موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، المجلد 3

اشارة

سرشناسه : عزاوي، عباس، م - 1888

Azzawi, Abbas

عنوان و نام پديدآور : تاريخ العراق بين احتلالين/ عباس العزاوي

مشخصات نشر : قم: مكتبه الحيدريه، 1425ق = 1383.

مشخصات ظاهري : 8 ج.مصور، نقشه، نمونه

شابك : 964-8163-30-830000 ريال :(دوره) ؛ 964-8163-31-6(ج. 1) ؛ 964-8163-32-4(ج. )2 ؛ 964-8163-32-2(ج. )3 ؛ 964-8163-34-0(ج. )4 ؛ 964-8163-35-9(ج. )5 ؛ 964-8163-36-7(ج. )6 ؛ 964-8163-37-5(ج. )7 ؛ 964-8163-38-3(ج. )8

وضعيت فهرست نويسي : فهرستنويسي قبلي

يادداشت : افست از روي چاپ: مصلبعه بغداد، 1353ق = 738ق = 1258 = م 1338

يادداشت : عنوان روي جلد: تاريخ العراق بين الاحتلالين.

يادداشت : كتابنامه

مندرجات : ج. 1. حكومه المغول، 738 - 656ق = 1338 - 1258م .-- ج. 2. حكومه الجلايريه، 814 - 739ق = 1481 - 1338م .-- ج. 3. الحكومات التركمانيه، 941 - 814ق = 1534 - 1338م. .-- ج. 4. العهد العثماني الاول، 1048 - 941ق = 1638 - 1534م. .-- ج. 5. العهد العثماني الثاني، 1163 - 1049ق = 1750 - 1639م. .-- ج. 6. حكومه المماليك، 1247 - 1162ق = 1831 - 1749م .-- ج. 7. العهد العثماني الثالث، 1289 - 1247ق = 1872 - 1831م. .-- ج. 8. العهد الثماني الاخير، 1335 - 1289ق = 1917 - 1872م .-

عنوان روي جلد : تاريخ العراق بين الاحتلالين.

عنوان ديگر : تاريخ العراق بين الاحتلالين

موضوع : عراق - تاريخ

رده بندي كنگره : DS70/9 /ع 43ت 2 1383

رده بندي ديويي : 956/7

شماره كتابشناسي ملي : م 83-19225

المجلد الثالث

1 المقدمة

اشارة

بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه رب العالمين، و الصلاة و السلام علي خاتم الأنبياء و المرسلين و علي آله و صحبه.

(و بعد) إذا كان محاكاة الحوادث و الأوضاع عينا و حرفيا شأن القرود، فيها

تعطيل للدماغ، و انقياد أعمي، و تفقد فعالية الفكرة، و تهمل الرأي علي حد (المقلد أعمي و إن كان بصيرا).. فإن الاختيار و حسن الانتقاء يربي السجايا، و يحرك الشعور، و يسوق إلي التدبر و التأمل، و يقوي العقل و يمرنه.. و التاريخ بوجه عام كفيل بتحقيق هذا الغرض، و في تاريخ القطر خاصة تدريب لمعرفة حياة المجتمع و سيرته، و ما أحدث من تقلبات، أو ترك من آثار، أو اعتور من وقائع …

و العراق من أهم الأقطار في كافة حالاته، و تعاقب عصوره لما تنوع فيه من حوادث … و في صفحاته هذه … كشف عن مألوفه، و عرض لما جري أيام (التركمان) حتي بدو العهد العثماني.. و لما كان الصق بنا فالانتفاع به أولي، و الاستفادة منه أكبر للدواعي الكثيرة في التلقف و الأخذ … و الوثائق المشعرة بتلك الأوضاع علي ندرتها تشير إلي ما هنا لك، و فيها كفاية لتفهم الحالة و تطوراتها و وفاء بتعيين المجري … و لا يعنينا أمر الغرائب، و لا إيراد المؤنس اللاذ، و إنما

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 6

نتناول ما وقع خلال المدة، و فيها من الحوادث ضروب ينجلي فيها الغامض، و كلها تدعو للاستبصار و التنبه لما تعاقب من كوارث أو ألمّ من نكبات، أو عرض من هدوء و طمأنينة … مما وصل إلينا خبره، أو تيسرت معرفته …

و لا نقصد هنا أن نأسف للغابر، و لا نتوجع للنوائب أو نكثر البكاء و العويل علي ما جري من مضاضة … و إنما نحاول أن نقف علي الحالة، و نستظهر علاقتنا و ننتفع من نتائجها مهما كانت قاسية، فليس بعد العلم مستعتب، و لا

تعذر أمة بجهل … و قد قيل:

من لم تفده عبرا أيامه كان العمي أولي به من الهدي

و نري في هذه المراجعات التاريخية تعويدا للأمة في تقوية شعورها، و تنظيما لحياتها الحرة، تقرأ في سطور الأنباء ما يؤدي بها حتما إلي ما تتطلبه من أغراض اجتماعية، و ما ترغب في تعيينه من خطط نافعة … و في هذه الحالة لا نريد أن نأبه لما شاع بين ظهرانينا من تلقيات و تلقينات من شأنها أن تثبط العزم، و تسدل الستار علي الماضي … فالتاريخ خلاصة ارتباط مكين لحاضرنا بماضينا، فلا ينبغي أن يؤدي بنا قصر النظر إلي الوقوف عند حالات العصر الحاضر مما لا يأتلف و المعرفة الحقة … إذ لم تهمل أمة تاريخها بوجه، و الانتباه الصحيح إنما يأتي من طريقه و حوادث قطرنا أقرب إلي تفهمنا، و خير معين لمعرفة النظام و الإدارة المستقرة، أو الثورات و الزعازع … و منها ندرك إدارة الحكومات في شدتها و قسوتها، أو لينها و إغضائها …

و هكذا نشاهد المجري، و تتجلي لنا النفسيات الاجتماعية و الفردية، و فيها من التهالك في سبيل الحرص ضروب، و من المغامرات تحقيقا للأماني و الأحلام أنواع … و الأوضاع من جراء ذلك مضطربة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 7

في حالتي الخمول و النشاط، أو الشر و الخير … و منها نتبصر السياسة العامة، و تنكشف خبايا القطر و وقائعه و الثقافة فيه، أو الحياة الاجتماعية …

هذا. و أسأل اللّه العون فيما قصدت.

2 المراجع

اشارة

ما زلنا و لا نزال نشكو من قلة المدونات، و نعد التفصيلات ناقصة، و الوقائع مبعثرة، و نود بتلهف أن نقف علي ما يبصر أكثر فنلتمس ما يجلو الغامض،

فلم نظفر إلا بالإجمال … و قد مر من المراجع السابقة ما يمتد إلي هذه الأيام، و بينها المعاصر أو القريب منه …

و قد عثرنا علي مراجع أخري جديدة لم يسبق نشرها و الكثير منها مما يتعلق بهذا العهد إلا أن المدونات الخاصة بالعراق تكاد تكون مفقودة، أو مجهولة الخبر و مندثرة الأثر، أو مهملة في بطون خزائن الكتب، فهي محدودة الفائدة … و لكن الحصول علي المدونات المعاصرة لهذه الفترة مما خفف نوعا و ألقي بعض البصيص من النور علي ظلام بعض الحوادث …

كان العراق في هذه الأيام قد شغل بنفسه، و ألهاه أمره أن يلتفت إلي تدوين الحوادث بصورة متتابعة، أو دونت ففقدت … و المؤرخون في الخارج لم يثبتوا في غالب الأحيان إلا القليل إما لاعتباره مجاورا، أو قريبا مما ساعد علي الكشف عن بعض المهمات … و علي كل لا نقول إننا استكملنا العدة، فلا يزال الأمر في حاجة إلي التتبع، و لا تزال الوثائق الجديدة تظهر كل يوم، و الأمل غير مقطوع … و هذه بضاعتنا، و جملة وثائقنا نذكر المهم منها مما حصلنا عليه أثناء السياحة، أو في وطننا المحبوب … و إليك أيها القاري ء وصفها:

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 8

3 1- مجموعة تواريخ التركمان:

و هذه تتعلق بأولاد دلغادر، و سائر إمارات التركمان، و تبتدي حوادثها من سنة 700 ه- 1300 م إلي سنة 850 ه- 1446 م جمعها مؤلفها من تاريخ عقد الجمان، و من إنباء الغمر في أبناء العمر و غيرهما.

و كان سبب جمع هذه الوقائع يعقوب شاه المهمندار، جمعها له أبو الفضل محمد بن بهادر المومني الشافعي المتوفي سنة 875 ه، و هو تلميذ ابن حجر. قال

و من هذه السنة ذيل الأمير يوسف ابن الأمير الكبير تغري بردي مدة (25) سنة أعانه اللّه علي ذلك … إلا أن المؤلف لم يتمكن من إلحاق ما ذكر … كتبت باللغة العربية في 106 ورقات ثم ذكر فيها كتاب (تاريخ يشبك) أمير من أمراء مصر، كان نائب الشام ثم تسلطن في مصر، و بعده نري ملخصا في (تاريخ تيمور) منقولا من ابن حجر.

و هذه المجموعة بحذافيرها مهمة جدا لموضوعنا، و فيها بيان علاقات التركمان بالمجاورين، فتعرض لوقائع البارانية و البايندرية و سائر أمراء الترك المعاصرين بتفصيل، فلم تقف عند دولة دلغادر … و المؤلف لم يذكر اسمه في أول المجموعة، و إنما عرف من خلال سطورها، و لم ينقل من أحد عينا، و إنما لخص و جمع، فهي تأليف في الحقيقة …

و خير أثر لمعرفة العلاقات الدولية في عصرها … و لا تخلو من التعرض للوقائع الخاصة …

4 2- ديار بكرية:

من المراجع النادرة، و المعاصرة، كان يظن أنها مفقودة، و هي في تاريخ دولة البايندرية (آق قوينلو) في ديار بكر. أولها «تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 9

الْمُلْكُ وَ هُوَ عَلي كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ، حمدي كه آشعه شوارق جمالش منازع رباع أطيعوا اللّه و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم منور سازد … الخ» ا ه. من تأليف أبي بكر الطهراني الأصفهاني كتبت باللغة الإيرانية. قال في مقدمتها إنه عاقته عوائق كثيرة و كانت آماله تغيرها الأحوال النفسية حتي صادف الوقت المرهون أيام أبي النصر و الظفر، غياث السلطنة …

بريد حسنا الطويل …

و هذا الكتاب سماه مؤلفه ب (ديار بكرية) و حروفها تعين تاريخ تأليفها و هو سنة 875 ه- 1470 م، و

أفاد أنه كان مشغولا في التدريس، و في مجالس عديدة، و له تلامذة، و لكنه انصرف لتأليف هذا الكتاب و تخلص له.

كان قد بقي اسم السلطان خاليا لأجل إملائه بمداد أحمر فلم يتيسر و لكن مطاوي الكتاب تدل علي ذلك، و قد ذكر المؤرخون أنه كتب تاريخا لأيام السلطان المشار إليه، فلم نشك في اسم الملك، و عدد أسماء آبائه و أجداده، مما يجعل الأمر واضحا.

جاء في كتاب حبيب السير: «و في أيام الأمير أبي النصر حسن بك من حكومة آق قوينلو، كان المولي أبو بكر الطهراني من أهل التأليف، و هو معاصر له، كتب تاريخا في وقائع أيامه و في أحواله إلا أنني لم يقع نظري عليه … و عده من الكتب المفقودة، و كنت آمل الاطلاع عليه، و الوقوف علي مندرجاته، فهو من أقدم الوثائق التي لا يستهان بها، فلما رأيته فرحت به، و لم يخب فيه الظن، لما وجدت فيه من المطالب عن بعض الأمور، و البيان الشافي عنها … فكان خير مرجع، و أجل أثر.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 10

عثرت علي هذه النسخة في مكتبة الأستاذ العالم الجليل محمد أحمد المحامي في البصرة، تفضل علي بمطالعتها، و بنسخة منقولة منها قدمتها إلي الأستاذ الفاضل السيد مكرمين أستاذ التاريخ في جامعة استانبول … فكان فضل الأستاذ المحامي كبيرا في هذه المساعدة للتاريخ. و له الشكر الجزيل.

و هذه النسخة قديمة، و ليس فيها تاريخ، و الظاهر أنها كتبت في أيام المؤلف أو أنها النسخة الأصلية، و لا تقتصر فائدتها علي تاريخ العراق، و لا تاريخ إيران بل تفيد أكثر لتاريخ ديار بكر و ما والاها، و عليها عولنا في تصحيح كثير

من النصوص التاريخية … و قد رأيت علماء الأتراك يعتقدون أن هذا الأثر قد فقد، و لما أخبرت الأستاذ مكرمين عن وجوده سر سرورا كبيرا …

5 3- عالم ارآي أميني: (تاريخ البايندرية)

هذا من الكتب المهمة أيضا، و الوثائق النفيسة جدا لعصر التركمان، تكلم في تاريخ السلطان يعقوب من ملوك آق قوينلو فهو مكمل ل (ديار بكرية) المذكورة و منه- علي ما نعلم- النسخة الوحيدة في مكتبة فاتح. مخطوطة في مجلد واحد، خطها نفيس، و كذا ورقها …

مسجلة برقم 4431.

و فيها كانت عناية المؤلف كبيرة في التحرير، و إظهار المقدرة في البيان و التعبير، فكاد يغطي المعني بحجاب سميك من الألفاظ الأدبية … بالغ في تصنيعها، و تجاوز الحد في السجع فشوش الغرض الأصلي من تدوين الوقائع فصارت لا تعرف بسهولة بل نراها قد بعدت عن الغرض بمراحل … !

و لما كان الغرض مصروفا إلي معرفة حقائق ثابتة عن هذه الحكومة و إدارتها، و العلوم و درجة حمايتها و الأمم و وضعها … مما نحتاجه

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 11

لتدوين (تاريخ العراق) … رأينا هذا التاريخ من المراجع القيمة لتاريخ (آق قوينلو) و الحكومات المعاصرة لها، فلا يستغني عنه بوجه، و لو لم نقف عليه لتألمنا لفقدانه و استكبرنا ضياعه … و علي كل فائدته كبيرة، و فيه ما ليس في غيره …

تقف حوادثه عند سنة 895 ه- 1490 م و أكثر المؤلف من ذكر الشعر و المديح … إلا أن هذا لم يفقد هذا الأثر مزاياه التاريخية.

و لما تكلم علي السلطان يعقوب و ذكر نسبه قال: إنه لا يري ضرورة لسرده كله فهو مذكور في (الديار بكرية)، و أحال الأمر إليها …

فهو مكمل لها، و متمم لحوادثها كما

تقدم … فالعثور عليه غنيمة لا تقدر في بيان حالة العصر … !

ذكر المؤلف اسمه في الصفحة الأولي من الورقة 31 أنه فضل اللّه بن روزبهان بن فضل اللّه الجنجي الأصفهاني الملقب بأمين المعروف ب (خواجه ملا)، و من ثم عرف الكتاب بتاريخ (عالم آراي أميني)، و في الغلاف جعل عنوانه (تواريخ سلطان يعقوب)، و صدره بدوبيت …، و من مطاوي الكتاب يعرف أن المؤلف من أهل العرفان، و له اطلاع في المعقولات، و سرد تفصيل ترجمته في ورقة 32 فما يليها، و مما ذكره أنه قد ذهب للحج، و مر بالمدينة و الشام و مصر، و درس العلوم العقلية و علوم الحديث، و حصل علوما جمة … ثم رجح طريق الرياضة بعد العناء الشديد، و التحصيل المديد و كان قد كتب قصة (حي بن يقظان) باللغة الإيرانية بشكل ملائم، و قدمها للسلطان يعقوب باسم (كتاب بديع الزمان)، فيه ذكر أنه كتب كتابه هذا أيام ابنه الأمير بايسنقر و بأمره، و جعله في وضع أدبي نظير (جهانكشاي جويني). و هذا التاريخ هو

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 12

الذي عبر عنه صاحب (جامع الدول) بتاريخ البايندرية و في كشف الظنون أنه تاريخ فارسي مختصر لدولة البايندرية … ألفه للسلطان يعقوب، ثم أتمه لأبي الفتح بايسنقر، و بعد أن بين المؤلف خصائص كتابه المذكور شرع في المقصود … و ذكر في آخره نبذة في التصوف …

كتبت هذه النسخة في سنة 927 ه بقلم يوسف المروي (المروزي)، و هو أقرب إلي آخر حوادثه، خطه جميل جدا، بتعليق، و أوراقه 224 و كان من أنفس ما طالعناه أو اطلعنا عليه في دور الكتب باستانبول لما يعود لهذا العهد.

و

للمؤلف الفاضل سياحة إلي بخاري تسمي (مهماننامه بخاري) منها نسخة مخطوطة في مكتبة نور عثمانية باستانبول، و هي سياحة لها قيمتها …

6 4- لب التواريخ:

تاريخ فارسي، في مجلد واحد، يبحث من أوائل التاريخ إلي أيام الحكومة الصفوية قدمه لأحد أمرائهم أبي الفتح بهرام ميرزا الحسني الصفوي، أفرد مباحث من كتابه في حكومتي (قرا قوينلو)، و (آق قوينلو) و سائر حكومات الترك و المغول في إيران، و مباحثه مختصرة إلا أنها تحوي لب الحوادث و صفوتها، فيصلح أن يكون مرجعا، و مطالبه تكاد تزيد علي الغياثي من بعض الوجوه، و يوافقه في كثير منها خصوصا ما يتعلق بالحكومات المذكورة، و سوف نناقش المخالفة، و ننوه بالزيادة،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 13

و نعين نقاط الموافقة فيما هو ملتبس أو مشكوك فيه، و نراه يذكر التواريخ و يعين الوقائع بذكر السنة و الشهر و اليوم … مما نقطع بأنه معتني به كثيرا، عندي نسخة مخطوطة كتبت عام 1207 ه بخط واضح، و مؤلفه كما جاء في كشف الظنون الأمير يحيي بن عبد اللطيف القزويني المتوفي سنة 960 ه صنفه في عهد الصفوية المعاصرين له. فرغ من تأليفه سنة 948 ه.

تهم مطالعته كثيرا، و هو خلاصة الخلاصة، أو كما دعاه مؤلفه (لب التواريخ)، و منه نسخة في مكتبة ولي أفندي عليها حواش مفيدة، كتبت سنة 997 ه و رقمها 2444 و أخري في مكتبة نور عثمانية، و في هذه الأيام طبع في إيران، و هذه الطبعة لا تخلو من أغلاط عديدة …

7 5- منتخب التواريخ مظفري:

فارسي. تأليف الميرزا إبراهيم خان المستوفي الشيباني الملقب بصديق الممالك في مجلد واحد كتبه أيام مظفر الدين شاه القجاري، و نوه بتقديمه إليه، و هو مختصر جميل، طبع في إيران علي الحجر عام 1323 ه و تم في سنة 1324 ه و بعدها أعيد طبعه في سنة 1344 ه

علي الحجر أيضا.

و في أوله بيان عن المؤلف، و أنه ولد في كاشان، و تقلب في مناصب عديدة و بذل مساعي عظيمة في سبيل هذا الكتاب فأتمه سنة 1322 ه. و من نظر في هذا الكتاب قدر جهود مؤلفه و أتعابه في سبيل تحرير وقائعه … حالة أن المؤلف اكتفي بالنقل عينا من كتاب لب التواريخ بلا تصرف و زاد قليلا أو نقص، لم يبد أي ملاحظة أو إشارة إلي الأخذ، ثم أضاف إليه ما حدث بعد ذلك فأتم حوادثه … من غيره فلم يتكلف مؤونة التصرف و هو منتخب بكل معني الكلمة.

هذا ما علمناه عن هذا التاريخ و فيه فصول تتعلق بموضوعنا

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 14

(حكومات التركمان) و كأنه نسخة أخري من كتاب لب التواريخ تصلح لتصحيح ما هناك للتثبت من بعض الأعلام.

8 6- أحسن التواريخ:

رأيته في مكتبة نور عثمانية و قد قيل علي غلافه إنه ذيل مير خواند و أنه الجلد الحادي عشر و الثاني عشر و ليس بصواب فهو كتاب مستقل لا علاقة له بغيره أوله: حمد و سپاس و شكربي قياس بحاكمي كه … الخ و فيه أنه تأليف حسن سبط الأمير سلطان روملو. قال في مقدمته إنه يشتمل علي بعض أحوال سلاطين الروم، و أكثر ملوك الجغتاي، و قراقوينلو، و آق قوينلو، و آق قرمان، و مشاهير العلماء و الشعراء المعاصرين.. فهو من نوع كتاب (تواريخ التركمان) إلا أن مباحثه منتظمة و حوادثه مطردة علي السنين و فيها تفصيل لا يكاد يوجد في غيرها …، يبتدي ء من سنة 807 ه- 1405 م من ابتداء سلطنة شاه رخ، توسع في الوقائع و لم أر أوسع منه إلا أنه لا يعتمد عليه في

السنين التي يذكرها للوقائع، و قد ناقشتها في محلها … فإذا كان (لب التواريخ) يضبط الوقائع فهذا يوضحها و المؤلف يكتب رأسا، و لا يبدي نقلا من كتاب كأنه قد شاهد الوقائع … مما هو غير مألوف الكثيرين و الغمز المذكور أعلاه لا ينقص قيمته و هو لا يتحامل علي ملك و لا يستعمل ألفاظا بذيئة كما هو شأن غيره من مؤرخين عديدين يطعنون بالمعاصر لأسباب يطول شرحها …، فهو عذب اللسان، يتكلم بكل وقار، و كأنه يقص وقائع كان قد رآها أو نقلها كما سمعها … فهو علي كل حال من أمهات الكتب و أصولها التي يجب أن يعول عليها. و النسخة خالية من التواريخ و الظاهر أنها نسخة المؤلف أو مكتوبة عليها … و تقف حوادثه عند سنة 985 ه.

و في مكتبة ولي أفندي في استانبول نسخة منه برقم 2370 و ليس

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 15

فيه عناوين مكتوبة و إنما أبقيت بياضا بأمل أن تحرر بمداد أحمر …

و بهذا كانت نسخة نور عثمانية أولي بالمراجعة و أحق بالاعتماد …

صالحة أن تكون مرجعا …

و قد علمت مؤخرا أنه طبع في كلكته سنة 1931 م لحساب الجمعية الشرقية في بارودا من بلاد الهند مع ترجمته سنة 1934 م.

9 7- جامع الدول:

تأليف درويش أحمد بن لطف اللّه المولوي المتوفي سنة 1113 ه- 1751 م و يعرف ب (منجم باشي)، أوله: أحمد اللّه حمد مفكر في مخلوقاته الخ. ذكر في مقدمته مراجع كثيرة جدا، و من جملة ما اعتمده (تاريخ البايندرية)، و هو (تاريخ عالم آراي أميني)، و يبعد أن يكون (الديار بكرية) لأنها غير معروفة في تلك الأنحاء … و هو في مجلدين ضخمين الأول

منهما يصل إلي آخر الخلفاء، و الثاني في ذكر الدول و الملوك القديمة و الإسلامية، و فيه تفصيل زائد جدا عن حكومات كثيرة، و بينها البريديون (حكام خوزستان و البصرة)، و (المشعشعون) و غيرهما … و يقف عند حوادث سنة (1081 ه)- 1670 م و هو من أوسع الكتب، و فيه مزيد إيضاح عن البارانية و البايندرية، و قد جمع ما لم يجمعه غيره من وقائع هذه الحكومات إلا أنه لم يدون عن العلماء، و لا عن الثقافة و لو بوجه عام … منه نسخة في مكتبة بايزيد العامة في مجلدين أحدهما برقم 5019 و صفحاته 1334 و ثانيهما برقم 5020 و صفحاته 1214 كتب باللغة العربية. و مراجعه كثيرة بين عربية و فارسية و تركية. و المؤلف أفرد لكل حكومة مبحثا فلا تطرد وقائعه بصورة متوالية … و الكتاب منه نسخ عديدة في مكتبات استانبول و غيرها، و يعد من خير المراجع و أوسعها، جمع مطالب كثيرة … و تفصيله نافع …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 16

10 8- تاريخ الجنابي: (العيلم الزاخر في أخبار الأوائل و الأواخر)

رأيت نسخة منه في نور عثمانية في استانبول برقم 3099 و 3100 و أخري في سراي طوپقپو بمكتبة السلطان أحمد الثالث و نسخ عديدة في سائر المكتبات كتب باللغة العربية أوله:

«أشرف كلام يتضوع نشر رياه، و أحسن مقال يتفوح طيبه و شذاه حمد صانع قادر لا يعبد سواه الخ». تأليف الشريف أبي محمد مصطفي ابن السيد حسن ابن السيد سنان ابن السيد أحمد الحسني الهاشمي القرشي الشهير ب (جنابي) المتوفي سنة 999 ه- 1590 م، كتبه أيام السلطان مراد ابن السلطان سليم بن السلطان سليمان القانوبي. قال في مقدمته:

«جمعته من مؤلفات كثيرة … و أوردت

اسم الكتاب الذي نقلت عنه الكلام، إما قبل النقل، و إما عقيب الفراغ عند ذكر المرام، ليكون ذلك علي صحة هذا دليلا، و لئلا يجد عائب يعيب إلي كتابي هذا سبيلا … (إلي أن قال): و ما اثبت في هذا الكتاب إلا ما صح عندي نقله، و ثبت أصله، حتي تركت النقل عن بعض الكتب المشهورة لشيوعه بين العلماء بأنه في نقله كحاطب ليل». ا ه. و مثل بالسيوطي، و أنه ينقل عن تاريخ المفرطي (في نسخة القرطبي) و هو ممن اشتهر بالكذب …

و هكذا حكي وقائع آق قيوينلو في سعة و بسط زائد … نقل عنها من تاريخ دولتشاه (من الوثائق المعاصرة)، و من تاريخ عبد الباسط الحنفي المصري، و مما سمعه من العالم أبي الفضل بن إدريس التبريزي الدفتري (هو ابن إدريس البدليسي صاحب هشت بهشت) … و للمؤلف كتب تاريخية عديدة و له شعر في التركية و العربية …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 17

اختصر هذا الكتاب القرماني المذكور سابقا … فرغ من اختصاره يوم السبت مستهل المحرم سنة 1008 ه.

11 9- كتاب وجيز الكلام في الذيل علي كتاب الذهبي دول الإسلام:

للشيخ محمد بن عبد الرحمن السخاوي صاحب الضوء اللامع، أوله: الحمد للّه العالم بما كان و ما يكون الخ. رأيته في مكتبة كوبريلي رقم 1189 و تنتهي حوادثه في سنة 895 ه- 1490 م و ابتداؤه سنة 745 ه- 1344 م. و الكتاب فيه خروم، و أكلته الأرضة من أماكن مختلفة، و هو مهم خصوصا القسم الأخير منه …

و الأصل تاريخ دول الإسلام للذهبي المطبوع في الهند و رأيت نسخة منه في مكتبة كوبريلي مؤرخة في سنة 742 ه- 1343 م و النسخة مهمة جدا، و صالحة للطبع وجيدة، مكتوبة

في حياة مصنفها … و في مكتبات استانبول نسخ عديدة منه …

12 10- المنهل الصافي و المستوفي بعد الوافي:

تأليف أبي المحاسن يوسف بن تغري بردي المؤرخ المعروف المتوفي سنة 874 ه- 1470 م أوله: الحمد للّه مدبر الدهور الخ.

و هو من أجل الآثار و أعظمها فائدة، و أجمعها مادة … قال في مقدمته إنه حملته الرغبة، و لم يكن بأمر أو طلب من سلطان أو أمير، أو من أحد أعيان الزمان، و لا مكلف لتأليفه و إنما جعله لنفسه … و ابتدأ فيه من أوائل الدولة التركية من المعز إيبك، و صرح في بعض المواطن أنه

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 18

بدأه ب (سنة 650 ه)- 1252 م كتبه علي طريقة الخطيب البغدادي في تاريخه (تاريخ بغداد) و ابن خلكان و الصفدي في الوافي بالوفيات و ذكر الأشخاص المشاهير من علماء و أمراء علي ترتيب حروف الهجاء إلي آخر أيامه، فتابع الكثيرين من العلماء في ترتيبهم هذا، و منه نقل صاحب الشذرات، و جعله مرجعا … و الملحوظ أن هذا المؤرخ يتحامل علي حكومات التركمان (قراقوينلو و آق قوينلو) تحاملا شديدا و له الحق في كثير من المواطن … و إن كان أساس ذلك هو العداء الحاصل بين مصر و بين هؤلاء … و لكن مطالبه جليلة، و مباحثه قيمة جدا … و يعد من أتم المراجع لهذه العصور. ترجم المقريزي المتوفي سنة 845 ه 1441 م قال: و كان يرجع إلي قولي فيما أذكره من الصواب و يغير ما كتبه أولا في مصنفاته … منه نسخة نفيسة في مكتبة (نور عثمانية) في استانبول برقم 3428 و هذه النسخة تمتاز في أنها نقلت من نسخة كتبها تلميذه أحمد بن حسين التركمان

الحنفي الشهير ب (المرجي) و تاريخ تحريرها في 16 جمادي الأولي سنة 1023 (1614 م) و رأيت منه نسخة في دار الكتب ب (سراي طوپقپو) باستانبول …

13 11- حوادث الدهور في مدي الأيام و الشهور:

في مجلد واحد رأيته في مكتبة أيا صوفيا برقم 3185 أوله: الحمد للّه مدبر الدهور الخ. و هو من تأليف أبي المحاسن يوسف بن تغري بردي أيضا جعله ذيلا علي السلوك للمقريزي، و أثني عليه فقال: «أتقن من حرر تاريخ الزمان و أضبط من ألف في هذا الشأن، و أجل تحفة اخترعها، و عمدة ابتدعها، كتابه المسمي بالسلوك في معرفة دول الملوك. قد انتهي فيه إلي أواخر سنة 844 ه- 1441 م …

و لم يأت بعده من نعوّل عليه في هذا الفن، و لا من يرجع إليه إلا الشيخ الإمام … بدر الدين محمود العيني (صاحب عقد الجمان)،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 19

فأردت أن أعلم حقيقة أمره في هذا المعني، و نظرت فيما يعلقه في تلك الأيام، فإذا به كثير الغلطات و الأوهام و ذلك لكبر سنه و اختلاط عقله و ذهنه، بحيث إن الشخص لا يمكنه الفائدة من ذلك إلا بعد تعب كبير، لاختلاف الضبط، و عدم التحرير. فلما رأيت ذلك أحببت أن أحيي هذه السنة بكتابة تاريخ يعقب موت الشيخ تقي الدين المقريزي (يوم 18 رمضان سنة 845 ه- 1442 م) و جعلته كالذيل … رتبته علي السنين» ا ه ابتدأ فيه من أول سنة 845 ه و قال: و لم أسلك فيه طريق الشيخ المقريزي في تطويل الحوادث في السنة و قصر التراجم في الوفيات بل أطنبت في الحوادث و أوسعت في التراجم، لتكثر الفائدة من الطرفين، و ما وجدته مختصرا من التراجم

في التعليق فراجع فيه كتابنا المسمي ب (المنهل الصافي و المستوفي بعد الوافي) فإني هناك شفيت الغلة، و أزحت العلة ا ه …

انتهي المؤلف بحوادث سنة 860 ه- 1456 م و كتبه تلميذه محمد بن أحمد بن محمد الطندتاي الشافعي سنة 861 ه- 1457 م و نقلت منها هذه النسخة في سنة 898 ه- 1492 م.

14 12- التبر المسبوك في ذيل السلوك:

هو لشمس الدين محمد السخاوي في مجلد ضخم. رأيته في مكتبة أيا صوفيا برقم 3113 أوله: الحمد للّه العالم من القدم بما كان و ما يكون، و الحاكم بما انبرم في كل حركة و سكون الخ. و هذه النسخة ملكية و مهمة، مشكلة، و حروفها كبيرة و واضحة، و تتم في سنة 850 ه- 1446 م و هي الجلد الأول، كتبه أبو الفضل السنباطي الأعرج عام 880 ه- 1475 م في منزل مؤلفه … و غالبها لا يتعرض لحوادث ما هو خارج عن مصر و الشام …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 20

15 13- تاريخ مطلع السعدين:

تأليف كمال الدين عبد الرزاق بن جلال الدين إسحاق السمرقندي المتوفي سنة 887 ه- 1402 م و أوله: حسن مطلع أنوار أخبار در افتتاح مقال، و لطف مظهر آثار أخيار در إيضاح مبدأ و مال الخ. ألفه لأبي المغازي السلطان حسين بهادر المعروف ب (حسين بايقرا) من آل تيمور … و كتب في منتصف جمادي الآخرة سنة 871 ه- 1466 م في مجلد ضخم مرتب علي السنين، و هو مهم جدا، و دون باللغة الفارسية.

منه نسخة في دار كتب أيا صوفيا برقم 3086 و في مكتبات أخري …

و لا يتعلق بأنحاء العراق منه إلا ما حصل استطرادا، و هو مهم للعلاقة بالمجاورة، و مؤلفه من رجال العلم و الثقافة، و قد انتدب لمهمات ذات شأن كسفارته إلي ملك الصين فكتب بذلك رسالة، ترجمت إلي اللغة التركية و طبعت باسم عجائب اللطائف …

16 14- تاريخ الغفاري:

منه نسخة في مكتبة ولي أفندي رقم 2397، ألفه أحمد بن محمد القاضي المشتهر بالغفاري أيام أبي المظفر شاه طهماسب بهادر خان.

و وقف به عند حوادث سنة 973 ه- 1565 م. كتب في ربيع الأول سنة 990 ه- 1582 م. و الكتاب سهل الإفادة و مختصر، تكلم علي البارانية (قراقوينلو)، و علي البايندرية (آق قوينلو) ثم ذكر الصفويين و العثمانيين إلي أن انتهي بحوادث كتابه … و هو من المراجع المعتبرة القريبة بهذا العهد.

17 15- بدائع الزهور:

تأليف العلامة المؤرخ محمد بن إياس الحنفي المصري طبع ببولاق

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 21

مصر سنة 1312 ه- 1894 م، و له فهرس هجائي. و قد طبعت جمعية المستشرقين الألمانية منه الجزء الثالث سنة 1926 م و الرابع سنة 1931 م في استانبول علي نسخ بخط المؤلف كانت في مكتبة فاتح باعتناء پاول كاله و محمد مصطفي و مورتسن سوبرنهايم إلا أنهم فاتهم أن يتموها علي ما هو موجود في متحف الأوقاف الإسلامية باستانبول و يكمل الحوادث المطلوبة بخط المؤلف، و علهم يتلافون النقص في طبعة أخري …

و من أجزائه التي بخط المؤلف في فاتح و في متحف الأقاف تظهر نسخة كاملة. تصلح للطبع … ! و طبعة مصر كانت ناقصة، فجاءت طبعة الجمعية مكملة لها لولا ذلك المغمز … ! و كان قد جري تصحيح ملازم ما طبعته الجمعية بمساعدة ه. ريتر المستشرق الألماني الشهير.

و الحاصل أن المراجع لمختلف العصور كثيرة، و لا تزال الأيام تنشر المدونات و تثيرها. و العراق ضعيف العلاقة، و لم يكن له من الشأن أن تراقب حوادثه باهتمام فيدون عنها … و لعل التتبع المتوالي يوصل إلي ما هو أوسع … و النصوص

التي نوردها تعين قيمة هذه الآثار …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 23

18 1 الدولة البارانية (قراقوينلو)

اشارة

(من المحرم سنة 814 ه- 1411 م إلي 14 جمادي الآخرة سنة 874 ه- 1470 م)

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 25

الدولة البارانية (قراقوينلو)

20 1- فتح العراق:

كانت هذه الحكومة قد مارست الحروب، و قامت بتدبير الملك و شعرت أن من واجبها القيام بالأمر، و لا زالت في جدال، تصافي الجلايرية مرة، و تقارعهم أخري حتي جاء دور حكمها … فقتلت السلطان أحمد في أواخر ربيع الآخر سنة 813 ه- 1410 م، و استولت علي بغداد في 5 المحرم سنة 814 ه- 1411 م، دخلها شاه محمد بن قرا يوسف، فكان واليا عليها بالنيابة عن والده …

سبق لهذه الحكومة أن تمكنت في بعض الأنحاء العراقية كالموصل إثر وفاة السلطان أويس عام 778 ه- 1377 م كما أن قرا يوسف امتلك بغداد سنة 805 ه- 1403 م فأزاحه عنها أمير زاده أبو بكر من آل تيمور في سنته، و لم يتول العراق إلا في هذه الأيام … و من ثم استمر حكم هذه الدولة في العراق إلي 14 جمادي الآخرة سنة 874 ه- 1470 م، فانقرضت …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 26

21 2- أصل هذه الحكومة:

كانت في الأصل قبيلة توصلت إلي الحكم من طريق الرياسة، و تسمي (البارانية) و ماضيها القبائلي غامض، و المعرفة به قليلة، و كل ما نعلمه انها من القبائل التركمانية الأغزية جذم كبير من القبائل التركية.

22 3- القبائل التركمانية:

من حين قبول الترك الإسلام انتشروا في المملكة الإسلامية زرافات و وحدانا و دخلوا الجندية أفواجا، و تولوا قيادة الجيوش مدة، و اشتهر منهم أمراء كثيرون فكانوا عضدا قويا، و قاموا بخدمات عظيمة للإسلام، و زاد عددهم في بعض المواطن علي الأهلين الأصليين، و بينهم من حصلوا علي حكومات كبيرة، و دولات مشهورة عاشت بصورة مدنية أو قبائلية …

و قد عثرت علي رسالة في بيان فضائلهم و سجاياهم عنوانها (تفضيل الأتراك علي سائر الأجناد) مخطوطة رأيتها في خزانة الأستاذ الكرملي اللغوي الشهير … تعين الكثير من أوضاعهم تعيينا علميا …

و من هؤلاء (القبائل التركماية)، أو (التراكمة)، و مواطنهم بين بلخ و بحر الخزر و نهر أمودريا و الروس و إيران … و في ديوان لغات الترك قد فرعهم من أغز إلي 22 قبيلة تفرعت منهم البايندرية و الأفشار و قنق قال و من هذه الأخيرة السلاطين في زماننا (يريد السلجوقيين)، و أوضح سمة كل قبيلة، و هي سمات دوابهم و خيولهم، و بين أن أسماء هذه القبائل أسماء أجدادهم الذين ولدوها في قديم الدهر فنسب إليهم، و هناك قبائل تركمان تفرعت من آخرين و قال آخرون إن الغز مخفف

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 27

أغزوان أتراك الأناضول و القفقاس و أذربيجان منهم، و كذا العثمانيون و أن جدهم كوك خان أحد أولاد أغز …

و في جامع الدول: «التركمان صنف من الترك خرجوا من بلاد تركستان و جاؤوا إلي خراسان

قديما، ثم تفرقوا في البلاد، و كثروا بلحوق من خرج بعدهم، و بالتوالد و التناسل. و هم أصحاب خركاهات (نوع خيام)، و مواش، و كانوا يرتحلون إلي المصيف و المشتي، و اندرج فيهم كثير من طائفة الغز، فأطلق عليهم التركمان … و هم قبائل شتي لكل قبيلة عشائر و بطون و أفخاذ لا تحصي و لكل واحدة منها اسم مخصوص، متعارف فيما بينهم … » ا ه.

و هكذا جاء الكلام عليهم مفصلا في (مجموعة تواريخ التركمان)، و في أوليا چلبي و كذا القلقشندي عدد التركمان و ذكر أمراءهم، و مشاهير رجالهم و ما يكتب إليهم و في (مسالك الأبصار) أسهب فيهم القول.

و لا يختلفون في تفريعهم عن القبائل العربية كما في شجرة الترك و غيرها … و الحكومة الموضوعة البحث إحدي هذه القبائل، نسي طريق اتصالها بجدها … و الظاهر أن (باران) أحد أحفاد أوغوز و صارت تسمي (البارانية) نسبة إليه، جاءت من أنحاء تركستان الغربية، هاجرت إلي أذربيجان و سيواس أيام أرغون خان المغولي … و استخدمتها الجلايرية، و قارعت تيمور إبان هجومه … و كانت في نضال مستمر مع المجاورين حتي صارت صاحبة الأمر و النهي … و لغتها- كسائر التركمان- آذرية، و لا تختلف عن التركية الشائعة عندنا في العراق..

و لا عن التركية العثمانية إلا أن العثمانية تهذبت أكثر بقبولها الحضارة الإسلامية و المصطلحات العلمية، فدخلتها ألفاظ كثيرة حسنت وضعها

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 28

و لطفت آدابها، و صارت معينا فياضا للشعر و للنثر …

جاء في تاريخ دوكيني أن مؤرخي الروم يدعونها (ماورو پروواتا) و شاع اسمها ب (قراقوينلو)، و أصل ذلك أنها كانت سمتها (الشياه السود) كانوا في قديم

الزمان قد اقتنوا في وقت (شياها سودا) فعرفوا بها كما عرف غيرهم بشياهه البيض (آق قوينلو)، و آخرون ب (قراكچيلي) لاقتنائهم (المعز السوداء)، و لا يشترط أن يدوم … و إنما هو وصف عرفوا به، و استمر فيهم و صار من نوع الوسم أو النبز فلازم … و معني قراقوينلو (سود الغنم) و منهم من يقول إن أعلامهم كانت فيها شارة شياه سود.

23 4- ترجمة اسم القبيلة:

هذا غير معهود و لا قائل به من المؤرخين و في هذه الأيام رأينا في بعض التواريخ العراقية ترجمة اسم القبيلة غلطا و لما كانت التسمية (علما) فلا وجه للتصرف به و إنما ينطق به عينا و لم يسبق أن ترجم بل استعمله العرب في مختلف الأصقاع بلفظه و لا معني لترجمة الأعلام بما يفهم من لفظها …

و نري الترجمة مغلوطة. لأن (الخروف الأسود) لا يعني قراقوينلو، بل (قراقويون) فأهملت لفظة (لو) أو (لي) الدال علي النسبة و يقصد منها سود الغنم علي اعتبار الجنس فيقال قبيلة (سود الغنم) كما يقال (بيض الغنم) أو (سود المعز).

و لفظ قويون لا يطلق علي الخروف و إنما يراد به الجنس (الغنم) أو (الشياه) فكان الخطأ ظاهرا في الترجمة … و في الدلالة.. و شاعت هذه في الأقطار العربية علي علاتها مع العلم بأنه لم يسبق أن ترجمت قبيلة (بيات)، و (أفشار)، و (قجار).

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 29

و جاء في كتاب (المماليك في مصر) اسم القبيلة بلفظ (قره قيون)، و (الوبر الأسود)، كما سميت هناك قبيلة آق قوينلو ب (الوبر الأبيض) مما لا يؤيده سند و قد نعت أيضا قرا يوسف ب (زعيم كردي) … و قيل عن بركة أو بركاي (برخ) و

عن اولجايتو (ايليجيتو)، و عن أويرات (العويراتية) … مما لا يقره التاريخ.

24 5- فروع هذه القبيلة:

لا تزال المعرفة الموسعة عن الشعوب و القبائل ضعيفة … و ليس في النصوص التاريخية ما يبرد غلة … قال في جامع الدول:

«فمن جملة قبائل التركمان … (قرة قوينلي) و لها عشائر عديدة، و أعظمها اعتبارا عندهم عشيرة (بهارلو)، و كان أمير القبيلة و رئيسها منها لا محالة … ) ا ه.

و ليت هذا المؤرخ عرف بعشائرهم أو بطونهم … و نعلم من النصوص الأخري أن من عشائرهم (پاوت) و ينتسب إليها والي بغداد (بير محمد) علي ما سيجي ء … و لا تزال بقاياهم في العراق موجودة، و لكننا لا نعرف علاقتهم بماضيهم … معرفة كاملة …

25 6- تاريخ ظهورها و مؤسس إمارتها:

كانت هذه القبيلة مهملة كعشائر كثيرة، و قد خطت نحو الاستقلال أيام رئيسها (بيرام خواجه) و هذا اتصل بالسلطان أويس الجلايري و انتسب إليه عام 775 ه- 1373 م كان قد استعان به السلطان

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 30

فتمكن … و إثر وفاة السلطان استولي علي الموصل و سنجار في عام 778 ه- 1376 م. و من ثم بدأ حكمها إلا أنها لا تزال تعد إمارة قبائلية، و تخلل ذلك فواصل عديدة، فقد انتزع الحكم من يدها أيام صولة الأمير تيمور لنك و مناوأته لها …

و في هذه الحالة كانوا يترقبون الفرص، و ينتهزون الوقت الملائم، و لا يزالون كذلك حتي تمكن الأمير قرا يوسف (من ذرية بيرام خواجة) من الاستيلاء علي أذربيجان بقتل ميران شاه ثم قضي علي السلطان أحمد الجلايري و تسلط علي بغداد فخلص له الحكم …

و أول من عرف من أمرائها بيرام خواجه بن تورمش. و في أيامه ظهرت هذه القبيلة كإمارة فارتفعت منزلتها عند السلطان أويس. و لما توفي السلطان في

2 جمادي الأولي سنة 776 ه- 1374 م استولت علي الموصل و سنجار و أرجيش و أونيك توفي أميرها هذا سنة 782 ه- 1381 م، و جاء في كنه الأخبار أنه توفي في حدود سنة 780 ه و لم يؤيد هذا نص …

و اعتبر المؤرخون هذه المدة بين الاستيلاء، و الوفاة (أيام الإمارة)، و ما قبلها (رياسة قبائلية) دامت له 26 سنة، و له ابن اسمه تورمش و خلفه أخوه مراد خواجه لمدة قليلة فتوفي، و آلت الإمارة إلي (قرا محمد)، بن تورمش فزاد علي ما بيد أسلافه، و حارب حاكم ماردين القاهر (كذا و صوابه الظاهر) و رأي المجال أوسع، و نال غنائم وافرة، و يقال في سبب حربه هذه أنه طلب من القاهر بنته ليتزوجها فلم يوافق، فساق عليه العساكر، ثم تصالح معه علي أن يزوجه ابنة أخيه …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 31

و قرا محمد هذا تزوج السلطان أحمد الجلايري ابنته، و هو الذي ساعد السلطان في حروبه لأخيه الشيخ علي حينما أعلن سلطنته ببغداد فكسر الشيخ عليا و قتله، ثم ظهر تيمور فأزاح السلطان أحمد عن تبريز و لما سمع تيمور أن توقتامش طرق بلاده رحل عنها، فانتهز قرا محمد الفرصة و تملك تبريز، و أقام فيها ولده مصر خواجه. و في سنة 789 ه- 1387 م عاد تيمور ففر منه قرا محمد، و قتل سنة 792 ه- 1390 م.

و في الدرر الكامنة مات مقتولا في صفر سنة 791 ه- 1389 م نقلا عن العلاء ابن خطيب الناصرية.

و له من الأولاد قرا يوسف، و يار علي و پير علي.

و كان قرا محمد أيام إمارته قد نازعه عمه نصر خواجه

عام 787 ه- 1385 م و كان رئيس القبيلة فأذعن لسلطان مصر، و شوش علي ابن أخيه، و استولي بهذه الوسيلة علي ماردين و الأنحاء المجاورة للموصل، و قرأ الخطبة باسم سلطان مصر، فقوي نفوذه.

و لما قتل قرا محمد خلفه ابنه قرا يوسف في إمارته. و هذا في الحقيقة مؤسس دولة (البارانية)، كان آنئذ مشتاهم العراق، و مصيفهم أذربيجان و قد سلسل صاحب كنه الأخبار وقائع قرا محمد، و فيها أنه أخذ الموصل في سنة 798 ه- 1395 م و نصب بها أخاه (يار علي) … ثم إنه في سنة 799 ه هاجم الأمير تيمور الجزيرة و الموصل ففر قرا يوسف من وجهه إلي الشام، و في سنة 800 ه- 1397 م رجع إلي الموصل فاستعادها.

و أكثر وقائع قرا قوينلو مبسوطة في (مجموعة تواريخ التركمان).

26 7- تزوج سياسي:

جاء في الضوء اللامع أن الأرتقي صاحب ماردين و هو أحمد بن

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 32

اسكندر نشأ في دولة ابن عمه الظاهر مجد الدين عيسي بن المظفر فخر الدين داود، فاختص به وزوجه ابنته، و استخلفه علي ماردين غير مرة، فآل أمره إلي أن رغب عن ماردين لقرا يوسف بن قرا محمد بعشرة آلاف دينار و ألف فرس و عشرة آلاف رأس غنم، فزوجه قرا يوسف ابنته، و أعطاه الموصل فتوجه إليها … فلم يقم سوي ثلاثة أيام و مات هو وزوجه في سنة 811 ه- 1408 م، و يقال إن قرا يوسف سمه. ترك من الأولاد محمدا و أحمد و محمودا و عليا، فأخرجهم قرا يوسف من الموصل. و هو آخر ملوك بني أرتق. و قد أطال المقريزي في عقوده ترجمته …

و الحاصل، جري لهذه الحكومة

(قراقوينلو) ما جري مما ذكر في المجلد السابق حتي تم لها الاستقلال، و استولت علي العراق …

27 حوادث سنة 814 ه- 1411 م ولاية الأمير شاه محمد

اشارة

من 5 المحرم سنة 814 (1411 م) إلي 18 شعبان سنة 836 (1433 م).

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 33

28 واقعة بغداد:

فصلت هذه الحادثة تواريخ عديدة، و قد مر ذكر بعض النصوص.

و هذا ما قاله الجنابي في تاريخه: «لما قتل السلطان أحمد استقر مكانه في بغداد صبي من آل أويس و اسمه شاه محمود من أبناء شاه ولد بن شهزاده علي بن أويس. و كانت تندو بنت حسين زوجة شاه ولد هي المدبرة في المملكة، فحاصرهم شاه محمد بن قرا يوسف سنة، ثم غلب علي بغداد، و نزحت عنها تندو بمن معها من دجلة إلي واسط، فسار إلي تستر فملكها، ثم احتالت علي محمود شاه فقتل لأنه كان من غيرها، و استقلت بالمملكة مدة و ذلك في سنة 819 ه- 1416 م» ا ه.

و جاء في أحسن التواريخ: «أن السلطان أحمد بعد قتله خلفه في بغداد سلطان محمد بن شاه ولد … و كان قد وجد اختلافا، و زادت الفتن من كل صوب … فلما رأي شاه محمد ذلك انتزع اربل منه، و سار إلي بغداد حتي وصل إلي باب سوق السلطان، و في اضطرابات بغداد قتل الأمير بخشايش، و كان السلطان أحمد قد نصبه واليا، و اختار عبد الرحيم الملاح شحنة، و ظهر الاحتلال بأظهر معانيه ففر السلطان محمد إلي ششتر (تستر)، و من ثم استولي شاه محمد عليها» ا ه.

و هنا هذه التواريخ اضطربت في أسماء من خلف السلطان أحمد، و في المنهل الصافي: «كان أقيم في سلطنة بغداد- بعد قتلة السلطان أحمد- شاه ولد.. فقتل بعد ستة أشهر بتدبير زوجته تندو بنت السلطان حسين بن أويس، و قامت بتدبير الملك من بعده،

ثم خرجت من بغداد بعد ستة أشهر فرارا إلي ششتر و ملك شاه محمد بغداد» ا ه.

و هذا هو الصواب و عليه أكثر المؤرخين علي أن شاه ولد كان يدبر الأمر باسم السلطان أحمد، ثم هلك فنصب ابنه، و منهم من لا يعتبره ملكا و كانت الإدارة الحقيقية بيد (دوندي)، و يعين الحالة بصورة جلية ما

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 34

جري من الإشاعات في أن السلطان أحمد لا يزال حيا … ! ذلك ما دعا أن تخشي دوندي سوء العاقبة، كان قد نفذ صبرها، فتركت بغداد.

و من ثم بدأ حكم دولة (قراقوينلو) و صار العراق تابعا لتبريز إلا أن الإمارة كانت مستقلة بيد شاه محمد استقلالا إداريا …

أما بغداد فإنها لو لا الحالة الزراعية المساعدة، و المياه المتدفقة و الاستفادة من العمارة عند سنوح الفرصة، أو عروض الهدوء و الطمأنينة لكانت خبرا بعد عين … لما نالها من زعازع و اضطرابات و حروب أودت بعمارتها، و شوشت أمرها مرارا عديدة، و أزالت معالمها، و ذهبت بنضارتها، و آخرها هذا العدوان بل الضربة القاسية …

29 تصحيح:

جاء في كلشن خلفا أن الوالي علي بغداد من دولة قراقوينلو هو الشاه محمود بن قرا يوسف، و أنه دام حكمه ببغداد 23 سنة، ثم خلفه الشاه محمد، و هذا ليس بصواب، و مخالف لما اتفق عليه المؤرخون في مختلف العصور، و قد راجعت بعض النسخ المخطوطة فلم تختلف، و في النسخة المطبوعة من لب التواريخ يوجد هذا الغلط فوجب التنبيه و التصحيح.

30 حرب- صلح:

في هذه السنة ساق الأمير قرا يوسف جيوشه علي قرا عثمان، و حاصر بلدة أرغني فطلب الأمير قرا عثمان الصلح فأجيب إليه و عاد الأمير قرا يوسف و كان غرضه أن يؤمن أطرافه ليقوم بأعمال عسكرية

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 35

جديدة. و هذه الطريقة في الحروب اقتبسها من تيمور لنك و كانت حالة عملية أدت إلي تجارب عنيفة …

قال في أنباء الغمر: «دامت الحرب بين قرا يوسف و قرا أيلك أكثر من شهر فقتل بينهما خلق كثير فخرب قرا يوسف بلادا كثيرة لغريمه، و هرب غريمه إلي بعض الأماكن، فأوصل الجند الخبر إلي قرا يوسف بأن شاه رخ ابن تمر قصد تبريز فترك حالته و رجع مسرعا فعاد قرا أيلك فنهبها، و توجه لتخريب بعض بلاد غريمه و وقع القتال في شعبان فأرسل قرا يوسف يطلب الصلح من قرا أيلك فلم يوافقه علي ذلك و نهب سنجار و أخذ قفل الموصل و أوقع بالأكراد فافتدوا منه بمائة ألف ألف رأس غنم» ا ه.

و بغداد في نجوة من هذه الغوائل، و الحروب …

31 وفيات

ذكرنا وفيات هذه السنة في الجلد السابق و ليس لدينا ما يستدرك إلا وفاة الإخميمي و هو علي بن محمد بن الإخميمي البغدادي الأصل، كان قد ولي الوزارة بمصر، و شد الدواوين و كان يدعي الشرف.

32 حوادث سنة 815 ه- 1412 م.

33 الشيخ إبراهيم الشرواني- قرا يوسف: (الحكومة الدربندية)

الشيخ إبراهيم الشرواني أمير الحكومة الدربندية و قد مر الكلام عليه أذعن لتيمور بالطاعة …

و كان الأمير قرا يوسف أضمر له الغيظ و العداء بسبب ما قام به

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 36

ابنه كيمرز (كيومرث) ابن الشيخ إبراهيم، و علاء الدولة ابن السلطان أحمد من إثارة غائلة عليه استفادة من غيابه … فلما تم له الأمر، و علم أن هناك اتفاقا بين الحكومة الشروانية و بين الكرج سار عليه في هذه السنة و حاربه فكسره و من ثم تمكن من إلقاء القبض عليه و قتل كافة أقربيه، و جاء بالشيخ إبراهيم أسيرا إلي تبريز، و هناك توالت الملتمسات إلي الأمير قرا يوسف، فعفا عنه، و أخذ منه فداء دمه ألفا و مائتي تومان فعاد إلي شروان فتسلطن بها.

و في تاريخ الموصل أنه قتله الأمير قرا يوسف و استولي علي ساوة و قزوين و في تاريخ الغياثي توفي سنة 819 ه و في الأنباء أنه توفي سنة 821 ه و علي كل دامت حكومته و عاش بعد الواقعة نحو خمس سنوات فتوفي سنة 821 ه- 1417 م و كان عاقلا، كاملا، ملك 25 سنة و بلغ عمره 67 سنة. و خلفه ابنه الأمير خليل فتم له الأمر أربعين سنة و امتدت حكومته إلي عام 860 ه- 1456 م فتوفي. و خلفه ابنه شروان شاه و في أيامه ظهر الشيخ حيدر الصوفي (الصفوي) الأردبيلي سنة 893 ه- 1488 م

و حاصر بلاد شروان فاستنجد شروان شاه بصاحب العراق السلطان يعقوب و كانت نتيجة حربه معه أن قتل الشيخ حيدر و ألقي القبض علي شاه إسماعيل فهم شروان شاه بقتله فشفعوا فيه. فلما تخلص و ذهب لحاله انتهز الفرصة فالتف حوله رجال

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 37

أبيه و أسس (الحكومة الصفوية) علي ما سيجي ء، فقضي علي الحكومة الشروانية عام 906 ه- 1500 م و بعد شهر واحد من استقرار الشاه إسماعيل بها تركها فاستولي الملك (غازي بيك بن شروان شاه) و بقي في الملك نحو ستة أشهر فبغي عليه ولده محمود بن غازي بيك فقتله و استولي علي ملك أبيه، فكره الرعية أوضاعه و سوء إدارته، فدعوا أخاه صاحب كيلان شيخ شاه بن غازي. فلما علم السلطان محمود بقدوم شيخ شاه انهزم إلي شاه إسماعيل الصفوي و تمكن شيخ شاه في الحكومة مدة. ثم عاد السلطان محمود و معه جيش الشاه فحاصر أخاه بقلعة كلستان أكثر من ثلاثة أشهر، فاتفق أن اغتال شيخ شاه أحد مماليكه سنة 925 ه- 1520 م و فتحت القلعة للسلطان محمود فلم يتم له الأمر، و تسلطن بعده (خليل پادشاه) بن شيخ شاه و دام له الملك نحو عشرين سنة و لم يخلف ولدا فصار بعده ابن أخيه (شاه رخ پادشاه بن فرخ ميرزا بن شيخ شاه و في أيامه ضعفت الحكومة الدربندية فانقرضت علي يد الشاه طهماسب الصفوي. ثم نهض منها بعض الأفراد لاستعادة ملكهم المضاع فلم ينجحوا، و صاروا في خبر كان.

و علي كل كان لحكومة قرا قوينلو السيطرة أو السيادة علي هذه الحكومة …

34 حوادث سنة 816 ه- 1413 م

35 قرا يوسف- بغداد: (فتوح في طريقه)

في هذه السنة توجه الأمير قرا يوسف إلي العراق، قاصدا بغداد

إلا أنه حدث له في طريقه بعض العوارض، فمال من همذان إلي السلطانية و قزوين و طارم و ساوه فاستولي عليها، و لا يزال مشغولا

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 38

بالحروب لا هم له إلا التفكير في الفتح و الاستيلاء فلم يسكن جشعه … و إنما قويت آماله و زاد فيه حرص التوسع فبلغ الحد … و لم يلتفت إلي توطيد النظام …

36 قتلة العجل بن نعير: (أمير العرب)

في 14 ربيع الأول قتل الأمير العجل و هو من آل فضل من جراء منازعات بين أمراء سورية كذا في الأنباء، و جاء في المنهل الصافي أنه قتل بيد الأمير طوخ نائب حلب يوم الاثنين 19 ربيع الأول … و يقال إن اسمه يوسف بن محمد. ولد بعد الثمانين …

و كان العجل شهما … شديد السطوة و الجرأة … قد استعاد لآل مهنا شوكتهم إلا أنها خضدت بمقتله … و التفصيل في أنباء الغمر.

و عرف من أمرائهم حسين بن نعير أخوه و كان حيا شاهد ما جري بينهم …

37 قتلة فضل بن عيسي:

هو فضل بن عيسي بن رملة بن جماز أمير آل علي. و كان ممن نصر برقوق لما خرج من الكرك، فصار وجيها عنده، و لم يزل إلي أن قتله نوروز في ذي القعدة و ولي الإمرة (35) سنة.

38 وفيات
39 1- الأبيوردي الخطيبي:

و هو أبو محمد حسام الدين حسن بن علي بن حسن و كان سرخسي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 39

الأصل ولد سنة 761 ه- 1360 م بأبيورد. انتقل جده إليها، و نشأ بها، و كان هو و أبوه كل منهما يعرف بالخطيب، و لذا قيل له الخطيبي، اشتغل بالعلوم علي جماعة من الكبار … و لازم السعد التفتازاني، ثم رحل إلي بغداد سنة 783 ه- 1381 م، و قرأ بها علي الشهاب أحمد الكردي الفقيه، و لازم فيها الشمس الكرماني، ثم دخلها سنة 793 ه- 1391 م، فأقام بها، و قرأ الحديث علي النور عبد الرحمن بن أفضل الدين الأسفرايني، ثم رحل منها في أوائل سنة 795 ه- 1393 م، و تجول في أقطار عديدة، و صنف التصانيف الجيدة المفيدة، منها (ربيع الجنان في المعاني و البيان).

توفي ببلدة تعز من اليمن يوم السبت 13 جمادي الثانية لسنة 816 ه- 1413 م.

40 حوادث سنة 817 ه- 1414 م

41 برد و ضنك:

في هذه السنة اشتد البرد في الموصل، و منع الناس من الخروج، و كانوا في ضنك من قلة المطر، ثم جاءت الأمطار بغزارة فزال البؤس …

42 شاه رخ- قرا يوسف:

كان قد اختلف الحال بين قرا يوسف و بين شاه رخ، ثم تصالحا

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 40

و تحالفا، و تصاهرا ثم انتقض الصلح في هذه السنة و تحاربا …

43 إحراق قبر الشيخ عدي- قتل اليزيدية:

«و فيها- في سنة 817 ه- 1414 م- أحرق قبر الشيخ عدي بجبل هكار من بلاد الأكراد و هذا الشيخ عدي بن مسافر الهكاري (بتشديد الكاف)، صحب عدة من مشايخ الصوفية، و سكن جبل الطائفة الهكارية من الأكراد، و هو من أعمال الموصل، و بني له به زاوية فمال إليه بتلك النواحي من بها، و اعتقدوا صلاحه، و خرجوا في اعتقادهم عن الحد في المبالغة حتي مات عن تسعين سنة في سنة سبع و قيل خمس و خمسين و خمسمائة فدفن بزاويته و عكفت طائفته المعروفة بالعدوية علي قبره، و هم في عدد كثير، و جعلوه قبلتهم التي يصلون إليها، و ذخيرتهم في الآخرة التي يعولون عليها، و صار قبره أحد المزارات المعدودة و المشاهد المقصودة لكثرة أتباعه و شهرته في الأقطار، و صار أتباعه يقيمون بزاويته عند قبره شعاره، و يقتفون آثاره، و الناس معهم علي ما كانوا عليه زمن الشيخ من جميل الاعتقاد، و تعظيم الحرمة، فلما تطاولت المدة تزايد غلو أتباعه حتي زعموا أن الشيخ عدي بن مسافر هذا هو الذي يرزقهم، و صرحوا بأن كل رزق لا يأتي من الشيخ عدي لا نرضاه، و أن الشيخ جلس مع اللّه- تعالي عن قولهم- و أكل معه خبزا و بصلا، و تركوا الصلوات المفروضة في اليوم و الليلة، و قالوا: الشيخ عدي صلي بنا، و استباحوا الفروج المحرمة، و كان للشيخ عدي خادم يقال له (حسن البواب) فزعموا أن الشيخ لما

حضرته الوفاة أمر حسن (كذا) هذا أن يلصق ظهره بظهره، فلما فعل ذلك قال له الشيخ «انتقل نسلي إلي صلبك»، فلما مات الشيخ عدي لم يعقب ولدا و صارت ذرية الشيخ

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 41

حسن البواب تعتقد العدوية فيها أنها ذرية الشيخ عدي، و تبالغ في إكرامهم حتي أنهم ليقدمون بناتهم إلي من قدم عليهم من ذرية الشيخ حسن فيخلو بهن و يقضي الوطر و يري أبوها و أمها أن ذلك قربة من القرب التي يتقرب بها إلي اللّه تعالي.

فلما شنع ذلك من فعلهم انتدب لهم رجل من فقهاء العجم يتمذهب بمذهب الشافعي- رح- و يعرف بجلال الدين محمد بن عز الدين يوسف الحلواني، و دعا لحربهم فاستجاب له الأمير عز الدين البختي صاحب جزيرة ابن عمر، و الأمير توكل الكردي صاحب شرانس، و جمعوا عليهم كثيرا من الأكراد السندية، و أمدهم صاحب حصن كيفا بعسكر و أتاهم الأمير شمس الدين محمد الجردقيلي، و ساروا في جمع كثير إلي جبل هكار فقتلوا جماعات كثيرة من أتباع الشيخ عدي و صاروا في هذا الوقت يعرفون بين الأكراد ب (الصحبتية)، و أسروا منهم خلائق حتي أتوا الشرالق و هي القرية التي فيها ضريح الشيخ عدي فهدموا القبة المبنية عليه و نبشوا قبره و أخرجوا عظامه فأحرقوها بحضرة من أسروه من (الصحبتية) و قالوا لهم «انظروا كيف حرقنا من ادعيتم فيه، و لم يقدر أن يدفعنا»، ثم عادوا بنهب كثير، فاجتمعت الصحبتية بعد ذلك و أعادوا بناء القبة، و أقاموا بها علي عادتهم، و صاروا عدوا لكل فقيه، يقتلونه حيث قدروا عليه، و لو شاء ربك ما فعلوه». ا ه.

هذا ما جاء في سير الملوك

للمقريزي و نقله الصديق الفاضل

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 42

مصطفي جواد من المخطوط المرقوم 1727 من دار الكتب الأهلية من ظهر الورقة 287 إلي وجه الورقة 288 و صحح بعض الكلمات من النسخة رقم 1728 و بين اختلاف الروايات و علق عليه التعليقات المذكورة. فله الفضل في إسداء ما قام به من مساعدة.

44 وفيات
45 1- الفيروز آبادي:

من أشهر لغويي العرب، نال مكانة لم ينلها إلا صاحب الصحاح، غطت شهرته علي غيره، فكان من أكابر أئمة اللغة، و يرتقي نسبه إلي الشيخ أبي إسحاق الشيرازي صاحب التنبيه، و هو مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروز آبادي اللغوي الشافعي. قال ابن حجر: لم أزل أسمع أن أبا إسحاق لم يعقب. ولد سنة 727 ه- 1327 م بكازرون … و هناك بيان تحصيله و تجولاته، و لم يتعرض لدراسته ببغداد، و لا إلي أساتذته هناك، و عدد مصنفاته و بين أن السلطان أويس بالغ في إكرامه … مات ليلة 20 شوال.

عدد صاحب معجم المطبوعات مؤلفاته المطبوعة، و لا يزال قسم من مؤلفاته لم يطبع بعد، و ترجمه مؤرخون كثيرون، و منهم من أفرد له ترجمة خاصة … و كتابه (القاموس المحيط) لم ينل مكانته إلي اليوم كتاب في اللغة، ترجم إلي التركية مشروحا و موسعا باسم أوقيانوس، و إلي الفارسية … و علق عليه أدباء و لغويون عديدون تعليقات مهمة.

و الجاسوس علي القاموس لأحمد فارس و تصحيح القاموس لأحمد باشا تيمور من آخرها، و عندي رسالة مخطوطة في (طب القاموس) تذكر

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 43

الألفاظ الطبية فيه، و من أعظم شروح القاموس (تاج العروس) و هو مطبوع.

و من المؤسف أن لا يشار في هامش

القاموس أثناء الطبع إلي التعليقات و المراجعات معه، أو الرد عليه و كان من السهل الاستفادة منها بتعليقها علي نفس الكتاب أثناء طبعه، و لا لوحظ فيه ما استدرك عليه و اقتضي إضافته إلي مادته و كان الأولي مراعاة الرغبة في قلب ترتيبته إلي ما هو معهود اليوم بذكر الحرف الأول فالثاني من الكلمة دون اعتبار الآخر أصلا … و إنما روعي التزام شكله … و لم تقابل نسخه مع النسخ القديمة و المتقنة في مختلف الأقطار لتتضاعف الاستفادة منه فيشار إلي الصحيح.

كان قد انتقل المترجم من كازرون موطن ولادته إلي شيراز و هو ابن ثمان، ثم سار إلي العراق فدخل واسطا و أخذ عن الشرف عبد اللّه بن بكتاش قاضي بغداد و مدرس النظامية بها، و ولي تداريس و تصادير، و كثرت فضائله …

و قد مر في الجلد السابق بيان مدة مكثه (745- 755 ه (و ذكر أساتذته في بغداد … ثم دخل زبيد (اليمن) سنة 796 ه- 1394 م.

فأودع إليه قضاء اليمن كله في ذي الحجة سنة 797 ه- 1395 م، و استمر هناك مدة عشرين سنة. و لم يدخل بلدا إلا أكرمه متوليه و بالغ في تعظيمه مثل شاه منصور بن شاه شجاع من (آل مظفر)، و الأشرف صاحب مصر، و أويس سلطان بغداد، و تمرلنك و غيرهم …

و كان مولعا في اقتناء الكتب حتي نقل عنه أنه قال اشتريت بخمسين ألف مثقال كتبا، و كان لا يسافر إلا و في صحبته منها أحمال،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 44

يخرجها في كل منزل و ينظر فيها، لكنه كان كثير التبذير، فإذا أملق باع منها، و إذا يسر اشتري غيرها …

و الملحوظ

أنه حصل علي المعرفة الكاملة، و الثقافة العالية في بغداد، و كانت مدة إقامته فيها نحو عشر سنوات و هي كافية لأن يكون كاملا … و الأخذ لا يحتاج إلي مثل هذه المدة، و بعد خروجه من بغداد ظهرت مواهبه، و ذاع علمه … نشر ما عرف، و أذاع ما علم، و توسع في المعرفة …

و ترجمته مبسوطة في مدونات عديدة.

46 حوادث سنة 818 ه- 1415 م

47 محمد شاه صاحب بغداد:

في ربيع الآخر من هذه السنة توجه محمد شاه بن قرا يوسف صاحب بغداد إلي سيس فحاصرها. و هنا نري الشقة بعيدة، و التواريخ لم تفصل هذا الحادث. و سيس من مضافات أدنة و كانت بلاد سيس تعرف بهذا البلد و هي أرمنية الصغري … و فصل القول عنها في تاريخ جهانكشاي جويني في حواشي الأستاذ القزويني.

48 إمرة العرب:

في هذه السنة صرف حسين بن نعير عن إمرة العرب، و استقر حديثة ابن سيف في إمرة آل فضل، فوقع بينهما حرب أدي إلي أن يغلب حديثة خصمه، و قتل الأمير حسين في المعركة … و في شعبان هذه السنة اصلح سلطان مصر بين حديثة و بين غنام بن زامل و حلفهما علي الطاعة.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 45

و هؤلاء أصحاب نفوذ كبير علي العشائر الطائية في العراق و لهم سلطة مباشرة علي عشائر سورية … و قد ذكرنا أمراء هذه القبيلة و صلتهم بالعراق …

49 حوادث سنة 819 ه- 1416 م

50 قتلة السلطان محمود:

في هذه السنة قتل السلطان محمود بن شاه ولد بتدبير من دوندي سلطان فوليت الإدارة مستقلة في أنحاء تستر … و كان أقيم معها في السلطنة و دامت مدته نحو خمس سنوات، و قد مرت الإشارة إلي ذلك.

51 الطاعون:

في هذه السنة انتشر الطاعون في العراق، و لم تسلم منه حتي الموصل، و كان عاما في بلاد كثيرة كفارس و مصر … و تواتر في الأطراف، و كادت البلدان تخلو من أهليها … فجر علي القطر ويلات، كما أن الحروب المتواترة لم يهدأ ثائرها …

52 وفيات
53 1- الزين الواسطي:

هو علي بن محمد بن يعيش المعروف بالزين الواسطي، كان قد ولد في شعبان سنة 755 ه- 1354 م، و سمع علي البدر عبد الجبار بن المجد محدث واسط العراق و فقيهها، و علي العلاء بن التقي الواسطي،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 46

و أبي العباس أحمد بن معمر البكري القرشي … ثم طوف في البلاد، و وصفه الطاووسي بالعالم الزاهد. توفي بعد سنة 819 ه.

54 حوادث سنة 820 ه- 1417 م

55 البصرة- واسط:

جاء في تاريخ الجنابي أن دوندي سلطان ملكت في هذه السنة البصرة، انتزعتها من مانع أمير العرب بعد حروب … و كان مانع هذا قد انتزعها من الجلايرية في إمارة السلطان أحمد بن أويس، و لكن قوي أمر دوندي، فانضم إليها عموم عسكر السلطان أحمد، ثم ملكت واسطا، و صار يخطب لها في مملكتها، و تضرب السكة باسمها إلي أن ماتت سنة 822 ه …

و في المنهل الصافي: «بعد أن فرت تندو (دوندي) من بغداد أقامت بششتر فأقيم معها في السلطنة السلطان محمود بن شاه ولد مدة، فدبرت عليه تندو فقتلته بعد خمس سنين، و انفردت بمملكة ششتر، ثم ملكت البصرة بعد حروب، و ماتت بعد انفرادها بثلاث سنين. فأقيم ابنها أويس بن شاه ولد مقامها» و النصوص لا تعين إمارة البصرة من أيام السلطان أحمد إلي اليوم، و لكننا نري الأعلام متقاربة مع أسماء أمراء المنتفق، و أن مانعا المذكور هو مانع الأول أمير المنتفق علي أقوي احتمال …

و جاء في صبح الأعشي ترتيب المكاتبات لأمراء العرب في الأحساء و البصرة … نقل ذلك عن (التثقيف) و لم يعين أمراء البصرة، و لا أسماء حكام البحرين … و لكن الشرفاء لم ينفكوا عن العراق من

موسوعة تاريخ العراق

بين احتلالين، ج 3، ص: 47

أيام الجلايرية، و لا تزال البصرة بأيديهم حتي انتزعتها دوندي، ثم عادت الإدارة، و كانت بين قوة و ضعف …

56 حوادث سنة 821 ه- 1418 م

57 قرا يوسف في بغداد:

بلغ قرا يوسف أن ولده محمد شاه عصي عليه ببغداد فتوجه إليه و حصره و استصفي أمواله، و عاد إلي تبريز. و في أنباء الغمر «أشيع أن قرا يوسف حاصر ولده محمد شاه ببغداد و استصفي أمواله، ثم تبين كذب ذلك و أن قرا يوسف كان قد تهيأ للمسير إلي البلاد الشامية فشغله عنها حركة شاه رخ بن تيمور. لم يتردد المؤرخون في نقل الخبر و أن صاحب الأنباء أيد و قوعه في موطن آخر في حوادث سنة 823 ه و غالب ما نري أحوالا كهذه تتأتي من جهة الضنك الذي يصيب الأهلين، فلا يعودون يؤدون للحكومة ما تطلب من ضرائب أو ما تريد من أموال فيعتذر الوالي لما يري من سوء الحالة فيظن أن ذلك عصيان منه …

58 أقطاب الحروفية- نسيمي
59 قتلة نسيمي البغدادي:

غالب المؤرخين ذكروا أن نسيمي الشاعر صاحب النحلة المعروفة ب (الحروفية) قد قتل في هذه السنة، و بعضهم بين أنه قتل سنة 837 ه، و كان من دعاة الأبطان و من صناديد الحروفية، جلب الأنظار إليه، و صار يعد أعظم خلف لفضل اللّه الحروفي.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 48

زاد خطره، و ذاع صيته، و كثر دعاته، و صار يخشي من توسع نحلته، و تدعمها النزعة الشعرية، و الإذاعة القوية … مما دعا لمحاكمته، و تحقق خروجه عن عقائد المسلمين بما بثه من غلو …

كان قد مر الكلام علي أستاذه فضل اللّه و أما هو فقد اشتهر أكثر، و نال مكانة رفيعة بين القائلين بهذه الطريقة، و حصل علي ما لم يحصل عليه سابقه بل كاد يقضي علي نحلته لولاه. فقد جاهر بما تخوف منه فضل اللّه، و ديوان شعره انتشر بين رجال هذه الطائفة

انتشارا كبيرا و صار يتغني به فأثر ببلاغته و أسلوبه الأدبي السحار … و له ديوان تركي لا يقل بلاغة عن الشعر الفارسي، و أما شعره العربي فليس بشي ء بالنظر لبلاغته الفارسية و التركية …

قال في الشذرات: «قتل الشيخ نسيم الدين التبريزي نزيل حلب و هو (شيخ الحروفية) سكن حلب، و كثر أتباعه، و شاعت هناك بدعته، فآل أمره إلي أن أمر السلطان بقتله، فضربت عنقه، و سلخ جلده، و صلب» ا ه.

و زاد ابن حجر: « … وقع لبعض أتباعه كائنة في سلطنة الأشرف، و أحرقت كتابا كان معه، فيه هذا الاعتقاد، و أردت تأديبه، فحلف أنه لا يعرف ما فيه، و أنه وجد مع شخص، فظن أن فيه شيئا من الرقائق، فأطلق بعد أن تبرأ مما في الكتاب و تشهد، و التزم أحكام الإسلام» ا ه.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 49

و المترجم بين محب مفرط، و كاره مبغض، و لا يزال الشك حائما حول نسبته و نشأته و حقيقة اسمه و وطنه كما وقع اللبس في أمر معتقده، و الغالب أن العجم يدعون أنه منهم، و يعدونه من أكابر رجال الصوفية و مقدميهم، و ينددون بمن يقع فيه، و يحتجون علي قتله، و يعتذرون لما صدر عنه من رباعيات و قصائد و لا ينكرونها … و أصله من بغداد، من تلامذة فضل اللّه الحروفي، و هو من التركمان المنبثين في العراق و أطرافها …

كان من الباطنية، و آثاره تدل علي ذلك، و لم يتغير فيه رأينا.

و المدح و الإطراء مبناهما الدعوة له، و الدعاية لفكرته، أو التنويه بقوة أسلوبه في اللغتين التركية و الفارسية … يحاول صرف معاني القرآن عما يفهم

لغة ليحول النظم إلي مزايا الحروف، كأنه كتاب جفر، أو طلسمات و ألغاز … مما لا يحتمله منطوق الآيات، و لا يدعمه دليل التأويل …

و هؤلاء يتحاملون علي علماء الشريعة، و ينبزونهم ب (أهل الرسوم)، و (أهل الظاهر)، و (القشرية) … و شنعوا علي (ميران شاه بن تيمور لنك) بسبب قتله (فضل اللّه الحروفي) و نعتوه ب (ماران شاه)، و ب (الدجال).

قال في (تذكرة المحققين) الموسومة (برياض العارفين):

«نسيمي الشيرازي اسمه السيد عماد الدين، من السادة رفيعي الدرجات، و من محققي العصر، أخذ عن السيد شاه فضل، المتخلص ب (نعيمي)، تخرج عليه، و استشهد سنة 837 ه. و علي قول بعضهم إنه قتل في حلب، و آخرون قالوا إن مرقده خارج زرقان من شيراز، شوهد

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 50

ديوانه في ثلاثة آلاف بيت» ا ه.

و أورد بعض غزلياته و رباعياته … و فيها الغالية، فلم يبال بها و ينتصر له، فكأنه لا يفهم معناها … و هكذا ترجم أستاذه فضل اللّه، و عده عارفا محققا و كشافا للمعضلات …

نعت نسيمي ب (البغدادي) في غالب المؤلفات، و منهم من قال نسيم قرية ببغداد نسب إليها و ليس بصواب و المعروف أنه لازم فضل للّه الحروفي ببغداد …

و المتصوفة الغلاة يعدونه من أساطينهم، و المسلمون يقولون بغلوه … و سبب قتله مجاهرته بما يخالف النصوص القطعية … و الرأي العام كان قد تهيج علي أمثال هؤلاء، فلا يكتفي منهم بغير القتل …

اعتمدوا في تقوية نحلتهم علي الباطنية و هم منهم ليخرجوا بالإسلام عن مزاياه التبليغية، و فككوا نظمه، و اعتبروه حروفا للقضاء علي المقصود من معانيه بهذه البدعة و قد سبق أن تكلمت علي ذلك

… فطاردهم المسلمون، و حكموا بكفرهم …

و هؤلاء توغلوا، فأذاعوا نحلتهم من طريق التصوف، و تزيوا بأزياء مختلفة للتعمية، و هم من أصحاب (وحدة الوجود)، و (الاتحاد)، و (الحلول)، و (التناسخ) … أو قل عقيدتهم (عبادة أشخاص)، و البكتاشية من أكبر المعتنقين لمقالة الحروفية، و كانوا أيام بكتاش ولي لا يعرفونها، و إنما أدخلها علي الأعلي من تلامذة فضل اللّه الحروفي.

رأينا في الكتب المعاصرة إطراء زائدا لأرباب هذه النحلة، و فيها النقل عينا من رياض العارفين لترجمة نسيمي و فضل اللّه، و في هذه

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 51

الحالة لا يسعنا أن نعد اطراء مثل هؤلاء دعوة جديدة، و لا طريقة مبتكرة في التوجيه إلي هذه النحلة، و لكن ذلك قلة معرفة، و التتبع العميق يؤدي بنا حتما إلي أن رجال هذه الدعوة غلاة، و أنهم لا تزال عقائدهم مبثوثة بين ظهرانينا …

و لا يعنينا أن يعتقد المرء ما شاء، و لكن الذي نلاحظه من شؤون هؤلاء أن ندون الصحيح من تاريخ العقيدة، و أن نعلم ما تكتموا به، فلا تهمل الوجهة التاريخية، و أثرها …

و نسيمي لا يشق له غبار في الآداب التركية و الفارسية، تداولت الألسن ديوانه و مقطوعات شعره، و غالب العجم و الترك من أهل نحلته القائلين بالحروفية يحفظون له الكثير و الحق هو شاعر فحل …، أعلن ما لم يستطع أن يبوح به غيره، فأبدي شجاعة أدبية لما وهب من شعر …

رأينا فضل اللّه قد خذل، و كادت طريقته تموت لو لا أن تداركها نسيمي بنظمه و شعره الرقيق، فجددها و أحياها … جعل الفارسية و التركية و اسطتي تبليغه فمال إليه المتصوفة … و ما زال يذيع

آراءه حتي عادت خطرا، صار يخشي منها أن تحدث اضطرابا و ثورة، أو انقلابا في العقائد بحيث يصبح الإسلام لا علاقة له بأصله، و لا بتعاليم مشرعه …

و تلخص نحلة هؤلاء بعبادة الأشخاص بل ترجع إلي ما هو أوسع كالاعتقاد بأن المادة هي الأول و الآخر … فاستكبر القوم عمله، و صار لا يطاق تبليغ فكرته و الشعر أعلق بالذهن، فكان أشد وقعا … و لم يكن الناس في عقلية واحدة من خداع الكثيرين مما جلب النقمة عليه …

نقرأ الشعر البليغ، فنطرب له و إن كان خلاف ما نحن عليه من سلوك … و هذا أمر وقتي، و رغبة آنية، أو لذة في الأسلوب، كما ترتاح للغزل، أو الهزل، أو وصف الخمرة و لا تلبث أن تزول ذكري ذلك …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 52

و لكن هذا صادر من صاحب نحلة، يكرر دوما ما أراد، و يراعي أساليب متنوعة … بقصد استهواء السامع و استدراجه. و المقياس العلمي يختلف عن طريقة التلقين و التعليم …

و قد ترجمه أعوانه و أرباب نحلته قائلين:

«هو المضحي المجازف في مضمار العشق، و الشيخ المقلد، و الفدائي العظيم في كعبة الحب، أسوة السادات، السيد نسيمي قدس سره العزيز، كان من السادة الصحيحي النسب، و من الأولياء الذين لا ريب في ولايتهم، و يلقب بنسيمي لأنه ينتسب إلي ناحية نسيم في الديار البغدادية، و أصل اسمه عماد الدين، و هو من طائفة الملامية، من رؤسائهم، و الهادين لطريقتهم، اشتهر بشعره التركي في أول أمره ببلاد الروم، و ذهب إلي هناك أيام السلطان مراد خان الغازي، و له ديوان في كل لغة من اللغات الثلاث، و كان صاحب عرفان جم

في أسرار اللّه يغبط عليه، و هو من خلفاء فضل اللّه الحروفي، و من أكابر مريديه.

و الاثنان جعلا سلوكهما سائرا علي طريقة الحروف، و يريان الاثنين و الثلاثين حرفا متمثلة في شكل الإنسان و هذا المطلع مما يشير إلي الحروف:

يوزك مصحفدر أي روح مصور تعالي شأنه اللّه أكبر

و جاء في مناقب الواصلين أن السيد نسيمي لم يكن حروفيا، و إنما كان عالما بها و واقفا علي أسرارها، و لم يكن في أوائل أمره عارفا بمقامه، و لا دري أنه وصل إلي توحيد الذات، و لا علم أنه ممن فني في اللّه … !

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 53

و في آخر عمره وصل إلي عالم الغيب، و أدركته الجذبة، و اتصلت به أنوارها فلم يعد يدرك نفسه بل غاب عنها مدة، و تجرع شربة العشق، فلم تسغها حوصلته فأفشي الأسرار الواجبة الكتم، و أظهرها … ذلك ما دعا أن يقول:

هجوم ايتسه محبة بحر آسا صيغارمي برداغه أمواج دريا

و هذا البيت من أبيات كانت قد دعت إلي قتله … و يصطلح علي هذا عند المشايخ ب (قرب الفرائض)، و هو المقام الذي ينسي المرء فيه نفسه، و يري بعين معشوقه و تمثل في الخارج بقطرة تصل إلي البحر فتضمحل فيه … و من نظر إلي ظاهر ذلك رآه كفرا و لكن أرباب السرائر يعدونه إيمانا كاملا، و أهل الظاهر يسمونه كفرا أو (مقام الكفر) أو القريب منه.

فإذا كانت هذه الجذبة كاذبة- و العياذ باللّه- و لم يكن قد وصل المرء إليها، بل قلد فيها، و قالها بلا تحقيق فهو كافر …

أي مقلد أهل تحقيقه ايرش تقليدي قو أهل تقليدك بلورسن أولماز إيماني صحيح

و قد نهاه

أخوه (شاه خندان)، و كان من المشفقين عليه، و دعاه أن لا يفشي السر فأجابه:

درياي محيط جوشه كلدي كونيله مكان خروشه كلدي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 54

سرازل أولدي آشكارا عارف نحه أيلسون مدارا

يرگوگ آراسي حق اولدي مطلق سويلردف و چنك و ني أنا الحق

و من ثم أفتي أئمة العرب بقتله لمخالفة كلامه للشرع الشريف …

و سلخوا جلده، و كانوا قد نظروا إلي ظاهر كلامه فطبقوا عليه أحكام الشريعة … و كان مطمح نظرهم ظواهره، فلم يلتفتوا إلي السرائر … ! و من أراد الاطلاع علي أسرار سلوك هذا الرجل فلينظر إلي ما دونه في مقطوعاته الشعرية، و رباعياته، و لينعم فيها البصر، ليقف علي معارفه و عوارفه، و حقيقة سلوكه، و إلا فالمرء إذا كان بعيدا عن حقيقة ذلك فمن الملحوظ أنه يحمل صوابه علي الخطأ، و يقع الناس في ثلبه و قدحه، و توجه عليه اللائمة و يرمي بسوء الظن … و علي كل حال إن الظاهر دليل الباطن، و اللسان ترجمان القلب» ا ه.

و هذه الترجمة كتبت باللغة التركية نقلتها من مجموعة مخطوطة عندي، مملوءة بأنواع الغلو، له و لأمثاله، و هناك جملة أشعار فارسية.

و أوسع ترجمة رأيناها له في (عثمانلي مؤلفلري)، و سماه السيد عمر عماد الدين المعروف بنسيمي، و نقل عن عاشق چلبي أنه تركي من آمد، قال و كان من العشاق، و آثاره الشعرية التركية لها قيمتها الأدبية، فإنه قد كسا اللغة التركية ثوبا قشيبا … و ديوانه فيها مطبوع، و له ديوان فارسي (عندي نسخ خطية منه)، و النسخة الخطية الكاملة في المكتبة العامة ببايزيد في استانبول. و من ديوانه نسخة بخط سلطان أحمد الهروي نفيسة

موسوعة تاريخ

العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 55

محفوظة في مكتبة أيا صوفيا، و في هذه أكثر أشعاره الفارسية، و يقال إن نسخة من ديوانه التركي المكتوب بخطه موجودة في (مكتبة جنة زاده) في أرزن الروم.

كان يميل إلي شطحيات المتصوفة، و من جراء ذلك صلب في حلب سنة 820 ه و من أشعاره الفارسية يستبان أنه سلك نهج فضل اللّه الحروفي مما دعا إلي القيل و القال، و لكن شارح المثنوي صاري عبد اللّه يقول في أثره المسمي (ثمرات الفؤاد) بأنه من أهل العرفان.

و المنقول أنه ذهب إلي الأناضول، و وصل إلي بروسة في عهد خداوندكار الغازي (السلطان مراد) و هو من أهل نصيبين، و من أبياته العشقية:

منصور كبي هپ جوشه كلير سويلر أنا الحق هر عاشق صادق كه بوميخانه يه أوغرار

و أورد صاحب عثمانلي مؤلفلري جملة من أشعاره الفارسية أيضا، و أن (شاه نعمة اللّه ولي) بحث عن طريقته في كتابه «مناقب الواصلين» و أشار إلي أنه عارف بالحروف و في كنه الأخبار إيضاحات دقيقة عنه.

و هنا نشير أن محيي الدين ابن عربي في فتوحاته تكلم علي الحروف و سماها «الحروف العاليات»، و فيها يؤكد عقيدة هؤلاء.. و في (بهترين أشعار) جملة من الأبيات و المقطوعات و أشعاره معروفة في مجاميع عديدة …

و لا يهمنا أن نذكر كل ما قيل فيه من مدح و ثناء من رجال التصوف أمثاله، و نقول إذا كانت أقوال المرء دليل معرفته، أو ظاهرة من

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 56

ظواهر عقيدته و سلوكه فقد نطق بما أوجب قتله … و الاعتذار له، أو انتحال التوجيه أمر غير صحيح. فإذا كانت حرية العقيدة مقررة فما هذا التكتم؟ و ما هذا التخفي؟

ليجاهر كل بما عنده، ليتبين الصواب من الخطأ..! لأن المعرفة لا تستدعي القبول و التسليم.. و لا سبب لتخفي أمثال هؤلاء إلا ضعف الدليل، و تحقق ظهور البطلان، و الخذلان التام من جهة أن عقيدتهم لا تقوي علي مناقشة.

نعلم أن الإسلام جاء بالمجاهرة، و لم يأت برموز و إشارات خفية، و لغته واضحة خاطب العقول، و أورد الأدلة، و صرح علي رؤوس الأشهاد بما لديه … و منذ أمد لم يحاسب أحد علي عقيدة، و لا علي إلحاد …

و نري العقيدة الحقة سائدة لم تتزعزع، و لم يطرأ عليها خلل، كان و لا يزال القرآن الكريم يبطل كل سر، و هو ظاهر علي الكل بنصوع حجته …

نعت هؤلاء غيرهم بالجهال، و المقلدة، و أهل الرسوم، و ظنوا أنهم أدركوا الحقيقة.. فلم يتقنوا إلا سب العلماء و نبزهم، و التهويل بما عندهم. فيود السامع أن يعرف ما عندهم، و لكنه لا يلبث أن يري هذه الأقوال فارغة، يكررها المبتدعة في أكثر الأحيان …

يقول هؤلاء بعبادة الأشخاص، و تلخص مطالبهم العملية:

1- في العشق، بحيث ينسي المرء نفسه، و يرددون ذكر ذلك، و يبدون محاسن المحبوب، و وصف خده وقده، و سائر زينته من حاجب و زلف، و مجالس شرب، و تردد إلي الحانة … فيعدون ذلك الموصل إلي الغرض، فيتمرنون علي التمتع بالملاذ، فلا شأن لهم غير ذلك، و لا هم لهم إلا أن تنجلي في المحبوب صفات الجمال، فيعدونه (مظهر التجلي) أو (محل الظهور) … و من حاز هذه الأوصاف فهو المعبود عندهم … منهمكون بالخمرة، يعتبرونها روح الحياة فهم عبادها أو عشاقها …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 57

و الخيال يغلب علي هؤلاء، تلعب

بلبهم الأهواء، فلا يطربون لغير الملاهي، و لا يرغبون لأمر سوي الأنس و التمتع بالملاذ …

2- رفع التكاليف: تأمينا لهذه الرغبة، و تطمينا للأهواء لقنوا فكرة رفع التكاليف، يقولون نريد صفاء الباطن، و يرتكبون الموبقات، أو لا يبالون بها، و يرون التكاليف عدوة للباطن بل يعتبرونها عثرة في سبيل الموبقات … و كأن طهارة الباطن لا يتيسر الجمع بينها و بين الظاهر، أو أن الشريعة إذا أمرت بالعمل الصالح تريد الظواهر، و لا يودون أن يلتفتوا إلي آية وَ نَهَي النَّفْسَ عَنِ الْهَوي يقولون بتطهير القلب و لا يبالون بانتهاك الحرمات … ! فهم الإباحية حقا، و قدوتهم خيام و أبو نواس …

3- التأويل و التحريف: صرف هؤلاء معاني القرآن إلي مزاعم يقصدون بها إبطال أحكامه أو كما يقال رفع التكاليف، فجاؤوا برموز حرفية، أو معادلات جبرية ليستغنوا بها عن العلاقة باللغة، و الاتصال بالمعني، فلم يقولوا الفروض المشروعة ذلك ما دعا صاحب كشف الظنون أن يقول عن نسيمي (قتل بسيف الشرع) و سنعود للبحث عند الكلام علي الآخرين منهم في العراق …

60 حوادث سنة 822 ه- 1419 م

61 دوندي:

و هذه بنت السلطان حسين الجلايري، كانت بارعة الجمال، ذهبت إلي مصر مع عمها السلطان أحمد فتزوجها الملك الظاهر برقوق، ثم فارقها فتزوجها ابن عمها شاه ولد ابن الشيخ علي بن أويس، فلما مات السلطان أحمد أقيم شاه ولد مكانه، فدبرت مملكته حتي قتل، و أقيمت هي بعده في السلطنة، فحاصرها محمد شاه بن قرا يوسف في بغداد لمدة سنة، فخرجت في الدولة حتي صارت إلي واسط، و ملكت تستر،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 58

و أقاموا معها محمود شاه بن شاه ولد، فدبرت عليه أيضا فقتل، لأنه كان ابن غيرها،

و استقلت بالمملكة …

و في الغياثي أنه خلفه أخوه أويس سنة 822 ه، و في الجنابي سنة 819 ه.

أما دوندي فإنها في سنة 819 ه قد استقلت ثم غلبت العرب بالبصرة، و صار في ملكها الحويزة و واسط، و يدعي لها علي منابرها و تضرب السكة باسمها إلي أن ماتت في هذه السنة و قام بعدها ابنها أويس بن شاه ولد، و تحارب هذا و أخاه محمدا (حاكم البصرة) مدة ثم سار إلي بغداد بعد شاه محمد بن قرا يوسف فقتل في الحرب بعد سبع سنين من ولايته …

هذا. و عندنا التسمية بها معروفة إلي الآن في بغداد باسم (دندي) …

62 وفيات
63 1- ابن الكويك التكريتي:

في هذه السنة توفي شرف الدين أبو طاهر محمد بن عز الدين أبي اليمن محمد بن عبد اللطيف بن أحمد المعروف ب (ابن الكويك) الربعي التكريتي، ثم الاسكندري نزيل القاهرة الشافعي، و قد قرأ عليه جماعة هناك، و كان شيخا دينا، ساكنا … من بيت رياسة.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 59

64 حوادث سنة 823 ه- 1420 م

65 شاه رخ- قرا يوسف (وفاته)

في هذه السنة قصد شاه رخ حرب الأمير قرا يوسف، فلما سمع هذا وافي لملاقاته، و استعد الفريقان للنضال، و كان آنئذ الأمير قرا يوسف في أوجان. و في يوم الخميس 7 ذي القعدة وجد ميتا موتا عاديا، شوهد مطروحا علي الأرض، ففر من كان معه، و انتهب التركمان أمواله و خزائنه حتي لم يبقوا علي جسده لباسا … و لم يكن أحد من أولاده حاضرا، و نهبوا خيمته و تركوه في العراء، و بعضهم قطع أذنه لأخذ قرط فيها … و بينا هو علي هذه الحالة إذ جاءه الاختاجية فنقلوه إلي أرجيش حيث دفن في مقبرة آبائه و أجداده.

و في جامع الدول:

«يحكي أن شاه رخ لما توجه إلي قرا يوسف أمر القراء فقرأوا سورة الفتح اثني عشر ألف مرة، فتم الفتح بلا جدال ببركة القرآن العظيم … » ا ه.

و مثل هذه الرواية في كلشن خلفا.

و هذا غير مستبعد من عقلية القوم، جعلوا القرآن العظيم (تعاويذ) و (طلسمات) أو (مجموعة رقي) و أبطلوا الغاية الأصلية منه و هي الإرشاد و الهداية، فأكسبوه شكلا ماديا. فإذا قال فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ ظنوه طبيبا لأبدانهم … !!

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 60

66 ترجمة الأمير قرا يوسف:

مضي بعض ما قام به من الأعمال الحربية و السياسية.. و أهم ما فيها سعيه الحثيث لتوسيع نطاق سلطنته، كان في نضال مع المجاورين و دخل في معارك و بيلة … دامت مدة سلطنته نحو 14 سنة اعتبارا من تاريخ استيلائه علي تبريز، و توفي عن عمر يناهز 65 عاما، و كان شجاعا موفقا في حروبه، لم يجمع في خزانته مالا كبيرا فهو سخي يبذل ما لديه لأنه في أيام تأسيس دولته.. أعلن

أولا سلطنة ابنه پير بوداق، و هذا توفي قبله، و له من الأولاد (الأمير اسكندر)، و (ميرزا جهان شاه)، و (الأمير شاه محمد)، و (الأمير اسپان)، و (الأمير أبو سعيد) و من هؤلاء شاه محمد تخلصت له حكومة بغداد و استقل بإدارتها إلي أن هزمه أخوه الأمير أسپان.

و جاء في الأنباء عن المترجم بما نصه:

«كان في أول أمره من التركمان الرحالة، فتنقلت به الأحوال إلي أن استولي بعد اللنك علي عراق العرب و العجم، و ملك تبريز و بغداد و ماردين و غيرها، و اتسعت مملكته حتي كان يركب في أربعين ألف نفس و كان نشأ مع والده، و تغلب علي الموصل، ثم ملكها بعده. و كان ينتمي إلي أحمد بن أويس، و تزوج أحمد أخته، و كان يكاتب صاحب مصر و أبوه ينجد أحمد بن أويس في مهماته، ثم وقع بينهما (و هكذا مضي في ذكر وقائعه مما مر الكلام عليه إلي أن قال:) مات في ذي القعدة سنة 823 ه و قام من بعده ابنه اسكندر بتبريز، و استمر محمد شاه ببغداد.

و كان قرا يوسف شديد الظلم، قاسي القلب، لا يتمسك بدين و اشتهر عنه أن في عصمته أربعين امرأة، و قد خربت في أيامه و أيام أولاده مملكة العراقين..» ا ه.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 61

و الأوصاف الأخيرة من الظلم و القسوة، و عدم التمسك بدين ذكرها مؤرخون عديدون …

67 قال في المنهل الصافي:

« … عاد إلي تبريز في جمادي الأولي سنة 823 ه فمرض بها و مات في 4 ذي القعدة.. و أراح اللّه الناس منه، نسأل اللّه أن يلحق به من بقي من ذريته، فإنه هو و أولاده الزنادقة الكفرة كانوا

سببا لخراب بغداد و غيرها من العراق و هم شر عصبة، لا زالت الفتن في أيامهم ثائرة، و الحروب قائمة إلي يومنا هذا، و طالت مدتهم بتلك البلاد التي كانت كرسي الإسلام، و منبع العلم و مدفن الأئمة الأعلام، و قد بقي إلي الآن من أولاده جهان شاه بن قرا يوسف صاحب تبريز و غيرها، و الناس علي وجل لكونه من هذه السلالة الخبيثة، النجسة فاللّه يأخذه من حيث يأمن … » ا ه.

68 قرا يوسف- زوجته:

و جاء في جامع الدول أنه «كان شجاعا مقداما» جرت بينه و بين عسكر الأمير تيمور عدة معارك و حروب، فاستولي علي عراق العرب، و أخرج منه صاحبه السلطان أحمد الجلايري … و لما هرب من تيمور ثانية قبض عليه و علي السلطان أحمد في دمشق و حبسا … و كان أمير أمرائه پير عمر بيك يحصل شيئا من سقاية الماء فيصرفه في مؤنة صاحبه قرا يوسف و السلطان، ثم انتسب پير عمر إلي خدمة الأمير شيخي نائب دمشق … و في أثناء ذلك بلغ نائب دمشق أن زوجة قرا يوسف معها قطعة من اللعل لا يملكها أحد من الملوك، فطلبها منها فأنكرتها، فأمر النائب المذكور بعقابها فقالت سرا للأمير پير عمر بيك أن اللعل معي بين خلال شعري، فأوصلها بعد هلاكي إلي زوجي، ثم أمرها زوجها قرا يوسف بدفعها إلي النائب المذكور و تخليص نفسها من العقاب ففعلت

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 62

و تخلصت، فولد لقرا يوسف جهان شاه في مدرسة ماردين لأنه هرب من دمشق، و وصل إلي ماردين فأكرمه صاحبه للحقوق السابقة بينهما. و لما عاد تيمور من الروم ولي العراق لحفيده ميرزا أبي بكر بن

ميرانشاه و أرسله إلي بغداد و أمده بحفيده الآخر ميرزا رستم بن عمر شيخ، فساروا و قاتلوا قرا يوسف قرب الحلة، و قتلوا أخاه يار علي بن قرا محمد، فانهزم قرا يوسف منهم فهرب إلي مصر قبض عليه و علي السلطان أحمد.. بأمر الأمير تيمور و حبسهما فولد لقرا يوسف في المحبس ولد سماه پير بوداق، فتبناه الجلايري، و بقيا في الحبس إلي أن وصل خبر وفاة الأمير تيمور إلي صاحب مصر فأطلقهما … (و قد فصل حوادثه بعد ذلك و قال:) فاستولي قرا يوسف علي جميع أذربيجان، و اجلس ابنه پير بوداق علي سرير من ذهب، و جعله سلطانا و خطب له لأجل أن السلطان أحمد كان قد تبناه، و كان قرا يوسف يقوم بين يديه … و لا يجلس بدون الإذن و الإشارة منه، و أمر أن يكتب علي الفرامين و المناشير بهذه العبارة (پير بوداق يرلغندين أبي النصر يوسف بهادر نويان سوزميز) …

(ثم ذكر وقائعه مع السلطان أحمد و خارج العراق و قال) و توفي في أوجان يوم الخميس 7 ذي الحجة سنة 823 ه … و كان عمره (65) سنة و مدة سلطنته 14 سنة و أياما. و كان شجاعا مقداما، مظفرا في حروبه، جوادا، لا يجتمع في خزانته أموال قط لفرط جوده و بذله … » ا ه. و فيه يشاهد أن تاريخ الوفاة مختلف فيه … و هنا قصة زوجته مما تلفت الأنظار فقد تفادت له، و أبدت أخلاقا عالية في سبيل نفعه و لو بتقديم حياتها في مرضاته … كما أن التنديد به من جراء ما وقع من حروب و انتهاك حرمات فذلك شأن كافة الملوك و الأمراء

آنئذ … و لعل السبب في توجيه النقد عليه من جراء أنه و أمثاله من التركمان قد ازعجوا مواطنهم، و الأقطار المجاورة بما أحدثوه من زعازع و حروب و كل واحد منهم يأمل أن يكون هلاكو أو تيمور … ! فكان ضررهم أكبر من

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 63

أولئك، فلم تقف أمورهم علي حرب فيذهب البؤس بعدها.. تتكرر كل حين و الناس في اضطراب و ارتباك … كل يوم فزع و تشوش … ! و إلا فالمؤرخون الآخرون يرون أوضاعه اعتيادية كأمراء زمانه …

قال في أحسن التواريخ: «كان موصوفا بالعدل و الإنصاف، و بالكرم و الرأفة و بمكارم الأخلاق و يمتاز بنعوت كثيرة، و خصال عديدة، و كان في كافة أوامره و نواهيه يراعي خوف اللّه … و الناس في هذه الحالة علي دين ملوكهم، سلكوا نهجه … و دأبه الوقيعة بالظالمين، و رعاية المظلومين، و سعيه مصروف لتكثير الزراعة، و استمالة الزراع، و له خيرات و مبرات، و انعامات علي الجيش، ديدنه تحسين حالة الموقوفات و قاعدته من عدل ملك و من ظلم هلك. و له حروب كبيرة … » ا ه.

و قال العيني: «كان من جملة التراكمة الرحالة في بلاد المشرق، فترقت به الأحوال إلي أن ملك تبريز و بلادها، و بغداد و ماردين و غير ذلك … » ا ه.

و له ترجمة في الضوء اللامع و لا نري ضرورة لا ستنطاق مؤرخين عديدين … و هذا يكفي للتعرف، و المتضرر يتكلم بما مر من النقد و الذم، و المشاهد ينطق بما ذكر من المدح … و الكل صادق فيما بين، و الرجل قد ضر و نفع، و قتل و أحيا

… أو جمع بين النقيضين … و ما جري ما جري إلا لأن القوات متوازنة بين الأمراء المعاصرين و لم يطفح كيل أحدهم ليتمكن و يعيش الأقوام براحة … و بوفاته تفرق أولاده، و انحلت المملكة، و كاد يقضي عليها لو لا أن تداركها خلفه الأمير اسكندر …

و التفاوت في نعته بالظلم و القسوة، و العدل و الرأفة كبير. و الكل متفق علي أنه شجاع جواد … و يعد من الأعاظم لو لا أن المجال ضيق، و الحكومات

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 64

النقوش علي باب الطلسم- عن دار الآثار العراقية

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 65

المجاورة لم تذعن له و أبدت عين ما أبداه و قابلت شدته بمثلها …

69 ملحوظة:

كاتب ديوانه (أبو يزيد). و هذا كان قد تدرب به يعقوب شاه بن أوسطا علي الأرزنجاني و كان ابن أخ زوجته … انتقل يعقوب شاه مع عمته إلي الديار المصرية و كان يعرف ألسنة عديدة، و تقدم بمصر …

70 حوادث سنة 824 ه- 1421 م

71 سلطنة الأمير اسكندر:

كانت وفاة قرا يوسف قد ولدت ارتباكا و انحلالا، فدهش القوم لموته، و تفرقوا أيادي سبأ … و من ثم توجه شاه رخ إلي تبريز للاستيلاء عليها بلا مانع و لا صاد. أما أسپان فقد ذهب إلي بغداد، و كذا جهان شاه. و مضي أبو سعيد إلي جصان. أما الأمير اسكندر فقد كان من الشجعان المشهورين، لم يبلغ مرتبته أحد من رجال طائفته، فلم يستكن، اجتمع إليه إثر وفاة والده أكثر أصحابه، و ولوه عليهم بكركوك و حينئذ ذهب إلي شاه رخ، و قاتله يوم الاثنين 27 رجب هذه السنة. (و في الغياثي كان ذلك سنة 825 ه) في موضع يقال له (يخشي) من حدود اشكرد (و في الغياثي بأوج كليسا)، دامت الحرب بينهما يومين كاملين و قتل من الطرفين خلق كثير. و في اليوم الثالث انهزم الأمير اسكندر إلي جهة الفرات، و من هناك حول عزمه إلي أنحاء ماردين حذرا من هجوم عثمان بيك، فسار هذا لقتاله، و صار معه كوكجه موسي مع قوم (دكر) في حين أن أخته كانت تحت الأمير اسكندر. و لما التقي الجمعان قرب

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 66

ماردين شاهد كوكجه كثرة جيوش الأمير اسكندر، فانحرف من عثمان بيك و عاد إلي ناحية الأمير اسكندر و معه أصحابه من قوم دكر، فاستمر القتال نحو 25 يوما فعظم جمع اسكندر و ضعف جيش عثمان، و جرح في المعركة، و كاد

يؤسر لو لا أن أنقذه ولده علي بيك (والد حسن بيك الطويل)، فثبت حتي انتصر..

أما شاه فإنه بعد الفتح عاد إلي خراسان، و عند ذلك رجع الأمير اسكندر إلي دار ملكه تبريز، فجلس علي سرير حكمها، و استولي علي أذربيجان.. و من ثم ابتدت حوادث أيامه، و طالت الحروب بينه و بين شاه رخ و سائر المجاورين، و غالبها مما لا يخص العراق، فلا نتعرض لها إلا قليلا.

هذا و قد مكث جهان شاه و أسپان في بغداد إلا أن جهان شاه لم يطل مقامه فيها و إنما غادرها بعد مدة، فمضي إلي تبريز …

72 أحوال العراق:

من تاريخ الاستيلاء علي بغداد إلي هذه الأيام كانت الأمور ساكنة هادئة، و لم يكدر الصفو إلا ما جري بيانه من استصفاء أموال الوالي محمد شاه … و في خلال هذه المدة كان العراق مستقلا بإدارته، و ليس له علاقة مباشرة في المعمعات التي قام بها السلطان قرا يوسف و أولاده إلي أن توفي … و من ثم ثارت الفتن، و كثر الشغب علي محمد شاه … و كانت سلطة بغداد آنئذ لا تتجاوز بغداد و المواطن القريبة منها في غالب أحوالها …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 67

73 السلطان أويس يهاجم بغداد:

في مستهل سنة 824 ه هاجم السلطان أويس بن شاه ولد الجلايري بغداد عازما علي اكتساحها، و كان قد ولي الإمارة في تستر (شوشتر) سنة 822 ه إثر وفاة أمه دوندي و لما سمع بوفاة الأمير قرا يوسف، طمع ببغداد، و سار إليها، فوصل إلي باب البلد، فضرب أصحابه الباب بالدبابيس. و شاه محمد بقي محاصرا لم يأذن بالحرب.

و كان ذلك في أواسط المحرم من هذه السنة …

و في هذه الأثناء توجه الأمير اسكندر إلي أنحاء العراق هربا من الجغتاي جيش (شاه رخ) فوصل إلي أطراف كركوك و اتفق ذلك مجي ء السلطان أويس، فلما علم بذلك خاف من الأمير اسكندر فرجع إلي ششتر.

و هناك نصوص أخري جاءت مؤيدة إلا أنه جاء في أحسن التواريخ أن الأمير جهان شاه سارع لنصرة أخيه شاه محمد، فوقعت حرب عظيمة بينه و بين أويس فألقي القبض عليه و قتله … و هذا ناشي ء من تداخل الوقائع … و القتل هنا ليس بصواب … ففي المنهل الصافي: «بعد وفاة تندو سنة 822 ه أقيم ابنها أويس بن شاه ولد فقتله

أصبهان في المعركة بعد سبع سنين من ولايته، فأقيم بعده أخوه السلطان محمد بن شاه ولد و بقي بتستر (شوشتر) ست سنين، و مات فملك بعده السلطان حسين … » ا ه.

و مثله جاء في الشذرات و في الضوء اللامع، فلا مجال لقبول حادث قتله في التاريخ المذكور.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 68

74 حوادث الحلة
75 بين خفاجة و ربيعة:

في هذا التاريخ وقعت الحرب بين قبائل ربيعة، فاستنجدوا بقبيلة خفاجة، و كان أميرها إذ ذاك عذرة (عذرا) … فوصل إلي الحلة، طمع فيها لما رأي فيها من أموال و خلوها من حاكم ذي شوكة و منعة …

فحاصرها و استولي عليها يوم السبت 17 المحرم سنة 824 ه فانتهبها و قتل منها جماعة و تساقط أهل البلد خوفا منه، و خرجوا إلي الجانب الآخر …

جري ذلك كله و الشاه محمد ببغداد لا يبدي حراكا …

76 ربيعة:

هذه القبيلة قديمة في العراق. قال ابن خلدون: «أما ربيعة فجازوا بلاد فارس و كرمان، فهم ينتجعون هنا لك ما بين كرمان و خراسان.

و بقيت بالعراق منهم طائفة ينزلون البطائح و السيب إلي الكوفة، و منهم بنو صياح (مياح) و معهم لفائف من الأوس و الخسرج، فأمير ربيعة اسمه الشيخ ولي، و علي الأوس و الخسرج طاهر بن خضر … » ا ه.

و لا تزال ربيعة تسكن العراق، و منها مياح، و السراي (السراج)، و بنو عمير، و تساكنها قبائل عدنانية أخري مثل كنانة و كعب. و إمارتها في (تغلب) و لا تزال محتفظة بنخوتها (تغالبة)، و أمير ربيعة اليوم محمد بن

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 69

حبيب الأمير، و مواطنهم في لواء الكوت و في صدر الغراف …

77 قبيلة خفاجة:

من قبائل العراق القديمة، مواطنها في أنحاء المنتفق، في قضاء الشطرة و تفرق منها جماعات كبيرة، و صغيرة في جهات أخري كالحلة و كربلاء و بغداد و ديالي. قال ابن خلدون: «و كان من بني عقيل خفاجة بن عمر بن عقيل. انتقلوا إلي العراق، فأقاموا به، و ملكوا ضواحيه، و كانت لهم مقامات و ذكر، و هم أصحاب صولة و كثرة، و الآن هم ما بين دجلة و الفرات … » ا ه.

و جاء في السمعاني: «خفاجة اسم امرأة. هكذا ذكره لي أبو أربد الخفاجي في برية السماوة، ولد لها أولاد و كثروا، و هم يسكنون بنواحي الكوفة، و كان أبو أربد يقول: يركب منا علي الخيل أكثر من ثلاثين ألف فارس سوي الركبان و المشاة، لقيت منهم جماعة كثيرة، و صحبتهم.

و المشهور بالانتساب إليهم الشاعر المفلق أبو سعيد الخفاجي، و كان يسكن حلب، و

شعره مما يدخل الأذن بغير إذن» ا ه.

و يعدون الآن في عداد الأجود من قبائل المنتفق، و اليوم قبيلتهم قوية … لكنها لم تكن لها الرياسة كما عينها المؤرخون. قال ابن بطوطة: «سافرت- من النجف- إلي البصرة صحبة رفقة كبيرة من عرب خفاجة، و هم أهل تلك البلاد، و لهم شوكة عظيمة، و بأس شديد و لا سبيل للسفر في تلك الأقطار إلا في صحبتهم … » ا ه.

و الحالة القبائلية عندنا متبدلة جدا، فلا تقف عند وضع و رئيسهم اليوم صقبان آل علي، و في الحلة قسم كبير منهم لا يزالون أصحاب سلطة و مكانة كبيرة … و رئيسهم إبراهيم آل سماوي.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 70

78 أبو علي في الحلة:

ثم دخل الحلة شخص من الأنبار يقال له (أبو علي)، كان جرائحيا، و له بسطة في بغداد، و كان فارسا جلدا، و له أخ اسمه ناصر الدين علي ما جاء في رسالة من عند السلطان أويس إلي عذرة أمير خفاجة مقررا له مالا علي حفاظ بلد الحلة، فوجده قد فعل ما فعل، و أقام أبو علي مع نائب الأمير عذرة لاستيفاء المال المقرر فشرعوا في بيع ما يخلف من الثمرة العتيقة، فلما استوفي نائب عذرة المال توجه إلي أميره، و حكم أبو علي الحلة، و كان حسن السيرة، و استمر مدة ثلاثة أشهر و عشرين يوما، و حاكم بغداد إذ ذاك الشاه محمد.

79 وفيات
80 عبد الملك البغدادي:

هو عبد الملك بن سعيد بن الحسن نظام الدين الدربندي الكردي البغدادي الشافعي، ولد في شعبان سنة 749 ه سمع ببغداد علي أصحاب الحجار، صحب النور عبد الرحمن الأسفراييني البغدادي، و تخرج به، و تسلك و لازم الخلوة كثيرا، و دخل دمشق، و تردد لمكة مرارا، و جاور فيها غير مرة، و توجه منها إلي اليمن في أول سنة 816 ه و عاد منها إلي مكة في منتصف التي تليها، و أقام بها حتي مات غير أنه توجه لزيارة المدينة في بعض السنين و عاد منها، و باشر في مكة وقف رباط السدرة بعفة و صيانة و وقف كتبه بها، و حدث. سمع منه الطلبة.

و كان عالما صالحا … له إلمام بالفقه و طريق الصوفية، و يذاكر بأشياء حسنة من أخبار المغل و ولاة العراق المتأخرين. مات في جمادي الأولي سنة 824 ه بمكة و دفن بالمعلاة.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 71

و أصحاب الحجار منهم الحسن بن سالار راجع المجلد

الثاني.

81 حوادث سنة 825 ه- 1422 م.

82 القضاء علي أمراء بغداد و أعيانها:

كان السلطان أويس الجلايري حين توجه إلي بغداد قد أرسله الأمراء و الأكابر في بغداد، فعلم الشاه محمد بالجميع، و قبض علي جماعة منهم فقتلهم يوم الأحد 11 جمادي الأولي سنة 825 ه و بينهم وزيره الخواجة مسعود، فكانت المصيبة كبيرة، و مؤلمة جدا …

83 الأمير درسون في الحلة:

و هذا الأمير توجه من تلقاء نفسه إلي الحلة دون أن يأمره الشاه محمد، و كان أمير الديوان، فسار و معه أربعمائة فارس، فخرج أبو علي، و دخل هو في ذي القعدة سنة 825 ه.

84 حوادث سنة 826 ه- 1423 م

85 السلطان أويس- هجومه علي العراق:

في السنة السابقة توجه ميرزا إبراهيم بن شاه رخ من شيراز إلي تستر، و لما سمع به السلطان أويس، و علم أنه لا طاقة له به تركها، فاحتلها الميرزا، و من ثم مضي أويس إلي واسط و الجزائر، و من هناك جاء إلي الحلة، فوصل إليها يوم الاثنين 4 رجل سنة 826 ه و كان بها

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 72

الأمير درسون، و دخل عسكر السلطان و قد قطع الجسر و لم يتغير علي البلد شي ء.

أما درسون فقد توجه إلي تبريز ذاهبا إلي الأمير اسكندر، و لم يعرج إلي بغداد، لما رأي من لينة الشاه محمد وركة حاله … ثم إن السلطان أويس طمع في بغداد، فتوجه من الحلة إليها، و حاصرها من الجانب الغربي، فلم يقدر عليها، و رجع إلي الحلة … حكم بها مدة سنة، و توفي يوم الأربعاء 9 شعبان 827 ه … و كان وزيره تاج الدين بن حديد من أهل الحلة، و توفي هذا يوم الجمعة 4 ربيع الآخر سنة 828 ه.

86 الفاضل الأسدي:

هو الشيخ أبو عبد اللّه المقداد بن عبد اللّه السيوري الحلي الأسدي. كان عالما فاضلا متكلما. له كتب منها:

1- شرح نهج المسترشدين في أصول الدين.

2- كنز العرفان في فقه القرآن.

3- التنقيح الرائع في شرح مختصر الشرائع.

4- شرح الباب الحادي عشر.

5- شرح مبادي ء الأصول.

6- الأسئلة المقدادية.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 73

7- الاعتماد في شرح واجب الاعتقاد. و طبع باسم (منهج السداد) سهوا.

و الأخيران ذكرهما صاحب الذريعة إلي تصانيف الشيعة. و هو من تلاميذ الشهيد و فخر المحققين. و ترجمته مبسوطة في روضات الجنات. توفي يوم الأحد 26 جمادي الآخرة سنة 826 ه، أرخ وفاته تلميذه

الشيخ حسن بن راشد الحلي. ذكره في الذريعة و ممن أخذ عنه الشيخ أحمد بن فهد الحلي.

87 ملحوظة:

الشهيد هو محمد بن مكي العاملي الجزيني من الشيعة الاثني عشرية، عالم مشهور بالشهيد الأول، و له اللمعة في الفقه معروفة، طبعت علي الحجر في إيران. و كان قد جاء ذكره في الأنباء، و في الشذرات بنعت (العراقي النصيري) ظننت أنه غير الشهيد، و هو لم يكن نصيريا و لا عراقيا، فاقتضي تصحيح ما جاء هناك، و يعد من الواردين إلي العراق و الآخذين عن علمائه …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 74

88 حوادث سنة 827 ه- 1424 م

89 السلطان حسين بن علاء الدولة في الحلة:

هو ابن علاء الدولة ابن السلطان أحمد الجلايري، ولد في سجن عادل جواز و تربي هناك و كانت أمه من الجغتاي. عاش عند الأمير عثمان البايندري، فطلبه السلطان محمد قبل وفاته بأربعة أشهر. فلما توفي حكم السلطان حسين بالحلة في أول نهار الجمعة 10 شعبان سنة 827 ه، و هو آخر سلاطين الجلايرية، و كان سيي ء السيرة، فاسقا … و لكن هذا التاريخ مضطرب لما سيأتي من وقائع …

و من هذا- إن صح الخبر- إن السلطان أويس توفي قبل هذا التاريخ فخلفه أخوه السلطان محمد و بوفاة هذا ولي السلطان حسين …

90 حوادث سنة 828 ه- 1425 م

91 الأمير أسپان- بغداد:

من حين توفي قرا يوسف توجه الأمير أسپان إلي شاه محمد في بغداد و هذه المدينة من ذلك الوقت تمزقت أشلاؤها، و توزعت سلطتها، و تفرقت بيد الكثيرين، فأقام الأمير أسپان في الجانب الغربي بعمارة السلطان أحمد فرأي أحوال شاه محمد لم تجر علي سداد و روية، فاغتنم الفرصة، و توجه إلي الدجيل و كانت هذه المقاطعة لميرزا علي بن شاه محمد، فشكاه عند والده فعوضه بغيرها و قال له لا أنازع أخي.

ثم توجه الأمير أسپان إلي حربي، و كانت لزينل ابن ميرزا علي فأخذها و جعلها مقرا له، و جبي أموال الدجيل إلي تكريت فلم يعارضه

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 75

أحد، و قد وقف عند هذا الحد، إلا أنه دخل الحمام يوما بحربي ففاجأه ميرزا علي و كبسه في وسط الحمام، فهرب أسپان، و صعد إلي سطح الحمام، و جمع عسكره و ساق علي الميرزا ففر منه، و عبر (الشريعة الجديدة)، و توجه إلي بغداد.

أما أسپان فقد عبر دجلة، و مضي إلي أنحاء الخالص، و تجاوز ديالي، فاستولي علي طريق

خراسان، و مهروذ، و تصرف بأموالها …

و شاه محمد في هذه الحالة أيضا ساكت عنه، قال: البلدة تكفينا، و لتكن الولاية (الأعمال و المضافات) لأخي، و لكن الميرزا عليا يتحفز للوثوب علي الأمير أسپان، فخرج يوما إلي حدود بعقوبة، و كان أسپان قد سار إلي جصان و ترك (الزاهد) ببعقوبة فعبر شط ديالي، و كبس الزاهد فهرب إلي جصان، و قتل ميرزا علي جماعة، و نهب مقدارا وافرا من الخيل و الأمتعة، و هتكت نفوس كثيرة من الجانبين، فرجع و لم يخرج بعدها …

و استمرت هذه الحوادث إلي سنة 829 ه.

92 ملحوظة:

ورد أسپان بلفظ (أصبهان) كما في الأنباء و الشذرات، و في جامع الدول بين أن أصل اسمه (أسبهان) فخفف إلي (أسپان) و سماه بعضهم أصفهان و آخرون (أسبند) …

93 الطاعون:

في هذه السنة وقع طاعون عام، و عظيم في الموصل و ديار بكر و الجزيرة …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 76

94 وفيات
95 1- ابن الفصيح:

هو أحمد بن عبد الرحيم بن أحمد الفصيح الكوفي الأصل ثم البغدادي، ثم الدمشقي، شهاب الدين نزيل القاهرة. كان جده من أهل العلم و الطلب للحديث، و حدث أبوه بالسنن الكبري للنسائي، و تفرد بها عن ابن المرابط بالسماع، و كان حنفي المذهب …

96 2- فضل اللّه البغدادي:

هو فضل اللّه بن نصر اللّه بن أحمد التستري الأصل البغدادي الحنبلي، أخو قاضي الحنابلة محب الدين، كان قد خرج من بلاده مع أبيه و أخوته، و طاف هو البلاد، و دخل اليمن، ثم الهند، ثم الحبشة، و أقام بها دهرا طويلا ثم رجع إلي مكة، فالقاهرة.

97 3- ابن عنبة: (مؤرخ)

السيد جمال الدين أحمد بن علي بن الحسين بن علي بن المهنا بن عنبة الأصغر الحسني و هو النسابة المعروف، توفي 7 صفر 828 ه في بلدة كرمان و من مؤلفاته:

1- عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب. طبعت مرارا في الهند. و منها نسخ خطية عديدة. و هي من الآثار التاريخية، و عليها عولنا في وقائع كثيرة لم نجد في غيرها إيضاحا أزيد منها و قد مر النقل عنها.

2- أنساب آل أبي طالب. فارسي للمؤلف. طبع علي الحجر …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 77

و العمدة من الكتب المعتبرة، و هي من المراجع المهمة في عصره لما احتوته من التفصيلات القيمة عن حوادث العراق و في كشف الظنون تفصيل زائد عنها … و النسخة المطبوعة غير مأمونة الخطأ … و يجب أن تستحق كل عناية، و اهتمام في تصحيحها و التحري عن نسخها القديمة … فتطبع …

98 حوادث سنة 830 ه- 1427 م

99 أحوال العراق:

إن شاه محمد لن يتجاوز حكمه بغداد، و قد استولي الأمير أسپان علي كافة الأنحاء و الأطراف المجاورة، كان مهددا بالوقيعة، و غافلا عما يجري … و قد روجعت تواريخ عديدة عن هذه الأيام، فلم نظفر بطائل … و قد عين صاحب (منتخب التواريخ) في هذه السنة انتزاع بغداد من شاه محمد و استيلاء الأمير أسپان عليها … و هذا ليس بصواب، فإنه ابتلع رقم ستة فانقلب الحادث إلي هذه السنة، و كل التواريخ تخالفه، و في أصله و هو (لب التواريخ) جاء أن الحادث كان في سنة 836 ه، فهذا غلط ناسخ قطعا، و إن حكم شاه محمد كان 23 عاما فلا يأتلف و التاريخ المذكور.

100 السلطان أويس- بغداد:

في هذه السنة سار أويس إلي بغداد لمحاربة محمد شاه بن قرا يوسف فقتل في الحرب، و لم يبق منهم من ولي الإمارة غير السلطان محمد بن شاه ولد صاحب البصرة … و بعض المؤرخين جعل هذه الواقعة متداخلة في واقعة سنة 824 ه، و الصواب أن هذه علي حالها، و هي غير ذلك … و في الأنباء عين أنه في الواقعة الأولي لم يمت،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 78

و إنما قتل في هذه المرة و في تاريخ الجنابي: «فلما قرب- السلطان محمد (حاكم البصرة)- من الموت عهد بالمملكة إلي حسين بن علاء الدولة بن أحمد بن أويس … » ا ه، و قد أكد في الضوء اللامع أن السلطان أويس قتل في هذه السنة في حرب بينه و بين محمد شاه نقلا من الأنباء، فخلفه السلطان محمد الجلايري. و هذا خلفه السلطان حسين بن علاء الدولة كما تقدم.

و الاضطراب في هذه النصوص ظاهر، و كذا

ما جاء في حوادث سنة 827 ه … و صاحب الأنباء من المعاصرين، و صاحب الضوء اللامع أخذ عنه و عن أهل العصر … و أيد قولهما ما نقله صاحب المنهل الصافي. في ترتيب أمرائهم …

101 حوادث سنة 831 ه- 1427 م
102 آل فضل: (الأمير عذرا)

في هذه السنة قتل عذرا بن علي بن نعير بن حيار أمير العرب، و استقر بعده أخوه مدلج. كذا في الأنباء. و عين صاحب الضوء أنه قتل في المحرم …

103 حوادث سنة 832 ه- 1428 م

104 حروب و معارك:

كان القتال بين شاه رخ و الأمير اسكندر، و كان جهان شاه في جانب أخيه الاسكندر فنشبت المعارك ظاهر سلماس يوم السبت 17 ذي الحجة لهذه السنة، و أبدي الأمير اسكندر في هذه الوقائع من الشجاعة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 79

ما يفوق التصور، إلا أنه لم ينجح فهرب في آخر أمره إلي جهات الروم … و كان قرا عثمان في جانب شاه رخ … و العراق بنجوة من هذه الحروب، و لكنه بانتظار ما تولده الليالي … و هذه الحروب كانت بين الرؤساء، و البلاد تدخل في حوزة الغالب الرابح لقضيته …

105 حوادث سنة 833 ه- 1429 م

106 زلزال:

في هذه السنة حدث زلزال في واسط.

107 حروب و اضطرابات:

كانت الحروب في هذه السنة مشتعلة بين الأمير اسكندر، و شاه رخ، و كذا بين البارانية و البايندرية، فلا انقطاع و لا هوادة … و تفصيل ذلك لا يهم العراق.

108 أمير العرب:

في هذه السنة قتل مدلج بن علي بن محمد (نعير) بن حيار بن مهنا أمير العرب و ليها بعد أخيه عذرا، و قتل في شوال سنة 833 ه عن بضع و عشرين سنة، و دفن بشمالي جبرين … ذكره ابن خطيب الناصرية مطولا و لخصه صاحب الأنباء، فقال: أمير آل فضل، كان قد ولي أمر العرب بعد أخيه و دخل في الطاعة، ثم وقع بينه و بين ابن عمه قرقماس قاتل أخيه عذرا فقتل هذا أيضا.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 80

109 وفيات
110 1- القاضي تقي الدين يحيي البغدادي:

ابن العلامة شمس الدين محمد بن يوسف الكرماني البغدادي ولد في رجب سنة 762 ه- 1362 م و سمع من أبيه و غيره، نشأ ببغداد و شارك في عدة علوم، و قدم القاهرة هو و أخوه في حدود الثمانمائة و كانا قد فرا من تيمور حين طرق بغداد، و حدثا بشرح أبيهما علي صحيح البخاري المسمي ب (الكواكب الدراري) فابتهج الناس، و كتبت منه نسخ عديدة، و عرف تقي الدين هذا بالفضيلة و تقرب غاية التقرب من السلطان شيخ في حال إمارته و سلطنته، و كان عالما فاضلا، شرح البخاري و سماه (مجمع البحرين و جواهر الحبرين و شرح صحيح مسلم، و اختصر الروض الأنف، و له مصنف في الطب و غير ذلك. توفي بالقاهرة في الطاعون يوم الخميس 8 جمادي الآخرة.

و في الضوء اللامع تفصيل حياته، و أهم ما فيها ذكر شيوخه علماء ذلك العصر في بغداد، و لا نري الآن تراجم للكثيرين منهم … و هم:

1- الجلال أسعد بن محمد بن محمود الحنفي، أحد تلامذة والده.

2- الشمس محمد بن سعيد المالكي.

3- الشمس الرازي الكاتب.

4- اليزدي.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3،

ص: 81

5- العز الأبو سحاقي.

6- العلاء البنبيهي.

7- العلاء الهروي الحنفي.

8- الشمس محمد المحولي.

9- الضياء الطبيب.

10- الفخر الشبانكاري.

11- مولانا زاده (في مصر).

12- الجمال ابن الدباغ.

13- الجمال ابن الدواليبي.

14- النور صالح الأيدجي.

15- المجد اللغوي (الفيروز آبادي).

16- السيف الأبهري.

17- النور علي بن يوسف بن الحسن الزرندي.

و هذه تعين العلماء المعروفين من أساتذة الإجازة العلماء و قال صاحب الضوء: رأيت له كراسة أفرد فيها أسماء شيوخه … استفدت منها أشياء. (و حاجتنا إليها أكبر)، و لكن جل انتفاعه إنما كان بوالده، فإنه لازمه سفرا و حضرا، و جاب نحو خمسين مدينة … و عدد تصانيفه ذكر منها شرح البرهان العبري، و الطوالع للبيضاوي، و شرح الشمس للأصبهاني، و الإيضاح لابن الحاجب، و الحاوي في الفقه، و شرح العزيز و مفتاح السكاكي، و شرح العضد، و شرح المواقف و سماه (الكواشف)، و الجواهر و سماه ب (الزواهر)، و تحفة المودود لابن القيم سماه (المقصود من تحفة المودود)، و الأوائل لابن حجر، و مفاخرة القلم و الدينار لابن

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 82

ماكولا، و قرأ عليه الشهاب أحمد بن شيخه الجمال ابن الدواليبي الحنبلي … و قال عندي من نظمه في الجواهر. هذا و ترجم أسرته …

و في عقود المقريزي تفصيل ترجمته …

111 2- محمد بن طاهر الموصلي:

هو محمد بن طاهر قاضي القضاة الشمس بن يونس الشافعي.

برع في الفقه و التفسير و غيرهما، و عمل تفسيرا في مجلدين، و ولي قضاء الموصل كآبائه من قبله سنين، و تموّل و فخم، و حمدت سيرته إلي أن ثار أصبهان بن قرا يوسف و عاث بتلك البلاد، فلما أخذ الموصل عذبه حتي هلك في العقوبة سنة 833 ه، و خربت الموصل بعده، و نزح عنها أهلها،

و صارت منزلا للغربان. ذكره المقريزي في عقوده.

و هذه الحادثة لا نجد لها تعرضا إلا في الأنباء علي ما سيجي ء في حوادث سنة 836 ه مما يدل علي أن أكثر الحوادث قد أغفلت …

و فقدت الوثائق المشعرة …

112 حوادث سنة 834 ه- 1430 م

113 عودة و تغلب:

كان في سنة 832 ه قد انكسر الأمير اسكندر و هرب و في أوائل السنة المنصرمة رجع شاه رخ إلي خراسان و ولي علي أذربيجان الميرزا أبا سعيد بن قرا يوسف. فعاد الأمير اسكندر و استعاد أذربيجان و قتل أخاه أبا سعيد.

و ميرزا أبو سعيد هذا كان قد ولاه شاه رخ في أوائل سنة 833 ه

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 83

أذربيجان إذ كان قد التجأ إليه هاربا من أخيه اسكندر و كانت مدة ولايته نحو سنة واحدة.

114 خراب و غلاء و وباء:

و من نتائج هذه الحروب و الفتن و لوازمها القطعية الخراب الذي عم البلاد من بغداد إلي تبريز، و الغلاء الذي استولي علي الممالك الشرقية، فقد بيع رطل اللحم بنصف دينار، و أكل الناس الكلاب و الميتات، و فشا الوباء في العراق و الجزيرة و ديار بكر، و همذان، و شهرزور و ماردين و بلادا كثيرة … و في بعض التواريخ كان ذلك في سنة 835 … و يضاف إلي ذلك بلاء آخر و هو الجراد، فإنه أكل الغلات و الزروع …

115 وفيات
116 1- القاضي تاج الدين أحمد النعماني:

هو أحمد بن محمد بن عمر … من ذرية الإمام أبي حنيفة النعمان القاضي ببغداد توفي بدمشق، اعتمده ابن عربشاه في كتابه (عجائب المقدور) لتدوين أخبار بغداد و إن صاحب الدرر الكامنة حقق بعض المطالب عنه و قال: صاحبنا، رأيته في دمشق … ولد في 11 جمادي الآخرة سنة 751 ه بالكوفة، و سمع الحديث، و برع في الفنون، و درس و أفتي، و أخذ عنه الأعيان، و كتب رسالة تشتمل علي 14 علما، و نظم أرجوزة في علوم الحديث، و شرحها، و اختصر شرح البخاري للكرماني،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 84

و ولي قضاء بغداد، فحمدت سيرته، و امتحن علي يد قرا يوسف لكونه يريد إظهار أمر الشرع فقبض عليه و جدع أنفه، و أخرجه من بغداد، ففارقها و قدم القاهرة بعد سنة 820 ه، فأكرمه المؤيد، و أجري عليه راتبا يكفيه، ثم رسم له بالتوجه إلي دمشق فما تيسر له إلا بعد استقرار الظاهر ططر، فأقام بها حتي مات في أول المحرم سنة 834 ه.

مر الكلام علي (جامع النعماني)، و ترجمة ابنه حميد الدين محمد في وفيات سنة 867 ه.

117 حوادث سنة 835 ه- 1431 م

118 الأمير أسپان- الحلة: (الجلايرية)

استمر حكم الجلايرية في الحلة من رجب سنة 826 ه، و أن السلطان حسين ابن علاء الدولة تملكها من 10 شعبان سنة 827 ه، و دامت حكومته إلي هذه السنة فاستولي عليها الأمير أسپان بعد محاصرة كانت لمرتين، فضبطها في 26 المحرم سنة 835 ه، و بهذا انقرضت دولة الجلايرية بتمامها، و لم يبق لها ذكر إلا في بطون التواريخ. كان السلطان حسين سيي ء السيرة، فكاتب أمراؤه أسپان فجاء و حاصر لأول مرة، فلم يقدر، و رحل عن البلد، ثم سار عليه

للمرة الثانية، و حاصره سبعة أشهر، فأسره في المحرم، و كان قد سلم إليه بالأمان، و ذلك أن الأمير أسپان بعد أن قبض عليه، أوعز إلي الموكلين به أن يحسنوا له الهرب، و يفروا معه جميعا، فلما هربوا أرسل أسپان وراءهم، فقبضوا عليه و قتلوه خنقا في 3 ربيع الأول أو 3 صفر سنة 835 ه علي اختلاف في ذلك، و كان وزيره عبد الكريم ابن نجم الدين من أهل شط النيل

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 85

فتوفي ليلة الثلاثاء 18 شوال سنة 830، و ولي الوزارة بعده شهاب الدين في 16 ربيع الآخر سنة 832 ه، و شنقه السلطان في باب التمغا، فولي الوزارة بعده أخوه نظام الدين. و قد مرت الإشارة إلي الحوادث المذكورة …

119 انقراض دولة الجلايرية

كان يعد انقراض الجلايرية من حين خرجت من بغداد، و تكلمنا بوقته علي بقاياها و في الوقائع المارة ما يوضح أكثر نظرا لعلاقتها بالعراق، و منها نقطع بأن هذه الحكومة جادلت، و جالدت مدة طويلة لانتزاع الملك المغصوب و استعادته، فأصابها الخذلان، و نالتها خيبة فيما قامت به … و من الحوادث المارة يتلخص لنا أن سلاطينها:

1- شاه ولد، حكم بعد السلطان أحمد نحو ستة أشهر.

2- دوندي. نحو ستة أشهر في بغداد بعد قتلة زوجها.

3- شاه محمود بالاشتراك مع دوندي من سنة 814 إلي سنة 819 ه.

4- دوندي بالاستقلال إلي سنة 822 ه.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 86

5- سلطان أويس إلي سنة 827 ه أو 829 ه أو بعد ذلك (النصوص مضطربة).

6- السلطان محمد من التاريخ المذكور علي اختلاف في ذلك إلي 10 شعبان سنة 827 ه أو سنة 829 ه.

7- السلطان حسين بن علاء

الدولة إلي 3 صفر أو 3 ربيع الأول سنة 835 ه.

و الأخير انقرضت دولة الجلايرية علي يده، فانطوي ذكرها، و لم تعد تعرف قبيلتها، و الظاهر ماعوا في البصرة و خوزستان، أو انضموا إلي مواطن القوة فاندمجوا في القبائل التركمانية المنبثة … و الملحوظ أن السلطان أويس و السلطان محمد لم تتوضح أيامهما بصورة يقينية …

و من المعلوم أن السلطان محمدا حكم البصرة و ضربت النقود باسمه فيها …

و قد مر في تاريخ الجلايرية بيان قبيلتهم و مكانتها بين قبائل المغول … و كانوا في قديم الزمان كثيرين، و لكل شعبة منهم أمير و قائد يتولي أمورهم، و يدير أحوالهم. و من عهد جنكيز إلي هذا الوقت ولي منهم في إيران و توران أمراء عديدون، ثم تولوا الحكم …

و التواريخ التي بين أيدينا لا تتعرض إلي فروعهم عند ذكر الحوادث أو بيان الوقائع الخاصة … دون تاريخ السلاطين منهم فحسب.. و قد ذكر صاحب جامع التواريخ مكانتهم القديمة قبل جنكيز، و الأمراء منهم في أيامه و أيام أخلافه و عدد أسماءهم … و بين أن لهم عشر شعب و هي:

1- جأت.

2- توقراؤن.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 87

3- قنكشفات.

4- كومسات.

5- اويات.

6- ينقان.

7- نوركيا.

8- قولاتكيقت.

9- نوزني.

10- شنقكون.

و هؤلاء نحتفظ بأسمائهم لعل هناك من يعلم عن هذه القبائل و يعين مكانها بين القبائل المنتشرة في إيران، أو الأناضول … إذ لم يعد لها ذكر عندنا …

120 حوادث سنة 836 ه- 1432 م

121 الاستيلاء علي بغداد:

كان الأمير أسپان قد اكتسح كافة أنحاء بغداد، ثم توجه إلي الحلة فضبطها و منها انحدر إلي واسط موهما أنه متوجه إلي الجزائر … فمال خفية من واسط إلي النعمانية و منها إلي سلمان الفارسي، ثم كمن في دخلة السهروردي،

و عمل السلالم، و جاء في نصف الليل إلي سور بغداد يوم الخميس 18 شعبان سنة 836 ه فوضع هو و من معه السلالم علي سور باب الحلبة «باب الطلسم» و أخذوا البلد، و جاؤوا إلي بيت شاه

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 88

محمد فوجدوه مغلقا، فضربوا الباب بالدبابيس و كسروه فهرب شاه محمد و نزل في سفينة و مضي إلي الجانب الغربي، و توجه راجلا إلي مشهد الإمام موسي الكاظم و صحبه ولده شاه بوداق و محمود الحمال، و كان السيد الجوسقي في المشهد فأعطاه حمارا ركبوه إلي الدجيل، و من هناك توجه إلي الحديثة فتلقاه حاكمها حارث بالإعزاز و التكريم، و قدم إليه الخيول الكثيرة، و اجتمع إليه جماعة، فذهبوا إلي الموصل، و أن الأمير أسپان تحري عنه كثيرا في بغداد، فلم يظفر به …

أما جماعة أسپان فقد كسروا الباب و دخلوا فلم يجدوا أحدا ففتشوا جميع البيوت و الغرف فما عثروا عليه، و أسپان هذا لم ينهب البلد و إنما اكتفي بالاستيلاء علي أموال الشاه محمد، و أخذ ما تمكن علي أخذه من ملازميه و مباشريه كلّا علي قدره، و توطن بغداد …

و قال في الأنباء: «اخرب أصبهان (أسپان) بن قرا يوسف بغداد، و تشتت أهلها منها، و قبل ذلك كان قد أخرب الموصل» ا ه.

122 وفيات
123 1- ابن الحلال البغدادي:

في جمادي الآخرة من هذه السنة توفي العلامة عبد الرحمن بن محمد الزين بن العلامة سعد الدين القزويني، الجزري (نسبة إلي جزيرة ابن عمر) البغدادي الشافعي، ابن أخت نظام الدين الشافعي عالم بغداد، و يعرف ب (الحلال) لحل أبيه المشكلات التي اقترحها العضد عليه، ولد سنة 773 ه و أخذ عن أبيه و غيره ببغداد

و غيرها، و تفقه بخاله قاضي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 89

بغداد النظام محمود السديداني و درس بالجزيرة، و برع في الفقه و القراءات و التفسير، و حج. قدم حلب و هو في سن الكهولة، و ظهرت فضائله، و دخل القاهرة سنة 834 ه … و كان إماما، علامة، مفننا، مفتيا … و كان يعده بعضهم من أئمة الدنيا في المعقولات و حل المشكلات … و كان يرجح علي العلاء البخاري … و ذكره المقريزي.

صنف في القراءات، و شرح الطوالع، و مات بجزيرة ابن عمر و نعته معاصروه بالعلم الجم و السيرة الجميلة …

124 2- وفاة طبيب نصراني:

توفي طبيب نصراني اسمه عبد المسيح، (طبيب الشاه محمد) مات من لسعة زنبور، و قد استغرب الغياثي وفاته من هذه اللسعة، و لم يتمكن من إسعاف نفسه … و كانت وفاته في المحرم سنة 836 ه و لم يعرفنا بمكانة علمه و درجة فهمه في القضايا الطبية … إلا أنه أيام شاه محمد كان له النفوذ الكبير في الإدارة و التدخلات في سياسة المملكة …

125 3- إبراهيم الشيرازي:

و هو ابن محمد بن مبارز الخنجي الشيرازي الشافعي المحدث …

أخذ عن علماء بلده، و في بغداد من الشمس الكرماني، و غياث الدين العاقولي، و لقي ببغداد الجمال العاقولي، و عبد الرحمن الأسفرايني. رفيقا للزين الخافي … مات بشيراز يوم الجمعة 16 جمادي الأولي سنة 836 و قيل 835 ه و هو من الواردين إلي بغداد و الآخذين عن علمائها …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 90

126 حوادث سنة 837 ه- 1433 م

127 الأمير اسكندر- ميرزا شاه رخ: (قتلة اسكندر)

في هذه السنة أغاز الأمير اسكندر علي شروان، و أكثر القتل و النهب و التخريب فيها، فاستغاث صاحبها بميرزا شاه رخ فتوجه إليه في ربيع الآخر سنة 838 ه. و لما وصل إلي الري لحق به ميرزا جهان شاه بن قرا يوسف و معه ابن أخيه ميرزا علي بن شاه محمد بن قرا يوسف و الأمير بايزيد ايغلو (أوغلو) من كبار أمراء قراقوينلو فأكرمهم شاه رخ و بالغ في احترامهم، و كان لحوقهم في منتصف ذي الحجة سنة 838 ه، فتوجه شاه رخ إلي أذربيجان، فلم يقابله الأمير اسكندر إذ كان قد عرف عجزه ففر إلي أرزنجان، فأخذ قرا عثمان البايندري طريقه في حدود أرزن الروم فقاتله اسكندر و ظفر به فقتله و كان ذلك في سنة 839 ه فسخر شاه رخ أذربيجان فولاها لميرزا جهان شاه و فوض إليه حكومة تلك الديار إلي حدود الروم و الشام. و لما عاد شاه رخ إلي خراسان في أوائل سنة 840 ه عاد اسكندر من الروم و قاتل أخاه جهان شاه بقرب صوفيان تبريز فانكسر اسكندر فهرب إلي قلعة النجق و تحصن بها، و حاصره أخوه و في أثناء ذلك قتله ولده شاه قباد ليلة الأحد 25 شوال سنة

841 ه. و سببه أن ابنه هذا قد عشق إحدي حظيات والده اسمها (ليلي) فحركته علي ذلك فارتكب فعلته هذه من أجلها، ثم ظفر به عمه جهان شاه فقتله قصاصا، و كانت مدة ملك الأمير اسكندر بما فيها من أيام التزلزل و الاضطراب 16 سنة.

128 شاه محمد- قتلته:

لما أن سار شاه محمد من حديثة و ذهب إلي الموصل، حكم بها،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 91

و ضبط إربل أيضا فجعل حارثا حاكم الموصل، كما أنه فوض إربل إلي ابنه ميرزا علي، و نصب عليا الأتابك علي كركوك و داقوق (دقوقا)، و اختار محمودا الجمال للإمارة، و منحه كمر سيف مذهب … و قبض في هذه البلاد علي أعوان الأمير أسپان …

ثم إن أسپان مرض ببغداد فخرج إلي مصيف قرا حسن ليلة السبت 25 شوال سنة 836 ه (كذا)، و أخذ كركوك و دقوقا، و قتل عليا الأتابك. و بعدها توجه من هناك إلي الإيوان (فوق البندنيجين بيومين) و أقام هناك مدة ثلاثة أشهر حتي شفي، و كان قد أناب عنه في بغداد سعاد تيار فعقد جماعة معه هناك أنه متي توفي أسپان سلطنوه ببغداد فسمع أسپان بذلك فأرسل مزيدا حاكما ببغداد، و عزل سعاد تيار، فلما شفي من مرضه توجه إلي بغداد و مكث فيها مدة …

و حينئذ عزم شاه محمد علي أخذ بغداد، سار إليها بقصد افتتاحها و وصل إلي كركوك و دقوقا، فاستولي عليهما، و ولي بدقوقا حسن أتاج إيلي و توجه إلي بعقوبة و طريق خراسان، فأمر بنهبها، و نهب ألوية (أنحاء بغداد)، و خرب ما مر عليه فوقع في جيشه الغلاء، فرحل عنها، و نزل علي درتنك (حلوان)، ليأكل غلتها فحاصرها …

و لو كان سار إلي الأمير أسپان حينما أصابه المرض، و ذهب توا إلي بغداد لكان له الأمل في أخذها … و لكن سبق السيف العذل … !

فلما علم أسپان بما جري مشي عليه، فلم يظفر به، و رجع إلي بغداد. أما شاه محمد فإنه توجه إلي شيخان. و ذلك أنه في هذه الحالة رعي درتنك، و ترك جيشه هناك، و صعد يحاصرها من ناحية الجبل فخرج أسپان بعسكره من بغداد يريد ملاقاته، فأرسل وراءه علي شاه،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 92

فلم يستطع اللحاق به و رحل شاه محمد من درتنك إلي جغاي، و كاوان قاصدا شيكان (شيخان) فأرسل أهل البلد قراولة نحو أربعين فالتقي هؤلاء بالشاه محمد و أصحابه، و كانوا بغير لبوس، فتصادموا، فقتل شاه محمد و أصحابه بأجمعهم يوم السبت 18 ذي الحجة سنة 837 ه، فلم يعلم هؤلاء أن هذا الشاه محمد و أصحابه، فلما تحققوا ذلك ندموا علي قتله، و دفنوا جثته ب (شيخان)، و بعثوا برأسه إلي شاه رخ …

و في جامع الدول: «سار شاه محمد هذا هاربا من الأمير أسپان إلي الموصل فسخرها و استولي علي إربل، ثم توجه إلي صوب بغداد، و أغار علي بعقوبة من أعمالها ثم سار إلي درتنك، و قصد شيخان، فظفر به الأمير حاجي الهمذاني في حدود شيخان و قتله … » ا ه.

و مثله في منتخب التواريخ. و في لب التواريخ ورد سنجان بدل شيخان و كذا جاء شيكان و الصواب شيخان بلد لا يزال معروفا في أنحاء خانقين و جاء في الضوء اللامع أنه مات مقتولا في ذي الحجة سنة 837 ه علي حصن يقال له (شنكان) من بلاد

شاه رخ، و كان شر ملوك زمانه فسقا و إبطالا للشرائع، و استقر بعده أمير زاده علي ابن أخي قرا يوسف، و طول المقريزي ترجمته في عقوده …

129 ترجمته (أيام ولايته في بغداد):

في ما مضي من الحوادث بيان لأيام ولايته علي بغداد، فقد

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 93

استولي عليها في محرم سنة 814 ه و استمر حاكما ببغداد، و انقضت أيامه بهدوء و سكينة، و الناس علي أحسن حال لمدة نحو عشر سنوات … و في تاريخ الغياثي «ثم إنه تخبط دماغه و فسد رأيه، و يقال إنه أكثر من النساء، و ركن اليهن، و صار لا يبالي بأمر المملكة و إدارتها، لحد أنه أجاز العسكر و سيبه عنه، و قال ليس لي حاجة به، الشط و السور هما عسكري، و لم يهتم بجباية الخراج بل تركه و أهمله مدة سبع سنوات، فطمع في مملكته القوم من كل صوب. و آخر من قام عليه أخوه أسپان، فاستولي علي جميع الأنحاء و هو لاه، و كذا أولاده في بغداد انهمكوا بالشرب و سائر الأهواء، ثم أخرجه من بغداد و تمكن فيها، فقتل بالوجه المشروح، و لا يؤثر عنه عمل نافع للبلاد فذهب غير مأسوف عليه … و دفن بشيخان.

و غالب أيامه قضاها ببغداد و هي 22 سنة و نصف سنة. و كان له من الأولاد شاه علي، و شاه رخ، و شاه بوداق، و شاه ولي، و شاه ملك، و قرمان و قمر الدين. و لم يحكم منهم أحد …

أما شاه علي فإنه كان في المعسكر، فلما سمع بذلك، و لم تكن له طاقة المقاومة فقد جمع إخوته، و نساءه، و نساء أبيه، و رجع إلي إربل، و

فيها ميرزا علي، فقبض عليه، و أخذ أخته خديجة سلطان. ثم بعد مدة انهزم شاه علي و جاء إلي الكرخيني فأخذها و مكث فيها، فخرج أسپان من بغداد، و سار عليه فانهزم و توجه إلي تبريز إلي جهان شاه فقبض عليه و كحله …

و قال في المنهل الصافي: «ملك بغداد و ما والاها بعد قتل شاه ولد … و استمر شاه محمد هذا في مملكة بغداد سنين حتي خربت بغداد

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 94

و ممالك العراق في أيامه، فإنه كان فاسقا زنديقا لا يتدين بدين و أبطل بتلك الممالك شعائر الإسلام و قتل العلماء و كان سماطه في رمضان يمد في ضحوة النهار كما يمد في الإفطار علي رؤوس الأشهاد و الويل لمن كان لا يأكل منه.

و كان في ابتداء أمره ربي في مدينة أربد و صحب نصاراها فلقن منهم عقائد السوء و الزندقة و الميل إلي دين النصرانية و نشأ علي ذلك خفية و والده قرا يوسف لا يعرف بحاله فلما أقامه والده قرا يوسف في ملك بغداد … أظهر العدل في الرعية و التدين و العفة عن القاذورات المحرمة عدة سنين إلي أن مات والده … فاستفحل أمره بها و تغير عن ذلك كله و أظهر اعتقاده السيي ء و تزندق و كفر و قتل العلماء و أبطل صلاة الجمعة و الجماعة و صرح باعتقاده بدين النصاري و تعظيم المسيح علي سائر خلق اللّه و كان يسأل العلماء أولا أيما أفضل الحي أو الميت فيقولون الرجل الحي أفضل فيقول ها عيسي حي و محمد ميت ثم يأمر به في الحال و لا يسمع له بعد ذلك جوابا. و كان الغالب علي دولته

و الحاكم فيها نصراني يعرف بعبد المسيح و لما فشا منه ذلك انفلّ عنه عسكره و بقي في بغداد طائفة قليلة فكثر عند ذلك قطاع الطريق في أعمال بغداد و ما والاها حتي فسدت السابلة و رحلت الناس عن بغداد فوجا فوجا و انقطع ركب الحاج من بغداد سنين و نفرت القلوب إلي أن غلبه أخوه أصبهان بن قرا يوسف و أخرجه من بغداد و ملكها من بعده، و كان أصبهان أكفر من أخيه شاه محمد و أظلم. و لما خرج شاه محمد هذا من بغداد تشتت في البلاد إلي أن قتل شر قتلة في حصن يقال له شيكان (شيخان) من بلاد شاه رخ بن تيمور لنك في ذي الحجة سنة 837 و ذهبت روحه إلي سقر … و أقيم بدله أمير زاده (علي) ابن أخي قرا يوسف في البلاد التي قتل بها و أراح اللّه الناس منه، فإنه كان شر الملوك فأولاد قرا يوسف بأجمعهم هم أوحش خلق اللّه في أيامهم خربت ممالك العراق

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 95

و أطراف العجم و دار السلام و هدمت تلك المساجد و المعاهد الجليلة فاللّه تعالي يلحق بهم من بقي من إخوتهم و أقاربهم فإنهم عار علي بني آدم لما اجتمع فيهم من المساوي ء و القبائح و لا أعلم في أولاد قرا يوسف صالحا. فأما شاه محمد صاحب الترجمة فكان نصرانيا. و أما أصبهان فكان زنديقا محلول العقيدة. و أما إسكندر فكان لا دين له و لا عقل و كان سفاكا للدماء مدمنا علي الخمر و الفسق. و أما باقيهم فأنجس و أتعس و قد أخذهم اللّه تعالي و قطع آثارهم و لم يبق منهم

غير جهان شاه بن قرا يوسف و الناس يترقبون منه كل شر. ا ه.

130 قال العيني:

«في سنة 837 ه توفي الأمير شاه محمد … متولي بغداد مات مقتولا في ذي الحجة منها علي حصن يقال له شنكان (شيخان) من بلاد شاه رخ، و كان شر ملوك زمانه، و أفسد الناس، مبطلا للشرائع متعلما من النصاري، و أقيم بدله أمير زاده علي بن أخي قرا يوسف … » ا ه.

و هذه النصوص يدل تحاملها علي كره الناس له في مختلف الأقطار، و العراق كان لا يستطيع الحركة، و لكن شنع عليه الخارج، و أظهر مساويه … فنقل المؤرخون عن نفس العراقيين و إن لم يصرحوا بأسماء من نقلوا عنه، و في الحوادث المماثلة هكذا فعلوا …

131 حوادث سنة 838 ه- 1434 م

132 البصرة- إبراهيم بن شاه رخ:

في شعبان هذه السنة أرسل إبراهيم بن شاه رخ عساكر إلي البصرة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 96

الباب الوسطاني (باب الظفرية)- عن دار الآثار العراقية

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 97

فملكوها … فوقع الاختلاف بينهم و بين أهليها، فاقتتلوا في ليلة عيد الفطر، فانهزم عسكر إبراهيم و قتل منه جماعة، فخافوا، فلم يلبث أن ورد خبر موته. و كان قد مات في رمضان … و في ابن حجر توفي في رمضان سنة 839 ه، فسرّ أهل البصرة سرورا عظيما، و وجد عليه أبوه و أهل شيراز، و كان شابا جميلا من عظماء الملوك له فضيلة تامة، و خط بديع، يضرب المثل بحسنه بل قيل إنه يوازي خط ياقوت، ملك البصرة، و كان في شيراز و أعمالها، فظهرت نجابته و تبين عدله فأضاف إليها ما والاها، و حسنت سيرته في رعيته … قال في الضوء اللامع: سمعت من يذكره بالجميل، و يعد من الخطاطين المشهورين في إيران. و المنهل الصافي لا يختلف عن النصوص

المارة.

133 وفيات
134 1- السكاكيني:

هو محمد بن عبد اللّه بن عبد القادر، الشيخ نجم الدين الواسطي السكاكيني. يقال إنه قرأ علي العاقولي، و مهر في القراءات، و النظم و الفقه … و له شرح المنهاج للبيضاوي و نظم بقية القراءات تكملة للشاطبية، و خمّس البردة، و بانت سعاد. مات في مكة في 26 ربيع الآخر.

و في الضوء اللامع هو محمد بن عبد القادر السنجاري … و ذكر من شيوخه في بغداد فريد الدين عبد الخالق ابن الصدر محمد بن محمد بن زنكي الأسفرايني الشعيبي و قاضي قضاة العراق علي الإطلاق الشهاب أحمد بن يونس بن إسماعيل بن عبد الملك التونسي المالكي، و تبحر في القراءات، فقرأ الشاطبية علي أبي العباس أحمد التروجي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 98

مدرس البرجانية (كذا و الصحيح المرجانية) ببغداد و لما أغار أصحاب تيمور علي العراق أخذت كتبه جميعها مع مقروءاته و مسموعاته و إجازاته، و لم يبق له شي ء من الكتب. حج سنة 809 ه و جاور بمكة، ثم عاد إلي العراق و تصدي بها لإقراء القرآن، ثم دخل دمشق قاصدا زيارة بيت المقدس سنة 815 ه.. و صار يتردد إلي مكة … و مات بها في 25 ربيع الآخر سنة 838 ه …

135 2- الخواجه عبد القادر المراغي:

هو ابن المولي جمال الدين غيبي المراغي، نال من المكانة و الفضل ما لم ينله غيره، و كان من ندماء السلطان حسين ابن السلطان أويس، ثم السلطان أحمد الجلايري، و هو من فحول الموسيقي و مشاهير أساتذتها، و قد بلغ الغاية في القراءة و في الشعر و الخط، كان في أوائل حاله ببغداد. أخذ الموسيقي عن والده، و يعد من فحول رجالها، و صاحب السلطان أحمد، و كان

يخاطبه السلطان ب (صديقي العزيز)، و لما أن كتب للحكومة الجلايرية الزوال، مال إلي ميران شاه، فانتظم في عداد ندمائه ثم اعتري الأمير المذكور خلل في دماغه … فأصدر تيمور أمرا بالقضاء علي الندماء المذكورين، فانتهز المترجم فرصة للهرب، و اكتسي كسوة القلندرية … ثم توصل بصورة … فقرأ للأمير تيمور لنك القرآن بصوت عال فانجذب إليه … و من ثم بسم له الدهر مرة أخري، فنال المنزلة اللائقة عنده، و حصل علي عفوه و تقريبه … و بعد وفاة الأمير تيمور صار من ندماء شاه رخ و بقي في خدمته إلي سنة 838 ه فحدث في هذه السنة الطاعون فأصيب به و مات …

و له مؤلفات عديدة:

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 99

1- شرح الأدوار. شرح به كتاب الأدوار لصفي الدين الأرموي.

و الشرح بالفارسية.

2- زبدة الأدوار. اختصر به كتاب الأدوار و شرحه و جعله كتابا مستقلا و هو فارسي أيضا.

3- جامع الألحان. فارسي قدمه إلي شاه رخ.

4- الموسيقي. كتبه قبل أن يقدمه إلي شاه رخ. رأيت مسودته.

و سنتعرض لوصف هذه المؤلفات في التاريخ العلمي و الأدبي …

و المترجم يعد من أكابر الموسيقارين وقفت الموسيقي عند هذا النابغة و صار من جاء بعده عالة عليه … و له الأثر الكبير في نقل الموسيقي العربية إلي اللغة الفارسية و عين مكانة الموسيقي المغولية و التركية من الموسيقي العربية … و في الضوء اللامع ذكر أنه أستاذ في الموسيقي، كان من ندماء شاه رخ …

و جاء في الغياثي أن الأمير تيمور، أصبح بغداد يوم السبت 21 شوال سنة 795 ه … و انهزم السلطان أحمد … ثم بعد ذلك طلب من الأهلين (مال الأمان) و هو

الضريبة الحربية التي فرضها علي الأهلين، و أخذ كل من كان من أرباب الفضل و الصنائع الدقيقة مثل الخواجه عبد القادر و غيره، و أرسلهم إلي سمرقند …

هذا. و قد أفردت له ترجمة موسعة في (تاريخ الموسيقي العراقية في عهد المغول و التركمان)، و وصفت مؤلفاته …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 100

136 حوادث سنة 839 ه- 1435 م

137 إربل و الموصل:

من حين علم الأمير أسپان بقتلة شاه محمد و ذهاب ابنه علي شاه إلي إربل سار إليها، فلما سمع حاكمها ميرزا علي نهب البلد و خربه، و أصعد بعض الناس بأموالهم إلي القلعة، و تحصن بها …

و من ثم وصل الأمير أسپان و رأي البلد قد تخرب (هو القسم الأسفل)، فاشتغل بحصار القلعة … و جرت بينه و بين ميرزا علي و أهل القلعة حروب كثيرة، فلم ينل مأربا، فاتخذ بعد خمسة أشهر أو ستة من حصاره طريقه إلقاء السم في الآبار دون أن يشعر أحد. فأضروا بالأهلين كثيرا إلا أنه لم يتيسر لهم إلقاء السم في بئر ميرزا علي، و كان يظن أن الموت قد وقع بسبب طول الحصار، فأعطاه الأمير أسپان الأمان، و حلف له أنه لا يقتله، فنزل إليه هو و أولاده، و تزوج بنته بلقيس باشا، و جعل في إربل أميرا، و رحل منها إلي الموصل، و كان قد أمر أن يدس السم إلي تشمال زينل حاكم الموصل ليقضي عليه فتم له الأمر، و استولي علي الموصل، و نصب فيها عيسي بك حاكما، ثم عاد إلي بغداد و ميرزا علي معه … و هو ابن أخي قرا يوسف كما جاء في العيني …

138 الوزير و المشعوذ- جزيرة عبادة:

بينما كان الأمير أسپان محاصرا بلدة إربل أنفذ وزيره الخواجه پير أحمد إلي جزيرة عبادة لاستيفاء أموالها، فلما وصل إليها جاءه رجل زعم أنه من نسل سلاطين استراباد يدعي نظام الدين أسد اللّه الحسيني، و كان يتظاهر بأمور تخالف الشرع، منكرا الواجبات الدينية، فأحضره الخواجة پير أحمد إلي الأمير أسپان فطلب منه أن يعلمه الأكسير حتي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 101

يبصر، فقال له هذا يحتاج إلي

أعشاب و أدوية لا يتيسر الحصول عليها في هذه الأنحاء، و إنما توجد في ماردين، فأرسل معه الخواجة پير أحمد، و كان اعتمد أسپان قوله، فذهبا معا و لم يرجعا …

قال الغياثي: ثم وردت الأخبار بأنهما استهويا سلطان مصر أيضا، فبذل أموالا كثيرة، فلم ينجحا في مسعاهما، فاستفتي السلطان العلماء في شأنهما، فأفتوا بقتلهما فقتلا …

و هذه الحادثة تعين عقلية أولئك الأمراء، و درجة تأثير الشعوذة عليهم، فكان الصوت للتنجيم شائعا، و له التأثير الكبير علي الأمراء في الذهاب و الإياب، و السفر و الإقامة … فمن الأولي أن يغش الأهلون في جزيرة عبادة بهذا و أمثاله من المشعشعين لتمكن الخرافات فيهم.. و لم ينج من ذلك حتي أمير بغداد و وزيرها …

139 الأمير اسكندر- جوكي:

جاء في الضوء اللامع أن الأمير جوكي بن شاه رخ قد قتل في وقائع جرت بينه و بين الأمير اسكندر ممتلك تبريز آخرها هذه … فمات في شعبان سنة 839 ه و قد مر ذكر أخيه إبراهيم في السنة الماضية، و عين صاحب الضوء أن وفاة الإخوة الثلاثة كانت في هذه السنة …

و يلاحظ هنا أن وقائع بغداد لا تزال غامضة، و لم يتعرض لها المؤرخون في الخارج إلا بصورة مبتورة، و كانت كثيرة علي ما يظهر …

فلم نتمكن أن نعلم أمراء الموصل، و لا أمراء بغداد و البصرة بالترتيب و لا ما قاموا به من أعمال …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 102

140 حوادث سنة 840 ه- 1436 م

141 مد و أمراض في البصرة:

في هذه السنة حدث في البصرة موت كثير من عدة أمراض، و مات خلق عظيم، و كان يموت كل يوم ثلثمائة نفس … و سبب ذلك زيادة (المد) حتي علا علي وجه الأرض، و أحاط بالبصرة يومين و ليلة، ثم نقص فظهرت من جراء ذلك الأمراض …

142 وفيات
143 ابن نصر اللّه البغدادي:

هو عبد الرحمن بن نصر اللّه بن أحمد البغدادي الحنبلي نزيل القاهرة، و أخو المحب أحمد … و يعرف بابن نصر اللّه. ولد في جمادي الآخرة سنة 771 ه ببغداد، و نشأ بها، فأخذ عن أبيه و أخيه و غيرهما، و انتقل إلي القاهرة. فرقي حتي ناب في القضاء عن ابن المغلي، ثم عن أخيه بل ولي قضاء صفد استقلالا … مات يوم الجمعة 9 شعبان سنة 840 ه.

144 حوادث سنة 841 ه- 1437 م

145 و باء عام في بغداد و غيرها:

وقع وباء عام في بغداد و جميع البلاد المجاورة لها، أخلاها من الناس، فخرج الأمير أسپان بعساكره من بغداد، و ذهب إلي بند قريش

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 103

و هو ملتقي نهر ديالي بنهر دجلة، ثم رحل، و نزل موطنا آخر، و بقي علي هذه الحالة يتجول إلي أن انقطع الوباء، ثم رجع إلي بند قريش، و ترك مزيد چوره نائبا عنه ببغداد، و لم يمت من عسكره أحد. و كاد يقضي الوباء علي أهل بغداد، و الأنحاء المجاورة … ففي الحديثة لم يبق غير سبعة أشخاص فارتاع من ذلك حاكمها و اسمه حارث فتوجه في سفينة إلي أسپان في الفرات … فمات بالسفينة، و قطع رأسه و جي ء به إلي أسپان فاغتاظ من ذلك، و أنكر هذه الفعلة …

ثم إن أسپان رحل بعد انتهاء الوباء من بند قريش، و توجه إلي الحلة، فمرض فيها … و كان قد تحالف ميرزا علي ابن أخي قرا يوسف، و زاهد، و قطلو بك العراقي علي أنهم إذا دخلوا علي الأمير أسپان ليعودوه قتلوه، و قتلوا الأمير شيخي معه و سلطنوا ميرزا علي …

فأوصل الأمير شيخي الخبر إلي الأمير أسپان فقبض عليهم في تلك الليلة و أحضرهم

… فأمر أسپان بقتل ميرزا علي و أولاده جميعا حتي الأطفال الذين في المهد، و كانت بلقيس باشا بنت ميرزا علي عند أسپان، فلما قتلوا بحضرتها بكت بغير اختيار، و صاحت فأمر بخنقها فخنقت …

ثم تعافي الأمير أسپان بعد ذلك، و توجه إلي بغداد، و حكم بها مدة …

و الملحوظ أنه لم يقع اتفاق و إنما أراد الأمير شيخي أن يستبد بالحكم بعد وفاة الأمير أسپان فقام بترتيبه هذا، و لكن لم يفلح نظرا لتحسن صحة الأمير أسپان و شفائه من مرضه … !

و جاء في السلوك لدول الملوك: «كان في هذه السنة حاكم بغداد أصبهان ابن قرا يوسف و قد خربت بغداد، و لم يبق بها جمعة و لا جماعة، و لا أذان، و لا سوق، و جف معظم نخلها، و انقطع أكثر أنهارها بحيث لا يطلق عليها اسم مدينة بعد أن كانت سوق العالم … » ا ه.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 104

146 الأمير اسكندر
147 1- وفاته:

إن الأمير اسكندر كان قد اغتاله ابنه قباد، قتل ليلة الأحد 25 شوال سنة 841 ه كذا في منتخب التواريخ، و في جامع الدول ذكر سبب قتله في حوادث سنة 837 ه، و جاء في الغياثي أنه قتل في ذي القعدة سنة 841 ه فخلفه الأمير جهان شاه، و صفا له الأمر في أذربيجان … و مثله في الضوء اللامع …

148 2- ترجمته:

كان قد ولي بعد والده قرا يوسف، و عرف بالشجاعة، و لم يكن في طائفته من يدانيه في الإقدام إلا أن دولته كانت مضطربة، مفرقة الأوصال، جاءها بهذه الحالة …

كان عند وفاة والده في الكرخيني عصي أوامر والده قبل وفاته، و أن أسپان و جهان شاه توجها إلي شاه محمد ببغداد، و أبو سعيد مضي إلي جصان في سنة 824 ه فوصلت الحكومة إلي اسكندر يوم السبت 28 رجب سنة 824 ه، و اشتبك بالمعركة مع شاه رخ في موضع يقال له بخشلي (بخشي) في حدود الشكر، و كانت الحرب طاحنة، و استمرت ثلاثة أيام و كان هولها عظيما. و في اليوم الثالث فر الأمير اسكندر من وجه عدوه، و جاء إلي حدود الفرات … و إن شاه رخ بعد هذه الحروب الطاحنة عاد إلي خراسان، فرجع الأمير اسكندر إلي تبريز و جلس علي سرير الحكم هناك، و استولي علي أذربيجان.

و في سنة 827 ه قتل عز الدين شير ملك الكردي في أردبيل.

و في سنة 828 ه قضي علي ملك أخلاط الأمير شمس الدين. و في سنة 830 ه سار إلي شيروان، و أضر بشماخي كثيرا، و خرب تخريبات

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 105

عظيمة … و في سنة 832 ه أخرج رجال

شاه رخ من السلطانية و استخلصها، و في السنة نفسها وافي إليه شاه رخ للمرة الثانية فتقدم إلي أذربيجان ليقطع دابر الأمير اسكندر، عازما عزما أكيدا علي إنهاء غوائله … و في ذي الحجة من هذه السنة تحاربا في ظاهر سلماس فدام القتال يومين متتابعين، فلم يطق الأمير اسكندر صبرا، لما رأي من وقع، فانسحب فارا إلي الروم، كما أن شاه رخ عاد ثانية إلي خراسان …

و في سنة 834 ه عاد اسكندر الكرة إلي أذربيجان فاستولي عليها، و قتل أخاه الأمير أبا سعيد المنصوب من جهة شاه رخ علي أذربيجان، و في سنة 837 ه هاجم الأمير اسكندر شيروان للمرة الأخري، و أغار عليها فقتل فيها تقتيلا عاما. و في سنة 838 ه سار شاه رخ عليه مرة أخري، و تقدم نحو أذربيجان فوصل الري، و حينئذ جاء إليه الأمير جهان شاه أخو الأمير اسكندر، و عرض له الطاعة و ذلك في منتصف ذي الحجة من السنة المذكورة، فأعزه و قربه، و كذا وافي إليه سائر التركمان أمثال الأمير علي ابن الأمير شاه محمد بن قرا يوسف، و الأمير بايزيد و كانوا من متميزي رجال التركمان، مالوا إليه و التحقوا به … و حينئذ نهض شاه رخ متوجها نحو أذربيجان و لما لم تكن للأمير اسكندر قوة تستطيع الحرب، و تقابل عدوها ترك أذربيجان و في أثناء هزيمته صادف قرا عثمان البايندري في طريقه فحاربه و قتله في حدود الروم سنة 839 ه.

و ما جاء في القرماني من أنه قتل سنة 809 فغير صحيح، و قال:

إنه انهزم فوقع في خندق بأرض أرزن الروم فمات و دفن هناك، ثم أخرجه الأمير اسكندر من قبره بعد

ثلاثة أيام و حز رأسه، و أرسله إلي القاهرة فنصب رأسه علي باب زويلة و فرح أهل مصر بذلك لأن الناس كانوا في خوف من جهته لكثرة حروبه و شدة فتكه …

و في الغياثي: «لما انهزم الاسكندر إلي أرزن الروم أرسل خلفه

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 106

شاه رخ أميره بابا حاجي و لم يبق بينهما إلا مرحلة حتي اجتاز الأمير اسكندر بلاد قرا عثمان فمال عليه ميلة مستميت فكسر، و قتل من عسكره جماعة كثيرة، و هرب قرا عثمان فتبعه فجاز القنطرة يريد الدخول إلي المدينة، فلحقه الأمير اسكندر، و طعنه فرماه في الخندق بفرسه فقضي نحبه … و مر اسكندر بجماعته هاربا، و لم يلتفت إلي أسلاب القتلي حتي نزل بموضع يقال له (كوكجه بلاق) فلما مر بابا حاجي بالقتلي من جماعة قرا عثمان ارتاع لما رأي من هذا المنظر، و هاله الأمر، فلم يتجاوز، و نهب أسلاب القتلي و رجع إلي تبريز … » ا ه.

أما شاه رخ فقد وصل إلي أذربيجان، و فوض الحكم فيها إلي الأمير جهان شاه، فامتد حكمه من حدود الروم إلي حدود الشام …

منحه إدارتها، ثم عاد سنة 840 ه إلي موطنه خراسان، و لما علم الأمير اسكندر بعودته رجع من بلاد الروم، و تأهب لحرب جهان شاه في (صوفيان) من تبريز، فقهر في هذه المرة أيضا، و انهزم إلي قلعة النجاق (النجا، النجه) … و تحصن بها و هناك قتله ابنه (شاه قباد) في 25 شوال سنة 841 ه و ذلك أنه في مدة الحصار اتفق أن ابنه تعشق امرأة يقال لها (كنيز) كانت حظية والده، فعلم بذلك جهان شاه فأغراهما بقتل الأمير اسكندر فطاوعتهما

أنفسهما، فارتكبا قتله، و سلمت حينئذ القلعة، و اقتص جهان شاه من الابن القاتل و من تلك المرأة في سنة 841 ه.

و علي ما جاء في لب التواريخ إنها كانت تدعي (ليلي).

و في الضوء اللامع أنه «خربت البلاد في أيامه إلي أن مات ذبحا علي يد ابنه (قوباط) في ذي القعدة عندما كان محاصرا في قلعة النجباء (النجاق) … و كان شجاعا مقداما أهوج فاسقا لا يتدين بدين، ذكره المقريزي مطولا في عقوده … » ا ه و مثله في المنهل الصافي.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 107

و كانت مدة حكمه 16 سنة قضاها بالحروب، فلم يتم له أمر، و لا رأي راحة … و أما العراق فهو بمعزل عنهم تقريبا، و كفاه ضررا ما أصابه من حكامه …

و من أولاه: الوند، و قاسم بك، و أسد، و رستم، و ترخان ملك، و محمد، و شاه علي و له بنات أيضا، و قد ذهب الأولاد إلي الأمير أسپان في بغداد. و ذكر صاحب آثار الشيعة الإمامية من بناته آرايش بيكم، و أوروق سلطان.

و بعد وفاة الأمير اسكندر تمكن الأمير جهان شاه في الإمارة، و بقي مستقلا … في إدارته …

149 وفيات
150 1- ابن فهد الحلي:

هو الشيخ العلامة أحمد بن محمد بن فهد الحلي الأسدي. و له شهرة كبيرة، و مكانة بين علماء الشيعة سواء في الأصول أو في الفروع، أو في التصوف. أخذ عن الشيخ مقداد السيوري (مرت ترجمته)، و عن الشيخ فخر الدين أحمد بن المتوج البحراني، و علي ابن الخازن الحايري، و السيد بهاء الدين أبي القاسم علي بن عبد الحميد النيلي النسابة النقيب صاحب كتاب الأنوار الإلهية.

و روي عنه الشيخ علي بن هلال الجزائري، و

الشيخ عبد الشفيع بن فياض الأسدي الحلي، و السيد محمد بن فلاح المشعشع.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 108

و من تصانيفه:

1- المهذب البارع إلي شرح النافع.

2- كتاب المقتصر.

3- شرح الإرشاد.

4- الموجز الحاوي. و هذا شرحه الشيخ مفلح الصيمري.

5- عدة الداعي. مطبوع و معروف.

6- استخراج الحوادث المستقبلة من كلام أمير المؤمنين.

و ترجمته في روضات الجنات. و في كتابه الأخير أودع جملة من أسرار العلوم الغريبة …

توفي سنة 841 ه و هو ابن 58 سنة و قال آخرون ولد سنة 757 ه و قبره في كربلاء، و لا يزال معروفا …

151 حوادث سنة 842 ه- 1438 م

152 الأمير أسپان- آق قوينلو:

بعد أن ذهب الوباء، و استقرت الحالة تراجع الناس، و مضت مدة اكتسب فيها القطر أوضاعه الاعتيادية … و من ثم عزم الأمير أسپان أن يسير إلي أنحاء (البايندرية) و كان أميرهم آنئذ (سلطان حمزة). و هذا خلف والده قرا عثمان … مضي الأمير أسپان إلي الموصل، و ترك زوجته نكار شاه خاتون ببغداد، فوصل إليها، و منها سار إلي (تل كوكو)، أراد أن يذهب خفية دون أن يعلم أحد فوصل إلي شيخ كندي، فشاع

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 109

خبره، و حينئذ رجع إلي الخاتونية، فأخذها و نصب بها الأمير محمدا بن شي للّه، و رجع إلي حدود ماردين، فنزل بعسكره هناك، و منها توجه عيسي بك من أمرائه بعساكره للحصول علي غلة لإعاشة الخيول كما أن العسكر قد جاع، و الموسم أول الحصاد فتوجهت الجواسيس و أخبرت السلطان حمزة أن المعسكر خلا من الجيوش … و من ثم هاجم أسپان علي حين غرة … و لم يكن معه آنئذ سوي ثلثمائة فارس يقدمهم (سعاد تيار) فتحاربوا إلي وقت الغروب، و قتل في

المعركة سعاد تيار بضربة رمح، فلم ير أسپان بدا من الهزيمة فهرب الرجال و النساء، و تركوا الأثقال، فرجع أسپان متنكرا إلي الخاتونية بشر ذمة قليلة فاقتفي البايندرية أثره، ففارقها و ذهب إلي سنجار و الحيال، فرجعوا عنه من الخاتونية …

جاء الموصل، و بقي هناك مدة حتي اجتمع الجيش إليه …

أما عيسي بك و عسكره فقد عادوا، و لم يروا أحدا، فانسحبوا إلي ناحية أسپان منهزمين، و جاؤوا الموصل …

ثم توجه أسپان إلي بغداد، و مكث فيها نحو سنة.

و هنا قد بين الغياثي أن هذه الواقعة حدث في 5 ذي الحجة سنة 840 ه مع أنه ذكرها بعد حادثة الوباء. و الحال أن السلطان حمزة صار أميرا بعد وفاة والده فمن المستبعد أن تقع قبل الوباء، فلا احتمال أن تكون في العام الذي عينه الغياثي و الظاهر أنها كانت سنة 842 ه …

153 الانتقام من آق قوينلو:

بعد أن قضي الأمير أسپان نحو سنة خرج من بغداد، و توجه إلي إربل، و مكث بها مدة ثم عزم أن يثأر من البايندرية، فسار بألف و معهم ألف جنيب و وصل إلي حدود ماردين. و في أثناء سيره عثر في طريقه علي طائفة من البايندرية يقال لهم (دبانلو)، و كانوا قد نزلوا علي آبار هناك، يرعون ماشيتهم، فما أحسوا إلا و قد أحاط بهم جيش الأمير في

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 110

منتصف الليل، و قتلوهم عن آخرهم، و نهبوا الأموال و النساء و الذراري، و رجعوا إلي أربل …

ثم عاد الأمير أسپان من إربل إلي بغداد.

و هذه الواقعة لم يعين تاريخها بالضبط، و علي كل كانت قبل واقعة المشعشع … و قد راجعنا تواريخ عديدة فلم نظفر بوقت وقوعها

بالضبط …

154 حوادث سنة 844 ه- 1440 م

155 ظهور المشعشع
156 المشعشع و تاريخ ظهوره:

ذكر مؤرخون كثيرون المشعشع و أخلافه إلا أننا رأينا أكثر من تكلم عليه الغياثي في تاريخه. و هذا نظرا لنقص في النسخة الموجودة و ضياع بعض الأوراق منها لم يتيسر الإطلاع علي تمام مباحثه فمن الضروري أن نرجع إلي مؤرخين آخرين نستطلع آراءهم و نتحري النصوص الصحيحة … و من المصادر المهمة في هذا الباب (رياض العلماء) و كتب أخري عديدة تعرضت لهم في أوقات مختلفة و عصور متوالية و آخر من كتب عنهم عبد العزيز الجواهري في كتابه (آثار الشيعة الإمامية) و هذا عول علي بعض الكتب فوقع في أغلاط كبيرة و سوف نمحص الأقوال فيهم و أعظم وثيقة تاريخية اعتمدناها (مجموعة خطية) قديمة تنقل عن الغياثي و عن غيره و هي مهمة في بابها، تصحح ما جاء في الغياثي و تنقل عنه و توضح ما نقص و تكمل المباحث من غيره … و هذه أيضا ناقصة الآخر و يكملها ما نقلته عن الكتب الأخري بمراجعة أصلها كما سيتوضح … و المهم أن نمضي إلي التعريف به و نعين نهضته و حروبه في الحويزة و الجزائر و واسط، و استيلائه علي النجف الأشرف.. و الحاصل

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 111

نبين علاقته بالعراق في مختلف التواريخ … و نفصل الآن ما يتعلق بتاريخ ظهوره و وقائعه القريبة فنقول:

هو السيد محمد ابن السيد فلاح ابن السيد هبة اللّه ابن السيد حسن ابن السيد علي المرتضي ابن السيد عبد الحميد النسابة ابن السيد أبي علي فخار ابن السيد أحمد ابن السيد أبي القاسم محمد ابن السيد أبي عبيد اللّه الحسين ابن السيد محمد بن إبراهيم المجاب ابن السيد محمد العابد الصالح ابن الإمام

موسي الكاظم (رض) و مسقط رأسه في واسط، تخرج علي الشيخ أحمد بن فهد الذي هو من أكابر الصوفية و أعاظم مجتهدي الشيعة الاثني عشرية.

و في تحفة الأزهار لابن شدقم: أنه وجد في النسخ التي حصل عليها اختلافا من زيغ الأقلام، و من عدم الاعتناء بحفظ الأنساب و نقل ما أورده كل واحد، و بين أوجه الاختلاف و كان ذلك في أجداد السيد محمد بن فلاح، و لكنه عين أنه من أولاد موسي الكاظم عليه السلام و أورد فروعه …

و كان للشيخ أحمد هذا كتاب في العلوم الغريبة. و لما حضرته الوفاة أعطي الكتاب إلي خادمته لتطرحه في الفرات و أن السيد محمد المترجم- بحيلة- تمكن من الحصول عليه. و أنه أجري بعض المخاريق و النيرنجات علي الأعراب الساكنين في حدود خوزستان فتابعوه و اعتقدوا صحة ما أظهره. و كان يلقن المتخرجين عليه و المتتلمذين له أن الذكر ينطوي ضمن تعليم اسم (علي) و بالنظر لهذا كانوا ينطقون بالذكر باسم علي، و يتلقفون من السيد محمد أعمالهم و هي (كيفية التشعشع) و حينئذ كان يتحجر بدنهم و يرتكبون أمورا خطيرة في هذه السبيل، كانوا يضربون

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 112

بطونهم بالسيوف فتخرج من ظهورهم دون أن يصيبهم أذي و كان يلقي هو شيئا ثقيلا في نهر عميق أو ماء فيرسب إلي عمقه، ثم يناديه فيطفو، و يخرج علي وجه الماء و ما ماثل ذلك من شعوذة و نيرنجات.

هذا ما دعا أن ينتشر أمرهم و يأخذ به الإعراب و يزداد كل يوم، و صاروا ينعتون هذا القائم (بالمهدي). و كان ظهوره عام 827 ه، فوصل به الأمر إلي أن استولي علي جميع خوزستان مثل

شوشتر و دزفول و الحويزة.

و تفصيل أحواله قصها الغياثي في تاريخه، فقال بدأ ذكره و ظهر عام 820 ه و ادعي المهدوية و في تلك السنة حدث القران فدل علي ظهوره، و من تأثير هذا القران طلب اسپند (أسپان) ميرزا بن قرا يوسف التركماني فقهاء الشيعة و كان آنئذ والي العراق للمناظرة مع فقهاء بغداد و المباحثة معهم فتغلب فقهاء الشيعة في هذه المباحثة فاختار الميرزا المذكور مذهب الشيعة و ضرب السكة باسم الأئمة الاثني عشر.

و المترجم (السيد محمد) من أولاد عبد اللّه بن موسي بن جعفر …

و في مبادي ء أحواله اشتغل بطلب العلوم و دخل في خدمة الشيخ أحمد بن فهد الحلي و كان مجتهد الشيعة آنئذ، دخل المدرسة هناك و استفاد منه، و في تحفة الأزهار أن أستاذه أحسن تربيته، و كان قد مات والده و هو طفل فتزوج الشيخ أحمد بوالدته و أن هذا الشيخ قد زوجه إحدي بناته … و عند بلوغ أستاذه الأجل دفع الشيخ إلي إحدي إمائه كتابا محتويا علي فوائد عجيبة، و غرائب خفية طريفة، و أمرها بإلقائه في شط الفرات، فعارضها محمد المهدي، فطلبه منها فمنعته عنه لبلوغ مرامها

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 113

منه فمناها بالمحال قاصدا الأزدبان بطائفة خفاجة، فسألها الشيخ عن الكتاب فقالت ألقيته، فقال ما رأيت؟ قالت ما رأيت شيئا. و كان في علم الشيخ أنها إذا ألقته يضطرب الشط، و يخرج منه دخان عظيم، يعلو إلي أفق السماء، فلزم عليها أن تصدقه، فقالت دفعته لمحمد المهدي، فأرسل خلفه فوجده مزدبنا خفاجة فطلبه منه فأنكر محمد، و احتج بأن الشيخ قد خرف من المرض، و أنه سني المذهب و أني إمامي المذهب

… فمنعوا الرسول عنه … و لما جن الليل مضي عنهم هاربا … فشغف بمطالعته … و ذهب إلي الحويزة، و هناك أظهر خوارق عديدة ذكرها و كانت الحويزة آنئذ تابعة للعبادي و مضي إلي ذكر وقائع سنة 844 ه.

قال الغياثي: «و في ذلك الأوان كان يجري أحيانا علي لسان السيد محمد قوله (سأظهر، أنا المهدي الموعود) و هذه الكلمات نقلت إلي الشيخ فأنكرها علي السيد و زجره أن يفوه بها و ذلك لأنها مما يخالف مذهب الشيعة الاثني عشرية.

إن هذا السيد كان جامع المعقول و المنقول، و صوفيا صاحب رياضة و مكاشفة و تصرف و كان يخبر عن ظهوره لما يتجلي له من المكاشفة … و من الرياضات التي يقوم بها أنه اعتكف مرة في جامع الكوفة لمدة سنة كاملة و صار يقتات بشي ء قليل من دقيق الشعير، و قد ظهر منه تخليط في ابتداء ظهوره في سنة 840 ه حتي أمر أستاذه بقتله.

قال في كتاب إيجاز المقال، في علم الرجال: له كتاب رأيته يميل به إلي الحلولية معدن تخليط و زخارف، غلب علي عقول بعض الناس

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 114

في التاريخ المذكور، و قد نقل الغياثي أن ولده المولي علي حكم في زمانه و قتل بسهم في حصاره لقلعة بهبهان سنة 861 ه و بقي السيد محمد أبوه بعده يتولي الأمور. و مات يوم الأربعاء 7 شعبان سنة 866 ه و تولي بعده ولده المحسن. و وطنه الأصلي واسط و قد أقام في الحلة مدة و قد أوضح ذلك في بعض الأبيات من قصيدة له:

إقامتنا بأرض العراق بواسط مدينة أهل العلم و البر

كان يصاحب الأمراء هناك ويراهم يتمرنون علي ضرب

النشاب فيدعونه ليزاول معهم الرمي فكان يجيبهم أنه سيقوم بالرمي، و سيتراكض الناس خوفا و هلعا … و هكذا توطن مع أهليه و عشيرته و أقام مدة و كان يقول لهم سأفتح العالم، و أنا المهدي الموعود، و سأقسم البلاد و القري بين أصحابي و أتباعي فوصلت كلماته هذه إلي الشيخ أحمد بن فهد الحلي أيضا فأفتي بقتله و كتب إلي الأمير منصور بن قبان بن إدريس العبادي يحثه علي قتله و استحلال دمه … فلما وصل الكتاب ألقي القبض علي السيد المذكور و عزم علي قتله فدافع عن نفسه قائلا: «أنا سني، صوفي، و هؤلاء الشيعة أعدائي، يتطلبون قتلي. و أخرج المصحف المجيد و حلف لتوثيق الأمير و تكلم بكلام آخر و علي هذا اطلق الأمير منصور سبيله و فك قيوده فنجا و انسحب لموضع يقطنه (المعادي) و هم الجماعة الأولي التي التفت حوله و انضمت إليه و يقال لها (عشيرة بني سلامة) فكانت خير فأل له، فاتحة خير و سلامة، ثم جاءته طوائف أخري من العرب من الرزنان، و السودان و بني طيي ء ممن يقطن ساحل

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 115

البثق و حوالي الغاضري من الأنهار المتفرعة عن دجلة فنزلوا هناك و تجمعوا عليه، و عند ذلك ادعي المهدية. و ظهرت علي يديه بعض الخوارق ثم رحل من هذا المكان إلي محل يقال له شوقه و هو من قري جصان فلما سمع حاكم ذلك المكان خرج عليهم و قتل فيهم كثيرا و أخذ أسري …

و هذه الواقعة جرت أوائل سنة 844 ه. و بعدها عادوا إلي مواطنهم الأصلية و هي البثق و النازور و الغاضري. و بعد مدة ارتحلوا إلي الدوب

و هو محل نزول طائفة المعادي بين دجلة و الحويزة فاستقروا هناك. أما ابنه السيد علي المعروف (بالمولي علي) فإنه بناء علي طلب أصحابه الذين كانوا معه في البثق و النازور و الغاضري قد عزم علي الرحيل و ذهب لخدمة والده مع الطوائف التي كانت معه و في طريقه قضي علي بعض القبائل المعادية فجاء إلي أبيه بمال كثير و رجال عديدين. و في هذه الأثناء أمر طائفة المعادي المشهورة باسم (نيس) أن تبيع ما لديها من بقر و جاموس و تشتري أسلحة حرب و هؤلاء قد باعوا كل بقرة بسيف و عشرة دراهم، فلما تمت أسلحتهم ساروا إلي ناحية أبي الشول و هي قرية من قري الحويزة فوصلوا إلي هناك يوم الجمعة 7 رمضان لسنة 844 ه و في ذلك اليوم قتل خلق كثير من أهل الحويزة و الجزائر و ذلك أن حاكم الجزائر الأمير فضل بن عليان التبعي الطائي كان قد حدثت بينه و بين إخوته نفرة فجاء هذا من الجزائر إلي الحويزة و نزل قرية أبي الشول و كان من رجاله من هم من أهل الجزائر و مال إليه جمع كثير و صار في معاونة أهل الحويزة. فالسيد محمد لم ير مصلحة في بقائه هناك فعاد إلي الدوب …

و بعد مدة وجد أن قد ظهر في قومه ضيق و قحط فساق جيوشه نحو واسط و ما والاها و هناك تحارب و قتل نحو أربعين من المغول و فر و هناك مال السيد محمد إلي العشائر الرحل فأغار عليهم و استولي علي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 116

غلاتهم و أموالهم لدفع ما أصاب عشائره من جوع و اضطراب، و هذه الحادثة وقعت

في 13 شوال من السنة المذكورة.

و بعد هذه الواقعة بمدة يسيرة سار السيد محمد بجيشه نحو الجزائر و ذلك أنه كانت لا تزال المخالفة بين رؤساء الجزائر قائمة، و أن بعض رؤسائهم و هو المسمي بشحل قد جاء إلي السيد بأصحابه و دخل في خدمته. و هذا نصبه حاكما في الجزائر …

و في هذه الأيام صار يهاجم السيد محمد المذكور كل يوم القبائل المعادية له و يقتل فيهم حتي لم يبق في الجزائر غير من كان قد أخلص له أو توافق معه … و قضي علي من خالفه …

و علي حين غرة سير نحو ثلاثة آلاف محارب إلي واسط و أن حاكمها قد كسر لأول مرة ثم عاد الكرة فانتصر و قتل ثمانمائة من المشعشعين و هلك منهم أثناء الهزيمة الكثيرون و هذه ولدت في المشعشع فتورا و انهكت قواه بسبب امّحاء غالبهم … و من ثم رحل من الجزائر إلي الحويزة و خرب القري هناك و قتل كل من صادفه …

و هذه الواقعة جرت في أول رمضان سنة 845 ه و كان الحاكم هناك الشيخ جلال الدين ابن الشيخ محمد الجزري و هو منصوب من السلطان عبد اللّه بن ميرزا إبراهيم بن شاه رخ. فكتب حالا بما وقع و بسط تفصيل الوقعة للسلطان عبد اللّه و حينئذ سير السلطان أحد أمرائه مير خدا قلي برلاس فجاء إلي الحويزة و كذا وصل في أثره الشيخ أبو الخير فجمع العساكر الكثيرة من شوشتر و دزفول و الدورق و هؤلاء أقاموا في الحويزة لمدة شهر واحد و أن السيد محمد أقام في أبي الشول.

و في هذه الأثناء قتل الشيخ أبو الخير بعض رؤساء تلك الأنحاء بلا جريرة

أو جرم فنفرته قلوب الأهلين هناك فتفرقوا منه … أما السيد محمد فإنه لما علم بالخبر أمر بالتأهب و عاجل في الاستيلاء فأمر النساء

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 117

أن يلبسن عمائم في رؤوسهن، و جعل البقر وراء رجاله فرتبهم علي مراتب فسلوا السيوف و تقدموا متوجهين نحو أصحاب الشيخ أبي الخير.

و هذا رأي الكثرة فهالته و اضطرب منها هو و من معه فلم يستطيعوا البقاء ففروا من وجه المشعشع وجيشه … و بعد ذلك اتفق مير خدا قلي و أصحابه و الجم الغفير من أهل الحويزة فخرجوا من البلد و هربوا …

و عند ذلك اطلع السيد محمد علي الأمر فعقب أثرهم إلي أن ورد ولاية (مشكوك) فقتل كل من ظفر به منهم و عاد إلي الحويزة و زاول حصارها و صار يحاول أخذها …

و في هذا الحين جاء الخبر بمحاصرة الحويزة إلي الأمير اسبند (أسپان) ابن قرا يوسف حاكم بغداد فجمع جيوشه و توجه نحو الحويزة فوصل واسطا و حينئذ وافي إليه أمير طائفة مزرعة، و أمير بني مغيزل و طلبوا منه أن يمدّهم، و أن ينقذ بلد الحويزة من يد المشعشع …

ذلك ما دعا الأمير أسپان أن يسير مع هؤلاء إلا أنه أمر أن يذهبوا أمامه إلي (الجوير) و قال لهم إني سأصل في أثركم. و في هذه الأوقات ألف الشيخ أبو الخير مقدارا من الجيش الذي تمكن من جمعه ليتقدم إلي الحويزة فلما سمع بخبر الأمير أسپان عاد إلي شوشتر و جاء جيش الأمير أسپان حوالي الحويزة و هؤلاء تقاتلوا مع مقدمة جيش السيد محمد فكسر عسكر السيد محمد فلما سمع السيد محمد رحل عن أراضي الحويزة و انسحب إلي موقع

يقال له (طويلة) و وصل الأمير أسپان إلي الحويزة و دخل جيشه المدينة فنزلها و حصل علي أموال كثيرة. و لم يطل أمد بقائه حتي سار علي عجل إلي ناحية طويلة و قتل جموعا كثيرة من المشعشع …

أما السيد محمد فإنه بعث بقاصد إلي الأمير أسپان و قدم إليه هدايا و تحفا كان قد استولي عليها من الشيخ أبي الخير و اعتذر له و كتب كثيرا

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 118

و بإلحاح لإقناعه و قبول هداياه … فرضي عنه الأمير أسپان و حمل السفن أرزا و سيرها نحو ناحية السيد محمد فرحل أكثر الأهلين في الحويزة من طريق (شلوه) إلي جهة البصرة …

و لما رجع الأمير أسپان عاد السيد محمد إلي الحويزة و أغار علي من تخلف من جماعة الأمير أسپان في الحويزة و لم يكتف بهذا و إنما استولي المشعشعون علي سفن الأمير أسپان التي سيرها من أنحاء البصرة إلي واسط و فيها من الرخوت و أنواع المأكولات و قتلوا من فيها و حينئذ سمع الأمير أسپان بالخبر فجاء من البصرة إلي بغداد و في هذا الأوان جهز السيد محمد جيشا علي واسط حاصر قلعة (بندوان) لمدة ثلاثة أيام و هذه من محدثات الأمير أسپان فلم يفد الحصار إلا أنه بعد هذا انضمت إلي السيد محمد المذكور قبائل كثيرة من تلك الأنحاء من قبيلة عبادة و بني ليث، و بني حطيط، و بني سعد، و بني أسد فاتصلوا به فزادت قوته و كثر أعوانه لحد أنه سير جيشه علي البصرة فلم ينجح و استولي علي الرماحية فتصرف بها و هناك بني قلعة …

و هكذا استمرت وقائعه إلي ما بعد عودة الأمير أسپان

إلي بغداد مما سيأتي في حينه …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 119

و ملخص القول: إن العقائد لا ينكر تأثيرها في تسيير الجماعات و الأفراد. و لم يكن ليعرف في غالب الأحوال أن للسخافة ذلك التأثير فتقبل الدعوة (عبادة الأشخاص) و تعتقد بالخرافة و تعدها حقيقة خصوصا بعد انتشار الإسلام و إعلان أن زمن الأساطير و الخرافات قد مضي و لا يقبل غير الحق. و لا يعول إلا علي الصدق، و لا يعبد غير اللّه تعالي.

و الملحوظ أن هؤلاء كانوا في نجوة، بل بعد عن التعاليم الإسلامية فتمكن أن يؤثر عليهم مثل هذا إلا أنه لا يستبعد ما وقع من قوم بلغ بهم الجهل مبلغا عظيما … ذلك ما أدي إلي ظهور (المشعشع) فجري في أيامه ما جري و في تاريخ وفاته سنعين ماهية عقيدته بالنقل عن مؤرخين عديدين …

157 ملحوظة:

ما جاء في (آثار الشيعة الإمامية) من أن القائم (المشعشع) هو السيد فلاح بن محمد و أنه أولهم، ظهر عام 814 ه، و توفي عام 854 ه، خلفه ابنه السيد محمد الملقب بالمهدي … فغير صحيح و لم يكن مستندا إلي نص يعتمد عليه بالرغم من تعداده بعض المراجع و الظاهر أنه أخذ لا عن الأصل … و هكذا يقال عمن عول علي تاريخ الغياثي وحده نظرا لنقصه الموجود فتم النقص بالوجه المشروح و يكمل هذه الحوادث و يراعي تسلسلها و اتصالها (تاريخ جهان آرا) للغفاري فقد راعي حوادثهم بصورة مطردة إلي سنة 973 ه ثم تأتي التواريخ الأخري مما لا محل لاستيفائه هنا.

و في الحوادث الأخري، ما يوضح أمر المشعشعين أكثر …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 120

و تأييدا لما ذكرنا ننقل

من كتاب (آثار الشيعة الإمامية) القسم العربي منه النص التالي:

«آل المشعشع دولة عربية ملكت الأهواز و الحويزة و أكثر بلاد خوزستان من سنة 804 ه تقريبا إلي سنة 1024 ه، ثم ضعفت سلطنتهم … كانوا أمراء للملوك الصفوية، أول من ملك منها فلاح بن محمد المتوفي سنة 854 ه، و كان بعض أولاده معروفين بالغلو في المذهب، و البراعة في الشعوذة و النيرنجات … (ثم ذكر فلاحا و قال:) هو أول من ملك الحويزة من الموالي قبل أن تخطط … » ا ه.

و هكذا مضي … و لم يعرف لفلاح ذكر في التاريخ … و المعروف أنهم دامت إمارتهم إلي أواسط القرن الثالث عشر الهجري … و نري بين النص الفارسي المذكور أولا، و بين النص العربي هذا اختلافا أيضا مما يدل علي أنه لم يتوثق من الحوادث و صحتها … فلم يشتهر أمر فلاح، و لا حكم الحويزة سنة 804 ه أو سنة 814 ه … و يطول بنا تعداد ما هناك من مخالفات تاريخية. و لكن هذه لا تمنع الاستفادة من هذا الأثر المهم من نواح أخري …

و من أهم الكتب في هذا الموضوع (تاريخ پانصد ساله) أي تاريخ خمسمائة سنة في خوزستان، و هو كتاب نفيس، يعتمد علي الغياثي و غيره، و يعد من المراجع المهمة … و غالب نصوصه صحيح …

158 وفيات
159 1- المحب أحمد بن نصر اللّه البغدادي:

ترجمه كثيرون، و المتحصل مما دون عنه أنه توفي صبيحة يوم

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 121

الأربعاء النصف من جمادي الآخرة سنة 844 ه. و هو قاضي القضاة محب الدين أبو الفضائل (أبو يوسف) أحمد بن نصر اللّه بن أحمد بن محمد بن عمر البغدادي، ثم المصري الحنبلي شيخ

الإسلام، و علم الأعلام، المعروف ب (المحب ابن نصر اللّه)، شيخ المذهب، و مفتي الديار المصرية … ولد ببغداد يوم السبت في 17 رجب سنة 765 ه و نشأ بها، و قرأ علي والده الفقه و الأصول و العربية و الحديث و غير ذلك، و رحل من بغداد إلي البلاد الشامية سنة 788 ه، و كان قد سمع ببلده علي العلامة زين الدين أبي بكر بن قاسم البخاري و نور الدين علي بن أحمد المقري، و شمس الدين الكرماني و قرأ علي المجد صاحب القاموس، و علي جماعة في الشام و غيرها، و ولي إعادة المستنصرية ببغداد، و أذن له بالإفتاء و التدريس ببغداد، و تردد إلي بغداد بعد قدومه إلي القاهرة، ثم استوطن القاهرة كان قد أخذ من مشايخها و منهم زين الدين العراقي، و سراج الدين البلقيني، و ابن الملقن و آخرين … و أقام بها، فصار فقيه الحنابلة، و عالمهم، ثم ولي قضاء القضاة الحنابلة في 27 صفر سنة 828 ه، و كانت كتابته علي الفتوي لا نظير لها، يجيب عما يقصده المستفتي، فهو فقيه، محدث، نحوي، لغوي، انتهت إليه رياسة الحنابلة بلا مدافع في زمانه، و ذلك بعد موت علاء الدين بن مغلي …

و قد أطنب صاحب الضوء اللامع في ترجمته و قال: «المترجم سبط السراج أبي حفص عمر بن علي بن موسي بن خليل البغدادي البزاز إمام جامع الخليفة و المعيد بالمستنصرية، و أحد المصنفين في الحديث و الفقه و الرقائق … و فصل الكلام علي أسرته.

نشأ ببغداد علي الخير، و الاشتغال بالعلوم علي اختلاف فنونها، و كانت له ثروة و كلمة، و كان والده شيخ المستنصرية، اشتغل عليه …

موسوعة

تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 122

قال في الضوء: و أظن شيخ الحنابلة ببغداد في وقته، و مدرس مستنصريتها الشمس محمد ابن القاضي نجم الدين النهرماري المتوفي في حدود سنة 770 ه، و الشرف ابن يشبكا أحد أعيان الحنابلة ببغداد و المتوفي في حدود سنة 780 ه ممن أخذ عنهما الفقه و ممن قرأ عليه أحد شيوخ أبيه الشمس الكرماني، و أجاز له في سنة 782 ه و هو في عنفوان شبابه و أخذ علي المجد الشيرازي صاحب القاموس، و سمع علي المحدث أبي الحسن علي بن أحمد بن إسماعيل الفوي قدم أيضا عليهم ببغداد سنة 777 ه أو قريبها، و علي النجم أبي بكر عبد اللّه بن محمد ابن قاسم البخاري، و علي الشرف حسين بن سالار محمود الغزنوي المشرقي شيخ دار الحديث المستنصرية، و أجيز في بغداد بالإفتاء و التدريس سنة 783 ه و ولي بها أعادة المستنصرية و ارتحل فسمع بحلب سنة 786 ه و ببعلبك، و الشام من جماعة و قدم القاهرة سنة 787 ه بعد زيارة بيت المقدس فأخذ بها عن جماعة، و منها ذهب إلي الإسكندرية، ثم إلي الحج، ثم قطن مصر … و لما استقر بمصر (القاهرة) استدعي والده فقدم عليه سنة 790 ه و امتدح الظاهر برقوق بقصيدة، و عمل له أيضا رسالة في مدح مدرسته فقرر في تدريس الحديث بها في محرم السنة بعد وفاة مولانا زاده، ثم في تدريس الفقه بها سنة 795 ه ثم صار هو و والده يتناوبان فيهما، ثم استقل بهما بعد موت والده سنة 812 ه.

و كذا ولي المحب تدريس الحنابلة بالمؤيدية، و بالمنصورية، و بالشيخونية بعد العلاء بن المغلي …

و قد أطنب صاحب الضوء في نعته و إطرائه …

و قال في المنهل الصافي بعد أن قص حياته: «و كانت كتابته علي الفتوي لا نظير لها، يجيب عما يقصده المستفتي فهو فقيه، محدث، نحوي، لغوي، انتهت إليه رياسة الحنابلة بلا مدافع في زمانه، مات و لم يخلف مثله» ا ه.

قالوا في معرض مصنفاته: و له عمل كثير في شرح مسلم، و له

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 123

حواش علي المحرر حسنة و علي الفروع و كتابة علي الفتوي نهاية …

و له (مختصر تاريخ الحنابلة) و الأصل لابن رجب و هو عبد الرحمن المشهور، اختصره لنفسه، و كان فراغه منه يوم السبت مستهل صفر سنة 820 ه بالمدرسة المنصورية من القاهرة، و في عنوان الكتاب قال:

«اختصار قاضي القضاة شيخ الإسلام محب الدين أحمد بن نصر اللّه البغدادي الحنبلي بخطه إلا مواضع يسيرة بعضها بخط شيخنا قاضي القضاة عز الدين الكتاني و بعضها بخط غيره» ا ه. و النسخة صالحة للمقابلة رأيتها في مكتبة بايزيد العامة، و الكتاب الموجود في المكتبة الظاهرية من طبقات ابن رجب فيه أغلاط كثيرة، و ابتلاع كلمات، و تشوش في العبارات … و في استانبول نسخ عديدة من الطبقات.

و مما قيل في وفاته:

بلاني الزمان و لا ذنب لي و لكن بلواه للأنبل

و أعظم ما ساءني صرفه وفاة أبي يوسف الحنبلي

سراج العلوم و لكن خبا و ثوب الجمال و لكن بلي

و له من الأولاد محمد و يوسف و آخرون.

160 2- ابن دليم:

هو محمد بن يوسف بن أحمد بن محمد القرشي الزبيري البصري، و يعرف بابن دليم، و باقي نسبه مذكور في ترجمة عم أبيه عبد الكريم بن

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 124

محمد

الشهير بالجلال. قدم مكة في ذي القعدة سنة 843 ه، ثم توجه منها إلي طيبة، ثم عاد فمات في قفوله منها قريبا من ساحل جدة في ذي القعدة سنة 844 ه، و حمل إلي مكة و دفن بمعلاتها … أرخه ابن فهد.

161 3- الزين الموصلي:

هو داود بن سليمان بن عبد اللّه الزين الموصلي، ثم الدمشقي الحنبلي. ولد تقريبا سنة 764 ه، و سمع بقراءة الشيخ علي بن زكنون علي الجمال بن الشرائحي الشمائل للترمذي.. و كان يذكر أنه سمع علي ابن رجب الحافظ شرحه للأربعين النووية و مجلسا في فصل الربيع من لطائفه، مع حضور مواعيده، و أنه سمع علي الشهاب ابن حجي صحيح البخاري و كتبا سماها، و قد حدث، كتب عنه بعض أصحابنا، و كان شيخا صالحا فاضلا مات في سنة 844 ه. أرخه ابن اللبودي.

162 حوادث سنة 845 ه- 1441 م

163 المشعشع:

لا تزال وقائعه مستمرة إلي هذه الأيام … و قد مر الكلام عليها لمناسبة اطرادها …

164 وفيات
165 1- حاج ملك (من آل الكواز):

هي ابنة محمد بن حسن بن محمد البصري، و يعرف أبوها

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 125

ب (الكواز). ماتت بمكة تحت هدم في ليلة الجمعة 18 شوال سنة 845 ه أرخها ابن فهد.

166 بيت الكواز- آل باش أعيان:

و الكواز علي ما جاء في زاد المسافر للكعبي هو الشيخ محمد، شيخ طريقة، و هو ابن حسن بن محمد البصري كما تقدم. و (آل الكواز) المعروفون اليوم بالنسبة إليه لم يكونوا من أسرته، و إنما كان جدهم الشيخ عبد السلام ابن الشيخ عبد القادر بن ساري بن ضاعن بن أضبع بن عبد السلام قد تتلمذ للشيخ محمد المذكور، فلذلك نسب إليه فقيل عبد السلام الكوازي، ثم قيل لأولاده من بعده الكواوزة … و أولاد الشيخ عبد السلام كثيرون منهم أحمد، و محمود، و طه، و علي، و ذو الكفل و صالح، و مصلح، و الجنيد و غيرهم.

و قال إبراهيم فصيح الحيدري: (بيت الكواز)- في البصرة- و هو بيت مجد رفيع، و خير وافر، نشأ فيهم عدة رجال أخيار كرام كأمثال الشيخ أحمد، و الشيخ درويش و كان من أكابر الناس من ذوي الخير و الجاه و المال الوافر و الصدقات، و كان جدهم الأعلي الشيخ أنس من الأكابر، و هو من أولاد عبد اللّه بن عباس (رضي اللّه عنهما)، و بقي منهم بعض الناس، و قد نزل جدي العلامة الشريف أسعد الحيدري مفتي الحنفية ببغداد في بيت الشيخ أحمد المذكور فاحترمه و أجله و خدمه بما يتحير به الناظر علي ما ذكره الفاضل عثمان بن سند في تراجم علماء بغداد. ا ه و لرجالهم المشاهير تراجم في مختلف الآثار و منها (سبائك العسجد) لعثمان بن سند المذكور …

موسوعة تاريخ العراق

بين احتلالين، ج 3، ص: 126

و الآن يسمون ب (آل باش أعيان)، و أول من حاز هذا اللقب منهم الشيخ أنس ابن الشيخ درويش في منتصف القرن الثاني عشر بموجب فرمان سلطاني كذا في هامش زاد المسافر للكعبي.

و قد جاء عنهم في زهر الربيع أنه كان في البصرة و إلي الآن جماعة من أهل السنة يأتون بعجائب الأمور مثل قبض الحيات و الأفاعي و دخول النار حال الوجد من غير أن يتضرروا بها، و كان هذا مخصوصا بهم يفتخرون به … حتي أن تلاميذ الشيخ عبد السلام … عملوا (ذكرا) في بعض الليالي يشتمل علي الوجد و الرقص و الغناء و ضرب الدفوف و دخول النار بحضور بعض أمراء السلطان فلما فرغوا … أمر أن يصنع (علم) للسلطان و كتب عليه (لا إله إلا اللّه، محمد رسول للّه، الشيخ عبد السلام ولي اللّه). و هذا كان مخصوصا بهم (يريد بذلك أصحاب الطريقة الرفاعية) حتي ظهر في عشر السنين بعد الألف رجل من عوام الشيعة من توابع أعمال الجزيرة … قام بأعمال مثل هذه …

و من هنا نعلم أن آل عبد السلام هم (آل باش أعيان) احتفظوا بمكانتهم في مختلف العصور و أسرتهم مشهورة جدّا، و لا يزالون من أعيان البصرة، و سنقدم للقاري ء وثائق جديدة عند الكلام علي (حكومة آل افراسياب) و علاقتهم بها و وقائعهم معها … و بيان مشاهير علمائهم بعد ذلك و إلي هذه الأيام …

167 الطريقة الرفاعية

هذه الطريقة معروفة في العراق و غيره من البلاد الإسلامية، و أهلها صوفية زهاد ينتسبون إلي الشيخ أحمد الرفاعي، و هو من الصلحاء الأتقياء، و له الذكر الجميل في العراق و سائر الأنحاء، و لما وصل ابن

موسوعة

تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 127

بغداد في عهد السلطان سليمان القانوني- عن مطراقي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 128

بطوطة إلي واسط قال: «سنح لي زيارة قبر الولي أبي العباس أحمد الرفاعي و هو بقرية تعرف بأم عبيدة علي مسيرة يوم من واسط …

و خرجت ظهرا … و وصلنا في ظهر اليوم الثاني إلي الرواق و هو رباط عظيم فيه آلاف من الفقراء، و صادفنا به قدوم الشيخ أحمد كوچك حفيد ولي اللّه أبي العباس الرفاعي الذي قصدنا زيارته و قد قدم من موضع سكناه من بلاد الروم برسم الزيارة و إليه انتهت الشياخة بالرواق، و لما انقضت صلاة العصر ضربت الطبول و الدفوف و أخذ الفقراء في الرقص ثم صلوا المغرب، و قدموا السماط و هو خبز الأرز و السمك و اللبن و التمر فأكل الناس ثم صلوا العشاء الآخرة و أخذوا في (الذكر) و الشيخ أحمد قاعد علي سجادة جده المذكور. ثم أخذوا في السماع و قد أعدوا أحمالا من الحطب، فأججوها نارا، و دخلوا في وسطها يرقصون، و منهم من يتمرغ فيها، و منهم من يأكلها بفمه حتي أطفأوها جميعا.

و هذا دأبهم، و هذه الطائفة الأحمدية مخصوصة بهذا، و فيهم من يأخذ الحية العظيمة فيعض بأسنانه علي رأسها حتي يقطعه … » ا ه و من هناك سار إلي البصرة، و ذكر قصة الفقراء المعروفين بالحيدرية في بلاد الهند، و أنهم لا يختلفون عن هؤلاء في دخولهم النار …

و هذه الأعمال لم تكن معروفة أيام الشيخ أحمد الرفاعي، و إنما دخلتهم في أيام المغول جاءتهم بعد دخول هلاكو بغداد، كما شاعت في العلي اللهية و مر ذكرها في المجلد الثاني و

علي ما سيوضح في المشعشعين عند الكلام علي عقائدهم …

و أنقل النص التالي للدلالة علي أن هذه الطائفة كانت في بادي ء أمرها حينما تقوم بأعمال (الذكر) لم تكن تعلم ما يفعله أصحاب هذه

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 129

الطريقة مؤخرا من الأفعال المارة … قال الذهبي في تاريخه المسمي بالعبر ما لفظه:

«في هذه السنة- 578 ه- توفي أحمد الرفاعي الزاهد القدوة أبو العباس بن علي بن أحمد، كان أبوه قد نزل البطائح بالعراق بقرية أم عبيدة فتزوج بأخت الشيخ منصور الزاهد، فولد له الشيخ أحمد في سنة 500 ه و تفقه قليلا علي مذهب الشافعي، و كان إليه المنتهي في التواضع و القناعة، و لين الكلمة، و الذل و الانكسار، و الإزراء علي نفسه، و سلامة الباطن، و لكن أصحابه فيهم الجيد و الردي ء، و قد كثر الدغل فيهم، و تجددت لهم أحوال شيطانية منذ أخذ التتار العراق من دخول النيران، و ركوب السباع، و اللعب بالحيات، و هذا لا عرفه الشيخ و لا صلحاء أصحابه، فنعوذ باللّه من الشيطان» ا ه.

و كل طريقة لا تخلو من النوعين الصلحاء و غيرهم. و من ثم عرف أن هذه دخلتهم أيام المغول.

و أصحاب هذه الطريقة تخلصوا من التورط في المآزق الحرجة، و العقائد الزائغة مثل الآراء الفلسفية المستندة إلي الأفلاطونية الحديثة و غيرها من القول ب (وحدة الوجود)، و (الحلول) و (الاتحاد) و أمثال ذلك مما شاع بين أهل الأبطان … من حروفية و غيرهم … و كادوا يدخلون صفوفهم … و لو لا الشعوذات المذكورة أعلاه لكانت طريقة زهد …

و قد أكد لي العالم الجليل الشيخ إبراهيم الراوي أن الطريقة الرفاعية لم يدخلها شي ء من

العقائد المارة … من وحدة و غيرها …

و في هذه الطريقة مؤلفات عديدة و بينها الغث و السمين، و الأعمال المذكورة قد شاركهم فيها آخرون بل لم تكن من أصل الطريقة … و علي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 130

كل حال إن العقيدة و الأعمال الدينية إنما تؤخذ من مشرعها …

و الرجوع إلي الأصل فيما اختلف فيه ضروري لتصحيح الوجهة و من اللازم اتباع ما جاء به الإسلام رأسا و الأخذ بنصوصه القاطعة التي لا ريب فيها و لا نزاع في قبولها … و الآن قل الاهتمام بالطرق و سارت إلي الزوال دون حاجة إلي إلغاء رسمي كما وقع في الجمهورية التركية، و بالتعبير الأصح أن العرب يميلون إلي البساطة فلا يرغبون أن يزيدوا علي الرسوم الدينية أمورا جديدة بلا تشريع إلهي و لا كتاب مبين …

و علي كل حال تأسست هذه الطريقة من أيام الرفاعي في أواسط القرن السادس الهجري و لا تزال إلي اليوم و لها تكايا و زوايا كثيرة في العراق …

168 حوادث سنة 846 ه- 1442 م

169 المشعشع:

لا تزال وقائعه لم تنقطع، و قد مرت فلا حاجة للعودة إليها و تكرارها مرة أخري …

170 وفيات
171 1- قاضي الأقاليم البغدادي:

هو عز الدين أبو البركات عبد العزيز ابن الإمام العلامة علاء الدين أبي الحسن علي بن العز بن عبد العزيز بن عبد المحمود البغدادي مولدا، ثم المقدسي الحنبلي، الشيخ الإمام العالم المفسر، ولد ببغداد سنة 770 ه و اشتغل بها و تفقه علي شيوخها، سمع من العماد محمد بن عبد الرحمن بن عبد المحمود السهروردي شيخ العراق، ثم بعد سنين سمع من ولده أحمد، و كلاهما ممن يروي عن السراج القزويني …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 131

قدم دمشق، و أخذ الفقه عن ابن اللحام، و اعتني بالوعظ و علم الحديث و أفتي و له مصنفات منها مختصر المغني سماه (الخلاصة)، و شرح الشاطبية، و جمع كتابا سماه (القمر المنير في أحاديث البشير النذير)، و شرح الخرقي في مجلدين، و اختصر الطوفي في الأصول، و عمل عدة الناسك في معرفة المناسك، و مسلك البررة في القراءات العشرة، و جنة السائرين الأبرار، و جنة المتوكلين الأخيار تشتمل علي تفسير آيات الصبر و التوكل في مجلد، و شرح الجرجانية و غير ذلك.

ولي قضاء بيت المقدس بعد فتنة اللنك، و طالت مدته، و جري له فصول، ثم ولي المؤيدية بالقاهرة، ثم قضاء الديار المصرية في جمادي الآخرة سنة 827 ه ثم ولي قضاء دمشق في دفعات مجموعها ثماني سنوات. و كان يسمي (قاضي الأقاليم) لأنه ولي قضاء بغداد نحو ثلاثة سنوات، و بيت المقدس، و مصر، و الشام و كان فقيها دينا، متقشفا عديم التكلف في ملبسه و مركبه، له معرفة تامة، و كانت جميع ولاياته من غير سعي.

توفي بدمشق

ليلة الأحد مستهل ذي القعدة، و في الضوء اللامع في مستهل ذي الحجة، و دفن عند قبر والده بمقابر (باب كيسان) … و في الضوء تحامل عليه، و نقد لبعض المؤرخين في إيراد نسبه و تفصيل لترجمته …

172 حوادث سنة 847 ه- 1443 م

هذه السنة و ما بعدها قضاها الأمير أسپان في حرب المشعشع أيضا … و ليس لدينا ما نزيده هنا …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 132

173 حوادث سنة 848 ه- 1444 م

174 وفاة الأمير أسپان:
اشارة

في هذه السنة يوم الثلاثاء 28 ذي القعدة توفي الأمير أسپان و ذلك بعد أن عاد من أنحاء الحويزة، فقد مكث في بغداد ستة أشهر؛ فمرض بالقولنج و مات، و دفن داخل المدينة علي جانب دجلة في البستان المسمي (عيش خانه) و قد شعر بالموت قبل وفاته بقليل، و قد وزع جميع ذلك البستان عينا، و كان قد علق في القبة بصندق.

و في جامع الدول: «الأمير أسپان قيل اسمه أسبهان فخفف، أخذ بغداد و العراق و بقي مستبدا بحكومتها نحو اثنتي عشرة سنة حتي توفي حتف أنفه … و اتفق أن يوم وفاته كان قران النحسين في برج السرطان» ا ه.

175 ترجمته:

مر أنه ولي بغداد في 18 شعبان سنة 836 ه، و أخرج واليها محمد شاه، فذهب إلي الموصل و إربل، و في نتيجة محاربات شاه محمد له قتل هذا علي يد أمير حاجي الهمذاني يوم السبت 18 ذي الحجة سنة 837 ه و خلص له الحكم في العراق، و استمر حكمه إلي أن توفي …

و هذا الأمير و إن كان عفيف الذيل، و لم يطع شهواته إلا أنه جار علي الأهلين و أرهقهم ظلما … و لم تعرف له علاقة بسلاطين قراقوينلو، أو جهة ارتباط بهم في الإدارة أو في الجيش، أو في أي سلطة من شأنها أن تتدخل الحكومة الأصلية بحكومة بغداد … و قد تمكن من التسلط علي كافة الأنحاء العراقية، و لو لا المشعشع لاستولي علي الحويزة.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 133

و لم يكن له من الأولاد سوي (فولاذ) من زوجته بنت منصور بن قبان المذكور سابقا، و قد اختير للإمارة بعد والده …

176 حوادث سنة 849 ه- 1445 م

177 اضطراب الحالة- الأمير ألوند:

إن الأمير أسپان حين شعر بالموت جمع الأمراء و هم شيخي بك و حسن أمير آخور (أمير الاصطبل)، و مزيد چورة، و الأمير محمد بن شي اللّه … و قال لهم إن فولاذ صبي صغير، و سوف يطمع جهان شاه فيكم، فالرأي أن تأتوا بألوند و تسلطنوه، و لم يكن ألوند حاضرا حينذاك بل كان قد أرسله أسپان في حال حياته مع عيسي بك و جماعة من الضباط …

و الأعوان إلي نهب (أكراد الجزيرة) و تسخير بلادهم …

فلما مات أسپان اجتمع الأمراء، و تشاوروا، فقالوا إن ألوند امرؤ صعب، و نخشي منه أن يتحكم فينا، فالرأي أن نسلطن فولاذ و الخزائن بحمد اللّه مملوءة من الأموال،

و عساكرنا كثيرة و اليراق و الذخائر ما عليهما مزيد، و نحن عصبة، و نرجو من اللّه الإعانة علي العدو … !

سمع ألوند بموت أسپان، و إن الأمراء سلطنوا فولاذا و تركوه، و ليس لهم به رغبة، و حينئذ التف حوله العسكر الذي كان معه، و صاروا نواكره، فتوجه إلي كركوك، و كانت أولكته، فمضي منها إلي آلتون كپري (القنطرة الذهبية و تسمي القنطرة)، و إربل، و الموصل فأخذها عيسي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 134

بك، و كان قد فارقه و تحصن بقلعة بطيطة، فأرسل بطلبه، فلم يقبل أن يجي ء إليه، و ماطله مدة، ثم جاء إليه، فلما وصل قابله بالإعزاز و الإكرام، و قال له أنت تكون أكبر أمير عندي، و شاوره في التوجه إلي بغداد فلم يشر … و قال له أري أن تصبر مدة حتي تقوي، ثم تسير فلم يسمع منه، و مضي إلي بغداد.

و حينئذ هرب عيسي بك منه و توجه إلي جهان شاه بتبريز، فلما وصل ألوند إلي ضيعة من ضياع الخالص يقال لها (القلعة) توجهت نحوه عساكر بغداد، و مقدمهم كچل عبد اللّه، و يار أحمد بن شي اللّه، فوصلوا إليه ليلا، و كان قد صدمهم فانكسروا وفر الأمير عبد اللّه، و لم يقف إلا عند باب بغداد، و باقي العساكر هناك كانوا في حيرة و ارتباك …

أما ألوند فإنه حينما كسر العسكر اطمأن و ظن أنه أمن الغوائل، فنصب الصيوان و نام هناك بلا خوف و لا وجل … و لما وصل الأمير كچل عبد اللّه إلي قرب بغداد، و سمع أن العسكر انكسر رجع إليهم، و لمّ شعثهم، و ألوند نائم غارق في غفوته فدقه ليلا،

فانكسر ألوند و هرب برأسه، و انضم جميع من كان معه إلي عسكر بغداد و تبع يار أحمد بن شي اللّه أثر ألوند، فارتد إليه و طعنه، فقضي نحبه، و توجه العسكر إلي بغداد و مضي ألوند إلي كركوك، و من ثم قبض شيخي بك علي العساكر التي كانت مع ألوند، و ضمها إلي عسكره و دخل بغداد، و لكنه قتل من هؤلاء إسماعيل الجغتاي، و ولده، و أولاد شيخ، و قليلون غيرهم …

178 بغداد و جهان شاه:

و إثر هذه الواقعة جاءت الأخبار بأن جهان شاه قد سار إلي بغداد،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 135

و من ثم راسل أمراء بغداد ألوند، و جاؤوا له من الحلة، فوصل إلي الجانب الغربي، و نزل بقلعة مير أحمد علي، فأرادوا أن يؤمروه، فلم تطاوعهم أنفسهم، و تفرقت آراؤهم بينهم، و عادوا إلي تأمير فولاذ، فرجع ألوند إلي الحلة، و توجه جهان شاه إلي بغداد و حاصرها نهار 12 شهر رمضان سنة 849 ه، و حضر هو بنفسه في 17 منه، و دام الحصار لمدة ستة أشهر كاملة، فلم يتم له الأمر و دخلت سنة 850.

179 حوادث سنة 850 ه- 1446 م

180 بقية حوادث بغداد- جهان شاه:

و في هذه السنة فتح شيخي بك الخزائن، و قسم الأموال علي العساكر حتي صارت الدراهم بسعر الفلوس في بغداد، و بلغ رأس الغنم بألف دينار، و ما كان ذلك من قلة الغنم و اللحم بل كان للناس غنم و دجاج كثير، و لكن من كثرة الدراهم، و كان ببغداد غلال و خيرات و أجناس لا حد لها و لا حسابا بحيث تقدر بغداد أن تحاصر لمدة عشر سنوات.

و كان ألوند في الحلة، فعمل يرقا لهربه من جهان شاه إلي الشام، فأرسل جهان شاه إليه يطلبه، و يطيب قلبه، و قال له أنت ولدي، و أقسم أن لا يؤذيك أحد أبدا، فتوجه إليه، و أعطاه الجانب الغربي. و حاصر جهان شاه الجانب الشرقي و مكث مدة لم يعبر إلي الجانب الغربي.

كان الجسر منصوبا و الناس يعبرون عليه، فلما أعطي إجازة للعسكر أن يعبر من الجانب الغربي، فأول ما عبر جماعة توجهوا ليلا فكمنوا تحت عمارة الأمير أحمد، و عند طلوع الفجر فتحوا باب القلعة و هم غافلون، فساقوا

علي الباب فأخذوه، و ساقوا علي الجسر و كان

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 136

منصوبا تحت القلعة، فأخذوا الجسر، و ساروا عليه إلي أن وصلوا إلي كرسي الجسر، و بقي بينهم و بين البلد سفينتان، و كان الشندواني الملاح و أصحابه واقفين في رأس الجسر، فصدوهم بالنشاب حتي لحق العسكر من بغداد يقدمهم رستم طرخان فأرسلوا حيدرا الجسار إلي رأس الجسر من الجنب الغربي فخرق السفينة و أغرقها فبقي عسكر جهان شاه علي الجسر واقفين من غربهم الماء و من شرقهم السيف، فهلكوا جميعا منهم من قتل، و منهم من غرق و منهم من قبض عليه …

و إن الذين قبض عليهم كانوا فرمان بك و علي زلال و كوريكه، و ساروا بهم علي والد أمير بايزيد جاكيرلو. فلما أحضروهم عند شيخي بك أمر بقتلهم فقالوا له لا تقتلنا و نكون نحن السبب في ارتحال جهان شاه عن بغداد و إلقاء الصلح بينكم فلم يقبل و قتلهم جميعا.

فلما مضي علي ذلك مدة ستة أشهر غاب جماعة من العسكر و هم رستم طرخان و أمير انشاه و أمير شي ء اللّه و دوه بك و كان السبب في ذلك امرأة تسمي سلجوق خاتون حماة رستم طرخان كاتبت جهان شاه و أعلمته أن فلانا و فلانا قد ارتدوا و ضربوا موعدا للحرب، سيروا إلي رستم طرخان جماعة و أمير انشاه و أمير شي ء اللّه فكسروا باب اقچه قبو فدخل العسكر و أخذوا بغداد و ذلك نهار الخميس 14 ربيع الأول سنة 850 ه.

أما شيخي بك و الأمراء فقد جاء الأمير كچل عبد اللّه ليلة الأحد إلي شيخي بك و عدد له الجماعة الذين خانوا و علم بصورة الحال

فإنه كان قد أخبره بعضهم و قال إن لم يقتلوا في هذه الليلة فرط الأمر و لم يستدرك. و كانوا يشربون. فقال ماذا يصير في هذه الليلة، غدا من بكرة سوف نحضرهم و نقبض عليهم و نقتل من نكره منهم فقال له المصلحة تقضي أن لا تمهلهم فلم يسمع منه فكان لتهاون شيخي بك الذي كان إذا

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 137

شم رائحة أو تخايل خيال قتل من أجله أعز عزيز، فأجري مثل هذه الحركة و تماهل في أمرها …

فلما أصبح و قد قضي الأمر أخبر الأمير شيخي فتوجه بعسكره و معه الأمراء إلي آقچه قپو فأخذهم النبل و النشاب فرجع إلي الوراء و ألقي نفسه إلي جانب الشط و الأمراء معه فجلسوا في ورجيه و انحدروا في الشط، فقال بعض لبعض ننحدر إلي واسط. و كان الرأي لو فعلوا. و قال الآخرون بل نخرج إلي جهان شاه فإنه صاحب مروءة، و لم يكن عنده منها وزن خردلة فإنه في حق ولده لم تكن له مروءة و قتله فكيف في حق من عصوا عليه و قتلوا خيار رجاله و أمرائه … فخرجوا من السفينة في مثل هذا الطوفان العظيم، و آووا إلي معدن الظلم و الجور ليعصمهم … و سعوا بأرجلهم إلي حتفهم، فتوجهوا نحو الأردو، و ليس فيه غير النساء، فجلسوا في خيمة ينتظرون الموت … و في المدينة يفتشون عليهم … فلما جاؤوا قبضوا عليهم، فأمر جهان شاه بقتلهم …

و إن شيخي بك قرن مع ابن العرية الجلاد، و أسلما إلي نساء الأمير بايزيد فسجنهم علي الشوك، و قطعن لحومهم بالسكاكين حتي ماتوا … قتلوهم و باقي الأمراء شر قتلة …

و أمر جهان شاه بنهب البلد فنهبوه لمدة ثلاثة أيام و ثلاث ليالي، قسوا فيها و عذبوا، و مات أناس كثيرون في التعذيب …

و بعد ذلك أمر بالقبض علي الإسفاهية و قتلهم … فقتلوا منهم مقدار عشرة آلاف أو أكثر، و قتل بسبب ذلك خلق كثير … و هذه القتلة لم تكن بأقل من قتلة تيمور.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 138

و جاء في أحسن التواريخ أن أسپان توفي سنة 847 ه، و فيه أن الأمراء اختاروا ابن أصفهان، فعاجل جهان شاه، و سار توا إلي بغداد بجيش عظيم، و مال إليه رستم طرخان من أمراء أسپان … و وقعت حرب عظيمة في أعلي الجسر، و في هذه الواقعة قتل أمراء كثيرون، و أن ابن أصفهان سلم مع جماعة الأمراء و لكن جهان شاه لم تكن له رأفة فأمر بقتلهم، و خرب البلد، و كان معمورا، فارتكب معاصي لا تحصي و لم يبق أثرا من آثار العمارة … و نصب ابنه محمدي ميرزا واليا، و جعل أمر الحل و العقد إلي عبد اللّه الكبير، و منح الموصل إلي ابن أخيه ألوند رستم، و قفل راجعا …

و في الغياثي: ثم ولي بها ولده محمدي ميرزا و كان صغيرا، و أعطي تدبير المملكة بيد الأمير عبد اللّه فمكثوا مدة سنتين و نصف …

181 ترجمة فولاذ بن أسپان:

ولي بغداد بعد أبيه، اجتمع الأمراء، و أقاموه، فوقع الهرج و المرج و كان ذلك علي خلاف رغبة أسپان، و تواترت الفتن في بلاد العراق، فوصل خبر ذلك إلي ميرزا جهان شاه فطمع فيها، و سار إليها، فحاصر بغداد نحو ستة أشهر، و لم يظفر بها حتي استمال أمراء بغداد بالمواعيد فمال إليه

قسم، و فتحوا إليه الأبواب فدخلها و ملكها في يوم الخميس 24 ربيع الأول سنة 850 ه و حبس الأمير فولاذ، فكان آخر العهد به، و كانت مدة ملكه نحو سنتين.

و لم يستقل بعد ذلك أحد بحكومة العراق و بغداد من آل قراقوينلو

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 139

(البارانية) لأن جهان شاه يستنيب بها أحد أمرائه، و تارة يستخلف عليها أحد أولاده حتي انقرضت دولتهم …

و من ثم صارت بغداد تابعة رأسا لحكومة قراقوينلو، و ليس لها كيان خاص.

182 حكومة جهان شاه في العراق- 14 ربيع الأول سنة 850 ه-
183 جهان شاه- بغداد:

كان جهان شاه هذا قد جاء بغداد بعد وفاة والده قرا يوسف، و كان واليها آنئذ شاه محمد، فلم يطب له المقام، فتوجه إلي تبريز، و انضم إلي الأمير اسكندر. ثم إن هذا تنكر عليه فجاءه معتذرا فقبل عذره …

و لما تكرر مجي ء شاه رخ إلي تبريز، و انهزم اسكندر منها مال إلي شاه رخ في منتصف ذي الحجة سنة 838 ه فأعزه و أكرمه، و من ثم قوي أمره، و كان قد تجمع التركمان عليه، فحصل علي مكانة، و لما قتل الأمير اسكندر تقررت حكومة أذربيجان له، و عاد شاه رخ إلي هراة آمنا من الغوائل، و استمر جهان شاه في حكمه … و صارت تقوي سلطته يوما فيوما، و صفا له الجو بقتلة أخيه اسكندر. و في سنة 844 ه غزا كرجستان … و لما توفي أخوه أسپان خلص له العراق العربي في 14 ربيع الأول سنة 850 ه و كان انضم إليه عيسي بك من أمراء أسپان فجاء به إلي بغداد و حاصرها، فافتتحها، و تم له أمرها … فولي ابنه محمدي ميرزا و كان صغيرا فأودع تدبير المملكة إلي الأمير عبد

اللّه و رجع إلي تبريز.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 140

هذا. و في يوم الأحد 25 ذي الحجة سنة 850 ه توفي شاه رخ، فصار جهان شاه حاكما مستقلا بلا حماية و لا وصاية، و تولدت فيه فكرة الاستيلاء علي ما في يد شاه رخ خصوصا عندما علم باضطراب الحالة استفادة من تبدل الوضع، و من الاختلاف الواقع بين أمراء الجغتاي من أحفاد تيمور، و نزاعهم علي السلطة و السلطنة …

184 ترجمة شاه رخ:

هو ابن تيمور لنك، و قد مر من الحوادث ما يعين علاقاته بالعراق من أيام والده إلي أن توفي، و في الضوء اللامع بيان علاقاته بمصر …

و قال: كا عدلا دينا، خيرا، فقيها متواضعا، محببا في رعيته، محبا لأهل العلم و الصلاح … و كان يعرف الضرب بالعود بحيث كان ينادمه الأستاذ عبد القادر بن الحاج غيبي و يختص به … كل ذلك مع حظ من العبادة … و في أيامه كتب ذيل جامع التواريخ المذكور في الجلد الأول ص 20 و قدم إليه فلم يعرف مؤلفه و قد ذكر بعضهم أنه لمسعود بن عبد اللّه، و أنه انتهي منه في رجب سنة 837 ه و لكن ليس لدينا سند نعول عليه في التعريف بمؤلف هذا الكتاب. و أخبار شاه رخ في الجلد الثاني.

خلفه ابنه ألوغ بك صاحب الزيج المعروف.

185 وفيات
186 عمر بن محمد النجم النعماني:

هو منسوب إلي أبي حنيفة النعمان، بغدادي، ثم دمشقي، كان قد رحل إلي القاهرة سنة 850 ه و بيده حسبة دمشق، و وكالة بيت المال،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 141

و عدة وظائف … نزل في زاوية التقي رجب العجمي تحت قلعة الجبل، فلم يلبث أن مات في رابع صفر من هذه السنة، فأسف السلطان عليه و لم يقطع صاحب الضوء في قرباه لحميد الدين محمد ابن تاج الدين القاضي …

187 حوادث سنة 851 ه- 1447 م

188 ولاية محمدي ميرزا:

تبتدي ء من حين دخل جهانشاه بغداد، و استولي عليها … و هذا كان لا يستطيع إدارة شؤون المملكة العراقية لصغره، فكان الحاكم في الحقيقة الأمير عبد اللّه فمكث معه لمدة سنتين و نصف، و لم يكن لمحمدي ميرزا غير الاسم، و كانت الإدارة بيد الأمير المذكور …

و في أيامه عاش الناس براحة و رفاه، و في أطيب حال …

189 ولاية الموصل:

فوض جهان شاه الموصل إلي ألوند بن الأمير اسكندر، و رحل عن بغداد متوجها إلي تبريز لما عناه من أمرها بسبب وفاة شاه رخ … و بعد مدة أرسل الأمير جهان شاه إلي ألوند ميرزا يطلبه إلي تبريز، فلم يقبل أن يذهب إليه، و عصي … خرج من الموصل و مر بقلعة فولاذ، و كان بها پير قلي من قراقوينلو، فانتزعها منه، و مكث هناك يقطع الطرق …

و بعد مضي ستة أشهر خرج ألوند من قلعة فولاذ و مضي يريد الاتصال بالمشعشع …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 142

190 حوادث سنة 852 ه- 1448 م

191 ولاية الأمير بير بوداق:

و هذا ابن جهان شاه، فقد عزل ولده محمدي ميرزا، و ولي ابنه پير بوداق هذا فدخل بغداد نهار السبت 11 شهر رمضان سنة 852 ه …

192 حوادث سنة 853 ه- 1449 م

193 ألوند- المشعشع:

إن ألوند في أوائل هذه السنة و بعد مضي ستة أشهر من بقائه في قلعة فولاذ خرج من هناك سائرا إلي المشعشع بقصد الاتصال به فأرسل پير بوداق إليه عسكرا ليحول دون ذلك فلم يظفر به و يضم ألوند إلي المشعشع و من ثم صارت تنتظر الفرص للوقيعة بالعراق …

194 حوادث سنة 854 ه- 1450 م

195 پير بوداق- تبريز:

كان قد مكث پير بوداق في بغداد و لم يتم السنتين و في هذه الأيام كان والده جهان شاه قد سار إلي أطراف الكرج و بعد عن تبريز فكانت خالية من حاكم فأرسلت إليه أمه تنذره بالخطر علي تبريز و تحذره أن يطمع فيها آق قوينلو و طلبت منه أن يتداركها قبل أن يفرط الأمر. و علي هذا ذهب إلي تبريز و أقام بها مدة غياب أبيه. و هناك صادر بعض الناس. فلما عاد إليها أبوه اجتمع به و طلب الإذن بالرجوع إلي بغداد فرجع و كان قد بقي فيها أقل من سنة …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 143

196 حوادث سنة 855 ه- 1451 م

197 تستر- العراق:

كانت حالة إيران مضطربة كما مر. و زاد في الطين بلة وفاة السلطان محمد بن بايسنقر في 15 ذي الحجة من هذه السنة، كان قد قتله أخوه بابر أثناء الحرب معه و دخلت الممالك التي تحت إدارته في حكم بابر. و حينئذ راسل علي ماماش من تستر كلّا من ألوند و پير بوداق يدعوهما إلي استلام البلدة و كان واليا بها من قبل السلطان محمد. فأرسل پير بوداق سيدي علي إلي تستر فوصل إليها و دخلها قبل وصول ألوند. فلما جاءها ألوند رأي أن الأمر قد فاته فتوجه إلي الجغتاي … و تقررت تستر لسيدي علي و من ثم مضي علي ماماش إلي پير بوداق في بغداد …

198 حوادث سنة 856 ه- 1454 م

199 اكتساح فارس و عراق العجم:

لما أن جاء علي ماماش إلي بغداد و اتصل بالوالي پير بوداق أبدي له أن البلاد خالية و ليس فيها أحد فلو توجهت إليها لأخذتها بسهولة.

فعندها عزم پير بوداق إلي عراق العجم و فارس. فكان خروجه من بغداد نهار الأحد 4 ربيع الأول من هذه السنة، و أناب عنه في بغداد أمير سيدي محمود ليقوم مقامه في إدارة شؤون المملكة، فسار پير بوداق بعساكره و معه علي ماماش فحاصر بلدة قم، فأخذها في غرة جمادي الآخرة، ثم استولي علي جربادقان في 8 رجب، ثم افتتح أصفهان في 20 رجب، فاستقبله أكابرها فجمعهم و أرسلهم إلي بغداد، و بعدها أخذ

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 144

كاشان ثم توجه إلي شيراز و كان بها من الجغتاي الأمير سنجر فهرب و دخل پير بوداق شيراز يوم الجمعة 14 رمضان هذه السنة.

و في الوقت نفسه كان الأمير جهان شاه قد اغتنم الفرصة و لم يدع الحالة علي انحلالها بل مضي

في سبيل الفتح مما لا يسع المقام تفصيله، فكانوا في حركاتهم العسكرية علي وفاق و مناصرة …

200 وفاة مؤرخ (ابن أبي عذيبة):

و هو أحمد بن محمد بن عمر الشهاب المقدسي الشافعي، و يعرف بابن أبي عذيبة ولد سنة 819 ه ببيت المقدس، و نشأ به، جاءت ترجمته في الضوء اللامع، و نقل عنه كثيرا خلال المباحث، و كان أخذ في مصر عن المحب بن نصر اللّه البغدادي و غيره و تاريخه هو (تاريخ دول الأعيان شرح قصيدة نظم الجمان) قال السخاوي:

«ولع بالتاريخ، و جمع من ذلك جملة، لكنه تتبع مساوي الناس، فتفرق لذلك بعده و لم يظفر مما كتبه بطائل مع ما فيه من الفوائد، و إن كان ليس بالمتقن، مات ليلة الجمعة 14 ربيع الآخر سنة 856 ه … » ا ه.

و التاريخ لا يقف عند ذكر المحامد، فالمؤرخ لم يكن مداحا، و إنما دون ما وقع فلا يوجه عليه لوم فيما دونه صحيحا … و قد تعينت نسخه الموجودة، و هنا أضيف أن كتاب (إنسان العيون في مشاهير سادس القرون) المخطوط الموجود بهذا الاسم في مكتبة المرحوم أحمد باشا تيمور هو جلد من (تاريخ ابن أبي عذبية) و قد قابلته فتبين أنه عينه، فاقتضي التنبيه إذ لم يبق ريب في صحة ذلك …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 145

و عرف ابن أبي عذيبة بأستاذه محمد بن أحمد بن حاجي المذكور في الضوء اللامع (ج 6 ص 301).

و لما كان هذا التاريخ من مراجع كتابنا تعرضنا هنا للإشارة إلي ترجمة مؤلفه باختصار …

201 حوادث سنة 857 ه- 1454 م

202 المولي علي المشعشع- واسط و النجف و الحلة:

كان قد عاد المشعشع إلي أنحاء البصرة إثر رجوع الأمير أسپان إلي بغداد و في السنة الماضية ذهب الوالي پير بوداق إلي إيران نظرا للاضطراب الحاصل، و الفتن القائمة بين أولاد شاه رخ بن تيمور، فخلت بغداد من الجيوش الكافية للمحافظة.

مما دعا المولي عليا ابن السيد محمد المشعشع أن يتحرك نحو واسط فحاصرها، و قطع نخيلها، و ضاق الأمر بالأهلين لما أصابهم من الجوع فمات أكثرهم.. لحد أن أهل واسط اتفقوا مع أميرهم (الأمير قيدي) المنصوب حاكما من قبل پير بوداق علي واسط، فذهبوا إلي البصرة، و خربوا المدينة، ثم تركوها …

و من ثم استولي عليها المولي علي، و نصب بها حاكما من جهته يقال له (دراج).

و قد ذكر صاحب مجموعة الأنوار، و لب التواريخ أن هذه الواقعة كانت سنة 858 ه و ليس بصحيح و ذلك أنه جاء في الغياثي أن مير علي كيوان خرج بالحجاج يوم السبت غرة ذي القعدة لسنة 857 ه فخرج عليهم المولي علي المشعشع و نهب أموالهم و دوابهم و جمالهم، و أخذ

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 146

المحمل و الآية المذهبة، و قماش المحمل، و نجا أناس قلائل كانوا قد دخلوا المشهد، و حاصروا السادة في حطيم المشهد، فأرسلوا يتضرعون إليه فطلب منهم القناديل و السيوف.

و كانت خزانة الحضرة منذ سبعمائة سنة تجمع فيها جميع سيوف الصحابة و السلاطين فكلما مات سلطان أو خليفة بالعراق يحمل سيفه إليها، فأرسلوا إليه مائة و خمسين سيفا و اثني عشر قنديلا ستة منها ذهبا، و ستة فضة، فأرسلوا من بغداد عسكرا لمحاربته يقدمهم دوه بيك، و انضم إليه بسطام حاكم الحلة بأجواد عسكر بغداد.

فلما وصلوا إليه كانوا بالنسبة لعسكره قليلين.. فالتقي الجمعان و هاجمهم فلم ينج منهم سوي دوه بيك، فإنه لما أحاطوا به قبض علي الفرس فقام بعض رجاله، و ضرب بالسيف أرجل فرسه يريد أن يعرقبه فلم يقطع السيف، و فر الفرس من حر الضرب هاربا، فلما كسر

العسكر و قتلهم توجه إلي الحلة، فانكسر أهل الحلة و توجه بسطام شحنة الحلة و جميع أهل الحلة إلي بغداد، فمن كان قدر علي الحصول علي مركب ركب و الباقون مضوا رجالة و بينهم أطفال و نساء و قد هلك منهم خلق كثير من جراء التزاحم علي العبور من شط الحلة، و منهم من مات في الطريق من التعب و الجوع و العطش، فقد خرجوا بغير زاد، و لكن الفصل (الموسم) كان باردا فلم يضر بالكل … و بتاريخ خامس الشهر دخل السلطان علي الحلة و نقل أموالها و أموال المشهدين إلي البصرة، و أحرق الحلة و خربها، و قتل من بقي فيها من الناس، و مكث فيها 18 يوما، و رحل يوم الأحد 23 ذي القعدة إلي المشهد الغروي و الحايري ففتحوا له الأبواب و دخل فأخذ ما تبقي من القناديل و السيوف و رونق المشاهد جميعها من الطوس و الأعتاب الفضية و الستور و الزوالي و غير ذلك، و دخل بالفرس إلي داخل الضريح، و أمر بكسر الصندوق و إحراقه فكسر و أحرق، و نقل أهل المشهدين من السادات و غيرهم ببيوتهم.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 147

و هذه الواقعة كانت كما يقول الغياثي بسبب القران الحاصل يوم الأربعاء 27 شوال سنة 857 ه. و بهذا يحاول أن يصرف القدرة الشخصية، و القوة إلي قرانات فيعد دخل المرء معدوما، و قدرته متلاشية، و إنما الحكم لهذا القران..

و جاء في تحفة الأزهار «إن المولي عليا ولد سنة 841 ه، و استولي علي جميع الأهواز مع شاطي ء الفرات إلي الحلة، و كانت جنوده خمسمائة نفر لا يعمل فيهم السلاح و لا غيره لاستعمالهم بعض

الأسماء (يري الفعل للأسماء لا للقرانات … ) و كان غالي المذهب، سار إلي العراق، و أحرق الحجر الدائر علي قبة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، و جعل القبة مطبخا للطعام إلي مضي ستة أشهر تامة لقوله:

«إنه رب و الرب لا يموت» …

و هذه النصوص مع غض النظر عما فيها من نسبة خوارق للمشعشع بسبب القران أو الأسماء … تدل علي أن الحادث جري في سنة 857 ه.

203 حوادث سنة 858 ه- 1455 م

204 ثلج عظيم:

بتاريخ غرة المحرم وقع ببغداد ثلج عظيم لم يعهد بمثله، فمات أكثر نخل الحلة و العراق و هلك الشجر.

205 حروب الوالي پير بوداق في إيران:

إن الأمير سنجر بعد أن غلب كما مرّ جمع جيوشا، و توجه

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 148

لمحاربة پير بوداق، فتأهب هذا لمقابلته، فالتقي الجيشان في أواخر هذه السنة فانتصر الوالي علي عدوه سنجر، و تقررت شيراز للأمير پير بوداق، فبقي حاكما فيها … و لم يدر ما كان يجري ببغداد من وقائع …

206 حوادث سنة 859 ه- 1455 م

207 پير بوداق و بغداد:

في هذه الأيام وصلت أخبار المشعشع إلي پير بوداق بشيراز فأرسل سيدي علي مع جماعة نواكر (ضباط و أعوان) إلي بغداد فدخلها في 3 ربيع الأول سنة 858 ه فمكث سيدي علي مدة من الزمان و بعد ذلك أرسل پير بوداق جماعة عساكر من شيراز إلي بغداد و مقدمهم أمير شيخ شي اللّه و حسين شاه المهردار و عمه سورغان و علي كرز الدين و شيخ ينكي أوغلي و أمر أن يتوجه سيدي علي و يعمر الحلة و المشهدين فدخل بغداد في 2 جمادي الأولي سنة 859 و عند ذلك توجه سيدي علي إلي الحلة يوم السبت 18 شعبان سنة 859 و عمر سوقها و عمر بها قلعة.

كذا في الغياثي، و إن الحوادث التالية تشعر بأن ما جري في النجف متأخر عن هذا التاريخ …

208 وفيات
209 عبد السلام القيلوي:

في هذه السنة توفي عز الدين عبد السلام بن أحمد القيلوي نزيل القاهرة الحنفي الإمام العلامة. ولد سنة 780 ه تقريبا بالجانب الشرقي من بغداد. و قرأ به القرآن برواية عاصم و علوما أخري ثم سمع علي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 149

الشيخ محمد الجاردي و أخذ عنه فقه الحنابلة. و عن الشيخ عبد اللّه بن عزّيز (بالتشديد المصغر و بزاءين) و عن الشيخ محمود المعروف بكريكر (بالتصغير) و غيرهم. و بحث في فقه الشافعية ثم تحنف و أخذ الأصول عن الشيخ أحمد الدواليبي و النحو عن الشيخ أحمد بن المقداد و غيره و الطب عن الموفق الهمذاني، و الفرائض عن الشيخ عبد القادر الواسطي ثم ارتحل إلي العجم في فتنة تيمور فلازم ضياء الدين الهروي الحنفي و أخذ عنه ثم ارتحل إلي أرزنجان فبلاد الشام و حلب و

بيت المقدس ثم رحل إلي القاهرة و درس في عدة أماكن و لازمه الناس و انتفعوا به و هو رجل خير زاهد مؤثر للانقطاع عن الناس و العفة و التقنع بزراعات يزرعها … توفي في رمضان بالقاهرة و قد تجاوز الثمانين.

210 حوادث سنة 860 ه- 1456 م

211 وقائع أخري للمشعشع:

في هذه السنة توجه المولي علي المشعشع إلي مهروذ و طريق خراسان من ولاية بغداد و نهب و قتل و أسر الذراري و النساء و أحرق الغلات و كان ذلك يوم الأربعاء في 10 جمادي الثانية سنة 860 و مكث تسعة أيام منها ثلاثة أيام ببعقوبة و ثلاثة أيام من بعقوبة إلي سلمان الفارسي و ثلاثة أيام بسلمان الفارسي و قتل مشايخ سلمان الفارسي و أسر الباقين.

و في هذه الوقعة قتل عمر سرغان فإنه كان يعرف السباحة و كان معه شخص يقال له مقصود باشا لا يعرف السباحة فلما أدركتهم الخيالة و قدامهم شط ديالي و من ورائهم الرماح ألقوا بأنفسهم إلي ديالي فغرق عمر سرغان و خرج فرسه حيا و نجا مقصود باشا و هلك فرسه و رحل بعد

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 150

ثلاثة أيام و لم يعبر ديالي و لم يخرج إليه أحد من بغداد.

212 زلزال:

في هذه السنة زلزلت مدينة بغداد ثلاث مرات في ساعة واحدة ثم البصرة و أرض الكوفة.

213 ابن اللوكة:

هو عطاء بن عبد العزيز بن عبد الكريم بن عبد للّه بن الكمال محمد بن سعد الدين محمد بن أبي الفرج بن أبي العباس بن زماخنة- بمعجمتين الأولي مضمومة- الأديب شجاع الدين أبو حسين بن العز الجلال القحطاني البصري الشافعي و يعرف بابن اللوكة ولد في ربيع الأول سنة أربع و تسعين و سبعمائة بالبصرة و نشأ بها فحفظ بعض القرآن، و عني بالأدب، و طالع دواوين أربابه، و أضاف ذلك لما اشتمل عليه أهل بلاده من الفصاحة فنظم الشعر الجيد، و ربما أتي منه بالبديع الذي استكثر عليه، و لكن الظن الغالب أنه له، فربما تكلم علي بعض غريبه كلام عارف و اهتز في المواضع الجيدة لدفع المخالف، و دخل بلاد فارس ششتر و أعمالها، و كذا الحلة و بغداد و تلك الأعمال، و بلاد الهند و اليمن و الحجاز غير مرة. ثم قطن مكة من سنة سبع و ثلاثين مع تردده منها إلي اليمن غير مرة للاسترزاق و زار المدينة النبوية ثلاث مرات، و كتب عنه ابن فهد و غيره من أصحابنا، أجاز لي و مات بكالكوط (كلكتا) في شوال سنة 860 ه و من نظمه:

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 151

لما تبدي و قد أكبرت صورته بدر يحار المعني في معانيه

فقلت يا لائمي في محبته فذلكن الذي لمتنني فيه

و عندي من نظمه غير هذا. قاله في الضوء.

214 حوادث سنة 861 ه- 1457 م

215 المولي علي- إمداد بغداد:

و كان قد سمع جهان شاه بما فعله الولي علي من قتل و نهب و سلب و أسر فأرسل جيشا لإمداد بغداد، فلم يطق المولي علي البقاء، و عاد إلي الحويزة، و كان الجيش قد وصل يوم الأربعاء 16 المحرم سنة 861 ه فبقي

مدة و رحل. كذا في الغياثي و فيه ما يؤيده الوقائع المنقولة من المخطوطة المسماة بالأنوار، و من مجالس المؤمنين و فيها أن المولي علي المشعشع حينما سمع بورود الجيش قفل راجعا …

216 وفاة المولي علي: (محاصرة بهبهان)

و إثر عودة المولي علي إلي الحويزة سار بجيشه إلي (جبل كيلويه) و حاصر مدينة بهبهان.

و في أحد أيام المحاصرة أصاب المولي عليا سهم طائش من ناحية المدينة فقتله …

و في المجموعة المخطوطة نقلا عن الغياثي: من ولد السيد محمد المشعشع المولي علي حكم في زمانه و قتل بسهم في حصاره لقلعة بهبهان سنة 861 ه. ا ه.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 152

و قال:

«أما پير بوداق فبينما هو في شيراز إذ سمع بمجي ء ألوند إلي قلعة طبق و قد ترك بنيه و أهله في القلعة و توجه إلي الجبل فسار إليه پير بوداق فهرب منه فساقوا خلفه فتشتت عنه عسكره و بقي مفردا. و كاد يهلك من العطش فوقف حتي أدركوه في برية فوق كرمان …

فأول من وصل إليه پروانه بن علي ماماش فضربه علي صورته فغلب الدم عليه و لم يبق له واعية فلحق پير بوداق. فلما رأي أنه لم يبق فيه رجاء شتم ضاربه و حز رأسه و ذلك يوم الأربعاء 22 رمضان لسنة 860 و أرسله إلي جهان شاه و رجع پير بوداق إلي شيراز فلم يمض علي ذلك ثلاثة أيام إلا جاء الخبر بأن المولي عليا المشعشع قد أخذ كردستان و بهبهان و أكثر توابع شيراز فتوجه نحوه فوجده محاصرا لقلعة بهبهان و هو مجروح مريض لا يستطيع الركوب. و ذلك أنه كان يسبح في بعض الأيام في النهر الذي قرب القلعة تحت شجرة نبق و

إذا بشخص نزل من القلعة و هم لا يرونه يسمي محمود بهرام فوقف قريبا منهم و كان السلطان يسبح مع ثلاثة من أمرائه فسلم عليهم فقالوا من أنت فقال إني هارب من القلعة و أريد الانضمام إلي معسكر السلطان و وقف حتي خرجوا من الماء. فرأي الثلاثة يخدمون الواحد فتحقق أنه السلطان فمد القوس و رماه بسهم فخرق حالبه و نفذ إلي وركه وفر هاربا، صاعدا إلي القلعة فحمل و ليس به حراك و وضع في الخيمة و هو في حال رديئة.

و في تلك الأثناء طيرت الأخبار إلي پير بوداق بأن المولي عليا مجروح و هو محاصر قلعة بهبهان فتوجه إليه.

فلما ترءاي عسكر پير بوداق و رأوا غبار العساكر أخبروا المولي عليا بذلك فقال قابلوهم فركبوا عليهم و ساروا علي پير بوداق فكسروه أول مرة فوصل پير قلي إليه و أمده بعسكره فكروا علي المشعشعين

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 153

و أجلوهم إلي الحويزة. و وصل شخص إلي خيمة المولي علي فرآه نائما فحز رأسه و لم يعلم من هو و كان وزيره (ابن دلامة) مقبوضا عليه فعرف الرأس و فتشوا علي الجثة فحصلوا عليها و سلخوها و حشوها تبنا و أرسلوها إلي بغداد و أرسل الرأس إلي جهان شاه و دخل جلده بغداد في 16 جمادي الآخرة سنة 861 ه. و جاء في الضوء اللامع أن علي بن محمد بن فلاح الخارجي الشعشاع (كذا) مات سنة 863 ه.

217 ترجمته:

قد مرت حوادثه … و كان منفورا من الجميع بسبب ما قام به من إهانة العتبات الشريفة في النجف و في كربلاء و القتل و التخريب و النهب … و نحن ننقل بعض ما عرف

عنه من النصوص التالية …

ففي المجلس الثامن من مجالس المؤمنين:

«أن المولي عليا في أواخر أيام أبيه استولي علي أموره و أخذ منه السلطة و ولي زمام الإدارة و صار هو الرئيس صاحب القول الفصل.

و هذا ساق الناس إلي عقيدة أن روح الإمام علي قد حلت فيه، و أن الأمير لا يزال حيا … فأغار المولي علي المذكور علي عراق العرب و انتهب المشاهد المقدسة و تجاسر علي العتبات بوقاحة و استولي عليها.

و أن والده قد عجز عن إصلاحه و كتب إلي الأطراف أنه لا يقدر عليه و في بعض مؤلفاته قد نعت نفسه بين القوم بالمهدي إلا أنه لم يقف عند هذه الدعوي و إنما ادعي الألوهية … و في أواخر المجلس الخامس ذكر المؤلف أن قد جرت ملاطفة و محاجة بين السيد إبراهيم المشعشع و السيد قاسم نور بخش في مجلس السلطان حسين بايقرا في هراة و كان من مصاحبيه مير علي شير نوائي فدخل السيد قاسم نور بخش فأراد أن

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 154

يزاحم السيد إبراهيم المشعشع في مكانه فأمسك بيده و قال له لنتحاج في تقدمك علي و ماذا عسي أن يكون السبب هل ذلك دعوي السيادة فإن كلّا منا مشكوك في سيادته؟ أو إذا كانت دعوي لا مبني لها فإن و الدك أدعي المهدوية و والدي زعم الألوهية أما إذا كان الأمر غير ذلك و مبناه الفضيلة فهات أسمع … ! و غرضه من هذا القول أن والد السيد إبراهيم و هو المولي علي ادعي الألوهية كما أن والد السيد قاسم و هو السيد محمد نور بخش ادعي المهدوية … الخ.

ثم قال:

و لما ذهب المولي علي إلي جبل

كيلويه أصابه سهم في بهبهان فأرداه قتيلا فكانت الرمية مسددة … و حينئذ تخلص الأب من لوم الناس و تقريعهم بسببه … » ا ه.

و في جامع الدول:

«كان حلوليا، يعتقد أن روح الإمام علي عليه السلام قد حل فيه … فأغار علي المشاهد المقدسة بالعراق فنهبها نهبا فاحشا، و أساء الأدب، و ارتكب القبائح، و بقي علي إلحاده و ظلمه إلي أن قتله الأتراك في حوالي جبل كيلويه … » ا ه.

هذا ملخص ترجمته …

218 عقائد المشعشعين

و هنا لا نري وجها لاعتبار الابن غاليا و الأب يتبرأ من الغلو مع ما نقل كما مر من النصوص و منها ما أورده نفس صاحب مجالس المؤمنين … و المعروف عنه في كتبه الأخري أنه لم يستثن أحدا منهم.

و إني مورد ما جاء في كتابه (تذكرة المؤمنين) عن الغلاة و العلي اللهية خاصة و عن المشعشعين أنفسهم … و هكذا نوالي البحث في حينه عن كل من أمراء المشعشعين …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 155

219 العلي اللهية و المشعشعون (عقائدهم):

من النقول المارة يظهر أنهم يعتقدون الألوهية في الإمام علي عليه السلام و يقولون بالحلول و قد ظهر ذلك بصراحة علي لسان الابن و هو المولي علي المذكور. جاء في تذكرة المؤمنين ما يؤيد ذلك فقد أوضح المؤلف مشاهداته لبعض الغلاة من العلي اللهية بما نصه:

و أما ما شاهدته بأم عيني من الغلاة و ما رأيته من العقائد الراسخة فيهم أنني كنت سائرا في طريق بغداد فوصلت إلي منزل يقال له «هارون آباد» فنزلت في وسط غابة مع من نزل من القافلة بقصد تدخين النارجيل و شرب القهوة فأوقدوا النار هناك و أضرمت الأحطاب فجلسنا حول النار و كنت أصلح النار و أضع الوقود عليها … فاحترقت يدي.

و كان يرافقنا امرؤ من أهل قندهار فلما رآني بهذه الحالة خاطبني بقوله إنك تخشي النار فقلت له كيف لا أخشاها و فعلها الإحراق فأجابني:

إنكم تدعون التشيع في حين أن النار لا تحرق الشيعة و أريد أن أبرهن لكم أنكم لا تحبون عليا حقيقة و لستم صادقين في الإخلاص له فحينئذ تأوه و قال:

بارها كفته أم بخلوة دل علي اللّه غيره باطل

و علي أثر قراءته رفع جمرات كثيرة من النار

و ألقاها علي صدره و نحره و مد يده إلي داخل النار، و أخرجها منها مع ذكره (يا علي يا علي) فدام هذا الحال معه إلي أن طفأت النار التي كانت علي صدره و في حجره … و لم يمسه سوء منها و لا أي ضرر … و لم تظهر علي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 156

وجهه علامات الانزعاج و الألم … فكأنه يلعب بالماء.

و حينئذ وجه القول علينا و خاطبنا:

- أعلمتم أنكم لستم من الشيعة … !؟

فقلت له أظنك (علي اللهي) فقال نعم! أنا لا أخشي أحدا و أخرج فجأة خنجره الذي كان لديه فخشينا منه علي أنفسنا إلا أنه أنزله بقوة عظيمة في بطنه و صدره بحيث انحني رأس الخنجر و لم يصب جسمه أذي …

و كلمنا بقوله:

- إنكم لا تعتقدون أن (نور علي) حاضر و ناظر و تقولون إنه في قالب المثال أو في جسده الأصلي و بمقتضي اعتقادكم هذا ينبغي أن لا يدوم أكثر من ثلاثة أيام و مع هذا الاعتقاد تزعمون أنه يحضر عند العباد لدي احتضارهم أو ولادتهم فأين يذهب؟ و ماذا تطالبون من القبر؟ و هو لم يكن فيه؟ فلم تتحملون المشاق و الأسفار في سبيل زيارة قبره! و لو سلمنا بهذا فأين يذهب و ماذا تطلبون من قبر لم يكن هو فيه … ؟

و عندما أنهي كلامه هذا قام جمع من الحضّار فودعنا و سار لوجهه راجلا مع من سار … ! ا ه.

و أمثال هذا من النقول كثير و قد أورد المؤلف بيتا في موطن آخر من كتابه قال:

كرنكويم من خدايت يا أمير المؤمنين پس چه مكويم در ثنايت يا أمير المؤمنين

موسوعة تاريخ العراق بين

احتلالين، ج 3، ص: 157

و معناه إذا لم أقل أنت اللّه يا أمير المؤمنين فماذا أقول إذن في الثناء عليك …

و من هذا كيف نعلم أن عقائد هؤلاء هي عقائد المشعشعين؟ و ما الدليل علي أنهم منهم؟

فأقول إن المؤلف عاد للموضوع مرة أخري و تعرض له، فبين أن هذه العقائد لها مكانة معينة و أن المشعشعين صنف من هؤلاء و تفصيل الخبر أنه قال:

«إن الناس في حضرته- حضرة الإمام علي- أربع طوائف أولاها غالية في حبه و تقول بألوهيته، و الأخري تغالي في بغضه و تقول ما لا يليق ذكره.. و ثالثة تستخفّ به عنادا، و رابعة اعتقدت بإمامته … و إن الغالين فيه الذين يعتقدون بألوهيته منهم المفوضة … و هؤلاء يقولون إن اللّه فوض إليه إدارة العالم في كافة شؤونه و لم يتدخل بشي ء … و منهم السبأية أصحاب عبد اللّه بن سبأ من نصيرية و هؤلاء أيضا اعتقدوا بألوهيته و بعد أن استشهد قالوا إنه لم يمت و إنما هو حي … و إن ابن ملجم لم يقتله و إنما الشيطان تمثل بصورته فقتل … و منهم الغرابية يقولون بأن اللّه أرسل جبريل إلي علي إلا أنه اشتبه و ذهب إلي محمد و كان يشبه عليا كما يشبه الغراب الغراب … و بعضهم يقول إن عليا هو اللّه … و منهم الشريفية و هؤلاء يقولون إن اللّه (حل) بالنبي و علي و فاطمة و الحسن و الحسين فهم آلهة. و منهم المغيرية يقولون إن اللّه حل بعلي و صار هو اللّه … و إن قبيلة هزارة و عربان المشعشع علي هذا المعتقد (و هنا تعينت عقائد المشعشعين) و منهم المخمسة و هم يعتقدون

أن سلمان

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 158

و المقداد و عمار و أباذر و عمرو بن أمية الضمري موكلون بأمور العباد للقيام بمصالح العالم من جانب علي الذي هو اللّه … ا ه.

و من هذا عرفنا مكانة عقائد المشعشعين بين الغلاة و قد اتفق المسلمون علي تكفير الغلاة و إخراجهم من حظيرة الإسلامية و أن المؤلف أيضا كفرهم و قد مرت النقول علي أن المشعشعين من أهل الحلول و الاعتقاد بألوهية الأشخاص و عبادتهم … و أما استعمال النار و السلاح فإنه أيضا قد نقل المؤلف مثله عن العلي اللهية و بصره بأم عينه فلا فرق بينهما في العقيدة بوجه فهم يتخذون هذه وسيلة أو طريقة لنشر عقائدهم … و العلي اللهية في العراق كثيرون و لا نطيل القول هنا بذكر عقائدهم فللبحث عن ذلك موطن غير هذا.

220 الأمير ناصر العبادي- واسط: (المشعشع أيضا)

و بعد وفاة المولي علي وافي الأمير ناصر بن فرج اللّه العبادي إلي بغداد و أخبر أن عسكر بغداد مع القبائل العربية الكثيرة المجتمعة لنصرته قد تشتت شملهم و دمرهم السيد محمد المشعشع و عقب أثرهم حتي أوصلهم إلي واسط فانتصر المشعشع المذكور عليهم و قتل فيهم تقتيلا فظيعا و لم ينج منهم أحد فكانت هذه الوقعة دامية جدا. و قد حدثت في أواخر هذه السنة (861) ه.

221 حوادث سنة 862 ه- 1457 م وفيات

222 ابن الدواليبي:

هو علي بن عبد المحسن بن عبد الدائم بن عبد المحسن بن

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 159

ميل ضريح السهروردي- عن دار الآثار العراقية

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 160

محمد بن أبي المحاسن عبد المحسن بن أبي الحسن بن عبد الغفار العفيف أبو المعالي بن الجمال أبي المحاسن ابن النجم أبي السعادات أو أبي محمد بن محيي الدين أبي المحاسن بن العفيف أبي عبد اللّه بن أبي محمد البغدادي القطيعي ثم الصالحي الحنبلي و يعرف كسلفه بابن الدواليبي و بعض سلفه بابن الخراط و هما صنعة عبد الغفار جده الأعلي، من بيت جليل. ولد في المحرم سنة 779 ه ببغداد و نشأ بها فقرأ القرآن و اشتغل، أخذ عن الكرماني، و عن القاضي شهاب الدين أحمد بن يونس العبدالي البغدادي المالكي أحد من أخذ عن الحجار، و أنه سمع علي أبيه المسلسل … و كان المحب بن نصر اللّه البغدادي قد ذكر ما يدل علي اتهامه، و كذا ابن حجر و لكنه له استعداد و استحضار لكثير من التاريخ و الأدبيات و المجون. أقام بالقاهرة مدة، ثم سكن دمشق، ثم رجع إلي القاهرة … مات في 16 رجب سنة 862 ه. هذا ما ذكره صاحب

الضوء اللامع، و جاء في الشذرات أنه كان إماما عالما ذا سند عال في الحديث و لم يقطع في تاريخ وفاته و إنما قال توفي سنة 858 تقريبا.

223 حوادث سنة 864 ه- 1459 م

224 فتن و أراجيف:

حصل في هذه السنة أراجيف و فتن بين بغداد و الموصل لاختلاف الملوك، و نهبت قوافل و قري و الوقائع السابقة تعين الحالة، و أن المملكة في اضطراب لا في هذه السنة خاصة، و لعل الشر قد تزايد فيها …

و في 27 رمضان سنة 864 ه دخل پير قلي بغداد، و كان قد أرسله پير بوداق إليها كما سيجي ء … و هذا وصيف پير بوداق (قنه) و معني پير قلي (عبد پير) أي عبد پير بوداق.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 161

225 حوادث سنة 866 ه- 1461 م

226 عودة الأمير پير بوداق:

كان هذا الأمير قد ذهب إلي شيراز، و بقي خارج العراق عشر سنوات، قضاها في الحروب … و ذلك اعتبارا من وفاة السلطان محمد بن بايسنقر بن شاه رخ في 15 ذي الحجة سنة 855 ه و قتله أخوه ميرزا باير، فتوجه الأمير نحو جهة، و والده جهان شاه نحو أخري.

فسخروا فارس و بلاد عراق العجم، و كانت تحت سلطة ميرزا محمد بن بايسنقر المذكور … كما أنه حينما توفي باير في 26 ربيع الثاني سنة 862 ه سار جهان شاه إلي هراة فاستولي عليها … و علي هذا تحرك أبو سعيد من سمرقند و مضي لمقاومة جهان شاه … و هذا لم يسعه إلا تسليم هراة و الصلح مع أبي سعيد علي إنكار في 1 صفر سنة 863 و خرج جهان شاه هاربا و ألقي في الطريق أثقاله … و بعد ذلك عصت علي جهان شاه مدينة أصفهان فدخلها قهرا و دمرها … ثم منحها إلي ابنه محمدي ميرزا كما أنه جعل شيراز في قبضة ابنه پير بوداق و أعطي كرمان لابنه الآخر يوسف ميرزا. و يزد أودعت إدارتها إلي امرأته

و هكذا اقتسموا مملكة إيران فمضي الأمر علي هذا مدة … !

ثم حدثت منافرة بين الأمير جهان شاه و ابنه پير بوداق بسبب ساتلمش (صاتلمش) الشيرجي فأرسل إلي ابنه پير بوداق يطلب منه فلم يلتفت إليه و حينئذ كتب إليه إما بغداد و إما شيراز و إلا أخذهما قهرا …

و توجه جهان عليه فلما علم پير بوداق خرج من شيراز بعسكره و أتباعه مع جماعة من أهل شيراز من صناعها و كتابها و أرباب الحرف و الصنايع منها … و مضي إلي كريوة ماهين و تنك براق و صنع سورا و تأهب

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 162

للحرب … فلما حضر جهان شاه سار پير بوداق إلي تستر و أعطي جهان شاه شيراز إلي ابنه يوسف ميرزا و أقام پير بوداق في تستر و أرسل پير قلي و صيفه إلي بغداد فدخلها يوم الخميس 27 رمضان سنة 864 ه.

ثم إن پير قلي هذا كتب إلي پير بوداق يحثه علي الخروج من تستر و اللحاق به، فلم يستطع مخالفته فسار من هناك إلي بغداد، فدخلها يوم الاثنين 18 ربيع الأول سنة 866 ه.

و في هذه المدة كانت النفرة بينه و بين والده تزيد يوما فيوما بل اشتدت الفتن … و لما دخل بغداد طرح علي الأهلين ألفا و ثمانمائة تومان، فلم يستطيعوا الأداء فأهان الناس بالضرب و التعذيب، و نالهم منه ما لم يروه من قسوة و شدة …

227 وفاة السيد محمد المشعشع:
اشارة

توفي السيد محمد هذا يوم الأربعاء 7 شعبان سنة 866 ه فخلفه في إمارته ابنه المولي محسن.

228 ترجمته:

في كتب كثيرة نري ترجمته و قد مضي الكلام علي ظهوره و تاريخ مناضلاته مع العراق و الحويزة. و الآن ننقل ما عرف عنه من النصوص الأخري … منقولة من مجموعتنا الخطية المسماة بالأنوار قال في كتاب إيجاز المقال في علم الرجال ما نصه:

«قال مؤلفه الجليل العالم العلامة النسابة الشيخ فرج اللّه بن محمد و يسمي أحمد بن درويش بن محمد بن حسين بن جمال الدين بن أكبر مجرد الجيلي من بلاد الجبل أصلا الحويزي مولدا الجزائري نشأة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 163

المزرعاوي نسبة في الجلد الثاني منه هكذا (محمد كالأول في ست ابن فلاح بالفاء و اللام و الألف و الحاء السيد الموسوي و لكنه مخلط) انتهي كلامه. قوله (كالأول) يعني كالاسم الذي تقدم ضبطه بميمين بينهما حاء و بعدها دال مهملة. قوله (في ست) يعني سأذكره في الخاتمة في الفائدة التي تشتمل علي فهرست ما عثرت عليه من أصل أو كتاب.

و لا يخفي أن الذي نقلته و أنقله … عن هذا الكتاب من كتاب الأصل خط المؤلف و هو عندي … و قد وجدت بخطه الشريف مكتوبا بالحمرة علي ترجمة السيد محمد بن السيد فلاح هذا هكذا (جد بيت المهدي) انتهي. أقول و ذلك أن السيد محمد يلقب بالمهدي … و لا يخفي أنه بعد أن ذكر السيد محمد في الفهرست قال: و محمد هذا هو المهدي المشهور بالحويزة قد طلب العلم بمدرسة الحلة و تلمذ علي الشيخ الجليل أحمد بن فهد المجتهد المشهور. و في تاريخ الغياثي: كان عالما بجميع العلوم المعقول و

المنقول و كان عارفا بعلم التصرف و صاحب رياضات و لذلك كان يخبر بما يكون من ظهوره و قيل اعتكف في مسجد الكوفة سنة كاملة بشي ء قليل من دقيق الشعير و قد ظهر منه تخليط في ابتداء ظهوره سنة 840 ه حتي أمر أستاذه … بقتله و له كتاب رأيته يميل به إلي الحلولية معدن تخليط و زخارف غلب علي عقول بعض الناس … » ا ه.

و في كتاب مجالس المؤمنين في آخر المجلس الخامس منه في ترجمة الشيخ أحمد بن فهد ما نصه:

«من جملة تلامذته السيد محمد بن فلاح الموسوي الواسطي و هو أول سلاطين المشعشعين … و كانت أكثر ولايات الحويزة في تصرف هؤلاء … » ا ه.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 164

و في كتاب المجموعة الجامعة الكاملة النافعة تأليف العالم الجليل الشيخ عبد للّه بن عيسي بن محمد صالح المشهور بميرزا عبد اللّه أفندي … و هي عندي بخطه الشريف و هي كالفهرست لأكثر الكتب الغريبة التي ألفها العلماء الأعلام قال فيها في الثلث الأخير منها هكذا:

«فائدة قد رأيتها في صدر بعض الرسائل لبعض متأخري علمائنا بالفارسية في بيان مناظرات جماعة من علماء الشيعة مع العامة في الإمامة كابن جمهور و الأحساوي (الأحسائي) و هشام بن الحكم و الشيخ المفيد و غيرهم. و هذا أول الرسالة:

الشيخ العالم الزاهد أبو العباس أحمد بن فهد الحلي … و نقل بعض أحوال الشيخ (ره) إلي أن قال: و من أفاضل تلامذته السيد محمد بن فلاح الموسوي الواسطي أول سلاطين المشعشعين» ا ه.

و في (كتاب تنبيه و سن العين بتنزيه الحسن و الحسين في مفاخرة بني السبطين) قال مؤلفه العلامة النسابة السيد محمد بن

علي بن حيدر بن محمد بن نجم و به يعرف هذا البيت فيقال بيت السيد نجم الحسيني الموسوي في أواسط هذا الكتاب عند تعداد ملوك بني الحسين … هكذا:

«و من الممالك الحسينية مملكة المشعشع. قال صاحب النفحة العنبرية المشعشع بضم الميم و فتح الشينين المعجمتين إلي أن قال السيد محمد صاحب هذا الكتاب طاب ثراه، و الذي في زماننا و ما قبله إلي قبل التسعمائة استقرار ملكهم في حوزستان بضم الحاء المهملة و كسر

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 165

الزاء المعجمة و سكون السين المهملة كذا ضبطه ابن خلكان و قال هي بلاد بين البصرة و فارس و النسبة إليها حوزي و قد فات هذا صاحب القاموس فلم يذكره و إنما ذكر الحويزة كدويرة و قال قصبة بحوزستان.

و الحويزة في هذا الزمان مقر ملك هؤلاء السادة مع تملكهم لقطر حوزستان و غيره و هم الآن تحت الطاعة لملوك العجم السادة الصفوية علي أن ملكهم سابق علي ملك أولهم شاه إسماعيل كذا أخبرني بمكة المشرفة ملكهم الآن السيد الجليل علي بن عبد اللّه و ذلك مقتضي كلام صاحب النفحة العنبرية. و هم عرب كرام أمجاد أبطال أنجاد و تحت ملكهم و طاعتهم من عرب جهتهم ألوف كثيرة فوارس شجعان و قد أخذوا البصرة في حدود عشر و مائة بعد الألف لملك العجم الذي هم في طاعته ثم ردها علي السلطان الأعظم ملك الروم و الحرمين الشريفين للمعاهدة و المهادنة التي بينهما» ا ه.

و في كتاب مجالس المؤمنين في المجلس الأول ما هذا لفظه:

الحويزة تصغير الحوزة و أصله من حازه يحوزه حوزا إذا حصله و هو موضع حازه دبيس بن عفيف الأسدي في أيام الطائع للّه

و نزل فيه بحلته و بني فيه أبنية و ليس بدبيس بن مزيد الذي بني الحلة بالجامعين و لكنه من بني أسد أيضا. كذا في معجم البلدان. قال: و هذا الموضع بين واسط و البصرة و حوزستان في وسط البطائح. و البطائح جمع بطيحة بالفتح ثم بالكسر و البطحاء مثلها و تبطح السيل إذا اتسع في الأرض.

و بذلك سميت بطائح واسط لأن المياه تبطحت فيها أي سالت و اتسعت في الأرض. و هي أرض واسعة بين واسط و البصرة و كانت قديما قري

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 166

متصلة و أرضا عامرة فاتفق في أيام كسري أبرويز أن زادت دجلة زيادة مفرطة، و زاد الفرات أيضا بخلاف العادة فعجز عن سدها فتبطح الماء في تلك الديار و العمارات و المزارع فطرد أهلها عنها فلما نقص الماء و أراد العمارة أدركته المنية و ولي بعده ابنه شيرويه فلم تطل مدته ثم ولي نساء لم تكن فيهن كفاية ثم جاء الإسلام فاشتغلوا بالحروب و الجلاء و لم يكن للمسلمين دراية بعمارة الأرضين فلما ألقت الحروب أوزارها و استقرت الدولة الإسلامية قرارها استفحل أمر البطائح و انفسدت مواضع البثوق و تغلب الماء علي النواحي و دخلها العمال بالسفن فرأوا فيها مواضع عالية لم يصل الماء إليها فبنوا فيها قري و سكنها قوم و زرعوها الأرز … و تغلب عليها في أوائل أيام بني بويه أقوام من أهلها و تحصنوا بالمياه و السفن و خرجت تلك الأرض عن طاعة السلطان و صارت تلك المياه لهم كالمعاقل الحصينة إلي أن انقضت دولة الديلم ثم دولة السلجوقية. فلما استبد بنو العباس بملكهم و رجع الحق إلي نصابه رجعت البطائح إلي

أحسن النظام و جباها عمالهم كما كانت في قديم الأيام قال المؤلف (المجلسي): و علي هذا قد ظهر لنا أن متوطني تلك الديار كان بعضهم من أيام الديلم و البعض الآخر من قبيلة بني أسد فاختاروا التوطن في تلك البطائح و كلتا الطائفتين من الشيعة الإمامية و من المخلصين للسادة العلوية. و في العصر التاسع للهجرة كان السيد محمد ابن السيد فلاح الموسوي الواسطي من تلامذة الشيخ الأجل أحمد بن فهد الحلي الإمامي … قد ذهب إلي تلك الأنحاء و أقام مع هذه الأقوام و هؤلاء لما كانت عقائدهم صافية و رأوا أنه علي الحق اتخذوه حاكما عليهم و صارت تدعي تلك الجماعة بأتباع المشعشع رباهم كما أراد و لمدة قصيرة تمكن من أن يتسلطن عليهم فاستولي علي جميع ولاية خوزستان، و الجزائر و أكثر عرب العراق فتصرف بها و حكمها. و من ثم انتشر مذهب الإمامية في بلاد خوزستان و تشعشع أمر التشيع في تلك

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 167

الديار و الأنحاء و لا يزالون حتي الآن مرتبطين بأولاد السيد محمد و أخلافه و هم تحت حكمهم (إلي أيام المجلسي) و سنتكلم علي حكومة هؤلاء في هذا الكتاب …

229 ملحوظة:

ما فائدة هذا الارتباط بمن اعتقاده ما مر الكلام عليه عند ذكر وفاة المولي علي عام 861 ه.

230 حوادث سنة 867 ه- 1462 م

231 العثور علي كنز:

مضي علي مجي ء پير بوداق مدة سنة واحدة و بينما كان الأمير سيدي علي يعمر أرضا برواق عزيز إذ وقع بسرداب فيه مال عظيم من الذهب الأحمر. فأعلم بها پير بوداق و وزنوها فكانت سبعمائة منّ بوزن تبريز (سبع قناطير حلبية) كلها مسكوكة بسكة الخليفة الناصر لدين اللّه و هي ذهب ابريز تام العيار. من أموال الخليفة الناصر. و قد دفنه و زرع فوقه شجرا حتي لا يفطن إليه أحد.

و كان هذا الخليفة كثير الولع بجمع الذهب و حبه إلا أن جميع ما دفنه استخرجه ولده المستنصر و صرفه علي العمارات و المفرجات و أبواب البر …

أراد سيدي علي أن يجعل تلك الأرض ديوان خانه فبينما البناؤون يحفرون الأساس وقعوا بها … و من ثم تكلم الناس فقال بعضهم هذه عناية في حق پير بوداق و قال الغياثي، أعطي ذلك المال ليكف عن ظلم العباد فزاد في غيه و ظلمه و صار نكالا عليه كما أن جهان شاه سمع به

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 168

فصمم العزم إليه و قتله و هو أيضا قتل بسببه عدة أناس. و لهذا سمي (حجر القاتول).

232 وفيات
233 1- حميد الدين النعماني:

هو محمد بن أحمد بن محمد، حميد الدين أبو المعالي بن تاج الدين النعماني نسة للإمام أبي حنيفة (رضه) البغدادي الفرغاني الدمشقي الحنفي. ولد في 17 صفر سنة 805 بمراغة من أعمال تبريز، و نشأ ببغداد، و تفقه فيها علي أبيه، و الشريف عبد المحسن البخاري، و تحول مع أبيه لدمشق في أواخر ذي القعدة سنة 821 ه، ثم دخل القاهرة في التي تليها، و تفقه فيها بالشمس بن الديري، و العز عبد السلام البغدادي، ثم عاد لدمشق سنة 824 ه و

قطنها و تفقه بها علي العلاء البخاري، و الشرف قاسم العلائي فلازمه و أخذ منه علم الشريعة و الطريقة و سائر فنون المعقولات، و ولي قضاء الحنفية بدمشق في سنة 853 ه … و حج مرارا و ولي تداريس و أنظارا عدة و ألف ردا علي ابن تيمية في الاعتقادات، و شرحا للكنز لم يكمل، و له عدة رسائل في مسائل، و كان عالما بالنحو و الصرف و المعاني و البيان و الأصول و غيرها مشاركا في الفقه. ذكره في الأنباء، و طعن في نسبه.

مات ليلة الأحد 6 ربيع الأول سنة 867 ه بالمدرسة العينية، و دفن بسفح قاسيون و مر ذكر حسام الدين عم والده في المجلد الثاني و كذا الكلام علي والده.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 169

234 2- برهان الدين الكيلاني:

في حدود هذه السنة توفي برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم بن التاج عبد الوهاب بن عبد السلام بن عبد القادر البغدادي الحنبلي. ولد في 3 ذي الحجة سنة 793 و قرأ علي علماء عصره و جد و اجتهد حتي صار إماما عالما زاهدا قال في الضوء اللامع نشأ ببغداد و سافر إلي مكة و سمع بها علي ابن صديق صحيح البخاري و غيره و قطن القاهرة و حدث فيها و سمع منه الفضلاء و له ابن اسمه علي و هو سبط الشمس محمد بن معروف التاجر المتوفي سنة 886 ه.

235 حوادث سنة 868 ه- 1463 م

236 أحوال العراق:

كان الأمير پير بوداق في هذه السنة و أوائل التي بعدها تتوارد إليه الرسل من أبيه جهان شاه فينا لهم منه كل إهانة و تحقير بل قتل و تدمير … فلم تحصل ألفة بينهما و استمرت البغضاء و صارت تشتعل نيران الفتن بينهما إلي أن وصلت الحالة إلي ما لا تحمد عقباه و ذلك أنه جاء في أحسن التواريخ أن حسن علي مضي إلي بغداد و لقي رعاية من ميرزا پير بوداق و أنه كان يتابعه في إلحاده جماعة من أهل الزندقة ممن يطعن بدين محمد صلي اللّه عليه و سلم، و يري و جوب ترك الصيام و رفع التكاليف الإسلامية و من ثم رأي السلطان (جهان شاه) أن رسوم الشرع لم تراع و أصابها خلل فسار إلي بغداد بعظمة و كثرة جنود، و وزع الجيش إلي جهات متفرقة و أراد أن يحيط به من كل صوب ليسد الطرق علي پير بوداق … و لكن هذا اتخذ الأهبة و حاصر.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 170

237 حيوان بحري:

في هذه السنة (868 ه) خرج حيوان من البحر من ناحية البصرة علي صورة فرس و له جناحان يطير بهما نحو مائة ذراع و إذا لحق ركض علي الأرض اسبق من الريح و لم يقدر أحد علي قبضه و إذا جن الليل عاد إلي البحر و أقام علي ذلك عشرة أيام ثم ذهب و لا يعلم أحد أين ذهب كذا نقل العمري.

238 وفيات
239 الخريزاتي:

هو علي بن جمعة بن أبي بكر البغدادي خادم مقام الإمام أحمد كآبائه و الخريزاتي ولد سنة 750 ه أو بعدها ببغداد و نشأ بها و تعلم صنائع ثم ساح في البلاد و طوف في العراق و البحرين و الهند و أرض العجم و ما وراء النهر ثم حج و طوف في البلاد الشامية ثم قدم القدس و سكن به و بالخليل و نابلس ثم قدم القاهرة و سكنها و طوف في ريفها و ارتزق بها من صنعة الشريط و جلس لصنعه بحانوت تجاه الظاهرية القديمة و شاع عنه مما شاهده الثقات في سنة 844 ه إن السباع إذا مر بها عليه تأتيه و تتلمس به هيئة المسلمين عليه بحيث يعجز قائدوه عن مرور السبع بدون مجيئه إليه بل و عن أخذه عنه سريعا إلا إن إذن هو له و تكرر ذلك مدة إلي أن مل الشيخ فصار إذا سمع بالسبع من بعد يقوم و يفر إلي المدرسة أو غيرها كل ذلك مع سكينة و كثرة تواضع … مات في يوم الأربعاء عاشر رمضان سنة 868 ه بالقاهرة.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 171

240 حوادث سنة 869 ه- 1464 م

241 بغداد- جهان شاه:

لم تجد المخابرات، و لا أفادت الرسل، و إنما أدت تلك المفاوضات إلي توتر الحالة و إلي الفتن و المقارعات بل الحروب و من حين ورد (درتنك) تواترت الأخبار بمجيئه و وصلت مقدمة العسكر إلي البندنيجين و عند ذلك قرر الأمير پير بوداق أن يخرب المملكة فعاث فيها الجيش فنهبوا و احرقوا و خربوا و ساقوا الدواب و الأحشام و عبروها إلي الجانب الغربي …

أما جهان شاه فإنه وافي إلي مزار الإمام أبي حنيفة و أرسل إليه يقول جئناك فماذا

تفعل فقال للقاصد أهلا و مرحبا به فلما قرب العسكر من السور رشقوهم بالنبال فحط بعيدا عن السور و حفر عليه خندقا و أحاطهم بجميع سور بغداد و ذلك نهار الاثنين 14 جمادي الثانية سنة 865 ه (و هذا التاريخ الذي بينه الغياثي غير صحيح و صوابه 869 ه لأننا تجاوزنا حوادث هذه السنة).

و انحصر پير بوداق في المدينة و كان عنده عسكر كثير فاختار منهم البعض و أعطي الباقين دستورا فخرجوا من المدينة. و لما طالت المدة أعطي الرعية دستورا و قال من لم يكن له طاقة للحصار فليخرج. فخرج خلق كثير. فقام حسين طرخان و كان أحد أمرائه فقال له: حيث إن الرعية تخرج عنا يجب أن تأخذ أموالهم و تتركهم فقال افعل ما تشاء.

فانتهب مال الكثيرين من الرعايا. فصادر و عذب و أخرج الناس بنسائهم و أولادهم.

عمل الأمير پير بوداق بالناس هذه الأعمال داخل المدينة و جهان

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 172

شاه خارج المدينة يعمل أيضا أعماله الرديئة …

مضي علي هذه مدة. و لم يبق في البلد إلا القليل من الناس و حينئذ أراد حسين طرخان و جماعة من الأمراء المخابرة مع جهان شاه فراسلوه و واعدوه علي يوم معين تلقي الحرب أوزارها و يسلمون إليه البلد. و ذلك أن جماعة بينهم حسين طرخان كانوا يتحدثون في السور تحت بعض الجدران و إذا بصبي يسمع من وراء جدار و لم يشعروا به حتي استوفي جميع ما أسروا و جاء إلي نسيب له من نوكرية پير بوداق و قص عليه القصة … فذهب من ساعته و أخبر پير بوداق بذلك فركب من ساعته إلي بيت حسين طرخان و أخرجه من بيته

و جاء به و أرسل من جاء بأخيه طرخان و قيدهما و سجنهما و قتل من كان قد خامر معهما من الأمراء و النوكرية و تركهما ذلك اليوم حيين و ألقي جهان شاه الحرب علي بغداد علي الوعد الذي كان بينهم و بأمل أن يسلموه البلد …

فلما رأي پير بوداق أن الحرب قد طالت ضرب أعناقهما و أرمي بها من السور إلي جهان شاه و قيل هذه رؤوس فلان و فلان.

فحين عاين ذلك أبطل الحرب و أطفئت الفتنة.

242 حوادث سنة 870 ه- 1466 م

243 الصلح- قتلة پير بوداق:

دام الحصار مدة سنة و خمسة أشهر و نصف ثم انبرم الأمر علي أن پير بوداق يختار من جماعته مقدار مائة فارس و يخرج من الجانب الغربي فيعطيه جهان شاه خيلا و دوابّ و جمالا و يمر علي وجهه أينما شاء و يسلم البلد إلي جهان شاه.

و كان في نيته أن يتوجه إلي شاهسوار … و بينما هم في هذا الأمر و قد فتحوا أبواب المدينة و دخلوا و أخرج الناس إذ هرب من پير بوداق

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 173

دندار ابن عم أولاد طرخان إلي جهان شاه و قال له: إن في نية پير بوداق أن يحاصرك مرة أخري حيث إنه اكتفي من الغلة و الدهن و اليرق عند فتح الباب. و الآن في نيته العصيان و كان قد جري ذلك في مجلس الشرب.

و قالوا قد اكتفينا فالآن نحاصر مرة أخري …

و كان انهزم إليه هذا الشخص و أخبره بهذه الصورة و عند ذلك أمر جهان شاه بقتل پير بوداق فتوجه أخوه محمدي ميرزا و پير محمد التواجي و جماعة و دخلوا المدينة و هو غافل لا يعلم. فما أحس إلا و هم علي

رأسه فدخل عليه محمدي ميرزا و ضربه بالسيف و أتمه الباقون فقضوا عليه و ذلك نهار الأحد غرة ذي القعدة سنة 870 ه و في لب التواريخ قتل يوم الأحد 2 ذي القعدة. و من ثم قامت القيامة في بغداد و جعلوا عاليها سافلها، و خربوا ما شاؤوا.

244 ترجمة الأمير پير بوداق:

مضت حكومته بالوجه المحرر سابقا و تفصيلها ينبي ء أنه لم يكن له عمل غير الظلم و الجور كما أن الغياثي نقل أنه منهمك بالفجور و الشرب … و دعاه صاحب الشذرات (پير بضع) هو (پير بوداق) فالمؤرخون متفقون علي أن اسمه پير بوداق قال صاحب الشذرات: «إنه صاحب بغداد و توفي في 2 ذي القعدة سنة 870 ه» ا ه.

و جاء في جامع الدول:

«كان أقطع- جهان شاه- فارس ابنه پير بوداق ميرزا ثم بلغه سوء سيرته في أهلها فعزله منها في سنة 864 ه ولاه بغداد فأظهر العقوق و العصيان في سنة 869 ه فسار جهان شاه إلي دفع غائلته و حاصره ببغداد نحو سنة كاملة، فخدعه والده بطلب الصلح منه حتي فتح پير

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 174

بوداق باب القلعة و أمن جانب أبيه فغدر به والده فأرسل ابنه الآخر محمدي ميرزا فكبسه و قتله صبيحة يوم الأحد 2 ذي القعدة سنة 870 ه و اقطع بغداد ابنه محمدي ميرزا و عاد إلي أذربيجان و زادت شوكته و عظمته و انتهت إلي رتبة لم يبلغ أبوه و لا جده عشر معشارها و ملك العراقين و فارس و كرمان و سواحل عمان و أذربيجان إلي حدود الروم للشام» ا ه.

245 و في كلشن خلفا:

«ولي بغداد. و في مدة قليلة تخبط دماغه فعق والده. ذلك ما دعا أن يسير إليه بنفسه فحاصر بغداد لمدة سنة و نصف فافتتحها و قضي علي ابنه المذكور عام 870 ه فلما علم حسن الطويل بذلك انتهز الفرصة لإبداء الخصومة القديمة و جهز جيشا لجبا للوقيعة بجهان شاه … » ا ه.

و بين الغياثي سببا آخر غير توتر العلاقات أثناء المخابرات قال:

«كان

پير بوداق عنينا فتفكر جهان شاه أنه إن بقي بعده و هو فتاك سوف يقتل جميع إخوته … فتنقرض ذريته (ذرية جهان شاه) فرأي أن يقتله فقتله … » ا ه.

246 و جاء في الضوء اللامع:

«ناب عن أبيه في شيراز ثم خالفه فقصده أبوه ففر لبغداد فتملكها و حاصره أبوه دون السنتين حتي ملكها و قتله مع خلق كثيرين جدا.

و غلت الأسعار بسبب الحصار حتي حكي لي بعض من كان في العسكر أن رأس الغنم بيع بما يوازي مائة دينار مصرية و الرطل البغدادي من

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 175

الثوم بنحو خمسة عشر دينارا. قال: و أكلت لحوم البغال و الحمر الأهلية و نحوها. و كان شجاعا كريما، ظهر له كنز كبير قيل إنه اثنا عشر خابية ففرقه علي العسكر، و لم ينظر إليه بل قال: إن أصحابه لم ينتفعوا به فنحن أولي، هذا مع شيعيته … و تجاهره بالمعاصي بحيث يأكل في رمضان نهارا علي السماط مع كثيرين».

و ذكره في موطن آخر من كتابه باسم (پير بضع) قال:

« … صاحب بغداد، حاصره أبوه فيها زيادة علي سنتين إلي أن عجز و سلمها فيما قيل له مع تقادم كثيرة فأقره أبوه عليها و سار إلي بلاده فحسن له بعض أتباعه الاستمرار علي مشاققته. و إنه إنما أذعن له عجزا و غلبة فندب إليه ولده الآخر محمدا شقيق هذا و تصادما فقتل صاحب الترجمة، و جهز برأسه إلي أبيه و ذلك في ثاني ذي القعدة سنة 870 ه و هو في الكهولة و قتل معه من عساكره نحو أربعة آلاف نفس صبرا» ا ه.

و ذكره مرة أخري بلفظ (بير شاه بضع بداق) مما يدل علي أن المؤلف لم

يقطع في صحة تلفظه (راجع مادة جهان شاه).

و علي كل كانت مدة حكمه ببغداد علي ما جاء في الغياثي 18 سنة و خمسين يوما مكث فيها ببغداد ثلاث سنوات و خمسة أشهر و 24 يوما ثم توجه إلي شيراز و بقي فيها عشر سنين و 23 يوما ثم عاد إلي بغداد ثانية فأقام فيها 4 سنوات و 7 أشهر.

247 ولاية پير محمد الطواشي:

كان جهان شاه قد قتل ابنه پير بوداق ثم ولي علي بغداد پير محمد

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 176

الطواشي و ذلك في غرة ذي القعدة (أو 2 منه) لسنة 870 ه و بقي هذا حاكما بها و رجع جهان شاه إلي تبريز راحلا عن بغداد …

248 الحلة- المشعشع:

قبل وفاة جهان شاه كان قد استولي المولي محسن المشعشع علي الحلة و بقيت بيده إلي سنة 872 ه و لم نعثر علي تاريخ ضبط هذه البلدة من قبل المشعشع لهذه المرة و علي كل حال كانت أيام ولاية الطواشي أو قبلها … و دامت في أيديهم إلي أن عدل حسن بك الطويل من حصار بغداد و سار إلي تبريز علي ما سيجي ء …

249 المولي محسن المشعشع:

و هذا المولي كان خلف أبيه السيد محمد كما ذكر ذلك في حينه و قد نال مكانة أسمي مما كان عليه والده و أخوه المولي علي و تمكن من الاستيلاء علي ولاية الجزائر و أكثر أنحاء بغداد فصارت في حوزته و أن الكرد البختيارية. و الكرد الفيلية أذعنوا له بالطاعة و أبدوا الانقياد …

و كان كريما، و محبا للفضيلة، و أن علماء الشيعة قد كتبوا الكتب و الرسائل من الأنحاء الأخري و بعثوا بها إليه … و من هؤلاء المولي شمس الدين محمد الاسترابادي كتب حاشية علي رسالة إثبات الواجب و قدمها إليه و وسمها باسمه حينما رأي ميرا قد كتب حاشية جديدة قدمها إلي السلطان بيلديرم بايزيد العثماني. و الملا قدم حاشية إلي السلطان

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 177

يعقوب البايندري و كان شمس الدين محمد المذكور معاصرا لصدر الدين محمد الشيرازي و المولي جلال الدين الدواني … و قد ترك المولي محسن و لدين هما السيد علي و السيد أيوب. انتهي ما جاء في مجالس المؤمنين ملخصا من أواخر المجلس الثامن منه.

و ستأتي باقي حوادثه في حينها فقد استمرت إلي ما بعد هذا التاريخ و قد جاء في حبيب السير أنه ورد خبر وفاته إلي بغداد حين فتحت

من جانب الشاه إسماعيل الصفوي بتاريخ 25 جمادي الثانية سنة 914 ه و أن الحويزة انتزعت من ولده السيد فياض …

و في كنز الأديب عند ذكر السيد علي خان جاء أن للمولي محسن من الأولاد السيد حيدر أيضا من أجداد السيد علي خان المذكور كما يفهم من سلسلة نسبه …

250 قبيلة طيي ء:

في هذه السنة (870 ه) خرجت عرب طيي ء علي الركب العراقي، فقاتلوهم و قتل بعضهم، و تفرق جمعهم و سلم الركب من أيديهم …

251 حوادث سنة 871 ه- 1466 م

252 وفاة أمير زاده:

في هذه السنة مات أمير زاده بن محمد شاه … في ذي القعدة بالقاهرة و قد زاد علي الثلاثين، و شهد السلطان الصلاة عليه، و كان قد أحضره حواشي أبيه من العراق في صغره أيام الظاهر جقمق خوفا عليه من عمه أصبهان (أسپان) ابن قرا يوسف متملك بغداد. فأقام كأحد أبناء الأمراء إلي أن مات. و لم يتعرض لذكره المؤرخون الآخرون …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 178

253 حوادث سنة 872 ه- 1467 م

254 قتلة جهان شاه:
اشارة

اضطربت كلمة المؤرخين في سبب قتلة جهان شاه و اختلفت آراؤهم في تفسيرها … و نذكر بعض النصوص الواردة في أشهر التواريخ قال في كلشن خلفا:

«كان للسلطان حسن الطويل خصومات مع جهان شاه متأصلة.

فلما سمع بوفاة پير بوداق أظهر السرور الزائد و أبدي أن العدو كان شابا فهرم … و عندئذ وصل لمسامع جهان شاه ما أظهره السلطان حسن الطويل فهاج غضبه و تحركت نخوته فجهز نحو خمسين ألفا من المحاربين و هاجم الطويل فلم يطق هذا صبرا علي ملاقاته فصار يهرب من وجهه يمينا و يسارا و يختفي من النظر إليه … و بهذا أراد أن يعجز جهان شاه من مطاردته في المواطن الجبلية و الأراضي الوعرة. و بعد المشاورة مع أمرائه قرر لزوم تأخير السفر إلي السنة القادمة فأجاز جهان شاه عساكره و لم يبق معه سوي خمسة آلاف أو ستة فمضي بهم جانبا للاستراحة لما أصابه من التعب و العناء … و كان عدوه يترقب الفرص و لم يكن غافلا عما جري من تسريح الجيش فانتهز الفرصة، و اغتنم هذه الغفلة، عرف بالحالة فمضي مسرعا غير متوان فقضي علي جهان فذهبت مقارعاته في أيامه الطويلة هباء و صارت أتعابه كأن لم يقع منها

شي ء و ماتت حكومته كأن لم تغن بالأمس فخلفتها (حكومة آق قوينلو)» ا ه.

255 و جاء في كنه الأخبار:

«في سنة قتلة ابنه (في ذي القعدة سنة 870 ه) سار علي أبي النصر حسن الطويل بأمل اكتساح ديار بكر و هذا ركن إلي التدابير

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 179

الصائبة فمال عن وجهه فاستولي جهان شاه علي غنائم وافرة و مضي لحاله فارغا عن الشواغل و حينئذ فاجأه حسن الطويل ليلا فقتل في المعركة أكثر أعوان جهان شاه و قتل هو أيضا معهم في ساحة الحرب إلا أنه لم يعرف لحد الآن القاتل … » ا ه.

256 و جاء في لب التواريخ:

«أن جهان شاه بعد أن قضي علي غائلة ابنه … عاد إلي تبريز و قد بلغ من العظمة و الشوكة المرتبة العلية حد أنه لم يصل الخيال إلي عشر معشاره فتملك عراق العرب بتمامه، و كذا عراق العجم و فارس و كرمان و سواحل البحر و آذربيجان إلي حدود الروم و الشام، ثم إن دولته أخذت بالانحطاط … و في سنة 872 ه و عزم علي الوقيعة بحسن بك و كان حاكم ديار بكر فذهب إلي جهته فوافاه الشتاء فأراد العودة و لكنه لم يراع الحيطة فيها، فذهب الفيلق أمامه و بقي هو وراءه، و كان نائما في موضع للاستراحة و بأمل أن يسير في عقب جيشه. أما جسن بك فإنه اغتنم هذه الفرصة و علم أن الجيش ذهب في الأمام، و أن جهان شاه لا يزال باقيا في موطنه و حينئذ هاجمه علي غرة بثلاثة آلاف فارس فلم يسع جهان شاه أن يقاوم و إنما ركن إلي طريق الهزيمة فقتل أثناء ذلك و ألقي القبض علي كل من ابنيه محمدي ميرزا و أبي يوسف ميرزا فكحلهما … و هذه الوقعة حدثت في 12 ربيع الثاني

من السنة المذكورة» ا ه (و في الغياثي في 5 ربيع الأول) و قد أورد صاحب المنتخب تاريخ وفاته في بيتين من الشعر الفارسي و فيها صراحة في أنه توفي بالتاريخ المذكور.

257 و في جامع الدول:

«في 10 شوال سنة 871 ه توجه- جهان شاه- إلي ديار بكر

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 180

لأخذها من يد صاحبها حسن بك البايندري، و لم يظفر بشي ء … و عاد يتلهي بالصيد ففاجأه حسن بك و قتله و أسر و لديه محمدي ميرزا، و أبا يوسف ميرزا فكحلهما، و قتل في هذه الوقعة جماعة من أعاظم أمراء قراقوينلي مثل الأمير پير زاده البخاري و رستم بك راس الطواشية (تواجي باشي) و صفر شاه، و قاسم بك پروانجي بن شيخ علي بك صاحب طارم و قومشي بك و حسين الدين أغلي و غيرهم، و كان يادكار محمد ميرزا بن سلطان محمد بن بايسنقر بن شاه رخ في الوقعة فأسر و أطلقه حسن بك و أكرمه فبقي عنده إلي أن جعله واليا علي خراسان بعد وقعة أبي سعيد.

و كانت وقعة جهان شاه في 12 ربيع الآخر سنة 872 ه … و كان مولده في مدرسة ماردين في حدود سنة 808 ه و نقل جسده إلي تبريز و دفن بالمظفرية» ا ه.

258 و في تاريخ الغياثي:

أن جهان شاه كان في برية من براري آذربيجان أيام الربيع مصاقب بلاد حسن بك (الطويل) و قد تفرق العسكر عنه و حواليه شرذمة قليلة و إذا بآت أتي إليه و ذكر له أن حسن بك كان عازما أن يكبسك في هذا الموضع فصدق ذلك و أرسل إلي حسن بك يقول له ما هذه الفعال و هذا التهجم الذي كنت تريد أن تقوم به … فأقسم له باللّه أنه لم يخطر ذلك بباله و لم يكن ليفعله … !

فلم يصدقه و سار عليه فنزل ببرية موش و تحصن منه حسن بك بالجبال فمكث في

تلك البرية إلي قبيل الشتاء و وقوع الثلج و كانت أرض جبال رديئة صعبة المسالك فاغتاظ علي الدليل و قال له سلكت بنا طريقا رديئة. و قال لأمرائه نرجع هذا الشتاء و نجي ء في الربيع القادم فاستصوبوا ذلك و أعطي العسكر إجازة الرحيل من الليل فمضت الأثقال و جاء الأسفاهية إلي باب الخيمة يطلبون دستورا (اذنا) مرة أخري فسمع

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 181

ضجيجهم فقال ما هذه الجلبة قيل له العسكر يطلب إجازة. فقال: ألم أقل لهم ارحلوا من أمس فرحلوا و مكث قاعدا في خيمته مع أولاده و معه نحو ألف من الأمراء … و حسن بك خلف الجبل جالس بالمرصاد و الجواسيس تنقل الأخبار إليه. فأخبر بأن العساكر رحلوا و لم تبق إلا شرذمة قليلة و أنت قادر علي نهبهم و أخذهم …

فتوجه حسن بك بعسكره إليهم و لم يعلم أن جهان شاه فيهم و لو علم لم يتهجم عليه. و هم غافلون. و ما أحس جهان شاه إلا و العسكر قد أحاط بهم فتراكضوا نحوه فانكسروا و جاءوا إلي باب الخيمة. كل هذا و جهان شاه نائم لا يجسر أحد علي إيقاظه.

و كان جهان شاه يلقب (بالملك النوام) و لم يكن كثير النوم و لكنه كان ينام نهارا و ينتبه ليلا. و قد اعتاد ذلك منذ سنين و لم يترك عادته ينتبه فيأكل و يشرب … و يسكر و ينام فينتبه و هكذا كان علي هذه الوتيرة منذ أربعين سنة. لم يذكر اللّه بشفة و لا لسان و لم يسجد للّه يوما لا في خلوة و لا في عيان. و يا ليته كان علي هذا الحال من غير ظلم و

جور و لكن ظلمه و فجوره و فكره الفاسد أخرب البلاد و أباد العباد …

فلما انكسر العسكر و رجعوا إلي خيمة جهان شاه و دخل ولده محمدي أيقظه و قال له: قم وفر بنفسك. لا يسعك إلا الهرب و قص له القصة فطلب الفرس و ركب. و مر علي رأسه لا يعلم أين يتوجه، و أوقفوا أولاده و بقي العسكر لم يزل يحارب حتي قتل من قتل و هرب من هرب و قبض علي محمدي ميرزا، و ميرزا يوسف. و جاؤوا بهم إلي حسن بك فسألهم عن أبيهم جهان شاه و هل كان في هذا العسكر أم لا فذكروا له أنه كان و ركب فرسه و انهزم …

أما جهان شاه فإنه لما فر و لم يغن عنه ماله و ما كسب التقي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 182

بفارس من أحسن القوم غلام الغلمان. و سمعت بماردين أنه كان غلام طباخ ثم خدم الأسفاهية فضربه بالسيف ضربة ألقاه من الفرس فلما سقط علي الأرض أتاه ليحز رأسه قال له لا تقتل أنا جهان شاه فعصب جرحه و أراد أن يركبه علي الفرس فلم يستطع و رأي أنه يموت فحز رأسه و جعله في مخلاة و ركب فرسه و أخذ سلبه و توجه و إذا الجماعة من جماعة جهان شاه واصلين إليه فهرب من قدامهم فوقع الرأس منه و هو راكض فلم يلتفت إليه و مر هاربا حتي لحق بعسكر حسن بيك.

و أما حسن بيك فإنه لما سأل أولاد جهان شاه و ذكروا أنه كان حاضرا و فر أمر بالتفتيش عنه. و بينما هم في ذلك إذ مر ذلك الشخص الذي قتل جهان شاه و هو

راكب فرسه فقال محمدي ميرزا هذه فرس أبي فجي ء به و سئل عنه فأخبر أنه قتله و إن الرأس سقط منه فأرسل صحبته جماعة ليدلهم علي الرأس و الجثة. فلما رأوها اختلفوا فيها لما رأوا فيها من الشعر الكثيف … فأرسلوا الجثة إلي تبريز لتدفن هناك في مدفن له و أرسلوا الرأس إلي سلطان مصر.

و كنا في حلب لما جاؤوا بالرأس و هو في علبة و أدخل الرأس إلي حلب يوم السبت 7 جمادي الأولي سنة 872 ه …

و جرت هذه الأمور و نحن بحلب فلذلك حصل لنا الوقوف عليها.

و فرسه كانت خضراء صغيرة الجرم رهوال. و كانت عنده كل فرس تقدر بمملكة … و كان قد قتل جهان شاه يوم الاثنين 5 ربيع الأول سنة 872 ه … » ا ه ما جاء في تاريخ الغياثي و هو قريب العهد بالوقعة كما يستفاد من فحوي كلامه بل شاهد بعض ذيولها …

259 ترجمة جهان شاه:

لا نرانا في حاجة إلي تكرار ما تقدم من أحواله فهي كافية في بيان ترجمته لمعرفة علاقته و ارتباطه بالسياسة و الحروب … و بعض

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 183

خصوصياته لا تخلو من تفسير أوضاعه و أعماله … إلا أننا لا نمضي دون أن نستنطق مؤرخين عديدين عنه …

قال في الضوء اللامع: «صاحب العراقين و ملك الشرق إلي شيراز و ممالك آذربيجان. مات قتيلا فيما قيل بيد أعوان حسن بك ابن قرايلك بالغرب من ديار بكر، أو موتا سنة 872 ه و قد زاد علي الستين و نهبت أمواله، و أرسل حسن بك برأسه إلي القاهرة فعلق و كان من أجلاء الملوك و عظمائها، لا يتقيد بدين كأقاربه و إخوته مع

التعاظم و الجبروت و سفك الدماء بحيث إنه قتل ابنه … و ربما احتجب عن رعيته الشهر في انهماكه، و ينسب مع قبائحه إلي فضل في العقليات و غيرها … و كان مولده في أوائل القرن تقريبا بماردين و لذا قيل إنه كان سمي ماردين شاه، و إن أباه لما ذكر له ذلك غضب و قال هذا اسم للنسوة و سماه جهان شاه. و نشأ في كنف أبيه ثم أخيه اسكندر، ثم لما ترعرع فر منه إلي جهة شاه رخ بن تيمور فأرسل إليه من قبض عليه وجي ء به إليه فأراد قتله فكفلته أمه ثم بعد يسير فر ثانيا و لحق بشاه رخ فأكرمه و أنعم عليه بعدد و مدد عونا له علي قتال أخيه إلي أن انكسر (الأخ) ثم قتله ابن نفسه شاه قوماط (صحيحه قباد) في ذي القعدة سنة 841 ه و بعث لعمه صاحب الترجمة برأسه و رسخت قدمه حينئذ في مملكة تبريز و ما والاها علي أنه نائب شاه رخ، و عظم و استمر في تزايد إلي أن عد في ملوك الأقطار ثم ملك بغداد بعد موت أصبهان، و كثرت عساكره، و عظمت جنوده و أخذ في مخالفة شاه رخ باطنا. و حج الناس في أيامه بالمحمل العراقي من بغداد في سني نيف و خمسين، و لا زال كذلك حتي مات شاه رخ و تفرقت كلمة أولاده، و استفحل أمره بحيث جمع عساكره و مشي علي ديار بكر في سنة 854 ه لقتال جهانكير و أخذ منه أرزنكان (أرزنجان) بعد قتال عظيم و أكثره بقلعتها، و أرسل قطعة من عساكره لحصار جهانكير بآمد … ثم أرسل قصاده إلي الظاهر بأنه باق

علي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 184

المودة، و أنه ما مشي علي جهانكير إلا حمية له و رماه بعظائم فأكرم قصاده و أحسن إليهم و أرسل صحبتهم قائم التاجر و معه جملة من الهدايا و التحف و مثله في المنهل الصافي.

260 و قال في كنه الأخبار:

«كان من أكابر الملوك سواء في تدابيره الناجعة، و شجاعته، و وفرة أمواله و كثرة جيوشه، و له تهالك و انهماك في سفك الدماء، كما أنه عارف بعلوم كثيرة و فنون وفيرة و فضائل … إلا أنه صاحب جبروت و تعاظم، و مدمن الخمر، و لا تخلو ليلة دون أن يزيل بكارة امرأة حتي تجاوز الثمانين من عمره فلا يعرف حلالا أو حراما و دامت سلطنته أكثر من 30 سنة» ا ه ص 38.

261 و في تاريخ الغياثي:

أنه كان يستعمل الأفيون فهو ذو خيالات فاسدة، و عديم العقل و التدبير، فاسد التفكير … و ما كان في قلبه حبة خردل من خوف اللّه قلع اللّه تعالي ذريته و أصله في الدنيا … (إلي أن قال) ما أعمي قلوب هذه الطائفة التي تدعي التسلط علي عباد اللّه بغير حق، فكلما زادهم اللّه نعيما زادوا عتوا و نفورا … » ا ه.

262 و في منتخب التواريخ:

«في بعض الكتب أنه عاش سبعين عاما، نقل جسده إلي تبريز فدفن في المظفرية و كان امرأ لا يعتمد عليه، أخلاقه رديئة، و لا يبالي بقتل أمرائه لأدني وسيلة، و ينتهك حرمات الشرع، و له إقدام علي المنكرات … » ا ه ص 183.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 185

263 و في جامع الدول:

«كان سفاكا، سيي ء السيرة، فاسقا، فاجرا مائلا للإلحاد و الزندقة، لا يراعي الشريعة المطهرة، فقطع اللّه دابره، و كان مبتلي بالسهر يسهر الليالي بالفسق و الفجور، و ينام النهار … و لذلك كان يقال له (شب پره) و يراد به (الخفاش) بالفارسية، فتولي الملك بعده ولده حسن حسن أياما» ا ه.

264 و في أحسن التواريخ:

«كان ظالما جبارا و فرعونا قاسيا … و له من الأولاد پير بوداق، و حسن علي و أبو القاسم، و فرخزاد. و من آثاره مسجد في تبريز … » ا ه.

و لا يسع المقام إيراد كل ما جاء في التواريخ عنه و أري في هذا كفاية …

265 سلطنة حسن علي بن جهان شاه
266 سلطنته- بغداد في أيامه:

لما قتل جهان شاه كان حسن علي مقبوضا عليه بقلعة يقال لها قهقهة من أعمال آذربيجان كذا في الغياثي و في منتخب التواريخ أنه كان سجينا في قلعة بادكوبة و أنه طال سجنه فيها 25 سنة و في غيره (في قلعة قهستان) … و كان قد نجا من وقعة جهان شاه جماعة كثيرة مقدمهم:

(شاه علي) و (إبراهيم شاه) فجاؤوا إلي حسن علي و أخرجوه من القلعة المذكورة. و كان في قلعته بعض الخزائن فجلس بتبريز. و تولي جميع آذربيجان و اجتمع إليه خلق كثير. و قسم أموالا عظيمة و جمع مائتي ألف فارس و أسرف في الانفاق و أخرج الخزائن و صرفها عليهم.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 186

267 محاصرة بغداد:

بعد وفاة الأمير جهان شاه سار حسن بيك الطويل إلي بغداد و حاصرها في 20 رجب سنة 872 ه و كان پير محمد الطواشي حاكما فيها من قبل جهان شاه فلم يطعه و حاصره و كان أخو الطواشي عنده فجي ء به إلي قرب السور و قالوا له سلم بغداد و إلا قتلنا أخاك فلم يفعل فقتلوا أخاه و بينما هو مشغول في التضييق و الحصار علي بغداد إذ وردت إليه الأخبار أن زوجة جهان شاه حينما علمت بوفاة زوجها تحصنت في قلعة النجق (النجا) و كان فيها جملة خزائن مالية فأرسلت من ذلك خزانة مال لحسن بك المذكور و أرسلت إليه قصادا تستحثه علي المجي ء لتسلمه الخزائن و لتنجو من شر حسن علي ميرزا فوقعت الخزانة و القصاد الذين كانوا قاصدين حسن بك بيد حسن علي فقتل القصاد و أخذ الخزانة ثم جاء إليها إلي قلعة النجق و حاصرها فلم يقدر عليها. لأنها في غاية

الحصانة.

فأرسل إلي حراس القلعة و الموكلين بها و قال لهم: لأجل امرأة واحدة تصدون عني و قد أخذت الدنيا بأسرها. فعند ذلك قبضوا عليها و سلموها إليه و سلموا الخزائن و القلعة فأخذ الخزانة إلي تبريز و صلب الزوجة بثديها. و بعد ثلاثة أيام ماتت. فأنزلوها و دفنوها …

فلما سمع حسن بك الطويل بهذه الواقعة و أنه أرسلت إليه تدعوه قبل أن ينالها ما نالها تقول له: إن حسن علي قد أحاط بجميع مملكة جهان شاه و قد جمع عسكرا عظيما و أنت مشغول ببغداد! إلي متي! المصلحة تقضي أن ترحل عن بغداد و تفكر فيما هو الأهم!

فعند ذلك ترك بغداد يوم الجمعة 15 رمضان سنة 872 ه و رحل

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 187

أهل ضياعها إلي ديار بكر. و لم يترك أحدا فأسكنهم هناك و مات منهم خلق كثير و توجه هو إلي تبريز.

268 استعادة الحلة:

بعد أن رفع الحصار عن بغداد سار الطواشي إلي الحلة فانتزعها من المولي محسن المشعشع المذكور و قد أشير إلي ذلك فيما مر.

269 حوادث سنة 873 ه- 1468 م

270 حروب حسن بك و حسن علي ميرزا:
اشارة

كان حسن علي قد علم بتوجه حسن بك الطويل نحوه فجهز جيشا عظيما نحو مائتي ألف فارس و أنفق عليه مالا عظيما يريد به مقابلة حسن بيك و القتال معه ليأخذ منه بالثأر. فتلاقي مع حسن بيك حوالي مرند و كان الأمراء قد نفروا منه لما كان عليه من الفسق و الفجور و الأفعال الخبيثة و التعرض بالنساء.

فهرب منه شاه علي و إبراهيم شاه و مالوا إلي حسن بك بتاريخ 4 صفر سنة 873 ه فقبض حسن علي علي أولادهم و نسائهم و قتلهم جميعا و انكسر حسن علي و هرب إلي همذان فلحقه حسن بيك فكر عليه المرة الثانية فقتل من جيوشه ما شاء اللّه أن يقتل و كانت هذه الحرب مع مقدمة حسن بيك. فلما وصل العسكر الكثير انكسر حسن علي ميرزا و هرب بنفسه منفردا إلي جبل ألوند فساروا خلفه فلما وصلوا إليه و عرف أنه مقبوض عليه أخرج سكينا و ذبح نفسه فحملوه ميتا و جاؤوا به إلي همذان و استولي حسن بك علي تبريز و أعمالها. كذا في الغياثي. و جاء في منتخب التواريخ أنه قتل نفسه في شوال سنة 873 ه.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 188

و ذلك أنه في أثناء ذهاب حسن بك إلي أنحاء تبريز سار السلطان أبو سعيد من خراسان و وصل إلي السلطانية فذهب إليه حسن علي ميرزا فأكرمه و أجله و لما قتل أبو سعيد في قرا باغ مال حسن علي ميرزا إلي العراق (عراق العجم) و جمع إليه قبائل

التركمان و الأحشام و تحارب في همذان مع مقدمة الجيش، و كان أميره أغورلي محمد بن حسن بيك الطويل فجري ما مر الكلام عليه …

فكانت مدة حكم حسن علي سنة واحدة.

271 ترجمة السلطان حسن علي بن جهان شاه:

مضت قصة وفاته و تاريخ سلطنته و مما نقله الغياثي عن حالته الشخصية أنه كان في غاية الحماقة و من جملة ذلك أنه أمر بقص أذناب الخيل الكبار و أعرافها حتي أنه لم يكن أحد من عسكره يستجري ء أن يركب فرسا بغير قص، و منها أنه أمر النساء أن لا تلبس السراويل، و أنه من كان مقرون الحاجبين ألزمه أن يحلق ما بينهما من الشعر ليصيرا مفترقين … و قد مرت و قيعته بزوجة أبيه أم الأمير پير بوداق فلم يقف عند قتلها بل نراه حينما دخل تبريز أمر بالقبض علي أقاربها و إخوانها و سائر أهليها فعاقبهم و عذبهم ثم صلبهم … و تحارب مع حسن بك الطويل … فقتل نفسه بيده … و زاد صاحب منتخب التواريخ أنه من جراء السجن قد حصل تخليط في دماغه و خلل فلم يكن له تدبير صائب … و كذا جاء في لب التواريخ. و جاء في جامع الدول:

«كان لما طرده أبوه من مملكته التجأ إلي حسن بيك، و بقي عنده مكرما أياما ثم قصد الرجوع إلي أبيه فسار و ندم فعاد من الطريق إلي حسن بيك فأكرمه، ثم ظهر عند حسن بيك فسقه و إلحاده، فأراد قتله

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 189

فهرب حسن علي إلي أخيه پير بوداق ببغداد و كان مثله في الإلحاد و الزندقة، فأكرمه أخوه فبقي عنده إلي أن قتل پير بوداق، فأسر حسن علي هذا عند ذلك فأعيد إلي

الحبس في قلعة بادكوبة. و لما وقعت واقعة أبيه تخلص من الحبس و اجتمع إليه جمع من أصحاب والده إلا أنه كان قد اختل دماغه و عقله من طول حبسه إذ كانت مدة حبسه نحو 25 سنة فلم يقدر علي تدبير الملك …

و لما خرج من الحبس توجه إلي تبريز و كانت ابنتا عمه اسكندر آيش بيكم، و شاه سراي بيكم قد استولتا علي تبريز قبل وصوله إليها، و أقامتا أخاهما حسين علي بن اسكندر ملكا و كان يتزيا بزي أصحاب الفقر و الفناء فأخرجته أختاه من ذلك الزي و أجلستاه علي سرير الملك، و بلغ الخبر إلي بيكم زوجة جهان شاه بانية المظفرية بتبريز، و كانت حينئذ في مشتي خوي، فلما سمعت الواقعة سارت إلي قلعة جوشين من مراغة و أرسلت أخاها قاسم بيك مع إحدي بناتها مع الجيش إلي إطفاء ثائرة ابنتي اسكندر فسار قاسم بيك و أسرهما و قتل أخاهما حسين بن اسكندر.

و في أثناء ذلك قدم حسن علي بن جهان شاه إلي تبريز فتسلمها من قاسم بيك و ضبط الخزائن، و بذلها علي الأوباش و الأراذل، فاجتمع عليهم نحو مائة ألف و ثمانين ألف فارس، فأعطاهم المواجب و المراتب، و سماهم (چولي)، و كان أخوه أبو القاسم قد خرج من كرمان و أراد الاستيلاء علي أصبهان فلم يتيسر له، فالتجأ إلي أخيه حسن علي هذا فقتله أخوه، و كذا قتل زوجة ولده صاحبة الخيرات الكثيرة و الحسنات العديدة بيكم بالخنق و ضرب عنق أخويها قاسم و حمزة، فأخذه اللّه بهذه الدماء الزكية و سائر قبائحه من الفسوق و الإلحاد عن قريب الزمان، حيث توجه إلي دفع حسن بيك و كان قد

وصل إلي نواحي خوي فلقيه في هذه الجمعية العظيمة نحو مرند فحفر بأطراف عسكره

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 190

الكتابة علي باب ميل السهروردي- عن دار الآثار

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 191

خندقا و قاتله من وراء الخندق أياما، و انحرف منه أكثر الأمراء إلي حسن بيك لسوء سيرته فيهم و ميله إلي الأوباش و الأراذل.

و لما شاهد ذلك هرب إلي جماعة قرمانلو ببردع، ثم منها إلي أردبيل، ثم اتصل بخدمة السلطان أبي سعيد ميرزا لما توجه إلي آذربيجان بواسطة الشيخ جعفر الصفوي فأكرمه السلطان و سار معه في الواقعة. و لما قتل أبو سعيد في قراباغ هرب حسن علي والي العراق (عراق العجم) فاجتمع عليه جمع من الأوباش، فأخذ يثير الفتنة بهمذان فسير حسن بيك ولده اغرلو محمد في جمع من الجيش إلي همذان لدفع غائلته فسار أغرلو و قاتله بظاهر همذان و كسر عسكره و فرق جمعه، و أسر حسن علي فقتل صبرا في شوال سنة 873 ه.

و انقرضت به دولة قراقوينلو من آذربيجان و العراقين» ا ه.

272 وفاة الطواشي (والي بغداد):
اشارة

يوم الاثنين 2 رجب سنة 873 ه توفي والي بغداد پير محمد الطواشي لمرض أصابه.

273 ترجمته (ترجمة والي بغداد):

كل ما عرف عن هذا الوالي أنه من قبيلة قراقوينلو و لم يكن من أولاد الأمراء و إنما هو من طائفة الپاوت فكانت مدة ولايته سنتين و ثمانية أشهر. قال الغياثي كان عند جهان شاه تواجي، و لما قتل پير بوداق ولاه جهان شاه بغداد فحكم فيها من ابتداء غرة ذي القعدة سنة 870 ه، و بقي حاكما بها إلي أن قتل جهان شاه، و جاء حسن بيك و حاصر بغداد في 20 رجب سنة 872 ه، و لما جاءت له القصاد تستحثه علي المجي ء

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 192

إلي تبريز رحل عن بغداد يوم الجمعة 15 رمضان من السنة المذكورة ثم مرض التواجي و مات كما تقدم.

و في أيامه أرسل الأمير حسن علي بن جهان شاه إلي بغداد خزانة من المال و تملك المشعشعون الحلة ثم بعد ما رحل حسن بك عن بغداد استخلصها منهم و استعادها و قد مرت حوادثها.

274 أمراء قراقوينلو في العراق
275 ولاية حسين علي بن زينل:

إثر موت الطواشي اتفق الأمراء و بوصية منه اجلسوا حسين علي بن زينل يوم الاثنين 2 رجب سنة 873 ه بعد الزوال بساعة، و ذلك بوصية من الطواشي و كان هذا رجلا عدلا، حسن السيرة، رقيق القلب، ذا شفقة و إحسان علي رعيته. و كان صهر پير محمد، تزوج بنته.

و من الجملة كان شكا عنده الرعية أن في البلدة جماعة يستوجبون القتل فأمر بقتلهم فقتلوهم. منهم فضيل و ناصر مصطفي و خواجه شيخي الدزفولي و يوسف الأسكافي و غيرهم.

276 الحلة:

ثم أعطي الحلة إلي شاه علي بن قرا موسي فعصي عليه و جاء بشخص يقال له شاه علي بن اسكندر و كان لابسا كپنك (لبدا) دايرا في البلاد و هو درويش فأقامه في الحلة و سلطنه و أقاما جميعا مدة علي هذه الحال فأرسل إليهما حسن علي المذكور أخاه شاه منصور و جماعة معه

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 193

فوصلوا إلي قلعة بابل فرأوا قراول (قراغول، حراس) شاه علي بن قرا موسي فتلاقوا معهم و اصطلحوا و عاب القراول علي أميرهم و قالوا لهم الجسر منصوب نمضي علي غفلة. فما شعر أولئك إلا و العسكر عابر علي الجسر و الناس يظنون أنه القراول الذي أرسله …

و مضوا إلي أن وصلوا إلي دار السلطان فأحاطوا بها. و كان ابن اسكندر و ابن قرا موسي في القلعة و هم عرايا فأخذوهم و قتلوا ابن قرا موسي. و أما ابن اسكندر فألقي بنفسه إلي صاحب الزمام و قال كنت درويشا و هذا جاء بي قهرا و طلب الأمان فلم يفد قوله هذا و ضربوا رقبته و حزوا رأسه و أرسلوه إلي بغداد فأعطي حسن علي الحلة لأخيه شاه

منصور.

ثم مرض حسن علي فأرسل خلف أخيه و جاء به من الحلة و كان في بغداد خمس إخوة من أكابر الپاوت قد تحالفوا علي قتل حسن علي.

فلما وصل أخوه شاه منصور حكي له صورة الحال فقام شاه منصور و سيدي أحمد جمال و جمعوا الخمسة بالحيلة و قتلوهم و ارموهم في الميدان.

ثم بعد ذلك مات حسن علي يوم الأحد 2 ربيع الآخر سنة 874 ه و كانت مدة حكمه تسعة أشهر.

277 شاه منصور بن زينل:

لما أن توفي أخوه تولي. و كان ظلوما غشوما جاهلا علي خلاف ما كان أخوه متصفا به. و قتل أناسا كثيرين من أكابر العسكر من جملتهم مظفر بك و شاهسوار و ولي بك و أولاد الأمير عبد اللّه و جماعة كثيرة من غير جريرة و لا ذنب. و جمع نساء كثيرة و بقي طول نهاره و جملة ليلة يشرب الشراب و يأكل الحشيش بغير قاعدة علي طريقة الإسراف، و يفسق بالنساء. و يركب أكثر نهاره فيضرب له بالطبل و الزمر.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 194

بقي علي هذا العمل مدة شهرين. و كان كورخيل و مقصود بك بن حسن بك بالموصل فتوجها إلي كركوك و دقوقا و آلتون كپري و حطوا هناك.

و أرسلوا قاصدا إلي شاه منصور يقول له:

ما تقول؟ جئناك!- قال: إن البلد بلد حسن بك تعالوا استلموه، توجهوا!

فلما وصلوا إلي قرب دوخلة خرج شاه منصور من البلد فالتقي بهم فوصلوا وقت العصر إلي برية بين دوخلة و الجديدة فحط بعسكره و حط خليل بك بعسكره فقال شاه منصور قد طبخنا طعاما كلوا منه و غدا باكرا توجهوا.

و في تلك الليلة عاب عليه جميع عسكره و نواكره و انضموا إلي خليل فلم

يبق سواه في الخيمة. فلما انتبه من نومه لم ير عنده أحدا و لا ركابدارا فاستولوا علي خيله و معداته و جميع ما كان معه فلم يبق له شي ء و أخذوا الفرس التي تحته. و حينئذ اعطوه كديشا (أكديشا) لا يتحرك من موضعه فأركبوه و جاؤوا به إلي بغداد فخاف أهل بغداد و لكن لم ينهبوا أحدا و لا أهاجوا امرأ.

و توجه شاه منصور إلي داره. و كان قد أخلي لهم دار السلطنة، و بقي مقدار سبعة أيام أو ثمانية يروح و يجي ء إلي الديوان فاشتكي عليه النساء اللاتي قتل أزواجهن فقال خليل احضروا القضاة لننظر القضية طبق الأحكام الشرعية فكان حكم القضاة أن النفس بالنفس فحكموا عليه بالقتل فقتلوه و قتلوا أخاه بيرام بيك و طرحوه في الميدان فأكله الكلاب و دفنوا عظامه بمقبرة مجاورة قنبر علي و ذلك يوم الاثنين 14 جمادي الآخرة سنة 874 و قتلوا في ذلك اليوم ذا النون الدرويش و كان رجلا كريما. قيل إنه كان في تكية بكردستان يذيع بأن حسن بيك مات و قتل

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 195

عبد اللّه الأسود و كان أيضا رجلا درويشا و كان قد أحبه شاه منصور و ألبسه الثياب النفيسة و جعله جليسه. فقالوا لخليل إن هذا كان يعلم شاه منصور الأفعال الخبيثة فقتله.

و كانت مدة حكمه شهرين و 12 يوما و هذا آخر من حكم من دولة قراقوينلو … و من ثم ابتدأ حكم آق قوينلو.

278 سلاطين قراقوينلو في العراق:

1- قرا يوسف (سلخ ربيع الآخر سنة 813: 7 ذي القعدة سنة 823).

2- الأمير اسكندر (24 رجب سنة 824: 25 شوال سنة 841).

3- الأمير جهان شاه (25 شوال سنة 841: 5 ربيع

الأول سنة 872).

4- حسن علي ميرزا (شوال سنة 872: شوال سنة 873).

279 ولاة بغداد و أمراؤها:

1- الأمير شاه محمد بن قرا يوسف (5 المحرم سنة 814: 18 شعبان سنة 836 ه).

2- الأمير اسپان (18 شعبان سنة 836: 28 ذي القعدة سنة 848 ه).

3- فولاذ ابن الأمير اسپان (28 ذي القعدة سنة 848: 14 ربيع الأول سنة 850 ه).

4- محمدي ميرزا بن جهان شاه (14 ربيع الأول سنة 850: 11 رمضان سنة 852 ه).

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 196

5- الأمير پير بوداق بن جهان شاه (11 رمضان سنة 852: 2 ذي القعدة سنة 870 ه).

6- پير محمد الطواشي بن زينل (2 ذي القعدة سنة 870: 2 رجب سنة 873).

7- حسن علي بن زينل (2 رجب سنة 873: 2 ربيع الآخر سنة 874 ه).

8- شاه منصور بن زينل (2 ربيع الآخر سنة 874: 14 جمادي الآخرة سنة 874 ه).

280 النقود

في عهد هذه الحكومة ظهرت نقود عديدة في مختلف المتاحف، و لكنها غامضة من جهات، و غالبها لا يحتوي علي تواريخ ضربها و لا مواطنها.. و نري في أحد وجهيها (أبو بكر) في الأعلي، و (عمر) في اليسار، و (عثمان) في الأدني و (علي) في اليمين و في الوسط لا إله إلا اللّه محمد رسول اللّه. و في الوجه الآخر (النويان الأعظم) في سطر، و (ضرب) في السطر الثاني، و (جمال الدين يوسف) في الثالث و (بغداد) في الرابع و (خلد اللّه ملكه) في الخامس و بين هذه المسكوكات ما هو مضروب في الحلة، و في الموصل باسم (پير بوداق) و في بعضها قيل (پير بطاق)، و في أيام جهان شاه ضرب في بغداد بعض النقود. و ملوك قراقوينلو الآخرون لم يعرف لهم من النقود العراقية شي ء، كما أنه ليس لولاة

بغداد و أمرائها نقود مضروبة.

و من أراد التفصيل عن نقود هذه الحكومة فليرجع إلي كتاب (مسكوكات قديمة إسلامية قتالوغي- قسم رابع) تأليف أحمد توحيد.

طبع باستانبول سنة 1321 ه صحيفة (446- 467).

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 197

281 بقايا قبيلة قراقوينلو
282 (البارانية)

هؤلاء لم يبق منهم بعد انقراض حكومتهم إلا القليل، و تكاد تكون مائتة بموت حكومتها، و بقاياها اليوم لا تتناسب أوضاعها مع تلك السطوة و القسوة … و إنما تنحصر في قري ضئيلة في مكانتها، ضعيفة في قدرتها، هادئة، وديعة … و غالبها ذاب في قبائل التركمان، أو تفرق في المدن الكبيرة، أو تبع مراكز القوة …

و هذه أشهر قراهم الموجودة اليوم:

1- قراقوينلو العليا.

2- قراقوينلو السفلي.

3- جمالية.

4- رشيدية.

5- قاضية.

6- بعويزة.

7- ديرچ.

8- چنجي.

9- باريمه.

10- فاضلية.

11- أورته خراب.

12- تلاره (تل ياره).

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 198

13- عمر قابچي.

و هي تابعة ناحية تلكيف، و لا نقطع في أنها كلها من قراقوينلو سوي القريتين الأوليين، و سائرها مختلط، أو هم تركمان، بينهم قراقوينلو، عاشوا معا بكامل الألفة … و في بعض هذه القري عرب و كرد.

283 تنبيه:

سنذكر الحكومات المعاصرة في آخر الكتاب.

284 خلاصة

عرف مما تقدم أن أمراء قراقوينلو دامت حكومتهم في العراق مدة و كان يقوم بإدارة بغداد في خلالها ولاة من أبناء الملوك بصورة مستقلة تقريبا، لم تكن تابعة آنئذ إلي إيعاز الحكومة الأصلية و أوامرها و إنما فكت روابطها منها في أكثر الأحيان و عاشت مستقلة نوعا خصوصا أيام محمد شاه و أيام أسپان و پير بوداق إلي 14 ربيع الأول سنة 850 ه.

و بعد ذلك صارت بأيدي الأمراء التابعين إلي انقراض هذه الحكومة بل بقيت إدارتها في أيدي طائفة قراقوينلو إلي 14 جمادي الآخرة سنة 874 ه و في هذا التاريخ ماتت و بقيت أعمالها في طيات التاريخ … و صار الحكم لطائفة أخري من التركمان يقال لها (آق قوينلو) أو البايندرية.

و هذه المدة لم ير العراق فيها راحة من هذه الحكومة و لا من بقايا الجلايرية و إنما كانت تناصبهم العداء و تميل العشائر إليها ثم قام آل المشعشع و زعزعوا الأوضاع أكثر و استمر نزعهم إلي أواخر أيام هذه الحكومة و مالت إليهم عشائر كثيرة … ثم ظهرت حكومة آق قوينلو فغطي سيلها علي الكل و استولت علي بغداد بالوجه المار …

و الشعب المتحضر من أهل المدن كان في بلاء عظيم، و مصيبة لا

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 199

توصف. و العشائر استفادت من ضعف الحكومة و مالت للقوي من الجلايرية و آل المشعشع و إلي معاكستهم أخري … و الناس كانوا قد احترقوا بنيرانهم و نيران من مالوا إليه أو انتصروا له … و قيمتهم السياسية أكبر من الحربية و في هذا الأوان يخطب الكل و دهم …

و التدوينات عنهم لا تكاد تذكر، و

أخبار الأنحاء العراقية الأخري سواء في البصرة أو في الموصل أكثر غموضا و أقل مادة … لقلة التدوين من عراقيين و ارتباك حالة الناس أو ضياع الوثائق. و لو دون جميع ما كان لزاد في الإيضاح عن حوادث هذه الأزمنة و أضاف مظالم أكثر و قسوة و انتهاك حرمات و تقويض مدنية و عمارة … فالبلاد تركها هؤلاء خاوية ليس لها رونق حياة، و لا أمل انتعاش … بل لو زادت الحوادث لما أفادت إلا تعداد أمثلة، أو تكرير وقائع متماثلة في الظلم و التعدي …

و في حالة سياسية و حربية كهذه نري دائما الحكومة في ضعف …

لا يؤمل منها بقاء حضارة، و لوازم مدنية … و لو لا المدارس و موقوفاتها … لما بقي للعلم أثر أو للحضرة علاقة … و مع هذا نري أكابر النابغين من العلماء لا يطيقون صبرا علي هذا المصاب فنراهم يتبعون مواطن الرزق، و أماكن الراحة و الطمأنينة و الأمان و الرغبة العلمية و الحضارة … و قد عددنا جملة صالحة منهم ممن اشتهر خارج القطر … و نال منزلة رفيعة … و نجدهم قلوا عمن سبق أيام الحكومات الماضية … مما يشعر بتناقص الثقافة … و الحكومة لم تبال بثقافة و لا تذكر في هذا العهد آثار عمارة لمدارس و لا لغيرها، و لا تعمير مساجد، و لا قيام بأمر من شأنه أن يشوق للعلم أو الترغيب فيه …

كل هذا و نري المؤسسات السياسية قد رسخت و الإدارة استقرت نوعا و العنصر الغالب من أرباب السلطة هم التركمان، شكلوا لهم كيانا علي حسابهم و دافعوا عن حوزتهم فلم يستطع حسن بك بصولته القاهرة آنئذ أن يستولي علي بغداد

… مما يدل علي شدة التمسك بالسلطة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 200

و القدرة علي ضبط الأهلين و درجة الضغط عليهم … ذلك ما دعا إلي التهالك في الدفاع و اضطرار حسن الطويل علي العودة … و مهما يكن من الأمر فالشؤون العراقية مضطربة، و الأمة منهوكة القوي، و الشعب عاجز و العنصر الحاكم متغلب … فلا قدرة للشعب أن ينهض لحسابه و يشكل إدارة ذاتية معتزة الجانب أو يقوم بثورة ضد هؤلاء الحاكمين كما أنه لم يستطيع رد صولة الصائل و معارضة هجومه للاحتفاظ بما لديه …

و أكبر سبب أن العناصر الأخري لم توحد جهودها مع العرب … فكان أعظم بلاء، و أجل خطأ ارتكبه العراق في حياته الاجتماعية و السياسية للاعتزاز بكيانه فسهل اكتساحه و التحكم فيه و سلب خيراته … و لعل في حوادث الماضي ما يبصر، و يرجع إلي الصواب، و قد انجلي الغبار، و عرفت الحالة … و من كان في هذه أعمي فهو في الآخرة أعمي و أضل سبيلا.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 201

285 2 الدولة البايندرية (آق قوينلو)

اشارة

(من 14 جمادي الآخرة سنة 874 ه- 1470 م إلي 25 جمادي الآخرة سنة 914 ه- 1508 م)

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 203

الدولة البايندرية (آق قوينلو)

288 السلطان حسن الطويل

289 فتح بغداد:

في 14 جمادي الآخرة سنة 874 ه- 1470 م فتح السلطان حسن الطويل بغداد علي يد ابنه مقصود بيك، و من ثم ابتدأ حكم البايندرية، و كان السلطان حسن حاكما في أنحاء ديار بكر، و إن جهان شاه كان يحذره، فسمع أنه فرح بقتلة پير بوداق، و استضعف أمره. ذلك ما دعا أن يعزم جهان شاه علي التنكيل به، و يقضي عليه، فكان ما كان فعكست الآية …

و هذا السلطان قارع أكابر رجال الشرق آنئذ، و بينهم جهان شاه و السلطان أبو سعيد، و قضي علي حكومات … فظهر منتصرا علي الكل فسلمت بغداد بلا حرب، و أن السلطان لم تصبه نكبة تصده عن ممتلكاته، و عن توسعه في الأقطار المجاورة. فكوّن حكومة قوية الشكيمة عاشت مدة بعده. و علي كل حال استولي علي بغداد، فصار (ملك العراق).

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 204

و لما كانت هذه الدولة ترجع في تكوينها و ظهورها إلي ما قبل هذا التاريخ لزم أن نعين ماضيها و لو بصورة موجزة، ليكون القاري ء علي علم منها، و من سلطان العراق الجديد و أصل حكومته.

290 نظرة عامة

كانت هذه القبيلة من حين شعرت بلذة الحكم لم تراع الحالة الهادئة و الوضع المدني، و إنما قضت غالب أيامها في حروب قبائلية، ثم انصرفت إلي آمال استقلال أو استيلاء، و قد تكون بعض حروبها خوفا من المقابل، أو تعندا منه أو مراعاة للحيطة و الحقد …

و لم تشعر بقوة إلا في أواخر العصر الثامن الهجري أيام ظهور تيمور في هذه الأنحاء، فقد رأت مناصرة منه، و أخلصت له فنالت مكانة أرعبت المجاورين. و لما برز قرا يوسف بقبيلته كان رئيسها قرا عثمان أكبر ندّ

له، و هما علي طرفي نقيض، يتحاربان مرة، و يتسالمان أخري، و أيام السلم قليلة.

و في أيام حسن الطويل نالت هذه القبيلة الموقع اللائق، و المنزلة المهمة، فحصل علي فتوح كاد يضرع بها أكابر الفاتحين، فاق كثيرين غيره في حسن إدارته و حمايته للعلم و العلماء إلا أن مدته كانت قصيرة، و لم يطل أمد حكمه ليجني الناس راحة و هناء، و لا رأت بغداد ما يساعد علي ثقافتها. و إن ابنه يعقوب بك كاد يجاريه في اهتمامه بالثقافة و النظام.

ثم اضطربت الحالة، و تشوشت الأمور، و طمع آخرون بالملك، فلم تدم هذه الحكومة، و لم يترعرع في حضنها من يداني الطويل و ابنه … ذلك ما دعا أن تنحط الأمور و تختل الحالة، و ترتبك الإدارة … فلم تحصل كفاءة علمية أو أدبية إلا قليلا … و ما ذلك إلا

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 205

باب الطلسم (باب الحلبة)- عن دار الآثار العراقية

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 206

لقصر المدة، و قلة عناية التالين في حراسة العلم و الأدب فلم يظهر في مدارسها نوابغ عديدون ليصح أن يقال لها حضارة خاصة لها طابعها المعروف … و العلماء و أرباب الثقافة يكادون يعدون بالأصابع …

و الأهلون لم يتمكنوا من فتح أعينهم من غوائل الحروب ليميلوا للعلوم بل عادت بعد قليل جذعة، قامت الفتن، و تحركت الاضطرابات، و صار سوق المتنفذين في رواج، و زاد التغلب في الأنحاء …

و حالات العشائر، و سلوك المجاورين يعين أوضاعهم … فهم في تنازع لا هوادة له، و لا ركود للزوابع و القلاقل … نري القوي يتغلب، و الضعيف يقهر، و من شعر بوهن في المقابل أو خلل

فيه جمح، أو حاول القضاء علي ندّه ليحل محله … و من ثم نجد الحكومات المجاورة، و القبائل بالمرصاد تترقب الفرصة، و تتطلع الحالة … تتفق مع هذا اليوم، ثم تصد غدا، و تركن إلي آخر، و هكذا الأهواء مختلفة و النزعات متباينة، و الآمال لا تقف عند حد، و الحرص بلغ منتهاه، قتل الشعوب و الحكومات معا …

و نفسيات الأهلين من الحضر خاصة تجاه ذلك في ارتباك، لا تدري ما يراد بها و لا ما تضمره الليالي من نكبات و آلام، أو أرزاء و مصائب … مما لا يسعه وصف، أو يحيط به قلم من توقع خطر و اضطراب و ترقب ما لا تحمد عواقبه …

و هذا العهد يتصل في أكثر وقائعه بالدولة (البارانية) من أوائل تكونها إلي أن فتحت العراق، و من ثم استقلت وحدها بالإدارة و قهرت عدوها، و كان لها العز و الصولة … دامت إلي أن جاء أجلها، و وقائعها في العراق عن أيامه الحاضرة غير معروفة تماما بسعة و بسط و لا مطردة متسلسلة، و إنما حكاها المجاورون أو تعينت إجمالا في تواريخ هذه الحكومة …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 207

و علي كل ينبي ء المعلوم عما وراءه، و تشير الحالة إلي ما جري و الوقائع المتكررة لا تفيد أكثر من أن تكون أمثلة … و لا أعتقد أن هذا الإهمال للحوادث العراقية مقصود من الحكومة الأصلية، و لكن لم يلتفت إلا إلي أعمال السلاطين و حروبهم، و التغني بمآثرهم، و إغفال ما سوي ذلك علي ما اعتاده المؤرخون في هذه العصور أغلبيا.

291 قبيلة البايندرية (آق قوينلو)

292 1- ماضيها:

بينا أوضاع القبائل التركمانية، و منها هذه فقد قدر لها أن تتأهب للكفاح و تنال

بغيتها في صف الحكومات التاريخية، و تدخل ضمن قائمتها سواء في العراق، أو في إيران و ديار بكر. و لا بدع أن تتكون حكومة من قبيلة فنظائرها كثيرة …

كانت أيام استيلاء التتر و المغول قد مالت إلي ديار بكر و الأنحاء المجاورة، و قد مر الكلام علي تاريخ هذه الهجرة. و من المقطوع به تاريخيا أنها من ذرية أوغوز، و تمت إلي أحد أحفاده (بايندر) بن كون بن أوغوز، و البايندرية نسبة إليه و في جامع التواريخ أن بايندر بن كوك بن أوغز، و هذه القبيلة من بين 22 قبيلة من القبائل المتفرعة من أوغز، و علامتها أو سمتها علي دوابها و خيولها هي الفارق بين مواشيها عند الاختلاط ذكرها صاحب ديوان لغات الترك، و هناك بيان قبائلهم …

و في شجرة الترك عين أن (بايندر يعني المنعم).

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 208

و آق قوينلو صفة لحقتهم من جراء أن هذه القبيلة كانت قد اقتنت غنما بيضا فصاروا يدعون ب (بيض الغنم) و لما كانت الأعلام لا تغير اخترنا لزوم الاحتفاظ ب (آق قوينلو)، و (البايندرية). و لا نري صحة ترجمة اللفظ. و التركمان عرفوا بأسمائهم، و لم يترجم علم عرفوا به …

293 2- إمارتها:

هذه القبيلة أقامت في أنحاء ديار بكر، و عولت علي نفسها، فنزعت إلي السيادة و الاستقلال، و توالي منها رجال مشاهير، نالت بهم الحكم، و كانت قد طمحت نفوسهم إلي السمو، و أسسوا إدارة منتظمة … فظهرت القبيلة أخيرا بمظهر حكومة و كانت معروفة بالقسوة، تدربت علي يد الأمير تيمور و نهجت طريقته.

خلفت أثرا في التاريخ، و صار لها شأنها من عظمة، و أبهة، و سطوة … قارعت و ناضلت نضال

مستميت حتي حصلت علي ما أرادت، و دار إمارتها علي الأكثر في ديار بكر … و حصلت علي السلطة أيام حسن الطويل فاتح بغداد، فانتقلت من رياسة القبيلة إلي الإمارة، فالحكومة أو السلطنة بالمعني الصحيح … و عرفت ب (آق قوينلو)، و ب (البايندرية) …

294 3- مشاهير رجالها:

عرف منها مشاهير عديدون، و إن قرا عثمان ذاع صيته أيام تيمور

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 209

أكثر، و عدد صاحب ديار بكرية أجداد الأمراء و أوصلهم إلي آدم عليه السلام مما لا نري ضرورة لذكره و لا داعي لإيراده، و إنما اخترنا أن نعين المعلومين منهم من حين عاشوا في أنحاء ديار بكر و ما والاها …

و هنا نقول إن آباء قرا عثمان يعرفون ب (آل بزدغان) من أمراء التركمان في ديار بكر.. و قرا عثمان هو ابن قطلو بيك بن طور علي بيك ابن پهلوان بيك ابن أزدي بن إدريس بيك … و من هؤلاء (إدريس بيك) كان أميرا علي البايندرية و كان يقطن بعض الأنحاء في ديار بكر، و هو معروف بالصلاح و الاستقامة … و (پهلوان بيك) كان في عهد المستعصم، مشتهرا بالشجاعة، فعرف بهذا الاسم و أغفل اسمه الأصلي، تصرف في قلعة (النجق)، و حارب جرماغون نويان فهزمه، و قاتل جيش الروم النصاري فكسرهم، و قتل الكثيرين منهم في حدود بروسة مع قلتهم … و (طور علي بك) كان قد خلف والده في الإمارة … و توسع نطاق إمارته في ديار بكر و ما والاها … و في أيام السلطان غازان لازمه في التوجه إلي أنحاء الشام، و رأي لطفا منه لما رأي من شجاعته و فروسيته … لحد أن قبيلته آنئذ تعرف به.

و

أما (قتلو بيك) أو (قطلو بيك)، فإنه كان من الأخيار، يراعي الدين، و يتّبع أحكام الشرع الشريف، و يعرف بالصلاح و التقوي. و كانت جهوده مصروفة لحرب الأمم المخالفة، و يعد من واجبه حفظ الثغور، و فتح البلاد لنشر الإسلام، و كسر أعداء الدين.. و كان في أيامه صاحب طرابزون و هذا بدا منه و من جيوشه التصلب في مخالفة المسلمين

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 210

فحاربهم و قتل أميرهم (يوسف دوخاري) فنكل بأعوانه و اكتسح مملكتهم و أسر الكثيرين منهم، و فلّ جموعهم. و كان بين الأسري (تشبيه) بنت تكفور طرابزون فأعادها … و خذل عدوه في حملاته الصادقة في حروبه.

295 أيام حكومتها

296 1- قرا عثمان: (قرايلك)

كان قد ظهر أيام الأمير تيمور، فتعهده.. و قوي به، و اعتز، كما نال السلطان أحمد قرا يوسف من الأمير تيمور ما نالهما من جراء عدائه.. و يعرف قرا عثمان ب (قرايلك) و معناه كما في الغياثي الأسمر اللون الذي يحلق محاسنه. و يلفظ قرايلوك و قرا يولوق. و أما قرايلدك فغلط و دعاه في ديار بكرية الأمير بهاء الدين عثمان، و هو من الشجعان المشهورين، له معارك مشهورة، و مواقف معروفة تبلغ نحو ثلثمائة معركة، و كان منصورا في غالبها. و هو تحت امرة أخيه الأكبر أحمد بيك، صدرت منه علي المخالفين آثار عظيمة من الشجاعة و الغلبة، و لما كانت الإمارة و رياسة القبيلة لأحمد بيك، و كانت قبيلة قراقوينلو و كذا طهرتن صاحب أرزنجان من أعدائهم … ركنت إليه قبيلته و مالت لجهته، فحسده أخواه أحمد بيك و پير علي بيك و حبساه و بقي في الحبس مدة.

و في أثناء ذلك هجم قرا يوسف عليهم فاقتتلوا بين آمد و

ماردين فانكسرت آق قوينلو، فألحوا علي أحمد بإطلاق أخيه عثمان بيك، فأطلقه خوفا من وثوبهم عليه فخرج هذا من الحبس، و قاتل قراقوينلو،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 211

و كسرهم، فازداد حسد أخويه، ذلك ما دعا أن يسير إلي القاضي برهان الدين صاحب سيواس، فحظي عنده، و بقي في خدمته.

ثم انحرف عنه لأنه غدر بابن أخته الأمير الشيخ مؤيد و قتله بعد أن حصل علي الأمان بواسطة عثمان بيك. و الشيخ مؤيد كان قد أعلن العصيان علي خاله، فلم يتمكن أن يظفر به لو لا عثمان بيك و كان قد نزل إليه من قلعة قيسارية فقتله برهان الدين غدرا ذلك ما دعا عثمان بيك أن يغضب للحادث و يفارقه بستمائة فارس من أصحابه، و صار إلي جهة قلعة ديوركي، فتبعه القاضي في جمع عظيم، و أدركه في موقع يقال له قرائيل (في جامع الدول قرابيل) في الحدود بين الروم و الشام فثبت عثمان بيك و كان القتال شديدا مع قلة الجمع فقتل القاضي برهان الدين، و انهزم عسكره و استولي عثمان بيك علي أكثر بلاده.

ثم قصد (قراتاتار) الذين كانوا نحو أربعين ألف بيت قرا عثمان، و كانوا يسكنون في نواحي الروم فقاتلهم عثمان بيك و كسرهم في موقع يقال له (سورك) بين سيواس و قرائيل و فرق شملهم، و مزق و حدتهم.

و بعدها سار فحاصر سيواس، فبلغه أن ييلد يرم بايزيد قد أرسل ولده سليمان چلبي في جمع عظيم بغرض تسخيرها، فثبت إلي أن وصل إليه العسكر و أحاط به فتحقق عجزه عن المقاومة، فاخترق الجبهة،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 212

و تمكن أن ينجو من بين أيديهم، و سار بأتباعه إلي أرزنجان،

و التجأ إلي صاحبها (طهرتن) ثم علق هو و طهرتن بيك بخدمة الأمير تيمور عند قصده الروم، و ظهرت منه آثار عظيمة من البطولة فحظي عنده، و كان أخواه أحمد بيك و پير علي بيك أيضا مع تيمور في هذه الواقعة، و جعله تيمور مقدمه في أكثر حروبه التي في بلاد الشام و الروم.

و لما شتي تيمور في بلاد آيدين و منتشا بعد تخريب الروم أرسل عدة أحمال من الأموال و الأمتعة التي نهبها من بلاد الروم إلي دار ملكه في جمع من ثقاته، فأغار عليها محمد بيك ابن أحمد بيك؛ و پيلتن بيك ابن پير علي بيك (ابنا أخوي عثمان بيك) في طائفة من تركمان آق قوينلو و نهباها.. فاتصل الخبر بتيمور؛ فقبض علي أحمد بيك و پير علي بيك و حبسهما و عفا عن عثمان بيك لبراءة ساحته مما حدث، بل أكرمه، و أحسن إليه، فأرسل عثمان بيك ما كان قد ملكه من منهوبات الروم مع ولده إبراهيم بيك إلي ولاية آمد. لأن تيمور كان أقطعها له، فقطع محمد بيك ابن أحمد بيك الطريق عليه، و أراد أخذ الأموال و المتاع من يده فقابله إبراهيم بيك، و في الأثناء وصل عثمان بيك إلي هناك، فعاد محمد بيك خائبا، و كان السبب في ذلك أن محمد بيك ظن أن حبس أبيه و عمه كان بنكاية من عثمان فتدخل المصلحون، و تأكد محمد بيك أن لا دخل لعثمان بيك فمضي هذا إلي إقطاعه آمد، و أطاعه كثير من قومه، و من العرب و الأكراد …

و له مع قرا يوسف و صاحب ماردين حروب، كانوا جمعوا عليه من الأكراد (السليمانية) و (الزرقية) و غيرهم … و

في جهته طائفة دكر و رئيسها يامغور بيك (ياغمور) بن بهادر حاجي بن عم دمشق خواجه و كوجه موسي أيضا من أمرائهم … و كان يطيع قرا عثمان ألف بيت من بني كلاب

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 213

و شادي … و كان ابنه علي بيك قد حارب الأمير نعير أمير آل فضل …

بأمر من والده، و كانت له مكانة و منزلة كبيرة في تلك الأنحاء …

و في جامع الدول تعداد وقائعه و حروبه، و أغلب الحروب الأخيرة كانت بعد وفاة تيمور، حارب قراقوينلو و هو في توسع تارة، و اندحار أخري، و ربح و خسار و الجدال مستمر، و لم يترك السلاح في وقت …

و في كل حروبه كان مواليا لشاه رخ بعد وفاة تيمور حتي قتل علي يد الأمير اسكندر بن قرا يوسف … و علي ما جاء في جامع الدول أن هذه الواقعة كانت في شهور سنة 839 ه.

و ترجمته في قاموس الأعلام، و في كنه الأخبار، و في الضوء اللامع (ج 6 ص 216) … و جاء في القرماني أنه كان شجاعا، و له مع الترك و العرب وقائع، انتمي إلي تيمور، و دله علي مسالك الروم، و استنابه تيمور في بلاده. و قال الغياثي: «كانت آمد عاصمته، و كذا ما يصاقبها من البلاد … و تملك ديار بكر العليا كلها إلي حدود الخاتونية، و من سنجار إلي إربل و الموصل، و هي ديار بكر السفلي، و الكل يطلق عليه (أرمينية الصغري)، و هي بإزاء (أرمينية الكبري) التي هي شروان و شماخي … » ا ه.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 214

و في مجموعة تواريخ التركمان أنه كان شجاعا

إلا أنه أهوج، و له مع الترك و العرب وقائع طويلة طال عمره مائة سنة، و لما طرق اللنك البلاد الشامية انتمي إليه و دخل في طاعته، و له وقائع مع حديثة بن سيف بن فضل أمير العرب، و جميل بن نعير … مات في العشر الأخير من صفر سنة 840 ه.

و في المنهل الصافي: «صاحب آمد و ماردين و غيرهما، و متملك غالب ديار بكر بن وائل، كان أبوه من جملة الأمراء في الدولة الأرتقية أصحاب ماردين، ثم انتمي إلي تيمور لنك، و صار من أعوانه …

و استولي علي آمد، و ولاه الملك الناصر فرج نيابة الرها لما قتل جكم … فقوي بذلك، و ضخم و التزم جانب ابن نعير، و ناصره علي الأمير حديثة بن سيف الذي جعل أميرا من قبل سلطان مصر … و دامت وقائعه مع قرا يوسف، ثم مع ابنه اسكندر … و هي مشهورة طالت سنين … و كان قرايلك من رجال الدنيا قوة و شجاعة، قتل عدة أمراء … و في أيام الملك الأشرف أخذت الرها منه، و قبض علي ابنه هابيل، و حبس بقلعة الجبل إلي أن توفي … و حروبه مع سلاطين مصر لا تقل عن حروبه مع قرا يوسف … قتل في حرب مع اسكندر في العشر الأول من صفر سنة 839 ه … تتبع اسكندر قبره (خارج أرزن الروم) حتي عرفه و نبش عليه و أخرجه و قطع رأسه و رأس ولديه و ثلاثة رؤوس أخر من امرائه … و أرسل الجميع مع قاصد إلي الديار المصرية للملك الأشرف برسباي … ففرح الملك … و ينبغي لكل مسلم أن يفرح بموت مثل هذا الظالم

المصر علي الفتن و الشرور، و قد قتل في أيامه من الخلائق ما لا يدخل تحت الحصر لطول مدته و كثرة إقامته و حروبه مع جماعة من الملوك … أفني الأهلين قتلا و سبيا و جوعا،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 215

عامله اللّه بعدله، و الحق به من بقي من ذريته ليستريح كل أحد من هذه السلالة … » ا ه.

و من أولاده (بايزيد) و (سلطان حمزة)، و (علي بيك)، و (محمد بيك)، و (يعقوب بيك)، و (قاسم بيك)، و (محمود بيك)، (شيخ حسن بيك)، و (اسكندر بيك)، و (شمس الدين بيك)، و (هابيل) …

297 2- بين علي بيك و حمزة بيك:

من حين قتل قرا عثمان وقع الهرج بين أمراء آق قوينلو، و قام النزاع بين أولاد عثمان بيك و بين أولاد أخوته، فادعي قلبح أرسلان بيك بن أحمد بيك أخي عثمان بيك الأمر لنفسه، و هرب الشيخ حسن بن عثمان بيك من أرزن الروم إلي خدمة شاه رخ. و أما علي بيك فقد هرب مع أخويه محمد بيك و محمود بيك من المعركة إلي أنحاء ديار بكر، فقصده أخواه بالسوء، ثم لحق به ابنه جهانكير في ثلة من الجيش، جاءه من جانب خرتبرت، فقوي به، ثم وصل إليه خبر وفاة والده فأطاعه قومه، و أذعنت له قبيلته … و أطاعه أمراء البايندرية، و كان ولي عهد أبيه، فقام مقامه … فأحسن السيرة و عدل، و استناب ولده جهانكير ميرزا علي حفظ الألوسات و سيره معهم إلي صوب خرتبرت (خرپوط) و توجه هو إلي خدمة ميرزا محمد جوكي بن شاه رخ بارزنجان، وصل إليها في عقب اسكندر و اجتمع بخدمته مع أخيه يعقوب بيك و ابني عمه نور علي بيك

و جعفر بيك.

ثم أرسل جوكي ميرزا جيشا مع علي بيك لطلب اسكندر، فأدركوه قرب قوبلي حصار، فهرب اسكندر و قتل أكثر أصحابه، فعاد علي بيك

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 216

السلطان محمد الفاتح

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 217

إلي أرزنجان و زوج أخته خاتم من جوكي، فأقطع هذا ولاية أرزنجان ليعقوب بيك، و جعل إيالة ديار بكر و حفظ الألوسات لعلي بيك فعاد مع زوجته خاتم إلي خدمة والده شاه رخ …

و لما عاد علي بيك بلغه أن أخاه السلطان حمزة والي ماردين قد استولي علي آمد، و قصد أخواه محمد بيك و محمود بيك أرقنين، فتوجه إلي هناك فهرب الأخوان إلي السلطان حمزة بآمد، ثم سار علي بيك و سخر آمد أيضا لأن السلطان حمزة قد سار إلي ماردين لحفظها من علي بيك، فأرسل أهل البلد إلي علي بيك يدعونه إليهم لتسليم القلعة، فسار إليهم و تسلمها منهم و أرسل حريم السلطان حمزة إليه في عقبه، و استناب علي بيك بآمد ولده جهانكير، و أرسل ولده الآخر حسين بيك إلي صاحب مصر لإصلاح البين، فقبض عليه صاحب مصر و حبسه ثم أرسل إلي طائفة (دكر) و أمرهم أن يغيروا علي ديار بكر، فأغاروا علي نواحي آمد، فخرج جهانكير ميرزا لقتالهم في جمع قليل، و قاتلهم قتالا شديدا حتي أسر في جمع من أصحابه، و قتل كثير من خواصه، فأرسل مقدم ال (دكر) جهانكير مع سائر الأسري معتقلين إلي صاحب مصر.

ذلك ما دعا أن يحزن علي حزنا عظيما، و يضطرب اضطرابا بليغا … و في هذه الأثناء بلغه رجوع الأمير اسكندر من الروم فتجهز لقتاله، و استناب ولده حسن بيك بآمد و سار

هو إلي صوب أرزنجان لدفع غائلة ابن أخيه جعفر بيك ابن يعقوب بيك أولا، ثم فتنة الأمير اسكندر إذ كان جعفر بيك نائب أبيه بأرزنجان، فأظهر العصيان، و أغار علي كماخ و قرا حصار. فسار علي بيك و معه إخوته يعقوب بيك و محمد بيك و محمود بيك و شيخ حسن و بايزيد بيك و حاصروا جعفر بيك بأرزنجان حتي ظفروا به، و حبسه أبوه يعقوب بيك.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 218

و أما اسكندر فإنه كان قد انضم إليه قليح ارسلان بيك ابن أحمد بيك، و أخوه پير حسين بيك مع اتباعهما من آق قوينلو …، فساروا جميعا و حاصروا خرتبرت، فقاتلهم نائبها پهلوان ابن سيدي علي فتركها اسكندر و سار إلي كيفا و خرق نواحيها، ثم سار إلي ترجان، و فعل بها ما فعل، ثم انعطف إلي أرزنجان و نهب أطرافها، ثم سار إلي أرزن الروم فسخرها …

و في هذه الحالة لم يتمكن علي بيك من طلبه لحيلولة الشتاء، فنزل بآمد، فجاء إلي خدمة السلطان حمزة من ماردين مستعطفا، و مستعفيا، فعفا عنه علي بيك و فوض إليه رياسة الألوس، فمنعه خواصه، و ذكروا له و خامة العاقبة … فلم يصغ إلي قولهم، فصار الحال كما قال النصحاء …

و لما تولي السلطان حمزة رياسة الألوس (القبيلة) أرحلهم إلي صوب ماردين ثم أظهر العصيان علي أخيه علي بك و من ثم ابتدأ النزاع بين الأخوين علي الإمارة و دام طويلا حتي قضي علي حمزة بيك …

و من ثم نجد قسما من المؤرخين يعدون السلطان حمزة بيك هو خلف أبيه. و آخرون يعتبرون علي بيك الخلف … و لكل وجهته. فقد قال فريق إنه

لما توفي عثمان بيك تولي السلطان حمزة. فتفرق باقي الإخوة خوفا منه … و منهم من رأي أن علي بك هو ولي العهد، و متولي السلطة بعد والده … و قد رجح صاحب ديار بكرية هذا القول، و مثله صاحب جامع الدول … و في الحقيقة أن النزاع استمر، و لا يزال إلي هذه الأيام و لم يستقل واحد منهما بالحكومة.

بلغ خبر هذا النزاع الأمير أصفهان بن قرا يوسف والي بغداد فسار في جمع صوب حصن كيفا فوقع القتال بينه و بين حمزة بيك، و امتد نحو أربعين يوما حتي انكسر أصفهان في 5 ذي الحجة سنة 840 ه و قتل

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 219

كثير من عسكره و نهبت أمواله و هرب هو في جمع قليل إلي بغداد، و قد مر ذكر ذلك كما أنه انتقم في السنة المقبلة … فعظم شأن السلطان حمزة و تجهز للمسير إلي آمد لتسخيرها و أخذها من علي بيك، و كان هذا قد سار إلي خرتبرت لتسليمها إلي المصريين فداء ولديه جهانكير بيك و حسين بيك، ففعل، و خلصهما، ثم سار إلي زيارة أخيه الأكبر يعقوب بيك بأرزنجان، فانتهز السلطان حمزة الفرصة، و استولي علي آمد …

و علي هذا سير علي بيك أولاده جهانكير و حسين و حسن إلي صاحب مصر الملك الأشرف للاستنجاد و سار هو مع ولده الآخر أويس بيك إلي صاحب الروم السلطان مراد للاستنجاد منه أيضا … فترك جهانكير أخويه حسن و حسين بدمشق و سار هو إلي الملك الأشرف، فأكرمه و أنجده بخمسين ألف فارس من عسكر الشام و مصر، فسار جهانكير، و استرد البلاد من يد عمه السلطان حمزة، و

هرب حمزة إلي ماردين. و في أثناء ذلك اتصل الخبر بعسكر مصر أن الملك الأشرف توفي فعادوا إلي مصر مجدين مسرعين، و لم ينجدوا علي بك، و كان قد عاد من الروم إلي أرزنجان عندما سمع بوصول النجدة … و لكن السلطان حمزة برجوع الجيش عاد فاستولي علي البلاد، و بقي علي بيك عند أخيه يعقوب بيك، و يئس من النجاح، فسار إلي دمشق، ثم إلي مصر مع بعض أولاده، و التجأ إلي الملك الظاهر جقمق، و بقي عنده مكرما.

و أما أولاده جهانكير ميرزا و حسين بيك و حسن بيك فكانوا يتجولون في ديار الشام تارة، و في أنحاء أرزنجان أخري حتي أمد صاحب مصر جهانكير بقطعة من الجيش فاستولي علي الرها و بيرة فأقام فيها مع أخويه حسن و حسين، و جرت بينه و بين عمه حمزة بيك مقاتلات و محاربات، و الحرب بينهما سجال و كانت ألوس آق قوينلو تحت طاعة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 220

حمزة إلا أنهم كانوا ينحرفون عنه تارة و يميلون إليه أخري و كان حسن بيك يراعي أخاه مرة فيخدمه، أو يصير مع عمه يعقوب بيك صاحب أرزنجان و كان آنئذ ابن 14 سنة لكنه كان آية في الشجاعة، و جري بينه و بين جعفر بيك ابن يعقوب بيك مقاتلات عديدة، و ظفر في كلها لأن جعفر بيك كان قد عصي علي أبيه يعقوب بيك. ثم سار حسن بك إلي مصر لملاقاة والده، و سار أخوه حسين بيك إلي جانب الروم لما نالهما من ضيق، ثم عادا لخدمة أخيهما جهانكير في ولاية الرها.

و كان السلطان حمزة قد استولي علي أرزنجان أيضا أخذها من يد أخيه يعقوب بيك

فبقي هذا في قلعة كماخ فقط ذلك ما دعا أن يعد حمزة سلطانا مستقلا من مؤرخين كثيرين. و في أثناء ذلك أغار جهانكير علي نواحي ماردين ثم علي أرقنين (أرغنين) و نهبها، و سخر قلعة جعبر، ثم عاد إلي الرها …

و من ثم بلغه في هذه الأيام خبر وفاة أبيه (علي بيك) بقلعة (شيزر) من أعمال حلب، و كان قد عاد إليها من مصر، فتوفي بها، و لم يمض غير قليل حتي توفي السلطان حمزة أيضا بدار ملكه (آمد) في أوائل رجب سنة 848 ه، و لم يكن محمود السيرة كأبيه و إخوته و إنما كان مشتهرا بالظلم و السوء، و استقر بعده ابن أخيه جهانكير بن علي بيك.

و علي كل حال لم تدم سلطنة لواحد منهما، و كانا في نزاع حتي ماتا … و في ديار بكرية فصل حوادثهما، و أوضح كل واقعة بسعة، و فيه مباحث خاصة تصلح أن تكون تاريخا للحكومات المجاورة، و منها قرا قوينلو، و الحكومة المصرية، و حكومة آل تيمور أو علي الأقل توضح وقائعها معها … و لم نتوغل في ذلك فإنه لا يهم العراق إلا بقدر ما

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 221

يوضح الوقائع و العلائق أو الإجمال عن الماضي و ضبط الأعلام، و الأشخاص و المواقع، أو الأقوام … و قد توسع في وقعة أصبهان الأولي و بين سببها في أنه أراد أن يستفيد من النزاع بين الإخوة و أظهر أنه جاء مناصرا لعلي بيك … فهاجم مواطن السلطان حمزة بجيوشه إلا أنه قل العلف لخيولهم و دوابهم، فتفرقوا، و من ثم فاجأ السلطان حمزة مقر الأمير أصبهان … فوقعت حروب دامية جدا، اضطر أصبهان

بسببها علي العودة.. هذا و لو فصلنا وقائع اسكندر و يعقوب بيك، و ابنه جعفر، و حوادث جهانكير لتكون لنا مجلد كبير و لكن كما قلنا أن هذه لا يمس بحثها تاريخ العراق مباشرة، و كفانا أن نعرف زبدة الوقائع و نتائجها.

298 3- جهانكير:

هو ابن علي بيك بن قرا عثمان كان قد ولد في حدود سنة 820 ه و كان قد توفي والده علي بيك، فلم يمض غير قليل حتي توفي عمه السلطان حمزة فأرسل أهل البلد و أمراء آق قوينلو إلي جهانكير يدعونه إلي الملك، فسار مجدا و ملكها، فتعين للملك و لرياسة آق قوينلو (البايندرية) …

و لما أتم أمر آمد سار إلي ماردين، و كان فيها (شاه سلطان) بنت السلطان حمزة مخطوبته من قديم إلا أن العداوة عاقت من الزفاف و الوصال. و حينئذ أرسلت شاه سلطان إلي جهانكير تدعوه لتسلم إليه البلد فمضي إليها توا و سيّر أخاه حسن بيك في جمع لقتال العربان بقرب جعبر، فظفر حسن بيك بهم و غنم منهم، و سار جهانكير فتسلم القلعة، و تزوج البنت … و كان المأمول منه أن يصلح الحالة لما نالها من

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 222

حروب و غوائل متعددة … و هكذا فعل، و لكن بعد مدة توالت الخطوب و كثرت الخصومات و عادت الغوائل جذعة سواء بينه و بين أقاربه، أو بينه و بين قراقوينلو، و ذلك أنه بلغه أن عمه محمود بيك قصده من صوب بغداد مع مدد من صاحبها أصفهان بن قرا يوسف، فاضطرب جهانكير، ثم وصل الخبر عقيب ذلك بأن أصفهان قد مات فتفرق مدده عن محمود بيك، فسر بذلك، و كان في سنة 848 ه

فسار جهانكير إلي آمد، فالتجأ إليه عمه يعقوب من كماخ، و بقي عنده أياما، ثم توفي.

و في أثناء ذلك قام بالخلاف عمه الآخر الشيخ حسن بيك، و كان نائب السلطان حمزة بأرزنجان، فبلغه خبر وفاة يعقوب بيك فسار بلا توان إلي محاصرة كماخ و أتبعه پيلتن بن پير علي بيك، و كان نائب يعقوب بيك بكماخ جلال الدين بيك رجلا داهية، فخدع الشيخ حسن بيك حتي أدخله إلي القلعة و قبض عليه فتفرق جمعه و بقيت أرزنجان خالية عن الصاحب و الحاكم، و بلغ هذا الخبر إلي محمود بيك ببغداد، فسار بسرعة و استولي علي قلعة پير جك أولا، ثم ملك أرزنجان و لما سمع جهانكير بالخبر عجل في جمع جيش و أخذ معه أخاه حسن بيك و حاصر أرزنجان 40 يوما فمانعه أهلها، و من ثم اضطر إلي العودة.

و في سنة 851 ه قدم جهان شاه بن قرا يوسف إلي ديار بكر لقتاله و كان سبب ذلك أن جهان شاه لما ملك بغداد و أخذها من يد ابن أخيه فولاذ ابن أصبهان في سنة 850 ه أقطع الموصل لأبناء أخيه ألوند و رستم ترخان و مهماد أولاد اسكندر، و لم يمض غير قليل حتي أظهر ألوند العصيان علي عمه، فسخر إربل و كردستان أيضا، فسير جهان شاه من أعاظم أمرائه رستم ترخان في جيش إلي دفع غائلته فانكسر ألوند بعد

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 223

قتال عنيف، و التجأ إلي جهانكير بن علي بيك، فطلبه منه جهان شاه، فلم يجبه إلي ذلك، فسار جهان شاه و شتي في بردع و كنجة و بعث جيشا أخذوا أرزنجان من يد محمود بيك أولا و حضر

إلي خدمة جهان شاه كثير من أمراء آق قوينلو و أولاد عثمان بيك و أحفاده و أبناء إخوته مثل قليج أرسلان بيك ابن أحمد بيك و أخيه موسي بيك، و خليل بيك، و إسكندر بيك ابني پلتن بيك بن پير علي بيك، و بايزيد بيك ابن الشيخ حسن بيك بن عثمان بيك، و الشيخ حسن ميرزا بن علي بيك، ثم أرسل جهان شاه جمعا عظيما إلي تسخير ديار بكر فعجز جهانكير عن مقاومتهم فحصن القلاع و تحصن هو بآمد، و أخوه حسن بيك بأرغنين، و أخوه الآخر أويس بيك بالرها فخرب عسكر جهان شاه كل ما مر به من القري و القصبات، و حاصر جمع كان مع رستم ترخان قلعة ماردين مدة حتي أخذها، و استولي علي أرزنجان و ترجان، ثم حاصروا قلعة الرها و بها أويس بيك فسار حسن بيك من أرغنين ليمد أخاه فقاتل المحاصرين أشد قتال و كسرهم، ثم عاد إلي آمد، و زار أخاه جهانكير، و سار إلي أقطاعه أرغنين و قدم رستم ترخان من ماردين، فأغار علي سواد آمد و خربها، ثم انضم إليه محمدي ميرزا بن جهان شاه بمدد من والده، و بقي رستم ترخان و محمدي ميرزا في تلك الديار بجيش عظيم من قرا قوينلو بين تخريب و أسر و قتل …

و كان جهانكير و أخوه حسن بيك يبيتانهم و يقاتلانهم عند انتهاز الفرصة نحو خمس سنين حتي آل الأمر إلي الصلح، و سبب ذلك هو أن جهان شاه كان قد بلغه خبر قتل السلطان محمد علي يد أخيه بابر ميرزا، فطمع في العراق (عراق العجم) فأرسل إلي جهانكير فصالحه، فخطب ابنته لابنه محمدي ميرزا، فعاد إلي العراق،

و كان نائبه علي همذان علي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 224

شكر بيك بهارلو، و علي السلطانية شهسوار بيك بيراملو قد جمعا و حشدا، و سار مع ولده پير بوداق، و استولوا علي العراق (عراق العجم) قبل وصول جهان شاه، و أرسلوا إليه البشير، فلقيه حين قفوله من ديار بكر، و كان ذلك في سنة 857 ه.

و لما وقع الصلح بين آق قوينلو و قرا قوينلو قام الشقاق بين الأخوين جهانكير ميرزا و حسن بيك المعروف بالطويل … و باختلافهما قوي أمر عمهما قاسم بن قرا عثمان، فادعي الأمر لنفسه و رفع راية الخلاف …

و كذا عظم شأن قليج أرسلان ابن پير علي بيك بولاية أرزنجان و ترجان إذ أقطعه جهان شاه تلك الديار، و كان حسن بيك لا يرضي بالمصالحة فاجتمع إليه من شجعان آق قوينلو، فأغار بهم علي صحراء موش ثم هجم علي عمه قاسم بيك فهرب هذا إلي صوب قرا حصار الشرقي فتبعه حسن بيك و غنم أثقاله و بيوته، ثم رد عليه أهله و عياله، فعاد إلي تسخير أرزنجان و قتال قليج أرسلان، و ظفر بولده مع جمع من أصحابه فأسرهم، و حاصر أرزنجان نحو 40 يوما و خرب سوادها، ثم بلغه أن سليمان بيك بن ذي القدر (دلغادر) قد توجه لقتاله، فلم يضطرب حسن بيك من هذا الخبر و ثبت.

ثم ظهر كذب الخبر فأغار علي بلاد ترجان و أرزنجان، ثم علي المخالفين من الكرد، فأطاعه أمراء الأكراد، و عظم شأن حسن بيك، و كثرت جموعه، ثم بلغه أن عمه قاسم بيك قتل ابن عمه جعفر بيك ابن يعقوب بيك و حاصر كماخ، فسار إلي دفع غائلته، فوصل إليه و

هو علي الطريق خبر ذهاب أخيه جهانكير إلي مصيف الأطاغ و تركه آمد خالية من المستحفظين، فانتهز حسن بيك الفرصة، و ترك جميع أثقاله و ألوساته بقرب كماخ، و سار هو بتجريدة في نخبة من الجيش صوب آمد و لما قرب منها سار هو في خمسة فوارس متنكرا، و دخل آمد، و قتل البوابين، فدخل بقية جيشه البلد أيضا، فأطاعه من كان فيها من أعيان أهليها.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 225

و لما وصل الخبر إلي جهانكير حار في أمره، و هرب إلي قلعة ماردين، و تحصن بها و قنع بامتلاكها، و أطاع أكثر من كان معه من الأمراء أخاه حسن بيك، فسخر أعمال آمد أيضا في أيسر الأوقات، فتولي رياسة ألوس آق قوينلو في سنة 857 ه.

و هذا هو حسن الطويل. و لا تزال الإدارة لم تستقر لأحد، و النزاع قائما … و قد مر من الحوادث ما يعين علاقاته الحربية و السياسية سواء بحكومة مصر، أو قرا قوينلو، أو نفس قبيلتهم (آق قوينلو)، و في هذه الأيام زادت المشادة بين الأخوين. و كان أعداؤه الآخرون يراقبون الحالة و يتربصون له الدوائر … و كانت مناصرة أخيه له خير معين له للقضاء علي قاسم بيك، و علي قليج أرسلان ابن پير علي بيك … و لكن أقوي العداء ظهر في شخص حسن بيك نحو أخيه … فقد أعلن حكومته سنة 857 ه، و أن جهانكير تصالح معه و رضي منه بماردين، و أن تكون سائر أجزاء المملكة و العساكر بيد أخيه حسن بيك، و اتفقا علي ذلك، و استقر جهانكير في ماردين هو و أولاده و عياله و رجاله المختصون به، و بقي

إلي ما بعد موت جهان شاه. و توفي هو سنة 874 ه، و استقر أولاده بعده، و كان له ابنان تزوج أحدهما بابنة عمه حسن بيك، و توفيا أيضا.

و في هذا كفاية لمعرفة الحالة أيام جهانكير، كما أن ترجمته عرفت من وقائع أيامه، و كل ما هناك أن أخاه حسن بيك لم يقصر في تقريبه، و قبول صلحه عند كل ظفر و انتصار عليه، و كان في أعماله هذه ينال عطفا المرة بعد الأخري … مما يدل بوضوح علي أن آماله أكبر مما

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 226

يتصوره أخوه جهانكير المذكور، و هذا شأن الرجل العظيم، و صفحه عن أخيه يعد أكبر فضيلة له، و قد برهنت الوقائع الكثيرة أنه كبير النفس لا يحمل انتقاما و لا يعرف حقدا، و لا حرصا زائدا، و لم يقصر في تدبير، و لم يهمل تيقظه للحوادث … فهو بحق من أعظم الفاتحين في حروبه مع أقاربه و أعدائه …

299 حسن الطويل

300 1- حروب و مقارعات:

حسن بك بن علي بك بن قرا عثمان يعرف ب (حسن الطويل) و كان عادلا مقداما، من مشاهير الفاتحين، قضي علي الحكومة البارانية، و استولي علي العراق و علي قسم كبير من إيران. بل أكثر أقسامها. و لما استقر علي سرير الملك بآمد بلغه أن أخاه جهانكير قد سار إلي الرها، و اتفق مع أخيهما أويس والي الرها علي قتاله فكبسهما و نهب كل ما وجده خارج القلعة من الدواب و المواشي، و كذا أغار علي سواد ماردين، ثم هرب أخواه جهانكير و أويس إلي ماردين، و تركا الرها فاستوي عليها، و استناب بها أحد أمرائه، ثم أغار علي حدود الشام، و غنم أشياء كثيرة، ثم سار

إلي قتال أخويه بماردين، و قاتلهما بظاهرها و كسرهما، ثم حاصرهما فيها أياما فوسطت والدتهم فيما بينهم فاستقر الصلح بتوسطها، فعاد حسن بيك إلي آمد، ثم أغار علي بلاد أرزن الروم و أونيك و بايبرت و ترجان، و كانت هذه القلاع و الحصون في أيدي نواب جهان شاه و أمراء قرا قوينلو فخربها و نهبها و سخر قلعة سبكة و غيرها، فأقام بترجان أياما، و حاصر أرزنجان مدة، ثم عاد إلي المشتي، و في الربيع رجع إلي حصارها، و بلغه أن جهان شاه قد أمد الملك خلفا الأيوبي أيضا، و كان بين حسن الطويل و بين الملك أحمد الأيوبي مصادقة، فسار إلي مدده، و رفع الملك خلف منها، فعاد منها

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 227

السلطان سليمان القانوني

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 228

و أغار علي بلاد الموصل و سنجار ثم رجع إلي آمد، و رتب وليمة لختان أولاده خليل اللّه، و أوغورلو محمد، و زينل، و زوج أخويه اسكندر، و جهان شاه.

ثم سار إلي أنحاء أرزنجان و ترجان فأغار عليها و في أثناء ذلك سقط عن الفرس فانكسرت إحدي رجليه، فقارب الهلاك، و ثارت بذلك فتنة عظيمة وقام أخوه جهانكير بالخلاف و الغارة علي حوالي آمد.

و لما عوفي حسن الطويل خاف جهانكير من سطوته، فأرسل إلي جهان شاه ابن قرا يوسف يستنجده و يلتجي ء إليه، ثم سار بنفسه إلي خدمته في العراق، فأرسل حسن إليه أحد أمرائه ينصحه و يمنعه من المسير إلي خدمة جهان شاه، و يدعوه إلي المصالحة و الاتحاد، لأن حسن بك و جهانكير كانا شقيقين، فاتفق أن الرسول قد مات في الطريق قبل الوصول إلي جهانكير، فسار جهانكير

إلي جهان شاه، فأسرع حسن بك يحث السير في طلبه، و لما قرب من ماردين استقبلته والدته سراي خاتون مع ابنتها (أخت حسن و جهانكير) فأكرمهما الطويل و وسط والدتهما بينه و بين أخيه جهانكير في الصلح علي أن يرجع من الالتجاء إلي جهان شاه فعاد حسن إلي صوب آمد، فنقض أخوه العهد، و من ثم عاد حسن إلي قتاله، و قتل من الطرفين خلق كثير، ثم انهزم جهانكير و تحصن بالقلعة، ثم اصطلحا ثانيا، فرجع حسن إلي دار ملكه آمد، و لم يمض غير قليل حتي نكث جهانكير العهد و أغار عسكره علي بعض ولاية الطويل فسار هذا إلي محاصرة ماردين بعد أن أرسل بيوته مع ابنه خليل اللّه إلي قراجه طاغ، فأغار حسن علي نواحي ماردين و خربها ثم خرج إليه عسكر ماردين فاقتتلوا قتالا شديدا، و كان جهانكير في هذه الدفعة غائبا، سار إلي جهان شاه في العراق فخرجت والدتهما و أصلحت البين إلي أن قدم جهانكير من العراق فعاد حسن إلي آمد، ثم أغار نائب جهان شاه بولاية أرزنجان و ترجان الأمير عربشاه الكردي، و كان معه عشرة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 229

آلاف فارس من قراقوينلو فأخرجه الطويل من تلك البلاد فهرب إلي جهان شاه فغضب عليه و حبسه و صادر أمواله لهربه من حسن بيك فنهب حسن بيك تلك الديار و ولاية ياسين (في أرزن الروم) ثم توجه إلي العراق فأطاعه أهلها، ثم سار إلي أرزن الروم، ثم حاصر أرزنجان ثم بلغه أن أخاه جهانكير قد عاد من العراق، و قصد أن يكبس قبيلته (ألوسه) فعاد حسن لدفع غائلته فتحصن أخوه جهانكير منه بقلعة ماردين، فحاصره حسن بيك

فيها، فأرسل جهانكير أخاه أويسا إلي جهان شاه يستمده، فأمده بجيش عظيم مع رستم ترخان، ثم أرسل في عقبه من أعاظم أمرائه الأمير علي شكر بيك أيضا فاجتمع كلا الجمعين، فساروا جميعا إلي ديار بكر لقتال الطويل و دفع غائلته فاستقبلهم هذا وقاتلهم قتالا شديدا و كسرهم و أسر رستم ترخان مع جمع من أصحابه و ثبت علي شكر بيك و ابنه پير علي بيك في جمع من أصحابهما بعد انهزام العسكر، فاجتمع عليهما جمع عظيم من المنهزمين، فقاتلوا عسكر الطويل حتي أخرجوهم من معسكرهم، و كادوا يكسرونهم لو لا إقدام حسن بنفسه فبعد جد عظيم، و قتال شديد أسر علي شكر و ابنه پير علي مع ألف و سبعمائة من نخبة الجيش، و قتل خلق عظيم، و فرت البقية، و تفرقت شذر مذر، و تبعهم عسكر حسن. فغرق أكثر الهاربين في الفرات، و لم يفلت منهم إلا القليل، و غنم العسكر أثقالهم و أموالهم، ثم أمر الطويل بقتل الأسري فقتل خمسمائة منهم صبرا؛ و حبس الباقين، ثم أمر بضرب عنق رستم ترخان بين يديه.

301 2- حكاية: (استطراد)

يحكي أن مجذوبا يقال له (بابا عبد الرحمن) كان قد حضر مجلس الطويل يوما و أخذ سيفه و ضرب به علي طاس في المجلس، فقال هذا رأس رستم يضرب فيما بين يديك بهذا السيف. و كانت هذه الإشارة قبل

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 230

الواقعة بعدة سنين، فضرب عنق رستم ترخان بذلك السيف كما قال المجذوب انتهي.

عود: ثم أمر حسن الطويل بحبس علي شكر بيك بقلعة جرموك و حبس ولده پير علي بقلعة أرقنين (أرغنين) فسار حسن و حاصر ماردين و بها أخوه جهانكير، و لما قرب الأخذ شفعت

فيه والدتهما، فأصلحت بينهما، و أرسل جهانكير ولده علي خان إلي حسن الطويل ليكون في خدمته، و كذا حضر عنده أخوه أويس فعفا عنه حسن و أكرمه، و أعاده إلي اقطاعه الرها، ثم توجه إلي أرزنجان و كانت قد خربت بتعاقب القتال فأقطعها لخورشيد بيك، و أمره بتعميرها، و إعادة الرعية إليها، فأطاعه جميع حكام حدود الروم و الشام فعظم شأن الطويل بعد هذه الوقعة.

عاد من أرزنجان إلي دار ملكه آمد، و أغار بقرب الرقة علي أعراب نشيب، و كعبتين، و عنين، و ربيعة، و نهب أموالهم و دوابهم، و أزال فسادهم من تلك الديار، لأنهم يقطعون الطريق علي القوافل و المسافرين، ثم وصل إلي دار ملكه آمد. و كانت الوقعة التي جرت بين حسن بيك و رستم ترخان في حدود سنة 861 ه.

ثم اطلق حسن الطويل علي شكر و ولده پير علي و غيرهما من أمراء قراقوينلو الذين كان قد أسرهم في الوقعة، و أرسلهم مكرمين إلي جهان شاه، و كان هذا إذ ذاك مشغولا بتسخير خراسان.

302 3- انقراض الدولة الأيوبية:

ثم اشتغل حسن الطويل بتسخير قلاع الأكراد المخالفين له، و في أثناء ذلك بلغه أن الملك زين العابدين، و الملك أيوب الأيوبيين قد خرجا علي الملك خلف الأيوبي صاحب حصن كيفا و قتلاه، فأرسل

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 231

جمعا فظفروا بهما، و فتحوا الحصن مع أعماله، فقتلهما الطويل قصاصا للملك خلف، فانقرضت الدولة الأيوبية من حصن كيفا في حدود سنة 864 ه و أقطع البلد لولده السلطان خليل.

و هذه الدولة فرع من الدولة الأيوبية و حكومتها في حصن كيفا.

عاشت من سنة 582 ه إلي هذه الأيام فانقرضت.

303 4- حسن علي بن جهان شاه و القرمانية:

في هذه السنة التجأ حسن علي بن جهان شاه إلي حسن الطويل فأكرمه و أنزله منزلة أبنائه و إخوته، و كان قد عصي ولده جهان شاه، فظفر به، و أخرجه من حدود ملكه، فبقي عند الطويل، ثم توجه إلي ولده، فرجع من طريقه ثانيا، فأكرمه كالأول، ثم ظهر لدي حسن بيك إلحاد حسن علي، و ضعف دينه، فطرده من عنده لئلا يفسد أولاده أيضا فسار إلي أخيه پير بوداق في العراق. و وصل الخبر إلي الطويل بأن صاحب البلاد القرمانية إبراهيم بيك ابن قرمان قد توفي، فطمع الملك ارسلان من ذي القدرية (دلغادر) في بلاده قرمان و أغار عليها، و نهبها و خربها.

و كان بين إبراهيم المتوفي، و بين الطويل مصادقة، فاستغاث أهله و أولاده بحسن الطويل علي الملك أرسلان فتوجه حسن إلي صوب قرمان لدفع غائلة أرسلان فتنحي هذا من بين يديه، و نهب الطويل بعض أثقاله، فأقام حسن إسحاق بيك القرماني واليا علي تلك الولاية فعاد منها.

304 5- پير بوداق- حسن الطويل:

و في سنة 869 ه أرسل جهان شاه إلي حسن الطويل يعطيه الموصل و إربل و سنجار علي شرط أن يسد الطرق علي ولده پير بوداق بن جهان شاه، و يمنع وصول الميرة و الذخيرة إلي بغداد و كان پير بوداق قد أعلن العصيان علي والده، فحاصره والده ببغداد نحو سنتين،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 232

ثم خدعه بالعهد و الأمان فقتله، و في هذه الواقعة فرح حسن بيك و قال كلمته.

305 6- الكرج- الأسري:

و في سنة 871 ه سار الطويل في جمع عظيم إلي غزو الكرج، و قبل مسيره أطلق كل من كان في حبسه من قرا قوينلو، و الأكراد، و الأعراب و غيرهم و من جملتهم پير علي بن علي شكر، و سولان بيك من قرا قوينلو … و كانت مدة حبسهما نحو عشر سنوات، و أما إطلاق علي شكر بيك فقد كان قبل ذلك … و قد فصل في جامع الدول و في ديار بكرية واقعة الكرج …

306 7- حوادث أخري:
اشارة

ثم أرسل حسن الطويل أخاه جهان شاه إلي حصون الأكراد، فسار إليها و سخرها و أعظمها قلعة (پالو).

ثم سار حسن إلي أرزنجان، و أرسل ابن أخيه مراد بيك إلي سلطان الروم أبي الفتح السلطان محمد بن مراد يلتمس منه أن لا يقصد طرابزون، و يتركها له لأن صاحبها كان يؤدي الجزية إليه، فلم يجبه إلي ما أراد … ذلك ما دعا إلي الحروب بينهما … و سار إلي الكرج و فتح فيها بعض الفتوح …

و في تاريخ إيران أن السلطان حسن الطويل كان في أيام شبابه قد أسر بنت ملك طرابزون من أواخر الملوك هناك، هي المسماة (دسپينا) خاتون. و الظاهر أن هذا غير صحيح كما يأتي و إنما الواقعة جرت

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 233

أيام قطلوبيك، و تسمي (تشبيه) كما جاء في ديار بكرية و أن الملك كان يدعي (يوسف دوخاري)، و قد مر ذلك.

307 بين جهان شاه و حسن الطويل
308 1- العلاقات الحربية- قتلة جهان شاه:

في سنة 871 ه جمع جهان شاه جمعا عظيما، فتوجه إلي أنحاء ديار بكر و نزل مصيف خوي، أقام فيها أياما … و أرسل إلي حسن يدعوه إلي الحضور و طي ء البساط إما بنفسه، أو بإرسال أحد أولاده إليه، فلم يجبه، و جمع جيشه، و تجهز للقتال … و أرسل إلي أخيه جهانكير صاحب ماردين يستنجده، فأرسل عسكره مع ولديه مراد و إبراهيم للإنجاد و الإمداد، فسار حسن من دار ملكه آمد إلي جانب جهان شاه، و نزل صحراء موش بجماعة عظيمة و أهبة كاملة و أرسل ابنه السلطان خليل في ألفي فارس ليتجسسوا أحوال المخالفين، و أمره بأن لا يقدم علي القتال ما لم يقاتل الخصم رعاية للعهد و اليمين التي جرت بينه و بين جهان

شاه. فبدأ الخصم بالقتال، فقاتله السلطان خليل، و ظفر بمقدمة جهان شاه، و قتل كثيرا، و أسر مثلهم، فعاد منصورا، فغلب الخوف علي جهان شاه و عسكره مع كثرتهم و قوتهم، فعاد من موضعه، فتبعه حسن بيك في ستة آلاف فارس، و ترقب الفرصة حتي أخبره عيونه بأن جهان شاه قتل علي يد شخص مجهول، و ذلك أنه لما أن ضربه الشخص المذكور و جرحه التمس منه جهان شاه أن يحمله حيا إلي الطويل، فلم يلتفت الشخص إلي كلامه، و أتم أمره، ثم عرفه و حمل رأسه إلي حسن بيك ثم طلب جسده أيضا فسير حسن بيك الرأس إلي السلطان أبي سعيد بخراسان و الجسد إلي موضع كان أبوه قرا يوسف مدفونا فيه فدفن بجنبه، و أسر ولديه محمدي، و أبا يوسف مع جماعة من خواصه، و قتل خلق كثير من أعاظم أمراء قراقوينلو … ثم أمر حسن

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 234

بقتل محمدي ميرزا و سائر الأسري سوي أبي يوسف فإنه حبس في قلعته، و كان يادكار محمد ابن السلطان محمد بن بايسنقر بن شاه رخ قد أسر في المعركة. و لما عرفه الطويل أطلقه و أكرمه، و أطلق أيضا كل من أسر من أمراء الجغتائية، و عينهم لخدمة يادكار، فبقي هذا عنده مكرما إلي أن جعله واليا علي خراسان بعد قتل أبي سعيد …

و أما عسكر جهان شاه فقد بلغهم خبر الوقعة فتفرقوا أيدي سبا، و كان ذلك في سنة 872 ه. و أطلق الطويل پير علي بيك بن علي شكر، و علي بيك جاكيري و سهراب بيك، و رستم الپاوت من قرا قوينلو، و لم يأذن لعسكره في تعقب المنهزمين

و أطلق كل من أسر من ضعفاء العسكر و أحسن إليهم …

ثم عاد منصورا، مظفرا، غانما، سالما إلي دار ملكه آمد.

309 وقائع حسن بيك بعد قتلة جهان شاه
310 1- حصار بغداد:

ثم إن حسن الطويل عاد إلي دار ملكه ليتجهز للمسير إلي العراق و أذربيجان فسار من طريق الموصل إلي بغداد، و سخر جميع البلاد التي علي ممرّه، و أطاعه نواب جهان شاه و استقبله رسول نائب بغداد پير محمد الپاوت بالطاعة و الانقياد، فأراد أن يتوجه. إلي أذربيجان، و أرسل ولده أوغرلو محمد بيك في ألفي فارس إلي بغداد ليتسلمها من پير محمد المذكور. و لما وصل محمد بيك إلي بغداد أبدي پير محمد العصيان، فعرّف أوغرلو محمد والده بالأمر، فتوجه إلي بغداد، و حاصرها، فلم يتمكن من الاستيلاء عليها، و كان حصاره لها في 20 رجب سنة 872 ه. و كان والي بغداد پير محمد الطواشي (التواجي) و ليها من قبل جهان

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 235

شاه، فلم يذعن لحسن بيك، و رأي هذا أن الضرورة تدعوه أن يترك بغداد و يرحل عنها إلي تبريز فكان ذلك يوم الجمعة 15 رمضان سنة 872 ه.

311 2- حسن علي- السلطان أبو سعيد:

و في هذه الأثناء بلغه ظهور حسن علي بن جهان شاه بأذربيجان، و كثرة تعديه علي الأهلين هناك، و أنهم استغاثوا به، فسار لدفع غائلته … فأرسل رسولا من أكابر أمرائه إليه، و ذكر ما له عليه من الحقوق السابقة … فلما وصل قتله مع ثلاثين من أصحابه، فعلم حسن بيك بالخبر، فغضب غضبا شديدا، فلقي عسكر حسن علي في (مرند) و كان أكثر من جيش حسن بك بأضعاف، لكنهم كانوا أخلاطا لا يحسن أكثرهم الحرب، فأمر حسن علي بحفر خندق حول عسكره لخوفه. و دام القتال أياما، و هرب جماعة من أمراء حسن علي عند انتهاز الفرصة فمالوا إلي حسن بيك و منهم أمير شاه علي، و

أمير شاه إبراهيم …

و ذلك في 4 صفر سنة 873 ه و تابعهم غيرهم. ثم أمر حسن بيك أن تجمع أحجار ترمي بالفلاخن، و صاروا يرمونهم، فلم يروا بدا من الفرار، فتفرق جمعه، و هرب هو بشق النفس إلي باكو، و نهب ما كان معه من الأموال و الأثقال …

و في أثناء ذلك كان حسن بيك يرسل الرسل مرة بعد أخري إلي جانب السلطان أبي سعيد و إلي أمراء الجغتائية يظهر لهم الطاعة و الصداقة، و يذكر لهم حسن انقياد آبائه لهم من أيام تيمور، و عدم ظهور العصيان و الخلاف منهم قطعا كما كانت طائفة قرا قوينلو. و لكن بلغه أن السلطان أبا سعيد قد تجهز للمسير إلي العراق و أذربيجان طالبا الثأر لجهان شاه منه، و كان قد سير أميرا من أعاظم أمرائه الأمير مزيد أرغون في مقدمته مع جيش عظيم. هذا و بعد فرار حسن علي و تفرق جموعه في

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 236

مرند سار حسن بيك إلي تبريز و كان ذلك في 6 رجب سنة 873 ه و بث أمراءه مع جموعهم ليفتح القلاع و الحصون ففتحوها بأيسر الوجوه، و ذلك لاشتهار حسن بيك بالعدل و حسن السيرة، و كان أكثر أهل القلاع يسلمونها إلي نوابه باختيارهم قبل الحرب.

و لما وصل ظاهر تبريز، في التاريخ المذكور، بلغه خبر وصول أبي سعيد إلي السلطانية، ثم إلي موضع ميانه، فجمع حسن بيك سراياه و بعوثه و سلم تبريز إلي الأمراء الجغتائية، و أرسل رسولا إلي السلطان يسعطفه، و يستأمن إليه، فلم يجبه السلطان و كان قد اجتمع إلي السلطان جمع عظيم زهاء ثلثمائة ألف فارس … و كان معه عساكر

الولايات التي مر بها من أقصي بلاد ما وراء النهر إلي حدود ديار بكر و كان قد انضم إليه عسكر جهان شاه، و بعض من كان مع حسن بيك مثل عمه محمود بيك بن عثمان بيك، و علي بك قاجري، و شاه علي حاجيلو، و أويس إينال و غيرهم من طائفة آق قوينلو، فبقي حسن بيك في قلة، و كان قد كحل أبا يوسف ميرزا بن جهان شاه لما علم أنه كان قد أرسل إلي الطواشي يقول له لا تسلم بغداد، و إني صائر إليك، ثم أطلقه فقدم إلي السلطان و استغاث به علي حسن بيك، و كذا التجأ إليه حسن علي، فسيره السلطان في جمع من الجيش إلي حكومة تبريز و ولاه أذربيجان كلها. و ترددت الرسل بين حسن بيك، و بين السلطان، و التمس حسن بيك أن يترك السلطان أذربيجان له، و أن يكون العراق للسلطان، فلم يجبه إلي ذلك، فآل الأمر إلي القتال، فانتصر حسن بيك في نتيجة هذا القتال بالرغم من القلة، فهرب السلطان إلي (قزل أغاج) في جمع من أصحابه، ثم سار إلي (محمود آباد) من حدود شيروان بعد تعب شديد من جراء كثرة المياه و الوحول، فخندقوا علي الطرف الذي كان إلي البر، بيتهم عسكر حسن بيك و قتلوا فيهم قتلا ذريعا، و ضيق حسن بيك علي معسكر السلطان، و منع منهم الميرة من كل جهة، فاضطر السلطان

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 237

إلي الخروج من ذلك الموضوع، فقاتله عسكر حسن بيك، فانكسر منهم و عاد إلي موضعه، و أرسل رسولا و معه والدته يطلب الصلح، فلم يجبه، و يئس السلطان، و خرج من المعسكر للهرب، فتبعه السلطان

خليل و أخوه زينل و الأمير شاه علي البيرامي … فأدركوه، و حملوه مع ولديه السلطان محمد، و شاه رخ إلي حسن بيك، فأكرمه و عاتبه علي ما صدر منه من الطمع و السفه، فحبسه ثم سلمه إلي يادكار ميرزا فقتله قصاصا عن جدته گوهر شاه و ذلك في شهر رجب سنة 873 ه. و هذا هو ابن ميرزا محمد بن ميران شاه و كان من أجل ملوك الشرق … فخلفه ولده السلطان أحمد و دامت حكومته إلي سنة 899 ه.

و في هذه المعركة غنم حسن بيك أموالا لا تعد و لا تحصي، و حوائج ملوكية و أثقالا سلطانية، و أمر بحفظ الحريم، و حبس ولدي السلطان، و أطلق سائر الأسري الجغتائية و خيرهم بين المكث في خدمته و المسير إلي أوطانهم، و أحسن إلي والدة السلطان و جهزها إلي خراسان مع نعش ولدها.

و من ثم بث حسن بيك نوابه في البلاد و النواحي من أذربيجان و العراقين و جهز لكل واحد جمعا من الجيش … و في القرماني أن أبا سعيد قصد أن يسترد ما كان لجهان شاه من البلاد من حسن الطويل فقابله بحدود أذربيجان، فالتحم الحرب بينهما و قتل خلق كثير، و أسر الملك في يد زينل بن حسن الطويل، ثم قتله و أرسل برأسه إلي صاحب مصر فأمر به صاحب مصر فدفن إجلالا له … و أرسل مع الرسول كتابا سلك فيه طريق الملوك و أبرق فيه و أرعد و كان قبله يتلطف …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 238

312 3- وقائع أخري:

ثم إن الأمير حسن بيك بلغه أن حسن علي قد اجتمع إليه جمع، فسار من كردستان إلي همذان و حاصرها،

فأرسل ابنه أغرلو محمد في جيش ليدفع غائلته، فظفر به و قتله، و سار إلي أصفهان و تسلمها من أهلها بالأمان ثم اتصل الخبر بأن پير علي بن علي شكر بهارلو قد أقام أبا يوسف المكحول ملكا في بعض بلاد عراق العجم، فاجتمع إليه جمع من بقايا قرا قوينلو، فأرسل حسن بيك إلي ابنه أوغرلو محمد يأمره بالمسير لدفع غائلة أبي يوسف أيضا. و كان پير علي هذا مع السلطان أبي سعيد بعد وقعة جهان شاه، و لما تفرق جمع السلطان حمل پير علي هذا ميرزا أبا يوسف إلي أنحاء همذان، و التجأ إليه يار علي بن حسن علي، فغدر به پير علي و قتله، ثم بلغه أن شاه حسين صاحب لرستان قد استولي علي درگزين بعد وقعة السلطان و أغار علي ألوس بهارلو في مشتي سهرورد، و كان ألوس بهارلو هي ألوس پير علي هذا فسار مجدا مع من كان معه و أخذ الطريق علي شاه حسين المذكور حين قفل من غارة الألوس و أيدي أصحابه ممتلئة من الغنائم و السبايا، فحكم پير علي فيهم السيف، و قتل منهم مقتلة عظيمة، و لم يفلت منهم أحد، و قتل الشاه حسين في المعركة، ورد پير علي جميع المنهوبات إلي أصحابها.

و قال و كان الشاه حسين ملحدا، زنديقا، مشعشعي المذهب (كذا). و لما قتله پير علي عاد إلي همذان و لكنه تركها من خوفه و سار إلي صوب قم و جربادقان، و معه أبو يوسف المكحول فبقي يتردد في البلاد، و يتحصن بالجبال عندما يري هجوم المخالف، و يجمع الأموال و يظلم الناس عند انتهاز الفرصة.

ثم استولي علي فارس أياما، و أخذها من يد الأمير سيدي

علي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 239

البغدادي و كان سيدي علي هذا مدبرا أمور پير بوداق ببغداد، و لما قتله والده جهان شاه عفا عن سيدي علي هذا فحظي عنده فولاه فارس، فبقي فيها سنتين و حدثته نفسه بالاستبداد بعد وقعة جهان شاه، ثم أظهر الانقياد للسلطان أبي سعيد بواسطة صاحب الكشف المولي شمس الدين محمد البهبهاني و لما وقعت وقعة السلطان أظهر سيدي علي دعوي الاستبداد و الاستقلال، و جمع جيشا، فقصده أبو يوسف.

و لما خرج إلي قتاله انحرف منه من كان معه من أمراء قرا قوينلو إلي جانب أبي يوسف فهرب سيدي علي، و التجأ بعد مدة إلي حسن بيك، فقتل بكثرة الشكاوي و بعد فرار سيدي علي استولي أبو يوسف علي فارس أياما، ثم أرسل حسن بيك ولده اغرلو محمد لدفع غائلته، فسار إلي فارس فهرب أبو يوسف منه إلي بلاد شبانكارة فتبعه أوغرلو محمد حتي ظفر به و قتله في منتصف ربيع الآخر من سنة 874 ه، و هرب مدبر أمره و أتابكه الأمير پير علي بن علي شكر مع إخوته و أولاده إلي أنحاء خراسان و التجأ إلي السلطان حسين ميرزا، فسار حسن بيك عقيب ولده أوغرلو إلي فارس فأقام في شيراز أياما حتي أتم أمرها، ثم سار إلي قم و شتي فيها، و استناب بفارس عمر بيك موصلو أياما ثم أقطعها لأكبر أولاده السلطان خليل اللّه، و أقطع أصفهان لولده الآخر أوغرلو محمد.

و كان حسن بيك لما أن توجه إلي جانب فارس لدفع غائلة أبي يوسف أرسل ولده زينل في جمع من الأمراء و الجيش إلي أنحاء كرمان لتسخيرها و أخذها من يد الأمير يار علي بن علي

شكر. لأن پير علي بن شكر حينما استولي علي فارس مع أبي يوسف و أخذها من يد الأمير سيدي علي البغدادي هرب سيدي علي المذكور إلي كرمان ملتجئا إلي ولده أخي فرج، فأرسل پير علي أخاه يار علي في جماعة من العسكر لتسخير كرمان، فسار يار علي و استولي عليها، و أخرج سيدي علي مع

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 240

ولده منها، فالتجأ بواسطته إلي خدمة حسن بيك، فأكرمه أولا، ثم قتله بشكاية أهل أبرقوه منه، فبقي يار علي ولاية كرمان عدة أشهر، و لما وصل زينل إلي كرمان هرب يار علي إلي أنحاء خراسان، و استولي زينل علي كرمان بلا نزاع، فولاه والده الطويل عليها و كان والي كرمان في زمن جهان شاه ولده أبا القاسم، و كان سفيها ظالما سفاكا، فاسقا، ملحدا، قتله أخوه حسن علي بعد وقعة والدهما، ثم أرسل السلطان أبو سعيد إليها نائبا، و لما وقعت وقعته أرسل الأمير سيدي علي إليها ولده أخي فرج واليا عليها من قبله، فأخذها منه يار علي، ثم اكتسحها منه زينل.

313 4- بغداد- الاستيلاء عليها:

و لما أن وزع حسن بيك المملكة الإيرانية إلي أولاده، و سائر أمرائه عاد إلي أمر بغداد و كان قد ترك حصارها بالوجه المار، و حينئذ أقطعها مع لواحقها لولده ميرزا مقصود. و كان فيها من جانب جهان شاه پير محمد الپاوت واليا، فحاصره بها حسن بيك بعد واقعة جهان شاه نحو أربعين يوما كما سبق، ثم تركه علي حاله و سار إلي دفع حسن علي، فكان ما كان … و حينئذ أرسل ولده ميرزا مقصود في جماعة من الأمراء و الجيش إلي أنحاء بغداد و العراق. فبينما هو مشتغل بالغارة علي

أطراف بغداد و بلاد العراق إذ توفي پير محمد الپاوت والي بغداد، فأقام أهل بغداد الأمير حسين علي بن زينل البراني صهر پير محمد المذكور و كان قد تزوج بنت پير محمد، فمات هو أيضا بعد قليل. و كل هذه كانت من مسهلات الفتح. فأقام أهل بغداد مكانه أخاه شاه منصور فأساء السيرة، فأرسل أهل بغداد إلي الأمير مقصود يدعونه أن يتسلم البلد،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 241

فسار و تسلمها بلا نزاع، و قتل شاه منصور مع أتباعه و أرسل بشارة الفتح إلي والده حسن بيك و هو بمشتي قم، فأقطعها له.

و تفصيل الخبر كما جاء في ديار بكرية:

«كان حسن بيك قد حاصر بغداد- كما تقدم- و حاكمها پير محمد الپاوت فأوصل البغداديون الخبر إلي حسن بيك بأن حسن علي قد خلف والده في السلطنة بتبريز، و دخلت الممالك في حوزته، و الخزائن في تصرفه، فإذا ظهرتم عليه و ظفرتم به، فنحن لا نتخلف عن الطاعة، و لا ننحرف عن الإذعان …

و من ثم توجه السلطان إلي أنحاء أذربيجان … و أودع الموصل إلي خليل آغا التواجي، و عهد إلي شاه علي حاجي لو بإربل و هما من قرا قوينلو، ليكونوا ولاة هناك و يستولوا علي تلك الأنحاء، و من هؤلاء خليل آغا بالرغم من وجود پير محمد التواجي ببغداد قد تصرف بإربل، و بسط نفوذه إلي نواحي أخري منها قلعة فرعون، و كركوش و تون …

و تمكن من التسلط علي من ناوأه مثل أمير ذي النون و محمد سارلو في قلعة خفتان …

و في هذه الأثناء سار السلطان مقصود ميرزا إلي خليل آغا و اتصل به من أنحاء سهل علي الذي هو

مصيف، و باتفاق سائر الأعوان ضرب ولاية خفتان، و غنم أموالا كثيرة …

أما بغداد فإن واليها پير محمد قد توفي في هذه الأيام، و اختار الأهلون خلفا له و هو حسين علي بن زينل البراني، و نصبوه حاكما، و هذا صهر پير محمد، تزوج حسين علي بنته و كان في خلال حكمه قد أساء المعاملة مع الناس، جمع أقوات البلدة إلا أنه لم يطل أمد بقائه،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 242

فمات بعد قليل، فقام أخوه شاه منصور مقامه. و في مدة نحو ستة أشهر مات عدة من الحكام مما أدي إلي تيسير مهمة حسن بيك و نجاحه في الاستيلاء فسلم الأهلون للقضاء، و راعوا سبيل الطاعة لما رأوا من استبداد حاكمهم هذا، و تسلطه … و تولي بغداد الأمير مقصود و كان شابا.

و علي هذا وصلت البشائر إلي حسن بيك، و كان بعد أن فتح شيراز قد أقام في أنحاء قم و لا يزال بها حيث بلغه الخبر … ا ه.

و هذا جاء مكملا لما في الغياثي الذي هو من الوثائق المعاصرة.

و الملحوظ أن الديار بكرية أوسع من الغياثي في بسط وقائع الحكومة بصورة عامة، و الغياثي أوسع في تفصيل حوادث بغداد، و من المؤسف أن نري ديار بكرية تقف عند حوادث بغداد هذه، و تمضي إلي ما يتعلق بإيران مما لا نري ضرورة لنقله أو التعرض له … و النسخة فيها نقص، فلم ينته الكتاب إلي آخره، و إنما يحتوي علي 421 صفحة و كل صفحة 19 سطرا، و الظاهر أن النقص قليل، و لا يتجاوز بضع صحائف و من مقابلة الحوادث و مراجعتها، و مشاهدة اطراد مباحثها نقطع في أن (جامع

الدول) يعتمد (ديار بكرية) رأسا أو بالواسطة …

و من هذا الأثر نعلم درجة عناية حسن بيك بالعلماء، و بالمطالب الدينية و بالثقافة، فقد مالت إليه قلوب العلماء، و قصدوه من كل صوب، فاجتمعوا عنده، و عقد لهم مجالس كما أنه جاءته الوفود من كل مكان.

و أبدي له المجاورون الإخلاص و الطاعة … فكان لفتوحه هذه دوي، و ولدت رعبا و رغبة في الراحة …

و لنعد إلي وقائع بغداد، و توالي أزمنتها أيام هذه الحكومة …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 243

314 بقية حوادث سنة 874 ه- 1447 م

315 والي بغداد الأمير مقصود:

في يوم الاثنين 14 جمادي الآخرة سنة 874 ه كان قد دخل بغداد مقصود بيك ابن الأمير حسن الطويل. و كان قد أخبر والده بما جري من فتح، فولاه منصب بغداد و جعل معه من الأمراء خليل آغا الملقب ب (كور خليل) و قور خمس بيك (قورقماز و معناه الجري ء).

هذا. و قد انقضت أخبار الحروب في بغداد، و ذهب البؤس بأمه.

316 طاعون عظيم:

أرادت هذه السنة أن لا تتم براحة، و إنما أصاب الأهلين في بغداد طاعون عظيم مات فيه خلق كثير حتي أنه مات في يوم واحد ألف و خمسمائة، ثم وصل الطاعون إلي تكريت و شهرزور و إربل و الموصل، و مات فيه عالم عظيم.

317 ابن تغري بردي: (المؤرخ)

«و في 5 ذي الحجة سنة 874 ه كانت وفاة الجمالي يوسف بن الأتابكي تغري بردي اليشبغاوي الرومي نائب الشام، و كان الجمالي يوسف … فاضلا، حنفي المذهب، و له اشتغال بالعلم، و كان مشغوفا بكتابة التاريخ، و ألف في ذلك عدة تواريخ منها تاريخه الكبير الموسوم بالنجوم الزاهرة، و المنهل الصافي، و مورد اللطافة فيمن ولي السلطنة و الخلافة. و له تاريخ آخر في وقائع أحوال علي حروف الهجاء في التوفيات، و له غير ذلك عدة مصنفات، و كان نادرة في

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 244

أبناء جنسه. و مولده في سنة 813 ه» ا ه.

و في السخاوي ترجمة مفصلة له، و كان يسلم له بالبراعة في أحوال الترك، و مناصبهم و غالب شؤونهم منفردا بذلك، لا عهد له بمن عداهم … و ينقده نقدا مرا، و لكنه لا يقر علي أكثر ما قاله …

و قد رأيت من مؤلفاته الجلد الثالث من المخطوط المسمي ب (البحر الزاخر)، و هو كتاب جليل، و مجلد ضخم … و يعد من نفائس الكتب … و اعتمدت علي كتابه المنهل الصافي في التعريف بأمراء البارانية و البايندرية و هو من أجل الآثار المعاصرة و أوسعها في التعريف بالأشخاص، و قد مر وصفه … و لا يضره النقد الموجه إليه من صاحب الضوء، فهو متحامل فيما كتب، و لعله يري أنه كان دونه و

إننا لا نستطيع أن نستغني بواحد منهما. و التاريخ في هذه الأيام سلسلة مرتبطة لا يكتفي ببعض حلقاتها … و متصلة بالماضي اتصالا وثيقا، و لكل واحد فضل كبير علي تاريخ العراق، و لا يخلو امرؤ من نقد … و علي البعد كانت خدماتهم لتاريخه جليلة، و لها خير الأثر …

318 حوادث سنة 875 ه- 1470 م

319 تبدل في أمراء بغداد:

مكث الأمير مقصود بيك و أمراؤه المذكورون مدة سنة كاملة. ثم

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 245

توفي خليل آغا الملقب ب (كور خليل) في ليلة الجمعة 6 جمادي الآخرة من هذه السنة فأرسل السلطان حسن الطويل مكانه خليل بيك (و كان أخا قور خمس) و هما أولاد محمد بيك ابن قرا عثمان و جعل خليل بيك هذا أتابكا للأمير مقصود بيك و يقال له (دانا خليل) فكان مدبرا لأموره …

إدارة بغداد أيام هؤلاء الأمراء غامضة لقلة التدوينات عن الحوادث المتعلقة بالعراق و تحول الاهتمام الكبير إلي مراكز الوقائع الجسام و ما خلفته من أثر و كل ما علمناه أن السلطان حسن بيك كان قد رأي أن أوغرلي محمد ابنه قد هرب من بغداد و مضي إلي الروم فغضب علي ولده مقصود بيك و علي أتابكه دانا خليل فهرب هذا و التجأ إلي المشعشع و جعل حسن بيك ولده مقصود بيك لدي ولده الآخر السلطان خليل صاحب فارس فبقي عنده … و لكن السلطان حسن كان قد استمال دانا

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 246

خليل و في الغياثي أنه رضي عنه بشفاعة والدته فإنها خالته … و أقطعه بغداد و العراق قبل وفاته علي ما سيأتي.

320 حوادث سنة 876 ه- 1471 م

321 حروب و فتن:

قال ابن إياس كانت الفتن المهولات في هذه السنة ببلاد فارس و الشرق بين حسن الطويل و بين ملوك هراة و سمرقند و لكن لا نري في هذا ما يدعو إلي التهويل، و إنما القوم أصابتهم بهتة فتركوا السلاح و ذلوا شأن كل من يترك عزّه و يلجأ إلي حب الحياة المهانة …

و الأمر الأعظم ما كان بين العثمانيين و بين البايندرية و كانت هذه الحكومة مشغولة في

تدبير الممالك المفتوحة و تقرير أوضاعها و تعيين ولاتها … و بينا هي في هذه الحالة إذ استنجد پير أحمد القرماني بملكها حسن الطويل لما أصابه من العثمانيين من اكتساح مملكتهم … و كان السلطان العثماني آنئذ محمد الفاتح ابن السلطان مراد فالتجأ پير أحمد مستفزعا و وصل بنفسه إلي حدود أذربيجان فأرسل إليه الطويل بالعساكر نجدة له في أواخر شهور سنة 876 ه و كان مقدمهم أمير بيك فأخذوا توقات و سيواس و عدة مدن. و كان قد اجتمع عسكر السلطان محمد في أنقرة فأراد أمير بيك أن يرجع فلم يدعه ابن قرمان فتوجه أمير بيك بالعساكر نحو أنقرة و تواقعوا مع جيش السلطان فانكسر عسكر أمير بيك و هربوا.

فلما وصلوا إلي البيرة و طلبوا العبور من الفرات و رموا بأنفسهم إلي بلاد الشام حسب وصية حسن بيك من أن القوم أصحابهم قالوا لهم

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 247

نعبركم جميعا و لكنهم ابطأوا فلما طالبوهم احتجوا بقلة السفن فتعهدوا بتأدية مائة تنكجه عن كل واحد ليعبر. و بعد ذلك جاؤوا بسفينة واحدة و أدخلوا عشرة عشرة و عشرين عشرين … فحين كانوا يخرجون من السفينة يسلبونهم و يشدون وثاقهم حتي أتوا علي آخرهم ثم أرسلوهم إلي حلب و أعلموا بصورة الحال …

و حينئذ أرسل نائب حلب و اسمه قانصوه اليحياوي فأخذوهم إلي حلب و جاؤوا بهم إلي المغارات و ذبحوهم بها كالأغنام و لما سمع حسن بيك بهذا الخبر توجه إليهم و عبر الفرات يريد حلب فانكسرت بلاد الشام جميعها و توجهوا إلي مصر. و من لم يتوجه أرسل ماله و أهليه فوصل حسن بيك إلي قرب موضع يقال له (الباب) ثم

رجع. و لو سار لأخذ حلب فرجع إلي البيرة فنزل عليها و حاصرها من الجانبين فاستولي عليها و أخربها و صعد بعض أهلها القلعة و بعضهم مضوا إلي حلب.

ثم إنه مل المقام هناك و ترك خليل بيك عليها و رحل عنها و بعد مدة رحل خليل بيك أيضا.

و في بدائع الزهور أنه في سنة 877 ه تحارب الجيش المصري مع حسن الطويل، فانتصر عليه و أن حسنا أرسل يكاتب الافرنج ليعينوه علي قتال عسكر مصر. و هذا أول ابتداء عكسه لكونه أرسل يستعين بالافرنج علي قتال المسلمين …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 248

و عن هذه الوقعة قال القرماني:

«في سنة 876 ه وصل يوسفجه بيك بعسكر حسن الطويل إلي مدينة توقات فنهبها و خرب أسوارها ثم أتم مسيره إلي بلاد قرمان و كان بها السلطان مصطفي ابن السلطان محمد خان فاتح استانبول فكبسه و ظفر به فأسره و قتل غالب عسكره ثم بعث به إلي أبيه السلطان محمد خان» ا ه.

و من هذا نعلم أن أمير بيك هو (يوسفجة). و التفصيل في وقائع العثمانيين. و قد أفرد صاحب مشاهير إسلام ترجمة خاصة لحسن الطويل. و كل ما نقوله في حسن الطويل إنه لم تكن له رغبة في التوسع و لكنه رأي أن العثمانيين قد اعتدوا عليه و أراد أن لا يدعهم يتسلطون علي كافة أنحاء الأناضول. و هؤلاء كان همهم و مهمتهم مصروفين إلي أن يقضوا علي القرمانيين و غيرهم مما يشوش أمرهم و يمنع تقدمهم …

و لكل وجهة.

و هذه الحروب دامت إلي السنة التالية و جري ما جري …

322 حوادث سنة 877 ه- 1472 م

323 الحج- المحمل العراقي:

في ذي الحجة من هذه السنة وصل المحمل العراقي، و دخل المدينة الشريفة و

كان أمير الركب يدعي رستم و صحبته قاض يقال له أحمد بن دحية، فضيقوا علي قضاة المدينة و أمروهم أن يخطبوا في المدينة باسم الملك العادل حسن الطويل، خادم الحرمين الشريفين. فلما خرجوا من المدينة و قصدوا التوجه إلي مكة كاتب أهل المدينة أمير مكة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 249

بما وقع فخرج إليهم الشريف محمد بن بركات و لاقاهم. من بطن مرو قبل أن يدخلوا مكة، و قبض علي رستم أمير ركب المحمل العراقي، و قبض علي القاضي، و جماعة من أعيانهم، و أودعهم في الحديد ليبعث بهم إلي السلطان و اطلق بقية من كان في ركبهم من الحجاج.

و لما وصل الحجاج إلي مصر و صحبتهم ابن أمير مكة، و أحضروا رستم أمير الحاج العراقي و القاضي الذي بعث به حسن الطويل، و صحبتهما كسوة للكعبة … رسم السلطان بسجن رستم و القاضي في البرج الذي بالقلعة فسجنا. إلا أنه في ربيع الآخر أمر بإطلاقهما و خلع عليهما، و بعث بهما إلي بلاد حسن الطويل …

و هذه الأوضاع يوضحها ما سبق من الوقائع … و حسن بيك كان مسالما للمصريين.

324 الحروب مع الكرج:

سار السلطان حسن الطويل إلي الكرج عدة مرات فلم يتمكن من اكتساحها و القضاء عليها جميعها ذلك ما دعاه أن يهتم لأمرها و العزم علي ضبطها … و في هذه السنة (877 ه) سار بنفسه إلي تفليس فافتتحها … و من هناك توغل في المملكة فحاصر ملكها (بكزات) …

و هذا حاول إرضاء حسن بيك بتقديمه هدايا فلم ينجح و لم يقدر أن يصد حركة السلطان الأكيدة و قضائه المبرم … فحدثت معركة طاحنة لم يدخر فيها أمير الكرج ما في وسعه إلا أنه

خذل و فر هاربا و ترك ما في يده من بلاد إلي السلطان فكان لهذه المعركة وقع كبير في النفوس فقد بلغ الأسري ثلاثين ألفا كما أن خزائن بكزات، و أمواله صارت غنائم، استولي عليها حسن بيك …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 250

كسوة الصدر الأعظم عند العثمانيين

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 251

كاد يكون الوحيد في حروبه و انتصاراته، لو لا أن نالته الضربة من السلطان محمد الفاتح … فلم تمض أيامه علي حالها حليفة النصر و الظفر …

325 حوادث سنة 878 ه- 1473 م

326 حروبه مع العثمانيين أيضا:

في منتخب التواريخ لم يفصل بين الواقعة السابقة و هذه فقال: «في أواخر سنة 876 ه قصد الروم و في حدود آذربيجان تحارب جيشه هناك مع مقدم جيوش الروم (العثمانيين) فانتصروا علي العثمانيين و قتلوا خاص مراد الرومي. و بعد ذلك يوم السبت 9 ربيع الآخر سنة 877 ه تقارع مع السلطان محمد ملك الروم فانكسر و قتل ابنه زينل بيك و كان والي قزوين فعاد هو إلي تبريز فلم يعقب عسكر الروم أثره و عاد السلطان محمد إلي بلاد الروم. و بعد قتل زينل بيك فوضت قزوين إلي أخيه يعقوب بيك … » ا ه. و مثله في لب التواريخ.

و أما القرماني فإنه عدها في السنة التالية قال:

«في سنة 878 ه نهض كل من الملكين السلطان محمد خان و حسن الطويل إلي قتال الآخر فالتقي العسكران بقرب مدينة بايبورد فوقع بينهما قتال شديد فكان النصر للسلطان محمد خان فانهزم حسن الطويل و قتل ولده زينل علي يد السلطان مصطفي … » ا ه.

و مهما يكن من تساهل المؤرخين في ضبط التاريخ فقد كان الباعث الوحيد لهذه و سابقتها أن القرمانيين لما رأوا

من العثمانيين تضييقا مرّا

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 252

مالوا إلي حسن بيك و استمدوا به لدفع هذا الصائل الذي لم يطيقوا كفاحه … و طلبوا من السلطان حسن الحماية … و هذا اهتم للأمر و جهز فيلقا ساقه إلي الممالك العثمانية فتقدم إلي طوقات فأبادها و سار إلي قيصرية و كان ما مر. ثم إن السلطان حسن سار بنفسه و أقام عساكره في نقاط مهمة و تأهب للحرب …

أما السلطان محمد الفاتح فإنه حينما سمع بهذا الخبر جمع جيشا تبلغ عدته مائة و ثمانين ألفا و نهض لمقارعته … و كان في مقدمة جيشه (خاص مراد) و هذا قد قرب من عدوه فتأهب لمحاربته و لما نالته الصدمة الأولي من جيش حسن بيك وافي الفاتح بسرعة لقراع عدوه في صحراء (ترجان).

إن حسن بيك عهد لنفسه قيادة القلب و جعل القائد علي الميمنة ابنه زينل بيك و علي الميسرة بعض الأمراء ممن اعتقد فيهم الكفاءة …

و علي كل بادرت ميمنة العثمانيين و ميسرتهم بالهجوم فكانت النتيجة أن اختلت ميمنة الجيش و قتل قائدها زينل بيك فحاول السلطان حسن إعادة النظام إلي الجيش المغلوب بكل جهد فذهبت محاولاته عبثا و لم يفد التشجيع فانحلوا و لم يعد أمر إدارتهم ميسورا …

هذه الحرب كانت من الحروب العظيمة المعدودة بل هي من أكبر الحروب التي جابهها السلطان حسن و دارت فيها الدائرة عليه فقد قتل فيها ابنه و أسر من جيشه نحو أربعين ألفا … فكانت مصيبتها كبيرة و نكبتها و بيلة جدا … فلم يستطع الدخول في الحرب مع العثمانيين مرة أخري و حاذر أن يناله ما يؤدي إلي ضياع جميع ما بيده فاتخذ التدابير اللازمة

للرجعة المنتظمة …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 253

و الحق أن هذه الواقعة سببت توقيف نموه عند حده و كاد يطمع فيه أعداؤه فيستعيدوا مكانتهم … فكانت قاصمة الظهر فلم ينالوا نجاحا مهما بعد أن أذعنت لهم أمم كثيرة و أرهبوا مصر و كذا أرعبوا العثمانيين و خافوا أن يصيبهم ما أصابهم أيام تيمور لنك فاتخذ السلطان العثماني وسائل لتقوية نشاط الجيش فأكرمه و وعده بإنعامات أخري … و نذر أن يعتق عبيده و إماءه …

و علي كل حال كان هذا الانتصار العثماني فاتحة عهد جديد و نمو عظيم … و إن كانوا لم يعقبوا الأثر و لم يقضوا علي عدوهم و لكن الانتصار كان كبيرا جدا …

327 حروبه مع الكرج:

إن انتصار الترك العثمانيين في الواقعة السالفة مما اطمع أعداء الطويل و هم الكرج من استعادة مكانتهم فعصوا عليه إلا أنه كان قد احتفظ بمقدار كبير من جيشه و رجع رجعته المنتظمة … فلما رأي هؤلاء قد قاموا في وجهه ساق عليهم جيوشه و نكل بالثائرين منهم و الناهضين عليه فقتل فيهم تقتيلا مرا و أعاد النظام إلي نصابه كما كان ثم رجع إلي عاصمته … كذا في مشاهير إسلام.

و قال في منتخب التواريخ: «إن السلطان حسن ذهب إلي بلاد الكرج في أوائل سنة 881 ه و أخذ معه السادات و المشائخ و أرباب الأقلام فافتتح بلادا كثيرة من كرجستان و غنم غنائم وافرة فأنعم علي المذكورين من هذه الغنائم بإنعامات كبيرة … جرت هذه الواقعة بعد حروبه مع العثمانيين. و كذا في لب التواريخ. و أيد تاريخ الوقعة ما جاء في (تاريخ عالم آراي أميني) من أنه غزا الكرج في هذه السنة و هي سنة

موسوعة

تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 254

881 ه. و هو الصحيح فإن هذا التاريخ من الوثائق المعاصرة لنفس هذه الحكومة.

328 أعماله بعد عودته:

إن السلطان حسن بيك لم يضع تدبيرا فإنه مضي في سبيل إدارة المملكة و ضبط أمورها و بني القلاع الواجب بناؤها. و أنشأ استحكامات مهمة و زاد في قوة الجيش إلي غير ذلك مما تقضي به الحيطة و توقع الحوادث و تدارك نقاط الضعف … و كان في أمل أخذ الثأر و الانتقام من العثمانيين بالهجوم عليهم مرة أخري … فحال دون ذلك مرضه ثم وفاته … فلم يطل أمد حياته …

329 حوادث سنة 879 ه- 1474 م و ما يليها إلي غاية سنة 881- 1476 م

330 مرض حسن بيك:

أصاب السلطان مرض. و كان عصي عليه ولده أوغرلو محمد في واقعة الروم، فلما سمع بمرض والده توجه من الروم إلي بلاد أبيه، و جاء إلي أنحاء بغداد طمعا فيها، و ترقبا لما يحتمل وقوعه، فلم يوافقه خليل بيك، فمضي إلي حدود عراق العجم. و في هذه المدة شفي والده حسن بيك مما أصابه، فأرسل إلي ولده بياندر و أمره بقتله، فقتله في سنة 880 ه.

331 جراد و غلاء:

في هذه السنة هجم الجراد النجدي علي الموصل، و أكل الزرع

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 255

و حصل الغلاء ثم رحل الجراد إلي شهرزور، و عاث في غلاتها فحدثت منه أضرار أيضا.

332 ولاية بغداد- وقائع أخري:

ثم إن دانا خليل بيك خاف من حسن بيك من جهة ما اغتابوه في أنه كان السبب لمجي ء أوغورلو محمد إلي بغداد و لذلك أرسل السلطان شاه علي بيك حاكما مكانه و أعطاه الحلة فدخل شاه علي بغداد يوم الجمعة 6 رمضان بعد الصلاة سنة 879 ه و مضي خليل بيك إلي الحلة.

و كان ذلك قبل قتلة أغورلو محمد …

و في غرة جمادي الأولي سنة 880 ه أرسل حسن بيك جماعة لإلقاء القبض علي خليل بيك فانهزم من الحلة إلي المولي محسن المشعشع و تفرقت عساكره عنه و تبعه القليل.

و في 7 جمادي الأولي سنة 880 ه أقام القائم (كذا) متطلعا الأخبار. و في 2 جمادي الثانية أرسل المشعشع إليه سفنا و حملوه إليه و سيروا دوابه من طريق البر.

و أرسل حسن بيك إلي الحلة حمزة حاكما عوضا عن خليل بيك.

و مكث خليل عند المشعشع سنة و ثمانية أشهر حتي رضي عنه حسن بيك بشفاعة والدته فإنها خالته كما تقدم. فأرسل في طلبه فتوجه إليه من عند المشعشع بتاريخ ذي الحجة سنة 881 ه. و قتل السلطان وزيره شاه علاء الدين لسوء ظن حدث.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 256

333 حوادث سنة 882 ه- 1477 م

334 ولاية بغداد- تبدلات:

إن شاه علي كان قد مكث في بغداد ثلاث سنوات إلا شهرين فعزل و نصب إبراهيم الوزير في أوائل رجب سنة 882 ه. ثم أرسل عوضه الأمير شيخ حسن حاكما ببغداد فدخلها يوم الاثنين 17 شعبان سنة 882 ه.

335 وفاة حسن الطويل
336 وفاة السلطان حسن:

في 27 رمضان سنة 882 ه توفي السلطان حسن الطويل كذا في الغياثي، و جاء في منتخب التواريخ أنه توفي ليلة عيد الفطر من هذه السنة، و في الشذرات و الضوء اللامع أنه توفي في جمادي الآخرة أو رجب، و دفن في المدرسة النصرية التي انشأها في يستانه بجوار تبريز، فكانت مدة حكمه علي ما جاء في منتخب التواريخ 11 سنة، و في الغياثي أنه حكم بعد جهان شاه عشر سنوات.. و العملية حسابية صرفة خصوصا بعد تعين زمن سلطنته …

337 ملحوظة:

رأيت في متحفة الأوقاف الإسلامية باستانبول فرمانا يعود لزاوية ماردين و هي زاوية الشيخ كمال الدين أصدره هذا السلطان، و إمضاؤه الواثق باللّه الرحمن حسن بن علي بن عثمان، كتب باللغة الفارسية، مؤرخا في 7 المحرم سنة 872 ه و خطه قريب من الديواني، و لم أتمكن من قراءته لقدمه و تشوش خطه.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 257

338 ترجمة السلطان حسن الطويل:

كاد يبلغ هذا السلطان ما بلغه أكابر الفاتحين في اكتساح الممالك.

و له مزايا يفوق بها غيره و هي رأفته بالأهلين، و عفوه عند المقدرة و اعتداله فيما يحرص الآخرون في الانتقام من أجله. و أعماله المعقولة مراعاة الحكمة من جهة و السطوة من أخري …

نعته مؤرخون كثيرون بخير الأوصاف و نسبوا إليه أحسن الأفعال قال في حبيب السير هو أبو النصر حسن بيك توفي سنة 882 ه و كان من وزرائه شمس الدين محمد بن سيدي أحمد و برهان الدين عبد الحميد الكرماني و مجد الدين إسماعيل الشيرازي. فقاموا بتقرير العدل- كما رغب السلطان- خير قيام. و كان في أيامه من أهل التأليف المولي أبو بكر الطهراني كتب تاريخا في وقائع أيامه و في أحواله إلا أنه لم يعثر عليه.

و في منتخب التواريخ:

كان ملكا عالما و قاهرا صاحب شوكة. محبا لرعاياه و عدله و رأفته قد بلغا النهاية. و أما هيبته و سياسته فإنهما ما لا كلام فيهما و لا يزال (قانونه) مرعيا لحد الآن في استيفاء المال و الحقوق و كان يتوصل في مهماته و أحكامه إلي نهج العدل و الحق. و إن الشرع قد نال في أيامه رواجا عظيما. و اكتسب عظماء الإسلام المكانة اللائقة و التوقير التام.

و كان يجالس العلماء و الفضلاء

و يتباحثون بمحضره في التفسير و الحديث و الفقه. و لم يقصر في توفير السادة و المشائخ و ما يترتب من تكريمهم و يعطي الجوائز و المنح. و قد عمل المساجد و المدارس و الرباطات …

و في أوائل دولته انتصر في حادثين مهمين علي ملكين شهيرين

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 258

أحدهما جهان شاه … و الآخر السلطان أبو سعيد … و كان لحسن بيك سبعة أولاد منهم أوغورلو محمد توفي في أوائل سنة 882 ه و السلطان خليل. و يعقوب. و مسيح. و يوسف. و مقصود بيك. و هذا قتل بفرمان من السلطان خليل آخر وفاة أبيه. و زينل كان قد قتل في حرب الروم ا ه.

و جاء في نظم العقيان في أعيان الأعيان للسيوطي أن حسن بيك … يعرف بالطويل، سلطان العراقين و آذربيجان و ديار بكر و ما والي ذلك. و قال: أنشدني شاعر العصر شهاب الدين المنصوري لما وجه السلطان الملك الأشرف.. عساكره إليه لقتاله حين خرج و بغي:

هذا الذي ظن الخروج فضيلة هل تعرفونه باسمه و صفاته

قالوا اسمه حسن فقلت هلاكه قالوا الطويل فقلت ليل شتاته

مما يشير إلي أيام الخلاف بين مصر و بين السلطان حسن المذكور و قد طويت غالب أخباره عنا و غابت صفحات كثيرة منها و يهمنا أن نبين أن السلطان حسن قد راعي المجاورين كثيرا خصوصا المصريين فإنه في سنة 873 ه أرسل قاصدا إلي مصر يحمل هدية للسلطان و مكاتبة تتضمن تملكه العراقين و معه مفاتيح لعدة حصون و قلاع مبينا أن كل ما ملكه من البلاد هو زيادة في ممالك السلطان و أنه النائب عنه فيها. و هكذا فعل مع العثمانيين. و في

سنة 879 ه أرسل قاصده إلي سلطان مصر و معه مكاتبة تتضمن الاعتذار عما كان و أن ذلك لم يكن باختياره فأظهر السلطان العفو …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 259

و من هذه يظهر أنه مسالم بالرغم مما رأي من النواب التابعين لمصر و أنه يرغب في تقرير الإدارة و تثبيتها … و لكن المصريين حملوا فعله علي التملق.. و هكذا كانت آمال العثمانيين طامحة كثيرا فلا ترضي بالتوقف …

339 و في مشاهير الإسلام:

«أنه كان شديد الحرص علي بث العلوم و الفنون فدعا إليه علماء العراق و إيران و أدباءهما فجعل تبريز مركزا للكمالات و الآداب المختلفة و المنوعة … و فتح المدارس العديدة لتحصيل العلوم و ضروب المعرفة و جعل الوظائف للمدرسين و قرر لهم المرتبات.. (إلي أن قال) و كان عاقلا، عادلا، شجاعا، تقيا، محبا للعلماء، صاحب خيرات و كثير الحسنات. و قد بلغ من العمر 54 سنة فتوفي عام 882 ه … ) ا ه.

340 و جاء في تاريخ الغياثي:

«كان عادلا، خيرا أراد أن يبطل التمغات من أصلها في جميع بلاده فلم يوافقه امراؤه فجعلها درهما من كل عشرين درهما علي النصف و أقل مما يأخذه السلاطين قبله. و أبطل بيت اللطف (كذا) و توابعه من الخمر و الميسر في جميع بلاده، و أطلق خارج (كذا) المال الذي كانوا يأخذونه من جميع بلاده (الضرائب) و كتب (قانوننامه) في الشكاوي و التخاصم مما يقع بين الناس و يستدعي عقوبة فاعله بالتعزير و التجريم و غير ذلك و أرسلها إلي جميع بلاده ليعملوا بموجبها … و لم يغادر من أمور العدل شيئا يقدر علي فعله.. و كان يحب العلماء و الأدباء و يعامل أهل البلاد المفتوحة بأنواع الرأفة و العدل» ا ه ص 368.

و في الضوء اللامع أنه انتزع مملكة بني أيوب بقتله زين العابدين الملقب بالصالح و أخويه بني علي بن محمود بن العادل سليمان و ذلك في سنة 866 ه. و مات في جمادي الآخرة أو رجب سنة 882 ه.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 260

و في تاريخ تركية لأحمد حامد و مصطفي محسن: «إن آخر ملوك طرابزون داود قومنن كان قد صاهر حسن الطويل فكان يحاول أن

يحميه و لكن تشبثاته ذهبت سدي. و نقل في الهامش عن هامر الألماني أن الأميرة زوجة حسن الطويل هي كانرينة بنت جان أخي داود و المتولي قبله … » ا ه.

341 و قال في بدائع الزهور:

«كان ملكا جليلا عاقلا سيوسا كثير الحيل و الخداع اقتلع ملك العراق.. و قتل عمه الشيخ حسن، و انقرضت دولة بني أيوب علي يده، ثم قوي علي جهان شاه و حاربه حتي قتله و شتت أولاده، و ملك تبريز و العراقين، و بلغ مبلغا لم يصل إليه أحد من أجداده و لا من أقاربه و قد تحرش بابن عثمان ملك الروم.. فما قدر عليه ثم تحرش بسلطان مصر، و جري له مع الأشرف قايتباي أمور يطول شرحها. و كان الأشرف يخشي سطوته، فلما مات عد ذلك من جملة سعده». ج 3 ص 144.

و الحاصل كان حسن بيك من أكابر ملوك الشرق الأدني و أعاظم الفاتحين و بوفاته بلغت فتوحه مبلغا عظيما من السعة يحير العقول و يبهر الفحول.. و يدل علي مقدرة و همة كبيرة و إقدام و روية.. أذعن له من الأقطار ما يصلح كل منها للقيام بحكومة مستقلة، و لو طال به الأمد لتجاوز حد المعقول و فاق أكابر الفاتحين أمثال تيمور في سعة الممالك.. هذا في حين أنه لا يقاس بغيره من أصحاب العسف و الجور فهو لم يعدل عن طريق الإنصاف، و لم يتجاوز المألوف مع أكبر أعدائه و خصومه لمجرد حقن الدماء، وافق أن يترك للسلطان أبي سعيد بلادا كثيرة فعاند في قبول الصلح و لما قتل أسف عليه حتي أنه اشترك مع أمه

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 261

في البكاء حينما رآها تبكي مما يعين رقة شعوره..

فهو ممن يرجح العفو علي الانتقام.. و كان قد عصي عليه إخوته و قارعوه كثيرا فصفح عن زلاتهم و عاملهم بالعفو ما وجد سبيلا، و كانت آماله أكبر إلا أن الضربة التي أصابته من العثمانيين كسرت غروره، و عرفته نقص تدابيره، و أن لا يجازف هذه المجازفة، أو يخاطر بأمثالها.

342 السلطان خليل
343 سلطنته:

ولي السلطنة بعد والده و هو الابن الأكبر المحبوب لأبيه. كان واليا بفارس و ولي عهد فجلس علي تخت آذربيجان و ملك جميع ما ملكه أبوه من البلاد و أثر جلوسه علي سرير السلطنة فوض إيالة ديار بكر لأخيه يعقوب بيك، و جعل بغداد لابن عمه مراد بن جهانكير.. إلا أنه لم يهنأ بالملك و لم يتم له الأمر سوي ثمانية أشهر و من حين ولي أخذ العنف و الشدة ديدنا له و قتل كثيرا من الأمراء و قتل أخاه مقصود بيك و خلقا كثيرا من أقاربه و مع ذلك اشتغل باللهو و الملاهي، و كانت الفتن نائمة في أطراف البلاد فأيقظها، و لم يمكن أحدا أن يعرض عليه شيئا من ذلك لسوء خلقه و شدة جبروته فاتفقوا علي خلعه و تولية أخيه الصغير يعقوب بيك …

و في تاريخ عالم آراي أميني أن السلطان خليل هذا ولي الملك بعد أبيه، و استولي علي آذربيجان و العراقين و فارس و كل ما كان بيد والده، و جعل ولي عهده الأمير ألوند، و اتخذ من الأمراء حسين بيك قوجه حاجي و كان صاحب تدابير صائبة و قائدا محنكا، و عاقلا عادلا لا نظير

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 262

له … و جعل كاتب الديوان التواجي، أبقاه كما كان، و سير ابنه الأمير ألوند إلي فارس، و

صحبه غضنفر بيك و جماعة من آق قوينلو، و من الأمراء الذين سيرههم معه عباس بيك البايندري ابن يوسف بيك، و بهرام بيك، و پيري بيك، و حمزة حاجي لو، و الأمير حاجي بيك من أمراء قرا قوينلو، و مهاد بيك الپادت و أمراء آخرون، و أودع بلادا أخري في قبضة بكر بيك موصلو فوصل الأمير ألوند ابنه إلي شيراز دار إمارته سنة 883 ه.

344 حوادث سنة 883 ه- 1478 م

345 الحالة العامة:

لم تتبين الحالة بوضوح خلال السنة الماضية و ذلك أن وفاة السلطان كانت في أول عيد الفطر فلم يبق من السنة إلا القليل. و قامت الفتن في الحقيقة في هذه السنة … و ارتبكت الأوضاع السياسية، و ظهرت الحوادث الحربية بجلاء.. و من ثم اضطربت أمور الدولة، و تفرقت الرجال إلي أحزاب متعادية …

346 حكام بغداد: (التشكيلات الإدارية)

كان الأمير شيخ حسن قد ولي الحكم ببغداد و دخلها يوم الاثنين 17 شعبان سنة 882 ه و هذا مكث فيها 146 يوما فعزل و خرج منها في هذه السنة يوم الجمعة 8 المحرم سنة 883 ه و ولي منصب بغداد عوضه كلابي فدخلها يوم الثلاثاء 23 ربيع الأول سنة 883 ه. و في هذه الأيام كانت الحالة غامضة و التشكيلات الإدارية في وضع لا يمكن الإطلاع عليه إلا من الحوادث المارة فإن مقصود بيك كان أمير العراق

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 263

و الحاكم المباشر للإدارة فعزله أبوه من بغداد … و لما آلت السلطنة إلي خليل بيك قتل مقصود بيك و أودعت إمارة العراق إلي مراد بيك بن جهانكير.. و لم نعلم عن الوضع غير ما ذكر من تبدلات. فالولاة كانوا بالوجه المبين و أما الأمراء فإنهم حكام عامون لا يتدخلون في الإدارة المباشرة.

347 المشعشع:

كان المولي محسن المشعشع قد سمع بوفاة السلطان حسن و حينئذ توجه إلي بغداد و في أول الأمر جاء نائب الرماحية إلي الجحيش و آل جوذر في طلب جماعة من الذين هربوا منه فنهبهم و قتلهم و سلب تلك الأنحاء حتي وصل إلي قناقيا من قري الحلة و رجع أما حكومة بغداد فإنها مشغولة بنفسها و لا علم لها بما يجري أو لا تريد الالتفات إليه.

348 مراد بيك- السلطان خليل:

إن مراد بيك بن جهانكير لم يرض بإمارة العراق فعصي علي السلطان. و في صفر هذه السنة نهض لمقارعة السلطان خليل و قتاله فجاء السلطانية فقاتل مع منصور بيك پرناك و كان هذا من أمراء السلطان خليل فتغلب مراد بيك عليه أما السلطان خليل فإنه تأهب لقتاله بنفسه فخرج من تبريز لمقابلته ففر مراد بيك من وجهه و ذهب إلي قلعة فيروز كوه و كان

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 264

حاكم هذه القلعة حسين كيا الچلاوي فأخذ مراد بيك و من معه من الأمراء إلي القلعة. و في يوم الاثنين 14 ربيع الأول من هذه السنة قتلوا و أرسلت رؤوسهم إلي السلطان خليل في خرقان و في عالم آراي أميني أن مراد بيك جمع أخلاطا من الناس من أكراد و غيرهم و أحشام و أتراك فتوجه إلي تبريز فلما سمع السلطان خيل بادر للقضاء عليه ففر، ثم ألقي القبض عليه، فهرب أيضا، ثم قتل.. و فصل هذا الحادث.

349 يعقوب- قتلة السلطان:

جاءت الأخبار أن يعقوب بك ثار علي أخيه السلطان خليل في ديار بكر و سار إلي آذربيجان. أما السلطان فقد تأهب لقتاله و هو في خرقان و توجه نحو آذربيجان. و في يوم الأربعاء 14 ربيع الآخر من هذه السنة وقعت المعركة عند نهر خوي و بعد جهد انتصر يعقوب و كاد ينكسر، و قتل السلطان خليل، و قطع جسده علي فرسه فكانت سلطنته ستة أشهر و نصف.

350 ترجمة السلطان خليل:

مضي ما يبصر بوضعه و هو لم يتمكن من ضبط الأمور و الظاهر قام الأمراء في وجهه لتطلبهم السيادة لا لأمور أشيعت عنه ففي هذه المدة لا يتبين سوء الإدارة و لعل الذي ولد النقمة عليه قتله أخاه مقصود بيك فقد جاء في منتخب التواريخ أنه قتل بفرمان من أخيه السلطان خليل بعد وفاة أبيه و كان حاكما ببغداد إلي حين وفاة والده. كذا. و لعله يقصد أنه كان و لا يزال أميرا و إن غضب عليه والده و الحكام الولاة غير الأمراء بمقتضي التشكيلات الإدارية.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 265

و من مراجعة نصوص كثيرة علمنا أنه حدث نزاع بين الأخوين السلطان خليل و يعقوب و استحكم العداء بينهما فأدي إلي حرب طاحنة و اشتبك القتال بين الفريقين في حدود (خوي) و (مرن) فأسفرت النتيجة عن انتصار يعقوب فقتل أخوه السلطان خليل بضربة من أحد أفراد الجيش.

و أصل النزاع أن السلطان خليل لم يسلك سلوكا مرضيا فنفرت منه القلوب إلا أن ذلك لم يؤيد بوقائع مادية تحققه. فعصي مراد بيك في العراق و تحارب معه و حينئذ و بناء علي تلك النفرة استدعي يعقوب بيك لأمر السلطنة فعزم علي الذهاب إلي تبريز و جاء إلي

حدود سلماس فقابله السلطان خليل فبدت الهزيمة في عساكر ديار بكر و في ذلك الحين سقط السلطان من ظهر جواده في المعركة فوافاه جندي من جنود يعقوب بيك فقتله و قطع رأسه.

و علي كل حال لم تعرف مجاري الحزبية بصورة واضحة لتبين الحالة بجلاء و إنما عرفت بعد ذلك و تعينت أوضاع الأمراء و سائر أحوالهم …

351 سلطنة يعقوب بيك
352 سلطنته:

هو أبو المظفر السلطان يعقوب جلس بعد قتلة أخيه علي سرير الملك في جمادي الأولي لسنة 883 ه في دار السلطنة تبريز و أنعم بما كان قد أجري عليه أبوه من الإنعامات و قرر المناصب التي فوض بها إلي رجاله … و أودع مهام الأمور الشرعية و المشيخة إلي القاضي مسيح الدين

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 266

واقعة چالديران

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 267

عيسي الساوي ابن الخواجة شكر اللّه الوزير، و استوزر الشيخ نجم الدين مسعود و هو ابن شقيقة القاضي مسيح الدين عيسي فلم ينحرف هذا قيد شعرة عما يحكم به القاضي. و في زمنه ظهر الأمن و الأمان و انتشر العدل.

353 المشعشع- هجومه علي أنحاء بغداد:

في يوم الأربعاء 19 جمادي الثانية سنة 883 ه عاود المولي محسن الكرة و جاء إلي نواحي بغداد حتي دخل ديالي و مضي إلي الخالص فنهب و قتل و أسر. ثم ارتحل يوم الأربعاء 26 جمادي الثانية و كان مكثه ثمانية أيام.

و في يوم الجمعة 28 جمادي الثانية قتل الحاج ناصر القباني و أولاده و حصبوا غلامه شعبان بسبب أنه اتهم بقضية المشعشع قتلهم كلابي المذكور في هذا اليوم.

354 عزل كلابي حاكم بغداد:

في يوم الاثنين 15 ذي الحجة لسنة 883 ه عزل كلابي حاكم بغداد و خرج من بغداد و لعل لعزله علاقة بوقائع المشعشع المذكور.

355 تاريخ الغياثي:

إلي هنا وقف تاريخ الغياثي و وقفت به حوادث العراق و هي ناقصة، ضاعت أوراق من هذه النسخة لا يعرف مقدارها. و من مراجعة كلامه عن الحوادث الأخري مما لا يخص العراق نجد أن حوادثه تقف

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 268

أيام السلطان حسين بايقرا المتوفي عام 910 ه فمن المقطوع به أنه كان عائشا في أيامه و قد انتهي من تأليف تاريخه و لم نستطع معرفة ما انتهي إليه. مما يتعلق بالعراق و للأسف لم نطلع علي نسخة كاملة، و النسخة الموجودة ناقصة و أوراقها مبعثرة.. و الموجود فائدته كبيرة و فيه جلاء للحوادث مما لم نعثر عليه في كتاب آخر.. إلا أنه يحتاج إلي تمحيص و مقارنة مع التواريخ الأخري لنعرف درجة صحة مباحثه. و المؤلف من المعاصرين لهذا العهد و كان يذكر السلطان يعقوب بهادر خان و يدعو له بخلود الملك، و يعد قدومه مباركا علي العالم في الأمن و انتشار العدل و الإحسان، و كان يترقب حوادث بغداد و يدون عنها. فهو من أجل الآثار المعاصرة للعلاقة و لم أعثر علي ترجمة له إلا في المخطوطة المسماة بالأنوار، و لم يذكر فيها تاريخ وفاته و لا زاد عما عرفناه من كتابه.

و مراجع تاريخه نظام التواريخ للبيضاوي، و ظفر نامه لشرف الدين اليزدي و كتب ابن حجر، فقد نقل منها بعض المباحث حرفيا. و أهميته في الحوادث الخاصة بهذه الأيام و ما قبلها.

و جاء في (تذكرة الشعراء) أن المولي غياث توني الأصل، يميل إلي التصوف، و يقضي

غالب أوقاته في الكتاب يعلّم فيه، و له ابن هو قطبي، و له من الفضائل ما يفوق به والده توفيا في شهور سنة 935 ه و هل غياثي هذا هو صاحب التاريخ؟ لم نستطع أن نعين العلاقة، كان يلهج بذكر السلطان يعقوب بيك فلعل الوضع ساقه إلي هناك!!؟

356 حوادث سنة 885 ه- 1480 م

357 حوادث و ثورات:

كان السلطان يعقوب من حين ولي الأمر قد أحسن السيرة، و أظهر العدل و لطف في المعاملة مع أمراء والده، و قررهم علي أقطاعهم التي كانت لهم في زمن والده، فخرج عليه في أوائل دولته ابن أخيه ألوند

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 269

بيك ابن السلطان خليل في شيراز، و الأمير كوسه حاجي من أعيان البايندرية في أصفهان، فسير يعقوب بيك جماعة من الجيش مع أعظم أمرائه بايندر بيك إلي دفع غائلة كوسه حاجي في العراق، فسار بايندر بيك و ظفر بكوسه حاجي و اعتقله، ثم سار إلي ألوند بيك و أدخله تحت الطاعة بحسن التدبير.

358 قتلة الأمير يشبك:

كان في سنة 885 قد وقعت فتنة كبيرة بحماة قتل فيها نائبها ازدمر بن أزبك قريب السلطان (سلطان مصر)، فقد عصي الأمير سيف (أمير آل فضل) و خرج عن الطاعة، فحاربه النائب المذكور، فقتل في المعركة، و قتل معه جماعة أمراء حماة، فانزعج سلطان مصر لهذا الخبر، و في ربيع الآخر لهذه السنة خرج الأمير يشبك من مصر عليه، ففرح الناس بخروجه، و تفاءلوا بأنه لا يعود إلي مصر أبدا، و كذا جري.

و صاروا يقولون خرج لسيف، فكان هذا شؤما عليه.

و من ثم وقعت كائنة أخري قتل فيها الأمير يشبك الدوادار و انكسر العسكر قاطبة، و قتل الأكثر منهم، و سبب ذلك أن الأمير يشبك لما دخل إلي حلب كان صحبته نائب الشام و نواب آخرون، فلما استقر بحلب بلغه أن سيفا أمير آل فضل الذي خرج بسببه قد فر و توجه نحو الرها. فقوي عزم الأمير يشبك أن يعبر الفرات، و يتبعه في أي مكان كان. و توجه نحو الرها. فحاصر المدينة أشد المحاصرة، فلما أشرف علي

أخذها أرسل بايندر و كان أميرها، و هو أحد نواب يعقوب بيك

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 270

يتلطف بالأمير يشبك. فأبي هذا لما رأي من كثرة عساكره، فطمعت آماله في أخذها، و أن يزحف علي ملك العراق كما حسنوا له ذلك، فزعق النفير و ركب العسكر قاطبة، فبرز إليهم بايندر بمن معه من العساكر قاطبة … فأسر الأمير يشبك و هو راكب علي ظهر فرسه، فأتوا به إلي بايندر، و أسر معه نائب الشام قانصوه اليحياوي و نائب حلب ازدمر، و نائب حماة جانم الجداوي، و قتل ما لا يحصي من الأمراء و العساكر … ثم قتل الأمير يشبك في العشر الأخير من رمضان سنة 885 ه.

و إن يعقوب بيك شق عليه ما فعله بايندر من سرعة قتله للأمير يشبك، و لامه و أطلق من كان عنده من الأسري … فلما سمع سلطان مصر بهذا الخبر سر به جدا، ثم جاء القاصد يعتذر عما وقع، فعفا السلطان.

و في جامع الدول أقطع السلطان يعقوب بايندر بك إيالة أصفهان في مقابلة هذا الفتح …

359 حوادث سنة 886 ه- 1481 م

360 قتلة بايندر بيك:

كان الأمير بايندر بيك أتابك السلطان يعقوب و أمير أمرائه، و قد قام بالأعمال المذكورة مما أوجب سرور السلطان يعقوب، فأقطعه إيالة أصفهان في مقابلة هذا الفتح، و لعل السلطان أراد بذلك أن يكسر الفتنة بينه و بين مصر فنقله إلي الإيالة المذكورة …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 271

أما بايندر فإنه لم يرق له هذا الإنعام، و كان يأمل أكبر من ذلك، فلما علم بالخبر عصي علي السلطان يعقوب، و في حدود ساوة جري الحرب معه، و هناك قتل في أواخر هذه السنة. سار إليه السلطان بنفسه لدفع غائلته فهرب

منه إلي قم، فتبعه الأمير صوفي خليل، و ظفر به بظاهر قم و قتله …

و بهذه الواقعة زالت عنه الغوائل تقريبا لمدة ليست بالقليلة خصوصا أن السلطان محمد الفاتح العثماني قد توفي في هذه السنة أيضا، و لكن الحوادث قد يطرقن من حيث لا يتوقع ظهورها فمضت مدة دون أن يكدر الصفو. و مضي الأمر مع العثمانيين بسلام و كانوا يتهادون رسائل المودة و الوفاق.

361 حوادث سنة 887 ه- 1482 م

362 قتلة سيف أمير آل فضل:

هو الأمير سيف بن علي من أمراء طيي ء. قال ابن إياس في جمادي الأولي جاءت الأخبار بقتل سيف الذي خرج الأمير يشبك بسببه، قتله ابن عمه عساف في بعض بلاد العراق.

و كان سيف هذا حاربه نائب حماة أزدمر، فقتل هذا النائب في المعركة و جماعة من الأمراء، فجهز عليه سلطان مصر الأمير يشبك و هذا بدوره مال إلي الرها و حاصرها، فخرج عليه الأمير بايندر، فقتل. و قد مر ذلك.

أما الأمير سيف فكان قد خرج علي عساف ابن عمه المتولي الإمرة، و التف عليه جماهير العرب إلي أن جهز له فداوي، فدخل عليه

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 272

و طعنه بسكين فقتله. و آل الأمر إلي أن قتله ابن عمه عامر بن عجل أخذا بثأر سليمان بن عساف ابن عم سيف لكونه كان قتله أيضا. و ذلك سنة 887 ه في آخر صفر أو أول الذي يليه …

363 الكرج:

إن السلطان يعقوب إثر قتلة بايندر بك شتي بقم. و في هذه السنة سار لتسخير الكرج، ففتح قلعة اخسخة (حصن خاتون) و إنما سمي البلد بهذا الاسم لأن خواتين كبار الكرج كن يودعن حليهن فيه عند هجوم المخالفين علي تلك البلاد لكمال حصانته و مناعته. و لما فتح الحصون و غنم الأموال و سبي الذراري، و قتل القاتلين عاد إلي دار ملكه تبريز منصورا مظفرا.

364 حوادث سنة 888 ه- 1483 م

365 عمارة هشت بهشت:

في هذه السنة أمر السلطان يعقوب ببناء العمارة المشهورة التي سماها (هشت بهشت) و معناها (الروضات الثمان)، و كان دأبه أن يصيف بمصيف سهند، و يشتي بتبريز فكانت بدائع الصناعة قد تجلت في هذه العمارة … و مضت أوقات السلطان بالعيش و الطرب و صحبة الشعراء و الظرفاء و أصحاب النغم، و كان ميله إلي الشعر و الشعراء عظيما، فراج سوق الشعر في أيامه و وفد إليه الشعراء بقصائد بليغة، و نالوا منه صلات جليلة …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 273

366 حوادث سنة 889 ه- 1484 م

367 أحوال العراق:

المدونات عن العراق في هذه الأيام قليلة، و لعل الحوادث الكبيرة أنست، و توجهت السياسة إلي تبريز عاصمة السلطنة. و لم تتخذ بغداد عاصمة ليروج فيها سوق العلم و الأدب … إلا أن العراق لم يكن في وقت جامدا و إن قلت العناية، و لم يناصر الملوك الثقافة و يساعدوا علي تنميتها، فالنزعة تبعث، و التاريخ القومي من أكبر المشوقات.

و العراق لم ير ذلا في أزمانه السابقة ما رآه في هذه الأيام أهملته الحكومة، و لم تنظر إلي غير الحروب، و التنعم بأموال الغنائم، و البذخ … و قد طمع المجاورون بهذا الإهمال، و قام المشعشع يغزو العراق، و ليس في الاستطاعة صده، يسلب ما تيسر منه فكانت وقائعه من أعظم الرزايا، ففي زمن قوة حكومته ينال هذا العناء و يقاسي هذه المحنة … جاء في القرماني:

«في سنة 889 ه بعث يعقوب شاه عسكرا كثيرا إلي بلاد المشعشع فكسروه كسرا شنيعا، و كان المشعشع يعد نفسه علويا، ثم تغالي حتي قال انتقلت روح علي بن أبي طالب عليه السلام إليه، و استفحل أمره، و استولي علي بلاد ابن علان».

و في جهان نما

لكاتب چلبي:

«تمكن السيد محمد من جمع الناس إليه، فكان أتباعه يضربون بطونهم بالسيوف إلي أن تلتوي … و اشتهر أمره في خوزستان، فاستولي عليها، و خلفه ابنه علي فصار حاكما، و أغار علي العراق العربي، فزعم أن روح علي بن أبي طالب عليه السلام قد حل فيه و بقي أتباعه علي هذا

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 274

الاعتقاد، فخلفه أخوه محسن، و في زمنه راجت فكرة الاعتقاد بألوهيته من جانب أتباعه، و رفعوا الأركان الإسلامية، و سلكوا طريق الزندقة … » ا ه.

و هؤلاء لا يستدعي أمرهم هذا الاهتمام، و لكن التهاون أطمعهم، فترتب من الأخطار ما لا يوصف، و صارت حوادثهم تتري … و في هذه لم تكن الحرب حاسمة، فلا تزال بقية منهم باقية، و لها مناعتها في ديار الحويزة و ما والاها و دام إزعاجها للعراق.

هذا و كانت الحكومة الأصلية في نعيم و راحة …

368 وفيات
369 الجمالي ابن نصر اللّه:

في هذه السنة في المحرم توفي الجمالي يوسف الحنبلي بن الشهابي أحمد بن نصر اللّه البغدادي قاضي قضاة الحنابلة، ولي تدريس الحنابلة بالمدرسة البرقوقية و قد ذكر أبوه وجده و عمه و للعلاقة أشرنا هنا إلي ترجمته.

370 حوادث سنة 890 ه- 1485 م

371 غزو الكرج:

في هذه السنة غزا السلطان الكرج و دامت الحرب إلي السنة التالية، و قد فصلها صاحب (عالم آراي أميني).

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 275

372 حوادث سنة 891 ه- 1486 م

373 العودة:

في المحرم من هذه السنة عاد السلطان من غزو الكرج و نزل تبريز و مضت هذه السنة بهدوء و راحة …

374 حوادث سنة 892 ه- 1487 م

375 مخابرات سياسية و هدايا:

لم يكن للسلطان أمل توسع في المملكة العثمانية، و لا في مملكة مصر و لا في مملكة الجغتاي و لذا كانت السياسة تجري بين هؤلاء علي الود و الصفاء. ففي هذه السنة كتب السلطان كتابا إلي ملك مصر قايتباي أرسله مع أخي فرج بيك، و قدم له قرآنا بخط ياقوت. و الكتاب عربي العبارة مطول إلا أن ألفاظه معقدة و أجابه ملك مصر بكتاب صحبة رسوله و هو المؤرخ في 10 رمضان هذه السنة. و جرت المخابرات السياسية مع السلطان حسين بايقرا ملك الجغتاي … مما لا مجال لتفصيله هنا. و في (عالم آراي أميني) توضيح ذلك، و بيان مجي ء قاصد الروم (العثمانيين) في السنة التالية.

376 حوادث سنة 893 ه- 1488 م

377 الشيخ حيدر الصفوي- شيروان:
اشارة

في هذه السنة جمع الشيخ حيدر الصفوي جيشا علي شيروان يقصد افتتاحها و أشاع أنه سائر إلي الجهاد لحرب الكرج في الدربند و كان سلطان شيروان آنئذ فرخ يسار ابن الأمير خليل اللّه و هذا رأي أنهم قد يمدون أيديهم إلي رعاياه أثناء عبورهم من مملكته و مرورهم منها فاستمد هذا بالسلطان يعقوب و هذا عرف نوايا الشيخ حيدر و رأي لزوم القضاء

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 276

عليه و كان أعرف به.. فجهز نحو أربعة آلاف فارس في قيادة سليمان بيك التركماني لمعاونة السلطان فرخ يسر. و في حدود طبرستان وقع الحرب بين الطرفين فقتل الشيخ حيدر و ألقي السلطان القبض علي أولاده فسجنهم في اصطخر من فارس. فقضي علي نهضتهم و يري كثيرون أنه كان الأولي به أن يقتلهم و لا يبقي أحدا منهم و لكن المقدر كائن و سوف تظهر للوجود دولة يصفو لها العيش و يدوم لها الحكم.. قالوا رأفته و رحمته دعته أن

لا يقسو و إلا فقد رآه جمع جموعا كثيرة بغرض الخروج عليه فأوجس خيفة منه فقتل في طبراق من أعمال شيروان. و كان قد سمع أن المتصوفة قد اجتمعوا في أردبيل حول علي شاه ابنه الأكبر فاختاروه مكانه فعلم السلطان يعقوب و من ثمّ أرسل أحد أمرائه لإلقاء القبض عليه و علي كل من أخويه الصغيرين إبراهيم و إسماعيل و والدتهم حليمة بيكم و بعدهم إلي شيراز و أوصي حاكم تلك الديار (منصور بيك پرناك) بحبسهم ففعل و سجنوا في اصطخر.

378 و جاء في القرماني:

«و في سنة 893 ه ظهر الشيخ حيدر و هجم علي شروان شاه صاحب شماخي فتغلب عليه و استنجد صاحب شماخي بالسلطان يعقوب و كان بينهما علاقة مصاهرة فاستنجده علي الشيخ حيدر بعسكر كثيف فأوقعوا بحيدر المذكور فقتلوه و أعادوا شروان شاه إلي مقر ملك شماخي» ا ه.

379 و جاء في جامع الدول:

«استمد منه- من السلطان يعقوب- فرخ يسار صاحب شروان علي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 277

الشيخ حيدر الصفوي فأمده بجمع من الجيش مع سليمان بيزن (بزاء فارسية)، فانتصر فرخ يسار بمدده علي الشيخ حيدر و قتله بعد قتال شديد في موضع (طبرسران) و كان الشيخ حيدر ابن عمة يعقوب لأن حسن بيك كان قد زوج الشيخ جنيد الصفوي والد الشيخ حيدر بأخته، فولدت له الشيخ حيدر. و مع ذلك إنما أمد يعقوب بيك فرخ يسار عليه لتوهمه منه بسبب كثرة أتباعه. و لما قتل الشيخ حيدر قبض يعقوب علي أولاده و حبسهم … » ا ه.

و في تاريخ عالم آراي أميني قد بسط القول في وقائع الصفوية، و ذكر مجمل مشايخهم إلا أنه تحامل علي الشيخ حيدر و بين عصيانه بعد أن أثني علي أسلافه و أورد في مقام التنديد آية وَ جَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَ الْكِتابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ للإشارة إلي ذم هؤلاء الصفوية …

380 وقائع خوزستان:

كان الأمير محسن المشعشع مستوليا علي خوزستان. و لما جاء الأمير زاده إبراهيم بيك إلي شيراز قدم له الطاعة و لكن الأمير محسن أراد أن يستوي علي قاعدة خوزستان و هي مدينة (تستر)، فأرسل ولده السيد حسن للاستيلاء عليها و لكن ازدياد سطوة هؤلاء و شيوع بدعتهم … مما لا يرضاه أحد و أن الأمير جابرا أمير العرب هناك و كذا الأمير نصر قد طلبوا المساعدة … و أن أخا الأمير محسن و هو الأمير حسام الدين إبراهيم بن محمد بن فلاح كان قد رفض هذه النحلة و التجأ إلي تبريز إلي السلطان، و أظهر براءته من عقيدة آبائه الكفرة و الحق أن هذا

السيد كان صاحب فضائل …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 278

ثم إن الأمير محسنا أرسل ابنه سفيرا إلي السلطان فنال كل رعاية و أبدي أنه لا أمل لأبيه في الفتح، و ذكر أن غرضه أن يجمع العساكر لفتح الجزائر و البصرة إلي حدود الحلة و الرماحية … و أن يعرض الأمر للسلطان و ينتظر أمره … و الظاهر أنها كانت بيد أمراء العرب (المنتفق) عادت إليهم و إلا فلا معني لفتحها …

381 وفيات
382 1- أحمد بن إسماعيل الشهرزوري:

أصله من قرية في كوران. ولد سنة 813 ه. حفظ القرآن و تلاه للسبع علي الزين عبد الرحمن بن عمر القزويني البغدادي الجلال. و حل عليه الشاطبية و تفقه به، و أخذ عنه النحو و المعاني و البيان و العروض و كذا اشتغل علي غيره في العلوم و تميز في الأصلين و المنطق و غيرها و مهر في النحو و المعاني و البيان و غيرها من العقليات و شارك في الفقه، ثم تحول إلي حصن كيفا فأخذ عن الجلال الحلواني و قدم دمشق في حدود الثلاثين فلازم العلاء البخاري و انتفع به و كان يرجح الجلال عليه، و كذا قدم مع الجلال بيت المقدس، ثم القاهرة في حدود سنة 835 ه فأثني عليه المقريزي ثم خرج من مصر منفيا لما وقع بينه و بين حميد الدين النعماني، و مضي إلي مملكة الروم و ما زال يتوصل هناك إلي أن صار في قضاء العسكر … توفي في أواخر رجب سنة 893 ه.

383 2- الشيخ عبد اللّه البصري:

هو ابن عبد الواحد بن محمد بن زيد جمال الدين بن زكي الدين

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 279

الشيرازي الأصل البصري الشافعي نزيل مكة ولد بالبصرة سنة 819 ه، و نشأ بها فقرأ القرآن لعاصم علي إبراهيم بن محمد بن أحمد بن زقزق و علي ابنه محمد و علي غيرهما و حج سنة 848 ه ثم عاد إلي بلاده في التي بعدها، فدام بها إلي أن امتحن مع الشعشاع (المشعشع) الخارجي في سنة 863 ه ففر منه إلي مكة … و كان إماما فاضلا مفننا عاقلا ساكنا تام المعرفة بالفرائض و الحساب و العروض ذا نظم كثير … صنف (فتح الرحمن في مسألة

دور الضمان) توفي ليلة السبت 18 صفر سنة 893 ه و دفن بالمعلاة.

384 حوادث سنة 894 ه- 1489 م

385 الاستيلاء علي بلاد ديار بكر:

و في هذه السنة تحيل يعقوب شاه بحيلة غريبة حتي استولي علي ديار بكر و نزعها من يد الأكراد و التركمان و انتصر عليهم.

386 حوادث سنة 895 ه- 1490 م

وفيات
387 1- سلجوق بيكم:

هذه أم السلطان يعقوب، توفيت في 28 ذي الحجة هذه السنة في مشتي قراباغ و كان السلطان مريضا، و كذا أخوه يوسف بيك، فكتم عنهما وفاة والدتهما.. و في كلشن خلفا أن هذه الأم من غير قصد

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 280

منها أعطت أولادها سما و هي أيضا تسممت فماتت هي مع أولادها …

و أن موتها علي ما جاء في القرماني كان سببا لاختلاف أهل البيت، و كان دأبها أن تجمع في كل أسبوع أهل بيت السلطنة بمكان اعتدته لهم، و تتكلم علي لسان كل ما يناسب الحال التي فيها اتصال البعض إلي البعض، و إنها لما ماتت انقطع هذا التدبير و تفرقت الكلمة …

و في كنه الأخبار أن الأم كانت قد أخذت الطريقة من الشيخ عمر الروشني، و بعد وفاتها بثمانية عشر يوما دس القوم السم لكل من الميرزا يوسف و السلطان يعقوب و عن أحسن التواريخ أرادت أن تسم مسيح ميرزا و سمت غلطا السلطان يعقوب و أخاه و نفسها …

389 وفاة السلطان يعقوب:

في 11 صفر توفي السلطان يعقوب في مشتي قراباغ عن 28 عاما و مدة سلطنته 12 سنة و عشرة أشهر و كان قد توفي أخوه يوسف بيك ليلة الجمعة 10 محرم، و كذا أمه سلجوق شاه خاتون كما مر. و جاء في كلشن خلفا أن أمه عن غير علم منها أعطته سما و تناولته هي أيضا فصادف هلاكهما معا و توفيا … و ما بينه من أن مدة حكمه ثلاث سنوات فغير صحيح.

قال الشاعر المتخلّص ببنائي في وفاته و وفاة أخيه يوسف:

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 281

نه أز يوسف نشان ديدم نه أز يعقوب آثاري عزيزا يوسف اركم

شد چه شد يعقوب را باري

388 حوادث سنة 896 ه- 1490 م

390 ترجمة السلطان يعقوب:
اشارة

هو أبو المظفر السلطان يعقوب بهادر خان و من الغريب أن صاحب كلشن خلفا لم يذكر له حادثا و لا بين علاقته بالعراق بوضوح … و سائر المؤرخين لم يستقصوا أحواله و كل واحد أماط عن صفحة فعرفنا من الكل ما يصور مجمل أيامه ألا أننا عثرنا علي تاريخ (عالم آراي أميني) فأطنب في ذكر أخباره إلا أنه أكثر من المبالغات و إظهار القدرة في البيان فشوش الغرض … و إن كان جلا صفحة غامضة، و صار خير صلة تاريخية، و كان لولاها لا يؤمل أن نقف علي حوادث هذه الأيام … و إن تعلقت بأصل الحكومة، و تفيد تاريخ إيران أكثر مما تفيد تاريخ العراق …

هذا مع العلم بأن معرفة الوقائع الكاملة عن هذه الحكومة غير متيسرة … و قد تكلمنا علي وقائعه في العراق خاصة بقدر ما سمحت لنا المراجع و هي قليلة جدا و كل ما نقوله إن هذا السلطان لا يقل عن والده حسن الطويل من حب العلماء، و تقرير العدل، و رواج الشعر و الأدب، مضي زمانه براحة و طمأنينة تقريبا و يعزي الفضل في ذلك إلي وزيره و قاضيه فإنهما كانا عضده في كافة أموره و سائر أحواله.. و لم يكدر صفو الراحة إلا بعض الوقائع و قد مضت بسلام و نجاح …

و في أحسن التواريخ أنه بني قصرا سماه (هشت بهشت) في تبريز، و قال: توفي في سنة 896 ه مسموما و ذلك أن أمه سلجوق شاه بيكم أرادت أن تسم مسيح ميرزا بن حسن الطويل، و بالغلط تناول السم …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 282

و كانت وفاته في 11

صفر من السنة المذكورة و عمره 28 سنة و سلطته 12 سنة و شهران. ثم إن صوفي خليل موصلي من أمرائهم جعل ابنه بايسنقر ملكا …

391 و في الضوء اللامع:

«أبو المظفر صاحب الشرق و سلطان العراقين، و عم حسين ميرزا ابن محمد اغرلو المقيم في القاهرة، قتل أخاه أبا الفتح خليلا. و استقر في السلطنة … ا ه.

392 و في حبيب السير:

«بعد قتلة سلطان خليل اتفق الأمراء و الأعيان علي سلطنة يعقوب، فعلا سعده، و علت عظمته … تابعه كل من يوسف، و مسيح، و بايعوه علي الطاعة … فجلس علي تخت الملك، و مضي من ميدان الحرب إلي تبريز فاتخذها عاصمته … و من ثم أراد استمالة الخلائق فمضي بهم علي ما كان عليه والده من قواعد، و مال إلي الرأفة بالرعايا و اللطف بهم، و سعي السعي الحثيث لتمكين الشريعة الغراء في نفوس القوم فأنعم علي القضاة و السادة و العلماء بإنعامات و فيرة كما هو المقرر … و قد نصب القاضي مسيح الدين عيسي الساوي بن الخواجة شكر اللّه الوزير لمنصب الصدارة العليا و الحكومة في الأمور الشرعية و كان هذا أستاذه ففوض إليه تمشية أمور الملك و المال مما يتعلق بواردات الدولة و بذلك وصل إلي قمة الجاه و الإجلال و نال أوج الكمال و الاعتبار … و أما الوزارة و النيابة في أمور السلطة فقد أودعها إلي الشيخ نجم الدين مسعود و هذا هو ابن أخت القاضي عيسي و فوض الشؤون المذكورة إليه، و جعل كافة الأمراء و الوزراء، و أركان الدولة طوع أمره، … لحد أنه أعلن أن

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 283

الشاه إسماعيل

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 284

لا يطاع لأحد أمر ما لم يوقع منه … و صير قيادة الجيوش مودعة إلي سليمان بيك و كانت في عهدة خليل موصلي الصوفي …

و بذلك لمعت أنوار رأفته

و انتشرت مراحمه علي مقربيه و علي سائر الناس … » ا ه.

ثم أطنب في أوصاف الوزير و القاضي، و أورد أن اقدام السلطان علي الشيخ حيدر الصفوي مما دعا إلي تغير نياته و بالنتيجة إلي دمار ملكه و زوال سلطنته … و هكذا فعل صاحب منتخب التواريخ و لب التواريخ و القضية لا تخلو من ممايلة … لأن هؤلاء من مؤرخي الدولة الصفوية و في كنه الأخبار بين أنه يقدر الرجال و يعدل في الحكومة، و صاحب كرم، و وقار و احتشام يقرب الشعراء و يتعهدهم … و له طبع في النظم التركي و الفارسي إلي أن قال، إن الشعراء يقرون بلطف طبعه و يميلون إلي تتبع ما قاله من الأشعار و له هذا المطلع اللطيف:

سوختم جندانكه بر تن نيست ديكر جاي داغ بعد ازين خواهم نهادن داغ و بالاي داغ

يقصد احترقت فلم يبق من بدني ما لم يمسه الحرق و مع هذا أحاول أن أحرق ما احترق، و هكذا.

و له من الأولاد بايسنقر، و سلطان مراد و هذان من زوجته كوهر سلطان خانم بنت فرخ يسار الشيرواني، و حسن بيك و أمه بيكي جان خانم بنت سليمان بيك بيجن و تولي السلطنة بعده لده بايسنقر …

و من الشعراء في زمنه:

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 285

1- أمير همايون: من سادات أسفرايين خراسان، شاعر لطيف القول، رقيق النظم. في أوائل شبابه جاء العراق و بسبب رقة طبعه صار من ندماء السلطان يعقوب و من أهل مجلسه فنال مكانة رفيعة. و كان يدعوه السلطان (خسرو كوجك) أي خسرو الصغير و كان ممن استأسره العشق و ذكر له صاحب تذكرة الشعراء جملة من شعره.

2- المولي

شهيدي: دعاه السلطان يعقوب (ملك الشعراء) و المعروف عنه أنه فخور بنفسه، معجب بها، و لا يعدل عن رأي ارتآه، و لم يتدخل في شؤون الشعراء غيره … شعره جميل، مرغوب فيه. و في أواخر أيامه رحل من خراسان إلي العراق و من هناك توجه إلي الهند فسكن إحدي مدن كجرات. توفي عام 935 ه و بلغ من العمر نحو مائة سنة و ذكر له صاحب التذكرة جملة أبيات من مختاراته.

3- درويش دهكي: و هذا ممن نال مكانة لدي السلطان يعقوب و حصل علي جاه و لازم مجلس السلطان. و يقال إن جامي استحسن بعض مقطوعاته …

4- مير مقبول: أصله من الترك، أقام في بلدة قم فاشتهر بالقمي.

و في أوائل أمره كان سباهيا لدي السلطان يعقوب و ترقي هناك. و في أيام شيخوخته ترك و انصرف إلي العزلة … و لم يعرف تاريخ وفاته.

5- حبيبي: من تركمان آذربيجان. دخل في خدمة السلطان يعقوب … و سماه الشاه إسماعيل ملك الشعراء و صار يؤم مجلسه …

و لقبه كرز الدين بيك …

6- سوسي: من تجار آق قوينلو … و له أشعار …

7- القاضي مسيح الدين عيسي.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 286

8- الشيخ نجم الدين مسعود الوزير.

9- المولي بنائي: كان والده معمارا فتلقب بذلك و كان مشهورا في الخط و الموسيقي و له بيان ملتهب شررا و هو في الأصل مقيم في هراة و لأمر ما فر من أمير علي شير نوائي و جاء إلي السلطان يعقوب فكتب له (بهرام و بهروز)، ثم عاد إلي هراة و بعدها مضي إلي محمد الشيباني أمير ما وراء النهر و هذا لقبه (بملك الشعراء) توفي سنة 918 شهيدا في

وقعة أمير نجم. و كان البيت المذكور في وفاة السلطان و أخيه له …

و هناك شعراء كثيرون و إنما ذكرت هؤلاء لبيان درجة تعلق السلطان بالشعر و حبه له و انهماكه في احترام أهله … و في أيامه علماء عديدون منهم الدواني.

393 اضطراب الأحوال:

إثر وفاة السلطان يعقوب حدث اضطراب كبير و قامت الفتنة علي قدم و ساق فتشعبت الحزبية بين رجال التركمان و أكابر أمرائهم و قد قتل في الفتنة القاضي مسيح الدين عيسي الساوي قتله خليل الصوفي لأنه كان قد انتزع الإمارة منه و بعده هلك الوزير نجم الدين مسعود فكان أكبر ضياع … و من ثم التهبت نيران الثورة و اندلعت إلي الأنحاء و الأمراء لا يقفون عند حد و أحزابهم لا تنقطع و تنافسهم مستمر …

394 وفيات
395 1- القاضي مسيح الدين عيسي الساوي: (ترجمته)

هو ابن الخواجة شكر اللّه الوزير، كان أستاذ السلطان يعقوب نصبه للصدارة العليا و الحكومة الشرعية. و هذا القاضي كان صاحب كمالات

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 287

وافرة و فضائل جمة، و المعروف من حاله أنه متمسك بالدين، متحل بآدابه، و أعماله الجميلة قد نقشت علي ألواح القلوب … يأمر السلطان، و الأمراء، و العسكر بالمعروف و ينهي عن المنكر، و لا تأخذه في الحق لومة لائم فلا يبالي بأحد … و لا يتأخر عن النصح و لزوم العمل بمقتضاه و قد سمع عن القاضي ضياء الدين نور اللّه كان قد ورد سفراء من مصر و الروم لمواجهة السلطان يعقوب و هذا لبس الكسوة الذهبية و ظهر بمظهر الأبهة و الإجلال و جمع مجلسه و أبدي العظمة و الحشمة الزائدة و اعتلي العرش و كان هؤلاء السفراء واقفين أمامه كل في محله.

و حينئذ دخل القاضي و رأي السلطان في ذلك اللباس فقدم إليه و قال:

«إن الكسوة الذهبية محرمة شرعا علي الرجال» و حينئذ أمر السلطان مرافقة (ملازمة) سراج الدين فأخذ هذه الكسوة التي كانت عليه فأبدلها فراعي السلطان جانب القاضي و أطاع أمره فلم يتأثر لما نهاه عنه

و لا لما عمله من الاحتساب، و لا زال القاضي يأمر برفع الأمور المخالفة للشرع و يسعي للجهات الخيرية و يحض علي الأعمال المبرورة و أن السلطان يري وجوب مراعاة ما يأمر به أو ما ينهي عنه … و قد استشهد هذا القاضي إثر وفاة السلطان بسبب الفتنة الحاصلة كذا في حبيب السير و كان قد قتله خليل الصوفي. و له الشعر الكثير الذي ينطق بمقامه الأدبي و علو كعبه …

و قد أورد جملة صالحة منه صاحب اتشكده و قال عنه إنه كان أعلم العلماء في عهده، نال المكانة الرفيعة لدي حسن بيك و ابنه يعقوب بيك كما إنه سبق لوالده خدمات في الديوان و هو شكر اللّه المستوفي، علم السلطان يعقوب و له ديوان في الغزل و العشق في ألف بيت …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 288

و نري إدريس بن حسام الدين البدليسي قد مدحه في مقدمة (مجمعة نظم) مدحا زائدا و جمع فيها المقدار الوافر من شعره و رتبه مجموعا من شعره و شعر الوزير الشيخ نجم الدين مسعود و نعت القاضي نفسه بعيسي في كافة القصائد التي قالها و أوردها البدليسي مما تمكن علي جمعه و العثور عليه … و قال في المقدمة إنه لا يستطيع إبداء ما يستحقه الممدوحان (القاضي و الوزير) في كافة أوصافهما فهذه ما لا يكاد يحصيها استقصاء و لو بذل جهوده ليلا و نهارا إلا أن الروابط المعنوية، و الأخوة في اللّه و خصوصية السوابق في المؤانسات الروحانية … مما دعا أن يلهج بذكر جميلهما، و يبدي بعض فضائلهما مما أكسبه من روابط الاختلاط، و الألفة و دوام المرافقة فقد كانا ركنين للإسلام ركينين، قوّما

أساس الملك في مراعاة الدين و تقوية الشرع المبين فكانا متلازمين معا و ساهرين لإقامة نواميس الشرع، و إمضاء الأحكام السلطانية فلم يغفلا لحظة …

هذا لرفع الجهل عقل مشخص و ذاك لفيض الفضل روح مجرد

و ذاك لقانون الممالك حافظ و هذا لكانون المظالم مخمد

و هذا ما جاء في نعت القاضي في مجمعة النظم قال:

«إن القاضي صفي الدين عيسي في حسن شمائله كأنه نازل من الملأ الأعلي في صورة جسم هيولاني تمثل في هيكل جسماني و كان له كمالات و أساليب في فنون العلوم، و فهوم العقل الكلي، و نراه قد أكمل النفوس الناقصة في إنسانه الكامل الهيئة، بليغ المقال، صادق اللهجة..

فكأنه علم في تربية أرباب الحق و اليقين أو هو روحاني مهذب..

و حدث عن بيانه و نظمه نثرا و شعرا و لا حرج سواء في العلوم العربية و آدابها؛ أو لطائف وقائعه و محاضراته بفصاحة ليس و راءها و هكذا قل

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 289

عن تبحره في القوانين الأدبية …

كلم كأن الشهد من ألفاظها جار و إن الطيب منها سائر

فكأن أنفاس المسيح نسيمها إذ من شذاها كل ميت ناشر

عن كل لطف فيه معني كاشف في كل مغني منه حسن باهر

بحر و لكن الطفاوة عنبر مزن و لكن الغيوث جواهر

عقد تسمي نظم در دونه نظم الثريا عنده متناثر

و لم يتأخر أيام قضائه من مراعاة الشرع في كافة الأنحاء الإيرانية فكان موفقا في أعماله بمزيد التوفيق، أعلي منار الشرع أيام السلطان المؤيد إلي عنان السماء، و أعلن للعالم اسم ذلك السلطان فصارت تتجدد ذكراه بالخير و الوصف الجميل و نال الشرع في أيامه نصابه ذلك ما أدي أن يقتدي به سائر الملوك و الأمراء

في الرجوع إلي أحكامه و صاروا يأتمرون بأوامره و ينتهون بنواهيه.

أسدي إليه أولو الألباب فاخرة قلائد المدح من عجم و من عرب

فيمموه و فازوا من مكارمه بكل ما قد تمنوه من الأدب

فاعتز به الشرع و ارتفع الملك بما نفذه من العدل فصار الاثنان يفتخران.. و كان له مجمع مؤلف من أصحاب الدين و الدولة و محفل من أرباب الخلافة و هكذا مجالس الأعيان و الأفاضل … مما زاد في رونق المملكة و علو شأنها … » ا ه إلي آخر ما جاء.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 290

396 ملحوظة:

في الضوء اللامع ج 5 ص 86 ذكرت ترجمة عبد الملك بن علي الساوجي خال القاضي عيسي و أنه نال مكانة كبيرة في أيام ابن أخته المذكور و بعد موت القاضي امتحن بالتعذيب حتي مات في أوائل سنة 896 ه.

397 بايسنقر
398 سلطنته:

هذا هو ابن يعقوب بيك تسلطن بسعي أتابكة الأمير صوفي خليل موصلي فإنه لما يئس من صحة يعقوب بيك قبض علي علي بيك ابن السلطان خليل يوم الاثنين غرة صفر من هذه السنة و حبسه و لما توفي يعقوب بيك قتله، ثم قبض علي كل من توهم منه الخلاف مثل القاضي عيسي صدر فقتله، و صفا له الأمر أياما. و كانت البايندرية تحسده علي استبداده بالأمر مع كونه من الموصليين و بدأت الفتنة.

399 النزاع علي السلطنة:

من مراجعة النصوص التاريخية العديدة نري النزاع علي السلطنة كان شديدا و هو في الحقيقة نزاع بين الأمراء أو تنازع علي السلطة و بدأ من تاريخ القبض علي علي بيك ابن السلطان خليل، و بعد وفاة السلطان يعقوب ركن كل أمير إلي أحد أفراد بيت السلطنة و الأسرة المالكة و نهض بالمطالبة، فوقع بين هؤلاء الأمراء عدة حروب فصاروا جماعات كل جماعة منهم اختارت واحدا من أهل بيت الملك و مالت إليه و قتل الكثير من هؤلاء الأمراء فبعد أن كانوا قوة كبيرة يرهبون أعداءهم

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 291

الشاه طهماسب

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 292

و مجاوريهم عادوا بينهم تلتهمهم نيران الفتنة و تأكلهم فصاروا حطب جهنم الغوائل.. و ذلك أنه لما توفي السلطان يعقوب اتفق الأمير صوفي خليل و أمراء موصللو و پرناك علي إصعاد الأمير بايسنقر بن يعقوب و كان صغيرا، و مال قسم من القوم إلي تولية علي بيك بن خليل بن حسن الطويل و كان أمير الديوان السلطاني فنهض في وجههم خليل الصوفي فقتله و من معه في الليلة التي توفي فيها يعقوب بيك و صار يناضل عن بايسنقر. و جماعة من القوم رأوا

الكفاءة:

1- في مسيح بيك أخي يعقوب بن حسن الطويل و أعني بهم أمراء البايندرية فاختاروه للسلطنة فاشتد الخلاف بين الفريقين فلم يروا بدا من الالتجاء إلي سل السيف و الاحتكام إلي قضائه فكانت النتيجة ان قضي علي الأمير مسيح و ظهرت علامات الاستقلال لبايسنقر فأعلن سلطنته بأبهة و إجلال و قتل في المعركة أكثر البايندرية.. و حينئذ سار الأمير بايسنقر إلي تبريز فجلس علي سرير الحكم و هو لم يبلغ العشر سنوات من العمر فاستولي خليل الصوفي علي إدارة الملك و المالية فعلا سعده.

و صار صاحب الأمر و النهي و عزم أن يحقق ما كان أضمره لسائر الأمراء ممن كان في خدمة السلطان الراحل فبادر في القتل، و صار يلتمس الوسائل للوقيعة بهؤلاء الواحد بعد الآخر.. و من هؤلاء القاضي عيسي فقد أودي بحياته. أما الشيخ نجم الدين مسعود فقد تمكن من إنقاذ حياته خلال هذه الأحوال.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 293

2- أما محمود بيك بن أوغورلو محمد ابن الأمير حسن الطويل فقد انهزم يوم قتلة عمه مسيح بيك من المعركة و ذهب إلي شاه علي پرناك و كان آنئذ حاكم العراق فالتحق به وادعي الاستقلال هناك فبايعه شاه علي و من تحت إمرته فاستولي علي أكثر بلاد العراقين و جمع ما لديه و سار إلي دركزين. فلما وصل خبره إلي تبريز قام في وجهه بايسنقر بتدبير من خليل الصوفي فتوجه إليه بجموعه فالتقي الفريقان في رباط أتابك من حدود دركزين فكانت الغلبة للسلطان بايسنقر بعد قتال شديد و حاول محمود بيك الهرب فتمكن السيد نعمة اللّه الهمداني من القبض عليه في طاحونة هناك و سير مهانا إلي الأمير بايسنقر فقضي عليه.. و

في هذه الحرب قتل شاه علي پرناك أيضا.

3- و في هذا الحين ظن خليل الصوفي أن قد خلا له الجو فزاد تجبره و عتوه و تجاوز حد المعقول و عبث بالأمراء و أقصي الأيدي التي كانت تدبر الملك و تري شؤونه … ذلك ما دعا سليمان بيك بيجن التركماني والي ديار بكر آنئذ أن ينهض للقراع و يجرب طالعه لما رآه من التقتيل بأمراء آذربيجان و اتفق مع سائر أمراء ديار بكر فجمع جيشا سار به نحو تبريز فعلم الصوفي بذلك و سار لمقاومة الثائر فاجتمع الفريقان في حدود وان.

و من الغريب أن القوم حينما تقاربوا من بعضهم و كانوا علي أبواب الحرب مال دفعة واحدة كل من كان يضمر الخلاف للصوفي من أمراء آذربيجان (أمراء البايندرية) و ألقوا القبض علي بايسنقر ميرزا و جاؤوا به طوعا أو كرها إلي سليمان بيك بيجن فاحتفظ به و اشتبك جيش سليمان بيك في القتال مع خليل الصوفي فانكسر جيش الصوفي و قتل هو أيضا مع جمع من الموصلية. و في جامع الدول غدروا به عند اشتباك القتال

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 294

و مضي سليمان بيك مع بايسنقر إلي دار السلطنة، و لم يتعرض للسلطان بايسنقر بل ناصره و صار هو ولي الأمر، و أتابك السلطان. و قبض علي المهام المتعلقة بالإدارة و سائر أمور المملكة … و ذلك في أواخر سنة 896 ه.

400 عالم آراي أميني:

في أيام السلطان بايسنقر قدم إليه هذا التاريخ، و كان قد كتب في أيام والده. مر وصفه في هذا الكتاب. و قد ذكر الأستاذ محمد بن عبد الوهاب القزويني في المجلد الثالث من تاريخ (جهانكشاي جويني) وجود نسخة منه في المتحفة البريطانية.

401 حوادث سنة 897 ه- 1491 م

402 فرار بايسنقر- سلطنة رستم بيك:

كان رستم بيك بن مقصود بيك بن الأمير حسن بيك لما قتل مسيح ميرزا في المعركة السابقة ألقي خليل الصوفي القبض عليه و سجنه في قلعة آلنجق و صار خليل الصوفي أمير الأمراء … و لكن بعد قتلة خليل هذا تعاهد قرق سيدي علي حاكم قلعة آلنجق و جماعة من التركمان علي أن يسلطنوا رستم بيك فأطلقوه من السجن لتخليص آذربيجان و العراق فخرجوا من القلعة و نهض معهم أبيه سلطان فجهزوا الجيوش

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 295

العظيمة نحو بايسنقر فاستقبلهم الأمير سليمان بيك مع بايسنقر للمقاتلة و من ثم و قبل التحام الجيوش صار يفر جيش بايسنقر أفواجا و يلحق بأعدائهم لحد أنهم بقوا و حيدين.

و لما كان الوضع بهذه الحالة اضطر بايسنقر أن يذهب إلي صهره شاه شيروان باتفاق من حسن علي بيك و الشيخ نجم الدين مسعود فساروا إليه في أواخر رجب سنة 897 ه و سار سليمان بيك إلي ناحية ديار بكر. أما رستم بيك فإنه مضي في التاريخ المذكور إلي تبريز و هناك استقر حكمه و أذعنت له بالطاعة كافة الأنحاء و جاءته الوفود من العراقين و فارس و كرمان و لرستان و قدموا له الهدايا و أجروا مراسم الإذعان كما أنه أنعم بإنعامات وافرة علي البايندرية بصورة لم يسبقه أحد إليها فإنه لم يدع واحدا منهم محروما …

أما بايسنقر فإنه رحب به شاه شيروان و

هو جده لأمه (فرخ يسار) فأكرم مثواه و أن نجم الدين مسعود قد سمه بعض الأمراء هناك عند تقديم الطعام له فجني عليه و انتقل هو إلي رحمة ربه، و إن سليمان بيك وصل ديار بكر و هناك صار يعقد الأماني و الآمال إلي أن قتل. و سبب قتله أن سليمان بيك كان قد قتل في إبان سطوته أخا دانا خليل فلما رجع في حال نكبته إلي ديار بكر سنحت الفرصة إلي نور علي بيك بن دانا خليل أن ينتقم لعمه فانتهز حالة وجوده في الحمام المسمي حسين كيف وقت السحر فضربه و أرداه قتيلا. و نور علي بيك هذا بايندري أخو أبيه سلطان فلما بلغ خبر ذلك إلي رستم بيك فرح و أرسل خاله قاسم بيك واليا إلي هناك فوصل إلي المدينة و قام بأمر العدل فيها.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 296

403 وفيات
404 1- حسين بيك بن أوغرلو محمد بن حسن الطويل:

كان قد قتل والده علي يد بايندر قاتل الدودار الكبير أحد أمراء أبيه لخروجه عليه ففر حينئذ هذا و أخوه أحمد. أما أحمد فذهب إلي ملك الروم فأقام في ظل سلطانه، و المترجم فرّ لمملكة مصر فأقام بها في ظل سلطانها، و استقدم له ابنة عمه و كان لتزويجه بها ما كان … ثم رجا من السلطان ما وعده به من القيام معه في مملكة العراق فأدركته المنية في المدينة المنورة في 15 ذي الحجة سنة 897 ه و دفن بالبقيع.

و كان له ذكاء و فطنة و ميل إلي الأدب و التاريخ مع حسن عشرة …

405 2- الوزير نجم الدين مسعود: (ترجمته)

«و هذا رحمه اللّه كان متصفا بمكارم الأخلاق و محاسن الآداب و لطف الطبع و جودة الذهن، يراعي العدل في إدارة المملكة و أمورها المالية. و يزرع في قلوب الأهلين بذور العاطفة الطيبة و الإحسان، و كان يختار لأمور الدولة و أمرائها من له كفاءة علي القيام بالمهمات المودعة و من هو بصير بها … و يسعي جهده لإرضاء الأكابر و الأداني و ينصف الجميع … و قد مضت الأمور علي هذا الديدن مما أدي إلي عمارة المملكة بأطرافها … » ا ه. كذا في حبيب السير. و قال إن هذا الوضع قد تبدل بتغير نيات السلطان نحو الصفوية … فكان ذلك داعية انقراض هذه الحكومة … و الرجل من مؤرخيهم و تحامله ظاهر في إرضائهم.

و جاء في اتشكده ما نصه «اسمه الشيخ نجم الدين و أصله من بلدة ساوه و هو ابن عم القاضي مسيح الدين عيسي، نال منصبا لدي السلطان

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 297

حسن بيك و كذا عند ابنه السلطان يعقوب حتي حصل علي

الوزارة..

و ذكر له بعض الغزل من شعره.

و قد نعت نفسه في شعره بالشيخ و ذكر ذلك في كل قصيدة فيه في الديوان الذي جمعه له و للقاضي مسيح الدين عيسي الأديب الفاضل إدريس البدليسي و له فيه مختارات من النظم جمعها له البدليسي لا تقل عن مقاطيع أكابر الشعراء … و هي باللغة الفارسية. و أساسا إن سوقها آنئذ رائجة و الاعتبار بها كبير و الشعراء قاطبة في أيام الميرزا يعقوب من العجم … و العلاقة و الارتباط بإيران زائد جدا …

و مما قاله فيه أنه لا يحصي صفاته و جميل خصاله لفظ، و لا تنبي ء عنها عبارة فهي لا تعد و لا تحد … فعن شفقته و حبه لرجال اللّه حدث و لا حرج فهو مقبول عندهم كحظوته لدي الشاه و جيشه، و عدله مع أرباب الحكومة و الرعايا لا منازع فيه … هو الوزير محرم الأسرار، و النديم الروحي ليعقوب خان، و مرجع الخلق في حسن الإدارة … فلا يضارعه في كافة أوضاعه ندّ … و أصله ينتمي إلي نسب عريق و نجار شريف فهو يتصل بقطب العارفين الشيخ شرف الملة و الدين محمد الدركزيني قدس اللّه روحه يمت إليه بقربي العصوبة … و كان ملاذا للفقراء، و مرجعا للفضلاء و لم يقصر في تأييد قوانين الدين، و تمهيد قواعد الشرع المبين فهو نعم المعين للقاضي صفي الدين عيسي بل لم يأل جهدا في حسن إدارة البلاد، و سلوك الهداية و الإرشاد … (إلي أن قال) و بعد ارتحال السلطان عمت الفتن، و التهبت نيران الإحن فاستشهد القاضي ثم زادت نيران المصائب اشتعالا حتي أودت بالوزير:

طواه الردي طيّ الرداء فأصبحت معانيه ما فيهن

منه سوي الذكر

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 298

يوسع صدري بالزفير ادكاره علي أن ذاك الوسع أضيق للصدر

هذا و قد أطنب في المدح و الإطراء و قال جمعت هذه القصائد من بعض الأوراق المتناثرة، و الصحف الشاردة و الألسنة و الصدور … مما كان يتغني به القوم … حتي تكونت لي هذه المجموعة …

و دعاها (مجمعة النظم) إلا أنه فصل بين أشعار القاضي و بين أشعار الشيخ فجعلهما في ديوان واحد فقدم أشعار القاضي عيسي ثم ذكر نظم الشيخ نجم الدين …

406 إدريس البدليسي- مجمعة نظم:

هذه المجموعة كان قد جمعها إدريس بن حسام الدين البدليسي و كان من أمراء الكرد، و من المؤرخين، و الأدباء … فر من الشاه إسماعيل الصفوي و التجأ إلي الدولة العثمانية فنال حسن التفات و صار مظهر قبول من السلطان بايزيد خان الثاني فكتب باسم السلطان تاريخه المعروف ب (هشت بهشت) كتبه باللغة الفارسية و سماه أيضا الصفات الثمانية في أخبار قياصرة العثمانية و منه نسخة في مكتبة نور عثمان في الأستانة تحت رقم 3082 و ترجمه إلي التركية عبد الباقي سعدي بن أبي بكر الواني بأمر من السلطان محمود الأول عام 1151 ه و منه نسخة في المكتبة الحميدية تحت عدد 958.

و قد رأيت الكتاب في المكتبة العامة في استانبول و فيه أنه أمر بالترجمة عام 1146 ه أوله: بنام خداوند جان آفرين الخ و الكتاب في مجلد ضخم وقف به مترجمه و مؤلفه عند مناقب السلطان بايزيد فلم يتجاوزها.

و علي الأصل ذيل لابن المؤلف البدليسي و هو أبو الفضل محمد

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 299

أفندي كتبه بالفارسية أيضا منه نسخة في مكتبة أسعد أفندي عدد 2447.

و في تحفة

الخطاطين أنه كان كاملا في الثلث و النسخ و التعليق و أنه كان كاتب الديوان لدي بعض أمراء العجم و شاعرا (الظاهر أنه يقصد السلطان يعقوب) و في فتنة الأردبيلي (الشاه إسماعيل) التجأ إلي الحكومة العثمانية فأكرمه السلطان بايزيد الولي و من آثاره تاريخ جامع قوجة مصطفي باشا في أعلي بابه و هو بخطه (التحفة ص 111) و خط و خطاطان ص 59.

و في تاريخ أنجمني ترجمة ابنه فضل اللّه و ترجمته أيضا …

و في أيام السلطان سليم خان سير إلي كردستان فسعي لإدخال ديار بكر و الموصل و كردستان في حوزة العثمانيين فكانت جهوده في هذا السبيل بليغة … و في عودته إلي العثمانيين حصل علي كل الإعزاز و التكريم. و في عام 921 ه توفي في الأستانة و تربته في جوار أبي أيوب الأنصاري و له دار سبيل هناك، و إن زوجته زينب خاتون دفنت في مسجد لها بالقرب منه …

و له ترجمة في قاموس الأعلام.

و قال في الكواكب السائرة: «إدريس بن حسام الدين العالم

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 300

الفاضل المولي البدليسي العجمي ثم الرومي الحنفي كان موقعا لديوان أمراء العجم (البايندرية) و لما حدثت فتنة ابن أردويل (شاه إسماعيل الأردبيلي) ارتحل إلي الروم فأكرمه السلطان أبو يزيد (بايزيد) غاية الإكرام و عين له مشاهرة في مسانهة و عاش في كنف جماعته عيشة راضية و أمره أن ينشي تواريخ آل عثمان بالفارسية فصنفها و كان عديم النظير، فاقد القرين بحيث أنسي الأقدمين و لم يبلغ إنشاءه أحد من المتأخرين و له قصائد بالعربية و الفارسية تفوت الحصر، و له رسائل عجيبة في مطالب متفرقة و بالجملة كان من نوادر الدهر و

مفردات العصر توفي في أوائل سلطنة السلطانة سليمان خان رحمه اللّه ا ه.

و أما مجمعة النظم فإنها مما جمعه من نظم القاضي و الوزير وفاء بحق الصحبة للموما إليهما و أولها:

چون أي حسن تو در آينه روح بديد أذكر لبت جان سخن را تجديد

عيسي نفسان بياد لعلت جان بخشي و صاف جمان تو شده شيخ و مريد

عندي نسخة مخطوطة من (مجمعة النظم) المذكورة و فيها بعض النقص علي ما يظهر … و في الحقيقة هذا الديوان تاريخ حي، ناطق بمقدرة القاضي و الوزير … و مقدمته تعين مكانتهما و ليس فيها طمع أو أي أمل نحو الممدوحين فهي صفحة صادقة من لسان عارف بهما و صديق حميم لهما … و الظاهر من وصف تحفة الخطاطين، و كتاب خط و خطاطان أن النسخة من مجمعة النظم بخطه و هي تعليق و نسخ معا و خطها جميل جدا و زمنها يقدر بزمنه.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 301

407 حوادث سنة 898 ه- 1492 م

408 بديع الزمان:

و في أوائل أيام رستم بيك عزم بديع الزمان ابن السلطان حسين بايقرا من أبناء السلاطين في خراسان أن يستولي علي العراق (عراق العجم) فجهز جيوشه و في يوم الأربعاء من المحرم لسنة 898 ه سار حتي وصل (ورامين) فنزلها. و قد مضت بضعة أيام من توجه أمراء آق قوينلو نحوه فأصابه الرعب فعاد إلي أنحاء خراسان قبل الملاقاة فلم يقع ما يكدر الوضع …

409 كوسه حاجي البايندري- عصيانه:

قد مضت مدة سنة علي سلطنة رستم بيك و كان ملكا جوادا كريما و في هذه الأيام إثر وقعة بديع الزمان عصي كوسه حاجي البايندري حاكم أصفهان و كان من أمراء السلطان رستم بيك و حينئذ سار السلطان إلي العراق و جهز بعض الأمراء لدفعه و إخماد غائلته و ذلك أنه سير عليه قراپري الطواشي (التواجي) و في المعركة بحدود قم قتل و أرسل رأسه إلي رستم بيك فقضي علي عصيانه و أخمدت ثورته …

410 كيلان- الحروب معها:

إن بادشاه كيلان كاركيا ميرزا علي قد ظهرت منه بعض المخالفات. و إن أحد أمرائه مير عبد الملك حسين سيفي كان قد قتل بعض البايندرية في الري و قزوين و كان هذا من سادات قزوين و مقدمي أمراء كيلان. و لم يكتف بهذا و إنما سار إلي السلطانية فأغار عليها

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 302

السلطان سليم الياوز

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 303

و عاث في الأمن هناك … و حينئذ أرسل السلطان رستم أبيه سلطان (اللّه قلي سلطان) مع جيش من القاجار إلي أنحاء كيلان فنزل أبيه سلطان في موقع من أنحاء قزوين في كورة لاره يشم في منزل يقال له (دريادك) فلما سمع عبد الملك بذلك فر من وجهه و أن جيش القاجار قد استولي علي تمام قطر (رودبار) و كان هذا تابعا إلي مملكة كيلان و قتلوا تقتيلا كبيرا في جيش كيلان و ذلك في رمضان سنة 898 ه فعمل من رؤوس القتلي منارات فتم تنكيله بهم.

411 عودة بايسنقر- قتلته:

و في هذه الأثناء عاد الأمير بايسنقر من شيروان و سار علي آذربيجان بقصد الاستلاء عليها فلم يأمن السلطان رستم غائلته فأراد أشغال شاه شيروان لئلا يمد بايسنقر فأطلق أولاد الشيخ حيدر من السجن في اصطخر و هم سلطان علي پادشاه ابن الشيخ حيدر الصفوي و إخوته ليكونوا في صحبة أبيه سلطان و يقاتلوا بايسنقر فجرت بينهم الحروب مرتين. و في المرة الأخيرة كانت الحرب في موقع يقال له كنجه و بردع فألقي القبض علي بايسنقر فقتل بعد أن كان قد ملك سنة و ثمانية أشهر و كذلك قتل أخوه حسن بيك بن يعقوب بيك و بهذا نال رستم بيك مأموله فانتصر علي

عدوه …

412 السلطان علي الصفوي- رستم بيك:

و إثر تلك الواقعة صار السلطان رستم بيك يحذر من السلطان علي ابن الشيخ حيدر الصفوي فأراد الغدر به، ذلك ما دعا أن يذهب السلطان علي إلي أردبيل لما علمه من تغير نوايا السلطان رستم بيك عليه

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 304

و بالتعبير الأصح رأي منه نزوعا إلي الملك، دخل المدينة بأبهة و سطوة لكون أكثر أهلها بل كلهم من أصحاب أبيه و جده فزاد خوف السلطان رستم من أوضاعه و صار يحسب له الحساب و من ثم جهز جيشا عظيما بقيادة أبيه سلطان و أرسل معه ابن خاله حسين بيك عالي خاني (علي خاني) فمضوا بقوتهم إلي أردبيل فتقاتلوا مع السلطان علي الصفوي في أنحاء البلد فقتل السلطان علي مع إخوته.. أما شاه إسماعيل فإنه في هذا الحين مال إلي كيلان كان جماعة من أصحاب السلطان علي حملوه إلي هناك فاستقبله كاركيا ميرزا علي بتعظيم زائد و أخلص له الود و الإعزاز … و حينئذ أرسل رستم بيك قصادا متوالين و بصورة مكررة إلي كاكيا ميرزا علي في طلب شاه إسماعيل أما هو فقد شاور مير عبد الملك حسين سيفي من مقدمي أمراء كيلان و ممن يطيع الشاه أمره فقرروا لزوم الاحتفاظ به فقطع العلاقة … و سير القصاد إلي رستم بيك مبديا أنه لا يستطيع إنفاذ مطلوبه.

413 وفيات
414 1- ابن زقزق البصري:

هو إبراهيم بن إبراهيم بن محمد بن أحمد البصري، نزيل مكة قطنها و رآه السخاوي فيها سنة 893 ه، و كذا جاور المدينة سنين. و إخوته محمد و إسماعيل كانوا في مكة أيضا. و كان أبوه و أخوه محمد من علماء البصرة، و هو من الصلحاء توفي في رمضان هذه السنة (سنة 898 ه).

و

أما أخوه محمد فكان ممن اشتغل ببلده و بالشام و تميز في الفقه و العربية و غيرهما و شرح الجواهر مختصر الملحة شرحا جيدا مختصرا.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 305

و ممن أخذ عنه و عن أبيه عبد للّه البصري صاحب البرهاني بن ظهيرة.

و هكذا ذكر صاحب الضوء اللامع أباه أيضا.

415 حوادث سنة 900 ه- 1494 م

416 وفاة علاء الدين البغدادي:

في هذه السنة توفي علاء الدين أبو الحسن علي بن محمد بن البهاء البغدادي الحنبلي الإمام العلامة الفقيه المحدث ولد سنة 822 ه تقريبا في العراق و قدم إلي دمشق سنة 37 و أخذ الحديث و العلم عن جماعة و صار من أعيان الحنابلة أفتي و درس و صنف (كتاب فتح الملك العزيز بشرح الوجيز) في خمسة مجلدات و توجه إلي القاهرة فاجتمع إليه حنابلتها و قرأوا عليه و أجاز بعضهم بالإفتاء و التدريس و زار بيت المقدس و باشر نيابة القضاء بدمشق و كان معتقدا عند أهلها و أكابرها و رعا متواضعا علي طريقة السلف توفي بها يوم السبت 23 جمادي الآخرة.

417 حوادث سنة 902 ه- 1495 م

418 بقية أحوال رستم بيك- وفاته:

اعتقد رستم بيك أن قد صفا له الجو و خلا من منازع.. و كان رستم هذا مغرما بحب النساء مغلوبا، لينا فاستولت كل واحدة منهن علي أمور المملكة و أركانها فاختل نظام الملك … و من ثم أرسل الأمراء و راء السلطان أحمد بن أوغورلو محمد ابن السلطان حسن الطويل في بلاد الروم (مملكة العثمانيين) يدعونه للقيام و يتعهدون بمناصرته …

و كان قد هرب من عمه يعقوب بعد قتل أبيه فالتجأ إلي السلطان بايزيد

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 306

خان العثماني فصاهره السلطان و زوجه ابنته فوصل إلي بلاد العجم بعد أن كان قد بقي لمدة بضع سنوات عاش فيها براحة و هناء ففي السنة السادسة من حكومة رستم ميرزا استأذن من السلطان و في رواية نخبة التواريخ بلا إذن و ساق جيوشه الكثيرة من تركمان و غيرهم إلي آذربيجان. و في شاطي ء نهر أرس (أراس) قارع رستم ميرزا. و لما كان أمراء العراق و أذربيجان راعوا شروط الحزم و الحيطة

لم يروا بدا من التسليم، و رفع كلفة القتال فقبضوا علي رستم ميرزا و سلموه إلي أحمد پادشاه فقتل في الروم في شهر ذي القعدة سنة 902 ه و جلس أحمد پادشاه علي سرير الحكم.

و جاء في جامع الدول: «خرج.. كوده أحمد سنة 902 ه، و قدم أذربيجان من جهة الروم في جمع عظيم. و لما وصل الخبر إلي حسين بيك علي خاني بالعراق و ثب علي عبد الكريم لله (بفتح اللامين) و قتله في حدود السلطانية، و خطب لأحمد بيك في بلاد العراق في غرة رمضان هذه السنة. لأن حسين بيك كان متزوجا بأخت أحمد بيك، و انحرف منه مدبر أمره اللّه قلي سلطان (أبيه سلطان) إلي جانب أحمد بيك، فجرت بين رستم و أحمد الحرب لمرتين فانكسر رستم في الثانية فهرب و عبر نهر أرس إلي جانب بلاد الكرج ثم قبض عليه بعد أيام فقتل … و تولي أحمد..» ا ه.

419 حوادث سنة 903 ه- 1497 م

420 سلطنة أحمد بادشاه- قتلته:
اشارة

إن هذا السلطان لم يطل أمد حكمه أكثر من ستة أشهر فقام عليه

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 307

الأمراء و بينهم أبيه سلطان فأورده حتفه.. و ذلك أنه علي ما جاء في القرماني:

«رام أن يجري في تلك البلاد نواب الشرع و ساسة الملك علي ما شاهده في الروم (الحكومة العثمانية) فلم يعجب ذلك أمراء تلك البلاد المطبوعين علي الظلم و إراقة الدم فثقل عليهم ذلك و اتفقوا علي خلعه فأرسلوا إلي مراد بن يعقوب شاه فجاء و قاتل أحمد ميرزا و هزمه ثم ظفر به فقتله و كانت مدة ملك أحمد نحو سنة» ا ه و يعرف بكوده أحمد بيك لقصر فيه و تعني بحتر و في سنة 903 توفي أحمد

بيك ابن اغورلو ابن حسن الطويل، و كان محبا للرعية و منع شرب الخمر، و سعي في تنظيم العلماء.

421 و قال في منتخب التواريخ:

«إنه تمكن في السلطنة بعد قتلة رستم بيك و كان رؤوفا برعاياه.

و في أيامه قد سدت أبواب الإخراجات (الضرائب) لحد أنه لا يسوغ لأي أحد أن يستوفي شيئا من الأهلين ما قل و كثر بلا وجه حق، و كان يتجنب النواهي و الملاهي و الخمور و جل آماله أن يسعي لتقوية الأحكام الشرعية و المطالب الدينية، و كان يعظم العلماء و الفضلاء و يلتزم جانب سيد شيخي المعروف ب (نقطه چي أوغلي) و أن أحمد بيك قد وافق رغبته فلا يتجاوز مشورته و تدبيره إلا أنهما كان من طبعهما البخل و الإمساك سواء الشيخ و السلطان و قصروا في أمر الإنعامات علي ما هو المعتاد ذلك ما دعا أن يطلبوا بإلحاح و يحرجوهما في الطلب … و هذا ما انتج الضرر عليهما بسبب أن الحكومة لم تتمكن من الاستقرار بعد فكانت العاجلة في القضاء علي هذه الحكومة و أدت إلي انقراضها …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 308

إن أحمد بيك لم يأمن من غدر هؤلاء الأمراء و كان من أكابر أمرائه و المقدمين لديه كثيرا حسين عالي خاني الذي هو صهره و لما ارتاب منه قتله و ذلك في شهر ذي الحجة لسنة 902 ه مما أسخط عليه القوم …

و في هذه الأثناء فوض إلي أبيه سلطان إيالة كرمان. و هذا اتخذ ذلك فرصة سانحة فاستأذن في الذهاب و سار إليها من تبريز و ذهب إلي فارس. و هناك اتفق مع حاكم تلك الديار قاسم بيك پرناك فعصوا.

فاطلع السلطان علي جلية الأمر و من ثم

جهز جيشا في الشتاء و سار إلي العراق و قاموا هم أيضا من شيراز في عدة قليلة و ساروا إليه. و في حدود خواجة حسن يوم الأربعاء 18 ربيع الثاني سنة 903 ه التقت الكتائب فكانت الحرب قد أسفرت عن قتل السلطان أحمد بيك و الشيخ المشهور بنقطه چي أوغلي مع خواص أحمد بيك …

422 و في جامع الدول:

«كان- السلطان أحمد بيك بعد قتلة رستم بيك- متوهما من الأمراء، لا سيما مدبر أمره و صهره علي أخته حسن بيك علي خاني، فقبض عليه و قتله في ذي الحجة سنة 902 ه، ثم قتل مظفر بيك ابن منصور بيك أيضا من أعاظم الأمراء، فتوهم منه سائر الأمراء، و استأذنه اللّه قلي سلطان في المسير إلي أقطاعه كرمان فأذن له في ذلك، فخرج اللّه قلي سلطان من تبريز و سار إلي فارس و حرك و اليها قاسم بيك پرناك علي العصيان فاتفقا علي الخلاف. و لما وصل الخبر إلي أحمد بيك خرج إلي صوب العراق لدفع غائلتهم، و سار اللّه قلي و قاسم بيك أيضا من شيراز إلي جانب العراق فالتقي الجمعان في حدود خواجه حسن من نواحي أصبهان يوم الأربعاء 18 ربيع الآخر سنة 903 ه فقام القتال فغدر الأمراء بأحمد بيك … فقتل مع شيخه و مستشار دولته الشيخ

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 309

الشهير بنقطه چي أوغلي في جمع من خواصه، و كان هذا من ابنة السلطان محمد خان سلطان الروم و كان مشهورا بكوده لكونه قصير القامة و اليدين و الرجلين … و كان رحمه اللّه ملكا عادلا حسن السيرة، رفع المظالم من جميع بلاده، و كان متشرعا متورعا … و كان معظم همه مصروفا

في العدل … و كان يكرم العلماء و الفضلاء، و مجلسه معمورا بالمباحث العلمية و كان معتقدا في شيخه نقطه چي أوغلي (ابن نقطة چي) اعتقادا بالغا … لا يصدر إلّا عن رأيه … و مع ذلك كان هو و شيخه ممسكين بخيلين، و قطعا الإدارات التي كانت من زمن حسن بيك و ضيقا علي الأمراء في اقطاعاتهم، فآل أمرهما إلي ما ذكر. و كانت مدة ملكه نحو ستة أشهر» ا ه.

423 و هذا ما جاء في حبيب السير و فيه توضيح قال:

«إن أحمد حينما جلس علي سرير الحكم قرر قواعد العدل و أقام لواء الشريعة الغراء و أمر بلزوم متابعتها و رفع التكاليف الديوانية و غيرها مما كان يؤخذ سابقا فعفا عن كافة الطوائف من أداء الضرائب المذكورة كما أنه ألغي رسوم الإخراجات و منع من المصادرات (شلتاقات) فأبطل كل ذلك و كذا الإنعامات و الأعطيات السلطانية الأخري و منع من شرب الخمور و الملاهي … إلا أنه لم يرق ذلك لأرباب المطامع ففوجئوا في أوائل السلطنة بإبطال هذه و أن لا يخالف أمر قاضي الشرع فلم تكن في أوانها و تفصيل الخبر أنه في أوائل سلطنته قام في وجهه أبيه سلطان و قاسم پرناك فرفعوا راية الخلاف و تحاربوا معه فقضوا عليه و ذلك أن أحمد كان في مقدمة رجاله حسن علي خاني و له قوة زائدة و شوكة عند السلطان أكثر من سائر الأمراء و أركان الدولة و له ميزة عليهم مما دعا أن يظهر ما أضمره من العداء لمظفر پرناك فناصبه العداء لحد أنه قضي علي حياته فوصل خبر ذلك إلي قاسم پرناك (أخيه) و كان حاكما في شيراز فاتخذ هذه الوقعة وسيلة للقيام بشق عصي الطاعة و في هذه الأثناء

قد

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 310

فوض أحمد إيالة كرمان إلي أبيه سلطان و هذا سار من أذربيجان إلي أنحاء كرمان و بعد أن قطع عدة مراحل جاءته الرسائل من قاسم پرناك كان أرسلها إليه و فيها حرضه علي طلب دم أخيه و اتفقا علي ذلك و تأكدت العهود بينهما و في الحال اتصل قاسم پرناك و جيشه بأبيه سلطان فسمع أحمد بالخبر عن هذه الحادثة فجمع جيشه و سار لدفع غائلة أولئك فالتقي الفريقان في أنحاء أصفهان فاستعرت نيران المعركة فكانت الوقعة دامية جدا و قد كتب النصر فيها لأبيه سلطان و قاسم پرناك و قتل أحمد بعد أن قضي نحو ستة أشهر في سلطنته … ا ه.

هذا و صفوة القول أنه بعد قتلة أحمد بيك صارت دولة آق قوينلو سائرة إلي الدمار فاتفق القوم علي الباطل و زاد النفاق بينهم … و لم يبق من نسل حسن بيك سوي ثلاثة أطفال و كل واحد منهم في ناحية. فمن هؤلاء سلطان مراد بن يعقوب كان في شيروان، و ألوند بيك ابن يوسف بيك في أذربيجان، و أخوه محمدي في يزد. و من ثم صارت البايندرية إلي ثلاثة أحزاب كل حزب منهم مع واحد فأعلن السلطنة فتقاتل الأمراء فيما بينهم، و سعي كل منهم في القضاء علي الآخر و عادت الممالك خرابا … إلي أن ذهبت السلطنة منهم فانقرضت علي ما سيجي ء شرح ذلك …

424 ألوند بيك:

لما قتل أحمد بيك لم يكن لدي أبيه سلطان، من الأسرة المالكة من هو أهل للقيام بأمور المملكة فكانت الخطبة تقرأ في العراق باسم السلطان مراد. و تضرب السكة باسمه، و تصدر الأوامر و المراسيم

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين،

ج 3، ص: 311

موشحة باسمه … فذهب أبيه سلطان إلي أذربيجان …

و قبل وصوله إلي تبريز رأي أن دايه (دايي) قاسم الذي كان حاكما في ديار بكر قد اتفق مع سيدي غازي بيك ابن يوسف البايندري حفيد شبلي بيك ابن حاجي بيك ابن طور علي بيك علي نصب ألوند بيك ملكا كما أن جماعة أخري كانوا قد أخرجوا السلطان مراد من شيروان و كان عند جده فرخ يسار و خالفوا أبيه سلطان و هذا لم يتوان في الأمر و إنما تحارب معهم و تغلب عليهم و قبض علي السلطان مراد و سجنه في قلعة روئين (رويين) و تزوج بأمه كما أنه ائتلف مع ألوند بيك و أعوانه و أتي به إلي تبريز. و في أواخر شهور سنة 903 ه أجلسه علي سرير السلطنة و سيأتي ما آل إليه أمره في خلال بيان أحوال السلطان مراد.

425 حوادث سنة 904 ه- 1498 م

426 محمدي بن يوسف بيك:

اتفق جمع من الأمراء و جعلوه سلطانا علي العراق و بعد الاستيلاء علي أصفهان تحاربوا في فارس مع قاسم بيك فانهزم منهم قاسم بيك و تحصن في قلعة اصطخر و بعد أن تم الاستيلاء علي شيراز رجعوا.

أما أبيه سلطان فإنه مع ألوند بيك قصدا مقارعة هؤلاء فتحركوا من آذربيجان إلي العراق. و عند وصولهما إلي حدود الري اختار محمدي الفرار و ذهب إلي قلعة أسنا عند حسن كيا الچلاوي فشتي أبيه سلطان مع ألوند بيك في قم و عينوا بعض الأمراء في ورامين لدفع محمدي و هذا في أواخر الشتاء و بالاتفاق مع حسن كيا الچلاوي باغت الأمراء الذين كانوا مرابطين في ورامين و فرقهم ثم ذهب أبيه سلطان مع ألوند بيك إلي أذربيجان فأخذ محمدي يتقوي شأنه في العراق و

التف حوله جيش عظيم من الترك و غيرهم و وقعت المحاربة بينه و بين أبيه سلطان و ألوند بيك في

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 312

موضع يقال له عزير كندي في شهر شوال سنة 904 فكان الفوز في جانب محمدي و أن أبيه سلطان قد قتل في هذه الحرب.

و كان أبيه سلطان من أمراء البايندرية و اسمه إبراهيم بن دانا خليل بن كور محمد بيك بن قرا عثمان البايندري. ثم اشتهر باللّه قلي سلطان و كان ملكا شجاعا و ذا صولة إلا أن طالع آق قوينلو أخذ بالتحسن و طمع الخصوم في الملك. و سارت الدولة إلي الانقراض و بدت فيها علائم الموت.. من جراء قتلة هذا الأمير..

427 حوادث سنة 905 ه- 1499 م

428 تفصيل ما جرت إليه الحوادث:

بعد قتل أبيه سلطان ذهب ألوند بيك إلي حدود ديار بكر و نزل محمدي في تبريز و كان في هذه الأثناء أخرج أخو أبيه السلطان مرادا من قلعة (روئين) و أسرعوا في استصحابه إلي فارس و ذهبوا به إلي قاسم بيك پرناك و هناك نصبوه سلطانا.

أما محمدي فإنه تحرك من آذربيجان إلي العراق قاصدا دفع هؤلاء و كذلك تحرك السلطان مراد من فارس متوجها نحو العراق فتلاقي الفريقان في حدود أصفهان و وقعت بينهما معارك دامية في أواسط سنة 905 ه فأسفرت النتيجة عن قتل محمدي و كانت مدة سلطنته سنة واحدة.

429 السلطان مراد بن يعقوب بيك:

فلما قتل محمدي ظهر السلطان مراد غالبا منتصرا و تمكن من

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 313

الاستيلاء علي فارس و العراق.. أما ألوند بيك فإنه لا يزال في آذربيجان معلنا سلطنته. و في الأثناء خرج عليه امرؤ دعا نفسه السلطان حسين و زعم أنه ابن جهان شاه ابن قرا يوسف و صار يطلب السلطنة في آذربيجان فجمع جيشا كبيرا. و حينئذ لم ير ألوند بيك بدا من مكافحته ففي شهور سنة 905 ه جرت معركة بينهما فتغلب ألوند و ألقي القبض علي السلطان حسين فقتله … و إثر هذه تأهب السلطان مراد لمقارعة ألوند بيك.

430 حوادث سنة 906 ه- 1500 م

431 الحرب بين السلطان مراد و ألوند بيك:

في أوائل هذه السنة و بعد وقعة ألوند بيك مع السلطان حسين تأهب السلطان مراد لحرب ألوند بيك فتصافت الجيوش في حدود أبهر و قزوين فتدخل بعض المصلحين في أمر الصلح علي أن يكون العراق و فارس للسلطان مراد، و أن تترك آذربيجان و ديار بكر لألوند بيك فرضي الطرفان و ذهب كل من المتنازعين لمملكته …

أما السلطان مراد فإنه في جمادي الثانية من السنة المذكورة جاء إلي قزوين فأقام هناك لمدة أسبوع و سار ألوند بيك إلي تبريز.

432 حوادث سنة 907 ه- 1501 م

433 الحالة في هذه الأيام:

جاء في منتخب التواريخ أن الحالة بعد هذه الحرب قد اضطربت، و انحلت الأمور فصار النهب و الغارة، و الظلم و التعديات في أطراف المملكة ديدنا و معتادا فانسدت الطرق و قلت الحركة. و قد بدت علائم الخلاف و الاختلاف و ذلك أن قاسم بيك پرناك كان قد حكم سنين عديدة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 314

في شيراز كما أن والده كان أيضا حاكمها. و في صفر سنة 907 ألقي القبض عليهما و أرسلوا إلي الصطخر، و بعدها نقلوا إلي أصفهان و هناك قتلوا في يوم السبت 10 صفر المذكور و قتل أيضا يار علي بيك البايندري و جاء أبو الفتح بيك البايندري إلي شيراز و كان حاكما في كرمان و كان يعقوب جان بيك قد اقطع فارسا في رمضان هذه السنة فوثب عليه صاحب كرمان أبو الفتح بيك ابن أخي حاجي بيك البايندري فهرب يعقوب جان (أخو أبيه سلطان) من شيراز فاستولي أبو الفتح علي فارس و دخل شيراز و بقي حاكما مستقلا نحو ستة أشهر حتي سقط من قمة جبل من جبال فيروز آباد في الصيد فمات يوم الأحد 8 شعبان هذه السنة.

و

الحاصل أن المملكة في أيام هذه الحكومة قد نالها الخراب و الدمار و كثرت المجاعات فمات الكثير من الأهلين جوعا و بسبب الطواعين و الأوبئة تفرق الباقون شذر مذر و تركوا أوطانهم، و لا تزال الأوضاع في ارتباك، و الشاه إسماعيل الصفوي لم ينم عن هذه الأحوال و إنما كان يتطلع إليها و يترقب الفرصة استفادة من الوضع و انحلاله..

و مما قيل آنئذ في تصوير حالة الشرق:

إذا شئت أن تلقي دليلا إلي الهدي لتقفو آثار الهداية من كاف

فخلّ بلاد الشرق عنك فإنها بلاد بلا دال و شرق بلا قاف

434 شاه إسماعيل- ألوند بيك:

اغتنم الشاه إسماعيل فرصة الخلاف و الضعف و تذبذب الحالة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 315

فجمع كتائب كثيرة في أوائل شهور هذه السنة (سنة 807 ه) فتقارع مع ألوند بيك في حدود نخجوان فنكل بألوند و من معه من أمراء البايندرية تنكيلا مرا و فرق جموعهم شذر مذر فاستولي الجيش الصفوي علي مملكة أذربيجان … و أساسا أن الأهلين ضجروا من ظلم آق قوينلو و سائر من معهم من التركمان فعدوا ذلك خلاصا لهم مما نالوه …

فابتهجوا بهذا النصر و كانوا في أمل أن يستريحوا من العناء …

و بقي ألوند مدة متحيرا يتجول هنا و هناك إلي أن طوحت به الحالة إلي ديار بكر و كان قد مر ببغداد فلم ير له بها مستقرا و الحاكم في هذه الأنحاء دايي قاسم بيك بن جهانكير بيك (ابن أخي حسن بيك) و ليها مدة و كانت السلطنة باسمه، و هذا تحارب مع ألوند في حدود ماردين فتغلب ألوند عليه و تسلطن هناك …

قضي هناك مدة و توفي في شهور سنة 910 ه.

435 حوادث سنة 908 ه- 1502 م

436 السلطان مراد- الشاه إسماعيل:

بعد أن أخرج الشاه إسماعيل ألوند بيك من أنحاء آذربيجان نظم إدارته و قرر ملكه فمضت سنة علي حكمه و حينئذ عزم علي حرب السلطان مراد فسار إلي أطراف العراق و في يوم السبت 24 ربيع الأول سنة 908 ه تحارب في حدود همذان مع السلطان مراد فانتصر عليه و علي هذا مضي السلطان هاربا إلي أنحاء شيراز و من هناك سار إلي بغداد إلي باريك بيك پرناك حاكم تلك الديار فاستقر في الحكم هناك …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 316

437 وفيات
438 جلال الدين الدواني:

في هذه الأيام زاد انهماك الناس بالسياسة فصدتهم عن الالتفات إلي العلوم و التبرز فيها، و تركوا النظر، أو اهملوا التدريس و صار لا يلتفت إلي العلوم … فكانت السياسة من جهة و الحروب العنيفة من جهة أخري، مما شغل الأهلين، و ألهي غالبهم عن الانصراف للعلوم، و التطلع للفلسفة، أو الحرص الزائد في طلبها … و في الوقت نفسه مال الأمراء بكليتهم للحروب و السياسة فلم ينظروا للعلوم و لا لرجال العلم.

و مترجمنا يعد من فلاسفة عصره، و من مشاهير المتكلمين، استهوته (الأفلاطونية الحديثة)، و الغالب عليه أنه مال إليها من جراء توغله في الكلام، و مناظراته.. فرأي مباحثها أوفر تفسيرا لما عنده، و كان التصوف و الشعر الفارسي مما جره إلي ناحيتها.

و كانت الآراء السياسية، و الآمال الحربية، و الثورات الكبيرة، و الطغيان و الاضطراب مما أثر تأثيره علي الآراء العلمية و الثورة عليها، و كانت حالة العصر في تحول عظيم و انتقال فلا يبعد أن يستهوي التصوف هذا الرجل، فيعتنق فكرة مثل ما جاء في رسالته الزوراء.

و الرجل يعد من أقطاب الفلسفة القديمة كان في عصره ذائع الصيت.

و من

مشاهير العلماء في أيام الدولة البايندرية، انتشر خبره في الأقطار و هو حي، و عرف بالعلم الجم و الفضل الكبير … كان شافعي المذهب، و أصله من قرية دوان التابعة لكازرون، و كان قاضيا بإقليم فارس، أخذ عن المحيوي اللاري و حسن بن البقال، و تقدم في العلوم سيما العقليات و أخذ عنه أهل تلك النواحي، و شد إليه الرحال كثيرون

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 317

من مدن قاصية من الروم و خراسان و ما وراء النهر و استقر به السلطان يعقوب في القضاء … و غالب أيامه قضاها بشيراز.

و له تصانيف كثيرة: (منها)

1- أخلاق جلالي، و يسمي (لوامع الإشراق في الحكمة العملية و المنزلية و المدنية في مكارم الأخلاق)، فارسي مختصر أوله: افتتاح كلام بنام واجب الإعظام الخ … و هذا كتبه للسلطان حسن الطويل، و قدمه إليه.

2- شرح علي شرح التجريد للطوسي. عم الانتفاع به.

3- شرح هياكل النور.

4- إثبات الواجب القديمة، أولها سبحانك ما أعظم شأنك الخ و عليها شروح و تعليقات و عندي نسخ مخطوطة منها، قدمها للسلطان يعقوب بهادر خان و جاء في بعض المخطوطات أنه قدمها للسلطان بايزيد العثماني و ليس بصواب. و كان تأليفها في 14 رجب سنة 889 ه. كذا محرر في نفس الرسالة.

و نعت السلطان بمزيد العلم و الدين، و في حمي بيضة الإسلام من إفساد الكفرة الطغام، و حرس حوزة الإيمان عن مفاسد أهل الشرك و الطغيان … ذكر الناس بعدالة أيام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، أنسي الناس خلافة بني العباس بشامل الجود و كامل السطوة و عظيم الباس … فهو الذي أنار مصابيح العلوم بعد انطفائها و نضر رياض الحكم عقب ذبولها و

ذهاب روائها، و أصلح أركان الفضائل و المعالي بعد فسادها، و روج أسواق الأفاضل و الأعالي إثر كسادها حتي جلبوا بضائع العلوم إلي حضرته من كل فج عميق، و جنوا ثمرات باسقات عرائس الفهوم إلي سدته من كل بلد سحيق فوسمتها باسمه العالي المكتوب علي جباه السماوات العوالي رسما لخدمته و أتحفت نسخة منها إلي عامر خزانته الخ.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 318

5- إثبات الواجب الجديدة، و عليها شروح و تعليقات أيضا.

6- الزوراء. يذكر أنه ألهم بها في حضرة الإمام علي عليه السلام.

و كثيرون يقطعون في أنها لم تكن له و هي مختلقة، لما فيها من عقائد و آراء فلسفية مثل الأعيان الثابتة غير مجعولة. و هي مطبوعة مع ذيلها.

كتبها- علي ما يقال- ببغداد فكانت سبب تسميتها، فقد ألفها أو ألهمت إليه.

7- ذيلها (هتك الأستار). له. طبعت.

8- الأنوار الشافية.

9- شرح العقائد العضدية. فرغ من تأليفه في ربيع الأول سنة 905 ه ببلدة جيرون و هو آخر مؤلفات الجلال كما قيل. ذكر ذلك في كشف الظنون. و بهذا عرف أنه لا يزال علي عقيدته الأولي و أن الزوراء مدسوسة عليه و من كتبه (أخلاق جلالي) و يعد من الآثار المعتبرة، نال شهرة كبيرة، و ترجم للانجليزية و له مهارة في الشعر أيضا. و مما قاله فدعا للتقولات:

درد خمار دارم و دود مان من ميست مي ده كه مي ز بهر مداوا حرام نيست

و أجابه بعض الشعراء:

بهارست دركشي مي ارغواني بفتواي ملا جلال دواني

و يطول بنا الآن الكلام علي مؤلفاته، و قيمتها الفلسفية، و مكانة عقيدته منها … خصوصا رسالة الزوراء و هتك الأستار، فإن لها موطنا غير هذا، و هو التاريخ العلمي و الأدبي … و الملحوظ

أن أهل الأبطان حاولوا الاستفادة من شهرته فنسبوا إليه الزوراء و هتك الأستار …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 319

ولد سنة 830 ه، و توفي سنة 908 ه.

439 حوادث سنة 913 ه- 1507 م

440 حكومة مراد في بغداد:

قضي السلطان مراد في العراق نحو خمس سنوات و نصف و هو في حالة اضطراب و تشوش لا يدري مصيره تجاه عدو قاهر استولي علي أكثر بلاد إيران و صار لا ينازع في سلطته و قهره.. مضت هذه المدة و لم تظهر حوادث تستحق التدوين في حين أننا نري الشاه إسماعيل ينسق إدارته و يقرر حكمه و ينظم شؤونه و يتأهب للقضاء علي البقية الباقية من حكومة آق قوينلو.. و هو في هذه الحالة يعلو سعده و تنقاد له الأقوام طوعا أو كرها و قد مل الناس الحروب و صاروا في رغبة شديدة إلي الراحة، و إلي حاكم قاهر يقضي علي أرباب الفساد و الشغب.

441 حوادث سنة 914 ه- 1508 م

442 شاه إسماعيل و فتح بغداد:

و في سنة 914 ه توجه الشاه إسماعيل نحو العراق للوقيعة بالسلطان مراد و تفصيل الخبر أن الشاه إسماعيل كان قد احتفل بمناسبة استيلائه علي كيلان و في هذه الأثناء سمع أن السلطان مراد قد سار إلي علاء الدولة من دلغادر (ذي القدر) و التحق به تاركا بغداد، و أن علاء الدولة قد زوج ابنته إلي السلطان مراد فاتفقوا و تكاتفوا علي القيام في وجه الشاه إسماعيل و توجهوا بجيش جرار و مضوا به إلي ديار بكر بقصد

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 320

الاستيلاء عليها و اشتعلت نيران الفتنة هناك فعلم الشاه بكل ذلك و حينئذ عزم علي دفع هؤلاء و جهز جيشا لجبا لهذه الغاية و القضاء علي هؤلاء و جعل وجهته آذربيجان.

فلما اطلع علاء الدولة علي جلية الأمر و نوايا الشاه انسحب من ديار بكر التي كان قد استولي عليها فتركها و أبقي فيها بعض أعوانه و معتمديه و مضي إلي البستان أما الشاه إسماعيل فإنه سار

إلي ديار بكر و استولي عليها و مزق جيش علاء الدولة فعين محمد بك استاجلو حاكما في تلك الأنحاء و رجع الشاه إلي مدينة خوي فأقام بها.

ثم إن علاء الدولة رفع لواء الحرب مرة أخري و بعد مدة و جيزة جاءت البشري للشاه بانتصار محمد بيك استاجلو عليه و تمزيق شمل جيشه و هربه إلي ديار الروم (الأناضول) فقتل هناك.

و في جامع الدول: «هرب السلطان مراد إلي بلاد قرمان، ثم رجع و التجأ إلي الأمير علاء الدولة من ذي القدرية (دلغادر) فأكرمه علاء الدولة و زوجه بابنته فولدت له ولدين يعقوب بيك و حسن بيك و بقي السلطان عند الأمير علاء الدولة إلي أن توجه سلطان الروم (العثمانيين) السلطان سليم ياوز إلي قتال شاه إسماعيل في سنة 920 ه فسار السلطان مراد في جمع إلي تسخير ديار بكر ملك آبائه و أجداده فقاتل القزلباشية المستولية علي تلك الديار و كان مقدمهم دورمش بيك قورجي باشي شاملو فانكسر السلطان و قتل قبل عيد الفطر بيوم من السنة المذكورة و حمل رأسه إلي الشاه إسماعيل. و كان مولده ليلة السبت 3 رمضان سنة 895 ه و عمره (25) سنة و مدة حكمه 9 سنين و هو آخر ملوك البايندرية» ا ه.

أما بغداد فإنها كانت من حين ذهب السلطان مراد عنها بيد الحاكم بها و هو (باريك بيك) استولي عليها و كان ينزع إلي السلطنة و الاستقلال

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 321

و لم يخضع لنفوذ الشاه و في خريف سنة 914 بينما كان الشاه في ربوع همذان عزم أن يستولي علي بغداد بإخضاع صاحبها فأرسل لهذه المهمة أحد قواده المشهورين خليل بيك يساول و هو من

المحنكين المجربين فتوجه إلي مدينة دار السلام بصفته رسولا من جانب الشاه بغرض أن يقف علي الحالة و يختبر الأمر مباشرة …

فلما علم صاحب بغداد بقدوم رسول الشاه بعث لاستقباله جماعة من خيرة رجاله فاستقبلوه بعز و احترام و جاؤوا به إلي بغداد فاجتمع بالوالي (باريك بك) في بستان ميرزا پير بوداق فأدي للرسول مراسم التكريم و الاحترام و أبدي الوالي الخضوع للشاه و أنه طائع منقاد …

و أرسل الوالي أحد أمرائه و هو إسحاق الدباس السيرجي و معه تحف و هدايا برسم تقديمها للشاه و يظهر الطاعة له. فغادر أبو إسحاق بغداد و معه خليل بيك رسول الشاه فوردوا إليه و قدم أبو إسحاق الهدايا من سيده و قال له إنه أذعن بالطاعة …

إن الشاه كان يأمل أن يجي ء إليه باريك بيك بنفسه و لذا لم ينظر إلي الهدايا بعين الرضي و لكنه أبدي لأبي إسحاق لطفا و كرما و أذن له بالانصراف و أن يبلغ سيده باريك بيك أنه لا حاجة له بالهدايا و إنما يريد أن يأتيه باريك بيك طائعا لينال كل عاطفة و إلا فإنه إذا توسل بالخداع و عكر فسوف ينال العقوبة الصارمة فانصرف أبو إسحاق من الشاه و عاد إلي بغداد فعرض لسيده مطالب الشاه.

أما باريك فإنه أبدي في أول الأمر طاعته بصورة ظاهرية و بعد مدة أخذ يتأهب و يستعد لبناء القلاع و جمع الأرزاق و المؤونة و فرض علي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 322

الأهلين ضرائب ثقيلة و أمر بأخذ ما عندهم من حبوبات و أطعمة تأهبا للطواري ء بحيث تجمع لديه ما يكفي إعاشة الجيش لمدة ثلاث سنوات …

و كان نقيب بغداد و من أشرافها السيد

محمد كمونة الذي ورث النقابة أبا عن جد و كان متهما بإخلاصه للشاه فأمر باريك بالقبض عليه و زجه في السجن..

و أما الشاه فإنه حينما انصرف أبو إسحاق الدباس منه عزم علي فتح بغداد و عين لهذه المهمة أحد قواده و هو حسين بيك (لله) (لالا) أرسله مع الجيش مقدما ثم تحرك هو بعده متأخرا فسمع باريك فاضطرب و فضل الفرار علي الكفاح و النضال فعبر علي ظهر جواده من جسر بغداد ليلا و توجه نحو مدينة حلب. و جاء في جامع الدول «أن باريك ذهب إلي العثمانيين و بقي في خدمة السلطان سليم ثم ولده السلطان سليمان ثم عرض إليه عمي فاستأذن السلطان في المجاورة بمكة المكرمة فأذن له في ذلك، و سير إليها مكرما و بقي فيها إلي أن توفي» ا ه.

و عند الصباح اجتمع الأهلون ببغداد و جاؤوا إلي الجب الذي سجن فيه السيد محمد كمونة المذكور فأخرجوه منه و سلموا إليه مقاليد الأمور ببغداد. و هذا يعد بمثابة طاعة منهم للشاه … و في هذه الأثناء تبينت طلائع الجيش الإيراني يوم الجمعة يقدمهم لالا بيك و جاؤوا إلي أطراف بساتين بغداد و في يوم الجمعة المذكور صعد السيد محمد كمونة المنبر و خطب باسم الشاه إسماعيل و أدي كمال الإخلاص و الطاعة و بعد الصلاة خرجوا من البلدة لاستقبال لالا بيك و الاحتفال بقدومه …

أما لالا بيك فإنه راعي التعظيم و التكريم اللائق في حق السيد

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 323

محمد كمونة و عطف عليه عطفا لا مزيد عليه فذهب السيد محمد كمونة و حسين بيك لالا إلي الشاه و بشروه بفتح بغداد و سلم إدارة المدينة لخلفا بيك

و هذا كما قال صاحب حبيب السير أمير عادل، أتي بغداد قبل موكب الشاه فأمن حقوق الناس.

443 دخول الشاه بغداد و زيارته مراقد الأئمة:

و إثر ذلك، و بتاريخ 25 جمادي الثانية سنة 914 ه وافي الشاه إسماعيل بغداد و قد فرح به السواد الأعظم و قدموا له الذبائح و احتفلوا بقدومه. نزل بستان پير بوداق فالتجأ الناس إليه و زاد الشاه في رتبة السيد محمد كمونة …

و في اليوم التالي ذهب إلي زيارة كربلا المشرفة و صنع الصندوق المذهب للحضرة و وقف فيه اثني عشر قنديلا من ذهب و فرش رواق الحضرة بأنواع المفروشات القيمة … و اعتكف هناك ليلة ثم رجع في اليوم التالي متوجها إلي الحلة و منها ذهب إلي النجف الأشرف لزيارة الإمام علي عليه السلام و قدم النوادر الفاخرة و الهدايا الجزيلة لسكان المدينة و أنعم بإنعامات وافرة.

ثم رجع إلي الحلة و من هناك توجه نحو البادية إلي (قبيلة غزية) النازلة في البادية فأخضعها و عاد إلي بغداد و من هناك مضي لزيارة الإمامين موسي الكاظم و محمد الجواد و كذلك أنعم علي من هناك بأنواع الإنعام …

ثم توجه إلي زيارة (علي النقي) و (حسن العسكري) الإمامين في سامرا و بعد أن أتم زيارته رجع إلي بغداد و نزل في البناية التي أوصي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 324

ببنائها في أول مجيئه إلي بغداد قرب باب (قراقپو) في فسحة هناك فاستراح …

ثم ذهب إلي (طاق كسري) للفرج و من هناك توجه إلي أجمة السباع للصيد في الجزيرة المجاورة فهجم سبع عليهم و حينئذ قتله الشاه بنفسه و رجع إلي بغداد و عين رواتب إلي خدام الأعتاب المقدسة و أمر بجمع نجارين و مهندسين من أطراف الممالك

ليصنعوا ستة صناديق منقوشة بنقوش خطائية أو أسلمية (سليمية) في غاية الإتقان و الإبداع ليضعها علي المراقد المشرفة و يرفع الصناديق العتيقة.

ثم عين بولاية بغداد (خليفة الخلفاء) و كان قبل هذا يدعي (خادم بيك) فلقبه بخليفة الخلفاء و كناه بأبي منصور و أوصاه بتمشية الأمور و العناية بمراقد الأئمة و أنعم عليه بأنواع الخلع ثم توجه إلي الحويزة.

و بهذا انقرضت حكومة البايندرية من العراق …

444 أشتات آق قوينلو:

يعد أكثر المؤرخين السلطان مرادا آخر ملوك آق قوينلو. و أن وقعة بغداد سنة 914 ه هي تاريخ انقراض هذه الحكومة إلا أن مرادا سار قبلها إلي علاء الدولة دلغادر و بقي عنده … و في رواية أنه فر إلي مصر.

و المعول عليه ما تقدم. و في أثناء الحرب مع إيران قد ولي قيادة فرقة من الجيش العثماني و ذهب للاستيلاء علي ديار بكر هناك قتل في رمضان سنة 920 ه فانتهي أمرها تماما.

و في القرماني ما نصه:

«في سنة 908 ه قصد الشاه إسماعيل الصفوي بغداد و بها السلطان

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 325

مراد، و كانت قد ضعفت دولتهم و قويت شوكة الأردبيلية و كانوا قد استولوا علي غالب بلادهم التي بأيديهم فلم يطق مراد المقاومة فترك بغداد و أتي الروم مستغيثا مستجيرا، فلم ينل بها قبولا، ثم ذهب و التجأ إلي علاء الدولة بن ذي الغادر و أخذ منه مددا و ذهب إلي بغداد و استردها و استقر علي سريرها و كان إسماعيل مشغولا بحرب بعض الملوك ثم قضي أربه و هجم علي مراد المذكور ببغداد و طرده عنها و استولي عليها و اضمحل حال مراد و لم يعلم له خبر و هو آخر من ملك عراق

العجم من أهل هذا البيت» ا ه.

و لكن هذا لم يؤيد من مؤرخين آخرين.

و في كتاب الدول الإسلامية و غيره ذكر النقود لأكثر ملوك آق قوينلو و أنها موجودة و يشاهد فيها عنوان (سلطان). و في المسكوكات الإسلامية لأحمد توحيد المطبوع سنة 1321 قد ذكر بين أسماء ملوكهم زينل بن أحمد بن أوغورلو محمد و حسن الثاني بن يعقوب إلا أنه لم يعين المرجع الذي عول عليه … و علي كل إن فروع هذه الحكومة في آذربيجان و آمد و ماردين إلا أن التفصيلات عنها لا تزال غامضة و قد ذهبت أخبارها فلم يبق إلا القليل و في أنحاء الموصل تركمان عديدون و لكن لا يفرق بينهم أو عاد لا يعرف لهم كيان خاص.

فهم الآن يعيشون أشتاتا و متفرقين أو كتلات ضعيفة و صغري …

445 سلاطين آق قوينلو:

1- بهاء الدين قرا عثمان 806- 839.

2- جلال الدين علي 839- 942.

3- نور الدين حمزة 839- 848.

4- معز الدين جهانكير 848- 875.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 326

5- أبو النصر حسن بيك الطويل 871- 882.

6- خليل 882- 883.

7- يعقوب 883- 896.

8- بايسنقر 896- 898.

9- رستم بيك 898- 902.

10- كوده سلطان أحمد 902- 903.

11- محمدي 903- 905.

12- ألوند 903- 910.

13- سلطان مراد 903- 914.

446 1- ملحوظة:

إن الذين جاؤوا قبل حسن بيك كانت إمارتهم قبائلية و ضربت أحيانا النقود بأسمائهم … و إن حسن بيك أكسبها شكل حكومة منظمة و اتفقت كلمة المؤرخين علي أنه أول ملوكهم.. و الثلاثة الأخيرون تنازعوا السلطة و لم يصف الأمر لواحد و الأخير منهم انتزعت بغداد منه في سنة 914 ه و بقي متجولا، قتل عام 920 ه.

447 2- ملحوظة:

لا نري أسماء ولاة بغداد متسلسلة و مطردة.

448 آخر القول في هذه الدولة:

مضي هذا العهد بتفصيلاته و خير أيامه زمن حسن الطويل و ابنه يعقوب بيك فإنها من أحسن الأدوار دامت فيها بعض المواهب العلمية، و الكفاءات الصناعية إلي مدة.. فنري ظهور بعض الشعراء و العلماء. إلي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 327

أن جاءت النوبة إلي الحكومة الصفوية. فلم تنقطع الصلة بين الماضي و الحاضر. و لكن الفتن الأخيرة جعلت أمراء هذه الحكومة و سلاطينها في ريب من وضعهم. و قد اشتدت الحزبية حتي بلغت حدّها و كثرت الفتن فكانت أشد مما هي عليه في عهد دولة قرا قوينلو.

كانت المجادلات بين أمراء هذه الدولة أنفسهم و صار الملوك ألعوبة بأيديهم فلم يستقر حكم. ثم زاد في الطين بلة (ظهور الصفوية) و قيامهم، فلم يبق أمل للناس في الراحة، و الطمأنينة. و ضعف العراق و تذبذب أمر إدارته فلم تدع الغوائل طريقا للنهوض و لا كانت الفرصة سانحة للاستفادة من شدة الخلاف و الاختلاف بين الأمراء و بين الناهضين الجدد.

و كل المدونات عن هذه الحكومة أو غالبها يخص حالتها العامة، و وضعها الشامل فلا تجد بحثا خاصا عن العراق و مستمرا إلي آخر أيام هذه الدولة و ليس فيها ما يوضح الحالة الاجتماعية و ما عرض لها من أوضاع. فهي في غموض نوعا.

و الحالة العشائرية متبدلة و لم نر للعشائر ذكرا في أيام هذه الدولة إلا قبيلة واحدة هاجمتها الحكومة الصفوية و هي قبيلة (غزية) و هذه كانت صاحبة الصولة في هذا الدور و كذا جاءت الإشارة إلي الجوذر و الجحيش … و كأن هذه العشائر اعترتها بهتة من هذه التبدلات.

أما المدارس فلا نجد واحدة من مؤسساتهم بل لا

نري لها ذكرا فإن الحالة كانت تدعو للقلق فلم ترج سوق العلم إلا بقدر الحاجة و التنوع في ضروبه يكاد يكون مفقودا ذلك ما دعا أن يندثر. و البقية الباقية لا تزال تظهر مواهبها في واحد بعد آخر. فلم يعدم القطر من علماء و الاطراد و المجري العلمي المعروف من أكبر العوامل علي البقاء أو بالتعبير الأصح التشكيلات آنئذ تدعو أن لا يفقد العلم و إن كان فقد

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 328

من يدون عنه، أو عاد لا تري له قيمة تجاه العظمة السابقة و العلم المعروف نقله تواترا كابرا عن كابر.

و لا قول في أن الناس عباد الجاه و السلطة … و أن رغبة الحكومة مصروفة إلي الآداب الفارسية … مما دعا أن تنحط العربية، أو أنها لا تنال المكانة ما لم تقرن بالفارسية التي حلت مكانتها و رسخت …

فاضطر الناس أن يتعلموهما معا و برز النوابغ في الشعر الفارسي و العربي معا و وجدنا من حمي العلم و العلماء، أو راعي الروح الأدبية و الفنية و إتقان الصناعة … فراج الخط و ظهر خطاطون عظام خصوصا في التعليق و في النستعليق.. مما بلغ الغاية حتي ظهر مير عماد … و من نحا علي هذا النحو.. كما أن النسخ بلغ غاية ليس وراءها..

و هكذا لم ينعدم النقش و التزويقات الكمالية، و التجليد فنري نماذج فاخرة و فخمة إلا أنها متفرقة و مشتتة في مختلف الأقطار.. و من مجموعها ما يشعر بأن الروح العلمية و الأدبية و الصناعية.. لم تندثر و إنما انتشرت في مناطق أخري و تجولت بالنظر للرغبات العلمية و الصناعية..

إلا أنها لم تكن بشكلها العام الشامل و نري أفرادا قليلين

قد نبغوا فاشتهروا و لم يعدموا التقدير..

و في عصورنا هذه قد وقف كل صنف من صنوفها علي فرعه و جمد عليه فلم يحصل احتكاك في الأفكار فالواحد لا يدري عن عمل الآخر و لم يلتفت إلي العلاقات..

و جمع المعلومات المتفرقة تتوقف علي الحصول علي الوثائق من كافة النواحي و أما الوجهة السياسية و الحربية فهذه قد يتعرض لها في بعض المواطن و تهمل أخري.. ذلك ما صعب مهمة بحوثنا، و الاعتراف بالعجز في أكثر المواطن، و لزوم التكاتف للمباحث و التناصر علي جمعها و عرضها للعموم …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 329

و الحاصل أن هذه الحكومة قد طمس الكثير من أثارها، و اندثر العظيم من تاريخها و لو لا التحري و رجاء العثور، و أمل التناصر لقطعنا في مجهولية غالب هذا التاريخ …

449 تصحيح مهم:

لقد ورد في هذا المجلد عبارة «پير بوداق يرلغندين أبي النصر يوسف بهادر نويان سهو زمير»، و إن كلمة (سهوزميز) خطأ، و صوابها (سوزميز)، و يتلفظها الأتراك الآن سوزمز، و يراد بها (قولنا) و تعني (فرماننا، و منشورنا) أو (اراداتنا)، و تكتب عادة كتوقيع في صدر فرامين أكثر الدول التركية، كالتيمورية، و قراقوينلو، و آق قوينلو حتي إنها تذكر في وقفياتهم، و في خزانة الأوراق في استانبول فرمان للشاه رخ فيه جملة (شاهرخ بهادر سوزميز) و في فرمان آخر للسلطان حسن الطويل مصدر ب (سلطان حسن بهادر سوزمير) و يعبر عنها العثمانيون بعبارة (فرمان عالي شان حكمي) و يقابلها عندنا عبارة (أمرنا بما هو آت) و هذا الإيضاح و التصحيح للأستاذ الفاضل (البروفسور مكرمين بيك خليل) أستاذ التاريخ في الجامعة التركية باستانبول و نحن نشكر له هذا الاهتمام و اللطف

لما تفضل به مقدرين له جهوده العظيمة للتاريخ.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 331

450 3 الدولة الصفوية

اشارة

(من 25 جمادي الآخرة سنة 914 ه- 1508 م إلي 24 جمادي الأولي سنة 941 ه- 1534 م)

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 333

الدولة الصفوية في العراق

452 نظرة عامة

هذه صفحة أخري من صفحات تاريخ العراق، تتعلق بحكومة نشأت خارج العراق و استولت عليه، في 25 جمادي الثانية سنة 914 ه- 1508 م و لا تزال معروفة لدينا، و وقائعها باقية إلي أيام نادر شاه لما قامت به من حروب و مناضلات بينها و بين الدولة العثمانية في التنازع علي السلطة في العراق بصورة متوالية و كانت مؤلمة جدا مما دعي أن يقول العوام في أغانيهم (بين العجم و الروم بلوي ابتلينا) و هذه و إن كان موردها غراميا تعني التألم و التوجع مما جري فقد احترق الأهلون بين نيران الاثنين المتحاربين.

و لو لم يقولوا شيئا فإن ذكري الحوادث مما يحزن و يستدعي الكره لهذه الحالة فالمتغلب منهما يحاول القضاء علي كل نزعة لمخالفه و يسعي لتدميرها و استئصالها و الآخر يراعي عين العملية بلا رحمة و لا شفقة … فكأن القوم لا هم لهم غير اجتثاث ما من شأنه أن يبقي أثرا للآخر … و كل يعلن نصرته للدين، و انتصاره لجماعته المتقين …

و السياسة أصل الفعل، تقمصت بقميصه، و ظهرت بمظهره …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 334

و المغفلون يعتقدون صحة ما ذهب إليه كلّ فيجري المفعول بلا شفقة و لا رحمة.. و لا تسل عما أصاب من هلاك في النفوس و تدمير في الأموال، أو في العلوم و الآثار، أو في الثقافة.. و الواحد لا يترك أثرا للآخر، أو علاقة إلا أتي عليها فلم يجد العراق من راحة أو هناء، و لا

طمأنينة و سكون.. يخرجون من حادث ليترقبوا آخر، فالمصائب تتري، و الوضع غامض، لا يعرف القوم مصيرهم، و لا ماذا سيحل بهم.. و سيأتي ما يبصر بهذا من وقائع مثبتة، و حوادث مزعجة لا تقف عند هذا العهد و إنما تمتد إلي ما بعده.. و إن خيرات البلاد مكنت الناس من المقاومة نوعا ما و حافظت علي البقاء.

و في هذا الدور الوثائق قليلة جدا من ناحية التعريف بالمحيط، و الاطلاع علي أحواله الخاصة و وقائعه الصحيحة.. و ما وصل إلينا غالبه جاء من طريق الحكومات المسيطرة و فيه ترويج سياستهم و مراعاة وجهة نظرهم و خطتهم في فتوحهم و إدارتهم.

و من مقارنة النصوص تتوضح لنا الحالة و تبدو ناصعة إلا أن ما يهم السياسة مدون، أو ما يتعلق بالحروب مع أعدائهم، أو مع أهل المملكة معروف. و ما سواه مما يميط اللثام عن الشعوب و مكانتها، أو علومها و آثارها، أو علاقتها الاعتيادية.. لا يزال في خفاء و غموض أو قليل التمحيص و التنقيب.. و قد استنطقنا مؤرخين عديدين لنستخلص ما يجب الوقوف عليه لجلاء الغامض..

453 حوادث سنة 914 ه- 1508 م

454 فتح بغداد:

استولي الشاه إسماعيل علي بغداد بتاريخ 25 جمادي الثانية 914 ه و قد ذكرنا حادث دخوله فلزم أن نعين أصل هذه الحكومة و تكونها …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 335

455 أصل الصفوية إلي توليها الحكومة:

هذه الحكومة ليس لها ماض في الحكم و الإدارة، و إنما كانت معروفة بتصوفها و مؤسسها فاتح بغداد الشاه إسماعيل ابن السلطان جنيد ابن الشيخ صدر الدين إبراهيم بن الشيخ خواجة علي ابن الشيخ صدر الدين موسي بن الشيخ صفي الدين أبي إسحاق ابن الشيخ أمين الدين جبرئيل بن الشيخ صالح ابن الشيخ قطب الدين ابن صلاح الدين رشيد بن محمد الحافظ بن عوض الخاص بن فيروز شاه زرين كلاه بن محمد بن شرف شاه بن محمد بن حسن بن محمد بن إبراهيم بن جعفر بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن الأعرابي بن أبي محمد القاسم بن أبي القاسم حمزة بن الإمام موسي الكاظم عليه السلام. هكذا ساق نسبه صاحب لب التواريخ و قد رأينا الإيرانيين اليوم يبرهنون بأدلة كثيرة علي أن الصفويين لم يكونوا سادة … و هكذا وجدنا الدكتور رضا نور صاحب (تاريخ الترك) يعين أنهم من الترك، و يستدل بأنه رأي ديوانا لشاه إسماعيل باللغة التركية و منه نسخة في استانبول و أخري في طهران و أقول إنه يلقب نفسه في شعره بخطائي و لعل استدلاله مبني علي أنه من الخطا … و إلا فالتركية لا تعني بطلان السيادة. و ديوانه معروف و لكن هؤلاء لم يعينوا المراجع القطعية في تحقيق نسب هؤلاء و لم يبرهنوا علي صحة نسب آخر يؤيد بوثائق معتبرة و لا يهم هذا كثيرا في نظرنا فقد قاموا بما قاموا به و صاروا في عداد

دول إيران و العراق … و ليكن الشاه إسماعيل مبدأ نسبه، و مؤسس دولته … توسل اعداؤهم بشتي الوسائل للطعن في نسبهم.

و مهما يكن فإن هذه الحكومة نهضت من سجادة الإرشاد إلي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 336

كرسي السلطنة من طريق التصوف و استهواء الناس من ناحية الدين باتخاذ المريدين و تشكيل جيش منهم … و ليس هذا بالمستبعد و لا بالغريب في وقائع التاريخ و ماضيهم الإرشادي هو أن بعض هؤلاء قد اشتهر بسلوكه المقبول و نال مكانة محترمة أعني به الشيخ صفي الدين الجد الأعلي كان درويشا صوفيا، ملازما تكيته في أردبيل و قد تلقي الطريقة بوسائط عن الإمام الغزالي و لما توفي خلفه في إرشاده ابنه صدر الدين و بعده ابنه الشيخ علي في تلقين الطريقة و بوفاته جاءت النوبة إلي الشيخ إبراهيم فصار صاحب الإرشاد و خلفه في المشيخة ابنه الشيخ جنيد … و هذا كثر مريدوه و ذاع صيته و تزايدت شهرته في أنحاء إيران … أيام السلطان جهان شاه من ملوك قرا قوينلو.

و لما علم الأمير جهان شاه أنهم قد توسعوا إلي هذا الحد أوجس منهم خيفة و حاذر أن يخرجوا عليه فأمر بطردهم من أردبيل سواء المرشد منهم و المسترشد، فأجلاهم جميعا. فوردوا ديار بكر فرحب بهم حاكمها آنئذ (حسن الطويل) من آق قوينلو و تلقاهم بالإكرام الزائد علي خلاف ما قام به الأمير جهان شاه و لم يكتف بذلك بل زوج أخته خديجة بيكم من الشيخ جنيد و ابنته حليمة بيكم من الشيخ حيدر بن الشيخ جنيد فنالوا رعاية و اعتبارا …

إلا أنهم لم يطل أمد بقائهم كثيرا، دعاهم حب الوطن فلم يطيقوا صبرا علي الإقامة،

فعاد الشيخ جنيد إلي أطراف أردبيل و رحل إلي تلك الأنحاء. و لكنه لما كان صهرا لحسن الطويل علا مكانه و ارتفعت منزلته و كبر جاهه …

و من حليمة بيكم هذه ولد الشاه إسماعيل بتاريخ (890 ه) و قال في جامع السير ولد سنة 892 ه و إن الشيخ جنيد أيضا توفي فقام الشيخ حيدر مقام والده. و هذا جعل مريديه صنفا خاصا و وضع لهم كسوة رأس

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 337

ليمتازوا عن سائر الناس فكانت علامتهم لبس (التاج الأحمر) من الجوخ و فيه اثنا عشر لونا علي عدد الأئمة الاثني عشر. و من ثم سموا بين الناس بحمر الرؤوس (قزلباش). فكان شعارهم الذي يعرفون به عند الترك و غيرهم.

و أثر ذلك توجه المريدون إلي دربند شيروان بقصد غزو بلاد الكرج و لكن حاكم شيروان و هو شيروان شاه مانعهم و اشتبك في القتال معهم فلم يدعهم يدخلون بلاده و دام النزاع بينهما. و في المنتهي تقاتلوا في أنحاء المنزل و (طبرستان) فسقط الشيخ حيدر قتيلا في المعمعة. و من نجا من مريديه بايع ولده الشيخ عليا في أردبيل و صاروا يحرضونه علي الانتقام و أخذ الثأر …

أنهي هذا الخبر من جانب ميرانشاه إلي السلطان يعقوب فأوجس خيفة و صار في ريب من أمر هؤلاء و رأي أن رفع غائلتهم أمر ضروري و لذا أمر سليمان بيك فقتل الشيخ عليا و جاء برأسه و أمر أيضا أن يقتل باقي أولاده إلا أن أخت حسن الطويل عارضت في ذلك و منعت من إيصال الأذي بهم فاكتفي بحبسهم في اصطخر (و في جامع السير في قهقهة) مع خديجة بيكم.

و بعد أن توفي السلطان يعقوب

حدث نزاع علي السلطنة بين ابنه بايسنقر و مسيح ميرزا و أن أتباع السلطان يعقوب انقسموا إلي قسمين كل فريق مال إلي واحد من المطالبين بالسلطنة. و في هذه الحروب قتل مسيح و استقل بايسنقر بالسلطنة، إلا أن محمود بيك بن أوغورلو محمد بن حسن الطويل من أتباع مسيح قد هرب إلي جهة بغداد و كان الحاكم فيها شاه علي باريك. و هذا قد اهتم في إجلاسه علي سرير

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 338

السلطنة و جهز للمرة الأخري صوفي خليل بن محمود بيك و شاه علي فتحركوا علي بايسنقر و أثاروا الحروب في أنحاء دركزين و في هذه الحروب قتل كل من محمود بيك و شاه علي و لم تمض مدة حتي قام لمحاربة بايسنقر ابن عمه رستم بن مقصود بن حسن الطويل و نازعه السلطنة حتي تمكن من الاستيلاء علي آذربيجان فجعلها منقادة له. و لذا اضطر بايسنقر إلي الفرار إلي حاكم شيروان و هو صهره. و لكن رستم لم يأمن من حركة بايسنقر هذه و حاذر من شاه شيروان أن يمد بايسنقر فأراد إشغاله فأطلق أولاد الشيخ حيدر من سجن اصطخر ليشوشوا عليه إلا أن ذلك قليل الجدوي و لم يفد هذا التدبير فإن بايسنقر تقدم إليه بجيوش جرارة فلم ير بدا من مقارعته. و في أثناء الحرب معه قتل بايسنقر في ساحة القتال و نال رستم ما كان يأمله و من ثم أكرم أولاد الشيخ حيدر و أرسلهم إلي أردبيل. و بهذه الصورة نال أبناء الشيخ حيدر لطفا من رستم.

و في حدود سنة 898 ه اختل الأمر و انقلب هذا الحب إلي بغضاء و جفاء فأرسلت الحكومة علي الشيخ علي

جندا فقضوا عليه فاضطر كل من ابنيه إبراهيم و إسماعيل أن يفرا إلي أنحاء كيلان بحالة يرثي لها و لم يستقرا إلا في بلدة لاهجان من مضافات كيلان فإنهما قد لاذا بحاكمها كاركيا ميرزا علي فآواهما و احتميا به.

و بعد سنة ضاق صدر إبراهيم من الإقامة في لاهجان فترك التاج الموروث من أبيه و سلمه إلي أخيه إسماعيل و غير لباسه و عمامته و ترك أمه و أخاه و تجرد من الكل و عزم علي السياحة إلي محل مجهول و لم يعلم ما آل إليه أمره و ما وصل إليه حاله و لم يدوّن عنه شي ء في كتب التاريخ.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 339

456 الأسرة الحيدرية في بغداد

من بيوت العلم المعروفة في بغداد، تنتسب إلي إبراهيم أخي الشاه إسماعيل، و كان قد تغيب، و ترك الطريقة إلي أخيه، و ذهب لحاله، لا يدري أين طوح به الزمان … و قد عرفنا إبراهيم فصيح الحيدري أنه ذهب إلي ما وراء النهر، و عاش هناك، و من أحفاده محمد بن حيدر پير الدين ابن الشيخ أمين الدين بن پير الدين بن إبراهيم المذكور كان أول الواردين من وراء النهر إلي العراق، كان يتكلم باللغة التركية الجغطائية، و هذا قد ولد ابنه حيدر في العراق و كان أول أجداده الذين عرفوا به (أسرة الحيدرية). و من ثم توالي علماؤهم في العراق، و اشتهر من بين أفرادها علماء عديدون، منهم صبغة اللّه الحيدري برز في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري، و تراجم علمائهم مدونة في كتب عديدة، في سلك الدرر، و في شمامة العنبر، و في الروض النضر، و مطلع السعود، و في عنوان المجد. و كل ما

يقال عنهم أنهم خدموا العلم في العراق، و قاموا بالتدريس و التعليم، فبقي لهم الذكر الجميل، و سنعود للموضوع عند الكلام علي علمائهم الواحد تلو الآخر … و أري مكانتهم العلمية فوق النسب، و الأسرة يذكر فضلها بما أسدته للمملكة من خدمات صادقة، و ثقافة قويمة … و هذه قامت من ذلك بنصيب و نري معالي داود الحيدري في زمن وفاة والده المرحوم السيد إبراهيم الحيدري قد عين أن أصلهم من الكرد، فلا مانع و لا تضاد في الأمر عاشوا في العراق ببلاد الكرد، ثم مالوا إلي بغداد، فإذا قلنا كرد فذلك صحيح و إذا قلنا بغداديون فلا نعدو شاكلة الصواب … و لا تنكر هذه العلاقات ببغداد و الكرد، و غيرها … أعضاء فعالة و نافعة جدا إلي أن تحولت الثقافة في أيامنا هذه. فقد كان الطريق العلمي و الديني انتهي بمعالي الشيخ إبراهيم فقد نال مكانة علمية معروفة أيام الترك العثمانيين و في عهد الحكومة العراقية و سنتعرض لمكانته و مؤلفاته في محلها من كتابنا، و اليوم تحولت الثقافة، و مالت الفكرة إلي ثقافة جديدة …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 340

457 الطريقة الصفوية:

كانت من الطرق المعروفة، و لها منزلة مهمة في قلوب أتباعها، انتشرت انتشارا هائلا بين قبائل التركمان، و البلاد التي يقطنونها مثل أذربيجان و بلاد كثيرة … و رأس هذه الطريقة و مؤسسها الذي عرفت به هو الشيخ صفي الدين أبو إسحاق، أحد أجداد الشاه إسماعيل، و من شيوخ طويقته الشيخ تاج الدين إبراهيم الزاهد الكيلاني المتوفي سنة 700 ه في سيارود من كيلان و تتصل طريقته بالغزالي و تنتهي في سلسلة شيوخ هذه الطريقة بالإمام علي عليه السلام. و

كان الشيخ صفي في زمانه قد ولي الإرشاد و نال الموقع اللائق في قلوب المريدين … و عرف بذلك أيام المغول و لهم الاعتقاد التام به، و كثير من أقوامهم ارتدعوا عن إيذاء الخلق، و التجاوز علي الناس بسببه كما جاء ذلك في تاريخ كزيدة.

و كتب كثيرون في مناقبه، و بيان طريقته و مجاهداته … و من أهم هذه الكتب و أوسعها كتاب (صفوة الصفا)، و هذا الكتاب سمعت أنه طبع في الهند. و رأيت كتابا يسمي (المناقب الصفوية) باللغة الإيرانية في التصوف، و لا أدري ما إذا كان عين (صفوة الصفا) أو غيره، و هو في مناقب صفي الدين في مجلد ضخم جدا يطنب في أوصافه و كراماته، و سائر أحواله من ابتدائها إلي انتهاء أيامه، و هو يساعد كثيرا لمعرفة طريقته …

و الكتاب في مكتبة أيا صوفيا رقم 3099 و أعتقد أن هذا الكتاب فيه كفاية و غناء عن غيره لمعرفة هذه الطريقة. و مع هذا لا تزال معروفة و فيها مدونات و رسائل تعين هذه الطريقة، و تسمي طريقة (شاه صافي)، و من كتبها التي رأيتها مخطوطة (هداية) و (مرشد) و (و بويرق) و (حسنية)

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 341

مكتوبة باللغة التركية الأذرية مما تيسرت معرفته. و كلها لا تخرج عن مختصرات في التعريف بهذه الطريقة أو بيان مناقب الأئمة و لكنها لا تخلو من غلو أو تغال.

توفي رأس هذه الطريقة الشيخ صفي الدين في 12 المحرم سنة 735 ه في أردبيل و دفن بدار الإرشاد التي قام بتأسيسها ابنه الشيخ صدر الدين موسي. و إن الشاه إسماعيل هو ابن حيدر بن جنيد بن إبراهيم ابن الشيخ علي ابن الشيخ

صدر الدين موسي المذكور.

و الملحوظ هنا أن أصحاب هذه الطريقة و المنتسبين إليها قد تفادوا في سبيل نصرة مرشديهم و أولادهم حتي نالهم ما نالهم في حبهم، لحد أن قسما كبيرا منهم تجاوز في الحب، و غلا في الاتباع … و لا أمضي دون أن أذكر بعض النصوص لتعرف درجة ما ساقت الحزبية إليه، و ما أدت المفاداة بسببها … فصار ينعت صنف من الناس من أصحاب هذه الطريقة (بالقزلباشية)، و يقولون بمراعاة هذه الطريقة بحيث صاروا اليوم لا يعلمون من العقائد و الدين سوي ظواهر الطريقة، و دخلهم الغلو، و تجاوزوا حدود الشريعة بل أهملوها، و ظنوا النجاح في الدار الآخرة في اتباع مراسم هذه الطريقة و أنه كاف و واف بالغرض، بل صار يقطع في أنه الموصل إلي النجاة …

خلفه في الإرشاد ابنه صدر الدين موسي و هكذا توالوا في طريق الإرشاد إلا أن هؤلاء قد دخلتهم أفكار جديدة أيام الشيخ جنيد، فقد كان هذا يحمل فكرة السلطنة و التسلط استفادة من نفوذه الديني و مكانته في المشيخة من مريديه و أتباعه.. و لما شعر جهان شاه بذلك طرده و أتباعه من مملكته، فذهبوا إلي حلب، ثم إلي ديار بكر و هنا نالوا

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 342

احتراما من حسن الطويل، فأكرمهم و أعزهم … و تصاهر معهم، فنالوا مكانا أكبر.. و ذلك للخلاف بين جهان شاه و السلطان حسن الطويل، فأراد أن يستفيد من مريديه..

و كان الشيخ جنيد أيام وجوده في أنحاء حلب- علي ما جاء في كنوز الذهب - يرمي بأنه شعشاعي المذهب (كذا. و الصواب مشعشع)، و أنه تارك للجماعة، و نسبت إليه أشياء أخري … و قد

سكن كلز (كلس) و بني فيها مسجدا و حماما. و للناس فيه اعتقاد عظيم بسبب أبيه و جده، و يأتمرون بأمره و لا يغفلون عن خدمته، و يثابرون علي لزوم بابه، و يأتيه الناس من الروم و العجم و سائر البلاد، و يأتيه الفتوح الكثير.

ثم سكن جبل موسي عند أنطاكية هو و جماعته و بني به مساكن من خشب. و في الجملة كان علي طريق الملوك لا علي طريق القوم.

و إن ما نسب إليه دعا أن خرج إليه الناس إلي الجبل، فاقتتلوا، و أسفرت الوقعة عن قتلي من الفريقين، فانسحب من الجبل إلي جهة بلاد العجم و أقام هناك ثم خرج علي بعض ملوكها فقتل. (و أراد هنا (بالشعشاعي) محمد بن فلاح الذي ظهر بالجزائر) و قتل الناس و حملهم علي الرفض و ترك الجماعات و نكاح المحارم و يعرف بالشعشاع.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 343

و قد مرّ ذكر الشيخ جنيد و أخلافه، و من هنا علمنا أن فكرة السلطنة تولدت من هذا التاريخ و من النصوص التالية ما يتوضح أن الغلو حصل من الأتباع، و كان الشاه إسماعيل لم يرض به … و في (تاريخ عاشق باشا زاده) كلام لبعض رجاله مما يدل علي الغلو فيه … في حين أنه حارب الغلاة مثل المولي المشعشع و سنتعرض لترجمته في تاريخ وفاته، و نعين ما قيل فيه …

و كل ما نقوله هنا أن هذه الطريقة تصوفية في أصلها، و تعدّ الأئمة الاثني عشر رجال طريقتها و أولهم الإمام علي عليه السلام. و أهلها يسمون ب (القزلباشية). و هؤلاء منتشرون في العراق و غيره و دخلهم الغلو و لا سبب له إلا دخول المبالغات

في أشعار المدح للآل، ثم انتشار شعر الغلاة فتمكنوا في الغلو، و هم الآن بعيدون عن عقائد المسلمين و فروضها الدينية، و دخلتهم فكرات غريبة من هؤلاء الغلاة. و قد فصلنا هذه الطريقة في رسالة علي حدة تعين أوضاعها و مختلف تطوراتها.

458 الشاه إسماعيل:

و هذا أقام مدة في لاهجان و تربي هناك، تلقن مذهب الشيعة و بالرغم من صغر سنه حول وجهته نحو أردبيل فكون جيشا من مريدي أبيه و جده هناك. و بقي في أردبيل و آذربيجان مدة …

و في حدود سنة 905 ه جمع من العساكر ما كان يأمله و توجه نحو شيروان فسقي حاكمها كأس المنون فانتقم للشيخ حيدر. و كان ألوند يحرق الأرم علي الشاه إسماعيل، و كان يخشي أن يبطش به فاستعد لحربه في صحراء نخجوان، و في هذه الأثناء علم الشاه إسماعيل بما دبر عليه فتوجه إلي تلك الناحية و عند اشتداد المعركة لوي ألوند عنان فرسه

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 344

إلي جهة آذربيجان و فرّ و أصابت جيوشه كسرة هائلة لا رجعة وراءها.

و في سنة 906 وجه عزمه نحو تبريز فافتتحها بلا منازع فجلس علي سرير السلطنة و هناك أكمل قواه و أبدل الخرقة و التاج بالحرير و الديباج …

أما ألوند فإنه حاول أن يجمع شمله و يجهز جيوشا من آذربيجان لمناضلة الشاه مرة أخري فنهض هذا لمقارعته فلم يطق ألوند المقاومة ففر إلي بغداد و منها إلي ديار بكر و هناك توفي و قد أوضحت وقائعه …

و بعد أن قضي الشاه إسماعيل علي آمال ألوند و أزال غائلته تماما خلال سنة 907 لم يبق له معارض فوجه عزمه إلي همذان للقضاء علي قوة السلطان مراد بن

يعقوب.

و قد ترتبت الصفوف قرب همذان و تقارعت الجيوش و في المعركة لم يطق السلطان مراد المقاومة ففر من ساحة القتال و اختفي. و بهذه الصورة نال الشاه إسماعيل مملكة فارس بلا عناء. ثم استولي علي كاشان و أكثر بلاد العجم و نصب فيها حكاما و نوابا عنه.

و في حدود سنة 908 ه استولي علي كيلان و في سنة 909 ه جاء إلي آذربيجان بقصد الحصول علي مريدين كثيرين. و في سنة 912 ه كان السلطان مراد قد فر من ميدان المعركة و توجه إلي بغداد و بعد أن استراح مدة قليلة سار إلي دلغادر (ذي القدرية) جاء إلي حاكمها علاء الدولة و التجأ إليه بأمل أن ينال مرغوبه و قد صاهره. أما علاء الدولة فقد جمع جيوشا كثيرة و مضي نحو ديار بكر و قد انتزع بعض قلاعها. فسمع الشاه فوافاه نحو البستان فتقابل الجمعان في ساحل النهر فدام الحرب بينهما لمدة يومين و في اليوم الثالث بعد العصر ولي جيش دلغادر (القدرية) الأدبار و انتصر عليهم القزلباشية.

و من ثم استولي الشاه علي ديار بكر و أودع أمر إدارتها إلي محمد خان الاستاجلو.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 345

و في هذا التاريخ ولي بغداد السلطان يعقوب بعد أن تركها السلطان مراد و في زمانه كان الوالي عليها باريك البايندري فإنها بقيت في حكمه إلي أن استولي عليها شاه إسماعيل سنة 914 ه بواسطة قائده لالا حسين فافتتحها و أن باريك فرّ إلي حلب فاستقرت بغداد لحكم لالا.

و عقب ذلك جاء الشاه إلي بغداد و خرب مشاهد الأئمة و المشايخ و قتل الكثير من أهل السنة. و بعد ذلك ذهب لزيارة مشهد الحسين، و

مشهد الإمام علي عليه السلام.

و قد مر ذكر النهر الذي حفره عطا ملك الجويني و أجري ماءه إلي النجف فيما سبق. و لكن النهر قد اندرس بمرور الأيام و تخرب فلم يصل ماؤه. و لذا أمر الشاه بتجديد حفره و إتمامه فاشتهر (بنهر الشاه) و أرصد ريعه لخدام المشهدين الشريفين وقفا عليهم. و كذا باشر تعمير مشهد الإمام موسي الكاظم عليه السلام في هذا التاريخ و أحال ذلك إلي أمير الديوان (خادم بيك). و حينئذ عاد إلي إيران. كذا في كلشن خلفا.

و قد نقل نصوصا أخري عن كتاب (جامع السير) لا يخرج عما تقدم و لم يفصل حادث بغداد بأزيد مما ذكره سائر المؤرخين و لعل الاختصار الذي التزمه حال دون البيان …

459 تفصيل حادثة بغداد:

قص علينا صاحب حبيب السير أن الشاه إسماعيل أثر استيلائه علي كيلان سمع أن السلطان مراد من ملوك آق قوينلو لم يستقر في بغداد و لحق بعلاء الدولة ملك ذي القدرية (دلغادر) و هذا زوج ابنته من السلطان مراد. فاتفقا علي مقارعة الشاه و لزوم مناضلته فتوجها بجيش جرار لتسخير ديار بكر فاشتعلت نيران الفتنة في تلك الديار و اضطرب

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 346

الأمن … و علي هذا جهز الشاه جيشا لجبا للقضاء عليهم و جعل و جهته آذربيجان. و لما علم علاء الدولة بذلك انسحب من تلك الأنحاء و من ديار بكر فاستولي الشاه عليها و مزق جيش علاء الدولة و عين محمد بيك استاجلو حاكما علي تلك الأنحاء. فانهزم علاء الدولة إلي البستان و رجع الشاه إلي مدينة خوي.

ثم إن علاء الدولة نهض مرة أخري إلا أن محمد بيك استاجلو انتصر عليه و فرق جيشه و هرب

هو إلي ديار الروم (الأناضول). و كانت لعلاء الدولة غضاضة مع سلطان الروم. و هذا أرسل عليه جيشا فقتله.

و في خريف سنة 914 ه كان الشاه في همذان. و كان حاكم بغداد (باريك) و هذا بقيت بغداد بيده و كان المتولي عليها بعد ذهاب السلطان مراد و لحوقه بعلاء الدولة … و هذا الوالي كان شجاعا، ينزع إلي السلطنة و الاستقلال في بغداد و لم يخضع لنفوذ الشاه …

أما الشاه فإنه فكر في أمر تسخير بغداد و أرسل لهذه المهمة أحد قواده المشهورين خليل بيك (يساول) و هو من متميزي رجاله و المعترف بمقدرته فانتدبه و وجه به إلي بغداد بصفة رسول …

و لما علم صاحب بغداد بقدوم رسول الشاه أرسل جماعة من خيرة رجاله فاستقبلوه في غاية الاحترام و الأبهة و جاؤوا به إلي بغداد فاجتمع بالوالي (باريك) في بستان پير بوداق و أدي الوالي مراسم التبجيل و الترحيب للسفير الموما إليه و أظهر الخضوع و الانقياد للشاه و أرسل أحد أمرائه و هو أبو إسحاق الدباس (السيره جي) فذهب هذا مع خليل بيك الرسول إلي الشاه فجاؤوه في همذان فقدم أبو إسحاق واجب الإخلاص مع الهدايا من سيده لجانب الشاه …

و لما كان الشاه يأمل أن يأتي باريك بنفسه لم يلتفت إلي الهدايا و أبدي لأبي إسحاق لطفا و كرما و أذن له بالانصراف و أن يبلغ سيده بأن الشاه في

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 347

غني عن هداياه و إنما كان يأمل أن يأتي بنفسه و يظهر طاعته فإن فعل نال كل عطف، و إن أبي و توسل بالخداع فسينال جزاءه. فانصرف أبو إسحاق راجعا من جانب الشاه. و اجتمع بباريك

و عرض عليه مطالب الشاه.

أما باريك فإنه أبدي ظاهرا طاعته للشاه. و بعد مدة أخذ يعد القوة و يستعد للطواري ء ببناء القلاع و جمع المؤونة. و ضرب علي الأهلين ضرائب ثقيلة في بغداد و حواليها و أخذ ما عندهم من حبوب و أطعمة (شعير و حنطة) و كانت هذه تكفي لإعاشة جيشه لمدة ثلاث سنوات.

و كان من أشراف بغداد آنئذ نقيبها (نقيب النجف) السيد محمد كمونة و كان قد ورث هذا المقام الجليل أبا عن جد. و كان متهما بإخلاصه للشاه و تحزبه له. فأمر باريك بالقبض عليه و زجه في جب مظلم …

أما الشاه فإنه لما انصرف منه أبو إسحاق الدباس عزم علي فتح بغداد. و عين لهذه المهمة أحد قواده حسين بك لالا (لاله) فجعله مقدما علي جيش كبير ثم تحرك هو متأخرا عنه و لما سمع باريك اضطرب أمره و لم يقر له قرار ففضل الفرار علي الكفاح و عبر علي ظهر جواده من جسر بغداد ليلا و توجه إلي مدينة حلب.

و عند الصباح اجتمع الأهلون ببغداد و جاؤوا إلي الجب الذي سجن فيه السيد محمد كمونة فأخرجوه منه و كان نحيفا ضعيفا من ظلمة السجن و سلموا إليه مقاليد الأمور ببغداد و بهذا أبدوا طاعتهم للشاه.

و في هذه الأثناء ظهرت طلائع الجيش الإيراني. و في يوم الجمعة قارب الطلائع بساتين بغداد. و قد صعد السيد محمد كمونة المنبر في أول جمعة و خطب خطبة باسم الشاه إسماعيل و أدي كمال الإخلاص و الطاعة. و بعد أداء الجمعة ذهب الأهلون إلي خارج المدينة لاستقبال لاله بيك و الترحيب به.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 348

أما لاله بيك فإنه راعي غاية التعظيم

و التكريم للسيد محمد كمونة و عطف عليه خير عطف. و ذهب السيد محمد كمونة و حسين بك لاله معا إلي الشاه إسماعيل و بشروه بفتح بغداد. و سلمت إدارة المدينة و قيادتها إلي خلفة بيك.

و هذا أمير عادل. أتي بغداد قبل ورود موكب الشاه.

و في هذه الأيام جاء الشاه إسماعيل إلي بغداد. و قد فرح السواد الأعظم بقدومه و كان ينتظر بفارغ الصبر. و أخذ الأهلون يقدمون القرابين و الذبائح إكراما له و احتفالا بوروده و بتاريخ 25 جمادي الثانية سنة 914 نزل الشاه بستان پير بوداق و التجأ الناس إلي عدله و زاد في رتبة السيد محمد كمونة و أعلي مقامه.

و بذلك تم (فتح بغداد).

460 ما جري بعد الفتح:

و في اليوم التالي ذهب الشاه لزيارة كربلا المشرفة فأدي الزيارة و أنعم علي مجاوري الروضة المطهرة بإنعامات جزيلة. و أمر بعمل أنواع الزينة و الزركشة الذهبية، و بصنع الصندوق المذهب للحضرة و أن ينقش ببدائع النقوش و قد وقف الشاه في الحضرة 12 قنديلا من ذهب. و فرش رواق الخضرة بأنواع السجاد الثمين و اعتكف ليلة هناك.

ثم رجع إلي الحلة. و منها ذهب إلي النجف الأشرف للزيارة أيضا. و قدم للحضرة هدايا جزيلة و نوادر فاخرة و أكرم سكان المدينة المشرفة و أنعم عليها بوافر العطايا.

ثم رجع إلي الحلة. و منها توجه إلي البادية إلي (أعراب غزية) فأخضعهم و رجع إلي بغداد إلي آخر ما مر بيانه …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 349

461 نصوص موضحة- وقعة بغداد:

و لا نمضي دون بيان أعمال الشاه في بغداد و وقعتها و نقدم النصوص فقد جاء في كلشن خلفا:

«في سنة 914 أرسل الشاه إسماعيل جيوشا لا تحصي تحت قيادة لاله حسين للاستيلاء علي بغداد فهرب باريك منها إلي أنحاء حلب فدخلها اللاله و في عقبه وافي الشاه و هذا خرب المدينة التي هي مهد مراقد أئمة الدين و المشايخ المصطفين، و قتل في أهل السنة و أتقياء الأمة و من ثم توجه لزيارة النجف و كربلا و أمر بحفر النهر و تجديده و هو النهر الذي حفره و أتمه عطا ملك إلا أنه بمرور الأيام قد اندثر فجدده الشاه و من ثم سمي بنهر الشاه و وقف ريعه علي خدام المشهدين الشريفين، و في هذه السنة شرع في بناء حضرة الإمام موسي الكاظم (رض) و فوض حكومة بغداد إلي أمير الديوان خادم بيك و عاد هو إلي إيران …

» ا ه.

و في منتخب التواريخ قال:

«و في سنة 914 ه عزم الشاه علي السفر إلي عراق العرب و كان والي بغداد آنئذ باريك بيك برناك فلما سمع بورود رايات الشاه فر إلي حدود الروم و الشام فافتتحت بغداد و سائر بلاد العراق العربي و دخلت تحت حوزتهم و قضي علي الكثير من المخالفين في تلك الديار بسيوف الغزاة فجرت دجلة بدمائهم بدل الماء، و صالت الجيوش العظيمة علي أعراب البادية فانتهبوهم و تسلطوا عليهم فحصلوا علي غنائم و فيرة و إبل كثيرة لا تعد و لا تحصي، و إن الإيالة و الحكومة في العراق العربي دخلت بتوابعها و ملحقاتها في حوزة العجم و فوضت إدارتها إلي خادم

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 350

بيك أمير الديوان و لقب هذا بخليفة الخلفاء، و أنقذ السيد محمد كمونة من أكابر السادات و النقباء من الجب الذي كان قد ألقاه فيه باريك بيك پرناك و نال توجها و إنعاما و أودعت إليه إدارة بعض الولايات و تولية النجف الأشرف و أحسن إليه بعلم و طبل. و بعد أن استولي الشاه علي الديار تشرف بزيارة المشاهد المقدسة لحضرات الأئمة الأطهار …

و عين لها حفاظا و مؤذنين و خداما و قدم أنواع القناديل من ذهب و فضة و المفروشات اللائقة، و الصناديق.. و أنعم بالذهب و الفضة علي سائر الناس … ثم توجه نحو خوزستان و افتتح تستر و الحويزة … » ا ه.

و في تحفة الأزهار و زلال الأنهار في نسب السادة الفاطمية الأطهار لابن شدقم ما يؤيد تدوينات مؤرخي الأتراك عن شاه إسماعيل قال ما نصه:

«فتح بغداد و فعل بأهلها النواصب ذوي العناد ما لم يسمع بمثله

قط في سائر الدهور بأشد أنواع العذاب حتي نبش موتاهم من القبور.

ثم توجه إلي الأهواز و خوزستان و شوشتر و دزفول و قتل من فيهم من المشعشعين و الغلاة و النصيرية و استأسر منهم خلقا كثيرا. ثم في سنة 914 توجه إلي شيراز … الخ» ا ه.

و نظرا لما أصاب الأهلين نري الأسرة الكيلانية هربت من الجور و تفرقت قال صاحب قلائد الجواهر عن هذه الوقعة و أثرها في النفوس.

«- بعد أن عدد ذرية الشيخ عبد القادر- قال- و ببغداد جماعة بمقام الشيخ عبد القادر يدعون أنهم من ذريته. و لهم جاه و حرمة عند الخاص و العام. و لهم رزق و مرتبات برسم الفقراء و المترددين علي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 351

الزاوية. و لما ملك بغداد الشاه إسماعيل سلطان العجم خرب الزاوية و شتت شملهم و تفرقوا في البلاد و حضر جماعة منهم أنزلناهم بمنزلنا» إلي آخر ما جاء.

و هؤلاء نددوا طبعا بحكم الشاه و ذموا أفعاله و حكوا ما نالهم و هذا يعد من دواعي غزو بغداد من قبل السلطان سليمان القانوني.

و كذا يقال عما فعله في مشهد الإمام أبي حنيفة رض و انتهاكه حرمة مقابر المسلمين و مشاهدهم مما أدي إلي كرهه أكثر. و إنما فعل ما فعل تقوية لسياسته في حينه.

و نحن نقول هنا أن الداعي لهذه الأعمال من تعمير مراقد الأئمة عليه السلام و تخريب مشاهد الآخرين لا يقصد به إلا تفريق الأمة العراقية و أضعاف قوة مقاومتها و لم يكن غرضه الحرمة الدينية و الخير للأمة.

و هنا نري أن لا معني لارتكاب فظائع لمجرد المخالفة في العقيدة و سفك هكذا دماء مع الاعتراف بأن العراقيين سلموا له،

و أن الأمة تركت السلاح و احتفلت بدخوله.. فكان عمله مما لا يأتلف و الأخلاق الفاضلة و لا مع روح الإسلام في القرآن الكريم.. و يوضح ذلك بصورة قاسية القتل العام في ذرية خالد بن الوليد (رض) لمجرد انتسابهم إليه دون جريرة ارتكبوها أو مخالفة قاموا بها و ذلك عام 911 ه.

و لا يهمنا بيان أمثال هذه بأنواعها و التفصيل عنها مما لا يخص وقائع العراق و في الإشارة ما يكفي، و العراق ابتلي ببلاء عظيم بين ناري حكومتين تتنازعان السلطة هذا مع العلم بأن العثمانيين راعوا عين الطريقة في القتل و الطعن بنسب هؤلاء، أو الفتوي بقتلهم، أو حرق

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 352

موتاهم بعد نبشهم قبور موتاهم ما عدا الشيخ صفي و ما ماثل من الفظائع.. فلا يعذر هؤلاء أيضا سواء كان ذلك بطريق المقابلة بالمثل أو ابتداء إلا أن هؤلاء كانوا أوسع صدرا من غيرهم في الحرية المذهبية.. و أكثر تساهلا..

و المعروف عن الاثنين الحرب للملك و الاستقلال به فاتخذ الدين ذريعة بل آلة للوقيعة بالآخر و القضاء علي سطوته فمحا الواحد قوة الآخر إلي أن هلكا معا.. و العراق ينتصر مرة لهذا و أخري لذاك، فصار مسرحا لمطامع الطرفين.

هذا و لم يعلم عن الإدارة و ما أجراه الشاه فيها من تغيير في حكومة العراق، و نصب الوالي لا يعني ماهية الإدارة.. فصارت بغداد تابعة لإيران منقادة لها و حال البلاد دول.. كان الأهلون يأملون الراحة و لذا لم يحرك لهم ساكن. و لا ثاروا استفادة من ضعف الحكومة السابقة و هجوم الحكومة الجديدة.. و لا يفسر هذا إلا بما نالهم من ضعف و ما أصابهم من قسوة.. فعادوا يخضعون

لكل قائم.. و يذعنون لكل ثائر..

ظنوا في هذا خيرا فنالهم منه ما نالهم.

462 توجه الشاه إلي الحويزة:

قال في حبيب السير: «ثم توجه الشاه إلي جهة الحويزة فالأعراب القاطنون هناك و في باديتها تسمي إمارتهم بإمارة المشعشع و كانوا قائلين بألوهية علي بن أبي طالب عليه السلام و المنقول عنهم أنهم- حين اشتغالهم بالعبادة- يرتلون أذكارا خاصة تجري علي ألسنتهم هي (علي اللّه).

و في أكثر الأوقات كان يترأسهم سادات يعرفون بالموالي و كان

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 353

رئيسهم أثناء فتح بغداد (السلطان محسن». و عند توجه الشاه إسماعيل إلي جهتهم أتاه خبر وفاة السلطان محسن و جلوس ابنه «السلطان فياض» مكانه.

و كان سلاطينهم يعتقدون بألوهية علي و ينادون بنسخ الشريعة المحمدية و يسلكون سبل الضلال.

فلما سمع الشاه بهذا تهيأ لدفعهم و إيصالهم إلي طريق الهداية و الصواب، و لما كان الشاه في منتصف الطريق أتاه خبر حاكم لورستان (الملك رستم) أنه لم يذعن بالطاعة فأرسل عليه نجم الدين مسعود و بيرام بيك القرماني و حسين بيك لاله و جهز معهم نحو عشرة آلاف جندي و سيرهم لإخضاعه.

أما هو فتوجه بنفسه إلي الحويزة مقر المشعشع فسمع السلطان فياض أمير آل المشعشع و حينئذ استعد للقتال فرتب الشاه جيوشه إلي ميمنة و ميسرة. و صار يقود القلب فوقعت معركة دامية و هائلة أسفرت عن اندحار المشعشعين. و تم الاستيلاء علي الحويزة. و نصب الشاه أحد أمرائه حاكما (لم يسمه) ثم توجه نحو دسفول فأبدي له حاكمها الطاعة و جعل أحد معتمديه هناك فصار حاكما عليها ثم اكتسح شوشتر، فتم له الاستيلاء علي قطر خوزستان جميعه.

و أما الجيوش التي أرسلت لإخضاع (حاكم لرستان) فإنه حين سمع بمجيئهم أحس بضعفه فهرب

مع بعض ملازميه و تحصن بجبال منيعة. أما الأمير نجم الدين مسعود فإنه رجع بناء علي الأمر الوارد إليه من جانب الشاه و اهتم القائدان الآخران في إخضاع حاكم لورستان …

و بعد العناء و الجهد الجهيد لم ير بدا من التسليم فسلم نفسه و أتي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 354

لجانب الشاه. و لما رأي اضطراب حالته عفا عنه و شمله بلطفه …

و بقي مدة ملازما الموكب الشاهي إلي أن نال حاكمية لرستان بطريق الوراثة و بذلك أكمل الشاه فتوح هذه النواحي و توجه إلي شيراز».

انتهي.

463 وفاة المولي محسن بن محمد المهدي: (المشعشع)

في أثناء وجود الشاه في بغداد جاءت الأخبار بوفاة المولي محسن المشعشع (سنة 914 ه).

و في آثار الشيعة الإمامية أن المولي محسن توفي عام 905 ه و لم يعين سندا لهذا القول في حين أن صاحب حبيب السير يذكر أن وفاته حدثت حين فتح بغداد. و قد مضي البحث عن حوادثه مع العراق مفصلا و ما جاء في كتاب آثار الشيعة الإمامية أن صاحب كتاب عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب قدم مؤلفه إليه فغير صحيح لما جاء في مقدمة نفس الكتاب.

و قال عنه ابن شدقم: إن المولي محسن ولي بعد أخيه (المولي علي) و كان ذا جأش و قوة، بني البلدة المعروفة بالمحسنية فسكنها. و هي الآن (عام 1083 و 1085) مسكن نسله و بها حصار مصون تنزله القزلباش من عسكر الشاه سلطان العجم … و نقل عن الشيخ عبد علي بن فياض بن عبد علي عن الشيخ محمد بن يحيي الحلي ما نصه:

«كان بيني و بين المحسن صحبة و عشرة و مودة من الصغر و ألفة فأصابني عسر و شدة فمضيت إليه، و تمثلت بين

يديه و هو جالس و حوله

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 355

جماعة جلوس فسلمت عليهم فلم يجبني أحد منهم قط بسلام و لا أمرت بالجلوس فحزنت لذلك و ندمت علي فعلي و لم أزل واقفا علي أقدامي … حتي بلغ الديوان ثمانمائة من ولد الشيطان و هو يحدثهم ثم ضربوا بالدفوف، و لم يوقنوا بالمحشر و الوقوف، و يضعون سيوفهم في بطونهم و إذا رموها أو غيروها في الشط قالوا لها بسر علي عودي عودي فتعود إليهم. فلم يزالوا هكذا و هكذا حتي أخذتهم سكرة، فلم يزالوا في غفلة إلي أن أتتهم سفرة الطعام فأكلوا و انتشروا عن المحسن و انصرفوا فلم أزل واقفا انتظر من اللّه سرعة الفرج و أنا حزين كئيب إذ أتتني أمة و همزتني من خلفي قائلة لي اتبعني فقلت ما الاسم و من الطالب فقالت سر و عليك أمان أبي طالب فلزمت أثرها علي غير درب معهود و بالصرايف مسدود و هي تشق صريفة بعد أخري حتي انتهت بي إلي المحسن فرأيته جالسا علي سرير و لم يكن عنده مؤانس و بين يديه حوض مأنوس و هو في أثناء خلع الملبوس فقال لي مبتدئا و عليك السلام يا شيخ محمد بن يحيي تحية الكرام. فقلت و ما هذه الحالة المغيرة لتلك الجلالة فقال قف لعلي أتطهر و أخبرك و ما يجب لك علي أوفيك فأخذ فوطة و اتزر بها و نزل الحوض و تطهر و لبس غير تلك الثياب ثم صلي بتضرع و خشوع فلما كمل صلاته أقبل علي و عانقني و بإزائه أجلسني و لم يزل بالرفق يحدثني و عن الأصحاب يسألني فقلت له ثانيا و عما رأيت

منه سائلا لقد خالفت أسلافك و ارتكبت ما نهت عنه أجدادك اخترت الدنيا الدنية و لفظت الآخرة السنية. فقال و اللّه أصبت و من الخوف منهم وافقت و لو يقع الفرار لفررت و أنا كما روي الحديث من لا تقية له لا إيمان له ثم إنه أمر تلك الأمة أن تحضر معرضا معلوما و تأتي بما فيه فمضت عنا هنيهة و أتت بإناء مختوم فأمرها بدفعه إليّ جميعا فقال بعد القسم إنه لم يجد من الحلال سواه و هو ثمن النخل الفلاني الذي باعه والده فإنه قد منحني إياه. ثم أمرني بالانصراف و أكد علي عدم البيات خوفا علي من

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 356

هؤلاء الغلاة المنكرين وحدانية الإله سبحانه و أمر الأمة معي بالتسيار بعد مضي نصف النهار فركبت مسرعا في الحال» ا ه.

قال: و له من الأولاد: (فلاح)، و (فرج اللّه)، و (صالح)، و (بدران)، و (داود)، و (حسن)، و (حسين)، و (ناصر)، و (حيدر).

ثم قال و ولي بعده ولده فلاح. و هذا قتل أخاه حسنا في حياة والده و انهزم إلي الجزائر و أخذ أهلها و قتل عبادة سنة 913 ه. و في سنة 914 سار الشاه إلي المشعشعين و قتلهم. ففلاح خلف بدران. و هذا ولي بعد والده و لبدران هذا: (سجاد، و عامر، و هاشم، و مطلب، و مناف).

هذا ملخص ما جاء فيه و لا يطمئن القلب ببياناته و ذلك أنه قال في حبيب السير إن الشاه بعد فتح بغداد توجه إلي جهة الحويزة و كانت بيد السيد علي و السيد أيوب أولاد السلطان محسن و ذلك بتحريك من مير حاجي محمد و شيخ محمد رعناش اللذين كانا

ابني مدرس أولاد السيد محمد فنهض نحوهما، و أن السيد علي كان قد تظاهر بالتشيع و لكن ادخلوا في فكر الشاه أنهما في غلو و إلحاد فقتل الأخوين مع أعيان طائفتهما سنة 914 المذكورة و استولي الشاه علي الحويزة و تستر (شوشتر) و سائر أنحاء خوزستان و دخلت في تصرف رجال دولته و هذا المؤرخ معاصر للصفويين و هو مدون وقائعهم لهذا الحين … و نري ابن شدقم لم يعدّ هذين الولدين في قائمة أسماء أولاده.

و علي ما جاء في مجالس المؤمنين أن السيد فلاح ولي الحويزة بعد أن نهض الشاه من تستر إلي فارس فتصرف بالحويزة و أرسل التحف اللائقة لحضرة الشاه و حينئذ فوض إليه إيالة الحويزة …

و يلاحظ هنا أيضا أن الشيخ علي بن حسن السنباني كان قد شرح قصيدة والده حسن بن علي السنباني بلدا، المالكي مذهبا، الحميري قبيلة التي مدح بها السلطان أيمن بن السلطان الملك عبد الحسين ابن الملك

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 357

المحسن ملك الديار الفارسية و صاحب الحويزة و الزكية. و مالك الأقاليم المحسنية … و سمي شرح هذه القصيدة (كتاب بغية المفيد و بلغة المستفيد في شرح القصيد) و قال: لما كانت القصيدة التي نظمها سيدي و والدي … مدح بها سليل الطينة الطيبة الهاشمية … و ذكر الملك الآنف الذكر حتي قال: أحببت أن أضع لها شرحا لطيفا يوضح من الألفاظ غوامضها … فرغ من تأليفه في 17 رمضان لسنة 993 ه و من بيانه يفهم أن الملك عبد الحسين من أولاد الملك المحسن و هذا لم يعد في قائمة أسماء أولاده الذين ذكرهم ابن شدقم و في هذا ما يستدرك عليه …

كما أنه قال:

السلطان أيمن هو السلطان الممدوح بالقصيدة … و مسكنه مدينة الحويزة علي شاطي ء نهر لطيف هناك يقال له شط كارون. و فيما يقابل مدينة الحويزة المذكورة مدينة أخري يقال لها الحويزة أيضا تشبه الأولي في الوضع و الهيئة بها سلطان يقال له (علي بن بركة) ذو قوة و شدة يعتقد ما تعتقده طائفة المشعشعين من قولهم إن عليا كرم اللّه وجهه هو اللّه …

إلا أن ابن بركة المذكور ليس بعلوي و تسليمه الأمر للملك أيمن مع أنه أشد منه قوة و أكثر جمعا إنما هو لكونه علويا و يشبه أن يكون شريكا في المدينتين المذكورتين و توابعهما من القري و الضياع. و أكثر أهل تلك الأرض شيعة كاعتقاد ملكهم أيمن المذكور لا يحبون من الأصحاب العشرة إلا عليا و آل البيت فقط رضوان اللّه عليهم أجمعين … و الموجب لمدحه إنما هو لحسن صنيعه و معروفه الذي أوصله إلي والدي و لا غرو أن مدح مثله بما هو فيه و إن كان فيه ما فيه … » ا ه.

464 حوادث سنة 915 ه- 919 ه (1509- 1513 م)

465 العراق- الحالة العامة:

كان الشاه إسماعيل و أمراؤه في حالة غليان و نشوة فتوح و أمل

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 358

اكتساح لكافة المعمورة فتراهم في جدال مع المجاورين و حروب لا تنقطع و استيلاء علي ممالك و حصول علي ظفر إثر ظفر و انتصارات متوالية.. ظن ذلك اعتمادا علي قوته و شجاعة رجاله من جهة، و من جراء إذاعاته عن المذهب الجعفري و تعصبه له من أخري، فنكل تنكيلا مرّا بمن علم منه أنه مخالف له في العقيدة و تجاوز الحد و لم يدر أن الضعف المستولي علي الإمارات. و سلوكها الشائن، و ملل الناس

من الظلم و سوء الإدارة.. هو الذي سهل له مهمته و كاد يربح قضيته لو لا طيشه و ظلمه و نكايته.. فاشتد الأمر و ضاق الحال بالناس، و ذلك ما أوجد رد فعل فاستغل العثمانيون هذا الوضع بالانتصار لجماعة السنة و أساسا توغل المذهب الشيعي في الأناضول علي يد من يسميه الترك (بشيطان قولي) أي عبد الشيطان و المعروف عند العجم (بشاه قولي) أي عبد الشاه روجه هناك بقسوة.. مما دعا أن يهتم القوم للأمر فيخلعوا سلطانهم السلطان بايزيد و يقيموا ابنه (ياوز سلطان سليم) فيتأهب لحرب الشاه بلا توان و لا تراخ و صار شغله الشاغل.

ذلك ما جعل الشاه أيضا يهتم للأمر و يجمع أطرافه و يتنصب لمقارعة السلطان و الأمر كان دائرا بين أحدهما.. و لم نسمع في خلال هذه المدة سوي الفتوح أو التبدل في الأمراء، أو قتل بعضهم، و اكتساح بعض الممالك إلا أن العراق كان هادئا و لم يستفد من هذا الانشغال و تناطح الحكومتين و تنازعهما السلطة فيما بينهما..

و علي كل في سنة 919 ه ولد للشاه ابن سمي (طهماسب) فأجريت له المراسم و الاحتفالات فرحا بقدومه إلا أن تقدم العثمانيين للقراع و تقربهم للحدود مما نغص هذا الفرح … و حينئذ جمع الشاه أطرافه و دعا قواده و جيوشه و بين هؤلاء والي العراق الملقب (خليفة الخلفاء) و معه السيد محمد كمونة … و هناك المفاداة و إظهار الإخلاص و صار الناس علي أبواب الحرب، و ينتظرون الطلقة الأولي.. و لم تكن

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 359

للعراق علاقة بها سوي ميل بعض العراقيين لجانب الشاه لا بأمل استقلال العراق و إنما كان بالإخلاص للشاه و إظهار

الحب له.. و لم يدخل في فكر العراقي آنئذ حب الاستقلال و النزوع للحكم الذاتي..

و التاريخ في صفحاته يعين أن الأمة متي تفرقت، و تحكمت فيها الطائفية الممقوتة انحل كيانها و أضاعت استقلالها، و فاتتها الفرص. فبينما كان الواجب علي العراق أن يتأهب ليوجد له مركزا و يكون حكومة صار يسير بعض أبنائه لمساعدة الأغيار و التفادي في سبيل مصلحتهم.

466 وفيات
467 (قاضي بغداد):

في سنة 917 تقريبا توفي المولي قوام الدين يوسف العالم الفاضل الشهير (بقاضي بغداد) كان من بلاد العجم من مدينة شيراز و ولي قضاء بغداد مدة فلما حدثت فتنة ابن أردبيل (ابن الأردبيلي و هو الشاه إسماعيل) ارتحل إلي ماردين و سكن بها مدة ثم رحل إلي بلاد الروم فأعطاه السلطان أبو يزيد (بايزيد) سلطانية بروسه ثم إحدي الثمانية.

و كان عالما متشرعا ناقدا و قورا. صنف شرحا عظيما علي التجريد و شرحا علي نهج البلاغة و كتابا جامعا لمقدمات التفسير و غير ذلك.

468 حوادث سنة 920 ه- 1514 م

469 وقعة جالديران:

لم يكن للناس حديث سوي التطلع إلي ما سيقع، و ما يتولد من النتائج فكانت التأهبات و الاستعدادات للحرب بلغت النهاية من الاهتمام.. و لم تمض مدة إلا و جاءت الأخبار بوقوع الحرب في أوائل

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 360

شهر رجب من هذه السنة و تمت بانتصار العثمانيين علي الصفويين و بهزيمة الشاه من وجه عدوه و قتلة السيد محمد كمونة، و والي بغداد و أمراء كثيرين و من العرب نحو عشرة آلاف.. و تفصيل الخبر مدون في أكثر كتب التاريخ و لا يهمنا سوي أن ننظر إلي نتائجه فهو الذي أمن الحاكمية للعثمانيين في الأقطار العربية كسورية و مصر و ديار بكر و ما والاها و في الحقيقة هذه الحرب قضت علي النفوذ الإيراني و أضعفت شأنه و خيبت آماله حتي أنها من بواعث اختلال إدارة العجم في العراق و تزعزعها إلي أن صارت للعثمانيين. فهي من الحروب الكبري التي كانت قد ترتبت عليها مقدرات الحكومتين و سميت الوقعة بهذا الاسم لحدوثها في موقع معروف ب (جالديران) في أنحاء تبريز.. و بعد مدة يسيرة عاد السلطان سليم إلي مملكته

بالفوز و النصر.

و في هذه الحرب استولي السلطان علي خزائن الشاه و أمواله و خيمه و نسائه كذا في القرماني. و جاء في تاريخ أحمد راسم أن السلطان استولي علي مخيم الشاه و زوجته تاجلي خانم و علي تخته و خزانته و أخذ أسري منه كثيرين، و إن هذه الحرب أدت إلي ضبط تبريز و عدا الغنائم التي أخذت اختير من أرباب الصناعة نحو ألف أستاذ سيرهم معززين إلي استانبول …

ثم إن الشاه أرسل هدايا ثمينة مع أربعة من رسله و طلب إطلاق زوجته تاجلي خانم من الأسر و لكن السلطان حبس السفراء، و زوج امرأته من جعفر چلبي قاضي العسكر قال أحمد راسم المؤرخ التركي:

و هذه المعاملة غير لائقة جدا و أساسا نري آمال العثمانيين مصروفة للاستيلاء و حقارة المقابل بكل شدة و استحصال الفتاوي في قتاله

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 361

و استباحة حريمه و ماله … و سنورد في حينه فتاوي كل جانب من المتقابلين أي أنهم استخدموا الدين وسيلة لأغراضهم و سيروا الفقهاء بمقتضي أهوائهم …

470 عرش الشاه:

هذا و المظنون أن (عرش الشاه) لا يزال موجودا في استانبول و في هذه الأيام عرض في المتحف للمشاهدة سواء للأهلين أو غيرهم …

و لم نعثر علي نصوص قديمة تؤكد أن للشاه (عرشا) من بقايا تلك الحرب استولت عليه الحكومة، و قد كتب علي بطاقة أن هذا العرش منسوب إلي الشاه إسماعيل و أري أنه (عرش نادر شاه) و النصوص الواردة في (دوحة الوزراء) تؤيد أنه أهداه نادر شاه إلي السلطان العثماني، و كان نادر شاه قد غنمه من ملوك الهند، و من المقطوع به أنه من معمولات الهند مما يؤكد وجهة نظرنا و

قد ذكر وصفه هناك. بقي ببغداد مدة بعد قتلة نادر شاه … ثم أرسل إلي استانبول.

471 وفيات
472 السيد محمد كمونة: (آل كمونة)

في هذه السنة قتل السيد محمد كمونة في واقعة چالديران كما تقدم. و اشتهر اسم هذه الأسرة في الأقطار و أخذ يرددها التاريخ فإن السيد محمد رئيس أسرة آل كمونة في وقعة بغداد كان متهما في الميل إلي الشاه فناله من جراء ذلك حبس و إهانة، من حكومة البايندرية ثم أخرجه أهل بغداد من الحبس عندما رأوا أن حكومتهم ليس لها قدرة الدفاع، و صد الهاجم … فكان ما كان مما مر، و الشاه في هذه الحالة أكرمه، و أعزه، و أنعم عليه بإنعامات كبيرة … و الأهلون لم تكن فيهم قدرة المقاومة. و الملحوظ أنهم رأوا من الحكومة الزائلة ما أضعفهم

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 362

و أنهك قواهم، فلم يروا بدا من التسليم …

و الحالة التي نعرفها في تلك الأيام أن الأهلين يرون الإذعان للحكومة الإسلامية ضروريا فلا يسلون السيف في وجه القوي، و لا يدافعون كثيرا و لكن أهل السلطة و الحكومة يقومون أحيانا و ينازعون أغلبيا … و لم تظهر الحوادث القومية و أمثالها إلا في هذه الأيام فأبدلت تلك بمعاهدات و اتفاقات فقللت من الحرص و الطمع كثيرا، و وقفت بالحكومات عند آمالها المحدودة لما رأت من تيارات قوية …

و إن السيد محمد آل كمونة من حين ورد الشاه أخلص له الود و رافقه في حروبه، و ناصره في السر و العلن … حتي قتل في واقعة چالديران مع من قتل في سنة 920 ه.. و بقي اسم هذه الأسرة معروفا باسمها الأول، و ولي بعض أفرادها النقابة في النجف … و طرأ

علي رجالها القوة و الضعف شأن غيرها، و قد رأيت شجرة النسب، و وثائق عديدة و فرامين و حجج شرعية في مختلف الأزمان تؤكد الاتصال و لا تدع ريبا أو محلا للتشكيك، فهي أسرة قديمة، حسينية النجار و إن السيد محمد هو ابن حسين بن ناصر الدين بن علي بن حسين بن أبي جعفر الحسين بن منصور بن أبي الفوارس طراد بن شكر الأسود، و هذا الأخير مذكور في عمدة الطالب، و هم بنو كمكمة أولاد شكر الأسود. و جاء ذكر آل كمونة في أحسن التواريخ و في كلشن خلفاء و كتب عديدة مما لا يسع المقام إيرادها، و سنتعرض لمن عرف منهم، و اشتهر بعلم أو جاء ذكره في التاريخ …

و لا تزال هذه الأسرة عامرة لحد الآن و قد أطنب صاحب (ماضي النجف و حاضره) في ذكرها و بين المراجع التي تشير إلي أفرادها،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 363

و من كانت له صلة قرابة بها، و يطول بنا بيان أسماء أفرادهم و تسلسلهم فإنه لا يحتمله هذا المقام و لعلنا نشبع الموضوع أوسع في (بيوتات العراق).

473 حوادث سنة 921 ه- 1515 م

474 في العراق:

في هذه السنة أيضا لم تقع حوادث مهمة و إنما غطت حوادث السنة الماضية علي غيرها، و إيران مشغولة في ترتيبات جديدة للم شعثها … و المفهوم أنها أبقت الإدارة كما كانت بأيدي قوامها الذين تركتهم فيها.

475 الموصل و الأنحاء المجاورة:

و في هذه السنة أحب أهل آمد أن يدخلوا في طاعة السلطان سليم فأخرجوا و اليهم المنصوب من سلطان العجم و أرسلوا يطلبون أميرا من السلطان ليكون وليا عليهم فنصب بيقلو محمد بيك الآمدي و جعله أمير الأمراء فوصل إلي تلك البلاد و قاتل و اليها قره خان فانتصر عليه و قتله، ثم إن محمد باشا حاصر مدينة ماردين فافتتحها ثم افتتح بلاد الموصل و عانة و حديثة و هيت و سنجار و حصن كيفا و جمشكز و العمادية و حصن سوران و سائر بلاد الأكراد و عامة جزيرة ابن عمر و من ثم نري أوائل العلاقة بين العراق و العثمانيين بعد واقعة چالديران و في هذه الأيام كان العراق في اضطراب و تشوش … و أن الحكومة التركية أرسلت بيقلو محمد باشا و إدريس البدليسي نظرا لوقوفه علي الأحوال هناك فصادف

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 364

مشاكل إلا أنه بمغلوبية قرا خان في قوچ حصار دخل أمراء الكرد في طاعة السلطان و كذا صارت كركوك في حوزتهم.

476 حوادث سنة 922 ه- 1516 م

477 الحالة كما كانت:

لا تزال الحالة علي ما هي عليه بل كانت أسوأ فإن الإيرانيين لم ينظموا أمورهم و يقرروا إدارتهم بعد حتي عاد السلطان ياوز و توجه نحوهم فجعلهم في اضطراب إلا أنه مضي إلي قانصوه الغوري سلطان مصر و سورية و الحجاز فاستولي علي مملكته و ذلك لما علمه من مساعدته للصفويين فقتله و أعلن خلافته …

فقويت آمال السلطان سليم في الأنحاء العربية و ما جاورها و تولدت فكرة توحيد الممالك الإسلامية.

478 حوادث سنة 923- 925 ه 1517- 1519 م

479 الأوضاع السياسية:

مضت هذه السنين و الأوضاع السياسية في العراق مرتبكة و الحكومة الإيرانية شغلت بحوادثها مع العثمانيين و الحكومات الأخري المجاورة لها في الأنحاء الشرقية.

480 حوادث سنة 926 ه- 1520 م

481 وفاة السلطان سليم:

و في هذه السنة توفي السلطان سليم فكان ذلك أكبر خبر سر به

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 365

الصفويون لنجاتهم من غوائل كبري و خلاصهم من خطر عظيم.. و قد استولي علي أكثر الممالك التي بيد الشاه إسماعيل كما أنه تولدت فيه فكرة الفتوحات في الممالك الشرقية الإسلامية و توحيدها … و لم يهم العراق إلا من ناحية الميل إليه و الفرح بفتوحه و انتصاراته.

وكل ما يقال عنه أنه قاهر الشاه إسماعيل الذي قتل كثيرين من المسلمين مما دعا أن يقابل في قتل العجم و انتهاك حرمات الكثيرين منهم حتي أنه لم تسلم زوجته من الأسر لما حنق عليه المسلمون و فرحوا بمقابلته بالمثل … و قد قال صاحب الشذرات عنه «إنه في أيامه- أيام السلطان سليم- ظهر إسماعيل شاه و استولي علي سائر ملوك العجم و ملك خراسان و آذربيجان و تبريز و بغداد و عراق العجم و قهر ملوكهم و قتل عساكرهم بحيث قتل ما يزيد علي ألف ألف و كان عسكره يسجدون له و يأتمرون بأمره و كان يدعي الربوبية و قتل العلماء و أحرق كتبهم و مصاحفهم و نبش قبور المشائخ من أهل السنة و أخرج عظامهم و أحرقها، و كان إذا قتل أميرا أباح زوجته و أمواله لشخص آخر فلما بلغ السلطان سليم ذلك تحركت همته لقتاله و عد ذلك من أفضل الجهاد فالتقي معه بقرب تبريز بعسكر جرار و كانت وقعة عظيمة فانهزم جيش شاه إسماعيل و استولي سليم علي خيامه و سائر ما

فيها و أعطي الرعية الأمان … » ا ه.

و مثله جاء في كتاب الأعلام بأعلام بيت اللّه الحرام و أنه استولي علي تبريز و قال:

«أخذ- السلطان سليم- من أراد منها من الأفاضل المتميزين في الصنائع و الفضائل و الشعراء الأماثل و ساقهم سركنا (جلاء) إلي اصطنبول

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 366

(استانبول) … و بوفاته نجوا من أكبر عدو لهم، و لم يدروا أن سليمان أعظم منه، و أنه أتم مشروع والده و نهج نهجه.

482 حوادث سنة 927 ه- 1521 م

483 1- أحمد البغدادي:

هو شهاب الدين أحمد ابن القاضي علاء الدين علي بن البهاء بن عبد الحميد بن إبراهيم البغدادي ثم الدمشقي الصالحي الحنبلي الإمام العلامة. ولد سنة 870 ه و أخذ العلم عن أبيه و غيره و انتهت إليه رياسة مذهبه و قصد بالفتوي و انتفع الناس به و فوض إليه نيابة القضاء في الدولة العثمانية ثم ترك ذلك و أقبل علي العلم و العبادة توفي بدمشق سنة 927 ه.

484 2- بدر الدين حسن الفلوجي البغدادي:

هو ابن عيسي بن محمد الفلوجي البغدادي الأصل العالم الحنفي اشتغل قليلا علي الزيني بن العيني و اعتني بالشهادة ثم تركها و حصل دنيا واسعة و ولي نظر الماردانية و المرشدية و نزل له أخوه شمس الدين عن تدريسها و عدة مدارس و لم تكن فيه أهلية. مات سنة 927 ه.

485 حوادث سنة 930 ه- 1523 م

486 وفاة الشاه إسماعيل: (ترجمته)

تقدم الكلام علي حكومته و ما جري للعراق في أيامه و ترجمه كثيرون … و هذا قام بيد حديدية و حاول أن يقضي علي كافة الحكومات

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 367

الإسلامية بما أبداه من شدة … و أعاد للناس ذكري وقائع تيمور و أمثاله و الحكومات كانت مضعضعة الجانب، و الأقوام و الشعوب منهوكة القوي، تتربص الصيحة لتقوم علي حكوماتها و تمد يدها للقائم الثائر، و لا يحتاج الأمر إلي الاهتمام الكبير، و لا إلي تطبيق مناهج مشاهير السفاكين أو مراعاة خططهم في حروبهم. فكان من نتائج هذه المعركة أن خذل و نالته الضربة القوية من يد السلطان سليم العثماني بحيث أضاع رشده، و صار لا يقوي علي مجابهته، أو مقابلته. و ترك معظم الممالك التي حصل عليها و من خسائره ذيوع أعماله و تدميراته التي نقلها المؤرخون و نددوا به من أجلها … و بغداد التي سلمت له بالأمس طائعة بلا قيد و لا شرط صارت تضمر السخط عليه لما أصابها من ضيم و تعصب، و صار يلتجي ء رجالها إلي البلاد الأخري و خاصة إلي بلاد العثمانيين شاكين ضيمهم، مستصرخين بهم، راجين النصرة علي أيديهم …

قال في كتاب (الأعلام بأعلام بيت اللّه الحرام):

«قتل خلقا لا يحصون … و قتل عدة من أعاظم العلماء بحيث لم يبق أحدا من أهل العلم في

بلاد العجم إلا و أحرق جميع كتبهم و مصاحفهم … و كلما مرّ بقبور المشايخ نبشها و أخرج عظامهم و أحرقها، و إذا قتل أميرا أباح زوجته و أمواله لشخص آخر … » ا ه.

و علي كل لا يفسر قيامه بعمل معقول و قد ذكر له هذا التعصب رئيس وزراء إيران سابقا ذكاء الملك محمد علي فروغي في كتابه تاريخ إيران … و لم ينظر إلي أن المسلم أخو المسلم، و يجب أن تكون

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 368

العقيدة حرة. فنري المؤرخين ينقلون القسوة و الحيف إلا بعض كتاب العجم من صنائعه … بل نجد بين مؤرخي الإيرانيين من يندد بسياسته و يعدها خرقاء … أوردنا فيما سبق من النصوص ما ينبي ء بغروره قبل كسرته، و بذلته بعدها و انهزامه من وجه العثمانيين، و لم يجسر أن يأخذ بحيفه بل قامت عليه مملكته و صار يركن دائما إلي الانحراف عن وجه عدوه … و هكذا فعل أخلافه من بعده … و لا نطيل في تاريخ حياة الشاه إسماعيل و غاية ما نعلم عنه أنه صوفي الأصل، نشأ نشأة تركية و له ديوان في التركية و مخلصه في أغلب قصائده (خطائي) و في كشف الظنون ذكر ديوان خطائي و هو ديوانه …

و ما قام به العثمانيون من معاملته كان مبناه المقابلة بالمثل و هذا أيضا لا مبرر له، و فيه غفلة عن قاعدة (لا ضرر و لا ضرار) و قبيل وفاته انتزعت العراق منه فاستقل بها بعض أمرائه للاعتقاد بأن حكومته سائرة للزوال … و الإيرانيون يجدون أنه الوحيد الذي جعل كيانا خاصا لإيران، و قوي آدابها … و الحق أنه سعي سعيا بليغا

لاستقلال إيران.

487 حكومة ذي الفقار

لم يستمر حكم الصفويين في العراق و قد ثار عليهم ثائر قضي علي حكومتهم هنا.. و هذا أيضا لم تلبث حكومته إلا قليلا فماتت. و ذلك أنه في هذه الأيام دارت الدائرة علي الحكومة الصفوية … فكانت تستمد من أمرائها في الأطراف و تطلب المعونة منهم بإلحاح لتوقيف الاضطرابات المتوالية، أو الثورات الناشبة عليهم …

و من أهم الوقائع حادثة ذي الفقار الثائر علي حكومة الصفوية و ذلك أن أمراء قبيلة موصلو و هم أمير خان و أخوه إبراهيم خان كان لهما ابن أخ هو ذو الفقار بن نخود سلطان. و كان هذا حاد المزاج، حار الطبع إلا أنه مشتهر بالسخاء و الشجاعة فمالت إليه القلوب و أحبته. و قد

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 369

أعانه بسبب هذا الحب و الميل أكراد كلهر فافتتح أكثر بلادهم و صار الكل ينقادون له و لا يقصرون في نصرته!

و إن عمه إبراهيم خان والي بغداد ترك أخاه أمير خان و أولاده و أنسباءه و أعوانه في بغداد و ذهب هو إلي الشاه بنحو خمسة آلاف من رجاله … و الحاجة إلي مثله كانت شديدة جدا. و لما وصل إلي (ما هي دشت) أغار علاليه ذو الفقار خان بثلثمائة فارس تقريبا و هاجمه بمن معه علي غرة فأورده حتفه كما أن أتباعه انقادوا إلي ذي الفقار. و بذلك نال قصده، و خسر الشاه هذه القوة.

و علي هذا توجه نحو بغداد و ضرب خيامه في أطرافها، فأقام بضعة أيام ثم عقد مصالحة فدخلها بتسليمها القياد له. فقضي علي حاكمها و هو عمه أمير خان و علي أولاده فاستقل بها …

و كان فارسا مقداما كريما جوادا لا يدانيه أحد،

نال شهرة ذائعة و أحبه أكثر الناس و أذعن الكل له بالطاعة فشاع صيته و علت مكانته في القاصي و الداني فبسط بساط العدل و الرأفة.

و مع هذا كله كان يشعر بضعف و يخشي صولة العجم عليه و هو في أوائل تأسيس الملك فأراد أن يركن إلي قوة تكفيه الغوائل و عون يعتمده من الطوارق فأول ما قام به أن حبب نفسه للأهلين من جهة تأمين العدل و إبداء اللطف و المكارم فعلقت به القلوب، و من أخري ضرب النقود باسم السلطان سليمان القانوني و قرأ الخطبة له و شايعه و أبدي أنه من أتباعه و أرسل إليه سفيرا يعرض له ذلك دون أن يحصل أي نزاع يقتضي ذلك.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 370

و لما طرق ذلك سمع الشاه طهماسب حرّق عليه الأرم و غضب غضبا شديدا و هاجت نخوته … فتقدم بجيش عظيم سنة 936 ه في تموزها فهاجم بغداد في مدة يسيرة خوفا من أن يصل إليه المدد من السلطان سليمان فعاجل في الأمر بقصد استخلاصها من ذي الفقار …

قاومه ذو الفقار أشد المقاومة و أظهر من البسالة أكثر مما هو مشهور عنه فصرف كل مجهوداته للنضال و تمكن من صدّ الهجومات و قارع مقارعات عظيمة خارج البلد و لكن السيد محمد كمونة كان يثبط العزائم و يخذل و كاد الشاه يرجع بالخيبة، فلم يطق الحرب في أيام الحر … لو لا أن الشاه أطمع إخوة ذي الفقار علي بك و أحمد بك مع آخرين نحو 17 فعزموا علي قتل ذي الفقار و صاروا يترقبون الفرص للوقيعة به …

ففي بعض الأيام رجع ذو الفقار إلي داره منهوك القوي بقصد أن يستريح

فرمي سلاحه و عدته و أراد أن ينام للراحة من العناء و حينئذ هاجمه أخوه علي بك علي حين غرة و معه ثلة فبادروه بالضربات. و لما حاول مقابلتهم فاجأه أخوه الآخر أحمد بك فأخذ بتلابيبه فقضي عليه …

صار لهذه الوقعة رنة سرور و فرح للشاه طهماسب إذ كان الحر اضجره و دعاه أن يرجع لو لا هذا الحادث الذي نال به بغيته من أسهل طريق و أكرم ذينك الأخوين علي فعلتهما و منح منشور الولاية (حكومة بغداد) إلي محمد خان تكلوا آل شرف الدين و برات كركوك إلي صوفيي كلهر، و لواء بندنيج إلي غازي خان و لواء الحلة إلي سيد بك، و لواء واسط و الجوازر إلي قانصوه بك، و لواء الرماحية إلي صالح سلطان و صدرت البروات بذلك طبق مراسيمها.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 371

و حينئذ و بعد أن تم للشاه الأمر ذهب إلي قزوين و رحل عن بغداد.

و بذلك عاد العجم الكرة علي العراق فصارت تحت حكمهم …

و علي كل حال إن هذا يعتبر ثائرا عليهم و من أمرائهم و لا يعد مالكا حقيقيا للعراق مهما تعلق العراقيون به، و قد حاول فصل سلطة الإيرانيين عنه و أن يتمكن من الاستقلال بإقناع العثمانيين بالخطبة و السكة و أمثالهما فلم يفلح.

ثم أنه لم تطل مدة حكم الإيرانيين علي هذا القطر و إنما تعد ببضع سنوات لا تتجاوز الخمس … أي أنها امتدت إلي سنة 941 ه.

و هذا الوالي (حاكم بغداد) هو الذي انتزعت بغداد منه علي يد السلطان سليمان خان القانوني و لا يمكن أن يقال عن هذه السنين إلا أيام حروب و أوقات جدال فلا تنتظر إدارة منتظمة و

حكومة مدنية معتبرة … فالكل مخرب يحاول النصرة علي عدوه، و المسألة بين الحكومتين.

و الحاصل أن ذا الفقار ولي بغداد بعد عمه إبراهيم خان موصلو الذي هو آخر ولاة العجم، و بعد أن انقضي تغلبه خلفه (محمد خان تكلو) … و هذا دامت ولايته في بغداد إلي أن جاء السلطان سليمان القانوني … و لا أمل أن نجد وقائع مطردة، و حوادث مرتبة عن مدة مثل هذه و الصحيح لم نعثر علي مؤرخ عراقي يميط اللثام عما جري في هذه الأيام من الوقائع علي وجه التفصيل.

488 بصري شطرنجي:

في تاريخ دمشق عن ابن المقار أنه في سنة 936 ه وصل إلي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 372

دمشق حماد البصري الأعمي و نزل بالبادرائية و كان بارعا (يلعب الشطرنج) فتقدم إليه أكابر دمشق و مصر و الحجاز و لعبوا معه بعد أن ربطوا عينيه ربطا محكما فغلبهم و ذكروا أنه يمكن أن يلعب مع خمسة أنفس علي خمس رقع انتهي و في هذا ما يشير إلي أن العراق لم يخل في عصر عن رجال لهم شهرتهم و بعد صيتهم في مختلف المواهب إلا أن الوقائع المؤلمة أنست تثبيت أعمالهم و القوة غالبة عليهم و الأطماع شديدة في الاستيلاء …

لم نسمع بعدها عن العراق شيئا من الوقائع إلي أن انتهي أمد حكومة العجم الصفوية عام 941 ه.

489 ولاة بغداد:

1- خليفة الخلفاء أبو منصور المعروف بخادم بك المتوفي سنة 920 ه.

2- إبراهيم خان و كان واليا علي بغداد فقتله ابن أخيه ذو الفقار.

3- ذو الفقار. (ثائر).

4- تكلو محمد خان. و هذا انتزعت منه حكومة بغداد سنة 941 ه افتتحها السلطان سليمان القانوني و بعدها انقطع حكم إيران نحو مائة سنة عن العراق … و كانت هذه الحكومة تركمانية في إدارتها و غالب أمرائهم منهم، اشتغلت بحروب كبيرة، و هي في دور التأسيس، و أصابتها صدمات قوية … و علي رأسها الشاه طهماسب و في هذه الحالة دام حكمها إلي هذه الأيام و ما بعدها.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 373

490 فتح بغداد:

كان من نتائج سوء الإدارة، و قلة التدبير أن نفرت ممالك كثيرة من الحكومة الصفوية، استنصر بعضهم العثمانيين، و من بغداد ذهب آخرون إلي استانبول يشكون الحالة.. و الآن نورد فتح بغداد مجملا علي أن نعود للتفصيل، و نبين الأوضاع السياسية و الحربية، ففي جامع الدول عزم السلطان سليمان علي استخلاص بغداد … و ادعي سبق اليد، و أمر رئيس العسكر نظام الملك إبراهيم باش أن يشتي في حلب، فإذا ذهبت شدة الشتاء سار هو أيضا في جيوش كثيرة و اجتمع به في حلب، فامتثل الأمر … و في 10 جمادي الآخرة سنة 940 ه وصل حلب.. و إن الشاه أخذ العدة، و تأهب للطواري ء.. ثم توجه السلطان و قطع مراحل في طريقه إلي العراق.. فوصل بغداد، و دخلها في 24 جمادي الأولي سنة 941 ه و كان النائب بها من قبل الشاه تكلو محمد خان، فلما سمع بوصول العسكر إلي حدود العراق بعث إلي السلطان يقدم له الطاعة، ثم أخذ أمواله و

عياله و هرب، فدخل العسكر بغداد.. ثم عاد في 18 ذي الحجة و مثله في الجنابي. و في منشآت فريدون، و مطراقي (بيان منزل العراقين)، و سليمان نامه تعداد للمنازل التي قطعها السلطان بجيشه كما أن التفصيلات عن مدة إقامته ببغداد، و أعماله فيها مما يتعلق بالجزء التالي، فلا نتعرض لها الآن و نكتفي بهذه الإشارة لضيق المجال.

491 القبائل التركية و التركمانية
اشارة

كان الترك في العراق قبل المغول بكثير، دامت علاقتهم، إلا أنهم

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 374

عاشوا فيه في كل أحوالهم في قلة حتي في أيام تسلطهم، و في أيام المغول تكاثر عددهم نوعا، و مال إلي العراق أقوام و قبائل عديدة منهم بالوجه المشروح، و بمرور الأيام ذابوا في المدن، أو صاروا إلي مواطن القوة، و بعضهم لا يزالون بصورة قبائلية ضئيلة، أو سكنوا قري خاصة بهم أو مختلطة بغيرهم، و منهم من كانت لهم مكانة، أو عاشوا مجتمعا، أو عرفت لهم وقائع في التاريخ:

492 1- البيات:

و هؤلاء من أقدم القبائل التركمانية، و لهم كيان خاص، و هم مجموعة لا يستهان بها، يقطنون لواء كركوك، و كانوا في لواء وسط، و الآن مال قسم كبير منهم إلي المدن، و صاروا في قلة و اختلطت بهم عشائر عربية، و هذه أشهر فروعهم:

1- البسطملية. رئيسهم وهب بن محمد أبو زيد، و كاظم بن حبيب. و هؤلاء ترك و أفخاذهم:

(1)- المحمودية.

(2)- عز الدينية.

(3)- الليبالي.

2- پير أحمد. رئيسهم محمد الفرحان، و محمد بن حمد البكعة.

و هم من الأمراء، مختلطون تركا و عربا و أفخاذهم:

(1)- البو علي الناصر.

(2)- البو خالد.

3- كله وند. رئيسهم حسن المحمد و عسكر بن بيات. و الظاهر أنهم فيهم كرد.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 375

4- رويزات. رئيسهم حمد بن حمادي. و هم عرب و ترك.

5- إسماعيل بكلية. رئيسهم فارس بك ابن الحاج محمد بك هو رئيس عموم البيات و يزاحمهم البو حسين و يدعون أنهم من طيي ء. و هم عرب و ترك:

(1)- البو عبو.

(2)- البو نجم.

(3)- البو حسين.

(4)- البو حسن. رئيسهم حسين بن حميد القدو.

6- قره ناز. رئيسهم علي بك ابن هادي بك،

ترك.

7- براوجليه. رئيسهم رضا بن موسي، و سداح بن رضا.

8- حسن درلية. رئيسهم حسن بن قايه.

9- الأمرليه. رئيسهم جاسم بن محمود. و نخوتهم (إخوة شاطرة) و يدعون أن أصلهم من (آل مري)، مالوا من واقعة آل مري. و يتكلمون التركية و العربية و فروعهم:

(1)- عابشلية.

(2)- كرملية.

(3)- باكرليه.

(4)- زربرليه.

(5)- قلابليه.

10- مراد ليه. رئيسهم محمد بن نجم.

11- دلالوه. رئيسهم محمد الحسون و عزيز بن علي خان.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 376

12- البو ولي. رئيسهم طعان بك ابن حبش بك.

13- قوشجية. رئيسهم حميد أغا. و آل كنه في بغداد منهم.

(1)- الياسات.

(2)- اليلانجية.

(3)- الشوخورتلية. رئيسهم رضا بن يوسف. عرب و ترك.

(4)- البو صبحة.

(5)- زنكولية.

14- ينكيجة. رئيسهم حميد بن صمد، و علي كهيه بن أيوب.

و هؤلاء مختلطون ترك و كرد (داوده). و سموا باسم المكان.

و هؤلاء ابيات ورد ذكرهم في (ديوان لغات الترك) من فروع أوغز.

و بين سمة دوابهم، و في اللهجة العثمانية لأحمد و فيق باشا أيضا. و هي منتشرة في العراق و خارجه، و لا يخلو تاريخ تقريبا من التعرض لهم كما أنه جاء عنهم في تاج العروس. و في أوليا جلبي تعيين لمواطنهم الحالية. و منهم فضولي الشاعر البغدادي المعروف و في بستان السياحة بيان لهذه القبيلة في صحيفة 179 و ما جاء في عنوان المجد من أنهم وردوا العراق أيام السلطان مراد فغير صحيح. فهم من أقدم القبائل التركمانية، قطنوا العراق قبل المغول، و كانت مواطنهم في المقاطعة المعروفة ب (بيات و دليران) التابعة لواسط قديما.

و في (فارسنامه) إيضاح عن علاقتهم ب (الخلج، و الزنكنة، و موصلو) و أقوام كثيرة. كما أن صاحب جهانما أورد مكان لوائهم و أنه قرب جنكوله و هو في

لواء واسط قديما …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 377

و اليوم هم مزيج كما أن لغتهم كذلك. و في الوقائع التاريخية نتعرض لما يرد ذكره.

493 2- قراولوسي:

و هؤلاء قرا أولوس. من قبائل المغول. عاشت قرب مندلي (بندنيجين)، فنسيت لغتها، و عادت الآن لا تعرف أنها تركية. و من فروعها (قايتول)، (كجيني)، (و نفطجي) و أفخاذ أخري سنتعرض لها في (عشائر العراق) عند الكلام علي العشائر الكردية.

494 3- الخلج: (الخلجية):

جاءت بلفظ كلجية و في جهانكشاي جويني بلفظ (خلجان) و خلج، و هناك يظن أنهم قبيلة من الأتراك فلم يقطع في أصلهم.

و النصوص العربية تعين أنهم من العرب كما في لسان العرب و تاج العروس. و جاء في صحائف الأخبار لمنجم باشي ما يؤيد ذلك، اختلطوا بالتتار، و في قاموس الأعلام و دائرة المعارف الإسلامية ما يعين أنهم نالوا الحكم، و تكون منهم سلاطين في أنحاء الهند بعد أن عاشوا مع الغورية، و عدهم المؤرخ التركي الشهير نجيب عاصم في كتابه تاريخ الترك شعبة من الغورية و بين أن (قال آج، و خولج، و قلج) من أصل واحد و ندد بقول منجم باشي. و في الحلة من الوية بغداد محلة تسمي (كلج) كان يسكنها هؤلاء فسميت باسمهم. و الآن لا يعرف لهم وجود في العراق، أو اختلطوا فلم يعد يعرف لهم كيان خاص.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 378

495 4- صارلية: (سارلو)

و هؤلاء اضطربت الأقوال فيهم، و هم تركمان. و جاء ذكرهم في دائرة المعارف الإسلامية باعتبار أن ذلك عقيدة. و قيل أصلها (صارت لي الجنة). و هذا غير صحيح قطعا لأن أصلها (سارلو) (بالسين) قبيلة تركمانية كان لها موقع خاص و ذكرت في كتب التاريخ. و الآن تعد فرقة من الكاكائية كأنها نحلة من نحلهم، و طريق اشتقاقها المذكور أعلاه غريب. فلا علاقة لأصل اسمها بماهية نحلتها و تلفظ (صاره لو).

و الآن تحتوي علي عدة قري تركمانية بين الموصل و أربيل علي الجانب الأيمن و الأيسر من الزاب الأعلي تابعة ناحية الكوير من لواء إربل و في مواطن أخري و هذه أشهر قراهم:

1- دربند سارلو (صاره لو).

2- وردك.

3- تل اللبن.

4- قرقشة.

5- صفية.

6- مطراد سارلو (صاره

لو).

7- فتحاوة.

8- كلك ياسين آغا.

9- زنكل.

10- توله بند.

11- كنزكان.

12- تل الحميد.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 379

13- كبرلو.

14- خرابه سلطان.

15- زاره خاتون.

و قد جاء ذكر قبائل و فروع تنطوي ضمن المذكورين، أو مر القول عنهم.

496 الحكومات و الإمارات المجاورة
اشارة

و هذه كثيرة لا يسع المقام ذكرها، و المهم ما له علاقة بالعراق.

و قد مضي بيان جملة منها و أشهرها:

497 1- الدولة الغادرية:

إمارة استولت علي مرعش و ما والاها و دام حكمها إلي ما بعد علاء الدولة، قضت عليها الدولة العثمانية، و أول من عرف منهم ذو القدر زين الدين قراجة ابن ذي الغادر (دلغادر)، و توالوا إلي أيام علاء الدولة بن سليمان. و هذا قتل كما تقدم، فخلفه علي بيك بن شاهسوار بن علاء الدولة. و في سنة 928 ه قضي العثمانيون عليه و علي ابنه سارو أرسلان و استولوا علي مملكتهم.

498 2- القرمانية:

تكونت في أوائل القرن الثامن، و أول أمرائهم قرمان بن نور صوفي، و آخرهم أحمد بيك بن إبراهيم. و هذا انقرضت حكومته علي يد العثمانين سنة 871 ه. و أوضح أصلها (تاريخ القرمان) ذكره في جامع الدول قال «ظفرت بتاريخ تركي غليظ التعبير في أحوال القرمانية لشخص

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 380

يقال له (شكاري)، ترجمه من منظومة فارسية علي أسلوب الشهنامة نظمها (دهاني) في أحوال سلاجقة الروم، ثم ذيلها (أرحاني) في أحوال القرمانية، فترجمها (شكاري) هذا إلي التركية نثرا فقال فيه أن أصل (القرمانية) من طائفة (الغز)، ثم قيل لهم (أغوز)، انتقلت منهم نحو عشرة آلاف بيت إلي الروم من أذربيجان و شروان لما أن تسلط عليهم التاتار، و التجأوا إلي سلطان الوقت من السلاجقة، و صاروا رعية لهم، فأسكنهم السلطان في ثغور بلاد الروم فاختلطوا بالتركمان …

499 3- آل المشعشع:

مر الكلام عليهم. و المولي محسن توفي أيام الشاه إسماعيل فخلفه ولداه أيوب و علي فقتلهما الشاه سنة 914 ه، و استناب أحد أمرائه.

و لما عاد ولوا عليهم فلاحا ابن المولي محسن، فأظهر الطاعة للشاه و قبل الالتزام و أداء المال للشاه، و بعد وفاته خلفه ابنه بدران، ثم قام ابنه سجاد. و هذا أطاع الشاه و بذل المال المقطوع. و في جهان آرا للغفاري انتهي بحوادثهم إلي سنة 973 ه.

500 4- حكومة مصر:

و هذه كانت حوادثها متعلقة بحكومات العراق، و ذات اتصال بها.

و يتلو ما سبق ذكره:

1- الملك المؤيد شيخ (815 ه- 824 ه).

2- الملك المظفر أحمد (824 ه- 824 ه).

3- الملك الظاهر ططر (824 ه- 824 ه).

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 381

4- الملك الصالح محمد (824 ه- 825 ه).

5- الملك الأشرف برسباي (825 ه- 841 ه).

6- الملك العزيز يوسف (841 ه- 842 ه).

7- الملك الظاهر جقمق (842 ه- 857 ه).

8- الملك المنصور عثمان (857 ه- 857 ه).

9- الملك الأشرف إينال (857 ه- 865 ه).

10- الملك المؤيد أحمد (865 ه- 865 ه).

11- الملك الظاهر خشقدم (865 ه- 872 ه).

12- الملك الظاهر بلباي (872 ه- 872 ه).

13- الملك الظاهر تمربغا (872 ه- 872 ه).

14- الملك الأشرف قايتباي (872 ه- 901 ه).

15- الملك الناصر محمد (901 ه- 904 ه).

16- الملك الظاهر قانصوه (904 ه- 905 ه).

17- الملك الأشرف جانبلاط (905 ه- 906 ه).

18- الملك العادل طومانباي (906 ه- 906 ه).

19- الملك الأشرف قانصوه الغوري (906 ه- ض 922 ه).

هذا، و قد مر ذكر باقي الحكومات التي له صلة بالعراق رأسا أو بالواسطة.. مثل الدولة الشروانية (الدربندية) و غيرها.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 383

501 خاتمة الكتاب

هذه الأيام كانت في غاية الاضطراب، و الظواهر الثابتة تشير إلي ما وراءها و الحكومات المتسلطة علي العراق استقرت في البارانية أولا، و البايندرية ثانيا، ثم الصفوية، و انتهي الحكم بالفتح العثماني، فانقضي هذا العهد ببؤسه، فلم يحصل انقياد لواحد و في أيام الضعف بدت الحزبيات، و اشتعلت نيران الفتن بين الأمراء، فلم يصف الجو و لم يسد الهدوء، و كانوا قوة عظيمة ترهب العدو، فصارت الحوادث تلتهم بسعيرها، و سهل الاستيلاء

عليهم، فقامت الدولة الصفوية، و قد مل الناس الحروب، و رأت تسليما من كل جانب بغية الراحة، و لكنها لم تراع السياسة في تقريب الأقوام، فحصلت النفرة منها …

ذلك ما سهل الفتح العثماني، و كانت الدولة العثمانية من أكبر دول الشرق، و سيأتي من الحوادث ما يبصر بنتائج هذا النزاع بين الدولتين، و الآمال حالت دون التفاهم، فكانت القاضية بل السبب الوحيد لتدمير الشرق و جموده و انحلال إدارته …

و العهد المذكور مبدأ الانحطاط، و أول اندثار الثقافة العلمية و الأدبية، و ضياع القدرة المادية، و المعنوية و انحلال الإدارة مما يستدعي الدراسة، و هي خير عبرة، و الانتباه للتوقي من حالات مثل هذه لازم بقدر الإمكان … و قد استفاد الأغيار من هذه الأوضاع فلم نبال بها،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 384

و إنما جابهتنا معضلات لم نأبه لمزاولة حلها أو بالتعبير الأصح فقدنا التفكير فهلكنا …

و حياتنا الحقيقية تتوقف علي المعرفة، فلا يكفي التألم للمصاب.

و اللّه ولي الأمر.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 385

502 الفهارس العامة

اشارة

1- فهرس الأعلام

2- فهرس الشعوب و القبائل و النحل

3- فهرس المدن و الأماكن

4- فهرس الكتب

5- فهرس الألفاظ الدخيلة و الغريبة

6- فهرس الصور

7- فهرس الموضوعات

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 387

503 1- فهرس الأعلام

حرف الألف آدم عليه السلام: 209

آرايش (آيش) بيكم: 107، 189

إبراهيم آل السماوي: 69

إبراهيم باشا: 373

إبراهيم بيك: 212، 277

إبراهيم بن حيدر الصفوي: 276

إبراهيم الحيدري: 125، 339

إبراهيم بن دانا خليل: 294، 312

إبراهيم الراوي: 129، 279

إبراهيم شاه: 185، 187

إبراهيم شاه رخ: 71، 95، 101

إبراهيم ابن الشيخ علي: 336، 338، 339

إبراهيم الشرواني: 35، 36

إبراهيم الشيرازي: 89

إبراهيم الطويل: 233

إبراهيم بك بن قرمان: 231

إبراهيم الكيلاني: 169، 340

إبراهيم متفرقة: 34

إبراهيم المستوفي: 13

إبراهيم المشعشع: 153، 154، 277

إبراهيم موصلو: 368، 369، 371، 372

إبراهيم الوزير: 256

أبرويز (كسري): 166

ابن أبي عذبية: 144، 145

ابن الأثير: 32

ابن أردويل: 299، 300

ابن إياس: 17، 237، 244، 246، 249، 270، 271

ابن بطوطة: 69، 127

ابن تيمية: 168

ابن جمهور: 164

ابن حجر: 8، 42، 48، 97، 160، 268

ابن حجي: 124

ابن الحلال: 88

ابن الخراط: 160

ابن خطيب الناصرية: 79

ابن خلكان: 18، 165

ابن دلامة: 153

ابن دليم: 123

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 388

ابن الدواليبي: 158، 160

ابن الديري: 168

ابن رجب: 123

ابن زقزق: 304

ابن سيف: 44

ابن شدقم: 111، 350، 354، 356، 357

ابن صديق: 169

ابن ظهيرة: 305

ابن العجمي: 342

ابن عربشاه: 83

ابن العرية: 137

ابن علان (عليان): 273

ابن عنبة: 76

ابن الفصيح: 76

ابن فهد الحلي: 107، 111، 112، 114، 124، 125، 150، 163، 164، 166

ابن قرمان: 246

ابن الكويك: 58

ابن اللبودي: 124

ابن اللحام: 131

ابن اللوكة: 150

ابن ماكولا: 82

ابن المرابط: 76

ابن المغلي: 102

ابن المقار: 371

ابن ملجم: 157

ابن الملقن: 121

ابن نجم: 164

ابن نصر اللّه (أحمد بن نصر اللّه البغدادي)

أبو اربد الخفاجي: 69

أبو إسحاق الدباس: 346، 347

أبو إسحاق الشيرازي: 42

أبو أيوب الأنصاري: 299

أبو بكر بن

قاسم البخاري: 121

أبو بكر الصديق: 196

أبو بكر الطهراني: 9، 257

أبو بكر بن ميرانشاه: 62

أبو حنيفة: 80، 140، 168، 171

أبو الخير: 116، 117

أبو ذر الغفاري: 158

أبو سعيد (السلطان): 60، 65، 104، 105، 180، 188، 191، 203، 233، 234، 235، 237، 239، 240، 258، 260

أبو سعيد الخفاجي: 69

أبو سعيد بن قرا يوسف: 82

أبو علي: 70، 71

أبو الفتح: 232، 314

أبو الفضل السنباطي الأعرج: 19

أبو القاسم بن جهان شاه: 185، 189، 240

أبو الفضل بن إدريس التبريزي: 16

أبو نواس: 57

أبو يزيد (بايزيد): 65

أبو يوسف: 179، 180، 233، 234، 236، 239

أبو يوسف المكحول: 238

الأبهري: 81

الأبيوردي الخطيبي: 38، 39

أبيه سلطان (اللّه قلي سلطان): 294،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 389

303، 306، 308، 310، 312

أحسائي: 164

أحمد بن إسكندر الأرتقي: 31، 32

أحمد بن إسماعيل الشهرزوري: 278

أحمد (الشيخ): 125

أحمد الأيوبي: 226

أحمد باد شاه: 306

أحمد البغدادي: 366

أحمد بيك: 308، 309، 310

أحمد التروجي: 97

أحمد توحيد: 67، 325

أحمد تيمور باشا: 42، 144

أحمد السلطان الجلايري: 25، 30، 31، 33، 34، 46، 57، 60، 61، 62، 74، 85، 98، 99، 237

أحمد حامد: 260

أحمد بن حسين التركمان: 18

أحمد بن حسين بيك: 296

أحمد بن دحية: 248، 249

أحمد الدواليبي (الشيخ): 149

أحمد راسم المؤرخ: 360، 364

أحمد الرفاعي (الشيخ): 126، 128، 129، 130

أحمد السهروردي: 130

أحمد بن عبد السلام البصري: 125

أحمد فارس: 42

أحمد بيك بن إبراهيم: 379

أحمد الكردي: 39

أحمد الكسروي: 120

أحمد كوچك: 128

أحمد (كودة): 306، 307، 326

أحمد بن المتوج البحراني: 107

أحمد بن محمد البكري القرشي: 46

أحمد (المظفر): 380

أحمد بن المقداد: 149

أحمد موصلو: 370

أحمد (المؤيد): 381

أحمد ميرزا: 307

أحمد بن نصر اللّه البغدادي: 76، 102، 120، 121، 123، 144، 160

أحمد النعماني: 83

أحمد الهروي: 54

أحمد وفيق باشا: 376

أحمد بن يونس التونسي: 97

أحمد بن يونس العبدالي البغدادي: 160

أخي فرج

بن سيدي علي: 239، 240

الإخميمي (علي بن محمد): 35

إدريس بيك: 209

إدريس بن حسام الدين البدليسي: 288، 297، 299، 300، 363

أرحاني: 380

أرسلان دلغادر: 231

أرغون خان: 27

ازدمر: 269، 270، 271

أزدي بيك: 209

إسبان، أصبهان، اسپند: 60، 65، 66، 67، 74، 75، 77، 82، 84، 87، 88، 91، 93، 94، 95، 100، 101، 102، 103، 104، 107، 108، 109، 110، 112، 117، 118، 131، 132، 133،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 390

138، 139، 145، 177، 195، 198، 218، 222

إسحاق الدباس: 321، 322

أسد بن إسكندر: 107

أسد اللّه الحسيني: 100

أسعد الحنفي: 80

أسعد الحيدري: 125

إسكندر (الأمير): 60، 63، 65، 66، 67، 72، 78، 79، 82، 83، 88، 90، 95، 101، 104، 105، 106، 139، 183، 189، 195، 213، 214، 215، 217، 218، 221، 222، 223، 228

إسكندر بن إبراهيم بيك: 212

إسماعيل الجغتاي: 134

إسماعيل شاه الصفوي: 36، 37، 165، 177، 276، 285، 298، 304، 314، 315، 319- 325، 334، 335، 336، 338، 339، 340، 341، 343، 345، 346، 347، 348، 349، 350، 351، 352، 353، 354، 356، 357، 359، 360، 361، 365، 366، 368، 380

الأشرف (الملك): 43، 48، 214، 219، 258

ألوند: 107، 133، 134، 135، 138، 141، 142، 143، 152، 222، 261، 262، 268، 310- 315، 326، 343، 344

أمير أفندي: 145

أميران شاه: 136

أمير بك (يوسفجه): 246، 248

أمير حاجي الهمذاني: 132

أمير خان موصلو: 368، 369

أمير ذي النون: 241

أمير زاده بن محمد شاه: 92، 94، 95

أمير زاده أبو بكر: 25

أمير شاه إبراهيم: 235

أمير شاه علي: 235

أنس باش أعيان: 125، 126

أوروق سلطان: 107

أوغرلو محمد: 188، 191، 228، 234، 239، 245، 254، 255، 258، 306، 307

أوغوز: 27، 207، 376

أولجايتو: 29

أولوغ بك: 140

أوليا چلبي: 27

أويس إينال: 236

أويس الجلايري:

25، 29، 30، 42، 43، 58، 70، 71، 72، 74، 77، 86

أويس بن شاه ولد: 58، 67

أويس بن علي بيك: 219، 223، 226، 229، 230

أيبك (المعز): 17

أيمن (السلطان): 356، 357

إينال (الأشرف): 381

أيوب: 230

أيوب المشعشع: 177، 356، 380

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 391

حرف الباء بابا حاجي: 106

بابا عبد الرحمن: 229

بابر: 143، 161، 223

بادشاه كيلان: 301

باران: 27

باريك بيك پرناك: 315، 320- 322، 345، 346، 347، 349، 350

پاول كاله: 21

بايزيد: 90، 105، 136، 137، 215، 217، 223، 298، 299، 300، 305، 327، 358، 359

بايسنقر: 11، 12، 282، 284، 292، 294، 295، 290، 293، 303، 326، 337، 338

بايندر: 207، 254، 269، 270، 271، 272، 296

البخاري: 80، 83

بخشايش: 33

بدران المشعشع: 356، 380

بديع الزمان: 301

برسباي (الأشرف): 381

برقوق (الظاهر): 38، 57، 122

پروانه بن علي ماماش: 152

برهان الدين (القاضي): 211

پزمان: 55

بسطام: 146

بشحل: 116

بكتاش: 50

بكر موصلو: 262

بكزات: 249

بلباي (الظاهر): 381

بلقيس باشا: 100، 103

بنائي: 280، 286

بهاء الدين عثمان: 210، 325

بهرام ميرزا الحسني الصفوي: 12، 262

پهلوان بيك: 209، 218

پير أحمد: 100، 101، 210، 212

پير أحمد القرماني: 246

بيرام بيك القرماني: 353

بيرام خواجة: 29، 30، 194

پير بوداق: 60، 62، 88، 93، 142، 143، 144، 145، 147، 148 152، 160، 161، 162، 167، 169، 171، 172، 173، 174، 175، 178، 185، 188، 189، 191، 196، 198، 203، 224، 231، 239، 321، 329

پير زاده البخاري: 180

پير علي: 31، 210، 212، 213، 230، 232، 234

پير علي شكر بهارلو: 238، 239

پير عمر: 61

پير قلي: 141، 152، 160، 162

پير محمد: 29، 173، 175، 186، 191، 196

پير محمد التواجي: 241

پيري بيك: 262

بيقلو محمد: 363

بيكم: 189

بيكي جان خانم: 284

پيلتن: 212، 222، 223

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 392

حرف التاء تاج الدين بن

حديد: 72

تاجلي خانم: 360

تتش السلجوقي: 32

ترخان: 107

تشبيه: 210، 233

تشمال زينل: 100

تمربغا (الظاهر): 381

تندو بنت حسين (دوندي): 33، 34، 45، 46، 47، 57، 58، 67، 85

تورمش، دورمش: 30

توقتامش: 31

توكل الكردي: 41

تيمور: 27، 28، 29، 30، 31، 35، 43، 60، 61، 62، 80، 98، 99، 131، 137، 140، 149، 204، 208، 210، 211، 212، 213، 214، 232، 235، 253، 260

حرف الجيم جابر أمير العرب: 277

جاكيرلو: 136

جامي: 285

جانبلاط (الأشرف): 381

جانم الجداوي: 270

جبريل: 157

جرماغون نويان: 209

جعفر الصفوي: 191

جعفر بك: 215، 217، 220، 221، 224

جعفر چلبي: 360

جعفر الحسني: 85

جقمق (الظاهر): 177، 219، 381

جكم: 214

جلال الدين ابن الشيخ محمد الجزري:

116، 325

الجلال الحلواني: 278

الجلال عبد الكريم: 124

الجمال ابن الدباغ: 81

الجمال ابن الدواليبي: 81، 82

الجمال ابن الشرائحي: 124

الجمال العاقولي: 89

جمال الدين يوسف: 196

الجمالي بن نصر اللّه: 274

جميل بن نعير: 214

الجنابي: 16، 33، 46

جنكيز: 29، 86

جنيد الصفوي: 277، 335، 336، 341، 342، 343

الجنيد بن عبد السلام البصري: 125

جهان شاه: 60، 61، 62، 65، 66، 67، 78، 90، 93، 95، 104، 105، 106، 133، 134، 135، 136، 138، 139، 140، 141، 142، 144، 151، 152، 153، 161، 162، 167، 169، 170، 171، 172، 173، 174، 175، 176، 178، 179، 180، 181، 182، 185، 186، 189، 191، 195، 203، 222، 223، 224،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 393

225، 226، 227، 228، 229، 232، 233، 234، 235، 236، 237، 238، 239، 240، 256، 258، 260، 313، 336، 341، 342

جهانكير: 183، 184، 215، 217، 219، 220، 221، 222، 223، 224، 225، 226، 228، 229، 230، 233، 263

الجوسقي: 88

جوكي بن شاه رخ: 101، 215، 317

جويني: 12

حرف الحاء حاج ملك: 124

حاجي البايندري: 209، 212، 262، 314

حاجي الهمذاني: 92

حارث: 88،

103

حبيبي: 285

الحجاز: 70، 71، 160

حديثة بن سيف: 44، 214

حسام الدين: 168

حسن أتاج إيلي: 91

حسن إسحاق بيك القرماني: 231

حسن أمير آخور: 133

حسن بن البقال: 316

حسن البواب: 40، 41

حسن بيك (أبو النصر): 9

حسن بيك (الشيخ): 215، 217، 219، 220، 221، 222، 223، 225، 256، 284، 287، 297، 303، 309، 310، 315، 320، 326

حسن الثاني بن يعقوب: 325

حسن بن راشد الحلي: 73

حسن سبط الأمير روملو: 14

حسن المشعشع: 356

حسن بن سالار: 71

حسن الطويل: 66، 176، 178، 179، 180، 181، 182، 183، 186، 187، 188، 189، 191، 194، 199، 200، 203، 204، 208، 215، 224، 225، 226، 229، 230، 231، 232، 233، 234، 235، 236، 237، 238، 239، 240، 241، 242، 245، 246، 247، 249، 251، 252، 253، 254، 255، 256، 257، 258، 260، 262، 277، 305، 307، 317، 323، 326، 329، 336، 337، 342

الحسن العسكري: 323

حسن بن علي السنباني: 356

الحسن بن علي بن أبي طالب: 157، 164، 245

حسن علي: 169، 185، 186، 187، 188، 189، 191، 192، 193، 195، 196، 231، 235، 236، 238، 240، 295

حسن الفلوجي: 366

حسن كيا الجلاوي: 311

حسين بن أوغورلو محمد: 282، 296

حسين بن أويس: 33، 98

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 394

حسين بايقرا: 20، 153، 268، 275، 301

حسين بيك قوجه حاجي: 262

حسين الجلايري: 57، 67، 71، 74، 78، 84، 86، 313

حسين الدين أوغلي: 180

حسين طرخان: 171، 172

حسين عالي خاني: 304، 306، 308

حسين ابن علي بيك: 217، 218، 219، 220

حسين علي بن إسكندر: 185، 189

حسين علي بن زينل: 192، 240، 241

الحسين بن علي بن أبي طالب: 157، 164، 245

حسين كيا الچلاوي: 264

حسين لاله: 322، 345، 347، 348، 349، 353

حسين المشعشع: 356

حسين المهردار: 148

حسين بن نعير:

38، 44

حسين ميرزا: 239

حليمة بيكم: 276، 336

حماد البصري: 372

حمزة (السلطان): 108، 109، 215، 217، 218، 219، 220، 221، 222

حمزة حاجي لو: 262

حميد الدين ابن تاج الدين القاضي: 141

حميد الدين النعماني: 168، 278

حي بن يقظان: 11

حيدر الجسار: 136

حيدر الصفوي: 36، 275، 276، 277، 284، 303، 336، 337، 338، 343

حيدر المشعشع: 177، 356

حرف الخاء خاتم بنت عثمان: 217

خادم بيك: 324، 345، 349، 350، 372

خاص مراد الرومي: 251، 252

خالد بن الوليد: 351

خدا قلي برلاس: 114

خداوند كار الغازي: 55

خديجة بيكم: 336، 337

خديجة سلطان: 93

الخريزاتي علي بن جمعة: 170

خزعل (الشيخ): 176

خسرو (كوچك): 285

خشقدم (الظاهر): 381

الخطيب البغدادي: 18

خفاجة بن عمر بن عقيل: 69

خلف الأيوبي: 226، 230، 231، 255

خليل (السلطان): 36، 37، 223، 228، 231، 233، 237، 239، 254، 263، 264، 265، 258، 282، 290، 321، 326

خليل آغا التواجي: 241

خليل (دانا): 245، 255، 295

خليل بن محمود بيك: 338

خلفة بيك: 348

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 395

خليل (كور): 194، 195، 243، 245، 246، 247

خليل يساول: 321، 346

خواجه ملا: (فضل اللّه الروزبهاني)

خورشيد بيك: 230

حرف الدال داود الحيدري: 339

داود قومنن: 260

داود المشعشع: 356

دابي قاسم: 311، 315

دبيس الأسدي: 165

دبيس بن مزيد: 165

دراج: 145

درسون (الأمير): 71، 72

درويش أحمد منجم باشي: 15

درويش (الشيخ): 125

دسپينا خاتون: 232

دمشق خواجه: 212

دهاني: 380

دهكي (درويش): 285

الدواني جلال الدين: 177، 286، 316

دوكيني: 28

دوندي: (تندو)

دورمش بيك قورجي: 320

دوه بيك: 136، 146

حرف الذال ذو الغادر: 8

ذو الفقار موصلو: 368، 369، 370، 371، 372

ذو الكفل بن عبد السلام البصري: 125

ذو النون الدرويش: 194، 241

الذهبي: 17، 129

حرف الراء رجب العجمي: 141

رستم (أمير الحاج العراقي): 249

رستم بيك: 107، 180، 248، 301، 303، 304، 305، 307، 326

رستم الپاوت: 234

رستم ترخان (طرخان): 136، 138، 222، 223، 229، 230

رستم عمر شيخ:

62

رستم اللري: 353

رستم بن مقصود: 294، 295، 338

رستم ميرزا: 306

رضا قلي خان: 49

رضا نور: 335

حرف الزاي زاد بن خود كام: 165

الزاهد: 75

الزين الخافي: 89

زين الدين العراقي: 121

الزين الموصلي: 124

الزين الواسطي: 45

زين العابدين (الصالح): 230، 259

زينب خاتون: 299

زينل ابن ميرزا علي: 74، 228، 237، 239، 240، 251، 252، 258، 325

الزيني بن العيني: 366

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 396

حرف السين ساتلمش (صاتلمش): 161

سارو أرسلان: 379

سجاد بن بدران المشعشع: 356، 380

السخاوي: 144، 244، 304

سراج البقليني: 121

سراج الدين: 287

سراج القزويني: 130

سراي خاتون: 228

سعاد تيار: 91، 109

السعد التفتازاني: 39

سلجوق بيكم (شاه خاتون): 279، 280، 281

سلجوق خاتون: 136

سلمان الفارسي: 87، 149

سليم الياوز السلطان: 299، 320، 322، 358، 360، 363، 364، 365، 367

سليمان بيجن: 276، 277، 284، 293، 294، 295

سليمان بيك: 337

سليمان چلبي: 211

سليمان دلغادر: 224

سليمان بن عساف: 272

سليمان القانوني: 300، 351، 366، 369، 370، 371، 372، 373

سليمان أبو المفاخر فخر الدين: 41

السمعاني: 69

سنجر (الأمير): 144، 147، 148

سهراب: 234

السهروردي: 87

سورغان: 148

سوسي: 285

سولان بيك: 232

سيد بيك: 370

سيدي أحمد جمال: 193

سيدي علي: 143، 148، 167، 238، 239، 240، 294

سيدي محمود: 143

سيف أمير آل فضل: 269، 271، 272

السيوطي: 16، 258

حرف الشين الشافعي (الإمام): 129

شاه حسين: 238

شاه خندان: 53

شاه رخ: 14، 35، 37، 39، 47، 59، 65، 66، 67، 78، 79، 82، 90، 92، 93، 94، 95، 98، 99، 104، 105، 106، 139، 140، 141، 145، 183، 213، 215، 217، 237، 329

شاه سراي بيكم: 189

شاه سلطان: 221

شاه سوار: 172، 193، 224

شاه طهماسب بهادر خان: 20

شاه منصور بن شاه شجاع: 43

شاه علاء الدين: 255

شاه علي: 91، 93، 100، 107، 185، 187، 255، 256، 276، 238

شاه علي بن إسكندر: 192، 193

شاه علي البيرامي: 237

موسوعة تاريخ العراق

بين احتلالين، ج 3، ص: 397

شاه علي حاجيلو: 236، 241

شاه علي بن قرا موسي: 192، 193

شاه فضل: 49

شاه قباد: 90، 104، 106، 183

شاه قولي: 358

شاه محمد: 32، 33، 34، 60، 66، 67، 68، 70، 71، 72، 74، 75، 77، 88، 89، 91، 92، 94، 95، 100، 104، 132، 139، 195، 198

شاه محمود: 33، 34، 85

شاه ملك بن شاه محمد: 93

شاه منصور: 192، 193، 194، 195، 196، 240، 241، 242

شاه نعمة اللّه: 55

شاه ولد: 33، 57، 85

شاه ولي: 93

شبلي بيك: 311

الشرف حسين بن سالار: 122

الشرف ابن يشبكا: 122

شرف الدين اليزدي: 268

شروان شاه: 36، 276، 295

شعبان: 267

شكاري: 380

شكر الأسود: 362

شكر اللّه المستوفي: 287

شمس الدين: 65

شمس الدين الأمير: 104

شمس الدين بك: 215

شمس الرازي: 80

شمس الكرماني: 39، 89، 121، 122

الشندواني الملاح: 136

الشهاب أحمد: 82

شهاب الدين المنصوري: 258

شهاب الدين الوزير: 85

شهيدي: 285

شيخ شاه بن غازي: 37

الشيخ علي: 31

الشيخ (المؤيد): 211، 380

شيخي: 61، 103، 133، 134، 135، 136، 137، 307

شيخي الدزفولي: 192

شير ملك (عز الدين): 104

شيروان شاه: 337، 338

شيرويه: 166

شيطان قولي: 358

شي للّه: 136، 148

حرف الصاد صاري عبد اللّه: 55

صالح الإيدجي: 81

صالح بن عبد السلام البصري: 125

صالح المشعشع: 356، 370

صبغة اللّه الحيدري: 339

صدر الدين موسي: 336، 341

صفر شاه: 180

الصفدي: 18

صفي الدين أبو إسحاق: 340، 341

صفي الدين الأردبيلي: 336

صفي الدين الأرموي: 99

صفي الدين عيسي: 288

صقبان آل علي: 297، 298، 352

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 398

صوفي خليل موصلي: 271، 282، 284، 286، 287، 290، 292، 293، 294

حرف الضاد الضياء الطبيب: 81

ضياء الدين الهروي: 149

حرف الطاء الطائع للّه: 165

طاهر بن خضر: 68

الطاووسي: 46

طرخان: 172، 173

ططر (الظاهر): 84، 380

طه بن عبد السلام البصري: 125

طهرتن: 210، 212

طهماسب الصفوي: 65، 358، 370، 372

طوخ (الأمير): 38

طور علي

بيك: 29

الطوسي: 317

طومانباي (العادل): 381

حرف الظاء الظاهر (مجد الدين عيسي): 30، 32

الظاهر (القاهر): 30

حرف العين عاشق چلبي: 54

عاصم: 148، 279

العاقولي غياث الدين: 89، 97

عامر بن عجل: 272

عامر بن بدران المشعشع: 356

عبادة: 356

العبادي: 113

عباس البايندري: 262

عبد اللّه بن إبراهيم (السلطان): 116، 193

عبد اللّه الأسود: 195

عبد اللّه البصري: 278، 305

عبد اللّه بكتاش: 43

عبد اللّه الرازي: 48، 49، 232، 319

عبد اللّه بن سبأ: 157

عبد اللّه بن عباس: 125

عبد اللّه بن عزيز: 149

عبد اللّه بن عيسي: 164

عبد اللّه الكبير: 138، 139، 141

عبد اللّه بن محمد بن قاسم البخاري: 122

عبد اللّه بن موسي بن جعفر: 112

عبد الباسط الحنفي: 16

عبد الباقي سعدي: 298

عبد الجبار بن المجد: 45

عبد الحسين الكليدار: 34

عبد الحسين المشعشع: 357

عبد الحميد الكرماني (برهان الدين): 257

عبد الخالق الأسفرايني: 97

عبد الرحمن بن أفضل الدين الأسفرايني:

39، 70، 89

عبد الرحمن بن عمر القزويني: 278

عبد الرحيم الملاح: 33

عبد الرزاق بن جلال الدين إسحاق السمرقندي: 20

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 399

عبد السلام البغدادي: 168

عبد السلام القيلوي: 148

عبد السلام الكوازي: 125، 126

عبد الشفيع بن فياض الأسدي: 107

عبد الشفيع بن فياض الحلي: 107

عبد العزيز البغدادي: 130، 131

عبد الغفار: 160

عبد الغفار الجواهري: 110، 119

عبد علي الحلي: 354

عبد القادر ابن الحاج غيبي: 140

عبد القادر الكيلاني: 350

عبد القادر المراغي: 98، 99

عبد القادر الواسطي: 149

عبد الكريم لله: 306

عبد الكريم بن نجم الدين: 84

عبد المحسن البخاري: 168

عبد المسيح (حاكم إربد): 94

عبد المسيح الطبيب: 89

عبد الملك البغدادي: 70

عبد الملك الساوجي: 290

عبد الملك سيفي: 301، 304

عثمان (المنصور): 381

عثمان البايندري: 74

عثمان بيك: 65، 66، 210، 211، 212، 215، 223

عثمان بن سند: 125

عثمان بن عفان: 196

العجل (يوسف) بن نعير: 38

عدي بن مسافر: 40، 41

عذرة، عذرا خفاجة: 68، 70

عذرة بن علي: 78، 79

عربشاه الكردي:

228

العز الأبو سحاقي: 81

عز الدين البختي (الأمير): 41

عز الدين الكتاني: 123

عزيز: 167

عساف آل فضل: 271

عطا ملك الجويني: 345، 349

العلاء البخاري: 89، 168، 278

علاء الدين البغدادي: 305

العلاء البنبيهي: 81

العلاء بن التقي الواسطي: 45

العلاء بن خطيب الناصرية: 31

علاء الدولة: 36، 319، 320، 324، 325، 344، 346، 379

علاء الدين المغلي: 121، 122

العلاء الهروي الحنفي: 81

علي الأتابك: 91

علي بن أحمد الفوي: 122

علي بن أحمد المقري: 121

علي بن إسكندر الأرتقي: 32، 192

علي أميري: 39

علي بادشاه ابن الشيخ حيدر: 303

علي باريك: 337

علي بن بركة: 357

علي بيك: 66، 212، 215، 217، 218، 219، 220، 221، 222، 229

علي بيك بن شاهسوار: 379

علي بيك جاكيري: 234

علي بيك ابن السلطان خليل: 290، 292

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 400

علي بيك قاجري: 236

علي بن حسن السنباني: 356

علي بن الخازن الحايري: 107

علي خان (السيد): 177، 230، 356

علي بن رجب: 124

علي الزرندي: 81

علي زكنون: 124

علي زلال: 136

علي سبط محمد بن معروف التاجر: 169

علي شاه پرناك: 293

علي بن شاه محمد: 74، 75، 90، 91، 93، 105

علي شكر بيك: 224، 229، 230، 232

علي شير نوائي: 286

علي الصفوي: 303، 304، 336

علي بن أبي طالب عليه السلام: 147، 153، 154، 155، 156، 157، 158، 196، 245، 273، 340، 343، 352، 353، 355، 357

علي بن عبد اللّه: 165

علي بن الحميد النيلي: 107

علي بن عبد السلام البصري: 125

علي كرز الدين: 148

علي ماماش: 143

علي بن محمود بن العادل سليمان: 259

علي المشعشع: 114، 115، 145، 147، 149، 151، 152، 153، 154، 155، 167، 177، 273، 337، 380

علي موصلو: 370

علي النقي: 323

علي بن هلال الجزائري: 107

عمار بن ياسر: 158

عمر البغدادي: 121

عمر بن الخطاب: 196، 317

عمر الخيام: 57

عمر الروشتي: 280

عمر سرغان: 149

عمر موصلو: 239

عمر النعماني: 140

عمرو بن

أمية الضمري: 158

العمري: 170

عيسي عليه السلام: 94

عيسي إسكندر معلوف: 372

عيسي بيك: 100، 109، 133، 134، 139

عيسي الساوي (مسيح الدين): 265، 267، 282، 285، 286، 288، 290، 292، 296، 297

العيني: 18، 63، 100

حرف الغين غازان (السلطان): 209

غازي بيك بن يوسف: 37، 311

غازي خان: 370

الغزالي: 336، 340

غضنفر: 262

الغفاري: 20، 119، 380

غنام بن زامل: 44

غياث توني: 268

الغياثي: 12، 30، 32، 71، 174، 175

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 401

حرف الفاء الفخر الشبانكاري: 81

الفاضل الأسدي (الشيخ أبو عبد اللّه): 72

فاطمة بنت النبي صلي اللّه عليه و سلم: 157

فرج اللّه بن محمد الجيلي (الشيخ):

162، 356

فرج (السلطان): 29، 275

فرخ زاد بن جهان شاه: 185

فرخ يسار: 275، 276، 277، 295، 311

فرمان بيك: 136

فضل بن عليان: 115

فضل بن عيسي: 38

فضل اللّه الحروفي: 47، 48، 49، 50، 51، 52، 55

فضل اللّه البغدادي: 76

فضل اللّه روزبهان: 11

فضولي: 376

فضيل: 192

فلاح المشعشع: 119، 120، 356، 380

فولاذ بن أسپان: 133، 135، 138، 141، 195، 222

فياض المشعشع: 177، 353

الفيروز آبادي: 42، 81، 121

حرف القاف قاسم پرناك: 308، 310، 313

قاسم بك پروانجي: 180

قاسم بيك: 107، 189، 215، 224، 225، 295، 311، 312

قاسم العلائي: 168

قاسم نور بخش: 153، 154

قانصوه (الظاهر): 381

قانصوه الغوري: 364، 381

قانصوه اليحياوي: 247، 270

قايتباي (الأشرف): 260، 275، 381

قتلو، قطلو: 103، 233

قرا پري: 301

قراجة: 379

قرا حسن: 91

قرا خان: 363، 364

قرا عثمان البايندري: 90، 105

قرا عثمان، قرا يلك: 34، 35، 79، 106، 108، 204، 208، 209، 210، 211، 214، 215

قرا محمد بن تورمتش: 30، 31

قرا يوسف: 29، 30، 31، 32، 35، 36، 37، 39، 47، 59، 60، 61، 62، 65، 66، 67، 74، 84، 94، 95، 100، 104، 139، 195، 210، 212، 214، 233

القرطبي: 16

قرقماس: 79

قرمان بن شاه محمد:

93

قرمان بن نور صوفي: 379

القرماني: 17، 105، 251، 307، 360

القزويني: 44

قطب الدين الحنفي: 367

قطبي: 268

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 402

القلقشندي: 27

قليج أرسلان: 215، 218، 222، 224، 225

قمر الدين بن شاه محمد: 93

قومشي بك: 180

قور خمس، قور قماز: 243، 245

حرف الكاف كاتب جلبي: 273

كانرين بنت جان: 260

كاركيا ميرزا علي: 301، 304، 338

كچل عبد اللّه: 134، 136

الكرماني: 160

الكرملي (الأستاذ): 26

كريكر: 149

كريم خان الزند: 157

الكعبي: 125، 126

كلابي: 262، 267

كمال الدين (الشيخ): 256

كنيز: 106

الكواز (محمد بن حسن البصري): 124، 125

كوريكة: 136

كوسه حاجي البايندري: 269، 301

كوكجة موسي: 65، 212، 213

كوك خان: 27

كوهر شاه: 237

كوهر سلطان: 284

كيمرز (كيومرث): 36

حرف اللام لطف علي بيك: 287

ليلي: 90، 106

حرف الميم ماران شاه: 49

ماردين شاه: 183

مانع (الأمير): 46

المجد الشيرازي: 122، 257

المجلسي: 166، 167

المحب أحمد: 102، 122

محب الدين بن نصر اللّه: (أحمد بن نصر اللّه البغدادي)

محسن المشعشع: 114، 162، 176، 177، 187، 255، 263، 267، 273، 274، 277، 278، 353، 354، 355، 356، 357، 380

محمد (النبي صلي اللّه عليه و سلم): 94، 157، 169، 196، 245

محمد بن إبراهيم بن محمد: 279

محمد (الصالح): 381

محمد (السلطان): 74، 86، 143، 223

محمد بيك: 212، 215، 245

محمد (السيد): 164

محمد الفاتح: 246، 248، 251، 252، 271، 309

محمد (الناصر): 381

محمد بن أحمد بن حاجي: 145

محمد بن أحمد البغدادي: 123

محمد بن أحمد بن محمد الطندتاي: 19

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 403

محمد أحمد المحامي (الأستاذ): 10

محمد أستاجلو: 320، 344، 346

محمد الأسترابادي: 176، 177

محمد بن إسكندر الأرتقي: 32، 107

محمد أفندي (أبو الفضل): 298

محمد بن إياس الحنفي: 20

محمد الپاوت: 234، 240، 241

محمد بايسنقر: 143، 161

محمد بن بركات (الشريف): 249

محمد بهادر المومني: 8

محمد البهبهاني: 239

محمد تكلو: 370، 371، 372، 373

محمد الجاردي: 149

محمد الجردقيلي: 41

محمد

الجلايري: 78

محمد بن حبيب (الأمير): 68

محمد بن حيدر: 339

محمد الدركزيني: 297

محمد رعناش: 356

محمد سارلو: 241

محمد بن عبد الرحمن السخاوي: 17، 19

محمد بن سعيد المالكي: 80

محمد بن عبد الرحمن السهروردي: 130

محمد بن عبد القادر السنجاري السكاكيني: 97

محمد بن سيدي أحمد: 257

محمد بن شاه ولد: 33، 58

محمد الشيباني: 286

محمد بن شي للّه: 109، 133

محمد الشيرازي (صدر الدين): 177

محمد بن طاهر الموصلي: 82، 88

محمد الطواشي: 234

محمد بن عبد الوهاب القزويني (الأستاذ): 12، 294

محمد بن عز الدين يوسف الحلواني: 41

محمد علي فروغي (الرئيس): 367

محمد بن علي بن حيدر: 164

محمد بن فلاح المشعشع: 107، 111، 112، 113، 114، 116، 117، 118، 119، 151، 163، 164، 166، 167، 176، 273، 342

محمد بن قرا يوسف: 25، 44، 47، 57، 58، 237

محمد فؤاد الكوبرلي: 380

محمد كمونة: 322، 323، 347، 348، 350، 358، 360، 361، 362، 370

محمد المحولي: 81

محمد المشعشع: 158، 162

محمد مصطفي: 21

محمد بن معروف التاجر: 169

محمد بن مكي العاملي: 73

محمد بن موسي بن جعفر: 112

محمد بن ميران شاه: 161

محمد النهرماري: 122

محمد نور بخش: 154

محمد بن يحيي الحلي: 354، 355

محمدي ميرزا بن جهان شاه: 138، 139، 141، 142، 161، 173، 179، 180، 181، 182، 195، 223، 233، 234، 310- 312، 326

محمود بن إسكندر الأرتقي: 32

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 404

محمود بن اغرلو: 293، 337

محمود بهرام: 152

محمود بيك: 215، 217، 222، 223

محمود الحمال: 88، 91

محمود بن شاه ولد: 45، 46، 58

محمود بن عبد السلام البصري: 125

محمود بن عثمان: 236

محمود العثماني (السلطان): 298

محمود بن غازي: 37

محمود نظام الدين محمود السديداني:

89

محيي الدين ابن عربي: 55

المحيوي اللاري: 316

مدلج بن علي أمير العرب: 78، 79

مراد بيك: 232، 233، 263، 264، 265، 305

مراد خان الغازي: 52

مراد خواجه:

30

مراد ابن السلطان سليم: 16

مراد بن يعقوب: 307، 310، 312، 344

مراد (السلطان): 219، 284، 313، 315، 320، 324، 325، 326، 345، 346، 376، 345

المرجي: (أحمد بن حسين التركمان الحنفي)

مزيد: 91

مزيد أرغون: 235

مزيد چوره: 103، 133

المستعصم: 209

المستنصر: 167

مسعود (الخواجه): 71

مسعود (الشيخ نجم الدين): 267، 282، 286، 288، 292، 295، 296، 298، 353

مسعود بن عبد اللّه: 140

مسيح بيك: 258، 292، 293

مسيح ميرزا: 280، 281، 282، 294، 337

مصر خواجة: 31

مصطفي باشا: 299

مصطفي (السلطان): 248، 251

مصطفي جواد: 41، 42، 73

مصطفي ابن السيد حسن: 16

مصطفي محسن: 260

مصلح بن عبد السلام البصري: 125

مطراقي: 367

مطلب المشعشع: 356

مظفر بيك: 193، 308، 309

مظفر الدين القجاري: 13

معز الدين جهانكير: 325

المفرطي: 16

مفلح الصيمري: 108

المفيد (الشيخ): 164

مقداد السيوري: 107

المقداد: 158

المقريزي: 18، 19، 32، 41، 82، 89، 92، 106، 278

مقصود باشا: 149، 258

مقصود بيك: 194، 203، 240، 241، 242، 243، 244، 245، 261، 262، 263، 264

مكرمين بيك خليل (الأستاذ): 10، 329

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 405

ملكشاه السلجوقي: 32

مناف المشعشع: 356

منجم باشي: 377

منصور بيك پرناك: 263، 276

منصور الحلاج: 55

منصور الزاهد (الشيخ): 129

منصور العبادي: 114

منصور بن قبان: 133

مهاد: 222، 262

مورتسن سوبرنهايم: 21

موسي بيك: 223

موسي الكاظم (الإمام): 88

موفق الدين أبو ذر: 342

الموفق الهمذاني: 149

مولانا زاده: 81، 122

ميران شاه: 30، 49، 98، 337

مير أحمد علي: 135

مير حاجي محمد: 356

مير خدا قلي برلاس: 116، 117

مير خواند: 14

ميرزا عبد اللّه أفندي: 164

ميرزا علي: 100، 103

مير علي شير نوائي: 153، 286

مير عماد: 328

مير علي كيوان: 145

مير مقبول: 285

حرف النون نادر شاه: 211، 333، 361

ناصر الدين: 70

الناصر لدين اللّه (الخليفة): 167، 214

ناصر العبادي (الأمير): 158

ناصر القباني: 267

ناصر المشعشع: 356

ناصر مصطفي: 192

نجم (الأمير): 286

النسائي: 76

نجم الدين الحسيني الموسوي: 164

نجيب عاصم: 377

نسيمي الشيرازي (عماد الدين): 47،

48، 49، 50، 51، 52، 54، 57

نصر (الأمير): 277

نصر خواجه: 31

نظام الدين الشافعي: 88

نظام الدين الوزير: 85

النعماني (حميد الدين): 278

نعمة اللّه الهمذاني: 293

نعير أمير آل فضل: 213

نعيمي: 49

نقطة جي أوغلي: 307، 308، 309

نكار شاه خاتون: 108

نور علي بيك: 215، 294، 295

نور اللّه (ضياء الدين): 287

نور اللّه المجلسي: 145

نور الدين حمزة: 325

نوروز: 38

حرف الهاء هابيل: 214، 215

هاشم المشعشع: 356

هامر الألماني: 260

هشام بن الحكيم: 164

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 406

ه. ريتر الألماني: 21، 260

هلاكو. هولاكو: 62، 128

همايون (أمير): 285

حرف الواو ولي (الشيخ): 68

ولي أفندي: 13

ولي بيك: 193

حرف الياء يادكار محمد: 180، 234، 237

يار أحمد بن شي اللّه: 134

يار علي: 31، 62، 238، 239، 240، 314

ياسين العمري: 39، 45، 83

ياقوت: 97، 275

يامغور (ياغمور): 212

يحيي القزويني: 13

يحيي البغدادي القاضي: 80

اليزدي: 80

يشبك: 8، 269، 270، 271

يعقوب (السلطان): 10، 11، 12، 36، 217، 219، 220، 221، 222، 224، 251، 258، 261، 264، 265، 268، 269، 270، 271، 272، 273، 275، 276، 277، 279، 280، 281، 282، 285، 286، 287، 292، 297، 299، 317، 320، 326، 337، 345

يعقوب شاه بن أوسطا علي الأرزنجاني:

65

يعقوب المهمندار: 8

يعقوب البايندري: 177

ينكي أوغلي (شيخ): 148

يوسف بن أحمد البغدادي: 123

يوسف (العزيز): 381

يوسف الإسكافي: 192

يوسف بهادر: 62، 329

يوسف بيك: 181، 279، 280، 282، 310

يوسف ميرزا: 161، 162

يوسف بن حسن بيك: 258

يوسف بن تغري بردي: 8، 17، 18، 243

يوسفجة بيك: (أمير بيك)

يوسف دوخاري: 210، 233

يوسف قاضي بغداد: 359

يوسف المروي (المروزي): 12

ييلديرم بايزيد: 176، 211

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 407

504 2- فهرس الشعوب و القبائل و النحل

حرف الألف الأئمة الاثنا عشر: 112، 337، 343

الأجود: 69، 118

الأحمدية: 128

الأردبيلية: 325

بنو أسد: 114، 118، 165، 166

الإسلام، المملكة الإسلامية و المسلمون:

26، 48، 50، 51، 56، 61، 94،

119، 130، 158، 166، 170، 247، 257، 288، 317، 343، 351، 353، 362، 364- 366

الإفرنج: 247

أفشار: 26، 28

بنو أرتق، و الحكومة الأرتقية: 30، 32، 214

آل افراسياب: 126

الأفلاطونية الحديثة: 129

آق قرمان: 14

آل أويس: 33

آق قوينلو (البايندرية): 8- 12، 14، 15، 16، 18، 20، 23، 25، 26، 28، 29، 75، 108، 109، 142، 178، 195، 198، 201، 203، 207- 210، 212، 215، 218، 219، 221، 223- 225، 232، 236، 244، 246، 262، 269، 285، 290، 292، 293، 295، 300، 301، 310، 312، 315، 316، 319، 320، 324، 325، 329، 345، 361، 363، 383

2 لأكراد: 65

الإمامية: 166

الإنكليز: 87

الأوس: 68

أويات: 87

أويرات: 29

بنو أيوب: 259، 260

الأيوبية: 231

حرف الباء البارانية (قرا قوينلو): 8، 12، 14، 15، 18، 20، 23، 25، 26، 27، 28، 29، 31، 32، 34، 35،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 408

37، 79، 90، 132، 138، 139، 141، 180، 191، 192، 195، 196، 198، 203، 206، 208، 210، 213، 220، 222- 226، 229، 230، 232- 236، 238، 239، 244، 262، 327، 329، 383

آل باش أعيان: 125، 126

پادت، پاوت: 29، 191، 193، 241، 262

الباطنية: 49، 50

البايندرية: انظر آق قوينلو

برلاس: 116

بريديون: 15

پرناك: 292، 293، 308، 309، 312، 315

آل بزدغان: 209

بكتاشية: 50

بكر بن وائل: 208

بهارلو: 29، 238

البو حطيط: 118

بنو بويه: 166

بيات: 28، 374، 375

آل البيت: 357

بيت الحيدرية: 339

حرف التاء التتار: 129، 207، 377، 380

الترك، و الأتراك: 8، 10، 12، 17، 26، 27، 36، 51، 92، 143، 154، 207، 213، 214، 244، 264، 285، 329، 335، 339، 350، 358، 363، 373، 374، 376، 377

التركمان: 5، 8، 10، 14، 18، 26، 27، 49، 59، 60، 62، 86، 99، 105، 139، 188، 197- 199،

207- 209، 211، 212، 214، 279، 285، 286، 294، 306، 315، 325، 340، 372، 373، 374، 378، 380

تغلب: 68، 82

توقراؤن: 86

آل تيمور: 20، 25، 220

حرف الجيم جأت: 86

الجبور: 263

الجحيش: 263، 327

الجغتاي: 14، 67، 74، 135، 140، 144، 215، 234- 237، 275، 339

الجلايرية: 25، 27، 46، 47، 67، 74، 84، 85، 86، 98، 198، 199

الجوذر: 263، 327

حرف الحاء الحروفية: 47، 48، 50، 51، 129

بنو الحسين: 164

الحوز: 164

الحيدرية: 128

بنو حطيط: 118

الحنابلة: 121، 122، 123، 274، 305

الحنفية: 125، 168

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 409

حرف الخاء الخزرج: 68

الخطابية: 157

خفاجة: 68، 69، 113

خلج، كلجية: 376، 377

حرف الدال دبانلو: 109

دربندية: 35، 381

دكر: 65، 66، 212، 217

دلغادر، (ذو القدرية): 8، 224، 231، 319، 320، 344، 345

الديلم: 166

حرف الراء ربيعة: 68، 230

الرزنان: 114

الرفاعية: 126، 129

الروس: 26

حرف الزاي الزرقية: 212

الزند (عشيرة): 157

الزندقة و الزنادقة: 169، 189

زنكنة: 376

حرف السين السادة العلوية: 166

سارلو (صارلو): 378

السبئية: 157

السراي (السراج): 68

بنو سعد: 118

بنو سلامة: 114

السلجوقية و السلجوقيون: 26، 166

السليمانية: 212

السندية: 41

السودان: 114

حرف الشين بنو شادي: 213

الشافعية: 41، 316

شاه صافي: 340

آل شرف الدين: 370

الشروانية: 37، 381

الشريفية: 157

شنقكون: 87

الشيعة: 73، 112، 113، 118، 126، 155، 156، 164، 176، 343، 357، 358

الشيعة الاثني عشرية: 111، 113، 166

حرف الصاد صحبتية: 41

الصفوية و الصفويون: 12، 13، 20، 37، 120، 165، 277، 284، 296، 299، 315، 325، 327، 331، 333، 335، 356، 360، 364، 365، 368، 372، 373، 383

الصوفية: 40، 49، 50، 51، 55، 70، 111، 336، 340، 343

حرف الطاء الطائية: 45

طيي ء: 114، 177، 271، 375

أهل الظاهر: 49

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 410

حرف العين عبادة: 118

بنو العباس: 166، 317

آل عبد السلام: 126

العثمانيون و الدولة العثمانية و الجيش العثماني: 5، 27، 29،

245، 246، 252، 253، 254، 259، 261، 271، 275، 298، 299، 305، 307، 320، 322، 324، 329، 333، 339، 351، 358، 360، 363، 364، 366، 367، 368، 371، 373، 379، 383

العجم: 36، 41، 49، 51، 60، 94، 149، 165، 170، 263، 289، 293، 299، 300، 306، 333، 342، 344، 349، 351، 354، 358، 359، 360، 363، 365، 367- 369، 371

العدنانية: 68

العدوية: 40

العرب: 27، 42، 44، 46، 54، 58، 114، 130، 166، 198، 200، 212- 214، 271، 277، 278، 289، 360، 374، 375، 376

بنو عقيل: 69

آل علي: 38

العلي اللهية: 128، 154، 155، 156، 158

بنو عمير: 68

عنين: 230

حرف الغين 2 لغادرية: 379

الغرابية: 157

الغز: 27، 374

غزية: 323، 327، 348

حرف الفاء الفاطميون: 350

آل فضل: 38، 44، 78، 79، 213، 269، 271

حرف القاف القاجار، قجار: 28، 303

قرا أولوس: 377

قرا تاتار: 211

قرا قوينلو: (البارانية)

قرا كچيلي: 28

قره قيون: 29

القرمان: 248، 320، 379، 380

قرمانلو: 191

القزلباشية: 320، 341، 343، 344، 354

قنق: 26

قنكشفات: 87

قولا تكيقت: 87

حرف الكاف كاكائية: 378

الكرد، و الأكراد: 29، 35، 40، 41، 133، 176، 198، 212، 224، 230، 232، 264، 279، 298،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 411

335، 339، 363، 364، 369، 374، 376، 377

الكرد البختيارية: 176

الكرد الفيلية: 176، 353

كعب: 68

بنو كلاب: 212

كلهر: 369، 370

بنو كمكمة: 362

كومسات: 87

آل كمونة: 361، 362

كنانة: 68

آل كنه: 376

آل الكواز: 124، 125

حرف اللام آل الكيلاني: 350

اللّر: 369

بنو الليث: 118

حرف الميم المخمسة: 157

آل مري: 375

آل مزرعة: 117

آل المشعشع، المشعشعون: 15، 101، 110، 111، 116، 118- 120، 124، 128، 130- 132، 141، 142، 147، 152، 154، 155، 157، 158، 163، 164، 166، 192، 198، 199، 223، 245، 273، 279، 343، 350، 352، 353، 356، 357، 380

آل مظفر: 43

المعادي:

114، 115

المغول: 12، 29، 70، 86، 99، 115، 128، 129، 207، 215، 245، 247، 340، 373، 374، 376، 377

المغيرية: 157

بنو مغيزل: 117

الملامية: 52

المنتفق: 46، 68، 69، 85، 118، 278، 323

موصلو: 292، 368، 376

آل مهنا: 38

آل مياح: 68

حرف النون نشيب: 230

النصاري و النصرانية: 94

النصاروه: 118

النصيرية: 157، 158، 350

النوركيا: 87

النوزني: 87

نيس: 115

حرف الهاء هزارة: 157

الهكارية: 40

حرف الياء يساول: 346

ينقان: 87

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 412

505 3- فهرس المدن و الأماكن

حرف الألف آلتون كوپري (القنطرة): 133، 194

آمد (ديار بكر): 54، 183، 208، 210- 214، 217، 218، 219، 221، 222، 223، 224، 225، 226، 228، 330، 233، 234، 363

أمودريا: 26

أبو الشول: 115، 116

أبرقوه: 240

أبهر: 313

أبيورد: 39

الأحساء: 46

أخسخه (حصن خاتون): 272

أخلاط: 104

أدنة: 44، 213

أذربيجان: 27، 30، 31، 62، 66، 82، 83، 90، 104، 105، 106، 139، 174، 179، 180، 183، 185، 191، 234، 235، 236، 237، 241، 246، 251، 258، 261، 264، 285، 293، 294، 303، 306، 310، 311، 312، 313، 315، 320، 325، 338، 340، 343، 344، 346، 365، 380

إربد: 94

إربل: 33، 91، 92، 93، 100، 109، 110، 132، 133، 213، 222، 231، 241، 378

أرجيش: 30، 59

أردبيل: 104، 191، 276، 303، 304، 336، 337، 338، 339، 343، 359

الأردو: 137

أرزنجان: 90، 149، 183، 210، 212، 215، 218، 219، 220، 222، 223، 224، 226، 228، 229، 230، 232، 252

أرزن الروم: 55، 90، 105، 214، 215، 218، 222، 226، 229

أرس (أراس): 306

أرغنين، أرقنين، أرغني: 34، 217، 220، 223، 230

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 413

أرمنية: 44، 213

استانبول: 10، 12، 14، 15، 16، 17، 18، 21، 27، 54، 87، 88، 129، 196، 248، 251، 298، 329، 335، 360، 361، 365، 366، 373، 380

استراباد: 100

أسفرايين:

285

الإسكندرية: 122

إسنا: 311

إشكرد: 65

إصطخر: 276، 311، 276، 314، 337، 338

أصفهان: 143، 161، 164، 183، 189، 221، 238، 239، 269، 270، 287، 301، 303، 308، 310، 311، 312، 314

أفغان: 157

الأقاليم المحسنية: 357

الأقطار العربية: 360

ألاطاغ: 224

ألوند (جبل): 187

ألوسة: 229

أم عبيدة: 128، 129

الأناضول: 27، 55، 87، 211، 248، 320، 346

الأنبار: 70

الإيوان: 91

الشكر، اشكر: 104

ألنجا، آلنجق: 90، 106، 186، 209، 294

أنطاكية: 342

انقره: 246

الأهواز: 120، 147، 146، 350

أوتلق بلي: 252

أوجان: 59، 62

أوج كليسا: 65

أورته خراب: 197

أونيك: 30، 226

آيدين: 212

إيران: 12، 13، 26، 49، 55، 73، 86، 87، 97، 118، 119، 120، 143، 145، 147، 161، 207، 211، 225، 240، 242، 259، 289، 297، 319، 324، 333، 342، 345، 349، 352، 363، 364، 367- 369، 371، 372

حرف الباء الباب: 247

باب آقجة قبو: 136، 137

باب بغداد: 134

باب التمغا: 85

باب الحلبة: 87

باب زويلة: 105

باب سوق السلطان: 33

باب الطلسم: 87

باب كيسان: 131

بابل: 193

البادرائية: 372

بادكوبة: 185، 189

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 414

بارودا: 15

باريمة: 197

باكو: 235

پالو: 232

بايبرت، بايبورد: 226، 251

البثق: 115

بحر الخزر: 26

البحر المحيط: 54

البحرين: 46، 170

بخاري: 12

بخشلي، بخشي، يخشي: 104

بردع: 191، 223، 303

البرقونية: 274

بروسة: 55، 209، 359

بستان بيرداق: 320، 323، 346، 348

البصرة: 10، 15، 46، 47، 58، 67، 69، 74، 77، 78، 86، 95، 97، 101، 102، 118، 125، 126، 128، 145، 146، 150، 164، 165، 199، 278، 279، 304

البطائح: 68، 129، 165، 166

بعقوبة: 75، 91، 92، 149

بعلبك: 122

بعويزة: 197

بغداد: 12، 25، 29، 30، 31، 33، 34، 35، 37، 39، 42، 44، 46، 47، 49، 50، 52، 57، 58، 60، 61، 63، 65- 68، 70، 72، 74، 75، 77، 80، 83- 85، 87- 89، 91- 95، 97، 98، 101- 104، 107- 112، 118،

121، 122، 125، 126، 128، 130- 136، 138، 139، 141- 143، 145- 151، 153، 155، 158، 160، 162، 168- 177، 183، 185- 187، 789، 191، 192، 194- 196، 198، 199، 203، 204، 208، 218، 219، 222، 231، 234- 236، 239، 241- 246، 254- 256، 261- 264، 267، 268، 273، 315، 318- 326، 334، 335، 337، 339، 344- 354، 356، 359- 365، 369- 373، 376، 377

البقيع: 296

بلاد الجبل: 162

بلخ: 26

بند قريش: 102، 103

بندنيجين، بندنيج: 91، 171، 370، 377

بهبهان: 151، 152، 154

بولاق مصر: 20

بيات و دليران: 375، 376

بيت المقدس: 98، 122، 131، 144، 149، 278، 305

پير جك: 222

البيرة: 219، 246، 247

حرف التاء تبريز: 31، 34- 36، 47، 60، 61، 63، 65، 66، 72، 83، 90، 93، 101، 104، 106، 134،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 415

139، 141، 142، 134، 139، 141، 142، 167، 168، 176، 179، 180، 182- 189، 192، 193، 235، 236، 241، 256، 259، 260، 263، 265، 272، 273، 275، 277، 281، 282، 292، 293، 295، 308، 312، 313، 344، 360، 365

ترجان: 218، 223، 224، 226، 228، 252

تركستان: 27

تستر (شوشتر): 33، 45، 46، 57، 67، 71، 112، 116، 117، 143، 150، 162، 277، 350، 353، 356

تعز: 39

تفليس: 249

تكريت: 74، 243

تلارة: 197

تل الحميد: 378

تل كوكو: 108

تل اللبن: 378

تلكيف: 198

تنك براق: 161

توران: 86

توقات: 246، 248

توله بند: 378

تون: 241

حرف الجيم جالديران: 359، 360، 361، 362، 363، 370

جامع الخليفة: 121

جامع دفتردار: 299

جامع الكوفة: 113

جامع النعماني: 84

جامعة استانبول: 10، 329

الجامعان: 165

جبال اللور: 164

جبرين: 79

جبل كيلويه: 151، 154

جبل هكار: 40، 41

جبل موسي: 342

جدة: 124

الجديدة: 194

جربادقان: 143، 238

جرموك: 230

الجزائر: 71، 87، 110، 115، 116، 126، 166، 176، 278، 342، 370، 356

الجزيرة:

31، 75، 83، 89، 133

جزيرة عبادة: 100، 101

جزيرة ابن عمر: 41، 88، 89، 133، 363

جصان: 65، 75، 104، 115

جعبر: 220، 221

جغاي: 92

جمالية: 197

جمشكز: 363

الجمهورية التركية: 130، 329

جمعية المستشرقين الألمان: 21

الجناجة: 263

چنجي: 197

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 416

چنكوله: 376

الجوير: 17

جيرون: 318

حرف الحاء الحبشة: 76

الحجاز: 150، 287، 364

حديثة: 88، 90، 363

حربي: 74، 75

الحرمان الشريفان: 165، 248

حصن كيفا: 41، 218، 230، 237، 278، 363

حضرة الإمام علي عليه السلام: 318

حلب: 38، 48، 49، 55، 69، 89، 122، 149، 182، 220، 247، 269، 270، 322، 341، 342، 343، 345، 347، 349، 373

الحلة: 62، 68، 69، 70، 71، 72، 74، 84، 87، 103، 118، 135، 145، 146، 147، 148، 150، 165، 187، 192، 193، 255، 263، 278، 323، 348، 370، 377

حماة: 269، 270، 271

الحميدية: 176

حوزستان: 164، 165

الحويزة: 58، 110، 112، 113، 115، 116، 117، 118، 120، 132، 153، 157، 162، 163، 165، 177، 274، 324، 350، 352، 353، 356، 357

الحيال: 109

حرف الخاء 2 لخاتونية: 109، 213

الخالص: 75، 134، 267

خانقين: 92

خرابة سلطان: 378

خراسان: 27، 65، 66، 68، 82، 90، 104، 105، 106، 180، 188، 211، 230، 233، 234، 237، 239، 240، 285، 301، 317، 365

خرتبرت (خربوط): 215، 218، 219

خزانة الحضرة: 146

خزانة الكرملي: 26

خزانة الأوراق في استانبول: 328

خقتان: 241

الخليل: 170

خوزستان: 15، 86، 111، 112، 120، 165، 166، 273، 277، 350، 353، 356

خوي: 189، 233، 264، 265، 320، 346

حرف الدال دائرة المعارف الإسلامية: 377، 378

دار الإرشاد: 341

دار السلطنة: 265، 294

دار الكتب المصرية: 244، 269

دار الكتب بسراي طوبيقو: 18

دار الكتب الأهلية بباريس: 42

دبرچ: 197

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 417

دجلة: 33، 69، 75، 102، 115، 132، 166، 349

الدجيل: 74، 88

دخلة السهروردي: 87

دربند

سارلو: 378

دربند شيروان: 275، 337

درتنك (حلوان): 91، 92، 171

دركزين: 238، 293، 338

دريادك: 303

دزفول: 112، 116، 350، 353

دقوقا (طاوق): 91، 194

دمشق: 61، 70، 83، 84، 85، 98، 131، 140، 160، 168، 219، 278، 299، 305، 366، 372

دوان: 316

الدوب: 115

دوخلة: 194

الدورق: 116

ديار بكر: 8، 10، 75، 83، 178، 179، 183، 187، 203، 207، 209، 213- 215، 217، 222، 223، 224، 229، 233، 236، 258، 261، 264، 265، 279، 293، 295، 299، 311، 312، 313، 315، 319، 320، 324، 341، 344، 345، 346، 360

الديار المصرية: 65

ديالي: 69، 75، 103، 149، 150، 267

الديلم: 245

الديوان: 263

ديوركي: 211

حرف الراء رباط أتابك: 293

رباط السدرة: 70

الرستمية: 102

رشيدية: 197

الرقة: 230

الرماحية: 118، 263، 278، 370

رواق الحضرة: 348

روئين (رويين): 311، 312

رودبار: 303

الروس: 26

الروضة المطهرة: 348

الروم (شعب و حكومة و بلاد): 14، 28، 52، 79، 90، 105، 106، 128، 165، 174، 209، 211- 213، 217، 219، 220، 230، 232، 245، 251، 254، 258، 260، 275، 278، 287، 296، 300، 305- 307، 317، 320، 325، 333، 342، 346، 349، 359، 380

الرها: 214، 219، 220، 223، 226، 230، 269، 271

الري: 90: 105، 301، 311

حرف الزاي الزاب الأعلي: 378

زاوية التقي رجب العجمي: 141

زاوية الشيخ عبد القادر: 350

زاره خاتون: 379

زاوية الشيخ كمال: 256

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 418

زاوية ماردين: 256

زبيد: 43، 263

زرقان: 49

الزكية: 357

زنكل: 378

حرف السين ساحل البثق: 114، 115

سامراء: 323

ساوة: 36، 37، 271، 296

سبكة: 226

سراي طوپقپو: 16، 18

السلطانية: 37، 105، 188، 224، 263، 301، 306

سلماس: 105، 265

سلمان الفارسي: 87

السماوة: 69

سمرقند: 99، 161، 246

سنجار: 30، 35، 109، 213، 228، 231، 363

سهرورد: 238

سهل علي: 241

سهند: 272

سوران: 363

سورك: 211

سورية: 38، 45، 360، 364

سوق السلطان: 33

سيارود: 340

السيب: 68

سيس: 44، 213

سيواس: 27، 211،

246

سيورك: 211

حرف الشين الشام: 8، 11، 31، 90، 106، 121، 122، 131، 135، 147، 170، 174، 179، 209، 211، 212، 214، 219، 226، 230، 243، 246، 247، 269، 270، 287، 304، 349

شاهسوار: 172

شبانكارة: 239

شرانس، شرالق، شرانق: 41

شروان و الحكومة الشروانية: 36، 37

الشريعة الجديدة: 75

الشطرة: 69

شلوة: 118

شماخي: 104، 213، 276

شهرزور: 83، 243، 255

شوقة: 115

شيخ كندي (قرية الشيخ): 108

شيخان، سنجان، شيكان؛ شنكان: 92، 93، 94

الشيخونية: 122

شيراز: 43، 49، 71، 89، 97، 144، 148، 152، 161، 162، 174، 175، 183، 220، 239، 242، 262، 269، 276، 277، 308، 309، 311، 314، 315، 317، 350، 354، 359

شيروان، شروان: 36، 37، 90، 104، 105، 213، 236، 275، 276، 303، 310، 311، 337، 338، 343، 380

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 419

حرف الصاد صفد: 102

صفية: 378

صوفيان: 90، 106

الصين: 20

حرف الطاء طارم: 37، 180

طاق كسري: 324

طبراق: 276

طبرستان: 276، 337

طبرسران: 277

طبق: 151

طرابزون: 209، 232

طريق خراسان: 75، 91، 149

طهران: 335

طوبخانة: 299

طوقات: 252

طويلة: 117

طيبة: 124

حرف الظاء الظاهرية القديمة: 170

حرف العين عادلجواز (سجن): 74

عانة: 363

العتبات الشريفة: 153، 324

العراق: 5، 7، 20، 21، 25، 27، 29، 31، 32، 34، 36، 37، 45، 48، 57، 60- 62، 66- 71، 73، 77، 79، 83- 85، 94، 95، 98، 107، 111، 112، 114، 126، 129، 130، 132، 138- 147، 150، 153، 154، 158، 161، 162، 166، 169، 170، 177، 179، 191، 192، 195، 198- 200، 203، 204، 206، 207، 211، 220- 224، 226، 228، 229، 231، 234- 236، 245، 246، 259، 260، 262، 263، 265، 267- 274، 285، 287، 293، 296، 301، 305، 306، 308، 310- 313، 315، 319، 324، 327، 333- 335، 339، 343، 349، 351- 352، 354،

357- 360، 363، 364، 365، 366، 368، 371- 374، 376، 377، 379- 381، 383

عراق العجم: 143، 161، 179، 188، 191، 224، 238، 254، 315، 325

العراقان: 174، 183، 237، 258، 260، 261، 282، 293، 301، 373

عزيز كندي، (قرية عزيز): 312

عمادية: 363

عمان: 174

عمر قابجي: 198

العلة: 176

العمارة: 114

عيش خانه (بستان): 132

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 420

حرف الغين الغادرية: 8

الغراف: 69

الغاضري: 115

حرف الفاء فارس: 45، 68، 150، 161، 164، 165، 174، 179، 238، 239، 245، 246، 261، 262، 276، 295، 308، 309، 311- 316، 356، 357، 363

فاضلية: 197

فتحاوة: 378

الفرات: 65، 69، 103، 104، 111، 112، 147، 166، 229، 246، 247، 269

الفلوجة: 245

فولاذ: 141، 142

فيروز آباد: 314

فيروز كوه: 263، 264

حرف القاف قاسيون: 168

قاصية: 197، 317

القاهرة: 58، 76، 80، 89، 102، 105، 121- 123، 131، 140، 148، 149، 160، 168، 169، 170، 177، 183، 278، 282، 305

قبر عدي: 40

القدس: 170

قرائيل: 211

قرا حسن: 91

قرا حصار: 217، 224

قراباغ: 188، 198، 279، 280

قراجة طاغ: 228

قراقپو: 324

قراقوينلو السفلي (قرية): 197

قراقوينلو العليا (قرية): 197

قرقشة: 378

قزل أغاج: 236

قزوين: 6، 37، 251، 301، 303، 313، 371

قفقاس: 27

القلعة (قرية): 134

قلعة بطيطة: 134، 247

قلعة بندوان: 118

قلعة الجبل: 141، 214

قلعة جوشين: 189

قلعة فرعون: 241

قم: 143، 238، 239، 241، 242، 271، 272، 285، 301، 311

قناقيا: 263

قنبر علي: 194

قندهار: 155

القنطرة: 106

قهستان: 185

قوبلي حصار: 215

قوج حصار: 364

قيسارية، قيصرية: 211، 252

قيلويه: 148

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 421

حرف الكاف كارون: 357

كازرون: 42، 43، 316

كاشان: 13، 344

كاوان: 92

كبرلو: 378

كجرات: 285

كربلاء: 34، 69، 108، 118، 153، 323، 348، 349

الكرج، كرجستان: 36، 139، 142، 232، 249، 253، 272، 274، 275، 306، 337

الكرخة (نهر): 176

الكرخيني: 93، 104

كردستان: 152، 194، 222، 238، 299

الكرك: 38

كركوش: 241

كركوك: 65، 67،

91، 104، 133، 134، 194، 364، 370، 374

كرمان: 68، 76، 152، 155، 174، 179، 189، 239، 240، 295، 308، 310، 314

كريوة ماهين: 161

الكعبة: 249

كلج: 377

كلز (كلس): 342

كلستان: 37

كلكتا: 15، 150

كلك ياسين: 378

كماخ: 217، 220، 222، 224

كنجة: 223، 303

كنزكان: 378

الكوت: 69

الكوران: 278

الكوفة: 68، 69، 83، 150، 163

كوكجة بلاق: 106

الكوير: 378

كيلان: 37، 301، 303، 304، 319، 338، 340، 344، 345

حرف اللام لاره: 303

لاهجان: 338، 343

لرستان، لورستان: 238، 295، 353، 354، 369

لكنو: 76

اللور: 164

ليدن: 11

حرف الميم الماردانية: 366

ماردين: 30، 31، 32، 60، 62، 63، 65، 66، 83، 101، 109، 180، 182، 183، 110، 212، 214، 217- 221، 225، 226، 228- 230، 233، 256، 315، 359

ما وراء النهر: 170، 236، 286، 317، 339

ماهي دشت: 369

المؤيدية: 122

متحف الأوقاف الإسلامية: 21، 256

المتحفة البريطانية: 245، 294

المحاويل: 118

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 422

المحسنية: 354

المحمرة: 118

محمود آباد: 236

المدرسة العينية: 168

مدرسة ماردين: 62، 180

مدرسة المرجانية: 98

مدرسة النصرية: 256

المدينة المنورة: 11، 70، 150، 296، 304

مراغة: 168، 189

مراقد الأئمة: 324

المراقد المشرفة: 324

المرشدية: 366

مرعش: 379

مرقد ذي النون: 194

مرقد سلمان الفارسي: 149

مرقد المشعشع: 176

مرند، مرن: 187، 189، 235، 236، 265

مرو: 249

المستنصرية: 121، 122

مسجد زينب خاتون: 299

مسجد الكوفة: 163

المشرق: 63

مشكوك: 117

المشاهد المقدسة في العراق: 153، 154، 345، 350، 351

مشهد أبي حنيفة: 171، 351

المشهد الحائري: 146

مشهد الحسين: 345

مشهد الإمام علي: 323، 345

المشهد الغروي: 146

مشهد الإمام محمد الجواد: 323

مشهد موسي الكاظم: 88، 345، 349

المشهدين: 146، 148، 323، 345، 349

مصر: 8، 11، 18، 19، 21، 29، 35، 43- 45، 57، 60، 62، 65، 81، 101، 105، 121، 122، 131، 140، 144، 182، 214، 217، 219، 220، 225، 237، 247، 249، 269- 271، 275، 287، 296، 324، 360، 364، 367، 372، 380

مطبعة

بريل: 11

المطبعة الجديدة: 29

المطبعة العامرة بمصر: 367

مطبعة مهر: 120

مطراد سارلو: 378

المظفرية: 180، 184، 189

المعلاة: 70، 124، 279

مقام الإمام أحمد: 170

مكة: 70، 76، 97، 98، 124، 125، 150، 165، 169، 248، 249، 279، 304، 322

مكتبة أحمد تيمور باشا: 144، 342

مكتبة أحمد الثالث: 16

مكتبة أسعد: 299

مكتبة أيا صوفيا: 18، 19، 20، 55، 340

مكتبة بايزيد: 9، 15، 54، 123، 129، 298

مكتبة جنة زاده: 55

مكتبة الحميدية: 298

المكتبة الظاهرية: 123، 299

المكتبة العامة: 298

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 423

مكتبة فاتح: 10، 21

مكتبة كامل الغزي: 342

مكتبة كوپرلي: 17

مكتبة محمد أحمد: 10

مكتبة الملة: 39

مكتبة نور عثمانية: 12، 13، 14، 16، 18، 298

مكتبة ولي: 13، 14، 20، 48

المنتشا: 212

المنتفق: 69

المنصورية (مدرسة): 122، 123

موش: 180، 224، 233

الموصل: 25، 30، 31، 32، 35، 39، 40، 45، 60، 75، 82، 88، 90- 92، 100، 101، 108، 109، 132، 133، 134، 138، 141، 160، 194، 199، 213، 222، 228، 231، 234، 241، 243، 254، 299، 325، 363، 378

مهرود: 75، 149

حرف النون نابلس: 170

النازور: 115

الناصرية (مقاطعة): 118

نجد: 125

النجف: 69، 110، 145، 153، 322، 345، 347، 348، 349، 350، 362

نخجوان: 315، 343

نسيم: 50، 52

نصيبين: 55

النظامية: 43

النعمانية: 87

نهر الشاه: 345، 349

النيل: 84

حرف الهاء هارون آباد: 155

همذان: 37، 83، 187، 188، 191، 223، 238، 315، 321، 344، 346

هراة: 139، 153، 161، 246، 286

هشت بهشت: 272، 281

الهند: 15، 17، 76، 128، 150، 170، 285، 287، 340، 361، 377

هولاندة: 11

هيت: 363

حرف الواو واسط: 33، 43، 45، 46، 57، 58، 71، 79، 87، 110، 111، 115، 117، 128، 145، 158، 164، 165، 370، 376

وان: 293

ورامين: 301، 311

وردك: 378

حرف الياء ياسين: 229

يخشي: 65

يزد: 161، 310

اليمن: 39، 43، 70، 76، 150

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين،

ج 3، ص: 424

506 4- فهرس الكتب

حرف الألف الآثار الجلية في الحوادث الأرضية: 39، 76، 79، 83، 102، 150، 160، 170، 177، 243، 255

آتشكده: 287، 296، 297

آثار الشيعة الإمامية: 107، 108، 110، 119، 120، 354

آينده (مجلة): 335

إثبات الواجب: 317، 318

أحسن التواريخ: 14، 33، 63، 67، 72، 85، 138، 169، 173، 185، 186، 280، 281، 321، 362

أخبار الدول و آثار الأول (للقرماني): 8، 32، 37، 105، 213، 237، 247، 251، 261، 264، 273، 276، 279، 280، 290، 292، 303، 306، 307، 324، 360، 363، 379

أخلاق جلالي (لوامع الإشراق): 317، 318

الأدوار: 99

الأربعون النووية: 124

أرجوزة في علوم الحديث: 83

استخراج الحوادث المستقبلة: 108

إسلامده تاريخ و مؤرخلري: 20

الاعتماد في شرح واجب الاعتقاد: 73

الإعلام بأعلام بيت اللّه الحرام: 365، 367

إعلام النبلاء في تاريخ حلب الشهباء:

270، 342

إنباء الغمر في أبناء العمر: 8، 35، 36، 38، 40، 42، 44، 47، 60، 72، 73، 75- 79، 82، 83، 88، 90، 97، 123، 168

أنساب آل أبي طالب: 76

أنساب السمعاني: 69، 165

إنسان العيون في مشاهير سادس القرون:

144

الأنوار: 107، 118، 151، 162، 268، 318

أوقيانوس: 42

أوليا چلبي (سياحة): 54، 273، 371، 376

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 425

إيجاز المقال في علم الرجال: 113، 162

أيلك متصوفلر: 380

حرف الباء پانصد ساله در خوزستان: 120

البحر الزاخر: 244

بدائع الزهور: 17، 20، 237، 244، 246، 247، 249، 258، 260، 270، 272، 274، 314

بديع الزمان: 11

بزم و رزم: 211

بستان السياحة: 376

بغية المفيد و بلغة المستفيد: 357

بهترين أشعار: 55

بهرام: 286

بهروز: 286

بويرق: 340

بيان منازل العراقين (تاريخ مطراقي):

373

بير شاه بضع بداق: 175

بيوتات العراق: 363

بيوك إيران تاريخي: 367

حرف التاء تاج العروس: 43، 376، 377

تاريخ ابن أبي عذيبة (تاريخ دول الأعيان): 144، 145

تاريخ أحمد راسم: 360، 364

تاريخ ابن خلدون: 68، 69

تاريخ

الأكراد: 299

تاريخ أنجمني مجموعة سي: 299

تاريخ إيران: 10، 48، 49، 232، 281، 319، 324، 367

تاريخ بجوي: 351

تاريخ بغداد: 18

تاريخ الترك: 335

تاريخ تركية: 252، 260

تاريخ تيمور: 8

تاريخ جامع قوجة: 299

تاريخ الجنايي: (العيلم الزاخر)

تاريخ جودت: 157

تاريخ دمشق: 371

تاريخ دوكيني: 28

تاريخ عاشق باشا زاده: 343

التاريخ العام: 28

تاريخ العراق: 10، 11، 12، 17، 25، 36، 43، 45، 48، 50، 58، 73، 80، 83، 84، 87، 121، 140، 145، 158، 221، 237، 247، 377

التاريخ عبد الباسط: 16

التاريخ العلمي و الأدبي: 12، 73، 99، 318

تاريخ الغفاري: 20

تاريخ الفيلية: 354

تاريخ القرطبي: 16

تاريخ كزيده: 340

تاريخ الموسيقي العربية: 99، 100

تاريخ الموصل: 36

تاريخ النقود العراقية: 244، 245

تاريخ يشبك: 8

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 426

التبر المسبوك في ذيل السلوك: 19

تبصرة العوام: 157

التثقيف: 46

تحفة الأزهار: 111، 112، 113، 114، 147، 350، 354

تحفة الخطاطين: 299، 300

تحفة النظار (رحلة ابن بطوطة): 69، 128

تخميس بانت سعاد: 97

تخميس البردة: 97

تذكرة دولتشاه: 16، 287

تذكرة الشعراء: 268، 285، 287

تذكرة المؤمنين: 154، 155، 156، 158

تذكرة المحققين (رياض العارفين): 48، 49، 50

ترك بيوكلري: 27

تصحيح القاموس: 42

تفسير ابن طاهر الموصلي: 82

تفضيل الأتراك: 26

تكملة الشاطبية: 97

التنبيه: 42

تنبيه و سن العين: 164

التنقيح الرائع في شرح مختصر الشرائع:

72

تواريخ آل عثمان: 300

تواريخ الترك: 8

تواريخ سلطان يعقوب: 10، 11

حرف الثاء ثمرات الفؤاد: 55

حرف الجيم الجاسوس علي القاموس: 42

جامع الألحان: 99

جامع التواريخ: 87، 140، 207

جامع الدول: 12، 15، 27، 29، 30، 47، 59، 61، 66، 75، 79، 83، 86، 90، 92، 104، 111، 132، 139، 154، 173، 179، 185، 186، 188، 191، 192، 207، 208، 211، 213، 218، 220، 225، 230، 232، 237، 238، 239، 240، 246، 264، 269، 270، 272، 276، 279، 280، 281، 290، 293، 294، 301، 303،

306، 308، 310، 312، 314، 315، 319- 322، 373، 379

جامع السير: 336، 337، 345

جنة المتوكلين الأخيار: 131

جهان آرا (للغفاري): 119، 380

جهانكشاي جويني: 11، 44، 294، 377

جهان نما: 273، 274، 376

حرف الحاء حبيب السر: 9، 99، 177، 257، 258، 261، 276، 280- 282، 287، 290، 292- 296، 300، 301، 303، 306، 309، 310، 323، 324، 345، 352، 354، 356

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 427

حسنية: 340، 341

الحوادث الجامعة: 377

حوادث الدهور في مدي الأيام و الشهور:

18

حي بن يقظان (قصة): 11

حرف الخاء خط و خطاطان: 299، 300

الخلاصة: 131

حرف الدال الدرر الكامنة: 31، 32، 58، 83

الدر المكنون: 45

دمية القصر: 287

دوحة الوزراء: 361

دول الإسلام: 17

الدول الإسلامية: 307، 325

ديار بكرية: 8، 9- 11، 15، 186، 191، 192، 208، 209، 210، 211، 213، 218، 220، 221، 225، 232، 233، 237، 240، 241، 242، 257

ديوان حافظ: 299

ديوان خطائي (الشاه إسماعيل): 335، 368

ديوان لغات الترك: 26، 207، 368، 376

حرف الذال الذريعة إلي تصانيف الشيعة: 73، 108

ذيل جامع التواريخ: 140

ذيل در الحبب: 342

حرف الراء ربيع الجنان في المعاني و البيان: 39

رسالة في أربعة عشر علما: 83

روضات الجنات: 73، 107، 108

الروض النضر: 339

روضة الصفا: 36

رياض العلماء: 110

حرف الزاي زاد المسافر: 125، 126

زبدة الأدوار: 99

زهر الربيع: 126

الزواهر: 81

الزوراء: 316، 317، 318

حرف السين سبائك العسجد: 125

سلك الدرر: 339

السلوك في معرفة دول الملوك: 18، 103

سليماننامة: 371، 373

سنن النسائي: 76

سير الملوك: 41

حرف الشين الشاطبية: 97، 278

شجرة الترك: 27، 207

شذرات الذهب: 18، 40، 47، 48، 58، 67، 73، 75، 78، 80، 123، 131، 149، 160، 169،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 428

173، 256، 305، 359، 365، 366

شرح الأدوار: 99

شرح الأرجوزة: 83

شرح الإرشاد: 108، 336

شرح الأسئلة المقدادية: 72

شرح الأوائل: 81

شرح

الإيضاح: 81

شرح الباب الحادي عشر: 72

شرح البرهان: 81

شرح الجرجانية: 131

شرح الجواهر: 304

شرح الحاوي: 81

شرح الخرقي: 131

شرح الشاطبية: 131

شرح الشمس الأصبهاني: 81

شرح صحيح مسلم: 80، 122

شرح الطوالع: 81، 89

شرح العزيز: 81

شرح العقائد العضدية: 81، 318

شرح علي شرح التجريد: 317، 359

شرح مبادي ء الأصول: 72

شرح المفتاح: 81

شرح المنهاج: 97

شرح نهج البلاغة: 359

شرح نهج المسترشدين: 72

شرح الموجز الحاوي: 108

شرح هياكل النور: 317

شرفنامة: 65، 232

الشمائل للترمذي: 124

شمامة العنبر: 339

حرف الصاد صبح الأعشي: 27، 46

صحائف الأخبار: 377

الصحاح: 42

صحيح البخاري: 80، 124، 169

الصفات الضمانية في أخبار قياصرة العثمانية: 268

صفوة الصفا: 340

حرف الضاد الضوء اللامع: 17، 31، 32، 35، 38، 39، 43، 44، 46، 58، 63، 65، 67، 70، 72، 76، 78، 79، 80، 81، 82، 84، 85، 89، 92، 97، 98، 99، 101، 102، 104، 106، 114، 121- 125، 131، 140، 141، 144، 145، 149، 151، 153، 160، 162، 168- 170، 174، 175، 183، 184، 213، 220، 225، 244، 256، 259، 272، 278، 279، 282، 290، 296، 305، 319

حرف الطاء طبقات ابن رجب: 123

طب القاموس: 42

حرف الظاء ظفر نامة: 268

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 429

حرف العين عالم آرا: 9

عالم آراي أميني (تاريخ البايندرية): 10، 11، 15، 246، 253، 261، 264، 274، 275، 277، 278، 281، 294

العبر للذهبي: 69، 129

عثمانلي تاريخي: 360

عثمانلي مؤلفلري: 13، 54، 55

عجائب اللطائف: 20

عجائب المقدور: 83

عدة الداعي: 108

عدة الناسك في معرفة المناسك: 131

عشائر العراق: 263، 377

عقد الجمان: 8، 18، 63، 95

عقود المقريزي: 32، 82، 92، 106

عمدة البيان: 45، 83

عمدة الطالب: 76، 77، 354، 362

عنوان المجد للحيدري: 125، 339، 376

العيلم الزاخر (تاريخ الجنابي): 16، 33، 46، 58، 78، 373

حرف الغين الغياثي: 12، 32، 36، 58، 65، 66، 67،

68، 71، 72، 74، 85، 88، 89، 92، 93، 99، 100، 101، 104، 107، 109، 110، 112، 113، 114، 119، 120، 132، 135، 137، 138، 140- 142، 145، 147، 148، 151، 162، 163، 167، 168، 173، 175، 176، 179، 180، 182، 184، 185، 187، 188، 191، 192، 195، 210، 213، 214، 220، 225، 240، 242، 245- 247، 254- 256، 259، 261- 263، 267، 268

حرف الفاء فارسنامه: 376

فتح الرحمن في مسألة دور الضمان:

279

فتح الملك العزيز بشرع الوجيز: 305

الفتوحات المكية: 55

الفهرست: 163، 164

حرف القاف القاموس المحيط: 42، 121، 122، 165

قاموس الأعلام: 210، 213، 217، 220، 222، 232، 299، 300، 319، 363، 377، 379

القرآن الكريم: 49، 52، 56، 57، 59، 98، 279، 351

قلائد الجواهر: 350

القمر المنير: 131

حرف الكاف الكامل: 32

كشف الظنون: 11، 12، 13، 16، 17، 57، 77، 80، 318، 319، 368

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 430

كلشن خلفا: 34، 59، 107، 174، 178، 225، 261، 265، 279، 280، 281، 290، 292، 294، 303، 306، 335، 338، 340، 345، 349، 362، 371

كنز الأديب: 177

كنز العرفان في فقه القرآن: 72

كنه الأخبار: 30، 31، 55، 179، 184، 213، 271، 280، 284، 352

كنوز الذهب: 342

الكواشف: 81

الكواكب الدراري: 80

الكواكب السائرة: 299

حرف اللام لب التواريخ: 12، 13، 14، 34، 36، 59، 60، 77، 92، 106، 145، 173، 179، 188، 209، 251، 253، 264، 269، 277، 284، 292، 312، 314، 315، 335، 338، 340، 342

لغة جغتاي: 26، 59

لسان العرب: 377

اللمعة في الفقه: 73

اللهجة العثمانية: 376

لوامع الإشراق: 317

حرف الميم ماضي النجف و حاضره: 362

المثنوي: 55

مجالس المؤمنين: 145، 151، 153، 163، 165، 167، 177، 356

مجلة المجمع العلمي: 85

مجمع البحرين: 80

مجمع الفصحاء: 49

مجمعة نظم: 50، 288،

298، 300

مجموعة الأنوار: 145، 151، 162، 163

مجموعة تواريخ التركمان: 8، 14، 27، 31، 83، 85، 90، 209، 214

المجموعة الجامعة: 163

المحرر: 123

مختارات من النظم: 297

مختصر تاريخ الحنابلة: 123

مختصر الدول: 92

مختصر الروض الأنف: 80

مختصر شرح الكرماني: 83

مختصر الطوفي: 131

مختصر المغني: 131

مختصر هشت بهشت: 298، 299

مرآة البلدان: 211

مرشد: 340

مسالك الأبصار: 27

مسكوكات إسلامية: 67، 196، 245، 325

مسلك البررة: 131

مشاهير إسلام: 247، 248، 251، 253، 257

مصنف في الطب: 80

مطالع السعود: 339

مطلع السعدين: 20

معارف الملة: 157

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 431

معجم البلدان: 104، 164، 165

معجم المطبوعات: 42

مفاخرة القلم و الدينار: 81

المقتصر: 108

مقدمات التفسير: 359

المقصود في تحفة المودود: 81

ملحق تاريخ العراق: 144

المماليك في مصر: 29

مناقب الأئمة: 341

المناقب الصفوية: 340

مناقب الواصلين: 52، 55

منتخب التواريخ: 13، 32، 36، 37، 59، 60، 66، 77، 92، 104، 107، 132، 140، 279، 184، 185، 187، 188، 247، 251، 253، 256، 257، 258، 261، 264، 267، 269، 271، 276، 284، 293- 295، 301، 303، 304، 307، 310، 312، 313، 315، 319، 349، 350، 351

منشآت فريدون: 373

منهج السداد: 73

المنهل الصافي: 17، 19، 33، 38، 46، 48، 61، 67، 78، 80، 85، 89، 93، 97، 106، 122، 123، 184، 208، 214، 243، 244

الموجز الحاوي: 108

مورد اللطافة: 243

المهذب البارع: 108

مهماتنامه بخاري: 12

الموسيقي: 99

حرف النون النجوم الزاهرة: 243

النحلة: 47، 48، 51، 52، 280، 306

نخبة التواريخ: 209، 265

نسيمي: 54، 342

نظام التواريخ (للبيضاوي): 268

نظم العقيان: 258

النفحة العنبرية: 164، 165

حرف الهاء هتك الأستار: 318

هداية: 49، 340

هشت بهشت: 16، 298

حرف الواو الوافي بالوفيات: 18

وجيز الكلام: 17

وفيات الأعيان: 19

وقائع تاريخية: 30

وقائع تيمور: 367

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 432

507 5- فهرس الألفاظ الدخيلة و الغريبة

حرف الألف الأختاجية: 59

ألوس، ألوسات: 215

أوسطا، أوسطة (أستاذ): 65

أوغل، أوغلو، إيغلو (ابن، آل): 90

أولكة (مملكة،

إيالة): 133

حرف الباء بابا: 229

باش (رأس، رئيس): 15

پروفسور (أستاذ): 329

بويرق: 340

پير (شيخ): 100

حرف التاء تشمال (مختار المحلة، رأس جماعة):

100

تكفور (ملك، أمير): 210

تواجي (طواشي): 175

حرف الجيم جولي (نوع جيش): 189

حرف الحاء حجر القاتول: 167

حرف الدال دانا (عالم، عارف): 245

دبوس، دبابيس: 67

درويش: 336

دستور (إذن): 171

حرف الراء رخت، رخوت: 118

حرف الشين شب پره (خفاش): 185

شلتاقات (مصادرات): 309

حرف القاف قانوننامه: 259

قتالوغ: 196

قرا (أسود): 193

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 433

قرا أيلك: 35

قراولة، قراغول: 92

قزلباش: 337

حرف الكاف كپنك (لبد، چبن): 192

كديش (أكديش): 194

كور (أعمي): 243

كوكجه بلاق (النهر الأزرق أو العين الزرقاء): 106

حرف اللام لالا، لاله، لله (مربي): 322

لوكه (قطن): 150

حرف الميم موسيقار: 99

مهمندار، مهماندار: 8

مير: (مخفف أمير)

ميرزا (أمير زاده، من بيت الإمارة و معاني أخري): 12، 13

حرف النون نيرنجات: 111، 120

حرف الواو ورجيه (نوع سفينة): 37

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 434

508 6- فهرس الصور

النقوش علي باب الطلسم- دار الآثار العراقية 64

الباب الوسطاني (باب الظفرية)- عن دار الآثار 96

بغداد في عهد السلطان سليمان القانوني- عن مطراقي 127

ميل ضريح السهروردي- عن دار الآثار 159

الكتابة علي باب ميل السهروردي- عن دار الآثار 190

باب الطلسم (باب الحلبة)- عن دار الآثار 205

السلطان محمد الفاتح 216

السلطان سليمان القانوني 227

كسوة الصدر الأعظم عند العثمانيين 250

واقعة جالديران 266

الشاه إسماعيل 283

الشاه طهماسب 291

السلطان سليم الياوز 302

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 435

509 7- فهرس الموضوعات

المقدمة 5

المراجع 7

(1) الدولة البارانية (قرا قوينلو) حوادث سنة 814 ه- 1411 م ولاية الأمير شاه محمد 32

حوادث سنة 815 ه- 1412 م. 35

حوادث سنة 816 ه- 1413 م 37

حوادث سنة 817 ه- 1414 م 39

حوادث سنة 818 ه- 1415 م 44

حوادث سنة 819 ه- 1416 م 45

حوادث سنة 820 ه- 1417 م 46

حوادث سنة 821 ه- 1418 م 47

حوادث سنة 822 ه- 1419 م 57

حوادث سنة 823 ه- 1420 م 59

حوادث سنة 824 ه- 1421 م 65

حوادث الحلة 68

حوادث سنة 825 ه- 1422 م. 71

حوادث سنة 826 ه- 1423 م 71

حوادث سنة 827 ه- 1424 م 74

حوادث سنة 828 ه- 1425 م 74

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 436

حوادث سنة 830 ه- 1427 م 77

حوادث سنة 831 ه- 1427 م 78

حوادث سنة 832 ه- 1428 م 78

حوادث سنة 833 ه- 1429 م 79

حوادث سنة 834 ه- 1430 م 82

حوادث سنة 835 ه- 1431 م 84

حوادث سنة 836 ه- 1432 م 87

حوادث سنة 837 ه- 1433 م 90

حوادث سنة 838 ه- 1434 م 95

حوادث سنة 839 ه- 1435 م 100

حوادث سنة 840 ه- 1436 م 102

حوادث سنة 841 ه- 1437 م 102

حوادث سنة

842 ه- 1438 م 108

حوادث سنة 844 ه- 1440 م 110

حوادث سنة 845 ه- 1441 م 124

حوادث سنة 846 ه- 1442 م 130

حوادث سنة 847 ه- 1443 م 131

حوادث سنة 848 ه- 1444 م 132

حوادث سنة 849 ه- 1445 م 133

حوادث سنة 850 ه- 1446 م 135

حكومة جهان شاه في العراق 139

حوادث سنة 851 ه- 1447 م 141

حوادث سنة 852 ه- 1448 م 142

حوادث سنة 853 ه- 1449 م 142

حوادث سنة 854 ه- 1450 م 142

حوادث سنة 855 ه- 1451 م 143

حوادث سنة 856 ه- 1454 م 143

حوادث سنة 857 ه- 1454 م 145

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 437

حوادث سنة 858 ه- 1455 م 147

حوادث سنة 859 ه- 1455 م 148

حوادث سنة 860 ه- 1456 م 149

حوادث سنة 861 ه- 1457 م 151

حوادث سنة 862 ه- 1457 م 158

حوادث سنة 864 ه- 1459 م 160

حوادث سنة 866 ه- 1461 م 161

حوادث سنة 867 ه- 1462 م 167

حوادث سنة 868 ه- 1463 م 169

حوادث سنة 869 ه- 1464 م 171

حوادث سنة 870 ه- 1466 م 172

حوادث سنة 871 ه- 1466 م 177

حوادث سنة 872 ه- 1467 م 178

حوادث سنة 873 ه- 1468 م 187

(2) الدولة البايندرية (آق قوينلو) السلطان حسن الطويل 203

بقية حوادث سنة 874 ه- 1447 م 243

حوادث سنة 875 ه- 1470 م 244

حوادث سنة 876 ه- 1471 م 246

حوادث سنة 877 ه- 1472 م 248

حوادث سنة 878 ه- 1473 م 251

حوادث سنة 879 ه- 1474 م 254

حوادث سنة 882 ه- 1477 م 256

حوادث سنة 883 ه- 1478 م 262

حوادث سنة 885 ه- 1480 م 268

حوادث سنة 886 ه- 1481 م 270

حوادث سنة

887 ه- 1482 م 271

حوادث سنة 888 ه- 1483 م 272

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 438

حوادث سنة 889 ه- 1484 م 273

حوادث سنة 890 ه- 1485 م 274

حوادث سنة 891 ه- 1486 م 275

حوادث سنة 892 ه- 1487 م 275

حوادث سنة 893 ه- 1488 م 275

حوادث سنة 894 ه- 1489 م 279

حوادث سنة 895 ه- 1490 م 279

حوادث سنة 896 ه- 1490 م 280

حوادث سنة 897 ه- 1491 م 294

حوادث سنة 898 ه- 1492 م 301

حوادث سنة 900 ه- 1494 م 305

حوادث سنة 902 ه- 1495 م 305

حوادث سنة 903 ه- 1497 م 306

حوادث سنة 904 ه- 1498 م 311

حوادث سنة 905 ه- 1499 م 312

حوادث سنة 906 ه- 1500 م 313

حوادث سنة 907 ه- 1501 م 313

حوادث سنة 908 ه- 1502 م 315

حوادث سنة 913 ه- 1507 م 319

حوادث سنة 914 ه- 1508 م 319

(3) الدولة الصفوية حوادث سنة 914 ه- 1508 م 334

بيت الحيدرية في بغداد 339

حوادث سنة 915 ه- 919 ه (1509- 1513 م) 357

حوادث سنة 920 ه- 1514 م 359

حوادث سنة 921 ه- 1515 م 363

حوادث سنة 922 ه- 1516 م 364

حوادث سنة 923- 925 ه 364

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 3، ص: 439

حوادث سنة 926 ه- 1520 م 364

حوادث سنة 927 ه- 1521 م 366

حوادث سنة 930 ه- 1523 م 366

حكومة ذي الفقار 368

القبائل التركية و التركمانية 373

الحكومات و الإمارات المجاورة 379

خاتمة الكتاب 383

1- فهرس الأعلام 387

2- فهرس الشعوب و القبائل و النحل 407

3- فهرس المدن و الأماكن 412

4- فهرس الكتب 424

5- فهرس الألفاظ الدخيلة و الغريبة 432

6- فهرس الصور 434

7- فهرس الموضوعات 435

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.