لنا تعيين هذا الرجل فيحتمل انطباقه على كلّ من المذكورين بعد ذلك ممّن له كتاب، و هم داود بن سليمان الكوفي و داود بن سليمان بن جعفر أبو أحمد القزويني، و داود بن سليمان القرشي-معجم رجال الحديث ج 7/107-. [6]
4- 4) الكافي ج 1/313 ح 11 و [7]أخرجه في البحار ج 49/24 ح 38 [8]عن إرشاد المفيد:306 [9]باسناده عن محمد بن يعقوب و اعلام الورى:305 و [10]غيبة الطوسي:26 [11] عن محمد بن يعقوب، و في كشف الغمة ج 2/271 [12]عن الإرشاد. [13]

أبي الجهم (1)، عن نصر بن قابوس (2)قال: قلت لأبي إبراهيم عليه السلام إنّي سالت أباك من الّذي يكون من بعدك؟ فأخبرني أنّك أنت هو، فلمّا توفي أبو عبد اللّه عليه السلام ذهب الناس يمينا و شمالا و قلت: بك (3)أنا و أصحابي فأخبرني من الذي يكون من بعدك من ولدك؟

فقال: إبني فلان. (4)

17-و رواه إبن بابويه قال: حدّثنا أبي رضي اللّه عنه، قال: حدثنا سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عبد اللّه بن محمّد الحجّال، قال: حدّثنا سعيد بن أبي الجهم، عن نصر بن قابوس، قال:

قلت لأبي إبراهيم موسى بن جعفر عليه السلام: إنّي سألت أباك عليه السلام من الذي يكون بعدك؟ فأخبرني أنّك أنت هو.

فلمّا توّفي أبو عبد اللّه عليه السلام ذهب النّاس يمينا و شمالا، و قلت: أنا و أصحابي بك فأخبرني من الذي يكون بعدك؟

ص:495


1- 1) سعيد بن أبي الجهم: القابوسي اللخمي أبو الحسين من ولد قابوس بن النعمان بن المنذر وثّقه النجاشي و قال: كان سعيد ثقة في حديثه وجها بالكوفة، روى عن ابي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السلام، له كتاب في أنواع من الفقه و القضايا و السنن-معجم رجال الحديث ج 8/109-. [1]
2- 2) نصر بن قابوس: اللخمي الكوفي روى عن الصادق و الكاظم و الرضا عليهم السلام و كان ذا منزلة عندهم، و كان وكيلا للصادق عليه السلام عشرين سنة و لم يعلم أنّه وكيل-جامع الرواة ج 2/291-. [2]
3- 3) في المصدر: «و قلت: فيك أنا و أصحابي» .
4- 4) الكافي ج 1/313 ح 12 و [3]أخرجه في البحار ج 49/25 ح 39 [4]عن إرشاد المفيد:306 [5]باسناده عن محمّد بن يعقوب و إعلام الورى:305 و [6]غيبة الطوسي:27 [7] عن محمد بن يعقوب و في كشف الغمّة ج 2/271 [8]عن الارشاد. [9]

قال: إبني عليّ عليه السلام. (1)

18-و عنه عن أحمد بن مهران، عن محمّد بن عليّ، عن الضحّاك بن الأشعث (2)، عن داود بن زربي (3)قال: جئت إلى أبي إبراهيم عليه السلام بمال، فأخذ بعضه و ترك بعضه: فقلت: أصلحك اللّه لأيّ شيء تركته عندي؟

قال: إنّ صاحب هذا الأمر يطلبه منك فلمّا جائنا نعيه بعث إليّ أبو الحسن إبنه عليهما السلام فسألني ذلك المال فدفعته إليه. (4)

19-و عنه عن أحمد بن مهران، عن محمّد بن علي، عن أبي الحكم الأرمني، قال: حدّثني عبد اللّه بن ابراهيم بن محمد (5)بن عليّ بن عبد اللّه ابن جعفر بن أبي طالب، عن يزيد بن سليط (6)الزيدي.

ص:496


1- 1) عيون اخبار الرضا عليه السلام ج 1/31 ح 26 و [1]عنه البحار ج 49/20 ح 24 و [2]عن رجال الكشي:451 رقم 849، و العوالم ج 21/57 ح 8.
2- 2) الضحّاك بن الأشعث: عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام.
3- 3) داود بن زربي: أبو سليمان الخندقي البندار الكوفي عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق و الكاظم عليهما السلام، و عدّه المفيد في إرشاده [3]من خاصّة الكاظم عليه السلام، و ثقاته و أهل الورع و العلم و الفقه من شيعته-معجم رجال الحديث ج 7/101-. [4]
4- 4) الكافي ج 1/313 ح 13 و [5]أخرجه في البحار ج 49/25 ح 40 [6]عن ارشاد المفيد:306 [7]باسناده عن محمد بن يعقوب و إعلام الورى:305 و [8]غيبة الطوسي:27 [9] عن محمد بن يعقوب، و رجال الكشي:313 ح 565 و في كشف الغمة ج 2/271 عن الارشاد. [10]
5- 5) عبد اللّه بن ابراهيم بن محمد بن علي بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب أبو محمد ثقة، صدوق، له كتب، روى أبوه عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام-معجم الرجال ج 10/83 [11] عن النجاشي-.
6- 6) يزيد بن سليط: الزيدي عدّه المفيد في إرشاده [12]من خاصّة أبي الحسن موسى عليه السلام و ثقاته و من أهل الورع و العلم و الفقه من شيعته-جامع الرواة ج 2/343-. [13]

قال أبو الحكم: و أخبرني عبد اللّه بن محمّد بن عمارة الجرمي، عن يزيد بن سليط، قال: لقيت أبا ابراهيم عليه السلام و نحن نريد العمرة في بعض الطريق، فقلت: جعلت فداك هل تثبت هذا الموضع الذي نحن فيه؟

قال: نعم فهل تثبّته أنت؟

قلت: نعم إنّي و أبي لقيناك هيهنا و أنت مع أبي عبد اللّه عليه السلام و معه إخوتك فقال له أبي: بأبي أنت و امّي أنتم كلّكم ائمّة مطهرون و الموت لا يعرى منه أحد فأحدث إليّ شيئا أحدّث به من يخلفني بعدي فلا يضلّ.

قال: نعم يا أبا عبد اللّه هؤلاء ولدي و هذا سيدهم-و أشار إليك- و قد علّم الحكم و الفهم و السخاء و المعرفة بما يحتاج إليه الناس و ما اختلفوا فيه من أمر دينهم و دنياهم، و فيه حسن الخلق و حسن الجواب، و هو باب من أبواب اللّه عزّ و جلّ، و فيه أخرى خير من هذا كلّه.

فقال له أبي: و ما هي بأبي أنت و أمّي؟

قال عليه السلام: يخرج اللّه عزّ و جلّ منه غوث هذه الامّة و غياثها و علمها و نورها و فضلها و حكمتها، خير مولود و خير ناشيء يحقن اللّه عزّ و جلّ به الدّماء، و يصلح به ذات البين، و يلمّ به الشعث، و يشعب به الصدع و يكسو به العاري و يشبع به الجائع و يؤمن به الخائف، و ينزل اللّه به القطر، و يرحم به العباد خير كهل و خير ناشيء، قوله حكم و صمته علم، يبيّن للناس ما يختلفون فيه، و يسود عشيرته من قبل أوان حلمه.

فقال له أبي: بأبي أنت و امّي و هل ولد؟

ص:497

قال: نعم و مرّت به سنون.

قال يزيد: فجاءنا من لم نستطع معه كلاما. (1)

قال يزيد: فقلت لأبي إبراهيم عليه السلام فأخبرني أنت بمثل ما أخبرني به أبوك عليه السلام.

فقال لي: نعم إنّ أبي عليه السلام كان في زمان ليس هذا زمانه (2)، فقلت له: فمن يرضى منك بهذا فعليه لعنة اللّه قال: فضحك أبو إبراهيم عليه السلام ضحكا شديدا ثم قال: أخبرك يا أبا عمارة إنّي خرجت من منزلي فأوصيت إلى إبني فلان، و أشركت معه بني في الظاهر (3)و أوصيته في الباطن فأفردته وحده، و لو كان الأمر إليّ لجعلته في القاسم إبني لحبّي إيّاه و رأفتي عليه، و لكنّ ذلك إلى اللّه عزّ و جلّ. يجعله حيث يشاء، و لقد جائني (4)بخبره رسول اللّه عليه السلام ثمّ أرانيه و أراني من يكون معه.

ص:498


1- 1) و فيه إشكال كما قال في البحار [1]في ذيل الحديث و هو أنّ ولادة الإمام الرضا عليه السلام إمّا في سنة وفاة الامام الصادق عليه السلام أو بعدها بخمس سنين إلاّ أن يقال: إنّ سليطا سأل أبا ابراهيم عليه السلام بعد ذلك بسنين.
2- 2) في البحار: [2] ليس هذا الزمان مثله.
3- 3) أي فيما يتعلّق بظاهر الأمر من الأموال و نفقة العيال و نحوهما، و قوله عليه السلام: «في الباطن» أي فيما يتعلّق بالإمامة من الوصيّة بالخلافة و إيداع الكتب و الأسلحة أو في الظاهر أي عند عامّة الخلق و في الباطن أي عند الخواص أو المراد بالظاهر باديء الفهم و الباطن ما يظهر للخواص بعد التأمل-البحار-. [3]
4- 4) قوله: «و لقد جائني بخبره رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. . .» المجيء و الإراءة إمّا في المنام كما يظهر من رواية «العيون» أو في اليقظة باجسادهم المثاليّة أو بأجسادهم الأصليّة على قول بعضهم، و قوله: «و أراني من يكون معه» أي في زمانه من خلفاء الجور او من شيعته او الأعمّ-البحار-. [4]

و كذلك لا يوصي إلى أحد منّا حتى يأتي بخبره رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و جدّي عليّ عليه السلام و رأيت مع رسول اللّه خاتما و سيفا و عصا و كتابا و عمامة فقلت: ما هذا يا رسول اللّه؟

فقال لي: أما العمامة فسلطان اللّه عزّ و جلّ. و أما السيف فعزّ اللّه تبارك و تعالى، و أمّا الكتاب فنور اللّه تبارك و تعالى، و أمّا العصا فقوّة اللّه عزّ و جلّ و أما الخاتم فجامع هذه الامور، ثمّ قال لي: و الأمر قد خرج منك إلى غيرك (1).

فقلت: يا رسول اللّه أرنيه أيّهم هو؟

فقال رسول اللّه: ما رأيت من الأئمّة أحدا أجزع (2)على فراق هذا الأمر منك، و لو كانت الإمامة بالمحبة لكان إسماعيل أحبّ إلى أبيك منك و لكن ذلك من اللّه عزّ و جلّ.

ثمّ قال أبو ابراهيم عليه السلام و رأيت ولدي جميعا الأحياء و الأموات، فقال لي أمير المؤمنين عليه السلام: هذا سيّدهم و أشار إلى إبني عليّ عليه السلام فهو منّي (3)و أنا منه، و اللّه مع المحسنين.

ص:499


1- 1) قوله: «و الأمر قد خرج منك» يحتمل أنّ معناه أي قرب انتقال الإمامة منك الى غيرك، أو خرج اختيار تعيين الامام من يدك.
2- 2) قوله: «أجزع على فراق هذا الأمر منك» لعلّ جزعه عليه السلام لعلمه بمنازعة إخوته له و اختلاف شيعته فيه، و قيل: لأنّه كان يحبّ أن يجعله في القاسم، و ذلك الحبّ كان من قبل اللّه تعالى ليعلم الناس أنّ الإمامة ليست تابعة لمحبّة الوالد، و يظهر ذلك لتلك المصلحة- البحار ج 5/31-. [1]
3- 3) «فهو منّي» يحتمل أنّه كلام أبي ابراهيم عليه السلام و يحتمل أنّه كلام أمير المؤمنين عليه السلام، و هذه الجملة تستعمل غالبا لإظهار غاية المحبّة و الإتحاد و الشركة في الكمالات.

قال يزيد: ثمّ قال أبو إبراهيم عليه السلام: يا يزيد إنّها وديعة (1)عندك فلا تخبر بها إلاّ عاقلا أو عبدا تعرفه (2)صادقا، و ان سئلت (3)عن الشهادة فاشهد بها و هو قول اللّه عزّ و جلّ: إِنَّ اَللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا اَلْأَماناتِ إِلى أَهْلِها (4)و قال لنا ايضا: وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اَللّهِ (5).

قال: فقال أبو إبراهيم عليه السلام: فأقبلت على رسول اللّه.

فقلت: قد جمعتهم لي بأبي و امي فأيّهم (6)هو؟

فقال: هو الّذي ينظر بنور اللّه عزّ و جلّ و يسمع بفهمه و ينطق بحكمته يصيب و لا يخطيء (7)، و يعلم فلا يجهل، معلّما (8)حكما و علما هو هذا-و أخذ بيد عليّ إبني-ثمّ قال: ما أقلّ مقامك معه، فإذا رجعت من سفرك فأوص و أصلح أمرك و افرغ مما أردت، فإنّك منتقل

ص:500


1- 1) «إنّها وديعة» أي الشهادة أو الكلمات المذكورة.
2- 2) «أو عبدا تعرفه صادقا» أي في دعواه التصديق بإمامتي بأن يكون فعله موافقا لقوله، و المراد بالعاقل من يكون ضابطا حصينا، و إن لم يكن كامل الإيمان فإنّ المانع من إفشاء السرّ إمّا كمال العقل و النظر في العواقب أو الديانة و الخوف من اللّه تعالى.
3- 3) «و إن سئلت» كأنّه إستثناء عن عدم الإخبار أي لابدّ من الإخبار عند الضرورة و إن لم يكن المستشهد عاقلا و صادقا، و يحتمل أن يكون المراد أداء الشهادة عندهما لقوله تعالى: إِلى أَهْلِها .
4- 4) سورة النساء:58. [1]
5- 5) سورة البقرة:140. [2]
6- 6) «فأيّهم هو؟» لعلّ السئوال لأن يخبر الناس بتعيينه صلّى اللّه عليه و آله أيضا إيّاه.
7- 7) في المصدر و البحار: و [3]يصيب فلا يخطيء، و يعلم فلا يجهل.
8- 8) «معلّما» بتشديد اللام المفتوحة إيماء الى قوله تعالى: وَ كُلاًّ آتَيْنا حُكْماً وَ عِلْماً «سورة الأنبياء:79» . [4]

عنهم و مجاور غيرهم، فإذا أردت فادع عليا فليغسّلك، و ليكفّنك، فإنّه ظهر (1)لك، و لا يستقيم إلاّ ذلك، و ذلك سنّة قد مضت، فاضطجع بين يديه و صفّ إخوته خلفه و عمومته، و مره فليكبّر عليك تسعا (2)فإنّه قد إستقامت وصيّته و وليك (3)و أنت حيّ، ثم اجمع له ولدك من بعدهم (4)، فأشهد عليهم (5)و أشهد اللّه عزّ و جلّ و كفى باللّه شهيدا.

قال يزيد: ثمّ قال لي أبو إبراهيم عليه السلام: إنّي اوخذ في هذه السنة و الأمر هو إلى إبني عليّ سميّ (6)علي و عليّ: فأمّا عليّ الأوّل فعليّ بن أبي طالب عليه السلام، و أما الأخر فعليّ بن الحسين أعطى فهم الأوّل و حلمه و نصره و ودّه و دينه و محنته، و محنة الأخر، و صبره على ما يكره، و ليس له أن يتكلّم (7)إلاّ بعد موت هرون بأربع سنين.

ص:501


1- 1) في المصدر: «فإنّه طهر لك» بالطاء المهملة، و في «البحار» : «و [1]ليكفنّك و ليتطهّر لك و لا يصلح إلاّ ذلك» .
2- 2) لعلّ التسع تكبيرات من خصائصهم كما يظهر من غيره من الأخبار أيضا، و قيل: إنّه عليه السلام أمره بأن يكبّر عليه أربعا ظاهرا للتقيّة، و خمسا سرّا، و لا يخفى وهنه إذ إظهار مثل هذه الصلوة في حال الحياة كيف يمكن إظهارها عند المخالفين.
3- 3) «و وليك» بصيغة المعلوم من باب رضى، أي قام بأمورك من التغسيل و التكفين و الصلوة، و «الواو» للحال في «و أنت حيّ» .
4- 4) «من بعدهم» «بالباء المفتوحة» أي من بعد جميع العمومة، أو «بضمّ الباء» أي أحضر ولدك و إن كانوا بعداء عنك، و في بعض النسخ: «من تعدّهم» «بالمثنّاة الفوقيّة» قال في البحار [2]في ذيل الحديث: «من تعدّهم» بدل من ولدك بدل كلّ أي جميعهم او بدل بعض، أي من تعتني بشأنهم.
5- 5) «فأشهد عليهم» أي إجعل غيرهم من الأقارب شاهدين عليهم بأنّهم أقرّوا بإمامة أخيهم.
6- 6) «سمّي عليّ» أي مثله في الكمالات كما قيل في قوله تعالى: لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا في سورة مريم: «7» [3] أي نظيرا يستحقّ مثل إسمه.
7- 7) «و ليس له أن يتكلّم» أي بالحجج و دعوى الإمامة جهارا.

ثمّ قال لي: يا يزيد و إذا مررت بهذا الموضع و لقيته و ستلقاه (1)فبشّره أنّه سيولد له غلام، أمين مأمون مبارك و سيعلمك أنّك قد لقيتني، فأخبره عند ذلك أنّ الجارية التي يكون منها هذا الغلام جارية من أهل بيت مارية (2)جارية رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أمّ ابراهيم، فإن قدرت أن تبلّغها منّي السلام فافعل.

قال يزيد: فلقيت بعد مضيّ أبي إبراهيم عليه السلام عليّا فبدأني فقال لي: يا يزيد ما تقول في العمرة؟

فقلت، بأبي أنت و امّي ذلك إليك و ما عندي نفقة.

فقال: سبحان اللّه ما كنّا نكلّفك و لا نكفيك، فخرجنا حتّى إنتهينا إلى ذلك الموضع فابتدأني فقال: يا يزيد إنّ هذا الموضع كثيرا ما لقيت فيه جيرتك و عمومتك (3)قلت: نعم.

ص:502


1- 1) «و ستلقاه» فيه إعجاز و تصريح بما فهم من كلمة «إذا» الدالّة على وقوع الشرط بحسب الوضع.
2- 2) هي مارية القبطيّة بنت شمعون، امّ ابراهيم، من سراري النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، مصريّة الأصل، ولدت في قرية حفن من كورة «أنصنا» بمصر، و أهداها المقوقس القبطي «صاحب الإسكندرية» سنة «7» ه الى النبي صلّى اللّه عليه و آله هي و اخت لها تدعى «سيرين» فولدت له إبراهيم، و أهدى صلّى اللّه عليه و آله اختها سيرين الى حسّان بن ثابت الشاعر فولدت له عبد الرحمن، توفيت مارية بالمدينة سنة «16» ه و دفنت بالبقيع- الاعلام ج 6/123-. [1]
3- 3) «جيرتك» أي مجاوريك في الدار أو المعاشرة، «و عمومتك» أراد بهم أبا عبد اللّه و ابا ابراهيم عليهما السلام و أولادهما، و سمّاهم عمومته لأنّ يزيد بن سليط كان من أولاد زيد ابن علي و لذا وصفه في الكافي [2]بالزيدي، و ولد العمّ بحكم العمّ-بحار الأنوار [3]في ذيل الحديث-. و في «البحار» : « [4]إنّ هذا الموضع لكثيرا ما لقيت فيه خيرا لك من عمرتك» .

ثمّ قصصت عليه الخبر فقال لي: أمّا الجارية فلم تجيء بعد، فإذا جائت بلّغتها (1)منه السلام، فانطلقنا إلى مكّة فاشتراها في تلك السنة فلم تلبث إلاّ قليلا حتّى حملت فولدت ذلك الغلام.

قال يزيد: و كان إخوة عليّ عليه السلام يرجون أن يرثوه فعادوني (2)إخوته من غير ذنب، فقال لهم إسحاق (3)بن جعفر: و اللّه لقد رأيته و إنّه ليقعد من أبي إبراهيم عليه السلام بالمجلس الّذي لا أجلس فيه أنا. (4)

20-و رواه إبن بابويه قال: حدّثنا أبي، و محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، و محمّد بن موسى المتوكّل، و أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار، و محمّد بن عليّ ماجيلويه رضي اللّه عنهم، قالوا: حدّثنا محمّد ابن يحيى العطّار، عن محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعريّ، عن عبد اللّه بن محمّد الشامي (5)عن الحسن بن موسى الخشّاب، عن عليّ بن

ص:503


1- 1) في البحار: « [1]فإذا دخلت أبلغتها منك السلام» .
2- 2) في البحار [2]في ذيل الحديث: معاداة الإخوة إمّا لزعمهم أنّ التبشير كان سببا لشراء الجارية أو لزعمهم أنّه كان متوسّطا في الشراء، و عدم الذنب على الأوّل لكونه مأمورا، و على الثاني لكذب زعمهم.
3- 3) اسحاق بن موسى بن جعفر عليهما السلام عدّه الشيخ من أصحاب الرضا عليه السلام، و روى عنه محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب و غيره-الجامع في الرجال:230-.
4- 4) الكافي ج 1/313 ح 14 و [3]عنه البحار ج 50/25 ح 17 و [4]عن اعلام الورى:305 [5] نقلا عن الكليني و ابن بابويه، و الامامة و التبصرة:75 ح 67، و روى قطعة منه الشيخ في غيبته:27 عن الكليني، و المفيد في إرشاده:306 [6] باسناده عن الكليني و عنه كشف الغمّة ج 2/272 و [7]أورده في العوالم ج 21/51 ح 1 و ج 23/60 ح 1.
5- 5) عبد اللّه بن محمّد الشامي: أبو محمد الدمشقي، عدّه الشيخ فيمن لم يرو عنهم عليهم السلام-معجم رجال الحديث ج 10/299-. [8]

أسباط، عن الحسين مولى أبي عبد اللّه، عن أبي الحكم (1)، عن عبد اللّه بن إبراهيم الجعفري، عن يزيد بن سليط الزيدي، قال: لقينا أبا عبد اللّه عليه السلام في طريق مكّة و نحن جماعة فقلت له: بأبي أنت و امّي أنتم الائمّة المطهرون، و الموت لا يعرى (2)أحد منه فأحدث (3)إليّ شيئا القيه إلى من يخلفني (4)فقال لي: نعم هؤلاء ولدي و هذا سيّدهم-و أشار إلى إبنه موسى عليه السلام-و فيه العلم و الحكم و الفهم و السخاء و المعرفة بما يحتاج الناس إليه فيما إختلفوا فيه من أمر دينهم، و فيه حسن الخلق و حسن الجوار، و هو باب من أبواب اللّه تعالى، و فيه خصلة (5)اخرى هي خير من هذا كلّه.

فقال له أبي: و ما هي؟ بأبي أنت و امي قال: يخرج اللّه عزّ و جلّ منه غوث (6)هذه الامّة و غياثها و علمها (7)و نورها و فهمها و حكمها و خير (8)مولود و خير ناشيء (9)يحقن اللّه به الدماء، و يصلح به ذات البين، و يلمّ به

ص:504


1- 1) ابو الحكم: هو أبو الحكم الأرمني المتقدّم ذكره.
2- 2) «لا يعرى» أي لا يخلو تشبيها للموت بلباس لا بدّ من أن يلبسه كلّ أحد.
3- 3) فأحدث: على بناء الإفعال، أي ألق شيئا حديثا، أو حدّث.
4- 4) «يخلفني» من باب نصر أي يبقى بعدي، و فيه رعاية الأدب بإظهار أنّي لا أتوقّع البقاء بعدك، و لكن أسأل ذلك لأولادي و غيرهم ممّن يكون بعدي.
5- 5) في المصدر و البحار: و [1]فيه اخرى.
6- 6) الغوث: المعون للمضطرّ، و الغياث أبلغ منه و هو إسم من الإغاثة، و المراد بالامّة الإماميّة أو الأعمّ.
7- 7) العلم «بالتحريك» : سيّد القوم و الراية و ما يهتدى به في الطريق و يحتمل ان يكون بكسر العين على المبالغة.
8- 8) خير مولود أي في تلك الأزمان، أو من غير المعصومين عليهم السلام.
9- 9) الناشيء: الحدث الذي جاز حدّ الصغر.

الشّعث، و يشعب به الصدع، و يكسو به العاري، و يشبع به الجايع، و يؤمن به الخائف، و ينزل به القطر، و يأتمر به العباد، خير كهل (1)و خير ناشيء يبشّر به عشيرته قبل أوان حلمه، قوله حكم (2)و صمته علم يبيّن للناس ما يختلفون فيه.

قال: فقال أبي: بأبي أنت و امّي فيكون له ولد بعده؟

فقال: نعم، ثمّ قطع الكلام.

و قال يزيد: ثم لقيت أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السلام و ساق الحديث إلى قوله و ليس له أن يتكلّم إلاّ بعد هارون بأربع سنين، فإذا مضت أربع سنين فسأله عمّا شئت يجبك إنشاء اللّه تعالى. (3)

21-و عنه عن محمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عليّ و عبد اللّه بن المرزبان (4)، عن ابن سنان قال: دخلت على أبي الحسن موسى عليه السلام من قبل أن يقدم العراق بسنة و عليّ إبنه جالس بين يديه، فنظر إليّ فقال: يا محمّد أما إنّه سيكون في هذه السنة حركة فلا تجزع لذلك.

قال: قلت: و ما يكون جعلت فداك فقد أقلقني (5)ما ذكرت؟ فقال:

ص:505


1- 1) الكهل من زاد على ثلاثين سنة إلى أربعين، و قيل: من ثلاث و ثلاثين الى تمام الخمسين، و لعلّ تكرار «خير ناشيء» لتأكيد غرابة الخيريّة في هذا السنّ دون سنّ الكهولة.
2- 2) قوله حكم: اي حكمة او قضاء بين الخلق، و صمته علم، اي مسبّب عن العلم لأنّه يصمت للتقيّة و المصلحة لا للجهل بالكلام.
3- 3) عيون اخبار الرضا ج 1/23 ح 9 و [1]عنه البحار ج 48/12 ح 1 و [2]ذيله في ج 49/11 ح 1 عنه و عن اعلام الورى و [3]الإمامة و التبصرة، و أورده في العوالم ج 21/51 ح 1.
4- 4) في المصدر: عبيد اللّه بن المرزبان و على أي حال لم نظفر على ترجمة له.
5- 5) أقلقني: ازعجني و أدهشني.

أسير (1)إلى الطاغية (2)أما إنّه لا يبداني (3)منه سوء و من الّذي يكون بعده قال: قلت: و ما يكون (4)جعلت فداك؟

قال: يُضِلُّ اَللّهُ اَلظّالِمِينَ وَ يَفْعَلُ اَللّهُ ما يَشاءُ (5)قال: قلت: و ما ذاك جعلت فداك؟

قال: من ظلم إبني هذا حقّه و جحد إمامته من بعدي كان كمن ظلم عليّ بن أبي طالب عليه السلام حقّه و جحد إمامته بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

قال قلت: و اللّه لئن مدّ اللّه لي في العمر لاسلّمنّ له حقّه و لا قرّن له بإمامته.

قال: صدقت يا محمّد يمدّ اللّه في عمرك و تسلّم له حقّه و تقرّ له بإمامته و إمامة من يكون من بعده قال: قلت: و من ذاك؟ قال محمّد إبنه.

قال: قلت: له الرضا و التسليم. (6)

ص:506


1- 1) في المصدر: أصير الى الطاغية.
2- 2) الطاغية: الجبّار و الأحمق المتكبّر، و المراد به المهدي العباسي و بالذي يكون بعده الهادي العباسي.
3- 3) في أكثر النسخ: «لا يبد أني» بالنون أي لا يصل إلي منه إبتداء سوء و في بعض النسخ: «لا يبدأ بي» بالباء فيقرأ على بناء المجهول، و الظرف نائب مناب الفاعل.
4- 4) قوله «و ما يكون؟» لعلّه لمّا أشعر كلامه بأنّه يصدر من غيرهما شيء سأل السائل عمّا يحدث بعد التخلّص منهما فأجمل عليه السلام الجواب بأن اللّه يسلب التوفيق عن شقي بعدهما و هو هارون و يقتلني سرّا، و يصير سببا لضلالة كثير من الواقفية- [1]مرآة العقول ج 3/ 371-. [2]
5- 5) ابراهيم:27. [3]
6- 6) الكافي ج 1/319 ح 16 و [4]أخرجه في البحار ج 49/21 ح 27 [5]عن العيون ج 1/385 ح 21 و [6]غيبة الطوسي:24 و [7]اعلام الورى:308 [8] عن محمد بن يعقوب و ارشاد المفيد:306 [9]

الباب الحادي و العشرون

و هو من الباب الاول

1-ابن بابويه قال: حدّثنا أبي رضي اللّه عنه، قال: حدّثني الحسن (1)بن عبد اللّه بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن الحسن بن موسى الخشّاب، عن محمّد بن الاصبغ (2)، عن أحمد بن الحسن الميثمي، و كان واقفيا، قال: حدّثني محمّد بن إسماعيل بن الفضل الهاشمي، قال:

دخلت على أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام و قد إشتكى (3)شكاية شديدة، فقلت له: إن كان (4)ما أسال اللّه أن لا يريناه 5فإلى من؟

قال: إلى عليّ إبني و كتابه كتابي، و هو وصييّ و خليفتي من بعدي. 6

2-و عنه قال: حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي اللّه عنه، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار، و سعد بن عبد اللّه، جميعا

ص:507


1- 1) الحسن بن عبد اللّه بن محمد بن عيسى، روى عنه جعفر بن محمد بن قولويه المتوفّي «367» -معجم رجال الحديث ج 4/376-.
2- 2) محمّد بن الأصبغ الهمداني الكوفي ثقة، له كتاب نوادر-رجال النجاشي ج 2/235-.
3- 3) اشتكى: مرض.
4- 4) كان: وجد.

عن أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري عن الحسن بن علي بن يقطين (1)، عن أخيه الحسين (2)، عن أبيه عليّ بن يقطين قال: كنت عند أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام و عنده عليّ إبنه عليه السلام فقال: يا عليّ هذا ابني سيّد ولدي، و قد نحلته كنيتي.

قال: فضرب هشام يعني إبن سالم يده على جبهته فقال: إنّا للّه نعى و اللّه إليك نفسه. (3)

3-و عنه، قال: حدّثنا محمّد بن موسى المتوكّل رضي اللّه عنه، قال: حدّثنا عليّ بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي عن أبيه، عن خلف بن حمّاد، عن داود بن زربي، عن عليّ بن يقطين قال: قال لي موسى بن جعفر عليه السلام إبتداء منه: هذا أفقه ولدي-و اشار بيده إلى الرّضا عليه السلام-و قد نحلته كنيتي. (4)

4-و عنه قال: حدّثني ابي رضي اللّه عنه قال: حدّثنا الحسن بن عبد اللّه بن محمّد بن عيسى، عن أبيه عن الحسن بن موسى الخشّاب، عن محمّد بن الاصبغ، عن أبيه، عن عثمان بن القاسم، قال منصور بن يونس ابن بزرج (5): دخلت على أبي الحسن يعنى موسى بن جعفر عليهما

ص:508


1- 1) الحسن بن علي بن يقطين بن موسى، كان فقيها متكلّما روى عن الكاظم، و الرضا عليهما السلام-رجال النجاشي ج 1/148-.
2- 2) الحسين بن علي بن يقطين عدّه الشيخ في رجاله من اصحاب الرضا عليه السلام.
3- 3) عيون اخبار الرضا ج 1/21 ح 2 و [1]عنه البحار ج 49/13 ح 3. [2]
4- 4) عيون اخبار الرضا عليه السلام ج 1/22 ح 4 و [3]عنه البحار ج 49/14 ح 5. [4]
5- 5) منصور بن يونس بن بزرج أبو يحيى و قيل: أبو سعيد، كوفي، وثّقه النجاشي و قال: روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السلام، له كتاب.

السلام يوما فقال لي: يا منصور أما علمت ما أحدثت في يومي هذا؟ قلت: لا.

قال: قد صيّرت عليّا إبني وصيّي-و أشار بيده إلى الرّضا عليه السلام-و قد نحلته كنيتي، و الخلف من بعدي، فادخل عليه و هنّئه بذلك و أعلمه أنّي أمرتك بهذا، قال: فدخلت عليه فهنّئته بذلك و أعلمته أنّ أباه أمرني بذلك.

ثم جحد (1)منصور بعد ذلك و أخذ الأموال التي كانت في يده و كسرها. (2)

5-و عنه قال: حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي اللّه عنه قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار، عن الحسن بن موسى الخشّاب، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي، عن زكريا بن آدم، عن داود بن كثير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: جعلت فداك و قد منى الموت قبلك إن كان كون فإلى من؟

قال إلى إبني موسى، فكان ذلك الكون فو اللّه ما شككت في موسى عليه السلام طرفة عين قطّ ثمّ مكثت نحوا من ثلاثين سنة، ثمّ أتيت أبا الحسن موسى عليه السلام فقلت له: جعلت فداك إن كان كون فإلى من؟ قال: إلى عليّ إبني.

ص:509


1- 1) في رجال الكشي:338 [1] قال الحسن بن موسى: ثمّ جحد منصور. . . الخ قال في معجم الرجال ج 18/356: [2] إنّ صريح الكشي أنّ الحسن بن موسى هو الذي نسب الجحد و أخذ الأموال الى منصور، و لكن ظاهر الصدوق قدّس سرّه أنّ هذه النسبة إمّا من نفسه او من أبيه، و كيف كان فالرواية مرسلة و النسبة غير ثابتة، و على تقدير الثبوت فهو لا ينافى الوثاقة.
2- 2) العيون ج 1/22 ح 5 و [3]عنه البحار ج 49/14 ح 6 و [4]عن رجال الكشي:468 رقم 893.

قال: فكان ذلك الكون فو اللّه ما شككت في عليّ «طرفة عين قطّ» . (1)

6-و عنه قال: حدّثنا أبي رضي اللّه عنه قال: حدّثنا سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عبد اللّه بن محمّد بن الحجّال، قال: حدّثنا محمّد بن سنان، عن داود الرقّي قال: قلت لأبي إبراهيم موسى بن جعفر عليهما السلام: جعلت فداك قد كبر سنّي فحدّثني من الإمام بعدك؟

قال: فأشار إلى أبي الحسن الرّضا عليه السلام و قال: هذا صاحبكم من بعدي. (2)

7-و عنه، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال:

حدّثنا «محمّد بن الحسن الصفّار قال: حدّثنا» أحمد بن محمد بن عيسى، عن عبد اللّه بن محمّد الحجّال و أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن أبي علي الخزّاز، عن داود الرقي قال: قلت لأبي إبراهيم «يعني موسى الكاظم عليه السلام فداك أبي» إنّي قد كبرت و خفت أن يحدث بي حدث و لا ألقاك فأخبرني من الإمام من بعدك؟

فقال: إبني عليّ. (3)

8-و عنه قال: حدّثنا أبي رضي اللّه عنه قال: حدّثنا أحمد بن

ص:510


1- 1) عيون اخبار الرضا عليه السلام ج 1/22 ح 6 و [1]عنه البحار ج 48/14 ح 2 و [2]رواه في اثبات الوصيّة:164 [3] باختلاف و العوالم ج 21/54 ح 2.
2- 2) عيون اخبار الرضا عليه السلام ج 1/23 ح 7 و [4]عنه البحار ج 49/14 ح 7. [5]
3- 3) العيون ج 1/23 ح 8 و [6]عنه البحار ج 49/15 ح 8. [7]

إدريس، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن العبّاس النجاشي (1)الأسدي، قال: قلت للرضا عليه السلام: أنت صاحب هذا الأمر؟

قال: إي و اللّه على الإنس و الجن. (2)

9-و عنه قال: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي اللّه عنه، قال حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن خالد البرقي، عن سليمان بن حفص المروزي، قال: دخلت على أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام و أنا أريد أن أساله عن الحجّة على الناس بعده، فلمّا نظر إليّ فابتدأني و قال: يا سليمان إنّ عليّا إبني و وصيّي و حجة (3)اللّه على الناس بعدي، و هو أفضل ولدي فإن بقيت بعدي فأشهد له بذلك عند شيعتي و أهل ولايتي المستخبرين عن خليفتي من بعدي. (4)

10-و عنه قال: حدّثنا أبي رضي اللّه عنه، قال: حدّثنا سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عبد اللّه ابن المرحوم (5)، قال: خرجت من البصرة أريد المدينة فلمّا صرت (6)في بعض الطريق لقيت أبا إبراهيم عليه السلام و هو يذهب به إلى البصرة

ص:511


1- 1) العبّاس النجاشي الأسدي الكوفي عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الرضا عليه السلام.
2- 2) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 1/26 ح 10. [1]
3- 3) في المصدر: و الحجة على الناس بعدي.
4- 4) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 1/26 ح 11 و [2]عنه البحار ج 49/15 ح 9. [3]
5- 5) عبد اللّه المرحوم الكوفي عدّه الشيخ تارة في اصحاب الصادق عليه السلام و اخرى في اصحاب الكاظم عليه السلام.
6- 6) في نسخة: فلمّا سرت.

فأرسل إلي فدخلت عليه فدفع إليّ كتبا و أمرني أن أوصلها بالمدينة فقلت: إلى من أدفها جعلت فداك؟

قال: إلى إبني عليّ فإنّه وصيّي و القيّم بأمري و خير بنيّ. (1)

11-و عنه قال: حدّثنا أبي رحمه اللّه قال: حدّثنا سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عبد اللّه بن محمّد بن الحجّال، قال:

حدّثنا سعد بن زكريا بن آدم، عن عليّ بن عبد اللّه الهاشمي قال: كنا عند القبر (2)نحو ستّين رجلا منّا و من موالينا إذ أقبل أبو إبراهيم موسى بن جعفر عليهما السلام و يد عليّ إبنه عليه السلام في يده فقال: أتدرون من أنا؟

قلنا: أنت سيّدنا و كبيرنا فقال: سمّوني و إنسبوني، فقلنا: أنت موسى بن جعفر بن محمّد فقال: من هذا معي؟

قلنا: هو عليّ بن موسى بن جعفر، قال: فاشهدوا أنّه وكيلي في حياتي و وصيّي بعد موتي. (3)

12-و عنه قال: حدّثنا المظفّر بن جعفر بن مظفّر العلويّ السمرقندي رضى اللّه عنه قال حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود العيّاشي، عن أبيه قال: حدّثنا يوسف بن السخت، عن عليّ بن القاسم العريضي، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن حيدر بن أيّوب (4)، عن

ص:512


1- 1) العيون ج 1/26 ح 12 و [1]عنه البحار ج 49/15 ح 10 و [2]رواه في كفاية الاثر:268. [3]
2- 2) أي عند قبر الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.
3- 3) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 1/27 ح 15 و [4]عنه البحار ج 49/15 ح 10. [5]
4- 4) حيدر بن أيّوب: قال الوحيد في تعليقته: روى عنه صفوان يحيى و فيه إشعار بوثاقته، و لكن يستفاد من الرّواية أنّه مات و هو شاكّ يعني في إمامة الرضا عليه السلام-معجم رجال [6]

محمّد بن زيد الهاشمي (1)أنّه قال: ألآن تتخذ الشيعة عليّ بن موسى عليهما السلام إماما قلت: و كيف ذاك؟

قال: دعاه أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام فأوصى إليه. (2)

13-و عنه قال: حدّثنا أبي رحمه اللّه، قال: حدثنا سعد بن عبد اللّه، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن حيدر بن أيّوب قال: كنّا بالمدينة في موضع يعرف بالقبا، فيه محمّد بن زيد بن عليّ، فجاء بعد الوقت الذي كان يجيئنا فيه، فقلنا له: جعلنا اللّه فداك ما حبسك؟

قال: دعانا أبو إبراهيم عليه السلام اليوم سبعة عشر رجلا من ولد عليّ و فاطمة صلوات اللّه عليهما فأشهدنا لعليّ إبنه بالوصيّة و الوكالة في حياته و بعد موته، و أنّ أمره جائز عليه و له، ثم قال محمّد بن زيد: و اللّه يا حيدر لقد عقد له الإمامة اليوم و لتفولنّ الشيعة به من بعده، قال حيدر:

قلت بل يقيه اللّه (3)و أيّ شيّء هذا؟

قال: يا حيدر إذا أوصى إليه فقد عقد له الإمامة، قال عليّ بن

ص:513


1- 1) هو محمّد بن زيد بن علي بن الحسين [1] عليهما السلام، و يظهر م [2]ن ذيل الرواية أنّه لم يكن من الشيعة، و لم يكن يعترف بامامة الرضا عليه السلام-معجم رجال الحديث ج 16/96-.
2- 2) عيون أخبار [3] الرّضا ج 1/27 ح 15 و عنه البحار ج 49/16 ح 13.
3- 3) في البحار: فقلت: بل يبقيه اللّه.

الحكم: مات حيدر و هو شاكّ. (1)

14-و عنه قال: حدّثنا محمّد بن عليّ ماجيلويه رضي اللّه عنه، قال: حدّثنا: عمّي محمّد بن أبي القاسم (2)عن محمّد بن عليّ الكوفي، عن محمد بن الخلف (3)، عن يونس بن عبد الرحمن، عن أسد بن أبي العلاء (4)عن عبد الصمد بن بشير، و خلف بن حمّاد، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، قال: أوصى أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام إلى إبنه عليّ عليه السلام و كتب له كتابا أشهد فيه ستّين رجلا من وجوه أهل المدينة. (5)

15-و عنه قال: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي اللّه عنه قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار (6)، و صالح بن السنديّ، عن يونس بن عبد الرحمن، عن الحسين بن

ص:514


1- 1) عيون اخبار الرضا عليه السلام ج 1/28 ح 16 و [1]عنه البحار ج 49/16 ح 14. [2]
2- 2) محمّد بن أبي القاسم عبيد اللّه بن عمران الجنابي البرقي أبو عبد اللّه الملّقب ماجيلويه و ابو القاسم يلّقب بندار، قال النجاشي في ترجمته: سيّد أصحابنا القميين، ثقة، عالم، فقيه، عارف بالادب و الشعر و الغريب، و هو صهر أحمد بن ابي عبد اللّه البرقي على ابنته، له كتب -معجم رجال الحديث ج 14/296-. [3]
3- 3) محمّد بن الخلف: مشترك بين اثنين: أحدهما ابو بكر الرازي الذي عنونه النجاشي و قال: متكلّم جليل من أصحابنا له كتاب في الإمامة. و الثاني محمد بن خلف الطاطري الذي روى عن زاذان و روى عنه سليمان الأعمش و وثّقه الجعابي الحافظ ابو بكر محمّد بن عمر-تنقيح المقال ج 3/114-. [4]
4- 4) أسد بن أبي العلاء: عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الكاظم عليه السلام و في نسخة معتمدة من رجال الشيخ: «اسيد» بالتصغير-التنقيح ج 1/122-. [5]
5- 5) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 1/28 ح 17، و [6]عنه البحار ج 49/17 ح 15. [7]
6- 6) إسماعيل بن مرّار «بالراء المهملة المشدّدة» عدّه الشيخ في باب من لم يرو عنهم عليهم السلام.

بشير قال: أقام لنا أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام، إبنه عليّا عليه السلام، كما أقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عليّا عليه السلام يوم غدير خم فقال: يا أهل المدينة أو قال: يا أهل المسجد هذا وصيّي من بعدي. (1)

16-و عنه قال: حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل رضي اللّه عنه، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن علي الخزّاز (2)قال: خرجنا إلى مكة و معنا عليّ بن أبي حمزة، و معه مال و متاع، فقلنا: ما هذا؟

قال: هذا للعبد الصالح عليه السلام أمرني أن أحمله إلى عليّ إبنه عليه السلام و قد أوصى إليه.

ثمّ قال إبن بابويه: إنّ عليّ بن أبي حمزة أنكر ذلك بعد وفات موسى بن جعفر عليه السلام و حبس المال عن الرضا عليه السلام. (3)

17-و عنه قال: حدّثنا علي بن عبد اللّه الورّاق رضي اللّه عنه، قال:

حدّثنا سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن، عن صفوان بن يحيى، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن سلمة بن محرز، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام إنّ رجلا من العجلية (4)قال

ص:515


1- 1) عيون اخبار الرضا عليه السلام ج 1/28 ح 18 و [1]عنه البحار ج 49/17 ح 16. [2]
2- 2) هو الحسن بن علي بن زياد الوشاء الكوفي الخزّاز، كان من أصحاب الرضا عليه السلام و من وجوه الشيعة، تقدّم ذكره.
3- 3) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 1/29 ح 19 و [3]عنه البحار ج 49/17 ح 17. [4]
4- 4) العجلية: فرقتان: الاولى: المغيريّة، أصحاب المغيرة بن سعيد العجلي، قيل: إنّهم قالوا: اللّه عزّ شأنه على

لي: كم عسى أن يبقى لكم هذا الشيخ؟ إنّما هو سنة أو سنتان حتّى يهلك، ثمّ تصيرون ليس لكم أحد تنظرون إليه فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: ألا قلت له: هذا موسى بن جعفر عليه السلام قد أدرك ما يدرك الرّجال و قد إشترينا له جاريه تباح له فكأنّك به إنشاء اللّه و قد ولد له:

فقيه 1خلف. 2

18-و عنه قال: حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلويّ السمرقنديّ رضي اللّه عنه قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه، عن يوسف بن السخت، عن عليّ بن القاسم، عن أبيه، عن جعفر بن خلف 3، عن إسماعيل بن الخطّاب 4، قال: كان أبو الحسن عليه السلام

ص:516

يبتديء بالثناء على إبنه عليّ عليه السلام و يطريه 1و يذكر من فضله و برّه ما لا يذكر من غيره كأنّه يريد أن يدلّ عليه. 2

19-و عنه قال حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي اللّه عنه قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار، عن الحسن بن موسى الخشّاب، عن نعيم بن قابوس 3، قال: قال لي أبو الحسن عليه السلام:

عليّ إبني أكبر ولدي، و أسمعهم لقولي، و أطوعهم لأمري ينظر معي في كتابي الجفر و الجامعة، و ليس ينظر فيه إلاّ نبيّ أو وصيّ نبيّ. 4

20-و عنه قال: حدّثنا أبي رضي اللّه عنه، قال: حدّثنا سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عن أبيه، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن 5، عن المفضّل بن عمر، قال: دخلت على أبي الحسن موسى ابن جعفر عليه السلام و عليّ إبنه عليه السلام في حجره، و هو يقبّله و يمصّ لسانه و يضعه على عاتقه و يضمّه إليه و يقول: بأبي أنت و امّي ما أطيب ريحك و أطهر خلقك و أبين فضلك قلت: جعلت فداك لقد وقع في قلبي لهذا الغلام من المودّة ما لم يقع لأحد إلاّ لك.

ص:517

فقال لي: يا مفضّل هو منّي بمنزلتي من أبي عليه السلام ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اَللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1).

قال: قلت: هو صاحب هذا الأمر من بعدك؟

قال: نعم من أطاعه رشد، و من عصاه كفر. (2)

21-عنه قال: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي اللّه عنه قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن سنان قال: دخلت على أبي الحسن عليه السلام قبل أن يحمل إلى العراق بسنة، و عليّ إبنه عليه السلام بين يديه، فقال لي: يا محمّد فقلت: لبيّك.

قال: إنّه سيكون في هذه السنة حركة فلا تجزع منها، ثمّ أطرق (3)و نكت (4)بيده في الأرض و رفع رأسه إليّ و هو يقول: وَ يُضِلُّ اَللّهُ اَلظّالِمِينَ وَ يَفْعَلُ اَللّهُ ما يَشاءُ (5).

قلت: و ما ذاك جعلت فداك؟

قال: من ظلم إبني هذا حقّه و جحد إمامته من بعدي كان كمن ظلم عليّ بن أبي طالب عليه السلام حقّه و جحد إمامته من بعد محمّد صلّى اللّه عليه و آله فعلمت أنّه قد نعى إلى نفسه، و دلّ على إبنه، فقلت: و اللّه لئن مدّ اللّه في عمري لا سلمنّ إليه حقّه و لأقرّن له بالإمامة، و أشهد أنّه من بعدك حجة اللّه على خلقه و الداعي إلى دينه، فقال لي: يا محمّد يمدّ اللّه

ص:518


1- 1) سورة آل عمران:34. [1]
2- 2) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 1/31 ح 28 و [2]عنه البحار ج 49/20 ح 26. [3]
3- 3) أطرق: سكت و لم يتكلّم و أرخى عينيه ينظر إلى الارض-القاموس-.
4- 4) نكت: ضرب في الأرض بقضيب أو بأصبعه فأثّر فيها.
5- 5) سورة ابراهيم:27. [4]

في عمرك و تدعو إلى امامته و إمامة من يقوم مقامه من بعده فقلت: من ذاك جعلت فداك؟

قال: محمّد إبنه.

قال: قلت: فالرضا و التسليم.

قال: نعم كذلك وجدتك في كتاب أمير المؤمنين عليه السلام أما إنّك في شيعتنا أبين من البرق في الليلة الظلماء، ثمّ قال: يا محمّد إنّ المفضّل كان أنسي (1)و مستراحي، و أنت أنسهما و مستراحهما (2)حرام على النار ان تمسّك أبدا و اللّه الموفق. (3)

22-و عنه قال: أخبرنا أبو المفضّل، قال: حدّثنا عليّ بن الحسين، عن سعد، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن داود ابن فرقد، قال: قلت لأبي إبراهيم موسى بن جعفر عليه السلام: جعلت فداك قد كبر سنّي فخذ بي من النار، فأشار إلى أبي الحسن عليّ عليه السلام و قال: هذا صاحبكم من بعدي. (4)

23-و عنه قال: حدّثنا أبي عن سعد بن عبد اللّه، عن محمد بن عيسى، قال حدثني جماعة من أصحابنا، عن موسى بن بكر

ص:519


1- 1) في نسخة: كان هو مؤانسي و مستراحي.
2- 2) الضمير في «انسهما و مستراحهما» يرجع إلى الرضا و الجواد عليهما السلام.
3- 3) عيون اخبار الرضا عليه السلام ج 1/32 ح 29 [1]تقدّم في الباب العشرين الحديث «21» [2]تخريج الحديث عن الكافي و [3]البحار و [4]غيبة الطوسي و اعلام الورى و ارشاد المفيد و رجال الكشي. [5]
4- 4) كفاية الاثر:268 و [6]عنه البحار ج 49/28 ح 48، [7] إلاّ أنّ الرمز في البحار « [8]ضه» و هو إشتباه بل الصواب «نص» .

الواسطي (1)، قال: كنت عند أبي إبراهيم عليه السلام فقال: إنّ جعفرا كان يقول: سعد من لم يمت حتى يرى خلفه من نفسه، ثم أومأ بيده إلى إبنه عليّ فقال: هذا و قد أراني اللّه خلفي من نفسي. (2)

حديث لأبي الحسن الرضا عليه السلام.

24-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرّضا عليه السلام انه كان يترب (3)الكتاب و قال: لا باس به. (4)

ص:520


1- 1) موسى بن بكر الواسطي، روى عن الصادق و الكاظم عليهما السلام و أصله كوفي، ترجمه الشيخ و قال: واقفي، و أورده النجاشي و ما تعرّض لوقفه، و روايته النصّ على الإمام الرضا عليه السلام لا تنافي للوقف بعدها و وقع الخلاف في وثاقته و عدمها، و من أراد التحقيق فليراجع معجم رجال الحديث ج 19/28 رقم 12738. [1]
2- 2) كفاية الأثر:269، [2]غيبة الطوسي:30 و [3]عنه البحار ج 49/26 ح 42. [4]
3- 3) تربت الكتاب من باب ضرب: جعلت عليه التراب.
4- 4) الكافي ج 2/673 ح 8 و [5]عنه الوسائل ج 8/497 ح 3 و [6]في ح 1 و البحار ج 67/48 ح 1 [7]عن قرب الإسناد:170 [8] صدره باختلاف.

المنهج العاشر في الامام التاسع ابي جعفر الجواد محمد بن علي عليهما السلام

اشارة

بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه رب العالمين و الصلوة و السلام على محمد و آله الطاهرين اما بعد فهذا المنهج العاشر في الامام التاسع ابي جعفر الجواد محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليهم السلام.

و فيه خمسة عشر بابا:

الباب الأوّل-في مولده عليه السلام.

الباب الثاني-في كلامه عليه السلام طفلا.

الباب الثالث-في انه عليه السلام أوتى الحكم صبيا.

الباب الرابع-في حديثه عليه السلام مع يحيى بن اكثم و ما ظهر منه عليه السلام من العلم.

ص:521

الباب الخامس-في جوده عليه السلام.

الباب السادس-في ورعه عليه السلام.

الباب السابع-في حديثه مع المأمون في الطريق من طريق الخاصة و العامة.

الباب الثامن-في حديثه عليه السلام مع ام الفضل زوجته بنت المأمون.

الباب التاسع-في حديثه عليه السلام مع المعتصم و الفقهاء و العلماء.

الباب العاشر-في حديثه عليه السلام مع الشامي.

الباب الحادي عشر-في حديثه عليه السلام مع ابن رزين.

الباب الثاني عشر-في كلام له عليه السلام و احاديث عجاب منه عليه السلام.

الباب الثالث عشر-في انه وصي أبيه و نصه عليه بالامامة.

الباب الرابع عشر-في المفردات.

الباب الخامس عشر-في رده عليه السلام سؤال يحيى ابن اكثم.

ص:522

الباب الاول

في مولده عليه السلام

1-محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد اللّه بن القاسم، عن الحسن بن راشد، قال:

سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: إنّ اللّه تبارك و تعالى إذا أحبّ ان يخلق الإمام أمر ملكا فأخذ شربة من ماء تحت العرش، فيسقيها أباه، فمن ذلك يخلق الإمام، فيمكث أربعين يوما و ليلة في بطن امّه لا يسمع الصوت، ثم يسمع بعد ذلك الكلام فاذا ولد بعث اللّه ذلك الملك فيكتب بين عينيه: وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَ هُوَ اَلسَّمِيعُ اَلْعَلِيمُ (1)فإذا مضى الإمام الّذي كان قبله رفع لهذا منار من نور ينظر فيه (2)الى عمل (3)الخلائق فبهذا يحتجّ اللّه على خلقه. (4)

2-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن حديد، عن منصور بن يونس، عن يونس بن ظبيان، قال: سمعت أبا عبد

ص:523


1- 1) سورة الأنعام:115. [1]
2- 2) في المصدر: ينظر به.
3- 3) في المصدر: الى أعمال الخلائق.
4- 4) الكافي ج 1/387 ح 2 و [2]عنه البرهان ج 1/550 ح 3 و [3]في ص 551 ح 8 عن تفسير القمي ج 1/215 و [4]اخرجه في البحار ج 25/37 ح 3 [5]عن تفسير القمي و [6]في ص 39 ح 9 عن بصائر الدرجات:432 ح 5 و [7]تقدّم في هذا الكتاب ج 3/227 ح 2.

اللّه عليه السلام مثله. (1)

3-إبن شهر آشوب في كتاب «الفضائل» عن حكيمة (2)بنت أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام قالت: لمّا حضرت ولادة الخيزران (3)أمّ أبي جعفر عليه السلام دعاني الرّضا عليه السلام فقال لي: يا حكيمة احضري ولادتها و ادخلي و إيّاها و القابلة بيتا، و دفع (4)لنا مصباحا و أغلق الباب علينا فلمّا أخذها الطلق طفيء المصباح و بين يديها طست فاغتممت بطفيء المصباح، فبينا نحن كذلك اذ بدر ابو جعفر عليه السلام في الطست و اذا عليه شيء رقيق كهيئة الثوب يسطع نوره حتى اضاء البيت فأبصرناه فاخذته فوضعته في حجري و نزعت عنه ذلك الغشاء فجاء الرضا عليه السلام و فتح الباب و قد فرغنا من أمره فأخذه و وضعه في المهد و قال لي: يا حكيمة إلزمي مهده.

قالت: فلمّا كان في اليوم الثالث رفع بصره إلى السماء ثمّ نظر يمينه و يساره ثمّ قال: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أشهد أنّ محمّدا رسول اللّه،

ص:524


1- 1) الكافي ج 1/387 ح 3 و [1]عنه تأويل الآيات ج 1/165 ح 6 و نور الثقلين ج 1/760 ح 252 و [2]أخرجه في البحار ج 24/178 ح 9 [3]عن بصائر الدرجات:439 ح 5. [4]
2- 2) حكيمة بنت الإمام الكاظم عليه السلام: كانت عالمة جليلة من ربّات العبادة و الصلاح، عاشت طويلا غير أنّ التاريخ لم يذكر لنا من حياتها و أعقابها شيئا و كانت صاحبة النفوذ و العقل و مطاعة عند العترة الطاهرة و سيّدات أهل البيت عليهم السلام-اعلام النساء المؤمنات [5]تأليف محمّد الحسّون:303-. [6]
3- 3) خيزران: والدة الإمام الجواد عليه السلام، كانت امّ ولد من بيت مارية القبطيّة، و يقال لها: سبيكة، مريسيّة، ريحانة، درّة، كما هي العادة الجارية في تغيير أسماء الجواري عند شرائهنّ، تكنّى بامّ الحسن، و هي من أفضل نساء عصرها و اكثرهنّ ورعا و تقوى-اعلام النساء المؤمنات:332-. [7]
4- 4) في المصدر و البحار: «و [8]وضع لنا مصباحا» .

فقمت ذعرة فزعة، فأتيت أبا الحسن عليه السلام فقلت له: لقد سمعت من هذا الصبيّ عجبا.

فقال: و ما ذاك فأخبرته الخبر فقال: يا حكيمة ما ترون من عجائبه أكثر. (1)

4-السيد المرتضى في «عيون المعجزات» (2)عن عبد الرحمن بن محمّد، عن كلثم بن عمران (3)قال: قلت للرضا عليه السلام: ادع اللّه أن يرزقك ولدا فقال عليه السلام: إنّما ارزق ولدا واحدا و هو يرثني، فلمّا ولد أبو جعفر عليه السلام قال الرضا عليه السلام: لأصحابه قد ولد لي شبيه موسى بن عمران عليه السلام، فالق البحار، و شبيه عيسى بن مريم عليه السلام قدّست أمّ ولدته قد خلقت طاهرة مطهّرة (4)قال الرّضا عليه

ص:525


1- 1) المناقب لابن شهر آشوب ج 4/394، و [1]البحار ج 50/10 ح 10 [2]عن المناقب. [3]
2- 2) عيون المعجزات [4]للشيخ حسين بن عبد الوهاب، كان معاصرا للسيّد المرتضى و هذا الكتاب تتميم لكتاب تثبيت المعجزات تصنيف أبي القاسم العلوي بن علي بن أحمد بن موسى بن محمّد التقي الجواد عليه السلام فنسبته إلى السيّد المرتضى اشتباه، قال العلاّمة النوري في المستدرك ج 3/516: [5] لا ريب في أنّ عيون المعجزات [6]من تأليفات الشيخ حسين بن عبد الوهاب كما نصّ عليه في الرياض [7]فالقول بأنّه من تأليف السيّد المرتضى علم الهدى كما في مدينة المعاجز [8]لا يعبأ به خصوصا أنّ الأخبار الموجودة فيه لا تلائم مذاق المرتضى أعلى اللّه مقامه، حكى صاحب الرياض أنّه رأى نسخة عتيقة منه بگازرون فيها أنّه شرع في تأليف عيون المعجزات [9]في السابع من رمضان سنة «448» ه و كان فراغه منها في يوم الفطر من السنة. راجع الذريعة ج 15/383 رقم 2390. [10]
3- 3) في مستدرك العوالم كما في عيون المعجزات [11]كلثم بن عمران، و في البحار: [12] كليم بن عمران و على أيّ تقدير لم أظفر على ترجمة له كما أنّ الراوي عنه أيضا مجهول.
4- 4) في المصدر: فلمّا ولدته طاهرة مطهّرة قال الرّضا عليه السلام، و في البحار: [13] قد خلقت طاهرة مطهّرة ثمّ قال الرضا عليه السلام. . .

السلام: يقتل غصبا فيبكي له و عليه أهل السماء و يغضب اللّه تعالى على عدوّه و ظالمه فلا يلبث إلاّ يسيرا حتى يعجّل اللّه به إلى عذابه الأليم و عقابه الشّديد و كان طول ليلته يناغيه (1)في مهده. (2)

5-محمّد بن يعقوب، عن أحمد بن مهران، عن محمّد بن عليّ (3)عن أبي الحكم الأرمني قال: حدّثني عبد اللّه بن إبراهيم (4)محمّد بن عليّ ابن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب، عن يزيد بن سليط، عن ابي ابراهيم عليه السلام في حديث طويل أنّه قال له: يا يزيد إنّي أوخذ في هذه السنة و الأمر هو إلى إبني عليّ سمّي عليّ (5)و عليّ، فأمّا عليّ الأوّل فعليّ بن أبي طالب عليه السلام و أمّا الاخر فعليّ بن الحسين عليهما السلام اعطي فهم الأوّل، و حلمه، و نصره، و ودّه، و دينه، و محنته، و محنة الآخر، و صبره على ما يكره و ليس له أن يتكلّم (6)إلاّ بعد موت هارون بأربع سنين.

ثم قال: يا يزيد و إذا مررت بهذا الموضع و لقيته و ستلقاه (7)فبشّره

ص:526


1- 1) قال الجوهري: المرأة [1]تناغي الصبيّ اي تكلّمه بما يعجبه و يسرّه-الصحاح 2513-.
2- 2) عيون المعجزات:118 و [2]عنه بحار الانوار ج 50/15 ح 19 و [3]مستدرك عوالم العلوم ج 23/ 153، و مدينة المعاجز:535، و [4]أورد مثله في عوالم العلوم ج 22/543 عن إثبات الوصيّة:183. [5]
3- 3) هو محمد بن علي الكوفي الصيرفي أبو سمينة تقدّمت ترجمته.
4- 4) تقدّمت ترجمته في الباب العشرين من المنهج السابق ح 19.
5- 5) «سميّ عليّ» أي مثله في الكمالات لا في الاسم فقط كما قيل في قوله تعالى: «لم نجعل له من قبل سميّا» سورة مريم «7» [6] أي نظيرا يستحقّ مثل اسمه.
6- 6) أي بالحجج و دعوى الإمامة جهارا.
7- 7) فيه إعجاز و إخبار بالغيب و تصريح بما فهم من كلمة «اذا» الدالّة على وقوع الشرط بحسب الوضع.

أنّه سيولد له غلام أمين مأمون مبارك، و سيعلمك أنّك قد لقيتني فأخبره عند ذلك أنّ الجارية الّتي يكون منها هذا الغلام جارية من أهل بيت مارية جارية رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أمّ إبراهيم، فإنّ قدرت أن تبلّغها منّي السلام فافعل. (1)

6-أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري في «مسند فاطمة» قال:

حدّثني أبو المفضّل محمّد بن عبد اللّه، قال حدّثني أبو النجم (2)بدر بن عمّار قال: حدّثنا أبو جعفر (3)محمّد بن عليّ، قال: حدّثني عبد اللّه بن أحمد (4)، عن صفوان (5)عن حكيمة بنت أبي الحسن موسى عليه السلام قالت: كتبت لمّا علقت امّ أبي جعفر عليه السلام به: خادمتك (6)قد علقت، فكتب إليّ علقت يوم كذا من شهر كذا (7)فإذا هي ولدت فالزميها

ص:527


1- 1) الكافي ج 1/315 [1] من ح 14 و عنه البحار ج 50/27 [2] من ح 17 و من اعلام الورى:305 [3] نقلا عن الكليني و ابن بابويه، و الإمامة و التبصرة:75 ح 67، و تقدّم أصل الحديث بطوله في الباب «20» من المنهج « [4]9» الحديث «19» مع تخريجاته.
2- 2) في المصدر: بدر بن عمارة أبو النجم، و في مستدرك العوالم: ابو النجم بدر بن عمار الطبرستاني، و على أيّ تقدير لم أظفر على ترجمة له.
3- 3) هو أبو جعفر محمد بن علي الشلمغاني المعروف بابن العزاقر المقتول سنة «322» بأمر الراضي العباسي، تقدّمت ترجمته.
4- 4) لم أظفر على ترجمة له.
5- 5) في المصدر: صفوان بن يحيى، و هو أبو محمّد البجلي الكوفي المتوفى «210» ه سبقت ترجمته.
6- 6) في المصدر و اثبات الوصيّة: [5] قالت: لمّا علقت امّ ابي جعفر عليه السلام كتبت اليه: إنّ جاريتك سبيكة قد علقت.
7- 7) في المصدر و إثبات الوصيّة: [6] فكتب إليّ أنّها علقت ساعة كذا من يوم كذا من شهر كذا.

سبعة أيّام قالت: فلمّا ولدته قال: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه (1)، فلما كان اليوم الثالث عطس فقال: ألحمد للّه و صلّى اللّه على محمّد و على الأئمة الراشدين. (2)

7- «ثاقب المناقب» (3)عن عليّ بن عبيدة (4)، عن حكيمة بنت موسى عليه السلام قال: لما حضرت ولادة الخيزران أدخلني أبو الحسن الرضا عليه السلام و ايّاها بيتا و أغلق علينا الباب و القابلة معنا، فلمّا كان في جوف الليل إنطفىء المصباح فاغتممنا (5)لذلك فما كان بأسرع أن بدر أبو جعفر عليه السلام فأضاء البيت نورا فقلت لامّه: قد أغناك اللّه عن المصباح، فقعد في الطست و قبض عليه و على جسده شيء رقيق شبه النور، فلمّا أصبحنا جاء الرضا عليه السلام فوضعه في المهد و قال لي: الزمي مهده.

فلمّا كان اليوم الثالث رفع بصره إلى السماء ثمّ لمح (6)يمينا و شمالا ثمّ قال: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له و أنّ محمّدا

ص:528


1- 1) في اثبات الوصية: فلمّا ولدته و سقط إلى الأرض قال: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أنّ محمّدا رسول اللّه. . .
2- 2) دلائل الإمامة:201، و [1]عنه البحار ج 50/10 ح 10، و [2]في اثبات الوصية ص 184 [3] رواه باختلاف يسير.
3- 3) ثاقب المناقب: [4] من تأليفات الفقيه عماد الدين أبي جعفر محمد بن عليّ الطوسي المشهدي المعروف بابن حمزة الثاني، كان حيّا في القرن السادس.
4- 4) لم أظفر على ترجمة له في كتب الرجال.
5- 5) في المصدر المطبوع: فاغتممت.
6- 6) في المناقب لابن شهر آشوب: ثمّ نظر يمينه و يساره.

عبده و رسوله (1)فقمت رعدة (2)فزعة و أتيت الرضا عليه السلام فقلت له: رأيت عجبا! فقال: و ما هو (3)الذي رأيت؟

فقلت: هذا الصبيّ فعل الساعة كذا و كذا.

قالت: فتبسّم الرّضا عليه السلام فقال: ما ترين من عجائبه أكثر. (4)

ص:529


1- 1) في المناقب: [1] اشهد ان لا إله إلاّ اللّه و أشهد أنّ محمّدا رسول اللّه.
2- 2) في المناقب: [2] فقمت ذعرة فزعة.
3- 3) في المصدر المطبوع و المخطوط: و ما الذي رايت.
4- 4) ثاقب المناقب:504 ح 432، و [3]المناقب لابن شهر آشوب ج 4/394، مستدرك العوالم ج 23/152 ح 2 عن المناقب.

ص:530

الباب الثاني

في كلامه عليه السلام طفلا

1-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه و عليّ بن محمّد القاساني (1)جميعا عن زكريا بن يحيى بن النعمان الصيرفي (2)قال:

سمعت علي بن جعفر (3)، يحدّث الحسن (4)بن الحسين بن عليّ بن الحسين فقال: و اللّه لقد نصر اللّه أبا الحسن الرضا عليه السلام فقال له

ص:531


1- 1) علي بن محمّد القاساني «معرّب الكاشاني» عدّه الشيخ من أصحاب الهادي عليه السلام و لكن ضعّفه، و الوحيد البهبهاني تصدى لإصلاح حاله بأنّ محمّد بن أحمد بن يحيى روى عنه و لم يستثن روايته و فيه إشعار بمدحه، و النجاشي مدحه معتدّا به و قال: علي بن محمد ابن شيرة القاشاني أبو الحسن كان فقيها كثيرا من الحديث، فاضلا. . . الخ، و المامقاني أنكر إتّحاد المترجم مع إبن شيرة القاشاني و من أراد التفصيل فليراجع التنقيح ج 2 ص 308-.
2- 2) الصيرفي: في الطبعة القديمة: المصرفي، و في الوافي: [1] المصري و على أيّ تقدير لم أظفر على ترجمة له، قال المامقاني في التنقيح ج 1/492: زكريا بن يحيى بن النعمان الصيرفي لم أقف فيه إلاّ على رواية الكليني ره في باب النصّ على الجواد عليه السلام من الكافي، [2] ثمّ ذكر الرواية بطولها فقال: فيه دلالة على كون زكريا من الشيعة الأطهار.
3- 3) علي بن جعفر: بن محمّد بن علي بن الحسين عليهم السلام ابو الحسن سكن العريض من نواحي المدينة فنسب ولده اليها، وثّقه الشيخ و عدّه من أصحاب الصادق و الكاظم و الرضا عليهم السلام و روى عن اخيه الكاظم عليه السلام روايات، كان جليل القدر و عاش الى أن أدرك الهادي عليه السلام و مات في زمانه كما في معجم رجال الحديث ج 11/288-و [3]لكن ترجمه ابن حجر في تهذيب التهذيب ج 7/293 و [4]قال: قال إبن إبن أخيه إسماعيل: مات سنة «210» ه.
4- 4) لم أظفر على ترجمة له لا في كتب الرجال و لا في كتب الأنساب.

الحسن: إي و اللّه جعلت فداك لقد بغي عليه إخوته.

فقال عليّ بن جعفر: إي و اللّه و نحن عمومته (1)بغينا عليه، فقال له الحسن: جعلت فداك كيف صنعتم فإنّي لم أحضركم؟

قال: قال له إخوته و نحن أيضا: ما كان فينا إمام قطّ حائل اللون (2)فقال لهم الرّضا عليه السلام: هو إبني، قالوا: فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قد قضى بالقافّة (3)فبيننا و بينك القافة، قال: إبعثوا أنتم إليهم فأمّا أنا فلا (4)، و لا تعلموهم لما دعوتموهم، و لتكونوا في بيوتكم.

فلمّا جاؤا أقعدونا (5)في البستان و إصطفت (6)عمومته و إخوته و أخواته و أخذوا الرّضا عليه السلام و ألبسوه جبّة صوف و قلنسوة منها و وضعوا على عنقه مسحاة و قالوا له: ادخل البستان كأنّك تعمل فيه،

ص:532


1- 1) «و نحن عمومته» لعلّه أدخل نفسه لكونه بينهم لا أنّه كان شريكهم في هذا القول.
2- 2) حال لونه: إسودّ و تغيّر.
3- 3) القافة: جمع القائف و هو الذي يعرف الآثار و الأشياء و يحكم بالنسب. و القيافة غير معتبرة في الشريعة، و جوّز اكثر العلماء العمل بها لردّ الباطل مستدلّين بهذه القصّة، و قصّة اسامة بن زيد، قيل: إنّه كان شديد السواد و كان ابوه زيد أبيض من القطن فكانت الجاهلية تطعن في نسبه لذلك، قالت عائشة: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم دخل عليّ مسرورا تبرق أسارير وجهه، فقال: إنّ مجزّزا المدلجي دخل عليّ فرأى اسامة و زيدا و عليهما قطيفة قد غطّت رؤسهما و بدت أقدامهما فقال: إنّ هذه الأقدام بعضها من بعض. رواه مسلم في «صحيحه» باسناده عن عائشة-مرآة العقول ج 3/379-. [1]
4- 4) «إبعثوا أنتم و أما أنا فلا» أي فلا أبعث، و إنّما قال ذلك لعدم إعتقاده بقول القافّة لابتناء قولهم على الظنّ و الاستنباط بالعلامات و المشابهات التي يتطرّق إليها الغلط، و لكنّ الخصوم لمّا إعتقدوا به ألزمهم بما إعتقدوه-مرآت العقول-. [2]
5- 5) «أقعدونا» الضمير الفاعل راجع إلى القافّة.
6- 6) «و اصطفّت» في المصدر: «و اصطفّ» .

ثمّ جاؤا بأبي جعفر عليه السلام فقالوا: ألحقوا هذا الغلام بأبيه، فقالوا:

ليس له ههنا أب، و لكن هذا عمّ أبيه، و هذا عمّه، و هذه عمّته، و إن يكن له ههنا أب فهو صاحب البستان، فإنّ قدميه و قدمه (1)واحدة، فلمّا رجع أبو الحسن عليه السلام قالوا: هذا أبوه. (2)

قال عليّ بن جعفر: فقمت فمضضت (3)ريق أبي جعفر عليه السلام ثمّ قلت له: أشهد أنّك إمامي عند اللّه، فبكى الرّضا عليه السلام ثمّ قال: يا عم ألم تسمع أبي و هو يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: بأبي (4)إبن خيرة الإماء (5)إبن النوبية، الطيّبة الفم المنتجبة الرحم، و يلهم (6)لعن اللّه الاعيبس (7)و ذريّته صاحب الفتنة (8)، و يقتلهم (9)سنين

ص:533


1- 1) في المصدر: «فإنّ قدميه و قدميه واحدة» .
2- 2) لعلّهم لمّا رأو نقش قدمي الرّضا عليه السلام في الطين حين دخل البستان فلمّا رجع أيقنوا أنّه هو-مرآة العقول-. [1]
3- 3) المضّ بالضاد المعجمة هو المصّ بالصاد المهملة أو أبلغ منه-القاموس-و في المصدر: «فمصصت» بالإهمال، و في البحار: « [2]فقمت و قبضت على يد أبي جعفر محمّد بن علي الرضا عليهما السلام» .
4- 4) «بأبي» خبر مقدّم و «ابن» مبتدء مؤخّر، و في بعض النسخ: «يأتي» بدل «بأبي» .
5- 5) المراد بابن خيرة الإماء المهدي عجّل اللّه فرجه الشريف، و المراد بخيرة الإماء امّ الجواد عليه السلام فإنّها امّه بالواسطة و أمّا امّه بلا واسطة فكانت بنت قيصر و لم تكن نوبيّة، و على هذا فضمير «يقتلهم» راجع إليه، و قيل: المراد بابن خيرة الإماء هو الجواد عليه السلام، و الضمير الفاعل في «بقتلهم» راجع إلى اللّه تعالى، و القتل في الرّجعة لتشفي قلوب الائمّة عليهم السلام و المؤمنين-مرأت العقول-. [3]
6- 6) الضمير راجع إلى بني العباس بدليل ما بعده.
7- 7) الاعيبس: مصغّر الأعبس كما هو في بعض النسخ، و هو كناية عن بني العبّاس، و يمكن أن يكون أن يكون المراد بعض ذريته كالمنصور و المتوكّل و هارون و أمثالهم.
8- 8) يمكن أن يكون المراد بصاحب الفتنة الجنس و يكون بدلا من الذريّة.
9- 9) الضمير الفاعل في «يقتلهم» كما مرّ يحتمل أن يكون راجعا إلى ابن خيرة الإماء، و يمكن

و شهورا و أيّاما يسومهم 1خسفا و يسقيهم كأسا مصبرة 2و هو الطريد 3الشريد الموتور 4بأبيه و جدّه صاحب الغيبة، يقال: مات أو هلك، أيّ واد سلك، أفيكون هذا يا عمّ إلاّ منّي؟

فقلت: صدقت جعلت فداك. 5

2-أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري في «مسند فاطمة عليها السلام» قال: حدّثني أبو المفضّل محمّد بن عبد اللّه، قال: حدّثني جعفر بن مالك الفزاري، قال: حدّثني محمّد بن إسماعيل الحسيني 6عن أبي محمّد الحسن بن علي عليهما السلام قال: كان أبو جعفر عليه السلام شديد الادمة و لقد قال فيه الشاكّون المرتابون و سنّه خمس و عشرون شهرا: إنّه ليس من ولد الرّضا عليه السلام و قالوا: لعنهم اللّه: إنّه

ص:534

من شنيف (1)الأسود مولاه، و قالوا: من لوء لوء، و إنّهم أخذوه و الرّضا عليه السلام عند المأمون، فحملوه إلى القافة و هو طفل بمكة في مجمع الناس بالمسجد الحرام فعرضوه عليهم.

فلمّا نظروا إليه زرقوه (2)بأعينهم خرّوا لوجوههم سجّدا ثمّ قاموا فقالوا لهم: يا ويحكم أمثل هذا الكوكب الدريّ و النور المنير يعرض على أمثالنا؟ و هذا و اللّه الحسب الزكيّ و النسب المهذّب الطاهر، و اللّه ما تردّد إلاّ في أصلاب زاكية و أرحام طاهرة، و اللّه ما هو إلاّ من ذريّة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فارجعوا و إستقبلوا اللّه و إستغفروه و لا تشكّوا في مثله، و كان في ذلك الوقت سنّه خمسة و عشرون شهرا.

فنطق بلسان أذهب (3)من السّيف و أفصح من الفصاحة «يقول» الحمد للّه الذي خلقنا من نوره بيده و إصطفانا من بريّته و جعلنا أمناءه على خلقه و وحيه معاشر الناس أنا محمّد بن عليّ الرّضا، بن موسى الكاظم، بن جعفر الصّادق، بن محمّد الباقر، بن عليّ الرّضا، بن موسى الكاظم، بن جعفر الصاّدق، بن محمّد الباقر، بن عليّ سيّد العابدين، بن الحسين الشهيد، بن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، و إبن فاطمة الزهراء، و إبن محمّد المصطفى عليهم السلام ففي مثلي يشكّ؟ و عليّ و على أبويّ يفتري (4)و اعرض على القافة؟ و قال: و اللّه إنّي لأعلم بهم

ص:535


1- 1) في المصدر، و المستدرك: سنيف «بالسين المهملة» و في بعض الكتب: سعيد.
2- 2) أي حد جوابه و حدّقوه و حدّدو النظر إليه.
3- 3) في المصدر و البحار و [1]مستدرك العوالم: أرهف، أي أدقّ و أرقّ.
4- 4) في البحار: و [2]على اللّه تبارك و تعالى و على جدّي يفترى.

أجمعين (1)، و ما هم إليه صائرون أقوله حقّا و اظهره صدقا و عدلا علما ورّثناه اللّه (2)قبل الخلق أجمعين، و بعد بناء السموات و الأرضين، و أيم اللّه لولا تظاهر الباطل علينا لقلت (3): قولا يتعجّب منه الأوّلون و الآخرون.

ثمّ وضع يده على فيه ثمّ قال: يا محمّد اصمت كما صمت آباؤك فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا اَلْعَزْمِ مِنَ اَلرُّسُلِ، وَ لا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ الاية (4)ثم تولّى الرّجل (5)إلى جانبه فقبض على يده و مشى يتخطّى رقاب الناس، و الناس يفرّجون له، قال: فرأيت مشيخة ينظرون إليه و يقولون:

اَللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ (6)فسألت عن المشيخه؟

قيل: هؤلاء قوم من حيّ بني هاشم من أولاد عبد المطّلب.

قال: و بلغ الخبر عليّ بن موسى الرّضا عليه السلام و ما صنع بابنه محمّد عليه السلام فقال: ألحمد للّه ثم التفت الى بعض من بحضرته من شيعته فقال: هل علمتم ما قد رميت به مارية القبطية و ما ادعى عليها في ولادتها إبراهيم عليه السلام إبن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم؟ قالوا: لا يا سيّدنا أنت أعلم فخبّرنا لنعلم، قال: إنّ مارية لما اهديت إلى

ص:536


1- 1) في المصدر: و اللّه إنّني لأعلم بأنسابهم من آبائهم، إنّي و اللّه لأعلم بواطنهم و ظواهرهم، و إنّي لأعلم بهم أجمعين.
2- 2) في البحار: [1] علما قد نبّأه اللّه.
3- 3) في المصدر: لولا تظاهر الباطل علينا، و غلبة دولة الكفر، و توثّب أهل الشكوك و الشّرك علينا لقلت. . .
4- 4) سورة الأحقاف:35. [2]
5- 5) في نسخة: ثمّ أتى لرجل الى جانبه.
6- 6) سورة الأنعام:124. [3]

جدّي رسول اللّه اهديت مع جوار قسّمهن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم على أصحابه و ظنّ بمارية من دونهنّ، و كان معها خادم يقال له:

جريح يؤدّبها بآداب الملوك و أسلمت على يد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أسلم جريح معها و حسن إيمانهما و إسلامهما، فملكت مارية قلب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فحسدها بعض أزواج رسول اللّه، فأقبلت زوجتان من ازواج رسول اللّه إلى أبويهما تشكوان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فعله و ميله إلى مارية و إيثاره إيياها عليهما حتى سولّت لهما أنفسهما أن تقولا: إنّ مارية إنّما حملت بابراهيم من جريح، و كانوا لا يظنّون جريحا زمنا (1)فأقبل ابواهما إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هو جالس في مسجده فجلسا بين يديه و قالا: يا رسول اللّه ما يحلّ لنا و لا يسعنا أن نكتمك ما ظهرنا عليه من خيانة واقعة بك.

قال: و ماذا تقولان.

قالا (2): إنّ جريحا يأتي من مارية الفاحشة العظمى و إنّ حملها من جريح و ليس هو منك يا رسول اللّه.

فاربد (3)وجه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و عرضت له سهوة لعظم ما تلّقياه به، ثمّ قال: ويحكما ما تقولان؟

فقالا: يا رسول اللّه إنا خلّفنا جريحا و مارية في مشربة و هو يفاكهها

ص:537


1- 1) في المصدر: خادما زمنا، و الزمن «بفتح الزاي و كسر الميم» من به الزمانة و هي العاهة.
2- 2) في المصدر: قالا: يا رسول اللّه إنّ جريحا.
3- 3) إربدّ «بتشديد الدال المهملة» : تغيّر.

و يلاعبها و يروم منها ما يروم الرجال من النساء، فابعث إلى جريح فإنّك تجده على هذه الحال فأنفذ فيه حكمك و حكم اللّه تعالى.

فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله: يا ابا الحسن خذ معك سيفك ذا الفقار حتى تمضي الى مشربة مارية و إن صادفتها و جريحا كما يصفان فاخمدهما ضربا.

فقام عليّ و اتّشح بسيفه و أخذه تحت ثيابه (1)فلما ولّى و مرّ من بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أتى إليه راجعا فقال له: يا رسول اللّه أكون فيما امرتني كالسكّة المحماة في النار أو كالشاهد (2)يرى ما لا يرى الغايب؟

قال (3): فأقبل عليّ عليه السلام و سيفه في يده حتى سور (4)من فوق مشربة مارية و هي جالسة و جريح معها يؤدّبها بآداب الملوك، و يقول لها: أعظمي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و كنّيه و أكرميه و نحوا من هذا الكلام فنظر جريح إلى أمير المؤمنين و سيفه مشهّر بيده ففزع منه جريح و أتى إلى نخلة في دار المشربة فصعد إلى رأسها، فنزل أمير المؤمنين إلى المشربة و كشف الريح عن اثواب جريح فانكشف ممسوحا.

فقال عليه السلام: إنزل يا جريح، فقال: يا أمير المؤمنين آمن على

ص:538


1- 1) في المصدر: تحت ثوبه.
2- 2) في المصدر: أو الشاهد.
3- 3) في المصدر: فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: فديتك يا عليّ، بل الشاهد ما لا يرى الغائب، قال: فاقبل.
4- 4) في المصدر: تسوّر: أي صعد من فوق المشربة.

نفسي فقال: آمن على نفسك.

قال: فنزل جريح و أخذ بيده أمير المؤمنين عليه السلام و جاء به إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فأوقفه بين يديه، و قال له: يا رسول اللّه إنّ جريحا خادم ممسوح فولى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم وجهه إلى الجدار و قال: حلّ لهما لعنهما اللّه يا جريح إكشف عن نفسك تبيّن (1)كذبهما، ويحهما ما أجرأهما على اللّه و على رسوله!

فكشف جريح عن أثوابه فإذا هو خادم ممسوح كما وصف، فسقطا بين يدي رسول اللّه و قالا: يا رسول اللّه التوبة إستغفر لنا فلن نعود، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لا تاب اللّه عليكما فما ينفعكما إستغفاري و معكما هذه الجرأة على اللّه و على رسوله قالا: يا رسول اللّه فإن إستغفرت لنا رجونا أن يغفر لنا ربّنا فأنزل اللّه الآية: إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اَللّهُ لَهُمْ (2).

قال الرّضا عليّ بن موسى عليه السلام: ألحمد للّه الّذي جعل فيّ و في إبني محمّد أسوة برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و إبنه إبراهيم.

و لمّا بلغ عمره ستّ سنين و شهور قتل المأمون أباه و بقيت الطّايفة في حيرة و اختلفت الكلمة بين الناس، و استصغر سنّ أبي جعفر عليه السلام، و تحيّر الشيعة في سائر الأمصار. (3)

ص:539


1- 1) في المصدر: حتّى يتبيّن كذبهما.
2- 2) سورة التوبة:80. [1]
3- 3) دلائل الإمامة:201-204، و [2]أخرجه المجلسي في بحار الأنوار ج 50/8 ذيل الحديث 9 [3]

3-الشيخ رجب البرسي (1)قال: روى عن أبي جعفر الثاني محمّد ابن علي عليهما السلام أنّه جيء به إلى مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بعد موت أبيه الرّضا عليه السلام و هو طفل فجاء إلى المنبر و رقى منه درجة ثمّ نطق فقال أنا محمد بن علي الرضا أنا الجواد أنا العالم بأنساب النّاس في الأصلاب و أنا أعلم بسرائركم و ظواهركم و ما أنتم صائرون إليه: علم منحنا اللّه به من قبل خلق الأوّلين و الآخرين (2)و بعد فناء السّماوات و الأرضين و لولا تظاهر أهل الباطل و دولة أهل الضلال و وثوب أهل الشكّ لقلت قولا تعجّب منه الأوّلون و الآخرون، ثمّ وضع يده الشريفة على فيه و قال: يا محمد اصمت كما صمت آباؤك من قبل. (3)

4-كتاب «الخرايج و الجرايح» عن محمّد بن ميمون (4)قال كنت مع الرّضا عليه السلام بمكة قبل خروجه إلى خراسان فقلت له: إنّي أريد

ص:540


1- 1) البرسي: رجب بن محمد [1] بن رجب رضي الدين الحافظ، له تصانيف فرغ من بعضها سنة «813» ه، و أما «مشارق الأنوار» الّذي هو مصدر الحديث فهو مؤلّف في سنة «773» ه لأنّه ذكر فيه: أنّ بين ولادة المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف و تأليفه خمسمائة و ثمانية عشر سنة و لمّا كانت الولادة سنة «255» فيصير المجموع «773» .
2- 2) في المصدر و البحار: من قبل خلق الخلق أجمعين. [2]
3- 3) مشارق الأنوار:98 و عنه البحار ج 50/108 ح 28.
4- 4) ترجم له المامقاني في التنقيح ج 3/194 رقم 1435 و قال: عنونه في جامع الرواة و نقل فيه الخبر الطويل الذي أسبقنا نقله في محمد بن الحسن بن شمون و قد نبّهنا هناك على أنّ الصواب شمون و أنّ إبداله بميمون سهو القلم.

المدينة فاكتب معي كتابا إلى أبي جعفر عليه السلام فتبسّم و كتب فصرت إلى المدينة و قد كان ذهب بصري فخرج الخادم بأبي جعفر عليه السلام إلينا فحمله في المهد فناولته الكتاب، فقال لموفّق الخادم فضّه و انشره ففضّه و نشره بين يديه فنظر فيه.

ثمّ قال لي يا محمّد ما حال بصرك؟

قلت: يابن رسول اللّه إعتلّت عيناي فذهب بصري كما ترى.

قال: ادن منّي فدنوت منه فمدّ يده فمسح بها على عيني فعاد إليّ بصري كأصح ما كان، فقبّلت يده و رجله و انصرفت من عنده و أنا بصير. (1)

ص:541


1- 1) الخرايج:207 و عنه البحار ج 50/46 ح 20. [1]

ص:542

الباب الثالث

في أنه عليه السلام اوتي الحكم صبيّا

1-محمّد بن يعقوب عن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن عليّ بن أسباط قال: رأيت أبا جعفر عليه السلام و قد خرج (1)عليّ فاخذت النظر إليه و جعلت أنظر إلى رأسه و رجليه لأصف قامته لأصحابنا بمصر، فبينا أنا كذلك حتّى قعد فقال: يا عليّ إنّ اللّه إحتجّ في الإمامة بمثل ما إحتجّ به في النبوة، فقال: وَ آتَيْناهُ اَلْحُكْمَ صَبِيًّا (2)وَ لَمّا بَلَغَ أَشُدَّهُ (3)وَ بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً (4)فقد يجوز أن يؤتى الحكمة صبيّا، و يجوز أن يعطاها (5)و هو إبن أربعين سنة. (6)

2-و عنه عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن صفوان بن

ص:543


1- 1) في المصدر: قال: خرج عليه السلام عليّ فنظرت إلى رأسه. . .
2- 2) سورة مريم:12. [1]
3- 3) سورة القصص:14. [2]
4- 4) الأحقاف:15. [3]
5- 5) في نسخة: أن يؤتاها.
6- 6) الكافي ج 1/384 ح 7 و [4]عنه البحار ج 25/100 ح 1 و [5]عن بصائر الدرجات:238 ح 10، و [6]أخرجه في البحار أيضا [7]ج 50/37 ح 1 عن بصائر الدرجات، و [8]إرشاد المفيد:325 [9] باسناده عن الكليني، و الخرايج:345 ط المصطفوي، و المناقب لابن شهر آشوب ج 4/389 [10]مختصرا و في ص 20 ح 6 عن الخرايج، و في كشف الغمّة ج 2/360 [11]عن الإرشاد، و [12]في البحار أيضا [13]ج 25/102 ح 3 عن تأويل الآيات ج 1/303 ح 7 عن مجمع البيان ج 6/506 نقلا عن العيّاشي، و رواه في اثبات الوصيّة:184 [14] باختلاف.

يحيى، قال: قلت للرضا عليه السلام: قد كنّا نسألك قبل أن يهب اللّه عزّ و جلّ لك أبا جعفر عليه السلام فكنت تقول: يهب اللّه لي غلاما، فقد وهبه اللّه لك فأقرّ عيوننا فلا أرانا اللّه يومك، فإن كان كون فإلى من؟

فأشار بيده إلى أبي جعفر عليه السلام و هو قائم بين يديه، فقلت:

جعلت فداك هذا إبن ثلاث سنين؟

فقال: و ما يضرّه (1)فقد قام عيسى عليه السلام بالحجّة و هو ابن ثلاث سنين. (2)

3-و عنه، عن الحسين بن محمد، عن الخيراني (3)، عن أبيه قال:

كنت واقفا بين يدي أبي الحسن عليه السلام بخراسان، فقال له قائل: يا سيّدي إن كان كون فإلى من؟

قال: إلى أبي جعفر إبني، فكأنّ القائل إستصغر سنّ أبي جعفر عليه السلام فقال أبو الحسن: إنّ اللّه تبارك و تعالى بعث عيسى بن مريم رسولا نبيا صاحب شريعة مبتدأة في أصغر من السنّ الّذي فيه أبو جعفر عليه السلام. (4)

ص:544


1- 1) في المصدر: ما يضرّه من ذلك. . . و في البحار: [1] ما يضرّه من ذلك شيء.
2- 2) الكافي [2]ج 1/321 ح 10 و ص 383 ح 2 و عنه البحار ج 25/102 ح 4، و [3]أخرجه في البحار ج 50/21 ح 1 [4]عن ارشاد المفيد:317 [5] باسناده عن الكليني و اعلام الورى:331 [6] عن محمد ابن يعقوب و في كشف الغمة ج 2/351 [7]عن الارشاد و [8]رواه في اثبات الوصيّة:185 و [9]الفصول المهمّة:265 و [10]سيأتي في الباب الثالث عشر ح 10.
3- 3) قال الخوئي قدّس سرّه في معجم الرجال ج 23/94: [11] قيل: إنّ أباه هو خيران مولى الرضا عليه السلام، و لكنه لم يثبت فالرواية ضعيفة فانّ الخيراني و والده مجهولان.
4- 4) الكافي ج 1/322 ح 13 و [12]أخرجه في البحار ج 50/23 ح 15 [13]عن اعلام الورى:331 [14] عن محمد بن يعقوب و ارشاد المفيد:319 [15] باسناده عن الكليني و في كشف الغمّة ج 2/353 [16]

4-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه قال: إستأذن على أبي جعفر عليه السلام قوم من أهل النواحي من الشيعة فأذن لهم، فدخلوا فسألوه في مجلس واحد عن ثلاثين ألف مسئلة فأجاب عليه السلام و له عشر سنين. 1

5-و عنه عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن سيف 2، عن بعض أصحابنا عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال: قلت له: إنّهم يقولون في حداثة سنك، فقال: إنّ اللّه أوحى إلى داود: أن يستخلف سليمان عليهما السلام و هو صبّي يرعى الغنم، فأنكر ذلك عبّاد بني إسرائيل و علماؤهم، فأوحى اللّه إلى داود عليه السلام: أن خذ عصا 3المتكلمين و عصا سليمان و إجعلهما في بيت، و إختم عليها بخواتيم القوم، فإذا كان من الغد فمن كانت عصاه قد اورقت و أثمرت فهو الخليفة، فأخبرهم داود عليه السلام فقالوا: قد رضينا و سلّمنا. 4

6-و عن عن عليّ بن محمد و غيره، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن مهزيار، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، قال: سألته يعني أبا جعفر عليه السلام عن شيء من أمر الإمام فقلت: يكون الامام إبن أقلّ من سبع

ص:545

سنين؟

فقال: نعم و أقلّ من خمس سنين.

فقال سهل: فحدّثني عليّ بن مهزيار بهذا في سنة إحدى و عشرين و مأتين. (1)

7-و عنه عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، قال: قال عليّ بن حسّان (2)لأبي جعفر عليه السلام: يا سيّدي إنّ الناس ينكرون عليك حداثة سنّك، فقال: و ما ينكرون من ذلك؟ فو اللّه (3)لقد قال اللّه لنبيّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اَللّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اِتَّبَعَنِي (4)فو اللّه ما تبعه إلاّ عليّ عليه السلام و له تسع سنين، و أنا إبن تسع سنين. (5)

8-السيد المرتضى (6)في «عيون المعجزات» قال: و لمّا قبض الرّضا عليه السلام كان سنّ أبي جعفر عليه السلام نحو سبع سنين فاختلفت الكلمة بين النّاس ببغداد و في الأمصار و اجتمع الريّان بن

ص:546


1- 1) الكافي ج 1/384 ح 5 و [1]عنه البحار ج 25/103 ح 6 و [2]رواه في اثبات الوصيّة:193. [3]
2- 2) هو علي بن حسّان الواسطي ابو الحسين القصير المعروف بالمنمس «من الإنماس لقّب به لقصره و الإنماس: الاختفاء» عمّر اكثر من مائة سنة ذكره النجاشي و قال: روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام و ذكره الشيخ في أصحاب الجواد عليه السلام.
3- 3) في المصدر: قول اللّه-مكان فو اللّه-.
4- 4) سورة يوسف:108. [4]
5- 5) الكافي ج 1/384 ح 8 و [5]عنه البرهان ج 2/275 ح 2 و [6]أخرجه في البحار ج 36/51 ذيل ح 1 [7]عن تفسير القمي ج 1/358. [8]
6- 6) تقدّم أنّ عيون المعجزات [9]للشيخ حسين بن عبد الوهاب و نسبة الكتاب الى السيّد المرتضى ليست صحيحة.

الصلت، و صفوان بن يحيى، و محمّد بن حكيم، و عبد الرحمن بن الحجّاج، و يونس بن عبد الرحمن، و جماعة من وجوه الشيعة و ثقاتهم في دار عبد الرحمن بن الحجّاج في بركة زلول يبكون و يتوجّعون من المصيبة، فقال لهم يونس بن عبد الرحمن: دعوا البكاء، من لهذا الامر؟ و إلى من نقصد بالمسائل إلى أن يكبر هذا يعني ابا جعفر عليه السلام؟ .

فقام إليه الريّان بن الصلت و وضع يده في حلقه و لم يزل يلطمه و يقول له: أنت تظهر الإيمان لنا و تبطن الشكّ و الشرك إن كان أمره من اللّه جلّ و علا فلو أنّه كان إبن يوم واحد لكان بمنزلة الشيّخ العالم و فوقه، و إن لم يكن من عند اللّه فلو عمّر ألف سنة فهو واحد من الناس، هذا ممّا لا ينبغي أن يفكّر فيه، فاقبلت العصابة عليه تعذله و توبّخه.

و كان وقت الموسم فاجتمع من فقهاء بغداد و الأمصار و علمائهم ثمانون رجلا فخرجوا إلى الحج و قصدوا المدينة ليشاهدوا أبا جعفر عليه السلام فلمّا وافوا أتوا دار جعفر الصادق عليه السلام لأنّها كانت فارغة، و دخلوها و جلسوا على بساط كبير، و خرج إليهم عبد اللّه بن موسى (1)، فجلس في صدر المجلس و قام مناد و قال: هذا إبن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فمن أراد السؤال فليسأله فسئل عن أشياء أجاب عنها بغير الواجب، فورد على الشيعة ما حيّرهم و غمّهم و إضطربت الفقهاء و قاموا و همّوا بالإنصراف، و قالوا في أنفسهم: لو كان

ص:547


1- 1) عبد اللّه بن موسى بن جعفر عليهما السلام عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الرّضا عليه السلام، و إستفاد المامقاني في التنقيح عدالته من إستغفاره مرّتين في محضر أبي جعفر عليه السلام-التنقيح ج 2/219 رقم 7086-.

أبو جعفر عليه السلام يكمّل جواب المسائل لما كان من عبد اللّه ما كان و من الجواب بغير الواجب.

ففتح عليهم باب من صدر المجلس و دخل موفّق و قال: هذا أبو جعفر عليه السلام فقاموا إليه بأجمعهم و استقبلوه و سلّموا عليه، فدخل صلوات اللّه عليه و عليه قميصان و عمامة بذؤابتين و في رجليه نعلان، و جلس و أمسك الناس كلّهم، فقام صاحب المسألة فسأله عن مسائله فأجاب عنها بالحقّ، ففرحوا و دعوا له و أثنوا عليه، و قالوا له: إنّ عمّك عبد اللّه أفتى بكيت و كيت، فقال: لا إله إلاّ اللّه يا عم إنّه عظيم عند اللّه أن تقف غدا بين يديه فيقول لك: لم تفتي عبادي بما لم تعلم، و في الامّة من هو أعلم منك؟ !

و كان إسحاق بن إسماعيل بن نوبخت (1)ممّن حجّ في جملتهم في تلك السنّة قال إسحق: فعددت له في رقعة عشر مسائل، و كان لي حمل فقلت في نفسي: إن أجابني عن مسائلي سألته أن يدعوا اللّه أن يجعله ذكرا فلمّا ألحّ عليه الناس بالمسائل و كان عليه السلام يفتي بالواجب، فقمت لأخفّف و الرقعة معي لأسأله في غد عن مسائلي، فلمّا نظر عليه السلام إليّ فقال: يا إسحاق قد إستجاب اللّه دعائي فسمّه أحمد، فقلت:

الحمد للّه هذا هو الحجّة البالغة، و إنصرف إلى بلده فولد له ذكر فسمّاه

ص:548


1- 1) قال المامقاني: إسحاق بن إسماعيل بن نوبخت «بفتح النون و سكون الواو و فتح الباء الموحدة و سكون الخاء المعجمة بعدها تاء مثنّاة من فوق من الأسماء الاعجمية» . . . لم أقف في ترجمة الرّجل إلاّ على عدّ الشيخ ره إيّاه في رجاله من أصحاب الإمام الهادي عليه السلام، و ظاهره كونه اماميّا إلاّ أنّ حاله مجهول-تنقيح المال ج 1/111 رقم 669-.

أحمد. (1)

9-و الّذي رواه أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري في «مسند فاطمة عليها السلام» قال: حدّثني أبو المفضّل محمّد بن عبد اللّه، قال:

حدّثني أبو النجم بدر بن عمّار الطبرستاني، قال: حدّثني أبو جعفر محمّد بن عليّ (2)، قال: روى محمّد المحمودي (3)، عن أبيه، قال: كنت واقفا على رأس الرّضا عليه السلام بطوس، فقال له بعض أصحابه: إن حدث حادث فإلى من؟

قال: إلى إبني أبي جعفر عليه السلام، قال: فان استصغر سنّه؟ فقال له أبو الحسن عليه السلام: إنّ اللّه بعث عيسى بن مريم قائما بشريعة في دون السنّ التي يقوم فيها أبو جعفر على شريعته.

فلمّا مضى الرّضا عليه السلام و ذلك في سنة إثنتين و مأتين، و سنّ أبي جعفر عليه السلام ستّ سنين و شهورا، و إختلف الناس في جميع الأمصار إجتمع الرّيان بن الصلت، و صفوان بن يحيى، و محمد بن حكيم، و عبد الرّحمن بن الحجّاج في بركة زلزل يبكون و يتوجّعون من المصيبة فقال لهم يونس: دعوا البكاء، من لهذا الأمر يفتي المسائل إلى أن يكبر هذا الصبّي، يعني أبا جعفر عليه السلام، و كان له ستّ سنين و شهور، ثمّ قال: أنا و من مثلي؟

ص:549


1- 1) عيون المعجزات:119 و [1]عنه البحار ج 50/99 ح 12. [2]
2- 2) هو ابو جعفر محمد بن علي الشلمغاني المعروف بابن العزاقر المقتول سنة «322» تقدّم ذكره.
3- 3) هو محمّد بن أحمد بن حمّاد أبو عليّ المحمودي، كان من أصحاب الإمام الهادي عليه السلام-معجم رجال الحديث ج 14/347-.

فقام إليه الريّان بن الصّلت فوضع يده في حلقه و لم يزل يلطم وجهه و يضرب رأسه.

ثم قال له: يا ابن الفاعلة إن كان أمر من اللّه جلّ و علا فإبن يومين مثل إبن مأة سنة، و إن لم يكن من عند اللّه فلو عمّر الواحد من الناس خمسة آلاف سنة كان يأتي بمثل ما يأتي به أو بعضه، و هذا ممّا ينبغي أن ينظر فيه، و أقبلت العصابة على يونس تعذله و قرب الحجّ و إجتمع من فقهاء بغداد و الأمصار و علمائهم ثمانون رجلا، و خرجوا إلى المدينة و أتوا دار أبي عبد اللّه عليه السلام و دخلوها، و بسط لهم بساط أحمر، و خرج اليهم عبد اللّه بن موسى فجلس في صدر المجلس و قام مناد فنادى هذا إبن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فمن أراد السؤال فليسأل، فقام إليه رجل من القوم فقال له: ما تقول في رجل قال لامرأته: أنت طالق عدد نجوم السماء؟

قال: طلّقت ثلاث دون الجوزاء، فورد على الشيعة ما زاد في غمّهم و حزنهم.

ثمّ قام إليه رجل آخر فقال ما تقول في رجل أتى بهيمة؟

قال: تقطع يده و يجلّد مأة جلدة فينفى، فضجّ الناس بالبكاء، و كان قد إجتمع فقهاء الأمصار فهم في ذلك إذ فتح باب من صدر المجلس و خرج موفّق.

ثمّ خرج أبو جعفر علهى السلام و عليه قميصان و إزار و عمامة

ص:550

بذؤابتين إحديهما من قدّام و الاخرى من خلف، و نعل بقبالين (1)فجلس و أمسك الناس كلّهم، ثمّ قام إليه صاحب المسألة الاولى فقال: يابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ما تقول في من قال لامرأته: أنت طالق عدد نجوم السماء؟

فقال له: يا هذا إقرء كتاب اللّه قال اللّه تبارك و تعالى: اَلطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ (2)في الثالثة قال: فإنّ عمّك أفتاني بكيت و كيت، فقال: يا عمّ إتق اللّه و لا تفت و في الامّة من هو أعلم منك.

فقام إليه صاحب المسألة الثانية فقال: يابن رسول اللّه رجل أتى بهيمة فقال: يعزّر و يحمى ظهر البهيمة و تخرج من البلد لا يبقى على الرّجل عارها، فقال: عمّك أفتاني بكيت و كيت، فالتفت و قال بأعلى صوته: لا إله إلاّ اللّه يا عبد اللّه إنّه عظيم عند اللّه أن تقف غدا بين يدي اللّه فيقول اللّه لك: لم أفتيت عبادي بما لا تعلم و في الامّة من هو أعلم منك؟

فقال عبد اللّه بن موسى: رأيت أخي الرضا عليه السلام: و قد أجاب في هذه المسألة بهذا الجواب، فقال له أبو جعفر عليه السلام:

إنّما سئل الرضا عليه السلام عن نبّاش نبش إمرأة ففجر بها و أخذ ثيابها فأمر بقطعه للسرقة و جلده للزّنا و نفيه للمثلة. (3)

ص:551


1- 1) قبال النعال «بكسر القاف» : زمام بين الاصبع الوسطى و الّتي تليها-القاموس-.
2- 2) سورة البقرة:229. [1]
3- 3) دلائل الإمامة:204 و [2]رواه في اثبات الوصيّة:186 [3] باختلاف و سيأتي صدره في الباب الثالث عشر ح 15 عن كفاية الأثر ص 273.

و روى هذا الحديث الحسين بن حمدان الحضيني ايضا في «هدايته» . (1)

ص:552


1- 1) لم نجده في الهداية.

الباب الرابع

في حديثه عليه السلام مع يحيى بن اكثم

و ما ظهر منه من العلم

الشيخ المفيد في «ارشاده» قال: روى الحسن بن محمّد بن سليمان (1)، عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الريّان بن شبيب، قال: لمّا أراد المأمون أن يزوّج إبنته امّ الفضل أبا جعفر محمّد بن عليّ عليهما السلام بلغ ذلك العباسيّين فغلظ عليهم و إستكبروه و خافوا أن ينتهي الأمر معه إلى ما إنتهى إليه مع الرّضا عليه السلام فخاضوا في ذلك و إجتمع منهم أهل بيته الأدنون منه فقالوا له: ننشدك اللّه يا أمير المؤمنين أن تقيم على هذا الأمر الّذي قد عزمت عليه من تزويج إبن الرّضا، فإنّا نخاف أن تخرج به عنّا أمرا قد ملّكناه اللّه و ينزع منا عزّ قد ألبسناه اللّه، و قد عرفت ما بيننا و بين هؤلاء القوم قديما و حديثا و ما كان عليه الخلفاء الرّاشدون قبلك من تبعيدهم و التصغير بهم، و قد كنا في وهلة (2)من عملك مع الرّضا ما علمت حتّى كفانا اللّه المهمّ من ذلك، فاللّه اللّه أن تردّنا

ص:553


1- 1) الحسن بن محمد بن سليمان: قال الزنجاني: روى المفيد عدّة أحاديث عنه عن علي بن ابراهيم، و الظاهر عدم سقوط الواسطة بينهما و عليه يكون الرجل معمّرا و رواية المفيد عنه يكفي في الاعتماد عليه-الجامع في الرجال ج 1/549-. [1]
2- 2) الوهلة: الفزعة.

إلى غمّ قد إنحسر عنا و إصرف رأيك عن إبن الرضا و إعدل إلى من تراه من أهل بيتك يصلح لذلك دون غيره.

فقال لهم المأمون: أمّا ما بينكم و بين آل أبي طالب فأنتم السبب فيه، و لو أنصفتم القوم لكانوا أولى بكم، و أمّا ما كان يفعله من قبلي بهم فقد كان به قاطعا للرحم، و أعوذ باللّه من ذلك، و و اللّه ما ندمت على ما كان منّي من إستخلاف الرضا عليه السلام و لقد سألته أن يقوم بالأمر و أنزعه عن نفسي فأبى و كان أمر اللّه قدرا مقدورا.

و أمّا أبو جعفر محمّد بن عليّ فقد إخترته لتبريزه (1)على كافّة الأنام و أهل الفضل في العلم و الفضل مع صغر سنه و الاعجوبة فيه بذلك، و أنا أرجو أن يظهر للناس ما قد عرفته منه، فيعلموا أنّ الرأى ما رأيت فيه، فقالوا: إنّ هذا الفتى و إن راقك منه هديه فإنّه صبيّ لا معرفة له و لا فقه، فأمهله ليتأدّب و يتفقّه ثمّ إصنع ما تراه بعد ذلك.

فقال لهم: ويحكم إنّي أعرف بهذا الفتى منكم، و إنّ هذا من أهل بيت علمهم من اللّه تعالى (2)و مواده و إلهامه، لم يزل آباؤه أغنياء في علم الدين و الأدب عن الرّعايا الناقصة عن حدّ الكمال، فإن شئتم فامتحنوا أبا جعفر عليه السلام بما يتبيّن لكم به ما وصفت من حاله.

قالوا له: لقد رضينا لك يا أمير المؤمنين و لأنفسنا بامتحانه، فخلّ بيننا و بينه لننصب من يسأله بحضرتك عن شيء من فقه الشريعة، فإن أصاب في الجواب عنه لم يكن لنا إعتراض في أمره، و ظهر للخاصّة

ص:554


1- 1) برّز تبريزا: فاق أصحابه فضلا.
2- 2) في البحار: و [1]إنّ أهل هذا البيت علمهم من اللّه تعالى.

و العامّة سديد رأي أمير المؤمنين فيه، و إن عجز عن ذلك فقد كفينا الخطب في معناه، فقال لهم المأمون: شأنكم و ذاك متى أردتم.

فخرجوا من عنده و اجتمع رأيهم على مسألة يحيى بن أكثم، و هو يومئذ قاض الزمان، على أن يسأله مسألة لا يعرف الجواب فيها، و وعدوه بأموال نفيسة على ذلك و عادوا إلى المأمون فسألوه أن يختار لهم يوما للاجتماع فأجابهم إلى ذلك.

فاجتمعوا في اليوم الّذي إتّفقوا عليه، و حضر معهم يحيى بن اكثم، و أمر المأمون أن يفرش لأبي جعفر عليه السلام دست (1)و يجعل له فيه مسورتان (2)ففعل ذلك و خرج أبو جعفر عليه السلام و هو يومئذ إبن سبع سنين (3)واشهر، فجلس بين المسورتين، و جلس يحيى بن أكثم بين يديه، و قام الناس في مراتبهم، و المأمون جالس في دست متصل بدست أبي جعفر عليه السلام.

فقال يحيى بن أكثم للمأمون: أتأذن لي يا أمير المؤمنين أن أسأل أبا جعفر (4)؟ فقال له المأمون: إستأذنه في ذلك، فأقبل عليه يحيى بن أكثم فقال: أتاذن لي جعلت فداك في مسألة؟

فقال له أبو جعفر عليه السلام: سل إن شئت.

قال يحيى: ما تقول جعلت فداك في محرم قتل صيدا؟

ص:555


1- 1) الدست «بفتح الدال المهملة و سكون السين» : الثوب.
2- 2) المسرة و المسور «بكسر الميم و سكون السين المهملة و فتح الواو» : متّكأ من أدم.
3- 3) في المصدر و البحار: [1] تسع سنين.
4- 4) في البحار: [2] أن أسأل أبا جعفر عن مسألة.

فقال له أبو جعفر عليه السلام: قتله في حلّ أو حرم؟ عالما كان المحرم أم جاهلا؟ قتله عمدا أو خطأ؟ حرّا كان المحرم أو عبدا؟ صغيرا كان أم كبيرا؟ مبتدئا بالقتل أم معيدا؟ من ذوات الطير كان الصيد أم من غيرها؟ من صغار الصيد كان أم من كباره؟ مصرّا على ما فعل أو نادما؟ في الليل كان قتله للصيد أم نهارا؟ محرما كان بالعمرة إذ قتله أو بالحجّ كان محرما.

فتحيّر يحيى بن أكثم و بان في وجهه العجز و الإنقطاع و تلجلج حتى عرف جماعة أهل المجلس أمره.

فقال المأمون: ألحمد للّه على هذه النعمة و التوفيق لي في الرأي، ثمّ نظر إلى أهل بيته و قال لهم: أعرفتم الآن ما كنتم تنكرونه.

ثمّ أقبل على أبي جعفر عليه السلام فقال له أتخطب يا أبا جعفر؟ قال: نعم (1)يا أمير المؤمنين، فقال له المأمون: اخطب جعلت فداك لنفسك فقد رضيتك لنفسي، و أنا مزوّجك أمّ الفضل إبنتي و إن رغم (2)قوم لذلك.

فقال أبو جعفر عليه السلام: ألحمد للّه إقرارا بنعمته، و لا إله إلاّ اللّه إخلاصا لواحدانيّته، و صلّى اللّه على محمّد سيّد بريّته و الأصفياء من عترته، أمّا بعد فقد كان من فضل اللّه على الأنام أن أغناهم بالحلال عن الحرام، فقال سبحانه: وَ أَنْكِحُوا اَلْأَيامى مِنْكُمْ وَ اَلصّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَ إِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اَللّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ اَللّهُ واسِعٌ

ص:556


1- 1) في البحار: [1] فقال: نعم.
2- 2) رغمه «بكسر الغين المعجمة أو فتحها في الماضي» : كرهه.

عَلِيمٌ (1)ثمّ إنّ محمّد بن عليّ بن موسى يخطب امّ الفضل بنت عبد اللّه المأمون و قد بذل لها من الصداق مهر جدّته فاطمة بنت محمّد صلّى اللّه عليه و آله و هو خمسمائة درهم جيادا فهل زوّجته يا أمير المؤمنين بها على هذا الصداق المذكور؟

فقال المأمون: نعم قد زوّجتك يا أبا جعفر امّ الفضل إبنتي على هذا الصّداق المذكور، فهل قبلت النكاح؟

فقال أبو جعفر عليه السلام قد قبلت ذلك و رضيت، فأمر المأمون أن يقعد الناس على مراتبهم في الخاصّة و العامّة.

قال الريّان: و لم نلبث أن سمعنا أصواتا تشبه أصوات الملاحين في محاوراتهم فإذا الخدم يجرون سفينة مصنوعة من الفضّة مشدودة بالحبال من الأبريسم على عجل مملوءة من الغالية فأمر المأمون أن يخضب لحاء الخاصة من تلك الغالية، ثمّ مدّت إلى دار العامّة فطيّبوا منها و وضعت الموائد فأكل الناس و خرجت الجوائز إلى كلّ قوم على قدرهم، فلمّا تفرّق الناس و بقي من الخاصّة من بقي قال المأمون لأبي جعفر عليه السلام: إن رأيت جعلت فداك أن تذكر الفقه فيما فصلته من وجوه قتل المحرم الصيد لنعلمه و نستفيده.

فقال أبو جعفر عليه السلام: نعم إنّ المحرم إذا قتل صيدا في الحل و كان الصيد من ذوات الطير و كان من كبارها فعليه شاة، فإن أصابه في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا، فإذا كان قتل فرخا في الحلّ فعليه

ص:557


1- 1) سورة النور:32. [1]

حمل قد فطم من اللبن، و إذا قتله في الحرم فعليه الحمل و قيمة الفرخ، و إن كان من الوحش و كان حمار وحش فعليه بقرة، و إن كان نعامة فعليه بدنة، و ان كان ظبيا فعليه شاة ان قتل شيئا من ذلك في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا هديا بالغ الكعبة.

و إذا أصاب المحرم ما يجب عليه الهدي فيه و كان إحرامه بالحجّ نحره بمنى، و إن كان إحرامه بالعمرة نحره بمكّة، و جزاء الصيد على العالم و الجاهل سواء، و في العمد عليه المأثم، و هو موضوع عنه في الخطاء، و الكفّارة على الحرّ في نفسه، و على السيّد في عبده، و الصغير لا كفّارة عليه، و هي على الكبير واجبة، و النادم يسقط عنه بندمه عقاب الآخرة، و المصرّ يجب عليه العقاب في الآخرة.

فقال له المأمون: أحسنت يا أبا جعفر أحسن اللّه إليك، فإن رأيت أن تسأل يحيى عن مسألة كما سألك فقال أبو جعفر عليه السلام ليحيى:

أسألك؟

قال: ذلك إليك جعلت فداك، فإن عرفت جواب ما تسألني عنه و إلاّ إستفدته منك.

فقال له أبو جعفر عليه السلام: أخبرني عن رجل نظر إلى إمرأة في أوّل النهار فكان نظره إليها حراما عليه، فلمّا إرتفع النّهار حلّت له، فلمّا زالت الشمس حرمت عليه، فلمّا كان وقت العصر حلّت له، فلمّا غربت الشمس حرمت عليه، فلمّا دخل عليه وقت العشاء الآخرة حلّت له، فلمّا كان إنتصاف الليل حرمت عليه، فلمّا طلع الفجر حلّت له، ما حال هذه المرأة و بماذا حلّت له و بماذا حرمت عليه؟

ص:558

فقال له يحيى بن أكثم: لا و اللّه ما أهتدي إلى جواب هذا السؤال و لا أعرف الوجه فيه فإن رأيت أن تفيدنا.

فقال أبو جعفر عليه السلام: هذه أمة لرجل من الناس نظر اليها أجنبيّ أوّل النهار فكان نظره إليها حراما عليه، فلمّا إرتفع النهار إشتراها و ابتاعها من مولاها فحلّت له، فلمّا كان عند الظهر أعتقها فحرمت عليه، فلمّا كان وقت العصر تزوّجها فحلّت له، فلمّا كان وقت المغرب ظاهر منها فحرمت عليه، فلمّا كان وقت العشاء الآخرة كفّر عن الظهار فحلّت له، فلمّا كان في نصف الليل طلّقها واحدة فحرمت عليه، فلمّا كان عند الفجر راجعها فحلّت له.

قال: فأقبل المأمون على من حضره من أهل بيته فقال لهم: هل فيكم أحد يجيب عن هذه المسألة بمثل هذا الجواب أو يعرف هذا القول فيما تقدّم من السؤال؟

قالوا: لا و اللّه إنّ أمير المؤمنين أعلم بما رأى، فقال لهم: ويحكم إنّ أهل هذا البيت خصّوا من الخلق بما ترون من الفضل و إنّ صغر السن فيهم لا يمنعهم من الكمال.

أما علمتم أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إفتتح دعوته بدعاء أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام و هو إبن عشر سنين، و قبل منه الإسلام و حكم له به و لم يدع أحدا في سنّه غيره، و بايع الحسن و الحسين عليهما السلام و هما إبنا دون ستّ سنين و لم يبايع صبيّا غيرهما، أفلا تعلمون الآن ما إختصّ اللّه به هؤلاء القوم؟ و إنّهم ذرية طيّبة بعضها من بعض يجرى لآخرهم ما يجرى لأوّلهم، قالوا: صدقت

ص:559

يا أمير المؤمنين ثمّ رخّص القوم (1).

فلمّا كان من الغد حضر الناس و حضر أبو جعفر عليه السلام و صار القوّاد و الحجّاب و الخاصّة و العامّة لتهنئة المأمون و أبي جعفر عليه السلام فأخرجت ثلاثة أطباق من الفضّة فيها بنادق مسك و زعفران معجون في أجواف تلك البنادق رقاع مكتوبة بأموال جزيلة، و عطايا سنيّة، و أقطاعات.

فأمر المأمون بنثرها على القوم من خاصّته، و كان كلّ من وقع في يده بندقة أخرج الرقعة التي فيها و إلتمسه فاطلق له، و وضعت البدر فنثر ما فيها على القوّاد و غيرهم، و إنصرف الناس و هم أغنياء بالجوائز و العطايا، و تقدّم المأمون بالصدقة على كافّة المساكين، و لم يزل مكر ما لأبي جعفر عليه السلام معظّما لقدره مدّة حياته، يؤثره على ولده و جماعة أهل بيته. (2)

و هذه القصة مذكورة في كتب الخاصّة و العامّة شهيرة بينهم.

ص:560


1- 1) في المصدر و البحار: [1] ثمّ نهض القوم.
2- 2) إرشاد المفيد:319 و [2]عنه كشف الغمّة ج 2/353 و [3]في البحار ج 50/74 ح 3 [4] عنه و عن الاحتجاج:443 و [5]تفسير القمي ج 1/182، و [6]أورده ابن شهر آشوب في المناقب ج 4/380 و المسعودي في اثبات الوصيّة:189 مختصرا.

الباب الخامس

في جوده عليه السلام

1-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، قال: كنت عند أبي جعفر الثّاني عليه السلام إذ دخل عليه صالح بن محمد بن سهل (1)، و كان يتولّى له الوقف بقم، فقال: يا سيّدي إجعلني من عشرة آلاف درهم في حلّ، فإنّي أنفقتها.

فقال له أبو جعفر عليه السلام: أنت في حلّ.

فلمّا خرج صالح من عنده، قال أبو جعفر عليه السلام: أحدهم يثب (2)على أموال حقّ آل محمّد و أيتامهم و مساكينهم و فقرائهم و أبناء سبيلهم فيأخذه ثمّ يجيء فيقول: إجعلني في حلّ، أتراه ظنّ أنّي

ص:561


1- 1) يستفاد من هذا الحديث كونه إماميّا متولّيا للأوقاف بقم، قال المامقاني: ليس للرّجل ذكر في كتب الرّجال، و مقتضى توليته عليه السلام إيّاه على الوقف عدالته، لكن ظاهر قول الإمام عليه السلام: «أحدهم يثب. . . الخ» خيانته و انّ تحليله حياء لا يرفع عنه سؤال اللّه تعالى عن خيانته يوم القيامة، و للمولى صالح المازندراني هنا تعليق أورث لي العجب، قال ره معلقّا على قوله: «ليسئلنّهم اللّه» : دلّ على من أحلّه الامام أيضا مسؤل و هو بعيد جدّا. . . الخ فإنّ فيه أنّه لا بعد في كون من أحلّه الامام حياء مسؤلا لما علم من طريقة الشرع من كون المأخوذ حياء كالمأخوذ غصبا، و على كلّ حال فصالح هذا إمامي غير موثوق به و اللّه العالم-تنقيح المقال ج 2/94 رقم 5692-.
2- 2) يثب: يظفر.

أقول: لا أفعل، و اللّه ليسألنّهم اللّه يوم القيامة عن ذلك سؤالا حثيثا (1). (2)

2-و عنه، عن عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن داود بن القاسم الجعفري، قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام و معي ثلاث رقاع غير معنونة، و اشتبهت عليّ فاغممت فتناول إحديها و قال: هذه رقعة زياد بن شبيب، ثم تناول الثّانية فقال: هذه رقعة فلان فبهتّ أنا فنظر إليّ فتبسّم.

قال: و أعطاني ثلثمأة دينار، و أمرني أن أحملها إلى بعض بني عمّه و قال: أما إنّه سيقول لك: دلّني على حريف يشتري لي بها متاعا فدّله عليه، فأتيته (3)بالدّنانير فقال لي: أبا هاشم دلّني على حريف يشتري لي بها متاعا فقلت: نعم.

قال: و كلّمني جمّال أن اكلّمه له يدخل في بعض أموره، فدخلت عليه لأكلّمه له فوجدته يأكل و معه جماعة و لم يمكنّي كلامه، فقال عليه السلام: يا أبا هاشم كل، و وضع بين يديّ، ثمّ قال إبتداء منه من غير مسألة: يا غلام انظر إلى الجمّال الذي أتانا به أبو هاشم فضمّه اليك.

قال: و دخلت معه ذات يوم بستانا فقلت له: جعلت فداك إنّي مولع بأكل الطين فادع اللّه لي فسكت ثم قال بعد أيّام (4)إبتداء منه: يا أبا هاشم

ص:562


1- 1) الحثيث: السريع.
2- 2) الكافي ج 1/548 ح 27 و [1]عنه البحار ج 50/105 ح 23 و [2]عن غيبة الطوسي:213 و [3]في الوسائل ج 7/375 ح 1 [4]عن الكافي و [5]التهذيب ج 4/140 ح 19، و الاستبصار ج 2/60 ح 11 و المقنعة:46 و أخرجه في البحار ج 96/187 ح 13 [6] عن غيبة الطوسي.
3- 3) في المصدر: قال: فأتيته.
4- 4) في المصدر: بعد أيّام ثلاثة.

قد أذهب اللّه عنك أكل الطين.

قال أبو هاشم: فما شيء ابغض إليّ منه اليوم. (1)

3-علي بن عيسى في «كشف الغمة» قال: أتى الجواد عليه السلام رجل فقال له: أعطني على قدر مروتك.

فقال عليه السلام لا يسعني، فقال: على قدري.

قال: أمّا ذا فنعم، يا غلام أعطه مأتي دينار. (2)

ص:563


1- 1) الكافي ج 1/495 ح 5 و [1]أخرج في البحار ج 50/41 ح 5 [2] نحو صدره عن الخرائج:237 و إرشاد المفيد:326، و [3]المناقب لابن شهر آشوب ج 4/390 و [4]نحو ذيله في البحار نفس المجلد ص 41 و 42 ح 6 و 7 عن الخرائج و إعلام الورى:333 و إرشاد المفيد، و في كشف الغمّة ج 2/361 [5] عن الإرشاد.
2- 2) كشف الغمّة ج 2/368.

ص:564

الباب السادس

في ورعه عليه السلام

1-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن محمّد بن الريّان (1)، قال: إحتال المأمون على أبي جعفر عليه السلام بكلّ حيلة فلم يمكنه فيه شيء فلمّا إعتلّ و أراد أن يبني عليه إبنته (2)دفع إلى مأتي (3)وصيفة من أجمل ما يكون إلى كلّ واحدة منهنّ جاما فيه جوهر يستقبلن أبا جعفر عليه السلام إذا قعد في موضع الأخيار فلم يلتفت إليهنّ.

و كان رجل يقال له: مخارق صاحب صوت و عود و ضرب، طويل اللحية فدعاه المأمون فقال: يا أمير المؤمنين إن كان في شيء من أمر الدنيا فأنا أكفيك أمره فقعد بين يدي أبي جعفر عليه السلام فشهق مخارق شهقة إجتمع عليه أهل الدار و جعل يضرب بعوده و يغنّي.

فلمّا فعل ساعة و اذا أبو جعفر عليه السلام لا يلتفت إليه لا يمينا

ص:565


1- 1) محمّد بن الريّان بن الصلت الأشعري القمي وثّقه الشيخ و العلاّمة و كان من أصحاب الإمام الهادي عليه السلام و له و لاخيه علي بن الريان كتاب مشترك بينهما، روى عنهما علي بن إبراهيم-تنقيح المقال ج 3/116-. [1]
2- 2) يبني عليه إبنته: يزفّها إليه.
3- 3) في البحار: [2] مائة وصيفة.

و لا شمالا ثمّ رفع إليه رأسه و قال: إتّق اللّه ياذا العثنون (1)فسقط المضراب من يده و العود فلم ينتفع بيديه الى أن مات، فسأله المأمون عن حاله قال: لمّا صاح بي أبو جعفر فزعت فزعة لا أفيق منها أبدا. (2)

ص:566


1- 1) العثنون «بضم العين المهملة و سكون الثاء المثلّثة» : اللحية، أو ما فضل منها بعد العارضين، أو نبت على الذقن-القاموس-.
2- 2) الكافي ج 1/494 ح 4 و [1]عنه البحار ج 50/61 ح 37 و [2]عن المناقب لابن شهر آشوب ج 4/ 396 [3] نقلا عن الكليني.

الباب السابع

في حديثه عليه السلام مع المأمون في الطير

من طريق الخاصة و العامة

1-محمّد بن عليّ بن شهر آشوب في كتاب «الفضائل» قال: إجتاز المأمون بابن الرّضا عليه السلام و هو بين صبيان فهربوا سواه، فقال: عليّ به، فقال له: مالك لا هربت (1)في جملة الصبيان قال: ما عليّ ذنب (2)فأفرّ، و لا الطّريق ضيّق فاوسّعه عليك، تمرّ من حيث شئت (3)، فقال: من تكون؟

قال: أنا محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام.

فقال: ما تعرف من العلوم؟

قال: سلني عن أخبار السموات، فودّعه و مضى و على يده باز أشهب يطلب به الصيد، فلمّا بعد عنه نهض عن يده الباز، فنظر يمينه و شماله لم يرصيدا و الباز يثب عن يده، فأرسله فطار يطلب الافق حتّى غاب عن ناظره ساعة ثمّ عاد إليه و قد صاد حيّة فوضع الحيّة في بيت

ص:567


1- 1) في المصدر: ما هربت.
2- 2) في المصدر و البحار: [1] ما لي ذنب.
3- 3) في البحار: [2] سر من حيث شئت.

الطعم.

و قال لأصحابه: قد دنا حتف ذلك الصبّي في هذا اليوم على يدي، ثمّ عاد و إبن الرّضا عليه السلام في جملة الصبيان، فقال: ما عندك من أخبار السموات؟

فقال: نعم يا أمير المؤمنين حدّثني أبي، عن آبائه، عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، عن جبرئيل، عن ربّ العالمين: أنّه قال: بين السماء و الهواء بحر عجاج يتلاطم به الأمواج، فيه حيّات خضر البطون رقط (1)الظهور و يصيدها الملوك بالبزاة الشهب يمتحن به العلماء، فقال:

صدقت و صدق آباءك و صدق جدّك و صدّق ربّك فأركبه و زوّجه امّ الفضل. (2)

2-و من طريق المخالفين ما ذكر المالكي في «الفصول المهمة» و كمال الدين بن طلحة الشامي في «مطالب السؤول» و اللفظ لإبن طلحة قال: و أمّا مناقبه يعني أبا جعفر محمّد بن عليّ الجواد عليهما السلام فما إتّسعت حلبات مجالها و لا إمتدّت أوقات آجالها بل قضيت عليه الأقدار الإلهيّة بقلّة بقائه في الدّنيا بحكمها و إسجالها، فقل في الدنيا مقامه و عجّل القدوم إليه لزيارته حمامه، فلم تطل فيها مدّته، و لا إمتدّت فيها أيّامه، غير أنّ اللّه تعالى خصّه بمنقبة متألّقة في مطالع التعظيم، بارقة أنوارها، مرتفعة في معارج التفضيل قيمة أقدارها،

ص:568


1- 1) الرقطة «بضم الراء المهملة» : سواد يشوبه نقط بياض أو عكسه-القاموس-.
2- 2) المناقب لابن شهر آشوب ج 4/388، و [1]عنه البحار ج 50/56. [2]

بادية (1)لأبصار ذوي البصائر، بيّنة منارها، هادية لعقول أهل المعرفة آية آثارها، و هي (2)و إن كانت صورتها واحدة فمعانيها كثيرة، و صنعتها و ان كانت صغيرة فدلالتها كبيرة.

و هي أنّ هذا أبا جعفر محمّد بن عليّ عليهما السلام لمّا توفّي والده عليّ الرّضا عليه السلام و قدم الخليفة المأمون إلى بغداد بعد وفاته بسنة إتّفق أنّه بعد ذلك خرج يوما يتصيّد (3)و إجتاز بطرف البلد في طريقه و الصبيان يلعبون و محمّد عليه السلام واقف معهم، و كان عمره يومئذ إحدى عشرة سنة فما حولها.

فلمّا أقبل الخليفة المأمون إنصرف الصبيان هاربين، و وقف أبو جعفر محمّد بن عليّ عليه السلام مكانه فلم يبرح، فقرب منه الخليفة فنظر إليه، و كان اللّه عزّ و علا قد ألقى عليه مسحة من قبول فوقف الخليفة و قال له: يا غلام ما منعك من الإنصراف مع الصبيان؟

فقال له محمّد عليه السلام مسرعا: يا أمير المؤمنين لم يكن بالطريق ضيق فأوسعه عليك بذهابي، و لم تكن لي جريمة فأخشاها، و ظنّي بك حسن أنّك لا تضرّ من لا ذنب له فوقفت، فأعجبه كلامه و وجه، فقال له: ما إسمك؟

فقال: محمّد، قال: إبن من أنت؟

قال: يا أمير المؤمنين أنا إبن عليّ الرّضا، فترحّم على أبيه و ساق

ص:569


1- 1) في مطالب السؤل: بادية لعقول أهل المعرفة آية أثرها.
2- 2) في المطالب: و هي و إن كانت صغيرة فدلالتها كبيرة.
3- 3) في كشف الغمّة: خرج يوما إلى الصيد.

إلى وجهته.

و كان معه بزاة (1)فلمّا بعد عن العمارة أخذ بازا فأرسله على درّاجة (2)فغاب عن عينه غيبة طويلة، ثمّ عاد من الجوّ و في منقاره سمكة صغيرة، و بها بقايا الحياة، فعجب الخليفة من ذلك غاية العجب، ثمّ أخذها بيده (3)و عاده إلى داره في الطّريق الذي أقبل منه، فلمّا وصل إلى ذلك المكان وجد الصبيان على حالهم، فانصرفوا كما فعلوا أوّل مرة، و أبو جعفر لم ينصرف و وقف كما وقف أوّل مرّة، فلمّا دنا (4)منه الخليفة قال له: يا محمّد، قال: لبيّك يا أمير المؤمنين، قال له: ما في يدي؟ فألهمه اللّه أن قال: يا أمير المؤمنين إنّ اللّه تعالى خلق بمشيته في بحر قدرته سمكا صغارا تصيدها بزاة الملوك و الخلفاء فيختبرون بها سلالة أهل بيت النبوّة، فلمّا سمع المأمون كلامه عجب منه و جعل يطيل نظره إليه، و قال: أنت إبن الرّضا حقّا. (5)

و في هذه الوقعة منقبة تكفي عن غيرها، و يستغني بها عن سواها.

و ولده أبو الحسن عليّ عليه السلام و سيأتي ذكره إن شاء اللّه تعالى.

ص:570


1- 1) البزاة «بضم الباء الموحدة» : جمع الباز و البازي و هو ضرب من الصقور.
2- 2) الدراجّة «بضمّ الدال المهملة و تشديد الراء» : طائر.
3- 3) في المطالب: أخذها في يده.
4- 4) في المصدر: فلمّا قرب.
5- 5) الفصول المهمّة:266، [1] مطالب السؤل ج 2/74 و عنه كشف الغمّة ج 2/344، و [2]أخرج ذيله في البحار ج 50/91 ح 6 [3]عن كشف الغمّة. [4]

الباب الثامن

في حديثه عليه السلام مع امّ الفضل و زوجته بنت المأمون

1-الراوندي في «الخرايج و الجرايح» قال: إنّ محمّد بن إبراهيم الجعفري روى عن حكيمة (1)بنت الرضا عليهما السلام، قالت: لمّا توفّي أخي محمّد بن الرّضا عليه السلام صرت يوما إلى إمرأته امّ الفضل بنت المأمون العبّاسي الخليفة لسبب إحتجت إليها فيه، قالت: بينما نحن نتذاكر فضل محمّد عليه السلام و كرمه و ما أعطاه اللّه تعالى من العلم و الحكمة إذ قالت إمرأته امّ الفضل: يا حكيمة اخبرك عن أبي جعفر محمّد بن الرّضا عليهما السّلام بأعجوبة لم يسمع أحد بمثلها، قلت: و ما ذاك؟

قالت: إنّه كان ربما أغارني مرّة بجارية و مرّة بتزويج، فكنت أشكوه إلى أبي، فيقول: يا بنية إحتملي فإنّه إبن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

فبينا أنا ذات ليلة جالسة إذ أتت إمرأة فقلت: من أنت؟ و كأنّها

ص:571


1- 1) في مهج الدعوات: حكيمة بنت محمّد بن علي بن موسى بن جعفر عمّة أبي محمد عليهم السلام.

قضيب بان (1)او غصن خيزران (2)قالت: أنا زوجة لأبي جعفر، قلت: من أبو جعفر؟

قالت: محمّد بن الرضا عليه السلام و أنا إمرأة من ولد عمّار بن ياسر، قالت: فدخل عليّ من الغيرة ما لم أملك نفسي، فنهضت من ساعتي و صرت إلى المأمون و هو ثمل (3)من الشراب، و قد مضى من اللّيل ساعات فأخبرته بحالي، و قلت له: إنّه يشتمني و يشتمك، و يشتم العبّاس و ولده، قالت: و قلت: ما لم يكن فغاظه ذلك منّي جدّا و لم يملك نفسه من السّكر، و قام مسرعا فضرب بيده إلى سيفه و حلف أنّه يقطّعه بهذا السيف.

قالت: فندمت عند ذلك و قلت في نفسي: ما صنعت هلكت و أهلكت؟ ! قالت: فعدوت خلفه لأنظر ما يصنع، فدخل عليه و هو نائم فوضع فيه السيف فقطّعه إربا إربا ثمّ وضع السيف على حلقه فذبحه، و أنا أنظر إليه و ياسر الخادم، و إنصرف و هو يزبد مثل الجمل.

قالت: فلمّا رأيت ذلك هويت (4)على وجهي ثمّ رجعت إلى منزل أبي فبتّ بليلة لم أنم فيها حتّى أصبحت.

قالت: فلمّا أصبحت دخلت إليه و هو قائم يصلّي و قد أفاق من السكر، فقلت له: يا أمير المؤمنين هل تعلم ما صنعت الليلة؟

ص:572


1- 1) البان: شجر ورقه كورق الصفصاف و الحلاف، و يشبه به القامة لطوله و لطافته و نعومته.
2- 2) الخيزران «بفتح الخاء و ضمّ الزاي» : شجر هندي و هو عروق ممتدّة في الأرض يضرب به المثل في اللين.
3- 3) الثمل «بفتح الثاء المثلثة و كسر الميم» : السكران.
4- 4) في المصدر و البحار: [1] هربت على وجهي.

قال: لا و اللّه فما الّذي صنعت ويلك؟

قلت: فإنّك صرت إلى إبن الرّضا عليه السلام و هو نائم فقطّعته إربا إربا و ذبحته بسيفك و خرجت من عنده، قال: ويلك ما تقولين؟ قلت:

أقول: ما فعلت.

فصاح: يا ياسر ما تقول هذه الملعونة ويلك؟ قال: صدقت في كلّ ما قالت قال: إنا للّه و إنّا إليه راجعون هلكنا و إفتضحنا ويلك يا ياسر بادر اليه و أتني بخبره، فمضى إليه (1)ثمّ عاد مسرعا فقال: يا أمير المؤمنين البشرى قال: و ما ورائك؟

قال: دخلت عليه و إذا هو قاعد يستاك و عليه قميص و دواج (2)فبقيت متحيرا في أمره، ثمّ أردت أن أنظر إلى بدنه هل فيه شيء من الأثر، فقلت له: أحبّ أن تهب لي هذه القميص الّذي عليك لأتبرّك به، فنظر إليّ و تبسّم كأنّه علم ما أردت بذلك، فقال: أكسوك كسوة فاخرة فقلت: لست أريد غير هذا القميص الّذي عليك، فخلعه و كشف لي عن بدنه كلّه، فو اللّه ما رأيت أثرا فخرّ المأمون ساجدا و وهب لياسر ألف دينار، و قال: ألحمد للّه الّذي لم يبتلني بدمه.

ثم قال: يا ياسر أمّا مجيء هذه الملعونة إليّ و بكائها بين يدي فأذكره، و أمّا مصيري إليه فلست أذكره، فقال: ياسر: و اللّه يا مولاي ما زلت تضربه بالسيف و أنا و هذه ننظر إليك و إليه حتّى قطّعته قطعة قطعة، ثمّ وضعت سيفك على حلقه فذبحته، و أنت تزبد كما تزبد البعير، فقال:

ص:573


1- 1) في البحار: [1] فركض إليه.
2- 2) الدواج «بضم الدال المهملة و تشديد الواو او تخفيفها» : اللحاف الذي يلبس-القاموس-.

ألحمد للّه، ثمّ قال لي: و اللّه لئن عدت بعدها بشكواك فيما يجري بينكما لأقتلنّك.

ثمّ قال: يا ياسر إحمل إليه عشرة آلاف دينار و قد إليه (1)الشهريّ الفلاني وسله الرّكوب إليّ، و إبعث إلى الهاشميّين و الأشراف و القوّاد ليركبوا في خدمته (2)إلى عنده و يبدوا بالدّخول إليه-و التسليم عليه، ففعل ياسر ذلك و صار الجميع بين يديه، و أذن الجميع بالدخول-فقال عليه السلام: يا ياسر هذا كان العهد بيني و بينه؟

قلت: يا إبن رسول اللّه ليس هذا وقت العتاب، فو حقّ محمّد و عليّ ما كان يعقل من أمره شيئا، ثمّ أذن للأشراف كلّهم بالدخول إلاّ عبد اللّه و حمزة إبني الحسن (3)لأنّهما كانا وقعا فيه عند المأمون يوما و سعيا به مرّة بعد أخرى.

ثمّ قام فركب مع الجماعة و صار إلى المأمون فتلّقاه و قبّل ما بين عينيه، و أقعده على المقعد في الصدر، و أمر أن يجلس النّاس ناحية، و خلا به فجعل يعتذر إليه، فقال له أبو جعفر عليه السلام: لك عندي نصيحة فاسمعها منّي.

قال: هاتها، فقال: اشير عليك بترك الشّراب المسكر، فقال: فداك إبن عمك قد قبلت نصيحتك. (4)

ص:574


1- 1) قد «بضم القاف» فعل أمر من قاد يقود.
2- 2) في البحار: [1] ليركبوا معه الى عندي.
3- 3) لم أظفر على ترجمة لهما.
4- 4) الخرائج:207 و عنه البحار ج 50/69 ح 47 و [2]في ص 95-99 ح 9-11 عن مهج الدعوات:36 و [3]المناقب لابن شهر آشوب ج 4/394 و [4]عيون المعجزات:124 [5] نحوه

2-أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري، قال: دخلت على سيّدي أبي جعفر عليه السلام في داره ببغداد و أنا جالس بين يديه، إذ دخل عليه ياسر الخادم فرحّب به و قرّبه فقال له: يا سيّدي إنّ سيّدتنا امّ جعفر تستأذنك في المصير إلى سيّدتنا امّ الفضل للتّسليم عليك و عليها، و قد استأذنت أمير المؤمنين يعني المأمون فأذن لها، و قال لها: لا تمضي حتّى تستأذني أبا جعفر.

فقال له: قل لها: أقبلي إلينا بالرّحب و السّعة، فمضى الخادم، و قمت أنا أقول في نفسي: إنّه ليس هذا وقت جلوس، و امّ جعفر تصير إليه و إلى امّ الفضل، فقال لي: إجلس يا أبا هاشم فإنّ امّ جعفر تحضر و ترى ما تحبّ، فجلست و وافت امّ جعفر و استأذنت عليه قبل إستيذانها على امّ الفضل بنت المأمون، فقال للخادم: قل لها: ما يحضرني إلاّ من لا يحتشم و هو أبو هاشم الجعفري إبن عمّك، فاستحييت منه و إعتزلت في موضع بحيث أراهم و أسمع كلامهم.

فدخلت و سلّمت عليه و إستاذنته في الدخول على امّ الفضل بنت المأمون زوجته فما لبثت أن عادت إليه و قالت له: يا سيّدي إنّي لا حبّ أن أراك و إبنتي امّ الفضل في موضع واحد لتقرّ عيني و أفرح و اعرف أمير المؤمنين اجتماعكما (1)فيفرح، فقال: ادخلي إليها فإنّي في الأثر، فدخلت، فأمر فقدّمت بغلته و دخل، و الستور تشال بين يديه.

ص:575


1- 1) في هداية الحضيني: إجتماعنا.

فما لبث أن أسرع راجعا و يقول: فَلَمّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ (1)و جلس في مجلسه و خرجت امّ جعفر و قالت له: يا سيّدي أنعمت عليّ بنعمة لم تتمّها بالجلوس؟

فقال لها: حدث ما لا يحسن معه الجلوس، قالت له: و اللّه يا سيّدي ما حدث إلاّ خير، فما رأيت شيئا فما الّذي حدث؟ فقال: يا امّ جعفر حدث ما لا يصلح أن اعيده عليك، فارجعي إلى امّ الفضل فسأليها بينك و بينها فإنّها تخبرك بما حدث منها ساعة دخولي عليها فإنّه من سرّ النساء.

فدخلت امّ جعفر على امّ الفضل أعادت عليها ما قاله عليه السلام، فقالت لها: يا عمّة و ما علمه بذلك منّي؟ فقالت لها: و ما هو يا بنيّة؟ فقد حلفت له أنّي ما رأيت و لا حضرت إلاّ خيرا، و ظننت أنّه رآى في وجهي كرها فرجع، فقالت: لا و اللّه يا عمّة ما تبين في وجهك كرها، و قد علمت ما الذي حدث، فارجعي إليه فاسأليه أن يخبر ما هو؟

قالت: يا بنيّة إنّه قال لي: إنّه من سرّ النساء.

فقالت امّ الفضل: كيف لا أدعو على أبي و قد زوجّني ساحرا، فقالت لها يا بنيّة: لا تقولي هذا القول، فليس رأي أبيك فيه و لا في أبيه قبله رأيك، فما الّذي حدث؟ قالت: و اللّه يا عمّة ما هو إلاّ بأن طلع عليّ حتى إعتزلت الصلوة و حدث منّي ما يحدث من النّساء فضربت يدي إلى أثوابي فضممتها، فخرجت أمّ جعفر إليه و قالت له: يا سيّدي تعلم

ص:576


1- 1) سورة يوسف: قطعة من آية «31» .

الغيب؟

قال: لا قالت: فمن أين لك ما حدث في أمر امّ الفضل ما لا يعلمه إلاّ اللّه و هي في الوقت؟

فقال: نحن قوم من علم اللّه علمنا و عن اللّه نخبر.

فقالت له: فينزل عليك الوحي؟

قال: لا، قالت: فمن أين لك علم ذلك؟

فقال لها: من حيث لا تعلمين و سترجعين إلى من تخبرينه بما كان، فيقول لك: لا تعجبي فإنّه من فضله و علمه فوق ما تظّنين.

فخرجت امّ جعفر فدنوت منه فقلت له: لقد سمعتك و أنت تقول:

فَلَمّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ فما كان إكبار النسوة اللّواتي خرج عليهن يوسف لمّا رأينه؟ قال: الإكبار هو ما حدث من امّ الفضل، فعلمت أنّه الحيض.

و هذا الحديث رواه رجب البرسي و غيره و محصّله ما ذكرته و هو أحد الروايتين. (1)

ص:577


1- 1) هداية الحضيني:61، مشارق الانوار:98 نحوه و عنه البحار ج 50/83 ح 7.

ص:578

الباب التاسع

في حديثه عليه السلام مع المعتصم و الفقهاء

1-محمّد بن مسعود العيّاشي في «تفسيره» بإسناده عن أحمد بن الفضل الخاقاني (1)من آل رزين قال: قطع الطريق بجلولاء (2)على السّابلة (3)من الحجّاج و غيرهم و أفلت القطّاع، فبلغ الخبر المعتصم فكتب إلى عامل له كان بها: تؤمّن الطريق بذلك فقطع على طرف اذن امير المؤمنين ثمّ انفلت القطّاع، فإن أنت طلبت هؤلاء و ظفرت بهم و إلاّ أمرت بأن تضرب ألف سوط ثمّ تصلب بحيث قطع الطريق.

قال: و طلبهم العامل حتّى ظفر بهم و استوثق، ثم كتب بذلك إلى المعتصم، فجمع الفقهاء و إبن أبي داود (4)ثم سأل الآخرين عن الحكم فيهم، و أبو جعفر محمّد بن عليّ الرّضا عليه السلام حاضر، فقالوا: قد

ص:579


1- 1) لم اظفر على ترجمة له.
2- 2) الجلولاء: ناحية بينها و بين خانقين سبعة فراسخ و بها كانت الوقعة المشهورة سنة «17» او قبلها و سمّيت جلولاء لما تجلّلها من الشرّ.
3- 3) السابلون: المارّون على الطّريق.
4- 4) ابن أبي دواد: أحمد بن أبي دواد بن جرير بن مالك الأيادي القاضي، أبو عبد اللّه المعتزلي، ولد بالبصرة سنة «160» ه، و قيل: بقشرين «بين حلب و معرّة النعمان» و قدم به أبوه منها الى دمشق فنشأ فيها و نبغ و منها رحل الى العراق، و إتصل أوّلا بالمأمون، ثمّ بالمعتصم فجعله قاضي قضاته، ثمّ بالواثق و فلج في عهد المتوكل و مات مفلوجا ببغداد سنة «240» ه-الاعلام ج 1/120-. [1]

سبق حكم اللّه فيهم في قوله: إِنَّما جَزاءُ اَلَّذِينَ يُحارِبُونَ اَللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي اَلْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ اَلْأَرْضِ (1)و لأمير المؤمنين أن يحكم بأيّ ذلك شاء فيهم.

قال: فالتفت إلى أبي جعفر عليه السلام فقال له: ما تقول فيما أجابوا فيه؟ فقال: قد تكلّم هؤلاء الفقهاء و القاضي بما سمع أمير المؤمنين.

قال: و أخبرني بما عندك، قال: إنّهم قد أضلّوا فيما أفتوا به، و الّذي يجب في ذلك أنّ ينظر أمير المؤمنين في هؤلاء الّذين قطعوا الطريق، فإن كانوا أخافوا السبيل فقط و لم يقتلوا أحدا و لم يأخذوا مالا فأمر بايداعهم الحبس، فإنّ ذلك، معنى نفيهم من الأرض باخافتهم السبيل و إن كانوا أخافوا السبيل، و قتلوا النفس و أخذوا المال فأمر بقطع أيديهم و أرجلهم من خلاف و صلبهم بعد ذلك، قال: فكتب إلى العامل بأن يمتثل ذلك فيهم. (2)

2-و عنه باسناده عن زرقان صاحب إبن أبي دواد و صديقه بشدّة قال: رجع إبن أبي دواد ذات يوم من عند المعتصم و هو مغتّم، فقلت له في ذلك، فقال: وددت اليوم أنّي قد متّ منذ عشرين سنة قال: قلت له:

و لم ذاك؟

ص:580


1- 1) المائدة:33. [1]
2- 2) تفسير العياشي ج 1/314 ح 91 و [2]عنه البحار ج 79/197 ح 13 و [3]البرهان ج 1/467 ح 16 و [4]الوسائل ج 18/535 ح 8. [5]

قال: لما كان من هذا الأسود أبي جعفر محمّد بن عليّ بن موسى اليوم بين يدي أمير المؤمنين المعتصم.

قال: قلت له: و كيف كان ذلك؟ قال: إنّ سارقا أقرّ على نفسه بالسرقة، و سأل الخليفة تطهيره بإقامة الحدّ عليه، فجمع لذلك الفقهاء في مجلسه، و قد احضر محمّد بن عليّ عليهما السلام فسألنا عن القطع في أيّ موضع يجب أن يقطع؟

قال: قلت من الكرسوع قال: و ما الحجّة في ذلك؟ قال: قلت: لأنّ اليد هي الأصابع و الكفّ إلى الكرسوع لقول اللّه في التيمم: فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ (1)و اتفق معي على ذلك قوم.

و قال الآخرون بل يجب القطع من المرفق، قال: و ما الدّليل على ذلك؟ قالوا لأنّ اللّه لمّا قال: وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى اَلْمَرافِقِ (2)في الغسل، دلّ ذلك على أنّ حدّ اليد هو المرفق، قال: فالتفت إلى محمّد بن علي عليهما السلام فقال ما تقول في هذا يا أبا جعفر؟

فقال: قد تكلّم القوم فيه يا أمير المؤمنين، قال: دعني مما تكلّموا به، أيّ شيء عندك؟ قال: أعفني عن هذا يا أمير المؤمنين، قال:

أقسمت عليك باللّه لما أخبرت بما عندك فيه.

فقال أمّا إذ أقسمت علي باللّه إنّي أقول، إنّهم أخطأوا فيه السنّة فإنّ القطع يجب أن يكون من مفصل أصول الأصابع فيترك الكفّ، قال: و ما الحجّة في ذلك؟

ص:581


1- 1) النساء:43. [1]
2- 2) المائدة:6. [2]

قال: قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: السجود على سبعة أعضاء: الوجه و اليدين و الرّكبتن و الرّجلين، فإذا قطعت يده من الكرسوع أو المرفق لم يبق له يد يسجد عليها، قال اللّه تبارك و تعالى: وَ أَنَّ اَلْمَساجِدَ لِلّهِ (1)يعني هذه الأعضاء السبعة الّتي يسجد عليها فَلا تَدْعُوا مَعَ اَللّهِ أَحَداً (2)و ما كان للّه لم يقطع.

قال: فأعجب المعتصم ذلك و أمر بقطع يد السّارق من مفصل الأصابع دون الكفّ، قال إبن أبي دواد: قامت قيامتي و تمنّيت أنّي لم أك حيّا.

قال، زرقان: إنّ إبن أبي دواد قال: صرت إلى المعتصم بعد ثالثة فقلت: إنّ نصيحة أمير المؤمنين عليّ واجبة و أنا اكلّمه بما أعلم أنّي أدخل به النار، قال: و ما هو؟

قلت: إذا جمع أمير المؤمنين في مجلسه فقهاء رعيّته و علماؤهم لأمر واقع من أمور الدين، فسألهم عن الحكم فيه، فأخبروه بما عندهم من الحكم في ذلك، و قد حضر مجلسه أهل بيته و قوّاد و وزرائه و كتّابه، و قد تسامع النّاس بذلك من وراء بابه، ثم يترك أقاويلهم كلّهم لقول رجل يقول شطر هذه الامّة بإمامته و يدّعون أنّه أولى منه بمقامه، ثمّ يحكم بحكمه دون حكم الفقهاء.

قال: فتغيّر لونه و إنتبه لما نبّهته له، و قال: جزاك اللّه عن نصيحتك خيرا، قال: فأمر يوم الرّابع فلانا من كتّابه و وزرائه بأن يدعوه إلى منزله،

ص:582


1- 1) الجن:18. [1]
2- 2) الجن:18. [2]

فدعاه فأبى أن يجيبه، و قال: قد علمت أنّي لا أحضر مجالسكم، فقال:

إنّي إنّما أدعوك إلى الطعام و احبّ أن تطأ ثيابي و تدخل منزلي فأتبرّك بذلك، فقد أحبّ فلان بن فلان من وزراء الخليفة لقائك فصار إليه فلمّا طعم منه أحسّ بالسم، فدعا بدابّته فسأله ربّ المنزل أن يقيم قال:

خروجي من دارك خير لك، فلم يزل يومه ذلك و ليله في حلقه حتّى قبض عليه السلام. (1)

ص:583


1- 1) تفسير العياشي ج 1/319 ح 109 و [1]عنه البحار ج 50/5 ح 7 و [2]ج 79 ح 33 و ج 85/128 ح 1 و قطعة منه في الوسائل ج 18/490 ح 5.

ص:584

الباب العاشر

حديثه عليه السلام مع الشامي

محمّد بن يعقوب، عن أحمد بن إدريس، عن محمّد بن حسّان (1)، عن عليّ بن خالد (2)قال محمّد: و كان زيديا قال: كنت بالعسكر فبلغني أنّ هناك رجلا محبوسا أتى به من ناحية الشام مكبولا و قالوا: إنّه تنبّأ، قال عليّ بن خالد: فأتيت الباب و داريت البوّابين و الحجبة حتى وصلت إليه، فإذا رجل له فهم، فقلت: يا هذا ما قصّتك و ما أمرك؟

قال: إنّي كنت رجلا بالشام أعبد اللّه في الموضع الذي يقال له:

ص:585


1- 1) محمّد بن حسّان الرازي الزينبي أو الزبيبي، عدّه الشيخ قدّس سرّه تارة من أصحاب الهادي عليه السلام، و اخرى ممّن لم يرو عنهم عليهم السلام، و قال النجاشي: يعرف و ينكر بين بين، يروى عن الضعفاء كثيرا، له كتب، و قال ابن الغضائري: ضعيف، و الإنصاف أنّ تضعيفه مشكل، ضرورة عدم الوثوق بتضعيفات ابن الغضائري، و قول النجاشي: «يروي عن الضعفاء» يستفاد منه أنّ مراسيله لا يعتمد عليها و ذلك لا يمنع من الإعتماد على مساينده التي رواها عن الثقات، و مفاد قول النجاشي في الفقرة الاولى: «يعرف و ينكر بين بين» أنّ في أخباره ما لم يقبله الأصحاب و هذه الجهة موجوده في جميع الثقات و أيّ ثقة عمل الأصحاب بجميع مسانيد و مراسيله ما عدى ابن أبي عمير و نفر من الأصحاب، و لا شبهة في كون الرجل اماميّا و كون حديثه يعرف تارة يكشف عن حسنه- تنقيح المقال ج 3/99-. [1]
2- 2) علي بن خالد: قال المفيد قدس سره في الارشاد: [2] إنّه كان زيديّا ثم قال بالامامة و حسن اعتقاده لأمر شاهده من كرامات أبي جعفر الثاني عليه السلام و شهادة الشيخ برجوعه عن مذهبه ليست مستندة الى الكافي [3]فإنّها قاصرة عن الدلالة بل تكشف شهادته عن عثوره على دليل غير الرواية المذكورة-تنقيح المقال ج 2/287-. [4]

موضع رأس الحسين عليه السلام، فبينا أنا في عبادتي إذ أتاني شخص فقال لي: قم بنا، فقمت معه، فبينا أنا معه إذ أنا في مسجد الكوفة، فقال لي: تعرف هذا المسجد؟

فقلت: نعم هذا مسجد الكوفة قال: فصلّى فيه و صلّيت معه.

فبينا أنا معه إذ أنا في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالمدينة فسلّم على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و سلّمت، و صلّى و صلّيت معه، و صلّى على رسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فبينا أنا معه إذ أنا بمكّة فلم أزل حتى قضى مناسكه و قضيت مناسكي معه، فبينا أنا معه، إذا أنا في الموضع الّذي كنت أعبد اللّه فيه بالشام و مضى الرّجل.

فلمّا كان العام القابل إذا أنا به فعل بي مثل فعلته الاولى فلمّا فرغنا من مناسكنا و ردّني إلى الشام و همّ بمفارقتي قلت له: سألتك بحقّ الّذي أقدرك على ما رأيت إلاّ أخبرتني من أنت؟ فقال: أنا محمّد بن عليّ بن موسى.

قال فتراقى الخبر حتّى إنتهى إلى محمّد بن عبد الملك الزيّات (1)فبعث إليّ و أخذني و كبّلني في الحديد، و حملني إلى العراق.

قال: فقلت له: فارفع القصّة إلى محمّد بن عبد الملك، ففعل و ذكر

ص:586


1- 1) محمّد بن عبد الملك بن أبان بن حمزة أبو جعفر المعروف بابن الزيّات وزير المعتصم و الواثق العباسيّين و لمّا مرض الواثق عمل ابن الزيّات على تولية ابنه و حرمان المتوكّل، فلم يفلح، و ولى المتوكّل فنكبه و عذّبه في تنّور حفره بأمره للتعذيب فمات فيها سنة «233» ه-وفيات الأعيان ج 2/54-. [1]

في قصّته ما كان، فوقّع في قصّته: قل للذي أخرجك من الشام في ليلة إلى الكوفة، و من الكوفة إلى المدينة، و من المدينة إلى مكة، و ردّك من مكّة إلى الشام: أن يخرجك من حبسك هذا.

قال عليّ بن خالد فغمّني ذلك من أمره، و رققت له و أمرته بالعزاء و الصبر، قال: ثمّ بكرت عليه فإذا الجند و صاحب الحرس و صاحب السجن و خلق اللّه، فقلت: ما هذا؟

فقالوا: المحمول من الشّام الذي تنبّأ إفتقد البارحة، فلا يدرى أخسفت به الأرض أو اختطفه الطير؟ ! (1)

ص:587


1- 1) الكافي ج 1/492 ح 1 و [1]أخرجه في البحار ج 50/38 ح 3 [2]عن بصائر الدرجات:402 ح 1 [3]نحوه و إرشاد المفيد:324 [4] باسناده عن الكليني، و اعلام الورى:332 [5] عن محمد بن يعقوب، و أورده في الخرائج:208 عن ابن قولويه عن الكليني و في كشف الغمّة ج 2/359 [6]عن الإرشاد و في مناقب ابن شهر آشوب ج 4/393 [7] باختصار، و في الاختصاص:320.

ص:588

الباب الحادي عشر

حديثه عليه السلام مع ابن رزين

محمّد بن يعقوب، عن الحسين بن محمّد الأشعري قال: حدّثني شيخ من أصحابنا يقال له: عبد اللّه بن رزين (1)قال: كنت مجاورا بالمدينة مدينة الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و كان أبو جعفر عليه السلام يجيء في كلّ يوم مع الزّوال إلى المسجد فينزل في الصحن و يصير إلى الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و يسلّم عليه و يرجع إلى بيت فاطمة عليها السلام فيخلع نعليه و يقوم فيصلّي، فوسوس إليّ الشيطان فقال:

إذا نزل فاذهب حتى تأخذ من التّراب الّذي يطأ عليه، فجلست في ذلك اليوم أنتظره لأفعل هذا.

فلمّا أن كان وقت الزوال أقبل عليه السلام على حمار له فلم ينزل في الموضع الّذي كان ينزل فيه، و جاء حتّى نزل على الصّخرة التي على باب المسجد، ثمّ دخل فسلّم على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ثمّ رجع إلى المكان الّذي كان يصلّي فيه، ففعل هذا أيّاما فقلت: إذا خلع نعليه جئت فأخذت الحصا الذي يطأ عليه بقدميه، فلمّا أن كان من الغد

ص:589


1- 1) عبد اللّه بن رزين: قال المامقاني في تنقيح الرجال ج 2/181 رقم 6849: [1] نقله الكرامة يدلّ على أنّه شيعيّ حسن الإعتقاد و مخلص لآل محمّد عليهم السلام و فيه مدح له مدرج له في الحسان، مضافا إلى تعبير الحسين بن محمّد الأشعري عنه بشيخ من أصحابنا.

جاء عند الزّوال فنزل على الصخرة ثمّ دخل فسلّم على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ثمّ جاء إلى الموضع الّذي كان يصلّي فيه فصلّي في نعليه و لم يخلعهما حتّى فعل ذلك أيّاما، فقلت في نفسي: لم يتهيّأ لي ههنا و لكن أذهب إلى باب الحمّام، فإذا دخل الحمام أخذت من التّراب الّذي يطأ عليه، فسألت عن الحمّام الّذي يدخله.

فقيل لي: إنّه يدخل حمّاما بالبقيع لرجل من ولد طلحة، فتعرّفت اليوم الّذي يدخل فيه الحمّام، و صرت إلى باب الحمّام و جلست إلى الطلحّي أحدّثه، و أنا أنتظر مجيئه عليه السلام، فقال الطّلحي: إن أردت دخول الحمّام فقم فادخل، فإنّه لا يتهيّأ لك ذلك بعد ساعة، قلت: و لم؟ قال: لأنّ إبن الرّضا عليه السلام يريد دخول الحمّام، قال: قلت:

و من إبن الرّضا؟ قال: رجل من آل محمّد له صلاح و ورع، قلت له: و لا يجوز أن يدخل معه الحمّام غيره؟ قال: نخلي له الحمّام إذا جاء.

قال فبينا أنا كذلك إذا أقبل عليه السلام و معه غلمان له و بين يديه غلام معه حصير حتّى أدخله المسلخ، فبسطه و وافى فسلّم و دخل الحجرة على حماره، و دخل المسلخ و نزل على الحصير، فقلت للطلحي: هذا الّذي وصفته بما وصفت من الصلاح و الورع؟

فقال: يا هذا لا و اللّه ما فعل هذا قطّ إلاّ في هذا اليوم! فقلت في نفسي: هذا من عملي أنا جنيته، ثمّ قلت: أنتظره حتّى يخرج فلعلّي أنال ما أردت إذا خرج.

فلمّا خرج و تلبّس دعا بالحمار فادخل المسلخ و ركب من فوق الحصير و خرج عليه السلام فقلت في نفسي: قد و اللّه آذيته و لا أعود و لا

ص:590

أروم ما رمت منه أبدا و صحّ عزمي على ذلك، فلمّا كان وقت الزّوال من ذلك اليوم أقبل على حماره حتّى نزل في الموضع الّذي كان ينزل فيه في الصّحن، فدخل و سلّم على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و جاء إلى الموضع الّذي كان يصلّي فيه في بيت فاطمة عليها السلام و خلع نعليه و قام يصلّي. (1)

ص:591


1- 1) الكافي ج 1/493 ح 2 و [1]عنه البحار ج 50/60 ح 36 و [2]في ص 59 ح 35 عن مناقب ابن شهر آشوب ج 4/395 [3] نحوه.

ص:592

الباب الثانى عشر

في كلام له عليه السلام و أحاديث عجاب

1-الشيخ عليّ بن عيسى في «كشف الغمّة» قال: قال الحافظ عبد العزيز بن الأخضر (1)رحمه اللّه: أبو جعفر محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام امّه ريحانة، و قيل: الخيزران، ولد سنة خمس و تسعين و مائة، و قبض ببغداد في آخر ذي الحجة سنة عشرين و مأتين، و هو يومئذ إبن خمس و عشرين سنة، و امّه ام ولد يقال لها: خيزران، و كانت من أهل مارية (2)القبطية، و قبره ببغداد في مقابر قريش في ظهر جدّه الكاظم عليه السلام.

و قال محمّد بن سعيد (3): إنّه عليه السلام قدم بغداد سنة خمس

ص:593


1- 1) إبن الأخضر: عبد العزيز بن محمود بن المبارك بن محمود الجنابذي الأصل «بضم الجيم نسبة إلى جنابذ قرية بنيسابور» ثمّ البغداديّ [1]الحنبلي البزّار أبو محمد تقي الدين محدّث العراق في عصره، ولد سنة «525» ه ببغداد و توفّي بها سنة «611» ه-الأعلام ج 4/ 153-. [2]
2- 2) مارية القبطيّة بنت شمعون، امّ إبراهيم من سراري النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، مصريّة الأصل، أهداها المقوقس القبطي «صاحب الاسكندريّة» سنة «7» ه إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فولدت له إبراهيم فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أعتقها ولدها، توفيّت سنة «16» ه بالمدينة و دفنت بالبقيع-الاعلام ج 6/126-. [3]
3- 3) هو مشترك بين رجال و لم أجد مميّزا له.

و عشرين و مأتين (1)و توفّي بها يوم الثلاثاء لخمس خلون من ذي الحجّة، و مولده سنة خمس و تسعين و مأة قتل في زمن الواثق باللّه (2)، فيكون عمره خمس و عشرين سنة (3)، قبره عند جدّه الكاظم عليه السلام و ركب هارون بن إسحاق (4)فصلّى عليه عند منزله أوّل رحبة أسوار بن ميمون من ناحية قنطرة البردان، و حمل و دفن في مقابر قريش و يلقّب بالجواد.

و عن أحمد بن علي بن ثابت (5)أنّ الجواد عليه السلام قدم من المدينة إلى بغداد وافدا على أبي إسحاق المعتصم، و معه إمرأته امّ الفضل بنت المأمون، و توفّي ببغداد و دفن في مقابر قريش عند قبر جدّه

ص:594


1- 1) في المصدر: قال محمّد بن سعيد: سنة ستّ و عشرين و مأتين فيها توفّي محمّد بن علي ابن موسى. . . ببغداد و كان قدمها فتوفّي بها يوم الثلاثاء. . . و لا يخفى أنّ هذا التاريخ سهو كما سنذكره انشاء اللّه تعالى.
2- 2) الواثق باللّه: هارون بن محمد المعتصم بن هارون العبّاسي ولد ببغداد سنة «200» ه و ولى الخلافة بعد أبيه «227» ه و مات بسامرّا سنة «232» بعلّة الإستسقاء-الأعلام ج 9/44-.
3- 3) هذا سهو لأنّه إذا كان المولد سنة «195» ه و الشهادة سنة «225» ه فيكون عمره عليه السلام ثلاثين سنة لا خمس و عشرين، مضافا إلى سهو آخر و هو أنّه قال: «في زمن الواثق» مع أنّ الواثق ولي الخلافة كما مرّ في سنة «227» لا سنة «225» ه، و الصواب أنّه عليه السلام استشهد في سنة «220» ه و سمّوه بأمر المعتصم.
4- 4) هارون بن إسحاق: المظنون أنّه هارون بن إسحاق بن محمّد بن مالك بن زبيد الهمداني « بسكون الميم» أبو القاسم الحافظ الكوفي المتوفي سنة «258» ه-تهذيب التهذيب ج 11/2-. [1]
5- 5) احمد بن عليّ بن ثابت: الخطيب البغدادي [2]أحد الحفّاظ المؤرّخين، ولد في غزيّه «بصيغة التصغير» منتصف الطريق بين الكوفة و مكّة «392» ه و نشأ و توفّي ببغداد سنة «463» ه-معجم الأدباء ج 1/248-. [3]

موسى بن جعفر عليهما السلام، و دخلت إمرأته امّ الفضل إلى قصر المعتصم فجعلت مع الحرم.

و ذكر أخبارا رواها الجواد عليه السلام عن آبائه عليهم السلام عن عليّ عليه السلام قال: بعثني النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلى اليمن فقال لي و هو يوصيني: يا عليّ ما حار (1)من إستخار و لا ندم من إستشار.

يا عليّ عليك بالدلجة (2)فإنّ الأرض تطوى بالليل ما لا تطوي بالنهار.

يا عليّ اغد باسم اللّه فإنّ اللّه بارك لامّتي في بكورها. (3)

و قال عليه السلام: من إستفاد أخا في اللّه فقد إستفاد بيتا في الجنّة.

و قد سئل عن حديث النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّ فاطمة عليها السلام أحصنت فرجها فحرّم اللّه ذريّتها على النار.

فقال: خاصّ للحسن و الحسين عليهما السلام.

و عنه عليه السلام قال: في كتاب عليّ بن أبي طالب: إبن آدم (4)أشبه شيء بالمعيار، إمّا راجح بعلم-و قال مرّة: بعقل-أو ناقص بجهل.

و عنه قال عليّ عليه السلام لأبي ذرّ «رض» : إنّما غضبت للّه عزّ

ص:595


1- 1) في المصدر: ما خاب من إستخار.
2- 2) الدلجة «بضم الدال المهملة و فتحها» : السير من أوّل الليل.
3- 3) روى الخطيب البغدادي [1]هذه القطعة في تاريخ بغداد ج 3 ص 54 و [2]قال: أخبرنا الحسن بن أبي طالب، حدّثنا محمد بن صالح بن الفيض بن فيّاض، حدّثنا أبي، حدّثنا عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني، حدّثنا أبو جعفر محمّد بن علي، عن أبيه عليّ، عن ابيه موسى عن آباءه عن عليّ «عليهم السلام» .
4- 4) في المصدر: إنّ إبن آدم.

و جلّ فارج من غضبت له، إنّ القوم خافوك على دنياهم، و خفتهم على دينك، و اللّه لو كانت السّموات و الأرضون رتقا على عبد، ثمّ إتّقى اللّه عزّ و جلّ لجعل له منها مخرجا، لا يؤنسّك إلاّ الحقّ و لا يوحشنّك إلاّ الباطل.

و عنه عن علي عليه السلام أنّه قال لقيس بن سعد (1)و قد قدم عليه من مصر: إنّ للمحن (2)علامات (3)لا بدّ أن ينتهى إليها، فيجب على العاقل أن ينالها (4)عند إدبارها.

و في نسخة: فيجب على العامل أن ينالها إلى إديارها، فإنّ مكايدتها عند إقبالها زيادة فيها.

و عنه عليه السلام قال: من وثق باللّه أراه السرور، و من توكّل عليه كفاه الامور و الثقة باللّه حصن لا يتحصّن به إلاّ مؤمن أمين، و التوكّل على اللّه نجاة من كلّ سوء، و حرز من كلّ عدو، و الدّين عزّ، و الدينّ عزّ، و العلم كنز، و الصّمت نور، و غاية الزهد الورع، و لا هدم للدين مثل البدع و لا أفسد

ص:596


1- 1) هو قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري الخزرجي، صحابي من ذوي الرأي و النجدة كان يحمل راية الأنصار مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و يلي اموره، و صحب أمير المؤمنين عليه السلام في خلافته فاستعمله على مصر سنة «36» ه و عزله بمحمّد بن أبي بكر، فعاد إلى أمير المؤمنين عليه السلام و كان على مقدمة جيشه في صفين، ثم كان مع الامام الحسن عليه السلام و عاد إلى المدينة و توفي بها سنة «60» ه-النجوم الزاهرة ج 1/83- [1]صفة الصفوة ج 1/300-.
2- 2) في المصدر: يا قيس إنّ للمحن.
3- 3) في المصدر: غايات.
4- 4) في المصدر: أن ينام لها.

للرجال مثل الطمع (1)، و بالرّاعي تصلح الرّعية، و بالدّعاء تصرف البليّة، و من ركب مركب الصبر إهتدى إلى مضمار النّصر، و من عاب عيب، و من شتم اجيب، و من غرس أشجار التقى إجتنى ثمار المنى.

و قال عليه السلام: أربع خصال تعين المرء على العمل: الصحّة، و الغنى، و العلم و التوفيق.

و قال عليه السلام: إنّ للّه عبادا خصّهم بالنعم و يقرّها فيهم ما بذلوها، فإذا منعوها نزعها منهم و حوّلها إلى غيرهم.

و قال: ما عظمت نعمة اللّه على عبد (2)إلاّ عظمت عليه مؤنة الناس، فمن لم يحتمل تلك المؤنة فقد عرض النعمة على الزوال (3).

و قال عليه السلام: أهل المعروف إلى اصطناعه أحوج من أهل الحاجة إليه، لأنّ لهم أجره و ذكره و فخره، فمهما إصطنع الرجل (4)فإنّما يبدء فيه بنفسه، فلا يطلبنّ شكر ما صنع إلى نفسه من غيره.

و قال عليه السلام: من أمّل إنسانا فقد هابه، و من جهل شيئا عابه، و الفرصة خلسة و من كثر همّه سقم جسده، و المؤمن لا يشفي غيظه، و عنوان صحيفة المؤمن حسن خلقه.

و قال في موضع آخر: عنوان صحيفة السعيد حسن الثناء عليه.

و قال عليه السلام: من إستغنى باللّه إفتقر الناس إليه، و من إتّقى اللّه

ص:597


1- 1) في المصدر: من الطمع.
2- 2) في البحار: على أحد.
3- 3) في المصدر: للزّوال.
4- 4) في المصدر: فمهما اصطنع الرجل من معروف.

أحبّه النّاس و إن كرهوا.

و قال عليه السلام: عليكم بطلب العلم فإنّ طلبه فريضة، و البحث عنه نافلة، و هو صلة بين الإخوان، و دليل على المروّة، و تحفة في المجالس، و صاحب في السفر، و أنس في الغربة.

و قال عليه السلام: العلم علمان: مطبوع و مسموع و لا ينفع مسموع إذا لم يكن مطبوع، و من عرف الحكمة لم يصبر على الإزدياد منها، الجمال في اللسان، و الكمال في العقل.

و قال عليه السلام: العفاف زينة الفقر، و الشكر زينة الغنى، و الصبر زينة البلاء، و التواضع زينة الحسب، و الفصاحة زينة الكلام، و العدل زينة الإيمان، و السكينة زينة العبادة، و الحفظ زينة الرّواية، و خفض الجناح زينة العلم، و حسن الأدب زينة العقل، و بسط الوجه زينة الحلم و الإيثار زينة الزهد، و بذل المجهود زينة النفس، و كثرة البكاء زينة الخوف، و التقلّل زينة القناعة، و ترك المنّ زينة المعروف، و الخشوع زينة الصلوة، و ترك ما لا يعني زينة الورع.

و قال عليه السلام: حسبك من كمال المروة تركه ما لا يحمل منه (1). و من حيائه أن لا يلقى أحدا بما يكره، و من عقله حسن رفقه، و من أدبه أن لا يترك ما لا بدّ له منه، و من عرفانه علمه بزمانه، و من ورعه غضّ بصره و عفّة بطنه، و من حسن خلقه كفّه أذاه، و من سخائه برّه بمن يجب حقّه عليه، و إخراجه حقّ اللّه من ماله، و من إسلامه تركه ما لا

ص:598


1- 1) في المصدر: ما لا يجمل به.

يعنيه، و تجنّبه الجدال و المراء في دينه، و من كرمه إيثاره على نفسه، و من صبره قلّة شكواه و من عقله انصافه من نفسه، و من حلمه تركه الغضب عند مخالفته، و من إنصافه قبوله الحقّ إذا بان له، و من نصحه نهيه عمّا لا يرضاه لنفسه، و من حفظه جوارك تركه توبيخك عند أسائتك مع علمه بعيوبك، و من رفقه تركه عذلك (1)عند غضبك بحضرة من تكره، و من حسن صحبته لك إسقاطه عنك مؤنة أذاك، و من صداقته كثرة موافقته و قلّة مخالفته، و من صلاحه شدّة خوفه من ذنوبه، و من شكره معرفة إحسان من أحسن إليه، و من تواضعه معرفته بقدره، و من حكمة علمه بنفسه، و من سلامته قلّة حفظه لعيوب غيره، و عنايته بصلاح عيوبه. (2)

و قال عليه السلام: لن يستكمل العبد حقيقة الإيمان حتى يؤثر دينه على شهوته، و لن يهلك حتّى يؤثر شهوته على دينه.

و قال عليه السلام: الفضايل أربعة أجناس: أحدها الحكمة و قوامها في الفكرة، و الثّاني العفّة و قوامها في الشهوة، و الثّالث القوّة و قوامها في الغضب، و الرّابع العدل و قوامه في إعتدال قوى النفس.

و قال عليه السلام: و العامل بالظلم و المعين له و الرّاضي به شركاء.

و قال عليه السلام: يوم العدل على الظّالم أشدّ من يوم الجور على المظلوم.

و في نسخة: أشدّ من يوم الحقّ على المظلوم.

ص:599


1- 1) العذل: الملامة.
2- 2) في المصدر: بإصلاح عيوبه.

و قال عليه السلام: أقصد العلماء للمحجّة الممسك عند الشّبهة، و الجدال يورث الشّك، و من أخطأ وجوه المطالب خذلته الحيل (1)، و الطّامع في وثاق الذلّ، و من أحبّ البقاء فليعدّ للمصائب (2)قلبا صبورا.

و قال عليه السلام: العلماء غرباء لكثرة الجهّال بينهم.

و قال عليه السلام: الصّبر على المصيبة مصيبة على الشّامت بها.

و قال عليه السلام: التوبة على أربع دعائم: ندم بالقلب، و إستغفار باللسان و عمل بالجوارح، و عزم أن لا يعود.

و ثلاث من عمل الأبرار إقامة الفرائض، و إجتناب المحارم، و إحتراس من الغفلة في الدين.

و ثلاث يبلغن بالعبد رضوان اللّه تعالى: كثرة الإستغفار، و خفض الجانب، و كثرة الصّدقة.

و أربع من كنّ فيه إستكمل الإيمان، من أعطى للّه و منع في اللّه، و أحبّ للّه و أبغض في اللّه.

و ثلاث من كنّ فيه لم يندم: ترك العجلة، و المشورة، و التوكّل عند العزم على اللّه عزّ و جلّ.

و قال عليه السلام: لو سكت الجاهل ما إختلف الناس.

و قال عليه السلام: مقتل الرّجل بين لحييه، و الرأى مع الأناة، و بئس الظهير الرّأي الفطير. (3)

ص:600


1- 1) في المصدر: خذلته الجيل.
2- 2) في المصدر: للبلاء.
3- 3) الفطير: كلّ ما اعجل من إدراكه.

و قال: ثلاث خصال يجتلب بهن المحبّة: الإنصاف في المعاشرة، و المواساة في الشدّة، و الإنطواء و الرجوع إلى قلب سليم.

و قال عليه السلام: فساد الأخلاق بمعاشرة السّفهاء، و صلاح الأخلاق بمنافسة العقلاء و الخلق أشكال و كلّ يعمل على شاكلته، و الناس إخوان، فمن كانت أخوته في غير ذات اللّه فإنّها تحوز عداوة، و ذلك قوله سبحانه و تعالى: اَلْأَخِلاّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ اَلْمُتَّقِينَ . (1)

و قال عليه السلام: من إستحسن قبيحا، كان شريكا فيه.

و قال عليه السلام: كفر النعمة داعية المقت، و من جازاك بالشّكر فقد أعطاك أكثر ممّا أخذ منك.

و قال: لا يفسدك الظّنّ على صديق و قد أصلحك اليقين له، و من وعظ أخاه سرّا فقد زانه، و من وعظه علانية فقد شانه، إستصلاح الأخيار بإكرامهم، و الأشرار بتأديبهم، و المودّة قرابة مستفاد، و كفى بالأجل حرزا، و لا يزال العقل و الحمق يتغالبان على الرّجل إلى ثمانية عشر سنة، فإذا بلغها غلب عليه أكثرهما فيه و ما أنعم اللّه عزّ و جلّ على عبد نعمة فعلم أنّها من اللّه إلاّ كتب اللّه جلّ إسمه له شكرها قبل أن يحمده عليها، و لا أذنب ذنبا فعلم أنّ اللّه مطّلع عليه إن شاء عذّبه و إن شاء غفر له إلاّ غفر اللّه له قبل أن يستغفره.

و قال عليه السلام: الشريف كلّ الشريف من شرفه علمه،

ص:601


1- 1) الزخرف:67. [1]

و السّودد حق السّودد لمن إتّقى اللّه ربّه و قال: من أمّل فاجرا كان أدنى عقوبته الحرمان، و الكريم كل الكريم من أكرم عن ذلّ النار وجهه.

و قال عليه السلام: إثنان عليلان أبدا: صحيح محتم، و عليل مخلط، موت الإنسان بالذّنوب أكثر من موته بالأجل، و حياته بالبرّ أكثر من حياته بالعمر.

و قال عليه السلام: لا تعالجوا الأمر قبل بلوغه فتندموا، و لا يطولنّ عليكم الأمد فتقسوا قلوبكم، و ارحموا ضعفائكم، و اطلبوا الرحمة من اللّه بالرّحمة لهم.

هذا آخر ما أردت نقله من كتاب الجنابذي رحمه اللّه و قد نقل أشياء رايقة و فوائد فايقة و آدابا نافعة و فقرا ناصعة من كلام أمير المؤمنين عليه السلام ممّا رواه الإمام محمّد الجواد بن الإمام عليّ الرّضا عن آبائه عنه عليه السلام إنتهى كلام عليّ بن عيسى رحمه اللّه تعالى. (1)

ص:602


1- 1) كشف الغمة ج 2/345 و [1]عنه البحار ج 50/11 ح 11، ذيل ح 1 [2]كشف الغمة ج 2/345- 350. [3]

الباب الثالث عشر

في أنّه وصيّ أبيه و نصّه عليه بالإمامة صلوات اللّه عليهما

1-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الوليد (1)، عن يحيى بن حبيب الزيّات (2)، قال: أخبرني من كان عند أبي الحسن الرّضا عليه السلام جالسا فلمّا نهضوا قال لهم: إلقوا أبا جعفر عليه السلام فسلّموا عليه و أحدثوا به عهدا، فلمّا نهض القوم إلتفت اليّ فقال: يرحم اللّه المفضّل إنّه كان ليقنع بدون هذا. (3)

2-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن معمّر بن

ص:603


1- 1) هو أبو جعفر محمّد بن الوليد الخزّاز الكوفي ثقة عين نقيّ الحديث تقدّم ذكره.
2- 2) روى الكليني في باب فضل المقام بالمدينة باسناده عن الصادق عليه السلام أنّه قال: «من مات في المدينة بعثه اللّه في الآمنين يوم القيامة منهم يحيى بن حبيب و ابو عبيدة الحذّاء و عبد الرحمن بن الحجّاج، لا يخفى أنّ جملة «منهم يحيى» . . . الخ. يحتمل أن تكون من كلام الإمام عليه السلام و كان إخبارا بما يأتي فإنّ يحيى بن حبيب و كذلك عبد الرحمن بن الحجّاج لم يموتا في عصر الصادق عليه السلام، و بقائهما من زمان الصادق الى زمان الرضا أو الجواد عليهم السلام ليس بمستنكر، و يمكن أن تكون من كلام الراوي و هو محمّد بن عمر الزيّات كما حكى في حاشية الكافي [1]عن الشيخ أمكن كون الالحاق منه بعد موت هؤلاء من باب ذكر المصاديق لكلام الامام عليه السلام-تنقيح المقال ج 3/313 رقم 12997-. [2]
3- 3) الكافي ج 1/320 ح 1 و [3]أخرجه في البحار ج 50/24 ح 12 [4]عن إعلام الورى:332 [5] عن محمد بن يعقوب، و ارشاد المفيد:319 [6] باسناده عن الكليني، و كشف الغمة ج 2/353 [7]عن الإرشاد. [8]

خلاد، قال: سمعت الرّضا عليه السلام و ذكر شيئا فقال: ما حاجتكم إلى ذلك؟ هذا أبو جعفر قد أجلسته مجلسي و صيّرته مكاني، و قال: إنّا أهل بيت يتوارث أصاغرنا عن أكابرنا القذّة (1)بالقذّة. (2)

3-و عنه عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أبيه محمّد بن عيسى (3)قال: دخلت على أبي جعفر الثاني عليه السلام فناظرني في أشياء ثم قال لي: يا أبا علي إرتفع الشكّ، ما لأبي غيري. (4)

4-و عنه عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن جعفر بن يحيى (5)، عن مالك بن أشيم، عن الحسين بن بشّار (6)، قال: كتب إبن

ص:604


1- 1) القذة «بضم القاف و تشديد الذال المعجمة» : ريش السهم، و القذّة بالقذّة أو حذو القذة بالقذة يضرب مثلا للشيئين المتساويين-مجمع البحرين-. [1]
2- 2) الكافي ج 1/320 ح 2 و [2]أخرجه في البحار ج 50/21 ح 9 [3]عن اعلام الورى:331 [4] عن محمد بن يعقوب و إرشاد المفيد:318 [5] باسناده عن الكليني و في كشف الغمة ج 2/351 [6]عن الارشاد و [7]رواه في الفصول المهمّة:265. [8]
3- 3) هو محمد بن عيسى بن عبد اللّه بن سعد الأشعري أبو علي، عنونه النجاشي و قال: شيخ القميين و وجه الأشاعرة، دخل على الرضا عليه السلام و سمع منه و روى عن أبي جعفر الثاني، له كتاب الخطب، و في «الوجيزة» : أنّه ثقة، و في البلغة: أنّه ممدوح كالثقة-تنقيح المقال ج 3/167-. [9]
4- 4) الكافي ج 1/320 ح 3 و [10]في بعض النسخ: ما لأبي ولد غيري.
5- 5) هو جعفر بن يحيى بن أبي العلاء الخزاعي، قال المامقاني في «التنقيح» ج 1/229: [11] لم أقف فيه إلاّ على رواية محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عنه و رواية ابراهيم بن الفضل عنه عن أبي عبد اللّه عليه السلام في عدّة مواضع من الكافي و التهذيب و الاستبصار، و روايته عن الحسين عن عاصم بن يونس-تنقيح المقال ج 1/229 رقم 1904-. [12]
6- 6) الحسين بن بشّار «بالباء الموحدة و الشين المعجمة» المدائني، عدّه الشيخ من أصحاب الكاظم و الرّضا و الجواد عليهم السلام، و في بعض النسخ: يسار «بالياء المثناة التحتانية و السين المهملة» -الجامع في الرجال:625-. [13]

قياما (1)إلى أبي الحسن الرّضا عليه السلام كتابا يقول فيه: كيف تكون إماما و ليس لك ولد؟

فأجابه أبو الحسن الرّضا عليه السلام شبه المغضب: و ما أعلمك أنّه لا يكون لي ولد؟ ! و اللّه لا تمضي الأيّام و الليالي حتّى يرزقني اللّه ولدا ذكرا يفرّق به بين الحقّ و الباطل. (2)

5-و عنه عن بعض أصحابنا عن محمّد بن عليّ، عن معاوية بن حكيم، عن إبن أبي نصر قال: قال لي إبن النجاشي (3): من الأمام بعد صاحبك؟ فأشتهي أن تسأله حتّى أعلم، فدخلت على الرّضا عليه السلام فأخبرته.

قال: فقال لي: الإمام إبني، ثمّ قال: هل يتجرّء أحد أن يقول: إبني

ص:605


1- 1) ابن قياما: الحسين بن قياما الواسطي، واقفي، صرح بوقفه الصدوق في العيون باب «46» و [1]روى الكشي في ذمّه روايتين احديهما صحيحة-الجامع:625-.
2- 2) الكافي ج 1/320 ح 4 و [2]أخرجه في البحار ج 50/22 ح 10 [3]عن ارشاد المفيد: /318 [4]باسناده عن الكليني و اعلام الورى:331 [5] عن محمد بن يعقوب، و في كشف الغمّة ج 2/ 352 [6]عن الإرشاد. [7]
3- 3) ابن النجاشي: هو عبد اللّه، قال المامقاني في التنقيح: عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الكاظم عليه السلام بزيادة أنّة واقفي، و قال ابن داود: عبد اللّه النجاشي م كش واقفي، و عن الخلاصة ما يقرب منه، و نقل الميرزا عن نسخته من رجال الشيخ وجود كلمة ابن بين عبد اللّه و بين النجاشي و عن رجال ابن داود الخلاصة إسقاطهما، ثم قال: و لعلّ هذا هو الذي نقلاه و في نسختنا أو نسختهم سهو. و أقول: عندي نسختان من رجال الشيخ و في كليهما عبد اللّه النخّاس واقفي «بالنون و الخاء المعجمة و السين المهملة» و في نسخة «بالحاء المهملة» ، و على كلّ حال هو غير عبد اللّه ابن النجاشي ابن بجير السابق ذكره فهو إمّا ضعيف بالوقف أو مجهول الحال-تنقيح المقال ج 2/221-. [8]

و ليس له ولد. (1)

6-و عنه عن أحمد بن مهران، عن محمّد بن علي، عن معمّر بن خلاد، قال: ذكرنا عند أبي الحسن عليه السلام شيئا بعد ما ولد له أبو جعفر، فقال: ما حاجتكم إلى ذاك؟ هذا أبو جعفر قد أجلسته مجلسي و صيّرته في مكاني. (2)

7-و عنه عن أحمد، عن محمّد بن عليّ، عن إبن قياما الواسطي، قال: دخلت على علي بن موسى الرّضا عليهما السلام، فقلت له: أيكون إمامان؟ قال: لا إلاّ و أحدهما صامت، فقلت له: هوذا أنت ليس لك صامت-و لم يكن ولد له أبو جعفر عليه السلام بعد، فقال لي: و اللّه ليجعلّن اللّه منّي ما يثبت به الحقّ و أهله، و يمحق اللّه به الباطل و أهله، فولد له بعد سنة أبو جعفر عليه السلام و كان إبن قياما واقفيّا. (3)

8-و عنه عن أحمد (4)، عن محمّد بن علي، عن الحسن بن الجهم، قال: كنت مع ابي الحسن عليه السلام جالسا، فدعا بابنه و هو صغير، فأجلسه في حجري، فقال لي: جرّده و إنزع قميصه فنزعته، فقال لي:

انظر بين كتفيه، فنظرت فإذا في أحد كتفيه شبيه بالخاتم داخل في

ص:606


1- 1) الكافي ج 1/320 ح 5 و [1]أخرجه في البحار ج 50/20 ح 5 [2]عن غيبة الطوسي:48 و [3]المناقب لابن شهر آشوب ج 4/336 و [4]اعلام الورى:331 [5] عن محمد بن يعقوب، و في كشف الغمّة ج 2/352 [6]عن إرشاد المفيد:318 [7] باسناده عن الكليني، و في اثبات الهداة ج 3/294 ح 120 [8]عن غيبة الطوسي. [9]
2- 2) الكافي ج 1/321 ح 6. [10]
3- 3) الكافي ج 1/321 ح 7 و [11]أخرجه في البحار ج 50/22 ح 12، و [12]كشف الغمّة ج 2/352 [13]عن ارشاد المفيد:318. [14]
4- 4) في البحار: [15] عن أحمد بن مهران، عن محمد بن علي.

اللحم، ثم قال لي: أترى هذا؟ كان مثله في هذا الموضع من أبي عليه السلام. (1)

9-و عنه عن أحمد، عن محمّد بن عليّ، عن أبي يحيى الصّنعاني (2)قال: كنت عند أبي الحسن الرّضا عليه السلام فجيء بابنه أبي جعفر عليه السلام و هو صغير، فقال: هذا المولود الّذي لم يولد مولود أعظم بركة على شيعتنا منه. (3)

10-و عنه عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن صفوان ابن يحيى، قال: قلت للرضا عليه السلام: قد كنّا نسألك قبل أن يهب اللّه عزّ و جلّ لك أبا جعفر فكنت تقول: يهب اللّه لي غلاما، فقد وهبه اللّه لك فأقر عيوننا فلا أرانا اللّه يومك، فإن كان كون فإلى من؟

فأشار بيده إلى أبي جعفر عليه السلام و هو قائم بين يديه، فقلت:

جعلت فداك هذا إبن ثلاث سنين؟

ص:607


1- 1) الكافي ج 1/321 ح 8 و [1]أخرجه في البحار ج 50/23 ح 13 [2]عن اعلام الورى:332 [3] عن محمد بن يعقوب و إرشاد المفيد:318 [4] باسناده عن الكليني و في ج 25/120 ح 3 و كشف الغمّة ج 2/352 [5]عن الإرشاد و [6]رواه في إثبات الوصيّة:184 [7] بسند آخر نحوه.
2- 2) أبو يحيى الصنعاني: عمر بن توبة، قال النجاشي: في حديثه بعض الشيء يعرف منه و ينكر، ذكر أصحابنا أنّ له كتاب فضل إنّا أنزلناه. و ضعّفه إبن الغضائري، و لكن لا يخفى أنّ المحقّقين لا يعتنون بتضعيفات إبن الغضائري لأنّ السبب في تضعيفه غالبا إشتمال أحاديث من ضعّفه على الغلّو ظاهرا، و لا يخفى على كل ذي حجى أنّ ما نعدّه اليوم من ضروريّات مذهب الشيعة في فضائل أهل البيت عليهم السلام كان عند القدماء غلوّا-تنقيح المقال-. [8]
3- 3) الكافي ج 1/321 ح 9 و [9]اخرجه في البحار ج 50/23 ح 14 [10]عن اعلام الورى:332 [11] عن محمد بن يعقوب و ارشاد المفيد:318 و [12]في كشف الغمة ج 2/352 عن الارشاد و [13]رواه في اثبات الوصيّة:185 [14] نحوه.

فقال: و ما يضرّه من ذلك فقد قام عيسى عليه السلام بالحجّة و هو إبن ثلاث سنين. (1)

11-و عنه عن الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمّد، عن محمّد ابن جمهور، عن معمّر بن خلاد، قال: سمعت إسماعيل بن إبراهيم يقول للرّضا عليه السلام: إنّ إبني في لسانه ثقل فأنا أبعث به إليك غدا تمسح على رأسه و تدعو له فإنّه مولاك، فقال: هو مولا أبي جعفر فابعث به غدا إليه. (2)

12-و عنه عن الحسين بن محمد، عن محمّد بن أحمد النهدي (3)، عن محمّد بن خلاّد الصيقل، عن محمّد بن الحسن بن عمارة (4)قال: كنت عند علي بن جعفر بن محمّد (5)جالسا بالمدينة، و كنت أقمت عنده

ص:608


1- 1) الكافي [1]ج 1/321 ح 10 و ص 383 ح 2 و تقدّم في الباب الثالث من هذا المنهج ح 2 و [2]له تخريجات ذكرناها هناك.
2- 2) الكافي ج 1/321 ح 11 و [3]عنه البحار ج 50/36 ح 25. [4]
3- 3) هو محمد بن أحمد بن خاقان النهدي أبو جعفر القلانسي المعروف بحمدان او حمران، ترجمه النجاشي و قال: كوفّي مضطرب، له كتب، منها: كتاب المواقيت في الصلوة، كتاب فضل الكوفة، كتاب النوادر، و قال الكشي: قال أبو النضر محمد بن مسعود: كوفي نقيه ثقة خيرّ، و قال ابن الغضائري: ضعيف يروي عن الضعفاء، و [5]قال المامقاني بعد نقل الأقوال: الأظهر في النظر القاصر هو و ثاقة محمد بن أحمد القلانسي لشهادة محمّد بن مسعود بفقهه و ثقته و كونه خيّرا بعد تأيّده بامور. . . الخ-تنقيح المقال ج 2 ص 70 رقم 10312-. [6]
4- 4) محمد بن الحسن بن عمارة المدني الكوفي عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام.
5- 5) علي بن جعفر الصّادق عليه السلام عدّه الشيخ من اصحاب الصادق و الكاظم و الرضا عليهم السلام، جليل القدر، ثقة، و له كتاب المناسك، و مسائل [7]لأخيه الكاظم عليه السلام أدرك الجواد و الهادي عليهما السلام أيضا، توفّي بقم و قبره فيها مشهور-تنقيح المقال ج 2/ 272-. [8]

سنتين، أكتب عنه ما يسمع من أخيه يعني أبا الحسن عليه السلام إذ دخل عليه أبو جعفر محمّد بن عليّ الرّضا عليه السلام المسجد مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فوثب عليّ بن جعفر بلا حذاء و لا رداء فقبّل يده و عظّمه.

فقال له أبو جعفر عليه السلام: يا عمّ إجلس رحمك اللّه، فقال: يا سيّدي كيف أجلس و أنت قائم؟ فلمّا رجع عليّ بن جعفر إلى مجلسه جعل أصحابه يوبّخونه و يقولون: أنت عمّ أبيه و أنت تفعل به هذا الفعل؟ !

فقال: اسكتوا إذا كان اللّه عزّ و جلّ، و قبض على لحيته، لم يؤهّل هذا الشّيبة و أهّل هذا الفتى و وضعه حيث وضعه انكر فضله؟ نعوذ باللّه ممّا تقولون بل أنا له عبد. (1)

13-و عنه، عن الحسين بن محمد، عن الخيراني، عن أبيه، قال:

كنت واقفا بين يدي أبي الحسن عليه السلام بخراسان، فقال له قائل: يا سيّدي إن كان كون فإلى من؟

قال: إلى أبي جعفر إبني، فكأنّ القائل إستصغر سنّ أبي جعفر عليه السلام.

فقال أبو الحسن عليه السلام: إنّ اللّه تبارك و تعالى بعث عيسى بن مريم رسولا نبيّا صاحب شريعة مبتدأة في أصغر من السّن الّذي فيه أبو جعفر عليه السلام. (2)

ص:609


1- 1) الكافي ج 1/322 ح 12 و [1]عنه البحار ج 50/36 ح 26. [2]
2- 2) الكافي ج 1/322 ح 13، [3] تقدّم في هذا المنهج في الباب الثالث ح 3 [4] مع تخريجاته.

14-إبن بابويه قال: حدّثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي، قال: حدّثني محمّد بن يحيى الصولي، قال: حدّثنا عون بن محمّد، قال: حدّثنا أبو الحسين محمد بن أبي عبّاد (1)، و كان يكتب للرّضا عليه السلام ضمّه إليه الفضل بن سهل، قال: ما كان عليه السلام يذكر محمّدا إبنه عليه السلام إلاّ بكينته، يقول: كتب إليّ أبو جعفر عليه السلام، و كنت أكتب إلى أبي جعفر، و هو صبيّ بالمدينة فيخاطبه بالتعظيم، و ترد كتب أبي جعفر عليه السلام في نهاية البلاغة و الحسن، فسمعته يقول: أبو جعفر وصيّي و خليفتي في أهلي من بعدي. (2)

15-و عنه، عن عليّ بن أحمد بن محمّد الدقّاق (3)قال: حدّثني محمّد بن الحسن (4)، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن محمّد بن أحمد بن أبي قتادة (5)، عن المحمودي (6)عن اسحاق 7بن إسماعيل بن

ص:610


1- 1) أبو الحسين محمّد بن أبي عبّاد كان كاتبا للرضا عليه السلام و لكن لم يرد فيه مدح، له ترجمة في تنقيح المقال ج 2/61 رقم 10262. [1]
2- 2) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 2/240 ح 1 و [2]عنه البحار ج 50/18 ح 2. [3]
3- 3) علي بن أحمد بن محمّد بن عمران الدّقاق، ترجمه المولى الوحيد و قال: روى عنه الصدوق مترحّما و الظاهر أنّه من مشايخه-تنقيح المقال ج 2/267-. [4]
4- 4) هو محمّد بن الحسن بن فروخ الصفّار القمي أبو جعفر، وجه ثقة جليل القدر له كتب منها بصائر الدرجات توفي سنة «290» ه-تنقيح المقال ج 3/103-. [5]
5- 5) محمّد بن أحمد بن أبي قتادة علي بن محمد بن حفص بن عبد بن حميد، مولى السائب ابن مالك الأشعري أبو جعفر القمي ثقة، صدوق، عين، له كتاب ما يجب على العبد عند مضيّ الإمام، قتل حميد جدّه الأعلى يوم المختار الثقفي معه-تنقيح المقال ج 2/66 رقم 10295-. [6]
6- 6) المحمودي: هو محمّد بن أحمد بن حمّاد أبو علي المروزي، عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الهادي عليه السلام-تنقيح المقال ج 2 رقم 10311-. [7]

نوبخت عن إبراهيم بن أبي محمود قال: كنت واقفا على رأس أبي الحسن عليّ بن موسى عليه السلام بطوس، فقال بعض من كانه معه: إن حدث حادث فإلى من؟

قال: إلى إبني محمّد، فكأنّ السائل إستصغر سنّ أبي جعفر.

فقال له أبو الحسن عليه السلام: إنّ اللّه بعث عيسى بن مريم عليه السلام نبيّا بإقامة الشّريعة في دون السنّ الّذي اقيم فيه أبو جعفر ثابتا على شريعته. 1

16-و عنه قال: حدّثنا أبي رحمه اللّه، قال: حدّثنا سعد بن عبد اللّه، قال: حدّثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، و أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن أبي الحسن الرّضا عليه السلام أنّه سئل أو قيل له: أيكون الإمام في عمّ أو خال؟ فقال: لا، فقال: في أخ، قال: لا، قال: ففي من؟

قال: في ولدي، و هو يومئذ لا ولد له. 2

17-و عنه، عن عليّ بن محمّد، عن محمّد بن الحسن، عن عبد اللّه ابن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن

ص:611

محمّد بن أبي نصر، عن عقبة بن جعفر (1)، قال: قلت لأبي الحسن الرّضا عليه السلام: قد بلغت ما بلغت و ليس لك ولد، فقال: يا عقبة إنّ صاحب هذا الأمر لا يموت حتى يرى خلفه من بعده. (2)

18-و عنه قال: حدّثنا حمزة بن محمّد بن أحمد بن جعفر بن محمّد بن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام بقم في رجب سنة تسع و ثلاثين و ثلثمأة، قال: أخبرني عليّ بن إبراهيم بن هاشم فيما كتب إليّ سنة سبع و ثلاثمائة قال: حدّثني محمّد بن عيسى ابن عبيد، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، و صفوان بن يحيى قال: حدّثنا الحسين بن قياما، و كان من رؤساء الواقفة، فسألنا أن نستأذن له على الرّضا عليه السلام ففعلنا، فلمّا صار بين يديه قال له: أنت إمام؟

قال: نعم، قال: فإنّي أشهد اللّه أنّك لست بإمام، قال: فنكت (3)عليه السلام في الأرض طويلا منكّس الرأس، ثمّ رفع رأسه اليه فقال له:

ما علمك أنّي لست بأمام؟ قال له: إنّا روينا (4)عن ابي عبد اللّه عليه

ص:612


1- 1) عقبة بن جعفر: قال المامقاني: لم أقف فيه إلاّ على نقل جامع الرواة [1]رواية الحسن بن محمّد بن سماعة عنه عن أبي الحسن عليه السلام في باب الحوالات من التهذيب و حاله مجهول-تنقيح المقال ج 2/254 رقم 7692- [2]أقول: و في الحديث روى عنه إبن أبي نصر البزنطي و هو من أصحاب الاجماع، و إذا قلنا بأنّ المراد من جملة «أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه» توثيق من كان يروى عنه كما إحتمله صاحب الفصول [3]فيستفاد من رواية البزنطي عنه وثاقته و إن كان مجهول الحال-راجع مقباس الهداية ص 70-73-.
2- 2) كفاية الأثر:274 و [4]عنه البحار ج 50/35 ح 22، و [5]اثبات الهداة ج 3/325 ح 21 و [6]في البحار ج 25/250 ح 3 [7]عن غيبة الطوسي:133 و [8]في ج 23/42 ح 80 عن كمال الدين: 229 ح 25. [9]
3- 3) نكت ينكت «بضم الكاف في المضارع» الأرض أو في الأرض: يفكّر.
4- 4) في المصدر: إنّا قد روينا.

السلام أنّ الإمام لا يكون عقيما و أنت قد بلغت هذا السنّ و ليس لك ولد.

قال: فنكّس رأسه أطول من المرّة الاولى، ثمّ رفع رأسه فقال: إنّي أشهد اللّه أنّه لا تمضي الأيّام و الليالي حتّى يرزقني اللّه تعالى ولدا منّي.

قال عبد الرحمن بن أبي نجران: فعددنا الشّهور من الوقت الّذي قال، فوهب اللّه له أبا جعفر محمّدا عليه السلام في أقلّ من سنة.

قال: و كان الحسين بن قياما هذا واقفا في الطّواف ثمّ نظر إليه أبو الحسن الأوّل عليه السلام فقال له: ما لك حيّرك اللّه، فوقف عليه بعد الدعوة. (1)

19-و عنه قال: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، قال:

حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عبد السّلام بن صالح الهروي، قال: سمعت دعبل بن عليّ الخزاعي يقول: لمّا أنشدت مولاي الرّضا عليه السلام قصيدتي الّتي أوّلها:

مدارس آيات خلت من تلاوة و منزل وحي مقفر العرصات

فلما إنتهيت إلى قولي:

خروج إمام لا محالة خارج يقوم على إسم اللّه و البركات

يميّز فينا كلّ حقّ و باطل و يجزى على النعماء و النقمات

بكى الرّضا عليّ بن موسى عليه السلام بكاء شديدا، ثمّ رفع رأسه إليّ فقال لي: يا خزاعي نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين، فهل تدري من هذا الإمام؟ و متى يقوم؟

ص:613


1- 1) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 2/209 ح 13، و [1]عنه البحار ج 49/34 ح 13. [2]

فقلت: لا يا سيّدي إلاّ أنّي سمعت بخروج إمام منكم يطهّر الأرض من الفساد، و يملاءها عدلا و قسطا، فقال: يا دعبل الإمام بعدي محمّد إبني، و بعد محمّد إبنه عليّ، و بعد عليّ إبنه الحسن، و بعد الحسن إبنه الحجّة القائم المنتظر في غيبته المطاع في ظهوره، لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل اللّه ذلك اليوم حتّى يخرج فيملاءها عدلا كما ملئت جورا و ظلما. (1)

و أمّا متى؟ فإخبار عن الوقت، و لقد حدّثني أبي، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قيل له: يا رسول اللّه متى يخرج القائم من ذريّتك؟ فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: مثله مثل السّاعة الّتي (2)لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلاّ هُوَ (3)عزّ و جلّ لا تأتيكم إلاّ بغتة. (4)

20-و عنه، عن محمّد بن الحسن، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال:

دخلت على الرّضا عليه السلام أنا و صفوان بن يحيى، و أبو جعفر عليه السلام قائم و قد أتى له ثلاث سنين، فقلنا له: جعلنا فداك إن-و نعوذ

ص:614


1- 1) في كمال الدين و [1]البحار: [2] كما ملئت جورا.
2- 2) في العيون و [3]البحار: [4] مثل الساعة لا يجلّيها.
3- 3) سورة الاعراف:187. [5]
4- 4) كمال الدين:372 ح 6، [6]عيون اخبار الرضا عليه السلام ج 2/265 ح 35 و [7]عنهما البحار ج 51/154 ح 4 و [8]اثبات الهداة ج 1/486 ح 159 و [9]عن كفاية الاثر:271 و [10]في البحار ايضا [11]ج 49/237 ح 6 عن العيون و [12]كشف الغمّة ج 2/328 و اخرجه في ينابيع المودّة:454 [13]عن فرائد السمطين ج 1/337 ح 591 [14] باسناده عن ابن بابويه و صدره في مستدرك الوسائل ج 10/393 ح 9 [15]عن العيون و [16]قطعة منه في الينابيع:471 [17]عن الفرائد. [18]

باللّه-حدث حدث فمن يكون بعدك؟

قال: إبني هذا، و أومأ إليه «قال» فقلنا له: و هو في هذا السّن؟

قال: نعم و هو في هذا السّن، إنّ اللّه تعالى إحتجّ بعيسى بن مريم عليهما السلام و هو إبن سنتين. (1)

ص:615


1- 1) كفاية الأثر:275 و [1]عنه البحار ج 50/35 ح 23 و [2]إثبات الهداة ج 3/325 ح 22 و [3]رواه الحضيني في الهداية:87.

ص:616

الباب الرابع عشر

في المفردات

1-محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد «عن عليّ بن الحكم» (1)عن عليّ بن الريّان، عن قاسم الصيقل (2)، قال: ما رأيت أحدا كان أشدّ تشديدا في الظلّ من أبي جعفر عليه السلام، كان يأمر بقلع القبّة و الحاجبين إذا أحرم. (3)

2-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليّ بن مهزيار، قال: رأيت أبا جعفر الثّاني عليه السلام ليلة الزّيارة طاف طواف النّساء و صلّى خلف المقام، ثمّ دخل زمزم فاستقى منها بيده بالدّلو الّذي يلي الحجر، و شرب منه و صبّ على بعض جسده، ثمّ إطّلع في زمزم مرّتين، و أخبرني بعض أصحابنا أنّه رآه بعد ذلك بسنة فعل مثل ذلك. (4)

3-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن

ص:617


1- 1) عليّ بن الحكم: ليس في «الكافي» . [1]
2- 2) القاسم الصيقل: عدّه الشيخ ره في رجاله من أصحاب الهادي عليه السلام، و حاله مجهول و ظاهر قول الشيخ كونه إماميّا و قد نقل في جامع الرواة رواية محمد بن عيسى و محمد بن عبد اللّه الواسطي و علي بن الريّان عنه-تنقيح المقال ج 2/20 رقم 9574-. [2]
3- 3) الكافي ج 4/350 ح 3 و [3]عنه الوسائل ج 9/148 ح 12. [4]
4- 4) الكافي ج 4/430 ح 3 و [5]عنه الوسائل ج 9/515 ح 3. [6]

مهزيار، قال: رأيت أبا جعفر عليه السلام يمشي بعد يوم النحر حتى يرمي الجمرة، ثمّ ينصرف راكبا و كنت أراه ماشيا بعدما يحاذي المسجد بمنى. (1)

4-قال: و حدّثني عليّ بن محمّد بن سليمان النوفلي، عن الحسن ابن صالح، عن بعض أصحابه قال: نزل أبو جعفر عليه السلام فوق المسجد بمنى قليلا عن دابّته حتى توجّه ليرمي الجمرة عند مضرب عليّ بن الحسين عليه السلام، فقلت له: جعلت فداك لم نزلت ههنا؟

فقال: إنّ هيهنا مضرب عليّ بن الحسين و مضرب بني هاشم، و أنا احبّ أن أمشي في منازل بني هاشم. (2)

5-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، و أبو عليّ الأشعري، عن الحسن بن عليّ الكوفي (3)، عن عليّ بن مهزيار، قال:

رأيت أبا جعفر الثّاني عليه السلام في سنة خمس و عشرين و مأتين (4)ودّع البيت بعد إرتفاع الشّمس، و طاف بالبيت، يستلم الرّكن اليماني في كلّ شوط، فلمّا كان في الشوط السّابع إستلمه و إستلم الحجر، و مسح بيده ثمّ مسح وجهه بيده، ثم أتى المقام فصلّى خلفه ركعتين، ثمّ خرج

ص:618


1- 1) الكافي ج 4/486 ح 5 و [1]عنه الوسائل ج 10/75 ح 4. [2]
2- 2) الكافي ج 4/486 ح 5 و [3]عنه الوسائل ج 9/75 ح 5. [4]
3- 3) هو الحسن بن علي بن عبد اللّه بن المغيرة الكوفي البجلي مولى جندب بن عبد اللّه أبو محمد، ثقة، ثقة، له كتاب نوادر، وثّقه النجاشي مرّتين-التنقيح ج 1/296-. [5]
4- 4) في نسخة الوافي: [6] في سنة خمس و عشر و مأتين، قال الفيض ره: هكذا في النسه المعتبرة، و في بعض النسخ: خمس و عشرين و مأتين، ثمّ قال: إنّ الشيخ ره قال في «التهذيب» : هذا غلط لأنّ أبا جعفر عليه السلام توفّي سنة عشرين و مأتين، و الصحيح أن يقال: سنة خمس عشرة و مأتين.

إلى دبر الكعبة الى الملتزم فالتزم البيت و كشف الثوب عن بطنه، ثمّ وقف عليه طويلا يدعو، ثمّ خرج من باب الحنّاطين و توجّه.

قال: فرأيته في سنة سبع عشرة و مأتين ودّع البيت ليلا يستلم الرّكن اليماني و الحجر الأسود في كلّ شوط، فلمّا كان في الشوط السّابع إلتزم البيت في دبر الكعبة قريبا من الرّكن اليماني، و فوق الحجر المستطيل و كشف الثّوب عن بطنه، ثم أتى الحجر الأسود فقبّله و مسحه، و خرج إلى المقام فصلّى خلفه، ثمّ مضى و لم يعد إلى البيت، و كان وقوفه على الملتزم بقدر ما طاف بعض أصحابنا سبعة أشواط و بعضهم ثمانية. (1)

6-الشيخ في «التهذيب» بإسناده عن سعد بن عبد اللّه، عن أبي جعفر أحمد بن محمّد بن عيسى، عن موسى بن القاسم البجلي، قال:

رأيت أبا جعفر الثّاني عليه السّلام يصلّي في قميص قد إتزّر فوقه بمنديل و هو يصلّي. (2)

7-و عنه بإسناده عن محمّد بن عليّ بن محبوب، عن أبي إسحق إبراهيم (3)، عن أبي أحمد إسحق بن إسماعيل، عن العبّاس بن أبي العبّاس، عن عبدوس بن إبراهيم (4)، قال رأيت أبا جعفر الثّاني عليه

ص:619


1- 1) الكافي ج 4/532 ح 3 و [1]عنه الوسائل ج 10/232 ح 3، و [2]عن التهذيب ج 5/281 ح 3.
2- 2) التهذيب ج 2/215 ح 51 و عنه الوسائل ج 3/288 ح 6 و [3]عن الاستبصار ج 1/388 ح 5.
3- 3) يحتمل أنّه ابو اسحق ابراهيم بن مهزيار الأهوازي عدّه الشيخ من أصحاب الجواد و الهادي عليهما السلام، و يحتمل أنّه أبو إسحاق ابراهيم بن إسحاق الأحمري النهاوندي.
4- 4) هو عبدوس بن ابراهيم البغدادي الكوفي العطّار، عدّه الشيخ من أصحاب الهادي و العسكري عليهما السلام.

السّلام قد خرج من الحمّام، و هو من قرنه إلى قدمه مثل الورد من أثر الحنّاء. (1)

8-محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن السيّاري، عن أحمد بن زكريّا الصيّدلاني، عن رجل من بني حنيفة من أهل بست و سجستان، قال: رافقت أبا جعفر عليه السلام في السّنة التي حجّ فيها في أوّل خلافة المعتصم، فقلت له و أنا معه على المائدة و هناك جماعة من أولياء السلطان: إنّ والينا جعلت فداك رجل يتولاّكم أهل البيت و يحبّكم و عليّ في ديوانه خراج، فإن رأيت جعلني اللّه فداك أن تكتب لي إليه بالإحسان.

فقال: لا أعرفه.

فقلت: جعلت فداك إنّه على ما قلت من محبّيكم أهل البيت و كتابك ينفعني عنده فأخذ القرطاس و كتب:

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم أمّا بعد فإنّ موصل كتابي هذا ذكر عنك مذهبا جميلا، و إنّ مالك من عملك ما أحسنت فيه، فأحسن إلى إخوانك و اعلم أنّ اللّه عزّ و جلّ سائلك عن مثاقيل الذرّ و الخردل.

قل: فلمّا وصلت سجستان سبق الخبر إلى الحسين عبد اللّه النيسابوري، و هو الوالي فاستقبلني على فرسخين من المدينة فدفعت إليه الكتاب فقبّله و وضعه على عينيه، ثمّ قال لي: ما حاجتك؟

فقلت: خراج عليّ في ديوانك.

ص:620


1- 1) التهذيب ج 1/377 ذيل ح 19 و عنه الوسائل ج 1/394 ذيل ح 9 و [1]اخرجه في الوسائل أيضا [2]في ص 393 ح 3 عن الكافي ج 6/509 ح 4. [3]

قال: فأمر بطرحه عنّي و قال لي: لا تؤدّ خراجا ما دام لي عمل، ثمّ سألني عن عيالي فأخبرته بمبلغهم، فأمر لي و لهم بما يقوتنا و فضلا، فما أدّيت في عمله خراجا ما دام حيّا و لا قطع عنّي صلته حتّى مات. (1)

ص:621


1- 1) الكافي ج 5/111 ح 6 و [1]عنه البحار ج 50/86 ح 2 و [2]في الوسائل ج 12/141 ح 11 [3] عنه و عن التهذيب ج 6/324 ح 926.

ص:622

الباب الخامس عشر

في رده عليه السلام سؤال ابن اكثم في الاحاديث الموضوعة

1-الطبرسي في «الاحتجاج» قال: روي أنّ المأمون بعد ما زوّج إبنته امّ الفضل أبا جعفر عليه السلام كان في مجلس، و عنده أبو جعفر عليه السلام و يحيى بن أكثم و جماعة كثيرة.

فقال له يحيى بن أكثم: ما تقول يابن رسول اللّه في الخبر الّذي روي: أنّه نزل جبرئيل عليه السلام على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و قال: يا محمّد إنّ اللّه عزّ و جلّ يقرئك السلام و يقول لك: سل أبا بكر فهل هو عنّي راض فإنّي عنه راض؟

فقال أبو جعفر عليه السلام: لست بمنكر فضل أبي بكر، و لكن يجب على صاحب هذا الخبر أن يأخذ مثال الخبر الّذي قاله رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في حجّة الوداع: قد كثرت عليّ الكذّابة و ستكثر بعدي فمن كذب عليّ متعمّدا فليتبّوأ مقعده من النار، فإذا أتاكم الحديث فاعرضوه على كتاب اللّه عزّ و جلّ و سنّتي، فما وافق كتاب اللّه و سنّتي فخذوا به، و ما خالف كتاب اللّه و سنّتي فلا تأخذوا به، و ليس يوافق هذا الخبر كتاب اللّه، قال اللّه تعالى: وَ لَقَدْ خَلَقْنَا اَلْإِنْسانَ

ص:623

وَ نَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ اَلْوَرِيدِ (1)فاللّه عزّ و جلّ خفي عليه رضاء أبي بكر من سخطه حتّى سأل عن مكنون سرّه؟ هذا مستحيل في العقول.

ثم قال: يحيى بن اكثم: و قد روي أنّ مثل أبي بكر و عمر في الأرض كمثل جبرئيل و ميكائيل في السماء.

فقال عليه السلام: و هذا أيضا يجب أن ينظر فيه، لأنّ جبرئيل و ميكائيل ملكان للّه مقرّبان لم يعصيا اللّه قطّ، و لم يفارقا طاعته لحظة واحدة، و هما قد أشركا باللّه عزّ و جلّ و إن أسلما بعد الشرك فكان أكثر أيّامهما في الشرك، فمحال أن يشبّههما بهما.

قال يحيى: و قد روى أيضا أنّهما سيّدا كهول الجنة فما تقول فيه؟ فقال عليه السلام: و هذا الخبر محال أيضا لأنّ أهل الجنة كلّهم يكونون شبابا و لا يكون فيهم كهل، و هذا الخبر وضعه بنو امّية لمضادّة الخبر الّذي قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في الحسن و الحسين بأنّهما «سيّد شباب أهل الجنة» .

فقال يحيى بن أكثم: و روى أنّ عمر بن الخطاب سراج أهل الجنة.

فقال عليه السلام: و هذا أيضا محال لأنّ في الجنّة ملائكة اللّه المقرّبين، و آدم و محمّد و جميع الأنبياء و المرسلين لا تضييء بأنوارهم حتى تضيء بنور عمر.

فقال يحيى: و قد روي أنّ السكينة تنطق على لسان عمر.

ص:624


1- 1) سورة ق:16. [1]

فقال عليه السلام: لست بمنكر فضل عمر، و لكنّ أبا بكر أفضل من عمر فقال على رأس المنبر: إنّ لي شيطانا يعتريني، فإذا ملت فسدّدوني.

فقال يحيى: قد روي أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: لو لم ابعث لبعث عمر، فقال عليه السلام: كتاب اللّه أصدق من هذا الحديث يقول اللّه: في كتابه وَ إِذْ أَخَذْنا مِنَ اَلنَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَ مِنْكَ وَ مِنْ نُوحٍ (1)فقد أخذ اللّه ميثاق النبيّين فكيف يمكن أن يبدّل ميثاقه، و كان الأنبياء عليهم السلام لم يشركوا طرفة عين فكيف يبعث بالنبوة من أشرك و كان أكثر أيّامه مع الشرك باللّه؟ و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم نبأت و آدم بين الروح و الحسد.

فقال يحيى بن اكثم: و قد روي أيضا أن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال ما إحتبس عنّي الوحي قطّ إلا ظننته قد نزل على آل الخطاب.

فقال عليه السلام: و هذا محال أيضا لأنّه لا يجوز أن يشكّ النبيّ في نبوّته قال اللّه تعالى: اَللّهُ يَصْطَفِي مِنَ اَلْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَ مِنَ اَلنّاسِ (2)فكيف يمكن أن ينتقل النبوّة عمّن إصطفاه اللّه تعالى إلى من أشرك به.

قال يحيى بن اكثم: إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: لو نزل العذاب ما نجا منه إلاّ عمر.

فقال عليه السلام: و هذا محال أيضا إنّ اللّه تعالى يقول: وَ ما كانَ

ص:625


1- 1) سورة الأحزاب:7. [1]
2- 2) سورة الحجّ:75. [2]

اَللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ اَللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (1)و أخبر سبحانه أنّه لا يعذّب أحدا ما دام فيهم رسول اللّه و ما داموا يستغفرون اللّه تعالى. (2)

تمّ و للّه الحمد المجلّد الرابع، و يليه المجلّد الخامس بإذنه تعالى

ص:626


1- 1) سورة الانفال:33. [1]
2- 2) الاحتجاج:446 و [2]عنه البحار ج 50/80 ح 6. [3]

فهرست الموضوعات

الموضوع الصفحة المنهج السابع في الإمام السادس أبي عبد اللّه الصادق جعفر بن محمّد ابن علي بن الحسين بن علي أبي طالب عليهم السلام 5

الباب الأوّل في شأنه عليه السلام في الأمر الأوّل 9

الباب الثاني في علّة تسميته عليه السلام بالصادق 11

الباب الثالث في شدّة يقينه عليه السلام و تعظيمه للّه جلّ جلاله و لرسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و خشوعه و خوفه 15

الباب الرابع في أنّ علمه عليه السلام عن اللّه سبحانه، و عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم 21

الباب الخامس في أنّ نشره عليه السلام للعلم و الفتيا بأمر اللّه جلّ جلاله 23

الباب السادس في سعة مجلسه عليه السلام للعلم، و أخذ علماء العامّة منه، و رجوعهم إليه 25

الباب السابع في مجلس له عليه السلام مع أبي حنيفة و غيره من المخالفين 31

الباب الثامن و هو من الباب الأوّل 49

ص:627

الباب التاسع في الرواية عنه عليه السلام بالعدد 55

الباب العاشر في أنّ مجلسه عليه السلام أنبل المجالس 61

الباب الحادي عشر في حلمه و عفوه 67

الباب الثاني عشر في أمره عليه السلام مع المنصور 71

الباب الثالث عشر في ابتلائه عليه السلام بالمرض 79

الباب الرابع عشر في عبادته عليه السلام 83

الباب الخامس عشر في جوده عليه السلام 89

الباب السادس عشر في صدقته عليه السلام، و كيفيّة إعطاء السائل 97

الباب السابع عشر في مطعمه و مشربه عليه السلام 105

الباب الثامن عشر في آداب المائدة من ذكر اللّه تعالى، و غير ذلك 113

الباب التاسع عشر في إكرامه الضيف 119

الباب العشرون في علمه عليه السلام بيده، و تعرّضه للرزق، و حسن تقدير المعيشة 123

الباب الحادي و العشرون في لباسه 131

الباب الثاني و العشرون فيما يقوله عليه السلام من الدعاء عند قراءة القرآن، و عند رؤية هلال شهر رمضان، و عند النوم و الإنتباه، و إذا أصبح، و إذا خرج من المنزل، و غير ذلك 139

الباب الثالث و العشرون فيما يقوله إذا خرج إلى مكّة، و مسحه الحجر، و التزامه الركن، و ما يقوله عند نحر الهدي و في الكعبة و الخروج منها، و عند دخوله على النبي-صلّى اللّه عليه و آله و سلّم-و دعاؤه لزوّار الحسين-عليه السلام- 147

الباب الرابع و العشرون في تعظيم الناس له عليه السلام و قبول شفاعته 153

الباب الخامس و العشرون في الأخذ من الشارب و التمشّط 159

ص:628

الباب السادس و العشرون في الحمّام و عمله فيه و التنوّر، و أخذ الابط 163

الباب السابع و العشرون في أنّه عليه السلام لا تأخذه في اللّه تعالى لومة لائم في إظهار الحقّ 173

الباب الثامن و العشرون في أنّه وصيّ أبيه عليه السلام 179

الباب التاسع و العشرون في صبره و رضائه بقضاء اللّه تعالى بأحسن القبول 183

الباب الثلاثون حديثه مع القدري 187

المنهج الثامن في الامام السابع أبي الحسن الأوّل موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب-عليهم السلام- 191

الباب الأوّل في مولده عليه السلام 193

الباب الثاني في حديثه عليه السلام مع أبي حنيفة مع صغر سنّه 201

الباب الثالث في معرفة الشيعة له لما علموا من غزارة علمه عليه السلام 207

الباب الرابع حديثه مع النصرانيّين و ما في ذلك من سرائر العلوم 217

الباب الخامس حديثه عليه السلام مع الراهب و الراهبة و ما في ذلك من أسرار العلوم 225

الباب السادس حديثه عليه السلام مع شقيق البلخي من طريق الخاصّة و العامّة و ما فيه من العمل الصالح و البرهان الواضح، و هو من مشاهير الأحاديث 233

الباب السابع في عبادته عليه السلام 243

الباب الثامن في جوده عليه السلام و يدرء بالحسنة السيّئة 251

الباب التاسع في مقامات له عليه السلام مع الرشيد 261

الباب العاشر في اعتراف الرشيد لأبي الحسن موسى عليه السلام بالإمامة و الخلافة 277

ص:629

الباب الحادي عشر في منطقه الصادع بالصواب 285

الباب الثاني عشر في أنّه عليه السلام كاظم الغيظ 289

الباب الثالث عشر في قرائته عليه السلام القرآن 293

الباب الرابع عشر في مجلسه و من يجالس 295

الباب الخامس عشر في ورعه عليه السلام 299

الباب السادس عشر في أدعية له عليه السلام 303

الباب السابع عشر في طعامه عليه السلام و إطعامه، و آداب المائدة 307

الباب الثامن عشر في استعماله عليه السلام الطيب 313

الباب التاسع عشر في الخضاب و التمشّط 315

الباب العشرون في الحمّام 317

الباب الحادي و العشرون في عمله عليه السلام بيده و لبسه 319

الباب الثاني و العشرون في أنّه وصيّ أبيه عليهما السلام 321

المنهج التاسع في الإمام الثامن علي بن موسى الرضا بن جعفر ابن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام 333

الباب الأوّل في مولده عليه السلام 335

الباب الثاني في تسميته عليه السلام الرضا 341

الباب الثالث في علمه عليه السلام 343

الباب الرابع في دخوله عليه السلام نيسابور، و لقاء العلماء له و طلبهم منه الحديث، من طرق الخاصّة و العامّة 351

الباب الخامس في عبادته عليه السلام 361

الباب السادس في جوده عليه السلام 373

الباب السابع فيما أعطاه عليه السلام الشعراء من دعبل و غيره 381

ص:630

الباب الثامن في ذكر قصيدة دعبل بطولها 392

الباب التاسع في قصّة دعبل من طريق العامّة 416

الباب العاشر في ذكر العهد من المأمون إلى الإمام أبي الحسن الرضا عليه السلام بخطّهما 425

الباب الحادي عشر في خروجه عليه السلام إلى صلاة العيد 436

الباب الثاني عشر في مقامات له عليه السلام مع المأمون 440

الباب الثالث عشر و هو من الباب الأوّل من طريق الخاصّة و العامّة 453

الباب الرابع عشر في مطعمه عليه السلام 461

الباب الخامس عشر في ملبسه عليه السلام 465

الباب السادس عشر في استعماله عليه السلام الطيب 469

الباب السابع عشر في تواضعه عليه السلام 473

الباب الثامن عشر في ورعه عليه السلام 479

الباب التاسع عشر في أدعية له عليه السلام 481

الباب العشرون في النصّ عليه من أبيه عليهما السلام بالوصاية و الإمامة 487

الباب الحادي و العشرون و هو من الباب الأوّل 507

المنهج العاشر في الإمام التاسع أبي جعفر الجواد محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام 521

الباب الأوّل في مولده عليه السلام 523

الباب الثاني في كلامه عليه السلام طفلا 531

الباب الثالث في أنّه عليه السلام اتي الحكم صبيّا 543

الباب الرابع في حديثه عليه السلام مع يحيى بن أكثم و ما ظهر منه من العلم 553

ص:631

الباب الخامس في جوده عليه السلام 561

الباب السادس في ورعه عليه السلام 565

الباب السابع في حديثه عليه السلام مع المأمون في الطير من طريق الخاصّة و العامّة 567

الباب الثامن في حديثه عليه السلام مع امّ الفضل و زوجته بنت المأمون 571

الباب التاسع في حديثه عليه السلام مع المعتصم و الفقهاء 579

الباب العاشر حديثه عليه السلام مع الشامي 585

الباب الحادي عشر حديثه عليه السلام مع ابن رزين 589

الباب الثاني عشر في كلام له عليه السلام و أحاديث عجاب 593

الباب الثالث عشر في أنّه وصيّ أبيه، و نصّه عليه بالإمامة صلوات اللّه عليهما 603

الباب الرابع عشر في المفردات 617

الباب الخامس عشر في ردّه عليه السلام سؤال ابن أكثم في الأحاديث الموضوعة 623

ص:632

الكتب التي صدرت عن مؤسسة المعارف الإسلاميّة (أ) الكتب العربية 1-معجم أحاديث الإمام المهدي-عليه السلام-: ج 1-5.

2-تبصرة الولي فيمن رأى القائم المهدي-عليه السلام-للسيّد هاشم البحراني.

3-كتاب الغيبة للشيخ الطوسي.

4-حلية الأبرار للسيّد هاشم البحراني: ج 1-4.

5-مدينة معاجز الأئمّة الاثني عشر-عليهم السلام-للسيّد هاشم البحراني: ج 1-3.

6-مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام للشهيد الثاني: ج 1-3.

(ب) الكتب الفارسيّة 1-آنگاه هدايت شدم-ترجمة ثمّ اهتديت-للدكتور التيجاني.

2-همراه با راستگويان-ترجمة لأكون مع الصادقين-للدكتور التيجاني.

3-از آگاهان بپرسيد-ترجمة فاسألوا أهل الذكر-للدكتور التيجاني.

4-پيشينۀ سياسى فكرى وهّابيت-لمحمد إبراهيم الأنصاري اللاري.

5-در جستجوى حقيقت-ترجمة حقيقة الشيعة-للدكتور أسعد وحيد القاسم.

6-خاطرات مدرسه (فارسي) -للسيّد محمد جواد المهري.

ص:633

قيد الطبع 1-مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام للشهيد الثاني: ج 4-5.

2-مدينة معاجز الأئمّة الإثني عشر-عليهم السلام-للسيّد هاشم البحراني: ج 4-5.

3-حلية الأبرار للسيّد هاشم البحراني: ج 5.

قيد التأليف و الإعداد 1-الأحاديث الغيبيّة.

2-النصوص على الأئمة الاثني عشر-عليهم السلام-.

3-فهارس معجم أحاديث الإمام المهدي-عليه السلام-.

4-خطب النبي-صلّى اللّه عليه و آله-.

قيد التحقيق 1-مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام للشهيد الثاني: ج 6.

2-مدينة معاجز الأئمّة الإثني عشر-عليهم السلام-للسيّد هاشم البحراني: ج 6.

ص:634

قيد الترجمة 1-نظرية عدالة الصحابة للمحامي أحمد حسين يعقوب.

2-الشيعة هم أهل السنّة للدكتور التيجاني.

ص:635

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.