موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، المجلد 2

اشارة

سرشناسه : عزاوي، عباس، م - 1888

Azzawi, Abbas

عنوان و نام پديدآور : تاريخ العراق بين احتلالين/ عباس العزاوي

مشخصات نشر : قم: مكتبه الحيدريه، 1425ق = 1383.

مشخصات ظاهري : 8 ج.مصور، نقشه، نمونه

شابك : 964-8163-30-830000 ريال :(دوره) ؛ 964-8163-31-6(ج. 1) ؛ 964-8163-32-4(ج. )2 ؛ 964-8163-32-2(ج. )3 ؛ 964-8163-34-0(ج. )4 ؛ 964-8163-35-9(ج. )5 ؛ 964-8163-36-7(ج. )6 ؛ 964-8163-37-5(ج. )7 ؛ 964-8163-38-3(ج. )8

وضعيت فهرست نويسي : فهرستنويسي قبلي

يادداشت : افست از روي چاپ: مصلبعه بغداد، 1353ق = 738ق = 1258 = م 1338

يادداشت : عنوان روي جلد: تاريخ العراق بين الاحتلالين.

يادداشت : كتابنامه

مندرجات : ج. 1. حكومه المغول، 738 - 656ق = 1338 - 1258م .-- ج. 2. حكومه الجلايريه، 814 - 739ق = 1481 - 1338م .-- ج. 3. الحكومات التركمانيه، 941 - 814ق = 1534 - 1338م. .-- ج. 4. العهد العثماني الاول، 1048 - 941ق = 1638 - 1534م. .-- ج. 5. العهد العثماني الثاني، 1163 - 1049ق = 1750 - 1639م. .-- ج. 6. حكومه المماليك، 1247 - 1162ق = 1831 - 1749م .-- ج. 7. العهد العثماني الثالث، 1289 - 1247ق = 1872 - 1831م. .-- ج. 8. العهد الثماني الاخير، 1335 - 1289ق = 1917 - 1872م .-

عنوان روي جلد : تاريخ العراق بين الاحتلالين.

عنوان ديگر : تاريخ العراق بين الاحتلالين

موضوع : عراق - تاريخ

رده بندي كنگره : DS70/9 /ع 43ت 2 1383

رده بندي ديويي : 956/7

شماره كتابشناسي ملي : م 83-19225

[المجلد الثاني]

المقدمة

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم الحمد للّه رب العالمين و الصلاة و السلام علي رسوله و آله و صحبه أجمعين.

(و بعد) فللأمم سنن لا تحيد عنها، و أنظمة ثابتة تجري عليها، هي القدر المشترك و النفسيات

العامة لأفرادها، لا تتغير إلا بعوامل اجتماعية، أو ظهورات و حوادث عظيمة تدعو للتنبيه … و حالة الأمم هذه في أزمانها المختلفة، و أوضاعها المتبدلة تحتاج إلي تدوين لنتبين نفسياتها الاجتماعية و ما اعتراها من تطورات عارضة، و حوادث أو نوازل خاصة، و نتوضح منها إدارتها اللائقة بها، و نواميسها السائرة عليها، أو نهجها الذي مضت عليه …

و شرح ذلك يطول، و إنما نقتصر علي صفحة من تاريخ هذه التقلبات و الطواري ء عن قطرنا تتلو سابقتها، و تسد بعض الحاجة، فنراها الأولي في دراسة عواملنا الاجتماعية، و حوادثنا النفسية لسهولة التفهم و إدراك العلاقة المباشرة من وقائعنا القومية، و حكوماتنا المختلفة …

و من ثم تتوضح أوضاع السلطة الحاكمة أو المتحكمة و ما ترمي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 8

إليه، و ما ينزع إليه الأهلون، أو ما يرونه من معارضات شديدة، أو بالتعبير الأولي الاطلاع علي تاريخ علاقتها بنا، و روابطها معنا …

و موضوعنا هذه المرة (الحكومة الجلايرية) و هي بعيدة عنا، و غريبة منا و أن كانت إسلامية.. تميل في إدارتها، و روحيتها، إلي ما اعتادته من الاعتبارات القومية … فلم تتدرب علي التربية الإسلامية كما يجب و لا تخلقت بأخلاقها الفاضلة في الدرجة اللائقة، لتوافق المثل الأعلي، أو علي الأقل لم تأتلف مع ما في نفوسنا.

و محط الفائدة أن يتطلع العراقي علي حوادث هذه الأقوام، و سياستها و تأثيرها علينا و علي هذا القطر، أو تأثره منها … و هذه بمثابة ترجمة الشخص في أدوار حياته و ما لاقاه في أيامه … و يتعين لنا تاريخ القطر في زمان لنعلم ما جري عليه خلال هذا العصر، و ما انتابه من مصائب و آلام،

و حوادث أخري … و هنا نري القسوة و الظلم قد بلغا منتهاها، نعم صار العراق موطن الحكم، و مقر السلطنة إلا أن العنصر التتري كاد يتغلب عليه كما تحكم فيه، و السلطة قوية لم يستطع دفعها، أو رفعها … و الثقافة الفارسية كادت تسوده و تسيطر عليه …

و أراني في غني عن إيضاح ما بذلته من جهود لتثبيت ما تمكنت من جمع شتاته، و الأخبار المختلفة فيه، و النزعات المتضاربة للتأليف بينها، و التقريب لما بعد منها. حتي حصل ما أقدمه الآن للقراء الأفاضل و لعلهم يجدون ما يطمئن بعض الرغبة بالوقوف علي صفحات متقطعة، غير موصولة من تاريخه في وقت معين، و فيها ما يشير إلي ما وراءها … فإن وافق الرغبة فهو ما آمله و إلا فكم سار غرّه قمر،

فتاه في بيداء …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 9

المراجع التاريخية

اشارة

مراجعنا في هذا العهد غامضة، و في الوقت نفسه قليلة بالرغم من كثرتها و تعددها. من ناحية أن كلّا منها لا يخلو من نقل عن الآخر رأسا أو بالواسطة. و في الحقيقة أمهات المراجع قليلة، و نري الفرق كبيرا جدا بين حكومة المغول السابقة، و بين هذه الحكومة. فإن المراجع الرسمية و غير الرسمية هناك كانت كثيرة جدا، و قد مر بنا منها ما يكاد يجعلنا نقول بأنه لم يبق خفاء خصوصا منها ما يعود إلي التاريخ العلمي و الأدبي علي خلاف هذه الحكومة فإن السلطان حسن الجلايري مثلا دام حكمه في بغداد نحو العشرين سنة و هو مؤسس السلطنة فيها و لم نذكر له من الحوادث ما يصلح أن يدون كوقعة أو وقائع مطردة و متتابعة …

و هكذا من جاء بعده.

فنري العلائق الخارجية عديدة في حين أن الحوادث الداخلية تكاد تكون مفقودة. و المعلوم أن هذا القطر لا يقف عند تلك الحوادث ساكنا هادئا لطول هذه المدة، و بهذا الصبر الجميل مع أننا نجد أوضاعه متبدلة و أطواره متغيرة دائما كتغير هوائه و فصول سنيه.

و أساسا إن هذا العهد يعد من أنحس الأدوار و أسوئها و أيامه كلها أو غالبها ظلم و قسوة، و سياسته متبدلة الأهواء و النزعات، لم تدع مجالا لأحد أن يفكر في تدوين الحوادث عنها، أو أن اضطرابها و تموجها مما دعا أن تهمل أو أن هناك وقائع قد سجلت بمختلف صفحاتها و لكنها لم

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 10

تصل إلينا. و لم يردنا إلا بعض النتف منها. فانعدمت لما انتابته من ثورات و كوارث، أو بقيت في زوايا النسيان و الإهمال حتي هلكت.

جاءتنا أكثر وقائعه من طريق المجاورين و الأجانب عنا أو البعيدين فلم يذكروا سوي ما له ارتباط بحوادثهم، أو مساس بأوضاعهم. و لم يردنا عن رجال هذا المحيط إلا النزر القليل. و المؤرخون العراقيون قليلون و ربما صاروا مرجعا في بعض حوادثه، و أكثرهم أيام تيمور، و غالبهم عجم، أو ترك، و المصريون و السوريون بعيدون و لكنهم كتبوا كثيرا عن هذه الأيام، و دونوا ما يهمهم ذكره دون خصوصيات العراق إلا عرضا أو ما وصلهم خبره و في كل أحوالهم نجدهم يتألمون لمصاب العراق علي طول المدي و شقة البعد و يستطلعون أبناءه دائما و يدونون ما وصلهم.

و علي كل حال نذكر المراجع التالية، و نشير إلي المآخذ الأخري خلال الحوادث إذ لا نري طائلا وراء بيان جميع ما عولنا عليه، أو اعتمدنا من المآخذ.

بزم و رزم:

مؤلف في الفارسية لعزيز بن أردشير الاسترابادي طبع في استانبول سنة 1928 في مطبعة الأوقاف و فيه مطالب قيمة عن العراق بهذا العصر الذي نكتب عنه، و المؤلف كان نديم السلطان أحمد الجلايري. استطرد في بعض المواطن إلي ذكر العراق و إن كان موضوعه خاصا بالقاضي برهان الدين السيواسي. و أورد صاحب عجائب المقدور اسم المؤلف بلفظ (عبد العزيز) و مثله جاء في كشف الظنون. و في الكتاب اسم المؤلف و والده و بلده بالوجه المشروح و كان في صباء جاء إلي بغداد و قضي شبابه فيها و لما ورد تيمور بغداد في 20 شوال سنة 795 ه و ضبطها فر المؤلف و السلطان أحمد إلي أنحاء المشهد (النجف الأشرف) و قد وافي المشهد ثلة منهم فقبضوا علي المؤلف و جاؤوا به

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 11

إلي الحلة و سلموه إلي ميران شاه (ابن الأمير تيمور) فعطف عليه و لطف بحياته فبقي مدة عنده، و لم يقف الجيش عند بغداد فتوجه نحو ديار بكر فانتهز الفرصة ليلا من بين ماردين و آمد و فر إلي صور و من هناك إلي سيواس فوصلها في 11 شعبان لسنة 796 ه- 1394 م فنال كل رعاية من السلطان برهان الدين و كان قد أمره السلطان بكتابة تاريخ هو «بزم و رزم». و أن ابن عربشاه لم يتعرض للصلة بينه و بين السلطان أحمد الجلايري في حين أنه يشير إلي أن السلطان أحمد بعد أن جلس علي تخت السلطنة قتل في أمرائه المعروفين و من هم تربية السلطنة و أعيان رجالها الواحد بعد الآخر و اتصل بجمع من الأجلاف و أصحاب السفاهات و الدنايا فكان نديمهم، اتخذ

أمراء من الأوباش و من لا يعرف. فاضطربت الأحوال و تشوشت الأمور. و في أول الأمر هاجم توختامش تبريز سنة 787 ه- 1386 م في ذي الحجة فدمرها و قتل منها خلقا عظيما ثم هاجمها بعد تسعة أشهر فاتح آخر و قاهر أعظم فقضي علي البقية و هو تيمور لنك فكان سيل تقدمهم جارفا فخربوا إيران، و أضروا بالخلق إضرارا بالغا فاضطر السلطان أحمد أن يترك تبريز فالتجأ إلي بغداد. و لكنه و هو في هذه الحالة لم يتنبه و لم يؤدبه الزمان و إنما استمر فيما كان فيه من سوء الحالة و مصاحبة الأشرار و الأنذال و لم يعتبر بما جري فكان المؤلف يأسف لما وقع منه و لما هو دائب عليه، و كان في نيته أن يأتي إلي السلطان برهان الدين، و لم يرض من سوء إدارة السلطان أحمد و إنما كان من المتذمرين الناقدين.

قدم هذا الكتاب إلي السلطان برهان الدين بعد أن ورد إليه سنة 796 و بقي عنده إلي سنة 800 ه ثم إنه بعد ذلك سار إلي مصر، و عاش في القاهرة، و كان متبحرا في الآداب العربية و متأثرا بها و له شعر فائق في العربية و الفارسية. فحط رحاله هناك بعد أن رأي من المصائب ضروبا و من الأرزاء أنواعا.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 12

و إن صاحب عجائب المقدور قد أثني عليه و عده من عجائب الدهر، و رجح كتابه بزم و رزم علي تاريخ العتبي و إن نظمي زاده مرتضي قد بين أن له ديوانا عربيا و آخر فارسيا إلا أنه لا يعرف طريق توصله إلي هذا و لعله استفاد ذلك من قول صاحب عجائب

المقدور.

و هذا ما قاله عنه ابن عربشاه:

«ثم إن الشيخ عبد العزيز (عزيز) هذا بعد لهيب هذه الثائرة انتقل إلي القاهرة و لم يبرح علي الأبراح و معاقرة راح الأتراح حتي خامرته نشوة الوجد فصاح و تردي من سطح عال فطاح و مات منكسرا ميتة صاحب الصحاح» ا ه.

و أما مرتضي آل نظمي فإنه أشار إلي أنه كان مقبولا عند الأكابر، و مرغوبا لدي الأفاضل، فمضي أوقاته بهذه الصورة إلا أنه كان مبتلي بالشرب. و لما كان شاربا ثملا سقط من مكان عال فهلك و انتقل إلي الدار الآخرة.

و الكتاب يبين عن خبرة و اطلاع في الأدبين العربي و الفارسي نثرا و نظما و أنه كان ذا قدرة علي البيان و بين ما أورده من الشعر ما هو من قوله و نظمه سواء كان عربيا أو فارسيا و كان أول وروده إلي السلطان برهان الدين مدحه بقصيدة عربية و أن تحصيله كان عربيا و نشأته في العراق فكانت تغلب عليه العربية أكثر من الفارسية و اهتمامه بها أزيد إلا أن القوم لا يعرفون العربية و كانوا أقرب للتأثر بالآداب الفارسية فاضطر أن يكتبه باللغة الفارسية و كانت معاملات القوم و محرراتهم فارسية فاللغة المعروفة هناك الفارسية. و لم يشر المؤلف إلي أنه كان يعرف التركية و لكن التأليف يشعر بقدرة و إتقان علمي أدبي لهذا الرجل، و هكذا يقال عن معرفته بالفلك و تعبير الرؤيا، و أنه مختص بهما، أما التصوف فنجده متأثرا بالقسم الغالي منه و يطري جلال الدين الرومي، و يثني علي الشيخ محيي الدين.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 13

و الملحوظ أن هذا الأثر لا تنكر علاقته بالعراق، و أنه متأثر بآدابها

في ذلك العصر، و إننا نستطيع أن نعرف عقلية المتعلمين من أكمل رجل منهم، و تاريخ السلطان أحمد و لو بنظرة عامة و بصورة إلمامة من رجل عراقي. يميط اللثام عن وجه الحقائق فتخرج ناصعة المحيا، و قد طبع علي نسخة أيا صوفية المرقمة 3465 مع مقابلته بنسخ أخري خطية و هذه النسخة مكتوبة بخط خليل بن أحمد الخطاط المشهور الذي كتب بخطه ديوان القاضي برهان الدين و منه نسخة في المتحفة البريطانية و منه نسخة في الأندرون، و أخري في مكتبة أسعد أفندي، و نسخة في مكتبة راغب باشا. و قد برز بوضعه الصحيح و نال تدقيقا زائدا، و هو و إن كان يخص غير العراق فما ذكره عن العراق كان عمدة فيه، و صاحب خبرة و معرفة، و معولنا كان علي المطبوع المذكور.

و لو كنا عثرنا علي ديوان عربي أو فارسي للمؤلف لعلمنا شيئا كثيرا عن قطرنا المحبوب كما علمناه من ديوان سلمان الساوجي، و لا طلعنا علي وقائع تأثر بها الرجل تدعو لكشف المجهول. و لعل التنقيب و التتبع يؤديان إلي الغرض.

عجائب المقدور في نوائب تيمور:

و هذا من أقدم المراجع الخاصة، لأحمد بن محمد بن عبد الله بن عربشاه المتوفي عام 845 ه- 1442 م و كان قد ولد سنة 791 ه- 1389 م و يعرف بالعجمي أيضا، و عليه الاعتماد في وقائع هذا الفاتح لدي كافة المؤرخين. أوضح حوادثه حتي خصوصياته و أحواله النفسية كأنه من مدوني وقائعه و الملازمين له.

و لا نجد الفرق كبيرا بين ما ذكره، و ما كتبه مؤرخو دولته، و إنما يصلح للمقارنة، و المقايسة مع مباحث أولئك و ما سجله فهو من الوثائق المعارضة. قال المؤلف في مقدمة كتابه:

موسوعة

تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 14

«و كان من أعجب القضايا بل من أعظم البلايا الفتنة التي يحار فيها اللبيب، و يدهش في دجي مندسها الفطن الأريب، و يسفه فيها الحليم، و يذل فيها العزيز و يهان الكريم، قصة تيمور، رأس الفساق، الأعرج الدجال، الذي أقام الفتنة شرقا و غربا علي ساق. فتحققت نجاسته بهذا الغسل، أردت أن أذكر منها ما رأيته و أقصّ في ذلك ما رويته … » ا ه و أثبتت التدقيقات التاريخية أنه من أصدق المؤلفات، و أحقها بالأخذ، و مما يركن إليها إلا في بعض المواطن التي ظهر أنها كتبت بتحامل فلا يزال محتفظا بقيمته التاريخية إلي اليوم بالرغم مما يتبين أنه ساخط علي تيمور.

و الكتاب لم يقف عند تحرير وقائعه التاريخية و الاكتفاء بها و إنما هو تاريخ الحكومات المعاصرة له، و التي قارعها و استولي عليها و خاصة ما يتعلق بالعراق، و الحكومة العراقية (الجلايرية). فقد تعرض لها كثيرا.

و أبان في موضوعها عن سعة علم و اطلاع أتمه عام 840 ه (1437 م).

و مما يستحق الذكر هنا أن المؤلف عول في بعض وقائعه فيما يخص تيمور و العراق علي عالم عراقي هو تاج الدين أحمد النعماني القاضي الحنفي الحاكم ببغداد فقد قصها نقلا عنه، و أن حادثة بغداد وقعت يوم الأضحي سنة 803 ه إلا أنها لا تخلو من مبالغة هي من لوازم عبارات الناقل و التزاماته في السجع و التهويل كما هو جاري عادته.

و لا يفوتنا أن نقول: إن المؤلف ثقة في هذه الحوادث لما كان له من الاتصال الكبير بعلماء الترك و العجم. فقد تجول في سمرقند و بلاد الخطا و ما وراء النهر و برع

في فنون العلم، و أتقن الفارسية، و التركية،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 15

و العربية، و الخط المغولي. و كان يقال له ملك الكلام في اللغات الثلاث، و استمر في تجواله إلي بلاد الدشت و سراي، ثم جاء إلي قرم، ثم قطع بحر الروم (البحر الأسود) إلي مملكة العثمانيين فأقام بها نحو عشر سنين، و باشر عند سلطانها ديوان الإنشاء، و كتب عنه إلي ملوك الأطراف. فبالعجمي لقرا يوسف و نحوه، و بالتركي لأمراء الدشت و سلطانها، و بالمغلي لشاه رخ و غيره، و بالعربي للمؤيد شيخ. ثم رجع إلي وطنه القديم فدخل حلب، ثم الشام و قد أطنب صاحب الضوء اللامع في ترجمته و بيان مؤلفاته و من بينها (فاكهة الخلفاء و مفاكهة الظرفاء)، و كان ممن شاهده و نقل عنه.

غلب علي المؤلف الأدب و السجع، و استعمل ألفاظ الذم و التزم التنديد بتيمور و شتمه بما شاء. و كل هذا لم يقلل من شأن الكتاب فلم ينحرف عن تثبيت الواقع و تدوين الصحيح قدر وسعه و استطاعته. بالرغم من كرهه لتيمور و السخط عليه. و كم بينه و بين شرف الدين اليزدي من التخالف في الفكرة؛ فيري هذا أن وجود تيمور نعمة، و ذاك يعده نقمة.

طبع الكتاب في أوروبا و مصر مرارا إلا أن الطابعين لم يراعوا فيه الاعتناء في صحة إعلامه و مع كل هذا نال مكانة و حظا وافرا من الاهتمام لدي مؤرخين تالين له. لخصه المقريزي، و نقل عنه مؤرخون لا يحصون حتي عصرنا و ترجم إلي التركية. و لا يسع المقام بيان ترجمة المؤلف بإسهاب فلها موطن غير هذا.

تاريخ تيمور لنك:

لمرتضي البغدادي من آل نظمي و المؤلف هو صاحب

كلشن خلفا، و ذيل سيرنابي. و قد أوضحت عنه في لغة العرب و وصفت مؤلفاته و هذا

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 16

الكتاب ترجمة «عجائب المقدور» إلي اللغة التركية كتبه أولا علي الطريقة التي نهجها مؤلف الأصل من التزام السجع و البلاغة المنمقة في تركيباته و كان ذلك عام 1100 ه- 1689 م و قدمه لوالي بغداد آنئذ الوزير علي باشا إلا أن الوزير إسماعيل باشا والي بغداد طلب إليه تسهيل العبارات و مراعاة البساطة فيها بالترجمة ليكون مفهوما للكافة فأجاب الطلب عام 1131 ه- 1719 م أيام ولايته فذلل صعابه و أخرجه بشكله المعروف.

و إن ترجمته ذكرها صاحب كشف الظنون عند الكلام علي عجائب المقدور و سماها في موطن آخر ب (تيمور نامه).

طبعت الترجمة السهلة بعنوان (تاريخ تيمور لنك). و هذه أضاف إليها المترجم أولاد تيمور و أخلافه من بعده و بذلك أضاف فائدة جديدة تزيد علي الأصل و لكنه من أخري طوي بعض المباحث فكادت تعدم الغرض منه لو لا وجود الأصل و انتشاره.

التاريخ الغياثي:

تأليف عبد الله بن فتح الله البغدادي الملقب بالغياث المتوفي أواخر العصر التاسع، كان حيا عام 891 ه (1486 م) و سمي هذا الأثر ب (التاريخ الغياثي)، و يتعلق بالعراق في غالب مباحثه، و تهمه حوادثه أكثر من غيره، و فيه سعة نوعا و إن كان لم يراع السنين و ترتيبها، و لغته عراقية عامية، و هو مغلوط في أكثر المواطن، و فيه نقص كما نبهت علي ذلك في حينه.

و كل هذا لم يقلل من قيمة الكتاب، و من السهل تعيينها بالمراجعة إلي الآثار الأخري لتحقيق ما جاء فيه، و لتوسيعه منه. فيستفاد من التفصيلات الواردة خلال سطوره..

أوله:

«الحمد للّه الباقي بعد فناء خلقه الخ».

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 17

و جاء في مقدمته:

«إن من كثرة الفتن، و تواتر الإحن التي جرت بأرض العراق لم يضبط أحد تواريخها من دور الشيخ حسن إلي يومنا هذا أولا من عدم أهل هذا العلم و من ينظر فيه؛ و ثانيا أن أكثرها تواريخ ظلم و عدوان تركها خير من ذكرها، لأن هذا الدور الذي نحن فيه يسمي (دور الإدبار) «إلي أن قال»:

فما كان من زمن آدم عليه السّلام إلي أيام السلطان أبي سعيد ملتقط من نظام التواريخ للقاضي ناصر الدين عمر البيضاوي و غيره، و ما كان من زمان الشيخ حسن (أول سلاطين الجلايرية) إلي يومنا هذا لم أنقله من كتاب بل نقلته من أوراق و حواشي، و أكثره من ألسن الراوين؛ و بعض ما جري في زماننا، و كتابه عالمون، فكتبت ذلك و حويته في هذه الأوراق، و العهدة علي الراوي، لا علي الحاوي» ا ه، و النسخة الوحيدة من الكتاب وجدتها لدي الأستاذ الفاضل و اللغوي المعروف انستاس ماري الكرملي و نقلت نسختي المخطوطة منها.

و الملحوظ فيها أن المؤلف يكرر المباحث عند كل حكومة لها علاقة بأخري في الاثنتين لأدني علاقة و لما كانت النسخة ساقطة بعض الأوراق، و مضطربة المباحث لتشوش في ترتيب أوراقها كما يظهر فمن السهل أن يتلافي النقص نوعا، و هكذا فعلت أثناء تثبيت الحوادث مع تمحيص و عرض علي النصوص التاريخية الأخري و مقابلتها و تنبيه علي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 18

المشتبه. استنادا إلي إيضاحاته في هذا العهد و ما يليه و غالبه في أيامه و هو القسم الأخير من كتابه، و كله مما يهم موضوعنا

و النقول عنه من الكتب الأخري مما يكمل مباحثنا، و يسد النقص الذي في الكتاب خصوصا ما جاء عن المشعشعين. هذا و لا ننس أن المؤلف يتعصب للحكومات الأخيرة فيتألم لمصاب هذه، أو يفرح كما يستدعي وضع تأثره، و فيه بيان عن بعض الأشخاص … و هكذا.

تحرينا مراجع تاريخية كثيرة فلم نعثر علي ترجمة وافية، و لا علي نسخة ثانية لأثره هذا، و إنما نري بعض الكتب مثل مجالس المؤمنين تنقل عنه بعض المطالب و لكنها لا تصلح بحال لإكمال جميع نقصه.

و عندي نسخة خطية تسمي ب (الأنوار) في رجال الشيعة و تراجمهم تذكر المؤلف في عداد هؤلاء و لم تتوسع في تاريخ حياته، و لا ذكرت عام وفاته و إنما اكتفت بذكر اسمه و أن له تاريخا هو الموضوع البحث..

و هو عراقي سكن سورية مدة كما يفهم من خلال سطور كتابه …

و النسخة الأصلية قديمة و لعلها المكتوبة في عصر المؤلف، أو هي نسخة المؤلف. و قد وصفها صاحب لغة العرب و نقل عنها الكتاب عندنا الشي ء الكثير..

أنباء الغمر في أبناء العمر:

للشيخ شهاب الدين أحمد بن علي بن محمد الشهير بابن حجر العسقلاني المتوفي سنة 852 ه (1449 م) و للمؤلف آثار مهمة و نافعة جدا مر منها في تاريخ المغول كتاب (الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة) و هو أحد مراجعنا في هذا المجلد أيضا. أما كتابه هذا و هو الأنباء فإنه مرتب علي حوادث السنين و ترتيبها، يبتدي ء من حوادث سنة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 19

773 ه، قد شاهدت منه نسخا عديدة في مختلف مكتبات الآستانة.

و الكتاب من أفضل المؤلفات للعصر الذي كتب عنه. و منه الجلد الأول في مكتبة السيد نعمان خير

الدين الآلوسي برقم 3744 من كتب الأوقاف العامة ببغداد و النسخة قديمة و غلافها مذهب و تجليدها نفيس. أولها:

الحمد للّه الباقي الخ. قال في مقدمتها:

هذا تعليق جمعت فيه حوادث الزمان الذي أدركته منذ مولدي سنة ثلاث و سبعين و سبعمائة و هلم جرا مفصلا في كل سنة أحوال الدول من وفيات الأعيان مستوعبا لرواة الحديث خصوصا من لقيته أو أجاز لي و غالب ما أورد فيه ما شاهدته أو تلقفته ممن أرجع إليه أو وجدته بخط من أثق به من مشايخي و رفقتي كالتاريخ الكبير للشيخ ناصر الدين ابن الفرات، و لحسام الدين ابن دقماق و قد اجتمعت به كثيرا و غالب ما أنقله من خطه و من خط ابن الفرات عنه، و للحافظ العلامة شهاب الدين أحمد ابن علاء الدين حجي الدمشقي و قد سمعت منه و سمع مني، و الفاضل البارع المفنن تقي الدين أحمد المقريزي، و الحافظ العالم شيخ الحرم تقي الدين محمد بن أحمد بن علي الفاسي القاضي المالكي.. و الحافظ المكثر صلاح الدين خليل بن محمد بن محمد الأقفهسي و غيرهم.

و طالعت عليه تاريخ القاضي بدر الدين محمود العيني و ذكر أن الحافظ عماد الدين ابن كثير عمدته في تاريخه و هو كما قال لكن منذ قطع ابن كثير صارت عمدته علي تاريخ ابن دقماق حتي كاد يكتب منه الورقة الكاملة متوالية و ربما قلده فيما يهم فيه حتي في اللحن الظاهر مثل اخلع علي فلان و أعجب منه أن ابن دقماق ذكر في بعض الحادثات ما يدل أنه شاهدها فكتب البدر كلامه بعينه بما تضمنه و تكون تلك الحادثة وقعت بمصر و هو بعد في عينتاب و لم أتشاغل

بتتبع عثراته بل كتبت منه ما ليس عندي مما أظن أنه اطلع عليه من الأمور التي كنا نغيب عنها و نحضرها.

(إلي أن قال): و هذا الكتاب يحسن من حيث الحوادث أن يكون ذيلا

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 20

علي ذيل تاريخ الحافظ عماد الدين ابن كثير فإنه انتهي في ذيل تاريخه إلي هذه السنة و من حيث الوفيات التي جمعها الحافظ تقي الدين بن رافع فإنها انتهت أيضا إلي أوائل هذه السنة.. ثم قدر اللّه سبحانه لي الوصول إلي حلب في شهر رمضان سنة 36 فطالعت تاريخها الذي جمعه الحاكم بها العلامة الأوحد الحافظ علاء الدين ذيلا علي تاريخها لابن العديم. و سمعت منه أيضا و سمع مني … » الخ.

هذا ما قاله و أعتقد فيه الكفاية لبيان قيمة هذا الأثر الجليل و التعريف بمزاياه.

و حوادث هذا المجلد تنتهي بسنة 812 ه و المجلد الثاني تنتهي حوادثه في سنة 850 ه و به يتم الكتاب. أما نسخة الآلوسي فلا شك أنها خير ما رأيت من النسخ صحة و إتقانا، و الأولي مراجعتها عند ما يراد طبع هذا السفر الجليل. و في دار الكتب المصرية نسخة منه في مجلدين بخط عادي رقم 2476 منقولة من نسخة مكتبة الأزهر. و عليه عولنا كمرجع في حوادث هذه الأيام فيما وجدنا له فيه مباحث فهو ثقة، و لا قول فيه و النسخة واضحة و خطها جميل و لم يكن فيها تاريخ و قد تداولتها الأيدي و وصلت العراق من الشام.

الضوء اللامع في أعيان القرن التاسع:

لشمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي المتوفي سنة 902 ه (1497 م) رتبه علي الحروف، و قد صنف السيوطي في رده مقالة سماها: (الكاوي في تاريخ السخاوي)

و شنع عليه فيها، و انتخبه الشيخ

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 21

زين الدين عمر بن أحمد الشماع المتوفي سنة 936 ه 1530 م و سماه:

(القبس الحاوي لغرر ضوء السخاوي) و كذا الشهاب أحمد بن العز محمد الشهير بابن عبد السلام المتوفي سنة 931 ه- 1525 م و سماه:

(البدر الطالع من الضوء اللامع) و اختصره الشيخ أحمد القسطلاني و سماه: (النور الساطع في مختصر الضوء اللامع).

و الكتاب جليل في موضوعه و هو علي نسق الدرر الكامنة و فيه فوائد عن عراقيين كثيرين و لكنه لا يتكلم عليهم في الغالب إلا عرضا أو لعلاقة اتصال بهم لأنهم ذهبوا إلي أنحاء سورية و مصر. طبع في هذه الأيام (سنة 1354 ه- 1936 م) في أجزاء عديدة و لم يتم طبعه لحد الآن. منه نسخة في مكتبة آل باش أعيان في البصرة و الجلد الأول منه في مكتبة السيد نعمان خير الدين الآلوسي بين كتب الأوقاف.

تزك تيمور:

هو تاريخ السلطان تيمور و مذكراته الحربية و السياسية أملاها لنفسه في اللغة المغولية و ترجمها إلي الفارسية أبو طالب و من الفارسية نقلت إلي الفرنسية و طبعت سنة 1787 م نقلها إلي لغته المستشرق المعروف الأستاذ (لانگله)، و هذه النسخة الإفرنسية موجودة في مكتبة جامعة جنويز و منها ترجمها مصطفي رحمي إلي التركية باسم (تيمور و تزوكاتي) طبعت عام 1339 ه و قد عولنا عليها و علي النسخة الفارسية المطبوعة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 22

في بمبي للمرة الأولي في مطبعة فتح الكريم بتاريخ 29 شعبان سنة 1307 ه و هذه النسخة مطبوعة علي طبعة كلارن في لندن سنة 1783 م.

و موضوع هذا الأثر الجليل يتضمن ما سار عليه

تيمور من القوانين، و ما عمل بمقتضاه من الدساتير العملية، و ما اكتسبه من الحوادث اليومية و التجارب الشخصية، فأوصي أن تكون هذه الأعمال خطة أولاده و أخلافه من ذريته لتعينهم في حياتهم السياسية و الحربية …

و هي أشبه بما مضي عليه جنگيز من (الياساق) أو (الياسا) …

و هذه في الحقيقة نتائج أعماله في إدارته و ما زاوله من المهام في حياته فهي التاريخ الصحيح المجمل و الوقائع الجزئية أمثلة لها و تطبيقات لما قام به. و قد تحرينا تعريبا لهذه فلم نعثر عليه مع أنها من الوثائق المهمة للتحقيق عن حياته الصحيحة، و لتأييد النصوص الأخري الواردة عنه أو الطعن فيها … و ينطوي تحتها الاستفادة من الآراء، و الاستعانة بالشوري و الحزم و الاحتياط في إدارة المملكة، و تدبير الأمور في السياسة الخارجية، و الاهتمام بأمور الجيش و حسن تدريبه و إدارته..

و منها نري أنه لم يضيع حزما، و لا تهاون بفكرة بل راعي ما أمكنه من التدابير الصائبة.

و في هذه و غيرها مما يفهم من مطاوي الكتاب ما يبصر بأنه لم يضع فرصة، و لا تواني عن تسجيل ما رأي و شاهد، أو ما صادف بالعودة إلي التفكير فيما وقع. و بهذا يكذب أعداءه و الطاعنين به من أن همه السفك و النهب و القتل كأن غايته تشفية غليله من البشرية باتخاذها مجزرة له.. و إنما راعي المصلحة، و نصب الغاية أمام عينيه فلم يتحاش

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 23

من الركون إلي الواسطة مهما كانت قاسية، و تمسك بالتدابير رغم فظاعة الآلة … و في كل هذه لم يضع رشده، و لم يدع الفرصة، و لا تأخر عن العمل بها

عند سنوحها بلا تهاون أو توان بل لم يعرف التواني … و إنما يحاول بكل ما أوتي من قدرة لإدراك مواطن الضعف في خصومه، و التطلع علي أحوالهم و التبصر بشؤونهم حتي الشخصي منها ليعرف قوة العلاقة بالأعمال العامة و إن كانت تري لأول وهلة أنها ليس لها مساس بشؤون المملكة خارجا و داخلا.

و علي كل كانت هذه الأوضاع أمامه بارزة.. فإذا غلب ناحية مال إلي الأخري أو غلب هو علي أمره من جهة ركن إلي غيرها حتي يتم الفوز ما دام هو في الحياة … و ولعه بالشطرنج يعين خطته أكثر و يفسر مذكراته هذه …

روضة الصفا في سيرة الأنبياء و الملوك و الخلفاء:

تاريخ فارسي في ست مجلدات للخواجه حميد الدين محمد مير خواند ابن سيد خوارزمشاه البلخي و في كشف الظنون أنه لمير خواند محمد بن خاوند شاه بن محمود و كان قد ولد المؤلف عام 837 ه 1434 م في بلخ و ولع في التتبعات التاريخية من صغره ثم إنه كان قد رماه الزمان و ضاقت به الوسيعة فمال إلي علي شير النوائي وزير حسين بايقرا حاكم خراسان و مازندران و ركن إلي مكتبته المشهورة في العالم آنئذ فصار يتردد إليها و ينتفع بها … و من ثم و بسبب الانتساب إلي الوزير المشار إليه تعرف بفطاحل العلم هناك أمثال عبد الرحمن جلبي، و شيخ أحمد السهيلي، و الخواجة عبد الله مرواريد و الخواجه أفضل الدين محمد، و الولي الخواجة آصفي، و دولتشاه السمرقندي من أكابر العصر

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 24

و صفوتهم … فاتصل مؤرخنا بهؤلاء بواسطة الوزير … ذلك ما دعا أن يزيد في تتبع هذا المؤرخ و يقوي نشاطه فصار يجهد بشوق و عشق

ليس وراءهما … كما أن الرغبة تكاثرت في الكل لحد أن الوزير نفسه استقال من الوزارة و عمد إلي العلم و التأليف … و هكذا فعل هذا المؤرخ لكتابة تاريخه فقد أقام في تكية من تكايا هراة براحة و طمأنينة مال فيها إلي التدوين … و هذه التكية (خانقاه خلاصية) التي أنشأها الأمير علي شير …

سعي مؤرخنا سعيا حثيثا لإكمال تاريخه هناك و لما وصل إلي الجلد السابع منه وافاه الأجل المحتوم علي حين غرة فقضي قبل أن يشرع في الجلد السابع عام 904 ه 1498 م عن عمر 67 في مدينة هراة فلم يتم تأليفه و إنما كان ذلك نصيب ابنه (غياث الدين خواندمير).

و جاء في مقدمته أن جمعا من إخوانه التمسوا تأليف كتاب منقح محتو علي معظم وقائع الأنبياء و الملوك و الخلفاء ثم دخل الوزير مير علي شير و أشار إليه أيضا فباشره مشتملا علي مقدمة و سبعة أقسام و خاتمة فالقسم الخامس منه في ظهور جنكيز و أحواله و أولاده و السادس في ظهور تيمور و أحواله و أولاده و السابع في أحوال سلطان حسين بايقرا …

فالأقسام الأخيرة منه فيها تفصيلات مهمة عن الترك و المغول و التتر و من يليهم و أوضح الوقائع بكل سعة حتي زمان السلطان حسين بايقرا … فهو من الكتب الجامعة المستوعبة لتواريخ كثيرة كانت قد سبقته.. و علي كل هو خير أثر لعصرنا الذي نكتب عنه و للعصور التالية له إلي أواخر أيامه و خلاصة لما فيها من حوادث. و يعد من أفضل المراجع التي عولنا عليها.. و لا يكاد يصدق أن امرءا واحدا قام بهذا العمل الجليل.. و لا يوجه عليه لوم من ناحية

أنه كتب عن الحكومة الجلايرية بإجمال فهو بعيد عنها فلا ينظر إلا إلي المباحث العمومية و مع هذا نجد فيه بعض المطالب التي قد لا نجدها في غيره.. و المؤلف علي كل حال و كما يفهم من

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 25

أسلوب كتابه تحدي جامع التواريخ، و مؤلفات المغول التاريخية الأخري فاتخذها أساسا و لكنه هذب و نقح و رتب أي أنه عدل في الأساليب …

و اختصر و حذف ألفاظ المدح الزائد و الثناء الكثير …

اعتني الهند و الإيرانيون بطبعه عدة طبعات و الأوروبيون زاد انتباههم إليه أكثر من غيره فترجموا غالب أقسامه إلي لغاتهم فكان له أكبر وقع في نفوسهم … و هو في الحقيقة يبصر بالوقائع السابقة و يفصل القول عنها بكل سعة و عندي بضعة أجزاء مخطوطة منه.

حبيب السير:

تأليف غياث الدين خواندمير بن حميد الدين مير خواند المذكور و هذا ممن نشأ علي يد الوزير علي شير النوائي و درس عليه و تخرج في مدرسة عرفانه.. ولد عام 880 ه 1476 م و تتلمذ علي الوزير المشار إليه و قد نبغ في شبابه و اشتهر في حياة أبيه بالعلم و العرفان و حصل علي مكانة لائقة …

إن الوزير ساعد هذا الشاب أن يحضر المجالس العلمية.

و المناقشات التي تجري في المواضيع المختلفة لما رآه فيه من الكمال و الأدب الجم و العلم الواسع و لما هناك من علاقة صحبة مع والده. و قد برهن المترجم صاحب التاريخ علي كفاءته و مقدرته العلمية بما أبرزه من المؤلفات النافعة … إلا أن مجالس الوزير لم تدم طويلا كما أن هراة لم تبق مركز الثقافة و لم يطل أمد علميتها … فالوزير توفي عام

906 ه 1500 م فانطفأت تلك الفعالية الفكرية و القدرة العلمية، و زالت الرغبة.. إذ إن السلطان حسين بايقرا حامي العلم و العلماء توفي بعد خمس سنوات عام 911 ه 1505 م فأخذ يتقلص أمر الالتفات إلي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 26

التهذيب الفكري رويدا رويدا حتي زالت الرغبة من البين.. فإن خلفاء السلطان لم يهتموا ذلك الاهتمام كما أن الأوضاع السياسية كانت غير مساعدة … ظهر الشاه إسماعيل فاضطربت الحالة. و ساءت الأمور و زال ملك و لديه ميرزا بديع الزمان، و ميرزا مظفر حسين …

ذلك ما دعا مؤرخنا أن يتأثر للمصاب، و لما جري علي الحكومة التي حمته و والده مدة لا يستهان بها. فاختار الانزواء و اشتغل بالتأليف.

و حينئذ شرع في إكمال الجلد السابع من روضة الصفا تأليف والده فأتمه طبق الأسلوب الذي جري عليه والده و راعي طريقته في تأليفه ثم اختصره بتمامه باسم (خلاصة الأخبار).

و لم يقف عند هذه المؤلفات و إنما شرع بمؤلفه القيم (حبيب السير) و هذا هو الذي عقدنا له الكلام هنا و هو شاهد عيان عن أواخر العصر التاسع حتي أواسط القرن العاشر و ما جري في هذا الأوان من الحوادث في آسيا … و من هذه الناحية يعد كتابه من الوثائق المهمة و الجليلة … و كله تاريخ عام كتبه باسم أستاذه (كريم الدين حبيب الله الأردبيلي) و يبتدي ء من الخلقة و ينتهي بوفاة الشاه إسماعيل الصفوي و يحتوي علي وقوعات العالم الإسلامي و له علاقة كبري في تاريخنا عن هذا العهد فهو من المراجع المهمة … و أهم ما فيه القسم الباحث عن موضوعنا … جعل الأصل الذي اعتمده عين الأصل الذي عول

عليه والده إلا أنه رأي الاختصار أولي، و التلخيص أشد، و الناس لا يستطيعون مباحث مفصلة كهذه من ناحية الاستنتساخ و الاقتناء و المطالعة و أضاف إليه معلومات قيمة تتعلق بعصر تيمور و ما بعده إلي آخر الأيام التي كتب عنها … طبع في الهند في مجلد ضخم يحتوي علي أجزاء.

و للمؤلف آثار أخري أهمها: (مآثر الملوك)، و (دستور الوزراء) و سيأتي ذكره، و (أخبار الأخيار)، و (مكارم الأخلاق) و (منتخب تاريخ و صاف) و (جواهر الأخبار) و (غرائب الأسرار). كتب هذه المؤلفات

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 27

أيام الجدال الحربي بين الأوزبك و الصوفيين … و أكبر مساعد له علي إظهار هذه الآثار المكتبات الغنية بالمؤلفات الكثيرة و المتنوعة …

و لما لم يستطع البقاء مع فداحة الأمر، و اضطراب الحالة ترك وطنه مكرها عام 932- 1525 م و ذهب إلي (بابرشاه) الحاكم في الهند من آل تيمور فجاء إلي (اكره) ملتجئا إلي ملكها فرأي منه حسن قبول و التفات … و كان قد أعز العلماء و أبدي لهم توجها كبيرا و علي الأخص نال المترجم احتفاء السلطان لما رآه منه من العلم الجم و الخبرة الواسعة في التاريخ و غيره.. و كذا حصل علي مكانة لائقة لدي (همايون شاه) بن بابر شاه و من ثم كتب المترجم له (همايوننامه) لما رآه منه من الالتفات الزائد و الاحترام اللائق …

و في سنة 942 ه 1535 م سار مع الشاه إلي كجرات فمرض في سفره و مات في الطريق فأمر السلطان أن ينقل جسده إلي دهلي و دفن في جوار أعاظم الرجال المدفونين هناك أمثال (أمير خسرو الدهلوي) و (نظام الدين أوليا) ذلك لما كان

له من المكانة لديه …

و الحاصل أن هذا المؤرخ من أكابر المؤرخين لا يقل عن والده في تأليفاته التاريخية بل ربما فاقه أو أنه أتم ما قام به والده فمؤلفاته مكملة من ناحية و موضحة من أخري … و هي السلسلة التاريخية الموصولة بين دور المغول و بين الحكومات التالية له إلي زمانه …

و الملحوظ أن المؤلف في تاريخه حبيب السير لم يتعرض لخصوصيات العراق، و حوادثه مما لا علاقة له بالأقطار الأخري …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 28

دستور الوزراء:

لصاحب حبيب السير أيضا، فارسي و موضوعه جليل جدا، عيّن فيه الوزراء في إيران من أقدم أزمانهم إلي أيامه و فيه تعرض لبيان وزراء و ملوك سيطروا علي العراق و إيران معا، تعرض لهم أثناء بحوثه. وجدنا فيه من السعة ما لم نرها في غيره أوله مصدر في هذا الدوبيت:

أي منت احسان توبر خوان همه فضل تو بود منبع احسان همه

در روز حساب هم باذنت باشد لطف نبوي شافع عصياه همه

تكلم فيه علي الوزراء و من أهم مباحثه كلام علي ابن العلقمي، و حسن الصباح و الإسماعيلية في مصر و في إيران و الخوارزمشاهيه، و آل مظفر و وزراء جنكيز و الجلايرية و تيمور لنك و المباحث الأخيرة منه تخص موضوعنا … و عصره قريب من أشخاص الوقائع ففائدته فيما تعرض له كبري و مهمة جدا … ننقل منه ما نشير إليه خلال سطور الكتاب..

أخبار الدول و آثار الأول:

لأبي العباس أحمد جلبي بن يوسف بن أحمد الدمشقي القرماني ولد سنة 939 ه 1533 م و توفي سنة 1019 ه 1610 م. أوله: الحمد للّه علي تصاريف العبر الخ. طبع علي الحجر في بغداد سنة 1282 ه 1866 م و الكتاب مباحثه عامة و قد يتعرض لبعض الحوادث الخاصة من حكومات العراق التالية لحكومة المغول قال في كشف الظنون اختصره مؤلفه من تاريخ الجنابي المتوفي سنة 999 ه 1591 م و فرغ من اختصاره في صبيحة يوم السبت مستهل المحرم سنة 1008 ه 1600 م و المؤرخ أجمل الوقائع التالية للمغول بقوله: «لم يصل إلينا خبر من تولي بعده (بعد أبي سعيد) ثم قال: اتفق المؤرخون علي أنه لم يبق من بني

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 29

هلاكو

من تحقق نسبه لكثرة ما وقع فيهم من القتل غيرة علي الملك، و من نجا طلب الاختفاء بشخصه فخفي نسبه و استمرت بحار الفتن منهم تثور و تمور، إلي أن نبغ الأعرج تيمور، فأهلك الحرث و النسل، و اختلط المليح بالبسل، و حل بالعالم البأس، و فسدت أحوال الناس» ا ه.

فهو يصلح أن يكون مرجعا لأيام الأمير تيمور.

مراجع أخري:

لا مجال لإيراد جميع المراجع الجديدة التي سأعتمدها غير ما تقدم و إنما أذكر منها (تاريخ گزيده) (و نزهة القلوب) و (تاريخ محمود كيتي) و (لب التواريخ) و (ظفر نامه) و غيرها. و يأتي النقل منها و أشير هنا إلي أن المراجع منها ما ذكر في المجلد السابق مما تستمر حوادثه إلي هذه الأيام …

الحكومة الجلايرية

حوادث سنة 738 ه 1337 م

سلطنة الشيخ حسن الجلايري:

في هذه السنة أو التي قبلها علي اختلاف في ذلك استولي الشيخ حسن الجلايري علي بغداد، فقضي علي حكومة المغول في العراق و أسس حكومة جديدة فيه هي «الحكومة الجلايرية»، و تسمي «الايلگانية» أيضا، و لما كان أول ملوكها الشيخ حسن المذكور قيل لها «الشيخ حسنية».

و الشيخ حسن هذا هو ابن حسين كوركان و يقال له الأعرج

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 30

(زوج بنت أرغون خان) ابن آقبغا (آق بغا) بن ايلگا نويان الجلايري، و نسبة إلي ايلكا نويان المذكور يقال لحكومتهم «الايلگانية» رأس فرعهم الذي يرجعون إليه و جاء ذكره في أيام استيلاء المغول علي بغداد بلفظ (ايلكو نويان) و بعضهم ذكره (ايلكان) و المعول عليه أنه بلا نون و قد مر ذكره في المجلد الأول من هذا الكتاب. و قد تشتبه هذه النسبة في النسبة إلي الحكومة الايلخانية، و الفرق واضح في أن الايلخانية تطلق علي هلاكو و أخلافه لأن لقب ايلخان أعطاه منگو قاآن لأخيه هلاكو خان حينما سيره لاكتساح إيران و ما جاورها و من ثم سميت حكومته بالايلخانية بخلاف هذه فإنها تمت إلي ايلكا نويان باعتباره جدا أعلي. و كان هذا في أيام هلاكو و له مكانة عنده.

الحكومة الجلايرية:

جلاير قبيلة كبري من قبائل المغول توصلت إلي الحكومة بهمة رجلها و اتصاله الوثيق بحكومة المغول.. و كانت جموعها (كورن) كثيرة و تفرعت إلي فروع عديدة، و أوشكوا أن ينقرضوا في حروبهم مع الخيتاي فلم يبق منهم سوي طائفة واحدة يقال لها (چابولغان)، و هؤلاء كان بينهم و بين قييات حرب أدت إلي أسر قسم كبير منهم و لما تسلط جنكيز اتصل باقي الجلايرية به.. و أصلهم من المغول من أولاد

(نكون) من قبيلة (دورلكين) و قد مر تفصيلها في الجلد السابق، و لم يكن جلاير الجد الأقرب كما توهم صاحب كلشن خلفا، و قد غلط صاحب

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 31

الشذرات في عده ايلكا نويان بن هلاكو لأن قبيلة الجلايرية لا تتصل بآل جنكيز اتصالا قريبا و إن كان الكل من المغول، و ايلكانويان هذا هو رأس الفخذ الأقرب من هذه الطائفة أو الجد الأعلي كما تقدم و كان قد جاء مع هلاكو إلي إيران بقبيلته و افتتح بغداد معه. و مع هذا نري الغياثي لم يقطع في أن السلطان من قبيلة الجلاير قال: «ذكر بعض المؤرخين أن أصله من جماعة الأتراك الذين يقال لهم جلاير» حالة أن التواريخ الأخري متفقة علي أنهم من قبيلة الجلاير و هكذا في دستور الوزراء يعده من الجلائر قطعا. و هذه القبيلة عارضت جنكيز خان في بادي الأمر ثم صارت له عضدا مهما و ناصرا قويا.. كما أنها كانت ساعدا عظيما لحكومة هلاكو، و أولاده و أحفاده. و ذلك أن آقبغا (آق- بوغا) كان أمير الأمراء في زمن كيخاتو خان سلطان المغول و في فتنة بايدو خان قتل. أما ابنه الأمير حسين فقد تزوج بنت أرغون خان و في أيام أبي سعيد كان أمير قبيلة (ألوس) فتوفي بأجله..

و إن ابنه الأمير الشيخ حسن حكم الروم زمن السلطان أبي سعيد و قد جري عليه ما جري من تطليق زوجته بغداد خاتون و تزوج السلطان أبي سعيد بها بعد نكبة الچوبان و أولاده و بعد وفاة السلطان أبي سعيد ظهر التغلب و قامت الفتن فورد العراق عدة دفعات و اقتحم مهالك عظمي و مخاطر كبري في حروبه فاجتاز العقبات

إلي أن تملك العراق و هو الذي يطلق عليه (الشيخ حسن الكبير) كما أنه يقال لابن الأمير جوبان (حسن الصغير). و لما انقرضت دولة أبي سعيد و لم يكن له ولد صفا الأمر لعلي باشا الاويرات أثر قتلة السلطان ارپا خان فتجاوز الاويرات حدودهم و قسوا في تعديهم و من ثم نفر منهم جماعة مثل

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 32

الحاج طغاي و الحاج طوغا بك فمالوا عنهم و ركنوا إلي الشيخ حسن الكبير و ندبوه لدفع شرور هذه الطائفة فأنفذ الشيخ حسن رسولا إلي صورغان شير ابن الأمير جوبان و كان في كرجستان فطلبه و كلفه أن يصحب معه عساكر من الكرج فأتي إليه بعسكر عظيم. فعندها توجه الشيخ حسن بالعساكر الجمة إلي محاربة علي باشا و قمع شره فوقع الحرب بينهما في نهار السبت 17 ذي الحجة سنة 736 ه 1336 م و كان ابتدأ في يوم الخميس 15 ذي الحجة سنة 736 ه 1336 م فخذل علي باشا و استظهر الشيخ حسن و قتل علي باشا و خلص الأمر للشيخ حسن سنة 737 ه 1336 م و في أيامه كان أولاد الأمير جوبان من أكبر المتغلبة و كانوا قبل هذا بسبب الأمير جوبان حكاما بأطراف البلاد، فمنهم بير حسن بن محمود بن جوبان بشيراز و أعمالها، و الملك الأشرف ابن تمرتاش بن جوبان بتبريز و مضافاتها. و قد عقدنا فصلا للمتغلبة أيام المغول في المجلد الأول فنكتفي هنا بالإشارة و كادوا يتغلبون علي مملكة المغول لو لا أن عرض لهم ما عرض و علي كل تم للشيخ حسن الأمر في بغداد و تمكن من الحكم فيها بلا مزاحم تقريبا، أو تغلب

علي غيره. و تزوج دلشاد و كانت من قبل لدي علي باشا الاويرات تدعي الحمل من أبي سعيد، و كانت من أحب النساء للسلطان أبي سعيد و هي بنت الأمير دمشق ابن الأمير جوبان تزوج بها فتمكن من أخذ حيفه منه بالتزوج بها بعد مماته فقد كان أكرهه علي تطليق زوجته بغداد خاتون و قال الغياثي: «و من الغرائب أن الأمير حسينا والد الشيخ حسن كان قد تزوج بغداد خاتون بنت الأمير جوبان عمة دلشاد خاتون فبلغ أبا سعيد حسنها فانتزعها منه فشاء اللّه تعالي أن جلس ولده موضع أبي سعيد و تزوج امرأته دلشاد خاتون» ا ه.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 33

و الصحيح أن الشيخ حسن هو الذي انتزعت زوجته و أرغم علي تطليقها فكان أن قدر تزوجه بزوجة أبي سعيد دلشاد خاتون … و هذا كاف للتعريف بهذا السلطان الذي كان يعد في أول أمره متغلبا فاستقر له و لأعقابه الملك مدة …

غلاء في الموصل و بغداد:

في هذه السنة كان الغلاء في الموصل و بغداد. و لهذه الفتن دخل فيه كما هو المعهود من أن الغلاء يتولد إثر هكذا وقائع ينشغل الناس فيها و ينصرفون عن الزراعة و ما ماثل …

ملحوظة: عد كثيرون تاريخ استقلال الشيخ حسن الكبير سنة 740 ه و لم يعتبروا أيام التغلب فقالوا الاعتداد بتاريخ إعلانه السلطنة لنفسه لا التزامه من يمت إلي هلاكو بنسب …، و آخرون اعتمدوا علي تاريخ سنة 737 ه 1336 م و هو تاريخ تخلص العراق. و في كلشن خلفا كان ذلك عام 738 ه 1337 م و عليه عولنا فإنه مؤرخ عراقي و أعرف بمراجعه.

و أما غالب المؤرخين من الترك العثمانيين فقد عوّلوا علي

سنة 736 ه من جهة الحادثة الحاسمة بين علي باشا الاويرات و بين الشيخ حسن وقعت في ذي الحجة من هذه السنة فعدوها مبدأ الحكم. و لكل وجهة …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 34

وفيات
1- يحيي بن عبد اللّه بن عبد الملك الواسطي:

هو أبو زكريا الواسطي كان فقيه العراق في زمانه. ولد سنة 662 ه و تفقه علي والده و سمع من الفاروثي، و أجاز له ابن أبي الدنية، و عبد الصمد بن أبي الجيش و غيرهم. حدث ببغداد و درس في المدرسة البرانية بواسط. و له مصنف في الناسخ و المنسوخ، و كتاب مطالع الأنوار النبوية في صفات خير البرية. قال الذهبي برع في الفقه و كان يقال في حقه فقيه العراق في زمانه. مات بواسط في ربيع الآخر سنة 738 ه.

2- قطب الدين إبراهيم بن إسحق بن لؤلؤ:

حفيد صاحب الموصل. نزل مصر و سمع من ابن حلاق و النجيب و غيرهما و حدث. مات في 24 شوال سنة 738 ه.

3- محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن الواسطي:

الشيخ القدوة ناصر الدين ابن شيخ الحرامية أبي إسحق و قد تقدم ذكر أخيه أحمد في المجلد السابق و عاش هذا بواسط إلي سنة 738 ه و مات عن نيف و ثمانين سنة. كذا في الدرر الكامنة عن سير النبلاء. و ما جاء من أنه ابن شيخ الحرامية فغير صحيح و الصواب ما قدمنا.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 35

حوادث سنة 739 ه- 1338 م

توجه السلطان إلي بغداد:

لم يذكر مؤرخونا مثل صاحب كلشن خلفا و الغياثي وقائع معينة لهذا السلطان مع أنه طالت حكومته في العراق كما تقدم سوي أن صاحب كلشن خلفا قال: و لما دخلت سنة 739 ه 1338 م فر السلطان الشيخ حسن من الحروب بينه و بين الچوباني و توجه إلي بغداد و كان الوالي فيها ابنه أويس فحكم ببغداد و لا يأتلف هذا التاريخ مع تاريخ تزوج السلطان بدلشاد خاتون و عمر السلطان أويس ليكون واليا اللهم إلا أن يكون عمره لا يتجاوز الأشهر فصار واليا..

و علي كل هذه الأيام لا تخلو من حروب مع الخارج و مشغوليات في النزاع علي السلطنة فلا يؤمل أن تدون حوادث أخري، و لعل الأمور جرت في أيامه علي محورها فلم يقع ما يكدر صفو الأهلين و إنما جرت بطمأنينة و سلام. و هذا مستبعد جدا لما يتوضح من الوقائع الأخري.

رسول بغداد إلي مصر:

جاء في عقد الجمان أنه «وصل رسول من بغداد، و ذكر أن الشيخ حسن وصل بغداد و طلب طغاي، و حافظ الدين، و ضرب السكة باسم السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون ببغداد، و أنه يطلب بعض أولاد السلطان ليملكوه عليهم و يكون معه بعض الجيش. فقال السلطان أولادي صغار و لكني أنا أجي ء إليهم إذا وصل رسول طغاي و حافظ الدين و الشيخ حسن» ا ه.

و في ابن خلدون: «و يقال إنه أرسل إلي الملك الناصر صاحب مصر

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 36

بأن يملكه بغداد و يلحق به فيقيم عنده و طلب منه أن يبعث عساكره لذلك علي أن يرهن فيهم ابنه فلم يتم ذلك لما اعترضه من الأحوال» ا ه.

و في هذا إن صح ما يعين

درجة الضعف إلا أننا لم نعثر علي هذه السكة المضروبة بين نقود الشيخ حسن بالوجه الذي بينه صاحب عقد الجمان.

بين مصر و العراق:

و في السلوك للمقريزي: «في سنة 738 ه توجه الأمير حيار بن مهنا الطائي من آل فضل في جماعته إلي بلاد العراق، و صار في جماعة الشيخ حسن الكبير، و أن الأمير أرتنا صاحب بلاد الروم تمكن و عظم شأنه فيها، و أرسل رسولا إلي السلطان الملك الناصر و معه هدية، و سأل في رسالته أن يكون نائب السلطان ببلاد الروم، و يضرب السكة باسم السلطان أيضا، و يقيم دعوته … فخلع الناصر علي رسوله، و أنعم عليه و علي من صحبه، و كتب له تقليد بنيابة الروم … و ازداد أرتنا بذلك عظمة، حتي خافه الشيخ حسن أن يتفرد بمملكة الروم، فأخذ في التأهب لمحاربته … و التزم له حيار.. بجمع العرب فكتب له تقليدا بالإمرة، و مع ذلك لم يستغن عن استعطاف الناصر لأنه كان في عهد تأسيس دولته، فوصل مجد الدين إسماعيل السلامي و معه رسل رسميون إلي القاهرة، و قد مكنه الشيخ حسن إدامة الصلح بينه و بين السلطان الملك الناصر، و جهز معه هدية جليلة، و كان قد وصل إلي الناصر مستعيذا مستعينا أيضا ناصر الدين خليفة ابن الخواجة علي شاه فأكرمه السلطان، و أنعم عليه … و كان الشيخ حسن يهاب الأمير حسنا الجوباني مع القاآن سليمان و حاول غزوهما.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 37

و في صفر سنة 741 ه قدم القاهرة رسول الشيخ حسن الكبير بكتاب يتضمن طلب عسكر بتسليم بغداد و الموصل و عراق العجم لتقام بها الدعوة للسلطان، و سأل أن يبعث السلطان إلي

طغاي بن سوتاي في الصلح بينه و بين الشيخ حسن فأجيب إلي ذلك و وعد بتجهيز العسكر إلي تبريز، ثم ركب الأمير أحمد قريب السلطان إلي طغاي و معه هدية لينتظم الصلح بينه و بين الشيخ حسن، و كان طغاي قد راسل السلطان الناصر سنة 739 ه و بعث إليه هدية و طلب مصاهرته. فجهز الناصر إليه هدية و خلع علي رسوله و أصحابه و أنعم عليهم و أمرهم بالعود علي أحسن حال.

و كلف الناصر رسوله المذكور أن يبلغ الملكين طغاي بن سوتاي و الشيخ حسنا الكبير بما معناه «إن أردتم أن أرسل لكم جيشا لتقووا به علي أعدائكم.. و تغزوا بلادهم و تضربوا باسمي السكة، و تقيموا لي الخطبة، و تحالفوني في السراء و الضراء فأرسلوا إلي برهائن منكم، و من أسلم إليه الجيش علي ثقة من أمري» كذا قال الشجاعي في ما نقل عنه ابن قاضي شهبة.

و خرج الأمير أحمد المذكور برسالة الناصر فوصل إلي طغاي في أواخر شهر رمضان من هذه السنة 741 ه، و طلب منه رهينة، فأعد لذلك ولده برهشتين (كذا) و طلب منه الأمير أحمد رسلا، فأوصلوه إلي الشيخ حسن الكبير ببغداد، و كان مع الشيخ حسن صلغان شير بن چوبان، فاجتمع بهما الأمير أحمد ببغداد، و اتفقوا علي الصلح، و تحالفوا، و خطب للملك الناصر، و أرسل الشيخ حسن رهينة من جهته، و هو ابن أخيه إبراهيم شاه بن جلوا، و سار الجميع و معهم القاضي بدر الدين قاضي اربل، و القاضي معين الدين قاضي الموصل، و أرسل صاحب ماردين صحبتهم القاضي صدر الدين قاضي ماردين و علي أيديهم نسخة اليمين و المهادنة، و كان وصولهم إلي القاهرة

يوم الأربعاء سادس ذي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 38

الحجة، فأنزلوا بالميدان، و أقبل عليهم السلطان إقبالا عظيما، و قابلهم بالتبجيل، و خلع عليهم …

و كان من حديث الأمير حسن بن دمرداش بن جوبان أنه علم بمراسلة هؤلاء للملك الناصر فخشي أن المتحالفين ينزعون منه تبريز و غيرها، فأرسل عمه صلغان شير إلي حسن الكبير يقول: «أنا و أنتم بنو عم، و نحن ما عملنا معكم شيئا يوجب أن تدخلوا سلطان مصر بيننا، و البلاد بلادكم» فمشت الرسل بينه و بينهم، فاتفقوا و تحالفوا علي الصلح و ذلك بعد أن وصل رسلهم و رهائنهم المذكور إلي السلطان الملك الناصر، و بعد أن أمر نقيب الجيش بإعداد العدد، و استعجال السفر إلي تبريز … في هذه التجريدة … و رسم أن يكون خروجهم إلي تبريز في نصف ذي الحجة … (و هناك تفصيلات).

و بينما هم في انتظار العرض، فالحركة إذ قدم إلي القاهرة إدريس القاصد صحبة مملوك صاحب ماردين بكتابة تحقق اتفاق حسن بن دمرداش و الشيخ حسن الكبير و طغاي بن سوتاي، و أن حسنا خطب لهما علي منابر بغداد و الموصل، و اتفق أولاد دمرداش و الشيخ حسن علي أن يعبروا الفرات إلي الشام نكاية في الملك الناصر … و كان الناصر في هذه الأيام في غاية ما يكون من المرض … تحقق الأمر فتبين صحة الاتفاق و خيبة الناصر من بلاد العجم و العراق. (و مات السلطان بعد أيام) فأمر ذوو السلطان بتجهيز ابن طغاي، و إبراهيم شاه و من معهما و رجعهم إلي بلادهم فتجهزوا و ساروا في صفر سنة 742 ه.. هذا ملخص قول ابن قاضي شهبة و المقريزي. قاله

الصديق الأستاذ مصطفي جواد.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 39

وفيات
1- عالم بغداد:

في هذه السنة توفي عالم بغداد صفي الدين عبد المؤمن ابن الخطيب عبد الحق بن عبد اللّه بن علي بن مسعود بن شمايل البغدادي الحنبلي الإمام الفرضي المتقن ولد في سابع عشري جمادي الآخرة سنة 658 ه 1260 م ببغداد و سمع بها الحديث من عبد الصمد ابن أبي الجيش و ابن الكسار و خلف و سمع بدمشق و بمكة من جماعة و تفقه علي أبي طالب عبد الرحمن بن عمر البصري و لازمه حتي برع و أفتي و مهر في علم الفرائض و الحساب و الجبر و المقابلة و الهندسة و المساحة و نحو ذلك و اشتغل في أول عمره بعد التفقه بالكتابة و الأعمال الدنيوية مدة ثم ترك ذلك و أقبل علي العلم فلازمه مطالعة و كتابة و تدريسا و تصنيفا و إفتاء إلي حين موته و صنف في علوم كثيرة فمن مصنفاته شرح المحرر في الفقه ست مجلدات و شرح العمدة مجلدان، و إدراك الغاية في اختصار الهداية مجلد لطيف و شرحه في أربع مجلدات، و تلخيص المنقح في الجدل، و تحقيق الأمل في علم الأصول و الجدل و اللامع المغيث في علم المواريث و اختصر تاريخ الطبري في أربع مجلدات و اختصر الرد علي ابن المطهر للشيخ تقي الدين ابن تيمية في مجلدين لطيفين و اختصر معجم البلدان لياقوت و هو المعروف اليوم بكتاب (مراصد الاطلاع في الأمكنة و البقاع)، اختصره و أضاف إليه فعرف بهذا الاسم و فصل ما قاله عن الأصل. طبع باعتناء الأستاذ جوينبول في ليدن، و في إيران

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 40

سنة 1315

ه و له غير ذلك و خرج لنفسه معجما لشيوخه بالسماع و الإجازة نحوا من ثلاثمائة شيخ و سمع منه خلق كثيرون و له شعر رائق توفي ليلة الجمعة عاشر صفر ببغداد و دفن بمقبرة الإمام أحمد.

2- عبد الرحمن بن عمر بن حماد الخلال:

الربعي البغدادي الحريري ولد سنة 686 ه سمع من محمد بن أحمد بن حلاوة ببغداد و من آخرين. كان كثير التطوف و حدث بالبلاد التي دخلها حتي ذكر أنه حدث بخان بالق (بجاق) من بلاد الخطا و كان حسن الخلق كثير التلاوة و هو مولي المحدث سعيد الهذلي مات ببغداد في شعبان سنة 739.

3- محمد بن أحمد بن علي بن غدير الواسطي:

الشيخ شمس الدين ابن غدير المقري ء أخذ القراءات عن العز و الفاروثي و صحبه مدة و جاور معه بمكة و سمع من عبد الله بن مروان الفارقي و غيره و كان ماهرا في القراءات عارفا بطرقها مستحضرا، تصدر للإقراء بجامع الحاكم و كان سيي ء الخلق بذي ء اللسان قال الذهبي هو من فضلاء المقرئين علي مزاح فيه و لعب. و بلغني عنه سوء سيرة، مات في 4 المحرم سنة 739 ه.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 41

الأمير تيمور لنك علي عرشه

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 42

4- جلال الدين محمد بن عبد الرحمن بن عمر العجلي القزويني:

و هو جلال الدين أبو المعالي محمد ابن القاضي سعد الدين أبي القاسم عبد الرحمن القزويني الشافعي، ولد في الموصل سنة 666 ه و تفقه علي أبيه و أخذ عن الإربلي و سكن الروم مع أبيه، و اشتغل في أنواع العلوم، و أفتي و درس و ناب في القضاء عن أخيه … ثم ولي الخطابة بدمشق، ثم القضاء بها، ثم انتقل إلي قضاء الديار المصرية..

ثم صرف سنة 738 ه و نقل إلي قضاء الشام و كان لطيف الذات، حسن المحاضرة، كريم النفس … درس بمصر و الشام. و له تلخيص المفتاح في المعاني و البيان لخصه من القسم الثالث من المفتاح للسكاكي طبع مرارا … و الإيضاح في المعاني و البيان طبع ببولاق … و الشذر المرجاني من شعر الأرجاني. توفي بدمشق في جمادي الأولي و دفن بمقابر الصوفية.

5- شمس الدين محمد بن عبد العزيز ابن الشيخ عبد القادر الجيلي:

شيخ بلاد الجزيرة الإمام القدوة. كان عالما، صالحا، وقورا، وافر الجلالة روي بدمشق و ببغداد، و خلف أولادا كبارا لهم كفاية و حرمة، توفي في أول ذي الحجة بقرية الحيال من عمل سنجار عن 87 سنة. و في قلائد الجواهر ذكر عنه.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 43

حوادث سنة 740 ه- 1339 م

حكومة الشيخ حسن في بغداد:

في هذه السنة علي ما جاء في عقد الجمان «ولي الشيخ حسن بن الأمير حسين بن اقبغا بن ايلگان سبط القاآن أرغون أمر الملك في بغداد، ورد إليها من خراسان و استولي عليها، و الشيخ حسن بن دمرداش إذ ذاك حاكم بتبريز» ا ه.

و يفسر هذا بوصول الخبر إلي الديار المصرية في إعلانه استقلاله رأسا.. و إلا فقد مضي خبر وصوله بغداد … و كان وروده مغلوبا من حرب الچوباني كما يستفاد من شعر لسلمان الساوجي …

ملحوظة: قد ساعدت الأحوال الشيخ حسن الجلايري في بغداد و ذلك أن مصر زاد خللها و توالي أمر وفاة الملوك هناك و تعاقبوا علي السلطنة مما أدي إلي اضطراب الإدارة فكانوا في شغل عنه، فنري حوادث العلاقة مع مصر و سورية صارت قليلة لا تكاد تذكر، و الشيخ حسن يحاول تثبيت ملكه استفادة من هذه الأوضاع، و الملوك آنئذ مرتبكون من الاضطراب فلم تستقر لهم إدارة..

كما أن المؤرخ البدر العيني (صاحب عقد الجمان) لم يتعرض لحوادث القطرين و علاقتهما في غالب مدوناته و إنما ذكر النزر اليسير …

الشريف أحمد و الحلة: (أمراء المنتفق)

في هذه السنة أو التي قبلها تغلب الشيخ حسن سلطان العراق علي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 44

الأمير الشريف أحمد بن رميثة بن أبي نمي و كان قد انتصر عليه في حربه معه فعذبه و قتله و أخذ الأموال و الذخائر التي كانت عنده. هذا و إن الأمير أحمد كان قد استولي علي الحلة بعد موت السلطان أبي سعيد و حكمها أعواما و كان حسن السيرة يحمده أهل العراق و بقي فيها إلي أن غلب عليه الشيخ حسن.

و جاء عنه في عمدة الطالب: إنه كان الشريف شهاب الدين أحمد مكرما عند

السلطان أبي سعيد و ذهب مرة بالحج العراقي، و فوض إليه أمر الأعراب بالعراق بعد عودته من الحج … و كثر أتباعه و أقام بالحلة نافذ الأمر عريض الجاه كثير الأعوان إلي أن توفي السلطان أبو سعيد فأخرج الشريف أحمد حاكم الحلة الأمير علي ابن الأمير طالب الدلقندي و تغلب علي البلد و أعماله و نواحيه و جبي الأموال … فلما تمكن الشيخ حسن ابن الأمير حسين اقبوقا من بغداد وجه إليه العساكر مرارا فأعجزه.. ثم إن الشيخ حسن توجه إليه بنفسه في عسكر ضخم و عبر الفرات من الأنبار و أحاط بالحلة فحصر الشريف أحمد بها فغدر به أهل الحلة. و خذله الأعراب الذين جاء بهم مددا و تفرق الناس عنه حتي بقي وحده و ملك عليه البلد فقاتل عند باب داره في الميدان … و قتل معه أحمد بن فليتة الفارس الشجاع و أبوه فليتة و لم يثبت معه من بني حسن غيرهما. و لما ضاق به الأمر توجه إلي محلة الأكراد و كان قد نهبها مرارا و قتل جماعة من رجالها إلا أنهم لما رأوه قد خذل أظهروا له الوفاء و وعدوه النصر … حتي يدخل الليل ثم يتوجه حيث شاء …

و لكنه خالفهم و ذهب إلي دار النقيب قوام الدين ابن طاووس الحسني و هو يومئذ نقيب النقباء الأشراف. فلما سمع الأمير الشيخ حسن بذلك أرسل إليه شيخ الإسلام بدر الدين المعروف بابن شيخ المشايخ الشيباني

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 45

و كان مصاهرا للنقيب … فآمن الشريف و حلف له و أعطاه خاتم الأمان، أرسل به الأمير الشيخ حسن فركب الشريف معه إلي الأمير و هو نازل خارج البلد

و لم يكن الشريف يظن أن الشيخ حسن يقدم علي قتله … إلا أن بعض بني حسن أغراه بذلك و خوفه عواقبه، و أنه ما دام حيا لا يصفو العراق له. فلما ذهب مع الشيخ بدر الدين و كان في بعض الطريق استلبوا سيفه فأحس بالشر … فلما دخل علي الأمير الشيخ حسن … أظهر القبول منه و طالبه بأموال البلاد في المدة التي حكم فيها و هي قريب من ثماني سنوات أو أزيد فأجاب بأنه أنفقها فعذب تعذيبا فاحشا. فأراد الشيخ حسن إطلاقه فحذره بعض خواص الشريف فاحتال في قتله بأن جاؤوا بالأمير أبي بكر بن كنجاية و كان الشريف قتل أباه الأمير محمد بن كنجاية … قتله في بعض حروبه فأمر أن يقتله … فضرب عنقه..

و قد مر الكلام عن الشريف رميثة و أبيه نمي و عن حميضة بن نمي المذكور في المجلد السابق و هنا أقول إن أصل نسبة أمراء المنتفق إلي الشرفاء جاءت من هؤلاء الشرفاء أو من يمت إليهم و لم يكن الأمير أحمد و سائر الشرفاء الذين جاؤوا العراق وحيدين عقيمين و من ثم قوي الاعتقاد بصحة نسب أمراء المنتفق من الشرفاء.. و هذا معلوم عنهم قديما …

وفيات
1- آمنة بنت إبراهيم بن علي الواسطية:

ثم الدمشقية. ولدت تقريبا سنة 640 و سمعت علي أحمد بن عبد الدائم، و الكرماني، و من والدها و أبي بكر الهروي و إسماعيل القتال،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 46

و إبراهيم بن أحمد بن كامل و غيرهم. ماتت في 6 ذي الحجة سنة 740.

2- علي بن محمد بن محمد البغدادي:

المعروف بالرفاء سبط عبد الرحيم بن الزجاج ولد سنة 662 و اشتغل بالقراءات و الحديث و سمع من ابن أبي الدنية و عبد الله بن ورخز صاحب ابن الأخضر و من عبد الصمد بن أحمد وجده لأمه و أجاز له الشريف الداعي و غيره من واسط و كان قد أقام بقرية يقال لها برقطا و اشتري بها أرضا يستغل منها كفايته و لقن هناك خلقا كثيرا و مات في واسط سنة 740 ه.

حوادث سنة 741 ه- 1340 م

اشارة

في هذه السنة خلد السلطان الشيخ حسن إلي الراحة، و إلي توطيد ملكه و تقوية حكومته في العراق و أساسا مل القوم الحروب و كل واحد منهم رغب في تهدئة أوضاعه و تأمين ما بيده.. و الأصح قد أخذ المتنازعون يستعدون، أو يتأهبون بأمل العودة للنضال مرة أخري..

وفيات
1- مدرس المجاهدية:

توفي ركن الدين شافع بن عمر بن إسماعيل الجيلي الفقيه الحنبلي الأصولي، نزيل بغداد، سمع الحديث ببغداد علي إسماعيل بن الطبال

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 47

و ابن الدواليبي و غيرهما، و تفقه علي الشيخ تقي الدين الزريراني و صاهره علي ابنته، و أعاد عنده بالمستنصرية، و كان رئيسا، نبيلا، فاضلا، عارفا بالفقه و الأصول و الطب مراعيا لقوانينه في مأكله و مشربه، و درس بالمجاهدية بدمشق و أقرأ جماعة من رجال الأئمة الأربعة قال ابن رجب منهم والدي و له مصنف في مناقب الأئمة الأربعة سماه زبدة الأخبار في مناقب الأئمة الأبرار و كان قاصر العبارة لأن في لسانه عجمة، توفي ببغداد يوم الجمعة 12 شوال و دفن في دهليز تربة الإمام أحمد.

2- مدرس البشيرية:

توفي شرف الدين أبو محمد عبد الرحيم بن عبد الملك بن محمد ابن أبي بكر بن إسماعيل الزريراني البغدادي الحنبلي ابن شيخ العراق تقي الدين أبي بكر ولد ببغداد و نشأ بها و سمع الحديث ثم رحل إلي دمشق و مصر فسمع من جماعة ثم رجع إلي بغداد بفضائل جمة و درس للحنابلة بالبشيرية بعد وفاة صفي الدين عبد المؤمن بن عبد الحق ثم درس بالمجاهدية بعد وفاة صهره شافع المذكور و لم تطل بها مدته.

و ناب في القضاء ببغداد، و اشتهرت فضائله، و خطه في غاية الحسن، و ألف مختصرات في فنون عديدة. توفي ببغداد يوم الثلاثاء 10 ذي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 48

الحجة و دفن عند والده بمقبرة الإمام أحمد.

3- محمد بن علي بن محمود الدقوقي البغدادي:

ولد سنة 687 ه سمع من ابن أبي الدنية و من أبي محمد و رخز و من ابن أبي الجيش و المجد بن بلدجي و غيرهم و أجاز له محمد بن المخرمي و أحمد بن أبي الحديد و نصر النعماني و غيرهم، مات ببغداد سنة 741 ه.

4- محمد بن عمر بن فياض الباريني:

هو نائب الخطابة ببغداد سمع من الرشيد بن أبي القاسم و ابن حلاوة و غيرهما مات في ذي القعدة سنة 741 ه.

5- محمد بن محمد بن محمد البغدادي:

هو ضياء الدين الوراق المصري سمع من القاضي سليمان و إسماعيل بن مكتوم و طائفة و كان له خط حلو و خلق حسن مات بالقاهرة سنة 741 ه.

6- أحمد بن يحيي بن محمد البكري:

الشهرزوري و هو شمس الدين الكاتب المشهور. ولد سنة 654 و تفقه للشافعي و أتقن الخط المنسوب و الموسيقي و كان قد حظي عند الملوك. و كتب عنه أبو سعيد القاءان و الوزير غياث الدين و جمع جم من

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 49

أولاد الوزراء و القضاة و الأمراء و لم يزل علي تقدمه في فنونه إلي أن مات في ربيع الآخر سنة 741 ه و لم يظهر في لحيته من الشيب إلا اليسير.

7- عبد الله بن عبد المؤمن التاجر الواسطي:

هو تاج الدين و يقال نجم الدين المقري ء. ولد سنة 671 ه في أوائلها بواسط و قرأ القراءات علي جماعة بتلك البلاد، قدم دمشق ثم دخل القاهرة اقرأ الناس ببغداد و واسط و البصرة و البحرين … و كان تاجرا سفارا. و صنف (المختار) في القراءة و (الكنز) في القراءات العشر جمع فيه بين الإرشاد للقلانسي و بين التيسير للداني و زاده و نظمه في قصيدة لامية سماها (الكفاية) علي وزن الشاطبية في 1273 بيتا و نظم الإرشاد للقلانسي و زاد عليه الإدغام الكبير لأبي عمرو و سماه (روضة الأزهار) في قراءات العشرة و أئمة الأمصار و هو 1153 بيتا، و صنف (تحفة الإخوان في مآرب القرآن) و له مقدمة في النحو سماها (اللمعة الجلية). و قصيدته في القراءات العشر أولها:

بدأت أقول الحمد للّه أولا إلها عظيما واحدا صمدا علا

مات في شوال سنة 741 ه و قال آخرون سنة 40 في ذي القعدة.

8- عبد الرحيم بن محمد بن سعيد بن محمد بن أبي النجم الحدادي:

ينتسب إلي الحدادية و هي قرية بقرب بغداد ولد في ربيع الأول سنة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 50

671 و سمع من الرشيد بن أبي القاسم و عبد الوهاب بن إلياس و غيرهما و أجاز له ابن الدباب و ابن الزجاج و الفخر و ابن أبي عمر و ابن شيبان و غيرهم. و كان مناولا بخزانة الكتب المستنصرية كأبيه و له بها معرفة تامة. و كان أبوه صاحب ابن الساعي و وصيه. مات ببغداد في أواخر سنة 741 ه.

9- الحسن بن علي بن إسماعيل الواسطي:

هو عز الدين أبو محمد. ولد ببغداد سنة 654 ه و نشأ بواسط.

و قرأ القراءات و قدم مصر سنة 691 فسمع بها علي جماعة. و ناب بالإمامة بالمسجد النبوي و كان قد حج مرات. مات في شعبان سنة 741 ه.

10- علي بن محمد بن إبراهيم بن عمر بن خليل الشيحي البغدادي:

الصوفي علاء الدين خازن الكتب بالسميساطية. ولد سنة 678 ه ببغداد و سمع بها من ابن الدواليبي و قدم دمشق فسمع بها و جمع تفسيرا كبيرا سماه التأويل لمعالم التنزيل، و شرح العمدة و هو الذي صنف مقبول المنقول في عشرة مجلدات جمع فيه بين مسند الشافعي و أحمد و الستة و الموطأ و الدارقطني فصارت عشرة كتب و رتبها علي الأبواب و جمع سيرة نبوية مطولة و كان حسن السمت و البشر و التودد. مات في آخر شهر رجب أو مستهل شعبان سنة 741 ه بحلب.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 51

حوادث سنة 742 ه- 1341 م

حرب و هزيمة:

في هذه السنة تحارب الشيخ حسن الكبير مع الأمير حسن الصغير الجوباني في نخجوان فدارت الدائرة علي الشيخ حسن الكبير سلطان العراق فلم يقو علي خصمه. و ليست هذه أول هزيمة منه في حروبه مع الجوباني..

وفيات
1- مظفر الدين موسي بن مهنا:

هو أمير العرب من آل فضل. ولي بعد أبيه المتوفي سنة 735 ه و لم يخرج عن الطاعة لحكومة سورية زمن غضبها علي والده … مات في جمادي الأولي سنة 742 ه.

2- الحسين بن مبارك الموصلي الصوفي:

كان بالسميساطية بدمشق و كان خازن الكتب بها و هو خيّر ديّن و له سماع من العماد ابن الطبال و الرشيد بن أبي القاسم و غيرهما، مات في جمادي الآخرة سنة 742 ه عن نحو من (70) عاما.

3- أبو الثناء رجب بن حسن بن محمد بن أبي البركات البغدادي:

جد الشيخ زين الدين ولد سنة 677 تقريبا و سمع من ابن

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 52

المالحاني عن القطيعي و من المعيد ابن المحلح و ابن عزال و غيرهما و كان يقري ء حسين و اسمه عبد الرحمن و يقال له رجب لكونه ولد في رجب مات في 5 صفر سنة 742 ه.

4- محب الدين علي بن عبد الصمد بن أحمد البغدادي:

هو أبو الربيع البغدادي الحنبلي و يقال إنه كان يدعي عبد المنعم.

ولد في ربيع الآخر سنة 656 ه بعد كائنة بغداد بنحو شهرين و سمع من والده و ابن أبي الدنية و ابن بلدجي و جماعة و أم بمسجد حمويه و ولي قبل موته مشيخة المستنصرية. مات في نصف صفر سنة 742 ه و في نسخة سنة 749.

حوادث سنة 743 ه- 1342 م

إمارة العرب:

في ربيع الآخر من سنة 743 ه عزل الأمير سليمان بن مهنا بن عيسي عن إمارة العرب و وليها مكانه الأمير عيسي بن فضل بن عيسي و ذلك بعد القبض علي فياض بن مهنا بمصر. و كان سليمان قد ظلم و صادر … ثم أعيد بعد مدة قريبة للإمارة. و من هذا نجد سلطة مصر كانت قوية عليهم …

مجمع الأنساب:

تاريخ فارسي. تأليف محمد بن علي بن محمد بن حسين بن أبي بكر الشبانكاري كتبه في عهد السلطان أبي سعيد بهادر خان سنة 733 ه،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 53

و كان المؤلف من الشعراء و الكتاب، و من مداحي الخواجه غياث الدين محمد بن الرشيد، ولد في حدود سنة 697 ه في إحدي أعمال شبانكارة، و اشتهر في الإكثار من الشعر، و كان في أيام وزارة الخواجه غياث الدين يقدم كل سنة القصائد في مدحه.

شرع في تاريخه سنة 733 ه و لكنه لم يتمه إلا في سنة 736 ه و قدمه للخواجه غياث الدين محمد ليعرضه علي السلطان أبي سعيد إلا أنه قبل أن يصل إليه توفي أبو سعيد. و إن هذا التاريخ قد فقد أثناء الغارة علي الربع الرشيدي، فأعاد المؤلف كتابته للمرة الأخري بعد أن قتل بمدة أي سنة 743 ه. و في هذه المرة أضاف إليه وقائع السلطان أبي سعيد، و سماه أيضا مجمع الأنساب، و إن القسم السابق للمغول عول فيه علي التواريخ المتداولة. و أما القسم الخاص بعهد أولجايتو و أبي سعيد و ملوك فارس و سبانكاره و هرمز فقد احتوي مطالب مفيدة و مهمة … و علاقته ظاهرة و يصلح أن يكون متمما للتواريخ التي سبقته..

وفيات
1- محمد بن يحيي البغدادي:

ثم الدمشقي الإبري (الأثري)، سمع من الصفي عبد المؤمن و أخذ عنه الفرائض و كان ماهرا فيها، و في الجبر و المقابلة، مشهورا بذلك، و سمع علي كبر من المزي مات في المحرم سنة 743 ه.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 54

2- أحمد بن داود بن مندك الموصلي:

هو دنيسري، ثم موصلي، تفقه علي الشيخ تاج الدين عبد الرحيم ابن محمد بن محمد بن يونس ثم انتقل إلي ماردين، و كان كثير المجون، توفي سنة 743 ه.

حوادث سنة 744 ه- 1343 م

حروب- وفاة الأمير حسن الجوباني:

في هذه السنة و ما قبلها لم تسفر الحروب بين متغلبة المغول بعضهم مع بعض عن نتيجة، و قد انقطعت السبل و زال الأمن، و كثرت الفتن … و في آخر رجب سنة 744 ه علمت زوجة الأمير حسن الجوباني المسماة عزة الملك أن زوجها قد سجن يعقوب شاه الذي هو من أمرائه، و كان بينها و بينه صلة حب و عشق فظنت أن زوجها قد انكشف له الأمر و خافت الوقيعة بها. و في ليلته حينما أخذ السكر بلبه أمسكته من خصيتيه فمردتهما و بذلك قضت علي حياته …

و كان الأمير حسن هذا يعرف بالشيخ حسن الصغير. لأن صاحب بغداد كان يشاركه في اسمه و هو أسن و أدخل في نسب الخان فميز بالكبير، و هذا ميز بالصغير … و لما استقل حسن الصغير بالملك و الخان عنده عجز عنه الشيخ حسن الكبير و غلبته أمم التركمان بضواحي الموصل إلي سائر بلاد الجزيرة … ذلك ما دعا أن يستعين الجلايري بملك مصر و قد مر …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 55

و علي هذا الحادث تنفس سلطان العراق الصعداء، و نجا من غوائل عدوه.. و كان حسن الجوباني تأمر بسيواس بعد قتل أبيه تمرتاش (دمرداش أو تيمورطاش) سنة 738 ه، و كان داهية، ماكرا، بعيد الغور … و خلفه ابنه الملك الأشرف …

و الحاصل استمرت منازعات الأمراء إلي هذا التاريخ و بعده..

وفيات
1- محمد بن القاسم بن أبي البدر

المليحي (الملحي) الواسطي، الواعظ. اشتغل بالفقه و الأصول، و قرأ القراءات العشر، و كان حسن الصوت، بعيد الصيت في الوعظ، و أنشأ خطبا، و قصائد، و مدائح، و خطب ببغداد بالجامع الذي أنشأه الوزير محمد بن الرشيد، و مات بواسط في

آخر جمعة من رمضان سنة 744 ه و قد ناهز السبعين، و أورد صاحب فوات الوفيات جملة من شعره من موشحات و قصائد، و كان و كان.

2- ابن الجحيش:

إبراهيم بن محمد بن علي الموصلي الأصل، البغدادي، الكاتب.

ولد في شعبان سنة 676 ه روي عن أبي الحسين محمد بن علي بن أبي البدر، و محيي الدين أبي عثمان «ابن أبي عثمان». علي بن عثمان بن عفان الطيبي، و برع في كتابة المنسوب. مات في صفر سنة 744 ه.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 56

3- سليمان بن مهنا:

سليمان بن مهنا بن عيسي بن مهنا. ولي إمرة العرب، و توجه مع قراسنقر إلي بغداد و التتر فأقام سبع عشرة سنة ثم عاد إلي سورية و مصر، ولاه الناصر عوض أخيه موسي إمرة العرب إلي أن توفي سنة 744، أو 745 ه. و قد مرت بعض أخباره في المجلد الأول.

4- عيسي بن فضل الله بن عيسي بن مهنا:

هو شرف الدين بن شجاع الدين. مات في جمادي الأولي سنة 744 ه. و كان من خيار أهل بيته. ولي الإمرة بعد وفاة موسي بن مهنا سنة موته ثم صرف عنها و مات بعد قليل.

جامع محمد الفضل و مدرسته

مر أن محمد بن القاسم خطب ببغداد بالجامع الذي أنشأه الوزير محمد بن الرشيد و قد فصلنا أخبار هذا الوزير في المجلد الأول و أوضحنا أن إدارته كانت من خير الإدارات في عهد المغول، أظهر حمايته للدين أكثر من غيره … فلا يبعد أن ينشي ء جامعا، و لكن المؤرخين البعيدين لم يتعرضوا لأعماله الخاصة في العراق … و لم يبسطوا القول في تاريخ هذا الجامع.

و المعروف أن هذا الوزير «أثر آثارا جميلة» و من أهمها هذا الجامع المشهور ب «جامع محمد الفضل» و محمد هو الوزير، و الفضل والده

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 57

«فضل اللّه الخواجه رشيد الدين» الوزير صاحب جامع التواريخ. و معتاد الناس أن يتساهلوا في اختصار الأعلام فيقولوا محمد الفضل و يريدون محمد بن الفضل …

قال المرحوم الأستاذ شكري الآلوسي إنه «من الجوامع القديمة في جانب الرصافة … و ليس علي جدرانه من الكتابات المتقدمة ما يعرفنا بمنشي ء عمارته.. جدده سليمان باشا والي بغداد سنة 1210 ه» «إلي أن قال»:

«و في هذا الجامع علي ما يقال قبر محمد الفضل فلذلك سمي بجامع الفضل؛ و هو علي ما ذكر بعضهم ابن إسماعيل بن جعفر الصادق، و محمد الفضل و السيد سلطان علي أخوان» ا ه.

جاء في دوحة الوزراء أن الوزير سليمان باشا عمر فيه مدرسة أيضا …

و النص المنقول في ترجمة ابن القاسم يعين أن منشي ء عمارته هو الوزير محمد بن الفضل، و القول بأن محمد

الفضل هو ابن إسماعيل بن جعفر الصادق عليه السّلام باطل فإن محمدا رأس الإسماعيلية، و المعروف أنه سار إلي أنحاء مصر، و لم تكن وفاته في بغداد، و إنما ينسب الإسماعيلية «الحكومة المصرية الفاطمية» إليه … هذا مع الإشارة إلي أن محمد الفضل لم يكن أخا للسيد سلطان علي … و أعتقد أن قد وضح باني الجامع، أو مؤسسه …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 58

أحد مجالس الأمير تيمور لنك

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 59

حوادث سنة 745 ه- 1344 م

وفيات
1- ابن الفصيح:

في هذه السنة توفي جلال الدين عبد الله بن أحمد بن علي بن أحمد الفقيه الحنفي النحوي العراقي الكوفي المعروف بابن الفصيح، طلب الحديث و سمع من الجزري و الذهبي. ولد سنة 702 ه نقلا عن الصفدي.

2- عبد الرحمن بن علي التكريتي:

هو عبد الرحمن بن علي بن حسين بن مناع التكريتي ثم الصالحي التاجر. ولد في رمضان سنة 662 ه و وجد بخطه 63 سمع من ابن عبد الدائم و غيره، و حدث و كان تاجرا، حسن الشكل، مهيبا، كريم الأخلاق. مات في شعبان سنة 745 ه.

حوادث سنة 746 ه- 1345 م

طاق كسري:

في هذه السنة في رابع صفر انهدم طاق كسري كذا في تقويم التواريخ و الظاهر أنه سقط قسم منه و إلا فإن بقاياه لا تزال قائمة إلي العام الذي نكتب فيه هذا التاريخ و هو سنة 1354 ه- 1936 م.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 60

شريف مكة أسد الدين رميثة:

توفي في هذه السنة و كان ينازع الإمارة أخاه عطية، و استقر رميثة في إمارة مكة منفردا عام 738 ه. ثم نزل عن الإمارة لولديه ثقبة و عجلان إلي أن مات.

و أحمد المذكور آنفا ابنه. و في الشذرات و الدرر الكامنة تفصيل عنه و عن ثقبة و رميثة إلا أن صاحب الدرر ذكر وفاة رميثة سنة 748 ه.

وفيات
1- محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله الكوفي:

ثم البغدادي الأتراري (الإبراري) الأصل جلال الدين أبو هاشم الهاشمي من ولد ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب. ولد سنة 663 ه.

و كان أبوه واعظ بغداد في زمانه و له مراث في المستعصم و آل بيته، كان ينشدها في مجالسه بالمستنصرية، نشأ ولده علي طريقته، و سمع من الرشيد بن أبي القاسم و النظام الهروي، و أجاز له عبد الصمد بن أبي الجيش، و الموفق، و الكواشي و آخرون رتب مسمعا للحديث بالمستنصرية بعد تقي الدين الدقوقي، و كان من أكابر أمناء بغداد. توفي في رجب هذه السنة.

2- محمد بن يونس بن حمزة الإربلي:

إربلي الأصل صالحي و هو القطان العدوي. روي عن ابن عبد

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 61

الدائم و عبد الوهاب بن الناصح و غيرهما، و حدث، و كان فاضلا عالما بالفنون، ذا ورع و زهد. مات في المحرم من هذه السنة.

3- محمد بن طاهر الواسطي:

النقيب، حدث عن الفخر، و مات في صفر سنة 746 ه و في رواية سنة 744 ه أو سنة 747 ه.

4- الدلقندي:

في هذه السنة في يوم عاشوراء توفي فجأة الأمير السيد عماد الدين ناصر بن محمد الدلقندي و قد مر بنا ذكر الأمير علي ابن الأمير طالب الدلقندي و لا تعرف درجة قرابتهما و لا مكانتهما … و قد رثي صفي الدين عبد العزيز بن سرايا الحلي المترجم بقصيدة مطلعها:

اليوم زعزع ركن المجد و انهدما فحق للخلق أن تذري الدموع دما

و منها:

يا ابن الأئمة و القوم الذين سموا علي الأنام فكانوا للهدي علما

مثواك في يوم عاشوراء يخبرنا بقرب أصلك من آبائك الكرما

و ذكر له ولدين هما نظام الدين و تاج الدين … و قد مضي البحث عن الدلقندي في المجلد الأول من هذا التاريخ …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 62

حوادث سنة 748 ه- 1347 م

السلطان- حرب اللر:

شاهد ابن بطوطة السلطان فقال: «كان سلطان بغداد و العراق في عهد دخولي إليها (في هذه السنة) الشيخ حسن ابن عمة السلطان أبي سعيد … و كان السلطان حسن غائبا عن بغداد في هذه المدة متوجها لقتال السلطان أتابك افراسياب صاحب بلاد اللر … ».

إمارة اللر الكبيرة:

يراد ببلاد اللر إمارة «اللر الكبيرة» أو المعروفة اليوم ب «البختارية» تمييزا لها عن اللر الصغيرة «إمارة الفيلية» و تأسست إمارة اللر الكبيرة أيام أبي طاهر محمد عام 545 ه، أو سنة 550 ه و توالي فيها تسعة أمراء:

1- أبو طاهر (545 ه: 550 ه).

2- هزار اسف (550 ه: 554 ه).

3- تكله (554 ه: 556 ه).

4- شمس الدين الب ارغون (656 ه: 671 ه).

5- يوسف شاه (671 ه: 680 ه).

6- افراسياب (680 ه- 696 ه).

7- نصرة الدين أحمد (696 ه: 732 ه).

8- ركن الدين يوسف شاه (732 ه: 740 ه).

9- مظفر الدين أفراسياب (740 ه: 795 ه).

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 63

و قد أطنب ابن بطوطة في الكلام علي أميرها افراسياب المذكور و الموضوع البحث.. و إمارتهم تسمي «الأتابكة الفضلوية» و قد امتدت سلطتها إلي تستر و ايذج … و هذه كان لسلطان العراق مقرر عليها أي أنها تابعة و منقادة له … و لا يسع المقام التفصيل و لا ذكر من جاء بعد افراسياب. و قد مر في المجلد الأول الكلام علي افراسياب الأول و نصرة الدين أحمد و غيرهما …

وقائع العرب (قبيلة طيي ء):

في هذه السنة حدثت وقائع و حروب بين أمراء العرب من طيي ء و ذلك أن سيف بن فضل بن عيسي بن مهنا جمع لحرب مهنا بن عيسي و وقعت بينه و بين فياض بن مهنا وقعة انكسر فيها، ثم تواترت الحروب و نهبوا من مال سيف.. و حصل للرعية بسبب هذه الحروب شرور كثيرة في هذه الأيام و ما بعدها إلي أن قتل سيف..

الملك الأشرف- حصار بغداد:

في أول موسم الربيع من سنة 748 ه تحرك الملك الأشرف من قراباغ و صال علي الشيخ حسن الايلگاني متوجها إلي بغداد فعلم الشيخ بذلك فاتخذ الأهبة و استعد للكفاح. توجه الأشرف نحو قلعة كماخ أولا فلم ينل منها مأربا و كانت المواطن قد استحكمت و منع من دخولها دلشاد خاتون و الخواجه مرجان و قرا حسن فمال نحو بغداد و لما وصلها رأي البلد محكما مضبوطا أيضا فتحارب جيش الأشرف بضعة أيام فلم يحصل علي طائل. و إن الأمير أحمد من مقربي الملك الأشرف تكلم مع البغداديين علي ساحل دجلة بقصد الإقناع فلم يفز بغرض أيضا، و في الأثناء هاجمه بعض الخيالة من البغداديين فاستولي الخوف عليه و علي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 64

الملك الأشرف و انهزموا بمن معهم فحاول أمراء بغداد أن يعقبوا أثرهم و ينكلوا بهم أثناء هربهم فمنعتهم دلشاد خاتون حذرا من الخدعة و آوت من مال إلي بغداد من الأفراد الملتجئين من عسكره المنهزم …

وفيات
1- نجم الدين محمود (وزير بغداد):

هو ابن علي بن شروين البغدادي كان وزير بغداد و في سنة 738 ه سار إلي الديار المصرية لما رأي من كثرة الاختلاف فاتفق مع جماعة عند إرادة الفتك به … فتوجهوا إلي الشام ثم قدموا القاهرة فلما سلم علي الناصر و قبّل الأرض قبل يده فوضع فيها حجر يلخش وزنه أربعون درهما قوّم بأكثر من عشرة آلاف دينار فأكرمه السلطان و قرره أمير طبلخانات و أعطاه إمرة و تشريفا و وصي السلطان أن يرتب وزيرا بعده فولي الوزارة في أول دولة المنصور فعامل الناس بالجميل و استمر إلي أن ولي الصالح إسماعيل فحظي عنده ثم عزل في دولة الكامل شعبان، فلما ولي

المظفر حاجي أعيد إلي أن خرج في أوائل شهر رجب سنة 748 ه و طغيتمر النجمي الدوادار و غيرهما إلي غزة ثم قتلوا بها في السنة المذكورة. و كان جوادا كثير الصدقات. و هو الذي أقدم ابن عبد الهادي إلي القاهرة حتي سمعوا صحيح مسلم.

و ممن كان معه حين سفره إلي الديار المصرية محمود فخر الدين نائب الحلة أيام أبي سعيد و بعده، كان موصوفا بالشجاعة و الإقدام و هو الذي باشر قتل ابن السهروردي لما قدم لإرادة مصادرة أهلها. و لما وصلوا إلي دمشق استقر محمود هذا أميرا بأربعين فرسا.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 65

و ممن كان معه نظام الدين يحيي بن عبد الرحمن الجعبري «الجعفري» المعروف بابن النور الحكيم أصله من بغداد و كان أبوه من فضلاء المتميزين في صناعة الكحل و خالط الوزير و كثر ماله و اشتغل ابنه يحيي و تأدب و كتب الخط الجيد و اتصل بأبي سعيد فكان يكتب عنه الكتب التي بالعربية و يكتب عنه إلي مصر و غيرها بعبارة جيدة و حج بالناس مرة علي الركب العراقي، ثم قدم دمشق مع الوزير نجم الدين ثم دخل صحبته إلي القاهرة و استقر نجم الدين أمير مائة و بقي هو في خدمة قوصون، و كان حاذقا بالموسيقي ثم عاد إلي دمشق فاستقر بها في مشيخة الربوة و طلب الحديث فسمع بدمشق و القاهرة فأكثر و كتب الخط الجيد كثيرا … و كان له نظم حسن …

2- نجم الدين سليمان النهرماوي:

هو ابن عبد الرحمن بن علي النهرماوي (النهرماري) البغدادي الحنبلي، حدث بالإجازة عن كمال البزار و الرشيد بن أبي القاسم، و تفقه علي أبي بكر الزريراني و تقدم في معرفة الفقه

إلي أن صار شيخ الحنابلة ببغداد، و ولي قضاءها نيابة و التدريس بالمستنصرية (ورد المستظهرية) و ترك ذلك قبل موته بقليل و استقل ولده بالحكم و التدريس. و كانت وفاة النجم في جمادي الآخرة سنة 748 ه.

3- نجم الدين عبد العزيز بن عبد القادر الربعي البغدادي:

ولد سنة 662 ه ببغداد و سمع بها و قدم الشام. و كانت له نباهة.

صنف كتاب نتائج الشيب من مدح و عيب في مجلد. و له رسالة في الرد علي من أنكر الكيمياء و غير ذلك، سمع منه جماعة.. مات سنة 748 ه.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 66

حوادث سنة 749 ه- 1348 م

الطاعون العام:

في هذه السنة كان الطاعون العام الذي لم يسمع بمثله، عم البلاد حتي قيل إنه مات نصف الناس و نصف الطيور و الوحوش و الكلاب و عمل فيه ابن الوردي مقامة..

جاء عنه في تحفة اللبيب و بغية الكئيب الموجود في خزانة باريس الأهلية لأبي الفتح محمد بن علي بن القاضي تقي الدين العوفي المصري ما نصه:

«و أشهرها الطاعون الجارف الذي كان ببغداد و سائر العراق، ابتدأ في أواخر صفر سنة 749 ه من قرية يقال لها حصصتا من عمل الدجيل، ثم انتقل إلي المشهد الكاظمي، و عبر الجانب الشرقي و الغربي، و أباد أهلها و كان الرجل يخرج من بيته معافي صحيحا فيودع الناس، و يرجع إلي بيته فيموت، و تكاثر في رجب، و اشتد في رمضان، و صعب في ذي القعدة، و بلغ الغاية العظمي في ذي الحجة و المحرم سنة 750 ه إلي حادي عشرين صفر … » ا ه. قاله الصديق الأستاذ مصطفي جواد.

أمير العرب:

في هذه السنة توفي الأمير أحمد بن مهنا ابن الأمير عيسي أمير العرب من آل فضل توفي بناحية السلمية. و كان جميل السلوك محترما عند الملوك رحمه اللّه. و فتّ موته في أعضاد آل مهنا و توجه أخوه فياض

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 67

الغشوم القاطع للطرق الظالم للرعية إلي مصر ليتولي الإمارة علي العرب مكان أخيه أحمد فأجيب إلي ذلك فشكا عليه رجل شريف أنه قطع عليه الطريق و أخذ ماله و تعرض إلي حريمه فرسم السلطان بإنصافه منه فأغلظ فياض في القول طمعا بصغر سن السلطان فقبضوا عليه قبضا شنيعا.

و كان في عام 747 ه قد اقتتل هؤلاء مع سيف بن فضل بن عيسي أمير

العرب فانكسر سيف و نهبت جماله و أمواله و نجا بعد اللتيا و اللتي و قد نال الأهلين من هؤلاء الأمر الكبير من التعديات علي بلد المعرة و حماة و غيرهما بما لا يوصف …

و إن سيف هذا كان قد عزل عن الإمارة عام 746 ه و نصب مكانه أحمد بن مهنا و أعيد إقطاع فياض بن مهنا إليه …

و علي كل كانت السلطة تابعة للأقوي و لمن يتغلب علي منازعيه فيها … و هي إمارة عشائرية … و لم يعلم في هذه الأيام عن علاقة هؤلاء بالعراق و درجة اتصالهم به لقلة المصادر المعروفة … و لما كانت أقسام كبيرة من عشائر العراق ترجع إلي قبائل طيي ء و هؤلاء أمراؤها فالاتصال ظاهر. و هذا ما دعا أن نشير إلي وقائعهم فيما بينهم و بين الحكومة السورية …

و أول من ذاع ذكره من هذا البيت في أيام العادل عمرو بن بلي.

و ديارهم من حمص إلي قلعة جعبر إلي الرحبة آخذة علي سقي الفرات و أطراف العراق. و لهم مياه كثيرة و مناهل. و كان أحمد هذا أمير العرب.

ولد سنة 684 ه و ولي أمرة آل فضل في أيام الناصر، و صرف عنها ثم أعيد، و كان جوادا كريما، خيرا، جيد المعاملة، وفيا بالعهد، لم يكن في أولاد مهنا مثله في العقل و السكون و الديانة. قد جرت له وقائع،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 68

قدم القاهرة مرارا، و اعتقله طقزدمر نائب الشام سنة 745 ه بدمشق، ثم بصفد، و أطلقه الكامل في شعبان سنة 746 ه و أكرمه، و أمره عوضا عن سيف بن فضل ثم أعيد سيف في أيام المظفر حاجي، و عزل

أحمد و كان بالقاهرة فأخرج منها، ثم قدم سنة 749 ه و أعاده السلطان حسن و رجع إلي بلاده فمات في رجب هذه السنة.

عودة السلطان من تستر- خبيئة:

قد جاء في الشذرات أنه في هذه السنة و علي ما جاء في ابن بطوطة في السنة التي قبلها توجه السلطان إلي تستر ليأخذ من أهلها قطيعة قررها عليهم فأخذها و عاد فوجد نوابه في رواق العدل في بغداد ثلاث قدور مثل قدور الهريسة مملوءة ذهبا مصريا و صوريا و يوسفيا و في بعضها سكة الخليفة الناصر البغدادي و غير ذلك فيقال جاء وزن ذلك أربعين قنطارا بالبغدادي … و في تاريخ الغياثي:

«و ظفر- الشيخ حسن- في بغداد بخبيئة قيل إنه وجد فيها خمسمائة ألف مثقال ذهبا» ا ه.

وفيات
1- ابن الوردي:

في هذه السنة أو في التي قبلها توفي ابن الوردي و هو الشيخ زين الدين عمر بن الوردي. و علي تاريخه عولنا في حوادث كثيرة إلا أنه قليل التعرض لحوادث العراق و كتابه في مجلدين طبع بولاق مصر عام

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 69

1285 ه و عليه بعض التعاليق و قد أضيفت حوادثه الأخيرة إلي تاريخ أبي الفداء المطبوع في الآستانة لذا نجد النصين متفقين في اللفظ …

و ترجمته مذكورة في فوات الوفيات.

2- صفي الدين الخطيب البغدادي:

في هذه السنة توفي صفي الدين أبو عبد الله الحسين بن بدران بن داود البابصري البغدادي الفقيه الحنبلي المحدث النحوي الأديب ولد سنة 712 ه و سمع الحديث متأخرا و عني به و تفقه و برع في العربية و الأدب و نظم الشعر الحسن و صنف في علوم الحديث و غيرها و اختصر الإكمال لابن ماكولا. توفي يوم الجمعة 17 رمضان سنة 749 ه ببغداد مطعونا و دفن بمقبرة باب حرب.

قال في الدرر الكامنة ولي الإعادة بدار الحديث بالمستنصرية.

و كان بارعا في الأدب مشاركا في الحديث و التاريخ مع الصيانة و الديانة.

3- أبو الخير سعيد الذهلي الحريري: (مؤرخ عراقي):

توفي أبو الخير سعيد بن عبد الله الذهلي الحريري الحنبلي الحافظ مولي صلاح الدين عبد الرحمن بن عمر الحريري سمع ببغداد من الدقوقي و خلق و بدمشق من زينب بنت الكمال و أمم و بالقاهرة و الإسكندرية و بلدان شتي و عني بالحديث و أكثر من السماع و الشيوخ و جمع تراجم كثيرة لأعيان أهل بغداد و خرج الكثير و كتب بخطه الردي ء كثيرا، قال الذهبي:

«له رحلة و عمل جيد و همة في التاريخ و يكثر المشائخ و الأجزاء و هو ذكي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 70

صحيح الذهن عارف بالرجال حافظ» انتهي.

4- سراج الدين البزار:

توفي سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن موسي بن الخليل البغدادي الأزجي البزار الفقيه الحنبلي المحدث ولد نحو سنة 688 ه و سمع من إسماعيل بن الطبال و ابن الدواليبي و جماعة و عني بالحديث و قرأ الكثير و رحل إلي دمشق فسمع بها و أخذ عن الشيخ تقي الدين ابن تيمية و حج مرارا ثم أقام بدمشق و كان حسن القراءة ذا عبادة و تهجد، و صنف كثيرا في الحديث و علومه ثم توجه إلي الحج في هذه السنة فتوفي بمنزلة حاجر قبل الوصول إلي الميقات و معه نحو خمسين نفسا بالطاعون و ذلك صبيحة يوم الثلاثاء حادي عشر ذي القعدة و دفن بتلك المنزلة.

حوادث سنة 750 ه- 1349 م

الطاعون في الموصل:

إن الطاعون الآنف الذكر قد عم الموصل أيضا فكان تأثيره كبيرا دخلها في هذه السنة. و هذه الأمراض نري فتكها عظيما مع قلة وسائط النقل و الاختلاط. و استولي علي بغداد أيضا.

وفيات
1- عمر بن علي بن عمر القزويني:

الحافظ الكبير، محدث العراق سراج الدين ولد سنة 683 و عني

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 71

بالحديث و سمع من الرشيد بن أبي القاسم و محمد بن عبد المحسن الدواليبي و النجم أحمد بن غزال و جمع جم، و أجاز له التقي سليمان و غيره من دمشق، و صنف التصانيف و عمل الفهرست و أجاد فيه. مات سنة 750 ه روي عنه جماعة من آخرهم صاحب القاموس.

2- حمد الله المستوفي: (مؤرخ معروف)

في هذه السنة توفي الخواجة حمد الله أحمد بن تاج الدين أبي بكر بن نصر المستوفي القزويني من أسرة قديمة في قزوين. و كان لهذا البيت سعي بليغ في استئصال آل الجويني. ولد المترجم سنة 680 ه في قزوين، و كان من أخص كتاب الخواجه رشيد الدين فضل الله صاحب جامع التواريخ. و في سنة 711 ه بعد قتل سعد الدين الساوجي نال بعض المناصب المهمة. و لما قتل الخواجة رشيد الدين لازم ابنه الخواجه غياث الدين محمدا ثم انقطعت عنا أخباره فلم نقف علي تفصيل عنها … و كان شاعرا و كاتبا بليغا و له اطلاع واسع علي اللغة الفارسية. و أما التاريخ فيعد من أكابر رجاله تخرج علي الخواجه رشيد الدين فنال حظا وافرا من العلوم في أيامه …

و له:

1- تاريخ گزيده من أجلّ الآثار التاريخية. قدمه للخواجه غياث الدين محمد و كان اعتماده علي جامع التواريخ و كتب تاريخية أخري و من أهم ما فيه بيانه في آخر كتابه هذا عن العلماء و الأئمة و الفضلاء، و أوضح عن قزوين إيضاحا جغرافيا كافيا. أتمه سنة 730 ه.

و قد ألحق به محمود كيتي مبحثا جليلا عن آل مظفر كتبه سنة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2،

ص: 72

823 ه تكلم عليهم من ابتداء ظهورهم سنة 718 ه إلي أن انقرضوا عام 795 ه و عندي نسخة قديمة و معتني بها منه إلا أنها ناقصة الأول و الآخر و فيها تصحيحات مهمة و النسخة المطبوعة في لندن و إن كانت تمثل الأصل القديم لا تخلو من أغلاط فاحشة جدا …

2- ظفرنامه: تاريخ منظوم يبتدي ء من أيام العرب، و يتكلم علي سلاطين إيران و حكومة المغول.. و أهم ما فيها، عن أيام المغول..

و هي في 75 ألف بيت باري بها الفردوسي قال في أولها:

ظفر نامه كن نام اين نامه را بدين تازه كن رسم شهنامه را

و كان نظم منها خمسين ألف بيت في خمس عشرة سنة ثم تركها و كتب تاريخ گزيده و بعد أن أتمه عاد إليها و أتمها سنة 735 ه و منها نسخة في المتحفة البريطانية برقم 2833 بين الكتب الفارسية هناك.

3- نزهة القلوب، و هذه في الجغرافية و فيها مطالب عن العراق و إيران لا يستهان بها. أتمها سنة 740 ه طبعت في الهند سنة 1311 و طبع في ليدن منها قسم المقالة الثالثة سنة 1331 ه (1913 م).

و المؤلف ذو علاقة بالعراق و بياناته عنها وافرة و موثوقة..

3- جمال الدين البابصري:

و في هذه السنة توفي جمال الدين أبو العباس أحمد بن علي بن محمد البابصري البغدادي الحنبلي الفقية الفرضي الأديب ولد نحو سنة 707 و سمع الحديث علي صفي الدين بن عبد الحق و غيره و تفقه علي الشيخ صفي الدين و لازمه و علي غيره و برع في الفرائض و الحساب، و قرأ الأصول و العربية و العروض و الأدب و نظم الشعر الحسن، و كتب بخطه الحسن الكثير،

و اشتهر بالاشتغال في الفتيا و معرفة المذهب، و أثني عليه فضلاء الطوائف، و كان صالحا، متواضعا، حسن الأخلاق طارحا

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 73

للتكلف. توفي سنة 750 ه ببغداد في الطاعون بعد رجوعه من الحج..

4- ابن ترشك البغدادي:

هو تاج الدين محمد بن يوسف بن عبد الغني بن ترشك البغدادي المقري ء الصوفي ولد سنة 668 ه و سمع من ابن الحصين و أجاز له جماعة، و قرأ بالروايات و كان ذات سمت حسن و خلق طاهر و نفس عفيفة، و هو حسن الصوت مطرب إلي الغاية. قدم دمشق مرارا و حدث.

حج غير مرة ثم عاد إلي بلده و مات سنة 750 ه.

5- صفي الدين الحلي:

هو صفي الدين عبد العزيز بن سرايا السنبسي الطائي الحلي. ولد في ربيع الآخر سنة 677 ه. شاعر ذائع الصيت، انتشر ديوانه، و تداول الناس مختارات شعره.. و في دراسة ديوانه ما يبصر بدرجة إحساسه ورقة شعوره … و المهم أنه برز في عصر كادت تغلب عليه العجمة و تسود الفارسية حكومة العراق فتستولي علي كافة شؤونها حتي الآداب …

و المغول و أخلافهم استخدموا الإيرانيين في مصالحهم … و في أواخر الحكومة الزائلة، و في هذا العصر حاولوا أن يعيدوا عصر الفردوسي و جربوا تجارب عديدة في أن ينالوا مكانته، أو يحصلوا علي منزلته في الشعر … و الحق أن هذا مما أعاد لإيران عهدا أدبيا فقد اتقنوا فروع الآداب و ظهر فيهم الشعراء، و الكتاب و المؤرخون … و ضيقوا الخناق علي العربية و آدابها، كما زاحموا العرب في السياسة و مقدرات المملكة فكان الشعراء و الأدباء منهم … و لم نعلم شاعرا عربيا نال مكانة تذكر في هذه الحكومة (الجلايرية) و إنما نري شعراء العجم في درجة رفيعة و اتصال وثيق من البلاط الملكي أمثال سلمان الساوجي و عبيد زاكاني و غيرهما.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 74

جامع مرجان- دار الآثار العراقية

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص:

75

و شاعرنا الصفي يعد من مشاهير أدباء العصر و علمائه و إن كانت أشعاره ليست في الذروة العليا … و لم نر له مدحا أو اتصالا بملك الجلايرية و لكننا نري له علاقة مكينة بالأمراء و الملوك الذين لا تزال العربية رائجة الأسواق لديهم.. و الملحوظ أن العراق ربي جماعات فمالوا إلي الأقطار الأخري و لجأوا إليها لما رأوا من خذلان و قد قال المترجم في مقدمة ديوانه:

«ثم جرت بالعراق حروب و محن، و طالت خطوب و إحن، أوجبت بعدي عن عريني، و هجر أهلي و قريني، بعد أن تكمل لي من الأشعار، ما سبقني إلي الأمصار، وحدت به الركبان في الأسفار … » الخ.

فحط رحاله في آل أرتق و نعتهم بجابري كسر الإسلام و المسلمين..

و له (درر النحور في مدائح الملك المنصور)، و مدائح في السلطان شمس الدين أبي المكارم صالح من ملوكهم … ذهب إلي الحج فمال إلي مصر سنة 726 ه و مدح الناصر و جمع له ديوانه و رتبه و وسمه باسمه و علي كل توجهت الآداب نحو البلاد العربية الأخري و قد حمت الأدباء كما أجلت العلماء و من بين هؤلاء مترجمنا …

و قد نعته صاحب روضات الجنات بقوله: «كان عالما، فاضلا، منشيا أديبا، من تلامذة المحقق نجم الدين جعفر بن الحسن الحلي، و له القصيدة البديعية، و شرحها، و له ديوان كبير، و ديوان صغير … و قد كان رحمه اللّه من كبار شعراء الشيعة، و مسلما بين الفريقين فضله و نبالته» ا ه.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 76

و الرجل شاعر عربي يتحمس لقومه، و يتعصب لهم، و يناضل عنهم، و يبث فيهم روح الطموح و الأنفة

و هذه من أكبر مزاياه في عصر تغلغل فيه العجم و أحرجوا العرب، و شاركوهم في أرزاقهم. و زاحموهم في حياتهم و أوطانهم.. ذلك منه كبير، يعظمه في عيون العرب فقد نطق حين سكت الكثيرون و أذاع فكرته في مخلتف الأقطار و كان الناس مشغولين بأنفسهم …

انقطع مدة إلي ملوك ماردين، و دخل القاهرة، و كان يتعاني التجارة و يرحل إلي الشام و مصر و غيرها، و ثم يرجع إلي بلاده و في غضون ذلك يمدح الملوك و الأعيان.. و فيه ذكر لمشاهير عراقيين ضاعت غالب أخبارهم … توفي سنة 750 ه. ديوانه مطبوع معروف، و ترجمته مبسوطة في كتب كثيرة مثل الدرر و فوات الوفيات و غيرهما من كتب التراجم..

6- تاج الدين علي بن سنجر البغدادي المعروف ب (ابن السباك):

تاج الدين بن قطب الدين أبو الحسن بن أبي النجيب (ابن السباك) الحنفي ولد سنة 661 ه أو قبلها و سمع الأحكام للمجد بن تيمية منه و إحياء العلوم من محمد بن المبارك المخزومي و أجاز له أبو الفضل بن الزيات و غيره و أخذ القراءات عن مبارك بن عبد الله الموصلي و تفقه علي ظهير الدين محمد بن عمر البخاري و علي مظفر الدين أحمد بن علي الساعاتي صاحب مجمع البحرين و قرأ الفرائض علي أبي العلاء الفرضي الكلاباذي و الأدب علي الحسين بن أبان و شرح أكثر الجامع الكبير و نظم أرجوزة في الفقه و كان يكتب خطا حسنا جيدا و أخذ عنه أبو الخير الذهلي و العفيف المطري و آخرون.

و لما ولي حسام الدين الفوري (الغوري) قضاء بغداد دخل عليه و هو

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 77

شيخه فقال له و هو بالخلعة الحمد للّه الذي جعل من غلمانك قاضي

القضاة.. و كان قد انتهت إليه رئاسة الفقه ببغداد. و كان قيما بالعلوم الأدبية. مات سنة 750 ه (أو سنة 741، أو سنة 755) قال الذهبي كان فصيحا بليغا ذكيا، كبير الشأن.

و قد مدحه صفي الدين الحلي بقصيدة فريدة و هو بمصر و أثني علي حكمه و دقة نظره و هي:

تركتنا لواحظ الأتراك بين ملقي شاكي السلاح و شاك

حركات بها سكون فتور تترك الأسد ما بها من حراك

و منها:

قل لساجي العيون قد سلبت عي ناك قلبي و أفرطت في انتهاكي

فابق لي خاطرا به أسبك النظ م و أثني علي فتي السباك

حاكم مهد القضاء بقلب ثاقب الفهم نافذ الإدراك

فكرة تحت منتهي درك الأر ض و عزم في ذروة الأفلاك

مذ دعته الأيام للدين تاجا حسد الدين فيه هام السماك

رتبة جاوزت مقام ذوي العل م و فاقت مراتب النساك

ذو يراع راع الحوادث لما أضحك الطرس سعيه و هو باك

بمعان لو كنّ في سالف العص ر لسكت مسامع السكاك

زاد قدري بحبه إذ رأي النا س التزامي بحبه و امتساكي

مذهب ما ذهبت عنه و دين ما تعرضت فيه للإشراك

أيها الأروع الذي لفظه و ال فضل بين الأنام زاه و زاك

إن تغب عن لحاظ عيني فللقل ب لحاظ سريعة الإدراك

لم تغب عن سوي عيوني فقلبي شاكر عن علاك و الطرف شاك

و في هذا ما يعين منزلة المترجم، و المادح عراقي عارف بفضله،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 78

و بصير بعلمه …

7- ابن الثردة:

علي بن إبراهيم بن علي بن معتوق بن عبد المجيد بن وفاء المعروف بابن الثردة الواعظ الواسطي البغدادي. ولد في 12 شعبان سنة 697 ه ذهب إلي دمشق مرات و وعظ بها بالجامع الأموي و ساءت حالته فاضطرب عقله

في آخر أيامه … و كان ينظم الشعر الجيد في هذه الحالة. و أورد له صاحب فوات الوفيات جملة من شعره و فيه موشحات و مواليا. مات في أوائل سنة 750 ه.

حوادث سنة 751 ه- 1350 م

وفيات
ابن هندوا:

قال المقريزي في حوادث سنة 751 ه: «قدم الخبر بأن ابن هندوا أخذ الأكراد و استولي علي بلاد الموصل و صار في جمع كثير يقطع الطريق و التحق به نجمة التركماني فاستنابه و تقوي به و ركب إلي سنجار و تحصن بها و أغار علي الموصل و نهب و قتل و مضي إلي الرحبة و أفسد فيها و مشي علي بلاد ماردين و نهبها فخرجت إليه عساكر الشام و حصروه بسنجار و معهم عسكر ماردين و نصبوا عليها المنجنيق مدة شهر حتي طلب ابن هندوا الأمان علي أنه يقيم الخطبة للسلطان و يبعث بأخيه و نجمة و رفيقه إلي مصر. فلما نزلا منزلة قانون هرب نجمة (كذا).

و مثله تقريبا في ابن حبيب في درة الأسلاك و فيه أن هندوا تتاري.

قال ذلك كله الأستاذ الصديق مصطفي جواد. و أن ابن هندوا هذا هو (حسن بن هند) المذكور في صحيفة 84 و صوابه ابن هندوا كما عليه

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 79

المؤرخان المنقولة نصوصهما أعلاه كما أن محمة المذكور هناك هو الذي جاء بلفظ نجمة.

وفيات
1- شرف الدين أحمد الكازروني:

هو ابن محمد بن علي بن محمد بن محمود الكازروني نزيل دمشق.

ولد سنة 673 ه و سمع من الشيخ كمال الدين عبد الرحمن بن عبد اللطيف ابن وريدة … و سمع من جده المؤرخ ظهير الدين علي الكازروني. قال أبو العباس البغدادي الناسخ: «نعم الرجل مروءة و ديانة و صلاحا»، و له اعتناء بالرواية و فضيلة و معرفة. مات سنة 751 ه.

2- الحسن بن علي بن محمد البغدادي:

ثم الدمشقي، أبو علي الحنبلي الصوفي النقيب بالسميساطية، سمع من العز الفاروثي، و سمع من جماعة في مصر و الشام و غيرهما، و كان خيرا، صالحا محبوب الصورة، محبا للسماع، له وجاهة. مات في شوال سنة 751 ه و له 87 سنة و أشهر. و كان قد ولد سنة 667 ه ببغداد.

حوادث سنة 752 ه- 1351 م

وفيات
1- دلشاد بنت دمشق خواجة: (ملكة العراق)

زوجة الشيخ حسن الجلايري تزوجها بعد عمتها بغداد خاتون في أوائل سنة 737 ه فحظيت عنده و نالت مكانة عظيمة. و قد مر بنا ذكرها

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 80

كثيرا في المجلد الأول و في هذا الكتاب. و كان أمرها نافذا في الممالك، و لها في كل ما يحكم عليه زوجها نائب … و الصحيح أنها كانت الحاكمة في مملكة العراق و ترجمتها مذكورة في الدرر الكامنة و غيرها، و قد أثني دولتشاه في تذكرته علي كرمها و أطري أدبها و جمالها، و بين أن السلطنة كانت في يدها، و لم يكن للسطان أمر و لا نهي إلا الاسم. و إن سلمان الساوجي الشاعر المشهور كان يقرنها بزوجها في قصائده، و قام بتعليم ابنها أويس الشعر، و له فيها قصائد كثيرة و اعتنت هي بتعهد الشعراء، و بعمارة البلد، و الأعمال الخيرية و المبرات العديدة.. تميل إلي الغرباء و تحسن إليهم. ماتت في ذي القعدة و ما قيل من التردد في تاريخ وفاتها، و بيان بعض الاحتمالات فهو مما لا يعول عليه …

و لها من الأولاد:

1- أويس: و سيأتي التفصيل عنه في محله.

2- الأمير قاسم: و هذا ولد في جمادي الأولي سنة 748 ه و توفي بمرض السل في سنة 769 ه.

3- الشيخ زاهد و هذا ولد في 19 ربيع الآخر

سنة 750 ه و سقط في سنة 773 ه من عمارة أوجان في أذربيجان فمات.

4- دوندي: و هذه مدحها سلمان الساوجي بقصائد عديدة و هي في أيام أويس تضارع دلشاد خاتون في سلطتها و تسلطها … و لفظها ورد في بعض النسخ من المخطوطات دندي، و تندو و مرة دولندي فلحقه تغيرات عديدة …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 81

2- يحيي بن محمد الحارثي:

و هو يحيي بن محمد بن أحمد بن سعيد الخراز الكوفي النحوي، سبط الشريف شرف الدين عبد الله بن يحيي الابزاري ولد في شعبان سنة 678 ه بالكوفة و اشتغل بها و ببغداد و صنف في النحو كتابا سماه (مفتاح الألباب لعلم الإعراب) ذكره في كشف الظنون. قدم دمشق و سمعوا عليه من نظمه. مات بالكوفة سنة 752 ه.

حوادث سنة 753 ه- 1352 م

مرض في الدواب:

في هذه السنة وقع في بغداد موت في الدواب. كذا في الدر المكنون.

حريق في النجف:

في هذه السنة احترقت عمارة المشهد و كانت أول قبة بنيت بأمر من هارون الرشيد الخليفة و من بعد ذلك أخذ الناس في زيادتها و دفن الموتي هناك حوله إلي أن كان زمن عضد الدولة فناخسرو بن بويه الديلمي فعمره عمارة عظيمة و أخرج عن ذلك أموالا جزيلة و عين له أوقافا و لم تزل عمارته باقية إلي سنة 753 ه و كان قد ستر الحيطان بخشب الساج المنقوش فاحترقت تلك العمارة و جددت علي ما هي عليه الآن و قد بقي من عمارة عضد الدولة قليل و قبور آل بويه هناك ظاهرة مشهورة لم تحترق (عمدة الطالب ص 44).

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 82

وفيات
1- شهاب الدين أحمد بن الحسن الحسني:

الفرضي الضرير البغدادي. جال البلاد علي زمانته فدخل مصر و إفريقية و استمر مغربا إلي غرناطة. و كان له نظر سديد في مذهب الشافعي و ممارسة في الأصول و المنطق، و قيام علي القراءات، و كان كثير الملاحاة، شكس الأخلاق، يقبل الصدقة مانا بقبولها. و أقام بغرناطة إلي أن ارتحل سنة 753 ه.

2- خواجو الكرماني:

شاعر فارسي. هو كمال الدين أبو العطاء محمود بن علي الكرماني الملقب ب (خواجو) من أكبر شعراء كرمان. ولد في 5 شوال سنة 679 ه في كرمان. و يعد من مداحي آل مظفر، ثم قصد علاء الدولة السمناني أحد المشاهير في التصوف، و أقام ببغداد مدة، و له قصائد عديدة في السلطان أبي سعيد و الخواجة غياث الدين محمد الوزير ابن الخواجه رشيد الدين فضل الله الوزير، و في آخر أيامه التجأ إلي الشاه الشيخ أبي إسحق اينجو …

و من أكبر البواعث لشهرته بالعراق و احتكاكه بمحيط أثر علي لغته و ساعد علي نبوغه و مثله كثيرون نالوا حظا من الآداب و مكانة من الشعر بسبب هذه العلاقة كسعدي الشيرازي و سلمان الساوجي و حمد اللّه المستوفي و وصاف الحضرة.. و قد حاذي سعدي و قلده في أسلوب غزله و كان يدعي ب (لص ديوان سعدي) (دزر ديوان سعدي)..

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 83

و له ديوان يبلغ نحو عشرين ألف بيت فيه مثنويات جري فيها علي نهج «خمسة نظامي» و له أيضا:

1- هماي و همايون: قصة في عشق همايون هماي بنت فغفور الصين و هي من المتقارب نظمها سنة 732 ه في بغداد و في مقدمتها أثني علي السلطان أبي سعيد و مدح الخواجه غياث الدين الوزير و كأنها روضة

أزهار في ملاحتها و لطافتها …

2- كمال نامه: في العرفان علي وزن «هفت پيكر» لنظامي نظمها باسم أبي إسحق اينجو سنة 744 ه.

3- روضة الأنوار: في العرفان أيضا نظمها باسم شمس الدين محمود بن صاين وزير الشاه الشيخ أبي إسحق سنة 743 ه. و هذا الوزير كان من رجال الملك الأشرف و في سنة 744 ه ترك خدمته فجعله الأمير مبارز الدين المظفري من أمرائه فدخل في إدارة الشيخ أبي إسحق و صار وزيره. و في 4 صفر سنة 746 ه. قتل بأمر الأمير مبارز الدين.

4- گل و نوروز: قصة الشهزاده نوروز ابن ملك خراسان، و گل هي بنت سلطان الروم نظمها علي غرار (خسرو و شيرين) لنظامي باسم تاج الدين العراقي وزير الأمير مبارز الدين المظفري.

5- گوهر نامه جعلها بوزن خسرو و شيرين أيضا نظمها سنة 746 ه باسم بهاء الدين محمود بن عز الدين يوسف من أحفاد الخواجه نظام الملك الطوسي و هو وزير الأمير مبارز الدين.

و كل هذه بالنظر لتواريخ نظمها إنما كانت بعد أن تعرف ببغداد و أدبائها و شاهد محيطها فألهمه ما ألهمه من رقة شعور، و من عذوبة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 84

ألفاظ و ردد ذكر بغداد كثيرا في أشعاره … و كان ممن جاراه في غزلياته الخواجه حافظ الشيرازي.

توفي سنة 753 ه. و في تذكرة الشعرا لدولتشاه السمرقندي أنه توفي سنة 742 ه.

حوادث سنة 754 ه- 1353 م

المغول في بطون التاريخ:

في كلشن خلفا أن المغول انقرضت حكومتهم سنة 744 ه و لكن سائر المؤرخين مثل صاحب الدر المكنون و تقويم التواريخ قالوا إن دولة المغول (دولة هلاكو و أحفاده) انقرضت في هذه السنة من أذربيجان و خراسان بقتل طغاتيمور خان و سكنت الفتن

نوعا و العراق علي كل حال أصابته راحة أكثر، و إن السلطان أخلد للسكينة خصوصا أنه وجد كنزا فصرف معظمه علي العمارات.

حاكم سنجار و الموصل:

هو حسن بن هند، كان يكاتب المسلمين و يترامي إليهم و يظهر المودة و المحبة و لكنه كان يأوي محمة (كذا) التركماني الذي يقطع الطرقات علي المسلمين. قتله صاحب ماردين في أواخر سنة 754 ه.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 85

حوادث سنة 755 ه- 1353 م

المسكوكات: (النقود)

حاولنا الحصول علي مسكوكات أو نقود مضروبة في أيام السلطان الشيخ حسن الجلايري أيام إعلانه سلطنته في بغداد، و ضبط تاريخ حكمه، أو ما أشار إليه رسله إلي مصر من أنها ضربت باسم ملكها فلم نظفر بطائل إلا أننا وجدنا له نقودا مضروبة في بغداد يرجع تاريخها إلي هذه السنة (سنة 755 ه)، و مثلها في عين التاريخ ضربت في البصرة و أخري في تستر، و منها ما صنعت في بغداد في السنة التالية و هي سنة وفاته.. و في الحلة ضربت له نقود إلا أنها لم يقرأ تاريخ ضربها.

و المضروبة في بغداد قد كتب علي أحد وجهيها تاريخ ضربها (سنة 755 ه) و كلمة الشهادة (لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له) و علي الوجه الآخر محل الضرب (ضرب بغداد) في الوسط و في الأطراف بخط كوفي و بشكل مربع (محمد رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلّم) و في أضلاع ذلك المربع أبو بكر و عمر و عثمان و علي. و في النقود المذكورة نري الوضع واحدا و الشكل كذلك و هي من فضة إلا أن الوزن مختلف..

فواز بن مهنا أمير العرب:

يضاف إلي حوادث سنة 755 ه «و فيها قصد المتغلب علي البصرة عرب البحرين فالتقاهم بعسكره المغل فعجزوا عنهم فأمدهم صاحب بغداد الشيخ حسن الكبير بالأمير فواز بن مهنا الطائي فالتقاهم و هزمهم و أسر منهم طائفة من الرجال و النساء بعد أن قتل من الفريقين عدد كثير ثم منّ عليهم فواز» ا ه. قاله الصديق الفاضل مصطفي جواد نقلا عن ابن قاضي شهبة و بين أنه توفي سنة 757 ه و كان أحد الشجعان …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 86

وفيات
1- زين الدين الموصلي (ابن شيخ العوينة):

في هذه السنة توفي زين الدين أبو الحسن علي بن الحسين بن القاسم بن منصور بن علي الموصلي الشافعي المعروف (بابن شيخ العوينة). كان جده الأعلي من الصالحين، و احتفر عينا في مكان لم يعهد بالماء فقيل له (شيخ العوينة). ولد زين الدين في رجب سنة 681 ه و قرأ القراءات علي الشيخ عبد الله الواسطي الضرير و أخذ الشاطبية عن الشيخ شمس الدين ابن الوراق و رحل إلي بغداد و قرأ علي جماعة منهم مهذب الدين النحوي و قدم دمشق و سمع بها من جماعة ثم رجع إلي الموصل و صار من علمائها و له تصانيف منها (شرح المفتاح للسكاكي) و شرح مختصر ابن الحاجب، و شرح التسهيل، و شرح البديع لابن الساعاتي و غير ذلك. قال ابن حبيب: «إمام بحر، علمه محيط، و ظل روحه بسيط، و ألسنة معارفه ناطقة، و أفنان فنونه باسقة، كان بارعا في الفقه و أصوله، خبيرا بأبواب كلام العرب و فصوله، نظم كتاب الحاوي، و شنف سمع الناقل و الراوي، و بينه و بين صلاح الدين الصفدي مكاتبات..» ا ه. توفي بالموصل في شهر رمضان.

و أطنب صاحب الدرر في ترجمته و ذكر شيوخه، و شروحه علي مؤلفاتهم كما أن البدر العيني بسط القول في ترجمته …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 87

2- فخر الدين ابن الفصيح:

هو أبو طالب فخر الدين أحمد بن علي بن أحمد الهمداني الكوفي ثم البغدادي المعروف، بابن الفصيح والد جلال الدين عبد الله. كان إماما علامة، جامعا للعلوم العقلية و النقلية انتهت إليه رئاسة المذهب في زمانه و كان كثير التودد، لطيف المحاضرة، سمع مع ابن الدواليبي و صالح بن الصباغ و أجاز له إسماعيل بن الطبال. و كان مدرسا بمشهد أبي حنيفة، أخذ عن الحسن السغناقي صاحب النهاية، و درس ببغداد في المستنصرية، اقرأ العربية بها و كان له صيت في العراق و دمشق، و أفتي، و صنف نظم الكنز، و نظم النافع، و نظم السراجية في الفرائض، و نظم المنار في أصول الفقه. و كانت وفاته بدمشق سنة 755 ه و مولده سنة 680 ه و لما قدم دمشق أكرمه نائبها.. و في الذهبي أنه ولد سنة 679 ه كما أنه ذكر وفاة ابنه في سنة 737 ه.

حوادث سنة 756 ه- 1354 م

وفيات
1- أحمد بن محمد بن سلمان الشيرجي (ابن الشيرجان)

بغدادي حنبلي. ولد سنة 691 ه و سمع من الدواليبي، و قرأ بالروايات و أعاد بالمستنصرية و كان دينا خيرا، و له مدائح نبوية و كان يقال له ابن الشيرجاني. قدم دمشق و حدث بها و كتب عن مشايخها، مات سنة 756 ه.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 88

حوادث سنة 757 ه- 1356 م

وفاة السلطان الشيخ حسن الجلايري:
اشارة

في شهر رجب هذه السنة توفي الشيخ حسن. و قد رثاه الخواجه سلمان الساوجي بقصيدة تتضمن التوجع للمصاب و بيان صفات الراحل في عدله و سائر مزاياه و هي فارسية لا نري محلا لإيرادها..

ترجمته: (بيان عن العصر)

إن حياة هذا الرجل إنما تظهر أكثر ببيان حالة العصر الذي كان يعد من رجاله و قد أسس حكومة كان لها شأنها مدة. و ذلك أنه في 13 ربيع الثاني لسنة 736 ه كان قد توفي السلطان أبو سعيد بهادر خان و بوفاته قامت الزعازع و ثارت الفتن من كل صوب بعد أن كانت قد هدأت الحالة مدة، و نال الأهلين طمأنينة فركنوا إلي الراحة و التبسط في العلوم و مراعاة أسباب الزينة و ترقية الفنون و الصناعات … فبرزت المواهب و كاد يعود ما كان قد فقد أيام هلاكو، أو أهمل … لو لا أن السلطة كانت أجنبية، و الإدارة ليست بعربية..

حكينا ذلك كله فكان لقانون جنكيز (الياسا) قيمته في ردع النفوس، و إيقافها عند حدودها … و لكن هذه السلطة لم تكن إلا عن خشية و خوف و ليست ناشئة عن قبول نفسي و لا رادع باطني … مما جعلها أن تكون ملازمة دائما للقوة، و التيقظ دون تهاون أو تراخ …

مات أبو سعيد و كأن القوم كانوا ينتظرون وفاته، و الخلافات التي ولدها الأمراء في حينها كانت تصرف إلي الحزبية و تسنم كراسي الإدارة، و تعهد السلطنة مع الاحتفاظ ببيتها و لما توفي السلطان تغيرت الفكرة، و حدث التغلب من كل صوب، و صار كل أمير، أو متنفذ يدعو لنفسه،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 89

أو يتخذ أحد أفراد الأسرة المالكة سندا له في دعوته … و

قد بسطنا القول في ذلك …

لم يكتف هؤلاء المتغلبة أن يعلن كل واحد منهم حكومته في المواطن التي هو فيها و يتقاسموا الميراث بتوزيع هادي ء ساكن فيقنع الواحد بما في يده … و إنما حاول أن يقوي إدارته و يمكنها من جهة و يهاجم الأخري المجاورة له ليبتلعها، أو التي يخشي أن يستفحل أمرها فيوقفها عند حدها … و هكذا دامت القلاقل و زالت الراحة و شغل الناس بأنفسهم و بمتغلبتهم فكانوا من أقوي الوسائل الفتاكة، و أشد البلايا علي الحضارة و المدنية، و العلوم و الصناعات، و فيها من التخريب و التدمير ما لا يوصف …

و إن المترجم أحد هؤلاء، جرب تجارب عديدة، و حاول محاولات كثيرة أن يكون نصيبه أكثر مما في يده، و غنيمته أوفر …

و لكنه لم ينل مرغوبه فاكتفي (بالعراق) و احتفظ به، و تسلط علي سائر أنحائه … و في هذه المرة كان الأمل أن يستفيد الرب من هذا الانحلال و من تلك المحاولات بسبب تفرق الكلمة و أن ينالوا المكانة اللائقة في العراق … إلا أن أمراء المغول كانوا متمرنين في الإدارة و الحرب فلم يستطع العرب أن يتمكنوا منهم فقضي علي إدارتهم في الحلة بعد أن كانت قد تمكنت مدة … فقويت قدم المغول مرة ثانية و تكونت منهم حكومة الجلايرية …

و هذه لم تقاوم البقية الباقية من العلماء، و لما كانت إسلامية لم تتخذ مشروعا من شأنه إفساد المدارس، و القضاء علي حياتها … و إنما كانت هذه الغفلة عنها، أو الإهمال لها … مما دعا أن تعود ثانية و يظهر نورها متلألئا بعد مدة قليلة … و كان هذا السلطان (الشيخ حسن) قد أخلد إلي

السكينة و تنظيم المملكة، و راعي لوازم الراحة … فقويت

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 90

الروح العلمية، و ثبتت.. و مع هذا مال كثيرون إلي الممالك الإسلامية الأخري المجاورة لقلة المناصرة … و ظهر جماعة في علوم مختلفة إلا أن التربية الفارسية كانت سائدة، و هي صاحبة القول الفصل فنفق سوق هذه أكثر و إن كان الاهتمام بعلماء المدارس و النظر إليهم لم يهمل …

- نعم إن أكثر الشعراء في الديوان الملكي عجم، و لا يلتفت إلي غير مدحهم و لا يقرب سواهم و مجري المدارس سائر إلي ناحية، و الرغبة إلي أخري … و العلماء و الشعراء كلما برزت مواهبهم مالوا إلي الأقطار العربية الأخري …

و لا نطيل القول، فهذا السلطان سمي بالشيخ حسن لعدله، و محافظته علي النظام و لا يريد الأهلون أكثر … في حين أن المتغلبين الآخرين لا يزالون علي أطماعهم، و شدة تغلبهم لم يركدوا؛ و لا سكنوا حتي قضي علي أكثرهم؛ و انحصرت الإمارات في عدد محدود … و لكنها لم تخل حتي هذه الأيام من مناوشات، أو محاربات … و هكذا، و قد مضي من حوادث المترجم ما تيسر تدوينه و كله ذو علاقة بالعراق، أو الدفاع عن حوزته و صد الغوائل عنه لتأمين سلطة …

و في هذه المرة عادت بغداد عاصمة الملك، و صار يبذل لزينتها و تحسينها جهودا عظيمة و برز فيها علماء فحول … إلا أنها مشوبة بتلك الغوائل المارة … و مع هذه نجد السلطان في أيامه الأخيرة قد صرف أموالا طائلة في سبيل العمارة … و لا ينسي أن لزوجته النفوذ العظيم في هذا الإعمار؛ و في حسن الإدارة … و قد

استنطقنا مؤرخين عديدين و الكل يثني عليه و قد جاء في عقد الجمان عنه:

«توفي الشيخ حسن بن حسين بن اقبغا بن اليكان (كذا و صوابه ايلگا) في هذه السنة (سنة 757 ه) و هو سبط أرغون بن ابغا بن هلاوون

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 91

(هلاكو) و لم يستقم أمره إلا بعد وفاة أبي سعيد ملك التتار. و كانت دولته مدة سبع عشرة سنة، و تولي عوضه ابنه الشيخ أويس» ا ه.

و هذا المؤرخ عد سلطنته سنة 740 ه و علي مثل هذا جري صاحب (تاريخ مفصل إيران)، و غيره …

و جاء في الشذرات عنه:

«توفي سلطان بغداد حسن و يعرف بالكبير … و كان ذا سياسة حسنة و قيام بالملك أحسن قيام، و في أيام ولايته وقع ببغداد الغلاء المفرط حتي بيع الخبز بصنج الدراهم و نزح الناس عن بغداد، ثم نشر العدل إلي أن تراجع الناس إليها. و كانوا يسمونه الشيخ حسن لعدله … » ا ه.

و مثله في الدرر الكامنة … و قد مرت باقي النقول عنه. و زاد في كلشن خلفا أنه أقام عمارات نفيسة و جميلة في بغداد و النجف الأشرف … و في دستور الوزراء أن وزيره الخواجة شمس الدين زكريا ابن أخت الخواجة غياث الدين محمد بن رشيد الدين و صهره. و هذا الوزير قد لازم السلطان الشيخ حسنا في جميع أيامه من سنة 737 ه فقد أسند إليه الوازرة مراعاة لحقوق الخواجة غياث الدين، و استمر في أيام أولاده بعده إلي أيام السلطان حسين و كان عدلا صاحب إنصاف و علم … و للخواجة سلمان الساوجي مدائح فيه … و قد روعي جانبه كثيرا إلي سنة 777

ه و بسبب ذلك عين أخوه نجيب الدين للوزارة و ابنه إسماعيل لولاية بغداد …

و للسلطان من الأولاد ما مر ذكرهم في ترجمة دلشاد خاتون. و له ابن آخر و هو (ايلگا) توفي في حياة دلشاد و ذكره سلمان الساجي في

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 92

شعره و لهذا ولد يسمي (آقبوغا) و آخر يدعي (أبا إسحق). و هذا كان قد رشحه السلطان أويس لمحاربة أمير ولي و لكنه انهزم إلي البصرة لخاطر عرض له و بأمر من أويس قد سمّ …

و من هذا كله و من الوقائع المارة في أيامه اعتقد أن تعينت ترجمته و إن كنا نري المؤرخين لم يتعرضوا إلا إلي نواح من حياته العامة دون وقائعه المطردة و هذه نتف مفرقة … لا تكاد تفي بالغرض. و الملحوظ أن هذا القطر يدعو ضرورة إلي النظام، و أن الاضطرابات لا تدوم …

و من ثم يخلد الأهلون للسكينة و العمل و المترجم كان من العوامل الفعالة لتهدئته و تثبيت نظامه …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 93

الكتابة فوق طارمة المصلي من جامع مرجان- دار الآثار العراقية

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 94

سلطنة أويس
السلطان معز الدين أويس:

في هذه السنة في شهر رجب ولي السلطان أويس بعد والده و قد مدحه الشاعر الخواجة سلمان الساوجي بقصيدة فارسية و بين في شعره تاريخ سلطنته.. و علي هذا اتفقت كلمة المؤرخين مثل صاحب روضة الصفا و كلشن خلفا و الشذرات و حبيب السير و أيدها سلمان الساوجي في شعره إلا أن التاريخ الغياثي قال:

«السلطان حسين ولي بعد أبيه سنة 657 ه و مات سنة 760 ه فكانت مدة حكمه ثلاث سنين» اه. ثم ذكر سلطنة أويس و

بين أنه ولي السلطنة ببغداد بعد أخيه في التاريخ المذكور … و في هذا مخالفة صريحة للنصوص الأخري و لما جاء في شعر سلمان الساوجي الذي يعين التاريخ في متن الشعر، و هو خير وثيقة تاريخية و كذا ما جاء في وقفية الخواجة مرجان فلا أصل لما ذكره الغياثي و قد عقد رشيد ياسمي فصلا في حياة سلمان و أويس في رسالته «سلمان ساوجي» يؤيد ما ذكرناه.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 95

و حياته الأولي أنه ولد من دلشاد خاتون بعد أن تزوجها والده بسنة واحدة و كان قد تزوجها سنة 737 ه فسمي معز الدين أويس. و كان الشاعر سلمان يدعوه في بعض الأحيان بغياث الدين و قد اختص هذا الشاعر بمدحه من حين ولي السلطنة و لازمه ملازمة شديدة … و كان يصف بعض فتوحه. و السلطان حينما ولي كان شابا جميلا. و أهل بغداد يرغبون في مشاهدته حينما يخرج راكبا فرسه، يراقبون ذلك فيهرعون للنظر إلي محياه و صورته الجميلة … كما أنه كان صاحب ذوق، و نقاشا ماهرا، و مبدعا في الموسيقي، و خطه الواسطي يحير بجماله الباهر و اتقانه، و يعجز المصورين و الخطاطين الحذاق أن يماثلوه.. و تعلم الشعر علي يد مربيه الخواجة سلمان فكان له نصيب منه و ربما فاق أستاذه.. و له مراسلات في الشعر مع السلاطين المعاصرين له.. و لا تخلو وقعة إلا و يمدحه الخواجة المذكور من أجلها و ديوانه مشحون بمدائحه الكثيرة و للسلطان إنعامات عليه ليست بالقليلة بل هي وافرة جدا و قد قيل (اللهي تفتح اللها)..

و سيأتي من الحوادث ما يبصر بحياته السياسية و سلطنته..

غرق بغداد:

كانت بغداد خلال المدة بين وقعة

هلاكو و هذا التاريخ قد اكتسبت وضعا جديدا، و نالت عمارة، و رونقا.. و كان قد رآها ابن بطوطة فوصفها في رحلته كما أن الخواجة سلمان الساوجي شاهدها أيام السلطان أبي سعيد و في عهد الجلايرية خصوصا و قد اتخذوها عاصمة فنالت من الأبهة و المكانة ما يجلب الأنظار و كانت الراحة و الطمأنينة و لو لمدة قليلة تعيد لها جدتها.

قضي فيها سلمان الساوجي مدة في عهد تلك الراحة و الأبهة فخلبه

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 96

ما رآه من مناظرها، و أوضاع مياهها و شواطئها، و الفلك التي تجري، و بساتينها و أزهارها فكان لها وقع كبير في نفسه. ناهيك بصفاء سمائها و لياليها المقمرة إلي غير ذلك مما يعجز القلم عن تبيانه و شرحه.. و كله يبعث في الشاعر روحا و نشاطا و ينعش الأمل فيه فيقول:

قطر فسيح و ماء ما به كدر حفت بشطيه الفاف البساتين

و لما أصابها الغرق في هذه السنة و تبدلت أوضاعها الزاهية الجميلة فعادت خرابا، و رآها الشاعر سلمان بصورتها المؤلمة تأثر تأثرا عظيما، فوصف دجلة بفيضانه و عربدته و نعته بمجنون مكبل بسلاسل حديدية..

كسر قيوده و استولي بمياهه علي المدينة فخرب عماراتها العالية. و أغرق نحو أربعين ألفا من أهليها و كان هذا الحادث سنة جلوس السلطان أويس … فناح الشاعر علي مصاب بغداد لما رآه فيها من دعة، و كان حصل في بغداد علي نعيم و شهرة ذائعة في الأقطار …

قال الخواجة سلمان:

بسال هفصد و پنجاه و هفت گشت خراب بآب شهر معظم كه خاك بر سراب

دريغ روضه بغداد آن بهشت آباد كه كرده است خرابش سپهر خانه خراب

و في هذا ما يشير إلي ما كانت عليه

بغداد و ما نالها من دمار …

وفيات
1- جمال الدين أبو محمد البغدادي:

هو ابن عبد الرحمن بن أحمد بن ماجد، سمع من ست الملوك

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 97

بنت أبي نصر بن أبي البدر الكاتب، و سمع منه المقري ء شهاب الدين ابن رجب و أثني عليه. قال: اقرأ بالمستنصرية، و كان حريصا علي الخير، انتفع به خلق كثير. مات في المحرم سنة 757 ه.

حوادث سنة 758 ه- 1357 م

جامع مرجان و دار الشفاء
أوقاف الخواجة مرجان:
اشارة

لم ينقطع أهل الخير و البر في مختلف العصور و الأزمان. و من أعظم الأعمال ما خدم الثقافة و ساعد علي حسن السلوك، أو نفع الجماعة مما يودي بهم من الأمراض الفتاكة، و لعل الخواجة مرجان أراد أن يجمع بين الحسنيين الثقافة الفكرية و الصحة البدنية للجماعة فوقف موقوفاته و هي:

1- مدرسة مرجان:
اشارة

و الخواجة مرجان من ولاة بغداد، و من أعظم آثاره الباقية مدرسته و تعرف اليوم ب (جامع مرجان) و فيها ما يشعر بإتقان البناء، و صناعة النقش، و حسن الخط ما يبهر المتفرج المشاهد، و يعين درجة مراعاة الإحكام في العمل، و القدرة سواء من ناحية مادة البناء و بقائها علي الدهر. أو من جهة الدقة في الصنع و الزينة …

قيمة هذه المؤسسة لا تقدر. و أوقافها لا تكاد تحصي.. و لا تزال بقاياها إلي اليوم، و غلتها ليست بالقليلة.. كانت جامعة تدرس فيها أنواع العلوم و ضروب الفنون.. زادت في الثقافة، و رقت في المدارك،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 98

و جددت سوق العلم و ولدت نشاطا كافيا … و سيأتي التعريف بواقفها الخواجة مرجان رحمه اللّه الذي بقي اسمه خالدا و إن كان قد اندثرت أعمال السلطان أويس الذي هو أحد ولاته فلا تزال هذه المدرسة قائمة و شاهدة بعظم العمل و تاريخ وقفها كان سنة 758 ه قال الغياثي:

«كان مرجان رجلا خيرا، استأنف عمارات، و جدد أخري، وقف العقار و الضياع، و عمر المدرسة المرجانية، و دار الشفاء، و أسواقا و خانات لم يتفق في دور أحد من السلاطين مثلها كما نطقت وقفيته و نقر ذلك علي جدران العمارات و كان له خيرات علي الفقراء، و المساكين حتي السنانير و

سمك الشط و الطيور من اللحم و الخبز و الشيلم في صحن دار الشفاء، و صحنها، علي جانب دجلة. و كان ثلثا الوقف لدار الشفاء و ثلث للمدرسة. ا ه» ملخصا.

اشتهر جماعة من العلماء في التدريس بها و أول من وصل إلينا اسمه بدر الدين محمد الأربلي. و في العصر الأخير عرف من الآلوسيين السيد محمود شهاب الدين و قد عطلت بعد وفاته فذهب ابنه السيد نعمان خير الدين إلي استانبول في أواخر جمادي الأولي سنة 1300 ه فعين مدرسا لمدرسة مرجان و رجع إلي بغداد في 5 رمضان 1302 و بعد وفاته في 7 المحرم سنة 1317 ه خلفه في التدريس ابنه السيد علي علاء الدين قاضي بغداد الأسبق المتوفي في جمادي الأولي سنة 1340 ه فالسيد محمود شكري الآلوسي و آخرهم اليوم السيد إبراهيم ابن السيد ثابت ابن السيد نعمان خير الدين الآلوسي، و لا يزال مدرسا فيها و كان يتولي التدريس فيها مفتي بغداد، و له فضلة ريعها، ثم ضبطتها دائرة الأوقاف في العهد التركي و جعلت للمدرس راتبا مقررا …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 99

و هذا ما قاله المرحوم الأستاذ السيد محمود شكري الآلوسي عن هذه المدرسة:

«مسجد محكم البناء، راسخ القواعد، مشيد الأرجاء، مبني بالحجارة المهندسة، ذو طبقتين سفلي و عليا، و فيه مصلي واسع، و حجر في الطبقة السفلي و العليا، و قد جعله بانيه مدرسة حاكي بها المدرسة النظامية، و جعل الحجر مسكنا لطلبة العلم، و أجري عليها الجرايات الوافرة، و رتب لهم المدرسين علي مذهبي الإمام الشافعي و الإمام أبي حنيفة (ر ض)، و وقف الأوقاف الكثيرة و كان المصلي محل تدريسهم كما كان محل عبادتهم»

ا ه.

الوقفية و شروطها: (نصها)

كان المرحوم جميل صدقي الزهاوي ذكر أن لديه «كتاب الوقفية و الموقوفات» للخواجة مرجان فلم أتمكن من مشاهدته … و الوقفية محفورة علي جدران الجامع، و كذا الموقوفات الأخري كتبت بخط أحمد شاه النقاش التبريزي المعروف ب (زرين قلم) و هو من الخطاطين المشاهير … ذكر اسمه علي ما كتب. و هذا نص الوقفية:

«بسم اللّه الرحمن الرحيم. الحمد للّه الذي وفق المطيعين لعمارة أبنية بيوت العبادات، و ألهم المخلصين إشادة أعمدة دور الطاعات، و رفع ذكر الولاة، بتأسيس قواعد معالم المكرمات، و دل أرباب السعادات علي سلوك سبل الخيرات و منح المحسنين بتشريف إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ، و حباهم بآية

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 100

وَ الْمُتَصَدِّقِينَ وَ الْمُتَصَدِّقاتِ، و الصلاة و السلام علي نبي الرحمة محمد المصطفي خير الأنام و أصحابه مصابيح الدجي و بدور الظلام.

أما بعد فيقول المفتقر إلي عفو الملك المنان، مرجان بن عبد الله ابن عبد الرحمن، بدل اللّه سيئاته حسنات: إني هاجرت في الأرض مدة، و جاهدت سنين في الطول و العرض، ذات شمال و يمين، متورطا في مخاوف البر و البحر، متوردا في متالف البرد و الحر، حتي أداني الجد الصاعد، و أدناني التوفيق المساعد فعلمت أن الدنيا دار الفرار، و أن الآخرة هي دار القرار، و أيقنت أن أولي ما أنفقت فيه الأموال، و أحري ما توجهت إليه همم الرجال ما كان وسيلة إلي أبواب رحمته محط الرحال، و ذخيرة ليوم المحاسبة و السؤال، قال النبي عليه الصلاة و السلام «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا عن ثلاث صدقة جارية، و علم ينتفع به. و ولد صالح يدعو له» و الصدقة الجارية هي الوقف فشمرت

عن نية صادقة صافية، و سريرة للخير وافية، و شرعت في عمارة هذه المدرسة المسماة ب (المرجانية) و توابعها المتصلات بعضها ببعض في زمن المخدوم الأعظم الدارج إلي جوار اللّه و جنانه، المستريح علي أعلي غرفات جنانه، الشيخ حسن نويان، أنار اللّه برهانه، و تممت في أيام دولة نوّر حدقته، و نور حديقته، المخدوم الأعظم، الأعدل، رافع رايات السلطنة علي الأفلاك، ناصب غايات المملكة إلي السماك؛ ساحب ذيل الرحمة علي الأعراب و الأتراك، محيي مراسم الملة المصطفوية، و مزين شعار الدولة الجنكيز خانية شاه أويس خلد اللّه ملكه؛ و وقفت علي الفقهاء و طلاب العلم و التفسير و الحديث و الفقه علي مذهب الإمام الأعظم محمد بن إدريس الشافعي المطلبي و الإمام الأقدم أبي حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي رضي اللّه تعالي عنهما وقفا علي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 101

مصالحها، كما شرح في الوقفية الموقعة بتوقيع قضاة الإسلام، الموشحة بشهادة الأمراء و الوزراء العظام بالريحانيين أربعة و أربعين دكانا، و اثنتي عشرة عصارة في السوق الجديد المجاور للمدرسة و الصاغة، و تسعة و عشرين دكانا أخري، و ثلاث خانات و نصف خان إحداهن إنشاء الواقف، و مواضع بالبدرية و الامشاطيين ثلاثة داكين؛ و بالمشرعة أربعة عشر دكانا و خانا جديدا من إنشاء الواقف تقبل اللّه منه صالح الأعمال، و بالحلبة ثلاثة عشر دكانا و عصارة و خانا فيه اثنتان و خمسون حجرة، و في الجانب الغربي من محلة القصر دارا و مدارا و خانا يعرف بالجواري؛ و في الخليلات خان الزاوية و مدارا هي الآن من حقوق الخان المذكور. و بالحريم دكان الكاغد. و بنهر عيسي ناحية عقر قوف و نصف القائمية، و

تل دحيم و بساتين بالمخرمية و بساتين بقرية البرك، و الجوبة، و قراح الجاموس، و بالعراة مزرعة، و بالقاطون ناحية زادمان، و بجلولا من خان آباد النصف، و من بساتين ببعقوبة و ببوهريز النصف و بخانقين دوري و نصف دور جوري و أرحية الماء و بغمايا، و دولتاباد و بساتين في البندنيجين، و بستان جديد في بوهريز إنشاء الواقف، و نهر خرناباد و سائر أراضيها و مزارعها المدعو هرارشته و ذلك بين جبل حمرين و خانقين وقفا صحيحا شرعيا مؤبدا مخلدا، محرما بجميع ما حرم اللّه مكة و البيت الحرام و الركن و المقام لا زال ذلك كذلك إلي أن يرث اللّه الأرض و من عليها و هو خير الوارثين، لا يندرس بكرور الأعصار، و لا ينطمس بمرور الأدوار، لا يؤجر من متغلب و متعزز و جندي و من يخاف غائلته بل يؤجر من رجل مسلم، معامل بتمكين الوالي علي هذا الوقف

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 102

ما فوق المحراب من جامع مرجان- دار الآثار العراقية

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 103

من مرافعته بين يدي الحكام، و قضاة الإسلام، قادرا علي أداء ما يتوجب عليه من ضمان الوقف، و من فعل ذلك فتلك الإجارة باطلة، و تصرفه حرام سحت، و وصيتي إلي حكام كل زمان و عصر و أوان، و إلي قاضي القضاة ببغداد أن يساعد الوالي علي هذا الوقف و استخلاص الحقوق الواجبة، لوقف هذه المدرسة، و أن ينظروا إليهم بنظر الرحمة و الرأفة، فإن الحاكم العادل في رعيته كالوالد الشفيق علي ولده ألا و إن كل من سن سنة حسنة كان له أجرها و أجر من عمل بها إلي يوم القيامة، و

من سن سنة سيئة فعليه وزرها و وزر من يعمل بها إلي يوم القيامة، و أن لا يتعرضوا بمتولي هذا الوقف و مستوفيه و مشرفه من استرفاع حساب أو نصب أو ترتيب و لا يداخلوهم في ذلك بشبهة من الشبه و لا يعقد بهذه المدرسة ديوانا لفصل القضايا الشرعية، أو ينازعوا فيه. فإن هذا الموضع موطن العلماء و منزل الصلحاء فطوبي ثم طوبي لمن استجلب ترحما لنفسه؛ و ويل ثم ويل لمن صاحبته اللعنة في رمسه، فيمثل ما تعاملون في حياتكم تعاملون في مخلفاتكم بعد مماتكم فإن المكافأة من الطبيعة واجبة، كما تدين تدان، و كما تزرع تحصد، فإن الدنيا غدارة غرارة و إن طالت مدتها فما طالت، و إن نالت لصاحبها فما نالت. و من غير شروط هذه الأوقاف، أو تصرف فيها خلاف ما شرطت في الوقفية فهو ظالم عند اللّه ألا لعنة اللّه علي الظالمين؛ و عليه لعنة اللّه و الملائكة و الناس أجمعين؛ و مأواه جهنم و بئس المصير و ألحق بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا و هم يحسبون أنهم يحسنون صنعا و ما ذلك علي اللّه بعزيز؛ و شرط الواقف تقبل اللّه منه الحسنات و لا و اخذه ما كسبت يداه من السيئات أن لا يسلم من الأراضي الموقوفة من النواحي و البساتين و البسوط بالقرار الشمسي شيئا أصلا؛ و لا من المسقفات من الدكاكين و الخانات و الطواحين بالعرضة أبدا، و من فعل ذلك فحكمه باطل؛ و شرطه مفسوخ؛ و تصرف من تصرف فيها بهذه

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 104

الشبهة حرام سحت و فاعله مأثوم، ملوم الخالق و الخلق فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما

إِثْمُهُ عَلَي الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ و كتب في شهور سنة ثمان و خمسين و سبعمائة و الحمد للّه وحده و الصلاة و السلام علي نبي الرحمة و شفيع الأمة؛ و كاشف الغمة النبي الأمي العربي الهاشمي القرشي المكي المدني سيد المرسلين و رسول رب العالمين و خاتم النبيين و علي آله الطاهرين الكرام و صحبه المنتخبين البررة و سلم تسليما كثيرا. ا ه.

الكتابات المنقورة علي الجدران:

و في المدرسة كتابات أخري في مواطن متعددة تتعلق بالموقوفات نقلها بوقتها المرحوم السيد نعمان خير الدين الآلوسي و عليه اعتمدت في ذكر نص الوقفية و الكتابات الأخري في المدرسة. و هذا نص المكتوب في إيوان المزملات: «بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه حق حمده، و الصلاة و السلام علي نبي الهدي محمد و آله و صحبه من بعده. يقول الواقف مرجان بن عبد الله بن عبد الرحمن السلطاني الأولجايتي من غير شروط أوقافي، أو تصرف فيها خلاف ما شرطت لعن في الدنيا و الآخرة، و ألحق بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ هُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَ لِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً و شرطت أن لا يؤجر أكثر من سنة واحدة: و لا يعقد عقد إجارة قبل انقضاء العقد الأول، و لا يوفر من الموقوفات شي ء بوجه المرسومات بعد المرتزقة بها مما ذكر فهو ظالم عند اللّه. و صلي اللّه علي سيدنا محمد النبي الأمي. و علي آله

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 105

الطيبين الطاهرين و صحبه و سلم. و ذلك في شهور سنة ثمان و خمسين و سبعمائة. كتبه أضعف عباد اللّه تعالي

أحمد شاه النقاش التبريزي أحسن اللّه إليه في الدنيا و الآخرة». ا ه.

و هذه الكتابة سقطت من مدة و قد احتفظ بأحجارها … و لكنها لم تعد إلي موطنها …

و هذا نص الكتابة المحفورة علي ظاهر جدار المصلي و الموجودة فوق سطح الطارمة:

«بسم اللّه الرحمن الرحيم. في بيوت أذن اللّه أن ترفع و يذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو و الآصال رجال لا تلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر اللّه. أنشأه المفتقر لمغفرة الملك المنان مرجان بن عبد الله بن عبد الرحمن السلطاني الأولجايتي. تقبل اللّه منه في الدارين طاعاته، و صلي اللّه علي سيدنا محمد و آله و صحبه الطيبين الطاهرين و سلم». ا ه.

و المكتوب علي باب الجامع: (المدرسة)

بسم اللّه الرحمن الرحيم. إِنَّما يَخْشَي اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ و إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ. هذه مدرسة رصينة البناء؛ مشيدة الأرجاء، أنشأها المفتقر إلي عفو ربه الملك المنان مرجان بن عبد الله بن عبد الرحمن.

ابتدأ بها في أيام دولة المخدوم المكرم؛ و النويان الأعظم؛ السلطان حسن أنار اللّه برهانه، و كملت في أيام ايالة ولده النويان الأعظم، سر العدالة في العالم؛ سلطان السلاطين، غياث الدنيا و الدين و مغيث

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 106

الإسلام و المسلمين، الشيخ أويس، لا زال هذا الملك الأعظم ملجأ و ملاذا للأمم؛ علي أن يدرس فيها مذهبا الإمامين الهمامين، و المجتهدين الأعظمين الإمام أبي حنيفة و الإمام محمد بن إدريس الشافعي عليهما الرحمة و الرضوان. و ذلك في سنة ثمان و خمسين و سبعمائة. و الحمد للّه رب العالمين و صلي اللّه علي سيدنا محمد و آله و صحبه أجمعين. بقلم الفقير إليه تعالي أحمد شاه النقاش التبريزي عفا اللّه

عن تقصيره» ا ه.

هذا ما نقله صاحب مساجد بغداد و قال نعمان الآلوسي بعد أن ذكر الآية إلي آخرها و أنه أتمها في زمن أويس أن بعد ذلك أسطرا قد محيت و اندرست و مسح عليها بالجص أيضا ككثير مما كتب علي جدران أوقافه.. و في لغة العرب ذكر الأديب الفاضل مصطفي جواد نص ما تمكن من قراءته …

و قد رمم باب الجامع و احتفظ بوضعه القديم و أعيد المنهدم إلي مثل ما كان عليه كما أصلح مصلاه و عليت أرضه في أيام تولية المرحوم الشيخ أمين عالي آل باش أعيان العباسي وزارة الأوقاف سنة 1345 ه فاحتفظ بهذا الأثر الجليل.

و هذه المدرسة قويت علي الأيام و لا تزال قائمة و كان قد أمر سليمان باشا الكبير والي بغداد أن يوسع المصلي بهدم بعض الحجر المبنية و إدخالها فيه، و جعل فيها عبد الله الراوي أو عبد الرحمن الراوي مدرسا فأرخ ذلك بهذه الأبيات:

تبارك من أنشا الأنام و أوجدا و قيض منهم من يقام به الهدي

ففي كل قرن يبدو منه مجدد حديث أتي عن سيد الرسل مسندا

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 107

فكان بهذا القرن حقا مجددا وزير محا رجس الضلالة و الردي

فأحيا ربوع العلم بعد دروسها و كم جامع أحيا و جدد مسجدا

و مذ بان في هذا المكان تخلخل تداركه فورا فأضحي مشيدا

هنيئا له حاز الثواب لأنه نوي عملا للّه صرفا مجردا

و فيه روي الراوي الحديث مؤرخا سليمان أضحي عادلا بل مجددا

1200 ه هذا ما ذكره السيد نعمان الآلوسي و من دفتره نقلت و يقاربه ما جاء في مساجد بغداد. و الملحوظ أن باب المصلي قد كتبت عليه هذه الأبيات منقوشة علي الكاشي

في التاريخ المذكور أعلاه بخط الخطاط العراقي الشهير نعمان الذكائي.

2- دار الشفاء:

من آثار الخواجة مرجان دار الشفاء. و هذه عادت اليوم قهوة تحتانية و أخري فوقانية و تعرف ب (قهوة الشط). ثم صارت التحتانية محلا معدا للأعمال التجارية و لا تزال الأخري قهوة. و كانت تؤدي (إجارة عرصة) للأوقاف، و هي الآن من أوقاف (مدرسة اليانس) اليهودية و كذا الأملاك المتصلة بها.. و قد نبه علي ذلك المرحوم السيد نعمان خير الدين و عينها في هامش دائرة المعارف للبستاني الموقوفة بين كتب مكتبته التي انضمت إلي دار كتب الأوقاف العامة. و أيد ذلك الأستاذ السيد محمود شكري الآلوسي في تاريخ مساجد بغداد..

و من الموقوفات علي المدرسة و علي دار الشفاء (خان الأورتمة) و سيأتي الكلام عليه في حينه. و قد اندرس غالب الموقوفات لهما، فلا

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 108

زينة الطابوق في جامع مرجان- هرتسفيلد

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 109

يفيد مع النفوس الشريرة اللعن و التهديد بغضب اللّه … مما ذكره الواقف رحمه اللّه تعالي في متن وقفيته و سائر ما حفره علي الأحجار..

و الواقف أول من التفت إلي عمل مثل هذا الأثر الجليل من عهد انقراض الحكومة العباسية فلم تهتم هذه الحكومة بمثل هذه الأمور …

و الأهلون مهملون من ناحية الصحة و الثقافة لو لا أن أهل الخير شخصيا، و الواقفين السابقين أسسوا هذه المؤسسات النافعة.. فالحكومة لا هم لها إلا الجباية و سلب الأموال … و لم تقلل من جشعها حتي في أيام اتخذت فيها بغداد عاصمة و زاد الاعتناء بها … و إنما قام بالأعمال الخيرية أفراد حبا في الثواب …

الملك الأشرف- انقراض الحكومة الجوبانية:

كان قد ولي الملك الأشرف بعد أخيه الشيخ حسن الصغير كما

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 110

مر

سابقا و هذا نصب (نوشيروان العادل) من ذرية هلاكو ملكا، ثم عزله و أعلن حكومته مستقلا فضربت باسمه النقود، و قرئت له الخطب و كان سيئ السيرة جدا. و في أيامه ترك غالب المسلمين أوطانهم و هاجروا إلي الأنحاء الأخري، فلم يطيقوا الصبر علي شراسته و قسوته. و كان بين هؤلاء النازحين القاضي محيي الدين البردعي فقد هرب من وجهه، و ترك تبريز فالتجأ إلي جاني بيك ملك القفجاق؛ و كان قد ولي هذا بعد والده أوزبك أما القاضي المزبور فإنه عدد مساوي الملك الأشرف و قصها علي جاني بيك و حضار ديوانه فلم يتمالكوا استماع ما ذكره فأجهشوا بالبكاء … ذلك ما دعا أن يجهز الملك عليه في مدة قليلة جيشا لجبا، و يحضر الحرب بنفسه فدخل آذربيجان سنة 758 ه و تصادم مع جيش الملك الأشرف في خوي. و في هذه المعركة تغلب القفجاق علي الملك الأشرف السلدوزي فقتل و استولي السلطان علي خزائنه …

و كان الأشرف قد ظلم الخلق و اكتنز الخزائن فاستفاد غيره منها و قد قيل في ذلك:

ديدي كه چه كرد أشرف خر أو مظلمه برد و ديكري زر

فانقرضت بهذا الحكومة الجوبانية و هي من متغلبة المغول و قد بسطنا القول في غالب حوادثها مع العراق فصارت في خبر كان. أما جاني بيك ملك القفجاق فإنه أسر تيمورتاش ابن الملك الأشرف و سلطان بخت بنته و عاد إلي عاصمته (السراي)، و أبقي ابنه بردي بيك

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 111

بخمسين ألفا في آذربيجان و لكن ابنه لم يلبث إلا قليلا فعاد إلي مملكته (القفجاق) لمرض أصاب والده جاني بيك فجعل بردي بيك عوضه الأمير أخي جوق نائبا عنه

في تبريز.

و قد بسط صاحب (تلفيق الأخبار و تلقيح الآثار) القول في هذه الوقعة و نقل عن مؤرخين كثيرين و بحث عن ملوكهم مفصلا و ذكر أن محمود جاني بيك مرض في الطريق أثناء عودته إلي مملكته فأرسل أمراؤه وراء ابنه بردي بيك يعلمونه بالخبر و يطلبونه للحضور سريعا و حينئذ ولي علي تبريز أميرا قيل هو وزيره سراي تيمر، و قيل أخي جوق وزير الملك الأشرف و وصل بردي بيك إلي (سراي) و قد توفي أبوه السلطان في هذه السنة (758 ه).. فنصب الابن بردي بيك ملكا مكانه في تلك السنة. قال أبو الغازي صاحب شجرة الترك: «إن بردي بيك كان ظالما غشوما فاسقا قاسي القلب ما ترك أحدا من إخوانه و أقاربه بل قتل الكل، و ظن أن الملك يدوم له و لم يدر أن الدنيا فانية سريعة الزوال فلم يدم له الملك إلا مقدار سنتين فمات في سنة 762 ه، و انقطع بموته نسب صاين خان يعني الملك باتو..» ا ه. و قال ابن خلدون: «استقل بالدولة لثلاث سنين من ملكه» ا ه، فيكون جلوسه سنة 759 ه، و بموته وقع الاختلال في دولتهم و كثر الهرج و المرج فتفرقوا إلي دويلات صغيرة …

حوادث سنة 759 ه- 1358 م

السلطان- فتح آذربيجان:

في هذه السنة أيام الربيع علم السلطان أويس أن بردي بيك خان رجع إلي مملكة الدشت (القفجاق) و إن أخي جوق بالنيابة عنه استولي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 112

علي آذربيجان بالوجه المذكور أعلاه، أو أنه تغلب علي الأمير المنصوب.. فجهز السلطان جيشا عرمرما من بغداد و توجه تلقاء تبريز.

أما أخي جوق فقد تأهب للنضال و سارع لقتاله و صار ينتظره بجيشه عازما علي حربه فكانت المعركة

بينهما شديدة و الصدام قويا إلا أن الحرب لم تسفر في اليوم الأول عن نتيجة، و لم يظهر الغالب من المغلوب و هكذا استمرت إلي اليوم الثاني فأصابت أخي جوق الهزيمة فمال إلي أنحاء تبريز فارا و لكن السلطان أويس لم يمهله و تعقب أثره فقطع أخي جوق أن السلطان لاحق به فهرب إلي جهات نخچوان و حينئذ ورد السلطان تبريز و نزل (الربع الرشيدي) في رمضان سنة 759 ه. و من ثم وافي أمراء الشرق لعرض الطاعة له و تقديم الإخلاص … إلا أنه لم تمض عليهم بضعة أيام حتي نووا الغدر بالسلطان و علي هذا طبق عليهم «الياسا» أي أنه قتل منهم في رمضان هذه السنة ما يقرب من 47 أميرا. و الباقون ذهبوا إلي أخي جوق و لحقوا به، و هذا سار من نخچوان إلي قراباغ اران، و عند ذلك رشح السلطان الأمير علي بيلتن لحرب هؤلاء المخالفين فتوجه نحو أخي جوه و لكنه تهاون كثيرا و أبدي تكاسلا، و لم يبال بالأمر فأصابته الكسرة و انتصر عليه أعداؤه فقدر لهذه البلاد أن يستولي عليها هذا الأمير ثانية. فاضطر السلطان أن يعود إلي بغداد و يعد للأمر عدته.. و تمكن أخي جوق من التغلب عليها مرة أخري. و قد أصاب هذه الأنحاء من الأضرار في النفوس و الأموال ما لا يدخله إحصاء …

حوادث سنة 760 ه- 1359 م

عود إلي وقائع آذربيجان:

مرت حوادث تبريز في السنة الماضية. و في فصل الربيع من هذه السنة جرد الأمير مبارز الدين محمد مظفر جيشا من شيراز و ساقه إلي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 113

تبريز فلم يطق الأمير أخي جوق الصبر علي مقارعته ففر من وجهه …

و في ذلك الحين فاجأت الأخبار

بمسير السلطان أويس و توجهه تلقاء تبريز فلم ير الأمير مبارز الدين بدا من العودة إلي مملكته بخفي حنين و ترك البلاد فدخل السلطان تبريز و نزل دار الخواجة الشيخ كج من مشايخ و علماء تبريز …

و في هذه الأثناء التجأ الأمير أخي جوق إلي صدر الدين الخاقاني و من ثم دارت المفاوضات في الصلح و طلب العفو للأمير أخي جوق فنال عطف السلطان إلا أنه بعد أن اطمأن و استراح مدة أنبأ الخواجة الشيخ السلطان أويس دخيلة الأمير و ما عزم كل من علي بيلتن و جلال الدين علي الغدر به فأمر السلطان أن يقتل هؤلاء الثلاثة فقتلوا و نجا الناس من فتنهم و غوائلهم …

و من ثم دخلت تبريز في حوزة السلطان و كذا آذربيجان و اران و موقان و الأنحاء المجاورة الأخري حتي سواحل بحر الخزر فوسعت مملكة الجلايرية توسعا كبيرا و صارت آذربيجان مصيفا، و العراق مشتي لها كما كانت علي عهد المغول.

خان الاورتمة: (أثر تاريخي)

في هذه السنة بني هذا الخان. و لا يزال قائما إلا أنه تداعت بعض أركانه فرممته دائرة الآثار و أصلحت بعض نواحيه في هذه السنة (سنة 1355 ه)، و هو شاهد الاعتناء في اتقان العمارة و إحكامها … و هذا نص ما جاء مكتوبا علي بابه نقلا عن السيد نعمان خير الدين الآلوسي قال:

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 114

الكتابة علي باب خان الأورتمة- دار الآثار العراقية

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 115

صورة ما حرر في الحجر في باب الخان المعروف بخان الأورتمة أي المسقف بالأحجار، و قد ذهب بعض الأسطر من أعلي المكتوب و الذي بقي هو هذا:

« … الاولجايتي وقفها علي المدرسة المرجانية و

دار الشفاء بباب الغربة (كذلك عقرقوف)، و النصف للقائمة (من القائمية)، و تل دحيم، و مزرعة بالصراة، و بساتين بالمخرمية و بساتين بقرية البزل (الترك)، و الرادماز، و خرم آباد و رباط جلولا المعروف بقزلرباط، و زرين جوي، و نصف دوري، و بساتين ببعقوبة و بوهريز و بالبدنيجين، و خان و دكاكين بالحلبة، و أربع خانات و دكاكين بالجوهريين، و خان بالجانب الغربي، و دكان كاغد بالحريم كما هو محدود مشروح في الوقفية وقفا صحيحا شرعيا، تقبل اللّه تعالي منه الطاعات في الدارين و (بلغه) نهاية المراد، و كان الفراغ منه سنة ستين و سبعمائة. و الحمد للّه وحده و صلي اللّه علي سيدنا محمد النبي الأمي العربي الصادق، و علي آله الطيبين الطاهرين و صحبه و سلم.

كتبه الفقير إلي رحمة ربه احمد شاه النقاش المعروف بزرين قلم.

غفر اللّه ذنوبه» ا ه.

هذا ما وجد بخطه.

و جاء في لغة العرب نص المكتوب بقراءة الأديب الفاضل مصطفي جواد:

«بسم اللّه الرحمن الرحيم. أمر بإنشاء هذا النيم و المنازل

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 116

و الدكاكين المولي المخدوم الأمر الصاحب الأعظم الأعدل ملك ملوك الأمر في العالم. صاحب العدل الموفور. عضد السلطنة و الإمارة، حاوي مرتبة الإمارة و الوزارة، افتخار شهد الأوان، المخصوص بعناية الرحمن، أمين الدين مرجان الأولجايتي وقفها علي المدرسة.

الخ» ا ه.

و الباقي لا يختلف عن النص السابق إلا في بعض الألفاظ، ذكرتها بين قوسين في النص المنقول عن الآلوسي و النص في تاريخ مساجد بغداد غير صحيح..

و كتب علي صخرة في مدخل باب الخان ما نصه:

«بسم اللّه الرحمن الرحيم. في أيام حضرة السلطان الوالي الدال علي المذهب الإمامي شاه إسماعيل بن حيدر الصفوي الحسني. أيدت دولته

و وقف عالي جناب الأمير الكبير، المخصوص من اللّه بالعناية و الإحسان، الأمير العادل (قنغرار) سلطان علي قول اللّه تعالي: وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ و اعلم أن عواقب الظلم ذميمة، و موارده وخيمة، فصدر الأمر العالي بألا يؤخذ من دلالي الإبريسم و من غرة (الظاهر غير) الأقمشة شي ء بعلة التمغا و من غير ذلك أو شيئا منه فعليه لعنة اللّه و الملائكة و الناس أجمعين، و كتبه في ذي الحجة سنة 921 و الحمد للّه وحده» ا ه.

ذكره الأديب الفاضل مصطفي جواد.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 117

وفيات
1- الأمير سيف بن فضل:

مرت حوادثه سنة 748 ه و قد دامت الحروب مع سائر الأمراء إلي أن قتل في هذه السنة أو التي قبلها. و جاء في عقد الجمان أنه توفي سنة 760 ه مقتولا، و التفصيل عنه في الدرر الكامنة.

2- محمد بن علي بن أحمد السهروردي:

مات ببغداد سنة 760 ه، و كان مولدته في رجب سنة 686 ه سمع من الرشيد بن أبي القاسم العوارف للسهروردي، و منه أخذ مشيخة السهروردي و لبس الخرقة؛ و أجاز له جماعة.

حوادث سنة 761 ه- 1360 م

بيرام بيك ابن سلطان شاه- السلطان أويس:

إن هذا الأمير كان محبوب السلطان أويس، و نديمه الملازم له، أحبه حبا جما.. و في بعض مجالس الشراب تعارك مرة مع أحد الندماء فغضب مما ناله و ذهب إلي بغداد، و ترك السلطان في تبريز، و إن الخواجة سلمان الساوجي نظم للسلطان «فراقنامه» و لكن السلطان لم يطق فراقه و عظم عليه الأمر فأرسل إليه بعض رجاله فطلبه إلي تبريز و استعاده إليه. كذا في حبيب السير.

و فراقنامه هذه مثنوي فارسي يحتوي ما يقرب من ألف بيت و هو

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 118

مبتن علي أن بيرام شاه (بيرام بيك) كان معشوق السلطان بحيث لا يستطيع أن يفارقه لحظة. إلا أن هذا المثنوي نظمه الخواجه سلمان الساوجي في حادث وفاته سنة 769 ه لا في هذه الأيام، و كان تاريخ نظمه عام 770 ه بعد أن رأي أن قد نفدت الحيل و الوسائل في صرف السلطان و تسليته إلي ناحية أخري بسبب وفاة بيرام شاه فقد كان يورد له قصصا أدبية لمشاهير الشعراء مثل (فراق شمس و قمر) و (روز و شب)، و (گل و بلبل)، و (شيرين و فرهاد)، و (ليلي و مجنون)، و (وامق و عذراء) … فلم يجد فيها ما يسكن ملتهب شوقه و علي هذا الحادث نظم الشاعر له فراقنامه هذه فكانت تعد من الآثار المهمة ذات المكانة الأدبية الممتازة. قال الجامي عنها إنها «كتاب بديع و نظم لطيف» و هذه شهادة كافية للتعريف بقيمتها

الأدبية …

و كان السلطان أويس أمره بنظم حكاية تناسب الحالة و لكنه فضح بها السلطان و أذاع حادث حبه و ولهه … لبس عليه السواد، حزن حزنا عظيما فحكي الخواجة سلمان قصة عشقه هذه، و ما ناله من نصب الفراق و عودته له ثم وفاته … فانكشف أمره بهذه القصيدة، و دعت إلي التقول عليه..

وفيات
1- فياض بن مهنا بن عيسي:

من آل فضل، أمير العرب. ولي الإمرة من الناصر، ثم وليها بعد أخيه أحمد و بعدها عزل … و هكذا حتي جاء العراق فتوفي سنة 761 ه و كان سيئ السيرة.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 119

حوادث سنة 762 ه- 1361 م

مخدوم شاه داية السلطان:

في هذه السنة تزوج سلمان بك داية السلطان (مرضعته) و تسمي مخدوم شاه و تلقب ايكجي. و كانت تعد من الأميرات، و هي عظيمة الشأن، صائبة الرأي و كان يهرع إليها في حل القضايا المهمة و الخطوب المدلهمة.. و بهذا نال زوجها منصب الإمارة … فإن هذا الزواج كان بأمر من السلطان و رغبته، و كان السلطان لا يزال في تبريز …

و من ثم صار يدعي هذا الأمير (سليمان أتابك)، و هو أمير الأمراء كما أن الوزارة نالها الخواجة نجيب الدين و قد نظم المولي الياس قلندر أبياتا فارسية في ذلك ذكرها صاحب روضة الصفا (ج 5 ص 170).

حوادث سنة 763 ه- 1362 م

مدرسة و دار شفاء
آثار مخدوم شاه:
اشارة

في هذه السنة ذهبت مخدوم شاه إلي الحج و قامت بالعمارات التالية:

1- عمارة الايكجية:

لقبت مخدوم شاه المذكورة باسم عمارتها هذه. فقيل لها ايكجية، أو أن لقبها هذا انتقل إلي عمارتها و الظاهر أنها عمارة سوق الغزل.

و لفظ إيكجية يعني أصحاب المغازل و هو سوق المغازل و لا يزال إلي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 120

اليوم معروفا بسوق الغزل و تباع فيه المغازل و بعد أن خرب الجامع و اندثرت موقوفاته عمرتها مجددا … و أحيت (جامع الخلفاء) الذي لا يزال يسمي جامع سوق الغزل أيضا. و قد ضاعت عنا تفاصيل أخبارها.

2- المدرسة:

و هذه لا يعرف مكانها بالتحقيق و إنما جاء في الغياثي «لها مدرسة عظيمة» و لم يعين موقعها … و الصلة قد انقطعت فلم تعد تعرف ما كانت عليه … و إلي إين صارت …

3- دار الشفاء:

و هذه أيضا من آثارها، و علي ما جاء في تاريخ الغياثي كانت دار الشفاء علي جانب دجلة. فبني السلطان أحمد في وجهها القلندر خانة.

المولي خانة أو جامع الآصفية

و القلندر خانة هذه هي المعروفة بعد ذلك ب (المولي خانة) أو (المولوي خانة) بناها محمد چلبي كاتب الديوان و كاتم السر في عهد أحد المتغلبة علي بغداد أحمد الطويل سنة 1017 ه، و جعلها تكية لدراويش المولوية. و حافظت علي اسمها إلي أيام داود باشا فجدد عمارتها و من ثم صارت تسمي ب «جامع الآصفية» نسبة إلي داود باشا المنعوت بآصف زمانه.. و قد جاء في الوقفية المؤرخة في غرة رجب سنة 1243 ه أن القاضي بمدينة بغداد إبراهيم أفندي بن محمد أفندي قد ثبت عنه أنه في 2 رجب سنة 1241 ه جاء جماعة من العلماء إلي قاضي بغداد يومئذ محمد راشد أفندي بن فخر الدين فأخبروه بأن طريق

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 121

الجسر النافذ إلي الجانب الشرقي من البلد الممتد من مسناة الجسر إلي القهوة الشهيرة بقهوة زنبور فيه ضيق علي المجتازين بسببه يحصل ازدحام و مشقة للمارين خصوصا من ضعف منهم كالصبيان و الشيوخ و الزمنين، و سبب ذلك أنه جادة واحدة ليس لها ثانية، و يقابله من طرف الجسر الآخر الغربي ثلاث طرق متحاذية متباينة، فطلبوا منه أن يعرض هذا الحال لحضرة الوزير … داود … و يرجو منه أن يفتح بابا للجسر آخر، و يجعل داخل الباب طريقا عاما يسلك منه الصغير و الكبير فيكون في ذلك تيسير للسالكين و أن يفتح الباب من مكان في حذاء الجسر هدمت عمارته و هو الآن خراب ليس فيه منفعة دنيوية و لا مصلحة أخروية،

و مع ذلك فهو مأوي المفسدين و الزناة و الفسقة. و بعد الإلحاح علي القاضي أجابهم معتذرا بأنه لقرب عهده لم يميز أمور البلد الخيرية عن الشرية. و في اليوم الثاني جاءه أعيان العلماء بأجمعهم و بينهم مفتي الحنفية محمد أسعد أفندي، و مفتي الشافعية عبيد الله أفندي، و السيد محمود أفندي نقيب الأشراف فالتمسوا منه أن يعرض الحال علي الوزير الذي منذ جلس علي تخت المملكة باشر بتعمير الجوامع و المساجد و القناطر و الجسور. فذهبوا جميعا إلي المكان لرؤيته، و مشاهدة الازدحام و ما فيه من الأذي … و من ثم تحققت له المنفعة فعرض حينئذ الحالة علي حضرة الوزير … فلما اطلع الوزير علي إعلام حاكم الشرع الشريف و علم أن في ذلك مصلحة شرع في عمارة الباب و الطريق العام. و عمر عمارات في رأس الطريق فجعل قهوة مشرفة علي الدجلة العظمي و خانا للتجار و 26 دكانا، و دكة صراف و كرخانة يحمس فيها قهوة البن تسمي بالتحميس، و كرخانة أخري يعمل فيها الخبز و بني بحذاء الطريق (جامعا) حسنا في داخله مدرستان و حجر كثيرة لسكني طلبة العلم.. و في طرفيه مأذنتان. ثم إن حضرة الوزير.. لما فرغ من هذه العمارات وقفها علي (جامع الآصفية) الذي أنشأه و عدد شروط الوقف و مصارف الجامع و المدرستين.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 122

و علي كل لا يزال يسمي الجامع ب (الآصفية) و ب (المولي خانة) و قد ذكر في تاريخ مساجد بغداد ما قيل من الشعر في تاريخ تجديده و فصلت أمور أخري مهمة لا نري حاجة في تكرارها.. و الأصل من مؤسسات مخدوم شاه المذكورة. و لا يعرف

بالتحقيق ما كان قبل ذلك.

وفيات
1- ابن الدريهم الموصلي:

هو تاج الدين علي بن محمد بن عبد العزيز الثعلبي المعروف بابن الدريهم، و هو لقب أحد أجداده سعيد ولد في شعبان سنة 712 ه؛ و قرأ القرآن بالروايات علي أبي بكر بن العلم سنجر الموصلي، و تفقه علي الشيخ نور الدين علي ابن شيخ العوينة، و أخذ عن علاء الدين بن التركماني، و شمس الدين الأصفهاني.. و سافر إلي دمشق ثم القاهرة فأثري و تمول، و له حوادث في مصر و سورية؛ ثم رتب مدرسا بالجامع الأموي، ثم في صحابة ديوان الجامع؛ ثم رتب في ديوان الأسري.

دخل مصر فبعثه الناصر حسن رسولا إلي الحبشة و هو مكره علي ذلك فوصل إلي قوص فمات في صفر هذه السنة (762 ه).

و كان ماهرا في الأحاجي و الألغاز و حل المترجم و الأوفاق و الكلام علي الحروف و خواصها.

و في كشف الظنون توفي سنة 763 ه و له منظومة في المعمي شرحها في كتاب سماه مفتاح (الكنوز في حل الرموز)..

2- شمس الدين محمد بن عيسي بن كر:

و يروي كثير عوض (كر) و هو مرواني بغدادي ثم مصري حنبلي.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 123

ولد سنة 681 ه و كان قدم أبوه من بغداد إلي القاهرة حين غلب عليها هلاكو. ولي مشيخة الزاوية التي بجوار المشهد الحسيني، و أخري بالقرب من الدكة … كان موسيقيا، أخذها عن غير واحد ففاق الأقران و صنف فيها تصنيفا بديعا في فنه فهو فرد لا يلحق، فقد نقل مذاهب القدماء و حررها، و أخذ علي نفسه بأن لا يمر به صوت مما ذكره الأصبهاني إلا و يجي ء به علي وجهه، و لم يتكسب ببضاعة الموسقي، ذكر ذلك ابن فضل الله و قال لقد رأيته يوما غني فأضحك،

ثم غني فأبكي، ثم غني فنوم فرأيت بعيني ما كنت سمعت بأذني عن الفارابي.

مات سنة 763 ه.

حوادث سنة 764 ه- 1363 م

وفيات
محمد بن الحسين الربعي (ابن الكويك):

هو شرف الدين محمد بن الحسين بن محمود بن أبي الفتح المعروف بابن الكويك الربعي التكريتي ثم المصري كان من أعيان التجار الكارمية، و هو صاحب المدرسة الكبيرة بمصر، جعلها دار الحديث، و رصد لها أوقافا كثيرة. مات بمكة مجاورا سنة 764 ه و ترك مالا كثيرا جدا فأفسده ولده محمد في سنة واحدة فيقال إنه أتلف فيها سبعين ألف مثقال ذهبا.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 124

حوادث سنة 765 ه- 1364 م

عصيان والي بغداد الخواجة مرجان:

كان السلطان قد بقي في تبريز إلي هذه الأيام، و فيها عصي الوالي الذي كان قد نصبه علي بغداد من حين ذهب، و حاول أن يستقل في بغداد، و أعلن حكومته، و جاهر بمخالفة السلطان.. و هذا هو صاحب الأوقاف المذكورة سابقا فسار السلطان إليه من حين سمع؛ و عزم علي دفع غائلته، فتأهب الفريقان للقتال. و في أثناء تقابل الجيوش قام الأمير زكريا وزير السلطان أويس و نادي الأمراء الذين مع الخواجة مرجان كلّا باسمه (يا فلان) فقالوا نعم: فقال إننا إذا جاء أمر ربنا و بذلنا نفوسنا في سبيل السلطان فلنا العذر، و أما أنتم فتبذلون أنفسكم لطواشي قليل القيمة و القدر. فلما سمعوا هذا الكلام انحازوا إلي عسكر السلطان، و بقي مرجان وحده فريدا ففر إلي المدينة و خرب جسر دجلة. و في اليوم التالي طلب رحمة السلطان و لطفه به و رأفته و فتح له أبواب بغداد، و إن العلماء و السادة و المشايخ و العارفين قد استقبلوا موكب السلطان؛ كما أوصاهم الخواجة مرجان و شفعوا في العفو عنه فدخل بغداد. و حينئذ عفا عن الخواجة مرجان إذ تبين له أن الأمراء كانوا قد شوشوا عليه أمره؛ و أشاروا إليه أن يعصي

فلم يستطع أن يخالفهم خوفا علي نفسه فقبلت معذرته.

و ما جاء في الدرر من أن سبب عصيانه كان أحمد بن حسين أخي السلطان أويس و أن السلطان قتل أخاه حسينا المذكور فلا أثر له في التواريخ الأخري كما أن الوقعة لم تكن سنة 767 ه.

هذا و كان الخواجة مرجان قد فتح سدود دجلة فأغرق أطراف

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 125

بغداد لمسافة أربع ساعات فقد كسر سد (قورج) و قطع الطريق فلم يتمكن السلطان من الاستيلاء علي البلد و مضت أيام و الوضع في توقف و لم يتيسر الأمر و من ثم أمر السلطان جماعة من أمرائه أن يذهبوا إلي النعمانية و يحصلوا علي سفن. و في هذه الأيام وافي لخدمة الملك قرا محمد حاكم واسط و سارع بإمداد السلطان و قدم له سفنا كثيرة فتمكن من العبور و الاستيلاء علي بغداد و ألقي القبض علي الخواجة مرجان بالوجه المذكور.

و الخواجة مرجان كان طواشا، رومي الأصل و يلقب بأمين الدين ابن عبد الله بن عبد الرحمن الأولجايتي نسبة إلي السلطان أولجايتو (محمد خدابنده) أحد سلاطين المغول و كان من مماليكه … و من المقطوع به أنه لم يرجع إلي ولاية بغداد ثانية إلا بعد مدة. و بيانه في نص الوقفية يشعر بمجمل حياته.. و الأمراء أساس الفتن و منبع الغوائل، و هم الذين اضطروه علي القيام فلم يره صالحا للحكم إذ تحقق ضعف نفسه. و في هذه الوقعة قتل السلطان من أمرائه كيخسرو، و شيخ علي، و محمد بيلتن، و علي خواجة و جماعة آخرين كان قد ارتاب فيهم …

و لهذه دخل علي ما يظهر في أصل الحادث.

و للخواجة سلمان الساوجي قصيدة في هذه

الوقعة ذكرها صاحب روضة الصفا و مثبتة في ديوانه و في كتاب سلمان الساوجي لرشيد ياسمي.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 126

فتح فارس:

في هذه السنة أشار الخواجة سلمان في قصيدة له إلي استيلاء السلطان علي فارس و لكن هذه مساعدة من السلطان أويس لشاه محمود المظفري، و فيها تسلطت الجيوش علي شاه شجاع و جعلت هذه الوقعة نفوذا للجلايرية و صيتا ذائعا إلي حدود كرمان و هرمز و خليج فارس …

و صار يخطب ود هذه الحكومة كل من شاه شجاع و أخيه شاه محمود و يريد أن يكون له حماية و صلة بها.

وفيات
1- مدرس البشيرية:

القاضي جمال الدين عبد الصمد بن إبراهيم بن خليل و يعرف بابن الخضري (الحصري) الحنبلي، محدث بغداد؛ المدرس في البشيرية، اختصر تفسير الرسعني، كان يحدث و يحضره خلق منهم المدرسون و الأكابر، و له ديوان شعر حسن، و خطب و وعظ. مدح الشيخ تقي الدين الزريراني و رثاه. و رثي الشيخ تقي الدين ابن تيمية أيضا توفي ببغداد في رمضان و دفن في مقبرة الإمام أحمد.

2- شهاب الدين الشيرجي (السرحي):

هو أبو عبد الله أحمد بن محمد بن سليمان الشيرجي (السرحي) مرت ترجمته في هذا المجلد و هو من وفيات هذه السنة فذكر هناك سهوا.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 127

3- أبو عبد الله محمد الواسطي:

هو شمس الدين أبو عبد الله محمد بن الحسن بن عبد الله الحسيني الواسطي المؤرخ ولد سنة 717 ه درس بالصارمية و أعاد بالشامية البرانية و كتب الكثير نسخا و تصنيفا بخطه الحسن. فمن تصانيفه مختصر الحلية لأبي نعيم في مجلدات سماه مجمع الأحباب، و تفسير كبير، و شرح مختصر ابن الحاجب في ثلاثة مجلدات، و كتاب في أصول الدين في مجلد، و كتاب في الرد علي الإسنوي في تناقضه و كان منجمعا عن الناس و الفقهاء خصوصا توفي في ربيع الأول و دفن عند مسجد القدم.

4- القاضي جمال الدين الشهيد:

جمال الدين أبو حفص عمر بن عبد المحسن بن إدريس الأنباري ثم البغدادي الحنبلي الشهيد الإمام الفاضل قرأ علي جمال الدين أحمد ابن علي البابصري و غيره و تفقه حتي مهر في المذهب و نصره و أقام في قمع البدع … و كان إماما في الترسل و النظم. و له نظم في مسائل الفرائض و ارتفع حتي لم يكن في المذهب أجل منه من زمانه. استشهد في هذه السنة. و في الدرر سنة 766 ه. و قال «كان من قضاة العدل، كثير الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، تعصب عليه جماعة …

و نسبوه إلي ما لا يصح عنه فضرب بين يدي الوزير، ضربا مبرحا فمات» ا ه. دفن في مقبرة الإمام أحمد في المدرسة التي عمرها.

5- مجد الدين أحمد بن علي بن الحسن بن خليفة البغدادي:

الحسيني التاجر ولد سنة 691 ه. أخذ عن ابن المطهر الحلي في

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 128

المعقول، و قدم دمشق فشغل الناس و انتفع به جماعة و خلف ثروة جيدة مات في رمضان سنة 765 ه.

حوادث سنة 766 ه- 1364 م

سفر السلطان- والي بغداد الجديد:

إن السلطان أويس قضي- بعد وقعة الخواجة مرجان- نحو 11 شهرا براحة و طمأنينة و فوض منصب ولاية بغداد إلي (سلطان شاه خازن) و هذا الوالي هو والد بيرام شاه (بيك) المذكور سابقا …

وقائع الموصل و ما جاورها:

ثم توجه إلي الموصل فاستولي عليها و انتزعها من يد مراد خواجة أخي بيرام خواجة التركماني مؤسس حكومة قرا قوينلو و للخواجة سلمان الساوجي قصيدة في فتح الموصل ذكرها صاحب روضة الصفا … و من هناك سار إلي صحراء موش فحارب بيرام خواجة هناك و دمره و قبائله، ثم مال من طريق قرا كليا تبريز فأقام بها.. و دامت مدة إقامته فيها إلي آخر أيام حياته …

و قد تعرض لهذه الوقائع صاحب الشرفنامة في حوادث سنة 766 ه كما أن سلمان الساوجي جمعها مع فتح فارس سنة 766 في قصيدة واحدة مدح بها السلطان، و سماها (مفتاح الفتح) فمنحه السلطان من أجلها خمسة آلاف دينار أعطاها له من أموال الغنائم …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 129

وفيات
1- الشيخ نور الدين محمد بن محمود البغدادي:

هو الإمام المقري ء الحنبلي. سمع و خرج و قرأ و اقرأ، و تميز و ولي الحديث بمسجد يانس (كذا) بعد القاضي جمال الدين عبد الصمد المذكور في وفيات السنة السابقة. توفي ببغداد سنة 766 ه و دفن بمقبرة الإمام أحمد.

حوادث سنة 767 ه- 1365 م

1- الصاحب عز الدين أبو المكارم الحسين بن محمد الحسيني الأسدي:

البغدادي المعمر أبو المكارم بن كمال الدين بن تاج الدين المعروف بابن النيار ولد سنة 674 ه سمع من أبيه و الرشيد بن أبي القاسم … و أجاز له المجد بن بلدجي و ابن الطبال و غيرهما من شيوخ بغداد كما أنه أخذ عن غيرهم، و ناب في الحكم ببغداد علي مذهب الشافعي. و كان ممن ثبتت رياسته مات في صفر سنة 767 ه.

2- علي بن محمد بن يحيي بن هبة الله العباسي:

الحنفي البغدادي. سمع علي عبد الكريم بن بلدجي و علي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 130

الرشيد بن أبي القاسم و ولي قضاء بغداد، و نقابة الأشراف، و درس و خطب. مات في رجب سنة 767 ه.

حوادث سنة 768 ه- 1366 م

وفيات
1- ابن العاقولي:

هو محيي الدين محمد بن جمال الدين عبد الله بن محمد بن علي ابن حماد بن ثابت الواسطي الأصل البغدادي المعروف (بابن العاقولي).

أخذ عن والده و غيره، و درس بالمستنصرية للشافعية، و انتهت إليه رئاسة العلم و التدريس ببغداد قال ابن رافع بلغنا أن والده كان يقول «ولدي محمد ممن أوتي الحكم صبيا». و هو والد الشيخ غياث الدين محمد. مات في 14، أو 17 رمضان سنة 768 ه عن 64 سنة، و مولده سنة 704 ه و أبوه ذكره الإسنوي في طبقاته.

حوادث سنة 769 ه- 1367 م

حكومة شروان:

هذه الحكومة أيام ملكها كاوس بن كيقباد كانت قد عاثت في أنحاء آذربيجان استفادة من غياب السلطان أويس فعزم علي تأديبها و الوقيعة بها.. فلما رأي كاوس ذلك أرسل جماعة من الأئمة و المشايخ في طلب العفو … فعنا السلطان عنه و هدأت الأمور.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 131

فيضان- غرق:

في هذه السنة فاضت دجلة و دخل الماء بغداد، فاض ليلا و دخل المدينة، و عند الصباح نقص الماء …

والي بغداد:

في هذه السنة توفي والي بغداد سلطان شاه خازن و هذا لم يظهر في أيامه ما يستحق التدوين أو لم يصل إلينا من حوادث أيامه شي ء يذكر.

والي بغداد الجديد:

عاد للمرة الثانية الخواجة مرجان و أعطاه السلطان الطوغ و العلم و النقارة … و دامت إيالته في بغداد لمدة ست سنوات (إلي سنة 774 ه) و قد بذل العدل و أمن السبل … و بني العمارة العالية الجديدة و أتم ما كان قد شرع به سابقا من الأبنية …

وفيات
1- الأمير قاسم ابن السلطان الشيخ حسن:

في هذه السنة توفي الأمير قاسم أخو السلطان أويس بمرض الدق فأجريت له مراسم الحداد فنقل إلي النجف الأشرف و دفن بجوار والده الشيخ حسن الايلگاني و كان قد ولد في جمادي الأولي سنة 748 ه.

و مقبرتهم موجودة داخل الصحن، عثر عليها في الأيام الأخيرة فأعيدت إلي ما كانت عليه … و للخواجة سلمان مرثية فيه …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 132

2- بيرام شاه بن سلطان شاه خازن:

توفي في هذه السنة بيرام شاه ابن والي بغداد … فارتبك السلطان لموته و اضطرب، فتنغصت حياته و زاد حزنه عليه بحيث لم يفتر لحظة عن ادكاره … و قد مر بنا في سنة 761 ه حادث انفعاله من بعض الندماء و ذهابه إلي بغداد ثم استعادته إلي تبريز … و إن مصابه أثر تأثيرا عظيما علي السلطان. و قد أشرنا إلي ما كلف به الخواجة سلمان من نظم قصة فراقه (فراقنامه) و كان قد نظمها سنة 770 ه … فلا نري حاجة لإعادة الكلام هنا … و كان سبب وفاته إدمان الشرب …

حوادث سنة 770 ه- 1368 م

أمير العرب:

ولي في هذه السنة زامل بن موسي بن عيسي بن مهنا، ولاه الأشرف عوضا عن جماز بن مهنا أمير آل علي من طيئ، و كان قد تقلد جماز مكان مهنا بن موسي. و لما مات جماز أمر الناصر ولده رملة بن جماز.

وفاة الحاجة ماما خاتون:

في أوائل هذه السنة توفيت الحاجة ماما خاتون زوجة السلطان أويس و أم أولاده. فحزن عليها السلطان و أجريت لها مراسم الحداد …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 133

حوادث سنة 771 ه- 1369 م

طاعون عظيم:

حدث في تبريز طاعون عظيم، و كذلك في البلدان الشمالية، و قد بالغ المؤرخون في وفياته كثيرا فهو وباء فتاك جدّا..

وفيات
1- ابن العلامة الحلي:

هو الشيخ فخر الدين أبو طالب محمد بن الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي. مضت ترجمة والده في حوادث سنة 726 ه، و المترجم ولد في 22 جمادي الأولي سنة 682 ه ذكره جماعة من علماء الرجال منهم صاحب لؤلؤة البحرين و صاحب روضات الجنات.. و هو من مشاهير رجال الشيعة في الفقه و الكلام و علوم أخري إلا أنه لم يبلغ درجة والده العلامة، و غالب مؤلفاته شروح و حواش أو توضيحات لكتب والده … و له المكانة الرفيعة عند الشيعة و المعروف أنه أخذ عن عمه الشيخ رضي الدين علي بن المطهر و عن والده دون بيان سائر شيوخه.

و لعل شهرة والده غطت علي الكل. و الحق أن فقه والده لا يزال معمولا به من الفقهاء المعاصرين حتي الآن فيراعون غالب اختياراته و آرائه الفقهية في فقه الشيعة فلا غرابة أن يميل المترجم إلي جهة إيضاحها و شرحها و من مؤلفاته:

1- شرح القواعد سماه (إيضاح الفوائد في حل مشكلات القواعد) و الأصل لوالده.

2- شرح خطبة القواعد.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 134

3- حاشية الإرشاد.

5- الكافية الوافية في الكلام.

6- شرح نهج المسترشدين و الأصل لوالده.

7- شرح مبادي ء الأصول.

8- شرح تهذيب الأصول.

أخذ عنه من المشاهير:

1- الشهيد.

2- السيد بدر الدين حسن بن نجم الدين المدني.

3- فخر الدين أحمد بن عبد الله المتوج البحراني.

4- السيد تاج الدين بن معية.

5- الشيخ ظهير الدين ابن السيد تاج الدين المذكور.

6- الشيخ نظام الدين علي بن عبد الحميد النيلي من مشايخ ابن فهد الحلي.

توفي في 15 جمادي الآخرة سنة

771 ه. و له ابن اسمه الشيخ ظهير الدين محمد …

2- شمس الدين ابن المعافي الموصلي:

هو محمد بن تاج الدين عبد الله بن عز الدين علي بن المعافي بن إسماعيل بن الحسين بن الحسن بن أبي سنان الموصلي الدمشقي. سمع بالموصل و دمشق و حدث عن أبي نصر بن الشيرازي، و ولي إمامة العدلية

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 135

منارة جامع العاقولي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 136

وجه صندوق ضريح العاقولي- دار الآثار العراقية

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 137

بدمشق، و كان له حانوت يتجر فيه.. و كان قد أضر، و كان خيرا، ساكنا، يلازم مواعيد الحديث …

مات في سادس ذي القعدة سنة 771 ه وجده المعافي المذكور من العلماء المشاهير توفي سنة 730 ه.

حوادث سنة 772 ه- 1370 م

الأمير ولي و السلطان أويس:

إن السلطان كان قد فتح فارس، ثم حدثت له منازعات مع الأمير ولي. و ذلك أنه بعد قتلة والده طغاي تيمور استولي علي مازندران و جرجان و قومس و لم يخل من مقارعات فهزمه السلطان أويس و جعل حكومة الري التي انتزعها منه إلي أحد أمرائه قتلغشاه. و بعد سنتين توفي المزبور فنصب السلطان مكانه (عادل آغا) و هذا كان شحنة بغداد فتعالت رتبته حتي صار من متميزي أمراء الدولة الإيلگانية المعروفين.

و للخواجة سلمان الساوجي قصيدة يهني ء بها السلطان في انتصاره علي عدوه الذي كان قد عاث في ساوة (بلدة الشاعر) و خربها.

حوادث سنة 773 ه- 1371 م

شعار السادة:

أمر الملك الأشرف (ملك مصر) في هذه السنة أن تلف عصائب خضر علي العمائم علامة للعلويين فعمت في الأقطار، و شاعت، و لا

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 138

يزال أثرها باقيا إلي اليوم … و قال في هذا الحادث عبد الله بن جابر الأندلسي نزيل حلب:

جعلوا لأبناء الرسول علامة إن العلامة شأن من لم يشهر

نور النبوة في كريم وجوههم يغني الشريف عن الطراز الأخضر

و قال الأديب شمس الدين محمد بن إبراهيم بن بركة الدمشقي:

أطراف تيجان أتت من سندس خضر بأعلام علي الأشراف

و الأشرف السلطان خصهم بها شرفا ليفرقهم من الأطراف

و هكذا شاع لقب (السيد) للاختصاص في العلوية و لكن هذا لم يعين بمرسوم من أحد الملوك. و لا ذاع في زمن ما تعيينه. و في الأيام الأخيرة اكتسب شمولا.

ظهور تيمور لنك- أوليته:

في هذه السنة كان أول خروج تيمور لنك و استقلاله بالملك في تركستان و ما وراء النهر و هو تيمور لنك بن طرغاي (ترغاي) بن ابغاي الجغطايي ظهر بين كش و سمرقند.. قام كفاتح عظيم و قد أرخ بعضهم ذلك بكلمة (عذاب) و فيها من الرمز و الإشارة إلي أنه كان فاتكا قاسيا …

و وقائعه في العراق لا تزال ترن في الآذان، و تتناقلها الألسن، فنري التعريف بأوليته لازم كتمهيد لتفسير وقائعه و ما قام به من أعمال في الأقطار الإسلامية. و يعد من أكبر الفاتحين و حاول أن يقوم بأكبر مما قام به جنكيز خان المشهور … و قد أفرد جماعة من المؤرخين أيام نهضته بالتأليف لما قام به من أعمال جليلة تركت أثرا عظيما في النفوس …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 139

كان عام 773 ه تاريخ نهضة تيمور و مبدأ فتوحه

و استقلاله …

و مولده كان سنة 728 ه في قرية تسمي خواجة إيلغار من أعمال كش إحدي مدن ما وراء النهر … كان أبوه من الفلاحين و نشأ خاملا إلا أنه كان قوي القلب، شديد البطش ذكيا، فطنا. مطبوعا علي الشر … و لما بلغ أشده و ترعرع صار يتجرم فسرق مرة غنما فرماه راعيها بسهم فأصاب رجله فعرج منه فمن حينئذ قيل له (اللنك) و تعني في لغة العجم الأعرج، و الترك يدعونه (آقساق تيمور) و يقصدون عين الغرض …

ثم انضمت إليه طائفة فصار يقطع الطريق … و كان لا يتوجه إلي جهة فيرجع خائبا، و كان يلهج بأنه يملك البلاد و يبيد العباد. و كان له اتصال بشمس الدين الفاخوري و ببركة أحد الزهاد المشهورين في أيامه … مما جعل الناس يتقولون بنسبة كرامات منهما أو دعوات له … لأنهم مشبعون في هذه النسبة إلي أمثال هؤلاء الشيوخ و الزهاد … و إنما كانت نفسه كبيرة، و عزمه قويا و هميته عالية و إرادته لا تتزعزع في تطلعه إلي الملك، و هو ذو عقل وافر جدا فكان ذلك كله من أسباب نجاحه و أقوي الكرامات التي يجب أن تعزي إليه.. لا إلي شيخ أو درويش.

اشتهر أولا بمعرفة الخيل فطلبه صاحب خيل السلطان بسمرقند فقرره في خدمته، و حظي عنده فاتفق أنه مات عن قريب فقرره السلطان مكانه، و كان اسمه حسين من ذرية جنكز خان فكانت هراة و غيرها من بلاد المشرق في ملكه فاستمر اللنك في خدمته إلي أن بدا منه إجرام فخشي علي نفسه فهرب و انضم إليه جمع و عاد إلي قطع الطريق، فاهتم السلطان بأمره و جهز إليه جيشا،

فظفروا به، فلما أحضروه استوهبه بعض أقارب السلطان، فاستتابه و أقره في خدمته رغبة في شهامته فاستمر إلي أن خرج خارج بسجستان و كان ينوب فيها، فجهز إليه السلطان عسكرا رأسهم اللنك فأوقعوا بذلك النائب، و استولي اللنك منه علي مال كبير

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 140

فقسم بين العسكر الذين صحبته و استتبوا هم في الاستبعاد في ذلك البلد و ما حوله، فأطاعوه و عصوا علي السلطان فاتفق في تلك الأيام موت السلطان حسين المذكور، و قام بعده ولده غياث الدين في المملكة فجهز إلي اللنك عسكرا كثيفا فلم يكن له بهم طاقة ففر منهم إلي أن اضطروه إلي نهر جيحون فترجل عن فرسه و أخذ معرفتها بيده و دلج النهر سابحا إلي أن قطعه و نجا إلي البر الآخر فتبعه جماعة من أصحابه علي ما فعل و انضموا إليه، و تبعهم جمع كانوا علي طريقتهم الأولي فالتفوا عليه و قصدوا نخشب (مدينة حصينة) فطرقوها بغتة فقتل أميرها و استولي اللنك علي قلعتها و اتخذها حصنا له فلجأ إليه، ثم توجه إلي بدخشان و بها أميران من جهة السلطان و كانا قريبي العهد بغرامة ألزمهما بها السلطان لجناية صدرت منهما فكانا حاقدين عليه فانضما إلي اللنك فكثر جمعه و اتفق في تلك الأيام خروج طائفة من المغل علي قمر خان صاحب هراة فجمع لهم و التقوا فهزموه فبلغ ذلك اللنك فسار إليهم و صاروا علي كلمة واحدة فتوجه صاحب هراة إلي بلخ و توجه اللنك بمن معه إلي سمرقند فنازلها فصالحه النائب بها و اسمه (علي شير) علي أن تكون المملكة بينهما نصفين، فأقر بسمرقند و توجه إلي بلخ فتحصن السلطان منه فحاصره

إلي أن نزل إليه بالأمان فقبض عليه و تسلم البلد و رجع إلي سمرقند فدخلها آمنا و ذلك في أوائل هذه السنة (سنة 773 ه) فأقام رجلا من ذرية جنكز خان يقال له صرقتمش. و كانت السلطة يومئذ قد أنهيت إلي طقتمش خان بالدشت و تركستان و ذلك بعد مجاهدات عظيمة و وقائع وبيلة كان تيمور لنك قد ساعده في غالبها … و لكن تيمور لنك انقلب عليه في وقائع لها مساس في العراق علي ما سيوضح.. و قد جعل صاحب الأنباء وقعة انتصاره علي طقتمش في حوادث هذه السنة و ليس بصحيح …

و علي كل استولي اللنك علي ممالك كثيرة، فبلغه ما اتفق

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 141

لسلطان هراة فجمع العساكر و قصد اللنك بسمرقند فالتقوا بين سمرقند و خجند فكانت الكسرة أولا علي اللنك ثم عادت له الغلبة فانتصر اللنك. دخل اللنك خجند ففر أميرها و أمر فيها بعض جنده فاستولي علي بقية البلاد التي لم تكن دخلت في طاعته رهبة و رغبة. ثم دخل سمرقند فأول شي ء فعله بعلي شير صاحبه الذي أعانه علي مستنيبه و قسم البلد بينه و بينه أن قتله غيلة … ثم أوقع بمن كان بسمرقند من الزعر و كان عددا كثيرا قد أسعروا البلاد و كان اللنك أعلم بهم من غيره لأنه كان يرافقهم كثيرا، و كان إيقاعه بهم بالتدريج بطريق المكر و الخديعة و الحيلة إلي أن استأصلهم و كفي أهل البلاد شرهم ثم لما استقرت قدمه في المملكة خطب بنت ملك المغل و هو فرحان فزوجها له و زادوا في اسمه (گورگان) فلذلك كان يكتب عنه تيمور گورگان و معناه بلغة المغول الصهر

أو الختن ثم توجه بعساكره إلي خوارزم و جرجان فصالحوه علي مال ثم قصد هراة فنزل إليه ولد ملكها غياث الدين بالأمان فاستولي عليها و استصحب ملكها معه إلي سمرقند فسجنه فاستمر في سجنه إلي أن مات، ثم قصد سجستان فنازل أهلها فتحصنوا منه مدة ثم طلبوا منه الأمان فأمنهم علي شريطة أن يمدوه بما عندهم من السلاح فاستكثروا له من ذلك ليرضوه و صار يستزيدهم فبلغوا الجهد في التقرب إليه بما قدروا عليه منه فلما ظن أن غالب سلاحهم صار عنده و أن غالبهم صار بغير سلاح بذل فيهم السيف و خرب المدينة حتي لم يبق منها بعد أن رحل عنها من تقوم بهم الجمعة و لما استولي علي هذه الممالك مع سعتها و شدة فتكه بأهلها توارد أمراء النواحي علي الدخول في طاعته، و الوفادة عليه و منهم خجا (خواجة) علي بن مؤيد بطوس و أمير محمد ببناورد و أمير

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 142

حسين بسرخس فأنزلهم نوابا في ممالكهم. و كذا جميع من بذل له الطاعة ابتداء، و من راسله فعصي عليه يتعذر أن يعفو عنه إذا قدر عليه، و كان من جملة من راسله شاه شجاع صاحب شيراز و عراق العجم فبذل له الطاعة و سأله المصاهرة فزوج ابنته بابن اللنك و هاداه و هادنه و استمر علي ذلك إلي أن مات في سنة 777 ه و الحاصل صفت له ممالك سمرقند و ولاياتها و ممالك ما وراء النهر و جهاتها و تركستان و ما حواليها و ممالك خوارزم و ما يتعلق بها … و هذه الأخبار تعرف بأولية اللنك مجملا … و ممن نازله اللنك في هذه السنة

حسين صوفي صاحب خوارزم و مات فاستقر ولده يوسف مكانه و استولي اللنك علي خوارزم و خربها كدأبه في غيرها من البلاد.

و لكنه مع كل هذا لم يظهر بعد بمظهر فاتح عظيم و كل ما في الباب أنه قضي علي الدويلات الصغيرة في تلك الأنحاء … و برزت فيه آثار القدرة و الدهاء و العظمة … و إنما ذاع اسمه و اشتهر صيته بعد أن قارع أكابر الملوك و دوخ الممالك علي ما سنشير إليه في الوقائع المتعلقة بالعراق …

ملحوظة: إن طقتمش (توقتامش) المذكور ولي السلطنة بعد بردي بك المذكور سابقا و كانت قد تفرقت مملكتهم إلي إمارات صغيرة …

و المعروف أنه ابن بردي بيك أو أنه من بيت الملك علي اختلاف في ذلك. و في شجرة الترك أن الأسرة المالكة انقرضت.. و كان توقتامش من أعظم ملوك التتار شوكة و أعلاهم همة، و أحسنهم سياسة، و أقواهم جأشا و أشدهم سطوة و بأسا و في تلفيق الأخبار يميل إلي أنه ابن بردي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 143

بيك و لما استقر له الملك صار تيمور لنك يخشي توسعه و ينوي الوقيعة به خصوصا بعد أن علم بأنه قد بقي بلا مزاحم و لا معارض في ملكة الدشت (القفجاق) … و أخذ يعده من المنافسين له … و له وقائع أخري مهمة مع ايدكو ملك الترك من قبيلة قونكرات (قونقرات) و ملوك المسقوف … مما لا علاقة لها بموضوعنا و هي مذكورة في تلفيق الأخبار … و قد ترجمه صاحب الضوء اللامع و غيره.

حوادث سنة 774 ه- 1372 م

الخواجة مرجان (والي بغداد):

في هذه السنة توفي الخواجة مرجان، و قد مر بيان أوقافه، و واقعة عصيانه و كان طواشيا و من موالي

السلطان أويس، استنابه علي بغداد، ثم استوحش مرجان منه، أو كما ذكر اضطره الأمراء فأعلن استقلاله ببغداد و جاهر بالمخالفة …

و كان قد كاتب الأشرف صاحب مصر يخبره أنه خطب له ببغداد و التمس منه التقليد بالنيابة فأرسل إليه ذلك منه و من الخليفة. و أرسل الأعلام و الخلع، و أذن له أن يدخل الديار المصرية إن رابه من أويس ريب..

ثم إن أستاذه (السلطان أويس) تجهز إليه بعساكر كثيرة، و حاصره إلي أن غلب عليه بالوجه المبسوط سابقا في حوادث سنة 765 ه. قال في الدرر و يقال إنه كحله. و لكن هذا لم يثبت من المؤرخين المعاصرين. و لعل مبني هذا الخبر الإشاعة..

و بعد وفاة سلطان شاه خازن قرره السلطان نائبا عنه ببغداد (واليا)

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 144

لما علم من شهامته و حفظ الطرقات في زمانه.. و كانت الطرقات في أيام خلفه قد فسدت فلما أعيد للنيابة انصلحت فلم يزل علي ذلك إلي أن مات سنة 774 ه و من خير ما وصف به الحاكم العادل ما قاله في وقفيته:

«الحاكم العادل في رعيته كالوالد الشفيق علي ولده، ألا و إن كل من سن سنة حسنة كان له أجرها و أجر من عمل بها إلي يوم القيامة، و من سن سنة سيئة فعليه وزرها و وزر من عمل بها إلي يوم القيامة … » ا ه.

و رغبة الناس فيه و إعادته لولاية بغداد، و دوامه فيها إلي أن مات تدل دلالة واضحة علي أنه كان من حكام العدل.

والي بغداد الجديد:

ولي وزارة بغداد إثر وفاة الخواجة مرجان الخواجة سرور. و هذا من ممدوحي الشاعر الخواجة سلمان الساوجي إلا أن هذا الوالي لم يعرف عنه

من التفصيل ما يبصر بوقائعه و أيامه في بغداد و هنا نشير إلي أن صاحب (كتاب ساوجي) جعل وزارة الخواجة سرور بعد وفاة السلطان شاه خازن و لم يكن هذا صحيحا منه.

وفيات
1- أحمد بن رجب الحنبلي:

توفي في هذه السنة أو التي قبلها أحمد بن رجب بن حسين بن محمد بن مسعود السلامي البغدادي، نزيل دمشق، والد الحافظ زين الدين بن رجب. ولد ببغداد سنة 644 ه و نشأ بها، و قرأ بالروايات،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 145

و سمع من مشايخها، و رحل إلي دمشق بأولاده فأسمعهم بها و بالحجاز و القدس و جلس للإقراء بدمشق، و انتفع به، و خرج لنفسه معجما و كان ذا خير و دين و عفاف …

2- ابن كثير المؤرخ:

هو عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير البصري (البصروي) ثم الدمشقي الفقيه الشافعي ولد سنة 700 ه، و تفقه بجماعة، و انتهت إليه رئاسة العلم في التاريخ و الحديث و التفسير و هو القائل:

تمر بنا الأيام تتري و إنما نساق إلي الآجال و العين تنظر

فلا عائد ذاك الشباب الذي مضي و لا زائل هذا المشيب المكدر

و من مصنفاته التاريخ المسمي (بالبداية و النهاية) و التفسير و اختصر تهذيب الكمال و أضاف إليه ما تأخر في الميزان سماه التكميل، و طبقات الشافعية و له سيرة صغيرة و غير ذلك و تلامذته كثيرون منهم ابن حجي و قال فيه: «احفظ من أدركناه لمتون الأحاديث و أعرفهم بجرحها و رجالها و صحيحها و سقيمها و كان أقرانه و شيوخه يعترفون له بذلك و ما أعرف أني اجتمعت به علي كثرة ترددي إليه إلا و استفدت منه» و كانت له خصوصية بابن تيمية و مناضلة عنه توفي في شعبان و دفن بمقبرة الصوفية عند شيخه ابن تيمية رحمه اللّه تعالي و كان العيني صاحب عقد الجمان ينقل من تاريخه كثيرا و ترجمه ترجمة واسعة. قال عنه عند ذكر مؤلفاته:

موسوعة تاريخ

العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 146

«و التاريخ الذي فاق علي سائر التواريخ و هو عمدة تاريخي (عقد الجمان) هذا الذي جمعته و زدت عليه من غيره … » ا ه.

و تاريخه عمدة و معول المؤرخين بعده … و كنا نظن أن هذه العصور لم يكتب فيها أحد مفصلا سوي مؤرخي العجم و لما رأينا تواريخ الذهبي و ابن كثير و العيني و المقريزي و ابن تغري بردي و أضرابهم قطعنا في السبق لمؤرخي العرب علي غيرهم و هي مرجع سائر المؤرخين …

3- شمس الدين محمد الموصلي:

هو شمس الدين محمد بن محمد بن عبد الكريم بن رضوان الموصلي الشافعي نزيل دمشق ولد علي رأس القرن و كتب الخط المنسوب و نظم الشعر فأجاد و كان أكثر مقامه بطرابلس ثم قدم دمشق و ولي خطابة يلبغا و اتجر في الكتب فترك تركة هائلة تبلغ ثلاثة آلاف دينار قال ابن حبيب عالم علت رتبته الشهيرة، و بارع ظهرت في أفق المعارف شمسه المنيرة، و بليغ تثني علي قلمه ألسنة الأدب، و خطيب تهتز لفصاحته أعواد المنابر من الطرب، كان ذا فضيلة مخطوبة و كتابة منسوبة، و جري في الفنون الأدبية، و معرفة بالفقه و اللغة العربية، و له نظم المنهاج و نظم المطالع و عدة من القصائد النبوية و هو القائل في الذهبي لما اجتمع به:

ما زلت بالطبع أهواكم و ما ذكرت صفاتكم قط إلا همت من طربي

و لا عجيب إذا ما ملت نحوكم و الناس بالطبع قد مالوا إلي الذهب (ي)

تصدر بالجامع الأموي و ولي تدريس الفاضلية بعد ابن كثير. و قد أطنب العيني في ترجمته في المجلد الثالث و العشرين من عقد الجمان، و في الأنباء في المجلد الأول

منه.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 147

حوادث سنة 775 ه- 1373 م

غرق بغداد:

في هذه السنة كان الغرق ببغداد، زادت دجلة زيادة عظيمة و تهدمت دور كثيرة حتي قيل إن جملة ما تهدم من الدور ستون ألف دار و تلف للناس شي ء كثير بسبب ذلك و يقال إنه لم يبق في بغداد عامر إلا قدر الثلث و دخل الماء في الجامع الكبير و المدارس و صارت السفن في الأزقة تنقل الناس من مكان إلي مكان ثم من تل إلي تل. ثم يصل الماء إليهم يغرقهم و جرت بسببه في بغداد خطوب كبيرة و جلا أكثر أهليها ثم عاد من عاد فصار لا يعرف محلته فضلا عن داره …

و كانت قد زادت دجلة حتي اختلطت بالفرات فأرسلت إليها الأنهار و العيون و السحب من كل جهة و بقيت بغداد في وسط الماء كأنها قصعة في فلاة و صارت الرصافة و مشهد أحمد و مشهد أبي حنيفة و غيرهما من المشاهد و المزارات لا يوصل إليها إلا في المراكب كان قد انفتح من البستان الذي كان الخليفة اتخذه متنزها في وسط دوره فتحة علي باب الأزج فتدافع أمراء بغداد في سدها و رمي ذلك بعضهم علي بعض فكان الشيخ نجم الدين التستري تلك الأيام قد عزم علي الحج في خمسين نفرا من الصوفية و قد هيأ من الزاد ما لا مزيد عليه فاستدعي خادمه و قال: أنفق علي سد هذه الفتحة جميع ما معنا حتي الزاد ففعل، و يقال إنه صرف عليها عشرة آلاف دينار و بلغ السلطان أويس ذلك فاستعظم همته و وعد أنه يكافيه. ثم أكري من الملاحين علي حمل رحله و رجالته من بغداد إلي الحلة و كان سفر

الناس أجمعين في تلك السنة في المراكب و خرجوا في خامس شوال فلم يمض لهم إلا خمسة أيام حتي هبت ريح عاصفة قصفت سور المدينة ثم تزايد الماء فانكسر الجسر و غرقت الدور حتي إن امرأة من الخواتين ركبت من مكانها إلي كوم من

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 148

الكيمان بألف دينار و تقاتل الناس و ذهبت أموالهم و أصبح غالب الأغنياء فقراء ثم بعد عشرين يوما نقصت دجلة و انقطع الماء فبقيت البلد كأنها سفينة غرقت. ثم نقص الماء فبقيت ملآنة بالموتي من الأهلين و الدواب فجافت و نتنت و بقي الماء كأنه الصديد فوقع الفناء في الناس بأنواع من الأمراض من الاستسقاء و حمي الدق و غلت الأسعار. و كان أويس بتبريز، فلما بلغه الخبر غضب علي نوابه فالتزم الوزير عن نائبه أن يعمر بغداد من خالص ماله بشرط أن يطلق للناس العراق ثلاث سنين للزراع و المقاتلة و أن لا يطالب أحدا بدين و لا بصداق و لا حجارة و لا بحق فقبل السلطان فشرع في ذلك و نادي من أراد عمارة بيته ليجئ يأخذ دراهم و يسكن بيته بالأجرة حتي يوفي ما اقترضه ثم يصير البيت له و أخذ في عمارة السوق و السور … هذا ما ذكره صاحب الأنباء …

و قد عين تاريخ الغياثي حادث الغرق ليلة السبت 23 شوال من هذه السنة كما أن الخواجة سلمان الساوجي ذكر وقوعه في السنة المذكورة. و لكن غالب المؤرخين مشي علي حدوثه في سنة 776 ه و يفسر هذا بوصول الخبر و في تاريخ وفاة نائب بغداد عبد الغفار الآتي ذكره يشعر بذلك أيضا …

و في حبيب السير ذكر الغرق في

سنة 776 ه و قال: طغت مياه دجلة فصار الغرق ببغداد و تهدمت عماراتها العالية، و ذهب الآلاف من دورها فصارت أنقاضا، و مات خلق عظيم تحت الأنقاض … فكانت الخسارة عظيمة في النفوس و الفادحة لا تقدر في الأموال و عادت بغداد خرابا بعد نضارتها و زهوها. و جاء في الدر المكنون أن الغرق كان في السنة المذكورة.

و هذا المصاب يذكرنا بما هو معروف لدي الأهلين و راسخ في أذهانهم من أن بغداد بين غرق و حرق …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 149

ولاية بغداد:

جاء في الغياثي أنه كان السلطان بتبريز فوصل إليه خبر الغرق في بغداد فأسف علي ذلك، فندب أمراءه و قال من لبغداد و عمارتها، و تكون خمس سنوات مطلقة من الخراج فقام الأمير إسماعيل ابن الأمير زكريا و قبل بذلك فسيره إليها، و أرسل معه الشهزاده الشيخ علي، و أنكر الأمير زكريا علي ابنه الأمير إسماعيل فعله، و قال له سوف تهلك فيها، و كان كما قال فإن الأمير زكريا كان رجلا عاقلا لبيبا مجربا للأمور. فتوجه الأمير إسماعيل بأموال بغداد فحفر نهرانها، و أجري مياهها، و زرع أراضيها … و أسس عمارته المشهورة ببغداد و مدرسة و خانات و أسواقا علي جانب دجلة الشرقي، و لم يتفق له إتمام المدرسة.

هذا ما قاله الغياثي و كان الوالي السابق الخواجة سرور. و هذا قد توفي لما أصابه من ألم خراب بغداد كما نقل ذلك صاحب حبيب السير.

وفيات
1- علي بن الحسن البغدادي:

توفي علي بن الحسن بن علي بن عبد الله بن الكلائي البغدادي الحنبلي المقري ء سبط الجمال عبد الحق ولد سنة 698 و أجاز له الدمياطي و مسعود الحارثي و علي بن عيسي بن القيم و ابن الصواف و غيرهم. قال ابن حبيب كان كثير الخير و التلاوة و حج مرارا و جاور و خرج له ابن حبيب مشيخة.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 150

2- نائب بغداد:

توفي عبد الغفار بن محمد بن عبد الله المخزومي الشافعي رضي الدين. اشتغل بالفقه فمهر و ولي نيابة بغداد و مات في ذي القعدة بعد الغرق من هذه السنة و كان حسن الخلق و الخلق، دينا، متواضعا.

3- بدر الدين محمد الإربلي: (مدرس المدرسة المرجانية)

و توفي بدر الدين محمد بن عبد الله الإربلي الأديب الشاعر المعمر ولد سنة 670 ه و مهر في الآداب و درس بمدرسة مرجان ببغداد و مات في جمادي الآخرة.

4- إمام جامع بغداد:

توفي في هذه السنة محب الدين محمد بن عمر بن علي بن عمر الحسيني القزويني ثم البغدادي إمام جامع بغداد كان أبوه آخر المسندين بها حدث عن أبيه و غيره و اشتغل بعد أبيه علي كبر إلي إن صار مفيد البلد مع اللطافة و الكياسة و حسن الخلق و صار يسمع البخاري، و كل سنة يجتمع عنده خلق كثير. توفي عن نيف و ستين سنة.

5- بدر الدين الجيلي السنجاري:

هو حسن بن شمس الدين محمد بن سرسق بن محمد بن عبد العزيز بن الشيخ عبد القادر الجيلي. كانت له حرمة و وجاهة في أنحاء سنجار و ماردين مات أبوه سنة 739 ه و قد ذكر في هذا المجلد و الصحيح في اسمه أنه شمس الدين محمد بن سرسق كما ذكر هنا،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 151

و مات بدر الدين حسن المذكور عن سن عالية و الحياليون في سنجار ينتسبون إليه و منهم جماعة منتشرة في أنحاء بغداد و في تاريخ اليزيدية بيان عن قرية الحيال.

حوادث سنة 776 ه- 1374 م

وفاة السلطان:
اشارة

في هذه السنة 2 جمادي الأولي توفي السلطان بمرض السل (الدق) و كان قد لازمه من 27 ربيع الآخر و قال في كتاب (سلمان ساوجي) إن موته كان من صداع لازمه من 27 ربيع الآخر حتي توفي.

ترجمته:

نري ترجمته مبسوطة في حبيب السير و روضة الصفا و كلشن و الغياثي و الشذرات و الأنباء إلا أن هذه الكتب تختلف في الكلام عنه بين سعة و اختصار و قد مر بنا من الحوادث ما يبصر بترجمته سوي أننا نقول ما ذكره صاحب الدرر الكامنة بما نصه: «أويس بن حسين بن حسن بن آقبغا المغلي ثم السريري استقر في سلطنة بغداد بعد سنة 760 و مات سنة 776 ه» ا ه غير صحيح و الصحيح أنه ابن الشيخ حسن بن حسين و لعل هذا غلط ناسخ و لم تعرف هذه النسبة (السروي) و صحيحها الجلايري فاقتضي التنبيه.

و كذا ما جاء في الضوء اللامع من أنه (السريسري) محرف عن الجلايري.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 152

و الغياثي اعتمد الدرر في تاريخ سلطنته كما أشرنا إلي ما قاله في هذا الباب. و في حبيب السير أنه ذو نصفة و حصل علي السلطنة بالاستحقاق و له رأفة بالأهلين و حب زائد بهم و موصوف بالعدل و التفاته و اهتمامه بأهل الفضل و العلم كبير جدا و كذا بالشعراء و هو عالي الهمة، جعل المملكة في أمن و أمان و راحة و طمأنينة كما أنه بما كان له من المآثر و الميزة علي غيره تمكن من ضبط العراق و آذربيجان ضبطا تاما فكانت إدارته قويمة … و علي كل امتدت سلطته و سطوته إلي ما وراء حدود مملكة أبيه فاستطاع

أن يضم إلي ما وصل إليه من أبيه ممالك أخري و دامت سلطنته نحو عشرين سنة.

و جاء في روضة الصفا أنه مرض أواخر ربيع الآخر سنة 776 ه بمرض صعب و توفي في التاريخ المذكور آنفا، و قبل وفاته كان قد استوصي الأمراء السلطان فيمن يخلفه و كان قد جاء إليه أركان دولته و القاضي الشيخ علي و الخواجة كحجاني فحضروا عنده و استطلعوا رأيه فقال السلطنة بعدي للسلطان حسين و ولاية بغداد للشيخ حسن أخيه الأكبر فأبدوا أنه لا يطيق الصبر علي ذلك و لا يتحمل هذه فأحال الأمر إليهم فاتخذوا هذه الإشارة وسيلة للقبض علي الشيخ حسن و تقييده ثم إن السلطان صار لا يقدر علي الكلام و في اليوم التالي في الليلة التي مات فيها السلطان قتل الشيخ حسن المذكور و جاء في عقد الجمان:

«توفي القاآن أويس بن الشيخ حسن بن حسين بن اقبغا بن ايلكان صاحب تبريز و بغداد و ما أضيف إليهما. توفي في هذه السنة (سنة 776 ه) و كان رأي في المنام قبل موته أنه يموت يوم كذا و كذا فخلع نفسه من الملك و ولي عوضه في تبريز و بغداد ولده الأكبر الشيخ حسين و اعتزل هو و صار يتشاغل بالصيد و يكثر من الصلاة و العبادة إلي الوقت الذي عينه لهم فمات

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 153

فيه و كان ملكا عادلا حازما ذا شهامة و صرامة منصورا قليل الشر، كثير الخير للفقراء و أهل العلم و كان شابا، سليما، شجاعا ورث ملك العراق و آذربيجان عن أبيه، و أقام في السلطنة تسع عشرة سنة ثم توفي في تبريز عن نيف و ثلاثين سنة رحمه

اللّه». و في عجائب المقدور:

«كان الشيخ أويس من أهل الديانة و الكيس، ملكا عادلا و إماما شجاعا فاضلا، مؤيدا منصورا، صارما مشكورا، قليل الشر، كثير البر، صورته كسيرته حسنة و كانت دولته تسع عشرة سنة، و كان محبا للفقراء، معتقدا للعلماء و الكبراء، و كان قد أبصر في منامه، وقت موافاة حمامه، فاستعد لحلول فوته، و رصد نزول موته، و خلع من الملك يده، و ولاه حسينا ولده.. و نبذ دانيه و دنياه، و أقبل علي طاعة مولاه و استعطفه إلي الرضي، و العفو عما مضي، و لازم صلاته و صيامه، و زكاته و قيامه، و لا يزال يصلي و يصوم، حتي أدركه ذلك الوقت المعلوم، فأظهر سره المصون، و تلا إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة و لا يستقدمون، فدرج علي هذه الطريقة الحسنة، و قد جاوز نيفا و ثلاثين سنة … » ا ه و قال في أنباء الغمر في أبناء العمر:

«كان محبا في الخير و العدل، شهما، شجاعا، عادلا، خيرا، دامت ولايته 19 سنة، و قد خطب له بمكة، راسل عجلان بن رميثة صاحب مكة بمال جليل، و قناديل ذهب و فضة للكعبة، و خطب باسمه عدة سنين، عاش 37 سنة (كذا) قيل إنه رأي في النوم أنه يموت في وقت كذا فخلع نفسه من الملك و قرر ولده حسين بن أويس، و صار يتشاغل بالصيد و يكثر العبادة فاتفق موته في ذلك الوقت بعينه، و كتب إلي المؤرخ حسن بن إبراهيم القيسي الحصيني أنه كان استدعي ولده لذلك فاتفق موته قبل وصوله إلي بغداد.. و له من الأولاد حسن و حسين

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 154

و أحمد و علي

و غيرهم، و أكبرهم حسن» ا ه و مثله في تاريخ الغياثي و في الشذرات ما يقرب من هذا … و قد رثاه الخواجة سلمان الساوجي بقصيدة فارسية … و كان في أيامه قد مدحه جملة من الشعراء أمثال الخواجة سلمان المذكور و شرف رامي و الخواجة محمد عصار، و عبيد زاكاني، و ناصر النجاري و غيرهم من فصحاء عصره … و من العلماء شمس منشي بن هندوشاه النخچواني و غيرهم ممن مضي ذكرهم …

و هؤلاء من أدباء العجم و علمائهم..

و في أيامه حدثت عمارات مهمة منها ما لا يزال باقيا إلي اليوم، و أصاب الناس رغد في العيش و رفاه و راحة لو لا أن تنغص في بعض الحوادث المارة …

النقود في أيامه:

إن النقود المضروبة في أيام السلطان أويس و الموجودة اليوم أكثر مما هو معروف عن عهد والده بينها الفضية و الذهبية … و منها ما ضرب سنة 762 ه في بغداد، و نري في أحد وجهيها (لا إله إلا اللّه محمد رسول اللّه) داخل دائرة بخط كوفي، و شكل مربع كتب في أضلاعه (أبو بكر، عمر، عثمان، علي) و في الوجه الآخر سنة الضرب و أنه ضرب في بغداد بصورة مربعات في وسطها السلطان الأعظم، أويس بهادر، خلد اللّه ملكه في ثلاثة أسطر.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 155

و باقي النقود منها ما هو مضروب في السنة المذكورة أيضا في بغداد، و الشكل واحد إلا أن كتابته لا تختلف كثيرا عن سابقتها، و هكذا يقال عما ضرب في البصرة في السنة المذكورة، و في الحلة و في تبريز و في همذان و قد ضربت نقود باسمه أيضا في شيراز و لا تختلف

عن سابقاتها إلا في أوصاف السلطان و الدعاء له و من النقود ما هو مضروب سنة 770 ه، عثر علي قطعة ذهبية منها، و أخري مضروبة سنة 762 ه و ثالثة لم يتعين تاريخها و كلها من ضرب بغداد. و في هذه كتب اسم السلطان بحروف مغولية- أو يغورية …

السلطان جلال الدين حسين بهادر خان
جلوسه:

السلطان جلال الدين حسين بهادر خان هو ابن السلطان أويس.

ولي باتفاق من الأمراء و أركان الدولة، و جلس علي سرير السلطنة في تبريز و كان آنئذ شابا.. هنأه الخواجة سلمان الساوجي بقصيدة فارسية في غاية البلاغة … و أول ما قام به من الأمور أن قرر وضع والده، و أبقي الحالة كما كانت. نقل ذلك صاحب حبيب السير. و قد مر الكلام عن العهد له بالسلطنة من أبيه السلطان أويس … و لكن صاحب الأنباء قال: «أكبر أولاده حسن، قتله الأمراء خشية من شره و سلطنوا حسينا لضعفه فتشاغل باللهو و اللعب، يخطف النساء من الأعراس و غيرها فقتلوه أيضا … » ا ه.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 156

ضرب النقود باسمه:

و في هذه السنة ضربت النقود باسمه «جلال الدين حسين بهادر خان».

و عثر له علي نقود أخري تاريخها سنة 783 ه ضربت في بغداد منها سكة ذهبية موجودة في المتحفة البريطانية و باقي النقود فضية لا يقرأ تاريخها و هي من مضروبات بغداد، و بعضها لا يعرف محل ضربه لملس فيها …

وفيات
1- إبراهيم بن عبد الله البغدادي:

نزيل دمشق، و هو شيخ زاوية البدرية تجاه الأسدية ظاهر دمشق، و كان خيرا؛ معمرا، صالحا، مثابرا علي الخير. مات في ربيع الآخر.

2- جمال الدين السرمري:

توفي في هذه السنة جمال الدين أبو المظفر يوسف بن محمد بن مسعود بن محمد بن علي بن إبراهيم العبادي ثم العقيلي السرمري الحنبلي الشيخ العالم المفنن الحافظ ولد في رجب سنة ست و تسعين و ستمائة و تفقه ببغداد علي الشيخ صفي الدين عبد المؤمن و غيره ثم رحل إلي دمشق و توفي بها و من تصانيفه نظم مختصر ابن رزين في الفقه و نظم الغريب في علوم الحديث لأبيه نحو من ألف بيت، و نشر القلب الميت بفضل أهل البيت، و غيث السحابة في فضل الصحابة، و الأربعون الصحيحة فيما دون أجر المنيحة، و عقود اللآلي في الأمالي، و عجائب الاتفاق، و الثمانيات.

قال ابن حجي رأيت بخطه ما صورته مؤلفاتي تزيد علي مائة مصنف كبار و صغار في بضعة و عشرين علما ذكرتها علي حرف المعجم

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 157

في الروضة المورقة في الترجمة المونقة و قد أخذ عنه ابن رافع مع تقدمه عليه و حدث عنه و ذكره الذهبي في المعجم المختص و أثني عليه توفي في جمادي الأولي.

3- الأمير حيار:

و هو الأمير حيار بن مهنا بن عيسي بن مهنا بن مانع بن حديثة …

أمير آل فضل توفي في هذه السنة (سنة 776 ه) بنواحي سلمية عن بضع و ستين سنة و تولي عوضه أخوه الأمير قارا و في الأنباء: استقر ولده بعده.

حوادث سنة 777 ه- 1375 م

قصد السلطان بيرام بيك و قرا محمد التركماني:

في موسم الربيع من هذه السنة سار السلطان نحو الخواجة بيرام بيك و قرا محمد التركماني فأزاحهما و استولي علي بعض القلاع التي دخلت في تصرفهما ثم إنه حصلت مفاوضات في الصلح فتم علي أن أمراء التركمان يقدمون له تقدمة في عشرين ألفا من الغنم كل سنة فقبل بذلك و عاد.

ظهور دولة قرا قوينلو و الاستيلاء علي الموصل:

جاء في تقويم التواريخ أن دولة قرا قوينلو ظهرت في هذا التاريخ باستيلاء الخواجة بيرام علي الموصل … و هؤلاء كانوا علي عهد سلاطين

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 158

المغول أمراء ألوس (قبيلة) فلما مات السلطان أويس رأي الخواجة بيرام بيك في نفسه قوة فتغلب و استولي علي الموصل بعد حصار طال مدة أربعة أشهر فأخذها بالأمان و تملك سنجار و بعض المواطن في آذربيجان …

حروب السلطان- شاه شجاع:

في هذه السنة سار شاه شجاع ابن الأمير محمد بن مظفر بجيش قوي إلي أنحاء آذربيجان فالتقي مع السلطان حسين فوقعت حرب دامية، و فيها انهزم السلطان حسين، و بقي شاه شجاع نحو أربعة أشهر في تبريز بنشاط و طمأنينة … ثم سمع أن شاه يحيي عزم علي أخذ شيراز فاضطر أن يترك تبريز، و يسرع في العودة … و حينئذ نهض السلطان من بغداد و ذهب توا

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 159

إلي تبريز، و تمكن من إدارتها … هذا ما ذكره صاحب حبيب السير.

و في الأنباء ذكر هذا الحادث في السنة الماضية، و أوضح أن شاه شجاع وثب علي تبريز بعد موت السلطان أويس و ملكها، و أساء السيرة، فراسل أهل تبريز السلطان حسينا فتجهز إليه في العساكر، فلما بلغ ذلك شاه شجاع تقهقر عن تبريز و دخلها السلطان و من معه بغير قتال …

و في تاريخ الغياثي أن شاه شجاع سار من شيراز إلي تبريز سنة 781 ه (و في موطن آخر منه سنة 780 ه) و بعد ثلاثة أشهر انهزم شاه شجاع و عاد السلطان حسين إلي تبريز. و في هذا مخالفة للتواريخ الأخري المعتبرة، و المؤرخ لم يقطع في التاريخ الصحيح. و

أما تاريخ محمود كيتي المعاصر فإنه يذكر الوقعة موافقا لما جاء في حبيب السير.

و ذلك أن شاه شجاع كان قد تأهب للهجوم علي تبريز استفادة من وفاة السلطان أويس و اغتناما للفرصة و لكن لم يحصل ذلك بهذه السرعة …

آل مظفر:

هؤلاء سبقت بعض الوقائع معهم … و أمراؤهم سبعة كان قد ابتدأ حكمهم سنة 718 ه و دام إلي 10 رجب سنة 795 ه؛ و مدة إمارتهم 77 سنة سواء في فارس، أو في عراق العجم و كرمان و باميان و آذربيجان …

و لهم اتصال وثيق و علاقات مهمة بالعراق و كثير من حوادثه … و المعول عليه من تواريخهم تاريخ معين الدين اليزدي المتوفي سنة 789 ه ألف

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 160

تاريخا سماه (مواهب إلهي) أو المواهب الإلهية … و في كشف الظنون ألفه سنة 757 ه و الصحيح أن حوادثه تمتد إلي سنة 766 ه. كان أتمه في أواخر أيام مبارز الدين. و لما مات قدمه إلي شاه شجاع في السنة التالية و جعله باسمه و أضاف إليه وقائع تلك السنة..

و هذا من التواريخ الأساسية للبحث عن هذه الحكومة.. إلا أنه لا يفترق في أسلوبه عن تاريخ و صاف و العتبي فهو مملوء من الاستعارات العجيبة و العبارات الغريبة، و الإطراء الزائد، و المدح و ألفاظ التفخيم، فطفح من الإغراق في النعوت بحيث ضاعت الفائدة أو كادت … و باقي المؤرخين المعاصرين و إن كان قد تعرض لذكرهم مثل صاحب تاريخ گزيده، أو ابن بطوطة … إلا أنهم لم يستوعبوا أخبارهم؛ و لا وسعوا في البحث عن تاريخ حكومتهم و إدارتهم. و إنما كان ذلك نصيب (محمود كيتي) فإنه من

المعاصرين، عاش معهم فدون ما يشاهد، و سجل ما سمع من الثقات، و استقصي أحوالهم؛ و حرر وقائعهم من أولها إلي آخرها و أبدي عن ماضيهم الكفاية و استمر في البيان حتي انقراضهم …

كتبه سنة 823 ه و سهل به ما جاء مغلقا من كتاب المواهب الإلهية المذكور، فلم يراع ما راعاه؛ و إنما استعمل البساطة، و جعل همه الوقائع و إيضاحها … أضافه مؤلفه إلي تاريخ گزيده إلا أن النسخة الموجودة عندي من تاريخ گزيده ناقصة الأول و الآخر و أما رسالة محمود كيتي فهي كاملة و صحيحة لم يمسها نقص و المطبوع من تاريخ كزيده لا يعتمد عليه لوجود أغلاط كثيرة فيه … و نسختي الخطية نفيسة جدا و جيدة الورق و الخط، و هذه الحكومة مستوفاة المطالب هناك و لا يطمئن القلب لغيرها، و صاحبها معاصر القوم و كان أحد موظفيهم … و ما جاء في غيرها فيتحتم التبصر فيه … و من الأسف أننا لم نطلع علي أحوال المؤلف أكثر مما بينه في مقدمة كتابه و المفهوم منها أنه كان أبا عن جد في خدمتهم، و أنه قص ما شاهد، أو علم من الثقات الأكابر كتبها- كما

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 161

قال- علي نمط منبسط و طراز منشرح، فزادت صفحة في التاريخ، و أضافت ورقة إلي حوادث الأيام … فصارت خاطرة في دفاتر الأيام و الليالي …

و من الأمثلة لذلك أنه جاء في تقويم التواريخ أن هذه الحكومة ظهرت عام 733 فنري الاختلاف واضحا بين ما قدمناه و بين ما عينه كاتب چلبي، و هذا يفسر في تولي الإدارة و الدخول في معمعتها أو بالتعبير الأصح الانتساب إلي حكومة

المغول و تعهد الوظائف بها …

كان في ذلك التاريخ و أن الاستقلال في الحكومة كان في التاريخ الذي بينه كاتب چلبي فلا تباين بين النصين كما يفهم من خلال السطور …

و لا ننسي أن ابن خلدون و الغياثي و غيرهما قد تكلموا عن هذه الحكومة إلا أننا قصدنا الإشارة إلي المراجع المهمة عنها … لمن أراد التبسط في الموضوع و قد بينا في المجلد الأول بعض الكلمات عنهم بين الحكومات المتغلبة أيام المغول … و هنا زبدة تعين للقاري ء حالتهم..

أولهم الأمير مبارز الدين محمد هو ابن مظفر بن المنصور ابن الحاجي و جدهم الأعلي من أصل عربي جاء إلي خراسان أيام الفتح و توطن الحاجي منهم يزد و كان لهذا ثلاثة أولاد أبو بكر و محمد و منصور و إن أبا بكر كان من ملازمي علاء الدولة أتابك يزد فاستصحبه معه حينما ذهب مع هلاكو لفتح بغداد و سار بعد تسخير بغداد إلي حدود مصر و قتل هناك في بعض الحروب و أن محمدا قد بقي ملازما الأتابك في يزد فتوفي هناك و لم يعقب و إن منصورا ابن الحاجي كان في خدمة والده في خطة ميبد يزد. و لما مات والده صار مكانه. و كان له ثلاثة أولاد مبارز الدين و زين الدين علي و شرف الدين مظفر. أما علي فلم يعقب.

و شرف الدين مظفر نال التفاتا من السلطان أرغون و بعد أن قضي سنين

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 162

كثيرة في مواطن أخري عاد إلي يزد … و لما توفي أرغون و خلفه كيخاتو خان حصل علي مكانة كبري لديه و تولي أمر إدارة الجيش المرسل إلي الأتابك أفراسياب بن يوسف شاه

في لرستان فقام بالأمر و لمعرفته السابقة تمكن من أن يحصل علي مطلوب السلطان دون حرب أو سفك دماء. و في سنة 694 التحق بالسلطان غازان و ولي عنده موقعا رفيعا و مكنه بما يمكن من الأمراء و في أواسط جمادي الآخرة سنة 700 ه ولد له ابنه مبارز الدين محمد. ثم توفي السلطان غازان و في سنة 703 ه ولي السلطان الجايتو فزاد هذا في رفعة الأمير مظفر و جعله علي محافظة الطرق و السابلة بفارس و الحاصل تقلب في مناصب و أبدي من المهارة في القيام بمهام جلي إلي أن توفي بتاريخ 13 ذي القعدة سنة 713 ه و في كل أيامه الأخيرة كان يصحبه ابنه مبارز الدين محمد فيمرنه علي الأسفار و التدابير التي يجب أن يقوم بها … و نقل بعد وفاته إلي ميبد و دفن في مدرسة كان عمرها هناك و هي المدرسة (المظفرية).

و تبتدي ء حكومتهم و شهرتهم العظيمة أيام مبارز الدين محمد الذي خلف والده و لما توفي والده كان له من العمر 13 سنة و بعد أربع سنوات أي عام 717 ه أيام السلطان أبي سعيد نال توجها من السلطان و موقعا مهما فحصل علي حكومة تلك الأنحاء و محافظة الطرق هناك …

وهذا هو طليعة تاريخ ظهورهم الذي ذكره المؤرخ (محمود كيتي) …

و من أكبر المسهلات لتوطيد الحكم هناك أنه أبدي تفاديا في القضاء علي حكومة الأتابكة أيام حاجي شاه ابن الأتابك يوسف شاه فلم يبق للأتابكة قدرة في مقاومته فكان عضد الأمير كيخسرو فاضطروا إلي الفرار و كانت عاقبة أمرهم أن انقرضوا …

و في شوال سنة 718 ه تقدم للسلطان أبي سعيد و عرض خدمته عليه فأنعم

عليه السلطان بحكومة يزد و فوض إليه أمر المحافظة علي الطرقات … و هذا مبدأ الإمارة … و لا مجال لاستيعاب كل ما قام به

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 163

الأمير مبارز الدين محمد و في سنة 725 ه ولد له الشاه شرف الدين مظفر. و في سنة 729 ه تزوج خان قتلغ بنت السلطان قطب الدين محمد ابن الأمير حسام الدين ثم نقلها إلي تبريز في السنة المذكورة أيام وزارة الخواجة شهاب الدين بن عز الدين، و حصل علي المكانة المطلوبة بسبب العلاقة السببية مع المغول …

و في يوم الأربعاء 22 جمادي الثانية سنة 733 ه ولد جلال الدين شاه شجاع و في 14 المحرم سنة 744 ه ولد نصرة الدين يحيي و لم يلبث المترجم أن نال الإمارة …

و في خلال هذه الأيام أو إثر وفاة السلطان أبي سعيد عام 736 ه كانت المقارعات و الحروب بين المغول و أمرائهم طاحنة فكان همّ هؤلاء مصروفا إلي تقوية السلطة لما في يد كل منهم و توسيع نطاقها … و دامت الحروب بين هؤلاء و بين الأمير الشيخ أبي إسحق و غيره فصارت كل إمارة تجادل عن نفسها و كان ما كان مما مرت الإشارة إليه..

و في عام 755 ه بعد أن افتتح شيراز و الأنحاء الأخري المجاورة لها بايع الخليفة أمير المؤمنين المعتضد باللّه أبا بكر العباسي و قرأ الخطبة باسمه و بايعه علماء فارس و يزد و كان هو نائبه و لم يقفوا عند حدود هذه

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 164

الأقطار و الاكتفاء بفتوحها و إنما مضوا إلي لرستان لاكتساحها و عزموا علي القضاء علي إمارتها في أواخر المحرم سنة

757 ه فتمكنوا من ذلك في أواخر صفر للسنة المذكورة و قد أفردنا رسالة خاصة في (إمارة اللر) فلا مجال للخوض الآن بشأنها و هكذا فتحت أصفهان و قضي علي المناوئين لحد أن تقدموا نحو البلاد الأخري و اكتسحوها ثم استعيدت بالوجه المذكور آنفا ثم إن مبارز الدين محمد ملك ابنه محمودا أصبهان و ابنه شجاعا شيراز و كرمان و في سنة 760 ه نال الإمارة ابنه شاه شجاع و توفي الأمير مبارز الدين في آخر ربيع الآخر لسنة 765 ه و دفن في المدرسة المظفرية في ميبد يزد عند والده و سيأتي الكلام علي حكومة شاه شجاع في حادث وفاته عام 787 ه و علي كل حال التفصيل في (تاريخ آل مظفر) لمحمود كيتي المذكور. و من أهم ما فيه تاريخ العلاقات و السياسة التي كانت تجري مع المجاورين و هي مبسوطة في التاريخ المذكور عند كلامه علي النزاع القائم بين شاه شجاع و شاه محمود و الوقائع بينهما … و وفاة شاه محمود في 14 شوال سنة 776 ه و التأهب للهجوم علي تبريز و اغتنام فرصة وفاة السلطان أويس مما لا مجال لتفصيله …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 165

وفيات
1- الخواجة سلمان ساوجي:
اشارة

في يوم الثلاثاء 13 صفر من هذه السنة توفي الخواجة جمال الدين سلمان الساوجي، و كان شاعرا معروفا في الفارسية، و له في أشعاره علاقات كثيرة و كبيرة في حوادث العراق المهمة كما أشير إلي ذلك.. و في الغالب اشتهر اسمه مقرونا باسم السلطان أويس. فنري له في تذاكر الشعراء و الأدباء مباحث مهمة … و كانت الثقافة الغالبة للأمراء و بلاط الحكومة مشبعة بالآداب الفارسية، و أن السلطان أويس كان

قد تخرج علي الخواجة سلمان، و لازمه أيام سلطنته … فهو شاعر الحكومة …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 166

و أهملت الآداب العربية و بقيت محصورة في الشعب … فعاش الكثير من علمائنا في الأقطار الأخري و إن عدد العلماء و كثرتهم المستفادة من تاريخ وفياتهم و إن كان لا يستهان بها إلا أن الثقافة الفارسية رجحت عليها …

و الملحوظ أن الفضل بهذا العصر في أن يهملوا و تترك لهم مؤسساتهم العلمية و دور ثقافتهم دون أن يمسوها بسوء لينالوا حظا منها لأنفسهم و يتعهدوا تربيتهم بذاتهم.. لا أن يكونوا من رجال الدولة، أو أعضائها الفعالة … إلا أن من رغب فما عليه إلا أن يميل بكليته إلي تحصيل لغة القوم، و الأخذ بنصيب وافر من آدابهم لينال بعض الوظائف، أو يأمن الغوائل … و علي كل تعينت ثقافة الحكومة في دراسة الآداب الفارسية بترجيح … و المترجم ركن عظيم من أركانها …

اشتهر في هذا العصر شعراء عديدون من العجم و نالوا شهرة فائقة، و حاول بعضهم أن يجاري الفردوسي في شهنامته … و راجت سوق الأدب الفارسي و أثر تأثيره العظيم حتي في العراق قطر العرب و مركز الثقافة العربية.. و من البواعث المهمة الأمراء و السلاطين كما تقدم فقد كانت تربيتهم إيرانية و الموظفون إيرانيون فتأثرت الآداب بهذه الطوابع و إن كانت الحكومة إسلامية، و الديانة هي السائدة و إنما سار الناس علي نهج ملوكهم و أمرائهم …

و لا نمضي بعيدا، و بصورة عامة دون أن نتناول حياة المترجم فقد كان من شعراء الوزير غياث الدين محمد ابن الخواجة رشيد الدين فضل الله، ثم صار من شعراء الشيخ حسن و ابنه السلطان

أويس و ابنه السلطان حسين. و هو من أهالي ساوة من أسرة لها مقامها الرفيع هناك …

و المترجم له الوقوف التام علي كتابة السياقة (نوع خط) و لكنه ذاع صيته في الشعر و تقرب من السلاطين و صار الشعراء إذا أرادوا أن يقدموا قصيدة يتقربون إليه في تقديمها … و الأدباء الإيرانيون لم يحلوه في

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 167

المنزلة العليا الفائقة من الشعر و لا الفذة فيه و إن كان قد قال فيه علاء الدولة السمناني ما مؤداه «رمان سمنان، و شعر سلمان، و لا مثيل لهما في سائر البلدان».

و الخواجة جاء بغداد و لازم سلاطين الجلايرية و مدحهم، و مدح دلشاد خاتون، أنطقه ما رأي و شاهد من أبهة و جلال و نضارة.. فرأي منهم و منها كل إعزاز و إكرام كما أنه مدح وزراء هذه الدولة و أمراءها و ولاة بغداد و ألهمه المحيط ما ألهمه من وحي الطبيعة و جمال المناظر … و إن اتصاله هذا و ملازمته لهذه الحكومة دعته أن يقول:

من از يمن اقبال اين خاندان كرفتم جهان را بتيغ زبان

من از خاوران تا در باختر ز خورشيدم امروز مشهورتر

و لم يكن الموما إليه وحيدا في شعره و إنما كان هناك من الشعراء من مر البيان عنهم في ترجمة السلطان أويس و كلهم أصحاب تراجم حافلة … و كان أمثال هؤلاء يستعربون فيبدعوا في آدابهم … و لكن الفارسية احتفظت بهم و اقتنصت مقدارا جما من أدباء العرب … ؟؟

و مؤلفاته:

1- ديوانه. و منه نسخ مخطوطة في إيران ذكرها الفاضل رشيد ياسمي في كتابه (سلمان ساوجي)؛ و طبع في الهند باسم «كليات سلمان ساوجي». و هذا خير

وثيقة تعرب عن أخبار بغداد لو لا أنه يتعرض لمدح الشخص أكثر من بيان ماهية الوقائع و حالة القطر … و هو صفحة كاشفة لهذا العصر، و لا يستفاد من شعره أكثر مما يفهم من ظاهره فليس فيه إشارة، أو دقة … و غالب ما فيه مدح السلاطين الجلايرية و الوزير شمس الدين زكريا … و القسم الأخير منه غزل …

2- فراقنامه. و قد مضي الكلام عليها.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 168

3- ساقي نامه.

4- جمشيد و خورشيد. مثنوي نظمه سنة 763 ه باسم السلطان أويس و يدعي أنه لم يقلد فيه غيره و إنما هو من مبتكراته …

5- قصيدة جامعة لأنواع الصنائع الأدبية و البحور … مدح بها الخواجة غياث الدين محمدا الوزير. و في مقدمتها يقول في مدحه:

ما إن مدحت محمدا بمقالتي لكن مدحت مقالتي بمحمد

طبعت علي الحجر سنة 1313 ه في مجموعة تحتوي رباعيات الخيام و رباعيات بابا طاهر و رباعيات أبي سعيد و رباعيات الخواجة عبد الله الأنصاري.

و الحاصل قد أطنب رشيد ياسمي في إيضاح حياته و علاقته بالجلايرية و غيرهم في كتابه المسمي (سلمان ساوجي)، و للمترجم معارضات لظهير الدين الفارابي في قصائده العديدة، و غالب ذلك باقتراح دلشاد … و رباعياته كثيرة؛ و له القدم المعلي في الغزل، و يتهم في دلشاد بغزله و أنه يقصدها في غالبه … و أوصافه تنطبق عليها، أو علي دوندي …

أكتفي بهذا و لا محل للإطالة.

2- محمد بن علي الواسطي:

في رجب هذه السنة توفي بمصر، و هو واعظ أديب، و أحد الصوفية في البيبرسية و له عدة مقاطيع أوردها صاحب الدرر الكامنة.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 169

حوادث سنة 778 ه- 1376 م

سلطنة بغداد:

في هذه السنة تسلطن في بغداد الشاه منصور بن عمر بهرام (الخواجة بيرام بيك) صاحب الموصل. كذا في الدر المكنون. و في حوادث سنة 785 ه أزيح عن السلطنة بواسطة السلطان أحمد الجلايري كما جاء فيه أيضا … و ليس لدينا من النصوص التاريخية ما يؤيد هذه الوقعة و إنما الوقائع المعروفة علي الضد منها … و جل ما نعلمه عن شاه منصور أنه ابن شاه مظفر، و لم تكن له قربي نسبية مع (الخواجة بيرام) و أنه مال عن شاه شجاع و جاء إلي السلطان و إلي عادل آغا فجعله عادل آغا حاكما في همذان و ذلك إثر تسلط عادل آغا علي السلطان حسين و اختلاف الأمراء و انتقاضهم عليه في هذه السنة (778 ه) و ذهابهم إلي بغداد و هم أمثال إسرائيل عبد القادر و رحمان شاه درويش فأبدوا مخالفتهم للسلطان و ذهبوا إلي بغداد عام 778 ه … و إن شاه منصور قد صار إلي عادل آغا و السلطان قد سار لتعقب أثر هؤلاء المخالفين قبل وصولهم إلي بغداد فتمكن من بعضهم الملتجئين إليه و البعض الآخر فر و حينئذ أمر عادل آغا و السلطان بقتل المقبوض عليهم و قد التمس شاه منصور أن يعفو فلم يلتفت إلي ذلك و لم يعف إلا عن القاضي الشيخ علي و حينئذ عاد الشاه منصور إلي همذان و إن عادل آغا مضي إلي تبريز لملازمة السلطان …

و سيأتي القول عن نصبه حاكما علي تستر و

الأنحاء المجاورة لها بأمر من السلطان أحمد.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 170

حوادث سنة 779 ه- 1377 م

وفيات
1- زينة الموصلية:

هي زينة بنت أحمد بن عبد الخالق بن عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن يونس الموصلية. سمعت من عيسي المطعم و ابن النشو و غيرهما. و حدثت بالكثير. ماتت في شعبان.

حوادث سنة 780 ه- 1378 م

وفيات
1- الحسن بن سالار:

توفي في هذه السنة (سنة 780 ه) الحسن بن سالار بن محمود الغزنوي ثم البغدادي الفقية الشافعي رحل قديما فسمع من الحجار و غيره ثم رجع و حدث ببغداد صحيح البخاري عن الحجاز و تلخيص المفتاح عن مصنفه الجلال القزويني و توفي في شوال.

2- قتلة والي بغداد (مجد الدين إسماعيل):

في هذه السنة أو في التي قبلها قتل الشهزاده الشيخ علي الأمير إسماعيل بن زكريا بن حسن الدامغاني البغدادي والي بغداد باتفاق پير علي باوك و استشارته فسار السلطان حسين من تبريز إلي بغداد فانهزم

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 171

الشهزاده الشيخ علي من بغداد و كان استمر بولاية بغداد إلي أن أزاحه السلطان … كذا في الغياثي و قال في حبيب السير أن سبب قتله الوالي إسماعيل دعت إلي الخلاف و القتال بين الإخوة من آل السلطنة كما أن الشيخ علي ولي بغداد بعد إسماعيل و حكمها.

و حينئذ سار السلطان حسين من تبريز إلي بغداد مستمدا بعادل آغا الذي استولي علي عراق العجم فأمده و ناصره فتمكن من قتل بعض أرباب الحل و العقد للمرة الثانية، و في هذه الأثناء انهزم الشهزاده الشيخ علي من بغداد عند ما رأي عادل آغا نصب خيامه قريبا من المدينة و علم أن لا طاقة له بمقاومة هذا الصائل فتوجه إلي أنحاء دسفول (دسبول) و تستر و أقام السلطان ببغداد.

و جاء في تاريخ ابن خلدون «كان إسماعيل بن الوزير زكريا بالشام هاربا أمام أويس فقدم علي أبيه زكريا و بعث به إلي بغداد ليقوم بخدمة الشيخ فاستخلصه و استبد عليه … فتوثب به جماعة من أهل الدولة منهم مبارك شاه و قنبر و قرا محمد فقتلوه و عمه الأمير أحمد منتصف سنة 81

و استدعوا قنبر علي بادك (بير علي باوك) من تستر فولوه مكان إسماعيل و استبد علي الشيخ علي ببغداد و نكر حسين عليهم ما آتوه و سار في عساكره من توريز إلي بغداد ففارقها الشيخ علي و قنبر علي باوك إلي تستر و استولي حسين علي بغداد و استمده (أخوه أحمد و كان بواسط) فاتهمه بممالأة أخيه الشيخ علي و لم يمده و نهض الشيخ علي من تستر إلي واسط و جمع العرب من عبادان و الجزيرة فأجفل أحمد من واسط إلي بغداد و سار الشيخ علي في أثره فأجفل حسين إلي توريز و استوثق ملك بغداد للشيخ علي و استقر كل ببلده» ا ه.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 172

و قد أوضح صاحب حبيب السير هذه الوقعة فقال إن الأمير إسماعيل جمع إليه بعض الأداني في ولايته علي بغداد و لم يدع للشيخ علي اختيارا في أمر من الأمور بل غل يده و دامت هذه الحالة إلي أن كان في يوم جمعة من سنة 780 ه ذهب الأمير إسماعيل إلي الجامع فصادفه في طريقه رجل يدعي (مبارك شاه) فضربه بحسام كان معه فأرداه قتيلا و في الأثناء و بناء علي استمداد القتيل خرج من داره الأمير مسعود عم الأمير إسماعيل و الأمير زكريا (هو غير والد الأمير إسماعيل) فناداهما فتقدما و حينئذ أسرع مبارك شاه و آخر معه يدعي قرا محمد فقتلاهما فعلم الشهزاده الشيخ علي بالأمر فسر بذلك و قطع رأس الأمير إسماعيل و صلبه في بنايته و أتي إليه برأسه … فلما وصل الخبر إلي تبريز و علم أبوه الأمير زكريا حزن علي ولده و أصابه ألم عظيم من اغتيال أخيه

مسعود أكثر لأنه كان يعلم ما سيحل بابنه … و كان امرأ طاعنا في السن أما السلطان حسين فقد أصدر منشورا بإيالة بغداد و سلطنتها إلي أخيه الشيخ علي و أرسله إليه و بين له أنه لا يضايقه في حاكمية بغداد فتمكن الشيخ علي في الإمارة و فوض الوزارة إلي عبد الملك التمغاتي و أوصل قاتلي الأمير إسماعيل إلي أوج العز و الرفعة إلا أنه رأي أن الأمر لا يستقيم له بهؤلاء فسير وراء (پير علي باوك) من أمرائهم القدماء و كان حاكم تستر من جانب شاه شجاع فطلبه لبغداد و إن الشيخ پير علي باوك جاء إلي بغداد ليتولي زمام أمورها كما أن الشيخ علي تصرف ببغداد و سائر أنحاء العراق مستقلا دون أن تكون له علاقة مع أخيه السلطان … فلما سمع السلطان حسين و عادل آغا بما جري لم يوافقهما ذلك و لم يقع هذا الأمر موقع القبول فجهزا الجيوش و في سنة 782 ه نهضا من تبريز و توجها إلي أنحاء بغداد. أما الشهزاده الشيخ علي و پير علي باوك فقد تيقنا أن لا قدرة لهما في مقابلة الجيش فتركا بغداد و ذهبا إلي جهة تستر … و كان من رأي عادل آغا أن يترك الشيخ پير علي باوك

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 173

في تستر و أن لا يتعرض له هناك و أن لا يعود مرة أخري إلي بغداد و لا يتدخل في شؤونها …

أما عبد الملك التمغاتي فإنه استفاد من الوضع و تمكن أن يجمع من أعيان بغداد مبلغا وافرا قدر بمبلغ 1500 تومان و أرسله إليه و استدعي حضوره … و علي هذا نهض توا و سار

إلي بغداد … و إن السلطان حسين سير إليه محمود واقي و عمر قبچاق لمقابلته و هذان قد وقعا أسيرين في قبضة پير علي باوك و قتل أكثر من معهم من الجيوش و عندئذ و لما سمع السلطان بالخبر أمال عنان عزمه نحو تبريز و هناك رأي من المشاق في عودته ما لا يوصف و وصف بحالة سيئة جدا … هذا مجمل ما ذكره صاحب حبيب السير.

و من هذا نري دوام الحروب و طول المنازعات بين الأخوين. و في روضة الصفا من التفصيلات ما لم نرها في غيره سوي أن تاريخ الغياثي ذكر أن قد نال الناس حيف من السلطان و لذا مالوا إلي أخيه ثانية و طلبوه من تستر ليوافيهم و ناصروه علي العودة إلي بغداد فعاد و استقر في الحكم. و جاء في الأنباء عن إسماعيل المذكور أنه أحد الأمراء ببغداد و كانت له في عمارتها بعد الغرق اليد البيضاء مات في رجب سنة 780 ه.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 174

حوادث سنة 781 ه- 1379 م

وفيات
1- ابن عسكر البغدادي:

في سنة 781 ه توفي الشيخ شرف الدين أحمد بن عبد الرحمن ابن محمد بن عسكر البغدادي المالكي نزيل القاهرة كان فاضلا قدم دمشق فولي قضاء المالكية بها ثم قدم القاهرة في دولة يلبغا فعظمه و ولاه قضاء العسكر و نظر خزانته الخاصة و قد ولي قضاء دمياط مدة و حدث عن أبيه و ابن الحبال و غيرهما و لم يكن بيده وظيفة إلا نظر الخزانة فانتزعها منه علاء الدين بن عرب محتسب القاهرة فتألم من ذلك و لزم بيته إلي أن كف بصره فكان جماعة من تجار بغداد يقومون بأمره إلي أن مات في 26 شعبان و له 84

سنة قال ابن حجر سمع منه جماعة من شيوخنا و من آخر من كان يروي عنه شمس الدين محمد بن البيطار الذي مات سنة 825 ه.

2- تقي الدين عبد الرحمن الواسطي:

هو الشيخ تقي الدين عبد الرحمن بن أحمد بن علي الواسطي البغدادي نزيل مصر شيخ القراء قدم القاهرة و تلا علي التقي الصائغ و سمع من حسن سبط زيادة و وزيره و تاج الدين دقيق العيد و جماعة خرج له منهم أبو زرعة ابن العراقي مدة مشيخته و هو آخر من حدث عنه سبط زيادة و تصدر للاقراء مدة و انتفع به الناس و درس القراءات بجامع ابن طولون قال ابن حجر و قرأ عليه شيخنا العراقي و شرح الشاطبية و نظم غاية الإحسان لشيخه أبي حيان، توفي تاسع صفر عن 79 سنة.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 175

جامع الشيخ سراج الدين- دار الآثار العراقية

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 176

3- قارا بن مهنا أمير العرب:

هو أحد أمراء آل فضل، مات في هذه السنة (781) بأرض السر من عمل حلب، أثني عليه طاهر بن حبيب. و قال في عقد الجمان «أمير آل فضل، كان عمود الجود و ذروة سنامه، و حامية المستجيرين بحرمة ذمامه و حسامه … » ا ه.

و في الأنباء أنه مات معتقلا، و كان مطويا علي دين و شجاعة و سلامة باطن، و جاوز السبعين. و في سنة وفاته أرسل نعير عمه صول بن حيار ليأخذ له الإمارة فلم يفلح في مسعاه و سجن …

حوادث سنة 782 ه- 1380 م

اضطراب الحالة:

لا تزال الاضطربات كما عرفت في حوادث سنة 780 ه و الحروب بين الأمراء (إخوة الملك) و بين السلطان حسين لم تسفر عن نتيجة بعد و قد امتد لهيبها إلي ما بعد هذا التاريخ أي إلي سنة 784 ه.

و حادث قتلة الأمير إسماعيل أثار فتنا أخري … فالسلطان بعد أن أقر أخاه الشيخ عليا في بغداد رآه قد مد يده علي الأطراف الأخري و تمكن من الاستيلاء علي كافة أنحاء العراق … ذلك ما دعاه أن يسير إليه و أن ينتزع منه بغداد و غيرها.. ثم إن الشيخ عليا عاد للمرة الأخري و كان قد جهز له عبد الملك التمغاتي أموالا كثيرة تبلغ ألفا و خمسمائة تومان فاستعان بها و تقدم و من ثم رأي أن البغداديين قد طلبوه لما رأوه من أخيه من العسف و التطاول … فرجع إليهم و حكم بغداد …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 177

حوادث سنة 783 ه- 1381 م

قصاد السلطان إلي الشام:

في هذه السنة ذهب من قصاد السلطان جماعة إلي الشام بينهم القاضي زين الدين علي بن جلال الدين عبد الله بن نجم الدين سليمان العبايقي الشافعي قاضي بغداد و تبريز، و الصاحب شرف الدين ابن الحاج عز الدين الحسين الواسطي وزير السلطان و غيرهما.

و جاء في الأنباء في جمادي الأولي حضرت رسل حسين بن أويس صاحب بغداد و تبريز إلي برقوق و هم قاضي البلد الشيخ زين الدين علي ابن عبد الله بن سليمان بن السامي المغربي العبايقي الآمدي الشافعي، و شرف الدين بن عطا، ابن الحسن الواسطي الوزير، و شمس الدين محمد بن أحمد البرادعي فأكرموا غاية الإكرام، و ذكر العبايقي أنه غرم علي سفرته عشرة آلاف دينار، و أنه جاء في مائة

عليقة، و كان يكثر الثناء علي أهل الشام، و تردد الكبار للسلام عليهم حتي القضاة، و رتب لهم برقوق رواتب كثيرة، و طلبهم عنده مرة، و مد لهم سماطا حافلا.

و كان سفرهم في 25 من رجب.

و هنا نري الاختلاف في ضبط هذه الأعلام و تحقيقها يحتاج إلي مراجع أخري.. و في الغياثي أن هؤلاء الرسل إنما أرسلوا بناء علي تملك السلطان حسين برقوق مصر و كان أول من تسلطن من الممالك الجراكسة.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 178

وفيات
1- حسام الدين النعماني:

هو حسام الدين بن أبي الفرج أحمد بن عمر بن محمد بن ثابت ابن عثمان بن محمد بن عبد الرحمن بن ميمون بن حسان بن سمعان بن يوسف بن إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة النعمان بن ثابت الفرغاني النعماني نزيل بغداد. اشتغل كثيرا، و سمع الحديث من سراج الدين عمر القزويني، و له من أبي الفضل صالح بن عبد الله بن جعفر بن الصباغ إجازة، و أعاد بمشهد أبي حنيفة ببغداد، و نقلت نسبه من خط ابن أخيه القاضي تاج الدين البغدادي لما قدم علينا من بغداد بعد العشرين و ثمانمائة و كان قدم في أواخر زمن المؤيد فارا من ابن قرا يوسف لأنه كان آذاه و جدع أنفه ففر منه إلي القاهرة و ألب عليه فهم المؤيد بغزو بغداد و صمم علي ذلك، ثم فاته الأجل فتحول تاج الدين بعد موت المؤيد إلي دمشق و ولي بها بعض المدارس و مات بها. و كان تاج الدين حدث بمسند أبي حنيفة جمع أبي المؤيد محمد بن محمود بن محمد الخوارزمي بروايته عن عمه عن ابن الصباغ عن مؤلفه و بروايته عن عبد الرحمن بن لاحق

الفيدي عن علي بن أبي القاسم بن لميم الدهساني إجازة عن مؤلفه سماعا. هذا ما قاله أنباء الغمر في أبناء العمر.

و قد مضي الكلام علي تاج الدين في المجلد الأول و قد ترجمناه في حوادث سنة 834 ه. و ابنه قد ترجم في حوادث سنة 868 ه …

جامع النعماني و جامع الشيخ سراج الدين
اشارة

الآثار الإسلامية في هذا العصر كثيرة سواء كانت مدارس أو جوامع، أو مستشفيات أو عمارات أخري.. و السبب في ذلك اتخاذ بغداد عاصمة، و أن الأمراء و الأكابر صاروا يبذلون الثروة في سبيل الزينة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 179

و العمارة من جهة، و في ناحية الثقافة و الدين و الصحة من أخري. و كذا أصحاب البر يراعون الثواب فيعملون لصالح الجماعة …

و بعض الجوامع لا تزال معروفة بأسماء أصحابها من أولئك المؤسسين، و الشهرة محتفظ بها. مما يجعلنا نميل إلي التقريب بينهما و نري صحة التسمية و النسبة إلي الأشخاص المعروفين الذين ذاع اسمهم في هذا العصر من المشاهير من أقوي الأدلة و للذيوع و الشيوع حكمه..

و من هذه الآثار:

1- جامع النعماني:

و هذا لا يزال محفظا باسمه، و سعته تدل علي مكانته السابقة و هو الكائن اليوم في شارع الكيلاني و نري أنه من مؤسسات العالم المشهور حسام الدين النعماني المذكور في وفيات هذه السنة..، أو من أحد أصحاب الخير فسماه باسمه تخليدا لذكراه.. و الشهرة و التسمية المحفوظة تنطبقان علي هذا الجامع و مؤسسه.. و هما من أقوي ما نعول عليه، فلا مانع من الركون إليهما.. و إن فقدان النصوص لا يمنع من قبول ذلك.

و قد اكتفي المرحوم الأستاذ شكري الآلوسي بقوله في هذا الجامع إنه من مساجد بغداد القديمة، فيه منارة بيضاء مطلة علي الطريق..

و اشتهر في هذا البيت تاج الدين النعماني قاضي بغداد ابن أخي حسام الدين المذكور و هذا توفي عام 834 ه خارج بغداد. فزال احتمال بنائه منه … و لتاج الدين هذا ابن له مكانته أيضا و من دواعي بقاء هذا الجامع ظهور علماء كثيرين من أسرة واحدة

مكنت من بقاء هذا الجامع و دوامه لما ناله علماؤهم من المكانة …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 180

و كان قد عمره داود باشا سنة 1239 ه و في الأيام الأخيرة آل إلي الخراب و هدمت منارته سنة 1353 و الآن بدأت دائرة الأوقاف بتعميره في هذه السنة 1354 ه- 1936 م.

2- جامع سراج الدين:

و في هذا العصر اشتهر الشيخ سراج الدين عمر القزويني المتوفي سنة 750 ه و لا يزال الجامع معروفا باسم (جامع الشيخ سراج الدين)، و في بغداد اليوم محلة تسمي ب (محلة سراج الدين) و قد مضت ترجمة هذا الشيخ في هذا الكتاب و هو من علماء الإجازة، و الكثيرون يفتخرون في الأخذ عنه فلا إبهام في النسبة.. و إن عدمت الصراحة في النصوص التاريخية.. و يقوي هذا مكانة ابنه المترجم و مهما يكن فلا يبعد أن نجد ما يؤيد رأينا هذا فيما يظهر من الوثائق و المخلدات التاريخية …

و للتعرف بمنزلة الرجل ننقل نص ابن بطوطة فيه قال:

«لقيت بهذا المسجد- جامع الخليفة- الشيخ الإمام، العالم، الصالح، مسند العراق سراج الدين، أبا حفص عمر بن علي بن عمر القزويني، و سمعت عليه فيه جميع مسند أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن فضل بن بهرام الدارمي و ذلك في شهر رجب الفرد عام 727 ه … الخ» ا ه.

و في هذا ما يعين أنه اشتغل بالتدريس بعد هذا لمدة 23 سنة.

و أمد مثابرته علي الإفادة مما زاد في احترامه و الاعتقاد في علمه و مكانته في القلوب …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 181

و كان قد عمر هذا الجامع الوزير حسن باشا سنة 1131 ه. و قال المرحوم شكري الآلوسي

في مساجد بغداد إن الشيخ سراج الدين هذا من رجال الصوفية و له ذكر في تاريخ أولياء بغداد، و التفصيل هناك.

حوادث سنة 784 ه- 1382 م

قتلة السلطان حسين: (ترجمته)

في عجائب المقدور كان قتل السلطان غياث الدين حسين في جمادي الآخرة من سنة 783 ه و في الانباء ذكر هذا الحادث في تلك السنة و قال: و قيل في ربيع الآخر من السنة التي بعدها (سنة 784 ه) و ترجمه في المواطنين و في حبيب السير كانت قتلته بتاريخ 15 صفر سنة 784 و مثله في الغياثي دون تعيين الشهر. و سبب قتله أنه اغتاله أخوه أحمد و كان استنابه السلطان علي البصرة، و توجه إلي تبريز فمالأ الأمراء عليه حتي قتل و استقل أحمد بالسلطنة … و كانت هذه المواطأة بإشارة الشيخ الكحجاني … كانت في نتيجة النزاع مع إخوته … فالسلطان أحمد يبدي أنه لم يطق الصبر علي هذه الحالة من الاضطراب و التشوش و انحلال الأمور فنهض لطلب الحكم و خرج من تبريز فجمع له جيشا و عزم علي اكتساح تبريز و الاستيلاء عليها فقتل السلطان و قيد شمس الدين زكريا و الخواجة جمال الدين..

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 182

و جاء في ابن خلدون أن السلطان حسين لما رجع من بغداد إلي توريز (تبريز) عكف علي لذاته و شغل بلهوه و استوحش منه أخوه أحمد فلحق بأردبيل و بها الشيخ صدر الدين (الصفوي) و اجتمع إليه من العساكر ثلاثة آلاف أو يزيدون فسار إلي توريز و طرقها علي حين غفلة فملكها و اختفي حسين أياما ثم قبض عليه أحمد و قتله …

و قد كثرت الأقاويل في السلطان حسين بين مادح له و ذام، و أكثر المؤرخين كانوا يميلون

إلي مدحه و الثناء عليه و لعل الذم كان موجها من جانب خصومه المنتصرين عليه مما دعا إلي تقولات كهذه … و قد قيل «و لأم المخطي ء الهبل» و إلا فهذا صاحب الأنباء نعته بقوله كان شجاعا شهما؛ حسن السياسة، قتل غيلة … و في عجائب المقدور:

«هو جلال الدين حسين، أفاض علي رعيته فضله و إحسانه، و كان كريم الشمائل، جسيم الفضائل، وافر الشهامة، ظاهر الكرامة، أراد أن يمشي علي سنن والده، و يحيي مآثره من رسوم آثاره و معاهده فخذلته الأقدار، و خالفت صفو مساعيه الأكدار». ا ه.

و في هذا مخالفة لما جاء في النصوص الأخري. و جل ما نعلمه عن خلفه السلطان أحمد يشير إلي خرق و شراسة و ذم من مؤرخين لا يحصون …

و علي كل كان السلطان حسين قد ولي الحكومة عام 776 ه و قد أسلفنا البحث عما وقع في أيامه من الاضطراب و انتقاض الأمراء عليه.

قالوا هو مولع باللهو و اللعب غافل عن تدبير المملكة، و بلغ به من حب النساء أن صار يتزيا بزيهن و يدخل الولائم و الأعراس فيما بينهن و لم

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 183

يعلموا به و مما يحكي عن هؤلاء الأمراء أنهم شكوا ذلك إلي وزيره الأمير زكريا فقال لهم الوزير اشكروا اللّه الذي بلاكم بمن يجعل القناع علي رأسه و لم يبتلكم بمن يضع القناع علي رؤوسكم فقام عليه رجاله و عصوا عليه فاستعان عليهم بعادل آغا الذي استولي علي عراق العجم … هذا ما دعا أن دبر مناوئوه و في مقدمتهم الشيخ علي أخوه قتلة الأمير إسماعيل و قيام الشيخ علي الشهزاده مكانه في منصب بغداد فارتبك أمر السلطان حسين

من جراء هذا الحادث فركن إلي عادل آغا فأمده و تقدم نحو بغداد فلما وصلها فر الشيخ علي من وجهه و مضي إلي دسبول و تستر و استقر السلطان حسين في حكومة بغداد و لما كان غير مدبر و لا ناظر لأمور الرعية بعقل و حكمة تكاثر ظلمة و زاد عتوه في بغداد … فاجتمع الأهلون عليه و اتفقوا علي معارضته و قتاله و دعوا الشيخ عليا الشهزاده ليجعلوه حاكما عليهم فوافي إليهم و ولي حكومة بغداد. و حينئذ التجأ السلطان مرة أخري إلي عادل آغا فظهر عليه أخوه الآخر أيضا و هو السلطان أحمد فقضي علي السلطان حسين المذكور و قتله.

و لم يكن له من الأولاد سوي بنت يقال لها دوندي سلطان و هذه غير دوندي بنت دلشاد المذكورة في هذا الكتاب و سيأتي لها من الحوادث ما له علاقة بالعراق …

وفيات
1- الوزير شمس الدين زكريا:

إن قتلة السلطان غطت علي ما جري علي الخواجة شمس الدين زكريا بن حسن الدامغاني البغدادي صهر الخواجة الوزير غياث الدين محمد بن رشيد الدين فضل الله الوزير و ابن أخته فلم نعد ندري ما حل

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 184

محراب جامع الشيخ سراج الدين- دار الآثار العراقية

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 185

الجبهة الأمامية لجامع سيد سلطان علي- دار الآثار العراقية

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 186

به و المعروف أن السلطان أحمد قتل الأمراء. و لذا انقطع بأنه قتله.

و هذا نال الوزارة أيام الشيخ حسن سنة 737 ه و كان انتخابه لمحض التأثير و الاستفادة من شهرة الخواجة غياث الدين محمد و قد مدحه الخواجة سلمان الساوجي بقصائد كثيرة مدونة في مواطن من ديوانه ثم إنه اعتزل

و نالها مرة أخري سنة 757 ه أيام السلطان أويس و كان هذا الوزير لا يزال حيا بعد قتلة ابنه الأمير إسماعيل و الملك حسين و كان محترما لدي هذه الحكومة و لمحض هذا الاحترام نال أخوه نجيب الدين الإمارة و أما إسماعيل ابنه فإنه نال الوزارة و حكومة بغداد و في دستور الوزراء «تصرف- الشيخ حسن الكبير- بممالك العراق.. و جعل الخواجة شمس الدين زكريا.. لمنصب الوزارة، و بقي في منصبه في جميع أيام دولته و في أيام أولاده (أويس و حسين) و في عهده اختار العدل و الإنصاف و العلم حتي وفاته.. فكان له الذكر الجميل» ا ه.

و باقي ما ذكره لا يختلف عن النص السابق و قد مر من البيان ما يبصر بحياته … و نرجح أنه توفي أو قتل في هذه السنة فقد طوي ذكره بعد حادث السلطان حسين و بعد القبض عليه و تقييده بالوجه المار …

و المعروف أن السلطان أحمد من حين ولي أوجس خيفة من الأمراء فقتل جماعة منهم.. فلا يبعد أن يكون الوزير أحدهم …

2- محمد بن عرب الهيتي:

في هذه السنة (784 ه) توفي محمد بن عرب الهيتي الحسني الحنفي العراقي نزيل حماة كان فصيح اللسان؛ عزيز الأخلاق، وصل من العراق إلي سلمية فاتفق توجه قاضي القضاة نجم الدين عبد الرحيم

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 187

البارزي إليها فأعجب به فذهب إلي حماة و قرره مشغلا في علم العربية بالجامع الكبير، و النوري بحماة، و انتفع به جماعة. فإن تقريره كان سهلا، سريع المأخذ، توفي في الطاعون.

حوادث سنة 785 ه- 1383 م

حرب السلطان أحمد و الشيخ علي:

كان السلطان أحمد بعد قتلة أخيه أعلن سلطنته مستقلا فكان كما وصفه صاحب حبيب السير سفاكا، رديئا للغاية، لا يستقر علي حالة …

و إنما يلتمس الشغب و يتحري التشويش دائما، و كان قاسي القلب، قليل الرحمة، شديدا و جاهلا، و له ولع بالموسيقي … قال الغياثي: «و لما قتل أخاه السلطان حسينا استشعر بالخوف من الأمراء و الأكابر الذين قتلوا أخاه. فقبض علي بعضهم و قتلهم فنفرت قلوب باقي الأمراء منه و جاؤوا إلي بغداد و أقاموا الشهزاده الشيخ عليا سلطانا و توجهوا به إلي تبريز … و زاد في حبيب السير: أنه تواترت الأخبار في أن الشهزاده الشيخ عليا و پير علي باوك بإغراء من عادل آغا عزموا علي حرب السلطان أحمد فسارع السلطان أحمد للملاقاة و الحرب و تصادموا عند السبعة أنهار (هفت رود)، و إن عمر قپچاق قد انفصل أثناء المعركة من السلطان أحمد و التجأ إلي الشيخ علي فاضطرب أمر السلطان فوقعت المغلوبية عليه و هرب من طريق خوي إلي نخچوان و التحق بقرا محمد بن تورميش (والد قرا يوسف) صاحب الموصل و كان السلطان قد تزوج بنته فاستمده و هذا اشترط شروطا وافقه السلطان أحمد عليها منها أنه ليس له

أن يتقدم

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 188

إذا رأي النصر دون أمر منه، و أنه إذا فتح عليهم تكون الغنائم خالصة لهم فلا يطمع فيها … فوافق السلطان أحمد … و حينئذ رتب قرا محمد جيشا و نظمه كما يريد و قصد الشيخ علي فحدثت المعركة بين الفريقين، و في هذه المعركة قتل الشيخ علي أصابه سهم و غنم التركمان غنائم وفيرة جدا و كذا قتل پير علي باوك و إن السلطان أحمد أرسل رأسه إلي عادل آغا ليظهر له نتيجة أعماله.. و من ثم ذهب السلطان إلي تبريز … و في الغياثي أنه قبل الحرب راسل خضر شاه بن سليمان شاه السلطان أحمد و كان أجل أمراء بغداد فانهزم خضر شاه و أصيب الشيخ علي بسهم فحمل إلي أخيه السلطان أحمد و به رمق فمات و ذلك عام 786 ه … و تقرر الملك للسلطان أحمد.. و في هذا إيضاح يوافق ما جاء في ابن خلدون …

و جاء في الأنباء في حوادث سنة 786 ه أن شيخ علي شاه زاده.. كان من جملة الأمراء فلما قتل أحمد بن أويس أخاه حسينا في سنة 784 ه قبض علي أمراء الدولة فقتلهم و أقام أولادهم في وظائفهم فنفرت منه قلوب الرعية و تمالأوا عليه و أقاموا أخاه هذا سلطانا و توجهوا به من بغداد إلي تبريز فالتقاهم بمن معه و معه قرا محمد بن بيرم خجا (بيرام خواجة) صاحب الموصل و هو صهره كانت بنته تحت أحمد فالتقي بمقدمة القوم فراسله خضر شاه بن سليمان شاه الإسلامي و كان أجل أمراء بغداد فانهزم خضر شاه و أصيب شاه زاده (الشهزاده علي) بسهم و حمل إلي

أخيه و به رمق فمات» ا ه.

أما صاحب حبيب السير فإنه يعين الحادث في سنة 795.

ترجمة السلطان علي:

في أواخر أيام السلطان أويس أرسل الشيخ علي الشهزاده- إثر

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 189

الغرق ببغداد- مع الوالي الأمير إسماعيل فكان أمير البلد إلا أنه رأي استبدادا من الأمير إسماعيل فاغتاله و أعلن ولايته علي بغداد و بعد وفاة السلطان أويس استمر في ولايته … و لما قتل الأمير إسماعيل بل بعد ذلك بمدة سار السلطان حسين من تبريز إلي بغداد فانهزم الشيخ علي ثم عاد بالوجه المار … و لما تسلطن السلطان أحمد مال الأمراء المخالفون إليه و شوقوا الشيخ عليا لمقارعة أخيه فكانت النتيجة أن قتل في المعركة … فكانت مدة حكمه ببغداد تقرب من عشر سنوات و ترك ابنا اسمه شاه ولد.

جامع سيد سلطان علي:

مر بنا من الحوادث ما يبصر بقتلة الشيخ علي و الكتب التاريخية لم تذكر أعماله التي قام بها ببغداد و مآثره فيها و لا يعلم بالتحقيق تاريخ بناء هذا الجامع إلا أنه يصادف العصر الذي بني فيه جامع مرجان و النظر إلي مأذنة كل منهما تجعلنا نقطع بأن البناء متقارب في الزمان إن لم يكن مماثلا … و مأذنة جامع النعماني المذكور لا تختلف عنهما. علي كل هذا الجامع من بناء هذه الحكومة و الظاهر أنه بني لمناسبة وفاة و قد ضاعت عنا الأخبار الخاصة و لم يدون إلا ما يتعلق بالحروب و السياسة العامة و قد ذكر الأستاذ المرحوم الحاج علي علاء الدين الآلوسي في تعليقة له علي كتاب كلشن خلفا عند ذكر قتلة الشيخ علي ما نصه:

«و الظاهر أن شيخ علي هذا هو المنسوب إليه جامع السيد سلطان علي فإنه ولي بغداد و توفي فيها و موضع الجامع في مرافق دار الخلافة العباسية و هو الأنسب

بالسلاطين و أما ما يقال من أنه الرفاعي فذلك من الموضوعات» ا ه.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 190

و يؤيد هذا النص ما ذكر من الاستدلال السابق … و أن الشيخ علي أعلن نفسه سلطانا في بغداد و كان حكمها مدة و لعل اللفظ المشهور أصله (سيدي السلطان علي) فخفف بالوجه الشائع (سيد سلطان علي) و علي كل نبدي ملاحظتنا و لا يبعد أن يظهر نص يعين الباني …

أما الأستاذ المرحوم شكري الآلوسي فقد قال هو من مساجد بغداد القديمة مطل علي دجلة من نهر المعلي المعروف موضعه اليوم بمحلة سبع أبكار أو المربعة و قد جدد عمارته السلطان عبد الحميد الثاني سنة 1310 ه.

و أقول كانت الكتابة علي باب هذا الجامع بخط عثمان ياور و منارته من بناء عصر الجلايرية و قد هدمت في هذه الأيام أي سنة 1353 ه.

أحوال بغداد- طورسون:
اشارة

أما أهل بغداد فإنهم بعد قتلة الشيخ علي أرسلوا خبرا إلي عادل آغا بأن يبعث معتمدا ليحكم بغداد دار السلام فأجاب الطلب و أرسل الأمير تورسن (طورسون) و هو من الأمراء و ابن خالة عادل آغا ليتولي إدارة بغداد و نصب قوام الدين النجفي ليقوم بوزارة بغداد … و لما وصل الأمير طورسون إلي بغداد استقبله عبد الملك التمغاتي الذي كانت بيده

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 191

أزمة الأمور و جاء معه الذين كانوا قد قتلوا الأمير إسماعيل فأمر حالا بقتل هؤلاء و استولي علي ما بأيديهم من أموال و تقدر بعشرة آلاف تومان و كثر النهب و السلب و اضطرمت نيران الفتن و أرسلت المبالغ المذكورة إلي عادل آغا … و في هذا السبيل جري ما جري مما لا يكاد يحصيه

قلم.. فانتهكت حرمات و استبيحت أموال.

السلطان أحمد و بغداد:

جاءت الأخبار إلي تبريز فعلم السلطان أحمد بكل تفاصيلها..

و حينئذ سار توا و علي وجه الاستعجال إلي بغداد و أن السلطان في هذه الأثناء ورد إليه شاه منصور من آل مظفر فارا من حبس القلعة و اتصل به … أما طورسون فإنه حينما علم بورود السلطان و توجهه إلي بغداد فر منها و ذهب من طريق بعقوبة فاقتفي بعض الرجال أثره و ألقي القبض عليه فأمر السلطان بقتله و قتل قوام الدين النجفي و قتل بعض من أوجس منهم خيفة و أعاد الشاه منصور إلي حاكمية تستر كما كان سابقا و قضي السلطان الشتاء في بغداد و في موسم الربيع من سنة 785 ه نصب الخواجة يحيي السمناني حاكما علي بغداد و عاد هو إلي تبريز …

و قد وردت هذه الوقعة في ابن خلدون بما نصه:

«ثم سار أحمد إلي بغداد و قد كان استبدّ بها بعد مهلك الشيخ علي الخواجة عبد الملك (التمغاتي) من صنائعهم بدعوة أحمد ثم قام الأمير عادل في السلطانية بدعوة أبي يزيد (أخي السلطان أحمد) و بعث إلي بغداد قائدا اسمه برسق (صحيحه تورسون) ليقيم بها دعوته فأطاعه عبد الملك و أدخله إلي بغداد ثم قتله برسق (تورسون) ثاني يوم دخوله و اضطرب البلد شهرا ثم وصل أحمد من توريز (تبريز) و خرج برسق

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 192

(تورسون) القائد لمدافعته فانهزم و جي ء به إلي أحمد أسيرا فحبسه ثم قتله و قتل عادل بعد ذلك و كفي أحمد شره و انتظمت في ملكه توريز (تبريز) و بغداد و تستر و السلطانية و ما إليها و استوثق أمره فيها ثم انتقض عليه أهل

دولته سنة 786 ه … » ا ه.

ملحوظة: كان أبو يزيد ابن السلطان أويس مع الأمير عادل قد مالا إلي شاه شجاع و بالمفاوضة و المخابرات السياسية تمكن السلطان أحمد من استعادة أخيه أبي يزيد إليه إلي بغداد و أمنه فأعيد كما أن عادل آغا انتهز فرصة مجي ء تيمور لنك فذهب إليه و جعله حاكما علي تبريز ثم قتله …

و كان عادل آغا ممن انتقض عليه من أهل دولته بالوجه الذي ذكره ابن خلدون … و سيجي ء البحث عن ذلك.

الركب العراقي

و فيها- سنة 785 ه- أخبر جماعة من الركب العراقي وصلوا إلي مكة أنه كان قد تجهز ركب كبير من شيراز و البصرة و الحسا فخرج عليهم قريش ابن أخي زامل و معه ثمانية آلاف نفس و كل معهم أموال كثيرة لؤلؤ و جوهر و ذهب و فضة فنهب جميع ما معهم و قتل منهم خلقا و من سلم رد إلي بلاده ماشيا عريانا و بعضهم حضر إلي مكة صحبة الركب العراقي علي الصفة المذكورة. و أما ركب العراقيين فلم يمكنهم قريش من السفر حتي جمعوا له عشرين ألف دينار حسابا عن كل حمل خمسة دنانير ذكر ذلك ابن قاضي شهبة و مثله المقريزي في السلوك و أن مبشيري الحاج المصري هم المخبرون بذلك. بين ذلك كله الصديق الأستاذ مصطفي جواد و قال: قريش هذا ابن أخي زامل بن عيسي بن عمر بن مهنا من آل فضل الطائي و ورد أيضا زامل بن موسي بن عساف (عيسي).

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 193

الكتابة فوق مدخل مرقد سيد سلطان علي- دار الآثار العراقية

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 194

محراب و منبر جامع سيد سلطان

علي- دار الآثار العراقية

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 195

وفيات
1- عبد اللّه بن خليل الأسداباذي:

هو جلال الدين البسطامي نزيل بيت المقدس، ولد ببغداد و صحب الشيخ علاء الدين العسفي البسطامي لما قدم من خراسان فلازمه و سلك طريقه و صحبه إلي الشام ثم إلي بيت المقدس و ترك ما كان فيه ببغداد و كان قد قرأ و اشتغل و أعاد بالمدرسة السلطانية للشافعية فترك وظائفه و وقف كتبه علي الطلبة و استمرت إقامته ببيت المقدس مقبلا علي أنواع المجاهدة و الرياضة و له رسالة معروفة فيها آداب حسنة و كانت وفاته في المحرم سنة 785 ه.

مدرسة الخواجة مسعود بن سديد الدولة و عمارته:

إن الخواجة مسعود بن سديد الدولة كان من أكابر بغداد فأسس مدرسة و أسواقا (عمارة) في غاية الحسن جعلها وقفا علي المذاهب الأربعة علي صفة المستنصرية و وقف عليها الأوقاف الكثيرة و الخطوط التي علي جدران المدرسة بيده و دار الكتب أكثرها بخط يده و كان يكتب خطا حسنا و كتب اسمه علي جدران المدرسة بهذه العبارة «و كتبه مسعود ابن منصور بن أبي الهارون نسبا الشافعي مذهبا» و كان يتصل بهارون أخي موسي بن عمران و كان أبوه يلقب سديد الدولة و كان دينه القديم اليهودية و له جاه عند السلاطين ثم أسلم …

و لما مات سديد الدولة عن مال كثير ورثه ولداه داود و مسعود ثم مات داود و استولي مسعود علي الجميع ثم اقتضي رأيه أن يعمر هذه المدرسة فابتدأ بعمارتها في أيام السلطان أويس و انتهت في أيام السلطان

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 196

أحمد و لما تمت استدعي السلطان لينظرها و فرشوا تحت أرجله الديباج من مسافة ثلاثمائة ذراع و الخواجة بهادر مملوك الخواجة مسعود علي كتفه قربة السقاء مملوءة من الدراهم ينثرها تحت أرجله و أما

باقي الولائم و التقاديم فلا يحصي شرحها و لم يكن الخواجة مسعود وزيرا و إنما كان من أعيان البلد …

و قال بعض الشعراء من جملة قصيدة يمدح بها الخواجة و يصف المدرسة:

و للقراءات في الأسحار هينمة كالورق ما بين تسجيع و تغريد

أضحت مزامير داود و لا عجب أن المزامير تتلي عند داود

يشير إلي أن المدفون في المدرسة هو داود …

اليهود في هذا العصر:

قد مضي القول في المجلد الأول عن اليهود و عن سديد الدولة و ما حصل عليه من المكانة. و لكن لم يذكر عن إسلام أولاده أثناء بيان الحوادث و لعل الوقائع الماضية لها دخل في قبول الإسلامية، و إن الثراء وصل إليه من تلك السلطة أو المكانة التي حصلوا عليها..

إن تلك الحوادث التي جرت علي اليهود بعد أن نالوا المنزلة الكبيرة في الدولة أخفتت صوتهم و لم نسمع عنهم ما يستحق الذكر لعدم العلاقة بمصالح الحكومة و التدخل في سياستها فأهملوا و لم يظهر لهم صوت إلا بعد أزمان طويلة سنعرض لذكرها في حينها.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 197

حوادث سنة 786 ه- 1384 م

الانتقاض علي السلطان أحمد- خروج تيمور لنك:

في سنة 784 ه ظهر الأمير تيمور لنك بمظهر الفاتح العظيم في تركستان و بخاري و سائر بلاد ما وراء النهر و خرج في جموع من المغول و التتر و ساقها نحو خراسان و دامت حروبه إلي عام 787 ه.

و كان في أيام خروج تيمور لنك من وراء النهر انتقض علي السلطان أحمد أهل دولته عام 786 ه و سار بعضهم و هو الأمير عادل آغا إلي السلطان تيمور فاستصرخه فأجاب صريخه و بعث بالعسكر معه علي تبريز فأجفل عنها السلطان أحمد إلي بغداد و استبد بها ذلك الثائر و عاث تيمور لنك في تبريز و آذربيجان و خربها و جاء إلي أصفهان و طلائعه وافت تخوم العراق فأرجف الناس منه و أعاد إلي الذاكرة وقائع جنكيز و أولاده و كانت حروبه بآذربيجان مع التركمان سجالا ثم تأخر إلي ناحية أصفهان و جاءه الخبر بظهور خارج عليه و هو قمر الدين فعاد إلي مملكته عام 787 ه و خفي خبره إلي سنة 795 ه

… و انفرد السلطان أحمد ببغداد و أقام بها …

و قد ذكر في الحديث عن أولية تيمور من هذا الكتاب و موضح أيضا في الضوء اللامع …

وفيات
1- محمد بن مكي العراقي:

توفي في هذه السنة محمد بن مكي العراقي كان عارفا بالأصول

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 198

و العربية فشهد عليه بدمشق بانحلال العقيدة و اعتقاد مذهب النصيرية و استحلال الخمر الصرف و غير ذلك فضربت عنقه بدمشق في جمادي الأولي و ضربت عنق رفيقه عرفة بطرابلس و كان علي معتقده».

2- الشيخ شمس الدين الكرماني:

الشيخ شمس الدين محمد بن يوسف بن علي بن عبد الكريم الكرماني الشافعي نزيل بغداد ولد في 16 جمادي الآخرة سنة 717 ه و اشتغل بالعلم فأخذ عن والده ثم حمل عن القاضي عضد الدين و لازمه اثنتي عشرة سنة و أخذ عن غيره، ثم طاف البلاد و دخل مصر و الشام و الحجاز و العراق، ثم استوطن بغداد و تصدي لنشر العلم بها نحو ثلاثين سنة و كان مقبلا علي شأنه معرضا عن أبناء الدينا. قال ولده الشيخ تقي الدين يحيي: كان متواضعا بارا لأهل العلم و سقط من علية فكان لا يمشي إلا علي عصا منذ كان ابن أربع و ثلاثين سنة. قال ابن حجي:

صنف شرحا حافلا علي المختصر، و شرحا مشهورا علي البخاري و غير ذلك و حج غير مرة و سمع بالحرمين و دمشق و القاهرة، و ذكر أنه سمع بجامع الأزهر علي ناصر الدين الفارقي، و ذكر الشيخ ناصر الدين العراقي أنه اجتمع به في الحجاز و كان شريف النفس مقبلا علي شأنه، و شرح البخاري بالطائف و هو مجاور بمكة و أكمله ببغداد، و توفي راجعا من مكة بمنزلة تعرف بروض مهنا في سادس عشر المحرم و نقل إلي بغداد فدفن بها و كان اتخذ لنفسه قبرا بجوار الشيخ أبي إسحق الشيرازي و بنيت عليه قبة، و مات

عن تسع و ستين سنة.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 199

طاق كسري

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 200

النصيرية

هؤلاء من الغلاة القائلين بإلهية الإمام علي، و هم لم ينقطعوا من العراق، و لا يزالون إلي اليوم و يعرفون ب (النصيرية) و أسماء أخري، يخفون عقائدهم و يتكتمون كثيرا. و يظن لأول وهلة أنهم مسلمون، و يظهرون أحيانا الشعائر الإسلامية خوفا، فلا يبعد أن يقوم بعضهم مثل المترجم المذكور أعلاه فيجاهر بمعتقده فيفتضح أمره، و يناله ما يناله..

و الروح الإسلامية لا تزال شديدة و قوية في هذا العصر، لا تسمح لأحد بمخالفة أساساتها بعقيدة زائغة … و قد اتفقت الفرق الإسلامية بأن هؤلاء خارجون عن الملة..

و ليس من موضوعنا التعرض لأكثر من بيان تلخيص في معرفة تطور هذه العقيدة و هي منتشرة في أنحاء العراق المختلفة.. و من المؤسف أن لم نعثر لهم علي مؤلفات واضحة و صريحة تعين معتقدهم تفصيلا..

و لكن العلماء بحثوا و ذكروا بعض معتقداتهم. و من أوضح أساسات عقائدهم الاعتقاد (بعبادة الأشخاص) و أهمها الاعتقاد بإلهية الإمام علي و أولاده … و اشتهروا باسم (النصيرية). و (العلي اللهية)، و (المشعشعين)، و (القزلباشية)، و (الشبك) و غيرهم … و من عقائدهم التناسخ و الحلول أو الاتحاد.

و نذكر بعض النصوص الخاصة بالنصيرية و بالعلي اللهية لنتبين أن المعتقدات الأخري لا تفترق إلا بالأسماء.. و هذا ما قاله السمعاني:

«النصيرية … نسبة لطائفة من غلاة الشيعة يقال لهم النصيرية …

ينتسبون إلي رجل اسمه نصير و كان في جماعة قريب من 17 نفسا، و كانوا يزعمون أن عليا هو اللّه. كان زمن علي فحذرهم، و قال: إن لم ترجعوا عن هذا القول؛ و تجددوا إسلامكم

عاقبتكم عقوبة ما سمع مثلها في الإسلام، ثم أمر بأخدود، حفر في رحبة جامع الكوفة فأشعل فيه

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 201

النار، و أمرهم بالرجوع فما رجعوا، فأمر غلامه قنبرا حتي ألقاهم في النار فهرب واحد من الجماعة اسمه نصير و اشتهر هذا الكفر منه..

و هذه الطائفة بالحديثة (بلدة علي الفرات). سمعت الشريف عمر بن إبراهيم الحسيني شيخ الزيدية بالكوفة يقول: لما انصرفت من الشام رحلت إلي الحديثة مجتازا فسألوني عن اسمي فقلت عمر فأرادوا أن يقتلوني لأن اسمي عمر حتي قلت إني علوي، و إني كوفي فتخلصت منهم و إلا كادوا يقتلونني … » ا ه.

و حديثة هذه تسمي حديثة الفرات و حديثة النورة و الآن ليس فيها نصيرية. و إنما المعروف أنهم لا يزالون في عانة في محلة الحقون..

و يحكي أهل عانة القصص الغريبة عنهم سواء في إظهار شعائر الإسلام، أو في الأمور الخفية التي يتعاطون العبادات أو الاجتماعات فيها..

و عندهم سر (عمس) لا يحلفون به كذبا و يقصدون بالعين (عليا)، و بالميم (محمدا)، و بالسين (سلمان الفارسي) … و يتقول عليهم المجاورون بعض الأمور مثل قولهم «يا أبا السعود يا أبا السعود منك خرجنا و إليك نعود» فيزعمون أنهم يجردون بنتا يخاطبون فرجها بما ذكر.. و يعزون إليهم حادث الكفيشة أو الكفشة و تنسب أيضا إلي كثيرين من أمثال هذه الطائفة بسبب التكتم من اتخاذ ليلة ساهرة تطفأ فيها الشموع و يتصل رجالهم بنسائهم و يكذبها الواقع فلا يعتمد علي هكذا إشاعات … و قد نقلت هذه العادة قديما و ألصقت ببعض طوائف الغلاة كما نقل صاحب (الفرق بين الفرق) عن طائفة البابكية في جبلهم قال:

«للبابكية في جبلهم ليلة عيد

لهم يجتمعون فيها علي الخمر و الزمر و تختلط فيها رجالهم و نساؤهم فإذا أطفئت سرجهم و نيرانهم افتض فيها

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 202

الرجال النساء..» ا ه و يقصدون من ذلك أن هؤلاء إباحية..

و المعروف في أمثلة كثيرة أنهم يعتقدون بالتناسخ و يسبون الصحابة الكرام.. و في كتاب الفرق: و تولوا عبد الرحمن بن ملجم.. و قالوا خلص روح اللاهوت من الجسد البراني.. و الصارلية علي هذا الاعتقاد.

و قد اشتهرت هذه الطائفة بواسط أيضا، و منها اشتق المشعشعون علي ما يظهر.. و نظرا لعلاقة البحث سأذكر المراجع الخاصة في هذه العقيدة عند الكلام علي المشعشعين لأن هؤلاء النصيرية لم يحافظوا علي اسمهم بل تسموا بأسماء أخري ففي غير العرب يقال لهم بصورة عامة (النيازية) (أصحاب النذور) لا يقيمون (شعائر الإسلام)، و لا يقصون شواربهم. و لهم مواسم معينة لإجراء النذور و ينعتون سائر المسلمين ب (النمازية) أي أهل الصلاة. و اللفظة فارسية و هي (نماز) يراد بها الصلاة.. و يعين هذه العقيدة المكتومة- عقيدة العلي اللهية- ما جاء في (دبستان مذاهب) فإنه عمدة في تدوين كثير من العقائد أمثالها قال:

«عقائد العلي اللهية: في جبال المشرق بالقرب من الخطا موطن يدعي (أرنيل) و أحيانا يسمي (رمال) و يقال لملكه (باب) فأهل هذا الموطن يقولون: من المعلوم لمن تبحر في حقائق الأمور و أدرك دقائقها أن لا مجال للتقارب بين السفليين و العلويين، و لا صلة للخلقة بين العنصريين و الملكوتيين، و أن الرابطة بين الزمانيين و اللازمانيين مفقودة، كما لا علاقة بين المكانيين و اللامكانيين.. و هم جميعا مع كل ذلك مكلفون بحكم العقل و الشرع بمعرفة اللّه تعالي، و الملائكة العلويون،

موسوعة تاريخ

العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 203

و الأنبياء السفليون لا قدرة لهم و لا طريق إلي معرفة اللّه تعالي علي حد «ما عرفناك حق معرفتك»».

ذلك ما دعا أن يهبط تعالي من المرتبة الصرفية و درجة البحتية و الإطلاق.. ففي كل عصر و دور بمقتضي فرط لطفه يتصل بجسم من الأجسام ليبصره عباده فيمتثلوا أوامره عن معرفة فيصغوا إليها و يعملوا بموجبها …

و قد ورد في هذا الشأن آيات و أحاديث تتعلق بالرؤية و فيها إشارة واضحة إلي ذلك. فعليه و لما كان ظهور الروحاني في صورة جسمانية أمر ممكن و قد سلم العقلاء بذلك و جاء في الأخبار عند المسلمين و تقرر أن المجرد يتيسر تمثيله فجبرائيل عليه السّلام ظهر بصورة دحية الكلبي. و كذلك تظهر الجن و الشياطين بصور البشر، فمن الأولي أن يبدو القادر المتعال للخلق بهذا التجلي، و هكذا أفراد الناس لا يستغنون عن الاستعانة بغيرهم …

و هذه الطائفة نظرا لتلك القاعدة المتفق عليها تقول بأنه يجب أن لا يدوم ظلم و أن ينتظم العالم و يمضي بمقتضي قوانين ثابتة و سنن دائمة، و هذا لا يمكن أن يقوم به أحد سوي اللّه تعالي.. و علي هذا قضت حكمته و إرادته أن يظهر بمظهر البشر إنفاذا لأوامره فيضع لهم الشرائع لترتيب الأمور و تنظيمها.. و العقل و النقل يؤديان إلي أنه لم يكن هناك في دور الشمس و القمر من توفرت فيه الشرائط للقيام بهذه المهمة سوي علي المرتضي …

و الحق أن النبي صلّي اللّه عليه و سلّم الذي كان أعلم بكثير من سائر الأنبياء و اجتمعت فيه كافة الصفات الحميدة التي اتصف بها الأنبياء قبله مما دعا أرباب العقول أن يروه يخرج

من الجنة و يحل جسم أبي البشر فيشاهدوه بصورة آدم، و تارة يجدونه مجسما بهيئة نوح فيصنع الفلك، و أحيانا يبصرونه في شكل إبراهيم يلعب بالنار، و ينظرونه في لباس الكليم ناطقا

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 204

لهم. و مما يؤيد ذلك قول (من عرف نفسه فقد عرف ربه)، و (أن اللّه خلق آدم علي صورته).. و ما آدم أبو البشر سوي المرتضي بدليل (رأيت ربي في صورة امري ء) إشارة إلي قدم الذات التي تظهر بصورة نبي في جسم رجل عظيم فذّ كما أن البصير ذكر هذه الأبيات الدالة علي حيرته في الأمر:

غرض زبت شكنيها جز اين نبود بني را كه دوش خود بكف پاي مرتضي برساند

و معناه: لم يكن يقصد النبي من كسر الأصنام سوي أن تمس قدم المرتضي كتفه. و يقولون إن الكعبة لم تأت إلي الوجود إلا بسبب حضرته، فإن كل دور يتصل فيه بأجساد الأنبياء و الأولياء كما تدرج من آدم إلي أحمد و هكذا نور الحق أخذ بالتنقل (التناسخ) في الأمة …

و بعضهم يقول إن نور الحق ظهر في هذا الدور بمظهر علي فكان هو (اللّه) و بعده يحل في أولاده.. و يعتقدون أن (محمد علي) هو رسول (علي اللّه) و لما رأي الحق لم يتمكن رسوله من إتيان عمل فبادر إلي مقاومته، و حل في جسد رجل اسمه أحمد الذي كان يقول إن هذا المصحف الذي بين أيديكم لا يليق العمل به لأن هذا المصحف لم يكن المصحف المودع من (علي اللّه) إلي محمد بل إن هذا مرتب من أبي بكر و عمر و عثمان ليس إلا.

و قد كان شمس الدين- كما شوهد- يقول: إن هذا المصحف هو

كلام علي اللّه إلا أنه نظرا لكونه مرتبا من قبل عثمان فلا تجوز تلاوته.

و قد وجد أن بعضهم قد جمع ما كان هناك من نظم و نثر مما يتعلق بعلي و أدخله ضمن القرآن، و كانوا يرجحون هذا القرآن الأخير علي القرآن الأصلي لاعتقادهم أنه وصل إليهم من علي اللّه بطريق مباشر، و أن القرآن الأصلي وصل إلي الناس بواسطة محمد بطريق غير مباشر و فيهم

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 205

جامع الآصفية

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 206

طائفة تدعي (علوية) و ينتسبون إلي علي اللّه و أنهم منه فيشاطرون بقية إخوانهم في العقائد المذكورة إلا أنهم يقولون إن هذا المصحف الموجود ليس كلام علي اللّه إذ إن الشيخين قد سعيا في تحريفه فتبعهم عثمان، و تركه لفصاحته و صنف مصحفا آخر بدله به و أحرق الفرقان الأصلي …

و شأن هذه الطائفة أنهم كلما وجدوا مصحفا أحرقوه، و يعتقدون أن علي اللّه اتصل بالشمس فلا يزال شمسا و قد كان من الشمس و قد اتصل مدة بجسم عنصري. و لهذا رجعت الشمس بأمره إذ كان هو عين الشمس. و علي هذا يقولون للشمس (علي اللّه)، و عندهم الفلك الرابع (دلدل)، و أصبحوا عبدة النيران، و صارت الشمس في نظرهم هي اللّه و هم خلق عظيم، و يزعمون أنهم حينما يدعون الشمس تجيب دعوتهم و تعينهم في الشدائد …

و منهم رجل اسمه عبد اللّه قد نقل من أحوالهم عن آخر اسمه عزيز الأمر العجيب، كان قد ذكر (علي اللّه) بحرص و انهماك زائدين، و شوق تام، و أنه لم يكن ليؤثر به السيف كما أن أحدنا أنكر هذا الأمر فأخذ عزيز يشتغل بذكر (علي

اللّه) و استمر علي انهماكه و حرصه إلي أن أزبد فمه و خاطب المنكر قائلا:

- أيها الملعون اضربني فبادر المنكر في ضربه بالسيف فلم يؤثر فيه، فأدي ذلك إلي أن التحق المنكر بهم..

و هذه الطائفة لا يجوز لأهلها أن يذبحوا الحيوانات، و لا كل ذي روح، و يتجنبون أكل اللحوم بحكم مفاد ما قاله (علي اللّه): «لا تجعلوا بطونكم مقابر الحيوانات» و ما ورد في المصحف من ذبح بعض الحيوانات و أكل لحومها إنما يراد به لحم أبي بكر و عمر و عثمان و أتباعهم، و أنهم المقصودون بالمحرمات، و أن إبليس و الحية و الطاووس

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 207

عبارة عن هؤلاء الثلاثة. و كذلك شداد و نمرود و فرعون يراد بهم هؤلاء الثلاثة. و يجوز السجود لصورة (علي اللّه)، و أن كسر الأصنام، و عبادتها إشارة إلي هؤلاء الثلاثة، و أن الشيخين هما صنما قريش، و يعتقدون بالتاريخ، و يقولون إن عليا لما ظهر بصورة الأنبياء قديما كانت تتألب عليه جبهة المعارضين و المنكرين و هم هؤلاء الثلاثة» ا ه.

و هذا المؤلف افتضح عقائدهم، و أزال عنها الخفاء، و نشر المكتوم، و أعلن المبهم، و هتك الستر فصرنا كلما وجدنا الظواهر متماثلة قطعنا في العينية.. و كنا قد وصفنا كتابه (دبستان مذاهب) في تاريخ اليزيدية فلا نري باعثا لإعادة الكلام عليه.. و مهما يكن ففي هذه الوثائق و اختلاف المستندات في العصور المتوالية مما يعرف بعقائدهم و لا نزال نتحري و نثبت ما تيسر لنا العثور عليه. و سيأتي في حوادث سنة 841 ه و ما يليها من النصوص ما يوضح أكثر و يبصر بحقيقة نحلتهم.. و كل ما نلخصه هنا

للقاري ء مما مر أن القوم من الغلاة و أغراضهم مصروفة إلي إهمال القرآن و أنه مبدل، و دعوة الناس إلي لزوم نبذه.. و في هذا ما يكفي لمعرفة دخائلهم و نواياهم الهدامة … و ما عبادة الشمس و الخروج بألفاظ القرآن إلي أمور لا تقرها اللغة و لا يساعد عليها النص إلا نتائج يتوصلون بها إلي تبديل معانيه عند من لا يجسر علي المجاهرة في تكذيبه.. و في گوران عقائدهم شائعة و لكنهم يتكتمون فيها و في عبادة الشمس. و قد حكي لي جماعة عن عبادتهم الشمس عند بزوغها و غروبها..

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 208

حوادث سنة 787 ه- 1385 م

شاه شجاع من آل المظفر:

في هذه السنة توفي شاه شجاع و قد مر الكلام علي تكون إمارتهم في إيران و أوضحت بعض علاقاتهم بنا.. و أن شاه شجاع ولي الحكم عام 760 ه و كان قد استبد بوالده هو و شاه محمود ابنه الآخر فكحلوه و سجنوه … و تولي ذلك شاه شجاع في قلعة من عمل شيراز سنة 765 ه و في السنة المذكورة وقع الخلف بين شاه محمود و شاه شجاع فسار إليه شاه محمود من أصبهان بعد أن استجار بالسلطان أويس الجلايري فأمده بالعساكر و ملك شيراز و لحق شاه شجاع بكرمان من أعماله و أقام بها، و اختلف عليه عماله ثم استقاموا علي طاعته، ثم جمع بعد ثلاث سنوات و رجع إلي شيراز فآل الأمر إلي انتصاره ففارقها أخوه محمود إلي أصبهان و أقام بها إلي أن هلك سنة 776 ه فاستضافها شاه شجاع إلي أعماله و أقطعها لابنه زين العابدين و زوجه بنت السلطان أويس و كانت تحت محمود، و قد مرت الإشارة إلي وقائعه مع

الجلايرية، ثم هلك شاه شجاع سنة 787 ه و صادف ذلك ظهور تيمور لنك في تلك الأنحاء أيام النزاع علي السلطة بينه و بين أقاربه فقارع اللنك بعضا و قرب آخرين إلي أن عاد إلي مملكته. و قد مضي الكلام علي شاه منصور و التجائه إلي السلطان أحمد …

و كان شاه شجاع ملكا، عادلا، عالما بفنون من العلم محبا للعلماء و كان يقري ء الكشاف و الأصول و العربية و ينظم الشعر بالعربية و الفارسية و يكتب الخط الفائق مع سعة في العلم و الحلم و الكرم. و كان قد ابتلي بالنهم (كثرة الأكل) فكان لا يسير إلا و المأكول علي البغال صحبته فلا يزال يأكل، و لما مات صار ولده زين العابدين بعده، و في

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 209

أيام هذا انقرضت حكومتهم كما سيجي ء.

آل فضل- عثمان بن قارا:

في هذه السنة توفي أمير آل فضل و هو عثمان بن قارا بن مهنا بن عيسي و كان شابا كريما شجاعا جميلا يحب اللهو و الخلاعة و مات شابا قاله ابن حجر. كذا في الشذرات و الأنباء و هذا لم يكن أميرا منصوبا من الحكومة و لكنه من أبناء الأمراء و قد ورد في الدرر الكامنة بلفظ عثمان بن قارا بن مهنا بن عيسي بن مهنا بن مانع بن حذيفة (حديثة) بن فضل أمير العرب من آل فضل بالشام و العراق … و هو ابن أخي نعير و يؤيده ما جاء في الأنباء من أنه عثمان بن قارا بن مهنا بن عيسي و جاء في الشذرات بلفظ (فار) و ليس بصحيح و كذا ما جاء في ابن خلدون بلفظ (قاري ء) و (قارة) و هو غلط ناسخ..

و في عقد

الجمان جاء قارا بن مهنا بن عيسي بن مهنا بن مانع..

و قد مر الكلام عليه في حوادث سنة 781 ه كما ذكر الأمير حيار بن مهنا في حوادث سنة 776 ه.

و هنا نقول: إن هذه القبيلة لم تنقطع سكناها عن العراق بل لا تزال قاطنة فيه إلي اليوم … فالعلاقة و الارتباط موجودان.. و يؤيد هذا ما جاء في ابن خلدون من أن هذه القبيلة و كذا أمراؤها من آل فضل رحالة ما بين الشام و الجزيرة و نجد من أرض الحجاز يتقلبون بينها في الرحلتين و ينتسبون في طيي ء و معهم أحياء زبيد و كلب و هذيل و مذحج

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 210

أحلاف لهم و يناهضهم في الغلب و العدد آل مراد ثم ذكر ابن خلدون مواطن إقامتهم من سورية و كذا إقامة زبيد …

و الناحية المهمة التي يجب الالتفات إليها هي أن آل فضل اتصلوا بالحكومة السورية و تعهدوا لها في إصلاح السابلة بين الشام و العراق فأقطعتهم الإقطاعات و ولتهم الإمارة العشائرية و الرياسة العامة لا لهذا الغرض وحده بل حذرا من أن يميلوا إلي التتر لعلمهم أن العربي لا يتقيد ببقعة خاصة و لا يقبل بالذل و قاعدتهم الطبيعية (و إذا نبا بك منزل فتحول) فاستظهروا برياستهم علي آل مراء (مري) و غلبوهم علي المشاتي..

و مهنا هذا هو ابن مانع بن جذيلة (ورد بلفظ حديثة و هو الأشبه بالصواب نظرا لتكرره) بن فضل بن بدر بن ربيعة بن علي بن مفرج بن بدر بن سالم بن حصة بن بدر بن سميع و يقفون عند هذا فلا يتجاوزونه في العد …

و قد مر بنا في حوادث عام 749 ه

الكلام علي إمارة أحمد بن مهنا … و قبله كانت الفتنة قائمة بين سيف بن فضل و بين فياض بن مهنا فسكنت في أيام أحمد المذكور …

ثم توفي في سنة 749 ه فولي مكانه أخوه فياض و هلك سنة 762 ه فولي مكانه حيار بن مهنا فولي مكانه ابن عمه زامل بن

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 211

موسي بن عيسي سنة 770 ه و كان معه بنو كلاب فعاث في أنحاء حلب فولي مكانه معيقل بن فضل بن عيسي و في سنة 775 ه أعيد حيار إلي إمارته فتوفي سنة 777 ه فولي أخوه قارا إلي أن توفي سنة 781 ه فولي مكانه معيقل بن فضل و زامل بن موسي المذكوران شريكين في إمارتهما ثم عزلا لسنة ولايتهما و ولي نعير ابن حيار بن مهنا و اسمه محمد و لا يزال أميرا علي آل فضل و جميع أحياء طيي ء بالشام و السلطان يزاحمه بحجر بن محمد بن قارا حتي سخط عليه و ظاهر محمد بن قارا ثم سخط عليه و ولي مكانهما ابن عمهما محمد بن كوكبتين بن موسي بن عساف بن مهنا فقام بأمر العرب و بقي نعير منتبذا بالقفر.

و الحاصل أن رياسة طيي ء و إمارتها لا تزال إلي هذا العهد الذي نكتب عنه لآل فضل و بينهم آل مهنا و آل فضل و قد نازعهم الإمارة (آل علي) من طيي ء أيضا إلا أنهم لم تدم لهم الإمارة و عرف منهم محمد بن أبي بكر ثم عادت إلي آل فضل بالوجه الموضح.. و لا مجال للإطناب في أمر علاقة هؤلاء بالعراق … نظرا لقلة التدوينات فيها.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 212

حوادث سنة 788 ه- 1386 م

اجتياح تبريز:

في هذه السنة اجتاح تيمور لنك مدينة تبريز نقل ذلك صاحب عقد الجمان و فصل القول عن ظهوره تفصيلا زائدا و سيأتي الكلام علي تاريخ ظهوره عند الكلام علي اكتساح بغداد في حينه … و هنا نقول إن صاحب الأنباء ذكر أن اللنك قصد تبريز و نازلها و واقع صاحبها أحمد بن أويس إلي أن كسره و انهزم إلي بغداد و دخل تيمور لنك تبريز فأباد أهلها و خربها و جهز أحمد بن أويس إلي صاحب مصر امرأة يخبره بأمر تيمور لنك و يحذره منه و يخبره بأنه توجه إلي قراباغ ليشتي بها ثم يعود في الصيف إلي بغداد فوصلت المرأة إلي دمشق فجهزها بيدمر صحبة قريبه جبرئيل.

و كان في هذه السنة أيضا طرق اللنك شيراز فحاربه شاه منصور و قد ثبت ثباتا عظيما.. ذكر ذلك صاحب الأنباء.

النزاع علي إمارة مكة المكرمة:

انقطعت العلاقة السياسية بين مكة المكرمة و العراق إلا من الناحية الدينية و هي الحج و تقديم بعض الهدايا و الخيرات، و قصد البيت الحرام للزيارة و إلا فلم تقع تدخلات في الإدارة كما مضي القول عليه ففي هذه السنة في شعبانها توفي أمير مكة الشهاب أحمد بن عجلان بن رميثة بن نمي الحسيني و استقر ولده محمد بن أحمد فعمد كبيش بن عجلان إلي أقاربه فكحلهم منهم أحمد بن ثقبة و ولده و حسن بن ثقبة و محمد بن عجلان ففر منه عفان بن مغامس إلي القاهرة فشكا إلي سلطانها من

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 213

صنيعه و التزم بتعمير مكة و سعي في أمرتها فأجيب إلي ذلك. قال ابن حجر: كان أحمد بن عجلان عظيم الرياسة و الحشمة اقتني من العقار و العبيد شيئا كثيرا

إلي غير ذلك.

و هذا غير أحمد بن رميثة الذي مر الكلام عليه في حوادث سنة 740 ه و قد جاء ذكر هذا في ابن خلدون و فيه بيان لعلاقتهم بحكومة مصر و تدخلاتها بشؤونهم و تفصيل لمن ولي الإمارة منهم …

وفيات
1- شمس الدين محمد الحلي:

هو شمس الدين محمد بن الحسين بن أحمد الحلي و يعرف بابن البقال ولد بالحلة في جمادي الأولي سنة 708 و تعاني الآداب فمهر و قدم حلب و مدح أعيانها كتب عنه أبو المعالي ابن عشائر من نظمه ما كتب به إلي الشريف عبد العزيز بن محمد الهاشمي و من نظمه:

يا صاحبي بأرض النيل لي قمر جمال بهجته أبهي من القمر

ورد الخدود و رمان النهود علي بان القدود به قد عيل مصطبري

توفي في حدود سنة 788.

حوادث سنة 789 ه- 1387 م

اللنك و حوادثه:

في هذه السنة عاد اللنك مرة أخري إلي عراق العجم فاستقبله ملوكها، و أذعنوا بالطاعة مثل اسكندر الجلالي، و إبراهيم العجمي، و أبي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 214

إسحق السرحاني و سلطان أحمد ابن أخي شاه شجاع و ابن عمه شاه يحيي، فكان جملة من اجتمع عنده من ملوك العجم 17 ملكا فبلغه علي أنهم تواعدوا علي الفتك به فسبقهم و أمر بالقبض عليهم و قد اجتمعوا في خيمة و قرر في ممالكهم أولاده و أحفاده و بيع ذراري المقتولين فلم يبق منهم أحد. ثم توجه نحو عراق العرب فبلغ ذلك أحمد بن أويس فجهز له عسكرا كثيفا مع أمير يقال له استباي. فتلاقيا علي مدينة سلطانية فانهزم جند بغداد فلم يتبعهم اللنك و عطف علي همذان و ما يليها و قبض علي متوليها؛ و استناب فيها ثم كر راجعا إلي بغداد و بلغ أحمد بن أويس ذلك فعرف أنه لا طاقة له بلقائه و كان أحمد بن أويس استولي علي مملكة تبريز عوضا عن أخيه حسين بعد قتله و لم يلبث إلا قليلا حتي فاجأه عسكر اللنك فلما بلغه ذلك رحل عنها و ترك أهلها حياري فهجم

عليهم العسكر عنوة فانتهبوها و قتلوا منها ما لا يمكن شرحه و أقاموا بها شهر رجب كله لاستخلاص الأموال و تخريب الدور و تعذيب ذوي الأموال بالعصر و الإحراق و الضرب و أنواع العذاب و انتهكوا الحرمات و سبوا الحريم و الذراري و كان قبل ذلك قد استولي علي تبريز و فعل بها الأفاعيل. و كان أحمد بن أويس قد أرسل ذخائره و حريمه و أولاده إلي قلعة يقال لها نجا في غاية الحصانة و قرر فيها أميرا يقال له آلتون مع ثلثمائة نفس من أهل النجدة فسار له اللنك فلم يقدر عليها و قتل في الحصار أميران كبيران من عسكره ثم رحل عنها لما سمع أن قد طرق بلاده طقتمش خان و أنه قد تعرض لأطراف بلاده راجعا أيضا. و لما بلغ ذلك قرا محمد التركماني انتهز الفرصة و وصل إلي تبريز فملكها و قرر فيها ولده مصر خجا (مصر خواجة) و رجع إلي بلاده و في 9 رجب أمر المحتسب يطلب ذوي الأموال و استخراج زكواتها منها و أن يتولي قاضي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 215

الحنفية الطرابلسي تحليفهم فعمل ذلك في يوم واحد. فلما ورد الخبر برجوع تيمور لنك رد علي الناس ما أخذ منهم و بطلت مطالبتهم في الزكاة و بالخراج أيضا.

قلعة النجا:

لما رأي السلطان أحمد أنه لا قدرة له بمقابلة هذا الطاغية قرر الخروج من ممالكه بغداد و العراق و تبريز، و جهز ما يخاف عليه صحبة ابنه السلطان طاهر إلي قلعة النجا، ثم قصد البلاد الشامية في سنة 795 ه في حياة الملك الظاهر أبي سعيد برقوق، فوصل تيمور إلي تبريز و نهب بها، و وجه إلي قلعة

النجا العساكر لأنها كانت معقل السلطان أحمد، و بها ولده و زوجته و الذخائر، و توجه هو إلي بغداد … و كان الوالي بالنجا رجلا شديد البأس يدعي آلتون كان يعتمد عليه و منه جماعة نحوا من ثلثمائة رجل، كان ينزل بهم التون ليلا و يشن الغارة … فوهن أمر العسكر فأبلغوا تيمور ذلك فأمدهم بنحو 40 ألفا مع أربعة أمراء كبيرهم يدعي قبلغ تيمور فوصلوا إلي القلعة و لم يكن إذ ذاك آلتون فيها فتعاضد و من معه بهمة صادقة فاخترقوا الصفوف و قتلوا من العسكر أميرين أحدهما قبلغ تيمور.. فلما سمع تيمور لنك نهض إليها بنفسه و أحاط بجوانبها …

و كانت هذه القلعة أمنع من عقاب الجو فلم يتمكن منها تيمور، و كان آلتون عارفا بشعابها، و يهاجم عدوه ليلا و في أوقات مختلفة فيسلب و ينهب و يقتل و يرجع سالما، و لم يزل هذا دأبه حتي أعجز تيمور و أصحابه، فلم ير تيمور بدا من الارتحال لضيق المجال فارتحل بعد أن رتب للحصار اليزك، و استمر الحصار مدة طويلة، قيل إنها مكثت في

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 216

الحصار اثنتي عشرة سنة ثم استولي عليها. و تمام القصة مذكور في عجائب المقدور.

و الحق أن الدفاع و الحصار و القدرة تابعة لقوة النفس و عزتها …

فإذا أرادت أن لا تستذل قاومت و ناضلت، و لو كان كل بلد قارع هذا القراع و جادل جدال رجال هذه القلعة لتمكن من المحافظة علي استقلاله، و الاعتزاز بكيانه … و الخوف و الخذلان ما استوليا علي أمة إلا نالها ما نال الأقوام أمام تيمور … تفسخوا فتمكن منهم أكثر مما كان لديه من قوة

وفيات
العز الموصلي:

و هو علي بن الحسين بن علي بن أبي بكر بن محمد بن أبي الخير، العلامة عز الدين الموصلي الشاعر نزيل دمشق مهر في النظم و جلس مع الشهود بدمشق تحت الساعات و أقام بحلب مدة و جمع ديوان شعره في مجلد و له البديعية المشهورة قصيدة نبوية عارض بها بديعية الصفي الحلي … و شرحها في مجلدة و له أخري لامية علي وزن (بانت سعاد) مات سنة 789 ه.

حوادث سنة 790 ه- 1388 م

[وفيات]
1- شجاع الدين أبي بكر السنجاري:

في هذه السنة توفي شجاع الدين أبو بكر بن محمد بن قاسم

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 217

السنجاري الحنبلي نزيل بغداد الشيخ الإمام المحدث كان فاضلا مسندا حدث بالكثير و حدث عنه الشيخ نصر اللّه البغدادي و ولده قاضي القضاة محب الدين و توفي عن ثمانين سنة.

2- ابن الدواليبي:

في هذه السنة توفي عبد المحسن بن عبد الدائم بن عبد المحسن ابن محمد الدواليبي البغدادي الحنبلي. ولد سنة 723 ه و روي عن جده عفيف الدين عبد المحسن بن محمد و غيره و كان واعظا يكني أبا المحاسن ذكره في الأنباء و قد مر الكلام علي جده الأعلي و هو محمد ابن عبد المحسن المعروف بابن الخراط و الدواليبي و هو عفيف الدين في كما جاء في المجلد الأول في هذا الكتاب.

3- بدر الدين محمد بن إسماعيل الإربلي:

و هو المعروف بابن الكحال. عني بالفقه و الأصول، و كان جيد الفهم، فقيرا، ذا عيال.. جاوز الأربعين.

حوادث سنة 791 ه- 1389 م

التصلية بعد الأذان:

في هذه السنة كانت التصلية بعد أذان المغرب لضيق وقتها، و روعي فيها ما كان يراعي من التصلية كل ليلة جمعة ذكر ذلك في الأنباء. و هذا يعد تاريخ استعمالها في مصر و سورية …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 218

حوادث سنة 792 ه- 1390 م

وفيات
1- شرف الدين إسماعيل الفروي:

في هذه السنة توفي شرف الدين إسماعيل الفقيه ابن حاجي الأزدي الفروي بفتح الفاء و سكون الراء نسبة إلي فروة، الفقيه الشافعي، كان أحد علماء بغداد، ثم قدم دمشق في حدود السبعين، فأفاد بها في الجامع و غيره و درس بالعينية و غيرها و كان دينا خيرا تصدق بما تملكه في مرض موته و مات في صفر.

حوادث سنة 794 ه- 1392 م

شاه منصور من آل المظفر- تيمور لنك:

في هذه السنة رجع تيمور لنك إلي إيران و قصد عراق العجم في جمع عظيم فملك أصبهان و كرمان و شيراز و فعل بها الأفاعيل المنكرة ثم قصد شيراز فتهيأ شاه منصور لحربه فبلغ تيمور لنك اختلاف من في سمرقند فرجع إليها فلم يأمن شاه منصور من ذلك بل استمر علي حذره ثم تحقق رجوع تيمور لنك فأمن فبغته تيمور لنك فجمع أمواله و توجه إلي هرمز ثم انثني عزمه و عزم لقاء تيمور لنك فالتقي بعسكره و صبروا صبر الأحرار لكن الكثرة غلبت الشجاعة فقتل الشاه منصور في المعركة ثم استدعي ملوك البلاد فأتوه طائعين فجمعهم في دعوة و قتلهم أجمعين.

و كانت هذه الوقعة مقدمة السير إلي بغداد فاضطرب الأهلون و أصابهم الخوف و كذا السلطان أحمد و سيأتي الكلام علي ذلك عند ذكر

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 219

وقعة بغداد. و شاه منصور هذا من آل المظفر و قد مضت بعض وقائعه.

و هكذا فعل تيمور لنك بإمارة اللر إلا أن حاكمها الملك عز الدين العباسي أطاعه فأنعم عليه مؤخرا بإمارته و أعاده إلي مكانته …

حوادث سنة 795 ه- 1392 م

انقراض آل مظفر:

إن زين العابدين كان قد ولي الإمارة بعد والده شاه شجاع بالوجه المذكور و هذا كان قد ناهضه شاه منصور و قام من تستر و سار إلي شيراز فامتلكها و أخوه يحيي ولي يزد و ذهب هو إلي أصفهان و امتلك عمهما أحمد بن محمد بن المظفر كرمان.

ثم كان ظهور تيمور لنك بالوجه المشروح فقارع هؤلاء و قرب بعضهم، دام ذلك إلي سنة 787 ه و بعدها عاد تيمور لنك إلي مملكته و في سنة 795 ه اكتسح مملكتهم فانقرضت حكومتهم في هذه السنة..

و لم تقف حوادثه

عند هذا الحد فقد عاث في تبريز و شيراز. فذاع خبره في الأقطار فارتاع لما يحكي عنه كل قلب فسار إلي السلطانية فنازلها و قتل صاحبها، ثم قصد تبريز فدخلها عنوة و نهبها كعادته و أرسل إلي جميع البلاد نوابا من قبله ثم طلب بغداد و من ثم توجه نحو العراق.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 220

حكومة تيمور في العراق في 20 شوال سنة 795 ه- 1383 م
تيمور لنك- فتح بغداد:

كان ظهور تيمور لنك في إيران سابقا لهذا التاريخ و قد مر الكلام علي أوليته في هذا الجزء من الكتاب و أشير إلي وقائعه المباشرة في حوادث سنة 786 ه إلي هذه السنة لم يظهر لها أثر بارز بسبب الذهول و الاندهاش الذي أصاب الناس أو أن حوادث تيمور غطت علي غيرها.

و في يوم الجمعة 11 شوال هذه السنة دخل تيمور لنك بغداد و جاء في كتاب (بزم و رزم) أنه استولي علي بغداد في 20 شوال سنة 795 ه و لعل هذا هو الصحيح لأنه من معاصر حاضر الوقعة.. و في التواريخ الأخري ما يخالف هذه مما لا محل لاستقصائه الآن … و فر السلطان أحمد الجلايري من بغداد فكان هذا مبدأ حكمه علي العراق.

تفصيل وقعة بغداد:

إن تيمور لنك قد استولي علي مملكة العجم بطولها و عرضها.

وتناولها ضرره و أصابها و باله، ذلك ما ولد الاضطراب في مدينة بغداد و العراق كله، و أزعج سلطان العرب و هو السلطان أحمد الجلايري فالتهب غيظا عليه، و ثار ثائر غضبه و حميته فجهز جيشا عظيما جعل آمر قيادته مودعة إلي أميره سنتائي فعينه سردارا (قائدا) و فوض إليه مهمة صد غائلة الأمير تيمور و الوقوف في وجهه.. فلما سمع تيمور لنك اتخذ

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 221

هذا وسيلة للتقدم نحو العراق و الوقيعة بالسلطان أحمد.. و حينئذ تقابل الجيشان قرب مدينة السلطانية من ممالك السلطان أحمد فكانت جيوش تيمور لا تحصي عدّا و لهجومها وقع كبير في نفوس الجيش الجلايري فقد هجموا هجوما عاما فكانت المعركة دامية فلم يطق القوم الصبر عليها ففروا من وجه عدوهم و تفرقوا شذر مذر في الأنحاء و الأطراف فعاد

الأمير قائد الجيش إلي بغداد بخفي حنين.. فغضب السلطان عليه و ضربه فأوجعه بالوجه المارّ … أما تيمور فإنه لم يستمر علي سيره و إنما اكتفي بهذه النصرة و عاد إلي مملكته..

هذه أول علاقة حربية وقعت له مع السلطان و هي مقدمة فتح العراق و أن عودته تفسر في اتخاذ الأهبة الكافية للاستيلاء علي بغداد … و هكذا فعل المغول قبله فلم تمض مدة حتي ظهرت طلائعه في لرستان و تبين جيشه هناك فقد كان إذا أراد السير إلي جهة أظهر أنه عازم علي غيرها..

و كان حاكم اللر آنئذ الملك عز الدين العباسي فهذا انقاد للأمير تيمور و قدم له المملكة فكانت النتيجة أن أقره. و بهذه الصورة استولي علي همذان و بلاد اللر و لم يبق حائل بينه و بين بغداد …

و هذه الأخبار قد اضطرب لها العراق و سلطانه.. أما السلطان فإنه انتابته الهواجس و أصابته الفكر و أعوزته الحيل في الدفاع و النضال و سدت الطرقات أمامه فكان يتوقع النازلة و يترقب القارعة … فلم يجد خلاصا إلا بالهزيمة و أن يترك العراق و تبريز.. و لذا أخذ ما تمكن علي أخذه من نقود و أموال، و جعل ابنه طاهرا مع أهله و عياله في قلعة (النجا) القريبة من شروان بالوجه المشروح.. و رحل هو من بغداد

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 222

عام 795 ه ملتجئا إلي الملك الظاهر أبي سعيد برقوق..

أما تيمور فإنه سار إلي تبريز فنهبها و أذل أهليها ثم وجه قسما من العسكر نحو (قلعة النجا) كما تقدم.. و سار هو نحو بغداد..

قال صاحب عجائب المقدور:

و لما استولي السلطان (السلطان أحمد) علي ممالك العراق مد يد تعديه.. و

شرع يظلم نفسه و رعيته، و يذهب في الجور و الفساد … بالغ في الفسق و الفجور، فتجاهر بالمعاصي. و اتخذ سفك الدماء إلي سلب الأقراض و ثلم الأعراض سلما. فقيل إن أهل بغداد مجّوه و استغاثوا بتيمور.. فلم يشعر إلا و التتار قد دهمته.. و ذلك يوم السبت (11 شوال سنة 795 ه) فاقتحموا بخيلهم دجلة و قصدوا الأسوار، و لم يمنعهم ذلك البحر التيار، و رماهم أهل البلد بالسهام، و علم أحمد أنه لا ينجيه إلا الانهزام فخرج فيمن يثق به قاصدا الشام فتبعه من الجغتاي طائفة. فجعل يكر عليهم و يرد عنهم و يفر منهم فيطمعهم و حصل بينهم قتال شديد، و قتل من الطائفتين عدد عديد، حتي وصل إلي الحلة فعبر من جسرها.. ثم قطع الجسر و نجا من ورطة الأسر، و استمرت التتار في عقبه تكاد أنوفها تدخل في ذنبه فوصلوا إلي الجسر و وجدوه مقطوعا فتراموا في الماء و خرجوا من الجانب الآخر و لم يزالوا تابعا و متبوعا ففاتهم و وصل إلي مشهد الإمام و بينه و بين بغداد ثلاثة أيام.» ا ه.

و لم يوضح وقعة بغداد و إنما اكتفي بما سرده و قال في موطن آخر:

«فوصل تيمور إلي تبريز و نهب بها. و وجه إلي قلعة النجا العساكر …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 223

و توجه هو إلي بغداد و نهبها و لم يخربها و لكن سلبها سلبها» ا ه.

و في ابن خلدون جاء عنه بعد عودته من أصل مملكته ما نصه:

«ثم خطا إلي أصبهان و عراق العجم و الري و فارس و كرمان فملك جميعها من بني المظفر اليزدي بعد حروب هلك فيها ملوكها و

بادت جموعها. و شد أحمد ببغداد عزائمه و جمع عساكره و أخذ في الاستعداد ثم عدل إلي مصانعته و مهاداته فلم يغن ذلك عنه و ما زال تيمور يخادعه بالملاطفة و المراسلة إلي أن فتر عزمه و افترقت عساكره فنهض إليه يغذ السير في غفلة منه حتي انتهي إلي دجلة و سبق النذير إلي أحمد فأسري بغلس ليله و حمل ما أقلته الرواحل من أمواله و ذخائره و حرق سفن دجلة و مر بنهر الحلة فقطعه و صبح مشهد علي (رض) و وافي تيمور و عساكره دجلة في 11 شوال سنة 795 ه و لم يجد السفن فاقتحم بعساكره النهر و دخل بغداد و استولي عليها و بعث العساكر في اتباع أحمد فساروا إلي الحلة و قد قطع جسرها فخاضوا النهر عندها و أدركوا أحمد بمشهد علي (رض) و استولوا علي أثقاله و رواحله فكر عليهم في جموعه و استماتوا و قتل الأمير الذي في اتباعه و رجع بقية التتر عنهم و نجا أحمد إلي الرحبة من تخوم الشام.» ا ه.

قال في الأنباء و في هذه السنة (795 ه) طلب بغداد و ذلك في أواخر شوال فنازلها في ذي القعدة فلم يلبث صاحبها أحمد أن أخذ خزائنه و حريمه و هرب فبلغ تيمور لنك فأرسل ابنه مرزا في طلبه فأدركه فلما كاد أن يقضي عليه رمي بنفسه في الماء فسبح إلي الجهة الأخري و سلم هو و من معه، و أحيط بأهله و خزائنه و هجم تيمور لنك علي بغداد

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 224

فملكها قهرا ثم شن الغارات علي بلاد بغداد و ما حولها و ما داناها و عادوا إلي البصرة و

الكركر (كذا) و الحلة و غيرها و أوسعوا القتل و الفتك و السبي و الأسر و النهب و التعذيب و فر من نجا من أهل بغداد فوصل الشيخ غياث الدين العادلي إلي حصن كيفا هاربا فأكرمه صاحبها..

و إنما هرب أحمد بن أويس من بغداد لأنه كان شديد العسف بالرعية و لما قصده تيمور لنك كان إذا أرسل أحدا من الأمراء يكشف خبره يعيد إليه جوابا غير شاف فعميت عليه الأخبار إلي أن دهمه فلم يكن بد من نجاته فخرج من أحد أبواب البلد و فتح أهل البلد الباب الآخر لتيمور لنك فأرسل في طلب أحمد ففات الطلب و دخل الشام و كان تيمور لنك قد غلب قبل ذلك علي تبريز و كاتب أحمد أن يذعن له بالطاعة و يخطب باسمه فأجاب لذلك لعلمه أن لا طاقة له بمحاربته فكاتب أهل بغداد تيمور لنك في الوصول إليهم فوصل و كان أحمد أرسل الشيخ نور الدين الخراساني إلي تيمور فأكرمه و قال أنا أتركها لأجلك و رحل، و كتب الشيخ نور الدين الخراساني يبشره بذلك و سار تيمور لنك من ناحية أخري فلم يشعر أحمد و هو مطمئن إلا و تيمور قد نزل بغداد في الجانب الغربي فأمر أحمد بقطع الجسر و رحل و هرب أحمد لكن لم يعامل تيمور لنك البغداديين بما كسبوه فإنه سطا عليهم و استصفي أموالهم و هتك عسكره حريمهم و خلا عنها كثير من أهلها و أرسل عسكرا في أثر ابن أويس فأدركوه بالحلة فنهبوا ما معه و سبوا حريمه و هرب هو و وضع السيف بأهل الحلة ليلا و نهبوها و أضرمت فيها النار. و لما وصل أحمد في هزيمته إلي

الرحبة أكرمه نعير (أمير آل فضل) و أنزله في بيوته ثم تحول إلي حلب فنزل الميدان و أكرمه نائبها و طالع السلطان بخبره فأذن له في دخول القاهرة … » ا ه.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 225

و في حبيب السير يوضح أكثر عن تيمور و وصوله إلي بغداد بتفصيل قال:

«إن الأمير تيمور كور كان بعد أن فتح مملكة العجم لم ير قاصدا من سلطان بغداد، و لا أذعن له بطاعة فكان همّ الأمير تيمور مصروفا إلي فتح عراق العرب. و في 26 رجب سنة 795 ه توجه من أصفهان نحو همذان و بقي فيها بضعة أيام للاستراحة و فوض إدارة أنحاء آذربيجان إلي الشهزادة معز الدين ميرانشاه و يوم الثلاثاء 13 شعبان هذه السنة نهض من همذان و في أوائل رمضان وصل صحراء قولاغي … و في يوم الأحد 10 رمضان عاد من صحراء قولاغي و وافي آق بولاق و قضي أيام رمضان هناك. و أجري في غرة شوال مراسيم العيد. و بعد يومين جاءه الشيخ عبد الرحمن الأسفرايني من أعاظم مشائخ العصر و بين له أنه رسول السلطان أحمد الجلايري فعظمه الأمير تيمور و احترمه غاية الاحترام إلا أنه لم يقبل منه الهدايا من جراء أن السلطان أحمد لم يضرب السكة باسمه و لا خطب له. أما الشيخ فإنه نال بشخصه من الأمير تيمور الخلعة و كل توقير و مكانة … و لم يتوان الأمير تيمور في السير و أعاد الرسول، و في يوم الجمعة 13 شوال نهض الأمير تيمور من آق بولاق و في ثلاثة أيام وصل مزار الشيخ يحيي المسمي بقبة إبراهيم و حين عاين أهل القبة غبار العسكر قبل

وصولهم إليهم أرسلوا إلي بغداد حمامة بورقة تخبر بمجي ء تيمور فلما وصل تيمور القبة سأل منهم هل أرسلتم خبرا قالوا نعم أرسلنا حمامة فطلب منهم حمامة أخري و أمرهم في الحال أن يكتبوا كتابا آخر يبينون فيه أن الغبار الذي رأيناه كان غبار التراكمة و الأحشام الذين هربوا من عسكر تيمور و جاؤوا إلي هذه الأطراف و أرسلوها فلما وصلت الحمامة الأولي إلي بغداد عبر السلطان

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 226

أحمد إلي الجانب الغربي و عبر جميع أثقاله و يراقه و خيله و عسكره و عياله و لما جاءت الحمامة الأخري سكن روعه إلا أنه توقف هو و أرسل الأثقال أمامه. أما تيمور فقد سارع في سيره نحو بغداد … و في 29 شوال وافي الأمير تيمور بغداد … أما السلطان أحمد فإنه عبر إلي الجانب الغربي و أغرق السفن و رفع الجسر و فر إلي الحلة و كان عبر جيشه بسفينة الثقات كما أنه هو عبر بالسفينة الخاصة به المسماة شمس و حمل ما استطاع حمله من نقود و مجوهرات و نفائس علي البغال و الإبل و مضي في طريقه بسرعة لا مزيد عليها.. و كان معه جماعة من الأمراء. فتعقب أثره رجال الأمير تيمور و لم يمهلوه في سيره فانقطع جماعة من قومه و ترك أثقالا كثيرة. فلم يظفر العدو به … ا ه ملخصا منه و من الغياثي …

و في روضة الصفا مثله و زاد أنه لم يتعرض جيش الأمير تيمور بالأهلين و استراح هناك مدة.. سوي أنه أخذ منهم (مال الأمان) و لم يقع أي تعد عليهم من الجيش و فيه موافقة لما جاء في عجائب المقدور نوعا و

نقل أن المؤرخ نظام الدين شاهد جيش تيمور في بغداد و بين

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 227

أنه لا يحصي عدّا و لا يحصر استقصاء … فالناس اطمأنوا و طابت خواطرهم، و أما التجارة فإنها اتصلت بالعراق من سائر الممالك التي في حوزة الأمير تيمور بأمان و طمأنينة …

و الحاصل من النصوص المتقدمة عرفنا بعض الشي ء عن فتح بغداد و الاستيلاء عليها فصارت العراق ضمن ممتلكات تيمور و تحت سلطته و سيطرته و من ثم استولي علي أنحاء بغداد الأخري و سار بعض أمرائه إلي واسط و البصرة.. و أما كثافة الجيش و كثرته فإنها لم تقف عند هذا الحد و إنما انتشرت في الأنحاء الأخري و وجهتها الموصل و في طريقها مضت إلي تكريت … و أن تيمور توجه من بغداد إلي تكريت في 24 ذي الحجة سنة 795 ه.

وفيات
1- أحمد بن صالح البغدادي:

هو شهاب الدين أحمد خطيب جامع القصر ببغداد. كان من فقهاء الحنابلة مات قتيلا بأيدي اللنكية (جيوش تيمور لنك) لما هجموا علي بغداد سنة 795 ه.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 228

هماي و همايون- لوحة 1- التصوير في الإسلام

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 229

2- عبد الرحمن بن أحمد بن رجب البغدادي:

هو الحافظ زين الدين عبد الرحمن البغدادي ثم الدمشقي الحنبلي.

ولد ببغداد سنة 736 ه، و سمع بمصر و دمشق و رافق زين الدين العراقي في السماع كثيرا و مهر في فنون الحديث أسماء و رجالا و عللا و طرقا و اطلاعا علي معانيه. صنف شرح الترمذي فأجاد فيه في نحو عشرة أسفار و شرح قطعة كبيرة من البخاري و شرح الأربعين للنووي في مجلدة و عمل وظائف الأيام سماه اللطائف، و عمل طبقات الحنابلة ذيلا علي طبقات أبي يعلي. و كان صاحب عبادة و تهجد، و نقم عليه إفتاؤه بمقالات ابن تيمية، ثم أظهر الرجوع عن ذلك فنافره التيميون فلم يكن مع هؤلاء و لا مع هؤلاء فكان قد ترك الإفتاء بآخره، و قال ابن حجر: أتقن الفن و صار أعرف أهل عصره بالعلل و تتبع الطرق و كان لا يخالط أحدا و لا يتردد إلي أحد، مات في رمضان رحمه اللّه. تخرج به غالب أصحابنا الحنابلة بدمشق. هذا ما ذكره في الأنباء بصورة القطع دون تردد إلا أنه في الدرر الكامنة اضطربت كلمته فإنه بعد أن ذكر اسمه بالوجه المذكور قال و يسمي عبد الرحمن بن الحسن بن محمد بن أبي البركات مسعود و بين أنه ولد في ربيع الأول سنة 706 و في مادة عبد الرحمن بن الحسن ترجمه أيضا..

و هنا لم يتثبت من صحة الإعلام

فاقتضت الإشارة و الشرح هنا …

3- عبد الرحيم ابن الفصيح:

عبد الرحيم بن أحمد بن عثمان بن إبراهيم بن الفصيح الهمداني الأصل ثم الكوفي ثم الدمشقي الحنفي. قدم أبوه و عمه دمشق فأقام بها و أسمع أحمد أولاده من شيوخ العصر بعد الأربعين و قدم عبد الرحيم هذا القاهرة في سنة 795. و في هذه السنة حدث عن أبي عمرو بن المرابط بالسنن الكبري للنسائي بسماعه منه في ثبت كان معه و قد وقعت

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 230

علي الأصل بخط والده و ثبته سماعه و سماع ولده بخط و ليس فيهم عبد الرحيم. فلعله في نسخة أخري. و حدث عن محمد بن إسماعيل بن الخباز بمسند الإمام أحمد كله، و الاعتماد علي ثبته أيضا، و سمع منه غالب أصحابنا ثم رجع إلي دمشق فمات بها في شوال هذه السنة و هو والد صاحبنا شهاب الدين ابن الفصيح.

4- عمر بن نجم البغدادي:

عمر بن نجم بن يعقوب البغدادي نزيل الخليل، يعرف بالمجر و كان مشهورا بالخير و العبادة مات في ذي الحجة و له 63 سنة …

حوادث سنة 796 ه- 1393 م

وقائع العراق الأخري
وقعة تكريت:

بعد حادث بغداد و تخلص الإدارة للأمير تيمور لم يستقر جيشه في مكانه كما هو شأنه و إنما سار إلي ديار بكر فاستولي عليها … و في الأثناء وجد أن قلعة تكريت قد عصت عليه و أنها لا تزال لم تذعن له بطاعة فسلط عليها مقدارا من عساكره فحاصروها يوم الثلاثاء 14 ذي الحجة من السنة الماضية فلم تسلم له بالأمان و صبر أهلها فراسلوا تيمور فأمدهم بأمير شاه ملك و أردفه بخواجة مسعود صاحب خراسان و أقام هو ببغداد إلي آخر السنة … فسلمت له بالأمان في صفر هذه السنة و كان متوليها حسن بن بولتمور و كانوا قد عاهدوه أن لا يراق دمه فقتل هو و من بها من رجال و سبي النساء و أسر الأطفال و الحاصل دمر تيمور القلعة و مضي عنها.

و في ابن خلدون: «و قد كان بعد ما استولي علي بغداد زحف في

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 231

عساكره إلي تكريت مأوي المخالفين و عش الحرابة و رصد السابلة و أناخ عليها بجموعه أربعين يوما فحاصرها حتي نزلوا علي حكمه و قتل من قتل منهم ثم خربها و أقفرها و انتشرت عساكره في ديار بكر إلي الرها.» ا ه.

و جاء في الأنباء أن تيمور في أول هذه السنة سار بنفسه و عساكره إلي تكريت، و حاصرها في بقية المحرم كله، و دخلها عنوة في آخر الشهر فقتل صاحبها و بني من رؤوس القتلي مأذنتين و ثلاث قباب، و خربت البلد حتي صارت نفرة،

و كان استولي علي قلعة تكريت و أميرها حسن ابن زليمور، فنزل بالأمان فأرسله إلي اللنك إلي دار دس عليه من هدمها، و مات تحت الردم، ثم أثخن في قتل الرجال و أسر النساء و الأطفال …

إربل:

و بعد وقعة بغداد سار عسكر تيمور إلي إربل فحاصرها فأطاعه صاحبها.. و جاء في روضة الصفا أن حاكم إربل الشيخ عليا جاء إلي الأمير تيمور و قدم له الهدايا اللائقة فقبلها منها و عادت إربل بلدة تابعة له …

البصرة و البحرين:

ثم إن اللنك جهز ولده بعسكر حافل إلي صالح بن صيلان صاحب البصرة و البحرين فقاتلوه فهزمهم، و أسر ولد تيمور لنك و جرح في إحضاره عز الدين ازدمر و جهز السلطان إليه بثلثمائة ألف درهم فضة برسم النفقة، فبعث إليهم عسكرا آخر فظفر بهم …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 232

الموصل و ما جاورها:

ثم إنه بعد الاستيلاء علي تكريت جعل يعيث و يستأصل ما مر به حتي أناخ يوم الجمعة 11 صفر سنة 796 ه في الموصل … و كان واليها يارعلي جاء إليه أثناء حصار تكريت و قدم له هدايا تليق به.. فلم يبال بذلك.. و إنما خربها و دمرها ثم أتي رأس عين و نهبها و أسرها ثم تحول إلي الرها و دخلها يوم الأحد 10 ربيع الأول فزاد عيثا …

و في الأنباء ثم نازل الموصل و صاحبها يومئذ علي بن برد خجا (خواجة) فصالحه و سار في خدمته …

و قد مر ابن خلدون بهذه الحوادث مجملا قال: «نجا أحمد إلي الرحبة من تخوم الشام فأراح بها و طالع نائبها السلطان بأمره فسرح بعض خواصه لتلقيه بالنفقات و الأزواد و ليستقدمه فقدم به إلي حلب و أراح بها، و طرقه مرض أبطأ به عن مصر. و جاءت الأخبار بأن تيمور عاث في مخلفه و استصفي ذخائره و استوعب موجود أهل بغداد بالمصادرات لأغنيائهم و فقرائهم حتي مستهم الحاجة و أقفرت جوانب بغداد من العيث. ثم قدم أحمد بن أويس علي السلطان بمصر في شهر ربيع سنة 796 ه مستصرخا به علي طلب ملكه و الانتقام من عدوه فأجاب السلطان صريخه و نادي في عسكره بالتجهيز إلي الشام … فاستوعب الحشد من سائر أصناف

الجند و استخلف علي القاهرة النائب سودون و ارتحل إلي الشام علي التعبية و معه أحمد بن أويس … و دخل دمشق آخر جمادي الأولي و كان أوعز إلي جلبان صاحب حلب بالخروج إلي الفرات و استنفار العرب و التركمان للإقامة هناك رصدا للعدو … و كان

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 233

قد شغل العدو بحصار ماردين فأقام عليها أشهرا و ملكها … فارتحل إلي ناحية بلاد الروم … » ا ه.

ولاية الخواجة مسعود- مال الأمان:

في هذه السنة في غرة صفر رحل الأمير تيمور عن بغداد بعد أن استصفي أموالها جميعها كذا في الغياثي. و جاء في روضة الصفا أنه رحل عن بغداد في 24 ذي الحجة سنة 795 ه و توجه نحو تكريت بالوجه المار و كان أرسل إليها بعض الأمراء، و أخذ من الأهلين في بغداد مال الأمان. و قد قص الغياثي هذا الحادث بما نصه:

«دخل تيمور بغداد و أرمي علي الأهلين مال الأمان (ضريبة حربية) فطالب أمراؤه الناس علي غير طاقتهم. و كان المتولي ذلك شرف الدين البليقي (كذا) و مات في سبيل ذلك خلق من جراء التعذيب و العقوبة، و ذكروا أن الموكلين أرادوا تعذيب رجل فأراهم موضعا و قال احفروا ههنا. و أراد بذلك أن يشغلهم بالحفر عن تعذيبه و لم يكن له شي ء فحفروا فلم يجدوا فأرادوا تعذيبه فأقسم لهم أن الذي يعرفه ههنا فحفروا ثاني مرة و عمقوا فوجدوا مالا عظيما، و ذهبا كثيرا. فمن كثرته شرحوا حاله عند تيمور فأحضر ذلك الشخص، و سأله عن أصل هذا المال فقال لا أعلم له أصلا، و إنما أردت أن يشتغلوا بالحفر عن تعذيبي فعند ذلك كف تيمور عن تعذيب الناس». ا

ه.

و لما خرج تيمور من بغداد ولي بها الخواجة مسعود الخراساني …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 234

السلطان أحمد إلي هذه الأيام:

إن صاحب كتاب بزم و رزم كان في بغداد أيام الوقعة و فر مع من فر مع السلطان أحمد إلا أنه قبض عليه … و هذا نعت أحمد لهذه المدة فقال ما ملخصه: إن السلطان أحمد من حين ملك زمام السلطنة و استولي علي العراقين و آذربيجان صار يفتك بأمرائه الكبار، و أعاظم رجاله ممن كانت لهم التدابير الصائبة، و القدرة علي إدارة المملكة الواحد بعد الآخر و لم يلتفت إلي أنهم كانوا أصحاب كفاءة و دراية، و أنهم أهل الرأي الصائب. و التدبير اللائق.. كانوا معروفين في التزام الأخطار، و اقتحام الأهوال، فأضاع تجاربهم، و أغفل آراءهم … و كانوا كما قال الأول:

إذا ما عدوا بالجيش أبصرت فوقهم عصائب طير تهتدي بعصائب

و هم يتساقون المنية بينهم بأيديهم بيض رقاق المضارب

و لا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب

قتل هؤلاء الواحد بعد الآخر، و أقام مقامهم الأذناب من المتجندة، و من أوباش الناس ممن هم غير معروفي المكانة، و لا النسب، و خاملو الذكر، لا عقل لهم يدبرهم، و لا شجاعة تؤهلهم..

عطل من الفضائل … فنالوا المنازل الرفيعة بلا جدارة و استحقاق …

إن سوء هذا التدبير كان أكبر باعث للعدول عن محجة الصواب، فكثرت الفتن، و زادت الاضطرابات فظهرت من كل صوب و انحلت الأمور، و التذمرات بلغت حدها …

ففي هذه الأيام ظهر تختاميش خان (توقتامش) في مائة ألف من الجند في ذي الحجة سنة 787 ه اجتاز بهم باب الأبواب و ساق جيوشه

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 235

علي تبريز دار

الملك، و كانت آنئذ أشبه بالجنة فأغاروا عليها، قتلوا منها نحو عشرة آلاف من النفوس و فعلوا فعلات قاسية فأسروا أولاد المسلمين و ذهبوا بهم إلي أقصي تركستان و لم يقصروا في هتك الأعراض، و قتل الأبرياء، و فعل الفساد … فكانت هذه مقدمة الشرور، و أول الآلام و الرزايا علي العباد و البلاد … إذ تبعتها وقائع تيمور و أعوانه … و لم يجد في القوم من يذب عن البلاد …

و ذلك أن وقعة تختاميش (توقتامش) لم يمض عليها تسعة أشهر (في سنة 788 ه) إلا و ظهرت في حدودها طامة كبري، و داهية عظمي، جاء الأمير تيمور في جيش بلغت عدته ثلثمائة ألف فوصل همذان، و هاجم تبريز علي عجل فانهزم السلطان أحمد إلي بغداد فوصل الجغتاي و التتار أذربيجان فاستباحوها مدة 40 يوما و قضوا علي البقية الباقية من الحرب السابقة فكانت هذه الوقعة أشد قسوة، و أبلغ في انتهاك الحرمات، و المصادرات الشنيعة و المظالم الأليمة … فلم يدعوا منكرا إلا فعلوه، و لا فجورا إلا أتوه، برزوا بمظهر أكبر، و شناعة لا يستطيع القلم وصفها …

و لم تقف الحوادث عند هذا الحد ففي 20 شوال من سنة 795 جاء البلاء، و عمت المصيبة بغداد بهجوم جيش الأمير تيمور، و ذلك أن إيران أصابها سيل جارف من المغول و التتار فخرب بلادها و قلب ممالكها فقضي علي ممالك فارس و كرمان و خوزستان و مازندران و أصفهان، و هذه الويلات من تخريب و دمار مما لا يسع القول ذكرها لطولها … و قصد همذان دار الملك فاكتسحها و من ثم مال إلي بغداد.

وصلوا بغداد، و لم يدعوا رطبا و لا يابسا

إلا قضوا عليه فأهلكوا الحرث و النسل، و أهلكوا المسلمين و أسروا من أبقوا عليه، و نهبوا الأموال … فهم في الحقيقة كما جاء في الآية: إِنَّ يَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 236

مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فانتهكوا كافة الحرمات … و عليهم تصدق آية:

أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَ لا هُمْ يُنْصَرُونَ (86).

أما السلطان أحمد فقد توالت علي مملكته الأرزاء من حين ولي.

و كان كما قدمنا صار يقتل بالأمراء الواحد إثر الآخر فحدث ما حدث من وقائع توختامش و تيمور فهرب إلي العراق و جاء بغداد و لكنه لم ينتبه من غفلته و لا التفت إلي ما أصابه و إنما تمادي في غيه و انهمك في ملاذه و ما كان فيه من أنس و مجالس لهو كأنه خلق لهذه الأمور و مضت الحال عليه و هو غارق في بحر المعازف و الملاهي، و ارتكاب المحرمات و المناهي بل مستغرق فيها استغراقا لا يكاد يكون معه صحو … لحد أنه لم يلتفت و لو لحظة واحدة إلي إدارة الملك كأنه بعيد عنها لا تهمه.. و يري وقته الثمين يجب أن لا يضيع في مثل هذه الالتفاتة.

و مضت علي ذلك مدة سبع سنوات و هو علي ما عليه …

و يصدق فيه ما قيل:

إذا غدا ملك باللهو مشتغلا فاحكم علي ملكه بالويل و الحرب

أما تري الشمس في الميزان هابطة لما غدا برج نجم اللهو و الطرب

و نتائج ذلك معلومة فقد سببت هذه الغفلة إهمال الأمور، و اختلال القواعد، و اضطراب الأوضاع و تشوش الأحوال … و في الوقت نفسه كسد سوق العلم، و راج النفاق، و ضاعت الحكمة أو ابتذلت

و أهملت الفضائل.. و من ثم تسنم الجهال و المجاهيل أعلي المراتب، و أسني المناصب … فجري ما جري و وقع ما وقع … فلم يحصل مدافع عن حوزة البلاد، و لا صادّ عن حريمه فصار الناس بين قتيل و أسير، و كانت أموالهم نهبا و غنائم مقسمة و هكذا يقال عن الأمور الأخري … فضربت علي القوم الذلة و المسكنة …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 237

أصابته الضربة و هو علي حين غفلة فلم يسعه إلا الفرار إلي بلاد الشام، و لم ينتبه للحوادث قبل الواقعة، و إنما أضاع الحزم، و فقد العزم …

و عاجز الرأي مضياع لفرصته حتي إذا فات أمر عاتب القدرا

فلله العجب! لا برز بروز الشجاع، و لا انهزم انهزام الحازم الجازم، غفل سهوا، و اشتغل زهوا و لهوا؛ حتي جري ما جري من تقلب الأحوال؛ و تغلب الأهوال، و استقلال الأراذل، و استئصال الأفاضل، و ازدحام الفتن، و اقتحام المحن، و هتك الأستار، و قتل الأحرار، و سبي الحرم، و أسر الخدم و الحشم، و انحلال نظام الأمور؛ و اختلال مصالح الجمهور؛ و انكسار الناموس، و انحصار الناس في اليأس و البوس، و تخريب البلاد، و تعذيب العباد، فبقيت المدارس مندرسة؛ و الخوانق مختنقة؛ و البرايا عرايا، و الأجّلة أذلة، و البدور أهلّة، و بلغ الأمر إلي أن وقع في كربة الغربة، و حرقة الفرقة، و حيرة الغيرة، و كسرة الحسرة؛ و دهشة الوحشة، و ابتلي بالحور بعد الكور، و الذلة بعد العزة؛ و القلة بعد البزة، فأصبح نادما علي ما فات، و قال هيهات و هيهات «ما أغني عني مالية؛ هلك عني سلطانيه».

إلي اللّه أشكو عيشة قد تكدرت

عليّ و دهرا قد ألحت نوائبه

تكدر من بعد الصفاء نميره و أحزن من بعد السهولة جانبه

أما ميران شاه ابن الأمير تيمور فإنه عبر الفرات؛ و سار يتعقب أثر السلطان أحمد … و هذا مال إلي طريق الشام فسلكه خائفا و جلا «كم دب يستخفي و في الحلق جلجل»، و ناله من الندم ما ناله و أصابه من الرعب ما أصابه … و لكن لم ينفع ذلك الندم «و لات حين مناص».

إذا كنت ترضي أن تعيش بذلة فلا تستعدن الحسام اليمانيا

و لا تستطيلن الرماح لغارة و لا تستجيدن العتاق المذاكيا

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 238

عثر عليهم القوم في صحراء كربلاء؛ فلم ينج هو و أعوانه إلا بشق الأنفس …

نسوا أحلامهم تحت العوالي و لا أحلام للقوم الغضاب

إذا كانت دروعهم نحورا فما معني السوابغ في العياب

و علي كل نجا السلطان أحمد من تلك المهلكة، و أن أعوانه كل واحد منهم سلك ناحية، فتفرقوا في الصحاري شذر مذر فاختفوا فيها..

الخ. ما جاء هناك مما ذكره المؤلف فكان مع القوم من ضرب إلي جهة النجف و لكنه ألقي القبض عليه و أحضر إلي ميران شاه في الحلة و من ثم عفا عنه ميران شاه؛ و عطف عليه بنظر عنايته، و لحظه بعين رأفته فسلم من الأخطار … كما قال …

و هذا الجيش بعد أن أتم أعماله في بغداد من قلع، و قتل، و أسر مالت الجيوش إلي أنحاء ديار بكر فوصلوا جهات ماردين … و من هناك سنحت لصاحب الكتاب المذكور الفرصة للهزيمة و هم بين آمد و ماردين و حدثته نفسه بذلك فسار ليلا و وصل قلعة صور و منها توجه نحو سيواس فوصلها في 11

شعبان سنة 796 ه. و بقي عند سلطانها و قدم له كتابه (بزم و رزم) و قد سبق وصفه.

و من هذا النص المنقول عرفت حالة السلطان أحمد و أعتقد فيها الكفاية …

وقائع تيمور الأخري:

ثم إن تيمور لنك نزل رأس العين فملكها و نازل الرها فأخذها بغير قتال و وقع النهب و الأسر و انتهي ذلك في أواخر صفر و اتفق هجوم الثلج و البرد. و لما بلغ ذلك صاحب الحصن جمع خواصه و ما عنده من

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 239

التحف و الذخائر و قصد تيمور لنك ليدخل في طاعته فقرر ولده شرف الدين أحمد نائبا عنه و سار إلي أن اجتمع به بالرها فقبل هديته و أكرم ملتقاه و رعي له كونه راسله قبل جميع تلك البلاد. ثم خلع عليه و أذن له بالرجوع إلي بلاده و أصحبه بشحنة من عنده ثم قصده صاحب ماردين فتنكر له كونه تأخرت عنه رسله و تربص به حتي قرب منه فوكل به فصالحه علي مال فوعده بإرساله إذا حضر المال فلما حضر زاد عليه في التوكيل و الترسيل ثم أخذ في نهب تلك البلاد بأسرها. و استولي علي بلاد الجزيرة و الموصل و سار فيهم سيرة واحدة من القتل و الأسر و السبي و النهب و التعذيب. ثم أقام علي نصيبين في شدة الشتاء فلما أتي الربيع نازل ماردين في جمادي الآخرة فحاصرها و بني قدامها جوسق يحاصرها منها ففتحوها عن قرب و قتل من الناس من لا يحصي عددهم و عصت عليه القلعة فرحل عنها، ثم رحل إلي آمد فحاصرها إلي أن ملكها و فعل بها نحو ذلك. ثم توجه إلي خلاط ففعل بها نحو

ذلك.

و سبب رجوعه عن البلاد الشامية أنه بلغه أن طقتمش (توقتامش) صاحب بلاد الدشت و السراي و غيرها مشي علي بلاده فانثني رأيه فقصد تبريز و صنع في بلاد الكرج عادته في غيرها من البلاد ثم رحل راجعا إلي تبريز فأقام بها قليلا ثم توجه قاصدا إلي قتال طقتمش خان صاحب السراي و القفجاق. و كان طقتمش قد استعد لحربه فالتقيا جميعا و دام القتال و كانت الهزيمة علي القفجاق و السراي فانهزموا و تبعهم الجقطاي بآثارهم إلي أن ألجأوهم إلي داخل بلادهم و راسل اللنك صاحب سيواس القاضي برهان الدين أحمد يستدعي منه طاعته فلم يجبه و أرسل نسخة كتابه إلي الظاهر صاحب مصر، و إلي أبي يزيد ملك الروم.

و في رجب غلب علي سائر القلاع و توجه في ذي القعدة إلي بلاده و أمر بسجن الظاهر بمدينة سلطانية …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 240

رسل تيمور- علاقات عراقية:

و في هذه السنة وصل رسل تيمور لنك إلي الظاهر (برقوق) يتضمن الإنكار علي إيواء أحمد بن أويس و التهديد إن لم يرسل إليه فجهز السلطان إليهم من أهلكهم قبل أن يصلوا إليه؛ و أحضر إليه ما معهم من الهدايا فكان فيها ناس بزي المماليك فسألهم عن أحوالهم فقالوا إنهم من أهل بغداد و من جملتهم ابن قاضي بغداد و إن تيمور لنك أسرهم و استرقهم فسلمهم السلطان لجمال الدين ناظر الجيش فألبس ابن قاضي بغداد بزي الفقهاء. و كان في كتاب تيمور لنك إيعاد و إرعاد. و في أوله:

«قل اللهم فاطر السماوات و الأرض عالم الغيب و الشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اعلموا أنا جند اللّه خلقنا من سخطه، و سلطان علي

من حل عليه غضبه، لا نرق لشاكي، و لا نرحم عبرة باكي» و هو كتاب طويل و فيه: و دعاؤكم علينا لا يستجاب فينا و لا يسمع فكيف يسمع اللّه دعاءكم و قد أكلتم الحرام و أكلتم أموال الأيتام، و قبلتم الرشوة من الحكام … ».

قال صاحب الأنباء: قلت و أكثر هذا الكتاب منتزع من كتاب هولاكو إلي الخليفة ببغداد، و إلي الناصر بن العزيز بدمشق، و هو من إنشاء النصير الطوسي.

و كتب جواب اللنك ابن فضل اللّه (العمري) و هو كلام ركيك ملفق غالبه غير منتظم لكن راج علي أهل الدولة و قري ء بحضرة السلطان و الأمراء فكان له عندهم وقع عظيم و عظموه جدا و أعادوه.. و تجهز السلطان إلي السفر … و دخل دمشق 12 جمادي الأولي فأقام بدمشق خمسة أشهر و عشرة أيام و استسر الأخبار يتحقق رجوع اللنك فجهز

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 241

أحمد بن أويس إلي بغداد و دفع له حين السفر خمسمائة ألف درهم (قيمتها 20 ألف دينار) و خمسمائة فرس و 600 حمل، و جهزه أحسن جهاز فخرج في مستهل شعبان و سار في 13 و سار معه عدة من الأمراء الكبار إلي أطراف البلاد، ثم صحبه سالم الدوكاري، ثم جهز السلطان كمشيغا و عدة من الأمراء إلي حلب … ثم توجه بعدهم في أول ذي القعدة فدخلها في العاشر و أقام إلي عيد الأضحي و رجع إلي الديار المصرية في الثاني عشر منه …

و ذكر أحمد بن أويس في كتابه للسلطان أنه لما وصل إلي ظاهر بغداد خرج إليه نائب تمر و قابله فأطلق المياه علي عسكر ابن أويس فأعانه اللّه و تخلص …

زبيد- طيي ء:

في هذه السنة مات عامر بن ظالم بن حيار بن مهنا غريقا بالفرات و معه 17 نفسا من آل مهنا في وقعة بينه و بين عرب زبيد، و قتل معه خلق كثير جدا … و من هنا نجد علاقة الخصومة حدثت في هذه الأيام، و لم يتكدر ما بينهما من أيام المغول إلي هذا الحين …

قبائل زبيد:

من أعظم القبائل العراقية، لا تقل عددا عن القبائل الأخري، منتشرة في أنحاء عديدة من هذا القطر، و بمجموعات لها شأنها

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 242

و مكانتها … إلا أن السياسة العشائرية كانت مكتومة، أو غير واضحة، و كانت الحكومات ترضي من العشائر بالقليل؛ و أحيانا بالطاعة الاسمية … أو استخدام البعض علي الآخر … و كذا هذه القبائل لا أمل لها في التدخل بمقدرات المملكة و لا ترغب أن تكون رمية الأغراض فقد رأت في عصور مختلفة تلاعبات جمة يقصد منها الاستعانة بها للتسلط، أو الحصول علي السلطة من هذا الطريق …

و زبيد في هذا العصر نراهم في سورية مع قبيلة طيي ء، و بصورة منفردة، و في الفرات الأعلي، و في مواطن كثيرة … و يتكون منهم شطر كبير في العراق … و قد حافظوا أحيانا علي اسمهم (زبيد) بالتصغير، أو اكتسبوا أسماء أخري، و بينهم من ينتسب رأسا إلي (زبيد الأكبر) و هم العبيد و الجبور و الدليم و زبيد الذين في لواء الحلة و بينهم من يمت إلي (زبيد الأصغر) و هم العزة و غالب من يمت إلي زبيد الأصغر في أنحاء بغداد و لواء ديالي و عمرو بن معدي كرب الزبيدي من أبطال فتح العراق من زبيد الأصغر … و للكلام علي قبائل

زبيد بتفصيل محل آخر …

حوادث سنة 797 ه- 1394 م

السلطان أحمد في بغداد:

إن والي بغداد الخواجة مسعود الخراساني دامت إدارته في بغداد مدة … و لما رأي السلطان أحمد أن قد سنحت له الفرصة استفاد من غياب الأمير تيمور في حروبه مع توقتامش في صحراء القفجاق عاد

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 243

إلي بغداد فوجد الوالي نفسه أمام أمر واقع فلم يستطع المقاومة إذ جاء السلطان أحمد بجيش عظيم. ففر الوالي من بغداد و حينئذ دخلها السلطان أحمد … و كان الأمير زاده ميران شاه ابن الأمير تيمور حاكما بتبريز فأمر إذ ذاك بحصار قلعة النجا و فيها السلطان طاهر ابن السلطان أحمد و جماعة من خواصه و أمواله و ذخائره فمكث مدة في حصارها …

و جاء في روضة الصفا أن بغداد كان فيها الخواجة محمود السبزواري فتركها و توجه إلي أنحاء البصرة و تمكن السلطان في بغداد سنة 799 ه و التخالف بين النصين ظاهر في حين أننا نري كلشن خلفا يؤيد أن الوقعة جرت بالوجه المنقول سابقا فرجحناه لأن الوقائع التالية و محاربته مع الشهزاده أميران شاه جاءت بعد هذا الحادث كما أن وفاة ابن العاقولي تعين تاريخ مجيئه و كلها تنطق بصحة هذا التاريخ.

ملحوظة: جاء في الغياثي: «أن تيمور استصفي أموال بغداد جميعها و رحل عنها يوم السبت غرة صفر، دخل السبت و خرج السبت … و أما السلطان أحمد فإنه لما هرب علي طريق مشهد الحسين (رضه) وصل إلي الرحبة فأكرمه نعير و أنزله في بيوته ثم تحول إلي حلب و نزل الميدان و أكرمه نائبها و طالع السلطان بخبره فأذن له في دخول القاهرة في سنة 796 ه. وصل أحمد إلي القاهرة في شهر ربيع الأول

فتلقاه الأمراء و خرج إليه السلطان إلي الربدانية و كان السلطان حينئذ برقوق فقعد بالمصطبة المبنية له هناك فترجل له السلطان أحمد من قدر رمية سهم فأمر السلطان الأمراء بالترجل له، ثم لما قرب منه قام له فنزل من

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 244

المصطبة فمشي إليه فالتقاه و أراد أحمد أن يقبل يده فامتنع فطيب السلطان خاطره و أجلسه معه علي مقعده ثم خلع عليه، و أركبه صحبته إلي القلعة فأنزله في بيت طغا تيمور علي بركة الفيل و نزل جميع الأمراء في خدمته، ثم أرسل له السلطان مالا كثيرا و قماشا و مماليك تخدمه يقال قيمة ذلك عشرة آلاف دينار ذهبا ثم حضر الموكب السلطاني فأذن له في الجلوس ثم أركبه معه إلي الجيزة للصيد، ثم تزوج السلطان برقوق بنت أخيه دوندي سلطان و بني عليها قريب السفر، ثم تجهز … و بقي السلطان أحمد في القاهرة … و بعد مدة طلب إجازة التوجه إلي بغداد فتوجه و حين سمع الخواجة مسعود بتوجه السلطان رحل عن بغداد و دخل السلطان أحمد … » ا ه.

وباء و غلاء:

في هذه السنة وقع الوباء ببغداد و تخلي عنها أكثر أهليها فدخل سلطانها الحلة فأقام بها، و أعقب الوباء غلاء فلذلك تحول. و كان في المحرم توجه غلمان السلطان و حريمه إلي بغداد …

وفيات
1- أبو بكر الموصلي:

في هذه السنة توفي أبو بكر بن عبد البر بن محمد الموصلي الشافعي قال في ذيل الأعلام: الشيخ الإمام القدوة الزاهد العابد الخاشع العالم الناسك الرباني بقية مشايخ علماء الصوفية و جنيد الوقت، كان في ابتداء أمره حين قدم من الموصل و هو شاب يتعاني الحياكة و أقام بالقبيبات عند منزله المعروف زمانا طولا علي هذه الحال و في أثناء ذلك يشتغل بالعلم

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 245

هماي و همايون- لوحة 2- التصوير في الإسلام

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 246

و يسلك طريق الصوفية و النظر في كلامهم و لازم الشيخ قطب الدين مدة و اجتمع بغيره و كان يطالع أيضا كتب الحديث و يحفظ جملة من الأحاديث و يعزوها إلي رواتها و له إلمام جيد بالفقه و كلام الفقهاء فاشتهر أمره و صار له أتباع و كان شعاره إرخاء عذبة خلف الظهر ثم علا ذكره و بعد صيته و صار يتردد إليه نواب الشام و يمتثلون أوامره و سافر بآخره إلي مصر مستخفيا و حج غير مرة ثم عظم قدره عند السلطان و كان يكاتبه بما فيه نفع للمسلمين ثم إن السلطان عام أول اجتمع به في منزله و صعد إلي علية كان فيها و أعطاه مالا فلم يقبله و كان إذ ذاك بالقدس الشريف و قال في أنباء الغمر و كان يشتغل في التنبيه و منازل السائرين و كان ولده عبد الملك يذكر عنه أنه قال:

كنت في المكتب ابن سبع سنين فربما لقيت فلسا أو درهما فأنظر أقرب دار فأعطيهم إياه و أقول لقيته قرب داركم توفي بالقدس في شوال و قد جاوز الستين.

2- محمد ابن العاقولي: (مدرسة المستنصرية):

توفي غياث الدين أبو المكارم محمد بن صدر الدين محمد بن محيي الدين عبد اللّه بن أبي الفضل محمد بن علي بن حماد بن ثابت الواسطي ثم البغدادي الشافعي المعروف بابن العاقولي قال ابن قاضي شهبة في طبقاته: صدر العراق و مدرس بغداد و عالمها و رئيس العلماء بالمشرق مولده في رجب سنة 733 ه ببغداد و نشأ بها و سمع من والده و جماعة و أجاز له جماعة. قال الحافظ شهاب الدين بن حجي كان (مدرس المستنصرية) ببغداد كأبيه و جده و درس أيضا (بالنظامية) كأبيه

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 247

و درس هو بغيرهما، و كان هو و أبوه و جده كبراء بغداد و انتهت إليه الرياسة بها في مشيخة العلم و التدريس و صار المشار إليه و المعول عليه فهرع القضاة و الوزراء إلي بابه و السلطان يخافه و كان بارعا في الحديث و المعاني و البيان و شرح مصابيح البغوي و خرج لنفسه أربعين حديثا عن أربعين شيخا و فيها أوهام و سقوط رجال في الأسانيد و كانت نفسه قوية و فهمه جيدا و كان بالغا في الكرم حتي ينسب إلي الإسراف و لما دخل تيمور لنك بغداد هرب منها مع السلطان أحمد فنهبت أمواله و سبيت حريمه و قدم الشام و اجتمعنا به و أنشدنا من نظمه فلما رجع السلطان إلي بغداد رجع معه فأقام دون خمسة أشهر و قال الحافظ برهان الدين الحلبي كان إماما علامة متبحرا في العلوم

غاية في الذكاء مشارا إليه و كان يدخله كل سنة زيادة علي مائة ألف درهم و كلها ينفقها و صنف في الرد علي الشيعة في مجلد توفي في صفر و دفن بالقرب من معروف الكرخي بوصية منه. و قال ابن حجر شرح منهاج البيضاوي (في أصول الفقه) و الغاية القصوي (في فقه الشافعية مختصر الوسيط للإمام الغزالي) و حدث بمكة و بيت المقدس و أنشد لنفسه بالمدينة: -

يا دار خير المرسلين و من بها شغفي و سالف صبوتي و غرامي

نذر علي لئن رأيتك ثانيا من قبل أن أسقي كؤوس حمامي

لأعفرن علي ثراك محاجري و أقول هذا غاية الإنعام

و قد ترجمه المقريزي في كتابه السلوك في دول الملوك في

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 248

الجزء السابع منه في حوادث هذه السنة قال: «إنه توفي يوم الأربعاء 16 ربيع الآخر ببغداد. و كان قدم القاهرة في الجفلة من تيمور، و هو من علماء الشافعية» ا ه.

قال في الأنباء: «كان وقع بينه و بين أحمد بن أويس وحشة ففارقه إلي تكريت، ثم توجه إلي حلب، و كان إسماعيل وزير بغداد بني له مدرسة فأراد أن يأخذ الآجر من إيوان كسري فشق علي الغياث ذلك و قال هذا من بقايا المعجزات النبوية، و دفع له ثمن الآجر من ماله.

و من شعره:

لا تقدح الوحدة في عازب صان بها في موطن نفسا

فالليث يستأنس في غابه بنفسه أصبح أو أمسي

أنست في الوحدة في منزلي فصارت الوحشة لي أنسا

سيان عندي بعد ترك الوري و ذكرهم أذكر أم أنسي

جامع العاقولي:

إن هذا الجامع من أول أمره اتخذ مدرسة لطلاب العلم بصورة محدودة. و الظاهر أنه اكتسب شكل جامع، و نال وضعه المشاهد أيام المترجم

و مكانته و سخاؤه مما يجعلنا نميل إلي أنه لم ينس عمارة جده.

و منارته من بناء هذا العصر.. و الآثار من النقوش و الكتابات تنبي ء عن صناعة هذه الأيام … و هي من بقايا العصور السالفة فلم تمت بعد و لا تزال سوقها رائجة بعض الرواج … و لا أدل علي ذلك من نشر صور بعض الألواح …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 249

حوادث سنة 798 ه- 1395 م

قتلة توقتامش خان:

في هذه السنة قتل توقتامش حان و قد تكلمنا عليه في أحوال تيمور و هو صاحب بلاد الدشت (القفجاق)، فاستراح تيمور من أكبر مناضل له، شوش عليه أمره كثيرا، و كان يخافه، و يحذر أن يتوسع نفوذه بعد أن ناصره، و صار يحسب له حسابه … و لا يزال تيمور مشغولا بحروبه حتي في هذه السنة، و كانت الحروب بينهما دامية جدا …

قتل بعد أن انكسر من اللنك، قتله أمير من أمراء التتر يقال له قطلوا. و ما جاء في الضوء اللامع من أنه لا يزال حيا إلي ما بعد سنة 814 ه فغير صحيح. و فيه تفصيل زائد …

و كان توقتامش من المشاهير بين ملوك القفجاق و قد ذكرنا بعض الشي ء عنهم في الحوادث السابقة. و غاية ما نقوله هنا أن تيمور لنك كان من أكبر مناصريه حبا في خضد شوكة أرص خان من ملوكهم لأنه كان من منافسيه. و لما استقل توقتامش خان بالملك و انتشرت شهرته صار يتوهم منه و يحاول وجود سبب ما لمحاربته فاتخذ وقائع آذربيجان و خراسان خير وسيلة للقيام في وجهه … و ذلك أن تيمور لنك سمع بانحلال أمر الجلايرية، و وقوع الحروب بين أمرائهم فتعلقت نواياه بتلك المملكة، و تمهيدا لذلك

أرسل أخص معتمديه الحاج سيف الدين إلي هذه البلاد بوسيلة الحج في الظاهر و تفحص أحوال البلاد و تجسسها في الحقيقة و هو في المكانة اللائقة من الدهاء بل هو أعظم من أعان تيمور في تأسيس الملك فلما رجع أخبره أن الغنم لا راعي لها و البلاد غنيمة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 250

باردة لأن ملوكها في محاربة و مقاتلة فيما بينهم فيمكن الاستيلاء عليها واحدة بعد واحدة. فلما سمع ذلك لم يشك في أنه يستولي عليها و قصد هذه البلاد. و هنا ابتدأت حروبه، و اكتسح السلطانية من أعمال تبريز، و رجع عنها بالوجه المشروح سابقا …

و كانت بين السلطان أحمد و بين توقتامش خان مواصلة و مراسلات، و الرسل بينهما تتردد … و في العام الذي شتي فيه تيمور لنك بالري كان قاضي سراي قد توجه نحو تبريز برسالة من عند توقتامش خان إلي السلطان أحمد فتبين أن السلطان أحمد في بغداد و بين أمرائه ببلاد آذربيجان مقاتلة، و أن البلاد في هرج و مرج فأرسل إلي توقتامش يخبره بذلك و يحثه علي لزوم حفظ الحدود و الثغور، و أن لا يغفل ذلك، فأرسل توقتامش خمسين ألف فارس و أمرهم أن يقيموا هناك … و أما القاضي فقد وصل بغداد و أدي الرسالة و بينما هو مقيم ببغداد و كان معه واحد من أولاد المغل فائق الحسن و الجمال فحصل للسلطان علاقة بذلك الغلام فرجع القاضي منفعلا من هذا السلطان و أغري توقتامش خان علي ترك معاونته و حرضه علي مخالفته فأرسل توقتامش عساكر كثيرة إلي دربند، و أمرهم أن يتوجهوا إلي تبريز و أن يقبضوا علي السلطان أحمد فلما وصلوا إلي

تبريز وجدوها في تحصن الأمير سنتاي (مر ذكره) قائد جيش السلطان أحمد، و بعد حصار أسبوع دخل عسكر توقتامش خان تبريز عنوة و نهبوا ما فيها، و لم يروا السلطان أحمد فهو في بغداد و كان هو المقصود فرجعوا عنها … و استصحبوا معهم الشيخ كمال الدين الخجندي. و كان ذلك سنة 787 ه.

و هذه الوقعة أغضبت تيمور لنك، و عدها تجاوزا علي حدود منطقة نفوذه.. فاتخذها وسيلة لمخالفة توقتامش بحيث نسبه إلي كفران النعمة و نسيان الحقوق … و التواريخ التي كتبت في أيام تيمور و بعده و في أيام

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 251

أخلافه مشت علي هذه الوتيرة … و كان لمخابرات توقتامش و مراسلاته مع ملوك مصر وقع عظيم في تقوية هذا الظن … و الصحيح يريد أن لا يزاحمه في النفوذ أحد … و من ثم حاربه بمحاربات عديدة مضي بيان أكثرها و آخرها هذه المرة.. و تيمور لم يهمل أمرا و إنما كان يرعي مصالحه و يلاحظ كل دقيقة فيها و لا يتهاون … و قد فصل صاحب تلفيق الأخبار وقائع توقتامش الحربية مع تيمور و غيره إلي أن مات بالوجه المذكور و في التواريخ الأخري أن حادث قتله كان سنة 799 ه و هو الصحيح …

وفاة سعد بن إبراهيم الطائي:

و في هذه السنة توفي سعد بن إبراهيم الطائي الحنبلي البغدادي قال في أنباء الغمر كان فاضلا و له نظم فمنه:

خانني ناظري و هذا دليل لرحيل من بعده عن قليل

و كذا الركب إن أرادوا قفولا قدموا ضوءهم أمام الحمول

حوادث سنة 799 ه- 1396 م

الحرب بين أميران شاه و السلطان أحمد:

في هذه السنة توجه أميران شاه إلي بغداد و حاصرها و كان السلطان أحمد فيها فدافع عنها إلا أن أميران شاه لم يطل أمد حصاره لبغداد و إنما رجع بسرعة إلي تبريز من جهة أنه جاءته الأخبار في مخالفة بعض أعدائه له. أما تيمور فإنه كان في هذه السنة في الهند …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 252

السلطان طاهر ابن السلطان أحمد في بغداد:

و في هذه السنة استفادة من غياب أميران شاه عن تبريز و صولته علي بغداد خرج السلطان طاهر ابن السلطان أحمد و خواصه من الحصار في قلعة النجا (و في الغياثي سماها النجق) بمعاونة أمراء الكرج و اتصل بأبيه في بغداد …

حوادث سنة 800 ه- 1397 م

السلطان أحمد في بغداد:

في هذه السنة- علي ما جاء في الجلد الرابع و العشرين من عقد الجمان- كان السلطان أحمد بن أويس ملكا ببغداد. و صاحب العقد في غالب مباحثه عن هذه الأيام أسدل الستار عن بغداد و وقائعها، و تكلم علي حوادث تيمور في حلب و أنحاء سورية و فصل ذلك بكثرة … و هو عارف بما يجري آنئذ …

و في هذا العهد كسابقه لم تكن للعراق علاقة مباشرة في السياسة الخارجية، و إنما هي تعود لحكومة العراق الأصلية (الجلايرية). لأنها المسيطرة علي مقدراته و بيدها الحل و العقد. و هذه تأسست لها علاقة مع مصر بسبب حوادث تيمور كما ذكر و الملحوظ هنا أن العراق كان ارتباطه بالجلايرية أقوي و أكثر من سائر الحكومات …

وفيات
وفاة تاج الدين أبي محمد عبد اللّه السنجاري:

في هذه السنة أو التي قبلها توفي تاج الدين أبو محمد عبد اللّه بن

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 253

علي بن عمر السنجاري الحنفي قاضي صور. ولد سنة اثنتين و عشرين و تفقه بسنجار و ماردين و الموصل و إربل، و حمل عن علماء تلك البلاد و حدث عن الصفي الحلي بشي ء من شعره، و قدم دمشق فأخذ بها عن القونوي الحنفي، ثم قدم مصر فأخذ عن شمس الدين الأصبهاني و أفتي و درس و تقدم و نظر المختار في فقه الحنفية و غير ذلك و كان يصحب أمير علي المارداني فأقام معه بمصر مدة و ناب في الحكم ثم ولي وكالة بيت المال بدمشق و درس بالصالحية و كان حسن الأخلاق، لطيف الذات، لين الجانب و من شعره.

لكل امري ء منّا من الدهر شاغل و ما شغلي ما عشت إلا المسائل

توفي بدمشق في ربيع الآخر كذا في صحيفة 358 من

الشذرات و أعاد ذكره في صحيفة 365 من الجلد السادس و من نظمه (سلوان المطاع لابن ظفر) …

حوادث سنة 801 ه- 1398 م

خلاف أمراء بغداد- السلطان أحمد:

قال الغياثي: إن تيمور أراد أن يحتال علي السلطان أحمد بأن يقبض عليه حيا فلم يتم ما أراد و ذلك أنه أرسل إليه أحد أمرائه و هو شروان، لجأ علي سبيل أنه انهزم من تيمور و انضم و استصحب معه مالا كثيرا ليقسمه في أمراء السلطان خفية ليستميل به قلوبهم و ليقبضوا عليه و يسلموه إلي تيمور، دخل بغداد فتلقاه السلطان بالإعزاز و الإكرام و أعطاه القبة و زنكاباد و اختصه بمزيد العناية و اشتغل شروان سرا يدس الأموال إلي الأمراء و المقربين من عشرة آلاف إلي ثلثمائة ألف كل علي قدر مرتبته حتي لم يترك أحدا من الأمراء و المقربين إلا أعطاه شيئا

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 254

و السلطان غافل إلي أنه ذات يوم من الأيام سقطت الورقة المفصل بها أسماء الجماعة من كاتب شروان فالتقطها شخص يقال له كورة بهادر فأوصلها إلي السلطان في حين ورود الأخبار عن عساكر تيمور أنها وصلت البندنيجين و قد هرب منها أمير علي قلندر و هو آنئذ حاكمها و دخل بغداد و السلطان قد أمر بسد أبواب بغداد إلا بابا واحدا و هو في غاية الحيرة و الاضطراب و إذا بهذه الورقة أوصلت إليه، مكتوب اسم حاملها قد خصص له عشرة آلاف دينار، فأمر حالا بضرب عنقه ثم أرسل يادكار الأختجي إلي شروان و معه عدة أمراء بينهم قطب الحيدري و منصور و غيره لنهب الأويرات فجاؤوا برأسه …

ثم قتل جميع من له اسم في تلك الورقة بحيث كان يرسل واحدا و يقول له اقتل فلانا و

لك ماله و بيته فيما إذا تم الأمر حتي يرسل الآخر فيقتل ذلك القاتل و هكذا قتل الواحد تلو الآخر حتي قتل في خلال أسبوع ألفين من أمرائه و أقاربه و مقربيه و قتل عمته وفا خاتون و أكثر الحرم و الخدم الذين كانوا عنده … ثم بعد ذلك غلق الباب عليه و لم يترك لأحد من الناس سبيلا إليه حتي طعامه الخاص كانوا يأتي به الياورجية و يطرقون الباب و يسلمون الطعام للخدام من الباب و يرجعون. و لما مضي علي هذا الحال عدة أيام أمر ستة أنفار من الخدم المقربين بالخفية أن يأخذوا من الاسطبل سبعة خيول خاصة و يعبروها إلي الجانب الغربي و ركب مع الستة أفراد و سار إلي قرا يوسف فاستنصره و قال له تعال انهب بغداد و جاء به و بعسكره بهذا الطمع علي أنهم ينهبون بغداد و أنزلهم في الجانب الغربي و دخل إلي داره و ندم علي ما فعل فأخرج إليهم النقود و الأقمشة و الرخوت من خزانته و الخيول و الأموال الأخري حتي أرضاهم و لم يدعهم يتعرضون بالمدينة و رحلوا إلي مواطنهم كذا في الغياثي.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 255

و جاء في كلشن خلفا أن أمراء بغداد اتفقوا علي دفع السلطان عنهم فلما علم بذلك قتل الكثيرين منهم ثم سار إلي ديار بكر و استعان بقرا يوسف فجاء معه إلي بغداد و ألقي الهيبة و الرعب في قلوب الباقين و تمكن هو ببغداد.

جامع الوفائية:

الظاهر من مكانة وفا خاتون أنها صاحبة الجامع المعروف اليوم (بجامع الوفائية) و هو الجامع القديم الكائن في سوق الكبابية و يرجع بالنظر إلي آثاره إلي هذا العهد و اليوم

بيد متولّ هو عبد اللطيف و له مرتزقة في فضلة الغلة. و إن مرور العصور حال دون اتصالهم بالواقفة..

و لكنهم أثبتوا بموجب إعلام شرعي التعامل القديم …

قال الآلوسي في مساجد بغداد: إنه من مساجد بغداد القديمة العهد … و سماه باسم من قام بعمارته من ولاة بغداد (مسجد الإسماعيلية). و اليوم معروف ب (جامع الوفائية) كما يستفاد من حجج التولية أيضا و قد شاهدتها كما أني رأيت في وقفية (جامع علي أفندي) ذكر المدرسة (الوفائية) عند تحديد أملاك الوقف هناك و لم يرد في تاريخ مساجد بغداد بيان لهذه التسمية …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 256

عزيز بن أردشير الاسترابادي:

قد ذكرنا مجمل ترجمته عند الكلام علي (كتاب بزم و رزم)، و كان ألفه للقاضي برهان الدين السيواسي و قد ضبط في الأنباء تاريخ وفاة هذا القاضي سنة 801 ه قال: «فيها قتل القاضي برهان الدين أحمد السيواسي أمير سيواس قتله قرا يلك التركماني عثمان بن قطلبك، قتل و سبي و غنم فرجع.» ا ه. و في الدرر الكامنة و الشقائق توفي في أواخر سنة 800 ه.

فارق سيواس إلي مصر أثناء هذه الوقعة فتوفي بعدها … و لم نعثر علي وفاته و الكتاب خير وثيقة لبيان مصاب بغداد بسلطانها أحمد و بتيمور لنك …

قال في كشف الظنون في مادة تاريخ القاضي برهان الدين السيواسي في أربع مجلدات للفاضل عبد العزيز البغدادي ذكر ابن عربشاه في تاريخه أنه كان أعجوبة الزمان في النظم و النثر عربيا و فارسيا، و كان نديم السلطان أحمد الجلايري ببغداد فالتمسه منه القاضي عند نزوله إليها فامتنع و أقام من يحرسه و هو يريد الذهاب فوضع ثيابه بساحل دجلة ثم غاص و خرج

من مكان آخر، ثم لحق برفقائه فزعموا أنه غرق فصار عند القاضي مقدما معظما فألف له تاريخا بديعا ذكر فيه بدء أمره إلي قرب وفاته و هو أحسن من تاريخ العتبي في رقيق عباراته، ثم بعد وفاة القاضي رحل إلي القاهرة فتردي هناك من سطح عال و مات منكسر الأضلاع ذكره ابن عربشاه في حاشية الشقائق انتهي.

و يفهم من هذا أن صاحب كشف الظنون لم ير الكتاب فقص نقله في هذه القصة و يكذبها ما جاء في نص كتاب بزم و رزم المذكور. و هو كاف

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 257

للتعريف به و معرفة المخالفة و قد مر النقل منه، حكي ما شاهد؛ و لازم السلطان أحمد فألقي القبض عليه و عفا عنه ابن تيمور. و اسمه الصحيح (عزيز) لا (عبد العزيز) …

حوادث سنة 802 ه- 1399 م

ذهاب السلطان أحمد إلي العثمانيين:

كان السلطان أحمد في غاية الخوف من تيمور و كانت جواسيسه تأتيه بالأخبار دون انقطاع. و لما علم في أواخر سنة اثنتين و ثمانمائة بعزم تيمور علي السفر إلي سيواس توهم أن سوف يسد عليه طريق الروم و أن مصر و الشام في اضطراب و تشوش، و أن السلطان برقوق قد توفي فخشي أن يقطع عليه طريقه فذهب توّا إلي بلاد الروم مع قرا يوسف و أخذ أهله و أولاده و أمواله و نفائسه فترك بغداد إلي وال يدعي (فرجا) كذا في الغياثي و في كلشن خلفا، و أما في روضة الصفا فقد جاء اسمه (فرخ) بتشديد الراء و تكرر مرارا و هو اسم أعجمي و التسمية به معروفة …

و هذا دامت إمارته علي بغداد إلي حين مجي ء الأمير تيمور و افتتاحه لها …

و جاء في الأنباء: «في شوال (سنة

802 ه) بلغ أهل بغداد عزم تيمور لنك إلي التوجه إليهم ففر أحمد سلطانها، و استنجد بقرا يوسف فأخذه و رجع إلي بغداد و تحالف علي القتال، و أعطاه مالا كثيرا، فأقام عنده إلي آخر السنة، ثم توجه هو و قرا يوسف إلي بلاد الروم قاصدين أبا يزيد بن عثمان … فوصل اللنك إلي قراباغ في شهر ربيع الأول

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 258

و قصد بلاد الكرج فغلب علي تفليس، ثم قصد بغداد فبلغه توجه أحمد و قرا يوسف إلي جهة الشام، و قصد بلاد قرا يوسف فعاث فيها و أفسد، و بلغ قرا يلك حال اللنك … فسار إليه و وقف في خدمته كالدليل، و عرفه الطرقات، و استقر في جملة أعوانه فدخل اللنك سيواس عنوة فأفسد فيها عسكره علي العادة و خربوا فرد آخر السنة؛ و قد كثر اتباعه من المفسدين … » ا ه.

و هنا نري صاحب الأنباء كرر المباحث و خلط فيها بين حوادث هذه السنة و التي بعدها فصرنا نشاهد البحث و قد سبق منه الكلام عليه …

حوادث سنة 803 ه- 1400 م

دخول تيمور بغداد:

و هذه المرة الثانية التي دخل بها تيمور بغداد. قال الغياثي: و كان يوم السبت 26 ذي القعدة لسنة 803 ه بخلاف كلشن خلفا فإنه عين دخول تيمور عام 802 ه و كان قد تركها السلطان أحمد و تفصيل الخبر أن السلطان أحمد بعد أن ذهب إلي مصر عاد إلي بغداد و حينئذ فر واليها الخواجة مسعود بالوجه المذكور فدخلها و دام حكم السلطان أحمد فيها إلي سنة 801 ه فتركها إلي الوالي فرج و ذهب إلي ييلديرم بايزيد سلطان العثمانيين و في هذه الأيام وافي تيمور لاستعادة بغداد و

انتزاعها من أميرها المذكور …

حاصرها الأمير تيمور بنفسه و معه الأمير زاده سلطان خليل و الشيخ نور الدين و رستم طغا فأحاطوا بها و لم يبالوا بمناعتها فدخلوها … أما الأمير فرج فإنه لم يجد مخلصا، و سدت السبل في وجهه فلم يستطع الدفاع فركب السفن هو و أهله و ذهب إلي أنحاء البصرة … و بينما هو

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 259

كذلك إذ ألقي المغول القبض عليه … و حينئذ توجه الجيش نحو بغداد و قتلوا الأهلين قتلا عاما؛ فكان المصاب عظيما لا يستطيع البيان أن يعبر عن بعضه فلم يجد القوم ملجأ، و عاث فيهم التتر فلم يبقوا و لم يذروا، و دمرت الآثار العباسية و زالت بقاياها من البين، و دثرت الجوامع و خربت المساجد، و بلغ الظلم و القسوة حدهما. و دام البلاء و الفتك لمدة أسبوع ثم كف عن القتل …

و الحاصل صارت بغداد في قبضته و أضاف إليها الجزائر و البصرة و ولي إمارتها إلي ميرزا أبي بكر بن ميران شاه و ذهب هو إلي بلاد الروم (المملكة العثمانية).

و جاء في تواريخ عديدة أن تيمور بعد أن عزم إلي الروم ثني عزمه إلي الشام فسخرها و رجع إلي قلعة آلنجق (النجا) و كان لها عشر سنوات محصورة فتوقف هناك حتي سخرها و قتل سيدي علي الأوغل شاهي الذي كان بها و أرسل جيشا إلي بغداد فامتنعت عليه و وقع الحرب بين أميرها فرخ و بينهم و جاء أمير علي قلندر من البندنيجين و غيره من الأمراء الآخرين و عبروا دجلة من قرب المدائن و سار فرخ شاه من الحلة و ميكائيل من السيب فالتقوا جميعا عند صرصر

و اجتمع معهم مقدار ثلاثة آلاف فارس فوقعت المعركة بينهم و بين الجغتاي حوالي عمارة أمير أحمد فانكسر الجيش العراقي … إلا أن الأمير فرخ لم يسلم المدينة و حاصر فيها و طلب أن يجي ء الأمير تيمور بنفسه فبعث المغول بالخبر إلي تيمور فتوجه إليهم بنفسه من طريق آلطون كبري و چمچمال و شهرزور فجاء إلي بغداد فلم يصدق الأمير فرخ و أصر علي الدوام بالحرب. و ليعتقد الأمير فرخ بصحة وجود تيمور جاءهم الشيخ بشر من الصلحاء في الأعظمية فخاطب أكابر الأهلين في بغداد الحاضرين علي السور فحلف لهم أن هذا

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 260

هو تيمور بعينه فكذبوه و شتموه و رموه بالنشاب..

فلما شاهد تيمور ذلك الحال نزل بعساكره إلي قرية العقابية و هناك نصب جسرا و مضي لجانب الرصافة فضيق الخناق و حاصر بغداد لمدة أربعين يوما فملّ الناس الحرب و ضجروا من فقدان المأكول و امضّ بهم الحر … فتركوا الحصار و دخل الجغتاي من برج العجمي و عاثوا في المدينة فقتلوا الأهلين تقتيلا فظيعا فهلك أكثر الناس … و من الأمراء المعروفين الذين جاؤوا معه أمير زاده خليل سلطان و من القواد أصحاب لقب (نويان) أمير شيخ نور الدين و رستم طغاي بوقا و الأمير زاده شاه رخ و الأمير سليمان شاه و أمير زاده رستم و أمير شاه ملك و برندق و علي سلطان و غيرهم من أمراء التومان الآخرين.

أما الأمير فرخ فإنه ركب سفينة مع بعض أهله و خواصه إلا أنه تمكن الجغتاي من قتله فلم ينج منهم …

ثم إن تيمور بعد أن فرغ من قتل الناس انتشر قومه في البلد فأحرقوا الدور و أخربوا المدارس

و العمارات …

و جاء في روضة الصفا أن فتح بغداد كان بعد محاصرة دامت أربعين يوما يوم السبت 7 ذي القعدة لسنة 803 ه و قتل خلق لا يحصي و اتخذت من رؤوسهم منارات و خرج منها في العشرة الأولي من ذي الحجة إلا أنه لم يصل إلي العلماء منه ضرر … و من هناك زار مشهد الإمام موسي الكاظم (ر ض) و مضي إلي الحلة فزار مشهد الإمام علي (ر ض) و قضي نحو عشرين يوما تثبيتا للسطوة و السيطرة علي تلك الأنحاء و علي واسط و تجمع إليه علماء العراق و آذربيجان و غيرهم و كانت مجالسه مشغولة بالمناظرات العلمية و ما ماثل.. و نري التفصيلات عن دخوله و إقامته بالعراق و فتحه و ذهابه في تاريخ روضة الصفا موافقة للغياثي و هي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 261

هماي و همايون- لوحة 3- التصوير في الإسلام

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 262

أولي بالأخذ لتعيينها أوقات حركته و علي كل دامت حروبه من أواخر سنة 802 ه إلي هذا التاريخ … فذهب متوجها إلي الروم …

قال في الشذرات عن وقعة بغداد:

«ثم سار علي بغداد و حاصرها أيضا حتي أخذها عنوة يوم عيد النحر من هذه السنة (سنة 803 ه) و وضع السيف في أهلها و ألزم جميع من معه أن يأتي كل واحد منهم برأسين من رؤوس أهلها فوقع القتل حتي سالت الدماء أنهارا و قد أتوه بما التزموه فبني من هذه الرؤوس مائة و عشرين مئذنة ثم جمع أموالها و أمتعتها و سار إلي قراباغ فجعلها خرابا بلقعا … » ا ه.

و قد بالغ أيضا صاحب الدر المكنون في قتلي بغداد

علي يد تيمور فقال إنهم تسعون ألفا و لعله و غيره أرادوا التهويل منه و التنفير من عمله … كما بالغوا و هولوا بوقائع هلاكو و قتلي البغداديين عنها تخويفا للناس و اهتماما بأنفسهم أن ينالهم ما نال أولئك بغرض التأهب للطواري ء و الاستماتة في الدفاع إذ لا وراء ذلك إلا الموت.. و قد نقل ابن جزي قال:

«أخبرنا شيخنا قاضي القضاة أبو البركات ابن الحاج أعزه اللّه قال سمعت الخطيب أبا عبد اللّه بن رشيد يقول لقيت بمكة نور الدين بن الزجاج من علماء العراق و معه ابن أخ له فتفاوضنا الحديث فقال لي:

هلك في فتنة التتر بالعراق أربعة و عشرون ألف رجل من أهل العلم و لم يبق منهم غيري و غير ذلك و أشار إلي ابن أخيه». ا ه من رحلة ابن بطوطة. و في هذا ما فيه و قد ذكرنا علماء العراق هناك و بذلك إبطال

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 263

لقول ابن الزجاج فلا تزال المدارس آهلة و العلماء علي أوضاعهم و في أيام الفتن جمع مال وافر إلي الأقطار الإسلامية الأخري … فلا يعول علي النشرات و الإذاعات أيام الحروب و وقت الفتن إلا بتروّ و توثق من صدق الخبر …

قال في الأنباء: «و في شوال (هذه السنة) كان تيمور لنك وصل ماردين.. و أرسل من عنده رسولا في خمسة آلاف نفس إلي بغداد يطلب من متوليها مالا كان وعد به … فلما وصل الرسول ورآه أهل البلد في قلة طمعوا فيه فقتلوا غالب من معه فأرسل الرسول إلي تيمور لنك يطلب منه نجدة فتوجه نحوه بالعساكر فوصل في آخر شوال فملكها و بذل فيها السيف ثلاثة أيام، ثم

أمر أن يأتيه كل فارس من عسكره برأس فشرعوا في قتل الأسري حتي أحضروا إليه مائة ألف رأس فبناها مواذن أربعين، ثم أمر بنهب الحلة فنهبوا و خربوا بعد أن أمر بخراب بغداد» ا ه.

وفيات
1- جلال الدين الشيرازي:

عرف بجلال الدين الشيرازي و اختلف في اسمه فقد ذكر صاحب الشذرات أنه أسعد بن محمد بن محمود الشيرازي الحنفي، و في الضوء اللامع سماه (أسدا)، و في الأنباء (أحمد) و الظاهر تغلب عليه اللقب.

قدم بغداد صغيرا فاشتغل علي الشيخ شمس الدين السمرقندي في القرآن و في مذهب الحنفية، ثم حضر مجلس شمس الدين و قرأ عليه البخاري … و جاور بمكة سنة خمس و سبعين و كان يقري ء ولديه و يشغلهما بشغل في النحو و الصرف و غيرهما و درس و أعاد و حدث و أفاد و كانت عنده سلامة باطن و دين و تعفف و تواضع، يكتب خطا حسنا و ولي آخر أيامه إمامة الخانقاه السميساطية بدمشق و مات بها في جمادي الآخرة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 264

و قد جاوز الثمانين.

« … و ارتحل بسبب الفتنة اللنكية في سنة 795 ه عن بغداد إلي دمشق فأقام بها بعد زيارته القدس و الخليل حتي مات عن نيف و ستين أو سبعين و دفن بظاهر دمشق … » ا ه.

2- عز الدين أبو أحمد الشاعر العراقي:

و توفي عز الدين الحسن بن محمد بن علي العراقي المعروف بأبي أحمد الشاعر المشهور نزيل حلب، قال ابن خطيب الناصرية: كان من أهل الأدب و له النظم الجيد، و ينسب إلي التشيع … و كان يجلس مع العدول للشهادة بمكتب داخل باب النيرب و من نظمه:

و لما اعتنقنا للوداع عشية و في كل قلب من تفرقنا جمر

بكيت فأبكيت المطي توجعا و رق لنا من حادث السفر السفر

جري در دمع أبيض من جفونهم و سالت دموع كالعقيق لنا حمر

فراحوا و في أعناقهم من دموعنا عقيق و في أعناقنا منهم در

و له مؤلف سماه

(الدر النفيس في أجناس التجنيس) أوله:

لو لا الهلال الذي من حيكم سفرا ما كنت أنوي إلي مغناكم سفرا

و لا جري فوق خدي مدمعي دررا حتي كأن جفوني ساقطت دررا

يا أهل بغداد لي في حيكم قمر بمقلتيه لعقلي في الهوي قمرا

يشتمل علي سبع قصائد في مدح البرهان ابن جماعة و له عدة قصائد في مدح النبي صلي الله عليه و سلم مرتبة علي حروف المعجم و توفي بحلب في سابع المحرم.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 265

3- عبد الجبار بن عبد اللّه الخوارزمي:

من علماء تيمور و كان معه في حروبه، قدم حلب معه في ربيع الأول سنة 803 ه. و دخل معه دمشق، ثم بلاد العجم فمات هناك في ذي القعدة من هذه السنة. و كان عالم الدشت، و هو موصوف بالفضل و الذكاء، و يقال إنه معتزلي. و كان إماما بارعا متفننا في الفقه و الأصلين و المعاني و البيان و العربية، انتهت إليه الرياسة في أصحاب تيمور بحيث كان عظيم دولته، و كان يباحث العلماء، و لديه فصاحة بالعربية و العجمية و التركية و ثروة و حرمة. كل ذلك مع تبرمه من صحبة تيمور بل ربما نفع المسلمين عنده، و لكن في الأغلب لا تسعه مخالفته.

قال المقريزي: كان من فقهاء تيمور الحنفية و هو معه علي عقيدته و سمي أباه نعمان بن ثابت.

حوادث سنة 804 ه- 1401 م

السلطان أحمد و قرا يوسف في العراق:

جاء في كلشن خلفا: «و بعد ذهاب الأمير تيمور إلي مملكة الروم (الأناضول) وافي قرا يوسف إلي العراق مرة أخري و جمع هناك جموعا عند نهر العلقمي قرب الحلة و عقد همته لمقارعة آل تيمور … و لما سمع الميرزا أبو بكر و من معه من الأمراء بادروا لدفع غائلته و سد الطرق في وجهه فلم ينل مأربا و رجع بخفي حنين بل بخيبة تامة. و من ثم تخلص العراق لآل تيمور.

و هنا نري الوقعة التي نقلها صاحب كلشن خلفا جاءت مجملة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 266

بالنظر للنصوص التاريخية الأخري كما أن التاريخ الغياثي جاءت فيه الوقعة مبتورة و إن كان نقلها من روضة الصفا و علي كل يفهم من مراجعة هذه النصوص خروج تيمور من بغداد و توجهه إلي تبريز كان في أوائل ذي الحجة لسنة 803 ه و

قد مضي القول عنه فلما علم السلطان أحمد و قرا يوسف اللذان كانا قد هربا إلي الروم أن تيمور قد عزم علي الذهاب إلي بلاد الروم و تأهب لمقارعة السلطان ييلديرم بايزيد عادا و جاءا من طريق قلعة الروم علي شاطي ء الفرات إلي هيت و من هيت عبر السلطان أحمد إلي بغداد فاستعاد بغداد و جمع ما تمكن عليه من أمرائه المشتتين في الأطراف و استقر بها فوجدها خاوية فاشتغل بعمارتها و زراعتها … و لما سمع تيمور هذا الخبر و هو في تبريز أمر بالعساكر أن تتوجه نحو بغداد و سير أمير زاده أبا بكر و أمير جهانشاه و آخرين غيرهم فضبطوا الدروب و في ليلة السبت 8 رجب سنة 804 ه وصلوا بغداد علي حين غفلة بحيث إن السلطان أحمد أصابه الارتباك و الاضطراب و العجلة فلم يتمكن من لبس ثيابه بتمامها و إنما رمي بنفسه إلي سفينة فعبر إلي الجانب الغربي و كان ولده السلطان طاهر هناك فتوجه معه و جماعة معدودة من أمرائه إلي صوب الحلة ركبوا خيلا جردا. أما عسكر تيمور فإنه كان منهوك القوي من السير و الغارة المستمرة فتوقفوا تلك الليلة ببغداد و في الصباح سار الأمير جهانشاه إلي الحلة فرأي الجسر مقطوعا و السلطان قد رحل إلي جزيرة خالد و مالك فتوقف الأمير جهان شاه في الحلة و أرسل قاصدا إلي تيمور لعرض الحالة إليه و من ثم توارد الأمراء الآخرون من الأنحاء الأخري و جاؤوا من مواطن مختلفة فنهبوا و سلبوا و غنموا غنائم لا حد لها و قضوا علي كل من كانوا يرتابون

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 267

منه و عاد بعض هؤلاء الأمراء

… و استقرت بغداد تحت إدارة تيمور …

إن الذي أوقع المؤرخين في الغلط هو أنه كانت حدثت وقعة مماثلة أو مقاربة لهذه كما سيجي ء التفصيل عنها فاشتبه الأمر في حين أن هذه الوقعة جرت قبل أن يذهب إلي بلاد الروم و يقارع السلطان ييلديرم بايزيد …

الحروفية و نحلتهم
فضل اللّه الحروفي:
اشارة

«فضل اللّه بن أبي محمد التبريزي أحد المتقشفين من المبتدعة.

كان من الاتحادية ثم ابتدع النحلة التي عرفت ب (الحروفية) فزعم أن الحروف هي عين الآدميين إلي خرافات كثيرة لا أصل لها، و دعا اللنك إلي بدعته فأراد قتله فبلغ ذلك أمير زاده (ميران شاه) لأنه فر مستجيرا به فضرب عنقه بيده و بلغ اللنك فاستدعي برأسه و جثته فأحرقها في هذه السنة (804 ه). و نشأ من أتباعه واحد يقال له نسيم الدين (نسيمي) فقتل بعد ذلك و سلخ جلده في الدولة المؤيدية سنة 821 ه بحلب.» قاله في أنباء الغمر. و قال صاحب الضوء و أظنه هو (فضل اللّه أبو الفضل الاسترابادي العجمي) و اسمه عبد الرحمن و لكنه إنما كان يعرف بالسيد فضل اللّه حلال خور أي يأكل الحلال كان علي قدم التجريد و الزهد..

مع فضيلة تامة و مشاركة جيدة في علوم و نظم و نثر. و حفظت عنه كلمات عقد له بسببها مجالس بكيلان و غيرها بحضرة العلماء و الفقهاء ثم مجلس بسمرقند حكم فيه بإراقة دمه فقتل بالنجا من عمل تبريز سنة 804 ه و كان له مريدون و أتباع في سائر الأقطار لا يحصون كثرة متميزون بلبس

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 268

اللباد الأبيض علي رأسهم و بدنهم و يصرحون بالتعطيل و إباحة المحرمات، و ترك المفترضات و أفسدوا بذلك عقائد جماعة من

الجغتاي و غيرهم من الأعاجم. و لما كثر فسادهم بهراة و غيرها أمر القاءان معين الدين شاه رخ بن تيمور لنك بإخراجهم من بلاده و حرض علي ذلك فوثب عليه رجلان منهم وقت صلاة الجمعة و هو بالجامع و ضرباه فجرحاه جرحا بالغا لزم منه الفراش مدة طويلة استمر به حتي مات و قتل الرجلان من وقتهما شر قتلة. و هو في عقود المقريزي.

و هذا من أشهر دعاة الباطنية في القرن الثامن الهجري، ظهر بثوب آخر من الإبطان بل وسع ناحية من نواحي معتقد الباطنية و هي «طريقة الحروفية» فقد برع فيها، و أطنب في تفسيرها، و جاهر بها بحيث دعا إلي لزوم إغفال الأحكام الشرعية فأول الآيات و صرفها عن معناها بوجه آخر غير ما ركن إليه الغلاة أو بالتعبير الأصح جاهر بما لم يستطيعوا المجاهرة به..

و من المؤكد أن هؤلاء لم يكونوا مسلمين و إنما دعوا إلي طريقة رأوها الأصلح في الإفساد فجربوها و نجحت عندهم و هي طريقة التأويل الذي لا يحتمله اللفظ، و لا تقارب بين الأصل و المعني الذي قرروه، فعرفت مطالبهم، و كشف العلماء عن حقيقة نحلتهم.. فهم من غلاة المتصوفة و عرفوا (بالحروفية) …

و كانت نوايا هؤلاء الباطنية- كغيرهم من نوعهم. هدم الديانة الإسلامية إلا أنهم رأوا المجابهة بالإنكار و المعارضة بالنقد، أو إعلان محاربة رجاله … غير مقدور لهم، و جربوه بتجارب عديدة فلم يولد نتيجة حسنة لما يتطلبونه بل رأوا معارضة شديدة؛ و نالتهم نكبة قاسية من جراء ما قاموا به فعادوا بالخيبة و الخذلان و من ثم ركنوا إلي ما ركنوا إليه …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 269

و لم يكن يهمنا البحث و

التوسع في هذه الناحة لو لا أن صاحب كتاب النواقض تعرض لداعيتهم هذا فقال: «و أما أمر فضل اللّه الاسترابادي فإنه جاور النجف مدة عشرين سنة … و لم يحصل منه ما يدل علي أنه من زمرة المسلمين في الصفاء … » ا ه. فهل تلقي نحلته هنا أو أنه جاء لبثها، أو كانت لها علاقة بالإسماعيلية و هم يترددون إلي مشهد الإمام علي (ر ض) فاتصل بهم … ؟ مما دعا للتفكير في شأنهم و التتبع لآثارهم خصوصا بعد أن علمنا أن نسيمي البغدادي من تلامذة فضل اللّه الحروفي و في آثار فضولي و روحي البغدادي ما يشير إلي أنهما من هؤلاء … فعلاقة نحلته بالعراق و إن كانت ضعيفة إلا أنها تستحق التدقيق و تستدعي النظر.. فلم يخل العراق من دخول عقائد متنوعة يستهوي اتباعها الناس بضروب مختلفة، تارة من طريق الآداب الفارسية، و طورا من ناحية الشيعية و باسمها في وقت أن العقيدة الشيعية معروفة و منتشرة بين ظهرانينا … و آونة من ناحية التصوف و نحله الغالية..

و هكذا مضوا في تطبيق نهجهم و ساروا في عملهم دون أن يعتريهم كلل، أو ينالهم ملل …

و لا نتجاوز حدود موضوعنا. فهذه النحلة لم تلبث أن دخلت في نحلة التصوف المعروفة ب (البكتاشية) و توثقت العلاقة بين الحروفية و البكتاشية لحد أن صار يعد الواحد مرادفا للآخر … و بعد استيلاء العثمانيين دخلت البكتاشية بغداد و رؤساؤهم حروفية قطعا …

و للمترجم مؤلفات حصلت علي مكانتها عندهم:

1- جاودان كبير:

اشتهر المترجم بكتابه هذا و هو جاودان كبير فكان أساسا لغيره بحيث صار كل كتاب من كتبهم المعتبرة يسمي جاودان و كتاب فضل اللّه ينعت بجاودان كبير، و

الأخري المعتبرة تسمي بجاودان أيضا و هي نحو

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 270

ستة كتب و لا توصف بكبير. قال في كشف الظنون عن جاودان كبير «فارسي، منثور، ألفه في مذهبه و هو متداول بين الطائفة الحروفية» ا ه.

و لأول مرة رأيت منه نسخة مخطوطة في مكتبة فاتح في استانبول برقم 3728 و كان قد ترجمه إلي التركية درويش مرتضي البكتاشي إلا أن هذه الترجمة لا توافق أصلها تماما. ثم حصلت علي نسختين من الأصل مخطوطتين. و هذا من الكتب التي لا يبيحون مطالعتها لكل أحد و إنما هو محرم علي غيرهم. و المؤلفات الأخري توضيح أو إجمال لمطالبهم و سائر ما يرمون إليه. يأخذ بعض الآيات و يفسر حروفها و لا يتيسر الاطلاع علي إشاراته ما لم يعرف مفتاحه لحل رموزه.

2- عرفنامه:

ذكرها صاحب كشف الظنون و قال هي «للسيد جلال الدين فضل اللّه عبد الرحمن الاسترابادي … » ا ه و لم أرها. و القوم يحتفظون بآثار رئيس نحلتهم و يتهالكون في صيانتها.

3- عرشنامة. له:

و مما يلفت الأنظار أن غالب ملائية الصبيان كانوا منهم، و القول «بفضل بسم اللّه الرحمن الرحيم» من تأثيراتهم الباقية، و شاراتهم المعروفة … يلقنونها للناس بطريق الإيهام و التعمية … و من تلامذة المترجم نسيمي البغدادي و سنتعرض لترجمته في حينها. و عندي ديوانه مخطوطا. و من بين تلامذته من نال المكانة الرفيعة في بلاد الترك (علي الأعلي) و له اسكندرنامه و عرشنامه و محبتنامه …

و لا نجد تعريفا وافيا برجال نحلتهم في مختلف العصور بصورة منتظمة و ترتيب صحيح إلا أن المعلوم من مشاهيرهم يبصر نوعا بأوضاعهم.. و دراستهم ملازمة لدراسة الطريقة البكتاشية و هي التي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 271

أسسها بكتاش ولي الخراساني الأصل من مدينة نيسابور و كان أخذ الطريقة في خراسان عن شيخ لقمان. و في أوائل القرن الثامن الهجري جاء مهاجرا إلي الروم فاشتغل في الإرشاد في الأناضول، و أن السلطان أورخان غازي العثماني زاره فدعا له و هو الذي وضع اسم الينكچرية (الانكشارية) لجيشه و انتزع كم خرقته و وضعه علي رأس الينكرية فصار معتادا لهم وضع ما يشبه الكم في رؤوسهم … توفي أيام السلطان أورخان و دفن بجوار قير شهري … و الرسوم الموجودة ليست من وضعه و إنما ابتدعها درويش يقال له (باليم سلطان) و صار في الحقيقة هو المؤسس لهذه الطريقة …

و عندنا في المثل العامي (شايل قزان بكتاش) لمن يتحمل أمرا عظيما غير ملتزم بتحمله …

و من كتبهم الموجودة

عندي مخطوطة:

1- جاودان كبير.

2- كشفنامه محيطي دده.

3- قسمتنامه محيطي بابا.

4- ديوان محيطي.

5- كتاب ويراني.

6- ديوان ويراني.

7- كرسي نامه علي الأعلي.

8- ذره نامه سيد شريف.

9- قيامتنامه علي الأعلي.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 272

10- محشر نامه. للأمير علي.

11- مجموعه كلشني و نسيمي.

12 و 13- فيضنامه و رسالة أخري لم أعرف اسم مؤلفها.

14- ديوان نسيمي.

15- مبدأ و معاد.

16- مناقب بكتاش ولي.

أما الكتب المطبوعة فغالبها دواوين. و من أهم الكتب للتعريف بنحلتهم و بيان دخائلهم كتاب (كاشف أسرار بكتاشيان) لاسحق أفندي و هو مطبوع فيه تتبع مهم و افتضاح لهذه الطائفة. و من رسائلهم الأصلية بعض الكتب التي نشرت مصدرة بمقالة للدكتور الفيلسوف رضا توفيق و كليمان هوار … و فيها بيان للموجود في المكتبات المعروفة …

و من كتبهم:

1- بشارتنامه لرفيعي.

2- عشقنامه لابن فرشته (ابن ملك).

3- آخرتنامه. له.

4- وحدتنامه لمقيمي.

5- حقيقتنامه.

6- اطاعتنامه. لكمال السنائي.

7- حقايقنامه أو مقدمة الحقائق.

8- رساله فضل اللّه.

9- تحفة العشاق.

10- رساله بدر الدين.

11- رساله نقطه.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 273

12- رساله حروف.

13- ترابنامه.

14- اسكندر نامه.

15- محبتنامه.

16- استوانامه.

17- هدايتنامه.

18- محرمنامه.

19- ولايتنامه.

و من مشاهير رجالهم خليفة اللّه علي الأعلي الشيخ أبو الحسن، و أمير غياث الدين، و كمال سنائي؛ و حسن حيدر، و سيد شريف، و ويران ابدال، و ابن فرشته و هو عبد المجيد. و من رجالهم بابا نديمي و ترجمته في تذكرة سهي و من شعره:

فلكك يازدي چاق بروجنده كه دونه م بن دخي براوجنده

نه زكاتن ايده م طمع مالك نه نمازكده، نه اوروجكده

و الكلام في ذا يطول و قد يخرج بنا عما التزمناه و غاية ما أقول أن هؤلاء لا يختلفون عن غيرهم من الباطنية في إباحة المحرمات و ترك الواجبات

و حكاياتهم متداولة و هم من أهل الاتحاد و الحلول و أهم خصيصة لهم (فكرة الحروفية) و هي قديمة و يرجع عهدها إلي (سفر يصيرا) عند اليهود و هو سفر الخليقة شاعت عند الباطنية هذه الفكرة في مختلف عصورهم، و أكتفي أن أشير إلي مراجعة كتب ناصر خسرو، و الكتب التالية له من أهل نحلته، و أنقل النص التالي من «كتاب الفرق» قال:

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 274

«قالوا في تفسير كلمة التوحيد التي هي «لا إله إلا اللّه» إنها بتكرارها اثنا عشر حرفا و أربع كلمات و صوروها منفردة (لا إلاه إلا الاه) فصارت اثني عشر حرفا و إذا كانت بغير تفصيل كانت سبعة أحرف و صوروها هكذا (لا إله إلا اللّه) قالوا و هي دالة علي المنافذ السبعة التي برأس ابن آدم التي هي أيضا دالة علي النطقاء السبعة.. الخ» و أوضحوا وجه الدلالة و استنتجوا غرائب من شأنها أن تصرف الناس عن مفهوم الكلمة … و أولوا آيات كثيرة مثل حرمت عليكم الميتة و الدم.. بغير معناها، و كذا في إسقاط معني الزكاة، و إبطال الصيام، و الغرض من الحج و أولوا البعث، و أمورا أخري كالغسل و الوضوء … الخ.

أكتفي بهذا و لا محل للمقابلة بين نصوص الطائفتين …

حوادث سنة 805 ه- 1402 م

السلطان أحمد- بغداد:

إن ذهاب جيش الأمير تيمور إلي بلاد الروم (الأناضول)، و خلو العراق من قوة … مما ولد في السلطان أحمد أمل العودة فاستولي عليها مرة أخري فحكم بغداد و أنحاءها، و جعل ابنه السلطان طاهرا في الحلة و البقاع المجاورة لها … و أساسا في الوقعة السابقة لم يفارق السلطان العراق و إنما تجول في الأطراف البعيدة متخفيا و متربصا العودة..

فتم له الأمر و سنحت له الفرصة … أما الأمير قرايوسف فإنه بقي في جهات هيت و الأقسام الشمالية من العراق يتجول فيها …

ثم إن السلطان أحمد أراد السفر إلي الحلة و كان فيها ابنه السلطان طاهر و في الأثناء ألقي القبض علي وزيره آغا فيروز فارتاب السلطان طاهر من ذلك و توهم أنه المقصود و تذاكر مع أمراء والده مثل محمد بك و أمير علي قلندر و ميكائيل و فرخ شاه. و هؤلاء لم يأمنوا غائلة السلطان

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 275

أحمد فاتفق الكل علي لزوم القيام عليه و الخروج من طاعته فرفعوا الجسر و كسروا المياه في منتصف الليل و اتخذوا الأهبة … فعلم السلطان أحمد بما وقع و شاهد التدابير المتخذة فوقف مكانه و نصب خيامه تجاه جيش ابنه و لما خشي أن يقع خلاف مأموله أرسل قاصدا إلي الأمير قرايوسف و التمس منه أن يوافيه و وعده بمواعيد …

و علي هذا سار قرا يوسف بجيش لجب مؤلف من تركمان و عرب و وافي السلطان أحمد فعبر هؤلاء جميعا النهر و مضوا إلي ناحية السلطان طاهر فتقابل الجيشان و شرعا في المعركة فكانت بينهما طاحنة جدا فظهر فيها الانكسار بجانب السلطان طاهر و أثناء هزيمته عثرت فرسه في نهر فوقع و مات … و نال الجيش غنائم وافرة و ربح قوم الأمير قرا يوسف الشي ء الكثير …

انتهت هذه السنة في الأثناء و دخلت السنة الجديدة.

أوضاع تيمور لنك:

إن الأمير تيمور لم يبق له منازع في الحقيقة إلا السلطان بايزيد (أبا يزيد) و كان كل واحد منهما يحاول القضاء علي الآخر، أو صدّ غائلته، فكانت المقارعة بينهما أليمة و قاسية جدا، و تعد

من أكبر الحروب العالمية آنئذ، و قد استعد لها كل واحد منهما بما لديه من قوة و ما استطاع من قدرة … فكانت نتيجتها الانتصار علي جيش الترك العثمانيين و أسر السلطان بايزيد و ولده موسي ثم موته … و كانت الوقعة حدثت في هذه السنة، و كان هولها كبيرا جدا …

و يقال إن بايزيد (أبا يزيد) أوصي الأمير تيمور بثلاث وصايا: أن لا يسفك دماء الروم (يقصد العثمانيين) فإنهم ردء في الإسلام، و أن لا يترك التتار بهذه البلاد فإنهم من أهل الفساد، و أن لا يخرب قلاع المسلمين و حصونهم فتتسلط الكفرة عليهم … فقبل وصيته في الأمور

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 276

التصوير في القرن الثامن- لوحة 4- التصوير في الإسلام

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 277

الثلاثة و عمل حيلة قتل فيها غالب رجال التتار … و لعل هذه حكاية ما وقع ففسرت بوصية منه …

و علي كل اكتسب الأمير تيمور منتهي القدرة و السطوة، و عزم بعد هذه الوقعة علي حرب ممالك الصين فلم يمهله الأجل …

وفيات
1- سلمان البغدادي:

هو ابن عبد الحميد بن محمد بن مبارك البغدادي ثم الدمشقي، الحنبلي، نزيل القابون سمع من جماعة و كان عابدا خيرا، صوفيا بالخاتونية، مستحضرا للمسائل الفقهية علي طريقة الحنابلة، و لديه فضائل. مات في هذه السنة (805 ه) …

2- قاضي تيمور لنك:

في هذه السنة توفي حميد بن عبد اللّه الخراساني الحنفي قاضي تيمور لنك. مات بعد رجوعه من الروم …

حوادث سنة 806 ه- 1403 م

قرا يوسف- بغداد:

إن السلطان أحمد كان قد شعر بالخطر من هذه المساعدة، و أحس بنوايا الأمير قرا يوسف، و علم أنه المقصود بالذات، و أن الآمال موجهة عليه … ذلك ما دعاه أن يعود إلي بغداد توّا ليري تدبيرا، و يفكر في

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 278

الخلاص من هذا المأزق.. إلا أن الأمير قرا يوسف لم يمهله و سار وراءه بسرعة فلم يتمكن من النجاة بحياته إلا بشق الأنفس. فدخل قرا يوسف بغداد و هرب هو ليلا، أخرجه منها امرؤ يقال له (قرا حسن) حمله علي كتفه و قطع به نحو خمسة فراسخ و في طريقه وجد بقرة ركبها السلطان أحمد و جاء بأسوأ حالة إلي تكريت. و كان هناك عمر الأويرات و هو أمير من جانب السلطان أحمد فأعد له ما استطاع من خيول.

و وصل إلي تكريت جماعة من الأمراء الذين تشتتوا مثل الشيخ مقصود، و دولت يار، و عادل و غيرهم … فاجتمعوا هناك و ساروا و السلطان إلي أنحاء الشام …

و جاء في تاريخ ابن أبي عذيبة أنه «في سنة 806 ه دخل السلطان أحمد بن أويس إلي حلب في صورة فقير هاربا إلي الشام فمسك حسب المرسوم بطلب السلطان أحمد من حلب إلي دمشق ثم ورد مرسوم آخر بإمساكه و الاعتقال عليه بها فمسك … » ا ه.

فاستولي قرا يوسف علي بغداد و بقيت بيده مدة إلا أن المؤرخين لم ينقلوا شيئا عن أعماله هناك … و إنما مضت و لا تزال في طي الغموض و الخفاء … إلي أن استعادها جيش تيمور

الميرزا أبو بكر- بغداد:

أما الأمير تيمور فإنه كان في حروب خطرة و وقائع دموية جرت له مع السلطان ييلديرم بايزيد فلم يكن يفكر في غيرها؛ و خلا الجوّ للسلطان أحمد و ابنه فعاد إلي بغداد و الحلة ثم جري ما جري بينهما و بين الأمير قرا يوسف و قد مضت حوادثه مع الميرزا أبي بكر … و لما عاد الأمير تيمور من حرب الروم ظافرا و سار إلي الكرج عام 806 ه بقصد

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 279

الاستيلاء عليها و وصل تفليس فكر في هذه الأثناء في لزوم عمارة بغداد و إصلاح ما اندثر منها بسبب الوقعة المؤلمة عام 803 ه ففوض حكومتها إلي الميرزا أبي بكر و هذا سارع في الذهاب إليها.. و جاء أمير زاده أبو بكر إلي أنحاء الحلة، و وافي إليه الأمير زاده رستم من بروجرد و آخرون كان الأمير تيمور قد أرسلهم لمعاونة الميرزا أبي بكر فتوجهوا من ناحيتين إلي بغداد فقابلهم الأمير قرا يوسف و بجوار نهر الغنم قرب الحلة التقي الفريقان و كانت الحرب شديدة و المعركة طاحنة و قتل أثناء النضال أخو قرا يوسف و انهزم هو إلي أنحاء سورية … كما انهزم قبله السلطان أحمد …

أما الميرزا رستم فإنه رجع إلي فارس كما أن الميرزا أبا بكر وصل إلي بغداد فاستقر بها … و بناء علي رغبة الأمير تيمور في عمارتها بادر في القيام بالأمر، و شرع بما يلزم لإصلاح الحالة و لم يعلم بما قام به هذا الأمير إلي أن سمع بموت الأمير تيمور و استيلاء السلطان أحمد علي بغداد مرة أخري.

في هذه السنة نهض أمير العرب هذا علي قرا يوسف التركماني، فهرب منه قرا

يوسف و جاء إلي الشام، فشفع فيه نائب الشام شيخ المحمودي الذي صار سلطانا بعد ذلك عند السلطان الملك الناصر، فقبلت شفاعته، و استقر في الشام أميرا يركب في خدمة النائب.

ثم في شعبان أرسل الناصر كتابا إلي نائب الشام بقتل قرا يوسف، و قتل سلطان بغداد أحمد بن أويس أيضا و كان جاء أيضا عنده، فتوقف الأمير شيخ في ذلك، و عوق السلطان أحمد عنده بدار السعادة، ثم قيدهما و سجنهما ببرجين في قلعة دمشق، ثم هرب السلطان أحمد. و أما

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 280

قرا يوسف فإن نائب الشام شيخ لما خامر علي السلطان الناصر و دخل القاهرة لمحاربته استصحب معه قرا يوسف أيضا مستعينا به، و هو الذي أشار علي شيخ و هم بمنزلة السعدية أن يكسرا بالليل علي الملك الناصر، و مع هذا لم يبلغوا مقصودهم منه و انكسروا و رجعوا و معهم قرا يوسف المذكور، ثم إنه رجع إلي بلاده، و عظمت حاله، و صار أكبر أعداء شيخ لما تسلطن و حصل منه الإفساد بهذه المملكة … (مجموعة تواريخ التركمان و فيها تفصيلات مهمة عن هذه الأيام و ما قبلها..).

وفيات
1- زين الدين العراقي:

هو الحافظ زين الدين عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن إبراهيم المهراني المولد العراقي الأصل الكردي الشافعي حافظ العصر قال في أنباء الغمر: ولد في جمادي الأولي سنة 725 ه و لازم المشايخ في الرواية و سمع من عبد الرحيم ابن شاهد الجيش و ابن عبد الهادي و علاء الدين التركماني و قرأ بنفسه علي الشيخ شهاب الدين ابن البابا و أدرك أبا الفتح الميدومي فأكثر عنه و هو من أعلي مشايخه إسنادا و

سمع أيضا من ابن الملوك و غيره ثم رحل إلي دمشق فسمع من ابن الخباز و من أبي عباس المرداوي و نحوهما و عني بهذا الشأن و رحل فيه مرات إلي دمشق و حلب و الحجاز و أراد الدخول إلي العراق ففترت همته من خوف الطريق و رحل إلي الإسكندرية ثم عزم علي التوجه إلي تونس فلم يقدر له ذلك و صنف تخريج أحاديث الإحياء و اختصره في مجلد … و نظم علوم الحديث لابن الصلاح و شرحها و عمل عليه نكتا و صنف أشياء أخر كبارا و صغارا و صار المنظور إليه في هذا الفن من زمن الشيخ جمال الدين الإسنائي و هلم جرا و لم نر في هذا الفن أتقن منه و عليه تخرج غالب أهل عصره و من أخصهم به نور الدين الهيتمي،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 281

دربه و علمه كيفية التخريج و التصنيف و هو الذي عمل له خطب كتبه و سماها له و ولي شيخنا العراقي قضاء المدينة سنة ثمان و ثمانين فأقام بها نحو ثلاث سنوات ثم سكن القاهرة و أنجب ولده قاضي القضاة ولي الدين. توفي عقب خروجه من الحمام في ثاني شعبان و له 81 سنة و ربع سنة. انتهي. باختصار.

وادث سنة 807 ه- 1404 م

أحمد بن أويس:

في ذي الحجة من هذه السنة هرب أحمد بن أويس من دمشق إلي جهة بلاده (أنحاء العراق) و كان النائب قد أطلقه من السجن فخشي من عوارض الزمان من جهة الدولة فهرب من دمشق بمن معه …

تيمور لنك في سمرقند- خطط حربية جديدة:
اشارة

في أول هذه السنة وصل اللنك إلي سمرقند، و استقبله ملوك تلك البلاد، و قدموا له الهدايا، و أمر بعد قدومه بتزويج ولده شاه رخ، و عمل له عرسا عظيما بلغ فيه المنتهي و راعي وصية ابن عثمان في التتار، فاستصحبهم معه في جملة العسكر إلي أن فرقهم في البلاد، و لم يجعل لهم رأسا فتمزقوا …

و هناك دبر خطة حربية جديدة فعزم علي الدخول إلي بلاد الخطا، فأمر أن تصنع له خمسمائة عجلة تضبب بالحديد، و برز في شهر رجب، و رحل إلي تلك الجهة فلما وصل إلي أترار فاجأه الأمر الحق فوعك، فاستمر في وعكه أياما، و لم ينجع فيه الطب إلي أن قبض يوم الأربعاء

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 282

17 شعبان و حمل إلي سمرقند.

وفاة تيمور لنك:

مات هذا الفاتح العظيم بعلة الإسهال القولنجي؛ و له 79 سنة، كان قد دوخ الممالك و أدهش العالم، و ملك أقطارا كثيرة، و عزم في آخر عمره علي الدخول إلي الصين فمضي في الشتاء فهلك من عسكره أمم لا يحصون، و هلك هو … و كان قد شغل العالم الإسلامي مدة في أيام اضطرابه، و حالة تعدد حكوماته، و لا يزال ذكر وقائعه تردده الألسن … فلا تقل أثرا في النفوس عن وقائع جنكيز و أخلافه أيام صولتهم و تمكن دولتهم …

و الغريب أن هذا الفاتح ترك وقعا في النفوس و أثرا في الأذهان يستحق الدرس و الاعتبار و يدعو للبحث و التنقيب، و المشروع الذي قام به كفاتح عظيم؛ و سياسي كبير محنك يهم أمر مطالعته كل أحد، و يجب الالتفاتة إليه برغبة زائدة لكل متفكر، و خاصة من يحاول إدارة مقدرات البلاد …

و

يختلف عن أكثر الأبطال غير أنهم غالب أحوالهم عادت خرافية، و صارت حوادث بطولتهم أساطيرية مخلوطة غثا بسمين … و هذا جاءت أخباره واضحة، و وقائعه مدونة، و آثاره مسجلة في تواريخ كتبت في أيامه، و بعده بقليل انتقلت إلينا من ثقات الرواة و في كل حروبه و غزواته لم يخل مجلسه من علماء، و لا من مباحث علمية و تاريخية …

و أكابر الرجال الذين أدركوا وقته بصروا بوقائعه؛ و قدروا عظمته، و نقل عنهم الرجال المشاهير بعض خصاله و مزاياه … فهو من الفاتحين الذين يحق للمرء أن يقف علي نزعاتهم في الفتوح و الطريقة التي مضوا

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 283

عليها في إدارة الممالك للحصول علي المعرفة، و الاستفادة مما قام به بحيث كان النصر حليفه في غالب مواقفه.

خلف هذا الفاتح في كل قطر من الأقطار التي افتتحها أثرا من آثار عظمته و ظاهرة من ظواهر قدرته … و قد التزمنا الإجمال في تاريخ حياته لنلم بنوع من نهجه إلماما توضيحا لما قدمنا من بعض وقائعه في العراق …

أحوال الأمير تيمور
تيمور لنك: (حياته)

إن تاريخ الرجل العظيم هو في الحقيقة ما قام به من الأعمال الكبري، و ما أحدثه من دوي في هذه الحياة و تظهر عظمة مترجمنا بما زاوله من الأعمال و المشاريع، أو ما اختطه من المناهج … ليسير بها البشرية كما شاء … لا من ناحية تولده، و الطالع الذي صادفه، و لا من البيئة التي برز فيها، و لا من القوم الذين عاش معهم … فكان من الغلط الاعتماد علي المجتمع، أو المحيط، أو الطقس و تفاعلاته و الألزم أن يظهر للوجود دائما أمثال هذا العظيم في حين أن الأمم لا

تستطيع أن تعد من نوابغها الأفذاذ إلا القدر اليسير … و غاية ما يمكن تلقيه من البيئة أنه استفاد من الأوضاع و ربح من الظروف … و لو لم يجدها لأوجد أمثالها، و أبدع نظائرها … ذلك ما دعانا أن نجمل القول في ماضيه قبل ظهوره كفاتح، و أن نراعي خطته التي نهجها؛ و ما يتراءي من خطيئات أو أغلاط مما شعر به نفسه، أو ما عرف في نتائج التجارب الحياتية لفاتحين كثيرين …

يقص علينا أهل الأخبار أن المترجم من ذرية تومنه خان، من ملوك المغول القدماء، حكم علي قبائل نيرون سنين عديدة؛ و كان له من

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 284

الأولاد تسعة. و من كل من أولاده تفرعت القبيلة و القبيلتان، أو الثلاث، و الأربع … و أن من أولاده (قابول) و (قاجولي) قد وضعتهما أمهما توأمين كما أن هؤلاء ثالث البطون من أولاده و أن أحدهما (قاجولي) صار له ابن اسمه ايرومجي أو (ارده مجي) بارلاس و أن القبيلة المعروفة باسم (بارلاس) تفرعت منه … و أن الأمير تيمور من هذه القبيلة. و معني (بارلاس) في لغة المغول (القائد).

و تيمور يعرف ب (تيمور لنك) و (تيمور كوركان) و (اقساق تيمور) … و هو ابن تاراغاي و يلفظ (طراغاي) و (طوراغاي) أيضا و ساق صاحب وقائع تاريخية و هو الفريق حافظ إبراهيم باشا نسبه أنه تيمور بن طوراغاي بن أمير يركل بن الشكر بهادر. و «أمه تكين خاتون من آل جنكيز. ولد يوم الثلاثاء 25 شعبان سنة 736 ه في مدينة كش من بلاد ما وراء النهر (في قرية خواجة ايلغار). و كان والده تابعا للسلطان غازان ملك الترك و ما وراء

النهر. و قد أطنب المؤرخون في بيان ما وقع أيام ولادته أو ما شوهد في يده من دم … و يقصدون إلفات الأنظار من طريق أساطيري إلي عظمته من صغره مما لا يهم كثيرا في التطلع علي أحواله إلا أنه من صغره كان مولعا في الألعاب التي من شأنها أن تكون فيها أمرة و سيطرة و إدارة ليتولي القيادة و يدبر شؤون رفقائه خصوصا التي هي بشكل حربي … لحد أن قيل إنه كان يشعر

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 285

بذلك و أن رؤيا بعض أجداده أشارت إلي ظهوره … و كان في أوائل أيامه يمرن نفسه علي الركوب و استعمال الأسلحة و التصيد مستمرا …

و لما بلغ العشرين أو تجاوزها صار يزاول الحروب و يشترك في شؤونها … و في أيام فراغه يميل إلي المطالعة و مجالسة العلماء فلا يدع وقته يمضي هباء.. و علي كل ظهر في الخامسة و العشرين من سنه و اشتهر أمره في الشجاعة …

و كانت أحوال ما وراء النهر آنئذ من الاضطراب و الاختلال ما يضيق القلم عن تبيانه و ذلك من أمد ليس باليسير فإن ملك الجغتاي (غازان خان) كان قد قتله الأهلون لما رأوا من جوره و استبداده، و كذا لم يقف الأمر عند ذلك و إنما قتل ثلاثة آخرون من أخلافه … و من ثم افترقت المملكة إلي أمراء عديدين كل صار يتولي إمارة ناحية من تلك المملكة … و يحارب بعضهم البعض و يتنازعون السلطة.

و في هذه الأثناء أعلن (طغلوق تيمور) خانيته علي الجغتاي و هو من أحفاد جنكيز خان و الأولي بمملكة ما وراء النهر فأراد القضاء علي الأمراء المتعددين هناك، المتحاربين دائما

فساق جيوشه عليهم إلي ما وراء النهر فخاف أكثر هؤلاء الأمراء و فروا إلي خراسان عام 761 ه.

أما تيمور فإنه لم يهرب و إنما وافي إلي قائد الجيش و تكلم معه أن يفاوض طغلوق تيمور خان في إشراكه معه في حروبه فوافق و ولاه قيادة عشرة آلاف أي صار (نويانا) ثم ولي قيادة ما وراء النهر برضي من (طغلوق تيمور) …

ثم ظهر الأمير حسين من أحفاد أحد الأمراء القدماء في ما وراء النهر و صار يدعي السلطنة فأقام زعزعة الحروب هناك فاضطر (طغلوق تيمور) أن يسير عليه جيشا عام 762 ه فانتصر علي الأمير حسين و اكتسح مملكته و أجلس ابنه (الياس خواجة) في حكومة ما وراء النهر

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 286

و جعل الأمير تيمور وزيره و قائده.. إلا أن تيمور لم يرض بأعمال الياس خواجة و نقم عليه أمورا كثيرة ذلك ما دعاه أن يميل إلي (الأمير حسين) و هو صهره تزوج تيمور بأخته … و من هناك تولد العداء فساق الياس خواجة جيشا عليهم فتأهبوا له و قابلوه فتمكنوا من طرد جيشه إلي خارج المملكة فذهب الياس خواجة إلي مغولستان و صار ملكا عليها إذ وجد أباه قد توفي …

إن هذه الأعمال التي قام بها تيمور حببته من أفراد الجيش فإنه لم يدع فرصة ترغبهم فيه إلا اغتنمها … و من ثم صار الأمير حسين يخشي من تيمور و عزم علي البطش به و القضاء عليه فلم يوفق فأخفق الأمير حسين في المعركة و غلب عليه فقتل في رمضان سنة 771 ه.

و علي هذا انقادت لتيمور مملكة ما وراء النهر و أعلن سلطنته و لقب (بصاحب قران) إلا أنه لم

يلقب نفسه بخان و إنما لقب به أحد الأمراء من أحفاد جنكيز خان ممن أتي إليه و جعله (قائدا) عنده و هكذا نال الحكومة بعد أن رأي من الأخطار الجمة ما لا يوصف فلم يبال بها و قابلها بعقل رزين و تدبير فائق … و في كل هذا لم يهمل استشارة و لم يضع حزما …

ثم إنه قضي بعد إعلانه السلطنة نحو ست سنوات في حروب مع مملكة المغول و خوارزم و انتصر فيها علي أعدائه.. أسس الصلح مع سلطان خوارزم و تزوج من أسرته ببنت كما أنه قضي علي ثائرين كثيرين عليه فلم ينل أحد منهم مأربا … و بينا هو في حرب و انتصار و ما ماثل إذ دهمه خبر وفاة ابنه جهانكير فكان لها وقع كبير في نفسه و تأثر للمصاب الجلل و ذلك عام 777 ه فأهمل الأمور، و لم يلتفت إلي إدارة المملكة إلا أن وزراءه كانوا لا يبرحون مجدين في تسليته … و في الأثناء هجم المغول علي مملكته فاضطر للكفاح فكانت هذه من أكبر

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 287

دواعي نسيانه الرزء فأدب القائمين و أرجعهم علي أعقابهم خاسئين …

و لما عاد ركن (توقتامش) من أحفاد جنكيز خان إلي تيمور و رجا منه أن يناصره و يساعده لنيل إمارة تاتارستان الكبري نظرا لحق سلطنته فيها و كان حاكمها آنئذ الأمير (أروس) (أرص) فوافق تيمور علي ذلك و أجاب الملتمس فأقام (توقتامش) مكان (أروس) عام 778 ه.

و هذا زاحم الأمير تيمور أو أن تيمور خاف من توسعه و اتخذ بعض حروبه في إيران وسيلة و حاربه مرارا إلا أنه في جميع حروبه قد خذل … و توفي بالوجه

المذكور سابقا فخلفه في سلطنته ابنه محمود …

هذه الانتصارات الكبري المتوالية بالقضاء علي إمارات صغري و المظفريات العظيمة علي المجاورين … مما شجع الأمير تيمور علي امحاء الإمارات المتعددة في إيران و عزم علي أن يضمها إلي مملكته لإنهاء أمر هذا التذبذب و الاضطراب الذي مله الناس و ضجروه …

فمضي إلي خراسان فاستولي عليها عام 787 ه و هكذا سار في طريقه حتي اكتسح جميع ممالك العجم و ساق جيوشه إلي العراق فكان ما كان مما مر تفصيله … و هكذا جرت له الوقائع الأخري في سورية و الأناضول و الهند … حتي أيام وفاته …

و أكبر داع لانتصاراته أنه لم يغتر بقوة، و لم يضع فرصة، و لا يزال في اتصال من أخبار المجاورين و معرفة حركاتهم و سكناتهم، و التطلع إلي مواطن الضعف فيهم … كما أنه لم يقصر في تأهب، و لم يخاطر بمقامرة، و لا سلم للطالع … و لم ينم، أو يغفل عن أمر. فهو أشبه بالذئب نعته العربي بقوله:

ينام بإحدي مقلتيه و يتقي بأخري المنايا فهو يقظان هاجع

و من كانت هذه حالته، سار علي طريق الحكمة و السداد، و لم

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 288

يضع الحزم و اليقظة.. و حصل علي مطلوبه مهما عز و غلا.. هذا و لا ينسي ما زاوله من سفك و ما قام به من قتل فقد ندم عليه مؤخرا و أراد أن يكفر به عن سيئاته في محاربة الخطا و القضاء علي حكوماتهم …

و لات حين مندم … و كان رأيه بل فعله ينطق أن الغاية تبرر الواسطة …

و كان لم يقصر في وسائل الحضارة و ضروب العمارة و لكن في مملكته

و وطنه فقد عرف عنه من الأنباء و غيره أنه كان أنشأ بظاهر سمرقند بساتين و قصورا عجيبة و كانت من أعظم النزه و بني عدة قصبات سماها بأسماء البلاد الكبار كحمص و دمشق و بغداد و شيراز …

كان حادث وفاته من أكبر الحوادث في هذا العالم بعد أن كان في قراع و نضال مع ممالك عظيمة و حكومات متعددة … فإنه من حين فتح بغداد لأول مرة افتتح ماردين و حلب و الشام و بلاد الروم (الأناضول) و أقساما كبري من الهند و حارب القفچاق و من في أنحائهم … و في خلال هذه الحروب قضي علي إمارات كثيرة مختلفة الأهواء لم يكن لتألفها الممالك و الأقوام و كانت هذه الممالك بين نيران ملتهبة و حروب دامية و تغلب متوال … فلا راحة، و لا استراحة.. ضجر الناس من هذه الحالة و ملوها … بل العالم في حاجة إلي من يقضي علي هذه الدويلات و سيطرتها و تحكمها بأهليها و أموالهم، و ليس لها من همّ إلا أن تنال حظا أو قسطا من مجاوريها … فكان هذا الدواء- ظهور تيمور- بلاء فتاكا و لكن لا مندوحة منه للقضاء علي أمثال هذه الحكومات …

أبدي في ظهوره حتي أواخر أيامه من الشدة و القسوة ما أرعب قلوب الناس و ذكرهم بأيام جنكيز الأولي و حذرهم بطشه، و أخافهم صولته. لا يعرف التواني، و لا يبالي بالتعب، و لا يقف عند غلبة …

فتراه يقضي علي حكومة من الحكومات بمعركة دامية انهكت قوي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 289

الفريقين … و يتأهب أثرها للوثوب علي أخري فيسير لمفاجأتها و الصدام معها … فكأنه قرر فتح العالم، و

السيطرة عليه و المنقول عنه أنه يري الدنيا لا تكفي لأكثر من واحد كما أن اللّه واحد … و نجد عمله لا لنفسه و إنما كان لمن يخلفه و أراد أن يكون ملكه أبديا، وضع التصاميم للمحافظة علي ما في اليد، و الحصول علي الباقي … و هكذا.

و يتبادر لأول وهلة أن الذي ولد فيه شعور الفتح، و الاستمرار علي فكرته المتأصلة فيه عاملان مهمان أحدهما فتوح جنكيز و سيطرته علي العالم الشرقي الإسلامي المحتضر بسبب قوة جيشه و حسن قيادته و تدريبه علي قوانين خاصة (الياسا) رأي لزوم تطبيقها بشدة لا تقبل الرأفة و لا الرحمة … و الآخر الفتح الإسلامي و اكتساحه عوالم شرقية و غربية عديدة … و لكنه بعد أن علم أن قد زالت مهمة الفتوح الإسلامية المصروفة للصلاح العام الشامل و خمدت تلك الفتوح و عادت الأقوام الإسلامية بسبب الحرص علي الملك فأغفلت النهج الإسلامي و تركت العمل بأحكامه.. فصارت في تذبذب و اضطراب و تشعب إدارات و تعدد حكومات و اختلاف أهواء!.

و هنا يرد سؤال سهل الإيراد و هو هل كان من رأيه تطبيق الخطة الحربية كما جاء بها جنكيز عينا أو الفكرة الإصلاحية لتوحيد قيادة المسلمين و جمعهم بحيث يكونون قوة و جهتها موحدة … ليسيروا علي سنن لا يتغير؟!.

شوهد من الأدلة علي أنه قرر المضي بمقتضي فكرة جنكيز في قسوته و قتله في المسلمين و تخريب بلادهم، و القضاء علي حكوماتهم بقصد الاستيلاء عليهم … أو قل إن ذلك كان سجية فيه و في قومه ببذل الجهود لهذه الناحية … كما أن عمارته لمملكته، و إطماعه لقومه، و عدم اكتراثه بالممالك الأخري مؤيدات وطنيته الشديدة و حرصه

القوي، أهلك غيره ليعيش هو و قومه و لتعمر مملكته … !

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 290

أما الوجهة الأخري فلم تعدم أدلة أيضا و أهمها الصلة التجارية بين الأقطار التي تحت سلطته و أن تسير بحرية و أمن لم تر نظيرهما. و عدله في حكومته و بيانه أنه لم يقطع رؤوس المسلمين و يتخذ منها منارات إلا من القتلي إرهابا للناس و تخويفا و هكذا.. و احترامه للعلماء و صحبتهم.. و للصلحاء و إظهاره الحب و التكريم لهم و الاستمداد بشيخه السيد بركة. و قوله للسلطان ييلديرم بايزيد العثماني حينما انتصر عليه معاتبا له: «إنك رأيت ما زرعت، كنت أود أن أصافيك فاضطررتني للحرب كارها.. و هذه نتائج عنادك، كنت أفكر في نصرتك لحرب أعدائك، و لو كانت المخذولية أصابتني في حربك لرأيت و جيشي ما لا يدور في حسبان، كن واثقا سأحتفظ بحياتك و أؤدي واجب الشكر للّه» هذا و أمله أن سيكون قوة ظهر له علي أعدائه و أنه ركن ركين له في حراسة مملكته من الأعداء.

و علي كل رأي أن المملكة الإسلامية يجب أن يحكمها أمير مسلم لا أكثر و أن تتجمع القوي لتتمكن أن تقوم بما قامت به الإسلامية في أوائل أمرها … كما أنه ندم في أواخر أيامه علي ما فعل لأنه لم يتيسر له تحقيق أغراضه فعزم علي الجهاد في سبيل اللّه و محاربة غير المسلمين فمات في هذه الطريق..

و مهما كانت الآمال، أو التصاميم فقد وقع ما وقع، و جري ما جري.

و الظاهر أنه حاول مزج الطريقة الإسلامية بشدة جنكيز في الصرامة و القطع … يشهد بذلك وصاياه في إدارة الجيوش من غير الترك و الاستفادة

من مجموع قوة الكل.. و إرادة اللّه غالبة، و عمل الإنسان في هذه الحياة ضئيل فيجب أن يصرف للإصلاح، و العمارة و العدل، و لراحة الناس و اطمئنانهم و تآلفهم لا السيطرة عليهم و التحكمات المتنوعة فيهم فالطمع و الحرص علي ما في يد الآخرين لم يولد نتائج مرضية … و إنما الانكشاف الفكري و المدني في الأمة من أقوي دعائم الاستقلال و العزة …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 291

إن حالة العصر الذي ظهر فيه تيمور كانت مشتتة الأهواء في السياسة، مفرقة الآراء في النحل و العقائد، مختلفة العوائد.. و هكذا في عقولها و علومها.. فلا أمل في التأليف بين هذه الأمم إلا بمراعاة طريقة هذه الفاتح التي اختطها و علم أنها الناجحة لما عزم علي القيام به..

قال في الشذرات: «كان له فكر صائب و مكايد في الحروب و فراسة قل أن تخطي ء، و كان عارفا بالتواريخ لإدمانه علي سماعها، لا يخلو مجلسه عن قراءة شي ء منها سفرا و لا حضرا، و كان مغري بمن له صناعة ما حاذقا فيها، و كان أميا لا يحسن الكتابة و كان حاذقا باللغة الفارسية. و التركية و المغولية خاصة، و كان يقدم قواعد جنكيز خان و يجعلها أصلا … و كانت له جواسيس في جميع البلاد التي ملكها و التي لم يملكها، و كانوا ينهون إليه الحوادث الكائنة علي جليتها و يكاتبونه … فلا يتوجه إلي جهة إلا و هو علي بصيرة من أمرها … » ا ه.

و علي كل كان في أيام تغلب و كان قد فاق الكل و تمكن من الاستيلاء علي ممالك كثيرة و كاد يضارع جنكيز في حروبه.. بل فاقه في نواح

عديدة … و قد مر من حوادثه ما له علاقة بالعراق، و قد وصفه صاحب الضوء اللامع بقوله:

«كان شيخا، طوالا، مهولا، طويل اللحية، حسن الوجه، أعرج، شديد العرج، سلب رجله في أوائل أمره و مع ذلك يصلي عن قيام مهابا، بطلا، شجاعا، جبارا، ظلوما، غشوما، فتاكا، سفاكا للدماء، مقدما علي ذلك أفني في مدة ولايته من الأمم ما لا يحصون. جهير

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 292

الصوت، يسلك الجد مع القريب و البعيد، و لا يحب المزاح، و يحب الشطرنج و له فيها يد طولي و مهارة زائدة و زاد فيها جملا و بغلا، و جعل رفعته عشرة في أحد عشر بحيث لم يكن يلاعبه فيه إلا أفراد، يقرب العلماء و الشجعان و الأشراف و ينزلهم منازلهم. و كانت هيبته لا تداني..

كان ذا فكر صائب و مكائد في الحرب عجيبة، و فراسة قل أن تخطي ء، عارفا بالتواريخ لإدمانه علي سماعها، لا يخلو مجلسه عن قراءة شي ء منها سفرا أو حضرا، مغري بمن له معرفة بصناعة ما إذا كان حاذقا فيها … و له جواسيس في جميع البلاد التي ملكها و التي لم يملكها و كانوا ينهون إليه الحوادث الكائنة علي جليتها، و يكاتبونه بجميع ما يروم، فلا يتوجه إلي جهة إلا و هو علي بصيرة من أمرها.. مات و هو متوجه لأخذ بلاد الخطا علي مدينة أترار … و بالجملة فكانت له همة عالية و تطلع إلي الملك.. و القدر الذي اقتصرت عليه هنا اعتمدت فيه ابن خطيب الناصرية و شيخنا (ابن حجر في أنبائه)، و ترجمته في عقود المقريزي نحو كراستين» ا ه.

و في هذا و غيره من النصوص العديدة ما يعين خطته

و أنه لم ينهج نهجا مغلوطا و لا تحرك دون حساب و أهبة للأمر …

و يطول البحث بالكلام عليه كثيرا إلا أننا نري محل استفادتنا في دراسة نهجه الحربي و السياسي و معرفة التعديل في مناهج الفاتحين لإنقاذ البشرية من أوضاعها السيئة التي ولدتها آمال خسيسة و السير بها نحو الطريقة المثلي و هي طريقة الإصلاح لا التخريب، و العمارة لا الإبادة، و العلوم لا الجهل و السخافة، و الرأفة لا القسوة …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 293

و قد مر بنا الكلام علي أوليته ثم وقائعه في العراق حتي وفاته …

نهجه السياسي و الحربي:

من المعروف أن تيمور أوصي أولاده و هو في فراش الموت قائلا:

«أولادي! لا تنسوا وصيتي التي تركتها لكم لتأمين راحة الأهلين، كونوا دواء لأمراض الخلق، احموا الضعفاء و أنقذوا الفقراء من ظلم الأغنياء.

ليكن نهجكم في كل أعمالكم العدل و الإحسان. فإذا أردتم دوام سلطتكم فاستعملوا السيف بيقظة و احتياط و لياقة، اعتنوا كثيرا و احترسوا أن يدخل الشقاق و النفاق بينكم، و لا تدعوا للصديق الحميم، أو العدو الألد طريقا ينفذ فيه لإلقاء البذور من هذا النوع أو أن يسعي لها …

و إذا مضيتم علي وصيتي و بقيتم عليها دائبين و بدساتيرها آخذين احتفظتم بتاجكم دائما، اسمعوا وصايا أبيكم الذي هو في فراش الموت و تمسكوا بها، و لا تنسوها.» ا ه … و هذه تعين حسن نيته؛ و عنايته بحكومته و إدارته القويمة و قد قررها بنظام قطعي متبع …

الوصاية المنوه عنها:

إن وصاياه في خطابه هي المذكورة في (تزك تيمور) و قد مر وصفها.. و فيها تتجلي نفس هذا الرجل العظيم أكثر مما قام به في حروبه و ما اشتهر في مقارعاته الفعلية و ما عرف عنه نقلا عن أعدائه من أصحاب الحكومات المغلوبة، فهي تجاربه و أعماله الإدارية و السياسية و فيها علاقته بأمرائه و وزرائه و جيوشه و سائر أتباعه و بالأهلين ممن دخل تحت سلطته.. و هنا يجب أن نقول إن هذا الرجل متمسك بعقيدته الإسلامية تمسكا ليس وراءه … و اشتهر تواترا عنه حبه للعلماء و مصاحبتهم حتي في حروبه و أسفاره … و لعله أول من استفاد من أصحاب العلوم و المواهب للحياة العملية و السياسة المدنية فجمع بينهما … و نري في تاريخ ابن الشحنة صفحة من مجالسه العلمية،

موسوعة

تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 294

قبر تيمور في سمرقند

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 295

و حمايته العلماء، و سعة الصدر لهم و أن يتكلموا بحرية تامة …

و مخابراته السياسية مع الحكومات الأوروبية لا تتجاوز حدود المجاملة و المقابلة بالمثل؛ و مراعاة المصافاة لمن ليس بينه و بينه علاقة جوار؛ أو احتمال حرب.. و ليس أصح للبرهنة علي ذلك من كلامه للسلطان ييلديرم بايزيد حين أصر في حروبه معه.. و من بكائه لفقده يوم وفاته، و انعامه علي أولاده … و المنقول أنه لم يقتله و إنما مات كمدا مما أصابه في الاعتقال …

- نعم نري أعداءه من رجال الحكومات كثيرين و أكبر من شنع عليه الترك العثمانيون و العرب و نخص بالذكر صاحب عجائب المقدور و صاحب الأنباء و بعض العجم …

و مما نقله ابن أبي عذيبة في (تاريخ دول الأعيان) عن وقائع تيمور ما نصه قال: «رأيت الشيخ جلال الدين بن خطيب داريّا كتب علي هذه الوقعة- وقعة التتر- في الهامش من تاريخ الذهبي:

لقد عظموا فعل التتار و لو رأوا فعال تمر لنك لعدوه أعظما

لقد خرب الدنيا و أهلك أهلها و طائره في جلق كان أشأما

قال لي الشيخ شهاب الدين ابن عرب شاه الأمر كما قال ابن خطيب داريّا. فإن تيمور سار بأعوان قيل كالجراد المنتشر فالجراد من أعوانها. أو كالسيل المنهمر فالسيل يجري من خوضانها، أو كالفراش المبثوث فالفراش يحترق عند تطاير شهابها، أو كالقطر الهامي فالقطر يضمحل عند انعقاد قتامها، برجال توران، و أبطال إيران، و نمور تركستان، و صقور الدشت و الخطا، و كواسر الترك. و نسور المغول، و أفاعي خجند و أندكان، و هوام خوارزم و جرجان، و

عقبان صغانيان، و ضواري حصار شاه و مان. و فوارس فارس، و أسود خراسان، و ليوث مازندران، و طلس أصبهان، و ضباع الجبل، و سباع الجبال، و أفيال

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 296

الهنود، و هنود الأفيال، و عقارب شهرزور، و عسكر سابور مع ما أضيف إلي ذلك من التراكمة و العرب و العجم ما لا يدخل تكييفه ديوان، و لا يضبطه دفتر و لا حسبان. و بالجملة كان معه يأجوج و مأجوج، و الرياح العقيمة الهوج …

و ذكر ابن الشحنة أن المدوّن من عسكر تيمور كان ثمانمائة ألف و ما عمل أحد عمله من إحراق البلاد و إزالة رسومها. قال ابن عرب شاه «و كان معه أهل الثلاث و سبعين فرقة الإسلامية ما عدا أهل الكفر و هم كثير، من كل فرقة خلق كثير متظاهرون بمذاهبهم» ا ه.

هذا ما نقله ابن أبي عذيبة عن المؤرخين المعاصرين في الجلد الخامس من كتابه. و نحوه في تاريخ الخلفاء للسيوطي …

و مما نقل أن تيمور قال علي قبر الفردوسي صاحب الشهنامة:

سر از كور بردار و ايران ببين ز دست دليران توران زمين

و حينئذ تفاءل بالشهنامة فظهر له هذا البيت:

چو شيران برفتند زين مرغزار كند روبه لنك اينجا شكار

فكان جوابا مسكتا له و ذلك أنه في البيت الأول قال أخرج رأسك من القبر و عاين ما يكابده الإيرانيون من أيدي الطورانيين. و أما الجواب فهو أن هذه الأرض المترعة بطيورها دخلتها السباع فولت عنها الطيور فصارت قنصا للثعلب الأعرج يتصيد دون أن يخشي بطشا، و لا أصابته رهبة … و المظنون أنه تقوّل عليه.

و الظاهر كما يستدل من أوضاع تيمور، و حالاته أنه لم يعتن بالشعراء، و

لم يقرب منهم أحدا و إنما يكره لقياهم … و من المشهور

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 297

عنه تخريب قبر الفردوسي و لعل ذلك من جراء انصرافه للخيال، و مبالغاته الزائدة في شعره بما نسبه للقدماء من الفرس كأنهم خلق آخر غير هؤلاء البشر …

هذا و نقف في ترجمته هنا و نقول إن المترجم كان في نيته أن يعمر بغداد بعد أن خربها و دمرها و لكنه لم يتحقق له ذلك و لا تيسر لأولاده من بعده فبقيت علي خرابها، و كان قد هدم آثارها الناطقة بالعظمة؛ و مخلفاته الجليلة … فلم ينتفع منه العراق و إنما تضرر كثيرا … هذا و من أراد التوسع و أحب التفصيل عن وقائعه و إتقانها من ناحية سوق الجيش، أو عن سياسته و إدارته الممالك و معرفة وزرائه مع مقابلة سائر أعماله بالإدارات الحاضرة، و بأعمال الفاتحين الآخرين … لاستخلاص نتائج عصرية نافعة فليرجع إلي المصادر التي تستحق النظر و المطالعة مما مر بيانه من المراجع التاريخية المعاصرة له، أو التالية لعصره بقليل …

و هذه التواريخ مكتوبة في أيامه:

[التواريخ المكتوبة في ايامه]
1- ظفر نامة نظام الشامي:

و هذه مر الكلام عليها في هذا الكتاب. و منها نسخة في المتحفة البريطانية برقم 23980 و مؤلفها نظام الدين الهروي المعروف ب (شنب غازاني) و هذا هو أول من قدم مستقبلا للأمير تيمور من بغداد حين قصد إليها فصار مكرما عنده …

2- جوشن و خروشن:

للشيخ محمود زنكي الكرماني، قارب إتمامه و مات، سقط في النهر من قنطرة تفليس سنة 806 ه. و هذا لم ينتشر كما ذكر صاحب حبيب السير.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 298

3- تاريخ صفي الدين الختلاني من علماء سمرقند:

كتب طرفا من وقائعه باللغة التركية. كذا في كشف الظنون.

و هذه الكتب لم تنل رواجا و لا عرفت مواطن وجودها، غطت عليها الكتب التاريخية المدونة بعد هذا التاريخ في أيام أولاده منها ما ذكرناه في المراجع أو مر أثناء البحث و منها ما سنتعرض لذكره … فلم يبق غامض من تاريخ حياة تيمور و وقائعه و إنما عرف (تزك تيمور) الذي مر وصفه. و فيه ما يفوق كثيرا من الكتب … و الكتب العربية المعاصرة أو التالية لهذا العصر كتبت بسعة زائدة … و لا يستغني عنها نظرا لما نراه من كتاب آل تيمور من الإغراق في المدح غالبا …

أولاد تيمور و أحفاده:

و هنا نجمل عن أولاده و أحفاده لنكوّن فكرة مختصرة و الأولي أن نقدم مشجرا في أولاده و أحفاده و من وليهم … فهو أعلق في الذهن و أقرب للفهم. و ملخص القول أن أخلافه من حين وفاته خرقوا وصيته و انتهكوها و مضوا علي الضد منها … و وقع ما كان يتوقعه من الفتنة و سوء الحالة و التقاتل علي الإمارة فتوزعت المملكة إلي إمارات عديدة و طمع فيها المجاورون و الأمراء ممن كانوا يعدون بمنزلة ساعد له فصاروا يتطلبون الإمارة، و يولدون الشغب و هكذا … علي أن بعض الحكومات دامت لأحفاده طويلا.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 299

مشجر في تيمور لنك و أولاده:

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 300

تابع مشجر في تيمور لنك و أولاده:
اشارة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 301

هذه اللوحة في أولاد تيمور و أحفاده، نظرة سريعة أخذت من تواريخ عديدة مثل دستور الوزراء و كلشن خلفا و تاريخ تيمور لنك لمرتضي أفندي آل نظمي و وقائع تاريخية و دول إسلامية و غيرها.. و جعلنا أساس بحثنا يدور علي فروع كل من أولاد تيمور بذكر المشاهير منهم ذكرا مختصرا …

1- معين الدين شاه رخ و أولاده:

إن شاه رخ حكم بالاشتراك مع والده الأمير تيمور ممالك خراسان سنة 799 ه و قضي ثماني سنوات في عهد والده و دامت حكومته في إيران و طوران 40 سنة و توفي سنة 850 ه في نيسابور و في أيامه كتب تاريخ (مغز الأنساب). و هذا في التاريخ لم يعرف اسم مؤلفه انتهي منه في رجب سنة 837 ه كتبه بأمر شاه رخ. و قد أكمل به جدول الأنساب من جامع التواريخ و منه نسخة في دار الكتب في باريس..

و أولاده قد أوضحوا في اللوحة منهم بايستقر. و هذا توفي في حياة أبيه شاه رخ سنة 837 ه. و في أيامه كتب له حافظ ابرو (نور الدين بن لطف اللّه) المتوفي سنة 834 ه تاريخه المسمي (زبدة التواريخ) انتهي به إلي سنة 829 ه اختصر به جامع التواريخ إلي أيامه و مضي إلي ما بعده فصار مكملا له، و أصلا يرجع إليه في تاريخ هذه الحكومة شرع بتأليفه سنة 826 ه و سمي (تاريخ مبارك بايسنقري) و مؤلفه من العلماء و الأدباء المعروفين. ترجم هذا التاريخ إلي التركية و منه نسخة في نور عثمانية.

و من أولاد شاه رخ إبراهيم ميرزا. و هذا كان قد أعطاه والده منصب الإمارة في فارس و العراق. و هو الذي أمر

شرف الدين عليا اليزدي أن يكتب تاريخ تيمور المسمي أخيرا ب (ظفر نامه). و فيه مقدمة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 302

سماها (تاريخ جهانكير) أوضح فيها أنساب الجغتاي و قبائلهم و مجمل الوقائع أيام تيمور حتي أيام إبراهيم ميرزا. أمر بتحريرها سنة 822 ه و أتمها سنة 828 ه و عليها ذيل التاج السليماني يحتوي وقائع السنين من المحرم 807 ه إلي 813 ه و اشتمل علي وقائع شاه رخ. ترجم ظفر نامه المذكورة إلي التركية حافظ الدين محمد بن أحمد العجمي. و قد اعتمد الغياثي عليها في أخبار تيمور.

و من أولاد شاه رخ ميرزا محمد توفي في حياة أبيه سنة 838 ه كما أن أحمد المعروف ب (چوكي) توفي أيضا في حياة أبيه في شعبان سنة 839 ه و كان من أعيان أولاد أبيه المتميزين، و له سطوة و إقدام و شجاعة، كان يرسله بالعساكر إلي الأقطار، فتح عدة بلاد و قلاع، و وقع بينه و بين اسكندر بن قرا يوسف متملك تبريز حروب و وقائع آخرها في سنة وفاته … فاشتد حزن أبيه لحادث وفاته، و ذكره ابن حجر في أنبائه باختصار قال: «و اتفق أن والده مات له في هذه السنة ثلاثة أولاد كانوا ملوك الشرق بشيراز و كرمان و هذا كان من أشدهم.

و أما أولغ بك فإنه أنشأ رصدا في سمرقند سنة 828 ه و هناك عمل الزيج المشهور بأولغ بك و جمع له جماعة من العلماء مقدمهم قاضي زاده الرومي و المولي جمشيد كاشي و المولي علي القوشجي و صار زيجه هو المعمول به و انتسخ به (الزيج الايلخاني) و ابتدأ تاريخه يوم الخميس أول المحرم سنة 841 ه.

و عندي نسخة مخطوطة منه.

و لما توفي شاه رخ خلفه أولوغ بك المذكور في السلطنة عام 849 ه و هذا كان مشغولا بالعلوم و لم تكن له من الشدة ما يقضي علي أهل الشرور و الزيغ من رجال مملكته ذلك ما دعا أن يعصيه ابنه عبد اللطيف و يودي بحياته عام 852 ه ففقد العلم أكبر نصير و مشجع.. و من ثم

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 303

قامت الفتن في كل صوب. و جاء في تاريخ الغياثي أنه توفي بتاريخ 10 رمضان سنة 853 ه.

و أولغ بك هذا له تاريخ (ألوس أربعه جنكيزي) المسمي أيضا (بشجرة الأتراك) و يتضمن الوقائع التاريخية من أقدم عهدها الأساطيري إلي سنة 851 ه و المهم من حوادثه يبتدي ء من سنة 703 ه و أما ما كان قبل ذلك فلا يختلف عن التواريخ الأخري المتداولة. و مختصر هذه النسخة في المتحفة البريطانية برقم 26190.

2- جلال الدين ميران شاه و أولاده:

و هذا حكم العراقين و آذربيجان و ديار بكر إلي حدود الروم و الشام … عين بفرمان من والده تيمور سنة 802 ه عند قدومه من بلاد الهند إلي البلاد الشامية و في سنة 810 ه وقعت بينه و بين قرا يوسف محاربة فقتل فيها. و في الضوء اللامع كان ذلك سنة 809 ه.

و من أولاد ميران شاه السلطان خليل. ملك سمرقند بعد جده في حياة والده و أعمامه، كان معه عند وفاته سنة 807 ه فلم يجد الناس بدا من سلطنته. و عاد بجثة جده إلي سمرقند، استولي علي الخزائن و تمكن من الأمراء و العساكر ببذله لهم الأموال العظيمة حتي دخلوا في طاعته سيما و فيه رفق و تودد مع حسن سياسة و

صدق لهجة و جميل صورة. فلما قارب سمرقند تلقاه من بها و هم يبكون و عليهم ثياب الحداد و معهم التقادم فقبلها منهم و دخلها و كانت جثة جده في تابوت آبنوس بين يديه و جميع الملوك و الأمراء مشاة، مكشوفة رؤوسهم حتي دفنوه و أقاموا عليه العزاء أياما. ثم أخذ صاحب الترجمة في تمهيد مملكته. و ملك قلوب

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 304

الرعية بالإحسان و استفحل أمره و جرت حوادث إلي أن مات بالري مسموما في سنة 809 ه. و نحرت زوجته شاد ملك نفسها بخنجر من قفاها فهلكت من ساعتها و دفنا في قبر واحد ثم قتل والده بعده بقليل و ولي مكانه پيير عمر و طوّل يوسف بن تغري بردي ترجمته تبعا للمقريزي في عقوده.

و من أولاده أمير زاده عمر كان في أيام تيمور حاكما في العراقين و آذربيجان و ديار بكر. و بعد وفاة تيمور تحارب مع أخيه الميرزا أبي بكر فانهزم و التجأ إلي شاه رخ. ثم تحارب مع عمه شاه رخ المذكور فجرح و مات عام 809 ه. أما ميرزا محمد فلم يرد له ذكر إلا أن ابنه السلطان أبا سعيد ولي سمرقند بعد أن قتل ميرزا عبد اللّه بن إبراهيم بن شاه رخ و دامت سلطنته في سمرقند ثماني سنوات و تسلط علي خراسان و كابل و سيستان و العراق. و في سنة 873 ه توفي مقتولا علي يد البايندرية فخلفه ابنه السلطان أحمد و دامت حكومته عشرين سنة و مات سنة 899 ه …

أما ميرزا أبو بكر فإنه بعد أن فر من وجهه أخوه ميرزا عمر تصدي لخدمة والده و ناب عنه في الحكم علي

آذربيجان و بعد قتلة والده من جانب قرا يوسف فر إلي كرمان و سيستان و هناك تحارب مع حاكم كرمان في حدود جرفت فقتل سنة 811 ه. و السلطان خليل كان لدي الأمير تيمور حين وفاته فنال السلطنة مقامه و لم يبال بوصية تيمور إلي (پير محمد) فاغتصبها منه … و صار له ملك ما وراء النهر و تركستان و قد

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 305

بسط القول عنه صاحب عجائب المقدور. و بمؤامرة من أمرائه قد خلع عام 811 ه بعد أن حكم مدة أربعة سنوات و ترك الأمر لشاه رخ عمه و بمنشور من عمه المذكور أعطيت له بعض المناصب و حكومة الري و قضي فيها أيامه هناك إلي أن توفي بالري عام 814 ه. أما السلطان محمود بن أبي سعيد فإنه بعد وفاة أخيه السلطان أحمد صار ملكا علي ما وراء النهر إلا أنه لم تدم له السلطنة أكثر من شهرين فتوفي و من ثم حدثت بين ابنيه الميرزا بايسنقر و السلطان علي منازعة فكانت النتيجة أن فر بايسنقر و التجأ إلي أحد خدام أبيه أمير خسرو حاكم قندهار. و هذا قتله سنة 905 ه و لم يراع نعمة والده فخلصت الحكومة للسلطان علي.

و في هذه السنة خرج عليه شيبك خان الأوزبكي و حاصر مدينة سمرقند ثم إنه أيام الحصار خدع السلطان بأن يتزوج بأمه فغدر به و بها … و لما ظهر الشاه إسماعيل الصفوي تحارب مع شيبك خان المذكور فقتل في المعركة …

ثم إن الشاه إسماعيل الصفوي سعي أن يتولي السلطنة علي ما وراء النهر الميرزا بابر بن ميرزا عمر شيخ بن أبي سعيد و بعد أمد قليل هاجمه

عبيد خان الأوزبكي للانتقام منه ففر من وجهه و قنع بحكومة غزنة و بعض بلاد الهند فدامت سلطنته 43 سنة و توفي عام 937 ه. ثم توفي بعده بسنتين أبوه عمر شيخ. و حينذاك زالت حكومة آل تيمور من ما وراء النهر و صارت للأوزبك.

و لما توفي بابر شاه ولي بعده ولده ميرزا همايون تسلطن علي ممالك الهند و زابلستان و قندهار و غزنة و كابل و افتتح مدينة دهلي عاصمة الهند و حكم 26 عاما مستقلا و في سنة 963 ه سقط من السلم، عثرت رجله فوقع و توفي لحينه. فخلفه أخوه ميرزا كامران و قد قنع ببعض بلاد الهند و تورث الملك عن همايون شاه بعد وفاة ابنه ميرزا جلال الدين محمد أكبر شاه و هذا دامت سلطنته و نال في مملكة الهند بلادا كثيرة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 306

و حصل علي فتوحات عظيمة فوسع حدود سلطته. و في سنة 1012 ه قد توفي فخلفه ابنه سليم شاه و صار ملك الهند و في 1020 ه توفي فخلفه ابنه شاه جهان خرم و قد امتاز عن غيره من الملوك بمساعدة الحظ و كثرة المال و الخول و المناقب الفاضلة و دامت سلطنته مدة و لما رأي نفسه قد طعن في السن جعل ابنه دارا شكوه ولي عهده إلا أن ابنه الآخر مراد بخش لم يوافق علي هذا الأمر فحدث نزاع بين الأخوين و قد سعي أخوهما الآخر أورنك زيب لإصلاح ذات البين ظاهرا فألقي القبض علي أحدهما مراد بخش فقتله ثم استأصل الثاني دارا شكوه و اعتقل والده و أعلن سلطنته عام 1069 ه و دامت حكومته أكثر من أربعين سنة..

و

هذا هو الذي كتب له حسن بن طاهر بك القجاري تاريخا قدمه إليه بعد أن فتح قندهار و غيرها من بعض البلدان. و عندي نسخة مخطوطة منه كتبت سنة 1103 ه و فيها ذكر أن السلطان هو ابن شاه جهان بن جهانكير بن همايون بن بابر بن عمر شيخ ابن السلطان أبي سعيد بن ميران بن سلطان محمد بن ميران شاه بن تيمور.

أما أخوهم الآخر شاه شجاع فقد كان حاكما في بنكاله فلما رأي النزاع قائما بين الإخوة و أبيهم نفر من الكل و ترك دعوي السلطنة و لبس ثياب درويش فاختار العزلة و لا يعرف عنه شي ء.

و الحاصل استمرت سلطنة هؤلاء و دامت في أولادهم و أحفادهم إلي أن انتزعها الإنجليز منهم و ذلك أن فرخ شير محمد شاه بن عظيم الشان بن شاه عالم محمد بهادر قد تملك عام 1125 و في زمانه نالت الشركة الإنجليزية بعض الامتيازات و في سنة 1173 ولي شاه عالم الثاني أبو المظفر علي كوهر بن عالمكير. و في أيامه كان يخشي من تجاوز المهرانة و بهذه الوسيلة أدخل الإنجليز جيوشهم المدينة و طمعا بما أعطوه من المخصصات سلمت مملكة بنكالة إلي الإنجليز. و في عام 1253 ه ولي بهادر شاه الثاني سراج الدين محمد بن أكبر شاه الثاني و هو آخر

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 307

ملوكهم و دامت حكومته اسميا 21 سنة و في سنة 1274 ه (1858 م) ظهرت ثورة ادعي الإنجليز أنه ذو دخل في الأمر فنقل إلي كلكتة و وقف هناك و بهذا انقرضت الحكومة التيمورية من الهند..

و بتاريخ 1293 ه (1877 م) أعلنت القراليجة فيكتورية امبراطوريتها في دهلي …

3- معز الدين الشيخ عمر و أولاده:

إن الشيخ

عمر كان قد عينه والده الأمير تيمور علي ممالك فارس حينما استأصل آل مظفر عام 795 ه فحكمها لمدة سنة ثم إنه في سنة 796 ه أصابه سهم طائش أيام محاصرة مدينة حرمانتون (خرماتو) فجرح و كان ذلك داعية وفاته. و له من الأولاد اسكندر، و پير محمد، و بيقرا، و رستم، و أحمد.

أما بيقرا فله ابن اسمه ميرزا منصور؛ و لميرزا أحمد المذكور ميرزا سنجر و إن ميرزا منصور له ابن هو السلطان حسين و لهذا ولدان ميرزا بديع و ميرزا مظفر، و أما ميرزا اسكندر فإن جده الأمير تيمور عند ما عاد من حرب الروم عام 806 ه منحه حكومة همذان و نهاوند. فلما خرج قرا يوسف التركماني خاف منه فترك بلاده و ذهب إلي أخيه ميرزا پير محمد في فارس فصار حاكما هناك فقتله أحد ملازميه حسين الشرابي غدرا، ثم ضبط الميرزا اسكندر فارس و أصفهان و عصي علي عمه شاه رخ، فتحارب معه، و بالنتيجة قبض عمه عليه و كحله. و أما ميرزا بايقرا فإنه كان متفقا مع الميرزا اسكندر المكحول و لما كان في أصفهان حارب أخاه الآخر رستم و هذا أسر اسكندر في المعركة و قتله. ثم إن ميرزا بايقرا بفرمان من شاه رخ صار حاكما علي همذان و نهاوند فعصي في هذه الأثناء و عزم علي الذهاب إلي شيراز و كان حاكمها السلطان إبراهيم ابن شاه رخ فحاربه و ضبط المدينة فقام شاه رخ عليه و ضيق أنفاسه و من

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 308

ثم طلب العفو عما اقترفه و استأمن منه فجي ء به إليه و علي هذا أرسله إلي حاكمية قندهار. و هناك أيضا ظهرت

منه بعض الأحوال التي لا يرضاها فأرسل محبوسا للمرة الأخري إلي شاه رخ و حينئذ بعث به إلي أنحاء سمرقند فلم يعلم عنه شي ء.

أما الميرزا رستم فإنه كان أيام جده تيمور حاكم أصفهان و بوفاته نازع أخاه اسكندر بالوجه المار و سقط عن أي دعوي فأقر في حكومة أصفهان.

أما ميرزا أحمد ابن شيخ عمر فإنه جاء إلي سمرقند عام 811 ه فمنح حكومة أوركنج ثم إنه أثناء محاربته مع ابن عمه أولوغ بك بن شاه رخ فرّ و ذهب إلي أنحاء المغول ثم عاد إلي خراسان و إن عمه شاه رخ راعي جانبه كثيرا ثم إنه بعد ذلك قصد الحج و توجه لزيارة بيت اللّه الحرام فطوي خبره..

أما ميرزا سنجر بن ميرزا أحمد فإنه عام 863 ه اتفق مع ميرزا إبراهيم بن علاء الدولة بن بايستقر بن شاه رخ فقاتل الميرزا أبا سعيد فقتل في المعركة. أما ميرزا منصور فلم يعلم عنه أمر. و أما السلطان حسين بن منصور بن بيقرا فهو ممدوح الملا جامي بعد أن استأصل أمير خراسان الميرزا يادكار محمد استقل بالمملكة و حكم بلا منازع …

لمدة 38 سنة و مات سنة 911 ه.

و هذا كانت في أيامه سوق العلم رائجة و مكانتها معتبرة.. و قد ألفت كتب تاريخية في عهده كثيرة مثل روضة الصفا و تيمور نامه للمولي عبد اللّه الهاتفي ابن أخت عبد الرحمن الجامي و سماها في كشف

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 309

قبر تيمور أيضا- مقطع من قبته

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 310

الظنون (ظفر نامه) و كذا من المؤلفات التاريخية (مطلع السعدين) لكمال الدين عبد الرزاق بن جلال الدين إسحق السمرقندي و حوادثه من أيام

السلطان أبي سعيد المغولي إلي عهد السلطان حسين بايقرا الذي كان جلوسه سنة 875 ه و فيه إيضاح كاف عن تيمور و أولاده. و من وزراء هذا السلطان علي شير نوائي صاحب التآليف المهمة و منها في اللغة كتاب (سبعة أبحر) و كان حامي العلماء و الأدباء في وقته …

فخلفه ابنه السلطان مظفر. و هذا تحارب مع شيبك خان (شاهي بك) الأوزبكي ملك ما وراء النهر عام 913 ه ففر في المحاربة و ذهب إلي استراباد و هناك توفي. أما ابنه الآخر و هو ميرزا بديع الزمان فإنه شارك أخاه المذكور في الحكومة إلا أنه حين محاربة شيبك خان فر و التجأ إلي الشاه إسماعيل الصفوي و في محاربة چالديران التي ربحها السلطان سليم العثماني المعروف بياوز أخذه أسيرا في تبريز فجاء به مكرما إلي استانبول و لم يبق هناك إلا قليلا فتوفي.

4- محمد غياث الدين جهانكير و أولاده:

هذا هو ابن تيمور و له ولدان (السلطان محمد) و كان جده الأمير تيمور في حياته نصبه ولي عهده عند ما شتي في بلاد الروم و في ربيع سنة 805 ه و لما عزم علي السفر إلي سمرقند توفي بأجله و حينئذ جعل أخاه پير محمد ولي عهده … و كان حاكما علي قندهار و غزنة و حدود الهند و بخيانة من أمرائه و غدرهم انتقل إلي الدار الآخرة عام 809 ه.

و صفوة القول إن حكومات هؤلاء قد طفحت التواريخ بالبيان عنهم و تفصيل أحوالهم … و لم نجد اهتماما تاريخيا في عصر من العصور التالية كالاهتمام بهم و تدوين وقائعهم … كما أن العناية بالعلماء، و حمايتهم لهم، مما دعا أن يروج سوق العلم … و نري اشتهار جملة صالحة من

العلماء برزت في مختلف الفروع.. و مؤلفاتهم شاهدة في

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 311

درجة الرغبة و رواج سوق العلم.. و أظن أن هذا كاف في التعريف بمجمل أحوال تيمور و أخلافه …

وفيات
1- جمال الدين عبد اللّه النحريري:

في هذه السنة (سنة 807 ه) توفي جمال الدين عبد اللّه بن محمد ابن إبراهيم بن إدريس بن نصر النحريري المالكي ولد سنة 740 ه و اشتغل بالعلم بدمشق و بمصر و سمع من الظهير بن العجمي و غيره ثم ناب في الحكم بحلب ثم ولي قضاء حلب سنة 67 ثم أراد الظاهر إمساكه فهرب إلي بغداد فأقام بها علي صورة فقير فلم يزل هناك إلي أن وقعت الفتنة اللنكية ففر إلي تبريز ثم إلي حصن كيفا فأكرمه صاحبها فأقام عنده و كان صاحب الترجمة يحب فقهاء الشافعية و تعجبه مذاكراتهم ثم رجع إلي حلب ثم توجه إلي دمشق سنة 806 ه فحج و رجع قاصدا الحصن و كان إماما فاضلا فقيها يستحضر كثيرا من التاريخ و يحب العلم و أهله و كان من أعيان الحلبيين. توفي بسرمين راجعا من الحج بكرة يوم الجمعة 12 ربيع الأول.

2- الشيخ شرف الدين عبد المنعم البغدادي:

و فيها توفي شرف الدين عبد المنعم بن سليمان بن داود البغدادي ثم المصري الحنبلي ولد ببغداد و قدم إلي القاهرة و هو كبير فحج و صحب القاضي تاج الدين السبكي و أخاه الشيخ بهاء الدين و تفقه علي قاضي القضاة موفق الدين و غيره و عين لقضاء الحنابلة بالقاهرة فلم يتم ذلك و درس بمدرسة أم الأشرف شعبان و بالمنصورية و ولي إفتاء دار العدل و لازم الفتوي و انتهت إليه رياسة الحنابلة بها و انقطع نحو عشر

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 312

سنين بالجامع الأزهر، يدرس و يفتي و لا يخرج منه إلا في النادر و أخذ عنه جماعات و توفي بالقاهرة في 18 شوال.

و في الضوء اللامع تفصيل عن ترجمته و تنبيه لما وقع

به المترجمون قبله من الغلط في ذكر اسم أبيه و جده. و ترجمته في الأنباء و لم يزد عل هؤلاء المترجمين …

3- جلال الدين عبد اللّه الأردبيلي:

و فيها توفي جلال الدين عبد اللّه بن عبد اللّه الأردبيلي الحنفي لقي جماعة من الكبار بالبلاد العراقية و غيرها و قدم القاهرة فولي قضاء العسكر و درس بمدرسة الأشرف بالتبانة و غير ذلك. توفي في أواخر شهر رمضان.

حوادث سنة 808 ه- 1405 م

السلطان أحمد و بغداد:

مرت حوادث السلطان أحمد و الأمير قرا يوسف و حروبهما مع تيمور و أمرائه فلم يستقر لهما قرار في الأنحاء العراقية فمال كل منهما بحياله و ذهب إلي مصر و كان خروج السلطان أحمد يوم الخميس 5 المحرم سنة 806 ه إلا أن سلطان مصر نظرا للاتفاق الحاصل بينه و بين الأمير تيمور أمر بحبسهما حينما وردا إليه منهزمين و اعتقلهما في إحدي القلاع و لم يمنع أحدهما عن الآخر..

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 313

و بينا الأمير تيمور كان عازما علي غزو الصين و الخطا إذ وصل إليه قاصد من سلطان مصر و معه كتاب مضمونه أن السلطان أحمد و قرا يوسف من هيبة العساكر السلطانية (جيش تيمور) قد التجأ إلينا و قد حبسناهما و أرسلنا الخبر بذلك لاستطلاع الرأي الشريف بما يأمر فكتب في الجواب أن السلطان أحمد يقيد و يرسل إلينا و أما قرا يوسف فيحز رأسه و يبعث إلينا أيضا.

و قبل أن يرسل قاصد مصر علم أن قد توفي تيمور في طريقه إلي الصين و الخطا فلم ينفذ مرغوب تيمور في حق المذكورين … و أثناء بقائهما بمصر ولد لقرا يوسف ابن سمي پير بوداق كان يتعهده السلطان أحمد و هناك تعاهدا إن أنجاهما اللّه تعالي من هذا القيد و أقبل عليهما الدهر مرة ثانية فيكونان متفقين، متحدين، و الأساس المتفق عليه هو جعل بغداد للسلطان أحمد و حكومة تبريز للأمير

قرا يوسف ثم إن قرا يوسف رأي رؤيا مؤداها أن الأمير تيمور أعطي له خاتما من خواتيمه فقصها علي السلطان أحمد فكان تعبيره لها أنه سينال قطرا من الأقطار التي يملكها تيمور …

مضت مدة علي اعتقالهما ثم جاءت الأخبار إلي مصر بوفاة الأمير تيمور و حينئذ أفرج عنهما سلطان مصر و أنعم عليهما بإنعامات وافرة و أن الأمير قرا يوسف كان قد بقي من جماعته ثلة كبيرة و عند ما كان يسير راكبا يظهر بعين الجلال و الأبهة فكره المصريون منه ذلك و أنكروا عليه تيهه فشعر بالأمر و عندئذ استأذن السلطان بالذهاب فأذن له فسار هو و من معه مسرعين إلي ديارهم مع أهليهم و جاؤوا إلي ديار بكر و قد لقوا عناء في طريقهم من حراس القلاع إلا أنهم لم يبالوا و ظفروا في كل المعارك التي حدثت بينه و بينهم أثناء مرورهم. وصلوا الفرات و تقدموا إلي ديار

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 314

بكر و هناك حصل بين الأمير قرا يوسف و بين الملك شمس الدين حاكم أخلاط و تفليس محبة كاملة لحد أن الملك تزوج بنت قرا يوسف. ثم إن قرا يوسف بإيعاز من الملك جهز جيشا إلي حدود وان … و نهب هناك غنائم وافرة … و قد التحق به جميع قبائل التراكمة إلي أن استولي علي أونيك …

أما السلطان أحمد فإنه بعد خروج قرا يوسف لم يعبأ به أحد و عاد إلي أنحاء الشام بيأس و من هناك توجه إلي ديار بكر و منها جاء إلي الحلة و من ثم مال إليه أعوانه السابقون و من كان كارها حكومة تيمور فشاع أمر وصوله إلي العراق و ذاع في

الأطراف هناك. و من ثم ظهرت الأراجيف في بغداد و صاروا يتحدثون بذكره و من جراء ذلك اضطرب أمر حاكم بغداد و هو دولة خواجة إيناق و خاف أن يبقي فترك حكومة بغداد و التجأ إلي معكسر الميرزا عمر و بعد مضي أسبوع من ذهاب دولة خواجة عاد السلطان إلي وطنه السابق و جلس علي سرير الحكم ببغداد يوم الخميس 5 المحرم سنة 808 ه.

و في أواخر سنة 808 ه كان قد شغل ميرزا أبو بكر بمحاربة أصفهان من جهة و من جهة أخري أن الشيخ إبراهيم الشيرواني دخل تبريز ذلك ما دعا إلي اضطراب الحالة و اقتضي صد غوائل هؤلاء مما جعل السلطان أحمد في مأمن من العوادي بل تأهب لمقارعات جديدة.

و قوي أمله في استعادة باقي ملكه استفادة من هذا التشوش.

السلطان علاء الدولة و الأمراء معه:

كان الأمير تيمور أثناء حروبه في العراق قد أخذ أسري من جملتهم السلطان علاء الدولة ابن السلطان أحمد و حاجي باشا و معه اتباع كثيرون و لهم أولاد و أشياع و كان كبيرهم حاجي باشا المذكور. أما السلطان خليل فإنه أفرج عنه و عمن معه و جعله ذا مكانة فاتفق هؤلاء

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 315

جميعا أن يخرجوا من سمرقند و يذهبوا إلي العراق و صاروا تحت امرة حاجي باشا فخرجوا في جنح من الليل ليلة الاثنين غرة شوال هذه السنة (سنة 808 ه) و جدّوا في سيرهم لما علموا أن السلطان أحمد ولي بغداد و حصل علي حكومتها … فتركوا ما وراء النهر و مالوا نحو العراق …

فقطعوا جيحون و وصلوا إلي خراسان و من ثم انفرط نظامهم فتقطعوا في البلاد قبل وصولهم إلي العراق … و أين بغداد

من توران؟!..

و علي كل وصل علاء الدولة إلي آذربيجان إلي الأمير قرا يوسف.

فرحب به و تلقاه بإعزاز و إكرام … إلا أنه رأي منه بعض ما يكره و كان يحاول أن يستولي علي بعض المدن هناك بمن معه فألقي القبض عليه و اعتقله …

وفيات
1- ابن خلدون:

في هذه السنة يوم الأربعاء لأربع بقين من رمضان سنة 808 ه توفي ابن خلدون المؤرخ المشهور، و كنا عولنا علي تاريخه باعتباره مرجعا لتاريخنا فإنه خصوصا في حوادث هذه الحكومة من المعاصرين و هو عمدة إلا أن النسخة المطبوعة لم يعتن الطابعون في ضبط أعلامها … و إنما تحتاج إلي تحقيق و تثبيت … أما المترجم فقد ذكر عنه صاحب الضوء اللامع ما يدل علي الذم و المدح.. و المعاصرون لا يخلون من تأثر … نري الهيتمي يبالغ في الغض منه و ينقل أنه ذكر الحسين بن علي رضي اللّه عنهما في تاريخه فقال قتل بسيف جده، و قال صاحب رفع الإصر لم توجد هذه الكلمة في التاريخ الموجود الآن..

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 316

و كان المقريزي يفرط في تعظيم ابن خلدون لكونه كان يجزم بصحة نسب بني عبيد خلفاء مصر المعروفين (بالفاطميين) قال صاحب الضوء اللامع و كان صاحبنا ينتمي إلي الفاطميين … لكونه أثبت نسبهم و غفل عن مراد ابن خلدون فإنه كان لانحرافه عن آل علي يثبت نسب الفاطميين إليهم لما اشتهر من سوء معتقد الفاطميين و كون بعضهم نسب إلي الزندقة و ادعي الإلهية كالحاكم و بعضهم في الغاية من التعصب لمذهب الرفض حتي قتل في زمانهم جمع من أهل السنة، و كان يصرح بسب الصحابة في جوامعهم و مجامعهم فإذا كانوا بهذه المثابة

و صح أنهم من آل علي حقيقة التصق بآل علي العيب، و كان ذلك من أسباب النفرة عنهم..

و قال في الأنباء عن ابن خلدون أنه صنف التاريخ الكبير.. و ظهرت فيه فضائله و أبان فيه عن براعته و لم يكن مطلعا علي الأخبار علي جليتها لا سيما أخبار المشرق و هو بين لمن نظر كلامه … قال في الضوء: و طوّل المقريزي في عقوده ترجمته جدا … و هو ممن يبالغ في إطرائه و ما هو إلا من المصنفات التي سارت ألقابها بخلاف مضمونها.

و الملحوظ أنه عالم، مؤرخ فحل لو لا أنه مشبع بفكر الشعوبية و آرائهم بسبب أن الحكومات آنئذ بيد غير العرب و أن تاريخه مملوء غلطا في اعلامه من النساخ.. إلا أن نظراته في السياسة العشائرية كانت نتيجة بحث و تدقيق زائد و مزاولة للموضوع من جميع أطرافه … فهو خير وثيقة لتقدير قيمة المباحث العشائرية.. و مضت بعض التصحيحات لأعلامه المتعلقة بالعراق و ألفاظ المغول و التتر..

2- أمير العرب نعير بن حيار:

نعير أمير العرب بنون و مهملة مصغر هو محمد بن حيار بالمهملة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 317

المكسورة ثم التحتانية الخفيفة ابن مهنا بن عيسي بن مهنا بن مانع بن حديثة الطائي، أمير آل فضل بالشام يلقب شمس الدين و يعرف بنعير، ولي الأمر بعد أبيه و دخل القاهرة مع يلبغا الناصري و لما عاد الطاهر من الكرك وافق نعير منطاش في الفتنة المشهورة و كان مع منطاش لما حاصر حلب ثم راسل نعير نائب حلب إذ ذاك كتبغا في الصلح و تسليمه منطاش ثم غضب برقوق علي نعير و طرده من البلاد فأغار نعير علي بني عمه الذين قرروا بعده و طردهم

فلما مات برقوق أعيد نعير إلي إمرته ثم كان ممن استنجد به دمرداش … فقتل في حلب في شوال من هذه السنة و قد نيف علي السبعين. و كان شجاعا، جوادا، مهيبا، إلا أنه كان كثير الغزو و الفساد و بموته انكسرت شوكة آل مهنا. ولي بعده ولده العجل.

حوادث سنة 809 ه- 1406 م

استيلاء السلطان أحمد علي تبريز:

إن السلطان أحمد لم يقف عند بغداد أو الاكتفاء بها و قد رأي الحالة مضطربة و الفتن قائمة علي قدم و ساق، و وجد الفرصة سانحة لاستعادة ملكه المغصوب فنشط للأمر في أواخر سنة 808 ه و جمع إليه الكرد و الأويرات و سائر الأتراك هناك و سار بهم إلي تبريز و في المحرم من سنة 809 ه ذاع خبر ذلك و وصل إلي سمع الأمير الشيخ إبراهيم الشرواني و كان استولي عليها قبل هذا فقرر بالاتفاق مع أمرائه أن هذه

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 318

شاه رخ ميرزا

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 319

المدينة عاصمة السلطان أحمد و آبائه و أجداده و نحن من قديم الزمان مرتبطون معهم بمحبة و ولاء و لم يكن مجيئنا إلي هذه المدينة إلا لرفع الظلم، و انقاذ المدينة من التعديات … و لما جاء صاحبها إليها و توجه نحوها فالأجدر بنا أن نعود إلي وطننا شروان فرجع فعلا إلي وطنه المذكور.

و في أواخر هذا الشهر وافي السلطان أحمد إلي عاصمته الأولي (تبريز) فاستقبله الأهلون و أظهروا الفرح بوروده و زينوا المدينة و احتفلوا احتفالا باهرا … و كان يحسب الأهلون أن قد أقلع السلطان عن أعماله السابقة لما ناله من الغربة و النكبات. إلا أنهم لم يلبثوا أن رأوه بعد قليل ركن إلي ما توهموا أنه أقلع

منه … فصار يقضي غالب أوقاته في الملاهي و الملاذ …

فلما تبين للأهلين سوء أعماله هذه مال أكثر الأعيان و الأمراء إلي ميرزا أبي بكر و في هذا الوقت ائتلف الميرزا مع الأصفهانيين و عقد معهم صلحا فأمن غائلتهم و حينئذ سار إلي تبريز لمقارعة السلطان أحمد.. و عند ما علم السلطان بذلك استولي عليه الرعب و لم يستطع البقاء في تبريز و مضي إلي أنحاء بغداد … و في 8 ربيع الأول من تلك السنة دخل الميرزا تبريز بلا مقاومة و لا حرب..

و حينئذ سمع أن قرا يوسف قد اكتسح مدينة أونيك و غنم منها غنائم كثيرة فصمم علي حربه … و توجه لجانبه فوقعت بينهما معركة دامية انتهت بهزيمة الميرزا أبي بكر.. فمضي توا إلي مرند … و صار اتباعه لا يمرون ببلد إلا نهبوه و هكذا فعلوا بتبريز و لما وردها ظن أن التراكمة هناك فذعر و ذهب رأسا إلي السلطانية. ثم إن قرا يوسف جاء إلي نخچوان.. و شتي في نواحي مرند. و في شهر جمادي الثانية سنة 809 ه ورد إلي قرا يوسف الأمير بسطام جاكير فنال منه منصب أمير الأمراء. و كذلك حصل سائر الأمراء كل واحد منهم علي ما

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 320

يليق به.. فأرضي الوضيع و الشريف …

إن قرا يوسف كان قد أعلن السلطنة لابنه بمناسبة أن تبريز كانت عاصمة السلطان أحمد و أن هذا السلطان كان قد تبني پير بوداق بن قرا يوسف فكان الأولي بها. فأذاع ذلك في الأطراف و ضربت السكة باسمه و قرئت له الخطبة كما أنه أرسل قاصدا إلي السلطان أحمد يقول له إنك قد تبنيت پير بوداق بسبب

أنك ربيته فالآن أجلسته علي سرير الملك..

و حينئذ رحب السلطان أحمد بالقاصد و أبدي رضاه و قدم له الهدايا السلطانية و دام الصفاء بين الاثنين علي ما جرت به العهود لمدة …

وفيات
1- شهاب الدين أحمد البغدادي الجوهري:

و في هذه السنة توفي الشيخ شهاب الدين أحمد بن عمر بن علي بن عبد الصمد البغدادي الجوهري، ولد سنة 725 ه و قدم من بغداد قديما مع أخيه عبد الصمد فسمعا من المزي و الذهبي و داود بن العطار و غيرهم و سمع بالقاهرة من شرف الدين بن عسكر و كان يحب التواجد في السماع مع المروءة التامة و الخير و المعرفة التامة بصنف الجواهر. قال ابن حجر قرأت عليه سنن ابن ماجة بجامع عمرو بن العاص و قرأت عليه قطعة كبيرة من طبقات الحفاظ للذهبي و قطعة كبيرة من تاريخ بغداد للخطيب مات في ربيع الأول و قد جاوز الثمانين و تغير ذهنه قليلا … كذا في الشذرات و مثله في عقد الجمان. و قال في الضوء اللامع «كان شيخا وقورا، ساكنا حسن الهيئة محبا في الحديث و أهله، عارفا بصناعته جميل المذاكرة به علي سمت الصوفية … » ا ه. و مثله في الأنباء أيضا.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 321

2- صاحب الموصل:

توفي صاحب الموصل طور علي بك التركماني. و أصله من آق قوينلو و ملك بعده ابنه قطلي بك الموصل و ديار بكر و آذربيجان و ماردين و الرها و من جراء انفصال الموصل عن حكومة العراق صارت لا تذكر فكأنها نسيت و في هذا تقصير من المؤرخين و إهمال لشأن أجزاء المملكة.

3- شيخ زاده الخرزياني:

بفتح الخاء المعجمة و سكون الراء و كسر الزاء بعدها.. الشيخ العالم الفاضل توفي يوم الأحد سلخ ذي القعدة سنة 809 ه و دفن في تربة شيخون عند الشيخ أكمل الدين في الخانقاه التي في صليبة جامع ابن طولون. و كان رجلا فاضلا في العلوم و خصوصا في علم الهيئة و الحكمة و المعقول. و له فيها تصانيف منها شرح كتاب العين في الحكمة و غير ذلك و كان السلطان الظاهر طلبه من بغداد و ولاه مشيخة خانقاه شيخون و لم يزل بها إلي أن أخرجه كمال الدين بن العديم بالعسف و بذل الدنيا عند بعض الظلمة …

و من هنا نري أن علماء بغداد في هذا العصر كانوا يطلبون من الأقطار فأفادوا في ثقافتها كثيرا. فكان أكابر العلماء منهم أو ممن تخرج عليهم أو أخذ منهم …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 322

حوادث سنة 810 ه- 1407 م

وفيات
وفاة صاحب الموصل: (قطلي بك):

في هذه السنة توفي صاحب الموصل قطلي بك و ملك بعده عثمان بك و يلقب بقرا أيلوك (قرا يلك) لأنه كان أسمر اللون. و في شبابه يحلق وجهه فلقب بذلك.

حوادث سنة 811 ه- 1408 م

وفيات
وفاة شاعر موصلي:

في هذه السنة توفي الشاعر أحمد بن أبي الوفاء الموصلي.

حوادث سنة 812 ه- 1409 م
بين السلطان أحمد و قرا يوسف:

كان كل من السلطان أحمد و الأمير قرا يوسف قد التزم العهود التي تحالفا عليها و مضوا جميعا بمقتضاها قال الغياثي:

«ثم إن السلطان أحمد مكث ببغداد بعد ذلك خمس سنوات و عزم إلي شوشتر (تستر) و أجلس مكانه ببغداد أحد أمرائه فغضب ولده علاء الدولة و انهزم فاتفق مع كيمرز ابن الشيخ إبراهيم الشرواني حاكم الدربند و شروان و ساروا إلي تبريز. و في بعض الأخبار أن السلطان أحمد أرسله

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 323

من غير هرب.. و كان قرا يوسف آنئذ قد عزم إلي أرزنجان و لم يكن في تبريز سوي أميره «داروغه» و معه نحو ثلاثمئة نفر و حينئذ خرجوا من البلد و هربوا فلما سمع علاء الدولة و من معه طرحوا عنهم أهبة الحرب و ساروا مطمئنين فاجتازوا عليهم و لم يشعروا بهم و هم في كهف الجبل فنظر التركمان إليهم فصبروا حتي جاز العسكر فلما وصل علاء الدولة بنفسه و كيمرز وثب عليهم نحو مائة نفر من التركمان … و ألقوا القبض علي علاء الدولة و كيمرز فانكسر العسكر و انتهبه التركمان و جاؤوا بالأميرين إلي البلد مقبوضا عليهما. فلما عاد الأمير قرا يوسف و حضر البلد سجن علاء الدولة في جب (عادل جواز) قرب آذربيجان. أما كيمرز فإنه بقي عنده مدة و تنصل هو و أبوه مما صدر منهم و اعتذروا فقبل المعذرة و خلي سبيله. و أما علاء الدولة فكلما اعتذر أبوه لم تقبل معذرته لما تحقق عنده من غدرهم فلما طالت المدة و لم يجد الاعتذار و التشفع في ولده و لم يبال بالتحف التي أرسلها

إليه و تعند في أن لا يطلق سراحه و لا يفرج عنه عزم السلطان أحمد السير إلي تبريز» ه..

و أما حبيب السير فقد جاء فيه: «إنه حصلت مؤخرا بعض الأمور التي أدت إلي النفرة بينهما و ذلك أن علاء الدولة قد تخلص من أسر سمرقند و جاء إلي آذربيجان فتلقاه الأمير قرا يوسف بإعزاز و إكرام.. ثم رخصه في الذهاب إلي أبيه … إلا أنه نظرا لما علق في ذهنه من بعض الخيالات رجع من طريقه … و لما كان الأمير قرا يوسف في خوي قد لف حوله شرذمة من الأشرار و عاد إليها فسمع قرا يوسف بذلك و أمر حاكمه في تبريز بإلقاء القبض علي علاء الدولة و ألقي معتقلا في قلعة عادل جواز..

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 324

وصل هذا الخبر إلي السلطان في بغداد فأمر بإحكام سور بغداد و أبراجها، و أرسل قاصدا إلي قرا يوسف و إلي ابنه پير بوداق و ذكر أنه يريد أن يصيف الربيع القادم في أنحاء همذان بسبب ضعف مزاجه و وجود الحر هنا و لم يبحث عن ابنه علاء الدولة فتلقي قرا يوسف هذا ببرودة و لم يلتفت إليه بل تأثر و في موسم الربيع توجه قرا يوسف بقصد التصييف إلي الأطاق (الأطاغ) و ضبط تلك البلدة ثم ذهب إلي حدود أرجيش و عادل جواز. أما السلطان أحمد فإنه ذهب بأبهة إلي همذان بقصد التصييف هناك … و في الأثناء ظهر امرؤ يسمي (أويس) يدعي أنه ابن السلطان فجمع إليه أناسا و أحدث غائلة هناك فاضطر السلطان أحمد إلي العودة فعاد و رفع هذه الغائلة فقتل هذا المدعي و من معه من أهل الشغب (سنة

812 ه) … » ا ه.

وفيات
وفاة شاعر بغدادي:

في هذه السنة (سنة 812 ه) توفي الشاعر نصر اللّه البغدادي.

حوادث سنة 813 ه- 1410 م

وفاة السلطان أحمد سفر السلطان أحمد إلي تبريز: (وفاته)

و في الشتاء من (عام 812 ه) كان قرا يوسف في تبريز فعلم بظهور تعرض من قرا عثمان نحو ولاية أرزنجان و كان الحاكم بها طهرتن فسارع الأمير قرا يوسف إلي تلك البلدة. فلما علم السلطان أحمد بذلك

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 325

انتهز الفرصة فجيش جيشا عظيما من بغداد و سار به في المحرم سنة 813 ه إلي تبريز و إن شاه محمد النجوي فر من وجه السلطان و كان قائما مقام الأمير قرا يوسف فدخل تبريز في غرة ربيع الأول دون مقاومة من أحد فإن الشاه محمد النجوي الذي كان حاكمها انهزم.

ثم إن الأمير قرا يوسف فتح أرزنجان بطريق المصالحة و عين نائبا عنه پير محمد عمر. و لما وصل إليه خبر دخول السلطان تبريز رجع فعلم السلطان بعودته فاستعد لحربه و في يوم الجمعة 28 ربيع الآخر من السنة المذكورة وقع بين الجانبين في منخفضات غازان مقاتلة أسفرت عن تغلب الأمير قرا يوسف و انهزام السلطان أحمد إلي المدينة …

و في أثناء هزيمته ضربه تركماني فوقع من فرسه، فانتزع منه أسلحته و ثيابه و تركه و شأنه فاضطر السلطان أن يسلك من ممر ماء إلي بستان هناك فعرفه شيخ اسكافي و أسرع إلي خدمته و قال له: أيها السلطان ما هذه الحال فأجابه عليك بالسكوت و لا تفش سري. لأن اتباعنا في هذه المدينة كثيرون و عند ما يحل الليل أذهب إليهم و أحصل منهم علي ما احتاجه من الذهب و الخيل. و سأراعيك عند وصولي إلي بغداد و أمنحك مقاطعة بعقوبة. فقبل الشيخ الأسكافي منه هذا الوعد و انصرف

إلي بيته و كان لهذا الشيخ امرأة عجوز تزعم أن لها مهارة في أمور مختلفة …

كالطالع و الأخبار بالمغيبات فلما قص عليها ما وقع و طلب منها بيان ما هو الصالح شرعت في أخذ المال و قالت: بيننا و بين بعقوبة مسافة بعيدة و لا يجدينا النفع من هذا الطريق فالأولي أن ننتهز الفرصة ليلا وقت اجتماع الناس عند السلطان و قبل أن يفرط من أيدينا الأمر و تذهب إلي قرا يوسف فتخبره بأمر السلطان و تحصل منه علي ما يرضيك أو يغنيك لقاء هذه الخدمة … فوقع كلام العجوز منه موقع القبول و استصوب ما

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 326

استنتجته و ذهب إلي الأمير قرا يوسف و بين له وضع السلطان أحمد و ما هو عليه فأمر قرا يوسف حالا جماعة من معتمديه لإلقاء القبض علي السلطان فنفذوا الأمر و ألقوا القبض علي السلطان و ألبسوه ثيابا بالية و علي رأسه طاقية ممزقة و أتوا به إلي الأمير فقام الأمير قرا يوسف تعظيما له و أجلسه بجنبه فتكلم معه بكلمات خشنة و عاتبه علي نقضه العهد لما كان بينهما من المواثيق …

ثم أمر قرا يوسف بإجلاس السلطان في صف النعال و كلفه أن يكتب بخطه صكا بإيالة آذربيجان إلي ابنه پير بوداق، و آخر في حكومة بغداد إلي شاه محمد. و حينئذ قام الشاه محمد من مجلسه هذا و سار توا إلي بغداد دار السلام و لم يكن في النية أن يتعرض للسلطان إلا أن أمراء بغداد ألحوا كثيرا في القضاء عليه فأثروا عليه و حينئذ أغمض عن قتله فقتل … و لم يتول هو ذلك و دفن بجنب أخيه السلطان حسين

الذي كان قتله سابقا. و أما علاء الدولة الذي هو من أولاد هذا السلطان و الذي كان معتقلا في قلعة عادل جواز فقد قتل أيضا.

ترجمة السلطان أحمد (سنة 784- 813 ه):

إن ترجمة هذا السلطان من أغرب التراجم، ناضل عن عرش العراق و جالد بكل ما أوتي من همة، و ما استطاع من تدبير … و لو لا ظهور تيمور بصورة جبارة و قضائه عليه مرارا و عودته الكرّة تلو الأخري …

لكان له شأن في تاريخ ملوك العراق … نفسه وثابة لا تعرف الكلل، و لا تخمدها الكوارث و لا المخذوليات … و لسان حاله ينطق:

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 327

يا نفس من همّ إلي همة فليس من عب ء الأذي مستراح

أما فتي نال العلي فاشتفي أو بطل ذاق الردي فاستراح

و المؤرخون أكثروا القول فيه من نواح عديدة … علاقاته بالمجاورين، و حرصه علي العراق، و ملاذه و شهواته و أظن هذه مبالغا فيها و جاءت من طريق أعدائه الناقمين عليه و تنديداتهم لترويج سياسة الحكومة المناضلة له و المعادية (حكومة قرا يوسف) أو بيان سبب مخذوليته … و علي كل كان يطمح في التوسع و يحاول بسطة في الملك … فلا يعرف الكلل و لم يصبه توان أو خطل … فهو في الحقيقة يعد من أكبر ملوك العراق في هذه الأعصر … إلا أنه لم يجد راحة من أمرائه، و لا رأي طمأنينة من الخارج لينال العراق في أيامه خيرات جمة … و أساسا لم تبق معالم للسابقين من أهل الحكومات قبله إلا القليل.

و جاء في الشذرات عنه:

«إنه ملك بعد موت أخيه الشيخ حسين بن أويس سنة 784 ه و كان سلطانا فاتكا، له سطوة علي الرعية، مقداما، شجاعا،

مهابا، سفاكا للدماء و عنده جور و ظلم علي أمرائه و جنده و كانت له مشاركة في عدة علوم و معرفة تامة بعلم النجامة و يد في الموسيقي يجيد في تأديته إجادة بالغة الغاية منهمكا في اللذات التي تهواها الأنفس، فأكرمه برقوق غاية الإكرام و أنعم عليه أجل الأنعام و أعطاه تقليد نيابة السلطنة ببغداد … ثم سار إلي بغداد فدخلها … و بعد وفاة تيمور صار بها حاكما علي عادته إلي أن تغلب قرا يوسف علي التتار (آل تيمور) و أخذ منهم تبريز و ما والاها فوقع الخلف بينه و بين ابن أويس فتقابلا للقتال

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 328

فكانت الكرة علي ابن أويس و أخذ أسيرا ثم قتل يوم الأحد آخر ربيع الآخر» ا ه بتلخيص.

و جاء في الضوء عنه كلام طويل و تعداد لوقائعه و علاقته بملك مصر (الظاهر برقوق) و حروبه لاستخلاص بغداد مرارا … قال:

«ثم تنازع هو و قرا يوسف فكانت الكسرة عليه فأسره و قتله خنقا في ليلة الأحد سلخ ربيع الآخر سنة 813 ه و طول شيخنا (ابن حجر) ذكره في أنبائه، و أنه سار السيرة الجائرة و قتل في يوم واحد ثمانمائة نفس من الأعيان قال: و كان سفاكا للدماء، متجاهرا بالقبائح و له مشاركة في عدة علوم كالنجوم و الموسيقي، و له تتبع كبير بالعربية و غيرها و كتب الخط المنسوب مع شجاعة و دهاء و حيل و صحبة في أهل العلم، و كذا طول المقريزي في عقوده، و ابن خطيب الناصرية ترجمته و قال إنه كان حاكما عارفا مهيبا؛ له سطوة علي الرعية، فتاكا منهمكا علي الشرب و اللذات، له يد طولي في

علم الموسيقي». ا ه.

و جاء في تاريخ الجنابي عنه ما نصه:

«كان ذا فهم لطيف، و إدراك حسن إلا أنه كان غدارا، ظلوما،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 329

سفاكا يتجاهر بالقبائح، و له مشاركة في عدة علوم، و الموسيقي، و علم براية السهم و القوس و صنعة الخاتم و له شعر كثير بالعربية و الفارسية، و كتب الخط المنسوب، و كانت له شجاعة و دهاء و ميل و محبة في أهل العلم.. دس إليه قرا يوسف من قتله في آخر ربيع الآخر لسنة 813 ه، و كان انكساره في 18 ربيع الآخر..» ا ه.

و لم نعثر علي نقود له في أيامه إلا قليلا منها قطعة ذهبية مضروبة في بغداد مؤرخة سنة 790 ه كتب في أحد وجهيها (ضرب بغداد) و في أطرافه كتب بخط كوفي و بشكل مربع (لا إله إلا اللّه محمد رسول اللّه) و (أبو بكر، عمر، عثمان، علي) و في ظهرها في الأركان بالتوالي (سنة، تسعين، و سبعمائة) و في الوسط (السلطان الأعظم، سلطان أحمد بهادر خان خلد اللّه ملكه) في ثلاثة أسطر و له نقد فضي ضرب في إربل، و آخر في بغداد، و كذا في تبريز؛ و في الحلة و كلها لا يقرأ تاريخها.. و في الموصل و العمادية و واسط ممسوحة لا يقرأ تاريخها. و له نقود أيام حكومته الثانية منها ما هو موجود في المتحفة البريطانية …

و كان قد أثني عليه حافظ الشيرازي المتوفي سنة 791 ه صاحب الديوان الفارسي المعروف «بديوان حافظ» المتداول بين الناس.

و الحاصل قد انقرضت حكومة الجلايرية من بغداد و العراق بعد وفاته بقليل و صارت بقاياها في تستر لمدة بعد أن قاومت في

بغداد بعض المقاومة كما سيجي ء …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 330

وفيات
1- شمس الدين محمد البغدادي الزركشي:

في هذه السنة (813 ه) توفي شمس الدين محمد بن سعد الدين ابن محمد بن نجم الدين محمد البغدادي نزيل القاهرة الزركشي مهر في القرانات (في عقد الجمان في القراءات) و شارك في الفنون (في عقد الجمان في الفتوي) و تعاني النظم و له قصيدة حسنة في العروض و شرحها، و نظم العواطل الحوالي ست عشرة قصيدة علي ستة عشر بحرا ليس فيها نقطة. و سمع منه ابن حجر و سمع هو أيضا من ابن حجر و رافقه في السماع، و جرت له في آخر عمره محنة و توفي في ذي الحجة.

2- قتلة صاحب الموصل:

و قتل في هذه السنة صاحب الموصل قرا عثمان بك و ملك بعده ابنه حمزة بك …

حوادث سنة 814 ه- 1411 م

الشاه محمد- فتح بغداد: (5 المحرم سنة 814 ه):

من حين قتل السلطان أحمد سار الشاه محمد إلي بغداد بقصد الاستيلاء عليها إلا أنه لم يتم له ذلك إلا في أول سنة 814 ه و كانت بقايا الجلايرية هناك فحاصرها والي بغداد آنئذ (بخشايش) من أمراء السلطان أحمد نصبه حينما ذهب لمحاربة الأمير قرا يوسف.. و لما علم بقتل السلطان أحمد طلب من دوندي سلطان بنت السلطان أويس أن

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 331

يتزوج بنتها فلم تستطع مخالفته و أجابته علي ما طلب و عمل لها عرسا عظيما ثم شرب إلي نصف الليل و قام ليجي ء إلي القلندر خانة و يدخل إلي العروس فلما حط رجله في الركاب ليذهب و إذا قد ضرب عنقه و جعل رأسه علي رمح و جثته علي الفرس و واحد خلفه قد أمسكه و الرأس قدام الفرس علي الرمح و الدفوف أمامه تضرب إلي الصبح و قتل آخرون غيره بإشارة السلطانة عن لسان السلطان أحمد.. و دوندي هذه هي بنت السلطان أويس زوّجها السلطان أحمد في حياته من ابن أخيه شاه ولد ابن الشهزاده شيخ علي فولدت منه ثلاثة بنين و هم محمود و أويس و محمد و ثلاث بنات ثم توفي.

أما أهل بغداد فإنهم أشاعوا أن السلطان أحمد لا يزال حيا و أنه لم يمت و أصروا علي الحصار و لم يسلموا البلد بترتيب من دوندي سلطان و طالت مدة الحصار إلي أن عجزت الخاتون عن ضبط البلد و تحقق الجميع أن الإشاعات بورود الأخبار عن السلطان أحمد ليس لها نصيب من الصحة، و أن السلطان أحمد قتل.. ففي

هذه الأثناء أمرت دوندي سلطان بتزيين البلد و أن السلطان كان مختفيا و أنه سيخرج. فزينوا البلد كما أن الشاه محمد مل من طول الإقامة علي الحصار دون جدوي فرجع و نزل بعقوبة ليرجع إلي تبريز فتم التزيين لمدة ثلاثة أيام و الناس مشغولون في أمره فانسلت السلطانة ليلا مع أولادها الستة و أموالها و رجالها و انحدرت في السفن إلي واسط و منها توجهت إلي تستر فلما أصبح الناس رأوا الخاتون قد رحلت و حينئذ قام أكابر البلد و مضوا إلي الشاه محمد ببعقوبة و دعوه إلي البلد و أخبروه بأن الخاتون قد ذهبت فدخل نهار الخميس قبل الظهر في 5 المحرم سنة 814 ه و حينئذ نهب التركمان بغداد يوما واحدا و استقر شاه محمد ببغداد إلا أن الأراجيف و الإشاعات كانت تدور حول مجي ء السلطان أحمد فقتل الشيخ أحمد السهروردي و ابنه من جراء الإذاعات المذكورة و الاتهام بها فإن الابن

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 332

صالح قد قدم قائمة إلي الشاه محمد بأسماء المرجفين و بينهم والده الشيخ أحمد السهروردي فأمره بقتل أبيه ثم أمر بقتله أيضا و مزق القائمة و سكنت الفتنة …

و من هذا التاريخ ابتدأت سلطة (القراقوينلو) في العراق …

وفيات
1- إبراهيم بن محمد الموصلي:

في هذه السنة توفي إبراهيم بن محمد بن حسين الموصلي ثم المصري نزيل مكة المشرفة المالكي أقام بمكة ثلاثين سنة. و كان يتكسب بالنسخ بالأجرة مع العبادة و الورع و الدين المتين و كان يحج ماشيا من مكة و أثني عليه المقريزي و توفي بمكة.

و الظاهر أن المترجم هو إبراهيم بن أبي بكر الموصلي المذكور في الضوء اللامع قال: ترجمه شيخنا في أنبائه و صرح في أثناء

الترجمة بأنه ابن الشيخ أبي بكر الموصلي المتوفي سنة 797 ه.

2- الشاعر عبد الرحمن بن أبي الوفاء الموصلي:

و توفي في هذه السنة الشاعر عبد الرحمن بن أبي الوفاء الموصلي. و هو أخو الشاعر أحمد بن أبي الوفاء المذكور في وفيات سنة 811 ه.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 333

نهج البلاغة- لوحة 1- خط ياقوت المستعصمي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 334

3- البدر أبو محمد حسن بن علي بن حسن بن علي التلعفري:

هو ابن القاضي علاء الدين المشرقي الأصل ثم التلعفري الدمشقي الشافعي والد محمد و عبد الرحيم و يعرف بالمحوجب، كان أبوه قاضي تلعفر من نواحي الموصل. ولد المترجم فيها، ثم ذهب إلي دمشق قبل استكماله عشر سنين مع أبيه. فاشتغل في الفقه و القراءات و العربية و الفرائض. و من شيوخه العلاء التلعفري أحد تلامذة ابن تيمية و ليس بأبيه بل هو آخر شاركه في النسبة و اللقب. و صارت له يد في القراءات و الفرائض، و براعة في الشروط مع الضبط لدينه و دنياه و الوجاهة في العدالة، ثم لزم بآخرة مسجد الخوارزمي من القبيبات إلي أن مات سنة 814 ه نحو التسعين …

بقايا الجلايرية

اشارة

إن الجلايرية في أول سنة 814 ه ساروا إلي واسط في السفن و منها مضوا إلي (تستر) فأقاموا هناك و سيطروا علي تلك الأنحاء و حاولوا استعادة بغداد فلم يمكنوا من ذلك و عد بعض المؤرخين تاريخ انقراضهم هو زوال آخر ملوكهم من الحلة …

و هذه أسماء أمرائهم و بعض النتف عن أحوالهم هناك:

1- السلطان محمود:

اشارة

و هو ابن شاه ولد ابن الشهزاده شيخ علي. و كان هذا مع إخوته في حصار بغداد ثم خرج معهم و ذهبوا إلي تستر و كان أكبرهم حكم تستر

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 335

لمدة سنتين ثم توفي و جلس أخوه السلطان أويس بعده سنة 822 ه.

وفاة دوندي:

و في أيامه قامت أمه بشجاعة و قدرة لا مثيل لهما و هي التي مكنت لهم الإدارة في بغداد كما تقدم.. قال صاحب الشذرات:

«تندو (دوندي) بنت حسين بن أويس كانت بارعة الجمال و قدمت مع عمها أحمد بن أويس إلي مصر فتزوجها الظاهر برقوق ثم فارقها فتزوجها ابن عمها شاه ولد ابن شاه زاده (الشيخ علي) بن أويس. فلما رجعوا إلي بغداد و مات أحمد أقيم شاه ولد في السلطنة (الصحيح ابنه السلطان محمود) فدبرت مملكته حتي قتل و أقيمت هي بعده في السلطنة ثم ملكت تستر و غيرها و استقلت بالمملكة و صار في ملكها الحويزة و واسط يدعي لها علي منابرها و تضرب السكة باسمها إلي أن ماتت في هذه السنة (سنة 822 ه) و قام بعدها ابنها أويس بن شاه ولد … قاله ابن حجر» ا ه.

2- السلطان أويس:

حكم تستر و خوزستان. و في أول سنة 824 ه عزم علي أخذ بغداد و كان الشاه محمد حاكما بها طمعا في الاستيلاء عليها فوصل باب البلد و ضرب أصحابه الباب بدبابيس و كان ذلك في أواسط المحرم من هذه السنة إلا أن السلطان أويس سمع بتوجه اسكندر فرجع إلي تستر …

و في جمادي الأولي من هذه السنة عاد السلطان أويس و تحارب مع جهان شاه فانكسر أويس في المعركة و قتل يوم الثلاثاء 14 جمادي الأولي من السنة المذكورة. و كانت مدة حكمه في تستر ثماني

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 336

سنوات. و لكن هذا التاريخ معارض بما جاء عن المؤرخين الآخرين علي ما سيجي ء في حوادث سنة 830 ه في المجلد التالي من هذا الكتاب.

3- السلطان محمد:

و هذا ابن شاه ولد المذكور حكم تستر أيضا، وليها إثر وفاة أخيه.

فلما كانت سنة 826 ه توجه إبراهيم سلطان من شيراز إلي تستر و عند ما سمع السلطان محمد بوصوله و علم أن لا طاقة له به ترك المدينة و مضي إلي واسط و الجزائر و من هناك سار إلي الحلة، وردها يوم الاثنين 4 رجب سنة 826 ه و حينئذ خرج أميرها طورسون (درسون) و لم يتغير شي ء علي المدينة. و توجه طورسون إلي تبريز و لم يعرج ببغداد. ثم إن السلطان محمد طمع في بغداد و مضي من الحلة إليها و حاصرها من الجانب الغربي فلم يستطع أن يدخلها و رجع إلي الحلة و حكم فيها مدة سنة و توفي يوم الأربعاء 9 شعبان سنة 827 ه. فكان مجموع حكمه في الحلة و تستر ثلاث سنوات و كان وزيره تاج الدين بن حديد من

أهل الحلة و هذا توفي أيضا يوم الجمعة 4 ربيع الآخر سنة 828 ه.

4- السلطان حسين بن علاء الدولة:

و علاء الدولة هذا هو ابن السلطان أحمد. أما السلطان حسين فقد قيل إن أمه حملت به و تربي في سجن (عادل جواز) و كانت أمه من الجغتاي، و عاش عند الأمير عثمان البياندري و كان قد طلبه السلطان

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 337

محمد قبل وفاته بأربعة أشهر. فلما توفي السلطان محمد حكم السلطان حسين في الحلة نهار الجمعة 10 شعبان سنة 827 ه و هو آخر السلاطين الجلايرية. و كانت سيرته رديئة بما كان عليه … فأنكر أمراؤه سوء عمله و كاتبوا إسبان فجاء و حاصره للمرة الأولي فلم يتمكن منه و رحل. و جاء ثانية و حاصره سبعة أشهر فقبض عليه في 16 المحرم سنة 835 ه و وكل به جماعة و أفهم أن يسولوا له الهرب و أن ينهزموا معه.. فلما هرب أرسل اسبان خلفهم فقبضوا عليه و قتلوه في 3 ربيع الأول سنة 835 ه و كانت مدة حكمه في الحلة سبع سنوات و نصف. و كان وزيره عبد الكريم بن نجم الدين من أهل النيل و هذا توفي ليلة الثلاثاء 18 شوال سنة 830 ه و كان له من صلبه خمسة عشر ابنا و سبع بنات. و ولي الوزارة بعده شهاب الدين في 16 ربيع الآخر سنة 832 ه و شنقه السلطان علي باب التمغا و ولي بعده أخاه نظام الدين.

و في الضوء اللامع:

«حسين بن علاء الدين (الصحيح علاء الدولة) … كان اللنك أسره و أخاه حسنا و حملهما إلي سمرقند، ثم أطلقا فساحا في الأرض فقيرين، مجردين، فأما حسن فاتصل بالناصر فرج و

صار في خدمته، و مات عنده قديما. و أما هذا فتنقل في البلاد إلي أن دخل العراق فوجد شاه محمد بن شاه ولد بن أحمد بن أويس و كان أبوه صاحب البصرة فمات فملك ولده شاه محمد فصادفه حسين و قد حضره الموت فعهد إليه بالمملكة فاستولي علي البصرة و واسط و غيرهما، ثم حاربه أصبهان شاه (اسبان) بن قرا يوسف فانتمي حسين إلي شاه رخ بن اللنك فتقوي بالانتماء إليه و ملك الموصل و إربل و تكريت و كانت مع قرا يوسف فقوي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 338

أصبهان شاه بن قرا يوسف و استنقذ البلاد، و كان يخرب كل بلد و يحرقه إلي أن حاصر حسينا بالحلة سبعة أشهر، ثم ظفر به بعد أن أعطاه الأمان فقتله خنقا في 3 صفر سنة 835 ه و هو في عقود المقريزي فقال ابن علاء الدولة و ترجمه و هو الشائع … » ا ه.

و من ثم طوي اسمهم و لم يبق إلا في صحائف التاريخ و لم يعد يذكر أحد منهم في عداد رجال الإدارة و الممالك …

سلاطين الجلايرية

1- الشيخ حسن الكبير (738 ه: 757 ه).

2- السلطان أويس (757 ه: 776 ه).

3- السلطان حسين بن أويس (776 ه: 784 ه).

4- السلطان أحمد بن أويس (784 ه: 813 ه).

5- السلطان محمود بن شاه ولد ابن الشيخ علي (813 ه: 815 ه).

6- سلطان أويس الثاني بن شاه ولد (815 ه: 822 ه).

7- السلطان محمد بن شاه ولد (822 ه: 827 ه).

8- السلطان حسين بن علاء الدولة بن سلطان أحمد (827 ه:

835 ه).

ملحوظة: هذه القائمة أخذت من تاريخ سني حكمهم … و فيها مخالفة لما جاء في

تاريخ مفصل إيران. سواء في أسماء الأمراء أو في مدة حكم كل منهم. و بعض المؤرخين يعد دوندي هي الملكة إلي تاريخ وفاتها سنة 822 ه …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 339

نهج البلاغة- لوحة 2- خط ياقوت المستعصمي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 340

الحكومات المجاورة أو ذوات العلاقة

1- الحكومة الجوبانية:

هذه فصلنا حوادثها في وقائع خاصة ذكرت أثناء الكلام علي حوادث العراق فلا نري محلا لتكرارها … و أساس هذه الحكومة الأمير جوبان السلدوزي المذكور في المجلد الأول.

2- آل مظفر:

بسطنا الكلام عليهم و بينا بعض علاقاتهم و وقائعهم بالحكومة العراقية …

3- إمارة اللر:

و تعرف (باللر الصغيرة) أو (إمارة الفيلية) و قد أفردناها بكتاب خاص … و تبتدي ء بالرياسة العشائرية علي يد شجاع الدين خورشيد الذي عرف سنة 580 ه. و هذا توفي سنة 621 ه و خلفه سيف الدين رستم ابن أخيه. ثم أبو بكر بن محمد (أخو سيف الدين رستم)، ثم عز الدين كرشاسف بن محمد المذكور.

و قد مر الكلام علي بعض أمرائهم و من المعاصرين لهذه الحكومة.

1- شجاع الدين محمود بن عز الدين حسين.

2- ملك عز الدين بن شجاع الدين محمود.

3- أحمد بن عز الدين.

4- حكومة الجغتاي:

هذه حكمت ما وراء النهر و لا علاقة لنا بها لو لا أن مباحث

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 341

تيمور لنك ساقت للتعرف بها اطرادا للمباحث و معرفة الأمراء المعاصرين منهم … فرأينا أن نجمل أوضاعها ليكون القاري ء علي علم من روابط تيمور بها …

و هذه قائمة ملوكها:

1- جغتاي بن جنگيز.

2- قرا هلاكو بن موتوكن بن جغتاي.

3- باراق (براق) بن يسونتو بن موتوكن. و هذا أول من أسلم و لقب غياث الدين.

4- بيگي بن سارمان بن جغتاي.

5- بوغا تيمور بن قوداغاي بن بوزاي بن موتوكن.

6- كونجك (كونجه) بن دوي چچن بن باراق.

7- تاليغا بن قوداي.

8- ايسن بوغا الملقب إيل خواجة بن دوي چچن.

9- گوبك بن چچن المذكور.

10- دوري تيمور بن چچن.

11- تارما شير بن چچن. أسلم فتابعه جميع عظماء ما وراء النهر …

12- بوران بن دوري تيمور.

13- جنكشي بن أبو كان بن چچن.

14- ييسون تيمور بن أبو كان.

15- علي سلطان. من ذرية أوكتاي قاآن تغلب علي ما وراء النهر.

16- محمد بن پولاد بن كونجك. استعاد ملك آبائه.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 342

17- قازان سلطان بن ياسسور بن

أورك بن بوغا تيمور المذكور.

تغلب عليه الأمير قازغان.

18- دانشمندجه خان بن قايدو بن قاشين بن أوكتاي قاآن. قتله قازغان أيضا.

19- بايان قولي بن صورغو بن چچن المذكور. و هذا قتله الأمير عبد اللّه بن قازغان.

20- تيمور شاه بن ييسون تيمور.

21- عادل سلطان بن محمد بن پولاد بن كونجك. و هذا نصبه الأمير حسين بن بسلاي ابن الأمير قازغان و كان ولي الإمارة بعد الأمير عبد اللّه المذكور. و في أيامه ظهر تيمور لنك و سار عليه فلما علم الأمير حسين اشتبه من عادل سلطان فأغرقه حيا.

22- دورجي بن ايلجيكداي بن دوي چچن. نصبه الأمير حسين.

و لكن تيمور تغلب عليهما و قتلهما معا.

23- سيورغاتمش بن دانشمند جه نصبه تيمور لنك.

و كان تغلب الأمراء علي الأخيرين من هؤلاء سائدا فلما تمكن تيمور من إخضاع تلك الأنحاء (ما وراء النهر) قضي علي المتغلبة و بقيت سلطات الملوك اسمية و صار هو المتغلب الوحيد. و إن اضطراب الحالة في هذه البلاد جعل ملك كاشغر و ما والاها و هو توقلوق تيمور من

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 343

الجغتاي يري أنه الأحق بها، و الأولي بحكومتها … فساق جيشا لجبا ففر من وجهه الأمير حسين و كذا الأمير تيمور، و بقي في ما وراء النهر … نحو سنة ثم عاد إلي كاشغر و خلف ابنه الياس خواجة هناك و توفي بعد سنة و لما سمع تيمور و الأمير حسين بذلك اشتبكا مع الياس خواجة بقتال ففر من وجههما إلي كاشغر … فولي الحكم مكان أبيه إذ وجده قد توفي … و إن الأمير حسين و الأمير تيمور لم يلبثا أن تقاتلا فتمكن تيمور من قتل الأمير حسين كما تقدم

… فانفرد الأمير تيمور فيما وراء النهر … إلا أن السلطة كانت اسمية للسلطان (سيور غاتمش) المذكور في القائمة … فكان الأمير تيمور يأمر و ينهي و هو اسمه ملك.

قضي 24 سنة بملوكية زائفة. و خلفه ابنه السلطان محمود إلا أنه قتله بعد حروبه مع العثمانيين … و من ثم صار الملك المطلق بالاستقلال، و خلف الملك لأولاده من بعده …

أما حكومة كاشغر فإنها بعد أن وليها الياس خواجة كان أمير أمرائه خداداد ابن الأمير بولادجي فعارضه قمر الدين من أحفاد الأمير بولادجي و ثار عليه و قتله … و حاول قطع نسله فلم يبق إلا رضيع هربه خداداد إلي جبال بدخشان و كان اسمه خضر خواجة … و قامت حروب هائلة بين تيمور و قمر الدين جرت فيها خمس معارك عظيمة كان في نتيجتها أن هرب إلي إيران و التجأ إلي بعض أمرائها … أما خضر خواجة فإنه جي ء به إلي كاشغر فأقيم مقام أبيه و لا يزال أولاده و أحفاده حكاما هناك إلي ما بعد الألف الهجري أيام أبي الغازي بهادر خان و أري في هذا الكفاية لمن أراد معرفة الوضع باختصار …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 344

5- حكومة القفجاق:

مر الكلام عليها في الكتاب السابق و في هذا الكتاب خلال الوقائع مما يغني عن الإعادة و التفصيل …

6- الحكومة المصرية:

و هذه علاقاتها أكثر و لكنها سياسية و حربية أكثر منها رابطة ود و ألفة و قد أوضحنا ما جري … و في أيام هذه الحكومة نري الأوضاع مختلفة عن أيام الحكومة السابقة …

و هذه قائمة بأسماء ملوكها:

1- الملك الناصر محمد بن الملك المنصور قلاوون. و قد مر في المجلد الأول.

2- الملك المنصور أبو بكر ابن الملك الناصر محمد (741 ه: 742 ه).

3- الملك الأشرف كوچك ابن الملك الناصر محمد (742 ه: 742 ه).

4- الملك الناصر أحمد ابن الملك الناصر محمد (742 ه: 743 ه).

5- الملك الصالح إسماعيل ابن الملك الناصر محمد (743 ه: 746 ه).

6- الملك الكامل شعبان ابن الملك الناصر محمد (746 ه: 747 ه).

7- الملك المظفر سيف الدين حاجي ابن الملك الناصر محمد (747 ه: 748 ه).

8- الملك الناصر حسن ابن الملك الناصر محمد (748 ه: 752 ه).

9- الملك الصالح ابن الملك الناصر محمد (752 ه: 755 ه).

10- الملك الناصر حسن المذكور (755 ه: 762 ه).

11- الملك المنصور صلاح الدين محمد ابن المظفر حاجي (762 ه: 764 ه).

12- الملك الأشرف شعبان بن حسين ابن الناصر محمد (764 ه: 778 ه).

13- الملك الصالح حاجي بن الأشرف (778 ه: 784 ه).

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 345

ثم خلف هؤلاء دولة الجراكسة و المعاصرون منهم:

1- الملك الظاهر سيف الدين برقوق (784 ه: 801 ه).

2- الملك الناصر أبو السعادات فرج بن برقوق (801 ه: 808 ه).

3- الملك المنصور عبد العزيز (808 ه: 808 ه).

4- الملك الناصر فرج المذكور ثانية (808 ه: 815 ه).

7- حكومة الشرفاء في الحجاز:

و هذه مضت بعض العلاقات معها، و غالبها أيام المغول و أول من عرف منهم أيام المغول عز الدين أبو نمي محمد بن

أبي سعد حسن بن علي بن قتادة الحسني و دامت إمارته أربعين سنة فتوفي سنة 701 ه و توالي أولاده حميضة و عطيفة و عطية و رميثة إلي سنة 746 و كانوا في نزاع بينهم و قد استقرت الإمارة لرميثة من سنة 738 ه. و بعده وليها ثقبة و عجلان ابنا رميثة مشتركا بتنازل من أبيهما. ثم ولي الإمارة الشهاب أحمد بن عجلان سنة 760 ه. ثم ابنه محمد سنة 788 ه. و نازعه عدنان بن مغامس فولي الإمارة سنة 788 ه ثم خلفه في الإمارة علي ابن عجلان سنة 789 ه. و هذا حدث له مع أقاربه ما حدث و زاحمه القوم.. و كان للحكومة المصرية سلطة و نفوذ بل تحكم في مقدراتها و نزاع مع أمرائها و هكذا كان يجري علي يديها العزل و النصب إلي أواخر العصر.. و حاولت حكومة المغول أن تتدخل في شؤونها و تزاحم الحكومة المصرية، أو أن تأخذ السلطة من يدها و تشوش عليها أمرها فلم تفلح … أما صلاتها بالعراق في هذا العهد فقليلة و لا تزيد علي بعض الوقائع المارة عند الكلام علي الشريف أحمد بن رميثة بن أبي نمي ثم انقطعت العلاقات السياسية إلا من الناحية الدينية و هي الحج

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 346

وصلته، و تقديم بعض الهدايا أو الانعامات علي قطان البيت الحرام و علي كل لم يقع ما يكدر صفو الألفة، و لا حصل تدخل في الإدارة …

عشائر العراق

اشارة

هذا العهد لا تفترق العشائر فيه عن العصر السابق كثيرا، و لا تزال طيي ء صاحبة الإمارة العشائرية و لها النفوذ علي غيرها، و القبائل الأخري في الغالب مختصة في النفوذ ببقعة، أو ناحية

محدودة، أو بالاتفاق و الانضمام إلي الإمارة القبائلية … مما لا يعطف له كبير أهمية في السياسة العامة و إن كان لا ينكر أثره في الإدارة الداخلية. و لكن الإدارة في تدبير هذه القبائل كانت مكتومة، أو أن الذين كتبوا لم يطلعوا علي دخائل الأمور و لا علاقة لهم بالعشائر و بما كانت تراعيه الحكومة من سياسة معها و الوقوف علي أسرارها … و لا نجد إلا فلتات أقلام جاءت عفوا أو ذكرت عرضا و علي كل لم يصلنا عنها الشي ء الكافي …

و القبائل المذكورة في المجلد السابق لا تزال في العراق و لم يطرأ عليها خلل … و أما التي ذكرت في هذا المجلد فهي:

1- قبيلة طيي ء:

و هذه تكلمنا علي أمرائها بإسهاب، و في الغالب كانت أوضاعها معروفة … و لكن المباحث تدور حول الأمراء و لم يتعرض لفروع قبائلها أو مفرداتها … و إن كانت أخبار الأمراء جاءت متوالية و منظمة و مجموعة … بعد أن كانت مشتتة و مفرقة في وثائق عديدة و مختلفة …

و آل مرا قد تكلمنا عليها أيضا و غالب وقائعها ممزوجة بأمراء طيي ء الآخرين …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 347

2- قبائل زبيد:

و هذه جاء ذكرها بمناسبة بعض الحوادث بينها و بين قبائل طيي ء..

و لا نجد لها ذكرا في هذا العهد إلا في وقائع خاصة، و لا يعني هذا أنهم وجدوا أثناء الحادث أو قبيلة بأمد يسير فالمدونات التاريخية ترجع بنا إلي عهد أبعد و كثيرا ما نري الحوادث لا تتعرض إلا لما له علاقة بالحكومة … جاؤوا بصورة متوالية، و قطنوا متفرقين … أو بمجموعات كبيرة …

3- قبيلة بني حسن:

مر ذكرها. و التفصيل عنها في عشائر العراق.

4- كلب:

و هؤلاء قسم كبير منهم مع قبائل زبيد علي ما سيجي ء …

هذا و لا محل للإطالة و قد مر قسم من القبائل في المجلد الأول و لم يحصل تبدل مهم يدعو لتدوينات جديدة … و في الأجزاء التالية تتوضح وقائع القبائل أكثر …

الأوضاع السياسية

إن هذه الحكومة تكونت علي انقاض حكومة المغول (حكومة هلاكو و أخلافه) و هي من نسل مغولي أيضا و بينها و بين الحكومة المالكة صهرية و ارتباط مهم في القيادة الحربية قامت لها بمعارك و ناضلت عنها نضالا عظيما، مشهودا … و لما رأت انحلال هذه الحكومة قامت علي اطلالها و بقاياها. و ليس بالغريب من قبيلة كبيرة كان رئيسها يلقب (نويان) أن يقوم بما قام به و هذا اللقب (نويان) عندهم ليس وراءه رتبة عسكرية سوي القيادة العامة و التشكيلات العسكرية آنئذ علي الترتيب

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 348

المذكور في المجلد الأول. مشي القوم فيها علي طريقة جنكيز في تنظيم جيوشه …

قامت هذه الحكومة بإدارة محدودة، لم تكن في نطاق سابقتها و تكونت آنئذ حكومات أخري فارسية كحكومة آل مظفر، و مغولية كالحكومة السلدوزية (الچوبانية)، و سائر الحكومات المتغلبة مما مر ذكرها فوجدت هذه الحكومة معارضات و مقارعات شديدة … و لم تستقر لها الإدارة إلا بعد مدة … و كان يؤمل منها بعض النفع لو لا أن السلطان أحمد كدر الراحة، و ظهور تيمور الفاتح العظيم في هذه الأيام نغص الطمأنينة … و الأول اشتبه من الأمراء فصار يقتل فيهم و الآخر جاء كأنه صاعقة أصابت العالم، أو طاعون فتاك استولي … أو طوفان جارف أتي بسيله … فمحا حكومات كثيرة مبعثرة الحالات و مضطربة الجانب … و

منها الجلايرية إلا أن سلطانها (السلطان أحمد) لم يقف عند نكبة، أو يسلم لغائلة … مكتوف الأيدي مستسلما للقضاء …

و إنما كان يترقب الفرص، و ينتهز الوضع … للتحفز و القيام … و هو في حالة بين اليأس و الرجاء حتي استعاد ملكه المغصوب إلا أنه جاءه البلاء من متفقه بالأمس الأمير قرا يوسف، حليفه في السراء و الضراء … أو بالتعبير الأصح تولدت فيه آمال جديدة و لم يكتف ببغداد فسعي لحتفه بظلفه … و مهما كانت الدواعي، و الأوضاع السياسية قضي عليه و انقرضت حكومته و زالت من العراق و بعد مدة صارت في خبر كان و لم يبق إلا اسمها و بعض حوادثها مدونة في بطون الكتب …

و هذه الحكومة كسابقتها لم ينل العراق حظا منها بل أصيب بنكبة من تيمور فلا تقل عن القارعة الأولي (علي يد هلاكو) و كان قد ذاع عن تيمور لنك أنه أمر بتعمير بغداد و إعادة ما خرب منها و هيهات أخني عليه الدهر قبل أن ينال العراق منه وطرا … ففي أيام تيمور لم ينل العراق ما يستحق التنويه و الذكر و إنما هناك حروب و ثورات و اضطرابات …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 349

و تخريبات … أما الجلايرية فنعتبرهم أهون الشرين و الاستفادة منهم مصروفة إلي أن العراق كان قد اتخذ عاصمة لهم في غالب عهدهم فأصابته العمارة نوعا، أو النضارة لا لأهليه بل ليروا و يبصروا …

و لا أمل للعراقي أن يصل إلي مأرب، أو يحصل علي مطلوب، أو ينال سعة من رزق و هؤلاء لم يقصر أحد منهم في نهبه و سلبه الأتعاب و الممتلكات ما وجد إلي ذلك سبيلا،

لا يرغب إلا في سد نهمه …

و العراقي أشبه بالحيوان الأعجم يطعم ليحمل الأثقال، أو ليقوم بالخدمة و الحاجة … تنازعت هذه الحكومات بينها للاستيلاء علينا، و تقابلت بسببنا … و لا هم لواحدة منها إلا التنعم بنا …

و علي كل قضي علي هذه الحكومة لتخلفها حكومة جديدة مثلها أو دونها … و كتبت علينا الأرزاء و كل جديد في الحكم يتطلب نفعا منها جديدا و كثيرا، يريد أن نكون (بقرة حلوبا)، أو (دابة ركوبا) … و هكذا لا ندري مصيرنا في هذا العصر و ما ستجره الأيام من الويلات …

و البدوي أهون شرا، و أقل كلفة، يركن إلي المواطن البعيدة، و الخافية عن الأنظار، أو أنه يخطب القوم وده إذا كانت له الإمارة علي جملة قبائل … و تميل العشائر إلي الأقوي من هؤلاء التماسا وراء الراحة و الاستفادة … و الأحوال الحربية المتوالية، و المعارك الدامية مما شوش النظام الداخلي و قضي علي الإدارة الثابتة و المطردة … و لو لا الموقوفات لأهل الخير لما عمرت المدارس و لذهبت ريح العلم من البين إلا أن بقايا العلماء ذهبوا إلي البلاد الأخري من طريق الحج أو ما ماثل من الأعذار فنجد العلماء العراقيين قد انتشروا في الأطراف و لم يعلم عن الباقين إلا القليل … و سير الحالة علي ما سيوضح …

هذا و الحديث ذو شجون، لا يحتمل البيان أكثر …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 350

الثقافة أو العلوم و المعارف

للأوضاع السياسية ارتباط قوي بالثقافة، فكلما ضيقت السياسة الخناق علي الأهلين شغلوا بأنفسهم، و عادوا لا يلتفتون إلي العلوم و الآداب … أو أنها ألهت من النظر إلي ما يفيد … و كلما خلد الناس إلي

الراحة و سكنت الحالة و اطردت … مالوا بكليتهم إلي التربية و التهذيب.. و القضايا الاجتماعية متماسكة فإذا تخلخلت ناحية اضطربت سائر النواحي …

و قد قدمنا أثناء ذكر الحوادث وفيات علماء مشاهير، و أدباء معروفين أيام هذه الحكومة ما يعين الحالة الراهنة و الأمر الواقع، و لا مجال للإسهاب هنا و لكننا نقطع في درجة اهتمام العراق بالعلوم، و التهذيب و قل بالنتيجة الحضارة و مقوماتها فإنه لم ينس ذكري الماضي، و استعادة زهوه كلما وجد إلي ذلك سبيلا …

نعلم أن المدارس كانت من أعظم المؤسسات العلمية و الدينية، كان و لا يزال مقياسها كبيرا، و نطاقها واسعا خصوصا في هذا العصر فقد أنشئت مجموعة مهمة منها … و لعل الباعث المهم أن بغداد صارت عاصمة كما أشير إلي ذلك فيما سبق أو أن النفسيات ملت من الظلم و ضجرت من القسوة فمالت إلي دور العبادة، و المدارس و ركنت إلي تأسيس مثل هذه … و نري الأول هو الصحيح لأن العمارات زادت، و كثر البذخ، فانصرف أهل الخير بسبب الغني إلي هذه العمارات …

فكانت من أكبر عوامل الثقافة، و المعرفة العلمية الصحيحة …

و المدارس المؤسسة في هذا العهد، و كذا الجوامع تكفي للدلالة علي الاهتمام بالعلوم و الغالب أن لا يخلو مسجد من مدرسة، و لا

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 351

مدرسة من مسجد و فيها المدرسون الموظفون أو بصورة حسبية …

و أشهر المؤسسات من هذا النوع:

1- مدرسة مرجان.

2- المدرسة الوفائية.

3- مدرسة الخواجة مسعود.

4- مدرسة العاقولي. أصل وضعه مدرسة صغيرة فنال شكلا موسعا.

5- جامع سراج الدين.

6- جامع النعماني.

7- مدرسة سيد سلطان علي.

8- مدرسة الوزير إسماعيل. و هذه لم تتم. و إنما صلب فيها

مؤسسها فصارت تسمي ب «جامع المصلوب» …

و هذه إذا أضيفت إلي بقايا المدارس السابقة استكثرنا العدد، و علمنا أن الرغبة كانت كبيرة، و المدارس مفتوحة و لم تسد في وجه طالب … و أهل الخير وقفوا الموقوفات الدائمة لبقاء مهجتها و حفظ عينها و عرضت للاستفادة. اشتهر في التدريس بها علماء ذاع صيتهم، و بعدت شهرتهم … و بينهم كثيرون لم نعثر علي تراجم لهم، و المعروف مقتضب و ثبتناه علي علاته حتي نجد ما يوسع في المعرفة و يزيد في العلم

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 352

بهم. فهذا الفيروزآبادي صاحب القاموس جاء بغداد سنة 745 ه و بقي إلي سنة 755 ه قرأ علي:

1- الشهاب أحمد بن علي الديواني في واسط.

2- التاج محمد بن السباك.

3- السراج عمر بن علي القزويني خاتمة أصحاب الرشيد بن أبي القاسم.

4- محمد بن العاقولي.

5- نصر اللّه بن محمد ابن الكتبي.

6- الشرف عبد اللّه بن بكتاش قاضي بغداد و مدرس النظامية.

و كان الفيروزآبادي عمل عنده معيدها.

و لا نزال نجهل تراجم بعض هؤلاء المشاهير و مكانتهم العلمية و الأدبية … و هم في أيام هذا الرجل من رجال الإجازة و أساتذة العلم، و بالتلقي عنهم اشتهر …

و الأمر لا يقتصر علي هؤلاء ممن مرت تراجمهم خلال سطور الكتاب بصورة مختصرة أو مقتضبة علي الرغم من القدرة العلمية و الأدبية … و إنما هناك رجال عمل و تدريس دون التدريس العالي، و التدريسات الأولية التي لا يستغني عنها … و قد نهجت هذه كلها في حياتها نهجا صالحا و بدرجات متفاوتة لمختلف الثقافات و ضروبها …

حتي تربية العوام و السواد الأعظم و تهذيبهم و هناك الوعظ و الإرشاد و فائدته كبيرة

جدا … و لم يهمل … و القوم لاحظوا كافة صنوف الناس و أسسوا لهم المؤسسات..

و علي كل أرقي صنوف المعرفة يتولاها أكابر المدرسين كمدرسي المستنصرية و النظامية و أمثالهم و هو ما يراد به عندنا ما يراد ب (أستاذ).

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 353

و هؤلاء (رجال الإجازة) فهم الذين يتولون حق منح الإذن بالتدريس كواحد منهم فيقوم بمهمة قريبة من مهمة أستاذه المتخرج عليه.. إلي أن ينال مكانته بما يظهر فيه من مواهب. و لا يصل إلي هذه المنزلة إلا من تيسرت له القدرة العلمية و الكفاءة التامة في حل الغوامض و المشاكل و زاول بتدريب أستاذه ما يؤهله للاستغناء عنه بنفسه … و غالب علماء العراق معروفون فيه و في أقطار عديدة …

تلك السيرة المنتظمة التي مضي عليها العلماء لم يفسدها تبديل مناهج، و لا تحويل مدرسين، و لا تغيير أساليب أو كتب مدرسية..

و إنما نراها سائرة إلي الكمال، و مستمدة ثقافتها من نفس بيئتها و ما تدعو إليه … و لكن أثرت فيها السياسة الغربية و الثقافة الإيرانية و كان قد أشبع بها رجال الحكومة و ملوكها … فأهملت تلك الثقافة، و زالت فائدتها فبعد أن كان رجال الدولة من متخرجي هذه المدارس و الجادين لصلاحها و إصلاحها … صار الوزراء الأجانب ينظرون إليها بعين الريبة و الخوف، و يخشون أن يقدم أحد رجالها عليهم … بل صاروا لا يأمنون أحدا من العراقيين فقدموا أبناء جلدتهم ليحتفظوا بمراكزهم و لم ينظروا إلي الكفاءة العلمية، و لا درجة الثقافة في العلوم و الصناعات (هذا من شيعته و هذا من عدوه).. و من ثم صار لسان حال هؤلاء العلماء يقول:

إذا كان علم

الناس ليس بنافع و لا دافع فالخسر للعلماء

مالوا إلي الإمامة، و الخطابة، و الوعظ، و التدريس و هو أرقي المناصب، أو القضاء و لا يحصل دائما فانحصرت فائدة العلوم و مطالبها في هذه الأمور فانحطت المدارك، و تركوا السياسة و مشتقاتها …

و صارت مخصصاتهم لا تكفي لسد الرمق و الحاجة و صار غيرهم يتنعم بأنواع النعيم و كل خيرات البلاد بأيديهم … فإذا قال العالم:

غزلت لهم غزلا دقيقا فلم أجد لغزلي نساجا فكسرت مغزلي

لا يعدو شاكلة الصواب …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 354

دعا سوء هذه الأوضاع من إهمال شأن العلماء أن صارت مؤسساتهم العلمية و دور ثقافتهم لأنفسهم، و لينالوا حظا من رغبتهم لا أن يكونوا رجال الدولة، أو أعضاءها الفعالة … و من أراد حظا من ذلك و طمحت نفسه إلي أكثر مما هو فيه مال إلي الخارج. و التاريخ دوّن الكثيرين … أو انكب علي لغة القوم و آدابهم ليحصل علي بعض حظوظهم أو يأمن غوائلهم … ذلك كله بعد أن كان أولئك القوم قد اتخذوا مناهج ثقافية متعددة و بصورة متوالية لإدراك اللغة العربية و علومها بالترجمة و بوسائل أخري … و هذه الأيام بدء دور الاستقلال بالثقافة …

و هكذا يقال عن الآداب من منظوم و منثور كانت واسعة الخطي، و غزيرة المادة فركدت لما أصابها من خذلان فاشتهر أدباء العراق في غير العراق، و ذاع صيت شعراء الفرس في نفس العراق. و لم يعد بالإمكان صد تيار السيل الجارف.. و إن تعديل المناهج و تدريس اللغة الفارسية و آدابها لا يؤدي إلي مجاراة العصر. لأن العراق لو انقلب منطقة فارسية و أهمل أهلوه لغتهم و ثقافتهم لما نالوا غير

منزلتهم فالعروة كانت بيد الكواز، و القوم لا يقربون سوي أبناء جلدتهم.. و نبغ في العراق بعض شعرائهم ممن له الذكر العظيم عندهم …

هذه الأشكال ظاهرة عيانا، و إن فتح المدارس الجديدة لم يعوض الخلل، و لا وقف تيار هذا الإفساد في الثقافة و إنما تمادي و لم يظهر بوضوح إلا في العصور التالية إذ لا تزال بقية باقية … و لكن تحقق بصورة جلية أن تلك الثقافة يصح أن يقال فيها (علم لا ينفع و جهل لا يضر).

و لا يفوتنا أن نقول إن هذا العصر تفوق علي غيره بكثرة مدارسه و تنوع علومه.. مع القطع بأن الفارسية استعانت كثيرا بهذه المدارس،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 355

و استفادت من علومها لتكتسب ثقافتها … فتكون لهم مجموع استغنوا به، و تمكنت هذه أكثر بتوالي العصور، ترجموا، و ألفوا، و نظموا …

إلي أن صار رأس مالهم كبيرا جدا. و يعد هذا الزمن عهد انتصار الصراع بين العربية و الفارسية … بعد أن كانت الثقافة الفارسية ضئيلة في العهد العباسي و كان العرب يقتنصون أصحاب المواهب منهم فصار الكثيرون من أدباء العرب قد مالوا إلي الآداب الفارسية و نالوا نصيبا منها … فانعكست الآية …

و لا لوم علي الفارسي أن يخدم ثقافته فهذا مما يمدح عليه …

و لكننا دوّنا ما وقع و أوضحنا وجهة العلاقة و درجة التمكن، و التيار الذي جري … لا بقصد التعديل بل بيان الأسباب و البواعث لما حصل …

و علي كل إن العراق استولت عليه الإدارة الفارسية فأثرت علي ثقافته و لغته و أدت إلي إدخال ألفاظ فارسية في العامية و في الفصحي..

حتي دخلت في التهجي (زير، زبر، پيش) و هكذا

مما لا يسع القول فيه أكثر من هذا.

الصناعات الجميلة

أصل الصناعات في العراق يرجع إلي عهد بعيد جدا إلي ما قبل العصور الإسلامية بآلاف السنين إلا أن الطرز اختلف، و الرغبة الأخيرة في هذا العصر خاصة توجهت إلي نواح جديدة ما زالت و لا تزال في تغير مستمر.. فإذا اندثر شكل، أو مات نوع.. تغير إلي آخر؛ أو خلفه غيره.. و أوضح مظاهرها في هذه الأيام التصوير، و التطريز، و النقش، و زخرف العمارات و الأواني و الحلي و الأسلحة … و مثلها الموسيقي و الغناء، و الخط و التفنن فيه، و التجليد، و التذهيب و الرصد و آلاته، و الفلك و بروجه … و هكذا.

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 356

و يطول بنا تعداد ما هنالك، و أول أمر يلفت النظر ما له ارتباط و علاقة بالآثار الإسلامية، و يكفي لمعرفة المتكامل منها عندنا أن نسرح أبصارنا في آثار مملكتنا و مخلداتها؛ أو في المنقول منها إلي متاحف استانبول و المدن الكبري أمثال متاحف برلين و باريس و لندن و أميركا …

فنري هذه قد بلغت المنتهي من الاتقان، و فيها ما يمثل المجالس العلمية، و مجتمعات العلم و الأدب، أو الخلاعة أو الحروب و الصيد … و هكذا مما يبهر الناظر، و يسترعي وقوف البصر حيران مبهوتا، أو علي الأقل يدعنا نقطع بأن الصانع العراقي قطع شوطا في الصبر و المثابرة علي إكمال مهمته، و التفوق في مهنته بما زاوله … سواء كان في محاذاة غيره أو محاكاة الطبيعة، و تقليد ما في أيدي الآخرين … أو كان عمله مما أبدعه أو اخترعه خياله، أو ابتكره ذوقه …

إن الصناعة و كمالها، و النقش و

ضروبه … تجتذب النفوس إليها بمرآها، و يهيج الشعور الحي بدقتها، و يؤدي إلي درجة الاعتناء بالفنون الجميلة … و لا تكفي هذه و إنما يجب أن نتفحص تطورها، أو سيرها التاريخي في مختلف الأزمان … و لكن لا مجال لنا إلا أن ننظر إلي حالتها التي عليها في هذا العهد من بين العصور الأخري لنشاهد إلي أي جهة سائرة … فنكون علي بينة من حركة الفنون الجميلة و الصناعات النفيسة فنعلم أثرها في مفترق الطرق، و ما ولدته العصور أو الحضارات حتي برزت … فتدهورت و انحطت أو تكاملت و ارتفع شأنها …

كان العصر العباسي من أوضح العصور الإسلامية في تكامله، لا يخلو من التأثر بالصناعات قبله و لكنه جاء بها موافقة لذوقه و معرفته، و تابعة لمقتضي تربيته و نحو ما يرغب فيه … فكان لها طابعها الخاص … و أما في العصر المغولي فقد جاءت مستقاة من ناحية صينية و تغلبت عليها حتي في ثقافاتها الأخري، و لا تخلو من التأثر بالصناعات

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 357

الإيرانية، أو أن الإيرانيين اقتبسوها ممزوجة بما عندهم و موافقة لميولهم، أو متصلة بآدابهم و مألوفاتهم …

و العراق لم يخرج عن هذه الأوصاف و إن كان للمحيط حكمه و أثره، و للأدب نزعته و اتصاله … ففي هذا العهد نري الطوابع مرسومة، و النقوش ثابتة، و العلاقة ظاهرة للعيان … فإذا عددنا نقاشا واحدا، أو مذهبا، أو بضعة خطاطين أو بنائين في عصر أو عدة عصور فهذا لا يدل علي أن العصر أو العصور لم تنجب غير هذا، أو عقمت أن تلد مثله و لم تنتج سواه … و إنما كان نسيان العصر لرجاله،

أو فقدان آثارهم، أو تجول هذه الآثار في الأقطار حتي خفيت، أو ضياع التواريخ بسبب الحوادث، أو جهل العصور التالية كل هذه لا تمنع من التعرف بالآثار الموجودة و المخلدة في المتاحف، أو الاطلاع علي جماعة من أصحابها …

- نعم صرنا نتحري الآثار لمعرفة قوة الصناعة و دقتها، و درجة رقيها فلو عدمنا التاريخ فلا نعدم نفس الآثار … و لعل في هذه ما يغني أو يبصر بما كان.. فالخطاطون نوعا معروفون و اشتهر منهم جماعة في هذا العصر، و الكل ساروا علي منوال ياقوت المستعصمي … فهو أستاذ الجميع في الأيام الأخيرة، و صلتهم به موصولة … و توالوا بعده إلي أن جاء رجال الوقت المعاصرون، و قد قدمنا ذكر جماعة منهم عند حوادث الوفيات و أخص بالذكر السلطان أويس، و السلطان أحمد، و السلطان إبراهيم بن شاه رخ بن تيمور لنك من الملوك..

و بكل أسف أقول نحن في حاجة أكيدة للحصول علي نماذج من خطوطهم و أن نتحري عنها في مختلف المتاحف و دور الكتب لنتمكن من إدراك الصناعة بمعناها و لو في الخط خاصة و لا يكفينا أن نعلم أسماء جماعة ممن فاقوا في الخط دون أن نعرف درجة حسن خطوطهم، و قيمة

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 358

ما كتبوه علميا و درجة تطور هذه الصناعة بمن قامت بهم … حتي نالوا الحظ الوافر من الشهرة لحد أن صاروا أساتذة الخط عند جميع الأمم الإسلامية …

و لا ننسي أن الغالب في الناس أن يجعلوا هؤلاء الأساتذة واسطة الوصول و سلمه إلي أستاذ الخط بالاستحقاق فلم يشاؤوا أن يحتفظوا بنماذج منها، و إنما يقفون عند الأصل … و السند أو الصلة الفنية

مقصورة في الغالب علي الخط، و لا نجد أساتذة موصولي السند في النقش و في غيره كالتجليد و التذهيب، و الرسم و ما ماثل … فلم نحرص علي رجال الصناعات، و لا علمنا مدونات عنهم بصورة متوالية، و لا حفظنا أسماء أصحابها إلا أن يكون صاحب الأثر قد دون اسمه مثل النقاش الخطاط زرين قلم في نقوشه و خطوطه علي بناية جامع مرجان و خان الأورتمة و عبد علي النقاش و كان قد استخدم في بلاط سمرقند ايام تيمور … و كان عمل تيمور علي أن يجمع في عاصمته سمرقند أكبر عدد ممكن من الفنانين و الصناع فنقل إليها مئات المصورين من بغداد و تبريز و غيرهما من البلاد التي استولي عليها و مع ذلك ظلت بغداد و تبريز مركزين لصناعة التصوير …

و في المتحفة البريطانية نسخة من قصائد خواجو الكرماني المسماة ب- (هماي و همايون) المار ذكرها سابقا. كتبت بخط مير علي التبريزي الخطاط المشهور في بغداد سنة 799 ه (1396 م)، و علي إحدي صوره توقيع الفنان الفارسي جنيد السلطاني الذي كان في خدمة السلطان أحمد

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 359

الجلايري ببغداد و هناك نسخة أخري بخط أحمد التبريزي ترجع إلي هذا العهد و هي عدة قصائد منها تاريخ منظوم لفتوح جنكيز خان …

و في هذين المخطوطين من الصور ما يعين عصر الجلايرية فإن أمثال هؤلاء عاشوا في عهد هذه الحكومة و تعهدها … و إن السلطان أحمد كان من الملوك الذين عالجوا التصوير و أصابوا فيه نجاحا و هكذا قل عنه في الموسيقي …

و نحن مهما اتخذنا طريق الصناعة و قربنا هذه الآثار بعضها من بعض و أظهرناها مجموعة لا

تعين لنا حقيقة العصر و ما هي عليه … فإن الفنون الجميلة لا ينبغ فيها إلا أفراد … و هي لا تصلح لمقارنة العصور … و نخطي ء كثيرا إذا قابلنا الموجود بآخر و ظهرت بعض مزاياه علي غيره فهذا ليس بالقطعي لإراءة العصر و لما لم نحط خبرا بكل ما للعصر، و إن غالب من كتبوا اتخذوا المعروف لديهم أساس المعرفة فلا يقطع في حكمهم و قد قدمنا نماذج في العصر المغولي و الظاهر أن التكامل قد سار في طريقه سيرا مقبولا، و مشي بخطي واسعة بالنظر لما عرف و أن التطور الحاصل طبيعي لتوالي العصور في المعرفة و نزوعها إلي ما تبتغيه …

أما فن الموسيقي فإن أصل تمكنه و رسوخه يرجع إلي عهد صفي الدين عبد المؤمن أيام العهد المغولي … ففي أيامه اكسب قواعده تثبيتا، و أنالها شكلا علميا، و لم يقف علي الأخذ … و آخر من عرفناهم في هذا العصر السلطان أحمد فإنه كان نابغة فيه.. و لكننا نقول بكل صراحة إننا لم نعرف أساتذنه في هذا الفن، و لا اطلعنا علي قائمة ندمائه فيه … ممن لهم رغبة في الموسيقي و اتقان في الصناعة … و علي كل سلك الباقون التالون علي نهج الصفي …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 360

أما الأبنية و العمارات و ما فيها من زينة نقوش و خطوط و هندسة … فإن أمثلتها علي الرغم من قلة الباقي من الآثار كافية لإظهار بدائع الصناعة و النقش و الخط … فإنها تمثل المشاهد في الكتب، أو هي تقريب منه، كما أن إحكام مادة البناء، و صناعته الهندسية … دليل عظمة الفن … و من هذه الأمثلة

بناء جامع مرجان و جامع العاقولي، و خان الأورتمة، و بعض الآثار الأخري …

و الحاصل أن هذه النواحي و غيرها مما يتعلق بالصناعة و مقوماتها تحتاج إلي مباحث كثيرة و مستقلة بأن توسع بإسهاب لتعرض علي القراء لتعيين ما هم فيه، و مقابلته بما كانوا عليه … و أقف عند هذا الحد.

مكتفيا بعرض الصور الفنية …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 361

خاتمة

من الوقائع السابقة و المباحث المدونة أعلاه أعتقد أن قد وضح نوعا وضع العراق السياسي و العلمي و ذلك قدر ما سمحت لنا به الوثائق و المستطاع من مطالعة الآثار العديدة … و إذا كانت الوقائع لم تكشف المطالب أكثر مما هو الموجود فهي علي الأقل تبصر بما يفي بسد رغبة العديدين و يغنيهم عن زيادة التطويل …

و التاريخ العلمي و الأدبي كفيل ببيان نواح مختلفة أخري، لها مساس مباشر بالثقافة و المعارف، أو الصناعة و ضروب الحضارة …

و غاية ما يصح أن نقوله عن السير التاريخي في عصور كهذه متقاربة أنه لا يختلف الوضع اختلافا كبيرا عما اعتاده الناس و ألفوه أيام المغول، أو قبلهم … فالواحد مفسر للآخر ما دمنا لم نجد خلافه.. لأن النهج الاجتماعي لا يتبدل بسرعة و سهولة … فإذا كانت الحكومة المتوالية لا تهتم بالثقافة و التعليم كما هو الغالب من أحوالها و أوضاعها تجاه هذا القطر فالناس ماشون في طريقهم إلي تربية ذاتية، و طرز تهذيب من شأنه أن يرفع المستوي و يؤدي إلي استقرار العلوم و تقدمها.

و كل ما ألهي الناس، و صرفهم من غوائل أو وقائع مؤلمة …

أحدث فيهم أثرا سيئا، و غفلة من ضروب التعليم.. نظرا للتلازم القوي بين السياسة و الاجتماع

أو حالة القوم تجاه النكبات … مما لا يصح

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 362

إهماله أو عدم الالتفات إلي ما أبقاه من علاقة …

و لعل أكبر مانع حال دون غربة الأهلين من أهل المدن خاصة ما جري عليهم من ظلم و قسوة و ما أصابهم من عسف بسبب الحروب العظيمة و تفاقم شرورها … فإنهم كانوا أقرب من شاة للذبح فالوقائع المتوالية أكبر سبب لإماتة الثقافة و الصناعة، و ركود روح النشاط العلمي و حب الاتقان …

و النظرة في مثل هذه المواقف سريعة بأمل اطلاع القاري ء علي تيار الحوادث مجملا و ما تركته في النفوس من أثر أو ما أبقته من تغير في الصناعة و سيرها الردي ء الذي رأيناه في العصور التالية بوضوح أكبر …

و المجال لا يحتمل التفصيل أكثر من هذا. و الباقي للأجزاء الأخري..

و اللّه ولي الأمر.

تكملة:

جامع السيد سلطان علي

كنا قد تكلمنا علي هذا الجامع بما وصل إلينا … و الآن بعد أن أوشك طبع الكتاب أن يتم عثرت علي مجموعة عند بعض الأصدقاء الأفاضل فرأيت فيها ما ملخصه:

«السيد أبو الحسن علي بن يحيي بن ثابت بن حازم بن أحمد بن علي بن رفاعة الحسن المكي نزيل اشبيلية الرفاعي الحسيني.. السيد الشريف سلطان العارفين … ولد في البصرة عام 459 ه. و توفي أبوه السيد يحيي النقيب و له سنة واحدة، و كفله أخواله الأنصار و بنو خالته آل

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 363

الصيرفي الأمراء المشهورون في البصرة و شب علي التقوي و أخذ العلم و الطريقة عن جده لأمه الشيخ الكامل موسي أبي سعيد النجاري الأنصاري شيخ البطائحيين، و لا زال يتردد إلي البطائح لزيارة ابن خاله الشيخ الكبير السيد منصور

الأنصاري … و في سنة 497 ه سكن البطائح بأمر الشيخ منصور و بتلك السنة زوجه بأخته … فاطمة الأنصارية فأعقب منها أولادا مباركين أعظمهم شيخ الوقت، إمام الهدي السيد أحمد الكبير الرفاعي … و كانت إقامة السيد أبي الحسن علي صاحب الترجمة بقرية حسن من البطائح … إلي أن جاءت سنة 519 ه فوقعت الفتن الكثيرة … بواسط و كان إمام أهل السنة و المشار إليه بين طوائف الصوفية و الزهاد و رجال العترة المحمدية … فأجمع الناس علي سفره لبغداد … فتوجه … و نزل بيت الأمير مالك المسيب برأس القرية محلة ببغداد، و قد كتب بشأنه للخليفة ما يلزم أن يكتب عماد الدين زنكي صاحب واسط فأعزه الخليفة و رفع مكانه … (ثم مرض) و بعد أسبوع من مرضه توفي فعمل له الأمير مالك مشهدا برأس القرية. و هو إلي الآن يزار و يتبرك به، و له منزلة في قلوب العامة … » ا ه.

و هذه المجموعة تسمي «كتاب روضة الأعيان في أخبار مشاهير الزمان» أولها: الحمد للّه الأول و الآخر … إلخ للعلامة المحقق المدقق محمد بن أبي بكر بن علي بن عبد الملك بن حماد بن دكين، و لا أدري من هو مؤلفها … أما تاريخها فهو 5 رجب سنة 1305 و لم يذكر كاتبها تاريخ نقلها، و فيها مباحث تاريخية و أدبية و تتعرض كثيرا للرفاعية و رجالها … و تصل بهم إلي القرن العاشر و لم تتجاوز ذلك و قد رأيت عليها خط المرحوم السيد شاكر الآلوسي في غرة شعبان هذه السنة …

ثم رأيت (كتاب روضة الناظرين و خلاصة مناقب الصالحين) للشيخ أحمد بن محمد الوتري المتوفي في

عشر الثمانين و تسعمائة هجرية ينقل

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 364

النص المذكور بعينه و كان قد أتم تلخيصه من كتابه (مناقب الصالحين و محجة أهل اليقين) سنة 963 ه. و طبع كتاب روضة الناظرين في مصر سنة 1306 ه.

و نحن في حاجة ماسة إلي ما يؤيد هذا النقل أو يكشف غوامض تاريخنا … و لعل في القراء من له علم أو نص يصلح في موضوع هذا الجامع …

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 365

الفهارس العامة

اشارة

1- فهرس الأعلام

2- فهرس الشعوب و القبائل و النحل

3- فهرس المدن و الأماكن

4- فهرس الكتب

5- فهرس الألفاظ الدخيلة و الغريبة

6- فهرس الصور

7- فهرس الموضوعات

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 367

1- فهرس الأعلام

حرف الألف آدم (عليه السلام): 17، 203، 204

آصف: 120

آصفي (المولي الخواجة): 23

آقبغا، آق- بوغا: 31، 92

آلتون (الأمير): 214، 215

آلوسي: إبراهيم ثابت، محمود شكري، شاكر، محمود شهاب الدين).

الآمدي: 86

آمنة بنت إبراهيم الواسطية: 45

أبا يزيد: (بايزيد)

إبراهيم عليه السلام: 203

إبراهيم (السلطان): 336

إبراهيم پاشا (حافظ): 284

إبراهيم بن أحمد بن كامل: 46

إبراهيم بن إسحق لؤلؤ: 34

إبراهيم أفندي بن محمد أفندي: 120

إبراهيم باشا (حافظ): 284

إبراهيم بن ثابت الآلوسي: 98

إبراهيم شاه بن جلوا: 37، 38

إبراهيم بن شاه رخ: 301، 302، 307، 357

إبراهيم الشيرواني (الشيخ): 314، 317، 322

إبراهيم بن عبد اللّه البغدادي: 156

إبراهيم العجمي: 213

إبراهيم بن علاء الدولة: 308

إبراهيم بن محمد الموصلي (ابن الجحيش): 55، 332

ابن أبي الدنية: 34، 46، 48، 52

ابن أبي عذيبة (شهاب الدين أحمد بن محمد بن عمر المقدسي): 278

ابن أبي عمرو: 50

ابن الأثير: 334

ابن الأخضر: 46

ابن البابا: (الشيخ شهاب الدين).

ابن بطوطة: 62، 63، 68، 95، 160، 163، 180، 262

ابن البقال: (محمد بن الحسين بن أحمد الحلي).

ابن بلدجي: (عبد اللّه بن محمود، عبد الدائم، عبد العزيز، عبد الكريم).

ابن بلدجي: 52

ابن البيطار: (شمس الدين محمد ابن البيطار).

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 368

ابن تغري بردي: 146، 304

ابن تيمية: 145، 229، 334

ابن تيمور: 257

ابن تيمية: 304

ابن الثردة: (علي بن إبراهيم)

ابن جبير: 126

ابن جزي: 262

ابن الحبال: 174

ابن حبيب: (طاهر بن حبيب)

ابن حجر (أحمد بن علي): 18، 174، 209، 213، 229، 246، 247، 292، 302، 320، 328، 330، 335

ابن حجي: (أحمد بن علاء الدين حجي)

ابن الحصين: 73

ابن حلاق: 34

ابن حلاوة (محمد بن

أحمد)

ابن الخباز: (محمد بن إسماعيل)

ابن الخراط: (ابن الدواليبي)

ابن خطيب الناصرية: 264، 328

ابن خلدون: 111، 161، 163، 170، 191، 192، 315، 316

ابن الدباب: 50

ابن الدريهم: (علي بن محمد الثعلبي)

ابن الدواليبي: 47، 50، 70، 87، 217

ابن الدواليبي: (عبد الحسن بن محمد، عبد المحسن بن عبد الدائم، محمد بن عبد المحسن)

ابن رافع: 130، 157

ابن رجب: 47

ابن رجب: (شهاب الدين بن رجب، عبد الرحمن بن أحمد)

ابن الزجاج: 50

ابن الساعاتي: (أحمد بن علي الساعاتي)

ابن الساعي: 50، 241

ابن السباك: (محمد، علي بن سنجر)

ابن السهروردي: 64

ابن الشحنة: 296

ابن شيبان: 50

ابن شيخ العوينة: 86

ابن الصواف: 149

ابن الصباغ: 178

ابن الطبال: 129

ابن طولون: 174

ابن ظفر: 253

ابن العاقولي: محمد بن عبد اللّه، محمد بن محمد

ابن عبد الدائم: 59، 60

ابن عبد السلام: (أحمد بن العز محمد).

ابن عبد الهادي: 64، 280

ابن عثمان: 281

ابن عربشاه: (أحمد ابن عربشاه)

ابن عزال: 52

ابن عسكر البغدادي: 174

ابن العلقمي: 28

ابن الفصيح: (جلال الدين عبد اللّه بن أحمد، أحمد بن علي، شهاب الدين ابن عبد الرحيم، عبد الرحيم ابن أحمد)

ابن فضل اللّه العمري: 109، 123، 158، 240

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 369

ابن فهد الحلي: 134

ابن قاضي شهبة: 37، 38، 180، 192، 246

ابن قشعم: 277

ابن كثير: (إسماعيل بن عمر)

ابن الكحال: (محمد بن إسماعيل الإربلي)

ابن كر: (محمد بن عيسي)

ابن الكسار: 39

ابن الكويك: (محمد بن الحسين الربعي)

ابن اللنك: 142

ابن ماكولا: 69

ابن المالحاني: 52

ابن المطهر: (محمد بن فخر الدين محمد، الحسن بن يوسف)

ابن المطهر الحلي: 127

ابن الملوك: 280

ابن النشو: 170

ابن النيار: (الحسين بن محمد الحسيني)

ابن هندوا: 78، 84

ابن الوردي: (عمر ابن الوردي)

أبو إسحاق: 92

أبو إسحق (الشيخ): 82، 83، 163

أبو إسحق اينجو (الشيخ): 83

أبو إسحق السرحاني: 214

أبو إسحاق الشيرازي: 198

أبو البركات: 262

أبو بكر (تقي الدين): 47

أبو بكر (الخليفة):

85، 154، 204، 206، 329

أبو بكر بن ميرانشاه (ميرزا): 259، 265، 278، 279، 304، 314، 319

أبو بكر العباسي المعتضد باللّه: 163

أبو بكر بن أبي الربيع: 163

أبو بكر ابن الحاجي: 161

أبو بكر بن سنجر الموصلي: 122

أبو بكر بن عبد البر بن محمد الموصلي:

244

أبو بكر بن محمد بن قاسم السنجاري:

(شجاع الدين): 216

أبو بكر ابن كنجاية (الأمير): 45

أبو بكر بن محمد: 340

أبو بكر ابن الملك الناصر محمد (الملك المنصور): 344

أبو بكر بن نعير: 224

أبو بكر (أمير زاده): 266

أبو بكر الزريراني: 65

أبو بكر الهروي: 45

أبو حنيفة (الإمام): 99، 100، 106

أبو حيان (الشيخ): 174

أبو الخير سعيد الذهلي: 69، 76

أبو زرعة ابن العراقي: 174

أبو سعيد (السلطان): 17، 28، 31، 32، 44، 53، 62، 64، 65، 82، 83، 88، 91، 95، 158، 162، 163، 168، 304، 310

أبو سعيد القاآن: 48

أبو سعيد ميرزا: 308

أبو طالب: 21، 39

أبو العباس البغدادي: 79

أبو عباس المرداوي: 280

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 370

أبو عبد اللّه بن رشيد: 262

أبو العلاء الفرضي: 76

أبو عمرو: 49

أبو عمرو بن المرابط: 229

أبو الغازي بهادر خان: 111، 343

أبو الفتح الميدومي: 280

أبو الفتح (تقي الدين العوفي): 66

أبو الفرج الأصبهاني: 123

أبو الفضل ابن الزيات: 76

أبو محمد عبد اللّه السنجاري (تاج الدين): 252

أبو محمد ورخز: 48

أبو المعالي ابن عشائر: 213

أبو نصر ابن الشيرازي: 134

أبو نعيم: 127

أبو يزيد: 191، 192، 239، 257

أتابك أفراسياب: 62

أحمد (الأمير): 37، 171

أحمد (السلطان): 120، 181، 186، 187، 188، 189، 191، 192، 196، 197، 208، 214، 215، 219، 220، 221، 222، 225، 226، 227، 234، 236، 237، 238، 243، 247، 250، 251، 252، 253، 256، 257، 266، 274، 275، 277، 278، 279، 304، 305، 312، 313، 314، 315، 317، 319، 320، 322،

323، 324، 325، 326، 329، 330، 331، 348، 357، 358، 359

أحمد بن أبي الحديد: 48

أحمد بن أبي الوفاء الموصلي: 322، 332

أحمد بن أويس: 154، 182، 212، 214، 223، 224، 232، 240، 241، 244، 248، 258، 279، 281، 328، 335، 338

أحمد بن ثقبة: 212

أحمد بن الحسن الحسني (شهاب الدين:

82

أحمد بن حسين: 124

أحمد بن حنبل (الإمام): 230

أحمد بن داود بن الموصلي: 54

أحمد بن رجب الحنبلي: 144

أحمد بن رميثة (شهاب الدين) 43، 44، 45، 60، 213، 345

أحمد ابن شيخ الحرامية: 34

أحمد بن صالح البغدادي (شهاب الدين):

227

أحمد بن عبد اللّه البغدادي: 109

أحمد بن عبد اللّه المتوج البحراني (فخر الدين): 134

أحمد بن عبد الدائم: 45

أحمد بن عثمان: 229

أحمد بن عجلان (الشهاب): 212، 213، 345

أحمد بن عرب شاه (شهاب الدين): 11، 12، 13، 256، 295، 296

أحمد بن عز الدين: 340

أحمد بن علاء الدين حجي الدمشقي (شهاب الدين): 19، 145، 156، 198، 246

أحمد بن علي (الشيخ شهاب الدين):

(ابن حجر)

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 371

أحمد بن علي بن محمد البابصري (جمال الدين أبو العباس): 72

أحمد بن علي البغدادي (مجد الدين):

127

أحمد بن علي الديواني (الشهاب): 352

أحمد بن علي الساعاتي (ابن الساعاتي):

76، 86

أحمد بن علي ابن الفصيح (فخر الدين):

87

أحمد بن شيخ عمر (الميرزا) 307، 308

أحمد بن غزال (النجم): 71

أحمد بن فليتة: 44

أحمد ابن الملك الناصر محمد (الملك الناصر): 344

أحمد بن محمد الشيرجي (شهاب الدين):

126

أحمد بن محمد الشيرجي (ابن الشيرجان): 87

أحمد بن محمد بن المظفر 219

أحمد ابن العز محمد الشهير بابن عبد السلام (الشهاب) 21

أحمد بن محمد بن علي الكازروني: 79

أحمد بن محمد الوتري: 363

أحمد بن مهنا (الأمير): 66، 67، 68، 118، 210

أحمد بن يحيي البكري الشهرزوري الكاتب (شمس الدين): 48

أحمد بن يوسف بن

إبراهيم الكرسي:

217

أحمد البغدادي الجوهري (شهاب الدين):

320

أحمد بهادر الجلايري (السلطان): 10، 11، 13، 169، 329، 358

أحمد التبريزي: 19، 359

أحمد چلبي القرماني: 28

أحمد (چوكي): 302

أحمد الكبير الرفاعي (السيد) 363

أحمد السهروردي (الشيخ): 331، 332

أحمد السهيلي (الشيخ): 23

أحمد شاه النقاش (زرين قلم): 99، 105، 106، 115

أحمد ضياء: 33، 155

أحمد الطويل: 120

أحمد القسطلاني (الشيخ): 21

أحمد الكسروي: 165

أحمد المقريزي (تقي الدين): المقريزي)

أحمد النعماني القاضي ببغداد (تاج الدين): 14

الاختجي: (يادكار)

أخي جوق: 111، 112، 113

الإربلي: 42

إدريس القاصد: 38

أرتنا: 36

أرض خان، أروس: 249، 287

أرغون خان (السلطان): 30، 31، 43، 90، 161، 162

ارپا خان: 31

أزدمر (عز الدين): 231

اسبان (أصبهان): 337، 338

إسحاق أفندي: 272

إسرائيل عبد القادر: 169

إسكندر (الميرزا): 307، 308، 335

إسكندر بن قرا يوسف: 302

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 372

إسكندر الجلالي: 213

إسماعيل باشا الوزير: 16

إسماعيل ابن الطبال: 46، 70، 87

إسماعيل بن حاجي الفروي: 218

إسماعيل بن حيدر الصفوي (شاه): 26، 116، 305، 310

إسماعيل ابن الأمير زكريا (الأمير مجد الدين): 91، 145، 149، 170، 171، 172، 173، 176، 183، 186، 189، 191، 248، 351

إسماعيل بن عمر بن كثير (عماد الدين):

19، 20، 145، 146

إسماعيل ابن الملك الناصر محمد (الملك الصالح): 344

إسماعيل بن مكتوم: 48

إسماعيل القتال: 45

الإسنوي: 130

الأشرف (الملك): 63، 64، 109، 110، 132، 143

الأشرف بن تيمورتاش السلدوزي: 32، 55، 83، 110، 111، 137

أفراسياب: 62، 63

أفراسياب (مظفر الدين): 62، 63

أفراسياب بن يوسف شاه: 162

أفضل الدين محمد: (الخواجه): 23

أكمل الدين (الشيخ): 321

ألب أرغون (شمس الدين): 62

إلياس خواجه: 285، 286، 343

إلياس قلندر (المولي): 119

أمير جان: 124

أمير خسرو الدهلوي: 27، 305

أمير زادة عمر: 304

أميران شاه: 251، 252

أمير شاه ملك: 230، 260

أمير ولي: 92

أمين عالي آل باش أعيان العباسي (الشيخ): 106

انستاس ماري الكرملي (الأستاذ): 17

أورخان غازي العثماني (السلطان): 271

أورنك زيب: 306

أوزبك: 110

أولجايتو:

(السلطان محمد خدابنده)

أوكتاي قاآن: 341

أولوغ بك بن شاه رخ: 302، 303، 308

أويس (السلطان معز الدين شاه): 29، 35، 80، 91، 92، 94، 95، 96، 98، 100، 105، 106، 111، 112، 113، 117، 118، 124، 126، 128، 130، 131، 132، 137، 143، 147، 148، 151، 152، 153، 154، 155، 158، 159، 164، 165، 166، 167، 168، 170، 186، 188، 189، 195، 208، 338، 357، 358

أويس الثاني بن شاه ولد (السلطان):

335، 338

ايدكو ملك الترك: 143

ايرومجي (ارده مجي): 284

إيسين بوغا الملقب ايل خواجة بن دوي چچن: 341، 342

ايلكا، ايلكان، ايلكونويان: 30، 31، 91

ايناق (الخواجة): 314

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 373

حرف الباء باب (ملك أرنيل): 202

بابا طاهر: 168

باب نديمي: 273

بابر بن ميرزا عمر شيخ: 305

بابر شاه: 27، 305

باتو: 111

باراق (براق) بن يسسونتو: 341

باليم سلطان: 271

بايان قولي بن صورغو: 342

بايدو خان: 31

بايزيد (أبا يزيد): 275

بايسنقر (ميرزا): 301. 305

بايقرا رخ: 307

البخاري: 150، 229

بخشايش: 330

بدر الدين (قاضي إربل): 37

بدر الدين محمود العيني صاحب عقد الجمان: 19، 43، 145، 146

بدر الدين ابن شيخ المشايخ الشيباني (الشيخ): 44، 45

بديع الزمان (ميرزا): 26، 307، 310

بردي بك: 110، 111، 142

برقوق (الظاهر أبو سعيد): 222، 239، 240، 243، 244، 257، 317، 327، 328، 335، 345

بركة (السيد): 139، 290

برندق: 260

برهان الدين السيواسي القاضي (السلطان): 10، 11، 12، 13، 239، 256

برهان الدين الحلبي الحافظ: 247

البرهان ابن جماعة: 264

برهشتين بن طغاي: 37، 38

البسام: 241

البستاني: 107

بسطام جاكير (الأمير): 319

بشر (الشيخ): 259

بغداد خاتون: 31، 32، 79

البغوي: 247

بكتاش: 271

بنت ارغون خان: 31

بلوشه: 226

بهاء الدين (الشيخ): 311

بهادر (شاه الثاني) ابن اكبر شاه الثاني:

306

بهادر (الخواجة): 196

بهجة الأثري: 105، 106

بودلاجي: 343

بوران بن دوري تيمور: 341

بوغا تيمور بن قوداغاي: 341

بيدمر: 212

بيرام بك (بهرام شاه) ابن

سلطان شاه:

117، 118، 128، 132، 157، 158، 169

بيرام خواجة التركماني: 128

البيضاوي: (عمر البيضاوي)

بيقرا (ميرزا): 307

پير بوداق بن قرا يوسف: 313، 320، 324، 326

پير حسن بن محمود بن جوبان: 32

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 374

پير عمر: 304

پير علي باوك: 170، 172، 173، 187، 188

پير محمد: 304، 307، 310، 325

بيگي بن سارمان: 341

حرف التاء تاج الدين البغدادي: 178

تاج الدين بن حديد: 336

تاج الدين ابن معية (السيد): 134

تاج الدين دقيق العيد: 174

تاج الدين الدلقندي: 61

تاج الدين السبكي: 311

تاج الدين العراقي: 83

تاج الدين النعماني: 179

تاراغاي (طراغاي، و طوراغاي): 284

تارماشير بن چچن: 341

الترمذي: 229

تقي الدين ابن تيمية: 39، 70، 126

تقي الدين ابن رافع: 20

تقي الدين الدقوقي: 60، 217

تقي الدين الزريراني (الشيخ): 47، 126

تقي الدين عبد الرحمن الواسطي: 174

التقي الصائغ: 174

تكله: 62

تكين خاتون: 284

تمرتاش (دمرداش، تيمور طاش): 55، 110

تندو (دوندي) بنت حسين بن أويس:

335

توختامش (توقتامش خان- طقتمش):

11، 140، 142، 214، 234، 235، 236، 239، 242، 249، 250، 251، 287

توقلوق تيمور (طغلوق تيمور): 285، 342

تومنه خان: 283

تيمور تاش ابن الملك الأشرف: 110

تيمور شاه بن ييسون تيمور: 342

تيمور ملك: 342

تيمور لنك، تيمور كوركان، آقساق تيمور:

10، 11، 14، 15، 16، 21، 22، 24، 28، 29، 138، 139، 140، 141، 142، 143، 192، 197، 208، 212، 213، 214، 215، 216، 218- 227، 231، 232، 233، 235، 236، 238، 239، 240، 242، 243، 247، 248، 249، 250، 252، 253، 254، 256- 260، 262، 265، 266، 267، 274، 275، 277، 278، 279، 281- 287، 291، 293، 295- 299، 301، 302، 303، 304، 307، 308، 310، 312، 313، 314، 317، 326، 327، 341، 342، 343، 348

حرف الثاء ثقبة بن رميثة: 60، 345

حرف الجيم جامي (الملا): 118،

308

جاني بيك: 110، 111

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 375

جبرائيل: 203، 212

الجزري: 59

جعفر بن الحسن الحلي (المحقق نجم الدين): 75.

جغتاي بن جنكيز: 341

جلال الدين: 113

جلال الدين عبد اللّه: 87

جلال الدين بن خطيب داريا (الشيخ):

295

جلال الدين الرومي: 12

جلال الدين الشيرازي: (أسعد بن محمد الشيرازي) 263

جلال القزويني: 170

الجلايري: (الشيخ حسن الايلكاني)

جلبان (صاحب حلب): 232

جماز بن مهنا: 132

جمال الدين (الخواجة): 181

جمال الدين أبو محمد البغدادي: 96

جمال الدين ناظر الجيش (السلطان): 240

جمال الدين الإسنائي (الشيخ): 280

جمشيد كاشي: 302

جميل صدقي الزهاوي: 99

جنكشي بن أبو كان: 341

جنكيز خان: 22، 28، 30، 31، 88، 138، 139، 140، 197، 282، 285، 286، 287، 288، 289، 290، 291، 348، 359

الجنيد: 244

جنيد السلطاني: 358

جهان خرم شاه: 306

جهان شاه: 266، 335

جهانكير: 286

چوبان السلدوزي (الأمير): 31، 32، 35، 158، 340

الجوباني: 43

جونيبول: 39

حاجي بن الأشرف (الملك الصالح) 344

حاجي باشا: 314، 315

حاجي شاه بن الأتابك يوسف: 161، 162

حاجي بن الملك الناصر محمد (الملك المظفر سيف الدين) 64، 344

حافظ الدين: 35

حافظ الشيرازي (الخواجة): 84، 329

حافظ ابرو نور الدين بن لطف اللّه: 301

الحاكم بأمر اللّه: 316

حبيب اللّه الأردبيلي (كريم الدين): 26

الحجار: 170

حجر بن محمد بن قارا: 211

حسام الدين ابن دقماق: 19

حسام الدين الفوري (الغوري): 76

حسام الدين النعماني: 178، 179

حسن بن إبراهيم: 153

حسن بن أويس: 152، 153، 155

حسن الايلكاني الجلايري الكبير: 9، 17، 29، 31، 32، 33، 35، 36، 37، 38، 43، 44، 45، 51، 54، 62، 63، 68، 79، 85، 88، 89، 90، 91، 94، 131، 158، 166، 186، 388

حسن باشا (الحاج): 190

حسن باشا (الوزير): 181

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 376

حسن بن بولتيمور: 230، 231

حسن التلعفري (البدر أبو محمد): 334

حسن بن ثقبة: 212

الحسن بن سالار بن محمود الغزنوي

البغدادي: 170

حسن بن شمس الدين محمد (بدر الدين): 150، 151

حسن بن طاهر بك القجاري: 306

حسن بن علاء الدولة: 337

الحسن بن علي بن محمد البغدادي: 79

الحسن بن علي الواسطي: 50

الحسن بن محمد (الشاعر عز الدين أبو أحمد): 264

حسن ابن الملك الناصر محمد (الملك الناصر): 344

حسن بن نجم الدين المدني (السيد بدر الدين): 134

حسن نويان: 100

حسن سبط زيادة: 174

الحسن السغناقي: 87

الحسن الصباح: 28

الحسن الصغير ابن دمرداش (الشيخ الجوباني): 31، 36، 38، 43، 51، 54، 55، 109

حسين (الأمير): 285، 286

الحسين بن أبان: 76

حسين بن أقبغا (الأمير): 31

حسين بن أويس (السلطان): 94، 124، 140، 152، 153، 155، 156، 158، 159، 166، 169، 170، 171، 172، 173، 176، 177، 181، 182، 183، 186، 189، 214، 326، 327، 338، 343

حسين بايقرا (السلطان): 23، 24، 25، 310

حسين برقوق (السلطان): 177

الحسين بن بدران البابصري (صفي الدين أبو عبد اللّه): 69

حسين بن بسلاي (الأمير): 342، 343

الحسين بن علي: 315

حسين بن علاء الدولة (السلطان): 336، 337، 338

الحسين بن مبارك الموصلي: 51

حسين بن منصور (السلطان): 307، 308

حسين جاهد بك: 321

حسين الشرابي: 307

حسين (صاحب خيل السلطان): 139

حسين الصوفي: 142

حسين كوركان: 29، 32

الحسين بن محمد الحسيني الأسدي (ابن النيار، أبو المكارم): 129

حمد اللّه المستوفي: 71، 82

حمزة بك: 330

حميد بن عبد اللّه الخراساني: 277

حميضة بن عز الدين الحسيني: 245

حميضة بن نمي(الشريف): 45

حيار بن مهنا (الأمير): 36، 157، 209، 210، 211

حرف الخاء خداداد ابن الأمير بولادجي (الأمير):

343

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 377

خضر خواجة: 343

خضر شاه ابن سليمان شاه: 188

الخطيب البغدادي: 320

خان قتلغ: 163

خلف: 39

خليل بن أحمد الخطاط: 13

خليل بن محمد الأقفهسي (صلاح الدين): 19

خواجو الكرماني: 82، 358

الخوارزمي: 334

خواندمير (غياث الدين) 24، 25

الخيام: 168

حرف الدال دارا شكون: 306

دانشمندجه خان:

342

الداني: 49

داود باشا: 120، 121، 180

داود عليه السلام: 196

داود بن العطار: 320

داود بن سديد الدولة: 195، 196

دحية الكلبي: 203

درويش مرتضي البكتاشي: 270

الدريهم (سعيد): 122

دزر ديوان سعيد: 82

الدقوقي: 69

دلشاد خاتون بنت دمشق خواجة: 32، 33، 35، 63، 64، 79، 80، 91، 95، 167، 168

دمرداش: 38، 317

دمشق ابن الأمير جوبان: 32

الدمياطي: 149

الدواليبي: 87

دورجي بن ايلجيكداي: 342

دوري تيمور بن چچن: 341

دولة خواجة: 314

دولتشاه السمرقندي: 23، 80، 82، 84، 154، 168، 301

دولت يار: 278

دوكيني: 321

الدهلي (الذهلي): (سعيد بن عبد اللّه)

دوندي بنت حسين: 183، 335، 338

دوندي (تندو، دولندي): 80، 168، 183، 244، 330، 331

حرف الذال الذهبي: 34، 40، 59، 69، 77، 87، 146، 157، 320

حرف الراء ربيعة بن الحارث: 60

رجب بن حسن البغدادي (أبو الثناء): 51

رحمن شاه درويش: 169

رستم (سيف الدين): 340

رستم (أمير زاده): 260، 279، 307، 308

رستم طغا: 258، 260

الرشيد بن أبي القاسم: 48، 50، 51، 60، 65، 71، 117، 129، 130، 352

رشيد ياسمي: 80، 91، 94، 96، 125، 167، 168

رشيد الدين فضل اللّه: 71

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 378

رضا توفيق: 272

الرفاء: (علي بن محمد البغدادي)

رملة بن جماز: 132

رميثة بن عز الدين الحسني (الشريف أسد الدين): 60، 345

رميثة بن نمي(الشريف): 45

روحي البغدادي: 269

حرف الزاي زاده سلطان خليل: 258، 260، 303، 304، 314

زامل بن موسي: 132، 192، 210، 211

زاهد (الشيخ): 80

زبيد الأصغر: 242

زبيد الأكبر: 242

الزريراني: (عبد الرحيم بن عبد الملك، الشيخ تقي الدين)

زرين قلم (أحمد شاه النقاش) 358

زكريا (الخواجة الأمير شمس الدين): 91، 124، 167، 171، 181، 183

زكريا الأمير: 172

زكي محمد حسن (الدكتور): 358

زنكي (عماد الدين): 363

زينة بنت أحمد الموصلية: 170

زينب بنت الكمال: 69

زين الدين الشيخ: 51

زين الدين بن رجب (الحافظ): 144

زين الدين العراقي: 229، 280

زين الدين علي: 161،

177

زين العابدين بن شاه شجاع: 208، 219

حرف السين سابور: 296

سالم الدوكاري: 241

سامي بك: 190

ست الملوك بنت أبي نصر: 96

سديد الدولة: 196

سراي تيمر: 111

سرور (الخواجة): 144، 149

سعد بن إبراهيم الطائي: 251

سعد الدين الساوجي: 71

سعدي الشيرازي: 82

سعيد (الدريهم): 122

سعيد الهذيل: 40

سفيان أفندي الخطاط: 107

السكاكي: 86

سلطان بخت: 110

سلطان علي (السيد): 57، 189، 351

سلمان البغدادي: 277

سلمان الساوجي (الخواجة جمال الدين):

13، 43، 73، 80، 82، 88، 91، 94، 95، 96، 117، 118، 125، 126، 128، 131، 132، 137، 144، 148، 154، 155، 165، 167، 186

سلمان الفارسي: 201

سليم شاه: 306، 310

سليمان باشا: 57

سليمان باشا الكبير: 106، 107

سليمان الأتابك (الأمير): 119

سليمان (التقي): 71

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 379

سليمان بن عبد الرحمن النهر ماوي (نجم الدين): 65

سليمان بن مهنا (الأمير): 52، 56

سليمان شاه (الأمير): 260

سليمان شاه خازن: (سلطان شاه خازن) سليمان القاآن: 36

سليمان القاضي: 48

السمعاني: 200، 201

سنتائي، استباي (الأمير): 214، 220، 250

سنجر بن أحمد (ميرزا): 307، 308

السهروردي (صاحب العوارف): 117

السهروردي (صالح بن أحمد، محمد بن علي)

سودون: 232

سيد شريف: 273

سيدي علي الأوغل شاهي: 259

سيف بن فضل بن عيسي (الأمير): 63، 67، 68، 117، 210

سيف الدين (الحاج): 249

سيورغاتمش: 342، 343

السيوطي: (جلال الدين): 20، 59، 296

حرف الشين شاد ملك: 304

شافع بن عمر الجيلي (ركن الدين): 46، 47

الشافعي (الإمام) 48، 99، 100، 106، 129

شاكر الآلوسي (السيد): 363

شاه خازن: 128، 131، 143، 144

شاه رخ بن تيمور لنك: 260، 268، 281، 301، 302، 305، 308، 337

شاه شجاع بن الأمير محمد بن مظفر (جلال الدين): 126، 142، 158، 159، 160، 163، 164، 165، 169، 172، 192، 208، 214، 219، 306

شاه عالم الثاني: 306

شاه ولد ابن الشهزادة الشيخ علي:

189، 331، 335

شجاع الدين خورشيد: 340

الشجاعي: 37

شجاع الدين محمود بن عز

الدين حسين:

340

شداد: 207

شرف الدين أحمد: 239

شرف الدين البليقي: 233

شرف الدين ابن الحاج عز الدين الحسين الواسطي الوزير: 177

شرف الدين بن عطا الواسطي: 177

شرف رامي: 154

شرف الدين اليزدي: 15، 301

شروان شاه: 253، 254

الشريف الداعي: 46

الشريف الرضي: 326

شعبان بن حسين ابن الناصر محمد (الملك الأشرف): 344

شعبان ابن الملك الناصر محمد (الملك الكامل): 64، 68، 344

شكري الآلوسي: (محمود شكري)

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 380

شمس الدين ابن الوراق: 86

شمس الدين (حاكم اخلاط و تفليس):

314

شمس الدين الأصفهاني: 122، 253

شمس الدين السمرقندي (الشيخ): 263

شمس الدين الفاخوري: 139

شمس منشي بن هندوشاه النخجواني:

154

شهاب الدين (الوزير): 337

شهاب الدين بن البابا (الشيخ): 280

شهاب الدين بن رجب: 97

شهاب الدين بن عز الدين الوزير: 163

شهاب الدين ابن الفصيح: 230

الشهزاده الشيخ علي: 149، 170، 171، 172، 188، 189

الشهيد: 134

شيبك خان (شاهي بك الأوزبكي):

305، 310

شيخ زاده الخرزياني: 321

شيخ علي: 125، 231

شيخ المحمودي: 279

حرف الصاد صالح (السلطان شمس الدين): 75

الصالح بن أحمد السهروردي: 332

الصالح إسماعيل: 64

صالح بن الصباغ: 87

صالح بن صيلان: 231، 232

صالح بن عبد اللّه بن جعفر بن الصباغ (أبو الفضل): 178

صالح بن الملك الناصر محمد (المك):

344

صاين خان: 111

صدر الدين (قاضي ماردين): 37

صدر الدين الخاقاني: 113

صدر الدين الصفوي: 182

صرقتمش: 140

الصفدي: 59

صفي الدين الختلاني: 298

صفي الدين بن عبد الحق: 72

صفي الدين الحلي (عبد العزيز بن سرايا): 61، 73، 75، 77، 216، 253

صفي الدين الختلاتي: 298

صفي الدين عبد المؤمن ابن الخطيب عبد الحق: 39، 47، 53، 156، 359

صلاح الدين الصفدي: 86

صلغان (صورغان) شير ابن الأمير جوبان: 32، 37، 38

صول بن حيار: 176

حرف الطاء طاهر ابن السلطان أحمد (السلطان):

215، 221، 243، 252، 266، 274، 275

طاهر بن حبيب: 78، 86، 146، 149، 176

الطرابلسي (قاضي الحنفية): 215

طغاي تيمور: 84، 137، 244

طغاي (الحاج)،

32، 35

طغاي بن سوتاي: 37، 38

طغيتمر النجمي: 64

طقتمش: (توختامش)

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 381

طقز دمر: 68

طقطاي: 110

طهرتن: 324

طور علي بك التركماني: 321

طورسون (درسون. تورسون): 190، 191، 192، 336

طوغا بك (الحاج): 32

حرف الظاء الظاهر (السلطان): 311، 321

الظهير بن العجمي: 311

ظهير الدين ابن السيد تاج الدين (الشيخ):

134

ظهير الدين الفارابي: 168

ظهير الدين علي الكازروني: 79

ظهير الدين محمد: 134

حرف العين العادل: 67، 278

عادل أغا: 137، 169، 171، 172، 183، 187، 188، 190، 191، 192، 197

عادل سلطان بن محمد: 342

عامر بن ظالم بن حيار: 241

عباس إقبال: 165

عبد الجبار بن عبد اللّه الخوارزمي: 265

عبد الحق (الجمال): 149

عبد الحميد (السلطان): 190

عبد الدائم بن بلدجي: 129

عبد الرحمن الأسفرايني (الشيخ) 225

عبد الرحمن بن أبي الوفاء الموصلي (الشاعر): 332

عبد الرحمن بن أحمد بن رجب البغدادي (الحافظ زين الدين): 229

عبد الرحمن بن الحسن بن محمد بن أبي البركات مسعود: 229

عبد الرحمن الجامي: 308

عبد الرحمن چلبي: 23

عبد الرحمن الراوي: 106

عبد الرحمن بن علي التكريتي: 59

عبد الرحمن بن عمر البصري (أبو طالب): 39

عبد الرحمن بن عمر الحريري (صلاح الدين): 69

عبد الرحمن بن عمر الخلال: 40

عبد الرحمن بن عوف: 66

عبد الرحمن بن لاحق الفيدي: 178

عبد الرحمن بن ملجم: 202

عبد الرحيم بن البدر التلعفري: 334

عبد الرحيم بن الفصيح: 229، 230

عبد الرحيم ابن الزجاج: 46

عبد الرحيم بن شاهد الجيش: 280

عبد الرحيم بن عبد الملك الزريزاني: 47

عبد الرحيم بن محمد الحدادي: 49

عبد الرحيم بن محمد بن يونس (تاج الدين): 54

عبد الصمد: 329

عبد الصمد (جمال الدين): 129

عبد الصمد بن إبراهيم بن خليل: 126

عبد الصمد بن أبي الجيش: 34، 39، 48، 60

عبد الصمد بن أحمد: 46

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 382

عبد العزيز (الشريف): 213

عبد العزيز (الملك المنصور): 345

عبد العزيز البغدادي:

256

عبد العزيز بن بلدجي: 129

عبد العزيز بن عبد القادر البغدادي (نجم الدين): 65

عبد علي النقاش: 358

عبد الغفار بن محمد المخزومي: 148، 150

عبد الكريم بن بلدجي: 129

عبد الكريم بن نجم الدين: 337

عبد اللّه بن ابراهيم بن شاه رخ (ميرزا):

304

عبد اللّه بن أحمد ابن الفصيح (جلال الدين): 59

عبد اللّه الأردبيلي (جلال الدين): 312

عبد اللّه بن بكتاش قاضي بغداد: 352

عبد اللّه بن جابر الأندلسي: 138

عبد اللّه بن خليل الأسدآبادي (جلال الدين البسطامي): 195

عبد اللّه الراوي: 106

عبد اللّه بن عبد الرحمن الدارمي: 180

عبد اللّه بن عبد المؤمن التاجر الواسطي (تاج الدين): 49

عبد اللّه العلي اللهي: 206

عبد اللّه بن فتح اللّه البغدادي (الغياث):

16

عبد اللّه بن قازان (أمير): 342

عبد اللّه بن محمود (مجد الدين): 129

عبد اللّه مرواريد (الخواجة): 23

عبد اللّه بن مروان الفارقي: 40

عبد اللّه النحريري (جمال الدين): 311

عبد اللّه الهاتفي (المولي): 308

عبد اللّه بن ورخز (أبو محمد): 46

عبد اللّه الواسطي: 86

عبد اللّه بن يحيي الأبزاري (شرف الدين): 81

عبد اللطيف: 255، 302

عبد المجيد ابن فرشته: 273

عبد المحسن بن محمد (عفيف الدين):

217

عبد الملك بن أبي بكر الموصلي: 244

عبد الملك التمغاتي: 172، 173، 176، 190، 191

عبد المنعم البغدادي (الشيخ شرف الدين): 311

عبد الوهاب بن إلياس: 50

عبد الوهاب بن الناصح: 61

عبيد اللّه أفندي: 121

عبيد خان الأوزبكي: 305

عبيد زاكاني: 73، 154

عبيد (الخليفة): 85، 154، 204، 206، 329

العتبي: 160

عثمان بك (قرا ايلوك، قرا يلك) 322

عثمان بن قارا: 209، 211

عثمان البياندري (الأمير): 336

عثمان ياور: 190

العجل: 317

عجلان بن رميثة: 60، 153، 345

عدنان بن مغامس: 345

عرفة: 198

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 383

العز: 40

عز الدين ابن شجاع الدين محمود: 340

عز الدين العباسي ملك اللر: 219، 221

العز الفاروثي: 79

عزة الملك: 54

عزيز بن أردشير الاسترابادي: 10، 12، 256، 257

عزيز العلي

اللهي: 206

عضد الدولة (فنا خسرو بن بويه): 81

عضد الدين (القاضي): 198

عطية بن رميثة: 60

عطيفة بن عز الدين بن قتادة الحسني:

345

عفان بن مغامس: 212

العفيف المطري: 76

العلاء التلعفري: 334

علاء الدولة: 161، 314، 322، 323، 324، 336

علاء الدولة السمناني: 82، 167

علاء الدين ابن التركماني: 122، 280

علاء الدين بن عرب: 174

علاء الدين حاكم حلب (العلامة الحافظ): 20

علاء الدين البسطامي: 195

علاء الدين علي بن محمد الشيحي البغدادي الواسطي: 50

علاء الدين المشرقي: 334

علي (الخليفة الإمام المرتضي): 85، 154، 200، 201، 203، 204، 207، 329

علي الأعلي: 270، 273

علي باشا الوزير: 16

علي باشا الأويرات: 31، 32، 33

علي بن إبراهيم (ابن الثردة): 78

علي بن أبي القاسم بن لميم الدهساني:

178

علي بن أويس (السلطان): 154، 176، 183، 187، 191، 260، 305، 341

علي خواجة: 125

علي بن برد خجا (خواجة): 232

علي بن الحسن البغدادي: 149

علي بن الحسين الموصلي (عز الدين):

216

علي بن سنجر البغدادي (ابن السباك):

76، 77

علي ابن شيخ العوينة (الشيخ نور الدين):

122

علي بن الأمير طالب الدلقندي (الأمير):

44، 61

علي بن عبد اللّه العبايقي (زين الدين):

177

علي بن عبد الحميد النيلي (الشيخ نظام الدين): 134

علي بن عبد الصمد البغدادي (عبد المنعم أبو الربيع): 52

علي بن عثمان الطيبي (محيي الدين أبو عثمان): 55

علي بن عجلان: 345

علي بن عيسي بن القيم: 149

علي بن محمد الثعلبي (تاج الدين ابن الدريهم): 122

علي بن محمد البغدادي (الرفاء): 46

علي بن محمد بن يحيي العباسي: 129

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 384

علي ابن المطهر (رضي الدين) 133

علي بن مؤيد (الخواجة): 141

علي بن يحيي بن رفاعة الحسن المكي:

362

علي بيلتن (الأمير): 112، 113

علي شير: 140، 141

علي شير النوائي: 23، 24، 25، 310

علي علاء الدين الآلوسي (الحاج): 98، 189

علي القاضي (الشيخ) 152، 169

علي قلندر (الأمير): 254، 259، 274

علي القوشجي (المولي):

302

علي المارداني (أمير): 253

علي الهيتي (الشيخ): 47

العماد ابن الطبال: 51

عمر (الخليفة): 85، 154، 204، 206، 329

عمر (معز الدين الشيخ): 307، 314

عمر بن إبراهيم الحسيني (شيخ الزيدية):

201

عمر بن أحمد الشماع (الشيخ زين الدين): 21

عمر بن عبد المحسن الأنباري (جمال الدين أبو حفص): 127

عمر بن علي بن عمر القزويني (سراج الدين): 70، 178، 180، 181، 352

عمر بن علي بن موسي (سراج الدين):

70

عمر بن نجم بن يعقوب البغدادي (المجر): 230

عمر بن نعير: 224

عمر بن الوردي (الشيخ زين الدين): 66، 68

عمر البيضاوي (القاضي ناصر الدين):

17

عمر شيخ: 305

عمر قبجاق: 173، 187

عمرو بن بلي: 67

عمرو بن معدي كرب الزبيدي: 242

عدنان بن مغامس: 345

عيس بن فضل اللّه (الأمير شرف الدين):

52، 56

عيسي المطعم: 170

العيني: (بدر الدين العيني)

حرف الغين غازان (السلطان) 162، 284، 285

الغزالي: 247

غياث الدين (الأمير): 273

غياث الدين محمد: 130، 154

غياث الدين ابن السلطان حسين: 140، 141، 142

غياث الدين محمد بن رشيد (الوزير، الخواجه): 48، 53، 55، 56، 71، 82، 83، 91، 95، 166، 168، 183، 186، 248

غياث الدين العادلي: 224

الغياثي: 31، 32، 98، 149، 152، 161، 163، 165، 170، 171، 177، 181، 233، 303، 322

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 385

حرف الفاء الفارابي: 123

الفاروثي: 34، 40

فاطمة الأنصارية: 363

فتح اللّه بن عبد القادر لقمان: 109

الفخر: 50، 61

فخر الدين آل جميل: 47

فرج بن برقوق (الملك الناصر، أبو السعادات): 345

فرحان (تمر خان): 141

فرخ، فرج: 257، 258، 259، 260، 274

فرخ شير محمد شاه: 259، 306

الفردوسي: 72، 73، 166، 296، 297

فرعون: 207

فروة (الفقيه): 218

فضل اللّه الأسترابادي (الحروفي): 267، 269، 270

فضولي: 269

فكتورية (القراليجة): 307

فليتة من بني حسن: 44

فواز بن مهنا: 85

فياض بن مهنا: 52، 63، 66، 67، 118، 210

الفيروزآبادي: 352

فيروز أغا: 274

حرف القاف قابول: 284

قاجولي: 284

قارا بن

مهنا (أمير العرب): 157، 176، 209، 211

قازغان (أمير): 342

قازان سلطان بن ياسسور: 342

قاسم ابن السلطان الشيخ حسن (الأمير):

80، 131

قاضي زاده الرومي: 302

القاهر باللّه: 165

قبلغ تيمور: 215

قتلغشاه: 137

قرا حسن: 63، 278

قرا سنقر: 56

قرا عثمان بك: 324، 330

قرا محمد التركماني: 125، 157، 171، 172، 187، 188، 214

قرا هلاكو بن موتوكن: 341

قرا يلك (عثمان بن قطلبك): 256، 258،

قرا يوسف التركماني (أمير): 15، 178، 187، 254، 255، 257، 258، 265، 266، 274، 275، 277، 278، 279، 280، 303، 304، 307، 312، 313، 314، 315، 319، 320، 322- 330، 348

قرماني: 240

قريش ابن أخي زامل: 192

القزويني: (عمر بن علي)

قطب الدين محمد: 163

قطب الحيدري: 254

قطلو شاه: 158، 249

قطلي (قوتلوبك): 321، 322

القطيعي: 52

قمر خان: 140

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 386

قمر الدين: 197

قمر الدين (من أحفاد الأمير بولادجي):

343

قنبر (غلام علي بن أبي طالب): 201

قنبر علي بادك (پير علي باوك): 170، 171

قنغرار سلطان: 116

قوام الدين ابن طاووس: 44

قوام الدين النجفي: 190، 191

قوصون: 65

القونوي الحنفي: 253

حرف الكاف كاتب چلبي: 161

الكازروني: (أحمد بن محمد، علي بن محمد).

كامران (ميرزا): 305

كاوس بن كيقباد: 130

كبيش بن عجلان: 212

كج، الحجاني: الكجحاني (الخواجة الشيخ): 13، 152، 181

كرشاف بن محمد (عز الدين): 340

كسري: 317

الكرماني: 45

الكرماني: (الشيخ شمس الدين محمد بن يوسف).

الكرملي (الأستاذ): 304

كتبغا: 317

كل بنت سلطان الروم: 83

كليمان هوار: 272

كمال البزار: 65

كمال سنائي: 273

كمال الدين بن العديم: 321

كمال الدين الخجندي: 250

كمال الدين عبد الرحمن بن عبد اللطيف:

79

كمال الدين عبد الرزاق السمرقندي: 310

كمشيغا: (السلطان): 241

الكواشي: 60

كوبك بن چچن: 341

كوچك ابن الملك الناصر محمد (الملك الأشرف): 344

كوره بهادر: 254

كونجك (كونجه): 341

كلارن: 22

كيخاتو خان: 31، 162

كيخسرو: 125، 162

كيمرز ابن الشيخ إبراهيم الشوراني:

322، 323

حرف اللام لقمان: (الشيخ): 271

اللنك: (تيمور لنك).

لانكله: 21

حرف الميم مالك المسيب (الأمير):

363

ماما خاتون (الحاجة): 132

المؤيد: 165، 178

مبارز الدين المظفري: 83، 112، 113، 159- 165

مبارك شاه: 171، 172

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 387

مبارك بن عبد اللّه الموصلي: 76

المتوكل علي اللّه: 165

المجد بن بلدجي: 48، 129

المجد بن تيمية: 76

مجد الدين، إسماعيل السلامي: 36

المجر: (عمر بن نجم بن يعقوب البغدادي).

محب الدين بن شجاع الدين (القاضي):

217

محفوظ بن أحمد الكلواذي (نجم الهدي أبو الخطاب): 39

محمد النبي صلي اللّه عليه و سلم: 85، 100، 104، 105، 106، 115، 201، 203، 264، 329

محمد (الأمير): 141

محمد (أبو طاهر): 62

محمد (السلطان): 310، 336، 337

محمد (الشاه): 326، 330

محمد بن إبراهيم الدمشقي (شمس الدين): 138

محمد بن إبراهيم الواسطي (ابن شيخ الحرامية): 34

محمد بن أبي بكر: 211

محمد بن أبي بكر بن دكين: 363

محمد بن أحمد البرادعي (شمس الدين):

177

محمد بن أحمد حلاوة: 40، 48

محمد بن أحمد بن عجلان: 212

محمد بن أحمد العجمي (حافظ الدين) 302

محمد بن أحمد بن علي الفارسي (شيخ الحرم تقي الدين): 19

محمد بن أحمد الواسطي (ابن غدير) (شمس الدين): 40

محمد بن إدريس (الإمام الشافعي)

محمد الإربلي (بدر الدين): 98، 150

محمد أزبك (أوزبك) ابن طغرلجا: 110

محمد بن إسحق الحسني (عز الدين أبو نمي): 345

محمد بن أسعد أفندي مفتي الحنفية:

121

محمد بن إسماعيل الإربلي (ابن الكحال) (بدر الدين): 217

محمد بن إسماعيل ابن الخباز: 230، 280

محمد أكبر شاه (الميرزا جلال الدين):

305

محمد بن أكبر شاه الثاني (سراج الدين بهادر شاه الثاني): 306

محمد امين الأنسي: 107

محمد بن البدر التلعفري: 334

محمد البغدادي الزركشي (شمس الدين):

330

محمد بك: 274

محمد بيلتن: 125

محمد ابن البيطار (شمس الدين) 174

محمد بن پولاذ بن كونجك: 341

محمد چلبي كاتب الديوان: 120

محمد بن الحاجي: 161

محمد بن الحسن الحسيني الواسطي (شمس الدين أبو عبد اللّه): 127

محمد بن الحسن الحسني: 345

موسوعة تاريخ العراق

بين احتلالين، ج 2، ص: 388

محمد بن الحسن بن يوسف ابن المطهر (فخر الدين أبو طالب): 133

محمد بن الحسين بن أحمد الحلي (ابن البقال) [شمس الدين]: 213

محمد بن الحسين الربعي (ابن الكويك):

123

محمد بن حيار: (نعير)

محمد خدا بنده، خربنده: 53، 104، 125، 158، 162

محمد الدوادار: 326

محمد راشد أفندي ابن فخر الدين: 120

محمد ابن السباك (التاج): 352

محمد بن شاه ولد (السلطان): 337، 338

محمد بن شاه رخ: 302

محمد شاه: 331، 332، 335

محمد بن طاهر الواسطي (النقيب): 61

محمد بن طشتمر: 158

محمد بن عبد الرحمن السخاوي (شمس الدين): 20

محمد بن عبد الرحمن العجلي (جلال الدين أبو المعالي): 42

محمد بن عبد العزيز الجيلي (شيخ بلاد الجزيرة، شمس الدين): 42

محمد بن تاج الدين عبد اللّه بن عز الدين علي ابن المعافي (شمس الدين): 134

محمد بن عبد اللّه ابن العاقولي (محيي الدين): 130، 243، 246، 352

محمد بن عجلان: 212

محمد بن عرب الهيتي: 186

محمد بن عبد المحسن (ابن الدواليبي): 71

محمد عصار (الخواجة): 154

محمد بن علي بن أبي البدر (أبو الحسين): 55

محمد بن علي بن أحمد السهروردي:

117

محمد بن علي بن محمد الشبانكاري: 52

محمد بن علي بن محمود الدقوقي: 48

محمد بن علي الواسطي: 168

محمد بن عمر البخاري (ظهير الدين):

76

محمد بن عمر بن فياض الباريني (نائب الخطابة ببغداد): 48

محمد بن عمر بن علي القزويني (محب الدين): 150

محمد بن عيسي بن كر (شمس الدين):

122

محمد غياث الدين جهانكير: 310

محمد الفضل: 56، 57

محمد بن قارا: 211

محمد بن القاسم بن أبي البدر المليحي:

55، 56

محمد القطان بن يونس الإربلي العدوي:

60

محمد بن قلاوون (السلطان الملك الناصر): 35، 36

محمد بن كنجاية: 45

محمد بن كوركبتين: 211

محمد مبارك: 33، 76

محمد بن محمد بن أحمد بن عبد اللّه الهاشمي الكوفي الأتراري (جلال الدين أبو هاشم): 60

محمد بن محمد

بن عبد الكريم الموصلي (شمس الدين): 146

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 389

محمد بن محمد بن محمد البغدادي الوراق المصري (ضياء الدين): 48

محمد بن محمود البغدادي (الشيخ نور الدين): 129

محمد بن محمود بن محمد الخوارزمي:

178

محمد بن المخرمي: 48

محمد مصطفي ابن السيد حسن الهاشمي (الشريف): 328

محمد بن المظفر حاجي (الملك المنصور): 344

محمد بن مكي العراقي: 197

محمد مير خواند (الخواجة حميد الدين):

23

محمد ميرزا: 304

محمد النجوي (شاه): 325

محمد بن يحيي البغدادي: 53

محمد بن يوسف بن عبد الغني (ابن ترشك): 73

محمد بن يوسف الكرماني (الشيخ شمس الدين): 198

محمود: 287

محمد (شاه): 208

محمود شاه (السلطان): 334، 335، 343

محمود بن أبي سعيد (السلطان): 305

محمود الثنائي: 107

محمود جاني بك (جان بك): 111

محمود أفندي نقيب الأشراف (السيد):

121

محمود زنكي الكرماني (الشيخ): 297

محمود السبزواري (الخواجة): 243

محمود بن شاه ولد ابن الشيخ علي (السلطان): 331، 338

محمود شكري الآلوسي (السيد): 57، 98، 99، 107، 179، 181، 190، 241، 255

محمود شهاب الدين الآلوسي (السيد): 98

محمود بن صاين (شمس الدين): 83

محمود بن علي بن شروين البغدادي (الوزير نجم الدين): 64، 65

محمود العيني (بدر الدين)

محمود غازان: 158

محمود فخر الدين نائب الحلة: 64

محمود كيتي: 71، 159، 160، 162، 164، 165، 170

محمود بن مبارز الدين محمد المظفري (الشاه): 126، 159، 164

محمود واقي: 173

محمود بن عز الدين يوسف (بهاء الدين):

83

المحوجب: (البدر أبو محمد حسن التلعفري)

محيي الدين البردعي القاضي: 110

محيي الدين ابن العربي (الشيخ): 12

مخدوم شاه الايكجية (داية السلطان):

119، 122

مراد خواجة: 128

مراد بخش ابن السلطان سليم (السلطان):

306، 328

مرتضي آل نظمي: 12، 15، 220، 222، 301

مرجان بن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأولجايتي (أمين الدين الخواجة):

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 390

63، 94، 97، 98، 99، 100، 104، 105، 107، 109، 116، 124، 125،

128، 131، 143، 144

المزي: 53، 320

المستعصم (الخليفة): 60

مسعود (الأمير الخواجة): 172، 195، 196

مسعود الخراساني (الخواجة): 230، 233، 242، 244، 258

مسعود الحارثي: 149

مصر خجا (خواجة): 214

مصطفي جواد: 22، 38، 66، 78، 85، 106، 109، 115، 116، 158، 181، 192، 224، 266

مصطفي رحمي: 21

مظفر (الأمير): 162

مظفر (السلطان): 310

مظفر (شرف الدين): 161، 163

مظفر حاجي: 64، 68

مظفر حسين (ميرزا): 26، 307

المعافي: 137

المعتضد باللّه: 164

معروف الكرخي: 247

المعيد بن المحلح: 52

معيقل بن فضل بن عيسي: 211

معين الدين (قاضي الموصل): 37

معين الدين اليزدي: 159

المقريزي: 15، 36، 38، 78، 146، 192، 247، 265، 292، 304، 316، 328، 332، 338

مقصود (شيخ): 278

منصور: 254

المنصور (الملك): 64، 75

منصور (شاه): 169، 191، 212، 218، 219

منصور (ميرزا): 307، 308

منصور الأنصاري (السيد): 363

منصور بن الحاجي: 161

منكو قاآن: 30

منيكلي: 342

مهذب الدين النحوي: 86

مهنا بن عيسي: 63، 67

مهنا بن مانع: 210

مهنا بن موسي: 132

موسي عليه السلام: 203

موسي بن بايزيد: 275

موسي بن سعيد النجاري الأنصاري (الشيخ): 363

موسي بن مهنا (أمير العرب مظفر الدين):

51، 56

الموفق: 60

موفق الدين قاضي القضاة: 311

مير علي التبريزي: 358

ميران شاه بن تيمور: 11، 225، 226، 237، 238، 243، 267، 303

ميكائيل: 259، 274

حرف النون النابغة الذبياني: 234

الناصر: 37، 38، 56، 64، 67، 75، 118، 279، 280

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 391

الناصر (الخليفة): 68

الناصر فرج: 337

ناصر ابن العزيز: 240

ناصر بن محمد الدلقندي (الأمير السيد عماد الدين): 61

الناصر حسن: 122

ناصر خسرو: 273

ناصر الدين العراقي: 198

ناصر الدين ابن الفرات (الشيخ): 19

ناصر الدين خليفة ابن الخواجة علي شاه:

36

ناصر الدين الفارقي: 198

ناصر النجاري: 154

نجم الدين التستري: 147

نجم الدين عبد الرحيم البارزي قاضي القضاة: 186

نجمة التركماني: 78، 79

النجيب: 34

نجيب الدين: 91، 119، 186

النسائي: 229

نسيم الدين (نسيمي): 267، 269، 270

نصر بن محمد ابن الكتبي: 352

نصر

النعماني: 48

نصر اللّه البغدادي (شاعر): 324

نصر اللّه البغدادي (الشيخ): 217

نصرة الدين أحمد: 62، 63

نصرة الدين يحيي: 163

نصير (مؤسس نحلة النصيرية): 200، 201

النصير الطوسي: 240

نظام الدين: 337

نظام الدين أوليا: 27

نظام الدين الدلقندي: 61

نظام الدين عبيد اللّه القزويني الخواجة:

154

نظام الدين المعروف بنظام الشامي:

226، 297

نظام الدين الهروي (شنب غازاني): 60، 297

نظام الملك الطوسي: 83

نظامي: 83

نعمان خير الدين الآلوسي (السيد): 19، 20، 21، 98، 101، 104، 106، 107، 113، 115، 116

النعمان بن ثابت: 265

نعمان الذكائي: 107

النعماني: (أحمد النعماني، حسام الدين)

نعير (محمد) بن حيار: 176، 209، 211، 224، 227، 243، 316، 317

نكون: 30

نمرود: 207

نمي: 45

نور الدين (شيخ): 258، 260

نور الدين ابن الزجاج: 262، 263

نور الدين الخراساني (الشيخ): 224، 225

نور الدين بن لطف اللّه: (حافظ ابرو)

نور الدين الهيتمي: 280

نوروز ابن ملك خراسان: 83

النوري: 187

النووي: 229

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 392

حرف الهاء هارون أخو موسي بن عمران: 195

هارون الرشيد: 81

هزاراسف 62

هلاكو (ايلخان): 29، 30، 31، 33، 84، 91، 95، 104، 109، 110، 123، 161، 240، 262، 347، 348

هماي بنت فغفور الصين: 83

همابون شاه بن بابر شاه: 27، 83، 305

هندوا: 78

الهيتمي: 315

حرف الواو وصاف الحضرة: 82

وفا خاتون: 254، 255

ولي (الأمير): 137

ولي الدين (قاضي القضاة): 281

ويران ابدال: 273

حرف الياء يأجوج و مأجوج: 235

يادكار الاختجي: 254

يادكار محمد (ميرزا): 308

يارعلي: 232

ياقوت المستعصمي: 39، 357

ييسون تيمور بن ابو كان: 341

يحيي (شاه): 158، 214

يحيي ابن الشيخ شمس الدين محمد الكرماني (الشيخ تقي الدين): 198

يحيي بن عبد الرحمن الجعبري الحكيم (نظام الدين): 65، 109، 158

يحيي بن عبد اللّه الواسطي: 34

يحيي (الشيخ): 225

يحيي بن محمد بن أحمد الحارثي: 81

يحيي السمناني: 191

يحيي النقيب (سيد): 362

يحيي ولي يزد: 219

اليزدي: (شرف الدين علي).

يعقوب شاه (الأمير): 54

يلبغا: 174، 317

ييلد يرم بايزيد العثماني:

257، 258، 266، 267، 278، 290، 295

يوسف بن حسين صوفي: 142

يوسف شاه: 62

يوسف شاه (ركن الدولة): 62

يوسف بن محمد السرمري (جمال الدين): 156

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 393

2- فهرس الشعوب و القبائل و النحل

حرف الألف آق قوينلو: 321

آل ارتق: 75

آل بويه: 81

آل تيمور: 27، 265، 298، 305، 327

آل جنكيز: 31، 284

آل الجويني: 71

آل الصيرفي: 362

آل علي: 132، 209، 316

آل فضل: 36، 51، 66، 67، 118، 157، 176، 192، 209، 210، 211، 224، 317

آل مرا، آل مراء: 210، 227

آل مراد: 210

آل مظفر: 28، 71، 82، 164، 191، 208، 218، 219، 223، 307، 340، 346، 348

آل مهنا: 66، 209، 241، 317

آل نظمي: 12

الآلوسيون: 31، 98، 158

الأتابكة الفضلوية: 63

الاتحادية: 267، 273

أتراك: انظر: الترك

الإسماعيلية: 28، 57، 202، 269

الأعاجم: 268

الأكراد: (الكرد)

الإنكليز: 306، 307

أوزبك: 27، 305

أويرات: 31، 254، 278، 317

أويغور: 155

الايلخانية: 30

الايلكانية: 29، 30، 137

حرف الباء البابكية: 201

بارلاس: 284

الباطنية: 268، 273

البايندرية: 304، 336

البختيارية (اللر): 82

بنو حسن: 44، 45، 347

البطائحية: 363

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 394

البكتاشية: 269، 270

بنو عبيد (انظر الفاطميون)

بنو كلاب: 211

حرف التاء التتار، التاتار، التتر: 24، 56، 91، 142، 197، 222، 235، 249، 259، 262، 275، 277، 281، 295، 316، 327

ترك، أتراك، 10، 14، 24، 31، 33، 77، 138، 139، 143، 158، 190، 284، 290، 317

التركمان، التراكمة: 54، 157، 188، 197، 225، 232، 296، 275، 314، 319، 323، 331

توران (طوران): 295، 301، 315

التيميون: 229

حرف الجيم الجبور: 242

الجراكسة: 177، 344

الجغتاي (الچغتاي): 222، 226، 235، 239، 259، 260، 268، 284، 285، 302، 336، 340، 342، 343

الجلاير، الجلايرية: 8، 14، 17، 24، 29- 31، 75، 89، 95، 113، 126، 167، 168، 190، 208، 249، 252، 329، 330، 334، 337، 348، 349، 358، 359

الچابولغان: 30

الچوبانية

(حكومة) 109، 110، 340، 348

حرف الحاء الحبشة: 122

الحروفية: 267، 268، 269، 270، 273

الحنابلة: 47، 65، 227، 229، 277، 311

الحنفيون: 47، 65، 99، 100، 121، 215، 227، 229، 253، 263، 265، 277، 311

الحياليون: 151

حرف الخاء الخطا (شعب و بلاد و ملكة): 14، 40، 202، 281، 288، 289، 295

خوارزم شاهية: 28

الخيتاي: 30

حرف الدال الدليم: 242

دورلكين: 30

حرف الراء الرفاعية: 363

الروم (العثمانيون): 15، 36، 83، 138، 233، 257، 258، 275، 295، 307، 343

حرف الزاي زبيد: 209، 210، 241، 242

الزيدية: 201

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 395

حرف الشين الشافعية: 82، 99، 100، 121، 129، 130، 195، 247، 248، 311، 347

الشيخ حسنية (الجلايرية): و انظر الجلايرية

الشيعة: 75، 133، 200، 248

حرف الصاد الصارلية: 247

الصوفية (الصفوية): 27، 147، 168، 181، 363

حرف الطاء طوران: (توران)

طيي ء: 63، 67، 132، 209، 210، 211، 241، 242، 346، 347

حرف العين العباسيون، العباسية: 109

العبيد: 242

العجم: 10، 14، 38، 73، 76، 166، 220، 225، 265، 287، 295، 296

العرب: 36، 52، 56، 63، 66، 67، 72، 73، 76، 86، 89، 118، 166، 171، 176، 202، 211، 220، 232، 275، 296، 316، 355

العزة: 241، 242

العلوية: 57، 137، 138، 206

العلي اللهية: 202

حرف الغين غالب: 242

حرف الفاء الفاطميون، الفاطمية (بنو عبيد): 57، 316

الفرس: 297، 354

الفيلية انظر: اللّر في فهرس الأماكن

حرف القاف قبائل نيرون: 283

قراقوينلو: 128، 157، 332

قريش: 207

القفجاق: انظر: الدشت

قونقرات (كونكرات): 143

قييات: 30

حرف الكاف الكرد (الأكراد): 44، 78، 317

كلب: 209، 347

حرف الميم المتصوفية: 268، 269

المالكية: 174

المسقوف: 143

المشعشعون: 18، 200، 202

المغول، المغل: 9، 18، 24، 25، 27- 32، 53، 54، 56، 72،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 396

73، 84، 85، 89، 104، 110، 113، 125، 140، 141، 158، 161، 163، 165، 197، 221،

235، 241، 250، 259، 283، 284، 286، 295، 308، 316، 342، 345، 347، 361

المنتفق: 43، 45

حرف النون النصيرية: 198، 200، 202

النمازية (اهل القبلة، أهل الصلاة): 202

النيازية (أصحاب النذور): 202

حرف الهاء هذيل: 209

حرف الياء اليهود: 296

يأجوج و مأجوج: 296

اليهود، اليهودية: 195، 196

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 397

3- فهرس المدن و الأماكن

حرف الألف الآثار العباسية: 259

آسيا: 26

آق بولاق: 225

آلاطاق (الاطاغ): 324

آلطون كبري (آلتون كوپري): 259

آلنجق: (النجا).

آمد: 11، 238، 239

أترار (فاراب): 281، 292

أخلاط: 314

أذربيجان: 80، 84، 110، 111، 112، 113، 130، 152، 153، 158، 159، 187، 197، 234، 235، 249، 250، 260، 303، 304، 315، 321، 323

أران: 113

إربل: 37، 231، 253، 329، 337

ارجيش: 324

اردبيل: 182

ارزنجان: 323، 324، 325

ارنيل: 202

استانبول: 10، 19، 69، 71، 98، 190، 247، 270، 310، 328

إستراباد: 310

الأسدية: 156

الإسكندرية: 69، 280

إشبيلية: 362

أصبهان (اصفهان): 164، 197، 208، 218، 219، 223، 225، 235، 295، 307، 308، 314، 319

الأعظمية: 259

إفريقية: 82

أكره: 27

الأمشاطيين: 101

الأناضول، انظر: بلاد الروم

الأنبار: 44

الأندرون: 13

أندكان: 295

أوجان: 80

أوربا: 16، 126

الأورتمة (خان) 107، 113، 115، 358، 360

أوركنج: 308

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 398

أونيك: 314، 319

أياصوفية: 13

إيذج: 63

إيران: 11، 28، 30، 31، 39، 72، 73، 94، 109، 167، 208، 218، 220، 235، 287، 295، 301، 326، 343

الأيكجية (عمارة): 119

إيوان كسري (طاق كسري): 248

حرف الباء باب الأبواب: 234

باب الأزج: 147، 181

باب التمغا: 337

باب الغربة: 115

باب النيرب: 264

باريس: 21، 301

بالق (بجاق): 40

باميان: 159

بحر الخزر: 113

بحر الروم (البحر الأسود): 15

البحرين: 49، 85. 231

بخاري: 197

البختيارية (مملكة): 62

بدخشان (بلخشان): 140، 343

البدرية: 101

برج العجمي: 260

برقطا: 46

البرك (قرية): 101

بركة الفيل: 244

بروجرد: 279

البزل (قرية): 115

البطائح: 363

البشيرية: 126

البصرة: 21، 49، 85، 92، 155، 181، 192، 224، 227، 231، 241، 243، 258، 259، 337، 362، 363

بعقوبة: 101، 115،

191، 325، 331

بغداد (دار السلام): 9، 11، 14، 16، 29- 40، 42- 44، 46، 47، 49، 50، 52، 54- 57، 60، 62- 66، 68- 70، 73، 77، 81، 82، 83، 85، 87، 90، 91، 94- 98، 103، 106، 109، 112، 117، 120، 122- 126، 128- 132، 137، 143، 144، 147- 152، 154- 157، 167، 169- 174، 176- 183، 186- 192، 195، 197، 198، 212، 214، 215، 217، 218- 227، 230- 238، 240- 243، 246- 248، 250- 255، 257- 260، 262- 264، 266، 267، 269، 274، 277، 279، 288، 297، 311- 315، 317، 319، 321، 322، 324- 332، 334- 336، 348، 352، 359، 363

بغمايا: 101

بنكالة: 306

بلخ: 23، 140

بمباي (بمبي): 22

بناورد: 141

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 399

البندنيجين: 101، 115، 254، 259

بولاق: 42، 68

بوهريز (بهرز): 101، 115

البيبرسيه: 168

البيت الحرام: 101، 212، 308، 346

بيت المقدس: 195، 247

پيرين: 21

حرف التاء تاتارستان: 287

التبانة: 312

تبريز (توريز): 11، 17، 32، 37، 43، 110، 111، 112، 113، 117، 119، 124، 128، 132، 133، 148، 152، 155، 158، 159، 163، 164، 169- 173، 177، 181، 182، 187، 188، 189، 191، 192، 197، 212، 214، 215، 219، 221، 235، 239، 243، 250، 251، 252، 266، 267، 302، 310، 311، 313، 317، 319، 320، 323، 324، 327، 331، 336

تربة الإمام أحمد: 47

تركستان: 138، 140، 142، 197، 235، 295، 304

تستر (شوشتر): 63، 68، 85، 169، 171، 172، 173، 183، 191، 192، 219، 322، 329، 331، 334، 335، 336

تفليس: 258، 279، 297، 314

تكريت: 227، 230، 231، 232، 233، 248، 278، 337

تكية المولوية: 120

تل دحيم: 101، 115

تلعفر: 334

توريز: (تبريز)

تونس: 280

حرف الجيم جالديران: 310

جامع الآصفية: 120، 121، 122

جامع ابن

طولون: 174، 321

جامع الأزهر: 198، 312

جامع الأموي: 78، 123، 146

جامع بغداد: 150

جامع الحاكم: 40

جامع الخلفاء: 120

جامع الخليفة: 180

جامع الرفاعي: 189

جامع سراج الدين: 178، 180، 351

جامع سيد سلطان علي: 189، 351، 362

جامع العاقولي: 248، 351، 360

جامع علي أفندي: 255

جامع عمرو بن العاص: 320

جامع القصر: 227

الجامع الكبير: 147، 187

جامع الكوفة: 200

جامع محمد الفضل و مدرسته: 57،

جامع مرجان: 97، 99، 105، 189، 358، 360

جامع المصلوب (مدرسة إسماعيل):

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 400

248، 351

جامع الناصرية: 292

جامع النعماني: 178، 179، 189، 351

جامع النوري: 187

جامع الوفائية: 255

جامع يلبغا: 146

الجبال: 295

الجبل: 295

جرجان: 137، 141، 295

جرفت: 304

الجزائر: 259، 336

الجزيرة: 54، 171، 209، 239، 241

جزيرة خالد: 266

الجزيرة العربية: 241

جزيرة مالك: 266

جسر دجلة: 121

جعبر (قلعة): 67

جلولاء: 101، 115

چمچمال: 259

الجواري: 101

الجوبة: 101

الجوهريين: 115

جيحون: 140، 315

الجيزة: 244

حرف الحاء حاجر: 70

الحبشة: 122

الحجاز: 145، 198، 209، 280، 345

الحدادية: (قرية): 49

الحديثة: 201

حديثة النورة: 201

حرامية: 34

حرمانتون (خرماتو): 307

الحرم الشريف: 19

الحرمين: 198

الحريم: 101، 115

الحرية: 47

الحسا: 192

حسن (قرية): 363

حصار شاه ومان: 295

حصصتا: 66

حصن كيفا: 224، 238، 311

الحقون (محلة): 201

حلب: 15، 20، 50، 138، 176، 211، 213، 216، 224، 232، 241، 243، 248، 264، 265، 278، 280، 288، 311، 317

الحلبة: 101، 115

الحلة: 11، 43، 44، 64، 85، 89، 147، 155، 213، 222، 223، 224، 226، 238، 241، 242، 244، 259، 260، 265، 266، 274، 279، 314، 334، 336، 337

حماة: 167، 187

حمرين: 101

حمص: 67، 288

الحويزة: 335

الحيال (قرية): 42، 151

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 401

حرف الخاء الخاتونية: 277

خان آباد: 101

خانقاه خلاصية (تكية): 24

خانقاه شيخون: 321

خانقين: 101

ختيمية: 47

خجند: 141، 295

خراسان: 23، 43، 83، 84، 161، 195، 197، 230، 249، 271، 285، 287، 285، 308، 315

خزانة باريس الأهلية: 66

خرم آباد: 115

خرناباد: 101

خزانة الكتب المستنصرية:

الخطا (مملكة و

بلاد و شعب) انظر:

الخطا: في فهرس الشعوب و القبائل

خلاط: 239

خليج فارس: 126

الخليل: 230، 264

الخليلات: 101

خواجه إيلغار (قرية): 139، 284

خوارزم: 141، 142، 286، 295

خوي: 110، 187، 323

حرف الداء دائرة الأوقاف: 107، 180

دار الآثار: 74

دار الآثار العربية بمصر: 358

دار الحديث: 123

دار الحديث (في المستنصرية): 69

دار الخلافة العباسية: 189

دار السيادة (في ميدوكان): 159

دار الشفاء: 97، 98، 107، 115، 120

دار العدل: 311

دار الكتب (في مدرسة الخواجة مسعود): 195

دار الكتب في باريس: 301

دار الكتب المصرية: 20

داريّا: 295

دجلة: 47، 63، 96، 98، 120، 131، 147، 148، 190، 222، 223، 226، 256، 259

دجيل: 66

الدربند: 250، 322

دسفول (دسبول): 171، 183

الدشت (القفجاق) قبيلة و بلاد: 15، 110، 111، 140، 143، 239، 242، 249، 288، 295، 342، 344

الدكة: 123

الدليم: 241

دمشق: (الشام).

دمياط: 174

دور جوري: 101

دوري: 115

دولتاباد: 101

دهلي: 305، 307

ديار بكر: 11، 230، 231، 238، 255، 303، 304، 313، 314، 321

ديالي: 241

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 402

حرف الراء الرادماز: 115

راس العين: 232، 238

راس القرية: 115، 363

رباط جلولاء: 115

الربدانية: 243

الربع الرشيدي: 53، 112

الربوة: 65

الرحبة: 68، 78، 223، 224، 232، 243

الرصافة: 57، 115، 147، 260

الركن: 101

رمال: 202 و انظر أرنيل

الرها: 231، 232، 238، 239، 321،

روض مهنا: 198

الروم (الأناضول): 42، 239، 257، 259، 262، 265، 267، 270، 274، 277، 278، 288، 303، 310،

الري: 137، 223، 250، 304، 305

الريحانيين (سوق العطارين): 101

حرف الزاي زابلستان: 305

زادمان: 101

زاوية البدرية: 156

زاوية المشهد الحسيني: 123

زريران: 47، 126

زرين جوي: 115

زنكاباد: 253

حرف السين ساباط: 47

ساوة: 137، 166

سبع أبكار (محلة): 190

سجستان: 139، 304

السراي: 15، 110، 111، 239، 250

السر (أرض): 176

سرخس: 142

سرمق: 163

سرمين: 311

السعدية: 280

السلطانية: 191، 192، 195، 214، 219، 221، 239، 319

سلمية (ناحية): 66، 157، 186

سمرقند: 14، 138، 139، 140، 141 142، 218، 267، 281، 282،

298، 302، 303، 304، 305، 308، 315، 323، 337

السميساطية: 50، 51، 79، 263

سنجار: 42، 78، 84، 150، 151، 158، 253، 263

سورية: 18، 21، 43، 51، 56، 122، 210، 217، 224، 252، 279، 287

السوق الجديد: 101

سوق العطارين: 101

سوق الغزل (المغازل): 119، 120

سوق الكبابية: 255

السيافية: 47

سيستان: 304

السيب: 259

سيواس: 11، 55، 238، 256، 257

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 403

حرف الشين شارع الكيلاني: 179

الشام (دمشق): 15، 20، 38، 39، 42، 47، 50، 51، 64، 65، 68، 69، 70، 71، 73، 76، 78، 79، 81، 87، 122، 128، 134، 137، 144، 145، 146، 156، 171، 174، 178، 198، 201، 209- 212، 215، 216، 218، 222، 223، 227، 229، 230، 232، 237، 239، 240، 246، 247، 253، 257، 259، 263، 264، 265، 279، 280، 278، 279، 280، 281، 288، 295، 302، 303، 311، 314، 317، 334

شبانكارة: 53

شرق الأردن: 241

شروان: 30، 221، 254، 317، 322

شهرزور: 259، 296

شوشتر: انظر تستر

شيحة (من أعمال حلب): 50

شيخون (تربة): 321

شيراز: 32، 112، 142، 145، 155، 163، 158، 163، 164، 192، 208، 218، 219، 288، 302، 307

حرف الصاد الصاغة: 101

الصالحية: 253

الصدرية: 181

الصراة: 115

صرصر: 259

صغانيان: 295

صفد: 68

صور: 11، 238، 253

الصين: 83، 277، 313

حرف الطاء الطائف: 198

طاق كسري: 59، 351

طرابلس: 146، 198

طهران: 17

طوس: 141

حرف العين عادل جواز (قرب آذربيجان): 323، 324، 326، 336

عانة: 201

عبادان: 171

العراة: 101

العراق: 10، 12، 13، 14، 16، 17، 20، 27، 28، 29، 31، 33- 36، 38، 43- 47، 51، 55، 56، 62، 63، 66، 68، 72، 73، 75، 79، 80، 82، 84، 87، 89، 90، 110، 113، 118، 138، 140، 148، 152، 153، 159، 165، 166، 172، 176، 180، 183، 186، 197، 198، 200،

209، 210، 212، 214، 215، 219- 222، 225، 227، 230، 232، 236، 242، 246، 252، 260، 262، 265، 269، 274، 280، 281، 287، 291، 293، 297، 301، 304، 314،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 404

315، 316، 326، 327، 329، 232، 336، 337، 340، 345- 350، 354، 355، 357، 361

عراق العجم: 27، 142، 159، 171، 183، 263، 218، 223

العراقان: 234، 303، 304

العقابية (قرية): 226، 260

عقرقوف (عقرقوفا): 101، 115

العمادية: 329

عينتاب: 19

حرف الغين غازان: 325

غرناطة: 82

غزنة: 305، 310

غزة: 64

حرف الفاء فاراب (اسم اترار القديم): 281

فارس: 53، 126، 128، 137، 159، 162، 163، 223، 235، 279، 295، 301، 307

الفرات: 38، 44، 67، 147، 201، 232، 237، 241، 242، 266، 313

حرف القاف القائمية: 101، 115

القابون: 277

القاطون: 101

القاهرة: 11، 12، 36- 38، 48، 49، 64، 65، 68، 69، 76، 122، 123، 174، 178، 198، 224، 229، 232، 243، 244، 248، 256، 280، 281، 311، 312، 317، 330

قبر الشيخ أبي إسحق الشيرازي: 198

قبر الجنيد: 101

قبر عبد الوهاب الجيلي: 115

قبر الفردوسي: 296، 297

القبة: 253

قبة إبراهيم: 225

القبيبات: 244، 334

القدس: 145، 241، 246، 264

قراباغ: 63، 112، 212، 262

قراح الجاموس: 101

قراكليا: 128

قرم: 15

قزلرباط (جلولاء): 115

قزوين: 71

القفجاق: انظر الدشت

قلعة دمشق: 279

قلعة الروم: 266

قلعة النجا: 221، 244

القلندر خانة: 120، 331

قندهار: 305، 306، 308، 310

قنطرة الذهب (التون كوپري): 259

قهوة زنبور: 121

قهوة الشط: 107

قورج (سد): 125

قوص: 122

قولاغي: 225

قومس: 137

قيرشهري: 271

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 405

حرف الكاف كابل: 304

كاشغر: 342، 343

كجرات: 27

كربلاء: 238

الكرج (كرجستان): 32، 239، 252، 258، 278

الكرك: 317

الكركر (في أنحاء بغداد): 224

كركوك: 241

كرمان: 82، 126، 159، 164، 208، 218، 223، 235، 302، 304

كش: 138، 139، 284

الكعبة الشريفة: 153، 204

كلكتة: 307

كماخ: 63

الكوت: 241

كوران: 207

كيلان: 267

الكوفة: 81، 201

حرف

اللام لرستان: 162، 164، 221

اللر (الفيلية): 62، 164، 219، 221، 340

لندن: 22، 72

ليدن: 39، 72

حرف الميم ماردين: 11، 37، 38، 54، 76، 78، 84، 150، 238، 239، 253، 263، 288، 321

مازندران: 23، 137، 235، 295

ما وراء النهر: 14، 138، 139، 142، 197، 284، 285، 286، 304، 305، 310، 315، 340، 341، 342، 343

المتحفة البريطانية: 13، 72، 156، 297، 226، 303، 329، 358

محلة سبع أبكار (المربعة): 190

محلة سراج الدين: 180

محلة الصدرية: 181

محلة القصر: 101

محلة الأكراد (في الحلة): 44

المخرمية: 101، 115

المدائن: 47، 259

مدرستا الآصفية: 121

مدرسة إسماعيل (جامع المصلوب):

248، 351

مدرسة الأشرف بالتبانة: 312

مدرسة الإليانس: 107

مدرسة أم الأشرف شعبان: 311

مدرسة الايكجية: 119

مدرسة البرانية: 34، 127

مدرسة البشيرية: 47، 126

مدرسة السلطانية: 195، 351

مدرسة الصارمية: 127

مدرسة الصالحية: 253

مدرسة الخواجة مسعود بن سديد الدولة:

195، 351

مدرسة القاضي جمال الدين عمر الشهيد:

127

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 406

مدرسة العاقولي: 351

مدرسة العينية: 218

مدرسة الفاضلية: 146

المدرسة الكبيرة بمصر: 123

مدرسة اللغات بباريس: 21

مدرسة المجاهدية: 47

المدرسة المرجانية: 97، 98، 100، 109، 115، 116، 150، 351

المدرسة المستنصرية: 47، 50، 52، 60، 65، 69، 87، 97، 130، 195، 226، 246، 352

المدرسة المظفرية: 162، 164

المدرسة النظامية: 99، 246، 352

المدرسة المنصورية: 311

المدرسة الوفائية: 255، 351

المدينة المنورة: 247

مرند: 319

مسجد الإسماعيلية: 255

مسجد حمويه: 52

مسجد الخوارزمي: 334

مسجد القدم: 127

المسجد النبوي: 50

مسجد يانس: 129

المسعودي (نهر عيسي): 101

مشهد الإمام الأعلم: 190

مشهد الإمام علي (النجف الأشرف):

10، 81، 222، 260، 223، 269

مشهد أبي حنيفة: 87، 147، 178

مشهد أحمد: 147

مشهد معروف الكرخي: 190

مشهد الإمام موسي الكاظم: 66، 260

مشهد الإمام الحسين: 123، 243

المشرعة: 101

مشيخة الربوة: 65

مصر: 11، 15، 19، 21، 28، 34، 35، 38، 42، 43، 47، 50، 52، 54، 56، 57، 64، 65، 67، 68، 75، 76، 79، 82، 85،

122، 123، 137، 143، 161، 164، 168، 174، 177، 198، 212، 213، 217، 229، 232، 239، 241، 246، 247، 251، 252، 253، 256، 257، 258، 311، 312، 313، 316، 328، 335، 358، 364

مطبعة الأوقاف: 10

مطبعة فتح الكريم: 22

المعرة: 67

مغولستان: 286، 342

مقابر الصوفية: 42، 145

المقام: 101

مقبرة الإمام أحمد: 40، 48، 126، 127، 129

مقبرة الايلكانيين في النجف: 131

مقبرة باب حرب: 69

مقبرة الزرادين: 181

مكتبة آل باش أعيان: 21

مكتبة الأزهر: 20

مكتبة أسعد أفندي: 13

مكتبة الأوقاف العامة: 39

مكتبة باريس: 21

مكتبة جامعة جنويز: 21

مكتبة راغب باشا: 13

المكتبة العامة في استانبول: 328

مكتبة علي شير النوائي: 23

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 407

مكتبة فاتح في استانبول: 247

مكتبة السيد نعمان خير الدين الآلوسي:

19- 21

مكتبة نور عثمانية: 17، 301

مكة: 39، 40، 60، 101، 123، 153، 182، 198، 212، 247، 262، 263، 332

المنصورية: 311

موش: 128

الموصل: 33، 34، 37، 38، 42، 54، 70، 78، 84، 86، 128، 134، 157، 158، 169، 187، 188، 232، 239، 241، 244، 253، 321، 322، 329، 330، 334، 337

موقان: 113

المولي خانة (المولوي خانة): 120، 122

ميبد: 162

ميبد يزد: 159، 161، 164

الميدان: 38، 44، 224، 243،

الميقات: 70

حرف النون النجا (قلعة) [آلنجق]: 214، 215، 221، 222، 243، 252، 259، 267

نجد: 209، 241

النجف الأشرف: 10، 81، 91، 131، 238، 269

نخنچوان نقجون (نشوي): 51، 112، 187، 319

نخشب: 140

نصيبين: 239

النعمانية: 125

نهاوند: 307

نهر العلقمي: 265

نهر عيسي: 101

نهر الغنم: 279

نهر القيم: 279

نهر المعلي: 115، 190

نهر ملك: 47، 101

نيسابور: 271، 301

النيل: 213، 337

حرف الهاء هراة: 24، 25، 139، 140، 141

هرارشته: 101

هرمز: 53، 126، 218

همذان: 155، 169، 214، 225، 235، 307، 324

الهند: 17، 25، 26، 27، 72، 167، 186، 287، 288، 303، 305، 306، 307، 310

هيت: 266، 274

حرف الواو واسط: 34،

46، 49، 50، 55، 125، 171، 202، 227، 260، 329، 331، 334، 335، 336، 337، 352، 363

وان: 314

حرف الياء يزد: 161، 162، 163

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 408

4- فهرس الكتب

حرف الألف آتكشده (م) «1»: 168

آخر تنامه: 272

الإحكام في أصول الأحكام للآمدي (م):

86

الأحكام للمجد ابن تيمية (م): 76

إحياء العلوم للغزالي (م): 76، 280

أخبار الأخيار: 26

أخبار الدول و آثار الأول (م): 28، 240، 317

الاختيار: 129

إدراك الغاية في اختصار الهداية: 39

الإدغام الكبير: 49

الأربعون الصحيحة في ما دون أجر المنيحة: 156

أربعين ابن العاقولي: 246

أرجوزة في الفقه: 76

الإرشاد للقلانسي: 49، 134

استوانامه: 273

اسكندر نامه (م): 270، 273

إسلامده تاريخ و مؤرخلر (م): 25، 27، 53، 226، 303

أصول البزدوي (م): 86

أصول الدين: 127

إطاعتنامه لكمال سنائي: 272

الإكمال لابن ماكولا: 69

ألوس أربعة جنكيزي (شجرة الأتراك):

303

إنباء الغمر في أبناء العمر: 18، 29، 138، 140، 142، 145، 146، 149، 151، 153، 155- 157، 159، 170، 173، 174- 176، 178، 182، 186، 188، 198، 209، 211، 212، 215، 217- 220، 223- 225، 227، 229- 231، 240، 244، 246، 248، 249، 251، 256- 258، 263، 264، 267، 280، 281، 282، 292، 295، 312، 316، 317، 320، 328، 332

الأنساب للسمعاني (م): 201

الأنوار في رجال الشيعة: 18

إيضاح الفوائد في حل مشكلات القواعد (شرح القواعد): 133

الإيضاح في المعاني و البيان (م): 42

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 409

حرف الباء بانت سعاد (قصيدة): 216

البداية و النهاية (تاريخ ابن كثير) (م):

19، 20، 145، 146، 334

البديع في أصول الفقه: 86

بديع النظام الجامع: 86

البديعية للعز الموصلي: 216

البدر الطالع من الضوء اللامع: 21

بزم و رزم (تاريخ القاضي برهان الدين) (م): 10، 12، 220، 222، 234، 238، 256

بشارتنامه لرفيعي: 272

بغية الوعاة في طبقات اللغويين و النحاة

(م): 42، 59، 86، 87

حرف التاء التأويل لمعالم التنزيل: 50

تاريخ آل مظفر (تاريخ محمود كيتي) (م):

29، 159، 160، 164، 165، 170، 209، 219

تاريخ ابن أبي عذيبة (تاريخ دول الأعيان): 278، 295، 296

تاريخ أبي الفداء (المختصر في أخبار البشر) (م): 42، 52، 69

تاريخ ابن خلدون (العبر و ديوان المبتدأ و الخبر) (م): 35، 36، 54، 111، 161، 163، 170، 171، 182، 188، 190- 192، 197، 209- 213، 222، 223، 231، 232، 315، 316

تاريخ ابن دقماق: 19

تاريخ ابن الشحنة (روضة المناظر في أخبار الأوائل و الأواخر) (م): 293، 296

تاريخ ابن العديم: 20

تاريخ ابن عربشاه: 256

تاريخ ابن الفرات: 227، 232

تاريخ ابن الوردي (تتمة المختصر في أخبار البشر) (م) 67، 68

تاريخ أورنك زيب لحسن بك القجاري:

306

تاريخ أولياء بغداد (جامع الأنوار): 181

تاريخ بدر الدين (القاضي): 19

تاريخ بغداد للخطيب البغدادي (م): 320

تاريخ الترك العام لدوكيني (م): 321

تاريخ تيمور لنك (م): 15، 16، 220، 222، 301

تاريخ الجنابي: 28، 328

تاريخ جهانكير: 302

تاريخ الخلفاء للسيوطي (م): 296

تاريخ دول الأعيان: (تاريخ ابن أبي عذيبة)

تاريخ الذهبي: 146، 295

تاريخ العتبي (م): 12، 160، 256

تاريخ العراق بين احتلالين قسم المغول (م): 18، 31، 32، 54، 69، 79، 126، 209، 255، 316، 362

تاريخ الغياثي: 16، 30، 32، 35، 68، 94، 119، 120، 125، 142، 148، 149، 151، 154، 159، 161، 163، 164، 170، 171، 173، 177، 188، 192، 196، 219، 222، 226، 233،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 410

243، 244، 251- 253، 255، 257، 258، 260، 266، 267، 302، 303، 313، 322، 323، 325، 326، 332، 335، 336، 337

تاريخ الفخري (م) 154

التاريخ الكبير لابن الفرات (م): 19

تاريخ كزيدة (م): 29، 71، 72، 160

تاريخ مبارك بايسنقري: 301

تاريخ مساجد بغداد

(م): 99، 105، 106، 107، 116، 122، 179، 181، 190، 255

تاريخ معين الدين اليزدي: 159

تاريخ المغول: 18، 31

تاريخ مفصل إيران (م): 53، 80، 84، 91، 112، 125، 131، 137، 165، 338

تاريخ نجد (للآلوسي): 241

تاريخ وصاف (م): 160

تاريخ اليزيدية (م): 151، 207، 273

تتمة المختصر في أخبار البشر (م):

تاريخ ابن الوردي)

تجارب السلف: 154

تحفة الإخوان: 49

تحفة العشاق: 272

تحفة اللبيب: 66

تحفة النظار (رحلة ابن بطوطة) (م): 33، 44، 62، 63، 68، 95، 146، 163، 180، 210

تحقيق الأمل في علم الأصول و الجدل:

39

تذكره سهي (م): 273

تذكرة الشعراء لدولتشاه السمرقندي (م):

23، 80، 82، 84، 95، 154، 301

ترابنامه: 273.

تراجم أعيان بغداد: 69

ترك بيوكلري (م): 30

ترك تيمور (نظامات تيمور السياسية و العسكرية) (م): 21، 279، 298

التصوير في الإسلام (م): 358، 359

تفسير ابن كثير (م) 145

تفسير الواسطي: 127

تقويم التواريخ (م): 33، 51، 59، 84، 111، 161، 242، 251

تلخيص المفتاح (م): 42، 170

تلخيص المنقح في الجدل: 39

تلفيق الأخبار و تلقيح الآثار (م): 111، 143، 251

تيمور نامه (ظفر نامه للهاتفي): 16، 308

تيمور و تزوكاتي (م): 21

التنبيه (م): 246

التيسير للداني (م): 49

حرف الثاء الثمانيات: 156

حرف الجيم جامع التواريخ (م): 25، 57، 71، 301

الجامع الكبير: 76

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 411

الجامع المختصر (لابن الساعي): 241

جاودان كبير: 269، 270، 271

جمشيد و خورشيد: 168

جهانكشاي جويني: 304

جواهر الأخبار: 26

جوش و خروش: 297

حرف الحاء حاشية الإرشاد: 134

حاشية الشقائق: 256

الحاوي: 86

حبيب السير (م): 25، 26، 27، 28، 94، 96، 110- 113، 117، 119، 124، 128، 148، 149، 151، 152، 155، 157، 159، 168، 169، 171- 173، 181، 187، 188، 190، 191، 222، 225، 226، 267، 279، 297، 308، 315، 320، 323، 326

حقائقنامه (مقدمة الحقائق): 272

حقيقتنامه: 252

حلية الأولياء: 127

حرف الخاء خسرو و

شيرين: 83

خلاصة الأخبار: 26

خمسه نظامي (م): 83

حرف الدال دائرة المعارف للبستاني (م): 107

دبستان مذاهب (م): 202، 207

دزد ديوان سعدي: 82

الدر المكنون: 33، 70، 81، 84، 131، 157، 169، 262، 321، 322، 324، 330، 332

درر النحور في مدائح الملك المنصور:

75

الدر النفيس في أجناس التجنيس: 264

درة الأسلاك: 78

الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة (م):

18، 21، 29، 33، 34، 40، 42، 46، 56، 59- 61، 63، 65، 68- 71، 73، 76، 77، 79- 82، 84، 86، 87، 91، 97، 117، 118، 122، 123، 124، 126- 130، 132، 137، 141- 145، 150- 152، 157، 161، 168، 174، 176، 187، 195، 198، 209، 210، 213، 216، 217، 218، 227، 229، 256

دستور الكاتب في تعيين المراتب: 154

دستور الوزراء: 26، 28، 91، 186، 301

دوحة الوزراء (م): 57

دول إسلامية (م): 301

ديوان ابن الخضري (الحصري): 126

ديوان القاضي برهان الدين: 13

ديوان حافظ (م): 329

ديوان خواجو الكرماني: 82

ديوان سلمان الساوجي (م): 13، 125، 186

ديوان صفي الدين الحلي (م): 61، 75، 78

ديوان العز الموصلي: 216

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 412

ديوان محيطي: 271

ديوان نسيمي: 272

ديوان ويراني: 271

حرف الذال ذره نامه سيد شريف: 271

ذيل الأعلام: 244

ذيل التاج السليماني: 302

ذيل تاريخ ابن العديم: 20

ذيل سير نابي: 15

ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب: 229

حرف الراء رباعيات أبي سعيد (م): 168

رباعيات بابا طاهر (م): 168

رباعيات الخيام (م): 168

رباعيات الخواجة عبد اللّه الأنصاري (م):

168

رحلة ابن بطوطة (م): (تحفة النظار).

رحلة ابن جبير (م): 126، 168

رحلة الذهلي: 69

رد الشيعة: 247

الرد علي الإسنوي: 127

رسالة بدر الدين: 272

رسالة حروف: 273

رسالة فضل اللّه: 272

رسالة في الرد علي من أنكر الكيمياء:

65

رسالة نقطه: 272

رفع الإصر: 315

روز و شب: 118

روضات الجنات (م): 75، 86، 133، 134

روضة الأزهار (نظم الإرشاد): 49

روضة

الأعيان في أخبار مشاهير الزمان:

363

روضة الأنوار: 83

روضة الصفا في سيرة الأنبياء و الملوك و الخلفاء (م): 23، 26، 54، 64، 92، 94، 119، 125، 128، 130- 133، 137، 151، 152، 173، 191، 222، 226، 227، 231- 233، 243، 253، 254، 257، 260، 266، 267، 279، 308

روضة المناظر في أخبار الأوائل و الأواخر (م): (تاريخ ابن الشحنة).

الروضة المورقة في الترجمة المونقة:

157

روضة الناظرين و خلاصة مناقب الصالحين (م): 363، 364

حرف الزاي زبدة الأخبار في مناقب الأئمة الأبرار:

47

زبدة التواريخ: 301

الزيج الايلخاني: 302

زيج أولغ بك: 302

حرف السين ساقي نامه: 168

سبعة أبحر: 310

سفر يصيرا (سفر الخلقة): 273

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 413

سلمان الساوجي (م): 80، 91، 94، 95، 96، 113، 117، 118، 125، 128، 131، 137، 144، 151، 167، 186

سلوان المطاع (م): 253

السلوك في دول الملوك (م): 36، 192

سنن ابن ماجه (م): 320

السنن الكبري: 229

سيرة ابن كثير: 145

السيرة النبوية للشيحي: 50

سيرة النبلاء: 34

حرف الشين شجرة الترك (م): 30، 54، 111، 142، 284، 342، 343

شذرات الذهب (م): 31، 40، 42، 47، 48، 59، 60، 66، 68، 69، 70، 91، 94، 126، 127، 129، 145، 151، 154، 170، 173، 174، 198، 209، 213، 217، 218، 246، 253، 262، 264، 281، 284، 291، 311، 312، 320، 327، 330، 332، 335

الشذر المرجاني من شعر الأرجاني: 42

شرح ادراك الغاية: 39

شرح البخاري: 198

شرح البديعية: 216

شرح الترمذي: 229

شرح التسهيل: 86

شرح تهذيب الأصول: 134

شرح خطبة القواعد: 133

شرح الشاطبية: 86، 174

شرح العمدة: 39، 50

شرح كتاب العين في الحكمة: 321

شرح الغاية القصوي: 247

شرح قصيدة في العروض: 330

شرح القواعد: (إيضاح الفوائد).

شرح مبادي ء الأصول 133، 134

شرح المحرر: 39

شرح المختصر: 198

شرح مختصر ابن الحاجب 86، 127

شرح المنهاج (م): 247

شرح نظم مقدمة

ابن الصلاح: 280

شرح نهج المسترشدين: 134

الشرفنامة (م): 128

الشقائق النعمانية (م): 256

شهنامة الفردوسي (م): 72، 166، 296

شيرين و فرهاد: 118

حرف الصاد الصحاح (م): 12

صحاح العجم: 154

صحيح البخاري (م): 150، 170، 229، 263

صحيح مسلم: 64

حرف الضاد الضوء اللامع (م): 15، 20، 142، 143، 151، 179، 197، 249، 263- 265، 267، 268، 277، 291، 292، 302- 304، 312،

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 414

315، 316، 320، 328، 332، 334، 337، 338

حرف الطاء طبقات ابن قاضي شبهة: 246

طبقات الإسنوي: 130

طبقات الحفاظ للذهبي: 320

طبقات الحنابلة لأبي يعلي (م): 229

طبقات الشافعية للسبكي (م): 17، 34، 42، 145

حرف الظاء ظفر نامه: 29، 301، 310

ظفر نامة حمد اللّه المستوفي: 72

ظفر نامة اليزدي (تاريخ تيمور) (م): 302

حرف العين العبر و ديوان المبتدأ و الخبر: (تاريخ ابن خلدون).

عجائب الاتفاق: 156

عجائب المقدور في نوائب تيمور (م):

10، 12- 14، 16، 153، 177، 181، 182، 214، 216، 221- 223، 226، 230- 232، 284، 295، 305، 315

عرشنامه: 270

عرفنامه: 270

عشائر العرب: 241

عشقنامه لابن فرشته (ابن ملك): 272

عقد الجمان في التاريخ (تاريخ العيني):

19، 35، 36، 42، 43، 66، 86، 90، 117، 145، 146، 152، 153، 157، 176، 209، 212، 252، 281، 320، 321، 330

عقد الجمان في القراءات: 330

عقود اللآلي في الأمالي: 156

عقود المقريزي: 268، 292، 304، 328، 338

عمدة الطالب (م): 44، 45، 65، 81

عنوان المجد في تاريخ بغداد و البصرة و نجد: 241، 242

عوارف المعارف (م): 117

عيون أخبار الأعيان: 109، 266

حرف الغين الغاية القصوي (مختصر الوسيط): 247

غرائب الأسرار: 26

غيث السحابة في فضل الصحابة: 156

حرف الفاء فاكهة الخلفا و مفاكهة الظرفا (م): 15

فراق شمس و قمر: 118

فراقنامه: 117، 118، 132، 167

الفرق بين الفرق (م): 201، 202، 273

الفوائد البهية في تراجم الحنفية

(م):

87، 129، 142

فوات الوفيات (م): 55، 69، 76، 78

فهرست السراج القزويني: 71.

فيضنامه: 272

حرف القاف قاموس الأعلام (م): 271

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 415

القاموس المحيط (م): 71، 352

قانون السياسة و دستور الرياسة: 165

القبس الحاوي لغرر السخاوي: 21

القرآن الكريم: 122، 204، 206، 207، 263

قسمتنامه محيطي بابا: 271

قصيدة جامعة للصنائع الأدبية و البحور:

168

قصيدة في العروض: 330

قلائد الجواخر (م): 42

قيامتنامه علي الأعلي: 271

حرف الكاف كاشف أسرار بكتاشيان (م): 272

الكافية الوافية في الكلام: 134

الكاوي في تاريخ السخاوي: 20

كتاب ويراني: 271

الكتب الستة (م): 50

كرسي نامة علي الأعلي: 271

كشف الظنون (م): 10، 16، 20، 21، 23، 25، 28، 30، 71، 81، 86، 122، 160، 256، 270، 298، 310

كشفنامه محيطي دده: 271

الكفاية (نظم التيسير): 49

كلشن خلفا (م): 15، 30، 33، 35، 84، 91، 94، 96، 120، 125، 151، 189، 190، 242، 243، 255، 257- 259، 265، 301، 327، 329

كل و بلبل: 118

كل و نوروز: 83

كليات سلمان ساوجي (م): 167، 168

كمال نامه: 83

الكنز في القراءات: 49، 87

كوهر نامه: 83

حرف اللام لؤلؤ البحرين (م): 133، 134.

اللامع المغيث في علم المواريث: 39

لب التواريخ: 29

لغة جغتاي (م): 125، 284، 323

اللطائف (شرح أربعين النووي): 229

لغة العرب «مجلة» (م): 15، 18، 106، 115، 116

اللمعة الجلية: 49

ليلي و مجنون: 118

حرف الميم مآثر الملوك: 26

مبدأ و معاد: 272

مجالس المؤمنين (م): 18

مجمع الأحباب (مختصر الحلية): 127

مجمع الأنساب: 52، 53

مجمع البحرين: 76

مجموعة تواريخ التركمان: 280

مجموعة كلشني و نسيمي: 272

محبتنامه: 270

محرمنامه: 273

محشر نامه أمير علي: 272

المختار في الفقه: 129، 253

المختار في القراءة: 49

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 416

مختصر ألوس أربعه جنكيزي: 303

مختصر تاريخ الطبري: 39

مختصر تفسير الرسعني: 126

مختصر تهذيب الكمال (التكميل): 145

مختصر الرد علي ابن المطهر: 39

المختصر في أخبار البشر

(م): (تاريخ أبي الفداء).

المختصر النافع (م): 75

مختصر الوسيط: 247

مرآة الجنان: 17

مراصد الاطلاع في الأمكنة و البقاع «مختصر معجم البلدان» (م): 34، 39، 47، 101، 187

مزامير داود: 196

المسالك: 109، 158

المسكوكات: 33

مسكوكات إسلامية (م): 33، 85، 155، 156، 329

مسند أبي حنيفة: 178

مسند أحمد (م): 50، 230

مسند الدار قطني (م): 50

مسند الدارمي: 180

مسند الشافعي: 50

المصابيح للبغوي: 247

مطالع الأنوار: 34

مطلع السعدين: 310

المعاهد الخيرية في العراق: 255

معجم ابن رجب: 144

معجم البلدان (م): 34، 39، 47، 187، 201

معجم الذهبي: 157

معجم الشيوخ لصفي الدين: 40

مغز الأنساب: 301

مفتاح الألباب لعلم الإعراب: 81

مفتاح السكاكي (م): 42، 86

مفتاح الفتح: 128

مفتاح الكنوز في حل الرموز: 122

مقامة ابن الوردي: 66

مقبول المنقول: 50

مكارم الأخلاق: 26

منازل السائرين (م): 246

مناقب بكتاش ولي: 272

مناقب الصالحين و محجة أهل اليقين:

364

منتخب تاريخ وصاف: 26

منهاج البيضاوي في أصول الفقه (م):

247

منية الفضلاء (م): 154

مواهب الهي (المواهب الإلهية): 160

الموطأ (م): 50

حرف النون الناسخ و المنسوخ: 34

نتائج الشيب من مدح و عيب: 65

نزهة القلوب (م): 29، 71، 72

نشر القلب الميت بفضل أهل البيت:

156

نظام التواريخ (م): 17

نظم السراجية: 87

نظم سلوان المطاع: 253

نظم غاية الإحسان: 174

نظم العواطل الحوالي: 330

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 417

نظم الغريب في علوم الحديث: 156

نظم الفرائض: 127

نظم مختصر ابن رزين: 156

نظم مختصر المطالع: 146

نظم مختصر مقدمة ابن الصلاح: 280

نظم مختصر المنار في أصول الفقه: 87

نظم مختصر المنافع: 87

نظم مختصر المنهاج: 146

النواقض: 269

النور الساطع في مختصر الضوء اللامع:

21

النهاية (م): 87

نهاية الأرب في أنساب العرب (م): 242

حرف الهاء الهداية في فقه الحنابلة: 39

هدايتنامه: 273

هفت پيكر (م): 83

همايوننامه: 27

هماي و همايون: 83، 358

حرف الواو وامق و عذراء: 118

وحدتنامه لمقيمي: 272

الوسيط للغزالي: 247

وقائع تاريخية: 284، 301، 334

وقائع شاه رخ: 302

الوقفية و الموقوفات: 99

ولايتنامه: 273

موسوعة تاريخ العراق بين

احتلالين، ج 2، ص: 418

5- فهرس الألفاظ الدخيلة و الغريبة

أبنوس (نوع خشب): 303

آقساق (أعرج، لقب تيمور): 139

أتابك (أتابكة): 161

أفندي: 120

أغا، أقا: 31

اورتمه (مغطي و يراد به المسقف بالآجر):

113، 115

باب (لقب ملك): 202

باشا: 284

بارلاس (قائد): 284

بك، بيك: 274، 321

پيش (ضمة): 355

تراغاي: 284

تزك (نظام، قاعدة و تطلق علي أوامر تيمور أو وصاياه): 293، 298

تومان (بدرة، الفرقة من الجيش): 173، 176، 191، 260

تيمور، تمر، تمور، دمير (حديد، اسم الفاتح المشهور): 138

جلبي: 120

خان: (يعني الملك و يطلق علي من هو أصغر من الخاقان): 286

خان (النزل المعروف بأوتيل في مصطلح اليوم): 113، 115

خواجة (أستاذ): 23، 232

داروغة، داروغا: 323

داية: 119

درويش: 139

الدوادار: 64

زبر (فتحة): 355

زغر (ذعر) دعار أو ذعار: 141

زير (كسرة): 355

السيد: 138

شاه (سلطان): 326، 335

شاه زاده، شهزاده (ابن الملك من آل السلطنة): 105

الشريف: 273

شيخ (رأس الطريقة): 139

طبلخانات (طبلخانة): 64

طواشي، تواشي (مملوك، رأس الخدم):

124، 125

طوغ (نوع علم عند الترك): 131

قاآن (أكبر من الخان و الخاقان): 268

كاشي (نوع آجر مطلي): 107، 190

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 419

كرخانة (معمل): 121

كوركان (صهر، ختن): 141

كورن (جمع بفتح الجيم و سكون الميم):

30

اللنك (الأعرج، لقب تيمور): 138

مال الأمان (ضريبة حربية): 226

نماز (صلاة): 202

نويان (آمر فرقة، قائد عشرة آلاف):

105، 285، 347

نياز (نذر): 202

نيم: 115

وتي: 323

ياسا: 22، 88، 112، 289

ياورجية: 254

يزك: 215

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 420

6- فهرس الصور

الأمير تيمور لنك علي عرشه. و أحد مجالسه 41، 58

جامع مرجان، و الكتابة فوق مصلاه، و ما فوق المحراب 74

الكتابة فوق طارمة المصلي في جامع مرجان 93

ما فوق المحراب من جامع مرجان 102

زينة الطابوق في جامع مرجان 108

جامع شيخ سراج الدين، و محرابه 175 و 184

الجبهة الأمامية لجامع سيد سلطان علي 185

الكتابة فوق مدخل مرقد سيد سلطان علي 193

محراب و منبر جامع سيد سلطان علي 194

طاق كسري 199

جامع

الآصفية 205

هماي و همايون 228

هماي و همايون 245

هماي و همايون 261

التصوير في القرن الثامن 276

قبر تيمور لنك في سمرقند 294

قبر تيمور أيضا- مقطع من قبته 309

شاه رخ ميرزا 318

نهج البلاغة- لوحة 1- خط ياقوت المستعصمي 333

نهج البلاغة- لوحة 2 خط ياقوت المستعصمي 339

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 421

7- فهرس الموضوعات

المقدمة 7

المراجع التاريخية 9

الحكومة الجلايرية حوادث سنة 738 ه- 1337 م 29

حوادث سنة 739 ه- 1338 م 35

حوادث سنة 740 ه- 1339 م 43

حوادث سنة 741 ه- 1340 م 46

حوادث سنة 742 ه- 1341 م 51

حوادث سنة 743 ه- 1342 م 52

حوادث سنة 744 ه- 1343 م 54

حوادث سنة 745 ه- 1344 م 59

حوادث سنة 746 ه- 1345 م 59

حوادث سنة 748 ه- 1347 م 62

حوادث سنة 749 ه- 1348 م 66

حوادث سنة 750 ه- 1349 م 70

حوادث سنة 751 ه- 1350 م 78

حوادث سنة 752 ه- 1351 م 79

حوادث سنة 753 ه- 1352 م 81

حوادث سنة 754 ه- 1353 م 84

حوادث سنة 755 ه- 1353 م 85

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 422

حوادث سنة 756 ه- 1354 م 87

حوادث سنة 757 ه- 1356 م 88

حوادث سنة 758 ه- 1357 م 97

حوادث سنة 759 ه- 1358 م 111

حوادث سنة 760 ه- 1359 م 112

حوادث سنة 761 ه- 1360 م 117

حوادث سنة 762 ه- 1361 م 119

حوادث سنة 763 ه- 1362 م 119

حوادث سنة 764 ه- 1363 م 123

حوادث سنة 765 ه- 1364 م 124

حوادث سنة 766 ه- 1364 م 128

حوادث سنة 767 ه- 1365 م 129

حوادث سنة 768 ه- 1366 م 130

حوادث سنة 769 ه- 1367 م 130

حوادث سنة 770 ه- 1368 م 132

حوادث

سنة 771 ه- 1369 م 133

حوادث سنة 772 ه- 1370 م 137

حوادث سنة 773 ه- 1371 م 137

حوادث سنة 774 ه- 1372 م 143

حوادث سنة 775 ه- 1373 م 147

حوادث سنة 776 ه- 1374 م 151

حوادث سنة 777 ه- 1375 م 157

حوادث سنة 778 ه- 1376 م 169

حوادث سنة 779 ه- 1377 م 170

حوادث سنة 780 ه- 1378 م 170

حوادث سنة 781 ه- 1379 م 174

حوادث سنة 782 ه- 1380 م 176

حوادث سنة 783 ه- 1381 م 177

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص: 423

حوادث سنة 784 ه- 1382 م 181

حوادث سنة 785 ه- 1383 م 187

حوادث سنة 786 ه- 1384 م 197

حوادث سنة 787 ه- 1385 م 208

حوادث سنة 788 ه- 1386 م 212

حوادث سنة 789 ه- 1387 م 213

حوادث سنة 790 ه- 1388 م 216

حوادث سنة 791 ه- 1389 م 217

حوادث سنة 792 ه- 1390 م 218

حوادث سنة 794 ه- 1392 م 218

حوادث سنة 795 ه- 1392 م 219

حكومة تيمور في العراق 220

حوادث سنة 796 ه- 1393 م وقائع العراق الأخري 230

حوادث سنة 797 ه- 1394 م 242

حوادث سنة 798 ه- 1395 م 249

حوادث سنة 799 ه- 1396 م 251

حوادث سنة 800 ه- 1397 م 252

حوادث سنة 801 ه- 1398 م 253

حوادث سنة 802 ه- 1399 م 257

حوادث سنة 803 ه- 1400 م 258

حوادث سنة 804 ه- 1401 م 265

الحروفية و نحلتهم 267

حوادث سنة 805 ه- 1402 م 274

حوادث سنة 806 ه- 1403 م 277

حوادث سنة 807 ه- 1404 م 281

أحوال الأمير تيمور 283

مشجر في تيمور لنك و أولاده: 299

تابع مشجر في تيمور لنك و أولاده: 300

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين، ج 2، ص:

424

حوادث سنة 808 ه- 1405 م 312

حوادث سنة 809 ه- 1406 م 317

حوادث سنة 810 ه- 1407 م 322

حوادث سنة 811 ه- 1408 م 322

حوادث سنة 812 ه- 1409 م 322

حوادث سنة 813 ه- 1410 م 324

حوادث سنة 814 ه- 1411 م 330

بقايا الجلايرية 334

سلاطين الجلايرية 338

الحكومات المجاورة أو ذوات العلاقة 340

عشائر العراق 346

الأوضاع السياسية 347

الثقافة أو العلوم و المعارف 350

الصناعات الجميلة 355

خاتمة 361

1- فهرس الأعلام 367

2- فهرس الشعوب و القبائل و النحل 393

3- فهرس المدن و الأماكن 397

4- فهرس الكتب 308

5- فهرس الألفاظ الدخيلة و الغريبة 418

6- فهرس الصور 420

7- فهرس الموضوعات 421

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.