حليه الابرار في احوال محمد و آله الاطهار عليهم السلام المجلد 1

اشارة

سرشناسه : بحراني، هاشم بن سليمان، - 1107؟ق

عنوان و نام پديدآور : حليه الابرار في احوال محمد و آله الاطهار عليهم السلام/ تاليف هاشم البحراني؛ تحقيق غلام رضا مولانا البروجردي

مشخصات نشر : قم: موسسه المعارف الاسلاميه، [ 13] - 1415ق. = 1373.

مشخصات ظاهري : ج 5

فروست : (بنياد معارف اسلامي؛ 15، 16)

شابك : بها:5300ريال(ج.4) ؛ بها:5300ريال(ج.4) ؛ بها:5300ريال(ج.4) ؛ بها:5300ريال(ج.4)

وضعيت فهرست نويسي : فهرستنويسي قبلي

يادداشت : فهرستنويسي براساس اطلاعات فيپا.

يادداشت : چاپ اول: 1372؛ 4200 ريال (ج. )3

يادداشت : جلد چهارم (1372)؛ بها: 600 ريال

يادداشت : ج. 1 (چاپ اول: 2200 :1369 ريال)

يادداشت : كتابنامه

موضوع : چهارده معصوم

شناسه افزوده : مولانا بروجردي، غلامرضا، مصحح

شناسه افزوده : بنياد معارف اسلامي

رده بندي كنگره : BP36/ب 3ح 8

رده بندي ديويي : 297/95

شماره كتابشناسي ملي : م 73-3586

ص :1

اشارة

حليه الابرار في احوال محمد و آله الاطهار عليهم السلام

تاليف هاشم البحراني

تحقيق غلام رضا مولانا البروجردي

ص :2

بسم الله الرحمن الرحیم

ص :3

ص :4

المقدمات

كلمة المؤسسة ضرورة احياء التراث

يجمع تراثنا الشيعي الخالد بين دفّتيه علوما جمّة و معارف قرآنية و إسلامية كثيرة قلّما نجدها لدى أقوام آخرين، فقد كان روّاد هذا التراث المقدّس، فحولا من أجلّة العلماء و المحققين الذين تخصّصوا في شتى العلوم و تبّحروا فيها و ربّوا أجيالا من خيرة العلماء و المثقفين.

و بالإضافة إلى ذلك، فقد سجّلوا عصارة نتاجهم الفكري و زبدة ما استزادوه من حكم و معارف على صورة كتب و رسائل و مقالات تحت ظروف شاقّة، مما يبعث بالإعجاب حقّا، ذلك لأن كثيرا من أولئك العظماء، ألّفوا- في سنّي أعمارهم القصيرة نسبيا-كتبا ضخمة لا يستطيع الواحد منّا أن يؤلف كتابا مثلها طوال عمره مهما أوتي من فرصة كافية و قلم مرن و تعبير سيّال.

و يمكن إيعاز ذلك إلى إحساسهم بضرورة الإبقاء على التراث و وجوب انتقال علوم أهل البيت سلام اللّه عليهم إلى الأجيال القادمة و بالتالي فكانوا لا يألون جهدا في هذا المجال و يصرفون كلّ وقتهم فيه، يضاف إليه، بركة من اللّه رافقتهم حتى يصدقوا ما عاهدوا اللّه عليه.

و يكفي مثالا عليه، شيخنا الصدوق-نوّر اللّه مرقده-و الذي ألّف قرابة ألف كتاب و رسالة في العقائد و الحديث و الكلام و غير ذلك، و العلامة المجلسي- قدّس سرّه-الذي يربو كتبه المطبوعة على ثلاثمائة مجلّد من تأليف و تصنيف و تحقيق و جمع أحاديث، و منهم العلاّمة المحقق السيد هاشم البحراني-رضوان

ص:5

اللّه عليه-الذي ألّف ما يقارب خمسين كتابا قيّما جلّها في سيرة العترة الطاهرة و مناقبهم و فضائلهم صلوات اللّه عليهم.

و هذا التراث الغنيّ المقدّس بقي قسم كبير منه دون تحقيق و حتى المطبوع منه، لم يحقق أكثره و لذلك تطوّع المحققون-و خاصّة في زماننا هذا-إمّا بصورة فردية أو بصورة جماعية لإكمال هذه الرسالة الهادفة و تحقيق الكتب القديمة، و «مؤسسة المعارف الإسلامية» -في قم أيضا تفتخر بأن تكون من ضمن تلك القائمة؛ فقد التزمت، بالإضافة إلى القيام بعملها الأساسي الذي أنشئت من أجله و هو تدوين التاريخ الإسلامي و التحقيق فيه و الذي كان الهم الشاغل لمؤسس المؤسسة، المرحوم العلاّمة آية اللّه السيد عباس المهري-قدّس سرّه- القيام بإحياء التراث المجيد.

و إحياء تراث أهل البيت و علماء الطائفة، ضرورة ملحة لا بد أن تكون ضمن أعمال جميع مؤسسات التحقيق، حتى يتسنّى للجميع، الإستفادة من الكتب القيّمة التي ألّفت في سبيل إعلاء كلمة اللّه و ترسيخ قواعد المذهب و تثبيت أعمدة الرّسالة البنّاءة. فكم من دماء زاكية طاهرة أريقت، و كم من عظماء تحمّلوا غياهب السجون و ضغوط الجبابرة و رفعوا فوق أعمدة المشانق و ضحّوا بالغالي و الثمين، حتى يحافظوا على التراث و يوصلوه إلينا نقيّا صافيّا، هذا التراث القيم لا يحتاج إلاّ إلى تحقيق في المصادر و المنابع و مراجعة مع سائر النسخ و طباعة أنيقة جذّابة؛ خدمة للإسلام و وفاء لأهله.

و في الختام، إذ تعتزّ المؤسسة بتقديم كتاب «حلية الأبرار» للمرحوم العلامة السيد هاشم البحراني «قدّس سرّه» إلى القراء الأعزاء، فإنها تقدم جزيل شكرها إلى سماحة حجّة الإسلام و المسلمين غلام رضا مولانا البروجردي الذي قبل الدعوة لإنجاز هذا العمل المثمر في المؤسسة و حقّق هذا الكتاب القيّم بكل دقة و اتقان و إلى جميع المساهمين في هذا المجال، نقدّم شكرنا و امتناننا، وفقهم اللّه و إيّانا لخدمة الإسلام و تراث أهل البيت عليهم صلوات اللّه و سلامه.

مؤسّسة المعارف الإسلامية قم المقدسة

ص:6

مقدمة التحقيق

اشارة

بسم الله الرّحمن الرّحيم الحمد للّه الّذي نوّر قلوبنا بأنوار الشموس و الأقمار، و هدانا إلى التحلية بحلية الأبرار، و أنعم علينا بولاية أوليائه المصطفين الأخيار، و الصلاة و السلام على خير خلقه محمّد و آله الأطهار.

أمّا بعد: فإنّ الفطر السليمة، و الفكر المستقيمة تستشرق إلى معرفة البدايات، و تشرئبّ إلى إدراك المنشآت، و من تدبّر مجاري الأقدار، و مبادئ الليل و النهار صار كأنّه عاصر تلك العصور، و باشر تلك الأمور، و إليه وقعت الإشادة الإلهيّة إلى نبيّه بقوله: وَ كُلاًّ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ اَلرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ وَ جاءَكَ فِي هذِهِ اَلْحَقُّ وَ مَوْعِظَةٌ وَ ذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (1).

و قال سبحانه: ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ اَلْقُرى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْها قائِمٌ وَ حَصِيدٌ (2).

و قال عزّ من قائل: لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي اَلْأَلْبابِ (3).

و أمر سبحانه نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بتحديث القصص فقال:

فَاقْصُصِ اَلْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (4).

ص:7


1- 1) هود:120.
2- 2) هود:100.
3- 3) يوسف:111.
4- 4) الأعراف:176.

و قال أمير المؤمنين عليه السلام في وصيته لابنه الحسن عليه السلام كما في «نهج البلاغة» : «أحي قلبك بالموعظة. . . إلى أن قال: و أعرض عليه أخبار الماضين، و ذكّره بما أصاب من كان قبلك من الأوّلين، و سر في ديارهم و آثارهم، فانظر فيما فعلوا و ممّا انتقلوا، و أين حلّوا و نزلوا. . .» إلى أن قال عليه السلام: «أي بنيّ إنّي و إن لم أكن عمّرت عمر من كان قبلي فقد نظرت في أعمالهم، و فكّرت في أخبارهم. و سرت في آثارهم حتّى عدت كأحدهم، بل كأنّي بما انتهى إليّ من أمورهم قد عمّرت مع أوّلهم إلى آخرهم، فعرفت صفو ذلك من كدره و نفعه من ضرره» (1).

قال القاضي الأرجاني أحمد بن محمد المتوفى سنة (544) :

إذا علم الإنسان أخبار ما مضى توهّمته قد عاش من أوّل الدهر

و تحسبه قد عاش آخر عمره إذا كان قد أبقى الجميل من الذكر

فقد عاش كلّ الدهر من كان عالما حليما كريما فاغتنم أطول العمر

ففوائد التاريخ كثيرة: فكرة، و تنبيه، و عبرة، لا سيّما إذا كان مرتبطا بحياة الأولياء الصالحين، و أحوال الأصفياء المقرّبين، فإنّ المعرفة بأحوالهم رفعة وزين، و الجهل بحياتهم و صمة و شين، و العلم بأقوالهم الرزينة و أفعالهم الوزينة جمّ المصالح و المراشد، و الجهل بها من جوالب المناقص و المفاسد، من حيث إنّهم حفظة الدين الّذي هو أسّ السعادة الباقية، و حملة القرآن الذي هو مرقاة إلى الرتب العالية، بل هم أساس الدين، و عماد اليقين، إليهم يفيىء الغالي، و بهم يلحق التالي، و لهم خصائص حقّ الولاية، و فيهم الوصيّة و الوراثة.

و لنعم ما قال الخطيب أبو الفضل الحصفكي يحيى بن سلامة المتوفى سنة (553) :

يا سائلي عن حبّ أهل البيت هل أقرّ إعلانا به أم أجحد

هيهات ممزوج بلحمي و دمي حبّهم و هو الهدى و الرشد

حيدرة و الحسنان بعده ثمّ عليّ و ابنه محمّد

ص:8


1- 1) نهج البلاغة: الرسالة الثلاثون.

و جعفر الصادق و ابن جعفر موسى و يتلوه عليّ السيّد

أعني الرضا ثمّ ابنه محمّد ثمّ عليّ و ابنه المسدّد

الحسن التالي و يتلو تلوه الحجّة بن الحسن المفتقد

فإنّهم أئمّتي و سادتي و إن لحاني معشر و فنّدوا

هم حجج اللّه على عباده بهم إليه منهج و مقصد

هم النّهار صوّم لربّهم و في الدياجي ركّع و سجّد

قوم أتى في «هل أتى» مدحهم و هل يشكّ فيه إلاّ ملحد

قوم لهم فضل و مجد باذخ يعرفه المشرك و الموحّد

قوم لهم في كلّ أرض موطن لا بل لهم في كلّ قلب مشهد

يا أهل بيت المصطفى و عدّتي و من على حبّهم أعتمد

أنتم إلى اللّه غدا و سيلتي و كيف أخشى و بكم أعتضد

وليّكم في الخلد حيّ خالد و الضدّ في نار لظى مخلّد (1)

نعم، معرفة هؤلاء و التوجّه إلى حياتهم الخالدة تزيدنا إيمانا و رشدا فمن ثمّ توجّهت أنظار الفطاحل، و اتّجهت بصائر رجال الفضائل إلى التأليف و التنسيق حول حياتهم و ذكر مناقبهم و فضائلهم، فجادت جياد أقلامهم، بمئات بل ألوف من الزبر و الأسفار.

و ممّن حظى في ذلك بالسهم الوافر، و اصطفّ في زمرة المكثرين المجيدين العلاّمة و صفا و علما بالغلبة، خرّيت الحديث، و نابغة الرواية، الهمام المقدام، النجم المضيىء، عيلم الفضل، العالم الربّاني، السيّد هاشم البحراني، حشره اللّه مع أجداده الطاهرين، فإنّه لم يأل جهده في هذا الشأن، فكم له من تصنيف رائق، و تأليف فائق من كتاب و رسالة.

-نسبه الشريف-

السيّد هاشم بن سليمان بن إسماعيل بن عبد الجواد بن علي بن سليمان بن السيّد ناصر الحسيني البحراني التوبلي الكتكاني.

ص:9


1- 1) أعيان الشيعة ج 10/297.

كان رضوان اللّه تعالى عليه من أولاد السيّد المرتضى (1)، و باقي نسبه إلى السيّد مذكور على ظهر بعض كتبه (2).

-ولادته و وفاته-

لم نجد تاريخ ولادته في المصادر الّتي نذكرها في الخاتمة إن شاء اللّه، و أما وفاته فكانت سنة (1107) أو (1109) من الهجرة في قرية نعيم، و نقل جثمانه الشريف إلى قرية توبلي و دفن بها و قبره اليوم مزار معظم معروف.

-مشائخه و أساتذته-

1-السيّد عبد العظيم بن السيّد عبّاس الأستر آبادي، كان من أجلّة تلاميذ الشيخ البهائي و المجازين منه، يروى عنه السيّد البحراني إجازة بالمشهد المقدّس الرضوي، كما نصّ عليه في آخر كتاب تفسيره الموسوم «بالهادي و مصباح النادي» و قال في وصفه: السيّد الفاضل التقي و السند الزكيّ (3)و نصّ أيضا في آخر «تفسير البرهان» على إجازته و قال: أخبرني بالإجازة عدّة من أصحابنا منهم: السيّد الفاضل التقي الزكي السيّد عبد العظيم بن السيّد عبّاس بالمشهد الشريف الرضوي على ساكنه و آبائه و أولاده أفضل التحيات و أكمل التسليمات، عن الشيخ المتبحّر المحقق مفيد الخاصّ و العامّ شيخنا الشهيد محمد العاملي الشهير ببهاء الدين. . .

و له من المصنفات رسالة في وجوب صلاة الجمعة عينا (4).

2-الشيخ فخر الدين الطريحي بن محمد علي بن أحمد النجفي الفقيه الأصولي اللغوي المحدث ولد بالنجف سنة (979) و توفي بالرماحية سنة (1085 ه) .

ص:10


1- 1) السيد المرتضى: علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن موسى الكاظم عليه السلام، المتكلم الفقيه الأصولي المفسّر الأديب ولد في سنة (355) و توفي ببغداد سنة (436) .
2- 2) رياض العلماء: ج 5/298.
3- 3) رياض العلماء: ج 3/146.
4- 4) روضات الجنات: ج 8/183.

قال السيّد البحراني في «مدينة المعاجز» : أدركته بالنجف ولي منه إجازة (1).

-تلامذته و الراوون عنه-

1-الشيخ أبو الحسن شمس الدين سليمان الماحوزي المعروف بالمحقّق البحراني، ولد ليلة النصف من شهر رمضان سنة (1075) و توفي في اليوم السابع عشر من رجب سنة (1121 ه) .

روى الشيخ علي البلادي عنه: أنّه قال في بعض فوائده: دخلت على شيخنا العلاّمة السيّد هاشم التوبلي زائرا مع والدي، فلمّا قمنا معه لنودّعه و صافحته لزم يدي و عصرها و قال لي: لا تفتر عن الاشتغال فإنّ هذه البلاد عن قريب ستحتاج إليك.

قال البلادي: و صدق رحمه اللّه فإنّه بعد برهة قليلة توفّي ذلك السيّد و انتقلت الرياسة الدينيّة إليه (2).

2-الشيخ علي بن عبد اللّه بن راشد المقابي البحراني المستنسخ لكتب استاذه، منها: «حلية الأبرار» و «حلية النظر» إستنسخهما سنة (1099 ه) و النسختان بخطّه موجودتان في الرضوية (3).

3-الشيخ محمد بن الحسن بن علي المشهور بالحرّ العاملي الفقيه المحدث الجليل صاحب «تفصيل وسائل الشيعة» ولد في قرية مشغرى من قرى دمشق سنة (1033) و توفي سنة (1104 ه) .

قال في «أمل الآمل» في ترجمة السيّد البحراني: رأيته و رويت عنه (4).

4-السيّد محمد العطّار بن السيّد علي البغدادي الأديب الشاعر ولد في

ص:11


1- 1) رياض العلماء: ج 5/304.
2- 2) أنوار البدرين:139.
3- 3) الذريعة: ج 7/80-85.
4- 4) أمل الآمل: ج 2/341.

بغداد سنة (1071 ه) و توفي سنة (1171 ه) .

قال الشيخ محمد حرز الدين في «معارف الرجال» : قرأ على علماء عصره منهم: السيّد هاشم البحراني (1).

5-الشيخ محمود بن عبد السلام المعني البحراني الصالح الورع، قد عمّر إلى ما يقرب مائة سنة، و كان حيّا في سنة (1128 ه) لأنّه في تلك السنة أجاز الشيخ عبد اللّه السماهيجي المتوفى سنة (1135 ه) .

قال البلادي في أنوار البدرين: هذا الشيخ يروى عن جملة من المشايخ العظام كالسيّد هاشم التوبلي و الشيخ الحرّ العاملي (2).

6-الشيخ هيكل الجزائري بن عبد علي الأسدي أجازه السيّد البحراني على نسخة من كتاب «الاستبصار» في تاسع ربيع الأوّل سنة (1100 ه) و عبّر عنه بالشيخ الفاضل العالم الكامل البهيّ الوفيّ (3).

-إطراء العلماء و ثناؤهم عليه-

أثنى عليه علماء الرجال قديما و حديثا من معاصريه و المتأخرين عنه، و وصفوه بالفضل و العلم و المعرفة بالعربيّة، و الرجال، و التفسير، و الفقه، و الحديث و الدقّة، و المهارة و الإحاطة بالأخبار و الروايات، و الإتصاف بالزهد و الورع، و الجهاد، و قمع الظالمين، و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.

أوّل من ترجمة هو الشيخ الجليل الحرّ العاملي المجاز عنه، قال في «أمل الآمل» : السيّد هاشم بن سليمان. . . فاضل، عالم، ماهر، مدقّق، فقيه، عارف بالتفسير، و العربيّة، و الرجال (4). . .

و قال المحقّق البحراني الشيخ سليمان تلميذه في «فهرست آل بابويه و علماء

ص:12


1- 1) معارف الرجال: ج 2/330.
2- 2) الكواكب المنتثرة:233-أنوار البدرين:148.
3- 3) تراجم الرجال:242.
4- 4) أمل الآمل: ج 2/341.

البحرين» : السيّد أبو المكارم السيّد هاشم بن السيّد سليمان محدّث، متتبّع، له التفسيران المشهوران (1).

و قال الأفندي (2)في رياض العلماء: السيّد هاشم بن سليمان. . .

الفاضل، الجليل، المحدث الفقيه المعاصر، الصالح الورع، العابد الزاهد، المعروف بالسيّد هاشم العلاّمة، صاحب المؤلّفات الغزيرة، و المصنّفات الكثيرة، رأيت أكثرها باصبهان عند ولده السيّد محسن (3).

و قال الشيخ يوسف (4)البحراني في «اللؤلؤة» : السيّد هاشم المعروف بالعلاّمة. . . كان فاضلا، محدّثا جامعا، متتّبعا للأخبار، بما لم يسبق إليه سابق سوى شيخنا المجلسيّ، و قد صنّف كتبا عديدة تشهد بشدّة تتبعه و إطّلاعه، إلاّ أنّي لم أقف له على كتاب فتاوى في الأحكام الشرعيّة بالكليّة، و لو في مسألة جزئيّة، و إنّما كتبه مجرّد جمع و تأليف، لم يتكلّم في شيء منها ممّا وقفت عليه على ترجيح في الأقوال، أو بحث أو اختيار مذهب و قول في ذلك المجال (5)، و لا أدري أنّ ذلك لقصور درجته عن مرتبة النظر و الإستدلال أم تورّعا عن ذلك كما نقل عن السيّد الزاهد العابد رضي الدين بن طاووس (6).

و انتهت رياسة البلد بعد الشيخ محمّد بن ماجد (7)إلى السيّد، فقام بالقضاء في البلاد، و تولّى الأمور الحسبيّة أحسن قيام، و قمع أيدي الظلمة

ص:13


1- 1) فهرست آل بابويه:77.
2- 2) الأفندي: الميرزا عبد اللّه بن عيسى الأصفهاني المتوفى حدود سنة (1130 ه) .
3- 3) رياض العلماء: ج 5/298.
4- 4) الشيخ يوسف بن أحمد بن إبراهيم البحراني صاحب «الحدائق» توفي سنة (1186 ه) .
5- 5) كأنّ صاحب اللؤلؤة لم يطّلع على كتاب «التنبيهات» في الفقه الإستدلالي للسيّد، و هو كما قال صاحب «الرياض» كتاب كبير جيّد مشتمل على الاستدلالات في المسائل إلى آخر أبواب الفقه، و قال: و هو الآن موجود عند ورثة الأستاذ الاستناد قدّس سرّه (و مراده بالإستاذ العلاّمة المجلسي) .
6- 6) علي بن موسى بن جعفر رضي الدين الشهير بابن طاووس توفي سنة (664 ه) .
7- 7) الشيخ محمد بن ماجد البحراني الماحوزي البلادي توفي سنة (1105 ه) .

و الحكام، و نشر الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و بالغ في ذلك و أكثر، و لم تأخذه لومة لائم في الدين، و كان من الأتقياء المتوّرعين، شديدا على الملوك و السلاطين (1).

قال السيّد الأمين في أعيان الشيعة: السيّد هاشم بن سليمان. . .

البحراني. . . في تتمة «أمل الآمل» : كان من جبال العلم و بحوره، لم يسبقه سابق و لا لحقه لاحق في طول الباع و كثرة الاطلاع حتّى العلاّمة المجلسي، فإنه نقل عن كتب ليس لها ذكر مثل «كتاب ثاقب المناقب» و «بستان الواعظين» و «إرشاد المسترشدين» ، و «تفسير محمد بن العبّاس الماهيار» و «تحفة الأخوان» و «كتاب الجنة و النار» و «كتاب السيد الرضي» في مناقب أمير المؤمنين عليه السلام و «أمالي» المفيد النيسابوري، و «كتاب مقيل الثاني» للشيخ علي بن طاهر الحلّي، و «كتاب المعراج للصدوق» و «كتاب تولّد أمير المؤمنين عليه السلام» لأبي مخنف و «تفسير السدّي» ، و غير ذلك (2).

-أولاده-

قال الأفندي في «الرياض» : خلّف ابنين صالحين من طلبة العلم:

السيّد عيسى، و السيّد محسن (3).

و قال الطهراني في «الذريعة» : قال في الرياض: رأيت جميع كتب السيّد عند ولده السيّد علي شارح «زبدة الأصول» لمّا اجتمعت معه باصبهان (4)و لكن هذه العبارة ليست موجودة في الرياض المطبوع، بل الموجودة فيها كما مرّ هكذا: (له مؤلّفات كثيرة رأيت أكثرها باصبهان عند ولده السيّد محسن) .

و قال الطهراني أيضا في الذريعة: «شرح الزبدة» للسيّد محمد جواد بن العلاّمة السيّد هاشم التوبلي البحراني، كان موجودا عند الشيخ محمد صالح بن

ص:14


1- 1) لؤلؤة البحرين:63.
2- 2) أعيان الشيعة: ج 10/249.
3- 3) رياض العلماء: ج 5/300.
4- 4) الذريعة: ج 3/93.

أحمد البحراني المعاصر كما حدّثني به (1).

و نسب الشيخ عليّ البلادي «شرح الزبدة» إلى السيّد عيسى، و قال في «أنوار البدرين» : و لهذا السيّد ولد فاضل محقّق اسمه السيّد عيسى له شرح على «زبدة شيخنا البهائي» ، إلاّ أنّ النسخة الّتي عندنا غير تامّة، و لم أقف له على ترجمة و لا رواية (2).

-مؤلّفاته-

قال في الرياض: له قدّس سرّه من المؤلّفات ما يساوي خمسا و سبعين مؤلّفا ما بين كبير، و وسيط، و صغير، و أكثرها في العلوم الدينيّة، و سمعت ممّن أثق به من أولاده رضوان اللّه عليه أنّ بعض مؤلّفاته حيث كان يأخذه من كان ألّفه له لم يشتهر بل لم يوجد في بحرين (3).

و إليك فهرس مؤلّفاته التي وصلت إلينا:

1- «إثبات الوصيّة» و الظاهر اتحاده مع «البهجة المرضية» (4).

2- «احتجاج المخالفين على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام، فرغ منه سنة (1105 ه) (5).

3- «إرشاد المسترشدين» أو «إيضاح المسترشدين» أورد فيه (253) رجلا ممّن تبصّر، فرغ منه سنة (1105 ه) (6).

4- «الأنصاف في النصّ على الأئمّة الأشراف» و يعرف بالنصوص أيضا

ص:15


1- 1) الذريعة: ج 13/299.
2- 2) أنوار البدرين:140.
3- 3) رياض العلماء: ج 5/300.
4- 4) الذريعة: ج 1/111.
5- 5) الذريعة: ج 1/283-رياض العلماء: ج 5/303.
6- 6) الذريعة: ج 1/521-و ج 2/499.

يشمل على (308) حديثا، فرغ منه سنة (1097) ، نسخة منه موجودة في مكتبة المرحوم آية اللّه العظمى المرعشي في قم بخط النسخ في (117) ورقة (1).

5- «البرهان في تفسير القرآن» بالأحاديث المأثورة، طبع مرّات في سنة (1295 ه) و سنة (1302) و سنة (1375) و سنة (1394) .

6- «بهجة النظر في إثبات الوصاية و الإمامة للأئمة الاثني عشر» فرغ منه سنة (1099 ه) ، قال في الرياض: هو ملخّص من كتاب «حلية الأبرار» (2).

7-تبصرة الولي فيمن رأى المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف في زمان أبيه عليه السلام و في أيّام الغيبة الصغرى و الكبرى، فرغ منه سنة (1099 ه) طبع شطر منه (يشتمل على رؤية من رآه صلوات اللّه عليه في الغيبة الصغرى فقط) في ذيل «غاية المرام» في سنة (1272) (3).

و قد قامت بتحقيق هذا الكتاب و تصحيحه مؤسّسة المعارف الإسلامية في قم المحميّة، المؤسسة التي أسّسها السيّد الجليل، و المولى النبيل العلاّمة الراحل الحجّة السيّد عبّاس المهري رضوان اللّه تعالى عليه، و كان مندوبا للإمام الخميني قدّس اللّه نفسه الزكيّة.

8- «التحفة البهيّة في إثبات الوصية» لعليّ عليه السلام فرغ منه سنة (1099 ه) (4).

9- «ترتيب التهذيب» أورد فيه كل حديث في الباب المناسب له فرغ منه سنة (1079) و وقع الفراغ من تصحيحه في محضر المؤلّف سنة (1102) ثم شرحه بنفسه شرحا كما يأتي، و طبع الكتاب بالأفست في ثلاث مجلّدات سنة

ص:16


1- 1) الذريعة: ج 2/398-فهرس المخطوطات لمكتبة المرعشي ج 6/131.
2- 2) رياض العلماء: ج 5/301-و الذريعة: ج 3/164.
3- 3) رياض العلماء: ج 5/301.
4- 4) رياض العلماء: ج 5/302.

(1392) و قدّم له المرحوم آية اللّه العظمى المرعشي قدّس سره مقدّمة و قال فيها: و لعمري لقد أتعب نفسه الشريفة و أجاد فيما أفاد، و أتى فوق ما يؤمّل و يراد (1).

10- «تعريف رجال من لا يحضره الفقيه» هو شرح لمشيخة الكتاب (2).

11- «تفضيل الأئمة على الأنبياء صلوات اللّه عليهم أجمعين سوى الخاتم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم» (3).

12- «تفضيل عليّ عليه السلام على أولي العزم من الرسل» هو آخر كتاب ألّفه في مرض موته في أربعة عشر يوما، كان يملي الأحاديث و يكتبه الكاتب سنة (1107) (4).

13- «تنبيه الأريب في إيضاح رجال التهذيب» كتاب مبسوط في بيان أحوال رجال «التهذيب» و هذّبه الشيخ حسن بن محمد الدمستاني المتوفى سنة (1181) و نظمه على ترتيب الكتب الفقهية، و سمّاه «انتخاب الجيّد من تنبيهات السيّد و فرغ منه سنة (1173) و نسخة منه موجودة في مكتبة آية اللّه المرعشي بقم (5).

14- «التنبيهات في تمام الفقه من الطهارة إلى الديات» قال في «الرياض» : هو كتاب كبير مشتمل على الإستدلالات في المسائل إلى آخر أبواب الفقه و هو الآن موجود عند ورثة الأستاذ قدّس سرّه (6).

و المراد بالاستاذ هو العلاّمة المجلسي قدّس سرّه.

ص:17


1- 1) رياض العلماء: ج 5/301-و الذريعة: ج 4/65.
2- 2) الذريعة: ج 4/217.
3- 3) الذريعة: ج 4/358.
4- 4) رياض العلماء: ج 5/300-الذريعة: ج 4/360.
5- 5) الذريعة: ج 4/440-فهرس مكتبة المرعشي: ج 5/184.
6- 6) الرياض: ج 5/300-الذريعة: ج 4/451.

15- «التيمية في بيان نسب التيمي» (1).

16- «حقيقة الإيمان المبثوث على الجوارح» (2)و فرغ من تأليفه سنة (1090) .

17- «حلية الأبرار في أحوال محمّد و آله الأطهار» صلوات اللّه عليهم، طبع في قم سنة (1397) و لمّا كان الطبع خاليا عن التحقيق فقامت مؤسّسة المعارف الإسلاميّة بتصحيحه و تحقيقه و طبعه.

18- «حلية النظر في فضل الأئمّة الاثنى عشر» فرغ من تأليفه سنة (1099) توجد نسخة منه في المكتبة الرضوية بخط تلميذ المؤلف علي بن عبد اللّه بن راشد المقابي البحراني إستنسخه في السنة المذكورة و قابله مع أصله (3).

19- «الدرّ النضيد في خصائص الحسين الشهيد» صلوات اللّه عليه، قال في الرياض: و لعلّه بعينه «كتاب مقتل الحسين» (4).

20- «الدرّة الثمينة» و تسمّى أيضا باليتيمة، تشتمل على اثني عشر بابا و كل باب يشتمل على اثني عشر حديثا في فضل الأئمّة عليهم السلام (5).

21- «روضة العارفين و نزهة الراغبين» و تسمى أيضا وصية العارفين في أسماء شيعة أمير المؤمنين عليه السلام، نسخة منه موجودة في خزانة الشيخ علي كاشف الغطاء بالنجف، و نسخة في خزانة الصدر، قال الطهراني في الذريعة:

ذكر من الرجال (158) رجلا آخرهم في النسخة الّتي رأيتها قنبر مولى أمير المؤمنين عليه السلام، و أوّلهم أبان بن تغلب (6).

ص:18


1- 1) الذريعة: ج 4/518.
2- 2) الذريعة: ج 7/48.
3- 3) الذريعة: ج 7/85.
4- 4) الرياض: ج 5/302-الذريعة: ج 8/82.
5- 5) رياض العلماء: ج 5/302.
6- 6) رياض العلماء: ج 5/303-الذريعة: ج 11/299-أعيان الشيعة: ج 10/250

22- «روضة الواعظين» في أحاديث الأئمّة الطاهرين عليهم السلام، نسخة منه موجودة في خزانة السيّد هبة الدين الشهرستاني بالكاظميّة، و نسخة في خزانة سپهسالار بطهران رقم (1866) (1).

23- «سلاسل الحديد» في تقييد أهل التقليد ممّا ذكره ابن أبي الحديد في «شرح نهج البلاغة» في مسألة الإمامة، و سمّاه أيضا بكتاب «شفاء الغليل من تعليل العليل» فرغ منه سنة (1100) (2).

24- «سير الصحابة» و قد ألّفه سنة (1070) (3).

25- «شرح ترتيب التهذيب» (4).

26- «عمدة النظر» في بيان عصمة الأئمّة الاثني عشر ببراهين العقل و الكتاب و الأثر، مرتّب على ثلاثة مطالب: أولها في الأدلّة العقلية الاثني عشر، و ثانيها في الآيات القرآنية الاثني عشر، و ثالثها في الأخبار النبوية و الروايات الولوية الخمسة و الأربعين الدالّة كلّها على العصمة (5).

و نقل في الذريعة عن الرياض: أنّ «عمدة النظر» هي المسماة «ببهجة النظر» و لكن ما وجدنا المنقول في «الرياض» المطبوع، و اللّه العالم.

27- «غاية المرام و حجة الخصام» في تعيين الإمام من طريق الخاصّ و العامّ فرغ منه سنة (1100) و (1103) و طبع سنة (1272) ، و ترجمه الشيخ محمد تقي الدزفولي المتوفى سنة (1295) ، و فرغ من الترجمة سنة (1273) و طبع سنة (1277) .

و لغاية المرام «حواش» للميرزا نجم الدين جعفر الطهراني المتوفى سنة (1313) عيّن فيها مواضع الأحاديث التي نقلها المؤلّف عن كتب العامّة،

ص:19


1- 1) الذريعة: ج 11/305-معجم مؤلفي الشيعة:62.
2- 2) رياض العلماء: ج 5/303-الذريعة: ج 12/210.
3- 3) رياض العلماء: ج 5/303.
4- 4) رياض العلماء: ج 5/299-الذريعة: ج 13/144.
5- 5) الذريعة: ج 15/341.

و نقل أحاديث أخرى كثيرة عن كتبهم ممّا فات المؤلف ذكرها.

و لخّص «غاية المرام» للآقانجفي الأصفهاني المتوفى سنة (1332) (1).

28- «فضل الشيعة» أو «مناقب الشيعة» مشتمل على (118) حديثا نسخة منه موجودة في الخزانة الرضوية (2).

29- «اللباب المستخرج من كتاب الشهاب» استخرج المؤلّف الأخبار المرويّة في شأن أمير المؤمنين و الأئمّة الطاهرين عليهم السلام من كتاب «شهاب الأخبار في الحكم و الأمثال» للقاضي القضاعي سلامة بن جعفر الشافعي المتوفى سنة (454 ه) مختصر مطبوع (3).

30- «اللوامع النورانية في أسماء علي و أهل بيته القرآنيّة» يشتمل على (1156) اسما لأمير المؤمنين و أهل بيته المعصومين عليهم السلام فرغ من تأليفه سنة (1096) ، طبع سنة (1394) .

31- «المحجّة فيما نزل في القائم الحجة» عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف كتاب شريف لطيف يحتوي على (120) آية من القرآن، فرغ منه سنة (1097) ، طبع مع غاية المرام في سنة (1272) و طبع بعضه في آخر «الألفين» للعلامة سنة (1297) ، و طبع أخيرا بتحقيق محمد منير الميلاني في بيروت.

32- «مدينة المعاجز» في معجزات الأئمّة عليهم السلام، فرغ منه سنة (1090) و طبع في سنة (1271) و سنة (1291) و سنة (1300) ، و لكن كان محتاجا إلى التصحيح و التحقيق و لذلك قامت مؤسّسة المعارف الاسلامية في قم المحميّة بتحقيقه و سيطبع إن شاء اللّه.

33- «مصابيح الأنوار و أنوار الأبصار» في معاجز النبي المختار صلّى اللّه

ص:20


1- 1) الذريعة: ج 16/21-و ج 18/91-و ج 22/212.
2- 2) رياض العلماء: ج 5/302-الذريعة: ج 16/268.
3- 3) الرياض: ج 5/303-الذريعة: ج 14/247-و ج 18/281.

عليه و آله و سلّم (1).

34- «معالم الزلفى في معارف النشأة الأولى و الأخرى» قال في «رياض الجنان» : هو كتاب حسن حاو لفوائد جمّة، و ينقل فيها عن كتب غريبة ليست مذكورة في «البحار» (2).

طبع لمرّات: الأولى سنة (1271) و الثانية سنة (1288) ، و ثالثة مع نزهة الأبرار سنة (1289) .

35- «مناقب أمير المؤمنين عليه السلام» قال الطهراني في الذريعة: نسبه إليه و أكثر النقل عنه الشيخ أحمد بن سليمان البحراني في كتابه «عقد اللئال في مناقب النبي و الآل» عليهم السلام، و رأيت نسخة منه بالكاظمية فرغ الكاتب منه يوم الجمعة 28 ذي القعدة سنة (1120) ، و طبع بالكاظميّة سنة (1372 ه) (3)

36- «مولد القائم» عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف. قال الطهراني في الذريعة: عدّه في «الرياض» من تصانيفه الّتي رآها عند ولده باصبهان (4).

أقول: ما وجدته في الرياض المطبوع.

37- «الميثميّة» ذكره السيّد محسن الأمين في «الأعيان» في فهرس كتب السيّد (5).

38- «نزهة الأبرار» و منار الأفكار في خلق الجنّة و النار، فيها (251) حديثا، كتبه بعد «معالم الزلفى» و طبع معه سنة (1289 ه) .

39- «نهاية الآمال فيما يتمّ به تقبّل الأعمال» فرغ منه سنة

ص:21


1- 1) رياض العلماء: ج 5/302-الذريعة: ج 21/86-روضات الجنات: ج 8/183.
2- 2) رياض العلماء: ج 5/299-الذريعة: ج 21/199.
3- 3) الذريعة: ج 22/322.
4- 4) الذريعة: ج 23/275.
5- 5) أعيان الشيعة: ج 10/250.

(1090 ه) ، و هو في بيان الأصول الخمسة كما قال في «الرياض» ، و قال الطهراني في الذريعة: في بعض النسخ: اسمه «نهاية الأكحال» (بالحاء المهملة» و هو في الإمامة فرغ منه سنة (1102) ، نسخة منه موجودة في الرضوية، و أخرى في المكتبة التسترية (1).

40- «نور الأنوار» في تفسير القرآن، مقصور على روايات أهل البيت المعصومين عليهم السلام مثل «البرهان» ، نسخة منه عند السيّد محمد علي الروضاتي من سورة الحاقّة إلى الفلق (2).

41- «وفاة الزهراء» سلام اللّه عليها، صرّح غير واحد باسم هذا الكتاب في فهرس كتب السيّد (3).

42- «وفاة النبيّ» صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، ذكره في فهرس كتب السيّد أكثر من ترجمه (4).

43- «الهادي و ضياء النادي» أو «مصباح النادي» تفسير القرآن بالأحاديث المأثورة عن أهل البيت عليهم السلام، فرغ من تأليفه سنة (1076 ه) نسخة منه بخطّ محمد بن حرز بن سليمان البحراني مؤرّخة بتاريخ سنة (1081) منقولة من خطّ المؤلّف موجودة في الرضوية، و نسخة أخرى بخط أحمد بن محمد البحراني فرغ منه سنة (1105) موجودة في خزانة محمّد أمين الكاظمي (5).

44- «الهداية القرآنية» في التفسير، ألّفها بعد «البرهان» و «نور الأنوار» و «اللباب» و «اللوامع» فإنّه قد صرّح بجميعها في «الهداية» ، فرغ من تأليفه سنة (1096) ، نسخة منه موجودة في الرضوية (6).

ص:22


1- 1) رياض العلماء: ج 5/299-أعيان الشيعة: ج 10/250-الذريعة: ج 24/141.
2- 2) الرياض: ج 5/303-الذريعة: ج 24/393-أعيان الشيعة: ج 10/250.
3- 3) لؤلؤة البحرين:65-أنوار البدرين:138-الذريعة: ج 25/119.
4- 4) اللؤلؤة:65-روضات الجنات: ج 8/182-الذريعة: ج 25/121.
5- 5) رياض العلماء: ج 5/301-الذريعة: ج 25/154-155.
6- 6) الرياض: ج 5/301-الذريعة: ج 25/188.

45- «ينابيع المعاجز و أصول الدلائل» هو مختصر «مدينة المعاجز» فرغ منه سنة (1099) (1).

-ما هو كتاب حلية الأبرار-

كتاب قيّم في أحوال النبيّ و أوصيائه الأطهار، عليهم صلوات اللّه و سلامه ما أقبل اللّيل و أضاء النهار، و هو مرتّب على (13) منهجا و في كلّ منهج أبواب، أدرج فيها حدود (2300) حديثا من المصادر المعتبرة التي تقرب نحو مائة كتاب، و فيها كتب قيّمة نادرة لم تطبع إلى الآن و سنذكرها إن شاء اللّه الموفّق. ألّفه للوزير العارف (إيماني بيك) و فرغ من تأليفه في اليوم الثامن عشر من شهر ربيع الثاني سنة (1099 ه)

و استنسخه في تلك السنة تلميذه الشيخ علي بن عبد اللّه بن راشد المقابي البحراني، و نسخته مذخورة في المكتبة الرضوية على صاحبها أفضل التحيات الزاكيات، و يوجد نسخة أخرى منه في كربلاء، مستنسخة عن خطّ المؤلّف تاريخها سنة (1283) ، و نسخة ثالثة في مكتبة الميرزا عبد الرزّاق المحمدي الحائري في همدان كما قال الأستاذ شيخنا الطهراني قدّس سرّه في «الذريعة» ج 7/80 و نسخة رابعة في مكتبة المدرسة الفيضية بقم استنسخها محمّد الحسيني و فرغ منها في اليوم السادس من شهر رمضان المبارك سنة (1301 ه) في (229) ورقا.

و طبع الكتاب في سنة (1397 ه) في المطبعة العلميّة بقم بتصحيح العالم الفاضل محمّد بن الحسن التفرشي الدرودي، و لكن مع الأسف وقعت فيه أخطاء كثيرة مطبعيّة، مضافا إلى أنّه يحتاج إلى تحقيق أكثر، فلذلك قامت مؤسّسة «المعارف الإسلامية» بتجديد طبعه، فطلب منّي المسؤولون في المؤسّسة أن أبذل جهدي لتحقيق الكتاب و تصحيحه، فمع الإعتراف بالعجز و القصور استقبلت مطلوبهم، و أقدّم شكري الجزيل إليهم أن تفضّلوا عليّ بذلك

ص:23


1- 1) رياض العلماء: ج 5/301-الذريعة: ج 25/290.

التكليف، و أرجو من اللّه المنّان أن يجعلنا ممّن هداه الثقلان، و أن يمنّ علينا بالتوفيق و القبول و الغفران.

-منهجنا في التحقيق-

قابلت النسخة المطبوعة على نسختين مخطوطتين:

1-نسخة استنسخها تلميذ المؤلّف و فرغ منها في سنة التأليف:

(1099 ه) كما مرّ، و هي مخزونة في المكتبة الرضوية.

2-نسخة أخرى كتبت في سنة (1301 ه) مخزونة في مكتبة المدرسة الفيضيّة.

ثمّ بعد ذلك قابلت الأحاديث على مصادرها الأصليّة المصحّحة فإن كان اختلاف في اللفظ أو زيادة أو نقص فيها بينتها في الهامش، و الأحاديث الّتي لم أظفر على مصادرها مثل كتاب «كشف البيان» لمحمّد بن الحسن الشيباني، و «تفسير أبي يوسف يعقوب بن سفيان» و «الأربعين في الأربعين» و «المغازي» لابن إسحاق و «مسند فاطمة عليها السلام» لأبي جعفر الطبري:

و «بصائر الدرجات» لسعد بن عبد اللّه القميّ و أمثالها، عرفتها على المصادر الأخر في مظانها، و إن لم أظفر على مصدر لها تركتها بحالها.

و راعيت في تصحيح الألفاظ و الجمل القواعد الأدبيّة.

و حقّقت أعلام الأسناد و الأحاديث و ترجمتها موجزة في الهامش.

و أشرت إلى معاني الألفاظ الصعبة المحتاجة إلى التبيين.

و في ختام كلّ حديث ذكرت المصادر و التخريجات.

و ينبغي أن أقدّم ثنائي للصديقين الشفيقين المحقّقين: الشيخ عباد اللّه الطهراني و الشيخ عزّة اللّه المولائي الهمداني، فإنّهما ساعداني على استخراج المصادر، جزاهما اللّه خيرا. هذا و قد بذلت الوسع و الطاقة في تصحيح الكتاب و تحقيقه، و أرجو من العلماء الأفاضل الناظرين إلى الكتاب أن يتفضّلوا و يمنّوا عليّ بالتصحيح و النقد الصحيح فيما وقعت فيه من الزلّة و الخطأ، و اللّه هو العاصم.

ص:24

-مصادر الترجمة-

1-أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين ج 10/250-258-294 الطبع الجديد.

2-أنوار البدرين للبلادي:138-139-140-148.

3-تفسير البرهان للمؤلّف: ج 4.

4-تراجم الرجال للسيّد أحمد الحسيني:242.

5-الذريعة للطهراني: ج 1-2-3-4-5-6-7-8-11-12- 13-14-15-21-22-23-24-25.

6-روضات الجنات للخوانساري: ج 8/182-183.

7-رياض العلماء للأفندي: ج 3/146-ج 5/998-299- 300-301-302-303.

8-فهرست آل بابويه للبحراني:17.

9-فهرس مخطوطات مكتبة المرعشي: ج 6/131.

10-لؤلؤة البحرين:63-65.

11-معارف الرجال لحرز الدين: ج 2/330.

12-معجم مؤلّفي الشيعة:62.

20 ربيع الأول/1411 ه

قم المقدسة

العبد غلام رضا مولانا البروجردي

ص:25

الصورة

ص:26

الصورة

ص:27

الصورة

ص:28

الصورة

ص:29

مقدمة المؤلف

بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ

الحمد لله و سلام على عباده الذين اصطفى أمّا بعد، فيقول، فقير اللّه الغني، عبده هاشم بن سليمان بن إسماعيل بن عبد الجواد الحسيني البحراني: إنّي لمّا نظرت في كتب الحديث، ممّا عثرت عليه من القديم و الحديث، رأيت أحاديث كثيرة، تتضمّن حلية الأبرار: محمد و آله الأئمّة الاثني عشر الأطهار، عليهم أفضل الصلوات و أكمل التحيّات، صلوات و تحيّات لا يحصيها إلاّ الواحد القهّار.

و تلك الأحاديث متبدّدة لم يحوها سلك نظام، كأنّها عقد انفصم، فتناثرت لآليه، ففاته الانتظام.

أحببت أن أجمعها في كتاب يسهل تناولها على الطلاّب، لأنّ هذا المطلب من أجلّ المطالب، و من أنفس نفائس الرغائب، إذ صفاتهم و مزاياهم خارجة عن طوق البشر، و خصالهم في العلم و العمل لا تعدّ بقدر.

اصطفاهم اللّه جلّ جلاله من بريّاته، و اختارهم على علم على العالمين، و اللّه أعلم حيث يجعل رسالاته، فهم أعلام الهدى، و مصابيح الدجى، يجب اتّباعهم في العلم و العمل، إذ طاعتهم مفروضة على الرعيّة كمّلا، إذ بهذه الآثار و الخواص يعلم أنّهم المقتدى بهم في الأفعال و الأقوال، و لا عن ذلك مناص.

و هذا الذي أذكر في هذا الكتاب من حليتهم و صفاتهم قليل من كثير،

ص :1

رشحة من ذلك البحر الغزير، لكن به يأنس الطالب، و يكتفي به المحبّ الراغب.

و خدمت به حضرة ذي النفس الزكية، و الروح القدسيّة، المكرم بالرئاسة الأنسية، و الكرامات السنيّة، و النفحات البهيّة، و المطالب العليّة، و الخصال الحميدة، و الصفات المجيدة، ناظورة (1)ديوان الوزارة، الفائز في الكمالات النفسيّة بالقدح المعلّى، المشهور في العوارف باليد الطولى، ظلّ اللّه على العالمين (إيماني بيك) ربط اللّه جلّ جلاله دولته بأوتاد الخلود، و لا زالت سعوده تتزايد بتزايد الدهور آمين.

و سمّيت الكتاب بحلية الأبرار: محمد و آله الأئمّة الأطهار، و هو مبنيّ على ثلاثة عشر منهجا:

المنهج الأوّل في حلية نبيّنا محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلم و صفاته العليا، و فيه سبعون بابا:

الباب الأوّل في شأن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم و أهل بيته صلى اللّه عليه و آله و سلم في أوّل الأمر.

الباب الثاني في مولده الشريف صلى اللّه عليه و آله و سلم.

الباب الثالث في توحيده اللّه سبحانه في حال ولادته، و تيقّظه للإيمان باللّه سبحانه و تعالى في صغره.

الباب الرابع في معرفة أهل الكتاب له صلى اللّه عليه و آله و سلم في وقت ولادته أنّه النبيّ المبعوث و خاتم النبيّين.

الباب الخامس في معرفة أهل الكتاب له صلى اللّه عليه و آله و سلم بالنعت له في كتبهم، و ما ظهر لهم من دلائل النبوّة في صغره.

الباب السادس في دفاع اللّه سبحانه و تعالى عنه صلى اللّه عليه و آله و سلم الكفّار من أهل الكتاب قبل البعثة لمّا عرفوه بنعته.

ص:2


1- 1) الناظور: الأمين (جمهرة اللّغة:2/760) .

الباب السابع في بعثته صلى اللّه عليه و آله و سلم.

الباب الثامن في ثقل الوحي، و ما كان يأخذ رسول اللّه من الإغماء، إذا كان بغير واسطة جبرائيل عليه السلام.

الباب التاسع في كيفيّة تبليغه الكافة.

الباب العاشر في إظهاره صلى اللّه عليه و آله و سلم الدعوة إلى اللّه و نزوله الشعب.

الباب الحادي عشر في نزول الشعب و حماية أبي طالب عليه السلام و ما يدلّ على إيمانه من طريق العامّة.

الباب الثاني عشر في أذى المشركين له صلى اللّه عليه و آله و سلم.

الباب الثالث عشر في قوله تعالى: إِنّا كَفَيْناكَ اَلْمُسْتَهْزِئِينَ (1)و إهلاكه سبحانه الفراعنة.

الباب الرابع عشر فيما عمله صلى اللّه عليه و آله و سلم بعد موت عمّه أبي طالب قبل الهجرة.

الباب الخامس عشر في الهجرة إلى المدينة.

الباب السادس عشر و هو من الباب الأوّل.

الباب السابع عشر في صفته صلى اللّه عليه و آله و سلم.

الباب الثامن عشر في صفته صلى اللّه عليه و آله و سلم في الإنجيل.

الباب التاسع عشر في صفته و مدخله و مخرجه و مجلسه و سكنته صلى اللّه عليه و آله و سلم.

الباب العشرون في مجلسه للعلم، و قسمته لحظاته صلى اللّه عليه و آله و سلم بين أصحابه و غيرها و تقديم السابق في السؤال.

الباب الحادي و العشرون في تواضعه لأهل بيته صلى اللّه عليه و آله و سلم:

عليّ، و فاطمة، و الحسن، و الحسين عليهم السلام.

ص:3


1- 1) الحجر:95. [1]

الباب الثاني و العشرون في تواضعه و حسن خلقه صلى اللّه عليه و آله و سلم.

الباب الثالث و العشرون في زهده صلى اللّه عليه و آله و سلم.

الباب الرابع و العشرون في زهده صلى اللّه عليه و آله و سلم في المطعم و المشرب و الملبس.

الباب الخامس و العشرون و هو من الباب الأوّل.

الباب السادس و العشرون من الباب الأوّل من طريق المخالفين.

الباب السابع و العشرون في اجتهاده صلى اللّه عليه و آله و سلم في العبادة.

الباب الثامن و العشرون في اجتهاده صلى اللّه عليه و آله و سلم في العبادة من طريق المخالفين.

الباب التاسع و العشرون في كيفيّة صلاته صلى اللّه عليه و آله و سلم صلاة اللّيل.

الباب الثلاثون من الباب الأوّل من طريق المخالفين.

الباب الحادي و الثلاثون في خشوعه صلى اللّه عليه و آله و سلم و خوفه من اللّه تعالى.

الباب الثاني و الثلاثون في استغفاره و توبته صلى اللّه عليه و آله و سلم من غير ذنب في كلّ يوم.

الباب الثالث و الثلاثون فيما يقوله صلى اللّه عليه و آله و سلم من التحميد إذا أصبح و أمسى.

الباب الرابع و الثلاثون فيما يقوله صلى اللّه عليه و آله و سلم إذا ورد عليه ما يسرّه و ما يغمّه، و عند دخول المسجد و خروجه، و إذا أصبح، و عند النوم و الانتباه، و عند هلال شهر رمضان، و عند إفطاره، و إذا أكل من عند أحد، و عند شرب الماء و اللبن، و عند الفاكهة الجديدة، و عند ركوب الدابّة.

الباب الخامس و الثلاثون في صيامه صلى اللّه عليه و آله و سلم.

الباب السادس و الثلاثون في جوده صلى اللّه عليه و آله و سلم.

ص:4

الباب السابع و الثلاثون في جوده صلى اللّه عليه و آله و سلم من طريق المخالفين.

الباب الثامن و الثلاثون أنّه صلى اللّه عليه و آله و سلم أشجع الناس من طريق الخاصّة و العامّة.

الباب التاسع و الثلاثون في عفوه صلى اللّه عليه و آله و سلم.

الباب الأربعون في عفوه صلى اللّه عليه و آله و سلم من طريق المخالفين.

الباب الحادي و الأربعون في مداعبته و ضحكه صلى اللّه عليه و آله و سلم من طريق الخاصّة و العامّة.

الباب الثاني و الأربعون في تعظيم الناس له صلى اللّه عليه و آله و سلم في الجاهليّة و الاسلام من طريق الخاصّة و العامّة.

الباب الثالث و الأربعون في حيائه و كفه صلى اللّه عليه و آله و سلم عن المجازاة من طريق الخاصّة و العامّة.

الباب الرابع و الأربعون في نصيحته صلى اللّه عليه و آله و سلم و شفقته من طريق الخاصّة و العامّة.

الباب الخامس و الأربعون في أنّه كان صلى اللّه عليه و آله و سلم يعمل بيده.

الباب السادس و الأربعون في جلوسه صلى اللّه عليه و آله و سلم.

الباب السابع و الأربعون في سجداته الخمس للشكر.

الباب الثامن و الأربعون في صبره صلى اللّه عليه و آله و سلم.

الباب التاسع و الأربعون في صبره صلى اللّه عليه و آله و سلم من طريق المخالفين.

الباب الخمسون في استعماله صلى اللّه عليه و آله و سلم الطيب.

الباب الحادي و الخمسون في استعماله صلى اللّه عليه و آله و سلم الخضاب.

الباب الثاني و الخمسون في استعماله صلى اللّه عليه و آله و سلم الكحل.

الباب الثالث و الخمسون في استعماله صلى اللّه عليه و آله و سلم السدر و النورة.

ص:5

الباب الرابع و الخمسون في استعماله صلى اللّه عليه و آله و سلم السواك و الخلال.

الباب الخامس و الخمسون في استعماله صلى اللّه عليه و آله و سلم الحجامة.

الباب السادس و الخمسون في المفردات.

الباب السابع و الخمسون في أنّه أو لم عند التزويج.

الباب الثامن و الخمسون في حبّه صلى اللّه عليه و آله و سلم النساء، و أكله اللحم و العسل، و استعماله الطيب.

الباب التاسع و الخمسون في أنه كان صلى اللّه عليه و آله و سلم يحبّ من اللّحم الذراع.

الباب الستون في أكله صلى اللّه عليه و آله و سلم مع الضيف.

الباب الحادي و الستّون في أكله صلى اللّه عليه و آله و سلم الهريسة.

الباب الثاني و الستّون فيما أكله صلى اللّه عليه و آله و سلم من الفواكه و الرمّان و غيره.

الباب الثالث و الستّون في أنّه كان صلى اللّه عليه و آله و سلم يعجبه القرع.

الباب الرابع و الستّون في أنّه كان صلى اللّه عليه و آله و سلم يعجبه العسل.

الباب الخامس و الستّون في أكله صلى اللّه عليه و آله و سلم الخلّ و الزيت.

الباب السادس و الستّون في اجتنابه صلى اللّه عليه و آله و سلم الطعام الحارّ.

الباب السابع و الستّون في المفردات.

الباب الثامن و الستّون في قلانسه صلى اللّه عليه و آله و سلم.

الباب التاسع و الستّون في خواتيمه صلى اللّه عليه و آله و سلم و حلية سيفه و درعه.

الباب السبعون في معراجه صلى اللّه عليه و آله و سلم.

ص:6

بسم الله الرحمن الرحيم

المنهج الأوّل في رسول اللّه محمّد بن عبد اللّه بن عبد المطّلب بن هاشم،

اشارة

خاتم النبيّين و سيّد المرسلين، و صفوة ربّ العالمين صلى اللّه عليه و آله و سلم،

و فيه سبعون بابا.

ص:7

ص:8

الباب الأوّل

في شأن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم و أهل بيته عليهم السلام في أوّل الأمر

1-محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه 1قدّس اللّه روحه قال: حدّثنا الحسن (1)بن محمد بن سعيد الهاشمي (2)، قال: حدّثنا فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي (3)، قال: حدّثنا محمّد بن أحمد بن عليّ الهمداني، قال: حدثني أبو الفضل العباس بن عبد اللّه البخاري، قال: حدّثنا محمّد بن القاسم بن إبراهيم بن محمّد بن عبد اللّه بن القاسم بن محمد بن أبي بكر، قال: حدّثنا

ص:9


1- 2) الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي الكوفي: من مشايخ الصدوق، و يروى عن علي بن إبراهيم المفسر القمي الذي كان في عصر الامام الحسن العسكري عليه السلام و بقي إلى سنة (307) ، و يروي أيضا عن والد أبي قيراط جعفر بن محمد المتوفى (308) -و عن فرات بن إبراهيم الكوفي، و كان حيّا في سنة (354) فإنّه حدّث في تلك السنة بالكوفة كما نقل الصدوق في «العيون» و [1]حدث عنه أيضا في «العلل» و « [2]كمال الدين» و « [3]الخصال» و «معاني الأخبار» و «الأمالي» .
2- 3) قال الصدوق قدّس سرّه في «العيون» : [4] حدّثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي الكوفي بالكوفة سنة (354) .
3- 4) فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي: كان من أكابر علمي الحديث و التفسير في المائة الثالثة و الرابعة، فإنّه حدّث في تفسيره عن جعفر بن محمد بن مالك البزّاز الكوفي المتوفى حدود سنة (300) ، و أكثر الرواية عن عبيد بن كثير العامري الكوفي المتوفى (294) . قال شيخنا و أستاذنا في الرواية العلاّمة الشيخ آقا بزرگ الطهراني في الذريعة ج 4 ص 299. [5] بعد تحقيقات وافية: فيقوى إحتمال أنّ فرات أدرك أوائل المائة الرابعة.

عبد السّلام بن صالح الهروي 1، عن عليّ بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه عليّ بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم: ما خلق اللّه خلقا أفضل منّي، و لا أكرم عليه منّي.

قال عليّ عليه السلام: فقلت: يا رسول اللّه فأنت أفضل أم جبرائيل؟

فقال صلى اللّه عليه و آله و سلم: يا عليّ إنّ اللّه تبارك و تعالى فضّل أنبيائه المرسلين على ملائكته المقرّبين، و فضّلني على جميع النبيّين و المرسلين، و الفضل بعدي لك يا علي، و للأئمّة من بعدك، و إنّ الملائكة لخدّامنا و خدّام محبّينا.

يا عليّ «الذين يحملون العرش و من حوله، يسبّحون بحمد ربّهم، و يستغفرون للذين آمنوا» 2بولايتنا.

يا عليّ لو لا نحن ما خلق اللّه آدم، و لا حوّاء، و لا الجنّة، و لا النار، و لا السماء، و لا الأرض، فكيف لا نكون أفضل من الملائكة و قد سبقناهم إلى معرفة ربّنا، و تسبيحه، و تهليله، و تقديسه؟ !

لأنّ أوّل ما خلق اللّه عزّ و جلّ خلق أرواحنا، فأنطقنا بتوحيده و تحميده 3.

ثمّ خلق الملائكة فلمّا شاهدوا أرواحنا نورا واحدا استعظموا أمرنا، فسبّحنا لتعلم الملائكة أنّا خلق مخلوقون، و أنّه منزّه عن صفاتنا، فسبّحت الملائكة بتسبيحنا و نزّهته عن صفاتنا.

ص:10

فلمّا شاهدوا عظم شأننا هلّلنا، لتعلم الملائكة أن لا إله إلاّ اللّه، و أنّا عبيد، و لسنا بآلهة يجب أن نعبد معه أو دونه، فقالوا: لا إله إلاّ اللّه.

فلمّا شاهدوا كبر محلّنا كبّرنا، لتعلم الملائكة أن اللّه أكبر من أن ينال عظم المحلّ 1إلاّ به.

فلمّا شاهدوا ما جعله اللّه لنا من العزّ و القوّة قلنا: لا حول و لا قوّة إلاّ 2باللّه، لتعلم الملائكة أن لا حول و لا قوة إلاّ باللّه 3.

فلمّا شاهدوا ما أنعم اللّه به علينا، و أوجبه لنا من فرض الطاعة قلنا:

الحمد للّه، لتعلم الملائكة ما يحق 4للّه تعالى ذكره علينا من الحمد على نعمته (1)، فقالت الملائكة: الحمد للّه، فبنا اهتدوا إلى معرفة توحيد اللّه و تسبيحه و تهليله و تحميده و تمجيده.

ثم إنّ اللّه تبارك و تعالى خلق آدم فأودعنا صلبة، و أمر الملائكة بالسجود له تعظيما لنا و إكراما، و كان سجودهم للّه عزّ و جلّ عبوديّة، و لآدم إكراما و طاعة لكوننا في صلبه، فكيف لا نكون أفضل من الملائكة و قد سجدوا لآدم كلّهم أجمعون؟ !

و إنّه لمّا عرج بي إلى السماء أذّن جبرئيل مثنى مثنى، و أقام مثنى مثنى، ثم قال: تقدّم يا محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلم، فقلت له: يا جبرئيل أتقدّم عليك؟ فقال: نعم لأنّ اللّه تبارك و تعالى فضّل أنبيائه على ملائكته أجمعين، و فضّلك خاصّة، فتقدّمت فصلّيت بهم و لا فخر.

فلمّا انتهيت إلى حجب النور قال لي جبرائيل: تقدّم يا محمّد و تخلّف عنّي، فقلت: يا جبرئيل في مثل هذا الموضع تفارقني؟ فقال: يا محمّد إنّ (2)انتهاء حدّي الذّي وضعني اللّه عزّ و جلّ فيه إلى هذا المكان، و إن تجاوزته

ص:11


1- 5) في الاكمال و العيون: [1] نعمة.
2- 6) في الاكمال: فقال: يا محمد إنّ هذا انتهاء حدّي الذي وضعه اللّه عزّ و جلّ لي في هذا المكان.

احترقت أجنحتي بتعدّي حدود ربّي جلّ جلاله فزجّ بي في النور زجة 1حتى انتهيت إلى حيث ما شاء اللّه من علوّ ملكه 2، فنوديت فقلت: لبّيك ربي و سعديك تباركت و تعاليت، فنوديت: يا محمد أنت عبدي و أنا ربّك، فإيّاي فاعبد، و عليّ فتوكّل، فإنّك نوري في عبادي، و رسولي إلى خلقي، و حجّتي على 3بريّتي، لك و لمن تبعك خلقت جنّتي، و لمن خالفك خلقت ناري، و لأوصيائك أوجبت كرامتي، و لشيعتهم أوجبت ثوابي.

فقلت: يا ربّ و من أوصيائي؟ فنوديت: يا محمد أوصيائك المكتوبون على ساق عرشي، فنظرت و أنا بين يدي ربّي جلّ جلاله إلى ساق العرش، فرأيت اثني عشر نورا، في كلّ نور سطر أخضر، عليه اسم وصيّ من أوصيائي، أوّلهم عليّ بن أبي طالب عليه السلام و آخرهم مهديّ أمتي.

فقلت: يا ربّ هؤلاء أوصيائي من بعدي؟ فنوديت: يا محمّد هؤلاء أوليائي و أحبّائي و أصفيائي و حججي بعدك على بريّتي، و هم أوصياؤك و خلفاؤك، و خير خلقي بعدك.

و عزّتي و جلالي لأظهرنّ بهم ديني، و لأعلينّ بهم كلمتي، و لأطهّرنّ الأرض بآخرهم من أعدائي، و لأمكّنة 4مشارق الأرض و مغاربها، و لأسخّرنّ له الرياح، و لأذلّلنّ له السحاب الصعاب، و لأرقينّه في الأسباب، و لأنصرنّه بجندي، و لأمدّنّه بملائكتي حتى تعلو (1)دعوتي، و يجمع الخلق على توحيدي، ثمّ لأديمنّ ملكه، و لأدلولنّ الأيّام بين أوليائي إلى يوم القيامة (2).

ص:12


1- 5) في «الاكمال» و «العيون» : [1] حتى يعلن.
2- 6) عيون أخبار الرضا عليه السلام الباب (26) الحديث (22) -و [2]كمال الدين و تمام النعمة [3]ط-Ẓ

2-محمّد بن خالد الطيالسي 1، و محمّد بن عيسى بن عبيد 2، بإسنادهما عن جابر بن يزيد الجعفي 3، قال: قال أبو جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليهما السلام: كان اللّه و لا شيء غيره، و لا معلوم و لا مجهول، فأوّل ما ابتدأ من خلق خلقه أن خلق محمدا صلى اللّه عليه و آله و سلم، و خلقنا أهل البيت

ص:13

معه من نور عظمته، فأوقفنا أظلّة خضراء بين يديه، لا سماء 1، و لا أرض، و لا مكان، و لا ليل، و لا نهار، و لا شمس، و لا قمر، يفصل نورنا من نور ربّنا كشعاع الشمس من الشمس، نسبّح اللّه تعالى و نقدّسه، و نحمده و نعبده حقّ عبادته، ثمّ بدا للّه تعالى أن يخلق المكان فخلقه، و كتب على المكان: لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، عليّ أمير المؤمنين وصيّه، به أيّدته، و به نصرته.

ثمّ خلق اللّه العرش، فكتب على سرادقات العرش مثل ذلك.

ثمّ خلق السموات، فكتب على أطرافها مثل ذلك، ثمّ خلق الجنّة و النار، فكتب عليهما مثل ذلك، ثمّ خلق اللّه الملائكة و أسكنهم السمآء، ثمّ 2تراءى لهم اللّه تعالى، و أخذ منهم الميثاق له بربوبيّته، و لمحمّد صلى اللّه عليه و آله و سلم بالنبوّة، و لعليّ عليه السلام بالولاية، فاضطربت فرائص 3الملائكة، فسخط اللّه تعالى على الملائكة، و احتجب عنهم، فلاذوا بالعرش سبع سنين، يستجيرون اللّه من سخطه، و يقرّون بما أخذ عليهم، و يسألونه الرضا فرضي عنهم بعد ما أقرّوا بذلك، فأسكنهم بذلك الإقرار السماء، و اختصّهم لنفسه، و اختارهم لعبادته.

ثمّ أمر اللّه تعالى أنوارنا أن تسبّح فسبّحنا فسبّحت الملائكة بتسبيحنا، و لو لا تسبيح أنوارنا ما دروا كيف يسبّحون اللّه، و لا كيف يقدّسونه.

ثمّ إنّ اللّه خلق الهواء فكتب عليه: لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، عليّ أمير المؤمنين وصيّه، به أيّدته، و به نصرته.

ثمّ اللّه تعالى خلق الجنّ، فأسكنهم الهواء، و أخذ الميثاق منهم له

ص:14

بالربوبيّة، و لمحمّد صلى اللّه عليه و آله و سلم بالنبّوة، و لعليّ عليه السلام بالولاية، فأقرّ منهم بذلك من أقرّ، و جحد منهم من جحد، فأوّل من جحد إبليس لعنه اللّه، فختم له بالشقاوة و ما صار إليه.

ثمّ أمر اللّه تعالى أنوارنا أن تسبّح فسبّحت، فسبّحوا بتسبيحنا، و لو لا ذلك ما دروا كيف يسبّحون اللّه.

ثمّ خلق اللّه الأرض فكتب على أطرافها: لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، عليّ أمير المؤمنين وصيّه، به أيّدته، و به نصرته، فبذلك يا جابر قامت السموات بلا عمد، و ثبتت الأرض.

ثمّ خلق اللّه تعالى آدم عليه السلام من أديم الأرض، و نفخ فيه من روحه، ثمّ أخرج ذريّته من صلبه، فأخذ عليهم الميثاق له بالربوبيّة، و لمحمّد صلى اللّه عليه و آله و سلم بالنبوّة، و لعليّ عليه السلام بالولاية، أقرّ منهم من أقرّ، و جحد منهم من جحد، فكنّا أوّل من أقرّ بذلك.

ثمّ قال لمحمّد صلى اللّه عليه و آله و سلم: و عزّتي و جلالي و علوّ شأني لولاك و لو لا عليّ و عترتكما الهادون و المهديون الراشدون ما خلقت الجنّة، و لا النار، و لا المكان، و لا الأرض، و لا السماء، و لا الملائكة، و لا خلقا يعبدني.

يا محمّد أنت حبيبي و خليلي و صفييّ و خيرتي من خلقي، أحب الخلق إليّ، و أوّل من ابتدأت من خلقي.

ثم من بعدك الصديق عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين وصيّك به أيّدتّك و نصرتك، و جعلته العروة الوثقى، و نور أوليائي، و منار الهدى، ثمّ هؤلاء الهداة المهتدون، من أجلكم ابتدأت خلق ما خلقت، فأنتم خيار خلقي و أحبّائي و كلماتي و أسمائي الحسنى، و أسبابي، و آياتي الكبرى، و حجّتي 1فيما بيني و بين خلقي، خلقتكم من نور عظمتي، و احتجبت بكم عن من سواكم من خلقي، أستقبل بكم و أسأل بكم، فكلّ شيء هالك إلاّ وجهي، و أنتم

ص:15

وجهي، لا تبيدون، و لا تهلكون، و لا يهلك، و لا يبيد من تولاّكم، و من استقبلني بغيركم فقد ضلّ و هوى، و أنتم خيار خلقي، و حملة سرّي، و خزّان علمي، و سادة أهل السموات و أهل الأرض.

ثم إنّ اللّه تعالى هبط إلى الأرض 1في ظلل من الغمام و الملائكة و أهبط أنوارنا أهل البيت معه، فأوقفنا صفوفا بين يديه، نسبّحه في أرضه، كما سبّحناه في سمائه، و نقدّسه في أرضه، كما قدّسناه في سمائه، و نعبده في أرضه، كما عبدناه في سمائه.

فلمّا أراد اللّه إخراج ذريّة آدم عليه السلام لأخذ الميثاق، سلك النور فيه، ثم أخرج ذريّته من صلبه يلبّون، فسبّحنا فسبّحوا بتسبيحنا، و لو لا ذلك لما دروا كيف يسبّحون اللّه عزّ و جلّ، ثم تراءى لهم لأخذ الميثاق منهم بالربوبيّة، فكنّا أوّل من قال: بلى عند قوله: الست بربّكم؟

ثمّ أخذ الميثاق منهم بالنبوّة لمحمّد صلى اللّه عليه و آله و سلم، و لعليّ عليه السلام بالولاية، فأقرّ من أقرّ، و جحد من جحد.

ثمّ قال أبو جعفر عليه السلام: فنحن أوّل خلق ابتدء اللّه، و أوّل خلق عبد اللّه، و سبّحه، و نحن سبب خلق الخلق، و سبب تسبيحهم و عبادتهم من الملائكة و الادميّين، فبنا عرف اللّه، و بنا وحّد اللّه، و بنا عبد اللّه. و بنا أكرم اللّه من أكرم من جميع خلقه، و بنا أثاب اللّه من أثاب، و عاقب من عاقب، ثمّ تلا قوله تعالى: وَ إِنّا لَنَحْنُ اَلصَّافُّونَ وَ إِنّا لَنَحْنُ اَلْمُسَبِّحُونَ 2و قوله تعالى:

قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ اَلْعابِدِينَ 3. فرسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم أوّل من عبد اللّه، و أوّل من أنكر أن يكون له ولد أو شريك، ثمّ

ص:16

نحن بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم.

ثمّ أودعنا بعد ذلك صلب آدم عليه السلام فما زال ذلك النور ينتقل من الأصلاب و الأرحام، من صلب إلى صلب، و لا استقرّ في صلب إلاّ تبيّن عن الّذي انتقل منه انتقاله، و شرّف الّذي استقرّ فيه، حتى صار في عبد المطّلب، فوقع بأمّ عبد اللّه فاطمة، فافترق النور جزئين: جزء في عبد اللّه، و جزء في أبي طالب عليه السلام، فذلك قوله تعالى: وَ تَقَلُّبَكَ فِي اَلسّاجِدِينَ 1يعني في أصلاب النبيّين و أرحام نسائهم، فعلى هذا أجرانا اللّه تعالى في الأصلاب و الأرحام 2، حتى أخرجنا في أوان عصرنا و زماننا، فمن زعم أنّا لسنا ممّن جرى في الأصلاب و الأرحام، و ولّدنا الآباء و الأمّهات فقد كذب 3.

3-محمد بن يعقوب 4، عن الحسين بن محمّد الأشعري 5عن معلّى بن

ص:17

محمد 1، عن أبي الفضل عبد اللّه بن إدريس 2، عن محمّد بن سنان 3، قال: كنت عند أبي جعفر الثاني عليه السلام فأجريت اختلاف الشيعة، فقال:

يا محمّد إنّ اللّه تبارك و تعالى لم يزل متفرّدا بوحدانيّته، ثمّ خلق محمّدا و عليّا و فاطمة عليهم السلام، فمكثوا ألف دهر 4، ثمّ خلق جميع الأشياء، فأشهدهم خلقها 5، و أجرى طاعتهم عليها، و فوّض أمورها إليهم فهم يحلّون ما يشاؤون، و يحرّمون ما يشاؤون 6، و لن يشاؤوا إلّآ أن يشاء اللّه تبارك و تعالى.

ثمّ قال: يا محمّد هذه الديانة التي من تقدّمها مرق (1)، و من تخلّف عنها محق (2)، و من لزمها لحق، خذها إليك يا محمّد (3).

ص:18


1- 7) مرق: خرج من الاسلام.
2- 8) محق (بفتح الميم و الحاء المهملة) : أبطل دينه و (بضمّ الميم و كسر الحاء) : بطل.
3- 9) الكافي ج 1/441 ح 5 و [1]عنه البحار 15/19 ح 29 و ج 57/195 ح 141 و [2]أخرجه في البحار ج 25/25 ح 44 [3] عن مشارق الأنوار:41.

4-و عنه 1، عن الحسين 2، عن محمد بن عبد اللّه 3، عن محمد بن سنان، عن المفضّل 4، عن جابر بن يزيد، قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام: يا جابر إنّ اللّه تبارك و تعالى أوّل ما خلق، خلق محمّدا صلى اللّه عليه و آله و سلم و عترته الهداة المهتدين، فكانوا أشباح نور بين يدي اللّه.

قلت: و ما الأشباح؟ قال: ظلّ النور، أبدان نورانيّة بلا أرواح، و كان مؤيّدا بروح واحدة، و هي روح القدس فيه كان يعبد اللّه، و عترته 5، و لذلك خلقهم حلماء علماء، بررة أصفياء، يعبدون اللّه بالصلوة و الصوم و السجود و التسبيح و التهليل، و يصلّون الصلوات، و يحجّون، و يصومون عليهم السلام (1).

ص:19


1- 6) الكافي ج 1/442-و [1]عنه البحار ج 15/25 ح 47-و [2]ج 57/197.

ص:20

الباب الثاني

في مولده الشريف صلى اللّه عليه و آله و سلم

1-الشيخ الطوسي 1في تهذيبه، عن أبي عبد اللّه بن عيّاش 2قال:

حدّثني أحمد بن زياد الهمداني 3، و عليّ بن محمّد التستري 4، قالا: حدّثنا محمّد بن اللّيث المكّي، قال: حدّثني أبو إسحاق بن عبد اللّه العريضي 5، قال: و حكّ في صدري ما الأيّام الّتي تصام؟ فقصدت مولانا أبا الحسن عليّ بن محمّد عليهما السلام، و هو بصريّا (1)، و لم أبد ذلك لأحد من خلق اللّه،

ص:21


1- 6) صريّا: قرية أسسها موسى بن جعفر عليهما السلام على ثلاثة أميال من المدينة، و بها ولد الامام الهادي عليه السلام.

فدخلت عليه فلمّا بصر بي، قال عليه السلام يا أبا إسحاق جئت تسألني عن الأيّام التي يصام فيهنّ و هي الأربعة:

أوّلهنّ اليوم السابع و العشرون من رجب، يوم بعث اللّه تعالى محمّدا صلى اللّه عليه و آله و سلم إلى خلقه رحمة للعالمين، و يوم مولده بمكّة، و هو السابع عشر من شهر ربيع الأوّل، و يوم الخامس و العشرين من ذي القعدة، فيه دحيت الكعبة، و يوم الغدير، فيه أقام رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم أخاه عليّا عليه السلام علما للناس، و إماما من بعده، قلت: صدقت جعلت فداك لذلك قصدت، أشهد أنّك حجّة اللّه على خلقه 1.

2-ابن بابويه، قال: حدّثنا عليّ بن أحمد بن عبد اللّه بن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي 2، قال: حدّثني أبي، عن جدّه أحمد بن أبي عبد اللّه 3، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر 4، عن أبان بن عثمان 5، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان إبليس لعنه اللّه يخترق السموات السبع، فلمّا ولد عيسى عليه السلام حجب عن ثلث سموات، فلمّا ولد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم حجب عن السبع كلّها، و رميت الشياطين بالنجوم، و قالت قريش: هذا قيام الساعة الذي كنّا نسمع أهل الكتب يذكرونه.

و قال عمرو بن أميّة: و كان من أزجر 6أهل الجاهليّة: أنظروا هذه النجوم التي تهتدى بها و تعرف بها أزمان الشتاء و الصيف، فإن كان رمي بها فهو

ص:22

هلاك كلّ شيء، و إن كانت ثبتت و رمي بغيرها فهو أمر حدث، و أصبحت الأصنام كلّها صبيحة ولد النبيّ ليس منهم صنم إلاّ و هو منكبّ على وجهه، و ارتجس 1في تلك اللّيلة أيوان كسرى، و سقطت منه أربع عشر شرفة (1)، و غاضت بحيرة ساوة، و فاض وادي السماوة، و خمدت نيران فارس، و لم تخمد قبل ذلك بألف عام، و رأى الموبذان (2)في تلك اللّيلة في المنام إبلا صغيرا تقود خيلا عرابا (3)قد قطعت دجلة، و انسربت في بلادهم.

و انفصم طاق الملك كسرى من وسطه، و انخرقت عليه دجلة العوراء (4)و انتشر في تلك اللّيلة نور من قبل الحجاز ثمّ استطار حتى بلغ المشرق، و لم يبق سرير ملك من ملوك الدنيا إلاّ أصبح منكوسا، و الملك مخرسا، لا يتكلّم يومه ذلك، و انتزع علم الكهنة، و بطل سحر السحرة، و لم يبق كاهنة في العرب إلاّ حجبت عن صاحبها، و عظمت قريش في العرب، و سمّوا آل اللّه عزّ و جلّ.

قال أبو عبد اللّه عليه السلام: إنما سمّوا آل اللّه لأنّهم في بيت اللّه الحرام.

و قالت آمنة: إنّ ابني و اللّه سقط فاتقى الأرض بيده، ثمّ رفع رأسه إلى السماء فنظر إليها، ثمّ خرج منّي نور أضاء له كلّ شيء، و سمعت في الضوء قائلا يقول: إنّك قد ولدت سيد الناس فسمّيه محمدا صلى اللّه عليه و آله و سلم و أتى به عبد المطّلب لينظر إليه، و قد بلغه ما قالت أمّه، فأخذه و وضعه في حجره ثمّ قال:

ص:23


1- 2) الشرفة (بفتح الحروف) : مثلثة أو مربّعة تبنى في أعلى السور أو القصر.
2- 3) المؤبذان (بضم الميم و فتح الباء الموحّدة) : حاكم المجوس-كلمة فارسيّة-.
3- 4) الخيل العراب (بكسر العين) كرائم سالمة من الهجنة.
4- 5) دجلة العوراء: قال المجلسي قدس سره: إن كسرى سكر بعض الدجلة و بنى عليها بناء. فوصفوا الدجلة بعد ذلك بالعوراء لأنه عود و طمّ بعضها و انهدم بنيانه.

الحمد للّه الذي أعطاني هذا الغلام الطيّب الأردان (1)

قد ساد في المهد على الغلمان

ثم عوّذه (2)بأركان الكعبة و قال فيه أشعارا.

قال: و صاح إبليس لعنه اللّه في أبالسته فاجتمعوا إليه، و قالوا: ما الّذي أفزعك يا سيدنا؟ فقال لهم: ويلكم لقد أنكرت السموات و الأرض منذ اللّيلة، لقد حدث في الأرض حدث عظيم، ما حدث مثله منذ رفع (3)اللّه عيسى بن مريم عليه السلام، فاخرجوا و انظروا ما هذا الحدث الّذي قد حدث؟ فافترقوا ثمّ اجتمعوا إليه فقالوا: ما وجدنا شيئا.

فقال إبليس لعنه اللّه: أنا لهذا الأمر، ثمّ انغمس في الدنيا فجالها حتى انتهى إلى الحرم، فوجد الحرم محفوفا بالملائكة، فذهب ليدخل، فصاحوا به، فرجع ثمّ صار مثل الصر (4)، و هو العصفور، فدخل من قبل حراء (5)و قال له جبرئيل: وراك لعنك اللّه، فقال له: حرف أسألك عنه يا جبرئيل، ما هذا الحدث الذي حدث منذ اللّيلة في الأرض؟ فقال له: ولد محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلم، فقال له: هل لي فيه نصيب؟ قال: لا. قال: في أمّته؟ قال:

نعم، قال: رضيت (6).

ص:24


1- 1) الأردان: جمع الردن (بضمّ الراء) و هو أصل الكم، و لعله إنّما خصّهما بالطيب لأنّ الرائحة الخبيثة غالبا تكون فيها لمجاورتها للأباط.
2- 2) عوّذه بأركان الكعبة: أي مسحه بها، أو دعا له عندها، أو كتب أسمائها و علّقها عليه صلى اللّه عليه و آله و سلم.
3- 3) في نسخة من الأمالي: [1] منذ ولد عيسى بن مريم.
4- 4) الصرّ (بكسر الصاد و تشديد الراء) : طائر كالعصفور، أصفر.
5- 5) الحراء (بكسر الحاء) جبل في جزيرة العرب شمال شرقي مكة، فيه غار اختفى فيه النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم في عودته من الطائف حتى استطاع دخول مكّة، و تعرف أيضا بجبل النور.
6- 6) أمالي الصدوق ص 235 ح 1-و [2]عنه البحار ج 15/257 ح 9 و [3]أورده ابن شهر اشوب في المناقب ج 1/30-31 [4] محتصرا.

3-و عنه قال: حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل (1)رحمه اللّه، قال:

حدّثنا عليّ بن إبراهيم (2)، عن أبيه إبراهيم بن هاشم (3)، عن محمّد بن سنان، عن زياد بن المنذر (4)، عن ليث بن سعد (5)، قال: قلت لكعب (6)، و هو عند معاوية: كيف تجدون صفة مولد النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم و هل تجدون لعترته فضلا؟ فالتفت كعب إلى معاوية (7)لينظر كيف هواه، فأجرى اللّه

ص:25


1- 1) محمد بن موسى بن المتوكل: من الموثّقين. روى عن عبد اللّه بن جعفر الحميري. . و روى عنه الصدوق. وثّقه العلاّمة في الخلاصة ص 73 و ابن داود في رجاله ص 337.
2- 2) علي بن إبراهيم: بن هاشم القمي من شيوخ الكليني، ثقة في الحديث، ثبت معتمد صحيح المذهب. سمع فأكثر و صنّف كتبا و أضرّ في وسط عمره، كان في عصر الامام الحادي عشر الحسن العسكري عليه السلام و بقي إلى سنة (307) ، فإن حمزة بن محمد بن أحمد أخبر عنه أنّه أخبره في سنة (307) كما عن الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه السلام. [1]
3- 3) إبراهيم بن هاشم: أبو إسحاق القمّي أوّل من نشر حديث الكوفيّين بقم-و قالوا: أنّه لقى الرضا عليه السلام، و يفهم توثيقه من أوّل تفسير ولده عليّ بن إبراهيم حيث قال: و نحن ذاكرون و مخبرون ما انتهى إلينا و رواه مشايخنا و ثقاتنا عز الذين فرض اللّه طاعتهم. و روايته فيه عن غير أبيه قليلة جدّا.
4- 4) زياد بن المنذر: أبو الجارود الهمداني الكوفي الزيدي كان من أصحاب أبي جعفر الباقر عليه السلام. و روى عن الصادق عليه السلام أيضا و لكن لمّا خرج زيد تغيّر. لم يرد فيه توثيق بوجه. بل ذمّوه و ضعّفوه عن ابن الغضائري أنّه قال: حديثه في أصحابنا أكثر، منه في الزيديّة و أصحابنا يكرهون ما رواه محمد بن سنان عنه، مات سنة (150) ، و ولد أعمى و ما رأى الدنيا قطّ.
5- 5) ليث بن سعد ليس له ذكر في كتب التراجم الّتي عندنا.
6- 6) كعب: الأحبار بن ماتع الحميري التابعي، كان من كبار علماء اليهود في اليمن و أسلم في زمن أبي بكر أو عمر و قدم المدينة في حكومة عمر، و خرج إلى الشام فسكن حمص و توفي فيها سنة (32) عن (104) سنة، و ليعلم أنّ أخبار كعب الأحبار ليس لها قيمة عند أولي الأبصار لأنّه عند الفريقين كان من الكاذبين. قال ابن أبي الحديد في شرحه ج 1 ص 342: روى جماعة من أهل السير أنّ عليّا عليه السلام كان يقول في كعب الأحبار: إنّه الكذاب. . كان كعب يخبر عن أخبار كاذبة بحيث منعه عمر عن التحديث و قال له: لتتركن الحديث و لالحقنّك بأرض دوس-تاريخ ابن كثير ج 8 ص 106.
7- 7) معاوية: بن أبي سفيان أسلم ظاهرا يوم فتح مكّة-و جعل من كتّاب النبي صلى اللّه عليه-

على لسانه، فقال: هات يا أبا اسحاق رحمك اللّه ما عندك، فقال كعب: إنّي قرأت اثنين و سبعين كتابا كلّها أنزلت من السماء، و قرأت صحف دانيال كلّها، فوجدت في كلّها ذكر مولده، و ذكر مولد عترته، و أنّ إسمه لمعروف، و إنّه لم يولد نبيّ قطّ فنزلت عليه الملائكة ما خلا عيسى و أحمد صلوات اللّه عليهما، و ما ضرب على آدميّة حجب الجنّة غير مريم و آمنة أمّ أحمد، و ما وكّلت الملائكة بانثى حملت غير مريم أمّ المسيح، و آمنة أمّ أحمد عليهما السلام.

و كان من علامة حمله أنّه لمّا كانت اللّيلة التي حملت آمنة به عليه السلام نادى مناد في السموات السبع: أبشروا، فقد حمل اللّيلة بأحمد، و في الأرضين كذلك حتى في البحور، و ما بقي يومئذ في الأرض دابّة تدب و لا طاير يطير إلاّ علم بمولده، و لقد بني في الجنّة ليلة مولده سبعون ألف قصر من ياقوت أحمر، و سبعون ألف قصر من لؤلؤ رطب، فقيل: هذه قصور الولادة.

و نجّدت الجنان و قيل لها: اهتزّي و تزيّني فإنّ نبيّ أوليائك قد ولد، فضحكت الجنّة يومئذ، فهي ضاحكة إلى يوم القيمة.

و بلغني أنّ حوتا من حيتان البحر يقال له طموسا، و هو سيّد الحيتان، له سبعمائة ألف ذنب يمشي على ظهره سبعمائة ألف ثور، الواحد منهم أكبر من الدنيا، لكلّ ثور سبعمائة ألف قرن من زمرّد أخضر، لا يشعر (1)بهنّ، إضطرب فرحا لمولده و لو لا أنّ اللّه تبارك و تعالى ثبّته لجعل عاليها سافلها.

و لقد بلغني أنّ يومئذ ما بقي جبل إلاّ نادى صاحبه بالبشارة و يقول: لا إله إلاّ اللّه، و لقد خضعت الجبال كلّها لأبي قبيس كرامة لمحمد صلى اللّه عليه

ص:26


1- 1) هذه القصّة من أعجب القصص الخرافيّة، ألم يشعر الجاعل الذي جعلها إنّ حوتا على ظهره سبعمائة ألف ثور الواحدة منها أكبر من الدنيا كيف يمكن أن يكون في بحر من الدنيا؟ !

و آله و سلم، و لقد قدّست الأشجار أربعين يوما بأنواع أفنانها (1)و ثمارها فرحا بمولده صلى اللّه عليه و آله و سلم، و لقد ضرب بين السماء و الأرض سبعون عمودا من أنواع الأنوار لا يشبه كلّ واحد صاحبه، و لقد بشّر آدم بمولده صلى اللّه عليه و آله و سلم فزيد في حسنه سبعين ضعفا، و قد كان وجد مرارة الموت و كان قد مسّه ذلك فسرّي (2)عنه ذلك، و لقد بلغني أنّ الكوثر اضطرب في الجنّة و اهتز، فرمى بسبعمائة ألف قصر من قصور الدرّ و الياقوت نثارا لمولد محمد صلى اللّه عليه و آله و سلم.

و لقد زمّ (3)إبليس و كبّل (4)و ألقي في الحصن أربعين يوما و غرق عرشه أربعين يوما، و لقد تنكسّت الأصنام كلّها و صاحت و ولولت، و لقد سمعوا صوتا من الكعبة: يا آل قريش جاءكم البشير، جاءكم النذير، معه العزّ الأبد، و الربح الأكبر، و هو خاتم الأنبياء.

و نجد في الكتب أنّ عترته خير الناس بعده، و أنّه لا يزال الناس في أمان من العذاب ما دام من عترته في دار الدنيا خلق يمشي.

فقال معاوية: يا أبا اسحاق و من عترته؟ قال كعب: ولد فاطمة، فعبس وجهه، و عضّ على شفتيه، و أخذ يعبث بلحيته، فقال كعب: و إنّا نجد صفة الفرخين المستشهدين و هما فرخا فاطمة، يقتلهما شرّ البريّة، قال:

و من يقتلهما؟ قال: رجل من قريش، فقال معاوية: قوموا إن شئتم، فقمنا (5).

4-محمّد بن يعقوب، عن حميد بن زياد (6)، عن محمّد بن أيّوب (7)، عن

ص:27


1- 1) الأفنان: الأغصان.
2- 2) فسرّي عنه: انكشف.
3- 3) الزمّ: الشدّ.
4- 4) الكبل: القيد الضخم.
5- 5) الأمالي: ص 356-و ص 357-المجلس (88) -و [1]عنه البحار ج 15 ص 261 و ص 262 ح 12. [2]
6- 6) حميد بن زياد: أبو القاسم الكوفي من ثقاة العلماء الأجلاّء، توفي سنة (310) أو (320) .
7- 7) محمد بن أيّوب: بن نوح، روى الصدوق في «الاكمال» حديثا على اختصاصه بالعسكري-

محمّد بن زياد (1)، عن أسباط بن سالم (2)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: كان حيث طلقت (3)آمنة بنت وهب (4)و أخذها المخاض بالنبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم حضرتها فاطمة (5)بنت أسد امرأة أبي طالب، فلم تزل معها حتى وضعت، فقالت إحديهما للأخرى: هل ترين ما أرى؟ قالت: و ما ترين؟ قالت: هذا النور الّذي قد سطع ما بين المشرق و المغرب، فبينما هما كذلك إذ دخل عليهما أبو طالب، فقال لهما: ما لكما؟ من أيّ شيء تعجبان؟ فأخبرته فاطمة بالنور الذي قد رأت، فقال لها أبو طالب: ألا أبشّرك؟ فقالت: بلى، فقال: أما إنّك ستلدين غلاما يكون وصيّ هذا المولود (6).

5-و عنه، عن محمّد بن يحيى (7)، عن سعد بن عبد اللّه (8)، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي (9)، عن عليّ بن المعلّى، عن أخيه محمّد، عن

ص:28


1- 1) محمد بن زياد: هو محمد بن أبي عمير البغدادي أدرك الكاظم و الرضا و الجواد عليهم السلام و روى عن مائة من أصحاب الصادق عليه السلام، و توفي سنة (217) .
2- 2) أسباط بن سالم: الكوفي روى عن الصادق و الكاظم عليهما السلام، و له أصل رواه عنه ابن أبي عمير.
3- 3) طلقت (بضم الطاء و كسر اللام) : أصابها وجع الولادة.
4- 4) آمنة بنت وهب: بن عبد مناف كانت أفضل امرأة في قريش نسبا و مكانة توفّيت بالأبداء سنة (45) ق. ه.
5- 5) فاطمة بنت أسد: بن هاشم [1]بن عبد مناف والدة أمير ال [2]مؤمنين عليهما السلام توفّيت بالمدينة.
6- 6) الكافي ج 8/302 ح 460-و عنه البحار ج 15/295 ح 30.
7- 7) محمد بن يحيى: أبو جعفر العطار القمّي من العلماء الأجلاّء الثقاة في القرن الثالث.
8- 8) سعد بن عبد اللّه: بن أبي خلف الأشعري القمي من فقهائنا الأجلاّء توفي سنة (299) أو (300) أو (301) .
9- 9) إبراهيم بن محمد الثقفي الكوفي الأصبهاني كان زيديا ثم انتقل إلى القول بالامامة و صنّف كتاب «المعرفة» .

درست بن أبي منصور (1)، عن عليّ بن أبي حمزة (2)، عن أبي بصير (3)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لمّا ولد النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم، مكث أيّاما ليس له لبن، فألقاه أبو طالب على ثدي نفسه، فأنزل اللّه فيه لبنا، فرضع منه أيّاما حتى وقع أبو طالب على حليمة السعدية فدفعه إليها (4).

ص:29


1- 1) درست (بضم الدال و الراء المهملتين) بن أبي منصور الواسطي روى عن الصادق و الكاظم عليهما السلام.
2- 2) علي بن أبي حمزة: سالم أبو الحسن البطاشي الكوفي من أكابر الواقفة.
3- 3) أبو بصير: يحيى بن القاسم الأسدي الكوفي روي عن الباقر و الصادق و الكاظم عليهم السلام و توفّي سنة (150) .
4- 4) الكافي ج 1/448 ح 27-و [1]عنه البحار ج 15/340 ح 11. [2]

ص:30

الباب الثالث

توحيده اللّه تعالى عند ولادته و تيقّظه للايمان باللّه سبحانه و تعالى في

صغره

1-الشيخ أحمد بن عليّ الطبرسي (1)في كتاب «الاحتجاج» قال: روي عن موسى بن جعفر عليهما السلام عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين بن عليّ عليهم السلام، قال: إنّ يهوديّا من يهود الشام و أحبارهم، كان قد قرأ التوراة و الانجيل و الزبور، و صحف الأنبياء عليهم السلام، و قد عرف دلائلهم، جاء إلى مجلس فيه أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم، و فيهم عليّ بن أبي طالب، و ابن عباس، و ابن سعيد الجهني (2).

فقال: يا أمّة محمد ما تركتم لنبيّ درجة و لا لمرسل فضيلة إلاّ نحلتموها نبيّكم، فهل تجيبوني عمّا أسألكم عنه؟ فكاع (3)القوم عنه.

ص:31


1- 1) أحمد بن علي الطبرسي: بن أبي طالب، أبو منصور من أعلام القرن السادس كان مؤرّخا و فقيها، و محدثا، له عدّة كتب منها «الاحتجاج» و [1]أخطأ من نسب هذا الكتاب إلى أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي، صاحب «مجمع البيان» المتوفّى سنة (548) . و نشأ الخطأ اشتراكهما في اللقب و العصر و في أنّهما من شيوخ ابن شهر اشوب المتوفى (588) .
2- 2) ابن سعيد الجهني: في النسخة المطبوعة ببيروت بتعليقات الخرسان: (أبو سعيد) و لكن كلاهما مصحّف، و إنما الصحيح (أبو معبد الجهني) و هو عبد اللّه بن حكيم (بالحاء المهملة) أو عكيم (بالعين المهملة) أدرك النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم و لكن لا يعرف له سماع.
3- 3) كاع يكيع كيعا عنه: جبن عنه وهابه.

فقال عليّ بن أبي طالب عليه السلام: نعم ما أعطى اللّه نبيّا درجة، و لا مرسلا فضيلة، إلاّ و قد جمعها لمحمّد صلى اللّه عليه و آله و سلم، و زاد محمدا صلى اللّه عليه و آله و سلم على الأنبياء أضعافا مضاعفة.

و ساق الحديث مما ذكره اليهوديّ ممّا أعطى اللّه سبحانه الأنبياء، و أمير المؤمنين عليه السلام يذكر ما أعطى اللّه تعالى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم و زاده عليهم إل أن قال اليهودي:

فإنّ هذا عيسى بن مريم، يزعمون أنّه تكلّم في المهد صبيّا.

قال له عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، و محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلم سقط من بطن أمّه، واضعا يده اليسرى على الأرض، و رافعا يده اليمنى إلى السماء يحرّك شفتيه بالتوحيد.

فقال (1)له اليهوديّ: فإنّ هذا إبراهيم قد تيقّظ بالاعتبار على معرفة اللّه تعالى، و أحاطت دلالته بعلم الايمان به.

قال له عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، و أعطي محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلم أفضل من ذلك، قد تيقّظ بالاعتبار على معرفة اللّه تعالى و أحاطت دلالته بعلم الايمان به، و تيقّظ إبراهيم و هو ابن خمس عشرة سنة، و محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلم كان ابن سبع سنين، قدم تجّار من النصارى فنزلوا بتجارتهم بين الصّفا و المروة، فنظر إليه بعضهم فعرفه بصفته و نعته، و خبر مبعثه و آياته.

فقالوا له: يا غلام ما اسمك؟ قال: محمّد، قالوا: ما اسم أبيك؟ قال: عبد اللّه، قالوا: ما اسم هذه؟ و أشاروا بأيديهم إلى الأرض، قال:

ص:32


1- 1) ما أورد المؤلف قدّس سرّه الحديث بتمامه، بل قطّعه و أورد بعضه من غير رعاية الترتيب الذي يكون في «الاحتجاج» [1] بل قدّم المؤخّر و بالعكس مثلا هذه القطعة من جملة (فقال له اليهودي) إلى جملة (و هو يقول: لا إله إلاّ اللّه) كانت في المصدر قبل قوله: فإنّ هذا عيسى ابن مريم. . . الخ بخمسة عشر صفحة.

الأرض، قالوا: فما اسم هذه؟ و أشاروا بأيديهم إلى السماء، قال: السماء، قالوا: فمن ربّهما؟ قال: اللّه، ثمّ انتهرهم و قال: أتشكّكوني في اللّه عزّ و جلّ؟ !

ويحك يا يهوديّ لقد تيقّظ بالاعتبار على معرفة اللّه عزّ و جلّ مع كفر قومه، إذ هو بينهم يستقسمون بالأزلام و يعبدون الأوثان، و هو يقول: لا إله إلاّ اللّه.

قال اليهوديّ (1): فهذا يحيى بن زكريّا يقال: إنّه أوتي الحكم صبيّا و الحلم و الفهم، و إنّه كان يبكي من غير ذنب، و كان يواصل الصوم (2).

قال له عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، و محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلم أعطي ما هو أفضل من هذا، إنّ يحيى بن زكريّا كان في عصر لا أوثان فيه و لا جاهليّة، و محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلم أوتي الحكم و الفهم صبيّا بين عبدة الأوثان و حزب الشيطان، فلم يرغب لهم في صنم قطّ، و لم ينشط لأعيادهم، و لم ير منه كذب قطّ، و كان أمينا صدوقا حليما، و كان يواصل صوم الأسبوع و الأقلّ و الأكثر، فيقال له في ذلك، فيقول: إنّي لست كأحدكم، إنّي أظلّ عند ربّي فيطعمني و يسقيني، و كان يبكي حتى يبتلّ مصلاّه خشية من اللّه عزّ و جلّ من غير جرم (3).

2-و ذكر ابن أبي الحديد (4): أنّه روي أنّ بعض أصحاب أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر سأله عن قول اللّه عزّ و جلّ: إِلاّ مَنِ اِرْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ رَصَداً (5)فقال عليه السلام: يوكّل اللّه بأنبيائه ملائكة يحصون أعمالهم، و يؤدّون إليه تبليغهم الرسالة، و وكّل

ص:33


1- 1) الاحتجاج ج 1/213 و [1]منه البحار ج 10/31 و ج 17/277. [2]
2- 2) هذه القطعة أيضا تكون في المصدر قبل القطعة السابقة الحاكية عن تكلّم عيسى بن مريم في المهد.
3- 3) الاحتجاج ج 1 ص 223-و [3]البحار [4]نقلا عنه ج 10 ص 44 ح 1-و ج 17/293.
4- 4) ابن أبي الحديد: عبد الحميد بن هبة اللّه المدائني المعتزلي المتوفّى سنة (655) .
5- 5) سورة الجنّ:27. [5]

بمحمّد صلى اللّه عليه و آله و سلم ملكا عظيما منذ فصل عن الرضاع يرشده إلى الخيرات و مكارم الأخلاق، و يصدّه عن الشرّ و مساوي الأخلاق، و هو الّذي كان يناديه: السّلام عليك يا محمّد يا رسول اللّه، و هو شاب لم يبلغ درجة الرسالة بعد، فيظنّ أنّ ذلك من الحجر و الأرض، فيتأمّل فلا يرى شيئا (1).

3-و روى محمّد بن علي بن شهر اشوب (2)في كتاب «الفضائل» قال:

روى الشعبي (3)، و داود بن عامر (4): أنّ اللّه تعالى قرن جبرائيل بنبوّة محمد صلى اللّه عليه و آله و سلم ثلاث سنين، يسمع حسّه و لا يرى شخصه، و يعلّمه الشيء بعد الشيء، و لا ينزل عليه القرآن، فكان في هذه المدّة مبشّرا بالنبوّة (5)غير مبعوث إلى الأمّة (6).

4-قال الشيخ المتكلم الفاضل أبو عليّ محمّد بن أحمد بن الفتّال (7)النيسابوري المعروف بابن الفارسي رضي اللّه عنه في «روضة الواعظين» : اعلم أنّ الطائفة قد اجتمعت على أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم كان رسولا نبيّا مستخفيا، يصوم و يصلّي على خلاف ما كانت قريش تفعله منذ كلّفه اللّه (8).

ص:34


1- 1) شرح نهج البلاغة ج 13/207-و عنه البحار ج 15/361. [1]
2- 2) ابن شهر اشوب: محمد بن علي بن شهر اشوب السروي المازندراني المتوفى سنة (588) .
3- 3) الشعبي: (بفتح الشين) عامر بن شراحيل التابعي الحميري المتوفى في سنة (103) .
4- 4) داود بن عامر: بن سعد بن أبي وقّاص المديني الزهري.
5- 5) المناقب و [2]البحار [3]المطبوعان خاليان من لفظ (بالنبوّة) .
6- 6) المناقب ج 1/43-و [4]عنه البحار ج 18/193 ح 29. [5]
7- 7) الفتّال النيسابوري: أبو علي محمد بن الحسن بن علي بن أحمد بن علي الشهيد سنة (508) .
8- 8) روضة الواعظين:52. [6]

الباب الرابع

في معرفة أهل الكتاب له في وقت ولادته

انه صلى اللّه عليه و آله و سلم النبي المبعوث خاتم النبيّين

1-محمّد بن عليّ بن بابويه، باسناده عن ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، رفعه باسناده قال: لمّا بلغ عبد اللّه بن عبد المطّلب (1)زوّجه عبد المطلب (2)آمنة بنت وهب الزهري، فلمّا تزوّج بها حملت برسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم.

فروي عنها أنّها قالت: لمّا حملت به لم أشعر بالحمل، و لم يصبني ما يصيب النساء من ثقل الحمل، و رأيت في نومي كان آتيا أتاني فقال لي: قد حملت بخير الأنام، فلمّا كان وقت الولادة خفّ عليّ ذلك حتى وضعته، و هو يتّقي الأرض بيديه و ركبتيه، و سمعت قائلا يقول: وضعت خير البشر فعوّذيه بالواحد الصمد، من شرّ كل باغ و حاسد.

فولد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم عام الفيل لاثنتي عشرة مضت من شهر ربيع الأوّل يوم الاثنين.

فقالت آمنة: لمّا سقط إلى الأرض إتّقى الأرض بيديه و ركبتيه، و رفع يده

ص:35


1- 1) عبد اللّه بن عبد المطّلب الملقّب بالذبيح ولد بمكّة المكرمة سنة (81 ق ه) و توفي بالمدينة سنة (53 ق ه) .
2- 2) عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف زعيم قريش في الجاهلية، ولد بالمدينة سنة (127 ق ه) و توفي بمكة سنة (45 ق ه) .

إلى السماء، و خرج منّي نور أضاء ما بين السماء إلى الأرض، و رميت الشياطين بالنجوم و حجبوا عن السماء، و رأت قريش الشهب و النجوم تسير في السماء، ففزعوا لذلك و قالوا: هذا قيام الساعة، و اجتمعوا إلى الوليد بن المغيرة (1)فأخبروه بذلك، و كان شيخا كبيرا مجرّبا، فقال: أنظروا إلى هذه النجوم الّذي يهتدى (2)بها في البرّ و البحر، فإن كانت قد زالت فهو قيام الساعة، و إن كانت ثابتة فهو لأمر قد حدث.

و أبصرت الشياطين ذلك، فاجتمعوا إلى إبليس فأخبروه بأنّهم قد منعوا من السماء و رموا بالشهب، فقال: اطلبوا، فإنّ أمرا قد حدث، فجالوا في الدنيا و رجعوا و قالوا: لم نر شيئا.

فقال: أنا لهذا، فخرق ما بين المشرق و المغرب، فلمّا انتهى إلى الحرم وجد الحرم محفوفا بالملائكة، فلمّا أراد أن يدخل صاح به جبرئيل عليه السلام فقال له: إخسأ يا ملعون، فجاء من قبل حراء فصار مثل الصرّ (3)قال: يا جبرئيل ما هذا؟ قال: هذا نبيّ قد ولد و هو خير الأنبياء، فقال: هل لي فيه نصيب؟ قال: لا، قال: ففي أمّته؟ قال: بلى، قال: قد رضيت.

قال: و كان بمكّة يهوديّ، يقال له: يوسف، فلمّا رأى النجوم يقذف بها و تتحرّك، قال: هذا نبيّ قد ولد في هذه الليلة، و هو الذي نجده في كتبنا أنّه إذا ولد، و هو آخر الأنبياء، رجمت الشياطين، و حجبوا عن السماء، فلمّا أصبح

ص:36


1- 1) الوليد بن المغيرة: بن عبد اللّه ولد سنة (95 ق ه) . كان من قضاة العرب في الجاهلية. و كان من المستهزئين بالنبي صلى اللّه عليه و آله و سلم، و هلك في مكّة بثلاثة أشهر من الهجرة، و هو والد خالد بن الوليد.
2- 2) في المصدر: تهتدوا بها.
3- 3) في المصدر: الصرد (بضم الصاد و فتح الراء) طائر أخضر الظهر و أبيض البطن يسمّى الأخطب الأخطل، و أما الصرّ (بفتح الصاد و تشديد الراء) فهو طائر أصفر اللون.

جاء إلى نادي (1)قريش فقال: يا معشر قريش هل ولد فيكم اللّيلة مولود؟ قالوا: لا، قال: أخطأتم و التوراة (2): ولد إذا بفلسطين و هو آخر الأنبياء و أفضلهم، فتفرّق القوم، فلمّا رجعوا إلى منازلهم أخبر كلّ واحد منهم أهله بما قال اليهوديّ، فقالوا: لقد ولد لعبد اللّه بن عبد المطّلب ابن في هذه اللّيلة:

فأخبروا لذلك يوسف اليهوديّ.

فقال لهم: قبل أن أسألكم أو بعده؟ فقالوا: قبل ذلك، قال:

فأعرضوه عليّ فمشوا إلى باب بيت آمنة، فقالوا: أخرجي ابنك ينظر إليه هذا اليهوديّ، فأخرجته في قماطه، فنظر في عينيه و كشف عن كتفيه، فرأى شامة سوداء بين كتفيه، و عليها شعرات، فلمّا نظر إليه وقع على الأرض مغشيّا عليه، فتعجّب منه قريش و ضحكوا عليه، فقال: أتضحكون يا معشر قريش هذا نبيّ السيف ليبترنكم (3)و قد ذهبت النبوّة من بني إسرائيل إلى آخر الأبد، و تفرّق الناس و يتحدّثون بخبر اليهوديّ.

و نشأ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم في اليوم كما ينشؤ غيره في الجمعة (4)، و ينشؤ في الجمعة كما ينشؤ غيره في الشهر (5).

2-محمّد بن يعقوب، بإسناده عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: لمّا ولد النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم جاء رجل من أهل الكتاب إلى ملأ من قريش، فيهم هشام بن المغيرة (6)، و الوليد بن المغيرة، و العاص بن

ص:37


1- 1) النادي: مجلس القوم و ما داموا مجتمعين فيه.
2- 2) أخطأتم و التوراة: أي بحق التوراة صرف عنكم هذا المولود العظيم إلى غيركم.
3- 3) في المصدر: ليبيرنّكم أي ليهلكنّكم، و في بعض النسخ: ليبرّنّكم أي ليصيرنّكم ابترا، و الأبتر من لا عقب له.
4- 4) الجمعة: (بضم الجيم و سكون الميم) : الأسبوع.
5- 5) كمال الدين:196 ح 39 و [1]عنه البحار 15/369 ح 15-و [2]أورده اليعقوبي مختصرا في تاريخه ج 2/9 ط بيروت.
6- 6) هشام بن المغيرة: بن عبد اللّه بن عمر المخزومي، كان من أكابر العرب في الجاهلية من أهل مكة، و كانت قريش و كنانة و من والاهم يؤرّخون بثلاثة أشياء: بناء الكعبة، و عام الفيل، ثم-Ẓ

هشام (1)، و أبو وحرة (2)بن أبي عمرو بن أميّة و عتبة بن ربيعة (3)فقال: أولد فيكم مولود اللّيلة؟ قالوا: لا، قال: فولد إذن بفلسطين (4)غلام اسمه أحمد، به شامة (5)كلون الخزّ الأدكن (6)و يكون هلاك أهل الكتاب و اليهود على يديه، قد أخطأتم (7)و اللّه يا معشر قريش.

فتفرّقوا و سألوا، فأخبروا أنّه قد ولد لعبد اللّه بن عبد المطلّب غلام، فطلبوا الرجل فلقوه، فقالوا: إنّه قد ولد فينا و اللّه غلام، قال: قبل أن أقول لكم أو بعد ما قلت لكم؟ قالوا: قبل أن تقول لنا، قال: فانطلقوا بنا إليه حتى ننظر إليه، فانطلقوا حتى أتوا أمّه، فقالوا: اخرجي ابنك حتى ننظر إليه، فقالت: إنّ ابني و اللّه لقد سقط و ما سقط كما يسقط الصبيان، لقد إتّقى

ص:38


1- 1) العاص بن هشام: مشترك بين شخصين: أحدهما العاص بن هشام بن المغيرة المخزومي قتل على الشرك يوم بدر سنة (2) ، و الثاني العاص بن هشام بن الحارث بن أسد من زعماء قريش في الجاهلية، و كان ممّن نقض الصحيفة التي تعاقد فيها مشركو قريش على مقاطعة بني هاشم حتى يسلّموا إليهم محمّدا صلى اللّه عليه و آله، و اتفق مع آخرين على تمزيقها فشقّوها، و لم يعرف عنه إذاء للنبي صلى اللّه عليه و آله، بل كان في بدء الدعوة يكفّ الناس عنه، و لمّا كانت وقعة بدر حضرها مع المشركين، و نحر لهم على ماء بدر عشرة جزر، و نهى النبي صلى اللّه عليه و آله عن قتله، إلاّ أنّ المجذر بن زياد البلوي قتله.
2- 2) أبو وحرة: بن عمرو بن أمية من زعماء الجاهلية، و الوحرة بتحريك الحاء المهملة: الوحش، بسكون الحاء: الجمامة.
3- 3) عتبة بن ربيعة: بن عبد الشمس من كبراء قريش في الجاهلية، شهد بدرا مع المشركين، فقتله أمير المؤمنين عليه السلام و الحمزة و عبيدة بن الحارث سنة (2) ه.
4- 4) فلسطين (بكسر الفاء و فتح اللام) آخر كور الشام من ناحية مصر و من مدنها المشهورة بيت المقدس و عسقلان و الرملة و غزّة.
5- 5) الشامة: الخال أي بشر سوداء في البدن حولها شعر.
6- 6) الأدكن: شيء مال لون [1]ه إلى السواد.
7- 7) في المصدر و البحار: أخطأكم، و على التقديرين يكون المراد أنّ آمره أو خبره جاوزكم و لم يصل بعد إليكم، و صرف عنكم هذا المولود العظيم إلى غيركم.

الأرض بيديه و رفع رأسه إلى السماء فنظر إليها، ثمّ خرج منه نور حتى نظرت إلى قصور بصرى (1).

فسمعت هاتفا في الجوّ يقول: لقد ولدتيه سيّد الأمّة فإذا وضعتيه فقولي:

أعيذه بالواحد من شرّ كلّ حاسد و سمّيه محمّدا.

قال الرجل: فأخرجيه لنا، فأخرجته فنظر إليه، ثمّ قلّبه و نظر إلى الشامّة بين كتفيه، فخرّ مغشيّا عليه، فأخذوا الغلام فأدخلوه إلى أمّه، و قالوا: بارك اللّه لك فيه، فلمّا خرجوا أفاق، فقالوا له: مالك ويلك؟ قال: ذهبت نبوّة بني إسرائيل إلى يوم القيمة، هذا و اللّه يبيرهم، ففرحت قريش بذلك، فلمّا رآهم قد فرحوا قال: أفرحتم؟ ! أما و اللّه ليسطونّ بكم سطوة (2)يتحدّث بها أهل المشرق و المغرب، و كان أبو سفيان (3)يقول: يسطو بمصره (4)(5)

ص:39


1- 1) بصرى (كصغرى) : بلد بالشام و هي أوّل مدينة فتحها العرب في الشام، و هي التي وصل إليها النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم للتجارة.
2- 2) السطوة (بفتح السين و سكون الطاء) : القهر بالبطش.
3- 3) أبو سفيان: سخر بن حرب بن أمية من رؤساء الكفار في حروب الاسلام ولد سنة (57) قبل الهجرة النبوية، و أسلم ظاهرا يوم فتح مكة سنة (8) و فقئت عيناه يوم الطائف و يوم اليرموك فعمى ظاهره كباطنه، و هلك بالمدينة و قيل: بالشام سنة (31) ه.
4- 4) يسطو بمصره: قال المجلسي قدّس سرّه في مرآة العقول [1]في شرح الحديث: قوله: يسطو بمصره، الظاهر أنه قال ذلك على الهزء و الانكار، أي كيف يقدر على أن يسطو بمصره، أو كيف يسطو بقومه و عشيرته، و يحتمل أن يكون قال ذلك على سبيل الاذعان في ذلك الوقت. و فيما رواه القطب الراوندي قدّس سرّه في «الخرائج» ج 1/71 و كان أبو سفيان يقول: إنما يسطو بمضر (بالضاد المعجمة) أي بقبيلة مضر.
5- 5) الكافي ج 8/300 ح 459-و [2]عنه البحار ج 15/294 ح 29. [3]

ص:40

الباب الخامس

في معرفة أهل الكتاب له بالنعت له في كتبهم و ما ظهر لهم من دلائل النبوة

1-محمّد بن علي بن بابويه، باسناده عن ابن عباس (1)، عن أبيه العباس بن عبد المطّلب (2)، عن أبي طالب (3)، قال: خرجت إلى الشام تاجرا سنة ثمان من مولده النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم، و كان في أشدّ ما يكون من الحرّ، فلمّا أجمعت (4)على السير، قال لي رجال من قومي: ما تريد أن تفعل بمحمّد صلى اللّه عليه و آله و سلم و على من تخلّفه؟ فقلت: لا أريد أن أخلّفه

ص:41


1- 1) ابن عبّاس: عبد اللّه بن العبّاس بن عبد المطّلب الهاشمي، أبو العبّاس حبر الأمّة الصحابي الجليل-ولد بمكّة سنة (3 ق ه) و نشأ في بدء عصر النبوّة، فلازم النبي صلى اللّه عليه و آله و روى عنه أحاديث كثيرة، و شهد مع أمير المؤمنين عليه السلام الجمل و صفّين، و كفّ بصره في آخر عمره، فسكن الطائف و توفّي بها سنة (68) ، و كان آية في الحفظ، أنشده ابن أبي ربيعة قصيدته التي مطلعها: «آمن آل نعم أنت غاد فمبكر» فحفظها مرة واحدة و هي ثمانون بيتا.
2- 2) العباس بن عبد المطلب: أبو الفضل كان من أكابر قريش في الجاهلية و الاسلام ولد سنة (51 ق ه) و كانت له سقاية الحاجّ، أسلم قبل الهجرة و كتم إسلامه و أقام بمكّة يكتب إلى النبي صلى اللّه عليه و آله أخبار المشركين، ثم هاجر إلى المدينة و شهد وقعة حنين فكان ممّن ثبت حين انهزم الناس، و عمى في آخر عمره، و أحصي ولده في عصر المأمون العباسي سنة (200) فبلغوا (33000) ، توفي بالمدينة سنة (32) .
3- 3) أبو طالب بن عبد المطّلب: اختلف في اسمه، قيل: عمران، و قيل: غيره، كان من أبطال بني هاشم، و كافل النبي صلى اللّه عليه و آله في سفره و حضره، و أسلم سرّا يكتم إيمانه لمصلحة الاسلام، ولد سنة (85 ق ه) و توفي سنة (3 ق ه) .
4- 4) أجمع على الأمر: عزم عليه كأنّه جمع نفسه له.

على أحد من الناس، أريد أن يكون معي، فقيل لي: غلام صغير في حرّ مثل هذا تخرجه معك؟ فقلت: و اللّه لا يفارقني حيث ما توجّهت أبدا فإنّي لأوطيء له الرحل، فذهبت فحشوت له حشية (1)كساء (2)و كتانا.

و كنّا ركبانا (3)كثيرا، فكان و اللّه البعير الذي عليه محمد صلى اللّه عليه و آله و سلم أمامي لا يفارقني فكان يسبق الركب كلّهم، فكان إذا اشتد الحرّ جاءت سحابة بيضاء مثل قطعة ثلج فتسلّم عليه، فتقف على رأسه و لا تفارقه، و كانت ربما أمطرت علينا السحابة بأنواع الفواكه و هي تسير معنا، و ضاق الماء بنا في طريقنا حتى كنّا لا نصيب قربة (4)إلاّ بدينارين، و كنّا حيث ما نزلنا تمتلىء الحياض، و يكثر الماء، و تخضرّ الأرض.

فكنّا في كلّ خصب و طيب من الخير، و كان معنا قوم قد وقفت جمالهم فمشى إليها رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم فمسّح يده عليها فسارت، فلمّا قربنا من بصرى الشام، إذا نحن بصومعة قد أقبلت تمشي كما تمشي الدابّة السريعة حتى قربت منّا و وقفت، و إذا فيها راهب، و كانت السحابة لا تفارق رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله ساعة واحدة، و كان الرّاهب لا يكلّم الناس و لا يدري ما الركب (5)و ما فيه من التجارة.

فلمّا نظر إلى النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم عرفه، فسمعته يقول له: إن كان أحد فأنت أنت، قال: فنزلنا تحت شجرة عظيمة قريبة من الرّاهب، قليلة الأغصان ليس لها حمل، و كانت الركبان تنزل تحتها، فلمّا نزلها رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم اهتزّت الشجرة و ألقت أغصانها على رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم و حملت من ثلاثة أنواع من الفاكهة: فاكهتان للصيف، و فاكهة

ص:42


1- 1) الحشية (بفتح الحاء و كسر الشين و فتح الياء المشدّدة) : الفراش المحشوّ.
2- 2) في بعض النسخ: (ريشا و كتانا) و لعله هو الصواب.
3- 3) الركبان (بضم الراء و سكون الكاف) : جمع الراكب و هو خلاف الماشي.
4- 4) القربة (بكسر القاف و سكون الراء) : وعاء يجعل فيه اللبن أو الماء.
5- 5) الركب (بفتح الراء و سكون الكاف) : اسم جمع أو جمع الراكب.

للشتاء، فتعجّب جميع من معنا من ذلك، فلمّا رأى بحيرا الراهب ذلك ذهب، فاتّخذ لرسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم طعاما بقدر ما يكفيه.

ثمّ جاء و قال: من يتولّى أمر هذا الغلام؟ فقلت: أنا، فقال: أيّ شيء تكون منه؟ عليه السلام فقلت: أنا عمّه، فقال: يا هذا إنّ له أعماما، أيّ الأعمام أنت؟ فقلت أنا أخو أبيه من أمّ واحدة، فقال: إنّه هو، و إلاّ فلست بحيراء (1).

ثمّ قال لي: يا هذا أتأذن لي أن أقرّب هذا الطعام منه ليأكله؟ فقلت:

قرّبه إليه، و التفتّ إلى النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم فقلت: يا بنيّ رجل أحبّ أن يكرمك فكل، فقال: هو لي دون أصحابي؟ فقال بحيرا: نعم هو لك خاصّة، فقال النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم: فإنّي لا آكل دون هؤلاء، فقال بحيرا: إنّه لم يكن عندي أكثر من هذا، فقال: أفتأذن يا بحيرا أن يأكلوا معي؟ فقال: بلى فقال: كلوا بسم اللّه، فأكل و أكلنا معه، فو اللّه لقد كنّا مائة و سبعين رجلا و أكل كلّ واحد منّا حتى شبع و تجشّئ، قال: و بحيرا قائم على رأس رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم يذبّ عنه و يتعجّب من كثرة الرجال و قلّة الطعام، و في كلّ ساعة يقبّل رأسه و يافوخه (2)، و يقول: هو هو و ربّ المسيح، و الناس لا يفقهون، فقال له رجل من الركبان: إنّ لك لشأنا و قد كنّا نمرّ بك قبل اليوم فلا تفعل بنا هذا البر؟ فقال بحيرا: و اللّه إنّ لي لشأنا و شأنا و إنّي لأرى ما لا ترون، و أعلم ما لا تعلمون، و إنّ تحت هذه الشجرة لغلاما لو أنتم تعلمون منه ما أعلم لحملتموه على أعناقكم حتى تردّوه إلى وطنه و اللّه ما أكرمتكم إلاّ له.

و لقد رأيت له و قد أقبل نورا أمامه ما بين السماء و الأرض، و لقد رأيت رجالا في أيديهم مراوح الياقوت و الزبرجد يروّحونه، و آخرون ينثرون عليه

ص:43


1- 1) بحيراء (بفتح الباء و كسر الحاء) : كان راهبا على مذهب النساطرة، و كان يدعو إلى التوحيد.
2- 2) اليافوخ: الموضع الذي يتحرك من رأس الطفل و هو فراغ بين عظام جمجمته في مقدّمها و أعلاها لا يلبث أن تلتقي فيه العظام.

أنواع الفواكه، ثمّ هذه السحابة لا تفارقه، ثم صومعتي مشت إليه كما تمشي الدابّة على رجلها.

ثمّ هذه الشجرة لم تزل يابسة قليلة الأغصان و لقد كثرت أغصانها و اهتزّت و حملت ثلاثة أنواع من الفواكه: فاكهتان للصيف، و فاكهة للشتاء.

ثمّ هذه الحياض قد غارت و ذهب ماؤها أيّام تمرّج (1)بني إسرائيل بعد الحواريّين حين وردوا عليهم، فوجدنا في كتاب شمعون الصفا: أنّه دعا عليهم فغارت و ذهب ماؤها.

ثمّ قال: متى ما رأيتم قد ظهر في هذه الحياض الماء فاعلموا أنّه لأجل نبيّ يخرج في أرض تهامة مهاجرا إلى المدينة، اسمه في قومه محمّد (2)الأمين و في السماء أحمد صلى اللّه عليه و آله و سلم، و هو من عترة إسماعيل بن إبراهيم لصلبه، فو اللّه إنّه لهو.

ثمّ قال بحيرا: يا غلام أسألك عن ثلاث خصال بحقّ اللاّت و العزّى إلاّ اخبرتنيها فغضب رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم عند ذكر اللاّت و العزّى، و قال: لا تسألني بهما فو اللّه ما أبغضت شيئا كبغضهما، و إنّما هما صنمان من حجارة لقومي.

فقال بحيراء: هذه و اللّه واحدد، ثمّ قال: فباللّه إلاّ ما أخبرتني، فقال:

سل عمّا بدا لك، فإنّك قد سألتني بإلهي، و إلهك الذي ليس كمثله شيء.

فقال: أسألك عن نومك و هيأتك و أمورك و يقظتك، فأخبره عن نومه و هيأته و أموره و يقظته و جميع شأنه، فوافق ذلك ما عند بحيرا من صفته الّتي عنده، فانكبّ عليه بحيرا فقبّل رجليه و قال: يا بنيّ ما أطيبك و أطيب ريحك؟ ! يا أكثر النبيّين أتباعا، يا من بهاء نور الدنيا من نوره، يا من بذكره

ص:44


1- 1) التمرّج: أصله المرج بمعنى الفساد. و لكن ما وجدنا في كتب المعاجم التي بأيدينا نقل المرج إلى باب التفعل.
2- 2) في المصدر: اسمه في قومه الأمين.

تعمر المساجد، كأنّي بك قد قدت (1)الأجناد و الخيل الجياد، و قد تبعك العرب و العجم طوعا و كرها، و كأنّي باللاّت و العزّى و قد كسرتهما، و قد صار البيت العتيق لا يملكه أحد غيرك، تضع مفاتيحه حيث تريد، كم من بطل من قريش و العرب تصرعه! معك مفاتيح الجنان و النيران، معك الذبح الأكبر و هلاك الأصنام، أنت الذي لا تقوم الساعة حتى تدخل الملوك كلّها في دينك صاغرة قمئة (2)، فلم يزل يقبّل يديه مرّة و رجليه مرّة و يقول: لإن أدركت زمانك لأضربنّ بين يديك بالسيف ضرب الزند (3)بالزند، أنت سيّد ولد آدم، و سيّد المرسلين، و إمام المتّقين، و خاتم النبيّين، و اللّه لقد ضحكت الأرض يوم ولدت، فهي ضاحكة إلى يوم القيمة فرحا بك، و اللّه لقد بكت البيع و الأصنام و الشياطين، فهي باكية إلى يوم القيمة، أنت دعوة إبراهيم و بشرى عيسى، أنت المقدّس المطهّر من أنجاس الجاهليّة.

ثمّ التفت إلى أبي طالب فقال: ما يكون (4)هذا الغلام منك فإنّي أراك لا تفارقه؟ فقال أبو طالب: هو ابني، فقال: ما هو بابنك، و ما ينبغي لهذا الغلام أن يكون والده الّذي ولده حيّا و لا أمّه، فقال: إنّه ابن أخي، و قد مات أبوه و أمّه حاملة به، و ماتت أمّه و هو ابن ستّ سنين فقال: صدقت هكذا هو، و لكن أرى لك أن تردّه إلى بلده عن هذا الوجه، فإنّه ما بقي على ظهر الأرض يهوديّ و لا نصرانيّ و لا صاحب كتاب إلاّ و قد علم بولادة هذا الغلام و لئن رأوه و عرفوا منه ما قد عرفت أنا منه ليبغنّه شرّا و أكثر ذلك هؤلاء اليهود.

فقال أبو طالب: و لم ذلك؟ قال: لأنّه كاين لابن أخيك هذا النبوّة و الرسالة، و يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى و عيسى، فقال أبو

ص:45


1- 1) قدت: الماضي المخاطب من قاد يقود الدابّة أي مشى أمامها آخذا بزمامها.
2- 2) القمئة (بفتح القاف و كسر الميم) : الذليلة الصغيرة.
3- 3) الزند: العود الأعلى الذي يقتدح به النار.
4- 4) لا يخفى أنّ هذا السؤال وقع تكرارا لأنه قد سأل قبل ذلك عن النسبة بينهما.

طالب: كلاّ إن شاء اللّه لم يكن اللّه ليضيّعه.

ثمّ خرجنا به إلى الشام، فلمّا قربنا من الشام رأيت و اللّه قصور الشامات كلّها قد اهتزّت، و علا منها نور أعظم من نور الشمس، فلمّا توسطنا الشام، ما قدرنا أن نجوز سوق الشام من كثرة ما ازدحم الناس و ينظرون إلى وجه رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم، و ذهب الخبر في جميع الشامات، حتى ما بقي فيها حبر و لا راهب إلاّ اجتمع عليه.

فجاء حبر عظيم، كان اسمه نسطور، فجلس حذاه ينظر إليه و لا يكلّمه بشيء حتى فعل ذلك ثلثة أيّام متوالية، فلمّا كانت اللّيلة الثالثة لم يصبر حتى قام إليه فدار خلفه كأنّه يلتمس منه شيئا، فقلت له: يا راهب كأنّك تريد منه شيئا؟ فقال أجل إنّي أريد منه شيئا، ما اسمه عليه السلام؟ قلت: محمّد بن عبد اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم، فتغيّر و اللّه لونه، ثمّ قال: فترى أن تأمره أن يكشف لي عن ظهره لأنظر إليه؟ فكشف عن ظهره، فلمّا رأى الخاتم انكبّ عليه يقبّله و يبكي.

ثمّ قال: يا هذا اسرع بردّ هذا الغلام إلى موضعه الّذي ولد فيه، فإنّك لو تدري كم عدوّ له في أرضنا لم تكن بالّذي تقدّمه معك، فلم يزل يتعاهده في كلّ يوم و يحمل إليه الطعام، فلمّا خرجنا منها أتاه بقميص من عنده، فقال له:

ترى أن تلبس هذا القميص لتذكرني (1)به؟ فلم يقبله و رأيته كارها لذلك، فأخذت أنا القميص مخافة أن يغتمّ و قلت: أنا ألبسه، و عجّلت به حتى رددته إلى مكّة، فو اللّه ما بقي بمكّة يومئذ امرأة، و لا كهل و لا شابّ، و لا صغير، و لا كبير إلاّ استقبلوه شوقا إليه ما خلا أبا جهل (2)لعنه اللّه فإنّه كان فاتكا (3)

ص:46


1- 1) في المصدر: فقال لي: أترى أن يلبس هذا القميص ليذكرني به.
2- 2) أبو جهل: عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي كان أشدّ الناس عداوة للنبي صلى اللّه عليه و آله و قتل في وقعة بدر الكبرى سنة (2) .
3- 3) الفاتك: الجريء على ما همّ من الأمور و ما دعته النفس إليه.

ماجنا (1)قد ثمل (2)من السكر (3)

2-و في حديث آخر: لما فارقه بحيرا بكى بكاء شديدا، و أخذ يقول:

يا ابن آمنة كأنّي بك و قد رمتك العرب بوترها، و قد قطعك الأقارب، و لو علموا لكنت عندهم بمنزلة الأولاد.

ثمّ التفت إليّ و قال: أمّا أنت يا عمّ فارع فيه قرابتك الموصولة، احفظ فيه وصيّة أبيك، فإنّ قريشا ستهجرك فيه فلا تبال فإنّي أعلم أنّك لا تؤمن به ظاهرا، و ستؤمن به باطنا، و لكن سيؤمن به ولد تلده، و سينصره نصرا عزيزا، اسمه في السماوات البطل (4)الهاصر (5)، و الشجاع الأنزع (6)، منه الفرخان المستشهدان و هو سيّد العرب و العجم، و رئيسها و ذو قرنيها، و هو في الكتب أعرف من أصحاب عيسى عليه السلام.

فقال أبو طالب: فقد رأيت و اللّه الذي وصفه بحيرا و أكثر (7).

3-و عنه باسناده عن ابن أبي عمير (8)، عن أبان بن عثمان (9)، يرفعه قال: لمّا بلغ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم أراد أبو طالب أن يخرج إلى الشام في عير (10)قريش، فجاء رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم و تشبّث بالزمام و قال يا عمّ على من تخلّفني؟ لا على أمّ و لا على أب، و قد كانت أمّه توفّيت، فرقّ له أبو طالب و رحمه و أخرجه معه، و كانوا إذا ساروا تسير على رأس

ص:47


1- 1) الماجن: صلب الوجه قليل الحياء.
2- 2) ثمل (بكسر الميم في الماضي) : أخذ فيه الخمر و أسكره.
3- 3) كمال الدين:182-186 ح 33 و [1]عنه البحار ج 15/193-198 ح 14 و [2]الخرائج:3/ 1084 ح 17.
4- 4) البطل (بفتح الباء و الطاء) : الشجاع.
5- 5) الهاصر: الأسد، لأنّه يهصر فريسته أي يجذبها و يكسرها كسرا.
6- 6) الأنزع: من انحسر الشعر عن جانبي جبهته.
7- 7) كمال الدين ج 1 ص 187 و [3]عنه «البحار» ج 15 ص 198 ح 15. [4]
8- 8) ابن أبي عمير: هو محمد بن زياد بن عيسى المتوفي (217) تقدّمت ترجمته.
9- 9) أبان بن عثمان: بن يحيى بن زكريا المعروف بالأحمر المتوفّي نحو (200) مرّ ذكره.
10- 10) العير (بكسر العين و سكون الياء) قافلة الحمير، و أطلقت على كلّ قافلة.

رسول اللّه غمامة تظلّه من الشمس، فمرّوا في طريقهم برجل يقال له: بحيرا، فلمّا رأى الغمامة تسير معهم نزل من صومعته، و اتّخذ لقريش طعاما، و بعث إليهم يسألهم أن يأتوه، و قد كانوا نزلوا تحت شجرة، فبعث إليهم يدعوهم إلى طعامه، فقالوا له: يا بحيرا و اللّه ما كنّا نعهد هذا منك، قال: قد أحببت أن تأتوني، فأتوه و خلّفوا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم في الرحل (1)، فنظر بحيرا إلى الغمامة قائمة، فقال لهم: هل بقي منكم أحد لم يأتني؟ فقالوا: ما بقي منّا إلاّ غلام حدث خلّفناه في الرحل، فقال: لا ينبغي أن يتأخّر عن طعامي أحد منكم، فبعثوا إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم، فلمّا أقبل أقبلت الغمامة، فلمّا نظر إليها بحيرا قال: من هذا الغلام؟ قالوا: ابن هذا، و أشاروا إلى أبي طالب، فقال له: بحيرا هذا ابنك؟ فقال أبو طالب: هذا ابن أخي، قال ما فعل أبوه؟ قال: توفّي و هو حمل، فقال بحيرا لأبي طالب: ردّ هذا الغلام إلى بلاده، فإنّه إن علمت اليهود ما أعلم منه قتلوه، فإنّ لهذا شأنا من الشأن، هذا نبيّ هذه الأمّة، هذا نبيّ السيف (2).

4-محمّد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري (3)في «قرب الاسناد» (4)عن

ص:48


1- 1) الرحل (بفتح الراء و سكون الحاء) ما يستصحب من الأثاث في السفر.
2- 2) كمال الدين:187 ح 35-و [1]عنه البحار ج 15/200 ح 17. [2]
3- 3) الحميري: محمد بن عبد اللّه بن جعفر بن الحسين أبو جعفر القمي، كاتب صاحب العصر و الزمان عجل اللّه تعالى فرجه الشريف و سأله مسائل في أبواب الشريعة و كان حيّا في سنة (304) . فإنّه أجاز في تلك السنة أبا عمرو سعيد بن عمران أن يروي عنه كتاب قرب الاسناد. [3]
4- 4) قرب الاسناد: [4] قال شيخنا صاحب الذريعة: [5]قرب الاسناد [6]مجموع من الأخبار وسائطها إلى المعصوم قليلة-و قد كان الاسناد العال عند القدماء ممّا يشدّ له الرحال، و يبتهج به أعين الرجال، و لذا أفرده بالتصنيف جمع منهم شيخ القمّيين أبو العباس عبد اللّه بن جعفر بن الحسين، سمع منه أهل الكوفة في سنة نيّف و تسعين و مائتين، و قد جمع الأسانيد إلى كل إمام في جزء، و الموجود منها بعض، و هو قرب الاسناد [7]إلى الصادق عليه السلام و قرب الاسناد [8]إلى الرضا عليه السلام، و سائر الأجزاء لا عين منها و لا أثر فعلا، و ذكر النجاشي بعض الأجزاء أيضا و هو قرب الاسناد [9]إلى أبي جعفر الجواد عليه السلام، و قرب الاسناد [10]إلى صاحب الأمر-

أبيه، عن الحسن بن ظريف (1)، عن معمّر (2)عن الرّضا، عن أبيه موسى بن جعفر عليهم السلام قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام ذات يوم و أنا طفل خماسي، إذ دخل عليه نفر من اليهود، فقالوا: أنت ابن محمّد نبيّ هذه الأمّة، و الحجّة على أهل الأرض؟ قال لهم: نعم.

قال: إنّا نجد في التوراة أنّ اللّه تبارك و تعالى آتى إبراهيم و ولده الكتاب و الحكمة و النبوّة، و جعل لهم الملك و الامامة، و هكذا وجدنا ورثة الأنبياء لا تتعدّاهم النبوّة و الخلافة، فما بالكم قد تعدّاكم ذلك و ثبت في غيركم، و نلقاكم مستضعفين لا ترقب فيكم ذمّة نبيّكم (3)؟

فدمعت عينا أبي عبد اللّه عليه السلام ثمّ قال: نعم لم تزل أنبياء اللّه مضطهدة (4)مقهورة مقتولة بغير حقّ، و الظلمة غالبة، و قليل من عبادي الشكور.

قالوا: فإنّ الأنبياء و أولادهم علموا من غير تعليم، و أوتوا العلم تلقينا، و كذلك ينبغي لأئمّتهم و خلفائهم و أوصيائهم، فهل أوتيتم ذلك؟ فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: ادنه يا موسى فدنوت فمسح يده على صدري ثم قال:

اللهم أيّده بنصرك بحق محمّد و آله.

ثمّ قال: سلوه عمّا بدا لكم، قالوا: كيف نسأل طفلا لا يفقه، قلت:

سلوني تفقها و دعوا العنت (5)، قالوا: أخبرنا عن الآيات التسع التي أوتيها موسى بن عمران، قلت: العصا، و إخراجه يده من جيبه بيضاء، و الجراد،

ص:49


1- 1) الحسن بن ظريف: بن ناصح أبو محمد الكوفي البغدادي من أصحاب الهادي عليه السلام.
2- 2) معمر بن خلاد: بن أبي خلاد البغدادي من أصحاب الرضا عليه السلام.
3- 3) أي لماذا لا يحفظ فيكم ذمّة نبيّكم، و الذمّة: العهد، و الحرمة و الحقّ.
4- 4) المضطهدة: المقهورة المظلومة.
5- 5) أي لا تسألوني متعنتا، و المتعنّت من يسأل غيره إيذاء و تلبيسا.

و القمّل، و الضفادع، و الدم، و رفع الطور، و المنّ و السلوى آية واحدة، و فلق البحر.

قالوا: صدقت فما أعطي نبيّكم من الآيات التي نفت الشك عمّن أرسل إليه: قلت: آيات كثيرة أعدّها إنشاء اللّه فاسمعوا وعوا و افقهوا.

و ذكر آيات كثيرة في الحديث مذكورة، إلى أن قال موسى بن جعفر عليه السلام في الآيات:

و من ذلك أنّه توجّه إلى الشام قبل مبعثه مع نفر من قريش، فلمّا كان بحيال بحيرا الراهب نزلوا بفناء ديره، و كان عالما بالكتب، و قد كان قرأ في التوراة مرور النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم به، و عرف أوان ذلك، فأمر فدعى إلى طعامه، فأقبل يطلب الصفة في القوم فلم يجدها، فقال: هل بقي في رجالكم أحد؟ فقالوا: غلام يتيم، فقام بحيرا فاطلع، فإذا هو برسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم نائم، و قد أظلّته سحابة، فقال للقوم: ادعوا هذا اليتيم، ففعلوا و بحيرا مشرف عليه، و هو يسير و السحابة قد أظلّته، فأخبر القوم بشأنه و أنّه سيبعث فيهم رسولا و ما يكون من حاله و أمره، فكان القوم بعد ذلك يهابونه و يبجّلونه فلمّا قدموا أخبروا قريشا بذلك، و كان معهم عبد خديجة بنت خويلد، فرغبت في تزويجه و هي سيّدة نساء قريش، و قد خطبها كلّ صنديد (1)و رئيس قد أبتهم، فزوّجته نفسها للذي بلغها من خبر بحيراء (2)

5-و في تفسير الامام العسكري الحسن بن عليّ (3)عليهما السلام، عن أبيه عليه السلام في حديث طويل، قال عليه السلام: أمّا الغمامة فإنّ رسول اللّه

ص:50


1- 1) الصنديد (بكسر الصاد المهملة و سكون النون) : السيّد الشجاع.
2- 2) قرب الاسناد:132 و 136 و [1]عنه البحار ج 17/225 ح 1 و [2]ص 231. و الخرائج ج 1/ 115 ح 191.
3- 3) تفسير الامام: إملاء الامام الحادي عشر ال [3]حسن العسكري عليه السلام لخصوص [4] الولدين الذين خلفهم [5]ا أبواهما عنده للتعلم فجع [6]ل عليه السلام يمليه عليهما تشريفا لهما فكتب من إملائه عليه السلام قرب سبع سنين من سنة (254) -إلى سنة (260) ، ثم رويا بعد عودهما إلى-

صلى اللّه عليه و آله و سلم كان يسافر إلى الشام مضاربا لخديجة بنت خويلد، و كان من مكة إلى بيت المقدس مسيرة شهر، و كانوا في حمارّة القيظ يصيبهم حرّ تلك البوادي، و ربّما عصفت عليهم فيها الرياح، و سفت عليهم الرمال و التراب، و كان اللّه تعالى في تلك الأحوال يبعث لرسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم غمامة تظلّه فوق رأسه، تقف لوقوفه و تزول لزواله، إن تقدّم تقدّمت، و إن تأخّر تأخّرت، و إن تيامن تيامنت، و إن تياسر تياسرت.

فكانت تكفّ عنه حرّ الشمس من فوقه، و كانت تلك الرياح المثيرة لتلك الرمال و التراب تسفيها في وجوه قريش و وجوه رواحلها، حتى إذا دنت من محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلم هدأت و سكنت، و لم تحمل شيئا من رمل و لا تراب، و هبّت عليه ريح باردة لينة، حتى كانت قوافل قريش يقول قائلها: جوار محمد صلى اللّه عليه و آله و سلم أفضل من جوار خيمة، فكانوا يلوذون به، و يتقرّبون إليه، فكان الروح يصيبهم بقربه، و إن كانت الغمامة مقصورة عليه.

و كان إذا اختلط بتلك القوافل غرباء فإذا الغمامة تسير في موضع بعيد منهم، قالوا: إلى من قرنت هذه الغمامة فقد شرّف و كرّم، فتخاطبهم أهل القافلة أنظروا إلى الغمامة تجدوا عليها اسم صاحبها، و اسم صاحبه و صفيّه و شقيقه، فينظرون فيجدون مكتوبا عليها: لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم، أيّدته بعليّ سيد الوصيين، و شرّفته بأصحابه الموالين، و لعلّي و أوليائهما و المعادين لأعدائهما، فيقرأ ذلك و يفهمه من يحسن أن يقرأ و يكتب، و من لا يحسن ذلك (1).

ص:51


1- 1) تفسير المنسوب للامام العسكري:155 ح 77 و عنه البحار:17/307 صدر ح 15 و مدينة المعاجز:168 و اثبات الهداة:3/574 ح 662.

6-الطبرسي في «الاحتجاج» في حديث طويل عن الامام موسى بن جعفر، عن أبيه عن آبائه، عن الحسين بن علي، عن أبيه عليّ بن أبي طالب عليهم السلام قال له اليهوديّ: إنّ موسى عليه السلام قد ظلّل بالغمام، قال له عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، و قد فعل لموسى عليه السلام في التيه، و أعطي محمد صلى اللّه عليه و آله و سلم أفضل من هذا، إنّ الغمامة تظّله من يوم ولد إلى يوم قبض في حضره و أسفاره فهذا أفضل ممّا أعطي موسى عليه السلام (1).

7-محمد بن عليّ بن بابويه، باسناده، عن يعلي النسابة، قال: خرج خالد بن أسيد بن أبي العيص (2)و طليق بن سفيان بن أميّة (3)، تجّارا إلى الشّام سنة خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم فيها، فكانا معه و كانا يحكيان:

أنّهما رأيا في مسيره و ركوبه ممّا يصنع الوحش و الطير، فلمّا توسّطنا سوق بصرى، إذا نحن بقوم من الرّهبان قد جاؤوا متغيّري الألوان، كأنّ على وجوههم الزعفران، ترى منهم الرعدة، فقالوا: نحبّ أن تأتوا كبيرنا فإنّه ههنا قريب في الكنيسة العظمى، فقلنا: ما لنا و لكم؟ فقالوا: ليس يضرّكم من هذا شيء، و لعلّنا نكرمكم، و ظنّوا أنّ واحدا منّا محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلم، فذهبنا معهم حتى دخلنا معهم الكنيسة العظيمة البنيان، فإذا كبيرهم قد توسّطهم و حوله تلامذته، و قد نشر كتابا في يديه، فأخذ ينظر إلينا مرّة و في الكتاب مرّة، فقال لأصحابه: ما صنعتم شيئا، لم تأتوني بالذي أريد، و هو الآن هيهنا.

ثمّ قال لنا: من أنتم؟ فقلنا: رهط من قريش، فقال: من أيّ قريش؟ فقلنا: من بني عبد شمس، فقال لنا: معكم غيركم؟ فقلنا: بلى معنا شابّ من بني هاشم نسمّيه يتيم بني عبد المطلب، فو اللّه لقد نخر (4)نخرة

ص:52


1- 1) الاحتجاج ج 1/219-و [1]عنه البحار 10/39 و ج 17/287. [2]
2- 2) خالد بن اسيد بن أبي العيص بن أميّة كان من المشركين المحاربين، أسر في بدر. و بايع النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم بعد فتح مكة و أعطي من غنائم حنين.
3- 3) طليق بن سفيان بن أميّة كان أيضا ممّن بايع النبيّ بعد فتح مكّة و أعطي من غنائم حنين.
4- 4) نخر ينخر (بفتح الخاء في الماضي و ضمها في المضارع) الانسان: مدّ صوته و نفسه في خياشيمه.

كاد أن يغشى عليه، ثمّ وثب فقال: أوّه أوّه هلكت النصرانيّة و المسيح، ثمّ قام و اتّكى على صليب من صلبانه و هو مفكّر، و حوله ثمانون رجلا من البطارقة و التلامذة، فقال لنا: فيخفّ عليكم أن ترونيه؟ فقلنا له: نعم، فجاء معنا فإذا نحن بمحمد صلى اللّه عليه و آله و سلم قائم في سوق بصرى، و اللّه لكأنّا لم نر وجهه إلاّ يومئذ، كأنّ هلالا يتلألأ من وجهه، قد ربح الكثير و اشترى الكثير، فأردنا أن نقول للقسّيس هو هذا فإذا هو سبقنا فقال: هو هو، قد عرفته و المسيح، فدنا منه، و قبّل رأسه، و قال له: أنت المقدّس.

ثمّ أخذ يسأله عن أشياء من علاماته، فأخذ النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم يخبره، فسمعناه يقول: لأن أدركت زمانك لأعطينّ السيف حقه، ثمّ قال لنا: أتعلمون ما معه؟ معه الحياة و الموت، من تعلق به حي طويلا، و من زاغ عنه مات موتا لا يحيى بعده أبدا. هو الذي معه الذبح الأعظم به (1)ثم قبّل وجهه و رجع راجعا (2).

8-و عنه باسناده، عن بكر بن عبد اللّه الأشجعي، عن آبائه، قالوا:

خرج سنة خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم إلى الشام، عبد مناة بن كنانة (3)، و نوفل بن معوية بن عروة بن صخر بن نفاثة بن عدي (4)تجّارا إلى الشام، فلقيهما أبو المويهب الراهب، فقال لهما: من أنتما؟ قالا: نحن تجّار من أهل الحرم من قريش، فقال لهما: من أيّ قريش؟ فأخبراه، فقال لهما:

هل قدم معكما من قريش غيركما؟ قالا: نعم شابّ من بني هاشم اسمه محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلم، فقال أبو المويهب: إيّاه و اللّه أردت، فقالا: و اللّه ما في قريش أخمل ذكرا منه، إنّما يسمّونه يتيم قريش، و هو أجير لامرأة منّا يقال لها خديجة فما حاجتك إليه؟ فأخذ يحرّك رأسه و يقول: هو هو فقال لهما-: تدلاّني

ص:53


1- 1) في البحار: [1] هو الذي معه الربح الأعظم.
2- 2) كمال الدين ج 1/188 ح 36 و [2]عنه البحار ج 15/201 و [3]أورده ابن شهر اشوب في المناقب ج 1/40 [4] مختصرا.
3- 3) عبد مناة بن كنانة: بن خزيمة بن مدركة بن الياس.
4- 4) نوفل بن معاوية بن عروة كان ممّن بايع النبيّ بعد فتح مكّة فأعطاهم من غنائم حنين.

عليه؟ فقالا: تركناه في سوق بصرى بينما هو في الكلام! إذ طلع عليهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم فقال: هو هو، فخلي به ساعة يناجيه.

و يكلمه، ثمّ أخذ يقبّل بين عينيه، و أخرج شيئا من كمّه لا ندري ما هو؟ و رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم يأبى أن يقبله، فلمّا فارقه، قال لنا:

تسمعان مني؟ هذا و اللّه نبيّ آخر الزمان، و اللّه سيخرج إلى قريب فيدعو الناس إلى شهادة أن لا إله إلاّ اللّه، فإذا رأيتم ذلك فاتّبعوه.

ثمّ قال: و هل ولد لعمّه أبي طالب ولد يقال له عليّ فقلنا: لا، قال:

إمّا أن يكون قد ولد، أو سيولد في سنته، هو أوّل من يؤمن به، نعرفه، و إنّا لنجد صفته عندنا بالوصيّة، كما نجد صفة محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلم:

بالنبوّة، و إنّه سيّد العرب و ربّانيها (1)و ذو قرنيها (2)، يعطي السيف حقّا، اسمه في الملاء الأعلى عليّ، و هو أعلى الخلايق يوم القيمة بعد الأنبياء ذكرا، و تسمّيه الملائكة البطل الأزهر المفلج، لا يتوجّه إلى وجه إلاّ أفلج و ظفر، و اللّه هو أعرف بين أصحابه في السموات من الشمس الطالعة (3).

9-و عنه باسناده، عن محمّد بن أبي عمير، و أحمد بن أبي نصر جميعا، عن أبان بن عثمان الأحمر، عن أبان بن تغلب (4)، عن عكرمة (5)، عن ابن

ص:54


1- 1) ربّانيها: الربّاني منسوب إلى الربّ بزيادة الألف و النون للمبالغة، و هو العالم الراسخ.
2- 2) ذو قرنيها: شبّه أمير المؤمنين عليه السلام بذي القرنين لأنّه ضرب على رأسه الشريف ضربتان.
3- 3) كمال الدين ج 1/190 ح 37 و [1]عنه البحار ج 15/202 ح 19 و [2]أخرجه في البحار ج 15/ 359 ح 16 [3]عن العدد القوية. [4]
4- 4) أبان بن تغلب: بن رباح أبو سعيد الكوفي، كان عظيم المنزلة، و روى عن السجّاد و الباقر و الصادق عليهم السلام، و كان قارئا فقيها لغويا، و مقدما في فنون القرآن، و الفقه و الأدب، و هو أوّل من صنّف في غريب القرآن روى عن الصادق عليه السلام ثلاثين ألف حديث. وثقه الفريقان و له كتب و تصانيف-توفي سنة (141) .
5- 5) عكرمة: بن عبد اللّه البريري أبو عبد اللّه المدني مولى عبد اللّه بن العباس كان عالما بالتفسير و المغازى و روي عنه زهاء ثلاثمائة رجل، و طاف البلدان و ذهب إلى نجدة الحروري فأقام عنده ستّة أشهر، ثم كان يحدّث برأي نجدة، و خرج إلى بلاد المغرب فأخذ عنه أهلها رأي الصفرية، ولد سنة (25) ه و توفي بالمدينة سنة (105) ه.

عباس، قال: لمّا دعا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم بكعب بن أسد (1)ليضرب عنقه فأخرج، و ذلك في غزوة بني قريظة، نظر إليه رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم فقال له: يا كعب أما نفعك وصيّة بن الحوّاش، الحبر الذي أقبل من الشام، فقال: تركت الخمر و الخمير و جئت إلى البؤس و التمور، لنبيّ يبعث، هذا أوان خروجه، يكون مخرجه بمكة، و هذه دار هجرته، و هو الضحوك القتال، يجتزي بالكسرة و التميرات، و يركب الحمار العاري، في عينيه حمرة، و بين كتفيه خاتم النبوّة، يضع السيف على عاتقه، لا يبالي بمن لاقى، يبلغ سلطانه منقطع الخفّ و الحافر؟

قال كعب: قد كان ذلك يا محمّد، لو لا أنّ اليهود تعيّرني أنّي خشيت (2)عند القتل لآمنت بك و صدّقتك، و لكنّي على دين اليهوديّة، عليه أحيا و عليه أموت، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم: قدّموه و اضربوا عنقه، فقدّم و ضربت عنقه (3).

قلت: قد ذكرت قصّة كعب بن أسد بزيادة عند ذكر قصّة الخندق و قصّة بني قريظة في كتاب معاجز النبيّ صلى اللّه عليه و آله.

10-و عنه باسناده، عن محمّد بن إسحاق بن يسار المدني (4)، قال: كان زيد بن عمرو بن نفيل (5)أجمع على الخروج من مكّة، يضرب في الأرض و يطلب الحنفية دين إبراهيم عليه السلام، و كانت امرأته صفيّة بنت الحضرمي كلما أبصرته قد نهض إلى الخروج و أراده آذنت به الخطّاب بن نفيل.

ص:55


1- 1) كعب بن أسد: كان رأس اليهود من بني قريظة، و من شعراء الجاهليّة و عاهد النبي صلى اللّه عليه و آله، و لكن أغرّه حيى بن أخطب فنقض عهده.
2- 2) في المصدر و البحار: [1] جبنت.
3- 3) كمال الدين ج 1/198-و [2]عنه البحار ج 15/206 ح 24. [3]
4- 4) محمد بن إسحاق بن يسار المدني: من أقدم مؤرّخي العرب صاحب «السيرة النبويّة» [4] توفي سنة (151) ه.
5- 5) زيد بن عمرو: كان أحد الحكماء في الجاهليّة-و كان كارها لعبادة الأوثان، توفي قبل المبعث بخمس سنين (17 ق ه) .

فخرج زيد إلى الشام يلتمس و يطلب في أهل الكتاب الأوّل دين إبراهيم عليه السلام، و يسأل عنه، فلم يزل في ذلك فيما يزعمون حتى أتى الموصل و الجزيرة كلّها، ثمّ أقبل حتى أتى الشام فجال فيها حتى أتى راهبا من أهل البلقاء (1)فتبعه، كان ينتهي إليه علم النصرانيّة فيما يزعمون، فسأله عن الحنفية دين إبراهيم عليه السلام، فقال له الراهب: إنّك تسأل عن دين ما أنت بواجد له الآن، من يحملك عليه اليوم، لقد درس علمه، و ذهب من كان يعرفه و لكنّه قد أظلّك خروج نبيّ يبعث بأرضك التي خرجت منها بدين إبراهيم الحنيفيّة، فعليك ببلادك فإنّه مبعوث الآن، هذا زمانه، و لقد كان شام (2)اليهوديّة و النصرانيّة فلم يرض شيئا منهما، فخرج سريعا حين قال له الراهب ما قال يريد مكة، حتى إذا كان بأرض لخم عدوا عليه فقتلوه.

فقال ورقة بن نوفل (3)، و قد كان إتّبع مثل أثر زيد، و لم يفعل في ذلك مثل ما فعل، فبكاه ورقة و قال فيه شعرا:

رشدت و أنعمت ابن عمرو و إنّما تجنّبت تنّورا من النار حاميا

بدينك ربّا ليس ربّا كمثله و تركك أوثان الطواغي كما هيا

و قد تدرك الانسان رحمة ربّه و إن كان تحت الأرض ستّين (4)واديا (5)

11-و روي أنّ عمر بن الخطاب (6)، و سعيد بن زيد (7)قالا: يا

ص:56


1- 1) البلقاء: كورة من أعمال دمشق، و فيها قرى كثيرة و مزارع واسعة.
2- 2) شامّ: استخبر، استعارة من الشمّ-و في المصدر: سئم اليهودية أي ملّ.
3- 3) ورقة بن نوفل: حكيم جاهلي، اعتزل الأوثان قبل الاسلام و امتنع من أكل ذبائحها، و هو ابن عمّ خديجة عليها السلام توفي نحو سنة (12 ق ه) .
4- 4) نصب «ستين» على الحال عن «بعد» المحذوف أي و لو كان بعد تحت الأرض ستين واديا.
5- 5) كمال الدين ج 1/199 ح 41 و [1]عنه البحار ج 15/204 ح 20 و [2]عن مناقب ابن شهر اشوب ج 1/14 [3] مختصرا، و أورد نحوه ابن هشام في سيرته ج 1/229 و 231.
6- 6) عمر بن الخطّاب: أبو حفص، ولد سنة (40 ق ه) ، و أسلم قبل الهجرة بخمس سنين، و قام بالحكومة بسنة (13 ه) ، و قتل سنة (23) ه.
7- 7) سعيد بن زيد: بن عمرو بن نقيل صحابيّ، ولد بمكّة سنة (22) ه و توفي بالمدينة (51) ه.

رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم أنستغفر لزيد؟ قال: نعم، فاستغفروا له، فإنّه يبعث أمّة واحدة (1).

12-و روي عن نفيل بن هشام، عن أبيه، عن جدّه سعيد بن زيد، سأل رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم عن أبيه زيد بن عمرو فقال: يا رسول اللّه إنّ أبي زيد بن عمرو كان كما رأيت و كما بلغك، فلو أدركك (2)كان آمن بك، فاستغفر له؟ قال: نعم فاستغفر له، و قال: إنّه يجيء يوم القيمة أمّة واحدة، و كان فيما ذكروا أنّه يطلب الدين فمات و هو في طلبه (3).

ص:57


1- 1) كمال الدين ج 1/200 ح 42-و [1]عنه البحار ج 15/205 ح 22-و [2]أورده ابن هشام في السيرة ج 1/240 ط بيروت.
2- 2) في البحار: [3] فلو أدركك لآمن بك.
3- 3) كمال الدين ج 1/200 ح 43-و [4]عنه البحار ج 15/205 ح 23. [5]

ص:58

الباب السادس

في دفاع اللّه سبحانه و تعالى عنه الكفّار من أهل الكتاب

قبل البعثة لمّا علموا بنعته صلى اللّه عليه و آله و سلم

1-الامام أبو محمّد الحسن بن عليّ العسكري في تفسيره، عن أبيه عليّ بن محمد الهادي عليهما السلام، في حديث طويل قال: و أمّا دفاع اللّه القاصدين لمحمّد صلى اللّه عليه و آله و سلم إلى قتله، و إهلاكه إيّاهم كرامة لنبيّه، و تصديقه إيّاه فيه، فإنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم كان و هو ابن سبع سنين بمكة، قد نشأ في الخير نشوءا لا نظير له في ساير صبيان قريش، حتى ورد مكّة قوم من يهود الشام فنظروا إلى محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلم و شاهدوا نعته و صفته.

فأسرّ بعضهم إلى بعض: هذا و اللّه محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلم الخارج في آخر الزمان المدال (1)على اليهود و ساير أهل الأديان، يزيل اللّه به دولة اليهود، و يذلّهم، و يقمعهم (2)، و قد كانوا وجدوه في كتبهم النبيّ الأمّي الفاضل الصادق، فحملهم الحسد على أن كتموا ذلك، و تفاوضوا (3)في أنّه ملك يزال.

ص:59


1- 1) المدال: أدال اللّه زيدا من عمرو: نزع الدولة من عمرو و حوّلها إلى زيد.
2- 2) قمعه و أقمعه: قهره و ذلّله.
3- 3) تفاوضوا: تحادثوا و تذاكروا و انتهت أنظارهم إلى أنّ الرئاسة ملك يزول.

ثمّ قال بعضهم لبعض: تعالوا نحتال (1)فنقتله، فإنّ اللّه يمحو ما يشاء و يثبت لعلّنا نصادفه ممّن يمحو، فهمّوا بذلك، ثمّ قال بعضهم لبعض: لا تعجلوا حتى نمتحنه و نجرّبه بأفعاله، فإنّ الحلية قد توافق الحلية، و الصورة قد تشاكل الصورة، و إنّما وجدناه في كتبنا أنّ محمّدا صلى اللّه عليه و آله و سلم يجنّبه ربّه من الحرام، و الشبهات، فصادفوه و ألقوه و ادعوه إلى دعوة و قدّموا إليه الحرام و الشبهة، فإن انبسط فيهما أو في أحدهما فأكله، فاعلموا أنّه غير من تظنّون، و إنّما الحلية وافقت الحلية، و الصورة قد ساوت الصورة، و إن لم يكن الأمر كذلك و لم يأكل منهما، فاعلموا أنّه هو، فاحتالوا له في تطهير الأرض منه لتسلم لليهود دولتهم.

فجاؤوا إلى أبي طالب عليه السلام فصادفوه و دعوه إلى دعوة لهم فلمّا حضر رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم قدّموا إليه و إلى أبي طالب و الملأ من قريش دجاجة مسمنة كانوا قد و قذوها (2)و شووها، فجعل أبو طالب عليه السلام و ساير قريش يأكلون منها، و رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم يمدّ يده نحوها فيعدل بها يمنة و يسرة، ثم أماما، ثم خلفا، ثم فوقا، ثم تحتا، لا تصيبها يده فقالوا مالك لا تأكل منها؟

فقال: يا معاشر اليهود قد جهدت أن أتناول منها، و هذه يدي يعدل بها عنها و ما أراها إلاّ حراما يصونني ربّي عنها، فقالوا: ما هي إلاّ حلال فدعنا نلقمك منها.

فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم: فافعلوا إن قدرتم فذهبوا ليأخذوا منها، و يطعموه فكانت أيديهم يعدل بها عنها إلى الجهات، كما كانت يد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم تعدل عنها.

فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم فهذه قد منعت منها، فأتوني بغيرها إن كانت لكم، فجاؤوه بدجاجة أخرى، مسمّة، مشويّة قد أخذوها لجار لهم

ص:60


1- 1) في بعض النسخ: نحتل (حتى يكون مجزوما، فإنّه جواب اسم فعل الأمر) .
2- 2) وقذوها: ضربوها ضربا شديدا حتى ماتت.

غائب، لم يكونوا اشتروها و عملوها على أن يردّوا عليه ثمنها إذا حضر.

فتناول منها رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم لقمة، فلمّا ذهب أن يرفعها ثقلت عليه و فصلت (1)حتى سقطت من يده، و كلّما ذهب يرفع ما تناوله بعدها ثقلت و سقطت.

فقالوا: يا محمّد فما بال هذه لا تأكل منها؟ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم: و هذه أيضا قد منعت منها، و ما أراها إلاّ من شبهة يصونني ربّي عزّ و جلّ عنها.

فقالوا: ما هي شبهة، دعنا نلقمك منها، قال: إفعلوا إن قدرتم عليه، فكلّما تناولوا لقمة ليلقموه، ثقلت كذلك في أيديهم و سقطت، و لم يقدروا أن يعلوها (2).

فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم: هو ما قلت لكم: شبهة يصونني ربّي عزّ و جلّ عنها، فتعجّب قريش من ذلك، و كان ذلك ممّا يقيمهم على اعتقاد عداوتهم إلى أن أظهروها لمّا أن أظهره اللّه عزّ و جلّ بالنبوّة و أغرتهم اليهود أيضا و قالت لهم اليهود: أيّ شيء يرد عليكم من هذا الطفل؟ ما نراه إلاّ سالبكم نعمكم و أرواحكم، و سوف يكون لهذا شأن عظيم.

و قال أمير المؤمنين عليه السلام: فتواطأت اليهود على قتله في (3)جبل حراء و هم سبعون، فعمدوا إلى سيوفهم فسمّوها، ثم قعدوا له ذات غلس في طريقه على جبل حرا، فلمّا صعد صعدوا و سلّوا سيوفهم، و هم سبعون رجلا من أشدّ اليهود و أجلدهم و ذوي النجدة منهم، فلمّا أهووا بها إليه ليضربوه بها التقى طرفا الجبل بينهم و بينه فانضّما، و صار ذلك حائلا بينهم و بين محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلم، و انقطع طمعهم عن الوصول إليه بسيوفهم،

ص:61


1- 1) في البحار: [1] نصلت.
2- 2) في المصدر المطبوع: أن يرفعوها-و في البحار: [2] أن يلقموها.
3- 3) في البحار: [3] في طريقه على جبل حراء.

فغمدوها، فانفرج الطرفان بعد ما كانا انضمّا.

فسلّوا بعد سيوفهم و قصدوه، فلمّا همّوا بإرسالها عليه انضمّ طرفا الجبل، و حيل بينهم و بينه فغمدوها، ثم ينفرجان فيسلّونها إلى أن بلغ ذروة الجبل، و كان ذلك سبعا و أربعين مرة.

فصعدوا الجبل و داروا خلفه ليقصدوه بالقتل، فطال عليهم الطريق و مدّ اللّه عزّ و جلّ في الجبل، فأبطأوا عنه حتى فرغ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم من ذكره و ثنائه على ربّه و اعتباره بعبرة.

ثم انحدر عن الجبل و انحدروا خلفه و لحقوه و سلّوا سيوفهم ليضربوه بها فانضمّ طرفا الجبل و حال بينهم و بينه فغمدوها ثم انفرج فسلّوها، ثم انضمّ فغمدوها، و كان ذلك سبعا و أربعين مرة، كلّما انفرج سلّوها، فإذا انضمّ غمدوها.

فلمّا كان في آخر مرة و قد قارب رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم القرار سلّوا سيوفهم فانضم طرفا الجبل، و ضغطهم الجبل، و رضّضهم، و ما زال يضغطهم حتى ماتوا جميعا.

ثم نودي يا محمد: انظر إلى خلفك إلى من بغى (1)عليك بالسوء ماذا صنع بهم ربك، فنظر فإذا طرفا الجبل مما يليه منضمان، فلما نظر انفرج الجبل، و سقط أولئك القوم و سيوفهم بأيديهم، و قد هشمت وجوههم و ظهورهم و جنوبهم و أفخاذهم، و سوقهم، و أرجلهم، و خرّوا موتى، تشخب أوداجهم دما.

و خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم عن ذلك الموضع سالما مكفيّا مصونا محفوظا تناديه الجبال و ما عليها من الأحجار و الأشجار: هنيئا لك يا محمد صلى اللّه عليه و آله و سلم نصرة اللّه عزّ و جلّ لك على أعدائك بنا، و سينصرك

ص:62


1- 1) في البحار: [1] انظر خلفك إلى بغاتك السوء.

إذا ظهر أمرك على جبابرة أمّتك و عتاتهم (1)بعليّ بن أبي طالب، و تسديده لاظهار دينك و إعزازه، و إكرام أوليائك، و قمع أعدائك، و سيجعله تاليك و ثانيك، و نفسك الّتي بين جنبيك، و سمعك الّذي به تسمع، و بصرك الذي به تبصر، و يدك الّتي بها تبطش، و رجلك الّتي عليها تعتمد، و سيقضي عنك ديونك، و يفي عنك بعداتك، و سيكون جمال أمّتك، و زين أهل ملّتك، و سيسعد ربّك عزّ و جلّ به محبّيه، و يهلك به شانئيه (2).

2-و في تفسير العسكريّ عليه السلام في حديث ذكر فيه أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم ظهر منه ما ظهر من موسى على نبيّنا و آله عليه السلام من آيات التسع.

قال الامام عليه السلام: و أمّا الجراد المرسل على بني إسرائيل فقد فعل اللّه أعظم و أعجب منه بأعداء محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلم، فإنّه أرسل عليهم جرادا أكلهم، و لم يأكل جراد موسى رجال القبط، و لكنّه أكل زروعهم.

و ذلك أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم كان في بعض أسفاره إلى الشام، و قد تبعه مائتان من يهودها في خروجه عنها، و إقباله نحو مكّة، يريدون قتله، مخالفة أن يزيل اللّه دولة اليهود على يده، فراموا قتله، و كان في القافلة فلم يجسروا عليه.

و كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم إذا أراد حاجة ابتعد، و استتر بأشجار تكنفه، أو بريّة بعيدة، فخرج ذات يوم لحاجته فابتعد و تبعوه، و أحاطوا به، و سلّوا سيوفهم عليه، فأثار اللّه من تحت رجل محمّد من ذلك الرمل جرادا، فاحتوشتهم و جعل تأكلهم فاشتغلوا بأنفسهم عنه، فلمّا فرغ رسول اللّه من حاجته، و هم يأكلهم الجراد، رجع إلى أهل القافلة.

فقالوا له: ما بال الجماعة خرجوا خلفك لم يرجع منهم أحد؟ فقال

ص:63


1- 1) العتات (بضم العين) : جمع العاتي و هو الذي جاوز حدّه و استكبر.
2- 2) تفسير الامام عليه السلام: ص 159 ح 79 و عنه البحار ج 17 ص 311. [1]

رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم: جاؤوا يقتلونني فسلّط اللّه عليهم الجراد، فجاؤوا و نظروا إليهم فبعضهم قد مات، و بعضهم قد كاد يموت، و الجراد يأكلهم، فما زالوا ينظرون إليهم حتى أتى الجراد على أعيانهم فلم تبق منهم شيئا (1).

ص:64


1- 1) تفسير الامام عليه السلام:416 ح 283 و عنه البحار ج 17/268 و [1]البرهان:2/30. [2]

الباب السابع

في بعثته صلى اللّه عليه و آله و سلم

1-الامام أبو محمد الحسن بن عليّ عليهما السلام في تفسيره عن أبيه عليه السلام قال: و أمّا تسليم الجبال و الصخور و الأحجار عليه صلى اللّه عليه و آله و سلم فإنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم لمّا ترك التجارة إلى الشام، و تصدّق بكلّ ما رزقه اللّه تعالى من تلك التجارات، كان يغدو كلّ يوم إلى حراء (1)، يصعده و ينظر من قلّته إلى آثار رحمة اللّه، و أنواع عجائب رحمته و بدائع حكمته، و ينظر إلى أكناف السماء، و أقطار الأرض، و البحار، و المفاوز (2)، و الفيافي (3)، فيعتبر بتلك الآثار و يتذكّر بتلك الآيات، و يعبد اللّه حقّ عبادته.

فلمّا استكمل أربعين سنة نظر اللّه إليه و إلى قلبه فوجده أفضل القلوب، و أجلّها، و أطوعها، و أخشعها و أخضعها، أذن لأبواب السموات ففتحت، و محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلم ينظر إليها، و أذن للملائكة فنزلوا، و محمّد

ص:65


1- 1) حراء (بالحاء المهملة المكسورة و الألف المقصورة أو الممدودة) : جبل من جبال مكّة على ثلاثة أميال.
2- 2) المفاوز: (بفتح الميم و كسر الواو) : جمع المفازة و هي المفلحة و المنجاة و الفلاة التي لا ماء فيها.
3- 3) الفيافي (بفتح الفاء الأولى و كسر الثانية) : جمع الفيفاء و هي الصخرة الملساء و جمع الفيفاة و هي المفازة.

رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم ينظر إليهم، و أمر بالرحمة فأنزلت عليه لدن ساق العرش إلى رأس محمد صلى اللّه عليه و آله و سلم و غمرته، و نظر إلى جبرئيل الروح الأمين المطوّق بالنور، طاووس الملائكة فهبط إليه فأخذ بضبعه و هزه.

و قال: يا محمّد إقرأ، قال: و ما أقرأ؟ قال: يا محمّد اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ اَلَّذِي خَلَقَ خَلَقَ اَلْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ اِقْرَأْ وَ رَبُّكَ اَلْأَكْرَمُ اَلَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ اَلْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ (1).

ثمّ أوحي إليه ما أوحى إليه ربّه عزّ و جلّ، ثمّ صعد إلى العلو، و نزل محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلم من الجبل، و قد غشيه من تعظيم جلال اللّه، و ورد عليه من كبير شأنه ما ركّبه الحمّى و النافض (2)و قد اشتدّ عليه ما يخافه من تكذيب قريش في خبره، و نسبتهم إيّاه إلى الجنون و أنه يعتريه شيطان.

و كان من أوّل أمره أعقل خليقة اللّه، و أكرم براياه، و أبغض الأشياء إليه الشيطان و أفعال المجانين و أقوالهم، فأراد اللّه عزّ و جلّ أن يشرح صدره، و يشجّع قلبه، فأنطق اللّه الجبال و الصخور و المدر، و كلّما وصل إلى شيء منها ناداه: السّلام عليك يا محمد، السّلام عليك يا وليّ اللّه، السّلام عليك يا رسول اللّه، أبشر فإنّ اللّه عزّ و جلّ قد فضّلك و جمّلك و زيّنك و أكرمك فوق الخلائق أجمعين من الأوّلين و الآخرين، لا يحزنك أن تقول قريش: إنّك مجنون و عن الدين مفتون.

فإنّ الفاضل من فضّله ربّ العالمين، و الكريم من كرّمه خالق الخلق أجمعين، فلا يضيق صدرك من تكذيب قريش و عتاة العرب لك، فسوف يبلّغك ربّك أقصى منتهى الكرامات، و يرفعك ربّك إلى أرفع الدرجات.

و سوف ينعمّ اللّه و يفرّح أولياءك بوصيّك عليّ بن أبي طالب.

و سوف يبثّ علومك في العباد و البلاد بمفتاحك و باب مدينة حكمتك

ص:66


1- 1) العلق:1-5. [1]
2- 2) النافض: حمى الرعدة.

عليّ بن أبي طالب عليه السلام، و سوف يقرّ عينك ببنتك فاطمة عليها السلام، و سوف يخرج منها و من علّي الحسن و الحسين عليهما السلام سيّدي شباب أهل الجنّة، و سوف ينشر في البلاد دينك.

و سوف يعظّم أجور المحبّين لك و لأخيك، و سوف يضع في يدك لواء الحمد فتضعه في يد أخيك عليّ، فيكون تحته كلّ نبي و صدّيق، و شهيد، يكون قائدهم أجمعين إلى جنات النعيم.

فقلت في سرّي يا ربّ: من عليّ بن أبي طالب الذي وعدتني به؟ و ذلك بعد ما ولد عليّ بن أبي طالب عليه السلام و هو طفل، أو هو ولد عمّي؟ فقال بعد ذلك لمّا تحرّك عليّ قليلا و هو معه: أهو هذا؟ ففي كلّ مرّة من ذلك أنزل عليه ميزان الجلال فجعل محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلم في كفّة منه، و مثّل له عليّ عليه السلام و ساير الخلايق من أمّته إلى يوم القيامة فوزن بهم فرجّح.

ثمّ أخرج محمّد عليه السلام من الكفّة، و ترك عليّ عليه السلام في كفّة محمّد الّتي كان فيها فوزن بسائر أمّته فرجّح بهم، فعرفه رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم بعينه و صفته و نودي في سرّه: يا محمّد هذا عليّ بن أبي طالب صفيّي الذي أؤيّد به هذا الدين يرجّح على جميع أمّتك بعدك، فذلك حين شرح اللّه صدري بأداء الرسالة، و خفّف عليّ مكافحة الأمّة و سهّل عليّ مبارزة العتاة الجبارة من قريش (1).

2-و عن ابن عبّاس قال: إنّ أوّل ما ابتدأ به رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، و كان لا يرى رؤيا إلاّ جاءت كفلق الصبح.

و لمّا تزوّج بخديجة عليها السلام و كمل له من العمر أربعون سنة، قال:

فخرج ذات يوم إلى جبل حراء، فهتف به جبرئيل و لم يبدو له، فغشي عليه، فحملوه مشركو قريش إليها، و قالوا: يا خديجة تزوّجت بمجنون، فوثبت

ص:67


1- 1) تفسير الامام عليه السلام:156 ح 78 و عنه البحار ج 17:309-و ج 18:205. [1]

خديجة من السرير، و ضمّته إلى صدرها، و وضعت رأسه في حجرها، و قبّلت عينيه، و قالت: تزوّجت نبيا مرسلا، فلمّا أفاق قالت: بأبي أنت و أمّي يا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم ما الّذي أصابك؟ قال: ما أصابني غير الخير و لكنّي سمعت صوتا أفزعني، و أظنّه جبرئيل فاستبشرت.

ثمّ قالت: إذا كان غداة غد فارجع إلى الموضع الذي رأيت فيه بالأمس، قال: نعم فخرج صلى اللّه عليه و آله و سلم و إذا هو بجبرئيل في أحسن صورة و أطيب رائحة، فقال: يا محمّد ربّك يقرئك السلام، و يخصّك بالتحيّة و الاكرام، و يقول لك: أنت رسولي إلى الثقلين، فادعهم إلى عبادتي، و أن يقولوا: لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، و عليّ ولي اللّه، فضرب بجناحه الأرض فنبع عين ماء، فشرب منها صلى اللّه عليه و آله و سلم و توضّأ، و علّمه اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ اَلَّذِي خَلَقَ إلى آخرها.

و عرج جبرئيل إلى السماء، و خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم من حراء، فما مرّ بحجر و لا مدر و لا شجر إلاّ و ناداه: السّلام عليك يا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم فأتي خديجة و هي بانتظاره و أخبرها بذلك، ففرحت به و بسلامته و بقائه (1).

3-و ذكر الشيخ عليّ بن إبراهيم بن هاشم، و هو من أجلّ رواة أصحابنا في كتابه أنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم لمّا أتي له سبع و ثلاثون سنة، كان يرى في نومه كأنّ آتيا أتاه فيقول: يا رسول اللّه فينكر ذلك، فلمّا طال عليه الأمر و كان بين الجبال يرعى غنما لأبي طالب عليه السلام، فنظر إلى شخص يقول له: يا رسول اللّه، فقال له: من أنت؟ قال: أنا جبرئيل أرسلني اللّه إليك ليتخذك رسولا، فأخبر رسول اللّه خديجة بذلك، و كانت خديجة قد انتهى إليها خبر اليهوديّ، و خبر بحيرا، و ما حدّثت به آمنة أمّه، فقالت: يا محمّد إنّي لأرجو أن يكون كذلك، و كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم يكتم ذلك.

ص:68


1- 1) أورده المؤلّف قدّس سرّه في «تفسير البرهان» ج 4 ص 479 ح 1 [1] عن علي (عمر ح ل) بن إبراهيم الأوسي.

فنزل عليه جبرئيل، و أنزل عليه ماءا من السماء، فقال له: يا محمّد قم توضّأ للصلوة فعلّمه جبرئيل الوضوء على الوجه و اليدين من المرفق، و مسح الرأس و الرجلين إلى الكعبين، و علّمه السجود و الركوع.

فلّما تمّ له أربعون سنة أمره بالصلوة، و علّمه حدودها، و لم ينزل عليه أوقاتها، و كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم يصلّي ركعتين ركعتين في كلّ وقت، و كان عليّ بن أبي طالب عليه السلام يألفه، و يكون معه في مجيئه و ذهابه لا يفارقه.

فدخل عليّ عليه السلام إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم و هو يصلّي، فلمّا نظر إليه يصلّي، قال: يا أبا القاسم ما هذا؟ قال: هذه الصلوة التي أمرني اللّه بها، فدعاه إلى الاسلام فأسلم، و صلّى معه، و أسلمت خديجة، و كان لا يصلّي إلاّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم و عليّ و خديجة خلفه، فلمّا أتى لذلك أيّام: دخل أبو طالب إلى منزل رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم و معه جعفر، فنظر إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم و عليّ بجنبه يصلّيان، فقال لجعفر: يا جعفر صل جناح ابن عمّك، فوقف جعفر بن أبي طالب من الجانب الآخر، فلمّا وقف على يساره بدر رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم من بينهما و تقدّم. و أنشأ أبو طالب في ذلك يقول:

إنّ عليا و جعفرا ثقتي عند ملّم الزمان و الكرب

و اللّه لا أخذل النبيّ و لا يخذله من بني ذوي حسب

لا تخذلا و انصرا ابن عمّكما أخي لأمّي من بينهم و أبي (1)

4-و الّذي ذكره و رواه الشيخ الفاضل محمّد بن الحسن بن علي بن أحمد بن عليّ المعروف بابن الفارسي في «روضة الواعظين» قال: إعلم أنّ الطائفة قد اجتمعت على أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم كان رسولا مستخفيا يصوم و يصلّي على خلاف ما كانت قريش تفعله مذ كلّفه اللّه تعالى.

ص:69


1- 1) إعلام الورى:47 و [1]أخرجه في البحار ج 18/184 ح 14 [2]عن قصص الأنبياء:317 ح 395 [3]إلى قوله: (فوقف جعفر بن أبي طالب من الجانب الآخر) .

فلمّا أتت أربعون سنة أمر اللّه عزّ و جلّ جبرئيل أن يهبط إليه باظهار الرسالة، و ذلك في اليوم السابع و العشرين من شهر اللّه الأصمّ، فاجتاز بميكائيل، فقال: أين تريد؟ قال له: قد بعث اللّه عزّ و جلّ نبيّ الرحمة، و أمرني أن أهبط إليه بالرسالة، فقال له ميكائيل: فأجيء معك؟ قال له:

نعم، فنزلا و وجدا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم نائما بالأبطح بين أمير المؤمنين و جعفر بن أبي طالب عليهم السلام.

فجلس جبرئيل عند رأسه و ميكائيل عند رجليه، و لم ينبّهه جبرئيل إعظاما له، فقال ميكائيل لجبرئيل: إلى أيّهم بعثت؟ قال: إلى الأوسط، فأراد ميكائيل أن ينّبهه فمنعه جبرئيل عليه السلام.

ثم انتبه النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم فأدّى إليه جبرئيل الرسالة عن اللّه تعالى، فلمّا نهض جبرئيل عليه السلام ليقوم، أخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم بثوبه فقال ما اسمك؟ قال له: جبرئيل، ثمّ نهض رسول اللّه ليلحق بغنمه فما مرّ بشجرة و لا مدرة إلاّ سلّمت عليه و هنأته.

ثمّ كان جبرئيل عليه السلام يأتيه، فلا يدنو منه إلاّ بعد أن يستأذن عليه، فأتاه يوما و هو بأعلى مكّة، فغمز بعقبه بناحية الوادي، فانفجرت عين فتوضّأ جبرئيل عليه السلام و توضّأ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم، ثمّ صلّى الظهر، و هي أوّل صلوة فرضها اللّه عزّ و جلّ، و صلّى أمير المؤمنين عليه السلام تلك الصلوة مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم فرجع رسول اللّه من يومه فجاء إلى خديجة، فأخبرها، فتوضّأت و صلّت صلوة العصر من ذلك اليوم (1).

ثم أنزل اللّه تعالى: وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ اَلْأَقْرَبِينَ (2)فجمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم بني هاشم و هم نحو أربعين رجلا، فأمر أمير المؤمنين

ص:70


1- 1) أخرج من قوله: (فجلس جبرئيل) إلى هنا في البحار ج 18/196 [1]عن مناقب ابن شهر اشوب ج 1/45 [2] باختلاف.
2- 2) الشعراء:214. [3]

عليه السلام، فانضجّ لهم رجل شاة، و خبز لهم صاعا من طعام، و جاء بعس (1)من لبن، ثمّ أدخل إليه منهم عشرة فأكلوا حتى صدروا، و أنّ منهم ليأكل الجذعة، و يشرب الفرق، ثمّ جعل يدخل إليه عشرة عشرة، حتى أكلوا جميعا و صدروا.

ثمّ قال لهم: إنّي بعثت إلى الأبيض، و الأسود، و الأحمر، و أنّ اللّه عزّ و جلّ أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين، و أنّي لا أملك لكم من اللّه حظّا إلاّ أن تقولوا: لا إله إلاّ اللّه، فقال له أبو لهب لعنه اللّه: لهذا دعوتنا؟ ثمّ تفرّقوا عنه، فأنزل اللّه تعالى: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ إلى الآخر.

ثمّ دعاهم دفعة ثانية، فأطعمهم و سقاهم كالدفعة الأولى، ثمّ قال لهم:

يا بني عبد المطّلب، أطيعوني تكونوا ملوك الأرض و حكّامها، و ما بعث اللّه نبيّا إلاّ جعل له وصيّا و أخا و وزيرا، فأيّكم يكون أخي، و وزيري، و وصيّي، و وارثي، و قاضي ديني؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام، و هو أصغر القوم سنّا: أنا يا رسول اللّه، فلذلك كان وصيّه.

و روي أنّه جمعهم، و هم خمسة و أربعون رجلا، منهم أبو لهب، فظنّ أبو لهب أنّه يريد أن ينزع عمّا دعاهم إليه، فقام إليه فقال: يا محمّد هؤلاء عمومتك، و بنو عمّك قد اجتمعوا فتكلّم، و اعلم أنّ قومك ليست لهم بالعرب طاقة.

فقام صلى اللّه عليه و آله و سلم خطيبا، فحمد اللّه و أثنى عليه، ثمّ قال:

إنّ الرائد لا يكذب أهله، و اللّه الذي لا إله إلاّ هو، إنّي رسول اللّه إليكم حقّا خاصّة، و إلى الناس عامّة، و اللّه لتموتنّ كما تنامون، و لتبعثنّ كما تستيقظون، و لتحاسبنّ كما تعملون، و لتجزونّ بالاحسان إحسانا، و بالسوء سوءا، و إنّها الجنّة أبدا، و النار أبدا، إنّكم أوّل من أنذرتم (2).

ص:71


1- 1) العسّ (بضمّ العين و تشديد السين المهملتين) : القدح أو الاناء الكبير.
2- 2) أخرج من قوله: (فقام خطيبا إلى هنا) في البحار ج 18/197 [1]عن مناقب ابن شهر اشوب ج 1/46. [2]

ثمّ آمن به قوم من عشيرته، و اجتمعت قريش إلى دار الندوة، و كتبوا الصحيفة على بني هاشم، ألاّ يكلّموهم، و لا يبايعوهم، أو يسلّموا إليهم رسول اللّه ليقتلوه، ثمّ أخرجوهم من بيوتهم حتى أنزلوا شعب أبي طالب، و وضعوا عليهم الحرس، فمكثوا بذلك ثلاث سنين.

ثم بعث اللّه الأرضة على الصحيفة فأكلتها و لم يزل صلى اللّه عليه و آله كذلك، يريهم الآيات، و يخبرهم بالمغيبات، و أنزل اللّه تعالى عليه وَ لا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ (1)و معناه لا تعجل بقراءة القرآن عليهم حتى أنزل عليك التفسير في أوقاته كما أنزل إليك التلاوة.

ثمّ أتاه جبرئيل عليه السلام ليلا، و هو بالأبطح، و معه البراق، و هو أصغر من البغل و أكبر من الحمار، فركبه رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم، و أمسك جبرئيل عليه السلام بركابه، و مضى إلى بيت المقدس، ثمّ إلى السماء، فتلقّته الملائكة، فسلّمت عليه، و تطايرت بين يديه، حتى انتهى إلى السماء السابعة.

قال عكرمة: لمّا اجتمعت قريش على إدخال بني هاشم و بني عبد المطّلب شعب أبي طالب، كتبوا بينهم صحيفة، فدخل الشعب مؤمن بني هاشم و كافرهم، و مؤمن بني عبد المطّلب و كافرهم، ما خلا أبا لهب، و سفيان بن الحرث، فبقي القوم في الشعب ثلاث سنين، فكان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم إذا أخذ مضجعه، و نامت العيون، جاءه أبو طالب فأنهضه من مضجعه، و أنا عليّا مضجعه، فقال عليّ: يا أبتاه إنّي مقتول ذات ليلة فقال أبو طالب:

إصبرن يا عليّ، فالصبر أحجى كلّ حيّ مصيره لشعوب

قد بذلناك، و البلاء عسير لفداء النجيب و ابن النجيب

لفداء الأغرّ ذي الحسب الثاقب و الباع و الفناء الرحيب

إن رمتك المنون بالنبل فاصبر فمصيب منها و غير مصيب

ص:72


1- 1) طه:114. [1]

كلّ حيّ و إن تطاول حيّا آخذ من سهامها بنصيب

قال علي بن الحسين عليه السلام: كان أبو طالب يضرب عن رسول اللّه عليه و آله السلام بسيفه، و يقيه بنفسه، فلمّا حضرته الوفاة، و قد قويت دعوة رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم، و علت كلمته، إلاّ أنّ قريشا على عداوتها و حسدها، فاجتمعوا إلى أبي طالب، و رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم عنده، فقالوا: نسألك من ابن أخيك النصف قال: و ما النصف منه؟ قالوا:

يكفّ عنّا، و نكف عنه، و لا يكلّمنا، و لا نكلّمه، و لا يقاتلنا، و لا نقاتله، لأنّ هذه الدعوة قد بعّدت بين القلوب، و زرعت الشحناء، و أنبتت البغضاء.

فقال: يا ابن أخي، إنّ بني عمّك و عشيرتك يسألونك النصف، و أن تكفّ عنهم، و يكفّوا عنك، فقال: يا عم، لو أنصفني بنو عمّي لأجابوا دعوتي، و قبلوا نصيحتي، و أنّ اللّه عزّ و جلّ أمرني أن أدعو إلى دين الحنيفية، ملّة إبراهيم، فمن أجابني، فله عند اللّه الرضوان، و الخلود في الجنان، و من عصاني، قاتلته حتى يحكم اللّه بيننا، و هو خير الحاكمين.

فقالوا: يا أبا طالب، سله، أرسله اللّه إلينا خاصّة، أم إلى الناس كافّة؟ فقال أبو طالب: يا ابن أخي، إلى الناس كافّة أرسلت، أم إلى قومك خاصّة؟ قال: بل أرسلت إلى الناس كافة، إلى الأبيض، و الأسود، و الأحمر، و العربي، و العجمي، و الّذي نفسي بيده، لأدعونّ إلى هذا الأمر، الأبيض، و الأسود، و من على رؤوس الجبال، و من في لجج البحار، و لأدعونّ ألسنة فارس و الروم.

فتجبّرت قريش، و استكبرت، و قالت: أما تسمع إلى ابن أخيك و ما يقول؟ و اللّه لو سمعت بهذا فارس و الروم، لاختطفتنا من أرضنا، و لقلعت الكعبة حجرا حجرا. فأنزل اللّه تعالى: وَ قالُوا إِنْ نَتَّبِعِ اَلْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا أَ وَ لَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ إلى آخر الآية (1).

ص:73


1- 1) القصص:57. [1]

و أنزلت في قولهم: لقلعت الكعبة حجرا حجرا: أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ اَلْفِيلِ (1)إلى آخرها.

فلمّا سمعوا ذلك من النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم، خرجوا من عند أبي طالب، فقالوا: ألا ترى محمدا لا يزداد إلاّ كبرا و تكبّرا و إن هو إلاّ ساحر أو مجنون.

و توعّدوه، و تحالفوا و تعاقدوا، لئن مات أبو طالب، لنجمعنّ قبائل قريش كلّها على قتله ما أمسكت أيدينا السياط.

و بلغ أبا طالب ذلك، فجمع بنيه و بني أبيه، و أحلافهم من قريش، فوصّاهم برسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم و قال: إنّ ابن أخي محمدا نبيّ، كما يقول بذلك، أخبرنا آباؤنا و علماؤنا إنّ ابن أخي محمدا نبيّ صادق، و أمين ناطق، و أنّ شأنه أعظم شأن، و مكانه من ربّه أعلى مكان، و أنّ يومي قد حضر، و أنتم الخلفاء النجب، فأجيبوا دعوته، و اجتمعوا على نصرته، و ارموا عدوّه من وراء حوزته، فإنّه الشرف الباقي لكم على الدهر، و أنشأ:

أوصي بنصر الأمين الخير مشهده بعدي عليّا و عمّ الخير عباسا

و حمزة الأسد المخشيّ صولته و جعفرا أن يذوقوا قبله البأسا

و هاشما كلّها أوصي بنصرته أن يأخذوا دون حرب القوم أمراسا

كونوا فداء لكم أمّي و ما ولدت من دون أحمد دون الروع أتراسا

بكلّ أبيض مصقول عوارضه تخاله في سواد اللّيل مقباسا

فلمّا سمع النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم قال: يا عمّ كلمة واحدة تجب لك بها شفاعتي يوم القيمة. فقال: يابن أخي، صدقت، أنت نبيّ حقّ، و ربّك إله حقّ، و دينك دين حقّ.

قال له: يا عمّ، إنّ اللّه عزّ و جلّ وعدني أنّ قريشا ستؤمن غدا بما تنكره اليوم، و أنّ اللّه تعالى سيفتح عليّ الأرض، و يظهر دينه على جميع الأديان،

ص:74


1- 1) الفيل:1. [1]

و أنّك راحل إلى يوم القيمة، فقل معي كلمة، تستوجب من اللّه رضوانه و رحمته، فقالوا: إنّ أبا طالب حرّك بها شفتيه، و أشار باصبعه، فسّر النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم بذلك، و استغفر له (1).

ص:75


1- 1) روضة الواعظين:52-55. [1]

ص:76

الباب الثامن

في ثقل الوحي و ما كان يأخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم من

الاغماء إذا كان بغير واسطة جبرئيل

1-عليّ بن إبراهيم في تفسيره قال: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: حَتّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قالُوا ما ذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا اَلْحَقَّ وَ هُوَ اَلْعَلِيُّ اَلْكَبِيرُ (1)و ذلك أنّ أهل السموات لم يسمعوا وحيا فيما بين أن بعث عيسى بن مريم عليه السلام إلى أن بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم.

فلمّا بعث اللّه جبرئيل إلى رسول اللّه، سمع أهل السموات صوت وحي القرآن كوقع الحديد على الصفا، فصعق أهل السموات، فلمّا فرغ من الوحي، انحدر جبرئيل، كلّما مرّ بأهل السموات، فزع عن قلوبهم، يقول:

كشف عن قلوبهم، فقال بعضهم لبعض: ماذا قال ربّكم؟ قالوا الحق، و هو العليّ الكبير (2).

2-الشيخ الطوسي في مجالسه قال: أخبرنا أبو عبد اللّه الحسين بن إبراهيم القزويني (3)، قال: أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن وهبان النهدي

ص:77


1- 1) سبأ:23. [1]
2- 2) تفسير القمي ج 2/202-و [2]عنه البحار ج 18/259 ح 11 و [3]البرهان، ج 3/351. [4]
3- 3) أبو عبد اللّه الحسين إبراهيم القزويني من مشايخ الطوسي توفي بعد سنة (408) .

البصري (1)، قال: حدّثني أحمد بن إبراهيم بن أحمد (2)قال: أخبرني أبو محمّد الحسن بن عليّ بن عبد الكريم الزعفراني، قال: حدّثني أحمد بن محمّد بن خالد البرقي في أبو جعفر، قال: حدّثني أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم (3)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال له بعض أصحابنا: أصلحك اللّه، كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم يقول: قال جبرئيل، و هذا جبرئيل يأمرني، ثمّ يكون في حال أخرى يغمى عليه.

قال: فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: إنّه إذا كان الوحي من اللّه عزّ و جلّ إليه ليس بينهما جبرئيل أصابه ذلك، لثقل الوحي من اللّه، و إذا كان بينهما جبرئيل لم يصبه ذلك، فقال لي جبرئيل، و هذا جبرئيل (4).

ص:78


1- 1) محمد بن وهبان: بن محمد بن حماد البصري من أصحابنا الموثوقين و له كتب-معجم رجال الحديث ج 17 ص 316. [1]
2- 2) أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن المعلّى بن أسد أبو بشر البصري من الامامية حسن التصنيف.
3- 3) هشام بن سالم الجواليقي الكوفي روى عن الصادق و الكاظم عليهما السلام، ثقة.
4- 4) أمالي الشيخ الطوسي ج 2/276 و [2]عنه البحار ج 18/268 ح 30. [3]

الباب التاسع

كيفيّة تبليغه صلى اللّه عليه و آله و سلم كافّة

1-عليّ بن إبراهيم بن هاشم في «تفسيره» قال: حدّثنا عليّ بن جعفر، قال: حدّثني محمّد بن عبد اللّه الطائي، قال: حدّثنا محمّد بن أبي عمير، قال: حدّثنا حفص الكناسي (1)، قال: سمعت عبد اللّه بن بكر الأرّجاني (2)، قال: قال لي الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام أخبرني عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم كان عامّا للناس، أليس قال اللّه في محكم كتابه:

وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلاّ كَافَّةً لِلنّاسِ (3)لأهل المشرق و المغرب، و أهل السماء، و أهل الأرض، من الجنّ و الإنس، هل أبلغ رسالته إليهم كلّهم؟ قلت:

لا أدري، قال: يا ابن بكر، إنّ رسول اللّه لم يخرج من المدينة كيف أبلغ أهل الشرق و الغرب؟ قلت: لا أدري، قال: إنّ اللّه تعالى أمر جبرئيل فاقتلع الأرض بريشة من جناحه، و نصبها لرسول اللّه، فكانت بين يديه مثل راحته في كفّه، ينظر إلى أهل المشرق و المغرب، و يخاطب كلّ قوم بألسنتهم، و يدعوهم إلى اللّه، و إلى نبوّته بنفسه، فما بقيت قرية و لا مدينة إلاّ و دعاهم النّبي صلى اللّه عليه و آله و سلم (4).

ص:79


1- 1) حفص الكناسي: بن عيسى الأعور من أصحاب الصادق عليه السلام و رواية ابن أبي عمير عنه تدلّ على وثاقته.
2- 2) عبد اللّه بن بكر الأرّجاني (بفتح الهمزة و الراء المشدّدة) منسوب إلى أرّجان و هي من كور الأهواز.
3- 3) سبأ:28. [1]
4- 4) تفسير القمي: ج 2/202 و [2]عنه البحار ج 18/188 ح 20 و [3]البرهان ج 3/351 ح 1. [4]

ص:80

الباب العاشر

في إظهاره صلى اللّه عليه و آله و سلم الدعوة إلى اللّه تعالى و نزول الشعب

أبو عليّ الطبرسي (1)في كتاب «أعلام الورى» : أسري برسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم إلى بيت المقدس، و حمله جبرئيل على البراق، فأتى به بيت المقدس، و عرض عليه محاريب الأنبياء، و صلّى بهم، وردّه فمرّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم في رجوعه بعير لقريش، و إذا لهم ماء في آنية، فشرب منه، و أكفى ما بقي، و قد كانوا أضلّوا لهم بعيرا، و كانوا يطلبونه.

فلمّا أصبح قال لقريش: إنّ اللّه قد أسرى بي إلى بيت المقدس، فأراني آيات الأنبياء و منازلهم، و إنّي مررت بعير لقريش في موضع كذا و كذا، و قد أضلّوا بعيرا لهم، فشربت من مائهم، و أهرقت باقي ذلك.

فقال أبو جهل: قد أمكنتكم الفرصة منه، فسلوه كم فيها من الأساطين و القناديل؟ فقالوا: يا محمّد، إنّ هنا من قد دخل بيت المقدس، فصف كم أساطينه، و قناديله، و محاربيه؟ فجاء جبرئيل عليه السلام: فعلّق صورة بيت المقدس تجاه وجهه، فجعل يخبرهم بما سألوه عنه، فلمّا أخبرهم قالوا: حتى يجيء العير و نسألهم عمّا قلت، فقال لهم رسول اللّه: تصديق ذلك أنّ العير يطلع عليكم عند طلوع الشمس، يقدمها جمل أحمر، عليه عذارتان (2)، فلمّا

ص:81


1- 1) أبو علي الطبرسي: الفضل بن الحسن بن الفضل صاحب مجمع البيان توفي سنة (548) .
2- 2) العذار (بكسر العين) : ما سأل من اللجام على خدّ الفرس-جانب اللّحية أي الشعر الذي يحاذي الأذن.

كان من الغد أقبلوا ينظرون إلى العقبة، و يقولون: هذه الشمس تطلع الساعة.

فبيناهم كذلك، إذ طلع عليهم العير حين طلع القرص، يقدمها جمل أحمر، فسألوهم عمّا قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم قالوا: لقد كان هذا ضالّ لنا في موضع كذا و كذا، وضعنا ماء فأصبحنا و قد أريق الماء، فلم يزدهم ذلك إلاّ عتوّا (1).

فاجتمعوا في دار الندوة، و كتبوا بينهم صحيفة، أن لا يؤاكلوا بني هاشم، و لا يكلّموهم، و لا يبايعوهم، و لا يزوّجوهم، و لا يتزوّجوا إليهم، و لا يحضروا معهم، حتّى يدفعوا محمّدا إليهم فيقتلونه، و إنّهم يد واحدة على محمّد، ليقتلوه غيلة أو صراحا.

فلمّا بلغ ذلك أبا طالب، مع بني هاشم، و دخل الشعب، و كانوا أربعين رجلا، فحلف لهم أبو طالب بالكعبة، و الحرم، و الركن، و المقام، لئن شاكت (2)محمدا شوكة لآتينّ عليكم يا بني هاشم، و حصّن الشعب، و كان يحرسه باللّيل و النهار، فإذا جاء اللّيل، يقوم بالسيف عليه، و رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم مضطجع، ثمّ يقيمه و يضطجعه في موضع آخر، فلا يزال اللّيل كلّه هكذا، و وكّل ولده، و ولد أخيه به، يحرسونه بالنهار، و أصابهم الجهد، و كان من دخل من العرب مكّة، لا يجسر أن يبيع من بني هاشم شيئا، و من باع منهم شيئا انتهبوا ماله.

و كان أبو جهل و العاص بن وائل (3)و النضر بن الحارث بن كلدة (4)،

ص:82


1- 1) إعلام الورى:59 و [1]أخرجه في البحار ج 18/336 ح 37 [2]عن أمالي الصدوق:363. [3]
2- 2) شاك يشوك شوكا فلانا: أدخل شوكة في جسمه و الشوكة نبات شبيه بالأبر.
3- 3) العاص بن وائل: بن هاشم السهمي القرشي أحد الحكّام في الجاهليّة، و كان نديما لهشام بن المغيرة و أدرك الاسلام، و ظلّ على الشرك، و يعدّ من المستهزئين و من الزنادقة الذين ماتوا كفّارا وثنّيين، و هو على الظاهر والد عمرو بن العاص، خرج يوما على راحلته و معه أبناء له يتنزّه، و نزل في أحد الشعاب، فلمّا وضع قدمه على الأرض صاح و انتفخت رجله حتى صارت مثل عنق البعير و مات، فقالوا: لدغته الأرض.
4- 4) النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف صاحب لواء المشركين ببدر، و هو ابن خالد-Ẓ

و عقبة بن أبي معيط (1)، يخرجون إلى الطرقات الّتي تدخل مكّة، فمن رأوه معه ميرة (2)نهوه أن يبيع من بني هاشم شيئا، و يحذّرونه إن باع شيئا أن ينهبوا ماله، و كانت خديجة لها مال كثير، فأنفقته على رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم في الشعب، و لم يدخل في حلف الصحيفة مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد المطّلب بن عبد مناف 3و قال: هذا ظلم.

و ختموا الصحيفة بأربعين خاتما، ختمها كلّ رجل من رؤساء قريش بخاتمه، و علّقوها في الكعبة، و تابعهم أبو لهب 4على ذلك، و كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم يخرج في كلّ موسم، فيدور على قبائل العرب، فيقول لهم: تمنعون لي جانبي حتى أتلو عليكم كتاب ربّي، و ثوابكم على اللّه الجنّة، و أبو لهب في أثره، فيقول: لا تقبلوا منه، فإنّه ابن أخي، و هو ساحر كذّاب.

فلم يزل هذه حاله، فبقوا في الشعب أربع سنين، لا يأمنون إلاّ من موسم إلى موسم، و لا يشترون، و لا يبايعون إلاّ في الموسم 5

و كان يقوم بمكّة موسمان في كلّ سنة: موسم للعمرة في رجب، و موسم للحجّ في ذي الحجّة، فكان إذا جاءت المواسم، يخرج بنو هاشم من الشعب، فيشترون

ص:83


1- 1) عقبة بن أبي معيط: كان من مقدّمي قريش و كان شديد الأذى للمسلمين فأسروه يوم بدر و قتلوه ثم صلبوه سنة (2) .
2- 2) الميرة (بكسر الميم و سكون الياء) : الطعام الذي يدّخره الانسان.

و يبيعون، ثم لا يجسر أحد منهم أن يخرج إلى الموسم الثاني، فأصابهم الجهد و جاعوا، و بعثت قريش إلى أبي طالب: ادفع إلينا محمّدا حتى نقتله و نملّكك علينا فقال أبو طالب رضي اللّه عنه: قصيدته الطويلة اللامية التي يقول فيها.

فلمّا رأيت القوم لا ودّ فيهم و قد قطعوا كلّ العرى و الوسائل

ألم تعلموا أنّ ابننا لا مكذّب لدينا، و لا يعبأ بقول الأباطل

و أبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى، عصمة للأرامل

يطوف به الهلاّك من آل هاشم فهم عنده في نعمة و فواضل

كذبتم و بيت اللّه نبزي (1)محمّدا و لمّا نطاعن دونه و نقاتل

و نسلمه حتى نصرّع دونه و نذهل عن أبنائنا و الحلائل

لعمري لقد كلّفت وجدا بأحمد و أحببته حبّ الحبيب المواصل

وجدت بنفسي دونه و حميته و درأت عنه بالذرى (2)و الكلاكل (3)

فلا زال في الدنيا جمالا لأهلها و شينا لمن عادى، و زين المحافل

حليما، رشيدا، حازما، غير طائش يوالي إله الحقّ ليس بماحل

فأيّده ربّ العباد بنصره و أظهر دينا حقّه غير باطل

فلمّا سمعوا هذه القصيدة أيسوا منه، و كان أبو العاص بن الربيع (4)، و هو ختن (5)رسول اللّه، يجيء بالعير (6)بالليل، عليها البرّ و التمر إلى باب الشعب، ثمّ يصيح بها، فتدخل الشعب، فيأكلها بنو هاشم، و قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم: لقد صاهرنا أبو العاص، فأحمدنا صهره، لقد كان

ص:84


1- 1) نبزي فلانا: نقهره و نقوى عليه.
2- 2) الذرى (بفتح الذال المعجمة) : الملجأ و كلّ ما يستتر به.
3- 3) الكلاكل (بفتح الكاف الأولى و كسر الثانية) : جمع الكلكلة و هي الصدر أو ما بين الترقوتين.
4- 4) أبو العاص بن الربيع: بن عبد العزّى كان زوّج بنت النبيّ-زينب-أسر يوم بدر و أسلم بعد ست سنين وردّ عليه النبيّ زينب بنكاح جديد.
5- 5) الختن (بفتح الخاء المعجمة و التاء) : كلّ قريب بالمرأة كالأب و الأخ و زوج البنت و هو المراد هنا.
6- 6) العير (بفتح العين و سكون الياء) : الحمار الأهلي أو الوحشي.

يعمد إلى العير و نحن في الحصار فيرسلها في الشعب ليلا.

فلمّا أتى لرسول اللّه في الشعب أربع سنين، بعث اللّه على صحيفتهم القاطعة دابّة الأرض، فلحست جميع ما فيها من قطيعة رحم و ظلم و جور، و تركت اسم اللّه باسمك اللّهم، و نزل جبرئيل على رسول اللّه، فأخبره بذلك، فأخبر رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم أبا طالب، فقام أبو طالب، فلبس ثيابه، ثمّ مضى حتى دخل المسجد على قريش، و هم مجتمعون فيه، فلمّا بصروا به قالوا: قد ضجر أبو طالب، و جاء الآن ليسلّم محمّدا ابن أخيه، فدنا منهم، و سلّم عليهم، فقاموا إليه، و عظّموه، و قالوا: يا أبا طالب، قد علمنا أنّك أردت مواصلتنا، و الرجوع إلى جماعتنا، و أن تسلّم إلينا ابن أخيك، قال:

و اللّه ما جئت لهذا، و لكن ابن أخي أخبرني-و لم يكذّبني-أنّ اللّه أخبره، أنّه بعث على صحيفتكم القاطعة دابّة الأرض، فلحست جميع ما فيها، من قطيعة رحم و ظلم و جور، و تركت اسم اللّه، فابعثوا إلى صحيفتكم، فإنّ كان حقّا، فاتّقوا اللّه، و ارجعوا عمّا أنتم عليه من الظلم و قطيعة الرحم، و إن كان باطلا، دفعته إليكم، فإن شئتم قتلتموه، و إن شئتم استحييتموه.

فبعثوا إلى الصحيفة، فأنزلوها من الكعبة، و عليها أربعون خاتما، فلمّا أتوا بها نظر كلّ رجل منهم إلى خاتمه، ثمّ فكّوها فإذا ليس فيها حرف واحد، إلاّ باسمك اللّهم.

فقال أبو طالب: يا قوم، اتّقوا اللّه، و كفّوا عمّا أنتم عليه، فتفرّق القوم، و لم يتكلّم أحد، و رجع أبو طالب إلى الشعب، و قال في ذلك قصيدته البائية، الّتي أوّلها:

ألا من لهم آخر الليل منصب و شعب العصا من قومك المتشعّب (1)

و قد كان في أمر الصحيفة عبرة متى ما يخبر غائب القوم يعجب

محا اللّه منها كفرهم و عقوقهم و ما نقموا من ناطق الحقّ معرب

ص:85


1- 1) في المصدر: و شعب القضا من قومك المتشعب.

و أصبح ما قالوا من الأمر باطلا و من يختلق ما ليس بالحقّ يكذب

و أمسى ابن عبد اللّه فينا مصدّقا على سخط من قومنا غير معتب

فلا تحسبونا مسلمين محمدا لذي عزّة منّا و لا متعرّب

ستمنعه منّا يد هاشميّة مركّبها في الناس خير مركّب (1)

و قال عند ذلك نفر من بني عبد مناف، و بني قصيّ، و رجال من قريش ولدتهم نساء بني هاشم: منهم مطعم بن عدي بن عامر بن لؤيّ، و كان شيخا كبيرا كثير المال له أولاد، و أبو البختري (2)بن هشام و زهير بن أبي أميّة المخزومي (3)، في رجال من أشرافهم: نحن برآة ممّا في هذه الصحيفة، فقال أبو جهل: هذا قد قضي بليل (4).

قال عليّ بن إبراهيم: قدم أسعد بن زرارة (5)و ذكوان بن عبد قيس (6)في موسم من مواسم العرب، و هما من الخزرج، و كان بين الأوس و الخزرج حرب، قد بقوا فيها دهرا طويلا، و كانوا لا يضعون السلاح، لا باللّيل و لا بالنهار، و كان آخر حرب بينهم يوم بعاث، و كانت للأوس على الخزرج، فخرج أسعد بن زرارة، و ذكوان إلى مكّة، في عمرة رجب، يسألون الحلف على الأوس، و كان أسعد بن زرارة صديقا لعتبة بن ربيعة (7)فنزل عليه،

ص:86


1- 1) إعلام الورى:59-62 و [1]عنه البحار ج 19/1-4 ح 2 و [2]عن قصص الأنبياء:372 ح 409. [3]
2- 2) أبو البختري: هو عاص بن هشام بن الحارث تقدّم ذكره.
3- 3) زهير بن أبي أميّة بن المغيرة بن عبد اللّه بن عمر بن مخزوم و كانت أمّه عاتكة بنت عبد المطّلب.
4- 4) قصص الأنبياء:329 ح 410 و [4]عنه البحار ج 19/4 ح 3 و [5]رواه في إعلام الورى:62. [6]
5- 5) أسعد بن زرارة: بن عدس الخزرجي المدني أحد الشجعان الأشراف في الجاهلية و الاسلام، و هو أحد النقباء الاثني عشر، توفّي قبل وقعة بدر سنة (1) و دفن بالبقيع.
6- 6) ذكوان بن عبد قيس: بن خلدة بن مخلّد، أسلم بمكّة مع أسعد فقدم المدينة-ثم خرج إلى مكّة مع النبيّ صلى اللّه عليه و آله و هاجر إلى المدينة فكان يقال له: مهاجري أنصاري شهد بدرا و قتل شهيدا في أحد سنة (3) ه.
7- 7) عتبة بن ربيعة: بن عبد الشمس أبو الوليد، أدرك الاسلام و طغى فشهد بدرا مع المشركين، و كان ضخم الجثة، عظيم الهامة، طلب خوذة يلبسها يوم بدر فلم يجد ما يسع هامته فاعتجر-

فقال له: إنّه كان بيننا و بين قومنا حرب، و قد جئناك نطلب الحلف عليهم، فقال له عتبة: بعدت دارنا عن داركم، و لنا شغل لا نتفرّغ لشيء، قال: و ما شغلكم و أنتم في حرمكم و أمنكم؟ قال له عتبة: خرج فينا رجل يدّعي أنّه رسول اللّه، سفّه أحلامنا، و سبّ آلهتنا، و أفسد شبابنا، و فرّق جماعتنا، فقال له أسعد: من هو منكم؟ قال: ابن عبد اللّه بن عبد المطّلب، من أوسطنا شرفا و أعظمنا بيتا.

و كان أسعد و ذكوان و جميع الأوس و الخزرج، يسمعون من اليهود، الذين كانوا بينهم، النضير (1)و قريضة (2)و قينقاع (3): أنّ هذا أوان نبيّ يخرج بمكّة، يكون مهاجره بالمدينة، لنقتلنّكم به يا معشر العرب.

فلمّا سمع ذلك أسعد، وقع في قلبه ما كان سمعه من اليهود، قال:

فأين هو؟ قال: هو جالس في الحجر، و أنّهم لا يخرجون من شعبهم، إلاّ في الموسم. فلا تسمع منه، و لا تكلّمه، فإنّه ساحر، يسحرك كلامه، و كان هذا في وقت محاصرة بني هاشم في الشعب، فقال له أسعد: فكيف أصنع و أنا معتمر؟ لا بدّ لي أن أطوف بالبيت، قال: ضع في أذنيك القطن فدخل أسعد المسجد وحشى أذنيه بالقطن فطاف بالبيت و رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم جالس في الحجر مع قوم من بني هاشم: فنظر إليه نظرة فجازه، فلما كان في الشوط الثاني قال في نفسه: ما أحد أجهل مني أيكون مثل هذا الحديث بمكة فلا أتعرفه حتى أرجع إلى قومي فأخبرهم ثم أخذ القطن من أذنيه، و رمى به، و قال لرسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم: أنعم صباحا، فرفع رسول اللّه

ص:87


1- 1) النضير: قبيلة يهوديّة سكنت يثرب بالقرب من المدينة، نكثوا عهدهم مع النبي (ص) بعد أنّ حالفوه فحاصرهم في معقلهم، ثم نفاهم و صادر أملاكهم و وزّعها على المهاجرين.
2- 2) قريظة (بضم القاف و فتح الراء) قبيلة يهودية من يثرب قاوموا النبي (ص) في هجرته إلى المدينة، فحاصرهم في معاقلهم، و أعمل فيهم السيف إلا أربعة من رجالهم اعتنقوا الاسلام.
3- 3) قينقاع (بفتح القاف و ضم النون) : من قبائل اليهود الثلث في يثرب، حاصره النبي (ص) فرموا سلاحهم و نزحوا إلى وادي القرى و منها إلى أذرعات.

صلى اللّه عليه و آله و سلم رأسه إليه و قال: أبدلنا اللّه به ما هو أحسن من هذا، تحيّة أهل الجنة، السلام عليكم.

فقال له أسعد: إنّ عهدك بهذا لقريب، إلى ما تدعو يا محمّد؟ قال:

إلى شهادة أن لا إله إلاّ اللّه، و أنّي رسول اللّه، و أدعوكم إلى أَلاّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَ لا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَ إِيّاهُمْ وَ لا تَقْرَبُوا اَلْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ وَ لا تَقْتُلُوا اَلنَّفْسَ اَلَّتِي حَرَّمَ اَللّهُ إِلاّ بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَ لا تَقْرَبُوا مالَ اَلْيَتِيمِ إِلاّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَ أَوْفُوا اَلْكَيْلَ وَ اَلْمِيزانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها وَ إِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَ لَوْ كانَ ذا قُرْبى وَ بِعَهْدِ اَللّهِ أَوْفُوا ذلِكُمْ وَصّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (1).

فلمّا سمع أسعد هذا، قال له: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، و أنّك رسول اللّه، يا رسول اللّه بأبي أنت و أمّي، أنا من أهل يثرب، من الخزرج، و بيننا و بين إخواننا من الأوس حبال مقطوعة، فإن وصلها اللّه بك، فلا أجد أعزّ منّك، و معي رجل من قومي، فإن دخل في هذا الأمر رجوت أن يتمّم اللّه لنا أمرنا فيك، و اللّه يا رسول اللّه لقد كنّا نسمع من اليهود خبرك، و كانوا يبشّروننا بمخرجك، و يخبروننا بصفتك و أرجو أن تكون دارنا دار هجرتك عندنا، فقد أعلمنا اليهود ذلك فالحمد للّه الذي ساقني إليك، و اللّه ما جئت إلاّ لنطلب الحلف على قومنا. و قد آتانا اللّه بأفضل ممّا أتينا له.

ثمّ أقبل ذكوان. فقال له أسعد: هذا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم الذي كانت اليهود تبشّرنا به و تخبرنا بصفته، فهلّم فأسلم، فأسلم ذكوان.

ثمّ قالا: يا رسول اللّه، إبعث معنا رجلا يعلّمنا القرآن، و يدعو الناس

ص:88


1- 1) سورة الأنعام:151-152. [1]

إلى أمرك. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم لمصعب بن عمير (1)و كان فتى حدثا، مترفا بين أبويه، يكرمانه، و يفضّلانه على أولادهم، و لم يخرج من مكّة، فلمّا أسلم، جفاه أبواه، و كان مع رسول اللّه في الشعب حتى تغيّر و أصابه الجهد، فأمره رسول اللّه بالخروج مع أسعد، و قد كان تعلّم من القرآن كثيرا، فجاءآ إلى المدينة، و معهما مصعب بن عمير، فقدموا على قومهم، و أخبروهم بأمر رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم و خبره، فأجاب من كلّ بطن الرجل و الرجلان، و كان مصعب نازلا على أسعد بن زرارة، و كان يخرج في كلّ يوم، فيطوف على مجالس الخزرج، يدعوهم إلى الاسلام، فيجيبه الأحداث.

و كان عبد اللّه بن أبيّ (2)شريفا في الخزرج، و قد كان الأوس و الخزرج اجتمعت على أن يملّكوه عليهم، لشرفه و سخائه، و قد كانوا اتخذوا له إكليلا، احتاجوا في إتمامه إلى واسطة كانوا يطلبونها، و ذلك أنّه لم يدخل مع قومه الخزرج في حرب بعاث (3)، و لم يعن على الأوس، و قال: هذا ظلم منكم للأوس، و لا أعين على الظلم، فرضيت به الأوس و الخزرج.

فلمّا قدم أسعد، كره عبد اللّه ما جاء به أسعد و ذكوان، و فتر أمره، فقال

ص:89


1- 1) مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف القرشي من بني عبد الدار. صحابي شجاع، من السابقين إلى الاسلام، أسلم في مكّة المكرّمة، و كتم إسلامه فعلم به أهله، فأوثقوه و حبسوه، فهرب مع من هاجر إلى الحبشة، ثم رجع إلى مكّة، و هاجر إلى المدينة، فكان أوّل من جمع الجمعة فيها، و عرف فيها بالمقرئ، و أسلم على يده أسيد بن حضير، و سعد بن معاذ، و شهد بدرا، و حمل اللواء يوم أحد فاستشهد سنة (3) ، و كان في الجاهلية فتى مكة، شبابا و جمالا و نعمة، و لمّا ظهر الإسلام زهد بالنعيم، و كان يلقّب «مصعب الخير» -الأعلام ج 8/150. [1]
2- 2) عبد اللّه بن أبي: بن مالك بن الحارث الخزرجي المشهور بابن سلول، كان من المنافقين في الاسلام، أظهر الاسلام بعد وقعة بدر خوفا، و لمّا تهيأ النبي (ص) لوقعة أحد انخزل أبيّ و كان معه (300) رجل فقاد بهم إلى المدينة، هلك في سنة (9) بالمدينة و ما صلّى عليه النبيّ صلى اللّه عليه و آله.
3- 3) بعاث (بضم الباء) : موضع قريب من المدينة اشتهر بالحرب الذي نشب بين الأوس و الخزرج ببضع سنين، موطن قبيلة بني قريظة.

أسعد لمصعب: إنّ خالي سعد بن معاذ (1)من رؤساء الأوس، و هو رجل عاقل شريف مطاع في بني عمرو بن عوف، فإن دخل في هذا الأمر ثمّ لنا أمرنا، فهلّم نأتي محلّتهم، فجاء مصعب مع أسعد إلى محلّة سعد بن معاذ، فقعد على بئر من آبارهم، و اجتمع إليه قوم من أحداثهم، و هو يقرأ عليهم القرآن.

فبلغ ذلك سعد بن معاذ، فقال لأسيد بن حضير (2)-و كان من أشرافهم-: بلغني أنّ أبا أمامة أسعد بن زرارة قد جاء إلى محلّتنا مع هذا القرشي، يفسد شبّاننا، فأته و انهه عن ذلك.

فجاء أسيد بن حضير، فنظر إليه أسعد، فقال لمصعب: إنّ هذا رجل شريف، فإن دخل في هذا الأمر رجوت أن يتمّ أمرنا، فاصدق اللّه فيه.

فلمّا قرب أسيد منهم قال: يا أبا أمامة يقول لك خالك: لا تأتنا في نادينا، و لا تفسد شبّابنا، و احذر الأوس على نفسك، فقال مصعب:

أو تجلس، فنعرض عليك أمرا، فإن أحببته دخلت فيه، و إن كرهته نحّينا عنك ما تكره؟ فجلس فقرأ عليه سورة من القرآن، فقال: كيف تصنعون إذا دخلتم في هذا الأمر؟ قال: نغتسل، و نلبس ثوبين طاهرين، و نشهد الشهادتين، و نصلّي ركعتين، فرمى بنفسه مع ثيابه في البئر، ثمّ خرج، و عصر ثوبه.

ثمّ قال: اعرض عليّ فعرض عليه شهادة أن لا إله إلاّ اللّه، و أنّ محمّدا رسول اللّه، فقالها، ثمّ صلّى ركعتين، ثمّ قال لأسعد: يا أبا أمامة، أنا أبعث إليك الآن خالك، و احتال عليه في أن يجيبك، فرجع أسيد إلى سعد بن معاذ، فلمّا نظر إليه سعد قال: أقسم أنّ أسيدا قد رجع إلينا بغير الوجه الذي ذهب من عندنا.

ص:90


1- 1) سعد بن معاذ: بن النعمان بن امرئ القيس الأنصاري، رمي بسهم يوم الخندق فمات من أثر جرحه سنة (5) و دفن بالبقيع و عمره (37) سنة.
2- 2) أسيد بن الحضير: بن سماك الأوسي، كان شريفا في الجاهلية و الاسلام شهد أحدا فجرح سبع جراحات، و ثبت مع النبي (ص) حين انكشف الناس عنه، و شهد الخندق و المشاهد كلّها، توفي بالمدينة سنة (20) .

و أتاهم سعد بن معاذ، فقرأ عليه مصعب حم تَنْزِيلٌ مِنَ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ (1)فلمّا سمعها، قال مصعب: و اللّه لقد رأينا الاسلام في وجهه قبل أن يتكلّم فبعث إلى منزله، و أتى بثوبين طاهرين، و اغتسل، و شهد الشهادتين، و صلّى ركعتين.

ثمّ قام، و أخذ بيد مصعب، و حوّله إليه، و قال: أظهر أمرك، و لا تهابنّ أحدا، ثمّ جاء، فوقف في بني عمرو بن عوف، و صاح: يا بني عمرو بن عوف، لا يبقينّ رجل، و لا امرأة، و لا بكر، و لا ذات بعل، و لا شيخ، و لا صبيّ، إلاّ أن يخرج، فليس هذا يوم ستر، و لا حجاب، فلمّا اجتمعوا قال: كيف حالي عندكم؟ قالوا: أنت سيّدنا، و المطاع فينا، لا نردّ لك أمرا، فمرنا بما شئت، فقال: كلام رجالكم و نسائكم و صبيانكم عليّ حرام، حتى تشهدوا أن لا إله إلاّ اللّه، و أنّ محمّدا رسول اللّه، فالحمد اللّه الذي أكرمنا بذلك، و هو الّذي كانت اليهود تخبرنا به، فما بقي دار من دور بني عمرو بن عوف في ذلك اليوم إلاّ و فيها مسلم أو مسلمة.

و حوّل مصعب بن عمير إليه، و قال له: أظهر أمرك، و ادع الناس علانية، و شاع الاسلام بالمدينة، و كثر، و دخل فيه من البطنين أشرافهم، و ذلك لمّا كان عندهم من أخبار اليهود.

و بلغ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم أنّ الأوس و الخزرج قد دخلوا في الاسلام، و كتب إليه مصعب بذلك.

و كان كلّ من دخل في الاسلام من قريش ضربه قومه و عذّبوه، فكان رسول اللّه يأمرهم أن يخرجوا إلى المدينة، فكانوا يتسلّلون رجلا فرجلا، فيصيرون إلى المدينة، فينزلهم الأوس و الخزرج عليهم، و يواسونهم.

قال: فلمّا قدمت الأوس و الخزرج مكّة، جاءهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم، فقال لهم: تمنعون لي جانبي، حتى أتلو عليكم كتاب ربّكم، و ثوابكم على اللّه الجنّة؟ قالوا: نعم يا رسول اللّه، فخذ لنفسك و لربّك ما

ص:91


1- 1) سورة فصّلت:1-2 [1]

شئت، فقال: موعدكم العقبة، في اللّيلة الوسطى من ليالي التشريق.

فلمّا حجّوا رجعوا إلى منى، و كان فيهم ممّن قد أسلم بشر كثير، و كان أكثرهم مشركين على دينهم، و عبد اللّه بن أبيّ فيهم، فقال لهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم في اليوم الثاني من أيّام التشريق (1): فاحضروا دار عبد المطّلب على العقبة، و لا تنبهوا نائما، و ليتسلل (2)واحد فواحد.

و كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم نازلا في دار عبد المطّلب، و حمزة و عليّ و العبّاس معه، فجاءه سبعون رجلا من الأوس و الخزرج، فدخلوا الدار، فلمّا اجتمعوا قال لهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم: تمنعون لي جانبي، حتى أتلو عليكم كتاب ربّي، و ثوابكم على اللّه الجنّة؟

فقال أسعد بن زرارة، و البراء بن معرور (3)، و عبد اللّه بن حرام (4):

نعم يا رسول اللّه فاشترط لنفسك و لربّك، فقال رسول اللّه: تمنعوني ممّا تمنعون أنفسكم، و تمنعون أهلي ممّا تمنعون أهليكم و أولادكم؟ قالوا: فما لنا على ذلك؟

قال: الجنّة، تملكون بها العرب في الدنيا، و تدين لكم العجم، و تكونون ملوكا، فقالوا: قد رضينا.

فقام العباس بن نضلة (5)و كان من الأوس فقال: يا معشر الأوس

ص:92


1- 1) أيّام التشريق: أيّام منى و هي الحادي عشر و الثاني عشر و الثالث عشر بعد يوم النحر. و اختلف في وجه التسمية فقيل: سمّيت بذلك من تشريق اللحم و هو تقديده و بسطه في الشمس ليجفّ. و قيل: سمّيت بذلك لأنّ الهدي و الضحايا لا تنحر حتّى تشرق الشمس-أي تطلع-.
2- 2) التسلّل: الانطلاق و الخروج في استخفاء، و منه قوله تعالى: يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً أي يخرجون من الجماعة واحدا واحدا.
3- 3) البراء بن معرور: بن صخر الخزرجي كان أحد النقباء الاثني عشر من الأنصار، و كان أوّل من مات منهم، توفي قبل الهجرة بشهر واحد.
4- 4) عبد اللّه بن حرام: عبد اللّه بن عمرو بن حرام بن ثعلبة، أبو جابر الأنصاري الخزرجي السلمي: صحابيّ، من أجلاّئهم، كان أحد النقباء الاثني عشر، و شهد العقبة مع السبعين من الأنصار، و بدرا، و استشهد يوم أحد سنة (3) .
5- 5) العبّاس بن عبادة بن نضلة بن مالك الأنصاري الأوسي قتل يوم أحد شهيدا سنة (3) .

و الخزرج، تعلمون ما تقدّمون عليه؟ إنّما تقدّمون على حرب الأحمر و الأبيض، و على حرب ملوك الدنيا، فإن علمتم أنّه إذا أصابتكم المصيبة في أنفسكم، خذلتموه و تركتموه، فلا تغرّوه، فإنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم و إن كان قومه خالفوه، فهو في عزّة و منعة.

فقال عبد اللّه بن حرام، و أسعد بن زرارة، و أبو الهيثم بن التيهان (1):

ما لك و للكلام؟ يا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم، بل دمنا بدمك، و أنفسنا بنفسك، فاشترط لربّك و لنفسك ما شئت.

فقال رسول اللّه: اخرجوا إليّ منكم اثني عشر نقيبا، يكفلون عليكم بذلك، كما أخذ موسى من بني إسرائيل اثني عشر نقيبا، فقالوا: اختر من شئت، فأشار جبرئيل عليه السلام إليهم، فقال: هذا نقيب، و هذا نقيب، حتى اختار تسعة من الخزرج، و هم: أسعد بن زرارة، و البراء بن معرور، و عبد اللّه بن حزام أبو جابر بن عبد اللّه، و رافع بن مالك (2)، و سعد بن عبادة (3)، و المنذر بن عمرو (4)، و عبد اللّه بن رواحة (5)، و سعد بن الربيع (6)، و عبادة بن الصامت (7)، و ثلاثة من الأوس، و هم: أبو الهيثم بن التيهان،

ص:93


1- 1) أبو الهيثم بن التيهان: مالك بن التيهان بن مالك، شهد بيعة العقبة الأولى و الثانية، قيل: إنّه أوّل من بايع النبي صلى اللّه عليه و آله ليلة العقبة، شهد بدرا و المشاهد كلّها، توفّي سنة (20) أو (21) .
2- 2) رافع بن مالك: بن العجلان بن عمرو الخزرجي نقيب بدري شهد العقبتين.
3- 3) سعد بن عبادة بن دليم (بالتصغير) بن حارثة الخزرجي أحد الأجواد مات بأرض الشام سنة (15) أو (11) .
4- 4) المنذر بن عمرو: بن خنيس الخزرجي. شهد بدرا و أحدا و استشهد يوم بئر معونة أميرا لرسول اللّه صلى اللّه عليه و آله.
5- 5) عبد اللّه بن رواحة: بن ثعلبة الخزرجي شهد بدرا و أحدا و استشهد في مؤتة سنة (7) .
6- 6) سعد بن الربيع: بن عمرو الخزرجي شهد بدرا و استشهد في أحد سنة (3) .
7- 7) عبادة بن الصامت: بن قيس بن أصرم، شهد العقبات الثلاث و شهد بدرا و المشاهد كلّها، و وجّهه عمر إلى الشام قاضيا و معلما فأقام بحمص، ثم انتقل إلى فلسطين، و مات بها سنة (34) .

و كان رجلا من أهل اليمن حليفا في بني عمرو بن عوف، و أسيد بن حضير، و سعد بن خيثمة (1).

فلمّا اجتمعوا، و بايعوا رسول اللّه، صاح بهم إبليس: يا معشر قريش و العرب، هذا محمّد و الصباة من الأوس و الخزرج، على جمرة العقبة، يبايعونه على حربكم، فأسمع أهل منى، فهاجت قريش، و أقبلوا بالسلاح، و سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم النداء فقال لهم النبيّ تفرّقوا-فقالوا: يا رسول اللّه إن أمرتنا أن نميل عليهم بأسيافنا فعلنا، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم لم أومر بذلك و لم يأذن اللّه لي في محاربتهم-فقالوا: يا رسول اللّه فتخرج معنا؟ قال: أنتظر أمر اللّه.

فجاءت قريش على بكرة أبيها، قد أخذوا السلاح، و خرج حمزة، و معه السيف، فوقف على العقبة، هو و عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فلمّا نظروا إلى حمزة قالوا: ما هذا الذي اجتمعتم عليه؟ قال: ما اجتمعنا، و ما ههنا أحد، و اللّه لا يجوز أحد هذه العقبة إلاّ ضربته بسيفي، فرجعوا، و غدوا إلى عبد اللّه بن أبيّ. و قالوا له: قد بلغنا أنّ قومك بايعوا محمّدا على حربنا، فحلف لهم عبد اللّه إنّهم لم يفعلوا، و لا علم له بذلك، و إنّهم لم يطلعوه على أمرهم، فصدّقوه، و تفرّقت الأنصار، و رجع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم إلى مكّة (2).

ص:94


1- 1) سعد بن خيثمة: بن الحارث الأوسي شهد بدرا و استشهد فيه سنة (2) .
2- 2) اعلام الورى:66-71 و [1]عنه البحار ج 19/8-14. [2]

الباب الحادي عشر

في نزول الشعب و حماية أبي طالب

و ما يدلّ على إيمانه من طريق العامّة

1-محمّد بن إسحق، من الجزء الأوّل من كتاب «المغازي» بالاسناد عن عقيل بن أبي طالب (1)، قال: جاءت قريش إلى أبي طالب، قالوا: إنّ ابن أخيك هذا، آذانا في نادينا، و متحدّثنا، فانهه عن ذلك، فقال: يا عقيل، انطلق فأتني بمحمّد صلى اللّه عليه و آله و سلم، فانطلقت إليه، فاستخرجته من كسر يقول من بيت صغير، فجاء به في الظهيرة في شدّة الحرّ، فجعل يطلب الفيء، يمشي فيه من شدّة الحرّ الرمض.

فلمّا أتاهم، قال أبو طالب: إنّ بني عمّك هؤلاء، قد زعموا أنّك تؤذيهم في ناديهم و متحدّثهم، فانته عن أذاهم.

فحلّق رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم ببصره إلى السماء، فقال:

أترون هذه الشمس، فقالوا: نعم، قال: فما أنا بأقدر على أن أدع ذلك منكم، على أن تشعلوا منها شعلا فقال أبو طالب: ما كذب ابن أخي قطّ، فارجعوا عنه.

ويليه من الجزء قال: حدّثنا بالاسناد عن أبي اسحق قال: ثمّ قال أبو طالب في شعر: قال: من أجمع على ذلك من نصره لرسول اللّه صلى اللّه عليه

ص:95


1- 1) عقيل بن أبي طالب: بن عبد المطّلب: أبو يزيد أعلم قريش بالأيّام و الماثر و المثالب و الأنساب، فصيح اللّسان، [1] شديد الجواب، توفي سنة (60) .

و آله و سلم، و الدفاع عنه، على ما كان من عداوة قومه له، قال:

و اللّه لن يصلوا إليك بجمعهم حتى أوسّد في التراب دفينا

فاصدع بأمرك، ما عليك غضاضة و أبشر بذاك، و قرّ منك عيونا

و دعوتني، و زعمت أنك ناصحي و لقد صدقت، و كنت قبل أمينا

و عرضت دينا لا محالة إنّه من خير أديان البريّة دينا

2-و من الجزء الأوّل من كتاب «المغازي» أيضا، بالاسناد قال: لمّا تعاورت قريش على بني هاشم، أن لا يناكحوهم، و لا ينازلوهم، لأجل منع أبي طالب عليه السلام منهم، قال أبو طالب رحمه اللّه:

ألا أبلغا عنّي على ذات (1)بيننا لويّا و خصّا من لوىّ بني كعب

ألم تعلموا أنّا وجدنا محمّدا نبيّا كموسى، خطّ في أوّل الكتب

و أنّ عليه في العباد محبّة و لا خير (2)ممّن خصّه اللّه بالحبّ

و أنّ الذي ألصقتم من كتابكم لكم كائن نحسا كراغية السقب (3)

أفيقوا أفيقوا قبل أن يحفر الثرى و يصبح من لم يجن ذنبا كذي الذنب

و لا تتبعوا أمر الوشاة لتقطعوا أو اصرنا (4)بعد المودّة و القرب

ص:96


1- 1) ذات بيننا-و ذات يده و ما كان نحوه: صفة لمحذوف مؤنث، كأنّه يريد الحال التي هي ذات بينهم كما قال اللّه تعالى: وَ أَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ ، فكذلك إذا قلت: ذات يده تريد أمواله أو مكتسباته.
2- 2) قال السهيلي في التعليق على الشطر الأخير من هذا البيت: و هو مشكل جدّا لأنّ «لا» في باب التبرئة لا تنصب مثل هذا إلاّ منوّنا نقول: لا خيرا من زيد في الدار، و لا شرا من فلان، و إنما تنصب بخير إذا كان الاسم غير موصول بما بعده كقوله تعالى: لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ اَلْيَوْمَ لأنّ «عليكم» ليس من صلة التثريب، لأنه في موضع الخبر، و أشبه ما يقال في بيت أبي طالب أنّ خيرا مخفّف من خيّر بتشديد الياء (كهين و ميت) و في التنزيل: خَيْراتٌ حِسانٌ . و هو مخفّف من خيّرات، و قوله: مِمَّنْ من متعلقة بمحذوف، كأنّه قال: لا خيّر أخير ممّن خصّه اللّه.
3- 3) الراغية: من الرغاء و هو صوت الابل-و السقب: (بفتح السين) ولد الناقة ساعة الولادة، و أراد به هنا ولد ناقة صالح.
4- 4) الأواصر: أسباب القرابة و المودّة.

و تستجلبوا حربا (1)عوانا و ربّما أمرّ على من ذاقه جلب الحرب

فلسنا و ربّ البيت نسلم أحمدا لعزّاء (2)من عضّ الزمان و لا كرب

أليس أبوانا هاشم شدّ أزره و أوصى بنيه بالطعان و بالضرب

و لسنا نملّ الحرب حتّى تملّنا و لا نشتكي ما قد ينوب من النكب

و لكنّنا أهل الحفائظ و النهى إذا طار أرواح الكماة (3)من الرعب (4)

و قال أبو طالب عليه السلام: (5)

ألا أبلغا عنّي لويّا رسالة بحقّ و ما تغني رسالة مرسل

بني عمّنا الأدنين تيما نخصّهم و إخواننا من عبد شمس و نوفل

يقولون لو أنّا قتلنا محمّدا أقّرت نواصي هاشم بالتذلّل

كذبتم و بيت اللّه يثلم (6)ركنه و مكّة و الإشعار (7)في كلّ معمل

و بالحجّ أو بالنيب (8)تدمى نحوره بمدماه و الركن العتيق المقبّل

تنالونه أو تعطفوا دون قتله صوارم تفري كلّ عظم و مفصل

و تدعوا بويل أنتم إذ ظلمتموا هنالك في يوم أغرّ محجّل (9)

ص:97


1- 1) الحرب العوان: التي قوتل فيها مرارا.
2- 2) العزّاء (بفتح العين و الزاء المعجمة المشدّدة) : الشدّة-السنة الشديدة.
3- 3) الكماة (بضم الكاف) جمع الكميّ (بفتح الكاف و كسر الميم و أخرها الياء المشدّدة) : الشجاع.
4- 4) الرعب (بضم الراء و سكون العين المهملة) : الفزع و الخوف.
5- 5) قال أبو طالب هذه القصيدة معاتبا عشيرته و محذّرا إيّاهم عداوته.
6- 6) يثلم ركنه أي ركن محمد صلى اللّه عليه و آله، و يروى: يلثم ركنه (بتقديم اللام على الثاء) أي ركن البيت.
7- 7) الإشعار (بكسر الهمزة) علامة الهدي و هو أن يشقّ السنام الأيمن من البدن بحديدة. حتى يدمي ليعرف بذلك أنّه هدي.
8- 8) النيب (بكسر النون و سكون الياء) جمع الناب و هي الناقة المسنّة.
9- 9) و في رواية: «و تدعوا بأرحام و أنتم ظلمتموا مصاليت في يوم أغرّ محجّل» و المصاليت جمع المصلات (بكسر الميم) و هو الرجل الشجاع الماضي في الحوائج.

فمهلا و لمّا ينكح الحرب بكرها و تأتي تماما أو بآخر معجل (1)

فإنّا متى ما نمرها (2)بسيوفنا تجلجل (3)و نفرك من نشاء بكلكل

و تلقوا ربيع الأبطحين محمّدا على ربوة من رأس عنقاء عيطل (4)

و تأوي إليها هاشم إنّ هاشما عرانين (5)كعب آخرا بعد أوّل

فإن كنتموا ترجون قتل محمّد فروموا بما جمّعتموا نقل يذبل

فإنّا سنحميه بكلّ طمرّة (6) و ذي منعة نهد المراكل هيكل (7)

وكّل ردينيّ (8)ظماء كعوبه و عضب (9)كإيماض الغمامة مقصل (10)

بأيمان شمّ (11)من ذؤابة (12)هاشم مغاوير (13)بالأبطال في كلّ محفل

ص:98


1- 1) المعجل (بصيغة المفعول) من الناقة أو غيرها: ما يولد قبل أن يستكمل الحول فيعيش و أمّه معجّل (بصيغة الفاعل) و يروى: فمهلا و لمّا تنتج الحرب بكرها بيتن تمام أو بآخر معجل و «اليتن» (بفتح الياء التحتانية و سكون التاء المثناة) : أن تخرج رجلا المولود قبل رأسه في الولادة.
2- 2) مرى يمرى الناقة (بفتح الراء المهملة في الماضي و كسرها في المضارع) : مسحها لتدرّ، و مرى الدم و نحوه: أرسله.
3- 3) تجلجل: تحرّك و اضطراب-و في بعض النسخ: «نجالح فنعرك من نشاء بكلكل» «نجالح» أي نكاشف، و «نعرك» و «نفرك» كلاهما بمعنى ندلك، و «الكلكل» كجعفر بمعنى الصدر.
4- 4) في بعض النسخ: «على ربوة في رأس عيطاء عيطل» و العيطاء و العيطل كلاهما بمعنى طويل العنق.
5- 5) العرانين: جمع العرنين (بكسر العين) أي السيّد الشريف.
6- 6) الطمرّة (بكسر الطاء المهملة و الميم المكسورة و الراء المهملة المشدّدة) : الفرس الجواد الطويل القوائم.
7- 7) نهد المراكل: واسع الجوف، و فرس هيكل أي مرتفع.
8- 8) الرديني (بضم الراء و فتح الدال) : الرمح منسوبة إلى ردينة و هي امرأة اشتهرت بتقويم الرماح.
9- 9) العضب (بفتح العين) : السيف القاطع.
10- 10) الايماض (بكسر الهمزة) : لمعان البرق خفيفا-و المقصل (بكسر الميم) : القطّاع.
11- 11) الشمّ (بضم الشين المعجمة) جمع الأشمّ و هو السيّد الكريم.
12- 12) الذؤابة (بضم الذال المعجمة) : المتقدّم من الجماعة.
13- 13) المغاوير: جمع المغوار و هو الكثير الغارات.

و من الجزء المذكور أيضا، بالاسناد عن ابن إسحاق قال: فلمّا سمعت بذلك قريش و رأوا من أبي طالب الجدّ، و أيسوا منه، أمدّوا لبني عبد المطّلب الجفاء، و انطلق بهم أبو طالب، و قاموا بين أستار الكعبة، فدعوا اللّه على ظلم قومهم لهم، و في قطيعتهم أرحامهم و اجتماعهم على محاربتهم، و تناولهم سفك دمائهم.

فقال أبو طالب: اللّهمّ إنّ قومنا أبى النصر علينا فعجّل نصرنا، و حل بينهم و بين قتل ابن أخي، ثم أقبل إلى جمع قريش، و هم ينظرون إليه و إلى أصحابه.

فقال أبو طالب رحمه اللّه: ندعو ربّ هذا البيت على القاطع المنتهك للمحارم، و اللّه لتنهنّ عن الذي تريدون، أو لينزل اللّه بكم في قطيعتنا بعض الذي تكرهون، فأجابوه: إنّكم يا بني عبد المطّلب، لا صلح بيننا، و لا رحم، إلاّ على قتل هذا الصبيّ السفيه.

ثمّ عمد أبو طالب، فأدخل الشعب ابن أخيه، و بني أبيه، و من اتّبعهم: من بين مؤمن دخل لنصر اللّه و نصر رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم، و من بين مشرك، فدخلوا شعبهم، و هو شعب أبي طالب، في ناحية من مكّة.

3-فلمّا قدم عمرو بن العاص (1)و عبد اللّه بن أبي ربيعة (2)، إلى قريش، فأخبروهم بالذي قال النجاشي (3)لمحمّد صلى اللّه عليه و آله و سلم و أصحاب، إشتدّ

ص:99


1- 1) عمرو بن العاص: بن وائل السهمي. كان من دهاة العرب و أولي الحزم و المكيدة فيهم أسلم في هدنة الحديبيّة. ولاّه معاوية على مصر سنة (38) و أطلق له خراجها ستّ سنين فجمع أموالا طائلة، هلك بالقاهرة سنة (43) .
2- 2) عبد اللّه بن أبي ربيعة: بن المغيرة المخزومي، أسلم يوم الفتح-و ولاّه النبي الجند من اليمن، و لم يزل واليا عليها حتى قتل عمر، و كان عمر قد أضاف إليه صنعاء ثم ولاّه عثمان أيضا، فلمّا حصر عثمان جاء لينصره فسقط عن دابته و مات سنة (35) .
3- 3) النجاشي: (بفتح النون و شدّ الجيم و التخفيف أفصح) لقب ملك الحبشة، و كان اسمه أصحمة (بفتح الهمزة و الحاء بينهما الصاد الساكنة) . و كان عبدا لرجل من بني ضمرة على دينZ.

وجدهم، و آذوا النبيّ صلى اللّه عليه و آله و أصحابه أذى شديدا، و ضربوهم في ظلّ الطريق، و حصروهم في الشعب، و قطعوا عنهم المادّة من الأسواق، فلم يدعوا أحدا من الناس يدخل عليهم بطعام، و لا شيئا ممّا يرزقونهم، فكانوا يخرجون من الشعب إلى الموسم، فكانت قريش تبادرهم إلى الأسواق، فيشرونها و يغلونها عليهم، و نادى منادي الوليد في قريش: أيّما رجل وجدتموه عند طعام يشتريه فزيدوا عليه.

4-و بالاسناد، و من الجزء المذكور، يليه بلا فاصلة، قال، عن ابن إسحاق في حديثه عن الوليد: فمن رأيتموه عند طعام يشتريه، فزيدوا عليه، و حوّلوا بينهم و بينه، و لم يكن عنده نقد فليشتر على النقد، ففعلوا ذلك ثلاث سنين، حتى بلغوا القوم الشديد، و حتى سمعوا أصوات صبيانهم يتصائحون من وراء الشعب، فكان المشركون يكرهون ما فيه بنو هاشم من البلاء، حتى كره عامّة قريش ما أصاب ببني هاشم، و أظهروا كراهيتهم لصحيفتهم القاطعة الظالمة، التي تعاهدوا فيها على محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلم و رهطه، و حتى أراد رجل منهم أن يبرء منها.

و كان أبو طالب يخاف أن يغتالوا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم ليلا و سرّا، فكان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم إذا أخذ مضجعه أو رقد، بعثه أبو طالب من فراشه، و جعله بينه و بين بنيه، خشية أن يغتالوه.

و تصبح قريش، فيسمعون من الليل أصوات صبيان بني هاشم الذين في الشعب يتصايحون من الجوع، فإذا أصبحوا، جلسوا عند الكعبة، فيسأل بعضهم بعضا، فيقول الرجل لصاحبه: كيف بات أهلك البارحة؟ فيقول:

بخير، لكن إخوانكم هؤلاء الذي في الشعب بات صبيانهم يتصايحون من الجوع حتى أصبحوا. فمنهم من يعجبه ما يلقى محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلم و رهطه، و منهم من يكره ذلك.

فقال أبو طالب: و هو يذكر ما طلبوا من محمّد صلى اللّه عليه

ص:100

و آله و سلم، و ما حسدوهم، في كلّ موسم يمنعونهم أن يبتاعوا بعض ما يصحلهم، و ذكر ذلك شعرا:

ألا ما لهم في آخر الليل معتم طواني، و أخرى النجم لم يتفحم

طواني و قد نامت عيون كثيرة و سائر أخرى ساهم لم تنوم

لأحلام أقوام أرادوا محمّدا بسوء من لا يتّقي الظلم يظلم

سعوا سفها و اقتادهم سوء رأيهم على قائل من رأيهم غير محكم

رجال نووا ما لن ينالوا نظامها و إن حسدوا في كلّ نفر و موسم

أيرجون أن نسخى بقتل محمّد و لم تختضب سمر العوالي من الدم؟

أيرجون منّا خطّة دون نيلها ضراب و طعن بالوشيح المقوم؟

خزيتم-و بيت اللّه-لا تقتلونه جماجم نلقى بالحطيم و زمزم

و تقطع أرحام و تسبى حليلة و يغشى عليه مجرم بعد مجرم

و ينهض قوم بالدروع إليكم يذبّون عن أحسابهم كلّ مجرم

5-و من الجزء المذكور أيضا، بالاسناد أيضا، عن ابن إسحق قال: ثمّ إنّ اللّه عزّ و جلّ برحمته: أرسل على صحيفة قريش الّتي كتبوا فيها تظاهرهم على بني هاشم الأرضة، فلم يدع فيها اسما للّه تعالى إلاّ أكلته، و بقي فيها الظلم و القطيعة و البهتان، فأخبر اللّه عزّ و جلّ بذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم، فأخبر أبا طالب.

فقال له أبو طالب: يا ابن أخي من حدّثك بهذا، و ليس يدخل علينا أحد، و لا تخرج أنت إلى أحد، و لست في نفسي من أهل الكذب؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم: أخبرني ربّي بهذا. فقال له عمّه: إنّ ربّك الحقّ و أنا أشهد أنّك صادق.

فجمع أبو طالب رهطه، و لم يخبرهم بما أخبره به رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم، كراهية أن يفشوا ذلك الخبر، فيبلغ المشركين، فيحتالوا للصحيفة الخب و المكر.

فانطلق أبو طالب برهطه، حتى دخل المسجد، و المشركون من قريش في

ص:101

ظلّ الكعبة، فلمّا أبصروه تباشروا به، و ظنّوا أنّ الحصر و البلاء حملهم على أن يدفعوا إليهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم فيقتلوه.

فلمّا انتهى إليهم أبو طالب و رهطه، رحّبوا به، فقالوا: قد آن لك أن تطيب نفسك عن قتل رجل، في قتله صلاحكم و جماعتكم، و في حياته فرقتكم و فسادكم.

فقال أبو طالب: قد جئتكم في أمر، لعلّه يكون فيه صلاح و جماعة، فاقبلوا ذلك منّا، هلمّوا صحيفتكم الّتي فيها تظاهركم علينا، فجاءوا بها، و لا يشكّون إلاّ أنّهم يدفعون رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم إذا نشروها، فلمّا جاؤوا بصحيفتهم، قال أبو طالب: بيني و بينكم، إنّ ابن أخي قد أخبرني- و لم يكذبنى-أنّ اللّه عزّ و جلّ قد بعث على صحيفتكم الأرضة (1)فلم تدع للّه تعالى إسما إلاّ أثبتته و نفت منها الظلم و القطعية و البهتان، فإن كان كاذبا، فلكم عليّ أن أدفعه إليكم تقتلونه، و إن كان صادقا، فهل ذلك ناهيكم عن تظاهركم علينا؟ فأخذ عليهم المواثيق، و أخذوا عليه، فلمّا نشروها، فإذا هي كما قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم، و كانوا هم بالعذر أولى منهم فاستسرّ أبو طالب و أصحابه، و قالوا: أيّنا أولى بالسخر و القطيعة و البهتان.

فقام المطعم بن عدي بن نوفل بن مناف، و هشام بن عمرو أخو بني عامر بن لوّي بن حارثة، فقالوا: نحن براء من هذه الصحيفة القاطعة العادية الظالمة، و لن نمالي أحدا في فساد أمرنا و أشرافنا، و تتابع على ذلك ناس من أشراف قريش، فخرج أقوام من شعبهم، و قد أصابهم الجهد الشديد، فقال أبو طالب في ذلك أمر محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلم، و ما أرادوا من قتله:

تطاول ليلي بهمّ نصب و دمع كسح (2)السقاء (3)السرب (4)

ص:102


1- 1) الأرضة: (بفتح الهمزة و الراء) دويبة من فصيلة الأرضيات تقرض الأخشاب و تعيش في البلاد الحارة.
2- 2) الكسح (بفتح السين و الحاء المشدّدة) صبّ الماء صبّا متتابعا غزيرا.
3- 3) السقاء (بكسر السين) وعاء من جلد للماء و اللبن و نحوهما.
4- 4) السرب (بفتح السين و كسر الراء) : الماء السائل.

للعب قصىّ بأحلامها و هل يرجع الحلم بعد اللعب

و نفى قصىّ بني هاشم كنفي الطهاة (1)لطاف الحطب

و قالوا لأحمد أنت امرء خلوف الحديث ضعيف النسب

و إن كان أحمد قد جاءهم بحقّ و لم يأتهم بالكذب

على أنّ إخواننا و ازروا بني هاشم و بني المطّلب

هما أخوان كعظم اليمين أمرّا علينا بعقد الكرب (2)

فيا لقصىّ ألم تعلموا بما قد مضى من شؤون العرب

فلا تمسكنّ بأيديكم بعيد الأنوق (3)بعجم (4)الذنب

علام علام تلافيتم بأمر مراح و حلم عزب

و رمتم بأحمد ما رمتم على الآصرات (5)و قرب النسب

فأمّا و من حج من راكب و كعبة مكّة ذات الحجب

تنالون أحمد أو تصطلوا ظباة (6)الرماح و حدّ القضب (7)

و تفترفوا بين أبياتكم صدور العوالي (8)و خيل عصب (9)

تراهنّ ما بين ضافي (10)السبيب (11) قصير الحزام (12)طويل اللبب (13)

ص:103


1- 1) الطهاة (بضم الطاء المهملة) جمع الطاهي: الطبّاخ-الشواء-الخبّاز.
2- 2) الكرب (بفتح الكاف و الراء) : حبيل يصل رشاء الدلو بالخشبة المعترضة عليها.
3- 3) الأنوق (بفتح الهمزة و ضم النون) : العقاب.
4- 4) العجم (بفتح العين أو كسرها و سكون الجيم) أصل الذنب أي العصعص.
5- 5) الآصرات جمع الآصرة (على وزن الفاعلة) : ما عطفك على رجل من قرابة أو معروف.
6- 6) الظباة (بضم الظاء المعجمة جمع الغلبة) : حدّ السيف أو السنان و نحوهما.
7- 7) القضب (بضمّ القاف و الضاد) جمع القضيب أي السيف القطّاع.
8- 8) العوالي (بفتح العين) جمع العالية و هي أعلى القناة.
9- 9) العصب: (بضمّ العين و فتح الصاد) جمع العصبة (بضم العين و سكون الصاد المهملة) : الجماعة.
10- 10) الضافي: الكثير.
11- 11) السبيب (بفتح السين و كسر الباء) : الخصلة من الشعر-شعر الذنب و الناصية و العرف من الفرس.
12- 12) الحزام (بكسر الحاء المهملة) ما يشدّ به وسط الدابّة.
13- 13) اللبب (بفتح اللام و الباء الموحّدة) ما يشدّ به من سيور السرج في صدر الدابّة.

و جرداء كالطير سمحوجة (1) طواها النقائع (2)بعد الحلب

عليها صناديد من هاشم هم الأنجبون مع المنتجب

و قال أبو طالب في شأن الصحيفة لمّا رأى من قومه لا يتناهون و قد رأوا ما فيها من العلم بما رأوا:

ألا من لهمّ أخر الليل منصب و شعب العصا من قومك المتشعّب

و حرب أتينا من لوىّ بن غالب متى ما تزاحمها الصحيفة تخرب

إذا قائم في القوم قام بخطبة ألدّوا (3)به ذنبا و ليس بمذنب

و قد جرّبوا فيما مضى غبّ (4)أمرهم و ما عالم أمرا كمن لم يجرّب

و قد كان في أمر الصحيفة عبرة متى ما يخبّر غائب القوم يعجب

محى اللّه منها كفرهم و عقوقهم و ما نقموا من ناطق الحقّ معرب

فأصبح ما قالوا من الأمر باطلا و من يختلق ما ليس بالحقّ يكذب

و أمسى ابن عبد اللّه فينا مصدقّا على سخط من قومنا غير معتب

فلا تحسبونا مسلمين محمّدا لذي عزّة منّا و لا متعرّب

ستمنعه منّا يد هاشميّة مركّبها في الناس خير مركّب

و ما ذنب من يدعو إلى الربّ و التقى و من يستطع أن يرأب الشعيب (5)برأب

6-و بالاسناد، قال: فلمّا ماراهم أبو طالب بالعداوة، و باراهم بالحرب، عدت قريش على من منهم، فأوثقوه و آذوه، و اشتدّ البلاء عليهم، و عظمت الفتنة فيهم، و زلزلوا زلزالا شديدا، و عدت بنو جمح على عثمان بن مظعون (6)، و فرّ أبو سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد اللّه بن عمر بن مخزوم (7)

ص:104


1- 1) السمحوج (بضم السين و سكون الميم) : الطويل البغيض.
2- 2) النقائع (بفتح النون) جمع النقيعة و هي الطعام المعدّ للقادم من السفر.
3- 3) ألدّوا به: عسّروا عليه في الخصومة.
4- 4) الغبّ (بكسر الغين و تشديد الباء) : العاقبة.
5- 5) رأب يرأب بينهم (بفتح الهمزة في الماضي و المضارع) : أصلح، و رأب الشيء: جمعه برفق.
6- 6) عثمان بن مظعون: بن حبيب بن وهب بن الجمحي أبو السائب الصحابي المتوفّي سنة (2) .
7- 7) أبو سلمة بن عبد الأسد زوج أمّ سلمة قبل النبي و أوّل من هاجر إلى المدينة من أصحاب الرسول صلى اللّه عليه و آله من المهاجرين من بني مخزوم.

إلى أبي طالب ليمنعه، و كان خاله، فجاءت بنو مخزوم ليأخذوا به، فمنعه (1).

فقالوا: يا أبا طالب، منعت منّا ابن أخيك، أتمنع منّا ابن أخينا؟ فقال أبو طالب: أمنع منه ما أمنع ابن أخي، فقال أبو لهب، و لم يتكلّم بكلام خير قطّ ليس يومئذ: صدق أبو طالب، لا يسلّمه إليهم، و طمع فيه أبو طالب حين سمع منه ما سمع، و رجاء نصره و القيام معه.

7-قال: و حدّثنا يونس، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم قال: ما زالت قريش كافّين عني، حتى مات أبو طالب.

8-و عن أبي إسحق قال: قال عليّ بن أبي طالب عليه السلام، يرثي أبا طالب حين مات:

أرقت (2)لنوح (3)آخر الليل غرّدا (4) لشيخي ينعى و الرئيس المسوّدا

أبا طالب مأوى الصعاليك (5)ذا الندى و ذا الحلم لا خلفا (6)و لم يك قعددا (7)

أخا الملك خلا ثلمة سيسدّها بنو هاشم أو تستباح و تضهدا (8)

فأمست قريش يفرحون لفقده و لست أرى حبّا لشيء مخلّدا

أرادت أمورا ألزبتها (9)حلومها ستوردها يوما من الغيّ موردا

يرجون تكذيب النبيّ و قتله و أن يفتروا بهتا عليه و مجحدا

ص:105


1- 1) منعه: حامى عنه و صانه من أن يضام.
2- 2) أرق (بكسر الراء) ذهب عنه النوم في اللّيل.
3- 3) النوح (بفتح النون) : النساء النوائح يجتمعن للحزن.
4- 4) غرّد الطائر: رفع صوته في غنائه.
5- 5) الصعاليك (بفتح الصاد المهملة) جمع الصعلوك (بضمّها) : الفقير.
6- 6) الخلف (بفتح الخاء و سكون اللام) من لا خير فيه.
7- 7) القعدد (بضم القاف و الدال) : الجبان لقعوده عن الحرب.
8- 8) الضهد: القهر و الجور.
9- 9) الزبتها: الزمتها-و في نسخة: زيّنتها.

كذبتم و بيت اللّه حتى نذيقكم صدور العوالي و الصفيح المهنّدا

فإمّا تبيدونا و إمّا نبيدكم و إمّا تروا سلم العشيرة أرشدا

و إلاّ فإنّ الحيّ دون محمّد بنو هاشم خير البريّة محتدا (1)

و إنّ له فيكم من اللّه ناصرا و ليس نبيّ صاحب اللّه أوحدا

نبيّ أتى من كلّ وحي بخطبة فسمّاه ربّي في الكتاب محمّدا

أغرّ كضوء البدر صورة وجهه جلا الغيم عنه ضوءه فتفرّدا

أمين على ما استودع اللّه قلبه و إن قال قولا كان فيه مسدّدا

و نقتصر في هذا الباب على ما ذكرنا هنا، من طريق العامة، من حماية أبي طالب لرسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم، و ذكر غير ذلك يطول به الكتاب، و من أراد الوقوف على الزيادة على ما ذكرنا، فعليه بكتاب مستدرك يحيى بن الحسن بن البطريق (2)، فقد ذكر الكثير من طرق الجمهور، ما يدلّ على حماية أبي طالب لرسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم، و ما يدلّ على إيمانه و الحمد للّه.

ص:106


1- 1) المحتد (بفتح الميم و كسر التاء) : الأصل.
2- 2) ابن البطريق: يحيى بن الحسن بن الحسين بن علي بن محمّد بن البطريق أبو الحسين الأسدي الحلّي المتوفّى سنة (600) .

الباب الثاني عشر

في أذى المشركين له

1-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم (1)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: بينا النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم في المسجد الحرام، و عليه ثياب له جدد، فألقى المشركون عليه سلا (2)ناقة فملؤوا ثيابه بها، فدخله من ذلك ما شاء اللّه، فذهب إلى أبي طالب فقال له: يا عمّ كيف ترى حسبي فيكم؟ فقال له: و ما ذاك يا ابن أخي؟ فأخبره الخبر، فدعا أبو طالب حمزة، و أخذ السيف و قال لحمزة: خذ السلا.

ثمّ توجّه إلى القوم، و النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم معه، فأتى قريشا و هم حول الكعبة، فلمّا رأوه عرفوا الشرّ في وجهه، ثم قال لحمزة: أمرّ السلا على سبالهم (3)، ففعل ذلك حتى أتى على آخرهم، ثمّ التفت أبو طالب إلى

ص:107


1- 1) هشام بن الحكم أبو محمد الكوفي البغدادي من أصحاب الصادق و الكاظم عليهما السلام توفي سنة (199) .
2- 2) السلا (بفتح السين) : جلدة يكون ضمنها الولد في بطن أمّه و إذا انقطع في البطن هلكت الأمّ و الولد.
3- 3) السبال (بكسر السين) جمع السبلة (بفتح السين و الباء) و هي ما على الشارب من الشعر- الدّائرة في وسط الشفة العليا-مقدّم اللّحية.

النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم فقال: يا ابن أخي هذا حسبك فينا (1).

2-و روى عمر بن ابراهيم الأوسي (2)في كتابه قال: نحر أبو جهل يوما جزورا، ثمّ أخذ سلاها، و رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم ساجد، فغرسها بين كتفيه، و إذا بفاطمة عليها السلام طرحته عنه فلمّا فرغ، قال:

اللّهمّ عليك بأبي جهل بن هشام و بعتبة بن ربيعة، و بشيبة بن ربيعة (3)و بالوليد بن عتبة (4)، و بأمّية بن خلف (5)، و بعقبة بن أبي معيط، إنّهم أوهنوني.

قال ابن مسعود (6)رضي اللّه عنه و اللّه لقد رأيتهم قتلى في قليب بدر (7).

3-تفسير الامام أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام، في قوله تعالى وَ إِذا لَقُوا اَلَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنّا (8)كانوا إذا لقوا سلمان (9)، و المقداد (10)، و أباذر (11)، و عمارا (12)، قالوا: آمّنا كإيمانكم، آمنّا بنبوّة محمد صلى اللّه عليه

ص:108


1- 1) الكافي ج 1 ص 449 ح 30 و [1]عنه البحار ج 18 ص 239 ح 85. [2]
2- 2) عمر بن إبراهيم الأوسي: بن عمر الأنصاري صاحب «زهر الكمام» كان حيّا سنة (683) .
3- 3) شيبة بن ربيعة بن عبد شمس المقتول يوم بدر سنة (2) قتله حمزة بن عبد المطّلب.
4- 4) وليد بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس المقتول ببدر سنة (2) قتله أمير المومنين عليه السلام.
5- 5) أميّة بن خلف بن وهب المقتول ببدر سنة (2) قتله رجل من بني مازن.
6- 6) ابن مسعود: عبد اللّه بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي المتوفّى سنة (32) .
7- 7) أخرج المجلسي قدّس سرّه قريبا منه في البحار:18/57 ح 12 [3] عن الخرائج:1/51 ح 76.
8- 8) سورة البقرة:76. [4]
9- 9) سلمان الفارسي أبو عبد اللّه الأصفهاني الأصل من أعاظم أصحاب النبي و الولي و أكثر ما قيل في عمره (350) سنة، توفّي بالمدائن سنة (36) .
10- 10) المقداد: بن عمرو بن ثعلبة الصحابي الجليل و يقال له: المقداد بن الأسود بن عبد يغوث لأنّه تبنّاه في الجاهلية، و كان المقداد سادسا في الاسلام توفّي سنة (33) .
11- 11) أبو ذرّ الغفاري جندب بن جنادة الصحابي الجليل مناقبه كثيرة جدّا نفاه عثمان بن عفّان إلى الربذة فتوفي بها سنة (32) .
12- 12) عمّار: بن ياسر بن عامر بن مالك العنسي، أبو اليقظان مولى بني مخزوم من أجلاّء الأصحاب و من السابقين الأوّلين صار شهيدا في صفّين سنة (37) .

و آله و سلم، مقرونا بالايمان بإمامة أخيه عليّ بن أبي طالب، و بأنه أخوه الهادي، و وزيره المواتي (1)، و خليفته على أمتّه، و منجز عدته، و الوافي بذمّته، و الناهض بأعباء (2)سياسته، و قيّم الخلق الذائذ (3)لهم عن سخط الرحمن، الموجب لهم إن أطاعوه رضا الرحمن، و أنّ خلفائه من بعده هم النجوم الزاهرة، و الأقمار المنيرة، و الشموس المضيئة الباهرة، و أنّ أولياؤهم أولياء اللّه، و أنّ أعداءهم أعداء اللّه.

و يقول بعضهم: نشهد أنّ محمدا صلى اللّه عليه و آله و سلم صاحب المعجزات، و مقيم الدلالات الواضحات، هو الذي لمّا تواطئت قريش على قتله، و طلبوه فقدا لروحه، يبّس اللّه أيديهم فلم تعمل، و أرجلهم فلم تنهض، حتى رجعوا عنه خائبين مغلوبين، لو شاء محمد (4)قتلهم أجمعين، و هو الذي لمّا جاءته قريش، و أشخصته إلى هبل (5)، ليحكم عليه بصدقهم و كذبهم، خرّ هبل لوجهه، و شهد له بنبوّته، و لعليّ أخيه بامامته و بولايته من بعده بوراثته (6)، و القيام بسياسته و إمامته.

و هو الذي ألجأته قريش إلى الشعب، و وكّلوا ببابه من يمنع من إيصال قوت، و من خروج أحد عنه، خوفا أن يطلب لهم قوتا، غذّى هناك كافرهم و مؤمنهم أفضل من المنّ و السلوى، كلّ ما اشتهى كلّ واحد منهم من أنواع الأطعمة الطيّبات، و من أصناف الحلاوات، و كساهم أحسن الكسوات.

و كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم بين أظهرهم، إذ يراهم و قد

ص:109


1- 1) المؤاتي: الموافق من أتاه على الشيء أي وافقه، و في «البحار» : [1] الموافي.
2- 2) الأعباء (بفتح الهمزة و سكون العين) جمع العبء (بكسر العين و سكون الباء) و هو الثقل.
3- 3) الذائد: الطارد و الدافع.
4- 4) في البحار: [2] لو شاء محمد وحده قتلهم.
5- 5) هبل (بضم الهاء و فتح الباء) صنم للجاهليّة قدم بها مكّة عمرو بن لحّى من الشام و كان حجرا أحمر أو ورديا على صورة إنسان يده اليمنى مكسورة نصب في جوف الكعبة و قد جعلت له قريش يدا من ذهب. سحقه النبي (ص) بعد رجوعه إلى مكّة ظافرا.
6- 6) في البحار: و [3]لأوليائه من بعده بوراثته.

ضاق بضيق فجّهم صدورهم، فشال بيده (1)هكذا بيمناه إلى الجبال، و هكذا بيسراه إلى الجبال، و قال لها اندفعي. فتندفع، و تتأخر حتى يصيروا بذلك في صحراء لا ترى أطرافها، ثمّ يقول بيده هكذا، يقول: اطلعي أيّتها المودعات لمحمّد و أنصاره، و ما أودعكها اللّه الأشجار و الأثمار و أنواع الزهر و النبات، فتطلع من الأشجار الباسقة (2)، و الرياحين المونقة، و الخضراوات النزهة، ما تتمتع به القلوب و الأبصار، و تنجلي به الهموم و الغموم و الأفكار، و يعلمون أنّه ليس لأحد من ملوك الأرض مثل صحرائهم، على ما تشتمل عليه من عجائب أشجارها، و تهدّل (3)أثمارها، و اطّراد أنهارها، و غضارة ناحيتها (4)و حسن نباتها.

و محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلم هو الذي لمّا جاءه رسول أبي جهل يتهدّده و يقول: يا محمّد إنّ الخيوط (5)التي في رأسك هي التي ضيّقت عليك مكّة، و رمت بك إلى يثرب، و إنّها لا تزال بك، حتى تنفّرك و تحثّك على ما يفسدك و تبلغك، إلى أن تفسدها إلى أهلها، و تصليهم حرّ نارك، تعدّيك طورك (6)، و ما أرى ذلك إلاّ و سيؤول إلى أن تثور عليك قريش (7)ثورة رجل واحد، لقصد آثارك، و دفع ضررك و بلاءك، فتلقاهم بسفهاءك المغتّرين بك، و يساعدك على ذلك، من هو كافر بك، مبغض لك، فتلجأه إلى مساعدتك و مظافرتك خوفا لأن يهلك بهلاكك، و تعطب عياله بعطبك (8)، و يفتقر هو و من

ص:110


1- 1) فشال بيده: رفع يده.
2- 2) الأشجار الباسقة: المرتفعة الأغصان.
3- 3) التهدّل: التدلّي و التعلّق.
4- 4) في البحار: و [1]غضارة رياحينها.
5- 5) في البحار: [2] الخيوط بالياء التحتانية، و لكن في المصادر الأخر المخطوطة: الخبوط بالباء الموحّدة و لعله هو الأقرب و إن كان هذا اللفظ بخصوصه لا يوجد في المعاجم و لكن الصيغ الأخر من مادّته مناسبة لقول أبي جهل خذله اللّه و هو مأخوذ من تخبّطه الشيطان إذا مسّه بجنون. و الخباط (بضم الخاء) داء كالجنون.
6- 6) الطور (بفتح الطاء) : الحدّ و القدر.
7- 7) في النسختين المخطوطتين من الحلية: و ما أرى ذلك إلاّ و ستثور عليك قريش.
8- 8) العطب (بفتح العين و الطاء) : الهلاك.

يليه فقرك و بفقر شيعتك (1)، إذ يعتقدون أنّ أعداءك إذا قهروك، و دخلوا ديارهم عنوة، لم يفرّقوا بين من والاك و عاداك، و اصطلموهم باصطلامهم (2)لك، و أتوا على عيالاتهم و أموالهم بالسبي و النهب، كما يأتون على أموالك و عيالك، و قد أعذر من أنذر، و بالغ من أوضح، و أدّيت هذه الرسالة إلى محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلم، و هو بظاهر المدينة، بحضرة كافّة أصحابه، و عامّة الكفّار به، من يهود بني إسرائيل.

و هكذا أمر الرسول، ليجبّن المؤمنين، و يغري بالوثوب عليه، سائر من هناك من الكافرين، فقال رسول اللّه للرسول: قد اطردت مقالتك، و استكملت رسالتك؟ قال: بلى، قال: فاسمع الجواب، إنّ أبا جهل بالمكاره و العطب يهدّدني، و ربّ العالمين بالنصر و الظفر يعدني، و خبر رسول اللّه أصدق، و القبول من اللّه أحقّ، لن يضرّ محمّدا من خذله، أو يغضب عليه بعد أن ينصره اللّه، و يتفضّل بجوده و كرمه عليه، قل له: يا أبا جهل، إنّك راسلتني بما ألقاه في خلدك (3)الشيطان، و أنا أجيبك بما ألقاه في خاطري الرحمن، إنّ الحرب بيننا و بينك كائنة إلى تسع و عشرين يوما، و إنّ اللّه سيقتلك فيها بأضعف أصحابي، و ستلقى أنت، و عتبة، و شيبة، و الوليد، و فلان و فلان و ذكر عددا من قريش، في قليب بدر مقتّلين، أقتل منك سبعين، و آسر سبعين، أحملهم على الفداء الثقيل.

ثمّ نادى جماعة من بحضرته، من المؤمنين، و اليهود، و سائر الأخلاط (4): ألا تحبّون أن أريكم مصرع كلّ واحد من هؤلاء؟ هلمّوا إلى بدر، فإنّ هناك الملتقى و المحشر، و هناك البلاء الأكبر، لأضع قدمي على مواضع مصارعهم، ثمّ ستجدونها لا تزيد و لا تنقص، و لا تتغيّر و لا تتقدّم و لا

ص:111


1- 1) في تفسير الامام و البحار: و [1]يفقر متبعيك.
2- 2) الاصطلام: الاستئصال.
3- 3) الخلد (بفتح الخاء و اللام) : البال و القلب.
4- 4) الأخلاط: الأصناف المخلوطة.

تتأخّر لحظة، و لا قليلا و لا كثيرا، فلم يخف ذلك على أحد، و لم يجبه إلاّ عليّ بن أبي طالب وحده، و قال: نعم، بسم اللّه.

قال الباقون: نحن نحتاج إلى مركوب و آلات و نفقات، فلا يمكننا الخروج إلى هناك، و هو مسيرة أيّام، فقالوا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم لسائر اليهود: فأنتم ماذا تقولون؟ قالوا: نحن نريد أن نستقرّ في بيوتنا، و لا حاجة لنا في مشاهدة ما أنت في ادّعائه محيل. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم: لا نصب عليكم في المسير إلى هناك، اخطو خطوة واحدة، فإنّ اللّه يطوي الأرض لكم، و يوصلكم في الخطوة الثانية إلى هناك.

و قال المؤمنون: صدق رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم، فلنتشرّف بهذه الآية، و قال الكافرون و المنافقون: سوف نمتحن هذا الكذب ليقطع عذر محمد، و يصير دعواه حجّة عليه، و فاضحة له في كذبه قال: فخطا القوم خطوة، ثمّ الثانية، فإذا هم ببئر بدر، فعجبوا من ذلك، فجاء رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم فقال: اجعلوا البئر علامة، و اذرعوا من عندها كذا ذراعا فذرعوا، فلمّا انتهوا إلى آخرها، قال: هذا مصرع أبي جهل، يجرحه فلان الأنصاري، و يجهز عليه عبد اللّه بن مسعود، أضعف أصحابي، ثمّ اذرعوا من البئر من جانب آخر، ثمّ جانب آخر كذا و كذا ذراعا، و ذكر أعداد الأذرع مختلفة.

فلمّا انتهى كلّ عدد إلى آخره، قال محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلم: هذا مصرع عتبة، و ذاك مصرع شيبة، و هذا مصرع الوليد، و سيقتل فلان و فلان، إلى أن سمّى تمام سبعين منهم بأسمائهم، و سيؤسر فلان و فلان، إلى أن ذكر سبعين منهم بأسمائهم، و أسماء آباءهم، و صفاتهم، و نسب المنسوبين إلى الآباء منهم، و نسب الموالي منهم إلى مواليهم.

ثمّ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم: أوقفتم على ما أخبرتكم به؟ قالوا: بلى، قال: إنّ ذلك لحقّ، كائن بعد ثمانية و عشرين يوما من اليوم التاسع و العشرين، وعدا من اللّه مفعولا، و قضاء حتما لازما.

ص:112

ثمّ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم: يا معشر المسلمين و اليهود، أكتبوا بما سمعتم فقالوا: يا رسول اللّه، قد سمعنا، و وعينا، و لا ننسى.

فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم: الكتابة أذكر لكم. فقالوا يا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم، و أين الدواة و الكتف؟ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم: ذلك للملائكة: ثمّ قال: يا ملائكة ربّي، أكتبوا ما سمعتم من هذه «القصّة» في أكتاف و اجعلوا في كمّ كلّ واحد منهم كتفا من ذلك.

ثمّ قال: يا معاشر المسلمين تأمّلوا أكمامكم و ما فيها، و أخرجوه و أقرؤوه، فتأمّلوها فإذا في كمّ كلّ واحد منهم صحيفة، ثمّ قرأوها و إذا فيها ذكر ما قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم في ذلك لا يزيد و لا ينقص، و لا يتقدّم و لا يتأخّر، فقال: أعيدوها في أكمامكم تكن حجّة عليكم، و شرفا للمؤمنين منكم، و حجّة على أعدائكم، فكانت معهم فلمّا كان يوم بدر جرت الأمور كلّها، و وجدوها كما قال لا تزيد و لا تنقص، قابلوا بها ما في كتبهم، فوجدوها كما كتبت الملائكة لا تزيد و لا تنقص، و لا تتقدّم و لا تتأخّر (1).

4-قال عمر بن إبراهيم الأوسي و غيره، و اللفظ له، قال: روي أنّ صفوان (2)لعنه اللّه ملأ سيفه سمّا و استأجر عمير بن وهب (3)على قتل رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم فأتى راكبا راحلته، و أناخها بباب المسجد، و دخل على رسول اللّه، و علاه بالسيف، و إذا بيده يبست، فنظر إليه رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم فقال: مالك لا تفعل ما أمرت به؟ فولّى راجعا طائر الأعيان.

فدعاه رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم و أقسم عليه بدينه، فرجع، فقال له: جلست أنت و صفوان بن أميّة في الحجر، و ذكرتما أصحاب القليب من قريش، و أنت قلت لو لا دين عليّ و عيال لي أخاف عليهم الضعف بعدي

ص:113


1- 1) تفسير الامام عليه السلام:292-و عنه البحار ج 17/341-و [1]البرهان ج 1/115 ح 1. [2]
2- 2) صفوان بن أبي أمية: بن خلف الجمحي من مؤلفة القلوب توفي أيام قتل عثمان أو سنة (42) .
3- 3) عمير بن وهب: بن خلف، هو الذي حزر أصحاب النبي (ص) يوم بدر.

لخرجت لقتل محمد، و تحمّل صفوان بدينك و عيالك، فجئت إليّ لتقتلني، لم لا تفعل؟ قال: مدّ يدك اشهد أن لا إله إلاّ اللّه، و أنت محمّد رسول اللّه و عليّ وليّ اللّه.

5-و قال الأوسي: و قدم عامر بن طفيل (1)، يريد قتل رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم و قد أعطاه جعلا أربد بن قيس، و قال أنظره إلى أن يصلّي فاعله بالسيف، فلمّا قدما على رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم و هو في صلوته، فقدم عامر بن الطفيل، و هو في صلوته، فأتاه يريد الغدر به، فإذا به مصفدا، فصاح، فأتي الخبر إلى أربد بن قيس (2)، فأتى مسرعا بغيظه مجهرا، فلمّا وصل و إذا به مصفّدا، فجعلا يصيحان هذا و محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلم بصلوته.

فلمّا فرغ نظر إليهما فقالا: فكنّا يا رسول اللّه: قال: تؤمنان باللّه؟ قالا:

نعم، ففكّهما فقال عامر: و اللّه لأملأنّها عليك خيلا و رجلا فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم: اللّهمّ اكفنا شرّه و ابتله بغدّة كغدّة البعير، فخرج بسفره، و إذا هي برقبته (3)كبندقة، فصاح و مات على البعير و انقلب على الأرض لا رحمه اللّه.

6-و عن جابر بن عبد اللّه: أنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم نزل تحت شجرة، فعلّق بها سيفه، ثمّ نام فجاء أعرابيّ فأخذ السيف و قام على رأسه:

فاستيقظ عليه السلام فقال: يا محمّد من يعصمك الآن منّي؟ قال: اللّه تعالى، فرجف (4)، و سقط السيف من يده.

و في خبر أنّه بقي جالسا زمانا و لم يعاقبه النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم.

7-حذيفة و أبو هريرة: جاء أبو جهل إلى النبيّ صلى اللّه عليه

ص:114


1- 1) عامر بن الطفيل: من بني جعفر بن كلاب أسر يوم الرقم (يوم بين عامر و بين مرّة و فزارة) .
2- 2) أربد بن قيس: من ولد خالد بن جعفر بن كلاب أخو لبيد الشاعر لأمّه.
3- 3) في نسختين مخطوطتين من الحلية: و إذا هي بركبته.
4- 4) رجف: تحرّك و اضطرب.

و آله و سلم-و هو يصلّي-ليطأ على رقبته فجعل ينكص على عقبيه، فقيل:

مالك؟ قال: إنّ بيني و بينه خندقا من نار مهولا، و رأيت الملائكة ذوي أجنحة فقال النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم: لو دنا منّي لا خطفته الملائكة عضوا عضوا فنزل أَ رَأَيْتَ اَلَّذِي يَنْهى عَبْداً إِذا صَلّى (1)الآيات (2).

8-محمّد بن إسحق لمّا خرج النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم مهاجرا اتبعه سراقة بن جعشم مع خيله، فلمّا رآه رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم دعا، فكان قوائم فرسه ساخت حتى تغيّبت، فتضرّع إلى النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم حتى دعا و صار إلى الأرض، فقصد كذلك ثلثا و النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم يقول: يا أرض خذيه، فإذا تضرّع قال: دعيه، فحلف بعد الرابعة أن لا يعود إلى ما يسؤوه.

و هذا الحديث و القصّة مذكور من طرق الخاصّة و العامّة.

9-الطبرسي في «الاحتجاج» في حديث طويل عن الامام موسى بن جعفر عليهما السلام عن آبائه، عن الحسين بن علي، عن أبيه عليهم السلام، في حديث له مع يهوديّ، قال أمير المؤمنين عليه السلام: كان النبيّ صلى اللّه عليه و آله يؤذي قريشا بالدعاء فقام يوما فسفّه أحلامهم، و عاب دينهم، و شتم أصنامهم، و ضلّل آباءهم، فاغتموا لذلك غمّا شديدا فقال أبو جهل: و اللّه للموت خير لنا من الحياة، فليس فيكم معاشر قريش أحد يقتل محمدا فيقتل به؟ فقالوا: لا. قال: فأنا أقتله، فإن شاءت بنو عبد المطلب قتلوني، و إلاّ تركوني، قالوا: فإنّك إن فعلت ذلك اصطنعت إلى أهل الوادي معروفا لا تزال تذكر به، قال: إنّه كثير السجود حول الكعبة، فإذا سجد و جاء أخذت حجرا فشدخته (3)به.

فجاء رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم، فطاف بالبيت أسبوعا، ثمّ

ص:115


1- 1) سورة العلق:9. [1]
2- 2) المناقب لابن شهر اشوب ج 1/70-و [2]عنه البحار ج 18/60 ح 19. [3]
3- 3) شدخ (بفتح الدال في الماضي و المضارع) رأسه: كسره.

صلّى و أطال السجود، فأخذ أبو جهل حجرا، فأتاه من قبل رأسه، فلمّا أن قرب منه أقبل فحل من قبل رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم فاغرا (1)فاه نحوه، فلمّا أن رآه أبو جهل فزع منه، و ارتعدت يده، و طرح الحجر فشدخ رجله، فرجع مدميا متغيّر اللّون، يفيض عرقا فقال له أصحابه: ما رأيناك كاليوم؟ ! قال: ويحكم أعذروني، فإنّه أقبل من عنده فحل فاغرا فاه فكاد يبلعني، فرميت بالحجر فشدخت رجلي (2).

10-محمّد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري (ره) في «قرب الاسناد» عن الحسن بن ظريف، عن معمّر، عن الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عليهم السلام، في حديث طويل قال: إنّ أبا جهل عمرو بن هشام المخزومي أتاه، يعني النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم، و هو نائم خلف جدار، و معه حجر يريد أن يرميه به فالتصق بكّفه (3).

11-و في هذا الحديث أيضا: أنّ عامر بن الطفيل، و أربد (4)بن قيس أتيا النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم فقال عامر لأربد: إذا أتيناه فأنا أشاغله عنك، فاعله بالسيف، فلمّا دخلا عليه قال عامر: يا محمّد حائر (5)؟ قال:

لا حتى تقول: لا إله إلاّ اللّه، و إنّي رسول اللّه، و هو ينظر إلى أربد، و أربد لا يحير شيئا فلمّا طال ذلك نهض و خرج، و قال لأربد: ما كان أحد على وجه الأرض أخوف منك على نفسي فتكا منك، و لعمري لا أخافك بعد اليوم، فقال له أربد: لا تعجل فإنّي ما هممت بما أمرتني به إلاّ دخلت الرجال بيني و بينه حتى ما أبصر غيرك فأضربك (6).

12-و عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لمّا ظهرت نبوّة

ص:116


1- 1) الفاغر: الفاتح.
2- 2) الاحتجاج:218-و [1]عنه البحار ج 17/284 ح 7. [2]
3- 3) قرب الاسناد:133 و [3]عنه البحار ج 17/227. [4]
4- 4) في البحار: و [5]أزيد (بالزاي المعجمة و الياء المثناة التحتانية) .
5- 5) في المصدر و هكذا في نسختين مخطوطتين من الحلية: خائر (بالخاء المعجمة) أي ضعيف.
6- 6) قرب الاسناد:134-و [6]عنه البحار ج 17/228 ح 1. [7]

محمّد صلى اللّه عليه و آله و عظم على قريش أمره و نزول الوحي عليه و ما كان يخبرهم به قال بعضهم لبعض: ليس لنا إلاّ قتل محمّد، و قال أبو سفيان: أنا أقتله لكم، قالوا: و كيف تصنع؟ قال: بلغنا أنّه يظلّ كلّ ليلة في مغار جبل أو في واد و قد عرفت أنّه في هذه الليلة يمضي إلى جبل حراء فيظلّ فيه، قالوا:

ويحك يا أبا سفيان إنّه لا يمشي عليه أحد إلاّ قذفه حتى يقطعه، و كيف يمضي أحد إليه؟ !

و بعثوا إلى أرصاد (1)لهم على النبيّ صلى اللّه عليه و آله فقال تجسّسوا لنا عليه اللّيلة، و دوروا من حول جبل حراء، فلعلّ محمّدا يعلوه فيقذفه، فتكفون مؤنته، فلمّا جنّ عليه اللّيل أخذ النبيّ صلى اللّه عليه و آله بيد عليّ بن أبي طالب عليه السلام، ثمّ خرجا و أصحابه لا يشعرون، و أبو سفيان و جميع من في الرصّد مقنّعون (2)بالحديد من حول حراء، فما شعروا حتى وافى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم و أمير المؤمنين عليه السلام بين يديه، فصعدا جبل حراء فلمّا صارا عليه و في ذروته، اهتزّ الجبل و ماج (3)، ففزع أبو سفيان و من معه، فتباعدوا من الجبل، و قالوا: كفينا مؤنة محمّد و قد قذفه حراء و قطعه، فاطلبوه من حول الجبل، فسمعوا النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم يقول: أسكن حراء فما عليك إلاّ نبيّ و وصيّ نبيّ.

فقال أبو سفيان: فسمعت محمّدا، يقول: جبل حراء إن قرب منك أبو سفيان و من معه فأدمهم بهوامّك (4)حتى تنهشهم فتجعلهم حصيدا خامدين قال أبو سفيان: فسمعت حراء يلبّيه من كلّ جوانبه و يقول: سمعا و طاعة لك يا رسول اللّه و لوصيّك، فسعينا على وجوهنا خوفا أن نهلك بما قال محمّد صلى اللّه عليه و آله، و أصبحوا و اجتمعت قريش فقصّوا قصتهم و ما كان من رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و ما خاطب به جبل حراء و ما أجابه، فقال أبو جهل لعنه

ص:117


1- 1) الأرصاد (بفتح الهمزة) جمع الرصد (بفتح الراء و الصاد) القوم الذين يرصدون كالحرس.
2- 2) المقنع (بفتح النون المشدّدة) : الذي على رأسه بيضة الحديد.
3- 3) ماج: تحرّك و اضطرب.
4- 4) الهوامّ (بفتح الهاء و آخرها الميم المشدّدة) : جمع الهامّة و هي ما كان له سمّ.

اللّه: ماذا أنتم صانعون؟ فقالوا: رأيك فأنت سيّدنا و كبيرنا، فقال:

نكافح (1)محمّدا بالسيف علينا أم عليه، غلبنا أم غلبناه، ففي أحد الغلبين راحة، فقال أبو سفيان: و قد بقي لي كيدا أكيد به محمّدا، فقالوا له: و ما هو يا أبا سفيان؟ فقال: إنّه قد خبرت أنّه يستظلّ من حرّ الشمس تحت حجر عال في هذا اليوم، فآتي الحجر إذا استظلّ به محمّد فأهدهده (2)عليه بجمع ذي القوّة، فلعلّنا نكفي مؤنته، فقالوا له: فافعل يا أبا سفيان، قال: فبعث أبو سفيان رصدا على النبيّ صلى اللّه عليه و آله حتى عرف أنّه قد خرج هو و عليّ عليه السلام معه حتى أتيا الحجر و استظلّ تحته، و جعل رأسه في حجر عليّ صلوات اللّه عليهما، فقال: يا عليّ إنّي راقد و أبو سفيان يأتيك من وراء هذا الحجر في جمع ذي قوّة، فإذا صاروا في ظهر الحجر استصعب عليهم، و يمتنع من أن يعمل فيه أيديهم، فمر الحجر أن ينقلب عليهم فإنّه ينقلب، فيقتل القوم جميعا و يفلت (3)أبو سفيان وحده.

فقال أبو سفيان لأصحابه: لا تجزعوا من كلام محمّد، فإنّه ما قال هذا القول إلاّ ليسمعنا حتى لا ندنو من الحجر، ثمّ إنّه شجّعهم حتى صاروا في ظهر الحجر، و رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم راقد في حجر عليّ بن أبي طالب، فراموا (4)الحجر أن يستهدهدوه أو يقلعوه فيلقوه على رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم، فاستصعب عليهم و امتنع منهم.

فقال أصحاب أبي سفيان: إنّا نظنّ محمّدا قد قال: حقا، إنّا نعهد هذا الحجر لو رامه بعض عدوّنا لدهدهه و قلعه، فما باله اليوم مع كثرتنا لا يهتّز! فقال أبو سفيان: اصبروا عليه.

و أحسّ بهم أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه فصاح: يا حجر انقلب عليهم فأت عليهم غير صخر بن حرب، فما استتمّ كلامه حتى انقضّ الحجر عليهم

ص:118


1- 1) المكافحة: استقبال العدوّ بالحرب.
2- 2) هدهد (على وزن دحرج) شيئا: حرّكه و دحرجه و أنزله من علوّ إلى سفل.
3- 3) فلت يفلت (بفتح اللام في الماضي و كسرها في المضارع) : تخلّص.
4- 4) راموا: أرادوا و قصدوا.

فتفرّقوا، فامتدّ الحجر، و طال، حتى كبس القوم جميعا غير أبي سفيان، فإنّه أفلت و هو يضحك و يقول: يا محمّد، لو أحييت لي الموتى، و سيّرت الجبال، و أطاعك كلّ شيء لعصيتك وحدي، فسمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم كلامه فقال له: ويلك يا أبا سفيان، و اللّه لتؤمننّ بي، و لتطيعني مكرها مغلوبا، إذا فتح اللّه مكة.

فقال أبو سفيان: أمّا و قد أخبرت يا محمد بفتح مكّة و إيماني بك و طاعتي إيّاك قهرا لا يكون، ففتح اللّه على رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم مكّة، و أسر أبو سفيان، فآمن مكرها و أطاع صاغرا.

فقال أبو عبد اللّه صلوات اللّه عليه: و اللّه لقد دخل أبو سفيان بعد فتح مكّة على رسول اللّه و هو في مسجده على منبره، في يوم جمعة بالمدينة، فنظر أبو سفيان إلى أكابر ربيعة، و مضر، و اليمن، و ساداتهم في المسجد، يزاحم بعضهم بعضا، فوقف أبو سفيان متحيّرا، و قال في نفسه: يا محمّد قدرت أنّ هذه الجماجم تذل لك حتى تعلو أعوادك هذه و تقول ما تقول، فقطع النبيّ صلوات اللّه عليه و آله خطبته، و قال له: على رغم أنفك يا أبا سفيان، فجلس أبو سفيان خجلا ثمّ قال في نفسه: يا محمد، إن أمكنني اللّه منك لأملأنّ يثرب خيلا و رجلا و لأعفينّ آثارك.

فقطع النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم خطبته ثمّ قال: يا أبا سفيان أمّا في حياتي فلا، و أمّا بعدي يتقدّمك من هو أشقى منك، ثم يكون منك و من أهل بيتك ما يكون، تقول في نفسك ما تقول، إلاّ أنّك لا تطفئ نوري و لا تقطع ذكري و لا يدوم ذلك لكم و يسلبنّكم اللّه إيّاه، و ليخلدنّكم في النار، و ليجعلنّكم شجرتها التي هي وقودها، فمن أجل ذلك قال اللّه: وَ اَلشَّجَرَةَ اَلْمَلْعُونَةَ فِي اَلْقُرْآنِ وَ نُخَوِّفُهُمْ (1)إلى تمام الآية، و الشجرة هم بنو أميّة و هم أهل النار (2).

ص:119


1- 1) الاسراء:60. [1]
2- 2) الهداية [2]لأبي محمد الحسين بن حمدان الحضيني:5 مخطوط في مكتبة آية اللّه المرعشي (ره) بقم المقدّسة.

13-ابن شهر اشوب، عن طارق المحاربي (1): رأيت النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم في سويقة ذي المجاز، عليه حلّة حمراء و هو يقول: يا أيّها الناس، قولوا: لا إله إلاّ اللّه تفلحوا، و أبو لهب يتبعه و يرميه بالحجارة، و قد أدمى كعبيه و عرقوبيه (2)و هو يقول: يا أيّها الناس لا تطيعوه فإنّه كذّاب (3).

14-و عن ابن عباس: دخل النبيّ صلى اللّه عليه و آله الكعبة، و افتتح الصلاة، فقال أبو جهل: من يقوم إلى هذا الرجل فيفسد عليه صلاته؟ فقام ابن الزبعري (4)و تناول فرثا (5)و دما و ألقى ذلك عليه، فجاء أبو طالب و قد سلّ سيفه، فلمّا رأوه جعلوا ينهضون، فقال أبو طالب: و اللّه لئن قام أحد حلأته (6)بسيفي، ثمّ قال: يا ابن أخي، من الفاعل بك هذا؟ قال: عبد اللّه، فأخذ أبو طالب فرثا و دما فألقى عليه.

ثمّ قال ابن شهر اشوب: و في روايات كثيرة متواترة، أنّه أمر عبيده: أن يلقوا السلا عن ظهره، و يغسلوه، ثمّ أمرهم أن يأخذوه فيمرّوا على سبال القوم بذلك (7).

و الروايات في أمثال ذلك لا تحصى، و اللّه يعلم حيث يجعل رسالاته.

ص:120


1- 1) طارق المحاربي: بن عبد اللّه الكوفي له صحبة و روايتان أو ثلاثة-التقريب لابن حجر العسقلاني ج 1 ص 376.
2- 2) العرقوب (بضم العين المهملة و سكون الراء و ضمّ القاف) : عصب غليظ فوق العقب.
3- 3) مناقب آل أبي طالب لابن شهر اشوب ج 1 ص 56 ط قم. و [1]عنه بحار الأنوار ج 18 ص 202. [2]
4- 4) ابن الزبعري (بكسر الزاي و فتح الباء و سكون العين) عبد اللّه الشاعر بن قيس السهمي القرشي، كان من أشدّ المشركين على المسلمين و كان يؤذي النبي صلى اللّه عليه و آله بيده و لسانه إلى أن فتحت مكّة فهرب إلى نجران-ثم بعد ذلك أسلم و اعتذر، و مدح النبي (ص) فأمر له بحلة توفي نحو سنة (15) .
5- 5) الفرث (بفتح الفاء و سكون الراء) : السرجين ما دام في الكرش.
6- 6) حلأه بالسيف: أي ضربه.
7- 7) مناقب آل أبي طالب ج 1 ص 60 ط قم [3]المقدّسة-و عنه البحار ج 18 ص 187. [4]

الباب الثالث عشر

في قوله تعالى: إِنّا كَفَيْناكَ اَلْمُسْتَهْزِئِينَ و هلاك الفراعنة

(1)

1-محمّد بن عليّ بن بابويه رحمة اللّه في كتاب «الغيبة» (2)قال حدّثنا أبي (3)و محمّد بن الحسن (4)قالا: حدّثنا سعد بن عبد اللّه، و عبد اللّه بن جعفر الحميري (5)و محمّد بن يحيى العطّار و أحمد بن إدريس (6)جميعا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى (7)و محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب (8)و إبراهيم بن هاشم جميعا، عن الحسن بن محبوب (9)عن عليّ بن رئاب (10)، عن عبد اللّه بن علي

ص:121


1- 1) سورة الحجر:95. [1]
2- 2) المراد بالغيبة «كمال الدين» . [2]
3- 3) أبي: هو علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي قدّس سرّه المتوفّى (329) .
4- 4) محمد بن الحسن: بن أحمد بن الوليد، أبو جعفر نزيل قم المتوفى (343) .
5- 5) عبد اللّه بن جعفر الحميري: أبو العبّاس القمي قدم الكوفة، سنة نيّف و تسعين و مائتين و كاتب الإمامين الهمامين الهادي و العسكري عليهما السلام.
6- 6) أحمد بن إدريس: أبو علي الأشعري القمي المتوفّى (306) .
7- 7) أحمد بن محمّد بن عيسى: بن عبد اللّه الأشعري القمي لقي الأئمّة الرضا و الجواد و الهادي عليهم السلام.
8- 8) محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب: أبو جعفر الزيّات الكوفي المتوفّى (262) .
9- 9) الحسن بن محبوب: أبو علي السراد، أو الزرّاد الكوفي، روى عن الرضا عليه السلام، و كان من أصحاب الاجماع، توفي (224) .
10- 10) علي بن رئاب: الطحّان الكوفي الراوي عن الصادق و الكاظم عليهما السلام.

الحلبي (1)قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: مكث رسول اللّه بمكّة بعد ما جاءه الوحي عن اللّه تبارك و تعالى ثلاث عشرة سنة، منها ثلاث سنين مختفيا خائفا لا يظهر حتى أمره اللّه عزّ و جلّ أن يصدع بما أمر به فأظهر حينئذ الدعوة (2).

2-و عنه قال: حدّثنا محمد بن الحسن (3)رضي اللّه عنه، قال: حدّثنا سعد بن عبد اللّه و محمد بن الحسن الصفّار (4)جميعا، قالا: حدّثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب، و محمّد بن عيسى العبيد، قالا: حدّثنا صفوان بن يحيى (5)، عن عبد اللّه بن مسكان (6)، عن محمّد بن علي الحلبي (7)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: إكتتم رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله بمكّة مختفيا خائفا خمس سنين ليس يظهر أمره، و عليّ عليه السلام معه و خديجة، ثم أمره اللّه عزّ و جلّ أن يصدق بما أمر به فظهر رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فأظهر أمره (8).

3-و عنه قال: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (9)رضي اللّه عنه، قال:

حدّثنا علي بن إبراهيم ابن هاشم، عن أبيه. عن محمد بن أبي عمير، عن أبان

ص:122


1- 1) عبد اللّه بن علي الحلبي: بن أبي شعبة. قال الأردبيلي في «جامع الرواة» ج 1 ص 497: [1]الظاهر أنّه عبيد اللّه، يروي عن الامام الصادق عليه السلام.
2- 2) كمال الدين ص 344 ح 29-و [2]عنه البحار ج 18 ص 177 ح 4. [3]
3- 3) محمد بن الحسن: بن أحمد بن الوليد أبو جعفر نزيل قم المتوفّى سنة (343) ه.
4- 4) محمد بن الحسن الصفّار: من فروخ أبو جعفر الأعرج الأشعري القمي المتوفّى (290) .
5- 5) صفوان بن يحيى: أبو محمد البجلي الكوفي الراوي عن الكاظم الرضا و الجواد عليهم السلام توفّي سنة (210) .
6- 6) عبد اللّه بن مسكان: أبو محمد الرّاوي عن الصادق و الكاظم عليهما السلام كان من أصحاب الاجماع.
7- 7) محمد بن علي الحلبي: ابن أبي شعبة أبو جعفر الراوي عن الباقر و الصادق عليهما السلام.
8- 8) كمال الدين:344 ح 28-و [4]عنه البحار ج 18/176 ح 2. [5]
9- 9) أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (بالذال المعجمة) كان من الفضلاء الموثقين من شيوخ الصدوق.

الأحمر (1)، رفعه، قال: المستهزءون برسول اللّه صلى اللّه عليه و آله خمسة:

الوليد بن المغيرة المخزومي، و العاص بن وابل السهمي، و الأسود بن عبد يغوث الزهري (2)، و الأسود ابن المطلب (3)و الحارث بن الطلاطلة الثقفي (4)(5)

4-و عنه قال: حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان (6)، قال: حدّثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمّد الحسني (7)، قال: حدّثنا أبو العباس محمّد بن علي الخراساني، قال: حدّثنا أبو سعيد سهل بن صالح العباسي، عن أبيه، و إبراهيم بن عبد الرحمن الأبلي (8)، قال: حدّثنا موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، قال: حدّثني جعفر بن محمّد، قال: حدثني أبي محمّد بن علي، قال: حدّثني أبي عليّ بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي عليهم السلام: أنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال ليهودي من يهود الشام و أحبارهم فيما أجابه عنه من جواب مسائله:

ص:123


1- 1) أبان بن أحمر: أبان بن عثمان بن يحيى اللؤلؤي الكوفي المتوفى نحو سنة (200) تقدّم ذكره.
2- 2) الأسود بن عبد يغوث الزهري كان ابن خال النبي (ص) و من المستهزئين به، مات كافرا.
3- 3) الأسود بن المطلب بن أسد أبو زمعة دعا عليه النبي (ص) فعمى و مات.
4- 4) الحارث بن طلاطلة بن عمرو بن الحارث الخزاعي دعا عليه النبي (ص) و أشار إلى رأسه فامتخض قيحا فقتله.
5- 5) الخصال:278 ح 24-و رواه المجلسي في البحار ج 18/55 [1] عن العيّاشي. و أورده المصنّف أيضا في البرهان ج 2/300 ح 3. [2]
6- 6) أحمد بن الحسن القطّان: الرازي المعروف بأبي علي بن عبد ربّه روى عنه الصدوق كثيرا في عيون أخبار الرضا، و كمال الدين و الأمالي، و يصفه بالعدل، و يقول في كمال الدين: إنّه شيخ كبير لأصحاب الحديث، و روى عنه أيضا التلعكبري، و له منه إجازة، و يروي عن ابن عقدة و أحمد بن يحيى بن زكريا، و غيرهما و روى عن رجال العامّة أيضا، و هل هو نفسه من العامّة أو من الخاصّة فيه اختلاف بين المحقّقين.
7- 7) أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد الحسني-أو الحسيني-كان من محدّثي القرن الرابع، روى عن أبي الطيّب محمد بن الحسين بن حميد بن الربيع اللخمي الكوفي المتوفّى سنة (317) ه.
8- 8) إبراهيم بن عبد الرحمن الأبلي-أو الآملي-من أصحاب الكاظم عليه السلام لم أقف على ترجمة له.

فأمّا المستهزءون فقال اللّه عزّ و جلّ: إِنّا كَفَيْناكَ اَلْمُسْتَهْزِئِينَ (1)فقتل اللّه خمستهم، قد قتل كلّ واحد منهم بغير قتلة صاحبه في يوم واحد.

أمّا الوليد بن المغيرة فإنّه مرّ بنبل (2)لرجل من بني خزاعة قد راشه (3)في الطريق فأصابته شظية (4)منه فانقطع أكحله (5)حتى أدماه فمات، و هو يقول:

قتلني ربّ محمد.

و أما العاص بن وائل السهمي فإنه خرج في حاجة له إلى كداء (6)فتدهده تحته حجر فسقط، فتقطع قطعة قطعة، فمات و هو يقول: قتلني ربّ محمّد.

و أمّا الأسود بن عبد يغوث فإنّه خرج يستقبل ابنه زمعة، و معه غلام له، فاستظلّ بشجرة تحت كدا فأتاه جبرئيل عليه السلام فأخذ رأسه، فنطح به الشجرة، فقال لغلامه: امنع عنّي هذا، فقال: ما أرى أحدا يصنع بك شيئا إلاّ نفسك، فقتله و هو يقول: قتلني ربّ محمد.

ثم قال ابن بابويه: قال مصنّف هذا الكتاب رضي اللّه عنه: يقال في خبر آخر في الأسود: قول آخر، يقال: إنّ النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم كان قد دعا عليه أن يعمي اللّه بصره، و أن يثكله ولده، فلمّا كان في ذلك اليوم جاء حتى صار إلى كدا، فأتاه جبرئيل بورقة خضراء، فضرب بها وجهه، فعمي و بقي حتى أثلكه اللّه عزّ و جلّ يوم بدر، ثمّ مات.

و أمّا الحارث بن الطلاطلة، فإنّه خرج من بيته في السموم فتحوّل حبشيا، فرجع إلى أهله، فقال: أنا الحارث، فغضبوا عليه، فقتلوه، و هو

ص:124


1- 1) الحجر:95. [1]
2- 2) النبل (بفتح النون و سكون الباء الموحدة) : السهام العربية.
3- 3) راش السهم يريشه: الزم عليه الريش.
4- 4) الشظيّة: (بفتح الشين و كسر الظاء و تشديد الياء) : فلقة العود و العظم.
5- 5) الأكحل: عرق في اليد يفصد.
6- 6) كداء (بفتح الكاف و الألف الممدودة) : الثنية العليا و كدى (بضم الكاف و المقصورة) : الثنية السفلى بأسفل مكّة المكرمة.

يقول: قتلني رب محمد.

و أمّا الأسود بن الحارث فإنّه أكل حوتا مالحا، فأصابته غلبة العطش، فلم يزل يشرب الماء حتى انشقّ بطنه فمات، و هو يقول: قتلني ربّ محمد.

كلّ ذلك في ساعة واحدة، و ذلك أنّهم كانوا بين يدي رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فقالوا له: يا محمد ننتظر بك إلى الظهر فإن رجعت عن قولك و إلا قتلناك.

فدخل النبيّ صلى اللّه عليه و آله منزله، فاغلق عليه بابه مغتمّا بقولهم، فأتاه جبرئيل عليه السلام ساعته فقال له: يا محمد السلام يقرأ عليك السلام و هو يقول: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ (1)يعني أظهر أمرك لأهل مكة، وادع وَ أَعْرِضْ عَنِ اَلْمُشْرِكِينَ قال: يا جبرئيل كيف أصنع بالمستهزئين و ما أوعدوني؟ قال له: إِنّا كَفَيْناكَ اَلْمُسْتَهْزِئِينَ (2)قال: يا جبرئيل كانوا عندي الساعة بين يديّ؟ فقال: قد كفيتهم، فأظهر أمره عند ذلك (3).

5-الطبرسي في «الاحتجاج» عن الامام أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام عن آبائه عليهم السلام عن الحسين بن علي عليهما السلام عن أبيه عليه السلام، أنّه قال له يهودي: إنّ موسى بن عمران قد أرسله اللّه إلى فرعون، و أراه الآية الكبرى، قال له: لقد كان كذلك، و محمد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم أرسل إلى فراعنة شتى: مثل أبي جهل بن هشام، و عتبة بن ربيعة، و شيبة، و أبي البختري، و النضر بن الحارث، و أبيّ بن خلف، و منّبه و نبيه ابني الحجّاج، و إلى الخمسة المستهزئين: الوليد بن المغيرة المخزومي، و العاص بن وائل السهمي، و الأسود بن يغوث الزهري، و الأسود بن المطّلب، و الحارث بن الطلاطلة، فأراهم الآيات في الآفاق و في

ص:125


1- 1) الحجر:96. [1]
2- 2) الحجر:95. [2]
3- 3) الخصال:279 ح 25، عنه البحار:18/55-و [3]البرهان ج 2/300 ح 4. [4]

أنفسهم، حتى يتبيّن لهم أنّه الحق.

قال له اليهودي: لقد انتقم اللّه عزّ و جلّ لموسى عليه السلام من فرعون.

قال له عليه السلام: لقد كان كذلك، و لقد انتقم اللّه جلّ اسمه لمحمّد صلى اللّه عليه و آله و سلم من الفراعنة، فأمّا المستهزءون فقال اللّه عزّ و جلّ:

إِنّا كَفَيْناكَ اَلْمُسْتَهْزِئِينَ فقتل اللّه خمستهم، كلّ واحد منهم بغير قتلة صاحبه في يوم واحد.

فأمّا الوليد بن المغيرة فمرّ بنبل لرجل قد راشه، و وضعه في الطريق فأصابه شظيّة منه، فانقطع أكحله، حتى أدماه، فمات و هو يقول: قتلني ربّ محمد.

و أما العاص بن وائل السهمي فإنّه خرج في حاجة له إلى موضع فتدهده (1)تحته حجر، فتقطع قطعة قطعة، فمات و هو يقول: قتلني ربّ محمد.

و أمّا الأسود بن عبد يغوث فإنّه خرج يستقبل ابنه زمعة، فاستظلّ بشجرة، فأتاه جبرئيل عليه السلام، فأخذ رأسه فنطح به الشجرة، فقال لغلامه: امنع هذا عني، فقال: ما أرى أحدا يصنع بك شيئا إلاّ نفسك، فقتله و هو يقول: قتلني ربّ محمد.

و أمّا الأسود بن المطّلب فإنّ النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم دعا عليه أن يعمي اللّه بصره، و أن يثكله ولده، فلمّا كان في ذلك اليوم خرج حتى صار إلى موضع فأتاه جبرئيل عليه السلام بورقة خضراء فضرب بها وجهه فعمي، و بقي حتى أثكله اللّه عزّ و جلّ ولده.

و أمّا الحارث بن الطلاطلة فإنّه خرج من بيته في السموم (2)فتحوّل حبشيا فرجع إلى أهله فقال: أنا الحارث، فغضبوا عليه، فقتلوه و هو يقول: قتلني ربّ محمد.

ص:126


1- 1) تدهده: تدحرج.
2- 2) السموم (بفتح السين المهملة) الريح الحارّة.

ثمّ قال الطبرسي: و روي أنّ الأسود بن المطلب أكل حوتا مالحا فأصابه غلبة العطش، فلم يزل يشرب الماء حتى انشقّ بطنه، فمات و هو يقول: قتلني ربّ محمد.

و كل ذلك في ساعة واحدة، و ذلك أنّهم كانوا بين يدي رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم فقالوا له: يا محمد ننتظر بك إلى الظهر فإن رجعت عن قولك و إلاّ قتلناك.

فدخل النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم منزله فأغلق عليه بابه مغتمّا لقولهم، فأتاه جبرئيل عليه السلام عن اللّه عزّ و جلّ من ساعته فقال: يا محمد السلام يقرأ عليك السلام و يقول لك: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَ أَعْرِضْ عَنِ اَلْمُشْرِكِينَ (1)يعني أظهر أمرك لأهل مكة و ادعهم إلى الايمان.

قال: يا جبرئيل كيف أصنع بالمستهزئين و ما أوعدوني؟ قال له: إِنّا كَفَيْناكَ اَلْمُسْتَهْزِئِينَ قال: يا جبرئيل كانوا الساعة بين يدي، قال: و قد كفيتهم، فأظهر أمره عند ذلك، و أمّا بقيّتهم من الفراعنة (2)فقتلوا يوم بدر بالسيف، و هزم اللّه الجمع و ولّوا الدبر (3).

6-الشيخ في أماليه: باسناده عن ابن عباس قال: وقف رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم على قتلى بدر، فقال: جزاكم اللّه من عصابة شرّا لقد كذّبتموني صادقا، و خوّنتم أمينا، ثم التفت إلى أبي جهل بن هشام فقال: إنّ هذا أعتى على اللّه من فرعون، إنّ فرعون لمّا أيقن بالهلاك وحّد اللّه، و هذا لمّا أيقن بالهلاك دعا بالّلات و العزى (4).

ص:127


1- 1) سورة الحجر:94. [1]
2- 2) في المصدر: و أمّا بقيّة الفراعنة.
3- 3) الاحتجاج: ج 1/216-و [2]عنه البحار:10/35-و ج 17/282-و [3]البرهان:2/356. [4]
4- 4) أمالي الطوسي ج 1/316-و [5]عنه البحار ج 19/272 ح 11. [6]

ص:128

الباب الرابع عشر

فيما عمله صلى اللّه عليه و آله بعد موت عمّه أبي طالب عليه السلام قبل

الهجرة

1-عمر بن إبراهيم الأوسي (1)في كتابه قال: قيل: إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم لمّا مات أبو طالب عليه السلام لجّ المشركون في أذيّته، فصار يعرض نفسه على القبايل بالاسلام و الايمان، فلم يأت أحد من القبائل إلاّ صدّه وردّه.

فقال بعضهم: أعلم أنه لا يقدر أن يصحلنا و هو قد أفسد قومه، فعمد إلى ثقيف بالطائف فوجد سادتهم جلوسا، و هم ثلاثة أخوة، فعرض عليهم الاسلام و حذّرهم من النار و غضب الجبار.

فقال أحدهم: أنا أسرق ثياب الكعبة إن كان اللّه بعثك نبيا.

و قال آخر: يا محمد عجز اللّه أن يرسل غيرك؟

ص:129


1- 1) عمر بن إبراهيم الأوسي: ما وجدت بعد الفحص ترجمة له إلاّ ترجمة ناقصة في ذيل كشف الظنون و [1]هدية العارفين ج 1/796 و [2]هي هذه: سراج الدين أبو حفص عمر بن إبراهيم الأنصاري الأوسي المقريء المالكي المتوفى. . . له «زهر الكمام» في قصة يوسف عليه السلام-و في «الذريعة» ج 12/71 [3] قال: «زهر الكلام» للشيخ عمر بن إبراهيم الأوسي ينقل عنه السيّد هاشم البحراني في «نزهة الأبرار» معبّرا عنه بالشيخ العالم العلاّمة- و في «الرياض» : [4] إنّه كان من أكابر علمائنا، و له كتاب «زهر الكمام» على ما حكاه البحراني في «نزهة الأبرار في خلق الجنة و النار» و قد ينقل فيه الأخبار عنه و وصفه بالشيخ العالم العامل العلاّمة، و لكن لم أعلم خصوص عصره.

و قال آخر: لا تكلّموه إن كان رسولا من اللّه كما يزعم، هو أعظم قدرا أن يكلّمنا، و إن كان كاذبا على اللّه فهو أسرف بكلامه.

و جعلوا يستهزءون به، فجعل يمشى كلّما وضع قدما وضعوا له صخرة، فما فرغ من أرضهم إلاّ و قدماه تشخب دما، فعمد لحائط من كرومهم، و جلس مكروبا، فقال: اللهمّ إنّي أشكو إليك غربتي و كربتي و هواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت ربّ المستضعفين، أنت ربّ المكروبين، اللّهم إن لم يكن لك عليّ غضب فلا أبالي، و لكن عافيتك أوسع لي، أعوذ بك من سخطك، و بمعافاتك من عقوبتك، و بك منك، لا أحصي الثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، لك الحمد حتى ترضى، و لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه العلّي العظيم.

قيل: و كان في الكرم عتبة بن ربيعة، و شيبة، فكره أن يأتيهما، لما يعلم من عداوتهما.

فقالا لغلام لهما يقال: عداس: خذ قطفين (1)من العنب، و قدحا من الماء، و اذهب بهما إلى ذلك الرجل، و إنّه سيسئلك أهديّة أم صدقة، فإن قلت: صدقة لم يقبلها، بل قل له: هدّية.

فمضى و وضعه بين يديه، فقال: هدّية أم صدقة؟ فقال: هدّية، فمدّ يده، و قال: بسم اللّه، و كان عداس نصرانيا، فلمّا سمعه عجب منه، و صار ينظره، فقال له: يا عداس من أين؟ قال: من أهل نينوى، قال: من مدينة الرّجل الصالح أخي يونس بن متّى، قال: و من أعلمك؟ فأخبره بقصّته، و بما أوحي إليه، فقال: و من قبله؟ فقال: نوح، و لوط، و حكاه بالقصّة، فخرّ ساجدا للّه، و جعل يقبّل قدميه، هذا و سيّداه ينظران إليه.

فقال أحدهما للآخر: سحر غلامك، فلمّا أتهما قالا له: ما شأنك سجدت و قبّلت يديه؟ فقال: يا أسيادي ما على وجه الأرض أشرف و لا ألطف و لا أخير منه، قالوا: و لم ذلك؟ قال: حدّثني بأنبياء ماضية، و نبيّنا يونس بن

ص:130


1- 1) القطف (بكسر القاف و سكون الطاء) : العنقود ساعة يقطف.

متّى، فقالا: يا ويلك فتنك عن دينك، فقال: و اللّه إنّه نبيّ مرسل، قال له: ويحك عزمت قريش على قتله، فقال: هو و اللّه يقتلهم و يسودهم و يشرفهم، إن تبعوه دخلوا الجنة، و خاب من لا يتبعه، فقاما يريدان ضربه فركض (1)للنبيّ و أسلم.

2-ابن شهر اشوب في كتاب «الفضائل» لمّا توفّي أبو طالب رحمة اللّه عليه و اشتدّ على النبي صلى اللّه عليه و آله البلاء و الأذى، عمد إلى ثقيف بالطائف، رجاء أن يؤوه سادتها: عبد يا ليل، و مسعود، و حبيب، بنو عمرو بن عمير الثقفي (2)، فلم يقبلوه، و تبعه سفهاؤهم بالأحجار، و أدموا رجليه، فخلص منهم، و استظلّ في ظلّ حبلة (3)منه، و قال: أللّهم إنّي أشكوا إليك من ضعف قوتي، و قلّة حيلتي و ناصري، و هواني على الناس، يا أرحم الراحمين.

فأنفذ عتبة و شيبة، إبنا ربيعة إليه بطبق عنب، على يد غلام يدعى عداسا و كان نصرانيا، فلمّا مدّ يده و قال: بسم اللّه، فقال: إنّ أهل هذا البلد لا يقولونها، فقال النبي صلى اللّه عليه و آله: من أين أنت؟ قال: من بلد نينوى، فقال صلى اللّه عليه و آله و سلم: من مدينة الرجل الصالح يونس بن متّى، قال: و من أين تعرفه (4)؟ قال: أنا رسول اللّه و اللّه أخبرني خبر يونس.

فخرّ عداس ساجدا للّه، و جعل يقبّل قدميه و هما يسيلان الدماء.

فقال عتبة لأخيه: قد أفسد عليك غلامك: و لمّا انصرف عند سيّده (5)قال: إنّه و اللّه نبيّ صادق، فقالوا: إنّه رجل خدّاع، لا يفتنك عن نصرانيتك (6).

ص:131


1- 1) ركض (بفتح الراء و الكاف) : عدا-حرّك رجليه.
2- 2) بنو عمرو بن عمير الثقفي: أخوة ثلاثة و عند أحدهم امرأة من قريش من بني جمح.
3- 3) الحبلة (بفتح الحاء و الباء) : الأصل أو القضيب من شجر الأعناب.
4- 4) في المصدر المطبوع: قال: و بما تعرفه.
5- 5) في المصدر المطبوع: فلمّا انصرف عنه سئل عن مقالته.
6- 6) المناقب لابن شهر اشوب:1/68-و [1]عنه البحار:19/17. [2]

ص:132

الباب الخامس عشر

في الهجرة إلى المدينة

1-الشيخ الطوسي في «أماليه» ، قال: أخبرنا جماعة: منهم الحسين بن عبيد اللّه (1)، و أحمد بن عبدون (2)، و أبو طالب بن عرفة (3)، و أبو الحسين الصفّار، و أبو علي الحسن بن إسماعيل بن أشناس (4)، قالوا. حدّثنا أبو المفضّل محمّد بن عبد اللّه بن المطلب الشيباني (5)، قال: حدثنا أحمد بن سفيان بن العبّاس النحوي، قال: حدثنا أحمد بن عبيد بن ناصح (6)، قال: حدّثنا محمّد بن عمر بن واقد الأسلمي قاضي الشرقية (7)، قال: حدّثني إبراهيم بن

ص:133


1- 1) الحسين بن عبيد اللّه بن إبراهيم الغضائري أبو عبد اللّه الذي أجاز للشيخ الطوسي جميع رواياته، توفي سنة (411) .
2- 2) أحمد بن عبدون: أبو عبد اللّه أحمد بن عبد الواحد البزّاز المتوفى سنة (423) .
3- 3) أبو طالب بن عرفة: لعلّ عرفة مصحّف عزور.
4- 4) أبو علي الحسن بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن أشناس (بفتح الهمزة و سكون الشين) اسم لغلام جعفر المتوكّل، كان أبو علي معروفا بابن الحمامي البزّاز، ولد سنة (359) ، و توفّي سنة (439) .
5- 5) أبو المفضّل محمد بن عبد اللّه بن محمد بن عبيد اللّه بن البهلول بن عبد المطّلب الشيباني الكوفي نزيل بغداد المتوفّى (387) .
6- 6) أحمد بن عبيد بن ناصح أبو جعفر النحوي المعروف بأبي عصيدة المتوفّى سنة (273) -تقريب التهذيب ج 1 ص 21.
7- 7) محمد بن عمر بن واقد الأسلمي المعروف بالواقدي المدني نزيل بغداد توفي سنة (207) .

إسماعيل بن أبي حبيبة، يعني الأشهلي (1)عن داود بن حصين (2)، عن أبي غطفان (3)، عن ابن عباس، قال: اجتمع المشركون في دار الندوة، ليتشاوروا في أمر رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم، و أتى جبرئيل رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم فأخبره الخبر، و أمره أن لا ينام في مضجعه تلك الليلة.

فلمّا أراد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم المبيت أمر عليا عليه السلام أن يبيت في مضجعه تلك الليلة، فبات عليّ عليه السلام، و تغشّى ببرد أخضر حضرمي، كان لرسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم ينام فيه، و جعل السيف إلى جنبه، فلمّا اجتمع أولئك النفر من قريش، يطوفون و يرصدونه يريدون قتله، فخرج رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم و هم جلوس على الباب خمسة و عشرون رجلا، فأخذ حفنة (4)من البطحاء (5)، ثم جعل يذرّها على، رؤوسهم، و هو يقرأ يس وَ اَلْقُرْآنِ اَلْحَكِيمِ (6)حتى بلغ فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (7).

فقال لهم قائل: ما تنتظرون؟ قالوا: محمّدا قال: خبتم و خسرتم قد و اللّه مرّ بكم، فما منكم رجل إلاّ و قد جعل على رأسه ترابا، قالوا: و اللّه ما أبصرناه، قال: فأنزل اللّه عزّ و جلّ وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ اَللّهُ وَ اَللّهُ خَيْرُ اَلْماكِرِينَ (8)(9).

ص:134


1- 1) إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة الأنصاري الأشهلي مولاهم أبو إسماعيل المدني المتوفّي (165) -تقريب ج 1 ص 31.
2- 2) داود بن الحصين: أبو سليمان الأموي مولاهم المدني المتوفى سنة (135) .
3- 3) أبو غطفان (بفتح الغين و الطاء) بن طريف، أو ابن مالك المري المدني-قال ابن حجر في التقريب ج 1 ص 461: إنّه من كبار الثالثة.
4- 4) الحفنة (بالحاء المهملة المضمومة أو المفتوحة و الفاء الساكنة) : ملأ الكفّين.
5- 5) البطحاء (بفتح الباء و سكون الطاء المهملة) : مسيل واسع فيه رمل و دقاق الحصى.
6- 6) يس:1-2. [1]
7- 7) يس:9. [2]
8- 8) الأنفال:30. [3]
9- 9) أمالي الطوسي ج 2/60 و [4]عنه البحار ج 19/53 ح 11، و [5]البرهان ج 4/4 ح 2 و [6]يأتي في-

2-و عنه قال: حدّثنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران الامام بانطاكية (1)، قال: حدّثنا محفوظ بن بحر (2)قال: حدّثنا الهيثم بن جميل (3)قال: حدّثنا قيس بن ربيع (4)، عن حكيم بن جبير (5)، عن عليّ بن الحسين صلوات اللّه عليه في قول اللّه عزّوجل وَ مِنَ اَلنّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ اِبْتِغاءَ مَرْضاتِ اَللّهِ 6قال: نزلت في عليّ عليه السلام حين بات على فراش رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم 7.

3-و عنه قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضّل، قال: حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن العباس اليزيدي النحوي 8: قال: حدّثنا الخليل بن أسد، أبو الأسود الموميحاني 9.

قال: حدثنا أبو زيد سعيد بن أوس يعني الأنصاري النحوي 10قال:

كان أبو عمرو بن العلاء 11إذا قرأ وَ مِنَ اَلنّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ اِبْتِغاءَ

ص:135


1- 1) في المصدر: محمد بن يحيى بن الصفّار الإمام بأنطاكية، و في البحار: محمد بن أحمد بن يحيى بن صفوان و على أيّ تقدير ما وجدت له ترجمة.
2- 2) محفوظ بن بحر الأنطاكي، ترجمه الذهبي في ميزان الاعتدال: ج 3/444 رقم 7092.
3- 3) الهيثم بن جميل أبو سهل البغدادي نزيل أنطاكية توفّي سنة (213) .
4- 4) قيس بن الربيع الأسدي أبو محمد الكوفي المتوفّى بعد سنة (160) .
5- 5) حكيم بن جبير الأ [1]سدي بن مطعم بن عدي من أصحاب السجّاد عليه السلام.

مَرْضاتِ اَللّهِ (1)قال كرّم اللّه عليا عليه السلام: فيه نزلت هذه الآية (2).

4-عنه قال أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا محمّد بن محمّد بن سليمان الباغندي (3)، قال: حدّثنا محمّد بن الصباح الجرجاني (4)قال:

حدّثني محمّد بن كثير الملائي (5)، عن عوف الأعرابي (6)، من أهل البصرة، عن الحسن بن أبي الحسن (7)، عن أنس بن مالك، قال: لمّا توجّه رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم إلى الغار، و معه أبو بكر، أمر النبى صلى اللّه عليه و آله و سلم عليا عليه السلام أن ينام على فراشه، و يتغشّى (8)ببردته، فبات عليّ عليه السلام موطّنا نفسه على القتل.

و جاءت رجال من قريش من بطونها يريدون قتل رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم، فلمّا أرادوا أن يضعوا عليه أسيافهم لا يشكّون أنّه محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلم، فقالوا: أيقظوه ليجد ألم القتل، و يرى السيوف تأخذه، فلما أيقظوه فرأوه عليّا تركوه، و تفرّقوا في طلب رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم فأنزل اللّه عزّ و جلّ: وَ مِنَ اَلنّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ اِبْتِغاءَ مَرْضاتِ اَللّهِ وَ اَللّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ (9). (10)

ص:136


1- 1) سورة البقرة:207. [1]
2- 2) أمالي الطوسي ج 2/61-و [2]عنه البحار ج 19/55 ح 13 و [3]يأتي في الباب (12) من المنهج الثاني ح 3.
3- 3) الباغندي: محمد بن محمد بن سليمان بن الحارث بن عبد الرحمن الواسطي المتوفّى (312) .
4- 4) و لعل الصواب: الجرجرائي، قال ابن حجر في «التقريب» ج 2/171: محمد بن الصباح بن سفيان الجرجرائي (بجيمين مضمومين بينهما راء ساكنة ثم راء خفيفة) توفي سنة (240) .
5- 5) في المصدر: محمد بن كثير المدائني، و في البحار: [4] محمد بن كثير، و على أيّ حال ما وجدت له ترجمة.
6- 6) عوف الأعرابي: هو عوف بن أبي جميلة، أبو سهل العبدي البصري المعروف بالأعرابي المتوفّى (146،147) .
7- 7) الحسن بن أبي الحسن يسار البصري المتوفّى سنة (110) ه.
8- 8) في المصدر: يتوشح.
9- 9) سورة البقرة:207. [5]
10- 10) أمالي الطوسي ج 2/61-و [6]عنه البحار ج 19/55 ح 14، و [7]البرهان، ج 1/206 ح 4 و [8]يأتي في-Ẓ

5-و عنه قال: أخبرنا جماعة، قالوا: أخبرنا أبو المفضّل، قال: حدّثنا محمّد بن الحسين بن حفص الخثعمي (1)، قال: حدّثنا محمّد بن عبد اللّه المحاربي (2)، قال: حدّثنا أبو يحيى التميمي (3)، عن عبد اللّه بن جندب (4)، عن أبي ثابت، عن أبيه، عن مجاهد، قال: فخرت عايشة بأبيها و مكانه مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم في الغار، فقال عبد اللّه بن شدّاد بن الهاد (5): و أين أنت من عليّ بن أبي طالب عليه السلام حيث نام في مكانه و هو يرى أنّه يقتل، فسكتت و لم تحر (6)جوابا 7.

6-و عنه قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضّل، قال: حدّثنا أبو أحمد عبيد اللّه بن الحسين 8، عن إبراهيم العلوي النصيبيّ ببغداد، قال: حدّثنا محمّد بن عليّ بن حمزة العلوي 9، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثنا الحسين بن

ص:137


1- 1) محمد بن الحسين بن حفص بن عمر، أبو جعفر الخثعم [1]ي الكوفي المقرئ ولد سنة (221) و توفي سنة (315) أو (317) ، جامع الرواة ج 2/99، غاية النهاية للجزري.
2- 2) في المصدر: [2] محمد بن عبد المحاربي، و في البحار: محمد بن عبيد، و الظاهر أنّه الصواب، و هو محمد بن عبيد بن محمد بن واقد المحاربي أبو جعفر النحاس الكوفي المتوفى سنة (251) - التقريب ج 2/189.
3- 3) في البحار: أبو يحيى التيمي، و هو إسماعيل بن إبراهيم الأحول الكوفي.
4- 4) عبد اللّه بن جندب البجلي الأعور الكوفي كان من أصحاب أبي إبراهيم الكاظم و أبي الحسن الرضا عليهما السلام و توفي قبل سنة (210) .
5- 5) عبد اللّه بن شداد بن الهاد الليثي أبو الوليد المدني المقتول بالكوفة سنة (81) أو (83) .
6- 6) لم تحر جوابا: أحار الج [3]واب أي ردّه، و لم يحر جواب [4]ا أي ما استطاع أن يجيب.

زيد (1)، عن عبيد اللّه بن محمّد بن عمر بن علي بن أبي طالب (2)، عن أبيه، عن جده، عن جعدة بن هبيرة (3)، عن أمّه (4)أمّ هاني بنت أبي طالب عليه السلام (5)قالت: لمّا أمر اللّه تعالى نبيّه صلى اللّه عليه و آله و سلم بالهجرة و أنام عليا عليه السلام على فراشه، و سجّاه ببرد حضرمي، ثم خرج فإذا وجوه قريش على بابه، فأخذ حفنة من تراب، فذرّها على رؤوسهم فلم يشعر به أحد منهم، و دخل على بيتي، فلمّا أصبح أقبل عليّ و قال: أبشري يا أمّ هاني فهذا جبرئيل عليه السلام يخبرني: أن اللّه عزّ و جلّ قد أنجى عليا عليه السلام من عدوّه.

قالت: و خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم مع جناح الصبح إلى غار ثور، فكان فيه ثلثا حتى سكن عنه الطّلب، ثم أرسل إلى عليّ عليه السلام و أمره بأمره و أداء الأمانة (6).

ص:138


1- 1) الحسين بن زيد: يحتمل أنّه الحسين بن زيد بن علي بن الحسين أبو عبد اللّه المدني الملقب بذي الدمعة و كان أبو عبد اللّه الصادق عليه السلام تبنّاه و ربّاه و زوّجه بنت الأرقط، روى عن الصادق و [1]الكاظم عليهما السلام-جامع الرواة ج 1 ص 240.
2- 2) عبيد اللّه بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عليه السلام المدني الهاشمي كان من أصحاب الامام السجّاد عليه السلام، و والده محمد بن عمر صار مقتولا بالمدينة سنة (145) -جامع الرواة ج 1 ص 506.
3- 3) جعدة بن هبيرة: بن أبي وهب المخزومي ولد على عهد النبي (ص) ، كان ابن أخت أمير المؤمنين عليه السلام و شاهد مقاماته-ولاّه خاله عليه السلام على خراسان.
4- 4) في المصدر: عن أبيه عن أم هاني و لكنه تصحيف.
5- 5) أمّ هاني بنت أبي طالب. [2] أخت أمير المؤمنين عليه الس [3]لام-اختلف في اسمها: فاختة، أو عاتكة، أو فاطمة، أو هند، و الأشهر الأوّل، أسلمت عام الفتح بمكة و هرب زوجها إلى نجران. توفيت بعد سنة (40) .
6- 6) أمالي الطوسي ج 2/62-و عنه البحار ج 19/56 ح 17، و يأتي في الباب الثاني عشر من المنهج الثاني ح 6.

7-و عنه قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا أبو العباس أحمد بن عبيد اللّه بن عمّار الثقفي (1)، سنة إحدى و عشرين و ثلثمائة، قال: حدّثنا عليّ بن محمّد بن سليمان النوفلي (2)، سنة خمسين و مأتين، قال حدّثني الحسن بن حمزة أبو محمد النوفلي (3)، قال: حدّثني أبي، و خالي:

يعقوب بن الفضل بن عبد الرحمن بن العبّاس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب (4)، عن الزبير بن سعيد الهاشمي (5)، قال: حدّثنيه أبو عبيدة (6)بن محمّد بن عمّار بن ياسر رضي اللّه عنه، بين القبر و الروضة عن أبيه، و عبيد اللّه بن أبي رافع (7)جميعا، عن عمّار بن ياسر رضي اللّه عنه و أبي رافع (8)مولى النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم.

قال أبو عبيدة: و حدّثنيه سنان بن أبي سنان الديلي (9): أنّ هند بن

ص:139


1- 1) أبو العباس أحمد بن عبيد اللّه بن عمّار الثقفي الكاتب المعروف بحمار عزير له مصنفات في مقاتل الطالبيين، كان حيّا على ما أرّخ أبو المفضل الشيباني في سنة (321) و لكن في «تاريخ بغداد» [1]أرّخ وفاته سنة (314) -و اللّه العالم.
2- 2) علي بن محمد بن سليمان النوفلي: يروى عن أبي جعفر الثاني و أبي الحسن العسكري عليهما السلام-جامع الرواة ج 1/598. [2]
3- 3) ما وجدت له ترجمة في كتب التراجم.
4- 4) يعقوب بن الفضل بن عبد الرحمن الهاشمي اتّهمه المهدي العبّاسي بالزندقة و حبسه ببغداد فلمّا مات المهدي قتله الهادي سنة (169) .
5- 5) الزبير بن سعيد: بن سليمان بن سعيد بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي المدني نزيل المدائن المتوفى بعد سنة (150) .
6- 6) أبو عبيدة: سلمة بن محمد بن عمار بن ياسر، وثقه يحيى بن معين، توفي بعد المائة و والده محمد بن عمّار قتل بعد سنة (60) .
7- 7) عبيد اللّه بن أبي رافع: صحابي، كان من خواصّ أمير المؤمنين عليه السلام و كاتبه و شهد معه الجمل و [3]الصفين و النهروان.
8- 8) أبو رافع مولى النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم: اختلف في اسمه، قيل إبراهيم، و قيل: أسلم، أو ثابت، أو هرمز، توفي حدود (36) .
9- 9) سنان بن أبي سنان الديلي المدني: توفي سنة (105) و له (82) سنة، التقريب ج 1 ص 334.

هند بن أبي هالة الأسيدي حدّثه، عن أبيه هند بن أبي هالة (1)-ربيب رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم، و أمّه خديجة زوج النّبي صلى اللّه عليه و آله و سلم و أخته لأمّه فاطمة صلوات اللّه عليها.

قال أبو عبيدة: و كان هؤلاء الثلاثة: هند بن أبي هالة، و أبو رافع، و عمّار بن ياسر جميعا يحدّثون عن هجرة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات اللّه عليه إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله بالمدينة، و مبيته قبل ذلك على فراشه.

قال: و صدر هذا الحديث عن هند بن أبي هالة، و اقتصاصه عن الثلاثة: هند، و عمار، و أبي رافع، و قد دخل حديث بعضهم في بعض.

قالوا: كان اللّه عزّ و جلّ ممّا يمنع نبيّه صلى اللّه عليه و آله و سلم بعمّه أبي طالب عليه السلام فما كان يخلص (2)إليه أمر يسوءه من قومه مدّة حياته، فلمّا مات أبو طالب عليه السلام نالت قريش من رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم بغيتها (3)، و أصابته بعظيم من الأذى حتى تركته لقى (4)، فقال صلى اللّه عليه و آله و سلّم: لأسرع ما وجدنا فقدك يا عم، وصلتك رحما، و جزيت خيرا يا عم.

ثم ماتت خديجة بعد أبي طالب عليه السلام بشهر، و اجتمع بذلك على رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم حزنان، حتى عرف ذلك فيه.

ص:140


1- 1) هند بن أبي هالة: ربيب النبي (ص) و أمّه خديجة، قيل: استشهد يوم الجمل مع أمير المؤمنين عليه السلام، و قيل: عاش بعد ذلك-التقريب ج 2 ص 322.
2- 2) في البحار: [1] فما يخلص إليه.
3- 3) البغية (بكسر الغين و فتح الباء الموحدة و تشديد الياء المثناة التحتانية أو سكون الغين مع فتح الباء أو ضمّها) : ما يرغب فيه و يطلب.
4- 4) اللقى (بفتح اللام و القاف) : الشيء الملقى المطروح، قال في البحار [2]في ذيل بيان الحديث: أصل اللقى أنّهم كانوا إذا طافوا خلعوا ثيابهم، و قالوا لا نطوف في ثياب عصينا اللّه فيها فيلقونها عنهم و يسمّون ذلك الثوب لقى، فإذا قضوا مناسكهم لم يأخذوها و تركوها بحالها ملقاة.

قال هند: ثم انطلق ذوو الطول و الشرف من قريش إلى دار الندوة، ليرتأوا (1)و يأتمروا (2)في رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و أسرّوا ذلك بينهم، فقال بعضهم: نبني له علما (3)و يترك برحا (4)نستودعه فيه فلا يخلص من الصباة (5)فيه إليه أحد و لا يزال في رنق (6)من العيش حتى يتضيّفه ريب المنون (7)، و صاحب هذه المشورة العاص بن وائل، و أميّة (8)و أبيّ ابنا خلف.

فقال قائل: كلاّ ما هذا لكم برأي (9)، و لئن صنعتم ذلك ليتنمرّن الحدب الحميم (10)و المولى الحليف، ثم ليأتينّ المواسم و الأشهر الحرم بالأمن، فلينتزعنّ من أنشوطتكم (11)قولوا: قولكم.

فقال عتبة، و شيبة (12)و شركهما أبو سفيان.

قالوا: فإنّا نرى نرحل بعيرا صعبا، و نوثّق محمّدا عليه كتافا و شدّا ثم

ص:141


1- 1) أرتاى الأمر: نظر فيه و تدبّره.
2- 2) ائتمروا بفلان: همّوا به و أمر بعضهم بعضا بقتله.
3- 3) العلم (بفتح العين و اللام) : المنارة.
4- 4) البرح (بفتح الباء و سكون الراء) : الشدة و الأذى-و في المصدر: نترك رخاء نستودعه فيه فلا يخلص من القتلة فيه إليه أحد، و في البحار: [1] نترك فرجا نستودعه فيه فلا يخلص من الصباة فيه إليه أحد.
5- 5) الصباة: جمع الصابي أي الخارج من الدين، كانت العرب يسمّون النبي (ص) (العياذ باللّه) صابئا و المسلمين صباة لأنّهم خرجوا من دين قريش.
6- 6) الرنق (بفتح الراء المهملة و سكون النون) : الكدورة.
7- 7) تضيّفه: أتاه ضيفا و نزل به، و ريب المنون: صرف الدهر-و في المصدر: حتى يذوق طعم المنون.
8- 8) أمية: بن خلف بن وهب بن حذاقة بن جمح كان من أشدّ أعداء النبي (ص) و المسلمين حتى صار هالكا في يوم بدر سنة (2) .
9- 9) في المصدر: بئس الرأي ما رأيتم.
10- 10) التنمّر: الغضب، و الحدب: العطوف، و في المصدر: لتستمعنّ هذا الحديث الحميم.
11- 11) الأنشوطة (بضم الهمزة و الشين بينهما نون ساكنة) : العقدة الّتي يسهل انحلالها-و في المصدر: فلينزعن من أنشوطتكم إلى خلاصه.
12- 12) في المصدر: قال عتبة و شركه أبو سفيان.

نقصع (1)البعير بأطراف الرماح، فيوشك أن يقطعه بين الدكادك (2)إربا إربا (3).

فقال صاحب رأيهم: إنّكم لم تصنعوا بقولكم هذا شيئا، أرأيتم إن خلص به البعير سالما إلى بعض الأفاريق (4)، فأخذ بقلوبهم بسحره و بيانه و طلاقة لسانه فصبا القوم إليه، و استجابت القبائل له قبيلة فقبيلة فليسيرن (5)حينئذ إليكم بالكتائب (6)و المقانب (7)فلتهلكنّ كما هلكت إياد (8)و من كان قبلكم. قولوا: قولكم.

فقال له أبو جهل: لكنّي أرى لكم أن تعمدوا إلى قبائلكم العشرة فتنتدبوا من كلّ قبيلة منها رجلا نجدا (9)، ثم تسلّحوه حساما عضبا، و تمهّد الفتية حتى إذا غسق الليل و غوّر (10)بيّتوا بابن أبي كبشة (11)بياتا فيذهب دمه في قبايل قريش جميعا، فلا يستطيع بنو هاشم و بنو المطلب مناهضة (12)قبايل قريش في صاحبهم فيرضون حينئذ بالعقل (13)منهم.

ص:142


1- 1) نقصع: نضرب.
2- 2) الدكادك: جمع الدكدك كزبرج أي الأرض الّتي فيها غلظ.
3- 3) الإرب (بكسر الهمزة و سكون الراء) : العضو.
4- 4) الأفاريق: جمع أفراق (بفتح الهمزة) و هو جمع فرق (بكسر الفاء و سكون الراء) أي الطائفة من الناس كالفريق و الفرقة.
5- 5) في المصدر: فيسيرون.
6- 6) الكتائب: جمع الكتيبة و هي القطعة من الجيش أو الجماعة.
7- 7) المقانب: جمع المقنب (بكسر الميم و سكون القاف و فتح النون) أي الجماعة من الخيل تجتمع للغارة.
8- 8) إياد (بكسر الهمزة) قبيلة عربية من معدّ بن عدنان غلبت في حروب بينها و بين ربيعة و مضر.
9- 9) النجد (بفتح النون و كسر الجيم أو ضمّها) الشجاع الماضي فيما يعجز غيره.
10- 10) غوّر: دخل.
11- 11) ابن أبي كبشة: كان المشركون يعبرون عن النبي (ص) عنادا بابن أبي كبشة.
12- 12) المناهضة: المقاومة.
13- 13) العقل: الدية.

فقال صاحب رأيهم: أصبت يا أبا الحكم، ثم أقبل عليهم، فقال:

هذا الرأي، فلا تعدلنّ به رأيا، و أوكئوا (1)في ذلك أفواهكم حتى يستتب (2)أمركم، فخرج القوم عزين (3)و سبقهم بالوحي بما كان من كيدهم جبرئيل عليه السلام، فتلا هذه الآية على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ اَللّهُ وَ اَللّهُ خَيْرُ اَلْماكِرِينَ (4).

فلمّا أخبره جبرئيل بأمر اللّه في ذلك و وحيه و ما عزم له من الهجرة دعا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم عليّ بن أبي طالب صلوات اللّه عليه لوقته، فقال له: يا علي إنّ الروح هبط عليّ بهذه الآية آنفا، يخبرني أنّ قريش اجتمعت على المكر بي و قتلي، و أنّه أوحي إليّ عن ربّي (5)عزّ و جلّ أن أهجر دار قومي و أن انطلق إلى غار ثور تحت ليلتي و أنّه أمرني أن آمرك بالمبيت على ضجاعي و مضجعي (6)لتخفي بمبيتك عليه أثري (7)، فما أنت قايل و صانع؟

فقال عليّ عليه السلام: أو تسلمنّ بمبيتي هناك يا نبيّ اللّه؟ قال: نعم، فتبسّم عليّ صلوات اللّه عليه ضاحكا، و أهوى إلى الأرض ساجدا، شكرا لما أنبأه (8)رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم من سلامته و كان (9)عليّ صلوات اللّه عليه أوّل من سجد للّه شكرا، و أوّل من وضع وجهه على الأرض بعد سجدته

ص:143


1- 1) الايكاء: شدّ القربة بالوكاء و هي في المقام كناية عن اخفاء الأمر.
2- 2) يستتب: يستقيم.
3- 3) عزين: جمع عزة (بكسر العين و فتح الزاء المخففة كعدة) و هي الحلقة المجتمعة من الناس و أصلها عزوة فحذفت الواو و جمعت جمع السلامة بخلاف القياس.
4- 4) الأنفال:30. [1]
5- 5) في المصدر: و أنّه أوحى إليّ ربّي.
6- 6) في المصدر: على ضجاعي-أو قال: مضجعي.
7- 7) في المصدر: لتخفي عيبتك عليهم أمري.
8- 8) في المصدر: لما بشّره صلى اللّه عليه و آله بسلامته.
9- 9) في البحار: [2] فكان علي عليه السلام.

من هذه الأمّة بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم.

فلمّا رفع رأسه قال له: امض بما أمرت، فداك سمعي و بصري و سويداء قلبي، و مرني بما شئت أكن فيه كسيرتك (1)واقع بحيث مرادك، و إن توفيقي إلاّ باللّه.

قال: و أن ألقى عليك شبه مني، أو قال: شبهي؟ قال: إن يمنعني نعم، قال: فأرقد على فراشي و اشتمل ببردي الحضرمي.

ثم إنّي أخبرك يا عليّ أنّ اللّه تعالى يمتحن أوليائه على قدر إيمانهم و منازلهم من دينه فأشدّ الناس بلاء الأنبياء ثم الأوصياء ثم الأمثل فالأمثل، و قد امتحنك يا ابن أمّي (2)و امتحنني فيك بمثل ما امتحن به خليله إبراهيم عليه السلام و الذبيح إسماعيل عليه السلام فصبرا صبرا فإنّ رحمة اللّه قريب من المحسنين.

ثمّ ضمّه النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم إلى صدره و بكى إليه وجدا به، و بكى عليّ عليه السلام جشعا لفراق رسول اللّه، و استتبع رسول اللّه أبا بكر بن أبي قحافة، و هند بن أبي هالة، فأمرهما أن يقعدا له بمكان ذكره لهما من طريقه إلى الغار و لبث رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله بمكانه مع عليّ عليه السلام يوصيه و يأمره في ذلك بالصبر حتى صلّى العشائين.

ثم خرج صلى اللّه عليه و آله و سلّم في فحمة (3)العشاء، و الرصد من قريش قد أطافوا بداره ينتظرون أن ينتصف اللّيل و تنام الأعين فخرج و هو يقرأ هذه الآية وَ جَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (4)و كان بيده قبضة من تراب، فرمى بها في رؤوسهم (5)فما شعر

ص:144


1- 1) في البحار: [1] أكن فيه كمسرّتك واقع-و في المصدر: أكن فيه لمشيّتك واقع منه بحيث مرادك و ما توفيقي إلاّ باللّه.
2- 2) في المصدر: و قد امتحنك يا بن عمّ.
3- 3) فحمة العشاء: إقباله و إدباره.
4- 4) يس:9. [2]
5- 5) في المصدر: و أخذ بيده قبضة من تراب فرمى بها على رؤوسهم.

القوم به حتى تجاوزهم، و مضى حتى أتى إلى هند و أبي بكر، فنهضا معه (1)حتى و صلوا إلى الغار.

ثم رجع هند إلى مكة بما أمره به رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و دخل رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و أبو بكر إلى الغار (2)

فلمّا خلق (3)الليل و انقطع الأثر أقبل القوم على عليّ صلوات اللّه عليه قذفا بالحجارة و الحلم (4)فلا يشكّون أنّه رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم حتى إذا برق الفجر، و أشفقوا أن يفضحهم الصبح، هجموا على عليّ، و كانت دور مكة يومئذ سوائب (5)لا أبواب لها، فلمّا بصر بهم عليّ عليه السلام قد انتضوا السيوف (6). و أقبلوا عليه بها، يقدمهم خالد بن الوليد بن المغيرة، وثب به عليّ عليه السلام فختله (7)و همز يده (8)، فجعل خالد يقمص قماص

ص:145


1- 1) في المصدر: فأنهضهما فنهضا معه.
2- 2) في المصدر: الغار. من دون حرف الجرّ.
3- 3) في البحار [1]بعد ذكر الحديث: قوله: فلمّا خلق الليل، أي مضى كثير منه، كما أنّ الثوب يخلق بمضيّ الزمان عليه. و في المصدر: فلمّا غلق الليل أبوابه، و أسدل أستاره، و انقطع الأثر أقبل القوم على عليّ عليه السلام يقذفونه بالحجارة، فلا يشكّون.
4- 4) الحلم (بفتح الحاء و اللام) جمع الحلمة و هي كما في «اللسان» نبات ينبت بنجد في الرمل، لها زهر و ورقها أخيشن عليه شوك كأنّه أظافير الانسان.
5- 5) السوائب: جمع السائبة أي المهملة، و السائب المال الذي لا حفاظ عليه و من ذلك قولهم: المال السائب يعلّم الناس الحرام، و يريدون بالحرام: السرقة. قال ابن الأثير في النهاية: [2] قد تكرّر في الحديث ذكر السائبة و السوائب، كان الرجل إذا نذر لقدوم من سفر أو برء من مرض أو غير ذلك قال: ناقتي سائبة، فلا تمنع من ماء و لا مرعى، و لا تحلب، و لا تركب، و كان إذا أعتق عبدا فقال: هو سائبة فلا عقل بينهما، و لا ميراث، و أصله من تسييب الدواب و هو إرسالها تذهب و تجيء حيث شاءت.
6- 6) انتضوا السيوف: سلّوها من غمدها.
7- 7) ختلة: خدعة، يقال: خاتل الصيّاد أي مشى قليلا قليلا لئلاّ يحسّ الصيد به، و في بعض النسخ: خبله (بالباء الموحدة) أي حبسه.
8- 8) همز يده: غمزها و ضغطها.

البكر (1)، و إذا له رغاء فابذعرّ (2)الصبح، و هم في عرج الدار (3)من خلفه، و شدّ عليهم عليّ عليه السلام بسيفه يعني سيف خالد، فأجفلوا (4)أمامه إجفال النعم إلى ظاهر الدار و تبصّروه، و إذا هو عليّ عليه السلام قالوا: إنك لعليّ؟ قال: أنا عليّ قالوا: فإنا لم نردك فما فعل صاحبك، قال: لا علم لي به.

و قد كان علم، يعني عليا عليه السلام، أنّ اللّه تعالى قد أنجى نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بما كان أخبره من مضيّه إلى الغار و اختبائه فيه فأذكت (5)قريش عليه العيون، و ركبت في طلبه الصعب و الذلول.

و أمهل عليّ صلوات اللّه عليه، حتى إذا أعتم (6)من اللّيلة القابلة، انطلق هو و هند بن أبي هالة حتى دخلا على رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم في الغار، فأمر رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله هندا أن يبتاع له و لصاحبه بعيرين.

فقال أبو بكر: قد كنت أعددت لي و لك يا نبيّ اللّه راحلتين نرتحلهما إلى يثرب، فقال: إنّي لا آخذهما و لا أحدهما إلاّ بالثّمن، قال: فهي لك بذلك، فأمر رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم عليّا فأقبضه الثمن.

ثمّ وصّاه بحفظ ذمّته و أداء أمانته، فكانت قريش تدعو محمدا صلى اللّه عليه و آله في الجاهلية الأمين، و كانت تستودعه و تستحفظه أموالها و أمتعتها، و كذلك من يقدم مكة من العرب في الموسم، و جاءته النبوّة و الرسالة و الأمر كذلك.

ص:146


1- 1) قمص البعير: وثب و نفر، و البكر (بفتح الباء و سكون الكاف) الفتى من الإبل.
2- 2) في المصدر: فجعل خالد يقمص قماص البكر، و يرغو رغاء الجمل، و يذعر و يصيح، و هو الصحيح، و أمّا كلمة ابذعرّ في الكتاب بمعنى تفرّق فلا معنى له.
3- 3) عرج الدار: كما قال في البحار [1]هو منعطف الدار أو مصعدها و سلّمها.
4- 4) فأجفلوا: فأسرعوا.
5- 5) فأذكت قريش عليه العيون: أرسلت عليه الجواسيس.
6- 6) اعتم: دخل في العتمة (بفتح العين) : الثلث الأوّل من الليل، أو ظلمة الليل مطلقا.

فأمر عليا عليه السلام أن يقيم صارخا يهتف بالأبطح غدوة و عشيا:

من (1)كان له قبل محمد صلى اللّه عليه و آله أمانة أو وديعة فليأت فلنؤدّ إليه أمانته.

قال: فقال صلى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّهم لن يصلوا من الآن إليك يا عليّ بأمر تكرهه حتى تقدم عليّ: فأدّ أمانتي على أعين الناس ظاهرا، ثم إنّي مستخلفك على فاطمة ابنتي، و مستخلف ربي عليكما، و مستحفظه فيكما، فأمره أن يبتاع رواحل له، و للفواطم، و من أزمع الهجرة (2)معه من بني هاشم.

قال أبو عبيدة: فقلت لعبيد اللّه، يعني ابن أبي رافع: أو كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يجد ما ينفقه هكذا؟ فقال: إنّي سألت أبي عمّا سألتني، و كان يحدّث لي هذا الحديث (3)فقال: و أين يذهب بك عن مال خديجة عليها السلام قال: إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله قال: ما نفعني قطّ ما نفعني مال خديجة (4)عليها السلام.

و كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم يفكّ في مالها الغارم (5)و العاني و يحمل الكلّ، و يعطي في النائبة، و يرفد (6)فقراء أصحابه إذ كان بمكة، و يحمل من أراد منهم الهجرة، معه (7)و كانت قريش إذا رحلت عيرها في الرّحلتين، يعني رحلة الشتاء و الصيف، كانت طائفة من العير لخديجة، و كانت أكثر قريش مالا، و كان صلى اللّه عليه و آله و سلّم ينفق منه ما شاء في حياتها ثم

ص:147


1- 1) في المصدر: ألا من كان.
2- 2) أزمع الهجرة: ثبت عليها و أظهر فيها عزمه.
3- 3) في المصدر: و كان يحدّث بهذا الحديث.
4- 4) في المصدر: ما نفعني مال قطّ مثل ما نفعني مال خديجة.
5- 5) الغارم: المديون-و العاني: الأسير-و الكلّ (بفتح الكاف و تشديد اللام) : الضعيف، اليتيم العيال.
6- 6) رفده يرفده (بفتح الفاء في الماضي و كسرها في المضارع) أعطاه، أعانه.
7- 7) ليس في المصدر و لا في البحار [1]لفظ «معه» .

ورثها هو و ولدها (1).

قال: و قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السلام و هو يوصيه:

و إذا أبرمت (2)ما أمرتك من أمر، فكن على أهبة (3)الهجرة إلى اللّه و رسوله، و سر إليّ لقدوم كتابي إليك و لا تلبث (4).

و انطلق رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله لوجهه يؤمّ المدينة، و كان مقامه في الغار ثلثا، و مبيت علي عليه السلام على الفراش أوّل ليلة.

قال عبيد اللّه بن أبي رافع: و قد قال عليّ بن أبي طالب عليه السلام يذكر مبيته (5)على الفراش و مقام رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم في الغار:

وقيت بنفس خير من وطئ الحصا و من طاف بالبيت العتيق و بالحجر

محمّد لمّا خاف أن يمكروا به فوقاه ربّي ذو الجلال من المكر

و بت أراعيهم متى يأسرونني (6) و قد وطنت (7)نفسي على القتل و الأسر (8)

و بات رسول اللّه في الغار آمنا هناك و في حفظ الإله و في ستر

أقام ثلثا ثم زمّت (9)قلائص (10) قلائص يفرين الحصا أينما يفري (11)

و لمّا ورد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله المدينة نزل في بني عمرو بن عوف

ص:148


1- 1) في المصدر: ثم ورثها هو و ولدها بعد مماتها.
2- 2) في المصدر: و إذا قضيت.
3- 3) الأهبة (بضمّ الهمزة و سكون الهاء) : العدّة.
4- 4) في المصدر: و انتظر قدوم كتابي إليك و لا تلبث بعده.
5- 5) في المصدر: و قد قال علي بن أبي طالب عليه السلام شعرا يذكر.
6- 6) في المصدر: متى ينشرونني.
7- 7) في المصدر: و قد وطّئت.
8- 8) في تعليقات البحار: و [1]في بعض الروايات مكان البيت الثاني و الثالث هكذا: رسول اله خاف أن يمكروا به فنجّاه ذو الطول الاله من المكر وبتّ أراعيهم و ما يثبتونني فقد وطّنت نفسي على القتل و الأسر
9- 9) زمّت الجمال: جعل الخطام في عنقها و الخطام حبل يجعل في عنق البعير و يثنى في مقدم أنفه.
10- 10) القلائص: جمع القلوص كعروس و هي الأنثى الشابّة من الابل الطويلة القوائم.
11- 11) يفري الأرض: يسريها و يقطعها.

بقباء، فأراده أبو بكر على دخوله المدينة، و ألاصه (1)في ذلك، فقال: ما أنا بداخلها حتى يقدم ابن عمي و ابنتي (2)يعني عليا و فاطمة.

قالا: قال أبو اليقظان (3)فحدّثنا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم، و نحن معه بقبا، عما أرادت قريش من المكر به، و مبيت عليّ عليه السلام على فراشه، قال: أوحى اللّه عزّ و جلّ إلى جبرائيل و ميكائيل عليهما السلام أنّي قد آخيت بينكما و جعلت عمر أحدكما أطول من عمر صاحبه، فأيّكما يؤثر أخاه؟ و كلاهما كرها الموت، فأوحى اللّه إليهما عبداي ألاّ كنتما مثل وليّي عليّ آخيت بينه و بين محمّد نبيّي، فآثره بالحياة على نفسه؟ ثم ظلّ، أو قال: رقد على فراشه يقيه بنفسه (4)إهبطا إلى الأرض جميعا (5)فاحفظاه من عدوه.

فهبط جبرئيل فجلس عند رأسه، و ميكائيل عند رجليه، و جعل جبرئيل يقول: بخ بخ من مثلك يا ابن أبي طالب؟ ! و اللّه عزّ و جلّ يباهي بك الملائكة.

قال: فأنزل اللّه عزّ و جلّ في عليّ عليه السلام و ما كان من مبيته على فراش رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم (6)وَ مِنَ اَلنّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ اِبْتِغاءَ مَرْضاتِ اَللّهِ وَ اَللّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ (7).

قال أبو عبيدة: قال أبي: و ابن أبي رافع: ثم كتب رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم إلى عليّ بن أبي طالب عليه السلام كتابا يأمره بالمسير إليه، و قلة التلوّم (8)و كان الرسول إليه أبا واقد الليثي (9)فلما أتاه كتاب رسول اللّه صلى اللّه

ص:149


1- 1) ألاصه على الشيء: أداره عليه و أراد منه.
2- 2) في البحار: [1] حتى يقدم ابن أمّي و أخي و ابنتي. . . الخ و إنّما قال لعليّ عليه السلام: ابن أمّي لأنّ فاطمة بنت أسد رضي اللّه عنها كانت مربية له صلى اللّه عليه و آله و سلّم.
3- 3) أبو اليقظان: كنية عمّار بن ياسر رضوان اللّه عليه.
4- 4) في المصدر: يفديه بمهجته.
5- 5) في المصدر: اهبطا إلى الأرض كلاكما.
6- 6) عبارة: «و ما كان. . . . رسول اللّه» ليس في المصدر.
7- 7) البقرة:207. [2]
8- 8) التلوّم: الانتظار و التمكث.
9- 9) الحارث بن عوف أبو واقد الليثي المدني، و قيل: اسمه الحارث بن مالك توفي سنة (68) .

عليه و آله و سلّم تهيّئا للخروج و الهجرة، فآذن من كان معه من ضعفاء المؤمنين، فأمرهم أن يتسللّوا و يتخفّفوا إذا ملأ الليل بطن كل واد إلى ذي طوى، و خرج عليّ بفاطمة بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم، و أمّه فاطمة بنت أسد بن هاشم، و فاطمة بنت الزبير بن عبد المطّلب، و قد قيل:

هي ضباعة (1)، و تبعهم أيمن (2)بن أمّ أيمن مولى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم، و أبو واقد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم فجعل يسوق بالرواحل فاعنف بهم.

فقال عليّ عليه السلام: إرفق بالنسوة أبا واقد، إنّهن من الضعائف، قال: إنّي أخاف أن يدركنا الطالب، أو قال: الطلب، فقال عليّ عليه السلام أربع عليك (3)فإنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم قال لي: يا علي إنّهم لن يصلوا من الآن إليك بأمر تكرهه.

ثم جعل-يعني عليا عليه السلام-يسوق بهنّ سوقا رفيقا و هو يرتجز و يقول:

ليس إلاّ اللّه فارفع ظنكا يكفيك رب الناس ما أهمّكا (4)

و سار فلمّا شارف ضجنان (5)أدركه الطلب سبع فوارس من قريش مستلئمين (6)و ثامنهم مولى الحرب بن أميّة (7)يدعى جناحا، فأقبل عليّ

ص:150


1- 1) ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب، زوجة المقداد بن الأسود، روت عن النبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم أحد عشر حديثا.
2- 2) أيمن بن أم أيمن: هو أيمن بن عبيد بن عمرو بن بلال الأنصاري الخزرجي الحبشي صحابي، أمه حاضنة النبي (ص) و أخوه لأمه أسامة بن زيد.
3- 3) اربع عليك: توقف.
4- 4) في الديوان المنسوب إلى أمير المؤمنين عليه السلام ص 88: لا شيء إلاّ اللّه فارفع همّكا يكفيك ربّ الناس ما أهمّكا .
5- 5) ضجنان (بالتحريك) : جبل بناحية تهامة، قال الواقدي: بين ضجنان و مكة خمسة و عشرون ميلا.
6- 6) مستلئمين: اللابسين اللأمة و هي الدروع.
7- 7) الحرب بن أميّة: بن عبد شمس جد معاوية، تزعم العرب أنّ الجنّ قتلته سنة (36) قبل الهجرة.

عليه السلام على أيمن و أبي واقد و قد تراءى القوم فقال لهم: أنيخا الإبل و أعقلاها، و تقدّم حتى أنزل النسوة ودنا القوم، فاستقبلهم عليّ عليه السلام منتضيا سيفه، فأقبلوا عليه فقالوا: ظننت أنّك يا غدار ناج بالنسوة، إرجع لا أبا لك، قال: فإن لم أفعل؟ قالوا: لترجعنّ راغما، أو لنرجعنّ بأكبرك سعرا (1)و أهون بك من هالك.

ودنا الفوارس من النسوة و المطايا ليثوروها، فحال عليّ عليه السلام بينهم و بينها، فأهوى إليه جناح بسيفه، فراغ (2)عليّ عليه السلام عن ضربته، و تختّله (3)عليّ عليه السلام فضربه على عاتقه، فأسرع السيف مضيا فيه حتى مس كاثبة (4)فرسه.

و كان علي عليه السلام يشتدّ على قدميه شدّ الفرس أو الفارس على فرسه، فشدّ عليهم بسيفه و هو يقول:

خلّوا سبيل الجاهد المجاهد آليت لا أعبد غير الواحد

فتصدّع القوم عنه فقالوا له: أغن عنا نفسك يا ابن أبي طالب، قال:

فإنّي منطلق إلى ابن عمي رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله بيثرب فمن سرّه أن أفري (5)لحمه، أو أهريق دمه فليتبعني أو فليدن منّي.

ثم أقبل على صاحبيه أيمن و أبي واقد، فقال لهما: أطلقا مطاياكما، ثم سار ظاهرا قاهرا حتى نزل ضجنان فتلوّم بها (6)قدر يومه و ليلته، و لحق به نفر من المؤمنين المستضعفين (7)و فيهم أمّ أيمن (8)مولاة رسول اللّه صلى اللّه عليه

ص:151


1- 1) في المصدر: بأكثرك شعرا.
2- 2) فراغ: فمال و حاد.
3- 3) تختّله: قال في البحار: [1] لعل المراد هنا أنّه أخذ السيف من يده.
4- 4) الكاثبة من الفرس: أعلى الظهر.
5- 5) أفري: أقطّع و أشقّ.
6- 6) في المصدر: فلبث بها.
7- 7) في المصدر و البحار: و [2]لحق به نفر من المستضعفين من المؤمنين.
8- 8) أمّ أيمن: حاضنة النبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم، و قيل: اسمها بركة، و هي والدة أسامة بن-

و آله و سلّم فصلّى ليلته تلك هو و الفواطم: أمّه فاطمة بنت أسد رضي اللّه عنها، و فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و فاطمة بنت الزبير يصلّون ليلتهم، و يذكرون قياما و قعودا و على جنوبهم (1)فلم يزالوا كذلك حتى طلع الفجر فصلّى عليه السلام بهم صلاة الفجر.

ثم سار لوجهه، فجعل و هم يصنعون ذلك منزلا بعد منزل يعبدون اللّه عزّ و جلّ و يرغبون إليه كذلك حتى قدم المدينة (2).

و قد نزل الوحي بما كان من شأنهم قبل قدومهم.

اَلَّذِينَ يَذْكُرُونَ اَللّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِهِمْ وَ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً إلى قوله تعالى: فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى (3)الذكر عليّ عليه السلام، و الأنثى فاطمة (4)عليها السلام بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ يقول:

عليّ من فاطمة أو قال: الفواطم، و هنّ من علي (5)فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ أُوذُوا فِي سَبِيلِي وَ قاتَلُوا وَ قُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَ لَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا اَلْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اَللّهِ وَ اَللّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ اَلثَّوابِ (6).

و تلا صلى اللّه عليه و آله: وَ مِنَ اَلنّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ اِبْتِغاءَ مَرْضاتِ

ص:152


1- 1) في المصدر: هو و الفواطم طورا يصلّون، و طورا يذكرون اللّه قياما. . . الخ و قد سقط تفسير الفواطم عن المصدر-و في البحار: يصلّون للّه ليلتهم و يذكرونه قياما و قعودا و على جنوبهم، فلن يزالوا كذلك. . . الخ.
2- 2) في المصدر: ثم سار [1] لوجهه يجوب منزلا بعد منزل لا يفتر عن ذكر اللّه، و الفواطم كذلك و غيرهم ممّن صحبه حتى قدموا المدينة.
3- 3) آل عمران:191-195.
4- 4) في نسخة كرّرت فاطمة ثلاثا-و في المصدر: الذكر عليّ، و الأنثى الفواطم المتقدم ذكرهن، و هنّ فاطمة بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم، و فاطمة بنت أسد، و فاطمة بنت الزبير.
5- 5) المصدر خال عن [2] قوله: أو قال: الفواطم و هنّ من عليّ.
6- 6) آل عمران:195.

اَللّهِ وَ اَللّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ (1)قال: و قال له: يا علي أنت أوّل هذه الأمّة إيمانا باللّه و رسوله، و أوّلهم هجرة إلى اللّه و رسوله، و آخرهم عهدا برسوله، لا يحبّك و الّذي نفسي بيده إلاّ مؤمن قد امتحن اللّه قلبه للايمان، و لا يبغضك إلاّ منافق أو كافر (2).

ص:153


1- 1) البقرة:207. [1]
2- 2) أمالي الطوسي ج 2/78-86-و [2]عنه البحار ج 19/57-67 ح 18 و [3]البرهان ج 2/74 ح 2. [4] تأتي قطعة منه في الباب 12 من المنهج [5]الثاني ح 7.

ص:154

الباب السادس عشر

و هو من الباب السابق

1-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نصر، عن إبراهيم بن محمّد الأشعري (1)، عن عبيد بن زرارة (2)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لمّا توفّي أبو طالب عليه السلام نزل جبرئيل عليه السلام على رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم فقال: يا محمد أخرج من مكة، فليس لك فيها ناصر، و ثارت قريش بالنّبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم، فخرج هاربا حتى جاء إلى جبل بمكّة يقال الحجون (3)فصار إليه (4).

2-عنه، عن حميد بن زياد، عن محمّد بن أيّوب، عن عليّ بن أسباط (5)، عن الحكم بن مسكين (6)، عن يوسف بن صهيب (7)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إنّ رسول اللّه

ص:155


1- 1) إبراهيم بن محمد الأشعري: القمي وثقه النجاشي و تبعه الآخرون في توثيقه روى عن موسى و الرضا عليهما سلام اللّه.
2- 2) عبيد بن زرارة: بن أعين الشيباني الكوفي الراوي عن الصادق عليه السلام و وثّقوه مرّتين.
3- 3) الحجون (بفتح الحاء و ضم الجيم) : الجبل المشرف ممّا يلي شعب الجزّارين بمكة المكرمة.
4- 4) الكافي ج 1/449 ح 31-و [1]عنه البحار ج 19/14 ح 6. [2]
5- 5) علي بن أسباط: بن سالم الكندي الكوفي أبو الحسن المقرئ الراوي عن الرضا عليه السلام.
6- 6) الحكم بن مسكين: أبو محمد الكوفي الراوي عن الصادق عليه السلام، كان مكفوفا.
7- 7) يوسف بن صهيب: الكندي الكوفي روي عن الصادق عليه السلام.

صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أقبل يقول لأبي بكر في الغار: أسكن فإنّ اللّه معنا، و قد أخذته الرعدة و هو لا يسكن. فلمّا رآى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم حاله، قال: تريد أن أريك أصحابي من الأنصار في مجالسهم يتحدّثون و أريك جعفرا و أصحابه في البحر يغوصون؟ قال: نعم، فمسح رسول اللّه بيده على وجهه، فنظر إلى الأنصار يتحدّثون، و نظر إلى جعفر رضي اللّه عنه و أصحابه في البحر يغوصون فأضمر تلك الساعة أنّه ساحر (1).

3-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار (2)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله لمّا خرج من الغار متوجها إلى المدينة، و قد كانت قريش جعلت لمن أخذه مائة من الابل، فخرج سراقة بن مالك بن جعشم فيمن يطلب، فلحق برسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: «اللّهمّ اكفني شرّ سراقة بما شئت» ، فساخت قوائم فرسه فثنى رجله ثمّ اشتدّ، فقال: يا محمّد إنّي علمت أنّ الذي أصاب قوائم فرسي إنّما هو من قبلك، فادع اللّه أن يطلق لي فرسي، فلعمري إن لم يصبكم منّي خير لم يصبكم منّي شرّ.

فدعا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله، فأطلق اللّه عزّ و جلّ فرسه، فعاد في طلب رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله، حتى فعل ذلك ثلاث مرّات، كلّ ذلك يدعو رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم فتأخذ الأرض قوائم فرسه.

فلمّا أطلقت في الثالثة، قال: يا محمّد هذه إبلي بين يديك فيها غلامي،

ص:156


1- 1) الكافي ج 8/262 ح 377-و [1]عنه البحار:19/88 ح 40. [2]
2- 2) معاوية بن عمّار بن أبي معاوية خباب العجلي الدهني أبو القاسم الكوفي مولى بني دهن و هو حيّ من بجيلة، و كان يبيع السابري، و كان وجها من أصحابنا متقدّما كبير الشأن، عظيم المحلّ ثقة، و قال الكشي: عاش معاوية بن عمّار مائة و خمسا و سبعين سنة-قال السيّد التفرشي: هذا بعيد جدّا أن يكون في زمان النبي (ص) و الأئمة إلى الصادق و الكاظم عليهم السلام و لم ينقل إلاّ عن الصادق و الكاظم عليهما السلام، و يمكن أن يكون هذا من أغلاط نسخ الكشي كما قال النجاشي و العلاّمة، و لعلّ هذا تاريخ وفاته-جامع الرواة للأردبيلي ج 2/239. [3]

و إن احتجت إلى ظهر أو لبن فخذ منه، و هذا سهم كنانتي علامة، و أنا أرجع فأردّ عنكّ الطلب، فقال لا حاجة لنا فيما عندك (1).

4-قال الزمخشري (2)في «ربيع الأبرار» : قال سراقة بن مالك بن جعشم الكناني (3)الذي تبع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله في مهاجره فرسخت قوائم فرسه في الأرض، فدعا له فتخلّص يخاطب أبا جهل:

أبا حكم و اللّه لو كنت شاهدا لأمر جوادي إن تسوخ قوائمه

علمت و لم تشكك بأنّ محمدا رسول ببرهان فمن ذا يقاربه

و قال الزمخشري: كان عكرمة بن أبي جهل (4)إذا نشر المصحف غشي عليه و يقول: هذا كلام ربّي.

5-محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة (5)، عن سعيد بن المسيّب (6)، قال: سألت عليّ بن الحسين عليه السلام ابن كم كان عليّ بن أبي طالب عليه السلام يوم أسلم؟ فقال: أو كان كافرا قطّ؟ إنّما كان لعليّ عليه السلام حيث بعث اللّه عزّ و جلّ رسوله صلى اللّه عليه و آله و سلّم عشر سنين، و لم يكن يومئذ كافرا.

و لقد آمن باللّه تبارك و تعالى و رسوله صلى اللّه عليه و آله و سلّم، و سبق

ص:157


1- 1) الكافي ج 8/263 ح 378-و [1]عنه البحار ج 19/88 ح 41. [2]
2- 2) الزمخشري: أبو القاسم محمود بن عمر النحوي الأديب المعتزلي المتوفى (538) و زمخشر (بفتح الزاي و الميم و الشين و سكون الخاء) قرية من قرى خوارزم.
3- 3) سراقة بن مالك بن جعشم (بضم الجيم و سكون العين و الشين المضمومة) صحابي من مسلمة الفتح مات في سنة (44) -و قيل: بعدها.
4- 4) عكرمة بن أبي جهل من هشام المخزومي، صحابي أسلم يوم الفتح، و قتل بالشام في خلافة أبي بكر.
5- 5) أبو حمزة: ثابت بن دينار الثمالي الكوفي لقى السجاد و الباقر و الصادق و الكاظم عليهم السلام و روى عنهم، و كان من خيار الإماميّة، توفي سنة (150) .
6- 6) سعيد بن المسيب: بن حزن بن أبي وهب التابعي المتوفى سنة (94) أو بعدها.

الناس كلّهم إلى الايمان باللّه و برسوله صلى اللّه عليه و آله و سلّم، و إلى الصلاة ثلاث سنين، و كانت أوّل صلاة صلاّها مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله الظهر ركعتين، و كذلك فرضها اللّه تبارك و تعالى على من أسلم بمكّة ركعتين ركعتين، و كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يصلّيها بمكّة ركعتين، و يصلّيها عليّ عليه السلام معه بمكّة ركعتين مدّة عشر سنين، حتى هاجر رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله إلى المدينة، و خلّف عليّا عليه السلام في أمور لم يكن يقوم بها أحد غيره.

و كان خروج رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم من مكّة في أوّل يوم من ربيع الأوّل، و ذلك يوم الخميس من سنة ثلاث عشرة من المبعث، و قدم المدينة لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأوّل مع زوال الشمس، فنزل بقباء فصلّى الظهر ركعتين، و العصر ركعتين.

ثمّ لم يزل مقيما ينتظر عليا عليه السلام يصلّي الخمس صلوات ركعتين ركعتين، و كان نازلا على عمرو بن عوف (1)فأقام عندهم بضعة عشر يوما، يقولون له: أما تقيم عندنا فنتّخذ لك منزلا و مسجدا؟ فيقول: لا، إنّي أنتظر عليّ بن أبي طالب، و قد أمرته أن يلحقني، و لست مستوطنا منزلا حتى يقدم عليّ، و ما أسرعه إن شاء اللّه.

فقدم عليّ عليه السلام و النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم في بيت عمرو بن عوف فنزل معه، ثمّ إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم لمّا قدم عليّ عليه السلام من قبا إلى بني سالم بن عوف، و عليّ عليه السلام معه يوم الجمعة مع طلوع الشمس، فخطّ لهم مسجدا، و نصب قبلته فصلّى بهم الجمعة ركعتين، و خطب خطبتين.

ثم راح من يومه إلى المدينة على ناقته التي كان قدم عليها و عليّ عليه السلام معه لا يفارقه يمشي بمشيه.

ص:158


1- 1) عمرو بن عوف الأنصاري: حليف بني عامر بن لوى، صحابي بدري، توفي في خلافة عمر.

و ليس يمرّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم ببطن من بطون الأنصار إلاّ قاموا إليه، يسألونه أن ينزل عليهم فيقول لهم: خلّوا سبيل الناقة فإنّها مأمورة، فانطلقت به و رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم واضع لها زمامها حتى إذا انتهت إلى الموضع الّذي ترى، و أشار بيده إلى باب مسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم الّذي يصلّي عنده بالجنائز، فوقفت عنده و بركت و وضعت جرانها (1)على الأرض، فنزل رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم و أقبل أبو أيّوب مبادرا حتى احتمل رحله، فأدخله منزله، و نزل رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم و عليّ عليه السلام معه حتى بنى له مسجده، و بنيت له مساكنه و منزل عليّ عليه السلام فتحوّلا إلى منازلهما.

فقال سعيد بن المسيّب لعليّ بن الحسين عليه السلام: جعلت فداك كان أبو بكر مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم حين أقبل إلى المدينة فأين فارقه؟ فقال: إنّ أبا بكر لمّا قدم رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم إلى قبا فنزل بهم ينتظر قدوم عليّ عليه السلام، فقال له أبو بكر: انهض بنا إلى المدينة فإنّ القوم قد فرحوا بقدومك، و هم يستريثون (2)إقبالك إليهم، فانطلق بنا و لا تقم بنا ههنا تنتظر قدوم عليّ، فما أظنّه يقدم عليك إلى شهر.

فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم كلاّ ما أسرعه، و لست أريم (3)حتى يقدم ابن عمّي و أخي في اللّه عزّ و جلّ، و احبّ أهل بيتي إليّ، فقد وقاني بنفسه من المشركين، قال: فغضب عند ذلك أبو بكر و اشمأزّ، و داخله من ذلك حسد لعليّ عليه السلام، و كان أوّل عداوة بدت منه لرسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم في عليّ عليه السلام، و أوّل خلاف على رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم، فانطلق حتى دخل المدينة و تخلّف رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم بقبا ينتظر قدوم عليّ عليه السلام.

ص:159


1- 1) جران البعير (بكسر الجيم) مقدّم عنقه.
2- 2) يستريثون: يستبطؤن.
3- 3) أريم: أفارق.

قال فقلت لعليّ بن الحسين عليه السلام: متى زوّج رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فاطمة عليها السلام من عليّ عليه السلام؟ فقال عليه السلام: في المدينة بعد الهجرة بسنة، و كان لها يومئذ تسع سنين.

قال عليّ بن الحسين عليه السلام: و لم يولد لرسول اللّه صلى اللّه عليه و آله من خديجة عليها السلام على فطرة الاسلام إلاّ فاطمة عليها السلام و قد كانت خديجة عليها السلام ماتت قبل الهجرة بسنة، و مات أبو طالب رضي اللّه عنه بعد موت خديجة عليها السلام بسنة، فلمّا فقد هما رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله سئم المقام بمكّة، و دخله حزن شديد، و أشفق على نفسه من كفّار قريش، فشكا إلى جبرئيل عليه السلام ذلك، فأوحى اللّه عزّوجل إليه: أخرج من القرية الظالم أهلها، و هاجر إلى المدينة، فليس لك اليوم بمكّة ناصر، و انصب للمشركين حربا فعند ذلك توجّه رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله المدينة.

فقلت له: فمتى فرضت الصلاة على المسلمين على ما هم عليه اليوم؟ فقال: بالمدينة حين ظهرت الدعوة، و قوي الاسلام، و كتب اللّه عزّ و جلّ على المسلمين الجهاد، زاد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله في الصلاة سبع ركعات:

في الظهر ركعتين و في العصر ركعتين، و في المغرب ركعة، و في العشاء الآخرة ركعتين، و أقرّ الفجر على ما فرض: لتعجيل نزول ملائكة النهار من السماء، و لتعجيل عروج ملائكة اللّيل إلى السماء، و كان ملائكة اللّيل و ملائكة النهار يشهدون مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم صلاة الفجر، فلذلك قال اللّه عزّ و جلّ: إِنَّ قُرْآنَ اَلْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً (1)يشهده المسلمون و تشهده ملائكة النهار و ملائكة اللّيل (2).

6-الشيخ المفيد (3)في كتاب «الاختصاص» عن إبراهيم بن محمّد

ص:160


1- 1) الاسراء:78. [1]
2- 2) الكافي ج 8/338-341 ح 536-و [2]عنه البحار ج 19/115-117. [3]
3- 3) الشيخ المفيد: محمد بن محمد بن النعمان من أجلّ مشايخ الشيعة توفي ببغداد سنة (413) ، و دفن في داره سنين، ثم نقل إلى مقابر قريش بالقرب من الامامين الهمامين عليهما السلام.

الثقفي، عن عمرو بن سعيد الثقفي (1)، عن يحيى بن الحسن بن فرات، عن يحيى بن المساور (2)، عن أبي الجارود زياد بن المنذر، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: لمّا صعد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله الغار طلبه عليّ بن أبي طالب عليه السلام، و خشي أن يغتاله المشركون: و كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله على حرى و عليّ عليه السلام على ثبير (3)فبصر به النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم فقال: مالك يا علي؟ فقال: بأبي أنت و أمّي خشيت أن يغتالك المشركون فطلبتك، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم: ناولني يدك يا عليّ فرجف (4)الجبل حتى تخطّى برجله إلى الجبل الآخر، ثمّ رجع الجبل إلى قراره (5).

7-السيد الرضي (6)في «الخصائص» باسناد مرفوع قال: قال ابن الكوّاء (7)لأمير المؤمنين عليه السلام: أين كنت حيث ذكر اللّه نبيّه، و أبا بكر: ثانِيَ اِثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي اَلْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اَللّهَ مَعَنا (8)؟

فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ويلك يا ابن الكوّاء كنت على فراش رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم، و قد طرح عليّ ريطته (9)، فأقبلت قريش مع

ص:161


1- 1) عمرو بن سعيد بن هلال الثقفي الكوفي كان من أصحاب الباقر و الصادق عليهما السلام.
2- 2) يحيى بن المساور: ابن أبي مساور أبو زكريا الكوفي من أصحاب الباقر و الصادق عليهما السلام.
3- 3) ثبير (بفتح الثاء المثلثّة) : جبل بمكّة.
4- 4) رجف: تحرّك، و في البحار: [1] فزحف (بالزاي المعجمة و الحاء المهملة) أي مشى قدما.
5- 5) الاختصاص:324-و عنه تفسير البرهان ج 2/127 ح 9 و [2]البحار ج 19/70 ح 21 [3] عنه و عن بصائر الدرجات 407 ح 9. [4]
6- 6) السيّد الرضي محمد بن الحسين الموسوي نقيب العلويين ببغداد أخ السيّد المرتضى كان أديبا فاضلا و شاعرا بارعا و عالما ورعا مؤلف «نهج البلاغة» ولد سنة (359) و توفي في السادس من المحرّم سنة (306) ببغداد.
7- 7) ابن الكواء: عبد اللّه بن عمرو من بني يشكر، كان من رجال أمير المؤمنين عليه السلام ثمّ انحرف و صار من الخوارج.
8- 8) التوبة:40. [5]
9- 9) الريطة (بفتح الراء و سكون الياء) : الملاءة إذا كانت قطعة واحدة شبيه الملحفة.

كلّ رجل منهم هراوة (1)فيها شوكها، فلم يبصروا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله حيث خرج، فأقبلوا عليّ يضربونني بما في أيديهم، حتى تنفض (2)جسدي و صار مثل البيض، ثمّ انطلقوا بي يريدون قتلي، فقال بعضهم: لا تقتلوه اللّيلة و لكن أخّروه و اطلبوا محمّدا.

قال: فأوثقوني بالحديد، و جعلوني في بيت، و استوثقوا منّي و من الباب بقفل، فبينا أنا كذلك إذ سمعت صوتا من جانب البيت يقول: يا عليّ، فسكن الوجع الّذي كنت أجده-و ذهب الورم الذي كان في جسدي، ثمّ سمعت صوتا آخر يقول: يا عليّ، فإذا الحديد في رجلي قد تقطّع، ثم سمعت صوتا آخر يقول: يا عليّ، فإذا الباب قد تساقط ما عليه، و فتح، فقمت و خرجت، و قد كانوا جاؤوا بعجوز كمهاء، لا تبصر و لا تنام تحرس الباب، فخرجت عليها و هي لا تعقل من النوم (3).

ص:162


1- 1) الهراوة (بكسر الهاء) العصا الضخمة، و الشوك: السلاح.
2- 2) في المصدر و البحار: [1] تنفّط-يقال: تنفّط الجسم: قرح أو تجمّع فيه بين الجلد و اللحم ماء بسبب العمل.
3- 3) الخصائص:58-و عنه البحار ج 36/43 ح 8 و [2]البرهان ج 1/126 ح 6 و [3]أخرجه في البحار ج 19/76 ح 27 [4] عن الخرايج مختصرا.

الباب السابع عشر

في صفته صلى اللّه عليه و آله

1-الشيخ في «أماليه» قال: أخبرنا أحمد بن محمّد بن الصلت (1)، قال: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة (2)، قال: أخبرنا أحمد بن محمّد بن عبد الرحمن بن فتني قراءة، قال: حدّثنا محمّد بن عيسى العبيدي، قال: حدّثنا مولى عليّ بن موسى عن جدّه (3)، عن عليّ عليه السلام أنّهم قالوا: يا عليّ صف لنا نبيّنا صلى اللّه عليه و آله و سلّم كأنّنا نراه فإنا مشتاقون إليه.

قال: كان نبيّ اللّه صلى اللّه عليه و آله أبيض اللّون، مشربا حمرة، أدعج (4)العين، سبط (5)الشعر كثّ اللّحية (6)، ذا وفرة (7)، دقيق

ص:163


1- 1) أحمد بن محمّد بن الصلت الأهوازي من شيوخ الشيخ الطوسي، ولد سنة (317) و توفي سنة (409) .
2- 2) أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الهمداني الكوفي أبو العباس، كان زيديا جاروديا، و أمره في الثقة و الجلالة و الحفظ أشهر من أن يذكر، ولد سنة (249) و توفي سنة (333) ه.
3- 3) في المصدر: حدّثنا مولى علي بن موسى، عن علي بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جدّه عليهم السلام.
4- 4) الدعج: شدّة سواد العينين مع سعتهما.
5- 5) سبط الشعر: (بسكون الباء أو كسرها) المسترسل.
6- 6) كثّ اللحية (بفتح الكاف و تشديد الثاء المثلثة) : الكثيف أي المجتمع المجعّد من غير طول.
7- 7) الوفرة: الشعر الذي يبلغ شحمة الأذن.

المسربة (1)، كأنّ عنقه ابريق فضّة، يجري في تراقيه (2)الذهب، له شعر من لبّته (3)إلى سرّته، كقضيب خيط إلى السرّة، و ليس في بطنه و لا صدره شعر غيره.

شئن (4)الكفّين و القدمين، شئن الكعبين، إذا مشى كأنّما يتقلع (5)من الصخر، إذا أقبل كأنّما ينحدر من صبب (6)، إذا التفت التفت جميعا (7)بأجمعه كلّه، ليس بالقصير المتردد (8)، و لا بالطويل الممغط (9)، و كان في الوجه تدوير، إذا كان في الناس غمرهم (10)، كأنّما عرقه في وجهه اللؤلؤ، عرقه أطيب من ريح المسك، ليس بالعاجز و لا باللئيم.

أكرم الناس عشرة، و ألينهم عريكة (11)، و أجودهم كفّا، من خالطه بمعرفة أحبّه، من رآه بديهة هابه، عزّه (12)بين عينيه، يقول باغته (13): لم أر

ص:164


1- 1) المسربة (بفتح الميم و سكون السين المهملة و ضمّ الراء أو فتحها) : الشعر وسط الصدر إلى البطن.
2- 2) التراقي: جمع الترقوة (بفتح التاء و ضم القاف) و هو مقدّم الحلق في أعلى الصدر.
3- 3) اللبّة (بفتح اللام و الباء المشددة) : المنحر.
4- 4) شئن الكفين: خشن الكفين، و العرب تمدح الرجال بخشونة الكف و النساء بنعومتها و قال الجزري: شئن الكفين أي أنهما يميلان إلى الغلظ و القصر، و قيل: هو الذي في أنامله غلظ بلا قصر، و يحمد ذلك في الرجال.
5- 5) يتقلّع: قال الجزري: أراد قوّة مشيه كأنّه يرفع رجليه من الأرض رفعا قويّا لا كالمختال.
6- 6) الانحدار من صبب و التقلّع من الأرض قريب بعضه من بعض، أراد أنه يستعمل التثبت و لا يبين منه في هذه الحال استعجال و مبادرة شديدة.
7- 7) قال المجلسي قدس سره: قوله: و إذا التفت التفت جميعا، قال الجزري: أراد أنّه لا يسارق النظر، و قيل: أراد أنه لا يلوي عنقه يمنة و يسرة إذا نظر إلى الشيء.
8- 8) المتردد: قال الجزري: أي المتناهي في القصر.
9- 9) الممغّط (بضم الميم الأولى و فتح الغين المشددة) : المتناهي في الطول.
10- 10) غمرهم: قال الجزري: أي كان فوق كل من كان معه.
11- 11) العريكة: الطبيعة، يقال: ليّن العريكة أي سلس الخلق.
12- 12) عزّه بين عينيه: قال في البحار: [1] أي يظهر العزّ في وجهه أولا قبل أن يعرف.
13- 13) يقول باغته: أي من رآه بغتة، و في المصدر: ناعته أي الذي يصفه صلى اللّه عليه و آله.

قبله و لا بعده مثله، صلى اللّه عليه و آله (1).

2-محمد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا (2)، عن أحمد بن محمد (3)، عن عليّ بن سيف (4)، عن عمرو بن شمر (5)، عن جابر (6)قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: صف لي نبيّ اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم، قال: كأنّ نبيّ اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم أبيض مشرب حمرة، أدعج العينين، مقرون الحاجبين، شئن الأطراف (7)، كأنّ الذهب أفرغ على براثنه (8)، عظيم مشاشة (9)المنكبين، إذا التفت يلتفت جميعا من شدة استرساله، سربته (10)سائلة من لبّته (11)إلى سرّته كأنّها وسط الفضّة المصفّاة، و كأنّ عنقه إلى كاهله (12)إبريق فضّة، يكاد أنفه إذا شرب أن يرد الماء، و إذا مشى تكفّأ (13)كأنّه ينزل في صبب، لم ير مثل نبيّ اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم قبله و لا بعده صلى اللّه عليه و آله و سلّم (14).

ص:165


1- 1) أمالي الطوسي ج 1/350-و [1]عنه البحار، ج 16/147 ح 3. [2]
2- 2) عدّة من أصحابنا: المراد بهم محمد بن يحيى العطّار-و عليّ بن موسى الكمنداني، و داود بن كورة، و أحمد بن إدريس، و علي بن إبراهيم بن هاشم.
3- 3) أحمد بن محمد: بن عيسى الأشعري القمي الذي ذكر سابقا بقرينة روايته عن عليّ بن سيف.
4- 4) علي بن سيف: بن عميرة النخعي الكوفي أبو الحسن الراوي عن الرّضا عليه السلام.
5- 5) عمرو بن شمر: بن يزيد الجعفي الكوفي الراوي عن الصادق عليه السلام و عن جابر الجعفي ضعّفه أرباب الرجال.
6- 6) جابر: هو ابن يزيد الجعفي التابعي المتوفى سنة (128) ، قال ابن الغضائري: جابر بن يزيد الجعفي الكوفي ثقة في نفسه، و لكن جلّ من روى عنه ضعيف.
7- 7) شئن الأطراف: أي الغليظ، أو في أنامله غلظ بلا قصر.
8- 8) كأنّ الذهب. . . الخ: قال في البحار: [3] لعلّ المراد وصف صلابة كفه صلى اللّه عليه و آله و شدة قبضه مع عدم يبس ينافي سهولة القبض، فإن الذهب لها جهة صلابة و لين، و يحتمل أن يكون التشبيه في النور.
9- 9) المشاشة (بضم الميم) رأس العظم الليّن.
10- 10) السربة (بضم السين المهملة) : الشعر وسط الصدر إلى البطن.
11- 11) اللّبة (بفتح اللاّم و الباء المشدّدة) : موضع القلادة من الصدر.
12- 12) الكاهل: أعلى الظهر ممّا يلي العنق.
13- 13) تكفّأ: عاد و تمايل في مشيه.
14- 14) الكافي ج 1/443 ح 14 و [4]عنه البحار ج 16/188 ح 23. [5]

ص:166

الباب الثامن عشر

صفته في الانجيل

1-ابن بابويه في «أماليه» : حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق (1)رحمه اللّه، قال: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى الجلودي (2)قال: حدّثنا هشام بن جعفر (3)، عن حمّاد، عن عبد اللّه بن سليمان، و كان قارئا للكتب، قال:

قرأت في الانجيل: يا عيسى جدّ أمري، و لا تهزل، و اسمع و أطع، يا ابن الطاهرة الطهر البكر البتول، أنت من غير فحل أنا خلقتك رحمة للعالمين، فإيّاي فاعبد، و عليّ فتوكّل، خذ الكتاب بقوّة، فسّر لأهل السوريا بالسريانية، بلّغ من بين يديك أنّي أنا اللّه الدائم الذي لا أزول، صدّقوا النبيّ الأميّ، صاحب الجمل، و المدرعة، و التاج، و هي العمامة، و النعلين، و الهراوة و هي القضيب.

الأنجل (4)العينين، الصلت (5)الجبين، الواضح الخدّين، الأقنى

ص:167


1- 1) محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني: المكتب من مشايخ الصدوق يروي عنه كثيرا في كتبه و يظهر من بعض الأسانيد أنه سمع منه بالري سنة (349) .
2- 2) عبد العزيز بن يحيى بن أحمد بن عيسى الجلودي شيخ البصرة و جده عيسى كان من أصحاب الباقر عليه السلام.
3- 3) في البحار: الجلودي، عن محمد بن عطيّة، عن عبد اللّه بن عمرو، عن هشام بن جعفر. . . الخ.
4- 4) الأنجل: الواسع.
5- 5) الصلت (بفتح الصاد المهملة) : الواضح المستوى البارز.

الأنف (1)، مفلّج الثنايا (2)، كأنّ عنقه إبريق فضّة، كأنّ الذهب يجري في تراقيه (3)، له شعرات من صدره إلى سرّته، ليس على بطنه و لا على صدره شعر.

أسمر اللّون، دقيق المسربة، شثن الكفّ و القدم (4)، إذا التفت التفت جميعا و إذا مشى كأنّما يتقلع من الصخرة، و ينحدر من صبب، و إذا جاء مع القوم بذّهم (5)، عرقه في وجهه كاللؤلؤ، و ريح المسك تنفخ منه، لم ير قبله مثله و لا بعده.

طيّب الريح، نكّاح النساء، ذو النسل القليل، إنّما نسله من مباركة لها بيت في الجنّة لا صخب (6)فيه، و لا نصب (7)، يكفّلها في آخر الزمان، كما كفّل زكريّا أمّك.

لها فرخان مستشهدان، كلامه القرآن، و دينه الاسلام «و أنا السلام» ، طوبى لمن أدرك زمانه، «شهد أيّامه» ، و سمع كلامه.

قال عيسى: يا ربّ، و ما طوبى؟ قال: شجرة في الجنّة، أنا غرستها، تظلّ الجنان، أصلها من رضوان، و ماؤها من تسنيم، برده برد الكافور، و طعمه طعم الزنجبيل، من يشرب من تلك العين شربة لا يظمأ بعدها أبدا.

فقال عيسى: «اللّهمّ اسقني منها» قال: حرام يا عيسى على البشر أن يشربوا منها حتى يشرب ذلك النبيّ، و حرام على الأمم أن يشربوا منها حتى

ص:168


1- 1) الأقنى: الأنف الّذي ارتفع وسط قصبته و ضاق منخره.
2- 2) مفلّج الثنايا: منفرجها.
3- 3) كأنّ الذهب يجري في تراقيه: قال المجلسي قدّس سرّه: لعلّه كناية عن حمرة ترقوته صلى اللّه عليه و آله و سلّم، أو سطوع النور منها.
4- 4) شثن الكفّ و القدم: قال الجزري: أي أنّهما، يميلان إلى الغلظ و القصر.
5- 5) بذّهم: سبقهم و غلبهم.
6- 6) الصخب (بفتح الصاد و الخاء المعجمة) : اختلاط الأصوات.
7- 7) النصب (بفتح النون و الصاد المهملة) : العناء-التعب-الداء.

تشرب أمّة ذلك النبيّ، أرفعك إليّ ثم أهبطك في آخر الزمان لترى من أمّة ذلك النبيّ العجائب، و لتعينهم على اللعين الدجال، أهبطك في وقت الصلاة لتصلّي معهم، إنّهم أمّة مرحومة (1).

ص:169


1- 1) أمالي الصدوق:224 ح 8-و [1]عنه البحار ج 16/144 ح 1 و [2]عن كمال الدين:159 ح 18. [3]

ص:170

الباب التاسع عشر

في صفته صلى اللّه عليه و آله و مدخله و مخرجه و مسكنه صلى اللّه عليه

و آله

1-ابن بابويه في «عيون الأخبار» قال: أخبرنا أبو أحمد الحسن بن عبد اللّه بن سعيد العسكري (1)قال أخبرنا أبو القاسم عبد اللّه بن محمّد بن عبد العزيز بن منيع (2)قال: حدّثني إسماعيل بن محمّد بن إسحاق بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين (3)عليهم السلام بمدينة الرسول، قال: حدّثني عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد، عن أبيه موسى بن جعفر، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليّ بن الحسين عليهم السلام قال: قال الحسن بن عليّ بن أبي طالب: سألت خالي هند بن أبي هالة عن حلية رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم و كان وصّافا للنبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم، فقال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فخما مفخما، يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر.

أطول من المربوع (4)، و أقصر من المشذّب (5)، عظيم الهامة (6)، رجل

ص:171


1- 1) أبو أحمد الحسن بن عبد اللّه بن سعيد العسكري (نسبة إلى عسكر مكّرم من كور الأهواز) ولد سنة (293) و توفي (382) .
2- 2) أبو القاسم عبد اللّه بن محمد بن عبد العزيز ابن بنت أحمد بن منيع البغوي المتوفى سنة (317) .
3- 3) إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام ثقة، عدّه الشيخ من أصحاب الرضا عليه السلام.
4- 4) المربوع: بين القصير و الطويل.
5- 5) المشذّب: الطويل المهزول.
6- 6) الهامة: الرأس-الجثّة.

الشعر (1)إن تفرّقت عقيقته (2)فرق، و إلاّ فلا يجاوز شعره شحمة أذنيه، إذا هو وفرة.

أزهر اللون (3)، واسع الجبين، أزجّ الحواجب (4)، سوابغ في غير قرن (5)، بينهما له (6)عرق يدرّه الغضب (7).

أقنى العرنين (8)، له نور يعلوه يحسبه من لم يتأملّه أشمّ (9)، كثّ اللّحية، سهل الخدّين ضليع الفم (10)، أشنب (11)مفلج الأسنان (12)، دقيق المسربة (13)، كأنّ عنقه جيّد دمية (14)في صفاء الفضّة معتدل الخلق، بادنا (15)متماسكا سواء البطن و الصدر (16)، بعيد ما بين المنكبين.

ص:172


1- 1) الرجل (بفتح الراء و كسر الجيم) من الشعر: ما بين الجعودة و الاسترسال.
2- 2) العقيقة: الشعر المجتمع في الرأس-و في «المكارم» و [1]نسخة من «العيون» [2] العقيصة و هي (بفتح العين و الصاد المهملة) : ضفيرة الشعر.
3- 3) أزهر اللون: نيّر اللون.
4- 4) أزجّ الحواجب: الطويل الدقيق.
5- 5) قرن يقرن (بكسر الراء في الماضي و فتحها في المضارع) : كان مقرون الحاجبين متصل الشعر.
6- 6) المصادر خالية من كلمة (له) إلاّ «البحار» . [3]
7- 7) عرق يدرّه الغضب: يملأه الدم.
8- 8) العرنين (بكسر العين و سكون الراء) الأنف كلّه، أو ما صلب منه.
9- 9) الأشمّ: من ارتفع أعلى أنفه.
10- 10) ضليع الفم: عظيم الفم، و هو ممدوح.
11- 11) الأشنب: أبيض الأسنان.
12- 12) مفلج الأسنان: الذي تباعد أسنانه و تكون فرجة بينها.
13- 13) دقيق المسربة: الذي استدقّ شعره الممتدّ من لبّته إلى سرّته.
14- 14) الدمية (بضم الدال و سكون الميم) : الصور المزيّنة فيها حمرة كالدم-الصنم.
15- 15) البادن: عظيم الجسم، قال المجلسي قدّس سرّه في «البحار» : [4] بادن متماسك، معناه تامّ خلق الأعضاء ليس بمسترخي اللحم و لا بكثيره.
16- 16) سواء البطن و الصدر: معناه أنّ بطنه ضامر، و صدره عريض فمن هذه الجهة تساوى بطنه صدره.

ضخم الكراديس (1)، أنور المتجرد، موصول ما بين اللبّة و السرّة بشعر يجري كالخطّ، عاري الثديين و البطن ممّا سوى ذلك.

أشعر الذراعين و المنكبين و أعالي الصدر، طويل الزندين (2)، رحب الراحة (3)شثن الكفّين و القدمين، سائل الأطراف (4)، سبط القصب (5)، خمصان الأخمصين (6)مسيح القدمين (7)، ينبو عنهما الماء، إذا زال زال قلعا (8)، يخطو تكفؤا (9)و يمشي هونا (10)، ذريع المشية (11)، إذا مشى كأنّه ينحطّ في صبب (12)، و إذا التفت التفت جميعا، خافض الطرف، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، جلّ نظره الملاحظة، يبدر من لّقيه بالسلام.

قال: فقلت له: صف لي منطقه. قال: كأن صلى اللّه عليه و آله متواصل الأحزان، دائم الفكر، ليست له راحة، و لا يتكلّم في غير حاجة، يفتتح الكلام و يختمه بالثناء (13)، يتكلّم بجوامع الكلم فصلا لا فضول فيه و لا

ص:173


1- 1) الكراديس: رؤوس العظام.
2- 2) طويل الزندين: الزند (بفتح الزاء و سكون النون) موصل الذراع بالكف، قال في البحار: [1]في كل ذراع زندان و هما جانبا عظم الذراع.
3- 3) رحب الراحة: واسع الراحة و كبيرها.
4- 4) سائل الأطراف: تامّها لا طويلة و لا قصيرة.
5- 5) سبط القصب: ممتدّ القصب و هي العظام الجوف التي فيها مخّ مثل الذراعين و الساقين.
6- 6) خمصان الأخمصين: أخمص القدم (بفتح الهمزة و الميم) ما لا يصيب الأرض من باطنها، فمعنى العبارة أنّ أخمص رجله الشريفة صلى اللّه عليه و آله كان شديد الارتفاع من الأرض.
7- 7) مسيح القدمين: معناه ليس بكثير اللحم فيهما و لذلك ينبو الماء عنهما.
8- 8) زال قلعا: معناه متثبتا.
9- 9) يخطو تكفؤا: قال في البحار: [2] معناه خطاه كأنّه يتكبر في مشيه و لا تكبر و لا تبختر و لا خيلاء.
10- 10) يمشي هونا: أي مع السكينة و الوقار.
11- 11) ذريع المشية: واسع المشية من غير أن يظهر فيه استعجال و بدار.
12- 12) في البحار: [3] كأنّما ينحطّ في صبب. (و الصبب الانحدار) .
13- 13) في البحار: [4] يختمه بأشداقه. (و الأشداق جوانب الفم) . و إنما يكون ذلك لرحب شدقيه و هو ممدوح.

تقصير، رؤوفا ليس بالجافي (1)و لا بالمهين (2)، تعظم عنده النعمة و إن دقّت، لا يذمّ منها شيئا، غير أنّه لا يذمّ ذواقا (3)و لا يمدحه، و لا تغضبه الدنيا و ما كان لها.

فإذا تعوطي الحقّ (4)لم يعرفه أحد، و لم يقم لغضبه شيء حتى ينتصر له، إذا أشار أشار بكفّه و إذا تعجّب قلّبها، و إذا تحدّث اتصل بها يضرب (5)براحته اليمنى باطن إبهامه اليسرى، و إذا غضب أعرض و أشاح (6)، و إذا فرح غضّ طرفه، جلّ ضحكه التبسم، يفتّر عن مثل حبّ الغمام (7).

قال الحسن عليه السلام فكتمتها (8)الحسين زمانا، ثمّ حدّثته، فوجدته قد سبقني إليه، و سألني عمّا سألته عنه، و وجدته قد سأل أباه عن مدخل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و مخرجه، و مجلسه، و شكله، فلم يدع منه شيئا.

قال الحسين عليه السلام: سألت أبي عليه السلام عن مدخل رسول اللّه، فقال: كان دخوله لنفسه مأذونا له في ذلك، فإذا آوى إلى منزله جزّأ دخوله ثلاثة أجزاء: جزء. للّه تعالى، و جزء لأهله، و جزء لنفسه.

ثمّ جزّء جزّءه بينه و بين الناس، فيردّ (9)ذلك بالخاصّة على العامّة، و لا

ص:174


1- 1) في البحار: [1] دمثا ليس بالجافي: الدمث (بفتح الدال و كسر الميم) أي سهل الخلق. و الجافي: غليظ الخلق.
2- 2) و لا بالمهين: (بضم الميم) أي ما كان صلى اللّه عليه و آله و سلّم مستخفّا بالناس.
3- 3) الذواق (بفتح الذال المعجمة) : الطعام.
4- 4) إذا تعوطى الحق: معناه إذا تنوول غضب للّه تبارك و تعالى.
5- 5) في العيون: و [2]إذا تحدّث قارب يده اليمنى من اليسرى فضرب بإبهامه اليمنى راحة اليسرى.
6- 6) أشاح: جدّ في الغضب و انكمش.
7- 7) قال في البحار: [3] قوله: يفترّ. . . الخ معناه يكشف شفتيه عن ثغر أبيض يشبه حبّ الغمام، أي البرد.
8- 8) في العيون: [4] فكتمت هذا الخبر.
9- 9) قال في البحار: [5] قوله: يردّ ذلك. . . الخ معناه أنّه كان يعتمد في هذه الحالة على أنّ الخاصّة يرفع إلى العامّة علومه و آدابه و فوائده، و فيه قول آخر و هو أن يجعل المجالس للعامّة بعد الخاصّة، فتنوب (الباء) عن كلمة «من» و لفظة (على) عن كلمة (إلى) .

يدّخر عنهم منه شيئا.

و كان من سيرته في جزء الأمّة إيثار أهل الفضل باذنه، و قسمه على قدر فضلهم في الدين، فمنهم ذو الحاجة، و منهم ذو الحاجتين، و منهم ذو الحوائج، فيتشاغل بهم، و يشغلهم فيما أصلحهم و الأمّة (1)من مسألته عنهم و إخبارهم بالذي ينبغي، و يقول: ليبلغ الشاهد منكم الغائب، و أبلغوني حاجة من لا يقدر على إبلاغ حاجته، فإنّه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يقدر على إبلاغها ثبّت اللّه قدميه يوم القيمة، لا يذكر عنده إلاّ ذلك، و لا يقيد (2)من أحد عشرة، يدخلون روّادا (3)، و لا يفترقون إلاّ عن ذواق (4)، و يخرجون أذلّة (5)، فسألته عن مخرج رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله كيف كان يصنع فيه؟ فقال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يخزن لسانه إلاّ عمّا يعنيه، و يؤلّفهم و لا ينفّرهم، و يكرم كريم كلّ قوم، و يولّيه عليهم، و يحذّر الناس و يحترس منهم، من غير أن يطوى عن أحد بشره و لا خلقه.

و يتفقّد أصحابه، و يسأل عمّا في الناس (6)، و يحسّن الحسن و يقوّيه، و يقبّح القبيح و يوهنه.

معتدل الأمر، غير مختلف، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يميلوا، و لا يقصر

ص:175


1- 1) في العيون: و [1]أصلح الأمّة.
2- 2) في العيون و [2]المكارم: و [3]لا يقبل من أحد غيره، و في نسخة: و لا يقبل (من الاقالة) -قال في البحار: [4] من رواه و لا يقيد بالدال أي من جنى عليه جناية اغتفرها و صفح عنها تصفحا و تكرّما، إذا كان تعطيلها لا يضيّع من حقوق اللّه شيئا، و من رواه يقيل باللام ذهب إلى أنه صلى اللّه عليه و آله و سلّم لا يضيع حقوق الناس التي يجب لبعضهم على بعض.
3- 3) يدخلون روّادا: أي طالبين للعلم ملتمسين الحكم من عنده، و الروّاد (بضم الراء و تشديد الواو) جمع الرائد و هو الذي يتقدّم القوم يبصر لهم الكلاء و مساقط الغيث.
4- 4) لا يفترقون إلاّ عن ذواق: أي لا يفترقون إلاّ عن علوم يذوقون من حلاوتها ما يذاق من الطعام المشتهى.
5- 5) في البحار: و [5]يخرجون أدلّة (بالدال المهملة) و قال: و منهم من قرأ أذلّة (بالذال المعجمة) أي يخرجون متّعظين بما و عظو، و هو تصحيف و الصحيح بالدال المهملة أي يخرجون هداة للناس.
6- 6) في البحار: و يسأل الناس عمّا في الناس، و في العيون: عمّا الناس فيه.

عن الحقّ و لا يجوزه الذين يلونه من الناس: خيارهم أفضلهم عنده و أعمّهم نصيحة للمسلمين، و أعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة و موازرة.

قال: فسألته عن مجلسه، فقال: كان عليه السلام لا يجلس فلا يقوم إلاّ على ذكر (1)، و لا يوطن الأماكن (2)، و ينهى عن إيطانها، و إذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس و يأمر بذلك، و يعطي كلّ جلسائه نصيبه، و لا يحسب أحد من جلسائه أنّ أحدا أكرم عليه منه، من جالسه صابره (3)حتى يكون هو المنصرف عنه، من سأله حاجة لم يرجع إلاّ بها (4)أو بميسور من القول.

قد وسع الناس منه خلقه، و صار لهم أبا (5)و صاروا عنده في الحقّ سواء.

مجلسه مجلس حلم و حياء و صدق و أمانة، لا ترفع فيه الأصوات، و لا تؤبن فيه الحرم (6)«و لا تنثى فلتاته» (7)، و لا يسيء جلسائه، متعادلون متواصون بالتقوى (8)، متواضعين يوقّرون الكبير، و يرحمون الصغير، و يؤثرون ذا الحاجة، و يحفظون الغريب.

فقلت: كيف كان سيرته في جلسائه؟ فقال: كان دائم البشر، سهل الخلق، ليّن الجانب: ليس بفظ (9)و لا غليظ و لا صخّاب (10)و لا فحّاش و لا

ص:176


1- 1) في المصادر: ذكر اللّه جلّ اسمه.
2- 2) لا يوطن الأماكن، أي لا يتّخذ لنفسه مجلسا يعرف به.
3- 3) في العيون: [1] جالسه أو نادمه لحاجة صابرة.
4- 4) في العيون و [2]المكارم: [3] حاجة لم يردّه إلاّ بها.
5- 5) في العيون: [4] فصار لهم أبا رحيما.
6- 6) و لا تؤبن فيه الحرم: قال الجزري: أي لا يذكرن بقبيح، كان يصان مجلسه عن رفث القول.
7- 7) و لا تنثى فلتاته: قال الجزري: أي لا تذاع، و الفلتات جمع فلتة و هي الزلّة.
8- 8) في البحار: [5] متعادلين متواصلين فيه بالتقوى، و في بعض رواياتهم: يتواصون فيه بالتقوى.
9- 9) الفظّ: سيّء الخلق.
10- 10) الصخّاب (بفتح الصاد المهملة و الخاء المشدّدة) : شديد الصياح.

عيّاب و لا مدّاح، يتغافل عمّا لا يشتهي، فلا يؤيس منه و لا يخيّب مؤمّله.

قد ترك نفسه من ثلاث: المراء، و الإكثار، و ما لا يعنيه، و ترك الناس من ثلاث: كان لا يذمّ أحدا، و لا يعيّره، و لا يطلب عثراته و لا عوراته، و لا يتكلّم إلاّ فيما رجا ثوابه، إذا تكلّم أطرق جلساؤه كأنّما على رؤوسهم الطير (1)، و إذا سكت تكلّموا و لا يتنازعون عنده الحديث (2)، من تكلّم أنصتوا له حتى يفرغ (3)، حديثهم عنده حديث أولهم (4). يضحك ممّا يضحكون منه، و يتعجّب ممّا يتعجبون منه، و يصبر على الغريب (5)على الجفوة (6)في مسألته و منطقه حتى أن كان أصحابه ليستجلبونهم (7)، و يقول: إذا رأيتم طالب الحاجة يطلبها فأرفدوه (8)، و لا يقبل الثناء إلاّ من مكافئ (9)، و لا يقطع على أحد

ص:177


1- 1) على رؤوسهم الطير: قال الجزري: وصفهم بالسكون و الوقار، لأن الطير لا تكاد تقع إلاّ على شيء ساكن.
2- 2) و لا يتنازعون عنده الحديث: قال في البحار: [1] أي إذا تكلّم أحد منهم أمسكوا حتى يفرغ.
3- 3) في العيون: و [2]إذا تكلّم عنده أحد أنصتوا له حتى يفرغ من حديثه.
4- 4) في البحار: [3] حديث أوليهم، قال: و لعلّه تأكيد للسابق، أي لا يتكلّم إلاّ من سبق بالكلام.
5- 5) في البحار: و [4]يصبر للغريب.
6- 6) على الجفوة: أي على غلظة الغريب و بعده من الآداب.
7- 7) ليستجلبونهم: قال في البحار: [5] أي يجيئون معهم بالغرباء إلى مجلسه من كثرة احتماله عنهم، و صبره على ما يكون منهم في سؤالهم إيّاه، و غير ذلك، و الصحابة كانوا لا يجترؤون على مثل ذلك.
8- 8) فأرفدوه: أي أعينوه، قال في البحار: و [6]في بعض رواياتهم: فأرشدوه، و الأظهر أنّه هنا فأوفدوه بالواو.
9- 9) قال الجزري: قال القتيبي: معناه إذا أنعم على رجل نعمة فكافأه بالثناء عليه قبل ثنائه، و إذا أثنى قبل أن ينعم عليه لم يقبله، و قال ابن الأنباري هذا غلط، إذ كان أحد لا ينفك عن إنعام النبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم، لأنّ اللّه بعثه رحمة للناس كافّة فلا يخرج منها مكافئ و لا غير مكافئ، و الثناء عليه فرض لا يتم الإسلام إلا به و إنّما المعنى أنّه لا يقبل الثناء عليه إلاّ من رجل يعرف حقيقة إسلامه و لا يدخل عنده في جملة المنافقين الذين يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، و قال الأزهري: فيه قول ثالث: إلاّ من مكافئ، أي مقارب غير مجاوز حدّ مثله، و لا مقصّر عمّا رفعه اللّه إليه.

كلامه حتى يجوز (1)فيقطعه بنهي أو قيام.

قال: فسألته عن سكوت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فقال: كان سكوته على أربع: على الحلم، و الحذر، و التقدير، و التفكر، فأمّا التقدير:

ففي تسوية النظر و الاستماع بين الناس، و أمّا تفكّره فيما يبقى و يفنى، و جمع له الحلم في الصبر، فكان لا يغضبه شيء و لا ينفّره (2).

و جمع له الحذر في أربع: أخذه الحسن ليقتدى به، و تركه القبيح لينتهى عنه، و اجتهاده الوافي في إصلاح أمته، و القيام فيما جمع لهم خير الدنيا و الآخرة، صلوات اللّه عليه و آله الطيبين الطاهرين و سلّم تسليما (3).

ص:178


1- 1) في بعض النسخ: يجوزه، أي يتجاوز عن ذلك الكلام و يتمّه و يريد إنشاء كلام آخر، فيقطعه النبيّ (ص) بنهي أو قيام، قال في البحار: [1] يحتمل أن يكون بالراء المهملة، أي إلاّ أن يجور و يتكلّم بباطل كفحش أو غيبة فيقطعه (ص) بنهي أو بقيام.
2- 2) في البحار: و [2]لا يستفزّه.
3- 3) عيون الأخبار ج 1/315 ح 1- [3]مكارم الأخلاق:11-و [4]عنهما البحار ج 16/148 ح 4 و [5]عن معاني الأخبار:79 ح 1.

الباب العشرون

في مجلسه في العلم و تسويته بين أصحابه في اللحظات

و غير ذلك و تقديم السابق

1-محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الوشّاء (1)، عن جميل بن درّاج (2)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم يقسّم لحظاته بين أصحابه، فينظر إلى ذا و ينظر إلى ذا بالسويّة، قال: و لم يبسط رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم رجليه بين أصحابه قطّ، و إن كان ليصافحه الرجل فما يترك رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم يده من يده حتى يكون هو التارك، فلمّا فطنوا لذلك كان الرجل إذا صافحه قال (3)بيده فنزعها من يده (4).

2-و عنه قال: حدّثني محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عمر بن

ص:179


1- 1) الوشّاء: الحسن بن علي بن زياد البجلي الكوفي أبو محمد الخزّاز من أصحاب الرضا عليه السلام.
2- 2) جميل بن درّاج: بن عبد اللّه أبو علي النخعي الراوي عن الصادق و الكاظم عليهما السلام كان من وجوه الطائفة موثقا.
3- 3) في هامش البحار ج 16/260: [1] حكى الفيروزآبادي في القاموس [2]عن ابن الأنباري أنّه (قال) يجيىء بمعنى تكلّم، و ضرب، و غلب، و مات، و مال، و استراح، و أقبل، و يعبّر بها عن التهيّؤ للأفعال و الاستعداد لها، يقال: قال فأكل، و قال فضرب، و قال فتكلّم، انتهى، أقول: و لعلّ المناسب في المقام المعنى الخامس، أو الأخير.
4- 4) أصول الكافي ج 2/671-و [3]عنه البحار ج 16/259 ح 47-و [4]الوسائل ج 8/499 ح 1. [5]

عبد العزيز (1)، عن جميل، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم يقسّم لحظاته بين أصحابه، ينظر إلى ذا و ينظر إلى ذا بالسويّة (2).

3-و عنه بإسناده، عن إسماعيل بن مهران (3)، عن أيمن بن محرز (4)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ما صافح رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم رجلا قطّ فنزع يده حتى يكون هو الذي ينزع عنه (5).

4-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم (6)، عن معاوية بن وهب (7)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ما أكل رسول اللّه متّكئا منذ بعثه اللّه عزّ و جلّ إلى أن قبضه، تواضعا للّه عزّ و جلّ، و لا رؤي ركبته أمام جليسه في مجلس قطّ، و لا صافح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم رجلا قطّ فنزع يده من يده حتى يكون الرجل هو الّذي ينزع يده (8).

5-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن

ص:180


1- 1) عمر بن عبد العزيز بن أبي بشار أبو حفص البصري المعروف بزحل يروي عنه أبو عبد اللّه البرقي، و أحمد بن محمد بن عيسى.
2- 2) روضة الكافي:268-و عنه البحار ج 16/280 ح 121-و [1]الوسائل ج 8/499 ح 1. [2]
3- 3) اسماعيل بن مهران: بن محمد بن أبي نصر زيد أبو يعقوب السكوني الكوفي كان من أصحاب الرضا عليه السلام، و شهد الشيخ و النجاشي بوثاقته.
4- 4) أيمن بن محرز كان من أصحاب الصادق و الكاظم عليهما السلام-جامع الرواة ج 1/111-.
5- 5) الكافي ج 2/182 ح 15-و [3]عنه البحار ج 16/269 ح 82 و [4]الوسائل ج 8/500 ح 4. [5]
6- 6) علي بن الحكم: بن الزبير النخعي الكوفي أبو الحسن الضرير، كان من أصحاب الرضا عليه السلام-جامع الرواة ج 1/575. [6]
7- 7) معاوية بن وهب: أبو الحسن الكوفي البجلي من أصحاب الصادق و الكاظم عليهما السلام، و له كتب.
8- 8) الكافي ج 8/164 ح 175-و [7]عنه البحار ج 41/130 ح 41 و [8]البرهان للسيّد البحراني ج 3/118 ح 1. [9]

محبوب، عن ابن رئاب، عن محمّد بن قيس (1)قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: و هو يحدّث الناس بمكّة: صلّى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم الفجر، ثمّ جلس مع أصحابه حتى طلعت الشمس، فجعل يقوم الرجل بعد الرجل حتى لم يبق معه إلاّ رجلان: أنصاري، و ثقفيّ.

فقال لهما رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم: قد علمت أنّ لكما حاجة تريدان أن تسألاني عنها، فإن شئتما أخبرتكما بحاجتكما قبل أن تسألاني، و إن شئتما فسألا عنها، قالا: بل تخبرنا قبل أن نسألك عنها، فإنّ ذلك أجلى للعمى، و أبعد من الارتياب، و أثبت للايمان.

فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم: أمّا أنت يا أخا ثقيف فإنّك جئت تسألني عن وضوءك و صلاتك ما لك في ذلك من الخير.

أمّا وضوءك، فإنّك وضعت يدك في إنائك ثمّ قلت: بسم اللّه تناثرت منها ما اكتسبت من الذنوب، فإذا غسلت وجهك تناثرت التي اكتسبتها عيناك بنظرهما وفوك، فإذا غسلت ذراعيك تناثرت الذنوب عن يمينك و شمالك، و إذا مسحت رأسك و قدميك تناثرت الذنوب الّتي مشيت إليها على قدميك، فهذا لك في وضوءك (2).

6-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه و محمّد بن إسماعيل (3)عن الفضل بن شاذان (4)، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي

ص:181


1- 1) محمد بن قيس البجلي الكوفي أبو عبد اللّه الراوي عن الباقر و الصادق عليهما السلام، توفي سنة (151) -جامع الرواة ج 2/185-. [1]
2- 2) الكافي ج 3/71 ح 7-و [2]فيه البحار ج 18/128 ح 37-و [3]في ج 99/3 ح 3-أخرجه عن الأمالي ص 441 ح 22-و [4]أخرجه في الوسائل ج 1/276-ح 12 [5]عن الكافي و [6]عن الفقيه ج 2/ 202 ح 2138.
3- 3) محمد بن إسماعيل: أبو الحسن البندقي النيشابوري من شيوخ الكليني و من تلامذة الفضل.
4- 4) الفضل بن شاذان: أبو محمد الأزدي النيسابوري المتكلم الأمامي جليل القدر. صنّف 180 كتابا و ترحم عليه العسكري عليه السلام-جامع الرواة ج 2/7-. [7]

عبد اللّه عليه السلام قال: أتى النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم رجلان: رجل من الأنصار، و رجل من ثقيف، فقال الثقفي: يا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم حاجتي، فقال: سبقك أخوك الأنصاري، فقال: يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إنّي على ظهر سفر، و إنّي عجلان.

فقال الأنصاريّ: إنّي قد أذنت له، فقال: إن شئت سألتني و إن شئت نبّأتك، فقال: نبّئني يا رسول اللّه، فقال صلى اللّه عليه و آله و سلّم: جئت تسألني عن الصلاة، و عن الوضوء، و عن السجود، فقال الرجل: إي و الّذي بعثك بالحقّ، فقال صلى اللّه عليه و آله و سلّم: أسبغ الوضوء، و املأ يديك من ركبتيك، و عفّر جبينك في الصلاة، و صلّ صلاة مودّع.

و قال الأنصاري يا رسول اللّه حاجتي، قال: إن شئت سألتني، و إن شئت نبّأتك، فقال: يا رسول اللّه نبّأني، قال: جئت تسألني عن الحجّ، و عن الطواف بالبيت، و عن السعي بين الصفا و المروة، و رمي الجمار، و حلق الرأس، و يوم عرفة.

فقال الرجل: إي و الّذي بعثك بالحقّ نبيّا، قال: لا ترفع ناقتك خفّا إلاّ كتب اللّه به لك حسنة، و لا تضع خفّا إلاّ حطّ به عنك سيّئة، و طواف البيت، و السعي بين الصفا و المروة ينقّيك كما ولدتك أمّك من الذّنوب، و رمي الجمار ذخر يوم القيامة، و حلق الرأس لك بكلّ شعرة نور يوم القيامة، و يوم عرفة يوم يباهي اللّه عزّ و جلّ به الملائكة، فلو حضرت ذلك اليوم برمل عالج و قطر السماء و أيّام العالم ذنوبا، فإنّه تبت ذلك اليوم.

و في حديث آخر له بكلّ خطوة إليها يكتب له حسنة، و يمحى عنه سيّئة، و يرفع له بها درجة (1).

ص:182


1- 1) الكافي ج 4/261 ح 37-و [1]أخرجه في البحار ج 99/13 ح 24 [2] عن نوادر ابن عيسى:139 ح 360 و صدره في الوسائل ج 4/677 ح 7 [3]عن الكافي و [4]عن الأربعين للشهيد ح 15، و ذيله فيه ج 8/159 ح 16 و 17.

الباب الحادي و العشرون

في تواضعه لأهل بيته علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السلام

1-الشيخ في «أماليه» قال: أخبرنا محمّد بن محمّد (يعني المفيد) قال:

أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن عمران المرزباني، قال: حدّثنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن عيسى المكّي (1)قال: حدّثنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبل قال: حدّثني أبي، قال: حدّثنا هوذة (2)بن خليفة قال: حدّثنا عوف (3)عن عطيّة الطفاوي، عن أبيه، عن أمّ سلمة رضي اللّه عنها قالت: بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في بيتي إذ قال الخادم: يا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم إنّ عليّا و فاطمة بالسدة (4)، فقال: قومي فتنحّي لي عن (5)أهل

ص:183


1- 1) في المصدر المطبوع: أبو بكر محمد بن محمد بن عيسى المكي-و في البحار: [1] أحمد بن محمد بن عيسى المكّي، و لعلّه الصحيح، و في بعض الكتب: أنّه توفّي سنة (322) .
2- 2) في البحار: [2] هواذة (مع الألف) و هو سهو و الصحيح بدون الألف و هو هوذة بن خليفة بن عبد اللّه بن عبد الرحمن بن أبي بكرة الثقفي أبو الأشهب البصري. من رجال العامّة و اختلفوا في وثاقته، توفّي سنة (216) و له (91) سنة.
3- 3) في المصدر: عوز عن عطّية الغفاري، و في البحار: [3] عوف بن عطيّة و لعلّ الصحيح كما صحّحناه في المتن هو عوف عن عطية الطفاوي، و عوف هو أبو سهل البصري و يقال له عوف الأعرابي، توفّي سنة (147) ، وثّقه النسائي، و أمّا عطيّة الطفاوي فهو كما قال ابن حجر في «اللسان» ذكره ابن حبّان في الثّقات، و كنيته أبو المعدّل من أهل البصرة.
4- 4) السدّة (بضم السين المهملة و فتح الدال المهملة المشدّدة) : باب الدار، و ما حول الدار من الرواق.
5- 5) في المصدر فتنحّى: عن.

بيتي، قالت: فقمت فتنحّيت في البيت قريبا، فدخل عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السلام و هما صبيّان صغيران، فوضعهما النبي صلى اللّه عليه و آله في حجره و قبّلهما، و اعتنق عليّا عليه السلام بإحدى يديه، و فاطمة عليها السلام باليد الأخرى، و قبّل فاطمة عليها السلام و قال: اللّهمّ إليك أنا و أهل بيتي لا إلى النار (1).

2-و عنه قال: أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد، قال: حدّثنا أبو بكر محمّد بن عمر (2)رحمه اللّه قال: حدّثني بن عيسى بن أبي موسى (3)بالكوفة، قال: حدّثني عبدوس بن محمد الحضرمي (4)، قال: حدّثنا محمّد بن فرات (5)، عن أبي إسحاق (6)، عن الحارث (7)، عن عليّ عليه السلام، قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم يأتينا كلّ غداة فيقول: الصلاة رحمكم اللّه الصلاة إِنَّما يُرِيدُ اَللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ اَلرِّجْسَ أَهْلَ اَلْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (8)(9).

ص:184


1- 1) أمالي الطوسي ج 1 ص 135-و [1]عنه البحار ج 37 ص 39 ح 11. [2]
2- 2) أبو بكر محمد بن عمر: بن محمد بن سلم التميمي البغدادي الحافظ الجعابي يقال: إنّه كان يحفظ أربعمأة ألف حديث، توفّي سنة (355) .
3- 3) أحمد بن عيسى بن أبي موسى ما وجدت له ترجمة إلاّ في «لسان الميزان» لابن حجر و «ميزان الاعتدال» للذهبي، قالا: إنّه مجهول.
4- 4) عبدوس بن محمد الحضرمي: ما وجدت له ترجمة لا في كتب رجال القوم و لا في رجالنا إلى الآن.
5- 5) محمد بن فرات: التميمي أبو علي الكوفي، يقال: كان ابن عشرين و مائة سنة، ضعّفوه.
6- 6) أبو اسحاق: عمرو بن عبد اللّه بن أبي شعيرة السبيعي الهمداني الحافظ رأى أمير المؤمنين عليه السلام و هو يخطب و روى عن جماعة من الصحابة، توفّي سنة (127) . -تذكرة الحفاظ ج 1/114.
7- 7) الحارث: بن عبد اللّه الأعور الهمداني، و هو من الأولياء من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام توفّي سنة (65) ه-ق.
8- 8) الأحزاب:33. [3]
9- 9) أمالي الطوسي:1/87-و [4]عنه البحار:35/207 ح 3-و [5]عن أمالي المفيد:318 ح 4- و أخرجه المصنّف [6]أيضا في «البرهان» ج 2/313 ح 18. [7]

3-و عنه، عن أبي محمّد الفحّام (1)، قال: حدّثني عمر بن يحيى (2)، قال: حدّثني إبراهيم بن عبد اللّه البلخي (3)، حدّثنا أبو عاصم الضحّاك بن مخلّد النبيل (4)، قال: سمعت الصادق عليه السلام يقول: حدّثني أبي محمّد بن عليّ، عن جابر بن عبد اللّه، قال: كنت عند النبيّ صلى اللّه عليه و آله أنا من جانب، و عليّ أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه من جانب، إذ أقبل عمر بن الخطّاب، و معه رجل قد تلبب (5)به، فقال: ما باله؟ قال: حكي عنك يا رسول اللّه: أنّك قلت: من قال: لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، دخل الجنّة، و هذا إذا سمعته الناس فرّطوا في الأعمال، أفأنت قلت ذلك يا رسول اللّه؟ قال: نعم إذا تمسّك بمحبّة هذا و ولايته (6).

4-و عنه باسناده، قال: أخبرنا أبو عمرو (7)، قال: أخبرنا أحمد بن محمّد قال: حدّثنا الحسين بن عبد الرحمن بن محمّد الأزدي (8)، قال: حدّثنا

ص:185


1- 1) أبو محمد الفحّام: الحسن بن محمد بن يحيى بن داود المعروف بابن الفحّام السرّ من رائي المتوفى بعد سنة (408) ه، و ضبط بعض أرباب المعاجم الرجالية سنة (408) كالخطيب في تاريخ بغداد و كان من مشايخ الطوسي من العامّة.
2- 2) في المصدر: حدّثني عمّي عمر بن يحيى، و في البحار: و [1]حدّثني عمّي عمير بن يحيى.
3- 3) لم يوجد له ترجمة في كتب رجال الفريقين.
4- 4) قال الأردبيلي في جامع الرواة ج 1/418: [2] الضحّاك بن محمد بن شيبان أبو عاصم النبيل الشيباني البصري عاميّ (صه، جش) روى عن جعفر بن محمد عليهما السلام كتابا رواه هارون بن مسلم، و عبّاس بن محمد بن حاتم (جش) و في (ق) بن مخلّد الشيباني أبو عاصم البصري النبيل، و ابن المخلّد هو الصحيح كما ذكره الذهبي و ابن حجر و غيرهما. قال ابن حجر في التهذيب ج 4/450 رقم 783: الضحاك بن مخلّد بن الضحّاك بن مسلم بن الضّحاك الشيباني أبو عاصم النبيل البصري ولد سنة (122) و توفي على ما قال غير واحد سنة (212) .
5- 5) تلبّب الرجلان: أخذ كلّ منهما بما في موضع اللبب من الثياب و التلبيب يعرف بالطوق.
6- 6) أمالي الطوسي ج 1/288-و [3]عنه البحار ج 39/298 ح 103. [4]
7- 7) أبو عمرو عبد الواحد بن عبد اللّه بن محمد بن مهدي بن خشنام من مشايخ الطوسي من العامّة، ولد سنة (318) و توفّي سنة 410(تاريخ بغداد) .
8- 8) الحسين: هو أبو أحمد، ما وجدنا له ترجمة و لكن والده عبد الرحمان كان من العلماء في القرن Ẓ

أبي، قال: حدّثنا عبد النور بن عبد اللّه بن سنان (1)قال: حدّثنا سليمان بن قرم (2)، قال: حدّثني أبو الجحاف (3)، و سالم بن أبي حفصة (4)، عن نقيع أبي داود (5)، عن أبي الحمراء (6)، قال: شهدت النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم أربعين صباحا يجيء إلى باب عليّ و فاطمة عليها السلام فيأخذ بعضادتي الباب ثم يقول: السلام عليكم أهل البيت و رحمة اللّه الصلاة يرحمكم اللّه إِنَّما يُرِيدُ اَللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ اَلرِّجْسَ أَهْلَ اَلْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً 78.

5-و عنه، قال: أخبرنا أبو عمرو قال: أخبرنا أحمد، قال: حدّثنا محمّد بن أحمد بن الحسن 9، قال: حدّثنا موسى بن إبراهيم المروزي 10، قال: حدّثنا موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جدّه عليهم السلام، عن

ص:186


1- 1) عبد النور. . . : الأسدي الكوفي كان من أصحاب الصادق عليه السلام.
2- 2) سليمان بن قرم: بن سليمان الضبي الكوفي من أصحاب الصادق عليه السلام.
3- 3) أبو الجحاف: (بتقديم الجيم على الحاء) داود بن أبي عوف البرجمي. نقل العلاّمة في الخلاصة توثيقه عن ابن عقدة.
4- 4) سالم بن أبي حفصة: التّمار أبو يونس الكوفي مولى بني عجل، روى عن السجّاد و الباقر و الصادق عليهم السلام، توفي سنة (137) .
5- 5) نقيع: أبو داود بن الحرث السبيعي الهمداني التابعي، روى عن أبي جعفر عليه السلام و أبي بدرة نضلة الأسلمي و غيرهما.
6- 6) أبو الحمراء [1]: خادم النبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم و من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام و قال البرقي: أبو الحمراء فارسي خادم رسول اللّه (ص) .

جابر بن عبد اللّه، قال: لمّا زوّج رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم فاطمة من عليّ أتاه أناس من قريش، فقالوا: إنّك زوّجت عليّا بمهر خسيس، فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ما أنا زوّجت عليّا. و لكنّ اللّه زوّجه ليلة أسري بي عنده سدرة المنتهى أوحى اللّه إلى السدرة أن انثري ما عليك، فنثرت الدرّ و الجوهر و المرجان، فابتدر الحور العين فالتقطن، فهنّ يتهادينه و يتفاخرن و يقلن: هذا من نثار فاطمة بنت محمّد عليهما السلام.

فلمّا كانت ليلة الزفاف أتى النبيّ ببغلته الشهباء، و ثنّى عليها قطيفة، و قال لفاطمة: اركبي، و أمر سلمان أن يقودها، و النبيّ صلى اللّه عليه و آله يسوقها.

فبينما هو في بعض الطريق إذ سمع النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم وجبة، فإذا هو جبرئيل في سبعين ألفا، و ميكائيل في سبعين ألفا، فقال النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم: ما أهبطكم إلى الأرض؟ قالوا: جئنا نزّفّ فاطمة إلى عليّ بن أبي طالب فكبّر جبرئيل، و كبّر ميكائيل، و كبّرت الملائكة، و كبّر محمد صلى اللّه عليه و آله و سلّم، فوقع التكبير على العرائس من تلك الليلة (1).

6-و عنه قال: أخبرنا أبو عبد اللّه حمّوية بن عليّ بن حمّوية البصري (2)، قال: حدّثنا أبو الحسين محمّد بن محمّد بن بكر الفراني (3)، قال: حدّثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي (4)، اقل: حةثننا أبو الفضل العبّاس بن الفرج الرياشي (5)، قال: حدّثنا عثمان بن عمر (6)، عن إسرائيل (7)، عن

ص:187


1- 1) أمالي الطوسي ج 1 ص 263-و [1]عنه البحار ج 43/104 ح 15. [2]
2- 2) حمّوية بن علي بن حمّوية البصري من مشايخ الطوسي توفي بعد سنة (413) . [3]
3- 3) في المصدر المطبع: الهزاني، و على أيّ نحو كان ما وجدت له ترجمة.
4- 4) الفضل بن الحباب أبو خليفة البصري كان من النحاة البصريين المحدثين-قال السيوطي في «بغية الوحاة» : كان من أجلاّء أصحاب الحديث روى عن الطيالسي و غيره و ولّى قضاء البصر، توفّي سنة (305) .
5- 5) الرياشي أبو الفضل العباس بن الفرج اللغوي البصري قتله البزنج، وكان قائما يصلّي سنة (257) .
6- 6) عثمان بن عمر: بن فارس الحافظ البصري أبو محمد المتوفى سنة (209) .
7- 7) إسرائيل: بن يونس بن أبي اسحاق السبيعي الحافظ الكوفي و المتوفى سنة (162) .

ميسرة بن حبيب (1)، عن المنهال بن عمرو (2)، عن عائشة بنت طلحة (3)، عن عايشة، قالت: ما رأيت من الناس أحدا أشبه كلاما و حديثا برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من فاطمة عليها السلام كانت إذا دخلت عليه رحّب بها و قبّل يديها و أجلسها في مجلسه.

فإذا دخل عليها قامت إليه فرحّبت به و قبّلت يديه، و دخلت عليه في مرضه فسارّها فبكت، ثمّ سارّها فضحكت، فقلت: كنت أرى لهذه فضلا على النساء فإذا هي امرأة من النساء، فبينما هي تبكي إذ ضحكت، فسألتها، فقالت: إني كئيبة (4)فلمّا توفّي رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم سألتها، فقالت: إنّه أخبرني أنّه يموت فبكيت، ثمّ أخبرني أنّي أوّل أهله لحوقا به فضحكت (5).

7-و عنه قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضّل (6)قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني (7)، قال: حدّثنا أحمد بن يحيى الصوفي (8)، قال:

ص:188


1- 1) ميسرة بن حبيب: النهدي أبو حازم الكوفي-نقل ابن أبي حاتم الرازي توثيقه عن ابن حنبل و ابن معين، و عدّه الأردبيلي في جامع الرواة من أصحاب الصادق عليه السلام.
2- 2) منهال بن عمرو: الأسدي (مولاهم) الكوفي أدرك الحسين و السجاد و الباقر و الصادق عليهم السلام، وثّقه ابن معين.
3- 3) عائشة بنت طلحة: بن عبيد اللّه و أمّها بنت أبي بكر، توفّيت سنة (101) .
4- 4) في البحار: [1] أنّي إذا لبذرة (أي التي تفشى السرّ) .
5- 5) أمالي الطوسي ج 2/14-و [2]عنه البحار ج 43/25 ح 22. [3]
6- 6) أبو المفضّل: محمد بن عبد اللّه بن المطلب الشيباني-كثير الرواية، حسن الحفظ، قال العلامة النوري في «المستدرك» ج 3 ص 845: [4] محمد بن عبد اللّه بن محمد أبو المفضّل الشيباني من كبار مشايخ الاجازة، و إن ضعّفوه في آخر عمره إلاّ أنّ عملهم على خلافه.
7- 7) أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني: أبو العباس الكوفي المعروف بابن عقدة المتوفى سنة (333) .
8- 8) أحمد بن يحيى الصوفي بن حكيم الأودي الكوفي أبو جعفر ابن أخي ذبيان صاحب «دلائل [5]النبي» . توفي سنة (264) .

حدّثنا إسماعيل بن أبان (1)، قال: حدّثني جعفر بن ميسرة (2)، عن أبي عبد اللّه بن عبد الرحمن اليشكري (3)عن أنس بن مالك، قال: بينما أنا أوضّئ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم إذ دخل عليه عليّ عليه السلام فجعل يأخذ من وضوئه (4)فيغسل به وجهه ثمّ قال: أنت سيّد العرب، فقال:

يا رسول اللّه أنت رسول اللّه و سيّد العرب، قال: يا عليّ أنا رسول اللّه و سيّد ولد آدم، و أنت أمير المؤمنين و سيّد العرب (5)(6).

8-كتاب «المناقب الفاخرة في العترة الطاهرة» (7)بالاسناد عن سليم بن قيس الهلالي (8)قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فقال له:

أخبرني بأفضل مناقبك من رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم، قال عليه السلام: كان لرسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم لحاف (9)، و كنت مشتكيا، فأجلسني عنده ثم حطّ اللّحاف بين يدي عايشة، و قام يصلّي و يدعو، فبات ليلته على ذلك الحال، و يأتيني و يسألني و ينظر إليّ، فما زال دأبه

ص:189


1- 1) اسماعيل بن أبان: أبو اسحاق الغنوي الأزدي الكوفي الورّاق توفّي سنة (216) .
2- 2) جعفر بن ميسرة: الأشجعي و يقال له: جعفر بن أبي جعفر أبو الوفاء توفي سنة (181) .
3- 3) في المصدر: عن أبي عبد اللّه عن عبد الرحمان اليشكري، و في البحار، عن أبي عبد اللّه [1]عن عبد اللّه بن عبد الرحمن اليشكري و على أيّ حال ما وجدت له ترجمة.
4- 4) الوضوء (بفتح الواو) الماء الّذي يتوضّأ منه.
5- 5) قال في البحار: [2] لعله صلى اللّه عليه و آله و سلّم إنّما خصّ سيادته بالعرب لئلا يتوهّم كونه أفضل منه، أو حذرا من إنكار القوم.
6- 6) أمالي الطوسي ج 2/124-و [3]عنه البحار ج 38/17 ح 32. [4]
7- 7) المناقب الفاخرة: قال في الذريعة ج 32/331: [5] للسيّد الشريف الرضى (المتوفى سنة 406) ، أكثر النقل عنه في «مدينة المعاجز» و ينقل منه السيّد هاشم التوبلي في «روضة العارفين» و الشيخ أحمد بن سليمان البحراني في «عقد اللئال في فضائل النبي و الآل» مصرّحا في مواضع منه بأنّه للسيّد الشريف الرضى أبي الحسين محمد بن أحمد بن الحسين الموسوي.
8- 8) سليم بن قيس الهلالي: العامري الكوفي التابعي، ادرك أمير المؤمنين عليّا و الحسن و الحسين و عليّ بن الحسين و الباقر عليهم السلام، و توفي متسترا عن الحجّاج أيّام إمارته في حدود سنة (90) ه و كتابه من الأصول الشهيرة عند الخاصّة و العامّة.
9- 9) اللحاف (بكسر اللام) : كلّ ما يلتحف أي يغطّى به.

حتى أصبح، فخرج يصلّي بأصحابه الغداة، فقال: اللّهمّ اشف عليّا و عافه فإنّه أسهرني اللّيلة.

قال عليّ عليه السلام: فكأنّما نشطت من عقال (1)، فقمت و خرجت إلى المسجد، فلمّا رآني قال: أبشر يا عليّ إنّي لم أسأل اللّه تعالى فيك شيئا إلاّ أعطيته (2).

9-و من «الكتاب» أيضا بالاسناد، عن الحسين بن علي، عن أمّه فاطمة الزهراء سيّدة نساء العالمين سلام اللّه عليها، قالت: نزلت على سيّدي صلوات اللّه عليه قراءة هذه الآية لا تَجْعَلُوا دُعاءَ اَلرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً (3)قالت: فاطمة فجئت وهبت النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم أن أقول له: يا أباه، فجعلت أقول: يا رسول اللّه فأقبل عليّ و قال: يا بنيّة لم تنزل فيك و لا في أهلك من قبل، قال: أنت منّي و أنا منك، و إنّما نزلت في أهل الجفاء، و إنّ قولك يا أباه أحبّ إلى القلب و أرضى للربّ.

ثم قال: أنت نعم الولد، و قبّل جبهتي و مسحني من ريقه، فما احتجت إلى الطيب بعده (4).

10-ابن بابويه في «أماليه» باسناده عن محمّد بن الفيض بن المختار (5)،

ص:190


1- 1) العقال: الحبل الّذي يشدّ به البعير في وسط ذراعه، و نشطت من عقال أي خرجت منه.
2- 2) أخرج في البحار ج 38/314 [1] رواية عن كتاب سليم بن قيس مضمونها مضمون هذه الرواية.
3- 3) سورة النور:63. [2]
4- 4) أخرجه المصنف أيضا في تفسير البرهان ج 3/154 ح 1. [3] عن «المناقب [4]الفاخرة» و أخرج الحديث ابن شهر اشوب في المناقب ج 2/320، و [5]قال: القاضي أبو محمد الكرخي في كتابه عن الصادق عليه السلام، قالت فاطمة: لمّا نزلت: «لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا» هبت رسول اللّه أن أقول له: يا أبة، فكنت أقول: يا رسول اللّه، فأعرض عني مرّة و اثنتين أو ثلاثا. . ثمّ أقبل عليّ فقال: يا فاطمة إنّها لم تنزل فيك و لا في أهلك، و لا في نسلك، أنت منّي و أنا منك، إنّما نزلت في أهل الجفاء و الغلظة من قريش أصحاب البذخ و الكبر، قولي: يا أبة فإنّها أحيى للقلب و أرضى للربّ.
5- 5) محمد بن الفيض بن ال [6]مختار: الجعفي الكوفي كان من أصحاب الصادق عليه السلام و كان والده-Ẓ

عن أبيه، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر، عن أبيه، عن جدّه عليهم السلام، قال: خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم و هو راكب (1)، و خرج عليّ عليه السلام و هو يمشي، فقال له: يا أبا الحسن إمّا أن تركب، و إمّا أن تنصرف.

فإنّ اللّه عزّ و جلّ أمرني أن تركب إذا ركبت، و تمشي إذا مشيت، و تجلس إذا جلست، إلاّ أن يكون حدّ من حدود اللّه لا بدّ لك من القيام و القعود فيه، و ما أكرمني اللّه بكرامة إلاّ و قد أكرمك بمثلها. و خصّني بالنبوّة و الرسالة، و جعلك وليّي في ذلك تقوم في حدوده و في صعب أموره، و الّذي بعث محمّدا بالحقّ نبيّا ما أمن بي من أنكرك و لا أقرّ بي من جحدك، و لا آمن باللّه من كفر بك، و إنّ فضلك لمن فضلي، وإنّ فضلي لك لفضل اللّه، و هو قول ربّي عزّ و جلّ: قُلْ بِفَضْلِ اَللّهِ وَ بِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمّا يَجْمَعُونَ (2)، ففضل اللّه نبوّة نبيّكم، و رحمته ولاية علي بن أبي طالب، بالنبوّة و الولاية فليفرحوا يعني الشيعة.

فَبِذلِكَ قال: بالنبوّة و الولاية فَلْيَفْرَحُوا يعني الشيعة، هُوَ خَيْرٌ مِمّا يَجْمَعُونَ يعني مخالفيهم من الأهل و المال و الولد في دار الدنيا، و اللّه يا عليّ ما خلقت إلاّ ليعبد ربّك، و لتعرف بك معالم الدين، و يصلح بك دارس السبل، و لقد ضلّ من ضلّ عنك، و لن يهتدي إلى اللّه عزّ و جلّ من لم يهتد إليك و إلى ولايتك، و هو قول ربّي عزّ و جلّ: وَ إِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اِهْتَدى (3)يعني إلى ولايتك.

و لقد أمرني ربّي تبارك و تعالى أن أفترض من حقّك ما أفترضه من حقّي،

ص:191


1- 1) في المصدر و ا [1]لبحار: خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم ذات يوم و هو راكب.
2- 2) سورة يونس:5 [2]8.
3- 3) سورة طه:82.

و إنّ حقّك لمفروض على من آمن بي، و لولاك لم يعرف حزب اللّه، و بك يعرف عدو اللّه، و من لم يلقه بولايتك لم يلقه بشيء.

و لقد أنزل اللّه عزّ و جلّ يا أَيُّهَا اَلرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ -يعني في ولايتك يا عليّ- وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ (1)و لو لم أبلّغ ما أمرت به من ولايتك لحبط عملي.

و من لقى اللّه عزّ و جلّ بغير ولايتك فقد حبط عمله، و غدا (2)ينجز لي، و ما أقول إلاّ قول ربّي تبارك و تعالى، و إنّ الّذي أقول لمن اللّه عزّ و جلّ أنزله فيك (3).

11-الشيخ المفيد في «أماليه» قال: أخبرني الشريف أبو عبد اللّه محمّد بن الحسن الجواني (4)، قال: أخبرني المظفّر بن جعفر العلوي العمريّ (5)قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود (6)، عن أبيه، عن محمّد بن حاتم (7)،

ص:192


1- 1) سورة المائدة:67. [1]
2- 2) في المصدر: وعد (بالعين المهملة) .
3- 3) أمالي الصدوق:399-المجلس 74-ح 13-و [2]عنه البحار ج 38 ص 105 ح 33 و [3]البرهان ج 2/488 ح 2 و [4]رواه في بشارة المصطفى:178 [5] عن ابن بابويه.
4- 4) أبو عبد اللّه الجواني: محمد بن الحسن بن عبد اللّه بن الحسن بن محمد بن الحسن بن محمّد بن عبد اللّه مولى الحسين بن علي بن الحسين السجاد عليهما السلام. ساكن أمل طبرستان، كان من الفقهاء و المحدّثين له كتاب «ثواب الأعمال» ، و [6]في رجال النجاشي: محمد بن عبيد اللّه بن الحسين بن علي بن الحسين عليهما السلام، لا مولى الحسين، كما نبّه عليه التستري في «قاموس الرجال» ج 8/133، و قال في صفحة 263: محمد بن عبيد اللّه بن الحسين الأصغر أبو عبد اللّه الجواني، الظاهر أنّه أحد النفرين الذين أمر المأمون بتسليم فدك إليهما كما رواه البلاذري. و لا يخفى أنّ هذا الاستظهار مناف لتاريخ وفاة الجواني لأنّه مات سنة (181) و ابتداء خلافة المأمون كان في سنة (198) .
5- 5) المظفر بن جعفر بن المظفر بن جعفر بن محمد بن عبد اللّه بن محمد بن عمر الأطرف: أبو طالب العلوي السمرقندي كان من ثقات الاماميّة و من مشايخ الصدوق قدّس سره.
6- 6) جعفر بن محمد بن مسعود بن العياشي: والده أبو النضر المفسّر جليل القدر المتوفى حدود (320) ق و أما جعفر فهو أيضا أمامي فاضل. قال الأردبيلي في جامع الرواة: روى عن أبيه جميع كتب أبيه و هي تزيد على مأتي مصنّف.
7- 7) محمّد بن حاتم بن بزيع أبو بكر البصري: نزيل بغداد المتوفى سنة (249) ه.

قال: حدّثنا سويد بن سعيد (1)، قال: حدّثني محمّد بن عبد اللّه اليماني (2)عن ابن مينا (3)، عن أبيه عن عايشه، قالت: جاء عليّ بن أبي طالب عليه السلام يستأذن على النبيّ صلى اللّه عليه و آله فلم يأذن (4)له فأستأذن دفعه اخرى فقال النبي صلى اللّه عليه و آله: ادخل يا عليّ.

فلمّا دخل قام إليه رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم فاعتنقه، و قبّل بين عينيه و قال: بأبي الوحيد الشهيد، بأبي الوحيد الشهيد (5).

12-الشيخ في «أماليه» ، قال: أخبرنا محمّد بن محمّد (6)، قال:

حدّثنا أبو بكر محمّد بن عمر الجعابي (7)، قال حدّثني الحسين الهادي (8)بن حمزة أبو علي من أصل كتابه، قال: حدّثنا الحسن بن عبد الرحمن بن أبي ليلى (9)،

ص:193


1- 1) سويد بن سعيد الهروي أبو محمد الأنباري المتوفى سنة (240) .
2- 2) في النسخ المخطوطة التي قابلنا المطبوع معها: محمد بن عبد اللّه بن اليماني، و يحتمل أنّه محمد بن عبد اللّه بن طاوس بن كيسان الذي هو من المقبولين عندهم من الثامنة كما قال ابن حجر في التقريب. و لكن في البحار: [1] محمد بن عبد الرحمن اليماني و في المصدر أيضا هكذا، فلم أجد له ترجمة.
3- 3) ابن الميناء: سعيد أبو الوليد الحجازي مولى البختري بن أبي ذباب المتوفى سنة (146) .
4- 4) في البحار [2]آذن، و الظاهر هو الصحيح.
5- 5) أمالي المفيد:72 ح 6-و عنه البحار ج 38/306 ح 7. [3]
6- 6) محمد بن محمد: المراد به هو الشيخ الجليل المفيد المتوفى سنة (413) ببغداد.
7- 7) محمد بن عمر الجعابي بن محمد التميمي الحافظ البغدادي المتوفى سنة (355) .
8- 8) في المصدر: الحسن الهاد، و في البحار: الحسين بن الهاد و في أمالي المفيد: الحسن بن حمّاد، و لعلّه الصحيح، و على أيّ نحو ما وقفت على ترجمة له، و احتمال أنّه الذي ترجمه ابن حجر في التقريب كما قاله البعض ليس بصحيح فإنّه توفّي سنة 238 قبل ولادة الجعابي حدود أربعين سنة.
9- 9) الحسن بن عبد الرحمن: بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى كان من رجال القوم، ترجمه ابن أبي حاتم في «الجرح و التعديل» ج 3/24 و قال: روى عنه أبي، و أبو زرعة.

قال: حدّثنا محمّد بن سليمان الأصفهاني (1)، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى (2)، عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام، قال: دعاني النبيّ صلى اللّه عليه و آله و أنا أرمد العين، فتفل في عيني، و شدّ العمامة على رأسي، و قال: اللّهمّ اذهب عنه الحرّ و البرد فما وجدت بعدها حرّا و لا بردا (3).

13-محمّد بن يعقوب، عن عدّة (4)من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه (5)، عن الحسن (6)بن عليّ العقيلي، عن عليّ بن أبي علي اللهبي (7)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: عمّم رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله عليّا

ص:194


1- 1) محمد بن سليمان: بن عبد اللّه الأصفهاني الكوفي كان من أصحاب الصادق عليه السلام و روى عنه، توفي سنة (181) . و في المصدر: محمد بن سليمان الأصفهاني، عن عبد اللّه الأصفهاني، عن عبد الرحمن. و لعلّه الصحيح لأنّه يبعد رواية محمد بن سليمان عن عبد الرحمان بلا واسطة.
2- 2) عبد الرحمن بن أبي ليلى: الأنصاري الكوفي الفقيه المقري كان من أصحاب أمير المؤمنين ضربه الحجّاج حتى اسودّ كتفاه، غرق مع ابن الأشعث بدجيل سنة (83) .
3- 3) أمالي الطوسي ج 1/87-و [1]مجالس المفيد/317-و عنهما البحار ج 18/4 ح 2. [2]
4- 4) عدّة من أصحابنا: قال المحقّقون، كلّ ما كان في الكافي: [3] عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي فهم: 1-أبو الحسن علي بن إبراهيم بن هاشم القمي صاحب التفسير المعروف المتوفى بعد سنة (307) . 2-علي بن محمد بن عبد اللّه بن أذينة. 3-أحمد بن عبد اللّه بن أميّة، له ترجمة في تنقيح المقال ج 1/65. 4-علي بن الحسين السعد آبادي. له ترجمة في التنقيح ج 2/281. [4]
5- 5) أحمد بن أبي عبد اللّه: محمد بن خالد بن عبد الرحمن بن محمد بن علي البرقي. و كان جدّه محمد بن علي حبسه يوسف بن عمر والي العراق بعد قتل زيد بن علي، ثم قتله، و كان خالد صغيرا فهرب مع أبيه عبد الرحمن إلى برقة قم فأقاموا بها، توفّي المترجم سنة (274) -أو (280) .
6- 6) في المصدر: الحسين بن علي العقيلي-و في البحار و الوسائل: [5] الحسن بن علي العقيلي و على أيّ نحو ما وجدت له ترجمة.
7- 7) علي بن أبي علي اللهبي: المدني كان من أصحاب الصادق عليه السلام له ترجمة في «جامع الرواة» ج 1/552. [6]

عليه السلام بيده، فسد لها (1)من بين يديه، و قصّرها من خلفه قدر أربع أصابع، ثم قال أدبر فأدبر، ثمّ قال: أقبل فأقبل، ثمّ قال: هكذا تيجان الملائكة صلوات اللّه عليهم (2).

ص:195


1- 1) سدل الثوب: أرسله و أرخاه.
2- 2) الكافي ج 6/461 ح 4 و [1]عنه البحار ج 42/69 ح 21 و [2]الوسائل ج 3/377 ح 3. [3]

ص:196

الباب الثاني و العشرون

في تواضعه صلى اللّه عليه و آله و حسن خلقه

1-محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ما أكل رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله متّكئا منذ بعثه اللّه عزّ و جلّ إلى أن قبضه تواضعا للّه عزّ و جلّ، و ما رؤي ركبتاه (1)أمام جليسه في مجلس قطّ.

و لا صافح رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم رجلا قطّ فنزع يده من يده حتى يكون الرجل هو الذي ينزع يده، و لا كافئ رسول اللّه بسيّئة قطّ قال اللّه له: اِدْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ اَلسَّيِّئَةَ (2)و ما منع سائلا قطّ، إن كان عنده أعطى، و إلاّ قال: يأتي اللّه عزّ و جلّ، و لا أعطي على اللّه عزّ و جلّ شيئا قطّ إلاّ أجازه اللّه، إنّه ليعطي الجنّة فيجيز اللّه، له ذلك.

و كان أخوه (3)من بعده و الّذي ذهب بنفسه ما أكل من الدنيا حراما قطّ حتى خرج منها، و اللّه إنّه كان ليعرض له أمران كان كلاهما للّه عزّ و جلّ طاعة

ص:197


1- 1) في بعض النسخ: (ما أرى ركبتيه) ، قال المحقق في حاشية البحار: [1] أي إن أحتاج إلى كشف ركبتيه ليراه لم يفعل ذلك عند جليسه حياء منه، و يحتمل أن يكون المراد أنّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم لم يكن يتقدم الجلساء في الجلوس بحيث تسبق ركبتاه ركبهم.
2- 2) المؤمنون:96. [2]
3- 3) يعني أمير المؤمنين عليه السلام.

فيأخذ بأشدّهما على بدنه، و اللّه لقد أعتق ألف مملوك لوجه اللّه عزّ و جلّ، دبرت (1)فيهم يداه، و اللّه ما أطاق عمل رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم من بعده أحد غيره، و اللّه ما نزلت برسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم نازلة قطّ إلاّ قدّمه فيها ثقة منه به، و إنّه كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم ليبعثه برايته، فيقاتل جبرئيل عن يمينه، و ميكائيل عن يساره، ثم ما يرجع حتى يفتح اللّه عزّ و جلّ له (2).

2-و عنه، عن عدّه من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى (3)، عن حريز بن عبد اللّه (4)، عن بحر السقاء (5)، قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام: يا بحر حسن الخلق يسر، ثمّ قال: ألا أخبرك بحديث ما هو في أيدي أحد من أهل المدينة؟ قلت: بلى.

قال: بينا (6)رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم ذات يوم جالس في المسجد إذ جاءت جارية لبعض الأنصار، و هو قاعد، فأخذت بطرف ثوبه، فقام لها النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم فلم تقل شيئا، و لم يقل لها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم شيئا، حتى فعل ذلك ثلاث مرّات، فقام لها النبيّ صلى اللّه عليه و آله في الرابعة و هي خلفه، فأخذت هدبة (7)من ثوبه ثمّ

ص:198


1- 1) قال الجزري: الدبر بالتحريك: الجرح الذي يكون في ظهر البعير.
2- 2) الكافي ج 8/164 ح 175-و [1]عنه البحار ج 41/130 ح 41-و [2]البرهان ج 3/118. و [3]صدره في الوسائل ج 8/499 ح 2 و [4]ج 16/412.
3- 3) حمّاد بن عيسى: الجهني البصري جليل القدر من أصحاب الاجماع، روى عن الصادق و الكاظم و الرضا عليهم الصلوة و السلام: توفي سنة (208) أو (209) ، حجّ خمسين سنة، ثم خرج بعد الخمسين حاجا فلمّا صار في موضع الاحرام دخل يغتسل فجاء الوادي فحمله فغرقه الماء، رحمة اللّه عليه.
4- 4) حريز بن عبد اللّه: أبو محمد الأزدي الكوفي مولى الأزد، أكثر التجارة إلى سجستان في السمن و الزيت، قيل: روى عن الصادق و الكاظم عليهما السلام.
5- 5) بحر السقاء: بن كنيز البصري أبو الفضل المتوفى سنة (160) .
6- 6) في البحار: [5] بينما.
7- 7) الهدبة (بضم الهاء و سكون الدال المهملة) : خمل الثوب و طرّته، و بالفارسية: ريشۀ ريزۀ جامه.

رجعت، فقال لها الناس: فعل اللّه بك (1)و فعل، حبست رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم ثلاث مرّات لا تقولين له شيئا و لا هو يقول لك شيئا ما كانت حاجتك إليه؟ قالت: إنّ لنا مريضا فأرسلني أهلي لآخذ هدبة من ثوبه ليستشفى بها، فلمّا أردت أخذها رآني فقام، فاستحييت أن آخذها و هو يراني، و أكره أن أستأمره في أخذها فأخذتها (2).

3-الشيخ في «أماليه» قال: حدّثنا الحسين بن عبيد اللّه الغضائري (3)رحمه اللّه، عن أبي محمّد هارون بن موسى التلعكبري (4)، قال: حدّثنا محمّد بن همام (5)، قال: حدّثنا عليّ ابن الحسين الهمداني (6)قال: حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن خالد البرقي (7)، عن أبي قتادة القمّي (8)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: إنّ للّه عزّ و جلّ وجوها خلقهم من خلقه و أرضه، لقضاء حوائج إخوانهم، يرون الحمد مجدا و اللّه عزّ و جلّ يحبّ مكارم الأخلاق، و كان فيما خاطب اللّه تعالى نبيّه صلى اللّه عليه و آله أن قال له يا محمد: وَ إِنَّكَ لَعَلى

ص:199


1- 1) دعاء على الجارية.
2- 2) الكافي ج 2/102 ح 15، و [1]عنه البحار ج 16/264 ح 61، و [2]ج 71/379 ح 13 و صدره في الوسائل ج 8/505 ح 11. [3]
3- 3) الحسين بن عبيد اللّه الغضائري: بن إبراهيم أبو عبد اللّه، سمع الشيخ الطوسي منه و أجاز له جميع روآياته-و كذا أجاز النجاشي أيضا، توفي سنة (411) .
4- 4) أبو محمد هارون بن موسى التلعكبري: بن أحمد بن سعيد الشيباني، كان جليل القدر واسع الروآية، توفي سنة (385) .
5- 5) محمد بن همام: بن سهل أبو علي الكاتب الأسكافي البغدادي المتوفى (332) أو (336) - ترجمه مبسوطا العلاّمة المامقاني في التّنقيح ج 2/58. [4]
6- 6) علي بن الحسين الهمداني، عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الهادي عليه السلام و العلاّمة في الخلاصة قال: أنّه من أصحاب أبي جعفر الجواد عليه السلام.
7- 7) محمد بن خالد البرقي أبو عبد اللّه: كان من أصحاب الكاظم، و الرضا، و الجواد عليهم الصلاة و السلام، و وثّقه الشيخ و العلاّمة.
8- 8) أبو قتادة القمي: علي بن محمد بن حفص الأشعري، روى عن الصادق عليه السلام و وثّقه النجاشي و العلاّمة.

خُلُقٍ عَظِيمٍ (1)قال: السخاء و حسن الخلق (2).

4-ابن بابويه في «أماليه» قال: حدّثنا أبي رضي اللّه عنه، قال:

حدّثني عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن أبان الأحمر، عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام قال: جاء رجل إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم و قد بلي ثوبه، فحمل إليه اثني عشر درهما فدفعها إلى عليّ عليه السلام قال: اشتر لي قميصا، فدخل عليّ عليه السلام السوق، و اشترى قميصا باثنتي عشرة درهما.

فلمّا رآه النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم قال صلى اللّه عليه و آله و سلّم:

يا عليّ قميص دونه يكفيني، أترى صاحبه يقيلنا؟ فقال: لا أدري.

فقام النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم، و دخل معه السوق فاستقال التاجر، فأقاله، و أخذ الدراهم و انصرف، فوجد جارية على الطريق تبكي، فقال لها: ما يبكيك؟ قالت: أعطاني أهلي أربعة دراهم لأشتري بها حاجة، و قد ضيّعتها، فأعطاها رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله أربعة دراهم.

ثم دخل السوق و اشترى قميصا بأربعة دراهم و لبسه، فانصرف فوجد رجلا على الطريق عريانا، و هو يقول: من كساني كساه اللّه تعالى من ثياب الجنّة، فأعطاه النبيّ صلى اللّه عليه و آله قميصه، و انصرف إلى السوق فاشترى قميصا بأربعة دراهم و لبسه، و انصرف فوجد الجارية تبكي فقال لها: مالك؟ فقالت يا رسول اللّه إنّ أهلي قد أبطأت عليهم فأخاف أن يضربوني.

فقال النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم: امضي أمامي و أرشديني إلى الطريق، فلمّا جاء إلى الباب قال: السلام عليكم فلم يجيبوه، ثمّ قال:

السلام عليكم فلم يجيبوه، ثم قال: السلام عليكم فقالوا: و عليك السلام يا رسول اللّه و رحمة اللّه و بركاته.

ص:200


1- 1) سورة القلم:4. [1]
2- 2) أمالي الشيخ: ج 1/309-و [2]عنه البحار ج 71/391 ح 52، و [3]البرهان:4/369 ح 6. [4]

فقال صلى اللّه عليه و آله و سلّم أسلّم عليكم فلا تجيبوني، فقالوا: سمعنا سلامك، فأحببنا أن نستكثر منه، فقال صلى اللّه عليه و آله و سلّم: هذه الجارية قد أبطأت عليكم فلا تؤاخذوها، فقالوا: يا رسول اللّه هي حرّة لممشاك.

فقال النبيّ صلى اللّه عليه و آله: ما رأيت اثنتي عشرة درهما أعظم بركة من هذا كسى اللّه جلّ جلاله بها عاريين و أعتق بها نسمة (1).

ص:201


1- 1) أمالي الصدوق:197 ح 5-و [1]عنه البحار ج 16/214 ح 1 و [2]عن الخصال:490 ح 69. و لا يخفى أنّ المصنّف قدّس سرّه نقل الحديث نقلا بالمعنى و لمّا كان بحسب اللفظ مع المصدر متفاوتا كثيرا فنورد أصل الحديث: عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام قال: جاء رجل إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم، و قد بلي ثوبه، فحمل إليه اثني عشر درهما، فقال: يا عليّ خذ هذه الدراهم فاشتر لي ثوبا ألبسه، قال عليّ عليه السلام: فجئت إلى السوق، فاشتريت له قميصا باثني عشر درهما، و جئت به إلى رسول اللّه فنظر إليه، فقال: غير هذا أحبّ أليّ، أترى صاحبه يقيلنا؟ فقلت: لا أدري، فقال: انظر، فجئت إلى صاحبه فقلت: إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم قد كره هذا، يريد ثوبا دونه، فأقلنا فيه، فردّ عليّ الدراهم، و جئت به إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم فمشى معي إلى السوق ليبتاع قميصا فنظر إلى جارية قاعدة على الطريق تبكي، فقال لها رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم: ما شأنك؟ قالت: يا رسول اللّه إنّ أهل بيتي أعطوني أربعة دراهم لأشتري لهم بها حاجة فضاعت، فلا أجسر أن أرجع إليهم، فأعطاها رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم أربعة دراهم، و قال: ارجعي إلى أهلك، و مضى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم إلى السوق فاشترى قميصا بأربعة دراهم و لبسه و حمد اللّه و خرج، فرأى رجلا عريانا يقول: من كساني كساه اللّه من ثياب الجنّة، فخلع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم قميصه الّذي اشتراه، و كساه السائل، ثمّ رجع إلى السوق فاشترى بالأربعة الّتي بقيت قميصا آخر فلبسه و حمد اللّه و رجع إلى منزله، و إذا الجارية قاعدة على الطريق، فقال لها رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم: مالك لا تأتين أهلك؟ قالت: يا رسول اللّه إنّي قد أبطأت عليهم و أخاف أن يضربوني، فقال لها رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم: مرّي بين يدي و دلّيني على أهلك، فجاء رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم حتى وقف على باب دارهم، [3] ثم قال: السلام عليكم يا أهل الدار، فلم يجيبوه، فأعاد السلام فلم يجيبوه، فأعاد السلام، فقالوا: عليك السلام يا رسول اللّه و رحمة اللّه و بركاته، فقال لهم: مالكم تركتم إجابتي في أوّل السلام و الثاني؟ قالوا: يا رسول اللّه سمعنا سلامك فأحببنا أن نستكثر منه فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّ هذه الجارية أبطئت عليكم فلا تؤاخذوها، فقالوا: يا-Ẓ

5-و عنه، قال: حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (1)رضي اللّه عنه، قال: حدّثني أبي قال: حدّثنا أحمد بن محمد بن عيسى (2)، قال: أخبرني محمد بن يحيى الخزّاز (3)قال: حدّثني موسى بن إسمعيل، عن أبيه، عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: إنّ يهوديّا كان له على رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله دنانير فتقاضاه، فقال له: يا يهوديّ ما عندي ما أعطيك، فقال: فأنّي لا أفارقك يا محمّد صلى اللّه عليه و آله حتى تعطيني (4)فقال صلى اللّه عليه و آله و سلّم: إذا أجلس معك، فجلس صلى اللّه عليه و آله و سلّم معه، حتى صلّى في ذلك الموضع الظهر و العصر و المغرب و العشاء الآخرة و الغداة، و كان أصحاب رسول اللّه يتهدّدونه و يتواعدونه.

فنظر رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم إليهم فقال: ما الّذي تصنعون به؟ فقالوا: يا رسول اللّه يهوديّ يحبسك؟ فقال صلى اللّه عليه و آله و سلّم: لم يبعثني ربّي عزّ و جلّ بأن أظلم معاهدا و لا غيره.

فلمّا علا النهار قال اليهوديّ: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، و أشهد أنّ محمدا عبده و رسوله، و شطر مالي في سبيل اللّه، أما و اللّه ما فعلت بك الّذي فعلت إلاّ لأنظر إلى نعتك في التوراة، فإنّي قرأت نعتك في التوراة: محمد بن عبد اللّه مولده بمكّة، و مهاجره بطيبة، و لا بفظّ، و لا غليظ، و لا سخّاب (5)، و لا

ص:202


1- 1) الحسين بن أحمد بن إدريس: أبو عبد اللّه الأشعري القمي، روى عنه الصدوق في كتبه كثيرا، و كذا روى عنه التلعكبري و غيرهما، و والده الذي حدث عنه هو أحمد بن إدريس أبو علي الأشعري القمي المتوفى سنة (306) .
2- 2) أحمد بن محمد بن عيسى: أبو جعفر الأشعري بن عبد اللّه بن سعد القمي من أعاظم فقهاء الشيعة في قم، حكى أنّه لقى الرضا و الجواد و الهادي عليهم السلام.
3- 3) محمد بن يحيى الخزّا [1]ز: الكوفي من موثقي أصحاب الصادق عليه السلام.
4- 4) في المصدر و البحار: تقضيني.
5- 5) السخّاب بالسين و بالصاد: الذي يفج و يضطرب صوته للخصام.

متزيّن بالفحش (1)، و لا قول الخناء (2)، و أنا أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، و أنّك رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم، و هذا مالي فاحكم فيه بما أنزل اللّه عزّ و جلّ، و كان اليهوديّ كثير المال.

ثمّ قال عليه السلام: كان فراش رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم عبآءة، و كان مرفقته (3)أدم (4)حشوها ليف، فثنّيت له ذات ليلة، فلمّا أصبح قال: لقد منعني الفراش اللّيلة الصلوة، فأمر رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله أن يجعل بطاق واحد (5).

6-الكافي، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، و عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن إسماعيل بن مهران جميعا، عن سيف بن عميرة (6)، عن عبد اللّه بن (7)مسكان، عن عمّار بن حيّان (8)، قال: خبّرت أبا عبد اللّه عليه السلام ببرّ إسمعيل ابني بي، فقال: لقد كنت أحبّه فقد ازددت له حبّا، إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أتته أخت له من الرضاعة (9)فلمّا نظر إليها سرّ بها،

ص:203


1- 1) المتزيّن بالفحش: الذي يتخذ الفحش زينة كاللئام، و في نسخة: المترين بالراء المهملة أي الذي يدنّس نفسه بالفحش.
2- 2) الخناء: الفحش في القول.
3- 3) المرفقة (بكسر الميم و سكون الراء) : المخدّة و الوسادة.
4- 4) الأدم: جمع الأديم و هو الجلد المدبوغ.
5- 5) أمالي الصدوق:376 ح 6 و عنه البحار ج 16/216 ح 5 و [1]أخرج ذيله في البحار أيضا [2]ج 16/252 عن مكارم الأخلاق:38 [3] باختلاف، يأتي ذيله في الباب 23 ح 8.
6- 6) سيف بن عميرة: النخعي، الراوي عن الصادق و الكاظم عليهما السلام.
7- 7) عبد اللّه بن مسكان: ثقة عين، ذكره الكشي من أصحاب الاجماع روى عن أبي الحسن موسى عليه السلام.
8- 8) عمّار بن حيّان: لم يعرف حاله إلاّ أن نستكشف وثاقته عن رواية ابن مسكان عنه و هو من أصحاب الاجماع كما تقدّم.
9- 9) المراد بها يحتمل هي الشيماء بنت الحارث من حليمة بنت أبي ذؤيب.

و بسط ملحفته (1)لها، فأجلسها عليها، ثم أقبل يحدّثها و يضحك في وجهها.

ثمّ قامت و ذهبت و جاء أخوها، فلم يصنع به ما صنع بها، فقيل له:

يا رسول اللّه صنعت بأخته ما لم تصنع به و هو رجل؟ فقال: لأنّها كانت أبرّ بوالديها منه (2).

7-و الذي رواه الحسين بن سعيد (3)، في كتاب «الزهد» عن فضالة بن أيّوب (4)، عن سيف بن عميرة، عن ابن مسكان، عن عمّار بن حيان، قال أخبرني أبو عبد اللّه عليه السلام ببرّ ابنه إسمعيل له و قال: و لقد كنت أحبّه و قد ازداد إليّ حبّا، إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم أتته أخت له من الرضاعة.

و ساق إلى آخره الحديث إلاّ أنّ في آخره: فقال صلى اللّه عليه و آله: لأنّها كانت أبرّ بأبيها منه (5).

8-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة (6)عن زرارة (7)، عن أبي جعفر عليه السلام قال:

دخل يهوديّ على رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم، و عائشة عنده فقال:

ص:204


1- 1) الملحفة (بكسر الميم) كلّ ما يلتحف و يتغطّى به.
2- 2) الكافي ج 2/161 ح 12 و [1]عنه البحار ج 84/55 ح 12 و [2]الوسائل ج 15/205 ح 3. [3]
3- 3) الحسين بن سعيد: بن حماد الأهوازي الراوي عن الرضا و الجواد و الهادي عليهم السلام أصله الكوفي و انتقل مع أخيه الحسن إلى الأهواز ثم تحوّل إلى قم و توفي بها.
4- 4) فضالة بن أيّوب: الأزدي الأهوازي من أصحاب الكاظم و الرضا عليهما السلام، و قيل أنّه من أصحاب الاجماع.
5- 5) كتاب الزهد:34 ح 88 و [4]عنه البحار ج 16/281 ح 126 و [5]ج 74/81 ح 85، و صدره في البحار ج 47/268 ح 4. [6]
6- 6) ابن أذينة: عمر بن محمد بن عبد الرحمن الامامي البصري كان من وجوه الأصحاب، و روى عن الصادق عليه السلام بالمكاتبة.
7- 7) زرارة: بن أعين بن سنسن أبو الحسن الراوي عن الباقر و الصادق عليهما السلام و من أصحاب الإجماع.

السام (1)عليكم فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: عليك (2). ثمّ دخل آخر فقال مثل ذلك فردّ عليه كما ردّ على صاحبه ثمّ دخل آخر فقال: مثل ذلك، فردّ عليه كما ردّ على صاحبيه، فغضبت عايشة، فقالت: عليكم السام و الغضب و اللّعنة يا معشر اليهود، يا إخوة القردة و الخنازير.

فقال لها رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم: يا عايشة إنّ الفحش لو كان ممثّلا لكان مثال سوء إنّ الرفق لم يوضع على شيء قطّ إلاّ زانه، و لم يوضع عنه قط إلاّ شانه.

قالت: يا رسول اللّه أما سمعت إلى قولهم السامّ عليكم؟ فقال: بلى أما سمعت ما رددت عليهم؟ قلت: عليكم، فإذا سلّم عليكم مسلم فقولوا:

السلام (3)عليكم، و إذا سلّم عليكم كافر فقولوا: عليك (4).

9-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى (5)، عن ربعي بن عبد اللّه (6)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يسلّم على النساء و يرددن عليه (7)، و كان أمير المؤمنين عليه السلام يسلّم على النساء، و كان يكره أن يسلّم على الشابّة منهنّ و يقول:

أتخوّف أن يعجبني صوتها، فيدخل عليّ أكثر ممّا أطلب من الأجر (8).

10-و عنه، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن

ص:205


1- 1) السأم: الموت.
2- 2) في المصدر: عليكم.
3- 3) في المصدر: سلام.
4- 4) الكافي ج 2/648-و [1]عنه الوسائل ج 8/452 ح 4 و [2]البحار ج 16 ص 258 ح 43. [3]
5- 5) حمّاد بن عيسى الجهني البصري الراوي عن الصادق و الكاظم و الرضا عليهم السلام و توفي سنة (208) أو (209) .
6- 6) ربعي بن عبد اللّه: بن الجارود العبدي أبو نعيم البصري الراوي عن الصادق و الكاظم عليهما السلام.
7- 7) في المصدر: عليه السلام.
8- 8) الكافي ج 2/648 ح 1، ج 5/53 [4]5، ح 3 و عنه الوسائل 8/451 ح 1 و ج 14/173، ح 3 و [5]عن الفقيه ج 3/469 ح 4634.

معمّر بن خلاّد، قال: سألت أبا الحسن (1)عليه السلام فقلت: جعلت فداك الرجل يكون مع القوم فيجري بينهم كلام يمزحون و يضحكون؟ فقال: لا بأس ما لم يكن، فظننت أنّه نهى عن الفحش.

ثمّ قال: إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم كان يأتيه الأعرابيّ فيهدي له الهديّة، ثمّ يقول مكانه: أعطنا ثمن هديّتنا، فيضحك رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله، و كان إذا اغتّم يقول: ما فعل الأعرابي؟ ليته أتانا (2).

11-الحسين بن سعيد في كتاب «الزهد» عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان، يعني عبد اللّه قال الحسن يعني الصيقل (3): سمعنا أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: مرّت برسول اللّه صلى اللّه عليه و آله امرأة و هي بذيّة (4)، و هو يأكل، فقالت: يا محمد إنّك لتأكل أكل العبد، و تجلس جلوسه؟ ! فقال لها: ويحك و أيّ عبد أعبد منّي؟

فقالت: أما تناولني لقمة من طعامك؟ فناولها رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم لقمة من طعامه، فقالت: لا و اللّه إلاّ إلى فمي (5)من فيك.

قال: فأخرج اللّقمة من فيه فناولها إيّاها فأكلتها، قال أبو عبد اللّه عليه السلام: فما أصابتها بذاء (6)حتى فارقت الدنيا (7).

ص:206


1- 1) المراد به الامام علي بن موسى الرضا عليهما السلام.
2- 2) الكافي ج 2/663 ح 1-و [1]عنه البحار ج 16/259 ح 45 و [2]الوسائل ج 8/477 ح 1. [3]
3- 3) الصيقل: الحسن بن زياد أبو محمد الكوفي الراوي عن الباقر و الصادق عليهما السلام.
4- 4) البذيّة: المتكلّمة بالفحش.
5- 5) في المصدر: في.
6- 6) في المصدر: أصابها داء، و في بعض النسخ بذاء، روى العلاّمة المجلسي الحديث في البحار ج 66/420 و [4]قال في بيانه: البذاء بالمدّ: الفحش في القول، و قد استدلّ بالحديث على جواز أكل ما خرج من فم الغير، و يشكل بأنّ احتمال الاختصاص هنا قويّ. .
7- 7) الزهد:11 ح 22-و [5]عنه البحار ج 16/281 ح 124 و [6]ج 66/420 ح 33 عنه و عن المحاسن 457 ح 388. [7]

الباب الثالث و العشرون

في زهده صلى اللّه عليه و آله

1-ابن بابويه قال: حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رضي اللّه عنه، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، قال: أخبرني محمّد بن يحيى الخزّاز، قال: حدّثني موسى بن إسماعيل (1)، عن أبيه، عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله دخل على ابنته فاطمة، و إذا في عنقها قلادة، فأعرض عنها، فقطعتها و رمت بها، فقال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنت منّي يا فاطمة.

ثمّ جاء سائل فناولته القلادة، ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: اشتدّ غضب اللّه و غضبي على من أهرق دمي و آذاني في عترتي (2)

2-و عنه قال: حدّثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي الكوفي، قال حدّثنا جعفر بن محمد العلوي الحسني (3)قال: حدّثنا محمد بن عليّ بن

ص:207


1- 1) موسى بن إسماعيل: بن موسى بن جعفر عليهما السلام كان من العلماء المؤلفين.
2- 2) أمالي الصدوق:377-و [1]عنه البحار ج 43/22 ح 15 و [2]عن كشف الغمة ج 1/471. [3]
3- 3) جعفر بن محمد العلوي الحسني: بن جعفر بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، توفي سنة (308) .

خلف العطار (1)، قال: حدّثنا حسن بن صالح بن الأسود (2)، قال: حدّثنا أبو معشر (3)، عن محمّد بن قيس (4)، كان النبيّ صلى اللّه عليه و آله إذا قدم من سفر بدأ بفاطمة فدخل عليها فأطال عندها المكث، فخرج مرّة في سفره، فصنعت فاطمة مسكتين (5)من ورق و قلادة و قرطين، و سترا لباب البيت لقدوم أبيها و زوجها عليهما السلام، فلمّا قدم رسول اللّه دخل عليها فوقف أصحابه على الباب لا يدرون يقفون أو ينصرفون لطول مكثه عندها، فخرج رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و قد عرف الغضب في وجهه، حتى جلس عند المنبر، فظنّت فاطمة أنّه إنّما فعل ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لما رأى من المسكتين و القلادة و القرطين و الستر، فنزعت قلادتها و قرطيها و مسكتيها. و نزعت الستر فبعثت به إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله، و قالت للرسول: قل له: تقرأ عليك ابنتك السلام و تقول اجعل هذا في سبيل اللّه.

فلما أتاه قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: فعلت، فداها أبوها ثلاث مرّات، ليست الدنيا من محمّد و لا من آل محمد، و لو كانت الدنيا تعدل عند اللّه من الخير جناح بعوضة ما سقى منها كافرا شربة ماء، ثمّ قام فدخل عليها (6).

3-ابن شهر آشوب، عن أبي صالح المؤذّن في كتابه بالاسناد، عن عليّ

ص:208


1- 1) محمد بن علي بن خلف العطّار: الكوفي البغدادي عاميّ وثّقه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ج 3/57. [1]
2- 2) الحسن بن صالح بن الأسود: الليثي عامّي ترجمه ابن حجر في لسان الميزان و قال: ذكره ابن حبان في الثّقات.
3- 3) أبو معشر: نجيح السندي المدني صاحب المغازي عامي ترجمه الذهبي في ميزان الاعتدال ج 4/246.
4- 4) محمد بن قيس: مولى آل أبي سفيان بن حرب توفي بالمدينة في فتنة وليد بن يزيد (الجرح و التعديل) ج 8/64.
5- 5) المسكة (بالتحريك) : السوار و الخلخال.
6- 6) أمالي الصدوق:194 ح 7-و [2]عنه البحار ج 43/20 ح 7. [3]

عليه السلام أنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله دخل على ابنته فاطمة، و إذا في عنقها قلادة، فأعرض عنها، فقطعتها فرمت بها، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: أنت منّي يا فاطمة، ثمّ جاء سائل فناولته القلادة (1).

4-الحسين بن سعيد في كتاب «الزهد» عن النضر بن سويد (2)، عن عبد اللّه بن سنان (3)، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: دخل على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم رجل، و هو على حصير قد أثّر في جسمه، و وسادة ليف قد أثّرت في خدّه، فجعل يمسح (4)و يقول: ما رضي بهذا كسرى و لا قيصر، إنّهم ينامون على الحرير و الديباج، و أنت على هذا الحصير؟

قال: فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: لأنّا خير منهما و اللّه، لأنّا أكرم منهما و اللّه، ما أنا و الدنيا، إنّما مثل الدنيا كمثل رجل راكب مرّ على شجرة و لها فيء، فاستظلّ تحتها، فلمّا أن مال الظلّ عنها ارتحل فذهب و تركها (5).

5-الشيخ في «أماليه» قال: أخبرنا أبو الحسن محمّد بن محمّد بن مخلد (6)، قال: حدّثني أبو محمد جعفر بن محمّد بن نصير بن القاسم المعروف بالخلدي (7)، قال: حدّثنا الحسن بن عليّ القطّان، قال: حدّثنا عبّاد بن موسى الختّلي (8)، قال: حدّثنا أبو إسماعيل إبراهيم بن سليمان المؤدّب (9)، عن

ص:209


1- 1) مناقب ابن شهر اشوب ج 3/343-و [1]عنه البحار ج 43/86. [2]
2- 2) النضر بن سويد الصيرفي الكوفي من ثقات أصحاب الكاظم عليه السلام انتقل إلى بغداد، و له كتاب-جامع الرواة ج 2/292. [3]
3- 3) عبد اللّه بن سنان: بن طريف الكوفي الخازن للمنصور، و المهدي و الهادي العباسيين، روى عن الصادق عليه السلام.
4- 4) يمسح: يزيل الغبار و الأثر.
5- 5) الزهد:50-و [4]عنه البحار ج 16/282 ح 129 و [5]ج 73/126 ح 124.
6- 6) أبو الحسن محمد بن محمد بن محمد بن إبراهيم بن مخلد البزاز المتوفى سنة (419) من رجال العامّة.
7- 7) الخلدي: أبو محمد جعفر بن محمد كان حيّا في سنة (339) .
8- 8) عباد بن موسى الختلي (بضم الخاء المعجمة و تشديد المثنّاة المفتوحة) أبو محمد نزيل بغداد، توفي سنة (230) و كان من ثقاة العامّة.
9- 9) أبو إسماعيل إبراهيم بن سليمان المؤدّب الأردني نزيل بغداد، ترجمة ابن حجر في التقريب-

عبد اللّه بن مسلم (1)، عن سعيد بن جبير 2، عن ابن عبّاس، قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يجلس على الأرض، و يأكل على الأرض، و يعتقل الشاة، و يجيب دعوة المملوك على خبز الشّعير 3.

6-و عنه، قال: أخبرنا ابن مخلّد، قال: أخبرنا الرزّاز 4، قال:

حدّثنا حامد بن سهل الثغري 5قال: حدّثنا حامد أبو غسّان، قال: حدّثنا شريك 6، عن سمّاك 7، عن عكرمة 8، عن ابن عباس، عن ميمونة 9قالت: أجنبت أنا و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فاغتسلت من جفنة، و فضلت فيها فضلة، فجاء رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فاغتسل منها، قلت: يا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله إنّها فضلت منّي، أو قالت:

اغتسلت، فقال: ليس المآء جنابة 10.

7-محمّد بن يعقوب، عن أحمد بن عبد اللّه 11، عن أحمد بن أبي

ص:210


1- 1) عبد اللّه بن مسلم: بن عبيد اللّه الزهري المدني المتوفى قبل سنة (125) .

عبد اللّه (1)، عن عبدل بن مالك (2)، عن هارون بن الجهم (3)، عن الكاهلي (4)، عن معاذ بيّاع الأكسية قال: -قال أبو عبد اللّه عليه السلام: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يحلب عنز (5)أهله (6).

8-ابن بابويه، قال: حدّثنا الحسين بن محمّد بن إدريس رضي اللّه عنه، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، قال: أخبرني محمّد بن يحيى الخزّاز، قال: حدّثني موسى بن إسمعيل، عن أبيه، عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام عن أمير المؤمنين عليه السلام: كان فراش رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عباءة، و كان مرفقته أدم حشوها ليف، فثنيت له ذات ليلة، فلمّا أصبح قال: لقد منعني الفراش اللّيلة الصلاة، فأمر رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم أن يجعل بطاق واحد (7).

9-الحسين بن سعيد (8)، في كتاب «التمحيص» عن عبد اللّه بن أبي

ص:211


1- 1) أحمد بن أبي عبد اللّه: هو أحمد بن محمد بن خالد البرقي صاحب «المحاسن» المتوفى سنة (264) .
2- 2) عبدل بن مالك: ترجمه في «معجم رجال الحديث» ج 10/71-و [1]في جامع الرواة: عبد اللّه بن مالك النخعي الكوفي.
3- 3) هارون بن الجهم: بن ثوير بن أبي فاختة الراوي عن الصادق عليه السلام، و هو من ثقاة أهل الكوفة، و له كتاب.
4- 4) الكاهلي: عبد اللّه بن يحيى أبو محمد الكوفي الراوي عن الصادق و الكاظم عليهما السلام.
5- 5) العنز (بفتح العين و سكون النون) : الأنثى من المعز.
6- 6) الكافي:5/86-و [2]عنه البحار:16/273-و [3]الوسائل ج 12/39. [4]
7- 7) أمالي الصدوق:377-و [5]تقدّم مبسوطا بتمامه و تراجم رجاله في الباب الثاني و العشرين ح 5.
8- 8) الحسين بن سعيد: بن حماد الأهوازي من ثقاة رواة الرضا و الجواد و الهادي عليهم السلام توفي بقم، و قد تقدّم، و لكن كتاب «التمحيص» [6] ليس له بل لصاحب «تحف العقول» الشيخ أبي محمد الحسن بن علي الحراني الحلبي المعاصر للشيخ الصدوق المتوفى سنة (381) ، و هو يروي عن الشيخ أبي علي محمد بن همام الاسكافي المتوفى سنة (336) ، و روايته في أوّل التمحيص [7]عن ابن همام صارت منشأ تخيل بعض في نسبة التمحيص [8]إلى ابن همام كما صرّح به شيخنا في الرواية العلامة الطهراني في الذريعة ج 3/400. [9]

يعفور (1)، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: إنّ رجلا من الأنصار أهدى إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم صاعا من رطب، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم للخادم الّتي جاءت به: أدخلي فانظري هل تجدين في البيت قصعة أو طبقا فتأتيني به، فدخلت ثمّ خرجت إليه، فقالت ما أصبت قصعة و لا طبقا، فكنس رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم مكانا من الأرض، ثمّ قال لها: ضعيه ههنا على الحضيض، ثمّ قال: و الّذي نفسي بيده لو كانت الدنيا تعدل عند اللّه جناح بعوضة ما أعطى كافرا و لا منافقا منها شيئا (2).

10-محمّد بن يعقوب، بإسناده، عن أبي هارون (3)، عن أبي سعيد الخدري (4)، قال: إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله مكث بمكّة يوما و ليلة يطوي (5)(6).

11-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه (7)، عن محمّد بن عيسى (8)، عن عبد اللّه العلوي (9)عن أبيه، عن جدّه، قال: قال

ص:212


1- 1) عبد اللّه بن أبي يعفود واقد أبو محمد من ثقاة أصحاب الامام الصادق عليه السلام و توفّي أيّام حياته.
2- 2) التمحيص:48 ح 79-و عنه البحار:16/283 ح 133 و ج 72/51. [1]
3- 3) أبو هارون العبدي: عمارة بن جوين (مصغّرا) توفي سنة (134) .
4- 4) أبو سعيد الخدري: سعد بن مالك بن سنان الخزرجي من الصحابة الحفّاظ المكثرين و العلماء و العظماء، حكى أنّه استصغر بأحد، فردّ ثم شهد ما بعدها توفي بالمدينة سنة (65) أو (74) -أو غيرها و الخدري (بضمّ الخاء المعجمة و سكون الدال المهملة) منسوب إلى خدرة بن عوف جدّه، و كان أبوه مالك صحابيّا استشهد يوم أحد، و كان أبو سعيد من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام و كان مستقيما.
5- 5) يطوي: يجوع، من طوى يطوي فهو طاو أي خالي البطن.
6- 6) الكافي ج 6/243 قطعة من الحديث الأوّل-و [2]عنه البحار ج 65/172 ح 5. [3]
7- 7) هو أحمد بن محمد بن خالد البرقي المتقدم ذكره.
8- 8) محمد بن عيسى: بن عبيد بن يقطين تقدّمت ترجمته.
9- 9) عبد اللّه العلوي: بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عليه السلام، عدّه الشيخ تارة من أصحاب السجّاد عليه السلام و أخرى من أصحاب الصادق عليه السلام.

أمير المؤمنين عليه السلام لمّا قدم عدّي بن حاتم (1)إلى النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم، أدخله النبيّ بيته، و لم يكن في البيت غير خصفة (2)و وسادة أدم، فطرحها رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله لعديّ بن حاتم (3).

12-الشيخ في «أماليه» قال: أخبرنا محمّد بن محمّد (4)، قال: أخبرنا أبو نصر محمّد بن الحسن المقري، قال: حدّثنا محمّد بن حسن بن سهل العطّار، قال: حدّثنا أحمد بن عمر الدهقان، قال: حدّثنا محمّد بن كثير مولى عمر بن عبد العزيز، قال: حدّثنا عاصم بن كليب (5)، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: جاء رجل إلى النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم فشكا إليه الجوع فبعث رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم إلى بيوت أزواجه، فقلن: ما عندنا إلاّ الماء، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: من لهذا الرجل اللّيلة؟ فقال عليّ بن أبي طالب عليه السلام: أنا له يا رسول اللّه.

فأتى فاطمة عليها السلام فقال لها: ما عندك يا ابنة رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم؟ فقالت: ما عندنا إلاّ قوت الصبية، لكنا نؤثر ضيفنا، فقال عليّ عليه السلام: يا ابنة محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلّم نوّمي الصبية و اطفئي المصباح.

فلمّا أصبح عليّ عليه السلام غدا على رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم فأخبره الخبر، فلم يبرح حتى أنزل اللّه عزّ و جلّ: وَ يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ اَلْمُفْلِحُونَ (6)(7).

ص:213


1- 1) عدّي بن حاتم: بن عبد اللّه بن سعد الطائي الصحابي المتوفى سنة (68) .
2- 2) الخصفة (بالتحريك) : القفة تعمل من الخوص للتمر و نحوه.
3- 3) الكافي ج 2/659، و [1]عنه الوسائل ج 8/469. [2]
4- 4) محمد بن محمد بن النعمان الشيخ الجليل البغدادي المفيد المتوفى سنة (413) .
5- 5) عاصم بن كليب: بن شهام الجرمي الكوفي المتوفى بعد سنة (130) .
6- 6) سورة الحشر:9. [3]
7- 7) أمالي الطوسي ج 1/188 و [4]عنه البحار ج 41/34 ح 6 و [5]البرهان ج 4/317. [6]

13-و عنه، قال: حدّثنا محمّد بن عليّ بن خثيش (1)قال: حدّثنا أحمد (2)، قال: حدّثنا سليمان بن أحمد الطبراني (3)بإصبهان، قال: حدّثنا عمرو بن ثور الخدامي (4)، قال: حدّثنا محمّد بن يوسف الفريابي (5)، قال:

حدّثنا سفيان الثوري (6)، عن عبد الرّحمن بن القاسم (7)، عن أبيه، عن عايشة، قالت: ما شبع آل محمّد عليهم السلام ثلاثة أيّام تباعا حتى لحق باللّه عزّ و جلّ (8).

14-محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى (9)، عن أحمد بن محمّد (10)، عن محمّد بن يحيى الخثعمي (11)، عن طلحة بن زيد (12)، قال: ما أعجب رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم شيء من الدنيا إلاّ أن يكون فيها جايعا خائفا (13).

15-ابن بابويه قال: حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي السمرقندي رضي اللّه عنه، قال: حدّثنا جعفر بن محمد بن مسعود (14)، عن

ص:214


1- 1) محمد بن علي بن خشيش (بضم الخاء و فتح الشين) بن نصر بن جعفر بن إبراهيم التميمي من مشايخ الشيخ العامّة روى في أماليه [1]عنه كثيرا، توفي بعد سنة (408) ه ق.
2- 2) أحمد: الظاهر بقرينة بعض الأسانيد المذكورة في الأمالي [2]هو أبو اسحاق أحمد بن إبراهيم بن أحمد الدينوري نزيل مكّة المكّرمة.
3- 3) سليمان بن أحمد الطبراني: بن أيّوب الشامي أبو القاسم المتوفى سنة (360) .
4- 4) في المصدر: الجزامي، ما وجدت ترجمة له فيما بين يدينا من كتب التراجم.
5- 5) الفريابي: الحافظ محمد بن يوسف المتوفى بقيسارية سنة (212) .
6- 6) سفيان الثوري: بن سعيد الكوفي المتوفى بالبصرة سنة (161) .
7- 7) عبد الرحمن بن القاسم: بن محمد بن أبي بكر أبو محمد المدني المتوفى سنة (126) .
8- 8) أمالي الطوسي:317 و [3]عنه البحار ج 16/221 ح 18. [4]
9- 9) محمد بن يحيى: أبو جعفر العطار القمي تقدّم ذكره.
10- 10) أحمد بن محمد: بن خالد البرقي المتقدم ذكره.
11- 11) محمد بن يحيى الخثعمي: بن سلمان الكوفي من أصحاب الصادق عليه السلام.
12- 12) طلحة بن زيد: الجزري القرشي الشامي الراوي عن الباقر و الصادق عليهما السلام.
13- 13) الكافي ج 2/129 ح 7-و [5]عنه البحار ج 16/266 ح 66. [6]
14- 14) جعفر بن محمد بن مسعود العيّاشي، فاضل روى جميع كتب أبيه عنه، و روى عنه أبو المفضل-Ẓ

أبيه أبي النضر محمّد بن مسعود العياشي (1)قال: حدّثنا عليّ بن الحسن بن علي بن فضال (2)قال: حدّثنا محمّد بن الوليد (3)، عن العبّاس بن هلال (4)، عن عليّ بن موسى الرضا عليهما السلام، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ، عن أبيه عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم: خمس لا أدعهنّ حتى الممات: الأكل على الحضيض مع العبيد، و ركوب الحمار موكفا 5، و حلب العنزبيدي، و لبس الصوف و التسليم على الصبيان ليكون ذلك سنة من بعدي 6.

16-و روي عنه أنّه قال صلى اللّه عليه و آله و سلّم: ما لي و للدنيا إنّما مثلي و الدنيا كراكب أدركه المقيل 7في أصل الشجرة فقال في أصلها ساعة و مضى 8.

ص:215


1- 1) العياشي: محمد بن مسعود بن عيّاش أبو النضر السمرقندي، جليل القدر بصير بالرواية، كان في أوّل عمره عاميا ثم استبصر، له من الكتب ما تزيد على مائتي مصنف.
2- 2) علي بن الحسن بن علي بن فضّال: الكوفي، فقيه، ثقة، قال العيّاشي: ما رأيت فيمن لقيت بالعراق و ناحية خراسان أفقه و لا أ [1]فضل من علي بن الحسن بالكوفة. . . غير أنّه كان فطحيا يقول بعبد اللّه بن جعفر، ثمّ بأبي الحسن موسى عليه السلام و كان من الثقات.
3- 3) محمد بن الوليد: الخزّاز الكوفي من أجلّة العلماء و الفقهاء و العدول و لكن قالوا: أنّه كان فطحيا-جامع الرواة ج 2/210.
4- 4) عبّاس بن هلال: الشامي مولى لأبي الحسن موسى عليه السلام.

ص:216

الباب الرابع و العشرون

في زهده في المطعم و الملبس

1-الشيخ الطوسي في «مجالسه» قال: قال: أخبرنا أبو عبد اللّه الحسين بن إبراهيم القزويني، قال: أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن وهبان الهناني البصري، قال: حدّثني أحمد بن إبراهيم بن أحمد قال: أخبرني أبو محمد الحسن بن عليّ بن عبد الكريم الزعفراني، قال: حدّثني أحمد بن محمّد بن خالد البرقي أبو جعفر، قال: حدّثني أبي، عن محمّد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي أسامة (1)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: بلغنا أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم لم يشبع من خبز برّ ثلاثة أيّام قطّ، قال: فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: ما أكله قطّ، قلت: فأيّ شيء كان يأكل؟ قال: كان طعام رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم الشعير إذا وجده، و حلواه التمر، و وقوده السعف (2).

2-و عنه قال: أخبرنا الحسين بن إبراهيم القزويني، قال: أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن وهبان الأزدي، قال: حدّثنا أبو علي محمّد بن أحمد بن زكريّا (3)، قال: حدّثنا الحسن بن عليّ بن فضال، عن عليّ بن عقبة بن خالد

ص:217


1- 1) أبو أسامة: زيد بن محمد بن يونس الشحّام الكوفي من أصحاب الباقر و الصادق عليهما السلام.
2- 2) أمالي الطوسي ج 2/276-و [1]عنه البحار ج 16/288 ح 146. [2]
3- 3) أبو علي محمد بن أحمد بن زكريا: الكوفي المعروف بابن دبس، ترجمه النجاشي في ضمن ترجمة الحسن بن الجهم.

الأسدي (1)، عن أبي كهمس (2)، عن عمرو بن سعيد بن هلال (3)قال:

قلت: لأبي عبد اللّه عليه السلام: أوصني، فقال: أوصيك بتقوى اللّه و الورع و الاجتهاد، و اعلم أنّه لا ينفع اجتهاد و لا ورع فيه، و انظر إلى ما دونك و لا تنظر إلى من فوقك، فكثيرا ما قال اللّه عزّ و جلّ لرسوله صلى اللّه عليه و آله و سلّم: فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَ لا أَوْلادُهُمْ (4)و قال عزّ ذكره: وَ لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا (5).

فإن نازعتك نفسك إلى شيء من ذلك، فاعلم أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم كان قوته الشعير و حلواه التمر، و وقوده السعف (6)، و إذا أصبت بمصيبة فاذكر مصابك برسول اللّه صلى اللّه عليه و آله، فإنّ الناس لم يصابوا بمثله و لن يصابوا بمثله أبدا (7).

3-و عنه، قال: أخبرنا الحسين بن إبراهيم القزويني، قال: أخبرنا محمّد بن وهبان، عن محمّد بن أحمد بن زكريّا، عن الحسن بن عليّ بن فضّال.

عن عليّ بن عقبة، عن سعيد بن عمرو الجعفي (8)، عن محمّد بن مسلم (9)، قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام ذات يوم، و هو يأكل متّكئا، و قد كان يبلغنا أنّ ذلك يكره، فجعلت أنظر إليه، فدعاني إلى طعامه، فلمّا فرغ قال:

يا محمّد لعلّك ترى أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم رأته عين و هو يأكل

ص:218


1- 1) علي بن عقبة: بن خالد الأسدي أبو الحسن الكوفي من ثقاة الرواة عن الصادق عليه السلام.
2- 2) أبو كهمس: هيثم بن عبيد اللّه الكوفي يروي كثيرا عن الصادق عليه السلام.
3- 3) عمرو بن سعيد بن هلال: الثقفي الكوفي، كان من أصحاب الصادق عليه السلام، و روى عنه أبو كهمس، و عمر بن يزيد، و زيد الشحّام-جامع الرواة ج 1/622. [1]
4- 4) التوبة:55. [2]
5- 5) طه:131. [3]
6- 6) السعف (بفتح السين و العين المهملتين) : جريد النخل.
7- 7) أمالي الطوسي:2/294-و [4]عنه البحار:78/295 ح 4-و [5]أخرج أيضا صدره في البحار: 70/300 ح 10 و [6]الوسائل ج 11/192 ح 2 [7]عن الكافي ج 2/78. [8]
8- 8) سعيد بن عمرو الجعفي الكوفي من أصحاب الصادق عليه السلام.
9- 9) محمد بن مسلم بن رباح الثقفي أبو جعفر الطحّان المتوفى سنة (150) .

متّكئا منذ بعثه اللّه إلى أن قبضه؟ ثم ردّ على نفسه فقال: لا و اللّه ما رأته عين و هو يأكل متكئا منذ بعثه اللّه إلى أن قبضه (1)، ثمّ قال: يا محمّد لعلّك ترى أنّه شبع من خبز البرّ ثلاثة أيّام متوالية منذ أن بعثه اللّه إلى أن قبضه؟ ، ثم إنّه ردّ على نفسه، ثم قال: لا و اللّه ما شبع من خبز البرّ ثلاثة أيّام متوالية إلى أن قبضه اللّه، أما إنّي لا أقول: إنّه لم يجد، لقد كان يجيز الرجل الواحد بالمائة من الابل، و لو أراد أن يأكل لأكل و لقد أتاه جبرئيل عليه السلام بمفاتيح خزائن الأرض ثلاث مرّات فخيّره من غير أن ينقصه اللّه تبارك و تعالى مما أعدّ له يوم القيامة شيئا، فيختار التواضع لربه جلّ و عز، و ما سئل شيئا قطّ فيقول: لا، إن كان أعطى، و إن لم يكن قال: يكون إن شاء اللّه، و ما أعطى على اللّه شيئا قطّ إلاّ سلّم اللّه له ذلك، حتى إن كان ليعطي الرجل الجنّة، فيسلّم اللّه ذلك له.

ثم تناولني بيده فقال: و إن كان صاحبكم (2)عليه السلام ليجلس جلسة العبد، و يأكل أكلة العبد، و يطعم الناس خبز البرّ و اللحم (3)، و يرجع إلى أهله (4)فيأكل الخلّ و الزيت، و إن كان ليشتري القميصين السنبلانيين، ثم يخيّر غلامه خيرهما، ثم يلبس الآخر، فإذا جاز أصابعه قطعه، و إن جاز كعبه حذفه.

و ما ورد عليه أمران قطّ كلاهما للّه رضا إلاّ أخذ بأشدّهما على بدنه، و لقد ولّى الناس خمس سنين ما وضع آجرّة على آجرّة، و لا لبنة على لبنة، و لا أقطع قطيعة (5)، و لا أورث بيضاء و لا حمراء إلاّ سبعمائة درهم، فضلت من عطائه، أراد أن يبتاع بها لأهله خادما، و ما أطاق عمله منّا أحد، و لقد كان علي بن الحسين عليه السلام ينظر (6)في كتاب من كتب علي عليه السلام فيضرب به

ص:219


1- 1) جملة «ثمّ ردّ على نفسه. . . إلى أن قبضه» ليس في المصدر، نعم في البحار [1]موجود.
2- 2) المراد بصاحبكم هو أمير المؤمنين عليه السلام.
3- 3) في المصدر: الناس الخبز و اللحم.
4- 4) في المصدر: رحله.
5- 5) أي لم يجعل غلّة بلد رزقا لشخص.
6- 6) في المصدر: و أنّه كان علي بن الحسين عليهما السلام لينظر. . .

الأرض و يقول من يطيق هذا (1).

4-و عنه، بهذا الاسناد عن عليّ بن عقبة، عن عبد المؤمن الأنصاري (2)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم: عرضت على بطحاء مكة ذهبا، فقلت: يا ربّ لا، و لكن أشبع يوما، و أجوع يوما، فإذا شبعت حمدتك و شكرتك، و إذا جعت دعوتك و ذكرتك (3).

5-المفيد أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان، قال: حدّثني: أبو حفص عمر بن محمد (4)، قال: حدّثنا عليّ بن مهرويه القزويني (5)، قال:

حدّثنا داود بن سليمان الغازي (6)، قال: حدّثنا الرضا عليّ بن موسى، قال:

حدّثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدّثني أبي جعفر بن محمّد، قال: حدّثني أبي محمّد بن علي، قال: حدّثني أبي عليّ بن الحسين، قال: حدّثني أبي الحسين بن علي، قال: حدّثني أبي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم: أتاني ملك فقال: يا محمد إنّ ربّك يقرئك السلام و يقول: إن شئت جعلت لك بطحاء مكّة ذهبا قال:

فرفعت رأسي إلى السماء و قلت: يا ربّ أشبع يوما فأحمدك و أجوع يوما فأسئلك (7).

ص:220


1- 1) أمالي الطوسي:2/303 و [1]عنه البحار:16/277 ح 116 و [2]الوسائل:16/413 ح 5 و [3]عن الكافي:8/129 ح 100 و [4]ذيله في البحار:40/339 ح 25. [5]
2- 2) عبد المؤمن الأنصاري: بن القاسم بن قيس بن فهد أبو عبد اللّه الكوفي من أصحاب الباقر و الصادق عليهما السلام توفي سنة (147) .
3- 3) أمالي الطوسي ج 2/304-و [6]عنه البحار ج 16/279 ح 118، و [7]عن الكافي ج 8/131 ح 102. [8]
4- 4) أبو حفص عمر بن محمد: بن علي المعروف بابن الزيّات المتوفي (375) .
5- 5) علي بن محمد بن مهرويه عبد اللّه أبو الحسن القزويني [9]نزل بغداد سنة 318 و حدّث بها سنة (323) .
6- 6) داود بن سليمان الغازي: بن وهب بن أحمد أبو أحمد الجرجاني سمع منه عليّ بن مهرويه القزويني [10]سنة (266) .
7- 7) أمالي المفيد:124 و عنه البحار ج 16/220 ح 12 و [11]عن العيون:199. [12]

6-ابن بابويه في «أماليه» قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار (1)رحمه اللّه، قال: حدّثني أبي عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن العيص بن القاسم (2)، قال: قلت للصادق جعفر بن محمد عليهم السلام: حديث يروى عن أبيك عليه السلام أنّه قال: ما شبع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم من خبز برّ، أهو صحيح؟ فقال عليه السلام: ما أكل رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم خبز برّ قطّ، و لا شبع من خبز شعير قطّ (3).

7-و عنه، قال: حدّثنا أبي رضي اللّه عنه، قال: حدّثنا سعد بن عبد اللّه، قال: حدّثنا إبراهيم بن محمّد الثقفي، قال: حدّثنا أبو يوسف يعقوب بن محمّد البصري، قال: حدّثنا ابن عمارة (4)قال: حدّثنا عليّ بن الزعزع البرقي (5)قال: حدّثنا أبو ثابت الجزري، عن عبد الكريم الجزري (6)، عن سعيد بن جبير، عن عبد اللّه بن عبّاس، قال: جاع النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم جوعا شديدا، فأتى الكعبة فتعلّق بأستارها، فقال: يا اللّه لا تجع محمّدا أكثر ممّا أجعته.

قال: فهبط جبرئيل عليه السلام، و معه لوزة، فقال: يا محمّد صلى اللّه عليه و آله إنّ اللّه جلّ جلاله يقرأ عليك السلام، و منه السلام و إليه يعود السلام، فقال: إنّ اللّه تعالى يأمرك أن تفكّ عن هذه اللوزة، ففكّ عنها فإذا فيها ورقة خضراء نضرة مكتوب عليها: لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه،

ص:221


1- 1) أحمد بن محمد بن يحيى العطّار القمي من مشايخ الصدوق و التلعكبري، وعدّ العلاّمة حديثه صحيحا، و هو يقضي توثيقه على قاعدتهم روى عنه بعضهم و سماعه عنه كان في سنة (356) .
2- 2) عيص بن القاسم: بن ثابت البجلي الكوفي روى عن الصادق و الكاظم عليهما السلام.
3- 3) أمالي الصدوق:263 ح 6-و [1]عنه البحار ج 16/216 و [2]في ص 243 عن مكارم الأخلاق:28. [3]
4- 4) في المصدر و مناقب ابن المغازلي [4]كما سيأتي: أبو عمارة المستملي.
5- 5) في مناقب ابن المغازلي [5]كما سيأتي: ابن أبي الزعزاع الرقّي.
6- 6) عبد الكريم الجزري بن مالك أبو سعيد الخضري (بالخاء و الضاد المعجمتين) نسبة إلى قرية من اليمامة كان من العلماء في عصر التابعين توفي سنة (127) .

أيّدت محمّدا بعليّ، و نصرته به، ما أنصف اللّه من نفسه من اتّهم اللّه في قضائه و استبطأه في رزقه (1).

8-و روى هذا الحديث من طريق المخالفين أبو الحسن الفقيه عليّ بن محمّد المعروف بابن المغازلي الشافعي (2)، في «كتاب مناقب أمير المؤمنين عليه السلام» قال: أخبرنا أبو نصر الطحّان (3)، إجازة عن القاضي أبي الفرج الخيوطي (4)، حدّثنا، عمر بن الفتح البغدادي، حدّثنا أبو عمارة المستملي، حدّثنا ابن أبي الزعزاع الرقّي، عن عبد الكريم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس رضي اللّه عنه قال: جاع النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم جوعا شديدا، فأتى الكعبة فأخذ بأستارها و قال: اللّهمّ لا تجع محمدا أكثر ممّا أجعته.

قال: فهبط جبرئيل عليه السلام و معه لوزة، فقال: إنّ اللّه تعالى يقرأ عليك السلام و يقول لك: فكّ عنها، ففك فإذا فيها ورقة خضراء مكتوب عليها:

لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، أيّدته بعليّ، و نصرته به، ما أنصف اللّه من نفسه من اتّهمه في قضائه، و استبطأه في رزقه (5).

9-الحسين بن سعيد في كتاب «الزهد» عن ابن أبي عمير، عن عبد اللّه بن سنان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: يا ابن سنان إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان قوته الشعير من غير أدم، إنّ البرّ و حسن الخلق يعمران الديار، و يزيدان في الأعمار (6).

ص:222


1- 1) أمالي الصدوق:444 ح 9 و [1]عنه البحار ج 39/124 و ج 71/141. [2]
2- 2) ابن المغازلي الشافعي: أبو الحسن علي بن محمد بن محمد الواسطي الجلاّبي المتوفى سنة (483) .
3- 3) أبو نصر الطحّان: أحمد بن موسى بن عبد الوهّاب الواسطي الشافعي.
4- 4) أبو الفرج الخيوطي: أحمد بن علي بن جعفر بن محمد بن المعلّى الحافظ القاضي الواسطي.
5- 5) مناقب ابن المغازلي:201 ح 239-و [3]ميزان الاعتدال ج 3/549-و لسان الميزان ج 5/166.
6- 6) الزهد:29 ح 72-و [4]عنه البحار ج 71/395 ح 73. [5]

10-و عنه عن فضالة بن أيّوب، عن أبي المغرا (1)، عن زيد الشحّام (2)، عن عمرو بن سعيد بن هلال (3)، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: إنّي لا ألقاك إلاّ في السنين، فأوصني بشيء حتى آخذ به، قال:

أوصيك بتقوى اللّه و الورع و الاجتهاد، إيّاك أن تطمح إلى من فوقك، و كفى بما قال اللّه عزّ و جلّ لرسوله: فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَ لا أَوْلادُهُمْ (4)و قال:

وَ لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا (5).

فإن خفت شيئا من ذلك فاذكر عيش رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم، فإنّما كان قوته من الشعير، و حلواه من التمر، و وقوده من السعف إذا وجده، و إذا أصبت بمصيبة في نفسك أو مالك أو ولدك فاذكر مصابك برسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم، فإنّ الخلايق لم يصابوا بمثله قطّ (6).

و رواه محمّد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن أبي المغرا، عن زيد الشحّام، عن عمرو بن سعيد بن هلال.

قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: إنّي لا ألقاك إلاّ في السنين فأوصني بشيء آخذ به.

و ساق الحديث إلى قوله: قطّ.

ص:223


1- 1) أبو المغراء (بفتح الميم و الغين المعجمة) حميد بن المثنى العجلي الكوفي الصيرفي من ثقات أصحاب الصادق عليه السلام.
2- 2) زيد الشحّام: أبو أسامة بن يونس من أصحاب الباقر و الصادق و الكاظم عليهم السلام و يدلّ على جلالته ما روي أنّ الصادق عليه السلام قال له: ما عندنا خير لك و أنت من شيعتنا إلينا الصراط و الميزان و حساب شيعتنا و اللّه لأنّا أرحم بكم منكم بأنفسكم.
3- 3) عمرو بن سعيد بن هلال الثقفي الكوفي من أصحاب الباقر و الصادق عليهما السلام.
4- 4) التوبة:55. [1]
5- 5) طه:131. [2]
6- 6) الزهد:12 ح 24-و [3]الكافي ج 8/168 ح 189. [4]

11-و عنه، عن النضر بن سويد، عن عاصم (1)، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم: جاءني ملك فقال: يا محمّد ربّك يقرئك السلام و يقول لك: إن شئت جعلت لك بطحاء مكّة رضراض (2)ذهب، قال: فرفع النبيّ رأسه إلى السماء فقال:

يا ربّ أشبع يوما فأحمدك، و أجوع يوما فأسئلك (3).

12-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجّاج (4)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

أفطر رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله عشيّة خميس في مسجد قبا فقال: هل من شراب؟ فأتاه أوس بن خولي الأنصاري (5)بعس (6)مخيض بعسل، فلمّا وضعه على فيه نحّاه، ثمّ قال: شرابان يكتفي بأحدهما من صاحبه لا أشربه و لا أحرّمه، و لكن أتواضع للّه، فإنّ من تواضع للّه رفعه اللّه، و من تكبّر خفضه اللّه، و من اقتصد في معيشة رزقه اللّه، و من بذّر حرمه اللّه، و من أكثر ذكر الموت أحبّه اللّه (7).

13-رواه الحسين بن سعيد في كتاب «الزهد» قال: حدّثنا محمّد بن أبي عمير، عن عبد الرّحمن بن الحجّاج، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: أفطر رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم عشيّة الخميس في مسجد قبا، فقال: هل من شراب.

ص:224


1- 1) عاصم: بن حميد أبو الفضل الحنّاط الكوفي من ثقات الرواة عن الصادق عليه السلام.
2- 2) الرضراض: ما صغر و دقّ من الحصى.
3- 3) الزهد:52 ح 139-و [1]عنه البحار ج 16/283 ح 130. [2]
4- 4) عبد الرحمن بن الحجّاج: الكوفي البغدادي من أصحاب الصادق و الكاظم عليهما السلام و لقي الرضا عليه السلام و توفي في عصره و على ولايته.
5- 5) أوس بن خولى: بن عبد اللّه بن الحارث بن عبيد الأنصاري من بني عوف.
6- 6) العس (بضمّ العين المهملة) : القدح-و المخيض اللبن المأخوذ زبده، و قوله: «بعسل» أي ممزوج بعسل.
7- 7) الكافي ج 2/122 ح 3-و [3]عنه الوسائل ج 11/219 ح 31-و [4]البحار [5]ج 16/265 ح 64، و ج 75/126 ح 25.

و ساق الحديث إلى آخره (1).

14-محمد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن ابن فضال (2)، عن العلاء بن رزين (3)، عن محمّد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يذكر أنّه أتى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم ملك فقال: إنّ اللّه تبارك و تعالى يخيّرك أن تكون عبدا رسولا متواضعا أو ملكا رسولا قال: فنظر إلى جبرئيل عليه السلام، و أومى بيده أن تواضع، فقال: عبدا رسولا متواضعا، فقال الرّسول (4)مع أنّه لا ينقصك ممّا عند ربّك شيئا، قال: و معه مفاتيح خزائن الأرض (5).

15-و عنه، عن عدّة، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن القاسم بن يحيى (6)، عن جدّه الحسن بن راشد (7)، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: خرج النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم و هو محزون فأتاه ملك و معه مفاتيح خزائن الأرض، فقال: يا محمد صلى اللّه عليه و آله و سلّم هذه مفاتيح خزائن الأرض (8)يقول لك ربّك: افتح وخذ منها ما شئت من غير أن ينقص (9)شيئا عندي، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه

ص:225


1- 1) الزهد:55 ح 148-و [1]عنه البحار ج 16/265 [2] ذ ح 64 و ج 75/126 ذ ح 25.
2- 2) ابن فضّال: الحسن بن علي بن فضّال التيملي مولى تيم اللّه بن ثعلبة أبو محمد الكوفي روى عن الرضا عليه السلام، و كان فطحيا قائلا بامامة عبد اللّه بن جعفر ثم رجع و قال بالحقّ.
3- 3) العلاء بن رزين: القلاّء الكوفي كان يقلي السويق روى عن الصادق عليه السلام و صحب محمد بن مسلم و تفقه عليه و كان ثقة جليل القدر.
4- 4) الرسول: أي الملك.
5- 5) الكافي ج 2/122 ح 5-و [3]عنه البحار ج 16/265 ح 65 و [4]ج 75/128 ح 27 و الوسائل ج 11 /216 ح 4. [5]
6- 6) القاسم بن يحيى: بن الحسن بن راشد مولى المنصور العباسي، له كتاب في آداب أمير المؤمنين عليه السلام.
7- 7) الحسن بن راشد: الكوفي من أصحاب الصادق و أدرك الكاظم عليهما السلام و كان وزير المهدي و الهادي و هارون العباسيين.
8- 8) في البحار: [6] الدنيا.
9- 9) في المصدر: تنقص.

و آله و سلّم: الدنيا دار من لا دار له؟ و لها يجمع من لا عقل له، فقال الملك:

و الّذي بعثك بالحقّ (1)لقد سمعت هذا الكلام من ملك يقول في السماء الرابعة حتى أعطيت المفاتيح (2).

16-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن عمّار بن مروان (3)، عن زيد الشحّام، عن عمرو بن هلال (4)، قال: قال أبو جعفر عليه السلام: إيّاك أن تطمح بصرك إلى من هو فوقك، فكفى بما قال اللّه عزّ و جلّ لنبيّه صلى اللّه عليه و آله فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَ لا أَوْلادُهُمْ (5)و قال: وَ لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا (6)فإن دخلك من ذلك شيء، فاذكر عيش رسول اللّه، فإنّما كان قوته الشعير، و حلواه التمر، و وقوده السعف إذا وجده (7).

17-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد (8)، و أبو عليّ الأشعري (9)، عن محمّد بن عبد الجبّار (10)، جميعا، عن ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن سعيد بن عمرو الجعفي، عن محمّد بن مسلم، قال:

دخلت على أبي جعفر عليه السلام ذات يوم، و هو يأكل متّكئا قال: و كان يبلغنا

ص:226


1- 1) في المصدر: بالحقّ نبيّا.
2- 2) الكافي ج 2/129 ح 8-و [1]عنه البحار ج 16/266 ح 67 و [2]ج 73/54 ح 26.
3- 3) عمّار بن مروان: الخزاز الكوفي مولى بني ثوبان بن سالم، كان من ثقات رواة الصادق عليه السلام.
4- 4) عمرو بن هلال: عمرو بن سعيد بن هلال الثقفي الكوفي تقدّم الرواية عنه نقلا عن الصادق عليه السلام بتفاوت يسير.
5- 5) التوبة:55. [3]
6- 6) طه:131. [4]
7- 7) الكافي ج 2/137 ح 1، [5] مع ح 10 من هذا الباب و له تخريجات ذكرناها هناك.
8- 8) سهل بن زياد: [6] أبو سعيد الرازي كاتب العسكري عليه السلام على يد محمد بن عبد الحميد العطار سنة (255) للنصف من شهر ربيع الآخر.
9- 9) أبو علي الأشعري: هو أحمد بن ادريس الفقيه القمي المتقدم ذكره.
10- 10) محمد بن عبد الجبار: الشيباني القمي من أصحاب الهادي و العسكري عليهما السلام.

أنّ ذلك يكره، فجعلت أنظر إليه

و ساق الحديث بطوله بنحو ما تقدّم (1)

18-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حمّاد بن عثمان (2)، قال: حدّثني عليّ بن المغيرة (3)، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: إنّ جبرئيل أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فخيّره، و أشار عليه بالتواضع، و كان له ناصحا، فكان رسول اللّه يأكل أكلة العبد، و يجلس جلسة العبد، تواضعا للّه تبارك و تعالى، ثمّ أتاه عند الموت بمفاتيح خزائن الدنيا، فقال: هذه مفاتيح خزائن الدنيا، بعث بها إليك ربّك ليكون لك ما أقلّت (4)الأرض، من غير أن ينقصك شيئا، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: في الرفيق الأعلى (5)(6).

19-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن فضال، عن عليّ بن عقبة، عن عبد المؤمن الأنصاري، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم: عرضت عليّ بطحاء مكّة ذهبا، و ساق الحديث بمثل ما تقدّم سواء (7).

20-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال كان رسول اللّه يعجبه العسل (8).

ص:227


1- 1) الكافي ج 8/129 ح 100، [1] مع ح 3 من هذا الباب و له تخريجات ذكرناها هناك.
2- 2) حمّاد بن عثمان: بن عمرو بن خالد الفزاري الكوفي روى عن الكاظم و الرضا عليهما السلام و توفّي بالكوفة سنة (190) .
3- 3) علي بن المغيرة: الزبيدي الأزرق الكوفي من أصحاب الصادق عليه السلام.
4- 4) أقلّت: حملت و رفعت.
5- 5) الرفيق الأعلى: جماعة الأنبياء عليهم السلام يسكنون أعلى عليّين.
6- 6) الكافي ج 8/131 ح 101-و [2]عنه البحار ج 16/278 ح 117. [3]
7- 7) الكافي ج 8/131 ح 102 و 123 ح 4. [4]
8- 8) الكافي ج 6/332 ح 3-و [5]عنه الوسائل ج 17/73 ح 1 و [6]أخرجه في البحار ج 66/290 ح 2- [7]Ẓ

21-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن جعفر، عن محمّد بن عيسى، عن إبراهيم بن عبد الحميد (1)، عن سكين (2)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم يأكل العسل و يقول:

آيات من القرآن، و مضغ اللبان 3يذيب البلغم 4.

22-الطبرسي، عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث طويل: أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله ما رفعت له مائدة قط و عليها طعام، و ما أكل خبز برّ قطّ، و لا شبع من خبز شعير ثلاث ليال متواليات قط.

23-و قال عمر بن إبراهيم الأوسي أنّ لرسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم حلّة يمانيّة، و قيل شاميّة، لم يقدر يخرج ذراعيه من كمّه عند الوضوء، حتى أخرجهما من أسفلهما و توضّأ.

24-محمّد بن يعقوب، عن أبي عليّ الأشعري، عن محمّد بن سالم 5، عن أحمد بن النضر 6، عن عمرو بن شمر، عن جابر 7، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لبس رسول اللّه الطاق، و الساج، و القمائص 8.

ص:228


1- 1) إبراهيم بن عبد الحميد: البزّاز الكوفي من أصحاب الرضا عليه السلام ثقة و له أصل.
2- 2) سكين: بن إسحاق النخعي الكوفي روى عن الصادق عليه السلام.

الباب الخامس و العشرون

و هو من الباب الأوّل

1-محمّد بن يعقوب، عن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد (1)، عن الحسن بن عليّ الوشّا، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: دخل رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم إلى أمّ سلمة رضي اللّه عنها، فقرّبت إليه كسرة (2)، فقال: هل عندك إدام؟ فقالت: لا يا رسول اللّه ما عندي إلاّ خلّ، فقال: نعم الإدام الخلّ ما أقفر (3)بيت فيه خلّ (4).

2-عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي (5)، عن السكوني (6)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه

ص:229


1- 1) معلّى بن محمّد البصري: أبو الحسن له كتب و قال بعض الأعلام المحققين: الظاهر أنّ الرجل ثقة يعتمد على رواياته.
2- 2) في المصدر: كسرا، و هي جمع الكسرة (بكسر الكاف فيهما) : القطعة.
3- 3) ما أقفر (بتقديم القاف) أي ما خلا من المعدوم.
4- 4) الكافي ج 6/329 ح 1-و [1]عنه البحار ج 16/267 ح 70-و [2]الوسائل ج 17/66 ح 4، [3]يأتي ص 410 ح 5. [4]
5- 5) النوفلي: الحسين بن يزيد بن محمد بن عبد الملك الكوفي الشاعر الأديب روى عن الرضا عليه السلام، توفي بالرّي.
6- 6) السكوني: إسماعيل بن أبي زياد الشعيري الكوفي قاضي الموصل روى عن الصادق عليه السلام، عامي و لكن يركنون إليه، كما قال البروجردي في نخبة المقال: و ابن أبي زياد السكوني. عاميّ أمّا صالح الركون.

و آله قبل الغداة، و معه كسرة قد غمسها في اللبن، و هو يأكل و يمشي، و بلال (1)يقيم الصلوة فصلّى بالناس صلى اللّه عليه و آله و سلّم (2).

3-و عنه بهذا الاسناد، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: إنّ أحبّ الأصباغ (3)إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم الخلّ و الزيت، و قال: هو طعام الأنبياء (4).

4-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن ابن سنان (5)، عن إبراهيم بن مهزم (6)، عن عنبسة بن بجاد (7)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ما قدّم إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم طعام فيه تمر إلاّ بدأ بالتمر (8).

5-و عنه، عن حميد بن زياد، عن الخشاب (9)، عن ابن بقاح (10)، عن عمرو بن جميع (11)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: دخل رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله على عايشة فرأى كسرة كاد أن يطأها، فأخذها و أكلها، ثمّ قال:

ص:230


1- 1) بلال: الحبشي مولى النبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم، شهد بدرا، توفي بدمشق سنة (18) .
2- 2) الكافي ج 6/273 ح 2 و [1]عنه الوسائل ج 16/421. [2]
3- 3) الأصباغ (جمع الصبغ بكسر الصاد المهملة) و ما يغمز فيه الخبز و يؤكل.
4- 4) الكافي ج 6/328 ح 6-و [3]عنه البحار ج 11/67 ح 18. [4]
5- 5) ابن سنان: عبد اللّه بن سنان المتقدم الراوي عن الصادق عليه السلام و كان من الثقاة.
6- 6) إبراهيم بن مهزم: الأسدي الكوفي كان من ثقاة الرواة عن الصادق و الكاظم عليهما السلام.
7- 7) عنبسة بن بجاد: العابد القاضي من أخيار أصحاب الباقر و الصادق عليهما السلام.
8- 8) الكافي ج 6/345 ح 2-و [5]عنه الوسائل ج 17/103 ح 4-و [6]أخرجه في البحار ج 66/131 [7]عن المحاسن. [8]
9- 9) الخشاب: الحسن بن موسى-كان من وجوه الإمامية و من أصحاب العسكري عليه السلام.
10- 10) ابن بقاح: الحسن بن علي بن يوسف بن بقاح الكوفي من ثقاة الرواة من أصحاب الصادق عليه السلام.
11- 11) عمرو بن جميع: أبو عثمان الأزدي البصري قاضي الري عدّ من أصحاب الباقر و الصادق عليهما السلام.

يا حميراء أكرمي جوار نعم اللّه عزّ و جلّ عليك، فإنّها لم تنفر من قوم فكادت تعود إليهم (1).

6-و عنه بهذا الاسناد، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم يلطع القصعة و يقول: من لطع (2)قصعة فكأنّما تصدّق بمثلها (3).

7-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين (4)، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم (5)، عن أبي خديجة (6)عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه كان يجلس جلسة العبد، و يضع يده على الأرض، و يأكل بثلاث أصابع، و أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم كان يأكل هكذا، ليس كما يفعل الجبّارون أحدهم يأكل بإصبعيه (7).

8-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم: طوبى لمن أسلم و كان عيشه كفافا (8).

9-النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال

ص:231


1- 1) الكافي ج 6/300 ح 6-و [1]عنه البحار ج 16/265 ح 63-و [2]الوسائل ج 16/504 ح 4. [3]
2- 2) لطع (بفتح الطاء المهملة في الماضي و المضارع) الشيء بلسانه: لحسه.
3- 3) الكافي ج 6/297-و [4]عنه الوسائل ج 16/496 ح 1-و [5]عن المحاسن 443 ح 318. [6]
4- 4) في المصدر الحسن، و في الوسائل [7]محمد بن الحسين، و الظاهر هو الصحيح كما نبه عليه السيّد الخوئي في المعجم و قال: لأنّه لم يثبت رواية محمد بن الحسن عن عبد الرحمان بن أبي هاشم. و قد روى عنه محمد بن الحسين. و هو محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب أبو جعفر الزّيات الكوفي عظيم القدر من أصحابنا توفي سنة (262) .
5- 5) عبد الرحمان بن أبي هاشم أبو محمد البجلي من الأجلاّء الثقاة. له كتاب نوادر.
6- 6) أبو خديجة: سالم بن مكرم بن عبد اللّه أبو سلمة الجمّال الكوفي الراوي عن الصادق و الكاظم عليهما السلام.
7- 7) الكافي ج 6/297 ح 6-و [8]عنه الوسائل ج 16/497 ح 1. [9]
8- 8) الكافي ج 2/140 ح 2-و [10]عنه البحار ج 72/59 ح 2 و [11]الوسائل ج 15/242. [12]

رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم: اللّهمّ ارزق محمدا و آل محمد و من أحبّ محمدا و آل محمد العفاف و الكفاف، و ارزق من أبغض محمدا و آل محمد المال و الولد (1).

10-و عنه، عن أبي علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن محمّد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم يأكل أكل العبد، و يجلس جلسة العبد، و كان يأكل على الحضيض (2)و ينام على الحضيض (3).

11-و عنه، عن الحسين بن محمّد (4)، عن معلّى بن محمّد (5)، عن الحسن بن عليّ (6)عن أحمد بن عائذ (7)، عن أبي خديجة، قال: سأل بشير الدّهان (8)أبا عبد اللّه عليه السلام و أنا حاضر، فقال: هل كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يأكل متكئا على يمينه و على يساره؟ فقال: ما كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يأكل متكئا على يمينه و لا على يساره، و لكن كان يجلس جلسة العبد، قلت: و لم ذلك؟ قال: تواضعا للّه عزّ و جلّ (9).

12-و عنه، عن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن أبان بن عثمان، عن زيد الشحام، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ما

ص:232


1- 1) الكافي ج 2/140 ح 3-و [1]عنه البحار ج 72/59 ح 3-و [2]الوسائل ج 15/243 ح 3. [3]
2- 2) الحضيض: القراد من الأرض.
3- 3) الكافي ج 6/271 ح 6، و [4]عنه البحار ج 16/262 ح 55، و [5]الوسائل ج 16/417 ح 3 و [6]عن المحاسن:457 ح 387. [7]
4- 4) الحسين بن محمد: تقدّم أنه الحسين بن محمد بن عمران بن أبي بكر الأشعري القمي الموثّق.
5- 5) معلى بن محمد: سبق أنّه أبو الحسن البصري.
6- 6) الحسن بن علي: هو الوشاء البجلي الكوفي، سبق أنه من أصحاب الرضا عليه السلام.
7- 7) أحمد بن عائذ: بن حبيب الأحمسي البجلي كان من أصحاب الباقر و الصادق عليهما السلام.
8- 8) بشير الدهان: الكوفي و قيل: (يسير بالياء و السين المهملة) كان من أصحاب الصادق و الكاظم عليهما السلام.
9- 9) الكافي ج 6/271 ح 7-و [8]عنه البحار ج 16/262 ح 53. [9]

أكل رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم متكئا منذ بعثه اللّه عزّ و جلّ إلى أن قبضه، و كان يأكل أكلة العبد، و يجلس جلسة العبد، قلت: و لم ذلك؟ قال: تواضعا للّه عزّ و جلّ (1).

13-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان (2)، عن ابن مسكان (3)، عن الحسن الصيقل، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: مرّت امرأة بذيّة برسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم و هو يأكل، و هو جالس على الحضيض، فقالت: يا محمد إنّك لتأكل أكل العبد، و تجلس جلوسه، فقال لها: إنّي عبد، و أيّ عبد أعبد منّي؟ قالت: فناولني لقمة من طعامك فناولها (4)فأكلتها، قال أبو عبد اللّه عليه السلام: فما أصابها بذاء حتى فارقت الدنيا (5).

14-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد (6)، عن عليّ بن الحكم، عن أبي المعزا (7)، عن هارون بن خارجة (8)، عن أبي عبد اللّه

ص:233


1- 1) الكافي: ج 6/270 ح 1-و [1]عنه البحار ج 16/261 ح 51. [2]
2- 2) صفوان بن يحيى أبو محمد البجلي الكوفي بيّاع السابري روى عن الرضا عليه السلام.
3- 3) ابن مسكان: عبد اللّه أبو محمّد من أصحاب الصادق و الكاظم عليهما السلام و من أصحاب الاجماع.
4- 4) في المصدر: «فقالت: لا و اللّه إلاّ الّذي في فيك» فأخرج رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله اللقمة من فيه فناولها.
5- 5) الكافي ج 6/271 ح 2-و [3]عنه البحار ج 66/310 ح 6. [4]
6- 6) أحمد بن محمد: بن عيسى بن عبد اللّه الأشعري القمي من أصحاب الرضا و الجواد و الهادي عليهم السلام.
7- 7) قال المامقاني في تنقيح المقال ج 1/379: [5] المعزي (بكسر الميم و سكون العين و فتح الزاي بعدها ألف) بمعنى المعز و هو خلاف الضأن. و قد جعلها العلاّمة في إيضاح الاشتباه بالقصر، و ابن طاوس و تلميذه ابن داود و السيّد الداماد بالمدّ و الممدود يكتب بالألف كصفراء و المقصود بالباء كجعلى، و ظاهر القاموس أنّ القياس هو القصر لأنّه ذكره بالياء ثم قال: و يمدّ، أقول: و بالجملة فالرجل هو حميد بن المثنى العجلي الكوفي الصيرفي. «و تقدم قبل ذلك أن بعضهم ضبط (المغرى) بالغين المعجمة.
8- 8) هارون بن خارجة: أبو الحسن الكوفي من ثقاة أصحاب الصادق عليه السلام.

عليه السلام قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم يأكل أكل العبد، و يجلس جلسة العبد، و يعلم أنّه عبد (1).

15-و عنه، عن أبي علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن معلّى أبي عثمان، عن المعلّى بن خنيس (2)، قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: ما أكل نبيّ اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم و هو متّكئ منذ بعثه اللّه عزّ و جلّ، و كان يكره أن يتشبّه بالملوك، و نحن لا نستطيع أن نفعل (3).

ص:234


1- 1) الكافي ج 6/271 ح 3-و [1]عنه البحار ج 16/262 ح 52. [2]
2- 2) معلّى بن خنيس: البزار الكوفي من قوّام الصادق عليه السلام قتله داود بن علي حاكم المدينة، و قال الصادق عليه السلام على ما روى: أما و اللّه لقد دخل الجنة.
3- 3) الكافي ج 6/272 ح 8-و [3]عنه البحار ج 16/262 ح 54. [4]

الباب السادس و العشرون

في عيشه صلى اللّه عليه و آله من طريق المخالفين

في كتاب «الصفوة» لبعض علماء الجمهور.

1-عن هبة اللّه بن محمّد، عن الحسن بن عليّ (1)عن أحمد بن جعفر (2)، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني محمّد بن فضيل (3)، قال: حدّثني أبي، عن عمارة بن القعقاع (4)، عن أبي زرعة (5)، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم: اللّهمّ اجعل رزق آل محمّد قوتا.

أخرجاه في الصحيحين (6).

2-و عنه، قال: أخبرنا هبة اللّه بن محمد، قال: أخبرنا الحسن بن علي، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر، قال: أخبرنا عبد اللّه بن أحمد (7)، قال:

ص:235


1- 1) الحسن بن علي: بن محمد أبو محمد الجوهري البغدادي المتوفى سنة (454) .
2- 2) أحمد بن جعفر: بن حمدان بن مالك القطيعي البغدادي المحدث المتوفى (368) .
3- 3) محمد بن فضيل: بن غزوان أبو عبد الرحمن الكوفي المتوفى سنة (195) .
4- 4) عمارة بن القعقاع: بن شبرمة الكوفي الضبي، ترجمه في التقريب ج 2 ص 51.
5- 5) أبو زرعة: هرم بن عمرو بن جرير البجلي الكوفي التابعي.
6- 6) صفة الصفوة لابن الجوزي ج 1/195-و [1]صحيح البخاري ج 8/122 و صحيح مسلم ج 4/2281 ح 18 و 19-و سنن الترمذي ج 4/580. [2]
7- 7) عبد اللّه بن أحمد: بن محمد بن حنبل البغدادي المتوفى سنة (290) .

حدّثني أبي، قال: حدّثنا يحيى بن سعيد (1)، عن يزيد بن كيسان (2)قال حدّثني أبو حازم (3)، قال: رأيت أبا هريرة يشير بأصبعه مرارا: و الذي نفس أبي هريرة بيده ما شبع نبيّ اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم و أهله ثلاثة أيّام تباعا من خبز حنطة حتى فارق الدنيا.

أخرجاه في الصحيحين (4).

3-و عنه، أخبرنا هبة اللّه، قال: أخبرنا الحسن بن علي، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أحمد، قال: حدّثني أبي، قال:

حدّثنا أبو معاوية (5)، قال: حدّثنا هشام بن عروة (6)، عن أبيه، عن عائشة، قالت: كان ضجاع النبيّ صلى اللّه عليه و آله الّذي ينام عليه باللّيل من أدم محشوا ليفا.

أخرجاه في الصحيحين (7).

4-و عنه، قال: أخبرنا هبة اللّه بن محمّد، قال: أخبرنا الحسن بن عليّ، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أحمد، قال:

حدّثني أبي، قال: حدثنا محمّد بن جعفر (8)، قال: حدّثنا شعبة (9)، عن

ص:236


1- 1) يحيى بن سعيد: بن أبان بن سعيد الكوفي المتوفى سنة (194) .
2- 2) يزيد بن كيسان: أبو إسماعيل الأسلمي الكوفي وثقه النسائي.
3- 3) أبو حازم سلمان الأشجعي الكوفي الغطفاني المتوفى في خلافة عمر بن عبد العزيز سنة (100) .
4- 4) صفة الصفوة ج 1/195-و [1]صحيح مسلم ج 4/2284-و صحيح البخاري ج 8/121- و سنن الترمذي ج 4/579 ح 2358. [2]
5- 5) أبو معاوية: محمد بن حازم المحدث الضرير الكوفي المتوفى سنة (195) .
6- 6) هشام بن عروة: بن الزبير بن عوّام أبو المنذر المدني المتوفى سنة (145) .
7- 7) صفة الصفوة: ج 1/196-و [3]رواه البخاري في صحيحه ج 8/121 و رواه أحمد في مسنده ج 6/48. [4]
8- 8) محمد بن جعفر: أبو عبد اللّه غندر البصري و كان ابن امرأة شعبة، توفي سنة (193) .
9- 9) شعبة: بن الحجّاج بن الورد الواسطي البصري المتوفى سنة (160) .

سمّاك بن حرب (1)، قال: سمعت النعمان بن بشير (2)يخطب، قال: ذكر عمر ما أصاب الناس من الدنيا، فقال: لقد رأيت رسول اللّه يظلّ اليوم يلتوي ما يجد دقلا (3)يملأ به بطنه.

انفرد بإخراجه البخاري (4).

5-و عنه، قال أخبرنا عبد الأوّل، قال: أخبرنا ابن المظفّر، قال:

أخبرنا ابن أعين، قال: حدثنا الفربري (5)قال: حدّثنا البخاري (6)، قال:

حدّثنا الهدبة (7)، قال: حدّثنا همام بن يحيى (8)، عن قتادة (9)، قال: كنّا نأتي أنس بن مالك (10)، و خبّازه قائم، قال: فقال يوما: كلوا فما أعلم رسول اللّه رآى رغيفا مرققا و لا شاة سميطا قط (11).

انفرد بإخراجه البخاري (12).

ص:237


1- 1) سماك بن حرب: بن أوس بن خالد الكوفي أبو المغيرة المتوفى سنة (123) .
2- 2) النعمان بن بشير: بن سعد بن ثعلبة الخزرجي الأنصاري المدني الصحابي وجّهته نائلة زوجه عثمان بقميصه إلى معاوية و شهد صفين مع معاوية و ولاّه معاوية القضاء بدمشق سنة (53 ه) و قتل بحمص سنة (65) .
3- 3) الدقل (بفتح الدال المهملة و القاف) : أردأ التمر.
4- 4) صفة الصفوة: ج 1/196-و [1]رواه مسلم في صحيحه ج 4/2285 ح 36.
5- 5) الفربري (بكسر الباء و فتح الياء) منسوب إلى بليدة بين جيحون و بخارى هو محمد بن يوسف رواية صحيح البخاري. ولد سنة (231) و توفي سنة (320) .
6- 6) البخاري: محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجعفي أبو عبد اللّه صاحب «الجامع المعروف بصحيح البخاري توفي سنة (256) .
7- 7) هدبة (بضم الهاء و سكون الدال المهملة و بعدها موحدة) ابن خالد بن الأسود القيسي أبو خالد البصري المتوفى بعد سنة (233) .
8- 8) همام بن يحيى: بن دينار العوذي أبو عبد اللّه البصري المتوفى سنة (164) .
9- 9) قتادة: بن دعامة بن قتادة السدوسي أبو الخطاب البصري ولد اكمه و توفي سنة (117) .
10- 10) أنس بن مالك بن النضر الأنصاري الخزرجي خادم النبي صلى اللّه عليه و آله خدمه عشر سنين، توفي سنة (92) و قد جاوز المائة.
11- 11) السميط (بفتح السين المهملة و كسر الميم) : المشويّ.
12- 12) صفة الصفوة ج 1/197 و [2]رواه البخاري في صحيحه ج 7/98 باختلاف.

6-و عنه، قال: أخبرنا عبد الأوّل، قال: أخبرنا ابن المظفّر، قال:

أخبرنا ابن أعين، قال: حدّثنا الفربري، قال: حدّثنا البخاري، قال:

حدّثنا إسحاق بن إبراهيم (1)، قال: حدّثنا روح بن عبادة (2)، قال: حدّثنا ابن أبي ذؤيب (3)، عن سعيد المقبري (4)، عن أبي هريرة (5)، أنّه مرّ بقوم بين أيديهم شاة مصلية (6)، فدعوه فأبى أن يأكل، و قال: خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من الدنيا و لم يشبع من خبز الشعير (7).

7-و قال البخاري: و حدّثنا قتيبة (8)، قال: حدّثنا جرير (9)، عن منصور (10)عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة (11)، قالت: ما شبع آل محمد عليهم السلام منذ قدم المدينة من طعام البرّ ثلاث ليال تباعا حتى قبض (12).

8-قال البخاري: و حدّثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدّثنا يعقوب، عن أبي حازم (13)، قال: سألت سهل بن سعد (14)فقلت له: هل أكل رسول اللّه

ص:238


1- 1) آسحاق بن إبراهيم: من شيوخ البخاري.
2- 2) روح بن عبادة: بن العلاء بن حسان القيسي أبو محمد البصري المتوفى سنة (205) .
3- 3) ابن أبي ذؤيب: اسماعيل بن عبد الرحمن الأسدي كان من محدثي القرن الثاني.
4- 4) سعيد المقبري: بن أبي سعيد كيسان أبو سعد المدني توفي حدود سنة (120) .
5- 5) أبو هريرة: عبد الرحمن بن صخر الدوسي المتوفى سنة (57) أو (58) .
6- 6) المصلية: المشويّة.
7- 7) صفة الصفوة ج 1/197-و [1]رواه البخاري في «الصحيح» ج 7/97.
8- 8) قتيبة: بن سعيد بن جميل بن طريف الثقفي أبو رجاء البغلاني المتوفى سنة (240) .
9- 9) جرير: بن عبد الحميد بن قرط الكوفي نزيل الري و قاضيها توفي سنة (188) .
10- 10) منصور: بن المعتمد بن عبد اللّه أبو عثاب (بمثلّثة ثقيلة) الكوفي توفي سنة (132) .
11- 11) عائشة بنت أبي بكر أبي قحافة ماتت سنة (57) .
12- 12) صفة الصفوة ج 1/197-و [2]رواه البخاري في «الصحيح» ج 7/97-و مسلم في صحيحه ج 4/2281 ح 20.
13- 13) أبو حازم: سلمة بن دينار الأعرج التّمار المدني القاضي مات في خلافة المنصور.
14- 14) سهل بن سعد: بن مالك بن خالد الصحابي الأنصاري الخزرجي الساعدي المتوفى سنة (88) .

النقيّ (1)؟ فقال سهل: ما رآى رسول اللّه النقيّ من حين ابتعثه اللّه حتى قبضه اللّه قال: فقلت: هل كانت لكم في عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم مناخل؟ قال: ما رأى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله منخلا من حين ابتعثه اللّه حتى قبضه قال: قلت: فكيف كنتم تأكلون الشعير غير منخول؟ قال: كنّا نطحنه و ننفخه، فيطير ما طار و ما بقي ثرّيناه (2)فأكلناه (3).

9-و عنه، قال: أخبرنا الكروخي (4)، قال: أخبرنا أبو عامر الأزدي (5)، و أبو بكر الغورجي (6)قالا أخبرنا الجرّاحي، قال: حدّثنا المحبوبي، قال: حدّثنا الترمذي (7)، قال: حدّثنا عبد اللّه بن معاوية (8)الجمحي، قال: حدّثنا ثابت بن يزيد (9)، عن هلال بن خبّاب (10)، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يبيت اللّيالي المتتابعة طاويا و أهله لا يجدون عشاء، و كان أكثر خبزهم خبز الشعير (11).

10-و عنه، أخبرنا هبة اللّه بن محمّد، قال: أخبرنا الحسن بن عليّ (12)، قال: أخبرنا أبو بكر بن مالك، قال: أخبرنا عبد اللّه بن أحمد (13)، قال:

ص:239


1- 1) النقي: الخبز الذي نخل مرة بعد أخرى.
2- 2) ثرّيناه: بللناه بالماء أو رششناه به.
3- 3) صفة الصفوة ج 1/198-و [1]رواه البخاري في الصحيح ج 7/96.
4- 4) الكروخي: أبو الفتح عبد الملك بن أبي القاسم عبيد اللّه بن أبي سهل المتوفى سنة (548) .
5- 5) أبو عامر الأزدي: محمود بن القاسم بن القاضي أبي منصور محمد الهروي الفقيه الشافعي المتوفى (487) .
6- 6) أبو بكر الغورجي: أحمد بن عبد الصمد الهروي المتوفى سنة (481) .
7- 7) الترمذي: محمد بن عيسى بن سورة أبو عيسى صاحب «الجامع» المتوفى سنة (279) .
8- 8) عبد اللّه بن معاوية: الجمحي بن موسى أبو جعفر البصري المتوفى سنة (243) .
9- 9) ثابت بن يزيد: الأحول أبو زيد البصري المتوفى سنة (169) .
10- 10) هلال بن خبّاب: أبو العلاء البصري نزيل المدائن المتوفى سنة (144) .
11- 11) صفة الصفوة ج 1/198-و [2]رواه الترمذي في سننه ج 4/508 ح 2360.
12- 12) الحسن بن علي: هو ابن محمد الجوهري البغدادي الذي تقدم ذكره توفي سنة (454) .
13- 13) عبد اللّه بن أحمد: بن محمد بن حنبل أبو عبد الرحمان المتوفى (290) .

حدّثني أبي، قال: حدّثنا وكيع (1)، قال: حدّثنا عبد الواحد بن أيمن (2)، عن أبيه، عن جابر (3)قال لمّا حفر النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم و أصحابه الخندق أصابهم جهد شديد، حتّى ربط النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم على بطنه حجرا من الجوع (4).

11-قال: أخبرنا هبة اللّه بن محمّد، قال: أخبرنا الحسن بن عليّ، قال: أخبرنا أبو بكر بن مالك قال: حدّثنا عبد اللّه بن أحمد، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثنا حسين، يعني ابن محمد (5)، قال: حدّثنا محمّد بن مطرف (6)، عن أبي حازم (7)، عن عروة (8)، أنّه سمع عايشة تقول: كان يمرّ (9)هلال و هلال، ما توقد في بيت من بيوت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم نار، قال: قلت: يا خالة فعلى أيّ شيء كنتم تعيشون؟ قالت:

على الأسودين: التمر و المآء (10).

12-و عنه، قال: أخبرنا هبة اللّه بن محمّد، قال: أخبرنا الحسن، قال: أخبرنا ابن مالك، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أحمد: حدّثني أبي، قال:

حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا هشام، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قبض النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم و إنّ درعه لمرهونة عند رجل من يهود على ثلاثين

ص:240


1- 1) وكيع: يحتمل أنّه ابن محرز بن وكيع الناجي البصري ترجمه ابن حجر في التقريب و قال: من الطبقة الثامنة.
2- 2) عبد الواحد بن أيمن أبو القاسم المكي المخزومي مولاهم. عدّ من الخامسة.
3- 3) جابر: بن عبد اللّه بن عمرو بن حرام الأنصاري المتوفى بعد سنة (70) .
4- 4) صفة الصفوة ج 1/198. [1]
5- 5) حسين بن محمد: يحتمل أنّه الحسين بن محمد بن بهرام أبو أحمد المروّذي نزيل بغداد المتوفى سنة (213) .
6- 6) محمّد بن مطرف: بن داود الليثي أبو غسّان المدني نزيل عسقلان المتوفى بعد سنة (160) .
7- 7) أبو حازم: سلمة بن دينار الأعرج المدني القاضي المتقدم ذكره.
8- 8) عروة: بن الزبير بن العوّام بن خويلد الأسدي أبو عبد اللّه المدني الفقيه المتوفى سنة (94) .
9- 9) في المصدر: يمرّ بنا.
10- 10) صفة الصفوة ج 1/199. [2]

صاعا من شعير أخذها رزقا لعياله (1).

13-و عنه، قال: أخبرنا أبو القاسم الحريري، قال: أخبرني أبو طالب العشاري، قال: أخبرني أبو الحسين بن سمعون، قال: حدّثنا أبو بكر المطري (2)قال: حدّثنا أحمد بن عبد اللّه بن زياد، قال: حدّثنا بشر بن سهران (3)، قال: حدّثنا محمّد بن دينار (4)، عن هشام بن عروة، عن عائشة (5)، قالت: ما رفع النبيّ صلى اللّه عليه و آله قطّ غداء لعشاء و لا عشاء (6)لغداء، و لا اتّخذ من شيء زوجين، و لا قميصين، و لا ردائين، و لا إزارين (7)، و لا من النعال، و لا رؤي قطّ فارغا في بيته، إمّا يخصف نعلا لرجل مسكين، أو يخيط ثوبا لأرملة (8)(9).

14-و عنه، قال: أخبرني محمّد بن أبي طاهر البزّاز قال: أخبرني الحسن بن عليّ الجوهري، قال: أخبرني أبو عمر بن حيوية، قال: أخبرني أحمد بن معروف، قال: أخبرنا الحارث بن أبي أسامة، قال: حدّثنا محمّد بن (10)سعد، قال:

ص:241


1- 1) صفة الصفوة ج 1/200. [1]
2- 2) المطري: في نسخة أخرى: الطبري.
3- 3) بشر بن سهران: يحتمل أنّه مصحّف و الصحيح مهران (بالميم) و هو جدّ بشر و المراد به بشر بن الحكم بن حبيب بن مهران العبدي النيشابوري المتوفى سنة (237) .
4- 4) محمد بن دينار: أبو بكر بن أبي الفرات البصري الأزدي ترجمه ابن حجر في التقريب و عدّه من الثامنة.
5- 5) لا يخفى أنّ هشام بن عروة بن الزبير المتوفى سنة (145) ما رأى عائشة حتى يحدّث عنها، فإنّ عائشة ماتت سنة (57) و هشام ولد بعد هذه السنة، و لعله حدّث عن والده عروة و هو عن عائشة.
6- 6) العشاء (بفتح العين) : طعام الليل كما أنّ الغداء (بفتح الغين المعجمة) : طعام الصبح.
7- 7) الإزار (بكسر الهمزة) : ملحفة يلبس و يعقد من الحقوين، و الجمع في القلّة و الكثرة على أزرة و أزر مثل حمار و احمرة و حمر.
8- 8) الأرملة (بفتح الهمزة و سكون الراء و فتح الميم) المرأة التي لا زوج لها-و الفقير المحتاج.
9- 9) صفة الصفوة ج 1/200. [2]
10- 10) محمد بن سعد: بن منيع البصري نزيل بغداد كاتب الواقدي توفي سنة (230) . [3]

أخبرني هشام بن عبد الملك أبو الوليد الطيالسي (1)، قال: حدّثنا أبو هاشم صاحب الزعفران، قال: حدّثنا محمّد بن عبد اللّه أنّ أنس بن مالك حدّثه: أنّ فاطمة عليها السلام جاءت بكسرة خبز إلى النبيّ صلى اللّه عليه و آله، فقال:

ما هذه الكسرة يا فاطمة؟ قالت: قرص خبزته فلم تطب نفسي حتى أتيتك بهذه، فقال: أما إنّه أوّل طعام دخل فم أبيك منذ ثلاثة أيّام (2).

ص:242


1- 1) هشام بن عبد الملك أبو الوليد الطيالسي الباهلي البصري توفي سنة (227) .
2- 2) صفة الصفوة ج 1/200-و [1]مسند أحمد ج 3/212.

الباب السابع و العشرون

في اجتهاده صلى اللّه عليه و آله في العبادة

1-محمّد بن يعقوب، عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة (1)، عن وهيب بن حفص (2)، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله عند عايشة ليلتها، فقالت: يا رسول اللّه لم تتعب نفسك، و قد غفر لك ما تقدّم من ذنبك و ما تأخّر؟ قال: يا عايشة ألا أكون عبدا شكورا؟

قال: و كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يقوم على أطراف أصابع رجليه، فأنزل اللّه سبحانه طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ اَلْقُرْآنَ لِتَشْقى (3)(4).

2-عليّ بن إبراهيم في «تفسيره» قال: حدّثني أبي، عن القاسم بن محمّد (5)، عن عليّ (6)عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه، و أبي جعفر

ص:243


1- 1) الحسن بن محمد بن سماعة أبو علي و أبو محمد الكندي الصيرفي الفقيه و كان ثقة توفي سنة (263) .
2- 2) وهيب بن حفص: أبو علي الجريري مولى بني أسد، روى عن الصادق و الكاظم عليهما السلام و وقف و صنّف كتبا، وثّقه النجاشي.
3- 3) طه:1-2. [1]
4- 4) الكافي ج 2/95 ح 6، و [2]عنه البحار ج 16/263 ح 59 و [3]ج 71/24 ح 3 و تفسير البرهان ج 3/29، و [4]أخرج ذيله في البحار ج 16/85 ح 3. [5]
5- 5) القاسم بن محمد: الجوهري الكوفي من أصحاب الكاظم عليه السلام و كان واقفيّا سكن بغداد.
6- 6) عليّ: المراد به علي بن أبي حمزة البطائني الواقفي، تقدّم ذكره.

عليهما السلام، قالا: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم إذا صلّى قام على أصابع رجليه حتى تورّم، فأنزل اللّه تبارك و تعالى: طه بلغة (1)يا محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلّم، ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ اَلْقُرْآنَ لِتَشْقى إِلاّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى (2)(3).

3-الطبرسي في «الاحتجاج» عن الامام موسى بن جعفر عليهما السلام، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، عن الحسين عليه السلام، قال: إنّ يهوديّا من يهود الشام من أحبارهم، كان قد قرأ التوراة و الانجيل و الزبور و صحف الأنبياء عليهم السلام، و عرف دلائلهم، جاء المسجد فجلس و فيه (4)أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم، و فيهم عليّ بن أبي طالب، و ابن عباس، و ابن مسعود، و أبو معبد الجهني، فقال: يا أمّة محمد ما تركتم لنبيّ درجة و لا لمرسل فضيلة، إلاّ نحلتموها نبيّكم، فهل تجيبوني عمّا أسألكم عنه؟ فكاع (5)القوم عنه، فقال عليّ بن أبي طالب عليه السلام: نعم ما أعطى اللّه عزّ و جلّ نبيّا درجة و لا مرسلا فضيلة، إلاّ و قد جمعها لمحمّد صلى اللّه عليه و آله و سلّم و زاد محمدا صلى اللّه عليه و آله الأنبياء أضعافا مضاعفا.

فقال له اليهوديّ: فهل أنت مجيبي؟ قال له: نعم سأذكر لك اليوم من فضائل رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم، ما يقرّ اللّه به أعين المؤمنين، و يكون فيه إزالة لشكّ الشاكّين في فضائله صلى اللّه عليه و آله و سلّم، إنّه كان إذا ذكر لنفسه فضيلة قال: «و لا فخر» ، و أنا أذكر لك فضائله غير مزر بالأنبياء و لا منتقص لهم، و لكن شكرا للّه عزّ و جلّ على ما أعطى محمدا مثل ما أعطاهم، و ما زاده اللّه و ما فضّله عليهم.

ص:244


1- 1) في المصدر: و هي بلغة طي يا محمّد صلى اللّه عليه و آله.
2- 2) طه:2-3. [1]
3- 3) تفسير القمي ج 2/57 و [2]عنه البحار ج 16/85 ح 2-و [3]ج 71/26 و تفسير البرهان ج 3/29. [4]
4- 4) في الاحتجاج [5]المطبوع: جاء إلى مجلس فيه.
5- 5) كاع القوم عنه: هاب و جبن القوم عن الرجل.

فقال له اليهوديّ: إنّي أسألك فأعدّ له جوابا، قال له عليه السلام:

هات. قال له اليهوديّ.

و ساق الحديث بما ذكره اليهوديّ ممّا أعطاه اللّه سبحانه الأنبياء، و أمير المؤمنين عليه السلام يسلّم له ما أعطاه الأنبياء و أعطى محمدا صلى اللّه عليه و آله و سلّم مثل ما أعطاهم و ما زاده اللّه تعالى عليهم السلام إلى أن قال اليهوديّ: فإنّ هذا سليمان أعطي ملكا لا ينبغي لأحد من بعده.

قاله له عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك و محمدا أعطى اللّه تعالى ما هو أفضل من هذا، إنّه هبط إليه ملك لم يهبط إلى الأرض قبله و هو ميكائيل، فقال له: يا محمّد عش ملكا متنعّما، و هذه مفاتيح خزائن الأرض معك، و تسير معك جبالها ذهبا و فضّه، و لا ينقص ممّا ادّخر لك في الآخرة شيء، فأومى إلى جبرئيل عليه السلام و كان خليله من الملائكة-فأشار إليه: أن تواضع، فقال له: بل أعيش نبيّا عبدا آكل يوما و لا آكل يومين، و ألحق بأخواني من الأنبياء، فزاده اللّه تبارك و تعالى الكوثر، و أعطاه الشفاعة و ذلك أعظم من ملك الدنيا من أوّلها إلى آخرها سبعين مرّة، و وعده المقام المحمود فإذا كان يوم القيامة أقعده اللّه تعالى على العرش، فهذا أفضل مما أعطي سليمان عليه السلام.

قال له اليهوديّ: فإنّ (1)هذا داود عليه السلام بكى على خطيئته حتى سارت الجبال معه لخوفه، قال له عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك و محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أعطى ما هو أفضل من هذا إنّه كان إذا قام إلى الصلاة سمع لصدره و جوفه أزيز كأزيز المرجل على الأثافي (2)من شدة البكاء، و قد آمنه اللّه عزّ و جلّ من عقابه، فأراد أن يتخشّع لربّه ببكائه و يكون إماما لمن اقتدى به.

و لقد قام صلى اللّه عليه و آله و سلّم عشر سنين على أطراف أصابعه حتى

ص:245


1- 1) وقع هذا السؤال و جوابه في المصدر و البحار [1]قبل السؤال المتقدّم.
2- 2) الأزيز: صوت البكاء. و المرجل (كمنبر) : القدر-و الأثافي: الأحجار التي يوضع عليها القدر.

تورّمت قدماه و اصفرّ وجهه يقوم اللّيل أجمع حتى عوتب في ذلك فقال اللّه عزّ و جلّ طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ اَلْقُرْآنَ لِتَشْقى (1)بل لتسعد به.

و لقد كان يبكي حتى يغشى عليه، فقيل له: يا رسول اللّه أليس اللّه عزّ و جلّ قد غفر لك ما تقدم من ذنبك و ما تأخّر؟ قال: بلى أفلا أكون عبدا شكورا (2).

4-الشيخ في «أماليه» قال: أخبرنا أبو عبد اللّه حمّويه بن عليّ بن حمّويه البصري، قال: حدّثنا أبو الحسين محمّد بن بكر الهذالي (3)، قال: حدّثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي، قال: حدّثنا سلم، قال: حدّثنا أبو هلال (4)، قال: حدّثنا بكر بن عبد اللّه (5): أنّ عمر بن الخطاب دخل على النبيّ صلى اللّه عليه و آله و هو موقوذ أو قال محموم، فقال له عمر: يا رسول اللّه ما أشدّ وعكك أو حماك؟ قال: ما منعني ذلك أن قرأت اللّيلة ثلاثين سورة فيهنّ السبع الطوال (6)فقال عمر: يا رسول اللّه غفر اللّه لك ما تقدّم من ذنبك و ما تأخّر و أنت تجتهد هذا الاجتهاد؟ فقال: يا عمر أفلا أكون عبدا شكورا (7).

5-الشيخ في «مجالسه» قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال:

حدّثنا أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد بن جعفر بن حسن العلوي الحسني، قال:

حدّثنا أبو نصر أحمد بن عبد المنعم بن الصيداوي، قال: حدّثنا حسين بن شدّاد (8)،

ص:246


1- 1) طه:1-2. [1]
2- 2) الاحتجاج ج 1/219 و 220-و [2]عنه البحار ج 10/40 و ج 17/287 و 288. [3]
3- 3) في المصدر: الهزاني (بالنون) و هو الصحيح قال ابن الأثير في اللباب ج 3/290: [4] هذه النسبة إلى هزان بن صباح بن عتيك منهم أحمد بن محمد بن بكر الهزاني حدّث هو و أبوه، و قال السمعاني: مات بعد سنة (332) .
4- 4) أبو هلال: محمد بن سليم الراسبي البصري المكفوف المتوفى سنة (167) .
5- 5) بكر بن عبد اللّه أبو عبد اللّه المزني البصري المتوفى سنة (106) .
6- 6) السبع الطوال: البقرة، و آل عمران، و النساء، و المائدة، و الأنعام، و الأعراف و التوبة.
7- 7) أمالي الطوسي ج 2/18-و [5]عنه البحار ج 16/222 ح 20 و [6]ج 71/48 ح 62.
8- 8) الحسين بن شداد: بن رشيد الجعفي الكوفي من أصحاب الصادق عليه السلام.

عن أبيه شدّاد بن رشيد، عن عمرو بن عبد اللّه بن هند الجملي، عن أبي جعفر محمّد بن علي عليهما السلام: أنّ فاطمة بنت عليّ بن أبي طالب لمّا نظرت إلى ما يفعل ابن أخيها عليّ بن الحسين بنفسه من الدأب في العبادة، أتت جابر بن عبد اللّه بن عمرو بن حرام الأنصاري.

فقالت له: يا صاحب رسول اللّه إنّ لنا عليكم حقوقا، من حقّنا عليكم أن إذا رأيتم أحدنا يهلك نفسه اجتهادا أن تذكّروه اللّه و تدعوه إلى البقيا على نفسه، و هذا عليّ بن الحسين، بقيّة أبيه الحسين عليه السلام، قد انخرم أنفه، و ثفنت جبهته و ركبتاه و راحتاه إدآبا منه لنفسه في العبادة.

فأتى جابر بن عبد اللّه باب عليّ بن الحسين عليهما السلام، و بالباب أبو جعفر محمّد بن عليّ عليهما السلام في أغيلمة من بني هاشم قد اجتمعوا هناك، فنظر جابر إليه مقبلا، فقال: هذه مشيّة رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم و سجيّته، فمن أنت يا غلام؟ قال: فقال: أنا محمّد بن عليّ بن الحسين.

فبكى جابر رضي اللّه عنه ثمّ قال: أنت و اللّه الباقر عن العلم حقّا، ادن منّي بأبي أنت و أمّي، فدنا منه، فحلّ جابر أزراره، و وضع يده على صدره فقبّله، و جعل عليه خدّه و وجهه، و قال له: أقرئك عن جدّك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم السلام، و قد أمرني أن أفعل بك ما فعلت، و قال لي: يوشك أن تعيش و تبقى حتى تلقى من ولدي من اسمه محمّد، يبقر العلم بقرا، و قال لي: إنّك تبقى حتى تعمى ثم يكشف لك عن بصرك.

ثم قال لي: إئذن لي على أبيك، فدخل أبو جعفر عليه السلام على أبيه فأخبره الخبر، و قال: إنّ شيخا بالباب و قد فعل بي كيت و كيت، فقال: يا بنيّ ذلك جابر بن عبد اللّه ثم قال: أمن بين ولدان أهلك قال لك ما قال و فعل بك ما فعل؟ قال: نعم، قال: أبى اللّه (1)أنّه لم يقصدك فيه بسوء و لقد أشاط بدمك.

ثم أذن لجابر فدخل عليه، فوجده في محرابه قد أنضته العبادة، فنهض

ص:247


1- 1) في البحار: [1] قال: إنّا للّه.

عليّ عليه السلام فسأله عن حاله سؤالا حفيا (1)ثم أجلسه بجنبه، فأقبل جابر عليه يقول: يابن رسول اللّه أما علمت أنّ اللّه تعالى إنّما خلق الجنّة لكم و لمن أحبّكم، و خلق النار لمن أبغضكم و عاداكم، فما هذا الجهد الّذي كلّفته نفسك؟

قال له عليّ بن الحسين عليهما السلام: يا صاحب رسول اللّه أما علمت أنّ جدي رسول اللّه قد غفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر فلم يدع الاجتهاد له، و تعبّد بأبي هو و أمّي حتى انتفح الساق و ورم القدم، و قيل له أتفعل هذا و قد غفر اللّه لك ما تقدم من ذنبك و ما تأخّر؟ قال: أفلا أكون عبدا شكورا.

فلمّا نظر جابر إلى عليّ بن الحسين عليهما السلام و ليس يغني فيه قول من يستميله من الجهد و التعب إلى القصد، قال له: يابن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم البقياء على نفسك، فإنّك لمن أسرة بهم يستدفع البلاء و يسأل كشف اللأواء، و بهم يستمطر السماء، فقال: يا جابر لا أزال على منهاج أبويّ مؤتسيا بهما صلوات اللّه عليهما حتى ألقاهما، فأقبل جابر على من حضر فقال لهم: و اللّه ما أرى في أولاد الأنبياء بمثل عليّ بن الحسين إلاّ يوسف بن يعقوب عليهما السلام و اللّه لذريّة عليّ بن الحسين أفضل من ذريّة يوسف بن يعقوب، إنّ منهم من يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا (2).

6-محمّد بن يعقوب، عن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّا، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: صام رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم حتى قيل: ما يفطر، ثم أفطر حتى قيل:

ما يصوم، ثمّ صام صوم داود عليه السلام يوما و يوما لا، ثمّ قبض صلى اللّه عليه و آله على صيام ثلاثة أيّام في الشهر و قال: يعدلن صوم الدهر و يذهبنّ بوحر الصدر.

قال حمّاد: فقلت ما الوحر؟ قال: الوحر: الوسوسة.

ص:248


1- 1) في المصدر: خفيّا (بالخاء المعجمة) و لعلّه تصحيف، و الصحيح بالحاء المهملة. يقال: حفى عنه: أكثر السؤال عن حاله.
2- 2) أمالي الشيخ ج 2/249-و [1]عنه البحار ج 46/60 ح 18. [2]

قال حمّاد: فقلت: أيّ الأيّام هي؟ قال: أوّل خميس في الشهر، و أوّل أربعاء بعد العشر، و آخر خميس فيه، فقلت: لم صارت هذه الأيّام الّتي تصام؟ فقال: إنّ من قبلنا من الأمم كان إذا نزل على أحدهم العذاب نزل في هذه الأيّام المخوفة (1).

7-الشيخ في «التهذيب» قال: أخبرني الشيخ أيّده اللّه، عن أحمد بن محمّد (2)، عن أبيه، عن محمّد بن يحيى (3)، عن محمّد بن أحمد بن يحيى (4)، عن عليّ بن إسماعيل (5)، عن صفوان (6)، عن عبد اللّه بن مسكان (7)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم أشدّ الناس توقّيا عن البول، كان إذا أراد البول تعمّد إلى مكان مرتفع من الأرض، و إلى مكان من الأمكنة يكون فيه التراب الكثير، كراهية أن ينضح

ص:249


1- 1) الكافي ج 4/89 ح 1-و [1]عنه الوسائل ج 7/303 ح 1 و [2]التهذيب ج 4/303 ح 1.
2- 2) أحمد بن محمد: بن موسى المعروف بابن الصلت الأهوازي المتوفى حدود سنة (409) .
3- 3) محمد بن يحيى: هو أبو جعفر العطّار القمي الذي كان حيّا في سنة (356) .
4- 4) محمد بن أحمد بن يحيى: بن عمران بن عبد اللّه بن سعد بن مالك الأشعري القمي أبو جعفر كان ثقة في الحديث إلاّ أنّ أصحابنا قالوا: إنّه يروي عن الضعفاء و يعتمد المراسيل.
5- 5) علي بن إسماعيل و يقال له: علي بن السندي و هو لقب لوالده كان من أصحاب الرضا عليه السلام.
6- 6) صفوان: هو ابن يحيى البجلي المتقدم ذكره توفي سنة (210) .
7- 7) عبد اللّه بن مسكان أبو محمد ثقة عين روى عن أبي الحسن الكاظم عليه السلام تقدّم ذكره. و بقي شيء ينبغي التنبيه عليه و هو أنّ المعروف أنّ ابن مسكان لم يسمع من الصادق عليه السلام إلا حديثا واحدا و هو «من أدرك المشعر فقد أدرك الحجّ» [3] كما قال الأردبيلي في جامع الرواة ج 1/507: [4] زعم أبو النضر محمد بن مسعود أنّ ابن مسكان كان لا يدخل على أبي عبد اللّه عليه السلام شفقة أن لا يوفيه حقّ إجلاله فكان يسمع من أصحابه، و هو ممّن اجتمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم و تصديقهم لمّا يقولون و أقرّوا لهم بالفقه. فعلى هذا يكون هذا الحديث مرسلا، و إلاّ فهو صحيح، و لكنّ الذي يظهر أنّ حصر ما رواه ابن مسكان عن الصادق عليه السلام في حديث «من أدرك المشعر فقد أدرك الحج» [5] لم يثبت. و قد تضمّن الكافي [6]أحاديث كثيرة رواه ابن مسكان عن الصادق عليه السلام و في بعضها سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول هكذا.

عليه البول (1).

ص:250


1- 1) التهذيب ج 1/33 ح 26-و عنه الوسائل ج 1/238 ح 2-و [1]عن علل الشرائع 278 ح 1 [2] مثله و الفقيه ج 1/22 ح 36 مرسلا نحوه.

الباب الثامن و العشرون

اجتهاده في العبادة من طريق المخالفين

1-صاحب كتاب «الصفوة» من أعيان علماء المخالفين من الجمهور قال: أخبرنا هبة اللّه بن محمّد، قال: أخبرني الحسن بن علي، قال:

أخبرني أحمد بن جعفر، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أحمد، قال حدّثني أبي، قال: حدّثنا يحيى (1)، عن سفيان (2)، قال حدّثني منصور (3)، عن إبراهيم (4)، عن علقمة (5)قال: سألت عائشة أكان رسول اللّه يخصّ شيئا من الأيّام؟ قالت: لا كان عمله ديمة (6)، و أيّكم يطيق ما كان رسول اللّه يطيق؟

أخرجاه في الصحيحين (7).

2-و عنه، هبة اللّه بن محمّد، قال: أخبرنا الحسن بن عليّ، قال:

أخبرنا أحمد بن جعفر، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أحمد، قال: حدّثني أبي، قال:

ص:251


1- 1) يحيى بن سعيد بن فروخ القطّان الحافظ البصري المتوفى سنة (198) .
2- 2) سفيان بن سعيد الثوري المتوفي سنة (161) تقدّم ذكره.
3- 3) منصور: بن المعتمد أبو عتاب الكوفي المتوفى سنة (132) تقدّم ذكره.
4- 4) إبراهيم: بن يزيد النخعي الكوفي بن قيس بن الأسود المتوفى (96) .
5- 5) علقمة: بن قيس بن عبد اللّه النخعي الكوفي الفقيه المتوفى بعد سنة (60) .
6- 6) ديمة: دائما غير منقطع.
7- 7) صفة الصفوة ج 1/190-و [1]رواه البخاري في صحيحه ج 2/55-و مسلم في صحيحه ج 1/541 ح 217 نحوه-و أحمد في مسنده ج 6/189 [2] باختلاف.

حدّثنا هارون بن معروف (1)، قال: حدّثنا ابن وهب (2)، قال: حدّثني أبو صخر (3)، عن ابن قسيط (4)، عن عروة (5)، عن عايشة قالت: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم إذا صلّى قام حتى تتفطر (6)رجلاه، قالت عايشة: يا رسول اللّه أتصنع هذا و قد غفر اللّه لك ما تقدّم من ذنبك و ما تأخّر؟ ! قال صلى اللّه عليه و آله و سلّم: يا عايشة أفلا أكون عبدا شكورا؟

أخرجاه في الصحيحين (7).

ص:252


1- 1) هارون بن معروف المروزي أبو علي الخزّاز الضرير نزيل بغداد المتوفى سنة (231) .
2- 2) ابن وهب: عبد اللّه بن وهب أبو محمد المصري المتوفى سنة (197) .
3- 3) أبو صخر: حميد بن زياد بن أبي المخارق المدني المصري المتوفى سنة (189) .
4- 4) ابن قسيط: يزيد بن عبد اللّه بن قسيط (مصغرا) الأعرج المدني المتوفى (122) .
5- 5) عروة: بن الزبير بن العوام المتوفى سنة (94) تقدم ذكره.
6- 6) تتفطر: تشقق.
7- 7) صفة الصفوة ج 1/194-و [1]صحيح مسلم ج 4/2172 ح 81-و مسند أحمد ج 6/115- و [2]صحيح البخاري ج 2/63 و ج 6/149 بسند آخر نحوه.

الباب التاسع و العشرون

في كيفية صلاته صلى اللّه عليه و آله صلوة الليل

1-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم كان إذا صلّى العشاء الآخرة أمر بوضوئه و سواكه، يوضع عند رأسه مخمرا، فيرقد ما شاء اللّه، ثمّ يقوم فيستاك و يتوضّأ و يصلّي أربع ركعات، ثم يرقد، ثمّ يقوم فيستاك و يتوضّأ و يصلّي أربع ركعات، ثمّ يرقد، حتى إذا كان في وجه الصبح قام فأوتر ثمّ يصلّي الركعتين.

ثم قال: لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اَللّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ (1): قلت: متى كان يقوم؟ قال: بعد ثلث الليل، و قال في حديث آخر: بعد نصف اللّيل.

و في رواية أخرى: يكون قيامه و ركوعه و سجوده سواء، و يستاك في كلّ مرّة قام من نومه و يقرأ الآيات من آل عمران إِنَّ فِي خَلْقِ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ - إلى قوله- إِنَّكَ لا تُخْلِفُ اَلْمِيعادَ (2)(3).

2-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن

ص:253


1- 1) الأحزاب:21. [1]
2- 2) آل عمران:190-194. [2]
3- 3) الكافي ج 3/445 ح 13-و [3]عنه الوسائل ج 1/356 ح 1 و [4]ج 3/196.

فضال، عن ابن بكير (1)، عن زرارة (2)، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم يصلّي من اللّيل ثلاث عشرة ركعة، منها الوتر و ركعتا الفجر في السفر و الحضر (3).

3-الشيخ في «التهذيب» بإسناده في الصحيح، عن محمّد بن علي بن محبوب (4)، عن العبّاس بن معروف (5)، عن عبد اللّه بن المغيرة (6)، عن معاوية بن وهب، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول و ذكر صلاة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: كان يأتي (7)بطهور فيخمّر عند رأسه، و يوضع سواكه تحت فراشه، ثمّ ينام ما شاء اللّه، فإذا استيقظ جلس، ثمّ قلّب بصره في السماء، ثمّ تلى الآيات من آل عمران: إِنَّ فِي خَلْقِ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ (8)الآية، ثمّ يستنّ (9)و يتطهّر ثم يقوم إلى المسجد، فيركع أربع ركعات على قدر قراءة ركوعه، و سجوده على قدر ركوعه، يركع حتى يقال: متى يرفع رأسه؟ و يسجد حتى يقال: متى يرفع رأسه؟ ثمّ يعود إلى فراشه فينام ما شاء اللّه.

ثمّ يستيقظ فيجلس، فيتلوا الآيات من آل عمران، و يقلّب بصره إلى السماء، ثمّ يستنّ و يتطهر، و يقوم إلى المسجد، فيصلّي أربع ركعات كما ركع

ص:254


1- 1) ابن بكير: عبد اللّه بن بكير بن أعين الشيباني مولاهم أبو علي روى عن الصادق عليه السلام. و كان فطحيا إلاّ أنّه ثقة له كتاب روى عنه الحسن بن علي بن فضّال.
2- 2) زرارة: بن أعين بن سنسن الشيباني مولاهم اسمه عبد ربّه توفي (150) .
3- 3) الكافي ج 3/446-و [1]عنه الوسائل ج 3/67 ح 6. [2]
4- 4) محمد بن علي بن محبوب: أبو جعفر الأشعري القمي شيخ القميين في عصره روى عنه أحمد بن إدريس الأشعري القمي المتوفى (306) .
5- 5) العباس بن معروف: مولى جعفر بن عمران بن عبد اللّه الأشعري، قمي وثقه النجاشي و العلاّمة.
6- 6) عبد اللّه بن المغيرة: أبو محمد البجلي الكوفي كان واقفيّا فرجع و قطع بامامة الرضا عليه السلام، قال النجاشي أنه ثقة، ثقة.
7- 7) في الوسائل: [3] يؤتى.
8- 8) آل عمران:191. [4]
9- 9) يستنّ: يستاك و يستعمل السواك.

قبل ذلك، ثمّ يعود إلى فراشه فينام ما شاء اللّه، ثمّ يستيقظ فيجلس فيتلو الآيات من آل عمران و يقلّب بصره في السماء ثمّ يستنّ و يتطهر، و يقوم إلى المسجد فيوتر و يصلّي الركعتين، ثمّ يخرج إلى الصلاة (1).

ص:255


1- 1) التهذيب ج 2/334 ح 233-و عنه البحار ج 16/276 ح 115 و [1]الوسائل ج 3/195 ح 1- و [2]قطعة منه في الوسائل ج 4/948 ح 2. [3]

ص:256

الباب الثلاثون

كيفيّة صلاته صلى اللّه عليه و آله صلاة اللّيل من طريق المخالفين

1-كتاب «الصفوة» قال: أخبرنا عبد الأوّل قال: أخبرنا ابن المظفّر، قال: أخبرنا ابن أعين، قال: حدّثنا الفربري؟ قال: حدّثنا البخاري، قال: حدّثنا قتيبة (1)، عن مالك (2)، عن مخرمة بن سليمان (3)، عن كريب (4)، عن أنس، عن ابن عباس، أخبره أنّه بات عند ميمونة زوج النبيّ صلى اللّه عليه و آله، و هي خالته، قال: فاضطجعت في عرض الوسادة، و اضطجع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم و أهله في طولها، فنام رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم حتى انتصف اللّيل، أو قبله بقليل، أو بعده بقليل، استيقظ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم، فجعل يمسح النوم عن وجهه بيده، ثمّ قرأ العشر الآيات الخواتم (5)من سورة آل عمران، ثمّ قام إلى شنّ (6)معلق، فتوضّأ منها فأحسن وضوءه، ثمّ قام يصلّي.

ص:257


1- 1) قتيبة: بن سعيد بن جميل البلخي المتوفى سنة (240) تقدّمت ترجمته.
2- 2) مالك: بن أنس بن مالك بن أبي عامر المدني الفقيه المتوفى سنة (179) .
3- 3) مخرمة بن سليمان: (بفتح الميم و سكون الخاء المعجمة و فتح الراء المهملة) الأسدي الوالبي المدني المتوفى سنة (130) .
4- 4) كريب: بن أبي سلم المدني أبو رشدين مولى ابن عباس توفي سنة (98) .
5- 5) من آية 91-إلى آية 200.
6- 6) الشنّ (بفتح الشين المعجمة و النون المشدّدة) : القربة من الجلد.

قال ابن عباس: فقمت فصنعت مثل ما صنع، ثم ذهبت فقمت إلى جنبه، فوضع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم يده اليمنى على رأسي، و أخذ بأذني اليمنى ففتلها، فصلّى ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين ثم أوتر، ثمّ اضطجع حتى جاء المؤذّن، فقام فصلّى ركعتين خفيفتين، ثمّ خرج فصلّى الصبح.

أخرجاه في الصحيحين (1).

2-و عنه، قال: أخبرنا هبة اللّه بن محمّد، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أحمد، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثنا هشيم (2)، قال: أخبرنا خالد (3)، عن عبد اللّه بن شقيق (4)، قال: سألت عائشة عن صلاة رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله من التطوّع، فقالت: كان يصلّي قبل الظهر أربعا في بيتي، ثمّ يخرج فيصلّي بالناس، ثم يرجع إلى بيتي فيصلّى ركعتين، و كان يصلّي بالناس المغرب، ثم يرجع إلى بيتي فيصلّي ركعتين، فكان يصلّي بهم العشاء، ثمّ يدخل بيتي فيصلي ركعتين، و كان يصلّي من اللّيل تسع ركعات فيهنّ الوتر، و كان يصلّي ليلا طويلا قائما، و ليلا طويلا جالسا، فإذا قرأ و هو قائم، ركع و سجد و هو قائم، و إذا قرأ و هو قاعد، ركع و سجد و هو قاعد، و كان إذا طلع الفجر صلّى ركعتين، ثمّ يخرج فيصلّي بالناس صلاة الفجر.

انفر بإخراجه مسلم (5).

ص:258


1- 1) صفة الصفوة ج 1/190-و [1]رواه مسلم في صحيحه ج 1/526 ح 182-و البخاري في صحيحه ج 1/55-و ج 2/29-و مالك في الموطأ ج 1/121 و [2]ابن ماجة في سننه ج 1/433 ح 1363-و النسائي في سننه ج 3/211.
2- 2) هشيم (بالتصغير) بن بشير بن القاسم بن دينار السلمي أبو معاوية بن أبي خازم الواسطي المتوفي سنة (183) كان حافظ بغداد في عصره.
3- 3) خالد: بن مهران أبو المنازل الحذّاء (بفتح الحاء المهملة و تشديد الذال المعجمة) البصري مولى قريش-توفي سنة (142) .
4- 4) عبد الله بن شقيق: العقيلي (بضم العين المهملة) البصري المتوفى سنة (108) .
5- 5) صفة الصفوة ج 1/190-و [3]رواه مسلم في صحيحه ج 1/405 ح 105 باختلاف.

3-و قد اختلفت الرواية في عدد الركعات اللّواتي كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم يصلّيهن في الليل، فقال الترمذي: أقل ما روي عنه تسع ركعات، و أكثره ثلاث عشرة مع الوتر، و قد روي عنه أحد عشر ركعة (1).

4-قال المؤلف: (ره) قلت: قد روى البخاري من حديث مسروق (2)قال: سألت عائشة عن صلاة رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم بالليل، فقالت: سبع، و تسع، و إحدى عشر ركعة، سوى ركعتي الفجر.

و هذا غير ما قال الترمذي (3).

5-و عنه، قال: أخبرنا هبة اللّه بن محمد، قال: أخبرنا الحسن بن عليّ، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أحمد، قال:

حدّثني أبي، قال: حدّثنا ابن أبي عدي (4)عن حميد (5)، قال: سئل أنس بن مالك عن صلوة رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم من الليل، فقال: ما كنّا شاء أن نراه من اللّيل مصلّيا إلاّ رأيناه، و ما كنّا نشاء أن نراه نائما إلاّ رأيناه، و كان يصوم من الشهر حتّى نقول: لا يفطر منه شيئا، و يفطر حتى نقول:

لا يصوم منه شيئا (6).

أخرجاه في الصحيحين (7).

6-و عنه، قال: أخبرنا هبة اللّه بن محمّد، قال: أخبرنا الحسن بن علي، قال: أخبرنا ابن مالك، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أحمد، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثنا يحيى بن سعيد (8)، عن سفيان، قال: حدّثني سليمان (9)،

ص:259


1- 1) صفة الصفوة ج 1/192- [1]رواه الترمذي في سننه ج 2/303-305.
2- 2) مسروق: بن الأجدع بن مالك الهمداني الوادعي الكوفي المتوفى سنة (63) .
3- 3) صفة الصفوة ج 1/193-و [2]رواه البخاري في صحيحه ج 2/62.
4- 4) ابن أبي عدي: محمد بن إبراهيم بن أبي عدي البصري المتوفى سنة (194) .
5- 5) حميد: بن أبي حميد الطويل أبو عبيدة البصري المتوفى سنة (143) .
6- 6) جملة «و يفطر حتى نقول لا يصوم منه شيئا» ليست في المصدر.
7- 7) صفة الصفوة ج 1/193-و [3]رواه البخاري في صحيحه ج 2/62 نحوه.
8- 8) يحيى بن سعيد: بن فروخ القطّان المتوفى سنة (198) تقدّم ذكره.
9- 9) سليمان: بن مهران الأعمش الكوفي الأسدي المتوفى سنة (148) .

عن أبي وائل (1)، عن عبد اللّه، قال: صلّيت مع النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم ذات ليلة، فلم يزل قائما حتى هممت بأمر سوء، قلنا: ما هممت؟ قال: هممت أن أجلس و أدعه.

أخرجاه في الصحيحين (2).

7-و عنه، قال: أخبرنا هبة اللّه، أخبرنا الحسن، قال: أخبرنا أنس بن مالك، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أحمد، قال حدّثني أبي، قال: حدّثنا ابن نمير (3)، قال: حدّثنا الأعمش، عن سعد بن عبيد (4)عن المستورد بن الأحنف (5)، عن صلة بن زفر (6)، عن حذيفة (7)قال: صلّيت مع النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم ليلة فافتتح البقرة فقلت: يركع عند المائة، قال: ثم مضى، فقلت: يصلّي بها في ركعة، فمضى فقلت يركع بها، ثمّ افتتح النساء فقرأها، ثمّ افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مترسّلا، إذا مرّ بآية فيها تسبيح سبح، و إذا مرّ بسؤال سأل، و إذا مرّ بتعوّذ تعوّذ، ثمّ ركع، فجعل يقول: سبحان ربّي العظيم و بحمده (8)، فكان ركوعه نحوا من قيامه، ثمّ قال: سمع اللّه لمن حمده، ثمّ قام طويلا قريبا ممّا ركع، ثمّ سجد فقال: سبحان ربّي الأعلى، فكان سجوده قريبا من قيامه.

ص:260


1- 1) أبو وائل: شقيق بن سلمة الأسدي الكوفي المتوفى حدود سنة (100) .
2- 2) صفة الصفوة ج 1/193- [1]رواه مسلم في صحيحه ج 1/537 ح 204-و البخاري في صحيحه ج 2/61 باختلاف.
3- 3) ابن نمير: عبد اللّه أبو هشام الكوفي المحدث المتوفى سنة (199) .
4- 4) سعد بن عبيد: أبو عبيد الزهري مولى عبد الرحمن بن أزهر قال ابن حجر في التقريب: ثقة من الثانية، و قيل: له ادراك.
5- 5) المستورد بن الأحنف: الكوفي، قال في التقريب: ثقة من الثالثة.
6- 6) صلة (بكسر أوله و فتح اللام) بن زفر (بضم الزاي المعجمة و فتح الفاء) أبو العلاء الكوفي التابعي مات في حدود (70) .
7- 7) حذيفة: بن اليمان العبسي صحابي جليل مات في سنة (36) .
8- 8) كلمة (و بحمده) ليست في المصدر.

انفرد باخراجه مسلم (1)و سورة النساء في هذا الحديث مقدّمة على آل عمران، و كذلك في مصحف ابن مسعود (2).

8-و روى شعبة (3)، عن أبي إسحاق (4)، عن حارثة بن مضرب (5)قال: سمعت عليّ بن أبي طالب عليه السلام يقول: لقد حضرنا بدرا و ما فينا إلاّ من نام غير رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم، فإنّه كان منتصبا في أصل شجرة يصلّي و يدعو حتّى الصباح.

ص:261


1- 1) صحيح مسلم ج 1/536 ح 203.
2- 2) صفة الصفوة ج 1/194. [1]
3- 3) شعبة: بن الحجّاج أبو بسطام الواسطي البصري المتوفى سنة (160) تقدّم ذكره.
4- 4) أبو إسحاق: عمرو بن عبد اللّه السبيعي الهمداني المتوفى سنة (129) تقدّم ذكره.
5- 5) حارثة بن مضرّب (بتشديد الراء المهملة المكسورة) الكوفي ثقة من الثالثة.

ص:262

الباب الحادي و الثلاثون

في خشوعه و خوفه صلى اللّه عليه و آله من اللّه سبحانه و تعالى

1-الشيخ في «أماليه» قال: أخبرنا أحمد بن محمّد بن الصلت (1)، قال:

أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة، قال: أخبرنا محمّد بن عبد الملك (2)، قال: حدّثنا هارون بن عيسى، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد (3)، قال: حدّثني أبي، قال: أخبرني عليّ بن موسى، عن أبيه، عن أبي عبد اللّه، عن أبيه عليهم السلام عن جابر بن عبد اللّه أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم قال في خطبته: إنّ أحسن الحديث كتاب اللّه، و خير الهدى هدى محمّد، و شرّ الأمور محدثاتها، و كلّ محدّثة بدعة، و كلّ بدعة ضلالة.

و كان إذا خطب قال في خطبته: أمّا بعد، فإذا ذكر الساعة اشتدّ صوته و احمرّت و جنتاه، ثمّ يقول: صحبتكم الساعة، أو مسّتكم، ثمّ يقول: بعثت أنا و الساعة كهذه من هذه، و يشير بأصبعه (4)(5).

2-و عنه في «مجالسه» قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضّل، قال:

ص:263


1- 1) أحمد بن محمد بن الصلت: الأهوازي كان حيّا في سنة (409) ، تقدّم ذكره.
2- 2) محمد بن عبد الملك: بن مروان الواسطي أبو جعفر الدقيقي المتوفى سنة (266) .
3- 3) في المصدر: جعفر بن محمد بن عيسى المعيدي.
4- 4) في المصدر: باصبعيه.
5- 5) أمالي الطوسي ج 1/347-و [1]عنه البحار ج 2/301 ح 31. [2]

حدّثنا إبراهيم بن حفص بن عمر العسكري (1)، بالمصيصة من أصل كتابه قال: حدّثنا عبد اللّه بن الهيثم بن عبد اللّه الأنماطي البغدادي (2)، من ساكني حلب سنة ستّ و خمسين و مأتين، قال: حدّثني عمرو بن خالد الواسطي (3)، عن محمّد و زيد (4)ابني عليّ، عن أبيهما، عن أبيه الحسين عليهم السلام، قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يرفع يديه إذا ابتهل و دعا كما يستطعم المسكين (5).

3-و عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم كان إذا قام إلى الصلاة، يسمع لصدره و جوفه أزيز كأزيز (6)المرجل (7)على الأثافي من شدّة البكاء، و قد آمنه اللّه عزّ و جلّ من عقابه، فأراد أن يتخشّع لربّه ببكائه، و يكون إماما لمن اقتدى به.

4-عليّ بن إبراهيم في «تفسيره» عن أبي ذر في تفسير قوله تعالى وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ (8)كان سبب نزولها في أبي ذر، و عثمان بن عفان (9)، لمّا أمر عثمان بنفي أبي ذرّ رحمه اللّه إلى الربذة، دخل عليه أبو ذرّ و كان عليلا متوكّيا على عصاه، و بين يدي عثمان مائة ألف درهم، قد حملت إليه من بعض النواحي، و أصحابه حوله ينظرون إليه، و يطمعون أن يقسّمها فيهم.

ص:264


1- 1) إبراهيم بن حفص: يحتمل كونه إبراهيم بن أبي حفص أبا إسحاق الكاتب، كان شيخا من أصحاب الحسن العسكري عليه السلام. ثقة موجها.
2- 2) في البحار [1]بعد كلمة البغدادي: عن الحسين بن علوان الكلبي، عن عمرو بن خالد.
3- 3) عمرو بن خالد الواسطي أبو خالد من رجال العامّة و روى عن الباقر عليه السلام و زيد بن علي بن الحسين عليهم السلام.
4- 4) زيد بن علي بن الحسين كان فقيها جليلا استشهد سنة (121) .
5- 5) أمالي الطوسي ج 2/198-و [2]عنه البحار ج 14/287 ح 141. [3]
6- 6) الأزيز (كعزيز) : صوت الرعد.
7- 7) المرجل (كمنبر) : القدر الذي يطبخ فيه الغذاء.
8- 8) البقرة:84. [4]
9- 9) عثمان بن عفان: بن أبي العاص بن أميّة بن عبد الشمس المقتول سنة (35) .

فقال أبو ذرّ (ره) لعثمان: ما هذا المال؟ فقال عثمان: مائة ألف درهم حملت إليّ من بعض النواحي أريد أن أضمّ إليها مثلها ثمّ أرى فيها رأيي، فقال أبو ذرّ (ره) : يا عثمان أيّما أكثر، مائة ألف أو أربعة دنانير؟ فقال عثمان: بل مائة ألف درهم، فقال: أما تذكر أنا و أنت و قد دخلنا على رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم عشيّا، فرأيناه كئيبا حزينا فسلّمنا عليه، فلم يردّ علينا السلام، فلمّا أصبحنا أتيناه، فرأيناه ضاحكا مستبشرا، فقلنا له: بآبائنا و أمّهاتنا دخلنا عليك البارحة فرأيناك كئيبا حزينا، ثمّ عدنا إليك اليوم فرأيناك فرحا مستبشرا؟ فقال: نعم كان قد بقي عندي من فيء المسلمين أربعة دنانير لم أكن قسّمتها، و خفت أن يدركني الموت و هي عندي، و قد قسّمتها اليوم فاسترحت منها (1).

و الحديث طويل أخذنا موضع الحاجة.

5-أبو جعفر أحمد القمّي في كتاب «زهد النبيّ» صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، أنّ جبرئيل عليه السلام جاءه عند الزوال في ساعة لم يأته فيها، و هو متغيّر اللون، و كان النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم يسمع حسّه و جرسه فلم يسمعه يومئذ، فقال له النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم: يا جبرائيل مالك جئتني في ساعة لم تكن تجيئني فيها؟ و أرى لونك متغيّرا، و كنت أسمع حسّك و جرسك فلم أسمعه؟ فقال: إنّي جئت حين أمر اللّه بمنافخ النار فوضعت على النار.

فقال النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم: فأخبرني عن النار يا أخي جبرئيل حين خلقها اللّه تعالى، فقال: إنّه سبحانه أوقد عليها ألف عام فاحمرّت، ثمّ أوقد عليها ألف عام فابيضّت، ثمّ أوقد عليها ألف عام فاسودّت، فهي سوداء مظلمة لا يضيء جمرها، و لا ينطفئ لهبها، و الّذي بعثك بالحق نبيّا، لو أنّ مثل خرق إبرة خرج منها على أهل الأرض لاحترقوا عن آخرهم، و لو أنّ رجلا

ص:265


1- 1) تفسير القمي ج 1/51-و [1]عنه البحار ج 22/426 ح 36. [2]

دخل جهنّم ثم أخرج منها لهلك أهل الأرض جميعا حين ينظرون إليه لما يرون به، و لو أنّ ذراعا من السلسلة التي ذكرها اللّه في كتابه وضع على جميع جبال الدنيا لذابت عن آخرها، و لو أنّ بعض خزّان جهنّم التسعة عشر نظر إليه أهل الأرض لماتوا حين ينظرون إليه، و لو أنّ ثوبا من ثياب أهل جهنّم أخرج إلى الأرض لمات أهل الأرض من نتن ريحه، فانكبّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم و أطرق يبكي، و كذلك جبرئيل، فلم يزالا يبكيان حتّى ناداهما ملك من السماء: يا جبرئيل و يا محمّد إنّ اللّه قد أمّنكما من أن تعصياه فيعذّبكما (1).

6-و قال الصادق عليه السلام: بينا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم ذات يوم قاعدا إذ نزل جبرئيل حزينا كئيبا فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:

يا أخي جبرئيل ما لي أراك كئيبا حزينا؟ فقال: و كيف لا أكون كذلك، و قد وضعت منافيخ جهنّم اليوم، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم: و ما منافيخ جهنّم؟ فقال: إنّ اللّه أمر النار فأوقد عليها ألف عام فاحمرّت ثم أوقد عليها ألف عام فابيضّت، ثم أوقد عليها ألف عام فاسودّت، فهي سوداء مظلمة، ظلمات بعضها فوق بعض، فلو أنّ حلقة من السلسلة التي طولها سبعون ذراعا وضعت على الجبال لذابت من حرّها، و لو أنّ قطرة من الزقّوم و الضريع قطرت في شراب الدنيا لمات أهل الدنيا من نتنها، قال: فبكى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم، و بكى جبرئيل عليه السلام، فأوحى اللّه إليهما: أنّي قد أمّنتكما من أن تذنبا ذنبا تستحقّان به النار، و لكن كونا هكذا (2).

7-و روى هذا الحديث محمّد بن عليّ بن أحمد المعروف بابن الفارسي (3)في «روضة الواعظين» عن الصادق عليه السلام ببعض التغيير، و في آخر

ص:266


1- 1) الدروع الواقية:58-و [1]عنه البحار ج 8/305 ح 64. [2]
2- 2) أخرج نحوه في البحار ج 8/280 ح 1-و [3]تفسير البرهان ج 3/81 ح 7 [4]عن تفسير القمي ج 2/81 [5] مع زيادة.
3- 3) محمد بن علي: محمد الحسن بن علي بن أحمد المتوفى سنة (508) المعروف بالفتّال النيسابوري تقدم ذكره.

روايته: قال: فبكى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و بكى جبرئيل عليه السلام، فبعث اللّه ملكا فقال: إنّ ربّكما يقرئكما السلام، و يقول لكما:

إنّي قد أمّنتكما من أن تذنبا ذنبا أعذّبكما عليه (1).

ص:267


1- 1) روضة الواعظين:506. [1]

ص:268

الباب الثاني و الثلاثون

في استغفاره و توبته صلى اللّه عليه و آله من غير ذنب

1-الحسين بن سعيد الأهوازي في كتاب «الزهد» عن صفوان بن يحيى، عن الحارث بن المغيرة (1)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: إنّ اللّه يحبّ المقرّ التوّاب، قال: و كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم يتوب إلى اللّه في كلّ يوم سبعين مرّة من غير ذنب، قلت: يقول أستغفر اللّه و أتوب إليه؟ قال: كان يقول: أتوب إلى اللّه (2).

2-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار (3)، عن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم يستغفر اللّه عزّ و جلّ في كلّ يوم سبعين مرّة، و يتوب إلى اللّه عزّ و جلّ سبعين مرة.

قال قلت: كان يقول: أستغفر اللّه و أتوب إليه؟ قال: كان يقول:

أستغفر اللّه، أستغفر اللّه، سبعين مرة، و أتوب إلى اللّه سبعين مرّة (4)(5).

ص:269


1- 1) الحارث بن المغيرة: أبو علي النصري روى عن الباقر و الصادق و الكاظم عليهم السلام، وثّقه أرباب الرجال.
2- 2) الزهد:73 ح 195-و [1]عنه البحار [2]ج 16/283 ح 132، و ج 93/282 ح 25-و مستدرك الوسائل ج 5/320 ح 1. [3]
3- 3) معاوية بن عمّار: بن خباب الكوفي العجلي أبو القاسم الدهني المتوفى سنة (175) .
4- 4) في المصدر: و يقول: و أتوب إلى اللّه، و أتوب إلى اللّه سبعين مرّة.
5- 5) الكافي ج 2/504 ح 5-و [4]عنه البحار ج 87/11-و [5]الوسائل ج 4/1201 ح 1 و [6]صدره في-Ẓ

3-عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن طلحة بن زيد (1)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم كان لا يقوم من مجلس و إن خفّ، حتى يستغفر اللّه خمسا و عشرين مرّة (2).

4-الشيخ في «التهذيب» باسناده عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن الحسين بن عثمان (3)، عن سماعة (4)، عن أبي بصير، قال: قلت له: المستغفرين بالأسحار؟ فقال: استغفر رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم في الوتر 5سبعين مرّة 6.

5-محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال عن ابن بكير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان يتوب إلى اللّه في كلّ يوم سبعين مرّة من غير ذنب 7.

6-عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد 8، و عليّ بن

ص:270


1- 1) طلحة بن زيد: أبو الخز [1]رج الجزري القرشي النهدي الش [2]امي روى عن الصادق عليه السلام [3]، ذكره أصحاب الرجال و ق [4]الوا: هو عامي المذهب إ [5]لاّ أنّ كتابه معتمد و روى عنه جمع، تقدّم ذكره.
2- 2) الكافي ج 2/504 ح 4-و عنه البحار ج 16/258 ح 40 و الوسائل ج 4/1200 ح 1 و أخرجه في البحار ج 93/381 ح 21 عن مكارم الأخلاق:313.
3- 3) الحسين بن عثمان: بن زياد الرواسي من الفضلاء الخيار الثّقاة و له كتاب.
4- 4) سماعة: بن مهران الحضرمي أبو محمد الكوفي بيّاع القزّ-روى عن الصادق و الكاظم عليهما السلام و مات بالمدينة قيل: توفي سنة (145) و هو بعيد.

إبراهيم، عن أبيه جميعا عن ابن محبوب (1)، عن عليّ بن رئاب، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم كان يتوب إلى اللّه و يستغفره في كلّ يوم و ليلة مائة مرّة من غير ذنب (2).

7-و عنه، عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد (3)، عن غير واحد، عن أبان (4)، عن زيد الشحّام، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:

كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يتوب إلى اللّه عزّ و جلّ في كلّ يوم سبعين مرة، قلت: أكان يقول: أستغفر اللّه و أتوب إليه؟ قال: لا، و لكن كان يقول: أتوب إلى اللّه عزّ و جلّ، قلت: إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم كان يتوب و لا يعود، و نحن نتوب و نعود فقال: اللّه المستعان (5).

ص:271


1- 1) ابن محبوب: الحسن بن محبوب أبو علي الزرّاد الكوفي روى عن الرضا عليه السلام و توفّي سنة (224) .
2- 2) الكافي: ج 2/450 ح 2 و [1]عنه الوسائل ج 11/368 ح 5. و [2]عن معاني الأخبار/383 ح 15.
3- 3) الحسن بن محمد: بن سماعة أبو علي الكندي الكوفي الفقيه الواقفي توفي سنة (263) و قد تقدّم.
4- 4) ابان: بن عثمان بن أحمر البجلي الكوفي روي عن الصادق و الكاظم و الرضا عليهم السلام توفي حدود سنة (200) تقدم ذكره.
5- 5) الكافي ج 2/438 ح 4-و [3]عن الوسائل ج 11/367 ح 1. [4]

ص:272

الباب الثالث و الثلاثون

في ما يقوله صلى اللّه عليه و آله من التحميد إذا أصبح و أمسى

1-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي الحسن الأنباري، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم يحمد اللّه في كلّ يوم ثلاثمائة و ستين مرّة، عدد عروق الجسد، يقول: الحمد للّه كثيرا على كلّ حال (1).

2-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، و حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد، جميعا عن أحمد بن الحسن الميثمي (2)، عن يعقوب بن شعيب (3)، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّ في ابن آدم ثلاثمائة و ستّين عرقا: منها مائة و ثمانون متحركة، و منها مائة و ثمانون ساكنة، فلو سكن المتحرّك لم ينم، و لو تحرّك الساكن لم ينم، و كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله إذا أصبح قال:

ص:273


1- 1) الكافي ج 2/503 ح 3-و [1]عنه البحار ج 16/257 ح 39-و [2]ج 61/316 ح 24-و ج 87/10 ح 19-و الوسائل ج 4/119 ح 2. [3]
2- 2) الميثمي: أحمد بن الحسن بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم التمّار أبو عبد اللّه الكوفي من أصحاب الكاظم عليه السلام، و روى عن الرضا عليه السلام و كان واقفيّا و لكنّه ثقة صحيح الحديث معتمد عليه.
3- 3) يعقوب بن شعيب: بن ميثم بن يحيى التمّار أبو محمد ثقة روى عن الصادق عليه السلام، و له كتاب عنه محمد بن أبي عمير و الحسن بن محمد بن سماعة.

الحمد للّه ربّ العالمين كثيرا على كلّ حال، ثلاثمائة و ستين مرّة، و إذا أمسى قال مثل ذلك (1).

3-ابن بابويه قال: حدّثني أبي رحمه اللّه قال: حدّثنا سعد بن عبد اللّه، عن يعقوب بن يزيد (2)، عن محمّد بن الحسن الميثمي، عن يعقوب بن شعيب، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّ في بني آدم ثلاثمائة و ستّين عرقا: منها ثمانون و مائة متحرّكة، و ثمانون و مائة ساكنة، فلو سكن المتحرّك لم ينم، و لو تحرّك الساكن لم ينم، فكان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله إذا أصبح قال: الحمد للّه ربّ العالمين كثيرا على كلّ حال، ثلاثمائة و ستّين مرّة، و إذا أمسى قال: مثل ذلك (3).

4-الشيخ في «مجالسه» قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال:

حدّثني أبو القاسم جعفر بن محمد العلوي الموسوي، في منزله بمكّة، قال:

حدّثنا عبد اللّه بن أحمد بن نهيك (4)، قال: حدّثنا محمّد بن أبي عمير، عن سبرة بن يعقوب بن شعيب، عن أبيه، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يحدّث عن آبائه عليهم السلام، عن عليّ عليه السلام، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّ في ابن آدم ثلاثمائة و ستّين عرقا: منها مائة و ثمانون متحرّكة، و مائة و ثمانون ساكنة، فلو سكن المتحرّك لم يبق الانسان، و لو تحرّك الساكن لهلك الانسان.

ص:274


1- 1) الكافي ج 2/503 ح 4-و [1]عنه البحار [2]ج 61/316 ح 25 و ج 86/254 ح 22-و الوسائل ج 4/1195 ح 3-و [3]عن العلل:353 ح 1. [4]
2- 2) يعقوب بن يزيد: بن حمّاد الأنباري السلمي أبو يوسف الكاتب من كتّاب المنتصر العبّاسي، كان من أصحاب الرضا عليه السلام و روي عن أبي جعفر الثاني عليه السلام، و انتقل إلى بغداد، و كان ثقة صدوقا.
3- 3) علل الشرائع:353 ح 1. [5]
4- 4) عبد اللّه بن أحمد بن نهيك: أبو العباس النخعي الكوفي، و يقال أيضا، عبيد اللّه بن أحمد (مصغّرا) شيخ-صدوق، ثقة.

قال: و كان النبيّ صلى اللّه عليه و آله في كلّ يوم إذا أصبح و طلعت الشمس يقول: الحمد للّه ربّ العالمين كثيرا طيبا على كلّ حال، يقول:

ثلاثمائة و ستّين مرّة شكرا (1).

ص:275


1- 1) أمالي الطوسي ج 2/210-و [1]عنه البحار ج 93/215 ح 19-و [2]ج 61/316 ح 22 عنه و عن مكارم الأخلاق:308-و [3]ذيله في الوسائل ج 4/1234 ح 19-و [4]أخرجه في البحار ج 86/266 ح 35 [5]عن المكارم و [6]أعلام الدين:216-و [7]رواه في تنبيه الخواطر ج 2/76. [8]

ص:276

الباب الرابع و الثلاثون

في ما يقوله إذا ورد ما يسرّه، و ما يغمّه، و عند دخوله المسجد،

و خروجه، و إذا أصبح، و عند النوم، و عند الانتباه، و عند رؤية هلال

شهر رمضان، و عند إفطاره، و عند الأكل، و إذا أكل عند أحد، و عند

شرب الماء، و عند الفاكهة الجديدة، و عند ركوب الدابّة.

1-محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن مثنّى الحنّاط (1)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم إذا ورد عليه أمر يسّره قال: الحمد للّه على هذه النعمة (2).

2-الشيخ في «أماليه» قال: أخبرني محمّد بن محمّد، يعني المفيد، قال: حدّثني أبو حفص عمر بن محمّد بن عليّ الصيرفي (3)، قال حدّثنا أبو الحسن عليّ بن مهرويه القزويني، قال: حدّثني داود بن سليمان الغازي (4)، قال: حدّثنا الرّضا عليّ بن موسى عليهما السلام قال: حدّثني موسى بن جعفر العبد الصالح عليه السلام، قال: حدّثني أبي جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام، قال: حدّثني أبي محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام، قال: حدّثني

ص:277


1- 1) مثنّى الحناط: بن الوليد الكوفي مولى له كتاب روى عن الصادق عليه السلام و روى عنه جماعة.
2- 2) الكافي ج 2/97 ح 19-و [1]عنه البحار ج 71/33 ح 14-و [2]الوسائل ج 2/896 ح 4-و [3]أخرجه في البحار ج 93/214 [4]عن مشكاة الأنوار:31. [5]
3- 3) عمر بن محمد بن علي الصيرفي أبو حفص الحافظ البغدادي المعروف بابن الزيات المتوفى سنة (375) .
4- 4) داود بن سليمان الغازي: بن وهب كان حيّا سنة (266) .

أبي عليّ بن الحسين زين العابدين عليه السلام، قال: حدّثنا أبي الحسين بن عليّ الشهيد عليه السلام، قال: حدّثني أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله إذا أتاه أمر يسرّه قال:

الحمد للّه الّذي بنعمته تتمّ الصالحات، و إذا أتاه أمر يكرهه قال: الحمد للّه على كلّ حال (1).

3-الشيخ في «أماليه» قال: أخبرنا أبو عبد اللّه حمّوية بن عليّ بن حمّوية البصري، قال: أخبرنا أبو الحسن (2)محمّد بن محمّد بن بكر الفراني، قال:

حدّثنا أبو الخليفة الفضل بن الحباب الجمحي، قال: حدّثنا مسدّد (3)، قال:

حدّثني عبد الوارث (4)، عن ليث بن أبي سليم (5)، عن عبد اللّه بن الحسن (6)، عن أمّه فاطمة (7)، عن جدّته فاطمة عليها السلام، قالت: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إذا دخل المسجد يصلّي على النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم، و قال: اللّهمّ اغفر لي ذنوبي، و افتح لي أبواب رحمتك، فإذا خرج صلّى على النبيّ صلى اللّه عليه و آله، و قال: اللّهمّ اغفر لي ذنوبي، و افتح لي أبواب فضلك (8).

ص:278


1- 1) أمالي الطوسي ج 1/49-و [1]عنه البحار ج 71/46 ح 56-و [2]ج 93/211 ح 8.
2- 2) في نسخة: الحسين، و على أيّ نحو ما وجدت له ترجمة.
3- 3) مسدّد: بن مسرهد بن مسربل بن مستورد الأسدي الحافظ البصري المتوفى سنة (228) .
4- 4) عبد الوارث: و يقال: عبد الأكرم بن أبي حنيفة الكوفي، ترجمه في التقريب و قال: من السابعة.
5- 5) ليث بن أبي سليم: بن زنيم (بالتصغير فيهما) توفي سنة (148) .
6- 6) عبد اللّه بن الحسن بن الحسن المجتبى عليه السلام أبو محمد المدعو بالمحض، كان شيخ بني هاشم في عصره و يتولى صدقات أمير المؤمنين عليه السلام، مات في حبس المنصور سنة (145) بالكوفة.
7- 7) فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام زوج الحسن بن الحسن عليهما السلام توفيت بعد سنة (100) .
8- 8) أمالي الطوسي ج 2/15-و [3]عنه البحار ج 84/22 ح 11-و [4]الوسائل ج 3/518 ح 2-و [5]أخرجه في البحار ج 84/23 ح 14 [6]عن دلائل الامامة:7 [7] باختلاف.

4-محمد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن شريف بن سابق (1)، عن الفضل بن أبي قرّة (2)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: ثلاث تناسخها (3)الأنبياء من آدم حتى وصلن إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، كان إذا أصبح يقول: اللّهمّ إنّي أسألك إيمانا تباشر به قلبي، و يقينا حتى أعلم أنّه لا يصيبني إلاّ ما كتبت لي، و رضّني بما قسمت لي (4).

5-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عن محمّد بن مروان (5)، قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام:

ألا أخبركم بما كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم يقوله إذا أوى إلى فراشه؟ قلت: بلى، قال عليه السلام: كان يقرأ آية الكرسي، و يقول:

بسم اللّه، آمنت باللّه، و كفرت بالطاغوت، اللّهمّ احفظني في منامي و يقظتي (6).

6-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و أحمد بن محمّد جميعا، عن جعفر بن محمّد الأشعري (7)، عن ابن القدّاح (8)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم إذا أوى إلى فراشه قال: اللّهمّ باسمك أحيى و باسمك أموت، فإذا قام من نومته (9)قال:

«الحمد للّه الذي أحياني بعد ما أماتني، و إليه النشور» (10).

ص:279


1- 1) شريف بن سابق: التفليسي أبو محمد الكوفي انتقل إلى تفليس و صاحب الفضل بن أبي قرة.
2- 2) الفضل بن أبي قرّة: التفليسي التميمي السهندي روى عن الصادق عليه السلام.
3- 3) تناسخها الأنبياء: أي ورثوها من التناسخ في الميراث و هو موت ورثة بعد ورثة و أصل الميراث قائم لم يقسم.
4- 4) الكافي ج 2/524 ح 10-و [1]عنه البحار ج 86/289 ح 51. [2]
5- 5) محمد بن مروان: الكلبي روى عن الباقر و الصادق عليهما السلام.
6- 6) الكافي ج 2/536 ح 4. [3]
7- 7) جعفر بن محمد الأشعري: بن عبيد اللّه له كتاب روى عنه البرقي و هو يروي كثيرا عن ابن القداح.
8- 8) ابن القدّاح: عبد اللّه بن ميمون كان يبري القدح روى عن الصادق عليه السلام و كان ثقة.
9- 9) في نسخة: نومه.
10- 10) الكافي ج 2/539 ح 14-و [4]عنه البحار ج 87/173 ح 4 و [5]عن الفقيه ج 1/480 ح 4387.

7-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني (1)، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم إذا أهلّ هلال شهر رمضان، استقبل القبلة و رفع يديه فقال: أللّهمّ أهلّه علينا بالأمن و الايمان، و السلامة و الاسلام، و العافية المجلّلة، و الرزق الواسع، و دفع الأسقام، اللهمّ ارزقنا صيامه و قيامه، و تلاوة القرآن فيه، اللّهمّ سلّمه لنا و تسلّمه منّا و سلّمنا فيه (2).

8-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي جعفر، عن آبائه عليهم السلام، أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم كان إذا أفطر قال: اللّهمّ لك صمنا، و على رزقك أفطرنا، فتقبّله منّا، ذهب الظمآء، و ابتلّت العروق، و بقي الأجر (3).

9-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن أحمد بن الحسن الميثمي، رفعه قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم إذا وضعت المائدة بين يديه قال: سبحانك اللّهمّ ما أحسن ما ابتلينا به، سبحانك ما أكثر ما تعطينا، سبحانك ما أكثر ما تعافينا، اللهمّ أوسع علينا، و على فقراء المؤمنين و المؤمنات، و المسلمين و المسلمات (4).

10-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه

ص:280


1- 1) إبراهيم بن عمر اليماني: الصنعاني من أصحاب الباقر و الصادق و الكاظم عليهم السلام-و له أصول رواها عنه حمّاد بن عيسى المتوفى سنة (208) .
2- 2) الكافي ج 4/70 ح 1-و [1]عنه الوسائل ج 7/233 ح 1-و [2]عن الفقيه ج 2/100 ح 1846 مرسلا-و التهذيب ج 4/196 ح 1 عن الكافي و [3]عن أمالي الصدوق:48 ح 1 و [4]ثواب الأعمال:88 ح 2 [5] نحوه مع زيادة.
3- 3) الكافي ج 4/95 ح 1-و [6]عنه الوسائل ج 7/106 ح 1-و [7]عن التهذيب ج 4/199 ح 1- و الفقيه ج 2/106 ح 1850 مرسلا، و المقنعة:51 و أخرجه في البحار ج 16/242- و ج 96/315 ح 17 [8]عن مكارم الأخلاق:27. [9]
4- 4) الكافي ج 6/293 ح 8 و [10]عنه البحار ج 66/375 ح 29-و [11]الوسائل ج 16/487 ح 3. [12]

و آله و سلّم إذا أطعم عند أهل البيت قال لهم: طعم عندكم الصائمون، و أكل عندكم الأبرار، و صلّت عليكم الملائكة الأخيار (1).

11-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد (2)، عن عليّ بن الحكم، عن الربيع بن محمّد بن المسلي (3)، عن عبد اللّه بن سليمان (4)، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لم يكن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم يأكل طعاما و لا يشرب شرابا إلاّ قال: اللّهمّ بارك لنا فيه، و أبدلنا خيرا منه، إلاّ اللّبن فإنّه كان يقول: اللّهمّ بارك لنا فيه، و زدنا منه (5)

12-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القدّاح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم إذا شرب اللبن قال: اللّهمّ بارك لنا فيه، وزدنا منه (6).

13-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن إبن القدّاح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله إذا شرب الماء قال: الحمد للّه الذي سقانا عذبا زلالا، و لم يسقنا ملحا أجاجا، و لم يؤاخذنا بذنوبنا (7).

14-ابن بابويه قال: حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل رحمه اللّه، قال:

ص:281


1- 1) الكافي ج 6/294 ح 10-و [1]عنه البحار ج 66/383-و [2]الوسائل ج 16/486 ح 2-و [3]التهذيب ج 9/99 ح 165-و المحاسن ج 2/439 ح 294-و [4]أخرجه في البحار ج 16/293 ح 161 [5]عن نوادر الراوندي و [6]في ج 76/454 عن المحاسن. [7]
2- 2) أحمد بن محمد: بن عيسى الأشعري المتقدم ذكره.
3- 3) الربيع بن محمد المسلي الكوفي بن محمد بن عمر بن حسان الأصمّ روى عن الصادق عليه السلام.
4- 4) عبد اللّه بن سليمان: العامري الكوفي روى عن الباقر و الصادق عليهما السلام.
5- 5) الكافي ج 6/336 ح 1-و [8]عنه الوسائل ج 17/83 ح 1 و [9]عن المحاسن 491. [10]
6- 6) الكافي ج 6/336 ح 3-و [11]عنه الوسائل ج 17/83 ح 2-و [12]عن المحاسن 491. [13]
7- 7) الكافي ج 6/384 ح 2-و [14]عنه البحار ج 16/268-و ج 66/459 ح 6 و [15]الوسائل ج 17/198 ح 2-و [16]قرب الأسناد:12-و [17]المحاسن:578 ح 43. [18]

حدّثنا عليّ بن الحسين السعد آبادي (1)، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عن أبيه، عن وهب بن وهب (2)، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه، عن عليّ عليهم السلام، قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم إذا رأى الفاكهة الجديدة قبّلها و وضعها على عينيه و فمه، ثمّ قال: اللّهم كما أريتنا أوّلها في عافية، فأرنا آخرها في عافية (3).

15-و عنه، عن الحسين بن أحمد بن إدريس رحمه اللّه، قال: حدّثنا أبي، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن أبي جميلة المفضّل بن صالح (4)، عن سعد بن طريف (5)، عن الأصبغ بن نباتة (6)، قال: أمسكت لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب بالركاب، و هو يريد أن يركب، فرفع رأسه و تبسّم، فقلت: يا أمير المؤمنين رأيت رفعت رأسك و تبسّمت، قال: نعم يا أصبغ أمسكت لرسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم الشهباء فرفع رأسه و تبسّم، فقلت: يا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم رفعت رأسك إلى السماء و تبسّمت، فقال: يا عليّ إنّه ليس من أحد يركب، ثمّ يقرأ آية الكرسي، ثمّ يقول: استغفر اللّه الذي لا إله إلاّ هو الحيّ القيّوم و أتوب إليه، اللّهمّ اغفر لي ذنوبي، إنّه لا يغفر الذنوب إلاّ أنت، إلا قال السيّد الكريم: يا ملائكتي عبدي يعلم أنّه لا يغفر الذنوب غيري،

ص:282


1- 1) السعد آبادي علي بن الحسين روى عنه الكليني و ظاهر الأصحاب قبول حديثه.
2- 2) وهب بن وهب أبو البختري القرشي المدني روى عن الصادق عليه السلام و أحاديثه عنه عليه السلام لا يوثق بها كلها.
3- 3) أمالي الصدوق:219 ح 6-و [1]عنه البحار ج 95/347 ح 1-و [2]أخرجه في البحار ج 66/119 [3]عن مكارم الأخلاق:170، [4]يأتي في ص 402 ح 8. [5]
4- 4) أبو جميلة المفضل بن صالح الأسدي الكوفي النخاس روى عن الصادق و الكاظم عليهما السلام و مات في حياة الرضا عليه السلام، و لكن ضعّفه أرباب الرّجال.
5- 5) سعد بن طريف: الأسكاف مولى بني تميم الكوفي و يقال أيضا: سعد الخفاف روى عن الباقر و الصادق عليهما السلام و كان قاضيا.
6- 6) الأصبغ بن نباتة: الحنظلي الكوفي من خاصة أمير المؤمنين عليه السلام.

فاشهدوا أنّي غفرت له ذنوبه (1).

ص:283


1- 1) أمالي الصدوق:410 ح 3-و [1]عنه البحار ج 76/294 ح 21-و [2]في تفسير القمي ج 2/281- و [3]في الوسائل ج 8/282 ح 3 و 4. [4]

ص:284

الباب الخامس و الثلاثون

في صيامه صلى اللّه عليه و آله

1-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب (1)عن محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله أوّل ما بعث يصوم حتى يقال: ما يفطر، و يفطر حتّى يقال: ما يصوم: ثمّ ترك ذلك و صام يوما و أفطر يوما، و هو صوم داود عليه السلام، ثمّ ترك ذلك و صام الثلاثة الأيّام الغر (2)، ثمّ ترك ذلك و فرّقها في كلّ عشرة أيّام يوما خميسين بينهما أربعاء، فقبض عليه و آله السلام و هو يعمل ذلك (3).

2-و عنه، عن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: صام رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم حتّى قيل: ما يفطر، و أفطر حتى قيل:

ما يصوم، ثمّ صام صوم داود يوما و يوما لا، ثمّ قبض على صيام ثلاثة أيّام في الشهر، قال: إنّهن يعدلن صوم الشهر، و في «نسخة» : صوم الدهر،

ص:285


1- 1) أبو أيّوب: إبراهيم بن عثمان بن عيسى الخزّار الكوفي روى عن الصادق و الكاظم عليهما السلام.
2- 2) في النهاية: في الحديث صوم الأيام الغرّ أى البيض الليالي بالقمر و هي الثالث عشر و الرابع عشر و الخامس عشر.
3- 3) الكافي ج 4/90 ح 2 و [1]عنه البحار ج 16/270 ح 85 و [2]في الوسائل ج 7/309 ح 16. [3]

و يذهبن بوحر الصدر-قال حماد: الوحر الوسوسة-.

قال حمّاد: فقلت: و أيّ الأيّام هي؟ قال: أوّل خميس في الشهر، و أوّل أربعاء بعد العشر منه، و آخر خميس منه، فقلت: كيف صارت هذه الأيّام التي تصام؟ فقال: لأنّ من قبلنا من الأمم كان إذا نزل على أحدهم العذاب نزلت في هذه الأيام، فصام رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم هذه الأيّام لأنّها الأيّام المخوفة (1).

3-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح (2)، عن محمّد بن مروان، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم يصوم حتى يقال لا يفطر، ثمّ صام يوما و أفطر يوما، ثمّ صام الاثنين و الخميس، ثم آل من ذلك إلى صيام ثلاثة أيّام في الشهر: الخميس في أوّل الشهر، و أربعاء في وسط الشهر، و خميس في آخر الشهر، و كان عليه السلام يقول: ذلك صوم الدهر، و قد كان أبي عليه السلام يقول: ما من أحد أبغض إليّ من رجل يقال له: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم يفعل كذا و كذا فيقول: لا يعذّبني اللّه على أن أجتهد في الصلاة و الصوم، كأنّه يرى أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله ترك شيئا من الفضل عجزا عنه (3).

ص:286


1- 1) الكافي ج 4/89 ح 1-و [1]عنه الوسائل ج 7/309 ح 16، و [2]البحار ج 16/270 ح 85. [3]
2- 2) جميل بن صالح الأسدي روى عن الصادق و الكاظم عليهما السلام.
3- 3) الكافي ج 4/90 ح 3-و [4]عنه البحار ج 16/270 ح 86-و [5]الوسائل ج 7/305 ح 5. [6]

الباب السادس و الثلاثون

في جوده صلى اللّه عليه و آله

1-محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليّ بن الحكم، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال: إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم ما منع سائلا قط، إن كان عنده أعطى، و إلاّ قال: يأتي اللّه به، و لا أعطى على اللّه عزّ و جلّ شيئا قطّ إلاّ أجازه اللّه، إنّه (1)ليعطي الجنّة فيجيز اللّه له ذلك (2).

2-عنه، عن عليّ بن محمّد بن عبد اللّه (3)، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن إسماعيل بن مهران، عن أيمن بن محرز، عن أبي أسامة زيد الشحام، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ما منع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم سائلا قطّ إن كان عنده أعطى و إلاّ قال يأتي اللّه به (4).

3-الطبرسي في «الاحتجاج» عن الامام موسى بن جعفر، عن آبائه، عن الحسين عليهم السلام، عن أبيه عليه السلام، قال له يهوديّ: فإنّ عيسى يزعمون أنّه كان زاهدا، قال له عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك: و محمّد

ص:287


1- 1) في المصدر: إن.
2- 2) الكافي ج 8/164 ح 175. و [1]عنه البحار ج 41/130 ح 41 [2] تقدّم بتمامه في باب 22 ح 1.
3- 3) علي بن محمد بن عبد اللّه أبي القاسم بن عمران البرقي أبو الحسن المعروف أبوه بما جيلويه القمي كان من الأدباء الفقهاء الثقات في القرن الثالث.
4- 4) الكافي ج 4/15 ح 5-و [3]عنه البحار ج 16/269 ح 84-و [4]الوسائل ج 6/291. [5]

صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أزهد الأنبياء عليهم السلام كان له ثلاث عشر زوجة، سوى من يطيف به من الأماء، ما رفعت له مائدة قطّ و عليها طعام، و لا أكل خبز برّ قطّ، و لا شبع من خبز شعير ثلاث ليال متواليات قطّ، توفّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و درعه مرهونة عند يهوديّ بأربعة دراهم، ما ترك صفراء و لا بيضاء مع ما وطّئ (1)له من البلاد، و مكّن له من غنائم العباد، و لقد كان يقسم في اليوم الواحد ثلثمائة ألف و أربعمائة ألف، و يأتيه السائل بالعشيّ فيقول: و الّذي بعث محمدا بالحقّ ما أمسى في آل محمد (ص) صاع من شعير و لا صاع من تمر (2)و لا درهم و لا دينار.

قال له اليهوديّ: فإنّي أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، و أنّ محمّدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و أشهد أنّه ما أعطى اللّه عزّ و جلّ نبيّا درجة و لا مرسلا فضيلة إلاّ و قد جمعها لمحمّد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم و زاد محمّدا على الأنبياء صلوات اللّه عليهم أجمعين أضعاف درجات.

فقال ابن عبّاس لعليّ بن أبي طالب عليه السلام: أشهد يا أبا الحسن أنّك من الراسخين في العلم، فقال: ويحك و مالي ألاّ أقول: ما قلت في نفس من استعظمه اللّه عزّ و جلّ في عظمته جلّت قدرته فقال: وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (3)(4).

4-الشيخ في «مجالسه» قال: أخبرني الحسين بن إبراهيم القزويني (5)، قال: أخبرنا محمّد بن وهبان (6)، عن محمّد بن أحمد بن زكريا (7)عن الحسن بن

ص:288


1- 1) وطئ له: مهّد و ذلّل و يسّر.
2- 2) و في نسخة: برّ.
3- 3) القلم:4. [1]
4- 4) الاحتجاج ج 1/225-و [2]عنه البحار ج 10/48-و ج 17/297. [3]
5- 5) الحسين بن إبراهيم القزويني: أبو عبد اللّه المتوفى بعد سنة (408) تقدّم ذكره.
6- 6) محمد بن وهبان: أبو عبد اللّه الدبيلي ساكن البصرة ثقة من أصحابنا تقدم ذكره.
7- 7) محمّد بن أحمد بن زكريا: المعروف بابن دبس أبو علي الكوفي ذكره النجاشي في ضمن ترجمة الحسن بن الجهم.

عليّ بن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن سعيد بن عمرو الجعفي، عن محمّد بن مسلم: قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام ذات يوم، و هو يأكل متّكئا، و قد كان يبلغنا أنّ ذلك يكره، فجعلت أنظر إليه فدعاني إلى طعامه فلمّا فرغ قال: يا محمّد لعلّك ترى أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم رأته عين و هو يأكل متكئا، منذ بعثه اللّه إلى أن قبضه، ثمّ ردّ على نفسه، فقال: لا و اللّه ما رأته عين و هو يأكل متّكئا، منذ بعثه اللّه إلى أن قبضه (1)ثمّ قال: يا محمّد لعلّك ترى أنّه شبع من خبز البرّ ثلاثة أيام متوالية منذ أن بعثه اللّه إلى أن قبضه؟ ثم أنه ردّ على نفسه، ثم قال: لا و اللّه ما شبع من خبز البرّ ثلاثة أيام متوالية إلى أن قبضه اللّه، أما أني لا أقول: إنه لم يجد، و لقد كان يجيز الرجل الواحد بالمائة من الابل، و لو أراد أن يأكل لأكل، و لقد أتاه جبرئيل عليه السلام بمفاتيح خزائن الأرض ثلاث مرّات، فخيّره من غير أن ينقصه ممّا أعدّ له يوم القيامة شيئا، فيختار التواضع لربّه، و ما سئل شيئا فقال: لا، إن كان أعطى، و إن لم يكن قال: يكون إنشاء اللّه، و ما أعطى على اللّه شيئا قط إلاّ سلّم اللّه له ذلك، حتى أنّه (2)كان ليعطي الرجل الجنّة فيسلم اللّه ذلك.

ثم تناولني بيده، فقال: و إن كان صاحبكم عليه السلام ليجلس جلسة العبد، و يأكل أكل العبد، و يطعم الناس الخبز و اللّحم، و يرجع إلى رحله فيأكل الخلّ و الزيت، و إنّه ليشتري القميصين السنبلانيين ثم يخيّر غلامه خيرهما، ثم يلبس الآخر، فإذا جاز أصابعه قطعه، و إن جاز كعبيه حذفه، و ما ورد عليه أمران قطّ كلاهما للّه رضا إلاّ أخذ أشدّهما على بدنه، و لقد ولي الناس خمس سنين، ما وضع آجرّة على آجرّة و لا لبنة على لبنة، و لا أقطع قطيعة، و لا أورث بيضاء و لا حمراء إلاّ سبعمائة درهم، فضلت من عطائه، أراد أن يبتاع بها لأهله خادما، و ما أطاق عمله منّا أحد، و أنّه كان عليّ بن الحسين عليهما السلام لينظر في كتاب من كتب عليّ عليه السلام فيضرب

ص:289


1- 1) جملة «ثم ردّ على نفسه. . . إلى أن قبضه» ليس في المصدر. نعم في البحار [1]موجود.
2- 2) في المصدر: إن.

به الأرض و يقول: من يطيق هذا (1)؟

5-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم (2)، عن مسعدة بن صدقة (3)، عن الصادق عليه السلام قال: علّم اللّه جلّ اسمه نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كيف ينفق، و ذلك أنّه كانت عنده أوقية (4)من الذهب، فكره أن تبيت عنده فتصدّق بها، فأصبح و ليس عنده شيء، و جاءه من يسأله فلم يكن عنده ما يعطيه، فلامه السائل، و اغتمّ هو حيث لم يكن عنده ما يعطيه، و كان رحيما رقيقا صلى اللّه عليه و آله فأدّب اللّه عزّ و جلّ نبيّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم بأمره فقال له: وَ لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ اَلْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً (5)يقول: إنّ النّاس قد يسألونك و لا يعذرونك، و إذا أعطيت جميع ما عندك من المال قد كنت قد حسرت من المال (6).

6-و عنه، عن عليّ بن محمد، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن موسى بن بكر (7)، عن عجلان (8)، قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام فجاءه سائل، فقام إلى مكتل (9)فيه تمر، فملأ يده فناوله، ثمّ جاء آخر فسأله، فقام فأخذ بيده فناوله، ثمّ جاء آخر فسأله، فقام فأخذ بيده فناوله ثمّ جاء آخر فسأله فقام فأخذه بيده فناوله ثمّ جاء آخر،

ص:290


1- 1) أمالي الطوسي ج 2/303، و [1]عنه البحار:16/277 ح 116 و [2]الوسائل:16/413 [3]
2- 2) هارون بن مسلم: بن سعدان أصله كوفي تحوّل إلى البصرة ثم إلى بغداد و مات بها و يكنى أبا القاسم و كان له مذهب في الجبر و التشبيه. لقى الهادي و العسكري عليهما السلام.
3- 3) مسعدة بن صدقة: أبو محمد العبدي الربعي البصري روى عن الصادق و الكاظم عليهما السلام.
4- 4) الأوقيّة (بضم الهمزة و سكون الواو) : سبعة مثاقيل.
5- 5) الاسراء:29. [4]
6- 6) الكافي ج 5/67-و [5]عنه البحار ج 47/235-و [6]تفسير البرهان ج 2/417 ح 4. [7]
7- 7) موسى بن بكر: الواسطي أصله كوفي كان واقفيّا و له كتاب روى عن الصادق و الكاظم عليهما السلام.
8- 8) عجلان: أبو صالح الخبّاز الواسطي مولى بني تيم اللّه روى عن الصادق عليه السلام.
9- 9) المكتل (كمنبر) الزنبيل الكبير.

فقال عليه السلام: اللّه رازقنا و إيّاك.

ثمّ قال: إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم كان لا يسأله أحد من الدنيا شيئا إلاّ أعطاه، فأرسلت إليه امرأة ابنا لها فقالت: انطلق إليه فاسأله، فإن قال: ليس عندنا شيء، فقل أعطني قميصك، قال: فأخذ قميصه فرماه إليه.

(و في نسخة أخرى: و أعطاه) فأدّبه اللّه تبارك و تعالى على القصد، فقال: وَ لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ اَلْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً (1)صلوات اللّه عليه و على آله الطاهرين (2).

7-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه عن إسماعيل بن مرار (3)، عن يونس (4)، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: لا بأس بالرجل يمرّ على الثمرة و يأكل منها و لا يفسد، قد نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم أن تبنى الحيطان بالمدينة لمكان المارّة، قال: و كان إذا بلغ نخلة أمر بالحيطان فخرقت لمكان المارّة (5).

8-سعد بن عبد اللّه القمّي، في «بصائر الدرجات» عن أحمد بن محمّد بن عيسى، و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن حمّاد بن عثمان (6)، عن الفضيل بن يسار (7)، عن أبي جعفر

ص:291


1- 1) الاسراء:29. [1]
2- 2) الكافي ج 4/55 ح 7-و [2]عنه البرهان ج 2/416 ح 2-و [3]ذيله في البحار ج 16/271 ح 90- و [4]أخرجه في البحار ج 96/169 ح 15 و [5]البرهان ج 4/417 ح 5 [6]عن العيّاشي ج 2/289 ح 59. [7]
3- 3) اسماعيل بن مرار: ترجمه في جامع الرواة ج 1/103 و [8]قال: روى عن يونس بن عبد الرحمن.
4- 4) يونس: بن عبد الرحمن مولى علي بن يقطين روى عن الكاظم و الرضا عليهما السلام و هو عظيم المنزلة و إن ضعّفه القميون. روى أنّ الرضا عليه السلام ضمن ليونس الجنّة ثلث مرّات.
5- 5) الكافي ج 3/569 ح 1-و [9]عنه البحار ج 16/274 ح 107-و [10]في الوسائل ج 6/139 ح 1 و [11]ج 12/17 ح 12 عنه و عن المحاسن:528 ح 766. [12]
6- 6) حمّاد بن عثمان: بن زياد الرّواسي من أصحاب الكاظم و الرضا عليهما السلام.
7- 7) فضيل بن يسار: أبو القاسم كوفي نزل البصرة ر [13]وى عن الباقر و الصادق عليهما السلام و مات في-Ẓ

عليه السلام فإنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم قد كان يتألّف الناس بالمائة ألف درهم ليكفّوا عنه (1).

9-الشيخ في «مجالسه» قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، عن محمّد بن جعفر الرزّاز أبي العبّاس الكوفي (2)، قال: حدّثنا أيّوب بن نوح بن درّاج (3)، قال: حدّثنا محمّد بن سعيد بن زائدة، عن أبي الجارود زياد بن المنذر (4)، عن محمّد بن عليّ، و عن زيد بن عليّ، كلاهما عن أبيهما عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام (في حديث مرض رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و عرضه وصيّته على عمّه العبّاس و البيت مملوّ من المهاجرين و الأنصار) (5)فقال له العبّاس: يا نبيّ اللّه أنا شيخ ذو عيال كثير، غير ذي مال ممدود، و أنت أجود من السحاب الهاطل، و الريح المرسلة، فلو صرفت ذلك عنّي إلى من هو أطوق له منّي، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم: أما إنّي سأعطيها من يأخذها بحقّها و من لا يقول مثل ما تقول، يا عليّ هاكها خالصة (6).

10-ابن شهر اشوب في «الفضائل» ، و عليّ بن عيسى (7)في «كشف الغمّة» : روي عن النبيّ صلى اللّه عليه و آله أنّه أعطى يوم هوازن من العطايا ما

ص:292


1- 1) مختصر البصائر:24-و عنه البحار ج 53/39 ح 3.
2- 2) محمد بن جعفر الرزاز: بن محمد بن عون الأسدي أبو الحسين و أبو العباس الكوفي المتوفى سنة (312) و يطلق عليه الرزاز و الرازي و الزراري.
3- 3) أيوب بن نوح بن دراج: أبو الحسين النخعي الكوفي كان وكيلا للهادي و العسكري عليهما السلام و عظيم المنزلة و مأمونا-و كان قاضيا بالكوفة.
4- 4) أبو الجارود و زياد بن المنذر الزيدي الأعمى المتوفى سنة (150) و قد تقدم ذكره.
5- 5) هذه الجملات من «في حديث [1] مرض» إلى «المهاجرين و ال [2]أنصار» اختصار من أصل الرواية و نقل بالمعنى.
6- 6) أمالي الطوسي ج 2/213-و عنه البحار ج 22/500 ح 47.
7- 7) علي بن عيسى الأربلي: من علمائنا الأجلاّء في القرن السابع فرغ من كشف الغمة سنة (687) .

قوّم بخمسمائة ألف ألف (1).

11-ابن شهر اشوب، روي أنّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم بذل جميع ماله حتى قميصه، و بقي في داره عريانا على حصير، إذ أتاه بلال و قال:

يا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله الصلاة فنزل وَ لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ اَلْبَسْطِ (2)و أتاه بحلّة فردوسية (3).

12-و عن الباقر عليه السلام إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم لقد كان يجيز الرجل الواحد بالمائة من الابل، و ما سئل شيئا قطّ فقال: لا، فإن كان أعطى، و إن لم يكن قال: يكون إنشاء اللّه.

بيت ما قال لا قطّ إلاّ في تشهّده لو لا التشهد لم يسمع له لاء

و عن أنس، أنّ رجلا سأله صلى اللّه عليه و آله و سلّم فأمر بالصعود في سفح و اختياره كيف شاء، فلمّا صعد الرجل قال: كم أسوق؟ قال: كلّه، فامتلأت بين جبلين، فلمّا رجع إلى قبيلته قال: يا قوم آمنوا بمحمّد صلى اللّه عليه و آله و سلّم فإنّه يعطي عطاء لا يخاف معه الفقر.

و روى أنّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم قسّم غنائم حنين في المؤلّفة قلوبهم، فأعطى أبا سفيان و ابنه معاوية، و حكيم بن حزام (4)، و النضر بن حارث، و عكرمة بن أبي جهل، و صفوان بن أميّة، و سهيل بن عمرو، و زهير بن أبي أميّة، و هشام بن المغيرة، و أعطى كلّ واحد منهم مائة واحدة و يقال: أعطى الأقرع بن حابس (5)، و عيينة بن حصن (6)مائة، و أعطى العباس بن

ص:293


1- 1) كشف الغمة ج 1/10-و [1]عنه البحار ج 16/118. [2]
2- 2) الاسراء:29. [3]
3- 3) تفسير البرهان ج 2/417 ح 8. [4]
4- 4) حكيم بن حزام بن خويلد القرشي من المؤلفة قلوبهم توفي سنة (54) أو (58) .
5- 5) الأقرع بن حابس: بن عقال المجاشعي الدارمي من المؤلفة قلوبهم و قتل بالجوزجان سنة (31) .
6- 6) عيينة بن حصن: أبو مالك الفزاري أسلم قبل الفتح أو بعده، ثم ارتدّ مع الأسدي و قاتل معه-Ẓ

مرداس (1)أربعا من الابل فسخط، و أنشأ يقول

أتجعل نهبي و نهب الخميس 2 بين عيينة و الأقرع

فقد كنت في الحرب ذا تدرء فلم أعط شيئا و لم أمنع

فقال النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم: اقطعوا لسانه عنّي، فقام رجل ليقطعه، فقال صلى اللّه عليه و آله و سلّم: قم يا عليّ إليه فاقطع لسانه، فأخذ عليّ عليه السلام بيده، و أدخله الحظائر، فقال: اعقل ما بين أربعة إلى مائة فقال العبّاس: ما أحكمكم و أكرمكم و أحلمكم و أعلمكم؟ ! فقال عليه السلام: إنّ رسول اللّه أعطاك أربعا و جعلك مع المهاجرين، فإن شئت خذها، و إن شئت فخذ المائة 3.

ص:294


1- 1) العباس بن [1]مرداس: بن أبي عامر السلمي اسلم بعد الأحزاب و سكن البصرة.

الباب السابع و الثلاثون

جوده من طريق المخالفين

1-كتاب «الصفوة» لبعض علماء الجمهور، قال: أخبرنا هبة اللّه بن محمّد، قال: أخبرنا الحسن بن عليّ قال: أخبرنا أحمد بن جعفر، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أحمد، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثنا عتاب (1)، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: أخبرنا يونس (2)، عن الزهري (3)، قال: حدّثني عبيد اللّه بن عبد اللّه (4)، عن ابن عبّاس: قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم أجود الناس، و كان أجود ما يكون في رمضان حين يلقى جبرئيل عليه السلام، و كان جبرئيل يلقاه في كلّ ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، قال: فلرسول اللّه أجود الناس بالخير من الريح المرسلة: أخرجاه في الصحيحين (5).

2-و عنه، قال: أخبرنا هبة اللّه بن محمّد، قال: أخبرنا الحسن بن عليّ، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أحمد، قال:

ص:295


1- 1) عتّاب: بن زياد الخراساني أبو عمرو المروزي المتوفى سنة (212) .
2- 2) يونس: بن أبي إسحاق السبيعي أبو اسرائيل الكوفي المتوفى (152) .
3- 3) الزهري: محمد بن مسلم بن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن شهاب الحافظ المتوفى (125) .
4- 4) عبيد اللّه بن عبد اللّه بن ثعلبة الأنصاري المدني شيخ الزهري.
5- 5) صفة الصفوة ج 1/177-و [1]رواه البخاري في صحيحه ج 1/5-و ج 4/137 و 229- و ج 6/229 باختلاف و ج 3/33 نحوه و مسلم في صحيحه ج 4/1803 ح 50 نحوه-و النسائي في سننه ج 4/125.

حدّثني أبي، قال: حدّثنا ابن أبي عدي، عن حميد (1)، عن موسى بن أنس (2)، عن أنس، أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم لم يكن يسأل شيئا على الاسلام إلاّ أعطاه، قال: فأتاه رجل فسأله، فأمر له بشاء كثير بين جبلين من شاء الصدقة، قال: فرجع إلى قومه فقال: يا قوم أسلموا فإنّ محمدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يعطي عطاء ما يخشى الفاقة.

انفرد باخراجه مسلم (3).

3-و عنه، قال: أخبرنا عبد الأوّل (4)، قال: أخبرنا الداودي (5)، قال: أخبرنا ابن أعين (6)قال: حدّثنا الفربري، قال: حدّثنا البخاري، قال: حدّثنا عمرو بن عون (7)، قال: حدّثنا حمّاد بن زيد (8)، عن ثابت (9)، عن أنس، قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم أحسن الناس، و أشجع الناس، و أجود الناس (10).

4-و عنه، عن محمّد بن أبي القاسم، قال: حدّثنا أحمد بن عبد اللّه (11)، قال: حدّثنا سليمان بن أحمد (12)، قال: حدّثنا أحمد بن خليد،

ص:296


1- 1) حميد: بن أبي حميد الطويل أبو عبيدة البصري توفي سنة (142) .
2- 2) موسى بن أنس: بن مالك الأنصاري قاضي البصرة توفي حدود سنة (110) .
3- 3) صفة الصفوة ج 1/178-و [1]صحيح مسلم ج 4/1806 ح 57.
4- 4) عبد الأوّل: أبو الوقت بن عيسى بن شعيب السجزي مسند زمانه توفي سنة (555) في بغداد.
5- 5) الداودي: أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد البوشنجي الخراساني المتوفى سنة (467) .
6- 6) ابن أعين: عبد اللّه بن أحمد بن حمّوية بن يوسف بن أعين: أبو محمد السرخسي المحدث روى عن الفربري صحيح البخاري، توفي سنة (381) .
7- 7) عمرو بن عون: بن أوس أبو عثمان الواسطي البزار البصري المتوفى سنة (225) .
8- 8) حمّاد بن زيد: بن درهم أبو اسماعيل الأزرق البصري المتوفى سنة (179) .
9- 9) ثابت: بن أسلم أبو محمد البناني البصري المتوفى سنة (123) .
10- 10) صفة الصفوة ج 1/178- [2]صحيح مسلم ج 4/1802 ح 48-صحيح البخاري ج 8/16- و أخرجه في البحار ج 16/232 [3]عن مكارم الأخلاق:19. [4]
11- 11) أحمد بن عبد اللّه: هو أبو نعيم الأصفهاني الحافظ المؤرخ المتوفى سنة (430) .
12- 12) سليمان بن أحمد: بن أيّوب أبو القاسم الطبراني المتوفى باصفهان (360) .

قال: حدّثنا أبو توبة (1)قال: حدّثنا معاوية بن سلام (2)، عن زيد بن سلاّم (3)، أنّه سمع أبا سلاّم (4)يقول: حدّثني عبد اللّه الهوزني (5)، قال:

لقيت بلالا فقلت: يا بلال حدّثني كيف كانت نفقة رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله؟ فقال: ما كان له شيء، كنت أنا الّذي آتي له ذلك، منذ بعثه اللّه تعالى حتى توفّي، و كان إذا أتاه الرجل المسلم فرآه عاريا، يأمرني فانطلق، فاستقرض و اشتري الرداء فاكسوه و أطعمه (6).

ص:297


1- 1) أبو توبة: الربيع بن نافع الحلبي سكن طرسوس و توفي سنة (241) .
2- 2) معاوية بن سلام: بن أبي سلام الحبشي الدمشقي المتوفى حدود (170) .
3- 3) زيد بن سلاّم بن أبي سلاّم الحبشي، ترجمه في التقريب و قال: من السادسة.
4- 4) أبو سلام (بتشديد اللام) منظور الأسود الحبشي المتوفى بعد (100) .
5- 5) عبد اللّه الهوزني: بن لحى (بضم اللام مصغرا) أبو عامر الحمصي ترجمه ابن حجر في التقريب و قال: مخضرم من الثانية.
6- 6) صفة الصفوة ج 1/437-و [1]سنن أبي داود ج 3/171 ح 3055. [2]

ص:298

الباب الثامن و الثلاثون

انّه صلى اللّه عليه و آله أشجع الناس من طريق الخاصّة و العامّة

1-محمّد بن يعقوب، بإسناده عن عليّ بن حديد (1)، عن مرازم (2)، قال أبو عبد اللّه عليه السلام: إنّ اللّه كلّف رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله ما لم يكلّف به أحدا (3)من خلقه، كلّفه أن يخرج على الناس كلّهم وحده بنفسه، و إن لم يجد فئة تقاتل معه، و لم يكلّف هذا أحدا من خلقه قبله و لا بعده، ثم تلا هذه الآية: فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اَللّهِ لا تُكَلَّفُ إِلاّ نَفْسَكَ (4)ثمّ قال:

و جعل اللّه له أن يأخذ ما أخذ لنفسه (5)، فقال عزّ و جلّ: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها (6)و جعلت الصلاة (7)على رسول اللّه صلى اللّه عليه

ص:299


1- 1) علي بن حديد: بن حكيم الكوفي المدائني، روى عن الكاظم عليه السلام و قال الكشي: كان فطحيا.
2- 2) مرازم: بن حكيم الأزدي أبو محمد المدائني روى عن الصادق و الكاظم عليهما السلام.
3- 3) في المصدر: ما لم يكلّفه أحدا.
4- 4) النساء:84. [1]
5- 5) في تعليقات الكافي: [2] أي يأخذ بالعهد من الخلق في مضاعفة الأعمال له صلى اللّه عليه و آله و سلّم مثل ما أخذ لنفسه في المضاعفة، أو يأخذ العهد بتعظيمه مثل ما أخذ لنفسه.
6- 6) الأنعام:160. [3]
7- 7) قال في مرآة العقول: « [4]جعلت الصلاة» يحتمل وجهين: أن يكون المراد أنّه جعل تعظيمه و الصلاة عليه من طاعاته التي يضاعف لها، الثواب عشرة أضعافها، الثاني أن يكون المراد أنه ضاعف لنفسه الصلوة لكونه عبادة له عشرة أضعاف. ثم ضاعفها له صلى اللّه عليه و آله الكونها متعلقة به لكل حسنة عشرة أضعافها فصارت الصلاة مائة حسنة.

و آله و سلّم بعشر حسنات (1). صلى اللّه عليه و آله الطاهرين المعصومين.

2-الشيخ عليّ بن عيسى في «كشف الغمّة» قال: قال عليّ عليه السلام: كنّا إذا أعزّ (2)البأس اتّقيناه برسول صلى اللّه عليه و آله، لم يكن أحد أقرب إلى العدّو منه، و ذلك مشهور من فعله صلى اللّه عليه و آله و سلّم يوم أحد، إذ ذهب القوم في سمع الأرض و بصرها، و يوم حنين إذ ولّوا مدبرين، و غير ذلك من آياته صلى اللّه عليه و آله و سلّم، حتى أذلّ بإذن اللّه صناديدهم، و قتل طواغيتهم و دوّحهم (3)و اصطلم (4)جماهيرهم، و كلفه اللّه القتال بنفسه، فقال: لا تُكَلَّفُ إِلاّ نَفْسَكَ فسمّي القتّال (5).

3-و من طريق العامّة كتاب «الصفوة» قال: أخبرنا عبد الأوّل، قال:

أخبرنا الداودي، قال: أخبرنا ابن أعين، قال: حدّثنا الفربري، قال:

حدّثنا البخاري، قال: حدّثنا عمرو بن عون، قال: حدّثنا حمّاد بن زيد:

عن ثابت، عن أنس، كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم أحسن الناس و أشجع الناس، و أجود الناس، كان فزع بالمدينة فخرج الناس قبل الصوت، فاستقبلهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم و قد سبقهم، فاستبرأ (6)الفزع على فرس لأبي طلحة (7)، عرى ما عليه سرج في عنقه السيف، فقال: لم تراعوا (8)، و قال للفرس: وجدناه بحرا أو إنّه كبحر.

ص:300


1- 1) الكافي ج 8/274 ح 414 و [1]عنه البحار ج 16/377 ح 87-و [2]البرهان ج 1/398 ح 1. [3]
2- 2) أعزّ: عسر و اشتدّ-و في البحار: [4] كنا إذا احمرّ البأس، أي اشتدّ.
3- 3) دوّحهم: فرّقهم. و في المصدر: دوّخهم (بالخاء المعجمة) أي ذلّلهم.
4- 4) اصطلم: استأصل.
5- 5) كشف الغمّة ج 1/9-و [5]عنه البحار ج 16/117. [6]
6- 6) استبرأ الفزع: تتبعه و طلب آخره ليقطع الشبهة.
7- 7) أبو طلحة الأنصاري: زيد بن سهل بن الأسود بن حرام صحابي توفي سنة (34) .
8- 8) قال الكرماني في شرح البخاري: لم تراعوا أي لا تراعوا جحد بمعنى النهي أي لا تفزعوا، و في البخاري: لن تراعوا.

أخرجاه الصحيحين (1).

4-و عنه، قال: أخبرنا ابن الحصين (2)، قال: أخبرنا الحسن بن عليّ قال: أخبرنا أبو بكر بن مالك (3)، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أحمد، قال:

حدّثني أبي، قال: حدّثنا محمّد بن جعفر، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي اسحاق، قال: سمعت البراء (4)، و سأله رجل فقال: فررتم عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يوم حنين؟ فقال البراء: و لكن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله لم يفرّ كانت هوازن قوما رماه و إنّا لمّا حملنا عليهم انكشفوا، فأكببنا على الغنائم، فاستقبلونا بالسهام، و لقد رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله على بغلته البيضاء، و إن أبا سفيان بن الحارث (5)أخذ بلجامها و هو يقول.

أنا النبيّ لا كذب أنا ابن عبد المطّلب

أخرجاه في الصحيحين (6).

ص:301


1- 1) صفة الصفوة ج 1/178- [1]صحيح مسلم في شجاعته (ص) ، و البخاري كتاب الأدب في حسن الخلق.
2- 2) ابن الحصين: أبو القاسم هبة اللّه بن محمد بن عبد الواحد بن أحمد البغدادي المتوفى سنة (525) .
3- 3) أبو بكر بن مالك: أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك البغدادي القطيعي المتوفى سنة (368) .
4- 4) البراء: بن عازب أبو عمارة الحارثي الصحابي و هو الذي افتتح الري توفي سنة (72) .
5- 5) أبو سفيان بن الحارث: بن عبد المطلب الهاشمي توفي سنة (20) .
6- 6) صفة الصفوة ج 1/179-و [2]روى البخاري في صحيحه ج 4/37 نحوه-و ج 5/195 باختلاف-و مسلم في صحيحه في باب غزوة حنين ج 3/1401 ح 80 بلفظ آخر.

ص:302

الباب التاسع و الثلاثون

في عفوه صلى اللّه عليه و آله

1-محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم أتي باليهوديّة الّتي سمّت الشاة للنبيّ صلى اللّه عليه و آله، فقال لها: ما حملك على ما صنعت؟ فقالت: قلت: إن كان نبيّا لم يضرّه، و إن كان ملكا أرحت الناس منه، قال: فعفى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم عنها (1).

2-و عن جابر بن عبد اللّه: إنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم نزل تحت شجرة فعلّق بها سيفه، ثم نام، فجاء أعرابيّ فأخذ السيف، و قام على رأسه، فاستيقظ صلى اللّه عليه و آله و سلّم فقال: يا محمّد من يعصمك الآن منّي؟ قال: اللّه تعالى، فرجف، فسقط السيف من يده.

و في خبر: أنّه بقي جالسا و لم يعاقبه (2).

3-محمّد بن يعقوب، باسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: نزل رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم في غزوة ذات

ص:303


1- 1) الكافي ج 2/108 ح 9-و [1]عنه البحار ج 16/265 ح 62. [2]
2- 2) المناقب لابن شهر اشوب ج 1/70 و عنه البحار ج 18/60 ح 19. [3]

الرقاع (1)تحت شجرة على شفير واد، فاقبل سيل، فحال بينه و بين أصحابه، فرآه رجل من المشركين و المسلمون قيام على شفير الوادي ينظرون متى ينقطع السيل، فقال رجل من المشركين لقومه: أنا أقتل محمّدا، فجاء فشدّ على رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم بالسيف، ثم قال: من ينجيك منّي يا محمّد؟ فقال: ربّي و ربّك، فنسفه جبرئيل عليه السلام عن فرسه، فسقط عن (2)ظهره، فقام رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم، فأخذ السيف و جلس على صدره، فقال: من ينجيك منّي يا غورث (3)؟ فقال: جودك و كرمك، فتركه و قام.

قال: و اللّه لأنت خير منّي و أكرم (4).

4-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لمّا قدم رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله مكّة يوم افتتحها، فتح باب الكعبة و أمر بصور في الكعبة فطمست، ثمّ أخذ بعضادتي (5)الكعبة، فقال: لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، صدق وعده، و نصر عبده، و هزم الأحزاب وحده، ماذا تقولون و ماذا تظنّون؟ قالوا: نظنّ خيرا، و نقول خيرا، أخ كريم، و ابن أخ كريم، و قد قدرت.

قال: فإنّي أقول كما قال أخي يوسف عليه السلام: لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ اَلْيَوْمَ يَغْفِرُ اَللّهُ لَكُمْ وَ هُوَ أَرْحَمُ اَلرّاحِمِينَ (6)ألاّ إنّ اللّه قد حرّم مكّة يوم خلق السموات و الأرض، فهي حرام بحرام اللّه إلى يوم القيامة، لا ينفر صيدها و لا

ص:304


1- 1) غزوة ذات الرقاع: وقعت في سنة أربع من الهجرة، و قيل لها: غزوة ذات الرقاع لأنّهم رقّعوا فيها راياتهم، أو هي شجرة بذلك الموضع-أو هي اسم جبل، و قيل: لأنّ الحجارة أوهنت أقدامهم فشدّوا رقاعا، أو هي أرض فيها بقع سود و بقع بيض كلّها مرقعة برقاع مختلفة، أو لأنّهم لفّوا على أرجلهم الخرق.
2- 2) في المصدر: على.
3- 3) غورث (على وزن جعفر) و حكي بضمّ الغين، و قيل: غورك بالكاف بدل الثاء المثلثة، و قيل: غويرث (بالتصغير) .
4- 4) الكافي ج 8/127 ح 97-و [1]عنه البحار ج 20/179 ح 6-و [2]عن أعلام الورى:99. [3]
5- 5) عضادتا الباب: هما خشبتاه من الجانبين.
6- 6) يوسف:92. [4]

يعضد شجرها، و لا يختلي (1)خلاها، و لا تحلّ لقطتها (2)، فقال العباس:

يا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله إلاّ الإذخر (3)، فإنّه للقبر و البيوت، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: إلاّ الإذخر (4).

5-ابن شهر اشوب، عن فضيل بن عياض (5)، إنّ قريشا لمّا نالت من رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله ما نالت من الأذى أتى ملك فقال: يا محمّد صلى اللّه عليه و آله أنا الموكّل بالجبال أرسلني اللّه إليك أن أطبق عليهم الأخشبين (6)، فعلت فقال: لا إنّ قومي لا يعلمون (7).

و لمّا أسر رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله زهير بن صرد الجشمي بقومه يوم حنين أو يوم هوازن و ذهب يفرّق السبي أنشد أبو صرد.

أمنن علينا رسول اللّه في كرم فإنّك المرء نرجوه و ننظره

إنّا نؤمّل عفوا منك تلبسه هذي البريّة إذ تعفو و تنتصر

عفوا عفا اللّه عمّا أنت واهبه يوم القيامة إذ يهدى لك الظفر

في أبيات فلمّا سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله قال: ما كان لي و لبني عبد المطلب فهو لكم، فقالت قريش و الأنصار: ما كان لنا فللّه عزّ و جلّ و لرسوله صلى اللّه عليه و آله و سلّم (8).

ص:305


1- 1) الاختلاء: القطع، و الخلى مقصورا: النبات الرقيق ما دام رطبا.
2- 2) في المصدر و البحار: [1] لقطتها إلاّ لمنشد.
3- 3) الإذخر (بكسر الهمزة و الخاء المعجمة) : نبات معروف عريض الأوراق طيب الرائحة يسقف به البيوت و يحرق بدل الحطب و الفحم.
4- 4) الكافي ج 4/225 ح 3-و [2]عنه البحار ج 21/135 ح 26-و [3]ذيله في الوسائل/9/175. [4]
5- 5) فضيل بن عياض: بن مسعود التيمي أبو علي الزاهد الخراساني سكن مكة و توفي سنة (187) .
6- 6) الأخشبان: جبلان في مكة.
7- 7) الحديث موجود في صحيح البخاري ج 4/140-و صحيح مسلم ج 3/1421 و ليس في طريقهما الفضيل بن عياض-و أظن أنّ الصحيح أبو الفضل عياض: و هو ابن موسى اليحصبي القاضي المتوفى (544) و هو صاحب «الشفا في شرف المصطفى» .
8- 8) بحار الأنوار: ج 21/184 ح 23. [5]

ص:306

الباب الأربعون

عفوه صلى اللّه عليه و آله من طريق المخالفين

1-كتاب «الصفوة» قال: أخبرنا عبد الأوّل بن عيسى، قال: أخبرنا إبن المظفّر الداودي قال: أخبرنا ابن أعين السرخسي قال: حدّثنا محمّد بن يوسف الفربري قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل البخاري، قال: حدّثنا إسماعيل (1)بن عبد اللّه، قال: حدّثنا مالك (2)، عن إسحاق بن عبد اللّه (3)عن أنس بن مالك، قال: كنت أمشي مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و عليه برد نجراني، غليظ الحاشية، فأدركه أعرابيّ، فجذبه بردائه جذبة شديدة، حتى نظرت إلى صفحة عنق رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله قد أثّرت بها حاشية البرد من شدة جذبته، ثم قال: يا محمّد مر لي من مال اللّه الّذي عندك، فالتفت إليه رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله ثم ضحك، ثم أمر له بعطاء.

أخرجاه في الصحيحين (4).

2-و عنه قال: أخبرنا عبد الأوّل، قال: أخبرنا ابن المظفر، قال:

أخبرنا ابن أعين قال: أخبرنا الفربري قال: حدّثنا البخاري، قال: حدثنا

ص:307


1- 1) إسماعيل: بن أبي أويس عبد اللّه بن عبد اللّه بن أويس أبو عبد اللّه الأصبح توفي سنة (226) .
2- 2) مالك: بن أنس بن مالك الفقيه المدني المتوفى سنة (179) .
3- 3) اسحاق بن عبد اللّه بن أبي طلحة زيد بن سهل أبو يحيى الأنصاري المديني توفي سنة (132) .
4- 4) صفة الصفوة ج 1/172-و [1]صحيح مسلم ج 2/730 ح 128-و صحيح البخاري ج 4/115.

عثمان بن أبي شيبة (1)قال: حدثنا جرير (2)، عن منصور (3)، عن أبي وائل 3، عن عبد اللّه (4)قال: لمّا كان يوم حنين آثر النبيّ صلى اللّه عليه و آله أناسا في القسمة، فأعطى الأقرع بن (5)حابس (6)مائة من الإبل، و أعطى عيينة (7)مثل ذلك، و أعطى أناسا من أشراف العرب، و آثرهم يومئذ في القسمة، فقال رجل: و اللّه إنّ هذا لقسمة ما عدل فيها و ما أريد بها وجه اللّه، فقلت: و اللّه لأخبرنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله فأتيته فأخبرته، فقال: من يعدل إذا لم يعدل اللّه و رسوله؟ رحم اللّه موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر.

أخرجاه في الصحيحين (8).

3-و عنه، قال: أخبرنا ابن الحصين (9)، قال: أخبرنا ابن المذهب (10)، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر (11)، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أحمد، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثنا سفيان (12)، عن أبي الزناد (13)، عن

ص:308


1- 1) عثمان بن أبي شيبة: أبو الحسن الحافظ الكوفي المتوفى سنة (239) .
2- 2) جرير: بن عبد الحميد بن قرط أبو عبد اللّه الرازي القاضي المتوفى سنة (188) .
3- 3) منصور: بن المعتمر أبو عتاب الكوفي السلمي المتوفى سنة (132) سبق ذكره.
4- 4) أبو وائل: شقيق بن سلمة الأسدي مخضرم توفي سنة (82) .
5- 5) عبد اللّه: بن مسعود أبو عبد الرحمن الهذلي الصحابي المتوفى سنة (32) تقدّم ذكره.
6- 6) الأقرع بن حابس: الدارمي التميمي من المؤلفة قلوبهم قتل في أيام عثمان في بعض الفتوح.
7- 7) عيينة: بن حصين الفزاري من المؤلفة قلوبهم و من الأعراب الجفاة.
8- 8) صفة الصفوة ج 1/172- [1]صحيح مسلم ج 2/739 ح 140-صحيح البخاري ج 4/115.
9- 9) ابن الحصين: أبو القاسم بن الحصين هبة اللّه بن محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن العباس بن الحصين الشيباني البغدادي الكاتب الأزرق مسند العراق ولد في ربيع الأوّل سنة (432) و توفي في رابع عشر شوّال سنة (525) .
10- 10) ابن المذهب: أبو علي الحسن بن علي بن التميمي البغدادي الواعظ، رواية المسند لأحمد عاش (89) سنة و توفي سنة (444) .
11- 11) أحمد بن جعفر: بن حمدان بن مالك أبو بكر البغدادي مسند العراق و كان يسكن بقطيعة الدقيق و لذا اشتهر بالقطيعي روى المسند عن عبد اللّه بن أحمد بن أحمد بن محمد بن حنبل، و توفي سنة (368) و له (95) سنة.
12- 12) سفيان: هو سفيان الثوري بن سعيد الكوفي توفي سنة (161) [2] تقدم ذكره.
13- 13) أبو الزناد: عبد اللّه بن ذكوان أبو عبد الرحمن المدني المتوفى سنة (131) .

الأعرج (1)، عن أبي هريرة قال: جاء الطفيل بن عمرو الدوسي (2)إلى النبيّ صلى اللّه عليه و آله فقال: إنّ دوسا قد عصت و أبت، فادع اللّه عليهم، فاستقبل رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله القبلة و رفع يديه، فقال الناس:

هلكوا، فقال: أللّهمّ اهد دوسا وائت بهم، أللهمّ اهد دوسا وائت بهم، أللهمّ اهد دوسا وائت بهم.

أخرجاه في الصحيحين (3).

4-و عنه، قال: أخبرنا عبد الأوّل بن عيسى، قال: أخبرنا الداودي، قال: أخبرنا ابن أعين، قال: حدثنا الفربري، قال: حدّثنا البخاري، قال: حدّثنا مسدّد، قال: حدّثنا يحيى بن سعيد (4)، عن عبيد اللّه (5)قال:

حدّثني نافع (6)، عن ابن عمر (7)، أنّ عبد اللّه بن أبيّ، لمّا توفيّ جاء إبنه إلى النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم فقال: أعطني قميصك أكفّنه فيه، و صلّ عليه، و استغفر له، فأعطاه قميصه، و قال: آذنّي أصلّي عليه، فآذنه، فلمّا أراد أن يصلّي جذبه عمر فقال: أليس اللّه نهاك أن تصلّي على المنافقين؟ فقال: أنا بين خيرتين قال: اِسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ (8)فصلّى عليه، فنزلت:

وَ لا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً (9)أخرجاه في الصحيحين (10).

ص:309


1- 1) الأعرج: عبد الرحمن بن هرمز أبو داود المدني المتوفى سنة (117) .
2- 2) الطفيل بن عمرو الدوسي صحابي كان شاعرا غنيّا كثير الضيافة قتل في اليمامة سنة (11) .
3- 3) صفة الصفوة ج 1/173- [1]مسند ابن حنبل ج 2/243 [2] مثله-صحيح مسلم ج 4/1957- صحيح البخاري ج 8/105 نحوه مختصرا و ج 5/220 مختصرا.
4- 4) يحيى بن سعيد: بن فروخ القطان البصري المتوفى سنة (198) و قد تقدم ذكره.
5- 5) عبيد اللّه: بن عمرو بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب المديني المتوفى سنة (145) .
6- 6) نافع: أبو عبد اللّه مولى عبد اللّه بن عمر المديني المتوفى سنة (117) .
7- 7) ابن عمر: عبد اللّه بن عمر بن الخطاب المديني المتوفى سنة (74) .
8- 8) التوبة:80. [3]
9- 9) التوبة:84. [4]
10- 10) صفة الصفوة ج 1/174- [5]مسند ابن حنبل ج 2/18- [6]صحيح البخاري ج 2/96 مثله و ج 7/175-و سنن النسائي ج 4/36 باختلاف يسير.

5-و عنه، قال: أخبرنا هبة اللّه بن محمّد (1)، قال: أخبرنا الحسن بن علي، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أحمد، قال:

حدّثني أبي، قال: حدّثنا محمّد بن عبد الرحمن الطفاوي (2)قال: حدّثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: ما ضرب رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم خادما له قطّ، و لا إمرأة له قطّ، و لا ضرب بيده إلاّ أن يجاهد في سبيل اللّه، و ما نيل منه شيء فانتقمه من صاحبه، إلاّ أن ينتهك محارم اللّه فينتقم للّه عزّ و جلّ، و ما عرض عليه أمران أحدهما أيسر من الآخر إلاّ أخذ بأيسرهما، إلاّ أن يكون مأثما، فإن كان مأثما، كان أبعد الناس منه (3).

ص:310


1- 1) هبة اللّه بن محمد: هو ابن الحصين أبو القاسم المتوفى سنة (525) و قد تقدم.
2- 2) محمد بن عبد الرحمن الطفاوي البصري المتوفى سنة (187) .
3- 3) صفة الصفوة ج 1/174 و [1]رواه أحمد في المسند ج 6/229 [2] باختلاف، و مسلم في صحيحه ج 4/1813 و 1814 ح 78 و 79 ملفقا و البغوي في مصابيح السنة ج 4/57 ح 4536 و 4537.

الباب الحادي و الأربعون

في حسن خلقه و ضحكه من طريق الخاصّة و العامّة

1-محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن معمّر بن خلاّد قال: سألت أبا الحسن عليه السلام فقلت:

جعلت فداك، الرجل يكون مع القوم فيجري بينهم كلام يمزحون و يضحكون؟ فقال عليه السلام: لا بأس ما لم يكن، فظننت أنّه عنى الفحش، ثم قال: إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم كان يأتيه الأعرابيّ فيهدي له الهديّة، ثم يقول مكانه: أعطنا ثمن هديّتنا، فيضحك رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم، و كان إذا إغتّم يقول: ما فعل الأعرابيّ؟ ليته أتانا (1).

2-و عنه بإسناده عن محمّد بن علي (2)، عن يحيى بن سلام (3)، عن يوسف بن يعقوب (4)، عن صالح بن عقبة (5)، عن يونس الشيباني (6)، قال:

قال أبو عبد اللّه عليه السلام: كيف مداعبة بعضكم بعضا؟ قلت: قليل،

ص:311


1- 1) الكافي ج 2/663 ح 1. [1]
2- 2) محمد بن علي: بن محبوب الأشعري القمي أبو جعفر الفقيه روى عنه أحمد بن ادريس المتوفى سنة (306) .
3- 3) يحيى بن سلاّم: بن أبي ثعلبة البصري أبو زكريا توفي بمصر سنة (200) .
4- 4) يوسف بن يعقوب: بن قيس من أصحاب الكاظم عليه السلام واقفيّ.
5- 5) صالح بن عقبة: بن قيس بن سمعان روى عن الصادق عليه السلام.
6- 6) يونس الشيباني: من رواة الحديث عن الصادق عليه السلام.

قال: فلا تفعلوا فإنّ المداعبة من حسن الخلق، و إنّك لتدخل بها السرور على أخيك، و لقد كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم يداعب الرجل يريد أن يسرّه (1).

3-ابن شهر اشوب قال: كان صلى اللّه عليه و آله و سلّم يمزح و لا يقول: إلاّ حقا.

قال: قال صلى اللّه عليه و آله لعجوز أشجعية: يا أشجعية لا تدخل العجوز الجنة، فرآها بلال باكية، فوصفها للنبي صلى اللّه عليه و آله فقال:

و الأسود كذلك، فجلسا يبكيان، فرآهما العبّاس فذكرهما له، فقال صلى اللّه عليه و آله و الشيخ كذلك، ثم دعاهم و طيّب قلوبهم، فقال: ينشئهم اللّه كأحسن ما كانوا، و ذكر أنّهم يدخلون الجنّة شبّانا منوّرين، و قال: إنّ أهل الجنّة جرد مرد (2)مكحّلون.

و قال له رجل: إحملني يا رسول اللّه، فقال: إنّا حاملوك على ولد ناقة فقال: و ما أصنع بولد ناقة؟ فقال صلى اللّه عليه و آله و هل تلد الإبل إلاّ النوق؟

قال: و قالت العجوز من الأنصار للنبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم: أدع لي بالجنّة، فقال صلى اللّه عليه و آله: إنّ الجنّة لا يدخلها، العجز، فبكت المرأة، فضحك صلى اللّه عليه و آله و قال: أما سمعت قول اللّه: إِنّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً (3)الآية (4).

و ذكر صاحب الكتاب في هذا الباب كثيرا رأيت الإضراب عنه للإختصار فيه.

ص:312


1- 1) الكافي ج 2/663 ح 3 و [1]عنه الوسائل ج 8/478 ح 4-و [2]أخرجه في البحار ج 16/298 [3]عن مكارم الأخلاق:21. [4]
2- 2) جرد مرد (بضم الأوّل و سكون الثاني فيهما) : لا شعر في أجسادهم.
3- 3) الواقعة:35-36. [5]
4- 4) مناقب ابن شهر اشوب ج 1/147-148 و [6]عنه البحار ج 16/294-295. [7]

و من طريق العامّة ما رواه صاحب كتاب «الصفوة» قال: أخبرنا هبة اللّه بن محمّد، قال: أخبرنا الحسن بن عليّ، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أحمد، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثنا عبد الرزاق (1)، قال: حدّثنا معمّر (2)، عن ثابت (3)، عن أنس أنّ رجلا من أهل البادية إسمه زاهر (4)، و كان يهدي للنبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم الهديّة من البادية، فيجهّزه رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم إذا أراد أن يخرج، فقال النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّ زاهرا بادينا و نحن حاضروه، و كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يحبّه، و كان رجلا دميما فأتاه النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم يوما و هو يبيع متاعه، فاحتضنه من خلفه، و لا يبصره الرجل، فقال: أرسلني، من هذا؟ فالتفت فعرف النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم فجعل لا يألوا ما ألصق ظهره بصدر رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله حين عرفه، و جعل النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: من يشتري العبد؟ فقال: يا رسول اللّه إذن و اللّه تجدني كاسدا، فقال النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم: لكن عند اللّه عزّ و جلّ لست بكاسد، أو قال: لكن عند اللّه أنت غال (5).

قال المؤلّف: قال لنا محمد بن أبي منصور: قال لنا أبو زكريا: الدميم، بالدال المهملة في الخلق و بالذال المعجمة في الخلق.

ص:313


1- 1) عبد الرزاق: بن همام بن نافع الحافظ الصنعاني المتوفى سنة (211) .
2- 2) معمر بن راشد أبو عروة البصري نزيل اليمن المتوفى سنة (153) .
3- 3) ثابت: بن أسلم أبو محمد البناني البصري المتوفى سنة (123) و قد تقدم ذكره.
4- 4) زاهر: بن حرام الأشجعي شهد بدرا مع النبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم.
5- 5) صفة الصفوة ج 1/175 و [1]رواه أحمد في مسنده ج 3/161-و [2]أبو يعلى في مسنده ج 6/174- و البيهقي في السنن ج 10/248-و البغوي في المصابيح ج 3/336.

ص:314

الباب الثاني و الأربعون

في تعظيم الناس له صلى اللّه عليه و آله في الجاهليّة و الإسلام

من طريق الخاصّة و العامّة

1-ابن بابويه في «الفقيه» بإسناده الصحيح إلى سعيد بن عبد اللّه الأعرج (1)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام: أنّ قريشا في الجاهليّة هدموا البيت، فلمّا أرادوا بنائه حيل بينه و بينهم، و ألقي في روعهم الرعب، حتى قال قائل منهم: ليأت كلّ رجل منكم بأطيب ما له، و لا تأتوا بمال إكتسبتموه من قطيعة رحم أو حرام، ففعلوه، فخلّي بينه و بين بنائه، فبنوه حتى انتهى إلى موضع الحجر الأسود، فتشاجروا فيه أيّهم يضع الحجر الأسود في موضعه، حتى كاد أن يكون بينهم شرّ، فحكّموا أوّل من يدخل من باب المسجد، فدخل رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم، فلمّا أتاهم أمر بثوب فبسط، ثمّ وضع الحجر في وسطه، ثمّ أخذت القبائل بجوانب الثوب فرفعوه، ثمّ تناوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فوضعه في موضعه، فخصّه اللّه عزّ و جلّ به.

و رواه محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد (2)، عن عليّ بن النعمان (3)، عن سعيد بن عبد اللّه الأعرج، عن أبي عبد اللّه

ص:315


1- 1) سعيد بن عبد اللّه-و قيل: ابن عبد الرحمن أبو عبد اللّه السمّان الأعرج الكوفي روى عن الصادق عليه السلام.
2- 2) أحمد بن محمد: هو ابن عيسى الأشعري المتقدم ذكره.
3- 3) علي بن النعمان: أبو الحسن الأعلم النخعي الكوفي روى عن الرضا عليه السلام.

عليه السلام، قال: إنّ قريشا في الجاهليّة هدموا البيت، و ساق الحديث إلى آخره. (1)

2-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، و محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، و ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: كنت أطوف و سفيان الثوري قريب منّي، فقال: يا أبا عبد اللّه كيف كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم يصنع بالحجر إذا انتهى إليه؟ فقلت: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم يستلمه في كلّ طواف فريضة و نافلة، قال:

فتخلّف عنّي قليلا، فلمّا إنتهيت إلى الحجر، جزت و مشيت فلم أستلمه، فلحقني، فقال: يا أبا عبد اللّه ألم تخبرني أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم كان يستلم الحجر في كلّ طواف فريضة و نافلة؟ قلت: بلى، قال:

فقد مررت به فلم تستلم؟ فقلت: إنّ الناس كانوا يرون لرسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم ما لا يرون لي، و كان إذا انتهى إلى الحجر فرّجوا حتى يستلمه، و إنّي أكره الزحام (2).

3-و عنه، عن أبي علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إحتجم رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم و حجمه مولى لبني بياضة، و أعطاه، و لو كان حراما ما أعطاه، فلمّا فرغ قال له رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم: أين الدم؟ قال: شربته يا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم، فقال: ما كان ينبغي لك أن تفعل، و قد جعله اللّه عزّ و جلّ حجابا من النار فلا تعد (3).

ص:316


1- 1) من لا يحضره الفقيه ج 2/247 ح 2320-الكافي ج 4/217 ح 3 و [1]عنهما الوسائل ج 9/329 ح 9-و [2]في البحار ج 15/337 ح 7 [3]عن الكافي. [4]
2- 2) الكافي ج 4/404 ح 2-و [5]عنه الوسائل ج 9/409 ح 3. [6]
3- 3) الكافي ج 5/116 ح 3-و [7]عنه الوسائل ج 12/72 ح 7 و [8]عن التهذيب ج 6/355 ح 131-Ẓ

4-و من طريق العامّة ما رواه صاحب «الصفوة» قال: أخبرنا هبة اللّه بن محمّد، قال: أخبرنا الحسن بن عليّ، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر، قال:

حدّثنا عبد اللّه بن أحمد، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثنا سليمان بن حرب (1)، قال: حدّثنا سليمان بن المغيرة (2)، عن ثابت، عن أنس، قال:

رأيت النبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم، و الحلاّق يحلقه، و قد أطاف به أصحابه، ما يريدون أن تقع شعرة إلاّ في يد رجل. إنفرد بإخراجه مسلم (3).

5-و عنه، قال: أخبرنا عبد الأوّل، قال: أخبرنا الداودي، قال:

أخبرنا ابن أعين، قال: حدّثنا الفربري، قال: حدّثنا البخاري، قال: حدّثنا أبو معمر (4)، قال: حدّثنا عبد الوارث (5)، قال: حدّثنا عبد العزيز (6)، عن أنس، قال: لمّا كان يوم أحد، إنهزم الناس عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله، و أبو طلحة (7)بين يدي النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم مجوبّ عليه بحجفة (8)له، و كان أبو طلحة رجلا راميا شديد النزع، لقد كسر يومئذ قوسين أو ثلاثة، قال: و كان الرجل يمرّ معه بجعبة من النبل، فيقول أنثرها لأبي طلحة، قال: فأشرف النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم ينظر إلى القوم، فقال أبو طلحة: يا نبيّ اللّه بأبي أنت و أمّي لا تشرف يصيبك سهم من سهام القوم،

ص:317


1- 1) سليمان حرب: أبو أيّوب الواشحي الأزدي البصري المتوفى سنة (224) .
2- 2) سليمان بن المغيرة: أب [1]و سعيد البكري البصري المتوفى سنة (165) .
3- 3) صفة الصفوة ج 1/187 و رواه مسلم في صحيحه ج 4/1812 ح 75 مثله.
4- 4) أبو معمر: عبد اللّه بن عمرو بن أبي الحجاج ميسرة المنقري البصري المتوفى سنة (224) .
5- 5) عبد الوارث: بن سعيد أبو عبيدة التميمي العنبري البصري المتوفى سنة (180) ه.
6- 6) عبد العزيز: بن صهيب البناني البصري.
7- 7) أبو طلحة: زيد بن سهل بن الأسود بن حرام الأنصاري الصحابي شهد بدرا و ما بعدها. توفي سنة (34) ه.
8- 8) الحجفة (بفتح الحاء المهملة و الجيم) : الترس، أي مترّس عليه يقيه بها و يقال للترس أيضا: الجوبة.

نحري دون نحرك (1).

6-و في «الصحيحين» من حديث أبي جحيفة (2)قال: أتيت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فخرج بلال بوضوئه (3)فرأيت الناس يبتدرون ذلك الوضوء، فمن أصاب منه شيئا تمسّح به، و من لم يصب منه أخذ من بلل يد صاحبه، و خرج النبيّ صلى اللّه عليه و آله و قام الناس، و جعلوا يأخذون يده، يمسحون بها وجوههم، فأخذت يده فوضعتها على وجهي، فإذا هي أبرد من الثلج و أطيب من المسك (4).

7-و عنه، قال: أخبرنا المحمّدان: إبن ناصر (5)، و ابن عبد الباقي (6)، قالا: أخبرنا أحمد بن أحمد (7)، قال: أخبرنا أحمد بن عبد اللّه الحافظ (8)، قال: حدّثنا محمّد بن حميد (9)، قال: حدّثنا محمّد بن هارون (10)، قال: حدّثنا محمّد بن حميد (11)، قال: حدّثنا عبد الرحمن بن مغرا (12)، قال: حدّثنا

ص:318


1- 1) صفة الصفوة ج 1/188 و [1]رواه مسلم في صحيحه ج 3/1443 ح 136-و البخاري في صحيحه ج 5/46 و 125 مثله.
2- 2) أبو جحيفة: وهب بن عبد اللّه السوائي و يقال له: وهب الخير صحابي و صحب أمير المؤمنين عليه السلام توفي سنة (74) ه.
3- 3) الوضوء (بفتح الواو) : الماء الذي يتوضّأ به.
4- 4) صفة الصفوة ج 1/189-و [2]رواه مسلم في صحيحه ج/360 ح 250 نحوه و البخاري في صحيحه ج 4/229 و 231 ملفقا نحوه و أحمد في مسنده ج 4/308 [3] نحوه.
5- 5) ابن ناصر: محمد بن ناصر بن محمد بن علي الحافظ أبو الفضل البغدادي المتوفى (550) .
6- 6) محمد بن عبد الباقي: بن محمد القاضي الحنبلي البغدادي مسند العراق المتوفى سنة (535) .
7- 7) أحمد بن أحمد: أبو صالح المؤذن أحمد بن عبد الملك بن علي بن أحمد النيسابوري الحافظ محدّث عصر في خراسان توفي سنة (470) ه.
8- 8) أحمد بن عبد اللّه الحافظ: أبو نعيم الأصفهاني المتوفى سنة (430) .
9- 9) محمد بن حميد: بن الحسين أبو بكر اللخمي الخراز المتوفى سنة (391) .
10- 10) محمد بن هارون: بن حميد أبو بكر المجدّر البيّع مات سنة (312) .
11- 11) محمد بن حميد: بن حيّان التميمي أبو عبد اللّه الحافظ الرازي المتوفى سنة (240) .
12- 12) عبد الرحمن بن مغرا (بفتح الميم و الغين المعجمة) بن عياض بن الحارث بن عبد اللّه بن وهب أبو زهير الدوسي الكوفي سكن الري و روى عن الأعمش توفي بعد سنة (190) .

المفضّل بن فضالة (1)، عن ثابت (2)، عن أنس، قال: لمّا كان يوم أحد حاص (3)أهل المدينة حيصة، و قالوا: قتل محمّد، حتى كثرت الصوارخ في نواحي المدينة، فخرجت إمرأة من الأنصار، فاستقبلت بأخيها و أبيها و زوجها و ابنها، لا أدري بأيّهم استقبلت أوّلا، فلمّا مرّت على آخرهم قالت: من هذا؟ قالوا: أخوك، و أبوك، و زوجك، و ابنك، قالت: فما فعل النبي صلى اللّه عليه و آله؟ فيقولون: أمامك، حتى ذهبت إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم، فأخذت بناحية ثوبه، ثم جعلت تقول: بأبي أنت و أمّي يا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم لا أبالي إذا سلمت من عطب (4).

ص:319


1- 1) المفضل بن فضالة: بن أبي أميّة أبو مالك البصري القرشي ترجمه في التقريب و قال: من السابعة.
2- 2) ثابت: بن أسلم أبو محمد البناني البصري المتقدم ذكره، توفي سنة (123) .
3- 3) حاص الناس حيصة: جالوا جولة يطلبون الفرار.
4- 4) صفة الصفوة ج 1/189- [1]حلية الأولياء ج 2/71. [2]

ص:320

الباب الثالث و الأربعون

في حيائه و كفّه عن المجازاة من طريق الخاصّة و العامّة

1-محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: إنّ أبا بكر و عمر أتيا أمّ سلمة (1)فقالا لها: يا أمّ سلمة إنّك قد كنت عند رجل قبل رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم فكيف رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم من ذلك في الخلوة؟ فقالت: ما هو إلاّ كسائر الرجال، ثمّ خرجا عنها، و أقبل النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم فقامت إليه مبادرة فرقا (2)أن ينزل أمر من السماء، فأخبرته الخبر، فغضب رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم حتّى تربّد (3)وجهه، و التوى (4)عرق الغضب بين عينيه، و خرج و هو يجرّ رداءه حتى صعد المنبر، و بادرت الأنصار بالسلاح، و أمر بخيلهم أن تحضر، فصعد المنبر فحمد اللّه و أثنى عليه، ثم قال: أيّها الناس ما بال أقوام يتبعون عيبي و يسألون عن غيبي؟ و اللّه إنّي لأكرمكم حسبا، و أطهركم مولدا، و أنصحكم للّه في الغيب، و لا يسألني أحد منكم عن أبيه إلاّ أخبرته، فقام إليه رجل فقال: من

ص:321


1- 1) أم سلمة: هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد اللّه أم المؤمنين تزوجها النبي صلى اللّه عليه و آله بعد أبي سلمة سنة (2) و عاشت بعد ذلك ستين سنة و توفيت سنة (62) .
2- 2) الفرق (بالتحريك) : الخوف و الفزع.
3- 3) تربّد وجهه: تغيّر من الغضب.
4- 4) التوي: التفّ، و هو كناية عن الامتلاء.

أبي؟ فقال: فلان الراعي، فقام إليه الآخر فقال: من أبي؟ فقال: غلامكم الأسود، و قام إليه الثالث، فقال: من أبي؟ فقال: الذي تنسب إليه، فقالت الأنصار: يا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم أعف عنا عفى اللّه عنك، فإنّ اللّه بعثك رحمة، فاعف عنّا عفى اللّه عنك، فكان النبيّ صلى اللّه عليه و آله إذا كلّم استحيى و عرق و غضّ طرفه عن الناس حياء حين كلّموه، فنزل، فلمّا كان في السحر هبط عليه جبرئيل عليه السلام بصفحة (1)من الجنّة، فيها هريسة، فقال: يا محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلّم هذه عملها لك حور العين، فكلها أنت و عليّ و ذريّتكما، فإنّه لا يصلح أن يأكلها غيركم، فجلس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السلام فأكلوا، فأعطي رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله في المباضعة من تلك الأكلة قوّة أربعين رجلا، فكان إذا شاء غشي نساءه كلّهنّ في ليلة واحدة (2).

2-و من طريق العامّة كتاب الصفوة، قال: أخبرنا عبد الأوّل قال:

أخبرنا الداودي قال: أخبرنا إبن أعين، قال: أخبرنا الفربري، قال حدّثنا البخاري، قال: حدّثنا مسدّد بن مسرهد قال: حدّثنا يحيى (3)، قال: حدّثنا شعبة، قال: أخبرنا قتادة، عن عبد اللّه بن أبي عتبة (4)، قال: سمعت أبا سعيد الخدري، يقول: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم أشدّ حياء من عذراء في خدرها، و كان إذا كره شيئا عرفناه في وجهه.

أخرجاه في الصحيحين (5).

3-و عنه، قال: أخبرنا إبن الحصين، قال: أخبرنا إبن المذهب، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أحمد، قال: حدّثني

ص:322


1- 1) الصحفة: القصعة.
2- 2) الكافي ج 5/565 ح 41-و [1]عنه البحار ج 22/225 ح 6 [2] يأتي في باب 61 ح 5.
3- 3) يحيى: بن سعيد بن فروخ القطان المتقدم ذكره توفي سنة (198) .
4- 4) عبد اللّه بن أبي عتبة مولى أنس بن مالك الأنصاري البصري.
5- 5) صفة الصفوة ج 1/169- [3]صحيح مسلم ج 4/189 و صحيح البخاري ج 8/32 و سنن ابن ماجة القزويني ج 2/1399 و مسند ابن حنبل ج 3/71،79،88،91،92. [4]

أبي، قال: حدّثنا أبو كامل (1)، قال: حدّثنا حمّاد بن زيد، عن سلم العلوي (2)، قال: سمعت أنس بن مالك أنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم رآى على رجل صفرة فكرهها، و قال: لو أمرتم هذا أن يغسل هذه الصفرة، قال: و كان صلى اللّه عليه و آله لا يواجه أحدا في وجهه بشيء يكرهه (3).

4-و عنه، قال: أخبرنا هبة اللّه بن محمد (4)، قال: أخبرنا الحسن بن عليّ، قال: أخبرنا ابن حمدان (5)، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أحمد، قال:

حدّثني أبي، قال: حدّثنا سريح بن النعمان (6)، قال: حدّثنا هشيم (7)، قال: أخبرنا مجالد (8)، عن الشعبي، عن جابر بن عبد اللّه، أنّ عمر بن الخطاب أتى النبي صلى اللّه عليه و آله بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب، فقرأه على النبي صلى اللّه عليه و آله قال: فغضب و قال: أمتهوّكون (9)فيها يابن الخطّاب؟ و الذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحقّ فتكذّبوا به أو بباطل فتصدّقوا به، و الذي نفسي بيده لو أنّ موسى عليه السلام كان حيّا ما وسعه إلاّ أن يتبعني (10).

ص:323


1- 1) أبو كامل: مظفّر بن مدرك الخراساني البغدادي المتوفى سنة (207) ه.
2- 2) سلم العلوي: بن قيس البصري ترجمه ابن حجر في التقريب و قال: من الرابعة.
3- 3) صفة الصفوة ج 1/169- [1]روى مثله أحمد في المسند ج 1/133. [2]
4- 4) هبة اللّه بن محمد: تقدم ذكره بعنوان ابن الحصين توفي سنة (525) .
5- 5) ابن حمدان: أبو العباس محمد بن أحمد بن حمدان نزيل خوارزم سنة (360) .
6- 6) سريح بن النعمان: أبو الحسن البغدادي الجوهري المتوفّى سنة (217) .
7- 7) هشيم: بن بشير الواسطي المتقدم ذكره توفي سنة (183) .
8- 8) مجالد: بن سعيد الهمداني الكوفي صاحب الشعبي توفي سنة (144) .
9- 9) التهوك: الوقوع في الأمر بغير روّية.
10- 10) صفة الصفوة ج 1/184- [3]مسند أحمد بن حنبل ج 1/387. [4]

ص:324

الباب الرابع و الأربعون

في نصيحته و شفقته من طريق الخاصّة و العامّة

1-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: مرّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم على رجل، و معه ثوب يبيعه، و كان الرجل طويلا و الثوب قصير، فقال له: إجلس فإنّه أنفق لسلعتك (1).

2-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد عن مصعب بن عبد اللّه النوفلي (2)عمّن رفعه قال: قدم أعرابيّ بإبل له على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فقال له: يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بع لي إبلي فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم:

لست ببيّاع في الأسواق قال: فأشر عليّ فقال له: بع هذا الجمل بكذا، و بع هذه الناقة بكذا، حتى وصف له كلّ بعير منها بكذا، فخرج الأعرابيّ إلى السوق فباعها، ثمّ جاء إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم فقال: و الّذي بعثك بالحقّ ما زادت درهما و لا نقصت درهما ممّا قلت لي، فاستهدني (3)يا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم قال: لا، قال: بلى يا رسول اللّه صلى اللّه

ص:325


1- 1) الكافي ج 5/313 ح 35-و [1]عنه الوسائل ج 12/340 ح 1 و [2]عن التهذيب ج 7/227 ح 11.
2- 2) مصعب بن عبد اللّه النوفلي: العامي الموصلي من آل نوفل بن الحارث بن عبد المطلب.
3- 3) فاستهدني: أي فاقبل هديّتي.

عليه و آله، فلم يزل يكلّمه حتّى قال له: اهد لنا ناقة و لا تجعلها و لهى (1)(2).

3-و عنه عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد اللّه بن المغيرة، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: صلّى رسول اللّه بالناس الظهر، فخفّف في الركعتين الأخيرتين، فلمّا انصرف قال له الناس:

هل حدث في الناس حدث؟ قال: و ما ذاك؟ قالوا: خفّفت في الركعتين فقال لهم: أما سمعتم صراخ الصبيّ (3).

4-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال:

من تخلّى على قبر، أو بال قائما، أو بال في ماء، أو مشى في حذاء واحد، أو شرب قائما، أو خلا في بيت وحده، و بات على غمر (4)فأصابه من الشيطان، لم يدعه إلاّ أن يشاء اللّه، و أسرع ما يكون الشيطان إلى الإنسان و هو على بعض هذه الحالات، فإنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم خرج في سريّة، فأتى وادي مجنّة (5)فنادى أصحابه: ألا ليأخذ كلّ رجل منكم بيد صاحبه، و لا يدخلنّ رجل وحده، و لا يمضي رجل وحده، قال: فتقدّم رجل فانتهى إليه و قد صرع، فأخبر رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم بذلك، فأخذ بأبهامه فغمزها، ثمّ قال: بسم اللّه أخرج خبيث، أنا رسول اللّه قال: فقام (6).

ص:326


1- 1) ولهى: من وله يله ( [1]كوعد يعد) تحيّر من شدّة الحزن و الوجد فهو واله-و أله و ولهان و هي و اله- و والهة-و ولهى-و يقال: ولّه المرأة (من باب التفعيل) [2] فرّق بينها و بين ولدها-و المراد من قوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: (لا تجعلها ولهى) أن لا تجعلها ناقة قطعت عنها ولدها.
2- 2) الكافي ج 5/317 ح 54. [3]
3- 3) الكافي ج 6/48 ح 4-و [4]عنه الوسائل ج 15/198 ح 3-و [5]أخرجه في ج 5/469 ح 1-عن التهذيب ج 3/274 ح 116.
4- 4) الغمر (بفتح الغين المعجمة و الميم) : الدسم و الزهومة من اللحم.
5- 5) وادي مجنّة: أي ذا جنّ.
6- 6) الكافي ج 6/533 ح 2-و [6]عنه الوسائل ج 3/580 ح 3 و [7]صدره في ج 1/231 ح 1- و ج 17/191 ح 3-و البحار ج 80/173. [8]

5-و من طريق العامّة ما رواه صاحب «الصفوة» قال: أخبرنا هبة اللّه بن محمّد، قال: أخبرنا الحسن بن عليّ، قال: أخبرنا أبو بكر بن مالك، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أحمد، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثنا ابن أبي عدي، عن سعيد (1)، عن قتادة، عن أنس، أنّ نبيّ اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم قال: إنّي لأدخل الصلاة و أنا أريد أن أطيلها، فأسمع بكاء الصبيّ، فأتجاوز في صلاتي ممّا أعلم، من شدّة وجد أمّه من بكائه.

أخرجاه في الصحيحين (2).

ص:327


1- 1) سعيد: بن أبي عروبة مهران العدوي مولاهم أبو النضر البصري كان أعلم الناس بحديث قتادة، توفي سنة (156) .
2- 2) صفة الصفوة ج 1/171-و [1]رواه البخاري في صحيحه ج 1/181 و مسلم في صحيحه ج 1/343 ح 192-باختلاف و أحمد في مسنده ج 3/109. [2]

ص:328

الباب الخامس و الأربعون

في أنّه كان يعمل بيده صلى اللّه عليه و آله

1-محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه (1)، عن شريف بن سابق، عن الفضل بن أبي قرّة، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام يضرب بالمرّ (2)و يستخرج الأرضين، و كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم يمصّ النوى بفيه، و يغرسه فيطلع من ساعته، و أنّ أمير المؤمنين عليه السلام أعتق ألف مملوك من ماله و كدّ يده (3).

2-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي المغرا، عن عمار السجستاني (4)، عن أبي عبد اللّه، عن أبيه عليهما السلام أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله وضع حجرا على الطريق يردّ الماء على (5)أرضه فو اللّه ما نكب بعيرا (6)و لا إنسانا حتّى الساعة (7).

ص:329


1- 1) أحمد بن أبي عبد اللّه: هو أحمد بن محمد بن خالد البرقي المتقدّم ذكره.
2- 2) المرّ (بفتح الميم و تشديد الراء المهملة) : المسحاة-و يقال لها بالفارسية: بيل.
3- 3) الكافي ج 5/74 ح 2-و [1]عنه البحار ج 41/37 ح 14-و 57 [2] ح 8-و الوسائل ج 12/22 ح 2-و [3]قطعة منه في البحار ج 17/388 ح 56. [4]
4- 4) عمّار السجستاني: بن عبد الحميد أبو عاصم من أصحاب الصادق عليه السلام.
5- 5) في المصدر: عن.
6- 6) نكب البعير الحجارة بخفّه إذا كسرها، و يقال أيضا: نكبت الحجارة خفّ البعير إذا اصابته.
7- 7) الكافي ج 5/75 ح 7-و [5]عنه البحار ج 17/364 ح 18-و [6]الوسائل ج 12/22 ح 4. [7]

3-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الجاموراني (1)، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة (2)، عن أبيه، قال: رأيت أبا الحسن عليه السلام يعمل في أرض له قد استنقعت قدماه في العرق، فقلت:

جعلت فداك أين الرجال؟ فقال: يا عليّ قد عمل باليد من هو خير منّي في أرضه و من أبي، فقلت: و من هو؟ قال: رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم و أمير المؤمنين عليه السلام كلّهم كانوا قد عملوا بأيديهم، و هو من عمل النبيّين و المرسلين و الأوصياء و الصالحين (3).

4-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، أنّ رجلا أتى أبا عبد اللّه عليه السلام، فقال: إنّني لا أحسن أن أعمل عملا بيدي، و لا أحسن أن أتّجر، و أنا محارف (4)محتاج، فقال:

إعمل فاجعل (5)على رأسك و استغن عن الناس، فإنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله قد حمل حجرا على عاتقه، فوضعه في حائط له من حيطانه، و إنّ الحجر لفي مكانه و لا يدري كم عمقه إلاّ أنّه ثمة (6).

5-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد (7)، عن عليّ بن الحكم، عن إسباط بن سالم، قال: دخلت على أبي عبد اللّه عليه السلام، فسألنا عن عمر بن مسلم (8)ما فعل؟ فقلت: صالح، و لكنّه قد ترك

ص:330


1- 1) الجاموراني: محمد بن أحمد أبو عبد اللّه الرازي.
2- 2) الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني أبو محمد الواقفي ابن الواقفي.
3- 3) الكافي ج 5/75 ح 10-و [1]عنه البحار ج 48/115 ح 27-و [2]في الوسائل ج 12/23 ح 6- [3]عنه و عن الفقيه ج 3/163 ح 3593.
4- 4) المحارف: المحروم.
5- 5) في المصدر: فاحمل.
6- 6) الكافي ج 5/76 ح 14-و [4]عنه الوسائل ج 12/22 ح 5. [5]
7- 7) أحمد بن محمد: بن عيسى بن عبد اللّه بن سعد بن مالك الأشعري أبو جعفر القمي المتقدم ذكره.
8- 8) عمر بن مسلم: الهرّاء الكوفي عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام، قال المامقاني في تنقيح المقال [6]في ترجمته بعد ذكر الخبر: ثم إنّ المولى الوحيد (ره) بعد نقل شطر-Ẓ

التجارة، فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: عمل الشيطان ثلثا، أما علم أنّ رسول اللّه اشترى عيرا أتت من الشام، فاستفضل فيها ما قضى دينه و قسّم في قرابته، يقول اللّه عزّ و جلّ: رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اَللّهِ (1)إلى آخر الآية، يقول القصّاص 2: إنّ القوم لم يكونوا يتّجرون، كذبوا، و لكنّهم لم يكونوا يدعون الصلاة في مواقيتها، و هو أفضل ممّن حضر الصلاة و لم يتّجر 3.

6-ابن بابويه قال: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني 4رحمة اللّه عليه قال: حدّثنا عمر بن سهل بن إسماعيل الدينوري 5، قال: حدّثنا زيد بن إسماعيل الصائغ 6قال: حدّثنا معاوية بن هشام 7، عن سفيان 8، عن عبد الملك بن عمير 9، عن خالد بن ربعي، في حديث طويل أنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال لسلمان: يا أبا عبد اللّه إعرض الحديقة الّتي غرسها

ص:331


1- 1) النور:37.

رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم لي على التّجار، فدخل سلمان إلى السوق و عرض الحديقة فباعها باثني عشر ألف درهما (1).

و الحديث بتمامه إن شاء اللّه في المطلب الثاني في أمير المؤمنين عليه السلام.

ص:332


1- 1) أمالي الصدوق:379-و [1]عنه البحار ج 1/45-و [2]يأتي الحديث بتمامه في الباب الثاني و الثلاثين من المنهج الثاني إن شاء اللّه الموفّق.

الباب السادس و الأربعون

في جلوسه صلى اللّه عليه و آله

1-محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن النوفلي، عن عبد العظيم بن عبد اللّه بن الحسن العلوي (1)، رفعه قال: كان النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم يجلس ثلاثا: القرفصاء (2)و هو أن يقيم ساقيه و يستقبلهما بيديه، و يشدّ يده على ذراعه، و كان يجثو على ركبتيه، و كان يثني رجلا واحدة و يبسط عليها الأخرى، و لم ير صلى اللّه عليه و آله و سلّم متربّعا قطّ (3).

2-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن بعض أصحابه، عن طلحة بن زيد (4)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه

ص:333


1- 1) عبد العظيم بن عبد اللّه: بن علي بن الحسن بن زيد بن [1]الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام كان عابدا و رعا مرضيا. ورد الري هاربا من السلطان إلى أن توفي بها، و روى أن رجلا من أهل الري دخل على الإمام الهادي عليه السلام فقال عليه السلام: أين كنت؟ قال: زرت الحسين عليه السلام قال: أما إنّك لو زرت قبر عبد العظيم عندكم لكنت كمن زار الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.
2- 2) القرفصاء (مثلثة القاف و الفاء ممدودا و مقصورا) : هي أن يجلس الانسان على اليتيه و يلصق فخذيه ببطنه أو يجلس على ركبتيه و يلصق بطنه بفخذيه.
3- 3) الكافي ج 2/661 ح 1-و [2]عنه البحار ج 16/259 ح 44-و [3]الوسائل ج 8/472 ح 1. [4]
4- 4) طلحة بن زيد: أبو الخزرج الجزري النهدي الشامي، و قيل: كوفي نزل واسط روى عن الباقر و الصادق عليهما السلام، عامي بتري إلاّ أن كتابه معتمد.

و آله و سلّم أكثر ما يجلس تجاه القبلة (1).

3-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن عبد اللّه بن المغيرة، عمّن ذكره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم إذا دخل منزلا قعد في أدنى المجلس إليه حين يدخل (2).

ص:334


1- 1) الكافي ج 2/661 ح 4-و [1]عنه الوسائل ج 8/475 ح 2-و [2]أخرجه في البحار ج 16/240 [3]عن مكارم الأخلاق:26. [4]
2- 2) الكافي ج 2/662 ح 6-و [5]عنه الوسائل ج 8/474 ح 2 و [6]أخرجه في البحار ج 16/240 [7]عن مكارم الأخلاق:26. [8]

الباب السابع و الأربعون

في سجداته صلى اللّه عليه و آله الخمس للشكر

1-محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن عثمان بن عيسى (1)عن عبد اللّه بن مسكان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم كان في سفر يسير على ناقته إذ نزل، فسجد خمس سجدات، فلمّا ركب قالوا: يا رسول اللّه إنّا رأيناك صنعت شيئا لم تصنعه، فقال: نعم إستقبلني جبرئيل عليه السلام فبشّرني ببشارات من اللّه عزّ و جلّ، فسجدت للّه شكرا لكلّ بشرى سجدة (2).

2-الشيخ المفيد في «أماليه» قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه (3)رحمه اللّه، قال: حدّثنا الحسين بن محمّد بن عامر (4)، عن أحمد بن علوية (5)، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي (6)، قال: أخبرنا توبة بن الخليل (7)،

ص:335


1- 1) عثمان بن عيسى: بن عبيد الرّواسي كان واقفيّا ثم رجع روى عن الكاظم و الرضا عليهما السلام.
2- 2) الكافي ج 2/98 ح 24-و [1]عنه البحار ج 16/264 ح 60. [2]
3- 3) أبو القاسم جعفر بن محمد بن موسى بن جعفر بن قولويه المتوفى سنة (368) .
4- 4) الحسين بن محمد بن عامر: بن عمران الأشعري القمي كان من شيوخ الكليني.
5- 5) أحمد بن علوية: الأصفهاني المعروف بابن الأسود كان حيّا في سنة (310) .
6- 6) إبراهيم بن محمد الثقفي الكوفي الأصفهاني المتوفى سنة (283) .
7- 7) توبة بن الخليل: ما وجدت له في كتب الرجال ترجمة.

قال: أخبرنا عثمان بن عيسى، قال: حدّثنا أبو عبد الرحمن (1)، عن جعفر بن محمّد عليهما السلام، قال: بينا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم في سفر، إذ نزل فسجد خمس سجدات، فلمّا ركب قال بعض أصحابه: رأيناك يا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم صنعت ما لم تكن تصنعه؟ ! قال: نعم أتاني جبرئيل، فبشّرني أنّ عليّا عليه السلام في الجنّة فسجدت للّه شكرا، فلمّا رفعت رأسي قال: و فاطمة عليها السلام في الجنّة، فسجدت شكرا للّه تعالى، فلمّا رفعت رأسي قال: و الحسن و الحسين سيّدا شباب أهل الجنّة، فسجدت للّه تعالى شكرا، فلمّا رفعت رأسي قال: و من يحبّهم في الجنّة، فسجدت شكرا للّه تعالى، فلمّا رفعت رأسي قال: و من يحبّ محبّهم في الجنّة (2).

3-و في كتاب «المناقب الفاخرة في العترة الطاهرة» : حدّثنا القاضي أبو الحسن محمّد بن إدريس الشافعي (3)، قال: حدّثني أبو الحسن عليّ بن الحسن بن الطيّب، عن أبي الحسن عليّ بن إبراهيم (4)، عن عمر الفقيه، عن إبراهيم بن محمّد الشيظي، عن محمد بن زكريّاء الغلابي (5)، قال: حدّثنا حريز، عن عمير بن عمران الحنفي، عن بشر بن إبراهيم الأنصاري (6)عن يحيى بن أبي كثير (7)، عن أبي سلمة (8)، عن أبي هريرة، عن أبي العلاء العبدي، عن أبي صالح (9)، عن عبد اللّه بن العبّاس رحمه اللّه، قال: رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم، و قد سجد خمس سجدات بلا ركوع،

ص:336


1- 1) أبو عبد الرحمن: كنية لجمع من أصحاب الصادق عليه السلام و لا يعلم أيّهم هو المراد.
2- 2) أمالي المفيد:21 ح 2-و عنه البحار ج 68/11 ح 24. [1]
3- 3) القاضي أبو الحسن محمد بن إدريس الشافعي: محمد بن ادريس بن سليمان الشافعي الجرجراني و يكنى أبا بكر أيضا توفي سنة (415) .
4- 4) أبو الحسن علي بن إبراهيم: بن سلمة القزويني [2]القطّان المتوفى سنة (345) .
5- 5) محمد بن زكريا الغلابي: أبو جعفر الأخباري المتوفى بالبصرة سنة (290) .
6- 6) بشر بن إبراهيم الأنصاري: أبو عمرو المفلوج البصري روى عن الاوزاعي ترجمه ابن أبي حاتم الرازي في الجرح و التعديل و الذهبي في ميزان الاعتدال و ضعّفاه في الحديث.
7- 7) يحيى بن أبي كثير: صالح بن المتوكل الطائي مولاهم أبو نصر اليمامي المتوفى سنة (129) .
8- 8) أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني المتوفى سنة (94) .
9- 9) أبو صالح: السمّان ذكوان الزيات المدني المتوفى سنة (101) .

فقلت: يا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم سجود بلا ركوع! فقال: نعم أتاني جبرئيل عليه السلام و قال لي: يا محمّد إنّ اللّه عزّ و جلّ يحبّ عليّا عليه السلام فسجدت و رفعت رأسي، فقال: إن اللّه يحب الحسن عليه السلام، فسجدت و رفعت رأسي، فقال لي: إن اللّه يحب الحسين عليه السلام، فسجدت و رفعت رأسي، فقال: إن اللّه يحبّ فاطمة عليها السلام، فسجدت و رفعت رأسي، فقال: إنّ اللّه يحبّ من أحبّهم، فسجدت و رفعت رأسي (1).

4-ابن شهر اشوب، قال في كتاب «المحاضرات» روى أبو هريرة أنّه سجد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله خمس سجدات بلا ركوع، فقلنا له في ذلك، فقال: أتاني جبرئيل عليه السلام فقال: إنّ اللّه يحبّ عليّا عليه السلام، فسجدت و رفعت رأسي، فقال: إنّ اللّه يحبّ الحسن و الحسين فسجدت (2)، ثمّ قال: إنّ اللّه يحبّ فاطمة عليها السلام فسجدت (3)، ثمّ قال: إنّ اللّه يحبّ من أحبّهم فسجدت (4).

5-عليّ بن عيسى في «كشف الغمّة» قال: نقلت من مسند أحمد بن حنبل (5)، عن عبد الرحمن بن عوف (6)، قال: خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه

ص:337


1- 1) أخرجه في البحار ج 86/219 ح 36-و [1]مستدرك الوسائل ج 5/150 ح 2 [2] عن الدرّ النظيم المخطوط. و لا يخفى على المتأمّل ما في السند بين أبي هريرة و ابن العبّاس، فإنّ رواية أبي هريرة عن أبي صالح المتوفى سنة (101) بلا واسطة غير معقول فضلا مع الواسطة.
2- 2) في المصدر: إنّ اللّه يحبّ الحسن فسجدت فرفعت رأسي، فقال: إنّ اللّه يحبّ الحسين فسجدت و رفعت رأسي.
3- 3) الظاهر أنّ جملة «إنّ اللّه يحبّ فاطمة عليها السلام» مقدّمة في العبارة على جملة «إنّ اللّه يحبّ الحسن عليه السلام» كما هي في المستدرك [3]للعلامة النوري قدّس سرّه راجع ج 1/358.
4- 4) مناقب ابن شهر اشوب ج 3/326-و [4]عنه البحار ج 37/59 ح 28. [5]
5- 5) أحمد بن حنبل: أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال الشيباني المروزي ثم البغدادي صاحب «المسند» توفي ببغداد سنة (241) .
6- 6) عبد الرحمن بن عوف: بن عبد عوف بن عبد الوارث الزهري المديني مات سنة (33) ه و هو ابن (75) سنة.

و آله و سلّم فأتبعته حتى دخل نخلا، فسجد و أطال السجود، حتى خفت أو خشيت أن يكون اللّه عزّ و جلّ قد توفّاه و قبضه إليه، فجئت أنظر فرفع رأسه فقال: مالك عبد الرحمن؟ فذكرت ذلك له، قال: فقال: إنّ جبرئيل عليه السلام قال لي: ألا أبشّرك أنّ اللّه عزّ و جلّ يقول لك: من صلّى عليك صلّيت عليه، و من سلّم عليك سلّمت عليه، فسجدت للّه شكرا (1).

ص:338


1- 1) كشف الغمّة: ج 1/28- [1]مسند أحمد بن حنبل ج 1/191 [2] مثله.

الباب الثامن و الأربعون

في صبره صلى اللّه عليه و آله

1-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، و عليّ بن محمّد القاساني (1)جميعا، عن القاسم بن محمد الأصبهاني (2)، عن سليمان بن داود المنقري (3)، عن حفص بن غياث (4)، قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: يا حفص إنّ من صبر صبر قليلا، و إنّ من جزع جزع قليلا، ثم قال: عليك بالصبر في جميع أمورك، فإنّ اللّه عزّ و جلّ بعث محمدا صلى اللّه عليه و آله، فأمره بالصبر و الرفق فقال: وَ اِصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَ اُهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً وَ ذَرْنِي وَ اَلْمُكَذِّبِينَ أُولِي اَلنَّعْمَةِ (5)و قال تبارك و تعالى: اِدْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا اَلَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَ ما يُلَقّاها إِلاَّ اَلَّذِينَ صَبَرُوا وَ ما

ص:339


1- 1) علي بن محمد القاساني: بن مثيرة أبو الحسين الفقيه الامامي المحدث من ولد زياد مولى عبد اللّه بن عباس من آل خالد بن الأزهر كان من أصحاب الجواد و الهادي عليهما السلام.
2- 2) القاسم بن محمد الأصفهاني: المعروف بكاسام أو كاسولا و على ما استظهر الأردبيلي في جامع الرواة [1]هو متحد مع القاسم بن محمد القمي و القاسم محمد الجوهري و كان واقفيا من أصحاب الكاظم عليه السلام سكن بغداد و روى عن علي بن أبي حمزة البطائني.
3- 3) سليمان بن داود المنقري: أبو أيّوب الشاذكوني البصري أو الأصفهاني الحافظ المتوفى سنة (234) .
4- 4) حفص بن غياث: بن طلق بن معاوية أبو عمرو القاضي الكوفي النخعي روى عن الصادق و الكاظم عليهما السلام و توفي سنة (194) بالكوفة.
5- 5) المزمّل:10-11. [2]

يُلَقّاها إِلاّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (1).

فصبر رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله حتّى نالوه بالعظائم، و رموه بها، فضاق صدره، فأنزل اللّه عزّ و جلّ وَ لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ كُنْ مِنَ اَلسّاجِدِينَ (2).

ثمّ كذّبوه و رموه، فحزن لذلك، فأنزل اللّه عزّ و جلّ: قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ اَلَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ اَلظّالِمِينَ بِآياتِ اَللّهِ يَجْحَدُونَ وَ لَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَ أُوذُوا حَتّى أَتاهُمْ نَصْرُنا (3)فألزم النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم نفسه الصبر، فتعدّوا فذكروا اللّه تبارك و تعالى و كذّبوه، فقال: قد صبرت في نفسي و أهلي و عرضي، و لا صبر لي على ذلك إلهي، فأنزل اللّه عزّ و جلّ: وَ لَقَدْ خَلَقْنَا اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيّامٍ وَ ما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ (4).

فصبر النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم في جميع أحواله، ثمّ بشّر في عترته بالأئّمة عليهم السلام و وصفوا بالصبر فقال جلّ ثناؤه: وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمّا صَبَرُوا وَ كانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ (5)فعند ذلك قال صلى اللّه عليه و آله و سلّم: الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد، فشكر اللّه عزّ و جلّ ذلك له فأنزل اللّه عزّ و جلّ: وَ تَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ اَلْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا وَ دَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَ قَوْمُهُ وَ ما كانُوا يَعْرِشُونَ (6)فقال صلى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّه بشرى و انتقام فأباح اللّه عزّ و جلّ له قتال المشركين، فأنزل اللّه: فَاقْتُلُوا اَلْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَ خُذُوهُمْ وَ اُحْصُرُوهُمْ وَ اُقْعُدُوا لَهُمْ

ص:340


1- 1) فصّلت:34-35. [1]
2- 2) الحجر:97. [2]
3- 3) الأنعام:33-34. [3]
4- 4) ق:38-39.
5- 5) السجدة:24. [4]
6- 6) الأعراف:137. [5]

كُلَّ مَرْصَدٍ (1) وَ اُقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ (2)فقتلهم اللّه على يدي رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم و أحبّآئه، و جعل له ثواب صبره، مع ما ادّخر له في الآخرة، فمن صبر و احتسب لم يخرج من الدّنيا حتى يقرّ اللّه له عينه في أعدائه، مع ما يدخّر له في الآخرة (3).

2-ابن بابويه، عن أبيه قال: حدّثنا عليّ بن محمّد بن قتيبة (4)، عن حمدان بن سليمان (5)، عن نوح بن شعيب (6)، عن محمّد بن إسماعيل (7)، عن صالح بن عقبة (8)، عن علقمة (9)، قال الصادق جعفر بن محمد عليه السلام في حديث له: ألم ينسبوه يعني رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم إلى الكذب في قوله: إنّه رسول من اللّه إليهم، حتّى أنزل اللّه عزّ و جلّ: وَ لَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَ أُوذُوا حَتّى أَتاهُمْ نَصْرُنا (10)(11)

ص:341


1- 1) التوبة:5. [1]
2- 2) البقرة:191. [2]
3- 3) الكافي ج 2/88 ح 3-و [3]عنه البحار ج 71/60 ح 1-و [4]الوسائل ج 11/207 ح 1-و [5]البرهان ج 2/105 ح 1-و [6]صدره في ج 2/358 و أخرجه في البرهان ج 1/523 ح 6 [7]عن تفسير القمي ج 1/196. [8]
4- 4) علي بن محمد بن قتيبة: أبو الحسن القتيبي النيسابوري كان من تلامذة الفضل بن شاذان الخليل المتوفى سنة (260) ، و رواية كتبه، و الكشي في رجاله اعتمد عليه و قال الشيخ الطوسي في حقّه: فاضل.
5- 5) حمدان بن سليمان: بن عميرة أبو سعيد أو أبو الخير النيشابوري المعروف بالتاجر، عدّ من أصحاب الهادي و العسكري عليهما السلام.
6- 6) نوح بن شعيب: مشترك بين رجلين: أحدهما مجهول و هو نوح بن شعيب الخراساني النيشابوري، و الثاني هو نوح بن شعيب البغدادي عدّه الشيخ من أصحاب الجواد عليه السلام و نقل عن الفضل بن شاذان أنّه كان فقيها عالما صالحا مرضيّا.
7- 7) محمد بن إسماعيل: بن بزيع أبو جعفر الكوفي مولى المنصور العباسي، عدّ من أصحاب الكاظم و الرضا و الجواد عليهم السلام.
8- 8) صالح بن عقبة: بن قيس بن سمعان ابن أبي ربيحة روى عن الصادق و الكاظم عليهما السلام.
9- 9) علقمة: بن قيس بن محمد الحضرمي من أصحاب الباقر و الصادق عليهما السلام.
10- 10) الأنعام:34. [9]
11- 11) أمالي الصدوق:92 [10] قطعة من ح 3-و عنه البحار ج 70/3-و [11]البرهان ج 1/523 ح 7. [12]

3-و عنه بهذا الإسناد، عن علقمة، عن الصادق عليه السلام في حديث طويل: ألم ينسبوا نبيّنا محمدا صلى اللّه عليه و آله و سلّم إلى أنّه يوم بدر أخذ من المغنم قطيفة حمراء، حتى أظهره اللّه على القطفة، و برأ نبيّه من الخيانة، و أنزل في كتابه: وَ ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَ مَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ اَلْقِيامَةِ (1)(2).

4-الطبرسي في «الإحتجاج» عن الإمام موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السلام عن الحسين عليه السلام عن أبيه علي بن أبي طالب عليه السلام، في حديثه مع اليهوديّ قال اليهودي: فهذا نوح عليه السلام صبر في ذات اللّه، و أعذر قومه إذ كذّب، قال له عليّ عليه السلام: لقد كان كذلك، و محمّد صلى اللّه عليه و آله صبر في ذات اللّه عزّ و جلّ، و أعذر قومه إذ كذّب و ردّ و شرّد و حصب بالحصبى، و علاه أبو لهب بسلا ناقة (3)و شاة، فأوحى اللّه تبارك و تعالى إلى جابيل ملك الجبال: أن شقّ الجبال و انته إلى أمر محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلّم، فأتاه فقال له: إنّي أمرت لك بالطاعة، فإن أمرت أطبقت (4)عليهم الجبال، فأهلكتهم بها.

قال صلى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّما بعثت رحمة، ربّ اهد قومي فإنّهم لا يعلمون، ويحك يا يهوديّ إنّ نوحا لمّا شاهد غرق قومه رقّ عليهم رقة القرابة، و أظهر عليهم شفقة، فقال: رَبِّ إِنَّ اِبْنِي مِنْ أَهْلِي (5)فقال تبارك و تعالى:

إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ (6)أراد جلّ ذكره أن يسلّيه بذلك، و محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلّم لمّا علنت من قومه المعاندة شهر عليهم

ص:342


1- 1) آل عمران:161. [1]
2- 2) أمالي الصدوق:92 قطعة من حديث 3 و [2]عنه البحار ج 70/3 و [3]البرهان ج 1/325 ح 1. [4]
3- 3) السلى «بفتح السين المهملة و اللام و الألف المقصورة» : جلدة يكون ضمنها الولد في بطن أمّه و إذا انقطع في البطن هلكت الأمّ و الولد.
4- 4) في البحار: [5] أن أطبق.
5- 5) هود:45. [6]
6- 6) هود:46. [7]

سيف النقمة، و لم تدركه فيهم رقة القرابة، و لم ينظر إليهم بعين مقة (1).

5-و عن الفضيل بن عياض (2)، أنّ قريشا لمّا نالت من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ما نالت من الأذى، أتى ملك فقال: يا محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلّم أنا الموكّل بالجبال، أرسلني اللّه إليك إن أحببت أن أطبق عليهم الأخشبين (3)فعلت، فقال صلى اللّه عليه و آله و سلّم: لا إنّ قومي لا يعلمون (4).

و قد تقدّم في الباب الثاني عشر من ذلك الكثير.

ص:343


1- 1) الاحتجاج ج 1/212-و [1]عنه البحار ج 10/29-و ح 17/275 و [2]نور الثقلين ج 2/367- ح 135. [3]
2- 2) قد تقدّم أنّ الصحيح أبو الفضل عياض و هو ابن موسى اليحصبي المتوفى سنة (544) مؤلف «الشفا في شرف المصطفى» .
3- 3) الأخشبان: جبلان بمكة.
4- 4) تقدم الخبر عن ابن شهر اشوب في الباب التاسع و الثلاثين ح 5.

ص:344

الباب التاسع و الأربعون

في صبره صلى اللّه عليه و آله من طريق المخالفين

1-صاحب كتاب «الصفوة» قال: كان أبو طالب عليه السلام يدافع عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فلمّا أتت لرسول اللّه تسع و أربعون سنة، و ثمانية أشهر، و أحد عشر يوما، مات عمّه أبو طالب عليه السلام للنصف من شوّال في السنة العاشرة من المبعث و هو إبن بضع و ثمانين سنة، و توفّيت بعده خديجة بشهر و خمسة أيّام، و يقال: بثلاثة أيّام فحسب، و هي إبن خمس و ستّين سنة، و كانت قريش تكفّ بعض أذاها عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم، حتّى مات أبو طالب عليه السلام، فلمّا مات بالغوا في أذاه، فلمّا ماتت خديجة أقام بعدها ثلاثة أشهر، ثم خرج هو و زيد بن حارثة إلى الطائف، فأقام بها شهرا، ثمّ رجع إلى مكّة في جوار المطعم بن عدي، و ما زال يلقى الشدائد (1).

2-ثمّ قال: أخبرنا هبة اللّه بن محمّد، قال: أخبرنا الحسن بن علي، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أحمد، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثنا وهب بن جرير (2)، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي

ص:345


1- 1) صفة الصفوة ج 1/104. [1]
2- 2) وهب بن جرير: بن حازم بن زيد أبو العباس الجهضمي البصري المتوفى سنة (207) .

إسحاق (1)، عن عمرو بن ميمون (2)، عن عبد اللّه (3): ما رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله دعا على قريش غير يوم واحد، فإنّه كان يصلّي و رهط من قريش جلوس، و سلا جزور قريب منه، فقالوا: من يأخذ هذا السلا فيلقيه على ظهره؟ قال: فقال عقبة بن أبي معيط: أنا، فأخذه فألقاه على ظهره، فلم يزل ساجدا حتى جاءت فاطمة عليهما السلام فأخذته عن ظهره، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: أللهمّ عليك الملأ من قريش، أللهمّ عليك بعتبة بن ربيعة، أللهمّ عليك بشيبة بن ربيعة، أللّهم عليك بأبي جهل بن هشام، أللّهم عليك بعقبة بن أبي معيط، أللهمّ عليك بأبيّ بن خلف، و أميّة بن خلف.

قال عبد اللّه: فلقد رأيتهم قتلوا يوم بدر جميعا، ثم سحبوا إلى القليب، غير أبيّ بن خلف، أو أميّة، فإنّه كان رجلا ضخما فتقطع.

أخرجاه في الصحيحين (4).

3-و عنه، أخبرنا عبد الأوّل بن عيسى، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن مظفر، قال: أخبرنا إبن أعين، قال: حدّثنا الفربري، قال: حدّثنا البخاري، قال: حدّثنا عبد اللّه بن يوسف (5)، قال: أخبرنا ابن وهب (6)، قال: أخبرني يونس (7)، عن ابن شهاب (8)، قال: أخبرني عروة (9): أنّ عائشة زوج النبيّ صلى اللّه عليه و آله حدّثته أنّها قالت للنبيّ صلى اللّه عليه

ص:346


1- 1) أبو اسحاق: هو عمرو بن عبد اللّه السبيعي المتقدم ذكره المتوفى سنة (127) .
2- 2) عمرو بن ميمون: أبو عبد اللّه الأودي المذحجي اليماني نزيل الكوفة المتوفى سنة (75) .
3- 3) عبد اللّه: أينما ذكر اسم «عبد اللّه» فهو عبد اللّه بن مسعود، و هذا اصطلاح عند محدّثي العامّة.
4- 4) صفة الصفوة ج 1/105 و [1]صحيح البخاري ج 5/57-و صحيح مسلم ج 3/1418 و 1419.
5- 5) عبد اللّه بن يوسف: أبو محمد التنيسي الدمشقي المتوفى سنة (218) .
6- 6) ابن وهب: عبد اللّه بن وهب بن مسلم أبو محمد المصري المتوفى (197) تقدّم ذكره.
7- 7) يونس: بن يزيد بن أبي نجاد أبو يزيد القرشي المتوفى سنة (159) .
8- 8) ابن شهاب: محمد بن مسلم الزهري المتوفى سنة (125) تقدّم ذكره.
9- 9) عروة: بن الزبير بن العوّام الفقيه المدني المتوفى سنة (94) تقدّم ترجمته.

و آله و سلّم: هل أتى عليك يوم كان أشدّ من يوم أحد؟ قال صلى اللّه عليه و آله و سلّم: لقد لقيت من قومك و كان أشدّ ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على إبن عبد ياليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت و أنا مهموم على وجهي، و لم أستفق إلاّ و أنا بقرن الثعالب (1)، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلّتني، فنظرت فإذا فيها جبرئيل، فناداني: أنّ اللّه قد سمع قول قومك لك، و ما ردّوا عليك، و قد بعث إليك ملك الجبال، لتأمره بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال فسلّم عليّ، ثم قال: يا محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلّم ذلك فيما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين، قال النبي صلى اللّه عليه و آله: بل أرجو أن يخرج اللّه من أصلابهم من يعبد اللّه وحده لا يشرك به شيئا.

أخرجاه في الصحيحين (2).

4-و عنه قال: أخبرنا ابن الحصين، قال: أخبرنا إبن المذهب، قال:

أخبرنا أحمد بن جعفر، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أحمد، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثنا عليّ بن عبد اللّه (3)، و هو ابن المديني، قال: حدّثنا الوليد بن مسلم (4)، قال: حدثني الأوزاعي (5)، قال: حدّثني يحيى بن أبي كثير، قال: حدّثني محمّد بن إبراهيم بن الحارث التيمي (6)، قال: حدّثني عروة بن زبير، قال: قلت لعبد اللّه بن عمرو بن العاص (7): أخبرني بأشدّ شيء صنعه

ص:347


1- 1) قرن الثعالب: موضع على مرحلتين من مكّة المكرمة و هو ميقات أهل نجد واصل القرن كلّ جبل صغير ينقطع من جبل كبير.
2- 2) صفة الصفوة ج 1/106-و [1]صحيح البخاري ج 4/139-و صحيح مسلم ج 3/1420 ح 111.
3- 3) علي بن عبد اللّه ابن المديني: بن جعفر بن نجيح أبو الحسن المتوفى سنة (234) .
4- 4) الوليد بن مسلم: أبو العباس الأموي الدمشقي المتوفى سنة (195) .
5- 5) الأوزاعي: عبد الرحمن بن عمرو الشامي المتوفى سنة (157) .
6- 6) محمد بن إبراهيم بن الحارث: بن خالد بن صخر التيمي القرشي المديني المتوفى سنة (120) .
7- 7) عبد اللّه بن عمرو بن العاص: بن وائل السهمي المتوفى سنة (65) .

المشركون برسول اللّه، قال: بينا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم بفناء الكعبة، إذ أقبل عقبة بن أبي معيط، فأخذ منكب رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم، و لوى ثوبه في عنقه، فخنقه به خنقا شديدا، و أقبل أبو بكر فأخذ بمنكبه، و دفعه عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم، و قال: أتقتلون رجلا يقول: ربّي اللّه و قد جائكم بالبيّنات من ربّكم (1)؟ !

5-و عنه، قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي طاهر، قال: أخبرنا أبو محمّد الجوهري (2)، قال: أخبرنا أبو عمر بن حيّويه (3)، قال: أنبأنا أبو الحسن بن معروف (4)، قال: أنبأنا الحسين بن فهم (5)، قال: حدّثنا محمّد بن سعد الكاتب (6)قال: أنبأنا إسحاق بن يوسف الأزرق (7)، قال: حدّثنا القاسم بن عثمان البصري (8)، عن أنس بن مالك، قال: خرج عمر متقلّدا بالسيف، فلقيه رجل (9)من بني زهرة، فقال أين تعمد يا عمر؟ قال: أريد أن أقتل محمّدا صلى اللّه عليه و آله و سلّم، قال: و كيف تأمن في بني هاشم و بني زهرة، و قد قتلت محمدا؟ فقال له عمر: ما أراك إلاّ و قد صبأت، و تركت دينك الذي

ص:348


1- 1) صفة الصفوة ج 1/107- [1]روى أحمد بن محمد بن حنبل في المسند ج 1/204 مثله-و البخاري في صحيحه ج 5/58 باختلاف.
2- 2) أبو محمد الجوهري: الحسن بن علي الشيرازي ثم البغدادي المقنّعي المتوفى سنة (454) -تقدم ذكره بعنوان الحسن بن علي الجوهري.
3- 3) أبو عمر بن حيّوية: محمد بن العباس بن محمد بن زكريا بن يحيى بن معاذ بن حيوية البغدادي الخزاز المتوفى سنة (382) .
4- 4) أبو الحسن بن معروف: أحمد بن معروف بن بشر بن موسى الخشّاب.
5- 5) الحسين بن فهم: الحافظ الكبير محمد بن عبد الرحمن بن فهم بن محرز البغدادي ولد سنة (211) و توفي سنة (289) .
6- 6) محمد بن سعد الكاتب: بن منيع البصري الحافظ كاتب الواقدي نزيل بغداد المتوفى سنة (230) .
7- 7) اسحاق بن يوسف الأزرق: بن مرداس المخزومي أبو محمد الواسطي المتوفى سنة (195) .
8- 8) القاسم بن عثمان البصري: التابعي، ترجمه الذهبي [2]في «ميزان الاعتدال» و نقل عن البخاري أنّ له أحاديث لا يتابع عليها.
9- 9) الرجل هو نعيم بن عبد اللّه كما في سيرة ابن هشام.

أنت عليه، قال: أفلا أدلّك على العجيب يا عمر، إنّ أختك و ختنك (1)قد صبوا و تركا دينك الّذي أنت عليه، فمشى عمر ذامرا (2)حتى أتاهما، و عندهما رجل من المهاجرين يقال له: خبّاب (3)، فلمّا سمع خبّاب حسّ عمر توارى في البيت، فدخل عليهما، فقال: ما هذه الهينمة (4)التي سمعتها عندكم؟

قال: و كانوا يقرأون «طه» فقالا: ما عدا (5)حديثا تحدّثناه بيننا، قال:

فلعلّكما قد صبوتما، فقال له ختنه: أرأيت يا عمر إن كان الحقّ في غير دينك، فوثب عمر على ختنه فوطئه وطئا شديدا، فجاءت أخته فدفعته عن زوجها، فنفحها (6)نفحة بيده فدمى وجهها (7)، فقالت و هي غضبي: يا عمر إن كان الحقّ في غير دينك أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، و أنّ محمدا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم، قال: فلمّا يئس عمر قال: أعطوني هذا الكتاب الّذي عندكم فأقرأه، و كان عمر يقرأ الكتب، فقالت أخته: إنّك رجس و لا يمسّه إلاّ المطهّرون، فقم فاغتسل أو توضّأ، فقام فتوضّأ ثمّ أخذ الكتاب، فقرأ «طه» حتى انتهى إلى قوله: إِنَّنِي أَنَا اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَ أَقِمِ اَلصَّلاةَ لِذِكْرِي (8).

فقال عمر: دلّوني على محمّد صلى اللّه عليه و آله قال: فخرج، و كان النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم على الصفا داخل الدار يوحى إليه، فخرج رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم حتى أتى عمر، فأخذ بمجامع ثوبه و حمائل

ص:349


1- 1) الختن: الصهر، و يطلق على زوج البنت أو الأخت، و هو هنا سعيد بن زيد بن عمرو، زوج فاطمة بنت الخطاب.
2- 2) الذامر: المتهدّد.
3- 3) خباب: بن الارت بن جندلة توفي سنة (37) ه.
4- 4) الهينمة (بفتح الهاء و النون و الميم و سكون الياء) : الصوت الخفي.
5- 5) ما عدا: ما تجاوز الأمر.
6- 6) نفحها: ضربها.
7- 7) فدمى وجهها: تلوّث وجهها بالدم.
8- 8) طه:1-14. [1]

السيف، فقال: أما أنت منتهيا يا عمر حتى ينزل اللّه بك يعني من الخزي و النكال ما أنزل بالوليد بن المغيرة، أللّهمّ هذا عمر بن الخطاب، أللهمّ أعزّ الدين بعمر بن الخطاب فقال عمر: أشهد أنّك رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم، فأسلم، و قال: أخرج يا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله (1).

قال مؤلّف هذا الكتاب: أنظر ما ترويه العامّة من مكابدة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من المشركين الذين عمر في سلكهم و من أحزابهم، و كيف فعل رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم به بعد ما قال له ما قال صلى اللّه عليه و آله و سلّم حتى أسلم.

6-و عنه، قال: أخبرنا عبد الملك بن أبي القاسم الكروخي (2)، قال:

حدّثنا أبو عامر الأزدي (3)، و أبو بكر الغورجي (4)، قالا: حدّثنا أبو محمد الجرّاحي (5)، قال: حدّثنا أبو العباس المحبوبي (6)، قال: حدّثنا أبو عبد اللّه الترمذي، قال: حدّثنا عبد اللّه بن عبد الرحمن (7)، قال: أخبرني روح بن أسلم (8)، قال: أنبأنا ثابت (9)، عن أنس، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه

ص:350


1- 1) صفة الصفوة: ج 1/269، و [1]فيها زيادات تعرف بالمراجعة.
2- 2) الكروخي: أبو الفتح عبد الملك بن عبد اللّه بن أبي سهل الهروي راوي «جامع الترمذي» حدّث ببغداد و مكة المكرمة و عاش (86) سنة و توفي سنة (548) تقدم ذكره.
3- 3) أبو عامر الأزدي: محمود بن القاسم بن القاضي أبي منصور محمد بن المهلّبي الفقيه الشافعي الهروي من رواة جامع الترمذي، توفي سنة (487) .
4- 4) الغورجي: أبو بكر أحمد بن عبد الصمد الهروي من رواة «جامع الترمذي» و الغورجي (بضم الغين المعجمة و سكون الواو و فتح الراء) نسبة إلى غورة و هي قرية من قرى هواة (اللباب) . [2]
5- 5) الجرّاحي: أبو محمد عبد الجبار بن محمد بن عبد اللّه بن أبي الجراح المرزباني المروزي الهروي من رواة «جامع الترمذي» توفي سنة (412) .
6- 6) أبو العباس المحبوبي: محمد بن أحمد بن محبوب المروزي راوي «جامع الترمذي» عن مؤلفه، توفي سنة (346) .
7- 7) عبد اللّه بن عبد الرحمن: بن الفضل بن مهرام الحافظ الدارمي السمرقندي المتوفى سنة (255) .
8- 8) روح بن أسلم: الباهلي أبو حاتم البصري المتوفى سنة (200) .
9- 9) ثابت: بن أسلم أبو محمد البناني البصري توفي سنة (123) تقدم ذكره.

عليه و آله و سلّم: لقد أخفت في اللّه و ما يخاف أحد، و لقد أوذيت في اللّه و ما يؤذى أحد، و لقد أتت عليّ ثلاثون ما بين ليلة و يوم (1)ما لي و لبلال طعام يأكله ذو كبد إلاّ شيء يواريه إبط بلال (2).

ص:351


1- 1) في جامع الترمذي: من بين يوم و ليلة.
2- 2) صفة الصفوة ج 1/438-و [1]رواه الترمذي في «الجامع» ج 4/645 ح 2472-و أحمد بن حنبل في مسنده ج 3/120 و 286 مثله، و ابن ماجة في سننه ج 1/54 ح 151 باختلاف.

ص:352

الباب الخمسون

في استعماله الطيب

1-محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن أبي البختري (1)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان يتطيّب بالمسك حتى يرى و بيصه (2)في مفارقه (3).

2-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: كان لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ممسكة (4)، إذا هو توضّأ أخذها بيده، و هي رطبة، فكان إذا خرج عرفوا أنّه رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم برائحته (5).

ص:353


1- 1) أبو البختري: وهب بن وهب بن عبد اللّه بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن عبد العزى روى عن الصادق عليه السلام و لكن أرباب الرجال ضعفوه بل كذّبوه و روى عن الرضا عليه السلام أنه قال في حقه: «قد كذب على اللّه و ملائكته و رسله» .
2- 2) الوبيص «بفتح الواو» : البريق، قال في النهاية: و بص الشيء يبص و بيصا و منه الحديث: «رأيت و بيص الطيب في مفارق رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و هو محرم» .
3- 3) الكافي ج 6/514 ح 2-و [1]عنه البحار ج 16/290 ح 150-و [2]في الوسائل ج 1/445 ح 4 [3]عنه و عن قرب الاسناد:70-و [4]أخرجه في البحار ج 16/248 [5]عن مكارم الأخلاق:33 و [6]في ج 76/142 عن قرب الاسناد. [7]
4- 4) الممسكة (بفتح الميم الأولى و سكون الثانية و فتح السين المهملة) : ظرف صغير يوضع فيه المسك.
5- 5) الكافي ج 6/515 ح 3 و [8]عنه البحار ج 16/290 ح 151. [9]

3-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن نوح بن شعيب، عن بعض أصحابنا، عن أبي الحسن عليه السلام، قال:

كان يرى و بيص المسك في مفرق رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم (1).

4-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن موسى بن الفرات، عن عليّ بن مطر (2)، عن السكن الخزّاز، قال:

سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: حقّ على كلّ محتلم (3)في كلّ جمعة أخذ شاربه و أظفاره، و مسّ الشيء من الطيّب، و كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله إذا كان يوم الجمعة و ليس (4)عنده طيب، دعا ببعض خمر نسائه فبلّها بالماء، ثم وضعها على وجهه صلى اللّه عليه و آله و سلّم (5).

5-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن سليمان بن محمّد الخثعمي، عن إسحاق الطويل العطّار، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم ينفق في الطيب أكثر ممّا ينفق في الطعام (6).

6-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن هلال (7)، عن عيسى بن عبد اللّه (8)، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ صلوات

ص:354


1- 1) الكافي ج 6/515 ح 7-و [1]عنه البحار ج 16/290 ح 152 و [2]الوسائل ج 1/446 ح 6. [3]
2- 2) علي بن مطر: قال المامقاني في التنقيح: ليس له ذكر في كتب الرجال-و قال الوحيد: روى عنه صفوان بن يحيى، و فيه شهادة على الوثاقة، و يؤيده رواية أحمد بن محمد بن عيسى عنه.
3- 3) أي كل بالغ-و في بعض النسخ: مسلم.
4- 4) في المصدر: و لم يكن.
5- 5) الكافي ج 6/511 ح 10-و [4]عنه الوسائل ج 5/50 ح 14 و [5]ص 54 ح 2-و عن الخصال: 392 ح 91-و أخرجه في البحار ج 76/142 ح 11. [6]
6- 6) الكافي ج 6/512 ح 18-و [7]عنه الوسائل ج 1/443 ح 1-و [8]أخرجه في البحار ج 16/248 [9]عن مكارم الأخلاق:34. [10]
7- 7) أحمد بن هلال: العبرتائي أبو جعفر ورد فيه ذموم من سيّدنا الامام العسكري عليه السلام، ولد سنة (180) و توفي سنة (267) .
8- 8) عيسى بن عبد اللّه: بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عليه السلام.

اللّه عليه: أنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله كان لا يردّ الطيب و الحلواء (1).

7-و عنه، عن حميد بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن يحيى بن المبارك (2)، عن عبد اللّه بن جبلّة (3)، عن إسحاق بن عمّار (4)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله إذا أوتي بطيب يوم الفطر بدأ بنسائه (5).

8-و عنه، عن عليّ بن محمّد (6)، و غيره، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الوليد شباب الصيرفي (7)، عن مالك بن إسماعيل النهدي (8)، عن عبد السلام بن حارث، عن سالم بن أبي حفصة (9)العجلي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان في رسول اللّه ثلاثة لم تكن في أحد غيره: لم يكن له فيء، و كان لا يمرّ في طريق فيمرّ فيه بعد يومين إلى ثلثة إلاّ عرف أنّه قد مرّ فيه لطيب عرفه (10)، و كان لا يمرّ بحجر و لا بشجر إلاّ سجد له (11).

ص:355


1- 1) الكافي ج 6/513 ح 4-و [1]عنه الوسائل ج 1/444 ح 4. [2]
2- 2) يحيى بن المبارك: من أصحاب الرضا عليه السلام و يظهر من مكاتبته إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام و جوابه اعتباره عند الامام عليه السلام فارجع تعرف.
3- 3) عبد اللّه بن جبلة: بن حيان بن أبجر الكناني الكوفي من أصحاب الكاظم عليه السلام و كان واقفيا وثقه أرباب الرجال مات سنة (219) .
4- 4) إسحاق بن عمّار: أبو يعقوب الصيرفي الكوفي روى عن الصادق و الكاظم عليهما السلام و قيل: كان فطحيا و لكنّه ثقة.
5- 5) الكافي ج 4/170 ح 5. [3]
6- 6) علي بن محمد: بن أبي القاسم بندار و قد روى عنه الكليني و علي بن إبراهيم.
7- 7) محمد بن الوليد شباب الصيرفي: ضعّفوه وريت عنه روايات في الحدود و الديات و غيرها.
8- 8) النهدي: مالك بن إسماعيل بن زياد بن درهم أبو غسّان الكوفي كان من رجال العامة و ليس في كتبنا ذكر منه-توفي سنة (219) .
9- 9) سالم بن أبي حفصة: أبو يونس الكوفي عدّ من أصحاب السجّاد و الباقر و الصادق عليهم السلام.
10- 10) العرف: الريح.
11- 11) الكافي ج 1/442 ح 11 و [4]عنه البحار ج 16/368 ح 79 و [5]في ص 249 عن مكارم الأخلاق ص 34. [6]

9-ابن شهر اشوب قال: أتت فاطمة عليها السلام بماء ورد، فسألت أمّ سلمة عن ذلك، فقالت: هذا عرق رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم كنت أجده عند قيلولة النبيّ صلى اللّه عليه و آله عندي.

ص:356

الباب الحادي و الخمسون

في استعماله الخضاب

1-ابن بابويه بإسناده عن الأصبغ بن نباتة، قال: قلت لأمير المؤمنين عليه السلام: ما منعك من الخضاب؟ و قد اختضب رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم، قال: أنتظر أشقاها أن يخضب لحيتي من دم رأسي بعهد معهود أخبرني به حبيبي (1).

2-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن خضاب الشعر، فقال: قد خضب النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم، و الحسين بن عليّ، و أبو جعفر عليهم السلام بالكتم (2)(3).

3-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: خضب النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم، و لم يمنع عليّا إلاّ قول رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم تخضب هذه من هذه، و قد خضب الحسين، و أبو جعفر

ص:357


1- 1) علل الشرائع:173 ح 1 و [1]عنه البحار ج 1/164 ح 1 و [2]الوسائل ج 1/401 ح 10 و [3]في ذيله «حبيبي رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم» .
2- 2) الكتم: (بفتح الكاف و التاء) : نبت يخضب به الشعر و يصنع منه مداد للكتابة.
3- 3) الكافي ج 6/481 ح 7-و [4]عنه الوسائل ج 1/406 ح 1. [5]

عليهما السلام (1)

4-ابن بابويه، بإسناده في «الفقيه» و سأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام، فقال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم يختضب، و هذا شعره عندنا (2).

5-و روي أنّه كان عليه السلام في رأسه و لحيته سبع عشر شيبة (3).

6-الشيخ في أماليه عن ابن مخلد قال: أخبرنا أبو عمرو (4)قال: حدّثنا حمّاد بن سهل الثوري، قال: حدّثنا أبو نعيم (5)، قال: حدّثنا سفيان (6)، عن ربيعة (7)قال: سمعت أنسا يقول: ما كان في رأس رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم و لحيته عشرون طاقة بيضاء (8).

7-و من طريق المخالفين صاحب كتاب «الصفوة» قال: حدّثنا هبة اللّه بن أحمد، قال: أخبرنا الحسن بن عليّ التميمي (9)، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان، قال: أخبرنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبل، قال:

حدّثني أبي، قال: حدّثني أبو سلمة (10)، قال: حدّثنا سليمان بن بلال (11)، قال:

ص:358


1- 1) الكافي ج 6/481 ح 8-و [1]عنه البحار ج 41/165 ح 3 و [2]الوسائل ج 1/399 ح 1. [3]
2- 2) الفقيه: ج 1/122 ح 277-و عنه الوسائل ج 1/400 ح 7 و [4]أخرجه في البحار ج 76/103 [5]عن مكارم الأخلاق:84. [6]
3- 3) الفقيه ج 1/122 ح 278.
4- 4) أبو عمرو: عثمان بن أحمد بن عبد اللّه بن يزيد المعروف بابن السمّاك البغدادي الدقّاق مسند بغداد المتوفى سنة (344) .
5- 5) أبو نعيم: الفضل بن دكين الملائيّ الحافظ الكوفي المتوفى سنة (219) .
6- 6) سفيان: هو ابن سعيد الثوري المتقدم ذكره المتوفى سنة (161) .
7- 7) ربيعة: بن أبي عبد الرحمن فروخ أبو عثمان الفقيه المدني المعروف بربيعة الرأي المتوفى سنة (136) ه.
8- 8) أمالي الطوسي ج 1/396-و [7]عنه البحار ج 16/192 ح 29. [8]
9- 9) الحسن بن علي التميمي: أبو علي الواعظ راوية المسند تقدم ذكره بعنوان ابن المذهب توفي سنة (444) .
10- 10) أبو سلمة: منصور بن سلمة الخزاعي البغدادي المتوفى بطرسوس سنة (207) .
11- 11) سليمان بن بلال: أبو أيوب مولى عبد اللّه بن أبي عتيق محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر توفي سنة-Ẓ

حدّثني ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنّه سمع أنس بن مالك، أنّه قال: ليس 1في رأس رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم، و لحيته عشرون شعرة بيضاء.

أخرجاه في الصحيحين 2.

ص:359

ص:260

الباب الثاني و الخمسون

في استعماله الكحل

1-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، و محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى جميعا، عن ابن أبي عمير، عن سليم الفرّاء (1)عن رجل، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يكتحل بالإثمد (2)إذا أوى إلى فراشه وترا وترا (3).

2-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن موسى بن القاسم (4)عن صفوان (5)، عن زرارة، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله كان يكتحل قبل أن ينام، أربعا في اليمنى، و ثلاثا في اليسرى (6).

3-و في كتاب «طبّ الأئمّة» عن الصادق، عن أبيه عليهما السلام،

ص:361


1- 1) سليم الفراء الكوفي روى عن الصادق و الكاظم عليهما السلام و له كتاب يرويه عنه جماعة منهم ابن أبي عمير.
2- 2) الإثمد (بكسر الهمزة و الميم و بضمّهما) : حجر يكتحل به.
3- 3) الكافي ج 6/493 ح 1-و [1]عنه الوسائل ج 1/411 ح 1-و [2]أخرجه في البحار ج 76/96 [3]عن مكارم الأخلاق:46. [4]
4- 4) موسى بن القاسم: بن معاوية بن وهب البجلي من أصحاب الرضا عليه السلام.
5- 5) صفوان: هو ابن يحيى أبو محمد الكوفي البجلي المتوفى سنة (210) تقدم ذكره.
6- 6) الكافي ج 6/495 ح 12-و [5]عنه الوسائل ج 1/413 ح 1. [6]

قال: كان للنبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم مكحلة يكتحل في كلّ ليلة ثلاث مراود (1)في كلّ عين عند نومه (2).

ص:362


1- 1) المراود: جمع المرود (بكسر الميم و سكون الراء و فتح الواو) أي الميل يكتحل به.
2- 2) طبّ الأئمّة:83-و [1]عنه البحار ج 76/95 ح 9 و [2]الوسائل ج 1/413 ح 6. [3]

الباب الثالث و الخمسون

في استعماله السدر و النورة

1-محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن عليّ، عن عبيد بن يحيى الثوري العطّار، عن محمّد بن الحسين العلوي (1)، عن أبيه، عن جدّه عليّ عليه السلام، قال: لمّا أمر اللّه عزّ و جلّ رسوله بإظهار الإسلام، و ظهر الوحي، رأى قلّة المسلمين، و كثرة المشركين، فاهتمّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله همّا شديدا، فبعث اللّه إليه جبرائيل بسدر من سدرة المنتهى، فغسل به رأسه فجلى به همّه (2).

2-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن سنان، عن حذيفة بن منصور (3)، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم يطلي العانة، و ما تحت الأنثيين (4)في كلّ جمعة (5).

ص:363


1- 1) محمد بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام المدني نزيل الكوفة المتوفى سنة (181) و له (67) سنة.
2- 2) الكافي ج 6/505 ح 7-و [1]عنه الوسائل ج 1/385 ح 2. [2]
3- 3) حذيفة بن منصور: بن كثير أبو محمد بيّاع السابري الكوفي روى عن الباقر و الصادق و الكاظم عليهم السلام و روى عنه ابن أبي عمير و هو دليل وثاقته.
4- 4) في المصدر: الإليتين.
5- 5) الكافي ج 6/507 ح 14-و [3]عنه الوسائل ج 5/56 ح 2. [4]

ص:364

الباب الرابع و الخمسون

في استعماله السواك و الخلال

1-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إسحاق بن عمّار، قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: من سنن (1)الأنبياء السواك (2).

2-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد، و الحسين بن سعيد جميعا، عن القاسم بن عروة (3)، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: السواك من سنن النبيّين (4)(5).

3-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن ابن القدّاح، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم: ما زال جبرئيل يوصيني بالسواك حتى

ص:365


1- 1) في الكافي و [1]الوسائل و [2]البحار و [3]المحاسن [4]كلّها: من أخلاق الأنبياء السواك.
2- 2) الكافي ج 6/495 ح 1 و [5]عنه الوسائل ج 1/346 ح 3 و [6]ص 351 ح 30 عن المحاسن ج 2/560 ح 939-و [7]أخرجه في البحار ج 76/131 ح 25. [8]
3- 3) القاسم بن عروة: أبو محمد مولى أبي أيّوب الخوزي المكي الذي كان من وزراء المنصور الدوانيقي، و ابن عروة كان ممّن روى عن الصادق عليه السلام.
4- 4) في المصدر: السواك كان من سنن المرسلين.
5- 5) الكافي ج 6/495 ح 2-و [9]عنه البحار ج 11/67 ح 20-و [10]الوسائل ج 1/346 ح 5. [11]

خشيت أن أدرد (1)أو أحفى (2).

4-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أوصاني جبرئيل بالسواك، حتى خفت على أسناني (3).

5-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال (4)، عن أبي جميلة، قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام: نزل جبرئيل على رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم بالسواك و الخلال و الحجامة (5).

6-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، قال أبو عبد اللّه عليه السلام: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم: نزل جبرئيل عليّ بالخلال (6).

7-و عنه، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن وهب بن

ص:366


1- 1) قال في تعليقات البحار: [1] قال في النهاية: [2] لزمت السواك حتى خشيت أن يدردني أي يذهب بأسناني-و الدرد: سقوط الأسنان-و لعلّ المراد بالحفا رقّة الأسنان-يقال: حفى الرجل حفا من باب علم أي رقت قدمه من كثرة المشي.
2- 2) الكافي ج 6/495 ح 3-و [3]عنه الوسائل ج 1/347 ح 7-و [4]عن المحاسن 560 ح 940. و أخرجه في البحارج،76/131 ح 26 عن المحاسن. [5]
3- 3) الكافي: ج 6/496 ح 8 و [6]عنه الوسائل ج 1/348 ح 15، و [7]في ص 351 ح 32 و البحار ج 76/132 ح 28 [8]عن المحاسن:560 ح 942. [9]
4- 4) ابن فضال: يطلق على الحسن بن علي بن فضال، و علي بن الحسن بن علي بن فضال و أحمد بن الحسن بن علي بن فضال، و محمد بن الحسن بن علي بن فضال. و المراد في الرواية الأوّل بقرينة المروي عنه.
5- 5) الكافي ج 6/376 ح 2-و [10]عنه الوسائل ج 1/346 ح 6-و [11]عن الفقيه ج 1/52 ح 109- و المحاسن ج 1/558 ح 925-و [12]في ج 16/521 ح 3 عن الكافي و [13]المحاسن، [14] فأخرجه في البحار ج 66/439 ح 9 و [15]ج 76/130.
6- 6) الكافي ج 6/376 ح 1 و [16]عنه الوسائل ج 16/531 ح 2 و [17]عن المحاسن ج 2/558 ح 926- و [18]أخرجه في البحار ج 66/439 ح 10 [19]عن المحاسن. [20]

عبد ربّه (1)، قال: رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام يتخلّل فقال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان يتخلّل و هو يطيب الفم (2).

8-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن عيسى، عن الدهقان (3)، عن درست، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: كان النبيّ صلى اللّه عليه و آله يتخلّل بكلّ ما أصاب ما خلا الخوص (4)و القصب (5).

9-و في كتاب «طبّ الأئمة» لابني بسطام (6)، عن بعضهم عليهم السلام لا تخلّلوا بعود الريحان و لا بقضيب الرمّان، فإنّهما يفتتحان عرق الجذام، و كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يتخلّل بكلّ ما أصاب ما خلا الخوص و القصب (7).

ص:367


1- 1) وهب بن عبد ربه: بن أبي ميمونة بن يسار روى عن الباقر و الصادق عليهما السلام.
2- 2) الكافي ج 6/376 ح 3-و [1]عنه الوسائل ج 16/531 ح 1 و [2]البحار ج 66/439 ح 12. [3]
3- 3) الدهقان: عبيد اللّه بن عبد اللّه الواسطي له كتاب، ضعفه أرباب الرجال.
4- 4) الخوص: ورق النخل.
5- 5) الكافي ج 6/377 ح 10-و [4]عنه الوسائل ج 16/434 ح 4-و [5]عن المحاسن ج 2/564 ح 965-و [6]أخرجه في البحار ج 66/441 ح 22 [7]عن المحاسن. [8]
6- 6) طبّ الأئمة لابني بسطام: أبي عتاب عبد اللّه و الحسين ابني بسطام بن شابور الزيّات.
7- 7) مكارم الأخلاق 152 [9]عن طب الأئمة: و [10]عنه البحار ج 66/436. [11]

ص:368

الباب الخامس و الخمسون

في استعماله الحجامة

1-محمّد بن يعقوب، عن أبي عليّ الأشعري (1)، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: إحتجم رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم حجمة مولى لبني بياضة و أعطاه، و لو كان حراما ما أعطاه فلمّا فرغ قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أين الدم، قال: شربته يا رسول اللّه، فقال عليه السلام: ما كان ينبغي لك أن تفعل، و قد جعله اللّه عزّ و جلّ لك حجابا من النار فلا تعد (2).

2-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن حنّان بن سدير (3)، قال: دخلنا على أبي عبد اللّه عليه السلام، و معنا فرقد الحجّام (4)، فقال له: جعلت فداك إنّي أعمل عملا

ص:369


1- 1) أبو على الأشعري: أحمد بن ادريس القمي المتوفى سنة (306) و قد سبق ذكره.
2- 2) الكافي ج 5/116 ح 3-و [1]تقدّم فيما قبل في باب تعظيم الناس له ح 3 أنّه رواه الوسائل [2]عن الكافي ج 12/72 ح 7 و [3]عن التهذيب ج 6/355 ح 131 و عن الاستبصار ج 3/59 ح 3- و الفقيه ج 3/16 ح 3585-و أخرجه في البحار ج 22/143 ح 130 [4] عن الفقيه.
3- 3) حنان بن سدير: بن الحكيم بن صهيب أبو الفضل الصيرفي الكوفي روى عن الصادق و الكاظم عليهما السلام و كان واقفيا و لكن وثقوه.
4- 4) فرقد الحجّام: أبو يزيد الكوفي من أصحاب الصادق عليه السلام.

و قد سألت عنه غير واحد و لا إثنين، فزعموا أنّه عمل مكروه، و أنا أحبّ أن أسألك عنه فإن كان مكروها إنتهيت عنه، و عملت غيره من الأعمال، فإنّي منته في ذلك إلى قولك، قال: و ما هو؟ قال: حجّام، قال عليه السلام: كل من كسبك يا ابن أخ، و تصدّق و حجّ منه و تزوّج، فإنّ نبيّ اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم قد احتجم، و أعطى الأجر، و لو كان حراما ما أعطاه قال: جعلني اللّه فداك إنّ لي تيسا (1)أكريه فما تقول في كسبه؟ فقال عليه السلام: كل كسبه، فإنّه لك حلال، فالناس يكرهونه، فقال حنّان: قلت لأيّ شيء يكرهونه و هو حلال؟ قال: قال: لتعيير الناس بعضهم بعضا (2).

3-كتاب «طبّ الأئمة» للحسين بن بسطام، عن محمّد بن الحسين (3)، قال: حدّثنا فضالة بن أيّوب، عن إسماعيل (4)، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: ما اشتكى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم وجعا إلاّ كان مفزعه إلى الحجامة.

و قال أبو طيبة (5): حجمت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله، فأعطاني دينارا، و شربت دمه، فقال صلى اللّه عليه و آله: أشربته؟ قلت: نعم قال:

و ما حملك على ذلك؟ قلت: أتبرّك به، قال صلى اللّه عليه و آله و سلّم: أخذت أمانا من الأوجاع، و الأسقام، و الفقر، و الفاقة، و اللّه ما تمسّك النار أبدا (6).

4-و عنه، عن الزبير بن بكار (7)، قال: حدّثنا عبد العزيز بن

ص:370


1- 1) التيس (بفتح التاء و سكون الياء) : الذكر من المعز إذا أتى عليه سنة.
2- 2) الكافي ج 5/115 ح 2-و [1]صدره في الوسائل ج 12/72 ح 5-و [2]ذيله في ص 77 ح 1 عنه، و عن التهذيب ج 6/454 ح 130-و الاستبصار ج 3/58 ح 2.
3- 3) محمّد بن الحسين: بن أبي الخطاب الكوفي أبو جعفر الزيات توفي سنة (262) و قد تقدم.
4- 4) إسماعيل: الظاهر أنّه اسماعيل بن أبي زياد السكوني العامي المتقدم ذكره.
5- 5) أبو طيبة (بفتح الطاء المهملة و الياء المثنّاة التحتانية الساكنة ثم الباء الموحدة) : كان من الصحابة اسمه نافع مولى محيصة بن مسعود الأنصاري.
6- 6) طبّ الأئمّة:56-و [3]عنه البحار ج 62/119 ح 39. [4]
7- 7) الزبير بن بكّار: أبو عبد اللّه الأسدي الزبيري قاضي مكّة مؤلف كتاب النسب توفي سنة (256) .

محمد (1)، عن محمّد بن إسحاق بن عمّار (2)، عن فضيل الرسان (3)، قال:

قال أبو عبد اللّه عليه السلام: من دواء الأنبياء الحجامة (4).

5-و عنه، عن الخضر بن محمّد (5)، قال: حدّثنا الجراذيني (6)، عن أبي محمّد البردعيني (7)، قال: حدّثنا صفوان (8)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم يحتجم ثلاثا: واحدة في الرأس، يسمّيها المنقذة (9)، و واحدة في الكتفين يسمّيها النافعة، و واحدة بين الوركين يسمّيها المغيثة (10)(11).

6-و عنه، عن أبي زكرياء يحيى بن آدم (12)، قال: حدّثنا صفوان بن

ص:371


1- 1) عبد العزيز بن محمد: بن عبيد المدني الدراوردي الخراساني المتوفى سنة (187) -و في البحار: محمّد بن عبد العزيز، و إن كان هو الصحيح فيحتمل أنّه محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة المروزي المتوفى سنة (241) .
2- 2) محمد بن إسحاق بن عمّار: الصيرفي الكوفي من خاصّة الكاظم عليه السلام كما أفاد المفيد و قال في إرشاده: إنّه من خاصّة الكاظم عليه السلام، و ثقاته، و أهل الورع و الفقه من شيعته، و ممّن روى النصّ على الرضا عليه السلام.
3- 3) فضيل الرسّان: بن الزبير الكوفي الأسدي مولاهم من أصحاب الباقر و الصادق عليهما السلام.
4- 4) طبّ الأئمّة:57-و [1]عنه البحار ج 62/120 ح 40-و [2]لكن الحديث فيه هكذا: من دواء الأنبياء الحجامة، و النورة، و السعوط.
5- 5) الخضر بن محمد: بن شجاع الجزري أبو مروان المتوفى سنة (221) .
6- 6) الجراذيني: أبو الحسن علي بن العباس الرازي. و الجراذيني نسبة إلى قرية جراذين من قرى ري، و المترجم رمى بالغلّو و ضعّفه أرباب الرجال و قالوا: له تصنيف يدلّ على خبثه و تهالك مذهبه.
7- 7) في البحار: [3] أبي محمد بن البردعي، و على أيّ نحو فما وجدت في كتب الرجال منه أثرا.
8- 8) صفوان: بن مهران بن المغيرة الكوفي أبو محمد الجمال من أصحاب الصادق و الكاظم عليهما السلام.
9- 9) في البحار: [4] المتقدّمة.
10- 10) في المصدر: المعيّنة.
11- 11) طبّ الأئمّة:57-و [5]عنه البحار 62/120 ح 45. [6]
12- 12) أبو زكريا: يحيى بن آدم بن سليمان الكوفي الأحول المتوفى سنة (203) .

يحيى بيّاع السابري، قال: حدّثنا عبد اللّه بن بكير، عن شعيب العقرقوقي (1)، قال: حدّثنا أبو إسحاق الأزدي، عن أبي إسحاق السبيعي، عمّن ذكره أنّ أمير المؤمنين عليه السلام كان يغتسل من الحمّام و الحجامة، قال شعيب: فذكرته لأبي عبد اللّه الصادق عليه السلام فقال: إنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم إذا إحتجم هاج به الدم و تبيّغ إغتسل بالماء البارد، لتسكن عنه حرارة الدم، و أنّ أمير المؤمنين عليه السلام كان إذا دخل الحمّام هاجت به الحرارة، صبّ عليه ماء باردا، فتسكن عنه الحرارة (2).

7-و عنه، عن الحارث بن محمّد بن الحارث، من ولد الحارث الأعور الهمداني، قال: حدّثني سعيد بن محمّد، عن أبي بصير قال (3)كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يحتجم في الأخدعين (4)فأتاه جبرئيل عن اللّه تبارك و تعالى بحجامة الكاهل (5).

ص:372


1- 1) شعيب بن العقرقوقي: ابن أخت أبي بصير يحيى بن القاسم كان من أصحاب الصادق و الكاظم عليهما السلام.
2- 2) طبّ الأئمّة:58-و [1]عنه البحار ج 62/122 ح 48. [2]
3- 3) في المصدر: قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام-و كذا في البحار. [3]
4- 4) الأخدعان: عرقان في جانب العنق.
5- 5) طبّ الأئمّة:58-و [4]عنه البحار ج 62/122 ح 49. [5]

الباب السادس و الخمسون

في المفردات

1-الشيخ في «أماليه» قال: أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد، يعني المفيد، قال: حدّثنا أبو الطيّب الحسين بن محمّد التمّار (1)، قال: حدّثنا محمّد بن أشكاب (2)، قال: حدّثنا مصعب بن المقدام بن شريح (3)، عن أبيه، عن عائشة: أنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم كان إذا رأى ناشيا ترك كلّ شيء، و إن كان في صلاة، و قال: اللّهمّ إنّي أعوذ بك من شرّ ما فيه و إن ذهب، حمد اللّه، و إن أمطر قال: اللّهم اجعله ناشئا نافعا.

الناشيء السحاب، و المخيلة أيضا السحابة (4).

2-و عنه، قال: أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبو الحسين محمّد بن المظفر البزّاز (5)، قال: حدّثنا أحمد بن عبيد العطاردي (6)، قال:

ص:373


1- 1) أبو الطيب: الحسين بن علي بن محمد التمّار النحوي سمع منه المفيد سنة (347) و هو ابن عشر سنين تقريبا، ترجمه السيوطي في بغية الوعاة.
2- 2) ابن أشكاب: محمد بن الحسين بن إبراهيم العامري أبو جعفر البغدادي المتوفى سنة (261) ه.
3- 3) مصعب بن المقدام: بن شريح بن هاني بن يزيد الحارثي الكوفي المتوفى سنة (203) .
4- 4) أمالي الطوسي ج 1/128-و [1]عنه البحار ج 16/221 ح 17. [2]
5- 5) أبو الحسين: محمد بن المظفر بن موسى بن علي البغدادي المتوفى سنة (379) .
6- 6) العطاردي: الظاهر أنّ عبيد مصحّف-و الصحيح أحمد بن عبد الجبار العطاردي الكوفي نزيل بغداد، ولد سنة (177) و توفي سنة (272) .

حدّثنا بشر بن بكر (1)قال: حدّثنا زياد بن المنذر، قال: حدّثني أبو عبد اللّه مولى بني هاشم، قال: حدّثنا أبو سعيد الخدري، قال: لمّا كان يوم أحد شجّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم في وجهه، و كسرت رباعيّته فقام صلى اللّه عليه و آله و سلّم رافعا يديه، يقول: إنّ اللّه اشتدّ غضبه على اليهود، إذ قالوا: إنّ العزير ابن اللّه، و اشتدّ غضبه على النصارى، إذ قالوا: المسيح ابن اللّه، و إنّ اللّه تعالى اشتدّ غضبه على من أراق دمي و آذاني في عترتي (2).

3-المفيد في «أماليه» قال: أخبرنا محمّد بن عليّ (3)، عن أبيه، عن سعد بن عبد اللّه، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن محمّد بن مروان (4)، عن زيد بن أبان بن عثمان (5)، عن أبي بصير، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام، قال: لمّا حضر النبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم الوفاة، نزل جبرئيل عليه السلام فقال: يا رسول اللّه هل لك في الرجوع؟ قال: لا قد بلّغت رسالات ربي، ثم قال له: تريد الرجوع إلى الدنيا؟ قال: لا بل الرفيق الأعلى.

ثم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله للمسلمين، و هم مجتمعون حوله:

يا أيّها (6)الناس لا نبيّ بعدي، و لا سنّة بعد سنتي، فمن إدّعى ذلك فدعواه في النار، و من إدّعى ذلك فاقتلوه، و من اتّبعه فإنّه في النار، أيّها الناس أحيوا القصاص، و أحيوا الحق، و لا تفرّقوا و أسلموا و سلّموا تسلموا كَتَبَ اَللّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَ رُسُلِي إِنَّ اَللّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (7)(8).

ص:374


1- 1) بشر بن بكر: أبو عبد اللّه البجلي التنيسي المتوفى سنة (205) .
2- 2) أمالي الطوسي ج 1/141-و [1]عنه البحار ج 20/71 ح 8. [2]
3- 3) محمد بن علي: هو ابن بابويه الصدوق قدّس سرّه تقدم ذكره.
4- 4) محمد بن مروان الكلبي روى عن الباقر و الصادق عليهما السلام و قد تقدم ذكره.
5- 5) زيد بن أبان بن عثمان: المعروف الشائع رواية ابن مروان، عن أبان لا عن زيد بن أبان، و المظنون أنّ كلمة زيد زائدة وقعت من النسّاخ.
6- 6) في المصدر: أيّها.
7- 7) المجادلة:20. [3]
8- 8) أمالي المفيد:53 ح 15-و عنه البحار ج 22/475 ح 24. [4]

4-الشيخ في «أماليه» قال: أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد، قال:

أخبرني أبو عبد اللّه محمّد بن عليّ بن رياح القرشي إجازة، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا أبو علي الحسن بن محمد (1)، قال: حدّثنا الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن أبي بصير، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين عليهما السلام قال: إنّ أبا ذر و سلمان خرجا في طلب رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم، فقيل لهما: إنّه توجّه إلى ناحية قبا، فاتبعاه فوجداه ساجدا تحت شجرة، فجلسا ينتظرانه حتى ظنّا أنّه نائم، فإذا هو باليقظان (2)فرفع رأسه إليهما، ثم قال: رأيت مكانكما، و سمعت مقالتكما، و لم أكن راقدا، إنّ اللّه بعث كلّ نبيّ قبلي إلى أمّته بلسان قومه، و بعثني إلى كلّ أسود و أحمر بالعربيّة، و أعطاني في أمّتي خمس خصال لم يعطها نبيّا كان قبلي، نصرني بالرعب ليسمع بي القوم، و بيني و بينهم مسيرة شهر، فيؤمنون بي، و أحلّ لي المغنم، و جعلت لي الأرض مسجدا و طهورا، أينما كنت منها أتيمّم من تربتها و أصلّي عليها، و جعل لكلّ نبيّ مسألة فسألوه إيّاها فأعطاهم ذلك في الدنيا و أعطاني مسألة فأخّرت مسألتي لشفاعة المؤمنين من أمّتي يوم القيامة، ففعل ذلك، و أعطاني جوامع العلم، و مفاتيح الكلام، و لم يعط ما أعطاني نبيّا قبلي، فمسألتي بالغة إلى يوم القيامة لمن لقي اللّه لا يشرك به شيئا، مؤمنا بي، مواليا لوصيّي، محبّا لأهل بيتي (3).

5-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم في سفره إذا هبط سبّح، و إذا صعد كبّر (4).

ص:375


1- 1) أبو علي الحسن بن محمد: بن سماعة الكندي كان من أصحاب الكاظم عليه السلام و من شيوخ الواقفية، وثّقه أرباب الرجال. توفي سنة (263) ه.
2- 2) في المصدر: فأهويا ليوقظاه.
3- 3) أمالي الطوسي ج 1/56، و [1]عنه البحار ج 16/316 ح 6 و [2]عن بشارة المصطفى:85.
4- 4) الكافي ج 4/287 ح 2، و [3]عنه الوسائل ج 8/285 ح 1 و [4]عن الفقيه ج 2/273 ح 2420-Ẓ

6-عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط، عن أبيه، أنّ أبا عبد اللّه عليه السلام سئل أكان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم يقوت عياله قوتا معروفا؟ قال: نعم إنّ النفس إذا عرفت قوتها قنعت، و ينبت عليه اللحم (1).

7-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد (2)، عن ابن القدّاح، عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله كانت له ملحفة مورسة (3)يلبسها في أهله، حتى يردع 4على جسده قال: و قال أبو جعفر عليه السلام: كنّا نلبس المعصفر في البيت 5.

8-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن موسى بن جعفر البغدادي 6، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه 7، عن واصل بن سليمان 8، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: كان للنبيّ صلى اللّه عليه و آله خليط في الجاهلية، فلمّا بعث لقيه خليطه، فقال للنبيّ: جزاك اللّه من خليط خيرا، فقد كنت تواتي و لا تماري 9، فقال له النبي صلى اللّه عليه و آله: و أنت فجزاك

ص:376


1- 1) الكافي ج 4/12 ح 7.
2- 2) جعفر بن محمد: بن عبيد اللّه الأشعري له كتاب روى عنه محمد البرقي و قد سبق ذكره.
3- 3) ملحفة مورسة: مصبوغة بالورس (بفتح الواو و سكون الراء) نبات كالسمسم أصفر يصبغ به و تتخذ منه الغمرة أي الزعفران.

اللّه من خليط خيرا، فإنّك لم تكن تردّ ربحا، و لا تمسك ضرسا (1).

9-و عنه، عن أحمد بن محمّد العاصمي (2)، عن محمّد بن أحمد النهدي (3)، عن محمّد بن علي (4)، عن شريف بن سابق (5)، عن الفضل بن أبي قرة (6)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: أتت الموالي أمير المؤمنين عليه السلام، فقالوا: نشكوا إليك هؤلاء العرب، إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله كان يعطينا معها العطايا بالسويّة، و زوّج سلمان، و بلال، و صهيبا (7)، و أبوا علينا هؤلاء، و قالوا: لا نفعل، فذهب إليهم أمير المؤمنين عليه السلام، فكلّمهم فيهم، فصاح الأعاريب: أبينا ذلك يا أبا الحسن، أبينا ذلك، فخرج، و هو مغضب يجرّ رداءه، و هو يقول: يا معشر الموالي إنّ هؤلاء قد صيّروكم بمنزلة اليهود و النصارى، يتزوّجون إليكم، و لا يزوّجونكم، و لا يعطونكم مثل ما يأخذون، فاتّجروا بارك اللّه، فإنّي سمعت رسول اللّه صلى

ص:377


1- 1) الكافي ج 5/308 ح 20، عنه البحار:22/293 ح 3.
2- 2) أحمد بن محمد العاصمي: بن عاصم أبو عبد اللّه الكوفي سكن بغداد و روى من شيوخ الكوفيين و روى عنه جمع من المشايخ منهم: ابن الجنيد، و ابن داود، و الكليني.
3- 3) محمد بن أحمد النهدي: بن خاقان أبو جعفر القلانسي المعروف بحمدان الكوفي، له كتب روى عنه محمد بن يحيى العطار القمي.
4- 4) محمد بن علي: أبو سمينة الصيرفي الكوفي. ضعّفه النجاشي و ابن الغضائري و الفضل بن شاذان.
5- 5) شريف: بن سابق التفليسي أبو محمد أصله كوفي انتقل إلى تفليس و صاحب الفضل بن أبي قرّة السمندي، له كتاب روى عنه أحمد بن محمد البرقي بواسطة أبيه.
6- 6) الفضل بن أبي قرة: التميمي أبو محمد السمندي الأذربيجاني أصله كوفي ثم انتقل إلى تفليس من بلاد الأرامنة، روى عن الصادق عليه السلام، و له كتاب يرويه جماعة.
7- 7) صهيب: بن سنان بن مالك صحابي، و كان من أرمى العرب سهما شهد المشاهد، و كان يعرف بصهيب الرومي، توفي سنة (38) بالمدينة.

اللّه عليه و آله يقول: الرزق عشرة أجزاء، تسعة أجزاء في التجارة (1).

10-و عنه، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين، عن النضر بن سويد، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يستحبّ إذا دخل و إذا خرج في الشتاء أن يكون ذلك في ليلة الجمعة.

و قال أبو عبد اللّه عليه السلام: إنّ اللّه اختار من كلّ شيء شيئا، فاختار من الأيّام يوم الجمعة (2).

11-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة (3)، عن زرارة، عن عبد الكريم بن عتبة الهاشمي (4)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يقسّم صدقة أهل البوادي في أهل البوادي، و صدقة أهل الحضر في أهل الحضر، و لا يقسّمها بينهم بالسويّة، إنّما يقسّمها على قدر ما يحضرها منهم، و ما يرى، و ليس في ذلك شيء مؤقت (5).

12-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عنبسة بن مصعب (6)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: سمعته يقول: أتي النبيّ

ص:378


1- 1) الكافي ج 5/318 ح 59-و [1]عنه الوسائل ج 14/46 ح 4 و [2]ذيله في ج 12/5 ح 12-عنه و عن الفقيه ج 3/192 ح 3722.
2- 2) الكافي ج 3/413 ح 3. [3]
3- 3) عمر بن أذينة: تقدم بعنوان ابن أذينة عمر بن محمد بن عبد الرحمن البصري، روى عن الصادق عليه السلام بالمكاتبة.
4- 4) عبد الكريم بن عتبة الهاشمي: من أصحاب الكاظم عليه السلام و روى عن الصادق عليه السلام، وثقه أرباب الرجال.
5- 5) الكافي ج 3/554 ح 8-و [4]عنه البحار ج 7/215-و [5]عن الاحتجاج ج 2/364-و [6]في الوسائل ج 6/184 [7] عن التهذيب ج 4/103 ح 292-و ج 6/148 و الفقيه ج 2/31 ح 1619- و أخرجه في البحار ج 96/78 ح 4. [8]
6- 6) عنبسة بن مصعب: العجلي من أصحاب الباقر و الصادق عليهما السلام، ناووسي.

صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بشيء، فقسّمه، فلم يسع أهل الصفة جميعا، فخصّ به أناسا منهم، فخاف رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله أن يكون قد دخل قلوب الآخرين شيء فخرج إليهم فقال: معذرة إلى اللّه و إليكم يا أهل الصفة، إنّا أوتينا بشيء فأردنا أن نقسّمه فيكم، فلم يسعكم فخصّصنا به أناسا منكم، خشينا جزعهم و هلعهم (1).

13-الحسين بن سعيد الأهوازي في كتاب «التمحيص» رفعه إلى أبي سعيد الخدري، إنّه وضع يده على رسول اللّه و عليه حمّى، فوجدها من فوق اللّحاف، فقال: ما أشدّ ما عليك يا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم؟ قال: إنّا كذلك يشتدّ علينا البلاء، و يضعّف لنا الأجر، قال: يا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله أيّ الناس أشدّ بلاء؟ قال: الأنبياء، قال: ثمّ من؟ قال: ثم الصالحون، إن كان أحدهم ليبتلي بالفقر حتى لا يجد إلاّ العبادة، و إن كان أحدهم ليفرح بالبلاء كما يفرح أحدكم بالرخاء (2).

14-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: إنّ أشدّ الناس بلاء الأنبياء، ثمّ الذين يلونهم، ثم الأمثل فالأمثل (3).

15-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، قال: ذكر عند أبي عبد اللّه عليه السلام البلاء، و ما يخصّ اللّه عزّ و جلّ به المؤمن، فقال: سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله من أشدّ الناس بلاء في الدنيا؟ قال صلى اللّه عليه و آله و سلّم: النبيّون، ثم الأمثل فالأمثل، و يبتلي المؤمن على قدر إيمانه و حسن

ص:379


1- 1) الكافي ج 3/550 ح 5-و [1]عنه البحار ج 16/269 ح 81-و [2]الوسائل ج 6/184 ح 2. [3]
2- 2) التمحيص:34 ح 23-و [4]عنه البحار ج 16/275 ح 110، و [5]مستدرك الوسائل ج 2/435 ح 15 ط الجديد. [6]
3- 3) الكافي ج 2/252 ح 1-و [7]عنه البحار ج 67/200 ح 3-و [8]الوسائل ج 1/902 ح 5. و أخرجه في البحار ج 11/69 ح 29 [9]عن أمالي الطوسي ج 2/273 و [10]في ج 67/231 ح 45 و 46 عن قصص الأنبياء:278 ح 339. [11]

أعماله، فمن صحّ إيمانه و حسن عمله اشتدّ بلاؤه، و ذلك أنّ اللّه تعالى لم يجعل الدنيا ثوابا لمؤمن، و لا عقوبة لكافر (1)، و من سخف إيمانه و ضعف عمله قلّ بلاؤه (2).

16-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، و محمّد بن إسماعيل (3)، عن الفضل بن شاذان جميعا، عن حمّاد بن عيسى، عن ربعي بن عبد اللّه، عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: أشدّ الناس بلاء الأنبياء، ثم الأوصياء، ثم الأماثل فالأماثل (4).

17-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن عبد اللّه، عن نوح بن شعيب، عن أبي داود المسترق (5)، رفعه قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام:

دعي النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم إلى طعام، فلمّا دخل منزل الرجل، نظر إلى دجاجة، فوق حائط قد باضت، فتقع البيضة على وتد في حائط، فثبتت عليه، و لم تسقط، و لم تنكسر، فتعجّب النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم منها، فقال له الرجل: أعجبت من هذه البيضة؟ فو الّذي بعثك بالحقّ ما رزئت (6)شيئا قطّ، فنهض رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم، و لم يأكل من طعامه شيئا، و قال: من لم يرزء فما للّه فيه من حاجة (7).

18-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن

ص:380


1- 1) ليس في الكافي [1]جملة: «و ذلك أن اللّه تعالى لم يجعل الدنيا ثوابا لمؤمن و لا عقوبة لكافر» .
2- 2) الكافي ج 2/252 ح 2-و [2]عنه الوسائل ج 2/906 ح 1-و [3]في البحار ج 67/207 ح 6 [4] عنه و عن التمحيص:39 ح 39.
3- 3) محمد بن إسماعيل: من شيوخ الكليني و الكشي و من تلامذة الفضل بن شاذان و مدحه الكاشاني صاحب الوافي [5]في قوله: محمد بن إسماعيل النيسابوري الذي يروي عنه أبو عمرو الكشي أيضا عن الفضل بن شاذان و يصدّر به السند هو أبو الحسن المتكلم الفاضل المتقدّم البارع المحدث تلميذ الفضل بن شاذان و الخصّيص به.
4- 4) الكافي ج 2/252 ح 4-و [6]عنه الوسائل ج 2/907 ح 6. [7]
5- 5) أبو داود المسترق: سليمان بن سفيان بن السمط الكوفي المتوفى سنة (231) .
6- 6) ما رزئت (على البناء للمجهول) أي ما نقصت.
7- 7) الكافي ج 2/256 ح 20-و [8]عنه البحار ج 67/214 ح 21. [9]

سماعة، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: إنّ في كتاب عليّ عليه السلام أنّ أشدّ الناس بلاءا النبيّون، ثمّ الوصيّون، ثم الأمثل فالأمثل، و إنّما يبتلي المؤمن على قدر أعماله الحسنة، فمن صحّ دينه، و حسن عمله، اشتدّ بلاؤه، و ذلك أنّ اللّه عزّ و جلّ لم يجعل الدنيا ثوابا لمؤمن، و لا عقوبة لكافر، و من سخف دينه، و ضعف عمله، قلّ بلاؤه، و إنّ البلاء أسرع إلى المؤمن التقيّ من المطر إلى قرار الأرض (1).

19-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: جاء رجل موسر إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم، نقيّ الثوب، فجلس إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم، فجاء رجل معسر، درن الثوب، فجلس إلى جنب الموسر، فقبض الموسر ثيابه من تحت فخذيه، فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أخفت أن يمسّك من فقره شيء؟ قال: لا، قال:

فخفت أن يصيبه من غناك شيء؟ قال: لا، قال: فخفت أن يوسخ ثيابك؟ قال: لا، قال: فما حملك على ما صنعت؟ فقال: يا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم إنّ لي قرينا يزيّن لي كلّ قبيح، و يقبّح لي كلّ حسن، و قد جعلت له نصف مالي، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم للمعسر: أتقبل؟ قال: لا، فقال له الرجل: و لم؟ قال: أخاف أن يدخلني ما دخلك (2).

20-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه؛ و عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعا عن ابن محبوب، عن محمّد بن النعمان الأحول (3)، عن سلام بن المستنير (4)، قال: كنت عند

ص:381


1- 1) الكافي ج 2/259 ح 29-و [1]عنه البحار ج 67/222 ح 29-و [2]عن علل الشرائع:44 ح 1 و [3]جامع الأخبار:113-و [4]في الوسائل ج 2/907 ح 8 [5]عن الكافي و [6]العلل. [7]
2- 2) الكافي ج 2/262 ح 11 و [8]عنه البحار ج 22/130 ح 108. [9]
3- 3) محمد بن النعمان الأحول: محمد بن علي بن النعمان الأحول أبو جعفر الكوفي الصيرفي الملقب بمؤمن الطاق لأن دكّانه كان في طاق المحامل بالكوفة روى عن السجاد و الباقر و الصادق عليهم السلام.
4- 4) سلام بن المستنير: الجعفي الكوفي كان من أصحاب السجاد و الباقر و الصادق عليهم السلام.

أبي جعفر عليه السلام، فدخل عليه حمران بن أعين (1)، و سأله عن أشياء، فلمّا همّ حمران بالقيام، قال لأبي جعفر عليه السلام: أخبرك أطال اللّه تعالى بقاءك لنا، و أمتعنا بك: إنّا نأتيك فما نخرج من عندك حتى ترقّ قلوبنا، و تسلو أنفسنا عن الدنيا، و يهوّن علينا ما في أيدي الناس من هذه الأموال، ثمّ نخرج من عندك، فإذا صرنا مع الناس و التّجار أحببنا الدنيا، قال:

فقال أبو جعفر عليه السلام: إنّما هي القلوب، مرّة تصعب و مرّة تسهل.

ثم قال أبو جعفر عليه السلام: أما إنّ أصحاب محمد صلى اللّه عليه و آله قالوا: يا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله نخاف علينا النفاق، قال: فقال: و لم تخافون ذلك؟ قالوا: إذا كنا عندك فذكّرتنا و رغّبتنا، و جلنا، و نسينا الدنيا، و زهدنا حتى كأنّا نعاين الآخرة و الجنّة و النار، و نحن عندك، فإذا خرجنا من عندك، و دخلنا هذه البيوت، و شممنا الأولاد، و رأينا العيال و الأهل، يكاد أن نحوّل عن الحالة التي كنّا عليها عندك، و حتى كأنّا لم نكن على شيء، أفتخاف علينا أن يكون ذلك نفاقا؟ فقال لهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم: كلاّ إنّ هذه خطوات الشيطان، فيرغّبكم في الدنيا، و اللّه لو تدومون على الحالة الّتي وصفتم أنفسكم بها، لصافحتكم الملائكة، و مشيتم على الماء، و لو لا أنّكم تذنبون فتستغفرون اللّه، لخلق اللّه خلقا حتى يذنبوا ثمّ يستغفروا اللّه فيغفر لهم، إنّ المؤمن مفتّن توّاب، أما سمعت قول اللّه عزّ و جلّ: إِنَّ اَللّهَ يُحِبُّ اَلتَّوّابِينَ وَ يُحِبُّ اَلْمُتَطَهِّرِينَ (2)و قال: اِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ (3)(4).

ص:382


1- 1) حمران بن أعين: أبو الحسن من حواري الباقر و الصادق عليهما السلام و توفي في حياة الصادق عليه السلام.
2- 2) البقرة:222. [1]
3- 3) هود:52. [2]
4- 4) الكافي ج 2/423 ح 1-و [3]عنه البحار ج 6/41 ح 78-و [4]البرهان ج 1/215 ح 7-و [5]رواه في تنبيه الخواطر ج 2/210. [6]

21-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي (1)، عن معاوية بن وهب، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: إنّه ذكر لنا أنّ رجلا من الأنصار مات و عليه ديناران دينا: فلم يصلّ عليه النبيّ صلى اللّه عليه و آله و قال: صلّوا على صاحبكم، حتى ضمنها عنه بعض قرابته، فقال أبو عبد اللّه عليه السلام:

ذلك الحقّ.

ثم قال: إنّ رسول اللّه (ص) إنّما فعل ذلك ليتّعظوا، و ليردّ بعضهم على بعض، و لئلاّ يستخفّوا بالدين، و قد مات رسول اللّه (ص) و عليه دين، و قتل أمير المؤمنين عليه السلام و عليه دين، و مات الحسن عليه السلام و عليه دين، و قتل الحسين عليه السلام و عليه دين (2).

22-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن عمرو بن سعيد (3)، عن عليّ بن عبد اللّه (4)، قال: سمعت أبا الحسن موسى عليه السلام، يقول:

لمّا قبض إبراهيم بن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله جرت فيه ثلاث سنن: أمّا واحدة فإنّه لمّا مات إنكسفت الشمس، فقال الناس: إنكسفت الشمس لفقد ابن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فصعد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله المنبر، فحمد اللّه و أثنى عليه، ثم قال: أيّها الناس إنّ الشمس و القمر آيتان من آيات اللّه، يجريان بأمر اللّه، مطيعان لا ينكسفان لموت أحد و لا لحياته، فإن

ص:383


1- 1) يحيى الحلبي: بن عمران بن علي بن أبي شعبة، صحيح الحديث، روى عن الصادق و الكاظم عليهما السلام، كان كوفيا و لمّا كانت تجارته إلى حلب فقيل له الحلبي. و له كتاب.
2- 2) الكافي ج 5/93 ح 2-و [1]عنه الوسائل ج 13/79 ح 9 و [2]عن التهذيب ج 6/183 ح 3-و الفقيه ج 3/182 ح 3683-و علل الشرائع:59 ح 37 [3] باختلاف.
3- 3) عمرو بن سعيد: المدائني الساباطي، كان من الثّقاة، روى عن أبي الحسن الرضا عليه السلام، و له كتاب، و لكن الشيخ في التهذيب ج 3 باب صلاة الكسوف ح 329 روى الحديث عن عمرو بن عثمان عن علي بن عبد اللّه و هو عمرو بن عثمان الثقفي الخزاز أبو علي الكوفي. نقي الحديث صحيح الحكايات.
4- 4) علي بن عبد اللّه: البجلي من أصحاب الكاظم عليه السلام.

انكسفتا، أو واحدة منهما فصلّوا.

ثم نزل عن المنبر فصلّى بالناس صلاة الكسوف، فلمّا سلّم قال: يا عليّ قم فجهّز إبني، فقام عليّ عليه السلام، فغسّل إبراهيم و حنّطه و كفّنه ثمّ خرج به، و مضى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله حتى انتهى إلى قبره، فقال الناس:

إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله نسي أن يصلّي على إبراهيم لمّا دخله من الجزع عليه، فانتصب قائما ثمّ قال: أيّها الناس أتاني جبرئيل بما قلتم: زعمتم أنّي نسيت أن أصلّي على إبني لمّا دخلني من الجزع، ألا و إنّه ليس كما ظننتم، و لكنّ اللّطيف الخبير فرض عليكم خمس صلوات، و جعل لموتاكم من كلّ صلاة تكبيرة، و أمرني أن لا أصلّي إلاّ على من صلّى.

ثم قال: يا علي إنزل فالحد إبني، فنزل فألحد إبراهيم في لحده، فقال الناس: إنّه لا ينبغي لأحد أن ينزل في قبر ولده إذ لم يفعل رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم، فقال لهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم: يا أيّها الناس إنّه ليس عليكم بحرام أن تنزلوا في قبور أولادكم، و لكنّي لست آمن إذا حلّ أحدكم الكفن عن ولده أن يلعب به الشيطان، فيدخله عند ذلك من الجزع ما يحبط أجره، ثم انصرف صلى اللّه عليه و آله و سلّم (1).

23-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن سالم (2)، عن أبيه، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: قلت له: هل يكره الجماع في وقت من الأوقات و إن كان حلالا؟ قال: نعم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، و من مغيب الشمس إلى مغيب الشفق، و في اليوم الذي تنكسف فيه الشمس، و في اللّيلة التي ينخسف فيها القمر، و في اللّيلة و اليوم اللّذين تكون فيهما الريح السوداء، أو الريح الحمراء، أو الريح الصفراء، و اليوم و اللّيلة اللّذين تكون فيهما الزلزلة، و لقد بات رسول اللّه صلى

ص:384


1- 1) الكافي ج 3/208 ح 7-و [1]عنه البحار ج 22/155 ح 13-و [2]الوسائل ج 2/851 ح 4 و [3]عن المحاسن:313 ح 31 و [4]أخرجه البحار ج 81/380 ح 36 [5]عن المحاسن. [6]
2- 2) عبد الرحمن بن سالم: بن عبد الرحمن الأشل الكوفي العطار، روى عن الباقر و الصادق عليهما السلام.

اللّه عليه و آله عند بعض أزواجه في ليلة إنكسف فيها القمر، فلم يكن منه في تلك الليلة ما كان يكون منه في غيرها حتى أصبح، فقالت له: يا رسول اللّه ألبغض كان هذا منك في هذه الليلة؟ ! قال: لا، و لكن هذه الآية ظهرت في هذه اللّيلة، فكرهت أن أتلذّذ و ألهو فيها، فقد عيّر اللّه أقواما فقال جلّ و عز:

وَ إِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ اَلسَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ فَذَرْهُمْ حَتّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ اَلَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (1)ثم قال أبو جعفر عليه السلام: و أيم اللّه لا يجامع أحد في هذه الأوقات التي نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله عنها، و قد انتهى إليه الخبر فيرزق ولدا، فيرى في ولده ذلك ما يحبّ (2).

24-الشيخ في «أماليه» قال: أخبرنا إبن مخلد، قال ابن السماك (3):

أخبرنا أحمد بن بشر المرثدي (4)قال: حدّثنا موسى بن محمّد بن حسّان البصري (5)، قال: حدّثنا إبراهيم بن أبي العزيز، عن عثمان بن أبي الكنان عن ابن أبي مليكة (6)، عن عائشة، قالت: لمّا مات إبراهيم بكى النبيّ صلى اللّه عليه و آله حتى جرت دموعه على لحيته، فقيل له: يا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله تنهى عن البكاء و أنت تبكي؟ فقال صلى اللّه عليه و آله و سلّم: ليس هذا بكاء، إنّما هذا رحمة من اللّه، و من لا يرحم لا يرحم (7).

ص:385


1- 1) الطور:44-45. [1]
2- 2) الكافي ج 5/498 ح 1-و [2]عنه الوسائل ج 14/88 ح 1 و [3]عن المحاسن:311 ح 26 و [4]أخرجه في البحار ج 103/289 ح 28 [5]عن المحاسن. [6]
3- 3) ابن السمّاك: أبو عمرو عثمان بن محمد بن أحمد بن يزيد الدقاق المتوفى سنة (344) .
4- 4) أحمد بن بشر المرثدي: بن سعد أبو علي المتوفى سنة (286) .
5- 5) موسى بن محمد بن حسان البصري أبو عمران المتوفى بعد سنة (230) .
6- 6) ابن أبي مليكة (بالتصغير) : عبد اللّه بن عبيد اللّه المدني التابعي الفقيه المتوفى (117) .
7- 7) أمالي الطوسي ج 1/398-و [7]عنه البحار ج 22/151 ح 1 و [8]ج 82/76 ح 10، و الوسائل ج 2/922 ح 8. [9]

ص:386

الباب السابع و الخمسون

في أنّه صلى اللّه عليه و آله أو لم عند التزويج

1-محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حين تزوّج ميمونة بنت الحرث أو لم عليها و أطعم الناس الحيس (1)(2).

2-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و الحسين بن محمّد (3)، عن معلّى بن محمّد جميعا، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام، قال: سمعته يقول: إنّ النجاشي (4)لمّا خطب لرسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم أمّ حبيبة (5)بنت أبي سفيان فزوّجه دعا بطعام و قال: إنّ من سنن المرسلين الإطعام عند التزويج (6).

ص:387


1- 1) الحيس (بفتح الحاء المهملة و سكون الياء) : طعام مركب من التمر و السمن و السويق.
2- 2) الكافي ج 5/368 ح 2-و [1]عنه البحار ج 22/190 ح 4-و [2]عن المحاسن ج 2/418 ح 185- و [3]في الوسائل ج 14/65 ح 3 [4] عنهما و عن التهذيب ج 7/409 ح 4-و أخرجه في البحار ج 103/277 ح 43 [5]عن المحاسن. [6]
3- 3) الحسين بن محمد: بن عامر بن عمران الأشعري القمي المتقدم ذكره.
4- 4) النجاشي: أصحمة ملك الحبشة المتوفى سنة (9) ه تقدم ذكره.
5- 5) أم حبيبة: رملة بنت أبي سفيان بن حرب توفيت سنة (42) أو بعدها.
6- 6) الكافي ج 5/367 ح 1-و [7]عنه البحار ج 22/190 ح 3-و [8]عن المحاسن ج 2/418 ح 184- و [9]في الوسائل ج 14/64 ح 1 [10] عنهما و عن التهذيب ج 7/409 ح 5-و أخرجه في البحار ج 103/277 ح 42 [11]عن المحاسن. [12]

ص:388

الباب الثامن و الخمسون

في حبّه النساء و أكله اللحم و العسل [و استعماله]و الطيب

1-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن إسحاق بن عمّار، قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: من أخلاق الأنبياء حبّ النساء (1).

2-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن معمّر بن خلاّد، قال: سمعت عليّ بن موسى الرضا عليه السلام، يقول:

ثلاث من سنن المرسلين: العطر، و إحفاء الشعر، و كثرة الطروقة (2).

3-و عنه، عن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، و عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن سكين النخعي، و كان تعبّد، و ترك النساء، و الطيب، و الطعام، فكتب إلى أبي عبد اللّه عليه السلام يسأله عن ذلك، فكتب إليه: أمّا قولك في النساء، فقد علمت ما كان لرسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم من النساء، و أمّا قولك في الطعام، فكان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم يأكل اللحم

ص:389


1- 1) الكافي ج 5/320 ح 1-و [1]عنه الوسائل ج 14/9 ح 2-و [2]عن التهذيب ج 7/403 ح 19.
2- 2) الكافي ج 5/320 ح 3-و [3]عنه الوسائل ج 1/414 ح 1، و [4]في ج 14/4 ح 7 عن الكافي و [5]التهذيب ج 7/403 ح 20-و الفقيه ج 3/382 ح 4341.

و العسل (1).

4-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري (2)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ما أحببت (3)من دنياكم إلاّ النساء و الطيب (4).

5-و عنه، عن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ (5)، عن حمّاد بن عثمان، عن عمر بن يزيد (6)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم: قرّة عيني في الصلاة، و لذّتي في الدنيا النساء (7).

6-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن بكّار بن كردم (8)، و غير واحد، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم: جعل قرّة عيني في الصلاة، و لذتي في النساء (9).

7-و عنه، عن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن أبي داود المسترق (10)، عن بعض رجاله، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: إنّ ثلاث

ص:390


1- 1) الكافي ج 5/320 ح 4-و [1]عنه الوسائل ج 14/4 ح 8 و [2]عن رجال الكشي:316 ح 226 [3]نحوه مفصّلا.
2- 2) حفص بن البختري: مولى كوفي بغدادي روى عن الصادق و الكاظم عليهما السلام و له كتاب.
3- 3) في المصدر: ما أحبّ.
4- 4) الكافي ج 5/321 ح 6-و [4]عنه الوسائل ج 1/441 ح 7 و [5]ج 14/10 ح 4.
5- 5) الحسن بن علي: بن زياد أبو محمد الوشاء الكوفي من أصحاب الرضا عليه السلام تقدم ذكره.
6- 6) عمر بن يزيد: عمر بن محمد بن يزيد أبو الاسود بيّاع السابري الكوفي روى عن الصادق و الكاظم عليهما السلام.
7- 7) الكافي ج 5/321 ح 9-و [6]عنه الوسائل ج 14/9 ح 3. [7]
8- 8) بكّار بن كردم: الكوفي عدّه الشيخ من أصحاب الصادق عليه السلام.
9- 9) الكافي ج 5/321 ح 7-و [8]عنه الوسائل ج 14/10 ح 5. [9]
10- 10) أبو داود المسترق: سليمان بن سفيان المنشد الكوفي المتوفى سنة (231) ه.

نسوة أتين رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم، فقالت إحداهن: إنّ زوجي لا يأكل اللّحم، و قالت الأخرى: إنّ زوجي لا يشمّ الطيب، و قالت الأخرى:

إنّ زوجي لا يقرب النساء، فخرج رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم يجرّ ردائه حتى صعد المنبر، و حمد اللّه و أثنى عليه (1)و قال صلى اللّه عليه و آله و سلّم:

ما بال أقوام من أصحابي لا يأكلون اللّحم، و لا يشمّون الطيب، و لا يأتون النساء؟ أما إنّي آكل اللّحم، و أشمّ الطيب، و آتي النساء، فمن رغب عن سنّتي فليس منّي (2).

ص:391


1- 1) في المصدر: ثمّ.
2- 2) الكافي ج 5/496 ح 5-و [1]عنه البحار ج 22/124 ح 94-و [2]الوسائل ج 14/74 ح 2. [3]

ص:392

الباب التاسع و الخمسون

أنّه صلى اللّه عليه و آله يحب من اللحم الذراع

1-محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن احمد بن محمّد، عن عليّ بن حكم، عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله لحما (1)يحبّ اللحم (2).

2-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القدّاح، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: إنّا معاشر قريش قوم لحمون (3).

3-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الريّان (4)، رفعه قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: لم كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يحبّ الذراع أكثر من حبّه لسائر أعضاء الشاة؟ فقال عليه السلام: لأنّ آدم قرّب قربانا عن الأنبياء من ذريّته، فسمّى لكلّ

ص:393


1- 1) اللحم (بفتح اللام و كسر الخاء) : الشديد الشهوة إلى اللحم.
2- 2) الكافي ج 6/309 ح 7-و [1]عنه الوسائل ج 17/22 ح 1 و [2]عن المحاسن:461 ح 412- و [3]أخرجه في البحار ج 66/61 ح 22 [4]عن المحاسن. [5]
3- 3) الكافي ج 6/309 ح 9-و [6]عنه الوسائل ج 17/23 ح 5-و [7]عن المحاسن ج 2/461 ح 413- و [8]أخرجه في البحار ج 66/62 ح 23 [9]عن المحاسن. [10]
4- 4) علي بن الريّان: بن الصلت الأشعري القمي كان وكيلا للامام الهادي عليه السلام.

نبيّ من ذريّته عضوا، و سمّى لرسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم الذراع، فمن ثمّ كان صلى اللّه عليه و آله و سلّم يحبّها و يشتهيها و يفضلها (1).

4-و رواه ابن بابويه في «العلل» قال: حدّثنا محمّد بن الحسن (2)رحمه اللّه، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار، عن محمّد بن أحمد (3)، عن عليّ بن الريّان، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه الواسطي، عن واصل بن سليمان، أو عن درست، يرفعه إلى أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: لم كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم يحبّ الذراع أكثر من حبّه لسائر أعضاء الشاة؟ و ساق الحديث إلى آخره.

ثمّ قال: و في حديث آخر إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم كان يحبّ الذراع لقربها من المرعى، و بعدها من المبال (4).

5-محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يعجبه الذراع (5).

6-و عنه، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن ابن قدّاح، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمّت اليهوديّة النبيّ في ذراع، و كان النبيّ صلى اللّه عليه و آله يحبّ الذراع، و الكتف، و يكره الورك لقربها من المبال (6).

ص:394


1- 1) الكافي ج 6/315 ح 1 و [1]عنه الوسائل ج 17/40 ح 3-و [2]عن المحاسن ج 2/470 ح 459- و [3]أخرجه في البحار ج 66/71 ح 62 [4]عن المحاسن. [5]
2- 2) محمد بن الحسن: بن أحمد بن الوليد أبو جعفر نزيل قم المتوفى سنة (343) ه.
3- 3) محمد بن أحمد: بن يحيى بن عمران الأشعري أبو جعفر القمي تقدّم ذكره.
4- 4) علل الشرائع:134 ح 1-و [6]عنه البحار ج 16/286 ح 137 و [7]الوسائل ج 17/40 ح 3. [8]
5- 5) الكافي ج 6/315 ح 2-و [9]عنه البحار ج 16/287 ح 140 و [10]في الوسائل ج 17/39 ح 1 [11] عنه و عن المحاسن:470 ح 457 و [12]أخرجه في البحار ج 66/70 ح 60 [13]عن المحاسن. [14]
6- 6) الكافي ج 6/315 ح 3-و [15]عنه الوسائل ج 17/39 ح 2-و [16]عن بصائر الدرجات 503 ح 6 و [17]المحاسن:470 ح 457-و [18]أخرجه في البحار ج 17/405 ح 26 [19]عن البصائر. [20]

الباب الستّون

في أكله صلى اللّه عليه و آله مع الضيف

1-محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن ابن القدّاح، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله إذا أكل مع القوم طعاما كان أوّل من يضع يده، و آخر من يرفعها ليأكل القوم (1).

2-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن ابن القدّاح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله إذا أكل مع القوم طعاما كان أوّل من يضع يده، و آخر من يرفعها ليأكل القوم (2).

3-و عنه بإسناده عن سليمان بن حفص (3)، عن علي بن جعفر (4)، عن أخيه، موسى أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله كان إذا أتاه الضيف، أكل

ص:395


1- 1) الكافي ج 6/285 ح 1 و [1]عنه الوسائل ج 16/461 ح 4. [2]
2- 2) الكافي ج 6/285 ح 2-و [3]عنه الوسائل ج 16/460 ح 1 و [4]عن المحاسن ج 2/448 ح 349 و [5]أخرجه في البحار ج 66/418 ح 27 [6]عن المحاسن. [7]
3- 3) سليمان بن حفص: البصري، روى عن الصادق عليه السلام، و استظهر بعض أنّه ابن جعفر بن سليمان الضبعي الذي توفي سنة (178) و كان من ثقات العامة، و اللّه العالم.
4- 4) علي بن جعفر الصادق عليه السلام: أبو الحسن من أصحاب الكاظم و الرضا عليهما السلام جلالة قدره أجلّ من أن يذكر، و قبره بقم مشهور.

معه، و لم يرفع يده من الخوان حتى يرفع الضيف يده (1).

4-و عنه، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عمر بن عبد العزيز (2)، عن رجل، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، قال: أكلنا مع أبي عبد اللّه عليه السلام فأوتينا بقصعة من أرز، فجعلنا نعذّر (3)فقال عليه السلام: ما صنعتم شيئا، إنّ أشدّكم حبّا لنا أحسنكم أكلا عندنا، قال عبد الرحمن: فرفعت كسحة المائدة (4)، فأكلت، فقال: نعم الآن، و أنشأ يحدّثنا أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم أهدي إليه قصعة أرز من ناحية الأنصار، فدعا سلمان، و المقداد، و أبا ذر، رحمة اللّه عليهم، فجعلوا يعذّرون، فقال لهم: ما صنعتم شيئا، أشدّكم حبّا لنا أحسنكم أكلا عندنا، فجعلوا يأكلون أكلا جيّدا، ثم قال: أبو عبد اللّه عليه السلام: رحمهم اللّه، و رضي اللّه عنهم، و صلّى عليهم (5).

5-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن عليّ بن إبراهيم الجعفري، عن محمّد بن الفضيل، رفعه عنهم عليهم السلام قالوا: كان النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم إذا أكل لقم من بين عينيه، و إذا شرب سقى من على يمينه (6).

ص:396


1- 1) الكافي ج 6/286 ح 4-و [1]عنه الوسائل ج 16/461 ح 3. [2]
2- 2) عمر بن عبد العزيز: بن أبي بشّار البصري المعروف بزحل كان من محدثي القرن الثاني روى عنه محمد بن سنان المتوفى سنة (220) -تقدم ذكره.
3- 3) عذّر في الأمر تعذيرا: قصّر و لم يجتهد، و أعذر في الأمر: بالغ فيه.
4- 4) فرفعت كسحة المائدة: أكلت جيّدا حتى أخذت ما يكسح و يسقط من المائدة.
5- 5) الكافي ج 6/278 ح 2-و [3]عنه البحار ج 47/39 ح 45-و [4]في الوسائل ج 16/437 ح 3 [5] عنه و عن المحاسن و [6]أخرجه في البحار ج 75/450 ح 9 [7]عن المحاسن. [8]
6- 6) الكافي ج 6/299 ح 17 و [9]عنه الوسائل ج 16/498 ح 1-و [10]البحار ج 66/351 ح 6-و [11]أخرجه في البحار ج 66/349 ح 7-و [12]مستدرك الوسائل ج 3/94 ح 1- [13]عن دعوات الراوندي: 137 ح 337.

الباب الحادي و الستون

في أكله صلى اللّه عليه و آله الهريسة

1-محمّد بن يعقوب، عن الحسين بن محمّد، عن المعلّى بن محمّد، عن بسطام بن مرّة الفارسي قال: حدّثنا عبد الرحمن بن عمر بن يزيد الفارسي (1)، عن محمّد بن معروف (2)، عن صالح بن رزين (3)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: عليكم بالهريسة، فإنّها تنشط للعبادة أربعين يوما، و هي من المائدة التي أنزلت على رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم (4).

2-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عيسى، عن الدهقان، عن درست بن أبي منصور، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: إنّ نبيّا من الأنبياء شكى إلى اللّه عزّ و جلّ الضعف و قلّة الجماع، فأمره بأكل الهريسة (5).

ص:397


1- 1) عبد الرحمن: يحتمل أنه أبو الحسن الزهري الأصفهاني المتوفى سنة (255) .
2- 2) محمد بن معروف: الهلالي الخزاز عمّر و لقى الصادق عليه السلام.
3- 3) صالح بن رزين: الكوفي روى عن الصادق عليه السلام، و له كتاب رواه عنه الحسن بن محبوب.
4- 4) الكافي ج 6/319 ح 2-و [1]عنه الوسائل ج 17/49 ح 1-و [2]عن المحاسن:404 ح 104- و [3]أخرجه في البحار ج 66/86 ح 3- [4]عن المحاسن. [5]
5- 5) الكافي ج 6/319 ح 2-و [6]عنه الوسائل ج 17/49 ح 2-و [7]المحاسن:403 ح 101-و [8]أخرجه في البحار ج 66/8 ح 1 [9]عن المحاسن. [10]

3-و في خبر آخر، رفعه إلى أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: إنّ رسول اللّه شكى إلى ربّه عزّ و جلّ وجع الظهر فأمره بأكل الحبّ باللّحم يعني الهريسة (1).

4-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن منصور الصيقل (2)، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: إنّ اللّه تبارك و تعالى أهدى إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم هريسة من هرايس الجنّة غرست في رياض الجنّة، و فركها الحور العين، فأكلها رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله، فزاد في قوّته بضع أربعين رجلا، و ذلك شيء أراد اللّه عزّ و جلّ أن يسرّ به نبيّه محمدا صلى اللّه عليه و آله و سلّم (3).

5-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: إنّ أبا بكر و عمر أتيا أمّ سلمة، فقالا لها: يا أمّ سلمة إنّك قد كنت عند رجل قبل رسول اللّه، فكيف رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم من ذاك في الخلوة، فقالت: ما هو إلاّ كسائر الرجال، ثم خرجا عنها، و أقبل النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم فقامت إليه مبادرة فرقا (4)أن ينزل من السماء، فأخبرته الخبر، فغضب رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم حتى تربّد وجهه (5)و التوى عرق الغضب بين عينيه، و خرج و هو يجرّ ردائه حتى صعد المنبر، و بادرت الأنصار بالسلاح، و أمر بخيلهم أن تحضر، فصعد المنبر، فحمد اللّه و أثنى عليه.

ثمّ قال: يا أيّها الناس ما بال أقوام يتبعون غيبي و يسألون عن عيبي؟ و اللّه إنّي لأكرمكم حسبا، و أطهركم مولدا، و أنصحكم للّه في الغيب، و لا

ص:398


1- 1) الكافي ج 6/320 ح 3-و [1]عنه الوسائل ج 17/50 ح 3 و [2]عن المحاسن و [3]البحار ج 66/86. [4]
2- 2) منصور: بن الوليد الصيقل أبو محمد الكوفي روى عن الباقر و الصادق عليهما السلام.
3- 3) الكافي ج 6/320 ح 4-و [5]عنه الوسائل ج 17/50 ح 4 و [6]عن المحاسن ج 2/404 ح 105- و [7]أخرجه في البحار ج 66/86 ح 4 [8]عن المحاسن. [9]
4- 4) الفرق (بالتحريك) : الخوف و الفزع يستوي فيه المذكر و المؤنث.
5- 5) تربّد وجهه: تغيّر.

يسألني أحد منكم عن أبيه إلاّ أخبرته، فقام إليه رجل فقال: من أبي؟ فقال:

فلان الراعي، فقام إليه الآخر، فقال: من أبي؟ فقال: غلامكم الأسود، فقام إليه الثالث، فقال: من أبي؟ فقال: الذي تنسب إليه، فقالت الأنصار: يا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم أعف عنّا عفا اللّه عنك، فإن اللّه بعثك رحمة فاعف عنّا عفا اللّه عنك، و كان النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم إذا كلّم إستحيا، و عزف و غضّ طرفه عن الناس حياء حين كلّموه، فنزل فلمّا كان في السحر هبط عليه جبرئيل بصحفة من الجنة فيها هريسة، فقال: يا محمد هذه عملها لك الحور العين، فكلها أنت و عليّ و ذرّيّتكما فإنّه لا يصلح أن يأكلها غيركم، فجلس رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السلام فأكلوا، و أعطي رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم في المباضعة من تلك الأكلة قوّة أربعين رجلا فكان إذا شاء غشى نساءه كلّهنّ في ليلة واحدة (1).

ص:399


1- 1) الكافي ج 5/565 ح 41- [1]تقدم في باب 43 ح 1.

ص:400

الباب الثاني و الستّون

فيما أكله رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله من الفواكه و الرمّان و غيره

1-محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه عن فضالة بن أيوب، عن عمر بن أبان الكلبي (1)، قال:

سمعت أبا جعفر، و أبا عبد اللّه عليهما السلام يقولان: ما على وجه الأرض ثمرة كانت أحبّ إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله من الرمّان، و كان و اللّه إذا أكلها أحبّ أن لا يشركه فيها أحد (2).

2-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضال، عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يأكل الرطب بالخربز (3).

3-و عنه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم يأكل البطيخ بالتمر (4).

ص:401


1- 1) عمر بن أبان الكلبي: أبو حفص مولى كوفي ثقة روى عن الصادق عليه السلام.
2- 2) الكافي ج 6/354 ح 3-و [1]عنه الوسائل ج 16/525 ح 1 و [2]عن المحاسن، ج 2/541 ح 833- و [3]أخرجه في البحار ج 66/158 ح 21 [4]عن المحاسن. [5]
3- 3) الكافي ج 6/361 ح 2-و [6]عنه البحار ج 16/268 ح 73 و [7]في الوسائل ج 17/138 ح 2 [8] عنه و عن المحاسن:557 ح 917. [9]
4- 4) الكافي ج 6/361 ح 3-و [10]عنه البحار ج 16/268 ح 74-و [11]في الوسائل ج 17/137 ح 1. [12] عنه و عن المحاسن:557 ح 916. [13]

4-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن ابن القدّاح، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: كان النبيّ صلى اللّه عليه و آله يعجبه الرطب بالخربز (1).

5-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن عيسى، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه الدهقان، عن درست، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن الأوّل عليه السلام، قال: أكل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم البطيخ بالكسر، و أكل البطيخ بالرطب (2).

6-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحجّال (3)، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يأكل القثاء بالملح (4).

7-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام:

كان يعجب رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم من البقول الحوك (5)(6).

8-إبن بابويه قال: حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكل، قال: حدّثنا عليّ بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عن أبيه،

ص:402


1- 1) الكافي ج 6/361 ح 4 و [1]عنه البحار ج 16/268 ح 75-و [2]في الوسائل ج 17/138 ح 3- [3]عنه و عن المحاسن:556 ح 915. [4]
2- 2) الكافي ج 6/361 ح 5-و [5]عنه البحار ج 16/268 ح 76-و [6]في الوسائل ج 17/138 ح 4- [7]عنه و عن المحاسن:557 ح 918 و [8]أخرجه في البحار ج 66/193 ح 4 [9]عن المحاسن و [10]مكارم الأخلاق:184 [11] نحوه.
3- 3) الحجّال: عبد اللّه بن محمد الكوفي الأسدي مولاهم روى عن أبي الحسن الرضا عليه السلام.
4- 4) الكافي ج 6/373 ح 1-و [12]عنه الوسائل ج 17/166 ح 1-و [13]عن المحاسن/558 ح 923 و [14]أخرجه في البحار ج 66/252 ح 2 [15]عن المحاسن و [16]مكارم الأخلاق:185. [17]
5- 5) الحوك: الباذروج و البقلة الحمقاء.
6- 6) الكافي ج 6/364 ح 1-و [18]عنه البحار ج 16/268 ح 77-و [19]الوسائل ج 17/147 ح 2 و [20]أخرجه في البحار ج 66/214 ح 11 [21]عن المحاسن:514 ح 702. [22]

عن وهب بن وهب، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه عن عليّ عليهم السلام، قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم إذا رأى الفاكهة الجديدة قبّلها و وضعها على عينيه و فمه، ثمّ قال: اللّهمّ كما أريتنا في عافية أوّلها، فأرنا آخرها في عافية (1).

ص:403


1- 1) أمالي الصدوق:219 ح 6 [1]تقدّم في ص 281 ح 14، و [2]له تخريجات ذكرناها هناك.

ص:404

الباب الثالث و الستّون

في أنّه كان يعجبه القرع

1-محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن عبد اللّه بن ميمون، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: كان النبي صلى اللّه عليه و آله يعجبه الدباء و يلتقطه من الصفحة (1).

2-و عنه، عن الحسين بن محمّد، عن السيّاري (2)، رفعه، قال: كان النبيّ صلى اللّه عليه و آله يعجبه الدباء و كان يأمر نساءه إذا طبخن قدرا يكثرن فيها من الدباء و هو القرع (3).

3-و عنه، بإسناده عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان النبيّ صلى اللّه عليه و آله يعجبه الدباء في القدور و هو القرع (4).

ص:405


1- 1) الكافي ج 6/370 ح 2-و [1]عنه البحار ج 16/275 ح 109-و [2]في الوسائل ج 17/161 ح 1- [3]عنه و عن المحاسن:521 ح 71-و [4]أخرجه في البحار ج 66/226 ح 4 [5]عن أمالي الطوسي ج 1/372 و [6]عن المحاسن. [7]
2- 2) السيّاري: أبو عبد اللّه أحمد بن محمد بن سيّار الكاتب البصري في عصر الامام العسكري عليه السلام.
3- 3) الكافي ج 6/371 ح 6-و [8]عنه الوسائل ج 17/162 ح 6-و [9]عن المحاسن 521 ح 736- و [10]أخرجه في البحار ج 66/228 ح 14 [11]عن المحاسن. [12]
4- 4) الكافي ج 6/370 ح 2-و [13]عنه الوسائل ج 17/161-ح 2-و [14]عن المحاسن:521 ح 733- و [15]أخرجه في البحار ج 66/228 ح 11- [16]عن المحاسن باختلاف.

ص:406

الباب الرابع و الستّون

كان صلى اللّه عليه و آله يعجبه العسل

1-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يعجبه العسل (1).

2-عن محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن جعفر، عن محمّد بن عيسى، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن سكين، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: كان النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم يأكل العسل، و يقول: آيات من القرآن، و مضغ اللبان يذيب البلغم (2).

و قد مضى في ذلك في الباب الثامن و الخمسين.

ص:407


1- 1) الكافي ج 6/332 ح 3-و [1]عنه الوسائل ج 17/73 ح 1 و [2]عن المحاسن:499 ح 617- و [3]أخرجه في البحار ج 66/290 ح 2 [4]عن مكارم الأخلاق:165. [5]
2- 2) الكافي ج 6/332 ح 4 و [6]عنه الوسائل ج 17/73 ح 2-و [7]البحار ج 66/292 ح 12 و [8]عن المحاسن:499 ح 618. [9]

ص:408

الباب الخامس و الستّون

في أكله الخلّ و الزيت

1-محمد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: إنّ أحبّ الأصباغ إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله الخلّ و الزيت، و قال هو طعام الأنبياء عليهم السلام (1).

2-و عنه بهذا الإسناد، قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ما افتقر أهل بيت يأتدمون بالخلّ و الزيت و ذلك إدام (2)الأنبياء (3).

3-و عنه، بهذا الإسناد، عن السكوني، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان أحبّ الأصباغ إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم الخلّ (4).

4-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الحميد الواسطي (5)، عن عجلان، قال: تعشّيت مع أبي عبد اللّه

ص:409


1- 1) الكافي ج 4/328 ح 6 [1] تقدم الحديث و تخريجاته.
2- 2) الادام (بكسر الهمزة) ما يجعل مع الخبز فيطيّبه.
3- 3) الكافي ج 6/328 ح 7 و [2]عنه البحار ج 11/67 ح 19-و [3]في الوسائل ج 17/63 ح 4- [4]عنه و عن المحاسن ج 2/482 ح 517-و [5]أخرجه في البحار ج 66/180 ح 6 [6]عن المحاسن. [7]
4- 4) الكافي ج 6/329 ح 6-و [8]عنه البحار ج 16/267 ح 69 و [9]الوسائل ج 17/66 ح 3. [10]
5- 5) عبد الحميد الواسطي: من أصحاب الباقر و الصادق عليهما السلام-و في المصدر: عن عبيدة الواسطي و في البحار: [11] عن عبدة الواسطي.

عليه السلام بعد عتمة (1)، و كان يتعشّى بعد عتمة، و أتي بخلّ و زيت و لحم بارد، فجعل ينتف اللحم فيطعمنيه، و يأكل هو الخلّ و الزيت، و يدع اللّحم، فقال: إنّ هذا طعامنا و طعام الأنبياء عليهم السلام (2).

5-و عنه، عن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:

دخل رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم إلى أمّ سلمة رضي اللّه عنها، فقرّبت إليه كسرة، فقال صلى اللّه عليه و آله و سلّم: هل عندك ادام؟ فقالت: لا يا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم ما عندي إلاّ خلّ، فقال صلى اللّه عليه و آله و سلّم: نعم الادام الخلّ، ما أفقر بيت فيه الخلّ (3).

ص:410


1- 1) العتمة (بفتح العين و التاء و الميم) : الثلث الأوّل من الليل.
2- 2) الكافي ج 6/328 ح 4-و [1]عنه البحار ج 47/41 ح 50 و [2]في الوسائل ج 17/63 ح 2 [3]عن المحاسن ج 2/482 ح 518-و [4]أخرجه في البحار ج 66/180 ح 1 [5]عن المحاسن. [6]
3- 3) الكافي ج 6/329 ح 1 [7] تقدم الحديث مع تخريجاته في ص 229 ح 1.

الباب السادس و الستّون

في اجتنابه صلى اللّه عليه و آله الطعام الحارّ

1-محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: أقرّوا الحارّ حتى يبرد، فإنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم قرّب إليه طعام حارّ، فقال: أقرّوه حتى يبرد، ما كان اللّه عزّ و جلّ ليطعمنا النار، و البركة في البارد (1).

2-و عنه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: إنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم اتي بطعام حارّ جدا، فقال: ما كان اللّه عزّ و جلّ ليطعمنا النار، أقرّوه حتى يبرد و يمكن، فإنّه طعام ممحوق البركة، و للشيطان فيه نصيب (2).

3-و عنه، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن إبن فضّال، عن ابن القدّاح، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: أتي النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم بطعام حارّ، فقال: إنّ اللّه عزّ و جلّ لم يطعمنا النار، نحّوه حتى

ص:411


1- 1) الكافي ج 6/321 ح 1-و [1]عنه الوسائل ج 16/516 ح 4 و [2]عن المحاسن:406 ح 118، و [3]أخرجه في البحار ج 66/401 ح 3 [4] عن الخصال:613 و المحاسن. [5]
2- 2) الكافي ج 6/322 ح 2-و [6]عنه البحار ج 16/267 ح 71-و [7]في الوسائل ج 16/517 ح 5- [8]عنه و عن المحاسن:406 ح 116-و [9]أخرجه في البحار ج 66/402 ح 9 [10]عن المحاسن. [11]

يبرد، فتركه حتى برد (1).

ص:412


1- 1) الكافي ج 6/322 ح 4-و [1]عنه الوسائل ج 16/516 ح 2-و [2]عن المحاسن:406 ح 115- و [3]أخرجه في البحار ج 66/402 ح 8 [4]عن المحاسن. [5]

الباب السابع و الستّون

في المفردات

1-محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه عليه السلام، عن أبيه و عمرو بن إبراهيم (1)جميعا، عن خلف بن حماد (2)، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: لدغت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عقرب، فنفضها، و قال: لعنك اللّه فما يسلم منك مؤمن و لا كافر، ثمّ دعا بملح، فوضعه على موضع اللدغة، ثمّ عصره بأبهامه حتى ذاب، ثمّ قال: لو يعلم الناس ما في الملح ما احتاجوا معه إلى درياق (3)(4).

2-و عنه، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن إبراهيم الكرخي (5)، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد اللّه عليه السلام،

ص:413


1- 1) عمرو بن إبراهيم: الأزدي الكوفي روى عن الصادق عليه السلام، له كتاب أخبر عنه أحمد بن خالد البرقي.
2- 2) خلف بن حمّاد: بن ناشر بن المسيّب الكوفي روى عن أبي الحسن الماضي عليه السلام و جماعة و روى عنه جماعة منهم محمد بن خالد البرقي. و حماد بن عثمان و غيرهما.
3- 3) الدرياق (بكسر الدال) : لغة في الترياق و هي دواء تدفع السموم.
4- 4) الكافي ج 6/327 ح 10 و [1]عنه البحار ج 16/291 ح 157-و [2]أخرجه في ج 66/395 ح 3 عن المحاسن:590 ح 97. [3]
5- 5) إبراهيم الكرخي: بن أبي زياد أبو هشام البغدادي المشرقي، روى عن الصادق و الكاظم عليهما السلام. و روى أيضا عن أبي حمزة و محمد بن مسلم و غيرهما و روى عنه ابن أبي عمير.

قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يشرب في الأقداح الشامية يجاء بها من الشام و تهدى إليه (1).

3-و عنه، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن إبراهيم، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: كان النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم يعجبه أن يشرب في الإناء الشامي و كان يقول:

هو أنظف آنيتكم (2).

ص:414


1- 1) الكافي ج 6/385 ح 1-و [1]عنه البحار ج 16/268 ح 79-و [2]الوسائل ج 1/1096 ح 1-و [3]في ج 17/202 ح 1 عنه و عن المحاسن:577 ح 40 [4] بسند آخر-و أخرجه في البحار ج 66/468 ح 35 [5]عن المحاسن. [6]
2- 2) الكافي ج 6/386 ح 8-و [7]عنه البحار ج 16/268 ح 80-و [8]الوسائل ج 1/1096 ح 2-و [9]في الوسائل أيضا [10]ج 17/202 ح 2 عنه و عن المحاسن:577 ح 38-و [11]أخرجه في البحار ج 66/468-ح 33 [12]عن المحاسن. [13]

الباب الثامن و الستّون

في قلانسه

1-محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم يلبس من القلانس (1)اليمنيّة و البيضاء و المصرية (2)، و ذوات الأذنين في الحرب، و كانت عمامته السحاب (3)، و كان له برنس يتبرنس به (4).

2-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يلبس قلنسوة بيضاء مضربة، و كان يلبس في الحرب قلنسوة لها أذنان (5).

ص:415


1- 1) في المصدر: يلبس القلانس.
2- 2) في المصدر: و المضربة.
3- 3) قال الفيض قدّس سرّه في الوافي: [1] السحاب اسم لعمامة النبي صلى اللّه عليه و آله و البرنس قلنسوة طويلة و كان النسّاك يلبسونها في صدر الاسلام.
4- 4) الكافي ج 6/461 ح 1-و [2]عنه البحار ج 16/121 ح 45-و [3]الوسائل ج 3/380 ح 3. [4]
5- 5) الكافي ج 6/462 ح 2-و [5]عنه البحار ج 16/121 ح 46-و [6]الوسائل ج 3/379 ح 2. [7]

ص:416

الباب التاسع و الستّون

في خواتيمه و حلية سيفه و درعه

1-محمد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان خاتم رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم من ورق (1)(2).

2-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عبد اللّه بن سنان، و معاوية بن وهب، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: كان خاتم رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله من ورق، قال: قلت له: كان له فصّ؟ قال: لا (3).

3-و عنه، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن أبي خديجة، قال: الفصّ مدور، و قال:

هكذا كان خاتم رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم (4).

4-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن

ص:417


1- 1) الورق (بفتح الواو و كسر الراء) : الفضّة.
2- 2) الكافي ج 6/468 ح 1-و [1]عنه البحار ج 16/122 ح 47-و [2]الوسائل ج 3/392 ح 2. [3]
3- 3) الكافي ج 6/468 ح 2 و [4]عنه البحار ج 16/122 ح 48 و [5]الوسائل ج 3/393 ح 1. [6]
4- 4) الكافي ج 6/468 ح 4-و [7]عنه البحار ج 16/122 ح 49-و [8]الوسائل ج 3/394 ح 1. [9]

عليّ بن عطية (1)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: ما تختّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلاّ يسيرا حتى تركه (2).

5-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن ابن القدّاح، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان يتختّم في يمينه (3).

6-و عنه، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد اللّه بن سنان، قال: كان نقش خاتم النبيّ صلى اللّه عليه و آله: محمّد رسول اللّه، و كان نقش خاتم أمير المؤمنين عليه السلام: اللّه الملك، و كان نقش خاتم أبي عليه السلام: العزّة للّه (4).

7-و عنه، عن سهل بن زياد، عن بعض أصحابه، عن واصل بن سليمان، عن عبد اللّه بن سنان، قال: ذكرنا خاتم رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم، قال: تحبّ أن أريكه؟ فقلت: نعم، فدعا بحقّ مختوم، ففتحه، فأخرجه في قطنة، فإذا حلقة فضّة، و فيه فصّ أسود مكتوب عليه:

سطران: محمّد رسول اللّه، قال: ثمّ قال: إنّ فصّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله أسود (5).

8-و عنه، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عيسى، عن الحسين بن خالد (6)، عن أبي الحسن الثاني عليه السلام، قال: قلت له: إنّا روينا في

ص:418


1- 1) علي بن عطية: بن عبيد الفزاري الحناط الكوفي من أصحاب الباقر و الصادق و الكاظم عليهم السلام.
2- 2) الكافي ج 6/469 ح 10-و [1]عنه البحار ج 16/123 ح 55-و [2]الوسائل ج 3/392. [3]
3- 3) الكافي ج 6/469 ح 11-و [4]عنه البحار ج 16/122 ح 50-و [5]الوسائل ج 3/397 ح 8. [6]
4- 4) الكافي ج 6/473 ح 1-و [7]عنه البحار ج 16/123 ح 56 و [8]ج 42/70 ح 24 و ج 46/222 ح 9-و الوسائل ج 3/409 ح 1. [9]
5- 5) الكافي ج 6/474 ح 7-و [10]عنه البحار ج 16/122 ح 52 و [11]الوسائل ج 3/394 ح 2. [12]
6- 6) الحسين بن خالد: الصيرفي من أصحاب الكاظم و الرضا عليهما السلام و روى عنهما، و روى أيضا عن اسحاق بن عمار و محمد بن حمزة و غيرهما، و روى عنه جماعة منهم محمد بن عيسى و معلى بن محمد و البزنطي.

الحديث أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم كان يستنجي و خاتمه في إصبعه، و كذلك كان يفعل أمير المؤمنين عليه السلام، و كان نقش خاتم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: محمّد رسول اللّه، قال: صدقوا، قلت: فينبغي لنا أن نفعل؟ فقال: إنّ أولئك كانوا يتختّمون في اليد اليمنى، و إنّكم أنتم تتختمون في اليسرى، قال: فسكت، فقال: أفتدري ما كان نقش خاتم آدم؟ فقلت: لا، فقال: لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم، و كان نقش خاتم النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم: محمّد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و خاتم أمير المؤمنين عليه السلام: اللّه الملك، و خاتم الحسن عليه السلام: العزة للّه، و خاتم الحسين عليه السلام: إنّ اللّه بالغ أمره، و عليّ بن الحسين عليه السلام خاتم أبيه، و أبو جعفر الأكبر عليه السلام خاتم جدّه الحسين عليه السلام، و خاتم جعفر عليه السلام: اللّه وليّي و عصمتي من خلقه، و أبو الحسن الأوّل عليه السلام: حسبي اللّه، و أبو الحسن الثاني عليه السلام: ما شاء اللّه (1)لا قوة إلاّ باللّه قال الحسين بن خالد:

و مدّ يده إليّ و قال: خاتمي خاتم أبي أيضا (2).

9-و عنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: كان نعل سيف رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و قائمته فضّة، و كان بين ذلك حلق من فضّة، و لبست درع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم فكنت أسحبها (3)و فيها ثلاث حلقات:

ص:419


1- 1) قال الفيض قدّس سرّه في الوافي: [1] ليس في بعض النسخ: (و أبو الحسن الثاني ما شاء اللّه) و لعله الأصح لمنافاته آخر الحديث بل كله يساق منه عليه السلام مساق التكلم إلا أن يحمل قوله: (خاتمي خاتم أبي أيضا) على أنه كان له خاتمان ورث أحدهما عن أبيه و يجعل في التكلم التفات إلى الغيبة.
2- 2) الكافي ج 6/474 ح 8-و [2]صدره في الوسائل ج 1/233 ح 3-و [3]ذيله في ج 3/410 ح 5- و قطعات ذيله في البحار [4]ج 16/124 ح 57-و ج 42/70 ح 25-و ج 43/258 ح 43 و ج 49/2 ح 1-و أخرجه في البحار ج 11/62 ح 1 [5]عن عيون أخبار الرضا ج 2/54 ح 206 و [6]أمالي الصدوق:369 ح 5 [7] مفصلا نحوه.
3- 3) أسحبها: أجرّها على وجه الأرض.

فضّة من بين يديها، و ثنتان من خلفها (1).

10-و عنه، عن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمد، عن الوشّاء، عن مثنّى، عن حاتم بن إسماعيل، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، أنّ حلية سيف رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم كلّها كانت فضّة قائمته و قباعه (2)(3).

ص:420


1- 1) الكافي ج 6/475 ح 4-و [1]عنه البحار ج 16/123 ح 53. [2]
2- 2) القباع: قال الفيض في الوافي: [3] قبيعة السيف كسفينة ما على طرف مقبضه من فضة أو حديد. و قال الجزري: كانت قبيعة سيف رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله من فضة، هي التي تكون على رأس قائم السيف. و قيل: هي ما تحت شاربي السيف.
3- 3) الكافي ج 6/475 ح 6-و [4]عنه البحار ج 16/123 ح 54. [5]

الباب السبعون

في المعراج بالإسناد الحسن و الصحيح من طريق الخاصّة

و العامّة و هو من أكرم الكرامات

1-محمّد بن الحسن الصفّار في «بصائر الدرجات» عن عليّ بن محمّد بن سعد (1)، عن حمدان بن سليمان (2)، عن عبد اللّه بن محمد اليماني، عن منيع (3)، عن صباح المزني (4)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: عرج بالنبيّ صلى اللّه عليه و آله مائة و عشرين مرّة، ما من مرّة إلاّ و قد أوصى اللّه النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم بولاية عليّ عليه السلام و الأئمّة من بعده أكثر ممّا أوصاه بالفرائض (5).

2-محمد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: قال: ما تروي

ص:421


1- 1) علي بن محمد بن سعد: الأشعري عده الشيخ في رجاله ممّن لم يرو عنهم و روى عنه محمد بن الحسن بن الوليد، و قال المحقق الداماد: أنّه من شيوخ الكليني، و في البحار: [1] علي بن محمد بن سعيد.
2- 2) حمدان بن سليمان: بن عميرة النيسابوري المعروف بالتاجر من أصحاب الهادي و العسكري عليهما السلام وعدّ ممّن لم يرو عنهم عليهم السلام.
3- 3) في المصدر و البحار: [2] منيع بن الحجّاج، و لم أقف على ترجمة له.
4- 4) المزني: صبّاح بن يحيى أبو محمد الكوفي من أصحاب الصادق عليه السلام و روى عنه و عن أبيه الباقر عليهما السلام و له كتاب يرويه جماعة.
5- 5) بصائر الدرجات:79 ح 10 و [3]عنه البحار ج 23/69 ح 4 و [4]عن الخصال:600 ح 3.

هذه الناصبة؟ فقلت جعلت فداك فيماذا؟ فقال: في أذانهم و ركوعهم و سجودهم، فقلت: إنّهم يقولون: إنّ أبي بن كعب رآه في النوم فقال: كذبوا و اللّه (1)فإنّ دين اللّه عزّ و جلّ أعزّ من أن يرى في النوم.

قال: فقال له سدير الصيرفي: جعلت فداك فأحدث لنا من ذلك ذكرا، فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: إنّ اللّه عزّ و جلّ لمّا عرج بنبيّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم سمواته السبع أمّا أوليهن فبارك عليه، و الثانية علّمه فرضه، فأنزل اللّه محملا من نور فيه أربعون نوعا من أنواع النور، كانت محدقة بعرش اللّه تغشى أبصار الناظرين.

أمّا واحد منها فأصفر، فمن أجل ذلك اصفرّت الصفرة، و واحد منها أحمر، و من أجل ذلك احمرّت الحمرة، و واحد منها أبيض، فمن أجل ذلك ابيضّ البياض، و الباقي على عدد سائر الخلق من النور، فالألوان في ذلك المحمل حلق و سلاسل من فضّة.

ثمّ عرج به إلى السماء فنفرت الملائكة إلى أطراف السماء، و خرّت سجّدا و قالت: سبّوح قدّوس، ما أشبه هذا النور بنور ربّنا! فقال جبرئيل: اللّه أكبر، اللّه أكبر.

ثم فتحت أبواب السماء، و اجتمعت الملائكة، فسلّمت على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أفواجا، و قالت: يا محمّد كيف أخوك؟ إذا نزلت فاقرأه السلام، قال النبيّ صلى اللّه عليه و آله: أفتعرفونه؟ قالوا: و كيف لا نعرفه و قد أخذ ميثاقك و ميثاقه منّا، و ميثاق شيعته إلى يوم القيامة علينا، و إنّا لنتصفّح وجوه شيعته في كلّ يوم و ليلة خمسا، يعنون في وقت كلّ صلاة، و إنّا لنصلّي عليك و عليه.

ثمّ زادني ربّي أربعين نوعا من أنواع النور، لا يشبه الأنوار (2)الأوّل

ص:422


1- 1) ليس في المصدر: كلمة (و اللّه) .
2- 2) في المصدر: النور.

و زادني حلقا و سلاسل، و عرج بي إلى السماء الثانية، فلمّا قربت من باب السماء الثانية، نفرت الملائكة إلى أطراف السماء و خرّت سجدا، و قالت: سبّوح قدّوس، ربّ الملائكة و الروح، ما أشبه هذا النور بنور ربّنا! فقال جبرئيل:

أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، فاجتمعت الملائكة، و قالت: يا جبرئيل من هذا معك؟ قال: هذا محمّد، قالوا: و قد بعث؟ قال: نعم، قال النبيّ صلى اللّه عليه و آله: فخرجوا إليّ شبه المعانيق (1)، فسلّموا عليّ، و قالوا: إقرأ أخاك السلام، قلت: أتعرفونه؟ قالوا: و كيف لا نعرفه و قد أخذ ميثاقك و ميثاقه و ميثاق شيعته إلى يوم القيامة علينا، و إنّا لنتصفّح وجوه شيعته في كلّ يوم و ليلة خمسا، يعنون في وقت الصلاة.

قال: ثم زادني ربّي أربعين نوعا من أنواع النور لا يشبه الأنوار الأوّل، ثمّ عرج بي إلى السماء الثالثة، فنفرت الملائكة و خرّت سجّدا، و قالت: سبّوح قدّوس، ربّ الملائكة و الروح، ما هذا النور الذي يشبه نور ربّنا؟ فقال جبرئيل: أشهد أنّ محمدا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم، أشهد أنّ محمدا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم، فاجتمعت الملائكة و قالت: مرحبا بالأوّل، و مرحبا بالآخر، و مرحبا بالحاشر (2)، و مرحبا بالناشر (3)، محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم خير النبيّين، و عليّ عليه السلام خير الوصيّين.

قال النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم: ثم سلّموا عليّ، و سألوني عن أخي، قلت: هو في الأرض أفتعرفونه؟ قالوا: و كيف لا نعرفه، و قد نحجّ البيت المعمور كلّ سنة، و عليه رقّ أبيض فيه اسم محمد صلى اللّه عليه و آله و سلّم، و اسم عليّ عليه السلام، و الحسن و الحسين و الأئمة عليهم السلام، و شيعتهم إلى يوم القيامة، و إنّا لنبارك عليهم كلّ يوم و ليلة

ص:423


1- 1) المعانيق: جمع المعناق و هو الفرس الجيّد العنق، و في الخبر: فانطلقنا إلى الناس معانيق أي مسرعين.
2- 2) الحاشر: من ألقاب النبي صلى اللّه عليه و آله لمعانقته مع الحشر كما أثر عنه أنّه قال: (أنا و الساعة كهاتين) و أشار إلى السبابة و الوسطى.
3- 3) الناشر: من ألقاب أمير المؤمنين عليه السلام لأنّه ينشر و يفرّق من أهل الجنة و النار.

خمسا، يعنون في وقت كلّ صلاة، و يمسحون رؤوسهم بأيديهم، قال: ثمّ زادني ربّي أربعين نوعا من أنواع النور، لا يشبه تلك الأنوار الأوّل.

ثمّ عرج بي حتى انتهيت إلى السماء الرابعة، فلم تقل الملائكة شيئا، و سمعت دويّا كأنّه في الصدور، فاجتمعت الملائكة، ففتحت أبواب السماء، و خرجت إليّ شبه المعانيق، فقال جبرئيل عليه السلام: حيّ على الصلاة، حيّ على الصلاة، حيّ على الفلاح، حيّ على الفلاح، فقالت الملائكة: صوتان مقرونان معروفان، فقال جبرئيل عليه السلام: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، فقالت الملائكة: هي لشيعته إلى يوم القيامة.

ثمّ اجتمعت الملائكة، و قالت: كيف تركت أخاك؟ فقلت لهم: أو تعرفونه؟ قالوا: نعرفه و شيعته، و هم نور حول عرش اللّه، و إنّ في البيت المعمور لرقّا من نور، فيه كتاب من نور، فيه اسم محمد و عليّ و الحسن و الحسين و الأئمّة عليهم السلام و شيعتهم إلى يوم القيامة، لا يزيد فيهم رجل و لا ينقص منهم رجل، و إنّه لميثاقنا و إنّه ليقرأ علينا كلّ يوم جمعة.

ثم قيل: إرفع رأسك يا محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلّم، فرفعت رأسي فإذا أطباق السماء قد خرقت، و الحجب قد رفعت، ثم قال لي: طأطأ رأسك انظر ما ترى، فطأطأت رأسي، فنظرت إلى بيت مثل بيتكم هذا، و حرم مثل حرم هذا البيت، لو ألقيت شيئا (1)بين يدي لم يقع إلاّ عليه، فقيل لي: يا محمّد صلى اللّه عليه و آله إنّ هذا الحرم، و أنت الحرام، و لكلّ مثل مثال.

ثمّ أوحى اللّه إليّ: يا محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلّم أدن من صاد، فاغسل مساجدك و طهّرها، و صلّ لربّك، فدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم من صاد (2)، و هو ماء يسيل من ساق العرش الأيمن، فتلقّى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم الماء بيده اليمنى، فمن أجل ذلك صار

ص:424


1- 1) في المصدر: من.
2- 2) صاد: ماء يسيل من ساق العرش.

الوضوء باليمنى (1).

ثم أوحى اللّه عزّ و جلّ إليه أن أغسل وجهك، فإنّك تنظر إلى عظمتي، ثم اغسل ذراعيك اليمنى و اليسرى، فإنّك تلقى بيدك كلامي، ثمّ امسح رأسك بفضل ما بقي في يديك من الماء، و رجليك إلى كعبيك، فإنّي أبارك عليك، و أوطئك موطئا لم يطأه أحد غيرك، فهذا علّة الأذان و الوضوء.

ثم أوحى اللّه عزّ و جلّ إليه: يا محمّد إستقبل الحجر الأسود، و كبّرني على عدد حجبي، فمن أجل ذلك صار التكبير سبعا، لأنّ الحجب سبع، فافتتح عند انقطاع الحجب، فمن أجل ذلك صار الإفتتاح سنّة، و الحجب متطابقة بينهنّ بحار النور، و ذلك النور الذي أنزله اللّه تعالى على محمّد، فمن أجل ذلك صار الإفتتاح ثلاث مرّات، لأنّ افتتاح الحجب ثلاث مرات، فصار التكبير سبعا، و الإفتتاح ثلاثا، فلمّا فرغ من التكبير و الإفتتاح أوحى اللّه إليه:

سمّ باسمي، فمن أجل ذلك جعل بسم اللّه الرحمن الرحيم في أوّل السورة.

ثمّ أوحى اللّه إليه: أن أحمدني، فلمّا قال: الحمد للّه ربّ العالمين، قال النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم في نفسه شكرا، فأوحى اللّه عزّ و جلّ إليه:

قطعت حمدي، فسمّ باسمي، فمن أجل ذلك جعل في الحمد الرحمن الرحيم مرّتين، فلمّا بلغ و لا الضالّين، قال النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم: الحمد للّه ربّ العالمين شكرا، فأوحى اللّه إليه قطعت ذكري، فسمّ باسمي، فمن ذلك جعل بسم اللّه الرحمن الرحيم في أوّل السورة.

ثمّ أوحى اللّه عزّ و جلّ إليه: إقرأ يا محمّد نسبة ربّك تبارك و تعالى:

قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ اَللّهُ اَلصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ثم أمسك عنه الوحي، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: الواحد الأحد الصمد، فأوحى اللّه إليه: لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا أحد، ثم أمسك عنه الوحي، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: كذلك اللّه ربّنا، كذلك اللّه

ص:425


1- 1) في المصدر: باليمين.

ربّنا، فلمّا قال ذلك أوحى اللّه تعالى إليه: اركع لربّك يا محمّد، فركع، فأوحى اللّه إليه و هو راكع: قل: سبحان ربّي العظيم، ففعل ذلك ثلاثا.

ثمّ أوحى اللّه إليه: أن ارفع رأسك يا محمّد، ففعل رسول اللّه، فقام منتصبا، فأوحى اللّه عزّ و جلّ إليه: أن اسجد لربّك يا محمّد، فخرّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ساجدا، فأوحى اللّه عزّ و جلّ إليه: قل: سبحان ربّي الأعلى، ففعل صلى اللّه عليه و آله ذلك ثلاثا، ثم أوحى إليه: أن استو جالسا يا محمّد، ففعل، فلمّا رفع رأسه من سجوده و استوى جالسا، نظر إلى عظمته تجلّت له، فخرّ ساجدا من تلقاء نفسه، لا لأمر أمر به، فسبّح أيضا ثلاثا، فأوحى اللّه إليه: أن انتصب قائما، ففعل، فلم ير ما كان رأى من العظمة، فمن أجل ذلك صارت الصلاة ركعة و سجدتين.

ثم أوحى اللّه عزّ و جلّ إليه: إقرأ بالحمد للّه ربّ العالمين، فقرأها مثل ما قرأ أوّلا ثمّ أوحى اللّه إليه: إقرأ إنّا أنزلناه في ليلة القدر، فإنّها نسبتك و نسبة أهل بيتك إلى يوم القيامة، و فعل في الركوع ما فعل في المرّة الأولى، ثم سجد سجدة واحدة، فلمّا رفع رأسه تجلّت له العظمة، فخرّ ساجدا من تلقاء نفسه، لا لأمر أمر به فسبّح أيضا.

ثم أوحى اللّه إليه: إرفع رأسك يا محمّد ثبتك اللّه، فلمّا ذهب ليقوم قيل: يا محمّد إجلس، فجلس، فأوحى اللّه إليه: يا محمّد إذا ما أنعمت عليك فسّم باسمي، فألهم أن قال: بسم اللّه و باللّه و لا إله إلاّ اللّه و الأسماء الحسنى كلّها للّه.

ثمّ أوحى اللّه: يا محمّد صلّ على نفسك و على أهل بيتك، فقال: صلّى اللّه عليّ و على أهل بيتي.

ثم التفت فإذا بصفوف من الملائكة و المرسلين و النبيّين، فقيل: يا محمّد سلّم عليهم، فقال: السلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته، فأوحى اللّه إليه: أنّ السلام و التحيّة و الرحمة، و البركات أنت و ذريّتك.

ص:426

ثمّ أوحى اللّه إليه: أن لا يلتفت يسارا، و أوّل آية سمعها بعد قل هو اللّه أحد، و إنّا أنزلناه آية أصحاب اليمين و أصحاب الشمال، فمن أجل ذلك كان السلام واحدة تجاه القبلة، و من أجل ذلك كان التكبير في السجود شكرا، و قوله: سمع اللّه لمن حمده، لأنّ النبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم سمع ضجة الملائكة بالتسبيح و التحميد و التهليل، فمن أجل ذلك قال: سمع اللّه لمن حمده، و من أجل ذلك صارت الركعتان الأوليان كلّما أحدث فيهما حدث كان على صاحبهما إعادتهما، فهذا الفرض الأوّل في صلاة الزوال يعني صلاة الظهر (1).

3-و من طريق العامّة ما رواه صاحب «الصفوة» قال: أخبرنا هبة اللّه بن محمد الشيباني، قال: أخبرنا الحسن بن علي التميمي، قال أخبرنا أحمد بن جعفر، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبل، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثنا عفان (2)، قال: حدّثنا همام بن يحيى، قال: سمعت قتادة يحدّث عن أنس بن مالك: أنّ مالك بن صعصعة حدّثه أنّ نبيّ اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم حدّثهم عن ليلة أسري به، قال: بينما أنا في الحطيم، و ربّما قال قتادة: في الحجر، مضطجعا، إذ أتاني آت، فجعل يقول لصاحبه: الأوسط بين الثلاثة، قال: فأتاني و قعد.

قال: فقد سمعت قتادة يقول: فشقّ ما بين هذه إلى هذه.

قال قتادة: فقلت للجارود و هو إلى جنبي: ما يعني به؟ قال: من ثغرة نحره إلى شعرته، و قد سمعته يقول: من قصّه إلى شعرته.

قال: فاستخرج قلبي، ثمّ أتيت بطست من ذهب مملوءة إيمانا و حكمة، فغسل قلبي، ثم حشي ثمّ أعيد، ثم أتيت بدابّة دون البغل و فوق الحمار أبيض.

ص:427


1- 1) الكافي ج 3/482 ح 1-و [1]عنه البحار ج 18/354 ح 66 و [2]عن علل الشرائع:312 ح 1. [3]
2- 2) عفّان: بن مسلم أبو عثمان الصفّار البصري المتوفّى سنة (219) .

قال: فقال له الجارود: هو البراق يا أبا حمزة؟ قال أنس: نعم يقع يضع خطوه عند أقصى طرفه.

قال: فحملت عليه، فانطلق بي جبرئيل عليه السلام حتى أتى بي إلى السماء الدنيا فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبرئيل عليه السلام، قيل:

و من معك؟ قال: محمّد، قيل: أوقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا به، فنعم المجيء جاء، قال: ففتح، فلمّا خلصت فإذا فيها آدم صلى اللّه عليه و آله و سلّم، قال: هذا أبوك آدم، فسلّم عليه، فسلّمت عليه، فردّ السلام، ثمّ قال: مرحبا بالإبن الصالح، و النبيّ الصالح.

ثم صعد حتى أتى بي إلى السماء الثانية فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبرئيل، قيل: و من معك؟ قال: محمد صلى اللّه عليه و آله و سلّم، قيل: أوقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا به، و نعم المجيء جاء، قال: ففتحت، فلمّا خلصت إذا يحيى و عيسى، و هما إبنا الخالة، قال: هذا يحيى و عيسى فسلّم عليهما، قال: فسلّمت عليهما، فردّا السلام، ثمّ قالا:

مرحبا بالأخ الصالح، و النبيّ الصالح.

ثمّ صعد بي حتّى أتى السماء الثالثة فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال:

جبرئيل، قيل: و من معك؟ قال: محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلّم، قيل:

أوقد أرسل إليه؟ قال: نعم، مرحبا به، و نعم المجيء جاء، فقال: ففتح، فلمّا خلصت إذا يوسف عليه السلام، قال: هذا يوسف فسلّم عليه، قال:

فسلّمت عليه، فردّ السلام، ثمّ قال: مرحبا بالأخ الصالح، و النبيّ الصالح.

ثمّ صعد حتّى أتى السماء الرابعة فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال:

جبرئيل، قيل: و من معك؟ قال: محمّد، قيل: أوقد أرسل إليه؟ قال:

نعم، قيل: مرحبا به، و نعم المجيء جاء، قال: ففتح، فلمّا خلصت إذا إدريس، قال: هذا إدريس فسلّم عليه، فسلّمت عليه، فردّ السلام، ثمّ قال: مرحبا بالأخ الصالح، و النبيّ الصالح.

ص:428

قال: ثم صعد حتى أتى السماء الخامسة فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبرئيل، قيل: و من معك؟ قال: محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلّم، قيل: أوقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا به، و نعم المجيء جاء، ففتح، فلمّا خلصت فإذا هارون، قال: هذا هارون فسلّم عليه، قال:

فسلّمت عليه، فردّ السلام، ثم قال: مرحبا بالأخ الصالح، و النبيّ الصالح.

ثم صعد بي حتى أتى السماء السادسة فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال:

جبرئيل، قيل: و من معك؟ قال: محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلّم، قيل:

أوقد أرسل عليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا به و نعم المجيء جاء، ففتح، فلمّا خلصت فإذا أنا بموسى، قال: هذا موسى فسلّم عليه، فسلّمت عليه، فردّ السلام، ثم قال: مرحبا بالأخ الصالح، و النبيّ الصالح، قال: فلمّا تجاوزت بكى، فقيل: ما يبكيك؟ قال: أبكي لأنّ غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمّته أكثر ممّا يدخلها من أمّتي.

قال: ثمّ صعد حتى أتى السماء السابعة، فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبرئيل، قيل: و من معك؟ قال: محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلّم، قيل: أوقد أرسل (1)إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا به فنعم المجيء جاء قال: ففتح فلمّا خلصت فإذا إبراهيم، فقال: هذا إبراهيم أبوك عليه السلام فسلّم عليه، قال: فسلّمت عليه، فردّ السلام، قال: مرحبا بالإبن الصالح، و النبيّ الصالح.

قال: ثم رفعت إلى سدرة المنتهى، فإذا نبقها مثل قلال هجر، و اذن أوارقها مثل آذان الفيلة، فقلت: ما هذا يا جبرئيل؟ قال: فهذه سدرة المنتهى، قال: و إذا أربعة أنهار: نهران باطنان، و نهران ظاهران، فقلت ما هذان يا جبرئيل؟ قال: أمّا الباطنان فنهران في الجنّة، و أمّا الظاهران فالنيل و الفرات، ثمّ رفع إلى البيت المعمور.

ص:429


1- 1) في صحيح البخاري: و قد بعث.

قال قتادة: و حدّثنا الحسين، عن أبي هريرة، عن النبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه أري البيت المعمور يدخله كلّ يوم سبعين ألف ملك ثمّ لا يعودون فيه. ثم رجع إلى حديث أنس.

قال: ثمّ أتيت بإناء من خمر، و إناء من لبن، و إناء من عسل، قال:

فأخذت اللبن قال: هذه الفطرة التي أنت عليها و أمّتك.

قال: ثمّ فرضت عليّ الصلاة خمسين صلاة كلّ يوم، قال: فرجعت، فمررت على موسى فقال: بم امرت؟ قلت: امرت بخمسين صلاة كلّ يوم، فقال: إنّ امّتك لا تستطيع لخمسين صلاة كلّ يوم، و إنّي و اللّه لقد جرّبت الناس من قبلك، و عالجت بني إسرائيل أشدّ المعالجة فارجع إلى ربّك عزّ و جلّ، فسله التخفيف لأمّتك قال: فرجعت فوضع عنّي عشرا، فرجعت إلى موسى فقال: بما أمرت؟ قلت: بأربعين صلاة كلّ يوم، قال: إنّ امّتك لا تستطيع أربعين صلاة كلّ يوم، و إنّي قد خبرت الناس قبلك، و عالجت بني إسرائيل أشدّ المعالجة، فارجع إلى ربّك، فسله التخفيف لأمّتك، فرجعت فوضع عنّي عشرا، فرجعت إلى موسى، فقال: بما امرت؟ فقلت: امرت بثلاثين صلاة كلّ يوم، قال: إنّ امّتك لا تستطيع لثلاثين صلاة كلّ يوم، و إنّي قد خبرت الناس قبلك، و عالجت بني إسرائيل أشدّ المعالجة، فارجع إلى ربّك فسله التخفيف لأمّتك، قال: فرجعت فوضع عنّي عشرا آخر فرجعت إلى موسى.

فقال: بما امرت؟ قلت: امرت بعشرين صلاة كلّ يوم، قال: إنّ امّتك لا تستطيع لعشرين صلاة كلّ يوم، و إنّي قد خبرت الناس قبلك، و عالجت بني إسرائيل أشدّ المعالجة، فارجع إلى ربّك، فسله التخفيف لامّتك، قال: فرجعت فامرت بعشر صلوات كلّ يوم، فرجعت إلى موسى، فقال: بما امرت؟ قلت: امرت بعشر صلوات كلّ يوم؟ قال: إنّ امّتك لا تستطيع لعشر صلوات كلّ يوم، و إنّي قد خبرت الناس قبلك، و عالجت بني إسرائيل أشدّ المعالجة، فارجع إلى ربّك فسله التخفيف لامّتك، قال: فرجعت فامرت

ص:430

بخمس صلوات كلّ يوم، فرجعت إلى موسى، فقال: بم أمرت؟ قلت:

أمرت بخمس صلوات كلّ يوم، قال: إنّ أمّتك لا تستطيع بخمس صلوات كلّ يوم و إنّي قد خبرت الناس و عالجت بني إسرائيل أشدّ المعالجة، فارجع إلى ربّك فسله التخفيف لأمّتك.

قال: قلت: قد سألت ربّي حتى استحييت، و لكنّي أرضي و اسلّم، فلمّا نفدت ناداني مناد قد أمضيت فريضتي، و خفّفت عن عبادي.

أخرجاه في الصحيحين (1).

و الأحاديث في خبر المعراج بالغ حدّ التواتر، منقول من طرق كثيرة من الفريقين، و حديث تخفيف الصلاة و سؤال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم ربّه، و رجوع الخمسين الصلاة إلى خمس صلوات حين قال له موسى عليه السلام: إرجع إلى ربّك، و سله التخفيف حديث منقول عن أئمتنا عليهم السلام بطرق عديدة: تركت ذكر بعضها خوف الإطالة، و هو أيضا مشهور بين العلماء متكرر في كتب الحديث، لأنّ هذا الكتاب مبنيّ على الإختصار و ترك التطويل و الإكثار، و اللّه سبحانه و تعالى الموفّق للصواب، و إليه المرجع و المآب، و على هذا نقطع الكلام، و تمّ المراد و المرام، بعون الملك العلام.

و قد فرغ من هذا الجزء الأوّل مؤلّفه فقير اللّه الغنيّ عبده هاشم بن سليمان بن إسماعيل بن عبد الجواد الحسيني البحراني، يوم الجمعة السادس و العشرين من شهر جمادى الأخرى، سنة الثامنة و التسعين و الألف، و الحمد للّه ربّ العالمين، و صلى اللّه عليه و آله الطاهرين.

ص:431


1- 1) صفة الصفوة ج 1/108-و [1]رواه أحمد في مسنده ج 4/208 [2] مثله و مسلم في صحيحه ج 1/145 ح 259 و ص 149 ح 264 و البخاري في صحيحه ج 5/66 نحوه، و البغوي في مصابيح السنة ج 4/76 ح 4577 باختلاف.

ص:432

فهرس الموضوعات

الموضوع الصفحة مقدّمة المؤلّف 1

المنهج الأوّل في رسول اللّه محمد بن عبد اللّه صلى اللّه عليه و آله 7

الباب الأوّل: في شأن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و أهل بيته عليهم السلام في أوّل الأمر 9

الباب الثاني: في مولده الشريف صلى اللّه عليه و آله 21

الباب الثالث: توحيده اللّه تعالى عند ولادته و تيقّظه للإيمان باللّه سبحانه و تعالى في صغره 31

الباب الرابع: في معرفة أهل الكتاب له في وقت ولادته أنّه صلى اللّه عليه و آله النبيّ المبعوث خاتم النبيّين 35

الباب الخامس: في معرفة أهل الكتاب له بالنعت له في كتبهم و ما ظهر لهم من دلائل النبوّة 41

الباب السادس: في دفاع اللّه سبحانه و تعالى عنه الكفّار من أهل الكتاب قبل البعثة لمّا علموا بنعته صلى اللّه عليه و آله 59

الباب السابع: في بعثته صلى اللّه عليه و آله 65

الباب الثامن: في ثقل الوحي و ما كان يأخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله من الإغماء إذا كان بغير واسطة جبرئيل 77

الباب التاسع: كيفيّة تبليغه صلى اللّه عليه و آله كافّة 79

الباب العاشر: في إظهاره صلى اللّه عليه و آله الدعوة إلى اللّه تعالى و نزول الشعب 81

ص:433

الباب الحادي عشر: في نزول الشعب و حماية أبي طالب و ما يدل على إيمانه من طريق العامّة 95

الباب الثاني عشر: في أذى المشركين له 107

الباب الثالث عشر: في قوله تعالى «إنّا كفيناك المستهزئين» و هلاك الفراعنة 121

الباب الرابع عشر: فيما عمله صلى اللّه عليه و آله بعد موت عمّه أبي طالب عليه السلام قبل الهجرة 129

الباب الخامس عشر: في الهجرة إلى المدينة 133

الباب السادس عشر: و هو من الباب السابق 155

الباب السابع عشر: في صفته صلى اللّه عليه و آله 163

الباب الثامن عشر: صفته في الإنجيل 167

الباب التاسع عشر: في صفته صلى اللّه عليه و آله و مدخله و مخرجه و مسكنه صلّى اللّه عليه و آله 171

الباب العشرون: في مجلسه في العلم و تسويته بين أصحابه في اللحظات و غير ذلك، و تقديم السابق 179

الباب الحادي و العشرون: في تواضعه لأهل بيته علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السلام 183

الباب الثاني و العشرون: في تواضعه صلى اللّه عليه و آله و حسن خلقه 197

الباب الثالث و العشرون: في زهده صلى اللّه عليه و آله 207

الباب الرابع و العشرون: في زهده في المطعم و الملبس 217

الباب الخامس و العشرون: و هو من الباب الأوّل 229

الباب السادس و العشرون: في عيشه صلى اللّه عليه و آله من طريق المخالفين 235

الباب السابع و العشرون: في اجتهاده صلى اللّه عليه و آله في العبادة 243

الباب الثامن و العشرون: اجتهاده في العبادة من طريق المخالفين 251

الباب التاسع و العشرون: في كيفيّة صلاته صلى اللّه عليه و آله صلاة الليل 253

ص:434

الباب الثلاثون: كيفيّة صلاته صلى اللّه عليه و آله صلاة الليل من طريق المخالفين 257

الباب الحادي و الثلاثون: في خشوعه و خوفه صلى اللّه عليه و آله من اللّه سبحانه و تعالى 263

الباب الثاني و الثلاثون: في استغفاره و توبته صلى اللّه عليه و آله من غير ذنب 269

الباب الثالث و الثلاثون: في ما يقوله صلى اللّه عليه و آله من التحميد إذا أصبح و أمسى 273

الباب الرابع و الثلاثون: في ما يقوله إذا ورد ما يسرّه، و ما يغمّه، و عند دخوله المسجد، و خروجه، و إذا أصبح، و عند النوم، و عند الإنتباه، و عند رؤية هلال شهر رمضان، و عند إفطاره، و عند الأكل، و إذا أكل عند أحد، و عند شرب الماء، و عند الفاكهة الجديدة، و عند ركوب الدابة 277

الباب الخامس و الثلاثون: في صيامه صلى اللّه عليه و آله 285

الباب السادس و الثلاثون: في جوده صلى اللّه عليه و آله 287

الباب السابع و الثلاثون: جوده من طريق المخالفين 295

الباب الثامن و الثلاثون: أنّه صلى اللّه عليه و آله أشجع الناس من طريق الخاصّة و العامّة 299

الباب التاسع و الثلاثون: في عفوه صلى اللّه عليه و آله 303

الباب الأربعون: عفوه صلى اللّه عليه و آله من طريق المخالفين 307

الباب الحادي و الأربعون: في حسن خلقه و ضحكه من طريق الخاصّة و العامّة 311

الباب الثاني و الأربعون: في تعظيم الناس له صلى اللّه عليه و آله في الجاهليّة و الإسلام من طريق الخاصّة و العامّة 315

الباب الثالث و الأربعون: في حيائه و كفّه عن المجازات من طريق الخاصّة و العامّة 321

الباب الرابع و الأربعون: في نصيحته و شفقته من طريق الخاصّة و العامّة 325

ص:435

الباب الخامس و الأربعون: في أنّه كان يعمل بيده صلى اللّه عليه و آله 329

الباب السادس و الأربعون: في جلوسه صلى اللّه عليه و آله 333

الباب السابع و الأربعون: في سجداته صلى اللّه عليه و آله الخمس للشكر 335

الباب الثامن و الأربعون: في صبره صلى اللّه عليه و آله 339

الباب التاسع و الأربعون: في صبره صلى اللّه عليه و آله من طريق المخالفين 345

الباب الخمسون: في استعماله الطيب 353

الباب الحادي و الخمسون: في استعماله الخضاب 357

الباب الثاني و الخمسون: في استعماله الكحل 361

الباب الثالث و الخمسون: في استعماله السدر و النورة 363

الباب الرابع و الخمسون: في استعماله السواك و الخلال 365

الباب الخامس و الخمسون: في استعماله الحجامة 369

الباب السادس و الخمسون: في المفردات 373

الباب السابع و الخمسون: في أنّه صلى اللّه عليه و آله أولم عند التزويج 387

الباب الثامن و الخمسون: في حبّه النساء، و أكله اللحم و العسل، و استعماله الطيب 389

الباب التاسع و الخمسون: أنّه صلى اللّه عليه و آله يحبّ من اللحم الذراع 393

الباب الستّون: في أكله صلى اللّه عليه و آله مع الضيف 395

الباب الحادي و الستّون: في أكله صلى اللّه عليه و آله الهريسة 397

الباب الثاني و الستّون: فيما أكله رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله من الفواكه و الرمّان و غيره 401

الباب الثالث و الستّون: في أنّه كان يعجبه القرع 405

الباب الرابع و الستّون: كان صلى اللّه عليه و آله يعجبه العسل 407

الباب الخامس و الستّون: في أكله الخلّ و الزيت 409

الباب السادس و الستّون: في اجتنابه صلى اللّه عليه و آله الطعام الحارّ 411

الباب السابع و الستّون: في المفردات 413

ص:436

الباب الثامن و الستّون: في قلانسه 415

الباب التاسع و الستّون: في خواتيمه و حلية سيفه و درعه 417

الباب السبعون: في المعراج بالإسناد الحسن و الصحيح من طريق الخاصّة و العامّة و هو من أكرم الكرامات 421

ص:437

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.