حليه الابرار في احوال محمد و آله الاطهار عليهم السلام المجلد 3

اشارة

سرشناسه : بحراني، هاشم بن سليمان، - 1107؟ق

عنوان و نام پديدآور : حليه الابرار في احوال محمد و آله الاطهار عليهم السلام/ تاليف هاشم البحراني؛ تحقيق غلام رضا مولانا البروجردي

مشخصات نشر : قم: موسسه المعارف الاسلاميه، [ 13] - 1415ق. = 1373.

مشخصات ظاهري : ج 5

فروست : (بنياد معارف اسلامي؛ 15، 16)

شابك : بها:5300ريال(ج.4) ؛ بها:5300ريال(ج.4) ؛ بها:5300ريال(ج.4) ؛ بها:5300ريال(ج.4)

وضعيت فهرست نويسي : فهرستنويسي قبلي

يادداشت : فهرستنويسي براساس اطلاعات فيپا.

يادداشت : چاپ اول: 1372؛ 4200 ريال (ج. )3

يادداشت : جلد چهارم (1372)؛ بها: 600 ريال

يادداشت : ج. 1 (چاپ اول: 2200 :1369 ريال)

يادداشت : كتابنامه

موضوع : چهارده معصوم

شناسه افزوده : مولانا بروجردي، غلامرضا، مصحح

شناسه افزوده : بنياد معارف اسلامي

رده بندي كنگره : BP36/ب 3ح 8

رده بندي ديويي : 297/95

شماره كتابشناسي ملي : م 73-3586

ص: 1

اشارة

حليه الابرار في احوال محمد و آله الاطهار عليهم السلام

تاليف هاشم البحراني

تحقيق غلام رضا مولانا البروجردي

ص :2

بسم الله الرحمن الرحیم

ص :3

الحمدلله رب العالمین و الصلاه و السلام علی اشرف الخلق اجمعین محمد و آله الطیبین الطاهرین

ص :4

المنهج الثّالث في الإمام الثّاني أبي محمّد الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهما السلام

اشارة

بسم اللّه الرحمن الرحيم و به نستعين الحمد للّه ربّ العالمين و صلّى اللّه على محمّد و آله الطّاهرين.

امّا بعد فهذا المنهج الثّالث في الإمام الثّاني أبي محمّد الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهما السلام و فيه خمسة عشر بابا.

الباب الأوّل-في شأنه في الأمر الأوّل.

الباب الثاني-في ميلاده عليه السلام.

الباب الثالث-في تسميته بالحسن، و أخيه بالحسين عليهما السّلام من اللّه عزّ و جلّ.

الباب الرابع-في غزارة علمه عليه السلام في صغره.

الباب الخامس-في علمه عليه السلام بما سأله عنه ملك الرّوم.

الباب السادس-في علمه بغوامض العلم و جوابه السديد.

الباب السابع-في معرفته بلغات المدينتين.

الباب الثامن-في جواباته مع أبيه عليه السلام من طريق المخالفين.

الباب التاسع-في عبادته عليه السلام من طريق الخاصّة و العامّة.

الباب العاشر-في جوده عليه السلام من طريق الخاصّة و العامّة.

الباب الحادي عشر-في هيبته في أعين النّاس و سؤدده عليه السلام.

الباب الثاني عشر-في أنّه و أخاه الحسين عليهما السلام يشبهان رسول اللّه

ص:5

صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من طريق الخاصّة و العامّة.

الباب الثالث عشر-في محبّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم له عليه السلام.

الباب الرابع عشر-في النصّ عليه من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بالإمامة و الوصاية في جملة الأئمة الاثنى عشر عليهم السلام.

الباب الخامس عشر-في النصّ عليه من أبيه بالوصاية و الإمامة.

ص:6

الباب الأوّل

في شأنه في الأمر الأوّل

1-السيّد الأجلّ السيّد الرضيّ في كتاب «المناقب الفاخرة في العترة الطّاهرة» قال: قال الأمين أبو عبد اللّه محمّد بن عليّ بن محمّد الجلابي المغازلي، قال: حدّثنا أبي رحمه اللّه، قال: أخبرنا أبو عبد اللّه الحسين (1)بن عليّ، عن عليّ بن محمّد بن مخلّد، عن جعفر بن حفص، عن سواد بن محمّد، عن عبد اللّه ابن نجيح، عن محمّد بن مسلم البطائحي، عن محمّد بن يحيى الأنصاري، عن عمّه حارثة، عن زيد بن عبد اللّه بن مسعود، عن أبيه، قال: دخلت يوما على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقلت: يا رسول اللّه أرني الحقّ حتّى أتّبعه فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا ابن مسعود لج إلى المخدع (2)، فولجت فرأيت أمير المؤمنين عليه السلام راكعا و ساجدا، و هو يقول عقيب صلاته: اللّهمّ بحرمة محمّد عبدك و رسولك اغفر للخاطئين من شيعتي.

قال ابن مسعود: فخرجت لاخبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بذلك، فوجدته راكعا و ساجدا و هو يقول: اللّهمّ بحرمة عبدك عليّ عليه السلام

ص:7


1- 1) في تفسير البرهان: ( [1]أخبرنا أبو عبد اللّه الحسين بن الحسن الدياس) و على أيّ حال ما وجدت ترجمة له، و لا لمن قبله، و لا لمن بعده إلاّ ابن مسعود، و هو أجلى من أن يعرّف.
2- 2) المخدع (بتثليث الميم) : بيت داخل البيت الكبير.

اغفر للعاصين من أمّتي، قال ابن مسعود: فأخذني الهلع (1)، حتّى غشي عليّ فرفع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم رأسه (2)، و قال: يا ابن مسعود أكفر بعد الإيمان (3)؟ فقلت: معاذ اللّه، و لكنّي رأيت عليّا يسأل اللّه تعالى بك، و أنت تسأل اللّه تعالى به.

فقال: يا ابن مسعود إنّ اللّه تعالى خلقني، و عليّا، و الحسن، و الحسين من نور عظمته، قبل الخلق بألفي عام، حين لا تسبيح و لا تقديس، و فتق نوري فخلق منه السّماوات و الأرض، و أنا أفضل من السّماوات و الأرض، و فتق نور عليّ، فخلق منه العرش و الكرسيّ، و عليّ أفضل من العرش و الكرسيّ (4).

و فتق نور الحسن، فخلق منه اللّوح، و القلم، و الحسن أجلّ من اللوح و القلم (5)، و فتق نور الحسين، فخلق منه الجنان، و الحور العين، و الحسين افضل منها (6)، فأظلمت المشارق و المغارب، فشكت الملائكة إلى اللّه عزّ و جلّ الظلمة (7)، و قالت: اللّهمّ بحقّ هؤلاء الاشباح التي خلقت إلاّ ما فرّجت عنّا هذه الظلمة! فخلق (8)اللّه عزّ و جلّ روحا، و قرنها بأخرى، فخلق منها نورا، ثمّ أضاف النور إلى الروح، فخلق منها الزّهراء عليها السلام فمن ذلك سمّيت

ص:8


1- 1) الهلع (بفتح الهاء و العين المهملة) : الجبن.
2- 2) الظاهر أنّ الصواب: فرفع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رأسي.
3- 3) في البرهان: [1] أ كفرا بعد إيمان، و في البحار: أكفر بعد إيمان.
4- 4) في تفسير البرهان: و [2]عليّ أجلّ من العرش و الكرسي، و في البحار: و [3]علي بن أبي طالب و اللّه أفضل من العرش و الكرسي.
5- 5) في البحار: و [4]الحسن و اللّه افضل من اللوح و القلم.
6- 6) في البحار: و [5]الحسين و اللّه أفضل من الحور العين.
7- 7) في البحار: [6] فشكت الملائكة إلى اللّه تعالى أن يكشف عنهم تلك الظلمة.
8- 8) في البحار: [7] فتكلّم اللّه جلّ جلاله كلمة فخلق منها روحا، ثمّ تكلّم بكلمة فخلق من تلك الكلمة نورا، فاضاف النور الى تلك الروح و أقامها مقام العرش فزهرت المشارق و المغارب فهي فاطمة الزهراء، و [8]لذلك سمّيت الزهراء لأنّ نورها زهرت به السماوات.

الزهراء، فأضاء منها المشرق و المغرب.

يا ابن مسعود إذا كان يوم القيامة يقول اللّه عزّ و جلّ لي و لعليّ: أدخلا الجنّة من شئتما، و أدخلا النار من شئتما، و ذلك قول اللّه تعالى: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفّارٍ عَنِيدٍ (1)و الكفّار من جحد نبوّتي، و العنيد من عاند عليّا عليه السلام، و أهل بيته، و شيعته (2).

2-الشّيخ الطّوسي في كتاب «المصباح» ، عن أنس بن مالك، قال:

صلّى بنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في بعض الأيّام، صلاة الفجر.

و ذكر حديثا يدخل في هذا السلك مثله، يأتي إن شاء اللّه تعالى عند ذكر الإمام أبي عبد اللّه الحسين عليه السلام (3).

3-أبو جعفر محمّد بن جرير الطّبري في كتابه، قال: حدّثنا القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريّا بن حميد بن داود الجريري، قال: حدّثنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن أبي الثلج، قال: حدّثنا عيسى بن مهران (4)، قال: حدّثنا منذر السرّاج، قال: حدّثنا إسماعيل بن عليّة قال: أخبرني أسلم بن ميسرة العجلاني، عن سعيد، عن أنس بن مالك، عن معاذ بن جبل (5)أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ خلقني، و عليّا، و فاطمة، و الحسن، و الحسين، قبل أن يخلق الدّنيا بسبعة آلاف عام.

ص:9


1- 1) سورة ق:24. [1]
2- 2) تفسير البرهان ج 4/226، [2]مدينة المعاجز:201 [3] كلاهما للمؤلف. و اخرج نحوه في البحار ج 40/43 ح 81 [4]عن الفضائل [5]لشاذان:128. و الروضة [6]له:18 و في البحار أيضا [7]ج 36/73 ح 24 عن تأويل الآيات ج 2/610 ح 7.
3- 3) مصباح الأنوار:69( [8]مخطوط) . يأتي في المنهج الثالث الباب الأوّل الحديث الأوّل، و له تخريجات نذكرها هناك إن شاء اللّه.
4- 4) عيسى بن مهران: أبو موسى المستعطف البغدادي، ترجمه النجاشي في الرّجال ج 2/150، و ابن حجر في لسان الميزان ج 4/406 رقم 1241.
5- 5) معاذ بن جبل الصحابي الأنصاري الخزرجي المتوفّى بالطاعون سنة (18 ه) .

قلت: فأين كنتم يا رسول اللّه؟ قال: قدّام العرش، نسبّح اللّه، و نحمده، و نقدّسه، و نمجّده، قال: قلت: على أيّ مثال؟ قال: أشباح نور حتى إذا أراد اللّه عزّ و جلّ أن يخلق صورنا، صيّرنا عمود نور، ثمّ قذفنا في صلب آدم، ثمّ أخرجنا إلى أصلاب الآباء، و أرحام الأمّهات، و لا يصيبنا نجس الشّرك، و لا سفاح الكفر، يسعد بنا قوم و يشقى بنا آخرون، فلمّا صيّرنا في صلب عبد المطّلب، أخرج ذلك النور، فشقّه نصفين، فجعل نصفه في عبد اللّه و نصفه في أبي طالب، ثمّ أخرج النّصف الذي لي إلى آمنة، و النصف الآخر إلى فاطمة بنت أسد، فأخرجتني آمنة، و أخرجت فاطمة عليّا عليه السّلام.

ثمّ أعاد اللّه عزّ و جلّ العمود إليّ فخرجت مني فاطمة، ثم أعاد اللّه عزّ و جلّ العمود إليه (1)فخرج منه الحسن و الحسين، يعني النصفين جميعا، فما كان من نور عليّ فصار في ولد الحسن، و ما كان من نوري صار في ولد الحسين، فهو ينتقل في الأئمّة من ولده إلى يوم القيامة (2).

4-و رواه ابن بابويه في «العلل» قال: حدثنا إبراهيم بن هارون الهيتي قال: حدّثنا محمّد بن أحمد بن أبي الثلج، قال: حدّثنا عيسى بن مهران، قال: حدّثنا منذر الشراك، قال: حدّثنا إسماعيل بن عليّة، قال: أخبرني أسلم ابن ميسرة العجلي، عن أنس بن مالك، عن معاذ بن جبل، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ خلقني و عليّا و فاطمة، و الحسن، و الحسين قبل أن يخلق الدنيا بسبعة آلاف عام، قلت: فأين كنتم يا رسول اللّه؟ قال: قدّام العرش، نسبّح اللّه عزّ و جلّ، و نحمده، و نقدّسه، و نمجّده.

قلت: على أيّ مثال؟ قال: أشباح نور، حتّى إذا أراد اللّه عزّ و جلّ أن

ص:10


1- 1) أي إلى عليّ عليه السلام.
2- 2) دلائل الإمامة:59. و أورده المؤلّف قدّس سره أيضا في مدينة المعاجز:203. [1]

يخلق صيّرنا عمود نور، ثمّ قذفنا في صلب آدم، ثم أخرجنا إلى أصلاب الآباء و أرحام الأمّهات، و لا يصيبنا نجس الشّرك و لا سفاح الكفر، يسعد بنا قوم، و يشقى بنا آخرون.

فلمّا صيّرنا إلى صلب عبد المطّلب أخرج ذلك النور فشقّه نصفين، فجعل نصفه في عبد اللّه، و نصفه في أبي طالب، ثمّ أخرج الذي (1)لي إلى آمنة، و النصف الذي لعلي إلى فاطمة بنت أسد، فأخرجتني آمنة، و أخرجت فاطمة عليّا، ثمّ أعاد اللّه عزّ و جلّ العمود إليّ فخرجت منّي فاطمة، ثمّ أعاد اللّه عزّ و جلّ العمود إلى عليّ عليه السلام فخرج منه الحسن و الحسين «يعني من النّصفين جميعا» فما كان من نور عليّ صار في ولد الحسن، و ما كان من نوري صار في ولد الحسين، فهو ينتقل في الأئمّة من ولده إلى يوم القيامة (2).

5-الشيخ أبو جعفر الطوسي، عن رجاله، عن الفضل بن شاذان، ذكره في كتاب «مسائل البلدان» يرفعه إلى سلمان الفارسي رضي اللّه عنه، قال دخلت على فاطمة عليها السلام و الحسن و الحسين يلعبان بين يديها، ففرحت بهما فرحا شديدا، فلم ألبث حتّى دخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فقلت: يا رسول اللّه أخبرني بفضيلة هؤلاء لأزداد لهم حبّا فقال: يا سلمان ليلة أسري بي إلى السّماء، و أدارني جبرائيل في سماواته و جنانه، فبينما أنا أدور في قصورها، و بساتينها، و مقاصيرها إذ شممت رائحة طيّبة فأعجبتني تلك الرّائحة فقلت: يا حبيبي ما هذه الرائحة التي غلبت على رائحة (3)الجنّة كلها؟ فقال:

يا محمّد تفّاحة خلقها اللّه تبارك و تعالى بيده، منذ ثلاثمائة الف عام، ما ندري ما يريد بها.

ص:11


1- 1) في المصدر: ثمّ أخرج النصف الذي لي. . .
2- 2) علل الشرائع:208 ح 11، و [1]عنه البحار [2]ج 15/7 ح 7-و ج 35/34 ح 32-و أورده المؤلّف أيضا في مدينة المعاجز:203 ذيل ح 5. [3]
3- 3) في المصدر و البحار: [4] غلبت على روائح الجنة كلّها.

فبينما أنا كذلك إذ رأيت ملائكة، و معهم تلك التّفاحة، فقالوا: يا محمّد ربّنا السّلام يقرأ عليك السّلام، و قد أتحفك بهذه التّفاحة، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: فأخذت تلك التّفاحة، فوضعتها تحت جناح جبرئيل عليه السلام، فلمّا هبط بي إلى الأرض أكلت تلك التّفاحة، فجمع اللّه ماءها في ظهري، فغشيت خديجة بنت خويلد، فحملت بفاطمة عليها السلام من ماء التّفاحة، فأوحى اللّه عزّ و جلّ إليّ أن قد ولد لك حوراء إنسيّة، فزوّج النّور من النّور، فاطمة من عليّ، فإني قد زوّجتهما في الجنة (1)، و جعلت خمس الأرض مهرها، و ستخرج فيما بينهما ذريّة طيّبة، و هما (2)سراجا أهل الجنّة الحسن و الحسين (3)، و أئمة يقتلون، و يخذلون، فالويل لقاتلهم، و خاذلهم (4).

و قد تقدّم من ذلك في أول المنهج الأوّل و الثاني، و يأتي من ذلك في أوّل المنهج الرابع، عند ذكر أبي عبد اللّه الحسين عليه السلام.

ص:12


1- 1) في البحار و [1]المصدر: قد زوّجتها في السماء.
2- 2) هكذا في المصدر و البحار: و [2]لكن الظاهر كما استظهره في ذيل تأويل الآيات: الحسن و الحسين و هما سراجا الجنّة.
3- 3) في المصدر و البحار: و [3]يخرج من صلب الحسين عليه السلام أئمّة.
4- 4) تأويل الآيات ج 1/236 ح 16-و البحار ج 36/361 ح 232 [4] عن الكنز و أورده المؤلّف أيضا في مدينة المعاجز:202 و 233 [5] عن تأويل الآيات.

الباب الثاني

في ميلاده عليه السلام

1-السيّد المرتضى في «عيون المعجزات» قال: قام المولى أبو محمّد صلوات اللّه عليه بأمر اللّه و اتّبعه المؤمنون، و كان مولده بعد مبعث رسول اللّه بخمس عشرة سنة و أشهر، و ولدت فاطمة عليها السلام أبا محمّد عليه السلام و لها أحد عشر سنة كاملة، و كانت ولادته مثل ولادة جدّه و أبيه صلّى اللّه عليهما و آلهما، و كان طاهرا مطهّرا، يسبّح و يهلّل في حال ولادته، و يقرأ القرآن، على ما رواه أصحاب الحديث عن رسول اللّه أنّ جبرائيل ناغاه (1).

2-ثم قال السيّد: و روي أنّ فاطمة عليها السلام ولدت الحسن و الحسين من فخذها الأيسر.

قال: و روي أنّ مريم عليها السلام ولدت المسيح عليه السلام من فخذها الأيمن، قال: و حديث هذه الحكاية في كتاب «الأنوار» و في كتب كثيرة (2).

ص:13


1- 1) عيون المعجزات:59. [1]
2- 2) بحار الأنوار ج 43/256 ح 34-و [2]عوالم العلوم ج 16/19 ح 6 كلاهما عن عيون المعجزات. [3]

ص:14

الباب الثالث

في أنّ تسميته بالحسن عليه السلام و أخاه بالحسين عليه السلام من

اللّه عزّ و جلّ

1-ابن بابويه، قال: حدّثنا الحسن بن محمّد بن سعيد الهاشميّ الكوفي قال: حدّثنا فرات بن إبراهيم الكوفي، قال: حدّثنا الحسن بن عليّ الزعفراني (1)، قال: حدّثنا سهل بن بشّار (2)، قال: حدّثنا أبو جعفر محمّد بن عليّ الطائفي (3)، قال: حدّثنا محمّد بن عبد اللّه، مولى بني هاشم، عن محمّد ابن إسحاق، عن الواقدي، عن الهذيل (4)، عن مكحول (5)، عن طاوس (6)عن ابن عبّاس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لعليّ بن أبي طالب عليه السلام: لمّا خلق اللّه عزّ ذكره آدم عليه السلام، و نفخ فيه من روحه،

ص:15


1- 1) في المصدر: فرات بن إبراهيم الكوفي قال: حدثنا الحسن بن علي بن الحسين بن محمد، قال: حدّثنا إبراهيم بن الفضل بن جعفر بن علي بن إبراهيم بن سليمان بن عبد اللّه بن العبّاس، قال: حدثنا الحسن بن علي الزعفراني. . . .
2- 2) في بعض النسخ: سهل بن يسار.
3- 3) في المصدر: الطالقاني.
4- 4) في بعض النسخ: الهذيلي، و الهذلي.
5- 5) مكحول: بن أبي مسلم شهراب بن شاذل الهذلي بالولاء كان فقيه الشام في عصره توفي بدمشق سنة (112 ه) .
6- 6) طاوس: بن كيسان الخولاني التابعي المتوفّى سنة (106 ه) .

و أسجد له ملائكته و أسكنه جنّته و زوّجه حواء أمته، فرفع طرفه نحو العرش، فإذا هو بخمسة سطور مكتوبات.

قال آدم عليه السلام: يا ربّ بحقّ قدرهم عندك ما اسمهم؟ فقال عزّ و جلّ:

أمّا الأوّل فأنا المحمود، و هو محمّد.

و أما الثّاني فأنا العالي، و هذا عليّ.

و أما الثّالث فأنا فاطر السماوات، و هذه فاطمة.

و أمّا الرابع فأنا المحسن، و هذا حسن.

و أمّا الخامس فإنّي ذو الإحسان، و هذا الحسين، كلّ يحمد اللّه عزّ و جلّ (1).

2-و عنه، قال: حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان، قال: حدّثنا أبو سعيد الحسن بن عليّ بن الحسين السكري (2)، قال: حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن زكريّا ابن دينار الغلابي، قال: حدّثنا عليّ بن حكيم، قال: حدّثنا الربيع بن عبد اللّه، عن عبد اللّه بن الحسن، عن محمّد بن عليّ، عن أبيه عليهما السلام عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري.

قال الغلاّبي: و حدّثني شعيب بن واقد، قال: حدّثني إسحاق بن جعفر ابن محمّد بن عيسى (3)، عن الحسين بن زيد عن زيد بن عليّ، عن أبيه عليّ عليه السلام، عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري.

ص:16


1- 1) معاني الأخبار:56 ح 5 و عنه البحار 15/14 ح 18 و [1]يأتي في الباب الرابع من المنهج الثالث.
2- 2) الصواب: أبو سعيد الحسن بن الحسين بن عبيد اللّه السكري، كان من اللغويّين و النّحاة في القرن الثالث، و انتشر عنه من كتب الأدب ما لم ينتشر عن أحد من نظائره، توفّي سنة (275) أو سنة (295) -بغية الوعاة:218-. [2]
3- 3) إسحاق بن جعفر بن محمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين عليهما السلام.

قال الغلابي: حدّثنا العبّاس بن بكّار، قال: حدّثنا حرب بن ميمون (1)عن أبي حمزة الثمالي، عن زيد بن عليّ، عن أبيه عليه السلام، قال: لمّا ولدت فاطمة الحسن عليه السلام قالت لعلي: سمّه، قال: ما كنت لأسبق باسمه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فجاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فاخرج إليه في خرقة صفراء، فقال: أ لم أنهكم أن تلفّوه في صفراء، ثم رمى بها و أخذ خرقة بيضاء فلفّه فيها.

ثم قال لعليّ عليه السلام: هل سمّيته؟ فقال عليه السلام: ما كنت لأسبقك باسمه، فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: و ما كنت لأسبق باسمه ربّي عزّ و جلّ فأوحى اللّه عزّ و جلّ إلى جبرائيل: أنّه ولد لمحمّد ابن فاهبط فأقرأه السلام و هنّئه، و قل له: إنّ عليّا منك بمنزلة هارون من موسى، فسمّه باسم ابن هارون، فهبط جبرئيل فهنّأه من اللّه تعالى، ثمّ قال: إنّ اللّه جلّ جلاله يأمرك أن تسمّيه باسم ابن هارون، قال: و ما كان اسمه؟ قال: شبّر (2)قال: لساني عربيّ قال: سمّه الحسن، فسمّاه الحسن.

فلما ولد الحسين عليه السلام أوحى اللّه جلّ ذكره إلى جبرائيل أنّه ولد لمحمّد ابن فاهبط إليه و هنّئه و قل له: إنّ عليا منك بمنزلة هارون من موسى، فسمّه باسم ابن هارون فهبط جبرائيل عليه السلام فهنّأه من اللّه تعالى، ثمّ قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ يأمرك أن تسمّيه باسم ابن هارون فقال: و ما كان اسمه؟ قال:

شبير، قال: لساني عربيّ، قال: سمّه الحسين عليه السلام (3).

ص:17


1- 1) حرب بن ميمون: مشترك بين اثنين كلاهما من رجال العامّة، أحدهما: أبو الخطّاب الأنصاري البصريّ مولى النضر بن أنس بن مالك، و الثاني: أبو عبد الرحمن العبدي العابد البصري المعروف بصاحب الأغمية، المتوفّى سنة بضع و ثمانين و مائة، و الظاهر أنّه المراد في هذا السند.
2- 2) قال في البحار [1]في ذيل الحديث: بيان: قال الفيروزآبادي: شبّر كبقّم و شبّير كقمّير و مشبّر كمحدّث أبناء هارون عليه السلام، و بأسمائهم سمّى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الحسن و الحسين و المحسّن.
3- 3) علل الشرائع:137 ح 5، [2]أمالي الصدوق:116 ح 3 و [3]عنهما البحار ج 43/238 ح 3- [4]

3-و بهذا الاسناد عن الغلابي، قال: حدّثنا العبّاس بن بكّار، قال:

حدّثنا حرب بن ميمون، عن محمّد بن عليّ بن عبد اللّه بن عباس (1)، عن أبيه عن جدّه عبد اللّه بن عبّاس قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا فاطمة اسم الحسن و الحسين في ابني هارون: شبر و شبير لكرامتهما على اللّه عزّ و جلّ 2.

4-و عنه بهذا الإسناد، عن العبّاس بن بكّار، قال: حدّثنا عبّاد بن كثير 3، و أبو بكر الهذلي 4، عن ابن الزّبير، عن جابر قال: لمّا حملت فاطمة عليها السلام بالحسن فولدت، و قد كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أمرهم أن يلفّوه في خرقة بيضاء، فلفّوه في صفراء، و قالت فاطمة: يا عليّ سمّه فقال:

ما كنت لأسبق باسمه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فجاء النبيّ فأخذه، و قبّله، و أدخل لسانه في فيه، فجعل الحسن عليه السلام يمصّه.

ثم قال لهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أ لم أتقدّم إليكم أن لا تلفّوه في خرقة صفراء فدعا بخرقة بيضاء فلفّه فيها، و رمى بالصفراء، و أذّن في أذنه اليمنى، و أقام في اليسرى، ثمّ قال لعليّ عليه السلام: ما سميته؟ قال: ما كنت لأسبقك باسمه، فأوحى اللّه عزّ و جلّ إلى جبرائيل عليه السلام أنّه قد ولد لمحمّد ابن فاهبط إليه و اقرأه السلام، و هنّئه منيّ و منك، و قل له: إنّ عليّا منك بمنزلة هارون من موسى، فسمّه باسم ابن هارون، فهبط جبرئيل فهنّأه من اللّه تعالى، ثمّ قال: إنّ اللّه جلّ جلاله يأمرك أن تسمّيه باسم ابن هارون، قال:

ص:18


1- 1) محمد بن علي بن عبد الل [1]ّه بن عبّاس بن عبد المطلب [2] المتوفّى سنة (125 ه) ، هو أول من قام بالدعوة العبّاسية، كان والد السفّاح و المنصور.

ما كان اسمه؟ قال: شبّر، قال: لساني عربيّ، قال: سمّه الحسن، فسمّاه الحسن.

فلمّا ولد الحسين عليه السلام جاء إليهم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ففعل به كما فعل بالحسن عليه السلام و هبط جبرائيل على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فقال: إنّ اللّه عزّ و جلّ يقرئك السلام، و يقول لك: إنّ عليّا منك بمنزلة هارون من موسى، فسمّه باسم ابن هارون، قال: و ما كان اسمه؟ قال شبيرا قال: لساني عربيّ، قال: فسمّه الحسين، فسمّاه الحسين (1).

5-و عنه، بهذا الإسناد عن الغلابي، قال: حدّثنا الحكم بن أسلم (2)، قال: حدّثنا وكيع، عن الأعمش، عن سالم، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّي سمّيت ابنيّ هذين باسم ابني هارون: شبّر، و شبير (3).

6-و عنه، قال: حدّثنا الحسن بن محمّد بن يحيى العلوي (4)رحمه اللّه، قال: حدّثني جدّي، قال: حدّثني أحمد بن صالح التميمي (5)، قال: حدّثنا عبد اللّه بن عيسى (6)، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه عليهما السلام، قال:

أهدى جبرئيل إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم اسم الحسن بن عليّ عليهما السلام، و خرقة حرير من ثياب الجنّة و اشتقّ اسم الحسين من اسم الحسن عليهما

ص:19


1- 1) علل الشرائع:138 ح 7 و [1]معاني الأخبار:57 ح 6 و عنهما البحار ج 43/240 ح 8. [2]
2- 2) الحكم بن أسلم: بن سليمان الحجبي أبو معاذ القرشي البصري له ترجمة في «الجرح و التعديل» للرازي ج 3/114.
3- 3) علل الشرائع:138 ح 8 و [3]عنه البحار ج 43/241 ح 9. [4]
4- 4) العلوي: [5] الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد اللّه بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، توفّي سنة (358 ه) ، و كان معروفا ب(ابن أخي طاهر) -رجال النجاشي ج 1/182-.
5- 5) أحمد بن صالح التميمي: ذكره الصدوق في المشيخة في طريقه إلى ما كان فيه عن حماد بن عمر و أنس بن محمد أبي مالك-معجم رجال الحديث ج 2/126-. [6]
6- 6) عبد اللّه بن عيسى: الخثعمي الكوفي كان من أصحاب الصادق كما في رجال الشيخ (50) .

السلام (1).

7-و عنه، قال: حدّثنا الحسن بن محمّد بن يحيى العلوي رحمه اللّه، قال حدّثنا جدّي، قال: حدّثنا داود بن القاسم (2)، قال: أخبرنا عيسى، قال:

أخبرنا يوسف بن يعقوب، قال: حدّثنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار (3)، عن عكرمة، قال: لمّا ولدت فاطمة عليها السلام الحسن جاءت به إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فسمّاه حسنا فلمّا ولدت الحسين عليه السلام جاءت به إليه فقالت: يا رسول اللّه هذا أحسن من هذا فسمّاه حسينا (4).

8-و من طريق المخالفين ما رواه أبو الحسن محمّد بن أحمد بن شاذان، يرفعه إلى جابر بن عبد اللّه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: سمّي الحسن حسنا لأنّ بإحسان اللّه قامت السّماوات و الأرض، و الحسن مشتقّ من الإحسان، و عليّ و الحسن اسمان من أسماء اللّه تعالى، و الحسين تصغير الحسن (5).

ص:20


1- 1) علل الشرائع:139 ح 9- [1]معاني الأخبار:58 ح 8-و عنهما البحار ج 43/241 ح 11. [2]
2- 2) داود بن القاسم بن إسحاق بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب عليه السلام أبو هاشم الجعفري رحمه اللّه، كان عظيم المنزلة عند الأئمة عليهم السلام، و قد شاهد الرضا و الجواد و الهادي و العسكري و صاحب الأمر عليهم السلام، ذكره الخطيب في تاريخه ج 8 رقم 4471، لاحظ تفصيل ترجمته في «تنقيح المقال» ج 1/412. [3]
3- 3) عمرو بن دينار: أبو محمد المكي المقري مولى باذام، روى القراءة عن ابن عبّاس، توفّي سنة: (126 ه) -غاية النهاية ج 1/600-. [4]
4- 4) علل الشرائع:139 ح 10- [5]معاني الاخبار:57 ح 7 و عنهما البحار ج 43/242 ح 12. [6]
5- 5) مائة منقبة:21 ح 3 و [7]أورده المصنّف أيضا في مدينة المعاجز:202 ح 4 و ص 237 ح 8 و [8]أخرجه في البحار ج 43/252 ذيل ح 30 و [9]العوالم في حياة الامام الحسن عليه السلام:25 ذيل ح 5 [10]عن مناقب ابن شهر اشوب ج 3/398. [11]

الباب الرابع

في غزارة علمه في صغره عليه السلام

1-كتاب «ثاقب المناقب» عن الباقر عليه السلام عن آبائه صلوات اللّه عليهم، عن حذيفة، قال: بينا رسول صلّى اللّه عليه و آله على جبل احد في جماعة من المهاجرين و الأنصار إذ أقبل الحسن بن عليّ عليه السلام يمشي على هدوء و وقار فنظر إليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فرمقه (1)من كان معه، فقال له بلال: يا رسول اللّه أ ما ترى أخذه؟ فقال صلوات اللّه عليه و آله: إنّ جبرئيل يهديه، و ميكائيل يسدّده، و هو ولدي، و الطاهر من نفسي، و ضلع من أضلاعي و هذا سبطي، و قرّة عيني، بأبي هو، و قام و قمنا معه، و هو يقول: أنت تفّاحتي و أنت حبيبي، و مهجة قلبي، و أخذ بيده، و نحن نمشي حتّى جلس و جلسنا حوله، فنظرنا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هو لا يرفع بصره عنه.

ثم قال: إنّه سيكون بعدي هاديا مهديا هذا هديّة من ربّ العالمين لي ينبئ عنّي، و يعرّف الناس آثاري، و يحيي سنّتي، و يتولّى أموري في فعله، ينظر اللّه إليه و يرحمه، رحم اللّه من عرف ذلك، و برّني و أكرمني فيه.

فما قطع كلامه صلوات اللّه عليه و آله حتّى أقبل علينا أعرابيّ يجرّ هراوة (2)له

ص:21


1- 1) رمقه: أطال النظر إليه.
2- 2) الهراوة (بكسر الهاء) : العصا الضخمة.

فلمّا نظر إليه صلوات اللّه عليه و آله قال: قد جاءكم رجل يتكلّم بكلام غليظ تقشعرّ منه جلودكم، و إنّه ليسألكم عن امور إلاّ أنّ لكلامه جفوة، فجاء الأعرابي فلم يسلّم، فقال: أيّكم محمّد؟ قلنا: و ما تريد؟ فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

مهلا، فقال: يا محمّد لقد كنت ابغضك و لم ارك، و الآن قد ازددت بغضا.

فتبسّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و غضبنا لذلك، فأردنا الأعرابيّ إرادة، فأومى إلينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أن أمسكوا (1)فقال الأعرابي إنّك تزعم أنّك نبيّ و أنّك قد كذبت على الأنبياء، و ما معك من دلالتهم شيء (2)قال له: يا أعرابي و ما يدريك؟ قال: فخبّرني ببراهينك.

قال: إن أحببت اخبرك كيف خرجت، و كيف كنت في نادي قومك؟ و إن أردت أخبرك عضو منّي فيكون ذلك أوكد لبرهاني؟ قال: أو يتكلّم العضو قال: نعم، يا حسن قم، فازدرى الأعرابي نفسه (3)و قال: يأتي و هو صبيّ يكلّمني (4)؟ ! قال: إنّك ستجده عالما بما تريد، فابتدره الحسن عليه السلام و قال مهلا يا أعرابيّ.

ما غبيّا سألت و ابن غبيّ بل فقيها إذن و أنت الجهول

فإن تك قد جهلت فإنّ عندي شفاء الجهل ما سأل السئول

و بحرا لا تقسّمه الدوالي تراثا كان أورثه الرسول

لقد بسطت لسانك، و عدوت طورك، و خادعك نفسك، غير أنّك لا تبرح حتى تؤمن إن شاء اللّه تعالى، فتبسّم الأعرابي، و قال: هيه (5).

ص:22


1- 1) في البحار: [1] أن أسكتوا.
2- 2) في البحار: و [2]ما معك من برهانك شيء.
3- 3) أي احتقره الأعرابي لصغر سنّه.
4- 4) في البحار: و [3]قال: هو ما يأتي و يقيم صبيّا ليكلّمني.
5- 5) هيه: كلمة تقال لشيء يطرد، و هي أيضا كلمة استزادة.

فقال الحسن صلوات اللّه عليه: نعم قد اجتمعتم في نادي قومك، و تذاكرتم ما جرى بينكم على جهل و خرق منكم، و زعمتم أنّ محمّدا صنبور (1)، و العرب قاطبة تبغضه، و لا طالب له بثاره، و زعمت أنّك قاتله، و كاف قومك مئونته (2)فحملت نفسك على ذلك، و قد أخذت قناتك بيدك و ترومه (3)و تريد قتله فعسر عليك مسلكك، و عمي عليك بصرك، و أتيت إلى ذلك (4)و أتيتنا خوفا من أن نستهزئ بك (5).

و إنّما جئت لخير يراد بك، انبئك عن سفرك، خرجت في ليلة صحياء إذ عصفت ريح شديدة اشتدّ منها ظلماؤها، و أطبقت سماؤها، و أعصر سحابها، و بقيت متجرما (6)كالأشقر (7)إن تقدّم نحر، و إن تأخّر عقر، لا يسمع لواطئ حسّا، و لا لنافخ نار خرسا، تداكّت (8)عليك غيومها، و توارت عنك نجومها، فلا تهتدي بنجم طالع، و لا بعلم لامع، تقطع محجة، و تهبط لجّة بعد لجّة في ديمومة قفر، بعيدة القعر، مجحفة بالسفر، إذا علوت مصعدا ازددت بعدا، الريح تخطفك، و الشوك تخبطك، في ريح عاصف، و برق خاطف، قد أوحشتك قفارها (9)و قطعك سلامها، فانصرفت (10)فإذا أنت عندنا، فقرّت عينك و ظهرت زينتك، و ذهب أنينك.

ص:23


1- 1) أي أبتر لا عقب له.
2- 2) في البحار: و [1]كان في قومك مئونته.
3- 3) في البحار: [2] تؤمّه.
4- 4) في البحار: و [3]أبيت إلاّ ذلك.
5- 5) في البحار: [4] فأتيتنا خوفا من أن يشتهر.
6- 6) في البحار: [5] فبقيت محرنجما، (أي منصرفا عمّا أردته) .
7- 7) الأشقر: الأحمر من الإبل.
8- 8) في البحار: [6] تراكمت.
9- 9) في البحار: [7] قد اوحشتك آكامها.
10- 10) في البحار: [8] فابصرت.

قال: من أين قلت يا غلام هذا؟ كأنّك قد كشفت عن سويداء قلبي، و كأنّك كنت شاهدي و ما خفي عليك شيء من أمري، و كأنّك عالم الغيب، يا غلام لقّني الإسلام، فقال الحسن صلوات اللّه عليه: اللّه أكبر، قل: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له و أنّ محمّدا عبده و رسوله، فأسلم و حسن إسلامه و سرّ رسول اللّه، و سرّ المسلمون، و علّمه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم شيئا من القرآن، فقال: يا رسول اللّه أرجع إلى قومي و اعرّفهم ذلك؟ فأذن له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فانصرف، ثم رجع و معه جماعة من قومه، فدخلوا في الإسلام، و كان الحسن صلوات اللّه عليه إذا نظر إليه الناس قالوا:

لقد أعطي هذا ما لم يعط أحدا من العالمين (1).

2-الطّبرسي في «الاحتجاج» قال: روى محمّد بن قيس، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام قال: بينا أمير المؤمنين عليه السلام في الرحبة، و الناس عليه متراكمون، فمن بين مستفت، و من بين مستعدّ، إذ قام إليه رجل فقال: السّلام عليك يا أمير المؤمنين و رحمة اللّه و بركاته، فقال: و عليك السلام و رحمة اللّه و بركاته من أنت؟ فقال: أنا رجل من رعيّتك و أهل بلادك، فقال ما أنت من رعيّتي و أهل بلادي، و لو سلّمت عليّ يوما واحدا ما خفيت عليّ، فقال الأمان يا أمير المؤمنين، فقال: هل أحدثت منذ دخلت مصري هذا؟ قال:

لا، قال: فلعلك من رجال الحرب؟ قال: نعم قال: إذا وضعت الحرب أوزارها فلا بأس، فقال: أنا رجل بعثني إليك معاوية متغفّلا لك، أسألك عن شيء بعث به ابن الأصفر إليه، فقال له: إن كنت أحقّ بهذا الأمر و الخليفة بعد محمّد فأجبني عمّا أسألك، فإنّك إذا فعلت ذلك اتّبعتك، و بعثت إليك بالجائزة فلم يكن عنده جواب، و قد أقلقه ذلك، و بعثني إليك لأسألك عنها.

فقال أمير المؤمنين عليه السلام: قاتل اللّه ابن آكلة الأكباد ما أضلّه و أعماه

ص:24


1- 1) ثاقب المناقب:316 و أخرج نحوه في البحار ج 43/333 ح 5 [1] عن العدد القويّة:42 ح 60.

و من معه، حكم اللّه بيني و بين هذه الأمّة، قطعوا رحمي، و أضاعوا أيّامي، و دفعوا حقّي، و صغّروا عظيم منزلتي، و أجمعوا على منازعتي، يا قنبر عليّ بالحسن و الحسين و محمّد، فأحضروا، فقال: يا شامي هذان ابنا رسول اللّه، و هذا ابني فسل أيّهم أحببت، فقال: أسأل ذا الوفرة، يعني الحسن بن عليّ عليه السلام.

فقال له الحسن عليه السلام: سلني عمّا بدا لك، فقال الشامي: كم بين الحقّ و الباطل؟ و كم بين السماء و الأرض، و كم بين المشرق و المغرب؟ و ما قوس قزح؟ و ما العين الّتي تأوي إليها أرواح المشركين؟ و ما العين الّتي تأوي إليها أرواح المؤمنين؟ و ما المؤنث؟ و ما عشرة أشياء بعضها أشدّ من بعض؟

فقال الحسن عليه السلام: بين الحقّ و الباطل أربع أصابع، فما رأيته بعينك فهو الحقّ، و قد تسمع بأذنيك باطلا كثيرا، فقال الشامي: صدقت.

و قال: بين السماء و الأرض دعوة المظلوم و مدّ البصر، فمن قال لك: غير هذا فكذّبه، قال: صدقت يا ابن رسول اللّه.

و قال: و بين المشرق و المغرب مسيرة يوم للشّمس، تنظر إليها حين تطلع من مشرقها، و تنظر إليها حين تغيب من مغربها (1).

قال الشامي: صدقت فما قوس قزح؟ قال: و يحك لا تقل: قوس قزح فإن قزح اسم الشيطان، و هو قوس اللّه، و هذه علامة الخصب، و أمان لأهل الأرض من الغرق.

و امّا العين التي تأوي إليها أرواح المشركين، فهي عين يقال لها: برهوت.

و أمّا العين التي تأوي إليها أرواح المؤمنين، فهي عين يقال لها: سلمى.

و أمّا المؤنّث فهو الذي لا يدرى أذكر أم انثى، فإنّه ينتظر به فإن كان ذكرا احتلم، و إن كان أنثى حاضت و بدا ثديها، و إلاّ قيل له: بل على الحائط، فإن أصاب بوله الحائط فهو ذكر، و إن انتكص بوله كما ينتكص بول البعير فهي امرأة.

ص:25


1- 1) في الاحتجاج: [1] في مغربها.

و أمّا عشرة أشياء بعضها أشدّ من بعض، فأشدّ شيء خلقه اللّه الحجر، و أشدّ من الحجر الحديد يقطع به الحجر، و أشدّ من الحديد النّار تذيب الحديد، و أشدّ من النّار الماء يطفئ النّار، و أشدّ من الماء السحاب يحمل الماء، و أشد من السّحاب الرّيح تحمل السحاب، و أشدّ من الرّيح الملك الذي يرسلها، و أشدّ من الملك ملك الموت الذي يميت الملك، و أشدّ من ملك الموت الموت الذي يميت ملك الموت، و أشد من الموت أمر اللّه الذي يميت الموت.

فقال الشامي: أشهد أنّك ابن رسول اللّه حقّا، و أنّ عليّا أولى بالأمر من معاوية، ثمّ كتب هذه الجوابات، و ذهب بها إلى معاوية، فبعثها معاوية إلى ابن الأصفر.

فكتب إليه ابن الأصفر: يا معاوية تكلّمني بغير كلامك، و تجيبني بغير جوابك؟ اقسم بالمسيح ما هذا جوابك! و ما هو إلاّ من معدن النّبوة، و موضع الرسالة، و أمّا أنت فلو سألتني درهما ما أعطيتك (1).

ص:26


1- 1) الاحتجاج 1/267 و [1]عنه البحار ج 10/129 ح 1 و [2]عن الخصال:440 ح 33 و روضة الواعظين 45-46 و أخرجه في البحار أيضا [3]ج 43/325 ح 5 عن الخرائج مختصرا ج 2/572 ح 2.

الباب الخامس

في علمه عليه السلام بما سأله عنه ملك الروم

1-عليّ بن إبراهيم بن هاشم، في تفسيره قال: حدّثني الحسين بن عبد اللّه السكيني، عن أبي سعيد البجلي، عن عبد الملك بن هارون، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، عن آبائه عليهم السلام، قال: لمّا بلغ أمير المؤمنين أمر معاوية، و إنّه في مائة ألف، قال: من أيّ القوم؟ قالوا: من أهل الشام، قال: لا تقولوا من أهل الشام، و لكن قولوا: من أهل الشوم، من أهل مصر لعنوا على لسان داود (1)، فجعل اللّه منهم القردة و الخنازير.

ثمّ كتب عليه السلام إلى معاوية: لا تقتل الناس بيني و بينك، و لكن هلّم إلى المبارزة فإن أنا قتلتك فإلى النار أنت، و تستريح الناس منك و من ضلالتك، و إن أنت قتلتني فأنا في الجنة، و يغمد عنك السّيف الذي لا يسعني غمده حتى أردّ مكرك و خديعتك و بدعتك، و أنا الذي ذكر اللّه اسمه في التوراة، و الانجيل بموازرة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أنا أوّل من بايع رسول اللّه تحت الشجرة في قوله تعالى لَقَدْ رَضِيَ اَللّهُ عَنِ اَلْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ اَلشَّجَرَةِ (2)فلمّا قرأ معاوية كتابه عليه السلام، و عنده جلساؤه، قالوا: قد و اللّه

ص:27


1- 1) في المصدر: من أبناء مضر.
2- 2) الفتح:18. [1]

أنصفك، قال معاوية: و اللّه ما أنصفني، و اللّه لأرمينّه بمائة ألف سيف من أهل الشام، من قبل أن يصل إليّ، و اللّه ما أنا من رجاله، و لقد سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: و اللّه يا عليّ لو بارزك أهل المشرق و المغرب لقتلتهم أجمعين.

فقال رجل من القوم: فما يحملك يا معاوية على قتال من تعلم و تخبر فيه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بما تخبر؟ ما أنت و نحن في قتاله إلاّ على الضلالة، فقال معاوية: إنّما هذا بلاغ من اللّه و رسالاته، و اللّه ما أستطيع أنا و أصحابي ردّ ذلك حتّى يكون ما هو كائن.

قال: و بلغ ذلك ملك الروم، و أخبر أنّ رجلين قد خرجا يطلبان الملك، فقال: من أين خرجا؟ فقيل له: رجل بالكوفة، و رجل بالشام، قال: و أمر الملك وزراءه، فقال: تخلّلوا هل تصيبون التّجار من المغرب من يصفهما لي؟ فاتي برجلين من تجّار الشام، و رجلين من تجّار مكة، فسألهم عن صفتهما فوصفاهما له.

ثمّ قال لخزّان بيوت خزائنه: أخرجوا إليّ الأصنام، فأخرجوها، فنظر إليها، فقال: الشّاميّ ضالّ، و الكوفيّ هاد.

ثم كتب الى معاوية: أن ابعث إليّ أعلم أهل بيتك، و كتب إلى أمير المؤمنين أن ابعث إليّ أعلم أهل بيتك، فأسمع منهما، ثمّ أنظر في الإنجيل كتابنا ثمّ أخبركما بمن هو أحقّ بهذا الأمر و خشي على ملكه، فبعث معاوية يزيد ابنه و بعث أمير المؤمنين عليه السلام الحسن ابنه.

فلما دخل يزيد على الملك أخذ بيده و قبّلها ثمّ قبّل رأسه.

ثم دخل عليه الحسن بن علي، فقال: الحمد للّه الذي لم يجعلني يهوديّا، و لا نصرانيّا و لا مجوسيّا، و لا عابدا للشمس، و لا للقمر، و لا للصنم، و لا للبقر و جعلني حنيفا مسلما، و لم يجعلني من المشركين، و تبارك اللّه ربّ العرش العظيم و الحمد للّه ربّ العالمين، ثم جلس لا يرفع بصره.

ص:28

فلما نظر ملك الروم إلى الرّجلين أخرجهما ثمّ فرّق بينهما، ثمّ بعث إلى يزيد و أحضره، ثمّ أخرج من خزائنه ثلاثمائة و ثلاثة عشر صندوقا، فيها تماثيل الأنبياء عليهم السلام و قد زيّنت بزينة، كلّ نبيّ مرسل، فأخرج صنما، فعرضه على يزيد فلم يعرفه، ثمّ عرض عليه صنما صنما، فلا يعرف منها شيئا، و لا يجيب منها بشيء.

ثمّ سأله عن أرزق الخلائق، و عن أرواح المؤمنين أين تجتمع؟ و عن أرواح الكفّار أين تكون إذا ماتوا؟ فلم يعرف من ذلك شيئا.

ثم دعا الملك الحسن بن عليّ عليهما السلام فقال: إنّما بدأت بيزيد بن معاوية لكي يعلم أنّك تعلم ما لا يعلم، و يعلم أبوك ما لا يعلم أبوه، فقد وصف لي أبوك و أبوه، و نظرت في الإنجيل فرأيت فيه محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم رسول اللّه و الوزير عليا، و نظرت في الأوصياء فرايت فيها أباك وصيّ محمّد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

فقال له الحسن عليه السلام: سلني عمّا بدا لك ممّا تجده في الإنجيل، و عمّا في التوراة، و عمّا في القرآن اخبرك به إن شاء اللّه.

فدعا الملك بالأصنام، فأوّل صنم عرض عليه في صفة القمر، فقال الحسن عليه السلام: هذه صفة آدم أبي البشر.

ثمّ عرض عليه آخر في صفة الشمس، فقال الحسن عليه السلام: هذه صفة حوّاء أمّ البشر.

ثمّ عرض عليه آخر في صفة حسنة، فقال: هذه صفة شيث بن آدم، و كان أوّل من بعث، و بلغ عمره في الدّنيا ألف سنة و أربعين عاما.

ثمّ عرض عليه صنم آخر، فقال: هذه صفة نوح صاحب السّفينة، و كان عمره ألف سنة و أربعمائة سنة، و بعث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما.

ثمّ عرض عليه صنم آخر، فقال: هذه صفة إبراهيم عليه السلام، عريض الصدر، طويل الجبهة.

ص:29

ثمّ عرض عليه صنم آخر، فقال: هذه صفة إسرائيل، و هو يعقوب.

ثمّ عرض عليه صنم آخر، فقال: هذه صفة إسماعيل.

ثمّ أخرج إليه صنم آخر، فقال: هذه صفة يوسف بن يعقوب بن إسحاق ابن إبراهيم.

ثمّ أخرج صنم آخر، فقال: هذه صفة موسى بن عمران، و كان عمره مأتين و أربعين سنة، و كان بينه و بين إبراهيم خمسمائة عام.

ثمّ أخرج إليه صنم آخر، فقال: هذه صفة داود، صاحب الحرب.

ثمّ أخرج إليه صنم آخر، فقال: هذه صفة شعيب، ثمّ زكريا، ثمّ يحيى ثمّ عيسى بن مريم روح اللّه و كلمته، و كان عمره في الدنيا ثلاثة و ثلاثين سنة ثمّ رفعه اللّه إلى السماء، و يهبط إلى الأرض بدمشق، و هو الذي يقتل الدجّال ثمّ عرض عليه صنم صنم، فيخبر باسم نبيّ نبيّ.

ثمّ عرض عليه الأوصياء و الوزراء، فكان يخبر باسم وصيّ وصيّ، و وزير وزير.

ثمّ عرض عليه أصنام بصفة الملوك، فقال الحسن عليه السلام: هذه أصنام لم نجد صفتها في التوراة، و لا في الإنجيل، و لا في الزبور، و لا في القرآن فلعلّها من صفة الملوك، فقال الملك: أشهد عليكم يا أهل بيت رسول اللّه أنكم قد اعطيتم علم الأوّلين و الآخرين و علم التوراة، و الإنجيل، و الزبور، و صحف إبراهيم، و ألواح موسى عليه السلام.

ثم عرض عليه صنما يلوح، فلمّا رآه الحسن عليه السلام بكى بكاء شديدا فقال له الملك ما يبكيك؟ فقال عليه السلام هذه صفة جدّي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، كثيف اللّحية عريض الصّدر، طويل العنق، عريض الجبهة، أقنى الأنف، أبلج (1)الأسنان، حسن الوجه، قطط الشّعر، طيّب الرّيح،

ص:30


1- 1) ابلج الأسنان: من أبلج الصبح أي أضاء و أشرق، و في المصدر و البحار: [1] أفلج الأسنان و معناه معلوم.

حسن الكلام، فصيح اللّسان، كان يأمر بالمعروف، و ينهى عن المنكر، بلغ عمره ثلاث و ستين سنة، و لم يخلّف بعده إلاّ خاتما مكتوب عليه لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، و كان يتختّم به في يمينه، و خلّف سيفه ذا الفقار، و قضيبه، و جبّة صوف، و كساء صوف كان يتسرول به لم يقطعه و لم يخطه حتّى لحق باللّه.

فقال الملك: إنا نجد في الإنجيل أنّه يكون له ما يتصدّق به على سبطيه، فهل كان ذلك؟ فقال له الحسن عليه السلام: قد كان ذلك، فقال الملك:

فبقي لكم ذلك؟ فقال: لا فقال الملك لهذه أوّل فتنة هذه الأمّة غلبا أباكما، و هما الأوّل و الثّاني، على ملك نبيّكم، و اختيار هذه الأمّة على ذرية نبيّهم، منكم القائم بالحقّ، الآمر بالمعروف، و الناهي عن المنكر.

قال: ثمّ سأل الملك الحسن بن عليّ عليه السلام عن سبعة أشياء خلقها اللّه لم تركض في رحم، فقال الحسن عليه السلام أوّل هذا آدم، ثمّ حوّاء، ثمّ كبش إبراهيم، ثمّ ناقة صالح، ثمّ إبليس اللعين، ثمّ الحيّة، ثمّ الغراب الذي ذكره اللّه في القرآن.

ثمّ سأله عن أرزاق الخلائق، فقال الحسن عليه السلام: أرزاق الخلائق في السّماء الرابعة ينزل بقدر، و يبسط بقدر، ثمّ سأله عن أرواح المؤمنين أين تكون إذا ماتوا؟ قال: تجتمع عند صخرة بيت المقدّس في كلّ ليلة جمعة، و هو عرش اللّه الأدنى، منها يبسط اللّه الأرض، و إليها يطويها، و منها المحشر، و منها استوى ربّنا إلى السّماء، أي استولى على السّماء و الملائكة.

ثمّ سأله عن أرواح الكفّار أين تجتمع؟ قال: في وادي حضر موت، من وراء مدينة اليمن، ثمّ يبعث اللّه نارا من المشرق، و نارا من المغرب، و يتبعهما بريحين شديدين، فيحشر النّاس عند صخرة بيت المقدّس، فيحشر أهل الجنّة عن يمين الصخرة، و يزلف (1)المتّقين، و تصير جهنّم عن يسار الصخرة، في تخوم

ص:31


1- 1) في المصدر: و يزلف الميعاد.

الأرضين السّابعة، و فيها الفلق و السّجين، فتفرّق الخلائق عند الصخرة فمن وجبت له الجنّة دخلها، و من وجبت له النّار دخلها، و ذلك قوله تعالى: فَرِيقٌ فِي اَلْجَنَّةِ وَ فَرِيقٌ فِي اَلسَّعِيرِ (1).

فلمّا أخبر الحسن عليه السلام بصفة ما عرض عليه من الأصنام، و تفسير ما سأله، التفت الملك إلى يزيد بن معاوية، فقال: أشعرت أنّ ذلك علم لا يعلمه إلاّ نبيّ مرسل، أو وصيّ موازر، قد أكرمه اللّه بموازرة نبيّه أو عترة نبيّ مصطفى، و غيره المعادي فقد طبع اللّه على قلبه، و آثر دنياه على آخرته، و هواه على دينه، و هو من الظّالمين.

قال: فسكت يزيد و خمد، قال: فأحسن الملك جائزة الحسن عليه السلام و أكرمه، و قال له: ادع ربّك حتى يرزقني دين نبيّك، فإنّ حلاوة الملك قد حالت بيني و بين ذلك، فأظنّه شقاء (2)مرديا، و عذابا أليما.

قال: فرجع يزيد إلى معاوية، و كتب إليه الملك كتابا: إنّ من آتاه اللّه العلم بعد نبيّكم، و حكم بالتوراة (3)و ما فيها، و الإنجيل و ما فيه، و الزّبور و ما فيه، و القرآن و ما فيه، فالحقّ و الخلافة له، و كتب إلى عليّ بن أبي طالب عليه السلام إن الحقّ و الخلافة لك، و بيت النبوّة فيك، و في ولدك، فقاتل من قاتلك يعذّبه اللّه بيدك، ثم يخلده نار جهنّم، فإنّ من قاتلك نجده عندنا في الإنجيل أنّ عليه لعنة اللّه و ملائكته و النّاس أجمعين، و عليه لعنة أهل السّماوات و الأرضين (4).

ص:32


1- 1) الشورى:7. [1]
2- 2) في المصدر: و أظنّه سمّا مرديا.
3- 3) في المصدر: و حكم التوراة.
4- 4) تفسير القمّي ج 2/268-و [2]عنه البحار ج 10/132 ح 2 و [3]البرهان ج 4/116 ح 1-و [4]مشارق الأنوار:86.

الباب السادس

في علمه عليه السلام بغوامض العلم و جوابه السديد

1-ابن بابويه، قال: حدّثنا أبي، و محمّد بن الحسن رضي اللّه عنه، يعني ابن أحمد بن الوليد، قال: حدّثنا سعد بن عبد اللّه، و عبد اللّه بن جعفر الحميري و محمد بن يحيى العطّار، و أحمد بن إدريس جميعا، قالوا: حدّثنا أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، قال: حدّثنا أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري، عن محمّد ابن عليّ الثّاني عليه السلام (1)قال: أقبل أمير المؤمنين عليه السلام ذات يوم و معه الحسن بن عليّ عليهما السلام، و سلمان الفارسي رضي اللّه عنه، و أمير المؤمنين (2)متّكئ على يد سلمان رضي اللّه عنه، فدخل المسجد الحرام، فجلس، إذ أقبل رجل حسن الهيئة و اللباس، فسلم على أمير المؤمنين عليه السلام فردّ عليه السلام فجلس، ثمّ قال: يا أمير المؤمنين أسألك عن ثلاث مسائل إن أخبرتني بهنّ

ص:33


1- 1) في العيون: [1] محمد بن علي الباقر عليهما السلام، و هو سهو، فإن داود بن القاسم أبا هاشم الجعفري من أصحاب الجواد و العسكريين عليهم السلام، كما تقدّم، و ما ولد إلاّ بعد زمان الباقر عليه السلام بسنين كثيرة، و الصواب كما في الكافي و [2]العلل و [3]البحار: [4] عن محمد بن علي الثاني و هو الإمام الجواد عليه السلام.
2- 2) في المصدر، و الكافي: [5] أقبل أمير المؤمنين عليه السلام و معه الحسن بن علي عليهما السلام و هو متكئ على يد سلمان.

علمت أنّ القوم ركبوا من أمرك ما أقضى عليهم (1)أنّهم ليسوا بمأمونين في دنياهم و لا في آخرتهم، و إن تكن الأخرى علمت أنّك و هم شرع سواء (2).

فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: سلني عمّا بدا لك، قال: أخبرني عن الرّجل إذا نام أين تذهب روحه؟ و عن الرّجل كيف يذكر و ينسى؟ و عن الرّجل كيف يشبه ولده الأعمام و الأخوال؟ فالتفت أمير المؤمنين الى أبي محمّد الحسن بن عليّ عليهما السلام فقال: يا أبا محمّد أجبه.

فقال: أمّا ما سألت عنه من أمر الإنسان (3)إذا نام أين تذهب روحه؟

فإن روحه معلّقة بالريح (4)و الريح معلّقة بالهواء إلى وقت ما يتحرّك صاحبها لليقظة، فإن أذن اللّه بردّ تلك الروح إلى صاحبها (5)، جذبت تلك الرّوح الرّيح و جذبت تلك الريح الهواء، فرجعت الرّوح، فأسكنت في بدن صاحبها، و إن لم يأذن اللّه عزّ و جلّ بردّ تلك الروح إلى صاحبها (6)جذبت الهواء الريح، و جذبت الريح الروح، فلم ترد على صاحبها إلاّ إلى وقت ما يبعث.

و أمّا ما ذكرت من أمر الذّكر و النسيان فإنّ قلب الرّجل في حقّ (7)و على الحقّ طبق، فإن صلّى الرجل (8)عند ذلك على محمّد و آل محمّد انكشف ذلك الطبق عن ذلك الحقّ و ذكر الرّجل ما كان نسي، و إن هو لم يصلّ على محمّد و آل محمّد، أو

ص:34


1- 1) في الكافي: [1] ما قضى عليهم.
2- 2) الشرع (بكسر الشين المعجمة و سكون الراء المهملة، و بفتح الشين و الراء) : المثل يقال: هما شرعان أي مثلان.
3- 3) في العلل: [2] من أمر الرجل.
4- 4) في العيون و [3]البحار: [4] فإنّ روحه متعلّقة بالريح متعلّقة بالهواء.
5- 5) في العلل و [5]العيون و [6]البحار: [7] على صاحبها.
6- 6) في العلل و [8]العيون و [9]البحار: [10] على صاحبها.
7- 7) الحقّ (بضمّ الحاء المهملة) : الوعاء.
8- 8) في العلل: فإن هو صلّى على النبيّ صلاة تامّة انكشف.

نقص من الصلاة عليهم، انطبق ذلك الطّبق على ذلك الحقّ، و أظلم القلب، و نسي الرّجل ما كان ذكره، و أمّا ما ذكرت من أمر المولود الذي يشبه أعمامه و أخواله فإنّ الرجل إذا أتى أهله فجامعها بقلب ساكن، و عروق هادئة (1)و بدن غير مضطرب استكنت تلك النطفة في جوف الرحم، خرج الولد يشبه أباه و أمّه، و إن هو أتاها بقلب غير ساكن، و عروق غير هادئة و بدن مضطرب اضطربت النطفة فوقعت في حال اضطرابها على بعض العروق، فإن وقعت على عرق من عروق الأعمام أشبه الولد أعمامه، و إن وقعت على عرق من عروق الأخوال أشبه الولد أخواله.

فقال الرجل: أشهد أن لا إله إلا اللّه، و لم أزل أشهد بها و أشهد أنّ محمّدا رسول اللّه، و لم أزل أشهد بها، و أشهد أنّك وصيّه، و القائم بحجته بعده، و أشار إلى أمير المؤمنين عليه السلام و لم أزل أشهد بها، و أشهد أنّ ابنك هو القائم بحجّتك بعدك، و أشار إلى الحسن عليه السلام، و أشهد أنّ الحسين بن عليّ، و هو ابنك، القائم بأمر الحسن بعده، بحجتك بعدك، و أشهد أنّ عليّ بن الحسين أنّه القائم بأمر الحسين بعده، و أشهد على محمّد بن عليّ أنه القائم بأمر عليّ بن الحسين، و أشهد على جعفر بن محمّد أنّه القائم بأمر محمّد بن عليّ، و أشهد على موسى بن جعفر أنّه القائم بأمر جعفر بن محمّد، و أشهد على عليّ بن موسى أنّه القائم بأمر موسى بن جعفر، و أشهد على محمّد بن عليّ أنّه القائم بأمر عليّ بن موسى، و أشهد على عليّ بن محمّد، أنّه القائم بأمر محمّد بن عليّ، و أشهد على الحسن بن عليّ أنّه القائم بأمر عليّ بن محمّد، و أشهد على رجل من ولد الحسن بن عليّ لا يسمّى و لا يكنّى حتى يظهر 2أمره فيملأ الأرض عدلا كما ملئت

ص:35


1- 1) الهادئة: الساكنة.

جورا، و السلام عليكم يا أمير المؤمنين و رحمة اللّه و بركاته، ثمّ قام و مضى.

فقال أمير المؤمنين: يا أبا محمد اتّبعه و انظر أين يقصد؟ فخرج الحسن عليه السلام في أثره، قال: فما كان إلاّ أن وضع رجله خارج المسجد، فما دريت أين أخذ من أرض اللّه، فرجعت إلى أمير المؤمنين عليه السلام فأعلمته، فقال: يا أبا محمّد أتعرفه؟ فقلت: اللّه و رسوله و أمير المؤمنين أعلم، فقال عليه السلام:

هو الخضر عليه السلام 1.

2-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، قال: أخبرني بعض أصحابنا رفعه إلى أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: اتي أمير المؤمنين عليه السلام برجل وجد في خربة، و بيده سكين ملطّخ بالدّم، و إذا رجل مذبوح يتشحّط في دمه، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: ما تقول؟ قال يا أمير المؤمنين أنا قتلته، قال اذهبوا به فاقتلوه به.

فلمّا ذهبوا به ليقتلوه به، أقبل رجل مسرع 2، فقال: لا تعجلوا و ردّوه إلى أمير المؤمنين عليه السلام فردّوه، فقال: و اللّه يا أمير المؤمنين ما هذا صاحبه أنا قتلته.

فقال أمير المؤمنين عليه السلام للأوّل: ما حملك على إقرارك على نفسك فقال: يا أمير المؤمنين و ما كنت أستطيع أن أقول، و قد شهد عليّ أمثال هؤلاء الرّجال، و أخذوني و بيدي سكّين ملطّخ بالدم، و الرّجل يتشحّط في دمه، و أنا قائم عليه، و خفت الضّرب و أقررت، و أنا رجل كنت ذبحت بجنب هذه الخربة

ص:36

شاة، و أخذني البول، فدخلت الخربة، فرأيت الرّجل يتشحّط في دمه، فقمت متعجّبا فدخل عليّ هؤلاء فأخذوني.

فقال أمير المؤمنين عليه السلام: خذوا هذين فاذهبوا بهما إلى الحسن عليه السلام (1)و قولوا له: ما الحكم فيهما؟ قال: فذهبوا الى الحسن عليه السلام و قصّوا عليه قصّتهما، فقال الحسن عليه السلام قولوا لأمير المؤمنين إنّ هذا إن كان ذبح ذاك فقد أحيا هذا، و قد قال اللّه عزّ و جلّ: وَ مَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا اَلنّاسَ جَمِيعاً (2)يخلّى عنهما، و يخرج دية المذبوح من بيت المال (3).

3-الشيخ في «التهذيب» قال: روي أنّ رجلا سأل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام فقال له: يا أمير المؤمنين إنّي خرجت محرما فوطئت ناقتي بيض نعام (4)، فكسرته، فهل عليّ كفارة؟ فقال له: امض فاسأل ابني الحسن عنها، و كان يحبّ يسمع كلامه (5)، فتقدم إليه الرّجل فسأله، فقال له الحسن عليه السلام: يجب عليك أن ترسل فحولة الإبل في إناثها بعدد ما انكسر من البيض، فما نتج فهو هدي لبيت اللّه، فقال له أمير المؤمنين: يا بنيّ كيف قلت ذلك؟ و أنت تعلم أنّ الإبل ربما ازلقت (6)، أو كان فيها ما يزلق، فقال: يا أمير المؤمنين و البيض ربّما أمرق (7)أو كان فيها ما يمرق، فتبسّم أمير المؤمنين عليه

ص:37


1- 1) في المصدر: و قصّوا عليه قصّتهما و قولوا له: ما الحكم فيهما.
2- 2) المائدة:32. [1]
3- 3) فروع الكافي ج 7/289 و 290 ح 2 و [2]عنه البحار ج 40/315 و 316 ح 91. [3]
4- 4) نعام (بفتح النون) جمع نعامة و هو طائر مركّب من خلقة الطير و خلقة الجمل يقال له بالفارسية : «شتر مرغ» أخذ من الجمل العنق و الوظيف و المنسم، و من الطير الجناح و المنقار و الريش، و هي تذكّر و تؤنّث يقال لذكرها: الظليم.
5- 5) في المصدر و الوسائل: و [4]كان بحيث يسمع كلامه.
6- 6) أزلقت الإبل: ألقت ولدها قبل تمامه.
7- 7) مرقت البيضة: فسدت فصارت ماء.

السلام و قال: صدقت يا بنيّ، ثمّ تلا هذه الآية ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اَللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1)(2).

4-ابن بابويه، قال: حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان، و عليّ بن أحمد بن موسى الدقّاق، و محمّد بن أحمد السناني (3)قالوا: حدّثنا أبو العباس أحمد بن يحيى ابن زكريا القطّان، قال: حدّثنا محمّد بن العبّاس (4)، قال: حدّثني محمّد بن أبي السري (5)، قال: حدّثنا أحمد بن عبد اللّه بن يونس، عن سعد بن طريف الكناني، عن الأصبغ بن نباتة، قال: لمّا جلس عليّ عليه السلام في الخلافة و بايعه النّاس خرج إلى المسجد متعمّما بعمامة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لا بسا بردة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، متنعّلا نعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، متقلّدا سيف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فصعد المنبر فجلس عليه متمكّنا، ثمّ شبّك بين اصابعه، فوضعها أسفل بطنه، ثم قال يا معاشر الناس سلوني قبل أن تفقدوني هذا سفط العلم (6)، هذا لعاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، هذا ما زقّني رسول اللّه زقّا زقّا، سلوني فإنّ عندي علم الأوّلين و الآخرين.

ص:38


1- 1) آل عمران:33. [1]
2- 2) التهذيب ج 5/354 ح 144 باب الكفّارات، و عنه الوسائل ج 9/215 ح 4 و [2]عن المقنعة: 68.
3- 3) الظاهر أنّه أبو عيسى محمد بن احمد بن محمد بن سنان الزاهري نزيل الري المترجم في رجال الشيخ في باب من لم يرو عنهم، يروي عن أبيه عن جدّه محمد بن سنان المعروف، و قد روى عنه ابن طاوس بطريقه إليه عدّة أحاديث في جمال الاسبوع:106 و 229 و 238 و [3] 266.
4- 4) محمد بن العبّاس بن بسّام ابو عبد الرحمن الرازي المقرئ كان من كبار أصحاب أحمد بن يزيد بن أزداد الصفّار الحلواني المتوفى سنة (250 ه) -غاية النهاية ج 2/157-. [4]
5- 5) هو محمد بن المتوكل بن عبد الرحمن الهاشمي مولاهم العسقلاني المعروف بابن أبي السرى توفّي سنة (238 ه) -تقريب ابن حجر:468-.
6- 6) السفط (بفتح السين المهملة و الفاء) : وعاء كالقفّة.

أما و اللّه لو ثنيت لي و سادة فجلست عليها، لأفتيت أهل التوراة بتوراتهم حتّى تنطق التوراة فتقول: صدق عليّ و ما كذب، لقد أفتاكم بما أنزل اللّه فيّ و أفتيت أهل الإنجيل بانجيلهم، حتّى ينطق الإنجيل فيقول: صدق عليّ و ما كذب لقد أفتاكم بما أنزل اللّه فيّ.

و أفتيت أهل القرآن بقرآنهم حتّى ينطق القرآن فيقول: صدق عليّ و ما كذب لقد أفتاكم بما أنزل اللّه فيّ، و أنتم تتلون القرآن ليلا و نهارا، فهل فيكم أحد يعلم ما نزل فيه؟ و لو لا آية فى كتاب اللّه عزّ و جلّ لأخبرتكم بما كان و بما هو كائن إلى يوم القيامة و هي هذه الآية يَمْحُوا اَللّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ اَلْكِتابِ (1).

ثم قال عليه السلام: سلوني قبل أن تفقدوني، فو اللّه الذي فلق الحبّة و برأ النسمة لو سألتموني عن آية آية في ليل انزلت أم في نهار انزلت، مكّيها و مدنيّها، سفريّها و حضريّها، ناسخها و منسوخها، محكمها و متشابهها، و تأويلها و تنزيلها، لأخبرتكم، فقام إليه رجل يقال له: ذعلب (2).

و ساق حديثه معه، و هو مشهور.

ثم قال للحسن عليه السلام: يا حسن قم فاصعد المنبر فتكلم بكلام لا يجهلك قريش بعدي، فيقولون: إنّ الحسن لا يحسن شيئا، قال الحسن: يا أبة كيف أصعد و أتكلّم و أنت في الناس تسمع و ترى؟ قال له: بأبي و أمّي أواري نفسي عنك، و أسمع و أرى و لا تراني.

فصعد الحسن عليه السلام المنبر، فحمد اللّه بمحامد بليغة شريفة،

ص:39


1- 1) الرعد:39. [1] ظاهر كلامه عليه السلام أن علمه دون البداء، و [2]لكن البراهين تدلّ على شموله له أيضا، فلا بدّ من صرفه عن ظاهره.
2- 2) ذعلب (بكسر الذال المعجمة و سكون العين المهملة و فتح اللام) عدّه المامقاني من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام و قال: الظاهر حسن حاله.

و صلّى على النبيّ و آله صلاة موجزة، ثمّ قال: أيّها النّاس سمعت جدّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: أنا مدينة العلم و عليّ بابها، و هل تدخل المدينة إلاّ من بابها؟ ثمّ نزل فوثب إليه عليّ عليه السلام فتحمّله و ضمّه إلى صدره

ثمّ قال للحسين عليه السلام: يا بنيّ قم فاصعد، و تكلّم بكلام لا تجهلك قريش من بعدي، فيقولون: إنّ الحسين بن عليّ لا يبصر شيئا، و ليكن كلامك تبعا لكلام أخيك، فصعد الحسين عليه السلام فحمد اللّه، و أثنى عليه، و صلّى على نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم صلاة واحدة موجزة.

ثمّ قال: معاشر النّاس سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول إنّ عليّا مدينة هدى فمن دخلها نجا، و من تخلّف عنها هلك، فوثب إليه عليّ عليه السلام فضمّه إلى صدره فقبّله، ثمّ قال: معاشر الناس اشهدوا أنّهما فرخا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و وديعته التي استودعنيها و أنا استودعكموهما معاشر النّاس و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم سائلكم عنهما (1).

5-و من طريق المخالفين ما رواه عليّ بن محمّد المالكي في «الفصول المهمّة» و كمال الدين بن طلحة الشافعي في «مطالب السئول» قالا: كان الحسن عليه السلام يجلس في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فيجتمع الناس حوله، فيتكلّم بما يشفي غليل السائلين، و يقطع حجج القائلين (2).

6-قالا: و قد روى الإمام أبو الحسن عليّ بن أحمد الواحدي في تفسيره المسمّى «بالوسيط» ما يرفعه بسنده أنّ رجلا قال: دخلت مسجد المدينة، و اذا أنا برجل يحدّث عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و النّاس مجتمعون حوله

ص:40


1- 1) أمالي الصدوق:280 ح 1، [1]التوحيد:304 ح 1 و [2]عنهما البحار:10/117 ح 1 و [3]عن الاختصاص:235. و روى المفيد في الإرشاد:23 [4] صدره، و الطبرسي في الاحتجاج:1/258. [5]
2- 2) الفصول المهمّة:155، و [6]مطالب السئول ج 2/6 و عنه كشف الغمة ج 1/543. [7]

فقلت له: أخبرني عن «شاهد و مشهود» (1)فقال: نعم أما الشّاهد فيوم الجمعة، و أمّا المشهود فيوم عرفة.

فجزته إلى آخر يحدّث، فقلت: أخبرني عن «شاهد و مشهود» فقال:

نعم أمّا الشاهد فيوم الجمعة، و أمّا المشهود فيوم النحر.

فجزتهما إلى غلام كأنّ وجهه الدينار، و هو يحدّث عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقلت: أخبرني عن «شاهد و مشهود» فقال: نعم أمّا الشاهد فمحمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و أمّا المشهود فيوم القيامة، أ ما سمعته عزّ و جلّ يقول: إِنّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَ مُبَشِّراً وَ نَذِيراً (2)و قال اللّه تعالى: ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ اَلنّاسُ وَ ذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (3).

فسألت عن الرجل الأوّل فقالوا: ابن عبّاس، و سألت عن الثّاني فقالوا:

ابن عمر، و سألت عن الثّالث فقالوا: الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام و كان قول الحسن أحسن (4).

7-و رويا أيضا في كتابيهما: أنّ الحسن عليه السلام اغتسل يوما، و خرج من داره في حلية فاخرة، و بردة طاهرة (5)و محاسن سافرة، و قسمات ظاهرة (6)، و نفحات ناشرة (7)و وجهه يشرق حسنا، و شكله قد كمل صورة و معنى،

ص:41


1- 1) البروج:3.
2- 2) الأحزاب:45. [1]
3- 3) هود:103. [2]
4- 4) مطالب السئول ج 2/7-الفصول المهمّة:155 و [3]أخرجه في البحار ج 43/345 ح 19 [4]عن كشف الغمة ج 1/543 [5] نقلا عن ابن طلحة.
5- 5) في مطالب السئول و البحار: و [6]بزّة طاهرة (بكسر الباء الموحدة و الزاي المشدّدة المفتوحة) : الثياب.
6- 6) القسمات (جمع القسمة بفتح القاف و كسر السين المهملة او فتحها) : الحسن و في مطالب السئول قسمات ناضرة.
7- 7) في الفصول المهمة: [7] بنفحات طيّبات عاطرة.

و الإقبال (1)يلوح من اعطافه (2)، و نضرة النعيم تعرف في أطرافه، و قاضي القدر قد حكم أنّ السعادة من أوصافه.

ثمّ ركب بغلة فارهة (3)غير قطوف (4)، و سار مكتنفا من حاشيته و غاشيته بصفوف (5)، فلو شاهده عبد مناف لأرغم بمفاخرته به معاطس انوف، و عدّه (6)و أباه و جدّه في أحراز خصل الفخار يوم التفاخر بألوف.

فعرض له في طريقه من محاويج اليهود همّ (7)في هدم (8)قد أنهكته العلّة، و ارتكبته الذّلة، و أهلكته القلّة، و جلده يستر عظامه، و ضعفه يقيّد أقدامه، و ضرّه قد ملك زمامه، و سوء حاله قد حبّب إليه حمامه (9)، و شمس الظهيرة (10)قد شوت شواه (11)، و هو حامل جرّة (12)على قفاه (13).

ص:42


1- 1) في الفصول المهمة: و [1]السعد يلوح على أعطافه.
2- 2) الأعطاف: الجوانب.
3- 3) الفارهة: السريع السير.
4- 4) القطوف: (بفتح القاف) الدابة التي تسيء السير و تبطئ. و في الفصول المهمة: [2] غير عسوف، و العسوف (بفتح العين المهملة) الظالم المنحرف عن الطريق.
5- 5) الغاشية: الخدم، و الزوّار و الأصدقاء.
6- 6) في مطالب السئول: و عدّه وحده (بالحاء المهملة) لإحراز خصل الفخار يوم التفاخر بالوف.
7- 7) الهمّ (بكسر الهاء و تشديد الميم) : الشّيخ الفاني كأنّه قد ذاب من الكبر.
8- 8) الهدم (بكسر الهاء و سكون الدال المهملة) الثوب البالي أو المرقّع.
9- 9) الحمام (بكسر الحاء المهملة) : الموت.
10- 10) الظهيرة (بفتح الظاء المعجمة) : حدّ انتصاف النهار.
11- 11) الشوى (بفتح الشين المعجمة: كعصا) : اليدان و الرجلان.
12- 12) الجرّة (بفتح الجيم و الراء المشدّدة) : إناء من خزف له بطن كبير و عروتان و فم واسع.
13- 13) في مطالب السئول و البحار: و [3]شمس الظهيرة تشوي شواه، و أخمصه تصافح ثرى ممشاه، و عذاب عرّ عرّته قد عراه، و طول طواه قد أضعف بطنه و طواه، و هو حامل جرّة مملوءة ماء على مطاه، و حاله تعطف عليه القلوب القاسية عند مرآه. . الخ.

فاستوقف الحسن عليه السلام، و قال: يا ابن رسول اللّه أنصفني (1)، فقال عليه السلام له: في أيّ شيء؟ فقال: يقول جدك «الدنيا سجن المؤمن، و جنّة الكافر» و أنت مؤمن و أنا كافر، فما أرى الدّنيا إلاّ جنّة لك تتنعم فيها و تستلذّ بها، و ما أراها إلاّ سجنا لي قد أهلكني ضرّها (2)، و أتلفني فقرها.

فلمّا سمع الحسن عليه السلام كلامه أشرق عليه نور التأييد، و استخرج الجواب الحقّ بفهمه من خزانة علمه، و أوضح لليهودي خطأ ظنّه و خطل زعمه و قال: يا شيخ لو نظرت إلى ما أعدّ اللّه لي و للمؤمنين في الدّار الآخرة ممّا لا عين رأت، و لا أذن سمعت، و لا خطر على قلب بشر، لعلمت أنّ هذه الحالة بالنسبة إلى تلك سجن (3)، و لو نظرت إلى ما أعدّ اللّه لك و لكلّ كافر في الدّار الآخرة من العذاب الأليم و النكال المقيم لرايت أنّك الآن في جنّة واسعة و نعمة سابغة.

فانظر إلى هذا الجواب الصادع بالصّواب (4)(5).

ص:43


1- 1) في الفصول المهمّة: [1] فقال: يا ابن رسول اللّه سؤال، فقال له: ما هو؟ .
2- 2) في الفصول المهمّة: [2] قد أهلكني حرّها و أجهدني فقرها.
3- 3) في مطالب السئول: فقال عليه السلام: لو نظرت إلى ما أعدّ اللّه للمؤمنين الذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع من نعيم الجنان و الخيرات الحسان في الدنيا و الآخرة مما لا عين رأت و لا أذن سمعت لعلمت أنّني قبل انتقالي إليه من هذه الدنيا في سجن ضنك.
4- 4) في مطالب السئول: و لو نظرت الى ما أعدّ اللّه لك و لكلّ كافر في الدار الآخرة من سعير نار الجحيم و نكال العذاب المقيم لرأيت أنّك قبل مصيرك إليه الآن في جنّة واسعة و نعمة جامعة. فانظر الى هذا الجواب الصادع: بالصواب كيف تفجّرت بمستعذبه عيون علمه، و أينعت بمستغربه فنون فهمه، فيا له جوابا ما أمتنه، و صوابا ما أبينه، و خطابا ما أحسنه! ، صدر عن علم مقتبس من مشكاة نور النبوّة، و تأييد موروث من آثار معالم الرسالة.
5- 5) الفصول المهمة:155- [3]مطالب السئول 65 ط القديم-و أخرجه في البحار ج 43/346- 19 عن كشف الغمّة ج 1/543 نقلا عن ابن طلحة.

ص:44

الباب السابع

في معرفته عليه السلام بلغات المدينتين

1-محمّد بن يعقوب، عن أحمد بن محمّد (1)، و محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسن، عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير، عن رجاله، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: إنّ الحسن بن عليّ قال: إنّ للّه مدينتين:

إحداهما بالمشرق، و الأخرى بالمغرب، عليهما سوران من حديد، و على كلّ واحد منهما ألف ألف مصراع، و فيها ألف ألف لغة (2)تتكلّم كلّ لغة بخلاف لغة صاحبها، و أنا أعرف جميع اللغات، و ما فيهما و ما بينهما، و ما عليهما حجة غيري و غير الحسين أخي (3).

2-و رواه محمّد بن الحسن الصفّار في «بصائر الدرجات» عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، يرفع الحديث إلى الحسن بن عليّ صلوات اللّه عليه و على آبائه، أنّه قال: إنّ للّه مدينتين: إحداهما بالمشرق، و الأخرى بالمغرب عليهما سور من حديد و ذكر الحديث (4).

ص:45


1- 1) هو أحمد بن محمد بن أحمد بن طلحة بن عاصم الكوفي البغدادي.
2- 2) في المصدر: و فيها سبعون ألف ألف لغة-و في البحار: [1] ألف ألف مصراع من ذهب، و فيها سبعون ألف ألف لغة.
3- 3) الكافي ج 1/462 ح 5. [2]
4- 4) بصائر الدرجات:339 و 493 ح 11 و [3]عنه البحار ج 27/41 ح 2 و [4]ج 57/326 ح 6-

3-و رواه سعد بن عبد اللّه في «بصائر الدرجات» عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن رجاله، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، رفعه إلى الحسن بن عليّ عليهما السلام قال: إنّ للّه عزّ و جلّ مدينتين إحداهما بالمشرق، و الأخرى بالمغرب عليهما سوران من حديد و ذكر الحديث.

و رواه الشيخ المفيد في كتاب «الاختصاص» عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن بعض رجاله، عن أبي عبد اللّه، الحديث (1).

4-سعد بن عبد اللّه في «بصائر الدرجات» قال: حدّثنا سلمة بن الخطّاب (2)، عن سليمان بن سماعة 3، و عبد اللّه بن محمّد 4، عن عبد اللّه بن القاسم 5، عن سماعة بن مهران، عمّن حدّثه عن الحسن بن حيّ 6، و أبي الجارود، و ذكراه عن أبي سعيد عقيصاء الهمداني 7، قال: قال الحسن بن عليّ عليه السلام: إنّ للّه مدينة بالمشرق، و مدينة بالمغرب، على كلّ واحدة سور من حديد، في كلّ سور سبعون ألف مصراع ذهب، يدخل في كلّ مصراع سبعون ألف لغة آدمي، ليس منها لغة إلاّ و هي مخالفة للأخرى، و ما منها لغة إلاّ و قد علمناها

ص:46


1- 1) مختصر البصائر:12 و الاختصاص:291 و عنه البحار ج 26/192 ح 7.
2- 2) سلمة بن الخطّاب: أبو الفضل البراوستاني (نسبة الى براوستان بفتح الباء الموحدة و الواو قرية قريبة من قم) ترجمه النجاشي في رجاله ج 1/422.

و ما فيهما و ما بينهما ابن نبيّ غيري، و غير أخي، و أنا الحجّة عليهم (1).

ص:47


1- 1) مختصر البصائر:11 و عنه البحار ج 27/44 ح 4 و [1]عن بصائر الدرجات:494 ح 12 و [2]اخرجه أيضا في البحار ج 57/329 ح 14 [3]عن بصائر الدرجات:492 ح 4 [4] مثله.

ص:48

الباب الثامن

في جواباته مع أبيه عليهما السلام من طريق المخالفين

ذكر المالكي في «الفصول المهمة» و ابن طلحة في «مطالب السئول» عن أبي نعيم في «حليته» بسنده فيها أنّ أمير المؤمنين عليه السلام سأل ابنه الحسن عليه السلام عن أشياء من أمر المروة:

فقال: يا بنيّ ما السّداد؟ فقال: يا أبة السداد دفع المنكر بالمعروف.

قال: فما الشرف؟ قال: اصطناع العشيرة و حمل الجريرة.

قال: فما المروءة؟ قال: العفاف، و إصلاح المال.

قال: فما الرغبة (1)؟ قال: النظر في اليسير، و منع الحقير.

قال: فما اللؤم؟ قال: إحراز المرء نفسه، و بذله عرسه.

و في «الفصول المهمة» قال: فما اللؤم؟ قال: إحراز المرء ماله، و بذل عرضه.

قال: فما السماح؟ قال: البذل في العسر و اليسر.

قال: و ما الشحّ؟ قال: أن ترى ما في يديك شرفا، و ما أنفقته تلفا.

قال: فما الإخاء؟ قال: المواساة في الشدّة و الرخاء.

ص:49


1- 1) في الحلية: [1] فما الرأفة؟

قال: فما الجبن؟ قال: الجرأة على الصّديق، و النكول عن العدوّ.

قال: فما الغنيمة؟ قال: الرغبة في التقوى، و الزهادة في الدنيا، هي الغنيمة الباردة.

قال: فما الحلم؟ قال: كظم الغيظ، و ملك النفس.

قال: فما الغنى؟ قال: رضاء النفس بما قسم اللّه تعالى لها و إن قلّ، و إنّما الغنى غنى النفس.

قال: فما الفقر؟ قال: شره النّفس في كلّ شيء.

قال: فما المنعة؟ قال: شدّة البأس، و منازعة أعزّاء النّاس.

قال: فما الذلّ؟ قال: الفزع عند المصدوقة.

قال: فما العيّ (1)؟ قال: عبث باللّحية، و كثرة البزق عند المخاطبة.

قال: فما الجرأة؟ قال: مواقفة الأقران.

قال: فما الكلفة؟ قال: كلامك فيما لا يعنيك.

قال: فما المجد؟ قال: أن تعطي في الغرم، و تعفو عن الجرم.

قال: فما العقل؟ قال: حفظ القلب كلّما استوعيته.

قال: فما الخرق؟ قال: معاداتك إمامك، و رفعك عليه كلامك.

قال: فما الثناء؟ قال: إتيان الجميل، و ترك القبيح.

قال: فما الحزم؟ قال: طول الأناة، و الرفق بالولاة.

قال: فما السفه؟ قال: اتّباع الدّناة، و مصاحبة الغواة.

قال: فما الغفلة؟ قال: تركك المسجد، و طاعتك المفسد.

قال: فما الحرمان؟ قال: تركك حظّك، و قد عرض عليك.

قال: فمن السيّد (2)؟ قال: الأحمق في ماله، و المتهاون في عرضه، يشتم

ص:50


1- 1) العيّ: العجز في الكلام.
2- 2) في البحار [1]عن تخف العقول: قيل: و ما السفاه؟ قال: الأحمق في ماله المتهاون بعرضه.

فلا يجيب، و المهتم بأمر عشيرته (1).

قال ابن طلحة عقيب الحديث في «مطالب السئول» : فهذه الأجوبة الصادرة منه، على البديهة من غير رويّة شاهدة له عليه السلام لبصيرة باصرة، و بديهة حاضرة، و مادّة فضل وافرة، و فكرة على استخراج الغوامض قادرة (2).

ص:51


1- 1) الفصول المهمة:159- [1]حلية الاولياء ج 2/35 و [2]عنه كشف الغمة ج 1/568 و [3]أخرج نحوه في البحار ج 78/102 ح 2 [4] عن تحف العقول:225.
2- 2) مطالب السئول ج 2/14.

ص:52

الباب التاسع

في عبادته عليه السلام من طريق الخاصة و العامة

1-ابن بابويه «في أماليه» قال: حدّثنا عليّ بن أحمد، رحمه اللّه، قال حدّثنا محمّد بن أبي عبد اللّه الكوفي، قال: حدّثنا موسى بن عمران النخعي عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي، عن محمّد بن سنان، عن المفضّل بن عمر، قال: قال الصادق عليه السلام: حدّثني أبي، عن أبيه عليه السلام، أنّ الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام كان أعبد الناس في زمانه، و أزهدهم و أفضلهم، و كان إذا حجّ حجّ ماشيا، و ربما مشى حافيا، و كان إذا ذكر الموت بكى، و إذا ذكر القبر بكى، و إذا ذكر البعث في النشور بكى، و إذا ذكر الممرّ على الصراط بكى، و إذا ذكر العرض على اللّه تعالى ذكره شهق شهقة يغشى عليه منها، و كان إذا قام إلى صلاته (1)ترتعد فرائصه بين يدي ربّه عزّ و جلّ.

و كان إذا ذكر الجنّة و النار اضطرب اضطراب السليم، و سأل اللّه الجنّة، و تعوّذ به من النّار.

و كان عليه السلام لا يقرأ آية من كتاب اللّه عزّ و جلّ يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا إلاّ قال: لبّيك اللهمّ لبّيك، و لم ير في شيء من أحواله إلاّ ذاكرا للّه تعالى

ص:53


1- 1) في البحار: [1] إذا قام في صلاته.

سبحانه، و كان أصدق الناس لهجة، و أفصحهم منطقا.

و لقد قيل لمعاوية ذات يوم: لو أمرت الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام فيصعد المنبر، فيخطب، ليبين (1)للناس نقصه، فدعاه، فقال له:

اصعد المنبر و تكلّم بكلمات تعظنا بها.

فقام عليه السلام فصعد المنبر، فحمد اللّه و أثنى عليه، ثمّ قال: أيّها الناس من عرفني فقد عرفني، و من لم يعرفني فأنا الحسن بن عليّ بن أبي طالب، و ابن سيدة النساء فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

أنا ابن خير خلق اللّه، أنا ابن رسول اللّه، أنا ابن صاحب الفضائل، أنا ابن المعجزات و الدّلائل.

أنا ابن أمير المؤمنين، أنا المدفوع عن حقّي، أنا و أخي الحسين سيّدا شباب أهل الجنة.

أنا ابن الرّكن و المقام، أنا ابن مكة و منى، أنا ابن المشعر و عرفات.

فقال له معاوية: يا أبا محمّد خذ في نعت الرطب، ودع هذا، فقال عليه السلام: الرّيح تنفخه، و الحرور ينضجه، و البرد يطيّبه.

ثم عاد في كلامه: أنا إمام خلق اللّه، و ابن محمّد رسول اللّه، فخشي معاوية أن يتكلّم بعد ذلك بما يفتتن به النّاس، فقال: يا أبا محمّد انزل، فقد كفى ما قد جرى فنزل (2).

2-محمّد بن يعقوب، عن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن أحمد بن محمّد (3)، عن محمّد بن عليّ بن النعمان (4)، عن صندل (5)، عن أبي

ص:54


1- 1) في البحار: [1] ليتبيّن.
2- 2) الأمالي للصدوق:150 ح 8-و [2]عنه بحار الأنوار ج 43/331 ح 1-و [3]أخرج صدره في الوسائل ج 8/56 ح 10 [4] عن عدّة الداعي:139.
3- 3) هو أحمد بن محمد بن عبد اللّه بن مروان الأنباري من اصحاب الباقر و الصادق و الكاظم عليهم السلام-جامع الرواة ج 1/68-. [5]
4- 4) محمد بن علي بن نعمان ابو جعفر البجلي الكوفي الملقب بمؤمن الطاق، روى عن السجّاد، و الباقر و الصادق عليهم السلام، وثقه الشيخ و اثنى عليه النجاشي (رجال النجاشي ج 2/203) .
5- 5) صندل: من اصحاب الكاظم عليه السلام و ممن روى عنه ابن ابي عمير و هو يدل على وثاقته، المستدرك للنوري ج 3/812. [6]

أسامة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: خرج الحسن بن عليّ عليه السلام إلى مكّة (1)سنة ماشيا، فورمت قدماه، فقال له بعض مواليه: لو ركبت لسكن عنك هذا الورم، فقال: كلاّ إذا أتينا هذا المنزل، فإنّه يستقبلك أسود و معه دهن فاشتر منه و لا تماكسه.

فقال له مولاه: بأبي أنت و أمي ما قدّامنا منزل فيه أحد يبيع هذا الدواء، فقال: بلى إنّه أمامك دون المنزل؛ فسارا ميلا فإذا هو بالأسود، فقال الحسن عليه السلام لمولاه: دونك الرّجل، فخذ منه الدهن و أعطه الثمن.

فقال الأسود: يا غلام لمن أردت هذا الدهن؟ فقال: للحسن بن عليّ عليه السلام فقال: انطلق بي إليه، فانطلق فأدخله إليه، فقال له: بأبي أنت و أمي لم أعلم أنّك تحتاج إلى هذا أو ترى ذلك و لست آخذ له ثمنا إنّما أنا مولاك، و لكن ادع اللّه أن يرزقني ذكرا سويّا يحبّكم أهل البيت، فإنّي خلّفت أهلي تمخض فقال عليه السلام: انطلق إلى منزلك، فقد وهب اللّه لك ذكرا سويّا و هو من شيعتنا (2).

3-و عنه، عن محمد بن يحيى، عن الحسين بن إسحاق، عن عليّ بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد اللّه بن سنان، عمّن سمع أبا جعفر عليه السلام يقول: لمّا حضرت الحسن بن عليّ عليه السلام

ص:55


1- 1) في البحار [1]عن الخرائج: خرج من مكة ماشيا الى المدينة.
2- 2) الكافي ج 1/463 ح 6 و [2]عنه البحار ج 43/324 ح 3 و [3]عن الخرائج ج 1/220 ط المصطفوي و أخرج صدره في الوسائل ج 8/55 ح 8 و [4]أورده في كشف الغمّة ج 1/557 و [5]ابن شهر اشوب في المناقب ج 4/7 باختلاف.

الوفاة بكى، فقيل له: يا ابن رسول اللّه تبكي و مكانك من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الذي أنت به، و قد قال فيك ما قال؟ و قد حججت عشرين حجّة ماشيا، و قد قاسمت مالك ثلاث مرّات، حتّى النعل بالنعل؟ قال: إنّما أبكي لخصلتين: لهول المطّلع (1)، و فراق الأحبة (2).

4-الشيخ في «التهذيب» بإسناده عن موسى بن القاسم، عن صفوان عن عبد اللّه بن بكير (3)، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: إنّا نريد الخروج إلى مكة مشاة فقال: لا تمشوا و اركبوا، فقلت: أصلحك اللّه إنّه بلغنا أنّ الحسن بن عليّ حجّ عشرين حجة ماشيا، فقال: إنّ الحسن بن عليّ كان يمشي و تساق معه محامله و رحاله (4).

5-عنه، بإسناده عن موسى بن القاسم، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد عن الحلبي، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن فضل المشي، فقال:

الحسن بن عليّ قاسم ربّه ثلاث مرّات حتّى نعلا و نعلا و ثوبا و ثوبا، و دينارا و دينارا و حجّ عشرين حجّة على قدميه (5).

6-ابن بابويه في «أماليه» قال: حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق، قال: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد الكوفي، قال: حدّثنا عليّ بن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن أبيه، عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرّضا، عن أبيه موسى

ص:56


1- 1) المطلع: إمّا بفتح اللاّم، و المراد به يوم القيامة أو ما يشرف عليه من امر الآخرة و إمّا بكسر اللاّم و المراد به الربّ تعالى المطّلع على السرائر.
2- 2) الكافي: ج 1/461 ح 1 و [1]الوسائل ج 8/93. [2]
3- 3) عبد اللّه بن بكير بن أعين أبو علي الشيباني مولاهم فطحي المذهب إلاّ أنّه موثّق، بل هو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنهم.
4- 4) التهذيب ج 5/12 ح 33، و الاستبصار ج 2/142 ح 6 و عنهما الوسائل ج 8/58 ح 6 و [3]عن قرب الاسناد:79 و [4]أخرجه في البحار ج 99/103 [5]عن قرب الاسناد. [6]
5- 5) التهذيب ج 5/11 ح 29، و الاستبصار ج 2/141 ح 2، و عنهما الوسائل ج 6/336 ح 1 و [7]ج 8/55 ح 3.

ابن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين بن عليّ عليهم السلام قال: لمّا حضرت الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام الوفاة بكى، فقيل له: يا بن رسول اللّه أ تبكي و مكانك من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الذي أنت به، و قد قال رسول اللّه فيك ما قال؟ و قد حججت عشرين مرّة ماشيا، و قد قاسمت ربك مالك ثلاث مرّات حتّى النعل بالنعل فقال عليه السلام: إنّما أبكي لخصلتين: هول المطّلع، و فراق الأحبة (1).

7-محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: إنّا نريد أن نخرج إلى مكّة، فقال: لا تمشوا و اخرجوا ركبانا، قلت: أصلحك اللّه إنّه بلغنا عن الحسن بن عليّ عليه السلام أنّه كان يحجّ ماشيا، قال: عليه السلام كان الحسن بن عليّ يحجّ ماشيا، و يساق معه المحامل و الرّحال (2).

8-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن رفاعة (3)، و ابن بكير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه سئل عن الحجّ ماشيا أفضل أو راكبا؟ قال: بل راكبا.

و سألته عن مشي الحسن عليه السلام من مكّة أو من المدينة؟ قال: من مكّة، و سألته إذا زرت البيت أركب أو أمشي؟ فقال: الحسن عليه السلام يزور راكبا، و سألته عن الرّكوب قلت: الرّكوب أفضل من المشي؟ فقال: نعم، لأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ركب (4).

ص:57


1- 1) أمالي الصدوق:184 ح 9 و [1]عنه البحار ج 43/332 ح 2 و [2]الوسائل ج 8/93 ح 31، و [3]في البحار ج 6/159 ح 22، و [4]ج 44/150 ح 19 عنه و عن العيون ج 1/303 ح 62. [5]
2- 2) الكافي ج 4/455 ح 1 و [6]عنه الوسائل ج 8/58 ذيل ح 6، و [7]ذيله في البحار ج 43/351. [8]
3- 3) رفاعة بن موسى النخاس الأسدي الكوفي ثقة في حديثه لا يعترض عليه بشيء.
4- 4) الكافي ج 4/456 ح 4 و [9]عنه الوسائل ج 8/57 ح 4 و [10]عن التهذيب ج 5/478 ح 337، و علل الشرائع:446 ح 1، و [11]الرواية لا تناسب المقام.

9-ابن بابويه في «العلل» عن عليّ بن حاتم، عن محمّد بن أبي عبد اللّه قال: حدّثنا موسى بن عمران، عن الحسين بن سعيد، عن الفضل بن يحيى عن سليمان، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: إنّا نريد أن نخرج إلى مكّة مشاة، فقال: لا تمشوا، اخرجوا ركبانا، فقلنا: أصلحك اللّه إنّا بلغنا عن الحسن بن عليّ صلوات اللّه عليه أنّه حجّ عشرين حجّة ماشيا، فقال: إنّ الحسن ابن علي عليه السلام كان يحجّ، و تساق معه الرّحال (1).

10-الحسين بن سعيد في كتاب «الزهد» عن النّضر بن سويد، عن عبد اللّه بن سنان، عمّن سمع أبا جعفر عليه السلام، قال: لمّا حضرت الحسن ابن عليّ الوفاة، بكى فقيل له: يا ابن بنت رسول اللّه تبكي، و مكانك من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ما قال؟ و قد حججت عشرين حجّة راكبا، و عشرين حجّة ماشيا، و قد قاسمت ربك مالك ثلاث دفعات حتى النعل بالنعل فقال: أبكي من خصلتين: هول المطّلع، و فراق الأحبة (2).

11-و من طريق المخالفين، أبو نعيم في «حلية الأولياء» من الجزء الأوّل قال: عن محمّد بن عليّ، قال: قال الحسن بن عليّ: إنّي لأستحي من ربّي أن ألقاه و لم أمش إلى بيته، فمشى عشرين مرّة من المدينة على رجليه (3).

12-و يليه أيضا من الجزء المذكور قال: عن شهاب بن عامر، أنّ الحسن ابن عليّ قاسم اللّه تعالى ماله مرّتين، حتّى تصدّق بفرد نعله صلوات اللّه عليه (4).

ص:58


1- 1) علل الشرائع:447 ح 6-و [1]عنه الوسائل ج 8/58 ح 7-و [2]في البحار ج 99/103 ح 1 و 2-و [3]ذيله في البحار ج 43/332 ح 3 [4] عنه و عن قرب الاسناد:79 [5] باختلاف.
2- 2) الزهد:79 ح 213 و [6]عنه البحار ج 6/160 ح 23 و [7]الوسائل ج 8/93 ح 32. [8]
3- 3) حلية الأولياء ج 2/37، و [9]عنه كشف الغمّة ج 1/567 و [10]الفصول المهمّة:156، و [11]أخرجه في البحار ج 43/339 [12]عن المناقب لابن شهر اشوب ج 4/14 و [13]أورده في صفة الصفوة ج 1/ 760. [14]
4- 4) حلية الاولياء ج 2/37 و [15]عنه كشف الغمة ج 1/567 و [16]اخرجه في البحار ج 43/339 [17] عن-

13-و يليه أيضا بالإسناد، قال: عن عليّ بن زيد بن جدعان، قال:

خرج الحسن بن عليّ عليهما السلام من ماله مرّتين، و قاسم اللّه تعالى ماله ثلاث مرّات، حتّى أنّه كان ليعطي نعلا و يمسك نعلا و يعطيه خفّا، و يمسك خفّا

114-صاحب كتاب «الصفوة» بسنده عن عليّ بن زيد بن جدعان، أنّه قال: حجّ الحسن عليه السلام خمس عشرة حجّة ماشيا، و أنّ الجنائب لتقاد بين يديه 2.

15-و من طريق الأصحاب، محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه جميعا 3عن محمّد بن سنان، عن أبي الجارود عن أبي سعيد عقيصا، قال: مررت بالحسن و الحسين عليهما السلام، و هما في الفرات مستنقعان في إزارين، فقلت لهما: يا ابني رسول اللّه صلى اللّه عليكما أفسدتما الإزارين، فقال لي: يا با سعيد فسادنا للإزارين أحبّ إلينا من فساد الدين، إنّ للماء أهلا، و سكّانا كسكّان الارض 4.

16-و عنه عن أبي عليّ الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان ابن يحيى، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي الحسن عليه السلام، قال: ما رأيت النّاس أخذوا عن الحسن و الحسين إلاّ الصلاة بعد العصر، و بعد الغداة في طواف الفريضة 5.

ص:59

ص:60

الباب العاشر

في جوده عليه السلام من طريق الخاصة و العامة

1-محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أبيه، عمّن حدّثه، عن عبد الرحمن العرزمي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: جاء رجل إلى الحسن و الحسين عليهما السلام و هما جالسان على الصّفا فسألهما، فقالا: إنّ الصدقة لا تحلّ إلاّ في دين موجع، أو في غرم مفظع (1)أو فقر مدقع (2)ففيك شيء من هذه؟ قال: نعم فأعطياه.

و قد كان الرّجل سأل عبد اللّه بن عمر، و عبد الرحمن بن أبي بكر (3)، فأعطياه و لم يسألاه عن شيء (4)فقال لهما: ما لكما لم تسألاني عمّا سألني عنه الحسن و الحسين عليهما السلام؟ و أخبرهما بما قالا، فقالا: إنّهما غذّيا بالعلم غذاء (5).

2-و عنه: عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، و عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي، عن عبد الكريم (6)، عن الحلبي، عن

ص:61


1- 1) غرم مفظع: في «النهاية» في الحديث: «لا تحلّ المسألة إلاّ لذي غرم مفظع» أي حاجة لازمة.
2- 2) المدقع: الملصق بالتراب.
3- 3) عبد الرحمن بن أبي بكر عبد اللّه بن أبي قحافة المتوفى بمكة المكرّمة سنة (53 ه) .
4- 4) في المصدر: فرجع إليهما فقال لهما.
5- 5) الكافي ج 4/47 ح 7-و [1]عنه البحار ج 43/320 ح 4 و [2]صدره في الوسائل ج 6/145 ح 6. [3]
6- 6) هو عبد الكريم [4]بن عمرو بن صالح الخثعمي مولاهم الكوفي رو [5]ى عن الإمامين الهمامين: الصادق-

أبي عبد اللّه عليه السلام، أنّ الحسن بن عليّ عليه السلام متّع امرأة له بأمة، و لم يطلّق امرأة إلا متّعها (1).

3-و عنه، عن حميد، عن ابن سماعة، عن محمّد بن زياد، عن عبد اللّه بن سنان، و عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة جميعا، عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّ الحسن بن عليّ عليه السلام متّع امرأة طلّقها بأمة، و لم يكن يطلّق امرأة إلاّ يمتّعها (2).

4-و عنه، عن حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن محمّد بن زياد، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: كان الحسن بن عليّ عليه السلام يمتّع نسائه بالأمة (3).

5-روي: أنّه طلّق خمسين امرأة، روى ذلك محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن جعفر ابن بشير، عن يحيى بن أبي العلاء (4)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: إنّ الحسن بن عليّ عليه السلام طلق خمسين امرأة (5).

ص:62


1- 1) الكافي ج 6/105 في ذيل [1] ح 3-و عنه الوسائل [2]ج 15/56 ح 1 و عن التهذيب ج 8/139 ح 83.
2- 2) الكافي ج 6/105 ح 4 و عنه [3]الوسائل ج 15/57 في [4]ذيل ح 1-و عن التهذيب ج 8/139 ح 84.
3- 3) الكافي ج 6/105 ذيل ح 4-و عنه الوسائل ج 15/57 في ذيل ح 1.
4- 4) يحيى بن أبي العلاء البجل [5]ي الرازي القاضي بالري ذكر [6]ه الشيخ في أصحاب الامام الباقر عليه السلام من رجاله برقم 7 و في الفهرس برقم 789 قائلا فيهما: يحيى بن أبي العلاء، و الظاهر زيادة «أبي » فيهما، و ذكره الذهبي في ميزان الاعتدال ج 4/برقم 9591 و قال: قال الدارقطني: متروك، و قال أحمد بن حنبل: كذّاب يضع الحديث.
5- 5) الكافي ج 6/56 صدر ح 5-و عنه الوسائل ج 15/268 ح 2.

6-و من طريق المخالفين ما رواه صاحب «الفصول المهمة» ، و صاحب «مطالب السئول» عن سعيد بن عبد العزيز (1)، قال: إنّ الحسن سمع رجلا يسأل ربّه تعالى أن يرزقه عشرة آلاف درهم، فانصرف الحسن عليه السلام إلى منزله فبعث بها إليه (2).

7-و رويا أيضا أنّ رجلا جاء إليه عليه السلام و سأله حاجة، فقال له:

يا هذا حقّ سؤالك إيّاي يعظم لديّ، و معرفتي بما يجب لك يكبر عليّ، و يدي تعجز عن نيلك بما أنت أهله، و الكثير في ذات اللّه عزّ و جلّ قليل، و ما في ملكي وفاء لشكرك، فإن قبلت الميسور و رفعت عنّي مئونة الاحتيال (3)و الاهتمام لما (4)أتكلّفه من واجبك فعلت.

فقال: يا بن رسول اللّه أقبل القليل، و أشكر العطيّة، و أعذر على المنع فدعا الحسن عليه السلام بوكيله و جعل يحاسبه على نفقاته حتى استقصاها، فقال: هات الفاضل من الثلاثمائة ألف درهم فأحضر خمسين ألفا، قال: فما فعل الخمسمائة دينار؟ قال: هي عندي، قال: أحضرها، فأحضرها، فدفع الدّراهم و الدّنانير إلى الرّجل، فقال: هات من يحملها لك، فأتاه بحمّالين، فدفع الحسن عليه السلام إليهم رداءه لكراء الحمل (5)، فقال له مواليه: و اللّه ما عندنا درهم، فقال عليه السلام: لكنّي أرجو أن يكون لي عند اللّه عزّ و جلّ أجر عظيم (6).

ص:63


1- 1) سعيد بن عبد العزيز التنوخي المفتي بدمشق المتوفّى سنة (167) . ميزان الاعتدال ج 2/149-.
2- 2) الفصول المهمّة:157 و [1]مطالب السئول ج 2/9-و أخرجه في البحار ج 43/347 ح 20 [2]عن كشف الغمّة ج 1/558 [3] نقلا عن ابن طلحة.
3- 3) في البحار: [4] مئونة الاحتفال و الاهتمام.
4- 4) في البحار: [5] بما أتكلّفه.
5- 5) في البحار: [6] لكري الحمّالين.
6- 6) الفصول المهمّة:157-و [7]مطالب السئول ج 2/9 و أخرجه في البحار ج 43/347 ح 20 [8] عن

8-و رويا أيضا قالا: روى أبو الحسن المدائني (1)، قال: خرج الحسن و الحسين و عبد اللّه بن جعفر رضي اللّه عنهم حجاجا، ففاتتهم أثقالهم، فجاعوا و عطشوا فمرّوا بعجوز في خباء لها، فقالوا: هل من شراب؟ قالت: نعم، فأناخوا بها، و ليس لها إلاّ شويهة في كسر الخيمة، فقالت: احلبوها و امتذقوا لبنها ففعلوا ذلك، و قالوا لها: هل من طعام؟ قالت: لا إلا هذه الشاة فليذبحها أحدكم حتى أهيّئ لكم ما تأكلون، فقام إليها أحدهم فذبحها و كشطها، ثم هيأت لهم طعاما، فأكلوا، ثمّ أقاموا حتى أبردوا، فلمّا ارتحلوا قالوا لها: نحن نفر من قريش نريد هذا الوجه، فإذا رجعنا سالمين فألمي (2)بنا فإنّا صانعون إليك خيرا.

ثمّ ارتحلوا و أقبل زوجها، فأخبرته عن القوم و الشاة، فغضب الرّجل، و قال: ويحك تذبحين شاتي لأقوام لا تعرفينهم، ثمّ تقولين: نفر من قريش، ثمّ بعد مدّة ألجأتهما الحاجة الى دخول المدينة، فدخلاها و جعلا ينقلان البعير إليها، و يبيعان و يعيشان منه، فمرّت العجوز في بعض سكك المدينة، فإذا الحسن عليه السلام على باب داره جالس فعرف العجوز، و هي له منكرة، فبعث الحسن عليه السلام غلامه فردّها، فقال لها: يا أمة اللّه تعرفيني قالت: لا قال: أنا ضيفك يوم كذا و كذا، فقالت العجوز: بأبي أنت و أمي، فأمر الحسن عليه السلام فاشترى لها من شاء الصدقة ألف شاة، و أمر لها بألف دينار، و بعث بها مع غلامه إلى أخيه الحسين عليه السلام، فقال: بكم وصلك أخي الحسن؟ فقالت: بألف شاة و ألف دينار، فأمر لها الحسين عليه السلام بمثل ذلك.

ص:64


1- 1) المدائني: ابو الحسن عليّ بن محمد، المؤرّخ البصري المتوفى سنة (225 ه) .
2- 2) ألمّ به: نزل به.

ثمّ بعث بها مع غلامه إلى عبد اللّه بن جعفر، فقال: بكم وصلك الحسن و الحسين عليهما السلام؟ فقالت: بألفي دينار، و ألفي شاة، فأمر لها عبد اللّه بألفي شاة، و ألفي دينار و قال: لو بدأت بي لا تبعتهما (1)، فرجعت العجوز إلى زوجها بأربعة آلاف شاة و أربعة آلاف دينار (2).

9-قال الفاضل عليّ بن عيسى في «كشف الغمّة» بعد أن أورد هذا الحديث: قلت: هذه القصة مشهورة، و في دواوين جودهم مسطورة، و عنهم عليهم السلام مأثورة، و كنت نقلتها على غير هذه الرواية.

قيل: إنّه كان معهم رجل آخر من أهل المدينة، و أنّها أتت عبد اللّه بن جعفر، فقال: ابدئي بسيّديّ: الحسن و الحسين عليهما السلام، فأتت الحسن عليه السلام فأمر لها بمائة بعير، و أعطاها الحسين عليه السلام ألف شاة، فعادت إلى عبد اللّه بن جعفر، فسألها، فأخبرته فقال: كفاني سيّداي أمر الإبل و الشّاة و أمر لها بمائة ألف درهم، و قصدت المدنيّ الذي كان معهم، فقال لها: أنا لا اجازي اولئك الأجواد في مدى، و لا أبلغ عشر عشيرهم في الندى، و لكن اعطيك شيئا من دقيق و زبيب. فأخذته و انصرفت (3).

10-و روى أيضا المالكي (4)في «الفصول المهمّة» و صاحب (5)«مطالب السئول» قالا: روي عن ابن سيرين (6)، قال: تزوّج الحسن امرأة، فأرسل إليها بمائة جارية، مع كلّ جارية ألف درهم (7).

ص:65


1- 1) في البحار: [1] لأتعبتهما.
2- 2) الفصول المهمة:157 و 158-و [2]مطالب السئول ج 2/10 و أخرجه في البحار ج 43/348 [3]عن كشف الغمّة ج 1/559 و [4]مناقب ابن شهر اشوب ج 4/16. [5]
3- 3) كشف الغمّة ج 1/560 و [6]عنه البحار ج 43/349 ح 21. [7]
4- 4) المالكي: هو علي بن محمّد بن عبد اللّه نور الدين ابن الصباغ، المكي المتوفى سنة (855) .
5- 5) هو أبو سالم محمّد بن طلحة بن محمّد الشافعي المتوفى بحلب سنة (652 ه) .
6- 6) هو أبو بكر محمّد بن أبي عمرة سيرين البصري المعبّر المتوفى سنة (110 ه) .
7- 7) المطالب ج 2/11 و عنه كشف الغمة ج 1/560 و [8]أخرجه في البحار ج 43/349 [9] نقلا عن-

11-و رويا أيضا أنّه عليه السلام متّع امرأتين من نسائه بعد طلاقهما بعشرين ألف درهم و زقاقا من عسل، قال صاحب «الفصول المهمة» في آخر روايته: فقالت إحداهما، و أراها الحنفية: متاع قليل من حبيب مفارق (1).

ص:66


1- 1) الفصول المهمّة:158-مطالب السئول ج 2/11-و أخرجه في البحار ج 43/349 عن كشف الغمّة ج 1/567 نقلا عن حلية الأولياء ج 2/38.

الباب الحادي عشر

في هيبته في أعين الناس و سؤدده

1-المفيد في «ارشاده» و الطبرسي في «اعلام الورى» عن إبراهيم بن عليّ الرافعي (1)، عن أبيه عن جدّته زينب بنت أبي رافع، قالت: أتت فاطمة بابنيها الحسن و الحسين عليهما السلام إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في شكواه الذي توفّي فيه، فقالت: يا رسول اللّه هذان ابناك فورّثهما شيئا، فقال:

أمّا الحسن فإنّ له هيبتي و سؤددي، و أمّا الحسين فإنّ له جودي و شجاعتي (2).

إلاّ أنّ المفيد رواه عن إبراهيم بن عليّ الرافعي، عن أبيه، عمّن حدّثه، و شبيب بن أبي رافع، قال: أتت فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الحديث (3).

2-قال الطبرسي: و يصدّق هذا الخبر ما رواه محمّد بن إسحاق قال: ما

ص:67


1- 1) ابراهيم بن علي بن الحسن بن علي بن أبي رافع المدني من اصحاب الصادق عليه السلام-جامع الرواة ج 1/28.
2- 2) في البحار [1]عن المناقب: و أما الحسين فإنّ له جرأتي وجودي.
3- 3) ارشاد المفيد:187- [2]اعلام الورى:210 و [3]عنهما البحار ج 43/263 ح 10 و [4]عن الخصال: 77 ح 122 و البحار [5]أيضا ج 43/293 عن مناقب ابن شهر اشوب ج 3/396 و [6]أورده في كشف الغمة عن الارشاد. [7]

بلغ أحد من الشرف بعد رسول اللّه ما بلغ الحسن بن عليّ عليهما السلام، كان يبسط له على باب داره، فإذا خرج و جلس انقطع الطريق، فما مرّ أحد من خلق اللّه تعالى إجلالا له فإذا علم قام، و دخل بيته، فمرّ الناس، و لقد رايته في طريق مكّة، و قد نزل عن راحلته فمشى، فما من خلق اللّه أحد إلاّ نزل و مشى، حتّى رأيت سعد بن أبي وقاص قد نزل و مشى إلى جنبه (1).

ص:68


1- 1) اعلام الورى:210 و [1]أخرجه في البحار ج 43/338 ح 11 [2]عن المناقب لابن شهر اشوب ج 4 /7. [3]

الباب الثاني عشر

في أنّه و أخاه الحسين عليهما السلام يشبهان رسول اللّه صلّى اللّه

عليه و آله و سلّم من طريق الخاصة و العامة

1-المفيد في «الارشاد» قال: روى جماعة، منهم أحمد بن صالح النهمي عن عبد اللّه بن عيسى، عن جعفر بن محمّد عليهما السلام: كان الحسن عليه السلام أشبه الناس برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم خلقا و هديا و سؤددا (1).

2-ثمّ قال المفيد: روى ذلك جماعة، منهم معمر، عن الزهري، عن أنس بن مالك قال: لم يكن أحد أشبه برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من الحسن بن عليّ عليهما السلام.

و في «اعلام الورى» عن أنس بن مالك الحديث بعينه (2).

3-و يليه قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: إنّ الحسن ابني أشبه برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ما بين الصدر إلى الرأس، و الحسين أسفل من ذلك (3).

ص:69


1- 1) ارشاد المفيد:187 و [1]عنه كشف الغمة ج 1/516. [2]
2- 2) إرشاد المفيد:187 و [3]عنه كشف الغمّة ج 1/516-و [4]البحار ج 43/338 ح 10، و [5]اعلام الورى:211 و [6]رواه أحمد في فضائل الصحابة ج 2/774 ح 1369، و في مسنده ج 3/164 و عبد الرزاق في المصنّف ج 11/453 و الحاكم في المستدرك ج 3/168. [7]
3- 3) اعلام الورى:211. [8]

4-و من طريق المخالفين من «صحيح البخاري» قال: حدّثنا إبراهيم ابن موسى (1)، قال: أخبرنا هشام بن يوسف (2)، عن معمر، عن الزّهري، عن أنس، قال: لم يكن أحد أشبه بالنبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من الحسن ابن عليّ عليهما السلام (3).

5-و عنه، قال: حدّثنا عبدان (4)، قال: أخبرنا عبد اللّه (5)، قال:

أخبرنا عمر بن سعيد بن أبي حسين (6)، عن ابن أبي مليكة (7)، عن عقبة بن الحارث (8)، قال: رأيت أبا بكر، و هو يحمل الحسن عليه السلام، و هو يقول:

بأبي شبيها بالنبيّ ليس شبيها بعليّ

و عليّ عليه السلام يضحك (9).

ص:70


1- 1) ابراهيم بن موسى ابو إسحاق الرازي الصغير الحافظ المتوفى بعد سنة (220 ه) .
2- 2) هشام بن يوسف ابو عبد الرحمن الصنعاني المتوفّى سنة (197) -رجال صحيح البخاري ج 2 ص 773-.
3- 3) صحيح البخاري ج 5/33 و عنه العمدة لابن بطريق:397 ح 801.
4- 4) عبدان: هو عبد اللّه بن عثمان بن جبلة بن أبي رواد ميمون المروزي ولد سنة (145) و توفي سنة (221) -رجال الكلاباذي ج 1/418-.
5- 5) عبد اللّه: هو ابن المبارك بن واضح أبو عبد الرحمن المروزي ولد سنة (118 ه) بمرو، و توفّي بهيت سنة (181 ه) -رجال الكلاباذي ج 1/429-.
6- 6) عمر بن سعيد بن أبي حسين النوفلي القرشي المكّي، قال ابن حجر: ثقة من السادسة. التقريب ج 2/56/437-.
7- 7) هو عبد اللّه بن عبيد اللّه بن أبي مليكة زهير بن عبد اللّه بن جدعان التابعي المتوفّى سنة (117) . تقدّم ذكره-رجال صحيح البخاري ج 1/416-.
8- 8) عقبة بن الحارث: بن عامر بن نوفل بن عبد مناف أبو سروعة القرشي المكّي أسلم يوم الفتح. اسد الغابة ج 3/415-. [1]
9- 9) صحيح البخاري ج 5/33-و عنه العمدة لابن بطريق:397 ح 800، و أخرجه في البحار ج 43/301 [2]عن كشف الغمّة ج 1/522 [3] نقلا عن البخاري، و رواه الحاكم في المستدرك ج 3/168 باختلاف.

6-و من «صحاح الستة» لرزين العبدري (1)و من «صحيح» أبي داود من «صحيح» الترمذي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: الحسن و الحسين سيّدا شباب أهل الجنة (2).

7-و به قال: عن أنس: لم يكن أحد أشبه برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من الحسن بن عليّ عليه السلام قال: و لقد سمعت عليا عليه السلام يقول:

حسن أشبه برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ما بين الصدر إلى الرّأس و الحسين أشبه فيما كان أسفل من ذلك (3).

8-و من كتاب «الجمع بين الصّحيحين» للحميدي (4)في الجزء الأوّل في أوّل كراسته منه، الحديث الخامس من افراد البخاري، من مسند ابي بكر، عن عقبة بن حارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف، يكنّى أبا سروعة، له صحبة قال: صلّى أبو بكر العصر، ثمّ خرج يمشي، و معه عليّ، فرأى الحسن يلعب مع الصّبيان فحمله على عاتقه، و قال:

بأبي شبيها بالنبيّ ليس شبيها بعليّ (5)

ص:71


1- 1) رزين العبدري: بن معاوية بن عمّار السرقسطي الأندلسي المتوفى بمكّة المكرّمة سنة (535) . شذرات الذهب ج 4/106-. [1]
2- 2) الجمع بين الصحاح الستة و عنه العمدة لابن بطريق:402 ح 820، و الطرائف:201 ح 288، و [2]رواه أحمد في فضائله ج 2/774 ح 1368 و ص 779 ح 1384، و في مسنده ج 3/ 3 و 64، و الحاكم في المستدرك ج 3/166، و [3]الطبراني في المعجم الكبير ج 3/25-30، و أخرجه في البحار ج 37/73 [4] عن العمدة و ج 43/300 عن كشف الغمّة ج 1/521 [5]نقلا عن صحيح الترمذي ج 5/656 ح 3768، و [6]له تخريجات أخر تركناها للاختصار، و من شاء اكثر من هذه فليراجع تعليقة الطرائف ص 564 ح 13 و ص 565 ح 22. [7]
3- 3) الجمع بين الصحاح، و عنه العمدة لابن بطريق:402 ح 821، و أخرجه في البحار:43/ 300 [8]عن كشف الغمّة ج 1/522 [9] نقلا عن صحيح الترمذي ج 5/659 ح 3776.
4- 4) الحميدي: محمّد بن فتوح بن عبد اللّه بن أبي نصر الحافظ المؤرّخ المحدث الأندلسي المتوفى سنة (488 ه) -الاعلام ج 7/218-. [10]
5- 5) الجمع بين الصحيحين، و عنه العمدة لابن بطريق:400 ح 813.

9-و من «الجمع بين الصحيحين» أيضا عن الزهري، عن أنس، قال لم يكن أحد أشبه بالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من الحسن بن عليّ عليهما السلام (1).

10-و من «الجمع بين الصّحاح الستة» بإسناده، عن عقبة، قال:

رأيت أبا بكر، و قد حمل الحسن عليه السلام و هو يقول:

بأبي شبيها بالنبيّ ليس شبيها بعليّ

و عليّ عليه السلام يضحك (2).

11-و من كتاب «فضائل الصحابة» للسمعاني، قال: عن هانئ بن هانئ (3)، عن عليّ عليه السلام قال: الحسن عليه السلام أشبه برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ما بين الصّدر إلى الرأس، و الحسين عليه السلام أشبه برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ما أسفل من ذلك (4).

12-الترمذي (بسنده) في «صحيحه» يرفعه إلى أبي جحيفة، قال:

رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و كان الحسن بن عليّ عليه السلام يشبهه (5).

ص:72


1- 1) الجمع بين الصحيحين، و عنه العمدة:401 ح 817.
2- 2) الجمع بين الصحاح الستّة. . و عنه العمدة:404 ح 833.
3- 3) ذكره الرازي في الجرح و التعديل ج 9/101 و قال: هانئ بن هانئ الهمداني روى عن علي رضي اللّه عنه، روى عنه ابو اسحاق السبيعي.
4- 4) مسند ابن حنبل ج 1/108 و [1]فضائل الصحابة ج 2/774 ح 1366. [2]
5- 5) سنن الترمذي ج 5/659 ح 3777-و البحار ج 43/300 عن كشف الغمة ج 1/522. [3]

الباب الثالث عشر

في محبّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إيّاه من طريق

المخالفين

1-من «مسند» أحمد بن حنبل (1)، قال: حدّثنا صدقة (2)، قال: أخبرنا ابن عيينة، قال: أخبرنا أبو موسى (3)، عن الحسن، أنّه سمع أبا بكرة (4)، قال: سمعت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم على المنبر، و الحسن إلى جنبه، ينظر إلى الناس مرّة و إلى الحسن عليه السلام مرّة، و يقول: ابني هذا سيّد (5).

2-و عنه، قال: حدّثنا الحجّاج بن المنهال 6، قال: حدّثنا شعبة، قال

ص:73


1- 1) الحديث بهذا السند ليس في «المسند» نعم هو موجود فيه عن سفيان (ابن ابي عيينة) عن أبي موسى. . . الخ، و بهذا السند رواه البخاري في صحيحه.
2- 2) صدقة بن الفضل، أبو الفضل المروزي، عدّه ابن حجر من الطبقة العاشرة. التقريب ج 1/365-.
3- 3) أبو موسى: إسرائيل بن موسى البصري، نزل الهند، وثقه ابن معين و أبو حاتم، و قال ابن حجر ثقة من السادسة-رجال صحيح البخاري ج 1/94-.
4- 4) أبو بكرة: نفيع بن الحارث بن كلدة بن عمرو بن علاج الثقفي و امّه سميّة جارية الحارث، و هو أخو زياد بن أبيه لامّه، نزل من حصن الطائف فأسلم و أعتقه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، توفّي بالبصرة سنة (51) او (52 ه) -اسد الغابة ج 5/151-. [1]
5- 5) مسند ابن حنبل عن سفيان ج 5/38 و في فضائل الصحابة ج 2/768 ح 1354 و [2]ص 785 ح 1400، و النسائي في السنن ج 3/107 و أخرجه في البحار ج 37/73 [3] عن العمدة لابن بطريق:396 ح 796 نقلا عن صحيح البخاري ج 5/32.

أخبرني عديّ، قال: سمعت البراء بن عازب، قال: رأيت النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم على عاتقه الحسن، يقول: اللّهمّ إنّي احبّه فأحبّه 1.

3-و من «صحيح مسلم» في آخر الجزء الرّابع على حدّ عشرين قائمة [قال]و عن أحمد بن حنبل، حدّثنا سفيان بن عيينة، قال: حدّثني عبيد بن أبي يزيد 2، عن نافع بن جبير 3، عن أبي هريرة، عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال الحسن: إنّي احبّه اللّهمّ فأحبّه و أحبّ من يحبّه 4.

4-و عنه، قال: حدّثنا ابن أبي عمر 5، حدّثنا سفيان، عن عبيد اللّه بن أبي يزيد، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن أبي هريرة، قال: خرجت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم طائفة من النهار 6: لا يكلّمني و لا اكلّمه، حتى جاء سوق بني قينقاع، ثم انصرف حتّى أتى خباء 7فاطمة عليها السلام

ص:74

فقال: أ ثمّ لكع أ ثمّ لكع (1)؟ «يعني حسنا» فظننّا أنّما تحبسه (2)امّه لأن تغسله و تلبسه سخابا (3)، فلم يلبث أن جاء يسعى، حتّى اعتنق كلّ منهما صاحبه، فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: اللّهمّ انّي أحبّه (4)و أحبّ من يحبّه (5).

5-و عنه، قال: حدّثنا عبيد اللّه بن معاذ (6)، حدّثنا أبي، حدّثنا شعبة عن عديّ، و هو ابن ثابت، حدّثنا البراء بن عازب، قال: رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، واضعا الحسن بن عليّ على عاتقه، و هو يقول: اللّهمّ إنّي احبّه فأحبّه (7).

6-و عنه، قال: حدّثنا محمّد بن بشار (8)، عن البراء بن عازب (9)قال:

ص:75


1- 1) اللكع (بضم اللام و فتح الكاف) : الصبيّ الصغير.
2- 2) في صحيح مسلم: فظننا أنّه إنّما تحبسه.
3- 3) السخاب (بكسر السين المهملة بعدها خاء معجمة) : قلادة من مسك و قرنفل ليس فيها لؤلؤ و لا جوهر.
4- 4) في صحيح مسلم و البحار: [1] إنّي احبّه فاحبّه و أحبّ من يحبّه.
5- 5) صحيح مسلم ج 4/1882 ح 57 و عنه العمدة لابن بطريق:398 ح 805 و أخرجه في البحار ج 43/299 [2]عن كشف الغمة ج 1/520 [3] نقلا عن صحيحي مسلم و البخاري ج 7/204 و [4]رواه أحمد أيضا في مسنده ج 2/331.
6- 6) عبيد اللّه بن معاذ بن حسان التميمي البصري المتوفى سنة (237 ه) . رجال الكلاباذي ج 1/469-.
7- 7) صحيح مسلم ج 4/1883 ح 58 و فيه هكذا: رأيت الحسن بن عليّ على عاتق النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هو يقول: . . . و أخرجه في البحار ج 43/73 [5] عن العمدة لابن بطريق:398 ح 806 نقلا عن صحيح مسلم.
8- 8) محمّد بن بشّار: بن عثمان بن داود بن كيسان العبدي البصري يقال له: بندار، توفي سنة ( 252 ه) -رجال صحيح البخاري ج 2/640-.
9- 9) في صحيح مسلم: حدّثنا محمد بن بشّار، و ابو بكر بن نافع، قال ابن نافع: حدّثنا غندر، حدّثنا شعبة، عن عديّ، و هو ابن ثابت، عن البراء قال. . . .

رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، واضعا الحسن بن عليّ على عاتقه، و هو يقول: اللّهمّ إنّي أحبّه فأحبّه (1).

7-و من كتاب «الجمع بين الصحيحين» للحميدي، قال: عن الزهري عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قبّل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الحسن بن عليّ، و عنده الأقرع بن حابس التميمي جالس، فقال الأقرع ابن حابس: إنّ لي عشرة من الولد، ما قبّلت منهم أحدا، فنظر إليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ثمّ قال: من لا يرحم لا يرحم (2).

8-و من «الجمع بين الصّحاح الستة» في الجزء الثالث، قال: عن نافع ابن جبير، عن أبي هريرة، انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال للحسن اللّهم إنّي احبّه و احبّ من يحبّه (3).

9-و عنه، بإسناده، عن البراء بن عازب، قال: رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و الحسن عليه السلام على عاتقه، و يقول: اللّهمّ إني احبّه فأحبّه (4).

10-و عنه، عن أبي هريرة، قال: خرجت مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في طائفة من النّهار و لا يكلّمني و لا اكلّمه إلى آخر ما تقدّم من صحيح مسلم

ص:76


1- 1) صحيح مسلم ج 4/1883 ح 59 و عنه ابن بطريق في العمدة:399 ح 807 و أورده في صفة الصفوة ج 1/759، و [1]أحمد في فضائل الصحابة ج 2/768 ح 1353، و [2]في مسنده ج 4/ 292، و الترمذي في سننه ج 5/661 ح 3783.
2- 2) الجمع بين الصحيحين. . و عنه العمدة لابن بطريق:401 ح 819 و أخرجه في البحار ج 43 /259 [3]عن مناقب ابن شهر اشوب ج 4/25 [4] باختلاف، و روى نحوه البخاري في صحيحه ج 8/9 مثله، و مسلم في صحيحه ج 4/1808 ح 65 نحوه.
3- 3) الجمع بين الصحاح الستّة. . و عنه العمدة:402 ح 824.
4- 4) الجمع بين الصحاح الستّة. . و عنه العمدة:403 ح 825، و رواه أحمد في فضائل الصحابة ج 2/781 ح 1388، و [5]الطبراني في المعجم الكبير ج 3/18 ح 2582.

[في ح 4] (1).

11-و عنه بالإسناد، عن عقبة، قال: رأيت أبا بكر، و قد حمل الحسن عليه السلام و هو يقول:

بأبي شبيها بالنبيّ ليس شبيها بعليّ

و عليّ صلى اللّه عليه يضحك، و قد تقدّم أيضا و هو متكرّر في كتب العامة (2)

12-كتاب «حلية الاولياء» لأبي نعيم في الجزء الأوّل قال: عن عدي ابن ثابت، قال: سمعت البراء، يقول: رأيت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم واضعا الحسن عليه السلام على عاتقه، و قال: من يحبّني فليحبّه (3).

13-و عنه بالإسناد، قال أبو نعيم: عن أبي هريرة، قال: ما رأيت الحسن قطّ إلاّ فاضت عيناي دموعا، و ذلك أنّه أتى يوما يشتدّ حتى قعد في حجر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و رسول اللّه يفتح فمه و يدخل يده في فمه (4)و يقول اللّهمّ إنّي احبّه فأحبّه و أحبّ من يحبّه، يقولها ثلاث مرات (5).

14-أبو نعيم أيضا بالإسناد، قال: عن أبان بن الطفيل، يقول:

سمعت عليا عليه السلام يقول للحسن عليه السلام: أنت في الدنيا ببدنك، و في الآخرة بقلبك (6).

ص:77


1- 1) الجمع بين الصحاح. . و عنه العمدة:403 ح 828.
2- 2) الجمع بين الصحاح الستة تقدم في ص 58 ح 10. [1]
3- 3) حلية الاولياء ج 2/35، و [2]رواه الطيالسي في «المسند» :99، و فيهما: «من أحبّني فليحبّه» . و أخرجه في البحار ج 43/266 [3] عن كشف الغمّة ج 1/566 و في ص 294 عن مناقب ابن شهر اشوب ج 4/25 [4]نقلا عن حلية الأولياء. [5]
4- 4) في المصدر: «و يدخل فمه في فمه» .
5- 5) حلية الاولياء ج 2/35، و [6]أخرجه في البحار ج 43/266 [7] في ذيل ح 23 و في ص 301 عن كشف الغمّة ج 1/522 و [8]مناقب ابن شهر اشوب ج 4/25 [9] نحوه.
6- 6) في المصدر: «كن في الدنيا ببدنك و في الآخرة بقلبك» .

15-و عن الجزء المذكور من «الحلية» قال أبو نعيم: قال: عن المقدام ابن معدي (1)، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: الحسن منّي، و الحسين من عليّ (2).

16-كتاب «فضائل الصحابة» للسمعاني، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: كان الحسن عليه السلام عند النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و كان يحبّه حبّا شديدا، فقال: اذهب إلى امّك، فقلت:

أذهب معه؟ قال: لا، فجاءت برقة من السماء، فمشى في ضوئها حتى وصل إلى امّه (3).

17-و من الكتاب أيضا قال: عن أبي هريرة، قال: خرجت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لا يكلّمني و لا اكلّمه حتى أتى سوق بني قينقاع، ثمّ انصرف حتى أتى فاطمة عليها السلام فجلس، ثمّ قال: أ ثمّ-أ ثمّ لكع؟ يعني حسنا عليه السلام قال أبو هريرة: فظننت أنّما تحبسه امّه لتغسله و تلبسه سخابا، فلم يلبث أن جاء يسعى، حتى يعتنق كلّ واحد منهما صاحبه، فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّي أحبّه فأحبّه، و أحبّ من يحبّه (4).

ص:78


1- 1) المقدام بن معد يكرب أبو كريمة الكندي الشامي المتوفى سنة (87 ه) .
2- 2) لم نجده في الحلية، نعم أخرجه في البحار ج 43/285 [1]عن مناقب ابن شهر اشوب ج 2/387 [2]عن «الاحياء» و «الفردوس» قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «حسن منّي و حسين من عليّ» و رواه أحمد في المسند ج 4/132.
3- 3) فضائل الصحابة. . و [3]الحاكم في المستدرك روى نظيره و صحيحه في ج 3/167 من باب مناقب الحسن و الحسين عليهما السلام قال: حدّثنا ابو عبد اللّه محمد بن عبد اللّه الزاهد الاصبهاني، حدّثنا أحمد بن مهران، حدّثنا عبيد اللّه بن موسى. . أنبأنا كامل بن العلاء عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: كنّا نصلي مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم العشاء فكان يصلّي فاذا سجد وثب الحسن و الحسين عليهما السلام على ظهره و إذا رفع رأسه أخذهما فوضعهما وضعا رفيقا، فاذا عاد عادا فلمّا صلّى جعل واحدا هاهنا و واحدا هاهنا فجئته فقلت: يا رسول اللّه أ لا أذهب بهما إلى امّهما؟ قال لا، فبرقت برقة، فقال الحقا بامّكما، فما زال يمشيان في ضوئها حتى دخلا.
4- 4) تقدّم مع تخريجاته في ح 4.

و قد تقدّم الحديث، و هو متكرّر في كتب العامّة.

18-و من الكتاب المذكور، قال: عن عديّ بن ثابت، قال: سمعت البراء، يقول: رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم، حاملا الحسن على عاتقه، و هو يقول: اللّهمّ إنّي أحبّه فأحبّه (1).

19-و من الكتاب أيضا، قال السمعاني: عن جعفر بن عون عن اسامة بن زيد، عن عبد الرحمن (2)الأصفهاني، قال: جاء الحسن بن عليّ إلى أبي بكر، و هو على منبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، قال: انزل عن مجلس ابي، فقال: صدقت، و إنّه مجلس أبيك، ثمّ أجلسه في حجره، ثمّ بكى فقال عليّ عليه السلام: و اللّه ما كان هذا عن أمري، قال: صدقت، و اللّه ما اتّهمتك (3).

قال مؤلف هذا الكتاب: انظر إلى هذا الحديث الذي ترويه العامّة من قول الحسن عليه السلام: انزل عن مجلس أبي، و بكى أبو بكر، فإنّه لا شكّ إنّه مجلس أبيه عليّ بن أبي طالب عليه السلام و قوله الحقّ، و لهذا قال أمير المؤمنين عليه السلام: ما كان هذا عن أمري، قال: صدقت، و ما اتّهمتك، و هذا الحديث يعطي أنّ هذا مجلس لأمير المؤمنين عليه السلام، و هو مقام الخلافة بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم، و أبو بكر جلس في غير مجلسه، و هو مجلس أمير المؤمنين عليه السلام و العامّة ما زالوا يروون ما يوافق الحقّ من مذهب الإمامية رضوان اللّه عليهم، لكنّ العامّة لا يفقهون حديثا.

ص:79


1- 1) قد تقدّم في ح 12 مع تخريجاته.
2- 2) عبد الرحمن بن عبيد اللّه الاصفهاني، سمع ابن عبّاس، و روى عن أمير المؤمنين عليه السلام. الجرح و التعديل للرازي ج 5/258-.
3- 3) فضائل الصحابة.

ص:80

الباب الرابع عشر

في النص عليه من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بالامامة

و الوصاية في جملة الأئمة الاثني عشر عليهم السلام

1-محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه (1)رضي اللّه عنه، في كتاب «النصوص على الأئمة الاثني عشر عليهم السلام» قال: أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه بن سالم بن لا حق اللاحقي البصري في سنة (250) ، قال: حدّثنا محمّد ابن عمارة السكري، عن إبراهيم بن عاصم، عن عبد اللّه بن هارون الكرخي، قال: حدّثنا أحمد بن عبد اللّه بن يزيد بن سلامة، عن حذيفة بن اليمان، قال صلّى بنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ثم أقبل بوجهه الكريم علينا، ثم قال: معاشر اصحابي أوصيكم بتقوى اللّه، و العمل بطاعته، فمن عمل بها فاز و نجح و غنم، و من تركها حلّت عليه الندامة، فالتمسوا بالتقوى السلامة من أهوال يوم القيامة، فكأنّي ادعى فاجيب و إنّي تارك فيكم الثقلين: كتاب اللّه،

ص:81


1- 1) مصدر الرّواية كتاب كفاية الاثر لعلي بن محمّد الخزّاز القمي من أعلام الامامية في القرن الرابع، و هو و إن كان يحدّث عن الصدوق قدّس سرّهما و لكنّه ما حدّث هذه الرواية عنه، بل عن شيخه الآخر: محمّد بن عبد اللّه أبي المفضّل الشيباني المتوفى سنة (387) ، عن أبي الحسن عيسى بن العرّاد (او القرّاد الكبير) في سنة (310) ، عن محمّد بن عبد اللّه بن عمرو بن سالم بن لا حق أبي عبد اللّه اللاحقي الصفّار في سنة (250 ه) كما يستفاد من رجال النجاشي ج 2/270، و أمّا محمد بن عمارة و ابراهيم بن عاصم و عبد اللّه بن هارون الكرخي و أحمد بن عبد اللّه، فلم أجد لهم ترجمة في كتب الرّجال.

و عترتي أهل بيتي، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا و من تمسّك بعترتي من بعدي كان من الفائزين، و من تخلّف عنهم كان من الهالكين.

فقلت: يا رسول اللّه على من تخلّفنا؟ قال: على من خلّف موسى بن عمران قومه؟ قلت: على وصيّه يوشع بن نون، قال: إنّ (1)وصيّي و خليفتي من بعدي عليّ بن أبي طالب عليه السلام قائد البررة، و قاتل الكفرة، منصور من نصره، مخذول من خذله.

قلت: يا رسول اللّه فكم تكون الأئمّة من بعدك؟ قال: عدد نقباء بني إسرائيل، تسعة من صلب الحسين، أعطاهم اللّه تعالى علمي و فهمي، خزّان (2)علم اللّه، و معادن وحي اللّه تعالى.

قلت: فما لأولاد الحسن؟ قال: إنّ اللّه تبارك و تعالى جعل الامامة في عقب الحسين، و ذلك قوله عزّ و جلّ وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (3).

قلت: أ فلا تسمّيهم لي يا رسول اللّه؟ قال: نعم إنّه لمّا عرج بي إلى السماء نظرت إلى ساق العرش، فرأيت مكتوبا بالنور: لا إله إلاّ اللّه محمّد رسول اللّه، أيّدته بعليّ، و نصرته به، و رأيت أنوار الحسن، و الحسين، و فاطمة، و رأيت في ثلاثة مواضع: عليّا، عليّا، عليّا، و محمدا، محمدا، و جعفر، و موسى، و الحسن، و الحجّة يتلألأ من بينهم كأنّه كوكب دري.

فقلت: يا رب من هؤلاء الذين قرنت أسماءهم باسمك؟ قال: يا محمّد إنّهم هم الأوصياء (4)و الأئمة بعدك، خلقتهم من طينتك، فطوبى لمن أحبّهم،

ص:82


1- 1) في المصدر و البحار: [1] فإنّ وصيي.
2- 2) في البحار: و [2]هم خزّان علم اللّه و معادن وحيه.
3- 3) الزخرف:28. [3]
4- 4) في البحار: [4] إنّهم الأوصياء.

و الويل لمن أبغضهم فبهم (1)انزل الغيث، و بهم اثيب و اعاقب، ثمّ رفع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يده إلى السماء، و دعا بدعوات، سمعته يقول:

اللّهمّ اجعل العلم و الفقه في عقبي، و عقب عقبي، و في زرعي، و زرع زرعي (2)

2-محمّد بن إبراهيم النعماني (3)، روى عن أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة، و محمّد بن همام بن سهل، و عبد العزيز (4)، و عبد الواحد (5)ابنا عبد اللّه ابن يونس، عن رجالهم، عن عبد الرزاق بن همام، عن معمر بن راشد، عن أبان بن أبي عيّاش (6)، عن سليم بن قيس الهلالي.

و أخبرنا به من غير هذه الطرق هارون بن محمّد، قال: حدّثني أحمد بن عبيد اللّه بن جعفر المعلّى الهمداني عن أبي الحسن عمر بن جامع بن عمر بن حرب الكندي، قال: حدّثنا عبد اللّه بن مبارك، شيخ لنا كوفيّ ثقة، قال: حدّثنا عبد الرزّاق بن همام، عن معمر، عن أبان بن أبي عيّاش، عن سليم بن قيس الهلالي و ذكر أبان أنّه سمعه أيضا عن عمر بن أبي سلمة (7).

ص:83


1- 1) في البحار: و [1]بهم انزل الغيث.
2- 2) كفاية الاثر:136 و [2]عنه البحار ج 36/331 ح 191. [3]
3- 3) النعماني: محمد بن ابراهيم بن جعفر أبو عبد اللّه الكاتب المعروف بابن أبي زينب من اجلاّء الإمامية عظيم القدر، شريف المنزلة من شيوخ الاجازة، قدم بغداد، و خرج الى الشام، و مات بها بعد سنة (342) -رجال النجاشي ج 2/302-.
4- 4) عبد العزيز بن عبد اللّه بن يونس الموصلي الاكبر ابو الحسن-روى عنه التلّعكبريّ و سمع منه سنة (326 ه) -جامع الرواة ج 1/458-. [4]
5- 5) عبد الواحد بن عبد اللّه بن يونس الموصلي أبو القاسم سمع منه التلّعكبريّ أيضا سنة (326 ه) . جامع الرواة ج 1/522-. [5]
6- 6) أبان بن ابي عيّاش فيروز التابعي-كان من اصحاب السجاد و الباقر و الصادق عليهم السلام. جامع الرواة ج 1/9-.
7- 7) عمر بن أبي سلمة ابن أمّ سلمة ربيب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ولاّه البحرين و قتل بصفين سنة (37) -جامع الرواة ج 1/630-. [6]

قال معمر و ذكر أبو هارون العبدي أنّه سمعه أيضا من عمر بن أبي سلمة عن سليم، أنّ معاوية لمّا دعا أبا الدرداء، و أبا هريرة، و نحن مع أمير المؤمنين بصفّين فحمّلهما الرسالة إلى أمير المؤمنين عليه السلام و أدّيا إليه، قال: بلّغتماني ما أرسلكما به معاوية، فاسمعا منّي و بلّغاه عنّي، قالا: نعم، فأجابه عليّ عليه السلام الجواب بطوله، حتّى انتهى إلى نصب رسول اللّه إيّاه بغدير خمّ بأمر اللّه عزّ و جلّ لمّا أنزل اللّه عزّ و جلّ عليه: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اَللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا اَلَّذِينَ يُقِيمُونَ اَلصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ اَلزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ (1)فقال الناس: يا رسول اللّه أ خاصّة لبعض المؤمنين أم عامّة لجميعهم؟ فأمر اللّه نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أن يعلمهم ولاية من أمر اللّه به، و أن يفسّر لهم من الولاية ما فسّر لهم من صلاتهم، و زكاتهم، و صومهم، و حجّهم.

و قال عليّ عليه السلام: فنصبني رسول اللّه بغدير خمّ، و قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ أرسلني برسالة ضاق بها صدري، و ظننت أنّ الناس مكذّبي، فأوعدني لأبلغنها أو ليعذّبني، ثم قال: قم يا عليّ، ثمّ نادى بأعلى صوته، بعد أن أمر أن ينادى بالصلاة جامعة، فصلّى بهم الظهر.

ثم قال: أيّها الناس إنّ اللّه مولاي، و أنا مولى المؤمنين، و أنا أولى بهم من أنفسهم، و من كنت مولاه فعلي مولاه، و الى اللّه من والاه، و عادى اللّه من عاداه فقام إليه سلمان الفارسي، فقال: يا رسول اللّه ولاه (2)ما ذا؟ فقال: من كنت أولى به من نفسه فعليّ أولى به من نفسه، فأنزل اللّه: اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ، وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي، وَ رَضِيتُ لَكُمُ اَلْإِسْلامَ دِيناً (3)فقال سلمان الفارسي يا رسول اللّه الآيات في عليّ خاصة؟ فقال: بل فيه، و في أوصيائي إلى يوم

ص:84


1- 1) المائدة:55. [1]
2- 2) في المصدر المطبوع: فقال: يا رسول اللّه ولائه كماذا؟ فقال: كولايتي.
3- 3) المائدة:3. [2]

(القيامة) ، فقال: يا رسول اللّه سمّهم لي.

فقال: عليّ وصيي، و وزيري، و وارثي، و خليفتي في أمّتي، و وليّ كلّ مؤمن و مؤمنة من بعدي، و أحد عشر إماما من بعدي، من ولدي أوّلهم حسن، ثم ابني حسين، ثم تسعة من ولد الحسين، واحد بعد واحد، هم مع القرآن، و القرآن معهم، لا يفارقونه حتى يردوا عليّ حوضي.

فقام اثنا عشر رجلا من البدريّين، فقالوا شهدنا أنّا سمعنا ذلك من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كما قلت يا أمير المؤمنين، سواء لم تزد و لم تنقص، و قال بقية السبعين الذين شهدوا مع عليّ عليه السلام صفين: قد حفظنا جلّ ما قلت، و لم نحفظه كلّه، و هؤلاء الاثنا عشر خيارنا و أفاضلنا، فقال عليه السلام صدقتم ليس كلّ الناس يحفظ، بعضهم أفضل من بعض.

و قام من الاثنى عشر أربعة أبو الهيثم بن التيهان، و أبو أيّوب، و عمّار، و خزيمة ذو الشهادتين، فقالوا: شهدنا أنّا حفظنا قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، قال يومئذ، و عليّ عليه السلام قائم إلى جنبه: يا أيّها الناس إنّ اللّه أمرني أن أنصب إليكم إمامكم، و وصيّي فيكم، و خليفتي في أهلي و في أمّتي من بعدي، و الذي فرض اللّه طاعته على المؤمنين في كتابه و أمركم فيه بولايته، فقلت يا ربّ خشيت طعن أهل النفاق (1)و تكذيبهم، فأوعدني لأبلّغنّها أو ليعاقبني.

أيّها الناس إنّ اللّه جلّ ذكره أمركم في كتابه بالصلاة، و قد بيّنتها لكم، و الزكاة، و الصوم، و الحجّ، فبيّنه و فسّره لكم (2)، و أمركم في كتابه بولايته، و إنّي اشهدكم أيّها الناس أنّها خاصّة لعليّ و أوصيائي من ولدي و ولده، أوّلهم حسن، ثم ابني حسين، ثمّ تسعة من ولد الحسين عليه السلام، لا يفارقون الكتاب حتّى يردوا عليّ الحوض.

ص:85


1- 1) في المصدر المطبوع: فراجعت ربّي خشية طعن أهل النفاق.
2- 2) في المصدر: فبيّنتها و فسّرتها لكم.

أيّها الناس قد أعلمتكم المهديّ بعدي، و وليّكم، و إمامكم، و هاديكم بعدي، و هو أخي عليّ بن أبي طالب عليه السلام، و هو فيكم بمنزلتي، فقلّدوه دينكم، و أطيعوه في جميع أموركم، فإنّ عنده جميع ما علّمني اللّه جلّ و عزّ، أمرني اللّه أن أعلّمه إيّاه، و أن اعلمكم أنّه عنده، فاسألوه، و تعلّموا منه، و من أوصيائه و لا تعلّموهم، و لا تتقدّموهم، و لا تخلفوا عنهم، فإنّهم مع الحقّ، و الحقّ معهم، لا يزايلونه، و لا يزايلهم.

ثم قال عليّ عليه السلام لأبي الدرداء (1)، و أبي هريرة، و من حوله: يا أيها الناس إنّ اللّه أنزل في كتابه: إِنَّما يُرِيدُ اَللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ اَلرِّجْسَ أَهْلَ اَلْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (2)فجمعني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و فاطمة، و حسنا، و حسينا في كساء، فقال: اللّهمّ هؤلاء لحمتي، و عترتي و ثقلي، و حامتي و أهل بيتي، فأذهب عنهم الرّجس، و طهّرهم تطهيرا، فقالت أمّ سلمة: و أنا فقال لها: و أنت إلى خير، إنّما نزلت: فيّ و في أخي، و في ابنتي: فاطمة، و في ابنيّ: حسن و حسين، و في تسعة من ولد الحسين خاصّة، ليس معنا غيرنا فقام جلّ القوم فقالوا: نشهد أنّ أمّ سلمة حدّثتنا بذلك، فسألنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فحدثتنا أم سلمة.

(قال عليّ عليه السلام انشدكم اللّه هل تعلمون أنّ اللّه جلّ اسمه أنزل يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقُوا اَللّهَ وَ كُونُوا مَعَ اَلصّادِقِينَ (3)؟ فقال سلمان: يا رسول اللّه أ عامّة أم خاصّة؟ فقال: أمّا المؤمنون فعامّة، لأنّ جماعة أمروا بذلك، و أمّا الصادقون فخاصّة عليّ بن أبي طالب و أوصيائي من بعده إلى يوم القيامة، و قلت

ص:86


1- 1) أبو الدرداء: عويمر بن مالك بن زيد بن اميّة بن عامر الانصاري المتوفى بالشام سنة (31) ، و بعدها-رجال صحيح البخاري ج 2/592-.
2- 2) الاحزاب:33. [1]
3- 3) التوبة:119. [2]

لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في غزوة تبوك: يا رسول اللّه لم خلّفتني؟ فقال: إنّ المدينة لا تصلح إلاّ بي و بك، و أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ النّبوة، فإنه لا نبيّ بعدي، فقام رجال ممّن معه من المهاجرين و الأنصار فقالوا:

نشهد سمعنا ذلك من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في غزوة تبوك، فقال عليّ انشدكم اللّه-خ م) .

فقال عليّ عليه السلام: أ لستم تعلمون أن اللّه عزّ و جلّ أنزل في سورة الحجّ: يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِرْكَعُوا وَ اُسْجُدُوا وَ اُعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَ اِفْعَلُوا اَلْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* وَ جاهِدُوا فِي اَللّهِ حَقَّ جِهادِهِ*هُوَ اِجْتَباكُمْ وَ ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي اَلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمّاكُمُ اَلْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَ فِي هذا لِيَكُونَ اَلرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَ تَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى اَلنّاسِ (1).

فقام سلمان عند نزولها فقال: يا رسول اللّه من هؤلاء الذين أنت شهيد عليهم، و هم شهداء على الناس؟ فقال: الذين اختارهم اللّه، و لم يجعل عليهم في الدّين من حرج ملّة إبراهيم، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: عنى بذلك ثلاثة عشر إماما (2)أنا، و أخي عليّ، و أحد عشر من ولده، فقالوا: اللّهمّ نعم، قد سمعنا ذلك من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

فقال عليّ عليه السلام: أنشدتكم اللّه أ تعلمون أنّ رسول اللّه قام خطيبا ثمّ لم يخطب بعد ذلك فقال: أيّها الناس إنّي قد تركت فيكم أمرين، لن تضلّوا ما إن تمسّكتم بهما: كتاب اللّه، و عترتي أهل بيتي، فإنّ اللطيف الخبير قد أخبرني و عهد إليّ أنّهما لا يفترقان حتّى يردا عليّ الحوض؟ قالوا: اللّهمّ قد شهدنا ذلك

ص:87


1- 1) الحجّ:77-78. [1]
2- 2) في الطبع الحجري من المصدر: عنى بذلك ثلاثة عشر إنسانا و في تفسير البرهان في تفسير آية 77 [2]78 من سورة الحجّ [3]نقلا عن سليم بن قيس، عن أمير المؤمنين عليه السلام بعد سؤال سلمان عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، قال: فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: عنى بذلك ثلاثة عشر أسباطا: أنا و أخي عليّ و أحد عشر من ولد عليّ عليه السلام.

كلّه من رسول اللّه.

فقام اثنا عشر من الجماعة، فقالوا: نشهد أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حين خطب في اليوم الذي قبض فيه، قام عمر بن الخطاب شبه المغضب، فقال: يا رسول اللّه لكلّ أهل بيتك؟ فقال: لا، و لكنّ الأوصياء منهم: عليّ أخي، و وزيري، و وارثي، و خليفتي في أمّتي، و وليّ كلّ مؤمن بعدي، و هو أوّلهم، و خيرهم، ثم وصيّي ابني هذا و أشار الى الحسن، ثم وصيّه ابني هذا، و أشار الى الحسين، ثمّ وصيّه ابني سميّ أخي، ثمّ وصيّه بعده سميّي ثمّ سبعة بعده، من ولده واحدا بعد واحد، حتى يردوا عليّ الحوض، شهداء اللّه في أرضه، و حججه على خلقه، من أطاعهم أطاع اللّه، و من عصاهم عصى اللّه.

فقام السبعون البدريّون، و نحوهم من المهاجرين، فقالوا: ذكّرتمونا ما كنّا نسيناه، نشهد أنّا قد سمعنا ذلك من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فانطلق أبو هريرة و أبو الدرداء فحدّثا معاوية بكلّ ما قال عليّ عليه السلام، و استشهد عليه و ما ورد على الناس، و ما سمعوا به (1).

قال مؤلّف هذا الكتاب: الروايات في النصّ على الأئمة الاثنى عشر عليهم السلام بأنّهم أوصياء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كثيرة، بالنصّ من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يطول الكتاب بذكرها، من أراد الوقوف عليها فعليه بكتاب «الانصاف في النص على الأئمة الاثني عشر عليهم السلام» و كتاب «التحفة البهية» في إثبات الوصية لأمير المؤمنين و ولده الأئمة الأحد عشر الذين أوّلهم الحسن إلى المهديّ عليهم السلام، و في هذين الكتابين ما لا مزيد

ص:88


1- 1) غيبة النعماني:68، و [1]عنه بحار الأنوار ج 8/512 الى 516 ط الحجر [2]باختلاف و عن كتاب سليم بن قيس الهلالي:182-190 و اورد المصنّف قطعة منه في تفسير «البرهان» في ذيل آية 77-78 من سورة الحجّ ج 3/106 و الحديث في كتاب سليم طويل من ص 179-207 من الطبعة الحديثة، و المصنّف قدّس سرّه أخذ موضع الحاجة منه.

عليه، فقد أكثرت الرواية في ذلك بالنّص من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من طريق الخاصّة و العامّة، و بذلت جهدي في تأليفهما، ففيهما ما يقرّ عين الودود و يكبب الجاحد الحسود، لأنّ هذا الكتاب مبنيّ على الاختصار، مجتنبا فيه الإطناب و الإكثار.

ص:89

ص:90

الباب الخامس عشر

في النص عليه من أبيه عليه السلام بالوصاية

1-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، و عمر بن اذينة، عن أبان، عن سليم ابن قيس، قال: شهدت وصية أمير المؤمنين عليه السلام حين أوصى إلى ابنه الحسن عليه السلام، و أشهد على وصيّته الحسين عليه السلام و محمّدا و جميع ولده و رؤساء شيعته، و أهل بيته، ثم دفع إليه الكتاب، و السلاح، و قال لابنه الحسن عليه السلام: يا بنيّ أمرني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أن اوصي إليك، و أن أدفع إليك كتبي، و سلاحي، كما أوصى إليّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و دفع إليّ كتبه، و سلاحه، و أمرني أن آمرك إذا حضرك الموت أن تدفعها إلى أخيك الحسين عليه السلام، ثمّ أقبل إلى ابنه الحسين عليه السلام فقال: و أمرك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أن تدفعها إلى ابنك هذا، ثمّ أخذ بيد عليّ بن الحسين، ثمّ قال لعليّ بن الحسين عليه السلام:

و أمرك رسول اللّه أن تدفعها إلى ابنك محمّد بن عليّ، و اقرأه من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و منّي السلام (1).

ص:91


1- 1) الكافي ج 1/297 ح 1 و [1]اخرجه في البحار ج 43/322 ح 1 [2]عن اعلام الورى:207. [3]

2-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الصمد بن بشير (1)عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إنّ أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه لمّا حضره الذي حضره، قال لابنه الحسن: ادن منّي حتى اسرّ إليك ما أسرّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إليّ و آتمنك على ما ائتمنني عليه ففعل (2).

3-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي (3)، قال: حدّثني الأجلح (4)، و سلمة بن كهيل، و داود بن أبي يزيد (5)، و زيد اليماني، قالوا:

حدّثنا شهر بن حوشب (6)أنّ عليا عليه السلام حين سار إلى الكوفة استودع أمّ سلمة كتبه و الوصية، فلمّا رجع الحسن عليه السلام دفعتها إليه (7).

4-و في نسخة الصفواني: أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن سيف، عن أبي بكر، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، أنّ عليّا عليه السلام حين سار إلى الكوفة استودع أمّ سلمة كتبه و الوصية، فلمّا رجع الحسن عليه السلام

ص:92


1- 1) عبد الصمد بن بشير العرامي الكوفي العبدي مولاهم من أصحاب الصادق عليه السلام.
2- 2) الكافي ج 1/298 و [1]أخرجه في البحار ج 43/322 ح 3 [2]عن اعلام الورى:207 [3]نقلا عن الكافي. [4]
3- 3) ابو بكر الحضرمي: عبد اللّه بن محمد الكوفي روى عن الصادق عليه السلام. جامع الرواة ج 1/501-. [5]
4- 4) اجلح بن عبد اللّه أبو حجية الكندي الكوفي الشيعي يقال: اسمه يحيى من مشاهير محدّثي الكوفة توفي سنة (145 ه) -ميزان الاعتدال ج 1/78-.
5- 5) داود بن أبي يزيد فرقد العطار الكوفي الأسدي روى عن الصادق و الكاظم عليهما السلام. جامع الرواة ج 1/305-. [6]
6- 6) شهر بن حوشب الأشعري الشامي المتوفى سنة (100 ه) . العبر ج 1/119-. [7]
7- 7) الكافي ج 1/298 ح 3 و [8]أخرجه في البحار ج 43/322 ح 4 [9]عن اعلام الورى:207. [10]

دفعتها إليه (1).

5-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسى، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: أوصى أمير المؤمنين عليه السلام إلى الحسن، و أشهد على وصيّته الحسين عليه السلام، و محمّدا (2)، و جميع ولده، و رؤساء شيعته، و أهل بيته، ثمّ دفع إليه الكتاب و السلاح (3).

ثم قال لابنه الحسن: يا بنيّ أمرني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أن اوصي إليك، و أن أدفع إليك كتبي و سلاحي، كما أوصى إليّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و دفع إليّ كتبه و سلاحه، و أمرني أن آمرك إذا حضرك الموت أن تدفعه إلى أخيك الحسين، ثمّ أقبل على ابنه الحسين، و قال: أمرك رسول اللّه أن تدفعه إلى ابنك هذا، ثمّ أخذ بيد ابن ابنه عليّ بن الحسين عليهما السلام ثمّ قال لعليّ بن الحسين: يا بنيّ و أمرك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أن تدفعه إلى ابنك محمّد بن عليّ، و اقرأه (4)من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و منّي السلام (5).

ص:93


1- 1) الكافي ج 1/298 ح 4. [1]
2- 2) محمّد: بن عليّ بن ابي طالب عليه صلوات اللّه أبو القاسم المعروف بابن الحنفية، و امّه خولة بنت جعفر الحنفيّة. كان أحد الابطال الأشدّاء في صدر الاسلام، ولد بالمدينة سنة (21 ه) ، و توفّي بها سنة (81 ه) . الاعلام ج 7/152-. [2]
3- 3) قال المجلسي قدّس سرّه: المراد بالكتاب الجنس، أي جميع ما في الجفر الأبيض من الكتب، و كذا المراد بالسلاح جميع ما في الجفر الأحمر من الأسلحة. مرآة العقول ج 3/291-. [3]
4- 4) اقرأه من باب منع أو الإفعال.
5- 5) الكافي ج 1/298 ح 5 و [4]أخرجه في بحار الأنوار ج 43/322 [5]عن إعلام الورى 207 [6]نقلا عن الكافي. [7]

6-و عنه، عن الحسين بن الحسن، رفعه، و محمّد بن الحسن، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمري رفعه، قال: لمّا ضرب أمير المؤمنين عليه السلام حفّ به العوّاد، و قيل له: يا أمير المؤمنين أوص، فقال: اثنوا لي و سادة، ثمّ قال: الحمد للّه الذي حقّ قدره، متّبعين أمره، أحمده كما أحبّ، و لا إله إلاّ اللّه الواحد الأحد الصّمد كما انتسب، أيّها الناس كلّ امرئ لاق في فراره ما منه يفرّ، و الأجل مساق النفس إليه، و الهرب منه موافاته، كم اطّردت الأيّام أبحثها عن مكنون هذا الأمر، فأبي اللّه عزّ ذكره إلاّ إخفائه، هيهات علم مكنون.

أمّا وصيّتي فأن لا تشركوا باللّه جلّ ثناؤه شيئا، و محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فلا تضيّعوا سنّته، أقيموا هذين العمودين، و أوقدوا هذين المصباحين، و خلاكم ذمّ ما لم تشردوا، و حمّل كلّ امرئ منكم مجهوده، و خفّف عن الجهلة، ربّ رحيم، و إمام عليم، و دين قويم.

أنا بالأمس صاحبكم، و اليوم عبرة لكم، و غدا مفارقكم، إن تثبت الوطأة في هذه المزلّة فذاك المراد، و إن تدحض القدم فإنّا كنا في أفياء أغصان، و ذرى رياح، و تحت ظلّ غمامة، اضمحلّ في الجوّ متلفّقها، و عفا في الأرض مخطّها.

و ساق الحديث، ثم قال في آخره: ثمّ أقبل على الحسن عليه السلام، فقال: يا بنيّ ضربة مكان ضربة و لا تأثم (1).

قلت: إنّ الحسن عليه السلام وصيّ أبيه عليه السلام معلوم بين الخاصّة و العامّة مسطور في كتبهم، و الحمد للّه أوّلا و آخرا.

ص:94


1- 1) الكافي ج 1/299 ح 6، و [1]عنه البحار ج 43/206 ح 11. [2]

المنهج الرابع في الإمام الثالث أبي عبد اللّه الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهما السلام

اشارة

بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه ربّ العالمين و صلى اللّه على محمّد و آله الطاهرين أمّا بعد فهذا المنهج الرابع في الإمام الثالث أبي عبد اللّه الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، و فيه أحد و عشرون بابا.

الباب الأوّل في شأنه في الأمر الأوّل.

الباب الثاني، و هو من الباب الأوّل.

الباب الثالث في مولده عليه السلام.

الباب الرابع في اشتقاق اسمه عليه السلام من اسم اللّه جلّ جلاله.

الباب الخامس في أنّه لم يجعل اللّه عزّ و جلّ له من قبل سميّا.

الباب السّادس في ارتضاعه من إبهام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

الباب السابع فيما جاء فيه من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من مناقبه و محبّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم له من طريق الخاصّة و العامّة.

الباب الثامن فيما جاء فيه و في أخيه الحسن عليهما السلام من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أنّهما سيّدا شباب أهل الجنة من طريق الخاصّة و العامّة.

الباب التاسع في شبهه برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من طريق الخاصّة و العامّة.

الباب العاشر-في أنّه اعطي علم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في جملة الأئمّة الاثنى عشر عليهم السلام.

ص:95

الباب الحادي عشر-في علمه عليه السلام بلغات المدينتين ألف ألف لغة الباب الثاني عشر في أدبه عليه السلام مع جدّه و أبيه و أمّه و أخيه عليهم السلام.

الباب الثالث عشر-في صلاته عليه السلام على الناصب.

الباب الرابع عشر في عبادته عليه السلام و محافظته على الصلاة و حجّه.

الباب الخامس عشر-في جوده عليه السلام.

الباب السادس عشر-في ذكره عليه السلام ما قاله رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في أبيه و أمه و أخيه و نفسه عليهم السلام بعد اندراسها.

الباب السابع عشر في حديثه مع معاوية و خلاصه من مكروهه.

الباب الثامن عشر-في أنّه وصيّ أخيه عليهما السلام.

الباب التاسع عشر-في إقدامه على الشهادة مع علمه عليه السلام.

الباب العشرون-في احتجاجه على القوم الظالمين.

الباب الحادي و العشرون-في صبره عليه السلام.

ص:96

الباب الأول

في شأنه في الأمر الأوّل

1-الشيخ أبو جعفر الطوسي في «مصباح الأنوار» عن أنس بن مالك، قال: صلّى بنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في بعض الأيّام صلاة الفجر ثمّ أقبل علينا بوجهه الكريم، فقلت: يا رسول اللّه إن رأيت أن تفسّر لنا قول اللّه عزّ و جلّ: فَأُولئِكَ مَعَ اَلَّذِينَ أَنْعَمَ اَللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ اَلنَّبِيِّينَ وَ اَلصِّدِّيقِينَ وَ اَلشُّهَداءِ وَ اَلصّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً (1)فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

أمّا النبيّون فأنا، و أمّا الصدّيقون فأخي عليّ بن أبي طالب، و أمّا الشهداء فعمّي حمزة، و أمّا الصالحون فابنتي فاطمة، و أولادها الحسن، و الحسين عليهم السلام.

قال: و كان العبّاس حاضرا، فوثب و جلس بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و قال: ألسنا أنا، و أنت، و عليّ، و فاطمة، و الحسن، و الحسين عليهم السلام من نبعة (2)واحدة؟ قال: و كيف ذلك يا عمّ (3)؟ قال

ص:97


1- 1) سورة النساء:69. [1]
2- 2) النبعة: واحدة النبع و هو شجر تتّخذ منه السهام و القسي، و يقال: هو من نبعة كريمة أي من أصل كريم.
3- 3) في بحار الأنوار: و [2]ما ذاك يا عمّ.

العبّاس: لأنّك تعرّف بعليّ، و فاطمة، و الحسن، و الحسين دوننا، فتبسّم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و قال: أمّا قولك يا عمّ: ألسنا من نبعة واحدة؟ فصدقت، و لكن يا عمّ إنّ اللّه خلقني و عليّا، و فاطمة، و الحسن، و الحسين قبل أن يخلق آدم، حيث لاسماء مبنيّة (1)و لا أرض مدحيّة، و لا ظلمة، و لا نور، و لا جنّة، و لا نار، و لا شمس، و لا قمر.

قال العباس: و كيف كان بدؤ خلقكم يا رسول اللّه؟ قال: يا عمّ لمّا أراد اللّه أن يخلقنا تكلّم بكلمة، فخلق منها نورا، ثمّ تكلّم بكلمة، فخلق منها روحا فمزج الروح بالنور، فخلقني، و أخي عليّا (2)و فاطمة، و الحسن، و الحسين، فكنّا نسبّحه حين لا تسبيح، و نقدّسه حين لا تقديس، فلمّا أراد اللّه أن ينشىء الصنعة، فتق نوري، فخلق منه العرش، فنور العرش من نوري، و نوري خير من نور العرش (3).

ثمّ فتق نور أخي عليّ بن أبي طالب، فخلق منه نور الملائكة، فنور الملائكة من نور عليّ فنور عليّ أفضل من الملائكة (4).

ثمّ فتق نور ابنتي فاطمة، فخلق منه نور السّماوات و الأرض، فنور ابنتي فاطمة أفضل من نور السّماوات و الأرض (5).

ثمّ فتق نور ولدي الحسن، فخلق منه الشّمس و القمر، فنور ولدي الحسن أفضل من الشّمس و القمر (6).

ص:98


1- 1) في البحار: [1] حين لا سماء مبنيّة.
2- 2) في البحار: [2] فخلقني و خلق عليّا.
3- 3) في البحار: [3] فالعرش من نوري، و نوري من نور اللّه، و نوري أفضل من العرش.
4- 4) في بحار الأنوار: [4] ثم فتق نور أخي عليّ فخلق منه الملائكة، فالملائكة من نور أخي عليّ و نور عليّ من نور اللّه، و عليّ أفضل من الملائكة.
5- 5) في البحار: [5] ثمّ فتق نور ابنتي فاطمة فخلق منه السماوات و الأرض، فالسماوات و الأرض من نور ابنتي فاطمة، و نور ابنتي فاطمة من نور اللّه تعالى و ابنتي فاطمة أفضل من السّماوات و الأرض.
6- 6) في البحار: [6] ثمّ فتق نور ولدي الحسن و خلق منه الشمس و القمر، فالشمس و القمر من نور ولدي-

ثمّ فتق نور ولدي الحسين، فخلق منه الجنّة و الحور العين، فنور ولدي الحسين أفضل من الجنّة و الحور العين (1).

ثمّ أمر اللّه الظّلمات أن تمرّ على السموات (2)، فأظلمت السموات على الملائكة، فضجت الملائكة بالتسبيح و التقديس، و قالت: إلهنا و سيّدنا منذ خلقتنا و عرّفتنا هذه الأشباح لم نر بؤسا (3)، فبحقّ هذه الأشباح إلاّ كشفت عنّا هذه الظلمة، فأخرج اللّه من نور ابنتي فاطمة قناديل معلّقة في بطنان العرش، فأزهرت السموات و الأرض، ثم أشرقت بنورها، فلأجل ذلك سمّيت الزهراء.

فقالت الملائكة: إلهنا و سيّدنا لمن هذا النور الزاهر الّذي قد أزهرت (4)منه السموات و الأرض؟ فأوحى اللّه إليهم: هذا نور اخترعته من نور جلالي لأمتي فاطمة ابنة حبيبي، و زوجة وليّي، و أخي نبيّي، و أبي حججي على عبادي أشهدكم ملائكتي أنّي قد جعلت ثواب تسبيحكم لهذه المرأة و شيعتها ثم لمحبّيها إلى يوم القيامة 5، فلمّا سمع العبّاس من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ذلك وثب قائما، و قبّل بين عيني عليّ عليه السلام و قال: و اللّه يا عليّ أنت الحجّة البالغة لمن آمن باللّه و اليوم الآخر 6.

ص:99


1- 1) في البحار: ثمّ ف [1]تق نور ولدي الحسين فخلق منه الجنّة و الحور [2] العين، فالجنّة و الحور العين من نور ولدي الحسين، و نور ولدي الحسين من نور اللّه فولدي الحسين أفضل من الجنّة و الحور العين.
2- 2) في بحار ال [3]أنوار: أن تمرّ على سحائب النظر، و في «البرهان» : أن تمرّ بسحائب الظلم.
3- 3) في البحار: [4] لم نر بأسا.
4- 4) في البحار: [5] قد أشرقت به السماوات و الأرض.

ص:100

الباب الثاني

و هو من الباب الأوّل

1-الشيخ فخر الدين النجفي (1)في كتابه قال: حكى عروة البارقي (2)حججت في بعض السنين، فدخلت مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فوجدت رسول اللّه جالسا و حوله غلامان يافعان (3)و هو يقبّل هذا مرّة، و هذا أخرى فإذا رآه الناس يفعل ذلك أمسكوا عن كلامه، حتّى يقضي وطره منهما، و ما يعرفون لأيّ سبب حبّه إيّاهما، فجئته، و هو يفعل ذلك بهما، فقلت: يا رسول اللّه هذان ابناك؟ فقال انهما: ابنا ابنتي، و ابنا أخي، و ابن عمّي، و أحبّ الرجال إليّ و من هو سمعي و بصري، و من نفسه نفسي (4)، و من أحزن لحزنه، و يحزن لحزني.

ص:101


1- 1) الشيخ فخر الدين النجفي: فخر الدين بن محمد بن علي بن أحمد بن طريح الرماحي، توفّي بالرماحيّة سنة (1085) ه، و هو في هدية العارفين ج 1/432 « [1]فخر الدين طريح بن محمّد» .
2- 2) البارقي: عروة بن أبي الجعد صحابيّ، حديثه في شرائه شاتين بدينار للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ثمّ بيع إحداهما بدينار و دعاء الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم له معروف، استعمله عمر على قضاء الكوفة قبل أن يستعمل شريحا، و كان من الطاعنين على عثمان الذين نفاهم الى الشام ثمّ الى حمص-قاموس الرجال ج 6 ص 298-.
3- 3) غلام يافع: ترعرع و ناهز البلوغ.
4- 4) في بحار الأنوار: و [2]من نفسه نفسي و نفسي نفسه.

فقلت له: لقد عجبت يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من فعلك بهما و حبّك لهما! فقال لي: أحدّثك أيّها الرجل إنّه لمّا عرج بي إلى السماء، و دخلت الجنّة انتهيت إلى شجرة في رياض الجنّة، فعجبت من طيب رائحتها، فقال لي جبرائيل: يا محمّد لا تعجب من هذه الشجرة فثمرها أطيب من رائحتها، فجعل جبرائيل يتحفني من ثمرها، و يطعمني من فاكهتها و أنا لا أملّ منها.

ثمّ مررنا بشجرة أخرى من شجر الجنّة، فقال جبرائيل: يا محمّد كل من هذه الشجرة، فإنّها تشبه الشجرة الّتي أكلت منها الثمر، فهي أطيب طعما، و أذكى رائحة، قال: فجعل جبرائيل يتحفني بثمرها، و يشمّني من رائحتها، و أنا لا أملّ منها، فقلت: يا أخي جبرائيل ما رأيت في الأشجار أطيب، و لا أحسن من هاتين الشجرتين، فقال لي: يا محمّد أ تدري ما اسم هاتين الشجرتين فقلت: لا أدري، فقال: إحداها الحسن، و الأخرى الحسين، فإذا هبطت يا محمّد إلى الأرض من فورك، فأت زوجتك خديجة و واقعها من وقتك و ساعتك فإنّه يخرج منك طيب رائحة الثمرة الّتي أكلت (1)من هاتين الشجرتين فتلد لك فاطمة الزهراء ثمّ زوّجها أخاك عليّا فتلد لك ابنين فسمّ أحدهما الحسن، و الآخر الحسين.

قال رسول اللّه: ففعلت ما أمرني به أخي جبرائيل، فكان الأمر كما كان (2).

فنزل جبرائيل بعد ما ولد الحسن و الحسين عليهما السلام فقلت له: يا جبرائيل ما أشوقني إلى تينك الشجرتين! فقال: يا محمّد إذا اشتقت إلى الأكل من ثمرة تلك الشجرتين فشمّ الحسن و الحسين عليهما السلام.

فجعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كلّما اشتاق إلى الشجرتين يشمّ الحسن و الحسين و يلثمهما، و هو يقول: يا أصحابي إنّي أودّ أنّي أقاسمهما حياتي

ص:102


1- 1) في البحار و [1]مدينة المعاجز: [2] فإنّه يخرج منك طيب رائحة الثمر الذي أكلته.
2- 2) في البحار: [3] فكان الأمر ما كان.

لحبّي لهما، فهما ريحانتاي من الدّنيا.

فتعجب الرّجل من وصف النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الحسن و الحسين عليهما السلام فكيف من سفك دماءهم (1)، و قتل رجالهم، و دفع اطفالهم، و نهب أموالهم، و سبى حريمهم، فويل لهم من عذاب يوم القيامة و بئس المصير (2)

ص:103


1- 1) في البحار: [1] فكيف لو شاهد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من سفك دمائهم و قتل رجالهم، و ذبح أطفالهم، و نهب أموالهم، و سبى حريمهم، أولئك عليهم لعنة اللّه و الملائكة و الناس أجمعين و سيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون.
2- 2) منتخب الطريحي 359. و [2]أورده المؤلّف قدّس سرّه أيضا في «مدينة المعاجز» ص 218 و 234 و [3]أخرجه العلاّمة المجلسي قدّست تربته في البحار ج 43/314 [4] عن عروة البارقي.

ص:104

الباب الثالث

في مولده عليه السلام

1-ابن بابويه في كتاب «النصوص» قال: حدّثنا محمّد بن عليّ ماجيلويه قال: حدّثني عمّي محمّد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي قال: حدّثني محمّد بن عليّ القرشي (1)، قال: حدّثني أبو الربيع الزهراني (2)، قال: حدّثنا جرير (3)، عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد قال: قال ابن عبّاس سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: إنّ للّه تعالى ملكا يقال له دردائيل، كان له ستّة عشر ألف جناح، ما بين الجناح إلى الجناح هواء، و الهواء كما بين السماء و الأرض، فجعل يوما يقول في نفسه: أ فوق ربّنا جلّ جلاله شيء؟ فعلم اللّه تبارك و تعالى ما قاله، فزاده أجنحة مثلها، فصار له اثنان و ثلاثون ألف جناح.

ص:105


1- 1) محمّد بن علي القرشي: الظاهر أنّه محمد بن علي بن ابراهيم بن موسى ابو جعفر القرشي مولاهم صيرفي الملقب: أبا سمينة، ترجمه النجاشي في رجاله ج 2 ص 216 فراجع.
2- 2) أبو الربيع الزهراني: سليمان بن داود الأزدي الحافظ البصري، ولد حدود سنة (140) ه و توفّي سنة (234) ه-سير أعلام النبلاء ج 10/676-.
3- 3) جرير: بن حازم ابو النضر الأزدي البصري، أحد فصحاء البصرة و [1]محدّثيها توفّي سنة (170) العبر ج 1/258-. [2]

ثمّ أوحى اللّه عزّ و جلّ إليه: أن طر، فطار مقدار خمسين عاما فلم ينل رأسه قائمة من قوائم العرش، فلمّا علم اللّه عزّ و جلّ إتعابه، أوحى إليه أيّها الملك عد إلى مكانك فأنا عظيم فوق كلّ عظيم، و ليس فوقي شيء، و لا أوصف بمكان فسلبه اللّه أجنحته و مقامه من صفوف الملائكة.

فلمّا ولد الحسين بن عليّ عليه السلام، و كان مولده عشيّة الخميس ليلة الجمعة أوحى اللّه جلّ جلاله إلى مالك، خازن النيران: أن أخمد النيران على أهلها لكرامة مولود ولد لمحمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و أوحى إلى رضوان، خازن الجنان: أن زخرف الجنان، و طيبها لكرامة مولود ولد لمحمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في الدار الدنيا، و أوحى اللّه تبارك و تعالى إلى الحور العين: أن تزيّنّ و تزاورن لكرامة مولود ولد لمحمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في الدار الدّنيا، و أوحى اللّه عزّ و جلّ إلى الملائكة: أن قوموا صفوفا بالتسبيح، و التحميد، و التمجيد، و التكبير، لكرامة مولود ولد لمحمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

و أوحى اللّه تعالى إلى جبرائيل: أن اهبط إلى نبيّي محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في ألف قبيل، و القبيل ألف ألف من الملائكة، على خيول بلق، مسرّجة ملجّمة، عليها قباب الدر و الياقوت، و معهم ملائكة يقال لهم: الروحانيون، بأيديهم أطباق من نور، أن هنّؤا محمّدا بمولوده و أخبره يا جبرائيل بأنّي قد سمّيته الحسين، و هنّئه و عزّه، و قل له: يا محمّد يقتله شرّ أمّتك على شرّ الدوابّ (1)، فويل للقاتل، و ويل للسائق، و ويل للقائد، قاتل الحسين أنا منه بريء و هو منّي بريء، لأنّه لا يأتي أحد يوم القيامة إلاّ و قاتل الحسين أعظم جرما منه، قاتل الحسين يدخل النار يوم القيامة مع الّذين يزعمون أنّ مع اللّه إلها آخر، و النار أشوق إلى قاتل الحسين ممّن أطاع اللّه إلى الجنّة.

قال: فبينما جبرائيل يهبط من السماء إلى الدنيا إذ مرّ بدردائيل، فقال له

ص:106


1- 1) في المصدر و البحار: [1] يقتله شرار أمّتك على شرار الدوابّ.

دردائيل: يا جبرائيل ما هذه الليلة في السماء؟ هل قامت القيامة على أهل الدنيا قال: لا، و لكن ولد لمحمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مولود في الدار الدنيا، و قد بعثني اللّه إليه لأهنّئه به، فقال الملك: يا جبرائيل بالذي خلقني و خلقك إذا هبطت إلى محمّد فاقرأه منّي السلام، فقل له: بحقّ هذا المولود عليك إلاّ ما سألت ربّك عزّ و جلّ أن يرضى عنّي، و يردّ عليّ أجنحتي و مقامي من صفوف الملائكة.

فهبط جبرائيل عليه السلام على النبيّ و هنّأه كما أمره اللّه عزّ و جلّ و عزّاه، فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم تقتله أمّتي؟ فقال له: نعم يا محمّد، فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ما هؤلاء بأمّتي، أنا منهم بريء و اللّه عزّ و جلّ بريء منهم، قال جبرائيل: و أنا بريء منهم يا محمّد.

فدخل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم على فاطمة عليها السلام فهنّأها و عزّاها، فبكت فاطمة عليها السلام ثمّ قالت: يا ليتني لم ألده، قاتل الحسين في النار (1)، فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: و أنا أشهد بذلك يا فاطمة، و لكنه لا يقتل حتى يكون منه إمام يكون منه الأئمّة الهادية بعده.

فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: الأئمّة بعدي الهادي، و المهتدي، و الناصر، و المنصور، و الشفّاع، و النفّاع، و الأمين، و المؤتمن، و الإمام، و الفعّال، و العلاّم، و من يصلّي خلفه عيسى بن مريم (2).

فسكتت فاطمة من البكاء.

ص:107


1- 1) أي أورد اللّه قاتل الحسين في النار.
2- 2) هكذا في النسختين عندنا لكنّ المنقول في كمال الدين و [1]البحار-: [2] ثم قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و الأئمّة بعدي الهادي عليّ، و المهتدي الحسن، و الناصر الحسين، و المنصور عليّ بن الحسين، و الشافع محمّد بن عليّ، و النّفاع جعفر بن محمّد، و الأمين موسى بن جعفر، و الرّضا عليّ بن موسى و الفعال محمّد بن عليّ، و المؤتمن عليّ بن محمّد و العلاّم الحسن بن عليّ، و من يصلّي خلفه عيسى ابن مريم القائم (عليه السلام) الخ راجع ك ج 1 ص 284.

ثمّ أخبر جبرائيل النبيّ بقصّة الملك، و ما أصيب به، قال ابن عباس:

فأخذ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الحسين عليه السلام و هو ملفوف في خرقة من صوف فأشار به إلى السماء ثم قال: اللّهمّ بحقّ هذا المولود عليك لا بل بحقّك عليه، و على جده محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و إبراهيم، و اسماعيل، و اسحاق، و يعقوب، إن كان للحسين بن عليّ بن فاطمة عندك قدر فارض عن دردائيل، و تردّ عليه أجنحته و مقامه من صفوف الملائكة، فاستجاب اللّه دعاءه و غفر للملك (1)، فالملك لا يعرف في الجنّة إلاّ بأن يقال: هذا مولى الحسين ابن عليّ بن فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (2).

2-و عن ابن عبّاس قال: لمّا أراد اللّه تعالى أن يهب لفاطمة الزهراء الحسين عليه السلام كان مولده في رجب في ثاني عشرة ليلة خلت منه، فلمّا وقعت في طلقها أوحى اللّه عزّ و جلّ إلى لعياء، و هي حوراء من حور الجنّة، و أهل الجنان إذا أرادوا أن ينظروا إلى شيء حسن نظروا إلى لعيا.

قال: و لها سبعون ألف و صيفة، و سبعون ألف قصر، و سبعون ألف مقصورة، و سبعون ألف غرفة، مكلّلة بأنواع الجواهر و المرجان، و قصر لعيا أعلى من تلك القصور، و من كلّ قصر في الجنة، إذا أشرفت على الجنة نظرت جميع ما في الجنّة، و أضاءت الجنّة من ضوء خدّها و جبينها، فأوحى اللّه عزّ و جلّ إليها أن اهبطي إلى دار الدنيا إلى بنت حبيبي محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فأنسي لها و أوحى اللّه إلى رضوان خازن الجنان أن زخرف الجنّة و زيّنها كرامة لمولود يولد في الدار الدنيا، فأوحى اللّه إلى الملائكة أن قوموا صفوفا بالتسبيح، و التقديس، و الثناء على اللّه تعالى، و أوحى اللّه إلى جبرائيل و ميكائيل و إسرافيل عليهم السلام

ص:108


1- 1) في المصدر: و غفر للملك و ردّ عليه اجنحته و ردّه الى صفوف الملائكة.
2- 2) كمال الدين ج 1/282 ح 36 و [1]عنه البحار ج 43/248 ح 24. [2]

أن اهبطوا إلى الأرض في قنديل من الملائكة، قال ابن عباس: القنديل ألف ألف ملك.

فبينا هم قد هبطوا من سماء إلى سماء و إذا في السماء الرابعة ملك، يقال له صرصائيل، له سبعون ألف جناح قد نشرها من المشرق إلى المغرب، و هو شاخص نحو العرش، لأنّه قد ذكر في نفسه فقال: ترى اللّه يعلم ما في قرار هذا البحر! و ما يسير في ظلمة الليل وضوء النهار؟ ! فعلم اللّه ما في نفسه فأوحى اللّه تعالى إليه أن أقم في مكانك لا تركع و لا تسجد عقوبة لك لما فكّرت.

قال: و هبطت لعيا على فاطمة عليها السلام، و قالت لها: مرحبا بك يا بنت محمّد كيف حالك؟ قالت: بخير، و لحق فاطمة عليها السلام الحياء من لعيا، لم تدر ما تفرش لها، فبينما هي متفكّرة إذ هبطت حوراء من الجنة، و معها درنوك (1)من درانيك الجنة، فبسطته في منزل فاطمة فجلست عليه لعيا.

ثمّ إنّ فاطمة عليها السلام ولدت الحسين عليه السلام في وقت الفجر، فقبّلتها لعيا، و قطّعت سرّته، و نشفته بمنديل من مناديل الجنّة، و قبّلت عينه، و تفلت في فيه، و قالت له: بارك اللّه فيك من مولود، و بارك في والديك.

و هنّئت الملائكة و جبرائيل محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم سبعة أيّام بلياليها فلمّا كان في اليوم السابع، قال جبرائيل: يا محمّد ائتنا بابنك حتّى نراه، قال فدخل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم على فاطمة، و أخذ الحسين عليه السلام و هو ملفوف بقطعة صفراء، فأتى به إلى جبرائيل، فحطّه و قبّل بين عينيه، و تفل في فيه، و قال: بارك اللّه فيك من مولود، و بارك اللّه في والديك يا صريع كربلاء، و نظر إلى الحسين عليه السلام و بكى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و بكت الملائكة، و قال له جبرائيل: اقرأ فاطمة ابنتك منّي السلام، و قل

ص:109


1- 1) الدرنوك (بضمّ الدال المهملة) : نوع من البسط له خمل.

لها: تسمّيه الحسين، فقد سمّاه اللّه جلّ اسمه، و إنّما سمّي الحسين لأنّه لم يكن في زمانه أحسن منه وجها.

فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا جبرائيل تهنّئني و تبكي؟ قال نعم آجرك اللّه في مولودك هذا، فقال: يا حبيبي جبرائيل و من يقتله؟ قال:

شرّ أمّة من أمّتك يرجون شفاعتك، لا أنالهم اللّه ذلك، فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: خابت أمّة قتلت ابن بنت نبيّها، قال جبرائيل: خابت ثمّ خابت من أمر اللّه، و خاضت في عذاب اللّه.

و دخل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم على فاطمة عليها السلام فأقراها من اللّه السلام، و قال لها: يا بنيّة سمّيه الحسين، فقد سمّاه اللّه الحسين، فقالت:

من مولاي السلام، و إليه يعود السلام، و السلام على جبرائيل، و هنّأها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و بكى فقالت: يا أبتاه تهنئني و تبكي؟ قال: نعم يا بنيّة آجرك اللّه في مولودك هذا، فشهقت شهقة، و أخذت في البكاء، و ساعدتها لعيا و وصايفها، و قالت: يا أبتاه من يقتل ولدي و قرّة عيني و ثمرة فؤادي؟ قال: شرّ أمّة من أمّتي يرجون شفاعتي، لا أنا لهم اللّه ذلك.

قالت فاطمة عليها السلام: خابت أمّة قتلت ابن بنت نبيّها، قالت لعيا خابت من رحمة اللّه و خاضت في عذابه فقالت فاطمة: يا أبا اقرأ جبرائيل عنّي السلام، و قل له: في أيّ موضع يقتل؟ قال: في موضع يقال له: كربلاء، فإذا نادى الحسين لم يجبه أحد منهم، فعلى القاعد عن نصرته لعنة اللّه و الملائكة و الناس أجمعين، إلاّ أنّه لن يقتل حتّى يخرج من صلبه إمام يكون منه الأئمّة، ثم سمّاهم بأسمائهم إلى آخرهم، و هو الّذي يخرج في آخر الزمان مع عيسى بن مريم، فهؤلاء مصابيح الرحمن، و عروة الاسلام، محبّهم يدخل الجنّة، و مبغضهم يدخل النار.

قال: و عرج جبرائيل، و عرج الملائكة، و عرجت لعيا، فلقيهم الملك

ص:110

صرصائيل (1)، فقال: يا حبيبي أقامت القيامة على أهل الارض؟ قال: لا و لكن هبطنا إلى الأرض فهنّئنا محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بولده الحسين، قال:

حبيبي جبرائيل، فاهبط إلى الأرض فقل له: يا محمّد اشفع إلى ربّك في الرضا عنّي، فإنّك صاحب الشفاعة، قال: فقام النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و دعا بالحسين عليه السلام، فرفعه بكلتا يديه إلى السماء، و قال: اللّهمّ بحقّ مولودي هذا عليك إلاّ رضيت على الملك، فإذا النداء من قبل العرش: يا محمّد قد فعلت و قدرك عندي عظيم.

قال ابن عباس: و الّذي بعث محمّدا بالحقّ نبيا إنّ صرصائيل يفتخر على الملائكة أنّي عتيق الحسين عليه السلام، و لعيا تفتخر على الحور العين بأنّها قابلة الحسين.

لهف نفسي على الذي قد نعاه جبرائيل الأمين يوم ولاد

و بكاه كذا الملائك جمعا و بكاه ذخيرة للمعاد

و بكاه محمّد و عليّ صفوة اللّه من جميع العباد

و بكته البتول يا لك رزء لا يرى مثله بكلّ البلاد (2)

ص:111


1- 1) في نسخة: صلصائيل.
2- 2) منتخب الطريحي 151-153 أورده المؤلّف قدّس سرّه أيضا في «مدينة المعاجز» ص 234. [1]

ص:112

الباب الرابع

في اشتقاق اسمه عليه السلام من اسم اللّه جلّ جلاله

1-ابن بابويه، قال: حدّثنا الحسن بن محمّد بن سعيد الهاشمي الكوفي، قال: حدّثنا فرات بن إبراهيم الكوفي، قال: حدّثنا الحسن بن عليّ بن الحسين بن محمّد، قال: حدّثنا إبراهيم بن الفضل بن جعفر بن عليّ بن إبراهيم بن سليمان بن عبد اللّه بن عبّاس، قال: حدّثنا الحسن بن عليّ الزعفراني البصري، قال: حدّثنا سهل بن بشّار، قال: حدّثنا أبو جعفر محمّد بن عليّ الطائفي (1)، قال: حدّثنا محمّد بن عبد اللّه، مولى بني هاشم، عن محمّد بن إسحاق (2)، عن الواقدي، عن الهذيل، عن مكحول، عن طاوس، عن ابن عباس (3)، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لعليّ بن أبي طالب عليه السلام: لمّا خلق اللّه تعالى ذكره آدم عليه السلام و نفخ فيه من روحه، و أسجد له ملائكته، و أسكنه جنّته و زوّجه حوّاء أمته، فرفع طرفه نحو العرش، فإذا هو بخمسة سطور مكتوبات، قال آدم عليه السلام: يا ربّ ما هؤلاء (4)؟ قال اللّه

ص:113


1- 1) في نسخة: الطالقاني.
2- 2) الظاهر أنّ الصحيح: عن الواقدي عن محمّد بن إسحاق لأنّ الواقدي توفّي سنة (207) و محمّد ابن إسحاق توفّي سنة (151) [1] إلاّ أن يكون المراد به أو بهما غير المعروف.
3- 3) في المصدر: عن ابن مسعود.
4- 4) في المصدر و البحار: [2] من هؤلاء.

عزّ و جلّ: هؤلاء الّذين إذا تشفّع بهم إليّ خلقي شفّعتهم.

فقال آدم عليه السلام: يا ربّ بحقّ قدرهم عندك ما اسمهم؟ فقال عزّ و جلّ: أمّا الأوّل فأنا المحمود، و هو محمّد، و الثّاني فأنا العالي (1)، و هذا عليّ (2)و الثالث فأنا فاطر السموات (3)، و هذه فاطمة (4)، و أمّا الرابع فأنا المحسن، و هذا حسن (5)، و الخامس فإنّي ذو الإحسان (6)، و هذا حسين (7)، كلّ يحمد اللّه تعالى (8).

و قد مرّت الروايات بزيادة في ذلك في الباب الثالث من المنهج الثاني في الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام.

ص:114


1- 1) في البحار: [1] فأنا العالي الأعلى.
2- 2) في المصدر: و هو عليّ.
3- 3) في المصدر و البحار: [2] فأنا الفاطر.
4- 4) في المصدر: و هي فاطمة.
5- 5) في المصدر: و هو الحسن.
6- 6) في المصدر و البحار: [3] فأنا ذو الإحسان.
7- 7) في المصدر: و هو الحسين.
8- 8) معاني الأخبار:56 ح 5 و عنه البحار ج 15/14 ح 18. [4]

الباب الخامس

في أنّه عليه السلام ممّن لم يجعل اللّه عزّ و جلّ له من قبل سميّا

1-أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه، في «كامل الزيارات» قال:

حدّثني أبي رحمه اللّه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة، عن عبد الخالق بن عبد ربّه (1)، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: «لم نجعل له من قبل سميّا» (2)الحسين بن عليّ لم يكن له من قبل سميّا و يحيى بن زكريّا لم يكن له من قبل سميّا، و لم تبك السماء إلاّ عليهما أربعين صباحا.

قال: قلت: ما بكاؤها؟ قال: كانت تطلع حمراء و تغرب حمراء (3).

2-عليّ بن إبراهيم، عن ابيه، عن محمّد بن خالد، عن عبد اللّه بن بكير عن زرارة، عن عبد الخالق، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام، يقول:

في قول اللّه عزّ و جلّ: «لم نجعل له من قبل سميّا» (4)فقال: الحسين عليه

ص:115


1- 1) عبد الخالق بن عبد ربّه الصيرفي: من موالي بني أسد من صلحاء الموالي، روى عن إسماعيل ابنه أنّ أبا عبد اللّه عليه السلام ذكر أبي فقال: «صلّى اللّه على أبيك ثلاثا» . جامع الرواة ج 1/441-. [1]
2- 2) سورة مريم:7. [2]
3- 3) كامل الزيارات:90 ح 8، و [3]عنه بحار الأنوار ج 45/211 ح 22. [4]
4- 4) سورة مريم:7. [5]

السلام لم يكن له من قبل سميّا، و يحيى بن زكريا لم يكن له من قبل سميّا، و لم تبك السماء إلاّ عليهما أربعين صباحا.

قال: قلت: فما بكاؤها؟ قال: كانت الشمس تطلع حمراء، و تغيب حمراء، و كان قاتل الحسين عليه السلام ولد زنا، و قاتل يحيى بن زكريّا ولد زنا (1).

3-محمّد بن العبّاس، قال: حدّثنا حميد بن زياد، عن أحمد (2)بن الحسين بن بكر قال: حدّثنا الحسن بن علي بن فضّال، بإسناده إلى عبد الخالق قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: في قول اللّه عزّ و جلّ: «لم نجعل له من قبل سميّا» قال: ذلك يحيى بن زكريا لم يكن له من قبل سميّا، و كذلك الحسين عليه السلام لم يكن له من قبل سميّا، و لم تبك السماء إلاّ عليهما أربعين صباحا، قلت: فما بكاؤها؟ قال: تطلع الشمس حمراء، قال: و كان قاتل الحسين عليه السلام ولد زنا، و قاتل يحيى بن زكريا عليه السلام ولد زنا (3).

ص:116


1- 1) تأويل الآيات ج 1/302 ح 4 عن تفسير القمي، و [1]أورده المؤلّف قدّس سرّه في «البرهان» ج 3/4 ح 2 [2] عن محمّد بن العبّاس (بن الماهيار الّذي كان حيّا في سنة (328) عن محمّد بن خالد. قال المحقّق في تعليقه على «تأويل الآيات» في ذيل الحديث: لم نعثر على الحديث في تفسير القميّ [3]لا سندا و لا متنا رغم البحث عنه، فيحتمل أن تكون الرواية موجودة في النسخة الموجودة عند المؤلّف رحمه اللّه، و في البرهان: [4] محمّد بن العبّاس عن محمّد بن خالد.
2- 2) لم نظفر على ترجمة له.
3- 3) تأويل الآيات ج 1/302 ح 3 و عنه البرهان ج 3/4 ح 1، و [5]أخرج ذيله في البحار ج 14/ 184 ح 30 و [6]ج 44/303 ح 14 عن كامل الزيارات:78. [7]

الباب السادس في ارتضاعه من إبهام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم

1-محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن عليّ بن إسماعيل (1)، عن محمّد بن عمرو الزيّات (2)، عن رجل من أصحابنا، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث، قال: لم يرتضع الحسين عليه السلام من فاطمة عليها السلام و لا من أنثى، كان يؤتى به النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فيضع إبهامه في فيه فيمصّ منها ما يكفيه اليومين و الثلاث، فنبت لحم الحسين عليه السلام من لحم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و دمه، و لم يولد لستّة أشهر إلاّ عيسى بن مريم عليه السلام و الحسين بن عليّ عليه السلام (3).

2-و في رواية اخرى، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان يؤتى به الحسين عليه السلام فيلقمه لسانه، فيمصّه

ص:117


1- 1) عليّ بن إسماعيل و يقال له أيضا: عليّ بن السندي كان من ثقاة أصحاب الإمام الرضا عليه السلام جامع الرواة ج 1/557-. [1]
2- 2) محمّد بن عمرو بن سعيد الزيّات المدائني من الثقات و العيون من أصحاب الامام الرضا عليه السلام-جامع الرواة ج 2/162-. [2]
3- 3) الكافي ج 1/465 [3] في ذيل ح 4 و عنه البحار ج 44/198 ح 14 و [4]في ص 233 في ذيل ح 17 عن كامل الزيارات:57 ح 4. [5]

فيجتزي به، و لم يرتضع من أنثى (1).

3-ابن بابويه، قال: حدّثنا أحمد بن الحسن رحمه اللّه، قال: حدّثنا أحمد بن يحيى، قال: حدّثنا بكر بن عبد اللّه بن حبيب، قال: حدّثنا تميم ابن بهلول (2)، قال: حدّثنا عليّ بن حسّان الواسطي (3)، عن عبد الرحمن بن كثير الهاشمي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يأتي الحسين عليه السلام في كل يوم فيضع لسانه الشريف في فم الحسين عليه السلام فيمصّه حتى يروى، فأنبت اللّه عزّ و جلّ لحمه من لحم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و لم يرضع من فاطمة عليها السلام و لا من غيرها لبنا قطّ (4).

ص:118


1- 1) الكافي ج 1/465 و [1]عنه البحار:44/198 [2] ذ ح 14 و العوالم:17/25 ح 6.
2- 2) تميم بن بهلول: يروي الصدوق عنه بواسطة سبعة من شيوخه عن أحمد بن يحيى عن بكر بن عبد اللّه عنه، و ظاهره الاعتماد عليه-الجامع في الرجال:335-. [3]
3- 3) عليّ بن حسّان الواسطي: ابو الحسين القصير المعروف بالمنمس عمّر أكثر من مائة سنة، من رواة الامام الصادق عليه السلام، وثقه ابن الغضائري مرّتين-جامع الرواة ج 1/564-. [4]
4- 4) علل الشرائع:206 ذيل ح 3-و [5]عنه البحار ج 43/245 ذيل ح 20. [6]

الباب السابع

فيما جاء فيه من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من مناقبه

و محبّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم له من طريق الخاصّة

و العامّة

1-ابن بابويه في «الفقيه» بإسناده، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام أنّه خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلى الصلاة، و قد كان الحسين عليه السلام أبطأ عن الكلام، حتى تخوّفوا أن لا يتكلّم، و أن يكون به خرس (1)، فخرج به عليه السلام حامله على عاتقه (2)و صفّ الناس خلفه، فأقامه على يمينه، فافتتح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الصلاة، فكبّر الحسين عليه السلام، فلمّا سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم تكبيره عاد فكبّر، و كبّر الحسين عليه السلام حتّى كبّر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم سبع تكبيرات، و كبّر الحسين عليه السلام، فجرت السنّة بذلك (3).

2-و من طريق المخالفين من كتاب «الفردوس» لابن شيرويه (4)، من باب الحاء بالإسناد قال: عن يعلى بن مرّة 5، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه

ص:119


1- 1) الخرس (كفرس) : انعقاد اللسان عن الكلام.
2- 2) في المصدر: فخرج صلّى اللّه عليه و آله و سلّم به حاملا على عاتقه.
3- 3) الفقيه ج 1/305 ح 917 و عنه الوسائل ج 4/722 ح 4. [1]
4- 4) هو الحافظ أبو شجاع شيرويه بن شهردار بن شيرويه بن فنّا خسرو الديلمي الهمداني الملقّب «الكيا» م (445-509) -طبقات السبكي ج 7/111-.

عليه و آله و سلّم: الحسين منّي، و أنا من الحسين، أحبّ اللّه من أحبّ حسينا، حسين سبط من الأسباط 1.

3-و يليه بلا فاصلة بالإسناد، قال: عن حذيفة رضي اللّه عنه، قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: الحسين بن عليّ أعطي من الفضل ما لم يعط أحد من ولد آدم ما خلا يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، خليل الرحمن، صلّى اللّه عليه 2.

4-و من الجزء الثاني من كتاب «الفردوس» في باب القاف بالإسناد، قال عن ابن عبّاس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: قال لي جبرئيل قال عزّ ذكره: إنّي قتلت بدم يحيى بن زكريّا سبعين ألفا، و إنّي قاتل بدم ابنك الحسين سبعين ألفا و سبعين ألفا 3.

5-و عنه أيضا في باب القاف بإسناده، قال: عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قاتل الحسين في تابوت من نار عليه نصف عذاب أهل الدنيا 4.

ص:120

6-و من كتاب «فضائل الصحابة» قال: عن عبد الرحمن بن سابط 1، عن جابر، أنّه قال: طلع الحسين بن علي عليه السلام من باب المسجد، فقال جابر بن عبد اللّه: من أحبّ أن ينظر إلى سيّد شباب أهل الجنة فلينظر إلى هذا، سمعته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم 2.

7-و منه بالإسناد أيضا، قال يزيد بن أبي زياد: قال خرج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من بيت عائشة فمرّ على بيت فاطمة عليها السلام، فسمع حسينا يبكي، فقال: أ ما علمت 3أنّ بكائه يؤذيني 4.

ص:121

8-و منه بالإسناد قال: عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّ موسى بن عمران عليه السلام سأل ربه زيارة قبر الحسين ابن عليّ عليهما السلام، فأذن له، فزاره في سبعين ألفا من الملائكة (1).

9-و منه بالإسناد أيضا، قال: عن عمّار الدهني (2)، قال: مرّ عليّ عليه السلام على كعب الأحبار فقال: يخرج من ولد هذا الرجل رجل في عصابة لا يجفّ عرق خيولهم حتى يردوا على محمّد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فمرّ الحسن عليه السلام فقالوا: هذا يا أبا إسحاق؟ قال: لا، قال فمرّ الحسين عليه السلام، فقالوا: هذا؟ قال: نعم (3).

10-و بالإسناد أيضا، عن عبد اللّه بن يحيى (4)عن أبيه، أنّه سار مع أمير

ص:122


1- 1) رواه أبو شجاع شيرويه الديلمي في «الفردوس بمأثور الخطاب» ج 1/227 تحت الرقم (870) عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام. و أخرجه ابن شهر اشوب نقلا عن الديلمي في «المناقب» ج 4/127 و [1]الظاهر أنّ المراد من زيارة قبر الحسين عليه السلام في الحديث زيارة محلّ دفنه قبل شهادته.
2- 2) هو عمّار بن خباب أبو معاوية العجلي الدهني الكوفي كان من اصحاب الإمام الصادق عليه السلام و الخبر مرسل فإنّ الدهني لم يدرك عصر أمير المؤمنين عليه السلام.
3- 3) أمالي الصدوق المجلس (29) الرقم (4) و أورده البحار في ج 44/224 ح 2 نقلا عن الأمالي. و أخرجه الذهبي في «سير أعلام النبلاء» ج 3/290، عن أبي نعيم، عن عبد الجبّار بن العبّاس، عن عمّار الدهني. و الطبراني في المعجم الكبير تحت الرقم 2851.
4- 4) عبد اللّه بن يحيى: هو الحضرمي الشهيد كان من شرطة الخميس، و روي أنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال له يوم الجمل: «ابشر يا ابن يحيى فإنّك و أباك من شرطة الخميس حقّا، لقد أخبرني النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم باسمك و اسم أبيك في شرطة الخميس، و اللّه سمّاكم في السماء شرطة الخميس على لسان نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم» . و في «العلل» [2] لمّا عدّ الإمام الحسن عليه السلام على معاوية ذنوبه عدّ منها قتل عبد اللّه بن يحيى الحضرمي و أصحابه الأخيار أهل الزهد في الدنيا و الإعراض عنها فإنّ معاوية اخبر بما كان عليه ابن يحيى و أصحابه من الحزن على أمير المؤمنين عليه السلام و شدّة حبّهم إيّاه و إفاضتهم في ذكره فجاء بهم فضرب أعناقهم صبرا-قاموس الرجال ج 6/173-.

المؤمنين عليّ أبي طالب عليه السلام، و كان صاحب ممطرته (1)، فحاذى نينوى و هو منطلق إلى صفّين فنادى عليّ عليه السلام: صبرا يا أبا عبد اللّه بشطّ الفرات، قلت: و من أبو عبد اللّه؟ قال: دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و عيناه تفيضان، فقلت: يا نبيّ اللّه أغضبك أحد؟ ما شأن عينيك تفيضان؟ قال: بلى قام من عندي جبرائيل عليه السلام قبل، فحدّثني أنّ الحسين يقتل بشطّ الفرات، و قال: هل لك أن أشمّك من تربته؟ قال: قلت نعم، فمدّ يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها فلم أملك عيني حتى فاضتا (2)

11-و منه بالإسناد أيضا، قال: عن أمّ سلمة رضي اللّه عنها، قالت:

كان جبرائيل عليه السلام عند النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و الحسين عليه السلام معي فبكى، و تركته، فذهب إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال له جبرائيل عليه السلام: أ تحبّه يا محمّد؟ قال: نعم، قال: أما إنّ أمّتك ستقتله و إن شئت أريتك تربة الأرض الّتي يقتل فيها؟ فبسط جناحه إلى الأرض، فأراه أرضا يقال لها: كربلاء (3).

ص:123


1- 1) الممطرة (بكسر الميم الاولى و سكون الثانية) ما يلبس في المطر يتوقّى به و تسمّيه العامّة «المشمّع» و في المصادر الآتية: و كان صاحب مطهرته.
2- 2) أخرجه ابن كثير الدمشقي في «البداية و النهاية» ج 8/169 ط مصر [1]قال: و قال الامام أحمد: حدّثنا محمّد بن عبيد، ثنا شراحيل بن مدرك، عن عبد اللّه بن يحيى عن أبيه أنه سار. . . . و أورده الذهبي في «تاريخ الإسلام» ج 3/10 ط مصر، و [2]الحافظ نور الدين عليّ الهيثمي في «مجمع الزوائد» ج 9/187 ط القاهرة و «مسند ابن حنبل» ج 1/85 و [3]«مناقب ابن المغازلي» 397 و [4]فيهما: عبد اللّه بن نجى.
3- 3) أخرجه جماعة من أعلام القوم و إليك بعضهم: منهم الذهبي الدمشقي في «ميزان الاعتدال» ج 1/13 ط بيروت قال: حمّاد بن سلمة، عن أبان، عن شهر بن حوشب، عن أمّ سلمة قالت: كان جبريل عند النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم. . .

12-و بالإسناد قال: عن ثابت، عن أنس بن مالك، قال: استأذن ملك القطر 1أن يزور النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فأذن له و كان في يوم أمّ سلمة رضي اللّه عنها، فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا أم سلمة احفظي علينا الباب لا يدخل علينا أحد، فبينا أنا في الباب إذ جاء الحسين بن عليّ عليهما السلام فطفر فاقتحم، فدخل، فوثب على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فجعل رسول اللّه يلثمه و يقبّله.

فقال له الملك: أ تحبّه؟ قال: نعم، قال: أما إنّ أمّتك ستقتله، و ان شئت أريتك المكان الّذي يقتل فيه؟ قال: نعم، فأراه إيّاه، فجاء بسهلة أو تراب أحمر، فأخذته أمّ سلمة رضي اللّه عنها، فجعلته في ثوبها، قال ثابت:

يقول أنس: إنّها كربلاء 2.

ص:124

13-و من الكتاب أيضا بالإسناد عن إسماعيل بن رجا (1)، عن أبيه، قال كنت في مسجد الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في حلقة، فيها أبو سعيد الخدري، و عبد اللّه بن عمرو بن العاص، فمرّ بنا الحسين بن عليّ عليه السلام ثمّ أقبل، فقال: أ لا اخبركم بأحبّ أهل الأرض إلى أهل السماء؟ قالوا: بلى، قال: هو الماشي، ما كلّمني كلمة منذ ليالي صفين، و أن يرضى عنّي أحبّ إليّ من أن يكون لي حمر النعم، فقال أبو سعيد: أ لا تعتذر إليه؟ قال: بلى، قال فتواعدوا أن يغدوا إليه، فغدوت معهما، فاستأذن أبو سعيد، فأذن له، فلمّا دخل قال أبو سعيد: يا ابن رسول اللّه مررت بنا أمس، فأخبره بالّذي كان من قول عبد اللّه بن عمرو، فقال له الحسين: علمت يا أبا عبد اللّه أنّي أحب أهل الأرض إلى أهل السماء؟ قال: إي و ربّ الكعبة، فقال: فما حملك على أن تقاتل أبي يوم صفّين؟ فو اللّه لأبي كان خيرا منّي، فقال له: أجل، و لكن عمرو شكاني إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال: يا رسول اللّه إنّ عبد اللّه يقوم الليل و يصوم النهار، فقال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا عبد اللّه بن عمرو صلّ، و نم، و صم، و أطع عمرا قال: فلمّا كان يوم صفين أقسم عليّ فخرجت أما و اللّه ما كثّرت لهم سوادا، و لا اخترطت لهم سيفا، و لا طعنت برمح، و لا

ص:125


1- 1) إسماعيل بن رجاء بن ربيعة الزبيدي الكوفي أبو إسحاق وثّقه ابن معين و أبو حاتم الرازي، عدّه ابن حجر في التقريب من الطبقة الخامسة، روى عن أبيه، و المعرور بن سويد، و ابن أبي الهذيل و روى عنه الأعمش، و شعبة، و فطر، و ابن أبي غنية عبد الملك بن حميد. الجرح و التعديل ج 2/168-.

رميت بسهم، قال: فكانه (1).

14-و بالإسناد أيضا قال: عن البراء بن عازب، أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم رأى الحسين بن عليّ عليه السلام، فقال: اللّهمّ إنّي أحبّه فأحبّه (2).

15-و بالإسناد، عن أبي هريرة، أنّه لقي الحسين عليه السلام، فقال أرني الموضع الّذي قبّله النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فرفع الحسين عليه السلام فقبّل سرته (3).

ص:126


1- 1) ما ظفرت على مصدره.
2- 2) رواه ابن الصبّاغ المالكي في «الفصول المهمّة» :153 ط الغري. و العلاّمة محمّد اكرام الدين في «سعادة الكونين» :35. و أخرجه عن أبي هريرة جماعة من الأعلام: منهم الحاكم النيسابوري في «المستدرك» ج 3/177 ط حيدرآباد. و الذهبي في «تلخيص المستدرك» المطبوع بذيل المستدرك ج 3/177. و العلاّمة المناوي القاهري في «كنوز الحقائق» :25 ط بولاق. و المتّقي الهندي في «كنز العمّال» ج 13/111 ط حيدرآباد الدكن. و ابن كثير الدمشقي في «البداية و النهاية» ج 1/143 ط حيدرآباد. و العلاّمة الشيخ أحمد بن الفضل بن محمد بن با كثير الحضرمي في «وسيلة المآل» :180 مخطوط على ما في ملحقات الإحقاق ج 11/300 و أخرجه العلاّمة الذهبي عن زيد بن أرقم في «سير أعلام النبلاء» ج 3/315، قال: و يروى عن أبي داود السبيعي، عن زيد بن أرقم قال: كنت عند عبيد اللّه فاتي برأس الحسين عليه السلام فأخذ قضيبا فجعل يفترّ به عن شفتيه، فلم أر ثغرا كان أحسن منه كأنّه الدرّ فلم أملك أن رفعت صوتي بالبكاء، فقال: ما يبكيك أيّها الشيخ قلت: يبكيني ما رأيت من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، رأيته يمصّ موضع هذا القضيب، و يلثمه و يقول: «اللّهمّ إنّي أحبّه فأحبّه» .
3- 3) رواه أبو المؤيّد الموفّق بن أحمد أخطب خوارزم في «مقتل الحسين» ص 146 ط الغري [1]مع تفاوت يسير، قال: أخبرنا جامع بن أحمد الوكيل، أخبرنا محمد بن الحسن المحمّدآبادي، حدّثنا عثمان بن سعيد حدّثنا موسى بن اسماعيل، حدّثنا حمّاد، أخبرنا ابن عون، عن أبي محمّد عمير بن إسحاق، أنّ أبا هريرة قال للحسين عليه السلام: ارفع قميصك عن بطنك حتّى أقبّل حيث رأيت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقبّل فرفع قميصه، فقبّل سرّته، ثم قال الخوارزمي: و المعروف عن ابن عون في هذا الحديث الحسن عليه السلام.

16-و بالإسناد، عن رزين (1)قال: حدّثتني سلمى (2)قالت: دخلت على أمّ سلمة رضي اللّه عنها، و هي تبكي، فقلت: ما يبكيك؟ قالت: رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، تعني في المنام، و على رأسه و لحيته التراب، فقلت: ما لك يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم؟ قال: شهدت قتل الحسين آنفا (3).

17-و من كتاب «المصابيح» تصنيف أبي محمّد الحسين بن مسعود الفرّاء (4)في آخر كراس من الكتاب، قال صاحب الكتاب: بإسناده، عن يعلى بن مرّة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: حسين منّي، و أنا من حسين أحبّ اللّه من أحبّ حسينا، حسين سبط من الأسباط (5).

و هذا الحديث متكرّر في كتب الخاصّة (6)و العامّة، و الأحاديث في ذلك من

ص:127


1- 1) رزين: هو ابن حبيب الجهني الكوفي بيّاع الرمان، روى عنه الحديث أبو خالد الأحمر، وثّقه ابن حنبل و ابن معين-الجرح و التعديل ج 3/508-.
2- 2) سلمى: مولاة صفيّة بنت عبد المطلب، امرأة أبي رافع، و كانت قابلة بني فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و هي الّتي ساعدت في غسل الصديقة الطاهرة سلام اللّه عليها مع أسماء بنت عميس أمير المؤمنين عليه السلام-اسد الغابة ج 5/478-. [1]
3- 3) رواه جماعة من القوم: منهم العلامة الترمذي في «صحيحه» ج 5/657 ح 3771. و الحافظ الحاكم النيسابوري في «المستدرك» ج 4/19 ط حيدرآباد الدكن. و البغوي في «مصابيح السنة» :4/194 ح 4830. و ابن الأثير الجزري في «اسد الغابة» ج 2/22 ط مصر. [2]
4- 4) الحسين بن مسعود أبو محمد الفرّاء المعروف بالبغوي، فقيه، محدّث، حافظ مفسّر، نسبته إلى «بغا» من قرى خراسان بين هراة و مرو، ولد سنة (436) و توفي سنة (510) ه. الأعلام ج 2/284-. [3]
5- 5) مصابيح السنّة:4/195 ح 4833 ط الخيرية بمصر، و تقدّم الحديث في هذا الباب تحت الرقم (2) عن «الفردوس» و «البحار» و [4] «المعجم الكبير» و «مسند ابن حنبل» . [5]
6- 6) رواه مضافا إلى من تقدّم جماعة من أعلام القوم: منهم البخاري محمّد بن اسماعيل في «الأدب المفرد» :100 ط القاهرة.

طرق الخاصّة و العامّة كثيرة يطول بذكرها الكتاب، فهذا فيه كفاية، و محبة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لأهل بيته أوضح من الشمس في رابعة النهار، و الكتب مشحونة بذلك و الحمد للّه تعالى.

ص:128

الباب الثامن

فيما جاء فيه و في أخيه عليهما السلام و أنهما سيّدا شباب أهل الجنة

من طريق العامّة

1-من «مسند» أحمد بن حنبل، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبل قال: حدّثنا نصر بن عليّ الجهضمي (1)، قال: أخبرني عليّ بن جعفر بن محمّد ابن عليّ بن الحسين بن عليّ، قال: أخبرنا أخي موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن جدّه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أخذ بيد الحسن و الحسين عليهما السلام، و قال: من أحبّني و أحبّ هذين، و أباهما، و أمّهما كان معي في درجتي يوم القيامة (2).

ص:129


1- 1) نصر بن عليّ أبو عمرو الجهضمي الأزدي البصري توفي سنة (250) [1] في ربيع الآخر، وثّقه النسائي، و أبو حاتم-رجال الكلاباذي ج 2/750-.
2- 2) مسند أحمد بن حنبل ج 1/77 و [2]رواه أيضا في «الحديث» (1185) من فضائل الصحابة [3]ج 2/693 و رواه عنه في ترجمة الإمام الحسن [4]عليه السلام من «تهذيب الكمال» ج 2/270، و رواه عنه أيضا ابن البطريق في «العمدة» :395 و [5]رواه أيضا ابن حجر في ترجمة الامام الحسن [6]عليه السلام من «تهذيب التهذيب» ج 2/297 [7] عن الترمذي و عبد اللّه بن أحمد بن حنبل في زوائده عن نصر بن علي و في ج 10/430 في ترجمة نصر بن عليّ. و رواه أيضا الذهبي في ترجمة علي بن جعفر تحت الرقم (5799) [8] من كتاب «ميزان الاعتدال» ج 3/117-و أخرجه في البحار ج 37/78 ح 46 [9]عن كشف الغمة ج 1/90 و 451 [10]نقلا عن مسند أحمد. [11]

2-و من الكتاب عن عبد اللّه بن أحمد بن حنبل، قال: حدّثني أبي، قال حدّثنا عفّان، قال: حدّثنا معاذ بن معاذ 1، قال: حدّثنا قيس بن الربيع، عن أبي المقدام 2، عن عبد الرحمن الأزرق 3، عن عليّ عليه السلام قال:

ص:130

دخل عليّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و أنا نائم على المنامة، فاستسقى الحسن و الحسين عليهما السلام، قال: فقام النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلى شاة لنا بكيء (1)فحلبها، فدرّت فجاء الحسن عليه السلام فسقاه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقالت فاطمة عليها السلام: يا رسول اللّه كأنّه أحبّهما إليك؟ قال: لا، و لكنّه استسقى قبله، ثمّ قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّي و إيّاك و ابنيك، و هذا الراقد في مكان واحد يوم القيامة (2).

3-و من «صحيح البخاري» في الجزء الرابع منه، قال: حدّثنا عثمان ابن أبي شيبة قال: حدّثنا جرير، عن منصور، عن المنهال، عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس رضي اللّه عنه، قال: كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يعوّذ

ص:131


1- 1) بكأت الناقة بكئا و بكاءة فهي بكيء و بكيئة: قلّ لبنها.
2- 2) رواه العامّة و الخاصّة و إليك بعضهم: أحمد بن حنبل الشيباني في «المسند» ج 1/101 ط مصر، و عنه ابن البطريق في «العمدة» 395 ح 793. و رواه أحمد أيضا في «فضائل الصحابة» ج 2/692 ح 1183. و الطبراني في «المعجم الكبير» ج 3/43 ح 2654 بإسناده عن أبي فاختة. قال: قال عليّ رضي اللّه عنه: زارنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و بات عندنا و الحسن و الحسين نائمان فاستسقى الحسن، فقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلى قربة لنا فجعل يمصرها في القدح ثمّ جاء يسقيه، فناول الحسين عليه السلام ليشرب، فمنعه و بدأ بالحسن. بعين ما تقدّم عن « مسند أحمد» . و رواه أيضا موفّق بن أحمد في «مقتل الحسين» :75 [1] ط الغري بإسناده عن أبي فاختة و في ص 103 أيضا عن أبي فاختة بعين ما تقدم عن «المسند» . و أخرجه أيضا الحافظ الطيالسي المتوفّى (295) في «مسنده» :26 ط حيدرآباد. و ابن الأثير الجزري بإسناده في «اسد الغابة» ج 5/269 ط مصر و [2]ص 523. و ابن كثير الدمشقي في «البداية و النهاية» ج 8/207 ط القاهرة. و الذهبي في «سير أعلام النبلاء» ج 3/171 ط مصر. و أخرجه في «البحار» ج 37/72 ذيل ح 39 [3] عن «العمدة» لابن البطريق.

الحسن و الحسين عليهما السلام، و يقول: إنّ أباكما إبراهيم كان يعوّذ بها إسماعيل و إسحاق، فقال: أعيذكما بكلمات اللّه التامّة من كلّ شيطان و هامّة (1)، من كلّ عين لامة (2).

4-و من الجزء المذكور، قال: حدّثنا مسدّد، قال: حدّثنا معتمر (3)، قال: سمعت أبي، قال: حدّثنا أبو عثمان (4)، عن اسامة بن زيد، عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، إنّه كان يأخذ الحسن، و الحسين، و يقول: اللّهمّ إنّي احبّهما فأحبّهما أو كما قال (5). (6)

5-و عنه أيضا، حدّثني محمّد بن بشّار، حدّثنا غندر، قال: حدّثنا

ص:132


1- 1) الهامّة: ما كان له سمّ كالحيّة، أو كلّ نسمة تهتمّ لسوء، و اللامّة: العين المصيبة بسوء، و كلّ ما يخاف منه من فزع و شرّ.
2- 2) صحيح البخاري ج 4/147 ط الأميرية بمصر، و عنه «العمدة» لابن البطريق:396 ح 795-و أخرجه الحاكم [1]في «المستدرك» ج 3/167. و ابن الجوزي الحنبلي في «تلبيس إبليس» :36 ط المنيرية بمصر. و سبط ابن الجوزي في «التذكرة» :202 ط الغري. و القسطلاني في «إرشاد الساري» ج 5/429 ط القاهرة. و ابن كثير الدمشقي الحنفي في «تفسير القرآن» ج 1/58 ط بولاق مصر. و البغوي في «مصابيح السنّة» ج 1/517 ح 1095.
3- 3) معتمر بن سليمان بن طرخان أبو محمد التيمي البصري المتوفّى سنة (187) ه. رجال الكلاباذي ج 2 ص 739-. و والده سليمان بن طرخان المرّي، كان مولى لبني مرّة، فلمّا تكلّم باثبات القدر أخرجوه فقبله بنو تميم، مات سنة (143) -المصدر السابق ج 1 ص 310-.
4- 4) أبو عثمان: عبد الرحمن بن ملّ النهدي البصري، أسلم على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و لم يهاجر إليه، و لم يره، و لكنّه أدّى إليه الصدقات، مات سنة (95) و هو ابن (130 ) سنة-رجال الكلاباذي ج 1/440-.
5- 5) قال العيني في شرح صحيح البخاري ج 16/240: قوله: «او كما قال» شكّ من الراوي.
6- 6) صحيح البخاري ج 5 ص 32، و عنه العمدة لابن البطريق:396 ح 797.

شعبة، عن محمّد بن أبي يعقوب (1)، قال: سمعت ابن أبي نعم (2)، سمعت عبد اللّه بن عمر و سأله رجل عن المحرم، قال شعبة (3): أحسبه يقتل الذباب، فقال: أهل العراق يسألوني عن الذباب، و قد قتلوا ابن بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فيهما: هما ريحانتاى من الدنيا (4).

6-و من «صحيح مسلم» قال: حدّثنا عبد اللّه بن الرومي اليمامي (5)، و عبّاس بن عبد العظيم العنبري (6)، قال: حدّثنا النضر بن محمّد (7)، حدّثنا

ص:133


1- 1) هو محمّد بن عبد اللّه بن أبي يعقوب الضبّي البصري بن أبي هشيم نسب إلى جدّه. تهذيب التهذيب ج 9/284-. [1]
2- 2) هو عبد الرحمن بن أبي نعم (بضم النون و سكون العين المهملة) أبو الحكم البجلي، الكوفي، تابعيّ، كان من العبّاد، وثّقه ابن سعد و النسائي. تهذيب التهذيب ج 6/286-.
3- 3) «قال شعبة: أحسبه. . .» أي أظنّه سأل عن المحرم يقتل الذباب، و في رواية أخرى سئل ابن عمر عن دم البعوض يصيب الثوب.
4- 4) صحيح البخاري ج 5/33، و ج 7/8 في باب رحمة الولد، و عنه العمدة:397 ح 802. و رواه أيضا النسائي في الحديث (139) من الخصائص/124 ط الغري. و رواه أيضا البلاذري في الحديث (85) من ترجمة الإمام الحسين عليه السلام. [2] من أنساب الأشراف ج 3/227. و رواه أيضا الترمذي في الحديث (4) من باب مناقب الحسن و الحسين عليهما السلام من سننه ج 4/339، و بشرح الأحوذي ج 13/193. و رواه أيضا الجويني في فرائد السمطين ج 2/109. [3]
5- 5) عبد اللّه بن الرومي أبو محمد اليمامي نزيل بغداد المتوفّى سنة (236) ه. رجال صحيح مسلم ج 1/362-.
6- 6) عبّاس بن عبد العظيم بن توبة بن كيسان العنبري البصري ابو الفضل المتوفى سنة (246) ه. رجال صحيح مسلم ج 2/61-.
7- 7) النضر بن محمّد بن موسى الجرشي أبو محمد اليمامي مولى بني أميّة ذكره ابن ذكره ابن حجر في «التقريب» ج 2/302.

عكرمة (1)، و هو ابن عمّار، حدّثنا إياس (2)، عن أبيه (3)، قال: لقد قدت بنبي اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و الحسن و الحسين عليهما السلام بغلته الشهباء، حتى أدخلتهم حجرة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم هذا قدامه، و هذا خلفه (4).

7-و عنه، قال: حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة (5)، حدّثنا عبد الرحيم بن سليمان (6)، عن عاصم (7)، حدّثني مورّق (8)، حدّثني عبد اللّه بن جعفر (9)، قال:

كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إذا قدم من سفر تلقي بنا، فتلقي بي و بالحسن و الحسين عليهما السلام، قال: فحمل أحدهما (10)بين يديه، و الآخر خلفه حتّى دخلنا المدينة (11).

ص:134


1- 1) عكرمة بن عمّار العجلي أبو عمّار اليمامي، بصري الاصل مات سنة (159) ه. تهذيب التهذيب ج 7/263-. [1]
2- 2) إياس بن سلمة بن الاكوع سنان بن عبد اللّه ابو سلمة المديني، توفّي سنة (119) ه. رجال صحيح مسلم ج 1/72-.
3- 3) هو سلمة بن عمرو بن الاكوع أبو مسلم الاسلمي المدني المتوفي سنة (74) ه. رجال صحيح البخاري ج 1/320-.
4- 4) صحيح مسلم بشرح النووي ج 15/194.
5- 5) ابو بكر عبد اللّه بن محمد بن ابراهيم أبي شيبة بن عثمان العبسي الكوفي الحافظ المتوفى سنة (235) العبر ج 1/421-.
6- 6) عبد الرحيم بن سليمان الرازي نزيل الكوفة، توفّي سنة (187) ه-العبر ج 1/296-. [2]
7- 7) عاصم بن سليمان الأحول أبو عبد الرحمن، كان قاضيا بالمدائن، و أحد حفّاظ البصرة، وثّقه أحمد، و ابن معين، و ابن المديني، و أبو زرعة، توفي سنة (141) أو (142) ه. تهذيب التهذيب ج 5/42-. [3]
8- 8) مورّق (بضم الميم و كسر الراء المهملة المشدّدة) بن المشمرج، أبو المعتمر العجلي البصري التابعي المتوفى سنة (105) ه-رجال الكلاباذي ج 2/734-.
9- 9) عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب بن عبد المطّلب بن هاشم، ولد بالحبشة لمّا هاجر أبواه إليها سنة (1) ه، و كان من الأجواد و الكرماء، يسمّى بحر الجود، و كان زوج عقيلة بني هاشم زينب بنت أمير المؤمنين عليه السلام توفّي بالمدينة سنة (80) ه-الاعلام ج 4/204-و غيره. [4]
10- 10) في المصدر: «فتلقّي بي و بالحسن أو بالحسين، قال: فحمل أحدنا» .
11- 11) صحيح مسلم بشرح النووي ج 15/198 ط بيروت.

8- «تفسير الثعلبي» قال: أخبرني الحسين بن محمّد بن الحسين الدينوري، حدّثنا موسى بن محمّد بن عليّ بن عبد اللّه، قال: قرأ أبي على أبي محمّد الحسن بن علويّة القطّان من كتابه، و أنا أسمع، حدّثنا بعض أصحابنا حدّثني رجل من أهل مصر يقال له: طسم، حدّثنا أبو حذيفة، عن أبيه، عن سفيان الثوري، في قول اللّه عزّ و جلّ: مَرَجَ اَلْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ، بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ (1)قال: فاطمة، و عليّ عليهما السلام يَخْرُجُ مِنْهُمَا اَللُّؤْلُؤُ وَ اَلْمَرْجانُ قال: الحسن، و الحسين عليهما السلام (2).

9-قال الثعلبي (3): و روي هذا القول أيضا عن سعيد بن جبير، قال بَيْنَهُما بَرْزَخٌ محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (4).

ص:135


1- 1) الرحمن:19-20. [1]
2- 2) أخرج الحديث جماعة من الفريقين إليك بعضهم: الثعلبي رواه عنه ابن البطريق في العمدة:399 ح 810. و سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواصّ:245. و ابن المغازلي الشافعي في «المناقب» [2] بإسناده عن أبي سعيد الخدري:339. و القندوزي النقشبندي في ينابيع المودّة:118. و الخوارزمي في «مقتل الحسين» :112. و شرف الدين الأسترآبادي في «تأويل الآيات» ج 2/635. و الكراجكي في «كنز الفوائد» :366. و العلامة المجلسي في «البحار» ج 24/97 ح 1 و ح 2 و [3]ح 3 و ص 98 ح 4 و ح 5. و السيّد هاشم البحراني في تفسير «البرهان» ج 4/265 ح 1 [4] عن يحيى بن سعيد عن الصادق عليه السلام، و ح 3 عن جابر الجعفي عن الصادق عليه السلام و ح 4 عن أبي سعيد الخدري و ح 5 عن ابن عباس، و ح 6 عن أبي ذرّ الغفاري.
3- 3) الثعلبي: أحمد بن محمد بن إبراهيم أبو إسحاق المفسّر النيسابوري المتوفّى (427) . البداية و النهاية ج 12/40-. [5]
4- 4) رواه عن الثعلبي ابن البطريق في «العمدة» :400 ح 812 و أخرجه السيوطي في «الدّر المنثور» ج 4/120 [6] باختلاف. و قال أبو علي الطبرسي قدّس سرّه في «مجمع البيان» ج 9/201:

10-و ذكر الثعلبي في تفسير قوله تعالى: فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَ هُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (1)قال الثعلبي: و يروى أنّ الحسين بن عليّ عليهما السلام كان يجالس المساكين ثمّ يقول: إِنَّهُ لا يُحِبُّ اَلْمُسْتَكْبِرِينَ 23

11-و من «الجمع بين الصحيحين» للحميدي، الحديث السابع، من افراد مسلم، عن إياس بن سلمة، عن أبيه، قال: قدت بنبيّ اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و الحسن و الحسين عليهما السلام بغلته الشهباء، حتّى أدخلتهم حجرة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، هذا قدامه، و هذا خلفه 4.

12-و من «الجمع بين الصحيحين» أيضا للحميدي، قال: عن عبد الرحمن بن أبي نعم البجلي، قال: كنت شاهدا لا بن عمر، و سأله رجل عن دم البعوض، فقال: ممّن أنت؟ قال: من أهل العراق، قال: انظروا إلى هذا يسألني عن دم البعوض، و قد قتلوا ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و قد سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: هما ريحانتاي من الدنيا 5.

ص:136


1- 1) النحل:22-23. [1]

13-و في حديث شعبة قال: و أحسبه سأله عن المحرم يقتل الذباب، فقال: يا أهل العراق تسألوني عن محرم قتل ذبابا، و قد قتلتم ابن بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و قد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «هما ريحانتي من الدنيا» 1.

14-و من الصحاح الستة للعبدري من «صحيح الترمذي» عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: الحسن و الحسين سيّدا شباب أهل الجنة 2.

ص:137

15-عن الترمذي، حدّثنا أبو داود سليمان بن الأشعث، قال: أخبرنا يحيى بن معين قال: حدّثنا هشام بن يوسف (1)، عن عبد اللّه بن سليمان النوفلي (2)، عن محمّد بن عليّ بن عبد اللّه بن عبّاس، عن أبيه، عن ابن عبّاس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أحبّوا اللّه تعالى لما يغذوكم به من نعمة، و أحبّوني لحبّ اللّه تعالى، و أحبّوا أهل بيتي لحبّي (3).

16-و عنه، عن «سنن أبي داود» عن عليّ عليه السلام قال: كنت إذا سألت رسول اللّه أعطاني، و إذا سكتّ ابتدأني، قال: و أخذ بيد حسن، و حسين، و قال: من أحبّني، و أحبّ هذين، و أباهما، و امّهما، و مات متّبعا لسنّتي كان معي في درجتي (4).

ص:138


1- 1) هشام بن يوسف القاضي الصنعاني المتوفّى سنة (197) ه. العبر ج 1/324-. [1]
2- 2) عبد اللّه بن سليمان: النوفلي، ذكره الذهبي في «ميزان الاعتدال» ج 2/432 و قال: ما حدّث عنه إلاّ هشام بن يوسف بالحديث الذي أخبرناه، الأبرقوهي. . . ثم ذكر هذا الحديث.
3- 3) رواه جماعة من أعلام القوم: منهم الحافظ الترمذي في «صحيحه» ج 5/664 ح 3789. و الحاكم النيسابوري في «المستدرك» ج 3/149. و الخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد» ج 4/159. و ابن المغازلي في «المناقب» :136-137. و مجد الدين ابن الأثير في «جامع الأصول» ج 1/100. و عز الدين ابن الأثير في «اسد الغابة» ج 2/12. و ابن كثير ابو الفداء في «تفسير القرآن» ج 9/115. و ابن حجر الهيثمي في «الصواعق» :185 و 228. و المتّقي الهندي في «منتخب كنز العمال» ج 5/92 بهامش «المسند» .
4- 4) أخرجه العلاّمة المجلسي عن الجمع بين الصحاح الستّة لرزين العبدري عن سنن أبي داود. في البحار ج 37/73. و أخرجه ابن البطريق أيضا في العمدة:403 ح 826 و 827. و أخرج الترمذي صدره في صحيحه ج 5/640 ح 3729 و ذيله في ص 641 ح 3733 خاليا عن جملة (و مات متّبعا لسنّتي) و عبارته هكذا:

17-و عنه، قال: عن إياس بن سلمة، عن أبيه، قال: لقد قدت بنبيّ اللّه، و الحسن، و الحسين عليهم السلام، بغلته الشهباء حتّى أدخلتهم حجرة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، هذا أمامه، و هذا خلفه (1).

18-و عنه قال: سأل رجل من أهل العراق ابن عمر عن المحرم يقتل الذباب، قال: ما أسألهم عن صغيرة، و ما أجرأهم على كبيرة؟ يسألون عن الذباب، و قد قتلوا ابن بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: هما ريحانتاي من الدنيا، و هما سيّدا شباب أهل الجنة (2).

ص:139


1- 1) أخرجه ابن البطريق في «العمدة» :403 ح 829 عن الجمع بين الصحاح، و تقدّم في ح 7 عن العمدة أيضا ص 400 ح 814، و عن صحيح مسلم بشرح النووي ج 15/194.
2- 2) أخرجه ابن البطريق في «العمدة» :404 ح 835 عن الجمع بين الصحاح، و قد تقدّم عن « العمدة» أيضا عن الجمع بين الصحيحين، و عن ابن حنبل في «المسند» بطرق عديدة، بألفاظ متقاربة. و أخرجه أيضا أبو داود الطيالسي في مسنده ج 8/160. و أبو نعيم في «حلية الأولياء» ج 5/70 بطريقين.

19-و من كتاب «المغازي» لمحمّد بن إسحاق المدني، بالإسناد، عن هانئ 1بن هانئ، عن عليّ عليه السلام قال: لمّا ولد الحسن عليه السلام سمّته أمّه حربا، فجاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فقال: أروني ابني ما ذا سمّيتموه؟ فقالت: سمّيته حربا، فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: و لكن اسمه حسن، قال: و ولد الحسين عليه السلام، سمّته حربا، فجاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال: أروني ابني ما سمّيته؟ فقالت: قد سمّيته حربا، قال: و لكن اسمه حسين، ثم قال: إنّي سمّيتهما باسمي ابني هارون: شبرا و شبيرا، يقول: حسنا و حسينا 2.

ص:140

20-و من الجزء الخامس من كتاب «حلية الأولياء» لأبي نعيم، قال:

عن علقمة، عن عبد اللّه، قال: كنّا جلوسا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، إذ مرّ به الحسن و الحسين، و هما صبيان، فقال: هات ابنيّ، أعوّذهما بما عوّذ به إبراهيم ابنيه: إسماعيل و إسحاق، فقال: أعيذكما بكلمات اللّه التامة من كلّ عين لامّة (1)، و من كل شيطان و هامّة.

غريب من حديث منصور، عن ابراهيم (2)عن علقمة، و مشهوره ما رواه الثوري، و أبو حفص الأبّار (3)، عن منصور (4).

21-و من الجزء الخامس من «حلية الأولياء» أيضا، قال: حدّثنا فاروق الخطابي (5)، قال: حدّثنا هشام بن علي السيرافي (6)، قال: حدّثنا عبد الحميد

ص:141


1- 1) عين لامّة: أي ذات لمم، و هو طرف من الجنون يلمّ بالانسان و يقرب منه، و الهامّة: كلّ ذات سمّ و الجمع: الهوامّ.
2- 2) إبراهيم: بن سويد الصيرفي الكوفي، قال الذهبي: عن علقمة، و عبد الرحمن بن يزيد، و عنه زبيد اليامي، و سلمة بن كهيل. ميزان الاعتدال ج 1/37-.
3- 3) أبو حفص الأبّار: عمر بن عبد الرحمن بن قيس القرشي الكوفي، و كان ثقة أثنى عليه يحيى بن معين-أنساب السمعاني ج 1/69.
4- 4) حلية الأولياء ج 5/45-46، و في ج 4/299 بسند آخر. و رواه جماعة من أعلام القوم كما في «فضائل الخمسة» ج 3/177، كأحمد بن محمد بن حنبل في «المسند» ج 1/226 ح 306 و ص 270 ح 657 و الترمذي في «صحيحه» ج 1/6، و أبو داود في «صحيحه» ج 3/180، و الحاكم في «المستدرك» ج 3/167، و المتّقي الهندي في «كنز العمّال» ج 5/195، و الطحاوي في «مشكل الآثار» ج 4/72، و الهيثمي في مجمعه ج 10/188.
5- 5) فاروق الخطابي: بن عبد الكبير، أبو حفص، محدّث البصرة و مسندها، كان حيّا في سنة (361) العبر ج 2/357-.
6- 6) هشام بن علي السيرافي، ذكره الذهبي في «تذكرة الحفّاظ» ج 1/644، و قال: توفّي سنة (284) ه.

ابن بحر أبو سعيد الكوفي (1)، قال: حدّثنا منصور بن أبي الأسود (2)، عن الأعمش عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللّه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: الحسن و الحسين عليهما السلام سيّدا شباب اهل الجنة (3).

22-و قال أبو نعيم في الجزء الخامس من «الحلية» أيضا: حدّثنا عبد اللّه ابن محمّد (4)، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى المروزي (5)، قال: حدّثنا عاصم بن عليّ (6)، قال: حدّثنا مهديّ بن ميمون (7)، قال: حدّثنا محمّد بن أبي يعقوب عن عبد الرحمن بن أبي نعم، قال: كنت جالسا عند ابن عمر، و جاءه رجل

ص:142


1- 1) عبد الحميد بن بحر، أبو سعيد الكوفي، ترجمه الذهبي في «ميزان الاعتدال» ج 2/538، و قال: بصري، روى عن مالك، ثمّ روى عنه حديث «غضّوا أبصاركم حتّى تمرّ فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم» .
2- 2) منصور بن أبي الأسود الكوفي الخيّاط، روى عن الإمام الصادق عليه السلام. قال الذهبي: هو من كبار الشيعة، وثّقه ابن معين. معجم رجال الحديث ج 18/340- [1]الميزان للذهبي ج 4/183-.
3- 3) حلية الأولياء ج 5/58، روى الحديث عن عبد اللّه بن مسعود جماعة من أعلام القوم: منهم الحاكم النيسابوري في «المستدرك» ج 3/167. و منهم الذهبي في «تلخيص المستدرك» المطبوع بذيل المستدرك ج 3/167. و منهم العلاّمة الهيثمي في «الصواعق» :189. و منهم جلال الدين السيوطي في «الجامع الصغير» ج 1/518.
4- 4) هو أبو محمّد عبد اللّه بن محمّد بن جعفر المعروف بأبي الشيخ الحافظ الاصبهاني، ولد سنة (274) و توفّي سنة (369) ه-تذكرة الحفّاظ ج 3/945-.
5- 5) محمّد بن يحيى المروزي، ترجمه الذهبي و قال: شيخ صدوق من طبقة أبي بكر أحمد بن علي المروزي المتوفّى (292) ه، حدّث ببغداد قبل سنة (300) عن أبي عبيد، و عاصم بن عليّ. تذكرة الحفّاظ ج 2/663-.
6- 6) عاصم بن عليّ بن عاصم بن صهيب الحافظ الواسطي المتوفّى سنة (221) ه. تذكرة الحفاظ ج 1/397-.
7- 7) مهديّ بن ميمون أبو يحيى الحافظ الأزدي البصري المتوفّى سنة (172) ه. تذكرة الحفّاظ ج 1/243-.

يسأله عن دم البراغيث، و قال ابن عمر: انظروا إلى هذا يسألني عن دم البعوض و قد قتلوا ابن بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و قد سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: هما ريحانتاي من الدنيا.

حديث صحيح متفق عليه من حديث شعبة، و مهدي (1).

23-و من «حلية الأولياء» أيضا: حدّثنا سليمان بن أحمد، قال:

حدّثنا عليّ بن عبد العزيز (2)، قال: حدّثنا أبو نعيم، قال: حدّثنا الحكم بن عبد الرحمن بن أبي نعم (3)، عن أبيه، قال حدّثنا أبو سعيد الخدري، قال:

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم «الحسن و الحسين سيّدا شباب أهل الجنة» (4)

24-و فيه أيضا: حدّثنا أبو بكر بن خلاّد (5)، قال: حدّثنا الحارث بن أبي اسامة (6)، قال: حدّثنا خلف بن الوليد الجوهري، قال: حدّثنا إسماعيل ابن زكريا، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي نعم، عن أبي سعيد

ص:143


1- 1) حلية الأولياء ج 5/71، تقدّم الحديث عن ابن عمر، من صحيح البخاري، و خصائص النسائي، و أنساب البلاذري، و سنن الترمذي، و مسند ابن حنبل، و عمدة ابن البطريق. و للحديث مصادر أخر و إليك بعضها: «مسند» الطيالسي:260، و «كنز العمّال» ج 13 /99، و «تاريخ الاسلام» للذهبي ج 3/8، و [1] «محاضرات الأدباء» للراغب الاصفهاني ج 4/479.
2- 2) عليّ بن عبد العزيز: أبو الحسن البغوي المحدّث بمكّة المكرّمة و قد جاوز التسعين، توفّي سنة (285) ه-العبر ج 2/77-. [2]
3- 3) الحكم بن عبد الرحمن بن أبي نعم البجلي الكوفي، ترجمه ابن أبي حاتم و حكى عن أبي حاتم أنّه قال: الحكم صالح الحديث-الجرح و التعديل ج 3/123-.
4- 4) حلية الأولياء ج 5/71.
5- 5) أبو بكر بن خلاّد: أحمد بن يوسف بن خلاّد النصيبي المتوفّى ببغداد سنة (359) ه. العبر ج 2/303-.
6- 6) الحارث بن أبي اسامة محمّد الحافظ التميمي البغدادي المولود سنة (186) ه، و المتوفّى سنة (282) -تذكرة الحفّاظ ج 2/619-.

الخدري، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «حسن و حسين سيّدا شباب أهل الجنة» (1).

25-و من الجزء الأوّل من كتاب «الفردوس» (2)في باب الحاء قال: عن أبي سعيد رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: الحسن و الحسين سيّدا شباب اهل الجنة (3).

26-و منه أيضا قال: عن ابن عمر، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: الحسن و الحسين هما ريحانتاي من الدّنيا (4).

27-و من باب الحاء أيضا قال: عن مولانا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: الحسن و الحسين يوم القيامة عن جنبي عرش الرّحمن بمنزلة الشنفين في الوجه، الشنف: القرط (5).

28-و من الجزء أيضا في باب الألف قال: عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه: إنّ اللّه عزّ و جلّ جعل ذريّة كلّ نبيّ في صلبه و إنّ اللّه جعل ذريّتي في صلب عليّ بن أبي طالب عليه السلام (6).

29-و منه في باب القاف قال: عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: قاتل الحسين في تابوت من نار، عليه نصف عذاب أهل الدّنيا (7).

ص:144


1- 1) حلية الأولياء ج 5/71.
2- 2) فردوس الأخبار بمأثور الخطاب، فيه عشرة آلاف حديث قصير، لمؤلّفه: الحافظ أبو شجاع شيرويه بن شهردار بن شيرويه بن فنّا خسرو الديلمي الهمذاني الملقّب «الكيا» المولود سنة (445) و المتوفّى سنة (509) ه.
3- 3) الفردوس ج 2/158 ح (2801) مع زيادة: (إلاّ ابني الخالة عيسى و يحيى بن زكريا) .
4- 4) المصدر ج 2/158 ح (2802) .
5- 5) المصدر ج 2/158 ح (2804) .
6- 6) المصدر ج 1/172 ح (643) .
7- 7) المصدر ج 3/220 ح (4639) ، و قد تقدّم في الباب السابع ح 5 للحديث مصادر أخر فراجع.

30-و من احاديث «العلل» لابن عمار الموصلي (1)، ذكره بالإسناد، قال عن دينار (2)، عن أنس، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لعليّ عليه السلام: يا عليّ إذا كان يوم القيامة أقوم أنا من قبري و أنت كهاتين-و أشار باصبعيه السبّابة، و الوسطى، و حرّكهما و صفّهما-أنت عن يميني، و فاطمة من ورائي، و الحسن و الحسين قدّامي حتّى نأتي الموقف، ثم ينادي مناد من قبل اللّه تعالى: ألا إنّ عليا و شيعته هم الآمنون يوم القيامة (3).

31-و بالإسناد، قال: عن عليّ بن جعفر بن محمّد، عن أخيه موسى ابن جعفر، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن عليّ بن الحسين، عن أبيه عن جدّه عليّ عليهم السلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه أخذ الحسن و الحسين عليهما السلام و قال: من أحبّ هذين، و اباهما، و امّهما كان معي في درجتي يوم القيامة (4).

32-و في «حلية الأولياء» لأبي نعيم، قال: حدّثنا أبو بكر بن خلاّد، حدّثنا محمّد بن غالب بن حرب (5)، حدّثنا الحسن بن عطية البزّار (6)، حدّثنا

ص:145


1- 1) ابن عمّار: محمّد بن عبد اللّه بن عمّار الموصلي أبو جعفر، من حفّاظ الحديث، مؤرّخ لرجاله، له كتاب كبير في «الرجال و العلل» توفّي سنة (242) ه-الاعلام للزركلي ج 7/92-. [1]
2- 2) دينار: أبو مكير الحبشي، خادم أنس بن مالك، روى عنه أحمد بن محمّد بن غالب الباهلي غلام خليل، و محمّد بن موسى البربري، و ابن ناجية، و محمّد بن إسماعيل الأصبهاني، و محمّد بن أحمد ابن حبيب القفّاص-ميزان الاعتدال ج 2/30-.
3- 3) رواه العلاّمة المجلسي في «بحار الأنوار» ج 37/75 [2] عن ابن بطريق في كتاب المستدرك. [3]
4- 4) تقدّم في أوّل الباب الثامن من ح 1 عن «مسند» أحمد بن حنبل، و ذكرنا هناك مصادر أخر للحديث، و نذكر له هاهنا أيضا منابع غيرها، منها: اسد الغابة لابن الأثير ج 4/29، و [4]نظم درر السمطين:210. [5]
5- 5) محمّد بن غالب بن حرب، أبو جعفر الحافظ تمتام الضبيّ البصري، نزيل بغداد توفّي سنة (283) تذكرة الحفّاظ ج 2/615-.
6- 6) الحسن بن عطيّة: بن نجيح القرشي الكوفي، كتب عنه أبو حاتم الرازي و قال: صدوق، و حدّث عنه أيضا أبو زرعة، و الدوري، و البخاري في التاريخ، و عدّة. ميزان الاعتدال ج 1/503-.

إسرائيل بن يونس، عن ميسرة بن حبيب، عن المنهال بن عمرو، عن زرّين حبيش (1)، عن حذيفة بن اليمان، قال: قالت امّي: متى عهدك بالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قلت: ما لي به عهد منذ كذا و كذا، فنالت منّي قلت لها:

دعيني فإنّي آتيه فاصلّي معه المغرب، و أسأله أن يستغفر لي و لك، فأتيته و هو يصلّي المغرب، فصلّى، حتّى صلّى العشاء، ثمّ انصرف، و خرج من المسجد، فسمعته يعرض عارض له في الطريق، فتأخّرت، ثمّ دنوت، فسمع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم نقيضي (2)من خلفه، فقال: من هذا؟ قلت: حذيفة، قال ما جاء بك يا حذيفة؟ فأخبرته، فقال: غفر اللّه لك و لامّك يا حذيفة، أ ما رأيت العارض الذي عرض لي؟ قلت: بلى، قال: ذلك ملك لم يهبط إلى الأرض قبل الساعة، فاستأذن اللّه في السلام عليّ و بشرني بأنّ الحسن و الحسين سيّدا شباب أهل الجنة، و أنّ فاطمة سيّدة نساء أهل الجنة (3).

33-و من كتاب «فضائل الصحابة» للسمعاني عن عليّ عليه السلام أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أخذ بيد الحسن و الحسين، و قال: من أحبّ هذين و أباهما و امّهما كان معي في درجتي يوم القيامة (4).

ص:146


1- 1) زرّ بن حبيش أبو مريم الأسدي القاري المتوفّى بالكوفة سنة (82) ه عن (120) سنة. العبر ج 1/95-. [1]
2- 2) النقيض من الآدم، و الرحل، و الوتر، و الأصابع، و الأضلاع: أصواتها.
3- 3) حلية الأولياء ج 4/190 و صحيح الترمذي ج 13/197، و مسند ابن حنبل ج 5 ص 391 و [2]اسد الغابة ج 5/574، و [3]كنز العمّال ج 13/95، و الخصائص الكبرى للسيوطي ج 2/ 226. [4]
4- 4) تقدّم الحديث في أوّل الباب الثامن عن «مسند ابن حنبل» و في ح 32 من الباب أيضا، و ذكرنا مصادر، و نذكرها هنا غيرها، فمنها: «المعجم الكبير» للطبراني ج 3/43 ح 2654، و «فرائد السمطين» ج 2/26 ح 366 و «الأحاديث المائة» لأبي محمد عبد الرحمن بن أبي شريح الأنصاري المتوفّى سنة (392) ه في « [5]المجموعة» : (107) من المكتبة الظاهرية في دمشق.

34-و بالإسناد، قال: عن عبد اللّه بن عبّاس رضي اللّه عنه، عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، قال: الحسن و الحسين سيّدا شباب أهل الجنة (1).

35-و بالإسناد، قال: عن سعيد بن راشد (2)، عن يعلى (3)، قال:

جاء الحسن و الحسين يمشيان إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فأخذ أحدهما فضمّه إلى إبطه، و أخذ الآخر و ضمّه إلى إبطه الآخر ثمّ قال: هذان ريحانتاي في الدنيا من أحبّني فليحبّهما، ثمّ قال: الولد مجبنة (4)مجهلة مبخلة (5).

36-و بالإسناد أيضا قال: عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، أنّ الحسن و الحسين كانا يصطرعان، فاطلع عليّ عليه السلام على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هو يقول: ويها ويها (6)الحسن، فقال عليّ عليه السلام: يا رسول اللّه على الحسين؟ فقال: إنّ جبرئيل عليه السلام يقول: ويها الحسين (7).

ص:147


1- 1) أخرج الحديث عن ابن عبّاس المتّقي الحنفي المتوفّى سنة (975) في «كنز العمّال» ج 13/105 و الخطيب الخوارزمي في «مقتل الحسين» ص 92. [1]
2- 2) سعيد بن راشد (أو ابن أبي راشد) ترجمه الذهبي في «ميزان الاعتدال» ج 2/135، و قال: روى عن يعلى بن مرّة، و عنه عبد اللّه بن عثمان بن خيثم وحده، و قد حسّن له الترمذي في « الفضائل» : حسين منّي و أنا من حسين.
3- 3) يعلى: هو ابن مرّة بن وهب بن جابر بن عتّاب الثقفي الصحابي، سكن الكوفة و له بالبصرة دار و كان من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام-اسد الغابة ج 5/129-.
4- 4) الولد مجبنة. . . أي الولد يدعو الإنسان الى الجبن و الجهل و البخل.
5- 5) أخرجه العلاّمة المجلسي في «البحار» ج 37/75 [2] عن «المستدرك» لابن بطريق عن فضائل السمعاني، و ابن عساكر في تاريخ دمشق في ترجمة الامام الحسن عليه السلام/85 ح 144، و الطبراني في «المعجم الكبير» ج 3/21 ح 2587.
6- 6) ويها، ويه، ويه: كلمة إغراء و تحريض و استحثاث تكون بلفظ واحد مع المفرد، و الجمع، و المذكّر و المؤنّث.
7- 7) أخرجه في البحار ج 37/75 [3] عن «المستدرك» لابن بطريق عن فضائل السمعاني و أخرجه أيضا ابن الأثير في «اسد الغابة» ج 2/19 عن أبي هريرة. و ابن حجر في «الإصابة» ج 2/15، و المحبّ الطبري في «ذخائر العقبى» :134. و المتّقي الهنديّ في «كنز العمّال» ج 7/107 عن أمير المؤمنين عليه السلام-.

37-و بالإسناد، عن يزيد بن جابر عن عمر بن الخطّاب قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ابناي هذان سيّدا شباب أهل الجنة، و أبوهما خير منهما (1).

38-و بالإسناد قال: عن عمر بن عبد العزيز، قال: قالت المرأة الصالحة خولة بنت حكيم 2: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم خرج محتضنا أحد ابني ابنته حسنا و حسينا و هو يقول: و اللّه إنّكم لتبخلون و تجبنون و تجهلون و إنّكم لمن ريحان اللّه 3.

ص:148


1- 1) أخرجه في البحار ج 37/75 عن «المستدرك» لابن بطريق عن فضائل السمعاني، و روى الحديث عن عمر جماعة من أعلام القوم و إليك بعضهم: الحافظ أبو نعيم الأصفهاني في «حلية الأولياء» ج 4/139. و الحافظ الطبراني في «المعجم الكبير» ص 131 نسخة جامعة طهران. و الحافظ ابن عساكر في «تاريخ دمشق» في ترجمة الإمام الحسين عليه السلام ص 45 ح 67. و الحافظ الهيثمي في «مجمع الزوائد» ج 9/182. و المتقي الهندي في «منتخب كنز العمّال» ج 7/16.

39-بالإسناد قال: عن أبي هريرة قال: رسول اللّه: من أحبّهما فقد أحبّني و من أبغضهما فقد أبغضني، يعني الحسن و الحسين عليهما السلام 1.

40-و بالإسناد عن زرّ، عن عبد اللّه قال: كان النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يصلّي فإذا سجد وثب الحسن و الحسين عليهما السلام على ظهره، فإذا أرادوا أن يمنعوهما أشار إليهم أن دعوهما، فلمّا صلّى وضعهما في حجره، ثمّ قال: من أحبّني فليحبّ هذين 2.

ص:149

41-و من الكتاب المذكور عن المستظل بن الحصين 1، عن عمر بن الخطاب، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: كلّ بني أب عصبتهم أبوهم ما خلا بني فاطمة فأنا عصبتهم، و في بعض الروايات: و أنا أبوهم 2.

ص:150

42-و بالإسناد قال: عن زيد بن أسلم (1)، عن أبيه، عن عمر، قال رأيت الحسن و الحسين على عاتقي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقلت:

نعم الفرس تحتكما فقال: نعم الفارسان هما (2).

43-و بالإسناد قال: عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جابر رضي اللّه عنه، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال لعليّ عليه السلام: أبا

ص:151


1- 1) زيد بن أسلم: العدوي أبو أسامة مولى عبد اللّه بن عمر بن الخطّاب المدني المتوفّي سنة (136) تذكرة الحفّاظ ج 1/132-.
2- 2) رواه الخوارزمي في الفصل السادس من «مقتل الحسين عليه السلام» ج 1/98، [1] قال: أخبرنا الشيخ الامام الزاهد الحافظ أبو الحسن عليّ بن أحمد العاصمي، أخبرنا شيخ القضاة أبو عليّ اسماعيل بن أحمد البيهقي، أخبرنا والدي شيخ السنّة أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي، حدّثنا أبو سعد الماليني، أخبرنا أبو أحمد بن عدي الحافظ، أخبرنا أبو يعلى، حدّثنا محمّد بن مرزوق، حدّثني حسين الأشقر، حدّثنا علي بن هشام، -أو هشيم-عن ابن أبي رافع، عن زيد بن أسلم عن أبيه، عن عمر، قال: رأيت الحسن و الحسين على عاتقي رسول اللّه، فقلت: نعم الفرس تحتكما فقال: و نعم الفارسان هما. و رواه أيضا الهيثمي في «مجمع الزوائد» ج 9/181 عن البزار و أبي يعلى، و قال: و رجاله رجال الصحيح. و رواه أيضا أبو الفرج في ترجمة السيّد الحميري من «الأغاني» ج 7/259، [2] قال: سمع الحميري [3]محدّثا يحدّث أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان ساجدا، فركب الحسن، و الحسين على ظهره، فقال عمر: نعم المطيّ مطيّكما، فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: و نعم الراكبان هما. فانصرف السيّد من فوره فقال في ذلك: أتى حسن و الحسين النبي و قد جلسا حجره يلعبان فقدّاهما ثمّ حيّاهما و كانا لديه بذاك المكان فراحا و تحتهما عاتقاه فنعم المطيّة و الراكبان وليدان امّهما برّة حصان مطهّرة للحسان و شيخهما ابن أبي طالب فنعم الوليدان و الولدان خليليّ لا ترجيا و اعلما بأنّ الهدى غير ما تزعمان و أن عمى الشكّ بعد اليقين و ضعف البصيرة بعد العيان ضلال فلا تلججا فيهما فبئست لعمركما الخصلتان

الريحانتين من الدنيا، فعن قليل يذهب ركناك، و اللّه خليفتي عليك، قال: فلما قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: هذا أحد الركنين، فلمّا ماتت فاطمة صلّى اللّه عليها، قال: هذا الرّكن الثاني (1).

44-و بالإسناد، عن ابن أبي إسحاق، عن هانئ (2)، عن عليّ عليه السلام، قال: لمّا ولد الحسن عليه السلام سمّيناه حربا، فجاء رسول اللّه فقال أروني ابني ما سمّيتموه؟ قلنا: سمّيناه حربا، قال: بل هو حسن، فلمّا ولد

ص:152


1- 1) روى الحديث عن جابر جماعة من أعلام الفريقين: منهم الحافظ أبو نعيم الأصبهاني في «حلية الأولياء» ج 3/201، قال: حدّثنا أبو بكر بن خلاّد، و أبو بحر محمد بن الحسن، قالا: حدّثنا محمد بن يونس الشامي، حدّثنا حمّاد بن عيسى الجهني، قال: حدّثنا جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال لعلي بن أبي طالب رضي اللّه عنه: «سلام عليك أبا الريحانتين، أوصيك بريحانتيّ من الدنيا خيرا، فعن قليل ينهدّ ركناك، و اللّه خليفتي عليك» . قال: فلمّا قبض النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال عليّ: هذا أحد الركنين الّذي قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فلمّا ماتت فاطمة رضي اللّه تعالى عنها، قال عليّ رضي اللّه عنه: هذا الركن الّذي قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم. و منهم العلاّمة الخوارزمي في «مقتل الحسين» :62، [1] روى بإسناده عن جابر قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول لعلي بن أبي طالب عليه السلام قبل موته بثلاث: سلام اللّه عليك أبا الريحانتين، اوصيك بريحانتيّ من الدنيا، فعن قليل ينهدّ ركناك، و اللّه خليفتي عليك فلمّا قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال عليّ عليه السلام: هذا أحد ركني الذي قال لي رسول اللّه، فلمّا ماتت فاطمة عليها السلام قال عليّ عليه السلام: هذا الثاني الذي قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم. و منهم محبّ الدين الطبري في «الرياض النضرة» ج 2/154. و أخرجه في البحار ج 3/262 ح 4 [2] عن أمالي الصدوق:116 ح 4، و معاني الأخبار:403 ح 69 مثل الذي نقله الخوارزمي. و أورده في كشف الغمّة ج 1/65 [3] عن ابن مردويه عن جابر باختلاف يسير.
2- 2) هانئ بن هانئ الهمداني-المرادي-ذكره ابن حبّان في الثقات، و قال النسائي: ليس به بأس. ميزان الاعتدال ج 4/291-.

الحسين عليه السلام سمّيناه حربا، قال: لا بل هو حسين، ثم قال: إنّي سمّيتهما بأسماء ولد هارون: شبيرا و شبرا (1).

45-و بالإسناد، قال: عن الحسن بن اسامة (2)، قال: أخبرنا اسامة ابن زيد، قال: طرقت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ذات ليلة في بعض الحاجة فخرج إليّ، و هو مشتمل على شيء لا أدري ما هو، فلمّا فرغت من حاجتي، قلت: ما هذا الّذي أنت مشتمل عليه؟ فكشفه فإذا هو حسن و حسين عليهما السلام على وركيه (3)، فقال: هذان ابناي و ابنا ابنتي، اللّهمّ إنّي احبّهما، و احبّ من يحبّهما (4).

ص:153


1- 1) رواه جماعة من أعلام القوم: منهم أحمد بن محمد بن حنبل في «المسند» ج 1/118. و محمّد بن إسماعيل البخاري في «الأدب المفرد» :213. و الحاكم النيسابوري في «المستدرك» ج 3/165. و ابن عبد البرّ في «الاستيعاب» ج 1/139. و الطبراني في «المعجم الكبير» ج 3/100 ح 2773 و ص 101 ح 2777. و المتّقي الهندي في «منتخب كنز العمّال» ج 5/108، المطبوع بهامش المسند. و العلاّمة سبط ابن الجوزي في «التذكرة» :201. و العلاّمة الديار بكري في «تاريخ الخميس» ج 1/418. و العلاّمة البيهقي في «السنن الكبرى» ج 6/166. و ابن الأثير الجزري في «اسد الغابة» ج 2/18. [1]
2- 2) الحسن بن اسامة بن زيد بن حارثة، روى عن أبيه، و روى عنه مسلم بن أبي سهل النبّال. الجرح و التعديل للرازي ج 3/1-.
3- 3) الورك (بفتح الواو و سكون الراء المهملة أو كسرها) : ما فوق الفخذ.
4- 4) رواه عن اسامة بن زيد جماعة من أعلام القوم: منهم الحافظ محمّد بن عيسى بن سورة الترمذي في «صحيحه»5/656 ح 3769 قال حدّثنا سفيان بن وكيع و عبد بن حميد، قالا: حدّثنا خالد بن مخلّد، حدّثنا موسى بن يعقوب الزمعي، عن عبد اللّه بن بكير بن زيد بن المهاجر، أخبرني مسلم بن أبي سهل النبّال، أخبرني الحسن بن اسامة بن زيد، أخبرني أبي أسامة بن زيد، قال: طرقت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ذات

46-و بالإسناد، عن محمّد بن يعقوب، قال: سمعت ابن أبي نعم، يقول: سمعت عبد اللّه بن عمر، و سأله رجل عن المحرم، قال شعبة: أحسبه يقتل الذباب، فقال: أهل العراق يسألون عن الذباب، و قد قتلوا ابن بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم هما ريحانتاي من الدنيا (1).

47-و بالإسناد، قال: عن عبد اللّه بن بريدة (2)، قال: سمعت أبي بريدة، يقول: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يخطب بنا، إذ جاء الحسن و الحسين، و عليهما قميصان أحمران، يمشيان و يعثران، فنزل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من المنبر، و وضعهما بين يديه، و قال: صدق اللّه:

أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ 3نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان و يعثران، فلم أجد حتّى قطعت حديثي و رفعتهما 4.

ص:154


1- 1) تقدّم الحديث في هذا الباب ح 6 مع تخريج مصادره، فراجع.
2- 2) عبد اللّه ب [1]ن بريدة بن الحصيب الحافظ أبو سهل السلمي المروزي قاضي مرو عاش مائة سنة، و توفّي عام (115) -تذكرة الحفّاظ ج 1/102-.

قال مؤلّف هذا الكتاب: الروايات في فضل الحسن و الحسين عليهما السلام لا تحصى، و الأحاديث في شرفهم لا تستقصى من جدّهما و أبيهما، من طرق الخاصّة و العامّة، أعرضت عن ذكر الزيادة على ما هاهنا خوف الإطالة من طرق العامّة فضلا عن طرق الخاصة ففيها ما لا مزيد عليه، حتّى أنّ في بعض النصوص ما في كلّ منهما عليهما من الفضل و الشرف نصّا بذكر أحدهما عليه السلام و في بعضها الاشتراك بينهما صلّى اللّه عليهما.

ص:155

ص:156

الباب التاسع

في شبهه عليه السلام برسول اللّه من طريق العامة

1-من «صحيح البخاري» قال: حدّثنا محمّد بن الحسين بن ابراهيم (1)، قال: حدّثني حسين بن محمّد (2)، قال: حدّثني جرير (3)، عن محمّد (4)، عن أنس بن مالك، قال: اتي عبيد اللّه بن زياد لعنه اللّه برأس الحسين بن عليّ عليه السلام فجعله في طست فجعل ينكته، و قال في حسنه شيئا، فقال أنس: كان اشبههم برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (5).

ص:157


1- 1) محمّد بن الحسين بن ابراهيم بن الحرّ، أبو جعفر البغدادي العامري، وثّقه ابن أبي حاتم، و ذكره ابن حبّان في الثقات-رجال الكلاباذي ج 2/644-.
2- 2) الحسين بن محمّد بن بهرام أبو أحمد التميمي المروروذي المعلّم البغدادي المتوفّي (214) ه. رجال صحيح البخاري ج 1/172-.
3- 3) جرير بن حازم بن زيد أبو النضر البصري المتوفّي سنة (107) ه. رجال الكلاباذي ج 1/144-.
4- 4) هو محمد بن سيرين أبو بكر البصري المتوفّى سنة (110) ه. -العبر ج 1/135-. [1]
5- 5) صحيح البخاري ج 5/32، و أخرجه ابن بطريق في «العمدة» :404 ح 831 عن الجمع بين الصحيحين. و رواه العلاّمة الطبراني في «المعجم الكبير» :148، المخطوط على ما في ملحقات إحقاق الحق ج 11/417.

قلت: قد تقدّمت الروايات في شبهه برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في الباب الثاني عشر من المنهج الثالث، من أبواب أبي محمّد الحسن بن علي عليهما السلام.

ص:158

الباب العاشر

في أنّه عليه السلام اعطي علم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم

في جملة الأئمّة الاثني عشر عليهم السلام

1-محمّد بن عليّ بن بابويه في كتاب «النصوص على الأئمة الاثني عشر» عليهم السلام قال: أخبرنا محمّد بن عبد اللّه الشيباني، قال: حدّثنا الحسين ابن عليّ البزوفري (1)، قال: حدّثنا يحيى بن عبّاد (2)، قال: حدّثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم (3)، عن إبراهيم بن سعد بن مالك (4)، عن أبيه، عن عليّ عليه السلام قال: قال رسول اللّه: ما من أهل بيت منهم (5)من اسمه اسم ابني إلاّ بعث اللّه عزّ و جلّ إليهم ملكا يسدّدهم، و إنّ من الأئمّة من بعدي من ذريّتك من اسمه اسمي و من هو سمّي موسى بن عمران عليه السلام، و إنّ الأئمّة بعدي

ص:159


1- 1) البزوفري: الحسين بن علي بن سفيان بن خالد أبو عبد اللّه البزوفري، شيخ ثقة، جليل القدر روى عنه التلعكبري-جامع الرواة ج 1/249-. [1]
2- 2) يحيى بن عبّاد، أبو عبّاد الضبعي البصري البغدادي المتوفّى (198) ه. رجال الكلاباذي ج 2/796-.
3- 3) سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أبو إبراهيم قاضي المدينة المتوفّى سنة (127) ه أو قبلها رجال الكلاباذي ج 1/305-.
4- 4) إبراهيم بن سعد بن مالك أبي وقّاص، أبو إسحاق الزهري المدني من فقهاء المدينة بعد الصحابة المتوفّى بعد سنة (100) ه-رجال صحيح البخاري ج 1/51-.
5- 5) في كفاية الأثر: [2] فيهم من اسمه اسم نبيّ.

كعدد نقباء بني إسرائيل، أعطاهم اللّه علمي و فهمي فمن خالفهم فقد خالفني و من ردّهم و أنكرهم فقد ردّني و أنكرني، و من أحبّهم في اللّه فهو من الفائزين يوم القيامة (1).

2-أبو القاسم علي بن محمّد بن علي الخزّاز القميّ (2)في «كفاية الاثر» :

أخبرنا محمّد بن عبد اللّه (3)، قال: حدّثنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن عيسى العرّاد (4)الكبير سنة (310) ، قال: حدّثنا محمد بن عبد اللّه بن عمرو اللاحقي (5)بالبصرة سنة (250) عن محمّد بن عمارة اليشكري (6)عن إبراهيم ابن عاصم، عن عبد اللّه بن هارون الكرخي، قال: حدّثنا أحمد بن عبد اللّه بن يزيد بن سلامة، عن حذيفة بن اليمان، قال: صلّى بنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، ثمّ أقبل بوجهه الكريم علينا، ثمّ قال: معاشر أصحابي اوصيكم بتقوى اللّه، و العمل بطاعته، فمن عمل بها فاز و نجح و غنم، و من تركها حلّت عليه الندامة، فالتمسوا بالتقوى السلامة من أهوال يوم القيامة.

فكأنّي أدعى فأجيب، و إنّي تارك فيكم الثقلين: كتاب اللّه، و عترتي أهل بيتي، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا، و من تمسّك بعترتي من بعدي كان من الفائزين، و من تخلّف عنهم كان من الهالكين.

ص:160


1- 1) كفاية الأثر [1]لأبي القاسم الخزّاز القميّ:154، و عنه بحار الأنوار ج 36/336. [2]
2- 2) الخزّاز أبو القاسم علي بن محمّد بن عليّ القمي الرازي، من أهل أواسط القرن الرابع، كان من تلامذة الصدوق، و أبي المفضّل الشيباني.
3- 3) محمد بن عبد اللّه بن محمد بن عبيد اللّه أبو المفضّل الشيباني المولود سنة (297) ه، و المتوفّي (387) -تاريخ بغداد ج 466-. [3]
4- 4) العرّاد (بالعين المهملة) أو المعجمة كما حكي عن العلاّمة في «الايضاح» .
5- 5) محمد بن عبد اللّه بن عمرو بن سالم بن لاحق اللاحقي الصفّار الراوي عن الإمام الرضا عليه السلام.
6- 6) في المصدر و البحار: [4] السكري.

فقلت: يا رسول اللّه على من تخلّفنا؟ قال: على من خلّف موسى بن عمران قومه؟ قلت؛ على وصيّه يوشع بن نون، قال: فإنّ وصيّي و خليفتي من بعدي عليّ بن أبي طالب عليه السلام قائد البررة، و قاتل الكفرة، منصور من نصره، مخذول من خذله.

فقلت: يا رسول اللّه فكم يكون الأئمّة من بعدك؟ قال: عدد نقباء بني إسرائيل، تسعة من صلب الحسين، أعطاهم اللّه علمي و فهمي و هم خزّان علم اللّه، و معادن وحي (1)اللّه، قلت: يا رسول اللّه فما لأولاد الحسن عليه السلام قال: إنّ اللّه تبارك و تعالى جعل الإمامة في عقب الحسين، و ذلك قوله عزّ و جلّ وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (2).

قلت: أ فلا تسمّيهم لي يا رسول اللّه؟ قال: نعم إنّه لمّا عرج بي إلى السماء نظرت إلى ساق العرش، فرأيت مكتوبا بالنور لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، أيدته بعليّ و نصرته به، و رأيت أنوار الحسن و الحسين و فاطمة، و رأيت في ثلاثة مواضع عليا عليّا عليّا، و محمّدا محمّدا و جعفرا و موسى و الحسن، و الحجّة يتلألأ من بينهم كأنّه كوكب درّي.

فقلت: يا ربّ من هؤلاء الذين قرنت أسمائهم باسمك؟ فقال: يا محمّد هم الأوصياء و الأئمّة بعدك، خلقتهم من طينتك، فطوبى لمن أحبّهم، و الويل لمن أبغضهم، فبهم انزل الغيث، و بهم اثيب و اعاقب، ثمّ رفع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يده إلى السماء، و دعا بدعوات، سمعته يقول: اللّهم اجعل العلم و الفقه في عقبي و عقب عقبي، و في زرعي (3)و زرع زرعي (4).

ص:161


1- 1) في كفاية الأثر و [1]البحار: و [2]معادن وحيه.
2- 2) الزخرف:28. [3]
3- 3) الزرع: الولد.
4- 4) كفاية الأثر [4]لأبي القاسم الخزاز القمي:136 و عنه بحار الأنوار ج 36/331 ح 191. [5]

3-محمّد بن إبراهيم النعماني في «الغيبة» قال: حدّثنا عليّ بن الحسين عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسن الرازي، عن محمّد بن عليّ الكوفي قال: حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن يوسف، قال: حدّثنا محمّد بن عيسى، عن عبد الرزاق، عن زيد الشّحام، عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

و قال: محمّد بن الحسن الرازي: و حدّثنا به محمّد بن عليّ الكوفي، عن محمّد بن سنان، عن زيد الشحّام، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: أيّما أفضل الحسن أم الحسين؟ قال: إنّ فضل أوّلنا يلحق فضل آخرنا، و فضل آخرنا يلحق فضل أوّلنا، و كلّ له فضل.

قال: فقلت له: جعلت فداك وسّع عليّ في الجواب، فإنّي و اللّه ما أسألك إلاّ مرتادا، فقال: نحن من شجرة طيّبة برأنا اللّه من طينة واحدة، فضلنا من اللّه، و علمنا من عند اللّه، و نحن أمناء اللّه على خلقه، و الدعاة إلى دينه، و الحجّاب فيما بينه و بين خلقه، أزيدك يا زيد؟ فقلت: نعم قال: خلقنا واحد و علمنا واحد، و فضلنا واحد، و كلّنا واحد عند اللّه عزّ و جلّ، فقلت: أخبرني بعدّتكم، فقال: نحن اثنا عشر، هكذا حول عرش ربّنا عزّ و جلّ في مبدأ خلقنا أوّلنا محمّد، و أوسطنا محمّد، و آخرنا محمّد (1).

قال مؤلّف هذا الكتاب: الأحاديث في أنّ أهل البيت عليهم السلام معدن العلم و الحكم، بذكرها و شهرتها بين الأمّة كاشتهار الشمس بالنهار، معلومة عند الخاصّ و العامّ، شائع نورها في كلّ الأعصار و الأمصار.

و لقد أحسن الشيخ الفاضل عليّ بن عيسى في «كشف الغمة» حيث قال

ص:162


1- 1) غيبة النعماني:85 ح 16 و عنه البحار ج 36/399 ح 9.

في أبواب ذكر أبي عبد اللّه الحسين عليه السلام: السادس في علمه، و شجاعته و شرف نفسه عليه السلام، أقول و اللّه الموفق للصواب: اعلم أنّ علوم أهل البيت عليهم السلام لا يتوقّف على التكرار و الدرس، و لا يزيد يومهم فيها على ما كان في الأمس، و لا يعلمونها بالقياس و الفكر و الحدس، لأنّهم المخاطبون في أسرارهم المتكلّمون بما يسألونه قبل ارتداد النفس، فسماء معارفهم و علومهم بعيدة عن الإدراك و اللمس، فمن أراد ستر فضائلهم كان كمن أراد ستر وجه الشمس، و هذا ممّا يجب أن يكون مقرّرا ثابتا في النفس، فهم يرون عالم الغيب في عالم الشهادة، و يقفون على حقائق المعارف في خلوات العبادة، و تناجيهم أفكارهم في أوقات أذكارهم بما تسنّموا به غارب الشرف و السيادة، و يحصلون بصدق توجّههم إلى جناب القدس ما بلغوا منتهى السؤال و الإرادة.

فهم كما في نفوس أوليائهم و محبّيهم و زيادة، فما يزيد معارفهم في زمان الشيخوخة على معارفهم في زمان الولادة، فهم خيرة الخير، و زبدة الحقب، و واسطة القلادة.

و هذه أمور تثبت لهم بالقياس و النظر، و مناقب واضحة الحجول، بادية الغرور، و مزايا تشرق إشراق الشمس و القمر، و سجايا تزين عنوان التاريخ و عيون السير، فما سألهم مستفيد أو ممتحن فوقفوا، و لا أنكر منكر أمرا من أمور الدين إلاّ علموا و عرفوا، و لا جروا مع غيرهم في مضمار شرف إلاّ سبقوا و قصر مجاريهم، و تخلفوا، سنّة جرى عليها الذين تقدّموا، و أحسن اتباعهم الذين تخلّفوا.

و كم عابوا في الجدال و الجلاد امورا فتلقّوها بالرأي الأصيل و الصبر الجميل فما استكانوا و لا ضعفوا، فلهذا و أمثاله سموا على الأمثال، و شرفوا، فأيّهم اعتبرت أحواله و تدبّرت أقواله، و شاهدت جلاده و جداله، وجدته فريدا في مآثره وحيدا في مزاياه و مفاخره مصدّقا قديم أوّل بحديث آخره، فقد أفرغوا في قالب الكمال، و تفرّدوا بجميل الخلال، و ارتدوا مطارف المجد و الجلال.

ص:163

و قالوا فأبانوا، و بيّنوا تقصير كل من قال، و أتوا بالإعجاز الباهر في الجواب و السؤال، تقر الشقاشق (1)اذا هدرت شقاشقهم، و تصغي الأسماع اذا قال قائلهم او نطق ناطقهم، و يكثف الهواء اذا قيست به خلايقهم، و يقف كل ساع عن شأوهم، فلا يدرك غايتهم، و لا ينال طرائقهم، و سجايا منحهم بها خالقهم و أخبر بها صادقهم، فسرّ بها أولياؤهم و أصدقاؤهم، و حزن لها مباينهم و مفارقهم، فإنّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أزال الشبهة و الالتباس، و صرّح بفضلهم لئلا يفتقر في إيضاحه إلى الدليل و القياس، و نطق معلنا بشرفهم الداني الثمار، و الزاكي الغراس.

فقال لو سمع مقاله: إنّا بني عبد المطلب سادات الناس، صلوات اللّه و سلامه عليه و عليهم أجمعين صلاة دائمة باقية إلى يوم الدين، و قد حلّ الحسين عليه السلام من هذا البيت الشريف في أوجه يفاعه (2)، و علا محلّه فيه علوّا اطمأنّت النجوم عن ارتفاعه، و طلع بصفاء سرّه على غوامض المعارف فكشف الحقائق عند اطّلاعه، و سار صيته بالفواضل و الفضائل فاستوى الصديق و العدوّ في اسمائه، فلمّا انقسمت غنائم المجد حصل على صفاياه و مرباعه، فقد اجتمع فيه و في أخيه عليهما السلام من خلال الفضل ما لا خلاف في اجتماعه، و كيف لا يكونان كذلك، و هما ابنا عليّ و فاطمة عليهم السلام بلا فصل، و سبطا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فاكرما بالفرع و الأصل، و السيّدان الإمامان قاما أو قعدا فقد استوليا على الأمّة و حازا الخصال، و الحسين عليه السلام هو الذي أرضى عزب السنان و حدّ النصل و غادر جيش الأعداء فأركب الكتائب بالهجير (3).

ص:164


1- 1) الشقاشق: جمع الشقشقة (بكسر الشين المعجمة) و هو بمعنى الفصيح يقال: فلان شقشقة قومه: أي شريفهم و فصيحهم.
2- 2) اليفاع (بفتح الياء) : ما ارتفع من الأرض.
3- 3) كشف الغمّة ج 2/226-228. [1]

الباب الحادي عشر

في علمه عليه السلام بلغات المدينتين ألف ألف لغة

1-محمّد بن يعقوب، عن أحمد بن محمّد، و محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسن، عن يعقوب بن يزيد (1)، عن ابن أبي عمير، عن رجاله، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: إنّ الحسن بن علي، قال: إنّ للّه مدينتين:

إحداهما بالمشرق، و الأخرى بالمغرب (2)، عليهما سور من حديد، و على كلّ واحد منهما ألف ألف مصراع، و فيها ألف ألف (3)لغة، يتكلّم كلّ لغة بخلاف لغة صاحبها، و أنا أعرف جميع اللغات، و ما فيهما و ما بينهما، و ما عليهما حجة غيري

ص:165


1- 1) يعقوب بن يزيد بن حمّاد الأنباري أبو يوسف الكاتب من كتاب المنتصر، روى عن الإمام أبي جعفر الثاني عليه السلام، ثقة، صدوق-جامع الرواة ج 2/349-. [1]
2- 2) قال العلاّمة المجلسي قدّس سرّه في «مرآة العقول» [2] في شرح الحديث: المدينتان جابلقا و جابلسا، قال في «المغرب» : قالوا جابلقا و جابلسا قريتان: إحداهما بالمغرب و الاخرى بالمشرق. و قال بعض أهل التأويل: كأنّ المدينتين كنايتان عن عالمي المثال المتقدّم: أحدهما على الدنيا و هو الشرقي، و المتأخّر اخّر عنها و هو الغربي، و كون سورهما من الحديد كناية عن صلابته و عدم إمكان الدخول فيهما إلا من أبوابهما، و كثرة اللغات كناية عن اختلاف الخلائق في السلائق و الألسن اختلافا لا يحصى، و حجته و حجّية أخيه في زمانهما ظاهرة، فإنّها كانت عامّة لجميع الخلق.
3- 3) في المصدر: و فيهما سبعون ألف ألف لغة.

و غير الحسين أخي (1).

2-سعد بن عبد اللّه القمي، في «بصائر الدرجات» قال: حدّثنا سلمة ابن الخطاب (2)، عن سليمان بن سماعة (3)، و عبد اللّه بن محمّد (4)، عن عبد اللّه ابن القاسم (5)، عن سماعة بن مهران، عمّن حدّثه، عن الحسن بن حي (6)، و أبي الجارود، ذكره عن أبي سعيد (7)عقيصا الهمداني، قال: قال الحسن بن علي عليه السلام: إنّ للّه مدينة بالمشرق، و مدينة بالمغرب، على كلّ واحدة سور من حديد، في كلّ سور سبعون ألف مصراع ذهبا، يدخل في كلّ مصراع سبعون ألف ألف آدمي، ليس فيها لغة إلاّ و هي مخالفة للاخرى، و ما منها لغة إلاّ و قد علمناها، و ما فيهما و ما بينهما ابن نبي غيري، و غير أخي، و أنا الحجّة عليهم (8).

ص:166


1- 1) الكافي ج 1/462 ح 5، و [1]قد تقدّم الحديث في الباب السابع من المنهج الثالث ح 1.
2- 2) سلمة بن الخطّاب، أبو الفضل، أو أبو محمد البراوستاني (نسبة إلى براوستان بفتح الباء الموحدة و الواو، قرية قريبة من قم، أو من سواد الريّ) . رجال النجاشي ج 1/422-جامع الرواة ج 1/372-. [2]
3- 3) سليمان بن سماعة الضبي الحذاء الكوفي، ثقة-جامع الرواة ج 1/381-. [3]
4- 4) هو عبد اللّه بن محمد الشعيري اليماني من أصحاب الامام الكاظم عليه السلام. جامع الرواة ج 1/505-.
5- 5) عبد اللّه بن القاسم الحضرمي المعروف بالبطل، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الكاظم عليه السلام في رجاله برقم 50، و له ترجمة في رجال النجاشي ج 2/30 برقم 592.
6- 6) هو الحسن بن صالح بن حي (بضمّ الحاء المهملة مصغّرا) أبو عبد اللّه الثوري الهمداني الكوفي روى عن الإمام الصادق عليه السلام، ولد سنة (100) ، و توفّي سنة (199) ه. جامع الرواة ج 1/204. [4]
7- 7) أبو سعيد دينار الملقّب ب عقيصا لشعر قاله، كان من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام. جامع الرواة ج 2/389- [5]رجال القهپائي ج 2/297-. و لا يخفى أنّ رواية الحسن بن حي عنه لا تخلو عن إرسال بل و رواية أبي الجارود أيضا لأنّ الحسن ولد سنة (100) كما ذكرنا، و أبو الجارود زياد بن المنذر توفّي سنة (150) ه.
8- 8) مختصر البصائر:11، و قد تقدّم الحديث مع مصادره في الباب السابع من المنهج الثالث ح 4.

3-الشيخ المفيد في «الارشاد» : روى محمّد بن أبي عمير، عن رجاله، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال الحسن بن علي عليهما السلام لاصحابه إنّ للّه مدينتين: إحداهما في المشرق، و الاخرى في المغرب، فيهما خلق للّه تعالى لم يهمّوا بمعصية له قطّ، و اللّه ما فيهما و بينهما حجّة للّه على خلقه غيري، و غير أخي الحسين (1).

4-قال المفيد عقيب هذه الرواية: و جاءت الرواية بمثل ذلك عن الحسين عليه السلام أنّه قال يوم الطفّ لأصحاب ابن زياد (2): ما لكم تناصرون عليّ أم و اللّه لإن قتلتموني لتثقلن حجّة اللّه عليكم، لا و اللّه ما بين جابرقا و جابرصا ابن نبي احتجّ اللّه به عليكم غيري.

يعني بجابرقا و جابرصا المدينتين اللتين ذكرهما الحسن و أخوه عليهما السلام.

و قد تقدّمت طريق أخرى للمدينتين في الباب السابع من أبواب الحسن عليه السلام عن محمّد بن الحسن الصفّار (3).

ص:167


1- 1) الإرشاد للمفيد:198. [1]
2- 2) عبيد اللّه بن زياد بن سميّة، المولود سنة (28) ، و الهالك المقتول سنة (67) ه، هو و أبوه كانا من أولاد الزنا لعنه اللّه و أمّه و أباه. لعن اللّه حيث كان زيادا و ابنه و العجوز ذات البعول .
3- 3) تقدّم في الباب السابع من المنهج الثالث ح 2 عن بصائر الدرجات للصفّار:339 و 493 ح 11.

ص:168

الباب الثاني عشر

في أدبه مع جدّه و أبيه و أمّه و أخيه عليهم السلام

1-الفخري (1)قدّس اللّه سره قال روى جمع من الصحابة قالوا دخل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم دار فاطمة فقال لها: يا فاطمة إنّ أباك اليوم ضيفك، فقالت: إنّ الحسن و الحسين يطلباني بشيء من الزاد فلم أجد لهما شيئا يقتاتان به، ثمّ إنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم دخل و جلس مع عليّ و الحسن و الحسين. و فاطمة متحيرة ما تدري كيف تصنع؟

ثمّ إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم نظر إلى السماء ساعة و إذا بجبرائيل قد نزل، و قال: يا محمّد العليّ الأعلى يقرئك السلام، و يخصّك بالتحية و الإكرام و يقول لعلي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السلام: أيّ شيء يشتهون من فواكه الجنة؟ فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا عليّ و يا فاطمة و يا حسن و يا حسين إنّ ربّ العزة علم أنّكم جياع، فأيّ شيء تشتهون من فواكه الجنة؟ فأمسكوا عن الكلام، و لم يردّوا جوابا حياء من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال الحسين عليه السلام: عن إذن منك يا أباه يا أمير المؤمنين، و عن إذنك يا أمّاه يا سيّدة نساء العالمين، و عن إذنك يا أخاه الحسن الزكي أختار لكم من فواكه

ص:169


1- 1) فخر الدين بن محمّد بن عليّ بن أحمد بن طريح الرماحي النجفي صاحب «مجمع البحرين» . توفّي سنة (1085) ه-الأعلام ج 5/337-. [1]

الجنة؟ فقالوا جميعا: قل يا حسين ما شئت فقد رضينا بما تختاره لنا، فقال: يا رسول اللّه قل لجبرائيل: إنّا نشتهي رطبا في غير أوانه، فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: قد علم اللّه ذلك.

ثم قال: يا فاطمة قومي و ادخلي البيت فأحضري لنا ما فيه فدخلت فرأت طبقا من البلّور مغطّى بمنديل من السندس الأخضر، و فيه رطب جنيّ، فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لفاطمة عليها السلام و هي حاملة المائدة: (أنّى لك هذا قالت هو من عند اللّه إنّ اللّه يرزق من يشاء بغير حساب) (1)كما قالت مريم بنت عمران. .

فقام النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و تناوله منها، و قدّمه بين أيديهم، ثمّ قال: بسم اللّه الرحمن الرحيم. ثمّ أخذ رطبة، فوضعها في فم الحسين عليه السلام، فقال: هنيئا مريئا لك يا حسين، ثمّ أخذ رطبة ثانية، فوضعها في فم الحسن عليه السلام، فقال هنيئا مريئا لك يا حسن، ثمّ أخذ رطبة ثالثة فوضعها في فم فاطمة عليها السلام و قال هنيئا مريئا لك يا فاطمة الزهراء، ثمّ أخذ رطبة رابعة، فوضعها في فم عليّ بن أبي طالب عليه السلام، و قال: هنيئا مريئا لك يا عليّ، و تناول رطبة أخرى، و رطبة أخرى، و النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: هنيئا مريئا لك يا عليّ.

ثمّ وثب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قائما، ثم جلس، ثمّ أكلوا جميعا من ذلك الرطب، فلمّا اكتفوا و شبعوا ارتفعت المائدة إلى السماء باذن اللّه تعالى، فقالت فاطمة: يا أبت لقد رأيت اليوم منك عجبا.

فقال: يا فاطمة أمّا الرطبة الأولى الّتي وضعتها في فم الحسين، و قلت:

هنيئا مريئا لك يا حسين، فإنّي سمعت ميكائيل، و إسرافيل يقولان: هنيئا لك يا حسين، فقلت موافقا لهما بالقول: هنيئا لك يا حسين.

ص:170


1- 1) اقتباس من سورة آل عمران:37. [1]

ثمّ أخذت الثانية، فوضعتها في فم الحسن، سمعت جبرائيل و ميكائيل يقولان: هنيئا لك يا حسن، فقلت موافقا لهما في القول.

ثمّ أخذت الثالثة، فوضعتها في فمك يا فاطمة، فسمعت الحور العين مسرورين مشرفين علينا من الجنان، و هنّ يقلن: هنيئا لك يا فاطمة، فقلت موافقا لهنّ.

و لمّا أخذت الرطبة الرابعة و وضعتها في فم عليّ بن أبي طالب عليه السلام سمعت النداء من الحقّ سبحانه و تعالى يقول: هنيئا مريئا لك يا عليّ، فقلت موافقا لقول اللّه تعالى، ثمّ ناولت عليّا رطبة أخرى، ثم ناولته رطبة أخرى، و أنا أسمع صوت الحق سبحانه و تعالى يقول: هنيئا مريئا لك يا عليّ، ثم قمت إجلالا لربّ العزة جلّ جلاله فسمعته يقول: يا محمّد و عزّتي و جلالي لو ناولت عليّا من هذه الساعة إلى يوم القيامة لقلت: هنيئا مريئا بغير انقطاع (1).

2-ابن بابويه في «أماليه» قال: حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان، و عليّ ابن أحمد بن موسى الدقّاق، و محمّد بن أحمد السناني رضي اللّه عنهم قالوا:

حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن يحيى بن زكريّا القطّان، قال: حدّثني محمّد بن العبّاس، قال: حدّثني محمّد بن أبي السري، قال: حدّثنا أحمد بن عبد اللّه بن يونس (2)، عن سعد بن طريف الحنظلي، عن الأصبغ بن نباتة، عن عليّ أمير المؤمنين عليه السلام، أنّه قال للحسن عليه السلام: يا حسن قم فاصعد المنبر فتكلّم بكلام لا يجهلك قريش بعدي فيقولون: إنّ الحسن لا يحسن شيئا، قال الحسن عليه السلام: يا أبت كيف أصعد و أتكلّم و أنت في الناس تسمع و ترى؟ قال له: بأبي و أمّي اواري نفسي عنك و أسمع و أرى و لا تراني.

فصعد الحسن عليه السلام المنبر، فحمد اللّه بمحامد بليغة شريفة،

ص:171


1- 1) منتخب الطريحي:20-22 و [1]أورده المصنّف قدّس سرّه أيضا في «مدينة المعاجز» :56. [2]
2- 2) أحمد بن عبد اللّه بن يونس التميمي اليربوعي الكوفي المتوفّي سنة (227) وثّقه العامّة.

و صلّى على النبيّ و آله صلاة موجزة، ثمّ قال: أيّها الناس سمعت جدّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: أنا مدينة العلم و عليّ بابها، و هل يدخل المدينة إلاّ من بابها؟ ثمّ نزل فوثب إليه عليّ عليه السلام فتحمّله و ضمّه إلى صدره،

ثمّ قال للحسين عليه السلام: يا بنيّ قم فاصعد و تكلّم بكلام لا يجهلك قريش من بعدي فيقولون: إنّ الحسين بن عليّ لا يبصر شيئا، و ليكن كلامك تبعا لكلام أخيك.

فصعد الحسين عليه السلام فحمد اللّه و أثنى عليه، و صلّى على نبيّه صلاة واحدة موجزة، ثمّ قال: معاشر الناس سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: إنّ عليّا مدينة هدى فمن دخلها نجى، و من تخلّف عنها هلك، فوثب إليه علي عليه السلام فضمّه إلى صدره فقبّله، ثم قال: معاشر الناس اشهدوا أنّهما فرخا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و وديعته التي استودعنيها، و أنا أستودعكموها معاشر الناس و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم سائلكم عنهما (1).

3-و من طريق المخالفين الموفّق بن أحمد قال: أخبرنا الإمام الحافظ زين الدين شهردار بن شيرويه الديلمي، فيما كتب إليّ من همدان: أخبرنا أبو عليّ الحسن بن عليّ بن أحمد الحدّاد، أخبرنا الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد اللّه الأصبهاني، قال: اخبرت عن الحسين بن الحكم الحيري، حدّثنا الحسن بن الحسين العرني (2)، حدّثنا عيسى بن عبد اللّه بن محمّد بن عمر بن علي، عن أبيه

ص:172


1- 1) أمالي الصدوق: المجلس (55) ص 282 [1] في ذيل الحديث (1) و قد تقدّم بتمامه مع مصادره الأخر، و تراجم رجاله سوى ما ذكرناها هنا في الباب (6) من المنهج (3) ح 4.
2- 2) الحسن بن الحسين العرني النجّار المدني، روى عن الامام الصادق عليه السلام، و روى عنه عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني، و أحاديثه كثيرة تقرب من ثلاثين ألف حديث و جلّها في مناقب أهل البيت عليهم السلام و لذلك غمز القوم فيه، قال ابن أبي حاتم في «الجرح و التعديل» ج 3/6 : سألت أبي عنه، فقال: لم يكن بصدوق عندهم، كان من رؤساء الشيعة.

عن جدّه، عن عليّ رضي اللّه عنه، قال: ما سمّاني الحسن و الحسين يا أبة حتّى توفّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، كانا يقولان لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا أبة، و كان الحسن يقول لي: يا أبا الحسين، و كان الحسين يقول يا أبا الحسن (1).

ص:173


1- 1) المناقب للخوارزمي:8.

ص:174

الباب الثالث عشر

في صلاته عليه السلام على الناصب

1-محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن ابن محبوب، عن زياد بن عيسى (1)، عن عامر بن السّمط (2)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّ رجلا من المنافقين مات فخرج الحسين بن عليّ عليه السلام يمشي معه، فلقيه مولى له: فقال له الحسين عليه السلام: أين تذهب يا فلان؟ قال: فقال له مولاه أفرّ من جنازة هذا المنافق أن اصلّي عليه (3)فقال له الحسين عليه السلام: انظر أن تقوم على يميني فما سمعتني (4)أقول فقل مثله، فلمّا أن كبّر وليّه (5)، قال الحسين عليه

ص:175


1- 1) زياد بن عيسى أبو عبيدة الحذّاء الكوفي، روى عن الإمامين أبي جعفر و أبي عبد اللّه الباقر و الصادق عليهما السلام، كان حسن المنزلة عند آل محمّد عليهم السلام، و توفّي في حياة الإمام الصادق عليه السلام، فعلى هذا رواية ابن محبوب عنه تكون مع الواسطة قيل: واسطته أبو أيّوب الخزّاز، و اللّه العالم-جامع الرواة ج 1/336-. [1]
2- 2) قال الأردبيلي في جامع الرواة: [2] عامر بن السمط روى زياد بن عيسى عنه في «يب» في باب الصلاة على الأموات، و في «في» في باب الصلاة على الناصب، و الظاهر أنّ هذا غير عامر بن السمط أبي يحيى الرّاوي عن الإمام السجاد عليه السلام-جامع الرواة ج 1/427-. [3]
3- 3) في المصدر: أن اصلّي عليها.
4- 4) في المصدر: فما تسمعني.
5- 5) في المصدر: فلمّا كبّر عليه وليّه.

السلام: اللّه اكبر اللّهم العن فلانا عبدك ألف لعنة مؤتلفة غير مختلفة، اللّهمّ اخز عبدك في عبادك و بلادك، و أصله حرّ نارك، و أذقه أشدّ عذابك، فإنّه كان يتولّى أعداءك، و يعادي أولياءك، و يبغض أهل بيت نبيّك (1).

2-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل عن ابن أبي نجران، عن صفوان الجمّال، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: مات رجل من المنافقين، فخرج الحسين عليه السلام يمشي معه فلقي مولى له، فقال له: إلى أين تذهب فقال: أفرّ من جنازة هذا المنافق أن أصلّي عليه، فقال الحسين عليه السلام:

قم إلى جنبي فما سمعتني أقول فقل مثله.

قال: فرفع يديه، فقال: اللّهمّ أخز عبدك في عبادك و بلادك، اللّهمّ أصله حرّ نارك، اللّهمّ أذقه أشدّ عذابك، فإنّه كان يتولّى أعداءك، و يعادي أولياءك، و يبغض أهل بيت نبيّك (2).

ص:176


1- 1) الكافي ج 3/188 ح 2 و [1]عنه البحار ج 44/202 ح 20، و [2]العوالم ج الامام الحسين عليه السلام/71 ح 6، و في الوسائل ج 2/771 ح 6 [3] عنه و عن التهذيب ج 3/197 ح 453.
2- 2) الكافي ج 3/189 ح 3، و [4]عنه «الوسائل» ج 2/770 ح 2 و [5]عن «الفقيه» بإسناده عن صفوان الجمّال ج 1/168 ح 490، و عن الحميري في «قرب الإسناد» [6] عن السندي بن محمّد عن صفوان:29. و أخرجه في «البحار» ج 81/393 ح 58 [7]عن قرب الإسناد. [8]

الباب الرابع عشر

في عبادته و محافظته على الصلاة و حجه

1-ابن بابويه قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، قال: حدّثني النضر، و فضالة، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يكبّر و يعالج الحسين عليه السلام التكبير، فلم يحر حتّى أكمل سبع تكبيرات، فأحار الحسين عليه السلام التكبير في السابعة، فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: و صارت سنّة (1).

2-و عنه بهذا الإسناد عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلى الصلاة، و قد كان الحسين عليه السلام أبطأ عن الكلام (2)حتّى تخوّفوا أن لا يتكلّم و أن يكون به خرس، فخرج به رسول اللّه صلّى

ص:177


1- 1) علل الشرائع:331 ح 1 و [1]عنه البحار ج 84/356 ح 5، و [2]في الوسائل ج 4/721 ح 1 [3]عنه و عن التهذيب ج 2/67 ح 11 و أخرجه في البحار ج 44/194 ح 7 [4]عن مناقب ابن شهر اشوب. [5]
2- 2) قال المجلسي قدّس سرّه: الإبطاء عن الكلام لعلّه كان عند الناس، لورود الأخبار الكثيرة بتكلّمهم عليهم السلام عند ولادتهم، بل في الرحم، و كذا التخوّف كان من الناس لا منهم عليهم السلام-بحار الأنوار ج 84/358-. [6]

اللّه عليه و آله و سلّم إلى الصلاة حامله على عنقه، و صفّ الناس خلفه، فأقامه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم على يمينه، فافتتح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الصلاة، فكبّر الحسين عليه السلام (1)حتى كبّر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم سبع تكبيرات و كبّر الحسين عليه السلام، فجرت السنّة بذلك.

قال زرارة: فقلت لأبي جعفر عليه السلام: فكيف نصنع؟ قال: تكبّر سبعا، و تحمد سبعا، و تسبّح سبعا، و تحمد اللّه و تثني عليه، ثمّ تقرأ (2).

3-و روى من طريق العامّة ابن المغازلي أبو الحسن عليّ بن محمّد الطيّب الشافعي في كتاب «مناقب أمير المؤمنين عليه السلام» يرفعه إلى جابر، قال:

كان الحسين بن عليّ عليه السلام (3)أبطأ لسانه، فصلّى خلف النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في يوم عيد، فكبّر رسول اللّه فقال: اللّه أكبر، فقال الحسين عليه السلام: اللّه أكبر، فسرّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: اللّه أكبر، فقال الحسين عليه السلام: اللّه أكبر، حتّى كبّر سبعا، فسكت الحسين عليه السلام فقرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، ثمّ قام في الثانية فقال: اللّه أكبر، فقال الحسين عليه السلام: اللّه أكبر حتّى كبّر خمسا، فسكت الحسين عليه السلام، فقرأ رسول اللّه، فسبب فاضل التكبير في العيدين ذلك (4).

ص:178


1- 1) في «الفقيه» : فكبّر الحسين عليه السلام، فلمّا سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم تكبيره عاد فكبّر و كبّر الحسين حتّى كبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.
2- 2) علل الشرائع:332 ح 2، و [1]عنه «البحار» ج 84/356 [2] في الملحق بالحديث 5، و أخرج ذيله في «الوسائل» ج 4/729 ح 1 [3] عنه و عن «الذكرى» :179. تقدّم الحديث في الباب السابع ح 1 عن «الفقيه» .
3- 3) في المصدر المطبوع: كان الحسن بن علي، و المظنون قويّا أنّه سهو من النسّاخ و الصواب «الحسين بن علي» .
4- 4) المناقب لابن المغازلي:62 ح 88 [4] قال: أخبرنا أحمد بن محمّد بن عبد الوهّاب بن طاوان إجازة

4-و روى أبو عليّ الفضل بن الحسن الطبرسي في «إعلام الورى» عن عليّ بن الحسين عليهما السلام انّه في الليلة التي قتل أبوه في غدها، قال عليه السلام: إنّ أباه عليه السلام قام الليل كلّه يصلّي، و يستغفر، و يدعو، و قام أصحابه كذلك، يدعون، و يصلّون، و يستغفرون 1.

5-و قال كمال الدين محمّد بن طلحة الشافعي 2في كتاب «مطالب السئول» و هو من رجال العامّة: كان الحسين عليه السلام في العبادة مقتديا بمن تقدّم، حتّى نقل أنّه عليه السلام حجّ خمسا و عشرين حجّة إلى الحرم، و جنائبه تقاد معه، و هو ماش على القدم 3.

ص:179

ص:180

الباب الخامس عشر

في جوده عليه السلام

1-قال كمال الدين بن طلحة الشافعي في «مطالب السئول» : قد تقدّم في هذا الفصل المعقود لذلك كرم أخيه الحسن عليه السلام، قصة المرأة الّتي ذبحت الشاة و ما وصلها به، لمّا جاءته بعد أخيه الحسن عليه السلام، و أنّه أعطاها ألف دينار، و اشترى لها ألف شاة (1).

و قد اشتهر النقل عنه عليه السلام أنّه كان يكرم الضيف، و يمنح الطالب و يصل الرحم، و ينيل الفقير، و يسعف السائل، و يكسو العاري، و يشبع الجائع، و يعطي الغارم (2)، و يسدّ على الضعيف، و يشفق على اليتيم، و يعين ذا الحاجة، و قلّ أن وصله مال إلاّ فرّقه.

و نقل أنّ معاوية لمّا قدم مكّة وصله بمال كثير، و ثياب وافرة، و كسوات وافية فردّ الجميع عليه، و لم يقبل منه، و هذه سجيّة الجواد، و شنشنة الكريم،

ص:181


1- 1) تقدّم في الباب العاشر من المنهج الثالث ح 8 عن الفصول المهمّة:157-158 و [1]البحار ج 43 /348 [2]عن كشف الغمّة ج 1/559 و [3]المناقب لابن شهر اشوب ج 4/16 و [4]عن الكشف أنّ هذه القصّة مشهورة، و في دواوين جودهم مسطورة، و عنهم مأثورة عليهم سلام اللّه.
2- 2) قصّة الأعرابي الذي قصد الحسين عليه السلام في دية مسلّمة إلى أهلها فسأله عن ثلاث مسائل فأعطاه خمسمائة دينار مشهورة نقلها أبو المؤيّد الخوارزمي في «مقتل الحسين» :155، و الصفوري الشافعي في «نزهة المجالس» ج 2/233.

و شيمة ذي السماحة (1)، و صفة من قد حوى مكارم الأخلاق فأفعاله المتلوة، شاهدة له بوصف الكرم، ناطقة له بأنّه متّصف بمحاسن الشيم. الى هنا كلامه (2).

2-و قال المالكي في «الفصول المهمّة» : قال أنس رضي اللّه عنه: كنت عند الحسين عليه السلام فدخلت عليه جارية، فجاءته (3)بطاقة ريحان، فقال لها (4): أنت حرّة لوجه اللّه تعالى، فقلت: تحيّيك (5)بطاقة ريحان، لا خطر لها و لا مال فتعتقها (6)؟ فقال: أ ما سمعت (7)قول اللّه تعالى: وَ إِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها (8)فكان أحسن منها عتقها (9).

و كتب إليه أخوه الحسن عليه السلام يلومه (10)على إعطائه الشعراء، فكتب إليه: أنت أعلم منّي أنّ خير المال ما وقى العرض (11).

3-و روي عن شعيب بن عبد الرحمن الخزاعي، أنّه قال: لمّا قتل الحسين

ص:182


1- 1) في المصدر: و سمة ذي السماحة.
2- 2) مطالب السئول:72، و عنه كشف الغمّة ج 2/22، و [1]أخرج القصّتين أيضا ابن الصبّاغ المالكي بألفاظ شبيهة بعبارات ابن طلحة في «الفصول المهمّة» :176-177. [2]
3- 3) في بحار الأنوار: [3] فحيّته بطاقة ريحان.
4- 4) في المصدر: فقال: أنت حرّة لوجه اللّه.
5- 5) في المصدر: فقلت له: جارية تحيّيك، و في البحار: [4] تجيئك.
6- 6) في المصدر: لا حظّ لها و لا بال فتعتقها، و في البحار: [5] لا خطر لها فتعتقها.
7- 7) في بحار الأنوار: [6] قال: كذا أدّبنا اللّه، قال اللّه:
8- 8) النساء:86. [7]
9- 9) الفصول المهمّة لابن الصبّاغ المالكي:177 و [8]أخرجه العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ج 44/ 195 ح 8 [9]عن كشف الغمّة ج 2/31. و [10]أخرجه آية اللّه العظمى المرعشي قدّس سرّه في ملحقات الإحقاق ج 11/444 عن الفصول:159 و [11]عن «وسيلة المآل» للعلاّمة أحمد بن الفضل بن محمد با كثير الحضرمي في ص 183(مخطوط) .
10- 10) قال العلاّمة المجلسي قدّس سرّه في ذيل الحديث: لعلّ لومه عليه السلام ليظهر عذره للناس.
11- 11) الفصول المهمّة:177، و [12]البحار ج 44/195 ح 8. [13]

عليه السلام في طفّ كربلاء وجد في ظهره أثر، فسئل زين العابدين عليه السلام ما هذا الأثر الذي نراه في ظهر أبيك؟ فبكى طويلا و قال: هذا أثر ممّا كان يحمل قوتا على ظهره إلى منازل الفقراء (1).

4-و جنى بعض أرقائه (2)جناية توجب التأديب، فأمر بضربه، فقال:

يا مولاي قال اللّه تعالى: وَ اَلْكاظِمِينَ اَلْغَيْظَ قال عليه السلام: خلّوا سبيله قد كظمت غيظي، قال: وَ اَلْعافِينَ عَنِ اَلنّاسِ قال عليه السلام: قد عفوت عنك، قال: وَ اَللّهُ يُحِبُّ اَلْمُحْسِنِينَ (3)قال عليه السلام: أنت حرّ لوجه اللّه تعالى (4)، و أمر له بجائزة حسنة إلى هنا كلام العامي المالكي (5).

5-و روى الشيخ فخر الدين النجفي و كان من الفضلاء و الزهّاد، قال:

روي أنّ رجلا يسمّى عبد الرحمن (6)كان معلّما للأولاد في المدينة، فعلّم ولدا للحسين عليه السلام يقال له: جعفر، فعلّمه اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ اَلْعالَمِينَ فلمّا

ص:183


1- 1) أخرجه العلاّمة المجلسي في «البحار» ج 44/190 ح 3 [1]عن «المناقب» لابن شهر اشوب ج 4 /66 و [2]هذا نصّه: قب: شعيب بن عبد الرحمن الخزاعي، قال: وجد على ظهر الحسين بن عليّ عليهما السلام يوم الطف أثر، فسألوا زين العابدين عليه السلام عن ذلك، فقال: هذا ممّا كان ينقل الجراب على ظهره الى منازل الأرامل و اليتامى و المساكين.
2- 2) في البحار: و [3]جنى له غلام جناية توجب العقاب عليه.
3- 3) آل عمران:134. [4]
4- 4) في البحار: [5] قال: أنت حرّ لوجه اللّه و لك ضعف ما كنت اعطيك.
5- 5) الفصول المهمّة:177، و [6]أخرجه في «البحار» ج 44/195 [7]عن «كشف الغمّة» ج 2/31. [8]
6- 6) الظاهر أنّ الصواب أبو عبد الرحمن، و هو عبد اللّه بن حبيب بن ربيعة أبو عبد الرحمن السلمي (بضمّ السين المهملة و فتح اللام) منسوب إلى سليم و هي قبيلة مشهورة كما في «أنساب السمعاني» كان ضريرا و من المقرئين، ولد في حياة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و إليه انتهت القراءة تجويدا و ضبطا، كان يقرئ الناس في المسجد الأعظم بالكوفة أربعين سنة، توفّي سنة (74) ه، قال الجزري في «غاية النهاية» ج 1/414: [9] قال أبو عبد اللّه الحافظ: و أمّا قول ابن قانع: «مات سنة (105) فغلط فاحش-غاية النهاية ج 1/413-414-. [10]

قرأ على أبيه الحسين عليه السلام استدعى المعلّم و أعطاه ألف دينار، و ألف حلّة وحشى فاه درّا فقيل له في ذلك؟ فقال عليه السلام: و أنّى تساوي عطيّتي هذا بتعليمه ولدي اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ اَلْعالَمِينَ (1).

6-و روي أنّ الحسين عليه السلام لمّا رأى اشتداد الأمر عليه، و كثرة العساكر عاكفة عليه، كلّ منهم يريد قتله، أرسل إلى عمر بن سعد لعنه اللّه يستعطفه، و يقول: أريد أن ألقاك فأخلو معك ساعة، فخرج عمر بن سعد من الخيمة، و جلس مع الحسين عليه السلام ناحية من الناس فتناجيا طويلا.

فقال له الحسين عليه السلام: و يحك يا بن سعد أ ما تتّقي اللّه الّذي إليه معادك؟ أراك تقاتلني و تريد قتلي، و أنا ابن من قد علمت، دون هؤلاء القوم و اتركهم و كن معي، فإنّه أقرب لك إلى اللّه تعالى، فقال له: يا حسين إنّي أخاف أن تهدم داري بالكوفة، و تنهب أموالي، فقال له الحسين عليه السلام أنا أبني لك خيرا من دارك، فقال: أخشى أن تؤخذ ضياعي بالسواد، فقال له الحسين عليه السلام: أنا أعطيك من مالي البغيبغة، و هي عين عظيمة بأرض الحجاز، و كان معاوية أعطاني في ثمنها ألف ألف دينار من الذهب، فلم أبعه إيّاها، فلم يقبل عمر بن سعد لعنه اللّه شيئا من ذلك.

فانصرف عنه الحسين عليه السلام، و هو غضبان عليه، و هو يقول:

ذبحك اللّه في فراشك عاجلا، و لا غفر اللّه لك يوم حشرك و نشرك، فو اللّه إنّي لأرجو أن لا تأكل من برّ العراق إلاّ يسيرا فقال له عمر بن سعد مستهزئا: يا

ص:184


1- 1) أخرج العلاّمة المجلسي قدّس سرّه في «البحار» ج 44/191 [1]عن المناقب لابن شهر اشوب ج 4 /66 [2] ما نصّه: و قيل: إنّ عبد الرحمن السلمي علّم ولد الحسين عليه السلام «الحمد» ، فلمّا قرأها على أبيه أعطاه ألف دينار، و ألف حلّة، و حشا فاه درّا، فقيل له في ذلك؟ فقال: و أين يقع هذا من عطائه، يعني تعليمه و أنشد الحسين عليه السلام: إذا جادت الدنيا عليك فجد بها على الناس طرّا قبل أن تتفلّت فلا الجود يفنيها إذا هي أقبلت و لا البخل يبقيها إذا ما تولّت

حسين إنّ في الشعير عوضا عن البرّ (1).

قال مؤلّف هذا الكتاب: إعطاؤه عليه السلام عمر بن سعد لعنه اللّه هذا المبلغ الجزيل مع علمه عليه السلام أنّ إعطاءه ذلك له ليس بدافع عنه عليه السلام القتل، لعلمه عليه السلام إنّه يقتل، و أيضا إنّه لو رضي ابن سعد بأخذ هذا المال الجزيل، و رضي بعزل نفسه عن قتاله، كان عبيد اللّه بن زياد لعنه اللّه يجعل أميرا سواه في قتال الحسين عليه السلام، و إنّما عمر بن سعد واحد من جملة الألوف و العساكر: فإعطاؤه عليه السلام ذلك للذي حقّت عليه كلمة العذاب إنّما هو من جملة جوده الواسع، و هذا واضح بيّن.

ص:185


1- 1) منتخب الطريحي:238 [1] أخرج نحوه مفصّلا في البحار ج 44/388، و [2]روى نحوه الخوارزمي في «مقتل الحسين» ج 1/245. [3]

ص:186

الباب السادس عشر

ذكره عليه السلام ما قاله رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في

أبيه و أخيه و نفسه عليهم السلام

1-سليم بن قيس الهلالي في كتابه، و الحديث عن سليم بن قيس، و عمر ابن أبي سلمة، حديثهما واحد، شهد ذلك سليم و عمر، قالا: قدم معاوية حاجّا في إمارته، بعد ما قتل عليّ عليه السلام، و بايعه الحسن عليه السلام، و استقبله أهل المدينة، فنظر فإذا الّذين قد استقبلوه من قريش أكثر من الانصار فسأل عن ذلك (1)، فقالوا: إنّهم احتاجوا ليس لهم دوابّ، قال: فأين نواضحهم.

قال قيس بن سعد بن عبادة، و كان سيّد الأنصار و ابن سيّدهم: أفنوها يوم بدر و احد و ما بعدهما من مشاهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حين ضربوك و أباك على الإسلام حتى ظهر أمر اللّه و أنتم كارهون، قال معاوية: اللّهمّ غفرا (2)، قال قيس: أما إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال سترون بعدي أثرة (3)ثم قال: يا معاوية تعيّرنا بنواضحنا، أما و اللّه لقد لقيناكم عليها يوم

ص:187


1- 1) في «الاحتجاج» : [1] فنظر فإذا الذين استقبلوه ما منهم إلاّ قرشيّ، فلمّا نزل قال: ما فعلت الأنصار و ما بالهم لم يستقبلوني؟ فقيل له: إنّهم محتاجون ليس لهم دوابّ.
2- 2) في الاحتجاج و [2]البحار: [3] فسكت معاوية (بدل اللّهمّ غفرا) .
3- 3) في الاحتجاج و [4]البحار: [5] فقال قيس: أما إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عهد إلينا أنّا سنلقى بعده اثرة، قال معاوية: فما أمركم به؟ فقال: أمرنا أن نصبر حتّى نلقاه، قال: فاصبروا-

بدر و أنتم جاهدون على إطفاء نور اللّه، و أن تكون كلمة الشيطان هي العليا، ثم دخلت أنت و أبوك في الدين كرها كما ضربناكم عليه.

فقال معاوية: كأنك تمنّ علينا بنصرتكم إيّانا، فللّه و لقريش بذلك المنّ و الطول، أ لستم تمنّون علينا يا معشر الأنصار بنصرتكم رسول اللّه و هو من قريش و هو ابن عمّنا و منّا، فلنا المنّ و الطول إذا جعلكم أنصارنا و أتباعنا فهداكم اللّه بنا.

قال قيس: إنّ اللّه بعث محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم رحمة للعالمين، فبعثه إلى الناس كافّة إلى الإنس و الجنّ و الأحمر و الأسود و الأبيض و اختاره لنبوّته و اختصّه برسالته فكان أوّل من صدّقه و آمن به ابن عمّه عليّ بن أبي طالب عليه السلام، و كان عمّه أبو طالب يذبّ عنه و يمنعه و يحول بين كفّار قريش و بين أن يردعوه و يؤذوه، و أمره بتبليغ رسالات ربّه، فلم يزل ممنوعا من الضيم و الأذى حتى مات عمّه أبو طالب، و أمر ابنه عليّ بن أبي طالب بمؤازرته و نصرته، فآزره (1)عليّ و نصره، و جعل نفسه دونه في كل شدّة و كلّ ضيق و كل خوف، فاختصّ بذلك عليّا عليه السلام من بين قريش و أكرمه من بين جميع العرب.

فجمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم جميع بني عبد المطّلب منهم (2)أبو لهب، و أبو طالب و هم يومئذ أربعون رجلا، فدعاهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و خادمهم يومئذ عليّ بن أبي طالب عليه السلام، و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يومئذ في حجر عمّه أبي طالب.

فقال: أيّكم لينتدب أن يكون أخي، و وزيري، و وصيّي، و خليفتي،

ص:188


1- 1) في المصدر: فوازره.
2- 2) في المصدر: فيهم.

في أمّتي، و وليّ كلّ مؤمن بعدي؟ فسكت القوم حتّى أعادها ثلاث مرّات.

فقال عليّ عليه السلام: أنا يا رسول اللّه، فوضع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يده على رأس عليّ عليه السلام، فوضع رأسه في حجره، ثمّ تفل في فيه، و قال: اللّهمّ املأ جوفه حكما، و علما، و فهما، فقال أبو لهب: يا أبا طالب اسمع الآن و أطع لابنك عليّ.

فجعله من نبيّه بمنزلة هارون من موسى، و آخا بين الناس، و آخا بينه و بين نفسه (1)، و لم يدع قيس بن سعد شيئا من مناقبه إلاّ ذكرها، و احتجّ بها.

و قال: منهم أهل البيت (2)جعفر بن أبي طالب الطيّار في الجنة بجناحين اختصّه اللّه بذلك من بين الناس، و منهم حمزة سيّد الشهداء، و منهم سيّدة نساء أهل الجنّة الطاهرة المطهّرة الطيّبة المباركة.

فنحن و اللّه خير منكم، يا معشر قريش، و أحبّ إلى اللّه، و إلى رسوله، و أهل بيته منكم، لقد قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فاجتمعت الأنصار إلى أبي بكر، فقالوا: نبايع سعدا، فجاءت قريش فخاصموا بحجّة عليّ عليه السلام و أهل بيته عليهم السلام و خاصمونا بحقّه و قرابته، فأقعدت قريش (3)أن يكونوا ظلموا الأنصار و آل محمّد عليهم السلام.

و لعمري ما لأحد من الأنصار، و لا من قريش، و لا من العرب، و لا من العجم في الخلافة حقّ و لا نصيب مع عليّ بن أبي طالب عليه السلام و ولده من بعده عليهم السلام.

فغضب معاوية و قال: يا بن سعد عمّن أخذت هذا و عمّن رويته و عمّن سمعته؟ أبوك حدّث بهذا و عنه أخذته؟ فقال له قيس بن سعد: أخذته عمّن هو خير من أبي و أعظم عليّ حقّا من أبي، قال: من هو؟ قال: عليّ بن أبي طالب

ص:189


1- 1) في المصدر: و آخى بين عليّ و بين نفسه.
2- 2) ليس في المصدر: أهل البيت.
3- 3) في المصدر: فما يعدو قريش أن يكونوا ظلموا.

عليه السلام، أخذته عن عالم هذه الامّة و ربّانيّها و صدّيقها الّذي أنزل اللّه فيه ما أنزل قُلْ كَفى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ اَلْكِتابِ (1)فلم يدع آية أنزلت فيه إلاّ ذكرها.

فقال معاوية: إنّ صدّيقها أبو بكر، و فاروقها عمر، و الّذي عنده علم الكتاب عبد اللّه بن سلام (2).

قال قيس: أحقّ بهذه الاشياء (3)و أولى بها الّذي أنزل اللّه فيه: أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ (4)و الّذي أنزل اللّه فيه: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ (5)و الذي نصبه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بغدير خم، فقال: «من كنت أولى به من نفسه فعليّ أولى به من نفسه» .

و قال في غزاة تبوك: أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي هذا و كان معاوية يومئذ بالمدينة فعند ذلك نادى منادي معاوية، و كتب بذلك نسخة إلى جميع عمّاله: ألا برئت الذمة ممّن يروي حديثا من مناقب عليّ بن أبي طالب عليه السلام أو فضل أهل بيته، فقامت الخطباء في كلّ كورة، و على كلّ منبر بلعن عليّ عليه السلام و التبرّي منه، و الوقيعة فيه و في أهل بيته، و العيب لهم بما ليس فيهم.

قال و مرّ معاوية بحلقة من قريش فلمّا رأوه قاموا إليه غير عبد اللّه بن عبّاس فقال له: يا بن عبّاس ما منعك من القيام إليّ كما قام أصحابك إلاّ للموجدة على قتالي لكم يوم صفّين، يا بن عبّاس ما منعك؟ إنّ ابن عمي عثمان قتل مظلوما

ص:190


1- 1) الرعد:43. [1]
2- 2) عبد اللّه بن سلام بن الحارث الاسرائيلي أبو يوسف، اسلم عند قدوم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بالمدينة، توفّي سنة (43) ه-الأعلام ج 4/223-. [2]
3- 3) في المصدر: أحقّ بهذه الأسماء.
4- 4) هود:17. [3]
5- 5) الرعد:7. [4]

قال ابن عباس: فعمر بن الخطاب قد قتل مظلوما فسلّم لولده الأمر و هذا ابنه.

قال: إنّ عمر قتله مشرك، قال ابن عبّاس فمن قتل عثمان؟ قال:

المسلمون، قال: ذلك أضعف لحجّتك (1)و أحلّ لدمه إن كان المسلمون قتلوه و خذلوه فما كان إلاّ بحقّ.

قال معاوية: فإنّا قد كتبنا في الآفاق ننهى عن مناقب عليّ و أهل بيته فكفّ لسانك يا بن عبّاس و اربع على نفسك (2)، قال: أ تنهانا عن قراءة القرآن، قال لا، قال: أ تنهانا عن تأويله، قال: نعم، قال: فنقرأه و لا نسأل عمّا عنى اللّه به، و ما أنزل علينا؟ قال: نعم تسأل عن ذلك من يتأوّله على غير ما تقول أنت و أهل بيتك.

قال: إنّما انزل على أهل بيتي، فأسأل عنه آل أبي سفيان، و آل أبي معيط أو اليهود أو النصارى، أو المجوس؟ قال: فقد عدّلتنا بهم، قال: لعمري ما أعدّلكم بهم و إن نهيت الامّة ألا تعبدوا اللّه بالقرآن، و ما فيه من أمر أو نهي، أو حلال أو حرام، أو ناسخ أو منسوخ، أو عامّ أو خاص، أو محكم أو متشابه و إن لم تسأل الامّة عن ذلك ضلّوا و تاهوا و اختلفوا، قال: فاقرأ القرآن و لا ترو شيئا مما أنزل اللّه فيكم، و ما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فيكم و ارو ما سوى ذلك.

قال: فإنّ في القرآن: يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اَللّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ يَأْبَى اَللّهُ إِلاّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَ لَوْ كَرِهَ اَلْكافِرُونَ (3)قال معاوية: يا بن عبّاس اعص نفسك (4)و كفّ عنّي لسانك، و إن كنت لا بدّ فاعلا فليكن ذلك سرّا لا تسمع أحدا

ص:191


1- 1) في المصدر: فذلك أدحض لحجّتك.
2- 2) اربع على نفسك: توقّف.
3- 3) التوبة:32. [1]
4- 4) في المصدر: اكفني نفسك.

علانية، ثمّ رجع إلى منزله، و بعث إليه بمائة ألف درهم، و اشتدّ الأمر في الأمصار على شيعة آل عليّ عليه السلام و أهل بيته، و كان أشدّ الناس عليه أهل الكوفة، لكثرة من فيهم من الشيعة، و استعمل عليهم زيادا (1)، و ضمّ إليه البصرة، و جمع له العراقين، و كان زياد يتبع الشيعة، و هو بهم عالم لأنّه كان فيهم و قد عرفهم، و سمع كلامهم، فقتلهم تحت كلّ كوكب، و تحت كل حجر و مدر و أخافهم و قطع الأيدي و الأرجل منهم، و صلبهم على جذوع النخل، و سمل أعينهم، و ردّهم و شردهم حتى نفاهم عن العراق و لم يبق أحد معروف مشهور إلاّ قتل أو طرد أو ضرب.

و كتب معاوية إلى قضاته و ولاته في جميع الأرضين أن لا تجيزوا لأحد من شيعة عليّ و أهل بيته و لا أهل ولايته شهادة، و انظروا من قبلكم من شيعة عثمان أو محبّيه و أهل ولايته الّذين يروون فضله، و يتحدّثون بمناقبه فأدنوا مجالسهم و أكرموهم و قرّبوهم و شرّفوهم، و اكتبوا إليّ بما يروي كلّ رجل منهم، و له مائة درهم، و ممّن هو (2).

ففعلوا ذلك حتّى كثر في عثمان الحديث، و بعث إليهم بالصلات و الكسى و اللحامات و أكثر لهم القطائع من العرب و الموالي، و كثروا في كلّ مصر، فتنافسوا في المنازل و الضياع، و اتّسعت عليهم الدنيا، فليس أحد يأتي على مصر (3)أو قرية فيروي في عثمان شيئا في مناقبه و فضله إلاّ كتب اسمه و شفّع، فلبثوا في ذلك ما شاء اللّه.

ثم كتب إلى عمّاله: أنّ الحديث في عثمان كثر و فشا في كلّ قرية و مصر

ص:192


1- 1) زياد بن أبيه، اختلفوا في اسم أبيه هل هو عبيد الثقفي أو أبو سفيان؟ الحقه معاوية بنسبه سنة (44) هلك سنة (53) ه-الأعلام ج 3/89-. [1]
2- 2) في البحار: و [2]اكتبوا بمن يروي من مناقبه باسمه و اسم أبيه و قبيلته.
3- 3) في المصدر: فلم يكن أحد يأتي على عامل مصر من الأمصار. و في البحار: [3] فليس أحد يجئ من مصر من الأمصار.

و ناحية فإذا جاءكم كتابي هذا فادعوا إلى الرواية في أبي بكر و عمر فإنّ فضلهما و سوابقهما أحبّ إليّ و أقرّ لعيني و أدحض لحجّة أهل البيت و أشدّ عليهم من مناقب عثمان و فضله فقرأ كلّ أمير و قاض (1)كتابه على الناس فقال الناس بالروايات و المناقب فيهما (2).

ثم كتب نسخة جمع فيها جميع ما روي فيهم من المناقب و الفضائل و أنفذها إلى عمّاله، و أمرهم بقراءتها على المنابر، و في كلّ كورة، و في كلّ مسجد و أمرهم أن ينفذوا إلى معلّمي الكتاتيب أن يعلّموها صبيانهم، حتّى يرووها و يتعلّموها كما يتعلّمون القرآن، حتّى علّموها بناتهم، و نساءهم، و خدمهم، و حشمهم، فلبثوا بذلك ما شاء اللّه.

ثمّ كتب إلى عمّاله نسخة واحدة إلى جميع عمّاله إلى جميع البلدان أن أنظروا من قامت عليه البيّنة أنّه يحبّ عليا و أهل بيته فامحوه من الديوان، و لا تجيزوا له شهادة.

ثمّ كتب كتابا آخر: انظروا من قبلكم من شيعة عليّ و اتّهموه بحبّه و إن لم تقم عليه بيّنة أنّه منهم فاقتلوه، فقتلوهم على التهم و الظنون و الشبه، تحت كلّ كوكب، حتى لقد كان الرجل يسقط بكلمة فيضربون عنقه، و لم يكن ذلك البلاء في بلد أشدّ منه و لا أكثر بالعراق، و سيّما بالكوفة، حتّى أنه كان الرجل من شيعة عليّ عليه السلام أو ممّن بقى من أصحابه من أهل المدينة و غيرها يأتيه من يثق به فيدخل بيته، و يلقى عليه ستره، و يخاف من خادمه أو مملوكه، و لا يحدّثه حتى يأخذ عليه الأيمان المغلّظة ليتمكّن عليه، و جعل الأمر لا يزداد إلاّ شدّة و كثر عدوّهم، و أظهروا الأحاديث الكاذبة عن أصحابهم من الزور و البهتان، فلبّسوا على الناس، و لا يتعلّمون إلاّ منهم، و مضى عليه قضاتهم و ولاتهم.

ص:193


1- 1) في نسخة: وقاص.
2- 2) في الاحتجاج و [1]البحار: [2] ثمّ كتب إلى عمّاله: أنّ الحديث في عثمان قد كثر و فشا في كلّ مصر فادعوا الناس إلى الرواية في معاوية و فضله و سوابقه فإنّ ذلك أحبّ إلينا و أقرّ لأعيننا و أدحض لحجة أهل-

و كان أعظم الناس في ذلك فتنة و بلية القرّاء المراءون المبغضون الّذين يظهرون الكذب، و ينتحلون الأحاديث، ليحضوا بذلك عندهم و عند ولاتهم و يدانوا مجالسهم، و يصيبوا بذلك الأموال و القطائع و المنازل، حتّى صارت أحاديثهم و رواياتهم بيد من يحسبها أنّها حقّ و أنّها صدق، و رووها و قبلوها و تعلّموها و علّموها و أحبّوا عليها، و بغضوا من ردّها و شكّ فيها، فتجمّعت على ذلك جماعتهم، فصارت بيد الّذين لا يستحلّون الكذب و يبغضون عليه أهله، فقبلوها و هم يرون أنّها حقّ، و لو علموا أنّها باطلة لم يرووها و لم يدينوا بها و لم يبغضوا من خالفهم.

و صار الصدق كذبا و الكذب صدقا، و قد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لتشملكم بعدي فتنة يربو فيها الوليد، و ينشأ عليها الكبير، يجري عليها الناس يتّخذونها سنّة فإذا غيّر منها شيء قيل: أتى الناس منكرا غيرّت به السنّة.

فلمّا مات الحسن عليه السلام لم تزل الفتنة تعظم و البلاء يشتدّ حتّى لم يبق للّه وليّ إلاّ خائفا على دمه و لا عدوّ إلاّ ظاهرا بحجّته، مستكبرا ببدعته و ضلالته.

فلمّا كان قبل فوت معاوية بسنة حجّ الحسين بن عليّ عليه السلام، و عبد اللّه بن العبّاس، و عبد اللّه بن جعفر، فجمع الحسين بن عليّ عليهما السلام بني هاشم رجالهم و نساءهم و مواليهم و شيعتهم من حجّ منهم، و من لم يحجّ بالأمصار ممّن يعرف الحسين عليه السلام و أهل بيته.

ثم أرسل رسولا فقال: لا تدعنّ أحدا حجّ العام من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و من خير التابعين و أبناء الأنصار المعروفين بالصلاح

ص:194

و النسك إلاّ جمعتموهم لي فاجتمع إليه اكثر من سبعمائة رجل (1)و هو في سرادقه، عامّتهم التابعون و نحو من مائة رجل من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقام فيهم خطيبا فحمد اللّه و أثنى عليه، ثمّ قال: أمّا بعد فإنّ هذا الطاغية قد صنع بنا و شيعتنا ما قد رأيتم و علمتم و شهدتم، و إني أريد أن أسألكم عن شيء فإن صدقت فصدّقوني و إن كذبت فكذّبوني.

أسألكم بحقّ اللّه و حقّ رسوله و حقّ قرابتي من نبيّكم لما سترتم مقامي و كتمتم مقالي و دعوتم في أمصاركم و قبائلكم من اتّبع (2)من الناس، و رددتموه إلى ما تعلمون من حقّنا و إنّي أخاف أن يندرس هذا الحقّ و يمحق و يذهب الحقّ و يغلب، و اللّه متمّ نوره و لو كره الكافرون.

ثم ما ترك شيئا أنزل اللّه عزّ و جلّ فيهم إلاّ قاله، و ما قاله رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في أبيه و أخيه و نفسه إلاّ رواه، كلّ ذلك تقول الصحابة:

اللّهمّ نعم، و يقول التابع: اللّهمّ قد حدّثنيه و اصدّقه فأتّبعه، فقال: أنشدتكم اللّه إلاّ رجعتم و حدّثتم به من تثقون به و بدينه (3).

ص:195


1- 1) في الاحتجاج و [1]البحار: [2] فاجتمع عليه بمنى أكثر من ألف رجل.
2- 2) في المصدر: من آمنتم من الناس.
3- 3) كتاب سليم:199 و عنه البحار ج 33/173 ح 456، و [3]أخرج نحوه في ج 44/123 ح 16 عن الاحتجاج ج 1/192. [4]

ص:196

الباب السابع عشر

في حديثه مع معاوية و خلاصه من مكروهه

1-روي أنّه جرى بين عبد اللّه بن زبير (1)، و بين الحسين عليه السلام، في مناظرة كانت بينهما فأربى الحسين عليه السلام على ابن الزبير، فغضب ابن الزبير، و حلف بالعتاق لا يكلّمه إلاّ أن يجيء إليه و يعتذر، و حلف (2)الحسين عليه السلام بالعتاق و الطلاق أن لا يجيء إليه و لا يعتذر إليه.

فكتب مروان بن الحكم بما كان منهما إلى معاوية، فأجابه معاوية، أمّا بعد فإذا أتاك كتابي هذا فانظر إلى ابن الزبير فارس الإسلام، و كاشف الكرب عن

ص:197


1- 1) عبد اللّه بن الزبير بن العوّام القرشي، ولد في المدينة بعد الهجرة سنة (1) ، و بويع له بالخلافة سنة (64) بعد هلاك يزيد بن معاوية فحكم مصر و الحجاز و اليمن و خراسان و العراق و أكثر الشام و جعل قاعدة ملكه المدينة، نشبت بينه و بين الحجّاج حروب انتهت بمقتله سنة (73) ه. تاريخ الخميس ج 2/301-. [1]
2- 2) الحلف بالطلاق و العتاق لا يصحّ، و مقام الإمام عليه السلام أرفع من أن يحلف بهما كما يرشدنا إلى الحقيقة غير واحد من أحاديثهم المأثورة منها ما رواه في «الوسائل» ج 16/139 ح 3 من باب (14) [2] عن الامام الصادق عليه السلام أنّ المنصور قال له: رفع إليّ أنّ مولاك المعلّى بن خنيس يدعو إليك و يجمع لك الأموال، فقال: و اللّه ما كان، فقال: لا أرضى منك إلاّ بالطلاق و العتاق و الهدي و المشي، فقال عليه السلام: أ بالأنداد من دون اللّه تأمرني أن أحلف، فقال المنصور: أتفقه عليّ؟ فقال عليه السلام: و أنّى يبعدني من الفقه و انا ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

وجه نبي اللّه، و ابن صفية الطاهرة، و من به و بأبيه تأسّس لنا الأمر، فحكّمه في بيت المال يفعل فيه ما يشاء.

و انظر إلى الحسين بن علي فادعه إلى البيعة ليزيد، فإن بايعك سرّا فلا ترض منه حتى يبايعك علانية، و إن أبى العلانية، فاطرح في رجليه قيد ذهب و أحسن به، و احفظ قرابته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و ابعث به إليّ.

فأرسل مروان لعنه اللّه إلى ابن الزبير فحكّمه في بيت المال، فأخذ منه ما أحبّ، و أعطى الناس منه ما أحبّ و أخذ منه لنفسه ما أحبّ و اخوته و نظرائه على ما رأى، و أعطى الحسين عليه السلام ضعفي ما أخذ.

فقال مروان: يا بن حواري رسول اللّه أنت في قريش، و تفضّل الحسين على نفسك فقال له ابن الزبير: ما أنت و ذاك يا ابن الزرقاء؟ الحسين و اللّه خير منك، و من الّذي كتب.

ثمّ أرسل مروان لعنه اللّه إلى الحسين عليه السلام و قال: هذا كتاب معاوية فقال له الحسين عليه السلام: ما أراك ترضى ببيعتي سرّا حتّى أبايعك علانية قال: صدقت، قال: فإن لم أفعل؟ قال: إذا اطرحك في قيد و غلّ، و أبعث بك إلى معاوية، قال: فإن منعك غطارفة قريش (1)ما أنت فاعل؟ قال أضرب عنقك و أبعث برأسك إلى معاوية.

قال: أخرج بنا إذن إلى المسجد أبايعك، فخرجا فلمّا صار الحسين عليه السلام بازاء رأس جدّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم صاح بأعلى صوته يا معاشر المسلمين من عرفني فقد عرفني، و من لم يعرفني فأنا أعرّفه بنفسي أنا الحسين بن عليّ عليه السلام. و أمّي فاطمة الزهراء بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، يا معاشر قريش و جماعة الناس إنّكم بالأمس في حياة جدي تحملونني على رقابكم و على أيديكم، و اليوم تخذلوني و تسلّموني للقتل، قالوا: و ما الذي دهاك

ص:198


1- 1) الغطارفة: جمع الغطريف أي السيّد و السريّ.

يا ابن رسول اللّه؟ فقال لهم: كيت و كيت.

فالتفت الناس إلى ابن الزبير و هو يصلّي فلما رآهم قد رمقوه بأبصارهم قطع الصلاة، و أقبل إلى الحسين عليه السلام، و هو ناشر يديه يقول يا بن سيّدتي فاطمة الزكية عليها السلام قد جئتك معتذرا إليك، و قد عتقت ما أملك و اللّه لارينّ ابن هند عزّك عليّ.

ثم قال لابنه: عليّ بنجيب النبيّ محمّد الرغوم و عليّ بالمهر الذي وهبه لأبي يوم أحد، فلمّا حضرا قال له ابن الزبير: اركب الرغوم، و ركب ابن الزبير المهر و خرجا إلى معاوية و خرج معهما جماعة من المهاجرين و الأنصار و غيرهم من الناس.

فقدموا على معاوية، و هو بالشام، و إذا هو على سرير ذهب، أهداه إليه الطاغية، و هو مادّ رجله، فضرب ابن الزبير رجله برجله، و قال: اضمم إليك رجلك يا ابن هند فقد دخل إليك اثنان أحسن منك جدّين، و أكرم منك جدّين فقال: و من هما يا ابن الزبير؟ فقال: هذا الحسين بن عليّ ابن عمّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و ابن فاطمة الزكيّة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و أنا عبد اللّه بن الزبير ابن حواري رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، ابن صفية الطاهرة عمّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

فقال معاوية: هيهات هيهات أنت و اللّه يا ابن الزبير تجول في طلاك (1)كما تجول الحقب (2)في قتب البعير، أحررت الطروقة و اللّه قبل هياج الإبل، فقال ابن الزبير: إنّما يخرج من القتال ضعفاء الرجال و ستعلم يا ابن هند.

فقام معاوية و دخل مغضبا، و أرسل إلى جماعة قريش، و وجوه أهل الشام فقال لهم: أ لم أذلّ لكم صعاب العرب، أ لم أصل أرحامكم؟ قالوا: بلى، قال: فما فيكم واحد يكفيني ابن الزبير، فما لي لا أريد أمرا إلاّ بادرني فيه؟

ص:199


1- 1) الطلي (بفتح الطاء) : الهوى، و في بعض النسخ: في ضلالك.
2- 2) الحقب (بفتح الحاء و الباء) الحزام الذي حقو البعير، و القتب: الرحل.

فسكتوا كلّهم، فأعاد عليهم القول، فقال سعيد بن العاص، و هو إذ ذاك سيّد بني أميّة: أنا أضمن لك يا أمير المؤمنين بتليين عريكته، و بذهاب نخوته، و إخراس لسانه، حتّى أتركه ألين من الرداء، و أذلّ من الحذاء.

فقال له معاوية: إنّه ابن الزبير، قال: و أنا ابن العاص، قال: و كيف تصنع؟ قال: إذا كان غداة غد فأمرنا الإذن، و اجمع وجوه قريش و جماهير العرب ثمّ أذن له، فإنّي أقرعه بما لا يقوم له.

ففعل معاوية ذلك، و أقبل الحسين عليه السلام و ابن الزبير و من معهما، فأخذ ابن الزبير بعضد الحسين، فأجلسه مع معاوية على السرير و قال: هذا موضعك يا ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و قعد ابن الزبير نحوه تحتهما.

و أقبل عليه سعيد بن العاص (1)و هو يقول:

و إنّي لنار لا يطاق اصطلائها لدى كلّ أمر معضل متفاقم

فأجابه ابن الزبير و هو يقول:

و إنّي لبحر قد تسامى عبابه متى تلق بحري حرّ نارك تخمد

ثم قال له: يا ابن الزبير ما زلت متجلببا بجلابيب التيه، مبارزا برصائد التهتّك، تتعاطى (2)الاقودين (3)و لست من قريش في مونق جوهرها، و لا مكنون حسبها، فقال له ابن الزبير: يا عاص بن العاص لقد حضرنا و اياك النظراء

ص:200


1- 1) سعيد بن العاص بن سعيد بن العاصي بن أمية، الأموي، ولد سنة (3) ، و ربيّ في حجر عمر بن الخطّاب، و ولاّه عثمان الكوفة و هو شابّ و تولّى المدينة من قبل معاوية إلى أن مات سنة (53) و قال الذهبي في تاريخ الاسلام: مات سنة (59) -الأعلام ج 3/149-. [1]
2- 2) التعاطي: التناول، و قيام الرجل على أطراف أصابع الرجلين مع رفع اليدين الى الشيء ليأخذه.
3- 3) الأقود (بفتح الهمزة و سكون القاف) : شديد العنق، و الجبل الطويل.

العارفون بي و بك، ثمّ أنشأ يقول:

هلم فإنّ العلم عند ذوي النهى كالصاق باد في الأنام حجولها

نعاطيهم بالحقّ حتى تبيّنوا على أيّنا تبدي الحقوق فضولها

أمّا ما ذكرت أنّي متجلبب بجلابيب التيه معاذ اللّه ذلك، قد عرفني من عرفني ما الكبر منّي سجيّة، و لا البغى منّي طبيعة، و إنّك لأنت التيه في وادي الضلالة.

و أما ما ذكرت أنّي مبارز برصائد التهتّك فكذبت، لكنّني أسمو عليك بأنف حميّ و قلب ذكي، و صارم مشرفي عند انتفاخ سحرك، و طيرورة قلبك.

و أمّا ما ذكرت أنّني لست من قريش في مونق جوهرها، و من مكنون حسبها فاسألكم باللّه يا معشر قريش و جماعة العرب أيّهما خير أبي حواري رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أم أبوه؟ قالوا: بل أبوك، قال: فأيّهما خير امّي ذات النطاقين أم أمّه؟ قالوا: امّك، قال: فأيّهما خير جدّتي صفيّة عمّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أم جدّته؟ قالوا: جدّتك، قال: أيّهما خير عمّتي خديجة زوجة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الّتي أرسل اللّه تعالى إليها بالسلام أم عمّته قالوا: عمّتك، قال: فأيّهما خير خالي حمزة أسد اللّه و أسد رسوله أم خاله؟ قالوا: خالك، قال فأيّهما خير خالتي أمّ المؤمنين أم خالته؟ قالوا: خالتك، قال فأيّهما الساعة خير أنا أم هو؟ قالوا: أنت، فانشأ ابن الزبير يقول:

فاصبر لحرّ حكومتها (1)و قضائها فاذا جريت فلا تجارى مطفرا

و بد الجياد لدى احتفال جوابها

ص:201


1- 1) في نسخة: حكومها.

ثمّ أقبل على معاوية، و قال: و اللّه لو أنّ الّذي واجهني به لقصرت من سامي طرفه، و تركته يتجرّع الغيظ في جوفه، فقد لجأ إلى غير كهف، و استغاث بغير عضد، و أيم اللّه يا بن هند لئن لم تعط ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم النصف لتأتينّك مني ضربة وجيعة، يتسامع بها أهل المشرق و المغرب، و ما بيني و بينكم إلاّ هذا ما دام فيه قائمة، و ضرب بيده إلى سيف و كادت يكون من العرب فتنة.

فقام معاوية فأخذ يلبّب نفسه إلى الحسين عليه السلام و قال: يا با عبد اللّه بجدّك و أبيك أدركت الشرف فإمّا أن تعاقب و إمّا أن تعفو، فإن عفوت عن ابن عمك فبفضلك، فقال له الحسين عليه السلام: عفى اللّه عنك يا ابن عمّ، فخرّ معاوية يقبّل الحسين عليه السلام و اصطلحا، فقال له ابن الزبير: رحمك اللّه يا عبد الرحمن حيّا و ميتا، فإنا نسفّهك و أنت أحملنا، و إنّا نجبّنك و أنت أشجعنا، و إنّا نبخلك و أنت أجودنا، و اللّه لوددت أنّك أقمت علينا واليا ما دام أبو قبيس، ثمّ أمر لهما معاوية بصلات و جوائز، و لمن كان معهما من قريش و انصرفوا للحجاز (1).

ص:202


1- 1) ما وجدت لهذه الحكاية مأخذا، و فيها شواهد على اختلاقها لا تخفى على المتأمّل، و أتعجّب من المصنّف قدّس سرّه كيف نقلها.

الباب الثامن عشر

في أنّه عليه السلام وصيّ أخيه الحسن عليه السلام

1-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح (1)، قال الكليني (2): و عدّة من أصحابنا، عن ابن زياد، عن محمّد بن سليمان الديلمي (3)، عن هارون بن الجهم، عن محمّد بن مسلم، قال:

سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: لمّا حضر الحسن بن عليّ الوفاة قال للحسين عليه السلام: يا أخي إنّي اوصيك بوصيّة فاحفظها، إذا أنا متّ فهيّئني، ثمّ وجّهني إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لأحدث به عهدا، ثمّ اصرفني إلى امّي، ثمّ ردّني (4)فادفنّي بالبقيع.

ص:203


1- 1) بكر بن صالح: الضبّي الرازي مولى، قاله الشيخ في أصحاب الامام الرضا عليه السلام و في عداد من لم يرو عنهم، و النجاشي قال: روى عن أبي الحسن موسى عليه السلام، ضعيف، له كتاب: نوادر، يرويه عدّة من أصحابنا. رجال النجاشي ج 1/270-الجامع في الرجال:323-. [1]
2- 2) «قال الكليني» من كلام تلامذته، و هو في الموضع غريب، و لعلّ بكرا أيضا روى عن ابن الجهم أو عن ابن سليمان، و احتمال إرسال الأوّل كما قيل بعيد-مرآة العقول ج 3/304-. [2]
3- 3) محمّد بن سليمان الديلمي، يروي عن أبي الحسن الرضا و أبي جعفر الجواد عليهما السلام، و له كتاب، و روى عن أبيه، و عن عبد اللّه بن سنان، و عن الفضل بن إسماعيل الهاشمي، و عن مروان بن مسلم، و هارون بن الجهم و غيرهم-جامع الرواة ج 2/120-. [3]
4- 4) «ثمّ ردّني» يدلّ على أنّ فاطمة عليها السلام ليست مدفونة بالبقيع، و يمكن أن يستدلّ به على-

و اعلم أنّه سيصيبني من عائشة ما يعلم اللّه و الناس، بغضها (1)و عداوتها للّه و لرسوله و عداوتها لنا أهل البيت.

فلمّا قبض الحسن، و وضع على السرير ثمّ انطلقوا (2)به الى مصلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الّذي كان يصلّي فيه على الجنائز فصلّى عليه الحسين عليه السلام، و حمل و أدخل إلى المسجد.

فلما اوقف على قبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ذهب ذو العوينين 3إلى عائشة فقال لها: إنّهم قد أقبلوا بالحسن ليدفنوه مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فخرجت مبادرة على بغل بسرج، فكانت أوّل امرأة ركبت في الإسلام سرجا، فقالت: نحّوا ابنكم عن بيتي فإنّه لا يدفن في بيتي و يهتك على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حجابه، فقال لها الحسين عليه السلام: قديما هتكت أنت و أبوك حجاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أدخلت عليه بيته من لا يحبّ قربه، و إنّ اللّه تعالى سائلك عن ذلك يا عائشة 4.

2-و عنه، عن محمّد بن الحسن 5، و عليّ بن محمّد 6، عن سهل بن زياد

ص:204


1- 1) في المصدر: صنيعها، [1]و المراد بالصنيع الفعل القبيح، في القاموس: صنع به صنيعا قبيحا فعله.
2- 2) قال في «المرآة» : «ثمّ انطلقوا» قرأ بعض الأفاضل «ثمّ» (بفتح الثاء) إشارة للمكان أي في بيته، فقوله: «انطلقوا» جزاء «لمّا» و يحتمل أن يكون بضمّ الثاء و يكون قوله: «فصلّى» جواب «لمّا» ادخل الفاء عليه للفاصلة.

عن محمّد بن سليمان الديلمي، عن بعض أصحابنا، عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: لمّا حضرت الحسن بن عليّ عليه السلام الوفاة قال: يا قنبر انظر هل ترى من وراء بابك مؤمنا من غير آل محمد؟ فقال اللّه و رسوله و ابن رسوله أعلم به منّي، قال ادع لي محمّد بن علي (1)، فأتيته فلمّا دخلت عليه، فقال: هل حدث إلاّ خير؟ قلت: أجب أبا محمّد فعجّل على شسع نعله فلم يسوّه و خرج معي يعدو.

فلما قام بين يديه سلّم، فقال له الحسن بن عليّ عليه السلام: اجلس فإنّه ليس مثلك يغيب عن أن يسمع كلاما (2)يحيا به (3)الاموات و يموت به الأحياء كونوا أوعية العلم، و مصابيح الهدى، فإنّ ضوء النهار بعضه أضوأ من بعض (4).

ص:205


1- 1) هو محمد بن الحنفيّة ابن أمير المؤمنين عليه السلام، أحد الأبطال الأشداء في صدر الاسلام، ولد سنة (21) و توفّي سنة (81) بالمدينة-الأعلام ج 7/152-. [1]
2- 2) في المصدر: يغيب عن سماع كلام.
3- 3) أي كلام و وصيّة هي سبب لحياة الأموات بالجهل و الضلالة بحياة العلم و الإيمان إن قبلوا و «يموت به الأحياء» بالحياة الظاهرة إن لم يقبلوه، و موتهم بكفرهم و جهلهم و ضلالتهم. أو المعنى أنّه كلام يصير الإقرار به سببا للحياة الأبدي، فالأموات أيضا أحياء به كما قال تعالى: وَ لا تَحْسَبَنَّ اَلَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اَللّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ و «يموت به الأحياء» أي بإنكاره يصير الأحياء بمنزلة الأموات.
4- 4) «فإنّ ضوء ا [2]لنهار بعضه أضوأ من بعض» هذا رفع و دفع لما استقرّ في نفوس الجهلة من أنّ المتشعّبين عن أصل واحد في الفضل سواء، و لذا يستنكف بعض الاخوة عن متابعة بعضهم، و كان الكفّار يقولون للأنبياء: إنّما أنتم بشر مثلنا، فأزال تلك الشبهة بالتشبيه بضوء النهار في ساعاته المختلفة-

أ ما علمت ان اللّه تبارك و تعالى جعل ولد إبراهيم عليه السلام أئمّة، و فضّل بعضهم على بعض، و آتى داود زبورا، و قد علمت بما استأثر به محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، يا محمّد بن عليّ إنّي أخاف عليك الحسد، و إنّما وصف اللّه به الكافرين، فقال اللّه عزّ و جلّ: كُفّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ اَلْحَقُّ (1)و لم يجعل اللّه عزّ و جلّ للشيطان عليك سبيلا 2.

يا محمّد بن عليّ أ لا أخبرك بما سمعت من أبيك فيك؟ قال: بلى قال:

سمعت أباك عليه السلام يقول يوم البصرة: من أحبّ أن يبرّني في الدنيا و الآخرة فليبرّ 3محمّدا ولدي: يا محمّد بن عليّ لو شئت أن أخبرك و أنت نطفة في ظهر أبيك لأخبرتك.

يا محمّد بن عليّ أ ما علمت أنّ الحسين بن عليّ عليه السلام بعد وفاة نفسي و مفارقة روحي جسمي، إمام من بعدي؟ و عند اللّه 4جلّ اسمه في الكتاب، وراثة من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أضافها اللّه عزّ و جلّ له في وراثة أبيه و أمّه عليهما السلام فعلم اللّه أنّكم خيرة خلقه، فاصطفى منكم محمّدا و اختار محمّد

ص:206


1- 1) البقرة:109.

عليّا عليه السلام، و اختارني عليّ عليه السلام بالإمامة و اخترت أنا الحسين عليه السلام.

فقال له محمّد بن عليّ: أنت إمام و أنت وسيلتي إلى محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و اللّه لوددت أنّ نفسي ذهبت قبل أن أسمع منك هذا الكلام (1)، ألا و إنّ في رأسي كلاما (2)لا تنزفه الدلاء، و لا تغيّره نغمة الرياح، كالكتاب المعجم في الرقّ المنمنم، أهمّ بإبدائه (3)فأجدني 4سبقت 5إليه سبق الكتاب

ص:207


1- 1) «هذا الكلام» أي الكلام الدالّ على وفاتك، أو المشعر بحسدي.
2- 2) نسبة الكلام إلى الرأس إمّا اشارة إلى أنّه حصل بالسماع، أو إلى أنّ القوّة الحافظة في الدماغ، أو لأنّ الإبداء باللّسان، و تنوين «كلاما» للتعظيم، و هو عبارة عمّا يدلّ على فضل الإمامين الهمامين الحسنين عليهما السلام و مناقبهما و شبّهه بالماء لكثرته و غزارته و كونه سببا لحياة الأرواح كما أنّ الماء سبب لحياة الأبدان، و نسبة النزف تخييليّة، و النزف: النزح، «و لا تغيّره نغمة الرياح» كناية عن ثباته أو عذوبته ترشيحا للتشبيه السابق، و النغمة: الصوت الخفيّ، عبّر بالرياح عن الشبهات التي تخرج من أفواه المخالفين الطاعنين في الحقّ، و المقصود أنّه على كلام يقينيّ لا يتطرق إليه الشكوك، «و كالكتاب المعجم» أي المختوم، كناية عن أنّه من الأسرار، أو المعنى كالكتاب الذي ازيلت عجمته و عدم إفصاحه بالنقط و الإء بحيث يكون المعنى منه واضحا و «الرّق المنمنم» أي الجلد الرقيق المزيّن الذي يكتب فيه.
3- 3) «أهمّ بإبدائه» و في بعض النسخ «بأدائه» و الضمير للكلام.

المنزل، أو ما جاءت به الرسل، و إنّه لكلام يكلّ به لسان الناطق و يد الكاتب حتى لا يجد قلما، و يؤتوا بالقرطاس حمما فلا يبلغ فضلك، و كذلك يجزي اللّه المتّقين، و لا قوّة إلاّ باللّه.

الحسين أعلمنا علما (1)، و أثقلنا حلما (2)، و أقربنا من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم رحما، كان فقيها قبل أن يخلق (3)، و قرأ الوحي قبل أن ينطق (4)و لو علم اللّه في أحد خيرا ما اصطفى اللّه محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فلمّا اختار اللّه محمّدا، و اختار محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عليّا و اختارك عليّ عليه السلام إماما، و اخترت الحسين، سلّمنا و رضينا، من بغيره يرضى (5)؟ و من كنّا نسلم به (6)من مشكلات أمرنا (7).

3-و عنه، بهذا الإسناد، عن سهل، عن محمّد بن سليمان، عن هارون ابن الجهم، عن محمّد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:

لمّا احتضر (8)الحسن بن عليّ عليهما السلام قال للحسين: يا أخي إنّي أوصيك

ص:208


1- 1) «علما» تميز للنسبة على المبالغة و التأكيد.
2- 2) الحلم: العقل أو الرزانة و عدم السرعة أي الطيش.
3- 3) «فقيها قبل أن يخلق» أي قبل أن يخلق بدنه الشريف كما روي أنّ أرواحهم المقدّسة قبل تعلّقها بأبدانهم المطهّرة كانت عالمة بالعلوم اللدنيّة معلّمة للملائكة.
4- 4) «قبل أن ينطق» أي بين الناس كما ورد أنّه أبطأ عن الكلام.
5- 5) «من بغيره يرضى» الاستفهام للإنكار، و الظرف متعلّق بما بعده، و ضمير يرضى راجع إلى من و في بعض النسخ: «من بعزّه نرضى» فعليه كلمة من موصولة و مفعول رضينا.
6- 6) «و من كنّا نسلم به» هذا أيضا إمّا استفهام إنكار بتقدير غيره، و «نسلّم» إمّا بالتشديد فكلمة «من» تعليليّة، أو بالتخفيف، أي نصير به سالما من الابتلاء بالمشكلات، و على الاحتمال الأخير في الفقرة السابقة معطوف على الخبر أو على مفعول رضينا، و يؤيّد الأخير أنّ في «إعلام الورى» [1]هكذا: رضينا بمن هو الرضا و بمن نسلم به من المشكلات-مرآة العقول ج 3/313-. [2]
7- 7) الكافي ج 1/300 ح 2 و [3]أخرجه في البحار ج 44/174. و « [4]العوالم» ج الامام الحسين عليه السلام:77 ح 2 [5]عن إعلام الورى:216 [6] نقلا عن الكليني.
8- 8) احتضر على بناء المجهول أي حضره الموت.

بوصيّة فاحفظها، فإذا أنا متّ فهيّئني ثمّ وجّهني إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لاحدث به عهدا، ثم اصرفني إلى امّي فاطمة عليها السلام، ثمّ ردّني فادفنّي بالبقيع، و اعلم أنّه سيصيبني من الحميراء (1)ما يعلم اللّه (2)من صنيعها و عداوتها للّه و لرسوله و عداوتها لنا أهل البيت.

فلمّا قبض الحسن عليه السلام وضع على سريره، و انطلقوا به إلى مصلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الّذي كان يصلّي فيه على الجنائز، فصلّى عليه الحسين (3)عليه السلام، فلمّا أن صلّى (4)عليه حمل فادخل المسجد، فلمّا اوقف على قبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بلغ عائشة الخبر و قيل لها: إنّهم قد أقبلوا بالحسن بن عليّ عليهما السلام ليدفنوه مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فخرجت مبادرة على بغل بسرج-فكانت أوّل امرأة ركبت في الإسلام سرجا- فوقفت و قالت: نحّوا ابنكم عن بيتي، فإنّه لا يدفن فيه شيء، و لا يهتك على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حجابه.

فقال الحسين بن عليّ عليه السلام قديما هتكت أنت و أبوك حجاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أدخلت بيته من لا يحبّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قربه، و إنّ اللّه سائلك عن ذلك يا عائشة، إنّ أخي أمرني أن أقربه من أبيه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ليحدث به عهدا.

و اعلمي أنّ أخي أعلم الناس باللّه و رسوله، و أعلم بتأويل كتابه من أن يهتك على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ستره، لأنّ اللّه تبارك و تعالى يقول:

يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ اَلنَّبِيِّ إِلاّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ (5)و قد أدخلت أنت

ص:209


1- 1) الحميراء: مصغّر الحمراء، لقب عائشة.
2- 2) في المصدر و البحار: [1] ما يعلم الناس.
3- 3) في المصدر و البحار: [2] فصلّي على الحسن عليه السلام.
4- 4) بالبناء للمجهول: و «أن» زائدة لتأكيد الاتّصال.
5- 5) الأحزاب:53. [3]

بيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الرجال بغير إذنه.

و قد قال اللّه عزّ و جلّ: يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ اَلنَّبِيِّ (1)ألا و لعمري قد ضربت أنت لأبيك، و فاروقه عند أذن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم المعاول، و قال اللّه عزّ و جلّ: إِنَّ اَلَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اَللّهِ أُولئِكَ اَلَّذِينَ اِمْتَحَنَ اَللّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى (2)و لعمري لقد أدخل أبوك، و فاروقه على رسول اللّه بقربهما منه الأذى، و ما رعيا من حقّه ما أمرهما اللّه به على لسان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّ اللّه حرّم من المؤمنين أمواتا ما حرّم منهم أحياء، و تاللّه يا عائشة لو كان هذا الّذي كرهتيه (3)من دفن الحسن عند أبيه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم جائزا فيما بيننا و بين اللّه لعلمت أنّه سيدفن و إن رغم معطسك (4).

قال: ثمّ تكلّم محمّد بن الحنفيّة و قال: يا عائشة يوما على بغل، و يوما على جمل، فلا تملكين نفسك و لا تملكين الأرض عداوة لبني هاشم.

قال: فأقبلت عليه، فقالت: يا ابن الحنفيّة هؤلاء الفواطم يتكلّمون فما كلامك؟ فقال لها الحسين عليه السلام: و أنّى تبعدين محمّدا من الفواطم؟ فو اللّه لقد ولدته ثلاث فواطم: فاطمة بنت عمران بن عائذ بن عمرو بن مخزوم، و فاطمة بنت أسد بن هاشم، و فاطمة بنت زائدة بن الأصم بن رواحة بن حجر ابن عبد معيص بن عامر فقالت عائشة للحسين عليه السلام: نحّوا ابنكم و اذهبوا به فإنّكم قوم خصمون، قال: فمضى الحسين عليه السلام إلى قبر أمّه ثم أخرجه فدفنه بالبقيع (5).

ص:210


1- 1) الحجرات:2. [1]
2- 2) الحجرات:3. [2]
3- 3) «كرهتيه» الياء للاشباع.
4- 4) المعطس: الأنف.
5- 5) الكافي ج 1/302 ح 3 و [3]عنه البحار ج 44/142 ح 9 و [4]عوالم الامام الحسين عليه السلام: 289 ح 5.

الباب التاسع عشر

في اقدامه على الشهادة مع علمه عليه السلام

1-سعد بن عبد اللّه القمي في «بصائر الدرجات» عن أيّوب بن نوح عن مروان بن إسماعيل (1)، عن حمزة بن حمران (2)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ذكرت خروج الحسين بن عليّ عليهما السلام، و تخلّف ابن الحنفية عنه، فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: إنّي احدّثك في هذا الحديث لا تسأل عنه بعد مجلسنا هذا، إنّ الحسين بن عليّ صلوات اللّه عليهما لمّا فصل (3)متوجّها دعا بقرطاس فكتب فيه: بسم اللّه الرحمن الرحيم، من الحسين بن عليّ إلى بني هاشم أمّا بعد فإنّه من لحق بي منكم استشهد، و من تخلّف لم يدرك (4)الفتح و السلام (5).

ص:211


1- 1) في البحار [1]عن البصائر: [2] عن أيّوب بن نوح، عن صفوان، عن مروان بن إسماعيل. . . الخ.
2- 2) حمزة بن حمران بن أعين الشيباني الكوفي، له كتاب، عدّه الشيخ من أصحاب الامامين الباقر و الصادق عليهما السلام.
3- 3) فصل: خرج و منه قوله تعالى: وَ لَمّا فَصَلَتِ اَلْعِيرُ .
4- 4) في البحار: [3] لم يبلغ الفتح، و معناه: لم يبلغ ما يتمنّاه من فتوح الدنيا و التمتع بها، و ظاهر هذا الجواب ذمّه، و يحتمل أن يكون المعنى أنّه عليه السلام خيّرهم في ذلك، فلا إثم على من تخلّف.
5- 5) مختصر البصائر:6 و أخرجه في البحار ج 42/81 ح 12 [4]عن بصائر الدرجات:481 ح 5 و [5]عن المناقب لابن شهر اشوب ج 4/76 و [6]البحار [7]أيضا ج 44/330 عن مناقب محمد بن ابي طالب و في ج 45/84 ح 13 عن بصائر الدرجات. [8]

2-و هذا الحديث الّذي رواه سعد رواه أيضا أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري، قال: روى أيّوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن أبي إسماعيل (1)، عن حمزة بن حمران، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: ذكرنا خروج الحسين عليه السلام و تخلّف ابن الحنفية عنه، فقال: يا حمزة إنّي سأحدثك عن هذا الحديث بما لا تشك فيه بعد مجلسنا هذا، إنّ الحسين بن عليّ صلوات اللّه عليهما لما فصل متوجها دعا بقرطاس و كتب بسم اللّه الرحمن الرحيم، من الحسين بن عليّ إلى بني هاشم، أمّا بعد فإنّه من لحق بي استشهد و من تخلّف عنّي لم يبلغ الفتح و السلام (2).

3-كتاب «ثاقب المناقب» (3)عن الباقر عليه السلام قال: لمّا أراد الحسين عليه السلام الخروج إلى العراق بعثت إليه أمّ سلمة، و هي الّتي كانت ربّته، و كان أحبّ الناس إليها، و كانت أرقّ الناس عليه و كانت تربة الحسين عندها في قارورة دفعها إليها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

ص:212


1- 1) أبو إسماعيل أو خالد بن أبي إسماعيل الخيّاط الكوفي، روى عن الإمام الصادق عليه السلام، وثّقه النجاشي و قال: له كتاب يرويه عدّة من أصحابنا، و يحتمل اتّحاده مع مروان بن إسماعيل في الحديث السابق و لفظ مروان يكون سهوا من النسّاخ و اللّه العالم.
2- 2) دلائل الامامة [1]لأبي جعفر الطبري:77.
3- 3) «الثاقب في المناقب» [2] للشيخ عماد الدين أبي جعفر محمّد بن علي بن حمزة المشهدي المعروف بابن حمزة صاحب «الواسطة» و «الوسيلة» ، [3] المعبّر عنه بأبي جعفر الثاني و أبي جعفر المتأخّر، لتأخره عن أبي جعفر الشيخ الطوسي المشارك له في الاسم و الكنية و النسبة، و يلوح من الشيخ منتجب الدين الّذي توفّي بعد سنة (585) أنّه كان معاصره. توفّي بكربلاء و دفن في خارج باب النجف في البقعة التي يزار فيها. قال في «الروضات» ص 596: [4] إنّ «ثاقب المناقب» [5] لم يكن عند المحمّدين الثلاثة المتأخّرين فلم ينقل شيء منه في «الوافي» و «الوسائل» و «البحار» . و يظهر من قصّة أبي عبد اللّه المحدّث الذي أعماه أمير المؤمنين عليه السلام و ذكرها في هذا الكتاب برقم (202) ص 236 أن تاريخ تأليف الكتاب كان سنة (506) . الذريعة ج 5/5-. [6]

فقالت: يا بنيّ إلى أين تريد أن تخرج (1)؟ فقال لها: يا أمّه أريد أن أخرج إلى العراق، ثمّ قال (2): و لم ذاك يا أمّه؟ قالت: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: يقتل ابني الحسين بالعراق، و عندي يا بنيّ تربتك في قارورة مختومة دفعها إليّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فقال عليه السلام يا أمّه و اللّه إنّي لمقتول، و إنّي لا أفرّ من القدر المقدور، و القضاء المحتوم و الأمر الواجب من اللّه تعالى.

فقالت: و اعجبا فأنّى (3)تذهب و أنت مقتول؟ فقال: يا أمّاه إن لم أذهب اليوم ذهبت غدا، و إن لم أذهب غدا ذهبت بعد غد، و ما من الموت يا أمّه و اللّه بد و إنّي لأعرف اليوم و الموضع الذي اقتل فيه، و الساعة الّتي اقتل فيها، و الحفرة الّتي ادفن فيها، كما أعرفك و أنظر إليها كما أنظر إليك.

قالت: قد رأيتها؟ قال: نعم؟ و إن أحببت أن اريك مضجعي، و مكاني و مكان أصحابي فعلت؟ قالت: أرنيها (4)فما زاد أن تكلّم بسم اللّه (و في رواية أخرى) : بسم اللّه الرحمن الرحيم، فخفضت الأرض حتى أراها مضجعه، و مكانه، و مكان أصحابه، و أعطاها من تلك التربة، فخلطتها مع التربة الّتي كانت معها، ثمّ خرج الحسين صلوات اللّه عليه و قد قال: إنّي مقتول يوم عاشورا.

فلمّا كانت تلك الليلة الّتي صبيحتها قتل الحسين بن عليّ عليه السلام أتاها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في المنام أشعث مغبّرا باكيا، فقالت: يا رسول اللّه مالي أراك باكيا أشعث مغبّرا؟ قال: دفنت ابني الحسين عليه السلام و أصحابه الساعة، و انتبهت أمّ سلمة رضي اللّه عنها، فصرخت بأعلى صوتها،

ص:213


1- 1) في المصدر: يا بنيّ أ تريد أن تخرج؟
2- 2) في المصدر: فقالت: إنّي اذكّرك اللّه تعالى أن تخرج إلى العراق، قال: و لم ذلك يا امّه؟
3- 3) في المصدر: فأين تذهب و أنت مقتول؟
4- 4) في المصدر: قالت: قد شئتها.

فقالت: وا ابناه، فاجتمع أهل المدينة، و قالوا لها: ما الّذي دهاك؟ فقالت:

قتل ابني الحسين بن عليّ صلوات اللّه عليهما.

فقالوا لها: و ما علمك؟ قالت: رأيت في المنام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم باكيا أشعث أغبر، فأخبرني أنّه دفن الحسين عليه السلام و أصحابه الساعة، فقالوا: أضغاث أحلام قالت: مكانكم، فإنّ عندي تربة الحسين عليه السلام، و أخرجت لهم القارورة فإذا هي دم (1)عبيط (2).

4-ابن بابويه بإسناده، عن الصادق عليه السلام أنّ الحسين عليه السلام قام في أصحابه خطيبا فقال: اللّهم إنّي لا أعرف أهل بيت أبرّ، و لا أزكى و لا أطهر من أهل بيتي، و لا أصحابا هم خير من أصحابي، و قد نزل بي ما ترون (3)و أنتم في حلّ من تبعتي (4)ليست لي في أعناقكم بيعة، و لا لي عليكم ذمّة، و هذا اللّيل قد غشيكم فاتخذوه جملا (5)و تفرّقوا في سواده، فإنّ القوم إنّما يطلبوني و لو ظفروا بي لذهلوا عن طلب غيري.

فقام إليه عبد اللّه بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب عليه السلام فقال: يا ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ما ذا يقول الناس إن نحن خذلنا شيخنا و كبيرنا و سيّدنا و ابن سيد الأعمام و ابن سيدنا (6)سيد الأنبياء، لم نضرب معه بسيف، و لم نقاتل معه برمح؟ لا و اللّه أو نرد موردك، و نجعل أنفسنا دون نفسك و دمائنا دون دمك، فإذا نحن فعلنا ذلك قضينا (7)ما علينا و خرجنا ممّا لزمنا.

ص:214


1- 1) دم عبيط: خالص طري.
2- 2) الثاقب في المناقب:330 و [1]أخرج نحوه في البحار ج 44/331 [2] عن بعض الكتب.
3- 3) في البحار: و [3]قد نزل بي ما قد ترون.
4- 4) في البحار: [4] من بيعتي.
5- 5) يقال: اتّخذ الليل جملا: إذا أحيا ليلته بصلاة أو غيرها من العبادات و كذا إذا ركبه في حاجته «اللسان» و المراد: اتّخاذ ظلمة الليل سترا للفرار.
6- 6) في البحار: و [5]ابن نبيّنا سيّد الأنبياء.
7- 7) في البحار: [6] فقد قضينا ما علينا.

و قام إليه رجل يقال له: زهير بن القين البجلي، فقال: يا ابن رسول اللّه وددت أنّي قتلت ثمّ نشرت، ثم قتلت ثمّ نشرت فيك و في الّذين معك مائة قتلة و أنّ اللّه تعالى دفع بي عنكم أهل البيت، فقال عليه السلام له و لاصحابه:

جزيتم خيرا (1).

ص:215


1- 1) الأمالي للصدوق:133 [1] قطعة من ح 1، و عنه «البحار» ج 44/316 و « [2]العوالم» ج الإمام الحسين عليه السلام:165.

ص:216

الباب العشرون

في احتجاجه على القوم الظالمين

1-ابن بابويه بإسناده في «أماليه» عن الصادق عليه السلام قال وثب الحسين عليه السلام متوكّئا على سيفه، فنادى بأعلى صوته، فقال: انشدكم اللّه هل تعرفوني؟ قالوا: نعم أنت ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و سبطه فقال: انشدكم اللّه هل تعلمون أنّ جدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قالوا: اللّهمّ نعم، قال: انشدكم اللّه هل تعلمون أنّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام أبي؟ قالوا: اللّهمّ نعم، قال: انشدكم اللّه هل تعلمون أنّ أمّي فاطمة بنت محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم؟ قالوا: اللّهمّ نعم، قال: انشدكم اللّه هل تعلمون أنّ جدّتي خديجة بنت خويلد أوّل نساء هذه الأمّة إسلاما؟ قالوا:

اللّهمّ نعم.

قال: انشدكم اللّه هل تعلمون أنّ حمزة سيد الشهداء عمّ أبي؟ قالوا:

اللّهمّ نعم، قال: هل تعلمون أنّ جعفر الطيّار في الجنة عمّي؟ قالوا: اللّهمّ نعم، قال: انشدكم اللّه هل تعلمون أنّ هذا سيف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أنا متقلّده؟ قالوا: اللّهمّ نعم، قال: انشدكم اللّه هل تعلمون أنّ هذه عمامة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنا لابسها؟ قالوا: اللّهمّ: نعم.

قال: أنشدكم اللّه هل تعلمون أنّ أبي (1)كان أوّلهم إسلاما، و أعلمهم

ص:217


1- 1) في البحار: [1] أنّ عليّا كان.

علما، و أعظمهم حلما، و أنّه وليّ كلّ مؤمن و مؤمنة؟ قالوا: اللّهمّ نعم، قال:

فبم تستحلّون دمي و أبي الذائد عن الحوض غدا، يذود عنه رجالا كما يذاد البعير الصادر عن الماء، و لواء الحمد في يد جدي يوم القيامة؟ قالوا: علمنا ذلك كلّه و إنّا غير تاركيك حتّى تذوق الموت عطشا.

فأخذ عليه السلام بطرف لحيته، و هو يومئذ ابن سبع و خمسين سنة، ثمّ قال: اشتدّ غضب اللّه على اليهود حين قالوا: عزير ابن اللّه، و اشتدّ غضب اللّه على النصارى حين قالوا: المسيح ابن اللّه، و اشتدّ غضب اللّه على المجوس حين عبدوا النار من دون اللّه، و اشتدّ غضب اللّه على قوم قتلوا نبيّهم، و اشتدّ غضب اللّه على هذه العصابة الّذين يريدون قتل ابن نبيّهم (1).

ص:218


1- 1) الأمالي للصدوق:135 [1] قطعة من ح 1 و عنه البحار ج 44/318 و [2]العوالم ج الامام الحسين عليه السلام:168.

الباب الحادي و العشرون

في صبره عليه السلام

1-محمّد بن يعقوب، عن أبي عليّ الأشعري، عن محمّد بن سالم، عن أحمد ابن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام، قال قتل الحسين بن علي عليه السلام، و عليه جبّة خزّ دكناء (1)فوجدوا فيها ثلاثة و ستين، من بين ضربة بالسيف، أو طعنة برمح، أو رمية بسهم (2).

2-ابن بابويه في «أماليه» قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أبي عبد اللّه محمّد بن خالد البرقي عن داود بن أبي يزيد، عن أبي الجارود، و ابن بكير، و بريد بن معاوية العجلي عن أبي جعفر الباقر عليه السلام، قال: أصيب الحسين عليه السلام و وجد به ثلاثمائة و بضعة و عشرون طعنة برمح، أو ضربة بسيف، أو رمية بسهم، فروي أنّها كلّها في مقدّمه، لأنّه عليه السلام كان لا يولّي (3)صلوات اللّه عليه، و روحي فداك بأبي أنت و أمّي.

ص:219


1- 1) الأدكن و الدكناء: المائل لونه إلى السواد.
2- 2) الكافي ج 6/452 ح 9 و [1]عنه البحار ج 45/94 ح 36 و [2]العوالم ج الامام الحسين عليه السلام 330 ح 2.
3- 3) الأمالي للصدوق:139 ح 1 و [3]عنه البحار 45/82 ح 7 و [4]العوالم ج الإمام الحسين عليه السلام 330 ح 1.

ص:220

المنهج الخامس في الإمام الرابع أبي محمّد عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب زين العابدين عليهم السلام

اشارة

بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه ربّ العالمين و صلّى اللّه على محمّد و آله الطاهرين أمّا بعد فهذا المنهج الخامس في الإمام الرابع أبي محمّد عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب زين العابدين عليهم السلام و فيه أحد و عشرون بابا.

الباب الأوّل-في شأنه عليه السلام في الأمر الأوّل.

الباب الثاني-في أنّه ابن الخيرتين.

الباب الثالث-في أنّه عليه السلام ينادى يوم القيامة ليقم زين العابدين.

الباب الرابع-في إقباله على اللّه سبحانه و تعالى في العبادة.

الباب الخامس-في أنّه عليه السلام السجاد و ذو الثفنات.

الباب السادس-في عبادته عليه السلام.

الباب السابع-في جوده عليه السلام من طريق الخاصّة و العامّة.

الباب الثامن-في حديث السائل الذي أعطاه القرصين و حديث البلخي زوج المرأة و حديث الكابلي.

الباب التاسع-في حلمه من طريق الخاصّة و العامّة.

الباب العاشر-في خوفه من اللّه سبحانه و تعالى و انقطاعه له من طريق الخاصّة و العامّة.

ص:221

الباب الحادي عشر-في وقت دعائه و أدعية له عليه السلام.

الباب الثاني عشر-في خوفه عليه السلام من اللّه سبحانه و تعالى مخافة القصاص.

الباب الثالث عشر-في أفضليته من طريق الخاصّة.

الباب الرابع عشر-من الباب الأوّل من طريق العامّة.

الباب الخامس عشر-في تواضعه عليه السلام.

الباب السادس عشر-في أنّه وصي أبيه عليهما السلام.

الباب السابع عشر-في أنّه عليّ بن الحسين الباقي بعد أبيه عليهما السلام هو الكبير.

الباب الثامن عشر-في لباسه عليه السلام.

الباب التاسع عشر-في استعماله عليه السلام الطيب.

الباب العشرون-في حسن قراءته عليه السلام القرآن و حسن هيئته عليه السلام.

الباب الحادي و العشرون-في المفردات.

ص:222

الباب الاول

في شأنه في الأمر الأوّل

1-محمّد بن يعقوب، عن عليّ (1)بن محمّد، عن عبد اللّه بن إسحاق العلوي، عن محمد بن زيد الرزامي (2)، عن محمّد بن سليمان الديلمي، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: حججنا مع أبي عبد اللّه عليه السلام في السنة التي ولد فيها ابنه موسى عليه السلام، فلمّا نزلنا الأبواء (3)، وضع لنا الغداء (4)، و كان إذا وضع الطعام لأصحابه أكثر و أطاب (5)، قال: فبينا نحن نأكل (6)إذ أتاه رسول حميدة فقال له: إنّ حميدة تقول: قد أنكرت نفسي و قد وجدت ما كنت أجد إذا حضرت ولادتي و قد أمرتني أن لا نستبقك بابنك هذا فقام أبو عبد اللّه عليه

ص:223


1- 1) هو علي بن محمّد بن عبد اللّه بن بندار أبو القاسم القمي، روى عنه الكليني كثيرا و الظاهر أنّه من مشايخه-جامع الرواة ج 1/596-. [1]
2- 2) محمّد بن زيد الرزامي «رزام أبو حيّ من تميم» كان خادما للإمام الثامن الرضا عليه السلام، و روى عنه-جامع الرواة ج 1/115-. [2]
3- 3) الأبواء «بفتح الهمزة و سكون الباء الموحدة» : موضع بين الحرمين.
4- 4) الغداء «بفتح الغين المعجمة و الدال المهملة» : طعام الغدوة، و قد يستعمل لطعام الظهر.
5- 5) أطاب: أتى بطعام طيّب.
6- 6) في البحار: [3] فبينا نحن نتغذّى إذ أتاه رسول حميدة: أنّ الطلق قد ضربني، و قد أمرتني أن لا أسبقك بابنك هذا.

السلام فانطلق (1)مع الرسول، فلمّا انصرف قال أصحابه: سرّك اللّه و جعلنا فداك فما أنت صنعت من (2)حميدة؟ قال: سلّمها اللّه تعالى، و قد ذهب لي غلاما و هو خير (3)من برأ اللّه في خلقه و لقد أخبرتني حميدة عنه بأمر ظنّت أني لا أعرفه و لقد كنت أعلم به منها.

فقلت: جعلت فداك فما الذي أخبرتك به حميدة عنه؟ قال: ذكرت أنّه سقط من بطنها حين سقط، واضعا يديه على الأرض رافعا رأسه إلى السماء فأخبرتها أنّ ذلك أمارة (4)رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و أمارة الوصيّ من بعده فقلت: جعلت فداك و ما هذا (5)من أمارة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أمارة الوصيّ من بعده؟ فقال لي: إنّه لمّا كانت الليلة التي علق (6)فيها بجدّي (7)أتى آت جدّ أبي بكأس فيه شربه أرقّ من الماء و ألين من الزبد (8)و أحلى من الشهد (9)، و أبرد من الثلج، و أبيض (10)من اللبن، فسقاه إياه (11)و أمره بالجماع، فقام فجامع فعلق بجدّي.

ص:224


1- 1) في البحار: [1] فقام أبو عبد اللّه عليه السلام: فرحا مسرورا، فلم يلبث أن عاد إلينا حاسرا عن ذراعيه. ضاحكا سنّه، فقلنا أضحك اللّه سنّك و أقرّ عينك ما صنعت حميدة؟ .
2- 2) «من حميدة» كأنّ من بمعنى الباء، و قيل: للسببيّة، و في محاسن البرقي و [2]البحار [3]عن البصائر: ما صنعت حميدة.
3- 3) «و هو خير من برء اللّه» أي بعدي من أهل زمانه.
4- 4) «أمارة رسول اللّه» أي علامة نبوّته و إمامة الأوصياء من بعده.
5- 5) «و ما هذا» أي أيّ أمارة في وضع اليدين و رفع الرأس.
6- 6) «علق فيها» (بضم العين المهملة و كسر اللام) مجهول من باب علم يقال: علقت المرأة [4]أي حبلت.
7- 7) «بجدّي» أي عليّ بن الحسين عليهما السلام، «جدّ أبي» أي الحسين صلوات اللّه عليه، و في البحار [5]عن البصائر: [6] جدّ أبي و هو راقد.
8- 8) «الزبد» (بضم الزاي و سكون الباء) : ما يستخرج بالمخض من اللبن-مرآة العقول ج 4/260-. [7]
9- 9) الشهد: العسل.
10- 10) «و أبيض» أي أشدّ بياضا، و هو نادر لأنّه من الألوان.
11- 11) «إيّاه» الضمير للشربة، و التذكير بتأويل المشروب.

فلمّا أن كانت الليلة التي علق فيها بأبي أتى آت جدّي فسقاه كما سقى جدّ أبي و أمره بمثل الذي أمره، فقام فجامع فعلق بأبي، و لمّا أن كانت الليلة التي علق فيها بي أتى آت أبي، فسقاه بما سقاهم، و أمره بالذي أمرهم به، فقام فجامع فعلق بي، فلمّا أن كانت الليلة التي علق فيها بابني أتاني آت كما أتاهم ففعل بي كما فعل بهم، فقمت بعلم (1)اللّه و إنّي مسرور بما يهب اللّه لي، فجامعت فعلق بابني هذا المولود، فدونكم و هو و اللّه صاحبكم من بعدي، و إنّ نطفة الإمام ممّا أخبرتك.

و إذا سكنت النطفة في الرحم أربعة أشهر و أنشئ فيها الروح بعث اللّه تبارك و تعالى ملكا يقال له: حيوان: فكتب (2)على عضده الأيمن وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَ هُوَ اَلسَّمِيعُ اَلْعَلِيمُ (3)و إذا وقع من بطن امّه وقع واضعا يديه على الأرض رافعا رأسه إلى السماء فأمّا (4)وضعه يديه على الأرض فانّه يقبض كلّ علم للّه أنزله من السماء إلى الأرض، و أمّا رفع رأسه إلى السماء فانّ مناديا ينادي به من بطنان (5)العرش من قبل (6)ربّ العزة من الافق الأعلى باسمه

ص:225


1- 1) «فقمت بعلم اللّه» أي بإذنه و تقديره، أو بأمره و إلهامه، أو متلبّسا. بما علّمني اللّه من أنّه يصير سببا لحصول هذا الولد، و يؤيّد الأخير ما في «البصائر» : [1] فقمت فرحا مسرورا بعلم اللّه بما وهب لي، و في «المحاسن» : [2] فقمت بعلم اللّه مسرورا بمعرفتي بما يهب اللّه لي، و يحتمل أن يكون قسما.
2- 2) «فكتب» الكتابة إمّا حقيقة أو كناية عن جعله مستعدّا للإمامة و الخلافة، و لا ينافي هذا الخبر ما روي من الكتابة على مواضع اخرى في أزمنة اخرى، إذ يحتمل وقوع الجميع حقيقة أو تجوّزا، و يدلّ الخبر على أنّ المراد بالكلمة و الكلمات في الآية الأئمة عليهم السلام كما ورد في الأخبار الكثيرة تأويلها بهم في أكثر المواضع التي وردت فيها-مرآة العقول ج 4 ص 261-. [3]
3- 3) الأنعام:115. [4]
4- 4) «فأما وضعه» لعلّ تقديره فأمّا معنى وضعه فإنّه (بفتح الهمزة) و التقدير فأمّا وضعه فإنّه إشارة إلى أنّه. . ، و فسر عليه «و أما رفعه» .
5- 5) «من بطنان العرش» في «النهاية» : أي من وسطه، و قيل: من أصله.
6- 6) «من قبل ربّ العزّة» اي من جانبه.

و اسم أبيه يقول: يا فلان بن فلان أثبت (1)تثبت فلعظيم (2)ما خلقتك، أنت صفوتي من خلقي، و موضع سرّي، و عيبة (3)علمي، و أميني على وحيي، و خليفتي في أرضي، لك و لمن تولاّك أوجبت رحمتي و منحت (4)جناني و أحللت جواري، ثمّ و عزّتي و جلالي لأصلينّ (5)من عاداك أشدّ عذابي، و إن وسّعت عليه في دنياه من سعة رزقي، فاذا انقطع الصوت (6)-صوت المنادي-أجابه هو واضعا يديه رافعا رأسه إلى السماء يقول: شَهِدَ اَللّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ وَ اَلْمَلائِكَةُ وَ أُولُوا اَلْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ اَلْعَزِيزُ اَلْحَكِيمُ (7)قال: فإذا قال ذلك أعطاه اللّه العلم الأول (8)و الآخر و استحقّ زيارة الروح في ليلة القدر، قلت: جعلت فداك الروح ليس هو جبرئيل؟ قال: الروح أعظم من جبرئيل، إنّ جبرئيل من الملائكة، و إنّ الروح هو خلق أعظم من الملائكة عليهم السلام أ ليس يقول اللّه تبارك و تعالى:

تَنَزَّلُ اَلْمَلائِكَةُ وَ اَلرُّوحُ (9). (10)

ص:226


1- 1) «اثبت» أمر من باب نصر أي كن على علم و يقين ثابتا على الحقّ في جميع أقوالك و أفعالك، و «تثبت» جواب للأمر، و هو إمّا على بناء الفاعل من التفعيل، أي لتثبّت غيرك على الحقّ أو على البناء للمفعول منه، أي يثبتك اللّه عليها، أو من الإفعال، أي لتثبت إمامتك بذلك عند الناس.
2- 2) «فلعظيم» بالتنوين و «ما» للإبهام و التفخيم.
3- 3) «العيبة» : ما يجعل فيها الثياب، و هنا كناية عن موضع السرّ.
4- 4) «منحت» : أعطيت.
5- 5) «لاصلينّ» أي لألقينّه في النار إلقاء.
6- 6) في المصدر: فاذا انقضى الصوت.
7- 7) آل عمران:18. [1]
8- 8) «العلم الأوّل» لعلّ المراد به علوم الأنبياء و الأوصياء السابقين، و بالعلم الآخر علوم خاتم الأنبياء صلوات عليه و عليهم أجمعين-مرآة العقول ج 4/262-. [2]
9- 9) سورة القدر:4. [3]
10- 10) الكافي ج 1/385 ح 1، و [4]عنه «البرهان» ج 1/549 ح 1، و [5]أخرجه في «البحار» ج 25/42 ح 17، و [6]صدره في ج 48/2 ح 2 عن «بصائر الدرجات» :440 ح 4، و [7]في ج 38/3 ح 3 عن «المحاسن» ج 2/314 ح 32. و أورده في «إثبات الوصية» :161. [8]

و عنه عن محمّد بن يحيى، و احمد بن محمد، عن محمد بن الحسين، عن احمد ابن الحسن (1)، عن المختار بن زياد (2)، عن محمّد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي بصير مثله.

2-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن موسى بن سعدان (3)عن عبد اللّه بن القاسم، عن الحسن بن راشد، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: إن اللّه تبارك و تعالى إذا أحبّ أن يخلق الإمام أمر ملكا فأخذ شربة من ماء تحت العرش، فيسقيها أباه، فمن ذلك يخلق الإمام، فيمكث أربعين يوما و ليلة في بطن امّه لا يسمع الصوت، ثم يسمع بعد ذلك الكلام، فإذا ولد بعث اللّه ذلك الملك فيكتب بين عينيه: وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَ هُوَ اَلسَّمِيعُ اَلْعَلِيمُ (4)فإذا مات (5)الامام الذي كان قبله رفع لهذا منار من نور ينظر به الى أعمال الخلائق (6)فبهذا يحتجّ اللّه على خلقه. (7)

3-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن حديد،

ص:227


1- 1) هو أحمد بن الحسن بن سعيد بن عثمان أبو عبد اللّه القرشي، له كتاب النوادر-رجال النجاشي ج 1 /235-.
2- 2) مختار بن زياد العبيدي البصري من أصحاب الجواد عليه السلام-ثقة-رجال الشيخ/406-.
3- 3) موسى بن سعدان الحنّاط (بالحاء المهملة و النون المشدّدة) أو الخيّاط (بالخاء المعجمة و الياء المشدّدة) الكوفي، ذكره الشيخ في رجاله برقم 37 من أصحاب الكاظم عليه السلام، و قال النجاشي: ضعيف في الحديث، له كتب كثيرة منها كتاب «الطرائف» ، و قال العلاّمة الحلّي في «الخلاصة» : روى عن أبي الحسن عليه السلام، ضعيف، في مذهبه غلوّ-رجال النجاشي ج 2/335-خلاصة العلاّمة: ص 126-. [1]
4- 4) الأنعام:115. [2]
5- 5) في المصدر: إذا مضى الإمام.
6- 6) في البحار: [3] رفع له منارا يبصر به أعمال العباد.
7- 7) الكافي ج 1/387 ح 2 و [4]عنه «البرهان» ج 1/550 ح 3 و [5]في ص 551 ح 8 عن تفسير القمي ج 1 /215، و [6]أخرجه في البحار ج 25/37 ح 3 [7]عن تفسير القمي و [8]في ص 39 ح 9 عن بصائر الدرجات:432 ح 5. [9]

عن منصور بن يونس (1)، عن يونس بن ظبيان (2)، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: إنّ عزّ و جلّ إذا أراد أن يخلق الإمام من الإمام بعث ملكا فأخذ شربة من ماء تحت العرش ثمّ أوقعها أو دفعها إلى الإمام فشربها، فيمكث في الرحم أربعين يوما لا يسمع الكلام، ثم يسمع الكلام بعد ذلك، فإذا وضعته امّه بعث اللّه إليه ذلك الملك الذي أخذ الشربة، فكتب على عضده الأيمن: وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ (3)فإذا قام بهذا الأمر رفع اللّه له في كلّ بلدة منارا ينظر به إلى أعمال العباد (4).

ص:228


1- 1) منصور بن يونس بزرج أبو يحيى الكوفي، ذكره الشيخ في أصحاب الصادق عليه السلام من رجاله برقم (534) ، و قال في أصحاب الكاظم عليه السلام برقم (21) : واقفيّ، و قال النجاشي في رجاله ج 2 ص 351 برقم (1101) : كوفي ثقة.
2- 2) يونس بن ظبيان الكوفي، ذكره الشيخ في أصحاب الصادق عليه السلام من رجاله برقم (46) و ضعّفه ابن الغضائري، و النجاشي في رجاله ج 2 ص 423 برقم (1211) .
3- 3) الأنعام:115. [1]
4- 4) الكافي ج 1/387 ح 3، و [2]عنه تأويل الآيات ج 1/165 ح 6، و نور الثقلين ج 1/760 ح 252، و [3]أخرجه في البحار ج 24/178 ح 9 [4]عن بصائر الدرجات:439 ح 5. [5]

الباب الثاني

انّه عليه السلام ابن الخيرتين

1-محمّد بن يعقوب، عن الحسين بن الحسن الحسيني (1)رحمه اللّه، و عليّ ابن محمّد بن عبد اللّه (2)جميعا، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر، عن عبد الرحمن ابن عبد اللّه الخزاعي (3)، عن نصر بن مزاحم (4)، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: لمّا أقدمت بنت يزدجرد على عمر أشرف لها

ص:229


1- 1) الحسين بن الحسن الحسيني، أبو عبد اللّه: مشترك بين الرازي و الجرجاني و لا يبعد اتحادهما، قال الشيخ في رجاله فيمن لم يرو عنهم عليهم السلام باب الحاء برقم (5) : الحسين بن الحسن الحسيني الاسود، فاضل، يكنّى أبا عبد اللّه رازي، و قال الأردبيلي في جامع الرواة ج 1/236 [1] بعد قول الشيخ فيه: عنه محمد بن يعقوب في الكافي [2]في باب الإشادة و النصّ على الحسن بن علي عليهما السلام، و في مولد أبي الحسن علي بن محمد عليهما السلام و في مولد علي بن الحسين عليهما السلام، و في باب النوادر في كتاب العلم، و روى الشيخ عن كتاب علي بن حاتم، عن أبي الحسن محمد بن عمرو عنه عن إبراهيم بن محمد الهمداني في زكاة الفطرة، من «التهذيب و الاستبصار» .
2- 2) عليّ بن محمّد بن عبد اللّه القمي، روى عنه الكليني في مواضع من الكافي، و [3]هو يروي عن إبراهيم الأحمر، و أحمد بن محمد بن خالد البرقي، و السيّاري، و يروي أيضا عن أبيه عن محمد بن عيسى- جامع الرواة ج 1/600-. [4]
3- 3) عبد الرحمن بن عبد اللّه الخزاعي، قال ابن أبي حاتم الرازي: روى حديث ذي القرنين، و روى عنه صفوان بن عمرو-الجرح و التعديل ج 5/249-.
4- 4) نصر بن مزاحم: بن سيّار المنقري الكوفي المؤرّخ المتوفّى سنة (212) ه-تاريخ بغداد ج 13/ 282-. [5]

عذارى (1)المدينة و أشرق المسجد بضوئها لمّا دخلته، فلمّا نظر إليها عمر غطّت وجهها، و قالت: أف بيروج (2)بادا هرمز فقال عمر: أ تشتمني هذه؟ و همّ بها (3)، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: ليس ذلك لك، خيّرها رجلا من المسلمين و أحسبها بفيئه، فخيّرها، فجاءت حتّى وضعت يدها على رأس الحسين عليه السلام، فقال لها أمير المؤمنين عليه السلام: ما اسمك؟ فقالت: جهانشاه، فقال لها أمير المؤمنين عليه السلام: بل شهربانويه (4)، ثم قال للحسين: يا أبا عبد اللّه لتلدنّ لك منها خير أهل الأرض، فولدت عليّ بن الحسين عليهما السلام، و كان يقال لعليّ بن الحسين عليه السلام: ابن الخيرتين، فخيرة اللّه من العرب هاشم، و من العجم فارس.

و روى أنّ أبا الأسود (5)الدؤلي قال فيه:

و إنّ غلاما بين كسرى و هاشم لأكرم من نيطت عليه التمائم (6)

ص:230


1- 1) العذارى (بفتح العين المهملة و الراء المهملة المفتوحة بعدها ألف مقصورة) جمع العذراء و هي البكر.
2- 2) أفّ: كلمة تضجّر، و «بيروج» معرّب بي روز، أي سوّد يوم هرمز و أساء الدهر إليه حيث صارت أولاده أسارى، و هرمز لقب بعض أجدادها.
3- 3) و همّ بها، أي أراد إيذائها أو اصطفائها لنفسه.
4- 4) لعلّه عليه السلام غير اسمها للسنّة، أو أنّه عليه السلام أخبر أنّه ليس اسمها جهانشاه، بل اسمها شهربانويه، و إنّما غيرته للمصلحة كما يدلّ عليه ما رواه صاحب «العدد القوية» [1] حيث قال: فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ما اسمك؟ فقالت: شاهزنان بنت كسرى، قال عليه السلام: أنت شهربانويه، و أختك مرواريد بنت كسرى. قالت: آري. انتهى-مرآة العقول ج 6/4-. [2]
5- 5) أبو الأسود الدؤلي: ظالم بن عمرو بن سفيان واضع النحو، ولد سنة (1) قبل الهجرة و توفي سنة (69) ه-بالبصرة-الأعلام ج 3/340-. [3]
6- 6) الكافي ج 1/466 ح 1، و [4]عنه البحار ج 46/9 ح 20 و [5]عن بصائر الدرجات ص 335 ح 8.

الباب الثالث

في أنه عليه السلام ينادى يوم القيامة: ليقم زين العابدين

1-ابن بابويه قال: حدّثنا محمّد بن عليّ ماجيلويه رضي اللّه عنه، قال:

حدّثنا محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري، قال: حدّثنا العبّاس بن المعروف، عن محمّد بن سهل البحراني (1)، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: ينادي مناد يوم القيامة: أين زين العابدين؟ فكأنّي أنظر إلى عليّ بن الحسين عليهما السلام يخطو بين الصفوف. (2)

2-و عنه قال: حدّثنا عبد اللّه بن النضر بن سمعان التميمي الخرقاني (3)، قال:

حدّثنا أبو القاسم جعفر بن محمّد المكّي قال: حدّثنا أبو الحسن عبد اللّه بن محمّد بن عمر الاطروش الحرّاني (4)، قال حدّثنا صالح بن زياد أبو سعيد الشوقي (5)،

ص:231


1- 1) محمّد بن سهل البحراني، روى الكشي في «رجاله» ص 424 بسند فيه من لم يوثّق أنّه قال له أبو جعفر عليه السلام: تولّ صفوان و محمد بن سنان فقد رضيت عنهما، و لعلّه يظهر منه أنّ له خصوصيّة معه عليه السلام-معجم الثقات ص 351 برقم 801-.
2- 2) علل الشرائع:230 ح 2 و [1]عنه البحار ج 46/3 ح 3. [2]
3- 3) عبد اللّه بن النضر بن سنان التميمي الخرقاني، كثيرا ما يروي الصدوق قدّس سرّه عنه في «العلل» و « [3]الخصال» و «المجالس» مترضّيا.
4- 4) في «الخصال» ج 1/269 في باب الخمسة ح 4: «الخراني» ، و في بعض النسخ المخطوطة: «الجراني» و على أيّ نحو لم يعرف كالسابق عليه و اللاحق به.
5- 5) في المصدر: الشوني «بالنون» .

قال: حدّثنا أبو عثمان عبد اللّه بن ميمون السكري (1)، قال: حدّثنا عبد اللّه بن معن الأزدي (2)قال: حدّثنا عمران بن سليم (3)، قال كان الزهري إذا حدّث عن عليّ بن الحسين قال: حدّثني زين العابدين عليّ بن الحسين عليه السلام فقال له سفيان بن عيينة: و لم تقول: زين العابدين؟ قال: لأنّي سمعت سعيد بن المسيّب يحدّث عن ابن عبّاس أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: إذا كان يوم القيامة ينادي مناد: أين زين العابدين؟ فكأنّي أنظر إلى ولدي عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب يخطو بين الصفوف. (4)

3-و عنه، بإسناده، عن عبد اللّه بن الفضل الهاشمي (5)، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، عن أبيه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إذا كان يوم القيامة نادى مناد أين زين العابدين؟ فكأنّي أنظر إلى ولدي عليّ بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام يخطو (6)بين الصفوف (7).

ص:232


1- 1) في «الخصال» : عبد بن ميمون السكوني.
2- 2) في المصدر: عبد اللّه بن معن الأودي «بالواو» .
3- 3) في «الخصال» : عمران بن سليمان.
4- 4) علل الشرائع:229 و [1]عنه البحار ج 46/2 ح 1. [2]
5- 5) عبد اللّه بن الفضل الهاشمي: قال الأردبيلي في «جامع الرواة» ج 1/500: [3] الظاهر أنه هو عبد اللّه بن الفضل بن عبد اللّه ببّه (بالباء الموحدة المفتوحة و الاخرى المفتوحة المشدّدة) ابن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطّلب أبو محمد النوفلي، روى عن الصادق عليه السلام، وثّقه النجاشي في رجاله ج 2/25، و العلاّمة في «الخلاصة» ص 111. و قال النجاشي: له كتاب رواه عنه ابن أبي عمير.
6- 6) في البحار و [4]بعض النسخ: يخطر بين الصفوف (بالراء المهملة) و قال في بيانه: يقال: يخطر في مشيته أي يتمايل و يمشي مشية المعجب.
7- 7) الأمالي للصدوق:272 ح 12، و [5]عنه بحار الأنوار ج 46/3 ح 2 [6] عن الطالقاني، عن أحمد الهمداني، عن المنذر بن محمّد، عن جعفر بن إسماعيل، عن عبد اللّه بن الفضل الهاشمي عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و ذكر نحوه. و عوالم الإمام السجّاد عليه السلام: ص 16 ح 2.

4-و من طريق المخالفين كمال الدين (1)بن طلحة الشافعي في «مطالب السئول» عن أبي الزبير محمّد بن مسلم المكّي، عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لجابر: يولد لا بني الحسين ابن يقال له: عليّ، إذا كان يوم القيامة نادى مناد: ليقم سيّد العابدين، فيقوم عليّ بن الحسين. (2)

ص:233


1- 1) كمال الدين محمد بن طلحة بن محمّد بن الحسن أبو سالم القرشي النصيبي العدوي الشافعي، من الوزراء الادباء الكتّاب، ولد بالعمرية «من قرى نصيبين» سنة (582) ، و توفّي بحلب سنة (652) ه-طبقات السبكي ج 5/26-. [1]
2- 2) «مطالب السئول» :81 ط طهران، و أخرجه في «البحار» ج 46/227 ح 9 [2]عن «كشف الغمّة» ج 2/119 [3] نقلا عن «مطالب السئول» . و روى الحديث جماعة من أعلام القوم: منهم العلاّمة ابن حجر الهيثمي في «الصواعق المحرقة» :199، و [4]العلاّمة مجد الدين بن الأثير الجزري في «المختار [5]في مناقب الأخيار» :30 نسخة مكتبة الظاهرية بدمشق. و العلاّمة الحافظ ابن حجر العسقلاني في «لسان الميزان» ج 5/168. و الحافظ الگنجي الشافعي في «كفاية الطالب» :299. و العلاّمة الحمزاوي في «مشارق الأنوار» :121. و العلاّمة ابن الصبّاغ المالكي في «الفصول المهمّة» :197. و الشبلنجي في «نور الأبصار» :192. [6]

ص:234

الباب الرابع

في إقباله عليه السلام على اللّه سبحانه و تعالى في العبادة

1-روي، عن عليّ بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه عليهما السلام قال: دخلت عليه طائفة من شيعة الكوفة، فقالوا: يا بن رسول اللّه كلّهم عبيد اللّه؟ فكيف سمّي جدّك عليّ بن الحسين زين العابدين؟ قال لهم الصادق عليه السلام: و يحكم أ ما سمعتم اللّه عزّ و جلّ يقول: هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اَللّهِ (1)و يقول: نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ (2)وَ لَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ اَلنَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ (3)فقالوا: بلى يا بن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، قال: فما أنكرتم؟ قالوا:

أحببنا أن نعلم ما سألنا عنه، قال: و يحكم إنّ إبليس ناجى ربّه فقال: ربّ إنّي قد رأيت العابدين لك من عبادك منذ أوّل الدهر إلى عهد عليّ بن الحسين عليه السلام فلم أر منهم أعبد لك و لا أخشع منه، فأذن لي يا إلهي أن أكيده و أبتليه لأعلم كيف صبره، فنهاه اللّه عنه فلم ينته، و تصوّر لعليّ بن الحسين عليه السلام و هو يصلّي في صورة أفعى لها عشرة أرؤس، محدّدة الأنياب، منقلبة الأعين بالحمرة، و طلع عليه من الأرض من موضع سجوده ثمّ تطاول في قبلته، فلم يرعه

ص:235


1- 1) آل عمران:163. [1]
2- 2) الأنعام:83- [2]يوسف:76. [3]
3- 3) الاسراء:55. [4]

ذلك، و لم يكسر طرفه إليه، فانخفض إلى الأرض إبليس في صورة الأفعى و قبض على أنامل رجلي عليّ بن الحسين عليهما السلام فأقبل يكدمهما (1)بأنيابه و ينفخ عليهما من نار جوفه، و كلّ ذاك لا يكسر طرفه إليه، و لا يحوّل قدميه عن مقامه، و لا يختلجه شكّ و لا وهم في صلاته و لا قراءته.

فلم يلبث إبليس لعنه اللّه حتى انقضّ عليه شهاب محرق من السماء فلمّا أحسّ به صرخ، و قام إلى جانب عليّ بن الحسين عليه السلام في صورته الاولى، ثم قال: يا سيّد العابدين كما سمّيت، و أنا إبليس و اللّه لقد شهدت عبادة النبيين و المرسلين من عهد أبيك إليك فما رأيت مثلك و لا مثل عبادتك، و لوددت أنّك استغفرت لي اللّه فإنّ اللّه كان يغفر لي، ثمّ تركه و ولّى و هو في صلاته و لا يشغله كلامه حتى قضى صلاته على تمامها (2).

2-و بهذا الإسناد إلى أبي عبد اللّه عليه السلام إنّ عليّ بن الحسين عليه السلام كان قائما في صلاته حتى زحف (3)ابنه محمّد عليه السلام إلى بئر كانت في داره بعيدة القعر فسقط فيها، فنظرت إليه امّه فصرخت و أقبلت تضرب بنفسها من حول البئر و تستغيث به و تقول: يا بن رسول اللّه غرق ابنك محمّد و هو يسمع قولها و لا ينثني عن صلاته، و هو يسمع اضطراب ابنه محمّد في قعر البئر في الماء، فلمّا أطال عليها ذلك قالت جزعا (4)على ابنها: ما أقسى قلوبكم يا أهل بيت النبوة؟ ! فأقبل على صلاته فلم يخرج عنها إلاّ عن كمالها، ثم أقبل عليها و قد جلس على البئر و مدّ يده إلى قعرها، و كانت لا تنال إلاّ برشاء طويل، و أخرج ابنه محمّدا

ص:236


1- 1) كدمه: عضّه.
2- 2) هداية الحضيني:45 مخطوط، و أخرج قطعة منه المؤلّف قدّس سرّه في «مدينة المعاجز» :293 [1]عن «دلائل الإمامة» :83، و [2]الأنوار و هداية الحضيني و أخرج قطعة منه في البحار ج 46/58 ح 11 و [3]عوالم السجّاد عليه السلام:129 عن المناقب. [4]
3- 3) زحف يزحف بفتح الحاء المهملة في الماضي و المضارع: دبّ على ركبتيه قليلا قليلا.
4- 4) في البحار: [5] حزنا على ولدها.

على يده يناغي (1)و يضحك، و لم يبتلّ له ثوب و لا جسد، فقال: هاك يا ضعيفة اليقين باللّه، فضحكت لسلامة ابنها، و بكت لقوله: يا ضعيفة اليقين، فقال: لا تثريب عليك أ ما علمت أنّي كنت بين يدي جبّار لو ملت بوجهي عنه لمال بوجهه، أ فمن ترين راحمي بعده (2)؟ (3)

3-كمال الدين بن طلحة الشافعي من رجال العامّة في كتاب «مطالب السئول» قيل: كان سبب لقبه بزين العابدين عليه السلام أنّه كان ليلة في محرابه قائما في تهجّده فتمثّل له الشيطان في صورة ثعبان ليشغله عن عبادة ربّه فلم يلتفت إليه، فجاء إلى إبهام رجليه فآلمه فلم يقطع صلاته، فلمّا فرغ منها و قد كشف اللّه فعلم أنّه شيطان فسبّه و لعنه و قال: اخسأ يا ملعون، فذهب و قام إلى إتمام ورده، فسمع صوتا، و لا يرى قائله، و هو يقول: أنت زين العابدين-ثلاثا-فظهرت هذه الكرامة و اشتهرت لقبا له.

ثم قال أبو طلحة العامي: إنّه كان إذا مشى لا يجاوز يده فخذه و لا يخطر بيده و عليه السكينة و الوقار و الخشوع، و إذا قام إلى الصلاة أخذته الرعدة، و يقول: اريد أن أقوم بين يدي ربيّ و اناجيه فلهذا تأخذني الرعدة (4).

4-و وقع الحريق و النار في البيت الذي هو فيه، و كان ساجدا في صلاته، فجعلوا يقولون: يا بن رسول اللّه النار يا بن رسول اللّه النار، فما رفع رأسه من السجود حتى اطفيت، فقيل له: يا بن رسول اللّه ما الذي ألهاك عنها؟ فقال: نار

ص:237


1- 1) يناغي: يلاطف و يلاعب.
2- 2) في البحار: [1] أ فمن يرى راحما بعده، و في «العدد القوية» : [2] أ فمن ترى أرحم لعبده منه.
3- 3) هداية الحضيني:45 مخطوط، و عنه «عوالم» الإمام السجّاد عليه السلام:75 ح 1 و عن المناقب لابن شهر اشوب ج 4/135 و [3]العدد القوية:62 ح 82 و [4]في مدينة المعاجز [5]للمؤلّف قدّس سرّه: 293 عن الهداية و [6]المناقب و [7]دلائل الإمامة:83، و [8]أخرجه في البحار ج 46/34 ح 29 و 30 [9]عن المناقب و [10]العدد القوية و [11]في مستدرك الوسائل ج 4/97 ح 11 [12]عن الهداية و [13]المناقب و [14]البحار. [15]
4- 4) مطالب السئول:77، و أخرجه في «البحار» ج 46/5 ح 6، و [16]عوالم الإمام السجّاد:17 ح 4 عن كشف الغمّة ج 2/74 [17] نقلا عن مطالب السئول.

الآخرة (1).

5-و من طريق المخالفين أيضا من الجزء الثاني من كتاب «حلية الأبرار» لأبي نعيم في آخر الجزء قال: عن العتبي (2)عن أبيه، قال: كان عليّ بن الحسين عليه السلام إذا فرغ من وضوئه لصلاته أخذته رعدة و نفضة (3)، فقيل له في ذلك:

فقال: أ تدرون إلى من أقوم؟ و من اريد أن اناجي (4)؟

ص:238


1- 1) روى الحكاية جمع من أعلام القوم: منهم ابن طلحة الشافعي في «مطالب السئول» :77. و العلاّمة الحمزاوي في «مشارق الأنوار» :119. و العلاّمة الخواجه پارسا في «فصل الخطاب» على ما في «الينابيع» :377. و العلاّمة اليافعي الشافعي في «روض الرياحين» :55. و العلاّمة عبد الرءوف المناوي في «الكواكب الدرية» ج 1/139. و العلاّمة ابن الصبّان المالكي في «إسعاف الراغبين» المطبوع بهامش نور الأبصار:239. - [1]ملحقات الإحقاق ج 12/32-.
2- 2) العتبي: محمّد بن عبيد اللّه بن عمرو، أبو عبد الرحمن الاموي، من بني عتبة بن أبي سفيان البصري الأديب، كثير الأخبار، توفّي بالبصرة سنة (228) ه-تاريخ بغداد ج 2/324-. [2]
3- 3) النفضة (بضمّ النون و فتح الفاء و الضاد المعجمة) : رعدة الحمّى.
4- 4) حلية الأولياء ج 3/133، و أخرجه في البحار ج 46/78 ح 75 و [3]عوالم الإمام السجّاد عليه السلام:126 ح 2 عن المناقب لابن شهر اشوب ج 3/148 [4] نقلا عن حلية الأولياء. روى الحديث بتفاوت يسير جماعة من أعلام القوم: منهم العلاّمة ابن حجر المكّي الهيثمي في «الزواجر» ج 1/15. روى الحديث بعين ما روى أبو نعيم في «الحلية» [5] لكنّه أسقط كلمة: «و نفضة» . و منهم العلاّمة الزبيدي في «إتحاف السادة المتّقين» ج 9/251، [6] روى الحديث نقلا عن «حلية الأولياء» . و منهم العلاّمة اليافعي الشافعي في «مرآة الجنان» ج 1/191 [7] قال: و إذا قام إلى الصلاة أخذته رعدة، فقيل له: مالك؟ فقال: ما تدرون بين يدي من أقوم، و كان إذا هاجت الريح سقط مغشيّا عليه. و منهم العلاّمة ابن طلحة الشافعي في «مطالب السئول» :77.

6-المفيد في «إرشاده» قال: روى محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا عبد اللّه بن محمّد القرشي، قال: كان عليّ بن الحسين عليه السلام إذا توضّأ اصفرّ لونه فيقول له أهله: ما هذا الذي يغشاك؟ فيقول: أ تدرون لمن أتأهب للقيام بين يديه (1).

7-قال المفيد: و روى عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان عليّ بن الحسين عليه السلام يصلّي في اليوم و الليلة ألف ركعة، و كانت الريح تميله بمنزلة السنبلة (2).

ص:239


1- 1) «الإرشاد» للمفيد:25 [1]6، و عنه البحار ج 46/73 ح 6 [2]1، و عوالم الإمام السجّاد عليه السلام: 126 ح 1، و عن إعلام الورى [3] 153 مرسلا روى ال [4]حديث جمع من [5] أعلام القوم: منهم الشعراني في «الطبقات الكبرى» ج 1/27 قال: كان عليّ بن الحسين عليهما السلام إذا توضّأ اصفرّ وجهه، فيقول له أهله: ما هذا الذي يعتادك عند الوضوء، فيقول: أ تدرون بين يدي من اريد أن أقوم. و منهم ابن طلحة الشافعي في «مطالب السئول» :77، روى الحديث بعين ما تقدّم عن «الطبقات» . و منهم ابن حجر الهيثمي في «الصواعق المحرقة» :119. و العلاّمة القرماني في «أخبار الدول و آثار الاول» :109. و العلاّمة الذهبي في «تاريخ الإسلام» ج 4/35. و حجّة الإسلام الغزالي في «مكاشفة القلوب» :35 بعين ما تقدم عن طبقات الشعراني، إلاّ أنّه ذكر بدل كلمة: «وجهه» : لونه، و بدل كلمة: «يعتادك» : يعتريك. و الحافظ الگنجي الشافعي في «كفاية الطالب» :300.
2- 2) إرشاد المفيد:256-و عنه البحار ج 46/74 ح 63، و عوالم [6]الإمام السجّاد عليه السلام:126 ح 1 و عن إعلام الورى:255 و أخرجه في الوسائل عن الارشاد أيضا 1/68 ح 19 و ج 3/72 ح 3، و روى جماعة من أعلام القوم أيضا حديث صلاته عليه السلام في اليوم و الليلة ألف ركعة، و إليك أسماء بعضهم: منهم الحافظ الذهبي في «تذكرة الحفاظ» ج 1/75 قال: و قال مالك: بلغني أنّه (أي علي بن الحسين عليه السلام) كان يصلّي في اليوم و الليلة ألف ركعة إلى أن مات.

8-محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، و أبي داود (1)جميعا عن الحسين بن سعيد، عن عليّ بن أبي جهمة (2)، عن جهم بن حميد 3، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان أبي يقول: كان عليّ بن الحسين عليهما السلام إذا قام إلى الصلاة كأنّه ساق شجرة لا يتحرّك منه شيء إلاّ ما حرّكت الريح منه 4.

9-و عنه، عن محمّد بن إسماعيل 5، عن الفضل بن شاذان، عن حمّاد بن

ص:240


1- 1) أبو داود: قال الأردبيلي في «جامع الرواة» ج 2/383: و قد روى محمّد بن يعقوب عن أبي داود عن الحسين بن سعيد، و ليس بالمسترق (سليمان بن سفيان) قطعا، و إلى الآن لم يتبيّن لي من هو فتدبّر. «مح» .
2- 2) علي بن أبي جهمة: كوفي، مولى، وثقه النجاشي في «الرجال» ج 2/11 [1]0 و العلاّمة في «الخلاصة» ص 102.

عيسى، عن ربعي بن عبد اللّه، عن الفضيل بن يسار، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان عليّ بن الحسين صلوات اللّه عليه إذا قام في الصلاة تغيّر لونه فإذا سجد لم يرفع رأسه حتى يرفض عرقا (1).

10-ابن بابويه، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه اللّه قال: حدّثنا محمد بن الحسن الصفّار، عن علي بن إسماعيل، عن محمّد بن عمرو (2)، عن أبيه، عن عليّ بن المغيرة، عن أبان بن تغلب، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: إنّي رأيت عليّ بن الحسين عليه السلام إذا قام في الصلاة غشي لونه لون آخر، فقال لي: و اللّه إنّ عليّ بن الحسين كان يعرف الذي يقوم بين يديه (3).

ص:241


1- 1) الكافي ج 3/300 ح 5 و عنه البحار ج 46/64 ح 23 و عوالم الإمام السجّاد ص 128 ح 4 و في الوسائل ج 4/685 ح 3 عنه و عن التهذيب ج 2/286 ح 1.
2- 2) هو محمد بن عمرو بن سعي [1]د الزيّات المدائني، روى عن الامام [2] الرضا عليه السلام، وثقه النجاشي في «الرجال» ج 2/275 برقم (1002) [3] و أبوه عمرو بن سعيد المدائني أيضا ثقة، روى عن الإمام الرضا عليه السلام كما قال النجاشي في ج 2/133 برقم (765) .
3- 3) علل الشرائع:231 ح 7 و عنه بحار الأنوار ج 46/66 ح 30، و عوالم الإمام السجّاد عليه السلام:128 ح 6، و الوسائل ج 4/285 ح 4.

11-و عنه قال: حدّثنا محمّد بن الحسن رضي اللّه عنه، قال: حدّثنا الحسين بن الحسن بن أبان (1)، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسى، قال:

حدّثني بعض أصحابنا عن أبي حمزة الثمالي، قال: رأيت عليّ بن الحسين عليه السلام يصلّي فسقط رداؤه عن أحد منكبيه قال فلم يسوّه حتى فرغ من صلاته، قال: فسألته عن ذلك فقال: ويحك أ تدري بين يدي من كنت؟ إنّ العبد لا يقبل من صلاته إلاّ ما أقبل عليه منها بقبله.

و كان عليّ بن الحسين عليهما السلام ليخرج في الليلة الظلماء فيحمل الجراب، فيه الضرر من الدراهم و الدنانير حتى يأتي بابا بابا فيقرعه ثم يناول من يخرج إليه فلمّا مات عليّ بن الحسين عليهما السلام فقدوا ذلك، فعلموا أنّ عليّ بن الحسين عليهما السلام الذي كان يفعل ذلك (2).

12-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، و محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعا عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج، و حفص بن البختري، و سلمة بيّاع السابري، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان عليّ بن الحسين عليهما السلام إذا أتاه كتاب عليّ فنظر فيه قال:

من يطيق هذا، من يطيق ذا؟ قال: ثم يعمل به، و كان إذا قام إلى الصلاة تغيّر لونه حتّى يعرف ذلك في وجهه، و ما أطاق أحد عمل عليّ عليه السلام من بعده

ص:242


1- 1) الحسين بن الحسن بن أبان، روى عن الحسين بن سعيد الأهوازي كتبه كلّها أدرك الإمام العسكري عليه السلام و أما روايته عنه فلم يعلم، قال الأردبيلي: و كثيرا ما يسمّي العلاّمة الحديث صحيحا و هو في طريقه، و قد صرّح ابن داود في رجاله ص 499 بتوثيقه في ترجمة محمد بن اورمة و نقل التوثيق عن الشيخ في «الرجال» و لكن الموجود في النسخة المطبوعة ص 512 ذكره من غير توثيق، و قد نقل في «التنقيح» ج 1/323 [1] تصحيح حديثه عن الشهيد في «الذكرى» و العلاّمة في كتبه-معجم الثقات:39 برقم (250) -.
2- 2) علل الشرائع:231 ح 8، و [2]عنه بحار الأنوار ج 46/66 ح 28، و [3]عوالم الإمام السجّاد عليه السلام:106 ح 2. و يأتي إن شاء اللّه ذيله في الباب السابع في جوده عليه السلام ح 10 عن الكافي ج 1/468. [4]

إلاّ عليّ بن الحسين عليهما السلام (1).

13-و عن جعفر بن محمّد الصادق (2)عليهما السلام قال: كان أبي عليّ بن الحسين رضي اللّه عنه إذا حضرت الصلاة يقشعرّ جلده، و يصفرّ لونه، و ترتعد فرائصه، و يقف تحت السماء و دموعه على خدّيه و هو يقول: لو علم العبد من يناجي ما انفتل (3).

و لقد برز يوما إلى الصحراء فتبعه مولى له، فوجده و قد سجد على حجارة خشنة.

قال مولاه: فوقفت و أنا أسمع شهيقه و بكائه فأحصيت ألف مرّة و هو يقول: لا إله إلاّ اللّه تعبّدا ورقا، لا إله إلاّ اللّه إيمانا و صدقا، ثمّ رفع من سجوده و إنّ وجهه و لحيته قد غمرا بالتراب (4)، و دموع عينيه منحدرة على خدّيه، فقال له مولاه: أ ما آن لحزنك أن ينقضي، و لبكائك أن يقلّ؟ فقال: إنّ يعقوب بن إسحاق ابن إبراهيم عليه السلام كان نبيّا ابن نبيّ، كان له أحد (5)عشر ابنا فغيّب اللّه واحدا منهم فشاب رأسه من الحزن، و احدودب (6)ظهره من الحزن، و ذهب بصره

ص:243


1- 1) الكافي ج 8/163 ح 172 و [1]قد تقدم في المنهج الثاني الباب «20» ح 6.
2- 2) الظاهر أنّ الصواب: عن أبي جعفر محمّد الباقر عليه السلام.
3- 3) ذكره العلاّمة الخوارزمي في «مقتل الحسين عليه السلام» ج 2/124 [2] عن سيف الدين أبي جعفر محمد بن عمر بن علي، عن أبي الحسن زيد بن الحسن بن علي البيهقي، عن علي بن محمد بن جعفر الأسترآبادي، عن أبي جعفر محمد بن جعفر بن علي الحسني، عن أبي طالب يحيى بن الحسين، عن أبي العبّاس الحسني عن محمد بن جعفر القزاداني، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن حنّان بن سدير، عن أبيه عن أبي جعفر محمّد بن علي الباقر عليهما السلام قال: كان أبي. . .
4- 4) في المصدر الآتي: قد غمرا بالماء من دموع عينيه.
5- 5) في المصدر الآتي: و له اثنا عشر ابنا.
6- 6) احدودب الرجل: خرج ظهره و دخل صدره و بطنه.

من البكاء، و ابنه حيّ في دار الدنيا و أنا رأيت أبي و أخي و سبعة عشر (1)من أهلي مقتولين صرعى، فكيف ينقضي حزني و يقل بكائي (2).

ص:244


1- 1) في المصدر الآتي: و سبعة و عشرين من أهل بيتي صرعى مقتولين.
2- 2) «وسيلة المآل» للعلاّمة با كثير الحضرمي ص 313 نسخة مكتبة الظاهرية بدمشق-ملحقات الإحقاق ج 12/26-.

الباب الخامس

في أنّه عليه السلام السجّاد و ذو الثفنات

1-ابن بابويه، قال: حدّثنا محمّد بن محمّد بن عصام الكليني (1)، قال:

حدّثنا محمّد بن يعقوب الكليني رضي اللّه عنه قال: حدّثنا الحسين بن الحسن الحسيني، و عليّ بن محمّد بن عبد اللّه جميعا، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر، عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه الخزاعي، عن نصر بن مزاحم المنقري، عن عمرو ابن شمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: قال أبو جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليهما السلام: إن أبي عليّ بن الحسين عليهما السلام ما ذكر نعمة للّه عليه إلاّ سجد، و لا قرأ آية من كتاب اللّه عزّ و جلّ فيها سجود إلاّ سجد. و لا دفع اللّه عزّ و جلّ عنه سوءا يخشاه، أو كيد كائد إلاّ سجد، و لا فرغ من صلاة مفروضة إلاّ

ص:245


1- 1) هو من شيوخ الصدوق قدّس سرّه روى عنه الكافي للكليني، كما قال في «المشيخة» : ما كان فيه عن محمّد بن يعقوب الكليني رحمه اللّه فقد رويته عن محمّد بن محمّد بن عصام الكليني، و علي بن أحمد بن موسى، و محمد بن أحمد الشيباني رضي اللّه عنهم عن الكليني، و كذلك جميع كتاب الكافي قد رويته عنهم عن رجاله. قال القهپائي: اعلم أنّ للشيخ الجليل الصدوق قدّس اللّه رمسه شيوخ الإجازة الذين يذكرهم في أوائل أسانيده، و ما ذكر في كتب الرجال في أكثرهم مدح و لا ذم بل قال هو طاب ثراه فيهم: رضي اللّه عنه، و رحمه اللّه، و التزم هكذا كلما ذكرهم و قد علمت أنّ جهالتهم في أحوالهم لا تضرّ في السند (لأنّ الترضية و الرحمة عندهم عديل التوثيق) -مجمع الرجال ج 7/219-.

سجد، و لا وفّق لإصلاح بين اثنين إلاّ سجد، و كان أثر السجود في جميع مواضع سجوده، فسمّي السجّاد لذلك (1).

2-و عنه، حدّثنا محمّد بن محمّد بن عصام الكليني رضي اللّه عنه قال:

حدّثنا محمّد بن يعقوب الكليني، قال: حدّثنا عليّ بن محمّد، عن أبي عليّ محمّد (2)ابن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام عن أبيه، عن آبائه، عن محمّد بن عليّ الباقر عليهما السلام قال:

كان لأبي عليه السلام في موضع سجوده آثار ناتئة، و كان يقطعها في السنة مرّتين، في كلّ مرة خمس ثفنات، فسمّي ذا الثفنات لذلك (3).

ص:246


1- 1) علل الشرائع:232 ح 1، و [1]عنه البحار ج 46/6 ح 11، و [2]عوالم الإمام السجّاد عليه السلام: 18 ح 1 و عن المناقب لابن شهر اشوب ج 4/167، و [3]ذيله في الوسائل ج 4/977 ح 2. [4]
2- 2) أبو علي محمّد بن إسماعيل بن موسى بن جعفر عليهما السلام: و الصواب أنّه محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم بن موسى الكاظم عليه السلام كما قال الأردبيلي في «جامع الرواة» ج 2/68. و كان محدّثا ببغداد معروفا بالشريف كما في «الفخري في أنساب الطالبيّين» [5] لإسماعيل بن الحسين المروزي المتوفّى (614) ه ص 13. و كان أسنّ شيخ من ولد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بالعراق فقال: رأيته أي الصاحب عليه السلام بين المسجدين و هو غلام، كما قال الأردبيلي في «جامع الرواة» ج 2/77. و قال التستري في «قاموس الرجال» ج 8/57: عنونه الخطيب (البغدادي) و روى عن ابن عقدة روايته عن عمّي أبيه: (عبد اللّه و الحسن) .
3- 3) علل الشرائع:233 ح 1، و [6]معاني الأخبار:65 في قطعة من ح 17، و عنهما البحار ج 46/6 ح 12، و [7]عوالم الإمام السجّاد عليه السلام:19 ح 1 و الوسائل ج 4/977 ح 2. و روى أعلام القوم أيضا وجه تلقّبه عليه السلام بذي الثفنات: كالقلقشندي المتوفى (821) في «صبح الأعشى» ج 1/452، و ابن طلحة الشافعي في «مطالب السئول» ص 77، و ابن الجوزي في «سلوة الأحزان» ص 140.

الباب السادس

في عبادته عليه السلام

1-الشيخ في «مجالسه» قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد بن جعفر بن حسن العلوي الحسني، قال: حدّثنا أبو نصر أحمد بن عبد المنعم بن نصر الصيداوي (1)، قال: حدّثنا حسين بن شدّاد الجعفي، عن أبيه شدّاد بن رشيد، عن عمرو بن عبد اللّه بن هند الحملي (2)، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السلام أنّ فاطمة بنت عليّ بن أبي طالب عليه السلام لمّا نظرت إلى ما يفعل ابن أخيها عليّ بن الحسين بنفسه من الدأب في العبادة (3)أتت جابر بن عبد اللّه بن عمرو بن حزام الأنصاري، فقالت له: يا صاحب رسول اللّه إنّ لنا عليكم حقوقا، من حقّنا عليكم أن إذا رأيتم أحدنا يهلك نفسه اجتهادا أن تذكّروه اللّه و تدعوه إلى البقيا على نفسه، و هذا عليّ بن الحسين بقية أبيه الحسين عليهما السلام قد انخرم أنفه، و ثفنت جبهته و ركبتاه

ص:247


1- 1) أبو نصر أحمد بن عبد المنعم الصيداوي: لم يعلم حاله إلاّ أنّ الشيخ في «المجالس» روى عن أبي المفضل عن جعفر بن محمد العلوي عنه عن ابن بكير، و حمّاد بن عثمان، و عمرو بن شمر، و حسين ابن شدّاد، و محمد بن جعفر بن محمد عليهما السلام أحاديث جيدة.
2- 2) و في بعض النسخ: «الجملي» بالجيم، و على أيّ نحو لم أظفر على ترجمته كسابقه.
3- 3) دأب في العمل: جدّ و تعب.

و راحتاه، إدآبا (1)منه لنفسه في العبادة.

فأتى جابر بن عبد اللّه باب عليّ بن الحسين، و بالباب أبو جعفر محمّد بن عليّ عليهما السلام في اغيلمة من بني هاشم قد اجتمعوا هناك، فنظر جابر إليه مقبلا فقال: هذه مشية رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و سجيّته، فمن أنت يا غلام، قال: فقال: أنا محمّد بن عليّ بن الحسين، فبكى جابر رضي اللّه عنه، ثم قال: أنت و اللّه الباقر عن العلم حقّا ادن منّي بأبي أنت، فدنا منه فحلّ جابر أزراره و وضع يده على صدره فقبّله و جعل عليه خدّه و وجهه و قال له: أقرئك عن جدّك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم السلام، و قد أمرني أن أفعل بك ما فعلت و قال لي: يوشك أن تعيش و تبقى حتّى تلقى من ولدي من اسمه محمّد يبقر العلم بقرا، و قال لي: إنّك تبقى حتّى تعمى ثم يكشف لك عن بصرك.

ثم قال: ائذن لي على أبيك، فدخل أبو جعفر على أبيه فأخبره الخبر، و قال: إنّ شيخا بالباب و قد فعل بي كيت كيت، فقال: يا بنيّ ذلك جابر بن عبد اللّه، ثمّ قال: أمن بين ولدان أهلك قال لك ما قال، و فعل بك ما فعل؟ قال: نعم، قال: إنا للّه لم يقصدك فيه بسوء، و لقد أشاط (2)بدمك.

ثمّ أذن لجابر فدخل عليه فوجده في محرابه قد أنضته (3)العبادة فنهض عليّ عليه السلام فسأله عن حاله سؤالا خفيا، ثمّ أجلسه جنبه، فأقبل جابر عليه يقول: يا بن رسول اللّه أ ما علمت أنّ اللّه تعالى إنّما خلق الجنّة لكم و لمن أحبّكم، و خلق النار لمن أبغضكم و عاداكم، فما هذا الجهد الذي كلّفته نفسك؟ قال له عليّ بن الحسين عليهما السلام: يا صاحب رسول اللّه أ ما علمت أنّ جدّي رسول اللّه قد غفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر فلم يدع الاجتهاد له، و تعبّد بأبي هو و امّي حتّى انتفخ الساق و ورم القدم، و قيل له أ تفعل هذا و قد غفر اللّه لك ما تقدّم

ص:248


1- 1) الإدآب: الإتعاب.
2- 2) أشاط بدمه: عرّضه للقتل.
3- 3) أنضته العبادة: هزلته.

من ذنبك و ما تأخّر؟ قال: أ فلا أكون عبدا شكورا؟ .

فلمّا نظر جابر إلى عليّ بن الحسين عليهما السلام و ليس يغني فيه قول من يستميله من الجهد و التعب إلى القصد، قال له: يا بن رسول اللّه البقيا (1)على نفسك، فإنّك لمن اسرة بهم يستدفع البلاء، و يسأل كشف اللأواء (2)، و بهم يستمطر السماء، فقال: يا جابر لا أزال على منهاج أبوي تأسّيا بهما صلوات اللّه عليهما حتى ألقاهما.

فأقبل جابر على من حضر فقال لهم: و اللّه ما أرى في أولاد الأنبياء بمثل عليّ بن الحسين إلاّ يوسف بن يعقوب عليهم السلام و اللّه لذريّة عليّ بن الحسين أفضل من ذريّة يوسف بن يعقوب، إنّ منهم لمن يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا (3).

2-المفيد في «ارشاده» قال: أخبرني أبو محمّد الأنصاري (4)، قال:

ص:249


1- 1) البقيا (بضمّ الباء الموحّدة و سكون القاف) : ما بقي، البقيّة، و المراد هنا: ارحم على نفسك و اشفق عليها.
2- 2) اللأواء (بفتح اللام و سكون الهمزة) : المحنة و الشدّة و الضيق، و في الدعاء: «اللهمّ اصرف عنّي الأزل و اللأواء) . و قد يجيء بمعنى القحط-مجمع البحرين-.
3- 3) أمالي الطوسي ج 2/249، و [1]عنه بحار الأنوار ج 46/60 ح 18، و [2]في ص 78 عن المناقب لابن شهر اشوب ج 4/148 [3] مختصرا، و عنهما عوالم الإمام السجاد عليه السلام:103 ح 8 و يأتي إن شاء اللّه تعالى صدره في الباب الثاني من المنهج السادس ح 9.
4- 4) في المصدر كما في البحار [4]عنه: أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى، عن جدّه، عن أبي محمد الأنصاري. . . و أبو محمد الحسن هو ابن محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد اللّه بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، كان معروفا بابن أخي طاهر، روى عنه التلعكبري، و سمع منه سنة (327) ه الى سنة (355) ه، و له منه إجازة، و سمع منه المفيد أيضا و روى عنه في إرشاده [5]كثيرا و عبر عنه بالشريف الفاضل، و يروي عنه الصدوق في كتبه أحاديث كثيرة مترضيا، و يظهر من إكماله ص 300 أنّه استجاز منه فأجاز له، توفّي سنة (358) . و أما جدّه الذي روى عنه فهو يحيى بن الحسن بن جعفر، أبو الحسين العالم الفاضل الصدوق روى عن الامام الرضا عليه السلام، صنّف كتبا منها: كتاب نسب آل أبي طالب، و هو أوّل من

حدّثني محمّد بن ميمون البزّاز، قال: حدّثنا الحسين بن علوان، عن أبي عليّ بن زياد بن رستم، عن سعيد بن كلثوم (1)، قال: كنت عند الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام فذكر أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فأطراه، و مدحه بما هو أهله ثم قال: و اللّه ما أكل عليّ بن أبي طالب عليه السلام من الدنيا حراما قطّ حتّى مضى لسبيله، و ما عرض له أمران فظنّ أنّهما رضى للّه إلاّ أخذ بأشدّهما عليه في دينه، و ما نزلت معه برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم نازلة إلاّ دعاه ثقة به، و ما أطاق عمل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من هذه الامة غيره، و أنّه كان يعمل عمل رجل كأنّ وجهه بين الجنّة و النار، يرجو ثواب هذه و يخاف عقاب هذه، و لقد أعتق من ماله ألف مملوك في طلب وجه اللّه و النجاة من النار ممّا كدّ بيده و رشح منه جبينه، و أنّه كان ليقوت أهله بالزيت و الخلّ و العجوة (2)، و ما كان لباسه إلاّ الكرابيس. إذا فضل شيء من يده من كمّه دعا بالجلم (3)فقصّه، و ما أشبهه من ولده و لا أهل بيته أحد أقرب شبها به في لباسه و فقهه من عليّ بن الحسين عليهما السلام، و لقد دخل أبو جعفر ابنه عليه فإذا هو قد بلغ من عبادته ما لم يبلغه أحد، فرآه قد اصفرّ لونه من السهر، و رمضت (4)عيناه من البكاء،

ص:250


1- 1) قال الزنجاني في «جامع الرجال» :868: سعيد بن كلثوم وقع في طريق المفيد في «الإرشاد» يروي عن الصادق عليه السلام، حديثه جيّد أظنّ فيه الصلاح.
2- 2) العجوة (بفتح العين المهملة و سكون الجيم) : التمر المحشيّ في وعائه.
3- 3) الجلم (بفتح الجيم و اللام) : آلة كالمقصّ لقطع الصوف.
4- 4) رمضت: احترقت.

و دبرت (1)جبهته، و انخرم أنفه من السجود، و ورمت ساقاه و قدماه من القيام إلى الصلاة.

فقال أبو جعفر عليه السلام: فلم أملك حين رأيته بتلك الحال من البكاء فبكيت رحمة عليه و إذا هو يفكّر فالتفت بعد هنيئة من دخولي فقال: يا بنيّ أعطني بعض تلك الصحف التي فيها عبادة عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فأعطيته، فقرأ فيها شيئا يسيرا، ثمّ تركها من يده تضجّرا و قال: من يقوى على عبادة علي عليه السلام (2).

و رواه أبو علي الطبرسي في «إعلام الورى» عن الحسين بن علوان، عن أبي عليّ زياد بن رستم، قال: كنت عند الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام و ذكر أمير المؤمنين عليه السلام و ذكر الحديث (3).

3-ابن بابويه قال: حدّثنا عليّ بن أحمد بن محمّد رضي اللّه عنه قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبد اللّه الكوفي (4)، قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل البرمكي (5)، قال:

حدّثنا الحسين بن الهيثم، قال: حدّثنا عبّاد بن يعقوب، قال: حدّثنا الحسن بن

ص:251


1- 1) دبر (بكسر الباء الموحدة) : قرح.
2- 2) الإرشاد للمفيد:255. [1]
3- 3) إعلام الورى:254. [2] تقدّم الحديث في الباب السادس و العشرين من المنهج الثاني ح 15 و له تخريجات ذكرناها هناك.
4- 4) هو محمّد بن جعفر بن محمد بن عون الأسدي الكوفي، ساكن الري، يقال له: محمّد بن أبي عبد اللّه، وثقه النجاشي في ج 2/284 برقم (1021) . و قال الشيخ في باب من لم يرو عنهم عليهم السلام من رجاله برقم (28) : و كان أحد الأبواب، و قال في كتاب «الغيبة» : و قد كان في زمان السفراء المحمودين أقواما ثقات ترد عليهم التوقيعات من قبل المنصوبين للسفارة من الأصل منهم أبو الحسين محمد بن جعفر الأسدي رحمهم اللّه، ثمّ ذكر عدّة روايات متعلّقة بذلك، و قال: و مات الأسدي على ظاهر العدالة لم يتغيّر و لم يطعن عليه في شهر ربيع الآخر سنة (312) ه.
5- 5) هو محمد بن إسماعيل بن أحمد بن بشير البرمكي المعروف بصاحب الصومعة، أبو عبد اللّه، سكن قم، وثّقه النجاشي و قال: كان ثقة مستقيما، له كتب منها: كتاب التوحيد. - [3]رجال النجاشي ج /230.

عليّ بن أبي حمزة، عن أبيه، قال: سألت مولاة لعليّ بن الحسين عليهما السلام بعد موته فقلت: صفي لي امور عليّ بن الحسين عليهما السلام فقالت: اطنب أو أختصر؟ فقلت اختصري، قالت: ما أتيته بطعام نهارا قطّ، و لا فرشت له فراشا بليل قطّ (1).

4-و عنه، حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي رضي اللّه عنه قال:

حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه قال: حدّثنا محمّد بن حاتم قال:

حدّثنا أبو معمر (2)إسماعيل بن إبراهيم بن معمر، قال: حدّثنا عبد العزيز بن أبي حازم (3)قال: سمعت أبا حازم يقول: ما رأيت هاشميّا أفضل من عليّ بن الحسين عليهما السلام، و كان عليه السلام يصلّي في اليوم و الليلة ألف ركعة حتّى خرج بجبهته و آثار سجوده مثل كركرة (4)البعير (5).

5-المفيد في «إرشاده» قال: أخبرني أبو محمّد الحسن بن محمّد، عن جدّه، عن سلمة بن شبيب (6)، عن عبد اللّه بن محمّد التيمي (7)، قال: سمعت شيخا من عبد القيس، يقول: قال طاوس 8: دخلت الحجر في الليل فإذا عليّ بن

ص:252


1- 1) علل الشرائع:232 ح 9 و [1]عنه البحار ج 46/67 ح 33 و [2]عوالم الإمام السجّاد عليه السلام:101 ح 2، و الوسائل ج 1/66 ح 13. [3]
2- 2) أبو معمر إسماعيل بن إبراهيم بن معمر بن الحسن الهذلي القطيعي الهروي نزيل بغداد، توفي سنة (236) -طبقات الحفّاظ للسيوطي:205-.
3- 3) عبد العزيز بن أبي حازم سلمة بن دينار أبو تمّام المدني المتوفّى سنة (184) ه-العبر ج 1/289-. [4]
4- 4) الكركرة (بكسر الكاف و سكون الراء المهملة) كما في النهاية: زور البعير الذي إذا برك أصاب الأرض، و الزور أعلى وسط الصدر.
5- 5) علل الشرائع:232 ح 10 و [5]عنه البحار ج 46/67 ح 35، و [6]عوالم الامام السجّاد عليه السلام: 102 ح 3 و الوسائل ج 3/72 ح 5. [7]
6- 6) سلمة بن شبيب أبو عبد الرحمن النيشابوري، روى عنه أبو حاتم و أبو زرعة الرازيان، ذكره ابن أبي حاتم و قال: سمعت أبي يقول: هو صدوق-الجرح و التعديل ج 4/164-.
7- 7) يحتمل قويّا أنّه عبد اللّه بن محمّد بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي قحافة المعروف بابن أبي عتيق، تابعيّ، -الجرح و التعديل ج 5/154-.

الحسين عليه السلام قد دخل، فقام يصلّي فصلّى ما شاء اللّه ثمّ سجد، قال:

قلت: رجل صالح من أهل بيت الخير لاصغينّ إلى دعائه، فسمعته يقول في سجوده: عبيدك بفنائك، مسكينك بفنائك، فقيرك بفنائك، سائلك بفنائك.

قال طاوس: فما دعوت بهنّ في كرب إلاّ فرّج عنّي 1.

6-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن أبي حمزة 2، عن أبيه، قال: رأيت عليّ بن الحسين عليه السلام في فناء الكعبة في الليل، و هو يصلّي، فأطال القيام حتّى جعل مرّة يتوكّأ على رجله اليمنى و مرّة على رجله اليسرى ثمّ سمعته يقول بصوت كأنّه باك: يا سيّدي تعذّبني و حبّك في قلبي؟ أما و عزّتك لئن فعلت لتجمعنّ بيني و بين قوم طال ما عاتبتهم 3فيك 4.

7-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، و عليّ بن محمّد القاساني،

ص:253

جميعا، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود (1)، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، قال: قال عليّ بن الحسين عليه السلام: لو مات من بين المشرق و المغرب لما استوحشت بعد أن يكون القرآن معي، و كان إذا قرأ مالِكِ يَوْمِ اَلدِّينِ يكرّرها حتّى كاد أن يموت (2).

8-و عنه، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحسين، عن محمد بن عبيد، عن عبيد بن هارون، قال: حدّثنا أبو يزيد، عن حصين، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان عليّ بن الحسين عليه السلام إذا كان شهر رمضان لم يتكلّم إلاّ بالدعاء و التسبيح و الاستغفار و التكبير، فإذا أفطر قال: اللهمّ إن شئت أن تفعل فعلت (3).

9-و روي من طريق الخاصّة و العامّة أنّه كان عليه السلام لا يحبّ أن يعينه على طهوره أحد، و كان يستقي الماء لطهوره، و يخمره قبل أن ينام، فإذا قام من الليل بدأ بالسواك ثمّ توضأ ثمّ يأخذ في صلاته، و كان عليه السلام يقضي ما فاته من صلاة نافلة النهار بالليل، و يقول: يا بنيّ ليس هذا عليكم بواجب، و لكن احبّ لمن عوّد منكم نفسه عادة من الخير يدوم عليها (4).

10-عليّ بن عيسى في «كشف الغمّة» قال: كان عليه السلام يصلّي في كلّ يوم و ليلة ألف ركعة، فإذا أصبح سقط مغشيّا عليه، و كان الريح تميله

ص:254


1- 1) هو سليمان بن داود المنقري أبو أيّوب الشاذكوني البصري، كان ثقة، -رجال النجاشي ص 131-
2- 2) الكافي ج 2/602 ح 13 و [1]عنه البحار ج 46/107 ح 101. [2]
3- 3) الكافي ج 4/88 ح 8 و [3]عنه البحار ج 46/65 ح 25 و [4]الوسائل ج 7/222 ح 12. [5]
4- 4) رواه جماعة من أعلام القوم بتفاوت يسير: منهم ابن سعد في «الطبقات» ص 27، و الحمزاوي في «مشارق الأنوار» ص 120، و خواجه پارسا البخاري في «فصل الخطاب» على ما في «الينابيع» ص 377، و ابن طلحة في «مطالب السئول» ج 2/43 و عنه كشف الغمّة ج 2/75 و [6]أخرجه في البحار ج 46/98 [7]عن كشف الغمّة. [8]

كالسنبلة (1).

11-روى عبد اللّه بن عليّ بن الحسين (2)عليه السلام عن أبيه، أنّه كان عليه السلام يصلّي ليلا حتّى أنّه ليزحف (3)إلى فراشه (4).

ص:255


1- 1) روى صدره جماعة من أعلام القوم: منهم ابن الصبّاغ في «الفصول المهمّة» ص 183، و الشبلنجي في «نور الأبصار» ص 129، و [1]الذهبي في «تذكرة الحفّاظ» ج 1/75 و اليافعي في «مرآة الجنان» ج 1/190 و ابن طلحة في «مطالب السئول» ج 2/47 و عنه «كشف الغمّة» ج 2/81 [2] كالمتن.
2- 2) عبد اللّه بن علي بن الحسين عليهما السلام، كان فاضلا فقيها، يلي صدقات رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و صدقات أمير المؤمنين عليه السلام-جامع الرواة ج 1/498-. [3]
3- 3) زحف: مشى على ركبته قليلا قليلا.
4- 4) كشف الغمّة ج 2/92 و عنه البحار ج 46/99 ذيل ح 87. [4]

ص:256

الباب السابع

في جوده عليه السلام من طريق الخاصّة و العامّة

1-ابن بابويه قال: حدّثنا محمّد بن القاسم الأسترآبادي (1)قال: حدّثنا عليّ بن محمّد بن سيّار، عن أبي يحيى محمّد بن يزيد المنقري، عن سفيان بن عيينة، قال: رأى الزهري عليّ بن الحسين عليه السلام ليلة باردة مطيرة، و على ظهره دقيق و حطب و هو يمشي فقال له: يا بن رسول اللّه ما هذا؟ قال: أريد سفرا اعدّ له زادا و أحمله إلى موضع حريز، فقال الزهري: فهذا غلامي يحمله عنك فأبى قلت: فأنا أحمله عنك فإني أرفعك عن حمله، فقال عليّ بن الحسين عليه السلام: لكنّي لا أرفع نفسي عمّا ينجيني في سفري، و يحسن ورودي على ما أرد عليه، أسألك بحقّ اللّه لما مضيت بحاجتك و تركتني، فانصرفت عنه، فلمّا كان بعد أيام رآه و قال (2)له: يا بن رسول اللّه لست أرى لذلك السفر الذي ذكرته أثرا، قال: بلى يا زهري ليس ما ظننت، و لكنّه الموت و له أستعدّ إنّما الاستعداد للموت

ص:257


1- 1) محمد بن القاسم، أبو الحسن الخطيب المفسّر و قد أكثر الصدوق قدّس سرّه من الرواية عنه في مصنّفاته كالعلل، و [1]التوحيد، و عيون الأخبار، و الخصال، و الأمالي، و معاني الأخبار، و بالغ في تجليله، و ما ترك الدعاء له بالرحمة و الترضية كلما ذكر اسمه، فلا اعتبار بما نقل عن ابن الغضائري من تضعيفه، و من أراد الاطلاع على حقيقة ما قلنا فليراجع إلى ما أفاد شيخنا في الإجازة في «الذريعة» ج 4/285-291. [2]
2- 2) في المصدر: فلمّا كان بعد أيّام قلت له.

تجنّب الحرام، و بذل الندى و الخير (1).

2-و عنه، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه اللّه، قال:

حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار، قال: حدّثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن عليّ بن أسباط، عن إسماعيل بن منصور (2)، عن بعض أصحابنا قال: لمّا وضع عليّ بن الحسين عليهما السلام على السرير ليغسل نظر إلى ظهره، و عليه مثل ركب الإبل ممّا كان يحمل على ظهره إلى منازل الفقراء و المساكين (3).

3-محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن يوسف ابن السخت (4)، عن عليّ بن محمّد بن سليمان، عن أبيه عن عيسى بن عبد اللّه قال: احتضر عبد اللّه فاجتمع إليه غرماؤه و طالبوه بدين لهم، فقال: لا مال عندي فاعطيكم و لكن ارضوا بمن شئتم من بني عمّي عليّ بن الحسين عليهما السلام أو عبد اللّه بن جعفر، فقال الغرماء: عبد اللّه بن جعفر مليّ مطول، و عليّ بن الحسين عليهما السلام رجل لا مال له صدوق و هو أحبّهما إلينا فأرسل إليه فأخبره الخبر فقال: أضمن لكم المال غلّة، و لم تكن له غلة تحملا (5)فقال له القوم: قد رضينا، فلمّا أن أتت الغلّة أتاح (6)اللّه عزّ و جلّ له المال فأدّاه (7).

ص:258


1- 1) علل الشرائع:231 ح 5 و [1]عنه البحار ج 46/65 ح 27. [2]
2- 2) هو إسماعيل بن منصور أبو زياد، لم أظفر على ترجمة له.
3- 3) علل الشرائع:231 ح 6 و [3]عنه البحار ج 46/66 ح 29 و [4]عوالم الإمام السجّاد عليه السلام:107 ح 3.
4- 4) يوسف بن السخت أبو يعقوب البصري، استثناه القميّون من كتاب «نوادر الحكمة» ، و روى عنه خبر يظهر منه جلالة قدره و توثيقه، لكنّه شهادة منه لنفسه-مجمع الرجال ج 6/279-.
5- 5) أي تحمّلا للدين أو لكثرة تحمّله للمشاقّ-مرآة العقول-. [5]
6- 6) أتاح اللّه له: قدّره له-القاموس-.
7- 7) الكافي ج 5/97 ح 7، و [6]البحار ج 46/94، و [7]عوالم الإمام السجّاد عليه السلام ص 110 عن المناقب لابن شهر اشوب ج 4/164. [8]

4-و عنه عن أحمد بن محمّد (1)، عن عليّ بن أسباط، عن سيابة (2)، عن ضريس (3)، عن حمزة بن حمران (4)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان عليّ ابن الحسين عليه السلام إذا كان اليوم الذي يصوم فيه أمر بشاة فتذبح و تقطّع أعضاؤها و تطبخ، فإذا كان عند المساء أكبّ على القدور حتى يجد ريح المرق و هو صائم، ثمّ يقول هاتوا القصاع (5)اغرفوا لآل فلان و اغرفوا لآل فلان حتّى يأتي على آخر القدور، ثم يؤتى بخبز و تمر فيكون ذلك عشاؤه صلّى اللّه عليه و آله و على آبائه (6).

5-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد اللّه بن غالب الأسدي، عن أبيه، عن سعيد بن المسيّب، قال:

حضرت عليّ بن الحسين عليهما السلام يوما حين صلّى الغداة، فإذا سائل بالباب، فقال عليّ بن الحسين عليهما السلام: أعطوا السائل و لا تردّوا سائلا (7).

6-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن عليّ بن حديد، عن مرازم بن

ص:259


1- 1) هو أحمد بن محمد بن علي أبو الحسن الميثمي الكوفي.
2- 2) سيابة بن ناجية المدني (نسبة إلى المدينة المشرفة على غير القياس) ، ذكره الشيخ الطوسي في أصحاب الكاظم عليه السلام برقم (5) .
3- 3) هو ضريس بن عبد الملك بن أعين أبو عمارة الكوفي الشيباني خيّر، فاضل، ثقة، روى عن الباقر و الصادق عليهما السلام، و كان تحته بنت حمران، و سمّي الكناسي لأنّ تجارته بالكناسة-جامع الرواة ج 1/418-. [1]
4- 4) حمزة بن حمران بن أعين الشيباني ذكره الشيخ في أصحاب الباقر و الصادق عليهما السلام، له كتاب.
5- 5) القصاع جمع قصعة: الظرف الذي يؤكل فيه.
6- 6) الكافي ج 4/68 ح 3 و [2]عنه الوسائل ج 7/100 ح 5 و [3]عن المحاسن:396 ح 67 و [4]الفقيه ج 2/ 134 ح 1955 و أخرجه البحار ج 46/71 ح 53 [5]عن المحاسن، و [6]المناقب لابن شهر اشوب ج 4 /155. [7]
7- 7) الكافي ج 4/15 ح 4 و [8]عنه البحار ج 46/107 ح 103، و [9]عوالم الإمام السجّاد عليه السلام: 144 ح 1 و الوسائل ج 6/392 ح 9. [10]

حكيم، عن عبد الأعلى مولى آل سام، قال: إنّ عليّ بن الحسين عليهما السلام اشتدّت حاله حتّى تحدّث بذلك أهل المدينة، فبلغه ذلك فتعيّن الف درهم، ثم بعث بها إلى صاحب المدينة، و قال: هذه صدقة مالي (1).

7-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: حدّثني أبو جعفر عليه السلام أنّ أباه كانت عنده امرأة من الخوارج أظنه قال: من بني حنيفة، فقال له مولى له:

يا بن رسول اللّه إنّ عندك امرأة تبرء من جدّك فقضى لأبي أنّه طلّقها، فادّعت عليه صداقها، فجاءت به الى أمير المدينة تستعديه، فقال له أمير المدينة: يا عليّ إمّا أن تحلف و إمّا أن تعطيها، فقال لي: قم يا بنيّ فأعطها أربعمائة دينار، فقلت:

يا أبت جعلت فداك أ لست محقا؟ قال: بلى يا بنيّ و لكنّي أجللت اللّه أن أحلف به يمين صبر (2).

8-و روى ابن بابويه في حديث أنّه لمّا مات عليّ بن الحسين عليهما السلام نظروا فإذا يعول في المدينة أربعمائة بيت من حيث لم يقف الناس عليه.

9-و روي أنّ يزيد قال له زين العابدين عليه السلام: إنّما طلبنا ما أخذ منّا لأنّ فيه مغزل فاطمة عليها السلام و مقنعتها و قلادتها و قميصها، فأمر بردّ ذلك و زاد من عنده مأتي ألف مثقال من الذهب الأحمر، فما فارق عليّ بن الحسين عليهما السلام دمشق حتّى فرّق ذلك على الفقراء و المساكين، و باقيه على أهل المدينة (3).

10-محمّد بن يعقوب، عن الحسين بن محمد بن عامر، عن أحمد بن

ص:260


1- 1) الكافي ج 6/440 ح 13 و [1]عنه الوسائل ج 3/343 ح 4. [2]
2- 2) الكافي ج 7/435 ح 5 و [3]عنه الوسائل ج 16/117 ح 1 و [4]عن التهذيب ج 8/283 و أخرجه في البحار ج 104/281 ح 16 و [5]مستدرك الوسائل ج 3/49 ح 1 [6] عن نوادر ابن عيسى:49 ح 88.
3- 3) اللهوف:85 و [7]عنه البحار ج 45/144 و [8]عوالم الإمام الحسين عليه السلام:445.

إسحاق بن سعد (1)، عن سعدان (2)بن مسلم، عن أبي عمارة، عن رجل، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان عليّ بن الحسين عليهما السلام يخرج في الليلة الظلماء فيحمل الجراب فيه الصرر من الدنانير و الدراهم حتّى يأتي بابا بابا فيقرعه، ثم ينيل من يخرج إليه، فلمّا مات عليّ بن الحسين عليهما السلام فقدوا ذلك، فعلموا أنّ عليا عليه السلام كان يفعله (3).

11-المفيد في «إرشاده» قال: أخبرني أبو محمّد الحسن بن محمّد بن يحيى قال: حدّثنا جدّي قال: حدّثنا أبو نصر، قال: حدّثنا عبد الرحمن بن صالح، قال: حدّثنا يونس بن بكير (4)، عن ابن إسحاق، قال: كان بالمدينة كذا و كذا أهل بيت يأتيهم رزقهم و ما يحتاجون إليه، لا يدرون من أين يأتيهم، فلمّا مات عليّ ابن الحسين عليهما السلام فقدوا ذلك (5).

12-و عنه أخبرني أبو محمّد الحسن بن محمّد، قال: حدّثني جدّي قال:

حدّثنا أبو نصر، قال: حدّثنا محمّد بن عليّ بن عبد اللّه، قال حدّثني أبي، قال:

ص:261


1- 1) هو أحمد بن إسحاق بن عبد اللّه بن سعد بن مالك الأحوص الأشعري أبو علي القمي روى عن الجواد و الهادي عليهما السلام، و كان من خاصّة أبي محمّد العسكري عليه السلام و رأى صاحب الزمان عجل اللّه تعالى فرجه الشريف-جامع الرواة ج 1/41-. [1]
2- 2) سعدان بن مسلم الكوفي أبو الحسن العامري، اسمه عبد الرحمن، و لقبه سعدان روى عن الصادق و الكاظم عليهما السلام، و عمّر عمرا طويلا، و قال السيّد الداماد قدس سرّه: سعدان بن مسلم شيخ كبير القدر جليل المنزلة، له أصل رواه عنه جماعة من الثقات كصفوان بن يحيى و غيره- تنقيح المقال ج 2/23-. [2]
3- 3) الكافي ج 1/468 [3] في ذيل الحديث 4. و تقدّم بتمامه في الباب الرابع في إقباله عليه السلام على اللّه سبحانه ح 11 عن علل الشرائع: 231 ح 8. [4]
4- 4) يونس بن بكير بن واصل أبو بكر الشيباني مولاهم الكوفي الجمّال أحد أئمة الأثر و السير، توفي سنة (199) -الميزان ج 4/477-. [5]
5- 5) الإرشاد للمفيد:258 و [6]عنه كشف الغمّة ج 2/87 و [7]في البحار ج 46/56 ح 7 و [8]عوالم الإمام السجّاد عليه السلام:107 ح 5.

حدّثنا عبد اللّه بن هارون، قال: حدّثني عمرو بن دينار، قال: حضرت محمّد بن اسامة بن زيد (1)الوفاة فجعل يبكي، فقال له عليّ بن الحسين عليهما السلام: ما يبكيك؟ قال: يبكيني أنّ عليّ خمسة عشر ألف دينار، و لم أترك لها وفاء فقال له عليّ ابن الحسين عليهما السلام: لا تبك فهي عليّ و أنت منها بريء، فقضاها عنه (2).

13-ابن بابويه قال: حدّثنا محمّد بن الحسن رضي اللّه عنه، قال: حدّثنا الحسين بن الحسن بن أبان (3)، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسى، قال: حدّثني بعض أصحابنا عن أبي حمزة الثمالي، قال: كان عليّ بن الحسين عليهما السلام ليخرج في الليلة الظلماء، فيحمل الجراب فيه الصرر من الدراهم و الدنانير، حتى يأتي بابا بابا فيقرعه، ثمّ يناول من يخرج إليه فلمّا مات عليّ بن الحسين عليهما السلام فقدوا ذلك، فعلموا أنّ عليّ بن الحسين عليهما السلام الذي كان يفعل ذلك (4).

14-و روي أنّ يزيد لعنه اللّه أرسل جيشا إلى المدينة فأباحها ثلاثة أيّام حتّى نتج من ذلك عشرة آلاف ولدا لا يعرف لهم أب، و عليّ بن الحسين عليهما السلام ضمّ له أربعمائة امرأة هاشمية أو قرشية في بيت (5)و أعالهنّ في ذلك الوقت، إذ لم يتعرّض لبيته عليه السلام.

15- «كشف الغمّة» قال ابن الأعرابي: لمّا وجّه يزيد بن معاوية عسكره

ص:262


1- 1) محمّد بن اسامة بن زيد بن حارثة بن شراحيل بن عبد العزّى، توفّي بالمدينة زمن الوليد بن عبد الملك-الجرح و التعديل للرازي ج 7/205-.
2- 2) إرشاد المفيد:258 و [1]عنه كشف الغمّة ج 2/87 و في البحار ج 46/56 ح 8 و ح 9 و [2]عوالم الإمام السجّاد عليه السلام:107 ح 6 عنه و عن المناقب لابن شهر اشوب ج 4/163 [3] نقلا عن حلية الأولياء ج 3/141.
3- 3) الحسين بن الحسن بن أبان، وثقه العلاّمة و ابن داود، أدرك الإمام العسكري عليه السلام-جامع الرواة ج 1/235-. [4]
4- 4) علل الشرائع:232 ذيل ح 8 و [5]عنه البحار ج 46/46 ح 8. [6]
5- 5) في نسخة: في بيته.

لاستباحة أهل المدينة ضمّ عليّ بن الحسين عليهما السلام إلى نفسه أربعمائة بيت (1)يعولهنّ، فلمّا انقرض (2)عليه السلام انقطعت.

قال: و حكي لنا مثل ذلك عند إخراج ابن الزبير بني اميّة من الحجاز (3).

16-و من طريق العامّة من الجزء الثاني من «حلية الأولياء» لأبي نعيم الأصفهاني عن عمرو بن ثابت (4)، قال: لمّا مات عليّ بن الحسين عليهما السلام و غسّلوه جعلوا ينظرون لآثار سود في ظهره، فقالوا: ما هذا؟ فقيل: إنّه كان ليحمل جرب الدقيق ليلا على ظهره، يعطيه فقراء أهل المدينة (5).

17-و من الجزء المذكور قال أبو نعيم: عن محمّد بن إسحاق، قال: كان ناس من أهل المدينة يعيشون لا يدرون من أين كان معاشهم، فلمّا مات عليّ بن الحسين عليهما السلام فقدوا ما كانوا يؤتون به بالليل (6).

18-و عنه، بإسناده، قال أبو نعيم، عن محمّد بن زكريا، قال: سمعت ابن عائشة (7)يقول: قال أبي: سمعت أهل المدينة يقولون: ما فقدنا صدقة السرّ حتّى مات عليّ بن الحسين عليهما السلام (8).

19-كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي في مطالب السئول و هو من رجال

ص:263


1- 1) في البحار و العوالم: أربعمائة منّا يعولهن.
2- 2) في البحار: [1] إلى أن انقرض جيش مسلم بن عقبة.
3- 3) كشف الغمّة ج 2/107 و [2]عنه البحار ج 46/101 و [3]عوالم الإمام السجّاد عليه السلام:111.
4- 4) عمرو بن ثابت بن هرمز، ابن أبي المقدام الكوفي، توفي سنة (172) -ميزان الاعتدال ج 3/ 250.
5- 5) حلية الأولياء ج 3/136 و عنه ابن شهر اشوب في المناقب ج 4/154. [4]
6- 6) الحلية ج 3/136 و [5]أخرجهما في البحار [6]عن المناقب [7]في ج 46/88 و 90.
7- 7) ابن عائشة: عبيد اللّه بن محمّد العيشي الأخباري البصري الفصيح، توفي سنة (228) ه-العبر ج 1/402-.
8- 8) حلية الأولياء ج 3/136 و أخرجه في البحار ج 46/88 و [8]عوالم الإمام السجّاد عليه السلام: 108 عن المناقب لابن شهر اشوب ج 4/153. [9]

العامّة قال: لما مات علي بن الحسين عليهما السلام وجدوه يقوت مائة بيت من أهل المدينة كان يحمل إليهم ما يحتاجون إليه (1).

20-قال: و قال محمّد بن إسحاق كان ناس من أهل المدينة يعيشون لا يدرون من أين معاشهم، فلمّا مات عليّ بن الحسين عليهما السلام فقدوا ما كانوا يؤتون به بالليل (2).

21-و قال أيضا: قال أبو حمزة الثمالي: كان عليّ بن الحسين زين العابدين عليهما السلام يحمل جراب الخبز على ظهره بالليل، فيتصدّق به و يقول: إنّ صدقة السرّ تطفئ غضب الربّ.

22-و لمّا مات عليه السلام و غسّلوه جعلوا ينظرون إلى آثار سواد في ظهره، فقالوا: ما هذا؟ قيل: كان يحمل جرب الدقيق على ظهره و يوصلها إلى فقراء المدينة.

23-قال: و قال ابن عائشة: قال أبي: سمعت أهل المدينة يقولون: ما فقدنا صدقة السرّ حتّى مات عليّ بن الحسين عليهما السلام (3).

24-قال: و قال سفيان (4): أراد عليّ بن الحسين الخروج إلى الحجّ فاتّخذت له سكينة بنت الحسين (5)عليه السلام اخته زادا أنفقت عليه ألف درهم، فلمّا كان

ص:264


1- 1) مطالب السئول ج 2/45 و عنه كشف الغمّة ج 2/77.
2- 2) مطالب السئول ج 2/45 و عنه كشف الغمّة ج 2/77، و [1]رواه ابن الصبّاغ المالكي في الفصول المهمّة:202 [2] باختلاف.
3- 3) مطالب السئول ج 2/45 و عنه كشف الغمّة ج 2/77 و [3]أخرجه في البحار ج 46/88 ح 77 [4]عن المناقب لابن شهر اشوب ج 4/153 [5] نقلا عن حلية الأولياء ج 3/135 و الأغاني ج 15/ 325. [6]
4- 4) لم أعرف من هو، و ليس المراد منه الثوري لأنّه ولد بعد شهادة السجّاد عليه السلام بسنتين عام (97) و ليس ابن عيينة أيضا، لأنّه ولد سنة (107) ه إلاّ أن يكون الخبر مرسلا فيحتمل أن يكون الراوي أحدهما.
5- 5) سكينة بنت الحسين عليه السلام، اسمها آمنة، و قيل: أمينة، و سكينة لقب لقبّتها به امّها الرباب و كانت سيّدة نساء عصرها، توفّيت بالمدينة سنة (117) ه-وفيات الأعيان ج 1/211-. [7]

بظهر الحرّة سيّرت إليه ذلك، فلمّا نزل فرّقه على المساكين (1).

25-قال: و قال سعيد بن مرجانة (2)يوما عند عليّ بن الحسين: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من أعتق رقبة مؤمنة أعتق اللّه بكل إرب منها إربا منه من النار، حتى أنّه ليعتق باليد اليد، و بالرجل الرجل، و بالفرج الفرج، فقال عليّ عليه السلام: سمعت هذا من أبي هريرة؟ فقال سعيد: نعم، فقال لغلام له أفره غلمانه، و كان عبد اللّه بن جعفر قد أعطاه بهذا الغلام ألف درهم فلم يبعه: أنت حرّ لوجه اللّه (3).

26-و قال: قال طاوس: رأيت عليّ بن الحسين عليهما السلام ساجدا في الحجر، فقلت: رجل صالح من أهل بيت طيّب لأسمعنّ ما يقول فأصغيت إليه فسمعته يقول (4). . .

و قد تقدّم الحديث في الباب السادس (5)من طريق الشيخ المفيد.

27-و في آخر حديث ابن طلحة، و كان يصلّي في كلّ يوم و ليلة ألف ركعة و تهيج الريح فيسقط مغشيا عليه (6).

28-و من «حلية الأولياء» لأبي نعيم الأصفهاني قال: حدّثنا الحسين بن محمّد بن كيسان، حدّثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدّثنا عليّ بن عبد اللّه، حدّثنا عبد اللّه بن هارون بن أبي عيسى، أخبرني أبي، عن حاتم بن أبي صغيرة،

ص:265


1- 1) مطالب السئول ج 2/45 و عنه كشف الغمّة ج 2/78 و [1]أخرجه في البحار ج 46/114 ح 5 و [2]عوالم الامام السجّاد عليه السلام عن الفصول المهمّة:202. [3]
2- 2) سعيد بن مرجانة العامري أبو عثمان المدني، عدّه الشيخ في رجاله ممّن روى عن السجّاد عليه السلام برقم 20.
3- 3) مطالب السئول ج 2/45 و عنه كشف الغمّة ج 2/78 و [4]أخرج في البحار ج 46/95 [5] ذيله عن حلية الأولياء ج 3 ص 136.
4- 4) مطالب السئول ج 2/47 و عنه كشف الغمّة ج 2/80. [6]
5- 5) تقدّم في الباب السادس ح 5.
6- 6) مطالب السئول ج 2/47 و عنه كشف الغمّة ج 2 ص 81. [7]

عن عمرو بن دينار، قال: دخل عليّ بن الحسين عليهما السلام على محمّد بن اسامة بن زيد في مرضه، فجعل يبكي فقال عليّ عليه السلام: ما شأنك؟ قال:

عليّ دين، قال: كم هو؟ قال: خمسة عشر ألف دينار، قال: فهي عليّ (1).

ص:266


1- 1) حلية الأولياء ج 3/141، و رواه في مطالب السئول ج 2/48 و عنه كشف الغمّة ج 2/81.

الباب الثامن

في حديث السائل الذي أعطاه عليه السلام القرصين، و حديث

البلخي زوج المرأة، و حديث الكابلي

1-ابن بابويه في «أماليه» قال: حدّثنا محمّد بن القاسم الأسترآبادي، قال: حدّثنا جعفر بن أحمد (1)، قال: حدّثنا أبو يحيى محمّد بن عبد اللّه بن يزيد المقري (2)، قال: حدّثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، قال: كنت عند عليّ بن الحسين عليهما السلام فجاءه رجل من أصحابه، فقال له عليّ بن الحسين عليهما السلام: ما خبرك أيّها الرجل؟ فقال له الرجل؟ خبري يا ابن رسول اللّه أنّي أصبحت و عليّ أربعمائة دينار دين لا قضاء عندي لها، ولي عيال ثقال، ليس لي ما أعود عليهم به، قال: فبكى عليّ بن الحسين عليهما السلام بكاء شديدا فقيل له (3)ما يبكيك يا ابن رسول اللّه؟ فقال: و هل يعدّ البكاء إلا للمصائب و المحن الكبار؟ ! قالوا: كذلك يا بن رسول اللّه (4)فايّة محنة و مصيبة أعظم على حرّ مؤمن من أن يرى بأخيه المؤمن خلّة فلا يمكنه سدّها و يشاهده على فاقة فلا يطيق رفعها قال: فتفرّقوا عن مجلسهم ذلك، فقال بعض المخالفين، و هو يطعن

ص:267


1- 1) جعفر بن أحمد: مجهول، قال الزنجاني في «الجامع» : يمكن اتّحاده مع التميمي البزّاز الكوفي.
2- 2) أبو يحيى محمد بن أبي عبد الرحمن عبد اللّه بن يزيد المقري، قرأ عليه محمد بن عبد الرحيم الأصفهاني بمكة المكرمة سنة (253) ه-غاية النهاية ج 2/188-. [1]
3- 3) في البحار و [2]العوالم: فقلت له.
4- 4) في البحار و [3]العوالم: قال: فأيّة محنة.

على عليّ بن الحسين عليهما السلام: عجبا لهؤلاء يدّعون مرّة أنّ السماء و الأرض و كلّ شيء يطيعهم، و أنّ اللّه لا يردّهم عن شيء من طلباتهم، ثمّ يعترفون اخرى بالعجز عن إصلاح حال خواصّ إخوانهم.

فاتّصل ذلك بالرجل صاحب القصة فجاء إلى عليّ بن الحسين عليه السلام فقال له: يا بن رسول اللّه بلغني عن فلان كذا و كذا، و كان هذا أغلظ عليّ من محنتي، فقال عليّ بن الحسين عليهما السلام: فقد أذن اللّه في فرجك يا فلان احمل سحوري و فطوري (1)فحملت قرصين، فقال عليّ بن الحسين عليهما السلام للرجل: خذهما فليس عندنا غيرهما، فإنّ اللّه يكشف عنك بهما، و ينيلك خيرا واسعا منهما، فأخذهما الرجل و دخل السوق لا يدري ما يصنع بهما، يتفكّر في ثقل دينه و سوء حال عياله، و يوسوس إليه الشيطان: أين موقع هاتين من حاجتك، فمرّ بسمّاك قد بارت عليه سمكة قد أراحت (2)فقال له: سمكتك هذه بائرة عليك، و إحدى قرصتيّ هاتين بائرة عليّ فهل لك أن تعطيني سمكتك البائرة و تأخذ قرصتي هذه البائرة؟ فقال: نعم فأعطاه السمكة و أخذ القرصة.

ثم مرّ برجل معه ملح قليل مزهود فيه، فقال: هل لك أن تعطيني ملحك هذا المزهود فيه بقرصتي هذه المزهود فيها؟ قال: نعم ففعل، فجاء الرجل بالسمكة و الملح فقال: اصلح هذه بهذا، فلمّا شقّ بطن السمكة وجد فيه لؤلؤتين فاخرتين، فحمد اللّه عليهما، فبينما هو في سروره ذلك إذ قرع بابه، فخرج ينظر من بالباب فإذا صاحب السمكة و صاحب الملح قد جاءا يقول كلّ واحد منهما له:

يا عبد اللّه جهدنا أن نأكل نحن أو أحد من عيالنا هذا القرص فلم تعمل فيه أسناننا، و ما نظنّك إلاّ و قد تناهيت في سوء الحال و مرنت (3)على الشقاء، قد رددنا إليك هذا الخبز و طيّبنا لك ما أخذته منّا، فأخذ القرصين منهما فلمّا استقرّ بعد

ص:268


1- 1) في البحار و [1]العوالم: يا فلانة احملي سحوري و فطوري.
2- 2) في البحار [2]في ذيل الحديث: توضيح: يقال للشيء: أروح و أراح إذا تغيّرت ريحه.
3- 3) مرن على الشيء تعوده، و الشقاء: المشقّة و الشدّة.

انصرافهما عنه، قرع الباب فإذا رسول عليّ بن الحسين عليهما السلام فدخل، فقال: انه عليه السلام يقول لك: إنّ اللّه قد أتاك بالفرج فاردد إلينا طعامنا، فإنّه لا يأكله غيرنا، و باع الرجل اللؤلؤتين بمال عظيم قضى عنه دينه و حسنت بعد ذلك حاله.

فقال بعض المخالفين: ما أشدّ هذا التفاوت بينا علي بن الحسين عليهما السلام لا يقدر أن يسدّ منه فاقة إذ أغناه هذا الغناء العظيم؟ كيف يكون هذا و كيف يعجز عن سدّ الفاقة من يقدر في هذا الغناء العظيم؟ ! فقال عليّ بن الحسين عليهما السلام: هكذا قالت قريش للنبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: كيف يمضي إلى بيت المقدس و يشاهد ما فيه من آثار الأنبياء من مكّة و يرجع إليها في ليلة واحدة من لا يقدر أن يبلغ من مكة إلى المدينة إلاّ في اثني عشر يوما؟ ! و ذلك حين هاجر منها.

ثم قال عليّ بن الحسين عليهما السلام: جهلوا و اللّه أمر اللّه و أمر أوليائه معه، إنّ المراتب الرفيعة لا تنال إلاّ بالتسليم للّه جلّ ثناؤه، و ترك الاقتراح عليه، و الرضا بما يدبرهم (1)به، إنّ أولياء اللّه صبروا على المحن و المكاره صبرا لم يساوهم فيه غيرهم، فجازاهم اللّه عزّ و جلّ عن ذلك بأن أوجب لهم نجح جميع طلباتهم، لكنّهم مع ذلك لا يريدون منه إلاّ ما يريده لهم (2).

2-قال الشيخ الفاضل الزاهد فخر الدين النجفي، و شافهته و أجاز لي الرواية عنه، قال: روي أنّ رجلا مؤمنا من أكابر بلاد بلخ كان يحجّ بيت اللّه الحرام، و يزور قبر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في أكثر الأعوام، و كان يأتي إلى عليّ بن الحسين عليهما السلام فيزوره و يحمل إليه الهدايا و التحف، و يأخذ مصالح دينه منه، ثمّ يرجع إلى بلاده، فقالت له زوجته: أراك تهدي تحفا كثيرة، و لا أراه

ص:269


1- 1) في المصدر: بما يدبّر بهم.
2- 2) أمالي الصدوق:367 ح 3 و [1]عنه البحار ج 46/20 ح 1 و [2]عوالم الامام السجّاد:29 ح 1 و أورده ابن شهر اشوب في المناقب ج 4/146 و الفتال في روضة الواعظين:196 [3] باختلاف.

يجازيك عنها بشيء، فقال: إنّ هذا الرجل الذي نهدي إليه هدايانا هو ملك الدنيا و الآخرة، و جميع ما في أيدي الناس تحت ملكه لأنّه خليفة اللّه في أرضه و حجّته على عباده، و هو ابن رسول اللّه، و هو إمامنا و مولانا و مقتدانا، فلمّا سمعت ذلك منه أمسكت عن ملامته.

قال: ثمّ إنّ الرجل تهيّأ للحج مرّة اخرى في السنة القابلة، و قصد دار عليّ ابن الحسين عليهما السلام فاستأذن عليه بالدخول فاذن له، و دخل و سلّم عليه و قبّل يديه، و وجد بين يديه طعاما فقرّبه إليه و أمره بالأكل معه، فأكل الرجل حسب كفايته، ثم استدعى بطست و إبريق فيه ماء، فقام الرجل فأخذ الإبريق و صبّ الماء على يدي الإمام، فقال الإمام عليه السلام: يا شيخ أنت ضيفنا فكيف تصبّ على يديّ الماء؟ فقال: إنّي احبّ ذلك، فقال الإمام عليه السلام:

حيث إنّك أحببت (1)ذلك فو اللّه لارينّك ما تحبّ و ترضى به و تقرّ به عيناك، فصبّ الرجل الماء على يديه حتى امتلأ ثلث الطست، فقال الإمام عليه السلام للرجل:

ما هذا؟ قال: ماء، فقال الإمام: بل يا قوت أحمر، فنظر الرجل إليه فإذا هو قد صار ياقوتا أحمر باذن اللّه تعالى، ثمّ قال الإمام عليه السلام: يا رجل صبّ الماء أيضا فصبّ على يدي الإمام عليه السلام مرّة اخرى الماء حتّى امتلأ ثلثا الطست، فقال عليه السلام له: ما هذا؟ قال: هذا ماء، فقال الإمام عليه السلام: بل هذا زمرّد أخضر، فنظر الرجل فإذا هو زمرّد أخضر، ثمّ قال الإمام عليه السلام: صبّ الماء يا رجل، فصبّ الماء على يدي الإمام حتّى امتلأ الطست، فقال للرجل: ما هذا؟ فقال: هذا ماء، فقال عليه السلام: بل هو درّ أبيض، فنظر الرجل إليه فإذا هو درّ أبيض بإذن اللّه تعالى و صار الطست ملئانا من ثلاثة ألوان درّ و ياقوت و زمرّد فتعجّب الرجل غاية العجب، و انكبّ على يدي الإمام عليه السلام يقبّلهما، فقال له الإمام: يا شيخ لم يكن عندنا شيء نكافئك

ص:270


1- 1) في البحار: [1] لمّا أحببت ذلك.

على هداياك إلينا، فخذ هذه الجواهر، فإنّها عوض هديّتك إلينا، و اعتذر لنا عند زوجتك لأنّها عتبت علينا، فأطرق الرجل رأسه خجلا، و قال: يا سيّدي و من أنبأك بكلام زوجتي؟ فلا شكّ أنّك من أهل بيت النبوّة.

ثمّ إنّ الرجل ودّع الإمام و أخذ الجواهر، و سار بها إلى زوجته و حدّثها بالقصّة، فقالت و من أعلمه بما قلت؟ فقال: أ لم أقل لك: إنّه من بيت العلم و الآيات الباهرات؟ فسجدت للّه شكرا، و أقسمت على بعلها باللّه العظيم أن يحملها معه إلى زيارته و النظر إلى طلعته، فلمّا تجهّز بعلها للحجّ في السنة القابلة أخذها معه، فمرضت المرأة في الطريق و ماتت قريبا من مدينة الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فجاء الرجل إلى الإمام عليه السلام باكيا حزينا و أخبره بموت زوجته و أنّها كانت قاصدة إلى زيارته و إلى زيارة جدّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

فقام الإمام و صلّى ركعتين و دعا اللّه سبحانه و تعالى بدعوات لم تحجب عن ربّ السماوات ثمّ التفت إلى الرجل فقال له: قم و ارجع إلى زوجتك، فإنّ اللّه عزّ و جلّ قد أحياها بقدرته و حكمته، و هو يحيي العظام و هي رميم، فقام الرجل مسرعا و هو فرح مصدّق، فدخل إلى خيمته فرأى زوجته جالسة في الخيمة على حال الصحّة فزاد سروره و اعتقد ضميره، و قال لها: كيف أحياك اللّه تعالى؟ فقالت: و اللّه لقد جاءني ملك الموت و قبض روحي، و همّ أن يصعد بها و إذا أنا برجل صفته كذا و كذا و جعلت تعدّ أوصافه الشريفة عليه السلام، و بعلها يقول لها: نعم صدقت هذه صفة سيّدي و مولاي عليّ بن الحسين عليه السلام.

قالت فلمّا رآه ملك الموت مقبلا انكبّ على قدميه يقبّلهما و يقول: السلام عليك يا حجة اللّه في أرضه، السلام عليك يا زين العابدين، فردّ عليه السلام و قال له: يا ملك الموت أعد روح هذه المرأة إلى جسدها فإنّها قاصدة إلينا، و إنّي قد سألت ربّي أن يبقيها ثلاثين سنة اخرى و يحييها حياة طيبة لقدومها إلينا زائرة إلينا، فإنّ للزائر علينا حقّا واجبا فقال له الملك: سمعا و طاعة لك يا وليّ اللّه، ثمّ

ص:271

أعاد روحي إلى جسدي و أنا أنظر إلى ملك الموت قد قبّل يده الشريفة عليه السلام و خرج عنّي.

فأخذ الرجل بيد زوجته و أتى بها إلى مجلس الإمام عليه السلام و هو بين أصحابه و انكبّت على ركبتيه تقبّلهما، و هي تقول: هذا و اللّه سيدي و مولاي، و هذا هو الذي أحياني اللّه ببركة دعائه، قال: و لم تزل المرأة مع بعلها مجاورين عند الإمام عليّ بن الحسين عليهما السلام بقيّة أعمارهما بمعيشة طيّبة في البلدة الطيّبة إلى أن ماتا رحمة اللّه عليهما (1).

3-الراوندي، قال: روي عن أبي الصباح الكناني (2)قال: سمعت الباقر عليه السلام يقول انّ الكابلي (3)خدم عليّ بن الحسين عليهما السلام برهة من الزمان، ثمّ شكى شدّة شوقه إلى والدته، و سأله الإذن في الخروج إليها، فقال له عليه السلام: يا كنكر إنّه يقدم علينا غدا رجل من أهل الشام له قدر، و جاه و مال، و ابنته قد أصابها عارض من الجنّ و هو يطلب من يعالجها و يبذل في ذلك ماله، فاذا قدم فصر إليه في أوّل الناس و قل له: أنا اعالج ابنتك بعشرة آلاف درهم، فإنّه يطمئنّ إلى قولك و يبذل لك ذلك.

فلمّا كان من الغد قدم الشامي و معه ابنته و طلب معالجا، فقال له أبو خالد:

أنا اعالجها على أن تعطيني عشرة آلاف درهم و لن يعود إليها أبدا، فضمن أبوها له ذلك، فقال زين العابدين عليه السلام لأبي خالد: إنّه سيغدر بك، ثمّ قال:

فانطلق فخذ بأذن الجارية اليسرى و قل: يا خبيث يقول لك عليّ بن الحسين:

اخرج من بدن هذه الجارية لا تعد إليها، ففعل كما أمره فخرج عنها، و قامت

ص:272


1- 1) أخرجه في البحار ج 46/47 و [1]عوالم الإمام السجّاد عليه السلام عن بعض مؤلفات أصحابنا.
2- 2) أبو الصباح الكناني: إبراهيم بن نعيم العبدي من عبد القيس، عدّه الشيخ الطوسي من أصحاب الباقر و الصادق عليهما السلام، توفي بعد سنة (170) ه.
3- 3) هو أبو خالد الكابلي اسمه وردان و لقبه كنكر، كان من ثقات السجّاد عليه السلام. -جامع الرواة ج 2/382-.

الجارية من جنونها فطالبه بالمال فدافعه، فرجع إلى زين العابدين عليه السلام فعرّفه، فقال له: يا أبا خالد أ لم أقل لك إنّه يغدر بك؟ و لكن سيعود إليها فإذا أتاك فقل: إنّما عاد إليها لأنّك لم تف بما ضمنت، فإن وضعت عشرة آلاف درهم على يد عليّ بن الحسين عليهما السلام فإنّي اعالجها و لا يعود إليها أبدا، ففعل ذلك، و ذهب أبو خالد إلى الجارية و قال في اذنها كما قال أوّلا ثمّ قال: إن عدت إليها احرقتك بنار اللّه، فخرج و أفاقت الجارية و لم يعد إليها، فأخذ أبو خالد المال و اذن له في الخروج إلى والدته و مضى بالمال حتى قدم عليها.

و رواه الحضيني في «هدايته» بإسناده إلى أبي الصباح الكوفي عن أبي جعفر الباقر عليه السلام.

و رواه أيضا ابن شهر اشوب في «الفضائل» عن أبي جعفر الباقر عليه السلام. (1)

ص:273


1- 1) الخرائج:1/262 ح 7، و المناقب لابن شهر اشوب ج 4/145 و عنهما البحار ج 46/31 ح 24 باختلاف يسير. و أخرجه الشيخ الحرّ العاملي في الوسائل ج 12/109 ح 3 عن رجال الكشي:121 ح 193 باختلاف أيضا، و هداية الحضيني:46 مخطوط.

ص:274

الباب التاسع

في حلمه من طريق الخاصّة و العامّة

1-ابن بابويه في «أماليه» قال: حدّثنا الحسن بن محمّد بن يحيى بن الحسن ابن جعفر بن عبيد اللّه بن الحسين بن علي بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام قال: حدّثني يحيى بن الحسن بن جعفر، قال: حدّثني شيخ من أهل اليمن يقال له: عبد اللّه بن محمّد، قال: سمعت عبد الرزاق يقول: جعلت جارية لعليّ بن الحسين عليهما السلام تسكب الماء عليه و هو يتوضّأ للصلاة، فسقط الإبريق من يد الجارية على وجهه فشجّه (1)فرفع عليّ بن الحسين عليهما السلام رأسه إليها، فقالت الجارية: إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: وَ اَلْكاظِمِينَ اَلْغَيْظَ (2)قال لها: قد كظمت غيظي، قالت: وَ اَلْعافِينَ عَنِ اَلنّاسِ قال لها:

لقد عفى اللّه عنك، قالت: وَ اَللّهُ يُحِبُّ اَلْمُحْسِنِينَ قال: اذهبي فأنت حرّة (3).

2-المفيد في «إرشاده» قال: أخبرني أبو محمّد الحسن بن محمّد، قال:

حدّثني جدّي قال: حدّثني محمّد بن جعفر، و غيره قالوا: وقف على عليّ بن الحسين

ص:275


1- 1) شجّه: جرحه.
2- 2) آل عمران:134. [1]
3- 3) أمالي الصدوق:168 ح 12 و [2]عنه البحار ج 46/67 ح 36 و [3]عوالم الإمام السجّاد عليه السلام: 111 ح 1 و عن الإرشاد:274 و [4]سيأتي في ح 3، و المناقب لابن شهر اشوب ج 4/157 و [5]أخرجه في نور الثقلين ج 1/390 ح 362 [6] عن مجمع البيان ج 1/505.

عليهما السلام رجل من أهل بيته فأسمعه و شتمه فلم يكلّمه، فلمّا انصرف قال لجلسائه: لقد سمعتم ما قال هذا الرجل، و أنا احب أن تبلغوا معي إليه حتى تسمعوا ردّي عليه، قال: فقالوا له: نفعل، و لقد كنّا نحبّ أن يقول له و يقول، قال: و أخذ نعليه و مشى و هو يقول: وَ اَلْكاظِمِينَ اَلْغَيْظَ وَ اَلْعافِينَ عَنِ اَلنّاسِ وَ اَللّهُ يُحِبُّ اَلْمُحْسِنِينَ (1)فعلمنا أنّه لا يقول شيئا.

قال: فخرج حتى أتى منزل الرجل فصرخ، و قال: قولوا له: هذا عليّ بن الحسين، قال: فخرج إلينا متوثّبا للشر، و هو لا يشكّ أنّه إنّما جاء مكافئا له، فقال له عليّ بن الحسين عليه السلام: يا أخي إنّك كنت قد وقفت عليّ آنفا فقلت و قلت، فإن كنت قلت ما فيّ فإنّي أستغفر اللّه منه، و إن كنت قلت ما ليس فيّ فغفر اللّه لك، قال: فقبّل الرجل بين عينيه، و قال: بل قلت فيك ما ليس فيك، و أنا أحقّ به.

قال الراوي للحديث: و الرجل هو الحسن بن الحسن عليه السلام (2).

3-و عنه قال: أخبرني الحسن بن محمّد، عن جدّه، قال: حدّثني شيخ من أهل اليمن قد أتت عليه بضع و سبعون سنة، قال: أخبرني رجل يقال له: عبد اللّه ابن محمّد، قال: سمعت عبد الرزّاق، يقول: جارية لعليّ بن الحسين عليهما السلام تسكب عليه الماء ليتهيّأ للصلاة، فنعست فسقط الإبريق من يد الجارية فشجّه، فرفع رأسه إليها، فقالت له الجارية: إنّ اللّه يقول: وَ اَلْكاظِمِينَ اَلْغَيْظَ (3)قال عليه السلام: قد كظمت غيظي، قالت: وَ اَلْعافِينَ عَنِ اَلنّاسِ قال لها: عفا اللّه عنك، قالت: وَ اَللّهُ يُحِبُّ اَلْمُحْسِنِينَ قال: اذهبي فأنت حرّة لوجه اللّه (4).

ص:276


1- 1) آل عمران:134. [1]
2- 2) الإرشاد للمفيد:257 و [2]عنه البحار ج 46/54 ح 1 و [3]عوالم الإمام السجّاد عليه السلام:112 ح 3 و عن إعلام الورى:256. [4]
3- 3) آل عمران:134. [5]
4- 4) الإرشاد:257 و [6]عنه كشف الغمّة ج 2/87، و [7]أورده الطبرسي في إعلام الورى:356. [8]

4-و عنه، قال: روى الواقديّ، قال: حدّثني عبد اللّه بن محمّد بن عمر ابن عليّ، قال: كان هشام (1)بن إسماعيل يسيئ جوارنا، و لقي منه عليّ بن الحسين عليهما السلام أذى شديدا فلمّا اعتزل أمر به الوليد أن يوقف للناس، قال: فمرّ به عليّ بن الحسين عليهما السلام و قد اوقف عند دار مروان، قال: فسلّم عليه، قال: و كان عليّ بن الحسين عليهما السلام قد تقدّم إلى خاصّته أن لا يعرض له أحد (2).

5-قال: و روي أنّ عليّ بن الحسين عليهما السلام دعا مملوكه مرّتين فلم يجبه، ثمّ دعاه فأجابه في الثالثة، فقال له: يا بنيّ أ ما سمعت صوتي؟ فقال له:

بلى، قال: فمالك لا تجيبني؟ قال: أمنتك، قال: الحمد للّه الذي جعل مملوكي يأمنني (3).

6-شرف الدين النجفي (4)، قال: روي أنّ الإمام عليّ بن الحسين عليهما السلام أراد أن يضرب غلاما له فقرأ: قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيّامَ اَللّهِ (5)و وضع السوط من يده، فبكى الغلام، فقال عليه السلام له: ما يبكيك؟ قال: و إنّي عندك يا مولاي ممّن لا يرجو أيام اللّه، فقال له: أنت ممّن يرجو أيّام اللّه، قم (6)فأت قبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و قل: اللهم اغفر

ص:277


1- 1) هشام بن اسماعيل المخزومي ولي المدينة سنة (84) ولاه عبد الملك حتى سنة (87) فعزله الوليد ابن عبد الملك.
2- 2) الإرشاد:258 و [1]عنه البحار ج 46/55 ح 5 و [2]عوالم السجّاد عليه السلام:113 ح 4.
3- 3) الإرشاد للمفيد:258 و [3]عنه كشف الغمة ج 2/87 و [4]في البحار: ج 6/56 ح 6 و [5]عوالم الإمام السجّاد:114 ح 7 عنه و عن إعلام الورى:261 و [6]المناقب للسروي ج 4/157.
4- 4) شرف الدين السيّد علي الحسيني الأسترآبادي النجفي من أعلام تلامذة المحقّق الكركي.
5- 5) الجاثية:14. [7]
6- 6) في المصدر: أنت ممّن يرجو أيام اللّه؟ قال: نعم يا مولاي، فقال عليه السلام: لا احبّ أن أملك من يرجو أيام اللّه، قم فأت. . .

لعليّ بن الحسين خطيئته يوم الدين، و أنت حرّ لوجه اللّه (1).

7-و الذي في «كشف الغمّة» عن عبد اللّه بن عطا (2)أذنب غلام لعلي بن الحسين عليهما السلام ذنبا استحقّ به العقوبة، فأخذ له السوط ليضربه، فقال قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيّامَ اَللّهِ فقال الغلام: و ما أنا كذلك، إنّي لأرجو رحمة اللّه، و أخاف عذابه، فألقى السوط و قال: أنت عتيق (3).

8-قال: و استطال رجل على عليّ بن الحسين عليهما السلام فتغافل عنه، فقال له الرجل: إيّاك أعني، فقال له عليه السلام: و عنك اغضي.

و قال عليه السلام: إنّما التوبة العمل و الرجوع عن الأمر و ليست التوبة بالكلام (4).

9-ابن بابويه في «أماليه» قال: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي اللّه عنه، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: كان في المدينة رجل بطّال يضحك الناس منه، فقال: قد أعياني هذا الرجل أن اضحكه، يعني عليّ بن الحسين عليهما السلام قال: فمرّ عليّ عليه السلام، و خلفه موليان له، فجاء الرجل حتى انتزع رداءه من رقبته، ثمّ مضى، فلم يلتفت إليه عليّ عليه السلام فاتّبعوه، و أخذوا الرداء منه، فجاءوا به فطرحوه عليه، فقال عليه السلام لهم: من هذا؟ فقالوا: هذا رجل بطّال يضحك أهل المدينة فقال عليه السلام: قولوا له: إنّ للّه يوما يخسر فيه المبطلون (5).

ص:278


1- 1) تأويل الآيات ج 2/575 ح 2 و عنه البحار ج 23/384 ح 81. [1]
2- 2) عبد اللّه بن عطا بن أبي رياح: عدّه الشيخ من أصحاب السجّاد عليه السلام.
3- 3) كشف الغمّة ج 2/101 و [2]عنه البحار ج 46/100 و [3]عوالم الامام السجّاد عليه السلام:116 ح 11.
4- 4) نفس المصدر ج 2/101. [4]
5- 5) أمالي الصدوق:183 ح 6 و [5]عنه البحار ج 46/68 ح 39 و 40 و [6]عوالم الإمام السجّاد عليه السلام:112 ح 2 و عن المناقب لابن شهر اشوب ج 4/158. [7]

10-و من طريق المخالفين محمّد بن طلحة الشافعي في «مطالب السئول» و المالكي في «الفصول المهمة» قالا: نقل سفيان، قال: جاء رجل إلى عليّ بن الحسين، فقال له: إنّ فلانا قد وقع فيك و آذاك، فقال له: فانطلق بنا اجبه (1)فانطلق معه، و هو يرى أنّه سينتصر لنفسه فلمّا أتاه قال له: يا هذا إن كان ما قتله فيّ حقا فاللّه تعالى يغفره لي، و إن كان ما قتله فيّ باطلا فاللّه تعالى يغفر لك (2).

11-و كان بينه و بين ابن عمّه حسن بن الحسن شيء من المنافرة، فجاء حسن الى عليّ عليه السلام و هو في المسجد مع أصحابه، فما ترك شيئا إلاّ قاله له من الأذى و هو ساكت، ثمّ انصرف حسن، فلمّا كان الليل أتاه في منزله، فقرع عليه الباب، فخرج حسن إليه و قال له: يا أخي إن كنت صادقا فيما قلت يغفر اللّه لي، و إن كنت كاذبا فيه فيغفر اللّه لك، و السلام عليك و رحمة اللّه و بركاته، ثمّ ولّى، فأتبعه حسن و ألزمه من خلفه و بكى حتى رقّ له، ثمّ قال له: و اللّه لا عدت لأمر تكرهه، فقال له عليّ عليه السلام: و أنت في حلّ ممّا قلته (3).

12-و كان عليه السلام يوما خارجا من المسجد فلقيه رجل فسبّه فثارت إليه العبيد و الموالي، فقال لهم عليّ عليه السلام: مهلا كفّوا، ثمّ أقبل على ذلك الرجل فقال له: ما ستر عنك من أمرنا أكثر، أ لك حاجة نعينك عليها؟ فاستحى الرجل و رجع إلى نفسه، فألقى عليه السلام خميصته (4)كانت عليه و أمر له بألف درهم فكان الرجل بعد ذلك يقول: أشهد أنّك من أولاد الرسل (5).

13-و كان عنده عليه السلام قوم أضياف فاستعجل خادما له بشواء كان

ص:279


1- 1) في كشف الغمّة و [1]البحار: [2] فانطلق بنا إليه.
2- 2) مطالب السئول ج 2/42 و الفصول المهمّة:202 و [3]أخرجه في البحار ج 46/98 و [4]عوالم الإمام السجّاد عليه السلام:113 عن كشف الغمة ج 2/75. [5]
3- 3) مطالب السئول ج 2/43 و عنه كشف الغمّة ج 2/75. [6]
4- 4) الخميصة: كساء أسود مربّع له علمان-لسان العرب ج 7/31.
5- 5) مطالب السئول ج 2/47. و أخرجه في البحار ج 46/99 ح 87 و [7]عوالم الإمام السجّاد عليه السلام:115 ح 9 عن كشف الغمّة ج 2/273. [8]

في التنّور، فأقبل به الخادم مسرعا فسقط السفّود (1)من يده على راس ابن لعليّ بن الحسين عليهما السلام تحت الدرجة، فأصاب رأسه فقتله، فقال عليّ عليه السلام للغلام و قد تحيّر الغلام و اضطرب: أنت حرّ فإنّك لم تتعمّده و أخذ في جهاز ابنه و دفنه (2).

14-عليّ بن عيسى في «كشف الغمّة» قال: كان لعليّ بن الحسين عليهما السلام ابن عمّ يأتي بالليل (3)متنكّرا فيناوله شيئا من الدنانير، فيقول: لكن عليّ ابن الحسين لا يواصلني لا جزاه اللّه خيرا، فيسمع كلامه و يتحمّله و يصبر عليه و لا يعرّفه بنفسه، فلمّا مات عليه السلام فقدها، فحينئذ علم أنّه هو كان، فجاء إلى قبره و بكى عليه (4).

15-و قال رجل لرجل من آل الزبير كلاما أقذع (5)فيه فأعرض الزبيري عنه ثمّ دار الكلام، فسبّ الزبيري عليّ بن الحسين عليهما السلام فأعرض عنه و لم يجبه، فقال له الزبيري: ما يمنعك من جوابي؟ قال عليه السلام: ما يمنعك من جواب الرجل (6).

ص:280


1- 1) السفّود كتنور: حديدة يشوى عليها اللحم.
2- 2) كشف الغمّة ج 2/273 و [1]عنه البحار ج 46/99 و [2]عوالم الامام السجّاد عليه السلام:116 ح 9.
3- 3) في المصدر و البحار: [3] يأتيه بالليل.
4- 4) كشف الغمّة ج 2/303 و [4]عنه البحار ج 46/100. [5]
5- 5) أقذعه: شتمه.
6- 6) كشف الغمة ج 2/320 و [6]عنه البحار ج 46/101 و [7]عوالم السجّاد عليه السلام:116.

الباب العاشر

في خوفه عليه السلام من اللّه سبحانه و تعالى و انقطاعه له من

طريق الخاصّة و العامّة

1-ابن بابويه في «أماليه» قال: حدّثني عبد اللّه بن النضر بن سمعان التميمي (1)رضي اللّه عنه قال: حدّثنا أبو القاسم جعفر بن محمّد المكّي (2)، قال:

حدّثنا أبو الحسن عبد اللّه بن محمّد بن عمرو الاطروش الحرّاني قال: حدّثنا صالح ابن زياد أبو سعيد السوسي (3)قال: حدّثنا أبو عثمان السكري، و اسمه عبد اللّه بن ميمون، قال: حدّثنا عبد اللّه بن معزّ الأودي، قال: حدّثنا عمران بن مسلم، عن سويد بن غفلة، عن طاوس اليماني، قال: مررت بالحجر فإذا أنا بشخص راكع و ساجد، فتأمّلته فإذا هو عليّ بن الحسين عليهما السلام، فقلت: يا نفس رجل صالح من أهل بيت النبوّة و اللّه لأغتنمنّ دعائه فجعلت أرقبه حتّى فرغ من صلاته، و رفع باطن كفّيه إلى السماء و جعل يقول:

ص:281


1- 1) عبد اللّه بن النضر بن سمعان التميمي الخرقاني (بالخاء المعجمة و الراء المهملة المفتوحتين: قرية من قرى بسطام) و بسكون الراء: قرية من قرى سمرقند على ثمانية فراسخ منها) كان من مشايخ الصدوق قدّس سرّه حدّث عنه في الأمالي و علل الشرائع و الخصال مترضيا.
2- 2) جعفر بن محمّد بن إبراهيم بن محمّد بن عبيد اللّه بن موسى الكاظم عليه السلام أبو القاسم المكّي المصري سمع منه التلعكبري بمصر سنة (340) ه و سمع منه أبو المفضل الشيباني سنة (328) ه و الرجل من أجلاّء العصابة صحيح الإسناد، ذكره الشيخ في رجاله-الجامع في الرجال:391-. [1]
3- 3) صالح بن زياد بن عبد اللّه بن إسماعيل بن إبراهيم بن الجارود بن مسرح أبو شعيب السوسي الرقّي المقري توفّي سنة (261) ه.

سيّدي سيّدي هذه يداي قد مددتها إليك بالذنوب مملوّة، و عيناي بالرجاء ممدودة، و حقّ لمن دعاك بالندم تذللا أن تجيبه بالكرم تفضّلا سيّدي أمن أهل الشقاء خلقتني فأطيل بكائي؟ أم من أهل السعادة خلقتني فأبشر رجائي؟ سيّدي أ لضرب المقامع خلقت أعضائي؟ أم لشرب الحميم خلقت أمعائي، سيّدي لو أنّ عبدا استطاع الهرب من مولاه لكنت أوّل الهاربين منك، لكنّي أعلم أنّي لا أفوتك، سيّدي لو أنّ عذابي ممّا يزيد في ملكك لسألتك الصبر عليه غير أني أعلم أنّه لا يزيد في ملكك طاعة المطيعين، و لا ينقص منه معصية العاصين.

سيّدي ما أنا و ما خطري، هب لي بفضلك، و جلّلني بسترك، و اعف عن توبيخي بكرم وجهك، إلهي و سيّدي ارحمني مصروعا على الفراش تقلّبني أيدي أحبّتي، و ارحمني مطروحا على المغتسل يغسّلني صالح جيرتي، و ارحمني محمولا قد تناول الأقرباء أطراف جنازتي، و ارحم في ذلك البيت المظلم وحشتي و وحدتي و غربتي.

قال طاوس: فبكيت حتّى علا نحيبي فالتفت إليّ فقال: ما يبكيك يا يماني أو ليس هذا مقام المذنبين؟ ! قلت: حبيبي حقيق على اللّه أن لا يردّك و جدّك محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، قال: فبينما نحن كذلك إذ أقبل نفر من أصحابه فالتفت إليهم، فقال معاشر أصحابي أوصيكم بالآخرة و لست اوصيكم بالدنيا فإنّكم بها مستوصون و عليها حريصون و بها مستمسكون.

معاشر أصحابي إنّ الدنيا دار ممرّ و الآخرة دار مقرّ فخذوا من ممرّكم لمقرّكم، و لا تهتكوا أستاركم عند من لا تخفى عليه أسراركم، و أخرجوا من الدنيا قلوبكم قبل أن يخرج منها أبدانكم، أ ما رأيتم و سمعتم ما استدرج به من كان قبلكم من الامم السالفة و القرون الماضية؟ أ لم تروا كيف فضح مستورهم و أمطروا مواطر الهوان عليهم بتبديل سرورهم بعد خفض عيشهم و لين رفاهيتهم، صاروا حصائد النقم و مدارج المثلات، أقول قولي هذا و أستغفر اللّه لي و لكم. (1)

ص:282


1- 1) أمالي الصدوق:181 ح 5 و [1]عنه البحار ج 94/89 ح 1. [2]

2-و عنه، قال: حدّثنا عبد اللّه بن النضر بن سمعان التميمي، بهذا الإسناد، عن عمران بن مسلم، عن طاوس، قال: كان عليّ بن الحسين زين العابدين عليهما السلام يدعو بهذا الدعاء: إلهي و عزّتك و جلالك و عظمتك لو أنّ منذ بدعت فطرتي (1)من أوّل الدهر عبدتك دوام خلود ربوبيّتك بكلّ شعرة في كلّ طرفة عين سرمد الأبد، بحمد الخلائق و شكرهم أجمعين لكنت مقصّرا في بلوغ أداء شكر أخفى نعمة من نعمك عليّ، و لو أنّي كريت (2)معادن حديد الدنيا بأنيابي، و حرثت أرضيها بأشفار عيني، و بكيت من خشيتك مثل بحور (3)السماوات و الأرضين دما صديدا لكان ذلك قليلا في كثير ما يحبّ من حقّك عليّ، و لو أنّك إلهي عذبتني بعد ذلك بعذاب الخلائق أجمعين، و جعلت للنار خلقي و جسمي و ملأت جهنّم و أطباقها منّي حتّى لا يكون في النار معذّب غيري، و لا يكون لجهنّم حطب سوائي لكان ذلك بعدلك قليلا في كثير ما أستوجبه من عقوبتك (4).

3-و عنه، قال: حدّثنا محمّد بن عليّ بن الفضل الكوفي (5)رحمه اللّه، قال:

أخبرنا أبو جعفر محمّد بن عمار القطان (6)، قال: حدّثني الحسين بن عليّ بن الحكم

ص:283


1- 1) قيل: لعلّ المراد من بدء خلق آدم عليه السلام، بل قبل ذلك فإنّهم صلوات اللّه عليهم خلقوا قبل السماوات و الأرض، و كانوا أنوارا حول العرش مسبّحين و مقدّسين حتى خلق اللّه سبحانه و الملائكة، كما يستفاد من بحار الأنوار ج 57 ص 169 ح 111 و 112 و [1] 113 و 114 و غيرها.
2- 2) كريت الأرض: قلبتها للحرث.
3- 3) قال الشيخ البهائي قدّس سرّه: المراد ببحور السماوات: الماء الذي يحمله الغيم للأمطار.
4- 4) أمالي الصدوق:246 ح 15 و [2]عنه البحار ج 94/90 ح 2 و [3]أورده مرسلا عنه عليه السلام الفتّال النيسابوري في روضة الواعظين:387 و [4]الشيخ البهائي في مفتاح الفلاح:245. [5]
5- 5) الظاهر أنّه محمّد بن علي بن الفضل بن تمام بن سكين بن بنداذ بن داذ مهر بن فرّخزاد بن مياذرماه ابن شهريار الأصغر، ترجمة النجاشي و قال: كان ثقة، عينا، صحيح الاعتقاد، له كتب، و ذكره الشيخ في باب من لم يرو عنهم برقم 70، و قال: روى عنه التلعكبري و سمع منه سنة (340) و له منه إجازة.
6- 6) أبو جعفر محمّد بن عمّار العجلي العطّار الكوفي المولود سنة (247) و المتوفّى سنة (332) و يحتمل أن يكون القطّان مصحّف العطّار أو بالعكس-لسان الميزان ج 5/317-.

الزعفراني (1)، قال: حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم العبدي، قال: حدّثني سهل بن زياد الآدمي، عن ابن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي، قال: دخلت مسجد الكوفة فإذا أنا برجل عند الاسطوانة السابعة قائم يصلّي، يحسن ركوعه و سجوده فجئت لأنظر إليه فسبقني إلى السجود و سمعته يقول في سجوده: اللهمّ إن كنت قد عصيتك فقد أطعتك في أحبّ الأشياء إليك و هو الإيمان بك، منّا به عليّ منك لا منّا به منّي عليك، و لم أعصك في أبغض الأشياء إليك لم أدّع لك ولدا و لم أتّخذ لك شريكا، منّا منك عليّ لا منّا منّي عليك.

و عصيتك في أشياء على غير مكابرة منّي و لا مكاثرة، و لا استكبارا عن عبادتك، و لا جحودا لربوبيّتك، و لكن اتّبعت هواي و أزلني الشيطان بعد الحجّة و البيان، فإن تعذّبني فبذنبي، غير ظالم لي، و إن ترحمني فبجودك و رحمتك يا أرحم الراحمين.

ثمّ انفتل و خرج من باب كنده، فتبعته حتّى أتى مناخ الكلبيّين فمرّ بأسود فأمره بشيء لم أفهمه، فقلت: من هذا؟ فقال: عليّ بن الحسين عليهما السلام فقلت: جعلني اللّه فداك ما أقدمك هذا الموضع؟ فقال: الذي رأيت (2).

4-و من طريق المخالفين كمال الدين بن طلحة الشافعي في «مطالب السئول» قال: كان عليّ بن الحسين عليهما السلام يقول: اللهمّ إنّي أعوذ بك أن يحسن في لوائح العيون علانيتي، و يقبح سريرتي، اللهمّ كما أسأت و أحسنت عليّ فإذا عدت فعد عليّ (3).

5-و كان يقول: إنّ قوما عبدوا اللّه رهبة، فتلك عبادة العبيد، و آخرين عبدوه رغبة، فتلك عبادة التجّار، و قوما عبدوا اللّه عزّ و جلّ شكرا فتلك عبادة

ص:284


1- 1) الحسين بن عليّ بن الحكم الزعفراني روى النجاشي عن أبيه، عن علي بن إبراهيم الجواني عنه في ترجمة علي بن عبيد اللّه برقم (669) ، و ظاهره الاعتماد عليه.
2- 2) أمالي الصدوق:257 ح 12 و [1]عنه البحار ج 100/390 ح 19. [2]
3- 3) مطالب السئول ج 2/43 و أخرجه في البحار ج 46/98، و [3]عوالم الامام السجّاد عليه السلام نقلا عن المطالب، و رواه أبو نعيم في حلية الأولياء ج 3/134.

الاحرار (1).

6-و كان يقول: عجبت للمتكبّر الفخور الذي كان بالأمس نطفة، ثمّ هو عاد جيفة، و عجبت كلّ العجب لمن شكّ في اللّه و هو يرى خلقه، و عجبت كلّ العجب لمن أنكر النشأة الآخرة و هو يرى النشأة الاولى، و عجبت كلّ العجب لمن عمل لدار الفناء و ترك العمل لدار البقاء، و كان إذا أتاه السائل يقول: مرحبا بمن يحمل زادي إلى الآخرة (2).

7-و كان الزهري إذا ذكر عليّ بن الحسين عليهما السلام بكى و يقول: زين العابدين (3).

8-و قال أبو حمزة الثمالي: أتيت باب عليّ بن الحسين فكرهت أن أصوت، فقعدت حتّى خرج، فسلّمت عليه، و دعوت له، فردّ عليّ، ثم انتهى إلى حائط فقال لي: يا أبا حمزة أ لا ترى هذا الحائط؟ فقلت: بلى يا بن رسول اللّه قال: فإنّي اتّكأت عليه يوما و أنا حزين، فإذا رجل حسن الوجه، حسن الثياب، ينظر في تجاه وجهي ثم قال لي: يا عليّ بن الحسين مالي أراك كئيبا حزينا؟ أعلى الدنيا؟ فهو رزق حاضر يأكل منه البرّ و الفاجر، فقلت: ما عليها أحزن فإنّ القول كما تقول، فقال: أعلى الآخرة فهو وعد صادق يحكم فيه ملك قاهر؟ .

قال: قلت: ما على هذا أحزن و إنّه كما تقول، فقال: و ما حزنك يا عليّ؟ فقلت: إنّما أتخوّف من فتنة ابن الزبير، فقال لي: يا عليّ هل رأيت أحدا سأل اللّه فلم يعطه؟ قلت: لا، قال: فخاف اللّه فلم يكفه؟ قلت: لا، فغاب عنّي، فقيل لي: يا عليّ بن الحسين هذا الخضر عليه السلام (4).

ص:285


1- 1) مطالب السئول ج 2/43 و عنه كشف الغمّة ج 2/75 و [1]رواه في حلية الأولياء ج 3/134.
2- 2) مطالب السئول ج 2/43 و عنه كشف الغمّة ج 2/76. [2]
3- 3) مطالب السئول ج 2/44 و عنه كشف الغمّة ج 2/76 و [3]أخرجه في البحار ج 46/3 ح 4 [4]عن المناقب لابن شهر اشوب ج 4/67 [5] نقلا عن حلية الأولياء ج 3/135.
4- 4) مطالب السئول ج 2/44، و أخرجه في البحار ج 46/145 ح 1 [6] عن الخرائج للراوندي:196 و كشف الغمّة ج 2/76 و [7]الإرشاد:275، [8] ثم قال المجلسي قدّس سرّه: إنّما بعث اللّه الخضر عليه

و الحديث الأخير رواه أيضا المالكي في «الفصول المهمّة» (1).

9-المفيد في «إرشاده» قال: أخبرني أبو محمد الحسن بن محمّد بن يحيى، قال: حدّثنا جدّي، قال: حدّثني إدريس بن محمّد بن يحيى بن عبد اللّه بن حسن ابن حسن (2)، و أحمد بن عبد اللّه بن موسى، و إسماعيل بن يعقوب جميعا، قال:

حدّثنا عبد اللّه بن موسى (3)، عن أبيه، عن جدّه قال: كانت امّي فاطمة بنت الحسين تأمرني أن أجلس إلى خالي عليّ بن الحسين عليهما السلام فما جلست إليه قطّ إلاّ قمت بخير قد أفدته 4، إمّا خشية للّه تحدث للّه في قلبي لما أرى من خشيته للّه، أو علم قد استفدته منه عليه السلام 5.

10-و روى حديث أبي حمزة الثمالي المفيد في «إرشاده» قال: أخبرني أبو محمّد الحسن بن محمّد بن يحيى، قال: حدّثني جدّي قال: حدّثنا يعقوب بن يزيد 6، قال: حدّثنا ابن أبي عمير، عن أبي حفص الأعشى 7، عن أبي حمزة

ص:286


1- 1) الفصول المهمّة:203 باختلاف، و رواه أيضا أبو نعيم في حلية الأولياء ج 3/134.
2- 2) قال ابن حجر في لسان الميزان ج 1/334: إدريس بن محمّد بن يحيى بن عبد اللّه العلوي من رجال الشيعة، روى عن عبد اللّه بن موسى بن جعفر، روى عنه يحيى العلوي.
3- 3) عبد اللّه بن موسى الجون بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام، و يقال له: عبد اللّه السويقي الرضا، و هو الذي أراد المأمون أن يقيمه مقام علي بن موسى الرضا عليه السلام فأبى و اعتزل، و له رسالة إلى المأمون و كتب فيها: «بأيّ شيء تغرّني؟ بما فعلته بأبي الحسن صلوات اللّه عليه بالعنب الذي أطعمته إيّاه فقتلته» ، و كان زيديّا-قاموس الرجال ج 6/ 156-.

الثمالي، عن عليّ بن الحسين عليهما السلام قال: خرجت حتّى انتهيت إلى هذا الحائط، فاتّكأت عليه، فإذا برجل عليه ثوبان أبيضان ينظر في تجاه وجهي، ثمّ قال: يا عليّ بن الحسين مالي أراك كئيبا حزينا أعلى الدنيا حزنك؟ فرزق اللّه حاضر للبرّ و الفاجر، قال: قلت: ما على هذا أحزن و إنّه لكما تقول، فقال: أ فعلي الآخرة؟ فهو وعد صادق يحكم فيه ملك قاهر، قال: فقلت: ما على هذا أحزن، و إنّه لكما تقول، فقال: فعلام حزنك؟ قال: قلت أتخوّف من فتنة ابن الزبير، قال: فضحك، ثمّ قال: يا عليّ بن الحسين هل رأيت أحدا قطّ خاف اللّه فلم ينجه؟ قلت: لا، قال: يا عليّ بن الحسين هل رأيت أحدا سأل اللّه فلم يعطه؟ قلت: لا، ثمّ نظرت فإذا ليس قدّامي أحد (1).

11-المفيد في «إرشاده» قال: أخبرني أبو محمّد الحسن بن محمّد بن يحيى، عن جدّه قال: حدّثني داود بن القاسم، قال: حدّثنا الحسين بن زيد (2)، عن عمّه عمر بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين عليهما السلام أنّه كان يقول: لم أر شيئا مثل التقدّم في الدعاء، فإنّ العبد ليس يحضره الإجابة كلّ وقت، و كان ممّا حفظ عنه من الدعاء حين بلغه توجّه مسرف بن عقبة (3)إلى المدينة: «فكم من نعمة أنعمت بها عليّ قلّ لك عندها شكري و كم من بليّة ابتليتني بها قلّ لك عندها صبري و كم من معصية أتيتها فسترتها و لم تفضحني، فيا من قلّ عند نعمته شكري فلم يحرمني، و قلّ عند بلائه صبري فلم يخذلني و يا من رآني على المعاصي فلم

ص:287


1- 1) الإرشاد للمفيد:258 و [1]عنه كشف الغمّة ج 2/87، و [2]أخرجه في البحار ج 46/37 و [3]عوالم الإمام السجّاد عليه السلام:39 ح 1 عن المناقب لابن شهر اشوب ج 4/137 [4]نقلا عن الإرشاد، و [5]حلية أبي نعيم، و فضائل أبي السعادات و أخرجه الراوندي في الخرائج و الجرائح:196.
2- 2) الظاهر أنّه الحسين بن زيد بن عليّ بن الحسين عليهما السلام الملقّب بذي الدمعة المتقدّم ذكره، و لكن رواية أبي هاشم الجعفري عنه بعيدة لأنّه توفي سنة (135) و لم يدركه أبو هاشم، و يحتمل الإرسال و سقوط راو بينهما، و اللّه العالم.
3- 3) مسرف: هو مسلم بن عقبة الذي بعثه يزيد عليهما اللعنة لوقعة الحرّة، فاستباح المدينة و عمل القبائح و أسرف في إهراق الدماء فسمّي مسرفا، فأهلكه اللّه القهّار سنة (64) ه.

يفضحني، يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبدا، و يا ذا النعماء التي لا تحصى عددا صلّ على محمّد و آل محمّد، و ادفع عنّي شرّه فإنّي أدرأ بك في نحره و أستعيذ بك من شرّه.

فقدم مسرف بن عقبة إلى المدينة و كان يقال: لا يريد غير عليّ بن الحسين عليهما السلام فسلم منه و أكرمه و حباه و وصله.

و جاء الحديث من غير وجه أنّ مسرف بن عقبة لمّا قدم المدينة أرسل إلى عليّ ابن الحسين عليهما السلام فأتاه، فلمّا صار إليه قرّبه و أكرمه، و قال له: وصّاني أمير المؤمنين ببرّك و صلتك و تميّزك عن غيرك، فجزاه خيرا، ثمّ قال لمن حوله: أسرجوا له بغلتي و قال له: انصرف إلى أهلك، فإنّي أرى أن قد أفزعناهم و أتعبناك بمشيك إلينا، و لو كان بأيدينا ما نقوى به على صلتك بقدر حقّك لوصلناك، فقال له عليّ ابن الحسين عليهما السلام: ما أعذرني (1)للأمير و ركب، فقال مسرف لجلسائه:

هذا الخير الذي لا شرّ فيه، مع موضعه من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و مكانته منه (2).

12-عليّ بن عيسى في «كشف الغمّة» قال: سقط لعليّ بن الحسين عليهما السلام ابن في بئر فتفزّع أهل المدينة لذلك حتى أخرجوه، و كان قائما يصلّي فما زال في محرابه فقيل له في ذلك، فقال: ما شعرت، إنّي كنت اناجي ربّا عظيما (3).

13-عليّ بن عيسى في «كشف الغمّة» قال: عن يوسف بن أسباط، قال:

حدّثني أبي قال: دخلت مسجد الكوفة، فإذا شابّ ينادي و يناجي ربّه و يقول في سجوده: سجد وجهي متعفّرا بالتراب لخالقي و حقّ له، فقمت إليه فإذا هو عليّ ابن الحسين عليهما السلام فلمّا انفجر الفجر نهضت إليه، فقلت له: يا بن رسول

ص:288


1- 1) قال في البحار: [1] قوله عليه السلام: «ما أعذرني» الظاهر أنّ كلمة ما للتعجّب، أي ما أظهر عذر الأمير فيّ؟ و يحتمل ان يكون نافية أي ما قصّر الأمير في حقّي، و الأوّل أظهر.
2- 2) الإرشاد:259 و [2]عنه كشف الغمّة ج 2/88 و [3]البحار ج 46/122 ح 14. [4]
3- 3) كشف الغمّة ج 2/106 و عنه البحار ج 46/100. [5]

اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم تعذّب نفسك و قد فضّلك بما فضّلك؟ فبكى.

ثمّ قال: حدّثني عمرو بن عثمان (1)، عن اسامة بن زيد، قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: كلّ عين باكية يوم القيامة إلاّ أربعة أعين: عين بكت من خشية اللّه، و عين فقئت في سبيل اللّه، و عين غضّت عن محارم اللّه، و عين باتت ساهرة ساجدة، يباهي بها اللّه الملائكة و يقول: انظروا إلى عبدي، روحه عندي و جسده في طاعتي حتّى جافى بدنه عن المضاجع يدعوني خوفا من عذابي، و طمعا في رحمتي، اشهدوا أنّي قد غفرت له (2).

14-قال: و مات له عليه السلام ابن فلم ير له جزع، فسئل عن ذلك، فقال: أمر كنّا نتوقّعه: فلمّا وقع لم ننكره (3).

15-قال: قال طاوس: رأيت رجلا يصلّي في المسجد الحرام تحت الميزاب يدعو و يبكي في دعائه، فجئته حين فرغ من صلاته، فإذا هو عليّ بن الحسين عليهما السلام، فقلت له: يا بن رسول اللّه رأيتك على حالة كذا و لك ثلاثة أرجو أن تؤمنك من (4)الخوف: أحدها أنّك ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و الثاني شفاعة جدّك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و الثالثة رحمة اللّه تعالى، فقال: يا طاوس أمّا انّي ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فلا يؤمنني لأنّ اللّه (5)تعالى يقول: فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَ لا يَتَساءَلُونَ (6)و أمّا شفاعة جدّي فلا تؤمنني لأنّ اللّه تعالى يقول: وَ لا يَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنِ اِرْتَضى (7)و أمّا رحمة اللّه

ص:289


1- 1) هو عمرو بن عثمان بن عفّان، له ترجمة في الجرح و التعديل للرازي ج 6/248.
2- 2) كشف الغمّة ج 2/99 و [1]عنه البحار ج 46/99 ح 88. [2]
3- 3) كشف الغمّة ج 2/108 و [3]عنه البحار ج 46/101 ذيل ح 88 و [4]عوالم الإمام السجّاد عليه السلام:117 ح 2.
4- 4) في المصدر: تؤمنك الخوف.
5- 5) في المصدر و البحار: و [5]قد سمعت اللّه يقول.
6- 6) المؤمنون:101. [6]
7- 7) الأنبياء:28. [7]

فإنّ اللّه تعالى يقول: إِنَّ رَحْمَتَ اَللّهِ قَرِيبٌ مِنَ اَلْمُحْسِنِينَ (1)و لا أعلم أنّي محسن (2).

ص:290


1- 1) الأعراف:56. [1]
2- 2) كشف الغمّة ج 2/108 و [2]عنه البحار ج 46/101 ح 89 و [3]عوالم الإمام السجّاد عليه السلام: 120 ح 3.

الباب الحادي عشر

في وقت دعائه و أدعية له عليه السلام

1-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عن عبد اللّه بن عطا، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: كان أبي إذا كان له إلى اللّه حاجة طلبها في هذه الساعة، يعني زوال الشمس (1).

2-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبي أيّوب إبراهيم بن عثمان الخزّاز، عن محمّد بن مسلم، قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: إنّ عليّ بن الحسين عليهما السلام كان إذا أصبح قال: أبتدئ يومي هذا بين يدي نسياني و عجلتي بسم اللّه و ما شاء اللّه، فإذا فعل ذلك العبد أجزأه ممّا نسي في يومه (2).

3-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن مالك بن عطيّة (3)، عن أبي حمزة الثمالي، قال: أتيت باب عليّ بن الحسين عليهما السلام فوافقته حين خرج من الباب، فقال: بسم اللّه آمنت باللّه،

ص:291


1- 1) الكافي ج 2/477 ح 4 و [1]عنه الوسائل ج 4/1114 ح 3، و [2]أخرجه في البحار ج 93/345 [3]عن مكارم الأخلاق:271. [4]
2- 2) الكافي ج 2/523 ح 5 و [5]عنه البحار ج 86/288. [6]
3- 3) مالك بن عطيّة الأحمسي أبو الحسين البجلي الكوفي، ثقة، روى عن الصادق عليه السلام-رجال النجاشي:299-.

توكّلت على اللّه، ثمّ قال: يا أبا حمزة إنّ العبد إذا خرج من منزله عرض له الشيطان، فاذا قال: بسم اللّه قال الملكان: كفيت، فإذا قال: آمنت باللّه، قالا:

هديت، فإذا قال: توكّلت على اللّه، قالا: وقيت، فيتنحّى الشيطان فيقول بعضهم لبعض: كيف لنا بمن هدي و كفي و وقي؟ .

ثم قال: اللهمّ إنّ عرضي لك اليوم (1)، ثمّ قال: يا أبا حمزة إن تركت الناس لم يتركوك، و إن رفضتهم لم يرفضوك، قلت: فما أصنع؟ قال: أعطهم عرضك (2)ليوم فقرك و فاقتك (3).

4-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عبد الحميد العطّار (4)، عن يونس بن يعقوب (5)، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان عليّ بن الحسين عليهما السلام يدعو بهذا الدعاء: اللهمّ إنّي أسألك حسن المعيشة، معيشة أتقوّى بها على جميع حوائجي و أتوسّل بها في الحياة إلى آخرتي، من غير أن تترفني فيها فأطغى أو تقتر بها عليّ فأشقى، أوسع عليّ من حلال رزقك، و أفضل عليّ من سيب فضلك، نعمة منك سابغة و عطاء غير ممنون، ثم لا تشغلني عن شكر نعمتك بإكثار منها تلهيني بهجته و تفتنّي زهرات زهوته (6)و لا بإقلال عليّ منها يقصر بعملي كدّه، و يملأ صدري همّه، أعطني من ذلك يا إلهي غناء عن شرار خلقك، و بلاغا أنال به رضوانك.

و أعوذ بك يا إلهي من شرّ الدنيا و شرّ ما فيها لا تجعل الدنيا عليّ سجنا و لا

ص:292


1- 1) أي لا أتعرّض لمن هتك عرضي لوجهك إمّا عفوا أو تقيّة و كلاهما للّه رضى.
2- 2) في بعض النسخ: من عرضك.
3- 3) الكافي ج 2/541 ح 2. [1]
4- 4) محمّد بن عبد الحميد بن سالم العطّار أبو جعفر الكوفي، روى عن الكاظم عليه السلام و كان ثقة رجال النجاشي:239-.
5- 5) يونس بن يعقوب أبو عليّ الجلاّب الدهني، اختصّ بالصادق و الكاظم عليهما السلام و توفّي بالمدينة في أيّام الرضا عليه السلام و كان موثّقا-جامع الرواة ج 2/360-. [2]
6- 6) زهرة الدنيا: غضارتها و حسنها، و الزهو: المنزل الحسن و الثياب الفاخرة.

فراقها عليّ حزنا، أخرجني من فتنتها مرضيا عنّي، مقبولا فيها عملي، إلى دار الحيوان و مساكن الأخيار، و أبدلني بالدنيا الفانية نعيم الدار الباقية، اللهمّ إني أعوذ بك من أزلها (1)و زوالها (2)و سطوات شياطينها و سلاطينها و نكالها، و من بغي من بغي عليّ فيها، اللهمّ من كادني فكده، و من أرادني فأرده، و فلّ عنّي حدّ من نصب لي حدّه، و أطف عنّي نار من شبّ لي وقوده، و اكفني مكر المكرة، و افقأ عنّي عيون الكفرة، و اكفني همّ من أدخل عليّ همّه، و ادفع شرّ الحسدة، و اعصمني من ذلك بالسكينة، و ألبسني درعك الحصينة، و اخبأني (3)في سترك الواقي، و أصلح لي حالي، و صدّق قولي بفعالي، و بارك في أهلي و مالي (4).

5-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد ابن أعين (5)، عن بشر بن مسلمة (6)عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان عليّ بن الحسين عليهما السلام يقول: ما ابالي إذا قلت هذه الكلمات لو اجتمعت عليّ الإنس و الجن: بسم اللّه، و باللّه، و من اللّه، و إلى اللّه، و في سبيل اللّه، و على ملّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، اللهمّ إليك أسلمت نفسي، و إليك وجّهت وجهي، و إليك ألجأت ظهري، و إليك فوّضت أمري، اللهمّ احفظني بحفظ الإيمان من بين يديّ، و من خلفي، و عن يميني، و عن شمالي، و من فوقي، و من تحتي، و ما قبلي (7)و ادفع عنّي بحولك و قوّتك، فإنّه لا حول و لا قوّة إلاّ بك (8).

ص:293


1- 1) الأزل: الضيق و الشدّة.
2- 2) في المصدر: و زلزالها.
3- 3) و أخبأني: و استرني.
4- 4) الكافي ج 2/553 ح 13. [1]
5- 5) محمّد بن أعين الكاتب الكوفي، عدّه الشيخ الطوسي في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام، و كونه من بني أعين الشيباني لا يخلو من نظر-رجال بحر العلوم ج 1/249-. [2]
6- 6) بشر بن مسلمة الكوفي أبو صدقة، ذكره الشيخ في أصحاب الصادق و الكاظم عليهما السلام مع التوثيق و قال في الفهرست: له أصل-الجامع في الرجال:312-. [3]
7- 7) في المصدر: و من قبلي.
8- 8) الكافي ج 2/559 ح 10. [4]

6-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن أبي حمزة، قال: سمعت عليّ بن الحسين عليهما السلام يقول لابنه: يا بنيّ من أصابه منكم مصيبة أو نزلت به نازلة فليتوضّأ و ليسبغ الوضوء، ثم يصلّي ركعتين أو أربع ركعات، ثمّ يقول في آخرهنّ: يا موضع كلّ شكوى، و يا سامع كلّ نجوى، و يا شاهد كلّ ملاء، و عالم كلّ خفيّة، و يا دافع ما يشاء من بليّة، يا خليل إبراهيم، و يا نجيّ موسى، و يا مصطفى محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أدعوك دعاء من اشتدّت فاقته، و قلّت حيلته، و ضعفت قوّته، دعاء الغريب الغريق المضطرّ الذي لا يجد لكشف ما هو فيه إلاّ أنت يا أرحم الراحمين، فإنّه لا يدعو به أحد إلاّ كشف اللّه عنه إن شاء اللّه (1).

7-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد اللّه بن المغيرة، عن أبان لا اعلمه إلاّ ذكره عن أبي حمزة، قال: كان عليّ بن الحسين عليهما السلام إذا رأى جنازة قد أقبلت قال: الحمد للّه الذي لم يجعلني من السواد المخترم (2)(3).

8-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر ابن عاصم (4)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان عليّ بن الحسين عليهما السلام إذا بلغ الحجر، قبل أن يبلغ الميزاب يرفع رأسه ثمّ يقول: اللهمّ أدخلني الجنة برحمتك، و هو ينظر إلى الميزاب، و أجرني برحمتك من النار، و عافني من السقم، و أوسع عليّ من الرزق الحلال، و ادرأ عنّي شرّ فسقة الجنّ و الإنس، و شرّ فسقة العرب و العجم (5).

ص:294


1- 1) الكافي ج 2/560 ح 15 و [1]أخرجه في البحار ج 91/374 ح 31 [2]عن كشف الغمّة ج 1/554 ح 26. [3]
2- 2) المخترم (مبنيّا للمجهول) : الميّت.
3- 3) الكافي ج 3/167 ح 1 و [4]عنه الوسائل ج 2/830 ح 1 و [5]عن التهذيب ج 1/452 ح 117 و الفقيه ج 1/177 ح 525 و أخرجه في البحار ج 81/266. [6]
4- 4) عمر بن عاصم الأزدي البصري أبو الوليد، عدّه الشيخ من أصحاب الصادق عليه السلام.
5- 5) الكافي ج 4/407 ح 5 و [7]عنه الوسائل ج 9/416 ح 5 و [8]عن التهذيب ج 5/105.

9-المفيد في «إرشاده» و من العامّة كمال الدين بن طلحة الشافعي في «مطالب السئول» و اللفظ للمفيد، قال، جاءت الرواية أنّ عليّ بن الحسين عليهما السلام كان في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ذات يوم، إذ سمع قوما يشبّهون اللّه بخلقه، ففزع لذلك و ارتاع له و نهض حتى أتى قبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فوقف عنده و رفع صوته يناجي ربّه، فقال في مناجاته له: إلهي بدت قدرتك و لم تبد هيئة جلالك فجهلوك، و قدّروك بالتقدير على غير ما أنت به شبّهوك و أنا بريء يا إلهي من الذين بالتشبيه طلبوك، ليس مثلك شيء، إلهي و لم يدركوك و ظاهر ما بهم من نعمة دليلهم عليك لو عرفوك، و في خلقك يا إلهي مندوحة أن يتأولوك، بل سوّوك بخلقك فمن ثمّ لم يعرفوك، و اتّخذوا بعض آياتك ربّا فبذلك و صفوك، فتعاليت يا إلهي عمّا به المشبّهون نعتوك (1).

ص:295


1- 1) إرشاد المفيد:260 و [1]عنه كشف الغمّة ج 2/89 و [2]ما وجدنا الحديث في مطالب السئول.

ص:296

الباب الثاني عشر

في خوفه من اللّه سبحانه و تعالى مخافة القصاص

1-الحسين بن سعيد الأهوازي في كتاب «الزهد» قال: حدّثنا القاسم، عن عليّ، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إنّ أبي ضرب غلاما له قرعة واحدة بسوط، و كان بعثه في حاجة فأبطأ عليه، فبكى الغلام، و قال: اللّه يا عليّ بن الحسين تبعثني في حاجتك ثم تضربني، قال: فبكى أبي و قال: يا بنيّ اذهب إلى قبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فصلّ ركعتين، ثمّ قل: اللهمّ اغفر لعليّ بن الحسين خطيئته يوم الدين، ثم قال للغلام: اذهب فأنت حرّ لوجه اللّه، قال أبو بصير: فقلت له: جعلت فداك كأنّ العتق كفّارة الضرب؟ فسكت (1)! .

2-و عنه، عن الحسن بن عليّ، قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: إنّ عليّ بن الحسين عليهما السلام ضرب مملوكا له ثم دخل إلى منزله فأخرج السوط ثم تجرّد له ثم قال: اجلد عليّ بن الحسين، فأبى عليه فأعطاه خمسين دينارا (2).

ص:297


1- 1) الزهد:43 ح 116 و [1]عنه البحار [2]ج 46/92 ح 79، و ج 74/142 ح 12، و ج 91/382 ح 7 و عوالم الامام السجّاد عليه السلام:152 ح 2، و الوسائل ج 15/582 ح 1. [3]
2- 2) الزهد:45 ح 120 و [4]عنه البحار [5]ج 46/92 ح 80 و ج 74/143 ح 16، و عوالم الإمام السجّاد عليه السلام:154 ح 4.

3-المفيد في «إرشاده» قال: أخبرني أبو محمّد الحسن بن محمّد، عن جدّه، عن أحمد بن محمد الرافعي (1)، عن إبراهيم بن عليّ (2)، عن أبيه، قال: حججت مع عليّ بن الحسين عليه السلام فالتاثت (3)الناقة عليه في سيرها، فأشار إليها بالقضيب ثم قال: آه لو لا القصاص، و ردّ يده عنها (4).

4-و عنه بهذا الإسناد قال: حجّ عليّ بن الحسين عليهما السلام ماشيا فسار عشرين يوما من المدينة إلى مكّة (5).

5-محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: كان لعليّ بن الحسين عليه السلام ناقة حجّ عليها اثنتين و عشرين حجّة، ما قرعها قرعة قطّ، قال: فجاءت بعد موته و ما شعرنا بها إلاّ و قد جاءني بعض خدمنا أو بعض الموالي، فقال: إنّ الناقة قد خرجت فأتت قبر عليّ بن الحسين عليهما السلام فانبركت عليه، فدلكت بجرانها (6)-على-القبر و هي ترغو، فقلت:

أدركوها أدركوها و جيئوني بها قبل أن يعلموا بها أو يروها، و ما كانت رأت القبر قطّ (7).

6-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن عيسى،

ص:298


1- 1) في البحار: [1] أحمد بن محمد بن الرافعي، و على أي تقدير ما وجدت له ترجمة.
2- 2) هو على ما يستفاد من الجامع في الرجال ص 54: [2] إبراهيم بن عليّ بن عبيد اللّه الأعرج بن الحسين ابن الأصغر بن السجاد عليه السلام، و أبوه علي بن عبيد اللّه كان كوفيا ورعا من أهل الفضل و الزهد، و [3]لكن حجّه مع السجّاد عليه السلام لا يمكن لأنّه كان من أصحاب الرضا عليه السلام، و ما ولد في عصر السجاد عليه السلام، فالحديث مرسل و سقط الراوي الأخير.
3- 3) التأث: أبطأ.
4- 4) الإرشاد:256 و [4]عنه البحار ج 46/76 ح 69. [5]
5- 5) الإرشاد:256 و [6]عنه البحار ج 46/76 ح 70. [7]
6- 6) جران البعير (بكسر الجيم و تخفيف الراء المهملة) : مقدّم عنقه.
7- 7) الكافي ج 1/467 ح 2 و [8]أخرجه في البحار ج 46/147 ح 2 و [9]عوالم الإمام السجّاد عليه السلام: 304 ح 1 عن بصائر الدرجات:353 ح 16 و [10]في ج 64/137 ح 35 عن الاختصاص:301.

عن حفص بن البختري، عمّن ذكره عن أبي جعفر عليه السلام قال: لمّا مات أبي عليّ بن الحسين عليهما السلام جاءت ناقة له من الرعي حتّى ضربت بجرانها على القبر، و تمرّغت عليه، فأمرت بها فردّت إلى مرعاها، و إنّ أبي عليه السلام كان يحجّ عليها و يعتمر و لم يقرعها قرعة قطّ (1).

7-و عنه ابن بابويه (2)، عن الحسين بن محمّد بن عامر، عن أحمد بن إسحاق بن عبد اللّه بن سعد، عن سعدان بن مسلم، عن أبي عمارة، عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لمّا كان الليلة التي وعد فيها عليّ بن الحسين، قال لمحمّد: يا بنيّ ابغني وضوء، قال: فقمت فجئته بوضوء قال: لا أبغي هذا فإنّ فيه شيئا ميتا.

قال: فخرجت فجئت بالمصباح فإذا فيه فارة ميتة، فجئته بوضوء غيره، فقال: يا بنيّ هذه الليلة التي وعدتها، فأوصى بناقته أن يحضر لها حظار (3)و ان يقام لها علف، فجعلت فيه. قال: فلم تلبث أن خرجت حتّى أتت القبر فضربت بجرانها و رغت و هملت عيناها، فأتي محمّد بن عليّ عليهما السلام فقيل له: إنّ الناقة قد خرجت، فأتاها فقال، صه الآن قومي بارك اللّه فيك، فلم تفعل، فقال: و ان كان ليخرج عليها إلى مكّة فيعلّق السوط على الرحل، فما يقرعها حتى يدخل المدينة.

قال: و كان عليّ بن الحسين عليهما السلام يخرج في الليلة الظلماء فيحمل الجراب فيه الصرر من الدنانير و الدراهم حتى يأتي بابا بابا فيقرعه ثم ينيل من يخرج إليه، فلمّا مات عليّ بن الحسين عليهما السلام فقدوا ذلك، فعلموا أنّ عليا عليه السلام كان يفعله.

ص:299


1- 1) الكافي ج 1/467 ح 3، و [1]البحار ج 46/148 ح 3 [2]عن بصائر الدرجات:353 ح 16 و [3]في ج 64 /137 عن الاختصاص:301.
2- 2) إشارة إلى أنّ الحديث كان في نسخة الصدوق، و ليس هذا من كلام الكليني-مرآة العقول-. [4]
3- 3) الحظار: الحظيرة تعمل للابل لتقيها البرد.

و هذا الحديث في الناقة متكرّر في الكتب، رواه سعد بن عبد اللّه في «بصائر الدرجات» و الحضيني، و أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري، و غيرهم (1).

ص:300


1- 1) الكافي ج 1/468 ح 4 و [1]بصائر الدرجات:483 ح 11 و [2]هداية الحضيني:47 و دلائل الامامة للطبري:81. [3]

الباب الثالث عشر

في أفضليّته عليه السلام من طريق الخاصّة

1-الشيخ المفيد في «إرشاده» قال: أخبرني أبو محمّد الحسن بن محمّد العلوي، عن جدّه، عن محمّد بن ميمون البزّاز (1)، قال: حدّثنا سفيان بن عيينة، عن ابن شهاب الزهري، قال: حدّثنا عليّ بن الحسين، و كان أفضل هاشمي أدركناه، قال: أحبّونا حبّ الإسلام فما زال حبّكم لنا حتّى صار شينا علينا (2)(3).

2-قال: و روى أبو معمر (4)، عن عبد العزيز بن أبي حازم قال: سمعت أبي يقول: ما رأيت هاشميا أفضل من عليّ بن الحسين عليهما السلام (5).

ص:301


1- 1) ترجمه الذهبي في ميزان الاعتدال ج 4/53 برقم 8244 و قال: محمّد بن ميمون المكّي الخيّاط، عن ابن عيينة و جماعة. . . وثّقه ابن حبّان مات سنة (252) .
2- 2) قال العلاّمة المجلسي قدّس سرّه في بيان الحديث: لعلّ المراد النهي عن الغلوّ، أي أحبّونا حبّا يكون موافقا لقانون الإسلام و لا يخرجكم عنه، و لا زال حبّكم كان لنا حتّى أفرطتم و قلتم فينا ما لا نرضى به، فصرتم شينا و عيبا علينا، حيث يعيبوننا الناس بما تنسبون إلينا.
3- 3) إرشاد المفيد:255 و [1]عنه كشف الغمّة ج 2/85، و [2]البحار ج 46/73 ح 58 و [3]عوالم الإمام السجّاد عليه السلام:97 ح 1.
4- 4) أبو معمر (بفتح الميمين و سكون العين المهملة) : إسماعيل بن إبراهيم بن معمر بن الحسن الهذلي الهروي نزيل بغداد، توفّي سنة (236) ه-طبقات الحفّاظ:205-.
5- 5) إرشاد المفيد:255 و [4]عنه البحار ج 46/73 ح 60 و [5]أخرجه في البحار ج 46/67 [6] في صدر ح 35 عن العلل:232 ح 10 و [7]يأتي إن شاء اللّه عن حلية الأولياء.

3-و روى سفيان الثوري، عن عبيد اللّه بن عبد الرحمن بن موهب (1)، قال: ذكر لعليّ بن الحسين عليهما السلام فضله فقال: حسبنا أن نكون من صالحي قومنا (2).

4-و عنه، قال: أخبرني أبو محمّد الحسن بن محمّد، قال: حدّثني جدّي، قال: حدّثنا عمّار بن أبان، قال: حدّثنا عبد اللّه بن بكير، عن زرارة بن أعين، قال: سمع سائل في جوف الليل و هو يقول: أين الزاهدون في الدنيا الراغبون في الآخرة؟ فهتف به هاتف من ناحية البقيع يسمع صوته و لا يرى شخصه: ذاك عليّ بن الحسين عليهما السلام (3).

5-قال: و روى عبد الرزّاق، عن معمر، عن الزهري، قال: لم ادرك أحدا من أهل هذا البيت يعني بيت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أفضل من عليّ ابن الحسين عليهما السلام (4).

6-و عنه، قال: أخبرني أبو محمّد الحسن بن محمّد، قال: حدّثني جدّي قال حدّثنا أبو يونس محمّد بن أحمد (5)، قال: حدّثني أبي و غير واحد من أصحابنا أنّ فتى من قريش جلس إلى سعيد بن المسيّب فطلع عليّ بن الحسين عليهما السلام فقال القرشي لابن المسيّب: من هذا يا أبا محمّد؟ قال: هذا سيّد العابدين عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام (6).

ص:302


1- 1) ترجمه الذهبي في «الميزان» ج 3/12 و قال: عبيد اللّه بن عبد الرحمن بن عبد اللّه بن موهب المدني. . . قال أبو حاتم: صالح الحديث.
2- 2) إرشاد المفيد:257 و [1]عنه كشف الغمّة ج 2/86 و [2]في البحار ج 46/74 ح 63 و [3]عوالم الإمام السجّاد عليه السلام:97 ح 3.
3- 3) الإرشاد:257 و [4]عنه كشف الغمّة ج 2/86 و [5]في البحار ج 46/76 ح 67 و [6]عوالم الإمام السجّاد عليه السلام:123 ح 2 عنه و عن المناقب لابن شهر اشوب ج 4/148. [7]
4- 4) الإرشاد:257 و [8]عنه كشف الغمّة ج 2/86 و [9]البحار ج 46/76 ح 71. [10]
5- 5) أبو يونس محمد بن أحمد بن يزيد المديني، ترجمه ابن أبي حاتم و قال: كتبت عنه بالمدينة و هو صدوق و كان مفتي المدينة-الجرح و التعديل ج 7/183-.
6- 6) إرشاد المفيد:257 و [11]عنه كشف الغمّة ج 2/86 و [12]البحار ج 46/76 ح 72 و [13]عوالم الإمام السجّاد

7-و عنه، قال: أخبرني أبو محمّد الحسن بن محمّد، قال: حدّثنا جدّي، قال: حدّثنا أبو جعفر محمّد بن إسماعيل، قال: حجّ عليّ بن الحسين عليهما السلام، فاستجهر الناس من حاله 1و تشوّقوا إليه، و جعلوا يقولون: من هذا؟ من هذا؟ تعظيما له و إجلالا لمرتبته، و كان الفرزدق 2هناك فأنشأ يقول:

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته و البيت يعرفه و الحلّ و الحرم

هذا ابن خير عباد اللّه كلّهم هذا التقيّ النقيّ الطاهر العلم

يكاد يمسكه عرفان راحته ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم

يغضي حياء و يغضى من مهابته فما يكلّم إلاّ حين يبتسم

ايّ الخلائق 3ليست في رقابهم لأولية هذا أوله نعم

من يعرف اللّه يعرف أولية ذا فالدين من بيت هذا ناله الامم

إذا رأته قريش قال قائلها: إلى مكارم هذا ينتهي الكرم 4

8-و روى الشيخ المفيد أيضا في كتاب «الاختصاص» قال: «حديث قصيدة الفرزدق لعليّ بن الحسين صلوات اللّه عليهما» .

ثم قال: حدّثنا جعفر بن الحسين المؤمن 5، عن حيدر بن محمد بن

ص:303

نعيم (1)، و يعرف بأبي أحمد السمرقندي تلميذ أبي النصر محمّد بن مسعود، عن محمّد بن مسعود قال: حدّثنا جعفر بن محمّد، قال: حدّثني أبو الفضل محمّد بن أحمد بن مجاهد، قال: حدّثنا الغلابي محمّد بن زكريّا بالبصرة، قال: حدّثنا عبيد اللّه بن محمّد بن عائشة (2)، قال: حدّثني أبي أنّ هشام بن عبد الملك (3)حجّ في خلافة عبد الملك (4)أو الوليد (5)فطاف بالبيت و أراد أن يستلم الحجر، فلم يقدر عليه من الزحام، فنصب له منبر فجلس عليه، و أطاف به أهل الشام، فبينما هو كذلك إذ أقبل عليّ بن الحسين عليهما السلام و عليه إزار و رداء من أحسن الناس وجها و أطيبهم رائحة، بين عينيه سجّادة كأنها ركبة بعير فجعل يطوف بالبيت فإذا بلغ إلى موضع الحجر تنحّى الناس حتّى يستلمه هيبة له و إجلالا فغاظ هشاما.

فقال رجل من أهل الشام لهشام: من هذا الذي قد هابه الناس هذه الهيبة و أفرجوا له عن الحجر؟ فقال هشام: لا أعرفه لئلاّ يرغب فيه أهل الشام، فقال الفرزدق و كان حاضرا: لكنّي أعرفه، فقال الشامي: من هذا يا أبا فراس؟ فقال:

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته فالبيت يعرفه و الحلّ و الحرم

هذا ابن خير عباد اللّه كلّهم هذا التّقي النقيّ الطاهر العلم

هذا عليّ رسول اللّه والده أمسى بنور هداه تهتدي الظلم

ص:304


1- 1) أبو أحمد حيدر بن محمد بن نعيم السمرقندي، فاضل جليل القدر من غلمان محمّد بن مسعود العيّاشي روى جميع مصنّفاته، و روى ألف كتاب من كتب الشيعة بقراءة و إجازة، سمع منه التلعكبري سنة (340) -رجال الشيخ:463 و الفهرست:90-.
2- 2) عبيد اللّه بن محمّد بن حفص بن عمر بن موسى، قيل له: ابن عائشة فإنّه من ذريّة عائشة بنت طلحة، توفي سنة (228) -تقريب التهذيب ج 1/530-.
3- 3) هشام بن عبد الملك بن مروان الملك الاموي، مات بالرصافة سنة (125) ه.
4- 4) عبد الملك بن مروان الملك الاموي مات سنة (86) ه.
5- 5) الوليد بن عبد الملك الملك الاموي، مات سنة (96) ه.

إذا رأته قريش قال قائلها إلى مكارم هذا ينتهي الكرم

ينمى إلى ذروة العزّ التي قصرت عن نيلها عرب الإسلام و العجم

يكاد يمسكه عرفان راحته ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم

يغضي حياء و يغضى من مهابته و لا يكلّم إلاّ حين يبتسم

ينشقّ نور الدجى عن نور غرّته كالشمس ينجاب عن إشراقها الظلم

بكفّه خيزران ريحه عبق من كفّ أروع (1)في عرنينه (2)شمم (3)

مشتقّة من رسول اللّه نبعته طابت عناصره و الخيم (4)و الشيم (5)

حمال أثقال أقوام إذا فدحوا (6) حلو الشمائل يحلو عنده نعم

هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله بجدّه أنبياء اللّه قد ختموا

هذا ابن فاطمة الغرّاء نسبته في جنّة الخلد يجري باسمه القلم

اللّه فضّله قدما و شرّفه جرى بذاك له في لوحه القلم

من جدّه دان فضل الأنبياء له و فضل امّته دانت لها الامم

عمّ البريّة بالإحسان فانقشعت (7) عنها الغيابة (8)و الإملاق و الظلم

كلتا يديه غياث عمّ نفعهما يستوكفان (9)و لا يعروهما العدم

سهل الخليقة لا تخشى بوادره (10) يزينه اثنان حسن الخلق و الشيم

ص:305


1- 1) الأروع: من يعجبك بحسنه و جهارة منظره.
2- 2) العرنين: الأنف.
3- 3) الشمم (بفتح الشين المعجمة و الميم) : ارتفاع قصبة الأنف و حسنها.
4- 4) الخيم (بكسر الخاء) السجيّة. .
5- 5) الشيم (بكسر الشين و فتح الياء) جمع الشيمة، و هي الطبيعة.
6- 6) فدحه الدين: أثقله.
7- 7) انقشع عنه السحاب: زال و انكشف.
8- 8) الغيابة (بفتح الغين المعجمة) : الستر، قعر الوادي، قعر الجبّ، و في بعض النسخ: العماية (بالعين المهملة و الياء المثنّاة) .
9- 9) استوكف: استقطر.
10- 10) البوادر: جمع البادرة و هي ما يبدو من حدّة الإنسان في الغضب من قول أو فعل.

لا يخلف الوعد ميمون نقيبته (1) رحب الفناء اريب حين يعترم (2)

من معشر حبّهم دين و بغضهم كفر و قربهم منجى و معتصم

يستدفع السوء و البلوى بحبّهم و يستزاد به الإحسان و النعم

مقدّم بعد ذكر اللّه ذكرهم في كلّ يوم (3)و مختوم به الكلم

إن عدّ أهل التقى كانوا أئمتهم أو قيل: من خير أهل الأرض قيل: هم

لا يستطيع جواد بعد غايتهم و لا يدانيهم قوم و إن كرموا

هم الغيوث إذا ما أزمة (4)أزمت و الاسد اسد الشرى (5)و النار تحتدم (6)

يأبى لهم أن يحلّ الذمّ ساحتهم خيم (7)كرام، و أيد بالندى هضم (8)

لا ينقص العسر شيئا من أكفهم سيّان ذلك إن أثروا (9)و إن عدموا

أيّ الخلائق ليست في رقابهم لأوّلية هذا أوله النعم

من يعرف اللّه يعرف أوّلية ذا و الدين من بيت هذا ناله الامم

قال: فذهب هشام و أمر بحبس الفرزدق فحبس بعسفان بين مكّة و المدينة فبلغ ذلك عليّ بن الحسين عليهما السلام فبعث إليه باثنتي عشرة ألف درهم،

ص:306


1- 1) النقيبة: النفس، و العقل، و الطبيعة.
2- 2) رحب الفناء: متّسع العناية، و «الأريب» : العاقل، و «يعترم» بالبناء على المجهول من العرام بمعنى الشدّة أي هو عليه السلام في الشدّة و البأس عاقل، و في بعض النسخ «يعتزم» بالزاي و لعلّه الأصحّ، يقال: اعتزم الأمر و عليه: أراد فعله.
3- 3) في المصدر: في كلّ بدء، و في البحار: [1] في كلّ فرض.
4- 4) الأزمة: الشدّة و «أزمت» : لزمت.
5- 5) «الشرى» (بفتح الشين المعجمة و الراء المهملة و الالف المقصورة) مأسدة جانب الفرات يضرب به المثل.
6- 6) احتدام النار: التهابها.
7- 7) الخيم (بكسر الخاء المعجمة) : السجيّة.
8- 8) الهضم (بضم الهاء و الضاد) جمع هضوم أي الجواد.
9- 9) أثروا: كثر مالهم.

و قال: اعذرنا يا أبا فراس لو كان عندنا أكثر لوصلناك به، فردّها و قال: يا بن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ما قلت إلاّ غضبا للّه و لرسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و ما كنت لأرزأ عليه شيئا (1)فردّها إليه و قال له: بحقّي لما قبلتها فقد أنار اللّه مكانك.

و في نسخة: أزاد اللّه، و في رواية: قد رأى اللّه مكانك و علم نيتك، فقبلها.

فجعل الفرزدق يهجو هشاما و هو في الحبس، فكان ممّا هجاه به قوله.

أ يحبسني بين المدينة و التي إليها قلوب الناس تهوى منيبها

يقلّب رأسا لم يكن رأس سيّد

و عينا له حولاء باد عيوبها (2)

9-ثمّ قال المفيد: و حدّثنا عليّ بن الحسن بن يوسف، عن محمّد بن جعفر العلوي (3)، عن الحسن بن محمّد بن جمهور العمي (4)، قال: حدّثنا أبو عثمان

ص:307


1- 1) رزأ ماله: أصاب منه شيئا.
2- 2) الاختصاص:191 و عنه البحار ج 46/124-130 و [1]عن المناقب لابن شهر اشوب ج 4/169 [2]نقلا عن حلية الأولياء ج 3/139 و الأغاني ج 14/75 و ج 19/40، و [3]عن رجال الكشي: 129، و رواه سبط بن الجوزي في التذكرة:329 و الإربلي في كشف الغمّة ج 2/267، و [4]الدميري في حياة الحيوان في مادّة «الأسد» .
3- 3) محمّد بن جعفر العلوي: بن محمّد بن جعفر بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي ابن أبي طالب عليهما السلام، المعروف بأبي قيراط، روى عنه التلعكبري و سمع منه سنة (328) ه، و له منه إجازة-جامع الرواة ج 2/86-. [5]
4- 4) الحسن بن محمد بن جمهور العميّ أبو محمّد البصري، ثقة في نفسه، ينسب إلى بني العمّ من تميم، يروي عن الضعفاء و يعتمد على المراسيل، قال العسقلاني في «لسان الميزان» ج 2/198 رقم 899: الحسن بن جمهور القمي (مصحّف العمّي) كان من رواة أهل البيت و حامل الأثر عنهم و كان في وسط المائة الثالثة.

المازني (1)، قال حدّثني كيسان (2)، عن جويرية بن أسماء (3)، عن هشام بن عبد الأعلى، قال: حدّثني فرعان و كان من رواة الفرزدق، و قال: حججت سنة مع عبد الملك بن مروان، فنظر إلى عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب، فأراد أن يصغّر منه، فقال: من هو؟ فقال الفرزدق: فقلت على البديهة القصيدة المعروفة.

هذا ابن خير عباد اللّه كلّهم هذا التقيّ النقيّ الطاهر العلم

حتى أتمّها، و كان عبد الملك يصله في كلّ سنة بألف دينار، فحرمه تلك السنة فشكى ذلك إلى عليّ بن الحسين عليهما السلام و سأله أن يكلّمه، فقال: أنا أصلك من مالي بمثل الذي كان يصلك به عبد الملك، و صنّ (4)عن كلامه فقال:

و اللّه يا بن رسول اللّه لارزأتك (5)شيئا، و ثواب اللّه عزّ و جلّ في الآجل أحبّ إليّ من ثواب الدنيا في العاجل، فاتّصل ذلك بمعاوية بن عبد اللّه بن جعفر الطيار (6)، و كان أحد سمحاء بني هاشم لفضل عنصره، و أحد ادبائها و ظرفائها، فقال: يا أبا فراس كم تقدّر الذي بقي من عمرك؟ قال: قدر عشرين سنة، قال: فهذه عشرون ألف دينار أعطيتكها من مالي و اعف أبا محمد أعزّه اللّه عن المسألة في أمرك، فقال: لقد لقيت أبا محمّد، و بذل لي ماله، فأعلمته أني أخّرت ثواب ذلك

ص:308


1- 1) أبو عثمان المازني: بكر بن محمد بن حبيب بن بقية أحد الأئمة في النحو، توفّي بالبصرة سنة (249) ه-الأعلام ج 2/44-. [1]
2- 2) كيسان: يحتمل أنه أبو عمرو القصّار الفزاري الهجري، ترجمه الذهبي في ميزان الاعتدال ج 3/ 417 و العسقلاني في التقريب ج 2/137 قال: من السابعة.
3- 3) جويرية بن أسماء بن عبيد بن مخارق الضبعي البصري، ترجمه ابن أبي حاتم في الجرح و التعديل ج 2/531 و قال: صالح الحديث، توفّي سنة (173) ه.
4- 4) صنّ و أصنّ: شمخ بأنفه اعتزازا.
5- 5) رزأ الرجل ماله: أصاب منه شيئا.
6- 6) معاوية بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب: شاعر من آل أبي طالب توفّي نحو سنة (110) ه- الأعلام ج 8/173-. [2]

لأجر الآخرة (1).

10-قلت: الذي في كتاب «الخرائج و الجرائح» للراوندي: أنّ عليّ بن الحسين عليهما السلام حجّ في السنة التي حجّ فيها هشام بن عبد الملك، فاستجهر الناس منه عليه السلام و قالوا لهشام: من هو هذا؟ فقال هشام: لا أعرفه لئلاّ يرغب فيه فقال الفرزدق: أنا و اللّه أعرفه.

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته و البيت يعرفه و الحلّ و الحرم

و أنشد القصيدة إلى آخرها، فأخذه هشام، و حبسه و محى اسمه من الديوان، فبعث إليه عليّ بن الحسين عليهما السلام دنانير فردّها، و قال: ما قلت ذلك إلاّ ديانة، فبعث بها إليه أيضا و قال عليه السلام: قد شكر اللّه لك ذلك، فلمّا طال الحبس عليه، و كان توعّده القتل شكا إلى الإمام عليه السلام، فدعا له فخلّصه اللّه، فجاء إليه و قال: يا بن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إنّه محى اسمي من الديوان، فقال عليه السلام له: كم كان عطاؤك؟ قال: كذا، فأعطاه لأربعين سنة، و قال عليه السلام: لو علمت أنّك تحتاج إلى اكثر من هذا لأعطيتك، فمات الفرزدق لمّا انتهت الأربعين سنة (2).

ص:309


1- 1) الاختصاص:194 و عنه البحار ج 46/130 ح 20. [1]
2- 2) الخرائج:195 و عنه البحار ج 46/141 ح 22 و [2]عوالم الإمام السجّاد عليه السلام:199 ح 2.

ص:310

الباب الرابع عشر

و هو من الباب الأوّل من طريق العامّة

1-أبو نعيم في «حلية الأولياء» بإسناده، قال رجل لسعيد بن المسيّب: ما رأيت رجلا أورع من فلان، قال: هل رأيت عليّ بن الحسين عليهما السلام؟ قال: لا، قال: ما رأيت أحدا أورع منه (1).

2-و عنه، بالإسناد قال: عن سفيان بن عيينة، قال: قال الزهري: لم أر هاشميّا أفضل من عليّ بن الحسين عليهما السلام (2).

3-و يليه بلا فصل بالإسناد قال: عن ابن أبي حازم (3)قال: سمعت أبا حازم يقول ما رأيت هاشميّا أفضل من عليّ بن الحسين عليهما السلام (4).

4-و من الجزء الثاني من «حلية الأولياء» أيضا، قال أبو نعيم: عن فضيل

ص:311


1- 1) حلية الأولياء ج 3/141 و أخرجه في كشف الغمّة ج 2/80 و [1]مطالب السئول ج 2/47.
2- 2) حلية الأولياء ج 3/141 و أخرجه في البحار ج 46/97 ح 85 [2]عن المناقب لابن شهر اشوب ج 4 /159، و [3]رواه أبو الفرج الاصفهاني في «الأغاني» ج 15/325، و [4]الإربلي في كشف الغمّة ج 2 /80 و [5]ابن الصبّاغ في الفصول المهمة:203. [6]
3- 3) ابن أبي حازم: عبد العزيز بن سلمة بن دينار أبو تمام الفقيه المدني ولد سنة (107) ، و توفّي سنة (184) تقدم-سير أعلام النبلاء ج 8/363-.
4- 4) حلية الأولياء ج 3/141، و أورده الإربلي في كشف الغمّة ج 2/80 [7]عن الإرشاد للمفيد. [8]

ابن غزوان (1)، قال: قال لي عليّ بن الحسين: من ضحك ضحكة مجّ مجة (2)من العلم (3).

5-و من الجزء الثاني أيضا من «حلية الأولياء» لأبي نعيم، قال: عن ابن شهاب الزهري قال: شهدت عليّ بن الحسين يوم حمله عبد الملك بن مروان من المدينة إلى الشام فأثقله حديدا، و وكّل به حفّاظا في عدّة و جمع، فاستاذنتهم بالتسليم عليه و التوديع له، فأذنوا لي فدخلت عليه، و هو في قبّة و الأقياد في رجليه، و الغلّ في يديه، فبكيت و قلت: وددت أنّي مكانك و أنت سالم، فقال: يا زهري أ تظنّ هذا ممّا ترى عليّ و في عنقي يكربني؟ أمّا لو شئت ما كان، فإنّه و إن بلغ منك و من أمثالك ليذكّرني عذاب اللّه، ثمّ أخرج يديه من الغلّ و رجليه من القيد.

ثمّ قال: يا زهري لا جزت معهم على ذا منزلين من المدينة، قال: فما لبثنا إلاّ أربع ليال حتّى قدم الموكّلون به يطلبونه بالمدينة، فكنت فيمن سألهم عنه، فقال لي بعضهم: إنّا نراه متبوعا إنّه لن نزل (4)و نحن حوله، لا ننام نرصده، إذ أصبحنا فما وجدنا بين محمله إلاّ حديدة، قال الزهري: فقدمت بعد ذلك على عبد الملك بن مروان، فسألني عن عليّ بن الحسين عليهما السلام فأخبرته، فقال:

إنّه جاءني في يوم فقدته الأعوان، فدخل عليّ، فقال: ما أنا و أنت؟ فقلت أقم عندي، فقال: لا احبّ، ثمّ خرج فو اللّه لقد امتلأ ثوبي منه خيفة (5).

ص:312


1- 1) فضيل بن غزوان بن جرير أبو محمّد المحدّث الكوفي المتوفى سنة (147) تقريبا-سير أعلام النبلاء ج 6/203-.
2- 2) مجّ الشيء: رمى به من فمه و استكرهه.
3- 3) حلية الأولياء ج 3/134 و عنه كشف الغمّة ج 2/102 و رواه ابن الصبّاغ المالكي في الفصول المهمّة:202.
4- 4) في المصدر و البحار: [1] إنّا نراه متبوعا إنّه لنازل.
5- 5) حلية الأولياء ج 3/135 و أخرجه في البحار ج 46/123 ح 15 و [2]عوالم الإمام السجّاد عليه السلام:173 ح 1 عن المناقب لابن شهر اشوب ج 4/132 [3] نقلا عن حلية الأولياء، و عن كشف الغمّة [4]نقلا عن مطالب السئول.

قلت: و روى هذا الحديث أيضا من العامّة كمال الدين بن طلحة الشافعي في «مطالب السئول» (1).

6-أبو نعيم في «حلية الأولياء» عن محمّد بن زكريا، قال سمعت ابن عائشة، يقول: إنّي سمعت أهل المدينة يقولون: ما فقدنا صدقة السرّ حتّى مات عليّ بن الحسين عليهما السلام (2).

7-و يليه من الكتاب أيضا قال أبو نعيم: عن جعفر بن محمد، قال: سئل عليّ بن الحسين عليهما السلام عن كثرة بكائه، فقال: لا تلوموني، فإنّ يعقوب فقد سبطا من ولده، فبكى حتّى ابيضّت عيناه و لم يعلم أنّه مات، و قد نظرت إلى أربعة عشر من أهل بيتي قتلوا في غداة واحدة أ فترون حزنهم يذهب عن قلبي (3)؟

8-و يليه بالإسناد، عن ابن عائشة عن أبيه، قال: حجّ هشام بن عبد الملك، فاجتهد في أن يستلم الحجر فلم يمكنه، و جاء عليّ بن الحسين عليهما السلام فوقف له الناس، و تنحّوا حتى استلم الحجر، قال: و نصب لهشام منبر يقعد عليه، فقال له أهل الشام: من هذا يا أمير المؤمنين؟ فقال لا أعرفه، فقال الفرزدق: لكنّي أعرفه، هذا عليّ بن الحسين عليهما السلام و قال:

هذا ابن خير عباد اللّه كلّهم هذا التقيّ النقيّ الطاهر العلم

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته و البيت يعرفه و الحلّ و الحرم

و ذكر القصيدة (4).

ص:313


1- 1) مطالب السئول ج 2/43.
2- 2) حلية الأولياء ج 3/136. تقدّم في الباب السابع ح 18، و له تخريجات ذكرناها هناك.
3- 3) حلية الأولياء ج 3/138 و عنه كشف الغمّة ج 2/102. [1]
4- 4) حلية الأولياء ج 3/139. تقدّم في الباب الثالث عشر ح 8 عن الاختصاص للمفيد ص 191، و له تخريجات ذكرناها هناك.

9-و قال كمال الدين بن طلحة الشافعي في «مطالب السئول» : لمّا حجّ هشام بن عبد الملك قبل أن يلي الخلافة فاجتهد أن يستلم الحجر الاسود فلم يمكنه، و جاء عليّ بن الحسين عليهما السلام فوقف (1)الناس و تنحّوا حتى استلم، فقال جماعة هشام لهشام: من هذا؟ فقال: لا أعرفه، فسمعه الفرزدق فقال:

لكنّي أعرفه، قال: هذا عليّ بن الحسين زين العابدين عليه السلام و أنشد هشاما من الأبيات التي قالها في أبيه الحسين عليه السلام و قد تقدّم ذكرها:

هذا ابن خير عباد اللّه كلّهم هذا التقي النقي الطاهر العلم

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته و البيت يعرفه و الحلّ و الحرم

و ذكر القصيدة، فزاد فيها أبياتا لمخاطبته هشاما بذلك، فحبسه هشام، فقال و هو (2)داخل الحبس: شعرا:

أ تحبسني بين المدينة و التي إليها قلوب الناس تهوي منيبها (3)

يقلّب رأسا لم يكن رأس سيّد و عينا له حولاء يبدو عيوبها

فأخرجه من الحبس، فوجّه إليه عليّ بن الحسين عليهما السلام عشرة آلاف درهم، و قال: اعذرنا يا أبا فراس، لو كان عندنا في الوقت أكثر من ذلك لوصلناك به، فردّها الفرزدق، و قال: ما قلت: ما كان إلاّ للّه، و لا أرزأ عليه شيئا، فقال عليه السلام: قد رأى اللّه مكانك و شكرك، و لكنّا أهل البيت (4)إذا أنفذنا شيئا لم نرجع فيه و أقسم عليه فقبلها (5).

10-و ذكر عليّ بن محمّد المالكي في «الفصول المهمّة» قال: إنّه لمّا حجّ

ص:314


1- 1) في كشف الغمّة: [1] فتوقّف له الناس.
2- 2) في كشف الغمّة: [2] فقال: و قد ادخل الحبس.
3- 3) كان محبسه الذي حبسه هشام بعسفان، و هو موضع بين مكّة المكرمة و المدينة المنورة.
4- 4) في كشف الغمّة: و [3]لكنّا أهل بيت.
5- 5) مطالب السئول ج 2/46 و عنه كشف الغمّة ج 2/79. [4]

هشام بن عبد الملك في حياة أبيه، دخل إلى الطواف و جهد أنّه يستلم الحجر الأسود فلم يصل إليه، لكثرة زحام الناس عليه، فنصب له منبر إلى جانب زمزم في الحطيم، و جلس عليه ينظر إلى الناس، و حوله جماعة من أهل الشام، فبينما هم كذلك إذ أقبل عليّ بن الحسين زين العابدين عليه السلام يريد الطواف، فلمّا انتهى إلى الحجر الأسود تنحّى له الناس حتى استلم فقال رجل من أهل الشام:

من هذا الذي هابه الناس هذه المهابة، فتنحّوا عنه يمينا و شمالا؟ فقال هشام: لا أعرفه، مخافة أن يرغب فيه أهل الشام.

و كان الفرزدق حاضرا، فقال للشامي: أنا أعرفه، فقال: من هو يا أبا فراس؟ فقال:

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته و البيت يعرفه و الحلّ و الحرم

هذا ابن خير عباد اللّه كلّهم هذا التقيّ النقيّ الطاهر العلم

و ذكر القصيدة.

قال: فلمّا سمع هذه القصيدة غضب، ثمّ إنّه أخذ الفرزدق و حبسه ما بين مكّة و المدينة، و بلغ عليّ بن الحسين عليهما السلام امتداحه له فبعث بعشرة آلاف درهم فردّها، و قال: و اللّه ما مدحته إلاّ للّه تعالى لا للعطاء، فقال: قد عرف اللّه لك ذلك، و لكنّا أهل بيت إذا وهبنا شيئا لا نستعيده، فقبلها منه، و قال الفرزدق من قصيدة يهجو هشاما في حبسه له و أنشأ يقول:

أ يحبسني بين المدينة و التي. . .

و البيتان إلى آخر ما قال، و قد تقدّما غير مرّة. (1)

11-و قال عبد الرحمن السبط (2)في كتابه: قال أبو الفرج الأصفهاني

ص:315


1- 1) الفصول المهمّة:207.
2- 2) عبد الرحمن بن الحاسب مكّي بن عبد الرحمن بن أبي سعيد بن [1] عتيق جمال الدين أبو القاسم الطرابلسي الاسكندراني سبط الحافظ أبي طاهر السلفي ولد سنة (570 [2]) و توفّي بمصر سنة (651) ه-سير أعلام النبلاء ج 23/278-. أخرج القصّة تاج الدين السبكي الشافعي في طبقات الشافعية ج 1/153 و قال: أخبرنا أبي،

حدّثني أحمد بن محمّد بن جعفر بن الجعد (1)، و محمد بن يحيى، قالا: حدّثنا محمّد ابن زكريا البغدادي، قال: حدّثنا ابن عائشة، قال: حجّ هشام بن عبد الملك في خلافة أخيه الوليد، و معه رؤساء أهل الشام، فجهد أن يستلم فلم يقدر من ازدحام الناس فنصب له منبر، فجلس عليه ينظر إلى الناس، و أقبل عليّ بن الحسين زين العابدين عليهما السلام، و هو أحسن الناس وجها، و أنظفهم ثوبا، و أطيبهم رائحة، و طاف بالبيت، فلمّا بلغ الحجر تنحّى الناس كلّهم، و خلّوا الحجر ليستلم هيبة له و إجلالا، فغاظ ذلك هشاما فبلغ منه.

فقال رجل لهشام: من هذا أصلح اللّه الأمير؟ ، قال: لا أعرفه، و كان به عارفا و لكنّه خاف أن يرغب فيه أهل الشام و يسمعوا منه، فقال الفرزدق و كان لذلك كلّه حاضرا: أنا أعرفه فاسألني عنه يا شامي من هو؟ قال: و من هو؟ فقال:

يا سائلي أين حلّ الجود و الكرم عندي بيان إذا طلاّبه قدموا

إذا أتاني فتى يستامني خبرا فإنّ فضل عليّ ليس ينكتم

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته و البيت يعرفه و الحلّ و الحرم

هذا ابن خير عباد اللّه كلّهم هذا التقيّ النقيّ الطاهر العلم

إذا رأته قريش قال قائلها إلى مكارم هذا ينتهي الكرم

يكاد يمسكه عرفان راحته ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم

لو يعلم البيت من قد جاء يلثمه لخرّ يلثم منه ما وطىء القدم

يغضي حياء و يغضى من مهابته و لا يكلّم إلاّ حين يبتسم

حمّال أثقال أقوام إذا فدحوا حلو الشمائل بل يحلو عنده نعم

ينجاب نور الهدى من نور غرّته كالشمس ينجاب عن إشراقها الظلم

ص:316


1- 1) أورد القصّة تقي الدين الحموي في «ثمرات الأوراق» ج 2/20 قال: قال أبو الفرج الاصبهاني: حدّثني أحمد بن محمد بن الجعد و محمد بن يحيى. و في الأغاني: حدّثني أحمد بن الجعد و محمد بن يحيى، و على أيّ تقدير لم أظفر على ترجمة لا لابن الجعد و لا لابن يحيى.

مشتقّة من رسول اللّه نبعته طابت عناصره و الخيم و الشيم

هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله بجده أنبياء اللّه قد ختموا

و ليس قولك من هذا بضائره العرب تعرف من أنكرت و العجم

اللّه شرّفه قدما و فضله جرى بذلك في اللوح و القلم

من جدّه دان فضل الأنبياء له و فضل أمّته دانت له الأمم

من معشر حبّهم دين و بغضهم كفر و قربهم أمن و معتصم

مقدّم بعد ذكر اللّه ذكرهم في كلّ برّ (1)و مختوم به الكلم

يستدفع الضرّ و البلوى بحبّهم و يستربّ به الإحسان و النعم

في كفّه خيزران ريحه عبق في كفّ أروع في عرنينه شمم

ما قال: لا قطّ إلاّ في تشهده لو لا التشهّد كانت لاؤه نعم

إن عدّ أهل التقى كانوا أئمتهم أو قيل من خير أهل الأرض قيل: هم

كلتا يديه غمام عمّ نفعهما يستوكفان و لا يعروهما العدم

لا يخلف الوعد ميمون نقيبته رحب الذراع أريب حين يعترم (2)

لا يستطيع جواد بعد غايتهم و لا يدانيهم قوم و إن كرموا

هم الغيوث إذا ما أزمة (3)أزمت و الاسد اسد الشرى (4)و الناس محتدم (5)

لا يقبض البسط عسر من أكفّهم (6) سيّان ذلك و إن أثروا و إن عدموا

من يشكر اللّه يشكر أوليته و الدين من بيت هذا ناله الأمم

إن تنكروه فإنّ اللّه خالقه و اللّه يعرفه و اللوح و القلم

هذا ابن فاطمة الزهراء و يحكم و ابن الوصيّ عليّ خيرهم قدم

ص:317


1- 1) في نسخة: في كلّ يوم.
2- 2) يعترم (على المجهول) من العرام بمعنى الشدّة، و الأريب: العاقل أي عاقل إذا اصابته شدّة.
3- 3) الأزمة: الشدّة، و أزمت: لزمت.
4- 4) الشرى (بفتح الشين المعجمة و الراء المهملة و الراء المهملة و الألف المقصورة) : طريق في سلمى كثيرة الاسد.
5- 5) الاحتدام: التحرّق و الالتهاب.
6- 6) في البحار و [1]المناقب: [2] لا يقبض العسر بسطا من أكفّهم.

فلمّا أنشدها على الفور و البديهة قال له هشام: لم ما قلت فيّ (1)كما قلت فيه؟ قال له الفرزدق: هات لك أبا مثل أبيه، و جدّا مثل جده، و أمّا مثل أمّه حتى أقول-فيك مثل ما قلت-فيه، فأخذه هشام و أمر بحبسه و بقي في الحبس أربعة أشهر، فبذل فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أربعمائة دينار حمراء، و أطلقه من الحبس ثم استأذن على الإمام عليه السلام فأذن له فسلّم عليه فردّ عليه بأحسن ردّ، و قال له: جزاك اللّه عنّا أحسن الجزاء، و وصله بعشرة آلاف درهم، فقال الفرزدق: ما قلت ما كان إلا للّه، و ما كنت أرجو عليه، قال له عليّ بن الحسين عليه السلام: قد رأى اللّه مكانك فشكرك، و لكنّا أهل بيت إذا نفدنا شيئا لم نرجع فيه فاقسم فقبلها.

ص:318


1- 1) في المناقب و البحار: أ لا قلت فينا مثلها؟ .

الباب الخامس عشر

في تواضعه عليه السلام

1-ابن بابويه، قال: حدّثنا الحاكم أبو عليّ الحسين بن أحمد البيهقي (1)قال: حدّثني محمّد بن يحيى الصولي (2)، قال: حدّثنا محمّد بن زكريا الغلابي، قال: حدّثنا أحمد بن عيسى بن زيد بن عليّ، و كان مستترا ستين سنة، قال:

حدّثنا عمّي، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد الصادق عليهما السلام قال: كان عليّ ابن الحسين عليهما السلام لا يسافر إلاّ مع رفقة لا يعرفونه، و يشترط عليهم أن يكون من خدم الرفقة فيما يحتاجون إليه، فسافر مرّة مع قوم، فرآه رجل فعرفه، فقال لهم: أ تدرون من هذا؟ فقالوا: لا، قال: هذا عليّ بن الحسين، فوثبوا و قبّلوا يده و رجله، و قالوا: يا بن رسول اللّه أردت أن تصلينا نار جهنّم، لو بدرت منّا إليك يد أو لسان أ ما كنا قد هلكنا آخر الدهر، فما الذي حملك على هذا؟ فقال:

انّي كنت سافرت مرّة مع قوم يعرفونني فأعطوني برسول اللّه ما لا أستحقّ له، فأنا أخاف أن تعطوني مثل ذلك، فصار كتمان أمري أحبّ إليّ (3).

ص:319


1- 1) البيهقي: الحسين بن أحمد أبو علي الحاكم: أكثر عنه الصدوق في العيون، و [1]روى عنه في مواضع من المجالس أيضا، و ظاهره الاعتماد عليه، و هو لا يروي إلاّ عن محمّد بن يحيى الصولي. -الجامع في الرجال:574-.
2- 2) الصولي: أبو بكر محمد بن يحيى بن عبد اللّه المعروف بالشطرنجي من ندماء العباسيّين توفّي بالبصرة سنة (335) -الأعلام ج 8/4-. [2]
3- 3) عيون أخبار الرضا ج 2/145 ح 13 و [3]عنه البحار ج 46/69 ح 41. [4]

2-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: مرّ عليّ بن الحسين على المجذومين، و هو راكب حمار، و هم يتغذّون، فدعوه إلى الغذاء، فقال: أما لو لا أنّي صائم لفعلت، فلمّا صار إلى منزله أمر بطعام فصنع، و أمر أن يتنوّقوا (1)فيه، ثم دعاهم فتغذّوا عنده، و تغذّى معهم (2).

3-الشيخ الطوسي في «مجالسه» قال: أخبرنا أبو عبد اللّه أحمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر، قال: أخبرنا أبو الحسن عليّ بن محمّد الزبيري القرشي، قال: أخبرنا عليّ بن الحسن بن فضّال، قال: حدّثنا العبّاس بن عامر، قال:

حدّثنا أحمد بن رزق الغمشاني، عن أبي اسامة، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: كان عليّ بن الحسين عليهما السلام يقول: ما تجرّعت جرعة غيظ قطّ أحبّ إليّ من جرعة غيظ اعقبها صبرا، و ما أحبّ أن لي بذلك حمر النعم.

قال: و كان يقول: الصدقة تطفئ غضب الربّ، قال: و كان لا تسبق يمينه شماله.

قال: و كان يقبّل الصدقة قبل أن يعطيها السائل، قيل له: ما يحملك على هذا؟ قال: فقال: لست اقبّل يد السائل، إنّما اقبّل يد ربّي، إنّها تقع في يد ربّي قبل أن تقع في يد السائل.

قال: و لقد كان يمرّ على المدرة في وسط الطريق فينزل عن دابّته حتى ينحّيها بيده عن الطريق.

قال: و لقد مرّ بمجذومين فسلّم عليهم و هم يأكلون، فمضى ثمّ قال: إنّ اللّه لا يحبّ المتكبّرين فرجع إليهم، فقال: إنّي صائم، و قال: ائتوني بهم في المنزل، قال: فأتوه فأطعمهم ثم أعطاهم (3).

ص:320


1- 1) تنوق في مطعمه و ملبسه: تجوّد.
2- 2) الكافي ج 2/123 ح 8 و [1]عنه البحار ج 46/55 ح 2 و [2]عوالم الإمام السجّاد عليه السلام:122 ح 1.
3- 3) أمالي الطوسي ج 2/285 و [3]عنه البحار ج 46/74 ح 64 و [4]صدره في البحار ج 71/426 ح 7. [5]

4-محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن نوح بن شعيب، رفعه، قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام كان عليّ ابن الحسين عليهما السلام إذا أتاه ختنه على ابنته و على أخته بسط له ردائه ثم أجلسه، ثمّ يقول: مرحبا بمن كفى المؤنة و ستر العورة (1).

5-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن أبي عبد اللّه عبد الرحمن بن محمّد (2)، عن يزيد بن حاتم، قال: كان لعبد الملك بن مروان عين بالمدينة يكتب إليه بأخبار ما يحدث فيها، و أنّ عليّ بن الحسين عليهما السلام أعتق جارية له ثمّ تزوّجها، فكتب العين إلى عبد الملك.

فكتب عبد الملك إلى عليّ بن الحسين عليهما السلام أمّا بعد فقد بلغني تزويجك مولاتك، و قد علمت أنّه كان في أكفائك من قريش من تمجّد به في الصهر و تستنجبه في الولد، فلا لنفسك نظرت، و لا على من ولدت أبقيت، و السلام.

فكتب إليه عليّ بن الحسين عليهما السلام أمّا بعد فقد بلغني كتابك تعنّفني بتزويجي مولاتي، و تزعم أنّه قد كان في نساء قريش من أتمجّد به في الصهر، و أستنجبه في الولد، و أنّه ليس فوق رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مرتقى في مجد، و لا مستزاد في كرم: و إنّما كانت ملك يميني خرجت منّي، أراد اللّه عزّ و جلّ منّي بأمر التمست به ثوابه ثمّ ارتجعتها على سنّة، و من كان زكيّا في دين اللّه فليس يخلّ به شيء من أمره، و قد رفع اللّه بالإسلام الخسيسة، و تمّم به النقيصة، و أذهب اللؤم، فلا لؤم على امرئ مسلم، إنّما اللؤم لؤم الجاهلية، و السلام.

فلمّا قرأ الكتاب رمى به إلى ابنه سليمان، فقرأه فقال: يا أمير المؤمنين لشدّ ما فخر عليك عليّ بن الحسين عليهما السلام، فقال: يا بنيّ لا تقل: ذلك، فإنّها ألسن بني هاشم التي تفلق الصخر، و تغرف من بحر، إنّ عليّ بن الحسين يا بنيّ

ص:321


1- 1) الكافي ج 5/338 ح 8 و [1]عنه الوسائل ج 14/42 ح 3. [2]
2- 2) في المصدر: «عن أبي عبد اللّه، عن عبد الرحمن، و على أيّ تقدير لم أظفر على ترجمته، كما لم أظفر على ترجمة ابن حاتم.

يرتفع من حيث يتضع الناس (1).

6-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن ثعلبة بن ميمون (2)عمّن يروي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّ عليّ بن الحسين عليه السلام تزوّج سريّة كانت للحسن بن عليّ عليهما السلام، فبلغ ذلك عبد الملك بن مروان، فكتب إليه في ذلك كتابا: إنّك صرت بعل الإماء، فكتب إليه عليّ بن الحسين عليهما السلام: إنّ اللّه رفع بالإسلام الخسيسة، و أتمّ به الناقصة، و أكرم به من اللؤم، فلا لؤم على مسلم، إنّما اللؤم لؤم الجاهليّة، إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنكح عبده، و نكح أمته، فلمّا انتهى الكتاب إلى عبد الملك قال لمن عنده: خبّروني عن رجل إذا أتى ما يضع الناس لم يزده إلاّ شرفا؟ قالوا: ذاك أمير المؤمنين، قال: لا و اللّه ما هو ذاك، قالوا: ما نعرف إلاّ أمير المؤمنين، قال:

لا و اللّه ما هو بأمير المؤمنين، و لكنّه عليّ بن الحسين عليهما السلام (3).

7-الشيخ في «التهذيب» بإسناده عن عليّ بن الحسن بن فضّال، عن محمّد ابن عبد اللّه بن زرارة، عن محمّد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السلام قال: لمّا زوّج عليّ بن الحسين عليهما السلام امّه مولاه (4)، و تزوّج هو مولاته كتب إليه عبد الملك بن مروان كتابا يلومه فيه و يقول

ص:322


1- 1) الكافي ج 5/344 ح 4 و [1]عنه الوسائل ج 14/47 ح 2 و [2]في البحار ج 46/164 ح 6 و [3]عوالم الإمام السجّاد عليه السلام:208 ح 1 و عن المناقب لابن شهر اشوب ج 4/162. [4]
2- 2) ثعلبة بن ميمون الكوفي، مولى بني أسد أبو إسحاق النحوي، له كتاب قد رواه جماعة، ذكره النجاشي في الرجال ج 1 برقم 300 و قال: كان وجها في أصحابنا، قارئا، فقيها، نحويّا، لغويّا، راوية، و كان حسن العمل كثير العبادة و الزهد روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السلام، قال البروجردي في «النخبة» . ثمّ ابن ميمون يسمّى ثعلبة وجه، فقيه، زاهد، ما أدبّه (كشر) خيّر، عدل من الزهاد و طق إليه صحّ في الإسناد
3- 3) الكافي ج 5/345 ح 6 و [5]عنه البحار ج 46/105 ح 94 و [6]صدره في الوسائل ج 14/48 ح 4. [7]
4- 4) المراد بها مولاة تربيه لا والدته كما يستفاد من الأحاديث، منها ما رواه الصدوق في «عيون الأخبار» : 270 ط سنة ( [8]1317) عن سهل بن القاسم النوشجاني قال: قال لي الرضا عليه السلام: إنّ بيننا

له: قد وضعت شرفك و حسبك.

فكتب إليه عليّ بن الحسين عليهما السلام إنّ اللّه تعالى رفع بالإسلام كلّ خسيسة، و أتمّ به الناقصة، و أذهب به اللؤم، فلا لؤم على مسلم، و إنّما اللؤم لؤم الجاهلية، و أمّا تزويج امّي فإنّي إنّما أردت بذلك برّها، فلمّا انتهى الكتاب إلى عبد الملك، قال: لقد صنع عليّ بن الحسين عليهما السلام أمرين، ما كان يصنعهما أحد إلاّ عليّ بن الحسين عليهما السلام: فإنّ بذلك ازداد شرفا (1).

8-الحسين بن سعيد الأهوازي في كتاب «الزهد» عن نضر بن السويد (2)، عن الحسين بن موسى (3)، عن زرارة، عن أحدهما عليهما السلام قال: إنّ عليّ ابن الحسين عليهما السلام تزوّج أمّ ولد عمّه الحسن عليه السلام و زوّج امّه مولاه، فلمّا بلغ ذلك عبد الملك بن مروان كتب إليه: يا عليّ بن الحسين كأنّك لا تعرف موضعك من قومك و قدرك عند الناس، تزوّجت مولاة، و زوّجت مولاك بامّك، فكتب إليه عليّ بن الحسين عليهما السلام: فهمت كتابك، و لنا اسوة برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقد زوّج زينب بنت عمّه زيدا مولاه و تزوّج مولاته صفيّة

ص:323


1- 1) التهذيب ج 7/397 ح 11 و عنه الوسائل ج 14/49 ح 9.
2- 2) نضر بن الس [1]ويد الصيرفي الكوفي، وثّقه النجاشي في رجاله ج 2/384 برقم 1148 و قال: صحيح الحديث، انتقل إلى بغداد.
3- 3) في البحار: عن الحسن بن موسى، و على أيّ تقدير ما عرفته.

بنت حييّ بن أخطب (1)(2).

ص:324


1- 1) صفيّة بنت حييّ بن أخطب، اصطفاها النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من سبي خيبر سنة سبع من الهجرة، توفّيت سنة (50) ه-العبر ج 1/56-. [1]
2- 2) الزهد:60 ح 159 و [2]عنه البحار ج 22/214 ح 47 و [3]ج 46/139 ح 30 و ج 103/374 ح 14 و الوسائل ج 14/50 ح 10. [4]

الباب السادس عشر

أنّه وصيّ أبيه عليهما السلام

1-محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، و أحمد ابن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل (1)، عن منصور بن يونس (2)، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إنّ الحسين بن عليّ عليه السلام لمّا حضره الذي حضره دعا ابنته الكبرى فاطمة بنت الحسين عليه السلام فدفع إليها كتابا ملفوفا و وصية ظاهرة، و كان عليّ بن الحسين عليهما السلام مبطونا (3)معهم لا يرون أنّه يبقى بعده، فدفعت فاطمة الكتاب إلى عليّ بن الحسين عليهما السلام، ثم صار و اللّه ذلك الكتاب إلينا يا زياد، قال: قلت: ما في ذلك الكتاب جعلني اللّه فداك؟ قال: و اللّه ما يحتاج إليه ولد آدم منذ خلق اللّه آدم إلى أن تنقضي الدنيا (4)، و اللّه إنّ فيه الحدود حتّى أنّ فيه أرش الخدش (5).

2-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن

ص:325


1- 1) هو محمّد بن إسماعيل بن بزيع الكوفي، عدّ من أصحاب الكاظم و الرضا و الجواد عليهم السلام.
2- 2) منصور بن يونس أبو يحيى الكوفي القرشي مولاهم، يقال له: بزرج، روى عن الصادق و الكاظم عليهما السلام.
3- 3) في البحار: [1] مريضا.
4- 4) في المصدر: إلى أن تفنى الدنيا.
5- 5) الكافي ج 1/303 ح 1 و [2]أخرج صدره في البحار ج 46/18 ح 5 و [3]عوالم الإمام السجّاد عليه السلام:25 ح 2 عن إعلام الورى:257 [4]نقلا عن الكافي. [5]

سعيد عن ابن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لمّا حضر الحسين عليه السلام ما حضره دفع وصيته إلى ابنته فاطمة ظاهرة في كتاب مدرّج، فلمّا كان من أمر الحسين عليه السلام ما كان، دفعت ذلك إلى عليّ بن الحسين عليهما السلام، قلت له: فما فيه يرحمك اللّه؟ فقال: ما يحتاج إليه ولد آدم منذ كانت الدنيا إلى أن تفنى (1).

3-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: إنّ الحسين بن عليّ عليهما السلام لمّا سار إلى العراق استودع أمّ سلمة رضي اللّه عنها الكتب و الوصيّة، فلمّا رجع عليّ بن الحسين عليهما السلام دفعتها إليه (2).

ص:326


1- 1) الكافي ج 1/304 ح 2، و [1]أخرجه في البحار ج 46/18 ح 5 و [2]عوالم الإمام السجّاد:25 ح 2 عن إعلام الورى:257 [3]نقلا عن الكافي. [4]
2- 2) الكافي ج 1/304 ح 3، و [5]أخرجه في البحار ج 46/19 ح 6-7، و [6]عوالم الإمام السجّاد عليه السلام:26 ح 2 عن إعلام الورى:252 [7]نقلا عن الكافي، و [8]المناقب لابن شهر اشوب ج 4/ 172. [9]

الباب السابع عشر

في أنّ عليّ بن الحسين الباقي بعد أبيه عليهما السلام هو الكبير

1-شرف الدين النجفي قال: روى الشيخ محمّد بن جعفر الحائري (1)في كتاب «ما اتّفق فيه من الأخبار في فضل الأئمّة الأطهار» حديثا مسندا يرفعه إلى مولانا عليّ بن الحسين عليهما السلام قال: كنت امشي خلف عمي الحسن و أبي الحسين عليهما السلام في بعض طرق المدينة و أنا يومئذ غلام قد باهرت الحلم، فلقيهما جابر بن عبد اللّه الأنصاري و معه أنس بن مالك، و جماعة من قريش و الأنصار. فسلّم هنالك حتى انكبّ على أيديهما و أرجلهما يقبّلهما، فقال له رجل من قريش كان نسيبا لمروان: أتصنع هذا يا أبا عبد اللّه و أنت في سنّك و موضعك من صحبة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم؟ ، و كان جابر قد شهد بدرا، فقال له: إليك عنّي، فلو علمت يا أخا قريش من فضلهما و مكانهما ما أعلم لقبّلت ما تحت أقدامهما من التراب.

ثمّ أقبل جابر على أنس فقال: يا أبا حمزة أخبرني رسول اللّه صلّى اللّه عليه

ص:327


1- 1) الحائري: الشيخ محمّد بن جعفر بن علي بن جعفر المعروف بمحمّد المشهدي صاحب «المزار» يروي عن عدّة من الأعاظم، يروي عن أبي الفضل شاذان بن جبرئيل القمّي، و محمّد بن عليّ بن شهر اشوب المازندراني المتوفّى سنة (588) ه، و يروي أيضا عن المفيد المتوفّى سنة (413) ه بواسطتين-الذريعة [1]حرف الميم ذيل كلمة «ما اتّفق من الأخبار» و «المزار» -ج 19/14 و ج 20/ 324-.

و آله و سلّم فيهما بأمر ما ظننت أنّه يكون في بشر، فقال له أنس: و ما الذي أخبرك به يا أبا عبد اللّه؟ .

قال عليّ بن الحسين عليهما السلام: فانطلق الحسن و الحسين عليهما السلام و وقفت أنا أسمع محاورة القوم، فأنشأ جابر يحدّث قال: بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ذات يوم في المسجد و قد حفّ به من حوله إذ قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا جابر ادع لي ابنيّ: حسنا و حسينا، و كان شديد الكلف (1)بهما، فانطلقت فدعوتهما. و أقبلت أحمل هذا مرّة و هذا مرّة حتّى جئته بهما.

فقال: و أنا أعرف السرور في وجهه لمّا رأى من حنوي (2)قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أ تحبّهما يا جابر؟ قلت: و ما يمنعني من ذلك فداك أبي و امّي و مكانهما منك؟ فقال: أ لا أخبرك من فضلهما؟ قلت: بلى فداك أبي و أمّي، قال: إنّ اللّه تبارك و تعالى لمّا أحبّ أن يخلقني خلق نطفة بيضاء (3)، فأودعها صلب آدم، فلم يزل ينقلها من صلب طاهر إلى رحم طاهر إلى نوح و إبراهيم، ثمّ كذلك إلى عبد المطّلب لم يصبني من دنس الجاهلية شيء، ثم افترقت تلك النطفة شطرين: إلى أبي: عبد اللّه و أبي طالب، فولدني عبد اللّه (4)فختم اللّه بي النبوّة، و ولد عمّي أبو طالب عليّا، فختمت به الوصيّة.

ثمّ اجتمعت النطفتان منّي و من عليّ و فاطمة، فولدنا الجهر و الجهير فختم (5)بهما أسباط النبوة، و جعل ذريّتي منهما و أمر (6)ربّي بفتح مدينة-أو قال مدائن الكفر- و اقسم (7)به ليظهرنّ منهما ذريّة طيبة، تملأ الأرض عدلا بعد ما ملئت جورا فهما

ص:328


1- 1) الكلف (بفتح الكاف و اللام) : الحبّ الشديد، و في نسخة: و كان شديد اللطف بهما.
2- 2) في نسخة: من حنوني عليهما، و الحنو و الحنون كلاهما بمعنى العطف.
3- 3) في نسخة: بيضاء طيبة.
4- 4) في تأويل الآيات: فولدني أبي: عبد اللّه.
5- 5) في تأويل الآيات: فختم اللّه بهما.
6- 6) في التأويل: و أمرني بفتح مدينة.
7- 7) في التأويل: و أقسم ربّي.

طهران مطهرّان، و هما سيّدا شباب أهل الجنّة، طوبى لمن أحبّهما و أباهما و امّهما، و ويل لمن عاداهم و أبغضهم (1).

2-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبان بن أبي عيّاش، عن سليم بن قيس.

و محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن اذينة.

و علي بن محمّد عن أحمد بن هلال، عن ابن أبي عمير، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس قال: سمعت عبد اللّه بن جعفر الطيّار، يقول: كنّا عند معاوية، أنا و الحسن و الحسين، و عبد اللّه بن عبّاس، و عمر بن أمّ سلمة، و اسامة بن زيد، فجرى بيني و بين معاوية كلام، فقلت لمعاوية: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم أخي عليّ ابن أبي طالب أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فاذا استشهد فالحسن بن عليّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثمّ ابني الحسين من بعده أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فاذا استشهد فابنه عليّ بن الحسين أولى بالمؤمنين من أنفسهم و ستدركه يا حسين، ثم تكلّمه اثني عشر إماما تسعة من ولد الحسين.

قال عبد اللّه بن جعفر: و استشهدت الحسن و الحسين عليهما السلام و عبد اللّه بن عبّاس، و عمر بن أمّ سلمة، و اسامة بن زيد، فشهدوا لي عند معاوية، قال سليم: و قد سمعت ذلك من سلمان و أبي ذر، و المقداد و ذكروا أنّهم سمعوا ذلك من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (2).

ص:329


1- 1) تأويل الآيات ج 1/379، و أخرجه في البرهان ج 3/171. [1]
2- 2) الكافي ج 1/529 ح 4 و [2]عنه إثبات الهداة ج 1/456 ح 74، و [3]عن عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 1/47 ح 8 و [4]كمال الدين:270 ح 15 و [5]الخصال:447 ح 41، و [6]غيبة الطوسي:91 و [7]إعلام الورى:374 و [8]المعتبر ج 1/24. و أخرجه في البحار ج 36/231 ح 13 [9] عن الكمال و الخصال و العيون، و [10]غيبة الطوسي، و [11]غيبة

قلت: هذا الحديث و ما يوجد في الروايات في أنّ عليّ بن الحسين عليهما السلام كان مولودا في زمن جدّه عليّ عليه السلام و أنّه عليه السلام نصّ عليه عليه السلام بالإمامة، و الحديث مذكور في كتب العلم و تاريخ وفاة أمير المؤمنين عليه السلام و وقت ولادته يعطي أنّه في زمانه.

3-قال الشيخ المفيد في «إرشاده» : كان مولد عليّ بن الحسين عليهما السلام بالمدينة سنة ثمان و ثلاثين من الهجرة، فبقي مع جدّه أمير المؤمنين عليه السلام سنتين و مع عمّه الحسن عليه السلام اثنتي عشرة سنة و مع أبيه عليه السلام ثلاثا و عشرين سنة، و بعد أبيه عليه السلام أربعا و ثلاثين سنة، و توفّي بالمدينة سنة خمس و تسعين للهجرة، و له يومئذ سبع و خمسون سنة فكانت إمامته أربعا و ثلاثين سنة، و دفن بالبقيع مع عمّه الحسن عليهما السلام (1).

4-و قال أبو عليّ الفضل بن الحسن الطبرسي في كتاب «إعلام الورى» :

إنّه عليه السلام ولد بالمدينة يوم الجمعة، و يقال: يوم الخميس في النصف من جمادى الآخرة، و قيل لتسع خلون من شعبان سنة ثمان و ثلاثين، و قيل: سنة ست و ثلاثين من الهجرة، و قيل: سنة سبع و ثلاثين (2).

5-و قال الشيخ محمّد بن يعقوب في «الكافي» : ولد عليّ بن الحسين عليه السلام في سنة ثمان و ثلاثين، و قبض في سنة خمس و تسعين و له سبع و خمسون سنة (3).

قلت: و هذا الذي ذكرناه يقتضي أنّ عليّ بن الحسين عليهما السلام ولد في حياة جدّه أمير المؤمنين عليه السلام و أنّه في زمن جدّه عليه السلام وقت وفاته عليه

ص:330


1- 1) إرشاد المفيد:253 و [1] عنه كشف الغمّة ج 2/83، [2]و البحار ج 46/12 ذيل حديث 23 و عوالم الإمام السجّاد عليه السلام:159 ح 1.
2- 2) إعلام الورى:251 و [3] عنه البحار ج 46/13 ح 27. [4]
3- 3) الكافي ج 1/466 و عنه البحار ج 46/13 ح 25 و عوالم الإمام السجّاد عليه السلام:13 ح 2.

السلام لعلي بن الحسين عليه السلام سنتين أو اكثر كما عرفت ممّا ذكرناه، لأنّ وقت وفاة أمير المؤمنين عليه السلام سنة أربعين من الهجرة كما هو معلوم، حتّى أنّ العامّة موافقون على ذلك.

6-قال جمال الدين بن طلحة الشافعي في «مطالب السئول» قال: ولادة عليّ بن الحسين عليهما السلام بالمدينة في الخميس الخامس من شعبان من سنة ثمان و ثلاثين من الهجرة في أيّام جدّه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام قبل وفاته بسنتين (1).

7-قلت: قال الشيخ المفيد في «إرشاده» : كان للحسين عليه السلام ستّة أولاد: عليّ بن الحسين الأكبر، كنيته أبو محمّد، و امّه شاه زنان بنت كسرى يزدجرد، و عليّ بن الحسين الأصغر قتل مع أبيه بالطف، امّه ليلى بنت أبي مرّة بن عروة بن مسعود الثقفية، و ساق ذكر الأولاد (2).

8-و قال أبو عليّ الطبرسي في كتاب «إعلام الورى» كان للحسين عليه السلام ستّة أولاد: عليّ بن الحسين الأكبر زين العابدين عليه السلام، امّه شاه زنان بنت كسرى يزدجرد بن شهريار، و عليّ الأصغر قتل مع أبيه، امّه ليلى بنت أبي مرّة بن عروة بن مسعود الثقفيّة، و الناس يغلطون فيقولون: إنّه عليّ الأكبر (3).

9-و قال عليّ بن عيسى في «كشف الغمّة» عن أعين بن حريث (4)قال:

كنت عند عبد اللّه بن العبّاس فأتاه عليّ بن الحسين عليه السلام فقال: مرحبا بالحبيب بن الحبيب. و قال ابن سعد: كان علي بن الحسين مع أبيه عليهما السلام و هو ابن ثلاث و عشرين سنة، و كان مريضا نائما على فراشه، فلمّا قتل الحسين عليه

ص:331


1- 1) مطالب السئول ج 2/41 و أخرجه في البحار:46/7 ح 18 [1]عن كشف الغمّة ج 2/73، و [2]رواه في الفصول المهمّة:201. [3]
2- 2) إرشاد المفيد:253، و [4]عنه كشف الغمّة ج 2/39، و [5]البحار ج 45/329 ح 1 و [6]عوالم الإمام الحسين عليه السلام:637 ح 1.
3- 3) إعلام الورى:250. [7]
4- 4) في المصدر: العيزار بن حريث، و على أيّ حال لم أعثر على ترجمة له.

السلام قال شمر بن ذي الجوشن: اقتلوا هذا، فقال رجل من أصحابه: يا سبحان اللّه أ تقتل فتى حدثا مريضا لم يقاتل (1).

10-و عنه، قال ابن سعد: اخبرنا عبد الرحمن بن يونس، عن سفيان، عن جعفر بن محمّد عليهما السلام قال: مات عليّ بن الحسين و هو ابن ثمان و خمسين سنة.

قال ابن عمر: و هذا يدلّ على أنّ عليّ بن الحسين عليهما السلام كان مع أبيه و هو ابن ثلاث «أو أربع» و عشرين سنة، و ليس قول من قال: إنّه قد كان صغيرا بشيء، و لكنّه كان مريضا و لم يقاتل، و كيف يكون صغيرا و قد ولد له أبو جعفر الباقر عليه السلام و قد لقي أبو جعفر عليه السلام جابر بن عبد اللّه، و روى عنه، و مات جابر بن عبد اللّه سنة ثماني و سبعين (2).

قلت: سيأتي إن شاء اللّه تعالى في المنهج السادس أنّ الباقر عليه السلام ولد في حياة جدّه الحسين عليه السلام.

11-فقد نقل عليّ بن عيسى-رحمه اللّه-في «كشف الغمّة» أنّ للحسين عليه السلام ثلاثة أولاد كلّ واحد يسمّى عليّا: أكبر و كبير و صغير، فأمّا عليّ الأكبر فإنّه قاتل بين يدي أبيه حتّى قتل شهيدا، و أمّا عليّ الأصغر فجاءه سهم و هو طفل فقتله، و الأوسط هو عليّ بن الحسين زين العابدين.

نقله عن كمال الدين بن طلحة الشافعي، و نقله أيضا عن ابن الخشّاب (3)، ثم قال: و الصحيح أنّ العليّين من أولاده ثلاثة كما ذكره كمال الدين، و زين العابدين: هو الأوسط، قال: و المشهور أنّهم ثلاثة و نقل عن المفيد، و عبد العزيز ابن الأخضر (4)أنّهما اثنان، و منع أن يكون الصغير منهم الإمام عليّ زين العابدين

ص:332


1- 1) كشف الغمّة ج 2/90. [1]
2- 2) كشف الغمّة ج 2/91. [2]
3- 3) ابن الخشّاب: أبو محمّد عبد اللّه بن أحمد البغدادي اللغوي الأديب النحوي المفسّر المتوفّى ببغداد سنة (567) ه-الكنى و الألقاب ج 1/276-. [3]
4- 4) ابن الأخضر: الحافظ أبو م [4]حمد عبد العزيز بن أبي نصر المبارك بن أبي القاسم محمود الجنابذي

عليه السلام (1).

ص:333


1- 1) كشف الغمّة ج 2/38-40، و مطالب السئول ج 2/30، و إرشاد المفيد:256.

ص:334

الباب الثامن عشر

في لباسه عليه السلام

1-محمّد بن يعقوب، عن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشاء قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: كان عليّ بن الحسين عليه السلام يلبس ثوبين في الصيف يشتريان بخمسمائة درهم (1).

2-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد ابن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام، قال: كان عليّ بن الحسين عليهما السلام يلبس الجبّة الخزّ بخمسين دينارا، و المطرف الخزّ بخمسين دينارا (2).

3-و عنه، عن عدّة من اصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سمعته يقول: كان عليّ بن الحسين عليه السلام يلبس في الشتاء الجبة الخزّ، و المطرف الخز، و القلنسوة الخزّ فيشتو (3)فيه، و يبيع المطرف في الصيف و يتصدّق بثمنه، ثم يقول: مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اَللّهِ اَلَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ اَلطَّيِّباتِ مِنَ اَلرِّزْقِ (4)(5).

ص:335


1- 1) الكافي ج 6/441 ح 5 و [1]عنه الوسائل ج 3/347 ح 2. [2]
2- 2) الكافي ج 6/450 ح 2 و [3]عنه البحار ج 46/106 ح 98. و [4]عوالم الإمام السجّاد عليه السلام: 137 ح 3 و الوسائل ج 3/264 ح 5. [5]
3- 3) يشتو فيه أي يعيش فيه في الشتاء، و في بعض النسخ: فيستوفيه أي يستوفي حظّه منه.
4- 4) الأعراف:32. [6]
5- 5) الكافي ج 6/451 ح 4 و [7]عنه البحار ج 46/106 ح 98 و [8]في البحار أيضا [9]ج 79/306 ح 2 عن

4-الشيخ في «التهذيب» بإسناده، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن حسين بن عثمان، عن ابن مسكان، عن الحلبي قال: سألته عن لبس الخزّ فقال: لا بأس به إنّ عليّ بن الحسين عليهما السلام كان يلبس الكساء الخزّ في الشتاء، فإذا جاء الصيف باعه و تصدّق بثمنه، و كان يقول: إنّي لأستحيي من ربّي أن آكل ثمن ثوب قد عبدت اللّه فيه (1).

و سيأتي ذلك في الباب الآتي.

ص:336


1- 1) التهذيب ج 2/369 ح 66 و عنه البحار ج 46/105 ح 95 و الوسائل ج 3/265 ح 13.

الباب التاسع عشر

في استعماله الطيب

1-محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: كان لعليّ بن الحسين عليهما السلام اسبيدانة (1)رصاص معلّقة فيها مسك، فإذا أراد أن يخرج و لبس ثيابه تناولها فأخرج منها فتمسّح به (2).

2-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن عليّ، عن مولى لبني هاشم، عن محمّد بن جعفر بن محمّد، قال: خرج عليّ بن الحسين عليهما السلام ليلة و عليه جبّة خزّ و كساء خزّ قد غلف (3)لحيته بالغالية، فقالوا: في هذه الساعة في هذه الهيئة؟ ! فقال: إنّي اريد أن أخطب الحور العين إلى اللّه في هذه الليلة (4).

3-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسين بن

ص:337


1- 1) في المصدر: اشبيدانه (بالشين المعجمة) و هو محلّ الطيب، معرّب، و في بعض النسخ: (شاندانه) و كأنّه معرّب يعني محلّ المشط.
2- 2) الكافي ج 6/514 ح 1 و [1]عنه الوسائل ج 1/445 ح 3. [2]
3- 3) غلّف اللحية: لطّخها، و الغالية طيب مركّب من مسك و كافور و عنبر و دهن.
4- 4) الكافي ج 6/516 ح 3 و [3]عنه البحار ج 46/59 ح 14 و [4]عوالم الإمام السجّاد عليه السلام:136 ذيل ح 2 و الوسائل ج 3/503 ح 2. [5]

يزيد، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: إنّ عليّ بن الحسين عليهما السلام استقبله مولى له في ليلة باردة و عليه جبّة خزّ، و مطرف (1)خزّ، و عمامة خزّ و هو متغلّف بالغالية، فقال له: جعلت فداك في هذه الساعة (2)على هذه الهيئة إلى أين؟ قال: فقال: إلى مسجد جدّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أخطب الحور العين إلى اللّه تعالى (3).

ص:338


1- 1) المطرف (بضمّ الميم و كسرها و الراء المهملة المفتوحة) : رداء من خزّ ذو أعلام.
2- 2) في المصدر: في مثل هذه الساعة.
3- 3) الكافي ج 6/517 ح 5 و [1]عنه البحار ج 46/59 ح 13 و [2]عوالم الإمام السجّاد عليه السلام:136 ح 2 و الوسائل ج 3/503 ح 1. [3]

الباب العشرون

في حسن قراءته القرآن و حسن هيأته عليه السلام

1-محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون (1)، قال: حدّثني عليّ بن محمّد النوفلي، عن أبي الحسن عليه السلام قال: ذكرت الصوت عنده، فقال: إنّ عليّ بن الحسين عليهما السلام كان يقرأ فربّما مرّ به المارّ فصعق من حسن صوته، و إنّ الإمام عليه السلام لو أظهر من ذلك شيئا لما احتمله الناس من حسنه، قلت: أو لم يكن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يصلّي بالناس و يرفع صوته بالقرآن؟ فقال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان يحمل الناس خلفه (2)ما يطيقون (3).

2-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحجّال، عن عليّ بن عقبة، عن رجل، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: كان عليّ بن الحسين عليهما السلام أحسن الناس صوتا بالقرآن، و كان السقّاءون يمرّون فيقفون ببابه يسمعون قراءته (4).

ص:339


1- 1) محمّد بن الحسن بن شمّون أبو جعفر، بصريّ بغدادي، عاش مائة و أربع عشرة سنة، و مات سنة (258) ه، و له كتب و لكن ضعفوه-جامع الرواة ج 2/92-. [1]
2- 2) في المصدر: من خلفه.
3- 3) الكافي ج 2/615 ح 4 و [2]عنه البحار ج 25/164 ح 31 و [3]صدره في الوسائل ج 4/859 ح 2 و [4]في البحار ج 46/69 ح 43. [5]
4- 4) الكافي ج 2/616 ح 11 و [6]عنه البحار ج 46/70 ح 45، و [7]الوسائل ج 4/859 ح 4. [8]

3-و عنه، عن محمّد بن جعفر الرزّاز، عن أيّوب بن نوح، و أبو عليّ الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن حريز، عن حمزة ابن حمران، عن عبد اللّه بن سليمان عن أبيه، قال: كنت في المسجد فدخل عليّ بن الحسين عليهما السلام و لم اثبته (1)، و عليه عمامة سوداء و قد أرسل طرفيها بين كتفيه، فقلت لرجل قريب المجلس منّي: من هذا الشيخ؟ فقال: ما لك لم تسألني عن أحد دخل المسجد غير هذا الشيخ؟ قال: فقلت: لم أر أحدا دخل المسجد أحسن هيئة في عيني من هذا الشيخ فلذلك سألتك عنه، فقال: فإنّه عليّ ابن الحسين عليهما السلام قال: فقمت و قام الرجل و غيره فاكتنفناه (2)و سلّمنا عليه، فقال له الرجل: ما ترى أصلحك اللّه في رجل سمّى امرأة بعينها و قال يوم يتزوّجها: فهي طالق (3)ثلاثا، ثم بدا له أن يتزوّجها، أ يصلح له ذلك؟ قال: فقال له: إنّما الطلاق بعد النكاح.

قال عبد اللّه: فدخلت أنا و أبي على أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد عليه السلام فحدّثه أبي بهذا الحديث، فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام أنت تشهد على عليّ بن الحسين عليهما السلام بهذا الحديث (4)؟ قال: نعم (5).

ص:340


1- 1) لم اثبته: لم أعرفه حقّ المعرفة.
2- 2) اكتنفناه: أحطنا به.
3- 3) في الوافي: [1] هي طالق ثلاثا.
4- 4) قال العلاّمة المجلسي قدّس سرّه في «مرآة العقول» : [2] لعلّ السؤال كان للتقيّة، أو للتسجيل على الخصوم.
5- 5) الكافي ج 6/63 ح 4، و [3]قطعة منه في الوسائل ج 15/287 ح 3 [4] بهذا السند و بسند آخر.

الباب الحادي و العشرون

في المفردات

1-الحسين بن سعيد الأهوازي في كتاب «الزهد» عن النضر بن سويد، عن أبي سيّار (1)، عن مروان (2)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال عليّ بن الحسين عليهما السلام: ما عرض لي قطّ أمران أحدهما للدنيا و الآخر للآخرة فآثرت الدنيا إلاّ رأيت ما أكره قبل أن امسي، ثمّ قال أبو عبد اللّه عليه السلام لبني أميّة: إنّهم يؤثرون الدنيا على الآخرة ثمانين سنة و ليس يرون شيئا يكرهونه (3).

2-ابن بابويه قال: حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس-رحمه اللّه-قال:

حدّثنا أبي قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، قال: حدّثنا العبّاس بن معروف، عن محمّد بن سهل البحراني رفعه إلى أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

البكّاءون خمسة: آدم و يعقوب و يوسف و فاطمة بنت محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و عليّ بن الحسين عليهما السلام أمّا آدم فبكى على الجنّة حتّى صار في خدّيه

ص:341


1- 1) أبو سيّار: هو مسمع بن عبد الملك بن مسمع بن مالك بن سنان الملقّب كردين، كان ثقة و شيخ بكر بن وائل بالبصرة، روى عن أبي جعفر الباقر و أبي عبد اللّه الصادق عليهما السلام، و روى أيضا عن أبي الحسن موسى الكاظم عليه السلام-جامع الرواة ج 2/230-. [1]
2- 2) الظاهر أنّه مروان بن مسلم الكوفي، وثّقه النجاشي و قال له كتاب يرويه جماعة-رجال النجاشي ج 2/369-.
3- 3) الزهد:50 و [2]عنه البحار ج 73/127 ح 125 و [3]صدره في البحار [4]أيضا ج 46/92 ح 81، و عوالم الإمام السجّاد عليه السلام:98 ح 8.

أمثال الأودية، و أمّا يعقوب: فبكى على يوسف حتى ذهب بصره، و حتى قيل له:

تَاللّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ اَلْهالِكِينَ (1).

و أمّا يوسف: فبكى على يعقوب حتى تأذّى به أهل السجن فقالوا له: إمّا أن تبكي بالنهار و تسكت بالليل، و إمّا أن تبكي بالليل و تسكت بالنهار، فصالحهم على واحد منهما، و أمّا فاطمة بنت محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: فبكت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حتّى تأذّى بها أهل المدينة، و قالوا لها: قد آذيتنا بكثرة بكائك، فكانت تخرج إلى المقابر مقابر الشهداء فتبكي حتّى تقضي حاجتها ثم تنصرف، و أمّا عليّ بن الحسين عليهما السلام فبكى على الحسين عليه السلام عشرين سنة أو أربعين سنة (2)و ما وضع بين يديه طعام إلاّ بكى حتّى قال مولى له: جعلت فداك يا ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إنّي أخاف عليك أن تكون من الهالكين، قال: إنّما أشكو بثّي و حزني إلى اللّه و أعلم من اللّه ما لا تعلمون إنّي لم أذكر مصرع بني فاطمة إلاّ خنقتني لذلك عبرة (3).

3-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كانت لعليّ بن الحسين وسائد و أنماط فيها تماثيل يجلس عليها (4).

4-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن عبد اللّه، عن عمرو المتطبّب، عن أبي يحيى الصنعاني (5)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان عليّ بن الحسين عليهما السلام إذا وضع الطعام بين يديه قال:

ص:342


1- 1) سورة يوسف:85. [1]
2- 2) الظاهر أنّ الترديد من الراوي.
3- 3) الخصال:272 ح 15، أمالي الصدوق:121 ح 5 و [2]عنهما البحار ج 46/109 ح 2 و [3]عوالم الإمام السجّاد عليه السلام:156 ح 1 و صدره في نور الثقلين ج 2/452 ح 153 [4] عن الخصال.
4- 4) الكافي ج 6/477 ح 4 و [5]عنه البحار ج 46/106 ح 99 و [6]عوالم الإمام السجّاد:139 ح 2 و الوسائل ج 3/564 ح 4. [7]
5- 5) أبو يحيى الصنعاني: أحمد بن مهران، روى عنه الكليني في الكافي [8]مترحّما و هو ينبئ عن حسن حاله جامع الرواة ج 1/73 و ج 2/424-. [9]

اللهمّ هذا منك و من فضلك و عطائك فبارك لنا فيه و سوغناه و ارزقنا خلفا إذا أكلناه، و ربّ محتاج إليه رزقت فأحسنت، اللهمّ و اجعلنا من الشاكرين.

فإذا رفع الخوان قال: الحمد للّه الذي حملنا في البرّ و البحر و رزقنا من الطيّبات و فضّلنا على كثير من خلقه تفضيلا (1).

5-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: رأيت عليّ بن الحسين عليهما السلام قاعدا واضعا إحدى رجليه على فخذه، فقلت: إنّ الناس يكرهون هذه الجلسة و يقولون: إنّها جلسة الربّ، فقال: إنّي إنّما جلست هذه الجلسة للملالة، و الربّ لا يملّ و لا تأخذه سنة و لا نوم (2).

6-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه عن عثمان بن عيسى، عن عمرو ابن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان عليّ بن الحسين عليهما السلام إذا همّ بأمر حجّ أو عمرة أو بيع أو شراء أو عتق تطهّر ثم صلّى ركعتي الاستخارة فقرأ فيها سورة الحشر، و سورة الرحمن، ثم يقرأ المعوذّتين، و قل هو اللّه أحد إذا فرغ و هو جالس في دبر الركعتين، ثمّ يقول: اللهمّ إن كان كذا و كذا خيرا لي في ديني و دنياي و عاجل أمري و آجله فصلّ على محمّد و آله و يسرّه لي على أحسن الوجوه و أجملها اللهمّ و إن كان كذا و كذا شرّا لي في دنياي و آخرتي و عاجل أمري و آجله فصلّ على محمّد و آله و اصرفه عنّي، ربّ صلّ على محمّد و آل محمّد و اعزم لي على رشدي و إن كرهت ذلك أو أبته نفسي (3).

7-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن عليّ بن الصلت، عن زرعة بن محمّد، عن المفضّل بن عمر، عن أبي

ص:343


1- 1) الكافي ج 6/294 ح 12 و [1]عنه الوسائل ج 16/487 ح 4 و [2]عن المحاسن ج 2/433 ح 263. [3]
2- 2) الكافي ج 2/661 ح 2 و [4]عنه البحار ج 46/59 ح 15 و [5]عوالم الإمام السجّاد عليه السلام:139 ح 1 و الوسائل ج 8/473 ح 2. [6]
3- 3) الكافي ج 3/470 ح 2 و [7]عنه الوسائل ج 5/204 ح 3، و [8]عن التهذيب ج 3/180 ح 2 و عن المحاسن ج 2/600 ح 1 [9] نحوه.

عبد اللّه عليه السلام قال: كان عليّ بن الحسين عليه السلام يصل ما بين شعبان و رمضان، و يقول: صوم شهرين متتابعين توبة من اللّه (1).

8-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن فضّال، عن سفيان بن إبراهيم الجريري، عن الحارث بن حصيرة الأسدي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كنت دخلت مع أبي الكعبة، فصلّى على الرخامة الحمراء بين العمودين، فقال: في هذا الموضع تعاقد القوم إن مات رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أو قتل ألا يردّوا هذا الأمر في أحد من أهل بيته أبدا، قال: قلت:

و من كان؟ قال: كان الأوّل و الثاني، و أبو عبيدة الجرّاح، و سالم بن الحبيبة (2).

9-و عنه، عن عليّ بن محمّد بن عبد اللّه القمي، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن إسماعيل (3)القصير، عمّن ذكره، عن أبي حمزة الثمالي قال: ذكر عند عليّ بن الحسين عليهما السلام غلاء السعر فقال: و ما عليّ من غلائه إن غلا فهو عليه (4)، و إن رخص فهو عليه (5).

10-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن يوسف بن السخت، عن عليّ بن محمّد بن سليمان، عن الفضل بن سليمان، عن العبّاس ابن عيسى، قال: ضاق على عليّ بن الحسين ضيقة فأتى مولى له فقال له: اقرضني عشرة آلاف درهم إلى ميسرة فقال: لا لأنّه ليس عندي، و لكنّي اريد وثيقة، قال:

فشقّ له من ردائه هدبة (6)فقال له: هذه الوثيقة، قال: فكأنّ مولاه كره ذلك

ص:344


1- 1) الكافي ج 4/92 ح 3 و [1]عنه الوسائل ج 7/369 ح 3، و [2]ذيل الحديث عن الفقيه ج 2/93 ح 1827، و ثواب الأعمال:84 ح 7 و أخرجه في البحار ج 97/76 ذيل ح 29 [3] عن الثواب.
2- 2) الكافي ج 4/545 ح 28 و [4]عنه البحار ج 28/85 ح 1. [5]
3- 3) هو إسماعيل بن إبراهيم بن بزّة القصير الكوفي من أصحاب الصادق عليه السلام.
4- 4) قال المجلسي في المرآة: [6] الضمير في قوله عليه السلام: (عليه) راجع الى اللّه تعالى.
5- 5) الكافي ج 5/81 ح 7 و [7]عنه البحار ج 46/55 ح 3 و [8]عوالم الإمام السجّاد عليه السلام ج 97 ح 2 و ص 142 ح 1 و في الوسائل ج 12/9 ح 2 و [9]ص 36 ح 2 عنه و عن التهذيب ج 6/321 و الفقيه ج 3/268 ح 3966 و أخرجه في الوسائل ج 12/318 ح 4 [10] عن الفقيه و التوحيد:389 ذيل ح 34.
6- 6) الهدبة (بضم الهاء) : خمل الثوب.

فغضب، و قال: أنا أولى بالوفاء أم حاجب (1)بن زرارة فقال: أنت أولى بذلك منه، قال: فكيف صار حاجب بن زرارة يرهن قوسا و إنّما هي خشبة على مائة درهم حمالة (2)، و هو كافر فيفي، و أنا لا أفي بهدبة رداء؟ قال: فأخذها الرجل منه و أعطاه الدراهم، و جعل الهدبة في حقّ فسهّل اللّه عزّ و جلّ له المال فحمله إلى الرجل، ثمّ قال له: قد أحضرت المال فهات وثيقتي، فقال له: جعلت فداك ضيّعتها، فقال له: اذن لا تأخذ مالك منّي، ليس مثلي من استخفّ بذمّته، قال:

فأخرج الرجل الحقّ فإذا فيه الهدبة فأعطاه عليّ بن الحسين عليهما السلام الدراهم و أخذ الهدبة فرمى بها و انصرف (3).

11-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد اللّه بن الحسين بن زيد، عن أبيه، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: و الذي نفسي بيده لو أنّ رجلا غشي امرأته و في البيت صبيّ مستيقظ يراهما و يسمع كلامهما و نفسهما ما أفلح أبدا، إن (4)كان غلاما كان زانيا، أو جارية كانت زانية، و كان عليّ بن الحسين عليهما السلام إذا أراد أن يغشي أهله أغلق الباب و أرخى الستور و أخرج الخدم (5).

ص:345


1- 1) قال الفيروزآبادي في القاموس [1]في «القوس» : حاجب بن زرارة أتى كسرى في جدب أصابهم بدعوة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يستأذنه لقومه أن يصيروا في ناحية من بلاده حتّى يحيوا، فقال: إنّكم معاشر العرب غدر حرص فإن أذنت لكم أفسدتم البلاد و أغرتم على البلاد، قال حاجب: إنّي ضامن للملك أن لا يفعلوا، قال: فمن لي بأن تفي؟ قال: أرهنك قوسي، فضحك من حوله، فقال كسرى: ما كان ليسلمها أبدا فقبلها منه و أذن لهم، ثمّ أحيى الناس بدعوة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و قد مات حاجب فارتحل عطارد ابنه رضي اللّه عنه إلى كسرى يطلب قوس أبيه، فردّها عليه و كساه حلة، فلمّا رجع أهداها إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فلم يقبلها، فباعها من يهودي بأربعة آلاف درهم.
2- 2) الحمالة (بالفتح) ما يتحمّله عن القوم من الغرامة.
3- 3) الكافي ج 5/96 ح 6 و [2]عنه البحار ج 46/146 ح 5 و [3]عوالم الإمام السجّاد عليه السلام:284 ح 1 و الوسائل ج 13/84 ح 4. [4]
4- 4) في المصدر: إذا كان غلاما.
5- 5) الكافي ج 5/500 ح 2 و [5]عنه الوسائل ج 14/94 ح 2. [6]

12-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: إنّ عليّ بن الحسين عليهما السلام كان ليبتاع الراحلة بمائة دينار، يكرم بها نفسه صلوات اللّه عليه و على آبائه و أبنائه المعصومين (1).

13-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن عبد الرحمن بن محمّد العرزمي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام إنّ عليّ ابن الحسين عليهما السلام كان يتختم في يمينه (2).

14-و عنه، بإسناده عن صالح بن عقبة، عن فضيل بن عثمان، عن ربيعة الرأي، قال: رأيت في يد عليّ بن الحسين عليهما السلام فصّ عقيق، فقلت له:

ما هذا الفصّ؟ فقال: عقيق رومي و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

«من تختّم بالعقيق قضيت حوائجه» (3).

15-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، و محمّد بن يحيى، عن أحمد ابن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، جميعا، عن حنّان بن سدير، عن أبيه، قال: دخلت أنا و أبي و جدّي و عمّي حمّاما بالمدينة فإذا رجل في بيت المسلخ، فقال لنا: من القوم؟ فقلنا: من أهل العراق، فقال: و أيّ العراق؟ قلنا:

كوفيّون، فقال: مرحبا بكم يا أهل الكوفة، أنتم الشعار (4)دون الدثار، فقال: ما يمنعكم من الإزار؟ فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: عورة المؤمن على المؤمن حرام، فبعث إلى أبي كرباسة، فشقّها بأربعة، ثمّ أخذ كلّ واحد منّا واحدا ثمّ دخلنا فيها، فلمّا كنّا في البيت الحارّ صمد (5)لجدّي فقال: يا كهل ما يمنعك من الخضاب؟ قال له جدّي: أدركت من هو خير منّي و منك لا يختضب،

ص:346


1- 1) الكافي ج 6/542 ح 1 و [1]عنه البحار ج 64/136 ح 33 و [2]الوسائل ج 8/366 ح 1 و [3]عن المحاسن:639 ح 146. [4]
2- 2) الكافي ج 6/470 ح 15 و [5]عنه الوسائل ج 3/398 ح 10. [6]
3- 3) الكافي ج 6/470 ح 4 و [7]عنه الوسائل ج 3/399 ح 4. [8]
4- 4) الشعار: ما يلي الجسد من الثياب و الدثار ما فوق الشعار.
5- 5) صمد: قصد.

قال: فغضب لذلك حتّى عرفنا غضبه في الحمّام، قال: و من ذلك الذي هو خير منّي و منك؟ قال: أدركت عليّ بن أبي طالب عليه السلام و هو لا يختضب، قال:

فنكس رأسه و تصابّ عرقا فقال: صدقت و بررت.

ثم قال: يا كهل إن تختضب فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قد خضب و هو خير من عليّ عليه السلام فإن تترك فلك بعليّ سنّة (1)قال: فلمّا خرجنا من الحمّام سألنا عن الرجل فإذا هو عليّ بن الحسين و معه ابنه محمّد بن عليّ عليهما السلام (2).

16-الشيخ في «التهذيب» بإسناده عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن جعفر، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي حمزة قال: دخلت على عليّ بن الحسين عليهما السلام و هو جالس على نمرقة (3)فقال: يا جارية هاتي النمرقة (4).

ص:347


1- 1) في الوافي: [1] فلك بعليّ عليه السلام اسوة.
2- 2) الكافي ج 6/497 ح 8 و [2]عنه البحار ج 46/141 ح 24 و [3]في الوسائل ج 1/400 ح 4 [4] عنه و عن الفقيه ج 1/118 ح 252.
3- 3) النمرقة: (بتثليث النون و الراء المهملة) : و سادة صغيرة يتكأ عليها.
4- 4) التهذيب ج 6/381 ح 244 و عنه الوسائل ج 12/220 ح 5. [5]

ص:348

المنهج السادس في الإمام الخامس أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الباقر عليه السلام

اشارة

بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه ربّ العالمين و صلّى اللّه على محمد و آله المنهج السادس في الإمام الخامس أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الباقر عليه السلام و فيه ثمانية عشر بابا.

الباب الاول: في شأنه عليه السلام في الأمر الأول.

الباب الثاني: في أنّه عليه السلام ولد في زمن جدّه الحسين عليه السلام و تسميته الباقر عليه السلام من جدّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و اقرأه عليه السلام على لسان أبيه عليه السلام و جابر بن عبد اللّه، و النصّ على إمامته في جملة الأئمة الاثنى عشر عليهم السلام.

الباب الثالث: في أن نشره العلم و الفتيا بأمر اللّه سبحانه و تعالى.

الباب الرابع: في أن علمه عليه السلام عن اللّه عزّ و جلّ و عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

الباب الخامس: في مجلسه للعلم و الفتيا و صغار العلماء بحضرته و مرجعهم إليه عليه السلام.

الباب السادس: و هو من الباب الأوّل في الرواية بالعدد عنه عليه السلام.

الباب السابع: في أنّه و الأئمة عليهم السلام موضع سرّ اللّه جلّ جلاله.

الباب الثامن: في شدّة يقينه و خوفه و خشوعه للّه سبحانه من طريق الخاصّة و العامّة.

ص:349

الباب التاسع: في جوده عليه السلام.

الباب العاشر: في المطعم و المشرب.

الباب الحادي عشر: في استعماله الخضاب.

الباب الثاني عشر: في ملبسه عليه السلام.

الباب الثالث عشر: في الاخذ من اللحية و التمشط.

الباب الرابع عشر: في دخوله الحمّام و عمله فيه.

الباب الخامس عشر: في مجلسه و تواضعه عليه السلام.

الباب السادس عشر: في نصيحته و حسن مجلسه و تواضعه عليه السلام.

الباب السابع عشر: في أنّه وصيّ أبيه عليه السلام.

الباب الثامن عشر: في المفردات.

ص:350

الباب الاول

في شأنه في الأمر الأوّل

1-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن محمّد، عن عبد اللّه بن إسحاق العلوي، عن محمّد بن زيد الرزامي، عن محمّد بن سليمان الديلمي، عن عليّ ابن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث طويل قال:

انه لما كانت الليلة التي علق فيها بجدّي أتى آت جدّ أبي بكأس فيه شربة أرقّ من الماء و ألين من الزبد (1)و أحلى من الشهد، و أبرد من الثلج، و أبيض من اللبن، فسقاه إيّاه و أمره بالجماع، فقام فجامع فعلق بجدّي.

و لمّا أن كانت الليلة التي علق فيها بأبي أتى آت جدّي فسقاه كما سقى جد أبي و أمره بمثل الذي أمره، فقام فجامع فعلق بأبي.

و لمّا أن كانت الليلة التي علق فيها بأبي أتى آت أبي فسقاه بما سقاهم و أمره بالذي أمرهم، فقام فجامع فعلق بي.

و لمّا كانت الليلة التي علق فيها بابني أتاني آت كما أتاهم ففعل بي كما فعل بهم، فقمت و يعلم اللّه أنّي مسرور بما يهب اللّه لي، فجامعت فعلق بابني هذا المولود فدونكم فهو و اللّه صاحبكم من بعدي (2)«يعني موسى عليه السلام» (3).

ص:351


1- 1) الزبد «بالزاي المضمومة و الباء الموحّدة الساكنة» : ما يستخرج بالمخض من لبن البقر و الغنم.
2- 2) الكافي ج 1/386 ح 1. [1]
3- 3) «يعني موسى» : توضيح من صاحب «الحلية» ، و [2]ليس من الحديث.

و هذا الحديث بتمامه قد تقدم و غيره من الأحاديث في الباب الاول من المنهج الخامس في أبي الحسن عليّ بن الحسين زين العابدين عليه السلام فيؤخذ من هناك (1).

ص:352


1- 1) ذكرنا هناك أنّ المصنّف أخرجه عن الكافي في البرهان ج 1/549 ح 1. و أخرجه المجلسي في البحار ج 25/42 ح 7 و [1]صدره في ج 48/2 ح 2 عن بصائر الدرجات: 440 ح 4 و [2]في ج 48/3 ح 3 عن المحاسن ج 2/314 ح 32. و أورده المسعودي في إثبات الوصيّة:161.

الباب الثاني

في أنّه عليه السلام ولد في زمن جدّه الحسين عليه السلام و تسميته

الباقر من جدّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أقرأ السلام

عليه على لسان أبيه و جابر و النصّ على إمامته في جملة الأئمّة الاثنى

عشر

1-محمّد بن عليّ بن بابويه، في كتاب «كمال الدين و تمام النعمة» و محمّد ابن إبراهيم النعماني في كتاب «الغيبة» و السند و المتن لمحمّد بن إبراهيم النعماني:

بإسناده عن عبد الرزاق، عن معمر، عن أبان عن سليم بن قيس الهلالي، قال:

قلت لعليّ عليه السلام: إنّي سمعت من سلمان، و من المقداد، و من أبي ذرّ أشياء من تفسير القرآن و من الأحاديث عن نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم غير ما في أيدي الناس.

ثمّ سمعت منك تصديق (1)ما سمعت منهم، و رأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن و من الأحاديث عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنتم تخالفونهم فيها، و تزعمون أنّ ذلك كان كلّه باطلا، أ فتراهم (2)أنّهم يكذبون على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم متعمّدين، و يفسرون القرآن برأيهم (3).

قال: فأقبل عليّ عليه السلام عليّ فقال: سألت فافهم الجواب، إنّ في أيدي الناس حقّا و باطلا، و صدقا و كذبا، و ناسخا و منسوخا، و خاصّا و عامّا، و محكما و متشابها، و حفظا و وهما؛ و قد كذب على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله

ص:353


1- 1) في البحار: [1] تصديقا لما سمعت منهم.
2- 2) في البحار: [2] أ فترى أنّهم.
3- 3) في البحار: [3] بآرائهم.

و سلّم على عهده حتى قام خطيبا فقال: أيّها الناس قد كثرت عليّ الكذّابة فمن كذب علي متعمّدا فليتبوّأ مقعده من النار، ثمّ كذب عليه من بعده.

و إنّما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس: رجل منافق مظهر للايمان، متصنّع للاسلام (1)لا يتأثّم و لا يتحرّج (2)أن يكذب على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم متعمّدا.

فلو علم (3)المسلمون بأنّه منافق كذب لم يقبلوا منه و لم يصدّقوه و لكنّهم قالوا: هذا قد صحب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و قد رآه و سمع منه فأخذوا منه، و هم لا يعرفون حاله، و قد أخبرك اللّه عن المنافقين بما خبّرك و وصفهم بما وصفهم، فقال عزّ و جلّ: وَ إِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَ إِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ (4).

ثمّ بقوا بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و تقرّبوا إلى أئمّة الضلال و الدعاة إلى النار بالزور و الكذب و البهتان فولوّهم (5)الأعمال و حملوهم (6)على رقاب الناس، و أكلوا بهم الدنيا و إنّما الناس مع الدنيا و الملوك إلاّ من عصم اللّه جلّ و عزّ فهذا أحد الأربعة.

و رجل سمع من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم شيئا و لم يحفظه على وجهه فوهم (7)فيه و لم يتعمّده كذبا فهو في يديه يقول به و يعمل به و يرويه و يقول:

أنا سمعته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فلو علم المسلمون أنّه إنّما و هم فيه لم يقبلوه و لو علم هو أنّه و هم لرفضه.

ص:354


1- 1) في البحار: [1] للاسلام باللسان.
2- 2) لا يتأثم: لا يكفّ عن الإثم، و لا يتحرّج: لا يتجنّب عن الحرج.
3- 3) في البحار: و [2]لو علم المسلمون أنّه منافق كاذب ما قبلوا منه.
4- 4) سورة المنافقون:4. [3]
5- 5) في البحار: [4] حتى ولّوهم الأعمال.
6- 6) في البحار: و [5]حكّموهم على رقاب الناس.
7- 7) في البحار: فأوهم فيه.

و رجل ثالث سمع من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم شيئا يأمر به (1)ثم ينهى عنه و هو لا يعلم، أو سمعه ينهى (2)عن شيء ثم أمر به و هو لا يعلم فحفظ المنسوخ و لم يحفظ الناسخ فلو علم أنّه منسوخ لرفضه، و لو علم الناس أو سمعوه منه أنّه منسوخ لرفضوه.

و رجل رابع لم يكذب على اللّه و لا على رسوله، بغضا (3)للكذب، و خوفا من اللّه و تعظيما لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و لم يتوهّم، بل حفظ الحديث كما سمع على وجهه، فجاء به كما سمعه، و لم يزد فيه و لم ينقص منه، فحفظ (4)الناسخ و المنسوخ، فعمل بالناسخ و رفض المنسوخ.

و إنّ أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و نهيه مثل القرآن ناسخ و منسوخ، و عامّ و خاصّ و محكم و متشابه، قد كان يكون من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الكلام له و جهان: كلام عامّ و كلام خاصّ مثل القرآن قال اللّه عزّ و جلّ في كتابه: ما آتاكُمُ اَلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا (5)يسمعه من لا يعرفه و لم يدر ما عنى اللّه عزّ و جلّ و لا ما عنى به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و ليس كلّ أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان يسأله عن الشيء فيفهم، و كان منهم من يسأله و لا يستفهمه، حتّى أنّهم كانوا ليحبّون أن يجيء الأعرابي أو الطاري (6)فيسأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حتّى يسمعوا.

و قد كنت أنا أدخل على رسول اللّه كلّ يوم دخلة (7)و كلّ ليلة دخلة،

ص:355


1- 1) في البحار: [1] أمر به ثمّ نهى عنه.
2- 2) في البحار: [2] نهى عن شيء.
3- 3) في البحار: [3] مبغضا للكذب.
4- 4) في البحار: و [4]علم الناسخ و المنسوخ.
5- 5) سوره الحشر:7. [5]
6- 6) الطارى: المقبل.
7- 7) الدخلة: المرّة من الدخول.

فيخليني (1)فيها أدور معها حيثما دار، و قد علم أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه لم يكن يصنع ذلك بأحد من الناس غيري فربما كان ذلك في بيتي، يأتيني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أكثر من ذلك في بيتي، و كنت إذا دخلت عليه بعض منازله أخلاني و أقام عنّي نساءه، فلا يبقى عنده غيري، و اذا أتاني للخلوة معي في بيتي لم تقم عنّي فاطمة و لا أحد من بنيّ (2)و كنت إذا سألت أجابني و إذا سكت ابتدأني (3)و دعا اللّه أن يحفظني و يفهمني، فما نسيت شيئا أبدا منذ دعا لي (4).

و إنّي قلت لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا نبي اللّه إنّك منذ دعوت اللّه لي بما دعوت لم أنس شيئا ممّا تعلّمني، فلم تمليه عليّ و تأمرني بكتبه، أ تتخوف عليّ النسيان؟ .

فقال: يا أخي لست أتخوّف عليك النسيان و لا الجهل، و قد أخبرني اللّه عزّ و جلّ أنّه قد استجاب لي فيك و في شركائك الذين يكونون من بعدك (5)فإنّما تكتبه لهم، قلت: يا رسول اللّه و من شركائي؟ .

فقال: الذين قرنهم اللّه بنفسه و بي، فقال: يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اَللّهَ وَ أَطِيعُوا اَلرَّسُولَ وَ أُولِي اَلْأَمْرِ مِنْكُمْ (6)قلت: يا نبيّ اللّه و من هم؟ .

قال: الأوصياء منّي إلى أن يردوا عليّ حوضي، كلّهم هاد مهتد، لا يضرّهم خذلان من خذلهم: هم مع القرآن و القرآن معهم، لا يفارقونه و لا يفارقهم، بهم تنصر أمّتي و يمطرون و يدفع عنهم البلاء بمستجابات دعواتهم.

ص:356


1- 1) أخلاه: اجتمع معه في خلوة.
2- 2) في المصدر: من ابنيّ.
3- 3) في البحار: و [1]كنت إذا ابتدأت أجابني، و إذا سكتّ عنه و فنيت مسائلي ابتدأني.
4- 4) في البحار: [2] فما نسيت شيئا قطّ منذ دعا لي.
5- 5) في البحار: [3] يكونون معك بعدك.
6- 6) سورة النساء:59 و [4]في البحار [5]بعد الآية: فإن خفتم تنازعا في شيء فردّوه الى اللّه و الى الرسول و الى أولي الأمر منكم.

قلت: يا رسول اللّه سمّهم لي، فقال: ابني هذا، و وضع يده على رأس الحسن عليه السلام، ثم ابني هذا، و وضع يده على رأس الحسين، ثمّ ابن له علي اسمه اسمك يا عليّ، ثم ابن له اسمه محمّد بن عليّ ثمّ أقبل على الحسين عليه السلام فقال: سيولد محمّد بن عليّ في حياتك فأقرأه منّي السلام ثمّ تكلمه اثني عشر إماما.

قلت: يا نبيّ اللّه سمّهم لي فسمّاهم رجلا رجلا، منهم و اللّه يا أخا بني هلال مهديّ أمة محمّد، الذي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا (1).

2-ابن بابويه في كتاب النصوص على الأئمة الاثنى عشر عليهم السلام قال: حدّثنا أحمد بن سليمان بن إسماعيل السليماني (2)، و محمّد بن عبد اللّه الشيباني قالا: حدّثنا محمّد بن همام، عن جعفر بن محمّد بن مالك الفزاري (3)قال: حدّثني الحسن بن محمّد بن سماعة، قال: حدّثني أحمد بن الحارث (4)، قال حدّثني المفضّل ابن عمر، عن يونس بن ظبيان، عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: سمعت جابر ابن عبد اللّه الأنصاري يقول: لمّا أنزل اللّه تبارك و تعالى على نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اَللّهَ وَ أَطِيعُوا اَلرَّسُولَ وَ أُولِي اَلْأَمْرِ مِنْكُمْ (5)قلت: يا رسول اللّه قد عرفنا اللّه و رسوله فمن اولوا الأمر الذين قرن اللّه طاعتهم

ص:357


1- 1) غيبة النعماني:75 ح 10 و [1]عنه البحار ج 36/273 ح 96 و [2]عن سليم بن قيس:103 و في ج 2/ 228 ح 13 عنه و عن الخصال:255، و نهج البلاغة للدكتور:325 بخطبة 210 و تحف العقول: 193 باختلاف و الاحتجاج ج 1/264 [3] نحوه. و روى نحوه في الكافي ج 1/64 ح 1 و [4]لم نجده في كمال الدين، [5] نعم روى نحو ذيله في ص 284 ح 37.
2- 2) ما وجدت له ترجمة فيما بايدينا من كتب الرجال.
3- 3) ترجمه الشيخ في الفهرست و قال: له كتاب النوادر، و أورده في الرجال فيمن لم يرو عنهم عليهم السلام.
4- 4) أحمد بن الحارث الأنماطي الكوفي كان من أصحاب الكاظم عليه السلام و عدّه الكشي من الواقفة.
5- 5) سورة النساء:59. [6]

بطاعتك؟ .

فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: خلفائي يا جابر و أئمّة المسلمين بعدي، أوّلهم علي بن أبي طالب ثمّ الحسن، ثمّ الحسين، ثمّ عليّ بن الحسين، ثمّ محمّد ابن علي المعروف في التوراة بالباقر، و ستدركه يا جابر فإذا لقيته فأقرأه منّي السلام، ثمّ الصادق جعفر بن محمّد، ثمّ موسى بن جعفر، ثمّ عليّ بن موسى، ثمّ محمّد ابن علي، ثمّ عليّ بن محمّد، ثمّ الحسن بن عليّ، ثم سميي و كنيّي حجة اللّه في أرضه، و بقيّته في بلاده (1)ابن الحسن بن علي، ذاك الذي يفتح اللّه على يديه مشارق الأرض و مغاربها، ذاك الذي يغيب عن شيعته و أوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلاّ من امتحن اللّه قلبه للإيمان.

قال جابر: يا رسول اللّه فهل يقع (2)لشيعته الانتفاع به حال غيبته؟ فقال:

أي و الذي بعثني بالنبوة إنّهم ليستضيئون بنوره و ينتفعون بولايته (3)في غيبته كانتفاع الناس بالشمس و ان سترها (4)سحاب، يا جابر هذا من مكنون (5)سرّ اللّه و مخزون علم اللّه فاكتمه إلاّ عن أهله.

قال جابر بن يزيد (6): فدخل جابر بن عبد اللّه الأنصاري على علي بن الحسين عليهما السلام فبينا هو يحدّثه إذ خرج محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام من عند نسائه، و على رأسه ذؤابة (7)و هو غلام فلمّا نظره جابر ارتعدت فرائصه (8)

ص:358


1- 1) في البحار: و [1]بقيّته في عباده.
2- 2) في البحار: [2] فهل ينتفع الشيعة به في غيبته؟
3- 3) في البحار: [3] إنّهم لينتفعون به: يستضيئون بنور ولايته.
4- 4) في البحار: و إن جلّلها السحاب.
5- 5) في البحار: [4] هذا مكنون سرّ اللّه.
6- 6) في البحار: [5] قال جابر الأنصاري فدخلت على عليّ بن الحسين عليهما السلام فبينا أنا. . . و كذا ساق الرواية سياق المتكلّم الى قوله: فقلت: يا مولاي إنّ رسول اللّه بشّرني. . .
7- 7) الذؤابة «بضم الذال المعجمة» : الشعر المضفور من شعر الرأس، أو من مقدم الرأس.
8- 8) الفرائص: جمع الفريصة و هي اللحمة بين الجنب و الكتف ترعد عند الفزع.

و قامت كلّ شعرة على رأسه و بدنه و نظر إليه مليّا، ثم قال: يا غلام أقبل فأقبل، ثمّ قال: أدبر فأدبر.

فقال جابر: شمائل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و ربّ الكعبة، ثمّ قام فدنا منه فقال له: ما اسمك يا غلام؟ .

فقال: اسمي محمّد، فقال: ابن من؟ فقال: عليّ بن الحسين.

فقال: يا بنيّ فدتك نفسي فأنت إذا الباقر؟ قال: نعم فأبلغني ما حمّلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

قال جابر: يا مولاي إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بشّرني بالبقاء إلى أن القاك، و قال: إذا لقيته فاقرأه منّي السلام، فرسول اللّه يا مولاي يقرئك السلام.

فقال أبو جعفر عليه السلام: يا جابر و على رسول اللّه السلام ما قامت السموات و الأرض و عليك يا جابر كما بلّغت السلام.

فكان جابر بعد ذلك يختلف إليه و يتعلّم منه، فسأله محمّد بن عليّ عن شيء فقال له جابر: و اللّه لا دخلت في نهي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لقد أخبرني أنّكم الأئمّة الهداة من أهل بيته بعده، و أحلم (1)الناس صغارا و أعلمهم (2)و قال: لا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم.

قال أبو جعفر: صدق جدّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و اللّه إنّي لأعلم منك بما سألتك عنه و لقد أوتيت الحكم صبيّا، كلّ ذلك بفضل اللّه علينا و رحمته لنا أهل البيت (3).

ص:359


1- 1) في المصدر: و أحكم الناس صغارا.
2- 2) في البحار: و [1]أعلمهم كبارا.
3- 3) كفاية الأثر:53 و [2]عنه البحار ج 36/249 ح 67 و [3]عن كمال الدين:253 ح 3. و أخرج صدره في تأويل الآيات ج 1/135 ح 13 عن إعلام الورى:375 [4] نقلا عن ابن بابويه، و في البحار ج 23/289 ح 16 [5]عن إعلام الورى و [6]مناقب ابن شهر اشوب ج 1/282، [7]

3-و عنه قال: أخبرنا أبو المفضّل، قال: حدّثنا أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد العلوي قال: حدّثنا عليّ بن الحسن بن عليّ بن عمر بن عليّ بن الحسين بن علي ابن أبي طالب عليه السلام قال: حدّثني الحسين بن زيد بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام عن عمّه عمر بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين قال: كان يقول صلوات اللّه عليه: «أدعوا لي ابني الباقر» و قلت لابني الباقر، يعني محمّدا، فقلت له: يا أبت و لم تسمّيه باقرا؟ .

قال: فتبسّم و ما رأيته تبسم (1)قبل ذلك ثم سجد للّه تعالى طويلا فسمعته يقول في سجوده: اللهمّ لك الحمد سيّدي على ما أنعمت به علينا أهل البيت، يعيد ذلك مرارا.

ثم قال: يا بني إنّ الإمامة في ولده إلى أن يقوم قائمنا أهل البيت عليه السلام فيملؤها قسطا و عدلا 2و إنّه الإمام و أبو الأئمة، معدن الحلم و موضع العلم، يبقره بقرا، و اللّه لهو أشبه الناس برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فقلت: فكم الأئمّة بعده؟ .

فقال: سبعة و منهم المهديّ الذي يقوم بالدين في آخر الزمان. 3.

4-و عنه، قال: حدّثنا أبو المفضّل رحمه اللّه قال: حدّثني محمّد بن عليّ بن شاذان بن حباب الأزدي الخلاّل 4بالكوفة، قال: حدّثني الحسن بن محمد بن

ص:360


1- 1) في البحار: ما [1] رأيته يتبسّم.

عبد الواحد (1)قال: حدّثنا الحسن بن الحسين العرني قال: حدّثني يحيى بن يعلى الأسلمي (2)، عن عمر بن موسى الوجيهي (3)، عن زيد بن علي، قال: كنت عند أبي: عليّ بن الحسين عليه السلام إذ دخل عليه جابر بن عبد اللّه الأنصاري فبينما هو يحدّثه إذ خرج أخي محمّد من بعض الحجر فأشخص (4)جابر ببصره نحوه ثم قام إليه فقال: يا غلام أقبل فأقبل، ثمّ قال: أدبر فأدبر.

فقال: شمائل كشمائل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ما اسمك يا غلام؟ قال: محمّد، قال: ابن من؟ قال: ابن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام.

قال: إذا أنت الباقر (5)، فانكبّ عليه و قبّل رأسه و يديه ثمّ قال: يا محمّد إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقرؤك السلام.

قال: على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أفضل السلام و عليك يا جابر بما بلّغت. (6)

ثمّ عاد إلى مصلاّه فاقبل يحدّث أبي و يقول: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال يوما (7): يا جابر إذا أدركت ولدي الباقر فأقرئه منّي السلام، أما إنّه سمّيي (8)و أشبه الناس بي علمه علمي و حكمه حكمي، سبعة (9)من ولده أمناء

ص:361


1- 1) الحسن بن محمّد بن عبد الواحد المزني الخزّاز، وقع في طريق كامل الزيارة في باب «32» و في الجزء «17» و «18» من مجالس الشيخ.
2- 2) يحيى بن يعلى الاسلمي أبو زكريا القطواني الكوفي، من رجال العامّة ضعّفه أبو حاتم الرازي و نسبه البخاري الى اضطراب الحديث-ميزان الاعتدال ج 4 ص 415-.
3- 3) عمر بن موسى بن وجيه الميثمي الوجيهي الحمصي، هو أيضا عاميّ معدود في الضعفاء المتروكين راجع ميزان الاعتدال ج 3/224-.
4- 4) أي فتح عينيه فلم يطرف.
5- 5) في البحار: [1] أنت إذا الباقر.
6- 6) في البحار: [2] بما أبلغت السلام.
7- 7) في البحار: [3] قال لي يوما.
8- 8) في البحار: « [4]فإنّه سميّي» من غير كلمة «أما» .
9- 9) في البحار: و [5]سبعة.

معصومون أئمّة أبرار السابع (1)مهديّهم الذي يملأ الأرض (2)قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما.

ثمّ تلا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَ أَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ اَلْخَيْراتِ وَ إِقامَ اَلصَّلاةِ وَ إِيتاءَ اَلزَّكاةِ وَ كانُوا لَنا عابِدِينَ (3). (4)

5-و عنه قال: حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي اللّه عنه قال: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى البصري بالبصرة، قال: حدّثني المغيرة بن محمّد (5)قال: حدّثنا رجاء بن سلمة (6)، عن عمرو بن شمر، قال:

سألت جابر بن يزيد الجعفي فقلت له: لم سمّي الباقر باقرا.

قال: لأنّه بقر العلم بقرا أي شقّه شقّا و أظهره إظهارا.

و لقد حدّثني جابر بن عبد اللّه الأنصاري أنّه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: يا جابر إنّك ستبقى حتى تلقى ولدي محمّد بن عليّ بن الحسين ابن عليّ بن أبي طالب المعروف في التوراة بباقر فإذا لقيته فاقرأه منّي السلام، فلقيه جابر بن عبد اللّه في بعض سكك المدينة فقال له: يا غلام من أنت؟ .

قال: أنا محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام.

ص:362


1- 1) في البحار: و [1]السابع مهديّهم.
2- 2) في البحار: [2] يملأ الدنيا.
3- 3) سورة الأنبياء:73. [3]
4- 4) كفاية الأثر:297 و [4]عنه البحار ج 36/360 ح 230 و [5]البرهان ج 3/65 ح 1، و [6]ذيله في اثبات الهداة ج 1/604 ح 589. [7]
5- 5) مغيرة بن محمد: يحتمل أنّه أبو المهلّب الازدي عاميّ، ترجمه ابن أبي حاتم الرازي في الجرح و التعديل ج 8/330 تحت الرقم «1034» .
6- 6) رجاء بن سلمة: وقع في طريق الصدوق في المجلس الثاني من المجالس و في الجزء الاول من العلل [8]في علّة «103» و علة «116» و علة «168» ، أحاديثه متقنة و يمكن استفادة تشيعه منها-الجامع في الرجال:772-. [9]

فقال له جابر: يا بنيّ أقبل فأقبل، ثمّ قال له: أدبر فأدبر فقال له: شمائل رسول اللّه و ربّ الكعبة.

ثم قال له: يا بنيّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقرؤك السلام.

فقال: على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم السلام ما دامت السموات و الأرض، و عليك يا جابر بما بلّغت السلام.

فقال له جابر: يا باقر! يا باقر! أنت الباقر حقّا أنت الذي تبقر العلم بقرا.

ثمّ كان جابر يأتيه فيجلس بين يديه فيعلّمه و ربما غلط جابر فيما يحدّث به عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فيردّ عليه و يذكّره فيقبل ذلك منه و يرجع إلى قوله، و كان يقول: يا باقر يا باقر يا باقر أشهد باللّه أنّك قد اوتيت الحكم صبيّا. (1)

6-و من طريق المخالفين كمال الدين طلحة الشامي في «مطالب السئول» قال: نقل عن أبي الزبير محمّد بن مسلم المكّي أنّه قال: كنّا عند جابر بن عبد اللّه فأتاه عليّ بن الحسين عليهما السلام و معه محمّد (2)و هو صبّي فقال عليّ عليه السلام لابنه: قبّل رأس عمّك (3)فقال جابر: من هذا؟ و كان قد كفّ بصره، فقال له عليّ عليه السلام: هذا ابني محمّد، فضمّه جابر إليه فقال: يا محمّد، محمّد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقرأ عليك السلام.

فقالوا لجابر: كيف ذلك يا با عبد اللّه؟ .

فقال: كنت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و الحسين في حجره و هو يلاعبه، فقال: يا جابر يولد لابني الحسين ابن يقال له: عليّ إذا كان يوم القيامة نادى مناد ليقم سيّد العابدين، فيقوم عليّ بن الحسين، و يولد لعلىّ بن الحسين ابن

ص:363


1- 1) علل الشرائع ج 1/233 و [1]عنه البحار ج 46/225 ح 4. [2]
2- 2) في البحار: و [3]معه ابنه محمّد.
3- 3) في البحار: [4] فدنا محمّد من جابر فقبّل رأسه.

يقال له: محمّد، يا جابر إذا رأيته فأقرئه منّي السلام و اعلم أنّ بقائك بعد رؤيته يسير، فلم يعش بعد ذلك إلاّ قليلا و مات.

و هذه و إن كانت منقبة واحدة فهي عظيمة تعادل جملا من المناقب انتهى كلامه. (1).

7-المفيد في «إرشاده» قال: روى ميمون القدّاح (2)عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، قال: دخلت على جابر بن عبد اللّه رضي الله عنه فسلّمت عليه فردّ علىّ السلام، ثمّ قال لي: من أنت؟ و ذلك بعد أن كفّ بصره، فقلت:

محمّد بن عليّ بن الحسين، فقال: يا بنيّ ادن منّي، فدنوت منه فقبّل يدي ثم أهوى إلى رجلي يقبّلها فتنحّيت عنه.

ثمّ قال لي: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقرئك السلام، فقلت: و على رسول اللّه السلام و رحمة اللّه و بركاته و كيف ذلك يا جابر؟ .

فقال: كنت معه ذات يوم فقال لي: يا جابر لعلّك تبقى حتّى تلقى رجلا من ولدي يقال له: محمّد بن عليّ بن الحسين، يهب اللّه له النور و الحكمة فأقرأه منّي السلام. (3)

8-الشيخ الطوسي في «أماليه» قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضّل قال:

حدّثنا محمّد بن محمّد بن سليمان الباغندي، و الحسن بن محمّد بن بهرام البزاز قالا: حدّثنا سويد بن سعيد الحدثاني قال: أخبرنا مفضّل بن عبد اللّه (4)عن أبان ابن تغلب، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السلام قال: دخل عليّ جابر بن

ص:364


1- 1) مطالب السئول ج 2/53، و أخرجه في البحار ج 46/227 ح 9 [1]عن كشف الغمّة ج 2/119 [2]نقلا عن المطالب، و رواه في الفصول المهمّة:215. [3]
2- 2) هو ميمون بن الأسود القدّاح المكّي مولى بني مخزوم، روى عن الباقر و الصادق عليهما السلام.
3- 3) إرشاد المفيد:262، و [4]عنه كشف الغمّة ج 2/123، و [5]البحار ج 46/227 ح 8. و رواه في إعلام الورى:263. [6]
4- 4) مفضّل بن عبد اللّه الكوفي، زعم ابن عدي أنّه هو مفضّل بن صالح أبو جميلة الكوفي النخّاس، ذكره ابن حبّان في الثقات-ميزان الاعتدال ج 4/167-.

عبد اللّه و أنا في الكتاب، فقال: اكشف عن بطنك، فقال: فكشفت له فألصق بطنه ببطني و قال: أمرني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أن اقرئك السلام. (1)

9-قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضّل، قال: حدّثنا أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد بن جعفر بن الحسن العلوي الحسني قال: حدّثنا أبو نصر أحمد بن عبد المنعم بن نصر الصيداوي، قال: حدّثنا حسين بن شدّاد الجعفي، عن أبيه شدّاد ابن رشيد، عن عمرو بن عبد اللّه بن هند الجملي قال: أتى جابر بن عبد اللّه باب علي بن الحسين عليهما السلام، و بالباب أبو جعفر محمّد بن علي عليهما السلام في اغيلمة من بني هاشم، قد اجتمعوا هناك فنظر جابر إليه مقبلا فقال: هذه مشية رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و سجيّته فمن أنت يا غلام؟

قال: فقال: أنا محمّد بن عليّ بن الحسين فبكى جابر رضي اللّه عنه.

ثمّ قال: أنت و اللّه الباقر عن العلم حقّا ادن منّي بأبي أنت، فدنا منه فحلّ جابر أزراه، و وضع يده على صدره فقبّله و جعل عليه خدّه و وجهه و قال له:

أقرئك عن جدّك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم السلام و قد أمرني أن أفعل بك ما فعلت و قال لي: يوشك أن تعيش و تبقى حتى تلقى من ولدي من اسمه محمّد يبقر العلم بقرا و قال لي: إنّك تبقى حتّى تعمى ثم يكشف لك عن بصرك.

ثمّ قال لي: ائذن لي على أبيك، فدخل أبو جعفر على أبيه فاخبره الخبر و قال: إنّ شيخا بالباب و قد فعل بي كيت و كيت فقال: يا بنيّ ذلك جابر بن عبد

ص:365


1- 1) أمالي الطوسي ج 2/249 و [1]عنه البحار ج 46/224 ح 2 و [2]في ص 227 ذيل الحديث 9 عن كشف الغمّة ج 2/120. و أورد مثله في مجمع الزوائد ج 2/22 عن أبي جعفر عليه السلام و قال: رواه الطبراني في الأوسط، عنه ملحقات الإحقاق ج 12/158. و في سير أعلام النبلاء ج 4/404 عن أبان بن تغلب مثله، عنه ملحقات الإحقاق ج 19/ 490. و قال الذهبي بعد ما أورد الحديث عن أبان في «السير» : قال ابن عدي: لا أعلم رواه عن أبان غير المفضّل بن صالح أبي جميلة النخّاس.

اللّه، ثمّ قال: أمن بين ولدان أهلك قال لك ما قال، و فعل بك ما فعل؟ .

قال: نعم قال: إنّا للّه إنّه لم يقصدك فيه بسوء، و لقد أشاط (1)بدمك. (2)

ص:366


1- 1) أشاط بدمه: عرّضه للقتل.
2- 2) أمالي الطوسي ج 2/249، و [1]عنه البحار ج 46/60 ح 18 و [2]المناقب لابن شهر اشوب ج 3/ 289. و أورده البحراني في العوالم، الامام علي بن الحسين عليهما السلام ص 103 ح 8 عن الأمالي. و [3]تقدّم الحديث بتمامه في الباب السادس من المنهج الخامس ح 1.

الباب الثالث

في أنّ نشره عليه السلام للعلم و الفتيا بأمر اللّه سبحانه و تعالى

1-محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، و الحسين بن محمد، عن جعفر ابن محمّد (1)، عن عليّ بن الحسين بن علي (2)، عن إسماعيل بن مهران، عن أبي جميلة، عن معاذ بن كثير (3)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: إن الوصيّة نزلت من السماء على محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كتابا (4)لم ينزل على محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كتاب مختوم إلاّ الوصية.

فقال جبرائيل عليه السلام: يا محمّد هذه وصيّتك في أمتك عند أهل بيتك.

فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أيّ أهل بيتي يا جبرائيل؟

قال: نجيب اللّه منهم (5)و ذريّته ليرثك علم النبوة كما ورثه إبراهيم عليه

ص:367


1- 1) هو جعفر بن محمّد الكوفي.
2- 2) الصواب: عليّ بن الحسن بن علي، و هو ابن فضّال الكوفي-جامع الرواة ج 1/574-. [1]
3- 3) هو معاذ بن كثير الكسائي الكوفي، عدّه المفيد رحمه اللّه من شيوخ أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام، و خاصّته و بطانته و ثقاته الفقهاء الصالحين-جامع الرواة ج 2/235-. [2]
4- 4) أي مكتوبا بخطّ الهيّ مشاهد من عالم الأمر كما أنّ جبريل عليه السلام كان ينزل عليه في صورة آدميّ مشاهد من هناك-عن هامش المصدر عن الوافي-. [3]
5- 5) أي من نجبائه بمعنى الكريم الحسيب، كنّي به عن أمير المؤمنين عليه السلام-الوافي للفيض الكاشاني-. [4]

السلام و ميراثه لعليّ عليه السلام و ذريتك من صلبه.

قال: و كان عليها خواتيم، قال: ففتح عليّ عليه السلام الخاتم الأوّل و مضى لما فيها (1)، ثم فتح الحسن عليه السلام الخاتم الثاني و مضى لما امر به فيها، فلمّا توفّي الحسن عليه السلام و مضى فتح الحسين عليه السلام الخاتم الثالث فوجد فيها أن قاتل فاقتل و تقتل و اخرج بأقوام للشهادة لا شهادة لهم الا معك.

ففعل عليه السلام، فلمّا مضى دفعها الى علي بن الحسين عليه السلام قبل ذلك، ففتح الخاتم الرابع فوجد فيها أن اصمت و أطرق (2)لما حجب العلم.

فلمّا توفي و مضى دفعها الى محمّد بن عليّ عليه السلام ففتح الخاتم الخامس فوجد فيها أن فسّر كتاب اللّه و صدّق اباك و ورّث ابنك و اصطنع الامّة (3)و قم بحقّ اللّه عزّ و جلّ و قل الحقّ في الخوف و الأمن و لا تخش إلاّ اللّه، ففعل، ثمّ دفعها إلى الذي يليه.

قال: قلت له: جعلت فداك فأنت هو؟ قال: فقال: ما بي إلاّ أن تذهب يا معاذ فتروي عليّ (4).

قال: فقلت: أسأل اللّه الذي رزقك من آبائك هذه المنزلة أن يرزقك من عقبك مثلها قبل الممات، قال: قد فعل اللّه ذلك يا معاذ.

قال: فقلت: فمن هو جعلت فداك؟ قال: هذا الراقد-و اشار بيده إلى العبد الصالح عليه السلام (5)و هو راقد-. (6)

2-و عنه، عن أحمد بن محمّد، و محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين،

ص:368


1- 1) «مضى لما فيها» على تضمين معنى الأداء و نحوه، أي مؤدّيا أو متمثلا لما امر به فيها-الوافي [1]للفيض-.
2- 2) كناية عن عدم الالتفات الى ما عليه الخلق من آرائهم الباطلة و أفعالهم الشنيعة-مرآت العقول-. [2]
3- 3) «اصطنع الامّة: أحسن إليهم و ربّهم بالعلم و العمل-مرآت العقول-. [3]
4- 4) أي ما بي بأس في إظهاري لك بأني هو إلاّ مخافة أن تروي ذلك عليّ فاشتهر به-الوافي [4]للفيض-.
5- 5) أي موسى بن جعفر عليهما السلام.
6- 6) الكافي ج 1/279 ح 1 و [5]عنه البحار ج 48/27 ح 46 و [6]مدينة المعاجز:337 ح 49. [7]

عن أحمد بن محمّد، عن أبي الحسن الكناني، عن جعفر بن نجيح الكندي، عن محمّد بن أحمد بن عبيد اللّه العمري، عن أبيه، عن جدّه، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ أنزل على نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كتابا قبل وفاته، فقال: يا محمّد هذه وصيّتك الى النجبة (1)من أهلك قال: و ما النجبة يا جبرائيل؟ .

فقال: عليّ بن أبي طالب عليه السلام و ولده و كان على الكتاب خواتيم (2)من ذهب، فدفعه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الى أمير المؤمنين و أمره أن يفكّ خاتما منه و يعمل بما فيه، ثم فكّ أمير المؤمنين عليه السلام خاتما و عمل بما فيه.

ثمّ دفعه الى ابنه الحسن عليه السلام ففكّ خاتما و عمل بما فيه.

ثمّ دفعه الى الحسين عليه السلام ففكّ خاتما فوجد فيه أن اخرج بقوم الى الشهادة فلا شهادة لهم إلاّ معك واشر (3)نفسك للّه عزّ و جلّ، ففعل.

ثمّ دفعه الى عليّ بن الحسين عليه السلام ففكّ خاتما فوجد فيه أن أطرق و اصمت و الزم منزلك و اعبد ربّك حتّى يأتيك اليقين، ففعل.

ثمّ دفعه الى ابنه محمّد بن عليّ ففكّ خاتما فوجد فيه حدّث الناس و أفتهم و لا تخافنّ إلا اللّه عزّ و جلّ فإنّه لا سبيل لأحد عليك، (ففعل) .

ثمّ دفعه الى ابنه جعفر ففكّ خاتما فوجد فيه حدّث الناس و أفتهم و انشر علوم أهل بيتك و صدّق آبائك الصالحين و لا تخافنّ إلاّ اللّه عزّ و جلّ و أنت في حرز و أمان ففعل.

ص:369


1- 1) النجبة «بضم النون و فتح الجيم» : مبالغة في النجيب، أو بفتح النون جمع ناجب بمعنى نجيب و هو الكريم الحسيب.
2- 2) قال المجلسي قدّس سرّه: الظاهر أنّ الخواتيم كانت متفرّقة في مطاوي الكتاب بحيث كلّما نشرت طائفة من مطاويه انتهى النشر الى خاتم يمنع من نشر ما بعدها من المطاوي إلاّ أن يفضّ الخاتم. مرآت العقول ج 3/191-. [1]
3- 3) من الشراء بمعنى البيع، إشارة الى قوله تعالى: وَ مِنَ اَلنّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ -سورة البقرة: 207-. [2]

ثمّ دفعه الى ابنه موسى عليه السلام و كذلك يدفعه موسى عليه السلام الى الذي بعده، ثمّ كذلك الى قيام المهديّ عليه السلام. (1)

و رواه الشيخ في أماليه قال: حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن الحسين الكناني (2)عن جدّه عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السلام إنّ اللّه جلّ اسمه أنزل على نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كتابا قبل أن يأتيه الموت فقال: يا محمّد هذا كتاب وصيّتك الى النجيب من أهلك.

قال: و من النجيب من أهلي يا جبرائيل؟ .

فقال: عليّ بن أبي طالب، و كان على الكتاب خواتيم من ذهب، و ساق الحديث الى آخره. (3)

3-ابن بابويه قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن أبي القاسم الهاشمي، عن عبيد بن قيس الأنصاري (4)قال: حدّثنا الحسن ابن سماعة عن جعفر بن سماعة (5)عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: نزل جبرائيل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بصحيفة من السماء لم ينزل اللّه كتابا قبلها و لا بعدها (6)فيه خواتيم من الذهب فقال له: يا محمّد هذه وصيّتك الى النجيب

ص:370


1- 1) الكافي ج 1/280 ح 8 و [1]أمالي الصدوق:328 ح 2 و أمالي الطوسي ج 2/56. و أخرجه في البحار ج 36/192 ح 1 [2] عنهما و عن كمال الدين:669 ح 15. [3]
2- 2) في كمال الدين: [4] محمّد بن الحسن الكناني و على أي تقدير لم أظفر على ترجمته.
3- 3) أمالي الطوسي ج 2/56 و [5]عنه البحار ج 36/192 ح 1 و [6]عن كمال الدين:669 و [7]أمالي الصدوق: 328 ح 2.
4- 4) في كمال الدين: [8] عبيد بن نفيس الأنصاري، و على أيّ تقدير ما وجدت له و لا للهاشمي الراوي عنه ترجمة في كتب الرجال.
5- 5) هو جعفر بن محمد بن سماعة أبو عبد اللّه الواقفي أخو أبي محمد الحسن المذكور آنفا له كتاب النوادر كبير-جامع الرواة ج 1/195-. [9]
6- 6) في كمال الدين: [10] لم ينزل اللّه تبارك و تعالى من السماء كتابا مثلها قطّ قبلها و لا بعدها مختوما فيه خواتيم من ذهب.

من أهلك، فقال له: يا جبرائيل من النجيب من أهلي؟ قال: عليّ بن أبي طالب، مره اذا توفّيت أن يفكّ خاتما (1)و يعمل بما فيه.

فلمّا قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فكّ عليّ عليه السلام خاتما ثمّ عمل بما فيه و ما تعدّاه.

ثمّ دفعها (2)الى الحسن بن عليّ عليه السلام ففكّ خاتما و عمل به و ما تعدّاه.

ثمّ دفعها الى الحسين بن عليّ عليه السلام ففك خاتما فوجد فيه اخرج بقوم الى الشهادة لا شهادة لهم إلاّ معك و اشر نفسك للّه فعمل بما فيها و ما تعدّاه.

ثمّ دفعها الى رجل بعده ففكّ خاتما فوجد فيه أطرق و اصمت و الزم منزلك و اعبد ربّك حتّى يأتيك اليقين.

ثمّ دفعها الى رجل بعده ففكّ خاتما فوجد فيه أن حدّث الناس و أفتهم و انشر علم آبائك، ففعل بما فيه، ما تعداه.

ثمّ دفعها الى رجل بعده ففكّ خاتما فوجد فيه أن حدّث الناس و أفتهم و صدّق آبائك و لا تخافن إلاّ اللّه فإنّك في حرز من اللّه و ضمان (3)و هو يدفعها الى رجل بعده و يدفعها من بعده الى من بعده إلى يوم القيامة. (4)

ص:371


1- 1) في العلل: « [1]أن يفكّ خاتمها» ، و في كمال الدين: « [2]أن يفكّ خاتما منها» و هو الصحيح.
2- 2) في كمال الدين: [3] ثمّ دفع الصحيفة إلى الحسن بن عليّ عليهما السلام.
3- 3) في كمال الدين: [4] في حرز اللّه و ضمانه، و في بعض النسخ: في حرز من اللّه و أمان.
4- 4) علل الشرائع:171 ح 1، [5]كمال الدين ج 1/231 ح 35 و [6]عنهما البحار ج 36/203 ح 7 و [7]العوالم ج 15/55 ح 3 و في البحار ج 66/535 ح 29 [8]عن العلل. [9]

ص:372

الباب الرابع

في أنّ علمه عليه السلام عن اللّه عزّ و جلّ و عن رسوله صلّى اللّه

عليه و آله و سلّم

1-محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن محمّد ابن سنان، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: إنّ جابر بن عبد اللّه الأنصاري كان آخر من بقي من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و كان رجلا منقطعا إلينا أهل البيت و كان يقعد في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هو معتجر بعمامة سوداء و كان ينادي يا باقر العلم يا باقر العلم فكان أهل المدينة يقولون: جابر يهجر، فكان يقول: لا و اللّه ما أهجر و لكنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: إنّك ستدرك رجلا منّي اسمه اسمي، و شمائله شمائلي، يبقر العلم بقرا فذاك الذي دعاني الى ما أقول.

قال: فبينا جابر يتردّد ذات يوم في بعض طرق المدينة إذ مرّ بطريق في ذاك الطريق كتاب فيه محمّد بن علي عليه السلام فلمّا نظر إليه قال: يا غلام أقبل فأقبل ثم قال له: أدبر فادبر.

ثمّ قال: شمائل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و الذي نفسي بيده، يا غلام ما اسمك؟ .

قال: اسمي محمّد بن عليّ بن الحسين، فأقبل عليه يقبّل رأسه و يقول: بأبي أنت و امّي أبوك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقرئك السلام و يقول ذلك.

قال: فرجع محمّد بن عليّ بن الحسين الى أبيه و هو ذعر فأخبره الخبر، فقال

ص:373

له: يا بنيّ و قد فعلها جابر؟ قال: نعم، قال: الزم بيتك يا بنيّ، فكان جابر يأتيه طرفي النهار و كان أهل المدينة يقولون: و اعجباه لجابر يأتي هذا الغلام طرفي النهار و هو آخر من بقي من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فلم يلبث أن مضى عليّ بن الحسين.

فكان محمّد بن عليّ عليه السلام يأتيه على وجه الكرامة لصحبته لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (1)قال: فجلس يحدّثهم عن اللّه تبارك و تعالى.

فقال أهل المدينة: ما رأينا أحدا أجرأ من هذا، فلمّا رأى ما يقولون حدّثهم عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

فقال أهل المدينة: ما رأينا أحدا قطّ أكذب من هذا يحدّثنا عمن لم يره، فلمّا رأى ما يقولون حدّثهم عن جابر بن عبد اللّه قال: فصدّقوه و كان جابر بن عبد اللّه يأتيه فيتعلّم منه. (2)

2-الشيخ في «أماليه» قال: أخبرنا محمّد بن محمّد يعني المفيد، قال:

أخبرني المظفّر بن أحمد البلخي، قال: حدّثنا أبو عليّ محمّد بن همام الاسكافي، قال: أخبرني أبو جعفر أحمد بن مابنداذ (3)انّ منصور بن العبّاس (4)القصباني (5)، حدّثهم عن الحسن بن عليّ الخزّاز، عن عليّ بن عقبة، عن سالم بن أبي حفصة،

ص:374


1- 1) لا يخفى أنّ هذا ينافي تاريخ وفاة الامام السجّاد و جابر، فانّ جابر توفّي سنة «74» أو «78» و الامام عليه السلام استشهد سنة «94» أو «95» .
2- 2) الكافي ج 1/469 ح 2 و [1]أخرجه البحار ج 46/225 ح 5 [2] عن الخرائج:249 و الاختصاص: 62 و رجال الكشي:41 ح 88 و البحار أيضا [3]ص 295 عن المناقب لابن شهر اشوب:196 [4] نحوه.
3- 3) أبو جعفر أحمد بن ما بنداذ خال محمد بن همّام الاسكافي، كان أبوه مجوسيا فأسلم ترجمه الزنجاني في «الجامع في الرجال» و قال: ظاهره الاعتماد عليه و أحاديثه جيدة.
4- 4) ابو الحسن أو أبو الحسين الرازي منصور بن العبّاس كان داره بباب الكوفة في بغداد و مات بها. ذكره الشيخ في أصحاب الجواد و الهادي عليهما السلام من رجاله بأرقام 24 و 27 و له كتاب روى عنه البرقي.
5- 5) في المصدر: العصياني.

قال: لمّا هلك أبو جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليهما السلام قلت لأصحابي:

انتظروني حتى أدخل على أبي عبد اللّه جعفر بن محمد فأعزّيه به، فدخلت عليه فعزّيته به.

ثم قلت: إنّا للّه و إنّا إليه راجعون، ذهب و اللّه من كان يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فلا يسأل عن من بينه و بين رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، لا و اللّه لا يرى مثله أبدا.

قال: فسكت أبو عبد اللّه عليه السلام ساعة، ثم قال: قال اللّه تعالى: إنّ من عبادي من يتصدّق بشقّ تمرة فاربّيها له كما يربّي أحدكم فلوه (1)حتى أجعلها له مثل جبل احد، فخرجت الى أصحابي فقلت: ما رأيت أعجب من هذا، كنّا نستعظم قول أبي جعفر عليه السلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بلا واسطة، فقال لي أبو عبد اللّه عليه السلام: قال اللّه تعالى، بلا واسطة. (2)

و رواه المفيد في «أماليه» عن سالم بن أبي حفصة عن الصادق عليه السلام الحديث بعينه بالسند و المتن.

3-عليّ بن عيسى في «كشف الغمّة» انّ الصادق عليه السلام كان يقول:

حديثي حديث أبي، و حديث أبي حديث جدّي، و حديث جدّي حديث عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين، و حديث عليّ حديث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و حديث رسول اللّه قول اللّه عزّ و جلّ. (3)

و رواه أبو عليّ الطبرسي في كتاب «إعلام الورى» . (4)

ص:375


1- 1) الفلو (بفتح الفاء) : الصبي المفطوم عن الرضاع، و المهر المفطوم.
2- 2) أمالي الطوسي ج 1/125 و [1]عنه البحار ج 47/337 ح 12 و [2]في ص 27 ح 27 عن أمالي المفيد: 354 ح 7.
3- 3) كشف الغمّة ج 2/170 [3]عن الإرشاد للمفيد:274. و أخرجه في الوسائل ج 18 ص 58 ح 26 [4]عن الكافي ج 1/53 ح 14. و في البحار ج 2/178 ح 28 و [5]العوالم ج 3/490 ح 26 عن منية المريد:194. [6]
4- 4) اعلام الورى:277. [7]

4-الشيخ المفيد في «أماليه» قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمّد القميّ، رحمه اللّه قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى قال: حدّثنا هارون بن مسلم، عن عليّ بن أسباط، عن سيف بن عميرة، عن عمرو بن شمر، عن جابر، قال: قلت لأبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام: إذا حدّثتني بحديث فاسنده لي.

قال: حدّثني أبي، عن جدّي، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، عن جبرائيل عليه السلام، عن اللّه عزّ و جلّ، و كلّما أحدّثك بهذا الإسناد، و قال:

يا جابر لحديث واحد تأخذه عن صادق خير لك من الدنيا و ما فيها. (1)

5-و في «روضة الواعظين» لابن الفارسي قال: إنّ الباقر عليه السلام سئل عن الحديث يرسله و لا يسنده، فقال له: إذا حدّثت الحديث و لم اسنده فسندي فيه أبي، عن جدّي عن جدّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، عن جبرائيل عن اللّه تعالى.

و ذكره المفيد في «إرشاده» أيضا. (2)

6-و قال أبو عليّ الطبرسي في «إعلام الورى» : روى ابن أبي عمير، عن عمر بن اذينة عنه عليه السلام، قال: لو أنّ حديثنا برأينا ضللنا كما ضلّ من كان قبلنا، و لكن حديثنا ببيّنة كان ربّنا بيّنها لنبيّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فبيّنها لنا. (3)

7-قال: و سئل عليه السلام عن الحديث يرسله و لا يسنده، فقال: إذا حدّثت بالحديث فلم اسنده فسندي فيه أبي زين العابدين، عن أبيه الحسين الشهيد، عن أبيه عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين، عن رسول اللّه عليهم السلام، عن جبرائيل، عن اللّه عزّ و جلّ. (4)

ص:376


1- 1) أمالي المفيد:42 ح 10 و عنه البحار ج 2/148 ح 21 و [1]ص 178 ح 27 و الوسائل ج 18/69 ح 67. [2]
2- 2) روضة الواعظين:204 و [3]إرشاد المفيد:266 و [4]عنه البحار ج 46/288 [5] في صدر الحديث 11.
3- 3) إعلام الورى:264. [6]
4- 4) إعلام الورى:264. [7]

الباب الخامس

في مجلسه للعلم و الفتيا و صغارة العلماء عنده و بحضرته و مرجعهم

إليه عليه السلام

1-محمّد بن عمرو بن عبد العزيز الكشي (1)قال: حدّثني عليّ بن محمّد بن قتيبة النيشابوري، قال: حدّثني أبو عبد اللّه بن أحمد الرازي الخواري (2)من قرية أسترآباد، عن محمّد بن خالد، أظنّه البرقي، عن محمّد بن سنان، عن زياد بن المنذر أبي الجارود، عن القاسم بن عوف (3)، قال: كنت أتردّد بين عليّ بن الحسين عليه السلام و بين محمّد بن الحنفية (4)و كنت آتي هذا مرّة و هذا مرّة.

قال: و لقيت عليّ بن الحسين عليه السلام قال: فقال لي: يا هذا إيّاك أن تأتي أهل العراق فتخبرهم أنا استودعناك علما فإنّا و اللّه ما فعلنا ذلك، و إيّاك أن تترايس بنا فيضعك اللّه و إيّاك أن تستأكل بنا فيزيدك اللّه فقرا.

ص:377


1- 1) الكشي «نسبة الى بلاد ما وراء النهر» : محمّد بن عمر بن عبد العزيز، أبو عمرو الفقيه الرجالي الإمامي المتوفى نحو سنة «340» ه-الاعلام ج 7/201-. [1]
2- 2) الخواري: جعفر بن أحمد بن وندك الرازي أبو عبد اللّه، من أصحابنا المتكلّمين و المحدّثين، له كتاب كبير في الإمامة-رجال النجاشي ج 1/304-.
3- 3) القاسم بن عوف الشيباني عدّه الشيخ في رجال زين العابدين عليه السلام.
4- 4) قال التستري في ترجمة القاسم بن عوف بعد ذكر الحديث: الظاهر أنّ الأصل: «كنت أتردد بين المختار و بين علي بن الحسين عليه السلام و محمد بن الحنفية» . و الأصل في قوله: «يا هذا إياك» : (فقال لي: قل للمختار: يا هذا إياك) فالتحذير للمختار.

و اعلم أنّك إن تكن ذنبا في الخير خير لك من أن تكون رأسا في الشر، و اعلم أنّه من يحدّث عنا بحديث سألناه يوما، فإن حدّث صدقا كتبه اللّه صدّيقا، و ان حدّث كذبا كتبه اللّه كذّابا، و إيّاك أن تشدّ راحلة ترحلها تأتي هاهنا تطلب العلم حتى يمضي لك (1)بعد موتي سبع حجج ثم يبعث اللّه لكم غلاما من ولد فاطمة صلوات اللّه عليها تنبت الحكمة في صدره كما ينبت الطلّ (2)الزرع.

قال: فلمّا مضى عليّ بن الحسين صلوات اللّه عليهما حسبنا الأيّام و الجمع و الشهور و السنين فما زادت يوما و لا نقصت يوما حتّى تكلّم محمّد بن عليّ بن الحسين باقر العلم عليهم السلام. (3)

2-محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن علي، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي قال: كنت جالسا في مسجد الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إذ أقبل رجل فسلّم فقال: من أنت يا عبد اللّه؟ .

فقلت: رجل من أهل الكوفة (4)، فقلت: فما حاجتك؟ .

فقال لي: أ تعرف أبا جعفر محمد بن عليّ عليه السلام، فقلت: نعم، فما حاجتك إليه؟ .

قال: هيّأت له أربعين مسألة أسأله عنها فما كان من حقّ أخذته و ما كان من باطل تركته.

قال أبو حمزة: فقلت له: هل تعرف ما بين الحق و الباطل؟ .

قال: نعم، قلت: فما حاجتك إليه إذا كنت تعرف ما بين الحق و الباطل؟ .

ص:378


1- 1) في البحار: [1] حتّى يمضي لكم.
2- 2) الطلّ: المطر الضعيف، الندى.
3- 3) رجال الكشي:124 ح 196 و [2]عنه البحار ج 2/162 ح 22 و [3]العوالم ج 3/472.
4- 4) في بعض نسخ الكافي: « [4]فقلت: من أنت يا عبد اللّه؟ فقال: رجل من أهل الكوفة» و على هذه النسخة يجب أن يقول: من أهل البصرة كما يظهر من تتمة الحديث.

فقال لي: يا أهل الكوفة أنتم قوم ما تطاقون (1)، إذا رأيت أبا جعفر عليه السلام فأخبرني، فما انقطع كلامي معه حتى أقبل أبو جعفر عليه السلام و حوله أهل خراسان و غيرهم يسألونه عن مناسك الحجّ فمضى حتّى جلس مجلسه و جلس الرجل قريبا منه.

قال أبو حمزة: فجلست حيث أسمع الكلام، و حوله عالم من الناس.

فلمّا قضى حوائجهم و انصرفوا، التفت الى الرجل فقال له: من أنت؟ قال: أنا قتادة بن دعامة البصري، فقال أبو جعفر عليه السلام: أنت فقيه أهل البصرة؟ فقال: نعم، فقال له أبو جعفر عليه السلام: ويحك يا قتادة إنّ اللّه عزّ و جلّ خلق خلقا من خلقه فجعلهم حججا فهم أوتاد في أرضه، قوّام بأمره، نجباء في علمه، اصطفاهم قبل خلقه، أظلّة عن يمين عرشه.

قال: فسكت قتادة طويلا ثمّ قال: أصلحك اللّه و اللّه لقد جلست بين يدي الفقهاء و قدّام ابن عباس فما اضطرب قلبي قدّام واحد منهم ما اضطرب قدّامك! فقال أبو جعفر عليه السلام: ما تدري أين أنت (2)، أنت بين يدي «بيوت أذن اللّه أن ترفع و يذكر فيها اسمه يسبّح له فيها بالغدوّ و الآصال رجال لا تلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر اللّه، و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة» (3)فأنت ثمّ و نحن اولئك، فقال له قتادة: صدقت و اللّه جعلني اللّه فداك و اللّه ما هي بيوت حجارة و لا طين.

قال قتادة: فأخبرني عن الجبن، فتبسم أبو جعفر عليه السلام (4)و قال:

رجعت مسائلك الى هذا؟ فقال: ضلّت عنّي، فقال: لا بأس به، فقال: إنّه ربما

ص:379


1- 1) ما تطاقون: ما يطيق أحد التكلّم معكم.
2- 2) في المصدر: ويحك أ تدري أين أنت؟
3- 3) النور:36. [1]
4- 4) في المصدر: قال: فتبسّم أبو جعفر عليه السلام.

جعلت فيه إنفحة (1)الميت، فقال: ليس بها بأس إنّ الإنفحة ليس فيها عروق و لا فيها دم و لا لها عظم، إنّما تخرج من بين فرث و دم، ثمّ قال: و إنمّا الإنفحة بمنزلة دجاجة ميتة اخرجت منها بيضة فهل تؤكل تلك البيضة؟ .

فقال قتادة: لا و لا آمر بأكلها، فقال له أبو جعفر عليه السلام: و لم؟ قال:

لأنّها من الميتة، قال له: فإن حضنت تلك البيضة فخرجت منها دجاجة أ تأكلها؟ قال: نعم، قال: فما حرّم عليك البيضة و حلّل لك الدجاجة؟ .

ثم قال: فكذلك الإنفحة مثل البيضة فاشتر الجبن من أسواق المسلمين من أيدي المصلّين و لا تسأل عنه إلاّ أن يأتيك من يخبرك عنه. (2)

3-و عنه، عن عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن الحسن ابن محبوب، عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي، و أبي منصور، عن أبي الربيع (3)قال: حججنا مع أبي جعفر عليه السلام في السنة التي حجّ فيها هشام بن عبد الملك، و كان معه نافع (4)مولى عبد اللّه بن عمر بن الخطّاب فنظر نافع إلى أبي

ص:380


1- 1) الإنفحة «بكسر الهمزة و تثليث الفاء» شيء من بطن الجدي قبل أن يطعم غير اللبن فيعصر في صوفة مبتلّة في اللبن فيغلظ كالجبن و هو المعروف عند العامّة بالمجبنة و يقال له بالفارسية: مايه پنير.
2- 2) الكافي ج 6/256 ح 1 و [1]عنه البحار ج 10/154 ح 4 و [2]ج 46/357 ح 11 و البرهان ج 3/137 ح 4. و [3]قطعة منه في ج 23/329 ح 10 و الوسائل ج 16/364 ح 1. [4]
3- 3) أبو الربيع: خليد بن أوفى العاملي الشامي، من أصحاب الصادق عليه السلام مذكور في كتب الرجال، خال من الذمّ، بل هو ممدوح، كثير الرواية و الحديث، له كتب و ذكره الصدوق في آخر الفقيه، و ذكر طريقه إليه و روى عنه كثيرا و اعتمد عليه و هو مدح له لما علم من أوّل كتابه. و ذكره الشيخ في أصحاب الباقر عليه السلام و ترجمه النجاشي و قال: روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام، و قد استدلّ الشهيد في شرح الإرشاد على صحة رواياته برواية الحسن بن محبوب عنه كثيرا مع الإجماع على تصحيح ما يصح عن الحسن بن محبوب، و روى عنه ابن مسكان أيضا و هو من أصحاب الإجماع-أمل الآمل ج 1/82 برقم 79-. [5]
4- 4) في البحار ج 10/161 ح 13 [6]نقلا عن تفسير القمي: «و [7]كان معه نافع بن الأزرق» و لكنّه سهو لأنّه قتل في سنة «65» ه. و الصواب نافع بن سرجس مولى عبد اللّه بن عمر. و قد تقدّم في ج 1/309 من الكتاب أنّه توفّي سنة «117» ه.

جعفر عليه السلام في ركن البيت و قد اجتمع عليه الناس.

فقال نافع: يا أمير المؤمنين من هذا الذي قد تداكّ (1)عليه الناس؟ فقال:

هذا نبيّ أهل الكوفة، هذا محمّد بن عليّ، فقال: أشهد لآتينّه فلأسألنّه عن مسائل لا يجيبني فيها إلاّ نبيّ أو ابن نبيّ، أو وصيّ نبيّ قال: فاذهب إليه و اسأله لعلّك تخجله.

فجاء نافع حتى اتّكأ على الناس ثم أشرف على أبي جعفر عليه السلام فقال: يا محمّد بن عليّ إنّي قرأت التوراة و الإنجيل و الزبور و الفرقان و قد عرفت حلالها و حرامها و قد جئت أسألك عن مسائل لا يجيبني فيها إلاّ نبيّ أو وصيّ نبيّ أو ابن نبيّ.

قال: فرفع أبو جعفر عليه السلام رأسه فقال: سل عمّا بدا لك، فقال:

أخبرني كم بين عيسى و محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من سنة؟ فقال: اخبرك بقولي أو بقولك (2)، قال: أخبرني بالقولين جميعا، قال: أمّا في قولي (3)فخمس مائة سنة (4)، و أمّا في قولك فستّمائة سنة، قال: فأخبرني عن قول اللّه عزّ و جلّ لنبيّه:

وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَ جَعَلْنا مِنْ دُونِ اَلرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ (5)من الذي سأل محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و كان بينه و بين عيسى خمسمائة سنة؟ .

قال: فتلا أبو جعفر عليه السلام هذه الآية: سُبْحانَ اَلَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ

ص:381


1- 1) أي إزدحم عليه الناس.
2- 2) في البحار: [1] أم بقولك.
3- 3) في البحار: [2] أمّا بقولي.
4- 4) قال المجلسي قدّس سرّه في مرآة العقول: [3] هو الذي دلّت عليه أخبارنا في قدر زمان الفترة و قد روى الصدوق رحمه اللّه في كمال الدين عن الصادق عليه السلام قال: كان بين عيسى و بين محمد صلّى اللّه عليه و آله خمسمائة عام و هذا هو الصحيح.
5- 5) الزخرف:45. [4]

لَيْلاً مِنَ اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرامِ إِلَى اَلْمَسْجِدِ اَلْأَقْصَى اَلَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا (1)فكان من الآيات التي أراها اللّه تبارك و تعالى محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حيث اسري به الى بيت المقدس أن حشر اللّه عزّ ذكره الأولين و الآخرين من النبيّين و المرسلين.

ثم أمر جبرائيل عليه السلام فأذّن شفعا و أقام شفعا و قال في أذانه: حيّ على خير العمل ثمّ تقدّم محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فصلّى بالقوم فلمّا انصرف قال لهم: على ما تشهدون و ما كنتم تعبدون؟

قالوا: نشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له و أنّك لرسول اللّه أخذ على ذلك عهودنا و مواثيقنا.

فقال نافع: صدقت يا با جعفر و أخبرني عن قول اللّه عزّ و جلّ: أَ وَ لَمْ يَرَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما (2).

قال: إنّ اللّه تبارك و تعالى لمّا أهبط آدم الى الأرض و كانت السموات رتقا لا تمطر شيئا و كانت الأرض رتقا لا تنبت شيئا، فلمّا تاب اللّه عزّ و جلّ على آدم عليه السلام أمر السماء فتفطّرت بالغمام، ثم أمرها فأرخت عزاليها، ثم أمر الأرض فأنبتت الأشجار و أثمرت الثمار و تفهّقت (3)بالأنهار فكان ذلك رتقها و هذا فتقها.

فقال نافع: صدقت يا بن رسول اللّه.

فأخبرني عن قول اللّه عزّ و جلّ: يَوْمَ تُبَدَّلُ اَلْأَرْضُ غَيْرَ اَلْأَرْضِ وَ اَلسَّماواتُ (4)أيّ أرض تبدّل يومئذ؟ فقال أبو جعفر عليه السلام: أرض تبقى خبزة يأكلون منها حتى يفرغ اللّه عزّ و جلّ من الحساب.

فقال نافع: إنّهم عن الأكل لمشغولون.

ص:382


1- 1) الإسراء:2. [1]
2- 2) الأنبياء:30. [2]
3- 3) تفهّق: امتلأ حتّى صار يتصبّب.
4- 4) ابراهيم:48. [3]

فقال أبو جعفر عليه السلام: أهم يومئذ أشغل أم إذ هم في النار؟ .

فقال نافع: بل إذ هم في النار، قال: و اللّه ما شغلهم إذ دعوا بالطعام فأطعموا الزقّوم، و دعوا بالشراب فسقوا الحميم.

فقال: صدقت يا بن رسول اللّه و لقد بقيت مسألة واحدة، قال: و ما هي؟

قال: أخبرني عن اللّه تعالى متى كان؟

قال: ويلك و متى لم يكن حتى اخبرك متى كان، سبحان من لم يزل و لا يزال فردا صمدا لم يتّخذ صاحبة و لا ولدا، ثم قال: يا نافع أخبرني عما أسألك عنه.

قال: و ما هو؟ قال: ما تقول في أصحاب النهروان؟

فإن قلت: إنّ أمير المؤمنين قتلهم بحقّ قد ارتددت (1)، و إن قلت: قتلهم باطلا فقد كفرت، قال: فولّى من عنده و هو يقول: و اللّه أنت أعلم الناس حقّا حقّا، فأتى هشاما فقال له: ما صنعت؟ .

قال: دعني من كلامك، هذا و اللّه أعلم الناس حقّا حقّا و هو ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حقّا و يحقّ لأصحابه أن يتخذوه نبيّا. (2)

و رواه عليّ بن إبراهيم في تفسيره عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي الربيع، قال: حججت مع أبي جعفر عليه السلام في السنة التي حجّ هشام بن عبد الملك، و كان معه نافع مولى عمر بن الخطّاب و ساق الحديث.

و في رواية محمّد بن يعقوب زيادة، و في رواية عليّ بن إبراهيم في كلام نافع

ص:383


1- 1) أي رجعت عن مذهبك و اعتقادك برأي الخوارج.
2- 2) الكافي ج 8/120 ح 93، و [1]تفسير القمي ج 1/232 و [2]عنهما البرهان ج 2/21 و 22 ح 1 و 2 و [3]في البحار ج 18/308 ح 17 [4] صدره عن الكافي و [5]في ص 363 ح 67 قطعة منه عن تفسير القمي، و [6]في ج 46/355 ح 9 مختصرا عن الكافي و [7]المناقب لابن شهر اشوب ج 4/198. [8]

لأبي جعفر عليه السلام: فأخبرني عن قول اللّه تعالى: يَوْمَ تُبَدَّلُ اَلْأَرْضُ غَيْرَ اَلْأَرْضِ وَ اَلسَّماواتُ (1)أيّ أرض تبدّل غير الأرض و السماوات؟

فقال أبو جعفر عليه السلام: بخبزة بيضاء يأكلون منها حتى يفرغ اللّه من حساب الخلائق.

4-محمّد بن يعقوب بإسناده عن إسماعيل بن أبان، عن عمر بن عبد اللّه الثقفي (2)، قال: أخرج هشام بن عبد الملك أبا جعفر عليه السلام من المدينة الى الشام فأنزله معه (3)، فكان يقعد مع الناس في مجالسهم.

فبينا هو قاعد و عنده جماعة من الناس يسألونه إذ نظر الى النصارى يدخلون في جبل هناك، فقال عليه السلام: ما لهؤلاء؟ ألهم عيد اليوم؟

قالوا: لا يا بن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و لكنّهم يأتون عالما لهم في هذا الجبل كلّ سنة في هذا اليوم فيخرجونه و يسألونه عمّا يريدون و عمّا يكون في عامهم.

فقال أبو جعفر عليه السلام: و له علم؟ فقالوا: هو من أعلم الناس، قد أدرك أصحاب الحواريين من أصحاب عيسى عليه السلام.

قال: فهل نذهب إليه؟

قالوا: ذلك إليك يا بن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

قال: فقنّع أبو جعفر عليه السلام رأسه بثوبه و مضى هو و أصحابه و اختلطوا بالناس حتى أتوا الجبل، فقعد أبو جعفر عليه السلام وسط النصارى هو و أصحابه، و أخرج النصارى بساطا ثمّ وضعوا عليه الوسائد، ثمّ دخلوا

ص:384


1- 1) ابراهيم:48. [1]
2- 2) عمر بن عبد اللّه بن يعلى بن مرّة الثقفي الكوفي، ترجمه ابن أبي حاتم الرازي في الجرح و التعديل ج 6/118 و قال: روى عن أنس، و عرفجة، و منهال بن عمرو، و روى عنه الثوري و المسعودي و إسرائيل و المطلب بن زياد. . .
3- 3) في المصدر: فأنزله منه: و في البحار: و [2]كان ينزله معه.

فأخرجوه ثمّ ربطوا عينيه (1)، فقلّب عينيه كأنّهما عينا افعى.

ثمّ قصد أبا جعفر عليه السلام (2)فقال: يا شيخ أمنّا أنت أم من الامة المرحومة؟

فقال أبو جعفر عليه السلام: بل من الامّة المرحومة.

فقال: أ فمن علمائهم أنت أم من جهّالهم.

فقال: لست من جهّالهم.

فقال النصراني: إنّي أسألك أم تسألني؟

فقال أبو جعفر عليه السلام: سلني.

فقال النصراني: يا معشر النصارى رجل من أمّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: سلني، إنّ هذا لمليء بالمسائل (3).

ثم قال: يا عبد اللّه أخبرني عن ساعة ما هي من الليل و لا من النهار، أيّ ساعة هي؟

قال أبو جعفر عليه السلام: ما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس.

فقال النصراني: فإذا لم تكن من ساعات الليل و لا من ساعات النهار فمن أيّ الساعات هي؟

فقال أبو جعفر عليه السلام: من ساعات الجنّة، و فيها تفيق (4)مرضانا.

فقال النصراني: فأسألك أو تسألني.

فقال أبو جعفر عليه السلام: سلني.

فقال النصراني: يا معشر النصارى إنّ هذا لمليء بالمسائل، أخبرني عن أهل

ص:385


1- 1) قال المجلسي قدّس سرّه: لعلهم ربطوا حاجبيه فوق عينيه كما في الخرائج «فرأينا شيخا سقط حاجباه على عينيه من الكبر» و قد مرّ فيما رواه السيّد بن طاوس: «شدّ حاجبيه» .
2- 2) المصدر: قصد الى أبي جعفر عليه السلام.
3- 3) أي جدير بان يسأل عنه، و في البحار: [1] إنّ هذا العالم بالمسائل.
4- 4) أفاق من مرضه: رجعت الصحّة إليه.

الجنة كيف صاروا يأكلون و لا يتغوّطون؟ أعطني مثله في الدنيا.

فقال أبو جعفر عليه السلام: هذا الجنين في بطن أمّه يأكل ممّا تأكل امّه و لا يتغوّط.

فقال النصراني: أ لم تقل ما أنا من علمائهم؟

فقال أبو جعفر عليه السلام: إنّما قلت لك: ما أنا من جهّالهم.

فقال النصراني: أسألك أو تسألني؟

فقال أبو جعفر عليه السلام: سلني.

فقال: يا معشر النصارى و اللّه لأسألنه عن مسألة يرتطم فيها كما يرتطم الحمار في الوحل.

فقال له: سل.

قال: أخبرني عن رجل دنا من امرأته فحملت باثنين، حملتهما جميعا في ساعة واحدة، و ولدتهما في ساعة واحدة، و ماتا في ساعة واحدة، و دفنا في قبر واحد، فعاش أحدهما مائة و خمسين سنة و عاش الآخر خمسين سنة من هما؟

فقال أبو جعفر عليه السلام: هما عزير و عزرة، كان حمل امّهما على ما وصفت و وضعتهما على ما وصفت، عاش عزرة و عزير كذا و كذا سنة، ثم أمات اللّه تبارك و تعالى عزير مائة سنة، ثمّ بعث فعاش مع عزرة هذه الخمسين سنة و ماتا كلاهما في ساعة واحدة.

فقال النصراني: يا معشر النصارى ما رأيت بعيني قطّ رجلا أعلم من هذا الرجل لا تسألوني عن حرف و هذا بالشام، ردّوني، فردّوه الى كهفه و رجع النصارى مع أبي جعفر عليه السلام. (1)

5-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، و محمّد بن إسماعيل، ، عن

ص:386


1- 1) الكافي ج 8/122 ح 94. و أخرجه في البحار ج 10/149 ح 1، و [1]ج 46/313 ح 2 عن تفسير القمي ج 1/98. [2]

الفضل بن شاذان، جميعا عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عن زكريا بن يحيى الشعيري (1)عن الحكم بن عتيبة (2)، قال: كنّا على باب أبي جعفر عليه السلام، و نحن جماعة ننتظر أن يخرج إذ جاءت امرأة، فقالت: أيّكم أبو جعفر؟

فقال لها القوم: ما تريدين منه؟

قالت: اريد أن أسأله عن مسألة، فقالوا لها: هذا فقيه أهل العراق فسليه.

فقالت: إنّ زوجي مات و ترك ألف درهم و كانت لي عليه من صداقي خمسمائة درهم، فأخذت صداقي و أخذت ميراثي، ثمّ جاء رجل فادّعى عليه ألف درهم فشهدت له.

فقال الحكم: فبينا أنا أحسب إذ خرج أبو جعفر عليه السلام فقال: ما هذا الذي أراك تحرّك به أصابعك يا حكم؟

فقلت: إنّ هذه المرأة ذكرت أنّ زوجها مات و ترك ألف درهم، و كان لها عليه من صداقها خمسمائة درهم، فأخذت صداقها و أخذت ميراثها، ثمّ جاء رجل فادّعى عليه ألف درهم فشهدت له.

فقال الحكم: فو اللّه ما أتممت الكلام حتّى قال: أقرّت بثلث ما في يديها و لا ميراث لها.

قال الحكم: فما رأيت و اللّه أفهم من أبي جعفر عليه السلام قطّ.

قال ابن أبي عمير: تفسير ذلك أنّه لا ميراث لها حتّى تقضي الدين، و إنّما ترك ألف درهم و عليه من الدين ألف و خمسمائة درهم لها و للرجل، فلها ثلث الألف

ص:387


1- 1) في بعض نسخ الكافي: [1] زكريا بن أبي يحيى، هو أبو يحيى السعدي الشعيري، ظاهر الأصحاب الاعتماد عليه-الجامع في الرجال:793-. [2]
2- 2) الحكم بن عتيبة أبو محمد مولى امرأة من بني عدي بن كندة الكوفي، من رجال البخاري، مات سنة «114» ه أو بعدها-التقريب ج 1/192-.

و للرجل ثلثاها. (1)

6-و عنه، عن عدّة من اصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن زيد الشحّام، قال: دخل قتادة بن دعامة على أبي جعفر عليه السلام فقال: يا قتادة أنت فقيه أهل البصرة؟ فقال: هكذا يزعمون، فقال أبو جعفر عليه السلام: بلغني أنّك تفسّر القرآن؟ قال له قتادة: نعم.

فقال له أبو جعفر عليه السلام: بعلم تفسّره أم بجهل؟ قال: لا بل بعلم.

فقال له أبو جعفر عليه السلام: فإن كنت تفسّره بعلم فأنت أنت (2)، و أنا أسألك؟ قال قتادة: سل، قال: أخبرني عن قول اللّه عزّ و جلّ في سبأ: وَ قَدَّرْنا فِيهَا اَلسَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيّاماً آمِنِينَ (3).

فقال قتادة: ذاك من خرج من بيته بزاد حلال و راحلة وكرا حلال يريد هذا البيت كان آمنا حتى يرجع إلى أهله.

فقال أبو جعفر عليه السلام: نشدتك باللّه (4)يا قتادة هل تعلم أنّه قد يخرج الرجل من بيته بزاد حلال و راحلة وكرا حلال يريد هذا البيت فيقطع عليه الطريق فتذهب نفقته، و يضرب مع ذلك ضربة فيها اجتياحه (5)؟

قال قتادة: اللهمّ نعم.

فقال أبو جعفر عليه السلام: يا قتادة إن كنت قد (6)فسّرت القرآن من تلقاء نفسك فقد هلكت و أهلكت، و إن كنت قد أخذته من الرجال، فقد هلكت

ص:388


1- 1) الكافي ج 7/24 ح 3 و [1]عنه الوسائل ج 13/403 ح 8 و [2]عن الفقيه ج 4/223 ح 5527 مثله، و التهذيب ج 9/164 ح 17 و الاستبصار ج 4/114 ح 2 نحوه. و رواه الكافي أيضا [3]بنفس السند ج 7/167 ح 1 باختلاف يسير. [4]
2- 2) أي فأنت العالم المتوحّد الذي لا يحتاج الى المدح و ينبغي أن يرجع إليك في العلوم-مرآة العقول-. [5]
3- 3) سبأ:18. [6]
4- 4) نشدتك باللّه: أستحلفك باللّه.
5- 5) الاجتياح: الإهلاك.
6- 6) في المصدر: إن كنت إنّما فسّرت.

و أهلكت، ويحك يا قتادة ذلك من خرج من بيته بزاد و راحلة وكرا حلال يروم هذا البيت عارفا بحقّنا يهوانا قلبه كما قال اللّه عزّ و جلّ: فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ اَلنّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ (1)و لم يعن البيت فيقول: إليه، فنحن و اللّه دعوة إبراهيم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم التي من هوانا قلبه قبلت حجته و إلاّ فلا، يا قتادة فإذا كان كذلك كان آمنا من عذاب جهنّم يوم القيامة.

قال قتادة: لا جرم و اللّه لا فسّرتها إلاّ هكذا.

فقال أبو جعفر عليه السلام: ويحك يا قتادة إنّما يعرف القرآن من خوطب به. (2)

7-محمّد بن العبّاس بن ماهيار في «تفسيره» عن أحمد بن هوذة الباهلي، عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، عن عبد اللّه بن حمّاد الأنصاري، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: دخل الحسن البصري على محمّد ابن عليّ عليهما السلام فقال له: يا أخا أهل البصرة بلغني أنّك فسّرت آية من كتاب اللّه على غير ما انزلت، فإن كنت فعلت فقد هلكت و استهلكت؟ قال: و ما هي جعلت فداك؟

قال: قول اللّه عزّ و جلّ: وَ جَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ اَلْقُرَى اَلَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً وَ قَدَّرْنا فِيهَا اَلسَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيّاماً آمِنِينَ (3)ويحك كيف يجعل اللّه لقوم أمانا و متاعهم يسرق بمكة و المدينة و ما بينهما؟ و ربّما اخذ عبدا أو قتل و فاتت نفسه! .

ثمّ مكث مليّا ثم أومأ بيده الى صدره و قال: نحن القرى التي بارك اللّه فيها.

ص:389


1- 1) ابراهيم:37. [1]
2- 2) الكافي ج 8/311 ح 485 و [2]عنه البحار ج 46/349 ح 2 و [3]البرهان ج 3/347 ح 1. [4]
3- 3) سبأ:18. [5]

قال: جعلت فداك أوجدت هذا في كتاب اللّه أنّ القرى رجال؟

قال: نعم قوله عزّ و جلّ: وَ كَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَ رُسُلِهِ فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً وَ عَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً (1)فمن العاتي على اللّه عزّ و جلّ الحيطان أم البيوت أم الرجال.

ثم قال: جعلت فداك زدني، قال: قوله عزّ و جلّ في سورة يوسف:

وَ سْئَلِ اَلْقَرْيَةَ اَلَّتِي كُنّا فِيها وَ اَلْعِيرَ اَلَّتِي أَقْبَلْنا فِيها (2)لمن أمروه أن يسأل؟ القرية و العير، أم الرجال؟

فقال: جعلت فداك فأخبرني عن القرى الظاهرة.

قال: هم شيعتنا، يعني العلماء منهم. (3)

8-الشيخ أحمد بن عليّ بن أبي طالب أبو منصور الطبرسي في «الاحتجاج» عن أبي حمزة الثمالي قال: أتى الحسن البصري أبا جعفر عليه السلام فقال: يا با جعفر أسألك عن أشياء من كتاب اللّه (4).

فقال له أبو جعفر عليه السلام: أ لست فقيه أهل البصرة؟

قال: قد يقال ذلك.

فقال أبو جعفر عليه السلام: هل بالبصرة أحد تأخذ عنه؟

قال: لا، قال: فجميع أهل البصرة يأخذون عنك؟ قال: نعم.

فقال أبو جعفر عليه السلام: سبحان اللّه لقد تقلّدت عظيما من الأمر بلغني عنك أمر فما أدري أ كذلك أنت أم يكذب عليك؟

قال: ما هو؟

ص:390


1- 1) الطلاق:8. [1]
2- 2) يوسف:82. [2]
3- 3) تأويل الآيات ج 2/472 ح 2 و عنه البحار ج 24/235 ح 4 و [3]البرهان ج 3/348 ح 6، و [4]مستدرك الوسائل ج 3/188 ح 18. [5]
4- 4) في المصدر: فقال: جئتك لأسألك عن أشياء من كتاب اللّه.

قال: زعموا أنّك تقول: إنّ اللّه خلق العباد و فوّض إليهم أمورهم.

قال: فسكت الحسن.

فقال: أ رأيت من قال اللّه له في كتابه: إنّك آمن، هل عليه خوف بعد هذا منه؟

فقال الحسن: لا.

فقال أبو جعفر عليه السلام: إني أعرض عليك آية و انهى إليك خطبا (1)و لا أحسبك إلاّ و قد فسّرته على غير وجهه، فإن كنت فعلت ذلك فقد هلكت و أهلكت، فقال له: ما هو؟ قال: أ رأيت اللّه حيث يقول: وَ جَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ اَلْقُرَى اَلَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً وَ قَدَّرْنا فِيهَا اَلسَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيّاماً آمِنِينَ (2)يا حسن بلغني أنّك أفتيت الناس فقلت: هي مكة.

فقال أبو جعفر عليه السلام: فهل يقطع على من حجّ مكة و هل يخاف أهل مكة؟ و هل تذهب أموالهم؟ فمتى يكونون آمنين (3)؟ بل فينا ضرب اللّه الأمثال في القرآن، فنحن القرى التي بارك اللّه فيها، فذلك قول اللّه عزّ و جلّ، فمن أقرّ بفضلنا حيث أمرهم اللّه أن يأتونا (4)فقال: وَ جَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ اَلْقُرَى اَلَّتِي بارَكْنا فِيها أي جعلنا بينهم و بين شيعتهم القرى التي باركنا فيها «قرى ظاهرة» و القرى الظاهرة الرسل و النقلة عنّا إلى شيعتنا، و فقهاء شيعتنا الى شيعتنا.

و قوله تعالى: وَ قَدَّرْنا فِيهَا اَلسَّيْرَ فالسير مثل للعلم سير به لَيالِيَ وَ أَيّاماً آمِنِينَ مثل لما يسير من العلم في الليالي و الأيّام عنّا إليهم في الحلال و الحرام و الفرائض و الأحكام، آمنين فيها إذا أخذوا من معدنها الذي امروا أن يأخذوا منه، آمنين من الشكّ و الضلال و النقلة من الحرام الى الحلال، لأنّهم أخذوا العلم ممّن

ص:391


1- 1) في المصدر: و انهي إليك خطابا.
2- 2) سورة سبأ:18. [1]
3- 3) في المصدر: قال: بلى، قال: فمتى يكونون آمنين.
4- 4) في المصدر: حيث أمر اللّه أن يأتونا.

وجب لهم بأخذهم إيّاه عنهم المغفرة (1)، لأنّهم أهل ميراث العلم من آدم الى حيث انتهوا، ذريّة مصطفاة بعضها من بعض، فلم ينته الاصطفاء إليكم، بل إلينا انتهى، و نحن تلك الذرية (2)لا أنت و لا أشباهك يا حسن، فلو قلت لك حين ادّعيت ما ليس لك و ليس إليك: يا جاهل أهل البصرة لم أقل فيك إلاّ ما علمته منك، و ظهر لي عنك، و إيّاك أن تقول بالتفويض، فإنّ اللّه جلّ و عزّ لم يفوّض الأمر الى خلقه و هنا منه و ضعفا و لا أجبرهم على معاصيه ظلما. (3)

9-المفيد في «إرشاده» قال: أخبرني الشريف أبو محمّد الحسن بن محمّد، قال: حدّثني جدّي قال: حدّثنا محمّد بن القاسم الشيباني قال: حدّثنا عبد الرحمن ابن صالح الأزدي عن أبي مالك الجهني (4)، عن عبد اللّه بن عطاء المكّي، قال:

ما رأيت العلماء عند أحد قطّ أصغر منهم عند أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين عليهم السلام و لقد رايت الحكم بن عتيبة مع جلالته في القوم بين يديه كأنّه صبيّ بين يدي معلّمه.

و كان جابر بن يزيد الجعفي إذا روى عن محمّد بن عليّ الباقر شيئا قال:

حدّثني وصيّ الأوصياء و وارث علم الأنبياء محمّد بن عليّ بن الحسين عليهما السلام. (5)

10-و رواه من طريق المخالفين أبو نعيم الأصفهاني في الجزء الثالث من «حلية الاولياء» بإسناده، قال: عن عبد اللّه بن عطاء، قال: ما رأيت العلماء عند أحد أصغر علما منهم عند أبي جعفر عليه السلام، لقد رأيت الحكم عنده كأنّه متعلّم. (6)

ص:392


1- 1) في المصدر: ممّن وجب لهم أخذهم إيّاه عنهم بالمعرفة.
2- 2) في المصدر: و نحن تلك الذريّة المصطفاة.
3- 3) الاحتجاج:2/327 و [1]عنه البحار ج 24/232 ح 1. [2]
4- 4) أبو مالك الجهني: له كتاب، يرويه أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن عمير، عنه.
5- 5) إرشاد المفيد:263 و [3]عنه كشف الغمّة ج 2/124 و [4]البحار ج 46/286 ح 2. [5]
6- 6) حلية الأولياء ج 3/186، مطالب السئول ج 2/52.

و روى ذلك بعينه من طريقهم أيضا كمال الدين بن طلحة في «مطالب السئول» .

11-و عنه، قال: أخبرني الشريف أبو محمّد الحسن بن محمّد، قال:

حدّثني جدّي قال: حدّثني شيخ من أشياخ أهل الري قد علت سنّه، فقال:

حدّثني يحيى بن عبد الحميد الحمّاني، عن معاوية بن عمّار الدهني، عن محمّد بن عليّ بن الحسين عليهم السلام في قوله جلّ اسمه: فَسْئَلُوا أَهْلَ اَلذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (1)قال: نحن أهل الذكر.

قال الشيخ الرازي: و قد سألت محمّد بن مقاتل (2)عن هذا فتكلّم فيه برأيه، و قال: أهل الذكر العلماء كافّة، فذكرت ذلك لأبي زرعة فبقي متعجّبا من قوله و أوردت عليه ما حدّثني به يحيى بن عبد الحميد.

قال: صدق محمّد بن عليّ إنّهم عليهم السلام أهل الذكر، و لعمري إنّ أبا جعفر عليه السلام لمن أكبر العلماء. (3)

12-و قد روى أبو جعفر عليه السلام أخبار المبتداء و أخبار الأنبياء و كتب عنه الناس المغازي، و أثروا عنه السنن، و اعتمدوا عليه في مناسك الحجّ رواها عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و كتبوا عنه تفسير القرآن، و روت عنه الخاصّة و العامة الأخبار، و ناظر من كان يرد من أهل الآراء و حفظ عنه الناس كثيرا من علم الكلام. (4)

13-و عنه قال: أخبرني الشريف أبو محمّد الحسن بن محمّد، قال: حدّثني

ص:393


1- 1) سورة النحل:43 و [1]الأنبياء:7. [2]
2- 2) محمد بن مقاتل أبو الحسن المروزي المجاور بمكة المكرّمة، شيخ البخاري، توفي سنة «226» ه رجال صحيح البخاري ج 2/681-.
3- 3) إرشاد المفيد:264 و [3]عنه البرهان ج 2/371 ح 16 و [4]كشف الغمّة ج 2/126. و رواه في الفصول المهمّة:214.
4- 4) ارشاد المفيد:264 و [5]عنه كشف الغمة ج 2/126، و [6]البرهان ج 2/371 ذيل ح 17. [7]

جدّي، قال: حدّثني الزبير بن أبي بكر، قال: حدّثني عبد الرحمن بن عبد اللّه الزهري، قال: حجّ هشام بن عبد الملك، فدخل المسجد الحرام متّكئا على يد سالم مولاه، و محمّد بن عليّ بن الحسين عليهم السلام جالس في المسجد، فقال له سالم: يا أمير المؤمنين هذا محمّد بن عليّ بن الحسين! .

قال هشام: المفتون به أهل العراق؟ قال: نعم، قال: اذهب إليه و قل له:

يقول لك أمير المؤمنين: ما الذي يأكل الناس و يشربون الى أن يفصل بينهم يوم القيامة؟ .

قال أبو جعفر عليه السلام: يحشر الناس على مثل قرص النقيّ (1)فيها أنهار متفجّرة (2)ياكلون و يشربون حتى يفرغ من الحساب.

قال: فرأى هشام أنّه قد ظفر به فقال: اللّه اكبر اذهب إليه فقل له: يقول لك: ما أشغلهم عن الأكل و الشرب يومئذ؟ .

فقال له أبو جعفر عليه السلام: هم في النار أشغل و لم يشغلوا عن أن قالوا:

أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ اَلْماءِ أَوْ مِمّا رَزَقَكُمُ اَللّهُ (3)فسكت هشام لا يرجع كلاما. (4)

14-و جاءت الأخبار أنّ نافع بن الأزرق (5)جاء الى محمّد بن عليّ عليهما

ص:394


1- 1) النقيّ: الخبز الحواري الأبيض كما قال المجلسي قدّس سرّه في بيان الحديث و الحواري «بضم الحاء المهملة» : الدقيق الأبيض، و هو لباب الدقيق الذي نخل مرّة بعد مرّة. و في روضة الواعظين: « [1]مثل فرضة النهر» أي مشرب الماء منه. و في الاحتجاج: « [2]مثل قرصة البرّ النقي» . قال ابن الأثير في النهاية ج 5/112: « [3]يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقيّ» يعني الخبز الحواري-ذيل العوالم ج 19/268-.
2- 2) في البحار: [4] أنهار مفجّرة.
3- 3) سورة الأعراف:50. [5]
4- 4) إرشاد المفيد:264 و [6]عنه كشف الغمّة ج 2/126 و [7]البحار ج 46/332 ح 14. و رواه في الفصول المهمّة:214 و [8]في روضة الواعظين:244 [9] مثله مرسلا و نور الابصار:158 [10]عن الزهري مثله.
5- 5) نافع بن ال [11]أزرق بن قيس الحنفي البكري الحروري رأس الأزارقة كان أمير قومه و فقيههم، من

السلام فجلس بين يديه يسأله عن مسائل في الحلال و الحرام.

فقال أبو جعفر عليه السلام في عرض كلامه: قل لهذه المارقة: بما استحللتم فراق أمير المؤمنين عليه السلام و قد سفكتم دماءكم بين يديه في طاعته و القربة الى اللّه بنصرته؟ فيقولون لك: إنّه حكّم في دين اللّه، فقل لهم: قد حكّم اللّه تعالى في شريعة نبيّه عليه و آله السلام رجلين من خلقه.

قال: فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اَللّهُ بَيْنَهُما 1و حكّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم سعد بن معاذ في بني قريظة فحكّم فيهم بما أمضاه اللّه، أو ما علمتم أنّ أمير المؤمنين عليه السلام إنّما أمر الحكمين أن يحكما بالقرآن و لا يتعدّياه و اشترط ردّ ما خالف القرآن من أحكام الرجال، و قال: حين قالوا له حكّمت على نفسك من حكم عليك. فقال: ما حكّمت مخلوقا، و إنّما حكّمت كتاب اللّه فأين تجد المارقة تضليل من أمر بالحكم بالقرآن و اشترط ردّ ما خالفه لو لا ارتكابهم في بدعتهم البهتان؟ !

فقال نافع بن الأزرق: هذا «و اللّه» كلام ما مرّ بسمعي قطّ، و لا خطر على بالي و هو الحقّ إن شاء اللّه. 2

15-و روى العلماء أنّ عمرو بن عبيد 3وفد على محمّد بن عليّ بن الحسين

ص:395

عليهما السلام ليمتحنه بالسؤال، فقال له: جعلت فداك ما معنى قوله تعالى:

أَ وَ لَمْ يَرَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما (1)ما هذا الرتق و الفتق؟ .

فقال له أبو جعفر عليه السلام: كانت السماء رتقا لا تنزل القطر، و كانت الأرض رتقا لا تخرج النبات، فانقطع عمرو و لم يجد اعتراضا و مضى.

ثم عاد إليه فقال له: أخبرني جعلت فداك عن قوله عزّ و جلّ: وَ مَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى (2)ما غضب اللّه؟ .

فقال أبو جعفر عليه السلام: غضب اللّه عقابه يا عمرو، و من ظنّ أنّ اللّه يغيّره شيء فقد كفر (3).

و كان مع ما وصفناه به من الفضل في العلم و السؤدد و الرئاسة و الإمامة ظاهر الجود في الخاصّة و العامّة، مشهور الكرم في الكافّة معروفا بالفضل و الإحسان مع كثرة عياله و توسّط حاله (4). الى هنا كلام المفيد.

ص:396


1- 1) سورة الأنبياء:30. [1]
2- 2) سورة طه:81. [2]
3- 3) إرشاد المفيد:265، و [3]عنه كشف الغمّة ج 2/126. و في تفسير البرهان ج 3/59 [4] عنه و عن الاحتجاج:326، و [5]في البحار ج 46/354 ح 7 و [6]العوالم ج 19/314 عن الارشاد و [7]الاحتجاج و [8]عن المناقب لابن شهر اشوب ج 4/197. و رواه في الفصول المهمة:214 و 215. و أورده في روضة الواعظين:244. [9]
4- 4) الإرشاد:265. [10]

الباب السادس

و هو من الباب الأوّل في الرواية بالعدد عنه عليه السلام

1-المفيد في «الاختصاص» قال: حدّثني محمّد بن الحسن، يعني ابن أحمد ابن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن محمّد بن عيسى، عن إسماعيل بن مهران، عن أبي جميلة المفضّل بن صالح، عن جابر بن يزيد الجعفي، قال:

حدّثني أبو جعفر عليه السلام سبعين ألف حديث، لم احدّث بها أحدا أبدا قطّ، و لا احدّث بها أحدا أبدا.

قال جابر: فقلت لأبي جعفر عليه السلام: جعلت فداك إنّك حمّلتني وقرا (1)عظيما بما تحدّثني به (2)من سركم الذي لا أحدّث به أحدا، و ربما جاش في صدري حتى يأخذني منه شبيه الجنون.

قال: يا جابر فإذا كان ذلك فاخرج الى الجبّان (3)فاحفر حفيرة و دلّ رأسك فيها ثم قل: حدّثني محمّد بن عليّ بكذا و كذا. (4)

ص:397


1- 1) الوقر «بكسر الواو» : الحمل الثقيل.
2- 2) في البحار و [1]العوالم: بما حدّثتني به.
3- 3) الجبّان «بفتح الجيم و الباء الموحدة المشدّدة» : ما استوى من الارض و لا شجر فيه-المقبرة- الصحراء.
4- 4) الاختصاص:66 و عنه البحار ج 46/340 ح 30، و [2]الكشي رواه في رجاله:194 ح 343.

2-الكشيّ (1)قال: حدّثني حمدويه بن نصير (2)، قال: حدّثنا محمّد بن عيسى، عن ياسين الضرير البصري (3)، عن حريز، عن محمّد بن مسلم، قال: ما شجر في رأيي شيء قطّ إلاّ سألت عنه أبا جعفر عليه السلام حتّى سألته عن ثلاثين ألف حديثا، و سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن ستّة عشر ألف حديث. (4)

ص:398


1- 1) الكشي: ابو عمرو محمد بن عمر بن عبد العزيز المعاصر لابن قولويه المتوفّى سنة «369» ه.
2- 2) حمدويه بن نصير بن شاهي أبو الحسن، كان عديم النظير في زمانه، كثير العلم و الرواية، ثقة حسن المذهب، قاله الشيخ في عداد من لم يرو عنهم.
3- 3) ياسين الضرير الزيّات البصري لقي أبا الحسن موسى عليه السلام لمّا كان بالبصرة و روى عنه رجال النجاشي ج 2/432-.
4- 4) رجال الكشي:163 ح 276 و عنه البحار ج 46/292 ح 17 و [1]في ص 328 ح 8 عن الاختصاص:201.

الباب السابع

أنّه و الأئمة عليهم السلام موضع سرّ اللّه جلّ جلاله

1-محمّد بن الحسن الصفّار في «بصائر الدرجات» عن أحمد بن موسى (1)، عن يعقوب بن يزيد، عمّن رواه، عن عبد الصمد بن بشير عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم دعا عليا عليه السلام في مرضه الذي توفّي فيه فقال: يا عليّ ادن منّي حتّى اسرّ إليك ما أسرّه اللّه إليّ، و آتمنك على ما ائتمنني اللّه عليه، ففعل ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بعليّ عليه السلام، و فعله عليّ بالحسن عليه السلام، و فعله الحسن بالحسين عليه السلام، و فعله الحسين عليه السلام بأبي، و فعله أبي عليه السلام بي. (2)

ص:399


1- 1) أحمد بن موسى بن عمر، روى عن أحمد بن عبدوس الخلنجي و أبي سعيد الزنجاني، و محمد بن أحمد المعروف بغزال، و الحسن بن علي بن نعمان، و الحسن بن موسى الخشّاب، و يعقوب بن يزيد، و أيّوب بن نوح، و علي بن اسماعيل، و جعفر بن محمد بن مالك و غيرهم، و روى عنه الصفار و احاديثه على كثرتها في غاية الجودة-الجامع في الرواة:189-.
2- 2) بصائر الدرجات:377 ح 2 و [1]عنه البحار ج 2/174 ح 11 [2] بهذا السند و سندين آخرين.

ص:400

الباب الثامن

في عبادته عليه السلام

1-محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

ما من شيء إلاّ و له حدّ ينتهي إليه إلاّ الذكر فليس له حدّ ينتهى إليه، فرض اللّه عزّ و جلّ الفرائض فمن أدّاهنّ فهو حدّهنّ، و شهر رمضان فمن صامه فهو حدّه، و الحجّ فمن حجّ فهو حدّه. إلاّ الذكر فإن اللّه عزّ و جلّ لم يرض بالقليل، و لم يجعل له حدّا ينتهي إليه، ثم تلا يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اُذْكُرُوا اَللّهَ ذِكْراً كَثِيراً وَ سَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَ أَصِيلاً (1).

فقال: لم يجعل اللّه عزّ و جلّ له حدّا ينتهي إليه.

قال: و كان أبي عليه السلام كثير الذكر، لقد كنت أمشي معه و إنّه ليذكر اللّه، و آكل معه الطعام و إنّه ليذكر اللّه، و لقد كان يحدّث القوم ما يشغله ذلك عن ذكر اللّه، و كنت أرى لسانه لازقا بحنكه. يقول: لا إله إلاّ اللّه، و كان يجمعنا فيأمرنا بالذكر حتى تطلع الشمس، و يأمر بالقراءة من كان يقرأ منّا، و من كان لا يقرأ منّا أمره بالذكر.

و البيت الذي يقرأ فيه القرآن و يذكر اللّه عزّ و جلّ فيه تكثر بركته، و تحضره

ص:401


1- 1) الاحزاب:41-42. [1]

الملائكة، و تهجره الشياطين، و يضيء لأهل السماء كما يضيء الكوكب الدرّي لأهل الأرض، و البيت الذي لا يقرأ فيه القرآن و لا يذكر اللّه فيه تقلّ بركته و تهجره الملائكة و تحضره الشياطين، و قد قال: رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أ لا اخبركم بخير أعمالكم لكم، أرفعها في درجاتكم، و أزكاها عند مليككم، و خير لكم من الدينار و الدرهم، و خير لكم من أن تلقوا عدوّكم فتقتلوهم و يقتلوكم؟ .

فقالوا: بلى.

قال: ذكر اللّه عزّ و جلّ كثيرا.

ثمّ قال: جاء رجل الى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال: من خير أهل المسجد؟

فقال: أكثرهم للّه ذكرا.

و قال رسول اللّه: من اعطي لسانا ذاكرا فقد اعطي خير الدنيا و الآخرة.

و قال في قوله تعالى: وَ لا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (1).

قال: لا تستكثر ما عملت من خير للّه. (2)

2-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن أبي حمزة، قال: استاذنت على أبي جعفر عليه السلام، فخرج إليّ و شفتاه تتحرّكان فقال: أفطنت لذلك يا ثمالي؟

قلت: نعم جعلت فداك.

قال: إنّي و اللّه تكلّمت بكلام ما تكلّم به أحد قطّ إلاّ كفاه اللّه ما أهمّه من أمر دنياه و آخرته.

قال: قلت له: أخبرني به، قال: نعم من قال حين يخرج من منزله: «بسم

ص:402


1- 1) المدثر:6. [1]
2- 2) الكافي ج 2/498 ح 1 و [2]عنه البرهان ج 3/327 ح 5 و [3]الوسائل ج 4/1181 ح 2 و [4]ص 850 ح 3 و قطعة منه في البحار ج 46/297 ح 29. [5]

اللّه، حسبي اللّه، توكّلت على اللّه، اللهم إنّي أسألك خير اموري كلّها، و أعوذ بك من خزي الدنيا و عذاب الآخرة كفاه اللّه ما أهمّه من دنياه و آخرته» . (1)

3-و عنه، عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد عن غير واحد، عن أبان، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام أنّه كان إذا خرج من البيت قال:

«بسم اللّه خرجت، و على اللّه توكّلت، و لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه» . (2)

4-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد و محمّد بن الحسين، عن الحسن بن محبوب، عن أبي جعفر الأحول، عن أبي عبيدة الحذّاء، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول و هو ساجد: أسألك بحقّ حبيبك محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلاّ بدّلت (3)سيئاتي حسنات و حاسبتني حسابا يسيرا.

ثمّ قال في الثانية: أسألك بحقّ حبيبك محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلاّ كفيتني مئونة الدنيا و كلّ هول دون الجنة

و قال في الثالثة: أسألك بحقّ حبيبك محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لمّا (4)غفرت لي الكثير من الذنوب و القليل و قبلت من عملي اليسير.

ثمّ قال في الرابعة: أسألك بحقّ محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لما أدخلتني الجنّة و جعلتني من سكانها و لمّا نجّيتني من سفعات النار (5)برحمتك و صلّى اللّه على محمّد و آله. (6)

5-و عنه، عن أحمد بن ادريس، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب،

ص:403


1- 1) الكافي ج 2/541 ح 3، و [1]ذيله في الوسائل ج 3/579 ح 2 [2] عنه و عن المحاسن:351 ح 37، و [3]أخرجه في البحار ج 76/171 ح 20 [4]عن المحاسن. [5]
2- 2) الكافي ج 2/543 ح 10 و [6]عنه الوسائل ج 3/579 ح 6. [7]
3- 3) «إلاّ بدّلت» كأنّه استثناء من مقدّر نحو و لا أسألك إلاّ.
4- 4) «لمّا» أي إلاّ كقوله تعالى: لَمّا عَلَيْها حافِظٌ .
5- 5) سفعات النار: آثارها.
6- 6) الكافي ج 3/322 ح 4 و [8]عنه الوسائل ج 4/952 ح 2. [9]

عن اسحاق بن عمّار قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام: إنّي كنت أمهّد لأبي فراشه فأنتظره حتى يأتي، فإذا آوى الى فراشه و نام قمت الى فراشي، و إنّه أبطأ عليّ ذات ليلة، فأتيت المسجد في طلبه، و ذلك بعد ما هدء (1)الناس، فإذا هو في المسجد ساجد، و ليس في المسجد غيره، فسمعت حنينه و هو يقول: سبحانك اللهمّ أنت ربّي حقّا حقّا، سجدت لك يا ربّ تعبّدا و رقّا، اللهمّ إنّ عملي ضعيف فضاعفه لي، اللهمّ قني عذابك يوم تبعث عبادك، و تب عليّ إنّك أنت التواب الرحيم. (2)

6-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن المغيرة، عن أبي جرير القمي (3)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان أبو جعفر عليه السلام يقضي عشرين وترا في ليلة. (4)

7-و عنه، عن عليّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن الحسن بن عليّ، عن ابن سنان عن أبي شعيب المحاملي (5)، عن حمّاد بن عثمان (6)، عن الفضيل بن يسار، قال: كان أبو جعفر عليه السلام إذا كان ليلة إحدى و عشرين ثلاث (7)و عشرين أخذ في الدعاء حتّى يزول الليل فاذا زال الليل صلّى. (8)

ص:404


1- 1) هدأ: سكن و استراح.
2- 2) الكافي ج 3/323 ح 9 و [1]عنه البحار ج 46/301 ح 45 و [2]الوسائل ج 4/952 ح 4. [3]
3- 3) أبو جرير القمي: زكريا بن إدريس بن عبد اللّه الأشعري القمي روى عن الصادق و الكاظم و الرضا عليهم السلام-جامع الرواة ج 1/332-. [4]
4- 4) الكافي ج 3/453 ح 11 و [5]عنه الوسائل ج 5/361 ح 2 و [6]عن التهذيب ج 2/274 ح 126.
5- 5) أبو شعيب المحاملي. صالح بن خالد الكناسي الكوفي، ثقة من رجال أبي الحسن موسى عليه السلام-رجال النجاشي ج 2/439-.
6- 6) حمّاد بن عثمان بن عمرو بن خالد الكوفي الفزاري مولاهم، روى عن الصادق و الكاظم و الرضا عليهم السلام. توفّي بالكوفة سنة (190) ه-الجامع في الرجال:670-. [7]
7- 7) في المصدر: و ليلة ثلاث و عشرين.
8- 8) الكافي ج 4/155 ح 5 و [8]عنه الوسائل ج 7/260 ح 4 و [9]عن الخصال:519 ح 5. و أخرجه في البحار ج 97/16 ح 29 [10] عن الخصال.

8-الشيخ في «التهذيب» بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن القراءة في الوتر، فقال كان بيني و بين أبي باب، فكان إذا صلّى يقرأ في الوتر بقل هو اللّه أحد في ثلاثهنّ، و كان يقرأ: قل هو اللّه أحد في الوتر، فإذا فرغ منها قال: كذلك اللّه أو كذلك اللّه ربّي (1). (2)

9-و عنه بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن النضر، عن الحلبي (3)، عن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان أبي عليه السلام يقول: قل هو اللّه أحد تعدل ثلث القرآن، و كان يحبّ أن يجمعها في الوتر. (4)

ص:405


1- 1) الترديد من الراوي، و في المصدر: كذلك اللّه ربّي، أو كذاك اللّه ربّي.
2- 2) التهذيب ج 2/126 ح 249، و عنه البحار ج 87/226 ح 39، و [1]الوسائل ج 4/798 ح 2. [2]
3- 3) الحلبي: يحيى بن عمران بن علي الكوفي، كانت تجارته الى حلب فقيل له: الحلبي، روى عن الصادق و الكاظم عليهما السلام، ثقة ثقة، صحيح الحديث-جامع الرواة ج 2/333-. [3]
4- 4) التهذيب ج 2/250 و عنه البحار ج 87/226 [4] ملحق ح 39 و الوسائل ج 4/798 ح 3. [5]

ص:406

الباب التاسع

في شدّة يقينه و خوفه و خشوعه عليه السلام للّه سبحانه من طريق

الخاصّة و العامّة

1-محمّد بن يعقوب، عن الحسين بن محمّد الأشعري، عن عليّ بن محمّد ابن سعد (1)، عن محمّد بن سالم بن أبي سلمة (2)، عن محمّد بن سعيد بن غزوان (3)، عن محمّد بن سنان، عن أبي مريم (4)، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أبي يوما و عنده أصحابه: من منكم تطيب نفسه أن يأخذ جمرة في كفّه

ص:407


1- 1) في المصدر: عليّ بن محمد بن سعيد، و لكن هو غير موجود في كتب الرجال، و الظاهر أنّه عليّ بن محمد بن أبي سعيد القيرواني، و يحتمل أن سعيد مصحّف سعد و المراد به علي بن محمّد بن سعد الأشعري الذي عدّه الشيخ ممّن لم يرو عنهم عليهم السلام، و عدّه المحقق الداماد من شيوخ الكليني، و اللّه يعلم.
2- 2) محمّد بن سالم بن أبي سلمة: الكندي السجستاني، أورده النجاشي في رجاله أوّلا برقم «875» و ثانيا برقم «975» و قال: لأبيه «سالم» كتاب يرويه عنه.
3- 3) محمّد بن سعيد بن غزوان الكوفي: رواياته جيّدة معدودة في الحسن روى عن أبيه، و عن إسماعيل السكوني، و علي بن الحكم، و ابن أبي نجران و غيرهم، و روى عنه الحسن بن الحسين اللؤلؤي، و العبّاس بن معروف، و اسماعيل بن همّام و غيرهم، و له كتاب-الجامع في الرجال:867، [1]جامع الرواة ج 2/117-. [2]
4- 4) أبو مريم: عبد الغفار بن القاسم بن قيس بن فهد الأنصاري الكوفي روى عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام، ثقة، له كتاب يرويه عدّة من أصحابنا، ترجمه النجاشي في رجاله ج 2/64 برقم «647» و وثقه، و أورده الذهبي في «الميزان» ج 2/640 برقم «5147» و قال: بقي الى قريب الستّين و مائة «160» ه.

فيمسكها حتّى تطفأ؟ فكاع (1)الناس كلّهم و نكلوا، فقمت و قلت: يا أبت أ تأمر أن أفعل؟

فقال: ليس إيّاك عنيت. إنّما أنت منّي و أنا منك، بل إيّاهم أردت، [قال:]و كرّرها ثلاثا. ثمّ قال: ما أكثر الوصف و أقل الفعل! إنّ أهل الفعل قليل ان أهل الفعل لقليل، ألا و إنّا لنعرف أهل الفعل و الوصف معا، و ما كان منّا هذا تعاميا عليكم، بل لنبلو أخباركم، و نكتب آثاركم.

فقال: و اللّه لكأنّما مادت (2)بهم الأرض حياء ممّا قال، حتى أنّي لأنظر الى الرجل منهم يرفض عرقا (3)ما يرفع عينيه من الأرض فلمّا رأى ذلك منهم قال:

رحمكم اللّه فما أردت إلاّ خيرا إنّ الجنّة درجات، فدرجة أهل الفعل لا يدركها أحد من أهل القول، و درجة أهل القول لا يدركها غيرهم.

قال: فو اللّه لكأنّما نشطوا من عقال. (4)

2-و من طريق المخالفين: كمال الدين بن طلحة الشامي في «مطالب السئول» قال: روى جابر الجعفي قال: قال لي محمّد بن عليّ عليه السلام يوما:

يا جابر إنّي لمشتغل القلب، قلت له: و ما شغل قلبك (5)؟

قال: يا جابر إنّه من دخل قلبه دين اللّه الخالص شغله عمّا سواه.

يا جابر ما الدنيا و ما عسى أن تكون؟ هل هي إلاّ مركب ركبته، أو ثوبا لبسته، أو امرأة أصبتها.

يا جابر إنّ المؤمنين لم يطمئنّوا إلى الدنيا لبقاء فيها، و لم يأمنوا قدوم الآخرة عليهم، و لم يصمّهم عن ذكر اللّه تعالى ما سمعوا بآذانهم من الفتنة، و لم يعمهم

ص:408


1- 1) كاع: هاب و جبن.
2- 2) ماد يميد: تحرّك، و هو كناية عن الاضطراب.
3- 3) يرفض عرقا: سال و جرى عرقه.
4- 4) الكافي ج 8/227 ح 289. [1]
5- 5) في البحار: و [2]ما حزنك و ما شغل قلبك؟ .

عن نور اللّه ما رأوا بأعينهم من الزينة، ففازوا بثواب الأبرار إنّ أهل التقى أيسر أهل الدنيا مئونة، و أكثرهم لك معونة، إن نسيت ذكّروك، و إن ذكرت أعانوك، قوّالين بحق اللّه، قوّامين بأمر اللّه، فاجعل الدنيا كمنزل نزلت به، و ارتحلت عنه، أو كمال أصبته في منامك فاستيقظت و ليس معك منه شيء، فاحفظ اللّه فيما استرعاك من دينه و حكمته. (1)

و رواه عليّ بن عيسى في «كشف الغمّة» ببعض الزيادة. (2)

3-و قال ابن طلحة أيضا: قال أفلح مولى أبي جعفر عليه السلام: خرجت مع محمّد بن عليّ عليهما السلام حاجّا فلمّا دخل المسجد نظر إلى البيت فبكى حتّى علا صوته، فقلت: بأبي أنت و امّي إنّ الناس ينظرون إليك، فلو رفقت بصوتك قليلا؟

فقال لي: ويحك يا أفلح و لم لا أبكي؟ لعلّ اللّه تعالى أن ينظر إليّ منه برحمة فأفوز بها عنده غدا.

قال: ثمّ طاف بالبيت، ثمّ جاء حتى ركع عند المقام، فرفع رأسه من سجوده فإذا موضع سجوده مبتلّ من كثرة دموع عينيه.

و كان إذا ضحك قال: اللهمّ لا تمقتني. (3)

4-قال: و روى عنه ولده جعفر عليهما السلام قال: كان أبي عليه السلام يقول في جوف الليل في تضرعه: أمرتني فلم آتمر، و نهيتني فلم أنزجر، و ها أنا عبدك بين يديك أعتذر. (4)

ص:409


1- 1) مطالب السئول ج 2/50.
2- 2) كشف الغمة ج 2/121 مع اختلاف يسير. و أخرجه في البحار ج 78/185 ح 15 [1] عن الكشف. و في الفصول المهمّة:212 و [2]حلية الأولياء ج 3/182 و نحوه.
3- 3) مطالب السئول ج 2/52 و عنه كشف الغمة ج 2/117 و [3]عنها البحار ج 46/290 ح 14 و [4]عن الفصول المهمة:212. [5]
4- 4) المطالب ج 2/52 و عنه الكشف ج 2/118 و عنهما البحار ج 46/290 و [6]عن الفصول:212. [7]

5-و قال أيضا: قال جعفر عليه السلام: فقد أبي بغلة له، فقال: لئن ردّها اللّه تعالى لأحمدنّه بمحامد يرضاها، فما لبث أن اتي بها بسرجها و لجامها، فركبها، فلمّا استوى عليها و ضمّ إليه ثيابه رفع رأسه الى السماء فقال: الحمد للّه، فلم يزد.

ثمّ قال: ما تركت و ما بقيت شيئا، جعلت جميع أنواع المحامد للّه عزّ و جلّ، فما من حمد إلاّ هو داخل فيما قلت. 1

قال عليّ بن عيسى في «كشف الغمة» بعد أن ذكر هذا الحديث: أقول:

صدق و برّ عليه السلام، فإنّ الألف و اللام في قوله: الحمد للّه تستغرق الجنس، و تفرّده تعالى بالحمد.

6-و قال ابن طلحة أيضا: نقل عنه عليه السلام أنّه قال: ما من عبادة أفضل من عفّة بطن أو فرج، و لا من شيء أحبّ إلى اللّه من أن يسأل، و ما يدفع القضاء إلاّ الدعاء، و إنّ أسرع الخير ثوابا البرّ، و أسرع الشرّ عقوبة البغي، و كفى بالمرء عيبا أن يبصر من الناس ما يعمي عنه من نفسه، و أن يأمر الناس بما لا يفعله، و أن ينهى الناس عمّا لا يستطيع التحوّل عنه، و أن يؤذي جليسه بما لا يعنيه. 2

ص:410

الباب العاشر

في جوده عليه السلام

1-المفيد في «إرشاده» قال: حدّثني الشريف أبو محمّد الحسن بن محمّد، قال: حدّثني جدّي قال: حدّثني أبو نصر، قال: حدّثني محمّد بن الحسين، قال:

حدّثنا أسود بن عامر (1)، قال: حدّثنا حبّان بن عليّ (2)، عن الحسن بن كثير (3)، قال: شكوت إلى أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السلام الحاجة و جفاء الإخوان.

قال: بئس الأخ أخ يرعاك غنيّا و يقطعك فقيرا، ثمّ أمر غلامه فأخرج كيسا فيه سبعمائة درهم، و قال استنفق هذه فإذا نفدت فأعلمني. (4)

2-قال: و روى محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا عبد اللّه بن الزبير، قال:

ص:411


1- 1) الأسود بن عامر: أبو عبد الرحمن الملقّب بشاذان الشامي نزيل بغداد المتوفّي بها سنة «208» ه- رجال البخاري ج 1/85-.
2- 2) حبّان «بكسر الحاء المهملة و الباء الموحّدة المشدّدة» ابن علي العنزي الكوفي روى عن الصادق عليه السلام، أورده النجاشي في ترجمة أخيه مندل و وثقهما، و أورده الخطيب البغدادي و قال: كان صالحا ديّنا، توفّي سنة «171» ه-تاريخ بغداد ج 8/255- [1]رجال النجاشي ج 2/374-.
3- 3) الحسن بن كثير: الكوفي البجلي، عدّه الشيخ من أصحاب الصادق عليه السلام، استفاد بعض من الحديث الذي رواه حسن حاله-الجامع في الرجال:540-.
4- 4) الإرشاد للمفيد:266 و [2]عنه كشف الغمّة ج 2/127، و [3]البحار ج 46/287 ح 6. و أورده ابن صبّاغ في الفصول المهمّة:197. [4]

حدّثونا عن عمرو بن دينار، و عبد اللّه بن عبيد بن عمير (1)، أنّهما قالا: ما لقينا أبا جعفر محمّد بن عليّ عليهما السلام إلاّ و حمل إلينا النفقة و الصلة و الكسوة، و يقول:

هذه معدّة لكم قبل أن تلقوني. (2)

3-و قال: و روى أبو نعيم النخعي (3)، عن معاوية بن هشام، عن سليمان ابن قرم قال: كان أبو جعفر محمّد بن عليّ عليهما السلام يجيزنا بالخمسمائة درهم الى الستمائة الى الألف درهم و كان لا يملّ من صلة إخوانه و قاصديه و مؤمّليه و راجيه. (4)

4-و قال: و روي عنه عن آبائه عليهم السلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان يقول: أشدّ الأعمال ثلاثة: مواساة الإخوان في المال، و إنصاف الناس من نفسك، و ذكر اللّه على كلّ حال. (5)

5-و من طريق المخالفين كمال الدين بن طلحة الشامي في «مطالب السئول» قال: قال عبد اللّه بن الوليد (6): قال لنا أبو جعفر عليه السلام يوما:

ص:412


1- 1) عبد اللّه: بن عبيد بن عمير بن قتادة الليثي الجندعي المكّي أبو هاشم، توفّي سنة «113» ه- سير النبلاء ج 4/157-.
2- 2) إرشاد المفيد:266 و [1]عنه كشف الغمّة ج 2/127، و [2]في البحار ج 46/288 ح 8، و [3]المحجّة البيضاء ج 4/244 و العوالم ج 19/217 ح 2. و أورد الفتّال في روضة الواعظين 245 [4] مثله، و في المناقب لابن شهر اشوب ج 3/337 [5] نحوه.
3- 3) أبو نعيم النخعي: عبد الرحمن بن هاني، توفّي سنة «216» ه. و له ترجمة في الجرح و التعديل للرازي ج 5/298 و ميزان الاعتدال ج 2/595.
4- 4) ارشاد المفيد:266 و [6]عنه كشف الغمّة ج 2/127. و في البحار ج 46/288 ح 9 [7] عنه و عن المناقب لابن شهر اشوب ج 4/207 [8] صدره.
5- 5) إرشاد المفيد 266 و [9]عنه كشف الغمّة ج 2/127. و أخرج نحوه في البحار ج 93/155 ح 18 [10] عن معاني الأخبار:193 ح 4 و في الوسائل ج 8/ 415 ح 5 [11]عن مصادقة الإخوان:40 ح 3. و رواه في حلية الأولياء ج 3/183. [12]
6- 6) الظاهر أنّه عبد اللّه بن الوليد الوصافي العجلي الكوفي من أصحاب الباقر و الصادق عليهما السلام.

أ يدخل أحدكم يده كمّ صاحبه فيأخذ ما يريد؟

قلنا: لا، قال: فلستم إخوانا كما تزعمون.

6-و قالت سلمى مولاة أبي جعفر: كان يدخل عليه إخوانه فلا يخرجون من عنده حتى يطعمهم الطعام الطيّب، و يكسوهم الثياب الحسنة، و يهب لهم الدراهم، فاقول له في ذلك ليقلّ منه، فيقول: يا سلمى ما حسنة الدنيا إلاّ صلة الإخوان و المعارف، و كان يجيزنا بالخمسمائة و الستّمائة الى الألف، و كان لا يملّ من مجالس إخوانه. (1)

7-و قال: قال الأسود بن كثير: شكوت إلى أبي جعفر عليه السلام الحاجة و جفاء الإخوان، فقال عليه السلام: بئس الأخ أخ يرعاك غنيّا، و يقطعك فقيرا، ثمّ أمر غلامه فأخرج كيسا فيه سبعمائة درهم، فقال: استنفق هذه فاذا فرغت فأعلمني.

و قال: اعرف المودّة لك في قلب أخيك بماله في قلبك (2)الى هنا كلام ابن طلحة.

8-محمّد بن يعقوب، عن الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن أبان، عن محمّد بن مروان، عن الشيخ (3)، أنّ أبا جعفر عليه السلام مات و ترك ستّين مملوكا، فأعتق ثلثهم، فأقرعت بينهم و أخرجت

ص:413


1- 1) مطالب السئول ج 2/53 و عنه كشف الغمّة ج 2/118. و رواه في الحلية ج 3/187. و أخرج الحديث السادس في البحار ج 46/290 ذيل الحديث 15. [1]
2- 2) مطالب السئول:53 و عنه البحار ج 46/288 و [2]عن كشف الغمّة ج 2/119 [3] نقلا عن المطالب. و رواه في الفصول المهمّة:215. [4]
3- 3) الظاهر ان المراد به أبو عبد اللّه الصادق عليه السلام، و يحتمل قويّا أنّ المراد به الكاظم عليه السلام كما في الفقيه: محمّد بن مروان عن الشيخ عن أبيه عليهما السلام أنّه قال: . . .

الثلث. (1)

9-قال الشيخ المفيد في «إرشاده» : و كان مع ما وصفناه به من الفضل في العلم و السؤدد و الرئاسة و الإمامة ظاهر الجود في الخاصة و العامّة، مشهور الكرم في الكافّة معروفا بالفضل و الإحسان مع كثرة عياله و توسّط حاله. (2)

ص:414


1- 1) الكافي ج 7/18 ح 11 و [1]عنه الوسائل ج 13/464 ح 1، و [2]الكافي [3]أيضا ج 7/55 ح 12 بسند آخر عن محمّد بن مروان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: إنّ أبا جعفر مات و ترك ستّين غلاما، فأعتق ثلثهم فأقرعت بينهم فأخرجت عشرين فأعتقتهم. و أخرج الحديث في التهذيب ج 9/220 ح 14 و الفقيه ج 4/215 ح 5503. و أخرجه في البحار ج 46/286 ح 1 [4]عن المحاسن:624 ح 81. [5]
2- 2) إرشاد المفيد:265، و [6]الفصول المهمّة:215. [7]

الباب الحادي عشر

في المطعم و المشرب

1-محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن القاسم بن محمد الجوهري، عن الحارث بن حريز، عن سدير الصيرفي (1)، عن أبي خالد الكابلي قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام فدعا بالغداء فأكلت معه طعاما ما أكلت طعاما قطّ أطيب منه و لا أنظف.

فلمّا فرغنا من الطعام قال: يا أبا خالد كيف رأيت طعامك؟ أو قال طعامنا.

قلت: جعلت فداك ما رأيت أطيب منه قطّ، و لا أنظف، و لكن ذكرت الآية التي في كتاب اللّه عزّ و جلّ: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ اَلنَّعِيمِ (2).

فقال أبو جعفر عليه السلام: لا إنّما تسألون عمّا أنتم عليه من الحقّ. (3)

ص:415


1- 1) سدير «بفتح السين» ابن حكيم «بضم الحاء» ابن صهيب، أبو الفضل الكوفي، أحاديثه كثيرة و على كثرتها في غاية الجودة و الاستقامة، عدّه الشيخ من أصحاب السجّاد و الباقر و الصادق عليهم السلام، و العامّة اختلفوا فيه فقال يحيى بن معين: ثقة، و قال النسائي: ليس بثقة-ميزان الاعتدال ج 2/116، و الجامع في الرجال:839-. [1]
2- 2) التكاثر:8. [2]
3- 3) الكافي ج 6/280 ح 5 و [3]عنه البحار ج 46/297 ح 26، و [4]البرهان ج 4/504 ح 4. و في الوسائل ج 16/445 ح 5 [5] عنه و عن المحاسن:399 ح 82. و أخرجه في البحار أيضا [6]ج 66/318 ح 10 عن المحاسن.

2-محمّد بن العبّاس بن ماهيار الشيخ الثقة، قال: حدّثنا عليّ بن عبد اللّه، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن إسماعيل بن بشار (1)، عن عليّ بن عبد اللّه بن غالب (2)، عن أبي خالد الكابلي قال: دخلت على محمّد بن عليّ عليهما السلام فقدّم طعاما لم آكل اطيب منه، فقال لي يا أبا خالد: كيف رايت طعامنا؟

قلت: جعلت فداك ما أطيبه غير أني ذكرت آية في كتاب اللّه فنغصته (3)فقال: و ما هي؟

قلت: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ اَلنَّعِيمِ (4)فقال: و اللّه لا تسأل عن هذا الطعام أبدا، ثمّ ضحك حتى افترّ ضاحكتاه (5)و بدت أضراسه، و قال: أ تدري ما النعيم؟

قلت: لا.

قال: نحن النعيم. (6)

3-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن محمّد بن بندار (7)و غيره، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن علي، عن الحسن بن علي بن يوسف، عن زكريا بن محمّد الأزدي (8)، عن عبد الأعلى مولى آل سام (9)قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه

ص:416


1- 1) إسماعيل بن بشّار «بالباء الموحدة و الشين المعجمة» و في بعض الطرق: يسار «بالمثنّاة التحتانيّة و السين المهملة» ، كان مولى إسماعيل بن علي بن عبد اللّه بن العبّاس، و من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام أورده ابن حجر في «لسان الميزان» ج 1/444 رقم 1379.
2- 2) علي بن عبد اللّه بن غالب الأسدي القيسي أبو الحسن الكوفي، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام، و وثقه النجاشي في رجاله ج 2/111.
3- 3) قال المجلسي قدّس سرّه في بيان الحديث: «فنغّصته» على بناء المفعول أي تكدّر التذاذي به.
4- 4) التكاثر:8. [1]
5- 5) افترّ: ضحك ضحكا حسنا، و الضاحكة: كلّ سنّ تبدو عند الضحك.
6- 6) تأويل الآيات ج 2/851 ح 7، و عنه البحار ج 24/57 ح 30، و [2]البرهان ج 4/503 ح 11. [3]
7- 7) الظاهر أنّه من مشايخ الكليني قدّس سرّه يروي عنه مرّة بلا واسطة، و مرّة اخرى بواسطة علي بن ابراهيم كما في باب السمك من الأطعمة. [4]
8- 8) زكريا بن محمد الأزدي أبو عبد اللّه المؤمن: روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السلام، و لقى الإمام الرضا عليه السلام في المسجد الحرام، و حكى عنه ما يدلّ على أنّه كان واقفا-رجال النجاشي ج 1/391 رقم 451-.
9- 9) عبد الأعلى مولى آل سام الكوفي: من أصحاب الامام الصادق عليه السلام و استظهر الأردبيلي أنّه هو عبد الأعلى بن أعين العجلي و احتمل تغايرهما أيضا لذكرهما الشيخ في رجال الإمام الصادق عليه السلام، و اللّه يعلم. -جامع الرواة ج 1/436-. [5]

السلام: إنّا نروي عندنا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال: إنّ اللّه تبارك يبغض البيت اللحم.

فقال: كذبوا (1)إنّما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: البيت الذي يغتابون فيه الناس و يأكلون لحومهم، و قد كان أبي عليه السلام لحما (2)، و لقد مات يوم مات و في كمّ أم ولده ثلاثون درهما للحم. (3)

4-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليّ بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن الحسن بن هارون (4)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ترك أبو جعفر عليه السلام ثلاثين درهما للحم يوم توفّي، و كان رجلا لحما. (5)

5-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي المعزاء، عن بعض أصحابه، عن عقبة بن بشير (6)، عن أبي جعفر عليه السلام قال: دخلنا عليه فاستدعى بتمر فأكلنا، ثم ازدادنا منه، ثمّ قال: قال رسول اللّه

ص:417


1- 1) «كذبوا» أي في تفسير الحديث لا في لفظه فانّ في الحديث الآخر قال: صدقوا و ليس حيث ذهبوا. . .
2- 2) اللحم «بكسر الحاء» : الذي يحبّ اللحم.
3- 3) الكافي ج 6/308 ح 5 و [1]عنه الوسائل ج 17/23 ح 4 و [2]عن المحاسن:461 ح 411. و أخرجه في البحار ج 66/61 ح 21 [3]عن المحاسن. [4]
4- 4) الحسن بن هارون: لعلّه متحد مع الحسن بن هارون بن خارجة الكوفي الذي عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام رقم «34» . [5]
5- 5) الكافي ج 6/309 ح 8 و [6]عنه الوسائل ج 17/22 ح 2 و [7]عن المحاسن:462 ح 417. و أخرجه في البحار ج 66/62 ح 27 [8]عن المحاسن. [9]
6- 6) عقبة بن بشير الأسدي الكوفي، عدّ من أصحاب الأئمّة السجّاد و الباقر و الصادق عليهم السلام.

صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّي لاحبّ (1)الرجل إذا كان تمريّا. (2)

6-و عنه، عن أحمد، عن يحيى بن إبراهيم (3)، عن محمّد بن يحيى، عن أبي البلاد (4)، عن أبيه، عن بزيع بن عمرو بن بزيع، قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام و هو يأكل خلاّ و زيتا في قصعة سوداء، مكتوب في وسطها: قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ فقال لي: ادن يا بزيع، فدنوت فأكلت معه ثم حسا (5)من الماء ثلاث حسيات، حتّى لم يبق من الخبز شيء، ثمّ ناولنيها فحسوت البقيّة. (6)

7-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن ابن أبي عمير، عن هشام ابن سالم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان أبي عليه السلام يقول: الحمد للّه الذي أشبعنا في جائعين، و أروانا في ضامئين، و آوانا في ضائعين، و أرحلنا في راحلين (7)، و آمننا في خائفين، و أخدمنا في عانين (8). (9)

8-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن عبد اللّه بن سنان، عن عبد اللّه بن سليمان، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الجبن فقال لي: قد سألتني عن طعام يعجبني، ثمّ أعطى الغلام

ص:418


1- 1) في المصدر: إنّي احبّ الرجل-أو قال: يعجبني الرجل-اذا كان تمريّا.
2- 2) الكافي ج 6/345 ح 4 و [1]عنه الوسائل ج 17/103 ح 5 و [2]عن المحاسن:535 ح 785، و [3]أخرجه في البحار ج 66/132 ح 26. [4]
3- 3) هو يحيى بن ابراهيم بن أبي البلاد يحيى بن سليم، عدّه الشيخ في رجاله:295 رقم «5» من أصحاب الامام الرضا عليه السلام، و في ص 517 عدّه فيمن لم يرو عنهم عليهم السلام.
4- 4) أبو البلاد: يحيى بن سليم، عدّه الشيخ من أصحاب أبي جعفر الباقر عليه السلام.
5- 5) حسا يحسو حسوا: شرب شيئا فشيئا، و الحسوة: الجرعة من الشراب.
6- 6) الكافي ج 6/298 ح 14 و [5]عنه البحار ج 46/297 ح 27. [6]
7- 7) في المصدر: و حملنا في راحلين.
8- 8) أي جعل لنا من يخدمنا و نحن بين جماعة عانين-من العناء و المشقّة و التعب.
9- 9) الكافي ج 6/295 ح 16 و [7]عنه البحار ج 66/377 ح 34 و [8]الوسائل ج 16/486 ح 1 و [9]عن المحاسن:436 ح 280. [10]

درهما فقال: يا غلام ابتع لنا جبنا، فدعا بالغداء فتغدينا معه، و أتى بالجبن فأكل و أكلنا.

فلمّا فرغنا من الغداء قلت له: ما تقول في الجبن (1)؟ فقال لي: أو لم ترني أكلته؟

قلت: بلى و لكنّي احبّ أن أسمعه منك فقال: سأخبرك عن الجبن و غيره، كلّ ما كان فيه حلال و حرام فهو لك حلال حتّى تعرف الحرام بعينه فتدعه. (2)

9-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن جدّه، عن عبد اللّه بن المغيرة، عن عمرو بن أبي المقدام قال: كنت عند أبي جعفر عليه السلام أنا و أبي فأتي بقدح خزف فيه ماء، فشرب منه و هو قائم، ثمّ ناوله أبي، فشرب منه و هو قائم، ثمّ ناولنيه فشربت منه و أنا قائم. (3)

10-و عنه، عن أبي عليّ الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن محمّد ابن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن أبي المقدام، قال: رأيت أبا جعفر عليه السلام و هو يشرب في قدح من خزف. (4)

ص:419


1- 1) إنّما سأل الراوي عن حلّ الجبن و حرمته لمكان الانفحة التي توضع فيه و تكون الاكثر ميتة.
2- 2) الكافي ج 6/339 ح 1 و [1]عنه الوسائل ج 17/90 ح 1 و [2]عن المحاسن:495 ح 596. و أخرجه في البحار ج 66/104 ح 3 [3]عن المحاسن. [4]
3- 3) الكافي ج 6/383 ح 5 و [5]عنه الوسائل ج 17/193 ح 2 و [6]عن المحاسن:580 ح 54. و أخرجه في البحار ج 66/470 ح 44 [7]عن المحاسن. [8]
4- 4) الكافي ج 6/385 ح 2 و [9]عنه الوسائل ج 17/194 ح 7 و [10]عن المحاسن:580 ح 53. و أخرجه في البحار ج 66/470 ح 43 [11]عن المحاسن. [12]

ص:420

الباب الثاني عشر

في ملبسه عليه السلام

1-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، قال: خرج أبو جعفر عليه السلام يصلّي على بعض أطفالهم، و عليه جبة خزّ صفراء و مطرف (1)خزّ أصفر. (2)

2-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن معاوية بن ميسرة (3)، عن الحكم بن عتيبة، قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام و هو في بيت منجّد (4)و عليه قميص رطب و ملحفة مصبوغة قد أثّر الصبغ على عاتقه، فجعلت أنظر الى البيت و أنظر الى هيئته.

فقال: يا حكم ما تقول في هذا؟ فقلت: و ما عسيت أن أقول و أنا أراه عليك، و أمّا عندنا فإنّما يفعله الشابّ المرهّق (5).

ص:421


1- 1) المطرف «بضمّ الميم و كسرها و فتحها» : الثوب الذي على طرفيه علمان-النهاية-.
2- 2) الكافي ج 6/450 ح 1 و [1]عنه البحار ج 46/293 و [2]الوسائل ج 3/261 ح 3 و [3]عن التهذيب ج 1 /289 ح 9.
3- 3) معاوية بن ميسرة بن شريح القاضي بن الحارث الكندي الكوفي روى عن الإمام الصادق عليه السلام و له كتاب-رجال النجاشي ج 2/345-.
4- 4) المنجّد: المزيّن، و النجد: ما يزين به البيت من فرش و بسط و وسائد.
5- 5) المرهّق «بضم الميم و فتح الهاء المشدّدة» : الفاسد المتهم في دينه، و الموصوف بالجهل و خفّة العقل.

فقال لي: يا حكم من حرّم زينة اللّه التي أخرج لعباده و الطيبات من الرزق، و هذا ممّا أخرج اللّه لعباده، فأمّا هذا البيت الذي ترى فهو بيت المرأة، و أنا قريب العهد بالعرس، و بيتي البيت الذي تعرف. (1)

3-و عنه، عن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن محمّد بن حمران (2)، و جميل بن درّاج، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السلام قال: لا بأس بلبس المعصفر. (3)

4-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن زرارة قال: رأيت على أبي جعفر عليه السلام ثوبا معصفرا (4)، فقال: إنّي تزوّجت امرأة من قريش. (5)

5-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان (6)، عن جراح المدائني (7)عن أبي جعفر عليه السلام قال: إنّا نلبس المعصفرات و المضرجات (8). (9)

6-و عنه، عن أبي عليّ الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان،

ص:422


1- 1) الكافي ج 6/446 ح 1 و [1]عنه البحار ج 46/292 ح 18 و [2]الوسائل ج 3/359 ح 10. [3]
2- 2) محمد بن حمران: أبو جعفر النهدي، ثقة، كوفي الأصل نزل جرجرايا «بفتح الجيمين بينهما راءان مهملتان» و هي بلدة بين واسط و بغداد، روى عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السلام، و له كتاب- رجال النجاشي ج 2/260-.
3- 3) الكافي ج 6/447 ح 2 و [4]عنه الوسائل ج 3/359 ح 11. [5]
4- 4) المعصفر: المصبوغ بالعصفر و هو صبغ أصفر اللون.
5- 5) الكافي ج 6/447 ح 3 و [6]عنه الوسائل ج 3/358 ح 1. [7]
6- 6) القاسم بن سليمان البغدادي له كتاب، و وصفه الشيخ في أصحاب الامام الصادق عليه السلام بالكوفي-رجال النجاشي ج 2/180-رجال الشيخ-.
7- 7) جرّاح بن عبد اللّه المدائني، قال ابن حجر في لسان الميزان ج 2/99 رقم 403: ذكره الطوسي و النجاشي في رجال الشيعة و له تصنيف يروي فيه عن الصادق عليه السلام.
8- 8) المضرّج: المصبوغ بالحمرة.
9- 9) الكافي ج 6/447 ح 6 و [8]عنه الوسائل ج 3/359 ح 8. [9]

عن بريد، عن مالك بن اعين (1)قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام و عليه ملحفة حمراء شديدة الحمرة، فتبسّمت حين دخلت عليه، فقال: كأنّي أعلم لم ضحكت، ضحكت من هذا الثوب الذي هو عليّ إنّ الثقفيّة أكرهتني عليه و أنا احبّها، فأكرهتني على لبسها.

ثمّ قال: إنّا لا نصلّي في هذا، و لا تصلّوا في المشبع المضرّج، قال: ثمّ دخلت عليه و قد طلّقها فقال: سمعتها تبرأ من عليّ عليه السلام فلم يسعني أن امسكها و هي تبرأ منه. (2)

7-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن أبي الجارود قال: كان أبو جعفر عليه السلام يلبس المعصفر و المنيّر (3). (4)

8-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد، عن ابن القداح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أبو جعفر عليه السلام: كنّا نلبس المعصفر في البيت. (5)

9-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان ابن عيسى، عن عبد اللّه بن مسكان، عن الحسن الزيّات البصري (6)، قال:

دخلت على أبي جعفر عليه السلام أنا و صاحب لي، فإذا هو في بيت منجّد، و عليه ملحفة وردية، و قد حفّ لحيته، و اكتحل فسألناه عن مسائل، فلمّا قمنا، قال لي:

يا حسن قلت: لبّيك.

ص:423


1- 1) مالك بن أعين الجهني الكوفي من أصحاب الإمامين الباقر و الصادق عليهما السلام.
2- 2) الكافي ج 6/447 ح 7 و [1]عنه البحار ج 46/292 ح 19 و [2]الوسائل ج 3/335 ح 1. و أورده في مكارم الأخلاق:105. [3]
3- 3) ثوب منيّر «كمعظم» منسوب الى نيرى فارسية «دوبود» .
4- 4) الكافي ج 6/447 ح 8 و [4]عنه الوسائل ج 3/359 ح 12. [5]
5- 5) الكافي ج 6/448 ذيل الحديث 9 و [6]عنه الوسائل ج 3/358 ح 7. [7]
6- 6) لا يبعد اتّحاده مع الحسن بن زياد البصري الذي عدّه الشيخ من أصحاب الباقر عليه السلام.

قال: إذا كان غدا فأتني أنت و صاحبك، فقلت: نعم جعلت فداك.

فلمّا كان من الغد دخلت عليه و إذا هو في بيت ليس فيه إلاّ حصير، و إذا عليه قميص غليظ، ثمّ أقبل على صاحبي، فقال: يا أخا أهل البصرة إنّك دخلت عليّ أمس، و أنا في بيت المرأة، و كان أمس يومها، و البيت بيتها، و المتاع متاعها، فتزيّنت لي على أن أتزيّن لها كما تزيّنت لي، فلا يدخل قلبك شيء، فقال له صاحبي: جعلت فداك قد كان و اللّه دخل في قلبي شيء، فأمّا الآن فلا، فقد و اللّه أذهب اللّه ما كان (1)، و علمت أنّ الحقّ فيما قلت. (2)

10-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر ابن اذينة، عن زرارة، قال: في حديث قال: مات ابن لأبي عبد اللّه عليه السلام في حياة أبي جعفر عليه السلام فاخرج في سفط (3)الى البقيع فخرج أبو جعفر عليه السلام و عليه جبّة خز صفراء و عمامة خزّ صفراء و مطرف خزّ أصفر. (4)

11-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن شعيب أبي صالح (5)، عن خالد أبي العلا الخفّاف (6)، قال: رأيت أبا جعفر عليه السلام و عليه برد أخضر و هو محرم. (7)

ص:424


1- 1) في المصدر: فامّا الآن فقد و اللّه أذهب اللّه ما كان.
2- 2) الكافي ج 6/448 ح 13 و [1]عنه البحار ج 46/293 ح 20 و [2]الوسائل ج 3/359 ح 13. [3]
3- 3) السفط «بفتح السين المهملة» : وعاء كالقفّة.
4- 4) الكافي ج 3/207 قطعة من الحديث الثالث و [4]يأتي إن شاء اللّه بتمامه.
5- 5) ما ظفرت على ترجمة له فيما عندي من كتب الرجال.
6- 6) هو خالد بن طهمان أبو العلاء الخفّاف السّلولي، ترجمه البخاري في التاريخ الكبير ج 2/157 رقم 540 و قال: روى عن عطيّة، و حبيب بن أبي حبيب، سمع منه وكيع، و محمد بن يوسف. و قال مسلم بن الحجّاج: أبو العلاء الخفّاف له نسخة أحاديث رواها عن أبي جعفر عليه السلام. ذكره النجاشي في رجاله ج 1/352 رقم 359 و قال: كان من العامّة و ذكره ابن حجر في التقريب و قال: صدوق رمي بالتشيّع ثم اختلط توفّي بعد المائة، و عن مختصر الذهبي: إنّه صدوق شيعيّ ضعّفه ابن معين. قال المحقق الداماد: آية جلالة الرجل و صحة حديثه تضعيف العامّة إيّاه لاحظ تنقيح المقال ج 1/392. [5]
7- 7) الكافي ج 4/339 ح 5 و [6]عنه الوسائل ج 9/37 ح 1 و [7]عن الفقيه ج 2/334 ح 2597.

12-الشيخ في «التهذيب» بإسناده عن محمّد بن عليّ بن محبوب، عن محمّد ابن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن أبي مريم الأنصاري (1)، قال: صلّى بنا أبو جعفر عليه السلام في قميص بلا إزار و لا رداء و لا أذان و لا إقامة.

فلمّا انصرف قلت له: عافاك اللّه صلّيت بنا في قميص بلا إزار و لا رداء و لا أذان و لا إقامة.

فقال: إنّ قميصي كثيف فهو يجزي أن لا يكون عليّ إزار و لا رداء و إنّي مررت بجعفر و هو يؤذّن، و يقيم فلم أتكلّم فأجزأني ذلك. (2)

13-محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن عبد اللّه بن المغيرة، عن أبي مالك الجهني (3)، عن عبد اللّه ابن عطا، قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام فرأيت في منزله بسطا و وسائد، و أنماطا، و مرافق فقلت: ما هذا؟ قال: متاع المرأة. (4)

14-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن بعض أصحابه، عن عليّ بن إسماعيل الميثمي، عن أبي الجارود قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام و هو جالس على متاع، فجعلت ألمس المتاع بيدي (5)، فقال: هذا الذي

ص:425


1- 1) أبو مريم الأنصاري: عبد الغفّار بن القاسم بن قيس روى عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام، ثقة له كتاب-رجال النجاشي ج 2/64-.
2- 2) التهذيب ج 2/280 ح 15 و عنه الوسائل ج 3/284 ح 7 و [1]ج 4/659 ح 2.
3- 3) أبو مالك الجهني: ترجمه النجاشي في رجاله ج 2/446 رقم 1266 و قال: له كتاب يرويه أحمد ابن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير عنه لعبد اللّه بن العباس.
4- 4) الكافي ج 6/476 ح 2 و [2]عنه الوسائل ج 3/586 ح 3. و أخرجه في البحار ج 46/289 ح 13 و [3]ج 79/322 ح 4 عن مكارم الاخلاق:131. [4]
5- 5) يستفاد من الحديث أنّ أبا الجارود كان أعمى.

تلمسه بيدك أرمنيّ، فقلت له: و ما أنت و الأرمني؟ فقال: هذا متاع جاءت به أمّ علي-امرأة له-فلمّا كان من قابل دخلت عليه فجعلت ألمس ما تحتي، فقال:

كأنّك تريد أن تنظر ما تحتك؟ قلت: لا و لكنّ الأعمى يعبث.

فقال لي: إنّ ذلك المتاع كان لأمّ عليّ و كانت ترى رأي الخوارج فأدرتها (1)ليلة الى الصبح أن ترجع عن رأيها، و تتولّى أمير المؤمنين عليه السلام فامتنعت عليّ، فلمّا أصبحت طلّقتها. (2)

ص:426


1- 1) أداره عن الأمر: طلب منه أن يتركه.
2- 2) الكافي ج 6/477 ح 6 و [1]عنه البحار ج 46/366 ح 8 و [2]الوسائل [3]ج 3/585 ح 2 و ج 14/425 ح 9.

الباب الثالث عشر

في استعماله عليه السلام الخضاب

1-محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن العبّاس بن موسى الورّاق (1)، عن أبي الحسن عليه السلام قال: دخل قوم على أبي جعفر عليه السلام فرأوه مختضبا، فسألوه؟ فقال: إنّي رجل احبّ النساء فإنّما أتصنّع لهنّ. (2)

2-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن فضالة ابن أيّوب، عن معاوية بن عمّار قال: رأيت أبا جعفر عليه السلام يختضب بالحنّاء خضابا قانيا. (3)

3-و عنه، عن أبي العباس محمّد بن جعفر، عن محمّد بن عبد الحميد (4)،

ص:427


1- 1) العبّاس بن موسى أبو الفضل الورّاق، ثقة، نزل بغداد و مات بها و كان من أصحاب يونس، له كتاب المتعة-رجال النجاشي ج 2/120-.
2- 2) الكافي ج 6/480 ح 3 و [1]عنه البحار ج 46/298 ح 30، و [2]الوسائل ج 1/399 ح 2. [3]
3- 3) الكافي ج 6/481 ح 10 و [4]عنه الوسائل ج 1/408 ح 1. و أخرج صدره في البحار ج 76/101 [5]عن مكارم الأخلاق:80 [6] باختلاف.
4- 4) محمّد بن عبد الحميد بن سالم العطّار أبو جعفر، يظهر من ترجمة سهل بن زياد الآدمي في رجال النجاشي برقم «488» أنّه كان وكيلا لأبي محمد العسكري عليه السلام و سفيرا له، و هذه منقبة جليلة دونها التوثيق.

عن سيف بن عميرة عن أبي شيبة الأسدي، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن خضاب الشعر؟ .

فقال: خضب الحسين و أبو جعفر عليه السلام بالحنّاء و الكتم. (1)

4-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي، قال: كمنت مع أبي علقمة، و الحارث بن المغيرة، و أبي حسان عند أبي عبد اللّه عليه السلام، و علقمة مختضب بالحنّاء، و الحارث مختضب بالوسمة، و أبو حسّان لا يختضب، فقال كلّ رجل منهم: ما ترى في هذا رحمك اللّه يشير الى لحيته؟

فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: ما أحسنه قالوا: أ كان أبو جعفر عليه السلام مختضبا بالوسمة؟

فقال: نعم ذلك حين تزوّج الثقفية أخذته جواريها فخضّبته. (2)

5-و عنه، بإسناده، عن ابن محبوب، عن العلا بن رزين، عن محمّد بن مسلم، قال: رأيت أبا جعفر عليه السلام يمضغ علكا (3)فقال: يا محمّد نقضت الوسمة أضراسي فمضغت هذا العلك لأشدّها قال: كانت استرخت فشدّها بالذهب. (4)

6-و عنه عن أبي عليّ الأشعري عن محمّد بن عبد الجبار، عن ابن فضّال عن ثعلبة بن ميمون، عن محمّد بن مسلم قال: قال أبو جعفر عليه السلام:

نقضت الوسمة أضراسي. (5)

ص:428


1- 1) الكافي ج 6/481 ح 9 و [1]عنه البحار ج 46/298 ح 32، و [2]الوسائل ج 1/409 ح 1. [3]
2- 2) الكافي ج 6/482 ح 1 و [4]عنه البحار ج 46/298 ح 33، و [5]الوسائل ج 1/406 ح 1. [6]
3- 3) العلك «بكسر العين المهملة و سكون اللام» : كل صمغ يمضغ.
4- 4) الكافي ج 6/482 ح 3 و [7]عنه البحار ج 46/298 ح 34 و [8]الوسائل ج 1/407 ح 3. [9]
5- 5) الكافي ج 6/483 ح 4 و [10]عنه الوسائل ج 1/407 ح 4. [11]

الباب الرابع عشر

في الحمّام و عمله فيه

1-محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن منصور بن العبّاس (1)، عن حمزة بن عبد اللّه (2)، عن ربعي، عن عبيد اللّه الرافقي (3)، قال: دخلت حمّاما بالمدينة و اذا شيخ كبير و هو قيّم الحمّام، فقلت: يا شيخ لمن هذا الحمّام؟

فقال: لأبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ عليهما السلام فقلت:

كان يدخله؟ فقال: نعم، فقلت: كيف كان يصنع؟

قال: كان يدخل يبدأ فيطلي عانته و ما يليها، ثم يلفّ على أطراف إحليله

ص:429


1- 1) منصور بن العبّاس، أبو الحسين الرازي سكن بغداد و مات بها ذكره الشيخ في أصحاب الجواد و الهادي عليهما السلام، له كتاب نوادر كبير-رجال النجاشي ج 2/353 و رجال الشيخ برقم 24 و 27-.
2- 2) حمزة بن عبد اللّه الجعفري: وقع في المشيخة في طريق عليّ بن عبد العزيز روى عن اسحاق بن عمّار، و روى عنه أبو عبد اللّه البرقي، و روى الاختصاص عنه عن الامام الرضا عليه السلام ما يحقّق اماميّته-قاموس الرجال ج 3/427-.
3- 3) عبيد اللّه الرافقي: هذه النسبة الى الرافقة و هي بلدة على الفرات يقال لها الرقّة أيضا، و في بعض النسخ المرافقي، و في المصدر: الدابقي و على أيّ تقدير هو مجهول الحال غير مذكور في الرجال، و يظهر من مشيخة الصدوق في الفقيه ج 4/432، أنّ له كتابا معتمدا لما يروى عنه ابن أبي عمير محمّد بن زياد الازدي-تعليقة الغفاري-.

و يدعوني فأطلي سائر بدنه، فقلت له يوما من الأيّام: الذي تكره أن أراه قد رأيته، فقال: كلاّ إنّ النورة سترة. (1)

2-و عنه عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن اسماعيل بن يسار (2)، عن عثمان بن عفّان الدوسي (3)، عن بشير النبّال (4)، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الحمّام فقال: تريد الحمام؟ قلت: نعم.

قال: فأمر بإسخان الحمّام، ثم دخل فاتّزر بإزار و غطّى ركبتيه و سرّته، ثم أمر صاحب الحمّام فطلى ما كان خارج الإزار، ثمّ قال: اخرج عنّي، فطلى ما هو تحته بيده، ثمّ قال: هكذا فافعل. (5)

3-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن عمر بن عليّ بن عمر بن يزيد (6)، عن عمّه محمّد بن عمر (7)، عن بعض من حدّثه أن أبا جعفر عليه السلام كان يقول: من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فلا يدخل الحمّام إلاّ بمئزر.

ص:430


1- 1) الكافي ج 6/497 ح 7. و أخرج صدره في الوسائل ج 1/361 ح 2 و [1]ذيله في ص 378 ح 1 عنه و عن الفقيه. و أخرجه العوالم ج 19/237 عن الكافي. [2]
2- 2) هو اسماعيل بن يسار الهاشمي مولى اسماعيل بن علي بن عبد اللّه بن العبّاس ذكره النجاشي في رجاله ج 1/116 رقم 57 و قال: ذكره أصحابنا بالضعف، له كتاب و أورده ابن حجر في لسان الميزان ج 1/444 رقم 1379.
3- 3) في المصدر: السدوسي، و على أيّ تقدير ما وجدت له ترجمة.
4- 4) بشير بن ميمون أبي اراكة الوابشي الهمداني النبال الكوفي، و يقال أيضا: بشر النبّال من أصحاب الصادقين عليهما السلام و كان من حملة الحديث على ما يستفاد من مشيخة الفقيه و كمال الدين.
5- 5) الكافي ج 6/501 ح 22 و [3]عنه الوسائل ج 1/388 ح 1. [4]
6- 6) ترجمه النجاشي في رجاله ج 2/130 رقم 759 و قال: قال ابن بطّة «محمد بن جعفر بن أحمد بن بطّة أبو جعفر القمي» : أخبرنا بكتابه محمد بن علي بن محبوب.
7- 7) محمد بن عمر بن يزيد بياع السابري روى عن أبي الحسن الرضا عليه السلام و له كتاب-رجال النجاشي ج 2/267-.

قال: فدخل ذات يوم هو الحمّام، فتنوّر، فلمّا أن أطبقت النورة على بدنه ألقى المئزر، فقال له مولى له: بأبي أنت و أمي إنّك لتوصينا بالمئزر و لزومه، و قد القيته عن نفسك؟

فقال: أ ما علمت أنّ النورة قد أطبقت العورة. (1)

4-الشيخ في «التهذيب» بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن فضالة، عن جميل بن درّاج، عن محمّد بن مسلم قال: رأيت أبا جعفر عليه السلام جائيا من الحمّام و بينه و بين داره قذر، فقال: لو لا ما بيني و بين داري ما غسلت رجليّ و لا تجنّبت (2)ماء الحمّام. (3)

5-و عنه بإسناده، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن ابن بكير، عن زرارة قال: رأيت أبا جعفر عليه السلام يخرج من الحمّام فيمضي كما هو لا يغسل رجليه حتى يصلّي. (4)

6-محمد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن معاوية بن ميسرة، عن الحكم بن عتيبة (5)قال: رأيت أبا جعفر عليه السلام و قد أخذ الحنّاء و جعله على أظافيره، فقال: يا حسن ما تقول في هذا؟

فقلت: ما عسيت أن أقول فيه و أنت تفعله فإنّ عندنا يفعله الشبّان.

ص:431


1- 1) الكافي ج 6/502 ح 35 و [1]عنه الوسائل ج 1/378 ح 2. [2]
2- 2) في المصدر: و لا نحّيت.
3- 3) التهذيب ج 1/379 ح 31، و عنه الوسائل ج 1/111 ح 3. [3]
4- 4) التهذيب ج 1/379 ح 32، و عنه الوسائل ج 1/153 ح 2. [4]
5- 5) الحكم بن عتيبة، يقال: ابن النهّاس أبو محمّد مولى امرأة من بني عدي بن كندة الكوفي، ولد سنة «50» ه و توفّي سنة «114» ه أو سنة «115» ه، عدّه الشيخ من أصحاب الأئمّة: السجّاد و الباقر و الصادق عليهم السلام، و صرّح جمع بكونه من فقهاء العامة و من رجال البخاري-التهذيب ج 2/432 رقم 756-الجامع في الرجال:659-. [5]

فقال: يا حكم إنّ الأظافير إذا أصابتها النورة غيّرتها حتى تشبه أظافير الموتى فغيرها بالحنّاء. (1)

ص:432


1- 1) الكافي ج 6/509 ح 2 و [1]عنه البحار ج 46/299 ح 38 و [2]الوسائل ج 1/394 ح 2. [3]

الباب الخامس عشر

في الأخذ من اللحية و التمشّط

1-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن ابراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن المثنى (1)، عن سدير الصيرفي، قال: رأيت أبا جعفر عليه السلام يأخذ عارضه و يبطّن لحيته (2). (3)

2-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن عثمان ابن عيسى، عن عبد اللّه بن مسكان، عن الحسن الزيّات، قال: رأيت أبا جعفر و قد خفّف لحيته. (4)

3-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن بعض أصحابه، عن أبي أيّوب الخرّاز، عن محمّد بن

ص:433


1- 1) الظاهر أنه متّحد مع هاشم بن المثنى الحنّاط الكوفي، و الاختلاف نشأ من كتابة هاشم و هشام فالقدماء يكتبون كليهما «هشم» و جعلوا ألفا مقصورة فوق الهاء في هاشم و فوق الشين في هشام، و بالجملة الرجل ثقة من أصحاب الصادق عليه السلام و له كتاب و الطريق إليه صحيح-تعليقة مشيخة الفقيه ج 4/449-.
2- 2) تبطين اللحية أن يؤخذ الشعر من تحت الذقن.
3- 3) الكافي ج 6/486 ح 1 و [1]عنه البحار ج 46/299 [2] ملحق ح 35 و الوسائل ج 1/419 ح 4. [3]
4- 4) الكافي ج 6/487 ح 4 و [4]عنه البحار ج 46/299 ح 36، و [5]الوسائل ج 1/419 ح 2. [6]

مسلم قال: رأيت أبا جعفر عليه السلام و الحجّام يأخذ من لحيته فقال: دوّرها. (1)

4-و عنه، عن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن عبد اللّه بن سليمان، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام: عن العاج.

فقال: لا بأس به و إنّ لي منه مشطا (2). (3)

ص:434


1- 1) الكافي ج 6/487 ح 5 و [1]عنه البحار ج 46/299 [2] ملحق ح 36. و في الوسائل ج 1/419 ح 1 [3] عنه و عن الفقيه ج 1/130 ح 333.
2- 2) في المصدر: لمشطا.
3- 3) الكافي ج 6/489 ح 5 و عنه البحار ج 46/299 ح 37 و الوسائل ج 1/427 ح 4.

الباب السادس عشر

في نصيحته و حسن مجلسه و تواضعه

1-الشيخ في «مجالسه» قال: أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد، يعني المفيد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه رحمه اللّه، عن محمّد بن همّام، عن عبد اللّه بن العلا (1)، عن محمّد بن الحسن بن شمون، عن حمّاد بن عيسى، عن إسماعيل بن أبي خالد قال: سمعت أبا عبد اللّه جعفر بن محمّد عليهما السلام يقول: جمعنا أبو جعفر عليه السلام فقال: يا بنيّ إيّاكم و التعرّض للحقوق، و اصبروا على النوائب، و إن دعاكم بعض قومكم الى أمر ضرره عليكم أكثر من نفعه لكم فلا تجيبوه. (2)

2-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن ابراهيم، عن أبيه، و عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد جميعا عن ابن محبوب، عن محمّد بن النعمان الأحول، عن سلاّم بن المستنير قال: كنت عند أبي جعفر

ص:435


1- 1) عبد اللّه بن العلا المذاري، ترجمه النجاشي في رجاله ج 2/17 رقم 569 و قال: ثقة، من وجوه اصحابنا، يقال: إنّ له كتاب الوصايا، و يقال: إنّه لمحمّد بن عيسى بن عبيد، و هو رواه عنه، و له كتاب النوادر، كبير.
2- 2) أمالي الطوسي ج 1/71 و [1]عنه الوسائل ج 11/554 ح 6. و في البحار ج 74/148 ح 1 [2] عنه و عن أمالي المفيد:300 ح 11.

عليه السلام فدخل عليه حمران بن أعين و سأله عن أشياء.

فلمّا همّ حمران بالقيام قال لأبي جعفر عليه السلام: اخبرك-أطال اللّه بقاءك لنا و أمتعنا بك-أنّا نأتيك فما نخرج من عندك حتّى ترقّ قلوبنا، و تسلوا (1)أنفسنا عن الدنيا، و يهون علينا ما في أيدي الناس من هذه الأموال، ثمّ نخرج من عندك فإذا صرنا مع الناس و التجّار أحببنا الدنيا؟

قال: فقال أبو جعفر عليه السلام: إنّما هي القلوب مرّة تصعب و مرّة تسهل.

ثم قال أبو جعفر عليه السلام: أما انّ أصحاب محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قالوا: يا رسول اللّه نخاف علينا النفاق.

قال: فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: و لم تخافون ذلك؟ قالوا: إذا كنّا عندك فذكّرتنا و رغّبتنا وجلنا و نسينا الدنيا، و زهدنا حتّى كأنّا نعاين الآخرة و الجنّة و النار، و نحن عندك، فإذا خرجنا من عندك و دخلنا هذه البيوت و شممنا الأولاد و رأينا العيال و الأهل يكاد أن نحوّل عن الحالة التي كنّا عليها عندك حتّى كأنّا لم نكن على شيء؟ أ فتخاف علينا أن يكون ذلك نفاقا؟

فقال لهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: كلاّ إنّ هذه خطوات الشيطان فيرغّبكم في الدنيا، و اللّه لو تدومون على الحالة التي وصفتم أنفسكم بها لصافحتكم الملائكة و مشيتم على الماء، و لو لا أنكم تذنبون فتستغفرون اللّه لخلق اللّه خلقا حتى يذنبوا، ثم يستغفروا اللّه فيغفر (اللّه) لهم: إنّ المؤمن مفتّن (2)تواب أ ما سمعت قول اللّه عزّ و جلّ: إِنَّ اَللّهَ يُحِبُّ اَلتَّوّابِينَ وَ يُحِبُّ اَلْمُتَطَهِّرِينَ (3)و قال:

ص:436


1- 1) سلاه و سلا عنه: نسيه.
2- 2) المفتّن: الممتحن يمتحنه اللّه بالذنب، ثمّ يتوب، ثمّ يعود، ثمّ يتوب-النهاية-.
3- 3) البقرة:222. [1]

اِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ (1). (2)

3-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن يحيى بن زكريّا، عن أبي عبيدة قال: كنت زميل (3)أبي جعفر عليه السلام و كنت أبدأ بالركوب، ثمّ يركب هو، فإذا استوينا سلّم وسائل مسائلة رجل لا عهد له بصاحبه و صافح.

قال: و كان إذا نزل نزل قبلي، فإذا استويت أنا و هو على الأرض سلّم وسائل مسائلة من لا عهد له بصاحبه.

فقلت: يا بن رسول اللّه إنّك لتفعل شيئا ما يفعله أحد من قبلنا، و إن فعل مرّة فكثير، فقال: أ ما علمت ما في المصافحة؟ إنّ المؤمنين يلتقيان فيصافح أحدهما صاحبه فلا تزال الذنوب تتحاتّ (4)عنهما كما تتحاتّ الورق عن الشجر، و اللّه ينظر إليهما حتّى يفترقا. (5)

4-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن أبي نصر، عن صفوان الجمّال، عن أبي عبيدة الحذّاء قال: زاملت أبا جعفر عليه السلام في شقّ محمّل من المدينة الى مكة فنزل في بعض الطريق فلمّا قضى حاجته و عاد، قال: هات يدك يا أبا عبيدة، فناولته يدي فغمزها حتّى وجدت الأذى في أصابعي.

ثمّ قال: يا أبا عبيدة ما من مسلم لقي أخاه المسلم فصافحه و شبّك أصابعه في أصابعه إلاّ تناثرت عنهما ذنوبهما كما يتناثر الورق عن الشجر في اليوم

ص:437


1- 1) هود:3. [1]
2- 2) الكافي ج 2/423 ح 1 و [2]عنه البحار ج 6/41 ح 78 و [3]ج 7/56 ح 28.
3- 3) الزميل: الرديف.
4- 4) تتحاتّ: تساقط.
5- 5) الكافي ج 2/179 ح 1 و [4]عنه البحار ج 46/302 ح 47 و [5]ج 76/23 ح 11 و الوسائل ج 8/ 558 ح 2. [6]

الشاتي (1). (2)

5-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عمر ابن عبد العزيز، عن محمّد بن الفضيل عن أبي حمزة، قال: زاملت أبا جعفر عليه السلام فحططنا الرحل، ثمّ مشى قليلا ثمّ جاء فأخذ بيدي فغمزها غمزة شديدة، فقلت: جعلت فداك أو ما كنت معك في المحمل؟

فقال: أو ما علمت أنّ المؤمن إذا جال جولة ثمّ أخذ بيد أخيه نظر اللّه إليهما بوجهه، فلم يزل مقبلا عليهما بوجهه و يقول للذنوب: تحاتّ عنهما فتتحاتّ يا ابا حمزة كما يتحاتّ الورق عن الشجر، فيفترقان و ما عليهما من ذنب. (3)

ص:438


1- 1) الشاتي: شديد البرد.
2- 2) الكافي ج 2/180 ح 5 و [1]عنه البحار ج 76/25 ح 15. [2]
3- 3) الكافي ج 2/180 ح 7 و [3]عنه البحار ج 76/27 ح 17 و [4]الوسائل ج 8/558 ح 4. [5]

الباب السابع عشر

في أنّه وصيّ أبيه عليهما السلام

1-ابن بابويه في كتاب «النصوص» على الأئمة الاثنى عشر عليهم السلام، قال: حدّثني الحسين بن عليّ، قال: حدّثنا محمد بن الحسين البزوفري (1)، قال:

حدّثنا محمّد بن عليّ بن معمر (2)، قال: حدّثني عبد اللّه بن معبد (3)، قال: حدّثني محمّد بن عليّ بن طريف الحجري (4)، قال: حدّثنا عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن معمر، عن الزهري، قال: دخلت على عليّ بن الحسين عليهما السلام في المرض الذي توفّي فيه، إذ قدّم إليه طبق فيه خبز و الهندباء (5)فقال لي: كله.

ص:439


1- 1) محمد بن الحسين البزوفري «نسبة الى قرية كبيرة من أعمال قوسان قرب واسط و بغداد» أبو جعفر بن أبي عبد اللّه الحسين بن علي بن سفيان بن خالد بن سفيان، كان من مشايخ الشيخ المفيد و ابن الغضائري و لم اقف على ترجمة له مستقلة في كتب الرجال-شرح مشيخة التهذيب:35-.
2- 2) محمّد بن علي بن المعمر الكوفي أبو الحسين، كان حيّا في سنة «329» ه سمع منه التلعكبري في تلك السنة-جامع الرواة ج 2/158-. [1]
3- 3) عبد اللّه بن معبد الزماني من جلّة التابعين، وثّقه النسائي، -ميزان الاعتدال ج 2/507-.
4- 4) محمد بن علي بن عمرو بن طريف الحجري، وقع في طريق المفيد في الأمالي أيضا، و لم أجده فيما عندي من الرجال.
5- 5) الهندباء: بقل زراعيّ من المركبات اللسينية ينبت بريّا ورقه أزرق مرّ الطعم قليلا يدخل في التوابل و يطبخ أيضا، و يقال له بالفارسية: كاسيني.

فقلت: قد أكلت يا ابن رسول اللّه.

قال: إنّه الهندباء.

قلت: و ما فضل الهندباء؟

قال: ما من ورقة من الهندباء إلاّ و عليها قطرة من ماء الجنة، فيه شفاء من كلّ داء.

قال: ثمّ رفع الطعام و أتي بالدهن، ثمّ قال: ادّهن (1)يا أبا عبد اللّه.

قلت: ادّهنت.

قال: إنّه هو البنفسج.

قلت: و ما فضل البنفسج على سائر الأدهان؟

قال: كفضل الاسلام على سائر الأديان.

قال: ثمّ دخل عليه محمّد ابنه فحدّثه طويلا بالسرّ فسمعته يقول فيما يقول: عليك بحسن الخلق.

قلت: يا بن رسول اللّه إن كان من أمر اللّه ما لا بدّ لنا منه، -و وقع في نفسي أنّه قد نعي نفسه-فإلى من يختلف بعدك؟

فقال: يا أبا عبد اللّه الى ابني هذا-و اشار الى محمّد ابنه-إنّه وصيّي و وارثي و عيبة علمي، معدن العلم، و باقر العلم.

قلت: يا بن رسول اللّه ما معنى باقر العلم؟

قال: سوف يختلف إليه خلاّص شيعتي، و يبقر العلم عليهم بقرا.

قال: ثم أرسل محمّدا ابنه في حاجة له الى السوق، فلمّا جاء محمّد قلت:

يا بن رسول اللّه هلاّ أوصيت الى أكبر أولادك؟

فقال: يا أبا عبد اللّه ليست الإمامة بالصغر و الكبر، هكذا عهد إلينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هكذا وجدناه مكتوبا في اللوح و الصحيفة.

ص:440


1- 1) في المصدر و البحار: [1] فقال: ادّهن.

قلت: يا بن رسول اللّه فكم عهد إليكم نبيّكم أن يكون الأوصياء من بعده؟

قال: وجدنا في الصحيفة و اللوح اثني عشر إماما مكتوبة إمامتهم و أسامي آبائهم و امّهاتهم، ثمّ قال: يخرج من صلب محمّد ابني سبعة من الأوصياء فيهم المهديّ عليهم السلام. (1)

2-محمّد بن يعقوب، عن أحمد بن ادريس، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن أبي القاسم الكوفي، عن محمّد بن سهل، عن ابراهيم بن أبي البلاد (2)، عن اسماعيل بن محمّد بن عبد اللّه بن عليّ بن الحسين، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لمّا حضرت عليّ بن الحسين الوفاة، قبل ذلك أخرج سفطا أو صندوقا عنده، فقال: يا محمد احمل هذا الصندوق.

قال: فحمل بين أربعة، فلمّا توفّي جاء إخوته يدّعون ما في الصندوق، فقالوا: أعطنا نصيبنا في الصندوق.

فقال: و اللّه ما لكم فيه شيء و لو كان لكم فيه شيء ما دفعه إليّ و كان في الصندوق سلاح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و كتبه. (3)

3-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن عمران بن موسى (4)، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عبد اللّه، عن عيسى بن عبد اللّه، عن أبيه، عن جدّه

ص:441


1- 1) كفاية الأثر:241 و [1]عنه البحار ج 46/232 ح 9 و [2]قطعة منه في الوسائل ج 1/455 ح 12 و [3]صدره في مستدرك الوسائل ج 16/416 ح 5. و أورده في إثبات الهداة ج 2/558 ح 578 و [4]قطعة منه في ج 3/35 ح 7.
2- 2) ابراهيم بن أبي البلاد: يحيى بن سليم أو سليمان، ثقة روى عن الصادق و الكاظم و الرضا عليهم السلام و عمّر دهرا، و للرضا عليه السلام إليه رسالة و أثنى عليه-جامع الرواة ج 1/16-. [5]
3- 3) الكافي ج 1/305 ح 1. و أخرجه في البحار ج 46/229 ح 3 [6]عن بصائر الدرجات:181 ح 4 و [7]إعلام الورى:260 [8]نقلا عن الكليني.
4- 4) عمران بن موسى الزيتوني القمي، ثقة، له كتاب نوادر-رجال النجاشي ج 2/139-.

قال: التفت عليّ بن الحسين عليهما السلام إلى ولده، و هو في الموت و هم مجتمعون عنده، ثمّ التفت الى محمّد بن علي فقال: يا محمّد هذا الصندوق اذهب به الى بيتك.

فقال: أما إنّه لم يكن فيه درهم و لا دينار و لكن كان مملوءا علما (1). (2)

4-و عنه، عن محمّد بن الحسن، عن سهل عن محمّد بن عيسى، عن فضالة بن أيّوب، عن الحسين بن أبي العلاء (3)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: إنّ عمر بن عبد العزيز كتب الى ابن حزم (4)أن يرسل إليه بصدقة عليّ عليه السلام و عمر و عثمان، و إنّ ابن حزم بعث الى زيد بن الحسن (5)عليه السلام و كان أكبرهم فسأله الصدقة فقال زيد: إنّ الوالي (6)كان بعد عليّ الحسن، و بعد الحسن الحسين، و بعد الحسين عليّ بن الحسين، و بعد عليّ بن الحسين محمّد بن عليّ، فابعث إليه.

فبعث ابن حزم الى أبي عليه السلام فأرسلني أبي بالكتاب إليه حتّى دفعته الى ابن حزم، فقال له بعضنا: يعرف هذا ولد الحسن عليه السلام؟

ص:442


1- 1) في بعض النسخ: و لكنّه كان مملوءا علما.
2- 2) الكافي ج 1/305 ح 2. و أخرجه في البحار ج 46/229 ح 1 [1]عن بصائر الدرجات:175 ح 13 و [2]إعلام الورى:260 [3]نقلا عن الكليني.
3- 3) الحسين بن أبي العلاء أبو علي الخفّاف الكوفي العامري مولاهم له كتاب يعدّ في الاصول، روى عن الصادق عليه السلام و روى عنه ابن أبي عمير، و صفوان، و اسم أبيه خالد بن طهمان-جامع الرواة ج 1/231-. [4]
4- 4) ابن حزم: أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الانصاري الخزرجي قاضي المدينة توفي سنة «120» و قيل: «117» ه-سير النبلاء ج 5/313-.
5- 5) زيد بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام أبو الحسن، عدّه الشيخ من أصحاب السجّاد عليه السلام.
6- 6) يعني الوالي بالصدقات.

قال: نعم كما يعرفون أنّ هذا ليل، و لكنّهم يحملهم الحسد و لو طلبوا الحقّ بالحقّ لكان خيرا لهم، و لكنّهم يطلبون الدنيا.

و عنه، عن الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن عبد الكريم بن عمرو، عن ابن أبي يعفور، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: ان عمر بن عبد العزيز كتب الى ابن حزم، ثم ذكر مثله إلاّ أنّه قال: بعث ابن حزم الى زيد بن الحسن و كان أكبر من أبي عليه السلام.

و عن عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد، عن الوشّاء مثله. (1)

ص:443


1- 1) الكافي ج 1/305 ح 3. و أخرجه في البحار ج 46/230 ح 6 [1]عن إعلام الورى:260. [2]

ص:444

الباب الثامن عشر

في المفردات

1-محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن الحسن بن الجهم (1)قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: إنّ الانسان إذا أدخل طعام سنة خفّ ظهره و استراح، و كان أبو جعفر و أبو عبد اللّه عليهما السلام لا يشتريان عقدة (2)حتّى يحرزا طعام سنتهما. (3)

2-و عنه، عن عليّ بن ابراهيم، عن أبيه، و محمّد بن اسماعيل عن الفضل ابن شاذان جميعا، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: إنّ محمّد بن المنكدر كان يقول: ما كنت أرى أنّ عليّ بن الحسين عليه السلام يدع خلفا أفضل منه حتى رأيت ابنه محمّد بن علي عليهما السلام فأردت أن أعظه فوعظني.

فقال له أصحابه: بأيّ شيء وعظك؟

قال: خرجت الى بعض نواحي المدينة في ساعة حارّة فلقيني أبو جعفر محمّد

ص:445


1- 1) الحسن بن جهم بن بكير بن أعين أبو محمد الشيباني، ثقة، روى عن الكاظم و الرضا عليهما السلام جامع الرواة ج 1/191-. [1]
2- 2) العقدة «بالضم» : الضيعة و العقار.
3- 3) الكافي ج 5/89 ح 1 و [2]عنه الوسائل ج 12/320 ح 2. [3]

ابن علي عليهما السلام و كان رجلا بادنا ثقيلا، و هو متّكئ على غلامين أسودين أو موليين، فقلت في نفسي: سبحان اللّه شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذا الحال في طلب الدنيا أما لأعظنّه فدنوت منه فسلّمت عليه، فردّ عليّ السلام بنهر (1)و هو يتصابّ عرقا فقلت: أصلحك اللّه شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا أ رأيت لو جاء أجلك و أنت على هذه الحال ما كنت تصنع؟

فقال: لو جاءني الموت و أنا على هذه الحال جاءني و أنا في طاعة من طاعة اللّه عزّ و جلّ أكفّ بها على نفسي و عيالي عنك و عن الناس و إنّما كنت أخاف أن لو جاءني الموت و أنا على معصية من معاصي اللّه، فقلت: صدقت يرحمك اللّه أردت أن أعظك فوعظتني. (2)

و رواه المفيد في «إرشاده» قال: أخبرني الشريف أبو محمّد الحسن بن محمّد قال: حدّثني جدّي، عن يعقوب بن يزيد، قال: حدّثنا محمّد بن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجّاج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: إنّ محمّد بن المنكدر، و ساق الحديث. (3)

و رواه أيضا من طريق المخالفين المالكي في «الفصول المهمة» . (4)

3-محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن موسى بن الحسن (5)، عن

ص:446


1- 1) النهر: الزجر، و في بعض النسخ: ببهر «بالباء الموحدة» و هو تتابع النفس يعتري الانسان عند السعي الشديد أو العدو.
2- 2) الكافي ج 5/73 ح 1 و [1]عنه البحار ج 46/350 ح 3. و في الوسائل ج 12/9 ح 1 [2] عنه و عن التهذيب ج 6/325 ح 15.
3- 3) إرشاد المفيد:263 و [3]عنه كشف الغمّة ج 2/125 و [4]البحار ج 46/287 ح 5. [5]
4- 4) الفصول المهمّة:213.
5- 5) موسى بن الحسن بن عامر بن عبد اللّه بن سعد الاشعري القمي أبو الحسن ثقة، عين جليل القدر جامع الرواة ج 2/275-. [6]

أبي الحسن النهدي، رفعه قال: كان أبو جعفر عليه السلام إذا رأى جنازة قال:

الحمد للّه الذي لم يجعلني من السواد المخترم (1). (2)

4-و عنه، عن عليّ بن ابراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن زرارة قال: حضر أبو جعفر عليه السلام جنازة رجل من قريش و أنا معه، و كان فيها عطاء (3)فصرخت صارخة فقال عطا لتسكتنّ أو لنرجعن قال:

فلم تسكت فرجع.

قال: فقلت لأبي جعفر عليه السلام: إنّ عطاء قد رجع، قال: و لم؟

قلت: صرخت هذه الصارخة فقال لها: لتسكتنّ أو لنرجعنّ فلم تسكت فرجع.

فقال: امض بنا فلو أنّا إذا رأينا شيئا من الباطل مع الحق تركنا له الحقّ لم نقض حقّ مسلم.

فلمّا صلّى على الجنازة قال وليّها لأبي جعفر عليه السلام: ارجع مأجورا رحمك اللّه، فإنّك لا تقوى على المشي، فأبي أن يرجع.

قال: فقلت له: قد أذن لك في الرجوع و لي حاجة اريد أن أسألك عنها، قال: امض فليس بإذنه جئنا و لا بإذنه نرجع، إنّما هو فضل و أجر طلبناه بقدر ما يتبع الجنازة الرجل يوجر على ذلك. (4)

5-و عنه، عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد، عن غير واحد، عن أبان، عن عبد اللّه بن عجلان (5)، قال: قام أبو جعفر عليه السلام على قبر رجل

ص:447


1- 1) المخترم (مبنيّا للمفعول) : الميّت.
2- 2) الكافي ج 3/167 ح 2 و [1]عنه الوسائل ج 2/831 ح 3. [2]
3- 3) عطاء بن أبي رباح أبو محمد بن اسلم المكي الفقيه المتوفّى سنة «114» ه-تذكرة الحفّاظ:98-.
4- 4) الكافي ج 3/171 ح 3 و [3]عنه البحار ج 46/300 ح 43. و في الوسائل ج 2/823 ح 7 [4] عنه و عن التهذيب ج 1/454 ح 126.
5- 5) عبد اللّه بن عجلان: عدّه الشيخ في أصحاب أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام و المظنون أنّ الراوي عنه أبان بن عثمان بن الأحمر.

من الشيعة فقال: اللهمّ صل وحدته، و آنس وحشته، و أسكن إليه من رحمتك ما يستغني بها عن رحمة من سواك. (1)

6-و عن عدّة من اصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن زرارة قال: كنت مع أبي جعفر عليه السلام في جنازة لبعض قرابته فلمّا أن صلّى على الميّت قال وليّه لأبي جعفر عليه السلام: ارجع يا أبا جعفر مأجورا و لا تعنّ لأنّك تضعف عن المشي.

فقلت: أنا لأبي جعفر عليه السلام: قد أذن لك في الرجوع فارجع، و لي حاجة أريد أن أسألك عنها، فقال لي أبو جعفر عليه السلام إنّما هو فضل و أجر فبقدر ما يمشي مع الجنازة يؤجر الذي يتبعها فأما بإذنه فليس باذنه جئنا و لا باذنه نرجع. (2)

7-و عنه، عن عليّ بن ابراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن اذينة، عن زرارة قال: رأيت ابنا لأبي عبد اللّه عليه السلام في حياة أبي جعفر عليه السلام يقال له عبد اللّه فطيم (3)قد درج فقلت له يا غلام: من ذا الذي إلى جنبك لمولى لهم-؟

فقال: هذا مولاي، فقال له المولى يمازحه: لست لك بمولى، فقال: ذاك شرّ لك (4)، فطعن في جنانة الغلام (5)فمات فأخرج في سفط الى البقيع، فخرج أبو جعفر عليه السلام و عليه جبّة خزّ صفراء و عمامة خزّ صفراء، و مطرف خزّ أصفر، فانطلق يمشي الى البقيع و هو معتمد عليّ، و الناس يعزّونه على ابن ابنه.

ص:448


1- 1) الكافي ج 3/200 ح 9. و أخرجه في البحار ج 102/298 ح 20 [1]عن كامل الزيارات ج 2/323 ح 14. [2]
2- 2) الكافي ج 3/171 ح 1 و [3]عنه البحار ج 81/261 و [4]الوسائل ج 2/823 ح 5. [5]
3- 3) الفطيم: الطفل الذي انتهت مدّة رضاعه.
4- 4) أي كونك مولى لي شرف لك و فخر فانكار ذلك شرّ لك-مرآت العقول-. [6]
5- 5) هذا تفسير لقوله: «طعن في جنازة الغلام» و في الوافي: [7] في جنان الغلام، أي قلبه.

فلمّا انتهى الى البقيع تقدّم أبو جعفر عليه السلام فصلّى عليه، و كبّر عليه أربعا ثم أمر به فدفن، ثمّ أخذ بيدي فتنحّى بي ثمّ قال: إنّه لم يكن يصلّي على الأطفال إنّما كان أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه يأمر بهم فيدفنون من وراء (1)و لا يصلّي عليهم و إنّما صلّيت عليه من أجل أهل المدينة كراهية أن يقولوا: لا يصلّون على أطفالهم. (2)

8-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد ابن خالد و الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران (3)، عن ابن مسكان، عن زرارة قال: مات ابن لأبي جعفر عليه السلام فأخبر بموته فأمر به فغسّل و كفّن و مشى معه و صلّى عليه، و طرحت خمرة (4)فقام عليها ثم قام على قبره حتّى فرغ منه ثم انصرف و انصرفت معه حتّى أنّي لأمشي معه.

فقال: أما إنّه لم يكن يصلّي على مثل هذا و كان ابن ثلاث سنين كان عليّ عليه السلام يأمر به، فيدفن و لا يصلّي عليه، و لكنّ الناس صنعوا شيئا فنحن نصنع مثله، قال: قلت: فمتى تجب عليه الصلاة؟ فقال: إذا عقل الصلاة و كان ابن ستّ سنين.

قال قلت: فما تقول في الولدان (5)؟

فقال: سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عنهم فقال: اللّه أعلم بما كانوا عاملين. (6)

ص:449


1- 1) أي من وراء الموت.
2- 2) الكافي ج 3/206 ح 3 و [1]عنه الوسائل ج 2/790 ح 1 و [2]عن التهذيب ج 3/198 و الاستبصار ج 3/198 ح 4.
3- 3) يحيى بن عمران بن علي الحلبي الكوفي كانت تجارته الى حلب فقيل: الحلبي روى عن الصادق و الكاظم عليهما السلام، ثقة ثقة، صحيح الحديث-جامع الرواة ج 2/333-. [3]
4- 4) الخمرة: حصيرة صغيرة من السعف-القاموس-.
5- 5) يعني ما تقول في حالهم بعد الموت؟ .
6- 6) الكافي ج 3/207 ح 4 و [4]عنه الوسائل ج 2/788 ح 3. [5]

9-و عنه، عن محمّد بن اسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حمّاد بن عيسى، عن ربعي بن عبد اللّه، عن الفضيل بن يسار، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اتي أبي بالخمرة يوم الفطر فأمر بردّها ثمّ قال: هذا يوم كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يحب أن ينظر الى آفاق السماء و يضع وجهه على الأرض. (1)

10-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن الحارث بن محمّد الأحول (2)، عن بريد بن معاوية العجلي قال: كان أبو جعفر عليه السلام إذا أراد سفرا جمع عياله في بيت ثمّ قال: اللهم إنّي أستودعك نفسي و أهلي و مالي، و ولدي الشاهد منّا و الغائب.

اللهمّ احفظنا و احفظ علينا.

اللهمّ اجعلنا في جوارك.

اللهمّ لا تسلبنا نعمتك، و لا تغيّر ما بنا من عافيتك و فضلك. (3)

11-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم عن صالح بن السندي (4)، عن حمّاد بن عيسى، عن حسين بن المختار (5)، عن أبي عبيدة، قال: زاملت أبا جعفر عليه السلام فيما بين مكة و المدينة فلمّا انتهى الى الحرم اغتسل و أخذ نعليه بيده، ثمّ مشى في الحرم ساعة. (6)

ص:450


1- 1) الكافي ج 3/461 ح 7 و [1]عنه الوسائل ج 5/118 ح 5 و [2]التهذيب ج 3/284 ح 2.
2- 2) الحارث بن أبي جعفر محمد بن النعمان الأحول البجلي الكوفي أبو علي عدّه الشيخ من أصحاب الصادق عليه السلام و قال: له أصل-الجامع في الرجال:430-. [3]
3- 3) الكافي ج 4/283 ح 2 و [4]عنه الوسائل ج 8/276 ح 2 و [5]عن المحاسن:350 ح 30. و أخرجه في البحار ج 76/344 ح 28 [6]عن المحاسن. [7]
4- 4) صالح بن السندي، له كتاب، روى عنه ابراهيم بن هاشم.
5- 5) الحسين بن المختار القلانسي الكوفي أبو عبد اللّه روى عن الصادق و الكاظم عليهما السلام، و له كتاب-جامع الرواة ج 1/254-. [8]
6- 6) الكافي ج 4/398 ح 2 و [9]عنه البحار ج 46/299 ح 39 و [10]الوسائل ج 9/315 ح 2. [11]

12-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض اصحابه قال: عطس رجل عند أبي جعفر عليه السلام فقال: الحمد للّه فلم يسمّته أبو جعفر عليه السلام و قال عليه السلام نقصنا حقّنا.

ثمّ قال: إذا عطس أحدكم فليقل الحمد للّه ربّ العالمين و صلّى اللّه على محمّد و أهل بيته.

قال: فقال الرجل، فسمّته أبو جعفر عليه السلام. (1)

ص:451


1- 1) الكافي ج 2/654 ح 9 و [1]عنه الوسائل ج 8/464 ح 1. [2]

ص:452

فهرس الموضوعات الموضوع الصفحة

المنهج الثالث في الإمام الثاني أبي محمد الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام 5

الباب الأوّل في شأنه في الأمر الأوّل 7

الباب الثاني في ميلاده عليه السلام 13

الباب الثالث في أنّ تسميته بالحسن عليه السلام و أخاه بالحسين عليه السلام من اللّه عزّ و جلّ 15

الباب الرابع في غزارة علمه في صغره عليه السلام 21

الباب الخامس في علمه عليه السلام بما سأله عنه ملك الروم 27

الباب السادس في علمه عليه السلام بغوامض العلم و جوابه السديد 33

الباب السابع في معرفته عليه السلام بلغات المدينتين 45

الباب الثامن في جواباته مع أبيه عليهما السلام من طريق المخالفين 49

الباب التاسع في عبادته عليه السلام من طريق الخاصّة و العامّة 53

الباب العاشر في جوده عليه السلام من طريق الخاصّة و العامّة 61

الباب الحادي عشر في هيبته في أعين الناس و سؤدده 67

ص:453

الباب الثاني عشر في أنّه و أخاه الحسين عليهما السلام يشبهان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من طريق الخاصّة و العامّة 69

الباب الثالث عشر في محبّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إيّاه من طريق المخالفين 73

الباب الرابع عشر في النصّ عليه من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بالإمامة و الوصاية في جملة الأئمة الاثني عشر عليهم السلام 81

الباب الخامس عشر في النصّ عليه من أبيه عليه السلام بالوصاية 91

المنهج الرابع في الإمام الثالث أبي عبد اللّه الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام 95

الباب الأوّل في شأنه في الأمر الأوّل 97

الباب الثاني و هو من الباب الأوّل 101

الباب الثالث في مولده عليه السلام 105

الباب الرابع في اشتقاق اسمه عليه السلام من اسم اللّه جلّ جلاله 113

الباب الخامس في أنّه عليه السلام ممّن لم يجعل اللّه عزّ و جلّ له من قبل سميّا 115

الباب السادس في ارتضاعه من إبهام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم 117

الباب السابع فيما جاء فيه من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من مناقبه و محبّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم له من طريق الخاصّة و العامّة 119

الباب الثامن فيما جاء فيه و في أخيه عليهما السلام و أنّهما سيّدا شباب أهل الجنّة من طريق العامّة 129

الباب التاسع في شبهه عليه السلام برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من

ص:454

طريق العامّة 157

الباب العاشر في أنّه عليه السلام اعطي علم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في جملة الأئمة الاثني عشر عليهم السلام 159

الباب الحادي عشر في علمه عليه السلام بلغات المدينتين ألف ألف لغة 165

الباب الثاني عشر في أدبه مع جدّه و أبيه و امّه و أخيه عليهم السلام 169

الباب الثالث عشر في صلاته عليه السلام على الناصب 175

الباب الرابع عشر في عبادته و محافظته على الصلاة و حجّه 177

الباب الخامس عشر في جوده عليه السلام 181

الباب السادس عشر ذكره عليه السلام ما قاله رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في أبيه و أخيه و نفسه عليهم السلام 187

الباب السابع عشر في حديثه مع معاوية و خلاصه من مكروهه 197

الباب الثامن عشر في أنّه عليه السلام وصيّ أخيه الحسن عليه السلام 203

الباب التاسع عشر في إقدامه على الشهادة مع علمه عليه السلام 211

الباب العشرون في احتجاجه على القوم الظالمين 217

الباب الحادي و العشرون في صبره عليه السلام 219

المنهج الخامس في الإمام الرابع أبي محمد علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب زين العابدين عليهم السلام 221

الباب الأوّل في شأنه في الأمر الأوّل 223

الباب الثاني أنّه عليه السلام ابن الخيرتين 229

الباب الثالث في أنّه عليه السلام ينادى يوم القيامة: ليقم زين العابدين 231

الباب الرابع في إقباله عليه السلام على اللّه سبحانه و تعالى في العبادة 235

الباب الخامس في أنّه عليه السلام السجّاد و ذو الثفنات 245

ص:455

الباب السادس في عبادته عليه السلام 247

الباب السابع في جوده عليه السلام من طريق الخاصّة و العامّة 257

الباب الثامن في حديث السائل الّذي أعطاه عليه السلام القرصين، و حديث البلخي زوج المرأة، و حديث الكابلي 267

الباب التاسع في حلمه من طريق الخاصّة و العامّة 275

الباب العاشر في خوفه عليه السلام من اللّه سبحانه و تعالى و انقطاعه له من طريق الخاصّة و العامّة 281

الباب الحادي عشر في وقت دعائه و أدعية له عليه السلام 291

الباب الثاني عشر في خوفه من اللّه سبحانه و تعالى مخافة القصاص 297

الباب الثالث عشر في أفضليّته عليه السلام من طريق الخاصّة 301

الباب الرابع عشر و هو من الباب الأوّل من طريق العامّة 311

الباب الخامس عشر في تواضعه عليه السلام 319

الباب السادس عشر أنّه وصيّ أبيه عليهما السلام 325

الباب السابع عشر في أنّ علي بن الحسين الباقي بعد أبيه عليهما السلام هو الكبير 327

الباب الثامن عشر في لباسه عليه السلام 335

الباب التاسع عشر في استعماله الطيب 337

الباب العشرون في حسن قراءته و حسن هيأته 339

الباب الحادي و العشرون في المفردات 341

المنهج السادس في الإمام الخامس أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الباقر عليه السلام 349

الباب الأوّل في شأنه في الأمر الأوّل 351

ص:456

الباب الثاني في أنّه عليه السلام ولد في زمن جدّه الحسين عليه السلام، و تسميته الباقر من جدّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و أقرأ السلام عليه على لسان أبيه و جابر، و النصّ على إمامته في جملة الأئمّة الاثنى عشر 353

الباب الثالث في أنّ نشره عليه السلام للعلم و الفتيا بأمر اللّه سبحانه و تعالى 367

الباب الرابع في أنّ علمه عليه السلام عن اللّه عزّ و جلّ و عن رسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم 373

الباب الخامس في مجلسه للعلم و الفتيا و صغارة العلماء عنده و بحضرته و مرجعهم إليه عليه السلام 377

الباب السادس و هو من الباب الأوّل في الرواية بالعدد عنه عليه السلام 397

الباب السابع أنّه و الأئمّة عليهم السلام موضع سرّ اللّه جلّ جلاله 399

الباب الثامن في عبادته عليه السلام 401

الباب التاسع في شدّة يقينه و خوفه و خشوعه عليه السلام للّه سبحانه من طريق الخاصّة و العامّة 407

الباب العاشر في جوده عليه السلام 411

الباب الحادي عشر في المطعم و المشرب 415

الباب الثاني عشر في ملبسه عليه السلام 421

الباب الثالث عشر في استعماله عليه السلام الخضاب 427

الباب الرابع عشر في الحمّام و عمله فيه 429

الباب الخامس عشر في الأخذ من اللحية و التمشّط 433

الباب السادس عشر في نصيحته و حسن مجلسه و تواضعه 435

الباب السابع عشر في أنّه وصيّ أبيه عليهما السلام 439

الباب الثامن عشر في المفردات 445

ص:457

الكتب التي صدرت عن مؤسّسة المعارف الإسلاميّة 1-معجم أحاديث الإمام المهدي-عليه السلام-: ج 1-5.

2-تبصرة الولي فيمن رأى القائم المهدي-عليه السلام-للسيّد هاشم البحراني.

3-آنگاه هدايت شدم (فارسي) -ترجمة ثمّ اهتديت-للدكتور التيجاني.

4-پيشينۀ سياسى فكرى وهابيت (فارسي) لمحمد إبراهيم الأنصاري اللاري.

5-كتاب الغيبة للشيخ الطوسي.

6-همراه با راستگويان (فارسي) -ترجمة لأكون مع الصادقين-للدكتور التيجاني.

7-حلية الأبرار للسيّد هاشم البحراني: ج 1-3.

8-در جستجوى حقيقت (فارسي) -ترجمة حقيقة الشيعة-للدكتور أسعد وحيد القاسم.

9-مدينة معاجر الأئمّة الاثني عشر للسيّد هاشم البحراني: ج 1،2.

10-از آگاهان بپرسيد (فارسي) -ترجمة فاسألوا أهل الذكر-للدكتور التيجاني.

11-شرح خطبۀ متّقين در نهج البلاغة (فارسي) -للسيّد مجتبى علوي تراكمه اي.

12-مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام للشهيد الثاني: ج 1.

ص:458

قيد الطبع 1-مدينة معاجز الأئمّة الاثنى عشر للسيّد هاشم البحراني: ج 3.

2-مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام للشهيد الثاني: ج 2،3.

3-تناسب الآيات (فارسي) -ترجمة لبعض كتاب التمهيد للشيخ محمد هادي معرفة.

ص:459

قيد التحقيق و الترجمة 1-الأحاديث الغيبية.

2-الأئمّة اثنا عشر-عليهم السلام-كلّهم من قريش.

3-فهارس معجم أحاديث الامام المهدي-عليه السلام-.

4-مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام للشهيد الثاني: ج 4.

5-حلية الأبرار للسيّد هاشم البحراني: ج 4.

6-مدينة معاجز الأئمّة الاثنى عشر للسيّد هاشم البحراني: ج 4.

7-خطب النبيّ-صلّى اللّه عليه و آله و سلّم-.

8-نظام سياسى در اسلام (فارسي) -ترجمة النظام السياسي في الإسلام- للمحامي أحمد حسين يعقوب.

ص:460

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.