خزانة التواریخ النجدیة، المجلد 1

اشارة

نام کتاب: خزانة التواریخ النجدیة
نویسنده: آل بسام، عبد الله بن عبد الرحمان
موضوع: جغرافیای عمومی
زبان: عربی
تعداد جلد: 10
سال چاپ: 1419 ه. ق
نوبت چاپ: اول‌

[الجزء الأول]

اشارة

بسم اللّه الرّحمن الرّحیم‌

مقدمة خزانة التواریخ النجدیة

اشارة

الحمد للّه الأول الآخر، الظاهر الباطن، المبدی‌ء المعید، الذی بکل شی‌ء علیم. و الصلاة و السلام علی خاتم الأنبیاء و المرسلین، الذی کملت برسالته الرسالات، و تمت بنبوته النبوات، و علی آله و صحبه و أتباعه الذین هم الآخرون زمنّا السابقون إلی دار الخلود.
صلاة و سلاما دائمین ما تعاقب اللیل و النهار، و دارت الأفلاک و الأقمار، و أظلم اللیل و أضاء النهار.
أمّا بعد: فإن التاریخ من العلوم المفیدة الممتعة تتداوله الأمم و الأجیال، و تعشق قراءته و سماعه کل الفئات، فأربابه کثیرون، و عشاقه لا یحصون، لما فیه من المتعة و اللذّة، و لما یعود به علی القاری‌ء من فائدة.
فمن وعی التاریخ فکأنما أضاف أعمارا إلی عمره، و اطلع علی أخبار الأولین و الآخرین. هذا مع سهولة قراءته و یسر فهمه.
و التاریخ فیه عبر و عظات، لما فیه من عرض لأحوال الأمم السالفة و الأجیال الماضیة.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 6
و لذا، فإن اللّه تبارک و تعالی أکثر من ذکر قصص الأمم الماضین فی کتابه العزیز للاعتبار و الاتعاظ قال تعالی: ذلِکَ مِنْ أَنْباءِ الْقُری نَقُصُّهُ عَلَیْکَ مِنْها قائِمٌ وَ حَصِیدٌ [هود: 100]، کما قال جل و علا: کَذلِکَ نَقُصُّ عَلَیْکَ مِنْ أَنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ وَ قَدْ آتَیْناکَ مِنْ لَدُنَّا ذِکْراً [طه: 99].
و أنا منذ نعومة أظفاری لی ولع بالتاریخ، و الذی نمّی هذه الرغبة والدی رحمه اللّه تعالی، فقد حفظت القرآن الکریم علی یدیه أنا و شقیقی الشیخ صالح بن عبد الرحمن البسام، و کان کلما مررنا بقصة نبی قصها علینا، و بیّن لنا ما جری له مع قومه و ما انتهی إلیه أمره، ثم صار یروی لنا السیرة النبویة و ما فیها من أحداث و غزوات، و کذلک أخبار الفتوحات الإسلامیة، مما حببنا بالأخبار و السّیر و التاریخ، و کان صاحب اطلاع واسع فی ذلک.
هذا، و نحن فی طور الصبا من أعمارنا.
ثم صرت أجالس کبار السن و الرواة من أسرتی (البسام) و غیرهم، من مثل:
1- الشیخ محمد سرور الصبان.
2- الأفندی الشیخ محمد نصیف.
3- الراویة محمد بن علی آل عبّید.
4- الراویة محمد بن إبراهیم بن معتق، و غیرهم، فاستفدت ما عندهم من أخبار.

تاریخ نجد:

الجزیرة العربیة و لا سیما منطقة نجد فهی منذ قامت الفتوحات
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 7
الإسلامیة و صارت العواصم الإسلامیة فی غیرها، رحل عنها النابهون من أهلها من العلماء و الخطباء و الشعراء و الرواة و القراء و الفرسان و صاروا بجانب الخلفاء فی تلک العواصم الإسلامیة من الشام و العراق و مصر.
و أصبحت البلاد النجدیة مهملة.
فخیّم علیها الجهل و الظلام و أهملت من جانب الخلافة الإسلامیة، فلم یعد لها ذکر. و لم یدون ما جری فیها من أحداث و أخبار بعد انتهاء الفتوحات زمن الخلفاء الأربعة.
ثم من القرن (التاسع) الهجری صرنا نری بعض الترسیمات و التقییدات البسیطة بفقرات موجزة تشیر إلی ما یحدث من فتن بین البلدان و القبائل، أو تشیر إلی وفاة شهیر بعلم أو غیره، أو تذکر خبر قحط أو خصب و نحو ذلک.
و هی مع هذا أخبار مقتضبة لا تعلل و لا تذکر أسباب تلک الأحداث، و أول من أطلعنا علی ترسیماته جدنا الشیخ أحمد بن محمد بن بسام الذی توفی عام (1040 ه) ثم تلاه الشیخ أحمد المنقور، و الشیخ محمد بن ربیعة، ثم الشیخ ابن عباد، و الشیخ ابن یوسف، و الشیخ حمد بن لعبون.
ثم جاء بعد هؤلاء مؤرخان هما أوسع من قیّد أخبار نجد و هما:
الشیخ عثمان بن بشر بکتابه (عنوان- المجد)، و الشیخ إبراهیم بن عیسی بکتابه (عقد الدرر).
ثم جاء بعد هذا کله خالنا الشیخ عبد اللّه بن محمد البسام بکتابه (نزهة المشتاق). و الأستاذ مقبل بن عبد العزیز الذکیر بکتابه (مطالع
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 8
السعود). و لقد حرصت علی جمع هذه التواریخ (النجدیة) المطبوع منها و الذی لا یزال مخطوطا، لإخرجها مجموعة باسم (خزانة التواریخ النجدیة).
ولی أمل إن مدّ اللّه فی العمر أن أعید طباعتها بتحقیق و تعلیق و إلحاق مصادر أخر. و لکنی قدمت هذه المجموعة الآن بحالتها الحاضرة لتکون مساهمة فی مناسبة مرور (مئة عام علی تأسیس المملکة).
أسأل اللّه تعالی أن یحقق الأمل، و أن یعیننا إلی ما قصدنا و أردنا، و لا حول و لا قوة إلّا باللّه العلی العظیم.
و نشر هذه المجموعة التاریخیة تعین من أراد البحث و الکتابة عن ما فی البلاد النجدیة من أخبار، و ما کانت علیه فی أفکارها، و علمها، و حربها، و سلمها، و اقتصادها، و اجتماعها، و آثارها و غیر ذلک من شؤون أهلها.
نسأل اللّه تعالی الإعانة و التوفیق و حسن القصد.
کتبه عبد اللّه بن عبد الرّحمن بن صالح آل بسّام
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 9

تاریخ ابن لعبون‌

اشارة

تألیف المؤرخ العلامة حمد بن محمد بن ناصر بن لعبون (....- بعد 1257)
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 11

ترجمة المؤرخ الشیخ حمد بن محمد بن لعبون‌

اشارة

و هذه ترجمة المؤلف المؤرخ و فقرات عن ابنه الشهیر الشاعر الکبیر محمد بن حمد بن لعبون تعلیقات من کتابنا «علماء نجد» لکمال الفائدة:
الشیخ حمد بن محمد بن ناصر بن عثمان بن ناصر بن حمد بن إبراهیم بن حسین بن مدلج ، الملقّب لعبونّا الوائلی العنزی نسبا من آل.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 12
مدلج. و مدلج هذا قال المترجم فی تاریخه المخطوط: إن سبب تسمیة جده بلعبون أن بندق ابن عمه- حمد بن حسین- ثارت علیه فنظمت شدقیه و بری‌ء، لکنه صار یسیل منه لعابه، فلقّب- بلعبون- و صارت ذریته یسمون- آل لعبون-. و هم من بنی وهب من الحسنة أحد أفخاذ المصالیخ، أحد البطون الکبار للقبیلة الشهیرة عنزة بن أسد بن ربیعة بن نزار بن معد بن عدنان.
ولد فی بلدة حرمة- إحدی بلدان سدیر- و نشأ فیها و تعلّم، و صار اتجاهه إلی الأدب و التاریخ فعد من مؤرّخی نجد المعتبرین. و قد توفی والده محمد ابن ناصر- فی حرمة عام 1181 ه.
ذکر ذلک فی تاریخه المخطوط.
و لمّا استولی الإمام عبد العزیز بن محمد علی بلدة حرمة عام 1193 ه، و أبعد بعض أکابرها، خرج منها المترجم له هو و عمه، و سکنا بلدة القصب إحدی بلدان الوشم، ثم ارتحلا إلی بلدة ثادق و ولد ابنه الشاعر فیها. قال المترجم له فی تاریخه: و فیها- أی سنة 1205 ه- ولد الابن محمد بن حمد فی ربیع الثانی. اه.
ثم إن الإمام عبد العزیز بن محمد جعل المترجم له کاتبا مع جباة الزکاة.
قال ابن بشر فی «عنوان المجد»: و أخبرنی حمد بن محمد
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 13
المدلجی، قال: کنت کاتبا لعمال علوی من مطیر مرة فی زمن عبد العزیز، فکان ما حصل منهم من الزکاة فی سنة واحدة أحد عشر ألف ریال.
و لمّا خرج إبراهیم باشا إلی نجد و استولی علی بلدانها، و هدم الدرعیة عام 1233 ه، انتقل المترجم له إلی حوطة سدیر و أقام فیها إلی عام 1338 ه، ثم انتقل منها إلی بلدة التویم، و صار إماما و خطیبا فی البلدة المذکورة، و استوطنها هو و ذریته.
ألّف تاریخا عن نجد یعد من أحسن التواریخ لا یزال مخطوطا، و أکثر ما فیه لم یذکره مؤرخو نجد، و کأنهم لم یطلعوا علیه کما اطلعوا علی «تاریخ الفاخری»، الذی سلخوه بلا رد شکر له.
و هذا التاریخ ألّفه رغبة لابن عمه التاجر الثری ضاحی بن عون المدلجی، فقد قال فی مقدمة التاریخ: أما بعد فقد سألنی من طاعته علی واجبة، و صلاته إلی واصلة، أن أجمع له نبذة من التاریخ تطلعه علی ما حدث بعد الألف من الهجرة، من الولایات و الوقائع المشتهرة، من الحروب و الملاحم، و الجدب و ملوک الأوطان، و وفیات الأعیان، و غیر ذلک مما حدث فی هذه الأزمان، خصوصا فی الدولة السعودیة الحنفیة، فأجبته إلی ذلک، و رأیت أن أکمل له الفائدة و لغیره بمقدمة تکون کالأساس للبنیان. اه.
قال الشیخ إبراهیم بن عیسی: انتقل حمد بن محمد بن لعبون من بلد حوطة سدیر و سکن بلد التویم و استوطنها هو و ذریته، و توفی فیها- رحمه اللّه تعالی-. و له کتاب فی التاریخ مفید وقفت علیه بخط یده،
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 14
و التقطت منه فوائد کثیرة. و له مشارکة فی العلوم و کان حسن الخط.
فطبع من هذا التاریخ فی عام 1357 ه بمطبعة أم القری، و لکن لم یطبع منه إلّا المقدمة التی أشار إلیها: بأنها أساس للتاریخ. أما التاریخ فلا یزال مخطوطا قلیل النسخ.
و قد ذکر فی هذا التاریخ ولادة أبنائه: محمد، و زامل، و ناصر، و حجاته و تنقلاته فی البلدان. و لا داعی لنقلها هنا.

وفاته:

توفی فی بلد التویم، و لم أقف علی السّنة التی توفی فیها. إلّا أنه ذکر وفاة ابنه محمد فی عام 1247 ه.
و له ثلاثة أبناء: محمد، و زامل، و عبد اللّه.
و أما ابنه محمد: فهو الشاعر النبطی الکبیر المشهور. قال والده فی تاریخه المخطوط: و فی سنة خمس و مئتین و ألف ولد الابن محمد بن حمد بن لعبون الشاعر المشهور، و انتقل من بلدة ثادق إلی بلد الزبیر و هو ابن سبعة عشر سنة. و له أشعار مشهورة عند العامة، نرجو اللّه أن یسامحه.
مات فی الکویت فی الطاعون الذی أفنی أهل البصرة، و الزبیر، و الکویت عام 1247 ه. فیکون عمره اثنین و أربعین سنة. اه، من تاریخ أبیه.
***
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 15

تفصیل نسب آل لعبون‌

و هذا نسب آل لعبون نقلناه من کتاب «تحفة المشتاق» تألیف خالنا الشیخ عبد اللّه بن محمد بن عبد العزیز بن حمد البسام و سیأتی طرف منها فی تاریخ المؤلف نفسه و نصه کما یلی:
و إلیک تفصیل نسب آل مدلج، نقلته من تاریخ حمد بن محمد بن لعبون المعروف فی بلد التّویم بقلمه، قال:
أول من سمّی لنا من أجدادنا حسین أبو علی، من بنی وائل، ثم من بنی وهب من الحسنة، و کان لوهب ولدان، و هما منبّه و علیّ، و هو جد ولد علی المعروفین الیوم
و لمنبّه ولدان و هما حسن جدّ الحسنة، و صاعد جدّ المصالیخ.
و لصاعد ولدان و هما: یعیش وقوعی و النسل لهما.
فنزل حسین أبو علی المذکور فی بلد أشیقر، و نزل علیه بعد ذلک فی بلد أشیقر عدّة رجال من بنی وائل، منهم: یعقوب أخو شمیسة جدّ آل أبو ربّاع، أهل حریملاء من آل حسنی من بشر.
و حتایت جدّ آل حتایت المعروفین من وهب من النّویطات.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 16
و سلیم جدّ آل عقیل منهم أیضا.
و توسّعوا فی أشیقر بالفلاحة، و صار لهم شهرة و کثرت أتباعهم.
و نزل عندهم جدّ آل هویمل، و آل عبید المعروفین الآن فی التویم من آل أبو ربّاع.
و اشتهر حسین أبو علی فی أشیقر بالسّخاء و المروءة و إکرام الضیف.
و فی أثناء أمره أقبل غزو من آل مغیرة، و معهم أموال کثیرة، قد أخذوها من قافلة کبیرة بین الشام و العراق، فألقاهم اللیل إلی بلد أشیقر، فنزلوا قریبا من نخل «أبو علی» و کانوا متبّرزین عن ضیافة البلد، فأمر أبو علیّ بجذاذ جملة من نخلة، و وضعه فی الأرض بین أسطر النخل، ثم دعا الغزو المذکورین، و أمیرهم حینئذ مدلج الخیاری، المشهور فی نجد بالشجاعة، و کثرة الغزوان، و هو رئیس عربان آل مغیرة، فدخلوا إلیه، و أجلسهم علی التمر، فأکلوا حتی شبعوا عن آخرهم، و هم نحو مائة رجل.
ثم أمر أبو علی مدلجا المذکور و رؤساء الغزو بالمبیت عنده، و ذبح لهم، و صنع لهم طعاما خصّهم به، فلما کان آخر اللیل و عزموا علی المسیر وضع مدلج تحت الوسادة صرّة کبیرة فیها مال کثیر، مما أخذوه من القافلة و ساروا، فلما کان بعد صلاة الصبح، و طووا الفراش وجدوا الصّرّة تحت الوسادة، فرکب أبو علیّ فرسا له، فلحقهم ظنّا أنهم قد نسوها فأبی مدلج أن یأخذها و قال: إنما وضعتها لک علی سبیل المعاونة لک علی مروءتک، فرجع أبو علیّ بها. و کانت زوجته حاملا فقال لها: إن
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 17
ضیفنا البارحة من أهل المروءة و الکرم، فإن رزقنا اللّه ولدا ذکرا سمّیناه علی اسمه مدلج، و ولدت ذکرا فسماه مدلجا.
و نشأ مدلج فی بلد أشیقر، فی حجر أبیه، ثم صار له بعد أبیه شهرة عظیمة، و اجتمع علیه من قرابته جماعات و من بنی وائل، و تمکنوا فی أشیقر بالمال و الرجال و الحراثة، فخافوا منهم الوهبة أهل أشیقر، أن یضمعوا فی البلد، فتمالأوا الوهبة علی إجلائهم من البلد، بلا تعدّ منهم فی دم و لا مال.
و کان أهل أشیقر قد قسموا البلد قسمین: یوم یخرجون الوهبة بأنعامهم و سوانیهم للمرعی، و معهم سلاحهم، و ذلک أیّام الربیع، و یقعد بنو وائل فی البلد، یسقون زروعهم و نخیلهم، و یوم یخرج فیه بنو وائل بأنعامهم و سوانیهم، و یقعدون الوهبة، یسقون زروعهم و نخیلهم.
فقال الوهبة بعضهم لبعض: إنّ الرأی إذا کان الیوم الذی یخرج فیه بنو وائل للمرعی، و انتصف النهار، أخرجنا نساءهم و أولادهم و أموالهم خارج البلد، و أغلقنا أبواب البلد دونهم، و أخذنا سلاحنا و جعلنا فی البروج بواردیّة، یحفظون البلد ببنادقهم، فإذا رجع بنو وائل منعناهم من الدخول، ففعلوا ذلک. فلما رجع بنو وائل آخر النهار، منعوهم من الدخول، و قالوا لهم: هذه أموالکم و نساؤکم و أولادکم قد أخرجناها لکم، و لیس لنا فی شی‌ء من ذلک طمع، و إنّما نخاف من شرور تقع بیننا و بینکم، فارتحلوا عن بلدنا، ما دام نحن و أنتم أصحابا. و من له زرع فلیوکّل وکیلا علیه منا، و نحن نقوم بسقیه حتی یحصد. و أما بیوتکم و نخیلکم فکل منکم یختار له وکیلا منّا، و یوکّله علی ماله، فإذا سکنتم فی
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 18
أی بلد، فمن أراد القدوم إلی بلادنا لبیع عقاره فلیقدم، و لیس علیه بأس، و لیس لنا طمع فی أموالکم، و إنما ذلک خوفا منکم أن تملکوا بلدنا و تغلبونا علیها فنمّ الأمر بینهم علی ذلک.
ثم رحل بنو وائل، مدلج و بنوه و جدّ أهل حریملاء و سلیم، و جد آل هویمل الذین منهم آل عبید المعروفون فی التّویم، و القصاری المعروفون فی الشّقّة من قری القصیم، و آل نصر اللّه المعروفون فی الزّبیر، فاستوطنوا بلد التّویم.
و کان أول من سکنها مدلج و بنوه ثم اجتمع علیه قرابته.
و کانت بلد التّویم قبل ذلک قد استوطنها أناس من عایذ بنی سعید، بادیة و حاضرة، ثم إنهم جلوا عنها و دمرت، و عمرها مدلج و بنوه، و ذلک سنة 700 تقریبا.
و نزل آل حمد و آل «أبو ربّاع» فی حلة، و آل مدلج فی حلة البلد. ثم إنه بدا لآل حمد الارتحال و التفرّد لهم فی وطن، فسار علیّ بن سلیمان بن حمد الذی هو أبو حمد الأدنی، و راشد، و توجه إلی وادی حنیفة، فقدم علی بن معمّر رئیس العیینة، و کان قد صار طریقه علی أرض حریملاء، و فیها حوطة لآل «أبو ریشة» الموالی، قد استوطنوها قبل ذلک، ثم ضعف أمرهم، و ذهبوا، و استولی علیها ابن معمّر، و ذلک بعد دمار ملهم، انتقال شراید أهله إلی بلد العیینة، فساوم علیّ بن سلیمان المذکور ابن معمّر فی حوطة حریملاء، و اشتراها منه بست مائة أحمر، و انتقل إلیها من التّویم، و سکنها هو و بنو عمه سوید و حسن ابنا راشد آل حمد، و جدّ آل عدوان، و جدّ البکور، و آل مبارک و غیرهم من بنی بکر بن وائل و ذلک سنة 1045 ه.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 19
ثم إنّ سلیما جد آل عقیل قدم علی ابن معمّر من بلد التّویم، فنزل عنده فی بلد العیینة فأکرمه، و نشأ ابنه عقیل بن سلیم، و صار أشهر من أبیه و له ذریة کثیرة.
و أما مدلج فإنه تفرّد فی بلد التّویم هو و أتباعه و جیرانه، و عمروه و غرسوه.
ثم نشأ ابنه حسین بن مدلج، و عظم أمره، و صار له شهرة، و له أربعة أولاد: إبراهیم، و إدریس، و مانع، و حسن، و صار لهم صیت.
فأما إدریس فإنه أعقب زامل أبو محمد و الفارس المشهور، الذی قتل فی وقعة القاع سنة 1084 ه، و هی وقعة مشهورة بین أهل التّویم بأهل جلاجل، قتل فیها محمد بن زامل بن إدریس رئیس بلد التّویم، المذکور، و إبراهیم بن سلیمان بن حمّاد بن عامر الدوسریّ رئیس بلد جلاجل.
و محمد المذکور هو أبو فوزان جد عبد اللّه بن حمد بن فوزان، و مفبز جدّ مفیز بن حسین بن مفیز بن حسین و هم من آل زامل.
و أما مانع فهو جد آل حزیم بن مانع المعروفین.
و أما حسن فهو جد آل جطیل و المفارعة.
و أما إبراهیم بن حسین فإنه ارتحل فی حیاة أبیه إلی موضع بلد حرمة المعروفة، و هی میاه و آثار منازل، قد تعطلت، من منازل بنی سعید من عایذ، و نزلها إبراهیم المذکور، و عمرها و غرسها، و نزل علیه کثیر من قرابته و أتباعه، و تفرّد بملکها عن أبیه و إخوته.
و کان نزول إبراهیم بن حسین بن مدلج المذکور بلد حرمة و عمارته
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 20
لها تقریبا سنة 770 ه، و عمارة بلد المجمعة سنة 820 ه.
ثم إنه توفی حسین بن مدلج فی بلد التّویم، و صار أمیرها بعده ابنه إدریس.
فأما إبراهیم بن حسین فإنه استقر فی بلد حرمة و کان لأبیه فداویّ فارس یقال له عبد اللّه الشمریّ من آل ویبار، من عبدة من شمّر، فلما مات حسین المذکور قدم علی ابنه إبراهیم فی حرمة، و طلب منه قطعة من الأرض لینزلها و یغرسها، فأشار أولاد إبراهیم علی أبیهم أن یجعله أعلی الوادی، لئلا یحول بینهم و بین سعة الفلاة و المرعی، فأعطاه موضع المجمعة المعروفة. و صار کلما حضر أحد من بنی وائل و طلب من إبراهیم و أولاده النزول عندهم، أمروه أن ینزل عند عبد اللّه التّمّری طلبا للسعة و خوفا من التّضییق علیهم، فی منزل و حرث و فلاة، و لم یخطر ببالهم النظر فی العواقب، و أن أولاد عبد اللّه الشّمّری و جیرانهم لا بدّ أن ینازعوهم بعد ذلک و یحاربوهم فیکون من ضمّوه إلیهم تقویة لهم علیهم.
فأتاهم جدّ التواجر و هو من جبارة من عنزة.
و وجدت فی بعض التواریخ أن التواجر من بنی وهب من النّویطات من عنزة، و جدّ آل بدر و هو من آل جلاس من عنزة، و جدّ آل سحیم من الحبلان من عنزة.
و جد التّماری من زعب، و غیرهم فنزلوا عند عبد اللّه الشمّری.
و کان أولاد عبد اللّه الشّمّری ثلاثة: سیف، و دهیس، و حمد.
فأما حمد فهو أبو سوید، و ذریّته فی الشّقة المعروفة من قری القصیم.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 21
و أما سیف فهو أبو علی و غانم و إبراهیم.
فأما غانم فهو أبو مجحد، جدّ آل مجحد المعروفین.
و أما إبراهیم بن سیف فهو أبو الشیخ عبد اللّه بن إبراهیم بن سیف، العالم المشهور، فی المدینة علی ساکنها أفضل الصلاة و السلام، و الشیخ عبد اللّه هذا هو أبو الشیخ العالم العلامة إبراهیم بن عبد اللّه بن سیف بن عبد اللّه الشمریّ المتوفی فی المدینة المنورة سنة 1189 ه، رحمه اللّه تعالی، و هو مصنف کتاب «العذب الفائض شرح ألفیة الفرایض» و له عقب فی المدینة المنورة.
و أما سیف فهو أبو علی و غانم و إبراهیم.
فأما غانم فهو أبو مجحد، جدّ آل مجحد المعروفین.
و أما إبراهیم بن سیف فهو أبو الشیخ عبد اللّه بن إبراهیم بن سیف، العالم المشهور فی المدینة، علی ساکنها أفضل الصلاة و السلام، و الشیخ عبد اللّه هذا هو أبو الشیخ العالم العلامة إبراهیم بن عبد اللّه بن سیف بن عبد اللّه الشمّری، المتوفی فی المدینة المنورة سنة 1189 ه، رحمه اللّه تعالی، و هو مصنف کتاب «العذب الفائض شرح ألفیة الفرایض»، و له عقب فی المدینة المنورة.
و أما علیّ بن سیف فهو أبو حمد بن علی المشهور.
و عثمان جد آل فایز و آل فوزان.
و أما حمد بن علی بن سیف فهو أبو عثمان، و منصور، و ناصر الشیوخ المعروفون فی بلد المجمعة.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 22
و عثمان بن حمد بن علی بن سیف بن عبد اللّه الشّمّریّ، هذا هو الذی عناه حمیدان الشّویعر بقوله:
الفیحا دیرة عثمان‌و مقابلتها بلاد الزّیره
و هو جدّ آل عثمان شیوخ المجمعة فی الماضی، الذین من بقیتهم الیوم فی المجمعة آل مزید المعروفین.
و باقی الیوم من آل سیف آل محرج، و آل حمّاد، و آل جبر، و آل فایز، و آل مفیز، و آل مجحد.
و أما دهیش بن عبد اللّه الشّمّری فله عدة أولاد، و صار بینهم و بین بنی عمهم آل سیف ابن عبد اللّه الشّمّری حروب عظیمة، عند ریاسة بلد المجمعة، و صارت الغلبة لآل سیف، فارتحلوا آل دهیش إلی بلد حرمة، و سکنوا عند آل مدلج، و کانوا أصهارا لهم، فقاموا معهم فی حرب آل سیف، و وقع بینهم حروب کثیرة و قتل من الفریقین عدّة قتلی، منهم عثمان بن ناصر بن حمد بن إبراهیم بن حسین بن مدلج الوائلی الشجاع المشهور، و هو الملقب ب لعبون و هو جد آل لعبون.
و قد تقدم ذکر السّبب الذی أوجب تسمیته بهذا الاسم.
و قد انقطعوا آل دهیش ابن عبد اللّه الشّمّریّ، ما نعلم الیوم منهم أحدا.
و أما إبراهیم بن حسین بن مدلج الوائلیّ صاحب بلد حرمة فأولاده أربعة: محمد و عبد اللّه، و إسماعیل، و حمد.
فأما محمد فأولاده: حمد، و إبراهیم، و مانع.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 23
و لحمد بن محمد ولدان: محمد، و ناصر.
و أولاد محمد بن حمد بن محمد خمسة: إبراهیم، و ناصر و محمد، و عثمان، و عبد اللّه. و أما إبراهیم بن محمد بن إبراهیم فهو جد آل مانع.
و المشهور منهم الیوم ذریة مانع بن إبراهیم و هم: إبراهیم أبو عودة، و مانع، و محمد، و عثمان، و محمد. فیکون عودة و أخوه عبد العزیز ابنی إبراهیم بن عودة بن إبراهیم بن مانع بن إبراهیم بن محمد بن إبراهیم بن حسین بن مدلج ابن حسین الوائلی.
و أما محمد فهو جد آل المعیبیّ هؤلاء آل محمد.
و أما آل عبد اللّه بن إبراهیم بن حسین فهم المعروفون الیوم بالحسانا غلب علیهم الاسم و إلّا فهم و قبیلتهم فی النّسبة إلی حسین سواء.
و الموجود منهم: آل حمد بن عبد الوهاب بن حمد، و آل حمد بن جاسر بن محمد بن عبد اللّه بن إبراهیم بن حسین.
و أما إسماعیل بن إبراهیم بن حمد بن حسین فله من الولد: مانع، و إبراهیم، و الباقی من ذریتهم الیوم ذرّیّة محمد بن إبراهیم بن عون بن إبراهیم بن إسماعیل، و حمد بن عبد اللّه بن مانع بن إسماعیل منهم ضاحی بن محمد بن عون بن إبراهیم بن إسماعیل التاجر المشهور المتوفی فی بلد بمبی من بلاد الهند سنة 1260 ه.
و أما حمد بن إبراهیم بن حسین بن مدلج فهو أبو ناصر و إبراهیم و حسین. و ناصر خمسة أولاد: حمد و عثمان و عبد اللّه و عون و إبراهیم.
فأما حمد فمات و لم یعقب.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 24
و أما عون بن ناصر فله: إبراهیم قتل فی مغیرا.
و أما إبراهیم فله عبد اللّه الیابس، الشجاع البواردیّ المشهور، و مبارک. و أما عثمان فله: ناصر و حمد و عبد اللّه.
و لناصر ستّة أولاد: محمد، و علیّ، و عبد اللّه، و عثمان، و فرج، و فوزان.
فخلّف محمد بن ناصر حمد، و خلف عبد اللّه ناصر.
و لناصر ثلاثة أولاد: عبد العزیز، و إبراهیم، و محمد.
و لفراج بن ناصر ثلاثة أولاد: فراج، و ناصر، و زید.
و أما فوزان بن حمد و عثمان بن ناصر فانقطعوا.
و مات محمد بن ناصر أبو کاتب هذه الشجرة سنة 1182 ه.
و أما حمد بن عثمان بن ناصر فله ثلاثة أولاد: عثمان و فوزان و محمد.
و أما حسین بن حمد بن إبراهیم فله: عبد اللّه و عثمان أبو حسین العمیم.
و لمحمد بن ناصر بن عثمان بن ناصر بن حمد بن إبراهیم بن حسین بن مدلج الملقب بابن لعبون ولد: و هو حمد بن محمد کاتب هذه الشجرة.
و لحمد بن محمد کاتب هذه الشجرة ثلاثة أولاد:
محمد الشاعر المشهور، المولود فی بلد ثادق سنة 1205 ه وقت جلوتنا.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 25
و ذلک أن عبد العزیز بن محمد بن سعود لما ملک بلد حرمة أمر بهدم بعض بیوتها، و قطع بعض نخیلها، و جلا بعض أهلها و ذلک سنة 1193 ه.
و کان ممن جلا حمد بن محمد کاتب هذه الشجرة، و عمه فراج و أولاده، و سکنوا فی القصب، ثم ارتحلوا منها إلی ثادق، و ولد الابن محمد بها کما ذکرنا، و حفظ القرآن، و تعلم الحظّ، و کان خطّه فائقا، و تکلم بالشعر فی صغره، و مدح عمر بن سعود بن عبد العزیز بقصائد کثیرة، ثم سافر قاصدا بلد الزّبیر، و هو ابن سبعة عشر سنة، و صار نابغة وقته فی الشعر، و له أشعار مشهورة عند العامة، نرجو اللّه أن یسامحه.
و لم یزل هناک إلی أن توفی فی بلد الکویت سنة 1247 ه فی الطاعون العظیم الذی عمّ العراق و الزّبیر و الکویت، هلکت فیه حمایل و قبایل، و خلت من أهلها منازل، و بقی الناس فی بیوتهم صرعی لم یدفنوا، فلا حول و لا قوة إلّا باللّه العلی العظیم.
فیکون عمره اثنین و أربعین سنة، و لیس له عقب رحمه اللّه.
و إخوته زامل و عبد اللّه ساکنان مع أبیهما فی بلد التّویم، و ذلک أن إبراهیم باشا لما أخذ الدرعیة سنة 1233 ه، ارتحلت أنا و العم فراج من ثادق، و معه أولاده، فسکن العمّ فراج و أولاده فی حرمة، و أما أنا فسکنت فی حوطة سدیر، فلما کان سنة 1238 ه ارتحلت بأولادی إلی بلد التّویم، و سکنت فیه و جعلته وطنا، و الحمد للّه رب العالمین.
***
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 26
صورة من تاریخ ابن لعبون المخطوط
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 27
هذه ورقة من تاریخ ابن لعبون المخطوط
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 28
هذه صحیفة من تاریخ حمد بن لعبون المخطوط فیها ذکر ولادات أبنائه
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 29

[مقدمة]

بسم اللّه الرّحمن الرّحیم الحمد للّه رب العالمین، و صل اللهم علی سیدنا محمد الصادق لأمین، و علی آله و صحبه أجمعین.
أمّا بعد: فقد سألنی من إجابته علیّ واجبة، و منته و صلته إلیّ واصلة واصبة، ابن العم الشفیق الذی بمنزلة الأخ الشقیق، المؤید من اللّه اللطف و العون الشیخ: ضاحی بن محمد بن إبراهیم بن عون، أن أثبت له نسب قبیلته المسمّین بآل مدلج، طلبا منه لحفظ الأنساب، و للمواصلة التی توجب الثواب.
فأجبته إلی ذلک، و کتبت برسمه ما بلغنی و تلقیته من أشیاخ القبیلة مثل: عبد اللّه بن أحمد بن فواز، و حمد بن عبد اللّه بن مانع و غیرهما، و ما رأیته فی الوثائق بخط العلماء.
و أحببت أن أذکر قبل ذلک مقدمة تکون کالأساس فی البنیان؛ ینتفع بها المنتهی فضلا عن المبتدی‌ء فی هذا الشأن.
و أذکر فصولا تتعلق بالمقصود من الأنساب، و تطلع ما غاب عن أکثر الطلاب علی سبیل التلخیص و الاختصار، حاذفا ذکر القائل و الناقل
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 30
فی جمیع الأخبار إلّا النزر القلیل؛ استغناء عن التطویل، ملتقطا له من کتب عدیدة فی هذا الشأن معتمدة عند أهل الأذهان.
فأقول و أنا الفقیر إلی اللّه الغنی، حمد بن محمد بن ناصر بن عثمان بن ناصر بن حمد بن إبراهیم بن حسین بن مدلج الوائلی الحنبلی.
أما المقدمة: فاعلم علمک اللّه البیان، و أصلح لک الشأن، و صانک عن کل ما عاب و شان، و أثبت لأصلک الفرع و الأغصان:
إن اللّه تعالی لما أهبط آدم إلی الأرض، کما ذکر ابن الجوزی و غیره، أنه عاش ألف سنة، و ولدت له حواء أربعین بطنا توأما، فی کل بطن ذکر و أنثی [أولهم قابیل و توأمته] و تزاوجوا.
و لم یمت آدم حتی رأی من ولده و ولد ولده أربعین ألفا، و انقرض نسلهم غیر نسل شیث، و هو خلیفة أبیه.
[و کذا فی تاریخ ابن جریر: أن حواء ولدت أربعین ولدا، و قیل مئة و عشرین].
و کان بین موت آدم و ولادة نوح ألف و ست مئة و اثنان و أربعون سنة، و من الآباء نحو ثمانیة، فهو: نوح بن لامخ بن متوشلح بن أخنوخ بن برد بن مهلایل بن قینان بن أنوش بن شیث.
قال قتادة: و کان بین آدم و نوح عشرة قرون، کلهم علی الهدی.
ثم حدث فیهم الشرک، فأرسل اللّه إلیهم نوحا، فکذبوه و آذوه.
فأهلکهم اللّه بالطوفان. و کان الطوفان عاما علی القول الصحیح، و المجوس تنکره، و بعضهم یخصه ببابل. و أنجی نوحا و أصحاب السفینة،
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 31
و کان منهم أولاد نوح الثلاثة، و هم: سام، و حام، و یافث، و غیرهم.
و أکثر ما قیل: أن أهل السفینة ثمانون رجلا، و انقرض نسلهم إلّا بنی نوح. [و الصحیح: أن جمیع أهل الأرض من ولد نوح، لقوله تعالی:
وَ جَعَلْنا ذُرِّیَّتَهُ هُمُ الْباقِینَ [الصافات: 77].
فسام أبو العرب، و فارس، و الروم.
و أما حام، فهو أبو السودان علی اختلاف أجناسهم من: الحبش، و النوبة، و الزیلع، و البجا، و الدمادم، و الإفرنج، و التکرور، و الکانم.
و أدیانهم الکفر، و عقائدهم مختلفة.
قال جالینوس: إنهم یختصون بعشر خصال: تفلفل الشعر، و خفة اللحی، و انتشار المنخرین، و غلظ الشفتین، و تحدید الأسنان، و نتن الجلد، و سواد اللون، و تشقق الیدین و الرجلین، و طول الذکر، و کثرة الطرب. و أجناسهم أکثر أهل الأرض. و أکثر أوطانهم الخصب، و الریف.
و أوطانهم من سواحل النیل الجنوبیة إلی حدود المشرق.
و أما یافث، فهو أبو یأجوج و مأجوج، و أبو الترک علی اختلاف أجناسهم. و قاعدة مملکتهم و سلطتهم إقلیم الصین من بلاد المشرق.
و منهم التتار الذین أهلکوا کثیرا من أهل بلاد الإسلام، حتی وصلوا إلی بغداد و ملکوا العراق، و قتلوا الخلیفة المستعصم العباسی.
و استقرت سلطتهم فیه إلی أن أبادهم اللّه. و انخزل أیضا طائفة من الترک، من المشرق من بلاد ماهان نحو خمسین ألف بیت مختارین للإسلام، قاصدین بلاد الروم، و جهاد الکفار مع سلیمان طغرل، فهلک فی الطریق.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 32
و سار ابنه طغرل، و ابن ابنه عثمان بن طغرل، حتی قدموا علی سلطان بلاد الروم علاء الدین السلجوقی، المنسوب إلی الترک، فأکرمهم و أذن لهم فی جهاد الکفار، ثم توفی طغرل سنة 689 ه.
و کان أجّل أولاده عثمان، فأسند السلطان أموره إلیه لما رأی نجدته و شجاعته وجده فی جهاد الکفار، و أکرمه و بعث إلیه بالرایة السلطانیة، فلم یزل یتداولها بنوه إلی أن وصلت إلی سلطان الوقت محمود بن مصطفی الموجود حال التأریخ سنة 1254 ه. و محمود بن عبد الحمید، تمام ثلاثین سلطانا أولهم عثمان.
و أما سام بن نوح، فهو أبو العرب، و الروم، و بنی إسرائیل، و فارس. و أغلب أوطانهم و منازلهم جزیرة العرب، و هی علی ما ذکر فی القاموس: ما أحاط بحر الهند، و بحر الشام، ثم دجلة و الفرات. أو: ما بین عدن أبین إلی ظاهر الشام طولا، و من جدة إلی ریف العراق عرضا.
و حددها السیوطی فی قلائده، فقال: اعلم أن مساکن العرب فی ابتداء الأمر کانت بجزیرة العرب الواقعة بین أوساط المعمور، و أعدل أماکنه، و أفضل بقاعه حیث الکعبة الحرام، و تربة أشرف الخلق نبیّنا محمد صلی اللّه علیه و سلم.
و هذه الجزیرة متسعة الأرجاء، یحیط بها من الغرب: بعض بادیة الشام حیث البلقاء إلی أیلة، ثم إلی القلزم الآخذ من أیلة حیث العقبة الموجودة بطریق حجاج مصر، إلی الحجاز، إلی أطراف الیمن حیث حلی، و زبید، و ما داناهما.
و من جهة الجنوب: بحر الهند المتصل به بحر القلزم من جهة
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 33
الجنوب إلی عدن، إلی أطراف الیمن حیث بلاد مهرة علی ظفار و ما حولها.
و من جهة المشرق: بحر فارس الخارج من بحر الهند إلی جهة الشمال، إلی بلاد البحرین، ثم إلی البصرة، ثم إلی الکوفة من بلاد العراق.
و من جهة الشمال: الفرات أخذا من الکوفة علی حدود العراق، إلی عانة، إلی بالس من بلاد الجزیرة الفراتیة، إلی البلقاء من بریة الشام حیث وقع الابتداء.
و دور هذه الجزیرة فیما ذکره فی تقویم البلدان: سبعة أشهر، و أحد عشر یوما تقریبا بسیر الأثقال.
قال المدائنی: و جزیرة العرب هذه تشتمل علی خمسة أقسام:
تهامة، و نجد، و حجاز، و عروض، و یمن. اه.

فصل [قال السیوطی: و اعلم أن الیمن کان هو منازل العرب العاربة]

من عاد، و ثمود، و طسم، و جدیس، و أمیم، و جرهم، و حضرموت، و من فی معناهم. ثم انتقلت ثمود منهم إلی الحجر من أرض الشام، و کانوا به حتی هلکوا، کما ورد به القرآن الکریم.
و هلک بقایا العاربة بالیمن من عاد و غیرهم، و خلفهم بنو قحطان بن عابر، فعرفوا بعرب الیمن إلی الآن، و بقوا فیه إلی أن خرج منه عمرو مزیقیا عند توقع سیل العرم. و کانت أرض الحجاز منازل بنی عدنان إلی أن غزاهم بختنصر، و نقل من نقل منهم إلی الأنبار من بلاد العراق.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 34
و لم تزل العرب بعد ذلک کله فی التنقل عن جزیرة العرب، و الانتشار فی الأقطار إلی أن کان الفتح الإسلامی، فوغلوا فی البلاد إلی أن وصلوا إلی بلاد الترک و ما داناها.
و نزل منهم طائفة بالجزیرة الفراتیة، و صاروا إلی أقصی المغرب، و جزیرة الأندلس، و بلاد السودان. و ملأوا الآفاق، و عمروا الأقطار.
و صار بعض عرب الیمن إلی الحجاز، فأقاموا به. و ربما صار بعض عرب الحجاز إلی الیمن، فأقاموا به، و بقی منهم فی الحجاز و الیمن علی ذلک إلی الآن. و تفرقوا بالأقطار، منتشرین فی الآفاق، و قد ملأوا ما بین الخافقین. اه.
ثم إن بنی سام تناسلوا حتی انتهی النسب إلی عابر بن شالح بن أرفخشد بن سام. قیل: إن عابر هو النبی هود علیه السلام. و من ولدی عابر لصلبه: فالغ و قحطان، فافترقت القبائل الإبراهیمیة و القحطانیة.
و کان بین نوح و إبراهیم آباء یأتی ذکرهم فی عمود النسب النبوی.
ثم تفرقت قبائل العرب، و بنی إسرائیل، و الروم، و فارس، من إبراهیم، فإسماعیل أبو العرب سوی بنی قحطان علی قول من یجعله قحطان بن عابر بن شالح بن أزفخشد بن سام بن نوح، و لا خلاف أن عدنان من ولده.
و أما إسحاق بن إبراهیم، فهو أبو یعقوب المسمی إسرائیل، فذریته بنو إسرائیل أنبیاؤهم و أممهم.
و أما العیص بن إسحاق، فذریته الروم، و فی قول بعضهم: و فارس.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 35
و لا خلاف أن عدنان من ولد إسماعیل، و لکن الخلاف فی عدة الآباء الذین بین عدنان و إسماعیل؛ فعد بعضهم بینهم آباء کثیرة، و عد بعضهم سبعة.
و الذی ذکره البیهقی قال: عدنان بن أدد بن المقوم بن ناحور بن تیرح ابن یعرب بن یشجب بن ثابت بن إسماعیل.
و أما الذی ذکره الحلوانی فی شجرة النسب- و هو المختار- فهو:
عدنان ابن أد بن أدد بن الیسع بن الهمیسع بن سلامان بن نبت بن حمل بن قیدار ابن إسماعیل.
و الذی ذکر ابن إسحاق نحو ما ذکر البیهقی، قال البیهقی: کان شیخنا أبو عبد اللّه- یعنی الحاکم- یقول: نسبة رسول اللّه صلّی اللّه علیه و سلم صحیحة إلی عدنان. و ما وراء عدنان، فلیس فیه شی‌ء یعتمد علیه.
قال القضاعی فی کتابه «عیون المعارف»: لقد روی أن النبی صلّی اللّه علیه و سلم قال: «لا تجاوزوا معد بن عدنان کذب النسابون»، ثم قرأ: وَ قُرُوناً بَیْنَ ذلِکَ کَثِیراً [الفرقان: 38]. و لو شاء اللّه أن یعلمه علمه.
قال التوزری: الصحیح أنه من قول ابن مسعود، و علی. و الذی علیه البخاری و غیره من العلماء موافقة ابن إسحاق علی رفع النسب، و یسمون بنی إسماعیل العرب المستعربة.
و أما العرب العاربة، فهم بنو قحطان بن عابر بن شالح بن أرفخشد بن سام.
قال السیوطی: و شذ بعضهم، فقال: قحطان بن الهمیسع بن یثمن
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 36
ابن نبت بن إسماعیل. فعلی قولهم تکون العرب کلها من ولد إسماعیل.
قال: و من العرب من ینسب إلی قحطان نفسه إلی الآن.

فصل فی ذکر بنی قحطان‌

اشارة

و کان لقحطان عدة أولاد نحو أربعة عشر، منهم: یعرب، و جرهم، و حضر موت. و ملک الیمن بعده ابنه یشجب. و ولد یشجب سبأ، فملک الیمن بعد أبیه.
و کان لسبأ عدة أولاد، و اشتهر منهم خمسة. و من نسلهم جمیع قبائل الیمن. و هم:
حمیر، و من عقبه کانت ملوک الیمن من التبابعة. و من نسله:
قضاعة بن مالک بن حمیر.
الثانی من أولاد سبأ: کهلان أبو القبائل الکثیرة، منهم: بنو جفنة، و قبائل الأزد من الأوس و الخزرج و غیرهم، و قبائل همدان بن زید، و کندة، و لخم، و جدام، و طیی‌ء، و مذحج، و صدی، و خولان، و أنمار.
الثالث: عمرو بن سبأ، و بعضهم یجعل من عقبه: لخم، و جذام.
فأما حمیر، فالمشهور منهم غیر التبابعة و الأذواء: بنو قضاعة.
و المشهور من قبائل قضاعة ثمان عمائر:
العمارة الأولی: جهینة بن زید بن لیث بن سود بن أسلم بن الحافی ابن قضاعة.
العمارة الثانیة: بلی بن عمرو بن الحافی.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 37
العمارة الثالثة: بنو کلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحافی. و منازلهم فی الجاهلیة؛ دومة الجندل و تبوک. و جاء الإسلام، و علیهم الأکیدر.
العمارة الرابعة: بهرا بن عمرو بن الحافی.
العمارة الخامسة: تنوخ، قال أبو عبید هم ثلاثة بطون: نزار، و الأحلاف، و فهم.
العمارة السادسة: نهد بن زید بن سود بن أسلم بن الحافی.
العمارة السابعة: بنو مهرة بن حیدان بن عمرو بن الحافی.
العمارة الثامنة: جرم بن زبان بن حلوان بن عمران بن الحافی.
و أما کهلان بن سبأ، قال فی «العبر»: و العدد فیهم أکثر من حمیر، فالمشهور منهم ثمان عمائر:
الأولی: جذام، و جعلهم صاحب حماة من بنی عمرو بن سبأ هو و أخوه لخم، و یتفرع من جذام أحد و عشرون بطنا ما بین صغار و کبار.
العمارة الثانیة: من کهلان لخم، و لخم و جذام عما کندة.
العمارة الثالثة: کندة و بلادهم بالیمن.
العمارة الرابعة: طیی‌ء بن أدد بن زید بن یشجب بن عریب بن زید ابن کهلان.
و یتفرع من طیی‌ء: أفخاذ و عمائر کثیرة.
فمن أفخاذهم: بنو سلسلة بن غنم بن ثوب بن معن بن عتود بن عنین بن ثعل البطن المعروف. و منهم بنو عدی البطن بن أفلت بن
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 38
سلسلة بن عمرو بن سلسلة. و من بن عدی بنو ربیعة بن حازم بن علی بن المفرج بن دغفل بن جراح بن شبیب بن مسعود بن سعید بن حرب بن الربیع بن علفی بن حوط بن عمرو بن خالد بن سعید بن عدی.
قال الحمدانی: کان ربیعة هذا قد نشأ فی أیام الأتابک: زنکی و ابنه العادل نور الدین محمود صاحب الشام، و نبغ من بین العرب، و ولد له أربعة: فضل، و مر، و نابت، و دغفل. و کلهم توارثوا أرض غسان بالشام و ملکهم علی العرب، ثم صارت الریاسة لآل عیسی بن مهنا بن فضل بن ربیعة یتداولونها. و منازلهم من حمص إلی جعبر إلی الرحبة، آخذین علی شفاء الفرات إلی نوحی البصرة. و ینضم إلیهم من سائر العرب: زعب، و آل حرب، و بنو کلب، و کلاب، و آل خالد حمص، و خالد الحجاز الذین منهم آل جناح، و الضبیبات من میاس، و الجبور، و الدعم، و القرشة، و الثبوت، و المعامرة، و العلجان، و فرقة من عائد، و آل یزید و الدواسر.
قال المقر بن فضل اللّه آل عیسی بن مهنا: هم ملوک البر ما بعد و اقترب، و سادات الناس، و لم تصلح علی غیرهم العرب و ذکر فی الثناء علیهم کلاما طویلا.
الفخذ الثانی: آل مرا بن ربیعة قال فی «مسالک الأبصار»: و دیارهم من بلاد الحیدور، إلی الزرقاء، إلی بصری، و شرقا إلی الحرة المعروفة بحرة کشب قرب مکة إلی شعباء، إلی الهضب المعروف بهضب الراقی، و یدخلهم فی إمرتهم من العرب حارثة، و بنو لام، و مدلج، و بنو صخر، و زبید حوران، و یأتیهم من عرب البریة آل ظفیر، و المفارجة، و آل غزی، و آل برجس، و الخرسان، و آل مغیرة، و آل فضل، و بنو حسین الشرفاء،
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 39
و البطنان، و مطیر، و عنزة، و خثعم، و عدوان، و غیرهم.
الفخذ الثالث: آل علیّ: و هم بنو علی بن حدیثة بن غضبة بن فضل المقدم.
قال فی «مسالک الأبصار»: و هم و إن کانوا من ضئضی‌ء آل فضل فقد انفردوا منهم حتی صاروا طائفة أخری، و دیارهم مرج دمشق و غوطتها إلی الجوف و الحیانیة إلی الشبکة إلی تیماء، و من أفخاذ طیی‌ء بنو سنبس بن معاویة بن جرول بن ثعل البطن المعروف بن عمرو بن الغوث بن طیی‌ء، و عدّ الحمدانی منهم ثلاثة أحیاء و هم: الخزاعلة، و بنو عبید، و جموح.
قال: و کان لهم شأن أیام بنی عبید القداح، و من بطون طیی‌ء أبیّ ابن غنم بن حارثة الثعلی.
و ولد لأبی سیف و مسعود و حارثة و حضنتهم أمة یقال لها: غزیة، فغلبت علیهم.
قال الحمدانی: و منهم قوم بالشام و العراق و الحجاز و فیما بینها.
قال: و هم بطون و أفخاذ ترجع إلی أصلین هما: البطنان، و أجود، فمن البطنان آل دعیج، و آل روق، و آل مسعود، و آل تمیم.
و من الأجود: آل منیع، و آل سعید، و آل سند، و آل ابن الحرم، و آل علی و ساعدة، و بنی حمید و بنی مالک،- و ذکر ابن فضل اللّه أنهم تارة بعصون و تارة یطیعون.
قال فی «مسالک الأبصار»: و منهم طائفة بطریق الحجیج البغدادی، میاههم الیحموم، و اللغیف و المعینة.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 40
قال: و ذکر لی نصر بن برجس أن دار آل أجود الرخیمیة و الدفینة و لینة، و زرود، و دیار آل عمرو بالجوف، و دیار بقایاهم: اللصیف، و الیحموم، و اللام، و المعیة، و یلیهم دیار ساعدة من الخضراء إلی بریة زرود، ثم آل خالد، و دارهم: التنومة، و حنیذ، و أبو الدیدان، و القربع، و الکوارة إلی الرسوس إلی عنیزة إلی وضاخ إلی جبلة إلی السر إلی العودة إلی العشیریة إلی الأنجل. انتهی کلام صاحب المسالک.
و من بنی ثعل: بنو عدی بن أخزم بن ربیعة بن أبی أخزم، و اسمه هزومة بن ثعل.
فمن بنی عدی: حاتم بن عبد اللّه بن سعد بن الحشرج بن امری‌ء القیس بن عدی الجواد، و ابنه عدی وفد إلی النبی صلّی اللّه علیه و سلم و لم یرتد، و شهد القادسیة، و مهران و قس الناطق، و النخیلة، و معه اللواء، ثم شهد الجمل مع علیّ ففقئت عینه، و شهد صفین و النهروان، و مات فی زمن المختار، و هو ابن عشرین و مئة سنة، و أوصی أن لا یصلّی علیه المختار، و قد ترجم عماد الدین الحافظ ابن کثیر لحاتم فی تاریخه فنسبه.
ثم قال أبو سفانة: کان جوادا ممدوحا فی الجاهلیة، و کذلک کان ابنه فی الإسلام و کانت لحاتم مآثر و أمور عجیبة. و أخبار مستغربة فی کرمه، یطول ذکرها، و لکنه لم یقصد بها وجه اللّه و الدار الآخرة، و إنما کان قصده الریاء و السمعة و الذکر.
قال الحافظ البزار: حدثنا محمد بن معمر: حدثنا عبید بن واقد:
حدثنا أبو نصر الناجی، عن عبد اللّه بن دینار، عن عبد اللّه بن عمر قال:
ذکر حاتم عند النبی صلّی اللّه علیه و سلم فقال: «ذاک أراد أمرا فأدرکه». حدیث غریب.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 41
قال الدارقطنی: تفرد به عبید عن أبی مضر.
و قال الإمام أحمد بالإسناد عن عدی قال: قلت یا رسول اللّه: إن أبی کان یصل الرحم، و یفعل و یفعل.
قال الحافظ أبو بکر البیهقی: أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ- یعنی الحاکم-: حدثنی أبو بکر محمد بن عبد اللّه بن یوسف العمانی: حدثنا أبو سعید عبید بن کثیر بن عبد الواحد الکوفی: حدثنا ضرار بن صرد:
حدثنا عاصم بن حمید عن أبی حمزة الثمالی، عن عبد الرحمن بن جندب، عن کمیل بن زیاد النخعی قال: قال علی بن أبی طالب رضی اللّه عنه: یا سبحان اللّه، ما أزهد کثیرا من الناس فی خیر، و عجبا لرجل یجیئه أخوه المسلم فی الحاجة فلا یری نفسه للخیر أهلا، فلو کان لا یرجو ثوابا، و لا یخشی عذابا، لکان ینبغی له أن یسارع فی مکارم الأخلاق، فإنها تدل علی سبیل النجاح.
و قام إلیه رجل فقال: فداک أبی و أمی یا أمیر المؤمنین، أسمعته من رسول اللّه صلّی اللّه علیه و سلم؟ قال: نعم، و ما هو خیر منه: لما أوتی بسبایا طیی‌ء و وقعت جاریة حمراء لعساء ذلفاء هیطاء شماء الأنف معتدلة القامة و الهامة، درماء الکعبین، خدلجة الساقین، لفاء الفخذین، خمصة الخصرین، ضامرة الکشحین، مصقولة المتنین.
فلما رأیتها أعجبت بها و قلت لأطلبن إلی رسول اللّه صلّی اللّه علیه و سلم یجعلها فی فیئی، فلما تکلمت أنسیت جمالها لما رأیت من فصاحتها. فقالت: یا محمد إن رأیت أن تخلّی عنا، و لا تشمت بی أحیاء العرب، فإنی ابنة سید قومی، و إن أبی کان یحمی الذمار، و یفک العانی، و یشبع الجائع،
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 42
و یکسی العاری، و یقری الضیف، و یطعم الطعام، و یفشی السلام و لم یرد طالب حاجة قط، أنا ابنة حاتم طیی‌ء. فقال النبی صلّی اللّه علیه و سلم: «یا جاریة، هذه صفة المؤمنین حقا، لو کان أبوک مؤمنا لترحمنا علیه، خلوا عنها فإن أباها کان یحب مکارم الأخلاق، و اللّه یحب مکارم الأخلاق». فقام أبو بردة بن نیار فقال یا رسول اللّه و اللّه یحب مکارم الأخلاق؟ فقال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و سلم:
«و الذی نفسی بیده لا یدخل الجنة أحد إلّا بحسن الخلق». انتهی ما ذکر ابن کثیر.
و من إخوان ثعل بن عمرو بن الغوث بن طیی‌ء ثعلبة، و هو جرم رهط عامر بن جون و نبهان رهط زید الخیل.
و من طیی‌ء بنو لام بن عمرو بن طریف بن عمرو بن ثمامة بن مالک ابن جدعی، منهم: أوس بن حارثة بن لام، و راس أخوه سعد أیضا.
و من طیی‌ء بحتر بن عتود.
و من طیی‌ء شمر. قال ابن الکلبی: شمر و زریق بطن من ثعل، و هما ابنا عبد جذیمة بن زهیر بن ثعلبة بن سلامان بن ثعل، و لقیس بن شمر هذا یقول امرؤ القیس:
* و هل أنا لاق حیّ قیس بن شمّرا* منهم عبدة بن امری‌ء القیس بن زید بن عبد رضی بن خذیمة بن شمر أبو الحرنفش الشاعر، و هو الذی أسرته الدیلم و له حدیث، انتهی.
و قال امرؤ القیس:
و جاد قسیّا فالطّها فمسطّحاو جوّا و روّی نخل قیس بن شمّرا
قلت: و قد غلبت هذه النسبة إلی شمر علی أهل جبل طیی‌ء من
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 43
البادیة و بعض الحاضرة، و الظاهر أنهم کلهم لیسوا من نسله، و لا یبعد أن ینسب إلیه غیر من یجتمع معه، فی عمود نسبه من سائر طیی‌ء، و کذلک من خالطهم، أو نازلهم من جار، أو حلیف قد ینسب إلیهم مع تطاول الأزمان.
قال فی «العبر»: کانت منازلهم فی الیمن فخرجوا علی إثر خروج الأزد منه، فنزلوا: سمیراء و فیدا فی جوار بنی أسد، ثم غلبوا بنی أسد علی أجا و سلمی، و هما جبلان یعرفان بجبلی طیی‌ء، فاستمروا فیها ثم تفرقوا فی أول الإسلام فی الفتوحات.
قال ابن سعید: و فی بلادهم الآن أمم کثیرة: حجازا، و شاما، و عراقا، و هم أصحاب الریاسة فی العرب إلی الآن.
و من عمائر کهلان: مذحج بن أدد أخو طیی‌ء، و من مذحج سعد العشیرة ولد مذحج المذکور، و إنما سمی سعد العشیرة لأنه بلغ ولده و ولد ولده ثلاث مئة رجل یرکبون معه، و کان إذا سئل عنهم یقول هؤلاء عشیرتی وقایة لهم من العین، و من سعد العشیرة زبید- بضم الزای-.
و منهم بنو منبّه و هو زبید بن صعب بن سعد العشیرة و یعرف بزبید الأکبر، و هو زبید الحجاز.
قال فی «المسالک»: و علیهم درک الحاج المصری من الصفراء إلی الجحفة.
و منهم زبید الأصغر بن ربیعة بن سلمة بن مازن بن ربیعة بن زبید الأکبر، و من هؤلاء عمرو بن معد یکرب فارس العرب.
و ذکر فی «مسالک الأبصار» فی عرب الحجاز حربا و لم یعزهم إلی
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 44
قبیلة، قال: و هم ثلاثة بطون: بنو مسروح، و بنو سالم، و بنو عبد اللّه.
و أقول: قد رأیت من عزا حربا هؤلاء إلی عدنان.
قال أبو العباس أحمد بن عبد اللّه فی کتابه «نهایة الأرب»: بنو حرب بطن من هلال بن عامر ذکرهم الحمدانی و قال: منازلهم الحجاز.
و من مذحج بنو مراد بن مذحج و له من الولد ناجیة و زاهرة، منهم بنو قرن الذین منهم أویس الزاهد قتل مع علی یوم صفین، و من مراد ابن ملجم قاتل علیّ.
و من مذحج أیضا النخع، و منهم أیضا جنب و صدی و رهی، فمن جنب: معاویة بن الحارث بن منبّه بن جنب، کان إلیه البیت و الملک و هو الذی تزوج عبیدة بنت مهلهل بن ربیعة الوائلی، و فیها یقول مهلهل:
أنکحها فقدها الأراقم فی‌جنب و کان الحباء من أدم
لو بأبانین جاء یخطبهاخضب ما أنف خاطب بدم
و اسم بنت مهلهل عبیدة و إلیها نسب قبائل من جنب، و تزوجها بعد معاویة روح بن مدرک بن عبد الحمید بن مدرک جد آل ضیغم بن منیف.
و قیل: إنهم من نزار بن عنز بن وائل دخلوا فی نسب جنب لأن أمهم عبیدة.
و من مذحج عنس منهم الأسود الذی تنبأ، و من إخوة مذحج الأشعر و هو نبت بن أدد جدّ الأشعرین.
و من أعظم عمائر کهلان: الأزد بن الغوث بن نبت بن مالک بن زید بن کهلان بن سبأ، و هم من أعظم الأحیاء، فقد قسمهم الجوهری إلی
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 45
ثلاثة أقسام: أزد شنوءة، و هم بنو نصر بن الأزد، و شنوءة لقبه، و أزد السراة و هو موضع بالیمن، نزل فیه فرق منهم، و أزد عمان نزلها طائفة منهم، و من ملوکهم عبد و جیفر اللذان کتب إلیهم النبی صلّی اللّه علیه و سلم.
و من أعظم ملوکهم: بنو جفنة بن عمرو بن عامر ماء السماء بن حارثة الغطریف بن امری‌ء القیس البطریق بن ثعلبة البهلول بن مازن الزاد بن الأزد، و هم ملوک الشام، و أخو جفنة محرق أول من عاقب بالنار و ثعلبة العنقاء، و حارثة و إخوتهم و یدعون غسان و جماع غسان إلی مازن الزاد، و إنما غسان ماء شربوا منه بین زبید، و رمع قال حسان:
إما سألت فإنا معشر نجب‌الأزد نسبتنا و الماء غسان
و أول من ملک منهم جفنة قال صاحب حماة: و ذلک قبل الإسلام بما یزید علی أربع مئة سنة، و بقی بأیدیهم إلی أن کان آخرهم جبلة بن الأیهم فی زمن نبینا صلّی اللّه علیه و سلم، و هو الذی أسلم ثم تنصر فی أیام عمر و کان طوله اثنی عشر شبرا، و فیهم یقول حسان:
للّه درّ عصابة نادمتهم‌یوما بجلّق فی الزّمان الأوّل
أولاد جفنة حول قبر أبیهم‌قبر ابن ماریة الکریم المفضل
یسقون من ورد البریض علیهم‌بردی یصفّق بالرّحیق السّلسل
بیض الوجوه کریمة أحسابهم‌شمّ الأنوف من الطّراز الأول
و من قبائل الأزد الأنصار: و هم من غسان، و هما الأوس و الخزرج ابنا حارثة بن ثعلبة بن عمر، و مزیقیا بن عامر ماء السماء المتقدم، و أمهما قیلة بنت الأرقم بن عمرو بن جفنة و ولد للخزرج عدة أولاد تفرعت قبائلهم منهم.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 46
و أما الأوس فلم یکن له إلّا ابن واحد و هو مالک، و من مالک تفرعت قبائل الأوس.
قال الحافظ ابن کثیر فی تاریخه «البدایة و النهایة»:
قال الحافظ أبو بکر الخرائطی: حدثنا عبد اللّه بن أبی سعید: حدثنا حازم بن عقال بن حبیب بن المنذر بن أبی الحصین بن السموءل بن عادیا الغسانی قال: لما حضرت الأوس بن حارثة الوفاة اجتمع إلیه قومه من غسان فقالوا: إنه قد حضر من أمر اللّه ما تری، و قد کنا نأمرک بالتزوج فی شبابک، و هذا أخوک الخزرج له خمسة بنین و لیس لک ولد غیر مالک.
فقال: لیس یهلک هالک ترک مثل مالک، إن الذی یخرج النار من الوشمة قادر علی أن یجعل لمالک نسلا و رجالا بسلا، و کل إلی الموت، ثم أقبل علی مالک فقال: أی بنیّ المنیة و لا الدنیة، العقاب و لا العتاب، التجلّد و لا التبلّد، القبر خیر من الفقر إنه من قل ذل.
و من کرم الکریم الدفع عن الحریم، و الدهر یومان: فیوم لک، و یوم علیک. فإن کان لک فلا تبطر، و إن کان علیک فاصطبر، و کلاهما سیخسر لیس یغلب منهما الملیک المتوّج و لا اللئیم المعلج سلم لیومیک حیاک ربک ثم أنشأ یقول:
شهدت السّبایا یوم آل محرّق‌و أدرک عمری صیحة اللّه فی الحجر
فلم أر ذا ملک فی الناس واحداو لا سوقة إلّا إلی الموت و القبر
فعلّ الذی أردی ثمودا و جرهماسیعقب لی نسلا إلی آخر الدهر
تقرم بهم فی آل عمرو بن عامرعیون لدی الداعی إلی طلب الوتر
فإن تکن الأیام أبلین جدّتی‌و شیّبن رأسی و المشیب مع العمر
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 47 فإنّ لنا ربّا علا فوق عرشه‌علیما بما یأتی من الخیر و الشر
ألم یأت قومی أنّ للّه دعوةیفوز بها أهل العبادة و البر
إذا بعث المبعوث من آل غالب‌بمکّة فیما بین مکة و الحجر
هنالک تبغوا نصره ببلادکم‌بنی عامر إنّ السعادة فی النّصر
قال ثم قضی فی ساعته. انتهی نقل ابن کثیر.
و من بطون کهلان الکبار: خزاعة و هو عمرو بن لحی، و هو ربیعة ابن حارثة بن عمر، و مزیقیا بن عامر، و هو الذی غیر دین إبراهیم، ود العرب إلی عبادة الأوثان، و منه تفرقت خزاعة.
و إنما صارت الحجابة إلیه من قبل أمه فهیرة بنت عامر بن حارث مضاض الجرهمی فحجب عمرو، و بنوه، إلی أن صارت إلی أبی غبشان فسکر یوما، و قد شرب هو و قصی بن کعب بن لؤی، فابتاع قصی، مفاتیح البیت بزق خمر، و دفعها قصیّ إلی ابنه عبد الدار فقام عند البیت و نادی: یا بنی إسماعیل قد رد اللّه علیکم مفاتیح بیت أبیکم، و أف؟؟؟
أبو غبشان فندم، و ضربت العرب المثل بذلک، فقیل: أخسر من؟؟؟
أبی غبشان.
و من بطون کهلان: همدان بن مالک بن زید بن ربیعة بن الخیار زید بن کهلان، منهم: حاشذ و بکیل ابنا جشم بن خیوان بن نوف همدان، و من هذین البطنین تفرقت همدان، منهم: بنو یام بن أصفی رافع بن مالک بن جشم فولد یام جشم و مذکر و ولد مذکر بن یام ه؟؟؟
و مواجدا، و هم الأحلاف و العنز فتحالفا علیه.
و منهم: وادعة البطن بن عمرو بن عامر بن شامخ بن رافع، و منهم
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 48
آل ذی رعین، و منهم: أرحب بن مالک بن بکیل، و منهم: بنو السبیع من حاشد الذین منهم أبو إسحاق السبیعی عمرو بن عبد اللّه الفقیه، و بنو خیوان الذین دفع إلیهم ابن لحی یعوق، و منهم: بنو وادعة.
و من کهلان بنو أنمار بن أراش بن عمرو بن الغوث، و قد ذکر فی «العبر»: أنه لما تکاثر بنو إسماعیل فصارت ریاسة الحرم لمضر مضی أنمار بن نزار إلی الیمن فتناسل بنوه بها فعدّ فی الیمانیة، و علیه ینطبق ما حکاه الجوهری فولد أنمار عبقر و الغوث، و صهیب، و خزیمة، و إخوة لهم و أمهم بجیلة بنت صعب بن سعد العشیرة و بها یعرفون، و کان بلادهم مع إخوتهم خثعم؛ و من بجیلة بنو قسر و اسمه مالک بن عبقر، و من بطونهم عرینة بن نذیر بن قسر.
و أما خثعم أخو بجیلة فاسمه أفیل بن أنمار و بلادهم مع إخوتهم بجیلة بسروات الیمن، و الحجاز إلی تبالة.
و منهم: بنو أکلب بن عفرس بن حلف بن خثعم.
و منهم ناهس و شهران ابنا عفرس إلیهما العدد و الشرف، و کود بن عفرس، و الفزع بن شهران بطن و بنو حرب، و هو أوس بن وهب اللّه بن شهران.
و منهم: بنو عرفجة ابن کعب بن مالک بن قحافة البطن بن عامر بن ربیعة بن عامر بن سعد بن مالک بن نسر بن وهب اللّه بن شهران و عرفجة أم کعب.
و من قحافة: عبد اللّه بن مالک ولی الصوائف أربعین سنة لمعاویة
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 49
و غیره إلی زمن سلیمان بن عبد الملک، و فیه مات و کسر علی قبره أربعون لواء.
و منهم جلیحة و الریث و مبشر، أبناء أکلب بن ربیعة بن عفرس.
و منهم: جشم بن حارثة بن سعد بن عامر بن تیم اللّه البطن، و ولد جلیحة بن أکلب و اهب و شهران.
و من خثعم أیضا: بنو منبّه، و معاویة، و آل مهدی، و نصر، و بنو حاتم، و آل مدرکة، و آل زیاد.
و منازل الجمیع بیشة و ما حولها، و بلادهم بلاد خیر و زرع و فواکه کثیرة، و أکثر میرة مکة من الحنطة و الشعیر، و غیرهما من بلادهم.
و من کهلان قبائل کثیرة لم نذکرهم من الأزد و غیرهم، مثل غامد و زهران و دوس بن عدنان و عک بن عدنان و قبائل کندة، و بنو الحارث بن کعب، ملوک نجران الذین من أشرافهم بنو عبد المدان، و هو عمرو بن الدبان بن قطن بن زیاد البطن و النخع، و بنو جعفی، و أود و زبید ابنا صعب. انتهی ما اختصرناه من أنساب قحطان.

و أما بنو إسماعیل:

فإن الذی بین إسماعیل و عدنان من الآباء مختلف فیه خلافا کثیرا، إذا تقرر ذلک فعدنان هو شعب نسب العرب المستعربة الذی تفرع منه قبائلها و عمائرها و بطونها و أفخاذها و فصائلها.
و قد ذکر فی «العبر»: أن جمیع الموجودین من ولد إسماعیل من نسله، قال و مواطن بنی عدنان مختصة بنجد، و کلها بادیة رحالة إلّا قریشا
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 50
بمکة و نجد. قال السهیلی: و لا یشارک بنی عدنان فی أرض نجد أحد من قحطان إلّا طیی‌ء من کهلان.
ثم افترق بنو عدنان فی تهامة الحجاز، ثم العراق و الجزیرة الفراتیة، و ولد لعدنان معد، و ولد لمعد نزار، و ولد لنزار أربعة: مضر، و ربیعة، و إیاد، و أنمار، و من مضر تفرعت أکثر القبائل العدنانیة و هم: بنو إلیاس ابن مضر، و بنو قیس عیلان بن مضر، و خندق اسم امرأة إلیاس، عرف بنوه بها.
.. و کان لإلیاس من الولد: مدرکة علی عمود النسب، و طابخة، و قمعة، و ولد مدرکة: خزیمة و هذیلا، و ولد خزیمة: کنانة أبا القبائل المشهورة، و أسدا أبا بنی أسد فولد کنانة النضر علی عمود النسب و عبد مناة.
و من کنانة: بنو لیث، و ضمرة ابنا بکر بن عبد مناة بن کنانة، و بنو الهون، و سائر الأحابیش، و بنو مدلج بن مرة بن عبد مناة بن کنانة المعروفون بالقیافة، و بنو فراس بن غنم بن ثعلبة بن الحارث بن مالک بن کنانة.
و فیهم یقول علی بن أبی طالب رضی اللّه عنه لبعض من کان معه:
لوددت أن لی بألف منکم سبعة من بنی فراس، و منهم: بنو الدیل بن بکر، و منهم: بنو غفار بن ملیل بن ضمرة، رهط أبی ذر، و أبی بصرة، و أبی سریحة، و أبی اللحم خلف ابن مالک صاحب رسول اللّه صلّی اللّه علیه و سلم.
و من بنی لیث: یعمر الشداخ بطن، و هو الذی شدخ الدماء بین قریش و أسد و خزاعة.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 51
و من کنانة: بنو جذیمة الذین قتلهم خالد بن الولید.
و من کنانة: قریش و هو فهر بن مالک بن النضر بن کنانة، و قریش لقّب علیه لشدته تشبیها بدابّة فی البحر یقال لها: قریش، أو لغیر ذلک، و قیل: قریش النضر بن کنانة و الذین علیه الجمهور الأول.
فمن بطونهم: بنو عدی بن کعب بن لؤی رهط عمر بن الخطاب، و بنو سهم رهط عمرو بن العاص، و بنو تمیم بن مرة رهط أبی بکر و صلحة، و بنو زهرة بن کلاب رهط عبد الرحمن بن عوف، و سعد ابن أبی وقّاص، و بنو أسد بن عبد العزی رهط الزبیر، و بنو عبد الدار الحجبة، و بنو أمیة بن عبد شمس بن مناة و بنو مخزوم بن یقظة، و بنو هشام ابن عبد مناة؛ و المسطفون من قریش بنو هاشم بن عبد مناة.
و بالجملة فقریش قد ملأت الأقطار و انتشرت فی الآفاق، و أنسابهم مشهورة فی السیر و التواریخ یجدها من طلبها هؤلاء المنسوبون إلی مدرکة بن إلیاس بن مصر.
و أما أخوه طابخة بن إلیاس فهو جد بنی تمیم، و الرباب، و ضبة، فإن تمیما هو ابن مر بن أد بن طابخة، و هو أبو القبائل الکثیرة.
قال فی «شرح ذات الفروع»: کان تمیم فی الفترة التی بین سلیمان و عیسی علیهما السلام.
و قد ذکر أنه فی زمن الإسکندر، و أنه یلی شرطته، و کان یطلب الحنیفیة، و ینکر عبادة الأصنام، و کان فی زمن عمرو بن لحی، و ذکر أنه أدرک عیسی بعد أن مضی من عمره دهر طویل، و أن عیسی سأله عن نفسه و دینه، فأخبره فقال: هل تستطیع أن تصحبنی؟ قال: نعم یا رسول اللّه،
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 52
قال: أنت وزیری و أخی، و مضیا معا فلم یزل معه حتی رفع، ثم مضی إلی الیمین یسیح و معه ابن أخیه المعافر بن یعفر بن مر فلم یزل بها حتی مات، و کان عمره ستمائة سنة، و هو و کعب بن لؤی فی زمن واحد، و مات فی بلد یقال لها: ریمام.
و أبناء تمیم زید مناة و عمرو و الحارث فولد زید مناة مالکا، و ولد مالک حنظلة أبا القبائل الکثیرة، و أشرفهم بنو ابنه دارم بن مالک بن حنظلة.
و منهم أبو سود و عوف ابنا مالک بن حنظلة، یقال لهم: بنو طهیة، و یتفرع من حنظلة أفخاذ کثیرة و من أعظمهم بنو یربوع بن حنظلة، و کانت الردافة فی الجاهلیة لهم لأنه لم یکن فی العرب أکثر غارة علی ملوک الحیرة منهم، و صالحوهم علی أن جعلوا لهم الردافة و یکفوا عن أهل العراق. قال فی «الصحاح»: الردافة أن یجلس الملک و یجلس الردف عن یمینه فإذا شرب الملک شرب الردف قبل الناس، و إذا غزا الملک قعد فی موضعه، و کان خلیفته و إذا عادت کتیبة أخذ الردف المرباع.
و منهم عتاب بن هرمی بن ریاح بن یربوع ردف النعمان.
و منهم معقل بن قیس من رجال أهل الکوفة و کان مع علیّ فوجهه إلی بنی سامة فقتل منهم و سبی. و ذکر المبرد أن المستورد الخارجی خرج علی المغیرة بن شعبة، و هو والی الکوفة، فوجه إلیهم معقلا فدعاه المستورد إلی المبارزة و قال: علام یقتل الناس بینی و بینک؟ فقال معقل:
النصف سألت. فخرج إلیه فاختلفا بینهما ضربتین فخر کل منهم میتا.
و منهم مالک و متمم ابنا نویرة قتل مالک یوم البطاح، و منهم بنو کلیب بن یربوع الذین منهم جریر الشاعر.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 53
و أما بنو سعد بن زید مناة بن تمیم فلهم بطون کثیرة أیضا، منهم بنو منقر بن عبید بن مقاعس الذین منهم قیس بن عاصم الذی قد رأس وفدا علی النبی صلّی اللّه علیه و سلم، فقال: هذا سید أهل الوبر، و عمرو بن الأهتم وفد أیضا، و من ولده خالد بن صفوان بن عبد اللّه بن عمرو بن الأهتم.
و من بنی مرة بن عبید الأحنف بن قیس و هو الضحاک بن قیس أدرک عهد النبی صلّی اللّه علیه و سلم و لم یصحبه.
قال ابن قتیبة لما دعا النبی صلّی اللّه علیه و سلم بنی تمیم إلی الإسلام کان الأحنف فیهم و لم یجیبوا، فقال الأحنف: إنه لیدعوکم إلی مکارم الأخلاق و ینهاکم عن ملومها، و أسلم و لم یفد علی النبی صلّی اللّه علیه و سلم، فلما کان رمان عمر وفد إلیه و کان من أجل التابعین و أکابرهم، و کان موصوفا بالعقل و الدهاء و العلم و الحلم و شهد صفین مع علی و شهد بعض فتوحات خراسان و لما استقر الأمر لمعاویة دخل علیه یوما فقال: و اللّه یا أحنف ما أذکر یوم صفین إلّا کان حزازة فی قلبی إلی یوم القیامة، فقال الأحنف: و اللّه یا معاویة إن القلوب التی أبغضناک بها لفی صدورنا، و إن السیوف التی قاتلناک بها لفی أغمادها، و إن تدن من الحرب فترا ندن منها شبرا، و إن تمش إلیها نهرول. ثم خرج و کانت أخت معاویة من وراء الحجاب تسمع، فقالت یا أمیر المؤمنین: من هذا الذی یتهدد و یتوعد؟
فقال: هذا الذی إذا غض غضب لغضبه مائة ألف من بنی تمیم لا یدرون فبم غضب.
و روی أن معاویة لما نصب ولده یزید لولایة العهد أقعده فی قبة حمراء، فجعل الناس یسلمون علی معاویة ثم یمیلون إلی یزید حتی جاء
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 54
رجل ففعل ذلک، ثم رجع إلی معاویة و قال: یا أمیر المؤمنین اعلم أنک لو لم تول هذا أمور المسلمین لأضعتها و الأحنف جالس. فقال معاویة: فما لک لا تقول یا أبا بحر؟ فقال: أخاف اللّه إن کذبت، و أخافکم إن صدقت، فقال معاویة: جزاک اللّه عن الطاعة خیرا، و أمر له بألوف. فلما خرج لقیه ذلک الرجل بالباب فقال: یا أبا بحر، إنی لأعلم أن شر ما خلق اللّه هذا و ابنه، و لکنهم قد استوثقوا من هذه الأموال بالأبواب و الأقفال، فلیس نطمع فی استخراجها إلّا بما سمعت. فقال له الأحنف: أمسک علیک، فإن ذا الوجهین لا یکون عند اللّه وجیها.
و من کلامه فی ثلاث خصال ما أقولهن إلّا لیعتبر معتبر: ما دخلت بین اثنین قط حتی یدخلانی بینهما، و لا أتیت باب أحد من هؤلاء ما لم أدع إلیه- یعنی الملوک-، و لا حللت حبوتی إلی ما یقوم الناس إلیه.
و من کلامه: ألا أدلکم علی المحمدة بلا مزریة؟ الخلق السجیح، و الکف عن القبیح، ألا أخبرکم بأدوی الداء؟ الخلق الدنیّ و اللسان البذیّ؟ و من کلامه: ما خان شریف، و لا کذب عاقل، و لا اغتاب مؤمن، و قال: ما ادخرت الآباء للأبناء، و لا أبقت الموتی للأحیاء، أفضل من اصطناع المعروف عند ذوی الأحساب و الآداب. و قال: جنبوا مجلسنا ذکر الطعام و النساء، فإنی أبغض الرجل یکون وصافا لفرجه و بطنه، و إن من المروءة أن یترک الرجل الطعام و هو یشتهیه. و قال الأحنف أیضا: وجدت الحلم أنصر لی من الرجال.
قال الساوردی: و صدق، لأن من حلم کان الناس أنصاره، و قال له رجل: إن قلت لی کلمة لتسمعن عشرا. فقال: لکنک لو قلت عشرا لم
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 55
تسمع منی واحدة؛ و سبّه رجل و هو یماشیه الطریق فلما قرب من المنزل وقف فقال: یا هذا، إن کان بقی معک شی‌ء فقله ها هنا، فإنی أخاف أن یسمعک فتیان الحی فیؤذوک.
و قال الأحنف: تعلمت الحلم من قیس بن عاصم، إنی لجالس معه و هو یحدثنا إذ جاءه جماعة یحملون قتیلا و معهم رجل مأسور، فإذا القتیل ولده، و المأسور أخوه، فقیل: هذا قتل هذا، فو اللّه ما قطع حدیثه و لا حل حبوته حتی فرغ من منطقة ثم أنشد:
أقول للنفس تأساء و تعزیةإحدی یدیّ أضابتنی و لم ترد
کلاهما خلف من فقد صاحبه‌هذا أخی حین أدعوه و ذا ولدی
ثم التفت إلی بعض ولده فقال: قم فأطلق عمک، و وار أخاک، و س؟؟؟ إلی أمه مئة من الإبل فإنها غریبة.
و من بنی سعد: عطارد و بهدلة و قریع أبو جعفر الملقب بأنف الناقة.
و أما عمرو بن تمیم فولده العنبر و الحارث الحبط و ولده الحبطات، منهم: عباد بن الحصین بن یزید بن عمرو بن أوس بن سیف بن عزم بن حلزة بن نیار بن سعد بن الحارث الحبط، کان أحد فرسان تمیم فی الإسلام، و هو صاحب عبادان المرابط، و ابنه المسور الذی قام بأمر تمیم أیام الفتنة حیث قتل الولید بن یزید، و ابن ابنه عباد بن المسور.
و منهم: بنو مازن بن مالک بن عمرو بن تمیم، رهط قطرة بن الفجأة الخارجی، و من بنی العنبر خالد بن ربیعة بن رقیع بن سلمة بن صلاءة بن عبدة بن عدی بن جندب بن العنبر الذی نسب إلیه الرقیعی الماء بطریق
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 56
مکة إلی البصرة، و کان ربیعة بن رقیع أحد المنادین من وراء الحجرات، و ینسب إلی عمرو بطون کثیرة، و إلی تمیم منهم قبائل فی جبل طیی‌ء، و قبائل فی نواحی العراق و البصرة و اختلطوا بأهل السواد و الجزائر و خلطهم غیرهم، فاللّه أعلم هل هم من تمیم هؤلاء أو من تمیم یذکر فی نسب طی‌ء، أو من غیرهم و دخل فیهم من لیس منهم إلّا تمیم نجد و الیمامة، فإنهم محفوظ نسبهم فی أوطانهم. و الصریح منهم المجتمعون علی أحسابهم و أنسابهم فی نجد أهل قفار الذین انخزل منهم المزاریع أهل روضة سدیر، الذین منهم راجح جد آل ماضی، و سعید جد رمیزان، و هلال جد آل أبی هلال.
و منهم آل مفید: قدموا مع مزروع إلی سدیر؛ و القبیلة الثانیة: أهل القارة و بلدانها فی سدیر، و الثالثة: آل عرینة أهل الغاط و أهل رغبة، و الرابعة: آل منعات الذین منهم آل عشیرة أهل عشیرة؛ و الخامسة: العناقر الذین منهم آل ناصر أهل ثرمداء و الجار اللّه أهل مراة و آل فریح المعروفون بالفرحة، و آل علیان من آل بریدی و حجیلان أهل بریدة، و المناقیر فی سدیر و الفقهاء فی ضرما، و السادسة: الوهبة أهل أشیقر و قد تفرقوا فی بلدان نجد، و السابعة: النواصر؛ و الثامنة: أهل الحوطة الذین فی برک و نعام، قیل: إنهم درجوا من قفار إلی قارة سدیر و استوطنوا فیها، ثم درجوا بعد ذلک إلی هذا الذی هم فیه، و هو الملقا و الحلوة و بریک، هؤلاء المضبوطون من حاضرة تمیم، و من تمیم أیضا بطون کثیرة اختصرنا هذا منها.
و من تمیم أیضا: بنو امری‌ء القیس بن زید مناة بن تمیم، منهم:
عدی بن زید الشاعر: و منهم، هشام الذی کان یهجوه ذو الرمة و لذی
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 57
الرمة فیهم هجو کثیر، قال الحرماز: مر جریر بذی الرمة فقال: یا غیلان، أنشدنی ما قلت فی المرائی، فأنشده:
نبت عیناک عن طلل بحزوی‌عفته الریح و امتنح القطارا
فقال: ألا أعینک یا غیلان؟ قال: بلی بأبی أنت و أمی، فقال: قل فقال:
یعدّ النّاسبون إلی تمیم‌بیوت المجد أربعة کبارا
یعدّون الرّباب و آل سعدو عمرا ثم حنضلة الخیارا
و هلّک بینها المرئیّ لغواکما ألغیت فی الدیة الحوارا
إذا ما المرء شبّ له بنات‌عصبن برأسه أبة و عارا
و قال أیضا:
فلمّا دخلنا جوف مرأة غلّقت‌دساکر لم یرفع لخیر ظلالها
و قد سمّیت باسم امری‌ء القیس قریةکرام صوادیها لئام رجالها
و مرأة قریة فی الوشم لبنی امری‌ء القیس کان یسکنها هشام.
و أما ثرمداء فقال فی «معجم البلدان»: قال الأزهری: ماء لبنی سعد و قیل: قریة بالوشم من أرض الیمامة، و هو خیر موضع بالوشم؛ و قال أبو القاسم محمود بن عمر، یعنی: الزمخشری: هی قریة ذات نخل لبنی سحیم: و قال السکونی: هی لبنی امری‌ء القیس بن تمیم، و قال فی «القاموس»: ثرمداء قریة، و ماء فی دیار بنی سعد. و شقراء: قریة بناحیة الیمامة من الوشم و أشیقر، کأحیمر بلد عنها شمالا. قال زیاد بن منقذ بن حمل التمیمی صاحب أشی القریة التی فی وادی المجمعة و حرمة لما تغرب عنه إلی الیمن فتشوق إلیه فی قصیدته التی مطلعها:
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 58 لا حبّذا أنت یا صنعاء من بلدو لا شعوب هوی منّی و لا نقم
إذا سقی اللّه أرضا صوب غادیةفلا سقاهنّ إلا النار تضطّرم
و حبّذا حین تمسی الریح باردةوادی أشی و فتیان به هظم
المطعون إذا هبت شآمیةو باکر الحیّ من صرادها صرم
إلی أن قال:
متی أمرّ علی الشقراء معتسفاخلّ النّقا بمروح لحمها زیم
و الوشم قد خرجت منه و قابلهامن الثّنایا التی لم أقلها ثرم
ثرم حبل، قال شارح الحماسة: الوشم بلد ذو نخیل دون الیمامة.
و قال فی «معجم البلدان»: الوشم موضع بنجد و هو لبنی ربیعة بن مالک بن زید مناة بن تمیم؛ قال: و قد تقدم فی رسم ثرمداء، زعم أبو عثمان عن الحرمازی أنه ثمانون قریة انتهی، و هو لتمیم، و الرباب، و عکل، و تتصل میاههم و أماکنهم إلی السر و التسریر، ثم إلی البطاح إلی الزلیفات و جزرة و سمنان و الغاط إلی الدهناء و ما یلیها من المیاه، و هم أکثر العرب حاضرة هم و بنو ربیعة بن نزار، و تتصل إلی مبایض، و رماح، و المجزل، و ما بین ذلک کما ذکر صاحب المعجم المذکور.
و أما عبد مناة بن أد بن طابخة فهو أبو الرباب، و هم: تیم، و عدی، و عوف، و الأشیب، و إنما سمو الرباب لأنهم هم وضبة بن أد غمسوا أیدیهم فی الرب فتحالفوا علی تمیم و یذکرون فی عداد بنی تمیم. و یقال لبنی عوف بن عبد مناة عکل، و هم: الحارث و جشم و سعد و علی بن عوف بن وائل بن قیس بن عبد مناة حضنتهم أمة لأمهم یقال لها: عکل، فنسبوا إلیها.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 59
و من بنی عدی أقیش و هو بیت عکل منهم النمر بن تولب بن أقیش الشاعر، وفد علی النبی صلّی اللّه علیه و سلم و مدحه بشعر أوله:
إنّا أتیناک و قد طال السّفرنقود خیلا ضمرا فیها ضرر
و الشمس و الشّعری و آیات أخرنطعمها اللحم إذا عز الشجر
و فیها یقول:
یا قوم إنی رجل عندی خبراللّه من آیاته هذا القمر
* و الشمس و الشّعری و آیات أخر* و أدرک الإسلام و هو کبیر و لا مدح أحدا و لا هجا، و کان جوادا، و هو الذی یقول:
لا تعضبنّ علی امری‌ء فی ماله‌و علی کرائم صلب مالک فاغضب
و إذا تصبک خصاصة فارج الغنی‌و إلی الذی یهب الرغائب فارغب
و من عدی ذو الرمة غیلان بن عقبة بن بهیس بن مسعود بن حارثة بن عمرو بن ربیعة بن ساعدة بن کعب بن عوف بن ثعلبة بن ربیعة بن ملکان بن عدی، و أخواه أوفی و مسعود جدّ الوهبة، یقال: و هیب بن قاسم ابن مسعود، و من ثور سفیان الثوری المشهور.
و أما عمرو بن أد فولده عثمان، و أوس، و أمهما: مزینة بنت کلب ابن وبرة نسبوا إلیها؛ منهم زهیر بن أبی سلمی.
و أما ضبة بن أد فولده سعد و سعید و باسل، و من بطونهم بنو السید و عائذة و هاجر و کنوز و موهب و صباح، و هم بطن فیهم شرف و عدد منهم عاصم بن خلیفة بن معقل بن صباح الذی قتل بسطام بن قیس، فارس بنی بکر بن وائل هذا ما لخصنا من قبائل إلیاس بن مضر.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 60
و أما أخوه قیس عیلان- بالعین المهملة- بن مضر بن نزار و اسمه الناس بالنون، فهو أبو القبائل الکثیرة.
قال صاحب حماة: و قد جعل اللّه فی قیس من الکثرة أمرا عظیما، و لکثرة بطونهم جعلوا فی مقابلة الیمانیة مدرجا فیهم سائر العدنانیة، فیقال: قیس و یمن، فمنهم: بنو فهم بن عمرو بن قیس عیلان، و منهم عدوان بن عمرو بن قیس عیلان، عدا علی أخیه فهم فقتله فقیل له عدوان، و إلا فاسمه الحارث.
قال فی «العبر»: کانوا بطنا متسعا، و منازلهم الطائف نزلوها بعد إیاد و العمالقة، ثم غلبهم، علیها ثقیف، قال: و بها الآن منهم خلق کثیر، و منهم باهلة و هم بنو مالک بن أعصر و بنوه سعد مناة، و أمه: باهلة، و معن، فولد معن أودا و جعادة، و أمهما: باهلة خلف علیها معن بعد أبیه، و قتیبة و قضا، و وائلا و حربا فحضنتهم باهلة کلهم، فغلبت علیهم و منهم بنو غنی ابن أعصر.
و من قبائل: قیس بنو غطفان بن سعد بن قیس عیلان، و هو أخو أعصر، من أشرافهم بنو مرة بن عوف بن سعد بن ذبیان بن بغیض بن ریث بن غطفان، منهم: هرم بن سنان ممدوح زهیر بن أبی سلمی.
و منهم: بنو عبسی بن بغیض و بنو ذبیان بن بغیض: الذین وقع بینهم الحرب العظیم المعروف بحرب داحس، و من ذبیان بنو فزارة بن ذبیان، منهم بنو بدر بن عمرو بن جویة بن لوذان بن ثعلبة بن عدی بن فزارة و ولد بدر عشرة منهم: حذیفة أبو حصن، و حصن أبو عیینة المشهور، و منهم:
أسماء بن خارجة بن حصن کان سید أهل زمانه و ابنه مالک، و من قیس
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 61
بنو سلیم بن منصور بن عکرمة بن خصفة بن قیس، و لهم بطون کثیرة منهم بنو عمیرة ابن خفاف بن امری‌ء القیس بن بهتة بن سلیم، و بنو عصیة بن خفاف.
و منهم: بنو زعب بطن بن مالک بن خفاف من ولده یزید بن الأخنس ابن حبیب بن جرو بن زعب بن مالک، عقد له رسول اللّه صلّی اللّه علیه و سلم لواء یوم الفتح و ابنه معن.
و من قیس بنو محارب بن خصفة، و من قیس بنو أشجع بن ریث، و من قیس هوازن بن منصور أخو سلیم أبو القبائل العدیدة من أعظمهم بنو عامر بن صعصعة بن معاویة بن بکر بن هوازن، و أبناء عامر ربیعة أبو کلاب البطن المعروف إلیهم البیت، و إخوة ربیعة: هلال و نمیر و سواءة، و أخوه کلاب بن ربیعة بن عامر کعب بن ربیعة، و بنوه: عقیل و معاویة، و هو الحریش و قشیر و جعدة، کلهم بطون، فولد ربیعة عقیلا و ولد عقیل ربیعة و عمرا و عامرا و عبادة و معاویة، و عوفا، و العدد فی عقیل فی عمرو، ثم عامر، ثم عبادة و ربیعة، فولد ربیعة بن عقیل ریاحا و عمرا و عامرا و کعبا، و هو أبو الکعوب، و هم الخلعاء کانوا لا یعطون أحدا طاعة، هذا ما ذکر ابن الکلبی، و قد ذکر السید أحمد بن عبد اللّه بن حمزة فی «شرح ذات الفروع» لما أتی علی قوله:
و عائذ الشمّ الذین إلیهم‌من المجد غایات العلی تناوب
قال فی الشرح: هو عائذ بن ربیعة بن عقیل، و کان سعید بن فضل الطائی قد عزاه إلی آخر القصة.
و من عقیل بنو عامر، قال فی «العبر»: و هم بنو عامر بن عوف بن
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 62
مالک بن عوف و لم یزد فی نسبهم. قلت: و عوف هو ابن عامر بن عقیل جد أبی حرب بن خویلد بن عوف بن عامر بن عقیل، کان فارسا جاهلیّا، ثم أسلم، و وفد علی رسول اللّه صلّی اللّه علیه و سلم، و سأله أن لا یحشر قومه و لا یعشروا، و کانت مساکن بنی عقیل البحرین فی کثیر من قبائل العرب، و أعظمهم عقیل و تغلب و سلیم، ثم غلبت عقیل و تغلب علی سلیم، فأخرجوهم فسارت سلیم إلی مصر و المغرب، ثم اختلف بنو عقیل و بنو تغلب بعد مدة، فغلب بنو تغلب، و طردوا عقیلا، فساروا إلی العراق و ملکوا الکوفة و البلاد الفراتیة و تغلبوا علی الجزیرة و تلک النواحی.
و کان من رؤسائهم المقلد، و قریش، و ابنه مسلم المشهورة وقائعهم فی التاریخ، حتی غلبهم علیها الملوک السلجوقیة فتحولوا عنها إلی البحرین، حیث کانوا أولا فوجدوا تغلبا قد ضعف أمرهم فغلبوهم و صار الأمر لهم.
قال ابن سعید: سألت أهل البحرین فی سنة ست مئة و إحدی و خمسین حین لقیتهم بالمدینة عن البحرین؟ فقالوا: الملک فیها لبنی عقیل و تغلب من جملة رعایاهم، و بنو عصفور من عقیل هم أصحاب الأحساء.
و بنو عامر بن عوف هم إخوة بنی المنتفق، و مسکنهم بجهات البصرة.
قال فی «العبر»: و قد ملکوا البحرین بعد بنی أبی الحسین أحمد بن أبی سنان العیونی غلبوا علیها تغلبا.
قال ابن سعید: و ملکوا أیضا أرض الیمامة من بنی کلاب و کان ملکهم فی نحو الخمسین من المئة السابعة ملکها منهم عصفور و بنون.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 63
قال الحمدانی: و منهم القدیمات و التعلیم و قباث و قیس و دعفل و حرثان: و بنو مطرف، و ذکر أنهم وفدوا صحبة مقدمهم محمد بن أحمد بن شبانة بن عقیلة بن شبانة بن قدیمة بن نباتة من عامر، و عوملوا بأتم الإکرام، و توالت وفادتهم علی الناصر محمد بن قلاوون، و أغرقتهم؟؟؟ الصدقات بدیمها، و برز أمره السلطانی إلی الأفضل بتسهیل الطریق لوفودهم.
و من أولاد عقیلة بن شبانة عمیرة جد العمایر و هو: أبو راشد شیخ عقیل فی إمارة محمد بن أبی الحسین بن أبی سنان محمد بن الفضل بن عبد اللّه بن علی بن عبد اللّه بن محمد بن إبراهیم العیونی، و هو الذی حالف عزیز بن حسن بن شکر بن علی بن عبد اللّه بن علی العیونی، علی انه یقتل الأمیر محمد بن أبی الحسین صاحب القطیف، و یتولی عزیز مکانه و یکون لراشد بن عمیرة ملک السلطنة فی القطیف من أرض و نخل و عدة بساتین، من أوال مسمات، وعدة مراکب للسفر، و الغوص و ألوف دنانیر، و عدد من الثیاب و أشیاء غیرها لراشد منه شی‌ء معلوم، و یفرق الباقی علی عشیرته و أصحابه، و من أراد من أهل البلد، فقتله علی ذلک الشرط، و وفی له عزیز بذلک و لم یبق للسلطان فی بساتین القطیف شی‌ء.
قال فی «مسالک الأبصار»: و دارهم الأحساء، و القطیف، و ملح، و نطاع، و القرعاء، و اللهابة، و جودة، و متالع.
و من عقیل أیضا بنو المنتفق بن عامر بن عقیل، قال ابن سعید و منازلهم الأجام القصب التی بین البصرة و الکوفة، و الإمارة فیهم لبنی معروف، منهم: عمرو بن معاویة بن المنتفق صاحب الصوائف، و کان
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 64
معاویة ولاه: أرمینیة و أذربیجان، ثم ولاه: الأهواز و قتل ابنه زیاد یوم راهط و کان شریفا و منهم لقیط بن عامر بن المنتفق الوافد علی رسول اللّه صلّی اللّه علیه و سلم.
و أما بنو عبادة بن عقیل فمنازلهم بالجزیرة الفراتیة، و لهم عدد و کثرة غلب منهم علی الموصل و حلب فی أواسط المئة الخامسة: قریش بن بدران ابن مقلد ثم ملکها ابنه مسلم شرف الدولة و توالی الملک لعقبه إلی أن انقرضوا و رجعوا إلی البادیة.
و من عقیل خفاجة بن عمرة بن عقیل، قال فی «العبر»: و کان لهم ببادیة العراق دولة. قال فی «المسالک»: و دیارهم من هیت و الأنبار، إلی الکوفة، إلی قاتم عنقاء، إلی ما دون البصرة.
قال الحمدانی: وفدوا علی السلطان بیبرس بعد کسره الخلیفة المنتصر المجهز من مصر لقتال التتار، و کان کبیرهم حضر بن بدران بن مقلد بن سلیمان بن مهارش العبادی، و شهر بن أحمد الخفاجی، و مقبل و عیاش بن حدیثة، و وشاح و غیرهم فأنعم علیهم و کانوا عونا له علی التتار.
و من بنی عامر بن صعصعة: بنو هلال بن عامر، و أولاده عبد اللّه بن و نهیک، و عبد مناف، و صخر، و عائذ، و رویبة، و ناشرة.
قال ابن سعید: و جبل بنی هلال بالشام مشهور، و قد صار عربّه حراثین.
قال الحمدانی: و لهم بلاد أسوان، و بلاد الصعید إلی عیذاب، و منهم بنو ریاح بن أبی ربیعة بن نهیک بن هلال بن سعید، و مساکنهم فی إفریقیة، قال: و بنواحی المسیلة و الزاب.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 65
قال فی «المسالک» و هم فرقة کثیرة، و کان لهم ملک العرب القدیم ببلاد المغرب، و ذکر أن مشیختهم فی زمانه لیعقوب بن علی بن أحمد، و کان أبوه فی غایة من الکرم، بعث إلیه سلطان أفریقیة ثلاثین حملا من البز الرفیع و التحف، فوهبها لثلاثة من المستعطین، قال: و یجاورهم عموش بن خلف، و نطاح أخوه، و هما أهل إبل، یکون عند الرجل منهم ستون ألف بعیر.
و ذکر ذلک عن الشیخ أبی یحیی المغربی الإمام بالقصر السلطانی ثم قال و علیه العهدة فی ذلک:
[و من ریاح بنو فارغ و منازلهم بالمغرب الأقصی، و من بطونهم بنو عتیبة و منازلهم باجة، و بالمغرب الأقصی منهم خلق کثیر].
و من بنی هلال بنو حرب، قال الإمام أبو العباس أحمد بن عبد اللّه القلقنشدی فی کتابه «نهایة الأرب فی معرفة قبائل العرب»: بنو حرب بطن من هلال بن عامر.
ذکرهم الحمدانی قال: منازلهم الحجاز و لم ینسبهم؛ قال: و هم ثلاثة بطون: بنو مسروح، و بنو سالم، و بنو عبد اللّه، قال: و منهم زبیر الحجاز، و بنو عمرو، و هم أکثر العرب عددا و أجرؤهم رجلا باطشة ویدا، و مساکن جمیعهم الحجاز انتهی.
و قد فصلهم المحشی علی هذا الکتاب فقال: قلت: و قبائل حرب کثیرة من حرب، و هم: زبید، و زبالة: و بنو سلیم، و بنو یزید، و مخلف، و السفر، و مزینة، و بنو سالم، و بنو علی، و عوف.
هذه القبائل العشرة یجمعها الآن: مسروح بن حرب، منازلهم الآن
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 66
بین مکة و المدینة، و قبائل عمرو، و الحمران، و بنو دایر، و بشر، و بنو محمد، و جهم، و البلادی.
هذه السبع یجمعها الآن عمرو بن حرب، و أما صبح فهم حلفاء لبنی سالم، و معبد حلفاء بنی عمرو. انتهی.
و قال أیضا فی «نهایة الأرب»: بنو عتیبة بطن من بنی ریاح بن هلال ابن عامر منازلهم بنواحی باجة من إفریقیة، و بالمغرب الأقصی، منهم خلق کثیر.
و أما بنو عائذ فقال فی «شرح ذات الفروع»: بنو عائذ بن ربیعة بن عقیل.
قال: کان سعید بن فضل الطائی قد غزاهم فی ألف و خمس مئة فارس فوافاهم خلوفا قد غزوا ربیعة الفرس، فأخبروا أن طیا قد استاقت أموالهم فرجعوا و أدرکوهم، فاقتتلوا قتالا شدیدا، فقتل سعید بن فضل، و أسر ولده، و أخذ من خیلهم ألف قلیعة، و قتلوا قتلا ذریعا. انتهی.
و قد ذکر السیوطی بنی عائذ فقال: بنو عائذ بن سعید ذکرهم الحمدانی، و لم یبین من أی عرب هم، غیر أنه عائذ بن سعید، ثم قال:
و دیارهم من حرمه إلی جلاجل، و التویم، و وادی القری، و قال: و لیس بالوادی المقارب للمدینة، و یعرف بالعارض.
قال فی «مسالک الأبصار»: و حدثنی عبد اللّه بن أحمد الواصلی أن بلادهم بلاد خصب و خیرات زرع و ماشیة، بقری عامرة، و عیون جاریة، و نعم سارحة، و أن لأرضهم بذلک الوادی حصانة «و منعة»، و أن المظفر بن بیبرس الجاشنکیر سلطان مصر، همّ بقصد هذا الوادی و اللجأة به،
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 67
و المقام فیه، و أن یکون فیه کواحد من أهله، مرتزقا من سوائم الإبل، ثم انثنی عزمه عن ذلک.
و قال السیوطی فی «قلائد الجمان»: بعد أن ذکر آل فضل بن ربیعة الطائبین، الذین منهم آل عیسی، و آل مهنا ملوک عرب زمانهم من العراق، إلی الشام، و أطنب فی تعظیم شأنهم و شرفهم، ثم قال: و ینضم إلیهم من سائر العرب: زعب، و الحریب، و بنو کلب، و بنو کلاب، و آل بشار، و آل خالد حمصی، و طائفة من سنبس، و خالد الحجاز، و السراحین، و یأتیهم من عرب البریة من نذکر فمن غزیّة: غالب، و أجود، و البطان و ساعدة، و من بنی خالد: آل جناح و الضبیبات من میاس و الجبور و الدعم و القرشة، و آل منیخة و آل ثبوت و المعامرة و العلجان، و فرقة من عائذ و آل یزید، و الدواسر. انتهی.
قال بعض العلماء المجیبین علی قوله: و فرقة من عائذ: و هم آل یزید و شیخهم ابن مغامس و المزائدة، و شیخهم ابن أبی محمد و بنو سعید، و شیخهم: محمد العلیسی و الدواسر، و شیخهم: ابن بدران الکل من عائذ الحجار بن ربیعة. انتهی.
قال فی «نهایة الأرب»: الدواسر بطن من العرب بالیمن ذکرهم المقری فی التعریف، قال: و کان یکتب إلی رجال منهم بسبب خیل تسمن للسلطان عندهم. قال: و المعامرة بطن من بنی خالد الحجاز، و لم ینسبهم و الدعم و آل جناح من خالد الحجاز. انتهی.
قلت: الذی استفاض فی منازل العائذیین، أن دارهم ما بین العیینة إلی حدود الدرعیة، المسمی بالوصیل. و أهلکهم آل درع، و الموالفة
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 68
الذین بقایاهم آل سعود، و آل وطبان، و جمیع الدروع، و آل مدیرس، و آل عبد الرحمن شیوخ ضرما، فقتلوا آل یزید قتلا ذریعا، و دمروا منازلهم.
و أما المزائدة فدیارهم الخرج المعروف الیوم، و أما الدواسر فدیارهم و ادیهم الذین هم فیه الیوم، و لم نعلم لعائذ الیوم بادیة مستقلة بنفسها إلّا الدواسر علی رأی من جعلهم منهم، و المعالیم أحلاف آل ظفیر، و حاضرتهم قلیلة.
هذا الذی لخصنا من نسبهم و یتفرع من عامر بطون کثیرة، منهم: خالد الحجاز من عرب بیشة الذین انخزل، منهم: فریق آل حمید و هم آل غریر بن عثمان، و آل حسن بن عثمان، و آل هزاع، و آل شباط، و القرشة، آل کلیب، و المهاشیر، و هم استولوا علی الأحساء و القطیف سنة ثمانین بعد الألف، مقدمهم براک ولد غریر جد أبی غریر، و أجلوا عنه نواب الروم، و قد ذکر تاریخ ولایتهم أحد أدباء القطیف المسمی بالخط فقال:
رأیت البدو آل حمید لمّاتولّوا أحدثوا فی الخطّ ظلما
أتی تاریخهم لمّا تولّواو قانا اللّه شرّهم طغی الما
و لفظة: طغی الماء، هی التاریخ المذکور، و قد أرخ جامع النبذة زوال ملکهم بقباء دولة آل سعود فقال:
و تاریخ الزّوال أتی طباقاو غار إذ انتهی الأجل المسمّی
و لفظة: و غار تمام سبع و مئتین بعد الألف، و من بنی خالد المذکورین: آل جناح و الضبیبات، و الجبور، و الدعم، و میاسة، و الثوابت کل هؤلاء فی عقیل.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 69
و کان للجبور المذکورین دولة و ریاسة بادیة و حاضرة فی الأحساء و القطیف و عمان، و تلک النواحی و معظمها فی القرن التاسع، و أشهرهم فی الریاسة و الملک و السخاء، و الجود: أجود بن زامل الجبیری العقیلی، فإنه کان له صیت عظیم هو و بنوه زامل و سیف، حتی ذکر العصامی أن أجود لما حج فی سنة 912 ه کان فی ثلاثین ألفا، ثم إن بنیه اختلفوا بعد موته، ثم تولی ابنه مقرن، و هو الذی یقول فیه جعیثن الیزیدی فی قصیدته التی بقول فیها:
رخاء العیش ضمن فی اقتحام الشّدائدو نیل المعالی فی لقا کلّ کائد
و یسر اللیالی مستعاد لعسرهاکذا قال فی التنزیل وافی المواعد
و الأعمال منها عائذ کلّ ما مضی‌و الأعمار منها ما مضی غیر عائد
إلی أن قال:
و لاقیت بعد السّیر یاناق مقرناو قابلت وجها فیه للحمد شاهد
نشأ بین سیف و الغریریّ زامل‌فیا لک من عمّ کریم و والد
و بین أجود سلطان قیس و رکنهاعن الضیم أو فی المعضلات الشدائد
حمی بالقنا إلی ضاحی الّلوی إلی العارض المنقاد نابی الفرائد
و نجد رعی ربعیّ زاهی فلاتهاعلی الرغم من سادات لام و خالد
و سادات حجر من یزید و مزیدقد اقتادهم قود الفلا بالقلائد
بنو لام هم الذین منهم آل ظفیر، و آل مغیرة، الذین منهم الملوک الشهیرة، و البطون الکثیرة، و قد انقرضوا إلّا النادر فی الحاضرة، و المندرج فی البادیة.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 70
و منهم: آل کثیر، و الفضول، و هم: خالد المذکورون الذین انخزلوا من ناحیة بیشة و صاروا بادیة الخرج، و ما یلیه فی زمن ولایة الروم علی الأحساء، فإنه لما ضعف أمر الأجود و انقرضت دولتهم استولی الروم علی الأحساء فی آخر القرن العاشر، و ضبطوه و أحصنوه، و بنوا فیه فاتح باشا، ثم علی باشا المشهور. ثم ابنه محمد باشا، أرسله أبوه علیّ فی مکاتبة إلی السلطان فزور علی أبیه رسالة مضمونها أنه یرید من السلطان الإنخلاع عن الإمارة لابنه محمد المذکور، فتم الأمر علی ذلک.
فلما قدم خلع أباه و أراد حبسه، فطلبه أبوه أن یجهزه إلی المدینة فی مجاورة الرسول صلّی اللّه علیه و سلم، فجهزه هو و أهل بیته، و ابنیه، الأمیر فی القطیف یحیی بیک، و أبو بکر الأدیب، و کان ذا شهامة و صرامة، و له دیوان شعر مجلدان، و کان مولده فی حدود الألف، و توفی سنة 1076 و توفی أخوه یحیی الفقیه الأدیب سنة 1095.
و کانت وفاة أبیهما علی باشا سنة 1041 بطیبة، کان یحیی فقیها أدیبا، أخذ عن علماء الأحساء، و أخذ الفقه و الحدیث و العربیة عن الإمام العلامة: إبراهیم بن حسن الأحسائی الحنفی، و أجازه بجمیع مرویاته و مؤلفاته.
و لم تزل ولایة الروم علی الأحساء و القطیف حتی انتزعها منهم آل حمید، علی تمام الثمانین بعد الألف، و کان بادیتهم قبل آل حمید من طوائف المنتفق، آخرهم راشد المغامس الذی قتل آل حمید وقت ولایتهم. انتهی.
و رأیت نسبة لعائذ یقول فیها: عائذ بن سعید بن زید بن جندب بن
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 71
جابر بن زید بن الحارث بن بغیض بن شکیم- بفتح المعجمة و سکون الکاف- المحاربی الجسری له وقادة.
قال البلاذری: و من ولده لقیط بن بکر بن النضر بن سعد بن عائذ ابن سعید بن عائذ بن سعید، و کان راویة عالما صدوقا، و شهد عائذ الجمل و صفّین و قتل بهما.
و من عامر: النابغة الجعدی الشاعر المشهور المعمر الذی أنشد النبی صلّی اللّه علیه و سلم قصیدته التی قال فیها:
و لا خیر فی حلم إذا لم یکن له‌بوادر تحمی صفوه أن یکدّرا
و لا خیر فی جهل إذا لم یکن له‌حلیم إذا ما أورد الأمر أصدرا
فقال له النبی صلّی اللّه علیه و سلم: لا فض اللّه فاک: فعاش عمرا طویلا لم یسقط منه سن حتی مات.
و من عامر: قشیر بن کعب بن ربیعة بن عامر بن صعصعة، منهم:
قرة بن هبیرة وفد علی النبی صلّی اللّه علیه و سلم، فأکرمه، و کساه، و استعمله علی صدقات قومه.
و منهم: زیاد بن عبد الرحمن ساق فی غزوة ألف خصی من الغنم کان یذبحها، و ولاه عمر بن عبد العزیز خراسان.
و منهم: ناشد رجله جیاش بن قیس بن الأعور بن قشیر، شهد الیرموک، فقتل بیده ألف رجل فیما تزعم قیس، و قطعت رجله یومئذ فلم یشعر بها حتی رجع إلی منزله، فرجع ینشد عن رجله فجعل یقول:
أقدم حذام إنّها الأساوره‌و لا تغرّنک رجل نادره
أنا القشیریّ أخو المهاجره‌أضرب بالسیف روؤس الکافره
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 72
و له یقول سوار بن أوفی:
و منّا ابن عتاب و ناشد رجله‌و منّا الذی أدلی إلی الحیّ حاجبا
یعنی مالکا و هو ذو الرقیبة الذی أسر حاجب بن زرارة یوم جبلة سید تمیم.
و من عامر بنو جعدة بن کعب بن ربیعة بن عامر، و من ولده عمرو بن ربیعة الرقاد، و ورد منهم عبد اللّه بن الحشرج الذی غلب علی فارس أیام ابن الزبیر و له یقول زیاد بن الأعجم:
إنّ السماحة و المروءة و النّدی‌فی قبّة ضربت علی ابن الحشرج
و کان لعبد اللّه امرأة یقال لها سریرة تلومه علی الجود فقال:
ألا هبّت تلومک أمّ سکن‌و غیر الّلوم أوفی للرّشاد
و ما دفعی بمالی دون عرضی‌بإسراف سریر و لا فساد
و لا أعطی الخلیل إذا التقینامکاثرتی و أمنعه تلادی
و لکنّی امرؤ عوّدت نفسی‌علی علّاتها جری الجیاد
محافظة علی حسبی و أرعی‌مساعی آل رومة و الرّقاد
و یتفرع من عامر بطون کثیرة و ولد مرة بن صعصعة عدة أبناء، أمهم سلول بها یعرفون، و من بطون هوازن قسیّ، و هو ثقیف بن منبه بن بکر بن هوازن.
و من هوازن: بنو سعد بن بکر بن هوازن الذین وافدهم ضمام بن ثعلبة الذی قدم علی النبی صلّی اللّه علیه و سلم فأسلم، و حسن إسلامه، و قدم علی قومه فدعاهم فأسلموا بسببه.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 73
و منهم: حلیمة بنت أبی ذویب التی أرضعت النبی صلّی اللّه علیه و سلم بلبان ابنتها الشیماء، هذا ما لخصنا من أنساب بنی مضر بن نزار.
و أما ربیعة بن نزار فولده أسد و ضبیعة، و فیهم کان البیت، و قیل و أکلب دخل فی خثعم.
منهم: بنو عنزة بن أسد بن ربیعة و ابنا عنزة یذکر و یقدم.
قال فی «العبر»: و کانت دیارهم عین التمر علی ثلاث مراحل من الأنبار، ثم انتقلوا إلی جهات خیبر؛ و کان أهلها و سکانها بنی جعفر بن أبی طالب الطیار رضی اللّه عنه، و کانت ذات نخیل و زروع و أنهار، فقصدهم عنزة و جری بینهم حروب، و ضیقوا علیهم، فصالحوهم علی شطر الثمار، فصاروا ینزلون عندهم فی القیظ، ثم یرحلون ثم صاروا یتزودون علیهم، ثم قالوا: لا بد أن نبقی عندکم قوما منا یأخذون لنا ما أردنا منکم فلم یروا من ذلک بدّا فأنزلوا عندهم رجلا یقال له: لعیب فی أربع مئة رجل من عنزة فضیقوا علیهم و ساموهم الهوان، و لم یبقوا فی أیدیهم إلّا القلیل فتراجعوا و قالوا: یا قوم الموت أهون مما نحن فیه، فاتفق رأیهم علی القبض علیهم فما طلع الفجر حتی أحاطوا بهم، فلم یفلت منهم أحد، ثم تشاوروا علی قتلهم، ثم قتلوهم أجمع فبلغ ذلک عنزة فأقبلوا و حصروا البلد فتحصنوا عنهم، و کانوا یخربون فی حروثهم، و زروعهم.
فقال أهل البلدان: أردتم أعطیناکم القوس، فاقطعوا النخل، فتراجع عنزة و رأوا أن الصلاح فی الإبقاء، فصالحوهم و رجعوا إلی مشارطتهم الأولی، و ورث بلادهم غزیة من طیی‌ء.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 74
و منهم: بنو هزان البطن، و الدول، و عکابة، و محارب البطن ابنا صباح بن العتیک بن أسلم بن یذکر بن عنزة.
و ذکر فی «الأغانی»: أن الأعشی تزوج امرأة من عنزة من هزان فلم یرضها و لم یستحسن خلقها فطلقها. قال سفیان الثوری: طلاق الجاهلیة طلاق الإسلام، کانت عند الأعشی امرأة من هزان فأتاه قومها فقالوا:
طلقها فقال:
أیا جارتی بینی فإنک طالقه‌کذاک أمور الناس غاد و طارقه
و بینی حصان الفرج غیر ذمیمةو مومقة فبنا کذاک و وامقه
و ذوقی فتی قوم فإنّی ذائق‌فتات أناس مثل ما أنت ذائقه
لقد کان فی فتیان قومک منکح‌و شبان هزان الطوال الغرانقه
فبینی فإنّ البین خیر من العصاو إلّا تزالی فوق رأسک بارقه
و ما ذاک عندی أن تکونی دنیّةو لا أن تکونی جئت عندی ببائقه
و من هزان الحارث بن الدول بن صباح کان إذا مصر مصرت معه عنزة کلها، ثم لا یمصر أحد إلّا نزعوا کتفه، منهم عبد شمس بن مرة بن عمرو بن ضبیعة بن الحارث بن الدول، و هم الذین أسروا حاتم طیی‌ء، و الحارث بن ظالم الرئیس، و کعب بن مامة الجواد.
و أما بنو ضبیعة بن ربیعة فمنهم: بنو حلی بن أحمس بن ضبیعة، الذین منهم بنو یعمر بن مالک بن بهثة بن حرب بن وهب، کانوا فی کلب دهرا ثم رجعوا و لهم یقول امرؤ القیس:
* مجاور غسّان و الحیّ یعمرا* و من أعظم قبائل ربیعة: بنو وائل بن قاسط بن هنب بن أقصی بن
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 75
دعمی بن جدیلة بن أسد بن ربیعة بنو وائل، و کان لوائل من الولد بکر، و فیهم العدد و تغلب و عنز، و أمهم هند أخت تمیم و کان لبکر من الولد علیّ و یشکر، و من أعظم بطونهم بنو شیبان بن ثعلبة الحصن بن عکابة بن صعب بن علی بن بکر، منهم: بنو أبی ربیعة بن ذهل بن شیبان.
قال ابن الکلبی: قال عوانة بن الحکم الکلبی: جهز رسول اللّه صلّی اللّه علیه و سلم جیشا فأعجبه ما رأی من حالهم و عدتهم، فقال: «و الذی نفسی بیده لو لقوا حمر الحمالیق من بنی آل ربیعة لهزموهم»: منهم هانی‌ء بن مسعود بن الخصیب بن عمرو بن أبی ربیعة، صاحب یوم ذی قار، و هو الذی قال فیه النبی صلّی اللّه علیه و سلم: «هذا أول یوم انتصفت فیه العرب من العجم بفوارس من ذهل بن شیبان، و بی نصروا».
و ذلک أن النعمان بن المنذر لما بعث إلیه کسری لیقدم علیه و کان قد جعله کسری ملک العرب الذین یلونه، و کان یخافه و لا یدری ما یبدر منه فأودع ذویه و أهل بیته و حلقته و أمواله و حواشیه بن شیبان، و قدم علی کسری فحبسه و بعث إلی بنی شیبان یطلب ودائع النعمان، فقالوا: لا ندفع أمانتنا فبعث إلیهم العساکر العظیمة، من العجم و العرب، من طیی‌ء و غیرهم، فأغاروا علیهم علی ذی قار فاقتتلوا قتالا شدیدا، فوقعت الهزیمة علی جیش کسری، فأمعنوا قتلا و أسرا، و هلک أکثرهم فی البریة.
و کانت هذه الوقعة سنة خمس و أربعین من مولد النبی صلّی اللّه علیه و سلم.
و منهم مرة بن دهل و بنوه عشرة منهم همام و جساس الذی قتل کلیبا، و منهم ذو الجدّین عبد اللّه بن عمرو بن الحارث بن همام، الذی من
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 76
ولده بسطام بن قیس الفارس المشهور، و هو الذی وضعت العرب أعمدة بیوتها جزعا علیه لما قتل.
و من بنی ثعلبة شیبان: الأصغر بن ذهل بن ثعلبة بن عکابة، منهم الحارث بن سدوس بن شیبان، کان من عظماء بکر بن وائل، کان له خمسة و عشرون ولدا یرکبون معه، و لبنی سدوس قریة فی الیمامة ذات نخل تسمی حزوی.
.. و من بنی شیبان هذا الإمام أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدریس بن عبد اللّه بن حیان بن عبد اللّه بن أنس بن عوف بن قاسط بن مازن بن شیبان، و ذهل هذا بطن کثیر العلماء، و من سدوس عمران بن حطان، و من بنی ذهل عامر أخو شیبان.
و من بکر قیس بن ثعلبة بن عکابة أخو شیبان الأکبر.
منهم الحارث بن عباد بن مرة بن ضبیعة بن قیس بن ثعلبة الحصن، أبو بحیر کان فارس بکر، و هو الذی أسر مهلهلا مرارا یخلی سبیله، و کان یضرب به المثل فی الوفاء، فیقال: أوفی من رب النعامة، و النعامة فرسه.
و منهم: المثنی رضی اللّه عنه و هو ابن حارثة الذی عقر فیل بهرام یوم القادسیة، و قتل الأعاجم و تولی حربهم زمانا فی صدر الإسلام، و نهب و سبی و فتح بلاد کسری.
و منهم: شبیب بن یزید فارس العرب بادیها و حاضرها، و هو الذی خرج علی بنی أمیة علی عهد عبد الملک بن مروان، و أرجف و خطب له علی المنابر بالخلافة، و خوطب بأمیر المؤمنین، و دخل الحجاج الکوفة مرارا و حصره فیها، و کانت زوجته غزالة تسیر معه و تقاتل، و قد نذرت أن
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 77
تصلی بالجامع بالکوفة رکعتین تقرأ فیهما بالبقرة و آل عمران، فحازها شبیب ناحیة فوفت بنذرها، و للحجاج یقول الشاعر:
أسد علیّ و فی الحروب نعامةربداء تنفر من صفیر الصّافر
هلّا کررت علی غزالة فی الوغالکنّ قلبک بین جنبی طائر خزانة التواریخ النجدیة ؛ ج‌1 ؛ ص77
اجتمعت علیه عساکر العراق فهزمها و قتل منها ما لا یحصی و مبلغ عسکره فیها نحو ست مئة، و أرسل الحجاج إلی عبد الملک فأتاه بأمداد کثیرة من عساکر الشام، و آخر الأمر أنه سقط به فرسه من جسر دجلة فی الماء، فغرق و مات بلا سیف و لا سقم.
و منهم بیت الکرم المزیدیون رهط یزید بن مزید بن زائدة بن مطر، و هم بیت الکرم من ربیعة فیهم مزید بن زائد، و منهم یزید بن مزید.
و منهم: خالد بن یزید بن مزید الذی أعطی شاعرا ثواب بیتین قالهما فیه مئة ألف دینار، و البیتان:
قل للبریة إن توفّی خالدإنّ المکارم صادفت آجالها
و الناس إن وافت منیّة خالدکالقوس منتزع ریشها و نصالها
و منهم: معن بن زائدة الجواد الشجاع صاحب یوم الهاشمیة، کان أمیرا شجاعا بطلا یضرب الأمثال بکرمه و جوده، ولاه المنصور الیمن و غیره و مدحته الشعراء فأسرف فی العطاء، و کان المنصور یبخل و یحب الاقتصاد حتی إنه کثیرا ما یتمثل بقوله: أجع کلبک یتبعک، حتی قال له بعض الظرفاء: أخاف أن یعترضه غیرک بلقمة یرمیها له فیتبعه و یترکک، فحجه و سکت، فقال لمعن فی بعض مراجعته: خربت مال بیت مال
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 78
المسلمین، تعطی شاعرا مدحک ببیتین مئة ألف درهم فقال و ما هما فقال:
معن بن زائدة الذی زیدت به‌شرفا علی شرف بنو شیبان
إن عدّ أیام الفخار فدهره‌یومان: یوم ندی و یوم طعان
فقال یا أمیر المؤمنین إنما أعطیته لقوله:
ما زلت یوم القادسیّة حائمابالسیف دون خلیفة الرّحمن
فحمیت حوزته و کنت وقاءه‌من ضرب کلّ مهنّد و سنان
فأعجبه سرعة خاطره و زاد فی إعطائه، و قال: للّه درک قد أبیت إلّا کرما، و أرسله إلی خراسان و ابنه المهدی بها، فقام فی قتال الخوارج قیاما تاما و قتل منهم مقتلة عظیمة حتی أفناهم، ثم إنه بعد ذلک قتله الخوارج ببیت غیلة بداره فتجرّد ابن أخیه یزید بن مزید لقتالهم فقتل منهم مقتلة عظیمة، حتی جرت دماؤهم کالنهر، و من أخبار معن أنه قصده قوم من العراق فرآهم فی هیئة رثة فقال:
إذا نوبة نابت صدیقک فاغتنم‌مرمّتها فالدهر بالنّاس قلّب
فأحسن ثوبیک الذی أنت لابس‌و أفره مهریک الذی أنت ترکب
و بادر بمعروف إذا کنت قادرازوال افتقار أو غنی عنک یعقب
فقال له رجل أنشدک أحسن من هذا لابن عمک هرمة فقال هات فأنشده:
إذا المرء لم ینفعک حیّا فنفعه‌أقلّ إذا ضمّت علیک الصّفائح
لأیّة حال یمنع المرء ماله‌غدا فغدا و الموت غاد و رائح
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 79
فقال: أحسنت، ثم قال: یا غلام أعطهم أربعة آلاف یستعینون بها علی أمورهم إلی أن تهیی‌ء لهم ما نرید. فقال: یا سیدی دنانیر أم دراهم؟
فقال معن: و اللّه لا تکون همتک أرفع من همّتی صغرها لهم، و قد أکثر الشعراء مثل مروان بن أبی حفصة و مسلم بن الولید و غیرهما فیه، و فی أهل بیته من المدائح و المراثی قال بعضهم:
سألت النّدی و الجود حرّان أنتمافقالا جمیعا إنّنا نعبید
فقلت فمن مولاکما فتطاولاعلیّ فقالا خالد و یزید
و قال آخر:
سألت النّدی هل أنت حرّ فقال لاو لکنّنی عبد لمعن و خالد
فقلت: شراء؟ قال: لا بل وراثةأنافا بها عن والد بعد والد
و أما عامر بن ذهل فله عدة أبناء، منهم: رهط عبد الکریم بن أبی العوجاء، الذی صلبه محمد بن سلیمان بن علی بالکوفة فی الزندقة، فقال عبد الکریم: هذا سیّر عن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و سلم أربعة آلاف حدیث کذب.
و منهم: بنو حوط الذین حملوا لواء بکر یوم الجمل مع علیّ فقتلوا، کلما قتل رجل أخذه الآخر حتی قتل سبعة ثم تحاموه، و کان ثعلبة أبو شیبان یسمی ثعلبة الحصن لأنه فیما یزعمون عاش حتی رکب لرکوبه من ولد صلبه و بنیهم أربع مئة فارس و کان یسمی حصن ربیعة و یسمی الأغر و لم یذکر من بلغت ذریته هذا العدد غیره أکثر من ذکر و أسعد العشیرة المذحجی، فإنه لم یمت حتی رکب معه من ولده و ولد ولده ثلاث مئة رجل، و کان إذا سئل عنهم یقول هؤلاء عشیرتی دفعا عن العین عنهم، فقیل له سعد العشیرة.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 80
و منهم: طرفة بن العبد الشاعر صاحب القصیدة المشهورة إحدی السبع المعلقات التی یقول فیها:
ستبدی لک الأیام ما کنت جاهلاو یأتیک بالأخبار من لم تزوّد
و ما هذه الأیام إلّا معارةفما اسطعت من معروفها فتزوّد
و هو القائل:
کلّ خلیل کنت خاللته‌لا یترک اللّه له سارحه
کلّهم أروغ من ثعلب‌ما أشبه اللیلة بالبارحة
و منهم: جحدر بن ضبیعة بن قیس بن ثلعبة الحصن فارس یوم التحالق، و هو جدّ المسامعة الذین من أشرافهم: مالک بن مسمع بن شیبان بن شهاب بن قلع بن عمرو بن عباد بن جحدر، ذکروا ذات یوم أشراف العرب عند عبد الملک بن مروان، فقالوا یا أمیر المؤمنین: بالبصرة رجل لو غضب غضب له مئة ألف سیف، کلهم لا یسأل لم غضب فقال عبد الملک: و من هو؟ فقالوا: مالک بن مسمع، فقال: هذا و اللّه هو السید [و منهم: طرفة بن العبد الشاعر].
و منهم: الأعشی میمون بن قیس الشاعر المشهور، و کان منزله فی منفوحة من وادی حنیفة، قال صاحب «الأغانی»: أخبرنی أبو الحسن الأسدی: حدثنا علی بن سلیمان النوفلی قال: حدثنی أنی قال: أتیت الیمامة والیا علیها فمررت بمنفوحة التی یقول فیها:
* بسفح منفوحة فالحاجر* فقلت: هذه قریة الأعشی؟ قالوا: نعم. قلت: فأین منزله؟ قالوا:
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 81
ذاک و أشاروا إلیه قلت: فأین قبره؟ قالوا: بفناء بیته و الشطر المذکور من قصیدته التی أولها:
شاقتک من قتلة أوطانهابالشّطّ فالوتر إلی الحاجر
فرکن مهراس إلی ماردفقاع منفوحة فالحائر
و أسند عن عمرو بن شبة قال: قال هشام بن قاسم العنزی، و کان علامة بأمر الأعشی أنه وفد علی النبی صلّی اللّه علیه و سلم و قد مدحه بقصیدته التی أولها:
* ألم تغتمض عیناک لیلة أرمدا* قلت: قد ذکرها ابن إسحاق و غیره من الأخباریین، فلنذکرها بتمامها لما فیها من مدح خیر البریة، و الحث علی الأعمال الصالحة و مکارم الأخلاق الشرعیة قال:
أ لم تغتمض عیناک لیلة أرمداو بتّ کما بات السّلیم المسهّدا
و ما ذاک من عشق النّساء و إنّماتناسیت قبل الیوم صحبة أحمدا
و لکن أری الدهر الذی هو خائن‌إذا أصلحت کفّای عاد فأفسدا
کهولا و شبّانا فقدت و ثروةفللّه هذا العیش کیف تردّدا
و ما زلت أبغی المال مذ أنا ناشی‌ءولیدا و کهلا حین شبت و أمردا
و أبتذل العیس المراقیل تغتلی‌مسافة ما بین النّحیر فصرخدا
ألا أیّ هذا السائلی أین یمّمت‌فإنّ لها فی أهل یثرب موعدا
فإن تسألن عنّی فیاربّ سائل‌حفی عن الأعشی به حیث أوردا
أجدّت برجلیها النّجاء و جاوزت‌یداها خفافا لینا غیر أحردا
و فیها إذا ما هجّرت عجرفیّةإذا خلت حرباء الظهیرة أصیدا
و أمّا إذا ما أدلجت فتری لهارقیبین حدبا ما یغیب و فرقدا
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 82 فآلیت لا آوی لها من کلالةو لا من حفی حتّی تلاقی محمدا
متی ما تناخی عند باب ابن هاشم‌تراحی و تلقی من فواضله ندا
نبیّ یری ما لا ترون و ذکره‌أغار لعمری فی البلاد و أنجدا
له نافلات ما تغبّ و نائل‌و لیس عطاء الیوم مانعه غدا
أجدّک لم تسمع وصاة محمدنبیّ الإله حین أوصی و أشهدا
إذا أنت لم ترحل بزاد من التّقی‌و لاقیت بعد الموت من قد تزوّدا
ندمت علی أن لا تکون کمثله‌و أنک لم ترصد کما کان أرصدا
و إیّاک و المیتات لا تقربنّهاو لا تأخذن سهما حدیدا لتفصدا
و ذا النصب المعبود لا تنسکنّه‌و لا تحمد الشیطان و اللّه فاحمدا
و لا تقربن من جارة کان سرّهاعلیک حراما فانکحن و تأبدا
و ذا الرحم القربی فلا تقطعنّه‌لفاقته و اصدق و فک المقیّدا
و سبّح علی حین العشیات و الضّحی‌و لا تعبد الأوثان و اللّه فاعبدا
و لا تبتئس من سائل ذی ضرورةو لا تحسبنّ المال للمرء مخلدا
قال هشام: فبلغ خبره قریشا فرصدوه علی الطریق، و قالوا: هذا صناجة العرب ما مدح أحدا إلّا رفع من قدره، فلما ورد علیهم قالوا: أین أردت أبا بصیر؟ قال أردت صاحبکم لأسلم قالوا: إنه ینهاک عن خلال و کلها بک رافق قال و ما هن؟
قال له أبو سفیان: الزنا، قال لقد ترکنی و ترکته و ماذا؟ قال: القمار قال: لعلی إن لقیته أصبت منه عوضا من القمار، و ماذا؟ قال: الربا؟ قال ما دنت قط و لا أدنت، و ماذا؟ قال: الخمر، قال: أوه ارجع إلی صبابة قد بقیت لی مهراس فاشربها.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 83
فقال: أبو سفیان هل لک فی خیر مما هممت به نحن، و هو الآن فی هدنة فتأخذ مئة من الإبل، و ترجع إلی بلدک سنتک هذه و تنظر ما یصیر إلیه أمرنا فإن ظهرنا علیه کنت أخذت خلفا و إن ظهر علینا أتیته. قال: ما أکره ذلک، فقال أبو سفیان: یا معشر قریش هذا الأعشی، و اللّه لئن أتی محمدا و اتبعه لیضر من علیکم نیران العرب بشعره، فأجمعوا له مئة من الإبل، ففعلوا فأخذها و انطلق إلی بلده، فلما کان بقاع منفوحة رمی به بعیره فقتله، و الظاهر أن منفوحة بلد قیس بن ثعلبة بن عکابة.
و منهم: بنو تیم اللّه بن ثعلبة أخو قیس، فمن بطونهم بنو عائذ بن ثعلبة بن الحارث بن تیم اللّه، و من تیم اللّه عبید اللّه بن زیاد الذی قتل مصعب بن الزبیر، و محرز الذی قتل عبید اللّه بن عمر بن الخطاب یوم صفین، و أخذ سیفه ذو الوشاح، هؤلاء بنو عکابة بن صعب بن علی.
و أما بنو حنیفة فهو حنیفة بن لجیم بن صعب بن علی بن بکر بن وائل.
منهم: بنو سحیم بن مرة بن الدول الذین منهم هوذة بن علی بن ثمامة بن عمرو بن عبد اللّه بن عمرو بن عبد العزی بن سحیم، رئیس حنیفة الذی مدحه الأعشی، و کان یجیز البرد لکسری، حتی تصل نجران، و أعطاه کسری قلنسوة قیمتها ثلاثون ألف درهم، و کان من أعظم ملوک العرب و رأس حنیفة، و غیرهم ممن یلیهم من بنی وائل و غیرهم، و هو أول معذی لبس التاج و خوطب بأبیات اللعن، و کتب إلیه النبی صلّی اللّه علیه و سلم یدعوه إلی الإسلام کما کتب إلی کسری و قیصر، و وفدت إلیه الشعراء فی حیاته، و لم یکن لمحکم بن الطفیل ذکر، و لا لمجاعة، و لا ابن أثال، و لا لمسیلمة الکذاب، مع أن مسیلمة أقدمهم ولادة.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 84
قال السیوطی: کان لمسیلمة یوم قتل مئة و خمسون سنة، و کان مولده قبل مولد عبد اللّه والد النبی صلّی اللّه علیه و سلم، و کان منزل هوذة قران، قال فی «المعجم»:: هی رستاق من رساتیق الیمامة، و أهلها أفصح حنیفة.
و منها: هوذة بن علی، و صهبان بن شهر سیدهم، و هی قرب ملهم، و هی التی تسمی الآن القرینة، و للشعراء وفادات علی هوذة و مدائح من أعظمهم الأعشی، و مما قال فیه القصیدة التی مطلعها:
أحیّتک تیا أم ترکت بدائکاو کانت قتولا للرجال کذلکا
و أقصرت عن ذکر البطالة و الصّباو کانت سفاها ضلة من ضلالکا
و ما کان إلّا الحین یوم لقیتهاو قطع جدیدی حبلها عن حبالکا
و کانت ترینی بعد ما نام صحبتی‌بیاض ثنایاها و أسود حالکا
ثم وصف الفقر و الفاقة إلی أن قال:
إلی هوذة الوهاب أهدی مدیحتی‌أرجّی نوالا فاضلا عن عطائکا
تجانف عن جوّ الیمامة ناقتی‌و ما عمدت من أهلها لسوائکا
ألمّت بأقوام فعافت حیاضهم‌قلوصی فکان الشرب فیها بمائکا
فلما أتت آطام و أهله‌أناخت فألقت رحلها بفنائکا
سمعت برحب الباع و الجود و النّدی‌یجودان بالإعطاء قبل سوّالکا
فتی یحمل الأعباء لو کان غیره‌من الناس لم ینهض لها متماسکا
و أنا الذی عودتنی أن تریشنی‌و أنت الذی آویتنی فی ظلالکا
و إنک فی ما نابنی بک مولع‌بخیر و إنی مولع بثنائکا
وجدت علیّا بائنا فورثته‌و طلقا و شیبان الجواد و مالکا
و لم یسع فی العلیاء سعیک ماجدو لا ذو إناء فی الحیّ مثل إنائکا
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 85 و فی کل عام أنت جاشم رحلةتشدّ لأقصاها عزیم عرائکا
مورثة مالا و فی الحیّ رفعةلما ضاع فیها من قروء نسائکا
و قوله: تیّا الظاهر إنه اسم محبوبته، و قد تغزل بها فی أکثر قصائده کقوله:
عرفت الیوم من تیّا مقامابجوّ أو عرفت لها خیاما
و قیل: اسم إشارة بمعنی هذه و تجانف مال و عدل، و جو اسم الیمامة فی الجاهلیة حتی سماها الملک الحمیری لما قتل المرأة التی تسمی باسمها، و قال الملک و قلنا فسموها الیمامة باسمها، و قلنا للمرید إقامة، و قال الأعشی فی مدح هوذة و یذم الحارث:
و إن امرؤ قد زرته قبل هذه‌بجو لخیر منک نفسا و والدا
و اللؤم فی سوائک إلی غیرک و قال ابن لو لا: دسوی و سوی بمعنی غیر مکسور الأول، مقصور یکتب بالیاء و قد یفتح أوله فیمد و معناه معنی المکسور، و طلق و شیبان، و مالک أعمام الممدوح.
و قوله: لما ضاع فیها إلی آخره، یعنی الغزوة التی شغلته عن وطء نسائه فی الطهر، و هذه القصیدة تشبّه أشعار المولدین فی الرقة و الانسجام. انتهی ملخّصا من «شرح شواهد عبد القادر بن عمر».
و منهم: شمر بن عمر الذی قتل الملک المنذور بن ماء السماء یوم عین أباغ.
و منهم: نجدة بن عویمر، و أبو طالوت الخارجیان. و أما عجل أخو
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 86
حنیفة، فیترفع منه بطون کثیرة، و من ولده أبو معدان ثعلبة بن حنظلة، صاحب القبة یوم ذی قار، و کان یسمی مقطع الوظن و البطن، لأنه یوم ذی قار قطع و ظن أبطان بعیر أمه، و أبطان بعیر ابنته، و رمی بهما علی الأرض لئلا یفروا، و هو أول من غیّر سنّة المشرکین فی قسمة الغنائم أمر بقسم الغنائم التی غنموها من العجم، و بعث إلی النبی صلّی اللّه علیه و سلم أی شی‌ء یکون له فقال: إن له الخمس فبعثه إلیه، و لم یکن أحد سبقه إلی ذلک.
و منهم أبو دلف القاسم بن عیسی بن إدریس بن معقل، البطل الشجاع الذی یقول فیه ابن حبلة:
إنّما الدنیا أبو دلف‌بادیه و محتضره
فإذا ولّی أبو دلف‌ولّت الدّنیا علی أثره
و عاقبه المأمون علی هذا البیت فاعتذر بأنه لم یرض بقوله و قال:
أصدق منه الذی یقول فی:
* فما الکرّ فی الدنیا و لا الناس قاسم* ثم إن المأمون أمر بقتل ابن حبلة، و هو المسمی بالعکوک بأن ینزع لسانه من حلقه، فقال: لم أقتله لهذا، و إنما قتلته لقوله فی مخلوق لا یضر و لا ینفع:
أنت الذی تنزل الأیام منزلهاو تنقل الدهر من حال إلی حال
و ما مددت مدی الطرف إلی أمل‌إلّا قضیت بأرزاق و آجال
و کانت تضرب بشجاعة أبی دلف المثل، قال ابن أبی فنن لمن یلومه علی الجبن:
مالی و مالک قد کلّفتنی شططاخوض الحروب و قول الدراعین قف
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 87 أمن رجال المنایا خلتنی رجلاأمسی و أصبح محتاجا إلی التّلف
تغدو المنایا إلی غیری فأسخطهافکیف أسعی إلیها بارز الکتف
أم خلت أنّ ضعیف الرأی حرّکنی‌أو أنّ قلبی فی جنبی أبی دلف
فبلغت أبیاته أبا دلف فأجازه علی ذلک و ولاه المأمون نواحی فی العراق.
و أما یشکر بن بکر بن وائل فمنازلهم ملهم.
قال أبو عبید فی «المعجم»: ملهم حصن بأرض الیمامة لبنی غبراء من یشکر، قال: و هو مذکور فی رسم حرملاء.
قال أبو نخیلة یهجوهم لأنهم لم یقروه و سرقوا بثه و بث عجل صاحبه و یمدح أهل قران لأنهم قروه:
بقران فتیان بساط أکفّهم‌و لکنّ کرسوعا بملهم أجذبا
أ لا تتقون اللّه أن تحرموا القری‌و أن تسرقوا الأضیاف یا أهل ملهما
و قران هی التی تسمی القرینة، و بنو غبر: هم الذین تسمی بهم غبیراء و غبیریة.
قال فی «الجمهرة»: غبر هو ابن غنم بن حبیب بن کعب منهم أسود ابن مالک بن عبد اللّه بن عبد ود بن عبد عوف بن کعب بن مالک بن حرقة بن مالک بن ثعلبة بن غنم، أصحاب التخل بالیمامة، الذی یصرم فی السنة مرتین دعا لهم النبی صلّی اللّه علیه و سلم.
و أما تغلب بن وائل فمن مشاهیرهم: کلیب بن ربیعة الذی کان یضرب به المثل فیقال: أعز من کلیب وائل و هو رأس معدّ کلها، و هو
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 88
صاحب یوم خزاز حین أنف من تولی تبابعة الیمن علیهم و أخذ الضریب منهم انتصب لبنی معدّ و قتل رسول التبابعة، و جمع حطبا کثیرا علی الجبل المسمی خزازا، و واعد قبائل العرب من ربیعة و مضر، أنه إذا أوقد فیه أقبلوا إلیه و حصّنوا به، لأنه عرف أن القحطانیین سائرون إلیه لا محالة فاجتمعت علیه العرب ثم جرت الوقعة المشهورة التی کسر اللّه فیها أهل الیمن، و هلک منهم خلائق قتلا و أسرا، و لم یکن لهم بعدها ید علی بنی معد، ثم أنه تجبّر بعد هذا و عظّم صیته و صار یحمی الحمی من المراعی، فلا یقرّبه أحد، فحمی فی بعض منازله فانفلتت منه ناقة لجارة لجساس یتیمة، و وطئت بیض قنبرة قد باضت فی الحمی، فقام إلیها و رماها بالنشاب فشک ضرعها، فعادت إلی صاحبتها یجری دمها و لبنها، فجزعت المرأة، و صاحت و ندبت جساسا بأبیات تشکو فیها ضیم کلیب، فقال:
غدا یعقر جملا خیرا من ناقتک مضمرا قتل کلیب، فلما برز کلیب للبراز تبعه جساس، و صاحبه عمرو، و طعنه و ثارت الحرب بین تغلب و بکر، و جرت بینهم وقائع عظیمة مدة سنین، و انتدب لبنی تغلب مهلهل أخو کلیب و ترأس فیهم بعد أخیه و لم یزالوا حتی فنی من الطائفتین خلائق، ثم اصطلحوا لما ملّوا من الحرب و فنوا فارتحل مهلهل و جلا إلی الیمن و نزل علی جنب من قحطان إلی أن مات هناک.
و هذه الحرب تسمی حرب البسوس. و البسوس هی المرأة الیتیمة صاحبة الناقة، و سبب ارتحاله خذلان قومه بنی تغلب له لمّا ملّوا الحرب، و غلبتهم بنو بکر، فاضطروا إلی مصالحتهم کرها علیه فنجا بنفسه، و کان معه ابنته عبیدة، فخطبها أحد رؤساء جنب، فامتنع لأنه لم یرهم کفؤا للمصاهرة، فاضطروه إلی تزویجها کرها فعند ذلک یقول:
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 89 أنکحها فقدها الأراقم فی‌جنب و کان الحباء من أدم
لو بأبانین جاء یخطبهاخضب ما أنف خاطب بدم
و الحباء: المهر، و الأدم الجلود، یشیر إلی خساستهم و أبانین منازل بنی وائل و فلواتهم أبان، و متالع، و عبیدة الیوم أهل العرین یتعلقون بالانتماء إلی نسلها.
و هذه الحروب أحد الحروب الثلاثة التی وقعت بین الأخوین، و هذه حرب البسوس المذکورة، و حرب الغبراء و داحس بین عبس و ذبیان، و حرب حاطب بین أوس و الخزرج ابنی حارثة و کان هلاک مهلهل قتلا علی ید عبدین له أتعبهما بالمغازی فملّا و اغتالاه فی الغزو، و ادّعیا موته.
و من تغلب عمرو بن کلثوم الفاتک المشهور صاحب القصیدة إحدی السبع المعلقات، و أعظم الفتکات، قتله الملک الجبار عمرو بن المنذر أخو النعمان الذی یعرف بعمرو بن هند، و هو الذی قتل من تمیم مئة رجل بسبب طفل له استرضع فیهم فهلک، و هو یلعب مع صبیانهم، فحلف أن یقتل منهم مئة ففعل.
و سبب قتل عمرو: أن من طغیانه قال یوما فی مجلس أنه لخواصه: هل تعلمون فی العرب امرأة تأنف من خدمة أمی هند؟ فقالوا:
لا نعلم؟ فقال رجل منهم: أنا أعلم أن لیلی أم عمرو بن کلثوم ما تدین لأحد تخدمة، قال: و لم ذلک؟ قال: لأن أباها مهلهل بن ربیعة و عمها کلیب وائل أعز العرب الذی قتل التبابعة، و أذل القیاصرة و الأکاسرة، و بعلها کلثوم بن مالک أفرس العرب، و إبنها عمرو سید قومه، فکیف
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 90
لا تأنف من خدمة أمک، و کان بنو وائل من جملة العرب المطیعین لابن المنذر.
فقال: و اللّه لأجرّبنها فبعث إلی عمرو بن کلثوم فقال: إنی مشتاق إلی زیارتک و وفادتک، و إن هندا مشتاقة إلی زیارة أمک لیلی علی الحب و الکرامة، فأقبل عمرو بن کلثوم من الجزیرة إلی الحیرة فی جماعة بنی تغلب، و أقبلت لیلی بنت مهلهل فی ظعن من نساء بنی تغلب، و أمر عمرو ابن هند برواقه فضرب بین الحیرة و الفراة و أرسل إلی وجوه مملکته فحضروا فی وجوه بنی تغلب، فلما وصلوا عدل عمرو فأناخ عند خیام الملک، و عدلوا بلیلی إلی خیمة هند اللاصقة لخیمة بنتها، و کانت هند عمة امری‌ء القیس ابن حجر الشاعر المشهور، و کانت أم لیلی بنت مهلهل ابنة أخی فاطمة بنت ربیعة أم امری‌ء القیس، فاحتفل لهم بضیافة کبیرة، و أوقد النیران فی مطابخ هند و لیلی عندها.
و کان عمرو قد أعلم أمه هند أنه یرید أن تستخدمها بشی‌ء و لو یسیرا، فقالت لها بعد ما مضی بینهن محادثة و موانسة: یا لیلی قومی کذا و کذا لشی‌ء حولها فقالت: المرأة تقوم لحاجتها. فقالت: عزمت علیک، فامتنعت، فقالت: لا بد، فقامت کارهة ذاهلة، فرفعت صوتها، و أذلها:
یا بنی وائل، فسمعها ابنها و سمعها الملک و هما فی مجلسه، فعرف الملک أنها ممتنعة، و عرف ابنها أنها مکرهة، فثار الغضب فی وجه الملک و عرف أنها ممتنعة، و کان إذا غضب ثار الدم فی وجهه حتی یکون کأنه قد طلی بالدم، و عرف عمرو بن کلثوم أنه یفعل معهم ما یکرهون، لما یعلم من تجبره، و فتکه، فوثب إلی سیف لعمرو بن هند معلق بالرواق، لیس هناک سیف غیره، فضرب به رأس عمرو بن هند حتی أبانه عن جثته، فاضطرب
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 91
الحزب و بهتوا، و نادی فی بنی تغلب فنهبوا ما فی الرواق من الآلات، و استخرجوا أمه و رکبوا رواحلهم و انصرفوا محتمین، و حاشیة عمرو بن هند قد ذهلوا عن طلبهم.
هذا ما ذکره ابن قتیبة و غیره فی صفة قتله، و فی ذلک قال عمرو بن کلثوم القصیدة المشهورة عند العرب المعلقة: (ألا هبی بصحنک)، و قام بها خطیبا فی سوق عکاظ، و فی موسم مکة المشرفة، و بنو تغلب تعظمها جدا، و تفتخر بها و یرویها صغیرهم و کبیرهم حتی هجوا بذلک و قیل فیهم:
ألهی بنی تغلب عن کلّ مکرمةقصیدة قالها عمرو بن کلثوم
یروونها أبدا مذ کان أولهم‌یا للرّجال لفخر غیر مسئوم
و آل کلثوم هم سادات الأراقم الذین منهم عمرو بن تغلب بن کلثوم الذی من ولده مالک بن طوق، و من بنی جشم أحد الأراقم الستة: کلیب، و مهلهل ابنا ربیعة بن الحارث بن زهیر بن جشم بن بکر بن حبیب، صاحبا الریاسة و السیادة اللذان مضی ذکرهما.
و من بطون تغلب: بنو عدی الذین منهم الأمراء الشجعان الکرام بنو حمدان، رهط سیف الدولة، و أخوه ناصر الدولة، الأمیران المشهوران بالثغور و دیار بکر و الموصل و غیرها، فسیف الدولة هو علی بن عبد اللّه بن حمدان بن حمدون بن الحارث بن لقمان بن راشد بن المثنی بن رافع بن الحارث بن عطیف بن محربة بن الحارث بن مالک بن بکر بن حبیب بن عمرو بن غنم بن تغلب.
و من تغلب: الولید بن طریف الخارجی.
قال الذهبی: قتل سنة تسع و سبعین و مئة، و کانت قد اشتدت البلیة
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 92
به، و کثر جیشه، و سیر إلیه هارون الرشید یزید بن مزید بن زائدة الشیبانی، فراوغه علی غرة بقرب هیت فظفر به فقتله، و فی ذلک تقول الفارعة أخته:
بتلّ شنائی رسم قبر کأنه‌علی علم فوق الجبال منیف
تضمّن جودا حاتمیّا و نائلاو سورة مقدام و قلب حصیف
ألا قاتل اللّه الجثاجث أضمرت‌فتی کان للمعروف غیر عیوف
خفیف علی ظهر الجواد إذا غداو لیس علی أعدائه بخفیف
أیا شجر الخابور مالک مورقاکأنک لم تجزع علی ابن طریف
فتی لا یحبّ الزاد إلّا من النّقی‌و لا المال إلّا من قنی و سیوف
و لا الذّخر إلّا کلّ جرداء شطبةو کلّ رقیق الشفرتین خفیف
حلیف النّدا ما عاش یرضی به النّدافإن مات لم یرض النّدا بحلیف
فقدناه فقدان الشباب و لیتنافدیناه من ساداتنا بألوف
و ما زال حتّی أزهق الموت نفسه‌شجّا لعدوّ أو لجا لضعیف
ألا یا لقوم للنوائب و الردی‌و دهر ملحّ بالکرام عنیف
فإن یک أرواه یزید بن مزیدفربّ زحوف لفّها بزحوف
علیک سلام اللّه وقفا فإننی‌أری الموت وقّاعا بکل شریف
و قالت أیضا:
یا بنی وائل لقد فجعتکم‌من یزید سیوفه بالولید
لو سیوف سوی سیوف یزیدقاتلته لافت خلاف السّعود
وائل بعضها یقتل بعضالا یفل الحدید غیر الحدید
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 93
و منهم: الأخطل الشاعر؛ و أما عنز بن وائل فولد رفیدة و إراشة.
و یقال: إن بعض ولده دخلوا فی خثعم.
و من ربیعة بنو النمر بن قاسط أخو وائل، منهم: عامر بنو النمر الضحیان ربع ربیعة أربعین سنة.
و منهم: أیوب بن زید البلیغ الذی یقال له ابن القریة، و من ربیعة بنو عبد القیس بن أفصی بن دعمی بن جدیلة بن أسد بن ربیعة، و ولد عبد القیس أفصی و اللبوء، و ولد أفصی شنا و أکیزا، و أما اللبوء و إخوته لأمه بکر و تغلب و عنز، و کانوا أحد رجال العرب الستة فکانت مملکتهم هجر و البحرین و القطیف و نواحیهما.
و لم یزالوا یتداولون الولایة، حتی کان آخرهم بنو العیاش بن سعید، رئیس بنی محارب بن عمرو بن ودیعة بن أکیز بن أفصی بن عبد القیس، و العریان رئیس بنی مالک بن عامر، و هو العریان بن إبراهیم بن الزحاف بن العریان بن مورق بن رجاء بن بشر بن صهبان بن الحارث بن وهب بن ضبة ابن کعب بن عامر بن معاویة بن عبد اللّه بن مالک بن عامر البطن المشهور، الذی نسب إلیه عامر بن الحارث بن أنمار بن عمرو بن ودیعة، و ذلک أن عبد القیس حین اختلفت کلمتهم، وهن أمرهم بالبحرین فوثب القرمطی أبو سعید الحسن بن بهرام علی القطیف، و هو یومئذ ضامن مکوسها و فرضتها، و قد جمع مالا عظیما فاستمال به قلوب الناس و کانت ریاسة القطیف یومئذ لبنی حذیمة بن عوف بن بکر بن عوف بن أنمار بن عمرو بن ودیعة.
فجمع أبو سعید جیشا عظیما من أهلها، و من البادیة، و من أهل
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 94
عمان، و حاربهم حتی ملکها بعد أن أحرق اللزازة، و هی دار مملکتها، ثم سار إلی الأحساء بجموع عظیمة: و فیها آل العیاش، و آل العریان، و من یتعلق بهم و حاربهم حتی هزمهم و ملک الأحساء، ثم جمع من فیها من عبد القیس فی محلة منها تسمی الرمادة و أضرمها علیهم نارا، و قد أعد لهم الرجال بالسلاح حولها فمن خرج قتلوه، و من لم یخرج أکلته النار، فهلک قوم لا یحصی عددهم.
و کان فیهم من القراء خلق کثیر، و قتل أبو سعید سنة ثلاث مئة، و تولی بعده ابنه النجیس سلیمان المکنی بأبی طاهر، و ذکر أهل العلم أن خیله کانت تبلغ الشام و العراق و مکة و عمان، و أنه نهب البصرة و الکوفة، و جانب بغداد الغربی، و لو لم یقطع الجسر لدخل الشرقی.
و کان عسکره ألف رجل و نهب الحاج، و کان فیهم یومئذ عشرون أمیرا، تحت ید کل أمیر ألف فارس، و کان أمیر الحاج أبا الهیجاء ابن حمدان والد سیف الدولة، و معه من بنی تغلب ألف فارس، و من بنی شیبان ألف فارس، فالتقاهم جیش القرمطی، فصارت الکرة علی الحاج فقتلوا منهم قتلی کثیرة، و أسروا أبا الهیجاء و جماعة من أشراف قومه و أسروا الوزیر بن أبی الساج، و أغار أبو طاهر علی مکة، و بلغت جیوشه البیت الحرام، و قلع الحجر الأسود، و المیزاب و حملها إلی البحرین، و بنی بالقطیف بیتا سماه الکعبة، و قال: اصرف الحج إلیه، و کان ذلک سنة 312 ه، و کان مردهما 335 بعد موته.
و لما قتل الحاج استبقی أهل الصناعات منهم و حملهم إلی البحرین، و کان عدة ما فی الحاج من الجمال المحملة اثنین و ثمانین ألفا، فغنمها
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 95
کلها و ذهب بأبی الهیجاء و وزیر الخلافة إلی البحرین أسری مدة، ثم خلی سبیلهما بفداء صار إلیه.
ثم إن أبا طاهر سار إلی الکوفة سنة 315 ه، و سار إلیه یوسف بن أبی الساج من واسط، و کان المقتدر قد قلده نواحی الشرق فسار بعسکر نحو أربعین ألفا، و کانت القرامطة ألفا و خمس مئة، منهم سبع مئة فارس فلما رآهم احتقرهم، و قال: صدروا الکتب للخلیفة بالفتح، فهؤلاء فی یدی، و اقتتلوا فحملت القرامطة و انهزم عسکر الخلیفة، و أخذ ابن أبی الساج أسیرا ثم قتله أبو طاهر و استولی علی الکوفة، و أخذ منها شیئا کثیرا، ثم جهز المقتدر إلیهم مؤنسا الخادم فی عساکر کثیرة، فانهزم أکثر العسکر منهم قبل الملتقی، ثم التقوا فانهزمت عساکر الخلیفة و وقع الجفل ببغداد خوفا منهم، و نهبوا غالب البلاد الفراتیة، ثم عادوا إلی هجر بالغنائم.
و کان أبو سعید حین ملک البحرین دعا إلی نفسه أنه صاحب الأمر، و أبطل الصلاة، و الزکاة، و الصوم، و جمیع الشرائع، و هدم ما فیها من المساجد و موه علی ضعفاء الناس، و کان قد استمال قبائل من العرب من الأزد و غیرهم من الیمن، و من قیس عیلان، و عامر بن ربیعة، و عایذ و قباث، و غیرهم من قبائل عامر بن صعصعة.
و لم یزل ملکهم حتی قام لحربهم عبد اللّه بن علی بن محمد بن إبراهیم العیونی العقبسی جدّ الأمراء العیونیین، فقام بأربع مئة رجل علی القرامطة و من معهم من الیمن، و من عامر بن ربیعة بن عامر بن صعصعة خفرة البحرین و القطیف فحاربهم سبع سنین، حتی انتزع الملک منهم و من
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 96
الیمن و عامر، و استأصل عامرا و غنم أموالهم و ذراریهم، و لم ینج من رجالهم إلّا رئیسهم أحمد بن مسعر و أبو فراس بن الشباش، و بعد ذلک منّ علی الحریم و الذراری و سیرهم إلی عمان، و کان القرامطة یومئذ فی ثمانین أمیرا.
و کانت ذکور خیل بنی عامر و من معهم من قیس تبلغ ألفا و إناثها أکثر، و کان ملک عبد اللّه بن علی الأحساء سنة 470 ه.
و کانت الیمن قد شرکت القرامطة فی الأمر عند ضعفهم، و هلاک خلق کثیر من ربیعة کانت بعثتهم القرامطة، إلی أوال لینتزعوا الملک من أبی البهلول العوام بن محمد بن یوسف بن الزجاج أحد عبد القیس، و کان قد غلب القرامطة علیها، و خطب له فیها بالإمارة.
و کانت للعجم ید علی هذه الناحیة، و کان قاضی بلاد تاروت فی جیش عظیم قد سبقه إلیها ملک آخر، فی عسکر عظیم علی طریق البصرة من جهة حمار تکین یریدون ملکها علی عبد اللّه بن علی، فلما وصلوا إلی الأحساء قلب عبد اللّه الرأی فلم یجد غیر استقبالهم بإظهار الطاعة، و التحمل فی الأفعال، إلّا أنه لم ینزلهم فی القصر، بل أقام لهم الإنزال أیاما، و بعث إلی أمرائهم و أشار علیهم بالمسیر إلی عمان و رغبهم فی ملکها، فوصف لهم کثرة ما بها من الذهب و الفضة، و ثیاب الإبریسم، و المتاعات و غیرها، فرغبوا فی ملکها و طلبوا منه الإدلاء، فبعث إلی قوم من بنی الخارجیة ممن یسکن الرمل الذی بینه و بین عمان فجاءوه فتقدم إلیهم بأن یدلوهم علی الطریق و قد أسرّ إلیهم بأن: إذا توسطتم بهم الرمل و نفذ ماؤهم فأنزلوا بهم، فإذا ذهب شطر اللیل و ناموا فانسلوا عنهم بحیث
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 97
لا یرونکم، و امضوا، فامتثلوا فحین توسطوا بهم الرمل ذهبوا فترکوهم، فهلکوا جمیعا، و لم یسلم منهم إلّا شخص واحد بلغ به فرسه الأحساء و لا یدری أین هو ذاهب.
و ذلک فی سنة أربع مئة و أربع و سبعین. و أما أوال فانتزعها یحیی بن عباس و صارت إلی زکریا بن یحیی، و کان حین قتل أخوه الحسن بن یحیی جهز جیشه إلی الأحساء، فلما بلغ قریة من سوادها تسمی ناضرة أتی الصریخ عبد اللّه بن علی بجنوده فالتقوا هناک فهزمت سریة زکریا و نهبت أمتعته و رحاله، و انهزم، و أتبعه عبد اللّه فی ألف فارس أو أکثر، حتی بلغ القطیف فلم یطمع زکریا أن القطیف تمنعه، فعبر إلی جزیرة أوال، فأتبعه الفضل بن عبد اللّه، و قاتله بمن معه حتی قتل الأمیر فضل العکروت، أشجع أصحاب زکریا فانهزم زکریا و رکب البحر و خرج منه إلی العقیر، و اجتمع بقوم من البادیة، و جند جنودا من العرب، و أغار بهم علی القطیف، فلقیه عبد اللّه و حمل علی جنوده فهزمها، و قتل زکریا بن یحیی و استقر ملک البحرین جمیعا فی ید عبد اللّه، و لم تزل فی أیدی بنیه و أهل بیته یتداولونها، و کانوا ملوکا عظاما و أجوادا کراما.
و لابن عمهم علی بن المقرب فیهم القصائد الطنانة، مدحا لهم و افتخارا بهم، و حثا علی مکارم الأخلاق، و عتابا موجعا، و حماسة و شکایات، و نصائح.
و أکثر أفخاذه بنو وائل، لأنهم بنو- عمهم مجتمع عبد القیس، مع بنی وائل فی أفصی، و وائل هو بن قاسط بن هنب بن أفصی، فیکون وائل بن أخی عبد القیس و کان جده أبا مقرب، الأول و اسمه الحسن بن غریف،
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 98
و یلقب بالحاشر لشدة صوته و بأسه، و هو ابن عمی عبد اللّه بن علی، یجتمع معه فی علی بن عبد اللّه بن علی بن عبد اللّه بن محمد، و جعله عبد اللّه فی شی‌ء من الإمارة.
و کان یرکب أمام عبد اللّه یوم العید إلی المصلی، و حوله موکب عبد اللّه، و الستر مرفوع علی رأسه، و الأعلام حوله و أمامه، و کانت أمور رفیع؟؟؟ السلطنة ترد إلیه، و کان یلبس سوار الملک، و کان مع ذلک العز و العظمة عابدا عالما صواما عفیفا رؤوفا بالرعیة، و له من الولد الذکور ثمانیة، و کان الملک و السلطنة فی بنی عبد اللّه بن علی العبقسی العیونی المذکور، و نسبته إلی العیون ناحیة من نواحی الأحساء من البحرین، زعموا أنه کان بها أربع مئة کلها تجری و تسقی بساتین و کانت بلدا عظیمة، ثم إن الرمل أخرب أکثرها و إنما بسطنا الإشارة إلی هذه القبیلة و تملکاتهم و حروبهم لأنهم أشهر متأخری عبد القیس.
و من بنی عبد القیس: الأشجع العصری، و الجارود الجذیمی:
الوافدان علی رسول اللّه صلّی اللّه علیه و سلم.
و أما إیاد بن نزار أخو ربیعة و مضر، فمنه بطون کثیرة، منهم:
أبو حذافة الذین منهم أبو ذواد الشاعر، و من إیاد کعب بن مامة الجواد الذی یضرب به المثل، و أبوه مامة کان ملک إیاد.
و منهم قس بن ساعدة الخطیب الحکم البلیغ.
قال الحافظ ابن کثیر لما ذکر طرفا من أخباره من روایة الخرائطی، و الطبرانی، و البزار، و البیهقی، و أبی نعیم من قدوم وفد إیاد، و سؤال الرسول صلّی اللّه علیه و سلم إیاهم عن قیس، و ذکر رؤیته إیاه بسوق عکاظ یعظ الناس.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 99
ثم إن ابن کثیر بعد أن ذکر الروایات قال: أخبرنا الشیخ المسند أبو العباس أحمد بن أبی طالب الحجاز إجازة، قال أجاز لنا جعفر بن علی الهمدانی. حدثنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفی، و قرأت علی شیخنا الحافظ الذهبی، أخبرنا أبو الحسن ابن علی الخلال: أخبرنا جعفر بن علی: أخبرنا السلفی: حدثنا أبو عبد اللّه محمد بن أحمد الرازی: حدثنا أبو الفضل محمد بن أحمد السعدی: حدثنا أبو الهیثم عبد اللّه بن أحمد المقری: حدثنا أبو محمد بن درستویه النحوی: حدثنا إسماعیل بن إبراهیم السعدی، قاضی فاس: حدثنا داود بن سلیمان بن سیف بن یحیی بن درهم الطائی: حدثنا أبو عمرو سعید بن یزیع، عن محمد بن إسحق: حدثنا بعض أصحابنا من أهل العلم، عن الحسن البصری قال: کان الجارود العلی العبدی نصرانیا، حسن المعرفة بتفسیر الکتب، عالما بسیر الفرس، بصیرا بالفلسفة و الطب، کامل الجمال، ذا ثروة و مال، و أنه قدم علی النبی صلّی اللّه علیه و سلم وافدا فی رجال من عبد القیس، فلما وقف بین یدیه أنشأ یقول:
یا نبیّ الهدی أتتک رجال‌قطعت فدفدا و آلا فآلا
و طوت نحرک الصحاصیح تهوی‌لا تعدّ الکلال فیک کلالا
و طوتها العتاق تجمح فیهابکمات کأنجم تتلالا
تبتغی دفع بأس یوم عظیم‌هائل أوجع القلوب وهالا
و مزارا لمحشر الخلق طرّاو فراقا لمن تمادی ضلالا
نحو نور من الإله و برهان و برّ و نعمة أن تنالا
خصک اللّه یا ابن أمة الخیربها إذا أتت سجالا سجالا
فاجعل الحظّ منک یا حجة اللّه‌جزیلا لا حظّ خلف أخالا
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 100
قال: فأدناه النبی صلّی اللّه علیه و سلم و قرب مجلسه. ثم ذکر إسلامه و إسلام من معه، ثم قال: أفیکم من یعرف قسّ بن ساعدة، فقال الجارود: فداک أبی و أمی، کلنا یعرفه، کان سبطا من أسباط العرب، عمّر ست مئة سنة، أدرک رأس الحواریین سمعان.
و هو أول رجل تأله من العرب، و أیقن بالبعث و الحساب، و حذّر سوء المآب، و هو القائل بسوق عکاظ: مشرق و مغرب، و سلم و حظ، و یابس و رطب، و أجاج و عذب، و شموس و اقمار، و ریاح و أمطار، و لیل و نهار، و حب و نبات، و آباء و أمهات، و جمع و أشتات، و آیات فی إثرها آیات، و نور و ظلام، و یسر و إعدام، و رب و أصنام، لقد ضلّ الأنام تبّا لأرباب الغفلة، لیصلحن العامل عمله، و لیفقدن آمل أمله، کلا بل هو إله واحد، لیس بمولود و لا والد، أعاد و أبدی، و أمات و أحیا، و خلق الذکر و الأنثی، رب الآخرة و الأولی.
و هو أول من قال:
أما بعد:
فیا معشر إیاد، أین ثمود و عاد، أین الآباء و الأجداد، و أین العلیل و العواد، کل له معاد یقسم قسّ برب العباد. و ساطح العماد، لتحشرن علی انفراد، فی یوم التناد، إذا نفخ فی الصور و نقر فی الناقور، و هو القائل:
ذکر القلب من جواه الدکارو لین خلافهن نهار
و سجال هواطل من غمام‌تر؟؟؟ ماء و فی جواهنّ نار
ضوؤها یطمس العیون و إرعاد شدد؟؟؟ فی الخافقین تطار
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 101 و حبال شوامخ راسیات‌و بحار میاههنّ غزار
و نجوم تلوح فی ظلم اللیل تراها فی کل یوم تدار
ثم شمس یحفها قمر اللیل و کل تابع موّار
و صغیر و شمط و کبیرکلّهم فی الصعید یوما مزار
فالذی قد ذکرته دلّ علی الله نفوسا لها هدس و اعتبار
یقال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و سلم: «مهما نسیت فلست أنساه بسوق عکاظ علی جمل أحمر و هو یقول: یا معشر الناس: اجتمعوا فکل من مات فات، و کل آت آت، لیل داج و سماء ذات أبراج، و بحر ثجاج، و نجوم تزهر، و جبال مرسیة، و أنهار مجریة، إن فی السماء لخبرا، و إن فی الأرض لعبرا، مالی أری الناس یذهبون و لا یرجعون؟ أرضوا بالإقامة فأقاموا، أم ترکوا فناموا.
أقسم قسّ باللّه قسما لا ریب فیه، إن للّه دینا هو أرضی من دینکم هذا، ثم قال: قال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و سلم: «رحم اللّه قسّا، أما إنه سیبعث یوم القیامة أمة وحده».
قال: و هذا الحدیث غریب من هذا الوجه و هو مرسل إلّا أن یکون الحسن سمعه من الجارود، فاللّه أعلم.
و قد رواه البیهقی و ابن عساکر من وجه آخر فذکر مثله أو نحوه، ثم رواه البیهقی من طرق، ثم قال: و إذا روی الحدیث من وجه آخر و إن کان بعضها ضعیفا دل علی أن للحدیث أصلا. انتهی.
و أما بنو أنمار أخو ربیعة، فدخلت قبائلهم فی أهل الحجاز، و صاروا فی خثعم و أکلب، و قبائلهم مع بطن من عنزة و استوطنوا بیشة
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 102
و نواحیها، انتهی ما لخصناه من أنساب العرب الأولین التی تتفرع منها قبائل الزمان، و تنتسب إلیها و إن کان لا یمکن فی الغالب إعلاق أجداد المتأخرین بالمتقدمین جدّا جدّا، فلیس إلّا الاستفاضة، و انتساب کل قبیلة إلی قبیلتها، و اللّه أعلم [و صلّی اللّه علی محمد].

فصل [قال أهل السیر و الأخبار: کانت الجاهلیة قبل المبعث فیهم بقایا من دین إبراهیم]

، مثل: الحج، و الطواف بالبیت، و السعی و إهداء البدن، و غیر ذلک من تعظیم البیت، و کانت نزار تقول فی إهلالها: لبیک لا شریک إلّا شریکا هو لک، تملکه و ما ملک.
و قال الشهرستانی فی «الملل و النحل»: و العرب الجاهلیة أصناف:
فصنف أنکروا الخالق و البعث، و قالوا بالطبع المحیی کما أخبر عنهم فی التنزیل: وَ قالُوا ما هِیَ إِلَّا حَیاتُنَا الدُّنْیا نَمُوتُ وَ نَحْیا وَ ما یُهْلِکُنا إِلَّا الدَّهْرُ [الجاثیة: 24]، و صنف اعترفوا بالخالق و أنکروا البعث و هم الذین أخبر اللّه عنهم بقوله: أَ فَعَیِینا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ ... [ق: 15] الآیة.
و صنف عبدوا أصناما مختصة بقبائل مثل: ودّ، و سواع، و یغوث، و یعوق و نسر، و اللات، و العزی، و هبل، و هو أعظمها، و کان علی ظهر الکعبة.
و کان منهم من یمیل إلی الیهودیة،- و منهم من یمیل إلی النصرانیة، و منهم من یمیل إلی الصابئة، مثل الاعتقاد فی الأنواء، و علم النجوم، حتی لا یتحرک إلّا بنوء منها، و یقول: مطرنا بنوء کذا، و منهم من یعبد الملائکة، و منهم من یعبد الجن.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 103
و کانت تفعل الجاهلیة أشیاء جاء الإسلام بها، و کانوا لا ینکحون الأمهات و لا البنات، و أقبح ما یصنعون الجمع بین الأختین، و کانوا یحجون البیت، و یحرمون، و یعتمرون، و یطوفون، و یقفون المواقف کلها، و یرمون الجمار و یغتسلون من الجنابة، و یداومون علی المضمضة و الاستنشاق، و السواک، و الاستنجاء، و قلم الأظفار و نتف الإبط، و حلق العانة، و الختان، و یقطعون ید السارق الیمنی، و کانت علومهم علم الأنساب و الأنواء و التواریخ، و تعبیر الرؤیا.

فصل فی نسب نبینا محمد صلّی اللّه علیه و سلم و مبعثه و مولده و ما بعد ذلک علی سبیل الاختصار لاشتهاره فی السّیر و التواریخ‌

أما نسبه صلّی اللّه علیه و سلم فهو: محمد بن عبد اللّه، بن عبد المطلب، بن هاشم، بن عبد مناف، بن قصیّ، بن کلاب، بن مرة، بن کعب، بن لؤی، بن غالب، بن فهر (و هو قریش) بن مالک، بن النضر، بن کنانة، بن خزیمة، بن مدرکة، بن إلیاس، بن مضر، بن نزار، بن معد، ابن عدنان إلی هنا متفق علیه.
و لا خلاف أنه من ولد إسماعیل، و کانت ولادته یوم الاثنین لعشر خلون من ربیع الأول عام الفیل، و کان قدوم الفیل منتصف المحرم تلک السنة.
و لما بلغ رسول اللّه صلّی اللّه علیه و سلم أربعین سنة بعثه اللّه إلی الناس جمیعا ناسخا بشریعته الشرائع الماضیة، و کانت دعوته إلی الإسلام سرّا ثلاث سنین، ثم
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 104
أمره اللّه بإعلان الدعوة، و وقع علیه الأذی من قریش و علی من أسلم، فأذن لهم بالهجرة إلی الحبشة.
و کان أبو طالب یذبّ عنه إلی أن مات، و اشتد أذاهم علیه بعد موته.
ثم هاجر إلی المدینة، ثم أذن له فی القتال، و غزواته و جهاده مشهورة فی کتب السیر.
فلما کانت سنة عشر جاءته وفود العرب قاطبة، فدخل الناس فی دین اللّه أفواجا کما قال تعالی: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ ثم حج حجّة الوداع، ثم رجع إلی المدینة فأقام بها حتی خرجت السنة.
و دخلت سنة إحدی عشرة، فابتدأ مرضه لیلتین بقیتا من صفر، و توفی یوم الاثنین من إثنی عشرة لیلة خلت من ربیع الأول.
و لما مات ارتد أکثر العرب، إلّا أهل مکة، و المدینة، و الطائف، و أفراد من أحیاء العرب.
فلما توفی بایع الناس أبا بکر الصدّیق رضی اللّه عنه، فأقام سنتین، و ثلاثة أشهر، و تسعة أیام.
و بویع عمر بن الخطاب فأقام عشر سنین، و ستة أشهر، و خمس لیال، و قتله أبو لؤلؤة ثالث عشر ذی الحجة، و أوصی بالخلافة شوری.
فوجهت إلی عثمان، فبویع فی أول المحرم، و أقام اثنتی عشر سنة، و توفی سنة خمس و ثلاثین شهیدا فی داره.
و بویع علی بن أبی طالب، فأقام أربع سنین، و تسعة أشهر، و قتله
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 105
ابن ملجم الخارجی لیلة الجمعة سابع عشر رمضان سنة أربعین.
و بویع ابنه الحسن یوم مات أبوه، فأقام ستة أشهر، ثم خلع نفسه طائعا فی ربیع الأول سنة 41 ه، مختارا الجماعة علی الفرقة، و حقن الدماء عن سفکها، و إلّا فقد بایعه أکثر من أربعین ألفا علی حرب معاویة، و صدق علیه قول النبی صلّی اللّه علیه و سلم فی الحسن: «إن ابنی هذا سید، و سیصلح اللّه به بین فئتین عظیمیتن من المسلمین».
و فی الحدیث: «الخلافة بعدی ثلاثون سنة، ثم تکون ملکا».
و کان آخر ولایة الحسن تمام الثلاثین، و حینئذ تمت لمعاویة الخلافة العامة، و هو أول خلفاء بنی أمیة، و کانت بالشام، و عدة الخلفاء فیهم أربعة عشر، و کانت أمراؤهم و عمالهم بمصر، و الشام، و الحجاز، و خراسان، و الهند، و الصین، و المشرق، و الأندلس، و سائر المغرب، و سائر أقطار الإسلام، و مدتهم اثنتان و تسعون سنة.
فأولهم معاویة المذکور بویع بالخلافة العامة فی ذی الحجة ببیت المقدس سنة 40 ه، و توفی سنة 60 ه بدمشق، و آخرهم مروان بن محمد بن مروان الملقّب بمروان الحمار، فلم یزل یجالد دعاة بنی العباس، و قد قام فی محاربته أبو مسلم الخراسانی، و غیره من دعاتهم من أهل العراق و خراسان، و تلک النواحی حتی أثخنوه.
و أراد اللّه انقضاء الدولة الأمویة یقال: إنه عرض جیشه فبلغ أربع مئة ألف مقاتل، غارقین فی السلاح و العدة، و الخیول، فلما رأی البوار و رأی أمر أهل العراق یعلو، و رأی الفشل فی عسکره قال: یا له من عدد وعدة، و لکن إذا انقضت المدة لم ینفع العدد و العدة، فکسر جیشه و اتبعهم عسکر
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 106
العراق، یقتلون و یسلبون، و لم یزل مروان ینتقل من بلد إلی بلد هاربا، و کلما مرّ بقریة خذلوه، و الطلب فی أثره حتی لحقوه، فی ناحیة بوصیر من أرض مصر، عام اثنین و ثلاثین و مئة، فقتل هناک فی شهر ذی الحجة.
ثم جاءت الدولة العباسیة، و کانوا بالعراق فتتّبعوا بقایا بنی أمیة حتی استأصلوهم قتلا، فلم ینج منهم إلّا من هرب إلی الأندلس، و غیره ممن تشتّتوا فی البلاد، و نبشوا قبور أمواتهم مثل: قبر معاویة و ابنه یزید و عبد الملک و هشام.
و کان ممن نجا من بنی أمیة عبد الرحمن بن معاویة بن هشام بن عبد الملک، هرب إلی المغرب، ثم استولی علی الأندلس سنة ثمان و ثلاثین و مئة و بنی سور قرطبة، و مات بها سنة 171 ه.
و لم یزالوا یتداولون الخلافة بالمغرب، و یخطب لهم بالأمیر، إلی أن تولّی عبد الرحمن بن محمد بن عبد اللّه بن محمد بن عبد الرحمن بن الحکم بن هشام بن عبد الرحمن الداخل بن معاویة بن هشام بن عبد الملک فلم یزل والیا إلی أن توفی سنة 351 ه، و کانت إمارته خمسین سنة و نصفا، و هو أول من تلقّب بألقاب الخلفاء و تسمی بأمیر المؤمنین، و سببه لما وهت أرکان الدولة العباسیة، و تغلب القرامطة و المبتدعة، قویت همته و قال: أنا أولی بالخلافة و التولّی علی أکثر الأندلس، و کان له الهیبة الزائدة، و الجهاد، و السیرة المحمودة، استأصل المتغلبین، و فتح سبعین حصنا، و استوطن قرطبة.
قال أحمد المقری فی کتابه «نفحة الطیب»: قال بعض المؤرخین حین ذکر قرطبة ما ملخّصه هی قاعدة بلاد الأندلس، و دار الخلافة
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 107
الإسلامیة، و أهلها سراة الناس، و بها أعیان العلماء و سادات الفضلاء، و هی خمس مدن بین المدینة و المدینة سور عظیم، و فی مدینتها الوسطی الجامع الذی لیس فی معمور الدنیا مثله، فیه من السواری الکبار ألف ساریة، و فیه مئة و ثلاث و عشرون ثریا للوقود، أکثرها یحمل ألف مصباح، و فیه من النقوش و الرقوم ما لا یقدر علی وصفه، و جملة ما صرف علی منبره لا غیر، عشرة آلاف مثقال و خمسون مثقالا، و فیه مصحف یقال: إنه مصحف عثمان، و قد اختلفوا فیه، و فعل له الملوک آنیة، و کراسی، و أکسیة، و صنادیق من الذهب و الفضة، و الأشیاء الأنیقة و للجامع عشرون بابا مصفحات بالنحاس، و فیه المنارة العجیبة التی ارتفاعها مئة ذراع، بالمکی المعروف بالرشاشی.
و أکثر ما توسعت قرطبة و جامعها و زاد فی عمارتها الأمیر عبد الرحمن ابن معاویة و أکمله سنة 176 ه، ثم زاد فیه هشام ابنه عبد الرحمن لما تزاید الناس، و أتمها ابنه محمد، ثم ذکر ما جدد الخلیفة الناصر، قال: و لما ولّی الخلیفة المنتصر بعد الناصر، و قد اتسع نطاق قرطبة، و کثر أهلها، و ضاق جامعها، زاد فیه الزیادة العظمی.
قال ابن بشکوال: نقلت من خط المنتصر، أن النفقة فی هذه الزیادة انتهت إلی مئة ألف دینار و خمس مئة و سبعة و ثلاثین دینارا و درهمین و نصف، ثم إن الناصر المذکور بنی الزاهرة.
قال المقری عن ابن خلّکان: ما صورته الزاهرة من عجائب أبنیة الدنیا، ابتناها أبو المظفر الناصر، بالقرب من قرطبة، و بینهما أربعة أمیال و ثلثا میل، فی أول سنة 225 ه، و طولها من الشرق إلی الغرب ألفان
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 108
و سبع مئة ذراع، و عرضها ألف و خمسمائة، و عدد سواریها ألف و ثلاث مئة ساریة، و أبوابها تزید علی خمسة عشر ألف باب.
و کان الناصر یقسم جبایة الأندلس خمسة آلاف دینار و أربع مئة و ثمانین ألفا، و هی من أهول ما بناه الإنس، کان یتصرف فی عمارتها من الخدام و الفعلة، عشرة آلاف رجل، و من الدواب ألف و خمس مئة دابة، و کان یثیب علی کل رخامة.
و ذکر ابن حبان المؤرخ و صاحب الشرطة أنهما قالا: اشتملت علی أربعة آلاف ساریة ما بین صغیرة و کبیرة، و حاملة و محمولة، و اللّه أعلم.
و قال بعض من أرخ الأندلس: کان عدد الفتیان بالزهراء ثلاثة عشر ألفا و سبع مئة و خمسین فتی، و دخالتهم من اللحم کل یوم من غیر أنواع الطیر و الحوت: ثلاثة عشر ألف رطل، و عدة النساء بقصر الزهراء الصغار و الکبار، و خدم الخدمة ستة آلاف و ثلاث مئة امرأة، و المرتب من الخبز لحیتان بحیرة الزهراء اثنا عشر ألف خبزة کل یوم، و ینقع لها من الحمص الأسود ستة أقفزة. انتهی.
و کان الناصر یقسم الجبایة أثلاثا: ثلث للجند، و ثلث للبناء، و ثلث مدخر لما ینوب القصر، و کانت جبایة الأندلس یومئذ من الکور و القری:
خمسة آلاف ألف و أربع مئة ألف و ثمانین ألف دینار و من الستوق و المستخلص سبع مئة ألف و خمسة و ستون ألف دینار.
و أما أخماس الغنیمة فلا یحصیها دیوان، قال: و فی بعض تواریخ الأندلس کانت قرطبة قاعدة الأندلس، و کانت عدة الدور فی القصر الکبیر أربع مئة دار و نیف و ثلاثین، و عدد دور الرعایة و السواد بها مئة ألف دار
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 109
و ثلاثة عشر ألف دار، حاشا دور الوزراء و الکتاب، و أکابر الناس، و هذا العدد أیام المتونة و الموحدین.
و قال فی کتاب «مجموع المعرف»: کان جمیع ما فی الجامع من الأعمدة ألف عمود، و مئتی عمود، و ثلاثة و تسعین رخما کلها و باب مقصورته ذهب، و کذلک جدار المحراب.
و لم یزل الأمویون یتداولون الخلافة إلی أن کثر الاختلاف، و اشتدت الفتن، و تغلب الوزراء، و رؤساء الرعایا، فکان آخرهم محمد بن هشام بن محمد، ثم خلعه الجند و فرّ إلی داره فهلک بها سنة 280 ه، و انقطعت الدولة الأمویة من أرض الأندلس أو المغرب. انتهی ما لخّصنا من «نفحة الطیب»، و غیره.
و إنما ذکرنا هذه النبذة من أحوال بنی أمیة لما فیها من المواعظ و الاعتبار، و النظر إلی تصاریف الأقدار، و التنبیه للإنسان بعدم الاغترار، بما ملک فی هذه الدار.
فإن خلافة بنی أمیة الأولی بلغوا فیها الغایة من الملک، و الریاسة، و التنعّم، و السرور، ثم نکبوا نکبة استأصلتهم، ثم نجم هذا الفرید الوحید فساعده القدر و أقام هذه الدولة العظیمة بالمغرب، و تداولها بنوه و جری لهم فی أیامهم ما ذکرنا من التنعّم و اللذّات و السرور، و القناطیر المقنطرة من الذهب و الفضة، و الخیل المسومة، و الأنعام و الحرث، ثم زالت تلک الدولة، کأن لم تکن و خربت تلک المدائن و القصور کأن لم تسکن.
و بعد هذا استولت علیهم ملوک الطوائف، من البربر و غیرهم، ثم
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 110
استولت النصاری علی قرطبة و ما هنالک، فقتلوا، و سبوا، و استأصلوا، و دمّروا، ثم عادت خرابا، فلیعتبر العاقل، و لا یغتر بالدنیا و زخرفها، قال بعض البلغاء:
دع الدّنیا و لا ترکن إلیهافزخرفها سیذهب عن قلیل
و إن ضحکت فإنّ الضّحک منهاکضحک السیف فی وجه القتیل
و مثله قول أبی الفرج الساوی، مذکرا و واعظا، بحال سلطان الشرق و العراقین، و حالة فخر الدولة ابن رکن الدولة بن بویه الدیلمی راثیا له:
هی الدنیا تقول بمل‌ء فیهاحذار حذار من بطشی و فتکی
فلا یغررکم حسن ابتسامی‌فقولی مضحک و الفعل مبک
بفخر الدولة اعتبروا فإنّی‌سلبت الملک منه بسیف هلکی
و قد کان استطال علی البرایاو نظّم جمعهم فی سلک ملکی
فلو شمس الضّحی زارته یومالقال لها عتوّا أفّ منک
و لو زهر النجوم أتت رضاه‌تأبّی أن یقول رضیت عنک
فأصبح بعد ما بلغ الزباناأسیر القبر فی ضیق و ضنک
یود لو أنّه لو ردّ یوماإلی الدّنیا تسربل ثوب نسکی
دعی یا نفس فکرک فی ملوک‌مضوا بلا ارتحالک و بک فابک
هنا؟؟؟ یعطی؟؟؟ هلاک اللّیث شیئاعن الظبی السلیب قمیص مسک
هی الدّنیا أشبّهها بشهدیسمّ و جیفة طلیت بمسک
هی الدّنیا کمثل الطّفل بینایقهقه إذ بکی من بعد ضحک
ألا یا قومنا انتبهوا فإنّانحاسب فی القیامة غیر شکّ
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 111
فترجع إلی ذکر بنی العباس فنقول:
کان بنو العباس قد تسببوا فی طلب الخلافة و المبایعة، ممن طمعوا به من الرعایا، و کان أعظم من قام بالدعوة لهم أبو مسلم الخراسانی، و کان قهیرمانا لإدریس بن العجلی ولّاه محمد بن علی بن عباس الأمر فی استدعاء الناس فی الباطن، ثم مات محمد، فولّاه ابنه إبراهیم الإمام، ثم الأئسة من ولد محمد، ثم إنه أظهر الدعوة بخراسان سنة 129 ه، و جری بینه و بین نصر ابن سیّار أمیر خراسان، و استولی علی بعض بلاد خراسان.
و لما قوی أمره علی نصر کتب إلی مروان یعلمه بالحال، و أنه یدعو إلی إبراهیم بن محمد و کتب أبیاتا:
أری تحت الرّماد و میض نارو یوشک أن یکون لها ضرام
و إن لم یطفها عقلاء قوم‌یکون وقودها جثث و هام
فإنّ النار بالزّندین توری‌و إنّ الحرب أوّله کلام
فقلت مز التعجّب لیت شعری‌أأیقاظ أمیّة أم نیام
و إن یک قومنا أضحوا نیامافقل هبّوا فقد حام الحمام
و کان إبراهیم و أهله بالشام، فی قریة یقال لها: الحمیمیة قرب الشوبک، و لما بلغ مروان الحال أرسل إلی عامله بالبلقاء أن یسیر إلیه إبراهیم، فأوثقه و بعث به فحبسه مروان فی حران حتی مات فی حبسه.
و فی سنة 130 ه دخل أبو مسلم مدینة مرو و نزل قصر الإمارة و هرب نصر، و فی سنة 32 بویع أبو العباس السفّاح عبد اللّه بن محمد بن علی ابن عبد اللّه بن عباس بالخلافة، بعد إقباله من الحمیمیة بأهل بیته، منهم: أخوه المنصور و غیره فی صفر، و استخفی إلی ربیع ثم ظهر و سلم
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 112
الناس علیه بالخلافة و عزوه فی أخیه إبراهیم، و دخل دار الإمارة.
ثم بعد ذلک جهّز العساکر مع أبی عون ثم أردفه بعساکر مع عمه عبد اللّه بن علی، و تحوّل أبو عون عن سرادق و ما فیه لعبد اللّه ثم التقوا بالزاب فوقعت الکسرة علی مروان کما ذکرنا، و کان أبو مسلم هو الذی دوّخ لهم الرعایا و فتح لهم الممالک الخراسانیة و غیرها و کان بعد فراغه من أمر بنی أمیة ینشد:
أدرکت بالحزم و الکتمان ما عجزت‌عنه ملوک بنی مروان إذ حسدوا
ما زلت أسعی بجهدی فی دمارهم‌و القوم فی غفلة بالشام قد رقدوا
فمن رعی غنما فی أرض مسبعةو نام عنها تولّی رعیها الأسد
و قد کان السفّاح شدید التعظیم له، فلما تولّی المنصور صدرت من أبی مسلم أشیاء أوغرت فی صدره فقتله، و خطب الناس فقال: إن أبا مسلم أحسن أولا، و أساء آخرا، و ما أحسن ما قاله النابغة:
فمن أطاعک فانفعه لطاعته‌کما أطاعک و ادلله علی الرّشد
و من عصاک فعاقبه معاقبةتنهی الظلوم و لا تقعد علی ضمد
الضّمد- بالفتح-: الحقد، قیل: أحصی من قتله أبو مسلم صبرا، و قیل: و فی حروبه فکانوا ست مئة ألف و اختلف فی نسبه، فقیل:
من العرب، و قیل: من العجم، و قیل: من الأکراد، و کان عالی الهمة، عالما بالأمور و لا یظهر علیه سرور و لا غضب، و لا یأتی النساء إلّا مرة فی السنة.
و یقول: الجماع جنون، و یکفی الإنسان أن یجن فی السنة مرة، و قیل له ما سبب خروج الدولة علی بنی أمیة؟ قال: لأنهم أبعدوا أولیاءهم
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 113
ثقة بهم، و أدنوا أعداءهم تألفا لهم، فلم یصر العدو صدیقا بالدنو، و صار الصدیق عدوّا بالإبعاد.
و قال صاحب «ابتلاء الأخیار بالنساء الأشرار»: إنه عرض علی أبی مسلم جواد لم یر مثله، فقال لقواده: لما یصلح هذا؟ قالوا: للغزو، قال: لا. قالوا: فیطلب علیه العدو، قال: لا، قالوا: فلماذا أصلح اللّه الأمیر، و قال: لیرکبه الرجل و یهرب من المرأة السوء و الجار السوء.
و علی ذکر المرأة ما روی أبو هلال العسکری بالإسناد عن عکرمة الضبی قال: کان أصل قولهم أن تسمع بالمعیدی خیرا من أن تراه، أن رجلا من بنی تمیم یقال له ضمرة بن ضمرة کان یغیر علی سوارح النعمان بن المنذر حتی إذا عیل صبر النعمان کتب إلیه: أن أدخل فی طاعتی و لک مئة من الإبل فقبلها، و أتاه فلما نظر إلیه ازدراه، و کان دمیما فقال: تسمع بالمعیدی لا أن تراه.
فقال ضمرة: مهلا أیها الملک، إن الرجال لا یکالون بالصیعان، و لا یوزنون بالمیزان، و لست بحزور تجزر، و إنما المرء بأصغریه قلبه و لسانه، إن قاتل قاتل بجنان، و إن نطق نطق ببیان، و فی روایة: فإذا رزق المرء لسانا ناطقا، و قلبا حافظا، فقد استحق الشرف. فقال: صدقت للّه درک، هل لک علم بالأمور، و ولوج فیها، قال: و اللّه إنی لأبرأ منها المسحول، و أنقض منها المفتول، و أحیلها حتی تحول، ثم انظر إلی ما تؤول و لیس للأمور بصاحب من لم ینظر فی العواقب. فقال: صدقت للّه درک، فأخبرنی ما العجز الظاهر، و الفقر الحاضر، والداء العیاء، و السوأة السوأی.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 114
قال ضمرة: أما العجز الظاهر؟ فالشاب القلیل الحیلة، اللزوم للحلیلة الذی یحوم حولها، و یسمع قولها، فإن غضبت ترضاها، و إن رضیت فداها.
و أما الفقر الحاضر؟ فالمرء لا تشبع نفسه، و إن کان من ذهب حلسه.
و أما الداء العیاء؟ فجار السوء إن کان فوقک قهرک، و إن کان دونک همزک، و إن أعطیته کفرک، و إن منعته شتمک، فإن کان ذلک جارک فأخل له دارک، و عجّل منه فرارک، و إلّا فأقم بذل و صغار، و کن ککلب هرار.
و أما السوأة السوأی؟ فالخلیلة الصخابة، الخفیفة الوثابة، السلیطة السبابة، التی تعجب من غیر عجب، و تغضب من غیر غضب، الظاهر عیبها، المخوف غیبها، فزوجها لا یصلح له حال، و لا ینعم له بال، إن کان غنیّا لم ینفعه غناه، و إن کان فقیرا أبدت له قلاه، فأراح اللّه منها بعلها، و لا متّع اللّه بها أهلها، فأعجب النعمان حسن کلامه فأحسن جائزته و أجلسه قبله. انتهی.
رجعنا إلی ذکر بنی العباس. قال مرعی: کانوا بالعراق و عدتهم بها سبعة و ثلاثون خلیفة، آخرهم المعتصم الذی قتله التتار سنة 656 ه، بمکیدة وزیره الخبیث الرافضی ابن العلقمی، فوقع السیف ببغداد أربعین یوما، فقتل فوق ألفی ألف، و بقتله خربت بغداد و انقطعت الخلافة الإسلامیة منها، باستیلاء التتار علیها، و أقام الناس بغیر خلیفة ثلاث سنین، و علّق التتار المصاحف فی أعناق الکلاب، و ألقوا کتب الأئمة فی الدجلة، حتی صارت کالجسر.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 115
و من حینئذ ذهبت محاسن بغداد کأنها لم تکن بعد أن کان بها اثنا عشر ألف خان، و اثنا عشر ألف طاحون، و أربعة و عشرون سوقا، و ستون ألف حمام، و ثمان مئة ألف مدرسة.
و من جوامعها: الرصافی یسع مئة ألف، کانوا یحضرون ابن الجوزی، و کان سورها المحیط بها أیاما بلیالیها، و یقال: کان یمشی علی عرضه ستون فارسا، و مات بها الإمام أحمد، فحضر جنازته ألف ألف، و ست مئة ألف، ضبط ذلک بالمساحة، و کانت أجل مدن الدنیا، و انتقلت الخلافة إلی مصر لکن فرق ما بین الثریا و الثری. انتهی کلام مرعی.
و قال فی «تحفة الغرائب»: کانت بغداد فی أیام البرامکة مدینة عظیمة، یقال: إنها حصرت حماماتها فی وقت من الأوقات فکانت ستین ألفا و کان بها من الرؤساء، و الوزراء، و العلماء، و السادات ما یخرج واصفه إلی حد التکذیب.
قال الطبری: أقل صفة بغداد أنها کان بها ستون ألف حمام، کل حمام یحتاج إلی خمسة أنفس: سواق، و زبال، و وقاد، و قیم، و مدبّر.
و کل واحد من هذه الخمسة لا بد له من أهل و خدم. انتهی.
و قال ابن مفلح فی کتابه «الفروع»: و فی منثور ابن عقیل عن أحمد من مات ببغداد علی السنّة نقل من جنة إلی جنة.
و روی الحاکم فی تاریخه عن الأصمعی قال: جنّات الدنیا ثلاثة مواضع، نهر معقل بالبصرة، و دمشق بالشام، و سمرقند بخراسان، و کثر تفضیل بغداد، و مدحها من العلماء.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 116
قال شعبة لأبی الولید: أدخلت بغداد؟ قال: لا قال: فکأنک لم تر الدنیا.
و قال الشافعی لیونس بن عبد الأعلی: دخلت بغداد؟ قال: لا قال:
ما رأیت الناس و لا رأیت الدنیا، و قال ما دخلت بلدا قط إلّا عددته سفرا إلّا بغداد، فإنی أعددتها وطنا.
و قال أبو بکر بن عیاش: إنها لصیادة تصید الرجال، و من لم یرها لم یر الدنیا.
و قال أبو معاویة: هی دار دنیا و آخرة.
و قال ابن الجوزی: اعتدال هوائها، و طیب مائها لا یشک فیه، و لا یختلف فی أن فطن أهلها و علومهم تزید علی کل أهل بلاد، و قد أجمع علی هذا جمیع فطناء الغرباء، و إنما یعیبها الجامد الذهن.
قال ابن مفلح: کذا قال، و من المعلوم أن فی فضل الشام من الکتاب و السنّة، ما لیس فی العراق و أفضله دمشق، و أقام بها کثیر من العلماء و العباد من الصحابة و التابعین، و من بعدهم أکثر من غیره، فمن تأمل ذلک و أنصف علمه، و معلوم ما فی ذم المشرق من الأخبار و الفتن، و بغداد منها و فیها من الحر الشدید، و کثرة استیلاء الفرق ما هو معلوم بالمشاهدة، و فضل بغداد عارض بسبب الخلفاء بها. انتهی المراد.
و لما استولی علیها التتار جعلوها دار سلطنتهم، و لم یزالوا یتداولون سلطنتها، و الولایة علی جمیع نواحی العراق، إلی عراق العجم، إلی خراسان و ما یلیه، و کان ظهور التتار من جهة الصین قاصدا بلاد الإسلام سنة 660 ه و کانوا بأطراف بلاد الصین، و کان إقلیم الصین متسع دوره
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 117
ستة أشهر، و هو ست ممالک، و لهم ملک حاکم علی الست، و هو: القان الأکبر المقیم بطمغاج، ثم إن الحرب وقع بین صاحب الصین و بین جنکر خان، و صاحب البر و وقع بینهم ملحمة عظیمة، فکسروا القان الأعظم، و ملکوا بلاده، فدانت التتار لجنکر خان و اعتقدوا فیه الإلهیة، و کان أول ظهورهم بما وراء النهر سنة خمس عشرة، فأخذوا بخاری، و سمرقند، و قتلوا أهلها و حاصروا بها خوارزم شاه، سلطان المسلمین بالشرق، ثم عبروا النهر، و کان خوارزم قد أباد الملوک من مذن خرسان فلم یجد التتار أحدا فی وجوههم فطووا تلک البلاد قتلا و سبیا، و ساقوا إلی همدان قزوین.
قال ابن الأثیر: حادثة التتار من الحوادث العظمی، و المصائب الکبری، و لو قال قائل: إن المسلمین مدة خلق اللّه آدم إلی الآن لم یبتلوا بمثلها لکان صادقا، و إن قوما خرجوا من أطراف الصین إلی ترکستان، ثم إلی بخاری، و سمرقند، فیملکونها، و یبیدون أهلها، ثم تغیر طائفة إلی خراسان فیفرغون منهم ملکا و تخریبا و قتلا، و إلی الری و همدان إلی حد العراق أذربیجان و نواحیها، و یخربونها لأقل من سنة، هذا أمر لم یسمع بمثله، ثم ساروا إلی درنبد شروان فملکوا مدنه، ثم إلی بلد الران فقتلوا و أسروا، ثم بلاد قنجان و هم أکثر عددا فقتلوا من وقف و هرب الباقون.
و سارت طائفة إلی غزنة و ما یجاورها من بلاد الهند و سجستان و کرمان، ففعلوا أشد من هذا لم یظهر للأبصار و الأسماع مثله، فإن الإسکندر الذی ملک الدنیا لم یملکها فی سنة، إنما ملکها فی عشر سنین، و لم یقتل أحدا بل رضی بالطاعة، و هؤلاء ملکوا أکثر المعمور من الأرض، و أطیبه فی نحو سنة و لم یبق أحد فی البلاد التی لم یطرقوها إلّا
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 118
و هو خائف یترقب، ثم إنهم لم یحتاجوا إلی میرة فإن معهم الأغنام و البقر و الخیل و یأکلون ما وجدوا من الحیوانات، و المیتات، و بنی آدم، و لا یعرفون نکاحا، بل المرأة یأتیها غیر واحد و مع ذلک یسجدون للشمس إذا طلعت، و لا یحرمون شیئا.
ثم قال ابن الأثیر: و اللّه لا شک أن من یجی‌ء بعدنا إذا بعد المهد، و یری هذه الحادثة مسطرة ینکرها و یستبعدها، فلینظر أنا مطرناها فی وقت استوی فی معرفتها العالم و الجاهل لشهرتها. انتهی.
و لم تزل عقاربهم تدب، و ساق الحرب قائمة بینهم، و بین سلطان الإسلام جلال الدین خوارزم شاه رحمه اللّه، یضرب معهم المصافات الکثیرة و کسرهم فی مدة أربعة عشر سنة إحدی عشرة کسرة و هم یزیدون و یعودون، و کان سدّا بینهم و بین بلاد المسلمین فکسروه بعد هذا و کان جیشه أربع مئة ألف فارس و انفتح لهم سد عظیم فحصروا بغداد سنة 656 ه، و قتلوا الخلیفة، و سفکوا دماء المسلمین، و لم یبقوا علی کبیر و لا صغیر، و یصلوا إلی حلب، ففعلوا بها مثل ما فعلوا ببغداد، فأخذوا دمشق فی أوائل سنة 658 ه.
و کان ممن عصی علیهم الملک الکامل الأیوبی بمیافارقین فحاصروه، و نصبوا علی البلاد ست مئة سلم علی السور، یصعد فی عرض السلم ستة عشر نفسا، فاشتد الحصار، و غلت الأقوات، و أکلت الأموات، و بیع مکوک القمح بخمسة و أربعین ألف درهم، و رطل الخبز بست مئة درهم، و البصلة بثلاثة و خمسین درهما، و رأس الکلب بستین درهما، و بیعت بقرة بسبعین ألف درهم، و اشتری الأشرف أخو الکامل
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 119
رأسها و کوارعها، بستة آلاف درهم و خمس مئة، و عملها و أهداها إلی أخیه، و بیع حجلتان بثلاث مئة و خمسین درهما، و بیع فروج بسبع مئة درهم.
هذا و أهل البلد محافظون علی ملکهم الکامل، و کان ینزل إلیهم کل جمعة فی الجامع، و یقول: لیس لهم غرض غیری، دعونی أخرج إلیهم و سلموا إلیهم البلد لتأمنوا فیقولون: معاذ اللّه أن نفارقک، حتی تروح أرواحنا، و نموت بین یدیک، و کذا کان فإن أعداء اللّه ما برحوا حتی فتحوا البلد، و قتلوا جمیع من فیه، و أخذوا الکامل و جعلوا فی عنقه دوخاشا هو و أخوه و حملوهم إلی هلاکو، فلقوه قریبا من سروج عائدا إلی الشام و أحضرهما، فجعل یوبخهما، و یذکر ذنوبهما التی نقم علیهما.
فأجابه الکامل: أنت مالک، لا قول و لا دین، بل خارجی یجب علیّ قتالک، و أنا خیر منک، لأنی أؤمن باللّه و رسوله، ولی دین و أمانة، و مع هذا فالملک بید اللّه، یؤتیه من یشاء، و ینزعه عمن یشاء، فکان لنا من عدن إلی تبریز فذهب عنا، و کذلک یفعل بک إذا أراد، فقال: کلامک أکبر منک إلّا أنک من السلاطین الصغار، ثم وکزه بالسیف فخرق بطنه، ثم أمر بضرب عنقه و بعث برأسه إلی الشام، و علق علی باب الفرادیس، و خروج هؤلاء و قتالهم من معجزات النبی صلّی اللّه علیه و سلم فإنه قال: «لا تقوم الساعة حتی تقاتلکم الترک». انتهی ملخصا.
ثم إن هلاکو لما فرغ من بغداد نزل آمد سنة 657 ه و بعث إلی صاحب ماردین بالتقادم مع ولده المظفر فقبض علیه و اشتدت الأراجیف بقصد التتار إلی الشام، و ترحل الخلق إلی مصر و قبض الأمیر قطز علی
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 120
ابن أستاذه علی ابن المعز و تسلطن و تلقب بالمظفر، و نازلت التتار حلب آخر العام، و أخذوها فی الیوم الثامن من السنة الثامنة فوضعوا السیف یومین، و أبادوا الخلق ثم أخذوا قلعتها بالأمان بعد أیام ثم نازلوا دمشق فهرب الناصر إلی نحو غزنة.
و دخلت رسل هلاکو و قری‌ء.
الفرمان بأمان دمشق، ثم وصل إلی نائبه و حملت أیضا مفاتیح حماة إلیه، فهرب صاحبها، و عصت قلعة دمشق فحاصروها، و ألحوا بعشرین منجنیقا علی برج الطارمة، فتشقق و طلب أهلها الأمان، فأمنوهم، و سکنها النائب کتب أغا و تسلموا بعلبک، و أخذوا نابلس بالسیف، ثم قطع الفرات راجعا و ترک بالشام فرقة من التتار.
و أما المصریون فتأهبوا للمسیر منتصف شعبان و ثارت النصاری بدمشق، و رفعوا الصلیب، و أمروا الناس بالقیام له و وصل جیش الإسلام علیهم المظفر، فالتقی الجمعان علی عین جالوت، و نصر اللّه دینه، و قتل مقدم التتار کتب أغا، و طائفة من أمرائهم، و وقع بدمشق القتل و النهب فی النصاری، و ساق رکن الدین البندقداری، أحد أمراء المظفر وراء التتار إلی حلب، و خلت منهم الشام، و طمع البندقداری فی حلب و کان وعده بها المظفر، ثم رجع و أضمر البشر.
و لما رجع المظفر بعد شهر إلی مصر، و قد وافق البندقداری علی مراده عدة أمراء، ففتکوا بالمظفر سادس عشر ذی القعدة بقرب قرطبة و تسلطن رکن الدین البندقداری الملک الظاهر بیبرس.
و فی سنة 660 ه أخذت التتار الموصل بعد حصار تسعة أشهر
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 121
بخدیعة، ثم وضعوا السیف فیهم تسعة أیام، ثم قتلوا صاحبها الصالح إسماعیل بن بدر الدین لولو و فیها وقع الحرب بین هلاکو و بین عمه برکة، سلطان مملکة القفجاق، فانکسر هلاکو، و قتلت أبطاله.
و فی سنة 664 ه توفی هلاکو بن تولی قاآن بن جنکز خان مقدم التتار و قائدهم إلی النار بعثه ابن عمه القان الکبیر علی جیش المغل، و طووا ممالک و أخذوا حصون الإسماعیلیة، و أذربیجان، و الروم، و العراق، و الجزیرة، و الشام و کان ذا سطوة و عقل و دهاء، و شجاعة و کرم مفرط، و محبة لعلوم الأوائل، مات علی کفره بعلة الصرع، فإنه اعتراه منذ قتل الشهید صاحب میافارقین الکامل محمد بن غازی و خلف سبعة عشر ابنا، تملک منهم ابنه أبغا فی سنة 665 ه.
و مات برکة بن تولی بن جنکز خان سلطان القفجاق الذی أسلم و تملک بعده ابن أخیه.
ثم فی سنة 668 ه فی سلطنة قلاوون أقبلت التتار کالسیل و انجفل الخلق، و تهیأ السلطان بدمشق فنزل الرحبة بثلاثة آلاف و جاء منکوتمر بمئة ألف من ناحیة حلب فکان المصاف شمالی حمص، و قد اجتمع من الجیش المنصور خمسون ألف راکب فاستظهر العدو أولا و کسروا المیسرة، و اضطربت المیمنة، و ثبت السلطان قلاوون بمن حوله، و کثر القتل و أشرف الإسلام علی خطة صعبة، ثم حملوا علی التتار عدة حملات إلی أن جرح منکوتمر فاشتغلت به التتار، فأنزل النصر فرکب المسلمون أقفیتهم و استحر بهم القتل، و طلع من جهة الشرق عیسی بن مهنا عرضا، فاستحکمت عزیمتهم.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 122
ثم نزل السلطان بعد هدو من اللیل مؤیدا، و زینت البلاد بعد أن عاین أهل دمشق، من نصف اللیل إلی بکرة النهار سکرات الموت، و تودعوا من أولادهم و أحبابهم و هلک منکوتمر من تلک الطعنة و هلک أخوه الطاغیة أیضا بعد شهرین، و کانا کافرین و کان سفاکا، و تملک أخوه أحمد الذی أسلم سنة 683 ه.
و مات أحمد المذکور صاحب خراسان و العراق و أذربیجان و الروم، و هو الذی أرسله القلاوون بالصلح، و أسلم و هو صبی، و کان قلیل الشر، مائلا إلی الخیر، قتله أرغون بن أبغا بن هلاکو، و ملک البلاد بعده فی سنة 679 ه، و مات أرغون علی کفره، و کان ظلوما غشوما شجاعا قویّا یصف ثلاثة أفراس، و یقف إلی جنب أولها، و یطیر فی الهواء حتی یرکب الثالثة، و هو والد غازان و خرنبدة، و ملک کتجنو بن هلاکو سنة 693 ه.
فی سنة 699 ه تیقن قصد التتار الشام، فوصل السلطان الملک الناصر ابن قلاوون إلی دمشق، فی ثامن ربیع الأول حین بلغته الأخبار، و رکب إلیه شیخ الإسلام ابن تیمیة علی البرید و استحثه و رغبه فی الجهاد، و قد انجفل الناس من کل وجه و هجوا علی وجوههم، فسار الجیش، و تضرع الخلق إلی اللّه، و التقی الجمعان بین حمص و سلمیة، فاستظهر المسلمون و قتل من التتار نحو عشرة آلاف، و ثبت ملکهم غازان، ثم حصل تخاذل، و ولیت المیمنة، و کان السلطان آخر من انحرف بحاشیته نحو بعلبک، و تفرق الجیش و قد ذهبت أمتعتهم، و نهبت أموالهم، و لکن قل من قتل منهم، و جاء الخبر إلی دمشق من الغد فحار الناس و أبلسوا، و جعلوا یسألون بإسلام التتار و یرجون اللطف و تجمع أکابر البلد، و ساروا إلی خدمة غازان ففرح و قال: نحن قد بعثنا بالفرمان بالأمان قبل أن تأتوا.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 123
و کان ممن خرج إلیه تقیّ الدین ابن تیمیة فی جماعة من صلحاء دمشق، منهم القدوة محمد بن قوام، فلما دخلوا علیه کان مما قال ابن تیمیة للترجمان: قل للغازان: أنت تزعم أنک مسلم، و معک قاض و إمام و شیخ و مؤذن علی ما بلغنا فغزوتنا، و أبوک و جدک هلاکو کانا کافرین، و ما عملا کما عملت عامدا فوفیا، و أنت عاهدت فغدرت و قلت فما وفیت، و جرت له مع غازان و قطلوشاه و بولائی أمور و نوب قام فیها للّه و لم یخش إلّا اللّه.
قال ابن فضل اللّه: أخبرنا قاضی القضاة ابن حصری أنهم لما حضروا مجلسه قدم لهم طعاما فأکلوا منه إلّا ابن تیمیة فقیل له: لم لا تأکل؟ فقال: کیف آکل من طعامکم؟ و کله مما نهبتم من أغنام الناس، و طبختموه بما قطعتم من أشجارهم، ثم إن غازان طلب منه الدعاء، فقال فی دعائه: اللهم إن کنت تعلم أنه إنما قاتل لتکون کلمة اللّه هی العلیا، و جهاد فی سبیلک فانصره و أیده، و إن کان للملک و الدنیا و التکاثر فافعل، به، و اصنع ... یدعو علیه، و غازان یؤمّن علی دعائه، و نحن نجمع ثیابنا خوفا أن یقتل فنرش بدمه فلما خرجنا قلنا له: کدت تهلکنا معک، و نحن ما نصحبک من هنا، فقال: و أنا لا أصحبکم، فانطلقنا عصبة و تأخر فی خاصة من معه، فتسامعت به الخوانین و الأمراء فأتوه من کل فج و صاروا یتلاحقون به، لیتبرکوا برؤیته فلم یصل إلّا فی نحو ثلاث مئة فارس، و أما نحن فخرج علینا جماعة فتشلحونا. انتهی.
ثم بعد ما وقع الأمان المذکور انتشرت جیوش التتار فی الشام طولا و عرضا، و ذهب للناس من الأهل و المال و المواشی ما لا یحصی، و حمی
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 124
اللّه دمشق من النهب، و السبی، و القتل و للّه الحمد، لکن صودروا مصادرة عظیمة و نهب ما حول القلعة لأجل حصارها، و ثبت متولیها: علم الدین أرجواس ثباتا لا مزید علیه، و دام الحصار أیاما عدیدة، و أدمن الناس علی الخوف، و شدة العذاب بالمصادرة من الغلاء و الجوع، لکنهم بالنسبة إلی ما تم بجبل الصالحیة من السبی و القتل أحسن حالا. فقیل: إن الذی وصل إلی دیوان غازان من البلاد ثلاثة آلاف ألف و ست مئة ألف مع ما أخذ فی الترسیم و البرطیل، و کان إذا ألزم التاجر بألف درهم ألزمه معها فوق المئتین ترسیما تأخذه التتار، ثم أعان اللّه و ترحل ثانی عشر جمادی الأولی غیر مصحوب بالسلامة.
و کان قدومه و محاربته فی آخر ربیع الأول.
و دخلت جیوش المسلمین القاهرة فی غایة الضعف، ففتحت بیوت المال و أنفق فیهم نفقات لم یسمع بمثلها، و مدة انقطاع خطبة الناصر من خوف التتار مئة یوم، و فیها توفی من شیوخ الحدیث بدمشق و الجبل أکثر من مئة نفس، و مات بردا و جوعا نحو أربع مئة نفس، و أسر نحو أربعة آلاف، منهم سبعون من ذریة الشیخ أبی عمر بن قدامة، قال: فی الخمیس، و فی سنة 712 ه مات غازان بن أرغو بن أبغا بن هلاکو مسموما بقرب همدان، و تملک أخوه خرنبدة و سموه محمدا غیاث الدین، و کان قد أظهر الرفض و أمر قبل هلاکه ببذل السیف فی أهل باب الأزج لإقناعهم عن الخطبة علی شعار الرافضة، مات بهیضة فأهلکه اللّه سنة 716 ه و ملکوا بعده ولده أبا سعید یوسف، فأظهر السنة تسلطن و هو ابن إحدی عشرة سنة.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 125
قال الذهبی: و فی سنة 719 ه اختلف التتار و کرهوا نائب آل سعید جوبان، و التقوا فقتل بینهم أکثر من عشرین ألفا، و کان قد انحصر من نائبه جوبان لاستبداده بالأمور و الحجر علیه، فالتجأ إلی خاله أریحی و إلی قرمستی و دقماق و قالوا: نحن نقتل جوبان فعمل قرمستی دعوة، ففهم جوبان و هرب إلی تبریز، فتلقاه علی شاه، و ذهب به إلی أبی سعید فاعتذر أبو سعید، و لعن أولئک، فقال الوزیر: یا ملک الوقت جوبان والد مشفق و هؤلاء یحسدونه، و لو قتلوه لتمکنوا منک، فجمع القان أبو سعید العساکر و أقبل من الروم و مرباش جوبان بجموعه مع القان فالتقی الجمعان، فذل أریحی لما رأی القان علیهم ثم انکسر و قتلت أبطاله، ثم أسر هو قرمستی و دقماق فسلمهم إلی جوبان فقتلهم.
و قیل: إن جوبان أباد سبعة و ثلاثین أمیرا ممن خرج علیه، ثم خمدت الفتنة بعد استئصال کبار المغل و استمر أبو سعید إلی أن مات سنة 736 ه و لم تقم بعده قائمة للتتار، بل تفرقوا شذر مذر، فتقرر أن دولتهم فی بلاد الإسلام مئة و ثلاثون سنة.
فهذا ما لخصنا من أخبارهم مع الاختصار، مما لا تکاد تطلع علیه إلّا من عدة أسفار، و إنما ذکرنا ما جری منهم لیعلم العاقل أن أهل الإسلام یبتلون و تمسهم البأساء و الضراء و یزلزلون و لیس ذلک دلیلا علی رضی من اللّه عن عدوهم أو بغض لهم، بل قال تعالی: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَ لَمَّا یَأْتِکُمْ مَثَلُ الَّذِینَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِکُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَ الضَّرَّاءُ وَ زُلْزِلُوا [البقرة: 214].
فإذا نکب أهل الإسلام نکبة، أو أدیل علیهم عدو، فلیعتبر بهذه
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 126
القضیة و ما قبلها من النکبات و لا یغتر، و لیعلم إنما أصاب من مصیبة فبکسب الأیدی کما ذکر اللّه تعالی فیوجب للمسلم التوبة إلی اللّه، و لا یستغرب ما جری فی زمنه.
نرجع إلی ذکر بنی العباس لما انحرفت خلافتهم من العراق قامت بمصر، و ذلک أن المستنصر باللّه أخا المعتصم لما هرب و سلم من التتار قدم مصر سنة 659 ه و بایعه السلطان بیبرس البندقداری مع أهل الحل و العقد، ثم سافر إلی العراق مجاهدا فخرج معه السلطان إلی أن دخلوا دمشق، ثم جهزه و معه ملوک الشرق صاحب الموصل و صاحب سنجار و الجزیرة و غیرهم، و أغرم علیهم من الذهب ألف ألف دینار و ستین ألف درهم، و سار معه الحاکم فی حلب ففتح الحدیثة، ثم هت فجاءه عسکر من التتار، فتصافوا فقتل من المسلمین جماعة و قتل الخلیفة، و لم تزل بنو العباس یتداولون الخلافة بمصر مع سلاطینها، و لکن لیس لهم معهم إلّا الاسم المجرد، حتی کان آخرهم أبا عبد اللّه الملقب بالمتوکل ابن المستمسک یعقوب، کان السلطان سلیم بن یزید العثمانی لما افتتح مصر، و أزال مظالم الجراکسة أخذه إلی اسطنبول عوضا عن والده یعقوب لکبر سنه، و توفی سنة 950 ه.
و بموته انقطعت الخلافة الصوریة بمصر، و کان المتوکل هذا فاضلا و له شعر منه:
لم یبق من محسن یرجی و لا حسن‌و لا کریم إلیه مشتکی الحزن
و إنّما ساد قوم غیر ذی حسب‌ما کنت أوثر أن یمتدّ بی زمنی
و کان تمام أربعة و خمسین خلیفة من بنی العباس، فسبحان من لا یزول ملکه و سلطانه انتهی.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 127
و کان السلطان محمود ملکا عادلا زاهدا عابدا ورعا مجاهدا متمسکا بالشریعة، مائلا إلی أهل الخیر، کثیر الصدقات، بنی المدارس الکبار و له من الفضائل و المآثر ما یستغرق الوصف.
و فی أیامه سنة 557 ه عمل خندقا حول الحجرة النبویة مملوءا بالرصاص، قال صاحب الخمیس، و سببه أن النصاری دعتهم أنفسهم إلی أمر عظیم ظنوا أنه یتم لهم و یأبی اللّه إلّا أن یتم نوره.
و ذلک أن السلطان محمودا کان له تهجد من اللیل فنام عقب تهجده فرأی النبی صلّی اللّه علیه و سلم و هو یشیر إلی رجلین أشقرین و یقول: أنجدنی من هذین تکرر ذلک ثلاثا، و کان له وزیر صالح یقال له: جمال الدین الموصلی، فأرسل إلیه و حکی إلیه ما اتفق له، فقال: و ما قعودک؟ اخرج الآن إلی المدینة و اکتم فتجهز و خرج، فقدمها لستة عشر یوما فقال الوزیر و قد اجتمعوا أنه قصد الزیارة، و أحضر أموالا للصدقة، فاکتبوا من عندکم ففعلوا، و أمر السلطان بحضورهم، کی یری تلک الصفة فمن أعطاه أمره بالإنصراف، فقال: هل بقی أحد؟ قالوا: لا، قال: تفکروا، قالوا: لم یبق إلّا رجلان مغربیان صالحان یکثران الصدقة قال: علیّ بهما فرآهما اللذان أشار النبی صلّی اللّه علیه و سلم إلیهما، فقال: من أین أنتما؟ قالا: جئنا حاجین فاخترنا المجاورة عند رسول اللّه صلّی اللّه علیه و سلم فقال: أصدقانی فصمما، فقال: أین منزلهما؟
فأمسکهما و أحضروا إلیه فی رباط بقرب الحجرة فرأی فیه مالا کثیرا، و ختمتین و کتبا فی الرقائق و لم یر شیئا فأثنی علیهما أهل المدینة بخیر و قالوا: إنهما صائمان الدهر، ملازمان للصلاة فی الروضة و زیارة النبی و قباء کل سبت، و لا یردان سائلا، فقال: سبحان اللّه، و بقی یطوف
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 128
بالبیت، فرفع حصیرا فیه، فرأی سردابا محقورا انتهی إلی صوب الحجرة، فارتاع الناس لذلک، و قال: أصدقانی و ضربهما شدیدا فاعترفا بأنهما نصرانیان بعثهما النصاری، و أمالوهما بأموال عظیمة، و أمروهما بالتحیل فی الوصول إلی الجناب الشریف، و یفعلان به ما زین لهم إبلیس فی النقل، و ما یترتب علیه فصارا یحفران لیلا، و لکل منهما محفظة جلد، فما اجتمع من التراب جعلاه فیها، و خرجا لزیارة البقیع فألقیاه فیه.
فلما قربا من الحجرة أرعدت السماء، و أبرقت، و حصل رجیف عظیم، بحیث خیّل انقطاع تلک الجبال، فقدم السلطان صبیحة تلک اللیلة، فلما ظهر حالهما علی یدیه فرأی تأهیل اللّه ذلک له دون غیره، بکی بکاء شدیدا، و أمر بضرب رقابهما.
ثم أمر بإحضار رصاص عظیم، و حفر خندقا إلی الماء حول الحجرة و أذیب و ملأ الخندق فصار سورا ثم عاد إلی ملکه، و أمر أن لا یستعمل کافر و أمر بقطع المکوس. انتهی ملخصا من «سیرة الخمیس» و هذه الواقعة فی خلافة المستنجد.
و ذکر هذه الحادثة العلامة زین الدین أبو بکر بن الحسین العثمانی المراغی فی کتاب: «تحقیق النصرة بتلخیص معالم دار الهجرة» عن المطری قال: أخبرنی بذلک یعقوب بن أبی بکر المحترف عن جماعة من أکابر الحرم، و ذکر رؤیاه علی نحو ما تقدم و أنه استحضر وزیره الموفق خالد بن محمد بن نصر القیروانی الشاعر- و کان موفقا- قبل الصبح، و ذکر له ذلک فقال: هذا أمر حدث بمدینة النبی صلّی اللّه علیه و سلم و لیس له غیرک، فتجهز و خرج علی عجل بمقدار ألف راحلة و ما یتبعها من خیل و غیره،
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 129
و ذکر نحو ما تقدم و صلی اللّه علی محمد و آله و صحبه و سلم.

[و من هنا یبتدی‌ء ما عثرنا علیه من تاریخه المخطوط الذی لم یسبق طباعته.]

اشارة

فی سنة ثلاثة و ستین و ألف:

کان أمیر المدنیة مانع الحسینی، و کان من أجل الأمراء قدرا، و کانت فی هذه السنة قصة الفریش.
و ذلک أنه کان من عادة أهل المدینة أنهم یسلمون لبنی عمهم من بنی الحسینی و لعربان عنزة، و ضفیر، و نحوهم مرتبات من الأموال و الحبوب، فمنعهم مانع استحقاقاتهم، فجمع کل منهم جموعا: فأما الأشراف من آل جماز فمقدمهم الأمیر جماز، و أما العربان فمقدهم الشیخ المعروف بأبی ذراع، و غیرهم من أکابرهم. فلما خرج الحاج المدنی و أصبحوا بوادی الفریش صبحهم الطواریف المذکورة و أحاطوا بهم، و کان فیهم الأفندی عبد الرحمن قاضیها، و الأمیر محمد بن حسن، و شیخ الحرم، و أعیان المدینة من سادات الحسین و وجوه العرب، فکان موقعا شنیعا وقع فیه قتل، و سلب، و سلم أعاظم الرکب و أعیانه، ثم انفصلوا بعد أن ألزم لهم القاضی و شیخ الحرم بحصول مواخیهم.
فلما وصل الخبر إلی حسن بن أبی نمی سکت حتی انقضت أیام المناسبات، ثم أرسل سریة و أقر علیهم الشریف عجل بن عرار بن برسم حمایة الرکب المدنی، ثم تستمرون بها حفظا لأهلها. ثم بعد انصراف الحجیج نادی بالمسیر إلی غزو الطوارف المذکورة، فخرج بذاته العزیزة، فلما بلغهم خروجه شمروا نحو شمر و هربوا إلی رؤوس الجبال فقصد بهم إلی منازلهم، و خرب شمر المذکور لأنه من أمنع مواطنهم، ثم قبض علی
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 130
أعیانهم و کبل أشرافهم بالحدید، و دخل بهم مکة، و کان الغزو أول ظهور حسن فی ظل والده أبی نمی.
و فیها وقعة الشبول هم و أهل التویم قتلوا من أهل التویم عدد کثیر.

و فی سنة 1065 ه:

قتل مرخان، قتله و طبان و استولی علی غصیبة، و هی سنة هبران المعروف.

و فی سنة 1066 ه:

نوخ الشریف بنی الحارث آل مغیرة علی عقربا، و هی سنة الحجر.
و فیها توفی عثمان بن أحمد بن تقی الدین بن أحمد الفتوحی الحنبلی عالما قاصدا بمصر فی ربیع الأوّل.

و فی سنة 1065 ه:

توفی حسن بن عبد الملک العصامی و فیهما توفی الإمام الأوحد و الهمام المفرد أبو الإرشاد النور علی زین العابدین ابن محمد زین العابدین عبد الرحمن بن علی آل جهوری نسبة إلی قریة من ریف مصر أخذ عن مشایخ کثیر، انتفع به الناس و طال عمره.
و فیه سنة 1069 ه: ظهر الشریف زید، و نزل قریة التویم و أخذ و أعطا و قدم و أخر. و ظهر جراد کثیر بأرض الحجاز و الیمن، أعقبه بأکل جمیع الزروع و الأشجار و حصل بسببه غلا بمکة و غیرها، و أرخه بعضهم بقوله [غلا و بلاء].

و فی سنة 1070 ه:

تولی عبد اللّه بن أحمد بن معمر فی العیینة.

و فی سنة 1071 ه:

ظهر الشریف زید.

و فی سنة 1072 ه:

سار ابن معمر علی أهل البیر سطی علیهم و سار
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 131
قومه تحت جدار من جدران البیر و وقع علیهم و مات منهم ناس کثیر تحت الهدم.

و فی سنة 1074 ه:

مات الشریف زید بن محسن و هی أول صلهام المشهور، و فیها عمرت منزله آل أبو راجح فی الروضة، ثم استمر القحط و الغلاء سنة سبع و سبعین و هتلوا عدوان و غالب الحجر .
و فی آخر سنة 1077 ه: وقع تنافر بین سعد و حمود بن عبد اللّه لعدم وفائه بالمعلوم الذی مع ما فی خاطره، فتوجه إلی وادی مر بمن معه من الأشراف و الأتباع. و فی رابع ذی الحجة قدم الحاج المصری أمیره أزبک بیک، فرکب حمود و من معه.

و فی سنة 1078 ه:

رجع صلهام سمیث دلهام، و فیها توفی الشیخ سلیمان بن علی بن محمد بن أحمد بن راشد برید بن محمد برید بن مشرف الوهبی التمیمی فی العیینة، و فیها قتل رمیزان بن غشام راعی الروضة، و فیها عمر ثادق بلد آل عوسجة و غرسوه.

و فی سنة 1080 ه:

فی شعبان وقعة الریف حمود بن عبد اللّه بن حسن مع ظفیر، و کان فیها عدة وقعات: وقعة مع عنزة، و وقعة بنی حسن، و وقعة هتیم العوازم، و وقعة مطیر و غیرهم، و سببها: أنه انضم إلی جماعة حمود قبیلة الصمد، من ظفیر، ثم انضم إلیه شیخهم الأکبر مع جماعته الأذیین، و هو سلامة بن مرشد بن صویط، و کان وقع من ظفیر جرم، اقتضی أن یواخذ و ابما هو المعتاد للنموی علیهم و هو أخذ الشعتا، أی: خیار أوائل الأباعر، و خیار توالیها، فلم یرضوا فأشار سلامة علی
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 132
حمود أن یحبسه، و قال: و اللّه لتأخذن منهم ما ترید فقال حمود: کلا و اللّه، فذهب سلامه إلی قومه و قد تهیأوا للقتال، و کذلک حمود بنی حمود بنی عمه و الصمد، و عدوان فإنخذلت الصمدة، و تلاقی الجمعان و اختلطا و قتل من الأشراف زین العابدین بن عبد اللّه، و أحمد بن حسین بن عبد اللّه، ثم إن غالب بن زامل صبحهم بعد مدة و قتل منهم نحو ستین.
و فیها استولی آل حمید علی الأحساء: أولهم براک آل عریعر، و معه محمد بن حسین بن عثمان، و مهنا الجبری، و قتلوا عسکر الباشا الذی فی الکوت، و طردوهم، و ذلک بعد قتلهم راشد بن مغامس أمیر آل شبیب، و أخذهم عربه، و طردهم عن ولایة الحساء مواجهة الروم و هذه أول ولایة آل غریر فی الحساء.

و فی سنة 1081 ه:

ظهر براک آل غریر، و طرد الظفیر، و أخذ آل نبهان علی سدوس و فیها کانت وقعة الاکتیال بین الفضول و الظفیر.

و فی سنة 1082 ه:

وقعة الملتهبة بین الفضول، و آل ظفیر أیضا و الذهاب الکثیر.

و فی سنة 1083 ه:

سار إبراهیم بن أحمد سلیمان أمیر جلاجل، و آل تمیم و ملکوا الحصون و أقرهم فیه و أظهروا مانع بن عثمان شیخ الحدیثة و قیل أن ذلک فی سنة أربع، رابع شوال.

و فی سنة 1084 ه:

جرت وقعة القاع المشهورة قتل فیها محمد بن زامل بن إدریس بن حسین بن مدلج، شیخ التویم و إبراهیم بن سلیمان بن حماد بن عافر أمیر جلاجل فی یوم واحد، و ناس کثیر منهم، ناصر بن
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 133
برید، و قتل فیها الجبری، و فیها تولی راشد بن إبراهیم فی مراة، و فیها قتل أمیر العیینة ناصر بن محمد بن وطبان.
و فیها خرج الشریف برکات معه الأشراف، و العساکر و العربان إلی قتال حرب و شیخهم أحمد بن رحمة بن مضیان، و کان ألطف للشریف و لم تنفعهم خنادقهم التی حفروها، و کانت قبورا لهم فأستبیحت دیارهم و نهبت أموالهم و قتل خیارهم.

و فی سنة خمس و ثمانین و ألف:

مات الشریف عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن علی إدریس المغربی الشهیر بالمحجوب، و دفن بزاویة سالم شیخان بالشبیکة، و فیها مات الشریف رامی بن حسن و فارسهم السید حمود بن عبد اللّه بن الحسن بن أبی نمی، کان قد احتضن زید و زوجه ابنته و ألقی إلیه مهمات البلد من الحاضرة و البادیة. و فی وفاة زید لم یشک أحد أنه یقوم بعد، إلّا هو، لکن و لم یرد اللّه. و جری له مع سعد منازعات و مصافات و فیها توفی حمد بن محمد الحارث، و کان أیة فی العقل و الذکاء، مرجعا للأشراف فی جمیع أمورهم إذا حکم بأمر لم یقدر أحد أن یستدرک علیه شیئا لحسن أحکامه و کان قد ولاه حسین باشا فی ظبیة مدة ستة أشهر ثم لم یتم له أمر، و قام حمود مع سعد و ثبت قومه.
و فیه جرمان و حدرة الفضول إلی الشرق.

و فی سنة 1086 ه:

ربیع الصحن، و هی أول جردان، و فیها ربعوا البدو طرح براک سلامة بن صویط و أسره.

و فی سنة 1087 ه:

جلا مانع بن عثمان آل حدیثه و ربعة إلی
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 134
الأحساء، و کثر فیه الجراد و موت الناس من أکله و هی منتهی جرادان.

و فی سنة 1088 ه:

ظهر الحارث و قتل غانم بن جاسر من الفضول، و هی سنة الضلفعة بین الحارث، و آل ظفیر، و صارت علی آل ظفیر، و قیل: أنها سنة سبع، و أخر الأمر أن الحارث أخذ علیهم العقال و حدرهم من سلما، و فیها وقعة هدیة بین بنی خالد.
و أخر کلیب و قبل ساقان کبیر آل مانع، و فیها أخذ براک آل عساف عند الزلال و أغاروا اللصوص علی أهل حریملاء، و قتلوا منهم وشاش السوق بین أهل البیر و السهول و رخص فیهم الزاد.

و فی سنة 1090 ه:

حج سیف بن عزاز و عبد اللّه بن دواس و الخیاری و محمد بن ربیعة و شریف نجد محمد بن أحمد الحارث، و هی سنة أخذ ابن فطای غنم أهل الحصون.

و فی سنة 1091 ه:

وقع سیل فی مکة عظیم أغرق الناس و طلع نجم له ذنب فی القبلة، و فیها حج محمد آل غریر آل حمید.

و فی سنة 1092 ه:

وقعة دلقة و مقتلة عنزة، قتلوا منهم الظفیر ناس کثیر، و قتل فیها لاحم بن خشرم، و حصن بن جمعان، و هی سنة حجرة الدغیرات فی دعبة، و فیها أخذ محمد الحارث الدواسر حول المردمة، و فیها مقتل عدوان بن تمیم داعی الحصون.

و فی سنة 1092 ه:

مات براک آل غریر و صال أخوه محمد علی الیمامة.

و فی سنة 1095 ه:

قتل دواس المزاریع فی منفوحة و ملکها.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 135

و فی سنة 1096 ه:

تولی عبد اللّه بن محمد بن أحمد بن عبد اللّه بن محمد العیبنة، و حج أبوه أحمد فی تلک السنة.
و فیها فی سابع عشر شعبان دخل شیخ الظفیر سلامة بن مرشد بن صویط مکة بأمان من الشریف أحمد بن زید و الأشراف، و ألقی السلم و دخل تحت الطاعة، فأمر له الشریف بمضارب نصبت له بالمحصب، و أقام قریبا من شهرین. فذکر أحمد للأشراف أن هذا ابن صویط، قد جاءکم بأهله و حلته و قد دخل علیّ، فإن عفوتم فأنتم محل العفو، فأجابوه بالسماح و کتبوا خطوطهم بالسماح عنه فی جنایته.
و فیها أخذ ابن عون قرب الزلفی و قتل و فیها قتل عبیله بن جار اللّه؛ و قتل ربیعة و محمد قتلوهم أخوانهم إبراهیم و مرخان بن وطبان؛ و فیها أخذ أحمد بن زید الشریف العقیلیة من عنیزة؛ و فیها قتل محمد بن عبد الرحمن أمیر ضرما جیرانه. و أخذوا الظفیر جردة ثنیان بن براک غریر، و قتل زید بن علیان و رخص الزاد و کثر الفقع و سموه أهل سدیر دیدبا، و عند مؤرخی أهل سدیر أنها سنة سبع.

و فی سنة 1097 ه:

استولی عبد اللّه بن معمر علی العماریة، و أخذها عنوة و أخذ آل عساف عرقه و هی سنة الوسید علی آل کثیر و حجرة آل نبهان فی الصفرة، و قتل له المعلوم.

و فی سنة 1098 ه:

کمن ابن معمر لأهل حریملاء ثانیا حول الباب، و قتل منهم عدة رجال و فیها وقعت المحاربة بین ابن معمر، و أهل الدرعیة بعد وقعة فی العماریة.
و فیها صال أهل حریملاء، و معهم محمد بن مقرن راعی الدرعیة،
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 136
و زامل بن عثمان و توجهوا إلی سدوس و هدما قصره و خربوه، و هی سنة الحایر علی آل مغیرة و عائذ. صبحهم محمد آل غریر و قتلة الخیاری و الحایر علی آل عساف، و فیها مات محمد بن أحمد بن معمر أبو عبد اللّه و عبد الرحمن بن بلهید و محمد بن مبارک، و فیها قتل عبد اللّه بن أحمد بن حنیحن أمیر البیر و عسیم، و فیها قتل حمد بن عبد اللّه فی حوطة سدیر و تولی القعیسا، ثم حمد بن علی، و قتل آل دهیش، ثم علی بن سلیمان و علی بن حمد، و وقع فیها ریح عاصف فی سدیر، رمت من نخل الحوطة ألف نخلة، و فیها مات القاضی أحمد بن حسن البیاضی بالقسطنطینیة.

و فی سنة 1099 ه:

کثر العشب. و الفقع. و الجراد، و رخص الزاد رخصا عظیما بیع التمر علی عشرین وزنه بالمحمدیة، و الحب علی خمسة أصواع، هذا فی سدیر، و بیع فی الدرعیة ألف وزنه بحمر. و قیل فی تاریخه، بحمد الإله و شکر النعم- لسحب ثج و أرض تمج، و تمر ثلاثة أصواعه، یدفع المحلق فیها نزج، و بر فجرق بوسقیته، و تاریخه ذو أکساد یشج.
و فیها قتل شهیل بن غنام، و أخذ الشریف آل عساف الفرقة، و فیها توفی الشریف أحمد بن زید، و تولی أحمد بن غالب بن محمد بن مساعد بن مسعود بن حسن ابن أخیه سعید بن سعد بن زید أول ولایاته، و ذلک ثانی و عشرین من جماد من هذه السنة، و استمر إلی ثانی شوال من السنة المذکورة، و فیها خلع السلطان محمد بن إبراهیم و تولی أخوه سلیمان.
و فیها ملک یحیی بن سلامة أبا زرعة، و هی سنة قتال عنزة لأهل
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 137
عشیرة، و نهبوا؛ و فیها قتل جساس کبیر آل کثیر و مناخ محمد آل غریر لآل عثمان أهل الخرج حصاره لابن جاسر فی سدیر، و هی تبنان علی ابن جاسر، و حصرهم فی سدیر شهر و نصف و العویند علی الکثیر، و فیها قتل مرخان بن وطبان خنقة أخوه إبراهیم؛ و فیها مات الشیخان عبد اللّه و عبد الرحمن ابنا محمد بن ذهلان، و محمد بن عبد اللّه أبو سلطان بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن سلیمان بن زاید الدوسری (نقلته من خطة).

و فی سنة تمام المئة بعد الألف:

أتت الحواج الثلاثة علی عنزة و انکسر الزاد، و فیها مات عبد اللّه بن إبراهیم راعی ثرمدا، و تولی ریمان بن إبراهیم بن حنیفر، و فیها أوفی التی قبلها تصالحوا أهل حریملاء و ابن معمر، و فیها حصروا آل عزی فی سدیر و وصل محمد آل عریر علی عایذ و آل مغیرة صبحهم و قتل الخیاری.
و فیها جاء مطر دقیق و برد شدید و جمد المطر علی عسبان النخل و غیرها، حتی أهداب عیون الإبل و غیرها، فسمیت سلیسل و هی سنة الخلیل ابن زعب، و عدوان، و بنی حسین، و الساقة علی عنزة، و قتله الموج و عمار الجربا.
و فیها أخذوا آل الظفیر و الفضول الحاج العراقی عند التنومة.
و فیها تولی مکة الشریف بن زید بن محسن حسن؛ و فیها تولی فی مکة الشریف أحمد المذکور، و خرج إلی الیمن فأکرمه الإمام التاجر، و قام بحوائجه، أعطاه من البلدان ما یکفیه بحیث إنه أهداه قلعة بحمیلة من
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 138
الأموال، و وصل الشریف إلی مکة 1104 ه، و شریفها سعد إلی مکة، و تولی أمام تلک القلعة.

و فی سنة 1101 ه:

عمر ابن صقیة القرینة، و طاعون البصرة، و الموت الذریع فیها و فی العراق، و فیها أخذ محمد آل غریر معجم، و فیها الدبا الذی أکل الثمار، و فیها مات شقیر و ابنه من آل أبی حسین.
و قال محمد بن حیدر الموسی: و هذا الطاعون لم یعهد مثله؛ لأنه أخلی البصرة و خربها خرابا لم یمر إلی زماننا هذا، و أهلک بغداد، و قتل جیش، و فزع راعی العیینة؛ و فیها مات جاسر بن ماضی، و توفی فی الروضة ابنه ماضی، و قتل مرخان، قتله شقیقه إبراهیم غدرا، و فی آخرها مات السلطان سلیمان بن إبراهیم و حل ابن أخیه مصطفی بن محمد فی العصا، حتی أقیم مصطفی خامس من القعدة، و عزز سلیمان ثم یوم النحر ورد موت سلیمان و تولیة أحمد بن إبراهیم.

و فی سنة 1103 ه:

مات محمد آل غریر رئیس آل حمید، و قتل ابن أخیه ثنیان بن براک، و قتل حسن جمال و ابن عبدان فی السرة الأولی، ثم قتل سرحان سعدون بن محمد آل غریر و أخذ زغب.
و فیها تولی مکة الشریف سعید بن سعد بن زید ولایته الثانیة لست خلون من المحرم، و أخوه محسن بن حسین و استمر إلی ست بقین من جمادی الثانیة من السنة المذکورة، و ولیها أبوه سعد ثم نزل عنها له تاسع و عشرون القعدة من سنة ألف و مئة و أربع عشرة باختیاره، و فیها توفی شاعر الیمن و أدیبها إبراهیم بن صالح الهندی الأصل الصنعانی الشهیر بالمرتدی.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 139

و فی سنة 1104 ه:

تولی سعد بن زید فی مکة، و فیها وقعة الجریفة و حصار ابن جال فی وشیقر و أظهروه بنو حسین، و فیها قتل مصلط الجرباء و هی سنة النبوان فی سدیر تانبا من آل ظفیر یوم ینزلون التویم و لم بطل، و فیها اصطلحوا أهل أشیقر و أحمد بن عبد الرحمن بن حماد.

و فی سنة 1105 ه:

قتل أحمد بن حسن بن حنیحن فی البیر یوم یسطون علیه آل عوسجة، و قتل فیها عبد اللّه بن سرور العرینی من شیوخ زغبة، و تجارب أهل البیر هم و أهل ثادق. قال أحمد المنقور: و فی آخرها غرست سمحه و صلح أهل وشیقر و قتلته الدولة الثانیة دون البصرة.
و فیها حرب أهل سدیر الذی قتل فیه بن سلمان آل تمیم، قتل فیهما محمد بن سویلم بن تمیم الخزاعی الحصون، و فیه قتل أحمد بن جمعیة، و راشد ابن بیری و أبو جمعد و أخذ أهل ثادق خیل ابن معمر، وعدا نجم بن عبید اللّه علی آل کثیر و حجروه فی العطار، و أظهره آل أبی سلمة، و أظهر ابن عبد الرحمن ابن تمیم فی الحصون. و فیها ظهر سعد بن زید علی نجد و وصل الحماد المعروفة، و رجع و وقع بینه و بین الحاج فتنة و کثر القتل فی مکة، و القتال فی الحرم.
و عزل سعد بن بشیر بن عبد اللّه فلما اشتغل عبد اللّه بالشرافة بعث إلی أحمد بن غالب، و هو بمنزله فی الرکانی بالدخول إلی مکة، و دخلها فی أوائل السنة، و اجتمع هو و الشریف عبد اللّه، ثم لما کان فی سنة ست استولی علی مکة و أخذها و أخرج عبد اللّه بن هاشم ابن عبد المطلب، و فیها قتل سلامة بن ناصر بن برید و أولاد بن یوسف فی الحریق.

و فی سنة 1106 ه:

وقع فی حریملاء سیل أغرقهم فی الصیف
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 140
و خرّب فی البلاد: أوصل الخشب و غیره ملهم سموها زمامه، و فیها توفی محمد بن مقرن بن مرخان راعی الدرعیة، و إبراهیم بن راشد بن مانع راعی القصب، و تولّی بعده عثمان، و فیها قتل إبراهیم بن وطبان قتله یحیی بن سلامة، و فیها ملک مانع بن شبیب البصرة، و هی سنة عروی علی السهول، قتل منهم بینهم قدر سبعین رجلا، و فیها أخذت آل غزی قرب النبقیة سمیت رفیفة.

و فی سنة 1107 ه:

توفی بالمدینة الشریف محسن بن زید المتولی شرافة مکة سنة 1107 ه.
و فیها ظهر سعد بن زید علی نجد.
و فیها وقعة الزلفی، و ملک الحسینی له، و فیها أجلا آل عبهول بعد غدرتهم فی آل شقیر، و فیها قتل أدریس بن وطیان بمن قادوا علیهم آل أبی هلال علی- آل شقیر راعی الدرعیة و ملکها سلطان بن حمد، و فیها استنقذوا آل أبو غنام منزلتهم من فوزان بن حمیدان، و أظهروه من عنیزة بعد فضیته بریدة و غدره فیهم، و فیها ظهر أهل زغبة فی جوهم الظالم.
الذی فی تاریخ أهل أشیقر فی سنة سبع بعد المائة و الألف ظهر سعد بن زید الشریف علی نجد و نزل أشیقر یوم إحدی و عشرین من رمضان و حاصرهم و طلب مواجهة الشیخ حسن أبا حسین، و محمد بن محمد القصیر و ظهروا علیه و حبسهم، و أفتی الشیخ الفقیه أحمد بن محمد القصیر بالفطر فی رمضان، و حصدوا زرعهم؛ و فیها خسف القمر و کسفت الشمس فی شهر واحد، و هو ربیع الآخر.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 141

و فی سنة 1108 ه:

ملک فرج اللّه بن مطلب راعی الحویرة للبصرة، و تولّی عبد العزیز ابن هزاع بن الشریف علی نجد، و جلوا الحرث مع الفضول، و جرت وقعة الإبرق بین الظفیر و الفضول، و هی علی الفضول، و ربط عبد العزیز بن سلامة ابن مرشد بن صویط، و فیها فی جمادی الأولی توفی الفاضل الأدیب عبد الملک بن حسین بن عبد الملک بن حسین بن عبد الملک العصامی الشافعی المکی.
و فیها توفی صبغة اللّه بن الملا محمد مکی بن ملا بن فروج.
و فیها تاخر نتاج التمر، ما شبع الناس فی الرطب إلّا بعد ظهور سهیل لسبعة عشر یوم.

و فی سنة 1109 ه:

ظهر سعد و نزل الروضة و ربط ماضی کما تقدم، و هذا موضعه فی تاریخ المنقور و ابن ربیعة مع قصینة أهل عنیزة، و فیها توفی الشیخ محمد بن عبد اللّه بن إسماعیل. و فی ربیع قتل أحمد بن عبد الرحمن بن حماد و هدمت عقلة الشیخ و جلوا آل محمد و الخرفان، و آل راجح، ثم رجعوا الخزفان و آل راجح من آل محمد إلّا قلیلا، و تفرقوا فی البلدان، و فیها توفی الشیخ محمد بن عبد اللّه بن إسماعیل.

و فی سنة 1111 ه:

مات عبد الرحمن بن إسماعیل، و قتل زامل بن ترکی و ربط عبد العزیز الشریف رجاجیل أهل البیر و جاحاج، و مر بثادق أمیرة محمد الشویعر، و فیها تصالحوا أهل أشیقر.
و فیه وقعة تسمی دبسه علی آل غزی، و فیها طرد بن مطلب عن البصرة و ملکوها الروم و أخذوا القعاسا الحوطة فی رمضان، و ملکها هدلان و إخوته و ملکوا آل مدلج الحصون فی ذی الحجة، و أظهروا آل
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 142
تمیم، و ولوا فیه ابن نحیط، و ملکوا آل أبی راجح ربع آل أبی هلال، و هی فیها سار فواز زامل بآل مدلج و توابعهم، و قضیب مدینة الداخلة، و استخرجوا آل أبی هلال، من منزلتهم، و قتلوا هم و ماضی بن جاسر، و رکد، و اله، و دمروا آل أبی هلال، و هی سنة وتر آل ظفیر، و فیها قتل محمد بن سحوب و ابنه و فواز بن شامان و هزاع بن خزام کبیر الطوقیة، و حنیان کبیر آل زارع، و فیها آل شقیر من العیینة، و قتلوهم أهل العودة؛ و فیها قتل حمد بن عبد اللّه بن ماجد و مات ناصرین حمد بن علی، و شاخ أخوه منصور راعی المجمعة، و ربط سعد بن زید من عنزة نحومیة شیخ فی مکة، و فیها سطوة بن عبد اللّه علی الدلم و قتله زامل بن ترکی، و سطوه دبوس فی أشیقر.

و فی سنة 1112 ه:

حصار ابن صویط لآل غزی علی سدیر ثالثة، و فیها اجتماع الروضة لماضی و سطوه راعی القصب فی الحریق و هو و ابن یوسف، و قتله آل راشد و حرابه، و اجتمعت الروضة لماضی.
و أهل أشیقر عند الحما، و أخذت الحاج الشامی و أخذت عبد العزیز و أخذوه بنی حسین و فیها غرس المنقور مربطته.

و فی سنة 1113 ه:

وقعة السلیع صبح ابن حمد آل الظفیر للبتری، و معه الفضول و الحجازة، و مع ابن حمید الفضول، و الحرث، و الحجاز، و أخذوا آل ظفیر جرادته و فشلوه، ثم سالم علیهم و ردهم حتی عداهم جبل شمر، و أخذ زغب ثم أدی علیهم، و أخذ ابن معمر آل عساف، و قتل ابن آل کثیر.
و فیها توفی عبد الواحد بن شیخ محمد فی جمادی الثانیة، و توفی
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 143
الشیخ حسن بن علی العجیی رابع شوال فی الطائف.
و فیها تواقعوا الروم و الخزاعل أخذوهم ملکوا الفراهید آل راشد الزلفی، و أظهروا آل مدلج، و مات سلامة بن مرشد بن صوبط، و دفن فی الجبیلة، و فیها عقبة علی آل شمروخ حول منیخ، و فیها تولّی سعید بن سعد بن زید فی مکة، و حصل، فیها توفی بالروم الشریف أحمد غالب بن محمد بن مسعود بن حسن المتوفی بمکة 1100 ه، و الرشف عبد اللّه بن هاشم بن عبد المطلب المتوفی سنة 1105 ه بالروم.
فی سنة 1114 ه: ملکوا آل بسام، و شیقر، و أخذ عثمان الجنوبیة، و قتل فایز، و تولّی فی الحوطة عثمان القعیسا، و فیها أخذ سعدون زغب، و فیها قتل نویان. و هذه السنة أول سمدان المحل المعروف، و القحط، و الغلا الذی سعدوا فیه الحجاز و کثیر من العربان، و فیها سار القبطان علی البصرة.
و فیها نزل سعد بن زید عن ولایة مکة لابنه سعید باختیاره، و فی هذه الولایة حصل لأهل مکة اضطراب و غلا، و خوف، و خراب إلی دبر سلیمان باشا فی عزله و تولیة عبد الکریم الولایة لتسع بقین من ربیع الأول.

و فی سنة 1115 ه:

أخذ عبد اللّه بن معمر زرع القربیة، و ملهم وسطوا الخرفان فی أشیقر، و ملکوا سوقهم، و قتل محمد القعیسا، و ملک ابن شرفان فی الحوطة و اجتمعت عنیزة لآل جناح: فیها اشتد المحل و الغلا، و ذهبوا هم و بعض الحجاز، و هی سنة حاج البراک، فیها ولد الشیخ محمد بن عبد الوهاب بن سلیمان فی بلد العیینة و نشأ بها، ثم قرأ علی أبیه ثم حج ثم سار إلی البصرة و قرأ بها، ثم رجع و قد انتقل أبوه إلی
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 144
حریملاء فأقام بها معه، ثم أعلن الدعوة ثم انتقل إلی العیینة.

و فی سنة 1116 ه:

جلا سعد بن زید و ابنه سعید عن مکة، و حصل اختلاف بین الأسر، و تولّی فی ملج عبد الکریم الشریف محمد بن یعلی، و بقی إلی أخر 1133 ه، ثم أخرجه سعید و استولی.
و فیها قتل ریمان راعی ثرمدا، و شاخوا آل ناصر فیها و ابن رضیع فی مراة و أخذوا أهل حریملا سبیع لسدوس، و قتل أحمد بن منیع، و حصروا عنزة ابن معمر فی البیر، و أخذوا رکابه و أخذ زرع القربیة، و جاء العیینة سیل خرب فیها منازل، و فیها سطوا آل ابن خمیس فی إمارة عثمان فی الجنوبیة، و فیها توفی الأدیب هاشم أحمد الأزواری، و فیها غدروا آل بسام، و قتلوا إبراهیم بن یوسف و حمد بن علی و الغلا علی شدته.

و فی سنة 1117 ه:

حرابة الروضة و سدیر و مقتل محمد بن إبراهیم و ترکی و حمد بن سلیمان و حسن آل فاضل.

و فی سنة 1118 ه:

صبحوا أهل حریملاء هم و ابن بجاد السبعان فی عبیران، و قتلوهم و أخذوهم، و فیها قضی نجم آل حمید فی بلد ثادق، و فیها مقتل دبوس بن حمد بن حسن بن حمد، حمد هذا هو أبو محمد أیضا، و محمد أبو یحیی جد آل یحیی بن محمد بن حینحن.
و استولوا آل إبراهیم فی البیر، و فیها أخذ سعدون بن محمد شمر عندرک، و فیها سطوة أم حمار التی قتل فیها عثمان، و عثمان، و ابن فوزان، و طلع ابن بحر من مدینة الداخلة، و خفرة آل مدلج، و فیها بیت الوایلی هو و ربعه فی القومیة، و قتل حسین بن مفیز، و فیها قتل محمد بن إبراهیم هو و أخوه، و شاخ عبد اللّه. و قیل: إنها فی العاشرة کما نری.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 145
و فیها أخذ دجین ولد سعدون آل زارع و طردوا عنزة بن صویط عن سدیر، ثم جرت وقعة بین عنزة، و آل ظفیر فی الخضار عند الدهنا، و أخذ ابن صویط خیمة عبد العزیز الشریف بن هزاع. و فی تاسع عشر شوال توفی الشریف سعد بن زید مصابا، و فیها وقعة السحیرا علی آل بسام، قتل فیها ترکی بن هیدان و حمیدان.

و فی سنة 1119 ه:

نزل الحاج العقیلی علی ثادق، و معه سعدون بعسکره، و هی سنة قتل عبد اللّه بن عبد الرحمن بن إسماعیل؛ و فیها أوقعوا العناقر بأهل وثیثیة، و قتلوهم فی شیخة بداح.

و فی سنة 1120 ه:

قتل سلطان بن حمد القبس راعی الدرعیة، و تولی أخوه عبد اللّه ثم قتل، و فیه- أعنی سنة 1120 ه- توفی الفاضل الأدیب بدیع النظم عبد اللّه بن حسن بن محمد بن حمد بن مبارک بن طرفة السالمی من بنی سالم حرب المکی الشافعی رابع عشر شعبان، و صلّ علیه صاحبه أحمد النخلی إماما بالناس.
و فیها قتل حسین بن مفیز راعی التویم، قتله ابن عمه فایز بن محمد؛ و فیها قتلوا آل ناصر الناقر الوطفان، و فیها نزل نجم بالحاج ثرمدا ثم العیینة.

و فی سنة 1121 ه:

تولّی موسی بن ربیعة بن وطبان بن مرخان فی الدرعیة؛ و فیها اختلاف النواصر فی الفرعة، و قتلة غیبان بن حمد بن عضیب، قتله شایع بن إبراهیم فی المذنب، و تحدر دولة للروم، و طرد المنتفق، و فیها وقعة سعدون مع آل ظفیر فی الحجرة، و فیها قتل عیاف و راشد العناقر، و تولّی مانع بن ذباح، و فیها سار ابن معمر و معه أهل
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 146
العارض، و سبیع، و نازل أهل حریملاء و طردوه، و هی سنة غویمض علی بن معمر، و فیها ناوخ- سعدون آل ظفیر علی وضاخ، و نفی، و حشموا الحجاز و الشریف آل ظفیر، و فیها وقع وباء فی سدیر مات فیه الشیخ عبد الرحمن بن عبد اللّه أبو بطین و غیره، مات منصور بن جاسر، و ابن نصار، و المنشرح، و السنانی و غیرهم من کبار الفضول، و فی تاریخ المنقور أن مناخ سعدون لآل ظفیر علی بقیعا.
و وقع فی سدیر مرض مات فیه الشیخ عبد الرحمن أبو بطین، و هو ابن عبد اللّه بن سلطان ابن خمیس العایذی عالم جلیل فی الروضة.
فی سنة اثنین و عشرین: و هی سنة السیح.
و فیها جاء برد دق زرع ملهم، و ریح شدید طاح منها نخل کثیر فی البیر، و طاح قصر رغبة؛ و فیها جدب کثیر و خیفان أکل غالب الزروع و ثمرة النخل.

و فی سنة 1123 ه:

أخذوا أهل حریملاء ملهم، و جاء سیل أغرق منزلتهم و طرح البیوت و المساجد، و دق البرد زرع ملهم، و جاء برد فی الزراع قتل کل ما سنبل، ثم جاء فی الصیف سیل أعظم من الأول و مات الزرع حصل الغرب فی ضرما ألفین، و رخص الزاد، و فیها عاد سعید بن سعد بن زید فی ولایة مکة، و أجلا عبد الکریم بن محمد ابن یعلی البرکاتی لثلاث بقین من ذی القعدة، و قداتی لتعید تقریر سلطانی، فخرج عبد الکریم بعد مشاجرة. و فیها توفی وزیر أشراف مکة الخواجة عثمان بن زید العابدین بن حمیدان، و فیها شاخ محمد بن عبد اللّه فی جلاجل.

و فی سنة 1124 ه:

وقع مرض فی ثرمدا و القصب، و رغبة، و البیر،
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 147
و العودة، و فیها مقتل آل ناصر و ملک ابن جار اللّه لمراة ثانیا، و قتل القرینیة لأهل رغبة.
و فیها مات الشیخ أحمد القصیر بن محمد أول جمادی سنة 24 ه.

و فی سنة 1125 ه:

سطوا آل إبراهیم و أهل ثادق علی آل ناصر فی ثرمدا، و قتلوا منهم آل ناصر و لا حصلوا شی‌ء؛ و فیها مات الشیخ أحمد بن محمد المنقور؛ و فیها کثرة القوافل من عنزة جاوا التمر علی میه بالحمر، و آخر ما انتهی علی خمسین عند رحیلهم و رخصت الجلایب، صار ثمن البعیر الفاخر من خمس المحمد یأت إلی الأربعین فی الغایة، و أباعر الحاج، و الرکاب ترفعها الثمانین، و السمن علی عشرة أصوع بالحمر.

و فی سنة 1126 ه:

صال سعدون بن محمد و عبد اللّه بن محمد بن معمر بأهل العارض علی الیمامة، و نهبوا منها منازل، و ظهر علیهم البجادی بأربع من الخیل، و فیها قتلت سطوة العناقر خمسة عشر رجال ستة من العناقر فی العشر الأول من المحرم، فلعلها أن تکون هی المذکورة فی السنة الخامسة لقرب التاریخ، و فیها یوم النحر مات الشیخ عبد الوهاب بن عبد اللّه، و محمد بن علی بن عید.
و سلیمان بن موسی بن سلیمان الباهلی، و ناس کثیر غیرهم بسبب مرض وقع فی العارض.

و فی سنة 1127 ه:

مناخ سعدون لآل ظفیر، و الحجاز، و قتل سعدون بن سلامة بن صویط، و خلف محمد بن عبد اللّه بن ابراهیم بن سلیمان أمیر جلاجل علیه، و فی أولها فی المحرم حصل برد عظیم ضر
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 148
النخل، و کسر الصهاریج الخالیة من الماء و جمد الماء فی أقاصی البیوت الکنینة، و ذلک من الخوارق، و مر العارض حاج للحساء أمیرة ابن عفالق، و بیع فیه صاع السمن بمشخص، و الطلی بأحمرین، و فیها مات محمد بن عبد الوهاب بن عبد اللّه.

و فی سنة 1128 ه:

سطا راعی المجمعة علی الفراهید فی الزلفی، و لا حصل شی‌ء، و فیها غارت الآبار، و غلت الأسعار، و مات مساکین جوعا إلی سنة 1131 ه.

و فی سنة 1129 ه:

مات الشریف سعید بن سعد بن زید، و هی سنة موت علیان بن عیسی ولد عبد اللّه بن علی بن عبد اللّه بن ماجد فی ثادق.

و فی سنة 1130 ه:

أخذ ابن معمر غنم أهل حریملاء، و قتل منهم عشرة رجال، و مات ظفر بن عبد اللّه، و أخذ بن صویط ابن غبین و ابن عفیصان الصمد، و شریف مکة علی بن سعید بن سعد، و فیها غدر خیطان بن ترکی بن إبراهیم فی ابن عمه محمد بن عبد اللّه بن إبراهیم راعی جلاجل و سلم منه، و فیها توفی الشیخ أحمد بن محمد النخلی المکی، ثم انسلخ بانسلاخها علی بن سعید و تولّی مبارک بن زید الشافعی.

و فی سنة 1131 ه:

قتل سبهان بن حمد بن حمد بن محمد، و أخذت غنم البیر و خرب السیل فی ثادق و حریملاء، و قتلوا آل ماجد الشاوی فی ثادق، و قتلوا أهل رغبة محمد بن ماجد بن شوذب، و تصالح العناقر و آل عوسجة و العرینات، و جری مکاون بین آل ظفیر و عنزة.

و فی سنة 1132 ه:

بیت أهل حریملاء لابن معمر لا عیوح و سلم منهم، و بیّتوا مطیر سعدون آل محمد، و هی سنة الحباری، و فیها قضی
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 149
ابن صویط أرض السبلة، و ولی مکة مبارک بن زید، و فیها وقع الطاعون فی العراق مات فی العراق قدر تسعین ألفا.

و فی سنة 1133 ه:

فی ثالث صفر: مر حاج الأحساء علی العارض أمیره سیف بن جبر، و مات علی أبو الجفان، و فیها بیع التمر علی مئة و عشرین بالحمر، و الحب علی خمسة و أربعین. و فی أول رجب نوخ سعدون آل کثیر للعماریة، و تامن منه الظهرة، و ملوی، و السریحة، و قتل من قوم سعدون قتلی کثیرون، و أغاروا علی الدرعیة و نهبوا منها بیوتا، و قتلوا ثلاثة عشر رجلا، و قاضی سعدون نجد، و أخذ شمر عند الجبل، و أخذ الطیار محل آل غزی، و ربط منهم أطفالا کثیرین، و ربط ابن صویط أخا الطیار، و طلبه أیاه، و أطلقه، و جاء برد شدید و جراد کثیر، و فیها ولد عبد العزیز بن محمد بن سعود.
و فیها قابل سعدون نخبة، و حجر آل کثیر فی العارض قبضتهم، و أظهر المدافع من الحساء، و نواخهم لعقربا، ثم حجرهم فی العماریة، ثم لین ثم عدا علی الدرعیة و نهب فیها و قتلوا منه قتلی کثیرین.

و فی سنة 1134 ه:

صالح ابن معمر أهل حریملاء، و حجر ابن مصبخ فی ثادق، و فیها تولّی یحیی بن برکات فی مکة، و فیها وقعة أهل المدینة و حرب.
و فیها أجملوا آل عفالق من الأحساء، و فی أخرها مات الشیخ منیع بن محمد بن منیع العوسجی.

و فی سنة 1135 ه:

مات الرئیس سعدون بن محمد آل غریر فی الجندلیة، و فیها ملک محمد بن عبد اللّه شیخ جلاجل الروضة، و بنیت
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 150
منزلة آل أبی هلال، و منزلة آل أبی سعید، و منزلة آل أبی سلیمان، و أخرج العبید من الحوطة، و أسکن فیها أهلها آل أبی حسن، و عزل ابن قاسم عن الجنوبیة، و ولّی آل ابن غنام، و ملک الرقراق الفرعة، و صالح بن معمر أهل العارض؛ و فیها تناوخوا آل حمید للبجسة بعد موت سعدون علی، و سلیمان معهم بعض بنی خالد و دجین، و منیع عیال سعدون معهم بعض، و أخذهم علی و ربط ابنی أخیه دجین و منیع، و أخذ الفضول و تولّی فی بنی خالد.
و فیها أخذ أهل أشیقر الفرعة بعدما تصالحوا بینهم، و قتلوا آل قاضی، و طردوا النواصر، و قضوا قصرهم.
و فی هذه السنة کانت شدة عظیمة، و هی مبادی سحی الشدة المعروفة، و القحط و الغلا الذی اختلفت أسماؤه.

و فی سنة 1136 ه:

غم المحل و القحط من الشام إلی الیمن فی البدو و الحضر، و ماتت الغنم، و کل بعیر یشد، و تفرّق أکثر البدو فی البلدان، و غارت الآبار، و جلا أهل سدیر العطار، لم یبق فیه إلّا أربعة رجال غارت أبارة الأرکبتین.
و العودة رکبتین، و جلا کثیر أهل نجد إلی الأحساء، و البصرة، و العراق.
و فیها انسلخ عن شرافة مکة مبارک زین أحمد؛ و فیها فی ربیع الأول قتلوا إبراهیم بن سلیمان بن ذباح، و ولده، و أخاه و ابن جار اللّه.
و فی هذه السنة و التی تلیها ذهب حرب و العمارات من عنزة، و ذهب جملة مواشی بعنی خالد، و غیرهم، و کان الأمر فیه کما قال بعض أدباء
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 151
أهل سدیر فی تلک الأیام من جملة قصیدة یذکر فیها ما أصابهم، و یترسل فیها إلی اللّه، و یدعو أن یرفع البلاء، و الغلاء، و یمن بالخصب و الرخاء، قال فیها:
غدا الناس أثلاثا فثلث‌شریدة یلاوی صلیب البین عار و جائع
و ثلث إلی بطن الثری دفن میت‌و ثلث إلی الأریاف جال و ناجع
* و لا أدری غدا ما اللّه بالخلق صانع* و فیها قاضی ابن صویط بین العراق و الشام، وسطا دجینی فی عمه- سلیمان بن عبد اللّه بن عریک، و سلموا، ثم اصطلح بنو خالد بینهم، و فیها هدمت منزلة آل أبی هلال هدموها آل أبی راحح، و فیها أخذ ابن معمر عرقه، و أخذ زرع الحسی، و فیها مات بداح راعی ثرمدا، و مات أحمد بن محمد بن سویلم بن عمران العوسجی.
ثم دخلت سنة 1137 ه: و المحل، و القحط، و الغلاء إلی الغایة، و مات أکثر الناس فیها، و فی التی قبلها، و مات أکثر حرب و عرب القبلة، و غلا الزاد فی الحرمین حتی إنه لا یوجد ما یباع، و أکلت جیف الحمیر، و فیها أنزل الغیث و کثرت السیول، و الخصب و النبات فی کل مکان، و لم تزل الشدة و الموت من الجوع.
و فی سابع من شعبان أخذ إبراهیم بن عبد اللّه بن معمر العماریة، و أقام فیها؛ و ثالث عشر من شعبان التقی ابن معمر هو و آل کثیر عند الأصیقع، و کسروه- الکثیر- و قتلوا من أهل العیینة عشرین رجل، و حجر إبراهیم و سطوته ثم اطلع إبراهیم من العماریة یوم اثنین و عشرین
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 152
من شعبان، و قتل معه قدر خمسة و عشرین رجلا، و مات إبراهیم علی انسلاخ شعبان فی مرض وقع مات فیه إبراهیم بن عزاز، و سیف العجاجی و غیرهم، و ماتت الزروع فی کل بلد، و غلا الزاد، و أکل الجراد ثمار جمیع البلدان إلّا ما کم من النخل. و فی لیلة عید رمضان مات رئیس الدرعیة سعود بن محمد بن مقرن.

و فی سنة 1138 ه:

تولّی زید بن مرخان فی الدرعیة.
و کانت وجبة أهل العیینة أن حل بهم وباء أفنی غالبهم، مات فیه الأمیر الرئیس عبد اللّه بن محمد بن حمد بن عبد اللّه بن معمر الذی لم یذکر فی زمنه و لا قبل زمنه فی نجد من یدانیة فی الریاسة، و سعة ملکه، و العدة و العدد فی العقارات و الأثاث، و الآلات فسبحان من لا یزول ملکه؛ و فیها مات ابنه عبد الرحمن و تولّی بعد عبد اللّه ابنه محمد الملقّب خرفاش؛ و فیها مات منصور بن حمد بن علی راعی المجمعة و ولده، و فیها قتل إبراهیم بن عثمان راعی القصب، قتله أبوه عثمان بن إبراهیم علی الملک.

و فی سنة 1139 ه:

غدر خرفاش بزید بن مرخان راعی الدرعیة، و یدغیم بن فایز الملیحی، و قتلهم و قتل محمد بن سعود بن مقرن عمه مقرن بن محمد، وصفت له ولایة الدرعیة، و قتل موسی بن ربیعة، و فیها مات دواس راعی منفوحة و ماضی راعی الروضة، و جاءوا البلدان، و هم سنة الذرة المشهورة رجعان سحی، و ذلک أن مقرن استأذن زیدا لما صالحه لتمام الاستئناس، و الثقة فیما یظهر، فخاف منه، و قال: ما آتیک حتی یکفل لی محمد بن سعود، و مقرن بن عبد اللّه بن مقرن، فکفلاه فأتاه
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 153
فی جماعة فهم بقتله، و بانت منه شواهد الغدر، فوثب محمد بن سعود، و مقرن منصرین له علی مقرن بن محمد، و حملا علی مقرن و من معه فألقی نفسه مع فره و اختفی فی بیت الخلاء، فأدرکوه، و قتلوه و ردوا زیدا إلی مکانه، ثم أن زیدا لما کان قد مات عبد اللّه بن محمد بن معمر، و ضعفت العیینة بعد الوجبة، و هم فی نعوال أهلها، و مشی إلیها آل کثیر، و سبیع و غیرهم من ذی الحضر، فأرسل إلیه خرفاش، و هو بعقربا ما ینفعک نهب البوادی و غیرهم، و أنا أرضیک، و أقبل واجهنی، فأقبل إلیه فی قدر أربعین رجلا فأدخله القصر و معه محمد بن سعود، و غیره، و واعد علیه من یومیة بعد ما توحد بدعم من فایز، و نحره، فرمی زید ببندقین لم تخطاه.
و فیها عزل خرفاش عبد الوهاب بن سلیمان عن القضاء و حکم أحمد بن عبد اللّه بن الشیخ عبد الوهاب، و انتقل عبد الوهاب إلی حریملاء، و نزلها، و فیها مات محمد بن عبد اللّه بن ماجد، و فیها أخذ عنزة بن خلاف، و إلی معه علی جلاجل، و جاءت قافلة للوایقة، و اکتالوا التمر علی مئة بالحمر، و العیش أربعة أصواع، و وصل التمر عشر بالمحمدیة، و البر ستة أصوع بها.
و فیها أخذ الشریف محسن بن عبد اللّه آل حبشی عند المجمعة، ثم تصالحوا و غدر به هو، و ابن حلاف، و فی آخرها حدر ابن صویط و معه دجینی، و معه و المنتقق، و حصروا علی بن محمد آل غریر فی الحسا، و قتل بینهم رجال کثیرون، و نهب ابن صویط القرایا، و قتلهم، ثم إنهم صالحوه و رجعوا.
و فی أول سنة 1140 ه: ناوخ محسن الشریف، و معهم عدوان
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 154
و الحجاز، و غیرهم حمود، و کنعان أخوه، و ابن حبشی، و ابن حلاف و إلی معه من آل سعید، و آل ظفیر علی ساقی الخرج المعروف، و أقاموا علیه شهر متناوخین، و ظهر علیهم علی آل محمد بن الحساء، بعسکر کثیر، و أخذهم و انهزم آل ظفیر سبعین فرسا، و رکاب و دبش، و أخذهم محمد بن فارس راعی منفوحة، و هذه هی رقعة الساقی المشهورة علی ابن حلاف و إلی معه.
ثم أخذ الطیار المجادعة فی العراق و معهم شراید غیرهم.

و فی سنة 1140 أیضا:

ناوخ ابن صویط و المنتقق علی آل محمد عند الحساء، و کسرهم ثم تصالحوا.
و فیها توفی إمام الیمن الحسن الحسین الملقب بالمتوکل.

و فی سنة 1141 ه:

أقبل الطیار بجمیع عنزة، و حصر آل ظفیر فی المعارض، و أخذ علیهم دبشا کثیرا، و هرب ابن صویط، و انحجر بعض عربه فی الریاض، وشاش السوق بین عنزة، و أهل منفوحة، و انکسر السعر و حدروا عنزة، و اکتالوا من الحساء، و فیها توفی فی المخواة الشریف مبارک بن أحمد بن زید المنسلخ عن شرافة مکة.

و فی سنة 1142 ه:

سار راعی جلاجلا و ابن صویط، و آل ظفیر علی التویم، و أخذوه و نهبوه و فعلوا فیه ما فعلوا، و فیها قتل محمد علی بن محمد آل غریر عیال أخیه دجین،- و دویحس، و فیها قتلوا مطیر دویحس، و عبد اللّه بن عریک فی الحمادة. و الظاهر أن مقتل دویحس و عبد اللّه فی الثالثة، و فیها یعنی الثالثة أخذوا مطیر الحاج الحساوی للحسوة.
و فیها قتل خرفاش شیخ العیینة، و اسمه محمد بن حمد بن عبد اللّه
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 155
قتله آل نبهان من آل کثیر، و تولی بعده أخوه عثمان بن حمد و قیل: إنه فی التی قبلها، و فیها مات إبراهیم بن سلیمان بن علی و ملک محمد بن عبد اللّه راعی جلاجل.

و فی سنة 1143 ه:

تواقع ابن سویط و عنزة علی قبة، و أخذهم ابن سویط، و فیها قتل سلیمان آل محمد ابن أخیه دجین بن سعدون، و فیها مات عبد اللّه و إلی مکة، و تولی ابنه محمد، فیها وقع برد قتل الزرع. خزانة التواریخ النجدیة ؛ ج‌1 ؛ ص155

و فی سنة 1144 ه:

مات ابن صویط، و فیها أخذ ابن سعود محلات أهل العیینة.

و فی سنة 1146 ه:

قتل زید أبا زرعة راعی الریاض، و تولی فیه خمیس العبد.

و فی سنة 1151 ه:

ظهر خمیس عن الریاض و تولی فیه دهام ابن دواس بشبهة أنه خال ولد زید.

و فی سنة 1153 ه:

توفی الشیخ عبد الوهاب بن سلیمان.

و فی سنة 1154 ه:

ذبحوا الروم المنتفق، و سبوهم، و قتلوا سعدون بن محمد آل مانع.

و فی سنة 1155 ه:

جاء الناس خصب و جاء الخرج سیل خربه، و هی سنة جبران المشهورة، و فیها ساد طهمان شاه العجم علی البصرة و حاصروها الحصار المشهور فی آخرها.
أول سنة ست و خمسین: و فیها أعنی سنة خمس أخذوا الشختة،
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 156
و آل جناح عنیزة و أخذوا آل جمعة عسیلة، و فیها استولی محمد بن عبد اللّه الشریف علی مکة.

و فی سنة 1158 ه:

توفی الشیخ محمد بن ربیعة العوسجی، و فیها قتل محمد بن ماضی، قتله أخوه مانع، و أخوه ترکی، و فوزان. و سبب ذلک أن عمرا الشریف قتل عبد العزیز أبا بطین بأمر حمد بن محمد، و أبا بطین زوج بنت ماضی، و شقیقه مانع، و هو رفیق لمانع أیضا، فبعث مانع لترکی و فوزان أخاه، و هو فی جلاجل جلویة عند محمد بن عبد اللّه فأقبلوا و بسطوه، و دخلوا و محمد یصلی علی جنازة أبی بطین، و جرحه أخوه مانع و هو فی الصف، فضربه بشبریة فی الظهر، و حمل لبیت أبی بطین، و إذلال السطوه قد دخلوا، فسأل عنه أبو حبیش، و قتله، و تولی أخوه ترکی فی البلاد.
و بعد مدة فی السنة المذکورة مات محمد بن عبد اللّه شیخ جلاجل، و تولی ابنه سعود، و تحارب هو و ترکی و سار إلیه فی الروضة بأهل جلاجل، و جری بینهم قتال قتل فیه ترکی و راجح بن راجح، و تولی بعد ترکی أخوه فوزان، و أقام فی الولایة نحو سنة، ثم إنه هو و مانع استدولوا ابن أخیهم حمد بن محمد خالفین علیه أباه، و قدموه فی ولایة البلد، و أقام خمس سنین، ثم إن آل مانع و بقیة القبیلة و الجماعة تمالؤا علی عزله، و کانت ولایته غیر محمودة فولوا عمر بن جاسر بن ماضی، و أقام خمس سنین فی الولایة، و بعد ذلک انسلخ منها بعیال محمد بن ماضی و عبد اللّه، فلبثوا فی الولایة إلی التاریخ الآتی.
و فیها أخذ ابن صویط بریدة و غدروا آل شماس فی الهمیلی، و فیها
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 157
أو فی السابعة انتقل الشیخ الإمام محمد بن عبد الوهاب من العیینة إلی الدرعیة و استوطنها و بعد ما استقر به القرار قدم علیه عدة من أهل العیینة من المعامرة و غیرهم مهاجرین منافرین لعثمان، فلم یجد عثمان بدا من الإنطراح للشیخ و الأمیر محمد و رجاهم، و حاول الشیخ محمد الرجوع فأحال الأمر إلی ابن سعود فأبی فرجع.

و فی سنة 1159 ه:

سطا دهام بن دواس فی منفوحة و معه العمدة فی الظفیر، فحصل بینه و بین أهل منفوحة قتال قتل فیه عدة رجال فی الفریقین و رجع إلی الریاض.

و فی سنة 1160 ه:

رکدت عنیزة، و غرس فیها أملاک الخننة، و الزامل و آل أبی الخیل و الطعیمی فی المسهریة، و ذلک فی مدة عشر سنین، و غرست الهیفا، و فی هذه السنة توفی الشیخ عبد اللّه بن أحمد بن عضبب الناصری التمیمی. و دفن فی الضبط المعروف فی عنیزة رحمه اللّه تعالی. و قیل: أن وفاته سنة 1161 ه و مات الشیخ علی بن زامل بعده بشهرین رحمه اللّه تعالی.
و فی هذه السنة حصل وقعة بین دهام بن دواس، و بین محمد بن سعود قتل فیها فیصل و سعود ابنا محمد بن سعود، و فی هذه السنة وقعت البطین علی أهل ثرمدا، قتل منهم نحو سبعین رجلا، و ذلک أنه سار إلیهم عبد العزیز بن محمد بن سعود بأهل الدرعیة، و عثمان بن معمر بأهل العیینة، فأغاروا علی بلد ثرمدا فخرج إلیهم أهل ثرمدا، و حصل بینهم قتال قتل فیه من أهل ثرمدا من ذکرنا، و هذه السنة هی مبتدی القحط و الغلاء المسمی شیته. و فیه قتل دباس الدوسری رئیس بلد العودة فی
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 158
سدیر، هو و حمد بن سلطان الدوسری قتلهم علی بن علی الدوسری و استولی علی بلد العودة.

و فی سنة 1163 ه:

اشتد الغلاء، و القحط، و فیها قتل إبراهیم بن محمد بن عبد الرحمن و ابنه هیدان المعروفان بالشیوخ فی ضرما قتلهم السیایرة المعروفین فی ضرما فی بنی خالد. و فیها قتل عثمان بن حمد بن عبد اللّه بن محمد بن معمر رئیس بلد العیینة، انتدب له رجال من جماعته ادعوا أنهم قد تحققوا منه بعض الإنحراف عنهم، و موالاة الأعداء، و مما لأتهم فتواعدوا علیه یوم الجمعة، فلما سلم الإمام قام إلیه جماعة، و هو فی الصف فقتلوه، و من مشاهیر الذین تولوا قتله حمد بن راشد أول من طعنه، و إبراهیم بن زید الباهلی، و موسی بن راحج، و کان ذلک منتصف رجب من هذه السنة، و کان ابن بنته سعود بن عبد العزیز رضیعا لم یتم السنتین.
و فیها أیضا وقعة البطحاء، فی الریاض، و ذلک أن أهل الدرعیة و بلدانهم ساروا إلی الریاض، و وصلوا إلی المکان المعروف بالمروءة و معهم رؤساء مشهورون بالشجاعة، منهم علی بن عیسی الدروع المشهور، و سلیمان بن موسی الباهلی و محمد بن حسن الهلالی، و علی بن عثمان بن ریس، و عبد اللّه بن سلیمان الهلالی، و إبراهیم، فجرا بینهم قتال شدید، فقتل من أهل الریاض سبعة، منهم ناصر بن معمر، و قتل من أهل الدرعیة عبید اللّه بن سلیمان، و سلیمان بن جابر، و فیها أیضا جرت وقعة الوطین، و ذلک أن عبد العزیز سار بجیشه إلی ثرمدا، فجاءهم لسدیر فاستعدوا هم و أهل مراة و أوثیثیه و ظهروا خارج البلد علیهم و قد جعل عبد العزیز کمینا، فلما التحم القتال خرج علیهم الکمین فتقهقروا،
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 159
و قتل منهم سبعة و عشرون رجلا، منهم علی بن زامل رئیس أوثیثیه، و رزین و کداس آل زامل، و ابن سبهان، و أمیر ذلک الغزو مشاری بن إبراهیم بن عبد اللّه بن معمر.
و فیها توفی قاضی زغبة حمد بن یحیی بن محمد بن عبد اللطیف بن إسماعیل بن رمیح، و فیها توفی الشیخ أحمد بن یحیی بن عبد اللطیف بن الشیخ إسماعیل بن رمیح العرینی السبیعی قاضی بلد رغبة رحمه اللّه تعالی.

و فی سنة 1164 ه:

أغار عبد العزیز بن محمد بن سعود، و مشاری بن معمر رئیس بلد العینیة علی أهل ثرمدا، فحصل بینهم و بین أهل ثرمدا، قتال قتل فیه عدة رجال من أهل ثرمدا، و تسمی هذه الوقعة وقعة الوطیة، و الوطیة موضع معروف بالقرب من بلد ثرمدا، و فیها غزا ابن سعود الریاض فدخلت عدوته ناحیة البلد فاقتتلوا فتلاحق علیهم أهل الریاض و هزموهم فقتل من السطات ثمانیة منهم علی بن عیسی الدروع، و فیها حارب إبراهیم بن محمد بن عبد الرحمن رئیس أهل ضرما، و ظهرت منه المخالفة، و قتل من أهل بلده عمر الفقیه، و رشید العیزاری و ابن عیسی، لأنهم من ظناین ابن سعود، و کان رشید العزاری أخا لآل سیف لأمهم فأضمروا الشر لإبراهیم، فلما کان بعد أربعة أشهر فابتدروه و هو فی مجلسه، فقتلوه هو و ولدیه: هیدان و سلطان، و قد مالأهم علی ناس ممن ینتسب إلی الدین، و کان وقت خروج نساء الثلاثة من العدة دخول نساء إبراهیم، و بنیه فی العدة، و ولی عبد العزیز فی ضرما عبد اللّه بن عبد الرحمن المریدی، و فیها غزا عبد العزیز الزلفی و أخذ علیهم غنما و رجع.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 160

و فی سنة 1165 ه:

أنزل اللّه الغیث، و أخصبت الأرض و رخصت الأسعار، و سمیت هذه السنة رجعان شیته، و فی هذه السنة قتل علی بن علی، و ابنه سند رؤساء بلد العودة من الدواسر، قتلهم عبد اللّه بن سلطان الدوسر، و استولی علی العودة، و فیها توفی الشیخ عبد اللّه بن فیروز بن محمد بن بسام رحمه اللّه تعالی. و فی هذه السنة کان خصب سموه رجعان شیبة. و فیها اجتمع أهل سدیر و منیخ، و الزلفی و أهل الوشم، و آل ظفیر کبیرهم فیصل بن شهیل بن صویط، و نازلوا رغبة و أخذوها، و نهبوا ما فیها، و فیها علی بن علی، و ولده سند قتلهم عبد اللّه بن سلطان، و قتل هزاع بن نحیط و فیها توفی محمد حیاة السندی المدنی.
و فیها حارب أهل حریملاء، و خرجوا عن حکم ابن سعود، و عزلوا أمیرهم محمد بن عبد اللّه بن مبارک، فخرج أمیرهم و معه عدوان بن مبارک، و ابنه مبارک، و عثمان أخو الأمیر و علی بن حسن، و ناصر بن جدیع و غیرهم، و قدموا الدرعیة ثم بعد مدة قلیلة أرسلوا قبیلة من الأمیر من بقایا آل حمدان: أقدموا علینا، و نقوم بنصرتکم و لا ینالکم مکروه، فقدم علیهم بمن معه، فقاموا علیهم آل راشد و أهل حریملاء، و حصروهم فی البیت الذی تأهلوا فیه حتی قتلوهم و ثمانیة غیره، و هرب منهم مبارک ولد عدوان، و أخذ أهل حریملاء فی أهبة الحرب، و البناء و تسویر البلد.
و فیها خرجوا جلویه ضرما، و معهم أهل الجنوب، و الوشم، و سدیر، و نازلوا ضرما أیاما، و نصبوا علیها السلالم، و قتل منهم نحو الثلاثین، و من غیرهم نحو العشرین أکثرهم من أهل الحریق منهم حمد بن عثمان الهزانی.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 161

و فی سنة 1166 ه:

حصل بین أهل الدرعیة، و أهل حریملاء مقاتلات، و عداوات، و رئیس العداوات مبارک بن عدوان، و رئیس الجیوش عبد العزیز، و فی آخرها حاربوا أهل منفوحة، و فیها تولی حمیدة فی بنی خالد حین غدروا المهاشین فی سلیمان آل محمد، فانهزم إلی الخرج، و مات فیه فی تلک السنة فتولی عویمر، ثم أن عویمر قتل زغیر بن عثمان بن عزیز بن عثمان، ثم إن حمادة غدر فی عویمر و انهزم عویمر و صار فی جلاجل مدة، ثم بعد ذلک ظهر خارجا علی معاویة و معه بعض بنی خالد، فانهزم حمادة و جاء إلی الشمال، و استولی عویمر علی البادیة و الحاضرة. و فیها وقعة السبلة علی آل ظفیر، صال علیهم بنو خالد، و أمیرهم عبد اللّه ابن ترکی بن محمد بن حسین بن عثمان آل حمید، و صارت علیهم هزیمة و أخذوا علیهم نعم کثیرة، و قیل: أنها بعد دخول السابعة.

و فی سنة 1167 ه:

ضجر دهام من الحرب و طلب من محمد بن سعود رحمه اللّه المهادنة خیلا و سلاحا، و طلبه أن یرسل إلیهم معلما فأرسل إلیهم عیسی بن قاسم و فیها کان مقتل آل سیف السیایرة صقر و إخوانه جار اللّه، و غیث، و عثمان، فی ضرما صار الأمیر محمد بن عبد اللّه الذی هو من قبیلة الشیوخ آل عبد الرحمن الذین قتلوهم آل سیف، فدبر فیهم محمد المذکور مع أهل الدین الذین فی البلد، و کانوا بعد قتلهم الشیوخ قد حدث فیهم إعجاب بأنفسهم، و کبریاء و احتقار للراعی، و للرعیة، و لأهل الدین الذین یشار إلیهم فی البلد، فمقتوهم و کثرت فیهم الظنون و رجوا بأن لهم ید مع العدو موالاة لهم من أهل الحریق، و غیرهم، و إنهم غیر مأمومنین من حدث، و أنهوا الأمر إلی الشیخ محمد بن
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 162
عبد الوهاب، و الأمیر محمد بن سعود، و إنهم لا یأمنون من فتک، و استدنا عدوانهم أن عوقبوا بالجلد ضروا بالبلد و أهلها، و سدوا بالأعداء فیها، و قال الشیخ و الأمیر، نحن جاهلون فی حالهم، و أنتم اعملوا فیهم بعلمکم، و ما تحققتم من أمرهم، فمضوا علیهم، و أمسکوهم، و قتلوا صبرا بفتیا القاضی و أمر الأمیر و أهل الدین.
و فیها قتل سلیمان بن خویطر، و ذلک أنه قدم حریملاء، و اجتمع بسلیمان بن عبد الوهاب، فکتب معه نسخة إلی أهل العیینة، فیها رد علی أخیه و أمره أن یقرأها علی من یثق به، فبلغ ذلک الشیخ محمد فأمر بقتله فقتل.

و فی سنة 1168 ه:

فی آخر شهر المحرم الواقعة التی قتل فیها غزو أهل ثرمدا و مرات عند قصر القفیلی من قصور ضرما، أرسلوا إبراهیم بن سلیمان یستنجده فبعث إلیه جیشا و خیلا، فأحس أمیر ضرما بأمره، فأرسل إلی محمد بن سعود یستحثه، فجمع من لدیه من أهل الدرعیة، و قرایاها، و العیینة، و عجل السیر إلی القصر فوافا و ورد أهل ثرمدا، فجعل کمینا فی قصب الذرة، و معه أمیر ضرما محمد بن عبد اللّه و جماعته، فانهزم جیش إبراهیم بن سلیمان فقتل منهم نحو ستین رجلا و لم ینج منهم إلّا من اردفوه الخیالة، و کانت رکابهم خمسة و ثلاثین مردفا و أسر ناس منهم عبد الکریم بن زامل رئیس اثیثیه.
و فیها أخذت حریملاء عنوة، و ذلک أن عبد العزیز بن محمد سار إلیهم فی نحو الثمانین، و معه من الخیل عشرون، فأناخ لیلا فی شرقی البلد، و کمن لهم فی موضعین، فصار عبد العزیز فی شعیب عویجا،
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 163
و مبارک بن عدوان معه مائتا رجل فی الخریع، فلما أصبح شن علیهم الغارة، فالتحم القتال فخرج علیهم الکمین الأول فثبتوا، فلما خرج علیهم الثانی ولوا منهزمین، فقتل منهم نحو الثمانین و انصرف عبد العزیز قافلا فعزم محمد بن عبد اللّه أمیر ضرما هو و جماعته و معهم من معهم من الجیش، و دخلوا البلاد و نوخوا فی الجیوش، و نادوا بالأمان، و استولوا علی جمیع البلد، و ألحقوا عبد العزیز من یبشره بالفتح، و یرده، و سلیمان بن عبد الوهاب ماشیا، و بلغ إلی سدیر سالما.
و ممن قتل ذلک الیوم من رؤساء حریملاء رجال کثیرون، منهم أخو منیس محمد بن حمد بن محمد بن سلیمان، و حسن بن عبد الرحمن و إخوانه، و إبراهیم بن خالد، و إبراهیم بن عبد الوهاب بن عبد اللّه و الصمطة، و غیرهم، و قتل فی الغزو نحو الثمانین، و ذلک یوم الجمعة من سبع خلت من جمادی الآخر فی فصل الربیع قبل حصاد الزرع بنحو شهر.
و فی هذه السنة حملوا أهل شقرا، علی الدخول فی الدین و الطاعة بعد افتراقهم، و فیها حارب ابن دواس فی شعبان، و تظاهر هو و محمد بن فارس علی الحرب، و ظهر من منفوحة ناس کثیر للدرعیة، و فیها اجتمع دهام و ابن فارس و إبراهیم ابن سلیمان بأهل الوشم، و أهل سدیر، و أهل ثادق، و جلویة حریملاء، و نزلوا ناحیة البلد، و دخلوا الحسیان، فنهض إلیهم أمیر حریملاء، مبارک و من معه فقاتلهم و استنفر علیهم ابن سعود، فقتل من قوم مبارک ثمانیة عشر رجلا، ثم تکاثروا علیهم أهل البلد فخرج أغلبهم فاحتصن باقیهم ببیت ابن ناصر من بیوت الحسیان، و رحلوا قومهم عن البلد فترکوهم فأقاموا فیه نحو خمسة أیام، و خرج من خرج فی اللیل
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 164
و قتل، و ممن خرج فسلم ساری بن یحیی، ثم دعا مبارک الباقین منهم بعد الأمان ستة، و أسر مما أسر، و أخذ فداه و جمیع من قتل ستین فسمیت وقعة الدار، و فیها مات السلطان محمود، فتولی أخوه عثمان و وقعة الدار المذکورة فی ذی القعدة آخر السنة المذکورة.

و فی سنة 1169 ه:

أنزل اللّه الغیث فی الوسمی و أخصبت الأرض، و کثرت الأمطار و السیول، و فی هذه السنة مقتل السلطان رئیس بلد العودة، و استولی علیها عثمان بن سعدون، و فیه سنة هذه السنة جلا فوزان بن ماضی فی بلد روضة سدیر، و استولی علیها عمیر بن جاسر بن ماضی.
و فی هذه السنة دخلوا أهل القویعیة الطاعة و کبارهم: ناصرین جماز العریفی، و سعود بن حمد، و ناصر.

و فی سنة 1170 ه:

کانت وقعة الرشا، و ذلک أن عبد العزیز رحمه اللّه سار إلی منفوحة فدخلوا بعض دورها، و أخذوا یهدمون البناء، المعد لجر السیل، فخرج علیهم ابن دواس فی جماعته، فاقتتلوا فقتل من أهل الریاض ثلاثة، و من الغزو نحو عشرة و فیها اجتمع أهل منیخ، و سدیر، و الوشم علی شقرا، و ناوشوهم القتال مدة ثلاثة أیام، فلما بلغ عبد العزیز بن محمد بن سعود الخبر نهض إلیهم فیمن معه، و أرسل إلی أهل شقرا یخبرهم بذلک، و واعدهم فکمن لهم کمینا، و قال لأهل شقرا، ناشبوهم القتال، فلما ناشبوهم خرج علیهم فانکسروا، و التجوا إلی القراین، فقتل منهم فی الهزیمة نحو خمسة عشر رجلا قبل أن یصلوا القراین، منهم: حماد المسعی من أهل حرمة و مانع الکبودی، و سوید بن زاید من أهل جلاجل، فسمیت وقعة القراین.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 165
و فیها قتل ابن فایز فی أرض الحسی، و أسر ابن فایز ففدا نفسه بخمسمایة أحمر، و فیها أیضا وقعة باب القبلی فی الریاض. و ذلک أن عبد العزیز سار بمن معه، فنزل بباب القبلی، و رتب الکمین فی اللیل فلما أصبحوا خرجوا علیهم و تلاحم القتال، فخرج علیهم الکمین، فقتل من أهل الریاض نحو ثمانیة، منهم، کنفان الفرید، و صالح بن نعران، و رطییان، و قتل من الغزو عبد اللّه بن نوح، و فیها غزا عبد العزیز و شیقر فقتل أربعة رجال. و فیها غزا عبد العزیز أهل ثادق و نازلهم، و قطع علیهم نخلات، و قتل منهم نحو ثمانیة و قتلوا علیه ثمانیة. منهم: محمد بن دغیثر و محمد بن مانع، ثم دخلوا فی طاعته و وفدوا معه علی الشیخ محمد بن عبد الوهاب و الإمام محمد، و بایعوا علی دین اللّه و رسوله و السمع و الطاعة، و أمر علیهم دخیل بن عبد اللّه بن سویلم، معهم حمد بن سویلم مذکرا و واعظا.
و فیها غزا عبد العزیز جلاجل، فحصل بینهم بعض قتال، ثم تراجعوا و مر عبد العزیز علی بلدان سدیر، و أخذ بعضا من قضاتهم حمد بن غنام، و محمد بن غضیب و إبراهیم بن حمد المنقور لمواجهة الشیخ محمد، و أخذ أیضا عثمان بن سعد و منصور بن عبد اللّه بن حماد، و ذهب بهما إلی الدرعیة خوفا من المنازعة لأمیره عبد اللّه بن سلطان، ثم بعد ذلک بمدة قلیلة طلب عبد اللّه التخلیة عنهما و رجوعهما إلیه فوافق، ثم بعد رجوعهما بمدة قلیلة تمالؤا علیه فقتلوه هو و عبد اللّه بن حمد، و مزید بن سعید، و تولی ابن سعدون فی العودة، و متع فیها نحو عشر سنین.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 166
و فیها أیضا غزا عبد العزیز الریاض، و لم یظفر بأحد بتولی زید الصمعر، فإنه قتله و رجع. فیها أخذ آل ظفیر الجیدی من عنزة علی التویم، و فیها استم ملک عریعر للحساء، و فیها جلی فوزان بن ماضی عن الروضة، و تولی ابن أخیه عمیر بن جاسر، و فیها أخذ ابن سعدون بنی حسین.

و فی سنة 1171 ه:

غزا عبد العزیز ثرمدا و جرت وقعة البطیحا، و ذلک أنه أناخ باللیل قریبا من البلد، و نقبوا علی نخل یسمی البطیحا، و أدخل فیه بعض المقاتلة، و جعل کمینا فی وادی الجمل، فأحسن بهم رجل من الحرس، فأخبر إبراهیم بن سلیمان فانتدب من شجعان جماعته، فخرجوا و افترقوا فرقتین: فرقة رصدوا خارج النقب، فکل من خرج معه قتلوه، و فرقة عدوا علی من فی النخل فألجوهم إلی النقب فقتلوا منهم خمسة و ثلاثین رجلا منهم: عیسی بن ذهلان، و محمد بن عبد الرحمن، و مفرج بن جلال، و قتل من أهل ثرمدا ثمانیة. منهم: عبد المحسن ولد إبراهیم بن سلیمان، و بشر بن بلاع.
و فیها غزا عبد العزیز سدیر و استولی علی الحوطة و الجنوبیة بالأمان و فی هذه السنة غزا عبد العزیز جلاجل، و أخذ سوارح الغنم، و ناوشوا القتال، و قتل بینهم رجال، و فیها غزا الریاض فی رمضان، فحصلت وقعة تسمی؟؟؟ ام العصافیر، قتل فیها من أهل الریاض ترکی بن دواس، و ابن فریان، و الجبری، و حمود بن ماجد، و قتل من الغزو رجال، ثم غزاهم أیضا، و قتل من أهل الریاض مبیریک عبد الزرعات، و من الغزو راشد بن غانم، و حمید بن قاسم، و أمر فی رجوعه تناقص الغزو أنه لیضیق به علیهم
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 167
أقاموا فی بنائه سبعة أیام، و فی رجوعهم عزلوا مبارک بن عدوان عن إمارة حریملاء استوفدوه هو و جماعته، و أظهروا له العزل، فهرب من الدرعیة تلک اللیلة و جماعته فیها، و مر علی صهره الطویل فی أم أصوی، فرکب فرسهم و سری لحریملاء، و دخل البلد و أمر بضرب الطبل فی الحوش، و اجتمع معه ناس من أهل البلد ممن یهواه من قبیلته و أعوانه و غیرهم.
و أراد اللّه أن ناسا من أهل الدین، و من الجماعة یتقبضون لأمره، و یغلقون العامة دونه، و ینابذونه، فحاول فی الأمر فلم ینفق له حال، و جربوا أهل الحصن، و تنکروا له أهل البلد لما ضبط عن الحصن، ففر هاربا هو و من تبین معه و توجه الصعره و بمن فر معه مربد بن أحمد بن عمر القاضی، و صار مفره علی رغبة، و قتله علی الجریسی أمیرها، و تأمر فی حریملاء حمد بن ناصر بن عدوان. و أما مبارک فإنه حل فی المجمعة علی حمد بن عثمان، و طلب منه النصرة من آل مدلج، و أهل سدیر، و بعثوا إلی الوشم، و قام معهم إبراهیم، و أهل سدیر و غیرهم، و مشوا معه بشوکتهم قاصدین حریملاء، و نزلوا الفقیر قرب رغبة، و أقاموا علیه أیام حائرین و جنبوا عن حریملاء و عدلوا علی رغبة، و حاصروا الجریسی فی قلعته هو و أصحابه، و ضربوا نخیلهم الجم المعروف، و قتل راضی بن مهنا بن عبیکة، و کان أغلب العرینات و جیرانهم أهل الحدم و المنزل إلا خرقد خذلوا الجریسی، و کان عبد العزیز بن سعود قد وصل حریملاء بمن معه من أهل العارض حین استصرخوه لما بلغهم اجتماع أهل هذه النواحی لحربهم و حصارهم، فلما جبنوا و رجعوا إلی أوطانهم رحل عبد العزیز إلی رغبة و هدم منازلهم، و صدم نخیلهم، و نقلها علی الجریس و أهل حلته، و السبب أن العدو و ما تعرض لنخیلهم، و لا شی‌ء من طوارقهم، لأجل أن
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 168
لهم معهم سربوا، و یترقبون ذود الجریس علی ید غیرهم، و لعجزوا عن إزالته.
فی سنة 1172 ه: سار عریعر بن دجین بأهل الأحساء، و جمیع بنی خالد، و استنفر أهل الوشم، و سدیر، و منیخ، و أهل الخرج، و الریاض، و غیرهم و نزلوا الجبیلة أیاما، و وقع بینهم عدة وقائع، و قتل بین الجمیع عدة قتلی و لم یحصل شی‌ء، و رجع و رجعوا- أهل نجد- إلی أوطانهم، فلما رجع طلب أهل المحمل من ابن سعود المصالحة و الدخول فی الطاعة فلم یوافقهم إلّا بالتیاط فیها من الزرع و الثمرة ما رضوا و أمّر ساری بن یحیی بن عبد اللّه بن سویلم، ثم غزا القصب فطلبوا الدخول فی الطاعة، و قد ضیق علیهم، و قتل سیف بن ثقبة فأبی إلّا بثلاثمائة أحمر فأعطوه ما أراد.

و فی سنة 1173 ه:

قتل رشید بن محمد بن حسن رئیس بلد عنیزة من المشاعیب من الجراح من سیبع هو، و أخرج رئیس الجناح من بنی خالد، قتلهم عیال الأعرج فی آل أبی غنام هم، و آل زامل، و معهم غیرهم أمیر بلد عنیزة فوزان بن حمید آل حسن المقتول فی عنیزة سنة 1115 ه، لأن محمد بن حسن أبو الأمیر رشید هذا، هو أخو حمیدان بن حسن أبو الأمیر فوزان، قتلوهم فی مجلس عنیزة، و سبب قتلهم أن أهل عنیزة و آل جناح کانت بینهم حروب و فتن کثیرة یطول ذکرها، فلما تولی رشید علی عنیزة، و تولی فراج علی الجناح اصطلحوا علی وضع الحرب بینهم، و أقاموا علی ذلک نحو ثلاثین سنة حتی امتد أهل عنیزة، و أهل الجناح فی الفلاحة، و غرسوا نخلا کثیرا و کثرت أموالهم، ثم إنّ الشیطان و أعوانه حرشوا بین أهل عنیزة، و أهل الجناح، فاتفق رجال من عشیرة
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 169
رشید، و رجال من عشیرة فراج علی قتلهما، فثارت الفتن بین الفریقین بعد ذلک.
و فی هذه السنة غزا عبد العزیز المجمعة، و قتلوا علیهم علی بن دخان، و أربعة غیره، و عقروا علیهم بهائم کثیرة، و فیها أیضا غزا الدلم فقتل ثمانیة رجال، و نهبوا فیه دکاکین، و أغاروا علی نعجان، و قتلوا عودة ولد بن علی، ثم بعد أیام غزا ثرمدا، و قتل منهم أربعة، و أصیب من الغزو مبارک بن مزروع، ثم کر راجعا إلی الدلم فقتل من فزعهم سبعة، و غنم علیهم إبلا، ثم کر راجعا إلی الوشم، فقتل علی أهل أشیقر عشرون رجلا. و فیها عزل مشاری بن إبراهیم بن معمر عن إمارة العیینة، و رکب إلیها الشیخ محمد بن عبد الوهاب، و أمروا صلطان بن محسن المعمری، و أمر بهدم قصر عثمان بن معمر فهدم.
و فیها غزا عبد العزیز بن محمد بن سعود رحمه اللّه تعالی منفوحة، و أشعلوا فی زروعها، و بعد أیام غزا الریاض و قتلوا محمد بن عثمان و علی السدیس و ثالث منهم. و فیها صبح عبد العزیز العسکر علی الثرمانیة، سار علیهم بجیش و دولة من حریملاء، و أخذوا علیهم نعم کثیر وجله، و قتل منهم نحو العشرة، منهم: فوزان الدبیخة، و فیها غزا الوشم، و صادف فی طریقه خمسة عشر رجلا من أهل ثرمدا، فهربوا و التجوا إلی الحریق، و تزبنوا آل یوسف فطلبهم منهم عبد العزیز لیقتلهم فأبوا فافتدوهم منه بألف أحمر، و خمسمایة أحمر.

و فی سنة 1174 ه:

غزا عبد العزیز روضة سدیر، و قتل منهم خمسة، و فیها غزا الریاض و قتلوا فهد بن دواس، کسرت رجله فلبث
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 170
أربعین یوما، ثم مات، و قتل معه ثمانیة، و قتل من الغزو ستة. و فیها أیضا غزا منفوحة، قتل سعد بن محمد بن فارس. و فیها صبح عبد العزیز النبطة بن فیاض، و عربه فی القتال، فقتل منهم عشرة، منهم: سعد القروی و أولاده، و غنموا علیهم إبلا کثیرة نحو ثمانین ذلولا، و أثاثهم و أمتعتهم. و فیها أیضا سار عبد العزیز علی الریاض فصبحهم لیلة العید فاقتتلوا، فقتل من أهل الریاض حمد بن سوداء، و عبد الرحمن الحریص، و أبو المحیا، و غیرهم، و قتل من الغزو خزام بن عبید، و عثمان بن مجلی، و غیره. و فیها مات مبارک بن عدوان فی المجمعة.

و فی سنة 1175 ه:

أنزل اللّه الغیث، و أخصبت الأرض، و رخصت الأسعار، و حصل فی بلدان سدیر وباء مات فیه خلق کثیر، منهم: الشیخ عبد اللّه بن عیسی الموبی الوهیبی التمیمی قاضی بلد حرمه، و الشیخ محمد بن عباد الدوسری، و الشیخ أحمد بن شبانة الوهیبی التمیمی المعروف فی بلد المجمعة، و الشیخ عبد اللّه بن سحیم الکاتب المعروف فی بلد المجمعة، و آل سحیم من الحبلان من عنزة، و الشیخ إبراهیم بن الشیخ أحمد المنقور التمیمی قاضی حوطة سدیر رحمهم اللّه تعالی، و فی هذه السنة جاء جراد کثیر و أعقبه دباء أکل غالب الثمار و الأشجار.
و فی هذه السنة غزا عبد العزیز منفوحة، و قتل سعد ولد محمد بن فارس، و شبیب الصنان. و فیها أیضا غزا الخرج فصبح نعجان، و قتل منهم سبعة، و قطع بعض النخیل، ثم سار إلی الوشم و صبح مراة، و قتل بینهم عدة رجال، ثم عاد إلی الوشم و قتل علی أهل الفرعة رجال و بعد أیام دخل أهل الفرعة فی طاعته. و فیها عدا عدوة علی ضرب مقرن، و قتلوا ثلاثة، و أصابوا شعلان بن دواس، و قتل من العدوة عبد الرحمن
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 171
المهیشوری، و حمد بن سلیمان القاضی. و فیها سار أیضا إلی الوشم، و جرت وقعة العلامة قتل نحو عشرین رجلا و قتل محارب بن زامل، و بعدها المغزا الذی بنیت فیه الجلیلة.
و فیها صادف بن فیاض رکب جدعان بن معیلی عند خطابه، و قتل جدعان، و مهنا و ابن ذیاح، و عبد اللّه بن براک. و فیها وقع حیا کثیر و رجعان، و حدث فی البلدان وباء شدید و مرض سمی أبا دمغة مات فیه أناس کثیرون، و ممن مات فیه من أهل منیخ إبراهیم بن محمد بن حمد بن محمد بن إبراهیم بن حسین بن مدلج من روس آل مدلج، مات فی أول السنة قبل شدة الوباء فإن أوله آخر رمضان. و مات فی أوله أیضا عبد اللّه بن ناصر بن عثمان بن ناصر بن حمد بن إبراهیم بن حسین بن مدلج سلخ رمضان، ثم عبد اللّه بن عیسی المویس الفقیه المشهور فی شوال، و عثمان بن عبد اللّه بن عثمان بن ناصر بن أحمد، و غیرهم من أهل حرمة. و مات فیه من المشهورین حماد بن محمد بن شبانة، و إبراهیم بن حمد المنقور، و عبد اللّه بن حمد بن سحیم، و غیرهم خلق کثیر، و جاء البلدان دبّ أکل الثمار، و فیها أخذوا أهل شقرا، و اثیثیه، و القراین قافلة لعقره فی الفرع، و قتلوا منهم رجال کثیر و نساء.

و فی سنة 1176 ه:

غزا عبد العزیز الریاض و قتل بینهم رجال، منهم: دهمش بن سحیم من الغزو، و غزاه أیضا فقتل بینهم رجال منهم سریای من أهل الریاض. و فیها عداد هام علی الدرعیة من جهة لزاز، و قد أنذروا، فقتل علیه نحو العشرین و أخذ لهم رکاب، و أربع من الخیل، و قتل من شجعان قومه: علی الغزوا، و سعد المرابع، و ابن مسوط و غیرهم. و فیها غزا عبد العزیز الحسا، و أناخ بالمطیر فی، و قتل منهم
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 172
رجال کثیرون نحو السبعین، و أخذوا أموالهم، ثم أغاروا علی المبرز فقتلوا منهم رجالا، ثم ظهروا علی العرمة، فوافقوا قافلة من أهل الریاض، و أهل حرمة، فأخذ أهل الریاض، و ترک أهل حرمة لأجل هدنة بینهم. و فیها عدا علی سبیع لبییح الدبول. و فیها جار أهل اثیثیه، و قتلوا عبد الکریم بن زامل.

و فی سنة 1177 ه:

طاح دهام بن دواس، و ساق ألفی أحمر. و فیها أغار علی جلاجل، و قطعوا فیه نخیل، و هزموا فزعهم، و قتلوا منهم نحو عشرة، ثم أنه طاح علیهم سوید و جمیع أهل سدیر، فقتل علی ید علیخ فی ذلک المغزا فرجان التمامی و صالح بن محمد، ثم رجعوا فلما وصلوا إلی رغبة إذا غزوا من العجمان قد أخذ فریقا من سبیع فأخبروا عبد العزیز فجد فی طلبهم حتی أدرکهم بمکان یسمی قذلة فأحاط بهم فقتلوا منهم نحو خمسین رجلا، منهم ابن طهمان، و المجاذمة قتل منهم عشرین، و أسروا من العجمان نحو المائتین، فاستعصبوا رکابهم، و خیلهم و کانت رکاب عبد العزیز رحمه اللّه تزید علی المائة، و الخیل نحو الأربعین، و کانت هذه الوقعة سبب مسیر أهل نجران کما یأتی:

و فی سنة 1178 ه:

کانت الوقعة المشهورة علی حماد المدیهیم، و من معه من السعید غزاهم عبد العزیز فی صفر، و معه دواس بن دهام، و غزو من جماعته، لأن دهام قد صالح ابن سعود فی السنة الماضیة، فأغار علیهم علی حراب فاستأصلوا جمیع أموالهم و قتلوا منهم نحو الثلاثین، و قتل علی الغزو رجال، منهم: المغلیث، و رکاب الغزو لا تزید علی المائة و الثلاثین.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 173
و فی هذه السنة فی ربیع الثانی جرت وقعة الحایر المشهورة: و ذلک أن العجمان لما قتل منهم من قتل، و أسر من ذلک ثاروا لأخذ الثأر، و قاد الأسری، وجد فی السیر إلی صاحب نجران، و هو المسمی بالسید حسن بن هبة اللّه و شکوا له و لسائر قبائلهم من الوعیلة، و جمیع أیام ما جری علیهم، و استنجدوهم فی المسیر إلیهم، فأجابوهم إلی ذلک، و سار بهم حسن و أقبلوا، فلما وصلوا الحایر حصروا الهملة، و الفرغ الذی عندهم فلما تحقق عبد العزیز خبرهم استنفر جمیع رعایاه من البلدان، فسار إلیهم و هم علی الحایر، فوقع بینهم بعض القتال فأراد اللّه علی عبد العزیز و من معه الکرة، فولوا منهزمین لا یلوی أحد علی أحد، فقتل منهم أهل نجران خمس مائة و أسروا ثلاث مائة و خمسین، و أخذوا تسع مائة بندق، و أخبرنا سلیمان بن محمد بن ماجد و کان ممن حضر الوقعة:
أن الذی تحقق من قتل من أهل الدرعیة سبعة و سبعون رجلا، و من أهل منفوحة سبعون، و من أهل الریاض خمسون، و من أهل عرقة ثلاثة و عشرون، و من أهل العیینة ثمانیة و عشرون، و من أهل حریملاء ستة عشر، و من أهل ضرما أربعة و رجل من أهل ثادق، و یذکر أن ذلک فی تحریر فی مجلس جامع بینه و بین أناس من أهل هذه البلدان المذکورة، و معهم بدو، و غیرهم ربما من لا یحیط به علمه من أهل الحایر و سبیع و غیرهم، و یذکر أن الذی ضبط من الأسری مائتان و عشرون، ثم بعدما رجعوا فدی الأسری بأسری العجمان، ثم إن الشیخ محمد و الأمیر بن سعود أرسلوا إلی فیصل بن شهیل بن سویط شیخ آل ظفیر، و أرسلوه إلی صاحب نجران، و قد وصل ناحیة الریاض، و بذلوا له من المال ما أرضاه، فکسوا ما عندهم من الأسری، و أرسلوهم، و کان علی موعد مع عریعر
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 174
فاستنفر عریعر جمیع بنی خالد، و جمیع أهل نجد سوی العارض، و شقرا، و ضرما، فثنی اللّه عزم أهل نجران فأخلوا بالمیعاد، و رحلوا راجعین إلی أوطانهم، و قد سار عریعر و جمیع من معه فنزل علی الدرعیة، وراء سمحان و الزلال، هو و من معه فأقام علیهم نحو عشرین یوما یقاتلهم، و معه المدافع و القنابر فلم یحصل علی طائل، و قتل من قومه أکثر من أربعین رجلا، و من أهل البلد نحو اثنی عشر، و حق الحرب علی أهل سدیر، و الوشم، و أهل الریاض الحریق، و غیرهم، و بعدما رجع عریعر طلب ابن دواس، منهم الهدنة فأجابوه. و فی آخر هذه السنة قتل محمد بن فارس شیخ منفوحة، و ابنه عبد المحسن قتلهم أولاد زامل بن فارس، و ثامر فی البلد.

و فی سنة 1179 ه:

توفی الإمام محمد بن سعود بن محمد بن مقرن رئیس بلد الدرعیة رحمه اللّه تعالی، و تولی بعده ابنه الإمام عبد العزیز بن محمد بن سعود. و فیها تقریبا انتقل حمد بن إبراهیم بن عبد اللّه بن الشیخ أحمد بن محمد بن عبد اللّه بن بسام من بلد حرمة إلی بلد عنیزة، و سکن هو و أولاده، و فیها جاء برد شدید و مات أکثر الزرع. و فیها حارب ابن دواس، فسار هو و زید بن زامل، و عدا علی الصبیخات فی منفوحة، و أخذ سوانیها فخرجوا علیه أهل منفوحة، فاقتتلوا فقتل بین الجمیع نحو العشرة، و ثار الحرب الثالث بینه و بین ابن سعود.
و فیها غزا عبد العزیز الریاض و ضبط بعض بروجه فاستنفر دهام سبیع فأتوه فاقتتلوا فقتل من الغزو رجال فرجعوا.
و فیها غزا عبد اللّه و أخذ فرقان من سبیع کثیر منهم إلی شلیه،
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 175
و غیرهم فی الومه، و أحد وقعات الریاض المذکورة تسمی حصان.
و فیها أیضا وقعة أبعدوه عدا ستین رجلا من أهل الدرعیة علی الریاض فأنذر عنهم دهام فقتل منهم عدّة رجال، ثم غزا عبد العزیز الریاض فقتل منهم ستة.
و فیهما جاء برد عظیم فی رمضان فی العقرب الوسطی قتل غالب الزروع و الثمار.
و فیهما فاضوا العجمان و الدواس فی الخضار [...] و قطنوا الدجانی و ما حوله.
و فیها قتلوا أهل شقراء عیبان بن عیبان من [...].

و فی سنة 1180 ه:

تقریبا بنیت بلد البکیریة المعروفة من بلدان القصیم.
و فی أوّلها أو فی آخر التاسعة غزا عبد العزیز ثرمدا فجری بینهم وقعة عظیمة، تسمی وقعة الصحن، أغار علیهم و جعل له کمینا، فلما التحم القتال خرج علیهم الکمین فقتل منهم نحو ستة عشر رجلا، منهم:
راشد و حمد ابنا إبراهیم بن سلیمان و محمد بن عید إمامهم، و قتل من الغزو نحو ذلک، منهم فواز التمامی، و ابن غدیر، و فی رجوع عبد العزیز رحمه اللّه صادف غزو بین دواس، فقتل منهم رجالا، و منهم حسین بن قار المعلومی، و فی شوال غزا الرّیاض، و قتل منهم نحو أربعة، و قتلوا من قومه مرشد بن حصین.

و فی سنة 1181 ه:

قتل عثمان بن سعدون رئیس بلد العودة فی سدیر، و استولی علیها منصور الشافعی الأحسائی.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 176
و فیها غزا هذلول بن فیصل، و هو الأمیر، و معه سعود و هی أول غزوة غزاها متوجهین إلی العودة و معهم السلطان و غیرهم من جلویة العودة، و أهل المحمل، فمالأهم منصور بن عبد اللّه بن حماد و أناس معه فی البلد علی الغدر فی ابن سعدون، فاستضاحوا أهل العودة فخرجوا جمیعا من شرقی البلد و الکمین فی غربها، و لم یبق عند ابن سعدون من أهل البلد إلا رجلان أو ثلاثة. و خرج منصور و من معه فادخلوا فی وسط البلد، فتحصن عنهم فی قصره و أمسک الباب، فنقبوا علیه من خلف فقتلوه فأمروا فی البلد منصور بن حماد و کان فیها أخذ العهد من عبد العزیز علی [...] فی العودة [...] فاستقرّ فی الإمارة و استقر الذین کانوا معه من [...] و غیرهم من آل [...]، و کذلک جمیع آل سلطان الذین حطوا فی البلد، ثم إنه بعد هذا استراب من السلطان و آل نمی و أجلاهم و انتقلوا إلی المحمل.
و فیها دخل أهل الوشم و أهل سدیر فی الطاعة، و ساق سوید خمسا من الخیل، و أهل العطار ثلاثمائة أحمر.
و فیهما مات إبراهیم بن سلیمان بن ناصر بن إبراهیم بن خنیفر العنقری أمیر ثرمدا بعدما صالح و وفد علی الشیخ محمد و عبد العزیز.
و فیهما توفی من آل مدلج محمد بن ناصر بن عثمان بن حمد بن إبراهیم بن حسین بن مدلج رحمه اللّه.
و فیهما غزا عبد اللّه بن حمد بن سعود مطیر فإذا هم قد أنذروا و استعدوا فقتلوا علیه رجالا، و کان من القتلی دوخی الصبیخی، و ابن ربیع.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 177
و فیها غزا عبد العزیز الریاض و نزل المشیقیق و قتل سنة و قتلوا من قومه رجالا، منهم: ناصر بن عبد اللّه، و محمد بن حسن، و وقعة تسمی وقعة باب النمیری، لأنه قتل فیهما نحو عشرة عاشرهم النمیری.
و فیها أخذ عبد العزیز فریقا من الیمن علی المربع.
و هذه السنة هی أوّل القحط المشهور، و غلاء الأسعار المسماة سوقة. صار الحب فیها و الذرة علی مدین بالمحمدیة، و التمر علی وزنه، و مات کثیر من الناس جوعا و مرضا، و جلا أکثرهم فی هذه السنة و التی تلیها إلی الزبیر، و البصرة، و الکویت و غیره، لکن فی آخر الثانیة نزل الحیا و سمی، و صار علی منیخ رجعان و غالب البلدان، و لم یزرعوا فی القیض بسبب الجدب قطع الزروع.
و فیها غزا عبد العزیز الریاض و قتل منهم خمسة رجال و أربع من الخیل، و قتلوا علیه عشرة، منهم: مبارک بن سبیت، و زید بن سعید و ابن رشیدان.

و فی سنة 1182 ه:

غزا سعود بن عبد العزیز الزلفی فقتل منهم ثلاثة رجال، و هی أول غزوة تاجر فیها.
و فیها غزا عبد العزیز رحمه اللّه سبیع علی الحایر، فأخذ علیهم إبلا و غنما و أمتعة.
و فیها غزا سعود آل مرّة و واقعهم علی قناد قنی فی الجنوب، فلما التحم القتال بینهم تلاحق علیهم فرقان حولهم منهم فوقعت الهزیمة علی الغزو و قتل منهم نحو العشرین منهم موقران بن ناصر بن عثمان المدلجی، و ناصر بن عثمان بن معمر و علی الفصام.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 178
و فیها جر حمود الدریبی علی أهل القصیم، و سار إلیهم سعود بن عبد العزیز بالجموع، و نزل بباب شارخ من عنیزة، و فزعوا علیه و التحم القتال و هزموه، و قتل من أهل عنیزة ثمانیة، منهم: عبد اللّه بن أحمد بن زامل، و قتل علی الغزو عدة رجال، و جرح آخرون.
و فیها توفی الأمیر عالم صنعاء و أدیبها محمد بن إسماعیل.

و فی سنة 1183 ه:

أنزل اللّه الغیث، و أخصبت الأرض، و رخصت الأسعار، فللّه الحمد و المنّة.
و فی هذه السنة غزا عبد العزیز المجمعة بجیشه، و استنفر أهل سدیر و ساروا معه مشاة و نازل أهل المجمعة، نزل فی المکنس، و وقع القتال بینهم، و قتل بینهم عدة رجال، منهم أخوا الشیخ حمد عبد اللّه بن عثمان بن حمد، و أخوه فی یغل، ثم جاءتهم فزعة أهل حرمة، فلما أقبلوا علیهم انهزموا و سار أیضا إلی القصیم، و واقع أهل الهلالیة، و أخذها عنوة، و قتل منهم عدة رجال، و دخل غالب أهل القصیم فی الطاعة.
و وقع فی هذه السنة وباء و مرض.
و فیها غزا عبد العزیز الریاض و واقع خیلا لدهام قد أخذوا إبلا من سبیع، و وقع بینهم قتال، و قتل علی قوم دهام مطر و الفرید و ابن المرابع و حسن الجعفری و دوخی بن مروان، و قتل من الغزو عدة رجال.
و فیها ساروا الروم سیر عمر باشا وزیر بغداد عساکرا مع بکر بیک علی المنتفق، و قتل عبد اللّه بیک، و أمیر مهنا، و جلا عبد اللّه بن محمد آل مانع شیخ المنتفق إلی بنی خالد و تولی فضل [...].
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 179
و فیها وقع اختلاف و حرب بین مساعد شریف مکة و بین آل برکات، و لم یدرک آل برکات أمرا.

و فی سنة 1184 ه:

مات مساعد راعی مکة، و تولی أخوه أحمد و سیر علیه أبا الذهب محمد بیک نائب علی بیه، و أجلاه عن مکة.
و کان علی بیک قد ظهر منه بعض المخالفة، و الخروج عن طاعة السلطان، و ظاهر العمر صاحب عکا، و تمالؤا علی ذلک، فلما وصل محمد مکة، و فعل ما أمره سیده علی من عزل الشریف أحمد أرسل إلیه أن یسیر إلی الشام حتی یستولی علیه، لأن وزیر الشام عثمان باشا قد قصد بلاد غزة، و یقال: إن إسماعیل بیک قرب غزة، و تجاوز هو و خیل تحت البرود من مدافعة فی بیر قاقون فی نواحی غزة، و توجه إلی الشام فإذا مسیر الحاج قد حضر فسار الحاج إلی مکة، ثم انصرف إلی الشام منهزما و أبو الذهب محاذی له محاربا فلحقه و حاصره فی الشام، و أهلک خلقا کثیرا، و استولی علی الشام ما عدا القلعة، و عفی عن الرعیة، ثم أقبل علی مصر، و قد ظهرت مخالفته للسلطان فحاربه و استولی علی مصر، و وجه ابن همام إلی بلاد الصعید، فضبطها و انهزم علی بیک إلی عکا ظاهر، و اتفقوا علی الخروج، و المحاربة، و قطع الطریق، و استولوا علی یافا، و صیدا و بیروت، و سار علی ولد ظاهر، و کان فی قلعة تسمی زکی شام، فأخرج منها أولاد مقراد و أقام فیها قریب شهرین.
و خلف کثیرا فی تلک الوقعة و رجع إلی مصر، ثم بعد ثلاث سنین مات السلطان و استولی عبد الحمید، و بعث إلی أبی الذهب تقریر. و فیها مات فی ظاهر، و أولاده، فرکبته محمد و سار إلیهم بعدما کثر منهم
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 180
الفساد، و قطع الطریق، و نهب النساء، و الأموال و انقطعت السبل حتی بیع مد الزیت بثمانیة قروش، و مد القمح بقرش و رطل القطن بستة قروش، و خرب بیت السعادة و تولی حسین بن برکات، ثم لما رجع الذهبی إلی مصر و قد خلف عسکر عند البرکاتی صال علیه أحمد و قتل البرکاتی و العسکر، و استولی علی مکة محمد بن أبی الذهب بالحاج المصری، و العساکر المصریة، فإذا العزل قد أتی لسیده علی بیه الأمر بإخراجه و محاربته أن امتنع من قبل السلطان مصطفی بن أحمد، و تولیة محمد بیه، فانتصب محمد لمحاربة سیدة علی، و جرا مصافات و وقائع بینهما خارج مصر، و قتل علی بیه و استولی محمد علی جمیع مصر، و ملک عکة و غیرها من النواحی التی تلیه، و کان علی قد أظهر المخالفة للأوامر السلطانیة، و فیها سطا آل علیان علی راشد الدریبی و استولوا علی بریدة.
و فیها عدا عبد العزیز علی آل محمرة من آل ظفیر و أخذ علیهم و حصل بینهم قتال، و قتل بینهم رجال.
و فیها غزا عبد العزیز الحایر و قطع نخیله و قتلوا علیه ثلاثة ثم أذعنوا و دخلوا فی الطاعة.
و فیها مات صالح بن عبد اللّه القاضی فی القصیم.

و فی سنة 1185 ه:

غزا سعود یرید منیخ فلما وصل حریملاء ذکر له غزو لآل صویحی فی غیاته فکر علیهم راجعا یقتل علیهم عدّة رجال منهم و هو ابن فیاض.
و فیها غزا عبد العزیز معکال فقتل علیهم ستة منهم عقیل بن زاید.
و فیها أیضا سار عبد العزیز إلی الریاض فلما بلغ عرقه، و أبق ابن
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 181
دواس عادیا علیها بخیل و رکاب فلما رأوه انهزموا فسار عبد العزیز فی أثرهم فعثرت فرس دهام ولد دواس و أمسکه فقبله عبد العزیز، و کذلک قتل أخاه سعدون و قتل معهما تمام عشرین رجلا ثم سار بعد أیام إلی الریاض و قتل بینهم عدة رجال.

و فی سنة 1186 ه:

تحاربوا آل مساعدهم و عمهم، و أحمد، و أجلوه عن مکة، و تولی سرور بن مساعد، و فیها تناوخوا الیمن هم و بنو خالد فی العرمة و قتلوا منهم بنی خالد مقتلة و عظیمة، و فیها غزا عبد العزیز آل حبیش و أخذ علیهم إبلا و قتل منهم.
و فیها غزا سعود الریاض و أخذ غنما سارحة فقتل بسببه منهم مرخان بن فریان و عبد اللّه الساری و فیها أیضا غزا عبد العزیز رحمه اللّه الریاض فقتل منهم رجالا منهم مرزوق المطبری، و محمد بن فایز، و قتل من الغزو علی بن محمد أمیر ضرما.
و فی هذه السنة و أول سبع و ثمانین وقع الطاعون العظیم فی بغداد و البصرة و نواحیها، و لم یبق من أهل البصرة إلّا القلیل أحصی من مات فیه من أهل البصرة فبلغوا ثلاثمائة و خمسون ألفا، و مات من أهل الزبیر قیمة ستة آلاف نفسا.
و فیها سار عبد العزیز بالجنود المنصورة إلی الریاض و نازل أهلها أیاما و ضیّق علیهم و استولوا علی بعض بروجها و هدموها و هدموا المرقب و قتلوا علیهم عدة قتلی، و قتلوا من الغزو نحو اثنی عشر رجلا منهم عقیل بن نصیر، و ابن حفیتان، و ذلک فی شهر صفر، فلما انتصف ربیع الثانی سار عبد العزیز إلی الریاض فلما قرب عرقه جاءه البشیر بأن ابن
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 182
دواس خرج من بلده هاربا فجث عبد العزیز السیر إلیها و قدمها بعد العصر فإذا دهام قد ألقی اللّه الرعب فی قلبه فظهر من فی النهار هاربا هو و حریمه و عیاله و أعوانه و خدامه و فرسانه، و فروا فی ساقته أهل الریاض، الرجال و النساء و الأطفال لا یلوی أحد علی أحد إلی البر قاصدین المخرج و هلک منهم خلق کثیر جوعا و ظمأ.
فلما دخل عبد العزیز إذا هی خالیة من أهلها إلّا قلیلا فساروا فی أثرهم یقتلون و یغنمون ثم جعل فی البیوت ضباطا و حاز کل ما فیها من الأموال من سلاح و طعام و أمتعة و غیر ذلک، و کان قد أقام فی حربهم نحو سبعة و عشرین سنة.
و ذکر أن القتلی بینهم فی هذه المدة نحو أربعة آلاف رجل: الذین من أهل الریاض ألفان و ثلاث مائة، و من رعایا ابن مسعود ألف و سبع مئة.
و فی السنة الثامنة و الثمانین سار عریعر بن دجین علی بریدة و نازلها فأخذها عنوة و نهبها ثم ارتحل عنها و نزل علی الخابیة و قد جمع للمجموع من بنی [...].

و فی سنة 1188 ه:

نهب عریعر دجین بریدة خدیعة و بعدها بشهر فی ربیع مات عریعر علی الخابیة المعروفة من أرض القصیم، و قد جمع الجموع من بنی خالد و غیرهم و واعد إلی علی حبله من بلدان نجد و استعد علی أهل العارض فعاجله أمر اللّه، و اللّه المحمود علی قضاة و استولی بعده ابنه بطین، و فرق بعض خزائن أبیه فی طلب تمیم ما هم به أبوه من الممسا، فأعجزه اللّه و خذله ثم بعد ذلک سلط اللّه علیه أخویه دجین و سعدون، و اغتالوه، و خنقوه فی البیت، و استولی دجین و لم یلبث إلّا مدة
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 183
یسیرة ثم مات، قیل: إن سعدون سمه، ثم استولی سعدون عریعر علی الحسا، و جمیع بنی خالد، و فی هذه السنة قتل بنو: خالد غزو أهل الوشم عند النبقة.

و فی سنة 1189 ه:

حاصر العجم البصرة، سار بهم کریم الزندی و استمر الحصار سنة و نصف، و قبلهما من جهة الروم سلیمان باش، و فیها ثوینی بن عبد اللّه الشیب و غیره من المنتفق، فلما کانت سنة تسعین استولی العجم علیها صلحا، ثم غدروا بهم و نهبوها بالکلیة، و سبوا، و ساروا إلی بلد الزبیر ود مروة، و نهبوا و سبوا و ترکوه خلوه، غالب أهله انهزموا للکویت، و فی هذه السنة سار معهم أهل الخرج و من حولهم، و أقبلوا و نزلوا الحایر و قطعوا نخلة ثم توجهوا إلی ضرما و نازلهم، و دخلوا ناحیة نخیلها و تواقعوا و هم و إیاهم، و نصر اللّه أهل ضرما علیهم، و قتلوا منهم رجالا فی النخل، و أخرجوهم و خذلهم اللّه و ارتحلوا مخذولین ما حصلوا شیئا، و تفرقه العجمان بعدها و لا قام لهم قائمة.
و فیها مات فیصل بن شهیل بن سلامة بن صویط. و فی السنة المذکورة عصی أهل الحساء علی سعدون بنی خالد، و هموا بالامتناع و طردوا بنی خالد، فلما کان فی سنة تسعین أقبلوا علیهم بنو خالد و قاتلوهم فی البر و قتلوا من أهل الحساء قدر عشرین رجلا، ثم انکسروا، و تخاذلوا، و استأمنوا من سعدون، و دخل علیهم و قتل من کبارهم الذین قاموا فی المخالفة، و عثا فی البلد، و فیها دخل أهل الخرج فی الدین، ثم ارتد حسن البجادی و ولده، و توجهوا إلی الخرج و طاحوا علی سعود بن عبد العزیز بالحزیم و لا قبلهم، ثم ظهروا عن المسلمین و ردوا فیها البجادی، و خانوا أهل الدلم لولد زید بن زامل بعد ما استولی علیها
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 184
المسلمون و حطوا فیها ضباطا، ثم جاء زید و استولی علیها.
و فیها جرت وقعة مخیریق بین المسلمین، و آل مرة، و أمیر المسلمین عبد العزیز و صار فیها علی المسلمین وقع هزیمة، و قتل المسلمون قدر ستین منهم: عبد العزیز بن حسن أمیر القصیم.
و فی هذه السنة غزا عبد العزیز علی الخرج: بأن أغار علی العنبق و أخذ بعض السارحة، و قتل منهم نحو اثنی عشر رجلا، و قطع علیهم بعض النخیل، منها نخل الشدی، ثم نزل علی الدلم و حصر أهل زمیقة، و قطع علیهم بعض النخیل و الزروع. و فیها حاصر العجم البصرة، سار بهم کریم خان الزندی، و استمر الحصار سنة و نصفا، و قد سلمها من جهة الروم سلیمان باشا، و معه فیها ثوینی بن عبد اللّه آل شبیب، و غیره من المنتفق و العرب، فلما کان سنة تسعین استولی العجم علیها صلحا، ثم غدروا و نهبوها، و سبوا، و ساروا إلی بلد الزبیر، و دمروه و نهبوه و ترکوه خلو غالب أهله و انهزموا للکویت، ثم إن العجم رجعوا إلی أوطانهم و أخذوا معهم سلیمان باشا، و ثوینی رهائن.
و فی هذه السنة انتدب زید بن مشاری بن زامل صاحب الدلم، و حویل الودعانی الدوسری، و غیرهم من رؤساء أهل الجنوب، و بذلوا لأهل نجران مالا معلوما کثیرا علی أن یقبلوا لحرب ابن سعود کما عهدوا منهم أولا فأقبل أهل نجران و جمیع یام و الدواسر أهل الوادی، و غیرهم قاصدین العارض و سار معهم أهل الخرج، و من حولهم، و أقبلوا و نزلوا الحایر و قطع أغلبهم نخیل و جری بینهم قتال، و قتلوا علی النجارین نحو أربعین رجلا ثم صالحوا ببعض المال، و سار عنهم إلی ضرما، فنزل
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 185
علیهم فقاتلوهم أشد القتال، و دخلوا ناحیة نخیلها، فنصر اللّه أهل ضرما علیهم و قتلوا منهم عدة رجال فی النخل، و أخرجوهم و خذلهم اللّه، فارتحلوا راجعین إلی أوطانهم و تفرق العجمان بعدها، و لا قام لهم قائمة.
و فیها عزا سعود بریدة، فحصر أهلها و بنی قریبا منها قصر و جعل فیه جندا و أمر علیهم عبد اللّه بن حسن من روس آل علیان، فلما أضر بهم الحصار طلب رئیس البلد راشد الدربیی الأمان، فأمنه و استولی علی البلد و قتل منهم رجالا، و فیها عصی أهل الحساء علی سعدون، و بنی خالد و هموا بالامتناع، و طرد و ابنی خالد، فلما کان فی سنة تسعین أقبل علیهم بنو خالد فتقاتلوا هم و إیاهم فی البر، و قتلوا من أهل الجسا، نحو عشرین رجلا، ثم انهزم أهل الحساء و تخاذلوا، و استأمنوا من سعدون، و دخل علیهم فقتل من قتل من کبارهم الذین قاموا فی المخالفة، و عثا فی البلد، و فیها قدم زید بن مشاری بن زامل علی عبد العزیز بن محمد مستکینا طالبا للصلح، و الدخول فی الطاعة، و قبله عبد العزیز و عاهده علی السمع و الطاعة.

و فی سنة 1190 ه:

وفد أهل الزلفی، و منیخ علی الشیخ محمد بن عبد الوهاب، و عبد العزیز، و معهم سلیمان بن عبد الوهاب قد ابتعد من أخیه محمد، و عبد العزیز کرها فالزموه السکن فی الدرعیة و قاموا بما ینوبه من النفقة حتی توفاه اللّه.
و فیها قتل زید بن زامل فوازین محمد أمیر النتیقة، و کان من ضناین أهل الدین فانتقض عهده، و حارب فحشد إلیه عبد العزیز بالجنود فحصره أشد الحصار، فخرج هادن و صالح أهل البلد، و أمر علیهم سلیمان ابن عفصیان.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 186
و فیها قدم أهل الیمامة و رئیسهم حسن البجادی علی عبد العزیز و عاهدوا و رجعوا، و بعد مدة قلیلة نکثوا و حاربوا و أرسلوا إلی زید بن زامل هم بمملات من أکثر أهل الدلم، فدخلها و فر من فیها من أفزاع عبد العزیز، و ابن عفیصان و تولی زید فی البلد، و قام فی الحرب هو و آل بجاد بعد ما نکثوا لبجاد، و کانوا قبل ذلک قد توجهوا علی سعود بن عبد العزیز، و نهبوا منازلهم و طاحوا علی سعود. بعدما استولی علی المسلمین، و أمسک محمد البجادی.
ثم إن سعودا بعد ذلک رد فیها محمد البجادی، فلما خانوا أهل الدلم لبراک بن زید و ظهر ابن عفیصان و الضباط الذین عنده هاربین، ثم قدم زید علی ولده بعدما استقر فی البلد تظاهروا. و فی هذه السنة غزا عبد العزیز آل فرم للجنوب، و معه جمیع أهل نجد، فأغار علیهم و أخذ علیهم إبلا کثیرة، ففزعوا علیهم خیلا و رکابا، فکانت الهزیمة علی الغزو لا یلوی أحد علی أحد، و الجأهم إلی مهوی فی عریمی مخیریق، الصفا، و وقع فیه کثیر من الرکاب لا یرد لها أحد، و من وقع من الرجال ترک فقتل من الغزو أکثر من ستین رجلا، منهم أمیر القصیم عبد اللّه بن حسن، و هذلول بن نصیر، و منصور بن حمد بن عثمان و غیرهم.

و فی سنة 1191 ه:

قاد عثمان بن عبد اللّه أمیر المسلمین علی أهل حرمه، و ذکر أنه متحقق منهم ما یدل علی المخالفة، و ساروا علیهم و قربوا من البلد فی اللیل و ضبطوها، فلما أصبحوا و البلد مضبوطة علیهم لم یکن لهم بد من الموافقة و التسلیم، فأخذوا منهم ثلاثة رجال من آل المدلج، محمد بن إبراهیم، و مدلج المعبی و علی الحسینی خوفا علی عثمان، و راحوا لهم و عاهدوا أهل البلد و مروا علی أمیر الحوطة صعب بن
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 187
محمد بن مهیدب و عزلوه، و راحوا به و مروا علی أمیر العودة منصور بن عیسی بن حماد، و أمسکوه و ساروا بهم للدرعیة، فلما کان وقت المقیض من تلک السنة أجمع أمر أهل حرمه علی قتل أمیرهم عثمان بن حمد بن عثمان راعی المجمعة و أنهم یمسکون فی رهائنهم الذی فی الدرعیة أضعافهم من من ینتسب إلی الدین من أهل المجمعة، فأراد اللّه، أنهم یمضون علی ذلک، و انتدب لعثمان أخوه خضیر و ابن عمه عثمان و قتلوه و مشوا علی المجمعة متواعدین هم و أمیرهم حمد بن عثمان علی أنهم یضبطونها له و یزیلون عنه کل من یحاذر فلما.
أتوا روس أهل المجمعة من أهل الدین علی عادتهم لزیارته و دخلوا حرمه، وجدوه فی نخله فی الجو، فجلسوا فی المجمع ینتظرون خروجه، فبعث له أن إخوانک أتوا، فأقبل سریعا و قد وقف له أخوه خضیر و ابن عمه عثمان بن إبراهیم فاشرعوا فیه السیوف فقتلوه، فمضوا إلی أهل المجمعة الذین فی المجمع عثمان الثمیری، و بنی أخیه آل صالح بن عثمان، و محمد التویجری، و محمد بن شبانة و غیرهم الجمیع نحو عشرة، فوضعوا أرجلهم فی الخشبة و أقفلوها و أغلقوا علیهم المجمع و فزعوا جملة إلی المجمعة لضبطوها لابن عثمان، و یزیلوا عنه ما یحاذر، فلما وصلوا إلی باب القلعة إذا عنده حمد التویجری و رجال معه، أهالهم الأمر لما رأوا الجمع قد أقبل علیهم أغلقوا الباب فجعلوا ینادون عند الباب، و یصیحون لابن عثمان و هو فی قصره، فأمسک علی یده و لسانه فوقع الفشل منهم، و تفرق عنهم من اختلط معهم إلی بیوتهم لما رأوا الفشل لئلا یعرفوا، و رجع أهل حرمه إلیها، و کان عثمان بن حمد التویجری قد سار إلی عبد العزیز بن سعود لما قتل عثمان یخبره بما جری، فجهز إلیهم
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 188
سعود و سار معه جمیع أهل البلدان من العارض، و المحمل، و الوشم، و أهل سدیر رکبانا و مشاة، و نزلوا حرمه، نزلوا قرب الماقف المعروف، و الظاهریة، و جری بینهم قتال، و قتل صاحب الماقف أکثر من عشرة، و قتل غیرهم، و آخر الأمر أن سعود لما صعب علیه أمرهم صالحهم علی أنهم یطلقون الأسری الذی أسروا من أهل المجمعة فی رهائنهم الذین فی الدرعیة من آل صالح، و الثماری، و ابن شبانة، و غیرهم فیهم عشرة و أن لهم قودا یطلق الرهائن الذین عندهم فی الدرعیة، و وافقهم لأجل مسکو سوید بن عثمان.
و فی هذه السنة توجه عبد العزیز بن زامل أمیر الدلم غایب نحو البجادی، و یوم بلغه خبر منازلة عبد العزیز للدلم أقبل بجیش و صادف جیشهم فی مناخه خارج البلد و عبد العزیز عنده و أوقع بهم، و فر الذین فی البلاد حین أحسوا بالوقعة، فأخذ زید و قومه من رکاب الجیش قیمة سبعین مطیة، و قتل أکثر من ثلاثین رجلا، ثم نعجان و قطعوا نخیلا و دمروا زروعا.

و فی سنة 1192 ه:

نزل سعدون بن عریعر الخرج، و أراد من عبد العزیز المصالحة فأجابه إلیها، ثم نزل ببان ثم مبایض، و اختلف الأمر بینهما، و تخوف کل منهما صاحبه و انتقض الصلح، و ألقی اللّه الرعب فی قلب سعدون، فظعن من مبایض حادر إلی أوطانه، و ذلک فی شدة القیظ و الحرارة، و هلکت أکثر أغنامهم عطشا، و أصابهم مشقة عظیمة.

و فی سنة 1193 ه:

أخذ اللّه حرمه فقد سار إلیها سعود بالمسلمین، و نازلها، و ضیق علیهم و قتل عبد اللّه بن حسن و عیاله منصور، و حسن،
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 189
و سعد الصانع، و غیرهم، و أوقع اللّه الرعب و قبلهم بأیام قتل مدلج و عدة رجال و غیرهم، و أوقع اللّه الرعب فی قلوبهم و صالحوا علی ما فی بطن الحلة من الأنفس و الأموال، و استولی علیها المسلمون و هدموا الحلة، و بعض أهلها نزل المجمعة، و غالبهم جلوا للزبیر و سطوا أهل حرمه علی أهل المجمعة، و قبضوا بروجها و نخیلها، و هم مواعدون أهل الزلفی، و سعدون بن عریعر و أقبل الجمیع بجیوش عظیمة، و نزلوا نخیل المجمعة، و اختصروا فی القلعة و غلقوا الأبواب، و أقاموا عدة أیام محاصرینهم، یقطعون النخیل، و رعوا الزرع، و دمروها، ثم أنهم عجزوا عن القلعة و رحلوا بنی خالد و أهل الزلفی، و رجعوا أهل حرمه إلی بلادهم و ثار علیهم الحرب، و أقاموا مدة أربعین یوما فی ضیق و المسلمون یواقعونهم من المجمعة، تلک المدة فجعلوا فیها خیلا و دولة، و غزوة بالجیوش، و قاتلوهم ثم رجعوا أمیرهم عبد اللّه بن سعد.
و فی هذه السنة تمالأ أهل حرمه، و أهل الزلفی، و سعدون بن عریعر علی أنهم یسطون فی المجمعة، لأنه قد وقع فی أنفسهم أنهم إن لم یخرجوا من حکم ابن سعود أخرجوا من بلدهم، فساروا إلیها وسط النهار و أمسکوا جمیع بروج النخیل، ثم قدموا علیهم أهل الزلفی بشوکتهم، ثم قدم سعدون بالجموع العظیمة و نزلوا وسط النخیل و احتضن أهل المجمعة و من عندهم من الأعوان فی القلعة و بنوا علی الأبواب و أقاموا عدة أیام یحاصرونهم و یقطعون النخیل و رعوا الزروع و دمروا، فلما ضاق الأمر علیهم و هموا بالمصالحة و التمکین و طلبوا الإنظار نحو یومین یرجون المدد، لأن حسین بن مشاری بن سعود فی جلاجل فی عسکر من أهل العارض، و المحمل و سدیر، فیسر اللّه أن یسری إلیها من قومه سریة فی
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 190
اللیل مخاطرین بأنفسهم و یتخللون تلک الجموع فجرا، و أعمی اللّه عنهم و وصلوا إلی جدار القلعة و جدار قصر التویجری فألقوا إلیهم الجبال، و لآل رشید فصعدوا و سلمهم اللّه، فلما رأی سعدون و من معه هذا الأمر تحققوا أنهم ممتنعون و لا قدرة علیهم، فرحل سعدون و من معه و رحل أهل الزلفی و رجعوا أهل حرمه إلیها، و استقر الحرب بینهم ثم جهز عبد العزیز أخاه عبد اللّه و قد أقاموا بعد رحیل ابن عریعر نحو شهر و نصف یغادونهم أهل المجمعة القتال و یراوحونهم، و قد جعل فیها عبد العزیز جندا و خیلا و شوکة، ثم غزاهم عبد اللّه بن محمد کما ذکرنا بجمیع أهل نجد، و ضیق علیهم، و قتل منهم رجالا، منهم مدلج المعیی و غیره ثم بعد ذلک سار إلیهم سعود بجمیع أهل نجد و نازلهم و ملک أکثر. نخیلهم و قطع منها، و حصرهم عدة أیام و کل یوم یباکرهم القتال و یمسیهم حتی قرب مقضبهم قبالة باب القلعة، و نهض عبد اللّه بن حسن و أولاده منصور و حسن مبادرین مع الباب خارجین إلیهم مسالمین لیدخلوهم، فظنوا أنهم خارجون لقتال.
فثوروا علیهم البنادق، فقتلوهم و قتل سعد بن محمد الصانع و غیره، فلما اشتد علیهم الحصار أوقع اللّه فی قلوبهم الرعب، فصالحوا سعود علی ما فی بطن الحلة من الأنفس و الأموال، و مکنوهم من البلد فدخلوها و ضبطوها، و کاتب سعود أباه یخبره بما جری أنه صالحهم علی أن لهم الحلة و ما فیها، و أن یزیل المحذور منها، فکتب له أبوه أنها محذور کلها، فدمرها و أهدمها، فأمر الجنود بهدم جملة السور، و البیروت، و ارتحل أهلها، منهم من نزل فی المجمعة، و منهم من هو الأکثر من حدر لبلد الزبیر، و قتل فی أول هذه الحرب، و أخره منهم عدة منهم مدلج المعیی،
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 191
و عثمان بن حسین بن عثمان العمیم و أخوه غیاض، و سعد الصانع، و جبر بن العتیقی، و مضهور، و غیرهم.

و فی سنة 1194 ه:

مات القاضی أحمد بن محمد بن عبد اللّه بن علی بن محمد بن مبارک بن حمد التویجری، و القاضی أحمد بن إبراهیم بن عبد الوهاب، و فیها جاء عنیزة سیل عظیم أغرق البلد و أهلها، و محی منزلها و ذهب فیها أموال و أمتعة کثیرة، و فی هذه السنة حج کاتب الأحرف حمد بن محمد بن ناصر المدلج.
و فیها سارق جیوش المسلمین علی أهل الزلفی، و شبوا النار فی الزروع و دمروا، ثم توجهوا للخرج، و عدوا علی الدلم ثم أطاحوا أهل الزلفی فی هذه السنة، و فیها أغارو سبیع علی أباعر الضفیر علی صفوان، و أخذوا إبلا کثیرة قیمتها أربعة آلاف. و فیها سار أهل القصیم، و أغاروا علی حرب، و أخذوا إبلا کثیرة.
و فی هذه السنة: توفی بجدة أحمد بن سعید المنسخ عن شرافة مکة فی سنة 84.
و فی هذه السنة غزا سعود الزلفی و قد انذروا فأخذوا حذرهم و حصل بینهم قتال، قتل فیه رجال، و فیها غزا عبد اللّه بن محمد الزلفی و لم یحصل علی طائل فلما جاوز رغبة أذن لأهل سدیر، و أهل الوشم یسیرون إلی بلدانهم، فلما وصلوا العتک صادفهم سعدون بن عریعر فی جموع بن خالد فأحاط بهم و قتلهم و لم ینج منهم إلّا القلیل، و من القتلی أمرؤهم:
عبد اللّه بن سدحان أمیر أهل الوشم، و حسین بن سعید أمیر أهل سدیر، و أغار سعدون علی النبطة من سبیع، و صادفوا عندهم أهل ضرما، فحصل
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 192
بینهم قتال و قلع علی الغزو خیل و أسر رجال منهم سعدون بن خالد من شیوخ العمائر و افتدی بثلاثة آلاف أحمر، و أخذت أباعر آل فیاض و غیرها.
و فیها أصاب عنیزة سیل عظیم أغرق البلد و بعض أهلها، و محی منزلتها، و أذهب منها الأموال و الزاد و أمتعة کثیرة لا تحصی. و فیها أغار سبیع علی آل ظفیر علی صفوان، و أخذوا إبلا کثیرة نحو أربعة آلاف و فیها غزا أهل القصیم، و أغاروا علی حرب، و فیها ساروا علی أهل الزلفی و أشعلوا فی زروع و دمروا ثم توجهوا للخرج، و عدوا علی الدلم، ثم إن أهل الزلفی صالحوا فی هذه السنة.
و فیها توفی الشیخ أحمد بن محمد بن عبد اللّه بن علی بن محمد بن مبارک بن حمد النویجری قاضی المجمعة، و الشیخ حمد بن إبراهیم بن حمد بن عبد الوهاب بن عبد اللّه قاضی مرات، و فیها غزا سعود الحوطة، و قتل منهم نحو خمسة عشر، و قتل علیه رجال، و فیها حج رجال من أهل نجد، منهم عبد اللّه بن ماضی، و ناصر بن إبراهیم المدلجی، و منصور بن حماد، و غنام المنقور، و صهره عثمان بن ریس، و حمد بن منیف و ابنه عبد اللّه، و حمد بن ناصر، و محارب بن سوید، و رجال غیرهم و إبراهیم بن ثاقب و أبو وطبان فی حاج الکویت، و شریف مکة یومئذ سرور.

و فی سنة 1195 ه:

سار سعود بالمسلمین علی الخرج، و صار ما عداهم علی الدلم، و شحموا نخل ابن عسبان المسمی خضرا قریب ألفین نخلة، و قتلوا عدة رجال ثم توجهوا نحو السلمیة و بنوا القصر المعروف فی
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 193
البدع، و رتبوا فیه شوکة، و فیها صال سعدون ببنی خالد مع جدیع بن مندیل بن هذال علی مجلاد بن فوزان الفنتشة، و الدهامشه، و ناوخوهم، و بعد هذا أخذوا حلته ثم أقبلوا مطیر فزعة له، و رکض هو و أباهم و قتلوا من قوم جدیع، و سعدون عدة رجال.
و قلعوا أکثر من مئة فرس.
و فی هذه السنة أجمع أهل الخرج علی أنه ما یستقیم لهم حال و قصر البدع علی حاله، و صنعوا محامل و أبواب و سلالم و سروا علیهم فی اللیل ینقضون علیهم، و قتلوا منهم رجالا و انهزموا، و فی هذه السنة قتل جدیع بن مندیل هذا رئیس عنزة و قتل معه أخاه مزید و ضری بن خبال، و عدة من رؤسائهم قتلوا مطیر فی طراد بینهم، و قد استعدوا لملاقاة عدوه، فعالجهم اللّه و قتلوا علی غیر أهبة. و فیها نزل أسلاف من آل ظفیر علی مبایض محسن بن خلاف بآل سعید و دهام أبی ذراع بالصمد و غیرهم الجمیع قیمة سبعة أو ثمانیة أسلاف، و سار إلیهم سعود بالجنود حضرا و بدوا جیشا و رجلا، و نصره اللّه علیهم و استأصل غالب أموالهم، الإبل، و الغنم، و الحلة، و أخذ من الإبل قدر خمسة آلاف، و من الغنم قیمة سبعة عشر ألفا، و من الخیل خمسة عشر رأسا، و قتل ثواب بن حلاف، و دهام أبا ذراع و غیرهم.
و فیها مشی أهل الخرج یم سعدون بن عریعر یطلبون أن یمشی علی قصر البدع، و أخر الأمر أنه سار بالمدافع و العساکر و نازلهم و واقعهم، و خذلهم اللّه و لم یحصلوا علی شی‌ء، و بعده بأیام مات راعی الیمامة حسن بن راشد البجادی، و بعد هذا المسمی بالرحیل من أجل نخیلها ثم
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 194
توجهوا للدلم و قطعوا النخیل فی الفریع و النتیقة، ثم توجه النعجان، و قطعوا فیه نخیل ثم توجهوا إلی الیمامة و قضوا فیها بروجا و غیرها.

و فی سنة 1196 ه:

أقبل بنو خالد علی القصیم، و انقلبوا معهم أهل القصیم عن الدین، و قتلوا من عندهم ممن ینتسب إلی الدین، مثل: ناصر الشبیلی و منصور أبا الخیل، و ثنیان، و عبد اللّه القاضی، و غیرهم، و جمع سعدون بنی خالد و الظفیر و شمر و من حضر من عنیزة و غیرهم، و أهل القصیم، و أهل الزلفی سوی أهل الرس و التنومة، و حاصر بریدة و سلیمان الحجلانی، و ناسا غیره من أهل بریدة ممالئین سعدون، و أهل القصیم فأراد اللّه أن حجیلان بن حمد یمضی علی سلیمان الحجیلانی و یقتله و یثبت أهل بریدة و یقوم فیهم، فثبتهم اللّه بسببه، و نوخوا الجنود المذکورین علیها قیمة أربعة أشهر و جری وقعات کثیرة و یخذلهم اللّه، ثم ارتحلوا عنها مخذولین، و نوخ سعدون علی الزلفی، ثم ورد مبایض فلما کان بعد عید النحر آخر هذه السنة سنة ست و تسعین ما روی آل ماضی عون بن مانع و إخوانه و ترکی بن فوزان و أخوه، و الذی معهم من آل ماضی، و جماعتهم، و آل مدلج، و الذی معهم من جماعتهم و آل مدلج و الذی معهم من جماعتهم و غیرهم من أهل سدیر و أهل الزلفی و زید بن زامل، و أهل الخرج سطوا فی الروضة، و استولوا علیها، و أمنوا أهل القصر الذین فیه من المسلمین، و أظهروهم و سعدون و جنوده ماشین معهم، و بعد ما استقر آل ماضی فی البلد انصرف سعدون و جنوده، و انصرف جمیع أهل البلدان و من حین دخلوها و البوار حال بهم، و صاروا یواقعونهم أهل بلدان سدیر ثم أقبل مرابطیه من العارض و کثرت علیهم الوقائع و آخر الأمر أن عون بن مانع رئیسهم قتل و قتل معه عدة رجال،
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 195
و عاینوا الخذلان، و تقدم فیهم عقیل بن مانع، و أقبل سعود بالجنود و نازل البلاد و ضیق علیهم و قضب النخل، و یوم ضاقت علیهم بعثوا فی الصلح علی دمائهم و ما احتوت علیه الحلة، و یبذلون من الدراهم شی‌ء معلوم الدراهم و یجلون عنها و صالحهم سعود علی هذا و أظهرهم و استولی علی البلد، و مدة لبثهم فیها شهر، سلمت البلد عاشر المحرم سنة 1197 ه.

و فی سنة 1197 ه:

أیضا سار المسلمون و أمیرهم سعود، و أخذوا الصهبة، و قتلوا دخیل اللّه بن جاسر، و خلف رؤساؤهم، و أخذوا إبلهم و غنمهم و حلتهم، و قیمته عشر من الخیل.
و فیها غزا زید بن زامل جیشه قیمة مئتین، و أغار علی سبیع، و أخذ منهم إبلا کثیر، و صار للمسلمین رکب أمیرهم سلیمان بن عفیصان، رکابهم قدر ثلاثین و طلبوهم و حین تواجهوا کتب اللّه أن زید یرمی ببندق، و یسقط من ظهر مطیته، و أوقع اللّه فیهم الفشل و انکسروا، و قتل زید عاشر عشرة، و أخذوا من رکابهم نحو ثمانین، و فکوا إبل سبی، و هذه السنة أعنی سبع و تسعین هی أول القحط و الغلاء المسمی دولاب، غلا فیه الزاد غلاء ما نعرفه، و بیع الحب علی مدین بالمحمدیة، و التمر علی وزنه و نصف و دون، و اشتد الغلاء، و الجوع فی السنة الثامنة و التسعین، و استمر القحط إلی تمام المئة.

و فی سنة 1198 ه:

توجه المسلمون و أمیرهم سعود نحو الحساء و واقعوا العیون، و استولوا علی حله، و قتل ناصر بن عبد اللّه بن ناصر، و قتل اثنین أو ثلاثة، ثم انکفؤا علی الخرج، و استصبحوا لأهل الیمامة، و قتلوا منهم قیمة تسعین رجلا، و للّه الحمد و المنة، و الأمر من قبل و من بعد.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 196
و فی هذه السنة عدا براک بن زید بن زامل و أهل الیمامة علی منفوحة، فقتل بینهم عدة رجال و فیها أیضا غزا سعود عنیزة، و قتل بینهم عدة رجال منهم ثنیان بن زوید، المشهور بالشجاعة.

و فی سنة 1199 ه:

قتل براک بن زید بن مشاری شیخ الدلم قتله أولاد عمه، و تزبنوا العارض و فیها صادف المسلمون قافلة أهل الخرج و الفرع، و هم قدر ثلاثمئة رجل، و هم ظاهروه من الحسا، معهم أموال، و قماش حافل، و تواقعوا هم و إیاهم و عدوا بینهم عدة قتلی، و آخر الحال أنهم أخذوهم عن آخرهم و قتلوا منهم قتلی کثیرین، و فی آخر هذه السنة فی ذی الحجة سار سعود ساعده اللّه بالجنود المنصورة علی الخرج، و نازل الدلم، و أخذها اللّه عنوة و قتل شیخها ترکی بن مشاری ولد زید، و عدة غیرها، و إذ عنت بقیة بلدان الخرج یوم أخذ اللّه الدلم، و طاحوا علی بن سعود، و فی آخرها و أول التی تلیها أوقع اللّه فی الإبل موت عظیم، خلت منه مرح غالب البوادی و الحضر، حتی إن مطیة المسافر تموت و هو فوقها، و سمیت سنة جزام الثانی.

و فی سنة 1200 ه:

رأس القرن، و هی رجعان دولاب القحط المعروف، فیها جلا سعدون بن عریعر للعارض، و تولی علی بنی خالد و الحسا عبد المحسن بن سرداح آل عبید اللّه.
و ذلک بعد أن تمالأ عبد المحسن بن سرداح و دویحس بن عریعر علی الخیانة بسعدون، و استدعوا ثوینی بن عبد اللّه شیخ المنتفق، و تناوخوا مدة أیام، و حصل بینهم قتلی کثیرون، و صارت الکسرة علی سعدون و انهزم إلی العارض، و نوخ علی عبد العزیز فی الدرعیة و أنزله
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 197
و أکرمه و وقره و شاخ دویحس فی بنی خالد، و الحل و العقد بید عبد المحسن خال دویحس.

و فی سنة 1201 ه:

سار ثوینی بن عبد اللّه آل محمد آل شبیب إلی نجد بالعساکر و الجنود، و معه من القوة و العدد و العدة ما یفوت الحصر، حتی إن حمول زهبة المدافع و البنادق سبعمائة حمل، و معه جمیع المنتفق، و أهل الشط، و المجرة، و النجادی، و شمر و غالب طی، و غیرهم من الخلق، و صار مبناه علی التنومة من القصیم، و نازلهم و آخر الأمر أنه استأصلهم قتلا و نهبا، و ارتحل متوجه لبریدة، و نازلها و أوقع اللّه الرعب و الفشل فی قلبه، و ارتحل عنها راجعا قبل أن یواقعهم، و انصرف إلی أوطانه و من حین وصل البصرة انقض علیه أمره، و سیر علیه سلیمان باشا الجنود، و العساکر، و کسره و انهزم جالی، و ولی الباشا حمود بن ثامر فی مکانه، و کان عبد المحسن بن سرداح قد سار ببنی خالد یرید مساعدة ثوینی علی أهل نجد، فلما وصل و معه جمیع بنی خالد و أهل الأحساء، و قطع الدهنا، بلغه رجوع ثوینی فرجع، و فیها غزا حجیلان إلی جبل شمر و وافی ظاهرة لأهل الجبل و غیرهم، و أخذها و قتل منهم رجالا ثم غزا الجبل و ضیق علیهم حتی دخلوا فی الطاعة.
و فی هذه السنة أخذ اللّه قبائل من شمر بعد ما فارقهم ثوینی، و قتل منهم نحو مئة أو أکثر و أخذ منهم المسلمون أمولا.

و فی سنة 1202 ه:

مات حسن بن عیدان و حمد بن قاسم و حمد الوهیبی و عبد الرحمن بن دهلان القضاة، و مشاری بن إبراهیم بن معمر، و فی ثامن عشر ربیع الثانی توفی شریف مکة سرور بن مساعد، و فیها
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 198
عصی ثوینی علی سلیمان باشا، و استولی علی البصرة، و أصفقوا معه المنتفق، و آل سعدون.
و فی هذه السنة دخل أهل وادی الدواسر فی الطاعة بعد محاولات بینهم و فیها خرج ثوینی علی سلیمان باشا، و استولی علی البصرة، و الفاد و اله جمیع المنتفق، و جلوا آل سعدون نحو الباشا فسار إلیه سلیمان باشا بالعساکر، و تلاقوا فی أدنی المحرة فکسر آلباشا کسرة عظیمة، و قتل من المنتفق قتلی کثیرون، و فر ثوینی و شرذمة معه إلی الجهراء، و استولی جمود علی المنتفق وفر متسلم البصرة صاحب ثوینی، و ولی سلیمان فیها مصطفی، ثم أن مصطفی مالأ ثوینی علی خیانة، و فطن له مغزو و لحق بثوینی ثم وقع خلافات بین جمود و ثوینی عند سفوان، فانکسر ثوینی و فارقه من معه و التجاؤا إلی الکویت، ثم توجه ثوینی إلی کعب الدروق، و مواقعة جود لثوینی عند سفوان المذکورة بعد ما واقعه ابن سعود، فلما کان فی شوال من سنة أربع خرج ثوینی إلی بنی خالد بعد غریمیلی فی إمارة زید فلم یر منهم نفعا فسار منهم إلی الدرعیة و رمی بنفسه علی الأمیر عبد العزیز بن سعود، فأکرمه و أعطاه خیلا و إبلا و دراهم، و رجع إلی الکویت ثم أنه رمی بنفسه علی سلیمان باشا فعفی عنه و أهله و قد أجملنا أمر ثوینی.
و فیها غزا سعود عنیزة، و أجلی آل رشید منها، و أمر فیها عبد اللّه بن یحیی، و فیها غزا سلیمان بن عفیصان قطر، و قتل الکثیر من آل أبی رمیح، و أخذ أموالهم، و مر علی الحبشة فقتل منهم رجالا، و فیها أمر الشیخ محمد بن عبد الوهاب عفی اللّه عنه أهل الدرعیة أن یبایعوا
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 199
سعود ابن عبد العزیز و غیرهم من الرعایا علی أنه الخلیفة بعد أبیه. و فیها غزا سعود فرقان من عنزة فی أرض قنی، فأخذهم و قتل منهم، و فیها غزا سلیمان بن عفیصان العقیر، فوافق فی طریقة عیسی بن غضیان العبد المشهور معه غزو من أهل الیمامة، فناوخهم فأخذوهم، و قتل أکثرهم و قتل عیسی.
و فیها ثامن عشر ربیع الثانی توفی شریف بن سرور بن مساعد، و فیها توفی سلطان بن عثمان عبد الحمید بن أحمد جان، و تسلطن أخوه سلیم بن أحمد، و فیها مات حسن بن عیدان و حمد الوهیبی، و حمد بن قاسم، و عبد الرحمن بن ذهلان القضاة، و مشاری بن إبراهیم بن معمر.

و فی سنة 1203 ه:

غزا سعود بالجیوش المنصور و واقع ثوینی حد تبرزه عن الروم معه قطعة من آل شبیب و المنتفق و هزموهم و أخذوا الحلة، و فیها سار علی بنی خالد قبل أن یغزو ثوینی، و نازلهم فی منزلهم یوم و لم یکتب اللّه بینهم مواقعة و سموها البدو ویق.
و ذلک أن سعود خاف الخیانة من بعض قومه، فرجع و مر علی القرین، و أخذ منها طعاما منوعا لبنی خالد.
و فیها غزا سعود المنتفق و ناوخهم، و أخذ منهم أمتعة و خیاما، ثم رجع فصادف رکبا لآل سحبان فقتلهم، و کانوا نحو التسعین، و فیها غزا الأحساء فأناخ عند المبرز و تراموا معه ساعة، ثم سار إلی قریة فضول فی الشرق فقتل منهم قتلی کثیرین و أخذ القریة.

و فی سنة 1204 ه:

سار أیضا علی بنی خالد و مع المسلمین الظفیر، و بوادی العارض و انکسر ثوینی، و فارقه من معه و التجأ إلی الکویت، ثم
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 200
وصل کعب و الدروق و واقعه حمود عند صفوان المذکورة بعد مواقعة سعود، فلما کان فی شوال من سنة 1204 ه خرج إلی بنی خالد بعد غریمیل فی تروس زید فلم یری عندهم، فسار منهم إلی الدرعیة و وقره عبد العزیز، و أکرمه، و أعطاه، خیلا و إبلا، و دراهم و رجع إلی الکویت ثم نفسه علی سلیمان باشا.
و عیال عریعر والی معهم من جلویه بن خالد، و تناخوا عند غریمیل الموضع المعروف و هناک تلاقت الجموع و آخر الأمر أن اللّه هزم عبد المحسن و بنی خالد، و صارت علیهم الدائرة و أخذوا المسلمین و بوادیهم من الإبل و الدبش ما لا یحضره العد و الحلة و هرب عبد المحسن المنیف، و تولی زید بن عریعر فی بنی خالد، و اجتمعوا علیه.
فیها نزل علی حرمیلاء برد عظیم فی الوسمی و المربعانیة قتل کل ما وقع علیه من الغنم، و الدبش و غیرها، و الطیور فی خسف السطح، و المواعین حتی النحاس، و قتل الأشجار و خر فی خوض النخل و کسر عسبانه، و أهلک زروعهم جملة و أشفقوا علی أنفسهم و جاروا إلی اللّه، و رحمهم و دفع عنهم و هلکت التمر و التین و الحب و کان زرع البلد قیمته خراص ثمانین ألف صاع.
و فیها أیضا غزا المسلمون علی الأحساء و أخذوا بلد الفضول، و قتلوا من أهلها قیمة خمسین.

و فی سنة 1205 ه:

سار غالب بن مساعد شریف مکة علی نجد سیر أخیه عبد العزیز بقوة هائلة، و عدد وعدة، جیشه نحو عشرة آلاف و أکثر، معهم أکثر من عشرین مدفعا، و ناوخ قصر بسام فی السر أکثر من عشرة
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 201
أیام و لم یحصل شی‌ء ثم ظهر غالب بنفسه معه قوة و مدد، و اجتمع مع عسکره الأول، و نازلوا الشعرا فی شعبان نحو شهر یرمون بالمدافع و القنابل، و کف اللّه بأسهم عن الجمیع و انصرفوا خائبین و قتل منهم قدر خمسین رجلا و فی هذه السنة کانت وقعة العدوة، سار سعود بالمسلمین و توجه تلک الناحیة و قد انحاز إلیها غالب العربان الذین انفردوا عن الشریف یوم رجع، و غالبهم مطیر و شمر ما غاب منهم إلّا القلیل و واقعوا المسلمین علی العدوة و کسرهم اللّه و قتل منهم ناس کثر منهم ولد الجربا، و حصان إبلیس من البراعصة و سمرة العبیی هلیه و غیرهم من الرؤساء و الأتباع و غنموا أموالا کثیرة الإبل نحو ألاف، و أکثروا الغنم قدر قیمة ألف و بعض القش و الحلة، و الوقعة فی آخر الأضحی، و فیها ولد محمد بن حمد فی ربیع الثانی.

و فی سنة 1206 ه:

فی أول جمادی الأولی جرت وقعة القطیف و أخذ اللّه أهل سیهات، و عنک، و القدیح، و قرایا، غیرهم، و قتلوا غالب أهلهن قتل منهم نحو أربع مئة أو أکثر، و غنم منهم غنائم کثیرة، و صالحوا عن الفرضة بخمسة آلاف أحمر، و اللّه المحمود علی ما قضی.
و فی هذه السنة قتل عبد المحسن بن سرداح قتله عیال عریعر زید و أخوانه، استدرجوه و استدنوه حتی اجتمع بهم و اغتالوه فی مجلسهم غدیرا، و شاخوا فی بنی خالد، و فی رابع عشر رجب مات عبد الرحمن بن سلیمان. و فی آخر شهر ذی القعدة من هذه السنة مات الشیخ الإمام و الحبر الهمام محمد بن عبد الوهاب بن سلیمان بن علی عفا اللّه عنه و أرضاه، و ناصر بن عقیل أمیر المجمعة.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 202
و فی أول سنة 1207 ه: سار سعود نحو القبلة و أخذ فرقان من حرب بن علی و أخذ علیهم نحو ثمانیة آلاف من بعیر و نوق، و نحو عشرین فرسا، وصل عند قیمة ثلاثین و غیرهم علی الشقرة.

و فی سنة 1208 ه:

و فی آخر رجب سار سعود بالجنود المنصورة متوجها إلی بنی خالد، و وافق براک غازی بهم و أخذ فریق من سبیع و غیرهم و قضب لهم سعود اللصافة ثیوم، أقبلوا بکسبهم قاصدین ورد الماء، ظهر علیهم بالجموع و نصره اللّه علیهم، و کل انهزم من جهته، و أخذهم اللّه، و الذی هلک منهم بین القتل، و الظمأ، و الذهاب قیمة خمسمائة رجل أو أقل أو أکثر، و أخذ غالب رکابهم و خیلهم و الوقعة عند الشیط، و اشتهرت به و انهزم براک شریدا، و خیل معه و تزینوا المنتفق، و یوم بلغ أهل الأحساء خبر الوقعة طاحوا و کاتبوا سعود، و عاهدوه و أمر فیهم سعود محمد الحملی، و سیر إلیهم عبد اللّه بن فاضل و إبراهیم بن حسن بن عبدان، و حمد بن حسین بن حمد، و محمد بن سلیمان بن خریف، و یعلمونهم و یذاکرونهم بالدین، و یشرفون علی أحوالهم و یربتونهم علی المراد منهم فلما کان قیمة أربعة عشر لیلة قضت من شوال تمالؤا. علیهم أهل الأحساء و غدروا بهم و قتلوا محمد الحملی، و أبو سبیت و المعلمة المذکورون رجالاتهم و من علی حبلهم، و سعود ما بعد قفل من المغز المذکور ما برح حولهم علی میاه الدیرة، فلما بلغه الخبر و قضی اللّه الأمر ظهر.
و فیها مات سلیمان بن عفیصان أمیر الدلم.
و فیها خسف القمر لیلة الخمیس رابع عشر من المحرم أول السنة
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 203
المذکورة، و کسفت الشمس فی آخره یوم الخمیس أیضا، و فیها سار سعود بالجنود إلی الأحساء و نازله أهله و قد ولوا زید بن عریعر و استوطن البلاد هو و إخوانه، و ذویه، فأقام سعود علی البلاد من سبع لیال خلت من صفر إلی استهلال ربیع الأول هو و عساکر المسلمین یقاتلون و یدمرون و ینهبون من التمر حتی أوقروا ما طمعوا به من الرحائل بدوهم و حضرهم، و قتلوا منهم قتلی کثیرین فی مدة هذه الأیام، ثم أنه وفد براک ابن عبد المحسن علی عبد العزیز، و کذلک وفد ماجد بن عریعر.
و فی هذه السنة تولی براک المذکور علی الحساء، و اجلا آل عریعر، و فیها غزا غزو أمیرهم محمد بن معیقل للشمال، و أخذ ثلاث قری، و معه محمد بن علی باهل الجبل، و محمد بن عبد اللّه بأهل القصیم الجمیع قیمة ستمائة مطیة، و نزول ولایة زید و تولی براک بعدما زالت ولایة آل حمید عن الحساء، لأن ولایة براک نیابة عن تحت ید ابن سعود، و کما أنفق تاریخ ولایتهم طغی الما فلذلک اتفق زوال ولایتهم و غاب فحصل الطباق البدیعی، و قد نظم تاریخ ولایتهم بعض أدباء القطیف، فقال: رأیت البدو آل حمید لما تولوا أحدثوا تاریخ فی الخط ظلما إلی تاریخهم لما تولوا، کفا؟؟؟ اللّه شرهم طغی الماء، و قیل کاتبه بتاریخ زوالهم، فقال: و تاریخ الزوال أتی طباقا، و غار إذا انتهی لأجل المسمی.
و فیها غزا غزو لأهل الوشم أمیر لهم عبد اللّه بن محمد بن معیقل و معه السهوک مطیر و عجمان و غیرهم الجمیع قیمة ستمائة مطیة و واقعوا فرقان بن عتیبیة أربعین. و فیها أو بعدها غزا محمد بن معیقل بأهل الوشم، و سدیر، و أجملوا معه غالب بوادی المسلمین محطاب، و مطیر، و بنی حسین، و دواسر، و سهول، و غیرهم و واقعوا بن بری و عربانة، من مر بما
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 204
سری قتلی و أخذوا العرب و صارت غنمهم ما تعد و ما تحصی من الإبل و الغنم و الحلة، و ذلک بین و عکیة الیعلو بینها و بین الذنایب، و صار فی هذه السنة ربیع عظیم سموه مواسی من بلدان جوف آل عمرو، و دخلوا فی الطاعة و عاهدوا و قتل من الغزو نحو عشرین منهم عمهوج المعزین الفارس المشهور.
و فیها إبراهیم بن سلیمان بن عفیصان علی أرض قطر و أخذوا الحویلة و غیرها، و فی آخر ربیع الأول قتل محمد غریب لأمور صدرت منه أوجبت قتله، نسأل اللّه العافیة، و فی سابع عشر رجب مات سلیمان بن عبد الوهاب، و فی أول رمضان مات أحمد بن عثمان بن شبانة.

و فی سنة 1209 ه:

صار سعود بالجیوش المنصورة نحو الشمال و واقع القواسم من الصمدة و فرقان معهم، و قتل عدة قتلی و أخذوا دبسا و ذلک فی شعبان.
فلما کان فی ذی القعدة صار إلی القبلة و نزل تربة و حاصر أهلها و قطع من نخیلهم کثیرا و قتل عدة رجال بینهم و ممن قتل فی تلک الوقعة محمد بن عیسی بن غنثیان.

و فی سنة 1210 ه:

سیر غالب بن مساعد الشریف عسکر و أخذوا هادی بن قرملة و عربة ثم زود قیمة إبل کثیرة، بعد ما أخذ علیهم من بقی و قیل؟؟؟ علیهم أربعین و خمسة و عشرین رجلا، ثم أخذوا بعد أیام فرقان غیرهم من الذکور من قحطان.
و فیها غزا غزو لأهل الوشم مع محمد بن معیقل، و غنموا علی عربان القبلة من عتیبة کسب کثیر، ثم غزا سعود نحو القبلة، و واقع فرقان
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 205
من عتیبة، و مطیر. و قتل أبو محیور و القدر حان من مطیر، و معهم نحو ثلاثین قتیل، و قتل سبیل بن نصیر المطبری فی ذلک الیوم و غنم المسلمون قیمة اثنی عشر مئة بعیر، و غنم وقش، و ذلک فی شهر جمادی الآخر، و فی أول رمضان اجتمع عربان من بوادی هادی بن قرملة والی معه من قحطان، و الدواسر، و العجمان، و من عتیبة بن ربیعان و فرقان معه، و مطیر، و السهول، و سبیع و غیرهم حول الجمانیة و سار علیهم عسکر لغالب الشریف أمیر بن یحیی مع عربانة الذین علی جبله و ناوخوا عرباننا المذکورین عند الجمانیة.
و اشتد القتال و کثرت القتلی من الفریقین ما بین مئة منا و منهم أکثر و آخر الأمر أن اللّه نصر علی عسکر الشریف و انهزموا و اشتدت الهزیمة علی بادیتهم و غنم منهم المسلمون من الإبل و الغنم و المتاع ما لا یحصره العد حتی ذکر أن الرجل و الرجلین یحوزون مائة بعیر و أکثر و أخذت خیمة ابن یحیی الشریف و مدافعه و رجعوا، و لأوطانهم مکسورین و لحقهم غزو أمیرهم ابن معیقل، و کسبوا فی آخرهم، و قتلوا منهم قتلی.
و وقت انسلاخ شهور رمضان قتل سلیمان باشا صاحب العراق کیخیاه أحمد بن الخربنده و حاز جمیع خزائنه و أمواله.
و فی ذی القعدة، سار سعود بالعساکر المنصوره للحساء، و نزل فی البلد. فی ذی الحجة و هم تحت الطاعة أولا لکن قد حدث منهم الوحشة، و تغیر السیرة و سوء الحال ما دل علی نکثهم و أوجب عقوبتهم و تدارکهم سعود قبل یصرحون بالحرب، و نزل البلد و سلمت له و أقام علیها مدة بقتل من أراد من یری المصلحة فی قتله، و یجلی من أراد، و یجبس من أراد،
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 206
و یأخذ من الأموال، و یهدم من المحال و سنی، و منهم من یأخذ ماله جملة، و منهم من یناصفه و ناس ظهر بهم إلی نجد مثل آل عمران، و یریکان القاضی و العدسانی القاضی و محمد بن حسن، و ناس کثیرون غیرهم و أمر فی الحساء، رجلا منهم یقال له ناجم بن دهنیم من صاحب العراق.

و فی سنة 1211 ه:

فی شهر ربیع عزل سلیمان باشا حمود بن ثامر عن ولایة المنتفق، و ولی مکانه وصی ثوینیی بن عبد اللّه آل محمد فی المنتفق، و جمیعها لنواحی و بعثه فی بغداد البصرة، و حدره من العراق للبصرة، ثم حدر بالمنتفق و عسکر من عقیل و أهل الزبیر، و أهل البصرة، و غیرهم، و نزلوا علیه الظفیر جملة، و بنو خالد مع براک بن عبد المحسن ماشذ منهم إلّا بعض المهاشیر، و سیر بالجمیع متوجه الأحساء معه المدافع الکبار و القنابر و ارکب عساکر و میرة بحرا فی السفن تیاریه إلی ناحیة الجزیرة و القطیف و اتفق له قوة هائلة و صار عبد العزیز بن سعود قد أمر علی بوادی العارض یحذرون بأهلهم و أدبائهم إلی دیرة بنی خالد اللطف و غیره من أمواه و قریة و ما حولها و أنهم یقفون فی وجه الجنود و یرید أن یحذر إلیهم شوکة البلدان و أهل نجد و ظهر سعود بشوکة و نزل التنهات و حفر فی أکثر من شهرین، و آخر الأمر أن ثوینی حشد و تور من الجهرا فانحازت البوادی حین بلغهم إقباله، و ضعنوا عن قریة ثم رحلوا عن الطف و انحازوا علی أم ربیعة و جوده و اشتد علیهم الأمر و ساءت الظنون و کثر فیهم التحاور حین وزد ثوینی الطف، ثم ظعن منه و نزل السباک و العربان قد اشتد بهم الأمر و معهم شوکة من الحضر محدرهم سعود قوة لهم أمیرهم حسن بن مشاری، و ثوینی متوجه للبلاد و غالب بد و العارض قد
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 207
کثر فیهم الخلل، و منهم من کاتبه و أخذ أمانا خفیا نسأل اللّه العافیة، فلما أذن اللّه بالفرج بعد الشدة، و النصر بعد الیأس و ثوینی و جنوده قد نزلوا الشباک، فجلس ثوینی هو و جلساه ناحیة و الخیمة تبنی فسلط اللّه علیه عبدا یقال له طعیس من عبید حبور بن خالد و قد فارق براک یوم اقفا براک قاصدا ثوینی، و صار العبد عند المسلمین ثم غزا مع رکب و أخذوا الرکب و صار مع الخوالد الحزبیین، فحین نزلوا السباک و جلس ثوینی عدا علیه معه رمیح فیه حربیه رثة و طعنه بین کتفیه طعنة رثّة، و بارک اللّه فیها، و مات منها و أرادوا التصلب بعده و أقروا أخاه ناصر بن عبد اللّه، و یسر اللّه أن براک بن عبد المحسن آل عبید اللّه یفارقهم و ینهزم للمسلمین، و کان فی أثناء أمره قد ندم علی المسیر معهم، و ذلک أنه رأی وجه ثوینی و إقباله علی آل عریعر، و عرف أن ثوینی إن استولی علی الأحساء ما یؤثر علیهم أحدا، هذا الظاهر عندهم، فلما جری ما ذکر تخاذلوا و وقع فیهم الفشل و ألقی اللّه فی قلوبهم الرعب، و ارتحلوا منهزمین و لحقوهم الذین علی أمواه الدیرة من المسلمین و قتلوا منهم قتلی کثیرین و غنموا مغانم کثیرة، و صاروا فی ساقتهم إلی قرب الکویت یقتلون و یغنمون و خلوا المدافع الکبار و ظهرت للدرعیة و مقتل ثوینی رابع، المحرم أول السنة الثانیة عشر اتفق تاریخ مقتله (غریب).
و فی هذه السنة و هی سنة أحد عشر جانا فی الوسمی سیل عظیم، انتفع منه کثیر من أهل البلدان أغرق حلة الدلم و محاها جملة لم یبق من بیوتها إلّا القلیل، و ذهب لهم أموال کثیرة من طعام و متاع و غیره، و نزل علی حریملاء فی الصیف برد ما یعرف له مثیل خسف السطوح و قتل بهائم و کسر عسبان النخل، و جرد خوصها جملة، و کسر الشجار و هدم الجدران
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 208
حتی أشفقوا و جأروا إلی اللّه و عافاهم و رحمهم، ثم جاء فی الصیف کذلک سیلا عظیما انتفع منه أهل البلدان و هدم بعض حوطة الجنوب، و حوطة بنی تمیم و ذهب بزروع کثیرة محصودة، و هدم فی الدرعیة بیوتا کثیرة، و فی العینیة و غیرها و جاء دبّ أکل أشجار البلدان و ثمار النخیل و شیئا من الزروع و النبات جملة و حصلوا الناس فوق العادة فی ذرة القیض، و رخصت الأسعار جدا، و سموها أهل الدرعیة سنة موجد لأن وادی لهم ارتفع علی بیوت و دکاکین ما قد وصلها.
و فیها تولی فی مکة العجم فاتح علی خان بن حسن بعد عمه محمد الخصی أول المحرم، و هو وفاه ثوینی و تاریخه (غریب).

و فی سنة 1213 ه:

ولی سلیمان باشا بن حمود بن ثامر بعد ثوینی و فیها سار للشریف عسکر و واقعوا قرقان من قحطان عند عقیلان حول بیئة، و صار الفرقان علی الماء و العسکر علی ظمأ، و نصر اللّه البدو علیهم و هزموهم و هلک منهم نحو خمسین قتلوا ظمأ.
و فیها فی محرم قتل ولد مطلق الجرباء و أخوه قرینیس، و هم عادون علی عرباننا و فیها سار سعود فی رمضان و عدا علی المجرة، و قتل فی أهل الجرف، و غرق و غنم بما سار إلی الشمال، و واقع بادیة الشمال شمر و بعض الظفیر للزرقاء، و الحومانة من أرض الأبیض، و قتل مطلق الجرباء، و عدة رجال معه منه، شمر، و الظفیر، و أخذ علیهم نعما و متاعا کثیرة قتل من المسلمین براک بن عبد المحسن آل عبید، و محمد العلی المهاشیز، و معهم من بنی خالد نحو خمسة عشر حیل علیهم، و جمیع القتلی نحو 900 و من العد و أکثر.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 209
و فی هذه السنة فی شوال و سعود و جنوده فی مغزا الشمال المذکور، سار غالب بن ساعد الشریف بالعساکر العظیمة متوجه إلی نجد، و نازل رنیه و دمر فیها نخلا و زروعا، و قتلوا من قومه عدة قتلی، و ارتحل عنهم بعد ما أقام علیهم اثنین و عشرین یوما، ثم رحل إلی بیشه فحصل بینه و بینهم قتال، و ظفر بهم بسبب میل بعضهم إلیه، و أقام عندهم أیاما، و أمدوه بالطعام و المیرة، و خلف عندهم حسن بن زین العابدین فی بعض حصونهم، و ترک عندهم عسکرا، و سار بعضهم معه، ثم رحل حتی نزل الخرمة بعساکره و جنوده، و کان غالب قبل حصاره رنیه و بیشه قد عدا علی العربان و أخذ ابن قرملة و فرقانا معه من قحطان، و قتل منهم عدة قتلی و أخذ علیهم کسبا کثیرا أخذ من الإبل قیمة سبعة آلاف، و الحلة أخذ غالبها، ثم نازل رنیه کما ذکرنا و بیشه ثم أقبل و نزل الخرمة، و قد أعجب بنفسه و طغی و تعد أطواره، و أمل آمالا لحو إلّا، و اللّه غالب علی أمره.
و کان سعود أسعده اللّه حین سار إلی الشمال قد بلغه أن غالبا سار، فکره سعود الانثناء عن وجهته، ورد بعض أهل النواحی یرید أنهم یکونون ظهرا للعربان، و عونا لهم و قوة فأمر هادی بن قرملة والیا معه من قحطان و ربیع بن زید والیا معه من الدواسر، و غیرهم من أخلاط البوادی من أهل الجنوب و القبلة، و قطعة من الحضر و ساروا و قوی اللّه عزیمتهم حتی دهموه فی منزله علی الخرمة و لم یقفوا دون الخیام فألقی الرعب فی قلوبهم و کسرهم و انهزموا لا یلوی أحد علی أحد و القوم فی ثبات قاتلوه و من انهزم فمن أدرکوه قتلوه و من فاتهم فبین ناج و بین هالک ظمأ و ضیاع، کان عدة القتلی ما ضبطه لنا مؤرخو أهل مکة ألف رجل و مئتین یزیدون عشرون رجلا، و منهم الشریف مسعود بن یحیی بن برکات، و ابن أخیه
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 210
هیازع، و عبد الملک بن ثقبة، و سلطان بن حازم و حسن الیاس، و غیرهم من الأکابر، و عدة من ثقیف من ثمانین رجلا، و من قریش أربعون و معهم ابن عتیبة، و من العسکر ما یزید علی أربعمائة رجل من المصاریه مائتین رجل و من المغاریة و مئة و خمسون رجلا، و عدة من فقد من العبید مئة و خمسون عبدا. و نهبوا جمیع الذخایر، و الخیام، و المتاع.
و أما الدراهم فذکر مؤرخهم أنه مختلف فیها فمنهم یقول أن خزانة غالب ثمانیة عشر ألف مشخص التی نهبت، و منهم من یقول خمسة عشر ألف ریال أبدلها من العساکر و البادیة بشخص، و کان قصده یفرقها علی القوم صبیحة الیوم نهبوا جمیع ما فی المضرب من الأموال، و أخذوا سلاحا کثیرا و غنموا ما معهم من الإبل التی أخذوا علی المسلمین مع ما انضم إلیها من أباعر الدولة، و رواجلهم و انصرف غالب و شرید قومه مکسورا محسورا و لم تقم له قائمة بعد هذه الواقعة، و لم یلبث بعدها أن صالح المسلمین و أذن لهم فی الحج.
هذه السنة أعنی سنة عشر و مائتین و ألف وصل الفرنج إلی مصر سارین من أوطانهم إلیها، و وصولهم لعشر خلون من المحرم، و سبب سیرهم أن لهم مالا من عند أمین لهم فی مصر قبطی أرادوا إرساله إلیهم فبلغ باشا مصر مراد بیک عضید إبراهیم بیک أمیر اللوا السلطانی، فغضب لأجل أخفائه عن العشور و أمره بأخذه فقال الأمین خذ العشور ورد ما بقی فأبی فأرسل إلی کبیرهم، و عرفه بما فعل مراد فراجعه فلم ینجح فیه شی‌ء، فلما أیس توجه إلی السلطان سلیم بعرض تضمن الشکوی و أنه و إن لم ینصفهم السلطان و دلم أیسعفهم و إلا یفسح لهم بالرکوب علیهم من غیر ضرر بالمسلمین، فأخذ علیهم السلطان العهود بذلک، و کتب عرضا متوجا
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 211
بختمه و لم یبدو أنهم ضمروا الغدر، و المکر، و کانوا إذ ذاک مستعدین لحرب الصناجق بأنواع الذخایر و البارود و الرصاص.
فخرجوا فی جیش ملا السهل و الوعر یزید علی مائة ألف إلی الاسکندریة، فلما أشرفوا علیهم قالوا: نحن أعوان السلطان لحرب أمیر مصر، و بیدنا خط شریف متوج بختم الشریف، و أظهروه فلما رأوه مکنوهم من البلاد بغیر حرب فدخل منهم ثمانیة آلاف، و ضبطوا البلاد، و توجه الباقون إلی مصر فبردوا لهم الصناجق و العساکر فی عدد کثیر فلما تراء الجمعان و راوا ما دهمهم من جیش هؤلاء الکفرة، کأنهم قطع اللیل و الأمیر علیهم یقال له جمهور أیقنوا بالموت، و قاتلوهم قتال من یرید الشهادة فحملوا علیهم الممالیک، و وصلوا إلیهم، فرموهم بالمدافع المحرمة، فرجعت الخیل ناکصة إلّا أنهم قتلوا منهم مقتلة عظیمة، و کانت الخیل تنوف علی ألفین، ثم کروا علیهم ثانیة و صاروا یضربون فی أعناقهم و هم لا یکترثون، و المدافع متورة فی الدولة المصریة فذهب من الممالیک فی تلک الواقعة ألف و خمسمائة رجل و انهزم أمراء مصر.
و توجه الفرنسیس إلی مصر من الدرب المسلوک، و دخلوها و هرب الصناجق إبراهیم بیک توجه نحو الصالحیة علی یومین من القاهرة، و هی بلدة کبیرة علیها سور، و هی بلد الصالح أیوب، و ذهب مراد بیک إلی الصعید ثم بعدما أقاموا بمصر أیاما خرج منهم جیش، و أخرجوا من کان بها ثم أن مراد بیک توجه إلی الشام و لحقه إبراهیم بیک، ثم أن هؤلاء الکفرة توجهوا إلی الصعید و أوقعوا بأهله و ضروهم غایة الضرر قتلا و نهبا، و سبیا، ثم تواجهوا و هم زهاء عن خمسین ألفا غیر الذین أبقوهم فی الاسکندریة، و الصالحیة، و الصعید. و القاهرة، فأتوا علی بلدة یقال
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 212
لها العریش من إقلیم مصر من أعمر بنادرها، فملکوها و توجهوا منها إلی غزة من أعمال الشام.
ثم توجهوا منها إلی یافا بلدة تعزی إلی یافث ابن نوح. و هی بلدة عظیمة و علیها سور حصین منیع برأس الخیل، فلما دخلوها تحصن الباشا مصطفی الحلبی و العساکر فی القلعة فی صروهم ثم ملکوها و قتلوا من کان بها من العساکر و هم ینوفون علی أربعمائة رجل، ثم توجهوا إلی بلد یقال لها صیدا من أعمال الشام، ففعلوا مع أهلها ما فعلوا مع غیرهم، و ملکوها ثم ساروا منها إلی عکا، و هی البلد المشهورة بلد أمجد بیه الجزار. و کان الجزار المذکور عطارا فی مصر، ثم لما تولّی إمارة مصر صالح بیه الذی قتله محمد بیک مملوک أمیر مصر علی بیک خدم المذکور عند صالح، فرفع مکانه و صار من خواصه و أجزل له الصلاة فلما قتل صلح و ولی علی بیک هرب الجزار من مصر و تنوعت له الأسباب لطلب المعیشة حتی وصل إلی بلاد الدروز. و أجر نفسه من امرأة یخدم لها، ثم تزوج بها و تزیا بزیهم و أقام عندهم أعواما و هم خارجون عن الطاعة عاصون للدولة.
و کانت الدولة تجهز الباشوات لقتالهم مدة عصیانهم، ثم إن السلطان مصطفی بن أحمد جهز علی باشا إلی المذکورین، فلما حاصرهم اجتمع بأحمد الجزار فقال له الجزار: لو أقمت أعواما علی حصارهم لم تقدر، و أنا أعرض الناس بعوارهم ههنا فی السور محل، و هن من تقادم الزمن فإذا عملت الحیلة ملکت بلادهم ما یکون لی عند الدولة و عندک قال مزید الأکرام و أمارة الشام، فقال: أجعل معی کم رجل منکم ألبسهم زیهم و لیدخلوا معی. فإذا سألونی قلت: هؤلاء أخوانی عمی، ثم إذا حصلنا
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 213
عندهم فشنّوا الغارة و أرجعوا بالجیش، فإذا اشتغلوا بالحصار قمنا و فتحنا لکم ذلک المحل، فإذا رأیتم ذلک فأحملوا و نحن نمانع عن أنفسنا حتی تصلوا إلینا. فقدر اللّه أن تمت هذه المکیدة، و ملک القلعة أحمد بیه، و قتل منهم مقتلة عظیمة فبلغ الدولة خبره، فأرسلت الأطواخ و ولّوه إمارة الشام و وجد من الأموال ما لا یعد و لا یحصی.
ثم أنه غمر هذه البلدة المشهورة بعکا، و بنی علیها سورا عظیما، و حینئذ لقّب الجزار بعد رکوبه علی عربان، هناک یقال لهم الدروز، و المتاوله، و قتل منهم مقتلة عظیمة فاستولی علی الشام من حینئذ و صار أمیرا للعساکر، و للحاج، و کان جزیل العطاء کثیر الدخل أخبر من سأل کرانی الباشا عن محصوله کل یوم فقال: ثمانین کیس، عبارة عن أربعین ألف قرش، رجعنا إلی ذکر أمیر النصاری إلی عکة، فلما وصلوها تحصن الجزار منهم فی القلعة هو و عساکره.
فحاصروه ستین یوما یرمون علی القلعة کل یوم ألف رمیة مدفع، حتی خربوا سورها، و هدموه، ثم دخل بعضهم إلی البلد لیستأصلوا من فیها و لم یبق فیها برج، قد تحصن فیه الجزار و خاصته، و اشتد الأمر، و أیقنوا بالهلاک فقال لهم الجزار یا عباد اللّه إلی متی نفر من الموت و نحن علی أحد الأمرین: أما القتل و نفوز بالشهادة، و أما النصر، «یا أیها الذین آمنوا إن تنصروا اللّه ینصرکم» فحاموا عن دینکم، و عن ملّة نبیکم و حریمکم، و استعینوا باللّه یعنکم و یخذل عدوکم فقویت عزائمهم و حملوا حملة واحدة.
و من لطف اللّه بهم أن ذلک الیوم وصلت مراکب الأنقرین فخرجوا
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 214
من المراکب إلی البلد، و خرج الجزار و من معه إلی البر و تلقوهم و بلوا فیهم السیف فقاتلوا قتالا شدیدا لم یسمع بمثله، فما أتی علیهم اللیل إلّا و قد ذهب تحت سنابک الخیل من الفرنسیس خمسة عشر ألفا و زیادة، و قتل من عسکر الزار خمسة آلاف رجل غیر الجرحی، و کان مراد بیک أیضا قد وصل إلیهم قبل مراکب الأنقرین، و کان الذی أخبر مؤرخ هذه الواقعة رجلا ثقة من حرب حضرها هو و ثلاثون رجلا من حرب کلهم هلکوا فی تلک الحرب سواه.
و هو الذی وصل بالبشر إلی الحرمین، و کان قبل هذه الواقعة فی الطائف السید محمد الجیلانی مقیما به، فلما بلغه خبر مصر قام فی الناس و رغبهم فی الجهاد حتی فارقوا الآباء و الأولاد، و بادروا معه خصوصا أهالی مکة، و رحل إلی مکة و حث أهلها فأمدوه بما قدروا علیه من أموالهم، ثم توجه معه نفر کثیر منهم، فلما وصل إلی جدة و عظهم و حثهم فبذلوا له من الأموال شیئا کثیرا، إلّا أن أهالی مکة شکا کثیر منهم من رجال و نساء إلی الشریف أنهم صاروا عالة علی الناس لفقد أزواجهم و أولادهم لکثرة من تبعه کتابا لوزیر جدة، فرد أکثرهم إلّا من رکب بحرا.
ثم توجه الجیلانی من طریق الینبع إلی الصعید فصادف بعض جیوش من الفرنج ببلد یقال لها قطیة، فاقتتلوا هناک و قتل العالم عاید السندی، و رجال معه. و انهزم القیة، و ذهب الجیلانی إلی الصعید فمرض به و اشتد به إطلاق البطن، فمات مبطونا، و بعض أهل مکة سافروا إلی نواحی الصالحیة و بولاق، فوافوا مراد و قاتلوا معه ثم توجهوا نحو الصنادجق إلی نواحی بلد السودان، بسم أن السلطان سلیم وجه یوسف باشا وزیر
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 215
الختام، و معه أربع باشوات فوصلوا إلی یافا فوجدها محصّنة بالفرنسیس فی صدرهم.
و فی کل یوم یزحف علیهم باشا من الباشوات، و یقاتل فلا یحصلوا علی شی‌ء حتی کانت نوبة مصطفی الحلبی و معه الأرناؤوط فرموا علی جدار القلعة سلم التسلیط، و طلعوا علیهم و قتلوا من الفرنسیس مئة رجل، و ثارت الجیخانة عند الازدحام، فمات من أصحاب مصطفی مئة، و مات مصطفی، و هلک من النصاری أربع مائة و کان الحصار من یوم ثمانیة و عشرین من رجب إلی یوم ست و عشرین من شعبان آخر عام 1214 ه.
ثم توجه یوسف باشا إلی العریشی فوجد فیها جملة منهم تحصن، فأمر بنقل التراب فی المخالی جمیع العسکر، فنقلوه فإذا هو تل علی، ثم رموهم بالمدافع فملک البلد، و کان عدة ما ضبط معه من العساکر مئة ألف.
و أما الأنقرین فتوجهوا بمراکبهم نحو الإسکندریة فحاصروا من بهائم، ثم توجه یوسف باشا إلی بلد یقال لها قطیة من نواحی الصعید، و فیها بعض من الفرنسیس و القبطة، فشردوا إلی الصالحیة نحو خمسة آلاف فسار إلیهم فیها و حاصرهم أیاما، ثم طلبوا الأمان فأخرجهم و ملکها، فتوجهوا إلی الجیزة فلحقهم و حصرهم هناک حتی، و أمر بإمساکهم فیها حتی یفرغ من أمر مصر، ثم توجّه إلی مصر و أقام بالبرکة التی دونها، فأرسل إلیه کبار الفرنسیس یطلبون الأمان، و خاطبوه فی أمر الصلح و تسلیم البلد. فقال: علی أن تسلموا إلینا البنادق: کل مئة رجل یعطی ثمانین بندق، و یخرجون سالمین بأموالهم. فتم الصلح و رجعوا، و أرسل خلفهم أربع باشوات فدخلوا مصر، و صاروا فی بعض البیوت
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 216
ینتظرون خروج الفرنسیس، و الفرنسیس قد حشدوا فی إخراج أموالهم و ضعف لهم لیرکبوا فی مراکب لهم فی البحر، و صاروا یحملون إلی المراکب بجهدهم من ضعفائهم و حرحاهم، و أموالهم.
و فیها عدة عدیدة منهم، و قد ثبت دواعیهم الوزیر أن یخرجوا بأموالهم و ضعفائهم إلی مراکبهم فی البحر، و قد هلک فی هذه الوقائع منهم خمسون ألفا، و بقی مثلها. فبینما هم علی هذه الحال عدا علی مراکبهم الانجلیز و جرفوها و غرق من فیها، فثارت الحرب بین الفرنسیس الذین فی مصر، و بین الباشوات الذین أرصدوا عندهم فحصروا الباشوات، و حصروهم، فصار الکل محصورا، و استمر الحصار أربعة و ثلاثین یوما، و ضج أهل البلد علی الباشوات، و قد فنی ما عندهم من الزاد، و البارود، و الرصاص فوقعت الهدنة علی أن تخرج الباشوات من مصر، و من أراد الخروج معهم فخرج عثمان باشا، و خرج معه أعیان مصر و تجارهم ما ینوفون علی تسعین ألفا. و قد توجّه بعض الفرنسیس إلی من هو بالسویس مقیم من الرعایا، فقتلوهم و نهبوهم، و کان هذا الأمر کله من سوء تدبیر هذا الوزیر یوسف باشا، فإنه حین صالح النصاری علی الخروج أمهلهم هذه المهلة التی هی عین الضرورة، و تمام التقصیر أنه رحل من ساعته إلی یافا یجمع بها غنائم و أمواله، و ضیّع الحزم.
و أما عثمان باشا و من معه فتوجهوا إلی الشام، ثم إن النصاری بعد خروجه سمروا الجامع الأزهر حتی لا تقام فیه صلاة، و لا ذکر و قتلوا بعض العلماء، و أخرجوا بعض أهل مصر و عاقبوهم علی انحیازهم إلی الباشا، ثم بعد ذلک فی سنة خمسة عشر أحرقوا بولاق، و قتلوا من فیها، و أخذوا أموالا کثیرة منها، و هذه البلد هی ساحل مصر. و أرخ بعض أدباء
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 217
الحرمین استمرار النصاری فی مصر، یوسف باشا، و هی سنة 1313 ه.
فقال أبو لهف بعینه لما قدر کانوا خطوا علی القاهرة قوادا لفرج لها أبغته، و حل منازلها العامرة، و لکن رجی بفضل الکریم تعاودهم کرة خاسرة سلیم المزید، یبدهم جولته القاهرة، و قد صح قال التاریخیة الأول ما یشاء، و حکمته قاهرة.

و فی سنة 1215 ه:

حج الإمام عبد العزیز بن محمد بن سعود بالناس، و احتفلوا احتفالا أعظم من الحجة التی قبلها، و أجمل غالب الناس خفافهم و ثقالهم و نساءهم و أطفالهم، ثم أن عبد العزیز رحمه اللّه لما سار سبعة أیام، أو ثمانیة أنس من نفسه الملل، و الثقل، و تباعد الشقة، و کذلک بالغ معه الأمیر سعود فی الرجوع، و کان هو رأی سعود فی بادی. الأمر یقیم الوالد و لا وجه لحجه، فرجع لما کان قرب الدوادمی من الدمیثیات، و حج المسلمون و قضوا حجهم علی أحسن حال، و هی حجة سعود الثانیة الذی حرر لنا أن الفرنسیس أخرجوا من مصر فی آخر هذه السنة، و رتّب فی یوسف باشا الختام فیها محمد باشا القبطان وزیرا، و محمد علی من جملة رؤساء العسکر، و ممن أبلی فی قتال النصاری.

و فی سنة 1216 ه:

سار الأمیر سعود بالجنود المؤیدة، و قصد بلد الحسین من أرض کربلاء، خرج فی ذی القعدة، و فتح اللّه له البلد و دخلوها عنوة، و قتلوا غالب أهلها، و هدموا القبة، و أخذوا جمیع ما وجدوا فی البلد من أنواع الأموال: من الأمتعة، و السلاح، و اللباس، و الفرش، و الذهب، و الفضة، و غیر ذلک، و قتلوا منهم ما یزید علی الألف.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 218
و فی أول السنة عاشوراء استولی سلطان بن أحمد أمام مسکه علی بلد البحرین، و بعد مدة یسیرة ساروا علیها آل خلیفة برعایا عبد العزیز فمدهم بمن حولهم و أخذوا البحرین، و قتلوا منهم ما یزید علی ألفین.
و فی أول هذه السنة فی المحرم توفی محمد بن عبد اللّه بن فیروز.

و فی سنة 1217 ه:

فی ربیع مات سلیمان أبو خزما وزیر العراق، و استولی مکانه کیخیاه علی باشا. و فیها استرجع الروم مصر من الفرنسیس، و أظهروهم منها. و فیها مات بادی بن بدوی ابن مضیان الحزلی، و حمود بن ربیعان العتیبی. و فی آخرها انتقض الصلح الذی بین غالب، و بین عبد العزیز، و فارقه وزیره عثمان بن عبد الرحمن المضایفی، و دخل فی الدین و سار علیه غالب فی قریته، و نازله و کسره اللّه و رجع خائبا.
ثم إن عثمان المضایفی سار هو و من فی جهته من بوادی المسلمین، و حضرهم سالم بن شکبان بأهل بیشه، و ابن قطنان بأهل رنیه، و من عنده من سبیع و حمد بن محی بأهل تربة، و البقوم، و ابن قرملة، و معه جیش من قحطان، و من عتیبة ناس و من غیرهم ساروا جمیعهم علی غالب. و قد دخل الطائف و تأهب لهم فیه و نازلوه، و ألقی اللّه الرعب فی قلبه، و انهزم إلی مکة، و ترک الطائف لهم و دخلوه بغیر قتال و فتح اللّه لهم عنوة، و قتلوا من أهله عدة مئتین و غنموا جمیع ما فیه من الأموال، و الأثمان و الأمتعة، و السلاح، و القماش، و الجواهر، و السلع الثمینة مما لا یحیط به الحصر و لا یدرکه العدو، و ضبطوا البلد و سلمت جمیع نواحیه، بوادیه، و تأمر فیه عثمان المضایفی من ذلک الیوم، و قرر عبد العزیز ولایته، ثم سعود بعده.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 219
و کانت هذه الوقعة و سعود إذ ذاک قد سار بجیوش العارض و نواحیه، و ظاهر أمره یرید مقر الشمال، فحین بلغه الخبر و البشارة توجه إلیهم و نزل العقیق، و الربیعان وقت الحج، و جمیع الحواج فی مکة:
الشامی، و المصری، و المغربی، و أمام مسکه و غیرهم فی قوة هائله و هموا بالخروج علی سعود، و المسیر إلیه لقتاله، ثم تخادلوا، و مرج أمرهم و انصرفوا لأوطانهم و انهزم غالب الشریف إلی جده، و من تبعه من عسکره، و معه خزائنه، و بعض متاعه و شوکة. و دخل الأمیر مکة و استولی علیها و أمن أهلها، و بذل فیها من الصدقات و الصلاة لهم، و أمر فیهم عبد المعین بن مساعد، و أخذوا وادی فاطمة، و سار إلی جدة و نازلها و لم یحصل منها علی شی‌ء و رجع و رتب عسکر فی مکة قصرین من قصور الشریف مرابطین.

و فی سنة 1218 ه:

فی العشر الأواخر من رجب قتل الإمام الرئیس العادل عبد العزیز بن محمد بن سعود فی مسجد الطریف، و هو ساجد فی أثناء صلاة العصر: مضی إلیه من الصف الثالث رجل عراقی لا یعرف له بلد، و لا نسب، شیطان فی صورة درویش، ثم تبین بعد ذلک أنه رجل کردی من أهل العماریة: اسمه عثمان، أقبل من وطنه لهذا القصد مختبئا، و أبدی ذلک لعلی باشا، و توجه لقصده حتی بلغ مراده و طعنه فی خاصرته أسفل البطن بخنحر معه، قد أعده و تأهب للموت. فاضطرب أهل المسجد و ماج بعضهم فی بعض، و لم یدروا الأمر، منهم المنهزم، و منهم الواقف، و منهم الکار علی جهة هذا العدو العادی غیر متلعثم، لما طعن الإمام المذکور أهوی علی أخیه عبد اللّه و هو فی جنبه، و برک علیه لیطعنه فقام و لابسه، و تصارع هو و إیّاه و جرح عبد اللّه جرحا شدیدا، ثم أن
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 220
عبد اللّه صرعه و ضربه و تکاثروا علیه الجماعة، و قد تبین وجه الأمر لأکثرهم، و قتلوه فی مکانه، و حمل الإمام عبد العزیز، و هو قد غاب ذهنه. و قرب نزعه، لأن الطعنة قد هوت فی جوفه، و لم یلبث أن قضی بعدما صعدوا به إلی المقصورة رحمه اللّه و عفا عنه.
و عظم المصاب علی المسلمین، و اشتد الأمر و بهتوا، ثم إن الأمیر سعود حفظه اللّه قام فی المسلمین و وعظهم، و عزوه، و عزاهم، و عاهده خاصتهم و عامتهم علی السمع، و الطاعة، و کتب الرسائل و بعث بها الرسل إلی جمیع البلدان و النواحی یخبرهم و یعزیهم، و یعظمهم و یوصیهم و یأمرهم بالتزام العهد، و السمع، و الطاعة و نائبه فی ذلک أمراؤهم، و تم الأمر و للّه الحمد علی المراد، و استقر فی الولایة علی أکمل الأحوال و أتمها.
و فی هذه السنة فی آخرها مات باشا الشام أحمد بیه الجزار صاحب مکة، و تولّی نائبه سلیمان باشا بعده. و فی آخرها سار سعود بالجنود إلی البصرة، و الزبیر و نازلهم و حشدوا علی أهل الحصن الذی علی الدرخبیه مشرب أهل الزبیر، و استولوا علیه و قتلوا أهله و دمروه و توجهوا جنوب البصرة و نخیلها و قتلوا من أهلها ناسا کثیرین، و نهبوا زادا و متاعا کثیرة منها، و حضر أهل الزبیر، و حصدوا جمیع زروعهم، و دمروها و قتلوا منهم من قتلوا، ثم رجعوا سالمین- غانمین، و للّه الحمد، و فیها سار غالب الشریف بعسکره من جدة علی مکة، و نازل أهل القصور و ظهروا له عنها، و استولی علی البلد و ضبطها و استوطنها.

و فی سنة 1219 ه:

قتل أمام مسکة سلطان بن أحمد بن سعید
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 221
البو سعید قتله رجال من القواسم أهل رأس الخیمة صادفوه فی البحر و قد نزل من مرکبه المنیع المشهور إلی سفینة صغیرة، و اعترضهم و هو فیها، و تلافوا هم و إیاه و لم یعلموا أنه هو، و رماه أحد أهل السفینة، و مات بها و لم یعرف رامیة و لا رفقته حتی سمعوا خادمه یسمیه لهم و تولی ابنه سعید. و فیها أمرّ سعود فی الأحساء إبراهیم بن عفیصان بدل سلیمان بن ماجد.
و فیها ثار محمد علی، و هو کبیر عسکر من عساکر مصر علی محمد باشا وزیرها یطلب علونیتهم فمضوا علیه و قتلوه، و نصب محمد علی و کاتب الدولة و ادعی علی الوزیر بشی‌ء من المخالفات عندهم، فأتا له التقریر فی النصب ثم استحکم أمره.

و فی سنة عشرین و مائتین و ألف:

اشتد الغلاء علی الناس، و سقط کثیر من أهل الیمن، و ماتت إبلهم و أغنامهم. و فی آخر السنة فی ذی القعدة بلغ الحب ثلاثة أصواع بالزر، و الریال علی حساب مدین بالمحدیة، و التمر بلغ سبع وزنات بالزر و الریال، و بیع فی الوشم و القصیم علی خمس وزنات بالریال بالمحمدیة، وزنة.
و أما مکة فالأمر فیها أعظم مما ذکرنا لأجل الحصار بسبب الحرب، و قطع المیرة و السابلة عنها فثبت عندنا، و تواتر أن کیلة الأرز و الحب بلغت ستة ریالات، و کیلتهم انقص من صاع العارض و بیعت فیها لحوم الحمیر و الجیف بأغلی ثمن، و أکلت الکلاب و بلغ رطل الدهن ریالین، و اشتد البلاء، و مات خلق کثیر عندهم جوعا، و کان الأمیر سعود قد سیّر عبد الوهاب صاحب عسیر، و سالم بن شکبان، و رعایاتهم، و عثمان
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 222
المضایفی، و جمیع أهل الحجاز، و أمرهم بحصار مکة، و انتظار الحاج الشامی و منعه، ثم إن غالب اشتدت به الحال، و بلغ منه الجهد و طلب منهم الصلح علی مواجهة الأمیر سعود، و الاتفاق هو و إیاد علی الدخول فی الدین، و الطاعة، و صالحوه و أمهلوه و مشت السابلة و دخل المسلمون البلد، و حجوا، و اعتمروا و واجه عبد الوهاب غالبا، و تفاوض معه فی الحدیث، و المجاویة، و تهادوا، و أجازه غالب الجوائز، و أعرض أهل الحاج الشامی، و حج و انصرف، و انصرف عبد الوهاب و من معه من الأمراء، و الأتباع و سالم بن شکبان مریض مدنف اشتد به المرض، و توفی بعدما وصل بلده بیشه، و أمر سعود بعده ابنه فهاد و تم صلح غالب، و ارکب لسعود و مشت السابلة، و أخلت السبل، و رخصت الأسعار فی الحرمین و غیرهن.
و وقع من غالب مع وقوع المصالحة له و دخوله فی الدین ما یریب منها، أنه أبقی فی مکة عسکرا من الترک، و المغاربة، و غیرهم من الحاج، یدعی أنه الحاج عبد اللّه العظم هو الذی مرتبهم بأمر من الدولة، و منها أنه حصن جده بالبناء، و أحاطها بخندق عظیم، و منع الغرباء المسافرین، و التجار من ناحیتنا من دخولها، و استوطنها أغلب مدته، و بقی العسکر عنده فی مکة إلی وقت الحج من قابل، فلما دخلت أشهر الحج أمر سعود عبد الوهاب، و ابن شکبان، و عثمان المضایفی، و جمیع أهل الحجاز و تهامة، و الیمن بالمسیر إلی ناحیة الحرمین، و واعدهم المدینة، و سیّر قدامة من أهل الجبل و أهل القصیم، و أهل الوشم ثم سار الساقة بأهل العارض خرج من الدرعیة لیلة الجمعة لثنتی عشرة مضت من ذی القعدة و اختار الأمیر سعود الإعراض عنه و ترکه إلی الحج.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 223
و فی هذه السنة- أعنی سنة عشرین- سیر الأمیر سعود رکب أمیرهم منصور بن ثامر، و غصاب، یترصدون لرکبان العراق فی ناحیة الشمال، و صادفوا غزوا لأهل الجزیرة کبیرهم درخی بن حلاف السعیدی، و راشد بن فهد بن عبد اللّه آل سلیمان ابن صویط و أکثر الغزو من آل ظفیر، و استأصلوا جمیع الغزو قتلا، لم یسلم منهم إلّا الشرید قدر عشرة رجال، و القتلی یزیدون علی المئة. و فیها عاهدوا أهل المدینة، و دخلوا فی الدین، و هدموا القباب و ذلک فی أول السنة قبل صلح غالب.
و فیها سار سعود الأمیر بالجیوش إلی جهة الشمال، و نازل أهل المشهد، و مشهد علی، و سیر العدات إلی الحصن من کل جهة، و صار علی منزلهم قلعة، و من دونها خندق و لم یقدروا علی الوصول إلیهم، و جری بینهم مناوشة: قتال، ورمی، و قتل من المسلمین قیمة رجال، و انکفؤا عنهم یوم ما رأوا وجها للقتال، و أخذوا دبش علی الزملات فریق من غزیة، و مروا علی أهل الخزا علی و جری بینهم مناوشة: قتال، و طراد، ثم أقبلوا علی حلة السماوة، و حاصروها، و نهبوا من نواحیها، و دمروا شجارها، و وقع بینهم رمی، و قتال، قتل فیه عدة قتلی من الجهتین، ثم أقبلوا و مروا من قریب من بلد الزبیر، و قفلوا سالمین غانمین، و للّه الحمد. و فیها قتلوا أولاد سلطان أمام مسکة ابن عمهم بدر، و استبدوا بالملک.
فیها سیر سعود عبد الوهاب و رعایاه، و ابن شکبان و رعایاه، و عبیدة و أهل سیخان، و وادعه و قراهم، و أهل وادی الدواسر إلی نجران و غیرهم نحو الألفین، نازلوا أهل بدر مدة أیام و جری بینهم وقائع، و قتل قتلی
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 224
کثیرون بین الفریقین غالب القتلی الذین قتلوا علی المسلمین من قوم عبد الوهاب، و قتل أمیر الوداعین إبراهیم بن مبارک بن عبد الهادی، و إدریس بن حوید، و عدة من الدواسر، و أمر عبد الوهاب و أخوانه علی بناء قصر مقابل قصور بدر، یصیر المسلمین و یضیق علی أهل بدر و أهل نجران، و تم، و أحصنوه و جعلوا فیه عسکرا مرابطین و وضعوا کل ما یحتاجونه و رجعوا منصورین مأجورین.
و فیها دخل صالح بن یحیی راعی بیت الفقیه، و الحدیدة فی الدین، و حسن إسلامه، ثم إن إمام صنعاء عسکر و استرجع بندر الحدیدة، و أسر ابن صالح و قد أمره أبوه فیها، و استوطن الأب بیت الفقیه، فبعدها سار صالح علی زبید بجیش عدید، و قد تلقوا علیه من قبائل عدیدة حضرا و بدوا نحو ثمانیة أو عشرة آلاف، فدخل زبید عنوة، و نهبوا منها من الأموال، و المتاع شیئا کثیرا، و لم یمتنع إلّا القلعة الامامیة، و ما تحمی ثم خرجوا عنها. و فی هذه السنة مات أمیر حرب بدای بن بدوی بن مضیان مجد وراود، ولّی فیهم الأمیر سعود أخاه سعود.

و فی سنة 1221 ه:

حجّ سعود بن عبد العزیز أسعده اللّه تعالی حجته الثالثة، خرج من الدرعیة لیلة الجمعة لاثنتی عشرة لیلة مضت من ذی القعدة، و کان قد سیّر قبل خروجه وقت خروج شهر رمضان عبد الوهاب بن عامر أمیر عسیر و المع و فهاد ابن شکبان أمیر بیشه، و عثمان المضایفی أمیر الطائف، و أتباعهم من أهل الیمن، و تهامة، و الحجاز، و سیر قدامة من أهل نجد شوکة القصیم مع حجیلان، و أهل الجبل مع محمد بن عبد المحسن بن محمد بن فایز بن علی، و أهل الوشم و واعدهم المدینة و اجتمع معهم سعود بن مضیان الحربی، و أتباعه،
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 225
و جابر بن جبارة و أتباعه، و أقبل علی المدینة حاج الشام أمیرهم عبد اللّه العظم، و صیدوة، و رجع إلی الشام ما حج. و بعد هذا اجتمعوا بسعود و قضی سعود و المسلمون حجهم و قفلوا علی المدینة و رتب جمیع أمورها و ضبطها أتم ضبطه، و أجلا عنبر باشا الحرم و القاضی، و کل من یحاذر منه سفر جمیع من فی مکة من الأتراک، و عسکر الدولة، و اجتمع بغالب الشریف مرات علی حال حسنه. و فیها کسفت الشمس آخر شهر رمضان منها.

و فی سنة 1223 ه:

عزل سلطان بنی عثمان سلیم بن أحمد و تولّی ابن أخیه مصطفی ابن عبد الحمید لتسع بقین من جمادی، فلما کان أثناء السنة الثالثة و العشرین جمع طائفة من رؤساء الدولة علی رد سلیم فی السلطنة، و عزل مصطفی فأشار علی یوسف باشا، و ممن معه من شیعة سلیم فعزلوه، و ولوا أخاه محمود بن عبد الحمید علی صغر سنّه.
و فیها ولّی السلطان سلیم قبل عزله یوسف القنج فی الشام، و الحج، و عزل عبد اللّه العظیم.
و فی- أعنی سنة 1223- قتل باشا بغداد علی باشا کیخا سلیمان الباشا، قتله بعد ما استقر فی الملک، و دانت له غالب رعایا العراق:
حضرهم، و بدوهم، وثب علیه أربعة من الجند و هو فی الصلاة فقتلوه، و هم: مدد، و مصطفی، و نصیرف، و سلیم، و سعدون، و أرادوا الولایة، ثم إن کیخیاه سلیمان قام مقامة، و تتبعهم و قتلهم، و لم یتم لهم أمر، ثم استقر سلیمان المذکور حتی أتاه التقریر من جهة الدولة بولایة العراق.
و فی هذه السنة اشتد الغلاء، بلغ البر أربعة أصواع، و خمسة
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 226
بالریال، و الزروع و التمر اثنی عشر وزنات بالریال، و أمحلت الأرض و مات غالب أدباش البلد و لم یبق لکثرهم إلّا القلیل، و کذلک غالب دبش الحضر، فلما کان وقت انسلاخ رمضان أنزل اللّه الغیث، و رحم العباد، و أحیی البلاد، و أنبتت الأرض، و أعشبت عشب ما یعرف له نظیر، و استمر الربیع علی أحسن ما کان، و سمنت المواشی سنّا تاما، إلّا أنه عم الجرب فی الإبل، و کثرت الزروع، و حصل فی الزرع ثمرة تامة، إلّا أن الغلاء ما برد علی الناس فی اشتداد بلغ دون ما ذکرنا فی آخر الشتاء، حتی حصد الزرع.
و فی هذه السنة حج سعود بن عبد العزیز حجته الرابعة جمیع نواحی المسلمین: أهل العارض، و الجنوب، و الوشم، و سدیر، و القصیم، و الجبل، و بیشه، و زنیه، و عسیر. و تهامة، و الحجاز، و قضوا حجهم علی أحسن حال، و انصرف عبد انقضاء الحج إلی المدینة، و رتب فیها جندا، و عساکر فی جمیع نواحیها، و أخرج من فی القلعة من أهلها، و جعل فیها مرابطة من أهل نجد و غیرهم، و ضبطها أتم ضبط، و رجع إلی وطنه علی أحسن الأحوال، و للّه الحمد، و لم یحج البیت من أهل الأقطار الشاسعة أحد فی هذه السنة.

و فی سنة 1223 ه:

سار سعود بن عبد العزیز الأمیر بالجنود المنصورة من جمیع النواحی: أهل نجد، و الإحساء، و أهل الجنوب إلی وادی الدواسر، و أهل بیشه، و رنیه، و الطائف، و نواحیهن من الحجاز، و التهایم و ذلک فی شهر جمادی الأولی، و توجه إلی ناحیة العراق، و عانقه جمیع غزوان البوادی، و صار معداه علی بلد الحسین، و وجدهم متحصنین، و حشدوا علی حصنهم بالسلالم و وقع عنده رمی، و قتل من
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 227
المسلمین عدة رجال، منهم: سعد بن عبد اللّه بن محمد بن سعود، و مشاری بن حسن مشاری بن حسن بن مشاری. ثم قفلوا علی شتاتها و استولوا علیها و خرجوا أهلها، و تزیّنوا الجبل المقابل لها، ثم إن سعود حذّرهم منه بأمان، و من علیهم ببلادهم، و ما فیها و أخذ ما عندهم من الخیل، ثم قفل علی المجرة و ناوش المنتفق مناوشة طراد خیل، قتل فیها صلطان بن حمود، ابن ثامر ثم أتی علی جنوب البصرة، و نزل قبال الزبیر، و البصرة و نهبوا فی الجنوب، و قتلوا و رجعوا سالمین.
و فیها حج سعود بن عبد العزیز بالناس الخامسة، و حجوا معه جمیع أهل نواحی رعیته من الحساء، و القطیف، و البحرین، و عمان و وادی الدواسر، و تهامة، و الطور و بیشه، و رنیه و جمیع الحجاز إلی المدینة و نواحیها، و ما بین ذلک من بلدان نجد و قضوا حجهم علی أکمل الأحوال، و اجتمع سعود بغالب شریف مکة مرات عدیدة، و تهادوا و تصاوغوا، و الشریف لسعود بمنزلة أحد نوابة و أمرائه الذین فی نجد بالسمع. و الطاعة، و انصرف بالمسلمین سالمین مأجورین إن شاء اللّه، و لم یحج فی هذه السنة أحد من أهل النواحی الشاسعة مثل الشام، و مصر، و المغرب، و العراق، و غیره إلّا شرذمة قلیلة، لا اسم لهم من أهل الغرب حجّوا بأمان، و شرذمة عجم و شبههم. و فی هذه السنة حج کاتب التاریخ حمد بن محمد بن ناصر آل مدلج الحجة الثانیة و للّه الحمد.
و فیها- أعنی سنة ثلاث و عشرین- أقبل علی السلطان مصطفی باشا من کبار الدولة من وراء اسطنبول بعسکر، و کان صدیقا لسلیم فألقی فی نفس مصطفی إنه یرید أن یدبّر فی عزله و تولّیه عمه سلیم المعتقل، و أشار علیه بعض وزرائه بقتل سلیم حتی ینقض عزمه، فقتله فخنق علیه
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 228
یوسف المذکور و من معه من أکابر الدولة، فعزلوه و اعتقلوه و قتلوا من وزرائه و حاشیته ما یزید علی عدة رجال، و وصلوا فی السلطنة أخاه محمود بن عبد الحمید علی صغره.
و فیها سیر سعود أسعده اللّه سریة نحو عمان قلیلة لنوع التعلیم و الاطلاع علی أمورهم، و وافقوا قیس بن أحمد بن الإمام راعی سحار، و جمیع باطنة عمان، و ابن أخیه إمام مسکة سعید بن سلطان، معهم من الجنود نحو عشرة آلاف رجل، أو یزیدون سائرین علی النواحی التی تلیهم من عمان ثم سلطان بن صفر بن راشد صاحب ابن الخیمة، و قوی اللّه عزم سلطان، و اجتمع علیه من أهل عمان کل من یلیه نحو ثلاثة آلاف رجل، و التقی هو و قیس عند خور فکان، و کسر اللّه جمع قیس، و قتل، و قتل معه من قومه خلق کثیر، یزیدون علی الألفین، غالبهم مات غرقا فی البحر، و صالح ولد قیس بمال و شوکة، و دخل تحت الطاعة و عاهد علی الإسلام.
و کذلک ابن أخیه سعید بن سلطان بن أحمد والی مسکة عاهدوا علی بذل مال کثیر، و صاروا جمیع أهل عمان دائنین بالسمع و الطاعة لأمیر المسلمین سعود و اللّه المحمود علی نصر دینه.
و کان الغلاء و القحط فی هذه السنة- أعنی سنة ثلاث و عشرین- علی حاله فی الشدة، و غلاء الأسعار انتهی سعر البر علی أربعة أصواع بالریال و الرز، و بعض الأوقات یشری علی ثلاثة أصواع و نصف، و التمر علی عشر وزنات، و بالمحدیة وزنتین، و عم الغلاء فی جمیع نجد، و الیمن، و التهائم، و الحرمین، و الحجاز، و الأحساء، و جمیع نواحی المسلمین. و أحدث اللّه مع ذلک مرضا و وباء، مرضا مات فیه خلق کثیر من جمیع نواحی نجد.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 229
و دخلت السنة الرابعة و الأمر علی ذلک من الغلاء، و المرض، و مات فیها أو فی التی قبلها من سواد الناس مئتین. و فیها- أعنی سنة ثلاث و عشرین- توفی عبد اللّه بن ناصر بن عبد اللّه فی شهر صفر أول السنة، و صار ابنه ناصر فی کفالة کاتبه ینفق علیه بنیة الرجوع علیه فی ماله، و ذلک من وقت وفاة أبیه و بعده فی جمادی مات حمد بن حسین بن عثمان العمیم. و فی ذی القعدة مات فراج بن جمادی، مات بن حسین بن عثمان العمیم. و فی القعدة مات فراج بن ناصر بن عثمان، و مات محمد بن سلطان قاضی الحساء العوسجی بعد عید النحر، و قبله مات عبد العزیز بن ساری، و فیها کسفت الشمس فی آخر شهر رمضان آخر النهار.

و فی سنة 1224 ه:

اشتد الوباء، و المرض خصوصا فی بلد الدرعیة حرسها اللّه فمکث علی شدته إلی شهر جمادی، و مات فی الدرعیة خلق کثیر من الغرباء، و السکان، حتی: إنه أتی علیهم أیام یموت فی الیوم الواحد ثلاثون و أربعون نفسا، و مات فیه من الأعیان القاضی حسین بن الشیخ محمد بن عبد الوهاب فی شهر ربیع الثانی و سعد بن عبد اللّه بن عبد العزیز، و أربعة من المعامرة، و علی بن موسی بن سلیم، و غیرهم.
و فیها مات فوزان ولد فراج، و بقی الغلاء علی حاله حتی حصد الزرع، و حصلت ثمرة الحب، فوقع اللین فی السعر و رجع الأردب فی المدینة النبویة بثمانیة ریالات، و رجع البر فی الدرعیة و ما حولها من البلدان علی سبعة أصوع بالریال.
و فیها جری وقعة بین الظفیر هم و عنزة، واقعوهم شمر، و بادیة العراق، و معهم عسکر باشا بغداد سلیمان، و نوخوا الظفیر، و عنزه مدة أیام، و ضیّقوا علیهم، و بعدما أیقنوا بالکسر و الأخذ تشجعوا و باعوا
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 230
أغلبهم، و نصرهم اللّه و کسرة عظیمة، و قتلوا من العسکر من البادیة ناس کثیر، و غنموا من الخیل، و الإبل، و المتاع ما لا یحصی و أمیر الظفیر الشایوس ولد عفنان، و أمیر عنزة الدریعی بن شعلان، و نایف، و کاتبوا آل ظفیر و عنزة، و الأمیر سعود بعد الوقعة، و طاحوا علی الإسلام، و ظهروا إلی نجد.
و فی هذه السنة- أعنی سنة أربع و عشرین- نشأ سحاب، أرعد، و أبرق، و أمطر و سالت منه نواح، و شعاب کثیرة، و بلدان منها حکر العین المعروفة فی بلد العیینة امتلأ بسیل عظیم ما علیه مزید فاض، و وصل فیضه الجبلیة، و کل ما یلیه من الشعاب و بعض سدوس و بعض نخیل حریملاء سال و الصفرة، عم السیل جمیع نخیلها، سیل غزیر عم جمیع النخیل، و غرقت البلدان حتی إن بعضهم انتفعوا علی الحلل، و المنازل من الخراب، و الغرق، و کذلک بلدان الأفلاح، و سال من البیر أکثر من نصفها و جری عبیثران، و سال الحریق، و الحوطة، و الخرج، و وقوع هذا السیل لاستهلال شهر جمادی الثانی وقت ظهور الهقعة التی تسمی الجوزا مع الفجر، التی نوبها المرزم فی حساب أهل الحرث، و ذلک فی آخر شهر حزیران الرومی، أو فی أول تموز، و هذا لم یعهد فی هذه الناحیة منذ زمان، فسبحان المتصرف، و هو وقت دخول الشمس السرطان. و تزاید الرخص فی أسعار الطعام، فلما صرم النخیل رجع سعر التمر فی العارض علی ثلاثین وزنة الریال، ثم بعد ذلک فی القصیم علی أربعین و أزید، و الحب فیه علی خمسة عشر فی العارض و نواحیه علی ثمانیة أصوع و تسعة، و عشرة.
و فی هذه السنة حدث من حمود بن محمد أبو مسمار الخیراتی
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 231
النموی من نسل أحد من أبی نمی شریف تهامة، من المخالفة ما حکم لأجله بنقض عهده، فکتب إلیه الإمام سعود و أمره أن یلتزم أحکام الشریعة، و یحارب أهل صنعاء، و نجران، و غیرهم من الأعداء، و ینقاد للطاعة، فلم یفعل فنبذ إلیه، و أمر أهل النواحی الحجازیة، و التهامیة، و الیمیة، و من یلیهم من أهل الإسلام بالمسیر إلیه و محاربته، و سیر من الدرعیة فرسان انتقاهم مع نایبة غصاب العتیی، و جعله ناظرا علی أمر النواحی عن المخالفة لعبد الوهاب بن عامر، لأنه أمیر علی الکل، فسار عبد الوهاب بجمیع رعایاه من عسیر و ألمع، و غیرهم من أهل الطور، و تهامة، و سار علی بن عبد الرحمن المضایفی بجمیع رعایاهم من الطائف، و قراه، و بوادی الحجاز جملة، و سار فهاد بن سالم بن شکبان بأهل بیشه و نواحیها و جمیع رعایاه بن حاضر، و باد، و سار مشیط، و ابن وهمان، و من یلیهم بجمیع رعایاهم من شهران و غیرهم.
و سار ابن حرملة بجمیع عبیده، و جمیع رعایاه من جنب، و غیرهم و ساروا قحطان مع أمرائهم المعروفین، فاجتمع ما ینیف علی 50 ألف مقاتل، و حشد حمود بمن معه من أهل تهامة، و أهل نجران، ویام، و من دهم، و قبائل حاشد، و بکیل، و من یلیهم من قبائل همدان، و جعل بعض المقاتلة فی الحصون التهامیة، کل حصن ضبطه بعسکر و اقبل معه نحو ثلاثة آلاف مقاتل، و الخیل نحو أربع مئة فارس، و التقی هو و المسلمون فی وادی بیش، و قدر اللّه وقت الملاقاة و المجاولة الأولی أن جمع عسیر ینکسون، و قتل الأمیر عبد الوهاب بن عامر فی تلک الحشدة، و قتل معه عدة رجال و صارت کسرة علی المسلمین أولا، ثم ثبت اللّه أقدامهم و أنزل علیهم السکینة و النصر، و صرف اللّه وجوه العدو و سار المسلمون فی
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 232
ساقتهم یقتلون، و یغنمون و استولوا علی بعض خیام العدو و محطتهم.
و انهزم أبو مسمار و من معه لا یلوون علی أحد إلی أن تزین حصنهم أبو عریش، وهب المسلمون ظاهر صبیا، و نواحیها، و غنموا و استولوا علی حصنها صلحا، و جعلوا فیه عسکرا مرابطین، و سیّروا السرایا فی تهامة، و قتلوا و دمروا، و غنموا، و نالوا، و نیل منهم، و انقضت الوقعة عن قتلی کثیرین من الفریقین متعادلة الطرفین نحو المئتین قتیل، و قفل المسلمون سالمین غانمین.
و غنم أهل السفن التی فی البحر للمسلمین غنائم کثیرة من بندر جازان قهوة، و غیرها، و الوقعة المذکورة فی وادی بیش علی رأس جمادی الثانی من هذه السنة سنة أربع و عشرین، و اللّه المحمود، ثم جری بینه و بین من یلیه من نواحی المسلمین مناوشات، و غارات، و ثغر صبیا علی حاله ضابطین المسلمین، و حمود مستوطن فی بلدة أبو عریش و یده علی ما فزاه من تهامة، و علی البندرین المحمیة، و الحدیدة.
و فی هذه السنة سنة أربع و عشرین حج سعود بن عبد العزیز أسعده اللّه بالناس حجته السادسة، و أجملوا معه للحج جمیع أهل العارض و نواحیه، و جمیع من شملته مملکته من المسلمین، من أهل القصیم، و جبل طی‌ء، و الیمن، و الحساء و نواحیه، و قضوا حجهم علی أحسن الأحوال، و لم یحج أحد فی هذه السنة من قبل السلطنة لا من الشام، و لا مصر، و لا العراق، و لا غیر ذلک.
و فیها حدث من الخلیفة أهل الزبارة و البحرین من المعصیة، و المخالفة ما حکم بردتهم لأجله، و نقض عهدهم و بعث سعود جیشا مع
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 233
محمد ابن معیقل، ثم أتبعه عبد اللّه بن عفیصان بجیش، و نزلوا عند الزبارة فضبطوهم حتی قفل سعود من الحج.

و فی سنة خمس و عشرین:

لما قفل سعود بن عبد العزیز من الحج قدموا الخلیفة سلمان بن أحمد أمیرهم و أخوه عبد اللّه بن خلیفة، و أولادهم و خلیفة بن شاهین، و معهم کلیب النجادی و غیره من أعوانهم، و کبار رعیتهم وافدین علی سعود کرها، و قد أخذت جمیع خیلهم، و رکابهم و غیر ذلک من الشوکة، فلما قدموا قرر علیهم سعود ما حدث منهم، ثم اعتقل رؤساءهم المذکورین، ورد الأبناء، و بقیة الرعیة، و الأعوان إلی بلدهم، و أقر علی بن محمد علی إمارته فی الزیارة، و عبر فهدین عفیصان ضابطا للبحرین، و استقر فی بیت مال ثم إن ابنی آل خلیفة نقلوا محرمهم، و أموالهم و متاعهم فی السفن، و هربوا إلی إمام مسکة، ثم استنصروه هو، و النصاری الذین عنده، و جمیع سفن بنی عتبة، و ساروا علی البحرین و أحاطوا بها، و بندروا عند الزبارة و أظهروا بقیة رجالهم، و ما فیها من المال و المتاع، و دمروها جملة، و ارتحلوا و نازلوا فهد بن عفیصان و المرابطین الذین معه فی قصر المنامة 300 رجل، و آخر الأمر أنهم أخرجوهم بالأمان علی دمائهم، ثم أمسکوا منهم فهد بن سلیمان بن عفیصان معه نحو ستة عشر رجل رهینة فی رؤسائهم الذین أمسکوا فی الدرعیة، و غزا سعود غزوة المزیریب و هم فی الاعتقال.
ثم أنه أطلقهم فی شوال، و حذرهم مع شوکة من المسلمین واعدین بنزول الزبارة، و استدنا بینهم و قرابتهم، و رعایاهم للدخول فی الإسلام، و الطاعة فلم یوافقوهم، و لم یتم أمر فرجعوا إلی سعود فأطلقهم، و أذن لهم فی التوجه إلی البحرین، و الاجتماع بأولادهم و أهالیهم، فإن شاؤوا
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 234
اتفقوا علی الصلح دخلوا، و أن أبو فاللّه المستعان علیهم و أطلقت من عندهم من الأسری الذین أمیرهم فهد بن سلیمان بن عفیصان، و بعدما وصل آل خلیفة جری بینهم و بین طوارف المسلمین الذین فی قطر، و هم:
أبو حسین أمیر الحویلة، و رحمة بن جابر العذبی أمیر خویر حسان، و ابن عفیصان إبراهیم أمیر الشوکة و المرابطین و من معهم من الرعایا وقع بینهم وقعة عظیمة، و ذلک فی شهر ربیع الأول التقو فی السفن و تواقعوا و کثرت القتلی بینهم، ثم اشتعلت النار فی السفن و مات خلق کثیر من الفریقین قتلا، و حرقا، و غرقا، و احترقت السفن بمن فیها، و احترق لابن جابر و أبی حسین، و من معهم نحو سبع کبار و لآل خلیفة مثله، و قتل دعیج بن صباح، و راشد بن عبد اللّه بن أحمد، و قتل من المسلمین نحو 200 منهم، أبو حسین أمیر الحویلة.
و فی هذه السنة عزم سعود بن عبد العزیز أعزه اللّه علی غزو الشام، و استنفر جمیع النواحی من الحضر و البدو، و سار بجمیع شوکة أهل نجد من وادی الدواسر إلی مکة و المدینة إلی جبل علی، و الجوف، و ما بین ذلک من حاضر و بادیة، و سار خارجا من الدرعیة لثلاث عشرة لیلة مضت من ربیع الثانی قاصدا نقرة الشام المعروفة، لأن بادیتهم من عنزة، و بنی صخر و غیرهم مذکورون فیها، فلما أتاها لم یجد فیها أحدا من البادیة فمشی علی القری، و قد انهزم جمیع أهل القری التی حول المزیزیب، و بصری، و نهبوا ما مروا علیه مما وجدوا فیها من ثقل المتاع، و الطعام و أشعلوا فیه النار، و نزلوا عین البجة و ارتووا، و سقوا منها، و طاردوا خیلا فی قصر المزیزیب و ألجؤوهم إلی القصر، و لم یحب سعود الحشدة علی الحصن لأجل احتصان أهله فیه مظلة المسلمین، ثم نزلوا عند بصری
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 235
عشیة، و باتوا لیلتهم و رحل بالمسلمین الصبح و ترکهم لأجل احتصانهم، و رجع المسلمون قافلین غانمین سالمین، معهم مغانم کثیرة من الخیل قریب مئة رأس، و من المتاع، و الأثاث، و الطعام شی‌ء کثیر، و قتلوا عدة قتلی، و رجف اللّه الشام لهذا المغزی: دمشق و غیرهما من البلدان، و جمیع البوادی و استقر عندهم أن مالهم فیها مقام حاضرهم و بادیتهم حین تحققوا أن جیوش الإسلام تأتیهم فی مأمنهم. و أوطانهم، و اللّه المحمود علی نصر دینه، و خزی أعدائه.
و فی هذه السنة رخصت الأسعار بلغ البر ثلاثة عشر صاعا و زیادة فی الریال، و الذرة سبعة عشر، و التمر سبعة و عشرین و ثلاثین و صار یسلم فی مستقبله علی خمس و أربعین و خمسین وزنة بالریال، و الحب علی ثمانیة عشر صاعا، و عشرین، و رخص الطعام فی الحرمین بیع إردب البر فی المدینة بأربعة ریالات، و مجلاد التمر بریال، و کوز الدهن بریالین، و إردب الأرز الهندی بسبعة.
و فی شهر ذی القعدة من هذه السنة مات الشیخ العلامة المتقن حسین بن أبی بکر بن غنام مفتی الأحساء رحمه اللّه.
و فی هذه السنة حج سعود أسعده اللّه بالناس حجته السابعة، و أجمل معه جمیع أهل النواحی من الجبل، و الجوف، و الحساء، و عمان إلی وادی الدواسر إلی عسیر، و ألمع، و جمیع أهل تهامة، و من یلیهم، و جمیع أهل الحجاز إلی المدینة، و ینبع و ما بین ذلک و قضوا حجهم علی أحسن حال، و لم یحج من أهل النواحی الشاسعة ممن تحت ولایة الروم لا من الشام، و لا من مصر و لا من العراق، و کذلک کل من لیس تحت
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 236
ولایة الإسلام مثل صنعاء، و نواحیها، و مکة و نواحیها إلّا أن أناسا من أهل الغرب استأذنوا سعود فی الحج و أظهروا المعاهدة علی الدین و حجوا هم و من خالطهم من جهتهم.
و فی هذه السنة سار عثمان بن عبد الرحمن المضایفی أمیر الطائف علی تهامة، و أوقع بعسکر کثیر للشریف حمود أبو مسمار، و مع عثمان جنود کثیرة، و کسر اللّه عسکر حمود، و قتل منهم مقتلة عظیمة، و بعد ما قفل عثمان و سار طامی أمیر عسیر بعسکر عظیم من أهل الحجاز، و من قحطان، و غیرهم و توجهوا إلی البندر المعروف باللحیة، و فتحها اللّه لهم عنوة، و غنموا غالب ما فیها من الأموال التی لا تحصی بعدد، و قتلوا من أهلها خلقا کثیرا هلک قریب الألف، و دمّروا البلد و أشعلوا فیها النیران.
و فیها سار عثمان المضایفی ثانیة بعسکر عظیم من رعایاه، و من عسیر و الحجاز و بیثة، و نواحیهم و قحطان و غیرهم من البوادی إلی تهامة، و فتح اللّه لهم الحدیدة البندر المعروف، و استولوا علی غالب البلد، و صار الخبر قد بلغهم و دفعوا خفیف الأموال و المتاع فی السفن، و أخذوا ما وجدوا فیها من ثقیل المال و المتاع.
و فی هذه السنة 1225: ولد الابن المبارک أصلحه اللّه زامل بن حمد بن محمد لعشر لیال بقین من ربیع الثانی و فی سنة 1247 ه ولد الابن المبارک إن شاء اللّه محمد بن زامل بن حمد بن محمد بن ناصر لیلة الجمعة عاشر صفر.
و فی آخر السنة السابعة المذکورة توفی أمیر الروضة عبد اللّه بن عثمان بن شبرة بن عمر بن سیف بن عمر بن مبارک بن عمر البدرانی فی
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 237
ذی القعدة، و حج سعود بالناس حجته التاسعة و قضوا حجهم و قفلوا ثم إنه جر جری. بعد انقضاء الحج ما جری.
ثم دخلت السنة الثامنة و العشرون، و فی یوم الثلاثاء سبع بقین من المحرم خرج عثمان المضایفی من الطائف بحریمه، و عیاله، و غالب خیله، و ما خف و فر البدو، و لحق عبد اللّه، و نزل المدینة ثم بعد ما قفل عبد اللّه استقر و الترک فی مکة، و اجتمعوا هم و الشریف، و بعد ذلک نزل ولد الباشا أحمد طوسون فی قصر القرارة من مکة.
و صار مصطفی، و راحج، و ولد غالب فی الطائف و ارتدوا رعایا عثمان من نواحی الطائف، و أطرافه، و زهران، و غامد، و غیرهم و ثبتوا أهل تربة و رنیة و بیشة، و جمیع الحجاز الیمانی، و سار الشریف و الترک علی تربة، و سار المسلمون الحجازیون، و جری وقائع فی عند تربة، و خذلهم اللّه ثم فی وادی الحما، و زهران، و طاحوا زهران، و غامد و رجعوا و کذلک ارتد من عتیبة أخذ منهم من أخذ، و حارب من حارب، فلما کان فی آخر ربیع انسلاخه، سار الأمیر سعود حفظ اللّه بالناس و الجیش المنصور من جمیع النواحی، و توجه الحناکیة.
و فیها رتبة الترک مع عثمان کاشف، و مع الذی علیها فر بوادی حهب، و نصره اللّه علیهم و هجوا البدو، و خلوا محلهم، و نقلهم، و نساءهم، و بیوتهم و ثقیل ما فیها یزنوا الحرة بأعماهم، و دبشهم، و نازلوا المسلمین الذین مع عثمان الکاشف فی قصر آل هذال نحو مئتین عسکری إلی أن نزلوا بالأمان و سلمهم سعود و سفرهم مع ابن علی لجهة العراق، و سار متوجه المدینة، و أغار و أخذ علی حرب غنائم کثیرة فی نواحی البلد
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 238
عند أبی الرشید، و صادفوا ناحیة فی عسکر المسلمین مقدمة من خیل الترک، و قتلوهم قریب عشرین، ثم نزل البرکة، و غنم و دمر، ثم الحساء، ثم سار متوجه السورقیة، و نازلها، و أخذهم اللّه، و صالح أهلها علی الحلقة بأخذها و شطر ما تحت أیدیهم، و دمر نخلها و خرب منازلهم و هدم قصرهم و عاد قافلا بمغانم کثیرة.

و فی سنة 1228 ه:

مات أمیر ثادق ساری بن یحیی یوم الأربعاء أول یوم من رجب رحمه اللّه.
ثم لما کان عاشر شعبان نزل مصطفی عند تربة خیله ستمائة، و معه راجح فی عسکر من العرب و خیل و معهم مدافع و نازلوها ثلاثة أیام، و قبل مدة فی بیشه و سؤالهم و عقوبتهم علی المحضة، و کسرهم اللّه و انهزموا و استولی المسلمون علی المحضة، و قتل منهم أکثر من سبعین قتیلا، و رجعوا خائبین مهزومین هذا و غالب فی عسکره سایر غازی، و أخذ المورکة للغریف، و جاء حفر کسره مصطفی حاز مقولة، ثم تلاقی هو و مصطفی الطائف.
و فی هذه السنة أعنی سنة ثمان و عشرین وقع فی العراق بعض الاختلاف من حمد ولد سلیمان باشا من عبد اللّه باشا صاحب بغداد، و فرا إلی حمود ابن ثامر هو و قاسم بیک، و بعث عبد اللّه لحمود، و منعهم و سار عبد اللّه بأهل العراق علی حمود، و جمع المنتفق و من علی حله، و جرت المواقعة بینهم و نصر اللّه حمودا و خان بعض عسکر الباشا مثل شمر و بعض الکرد، و صارت هزیمة، و أسر عبد اللّه باشا، و ناصر الشبلی، و غیرهم و قتل قتلی کثیرون؛ و جرح برغش بن حمود، ثن إنه مات و قتلوا عبد اللّه
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 239
باشا و سار حمود وجه أسعد لبغداد، و ملک العراق و رجع.
و فیها اجتمع مع عثمان المضایفی شرذمة من عدوان و غیرهم و ساروا إلی ملک له قصران أو ثلاثة من أعمال الطائف، و نزل قصر یقال له بسل، و حین تحقق غالب نزوله سار إلیه بجنوده، و بالترک الذین عنده، و حصر القصور الذی حوله مما استولی علیه و آخر الأمر إنه فر و قتل قومه الذی عنده، و بعد هذا مسکه أناس من العصمة و جاؤا به إلی غالب، و أمسکه أسیرا، و قتل فی هذه الکرة من قرابته و أتباعه ما ینیف علی السبعین، و کان مسار غالب له لعشر سنین من رمضان.
فلما کان عشر من ذی القعدة قدم الحاج المصری و العسکر وزیر مصر محمد علی باشا لا نصره اللّه و خذله، و بعد ما دخل مکة و استقر القرار فیها و اجتمع بالشریف غالب أمسکه و أحاط بالجمیع بما یملک من الأموال، و الآثاث، و المتاع، و الطعام، و الحلقة، و الممالیک، و استولی علی قصره الذی فی جیاد، و أخرج محرمه و عیاله و أمسک کبار بنیه معه و نصب ابن أخیه یحیی بن سرور، و نادی بالأمان فی البلد، و ادّعی أنه أمر سلطانی و کان قبضه علی غالب، لعشر بقین من ذی القعدة، و فر غالب الأشراف و اتباع غالب فی الجبال و البوادی.
ثم إنه سیر غالبا و ابناه عبد اللّه و حسین إلی مصر و بعد هذا أراد نصب راجح الشریف، و أن یکون بابا للعرب، فلم یأمنه راجح و فر عنه فی شرذمة من الخیل، و نزل علی غزو المسلمین أهل الحجاز عند تربة و خرج یحیی بن سرور فظهر الغزو، و من حوله شرذمة من الترک مثلهم من العرب، ثم إنه استقر محمد علی فی مکة، و سیر ابنه أحمد طوسون
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 240
بالعساکر إلی جهة حجاز الیمن و أدنی ما یلیهم تربه، و قد حصنها الأمیر سعود و أعد فیها مرابطیه وعدة للحصار و استقر أهل الحجاز و الیمن، و صاروا عندها مرابطین حولها و نزل العسکر المصری کالآخ، من ثم سار إلی تربة، و نزل عندها سلخ صفر و حاصرها أربعة أیام یرمی قصورها بالمدافع، و القنابل فکف اللّه و لم یؤثر شیئا، ثم أنزل اللّه فی قلوبهم الرعب و رجعوا عنها بعد ما قتل منهم أکثر من رجل، و لیس مع الترک فی هذه الوقعة من العرب إلّا قلیل مثل بنی سعد، و هویل، و ثقیف، و ناصره.

و فی سنة 1229 ه:

و فی محرم منها سار حجیلان، و محمد بن علی بأهل القصیم و الجبل جیشهم نحو ثلاث مئة و زیادة، و معهم من البدو قریب ذلک و أغاروا علی حرب عناد الدونی، و من معه من بنی عمرو، و غیرهم بوزن الحناکیة، ثم تحشد علیهم حرب، و صارت علیهم کسرة، و فیها ظهر فی نجد جراد و دبا أکل غالب الزرع.
و فی هذه السنة مات الإمام سعود بن عبد العزیز رحمه اللّه و عفا عنه، و کانت وفاته لیلة الاثنین حادیة عشر شهر جماد الأولی، فکانت ولایته عشر سنین و تسعة أشهر، و أیام و بایع الناس ولی عهده ابنه عبد اللّه جعله اللّه مبارکا أینما کان. و کان حین مات والده فی الغزو و بلغه الخبر و هو قافل من مغزا أصاب فیه علی حروب و عبادلة، و عتبان، و غیرهم.
و بعد وفاة الإمام سعود بثلاثة أیام مات رئیس الکویت عبد اللّه بن صباح العتبی، و فی أثناء شهر رجب توفی قاضی سدیر علی بن یحیی بن ساعد، و فی تاسع و عشرین منه کسفت الشمس ضحی.
و وقع فی بلدان سدیر و منیخ وباء و مرض عظیم فی هذه السنة مات
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 241
فیه خلق کثیر، و أکثر من مات فیه من أهل جلاجل بین الکبیر، و الصغیر، و الذکر، و الأنثی
و فی هذه السنة سیر محمد علی عسکرا کثیفا وجهه إلی ناحیة الیمن حال استقراره بمکة وجهه برا و بحرا، سیر أکثر من أربعین سفینة، و رسوا عند القنفذة و فیها عسکر من عسیر نحو خمسمائة مقاتل و حاصروهم، و رکبوا علیهم المدافع و القنابر، و آخر الأمر أنهم أظهروا لهم الأمان، و استولوا علیها و کان أمیر عسیر طامی قد سار بجمیع الشوکة متوجها إلی الحجاز فبلغه الخبر، و رجع و معه نحو ثمانیة آلاف مقاتل فقاتلوهم و نصرهم اللّه علیهم، و أخذوا من خیلهم ما یبلغ خمسمائة، و من الرکاب، و المتاع، و السلاح، و الزاد ما ینیف عن العد حتی قیل إن الخیام تزید علی الألف، و انهزم شریدهم فی السفن، و ذلک أنهم یوم انکسروا توجهوا إلی السفن و یوم وصلوا السفن نزلوا عن خیلهم، و رکبوا السفن، و غنموا عسیر جمیع خیلهم مع رحائلهم و خیامهم.
و فی هذه السنة حج المحمل الشامی، و المصری و قضوا حجهم و انصرفوا و أبقوا عند محمد علی رحائل، و ذخائر، و أموال قد أتوا بها من قبل الدولة.
بعد دخول سنة 1229 ه: ثم إن غالبا أرسل عرضا، و شکایة السلطان، و هو مختبی‌ء فی مصر بعد ما أقاموا فیها نحو خمسة أشهر.

و فی سنة 1231 ه:

فورد الأمر من الدولة بأن یکون فی سنابک و یقام بما ینوبه و یرد علیه من أمواله فأقام بها حتی مات بالطاعون.

و فی سنة 1229 ه:

مات فی صفر أمیر عنیزة إبراهیم بن سلیمان بن
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 242
عفیصان، و قاضی الحویلة، و الحریق الشیخ سعید بن حجی، و توفی بعده تلمیذه راشد بن هوید.

و فی سنة 1230 ه:

فی المحرم کسف القمر فی نهایة لیلة الکسوف، و فیه مات عبد اللّه بن محمد بن سعود و فی آخره مات إبراهیم بن سدحان للیلتین بقیتا منه.
و فی أول صفر لثلاث مضین منه جرت المواقعة بین فیصل و الترک، و ذلک أن فیصل حین قدمت علیه عساکر الحجاز طامی فی عسیر، و المع، و من یلیهم و من دونهم من زهران، و غامد و غیرهم قدموا نحو عشرین ألفا، و أرسلوا لفیصل، و ظهر علیهم، و کان معه نحو عشرة آلاف، و اجتمعوا فی غزایل و ساروا منها، و تلاقوهم و الترک عند بسل و تنازلوا و وقع بینهم قتال و طراد طول یوم، و قتل فی العدو کثیر، فلما کان الیوم الثانی و قد لحق بهم محمد علی وقع القتال، و وقع کسرة فی ناحیة جموع المسلمین من قبل زهران و غامد، ثم عسیر و اتصلت الکسرة علی جمیع العساکر الإسلامیة لا یلوی أحد علی أحد، و وقی اللّه شرها، و کف اللّه أیدی الترک و لم یقتل إلّا القلیل.

و فی سنة 1231 ه:

سار عبد اللّه بن سعود بالجیوش من جمیع نواحی المسلمین الحضر و البدو، و توجه إلی القصیم، و هدم سور الخبراء، و البکیریة، ثم سار إلی جهة بوادی الحجاز من عنزة، و بریة، و حرب، و لا یسر اللّه إنه یدرک أحد، و انهزموا و أدرک شواوی من مطیر، و غیرهم، و غنم علیهم غنم کثیرة، و کان قد وجه محمد بن حسین بن مزروع و عبد اللّه بن عون بالمکاتبة و هدایا إلی محمد علی باشا لتقریر الصلح، فلما وصلوا إلیه وجدوه قد تغیر.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 243
و فیها توفی غالب بن مساعد بن سعید المعزول عن ولایة مکة و مات فی آخر رمضان، و فیها مات أحمد طوسون بن محمد علی باشا فی مصر فی آخر شوال، و فیها سیر محمد علی باشا ابنه إبراهیم بعسکر من مصر ضابطا للمدینة، و تواجیها، ثم سار إلی الحتاکیة، و استوطنها، و شید بنیانها.

و فی سنة ثلاث و ثلاثین و مائتین و ألف:

فی ذی القعدة استولی إبراهیم باشا علی الدرعیة أمر إبراهیم باشا بتدمیر الدرعیة، و قطع نخلها و دفن أبارها و إجلاء أهلها و تفریقهم فی بلدان نجد، و أمر جمیع آل مقرن، و آل الشیخ فانتقلوا بأهلیهم إلی مصر، ثم توجه إبراهیم إلی مصر فی آخرها.

و فی سنة 1235 ه خمس و ثلاثین و مائتین و ألف:

ظهر محمد بن مشاوی بن معمر و نزل الدرعیة، و عمرها، و عاهده أهل نجد، ثم بعد ذلک جاء مشاری بن سعود و نزل الدرعیة و صار الآمر له.

و فی سنة ست و ثلاثین و مائتین و ألف:

ظهر لنجد حسین بیک بالدولة، و توجه إلی العارض، ثم بعد ذلک أمسک مشاری و محمد بن مشاری، و قتلهم و نزل، ثرمدی، و أجلا الذین نزلوا الدرعیة، و أنزلهم عنده إلّا من شرد منهم، ثم بعد ذلک قتلهم کلهم صبرا، ثم أمر علی البلدان بدرا، هم و أخذ من شقرا قدر ثلاثین ألف ریال، و أخذ من جمیع البلدان کذلک، و فعل بأهل نجد الأفاعیل العظیمة، ثم بعد ذلک توجه إلی مصر.
و فی آخر هذه السنة عدو أهل جلاجل علی التویم، و تواقعوا فی النخیل، و قتل من أهل التویم عبد اللّه بن فوزان بن مغیر، و سلیمان بن
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 244
محمد بن عیدان، و ناصر بن عثمان بن سلیم، و قتل من أهل جلاجل ثلاثة أو أربعة، و فی خامس ذی الحجة عدو علیهم أیضا. و أصیب محمد بن علی من أهل جلاجل، و فی یوم عرفة عدا علیهم أیضا و أصیب علی أهل جلاجل محمد بن عمر و عبد العزیز بن حسین.

و فی سنة 1237 ه:

ظهر لنجد حسن أبو ظاهر، و فعل بأهل الجبل ما فعل وطب القصیم، و وجه له عسکرا، و نزلوا الریاض، و حربوه أهل القصیم، و صرفه اللّه عما أراد و راح لمصر عسکره الذین فی الریاض عند أبی ناصر، و غزوا، و ذبحوهم سبیع إلّا القلیل و باقیهم رجع إلی الریاض، ثم بعد ذلک سنة 1239 ه ظهر ترکی، و حربهم فی الریاض، و أظهرهم و نحروا المدینة و ملک ترکی جمیع بلدان نجد، و فیها جاء الشیخ عبد اللّه بن عبد الرحمن أباطین من الروضة، و کان قد انتقل إلیها و صار اماما فی شقرا و قاضیا فی بلدان الوشم و غیرها.
و فی هذه السنة أعنی سنة 1237 ه، و فی أول المحرم منها قتل سوید بن عثمان بن عبد اللّه بن إدریس، و فی لیلة النصف منها استولی سوید بن علی الروضة.

و فی سنة 1238 ه:

و هی سنة نزولنا التویم أقبل ترکی بن عبد اللّه نصره اللّه فی رمضان، و دخل عرقة، و ضبطها، و قدم فیها، و أخر و حارب أهل الریاض و منفوحة، و فیها عسکر لمحمد علی مع أبی علی بن یوسف البهلولی، و نحو ثلاثمائة و تم الحرب بینه و بینهم و کاتب أهل سدیر، و طلب منهم النصرة أهل حرمه، و أهل الحویلة، و العطار و العودة و أهل المحمل، و أقاموا عنده مدة یسرة، و واقعوا الروم معه، ثم رجعوا لبلدانهم
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 245
و ساروا أهل الریاض علی عرقه، و صرموا غالب ثمارها، و قطعوا بعض نخیلها، و ذلک فی أوائل السنة التاسعة ثم انصرفوا و بقی الحرب علی حاله هذا و أهل حریملاء، و ثرمدا، حاربین و بقیة أهل سدیر، و الوشم متوقفین، فلما کان فی رمضان بعد ما قدم محمد بن عبد اللّه بن جلاجل و ابن عمه راشد بن عثمان بن راشد بن جلاجل من الزبیر و سعوهم، و إبراهیم ابن فریح بن حمد بن محمد بن ماضی فی نکث الصلح بین سوید، و بین أهل الروضة و التویم، و عشیرة، و تم لهم ذلک سطو علی سوید فی جلاجل لیلة سبع و عشرین من رمضان، و السطوة آل جلاجل و فداویتهم إلی ظهر و معهم نحو عشرین رجال و عصابة من أهل عشیرة، و من أهل التویم و الروضة و أمعنوا فی جلاجل حتی بلغوا باب القصر و قضب المسجد الجامع و بیت ضیف اللّه بن شهیل، و أعلنوا أنهم ملکوا البلد فأراد اللّه غیر ذلک صار سوید و معه شرذمة من قومه فی المجلس خارج القصر، و صار من أهل جلاجل و فداویتهم و إبراهیم بن فریح، و أهل التویم، و من معهم من أهل الروضة علی لمجلس قاضوا علی سوید، و الذی معه و جری بینهم قتال، و ضرب إبراهیم بن فریح ببندق فی رأسه و مات فی مکانه بعد ما قتل من أهل جلاجل اثنین أو ثلاثة، ثم أن السطاة انخذلوا فلما انهزموا اتجه سوید و قومه إلی عشیرة و من معهم و استأصل غالبهم و الذی قتل من السطاة من أهل عشیرة محمد بن ناصر بن حمد بن ناصر بن عبد اللّه بن عشیری، و ناصر بن عبد اللّه بن فوزان بن عبد اللّه بن حمد بن مانع بن عشیری، و موسی بن عبد اللّه بن موسی، و من مشاهیر أهل الروضة محمد بن عبد اللّه بن سلیمان بن الکلبی و من أهل التویم محمد بن إدریس، و عبد العزیز بن خنین، و جمیع من قتل من اثنین، و قتل من أهل جلاجل سلیمان بن فوزان بن سویلم.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 246
ثم إن أهل جلاجل، و أهل التویم، و عشیری سعوا فی سطوة ثانیة، و بعد ما عزموا أطفأ اللّه الفتنة بترکی بن عبد اللّه، و کاتبه سوید، و سعی أهل ثادق فی جذب ترکی هم و أهل المحمل رکبوا إلیه ثم کاتبه أهل سدیر و سلموا له و لاقوه فی ثادق، و أقبل هو و إیاهم و بایعوه أهل سدیر، و منیخ، و أقام فی المجمعة قریبا من شهر ضبط قلعتها و قصرها، و رتب فیه محمد بن صقر وعدة رجال و تقوی منها بسلاح، ثم سار بغزو أهل سدیر و المحمل و غیرهم قاصدا حریملاء، فنازل أهلها و وقع بینهم الحرب قتل منهم عدة رجال، ثم إنهم طلبوا الصلح فوافقهم علی ذلک، ثم سار بمن معه و نازل منفوحة، فأخذها و ضبطها و أظهر من فیها من الترک، ثم نازل الریاض و جری بینهم وقائع.

و فی سنة 1240 ه:

کاتب أبو علی کبیر الترک ترکی فی الصلح، فوافقه الإمام ترکی و جری الصلح بین الفریقین، ثم سار ترکی بمن معه من قومه و أهل الحریق و الحوطة، و العارض و حریملاء، و الحمل إلی الوشم فدخل شقراء و أقام فیها أیاما.

و فی سنة 1242 ه:

وقع القحط و الغلاء فی جمیع البلدان حتی وصل العیش خمسة بالریال، و التمر عشر، وزان بالریال.

و فی سنة 1243 ه:

اشتد الغلاء حتی مات خلق کثیر من جمیع البلدان، و فیها نزل الغیث علی جمیع البلدان و کثر العشب و الجوع علی حاله.

و فی سنة 1244 ه:

نزل الغیث علی جمیع البلدان، و أعشبت الأرض و الجوع علی حاله مات منه خلق کثیر و فیها وقع الوباء بحلة بلدان
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 247
نجد، و مات منهم خلق کثیر، و هو الذی یسمونه العقاص، و فیها رخص الزاد حتی بلغ خمسة و عشرین صاعا بریال، و التمر أربعین وزنه و فیها فی شهر ربیع الأول مات الشیخ حسن بن حسین بن شیخ محمد بن عبد الوهاب رحمهم اللّه تعالی.

و فی سنة 1245 ه:

غزا فیصل بن ترکی، و ناوخ بنی خالد فی الصمان و کبیرهم ماجد بن عریعر، و أقاموا أیاما، ثم توفی ماجد ثم ظهر و نحرهم و أداله اللّه علیهم، و أخذ جمیعهم إلّا القلیل، و ذلک فی شهر رمضان، ثم سار فی أثرهم و قصد الحساء، و أخذه بغیر قتال، و کذلک القطیف ثم أقام فی الحساء، أیاما و عاهده أهل البلدان ثم توجه إلی الریاض، و فیها وقع الرخص، و الخصب لم یعهد فی أزمنه مثله حتی أنه بیع أربعون صاع حب بریال و ثمانون وزنه تمر بالریال فی جمیع بلدان نجد حتی بلدان الوشم.

و فی سنة 1246 ه:

و الرخص بحاله و تأخر المطر إلی الصیف ثم جاء مطر کثیر خرب فی کثیر من البلدان، و جاء جراد کثیر ودبا، و أکل الأرض، و جملة الأشجار، و فیها حجوا أهل نجد، و والی مکة محمد بن عون، و حجوا جمیع أهل الأقطار، و وقع فی مکة وباء عظیم مات فیه ما لا یحصبه إلّا اللّه فی جمیع أهل الأقطار الحاضرین فی مکة حتی أن الموتی ترکوا ما یجدون من یدفنهم، و مات فیه من أعیان أهل نجد خلق کثیر.
و فی رمضان من هذه السنة مات الشیخ العالم العلامة محمد بن علی بن سلوم رحمه اللّه تعالی کانت وفاته فی سوق الشیوخ.

و فی سنة 1247 ه:

رخص الزاد علی حاله، و أنزل اللّه البرکة فی
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 248
الثمرة، و فیها عزل داود باشا عن بغداد، و قدم فیه علی باشا فی صفر ظهرت حمرة عظیمة تظهر قبل طلوع الفجر إلی طلوع الشمس و بعد غروب الشمس حتی کأن الشمس لم تغب حتی الآن فی اللیالی، کأن فی السماء قمر من شدة الحمرة، و أقام ذلک قدر شهرین، و وقع فی بلدان نجد فی تلک السنة حمی و مات خلق کثیر خصوصا من أهل شقراء، و لم یبق منهم من لم یمرض إلّا القلیل.
و فیها غزا فیصل بن ترکی علی ابن ربیعان، و ابن بصیص، و أغار علیهم علی طلال و کسروه و أخذوا جملة فی رکابهم و سلاحهم، و قتل منهم ناس کثیر و فیها فی آخرها وقع الطاعون فی بغداد، و الموصل، مات منهم من لم یحصه إلّا اللّه تعالی و فیها حجوا أهل نجد، و لم یحج الشامی لما هم فیه من الحرب و ممن توفی فی هذا المرض الولد محمد، و کانت ولادته فی ثادق، و حفظ القرآن، و تعلم الخط، و کان خطه فائقا، و تکلم بالشعر فی صغره، و مدح عمر بن سعود بن عبد العزیز بقصائد کثیرة، ثم سافر قاصدا بلد الزبیر، و هو ابن سبعة عشر سنة، و صار نابغة وقته فی الشعر، و له أشعار مشهورة عند العامة، نرجو اللّه أن یسامحه.
و لم یزل هناک إلی أن توفی فی بلد الکویت 1247 ه فی الطاعون العظیم الذی عم العراق و الزبیر، و الکویت، هلکت فیه حمائل و قبائل، و خلت من أهلها منازل، و بقی الناس فی بیوتهم صرعی لم یدفنوا، فلا حول و لا قوة إلّا باللّه العلیّ العظیم.
فیکون عمره 42 سنة و لیس له عقب رحمه اللّه.
و إخوته زامل، و عبد اللّه ساکنان مع أبیهما فی بلد التویم، و ذلک أن إبراهیم باشا لما أخذ الدرعیة سنة 1233 ه ارتحلت أنا و العم فراج من
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 249
ثادق، و معه أولاده، فسکن العم فراج و أولاده فی حرمة، و أما أنا فسکنت فی حوطة سدیر، فلما کان سنة 1238 ه ارتحلت بأولادی إلی بلد التویم، و سکنت فیه و جعلته وطنا، و الحمد للّه رب العالمین.

و فی سنة 1248 ه:

وقع الطاعون العظیم الذی لم یعرف مثله فی جمیع بلدان المجرة من السوق إلی البصرة إلی الزبیر، إلی الکویت مات فیه من الخلق ما لا یحصیه إلّا اللّه تعالی حتی أن جملة البیوت خلت ما بقی فیها أحد و بعض البلدان ما بقی فیها أحد، و بلد الزبیر ما بقی فیها إلّا أربعة رجال، أو خمسة فسبحان القادر علی کل شی‌ء.
و فیها فی شهر ربیع الأول جاء مشاری بن عبد الرحمن بعد ما ذهب فی السنة التی قبلها خارجا عن الطاعة، فذهب إلی القصیم و لم یدرک شیئا، ثم ذهب إلی البادیة فأقام معهم مدة، ثم ذهب إلی مکة، و لم یدرک شیئا مما أراد، ثم جاء فقبله ترکی و عفی عنه، و فیها حج أهل نجد، و لم یحجوا أهل الشام و کبیر حاج نجد فهد الصبیحی، فلما ظهروا فی مکة و وصلوا الخرمة من وادی سبیع نوخوهم سبیع، و ذبحوا أمیر الحاج و ناس غیره، ثم أعطوهم الحاج ما أرادوا و انصرفوا.
و فی لیلة الثلاثاء تاسع عشر جمادی الثانی السنة المذکورة رمی بالنجوم فی أول اللیل إلی قریب من طلوع الشمس، و سقط فیها ما لا یحصیه إلّا اللّه تعالی فی جمیع أفاق السماء. و فی لیلة الأربعاء سابع عشر شعبان جاء برد لم یعهد مثله بحیث أن الأشجار یبست خصوصا النخل، و فیها وقع الحصار علی بلد الزبیر المنتفق، و أقاموا مدة شهر ثم بعد ذلک أخذوه و ذبحوا آل زهیر و أخذوا أموالهم.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 250

و فی سنة 1249 ه:

و الأمر علی حاله من جهة رخص الزاد. و فیها تناوخوا مطیر و عنزة فی السر فی القیض، و أقاموا مدة ثم انکسر العنوز، و أخذوا منهم من الإبل و الغنم و المحل شی‌ء کثیر. و فیها نزل المطر فی أول الموسم بأمر لم یعهد مثله کثرة، ثم بعد ذلک فی أول شوال جاء برد عظیم قدر ثمانیة أیام قتل الزرع و الأشجار و غلی الزاد بعد ذلک، و لا جاء نجد مطر بعد الوسمی أبدا. و فیها مات أمیر عسیر علی بن مجئل رحمه اللّه تعالی، و قام بعده الأمیر عائض بن مرعی.
و فیها فی یوم الجمعة آخر شهر ذی القعدة قتل الإمام ترکی بن عبد اللّه بن محمد بن سعود رحمه اللّه تعالی بعد ما خرج من المسجد بعد صلاة الجمعة، قتله مشاری بن عبد الرحمن بن مشاری بن سعود و جماعته معه تمالؤوا علی قتله، و لم یحدث عند قتله شی‌ء، و نزل مشاری القصر و استولی علی الخزائن و الأموال و کاتب جمیع البلدان، و کان الإمام فیصل إذ ذاک فی القطیف معه غزو أهل نجد، فلما وصل إلیه الخبر أقبل بمن معه و نزل الحساء، و ساعده والی الحساء ابن عفیصان، فتوجه فیصل إلی الریاض بمن معه من الغزو و معه العجمان و الدولة، فدخل الریاض من غیر قتال، و تحصن مشاری فی القصر و معه قدر مایة رجل و حربوا، فلما کان یوم الأربعاء، ثانی عشر شهر عاشوری القصر ثلاثة رجال، و طلبوا الأمان لهم، و لجملة من أهل القصر و لم یدر مشاری فأمنهم فیصل، فلما کان لیلة الخمیس أدلوا لهم الحبل من القصر، و صعدوا إلی القصر، و ذبحوا مشاری، و معه ستة من الذین تمالؤوا علی قتل ترکی، ثم استقر الأمر لفیصل و قدموا علیه کبار أهل نجد و البادیة.

و فی سنة 1250 ه:

(خمسین و مائتین و ألف): بعث عائض بن
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 251
مرعی جماعة من عسیر کبیرهم ابن ضبعان، و نزلوا وادی الدواسر و ضبطوه ثم بعد ذلک أمر فیصل علی جمیع البلدان بغزو فقصدوا الوادی و أمیرهم حمد بن عیاف و حصل بینهم و بین أهل الوادی وقعات، و لم یدرکوا شیئا من أهل الوادی ثم بعد ذلک تصالحوا علی أن الوادی لعسیر و لا لفیصل فیه أمر، و انقلبوا علی ذلک. و فیها نزل المطر علی جمیع نجد و أعشبت الأرض و فی آخرها قدم علی فیصل رسول من أبی مرعی، و فیصل علی شقراء بأن أمر الوادی فی یدک قدم فیه من شئت، فبعث فیصل إلی الوادی أمیرا.

و فی سنة 1251 ه:

صار الشریف محمد بن عون والی مکة و إبراهیم باشا أخو أحمد باشا مکة بالدولة المصریة، و قصدوا بلد عسیر و استولوا علی جملة بلدان عسیر، و دخلوا فی طاعتهم و لم یبق إلّا عائض بن مرعی أمیرهم، و معه قدر ألفین مقاتل، فأنزل اللّه النصر و انکسرت الدولة و شریف، و قتل منهم ما لا یحصی، و کانوا قدر خمسة عشر ألفا، و بعضهم مات عطشی و استالوا عسیر علی خزائنهم و مخیمهم، و قصد شرائدهم مکة. و فیها ظهر فی القبلة نجم له ذنب. و فیها جاء رسل محمد علی طالبا من فیصل المواجهة فی مکة فخافهم فیصل فجاءه الأمر برده إلی بلد مفتوحة جلوی إلی الریاض فدخلها سالما.
و فیها فی رمضان جاء برد کبار هلک منه جملة مواشی أهل نجد بردا و جوعا، بحیث إن المطر یجمد فی الجو من شدة البرد. و فیها غلی الزاد:
بیعت الحنطة ستة أصواع بریال، و التمر ثلاثة عشر وزنه بالریال، و لم یجی‌ء نجد تلک السنة إلّا مطر قلیل. و فیها عزل الشریف محمد بن عون عن ولایة مکة و سفروه إلی مصر.
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 252

و فی سنة 1252 ه:

غزی ولد المطیری بأهل نجد أمیرا لفیصل بن ترکی، و قصد عمان و استولی علی جملة عیان. و صالح سعید بن سلطان والی مکة علی إخراج معلوم یدفعه فی کل سنة لفیصل قدره سبعة آلاف ریال. و فیها جملة من أهل سدیر، و الوشم عن أوطانهم و قصدوا البصرة، و الزبیر، و الحساء، و فی آخرها نزل الغیث علی بلدان نجد، و کثر فیها العشب، و الجراد.
و فیها ظهر إسماعیل بیک من جهة محمد علی صاحب مصر، و معه خالد بن سعود مقدمه أمیرا فی نجد فلما بلغ فیصلا الخبر خرج من الریاض مع غزو أهل نجد، فنزل العریف فلما کان ثانی شهر ذی الحجة فی السنة المذکورة نزل إسماعیل و من معه من العسکر الرأس، فسار فیصل فنزل عنیزة، و أقام فیها أیاما، ثم رجع و لم یحصل بینهم قتال.

و فی سنة 1253 ه:

فی المحرم نزل إسماعیل بیک فی عنیزة، و أقام بها فقدم علیه فیها کبار أهل نجد سوی أهل الحوطة، و الحریق، و ظهر فیصل من الریاض و نزل الحساء، ثم أقبل إسماعیل، و خالد بن سعود بالعسکر، فنزلوا الریاض و أقاموا فیها أیاما، ثم خرجوا قاصد بن الحوطة فنزلوا الحلوة بالعساکر و أهل نجد، و ذلک فی یوم الخامس عشر من شهر ربیع الأول و کان یوما شدید الحر، فانکسرت العسکر، و قتل بعضهم، و هلک أکثرهم عطشا، ثم أقبل بقیتهم فنزلوا الریاض، و أقاموا فیها، و نجا خالد و إسماعیل من القتل، و نزلوا الریاض فلما بلغ فیصل الخبر، خرج من الحساء قاصدا الریاض بمن معه من أهل الحساء و نجد، و حصل بین الفریقین قتال، و صبر الفریقان صبر عظیم، فلما کان فی شهر ذی القعدة انصرف فیصل و نزل الخرج، و فی هذه السنة اشتد الغلاء، و جلا أکثر أهل
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 253
سدیر، و الوشم عن أوطانهم، و لم ینزل غیث إلّا قلیل، و کثرت الریاح و اختلفت الزروع. و فیها سار علی باشا من بغداد فأخذ المحمرة عنوة.

و فی سنة 1254:

قدم خرشید باشا عنیزة فی صفر بالعساکر، و أقام فیها مدة ثم حصل بینه و بین أهل عنیزة حرب قتل ناس من الفریقین، ثم تصالحوا و قدم علیه فیها جملة من کبار أهل نجد، و أقام فیها و فیصل بن ترکی فی الخرج، و خالد فی الریاض، فلما کان فی شهر رجب أقبل خرشد بالعسکر قاصدا الریاض، ثم قدمها و خرج منها ثانی یوم من قدومه، و خرج قاصدا فیصل فی الخرج، ثم نزل بلد الدلم، و فیها فیصل و من معه فحاصرهم فیها و جری بینه و بینهم عدة وقعات قتل فیها خلق کثیر فلما کان فی الیوم السابع عشر من شهر رمضان تسلم البلد بالأمان علی أن الإمام فیصل یواجه محمد علی، و علی تسلیم المدافع المأخوذة من إسماعیل بیک، و تم الصلح علی ذلک، ثم جهز بعض عسکره قاصدین مصر بفیصل و أخیه. و فیها نزل الوسمی علی البلدان و کثر العشب و الجراد.

و فی سنة 1255:

قدم خرشد باشا بالعسکر من الخرج، و نزل بلد ثرمدا، و أقام فیها و قدم علیه خالد بن سعود من الریاض و أقام عنده. و فیها توفی السلطان محمود بن عبد الحمید، و قام بعده ابنه عبد المجید.

و فی سنة 1256 (ست و خمسین و مائتین و ألف):

توجهت عساکر السلطان عبد المجید بن محمود لحرب محمد علی فأخذوا الشام، و کان فیه إبراهیم باشا ففر إلی مصر، ثم توجهوا إلی مصر فنزلوا الإسکندریة فی البحر، فتقابلت الفئتان ثم تصالحوا علی أن محمد علی یرفع یده عن
خزانة التواریخ النجدیة، ج‌1، ص: 254
جمیع الممالیک و الحرمین إلّا مصر و ینصرفون عنه و الأمر علی ذلک، و فیها توجهت العساکر من نجد إلی مصر، و راح خرشد باشا من القصیم فی رجب فی هذه السنة، و لم یحج أهل الشام لأجل الحرب.

و فی سنة 1257:

وقعة بقعا فی ثامن جمادی الأولی سار أهل القصیم، و قتل منهم قریبا من ثلاثمائة، و من أعیانهم یحیی بن سلیم و غیره، و أخذوا خیامهم، و سلاحهم. و فیها خرج عبد اللّه بن تنیان بن إبراهیم بن ثنیان بن سعود علی ابن عمه خالد، فنزلوا الریاض أول یوم من شهر جمادی الآخر و حصرها و حفروا الحفور و ثوروا اللغوم.
قال محققه عبد اللّه بن عبد الرحمن بن صالح البسام:
هذا آخر ما وجدناه من هذا التاریخ [تاریخ حمد بن محمد بن لعبون]، و یرجح أنه لم یعش بعد هذا العام 1257 ه سنین، و الحمد للّه رب العالمین َو الصلاة و السلام علی رسوله الأمین نبیّنا محمد و علی آله و صحبه أجمعین.
و کان إکمال تحقیقه فی الیوم الرابع من شهر ذی الحجة من عام ألف و أربعمائة و أربعة عشر للهجرة.
***

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.