موسوعة طبقات الفقهاء المجلد 1

اشارة

سرشناسه : سبحاني تبريزي، جعفر، - 1308

عنوان و نام پديدآور : موسوعه طبقات الفقهاآ: المقدمه الفقه الاسلامي منابعه و ادواره/ تاليف جعفر السبحاني

مشخصات نشر : قم: موسسه الامام الصادق(ع)، 1418ق. = 1376.

مشخصات ظاهري : ج 2

شابك : 964-6243-25-8(ج.1) ؛ 964-6243-25-8(ج.1) ؛ 964-6243-25-8(ج.1) ؛ 964-6243-25-8(ج.1) ؛ 964-6243-26-6(ج.2)

وضعيت فهرست نويسي : فهرستنويسي قبلي

يادداشت : اين كتاب مقدمه ايست بر كتاب موسوعه طبقات الفقها

يادداشت : عربي

يادداشت : كتابنامه

موضوع : مجتهدان و علما -- سرگذشتنامه

موضوع : نويسندگان اسلامي -- سرگذشتنامه

موضوع : محدثان شيعه -- سرگذشتنامه

شناسه افزوده : موسسه امام صادق(ع)

رده بندي كنگره : BP55/2/م 83س 2

رده بندي ديويي : 297/996

شماره كتابشناسي ملي : م 78-2149

مقدمة التحقيق

اشارة

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

موسوعة طبقات الفقهاء، المقدمة، ص: 2

(وَ مٰا كٰانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لٰا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طٰائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذٰا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) (التوبة 122)

موسوعة طبقات الفقهاء، المقدمة، ص: 3

تاريخ الفقه الإسلامي و طبقات الفقهاء

اشارة

بقلم: جعفر السبحاني الإسلام عقيدة و شريعة، فالعقيدة تعني الإيمان باللّه و صفاته و أفعاله و التي تدور عليها رحي الإيمان و الكفر، و المطلوب فيها هو الإذعان.

و الشريعة هي حسب اللغة المورد الذي يُقصد منه الماء للشرب، و استعيرت للطريقة الإلهية فكما انّ الماء سبيل لحياة الأبدان، كذلك مورد الدين سبيلٌ لحياة النفوس و ريّ العقول، قال سبحانه: (لِكُلٍّ جَعَلْنٰا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَ مِنْهٰاجاً) (المائدة/ 48) و قال سبحانه: (ثُمَّ جَعَلْنٰاكَ عَليٰ شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهٰا) (الجاثية/ 8).

و في التعبير عن الطريقة الإلهية بالشريعة إشارة واضحة إلي أنّ جوهر الدين و الأحكام شي ء واحد بلّغها رسلُه إلي عباده، و الاختلاف إنّما هو في المورد، فكلّ أُمّة ترد المورد العذب فانّها تُشْفي به غليلها، و تُحيي به نفوسها و تروي به عقولها بقدر ما عندها من الاستعداد و القابلية، فصارت الشرائع السماوية فيضاً جارياً منه

موسوعة طبقات الفقهاء، المقدمة، ص: 4

سبحانه علي مرّ العصور حتي آلت إلي شريعة استجمعت كلّ عناصر الخلود، ألا و هي شريعة الإسلام، قال سبحانه: (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مٰا وَصّٰي بِهِ نُوحاً وَ الَّذِي أَوْحَيْنٰا إِلَيْكَ وَ مٰا وَصَّيْنٰا بِهِ إِبْرٰاهِيمَ وَ مُوسيٰ وَ عِيسيٰ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ «1» وَ لٰا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَي الْمُشْرِكِينَ مٰا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ) (الشوري/ 13).

و إذا كان الإسلام عقيدة و شريعة فقد أخذ المتكلّمون علي عاتقهم خدمة العقيدة بما بذلوه من الجهود الحثيثة في صيانتها

عن التحريف و الزيغ و الزلل، كما أخذ الفقهاء الكبار علي ذِمّتهم حفظ الشريعة بدراسة الكتاب و السنة و استنطاقهما للاجابة علي الحوادث التالدة و المستجدَّة حتي أغنَوا الأُمّة الإسلاميةَ عن التطفُّل علي موائد الآخرين، و أثبتوا أنّ الفقه الإسلامي ذو مادة حيوية تفي بمتطلبات الأُمّة إلي يوم القيامة.

و لقد كان للجهود المكرَّسة من قِبَلِ الفقهاء الافذاذ، و العلماء الجهابذة صدي كبيرٌ علي الصعيد الفقهي، حيث ساهمتْ تلك الجهود في دفع عَجَلة الفقه نحوَ الأمام و ارتقائه إلي المنزلة التي هو عليها، و مواصلة الحركة في سبيل التوسعة و التكامل.

وقد حفل تاريخ الفقه الإسلامي بموسوعات ضخمة و مؤلفات عظيمة، زخرت بتراجمهم و سِيَرهم لتخليد ذكراهم و تثمين خدماتهم التي قدّموها إلي الشريعة الحنيفة، و قام بها غير واحد من مؤرخي الفقهاء حسب ما اتيح لهم من المنابع و المصادر، و كان لها أثر إيجابي في تاريخ الفقه.

______________________________

(1) قوله سبحانه: " أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ" بيان للموصول في" مٰا وَصّٰي".

موسوعة طبقات الفقهاء، المقدمة، ص: 5

فأُلّفت في طبقات الشافعية من الفقهاء و غيرهم الكتب التالية: 1- طبقات الفقهاء لأبي إسحاق الشيرازي (476 ه).

2- طبقات الشافعية للقاضي ابن شهبة (ت/ 851 ه) كما أُلفت في تراجم الحنابلة الأسفار التالية: 1- طبقات الحنابلة للقاضي ابن أبي يعلي الفراء (ت/ 526).

2- الذيل علي طبقات الحنابلة لابن رجب (ت/ 795).

3- المنهج الأحمد في تراجم أصحاب الإمام أحمد لمجير الدين عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن العليمي (860 928).

كما أُلفت في تراجم المالكية الكتب التالية: 1- ترتيب المدارك للقاضي عياض (ت/ 544).

2- شجرة النور الزكية لمحمد بن محمد مخلوف (ت/ 1355).

3- الديباج المذهّب في معرفة أعيان المذهب لبرهان الدين ابن فرحون المالكي

(ت/ 779).

كما ألفت في تراجم الحنفية: 1- الجواهر المضيئة لابن أبي الوفاء (ت/ 775).

2- الفوائد البهية في تراجم الحنفية لمحمد اللكنهوي الهندي (ت/ 1293).

هذا بعض ما ألف في تراجم أعيان المذاهب الأربعة و حيث إنّ المذاهب الفقهيّة أوسع من المذاهب الأربعة فهناك مذاهب فقهية أُخري كالإمامية و الزيدية.

موسوعة طبقات الفقهاء، المقدمة، ص: 6

فقد ألف غير واحد من الإمامية و الزيديّة كتباً و رسائل في تراجم علمائهم و بينوا طبقاتهم بصورة مسهبة.

و نري ذلك الاهتمام من مؤرخي الشيعة الإمامية، فقد ألفوا في ذلك المضمار كتباً و رسائل و موسوعات أشهرها: 1- الفهرست لأبي العباس النجاشي (372- 450).

2- الرجال لشيخ الطائفة أبي جعفر الطوسي (385- 460).

3- الفهرست له قدّس اللّه سرّه.

4- الطبقات للبرقي من أعلام القرن الرابع.

5- الرجال لأبي عمرو الكشي من أعلام القرن الرابع.

6- معالم العلماء لابن شهر آشوب (488 588).

7- الفهرست لمنتجب الدين الرازي (ت بعد/ 585).

و غيرها من الكتب و الموسوعات التي يقف عليها الباحث في المكتبة الإسلامية و العربية كما و أُلفت في عصرنا هذا موسوعتان في طبقات الشيعة نذكرهما علي الوجه التالي: 1- طبقات الفقهاء لأُستاذنا المحقّق السيد حسين البروجردي (1292 1380).

2- طبقات الشيعة لشيخنا المجيز آغا بزرگ الطهراني (1293 1389) مؤلف كتاب الذريعة إلي تصانيف الشيعة في 25 جزءاً.

موسوعة طبقات الفقهاء، المقدمة، ص: 7

و للزيدية طبقات فقهاء نذكر منها علي سبيل المثال: 1- تراجم الرجال للشيخ أحمد بن عبد اللّه الجنداري.

2- الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية، لحسام الدين حميد بن أحمد المحلي.

غير انّ الذي يمكن أن نقوله هو: انّ تلك الموسوعات الضخمة التي صُنفت في التراجم اقتصرت كلّ طائفة منها علي سرد أسماء فقهاء نحل معينة دون أن تتعداها إلي

بقية النحل، مع انّ جلّ الفقهاء من مختلف النحل هم حماة الشريعة.

و لما لم نعثر علي كتاب ينظر إلي الفقهاء العظام بنظرة شمولية عامة، خامرتني فكرة تأليف كتاب في هذا المضمار يضم سيرة و حياة أكثر الفقهاء من عامة الطوائف، حتي أقوم بجزء من الواجب تجاه خدماتهم، و لما كان المشروع ضخماً و كبيراً، لذلك فقد ساورتني فكرة تشكيل لجنة تتصدي لهذا الموضوع.

وقد استغرق هذا الأمر جلّ اهتمامي حتي أُتيحت لي فرصة تشكيل لجنة عِلمية تضم كافة الاختصاصات لتنفيذ هذا المشروع، و كانت حصيلة جهودهم المباركة هذه الموسوعة التي يزفّها الطبع إلي القراء الكرام.

معايير الفقاهة: لما كانت الغاية من تأليف هذه الموسوعة هي الوقوف علي سيرة الفقهاء و تراجمهم منذ رحيل الرسول الكريم (صلّي اللّٰه عليه و آله و سلّم) إلي يومنا هذا، لذا اقتضت الحاجة تعيين و بيان معايير للفقاهة ليتم علي ضوئها فرز الفقيه عن غيره.

موسوعة طبقات الفقهاء، المقدمة، ص: 8

وقد درستِ اللجنةُ الموضوع دراسةً عميقةً، و كان حصيلتها انّ المعيار المتَّخذ في هذا المجال هو أحد الأُمور العشرة التالية، فمن توفر فيه أحدها أو أكثرها عُدّ فقيهاً، و جاءت ترجمته في الموسوعة، و تلك الأُمور هي عبارة عن: 1- أن يكون له تأليف في الفقه أو شرح لكتاب فقهي أو تعليقة عليه أو ما أشبه ذلك.

2- إذا تولّي منصباً فقهياً كالافتاء أو القضاء أو التدريس.

3- إذا نُقِلت فتاواه في الكُتب الفقهية و إن لم نقف علي كتاب له.

4- إذا صرَّح المؤرخون و أهل السِيَر بفقاهته.

5- إذا نُقِلَت عنه رواياتٌ فقهيةٌ في مختلف الأبواب خاصة إذا كان بصورة الاستفسار، و الاستفتاء.

6- إذا قام بتفسير القرآن الكريم أو خصوص آيات الأحكام بشكل يعرب عن

فقاهته.

7- إذا وصفه الأعلام بكونه جامعاً للعلوم و الفنون.

8- إذا قام بجمع و تدوين روايات فقهية، بتبويب خاص.

9- إذا أُجيز من قِبَل الأعلام المجتهدين و صرح أُولئك الأعلام بفقاهته و اجتهاده.

10- إذا وُصف بكلمات معربة عن إلمامه بالفقه و الاشتغال به.

وقد جعلت اللجنة تلك المعايير نصب عينها لفرز الفقهاء عن غيرهم، وقد واجهت منذ البداية صعوبات جمةً في تأليف الموسوعة أهمها أنّ الركب الفقهي لم يزل سائراً نحو الأمام عند الشيعة منذ رحيل الرسول و حتي يومنا هذا، و إن توالت عليه اخفاقات و نجاحات و لكن الطابع العام الذي تميز به هو تطوره

موسوعة طبقات الفقهاء، المقدمة، ص: 9

و ارتقاؤه في مدارج الصعود.

و أمّا الركب الفقهي عند أهل السنة فقد كان نَشِطاً و دؤوبا في سيره نحو الأمام إلي أواسط القرن السابع حتي انتابه الجمود و الركود نتيجة اغلاق باب الاجتهاد وساد علي أثرها الفكر التقليدي المغلق، و انصرفت الأفكار عن تلمّس العلل و المقاصد الشرعية في فقه الأحكام إلي الحفظ الجاف، و الاكتفاء بتقبّل كلّ ما في الكتب المذهبية دون مناقشة، و أُلزِمَ الفقهاء علي اتباع أحد المذاهب الأربعة فقط و إن يروا الحقَ علي خلافه، و طفق يتضاءل و يغيب ذلك النشاط الذي كان في القرون السابقة و أصبح مريد الفقه يدرس كتاب فقيه معيَّن من رجال مذهبه فلا ينظر إلي الشريعة و فقهها إلّا من خلال سطوره بعد أن كان مريدُ الفقه يدرس القرآن و السنة و أُصول الشرع و مقاصده.

وقد أصبحت المؤلفات الفقهية إلّا القليل بعد اغلاق باب الاجتهاد اختصاراً لما وُجِد من المؤلفات السابقة أو شرحاً له فانحصر العملُ الفقهي في ترديد ما سَبَق، و دراسة الألفاظ و حفظها كما

صرح بذلك الأُستاذ مصطفي الزرقاء أحمد. «1»

فإذا كان حال الفقه و الفقهاء بعد منتصَف القَرن السابع علي ما وَصَفه ذلك المحقّق لم تجد اللجنةُ محيصاً من اتباع أُسلوب آخر في معرفة الفقهاء في تلك الفترة الزمانية و هو الاقتصار علي المشهورين من الفقهاء و الأُصوليّين الذين لهم كتب قيمة في الفقه، أو اشتهروا بالفقاهة، و هذه الثلة و إن كانت قليلةً إلّا أنّها تركت بصمات واضحة علي الصعيد الفقهي.

قال المقريزي: استمرت ولاية الفقهاء الأربعة من سنة 665 حتي لم يبق في مجموع أمصار الإسلام مذهبٌ يُعرفُ من مذاهب الإسلام غير هذه الأربعة

______________________________

(1) مصطفي أحمد الزرقاء، المدخل الفقهي العام: 186/ 1.

موسوعة طبقات الفقهاء، المقدمة، ص: 10

و عُودي من تمذهب بغيرها، و أُنكر عليه و لم يُوَلّ قاض و لا قبلت شهادة أحد ما لم يكن مقلِّداً لأحد هذه المذاهب و أفتي فقهاؤهم في هذه الأمصار في طول هذه المدّة بوجوب اتباع هذه المذاهب، و تحريم ما عداها وا لعمل علي هذا إلي اليوم. «1»

الحاجة إلي معرفة طبقات الفقهاء:

انّ الحاجة من وراء تدوين هذه الموسوعة عبارة من الأُمور التالية: أوّلًا: انّ الفقه الإسلامي ذو وحدة مترابطة من عصر الرسول إلي يومنا هذا، بمعني انّ المسلمين حفظوا ذلك التراث و استثمروه.

ثانياً: الوقوف علي سيرة الفقهاء العظام، و العلماء الجهابذة عبْر التأريخ لغاية الاطلاع علي جهودهم التي بذلوها في سبيل إرساء هذا الصرح الشامخ.

ثالثاً: تمييز الفقيه عن المتفقه الذي صنعته أيدي السياسة و عدّته من الفقهاء و هو ليس بفقيه.

رابعاً: انّ استعراض سيرتهم و النشاط الذي قاموا به في إبداء بعض القواعد و المسائل الفقهية، يؤدِّي إلي الوقوف علي جذور الكثير من المسائل و القواعد، و الاستعانة بها علي فهم

تلك المسائل عن كَثب.

خامساً: الوقوف من خلال تراجمهم علي مكانتهم و مدي نبوغهم في الفقه، و بذلك يستقطب الفقيه ثقة الفقيه الآخر بفكره و فقهه.

هذه الفوائد ترتجي من دراسة طبقات الفقهاء بشكل عام، كما و أنّ الذي

______________________________

(1)- الخطط: 333/ 2، الحوادث الجامعة، ص 216.

موسوعة طبقات الفقهاء، المقدمة، ص: 11

دعي المشرفَ و اللجنة إلي القيام بهذا العمل وراء تلك الفوائد أُمور: أوّلًا: الحاجة الماسة إلي مثل هذا التأليف، و لم يكن هناك ما يقوم مقامه.

ثانياً: تقريب الخُطي بين المسلمين، و إراءة جهود جميع الفقهاء دون فرق بين السني و الشيعي لانّ الجميع خدموا الدين الحنيف شكر اللّه مساعيهم.

ثالثاً: إزالة الأخطاء المتفشية من قِبَلِ الكُتّاب المعاصرين حول تاريخ الفقه الشيعي و فقهائهم و نذكر شيئاً ليكون نموذجاً لما لم نذكر: ذكر الدكتور وهبة الزحيلي في كتابه «الفقه الإسلامي و أدلّته» انّ مؤسس فقه الشيعة الإمامية هو محمد بن حسن بن فروخ الصفار القمي المتوفي عام 290 و أنّه المؤسس الحقيقي له في كتابه «بشائر الدرجات في علوم آل محمد».

وقد تقدمه أوّل كتاب للإمامية في الفقه لموسي الكاظم (عليه السّلام) كتبه إجابة عن مسائل وُجِّهت إليه تحت اسم الحلال و الحرام.

ثمّ كتب ابنه علي الرضا (عليه السّلام) كتاب فقه الرضا.

ثمّ جاء بعد ابن فروخ الأعرج، محمد بن يعقوب الكليني فألف كتابه الكافي في علم الدين.

و هذه الكتب الأربعة الأساسية للشيعة.. «1»

هذا كلامه و لو أردنا أن نعقب عليه مفصّلًا لأحوجنا إلي مقال مسهب و المجال لا يسع لذلك، بل نشير إلي شي ء قليل في كلامه: 1- انّ فقه الشيعة كأُصولها يرجع إلي عصر الرسول و ما تلاه من عصر الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السّلام) و أولاده

المعصومين (عليهم السّلام) خاصة الإمامين الصادق و الباقر (عليهما السلام) اللّذين شيّدا معالم هذا المذهب علي صعيدي العقيدة

______________________________

(1)- الدكتور وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي و أدّلته: 43/ 1.

موسوعة طبقات الفقهاء، المقدمة، ص: 12

و الشريعة وقد تربي في احضانهما العديد من المتكلمين و الفقهاء و المجتهدين قبل ابن فروخ بسنين متمادية، وقد أُلف في عصرهما كتب كثيرة في كافة المجالات.

2- انّ ما ألفه الشيخ الأقدم محمد بن الحسن الصفار هو «بصائر الدرجات» لا بشائر الدرجات و هو ليس كتاباً فقهياً كما ادّعاه بل هو كتاب روائي، ينقل أحاديث أئمّة أهل البيت بأسانيد مستقلة تنتهي إليهم في مختلف الأبواب. «1»

3- انّ كتاب الحلال و الحرام إنّما هو لعبد اللّه بن سنان الراوي عن أبي الحسن موسي الكاظم (عليه السّلام) و هو يستعرض جميع الأبواب سوي الصلاة.

كما انّ لعبد اللّه بن مسكان كتاباً بهذا الاسم أيضاً و يروي عن الإمام الكاظم (عليه السّلام) «2».

4- انّ فقه الرضا ليس كتاباً للإمام الرضا (عليه السّلام) و إنّما هو لفقيه من فقهاء الشيعة و الأغلب انّه نفس كتاب الشرائع لعلي بن بابويه (ت 329).

5- انّ الكتب الأربعة للشيعة عبارة عن: أ.

«الكافي» لمحمد بن يعقوب الكليني (ت 329).

ب.

«من لا يحضره الفقيه» تأليف محمد بن علي بن بابويه الصدوق (ت 381).

ج.

«تهذيب الأحكام» تأليف الشيخ محمد بن الحسن الطوسي (ت 460).

د.

«الإستبصار فيما اختلف فيه الأخبار» له أيضاً (قدس سره).

هذا بعض ما يمكن أن يقال فيما ذكره الكاتب عن فقه الشيعة و مؤسسه فإذا كان هذا حال مؤلفنا الدكتور وهبة الزحيلي و هو ممن له صلة وثيقة

______________________________

(1) الطهراني: الذريعة: 125/ 3.

(2) الطهراني: الذريعة: 61/ 7.

موسوعة طبقات الفقهاء، المقدمة، ص: 13

بالأوساط العلمية في داخل سوريا و

خارجها فكيف حال غيره ممن هو بعيد عن هذه الأجواء.

و أمّا بالنسبة إلي فهارس الموسوعة فستوافيك فهارس كلّ جزء في آخره و لكننا نوقف القارئ علي وجه الإجمال علي أنّ الجزء الأوّل يحتوي علي تراجم الصحابة و التابعين الذين أخذت عنهم الفتيا و رُويت عنهم أحاديث الأحكام، و الجزء الثاني: علي فقهاء القرن الثاني، و هكذا خصصنا لفقهاء كلّ قرن جزءاً مستقلًا.

هذا و يوصف الصحابة و التابعين ب «أصحاب الفتيا» و أمّا غيرهم ب «الفقهاء»، وقد تابعنا في هذا الاصطلاح الدارج في الكتب الفقهية.

و نحن و إن خصصنا لكل قرن جزءاً، و أتينا بالتراجم حسب ترتيب حروف أسمائهم، و لكن لم تفتنا الإشارة إلي طبقاتهم في نفس القرن، و ذلك بتخصيص فهرس خاص للمترجمين حسب وفياتهم، اضافة إلي فهرس خاص حسب أسمائهم، و بذلك استوفينا كلتا الميزتين: سهولة المراجعة و التنظيم حسب الطبقات.

وقد ذكرنا في فهرس المترجمين حسب الحروف أيضاً من اشتُهر منهم بلقبه أو كنيته أو غير ذلك، ليسهل علي القارئ الرجوع إليهم في مختلف الموارد.

أهم مميزات هذا الكتاب:

1- أوردنا المعلومات الرئيسة التي تدل علي فقاهة المترجم، و مكانته العلمية، في صورة بين البسط و الإيجاز.

2- إنّ عنايتنا لم تُقصر علي إيراد ما يتعلق بفقاهة المترجم، من تقلّد منصب فقهي، أو تصنيف كتاب، أو غير ذلك مما ورد ذكره آنفاً في معايير الفقاهة، بل

موسوعة طبقات الفقهاء، المقدمة، ص: 14

ذكرنا أيضاً و بإيجاز ضروباً من الأخبار و الوقائع التأريخية التي تناسب المقام، و طُرفاً من الشعر و الحكم و المواعظ.

3- أضفنا إلي كل مترجم تاريخ وفاته علي وجه التحديد أو علي وجه التقريب، هذا مع إمكانية ذلك، و مع العدم فإننا اضطررنا إلي تثبيت السنة التي كان

فيها المترجم حياً، أو ما هو قريب منها، وقد أهملنا التأريخ في حال تعذّر الوصول إلي ذلك.

كما نبّهنا إلي جملة من أوهام المؤرخين و أصحاب المعاجم الرجالية في هذا المجال.

4- حقّقنا في الحالات التي يتماثل فيها اسما فقيهين أو يتقاربا و ناقشنا اختلاف العلماء في القول بالاتحاد أو التغاير، و اخترنا ما انتهي إليه تحقيقنا مدعماً بالأدلّة و المؤيّدات.

5- أمسكنا عن ذكر الذّموم الموجّهة للمترجم، إلّا إذا اتّفقت كلمة العلماء أو أكثرهم علي ذمّه، و اكتفينا بإظهار فقاهة المترجم و الكشف عن آثاره العلمية و أحواله.

6- ألقينا الضوء علي جمع من الفقهاء الذين جاء ذكرهم في كتب التراجم مختصراً، من خلال الاستعانة بمصادر مختلفة، فصارت لهم في كتابنا هذا تراجم وافية.

كما عمدنا إلي ترجمة عدد من الفقهاء الواقع ذكرهم في أسانيد الروايات، و لم تكن لهم في الكتب تراجم مستقلة ذات شأن.

7- التعريف ببعض الأشخاص الذين وردت أسماؤهم عَرَضاً، و كذلك الأماكن و البلدان و الأنساب، و غير ذلك مما جاء ذكره في سياق الكتاب.

موسوعة طبقات الفقهاء، المقدمة، ص: 15

تنبيه مهم: إنّ من يستقرئ القرآن الكريم و السنّة النبوية الشريفة يجد أنّ لأهل البيت (عليهم السّلام) منزلة خاصة، و مقاماً سامياً.

فهم الذين عنتهم الآية المباركة: (إِنَّمٰا يُرِيدُ اللّٰهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً («1».

و هم الذين جعلهم رسول اللّه (صلّي اللّٰه عليه و آله و سلّم) عِدلَ القرآن و الثّقل الثاني في قوله: «تركتُ فيكم الثقلين: كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً ««2».

وقد حثّ رسول اللّه ص علي الاقتداء و التمسّك بهم، و الأخذ من نمير علومهم، لأنّهم قُرناء الكتاب طهراً، و علماً و

حكمة، و نوراً و خصّهم ص بالعلوم و المعارف (فتميزوا بذلك عن بقية العلماء لأنّ اللّه أذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيراً و شرّفهم بالكرامات الباهرة، و المزايا المتكاثرة ««3».

وقد قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السّلام): لا يُقاس بآل محمد (صلّي اللّٰه عليه و آله و سلّم) من هذه الأُمة أحد، و لا يسوّي بهم من جَرَتْ نعمتُهم عليه أبداً.

هم أساس الدين، و عماد اليقين.

إليهم يفي ء الغالي، و بهم يلحق التالي، و لهم خصائص حقّ الولاية، و فيهم الوصيّة و الوراثة «4».

______________________________

(1)- الأحزاب/ 33.

(2) سنن الترمذي: 622/ 5 كتاب المناقب، باب مناقب أهل بيت النبي (صلي اللّٰه عليه و آله و سلم)، الحديث 3786، مسند أحمد 14/ 3، و 17، و ج 182/ 5، و 189.

قال ابن حجر في «الصواعق المحرقة»: ص 228: و لهذا الحديث طرق كثيرة عن بضع و عشرين صحابياً.

(3) ابن حجر، الصواعق المحرقة: 151.

(4) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 138/ 1، الخطبة 2.

موسوعة طبقات الفقهاء، المقدمة، ص: 16

و علي ضوء ذلك، فإنّ ما أُثر عن أئمة أهل البيت (عليهم السّلام) من أحكام لم يكن نابعاً من اجتهادهم، و إنّما هو من كتاب اللّه و سنّة رسوله، التي علّمها رسول اللّه (صلّي اللّٰه عليه و آله و سلّم) أمير المؤمنين علياً (عليه السّلام)، و علمها عليّ أولاده.

و لما كان أئمة أهل البيت (عليهم السّلام)، هم المنهل الصافي الذي يرجع إليه المسلمون في أخذ الأحاديث و الأحكام، فقد آثرنا أن نزيِّن موسوعتنا هذه بذكرهم، لا باعتبارهم مفتين و مجتهدين كما ذكرنا آنفاً، و إنّما لكونهم ألسنة الصدق، و معادن العلم، و تراجمة القرآن و السنّة.

و لما كانوا أيضاً بهذه

المنزلة و المكانة المتميّزة، فقد فضّلنا تقديم تراجمهم (عليهم السّلام) علي سائر تراجم الفقهاء، و ذلك وفق العصر الذي عاش فيه كل إمام.

و في خاتمة المطاف أرفع شكري الجزيلَ و ثنائي الجميلَ إلي أصحاب الفضيلة علي ما تحمّلوه من العناء الطويل و بذلوه من الجهد المتواصل، لانجاح هذا المشروع بإخلاص و مثابرة، و هم بحق أعلام الفِكر و أصحاب القلم و نبارس العلم و مشاكيه، أعني بهم: 1- العلّامة الحجّة السيد محمد حسين المدرسي اليزدي.

2- العلّامة الحجّة الثبت السيد محمد كاظم المدرسي اليزدي «1».

3- العلّامة الحجّة المتتبع السيد محمد كاظم حكيم زاده.

4- الكاتب القدير الأُستاذ حيدر محمد البغدادي (أبو أسد («2».

5- العلّامة الحجّة السيد أحمد الفاضلي البيارجمندي.

______________________________

(1) و هو حفظه اللّه أوّل من طرحتُ الموضوعَ عليه و استقبله برحابة صدره، وله مواقف مشكورة في تأليف هذه الموسوعة.

(2) وقد بذل أقصي جهوده في التحقيق، و تحمّل عناء التتبّع و التدقيق.

موسوعة طبقات الفقهاء، المقدمة، ص: 17

6- العلّامة الحجّة الشيخ يحيي الصادقي المازندراني.

7- العلّامة الحجّة الشيخ قاسم شيرزاده الآقبلاغي.

8- الفاضل الحجة محمد الشويلي.

و لا يفوتنا أن نثمن و نقدر جهود الاستاذين الجليلين: 1- العلّامة الحجة محمد هادي به القمشه اي.

2- الأستاذ المهندس جعفر حسون قاسم الساعدي.

لما بذلاه من جهود مضنية في ترتيب و تنظيم و إخراج هذه الموسوعة بهذه الحلة الأنيقة فجزاهما اللّه خير الجزاء.

قم مؤسسة الإمام الصادق (عليه السّلام) للدراسات و البحوث الإسلامية تحريراً في 3 صفر المظفر عام 1418 ه جعفر السبحاني

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 3

[الجزء الأول في فقهاء القرن الأول]

القسم الاوّل في أصحاب الفتيا من الصحابة

اشارة

و هم ثمانون

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 5

الامام الاوّل عليّ أمير المؤمنين «1» - عليه السّلام

(10 قبل المبعث- 40 ه) ابن أبي طالب عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم، أمير المؤمنين

______________________________

(1) المعيار و الموازنة للِاسكافي، صحيح البخاري 5 24- 22، باب مناقب علي- عليه السّلام-، وقعة صفين لنصر بن مزاحم، السيرة لابن هشام 4- 190 و 1 379- 376، صحيح مسلم 4 1875- 1870، باب فضائل علي- عليه السّلام-، الغارات لَابي إسحاق الكوفي 261، أنساب الاشراف للبلاذري 2- 89، المعارف لابن قتيبة 117 127، تاريخ اليعقوبي 2- 102 و 3 204- 167، سنن الترمذي 5 643- 632، خصائص النسائي، العقد الفريد انظر الفهارس، الكافي للكليني 1- 292 و 452، مروج الذهب 3 180- 93، خصائص الأَئمّة للسيد الرضي، الافصاح في إمامة أمير المؤمنين- عليه السّلام- للمفيد، الارشاد للمفيد، الجمل للمفيد، المستدرك علي الصحيحين 3 146- 107، الفضائل لابن شاذان، النور المشتعل من كتاب ما نزل من القرآن في علي- عليه السّلام- لَابي نعيم الأصبهاني، حلية الاولياء 1 87- 61، التفضيل للكراجكي، شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني، تاريخ بغداد 1- 133، الإستيعاب 3- 26 68، مناقب آل أبي طالب لابن المغازلي، مناقب آل أبي طالب للخوارزمي، أسني المطالب للجوزي الشافعي، فرائد السمطين لإبراهيم بن محمد الجويني الجزء الاوّل، اليقين في امرة أمير المؤمنين- عليه السّلام- للسيد ابن طاوس، أُسد الغابة 4 41- 16، ترجمة الامام علي في تاريخ دمشق لابن عساكر في ثلاثة أجزاء، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 30- 21، البداية و النهاية 7- 333، الاصابة 2 503- 501، الفصول المهمة 29 136، تاريخ الخلفاء للسيوطي 185 206، كنز العمال 13 197- 104، بحار الانوار ج 35 ج 42، عوالم

العلوم و المعارف و الأَحوال 15- 13، أعيان الشيعة 1 562- 323، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي الجزء الاوّل، الغدير 1 151- 14، الصواعق المحرقة 115 و 135، الامام علي صوت العدالة الانسانية لجورج جرداق، المرتضي للندوي سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب- عليه السّلام-، علي بن أبي طالب بقية النبوة و خاتم الخلافة لعبد الكريم الخطيب، علي و بنوه لطه حسين.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 6

أبو الحسن القرشي الهاشمي، أخو رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، و وصيّه، و وارث علمه، و صهره علي ابنته فاطمة سيدة نساء العالمين، و أبو السبطين.

ولد في الكعبة المشرّفة في الثالث عشر من رجب قبل المبعث بعشر سنين، و اختاره النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم حين أصابت قريشاً أزمة و علي في مطلع صباه من بين أولاد أبي طالب، و اتّخذه ولداً، فترعرع في كنفه، و لازمه طول حياته حتي في تلك الايام التي كان النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يعتكف فيها في غار حراء، فتخلّق بأخلاقه، و اقتدي به في أقواله و أفعاله، و نهل من نمير علمه.

قال علي- عليه السّلام: وقد علمتم موضعي من رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بالقرابة القريبة و المنزلة الخصيصة، وضعني في حجره و أنا وليد، يضمني إلي صدره و يكنفني في فراشه، و يمسني جسده، و يشمّني عَرفه..، و لقد كنت اتّبعه اتباع الفصيل أثر أُمّه، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علماً، و يأمرني بالاقتداء به، و لقد كان يجاور في كل سنة بحراء فأراه و لا يراه غيري، و لم يجمع بيت واحد يومئذ في

الإسلام غير رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و خديجة و أنا ثالثهما أري نور الوحي و الرسالة، و أشمّ ريح النبوة.

و لما بُعث النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم كان عليّ أوّل من أسلم، و كان قبل ذلك قد كرم اللّه وجهه من السجود لصنم، و له- عليه السّلام- مواقف خالدة في الذبِّ عن رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و نصرته، ففي حصار الشِّعب كان أبوه أبو طالب سيد البطحاء ينيمه في فراش رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، فينام مواجهاً للخطر، طيّبة بذلك نفسه، و لما هاجر رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم إلي المدينة أمر علياً- عليه السّلام أن ينام في فراشه، و أوصاه بأداء أماناته، ففعل ذلك.

و كان- عليه السّلام- قطب الرحي في كل معارك الإسلام: بدرٍ و أحد و الخندق و خيبر و سائر المشاهد التي أبلي بها البلاء العظيم، و قام فيها المقام المحمود، حتي استقر الدين و ضرب بجرانه الارض.

قال ابن أبي الحديد: و مقاماته في الحروب مشهورة تضرب بها الامثال إلي

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 7

يوم القيامة، فهو الشجاع الذي ما فرّ في موقف قطّ، و لا ارتاع من كتيبة، و لا بارز أحداً إلّا قتله، و لا ضرب ضربة و احتاج إلي الثانية، فكانت ضرباته وترا.

وقد نزلت في أمير المؤمنين- عليه السّلام خاصة، و في أهل البيت عامّة، آيات كثيرة تحدثت عن فضلهم و مقامهم و قدسيتهم.

فمن الآيات التي نزلت في أهل البيت: آية التطهير، و آية المباهلة، و آية المودة «1»، و غيرها.

و أمّا الآيات النازلة في علي- عليه السّلام،

فهي كثيرة، بلغت في قول ابن عباس ثلاثمائة آية «2».

أخرج مسلم بسنده عن عائشة، قالت: خرج النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم غداة، و عليه مرط مرجّل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله، ثم قال: " إِنَّمٰا يُرِيدُ اللّٰهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً" «3» «4» و روي المؤرّخون و المفسرون و المحدّثون حادثة (المباهلة) و هي: أنّ وفداً من نصاري نجران جاء ليحاجج رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و يحاوره، فأنزل اللّه سبحانه:

______________________________

(1)- عدّ ابن حجر في الصواعق المحرقة هذه الآيات من جملة الآيات الواردة في أهل البيت- عليهم السلام-.

(2) عن ابن عباس قال: نزلت في علي ثلاثمائة آية، و عنه قال: ما نزل في أحد من كتاب اللّه ما نزل في عليّ.

مختصر تاريخ دمشق: 18- 11.

(3) الاحزاب: 33.

(4) صحيح مسلم (2424) في فضائل الصحابة، باب فضائل أهل البيت.

و هذا الحديث المعروف بحديث الكساء، رُوي في كل من: مسند أحمد: 6- 298 و 304، الترمذي: (3205) و (3787)، و المستدرك علي الصحيحين: 3- 147 و صححه الحاكم، و وافقه الذهبي، سير أعلام النبلاء: 3- 254.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 8

" فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مٰا جٰاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعٰالَوْا نَدْعُ أَبْنٰاءَنٰا وَ أَبْنٰاءَكُمْ وَ نِسٰاءَنٰا وَ نِسٰاءَكُمْ وَ أَنْفُسَنٰا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّٰهِ عَلَي الْكٰاذِبِينَ" «1» " و أمر النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أن يدعو علياً و فاطمة و حسناً و حسيناً و يخرج بهم إلي الوادي، و أن يدعو

النصاري أبناءهم و نساءهم و يخرجوا معهم ثم يدعوا اللّه بأن ينزل العذاب علي الكاذبين.

أخرج مسلم عن سعد بن أبي وقاص، قال: لما نزلت هذه الآية" نَدْعُ أَبْنٰاءَنٰا وَ أَبْنٰاءَكُمْ" دعا رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم علياً، و فاطمة و حسناً و حسيناً، فقال: اللهم هؤلاء أهلي «2» و وردت في شأن الامام علي- عليه السّلام طائفة من الاحاديث التي أبرزت مكانته و منزلته الخاصة عند اللّه و عند رسوله، و دعت الامّة إلي حبّه و ولائه، و الرجوع إليه و الاخذ عنه، و اتّباع سننه و منهاجه.

فمن هذه الاحاديث: قال رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لعلي- عليه السّلام: أنت أخي في الدنيا و الآخرة «3» و قال- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- يوم خلّفه علي المدينة في غزوة تبوك: أ ما ترضي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسي غير أنّه لا نبيّ بعدي «4» و قال- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- يوم خيبر: لَاعطين الراية غداً رجلًا يفتح اللّه علي يديه

______________________________

(1)- آل عمران: 61.

(2) مسلم: 7- 119) باب فضائل علي)، مختصر تاريخ دمشق: 17- 300، تاريخ الخلفاء للسيوطي: 200.

(3) أسد الغابة: 4- 16، تاريخ الخلفاء: 201، قال: أخرجه الترمذي.

(4) ابن سعد 3- 24، و البخاري: 5- 19) باب مناقب علي بن أبي طالب)، و مسلم: 7- 119 (باب فضائل علي)، و خصائص النسائي: 4، و مختصر تاريخ دمشق: 17- 344 و 347.

قال السيوطي: و أخرجه أحمد و البزار من حديث أبي سعيد الخدري، و الطبراني من حديث أسماء بنت قيس، و أُم سلمة، و حبشي بن جنادة، و ابن عمر، و

ابن عباس، و جابر بن سمرة، و البراء بن عازب، و زيد بن أرقم.

تاريخ الخلفاء: 200.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 9

يحب اللّه و رسوله، و يحبه اللّه و رسوله، ثم دعا باللواء فدعا علياً و هو يشتكي عينيه فمسحهما ثم دفع إليه اللواء ففتح «1» و قال- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-: عليّ مني و أنا منه، و هو وليكم بعدي «2» و قال- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لعلي: إنّه لا يحبّك إلّا مؤمن و لا يبغضك إلّا منافق «3» و قال- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-: أنا مدينة العلم و علي بابها، فمن أراد العلم فليأته من بابة «4».

روي عليّ- عليه السّلام عن النبي كثيراً.

روي عنه: ابناه الحسن و الحسين «عليهما السلام»، و الاحنف بن قيس التميمي، و البراء ابن عازب الانصاري، و جابر بن عبد اللّه الانصاري، و جابر بن سَمُرة، و جارية بن قدامة السعدي، و أبو ساسان الحضين بن المنذر الرَّقاشي، و حنش بن عبد اللّه الصنعاني، و حبّة بن جوين العُرَني، و زِرّ بن حُبيش الاسدي، و زيد بن أرقم الانصاري، و مالك بن الحارث الأَشتر النخعي، و عبد اللّه بن مسعود، و ابنه محمد ابن الحنفية، و عبد اللّه بن عباس، و عبد اللّه بن جعفر الطيار، و عبد الرحمن بن أبزي الخزاعي، و الاصبغ بن نباتة الحنظلي، و أبو الاسود الدوَلي، و سعيد بن المسيب، و أبو هريرة، و صعصعة بن صوحان العبدي، و أبو سعيد الخدري، و مُطرِّف بن عبد اللّه ابن الشِّخّير، و أبو ليلي الانصاري، و طائفة من الصحابة و التابعين.

______________________________

(1)- البخاري: 5- 18، و مسلم: 7- 19)

باب فضائل علي)، و خصائص النسائي: 4، و أُسد الغابة: 4- 21، و مختصر تاريخ دمشق: 17- 325.

(2) مختصر تاريخ دمشق: 17- 348.

(3) مسند أحمد: 1، 138- 95، تاريخ بغداد: 14- 426، و روي مسلم عن علي- عليه السّلام- قال: و الذي فلق الحبة، و برأ النسمة إنّه لعهد النبي الأُمي إليّ أنّه لا يحبني إلّا مؤمن و لا يبغضني إلّا منافق.

تاريخ الخلفاء: 201، و رواه الخطيب البغدادي في تاريخه: 2- 255، و أحمد في مسنده: 1- 84.

(4) الإستيعاب لابن عبد البرّ: ترجمة علي بن أبي طالب، و الاستيعاب: 3- 38 هامش الاصابة، و أُسد الغابة: 4- 22.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 10

و كان أعلم الناس بعد رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم «1» في الحديث و الفقه و التفسير و الكلام و غيرها، أغدق عليه رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم من بحر عطائه، و أفاض عليه من علوم النبوة و أسرارها، ما جعله باب مدينة علم الرسول- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

و كان مرجعاً لجميع الصحابة، و لم يرجع إلي أحد قط، و كان الخلفاء يستشيرونه، و يرجعون إليه في مشكلات الحكم و القضاء، فيرشدهم- عليه السّلام- و يهديهم إلي الحل، حتي اشتهر عن عمر بن الخطاب أنّه كان يتعوّذ من معضلة ليس لها أبو حسن «2»، و لم يقل أحد سلوني قبل أن تفقدوني غير علي «3» - عليه السّلام.

قال ابن أبي الحديد: أشرف العلوم العلم الالهي (يعني: علم التوحيد) لَانّ شرف العلم بشرف المعلوم أشرف الموجودات، و من كلامه اقتُبس و عنه نُقل و منه ابتدأ.. و بعده علم الفقه و هو- عليه

السّلام- أصله و أساسه و كل فقيه في الإسلام فهو عيال عليه و مستفيد من فقهه.. فقد عرف بهذا الوجه أيضاً انتهاء الفقه إليه، و قد روي العامة و الخاصة قوله- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-: «أقضاكم عليّ» «4» و القضاء هو الفقه فهو إذاً أفقههم، و روي الكل انّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- قال له و قد بعثه إلي اليمن قاضياً: «اللهم اهد قلبه و ثبّت لسانه»، قال: فما شككت في قضاء بين اثنين.

و أضاف ابن

______________________________

(1)- قيل لعطاء بن أبي رباح: أ كان في أصحاب محمّد- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- أعلم من علي؟ قال: لا و اللّه لا أعلم.

أُسد الغابة: 4- 22.

و قالت عائشة: علي أعلم الناس بالسنّة.

و قال ابن مسعود: أفرض أهل المدينة و أقضاها علي بن أبي طالب.

مختصر تاريخ دمشق: 18، 26- 25.

(2) قال سعيد بن المسيب: كان عمر يتعوذ من معضلة ليس لها أبو حسن، أُسد الغابة: 4 23- 22، و تهذيب الكمال: 20- 485.

(3) قال سعيد بن المسيب: ما كان أحد من الناس يقول سلوني غير علي بن أبي طالب.

أُسد الغابة: 4- 22.

(4) قال- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- في أصحابه: أقضاهم علي بن أبي طالب.

و قال عمر: علي أقضانا.

الإستيعاب: 3، 39- 38 هامش الاصابة.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 11

أبي الحديد: و علم تفسير القرآن عنه أخذ و منه فرع و إذا رجعت إلي كتب التفسير علمت صحة ذلك، لَانّ أكثره عنه و عن عبد اللّه بن عباس، وقد علم الناس حال ابن عباس في ملازمته له و انقطاعه إليه و أنّه تلميذه و خريجه و قيل له أين علمك

من علم ابن عمك؟ قال: كنسبة قطرة من المطر إلي البحر المحيط.

قال: و علم النحو و العربية و قد علم الناس كافة أنّه هو الذي ابتدعه و أنشأه، و أملي علي أبي الاسود الدوَلي جوامعه و أصوله..

و كان أمير المؤمنين- عليه السّلام إمام الفصحاء و سيد البلغاء، و ما أُثر عنه و جُمع من كلامه كنهج البلاغة، أدلّ دليل علي ذلك.

أما فضائله و مناقبه فهي أكثر من أن تُحصي، (و قد بلغت من العظم و الجلال و الانتشار و الاشتهار مبلغاً يسمج معها التعرّض لذكرها و التصدي لتفصيلها) «1»

جُمعت في صفاتك الاضدادُ فلهذا عَزَّتْ لك الاندادُ

زاهد حاكم حليم شجاع ناسك فاتك فقير جواد

شيم ما جُمعن في بشر قطّ و لا حاز مثلهن العباد

خُلُق يُخجل النسيم من اللطف و بأس يذوب منه الجمادُ

لو رأي مثلك النبي لآخاهُ و إلّا فأخطأ الانتقادُ

«2» رُوي أنّ النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لما قضي نسكه في حجة الوداع سنة عشر من الهجرة، و قفل راجعاً إلي المدينة أنزل اللّه تعالي عليه: " يٰا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مٰا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمٰا بَلَّغْتَ رِسٰالَتَهُ وَ اللّٰهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّٰاسِ" «3» فنزل

______________________________

(1)- ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة: 1- 16.

(2) للشاعر صفي الدين الحلي عبد العزيز بن سرايا (المتوفي 750 ه).

أعيان الشيعة: 8- 22.

(3) المائدة: 67.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 12

رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في الموضع المعروف بغدير خم و نزل المسلمون حوله، و كان يوماً قائظاً شديد الحرّ، فنادي في الصلاة جامعة، ثم قام فخطب الناس، ثم قال: أ لستُ أولي بكم

من أنفسكم، قالوا: اللّهمّ بلي، قال: فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللّهم وال من والاه و عاد من عاداه، و انصر من نصره، و اخذل من خذله «1».

و ما أن توفي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في سنة إحدي عشرة، و اشتغل علي- عليه السّلام و أهل البيت بتجهيزه، حتي عقدت الانصار و بعض المهاجرين

______________________________

(1)- أخرج حديث الغدير جمع كبير من الحفّاظ و المحدّثين، و ذكره المؤرخون و المفسرون في كتبهم و أفرده بالتأليف آخرون، و اتفق الفريقان علي صحته و تواتره، و شهد به ستة عشر صحابياً، و في رواية لَاحمد ابن حنبل ثلاثون صحابياً في زمن خلافة علي- عليه السّلام-، و مع كل هذا يقول الدكتور بشار عواد معروف محقق «تهذيب الكمال» في معرض تعليقه علي هذا الحديث (ج 20- 484): ليس في كل طرق هذا الحديث طريق صحيح، وقد تقدم أنّه لم يكن هذا الحديث معروفاً حتي نعق به ناعق من خراسان.

أقول: لقد خرج هذا الدكتور أكثر من مرّة عن نطاق التحقيق العلمي النزيه، و جرّه الهوي البغيض إلي إنكار الاحاديث الصحيحة في مناقب علي- عليه السّلام-، فهو مع اعترافه في قوله الآنف بصحة بعض طرق حديث الغدير، يردّد و بدون وعي مقولة الجاهل الحاقد.

إنّ حديث الغدير قد روي بطرق كثيرة جداً، و ليس هو منحصراً في طريق واحد حتي يقال إنّه لم يكن معروفاً حتي نعق به ناعق من خراسان (كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلّا كذباً) (الكهف: 5) قال ابن حجر في «الصواعق المحرقة» ص 42، الشبهة الحادية عشرة: (انّه حديث صحيح لا مرية فيه، وقد أخرجه جماعة كالترمذي و النسائي و أحمد،

فطرقه كثيرة جداً، و من ثم رواه ستة عشر صحابياً، و في رواية لَاحمد أنّه سمعه من النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- ثلاثون صحابياً، و شهدوا به لعلي لما نوزع أيام خلافته كما مر و سيأتي، و كثير من أسانيدها صحاح و حسان، و لا التفات لمن قدح في صحته).

و ألف الطبري (ت 310 ه) كتاباً سماه «الولاية في طريق حديث الغدير» رواه فيه من نيف و سبعين طريقاً.

قال ابن كثير في «البداية و النهاية «: 11- 157: وقد رأيت له يعني للطبري كتاباً جمع فيه أحاديث غدير خمّ في مجلدين ضخمين.

و قال الذهبي في «سير أعلام النبلاء «: 14- 277: جمع الطبري طرق حديث غدير خمّ، في أربعة أجزاء، رأيت شطره، فبهرني سعة رواياته، و جزمت بوقوع ذلك.

انظر حديث الغدير في: مسند أحمد: 4، 281- 370، و سنن ابن ماجة: 1- 43 باب (11) المقدمة، و تاريخ بغداد: 14- 236، و الحاكم: 3- 533 و صححه و وافقه الذهبي، و مجمع الزوائد: 9- 104، و الإستيعاب: 3- 36 هامش الاصابة.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 13

اجتماعاً في سقيفة بني ساعدة، و بعد مناقشات حادّة، بادر عمر إلي بيعة أبي بكر بالخلافة، و طلب من الحاضرين مثل ذلك، فتمّ الامر لَابي بكر.

أمّا عليّ- عليه السّلام (و معه بنو هاشم و عدد من كبار المهاجرين) فقد ظل متمسكاً بحقه في الخلافة للنصوص الواردة في ذلك عن النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم كحديث الغدير المار الذكر و غيره، و أمسك يده مدّة، حتي نجمت أحداث هدّدت الإسلام و الامّة، فبايع.

قال- عليه السّلام-: فأمسكت يدي حتي رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام

يدعون إلي محق دين محمّد- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فخشيت إن لم أنصر الإسلام و أهله، أن أري فيه ثلماً أو هدماً تكون المصيبة به عليّ أعظم من فوت ولايتكم التي إنّما هي متاع أيام قلائل.

و لما قُتل عثمان بن عفان في سنة خمس و ثلاثين بويع علي- عليه السّلام بالخلافة، ثم نكث طلحة و الزبير البيعة و سارا و معهما عائشة إلي البصرة، فكانت معركة الجمل، و تلتها معركة صفين مع معاوية بن أبي سفيان و معه أهل الشام، و التي انتهت بخدعة رفع المصاحف و اضطرار الامام- عليه السّلام- إلي التحكيم، ثم معركة النهروان مع الخوارج.

و بهذه المعارك الثلاث التي خاضها أمير المؤمنين- عليه السّلام يتحقق إخبار الرسول- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لعلي- عليه السّلام بقتالهم، فعن علي بن ربيعة، قال: سمعت علياً علي منبركم هذا يقول: عهد إليّ رسول اللّه أن أقاتل الناكثين، و القاسطين، و المارقين «1».

و عن أبي سعيد الخدري، قال: أمرنا رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بقتال الناكثين و القاسطين و المارقين، فقلنا: يا رسول اللّه أمرتنا بقتال هؤلاء فمع من؟ فقال: مع علي بن أبي طالب، معه يقتل عمار بن ياسر «2»

______________________________

(1)- أُسد الغابة: 4- 33، و مختصر تاريخ دمشق: 18- 54 و 55.

(2) أُسد الغابة: 4- 33، و مختصر تاريخ دمشق: 18- 54 و 55.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 14

استشهد أمير المؤمنين- عليه السّلام- ليلة الحادي و العشرين من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة، و كان عبد الرحمن بن ملجم قد ضربه بسيفه، و هو في مسجد الكوفة ليلة التاسع عشر من الشهر نفسه.

فمضي- عليه

السّلام- (شهيد الحق و العظمة و العدالة، تاركاً وراءه أروع الامثلة من البطولات و التضحيات و الاستخفاف بالدنيا و أمتعتها و عشاقها، و قضي و هو يخاطب الدنيا و خيراتها التي كانت تحت قدميه: يا دنيا غرّي غيري فلقد طلقتك ثلاثاً، لا وصية لي فيك) «1» وقد أُلفت في خصائص الامام علي- عليه السّلام و فضائله كُتب كثيرة، و تناول سيرته العطرة العلماء و الفضلاء، و أشاد بذكره الباحثون و الكتّاب المسلمون و غير المسلمين، و جمعٌ من المستشرقين.

قال الباحث الفرنسي البارون «كارّا ديفو»: و عليّ هو ذلك البطل الموجَع المتألم و الفارس الصوفي و الإِمام الشهيد ذو الروح العميقة التي يكمن في مطاويها سرّ العذاب الالهي «2» و قال الفيلسوف الانكليزي «كارليل»: أما علي، فلا يسعنا إلّا أن نحبه و نتعشقه فإنّه فتي شريف القدر، عالي النفس، يفيض وجدانه رحمة و برّاً، و يتلظي فؤاده نجدة و حماسة، و كان أشجع من ليث، و لكنها شجاعة ممزوجة برقة و عطف و رأفة و حنان جدير بها فرسان الصليب في القرون الوسطي، و قد قُتل بالكوفة غيلة، و إنّما جني ذلك علي نفسه بشدة عدله حتي إنّه حسب كل إنسان عادلًا مثله «3».

و قال الاديب و الكاتب الكبير جورج جرداق: هل عرفت من الخلق عظيماً،

______________________________

(1)- هاشم معروف الحسني، سيرة الأَئمّة الاثني عشر: القسم الاوّل- 506.

(2) جورج جرداق، الامام علي صوت العدالة الانسانية: 5- 233.

(3) المصدر نفسه: 5 236- 235.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 15

يلتقي مع المفكرين بسموّ فكرهم و مع الخيّرين بحبهم العميق للخير، و مع العلماء بعلمهم، و مع الباحثين بتنقيبهم، و مع ذوي المودة بموداتهم، و مع الزهاد بزهدهم، و مع المصلحين بإصلاحهم،

و مع المتألمين بآلامهم، و مع المظلومين بمشاعرهم و تمرّدهم، و مع الأُدباء، بأدبهم، و مع الابطال ببطولاتهم، و مع الشهداء بشهادتهم، و مع كل انسانية بما يشرّفها و يرفع من شأنها..

و ما ذا عليك يا دنيا لو حشّدت قواك فأعطيت في كل زمن علياً بعقله و قلبه و لسانه و ذي فقاره «1»

______________________________

(1)- المصدر السابق: 1- 47.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 16

سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء- عليها السلام «1»

(5 بعد المبعث- 11 ه) بنت رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، تكني أُمَّ أبيها، و تلقّب بالزهراء، و بالبتول، و بالصدّيقة الكبري، و أُمّها خديجة بنت خويلد.

ولدت بمكة المكرمة بعد مبعث النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بخمس سنين و هو المشهور بين علماء الشيعة و قيل بسنتين، و قيل بسنة واحدة، و أكثر علماء أهل السنّة تروي أنّها ولدت قبل البعثة بخمس سنين.

لكن أهل البيت أدري بما فيه.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 8- 19، رجال البرقي 61، صحيح مسلم 4 11906- 11902 (كتاب فضائل الصحابة باب فضائل فاطمة (عليها السّلام))، تاريخ الخلفاء الراشدين لابن قتيبة 1- 12، المعارف 84، سنن الترمذي 5- 663 برقم 3787 و 698 701، الكافي 1- 458) باب مولد الزهراء (عليها السّلام))، الارشاد 187، المستدرك للحاكم 3 164- 146، حلية الاولياء 2- 39، مسند أحمد 6- 282، إعلام الوري بأعلام الهدي 147، المناقب للخوارزمي 3- 341، تهذيب الكمال 35- 247 برقم 7899، أُسد الغابة في معرفة الصحابة 5- 519، تذكرة الخواص لسبط بن الحوزي 275، كشف الغمة في معرفة الأَئمّة 2- 74، تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين (43، سير أعلام النبلاء 2- 118 برقم 18، تهذيب التهذيب 12- 440، الاصابة

في معرفة الصحابة 4- 365، كنز العمال 13 687- 674، بحار الانوار الجزء 43، عوالم العلوم للبحراني جزء (فاطمة الزهراء «عليها السّلام»)، أعيان الشيعة 1- 306، ينابيع المودة 1، 205، 309- 299، موسوعة حياة الصحابيات 620، ذخائر العقبي في مناقب ذوي القربي 47، سيرة الأَئمّة الاثني عشر 1- 69.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 17

و كانت ولادتها في يوم الجمعة في العشرين من جمادي الآخرة.

نشأت في بيت النبوة، و نعمت بعطف و حنان والديها الكريمين و رضعت حب الإِيمان، و مكارم الاخلاق، و لم تلبث و هي صغيرة أن فقدت أُمّها و عمّ أبيها المحامي أبا طالب في عام واحد، فانصرفت ترعي أباها، و تتولي خدمته، و تشاركه همومه في حمل الرسالة، و تميط عنه الاذي الذي يلحقه من سفهاء قريش، و لفرط حنانها عليه و حبِّها له كناها: (أُمّ أبيها).

و كانت هي إحدي الفواطم التي هاجر بهن عليّ- عليه السّلام من مكة إلي المدينة بعد هجرة رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم إليها، و تقدّم لخطبتها عدّة من الرجال فردّهم رسول اللّه ردّا جميلًا، قائلًا لهم: انتظر بها القضاء «1» ثم زوّجها من عليّ- عليه السّلام، و ذلك في شهر رجب من السنة الثانية للهجرة.

قالت الدكتورة بنت الشاطي: لقد آثر اللّه الزهراء بالنعمة الكبري، فحصر في ولدها ذرية نبيّه المصطفي، و حفظ بها أشرف سلالة عرفتها البشرية منذ كانت، كما كرّم اللّه علياً فجعل من صلبه نسل خاتم الانبياء، فكان له من هذا الشرف مجد الدهر و عزة الابد «2» و قد ورد في فضل فاطمة «عليها السّلام»، أحاديث كثيرة تعرب عن عظيم منزلتها، و سموّ مقامها، منها: عن المسور بن مخرمة

أنّ رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال: فاطمة بضعة مني،

______________________________

(1)- روي ابن سعد أنّ أبا بكر خطب فاطمة إلي النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- فقال: يا أبا بكر انتظر بها القضاء.. ثم إنّ أبا بكر قال لعمر: اخطب فاطمة إلي النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-.

فخطبها فقال له مثل ما قال لَابي بكر: انتظر بها القضاء.

الطبقات الكبري: 8- 19.

(2) سيرة الأَئمّة الاثني عشر: 1- 97 نقلًا عن تراجم سيدات بيت النبوة لبنت الشاطي.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 18

فمن أغضبها أغضبني «1» و عن حذيفة أنّه سمع النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول: هذا ملك لم ينزل قبل هذه الليلة استأذن ربَّه أن يسلِّم عليَّ، و يبشّرني بأنّ فاطمة سيدة نساء أهل الجنّة، و أنّ الحسن و الحسين سيّدا شباب أهل الجنّة «2» و عن عائشة أنّ النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال و هو في مرضه الذي توفي فيه: يا فاطمة ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين، و سيدة نساء هذه الامّة، و سيدة نساء المؤمنين «3» و عن أبي هريرة، قال: نظر النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم إلي علي و فاطمة و الحسن و الحسين، فقال: أنا حرب لمن حاربكم، سلم لمن سالمكم «4» وقد مرّ في ترجمة الامام علي- عليه السّلام أنّها «عليها السّلام» من أهل البيت الذين أذهب اللّه عنهم الرجس و طهّرهم تطهيراً، و أنّها أحد من أخرجهم النبي (صلّي اللّه عليه و آله و سلّم) ليباهل بهم نصاري نجران.

و كانت الزهراء «عليها السّلام» من أحبّ الناس إلي رسول اللّه- صلّي اللّه

عليه و آله و سلّم.

و كان يقوم لها إن دخلت عليه و يهشّ لها و يرحِّب بها، و كان إذا أراد السَّفر كان آخر عهده بفاطمة، و إذا رجع كان أوّل عهده بها.

روي عن عبد اللّه بن بريدة عن أبيه، قال: كان أحب النساء إلي رسول اللّه

______________________________

(1)- البخاري: 5- 21 باب مناقب قرابة رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- و منقبة فاطمة «عليها السّلام».

(2) مسند أحمد: 5- 391، و المستدرك علي الصحيحين: 3- 151 و صححه الحاكم، و وافقه الذهبي، و سير أعلام النبلاء: 3- 252.

(3) المستدرك علي الصحيحين: 3- 156 صححه الحاكم، و وافقه الذهبي.

(4) مسند أحمد: 2- 442، المستدرك علي الصحيحين: 3- 149 و حسّنه الحاكم، و وافقه الذهبي، و تاريخ بغداد: 7- 137، و سير أعلام النبلاء: 3 258- 257.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 19

فاطمة و من الرجال عليّ «1» و عن عائشة قالت: ما رأيت أحداً كان أشبه كلاماً و حديثاً برسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله و سلّم) من فاطمة، و كان إذا دخلت عليه قام إليها فقبّلها، و رحّب بها، و كذلك كانت هي تصنع به «2» روت الزهراء عن أبيها رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

روي عنها: ابناها: الحسن و الحسين «عليهما السلام»، و أُمّ سلمة، و عائشة، و سلمي أُمّ رافع زوج أبي رافع، و أنس بن مالك، و آخرون.

وقد عُرفت بصدق لهجتها، و عبادتها، و ورعها، و حفظها للسرّ، لم تحفل بزخارف الدنيا و مظاهرها، صابرة عند البلاء، شاكرة عند الرخاء.

قال الكاتب الكبير عباس العقاد: إنّ في كل دين صورة للانوثة المقدسة يتخشع بتقديسها المؤمنون، كأنّما هي آية اللّه

من ذكر و أُنثي، فإذا تقدّست في المسيحية صورة مريم العذراء، ففي الإسلام لا جرم أن تتقدّس صورة فاطمة البتول «3».

و كانت الزهراء فصيحة، بليغة، عالمة بالكتاب و السنّة.

و كانت النسوة يقبلن علي بيتها، فتفيض عليهن من علمها.

روي أنّ امرأة جاءت تسأل فاطمة مسائل فأجابتها فاطمة عن سؤالها الاوّل، و ظلت المرأة تسألها حتي بلغت أسئلتها العشرة، ثم خجلت من الكثرة، فقالت: لا

______________________________

(1)- المستدرك علي الصحيحين: 3- 155 و صححه الحاكم، و وافقه الذهبي.

(2) أبو داود (5217) في الادب، و الترمذي (3871) في المناقب، و المستدرك علي الصحيحين: 3- 154 و صححه الحاكم و وافقه الذهبي.

(3) عن سيرة الأَئمّة الاثني عشر: 1- 151.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 20

أشق عليك يا ابنة رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

فقالت فاطمة: هاتي و سلي عما بدا لك، إنّي سمعت أبي يقول: إنّ علماء أُمّتنا يحشرون فيُخلع عليهم من الكرامات علي قدر كثرة علومهم و جدِّهم في إرشاد عباد اللّه «1» و لما توفي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- حزنت الزهراء «عليها السّلام» حزناً شديداً، و لم تزل باكية العين محترقة القلب حتي توفيت «عليها السّلام».

و كانت قد وقفت بعد وفاة رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم موقفاً حازماً من الخلافة، و من إرثها و حقّها في فدك، و خطبت في المسجد في جمع من المهاجرين و الانصار، و تحدثت عن فضائل علي- عليه السّلام، و مواقفه الخالدة في الإسلام، و نعت عليهم إسناد الامر إلي غيره.

و جرت بعد ذلك خطوب، ذكرها المؤرخون في كتبهم، عانت بسببها الزهراء «عليها السّلام» أشد معاناة، و لزمت الفراش.

و لما أحست بدنو أجلها

استدعت أمير المؤمنين فأوصته أن يواري جثمانها في غسق الليل، و أن لا يحضر جنازتها أحد من الذين ظلموها.

و قد اختلف في مدة بقائها بعد رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فقيل: ثلاثة أشهر، و قيل خمسة و سبعون يوماً، و قيل غير ذلك.

قال البخاري: دفنها زوجها علي ليلًا، و لم يؤذن أبا بكر، و صلّي عليها.

و وقف علي- عليه السّلام علي قبرها، و قال: السلام عليك يا رسول اللّه عني و عن ابنتك النازلة في جوارك و السريعة اللّحاق بك، قلّ يا رسول اللّه عن صفيّتك صبري، و رقّ عنها تجلّدي، ألا و إنّ في التأسي بعظيم فرقتك و فادح مصيبتك موضع تعزّ، فلقد وسّدتك في ملحودة قبرك، و فاضت بين نحري و صدري نفسك، إنّا للّٰه و إنا إليه راجعون، لقد استرجعت الوديعة، و أخذت الرهينة، أما حزني فسرمد، و أما ليلي فمسهّد، إلي أن يختار لي اللّه دارك التي أنت فيها مقيم.

______________________________

(1)- المجالس السنية: 2- 95 المجلس الرابع عشر.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 21

الإمام الثاني الحسن المجتبي «1» - عليه السلام

(3- 50 ه) ابن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم، أبو محمد القرشي الهاشمي، المدني، ثاني أئمّة أهل البيت الطاهر، سبط الرسول الاكرم- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، و ريحانته، و سيد شباب أهل الجنّة.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 1- 475 و 4- 62، فضائل الصحابة لَاحمد بن حنبل 2- 776 779، مسند أحمد بن حنبل 1- 199 و 5- 44، التأريخ الكبير 2- 286، صحيح البخاري 4- 24) باب الصلح)، تاريخ المدينة المنورة لابن شبة النميري 1- 107، سنن ابن ماجة 1، 52- 51، الامامة و السياسة 1، 159،

160- 150، تاريخ اليعقوبي 2 215- 213، و 225 228، تاريخ الطبري 4 124- 121، العقد الفريد 2- 67 و 3- 155 و 4- 264، الكافي 7- 207، التنبيه و الأَشراف 360، مروج الذهب 3- 19، مقاتل الطالبيين 29 50، تحف العقول 225 236، المستدرك للحاكم 3 176- 168، الإرشاد 191 199، رجال الطوسي 66، شواهد التنزيل لقواعد التفضيل 2 140- 18، تاريخ بغداد 1- 138 140، مختصر تاريخ دمشق 7- 5 برقم 1، مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب 4 46- 2، الكامل في التأريخ 3، 404، 406، 460- 402، أُسد الغابة 2 15- 9، جامع الأُصول من أحاديث الرسول- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- 10- 19، تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي 176 194، وفيات الاعيان 2 69- 65، كشف الغمة في معرفة الأَئمّة «عليهم السلام «2 211- 136، ذخائر العقبي في مناقب ذوي القربي 118 143، تهذيب الكمال 6 275- 220 برقم 1248، سير أعلام النبلاء 3 279- 245، الوافي بالوفيات 12 110- 107، البداية و النهاية 8 46- 34، و 16 20، الاصابة 1- 327 330، تهذيب التهذيب 2 301- 259، الفصول المهمة 151 166، تاريخ الخلفاء للسيوطي 71، بحار الانوار 43- 237 و 44- 173، فضائل الخمسة من الصحاح الستة 3- 205، مشهد من حياة أئمّة الإسلام 14 22، بحوث في الملل و النحل 6- 443.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 22

ولد بالمدينة ليلة النصف من شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة، و جي ء به إلي النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فأذّن في أذنه اليمني، و أقام في اليسري، و عقّ عنه بكبش، و سمّاه حسناً،

و كنّاه أبا محمّد.

و كان شبيه جدّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-.

خصّه النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و أخاه الحسين بحبٍ و حنان غامر، و رويت في حقِّه أحاديث كثيرة، منها: قال- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- للحسن: اللّهم إنّي أُحبُّه، فأَحِبَّه و أحِبَّ من يُحبُّه «1» و قال في الحسن و الحسين «عليهما السلام»: هما ريحانتاي من الدنيا «2» و قال: الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنّة «3» و قد مرّت في ترجمة أبيه علي، و أُمّه الزهراء «عليهما السلام» أحاديث تضمّنت ذكر الحسن- عليه السّلام.

روي الامام الحسن- عليه السّلام عن: جدِّه المصطفي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، و عن أبيه، و أُمّه «عليهما السلام».

روي عنه: ابنه الحسن بن الحسن، و سويد بن غَفَلة، و أبو الحوراء السعدي، و الشَّعبي، و أصبغ بن نباتة، و المسيّب بن نَجَبة، و جابر بن عبد اللّه الانصاري، و محمد بن سيرين، و جماعة.

و كان يجلس في مجلس رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يحدّث فيه، و يجتمع الناس حوله، و كان إذا تكلّم أخذ بمجامع قلوب سامعيه، و ودّوا أن لا يسكت، و كان معاوية يقول لمن يريد أن يخاصم الحسن- عليه السّلام: لا تفعل فإنّهم قوم ألهموا الكلام «4».

______________________________

(1)- تهذيب تاريخ دمشق: 4- 205، سير أعلام النبلاء: 3- 250 و فيه: صححه الترمذي.

(2) صحيح البخاري: 5- 27 باب مناقب الحسن و الحسين، سنن الترمذي (3770).

(3) تاريخ بغداد: 11- 90، و حلية الاولياء: 5- 71، و سير أعلام النبلاء: 3- 251 و فيه: (صححه الترمذي) و غيرها.

(4) وفيات الاعيان: 2- 68.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1،

ص: 23

و قد نُقلت عنه خطب و كلمات و حكم و وصايا و رسائل، و له احتجاجات و مناظرات تدلّ علي بعد نظره و ثاقب فكره، و عمق وعيه للامور و القضايا.

و كان معتَمداً عند أبيه- عليه السّلام-، حائزاً علي محبّته و ثقته، متفانياً في سبيل قضيته «1»، و كان أمير المؤمنين- عليه السّلام يحيل إليه بعض المسائل التي ترد عليه، و يبتدره هو بالاسئلة أحياناً، ليُظهرَ فضله و علمه و علوَّ مقامه «2» و كان يُرسله في المهام الجليلة، فينجزها علي أحسن وجه، فقد بعثه مراراً إلي عثمان بن عفان لما اشتكي الناس إلي عليّ- عليه السّلام أمره «3»، و بعثه إلي الكوفة، و بعث معه عمار بن ياسر، فعزل أبا موسي الاشعري الذي كان يثبّط الناس عن أمير المؤمنين في قتال أصحاب الجمل، و استنفر الناس للجهاد، فنفروا، و جاء إلي أبيه بعشرة آلاف مقاتل.

و كان الامام الحسن- عليه السّلام من أوسع الناس صدراً و أسجحهم خلقاً، زاهداً، عابداً، عظيم الخشوع، و كان أحد الاجواد المشهورين، حجّ خمساً و عشرين حجة ماشياً، و النجائب تُقاد معه، و خرج من ماله مرتين، و قاسم اللّه تعالي مالَه ثلاث مرات، و كان إذا توضأ ارتعدت فرائصه، و اصفرّ لونه.

و كان شجاعاً، مقداماً، خاض مع أبيه حروب الجمل و صفين و النهروان، و اقتحم بنفسه الاخطار، حتي قال أمير المؤمنين- عليه السّلام وقد رآه يتسرّع إلي الحرب في بعض أيام صفين: أملكوا عني هذا الغلام لا يهدّني، فإني أنفس بهذين يعني الحسن و الحسين «عليهما السلام» علي الموت، لئلّا ينقطع نسل رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

______________________________

(1)- قال الامام علي- عليه السّلام- في

وصيته للِامام الحسن- عليه السّلام-: «و وجدتك بعضي، بل وجدتك كلّي، حتي كأنّ شيئاً لو أصابك أصابني).

(2) جعفر مرتضي العاملي: الحياة السياسية للِامام الحسن- عليه السّلام-: 101 106، و تهذيب الكمال: 6- 238 و فيه أسئلة علي- عليه السّلام-.

(3) قال ابن عبد ربه: كان علي كلما اشتكي الناس عثمان أرسل ابنه الحسن إليه، فلما أكثر عليه قال له: إنّ أباك يري أنّ أحداً لا يعلم ما يعلم، و نحن أعلم بما نفعل، فكُفّ عنّا، فلم يبعث عليّ ابنه في شي ء بعد ذلك.

العقد الفريد: 4- 308 ما نقم الناس علي عثمان.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 24

و لما استشهد الامام علي- عليه السّلام في شهر رمضان سنة أربعين للهجرة، صعد الامام الحسن- عليه السّلام المنبر، و خطب الناس، و تحدّث عن فضائل أبيه، ثم قام ابن عباس بين يديه، فقال: معاشر الناس، هذا ابن نبيّكم، و وصيّ إمامكم، فبايعوه، فاستجاب الناس، و بادروا إلي البيعة له بالخلافة، ثم نزل من المنبر، فرتّب العمال و أمّر الأُمراء، و زاد المقاتلة مائة مائة، ثم كتب إلي معاوية بالشام يدعوه إلي الدخول في البيعة، و ترك البغي و الشقاق، من أجل صلاح المسلمين، و حقن دمائهم، فلم يُجب معاوية إلي ذلك، بل أصرّ علي المجابهة، و قاد جيشاً عظيماً، و قصد العراق، فلما بلغ ذلك الامام الحسن- عليه السّلام، حثّ الناس علي الجهاد، و سار بجيشه لملاقاة معاوية، ثم جرت أحداث بعد ذلك، لا يسع المجال ذكرها، و آل الامر بالامام الحسن- عليه السّلام إلي عقد الصلح مع معاوية اضطراراً، و قد بسط العلماء و الكتّاب البحث في تحليل أسباب الصلح و أهدافه، و نتائجه، فلتراجع في مظانها.

و لكون هذا

الصلح من القضايا المهمة في تاريخ المسلمين، و بسبب ما أُثير حوله من شبهات من بعض المغرضين، يحسن بنا أن نُشير إلي ما ذكره ابن الاثير في الكامل، لعله يكشف جانباً من الواقع السيئ الذي أكره الامام- عليه السّلام- علي قبول الصلح.

قال: لما راسل معاوية الحسن في تسليم الامر إليه، خطب فقال: إنّا و اللّه ما يثنينا عن أهل الشام شك و لا ندم، و إنّما كنا نقاتل أهل الشام بالسلامة و الصبر، فشيبت السلامة بالعداوة و الصبر بالجزع.. ألا إنّ معاوية دعانا لَامر ليس فيه عز و لا نصفة فإن أردتم الموت رددناه عليه و حاكمناه إلي اللّه عزّ و جلّ بضبي السيوف، و إن أردتم الحياة قبلناه، و أخذنا لكم الرضي، فناداه الناس من كل جانب: البقية البقية «1» أقول: و مع هذه الروحية المهزومة، و الرغبة عن الجهاد، و الاخلاد إلي الدنيا،

______________________________

(1)- الكامل في التأريخ: 3- 406) سنة 41 ه).

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 25

كيف يتأتي للقائد أن يقتحم بهم الميادين، و يخوض غمرات الجهاد.

و لما تم الصلح أقام الحسن- عليه السّلام، بالكوفة أياماً، ثم خرج إلي المدينة، فأقام بها إلي أن توفي، و كانت مدة خلافته ستة أشهر و أياماً.

و مما أُثر عن الامام- عليه السّلام- من المواعظ و الحكم: قال و قد دعا بنيه و بني أخيه: يا بَنيّ و بني أخي، إنّكم صغار قوم و يوشك أن تكونوا كبار آخرين، فتعلموا العلم، فمن لم يستطع منكم أن يرويَه أو يحفظه، فليكتبه، و يجعله في بيته «1» و قال: من اتكل علي حسن اختيار اللّه له لم يتمنّ أنّه في غير الحالة التي اختارها اللّه تعالي له «2» و قال:

مَن أدام الاختلاف إلي المسجد أصاب إحدي ثمان: آية محكمة، و أخاً مستفاداً، و علماً مستطرفاً، و رحمة منتظرة، و كلمة تدلّ علي الهدي، أو تردّه عن ردي، و ترك الذنوب حياءً، و خشية «3» توفّي- عليه السّلام- مسموماً سنة خمسين، و قيل: تسع و أربعين، و قيل غير ذلك، و دفن بالبقيع.

قال ثعلبة بن أبي مالك: شهدنا حسن بن علي يوم مات و دفناه بالبقيع، فلقد رأيت البقيع لو طرحت إبرة ما وقعت إلّا علي إنسان «4» روي أنّ معاوية لما أراد البيعة لابنه يزيد، لم يكن شي ء أثقل من أمر الحسن ابن علي و سعد بن أبي وقاص، فدسّ إليهما سماً فماتا منه.

و كان الذي تولي ذلك من الحسن زوجته جعدة بنت الاشعث بن قيس.

______________________________

(1)- تهذيب تاريخ دمشق: 4- 222.

(2) تحف العقول: 236، مختصر تاريخ دمشق: 7- 29.

(3) تحف العقول: 238.

(4) تهذيب الكمال: 6- 256.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 26

الامام الثالث الحسين الشهيد- عليه السّلام- «1»

(4- 61 ه) ابن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم، أبو عبد اللّه القرشي الهاشمي، المدني، ثالث أئمة أهل البيت الطاهر، سبط الرسول- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و ريحانته، و سيد شباب أهل الجنة.

______________________________

(1) مقتل أبي مخنف (لوط بن يحيي)، التأريخ الكبير 2- 381، تاريخ المدينة المنورة 2- 798، المعارف 124، أنساب الاشراف 1، 155- 151، و 3- 157، تاريخ اليعقوبي 2- 229 233، تاريخ الطبري 4- 257 و 5- 384، العقد الفريد 1- 345 و 2- 528، مروج الذهب 3- 248، شرح الاخبار في فضائل الأَئمّة الاطهار 10 515- 479، الارشاد 203 271، شواهد التنزيل انظر الفهارس، رجال الطوسي 71 81، تاريخ بغداد 1- 141 143،

مقتل الحسين للخوارزمي، مختصر تاريخ دمشق 7-، مناقب آل أبي طالب 3- 367 401، المنتظم 5 328- 322، أُسد الغابة 2 22- 18، تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي 210 262، اللهوف علي قتلي الطفوف، كشف الغمة في معرفة الأَئمّة- عليهم السلام- 2 285- 212، ذخائر العقبي 118 151، وفيات الاعيان 6- 353، تهذيب الكمال 6- 396 برقم 1323، سير أعلام النبلاء 3- 280 و 4 40- 35، الوافي بالوفيات 12 429- 423، البداية و النهاية 8 212- 152، الاصابة 1 334- 331، الفصول المهمة 170 200، الصواعق المحرقة 135 207، الدر المنثور 2- 227 233، بحار الانوار الجزء 44 و 45، عوالم العلوم للبحراني جزء الامام الحسين- عليه السّلام-، معادن الحكمة في مكاتيب الأَئمّة- عليهم السلام- 2 51- 31، ينابيع المودة 169،، 164،، 115،، 106، فضائل الخمسة من الصحاح الستة 3 273- 205، بلاغة الحسين- عليه السّلام- لمصطفي محسن الموسوي الحائري، مشهد من حياة أئمّة الإسلام للسبحاني.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 27

ولد في الثالث أو الخامس من شعبان سنة أربع للهجرة، و جي ء به إلي النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فأذّن في أُذنه اليمني، و أقام في اليسري، و عقّ عنه بكبش، و سمّاه حسيناً.

أحبّه جدُّه المصطفي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم حبًّا جمّاً، و غمره بعطفه و حنانه.

و قد رويت في حقّه أحاديث كثيرة، منها: قال- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-: حسين مني و أنا من حسين، أحبّ اللّه من أحبّ حسيناً، حسين سبط من الاسباط «1» و قال و قد أخذ بيد الحسن و الحسين: هذان ابناي، فمن أحبّهما فقد أحبّني، و من أبغضهما فقد أبغضني

«2» و قد تقدم في ترجمة أبيه علي، و أُمّه فاطمة، و أخيه الحسن- عليهم السلام أحاديث تضمنت ذكره- عليه السّلام-.

روي الامام الحسين- عليه السّلام عن: جدّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-، و أبيه، و أُمّه، و أخيه الحسن- عليهم السلام.

روي عنه: ابنه علي زين العابدين- عليه السّلام، و ابنتاه: فاطمة، و سكينة، و ابن أخيه زيد بن الحسن، و ثوير بن أبي فاخته، و بشر بن غالب الاسدي، و الفرزدق الشاعر، و عامر الشَّعبي، و آخرون.

و كان الفرزدق قد لقي الحسين- عليه السّلام و هو خارج من مكة إلي العراق، فسأله عن أشياء من نذور و مناسك «3»

______________________________

(1)- الترمذي (3775)، و تهذيب الكمال: 6- 402، و سير أعلام النبلاء: 3- 283.

(2) مختصر تاريخ دمشق: 7- 120، و سير أعلام النبلاء: 3- 284.

(3) و الفرزدق هو القائل للحسين- عليه السّلام-، لما سأله عن الاوضاع في العراق: قلوب الناس معك، و أسيافهم عليك.

بغية الطلب: 6- 2613، و في رحاب أئمة أهل البيت: المجلد 2- 90.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 28

و كان الحسين- عليه السّلام حيث يوجد يلتفّ حوله الناس كالحلقة، هذا يستفتيه في أمر دينه، و هذا يأخذ من فقهه، و هذا يستمع إلي روايته، و هذا يسأله لحاجته، و قد وصفه معاوية لبعض من سأله عنه، فقال: إذا وصلت مسجد رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فرأيت حلقة فيها قوم كأنّ علي رءوسهم الطير، فتلك حلقة أبي عبد اللّه.

روي عن ابن عباس أنّه بينما هو يحدّث الناس إذ قام إليه نافع بن الازرق، فقال له: يا ابن عباس، تفتي الناس في النملة و القملة، صف لي إلهك الذي تعبد؟

فأطرق ابن عباس إعظاماً لقوله، و كان الحسين بن علي جالساً ناحية، فقال: إليّ يا ابن الازرق، قال: لست إياك أسأل.

قال ابن عباس: يا ابن الازرق إنّه من أهل بيت النبوة، و هم ورثة العلم.

فأقبل نافع نحو الحسين، فقال له الحسين: يا نافع، إنّ من وضع دينه علي القياس لم يزل الدهر في التباس، سائلًا ناكباً عن المنهاج، طاعناً بالاعوجاج، ضالًا عن السبيل، قائلًا غير الجميل، يا ابن الازرق: أصف إلهي بما وصف به نفسه، و أُعرِّفه بما عرَّف به نفسه، لا يُدرك بالحواس، و لا يُقاس بالناس، قريب غير ملتصق، بعيد غير منتقص، يوحد و لا يُبعَّض، معروف بالآيات، موصوف بالعلامات، لا إله إلّا هو الكبير المتعال.

فبكي ابن الازرق، و قال: يا حسين ما أحسن كلامك!.. ثم قال ابن الازرق بعد حوار جري بينهما: لقد كنتم منار الإسلام، و نجوم الاحكام يعني علياً و الحسن و الحسين- عليهم السلام «1» و للِامام الحسين- عليه السّلام خطب و وصايا و أدعية و حكم و احتجاجات

______________________________

(1)- مختصر تاريخ دمشق: 7- 130، و بغية الطلب: 6- 2585.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 29

و رسائل رواها المؤرخون و المحدثون و أرباب المقاتل في كتبهم.

وله روايات في الفقه، و في التفسير «1» و كان موصوفاً بالفصاحة و البلاغة، خطب في يوم عاشوراء، و في أشد الساعات بلاءً، فما تزعزع و لا اضطرب، بل خطب في جموع أعدائه بجنان قوي، و لسان طلق، حتي قال قائد الجيش عمر بن سعد: ويلكم كلّموه فإنّه ابن أبيه، و اللّه لو وقف فيكم هكذا يوماً جديداً لما انقطع و لما حصر.

و لقد جمع الحسين- عليه السّلام أكرم الصفات و أحسن الاخلاق و أجل الفضائل

علماً و زهادة و عبادة و شجاعة و سماحة و سخاءً و إباءً للضيم، و مقاومة للظلم.

قال السيد علي جلال الحسيني المصري في مقدمة كتابه «الحسين»: كان إذا أقام بالمدينة أو غيرها مفيداً بعلمه مرشداً بعمله مهذباً بكريم أخلاقه، مؤدياً ببليغ بيانه، سخياً بماله، متواضعاً للفقراء «2» روي المؤرخون أنّه لما مات معاوية لم يكن ليزيد همّ حين ولي إلّا بيعة النفر الذين أبوْا علي أبيه الاجابة إلي بيعته، فكتب إلي والي المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان أن يأخذ الحسين- عليه السّلام و ابن عمر و ابن الزبير بالبيعة أخذاً شديداً «3»، فامتنع الحسين، و سار إلي مكة «4» و معه أخوته و بنو أخيه و جلّ أهل بيته، فوجّه

______________________________

(1)- وردت رواياته- عليه السّلام- في كتب كثيرة منها: أمالي الصدوق، معاني الاخبار، أمالي الطوسي، الاشعثيات (الجعفريات)، و غيرها.

ثم إنّ كثيراً من الروايات التي رويت عن الامامين الباقر و الصادق «عليهما السلام»، إنّما يرويانها بسندهما إلي الحسين- عليه السّلام-.

(2) أعيان الشيعة: 1- 585.

(3) المنتظم: 5 323- 322، و تاريخ ابن الاثير: 4- 14.

(4) كما امتنع ابن الزبير عن البيعة، و سار إلي مكة، أما ابن عمر فقد أرسل إليه الوليد بن عتبة ليبايع، فقال: إذا بايع الناس بايعتُ، فتركوه و كانوا لا يتخوّفونه.

و قيل: إنّه كان هو و ابن عباس بمكة، فعادا إلي المدينة، فلما بايع الناسُ بايعا.

ابن الاثير: 4- 17.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 30

أهل الكوفة بكتبهم و رسلهم إلي الحسين- عليه السّلام يدعونه إليهم، فبعث إليهم ابن عمه مسلم بن عقيل بن أبي طالب، فنزل دار المختار الثقفي، و أقبلت الناس علي مسلم، فبايعه منهم ثمانية عشر ألفاً، فكتب مسلم إلي الحسين

بالاقبال إلي الكوفة، و جعل الناس يختلفون إلي مسلم حتي عُلم مكانه، فبلغ النعمان بن بشير ذلك و كان والياً علي الكوفة من قبل معاوية، فأقرّه يزيد فخطب الناس و حذرهم الخلاف، فاتهمه عبد اللّه بن مسلم بن سعيد الحضرمي أحد أعوان الأُمويين بالضعف، و كتب إلي يزيد بإرسال رجل قوي، فكتب يزيد إلي عبيد اللّه ابن زياد عهداً بولاية الكوفة، فلما دخل ابن زياد الكوفة خطب الناس و توعّد العاصي بالعقوبة و المطيع بالاحسان، فلما سمع مسلم بمجي ء ابن زياد انتقل إلي دار هانيَ بن عروة المرادي، و كان أحد زعماء الشيعة و من أشراف العرب، ثم حصلت أحداث كبيرة انتهت بمقتل هانيَ بن عروة، و تفرُّق الناس عن مسلم، و بقائه وحيداً، ثم القبض عليه و قتله.

و كان الامام الحسين- عليه السّلام قد عزم علي الخروج من مكة في الثامن من ذي الحجة سنة (60 ه)، و التوجّه إلي العراق، و لم يكن بلغه قتل مسلم، لأنّ مسلماً قتل في ذلك اليوم الذي خرج فيه، و كان قد أشار علي الحسين- عليه السّلام جماعة منهم ابن عباس و ابن الحنفية و ابن عمر في أن لا يخرج، فرفض الحسين كل دعوة منهم للقعود و عدم التحرك، و سار نحو العراق، فلما وصل إلي الثعلبية أتاه نبأ استشهاد مسلم و هانيَ، و لكن ذلك لم يَثنِهِ عن عزمه، فسار حتي لقيته طلائع الجيش الأُموي بقيادة الحرّ بن يزيد الرياحي «1» فاعترضه، و ضيّق عليه، و أضطره للنزول، فسأل الحسين- عليه السّلام عن اسم هذه الارض، فقيل له أرض الطف، فقال: هل لها اسم غير هذا؟ قيل: اسمها كربلاء، فقال: «اللهم أعوذ بك من الكرب

______________________________

(1)-

وقد التحق الحرّ بعد ذلك بالحسين- عليه السّلام- و قاتل بين يديه حتي استشهد.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 31

و البلاء».

ثم قال: «هاهنا محطّ رحالنا، و مسفَك دمائنا، و هاهنا محل قبورنا، بهذا حدثني جدي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ««1» و كان نزول الحسين- عليه السّلام في كربلاء في يوم الخميس الثاني من المحرم سنة إحدي و ستين، فبلغ ذلك ابن زياد، فأرسل جيشاً كبيراً بقيادة عمر بن سعد بن أبي وقاص، فنزل علي مقربة من الحسين- عليه السّلام، ثم اتبعه ابن زياد بجيوش أُخري، و بقي المعسكران في ذلك الموضع حتي العاشر من المحرم، اليوم الذي وقعت فيه الجريمة بقتل الحسين- عليه السّلام و الصفوة الاخيار من أهل بيته و أصحابه الميامين.

وقد نقل المؤرخون و أرباب المقاتل تفاصيل تلك الملحمة الكبري، و البطولات الفذّة التي أبداها الامام الحسين و أنصاره البررة في سبيل نصرة الحق، و إعلاء كلمة اللّه.

كما ألّف العلماء و الفضلاء عشرات الكتب في عظمة ثورته- عليه السّلام-، و أهدافها، و أبعادها، و نتائجها.

قال ابن أبي الحديد و هو يتحدث عن الحسين- عليه السّلام: سيّد أهل الاباء الذي علَّم الناس الحمية، و الموت تحت ظلال السيوف اختياراً له علي الدنيّة.

______________________________

(1)- وردت روايات كثيرة في إخبار النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- بما سيجري علي ريحانته الحسين (عليه السّلام)، منها: قالت أُمّ سلمة: دخل الحسين علي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- ففزع، فقالت أم سلمة: مالك يا رسول اللّه؟ قال: إنّ جبريل أخبرني إنّ ابني هذا يُقتل و أنّه اشتدّ غضب اللّه علي من يقتله.

مختصر تاريخ دمشق: 7- 224، و تهذيب الكمال: 6-

409، و انظر سير أعلام النبلاء: 7 290- 289، و فيه عدّة أحاديث في هذا المعني.

كما رُوي أنّ الامام عليّ- عليه السّلام- نادي لما حاذي نينوي و هو منطلق إلي صفين: صبراً أبا عبد اللّه، صبراً أبا عبد اللّه بشط الفرات، ثم روي- عليه السّلام- حديثاً عن النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- في هذا الشأن.

سير أعلام النبلاء: 7- 288.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 32

و قال السيد علي جلال المصري: و مع التفاوت الذي بلغ أقصي ما يتصور بين فئته القليلة و جيش ابن زياد في العدد و المدد، فقد كان ثباته و رباطة جأشه و شجاعته تحيّر الالباب، و لا عهد للبشر بمثلها، كما كانت دناءة أخصامه لا شبيه لها.

و من أقوال الامام الحسين- عليه السّلام: الناس عبيد الدنيا، و الدين لعق علي ألسنتهم، يحوطونه ما درّت معايشهم، فإذا مُحِّصوا بالبلاء، قلّ الديّانون.

و قال: لم أخرج أشِراً و لا بَطِراً، و لا مُفسداً و لا ظالماً، و إنّما خرجت لطلب الاصلاح في أُمّة جدي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، أُريد أن آمر بالمعروف، و أنهي عن المنكر و أسير بسيرة جدّي و أبي.

و قال للوليد بن عتبة: أيها الامير، إنّا أهل بيت النبوة و معدن الرسالة، و مختلف الملائكة، بنا فتح اللّه و بنا ختم، و زيد فاسق شارب الخمر، قاتل النفس المحرّمة، معلن بالفسق، و مثلي لا يبايع مثله «1» و قد رثي الشعراء الامام الحسين- عليه السّلام فأكثروا، و جمع السيد محسن العاملي كتاباً في مختار مراثيه- عليه السّلام- من شعر المتقدمين و المتأخرين سماه «الدر

______________________________

(1)- قال ابن كثير في البداية و النهاية: 8- 233: و

كان فيه أيضاً يعني يزيد إقبال علي الشهوات و ترك بعض الصلوات في بعض الاوقات، و إماتتها في غالب الاوقات، و نقل في ص 222 من نفس الجزء عن ابن الزبير أنّه كان يقول في خطبته: يزيد القرود، و شارب الخمور، تارك الصلوات، منعكف علي القينات.

و قال السيوطي في «تاريخ الخلفاء»: ص 249 و هو يتحدث عن وقعة الحرّة في سنة ثلاث و ستين: و كان سبب خلع أهل المدينة له أن يزيد أسرف في المعاصي، و نقل عن الذهبي قوله أنّه قال: و لما فعل يزيد بأهل المدينة ما فعل مع شربه الخمر و إتيانه المنكر اشتدّ عليه الناس، و خرج عليه غير واحد، و لم يبارك اللّه في عمره.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 33

النضيد في مراثي السبط الشهيد» بلغ عدد أبيات الطبعة الثالثة منه نحواً من ستة آلاف بيت.

و ممّن رثاه سليمان بن قتَّة العدوي، فإنّه مرّ بكربلاء بعد قتل الحسين (عليه السّلام) بثلاث، فنظر إلي مصارعهم، و قال:

مررتُ علي أبيات آل محمد فلم أرها أمثالها حين حلّت

فلا يُبعد اللّه البيوت و أهلها و إن أصبحت عنهم برغمي تخلّت

و كانوا رجاء ثم عادوا رزيّة لقد عظمت تلك الرزايا و جلّت

و إن قتيل الطفّ من آل هاشم أذلّ رقاباً من قريش فذلّت

أ لم تر أنّ الارض أضحت مريضةً لفقد حسين و البلاد اقشعرّت

و قد أعولت تبكي السماء لفقده و أنجمها ناحت عليه و صلّت

و هي أبيات كثيرة «1» و قال شاعر أهل البيت السيد حيدر الحلي (المتوفي 1304 ه) من قصيدة مطلعها:

تركتُ حشاكَ و سلوانَها فخلِّ حشايَ و أحزانَها

و منها:

كأنّ المنيّةَ كانت لديه فتاة

تواصل خلصانها

جَلتْها له البيض في موقفٍ به أثكل السمرَ خرصانها

______________________________

(1)- أُسد الغابة: 2- 22، و غيره.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 34

فبات بها تحت ليل الكفاح طروب النقيبة جذلانها

و أصبح مشتجراً للرماحِ تحلّي الدِّما منه مُرّانها

عفيراً متي عايَنَتْهُ الكُماة يختطف الرعب ألوانها

فما أَجْلَت الحرب عن مثله صريعاً يُجَبِّن شجعانها «1»

______________________________

(1)- ديوان السيد حيدر الحلي: 108.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 35

1 أبو رافع «1»

(..- 40 ه) إبراهيم، و قيل: أسلم، مولي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

من قبط مصر.

كان عبداً للعباس بن عبد المطلب فوهبه للنبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، فلمّا أن بشّر النبيّ- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بإسلام العباس أعتقه و زوّجه مولاته سلمي.

أسلم قديماً بمكة، و هاجر إلي المدينة، و شهد أُحداً و الخندق و خيبر و بقية المشاهد، و لم يشهد بدراً لَانّه كان بمكة.

قال ابن الاثير: قال أبو رافع مولي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: خرجنا مع عليّ حين بعثه رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم برايته إلي خيبر، فلمّا دنا من الحصن خرج إليه أهله، فقاتلهم فضربه يهودي فطرح ترسه من يده، فتناول عليّ باباً كان عند الحصن فتترّس به عن نفسه، فلم يزل في يده و هو يقاتل حتي فتح اللّه عليه، ثم ألقاه من يده، فلقد رأيتني في

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 4- 73، الجرح و التعديل 2- 149، معجم الطبراني الكبير 1- 307 برقم 89، المستدرك للحاكم 3- 597، رجال النجاشي 1- 61، السنن الكبري للبيهقي 2- 151، الإستيعاب (ذيل الاصابة (1- 61، المغني و الشرح الكبير 2- 519،

أُسد الغابة 1- 77، سير أعلام النبلاء 2- 16، الاصابة 4- 68، تهذيب التهذيب 12- 92، الدرجات الرفيعة 373، تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام للسيد حسن الصدر 279، أعيان الشيعة 2- 104 و 3- 303، معجم رجال الحديث: 1- 175 برقم 52.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 36

نفر سبعة أنا ثامنهم نجهد علي أن نقلب ذلك الباب فما نقلبه «1» و كان أبو رافع من خيار الشيعة، و من أهل الفضل و العلم.

لزم علياً- عليه السّلام و شهد معه حروبه، و كان صاحب بيت ماله بالكوفة، و كان ابناه عبيد اللّه و عليّ كاتبي أمير المؤمنين «2» - عليه السّلام.

عدّ من رواة حديث الغدير من الصحابة «3» من آثاره: كتاب السنن و الاحكام و القضايا، و هو أوّل من جمع الحديث و رَتّبهُ بالابواب.

قال السيد حسن الصدر: و قد وهم الحافظ الجلال السيوطي في كتاب تدريب الراوي حيث زعم أنّ ابتداء تدوين الحديث وقع في رأس المائة.

روي عن أبي رافع: ولده عبيد اللّه، و حفيده الفضل بن عبيد اللّه، و أبو سعيد المقبري، و غيرهم.

توفّي في خلافة الامام علي- عليه السّلام، و قيل: توفّي بالكوفة- سنة أربعين، و جاء في روايةٍ أنّه رجع مع الحسن- عليه السّلام إلي المدينة بعد استشهاد عليّ- عليه السّلام، و لا دار له بها و لا أرض، فقسم له الحسن- عليه السّلام دار علي- عليه السّلام بنصفين، و أعطاه سنح أرض أقطعه إيّاها.

______________________________

(1)- الكامل في التأريخ: 2- 220 حوادث سنة 7 ه.

(2) عبيد اللّه بن أبي رافع: من خواص علي- عليه السّلام-، و شهد معه حروبه، وله كتاب قضايا أمير المؤمنين، و كتاب تسمية من شهد مع أمير المؤمنين الجمل وصفين و

النهروان من الصحابة، وثّقه ابن حجر في «التقريب» أمّا علي بن أبي رافع فكانت له صحبة مع علي- عليه السّلام-، و جمع كتاباً في فنون من الفقه.

انظر رجال السيد بحر العلوم: 1- 206.

(3) الغدير للعلّامة الاميني: 1- 16 برقم 8.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 37

2 أبو هُريرة الدَّوْسي

«1» (..- 59 ه) اختلفوا في اسمه و اسم أبيه علي أقوال جمَّة، وقد غلبت عليه كنيته.

قال أبو عمر: اختلفوا في اسم أبي هريرة و اسم أبيه اختلافاً كثيراً لا يُحاط به و لا يضبط في الجاهلية و الإسلام «2» و كُني أبا هريرة لهرة صغيرة كان يحملها معه.

قال أبو هريرة: كنتُ أرعي غنم أهلي و كانت لي هرة صغيرة، فكنت أضعها بالليل في شجرة، و إذا كان النهار ذهبت بها معي فلعبت بها فكنّوني «أبا هريرة».

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 4- 325، التأريخ الكبير 6- 132، المعارف 158، المعرفة و التاريخ 1- 486، الكني و الأَسماء للدولابي 61، الجرح و التعديل 6- 49، مشاهير علماء الامصار 35 برقم 46، المستدرك للحاكم 3- 506، حلية الاولياء 1- 376، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 67 برقم 48، رجال الطوسي 23 برقم 23، الخلاف للطوسي 1- 176، الإستيعاب 4- 200، المنتظم 5- 314، صفة الصفوة 1- 685، أُسد الغابة 5- 315، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 4- 63، تهذيب الكمال 34- 366، سير أعلام النبلاء 2- 578، تلخيص المستدرك 3- 506، العبر للذهبي 1- 46، مرآة الجنان 1- 130، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 58 ه) ص 347، البداية و النهاية 8- 107، الجواهر المضيئة 2- 415، غاية النهاية 1- 370، الاصابة 4- 208، تهذيب التهذيب 12- 212، تقريب التهذيب 2-

484، شذرات الذهب 1- 63، تنقيح المقال 2- 165 برقم 6727، أبو هريرة شيخ المضيرة، معجم رجال الحديث: 22- 77 برقم 14902.

(2) الإستيعاب: 4- 1768 برقم: 3208.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 38

و لم يُعرف شي ء عن نشأة أبي هريرة و لا عن تاريخه قبل الإسلام سوي أنّه نشأ يتيماً ضعيفاً.

قال أبو هريرة كما في ترجمته من كتاب «المعارف»: «نشأت يتيماً و هاجرت مسكيناً و كنت أجيراً لبُسرة بنت غزوان بطعام بطني و عُقبة رجلي، فكنت أخدم إذا نزلوا و أحدو إذا ركبوا فزوجنيها اللّه، فالحمد للّٰه الذي جعل الدين قواماً، و جعل أبا هريرة إماماً».

و قدم أبو هريرة المدينة و رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في غزوة خيبر، فأسلم في سنة 7 ه، ثمّ اتخذ سبيله إلي «الصُّفة» «1» لفقره و فاقته.

روي البخاري عنه أنّه قال: كنت أستقرئ الرجل الآية و هي معي كي ينقلب بي فيطعمني.

و في رواية لمسلم: كنتُ رجلًا مسكيناً أخدم رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم علي مل ء بطني.

بعثه رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم مع العلاء ابن الحضرمي إلي البحرين، فجعله العلاء مؤذناً بين يديه.

روي عن النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، و عن أبي بكر و كعب الاحبار و عمر و عائشة.

حدّث عنه: أنس بن مالك، و سعيد بن المسيب، و سعيد المقبُري، و محمد بن سيرين، و عامر الشعبي، و عبد اللّه بن رافع مولي أُمّ سلمة، و ميمون بن مهران، و خلق كثير.

وقد استعمله عمر بن الخطاب علي البحرين ثمّ عزله.

روي ابن سعد بسنده عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال: قال لي عمر: يا

______________________________

(1)-

الصُّفّة: موضع مظلّل في مؤخرة مسجد النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- بالمدينة من الناحية الشمالية، يأوي إليه أُناس فقراء لا منازل لهم و لا عشائر، و كان إذا تعشّي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- يدعو منهم طائفة يتعشون معه، و يفرق منهم طائفة علي الصحابة ليعشّوهم.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 39

عدوّ اللّه و عدوّ كتابه أ سرقتَ مال اللّه؟ قال: فقلتُ: ما أنا بعدوّ اللّه و لا عدوّ كتابه و لكنّي عدوّ من عاداهما و لا سرقتُ مال اللّه، قال: فمن أين اجتمعت لك عشرة آلاف؟! قال: قلتُ: يا أمير المؤمنين خيلي تناسلت و سهامي تلاحقت و عطائي تلاحق.

قال: فأمر بها أمير المؤمنين فقُبضتْ.

قال: فكان أبو هريرة يقول: اللّهمّ اغفر لَامير المؤمنين.

و قد أجمع رواة الحديث علي أنّ أبا هريرة كان أكثر الصحابة حديثاً عن رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم علي حين أنّه لم يصاحب النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم إلّا ثلاث سنين «1»، فقد بلغت مروياته كما في مسند بقيّ بن مخلد 4735 حديثاً روي البخاري منها 446.

و لهذا أنكر الصحابة عليه كثرة روايته.

فعن السائب بن يزيد قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول لَابي هريرة: لتتركنّ الحديث عن رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أو لأُلحقنّك بأرض دوس، و قال لكعب الاحبار: لتتركنّ الحديث عن الاول أو لأُلحقنّك بأرض القردة.

و روي أنّ عائشة تأوّلت أحاديث كثيرة عن أبي هريرة و وهمته في بعضها.

قال ابن قتيبة: و كانت عائشة رضي اللّه عنها أشدهم إنكاراً عليه لتطاول الايام بها و به «2» و لما سمع الامام علي- عليه السّلام

أبا هريرة يقول: قال خليلي، و سمعتُ خليلي يعني النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال- عليه السّلام-: متي كان خليلك؟! «3» و عن الشعبي قال: حدّث أبو هريرة فردّ عليه سعد حديثاً فوقع بينهما كلام حتي أُرتجت الابواب بينهما.

______________________________

(1)- و منهم من ينزل بصحبته إلي سنة و تسعة أشهر باعتبار أنّ النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- بعثه مع ابن الحضرمي إلي البحرين، فتوفّي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- و هو بالبحرين.

انظر كتاب أبي هريرة لمحمود أبو ريّة المصري.

(2) انظر تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة ص 39، 41.

(3) انظر تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة ص 39، 41.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 40

و جاء في «البداية و النهاية» أنّ الزبير حين سمع أحاديث أبي هريرة قال: صدق، كذب.

و كان أبو هريرة يروي عن كعب الاحبار و يثق به، و قد بثّ هذا الاخير في الدين الإسلامي الكثير من الاسرائيليات «1» لما لم تكن لكعب صحبة، فانّه ما كان يجر وَ علي نسبة ما يريد بثّه في الدين إلي النبيّ الاكرم- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، و لذلك كان ينقل أخبار بني اسرائيل من العجائب و الغرائب و الاوهام، فيسمعها مَن يسمعها ممن اغترّ به من الصحابة، ثم يروونها بعد لَايٍ، أحاديث مسندة إلي النبيّ- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، أو أنّهم يتناقلون قول كعب بدون اسناد إليه، فيظن بعض التابعين و مَن بعدهم أنّها ممّا سمعوه عن النبيّ- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

و لكي نقف علي حقيقة ذلك، نذكر هذين المثالين: 1 أخرج ابن كثير في تفسير سورة التكوير أنّ عبد

اللّه الداتاج قال: سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن بن خالد بن عبد اللّه القسري في هذا المسجد مسجد الكوفة و جاء الحسن فجلس إليه فحدث فقال: حدثنا أبو هريرة أنّ رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال: «إنّ الشمس و القمر ثوران عقيران يوم القيامة» فقال الحسن: و ما ذنبهما؟ فقال: أُحدثك عن رسول اللّه و تقول أحسبه قال و ما ذنبهما؟ و حديث الشمس و القمر هذا حدّث به كعب الاحبار نفسه، فقد روي الطبري في تاريخه في ص 44 من ج 1 أنّ ابن عباس بينا ذات يوم جالس إذ جاءه رجل فقال: يا ابن عباس سمعت العجب من كعب الحبر يذكر في الشمس و القمر، قال: و كان متكئاً فاحتفز ثمّ قال: و ما ذاك؟ قال: زعم أنّه يُجاء بالشمس و القمر يوم القيامة عقيران فيقذفان في جهنم، قال عكرمة: فطارت من ابن عباس شفة و وقعت أُخري غضباً ثمّ قال: كذب كعب كذب كعب كذب كعب ثلاث مرات، بل هذه

______________________________

(1)- انظر ترجمة «وهب بن منبه» في قسم التابعين من كتابنا لمعرفة ما قيل في حق كعب الاحبار.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 41

يهودية يريد إدخالها في الإسلام.. 2 روي مسلم بسنده عن عبد اللّه بن رافع مولي أم سلمة عن أبي هريرة قال: أخذ رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بيدي فقال خلق اللّه عزّ و جلّ التربة يوم السبت و خلق الجبال يوم الاحد و خلق الشجر يوم الإثنين و خلق المكروه يوم الثلاثاء و خلق النور يوم الاربعاء و بث فيها الدواب يوم الخميس و خلق آدم (عليه السّلام) بعد العصر من يوم

الجمعة آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر إلي الليل «1» قال البخاري و ابن كثير و غيرهما إنّ أبا هريرة قد تلقّي هذا الحديث عن كعب الاحبار لَانّه يخالف نص القرآن في أنّ خلق السموات و الأَرض في ستة أيام.

و جاء في «البداية و النهاية»: قال يزيد بن هارون: سمعت شعبة يقول: أبو هريرة كان يدلّس أي يروي ما سمعه من كعب و ما سمعه من رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله و سلّم) و لا يميّز هذا من هذا.

و قال إبراهيم النخعي: كان أصحابنا يدَعون من حديث أبي هريرة.

و في رواية الاعمش عنه قال: ما كانوا يأخذون بكل حديث أبي هريرة.

و كان أبو هريرة من عامة الصحابة في زمن النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و أبي بكر و عمر، ثمّ أخذ يظهر في زمن عثمان ثمّ ذاع صيته أكثر في زمن معاوية، و قد غمره معاوية برفده و أعطيته، و كان مروان ينيبه عنه علي ولاية المدينة «2» فلم يلبث أن

______________________________

(1)- شرح صحيح مسلم للنووي: ج (17 18) كتاب 50 باب 1، الحديث 2789.

(2) جاء في «سير أعلام النبلاء».. عن أبي رافع قال: كان مروان ربّما استخلف أبا هريرة علي المدينة، فيركب حماراً ببرذعة، و في رأسه خُلبةٌ من ليف، فيسير، فيلقي الرجلَ فيقول: الطريق! قد جاء الامير.

و ربّما أتي الصبيان وهم يلعبون بالليل لعبة الاعراب، فلا يشعرون حتي يُلقي نفسه بينهم، و يضرب برجليه، فيفزع الصبيان فيفرون، و ربّما دعاني إلي عشائه، فيقول: دع العُراق للَامير، فانظر فإذا هو ثريدة بزيت.

و الخلبة: واحد الخلب: الحبل الرقيق الصلب من الليف و القطن و غيرهما.

و العُراق:

العظم الذي أُخذ عنه معظم اللحم، أو الغَدْرة من اللحم.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 42

تحوّل حاله من ضيق إلي سعة و من فقر إلي ثراء.

جاء في «سير أعلام النبلاء»: عن ابن المسيب قال: كان أبو هريرة إذا أعطاه معاوية سكت فإذا أمسك عنه تكلّم.

و روي ابن سعد بسنده عن محمد، قال: تمخّط أبو هريرة و عليه ثوب من كتان ممشّق فتمخّط فيه فقال: بخ بخ يتمخط أبو هريرة في الكتان، لقد رأيتني أخرّ فيما بين منبر رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، و حجرة عائشة، يجي ء الجائي يري أن بي جنوناً و ما بي إلّا الجوع، و لقد رأيتني و أنّي لَاجير لابن عفان و ابنة غزوان بطعام بطني و عقبة رجلي، أسوق بهم إذا ارتحلوا و أخدمهم إذا نزلوا، فقالت يوماً: لتردنّه حافياً و لتركبنّه قائماً، قال: فزوجنيها اللّه بعد ذلك فقلت لها: لتردنّه حافية و لتركبنّه قائمة!.

عُدّ أبو هريرة من المتوسطين من الصحابة فيما روي عنه من الفتيا، و نقل عنه الشيخ الطوسي في «الخلاف» إحدي و خمسين فتوي.

و جمع الشيخ تقي الدين السبكي الشافعي جزءاً سمّي «فتاوي أبي هريرة» «1» قال الذهبي في سيره: و كان أبو هريرة يجهر في صلاته ب «بسم اللّه الرحمن الرحيم».

و قال: خالف أي أبو هريرة ابن عباس في عدة الحامل المتوفّي عنها زوجها حيث حكم ابن عباس بأبعد الاجلين، و حكم هو بوضع الحمل.

و جاء عن أبي هريرة أنّ النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال: من أفطر في رمضان ناسياً فلا قضاء عليه و لا كفارة.

توفّي أبو هريرة- سنة تسع و خمسين بقصره بالعقيق و حُمل إلي المدينة و دُفن

بالبقيع و صلّي عليه الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، و كان يومئذ أميراً علي المدينة.

______________________________

(1)- الاعلام للزركلي: 3- 308.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 43

3 أُبي بن كعب

«1» (..- 30 ه) ابن قيس بن عُبيد الخزرجي النجّاري الانصاري، أبو المنذر.

شهد العقبة مع السبعين من الانصار، و شهد بدراً و أُحداً و الخندق و المشاهد كلّها مع رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

و كان يكتب في الجاهلية، و لما أسلم كان من كتّاب الوحي لرسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله و سلّم).

آخي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بينه و بين سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفيل.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 3- 498 و 502، التأريخ الكبير 2- 39، سنن ابن ماجة 1- 185، المعارف 149، المعرفة و التاريخ 1- 482، تاريخ اليعقوبي 2- 138، سنن الترمذي 1- 18، الجرح و التعديل 2- 290، الثقات لابن حبان 3- 5، مشاهير علماء الامصار 31 برقم 31، المستدرك للحاكم 3- 302، حلية الاولياء 1- 250، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 65 برقم 44، الخلاف للطوسي 1- 124، رجال الطوسي 4، الإستيعاب (ذيل الاصابة (1- 28، طبقات الفقهاء للشيرازي 44، أسد الغابة 1- 49، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 108، رجال ابن داود 35، رجال العلّامة الحلي 22، تهذيب الكمال 2- 262، سير أعلام النبلاء 1- 389، العبر للذهبي 1- 17 و 20، تذكرة الحفّاظ 1- 16، تاريخ الإسلام للذهبي سنة (19)- 191، الوافي بالوفيات 6- 190، مرآة الجنان 1- 75، البداية و النهاية 7- 99، الجواهر المضيئة 2- 415، غاية النهاية 1- 31، تقريب التهذيب 1- 48، تهذيب التهذيب 1- 187،

طبقات الحفّاظ 14، شذرات الذهب 1- 32، الدرجات الرفيعة 323، ذخائر المواريث 1- 9 و 10، تنقيح المقال 1- 44، تأسيس الشيعة 341، 323، أعيان الشيعة 2- 455، معجم رجال الحديث 1- 364 برقم 374.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 44

عُدّ في فقهاء الصحابة، و في الطبقة الأُولي من المفسّرين، و كان ممن جمع القرآن علي عهد رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، و هو أوّل من ألّف في فضائل القرآن.

رُوي أنّ عثمان لما أراد أن يكتب المصاحف، أرادوا أن يلغوا الواو التي في براءة" وَ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ.. «1» " فقال لهم أُبيّ: لتلحقنّها أو لَاضعنَّ سيفي علي عاتقي.

فألحقوها.

وقد عَدّ بعضهم أُبيّاً من الشيعة، و من القائلين بتفضيل علي- عليه السّلام.

و كان قد حذّر المسلمين بعد وفاة رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم من الفرقة، و الاختلاف.

قال ابن أبي الحديد: إنّ القول بتفضيل علي- عليه السّلام قول قديم، قد قال به كثير من الصحابة و التابعين.

و عدّ من الصحابة أُبيّ بن كعب.

روي أبو نعيم بسنده عن عتي بن ضمرة، قال: قال أُبيّ بن كعب: كنّا مع رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و وجوهنا واحدة، حتي فارقَنا فاختلفت وجوهنا يميناً و شمالًا.

و عن قيس بن عُباد، قال: قدمت المدينة.. فسمعته [أي أُبيّ] يقول: هلك أهل العقد و ربّ الكعبة.

قالها ثلاثاً.

هلكوا و أهلكوا، أما إنّي لا آسي عليهم، و لكنّي آسي علي مَن يهلكون من المسلمين.

و في رواية: هلك أهل العقدة و ربّ الكعبة، ثمّ قال: لا آسي عليهم ثلاث مرار أمّا و اللّه ما عليهم آسي، و لكن آسي علي مَنْ أَضلّوا.

حدّث عنه بنوه

محمد و الطفيل و عبد اللّه، و أبو أيوب الانصاري، و عمر بن الخطاب، و أنس، و جُندب بن عبد اللّه البجلي، و سليمان بن صرد الخزاعي، و غيرهم.

نقل عنه الشيخ الطوسي في كتاب «الخلاف» ثماني فتاوي.

توفّي- سنة ثلاثين، و قيل: - سنة اثنتين و عشرين، و قيل غير ذلك.

______________________________

(1)- التوبة: 34.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 45

4 أسماء بنت أبي بكر

«1» (27 ق ه- 73 ه) ابن أبي قحافة، أُمّ عبد اللّه، زوج الزبير بن العوام، و أُمّ عبد اللّه بن الزبير.

أسلمت قديماً بمكة و بايعت رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و هاجرت إلي المدينة.

و كانت أسنّ من عائشة، و هي أُختها لَابيها.

ذُكر أنّها شهدت اليرموك مع زوجها.

ثمّ طلّقها الزبير فكانت عند ابنها عبد اللّه.

روت عدة أحاديث.

روي عنها ابناها: عبد اللّه و عروة، و أبو واقد الليثي، و فاطمة بنت المنذر بن الزبير،

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 8- 252، المحبّر 22 و 54، المستدرك للحاكم 4- 64، حلية الاولياء 2- 55، جمهرة أنساب العرب 122، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 93 برقم 95، الاحكام في أُصول الاحكام لابن حزم 2- 88، السنن الكبري 1- 331، الإستيعاب 4- 228 ذيل الاصابة، المغني و الشرح الكبير 1- 345، أسد الغابة 5- 392، سير أعلام النبلاء 2- 287، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 73 ه (- 353، العبر للذهبي 1- 60، الوافي بالوفيات 9- 57، مرآة الجنان 1- 151، البداية و النهاية 8- 351، الجواهر المضيئة 2- 415، الاصابة 4- 224، تهذيب التهذيب 12- 397، تقريب التهذيب 2- 589، كنز العمال 13- 627، شذرات الذهب 1- 80، موسوعة حياة الصحابيات 15.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 46

و محمّد

بن المنكدر، و آخرون.

و كانت فصيحة تقول الشعر.

عُدّت من المقلّين في الفتيا، و نقل عنها الشيخ الطوسي في «الخلاف» ثلاث فتاوي.

أخرج مسلم في صحيحه «1» عن مسلم القُرّي قال: سألت ابن عباس عن متعة الحج فرخّص فيها و كان ابن الزبير ينهي عنها فقال: هذه أُم ابن الزبير تحدث أنّ رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم رخّص فيها فادخلوا عليها فاسألوها.

قال: فدخلنا عليها فإذا امرأة ضخمة عمياء، فقالت: قد رخّص رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فيها.

أخرجه بهذا اللفظ من طريقين، ثمّ قال: فأمّا عبد الرحمن ففي حديثه (المتعة) و لم يقل (متعة الحج)، و أمّا ابن جعفر فقال: قال شعبة: قال مسلم (يعني القري) لا أدري متعة الحج أو متعة النساء.

أمّا أبو داود الطيالسي (ت 204) فقد أخرج في «مسنده» ص 227 عن مسلم القري قال: دخلنا علي أسماء بنت أبي بكر فسألناها عن متعة النساء، فقالت فعلناها علي عهد النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

طال عمر أسماء و عميت و بقيت إلي أن قُتل ابنها عبد اللّه، ثمّ ماتت بعده بأيام يسيرة- سنة ثلاث و سبعين.

وقد ذكر المؤرخون خبرها مع الحجاج الثقفي بعد مقتل ابنها.

______________________________

(1)- شرح صحيح مسلم للنووي: 8- 473 برقم (1238) باب في متعة الحج.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 47

5 أُسَيْد بن حُضَيْر «1» (..- 20، 21 ه)

ابن سماك الانصاري الاوسي الاشهلي، قيل في كنيته ستة أقوال أشهرها أبو يحيي.

أسلم علي يد مصعب بن عمير العَبْدريّ بالمدينة، و كان مصعب قد قدم المدينة قبل السبعين أصحاب العقبة الثانية.

شهد أسيد العقبة الثانية، و كان أحد النقباء الاثني عشر.

و قيل: كان إسلامه بعد العقبة الثانية.

شهد أُحداً و ما بعدها من المشاهد مع

رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

و لم يشهد بدراً، و شهد الجابية مع عمر بن الخطاب فيما ذكره الواقدي.

و لما توفّي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم اختلف بعض المهاجرين و الانصار

______________________________

(1) الموطأ 501، الأُم 4- 15، الطبقات الكبري لابن سعد 3- 603، التأريخ الكبير 2- 47، سنن النسائي 7- 33، الجرح و التعديل 2- 310، مشاهير علماء الامصار 33 برقم 36، الثقات لابن حبان 3 7- 6، المستدرك للحاكم 3- 287، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 96 برقم 103، رجال الطوسي 4، الإستيعاب 1- 32) ذيل الاصابة)، المنتظم 4- 296، أسد الغابة 1- 92، رجال العلّامة الحلي 23، سير أعلام النبلاء 1- 340، العبر للذهبي 1- 18، تاريخ الإسلام للذهبي (عهد الخلفاء (206، الوافي بالوفيات 9- 258، مرآة الجنان 1- 76، البداية و النهاية 7- 104، الجواهر المضيئة 2- 416، الاصابة 1- 64، تهذيب التهذيب 1- 347، تقريب التهذيب 1- 78، كنز العمال 13- 277، شذرات الذهب 1- 31، جامع الرواة 1- 106، ذخائر المواريث 1- 17، تنقيح المقال 1- 148 برقم 971.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 48

في أمر الخلافة حين اجتمعوا في السقيفة و جرت بينهما أُمور، ثم قام عمر و أبو عبيدة فبايعا أبا بكر، ثمّ بايعه أيضاً بشير بن سعد الخزرجي.

و لما رأت الاوس ما صنع بشير بن سعد و ما تدعو إليه قريش و ما تطلب الخزرج من تأمير سعد بن عبادة قال بعضهم لبعض و فيهم أسيد بن حُضير: و اللّه لئن وليتها الخزرج عليكم مرة لا زالت لهم عليكم بذلك الفضيلة و لا جعلوا لكم معهم فيها نصيباً أبداً فقوموا فبايعوا

أبا بكر فقاموا إليه فبايعوه فانكسر علي سعد بن عبادة و علي الخزرج ما كانوا أجمعوا له من أمرهم «1» و كان لأُسيد في تلك البيعة أثر عظيم، فكان أبو بكر يكرمه و لا يقدّم عليه أحداً من الانصار.

و في سيرة ابن هشام 4- 306: قال ابن إسحاق: و لما قُبض رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله و سلّم) انحاز هذا الحيّ من الانصار إلي سعد بن عبادة.. و اعتزل عليّ «2».. و انحاز بقية المهاجرين إلي أبي بكر و انحاز معهم أسيد بن حضير في بني عبد الأشهل.

روي أسيد عن النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

روي عنه: كعب بن مالك، و أنس بن مالك، و عائشة، و غيرهم.

و عُدّ من المقلّين في الفتيا من الصحابة.

رُوي أنّه كان يؤمّ قومه فاشتكي، فصلّي بهم قاعداً فصلّوا وراءه قعوداً.

توفّي- سنة عشرين، و قيل: - احدي و عشرين، و حمل عمر بن الخطاب السرير حتي وضعه بالبقيع و صلّي عليه.

______________________________

(1)- انظر تاريخ الطبري: 2- 458 حوادث سنة 11.

(2) لم يشهد الامام علي- عليه السّلام- السقيفة إذ كان دائباً في جهاز رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-.

فقالت الانصار أو بعض الانصار لا نبايع إلّا علياً.

قال الزهري: بقي علي و بنو هاشم و الزبير ستة أشهر لم يبايعوا أبا بكر حتي ماتت فاطمة رضي اللّه عنها فبايعوه.

انظر الكامل لابن الاثير: 2- 325 و 331 حديث السقيفة و خلافة أبي بكر.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 49

6 أنس بن مالك «1»

(10 ق ه- 93، 91 ه) ابن النضر بن ضمضم الانصاري الخزرجي، أبو حمزة، خادم رسول اللّه ص و صاحبه، وقد غزا معه غير مرّة.

روي عن النبي- صلّي اللّه

عليه و آله و سلّم، و أبي ذر، و فاطمة الزهراء «عليها السّلام»، و عبد اللّه بن مسعود، و أبي بكر، و سلمان الفارسي، و عمر بن الخطاب، و أمه أم سُليم بنت مِلحان، و آخرين.

______________________________

(1) الموطأ 29 برقم 55، الطبقات الكبري لابن سعد 7- 20، المحبر 31 و 344، التأريخ الكبير 2- 27، صحيح البخاري 1- 173، صحيح مسلم 5- 126، سنن ابن ماجة 1- 329، المعارف 174، سنن أبي داود 1- 177، سنن الترمذي 2- 153، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 54 برقم 25، الجرح و التعديل 2- 286، اختيار معرفة الرجال 45، الثقات لابن حبان 3- 4، مشاهير علماء الامصار 65 برقم 215، المستدرك للحاكم 3- 573، السنن الكبري للبيهقي 2- 105، الخلاف للطوسي 1- 122، رجال الطوسي 3، الإستيعاب 1- 44، طبقات الفقهاء للشيرازي 51، المنتظم 6- 303، أُسد الغابة 1- 127، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 127، الرجال لابن داود 53، تهذيب الكمال 3- 353، سير أعلام النبلاء 3- 395، تذكرة الحفّاظ 1- 44، العبر للذهبي 1- 80، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 393 ه (257، الوافي بالوفيات 9- 411، مرآة الجنان 1- 182، البداية و النهاية 9- 94، غاية النهاية 1- 172 برقم 803، النجوم الزاهرة 1- 224، الاصابة 1- 84، تهذيب التهذيب 1- 376، تقريب التهذيب 1- 84، كنز العمال 13- 286، شذرات الذهب 1- 100، جامع الرواة 1- 109، ذخائر المواريث 1- 51 برقم 436، تنقيح المقال 1- 154 برقم 1072، أعيان الشيعة 3- 502، معجم رجال الحديث 3- 239 برقم 1558.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 50

روي عنه: ثابت البُناني، و الحسن البصري، و سالم بن أبي

الجَعد، و الاعمش، و محمّد بن سيرين، و خلق كثير.

و مسنده ألفان و مائتان و ثمانون، اتفق له البخاري و مسلم علي مائة و ثمانين حديثاً.

و هو ممن كتم شهادته بحديث الغدير في علي- عليه السّلام، فدعا- عليه السّلام- عليه فابتلي بالبرص «1» جاء في سير الاعلام: قال يحيي بن سعيد الانصاري عن أُمّه: أنّها رأت أنساً متخلقاً بخلوق، و كان به برص، و عن أبي جعفر [الباقر]- عليه السّلام-: كان أنس ابن مالك أبرص و به و ضح شديد.

و قال ابن قتيبة في معارفه: كان بوجهه برص.

و ذكر قوم: أنّ علياً رضي اللّه عنه سأله عن قول رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: اللّهمّ وال من والاه، و عاد من عاداه، فقال: كبرت سنّي و نسيت.

فقال عليّ: إن كنت كاذباً فضربك اللّه ببيضاء لا تواريها

______________________________

(1)- عن عبد الرحمن بن أبي ليلي، قال: سمعت علياً بالرحبة ينشد الناس: من سمع رسول اللّه ص يقول: «من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللّهم والِ من والاه، و عادِ من عاداه» فقام اثنا عشر بدرياً فشهدوا أنّهم سمعوا رسول اللّه يقول.. تاريخ بغداد للخطيب: ح 14- 236 ترجمة يحيي بن محمد الاخباري.

و أخرج الحاكم حديث الغدير عن زيد بن أرقم، و قال: هذا حديث صحيح الاسناد و لم يخرجاه، و وافقه الذهبي.

المستدرك: 3- 533.

و أخرج البيهقي في مجمع الزوائد: 9- 106 عن أحمد، و الطبراني في الكبير و وثق رجاله.. عن زيد بن أرقم، قال: نشد عليٌّ الناس، فقال: أنشد اللّه رجلًا سمع النبي ص يقول: من كنت مولاه.. فقام اثنا عشر بدرياً فشهدوا بذلك، و كنتُ فيمن كتم، فذهب بصري.

و في رواية عنده: و كان

عليٌّ دعا علي من كتم.

الغدير: 1- 169.

استنشدهم- عليه السّلام- بحديث الغدير بالرحبة في الكوفة في أيام خلافته.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 51

العمامة «1».

فكان أنس يقول: لا أكتم حديثاً سُئلت عنه في عليّ بعد يوم الرحبة.

و كان أنس في مجلس ابن زياد في قصر الامارة بعد قتل الحسين- عليه السّلام حين أذن للناس إذناً عاماً و أمر بإحضار رأس الحسين- عليه السّلام، و جعل يضرب ثناياه بالقضيب، فبكي أنس، و قال: كان أشبههم برسول اللّه.

و كان الحجاج الثقفي قد ختم في عنق أنس: هذا عتيق الحجاج! حتي ورد عليه كتاب عبد الملك بن مروان فيه.

قال الزهري: دخلت علي أنس بن مالك بدمشق و هو يبكي، فقلت: ما يبكيك؟ قال: لا أعرف ممّا كان عليه رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و أصحابه إلّا هذه الصلاة، وقد صنعتم فيها ما صنعتم.

و في رواية: و هذه الصلاة قد ضيعت.

قال ابن كثير: يعني ما كان يفعله خلفاء بني أُميّة من تأخير الصلاة إلي آخر وقتها الموسّع.

و لَانس في «الخلاف «24 فتوي منها: الفرض في الطهارة الصغري المسح علي الرجلين، و روي عن جماعة من الصحابة و أنس القول بالمسح.

توفّي بقصره بألطف (علي فرسخين من البصرة) في- سنة ثلاث و تسعين، و قيل: - سنة إحدي أو اثنتين و تسعين، و قيل: - سنة تسعين.

و هو آخر من مات من الصحابة بالبصرة.

______________________________

(1)- قال العلّامة الاميني في غديره: 1- 192: هذا نص ابن قتيبة في الكتاب، و هو الذي اعتمد عليه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: 4- 388.. لكن اليد الامينة.. دسّت في الكتاب ما ليس منه، فزادت بعد هذه القصة ما لفظه: قال أبو محمد:

ليس لهذا أصل.

ذهولًا عن أنّ سياق الكتاب يُعرب عن هذه الجناية، و يأبي هذه الزيادة، إذ المؤلف يذكر فيه مصاديق كل موضوع ما هو المسلّم عنده، و لا يوجد من أوّل الكتاب إلي آخره حكمٌ في موضوع بنفي شي ء من مصاديقه إلّا هذه.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 52

7 البَراء بن عازب «1»

(10، 12 ق. ه- 72، 71 ه) ابن الحارث الانصاري الحارثي، أبو عمارة، و قيل: أبو الطفيل.

ردّه رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يوم بدر استصغره، و أوّل مشاهده أُحد و قيل الخندق.

و شهد غزوات كثيرة مع النبيّ- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

ثمّ نزل الكوفة بعده.

روي عن النبيّ- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم حديثاً كثيراً.

روي عنه: أبو جُحيفة السُّوائي، و عدي بن ثابت، و أبو إسحاق السَّبيعي، و أبو عمر زاذان، و آخرون.

شهد فتح تسْتَر، و هو الذي افتتح الرّي سنة أربع و عشرين في قول أبي عمرو الشيباني «2»

______________________________

(1) الام 1- 167، الطبقات الكبري لابن سعد 4- 364 و 166، التأريخ الكبير 2- 117، المعارف 184، الجرح و التعديل 2- 399، اختيار معرفة الرجال 44 و 45، مشاهير علماء الامصار 76 برقم 272، الثقات لابن حبّان 3- 26، المعجم الكبير للطبراني 1- 341، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 79 برقم 70، جمهرة أنساب العرب 1- 34، الخلاف للطوسي 1- 470، رجال الطوسي 8 و 35، تاريخ بغداد 1- 177، الإستيعاب 1- 143 (ذيل الاصابة)، المغني 1- 167، أُسد الغابة 1- 171، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 132، رجال ابن داود 54، رجال العلّامة الحلي 24، تهذيب الكمال 4- 34، سير أعلام النبلاء 3- 194 و 166، تاريخ

الإسلام للذهبي (سنة 71 ه (300، العبر للذهبي 1- 58، الوافي بالوفيات 10- 104، مرآة الجنان 1- 145، الجواهر المضيئة 2- 425، تهذيب التهذيب 1- 425، الاصابة 1- 146، شذرات الذهب 1- 77، تنقيح المقال 1- 161، أعيان الشيعة 3- 550، معجم رجال الحديث 3- 275 برقم 1653..

(2) و قيل افتتحها حذيفة سنة 22 ه، و قيل افتتحها قَرَظة بن كعب الانصاري.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 53

عُدّ من أصحاب الامام عليّ- عليه السّلام، و شهد معه حروبه، الجمل و صفّين و النهروان، هو و أخوه عبيد بن عازب.

و هو أحد رواة حديث غدير خم «1» من الصحابة، رواه عنه غير واحد من التابعين مفصّلًا «2» قال الخطيب البغدادي: و كان رسولَ عليّ بن أبي طالب إلي الخوارج بالنهروان يدعوهم إلي الطاعة و ترك المشاقة، ثمّ روي بسنده عن أبي الجهم قال: بعث عليُّ البراء بن عازب إلي أهل النهروان يدعوهم ثلاثة أيام فلمّا أبوا سار إليهم.

______________________________

(1)- روي ابن ماجة في «السنن «: 1- 43 باب (11) في المقدمة، عن البراء قال: أقبلنا مع رسول اللّه ص في حجته التي حجّ، فنزل في بعض الطريق فأمر الصلاة جامعة، فأخذ بيد عليّ فقال: «أ لستُ أولي بالموَمنين من أنفسهم؟» قالوا: بلي، قال: «أ لست أولي بكل مؤمن من نفسه؟» قالوا: بلي، قال: «فهذا وليٌّ من أنا مولاه، اللّهمّ والِ مَن والاه، و عاد مَن عاداه» و أخرجه أحمد بن حنبل في «المسند «: 4- 281.

و حديث الغدير هذا قد شهد به القريب و البعيد، و رواه عدد كبير من الصحابة و التابعين، و أصفق علماء الفريقين علي صحته و تواتره (انظر كتاب الغدير: 1- 294) حتي أنّ

سعد بن أبي وقاص حين غضب من معاوية لمّا نال من أمير المؤمنين- عليه السّلام- قال: تقول هذا لرجل سمعت رسول اللّه يقول: «من كنت مولاه فعليٌّ مولاه» و.. إلي آخر ما رواه ابن ماجة في الباب المذكور أعلاه.

(2) رُوي عن طريق أهل السنّة أنّ البراء ممّن كتم الشهادة بحديث الغدير، فدعا عليه الامام- عليه السّلام- فعمي.

أقول: إنّ ولاء البراء لبني هاشم قديم، و هو الذي يقول كما في أعيان الشيعة عن «السقيفة» للجوهري: (إنّي لم أزل لبني هاشم محباً فلمّا قبض رسول اللّه ص تخوّفت أن تتمالا قريش علي إخراج هذا الامر من بني هاشم فأخذني ما يأخذ الواله العجول مع ما في نفسي من الحزن لوفاة رسول اللّه ص فكنت أتردد إلي بني هاشم وهم عند النبي ص في الحجرة..) كما اتفق الرواة علي أنّ البراء شهد مع أمير المؤمنين- عليه السّلام- مشاهده كلها، فلا يُعقل أن يشهدها و هو أعمي.

ثم إنّه كان رسولَ الامام- عليه السّلام- إلي الخوارج بالنهروان كما في رواية الخطيب فبهذه القرائن و غيرها و لعدم الوثوق بسند رواية الكتمان و الدعاء كما قيل يُستبعد أن يكون البراء ممن كتم الشهادة.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 54

ذكره أبو إسحاق الشيرازي فيمن نُقل عنه الفقه من الصحابة «1» و عُدّ من المقلّين في الفتيا.

رُوي عن البراء أنّ النبيّ- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم سئل: ما ذا يتقي من الضحايا، فأشار بيده و قال أربعاً و كان البراء يشير بيده و يقول يدي أقصر من يد رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله و سلّم): العرجاء البيّن ظَلعها، و العوراء البيِّن عَوَرها، و المريضة البيِّن مرضُها، و العجفاء التي لا

تُنقي «2» و عنه أنّ رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال: أيّما إمام سها فصلّي بالقوم و هو جنب فقد تمت صلاتهم ثم ليغتسل هو ثم ليعد صلاته فان كان بغير وضوء فمثل ذلك.

و عنه أنّ رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم صلّي يوم الاضحي بغير أذان و لا إقامة.

توفّي البراء بالكوفة- سنة اثنتين و سبعين، و قيل- احدي و سبعين.

______________________________

(1)- طبقات الفقهاء: 52.

(2) السنن الكبري: للبيهقي: 9 274- 273.

و «الظَّلَع» العرج و الغمز.

و (عجف) من باب تعب ضعف و (لا تُنقي) من أُنقي إذا صار ذا نِقي، و المعني التي ما بقي لها مخ في عظامها من غاية العجف.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 55

8 بُرَيْدَة بن الحُصَيْب

«1» (..- 62، 63 ه) ابن عبد اللّه بن الحارث الاسلمي، في كنيته أقوال: أبو عبد اللّه، أبو ساسان، أبو سهل، أبو الحُصيب.

قيل: إنّه أسلم عام الهجرة إذ مرّ به النبيّ- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم مهاجراً بالغَميم، ثمّ قدم علي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بعد أُحد، فشهد معه غزوة خيبر، و الفتح، و كان معه اللواء (لواء قومه أسلم)، و استعمله النبيّ- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم علي صدقات قومه، و بعثه رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم حين أراد غزوة تبوك يستنفرهم إلي عدوّهم، و لم يزل بعد وفاة رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم مقيماً بالمدينة حتي فتحت البصرة و مُصرت فتحوّل إليها، ثمّ خرج منها فيما قيل غازياً إلي خراسان في زمن عثمان، فأقام بمرو و نشر بها العلم حتي مات.

أمّا ابن الاثير فذكر

أنّ زياداً ولّي الربيع بن زياد الحارثي علي خراسان أوّل سنة احدي و خمسين و سيّر معه خمسين ألفاً بعيالاتهم من أهل الكوفة و البصرة، منهم: بُريدة بن الحُصيب، و أبو برْزة و لهما صحبة، فسكنوا خراسان «2»

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 4- 241، التأريخ الكبير 2- 141، المعارف 170، الجرح و التعديل 2- 424، اختيار معرفة الرجال 38 و 94، مشاهير علماء الامصار 100 برقم 414، الثقات لابن حبان 3- 29، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 91 برقم 91، المستدرك للحاكم 3- 110، السنن الكبري للبيهقي 3- 283، الخلاف للطوسي 1- 656، رجال الطوسي 10 و 35، الإستيعاب 1- 177) ذيل الاصابة)، طبقات الفقهاء للشيرازي 52، المغني و الشرح الكبير 2- 226، الرجال لابن داود 55، رجال العلّامة الحلي 27، سير أعلام النبلاء 2- 469، الجواهر المضيئة 2- 417، الاصابة 1- 150، الدرجات الرفيعة 400، شذرات الذهب 1- 70، تنقيح المقال 1- 166 برقم 1261، أعيان الشيعة 3- 559.

(2) الكامل في التأريخ: 3- 489 حوادث سنة 51.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 56

و في الاصابة: انّ الباوردي أورده أي بُرَيْد الاسلمي في الصحابة من طريق ضعيفة عن عبيد اللّه بن أبي رافع فيمن شهد صفّين من الصحابة مع عليّ و قتل بها.

قال و فيه يقول عليّ:

جزي اللّه خيراً عصبة أَسلمية حسان الوجوه صُرّعوا حول هاشمِ

«1» بُرَيْد و عبد اللّه منهم و منقذ «2» و عروة و ابنا مالك في الاكارمِ

قال: و هذا إن صح غير بريدة بن الحصيب الاسلمي لَانّه تأخّر بعد ذلك بزمن طويل.

حدّث بُريدة عن النبيّ- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و عُدّ من المقلّين في

الفتيا من الصحابة.

حدّث عنه ابناه: سليمان، و عبد اللّه، و أبو نَضْرة العبدي، و الشعبي، و آخرون.

عُدّ من أصحاب الامام علي- عليه السّلام.

و هو أحد رواة حديث الغدير من الصحابة «3».

روي النسائي بسنده عن بريدة، قال: بعثنا رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- إلي اليمن مع

______________________________

(1)- هو هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، المعروف بالمِرقال، ابن أخي سعد بن أبي وقاص: صحابي خطيب فارس شجاع، شهد القادسية مع «سعد» و أُصيبت عينه يوم اليرموك فقيل له «الاعور» و فتح جلولاء، و كان من مخلصي أصحاب علي- عليه السّلام-، و كان صاحب رايته في صفين، و كان يحمل علي أهل الشام مراراً، و يقاتل قتالًا شديداً حتي استشهد رحمه اللّه في آخر أيام صفين.

الكامل لابن الاثير: سنة 37 ه، الاعلام: 8- 66.

(2) ورد اسم (يزيد) بدل (بُريد) في رواية نصر بن مزاحم في كتاب وقعة صفين ص 356، و كذلك أورده ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: 9- 35.

و الابيات كما في النهج هي:

جزي اللّه خيراً عصبة أسلمية صباحَ الوجوه صُرّعوا حول هاشم

يزيد و سعدان و بشر و معبد و سفيان و ابنا معبد ذي المكارم

و عروة لا يبعد نثاه و ذكره إذا اختُرطت يوماً خفاف الصوارم

(3)- الغدير: 1- 20 برقم 19.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 57

خالد بن الوليد و بعث علياً رضي اللّه عنه علي جيش آخر و قال: إن التقيتما فعليّ كرم اللّه وجهه علي الناس و إن تفرقتما فكل واحد منكما علي جنده، فلقينا بني زبيد من أهل اليمن فظفر المسلمون علي المشركين فقاتلنا المقاتلة و سبينا الذريّة، فاصطفي عليّ جارية لنفسه من السبي، و

كتب بذلك خالد بن الوليد إلي النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و أمرني أن أنال منه، قال: فدفعت الكتاب إليه و نلت من عليّ رضي اللّه عنه فتغيّر وجه رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و قال: لا تبغضن يا بريدة لي علياً فإنّ علياً منّي و أنا منه و هو وليّكم بعدي «1» و روي الحاكم بسنده عنه، قال: كان أحب النساء إلي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فاطمة و من الرجال علي «2» و قال بريدة: لما كان يوم خيبر أخذ اللواء أبو بكر، فرجع و لم يفتح له، فلما كان الغد أخذه عمر، فرجع و لم يفتح له، و قتل محمود بن مسلمة، فرجع الناس، فقال رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: «لَادفعنّ لوائي غداً إلي رجل يحبُّ اللّه و رسوله و يحبّه اللّه و رسوله، لن يرجع حتي يُفتح له».

فبتنا طيّبةً أنفسنا أنّ الفتح غداً، فصلّي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم صلاة الغداة، ثمّ دعا باللواء، و قام قائماً، فما منّا من رجل له منزلة من رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم إلّا يرجو أن يكون ذلك الرجل، حتي تطاولتُ أنالها، فدفعتُ رأسي لمنزلةٍ كانت لي منه، فدعا عليّ بن أبي طالب و هو يشتكي عينه، قال: فمسحها ثمّ دفع إليه اللواء، و قال بريدة: إنّه كان صاحب مَرْحب «3».

توفّي بريدة بمرو- سنة اثنتين و ستين، و قيل: - ثلاث و ستين، و رُوي أنّه أوصي أن يوضع في قبره جريدتان.

______________________________

(1)- خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب- 23.

(2) المستدرك علي

الصحيحين: 3- 155.

قال الحاكم: هذا حديث صحيح الاسناد و لم يخرجاه أي البخاري و مسلم و صححه الذهبي في تلخيصه.

(3) مختصر تاريخ دمشق لابن منظور: 5- 180 الترجمة 85.

و مرحب هو الفارس اليهودي الذي قتله أمير المؤمنين- عليه السّلام-.

انظر الطبري: 2- 300 حوادث سنة 7 ه.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 58

9 بلال الحبشي «1» (.. 20، 21 ه)

بلال بن رَباح الحبشي، مولي أبي بكر، و أُمّه حَمامة.

و في كنيته أقوال: أبو عبد اللّه، و أبو عبد الكريم، و أبو عمرو.

كان من السابقين إلي الإسلام، و من المستضعفين من المؤمنين، و كان يُعذّب ليرجع عن دينه، و كان الذي يعذّبه أُميّة بن خلف، يُلقيه في الرمضاء علي وجهه و ظهره إذا حميت الشمس وقت الظهيرة، ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتُلقي علي صدره، و يقول له: اكفر بربّ محمّد، فيقول بلال: أحدٌ أحد.

هاجر إلي المدينة، و آخي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بينه و بين أبي رويحة الخثعمي، و قيل: آخي بينه و بين عبيدة بن الحارث.

و شهد بدراً و أُحداً و الخندق و المشاهد كلها مع رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

______________________________

(1) الموطأ 325 برقم 1047، الأُم للشافعي 1- 32 و 223، الطبقات الكبري 3- 232، التأريخ الكبير 2- 106، صحيح مسلم 3- 177، الجرح و التعديل 2- 395، مشاهير علماء الامصار 85 برقم 323، الثقات لابن حبان 3- 28، المعجم الكبير للطبراني 1- 336، المستدرك للحاكم 3- 282، حلية الاولياء 1- 147، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 103 برقم 116، رجال الطوسي 8، الخلاف للطوسي 3- 253، الإستيعاب 1- 145، صفة الصفوة 1- 434، معجم البلدان 3- 315، أُسد الغابة 1- 206، تهذيب

الاسماء و اللغات 1- 136، تهذيب الكمال 4- 288، سير أعلام النبلاء 1- 347، تاريخ الإسلام للذهبي (عهد الخلفاء (201، العبر للذهبي 1- 18، مرآة الجنان 1- 75، البداية و النهاية 7- 104، الجواهر المضيئة 2- 417، الاصابة 1- 169، تهذيب التهذيب 1- 502، تقريب التهذيب 1- 110، الدرجات الرفيعة 362، كنز العمال 13- 305، شذرات الذهب 1- 31، ذخائر المواريث 1- 114، أعيان الشيعة 3- 601، معجم رجال الحديث 3- 364 برقم 1887.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 59

و هو أوّل من أذّن لرسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

علّمه رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم الاذان «1»، فكان يؤذن له في السفر و الحضر.

و لم يؤذن لَاحد بعد رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، ثمّ خرج بعد وفاة النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم إلي الشام، فأقام بها.

روي أنّ بلالًا رأي النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في منامه و هو يقول: ما هذه الجفوة يا بلال؟ ما آن لك أن تزورنا؟ فانتبه حزيناً، فركب إلي المدينة فأتي قبر النبي و جعل يبكي عنده، و يتمرّغ عليه، فأقبل الحسن و الحسين فجعل يقبّلهما و يضمّهما، فقالا له: نشتهي أن تؤذن في السحر، فعلا سطح المسجد، فلما قال: اللّه أكبر اللّه أكبر، ارتجّت المدينة، فلما قال: أشهد أن لا إله إلّا اللّه، زادت رجّتها، فلما قال: أشهد أنّ محمّداً رسول اللّه، خرج النساء من خدورهن، فما رئي أكثر باكياً و لا باكيةً من ذلك اليوم.

و جاء في تفسير المنار «2» أنّ عمر كتب إلي أبي عبيدة، و هو في جيش خالد علي الشام

يولّيه إمارة الجيش، و يعزل خالداً عنها.

فكتم أبو عبيدة الامر، و لما أبطأ علي عمر الجواب كتب إلي أبي عبيدة ثانية يأمره فيه بأن يقرأه علي ملإ من المسلمين، و فيه الاذن بأن يعتقل خالد بعمامته و يحاسبه، فهابه أبو عبيدة، و لكنّه لما قرأ الكتاب، قام بلال الحبشي، و حلّ عمامة خالد و اعتقله بها و حاسبه.

قال صاحب التفسير: فانظروا ما ذا فعل هدي الإسلام بهوَلاء الكرام، يقوم مولي من الفقراء إلي السيد القرشي العظيم و القائد الكبير، فيعقله بعمامته علي أعين الملإ..

عُدّ بلال من المقلّين في الفتيا من الصحابة.

و نقل عنه الشيخ الطوسي في كتاب «الخلاف» فتوي واحدة، و هي: الأُضحية سنّة مؤكّدة لمن قدر عليها و ليست بواجبة، و بها قال من الصحابة: أبو بكر و.. و بلال.

توفّي بدمشق- سنة عشرين، و قيل: - احدي و عشرين، و قيل غير ذلك، و هو ابن بضع و ستين سنة، و لا عقب له.

و دفن عند الباب الصغير.

______________________________

(1)- من لا يحضره الفقيه للشيخ الصَّدُوق أبي جعفر محمد بن علي (ت 381): الجزء 1، باب الاذان و الإقامة، الحديث 872.

(2) تفسير المنار: 4- 37 مختصراً.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 60

10 جابر بن عبد اللّه

«1» (..- 78، 74 ه) ابن عمرو بن حرام الانصاري الخزرجي، أبو عبد اللّه.

شهد العقبة الثانية مع السبعين من الانصار، و كان أصغرهم يومئذ، و شهد المشاهد كلّها، إلّا بدراً و أُحد، حيث خلّفه أبوه فيهما علي أخواته، و كن تسعاً أو سبعاً، و استشهد أبوه يوم أُحد، و قد ورد أنّه شهد بدراً.

و كان من المكثرين في الحديث الحافظين للسنن.

______________________________

(1) الطبقات الكبري (ابن سعد (2- 372، المحبر 298، التأريخ الكبير 2- 207، المعارف 173،

الجرح و التعديل 2- 492، رجال الكشي 40، مشاهير علماء الامصار 30 برقم 25، الثقات (ابن حبّان (3- 51، المعجم الكبير للطبراني 2- 180 برقم 188، سنن الدارقطني 1- 83، المستدرك للحاكم 3- 564، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 46 برقم 12، جمهرة أنساب العرب 359، السنن الكبري للبيهقي 1- 56، الخلاف للطوسي 1- 78، الإستيعاب 1- 222) ذيل الاصابة)، المغني و الشرح الكبير 1- 107، أُسد الغابة 1- 256، الكامل في التأريخ 4- 447، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 142، تهذيب الكمال 4- 443، سير أعلام النبلاء 3- 189، تذكرة الحفّاظ 1- 43، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 78 ه (377، الوافي بالوفيات 11- 27 برقم 45، مرآة الجنان 1- 158، الجواهر المضيئة 2- 415، النجوم الزاهرة 1- 198، الاصابة 1- 214، تهذيب التهذيب 2- 42، تقريب التهذيب 1- 122، شذرات الذهب 1- 84، ذخائر المواريث 1- 28، تنقيح المقال 1- 199، أعيان الشيعة 4- 45، معجم رجال الحديث 4- 11 برقم 2018، قاموس الرجال 2- 310.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 61

روي عن: النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، و عليّ- عليه السّلام، و فاطمة الزهراء «عليها السّلام»، و معاذ بن جبل، و علي بن الحسين السجاد «عليهما السلام»، و محمد بن علي الباقر «عليهما السلام»، و آخرين.

روي عنه: سالم بن أبي الجعد، و أبو حمزة الثمالي، و عطاء بن أبي رباح، و أبو الزبير، و سعيد بن المسيب، و آخرون.

وقد وقع في الكتب الأَربعة في اسناد عدة من الروايات عن الرسول و الأَئمّة- عليهم السلام تبلغ أكثر من تسعة و عشرين مورداً «1» شهد وقعة صفين مع الامام علي- عليه السّلام

و كان منقطعاً إلي أهل البيت «عليهم السلام» حيث عُدّ من أصحاب عليّ و الحسن و الحسين و السجاد و الباقر «عليهم السلام»، و هو الذي أخبره رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بأنّه سيبقي حتي يري رجلًا من ولده، اسمه محمد يبقر العلم بقراً، و أمره أن يقرئه السلام «2» قال ابن الاثير: في هذه السنة] سنة 40 ه [بعث معاوية بُسر بن أبي أرطاة في ثلاثة آلاف، فسار حتي قدم المدينة إلي أن قال: فأرسل إلي بني سلمة فقال: و اللّه ما لكم عندي أمان حتي تأتوني بجابر بن عبد اللّه! فانطلق جابر إلي أُمّ سلمة زوج النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فقال لها: ما ذا ترين؟ إنّ هذه بيعة ضلالة و قد خشيتُ أن أُقتل.

قالت: أري أن تبايع.. فأتاه جابر فبايعه «3» و عن سهل الساعدي، قال: كنّا بمني فجعلنا نُخبر جابر بن عبد اللّه، ما نري من إظهار قُطف الخزّ و الوشي يعني السلطان و ما يصنعون فقال: ليت سمعي قد

______________________________

(1)- وقع بعنوان (جابر بن عبد اللّه) في اسناد أحد عشر مورداً، و بعنوان (جابر بن عبد اللّه الانصاري) في اسناد سبعة عشر مورداً، و بعنوان (جابر الانصاري) في اسناد رواية واحدة، كما وقع بعنوان (جابر) في اسناد روايات أُخري.

انظر «معجم رجال الحديث».

(2) انظر مختصر تاريخ دمشق لابن منظور: 23- 78 ترجمة محمد بن علي الباقر، و فيه قول جابر: يا محمد إنّ رسول اللّه ص يقرأ عليك السلام.

(3) الكامل في التأريخ: 3- 383 حوادث سنة أربعين.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 62

ذهب كما ذهب بصري حتي لا أسمع من حديثهم شيئاً و لا أبصره.

و كان

جابر يفتي بالمدينة، و له حلقة في المسجد النبوي يؤخذ عنه العلم، و كان من أجلّاء المفسرين، و كُفّ بصره في آخر عمره.

و هو أحد رواة حديث الغدير من الصحابة «1» أورد له الشيخ الطوسي في «الخلاف» إحدي عشرة فتوي منها: القهقهة لا تنقض الوضوء سواء كانت في الصلاة أو في غيرها.

رُوي عن جابر انّ النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم سافر في رمضان فاشتد الصوم علي رجل من أصحابه فجعلت راحلته تهيم به تحت الشجرة، فأُخبر النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بأمره، فأمره أن يفطر، ثم دعا النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بإناء فوضعه علي يده ثم شرب و الناس ينظرون «2» توفي جابر- سنة ثمان و سبعين، و قيل: - أربع و سبعين، و قيل غير ذلك، و هو يومئذ ابن أربع و تسعين فيما قيل، و كان آخر من شهد العقبة الثانية موتاً.

و هو أوّل من زار قبر الحسين- عليه السّلام، فقد ورد كربلاء بصحبة التابعي عطية بن سعد العوفي، في العشرين من صفر، بعد مُضيّ أربعين يوماً علي استشهاده (عليه السّلام).

روي أنّه لما دنا من القبر، خرّ مغشيّاً عليه، فلما أفاق، قال: يا حسين، ثلاثاً، ثم قال: حبيب لا يجيب حبيبه.

ثم قال: و أنّي لك بالجواب و قد شحطت أوداجك علي أثباجك، و فُرّق بين بدنك و رأسك، فأشهد أنّك ابن النبيين، و ابن سيد المؤمنين،..، و خامس أصحاب الكساء «3»

______________________________

(1)- الغدير: 1- 21.

(2) المستدرك علي الصحيحين للحاكم: 1- 433 كتاب الصوم.

قال الحاكم: هذا حديث صحيح علي شرط مسلم و لم يخرجاه.

و أورده الذهبي في تلخيصه.

(3) منتهي الآمال لعباس القميّ: 1 788-

786.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 63

11 جَبَلة بن عمرو الانصاري

«1» (. كان حياً 50 ه) جبلة بن عمرو بن ثعلبة بن أسيرة الانصاريّ «2» المدنيّ، أخو أبي مسعود «3» البدري الانصاري.

شهد وقعة صفين مع الامام عليّ- عليه السّلام، و سكن مصر.

روي عنه: سليمان بن يسار، و ثابت بن عبيد.

قال سليمان بن يسار: كان جبلة بن عمرو فاضلًا من فقهاء الصحابة.

روي البخاري في تاريخه و ابن السكن من طريق بكير بن الاشجّ عن سليمان بن يسار أنّهم كانوا في غزوة في المغرب مع معاوية يعني ابن خديج فنفل الناس و معه أصحاب النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فلم يردّ ذلك غير جبلة بن عمرو الانصاري.

لم نظفر بتاريخ وفاته، إلّا أنّه كان حياً في سنة خمسين، و هي السنة التي غزا فيها معاوية بن خديج إفريقية.

______________________________

(1) ثقات ابن حبان 3- 58، رجال الطوسي 37 برقم 6، الإستيعاب 1- 235 برقم 317، أُسد الغابة 1- 269، الاصابة 1- 225 برقم 1081، تنقيح المقال 1- 207 برقم 1622، أعيان الشيعة 4- 66، معجم رجال الحديث 4- 35 برقم 2057، قاموس الرجال 2- 346.

(2) وصفه بعضهم بالساعدي، و هذا وهم، فالساعدي هو: جبلة بن عمرو بن أوس بن عامر بن ثعلبة، الذي منع من دفن عثمان في البقيع.

انظر الاصابة: 1- 225 برقم 1080.

(3) الآتي ترجمته برقم 64.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 64

12 أبو ذرّ الغفاري «1»

(..- 32 ه) اختلف في اسمه و اسم أبيه، و المشهور المحفوظ: جُندب بن جنادة.

كان أحد السابقين الاوّلين، قدم علي النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و هو بمكة فأسلم، ثم رجع إلي بلاد قومه بأمر النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، فكان يسخر بآلهتهم.

و كان يتألّه في الجاهلية و

يوحّد، و لا يعبد الاصنام.

______________________________

(1) الام 1- 123، الطبقات الكبري لابن سعد 2- 354، التأريخ الكبير 2- 221، المعارف 142، اختيار معرفة الرجال 6 و 24، مشاهير علماء الامصار 30 برقم 28، الثقات لابن حبّان 3- 55، المستدرك للحاكم 3- 337، حلية الاولياء 1- 352 و 156، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 68 برقم 49، الخلاف للطوسي 1- 388، رجال الطوسي 13 و 36، الفهرست للطوسي 45، الإستيعاب 1- 214، معالم العلماء 32، صفة الصفوة 1- 584، المغني و الشرح الكبير 1- 7510، أُسد الغابة 5- 187، رجال ابن داود 67، رجال العلّامة 36، تهذيب الكمال 33- 294، سير أعلام النبلاء 2- 46، العبر للذهبي 1- 24، تذكرة الحفّاظ 1- 17، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 32 ه (405، الوافي بالوفيات 11- 193، مرآة الجنان 1- 88، البداية و النهاية 7- 171، الجواهر المضيئة 2- 415، النجوم الزاهرة 1- 89، الاصابة 4- 63، تهذيب التهذيب 12- 90، كنز العمال 13- 311، شذرات الذهب 1- 39، الدرجات الرفيعة 225، تنقيح المقال 1- 234 برقم 1967، تأسيس الشيعة 281، أعيان الشيعة 4- 225، الغدير: 8- 292، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 8- 252، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، معجم رجال الحديث: 4- 164 برقم 2385.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 65

و لما هاجر النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، هاجر أبو ذر إلي المدينة، و كان حامل راية غفار يوم حنين.

قيل: خرج إلي الشام في زمن عثمان، و قيل: بعد وفاة أبي بكر، و كان يقدم حاجاً و يسأل عثمان الاذن في مجاورة قبر رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، فيأذن له

في ذلك «1».

قال ابن أبي الحديد: و الذي عليه أكثر أرباب السيرة، و علماء الاخبار و النقل انّ عثمان نفي أبا ذر أوّلًا إلي الشام.

و أصل هذه الواقعة: انّ عثمان لما أعطي مروان بن الحكم و غيره بيوت الاموال، و اختص زيد بن ثابت بشي ء منها، جعل أبو ذر يقول بين الناس و في الطرقات و الشوارع: " بشر الكافرين بعذاب أليم" و يتلو قول اللّه عزّ و جلّ: " وَ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ..".

و رُفع ذلك إلي عثمان، ثم جرت بينهما أُمور، فقال له عثمان: إلحق بالشام.

فأخرجه إليها.

و كان أبو ذر يقوم بالشام فيعظ الناس و يأمرهم بالتمسك بطاعة اللّه، و يروي عن رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ما سمعه منه في فضائل أهل بيته- عليهم السلام- و يحضهم علي التمسك بعترته.

و لما بني معاوية الخضراء بدمشق، قال أبو ذر: يا معاوية إن كانت هذه الدار من مال اللّه فهي الخيانة، و إن كانت من مالك فهذا الإسراف.

و كان يقول: و اللّه لقد حدثت أعمال ما أعرفها، و اللّه ما هي في كتاب اللّه، و لا سنّة نبيه،

______________________________

(1)- قال السيد الحسن العاملي: و ليس ذلك بصواب.

و ما كان أبو ذر ليترك المدينة مهاجر رسول اللّه ص و مسجده و مجاورة قبره اختياراً و يذهب إلي الشام فيجاور بني أُمية.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 66

و اللّه إنّي لَاري حقاً يُطفأ، و باطلًا يحيي، و صادقاً يُكذَّب، و أثَرَة بغير تُقي، و صالحاً مستأثَراً عليه.

و شكي منه معاوية، فاستقدمه عثمان، ثم نفاه من المدينة إلي الرَّبذة.

و لما أُخرج إلي الرَّبذة، أمر عثمان، فنودي في الناس أن لا يكلّم أحد أبا ذر

و لا يشيّعه، و أمر مروان بن الحكم أن يخرج به، فخرج به، و تحاماه الناس إلّا علي بن أبي طالب- عليه السّلام، و عقيلًا أخاه، و حسناً و حسيناً «عليهما السلام»، و عمّاراً، فهم خرجوا معه يشيعونه، فقال عليّ- عليه السّلام: «يا أبا ذر انّك غضبت للّٰه، فارجُ مَنْ غَضبتَ له.

إنّ القوم خافوك علي دنياهم، و خفتهم علي دينك، فاترك في أيديهم ما خافوك عليه، و اهرب منهم بما خفتهم عليه، فما أحوجهم إلي ما منعتهم، و ما أغناك عمّا منعوك.

و ستعلم مَن الرابح غداً، و الأَكثر حسداً، و لو انّ السموات و الأَرضين كانتا علي عبد رتقاً، ثم اتقي اللّه لجعل اللّه له منهما مخرجاً.

لا يؤنسنَّك إلّا الحق، و لا يوحشنّك إلّا الباطل، فلو قبِلت دنياهم لَاحبّوك، و لو قرضت منها لَامَّنوك ««1» و كان أبو ذر رأساً في الزهد و الصدق، و القول و العمل، قوّالًا بالحق، لا تأخذه في اللّه لومة لائم.

قيل له: أ لم ينهك أمير المؤمنين [عثمان] عن الفتيا؟ قال: لو وضعتم الصمصامة علي هذه و أشار إلي قفاه علي أن أترك كلمة سمعتها من رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لَانفذتها قبل أن يكون ذلك.

______________________________

(1)- قال ابن أبي الحديد في شرح النهج: وقد روي هذا الكلام أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 67

روي عن بريدة، قال: قال رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: إنّ اللّه عزّ و جلّ أمرني بحب أربعة، و أخبرني أنّه يحبهم: علي و أبو ذر و المقداد و سلمان.

و عن عبد اللّه بن عمرو: قال: قال رسول اللّه- صلّي اللّه

عليه و آله و سلّم: ما أظلّت الخضراء، و لا أقلّت الغبراء علي ذي لهجة أصدق من أبي ذر «1» عُدّ من المقلّين في الفتيا من الصحابة، و نقل عنه الشيخ الطوسي في كتاب «الخلاف» فتوي واحدة.

روي عن أبي ذر أنّه قال: أوصاني رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بسبع: أوصاني أن لا أنظر إلي من هو فوقي، و أوصاني بحب المساكين و الدنو منهم، و أوصاني أن لا أسأل أحداً شيئاً، و أوصاني أن أقول الحق و إن كان مُرّاً، و أوصاني أن أصل رحمي و إن أدبرت، و أوصاني أن لا أخاف في اللّه لومة لائم، و أوصاني أن أستكثر من قول لا حول و لا قوة إلّا باللّه العلي العظيم فانّها من كنوز الجنّة.

توفي بالربذة في- سنة اثنتين و ثلاثين، و شهد دفنه عبد اللّه بن مسعود، صادفه و هو مقبل من الكوفة في رهط من أهل العراق عُمّاراً، و استهلّ ابن مسعود يبكي و يقول: صدق رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: تمشي وحدك، و تموت وحدك، و تبعث وحدك «2».

______________________________

(1)- و أخرجه الحاكم عن أبي ذر و صححه، و أقرّه الذهبي، و أخرجه أيضاً عن أبي الدرداء و صحّحه، و أقرّه الذهبي.

المستدرك: 3- 342.

(2) طبقات ابن سعد: 4- 235.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 68

13 جرير بن عبد اللّه «1»

(..- 51، 54 ه) ابن جابر البَجَلي القَسْري، أبو عمرو، و قيل: أبو عبد اللّه.

قدم علي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في العام الذي توفّي فيه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، فبايعه و أسلم.

روي عن النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، و

عن عمر بن الخطاب.

روي عنه ابناه: أيوب و المنذر، و أنس بن مالك، و شهر بن حوشب، و الشعبي، و غيرهم.

عُدّ من المقلّين من الصحابة فيما رُوي عنه من الفتيا.

شهد حرب القادسية، ثم نزل الكوفة.

و لما قدم أمير المؤمنين علي- عليه السّلام الكوفة بعد وقعة الجمل، كتب إلي جرير و كان عاملًا لعثمان علي هَمَدان يدعوه إلي البيعة، فكتب إليه جرير

______________________________

(1) وقعة صفين لنصر بن مزاحم 18 و 32، الطبقات الكبري لابن سعد 6- 22، التأريخ الكبير 2- 211، المعارف 166، الكني و الأَسماء للدولابي 84، الجرح و التعديل 2- 502، اختيار معرفة الرجال 584، مشاهير علماء الامصار 76 برقم 275، الثقات لابن حبّان 3- 54، المعجم الكبير للطبراني 2- 290، المستدرك للحاكم 3- 464، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 48 برقم 14، جمهرة أنساب العرب 139، رجال الطوسي 13 و 36، الإستيعاب 1- 243، صفة الصفوة 1- 740، اللباب 1- 121، أسد الغابة 1- 279، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 3- 70، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 147، الرجال لابن داود 61، رجال العلّامة الحلي 36، تهذيب الكمال 4- 533، سير أعلام النبلاء 2- 530، العبر للذهبي 1- 740، تاريخ الإسلام للذهبي (عهد معاوية (185، الوافي بالوفيات 11- 75، البداية و النهاية 8- 57، الجواهر المضيئة 2- 416، تهذيب التهذيب 2- 73، تقريب التهذيب 1- 127، تنقيح المقال 1- 210 برقم 1714، أعيان الشيعة 4- 71.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 69

جواب كتابه بالطاعة «1» ثم أقبل إلي الكوفة فبايعه.

بعثه الامام علي- عليه السّلام رسولًا إلي معاوية يدعوه إلي الدخول فيما دخل فيه المهاجرون و الانصار من طاعته، فلما قدم جرير علي معاوية

ماطله و استنظره «2» و كتب معاوية إلي علي- عليه السّلام أن يجعل له الشام و مصر جباية، و ألّا يجعل لَاحد من بعده في عنقه بيعة.

فكتب الامام- عليه السّلام- إلي جرير: أمّا بعد: فانّما أراد معاوية ألّا يكون لي في عنقه بيعة و أن يختار من أمره ما أحبّ و أراد أن يُريثك و يبطئك حتي يذوق أهل الشام، و أنّ المغيرة بن شعبة قد كان أشار عليّ أن استعمل معاوية علي الشام و أنا حينئذ بالمدينة فأبيت ذلك عليه، و لم يكن اللّه ليراني اتخذ المضلّين عَضُداً، فإنّ بايعك الرجل، و إلّا فأقبل و السلام.

و كان معاوية يدافع جريراً بالبيعة حتي ذاق الشام حسب تعبير الامام (عليه السّلام).

ثمّ قدم جرير علي أمير المؤمنين- عليه السّلام، و أخبره خبر معاوية و اجتماع أهل الشام علي قتاله، و يُروي أنّ مالك الأَشتر عنّف جريراً، و أزري عليه موقفه من معاوية، فخرج جرير إلي قرقيسياء «3» فيما قيل، و لم يشهد صفّين.

توفّي بقرقيسياء، و قيل بالشَّراة (السراة) «4» في- سنة إحدي أو أربع و خمسين.

______________________________

(1)- و ذكر ابن أبي الحديد أنّ جريراً قام في أهل همدان خطيباً بعد ورود كتاب عليّ- عليه السّلام- إليه ثم قال:

أتانا كتاب عليٍّ فلم نرُدّ الكتاب بأرض العجَمْ

و لم نعصِ ما فيه لما أتي و لما نُذمَّ و لما نُلَمْ

فصلي الإله علي أحمد رسول المليك تمام النعمْ

رسول المليك و من بعده خليفتنا القائم المُدَّعَمْ

علياً عنيتُ وصيَّ النبيّ نجالد عنه غواةَ الأُمم

له الفضل و السبق و المكرمات و بيتُ النبوة لا يُهتضم

(2)- انظر تاريخ الطبري: 3- 560 طبع مؤسسة الاعلمي.

(3) و هي بلد علي نهر

الخابور قرب رحبة مالك بن طوق علي ستة فراسخ و عندها مصب الخابور في الفرات.

معجم البلدان.

(4) الشَّراة: صقع بالشام بين دمشق و مدينة الرسول.

و الشراة أيضاً جبل شامخ من دون عُسفان.

أمّا السّراة: فهي الجبال و الأَرض الحاجزة بين تهامة و اليمن، و هي باليمن أخص.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 70

14 أبو قتادة الانصاري «1»

(..- 54 ه) الحارث بن رِبْعي السُّلمي، و قيل في اسمه: النعمان، و قيل عمرو، و اشتهر بكنيته.

شهد أُحداً، و ما بعدها من المشاهد مع رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، و اختُلف في شهوده بدراً.

و كان في جيش خالد بن الوليد في زحفه إلي البطاح.

قال ابن خلكان: و قدم يعني مالك بن نُوَيرة اليربوعي علي النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فيمن قدم من العرب فأسلم، فولاه النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم صدقة قومه.. إلي آخر ما روي عن موقفه مع

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 15، المحبر 122، التأريخ الكبير 2- 258، الجرح و التعديل 3- 74، الكني و الأَسماء للدولابي 48، مشاهير علماء الامصار 33 برقم 39، الثقات لابن حبّان 3- 73، المعجم الكبير للطبراني 3- 239، المستدرك للحاكم 3- 480، الاحكام لابن حزم 2- 89، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 94 برقم 98، جمهرة أنساب العرب 360، رجال الطوسي 26، الخلاف للطوسي 1- 413، الإستيعاب 4- 161، صفة الصفوة 1- 647، المغني و الشرح الكبير 2- 10، أسد الغابة 5- 274، تهذيب الاسماء و اللغات 2- 265، تهذيب الكمال 34- 194، سير أعلام النبلاء 2- 449، العبر للذهبي 1- 43، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 52 ه) ص 340، مرآة الجنان 1- 128،

البداية و النهاية 8- 70، تهذيب التهذيب 12- 204، تقريب التهذيب 2- 463، الاصابة 4- 158، كنز العمال 13- 617، الدرجات الرفيعة 351، تنقيح المقال 1- 244 برقم 2075، أعيان الشيعة 4- 305.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 71

خالد بن الوليد يوم البطاح، و أنّهما تجاولا في الكلام طويلًا، فقال له خالد: إنّي قاتلك.. و كان عبد اللّه بن عمر و أبو قتادة الانصاري حاضرين فكلّما خالداً في أمره، فكره كلامهما «1» و لما قَتلَ خالد مالكاً و تزوّج امرأته، غضب أبو قتادة لفعلة خالد، و تركه منصرفاً إلي أبي بكر في المدينة، مقسماً أن لا يكون أبداً في لواء عليه خالد.

وقد نزل أبو قتادة الكوفة، و شهد مع أمير المؤمنين علي- عليه السّلام حروبه كلّها.

قيل: و استعمله علي- عليه السّلام علي مكة ثم عزله بقُثم بن العباس.

رُوي أنّ معاوية قدم المدينة، فلقيه أبو قتادة، فقال: تلقّاني الناس كلهم غيرَكم يا معشر الانصار، فما منعكم؟ قالوا: لم يكن لنا دوابّ، قال: فأين النواضح؟ قال أبو قتادة: عقرناها في طلب أبيك يوم بدر..

نقل عنه الشيخ الطوسي في كتاب «الخلاف» فتوي واحدة و هي: إذا أدرك مع الامام ركعتين أو ركعة في الظهر أو العصر أو العشاء الآخرة كان ما أدركه معه أوّل صلاته يقرأ فيها بالحمد و سورة و يقضي آخره.

و كان قليل الحديث.

حدّث عنه: أنس بن مالك، و سعيد بن المسيب، و عطاء بن يسار، و آخرون.

قيل له: مالك لا تحدّث عن رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم كما يحدّث عنه الناس؟ فقال سمعت رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول: من كذب عليّ فليشهد لجنبه مضجعاً من النار.

و عن

أبي سعيد الخدري، قال: أخبرني من هو خير منّي أبو قتادة أنّ رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال لعمّار: «تقتلك الفئة الباغية».

توفّي بالمدينة في- سنة أربع و خمسين، و قيل: توفّي بالكوفة في- سنة أربعين، و صلّي عليه الامام علي- عليه السّلام.

______________________________

(1)- وفيات الاعيان: 6- 12 ترجمة وَثيمة بن الفرات.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 72

15 حُذيفة بن اليَمان «1»

(..- 36 ه) و اسم اليمان: حُسَيْل، و يقال حِسْل بن جابر العَبْسي، أبو عبد اللّه.

قيل: و كان حسيل قد أصاب دماً في قومه، فهرب إلي المدينة، و حالف بني عبد الاشهل فسمّي اليمان لحلفه لليمانية و هم الانصار.

و كان حذيفة من أجلّاء الصحابة و خيارهم و فقهائهم و شجعانهم.

أسلم قديماً، و آخي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بينه و بين عمار بن ياسر، و شهد المشاهد كلّها مع رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم عدا بدر.

عن حذيفة، قال: ما منعني أن أشهد بدراً إلّا أنّي خرجت أنا و أبي، فأخذَنا كفّار قريش، فقالوا: إنّكم تريدون محمداً، فقلنا: ما نريد إلّا المدينة، فأخذوا العهد علينا لننصرفنّ إلي المدينة، و لا نقاتل معه، فأخبرنا النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فقال: «تفي بعهدهم، و نستعين اللّه عليهم».

ثم شهد هو و أبوه أُحداً، فقُتل أبوه يومئذ، قتله بعض الصحابة خطأ، فتصدّق حذيفة عليهم بديَتِه.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 5- 527، التأريخ الكبير 3- 95، اختيار معرفة الرجال 6 و 36 و 38 و 94، مشاهير علماء الامصار 74 برقم 267، الثقات لابن حبّان 3- 80، المعجم الكبير للطبراني 3- 161، المستدرك للحاكم 3- 137، حلية الاولياء 1- 270، أصحاب

الفتيا من الصحابة و التابعين 47 برقم 13، رجال الطوسي 16 و 37، الخلاف للطوسي 1- 266، الإستيعاب 1- 377) ذيل الاصابة)، أسد الغابة 1- 391، الكامل في التأريخ 3- 287، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 153، رجال العلّامة الحلّي 60، تهذيب الكمال 5- 495، سير أعلام النبلاء 2- 361، تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء (491، الوافي بالوفيات 11- 327، مرآة الجنان 1- 100، الاصابة 1- 317، تهذيب التهذيب 2- 219، كنز العمال 13- 343، شذرات الذهب 1- 32، الدرجات الرفيعة 282، أعيان الشيعة 4- 591، معجم رجال الحديث 4- 245 برقم 2618.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 73

و قد ندبه رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بعد قتل علي- عليه السّلام عمرو بن عبد ود العامري في وقعة الخندق ليجسَّ له خبر المشركين، فدخل بينهم و جاءه بخبرهم.

و امتاز حذيفة بمعرفة المنافقين.

أسرَّ اليه النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بأسمائهم، و أعلمه بالفتن الكائنة في هذه الامة، و كان عمر بن الخطاب لا يصلّي علي ميت حتي يصلّي عليه حذيفة، يخشي أن يكون من المنافقين.

روي أنّه لما عاد رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم من غزوة تبوك و انحدر في العقبة، و كانت ليلة مُظلمة، و أراد جماعة من المنافقين اثنا عشر أو أربعة عشر رجلًا أن ينفروا الناقة برسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، كان حذيفة قد أخذ بزمامها يقودها و عمار يسوقها، فبرقت حتي رآهم رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و حذيفة و عرفهم حذيفة بأعيانهم، فعند ذلك هربوا و دخلوا في غمار الناس.

شهد حذيفة فتح العراق و الشام

و بلاد فارس، و نزل الكوفة بعد تمصيرها و كان له بها حلقة يحدث فيها.

ولّاه عمر علي المدائن، و لما بلغه قتل عثمان و بيعة الناس لعلي- عليه السّلام قال و كان عليلًا: اخرجوني و ادعوا الصلاة جامعة، فوضع علي المنبر.. ثم قال: أيُّها الناس إنّ الناس قد بايعوا علياً، فعليكم بتقوي اللّه و انصروا علياً و آزروه، فو اللّه إنّه لعلي الحق آخراً و أوّلًا، و انّه لخير من مضي بعد نبيّكم و من بقي إلي يوم القيامة.

و كان حذيفة موالياً للِامام علي- عليه السّلام، مقدماً له، و قد أوصي ابنيه سعيد و صفوان بملازمة أمير المؤمنين و اتباعه، فكانا معه بصفّين و استشهدا بين يديه.

عُدّ من المقلّين في الفتيا و نقل عنه الشيخ الطوسي في «الخلاف» ثماني فتاوي.

روي ابن عبد البر في الإستيعاب في ترجمة جارية بن ظفر اليمامي بسنده عنه: إنّ داراً كانت بين أخوين فحظرا في وسطها حظراً ثم هلكا، فادّعي عقب كل منهما أنّ الحظار له و اختصم عقباهما إلي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، فأرسل حذيفة بن اليمان ليقضي بينهما، فقضي بالحظار لمن وجد معاقد القُمْط تليه، ثمّ رجع

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 74

فأخبر النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فقال: أصبت أو أحسنت.

عن النزال بن سبرة، قال: كنا مع حذيفة في البيت، فقال له عثمان: يا أبا عبد اللّه ما هذا الذي يبلغني عنك؟ قال: ما قلته؟ فقال له عثمان: أنت أصدقهم و أبرهم، فلما خرج قلت له: يا أبا عبد اللّه أ لم تقل ما قلت؟ قال: بلي و لكن اشتري ديني بعضه ببعض مخافة أن يذهب كلّه.

و من كلام حذيفة:

ذهب النفاق فلا نفاق، إنّما هو الكفر بعد الإِيمان، اليوم شر منهم علي عهد رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، كانوا يومئذ يكتمونه و هم اليوم يظهرونه.

و قال: إيّاكم و مواقف الفتن، قيل: و ما مواقف الفتن يا أبا عبد اللّه؟ قال: أبواب الأمراء.

يدخل أحدكم علي الامير فيصدقه بالكذب و يقول ما ليس فيه.

توفّي- سنة ست و ثلاثين.

عن بلال بن يحيي، قال: لما حضر حذيفة الموت و كان قد عاش بعد عثمان أربعين يوماً قال لنا: أوصيكم بتقوي اللّه و الطاعة لَامير المؤمنين علي بن أبي طالب «1».

16 الحسن بن علي بن أبي طالب «عليهما السلام»

انظر ترجمته في ص 21

17 الحسين بن علي بن أبي طالب «عليهما السلام»

انظر ترجمته في ص 26

______________________________

(1)- مستدرك الحاكم: 3- 380، و ذكره الذهبي في تلخيصه.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 75

18 أبو أيوب الانصاري

«1» (..- 52 ه) خالد بن زيد بن كُليب الخزرجي النجاري، أبو أيوب الانصاري.

شهد العقبة الثانية، و عليه نزل رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- حين قدم المدينة مهاجراً، و شهد بدراً و أُحداً و الخندق و سائر المشاهد.

آخي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بينه و بين مصعب بن عمير.

روي عن النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و عن أُبي بن كعب.

روي عنه: البراء بن عازب، و جابر بن سمرة، و المقدام بن معد يكرب، و سعيد بن المسيب، و آخرون.

______________________________

(1) الموطأ 131، الطبقات الكبري لابن سعد 3- 484، التأريخ الكبير 3- 136، المعارف 56، الجرح و التعديل 3- 331، اختيار معرفة الرجال رقم الحديث 76 و 77 و 78، و 95، الثقات لابن حبّان 3- 102، مشاهير علماء الامصار 49 برقم 120، المستدرك 3- 457، حلية الاولياء 1- 361، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 66 برقم 45، رجال الطوسي 18 و 40 الخلاف للطوسي 1- 101 م 48، تاريخ بغداد 1- 153، الإستيعاب 1- 404، أسد الغابة 5- 143، رجال ابن داود 87، رجال العلّامة الحلي 65، تهذيب الكمال 33- 59، العبر 1- 40، سير أعلام النبلاء 2- 402، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 52 ه) 328، الوافي بالوفيات 13- 251، مرآة الجنان 1- 124، البداية و النهاية 8- 60، الجواهر المضيئة 2- 415، تهذيب التهذيب 3- 90، كنز العمال 13- 614، شذرات الذهب 1- 57، الدرجات الرفيعة 314، أعيان الشيعة 6- 283، الكني و الأَلقاب

لعباس القمي: 1- 13، الاعلام 2- 295.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 76

و كان مخلصاً في ولاء أمير المؤمنين علي- عليه السّلام، مختصاً به، و شهد معه حروب الجمل و صفّين و النهروان، و كانت معه راية أمان في وقعة النهروان فمن خرج من عسكر الخوارج إلي رايته كان آمناً، و له موعظة لَاهل الكوفة و تحريضهم علي الثبات في نصرة الامام علي- عليه السّلام.

روي الحاكم عن شعبة، قال: قلت للحكم: أ شَهِدَ أبو أيوب مع علي صفّين؟ قال: لا، و لكن شهد معه قتال أهل النهر.

قال ابن العديم «1» كذا قال الحاكم، و الصحيح أنّه شهدها مع علي و أكثر الحفّاظ و الأَئمّة علي ذلك.

و قال ابن الكلبي و ابن إسحاق و الواقدي و أبو القاسم البغوي إنّه شهد صفّين.

و قيل: ما كان ليتخلّف عن علي و هو من خاصّته.

روي أنّ أبا أيوب قدم علي معاوية، فأجلسه معه علي السرير، و حادثة، و قال: يا أبا أيوب، مَن قتل صاحب الفرس البلقاء التي جعلتْ تجول يوم كذا و كذا؟ قال: أنا، إذ أنت و أبوك علي الجمل الاحمر معكما لواء الكفر.

فنكّس معاوية، و تنمّر أهل الشام، و تكلّموا.

فقال معاوية: مه! و قال: ما نحن عن هذا سألناك.

و كان أبو أيوب يخالف مروان، فقال له مروان: ما يحملك علي هذا؟ قال: إنّي رأيت رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يصلّي الصلوات فان وافقته وافقناك، و ان خالفته خالفناك.

عُدّ من المقلّين في الفتيا من الصحابة، و نقل عنه الشيخ الطوسي في كتاب

______________________________

(1)- بغية الطلب في تاريخ حلب: 7- 3029 ترجمة خالد بن زيد.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 77

«الخلاف» ثلاث فتاوي منها: لا يجوز استقبال

القبلة و لا استدبارها ببول و لا غائط إلّا عند الاضطرار، لا في الصحاري و لا في البنيان.

روي الحاكم انّ عبد اللّه بن عباس و المسور بن مخرمة اختلف في المحرم يغسل رأسه بالماء من غير جنابة، فأرسلا إلي أبي أيوب الانصاري، و هو في بعض مياه مكة يسألانه عن ذلك.

غزا أبو أيوب أيام معاوية أرض الروم مع يزيد بن معاوية سنة اثنتين و خمسين، و قيل: خمسين، و قيل غير ذلك، فتوفي عند مدينة القسطنطينية، و دفن بالقرب من سورها.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 78

19 خَبّاب بن الارتّ

«1» (36 ق ه- 37، 39 ه) ابن جندلة بن سعد، أبو عبد اللّه، و قيل: أبو يحيي.

سبي في الجاهلية، فبيع بمكة، و هو قديم الإسلام.

و كان من المستضعفين الذين يُعذّبون بمكة ليرجع عن دينه، ألبسوه الدرع الحديد و صهروه في الشمس، فبلغ من الجهد ما شاء أن يبلغ من حرّ الحديد و الشمس، فصبر و لم يعط الكفّار ما سألوه، فجعلوا يلصقون ظهره بالرضف حتي ذهب لحم متنه.

و فيه و في جماعة من فقراء المؤمنين أنزل اللّه تعالي: " وَ لٰا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدٰاةِ وَ الْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ" «2»

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 3- 164، التأريخ الكبير 3- 15، الجرح و التعديل 3- 359، مشاهير علماء الامصار 76 برقم 273، المستدرك للحاكم 3- 381، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 60 برقم 34، السنن الكبري للبيهقي 6- 135، الخلاف للطوسي 3- 5 طبع جماعة المدرسين، رجال الطوسي 19، الإستيعاب 1- 423، المغني و الشرح الكبير 5- 581، معجم البلدان 1- 176، أُسد الغابة 2- 98، تهذيب الكمال 8- 219، سير أعلام النبلاء 2- 323، تاريخ

الإسلام للذهبي (سنة 37 ه (562، الجواهر المضيئة 2- 417، الاصابة 1- 416، تهذيب التهذيب 3- 133، تقريب التهذيب 1- 221، شذرات الذهب 1- 47، تنقيح المقال 1- 395 برقم 3639، أعيان الشيعة 6- 304، معجم رجال الحديث 7- 44 برقم 4238.

(2) الانعام: 52.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 79

آخي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بينه و بين جبر بن عتيك، و قيل: آخي بينه و بين تميم مولي خراش بن الصمة.

و عدّه في «الإستيعاب» ممن فضّل عليا علي غيره.

رُوي أنّه جاء إلي عمر، فقال عمر: ادنُه فما أحد أحق بهذا المجلس منك إلّا عمار بن ياسر، فجعل خباب يُريه آثاراً في ظهره ممّا عذّبه المشركون.

عُدّ من المقلّين في الفتيا من الصحابة، و نقل عنه الشيخ الطوسي في كتاب «الخلاف» فتوي واحدة: المزارعة بالثلث و الربع و النصف أو أقل بعد أن يكون بينهما مشاعاً جائزة، و به قال في الصحابة.. خباب بن الارَتّ.

وقد نزل خباب الكوفة، و توفّي بها في خلافة الامام علي- عليه السّلام- سنة سبع و ثلاثين، و لم يشهد صفّين، كان مريضاً، و طال به المرض فمنعه من شهودها، و لما رجع أمير المؤمنين من صفّين، مرّ بقبره، فقال: يرحم اللّه خباب بن الارت فلقد أسلم راغباً، و هاجر طائعاً، و قنع بالكفاف، و رضي عن اللّه، و عاش مجاهداً «1» و قيل: توفّي- سنة تسع و ثلاثين، بعد أن شهد صفّين و النهروان، و صلّي عليه علي- عليه السّلام و دفن بظهر الكوفة و كان يوم مات ابن ثلاث و سبعين.

______________________________

(1)- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 18- 171.

و روي الطبراني في المعجم الكبير: 4- 56 من

طريق زيد بن وهب أنّه لما رجع عليٌّ من صفين، مرّ بقبر خباب، فقال: رحم اللّه خباباً، أسلم راغباً، و هاجر طائعاً، و عاش مجاهداً، و ابتُلي في جسمه أحوالًا، و لن يضيع اللّه أجر من أحسن عملًا.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 80

20 خُزيمة بن ثابت «1»

(..- 37 ه) ابن الفاكه بن ثعلبة الانصاري الخَطْمي، أبو عمارة، ذو الشهادتين.

سُمّي ذا الشهادتين لَانّ رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم جعل شهادته كشهادة رجلين.

شهد بدراً و ما بعدها من المشاهد، و كان حامل راية بني خطْمة يوم الفتح، و شهد مؤتة.

و هو من جملة الصحابة الذين استشهدهم الامام عليّ- عليه السّلام بالكوفة، فشهدوا جميعاً أنّهم سمعوا رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول يوم غدير خم: «من كنت مولاه فعليٌّ مولاه».

و كان من كبار جيش الامام عليّ.

شهد معه وقعتي الجمل و صفّين.

______________________________

(1) الطبقات الكبري (ابن سعد (4- 378، المعرفة و التاريخ 1- 380، الجرح و التعديل 3- 381، اختيار معرفة الرجال 52، مشاهير علماء الامصار 77 برقم 277، الثقات 3- 107، المعجم الكبير للطبراني 4- 83، المستدرك للحاكم 3- 385، جمهرة أنساب العرب 334، رجال الطوسي 19 و 40، الإستيعاب 1- 416، صفة الصفوة 1- 293، أُسد الغابة 2- 114، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 175، تهذيب الكمال 8- 243، سير أعلام النبلاء 2- 485، تاريخ الإسلام للذهبي (عهد الخلفاء (564، الوافي بالوفيات 13- 310، مرآة الجنان 1- 101، البداية و النهاية 7- 322، الاصابة 1- 425، تهذيب التهذيب 3- 140، كنز العمال 13- 379، شذرات الذهب 1- 45، الدرجات الرفيعة 310، تنقيح المقال: 1- 397 برقم 3678، أعيان الشيعة 6- 318 و 8-

374، معجم رجال الحديث: 7- 47.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 81

و ممّا روي عنه من الشعر يوم الجمل:

أ عائشُ خلّي عن عليّ و عيبه بما ليس فيه إنّما أنتِ والده

وصيّ رسول اللّه من دون أهله و أنتِ علي ما كان من ذاك شاهده

و حمل يوم صفّين و هو يقول:

قد مرّ يومان و هذا الثالث هذا الذي يلهث فيه اللاهثُ

هذا الذي يبحث فيه الباحث كم ذا يُرجّي أن يعيش الماكث

الناس موروث و منهم وارث هذا عليٌّ مَن عصاهُ ناكث

فقاتل حتي قُتل رحمه اللّه.

قال صاحب الاصابة: روي ابن عساكر في تاريخه من طريق الحكم بن عتيبة أنّه قيل له: أ شَهِدَ خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين الجمل؟ فقال: لا، ذاك خزيمة بن ثابت آخر و مات ذو الشهادتين في زمن عثمان.

هكذا أورده من طريق سيف صاحب الفتوح، و قال الخطيب في الموضح: أجمع أهل السير أنّ ذا الشهادتين قتل مع علي و ليس سيف بحجة إذا خالف.. و جزم الخطيب بأنّه ليس في الصحابة من يسمّي خزيمة و اسم أبيه ثابت سوي ذي الشهادتين.

أقول: و نفي ابن أبي الحديد أيضاً وجود صحابي آخر اسمه خزيمة بن ثابت سوي ذي الشهادتين و أضاف: و إنّما الهوي لا دواء له.

روي بعضهم أنّ خزيمة بن ثابت كان كافاً سلاحه حتي قُتل عمار، فسلّ سيفه، و قاتل حتي قُتل.

أقول: و هذا لا يصحّ أيضاً، و ما ذكره المؤرخون من مواقفه و أشعاره يشهد

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 82

بخلاف ذلك، ثمّ كيف يكفّ سلاحه، و يبقي متفرجاً في المعارك، و هو معدود من كبار أصحاب عليّ- عليه السّلام، و له في التعبير عن موالاة الامام

عليّ- عليه السّلام و معرفة حقّه و فضله شعر كثير «1» و هل أنّ خزيمة ممّن تأخذه الريبة لمكان عمار و لا تأخذه لمكان عليّ «2» - عليه السّلام؟! حدّث عن خزيمة: ابنه عُمارة، و أبو عبد اللّه الجدلي، و عمرو بن ميمون الاودي، و إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص، و جماعة.

استشهد في صفّين في الواقعة المعروفة بوقعة الخميس، سنة سبع و ثلاثين.

______________________________

(1)- روي الحاكم في مستدركه: 3- 114 بسنده عن الاسود بن يزيد النخعي.

قال: لما بويع عليّ بن أبي طالب علي منبر رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- قال خزيمة بن ثابت و هو واقف بين يدي المنبر:

إذا نحن بايعناً عليّا فحسبُنا أبو حسن مما نخاف من الفتنْ

وجدناه أولي الناس بالناس إنّه أطبّ قريش بالكتاب و بالسننْ

و إن قريشاً ما تشقّ غباره إذا ما جري يوماً علي الضمّر البدنْ

و فيه الذي فيهم من الخير كله و ما فيهم كل الذي فيه من حسنْ

(2) قال ابن أبي الحديد: عجباً لقوم تأخذهم الريبة لمكان عمار و لا تأخذهم لمكان عليّ بن أبي طالب.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 83

21 دِحية الكلبي «1»

(.. كان حياً بعد 40 ه) دِحية بن خليفة بن فروة الكلبي.

أوّل مشاهده الخندق، و قيل أُحد، و كان يُضرب به المثل في حسن الصورة فيما قيل.

روي أنّ رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بعثه إلي قيصر رسولًا سنة ست في الهدنة.

روي عن النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

روي عنه: عبد اللّه بن شداد بن الهاد، و عامر الشعبي، و منصور الكلبي، و آخرون.

وقد شهد اليرموك، و نزل دمشق و سكن المِزّة، و عاش

إلي زمن معاوية.

عدّ من المقلّين في الفتيا من الصحابة.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 4- 249، التأريخ الكبير 3- 254، الجرح و التعديل 3- 439، مشاهير علماء الامصار 94 برقم 380، الثقات لابن حبّان 3- 117، الاحكام لابن حزم 2- 89، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 94 برقم 99، السنن الكبري للبيهقي 4- 241، الإستيعاب 1- 463، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 185، أُسد الغابة 2- 130، وفيات الاعيان 3- 449، تهذيب الكمال 8- 473، سير أعلام النبلاء 2- 550، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 50 ه (48، الجواهر المضيئة 2- 416، الاصابة 1- 463، تهذيب التهذيب 3- 206.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 84

رُوي عن منصور الكلبي أنّ دحية بن خليفة خرج من قرية بدمشق إلي قدر قرية عقبة من الفسطاط، و ذلك ثلاثة أميال في رمضان ثمّ إنّه أفطر و أفطر معه أناس، فكره ذلك آخرون، فلما رجع إلي قريته قال: و اللّه لقد رأيت أمراً ما كنت أظن أنّي أراه، إنّ قوماً رغبوا عن هدي رسول اللّه و أصحابه يقول ذلك للذين صاموا ثم قال عند ذلك: اللهم اقبضني إليك «1»

______________________________

(1)- قال البيهقي بعد إيراد هذه الرواية: قال «الليث»: الامر الذي اجتمع الناس عليه أن لا يقصروا الصلاة و لا يفطروا إلّا في مسيرة أربعة برد في كل بريد اثنا عشر ميلًا.

ثم علل البيهقي قول دحية: «رغبوا عن هدي رسول اللّه ص و أصحابه» بقوله: أي في قبول الرخصة لا في تقدير السفر الذي أفطر فيه و اللّه أعلم.

أمّا المسافة عند فقهاء الشيعة الامامية التي بجب علي المسافر التقصير معها في الصلوات الرباعية فهي بريدان، و هما ثمانية فراسخ، و الفرسخ ثلاثة أميال،

و الميل أربعة آلاف ذراع بذراع إنسان عادي، أي أربعة و عشرون ميلًا، علماً أنّ كل سفر يجب قصر الصلاة فيه يجب قصر الصوم و بالعكس.

و لصلاة المسافر شروط أُخري ذكرها الفقهاء في كتبهم، انظر (شرائع الإسلام- 369) لَابي القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن، المعروف بالمحقق الحلي (ت 676 ه) و (اللمعة الدمشقية: 1- 101) لمحمّد بن جمال الدين مكي العاملي، المعروف بالشهيد الاوّل (استشهد سنة 786 ه).

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 85

22 رافع بن خديج «1»

(12 ق ه- 74، 73 ه) ابن رافع الانصاري الاوسي، أبو عبد اللّه، و قيل: أبو خَديج.

ردّه رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم عن القتال يوم بدر لصغر سنّه، ثمّ شهد أُحداً و الخندق و بقية المشاهد، و أصابه سهم يوم أُحد، فانتزعه، فبقي النصل في لحمه إلي أن مات، و رُوي أنّ النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال: «أنا أشهد لك يوم القيامة».

روي عن النبيّ- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و عن عمّه ظهير بن رافع.

روي عنه: ابن عمر، و السائب بن يزيد، و ابنه رِفاعة بن رافع، و حفيده عَباية بن رِفاعة، و آخرون.

عُدّ من أصحاب الامام عليّ- عليه السّلام و شهد معه وقعة صفّين.

______________________________

(1) المحبر 411، التأريخ الكبير 3- 299، الجرح و التعديل 3- 479، مشاهير علماء الامصار 31 برقم 29، الثقات لابن حبّان 3- 121، المستدرك للحاكم 3- 561، جمهرة أنساب العرب 340، رجال الطوسي 19 و 41، الخلاف للطوسي 1- 665 م 438، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 78 برقم 68، الإستيعاب 1- 483، المنتظم 6- 143، المغني و الشرح الكبير 2- 247، أُسد الغابة 2- 151،

سير أعلام النبلاء 3- 181، مرآة الجنان 1- 155، الجواهر المضيئة 2- 416، البداية و النهاية 9- 6، تهذيب التهذيب 3- 229، الاصابة 1- 483، شذرات الذهب 1- 82، تنقيح المقال 1- 422 برقم 3938، أعيان الشيعة 6- 447، معجم رجال الحديث 7- 157 برقم 4486.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 86

و كان من المقلّين في الفتيا من الصحابة، و كان ممن يفتي بالمدينة زمن معاوية و بعده، و هو الذي أخبر ابن عمر بنهي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم عن كراء المزارعة «1»، و كان عريف قومه بالمدينة.

نقل عنه الشيخ الطوسي في كتاب «الخلاف» فتوي واحدة و هي: يُكره التنفّل يوم العيد قبل صلاة العيد و بعدها إلي الزوال للِامام، و أمّا المأموم فلا يكره له ذلك إذا لم يقصد التنفّل لصلاة العيد.

توفّي بالمدينة- سنة أربع أو ثلاث و سبعين.

______________________________

(1)- راجع الحكاية في ترجمة عبد اللّه بن عمر بن الخطاب.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 87

23 أُم حبيبة «1»

(17 قبل البعثة- 44 ه) رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب.

هاجرت مع زوجها عبيد اللّه بن جحش الاسدي، أسد خزيمة من مكة إلي أرض الحبشة، فافتتن عبيد اللّه و تنصّر بها، و مات علي النصرانية، فلمّا قدمت أُمّ حبيبة المدينة تزوّجها رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

و اختلف فيمن ولي عقدة النكاح، فقيل عثمان بن عفان، و قيل خالد بن سعيد بن العاص، و قيل: بل زوّجها إياه النجاشي و هي بأرض الحبشة.

قيل إنّ أُمّ حبيبة لما جاء أبوها إلي النبيّ- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ليؤكد عقد الهدنة، دخل عليها فمنعته أن يجلس علي فراش رسول اللّه- صلّي اللّه

عليه و آله و سلّم لمكان الشرك.

روت عن النبيّ- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و عن زينب بنت جحش.

______________________________

(1) الام 2- 151، الطبقات الكبري لابن سعد 8- 96، الجرح و التعديل 9- 461، الثقات لابن حبّان 3- 131، المستدرك للحاكم 4- 20، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 69 برقم 51، الخلاف للطوسي 6- 287 م 64، الإستيعاب 4- 296 و 421، المغني و الشرح الكبير 3- 227، أُسد الغابة 5- 574، تهذيب الاسماء و اللغات 2- 358، تهذيب الكمال 1- 203، سير أعلام النبلاء 2- 218، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 44 ه (12، الأعلام بوفيات الاعلام 1- 32 برقم 99، تهذيب التهذيب 1- 419، الاصابة 4- 300، شذرات الذهب 1- 54.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 88

روي عنها: معاوية، و ابنتها حبيبة، و عروة بن الزبير، و أبو صالح السّمان، و آخرون.

و نقل عنها الشيخ الطوسي في «الخلاف» فتوي واحدة و هي: يستحب أن يتطيب للإحرام سواء كانت تبقي رائحته أم لا.

أخرج البلاذري من طريق خالد بن حرب قال: لجأ بنو أُمية يوم قتل عثمان إلي أُمّ حبيبة فجعلت آل العاص و آل أبي العاص و آل أُسيد في كندوج و جعلت سائرهم في مكان آخر، و نظر معاوية يوماً إلي عمرو بن سعيد يختال في مشيته فقال: بأبي و أُمّي أُمّ حبيبة، ما كان أعلمها بهذا الحيّ حين جعلتك في كندوج؟ «1» توفّيت أُمّ حبيبة بالمدينة- سنة أربع و أربعين، و قيل- اثنتين و أربعين.

______________________________

(1)- نقلناه من كتاب الغدير للعلّامة الاميني: 9- 198، و (كندوج) شبه المخزن في البيت.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 89

24 الزبير بن العوّام

«1» (..- 36 ه) ابن خويلد القرشي الاسدي،

أبو عبد اللّه.

ابن عمة رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم صفية بنت عبد المطلب، و هو زوج أسماء بنت أبي بكر أُخت عائشة.

هاجر إلي الحبشة و لم يُطل الاقامة بها.

و شهد المشاهد كلّها مع رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

و كان أحد الستّة الذين اختارهم عمر بن الخطاب للخلافة.

بايع الامام عليّا- عليه السّلام، ثم استأذنه هو و طلحة في الخروج إلي العمرة،

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 3- 100، التأريخ الكبير 3- 409، المعارف 127، الجرح و التعديل 3- 578، اختيار معرفة الرجال 70 و 133، مشاهير علماء الامصار 25 برقم 9، المعجم الكبير للطبراني 1- 118، المستدرك للحاكم 3- 359، حلية الاولياء 1- 89، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 56 برقم 28، جمهرة أنساب العرب 121، الخلاف للطوسي 2- 264، رجال الطوسي 19، الإستيعاب 1- 560، المنتظم 5- 107، أُسد الغابة 2- 196، رجال ابن داود 96، تهذيب الكمال 9- 319، سير أعلام النبلاء 1- 41، العبر للذهبي 1- 27، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 36 ه (496، الوافي بالوفيات 14- 180، البداية و النهاية 7- 260، تهذيب التهذيب 3- 318، تقريب التهذيب 1- 259، الاصابة 1- 526، كنز العمال 13- 204، شذرات الذهب 1- 42، تنقيح المقال 437 برقم 4205، أعيان الشيعة 7- 44، معجم رجال الحديث: 7- 215 برقم 4654.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 90

فأذن لهما، فالتحقا بعائشة، و نكثا البيعة.

و ساروا إلي البصرة بحجة الطلب بدم عثمان، فكانت معركة الجمل.

قال له الامام عليّ في ساحة المعركة: أ تطلب منّي دم عثمان و أنت قتلته؟! سلّط اللّه علي أشدنا عليه اليوم ما يكره «1» و ذكّره قول

رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: لتقاتلنّ عليّا و أنت له ظالم.

قيل: فانصرف عن القتال إلي وادي السباع، و نزل ليصلّي فأتاه ابن جرموز و قتله.

و قيل: إنّه أراد الاعتزال، و لكن ابنه عبد اللّه عيّره بالجبن و قال له: و لكنّك رأيت رايات ابن أبي طالب و عرفت أنّ تحتها الموت فجبنت، فاحفظه حتي أرعد و غضب.. و قام في الصف معهم.. و قُتل الزبير فزعموا أنّ ابن جرموز لهو الذي قتله «2».

و جاء في رواية أُخري:.. فاقتتلوا صدر النهار مع طلحة و الزبير و في وسطه مع عائشة و تزاحف الناس «3» و روي أيضاً:.. فو اللّه ما فجأها] أي عائشة إلّا الهزيمة، فمضي الزبير لسَننه في وجهه فسلك وادي السباع «4» ترك الزبير من العروض خمسين ألف ألف درهم، و من العين خمسين ألف ألف درهم.

روي أحاديث يسيرة.

حدّث عنه بنوه عبد اللّه و مصعب و عروة، و مالك بن أوس بن الحَدَثان، و آخرون.

له في مسند بقيّ بن مخلد ثمانية و ثلاثون حديثاً.

نقل عنه في «الخلاف» عشر فتاوي، منها: لا ترث أُمّ الاب مع الاب.

قُتل في- سنة ست و ثلاثين و عمره ست أو سبع و ستون.

______________________________

(1)- تاريخ الطبري: 3، 519، 524، 518- 520 في حوادث سنة 36 ه.

(2) تاريخ الطبري: 3، 519، 524، 518- 520 في حوادث سنة 36 ه.

(3) تاريخ الطبري: 3، 519، 524، 518- 520 في حوادث سنة 36 ه.

(4) تاريخ الطبري: 3، 519، 524، 518- 520 في حوادث سنة 36 ه.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 91

25 زياد بن لبيد «1»

(..- 41 ه) ابن ثعلبة بن سنان الانصاريّ الخزرجيّ البياضيّ، أبو عبد اللّه المدنيّ.

شهد العقبة مع السبعين من الانصار

«2» و خرج إلي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بمكة فأقام معه حتي هاجر- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- فهاجر معه، فكان يقال له مهاجريّ أنصاري.

ثم شهد بدراً و أحداً و الخندق و المشاهد كلّها، و استعمله رسول اللّه علي حضرموت، و ولي قتال أهل الردّة باليمن حين ارتدّ أهل النجير مع الاشعث بن قيس حتي ظفر بهم، و بعث بالاشعث إلي أبي بكر في وثاق.

و كان من فقهاء الصحابة، لبيباً، شاعراً، مجاهراً بالحقّ، صُلباً فيه، و كان ممن يدعون إلي إنزال القصاص بعبيد اللّه بن عمر بن الخطاب لقتله الهرمزان، و ينكر علي عثمان بن عفان عفوه عنه، و له في ذلك شعر منه:

______________________________

(1) تاريخ خليفة 74، طبقات خليفة 170 برقم 618، المحبر لابن حبيب 126، الطبقات الكبري لابن سعد 3- 598، التأريخ الكبير 3- 344 برقم 1163، ثقات ابن حبان 3- 141، الجرح و التعديل 3- 543، المستدرك علي الصحيحين 3- 590، جمهرة أنساب العرب 356، مسند أحمد 4- 160، الإستيعاب 1- 545، أُسد الغابة 2- 217، تهذيب الكمال 9- 506، تاريخ الإسلام (حوادث 60) 41 52، تهذيب التهذيب 3- 382، تقريب التهذيب 1- 270، الاصابة 1- 540 برقم 2864، أعيان الشيعة 7- 80، قاموس الرجال 4- 222.

(2) قال ابن سعد: كان لما أسلم يكسر أصنام بني بياضة هو و فَرْوة بن عمرو.

الطبقات الكبري: 3- 598.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 92

ألا يا عبيدَ اللّه ما لك مهربٌ و لا ملجأٌ من ابن أروي و لا خَفَر

أصبتَ دماً و اللّه في غير حلِّهِ حراماً و قتلُ الهرمزان له خَطَر

علي غير شي ء غيرَ أنْ قال قائلٌ

أ تتّهمون الهرمزان علي عمر

«1» وقد صحب زياد الامام علياً- عليه السّلام، و شهد معه وقعة الجمل، و له فيها شعر، منه (و هو من شعر صدر الإسلام الذي استشهد به ابن أبي الحديد في كون علي- عليه السّلام وصيّ رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم):

كيف تري الانصار في يوم الكلب إنّا أُناس لا نبالي من عطب

و لا نبالي في الوصيّ من غضب و إنّما الانصار جدٌّ لا لعب

توفي زياد في أوّل زمن معاوية، و قيّد ابن قانع وفاته في- سنة إحدي و أربعين.

______________________________

(1)- انظر بقية شعره في عبيد اللّه، و شعرَه في عثمان في تاريخ ابن الاثير: 3- 75.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 93

26 زيد بن أرقم «1»

(..- 66، 68 ه) ابن زيد بن قيس الخزرجي الانصاري.

اختُلف في كنيته، فقيل: أبو عمرو، و قيل: أبو عامر، و قيل: أبو سعد، و قيل: أبو أُنيْسة.

لم يشهد أُحداً لصغره.

روي أنّ رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ردّ يوم أُحد نفراً من الصحابة استصغرهم، فلم يشهدوا القتال، منهم: زيد بن أرقم، فجعلهم حرساً للذرارِي و النساء بالمدينة.

و أوّل مشاهده الخندق، و قيل: المُرَيْسيع، و شهد مؤتة رديف عبد اللّه بن رواحة، و كان يتيم اً في حجر ابن رواحة.

و هو الذي رفع إلي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قول عبد اللّه بن أُبي بن أبي سلول رأسِ المنافقين: لَئِنْ رَجَعْنٰا إِلَي الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ، فأكذبه

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 18، التأريخ الكبير 3- 385، المعرفة و التاريخ 1- 303، الجرح و التعديل 3- 554، رجال الكشي 38، مشاهير علماء الامصار 80 برقم 296، الثقات

لابن حبّان 3- 139، المعجم الكبير للطبراني 5- 164، المستدرك للحاكم 3- 532، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 79 برقم 69، الخلاف للطوسي 1- 675 م 448، رجال الطوسي 20 و 41 و 68 و 73، الإستيعاب 1- 537، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 199، أُسد الغابة 2- 219، الرجال لابن داود 99، رجال العلّامة الحلي 74، تهذيب الكمال 10- 9، سير أعلام النبلاء 3- 165، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 68 ه (63، الوافي بالوفيات 15- 22، الجواهر المضيئة 2- 416، الاصابة 1- 542، تهذيب التهذيب 3- 394، شذرات الذهب 1- 74، الدرجات الرفيعة 447، جامع الرواة 1- 340، تنقيح المقال 1- 461، أعيان الشيعة 7- 87.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 94

عبد اللّه ابن أُبي و حلف، فأنزل اللّه تصديق زيد.

وقد نزل زيد الكوفة، و ابتني بها داراً في كندة، و شهد مع الامام عليّ- عليه السّلام صِفّين، و هو معدود في خاصة أصحابه، و قيل: شهد مع عليّ المشاهد] أي الجمل و صفّين و النهروان [.

و هو أحد رواة حديث الغدير، رُوي عنه بنحو عشرة طرق.

عن أبي الطفيل عامر بن واثلة عن زيد بن أرقم، قال: لما رجع رسول اللّه ص من حجة الوداع، و نزل غدير خمّ «1» أمر بدوحات فقممن، فقال: كأنّي قد دعيتُ فأجبت، إنّي قد تركتُ فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر: كتاب اللّه و عترتي، فانظروا كيف تخلّفوني فيهما، فانّهما لن يفترقا حتي يَرِدا عليَّ الحوض، ثم قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ مولاي، و أنا مولي كل مؤمن، ثم أخذ بيد عليّ رضي اللّه عنه، فقال: من كنتُ مولاه فهذا وليُّه، اللّهمّ والِ من والاه و عاد

من عاداه «2» حدّث عن زيد: أبو الطُّفيل، و عبد الرحمن بن أبي ليلي، و طاوس، و النَّضر ابن أنس، و آخرون.

و عُدّ من المقلّين في الفتيا من الصحابة.

نقل عنه الشيخ الطوسي في كتاب «الخلاف» فتوي واحدة.

توفّي- سنة ست أو ثمان و ستين.

______________________________

(1)- هو موضع بين مكة و المدينة قريب من الجحفة.

(2) رواه الحاكم في مستدركه: 3- 109 و قال: هذا الحديث صحيح علي شرط الشيخين و لم يخرجاه بطوله.

و ذكره الذهبي في تلخيصه و أخرجه الطبراني أيضاً في المعجم الكبير (الحديث 4969).

و روي الطبراني (ت 360 ه) بسنده عن أبي الضحي عن زيد بن أرقم، قال: سمعت رسول اللّه يقول يوم غدير خم: من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللّهمّ والِ من والاه و عاد من عاداه (الحديث 4983).

و لأَبي جعفر محمد بن جرير الطَبَريّ (ت 310 ه) كتاب (الولاية في طرق حديث الغدير) رواه فيه من نيّف و سبعين طريقاً.

الغدير للَاميني: 1- 152.

قال ابن كثير في ترجمة أبي جعفر الطبري: وقد رأيت له كتاباً جمع فيه أحاديث غدير خمّ في مجلدين ضخمين.

البداية و النهاية: 11- 157.

و قال الكنجي الشافعي عند ذكر حديث الغدير: جمع الحافظ الدارقطني (ت 385 ه) طرقه في جزء.

كفاية الطالب ص 15.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 95

27 زيد بن ثابت «1»

اشارة

(11 ق ه- 45 ه) ابن الضحاك الانصاري الخزرجي النجّاري، أبو سعيد، و قيل: أبو خارجة، و قيل: أبو عبد الرحمن.

استصغره رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يوم بدر فردّه، و يقال إنّه شهد أُحداً، و قيل لم يشهدها و إنّما كانت الخندق أوّل مشاهده.

قيل: و كان أبو بكر قد أمره أن يجمع القرآن في الصحف فكتبه فيها، فلما اختلف الناس

في القرآن زمن عثمان، أمر زيداً أنّ يملي المصحف علي قوم من قريش جمعهم إليه فكتبوه علي ما هو عليه اليوم بأيدي الناس.

و جاء في حديث أنس بن مالك: إنّ زيد بن ثابت أحد الذين جمعوا القرآن

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 2- 358، التأريخ الكبير 3- 380، المعرفة و التاريخ 1- 353، مشاهير علماء الامصار 29 برقم 22، الثقات لابن حبّان 3- 135، المعجم الكبير للطبراني 5- 106، المستدرك للحاكم 3- 421، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 43 برقم 6، رجال الطوسي 19، الخلاف للطوسي 1- 123، الإستيعاب 1- 532، طبقات الفقهاء للشيرازي 46، أسد الغابة 2- 222، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 200، رجال ابن داود 99، تهذيب الكمال 10- 24، سير أعلام النبلاء 2- 426، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 51 ه) ص 53، الجواهر المضيئة 2- 415، غاية النهاية 1- 296، تذكرة الحفّاظ 1- 30، تهذيب التهذيب 3- 399، الاصابة 1- 543، شذرات الذهب 1- 54، جامع الرواة 1- 341، تنقيح المقال 1- 461، أعيان الشيعة 7- 93، معجم رجال الحديث 7- 336 برقم 4839.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 96

علي عهد رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم من الانصار.

وقد عارضة قوم بحديث ابن شهاب عن عبيد بن السباق عن زيد بن ثابت أنّ أبا بكر أمره في حين مقتل القرّاء باليمامة بجمع القرآن، قال: فجعلت أجمع القرآن من العسب و الرقاع و صدور الرجال حتي وجدت آخر آية مع رجل يقال له خزيمة أو أبو خزيمة.

قالوا: فلو كان زيد قد جمع القرآن علي عهد رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لَاملاه من صدره و ما احتاج

إلي ما ذكر «1» و قيل: إنّ رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أمره أن يتعلم كتابة يهود، قال: فانّي لا آمنهم.

وقد استخلفه عمر بن الخطاب علي المدينة ثلاث مرات، و كان عثمان يستخلفه علي المدينة إذا حجّ.

و كان علي بيت المال لعثمان.

قال ابن عبد البر: كان عثمان يحب زيد بن ثابت، و كان زيد عثمانياً، و لم يكن فيمن شهد شيئاً من مشاهد عليّ من الانصار، و كان مع ذلك يفضله و يظهر حبه «2».

روي انّه لما كانت سنة (34 ه) كتب أصحاب رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بعضهم إلي بعض: أن أقدموا فإن كنتم تريدون الجهاد فعندنا الجهاد و كثر الناس علي عثمان و نالوا منه أقبح ما نيل من أحد، و أصحاب رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يرون و يسمعون و ليس فيهم أحد ينهي و لا يذب إلّا نُفير: زيد بن ثابت و أبو أسيد الساعدي و كعب بن مالك و حسان بن ثابت «3»

______________________________

(1)- انظر الإستيعاب لابن عبد البر (الترجمة 840).

و لقد أشبع السيد أبو القاسم الخوئي في كتاب «البيان في تفسير القرآن» ص 240 هذا الموضوع بحثاً و تحليلًا و أشار إلي جملة من تناقضات أحاديث جمع القرآن، و نظراً لَاهمية البحث فقد أوردنا بعض ما جاء فيه في آخر الترجمة.

(2) الإستيعاب: ترجمة زيد بن ثابت برقم (840).

(3) تاريخ الطبري: 3- 375 طبع مؤسسة الاعلمي، تاريخ ابن الاثير: 3- 150.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 97

روي يعقوب بن سفيان بسنده عن زيد بن ثابت قال: قال رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: إنّي تارك فيكم

خليفتي كتاب اللّه عزّ و جلّ و عترتي أهل بيتي و انّهما لن يفترقا حتي يردا عليّ الحوض «1» روي زيد بن ثابت عن رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و عن عمر و عثمان.

و هو أحد رواة حديث الغدير من الصحابة «2» روي عنه: ابناه خارجة و سليمان، و أنس بن مالك، و القاسم بن حسان العامري، و سعيد بن المسيب، و عبد اللّه بن عمر، و آخرون.

و كان فقيهاً مفتياً.

عُد من المكثرين من الصحابة فيما روي عنه من الفتيا، و نقل عنه الشيخ الطوسي في «الخلاف» ثلاثين فتوي، منها: إذا التقي الختانان و لم ينزل لم يجب الغسل.

أخرج البيهقي (السنن الكبري: 6- 133) بسنده عن ثابت بن الحجاج عن زيد أنّه قال: نهي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم عن المخابرة.

قلت: و ما المخابرة؟ قال: أن يأخذ الارض بنصف أو ثلث أو ربع.

______________________________

(1)- كتاب المعرفة و التاريخ: 1- 537.

و روي في الصفحة نفسها عن زيد بن أرقم عن نبيّ اللّه ص قال: أنّي تركت فيكم الثقلين كتاب اللّه عزّ و جلّ حبل ممدود من السماء إلي الارض، و عترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فانّهما لن يفترقا حتي يردا عليّ الحوض.

و رواه أيضاً من طريق أبي سعيد الخدري.

(2) قال العلّامة الاميني في «الغدير: 1- 37): رواه عنه ابن عقدة في حديث الولاية، و أبو بكر الجعابي في نخبه، و عدّه الجزري الشافعي في (أسني المطالب ص 4) ممّن روي حديث الغدير.

و قال ابن حجر العسقلاني في (فتح الباري بشرح صحيح البخاري: 7- 61): و أمّا حديث (من كنتُ مولاه، فعليٌّ مولاه) فقد أخرجه الترمذي و النسائي

و هو كثير الطرق جداً، وقد استودعها ابن عقدة في كتاب مفرد، و كثير من أسانيدها صحاح حسان.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 98

و أخرج في الصفحة 22 من الجزء 8 عن مكحول انّ عبادة بن الصامت رضي اللّه عنه دعا نبطياً يمسك له دابته عند بيت المقدس، فأبي، فضربه فشجّه، فاستعدي عليه عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه فقال له: ما دعاك إلي ما صنعت بهذا؟ فقال: يا أمير المؤمنين أمرته أن يمسك دابتي فأبي و أنا رجل فيّ حدّة فضربته، فقال: اجلس للقصاص، فقال زيد بن ثابت: أ تقيد عبدك من أخيك؟ فترك عمر رضي اللّه عنه القود و قضي عليه بالدية.

و كان ابن عباس يرد علي زيد قوله في الفرائض، فمن ذلك قوله: إن شاء، أو قال: من شاء باهلته، إنّ الذي أحصي رمل عالج عدداً أعدل من أن يجعل في مال نصفاً و نصفاً و ثلثاً، هذان النصفان قد ذهبا بالمال، فأين موضع الثلث؟ «1» ".

و قوله: ألا يتقي اللّه زيد بن ثابت يجعل ابن الابن ابناً، و لا يجعل أبا الاب أباً «2».

اختلف في وقت وفاة زيد، فقيل: مات- سنة خمس و أربعين، و قيل: اثنتين، و قيل- سنة ثلاث و أربعين، و قيل: بل مات في- سنة احدي أو اثنتين و خمسين و قيل غير ذلك.

______________________________

(1)- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 20، 27- 25.

و (عالج): موضع به رمل معروف.

وقد روي البيهقي في «السنن الكبري «: 6- 253 أنّ أوّل من أعال الفرائض زيد بن ثابت، و روي عن ابن عباس أنّ أوّل من أعال الفرائض عمر بن الخطاب.

(2) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 20، 27- 25.

و (عالج): موضع

به رمل معروف.

وقد روي البيهقي في «السنن الكبري «: 6- 253 أنّ أوّل من أعال الفرائض زيد بن ثابت، و روي عن ابن عباس أنّ أوّل من أعال الفرائض عمر بن الخطاب.

و الذي يذهب إليه الشيعة الامامية أنّ السهام لا تعول، أي لا تزيد علي الفروض الستة التي ذكرها اللّه تعالي في القرآن الكريم و هي الثلثان و النصف و الثلث و الربع و السدس و الثمن، و به قال ابن عباس و عطاء بن أبي رباح.. و عن أبي جعفر الباقر- عليه السّلام- قال: إنّ السهام لا تعول.

انظر «تهذيب» الاحكام للشيخ الطوسي 9- الحديث 958، كتاب الفرائض و المواريث.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 99

فكرة عن جمع القرآن
اشارة

أ روي الحسن: انّ عمر بن الخطاب سأل عن آية من كتاب اللّه، فقيل: كانت مع فلان فقتل يوم اليمامة، فقال: إنّا للّٰه، و أمر بالقرآن فجُمع، فكان أوّل من جمعه في المصحف.

ب روي ابن شهاب أنّ أنس بن مالك حدّثه انّ حذيفة قدم علي عثمان و كان يغازي أهل الشام.. فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة.. فأرسل عثمان إلي حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها.. فأمر زيد بن ثابت و عبد اللّه بن الزبير، و سعيد بن العاص، و عبد الرحمن بن الحرث بن هشام فنسخوها في المصاحف.

روي مصعب بن سعد، قال: قام عثمان يخطب الناس، فقال: أيُّها الناس عهدكم بنبيّكم منذ ثلاث عشرة سنة و أنتم تمترون في القرآن، تقولون قراءة أُبيّ و قراءة عبد اللّه.. قال عثمان: فليمل سعيد، و ليكتب زيد.

روي أبو المليح قال: قال عثمان بن عفان حين أراد أن يكتب المصاحف: تملي هذيل و تكتب ثقيف.

ج روي عطاء: أنّ عثمان لما نسخ القرآن من المصاحف

أرسل إلي أُبي بن كعب فكان يملي علي زيد بن ثابت، و زيد يكتب، و معه سعيد بن العاص يعربه.

د أخرج ابن اشنه عن الليث بن سعد قال: أوّل من جمع القرآن أبو بكر،

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 100

و كتبه زيد، و كان الناس يأتون زيد بن ثابت فكان لا يكتب إلّا بشهادة عدلين..

انّ أحاديث جمع القرآن متناقضة في أنفسها، فقد روي أنّ الجمع كان في زمن أبي بكر حين مقتل القرّاء باليمامة، و روي أنّه كان في زمن عمر، ثمّ اختلفت الروايات فيمن عيّن عثمان للكتابة، فقيل إنّه عيّن زيداً و ابن الزبير و سعيداً، و عبد الرحمن بن الحرب، و قيل: عيّن زيداً للكتابة و سعيداً للاملاء، و قيل: عيّن ثقيفاً للكتابة و هذيلًا، و جاء في رواية أُخري: أنّ المملي أُبي بن كعب، و أنّ سعيداً كان يعرب ما كتبه زيد.

تعارض روايات الجمع:

انّ هذه الروايات معارضة بما دلّ علي أنّ القرآن كان قد جمع و كتب علي عهد رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

روي قتادة، قال: سألت أنس بن مالك: من جمع القرآن علي عهد النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم؟ قال: أربعة كلّهم من الانصار أُبي ابن كعب، و معاذ بن جبل، و زيد بن ثابت، و أبو زيد.

و ذكر الشعبي هؤلاء الأَربعة فيمن جمع القرآن من الانصار و زاد: أبو الدرداء و سعد بن عبيد.

و لعل قائلًا يقول: إنّ المراد من الجمع في هذه الروايات هو الجمع في الصدور لا التدوين، و هذا القول دعوي لا شاهد عليها، أضف إلي ذلك أنّ حفّاظ القرآن علي عهد رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم كانوا

أكثر من أن تُحصي أسماؤهم فكيف يمكن حصرهم في أربعة أو ستة؟ و صفوة القول: إنّه مع هذه الروايات كيف يمكن تصديق أنّ أبا بكر كان أوّل من جمع القرآن بعد خلافته؟ و إذا سلمنا بذلك فلما ذا أمر زيداً و عمر بجمعة من اللخاف و العسب و صدور الرجال، و لم

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 101

يأخذه من عبد اللّه و معاذ و أُبيّ و قد أُمروا بأخذ القرآن منهم (كما في رواية مسروق «1»).

ثمّ إنّ لفظ الكتاب أُطلق علي القرآن في كثير من آياته الكريمة و في قول النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: «إنّي تارك فيكم الثقلين: كتاب اللّه و عترتي» و في هذا دلالة علي أنّه كان مكتوباً مجموعاً.

لَانّه لا يصح اطلاق الكتاب عليه و هو في الصدور.

بل لا علي ما كُتب في اللخاف و العسب و الأكتاف إلّا علي نحو المجاز و العناية، و المجاز لا يُحمل اللفظ عليه من غير قرينة، فانّ لفظ الكتاب ظاهر فيما كان له وجود واحد جمعي، و لا يُطلق علي المكتوب إذا كان مجزّأً فضلًا عمّا إذ لم يُكتب، و كان محفوظاً في الصدور.

مخالفة أحاديث الجمع للِاجماع:

إنّ هذه الروايات مخالفة لما أجمع عليه المسلمون قاطبة من أنّ القرآن لا طريق لإثباته إلّا التواتر، فهذه الروايات تقول: إنّ اثبات آيات القرآن حين الجمع منحصر بشهادة شاهدين، و لست أدري كيف يجتمع القول بصحّة هذه الروايات التي تدل علي ثبوت القرآن بالبيّنة مع القول بأنّ القرآن لا يثبت إلّا بالتواتر؟!

______________________________

(1)- عن مسروق عن عبد اللّه بن عمرو، قال: قال رسول اللّه ص: «خذوا القرآن من أربعة: من ابن مسعود، و أُبيّ، و معاذ بن جبل، و سالم

مولي حذيفة.

سير أعلام النبلاء: 1- 445 و في هامشه: أخرجه البخاري (4999) في فضائل القرآن: باب القراء من أصحاب النبي.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 102

28 أبو طلحة الانصاري

«1» (..- 34، 32 ه) زيد بن سهل بن الاسود بن حرام الخزرجي النجاري، أبو طلحة الانصاري.

شهد العقبة الثانية، و كان أحد النقباء، ثمّ شهد بدراً و ما بعدها من المشاهد مع رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و كان من الرماة المذكورين من الصحابة.

و هو زوج أُمّ سُليم بنت ملحان أُمّ أنس بن مالك.

له أحاديث.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 3، 507- 504، المحبر 73، التأريخ الكبير 3- 381، المعارف 154، المعرفة و التاريخ 1- 300، الجرح و التعديل 3- 564، الثقات لابن حبّان 3- 137، المعجم الكبير للطبراني 5- 91، المستدرك للحاكم 3- 351، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 66 برقم 46، الخلاف للطوسي 1- 122 م 63 طبع جماعة المدرسين.

رجال الطوسي 21، الإستيعاب 4- 113، المنتظم 5- 46، أُسد الغابة 2- 232 و 5- 234، تهذيب الكمال 10- 75، العبر للذهبي 1- 25، تاريخ الإسلام للذهبي (عهد الخلفاء) 425، سير أعلام النبلاء 2- 27، الوافي بالوفيات 15- 31، الجواهر المضيئة 2- 415، تهذيب التهذيب 3- 414، الاصابة 4- 114، تقريب التهذيب 1- 275، شذرات الذهب 1- 40، جامع الرواة 1- 342، تنقيح المقال 1- 465، أعيان الشيعة 2- 370 و 7- 100، الكني و الأَلقاب للقمي 1- 113، معجم رجال الحديث 7- 341 برقم 4856.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 103

روي عنه ربيبه أنس بن مالك، و ابنه عبد اللّه «1» بن أبي طلحة، و ابن عباس، و غيرهم.

آخي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و

آله و سلّم بينه و بين أبي عبيدة بن الجراح، و قيل بينه و بين الارقم ابن أبي الارقم.

و هو الذي حفر قبر رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و لحده.

قال له عمر بن الخطاب لما اختار الستة للشوري: اختر خمسين رجلًا من الانصار فاستحث هؤلاء الرهط حتي يختاروا رجلًا منهم، و لما اجتمع هؤلاء الستّة كان أبو طلحة يحجبهم «2» عدّ من المقلّين في الفتيا من الصحابة، و نقل عنه الشيخ الطوسي في «الخلاف» فتويين.

رُوي أنّه كان لا يري بابتلاع البَرَد للصائم بأساً.

و يقول: ليس بطعام و لا شراب «3» و كان يقول: بأن أكل ما مسّته النار ينقض الوضوء.

و قيل: كان أبو طلحة بعد النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لا يفطر إلّا في سفر أو مرض.

توفّي في المدينة- سنة أربع و ثلاثين، و قيل: - سنة اثنتين و ثلاثين.

و قيل: ركب البحر غازياً فمات فيه.

و قال المدائني: مات- سنة احدي و خمسين.

______________________________

(1)- و هو أخو أنس بن مالك لأُمّه، و أُمّهما أُمّ سُليم، شهد مع الامام علي- عليه السّلام- صفين، ثم استشهد بفارس و قيل مات بالمدينة في زمن الوليد بن عبد الملك، و هو الذي جاء في الحديث من أن ابناً لَابي طلحة مات فكتمته أُمّ سليم، و تصنّعت له حتي أصابها، ثم أخبرته و قالت: إنّ اللّه كان أعارك عارية فقبضها، فاحتسِب ابنك.

فأخبر النبي ص بذلك، فقال: بارك اللّه لكم في ليلتكم، فولدت غلاماً، فلما حُمل إلي النبي ص حنّكه و سماه عبد اللّه.

انظر أُسد الغابة: 3- 188.

(2) انظر الكامل في التأريخ لابن الاثير: 3- 67 ذكر قصة الشوري.

(3) جاء في هامش سير أعلام النبلاء:

قال البزار عقب إخراجه للحديث في مسنده برقم (1022): لا نعلم هذا الفعل إلّا عن أبي طلحة.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 104

29 زينب بنت أبي سَلَمة «1»

(..- 73 ه) و اسم أبي سَلَمة عبد اللّه بن عبد الاسد بن هلال المخزومية، ربيبة النبي من أُمّ المؤمنين أمّ سلمة.

وُلدت بالحبشة، و كان أبوها هاجر بأمِّها إلي هناك، ثم أُصيب أبوها في وقعة أحد بسهم في عضده، فداواه فبرئ منه، ثم انتقض عليه، فمات منه في جمادي الآخرة سنة أربع للهجرة، فتزوج النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أُمَّها في أواخر شوال من السنة ذاتها.

روت زينب عن رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

و روت أيضاً عن: أُمِّها، و زينب بنت جحش، و عائشة، و أمّ حبيبة.

روي عنها: ابنها أبو عبيدة بن عبد اللّه بن زمعة، و القاسم بن محمد بن أبي بكر، و عروة بن الزبير، و عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة، و عراك بن مالك، و محمد بن عمرو بن عطاء، و آخرون.

______________________________

(1)- الطبقات الكبري لابن سعد 8- 461، المحبر 402، المعرفة و التاريخ 1- 226، ثقات ابن حبان 3- 145، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 112 برقم 134، رجال الطوسي 33 برقم 15، الإستيعاب 4- 312، أُسد الغابة 5- 468، تاريخ الإسلام 405 برقم 173 (حوادث 61 80) سير أعلام النبلاء 3- 200 برقم 42، الوافي بالوفيات 15- 61 برقم 71، البداية و النهاية 8- 353، تهذيب التهذيب 12- 421، تقريب التهذيب 2- 600 برقم 2، الاصابة 4- 310، تنقيح المقال 3- 78، أعيان الشيعة 7- 133، معجم رجال الحديث 23- 190 برقم 15627، قاموس الرجال 10- 441.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1،

ص: 105

و كانت كأمِّها أم سَلَمة من أخلص الناس في ولاء الامام عليٍّ- عليه السّلام.

قال أبو رافع الصائغ: غضبت عليّ امرأتي، فقالت زينب بنت أبي سلمة، و هي يومئذ أفقه امرأة بالمدينة، فذكر قصة.

و قال: كنتُ إذا ذكرت امرأة فقيهة بالمدينة ذكرت زينب بنت أبي سلمة.

رُوي أنّ رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم نضح في وجهها ماءً، فلم يزل ماء الشباب في وجهها حتي كبرت.

و لزينب ابنان قتلا في يوم الحرَّة.

توفّيت- سنة ثلاث و سبعين.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 106

30 السائب بن يزيد «1»

(2، 3 ه- 91، 94 ه) ابن سعيد الكندي المدني، أبو يزيد.

و هو المعروف بابن أُخت نَمِر، اختُلف في نسبه فقيل: كناني ليثي و قيل: كندي و قيل: أزدي، و قيل: إنّه هذلي و هو حليف أُمية بن عبد شمس.

ولد في السنة الثانية، و قيل: الثالثة من الهجرة.

روي عن النبيّ- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و عن سعد بن أبي وقاص، و رافع بن خديج، و عمر بن الخطاب، و طلحة، و غيرهم.

روي عنه: يحيي بن سعيد الانصاري، و إبراهيم بن عبد اللّه بن قارظ، و ابنه عبد اللّه بن السائب، و آخرون.

______________________________

(1) التأريخ الكبير 4- 150 برقم 2286، المعرفة و التاريخ 1- 358، تاريخ اليعقوبي 1- 228) فقهاء أيام معاوية بن أبي سفيان)، الجرح و التعديل 4- 241 برقم 1031، الثقات لابن حبّان 3- 171، مشاهير علماء الامصار 52 برقم 141، المعجم الكبير للطبراني 7- 145 برقم 668 و فيه مات سنة 91 و يقال 82، جمهرة أنساب العرب 167 و 428، الإستيعاب 2- 104) ذيل الاصابة)، طبقات الفقهاء للشيرازي 65، أُسد الغابة 2- 257، تهذيب الاسماء و اللغات

1- 208 برقم 197، مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر ابن منظور 9- 201 برقم 93، تهذيب الكمال 10- 193، تاريخ الإسلام للذهبي 251 (حوادث و وفيات 81 100)، سير أعلام النبلاء 3- 437 برقم 80، الوافي بالوفيات 15- 104 برقم 150، مرآة الجنان 1- 180، الاصابة 2- 12 برقم 3077، تهذيب التهذيب 3- 450 برقم 839، تقريب التهذيب 1- 99، شذرات الذهب 1- 99.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 107

عدّه اليعقوبي من فقهاء أيام معاوية بن أبي سفيان.

رُوي عن ابن شهاب عن السائب أنّه كان يعمل مع عبد اللّه بن عتبة بن مسعود علي عشور السوق في عهد عمر بن الخطاب؛ فكنّا نأخذ من النبط نصف العشر مما اتجروا به من الحنطة، فقال ابن شهاب: فحدثتُ به سالم بن عبد اللّه بن عمر بن الخطاب فقال: لقد كان عمر يأخذ من القُطْنيّة «1» العشور، و لكن إنّما وضع نصف العُشر يسترضي النبط للحمل إلي المدينة.

و عن السائب بن يزيد قال: فرضت الصلاة ركعتين ركعتين ثم زيدَ في صلاة الحضر و أقرّت صلاة السفر «2» توفّي- سنة إحدي و تسعين، و قيل- أربع و تسعين، و قيل- سبع و تسعين و قيل غير ذلك.

______________________________

(1)- القُطنية بالضم و الكسر: النبات، و حبوب الارض، أو ما سوي الحنطة و الشعير و الزبيب و التمر، أو هي الحبوب التي تُطبخ، أو هي خضر الصيف.

(2) ذكره الهيثمي (ت 807) في «مجمع الزوائد «: 2- 155.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 108

31 سعد بن عبادة

«1» (..- 15، 14 ه) ابن دُلَيْم الانصاري الخزرجي الساعدي، أبو ثابت، و قيل: أبو قيس.

قال ابن الاثير: و الأَوّل أصحّ.

شهد العقبة، و كان أحد النقباء، و اختلف في شهوده بدراً،

و شهد سائر المشاهد مع رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

قال ابن عبد البر: كان سيّداً في الانصار مقدّماً وجيهاً، له رئاسة و سيادة يعترف قومه له بها.

و كان يكتب في الجاهلية بالعربية و يحسن العوم و الرمي، فكان يقال له الكامل.

و كان جواداً مطعاماً، يطعم الوفود الوافدين علي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، و كان لسعد و أبيه و جده و ولده قيس أُطُم يُنادي عليه كل يوم: من أحب

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 3- 613، التأريخ الكبير 4- 44، الجرح و التعديل 4- 88، اختيار معرفة الرجال 110، مشاهير علماء الامصار 28 برقم 20، الثقات لابن حبّان 3- 148، المستدرك للحاكم 3- 254، الخلاف للطوسي 3- 335، الإستيعاب 2- 32، أُسد الغابة 2- 283، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 212، تهذيب الكمال 10- 277، سير أعلام النبلاء 1- 270، العبر للذهبي 1- 15، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 14 ه) 132، الوافي بالوفيات 15- 150، تهذيب التهذيب 3- 475، الاصابة 2- 27، كنز العمال 13- 404، شذرات الذهب 1- 28، الدرجات الرفيعة 325، تنقيح المقال 2- 16.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 109

الشحم و اللحم فليأت، و رُوي أنّ رسول اللّه قال في قيس بن سعد: «إنّه من بيت جود».

و لما أراد رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أن يُعطي يوم الخندق عُيينة بن حصن ثلث تمر المدينة، لينصرف بمن معه من غطفان، و يخذّل الاحزاب أبي عيينة إلّا أن يأخذ النصف، فأرسل رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم إلي سعد بن معاذ و سعد بن عبادة فشاورهما في ذلك.

فقالا: يا رسول

اللّه إن كنت أمرت بشي ء فافعله و امضِ له، و إن كان غير ذلك فو اللّه لا نعطيهم إلّا السيف.

فقال رسول اللّه ص: لم أؤمر بشي ء، و لو أمرتُ بشي ء ما شاورتكما، و انّما هو رأي أعرضه عليكما.

فقالا: و اللّه يا رسول اللّه ما طمعوا بذلك منّا قطّ في الجاهلية، فكيف اليوم؟ وقد هدانا اللّه بك و أكرمنا و أعزّنا و اللّه لا نعطيهم إلّا السيف، فسُرّ بذلك رسول اللّه ص و قال لعيينة و من معه: ارجعوا فليس بيننا و بينكم إلّا السيف، و رفع بها صوته.

عن ابن عباس، قال: كان لواء رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم مع عليّ، و لواء الانصار مع سعد بن عبادة.

حدّث سعد عن رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

و هو أحد رواة حديث الغدير: (من كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه) من الصحابة «1» حدّث عنه بنوه: قيس «2» و سعيد و إسحاق، و حفيده شرحبيل بن سعيد، و ابن عباس، و أبو أمامة بن سهل، و غيرهم.

______________________________

(1)- الغدير 1- 42: للعلّامة الاميني. و فيه: روي الحديث عنه أبو بكر الجعابي في نخب المناقب.

(2) قيس بن سعد: صحابي جليل، من دهاة العرب، ذوي الرأي و النجدة، و شهرته بالدهاء مع تقيّده المعروف بالدين تُثبت له الاولوية و التقدّم بين دهاة العرب.

و كان يقول: لو لا أنّي سمعت رسول اللّه ص يقول: «المكر و الخديعة في النار» لكنت من أمكر هذه الأُمّة.

لاحظ ترجمته في ص 229.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 110

و من المسائل الفقهية التي نقلت عنه: أنّ رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قضي بالشاهد الواحد و يمين المدعي في الاموال.

و

روي عن سعد: أنّ أُمّه ماتت و عليها نذر، فسألتُ النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فأمرني أن أقضيهُ عنها.

ذكر المؤرخون «1» أنّ رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لما قُبض اجتمعت الانصار في سقيفة بني ساعدة يريدون أن يولّوا الامر سعد بن عبادة، و كان مريضاً فخطبهم و دعاهم إلي أن يشدّوا أيديهم بهذا الامر، فأجابوا، ثمّ ترادوا الكلام فقالوا: فإن أبي المهاجرون و قالوا: نحن أولياؤه و عشيرته، فقال قوم من الانصار: فنقول: منّا أمير و منكم أمير، فقال سعد: هذا أوّل الوَهَن.

و لما تمّ الامر لَابي بكر و حُمل سعد إلي منزله، و أبي أن يبايع، بعث إليه أبو بكر أن أقبل فبايع فأبي، و أراد عمر أن يكرهه عليها، فأشار إليه بشير بن سعد ألّا يفعل و أنّه لا يبايع حتي يُقتل و لا يُقتل حتي يُقتل معه ولده و عشيرته، فتركوه، فكان لا يصلّي بصلاتهم و لا يجمّع بجماعتهم، و لم يبايع أبا بكر و لا عمر، ثمّ خرج إلي الشام فمات بحَوْران- سنة خمس عشرة، و قيل: - ست عشرة، و قيل: - أربع عشرة.

و يقال: قتلته الجنّ لَانّه بال قائماً في الصحراء ليلًا وَ رَوَوْا بيتين من شعر قيل إنّهما سُمعا ليلة قتله و لم يُرَ قائلهما:

نحن قتلنا سيّد الخزرج سعدَ بنَ عباده

و رميناه بسهمينِ فلم نخطئ فؤاده

______________________________

(1)- انظر تاريخ الطبري: 2- 455 حوادث سنة 11، الكامل لابن الاثير: 2- 325 حديث السقيفة و خلافة أبي بكر، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 6- 3.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 111

قال ابن أبي الحديد: و يقول قوم: إنّ أمير الشام «1»

يومئذ كَمَن لَهُ مَن رماه ليلًا و هو خارج إلي الصحراء بسهمين فقتله لخروجه عن طاعة الامام، وقد قال بعض المتأخّرين في ذلك:

يقولون سعد شكّت الجنُّ قلبه ألا ربما صححتَ دينكَ بالغدرِ

و ما ذنب سعد أنّه بال قائماً و لكنّ سعداً لم يبايع أبا بكرِ

و قد صبرتْ من لذة العيش أنفس و ما صبرت عن لذة النهي و الامر

«2»

______________________________

(1)- و أمير الشام يومئذ: يزيد بن أبي سفيان، و هو أخو معاوية.

توفّي يزيد بالطاعون سنة (18 ه).

(2) شرح نهج البلاغة: 10- 111 ذكر سعد بن عبادة و نسبه.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 112

32 سعد بن أبي وقاص

«1» (..- 55 ه) و اسم أبي وقاص: مالك بن أهيب بن عبد مناف القرشي الزُّهري، أبو إسحاق.

أسلم قديماً، و هاجر إلي المدينة، و شهد بدراً و المشاهد بعدها مع رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

ولّاه عمر بن الخطاب قتال فارس، ففتح مدائن كسري، و القادسية.

نزل الكوفة و جعلها خططاً لقبائل العرب، و وليها لعمر، فشكاه أهلها فعزله، و أعاده عثمان فوليها يسيراً ثمّ عزله بالوليد بن عقبة، فعاد إلي المدينة، فأقام بها، ثمّ فقد بصره.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 3 149- 137، التأريخ الكبير 4- 43، المعارف 140، اختيار معرفة الرجال 39، المستدرك 3، 156، 308- 116، حلية الاولياء 1- 92، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 44 برقم 9، رجال الطوسي 20، الخلاف للطوسي 112 و 216 و 448 و 453 و.. تاريخ بغداد 1- 144، الإستيعاب 2- 18) ذيل الاصابة)، طبقات الفقهاء للشيرازي 52، 57، أُسد الغابة 2- 290، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 213، رجال ابن داود 101، تهذيب الكمال 34-

391، العبر 1- 43، سير أعلام النبلاء 1- 92، الوافي بالوفيات 15- 144، الجواهر المضيئة 2- 415، النجوم الزاهرة 1- 147، تهذيب التهذيب 3- 483، تقريب التهذيب 1- 289 و 290، الاصابة 2- 30، كنز العمال 13- 312، شذرات الذهب 1- 61، تنقيح المقال 2- 12، أعيان الشيعة 7- 220 و 226، الغدير 6- 201.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 113

و كان سعد أحد الستة الذين رشّحهم عمر للخلافة بعده.

و لما بويع أمير المؤمنين- عليه السّلام بالخلافة، تخلّف عن بيعته و لم يشهد الجمل و صفّين، مع أنّه كان يعرف فضل الامام- عليه السّلام- و يروي هو بنفسه أحاديث الرسول- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في حقّه- عليه السّلام-.

ففي صحيح مسلم 7- 119 (باب فضائل علي بن أبي طالب) قال سعد ابن أبي وقاص: سمعت رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول لعليّ: أ ما ترضي أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسي إلّا أنّه لا نبيّ بعدي.

و سمعته يقول يوم خيبر: لأُعطينَّ الراية رجلًا يحبُّ اللّه و رسولَه، و يحبُّه اللّهُ و رسولُه، قال: فتطاولنا لها، فقال: ادعوا علياً.. و لما نزلت الآية: " فَقُلْ تَعٰالَوْا نَدْعُ أَبْنٰاءَنٰا وَ أَبْنٰاءَكُمْ" «1» دعا رسول اللّه عليّا و فاطمة و حسناً و حسيناً فقال: اللّهمّ هؤلاء أهلي.

قال ابن عبد البَرّ: سئل عليّ رضي اللّه عنه عن الذين قعدوا عن بيعته و القيام معه فقال: أولئك قوم خذلوا الحق و لم ينصروا الباطل.

و لما قعد سعد عن بيعة الامام- عليه السّلام- و نصرته، طمع معاوية فيه و في عبد اللّه ابن عمر و محمد بن مسلمة.

قال ابن عبد البَرّ: فكتب إليهم يدعوهم إلي

عونه و الطلب بدم عثمان، فأجابه كل واحد منهم ينكر عليه مقالته و يُعرِّفه أنّه ليس بأهل لما يطلبه.

ثمّ ذكر في جواب سعد أبيات منها:

معاوي داوَك الداء العَياءُ و ليس لما تجي ء به دواء

أ يدعوني أبو حسن عليٌّ فلم أرددْ عليه بما يشاء

و قلتُ له اعطني سيفاً بصيراً تميز به العداوة و الولاء

أ تطمع في الذي أعيا عليّا علي ما قد طمعتَ به العفاء

ليوم منه خير منك حياً و ميتاً، أنت للمرء الفداء

______________________________

(1)- آل عمران: 61.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 114

قيل: أمّا قعود سعد عن القتال مع عليّ- عليه السّلام بزعم أنّها فتنة، فليس معذوراً فيه فإنّه مخالفة لقوله تعالي: " فَقٰاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي.." «1» و لقول النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: «عليّ مع الحقّ و الحق مع علي يدور معه حيثما دار ««2» و لذلك قاتل مع عليّ- عليه السّلام ابن أخي سعد هاشم بن عتبة بن أبي وقاص و ابنه عبد اللّه بن هاشم، و بالغا في إخلاص الولاء فقتل هاشم معه يوم صفّين.

روي سعد جملة من الاحاديث عن رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، و روي عنه: ابن عباس، و عائشة، و ابن عمر، و السائب بن يزيد، و غيرهم.

عُدّ من المتوسطين في الفتيا من الصحابة.

عن عبد الرحمن بن المسور، قال: خرجت مع أبي و سعد و عبد الرحمن بن الاسود بن عبد يغوث عام أذرح فوقع الوجع بالشام فأقمنا ب «سرغ» خمسين ليلة، و دخل علينا رمضان فصام المسور و عبد الرحمن و أفطر سعد و أبي أن يصوم، فقلت: يا أبا إسحاق أنت صاحب رسول اللّه- صلّي اللّه

عليه و آله و سلّم و شهدت بدراً و أنت تفطر و هما صائمان؟ قال: أنا أفقه منهما.

نقل عنه الشيخ الطوسي في كتاب «الخلاف» ثلاثاً و عشرين فتوي، منها: المزارعة بالثلث و الربع و النصف أو أقل أو أكثر بعد أن يكون بينهما مشاعاً جائزة.

مات سعد في قصره بالعقيق (علي عشرة أميال من المدينة) و حُمل إليها و ذلك في- سنة خمس و خمسين و قيل: - ثمان و خمسين، و قيل غير ذلك.

قيل: و الأَوّل هو الصحيح.

______________________________

(1)- الحجرات: 9.

(2) أخرج الحاكم في مستدركه: 3- 124 عن أُمّ سلمة عن النبي ص: «عليّ مع القرآن و القرآن مع عليّ لن يتفرقا حتي يردا عليَّ الحوض».

قال الحاكم: هذا حديث صحيح.. و لم يخرجاه.

و أورده الذهبي في تلخيصه مصرّحاً بصحته.

و رواه ابن عساكر في تاريخه.

مختصر تاريخ دمشق لابن منظور: 18- 45 ترجمة علي بن أبي طالب.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 115

33 أبو سعيد الخُدْري «1»

(10 ق ه- 74 ه) سعد بن مالك بن سنان الانصاري الخزرجي، أبو سعيد الخدري.

شهد الخندق و ما بعدها من المشاهد مع رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، و عُدّ من الاصفياء من أصحاب أمير المؤمنين عليّ- عليه السّلام.

ورد المدائن في حياة حذيفة بن اليمان، و بعد ذلك مع عليّ بن أبي طالب لما حارب الخوارج بالنهروان.

قال ابن الاثير في حوادث سنة (39 ه): فيها أَرسلَ معاوية يزيدَ بن شجرة الرهاوي في ثلاثة آلاف فارس إلي مكة و عامل عليّ عليها قثم بن العباس، فخطب

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 2- 374، المحبّر 291، 429، التأريخ الكبير 4- 44 برقم 1910، المعارف 153، الجرح و التعديل 4- 93، اختيار معرفة الرجال 38 و 40،

مشاهير علماء الامصار 30 برقم 26، الثقات لابن حبّان 3- 150، حلية الاولياء 1- 369، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 67 برقم 47، رجال الطوسي 20 و 43، الخلاف للطوسي 1- 124 و 319 و 449 و 466 طبع جماعة المدرسين، تاريخ بغداد 1- 180، الإستيعاب 4- 89، طبقات الفقهاء للشيرازي 51، المنتظم 6- 144، أُسد الغابة 2- 289 و 5- 211، تهذيب الاسماء و اللغات 2- 237، رجال العلّامة الحلي 189، تهذيب الكمال 10- 294، سير أعلام النبلاء 3- 168، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 60 ه (551، العبر 1- 61، تذكرة الحفّاظ 1- 44، الوافي بالوفيات 15- 148، مرآة الجنان 1- 155، البداية و النهاية 9- 4، الجواهر المضيئة 2- 415، النجوم الزاهرة 1- 192، الاصابة 2- 32، تهذيب التهذيب 3- 479، شذرات الذهب 1- 81، الدرجات الرفيعة 396، جامع الرواة 1- 352 و 356، تنقيح المقال 2- 10 و 20، أعيان الشيعة 2- 354 و 7- 227، الكني و الأَلقاب للقمي 82، معجم رجال الحديث 8- 47 برقم 4999.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 116

قثم أهل مكة و دعاهم لحرب الشاميين فلم يجيبوه، فعزم علي مفارقة مكة و مكاتبة أمير المؤمنين، فنهاه أبو سعيد الخدري عن مفارقة مكة، و قال له: أقِم، فإن رأيت منهم القتال و بك قوة، و إلّا فالمسير عنها أمامك، فأقام و قدم ابن شجرة و استدعي أبا سعيد الخُدري، و قال له: إنّي أُريد «1» الإلحاد في الحرم و لو شئت لفعلت لما في أميركم من الضعف فقل له يعتزل الصلاة بالناس و أعتزلها أنا، و يختار الناس من يصلّي بهم، فقال أبو سعيد لقثم ذلك فاعتزل و

صلّي بالناس شيبة بن عثمان «2» قيل: و هذا يدل علي عقل ثابت و رأي ثاقب و مكانة في الناس لَابي سعيد.

و كان الامام الحسين- عليه السّلام يقول في معركة الطفّ بكربلاء لما احتجّ عليهم بقول رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: «الحسن و الحسين سيّدا شباب أهل الجنّة»: فإن صدقتموني بما أقول و هو الحق، و إن كذبتموني فإنّ فيكم من إذا سألتموه عن ذلك أخبركم، و عدّ جماعة من الصحابة، فيهم أبو سعيد الخُدري.

روي أبو سعيد عن النبيّ حديثاً كثيراً، و روي عنه: جابر بن عبد اللّه الانصاري، و زيد بن ثابت، و عبد اللّه بن عباس، و سعيد بن المسيّب، و أبو أُمامة بن سهل بن حنيف، و آخرون.

و كان أحد الفقهاء المفتين بالمدينة.

عُدّ من المتوسطين في الفتيا من الصحابة، و نقل عنه الشيخ الطوسي في كتاب «الخلاف»، ثماني فتاوي، منها: إذا التقي الختانان و لم ينزل لا يجب الغسل.

توفّي بالمدينة- سنة أربع و سبعين، و قيل غير ذلك.

______________________________

(1)- كذا في المصدر. و الصحيح: «لا أُريد» بقرينة قوله «و لو شئت».

(2) و أضاف ابن الاثير: فلما قضي الناس حجهم رجع يزيد إلي الشام، و أقبل خيل عليّ فأخبروا بعود أهل الشام، فتبعوهم، و عليهم معقل بن قيس] الرياحي [فأدركوهم وقد رحلوا عن وادي القري، فظفروا بنفر منهم فأخذوهم أساري و أخذوا ما معهم و رجعوا بهم إلي أمير المؤمنين، ففادي بهم أساري كانت له عند معاوية.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 117

34 سلمان الفارسي «1»

(..- 35، 34 ه) كان يُسمّي نفسه سلمان الإسلام، و يُعرف بسلمان الخير، و يكنّي: أبا عبد اللّه، أصله من رامهرمز، و قيل من أصفهان، و قالوا: رحل

يطلب دين اللّه تعالي إلي الشام، فالموصل، فنصيبين، فعمورية، ثمّ سمع بأنّ نبياً سيبعث، فقصد بلاد العرب، فلقيه ركب من بني كلب، فاستخدموه ثمّ استعبدوه و باعوه حتي وقع إلي المدينة، فسمع بخبر الإسلام، فقصد النبيّ- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و أظهر إسلامه.

و حديث

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 7- 319، تاريخ خليفة 143، الطبقات لخليفة 33 برقم 22، المحبر 75، التأريخ الكبير 4- 135، المعارف 154، الكني و الأَسماء للدولابي 78 و 861، الجرح و التعديل 4- 296، اختيار معرفة الرجال 484 و 6، الثقات لابن حبان 3- 157، مشاهير علماء الامصار 76 برقم 274، المستدرك للحاكم 3- 598، المعجم الكبير للطبراني 6- 212، حلية الاولياء 1- 185، ذكر أخبار أصبهان 1- 48، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 84 برقم 79، الخلاف للطوسي 3- 244، فهرست الطوسي 80، رجال الطوسي 20 و 43، تاريخ بغداد 1- 163، الإستيعاب 2- 53، معالم العلماء 57، أُسد الغابة 2- 328، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 226، الرجال لابن داود 105، رجال العلّامة الحلّي 84، تهذيب الكمال 11- 245، سير أعلام النبلاء 1- 505، دول الإسلام 1- 17، تاريخ الإسلام للذهبي (عهد الخلفاء (510، الوافي بالوفيات 15- 309، مرآة الجنان 1- 100، الجواهر المضيئة 2- 415، الاصابة 2- 60، تهذيب التهذيب 4- 137، تقريب التهذيب 1- 315، كنز العمال 13- 421، شذرات الذهب 1- 44، الدرجات الرفيعة 198، أعيان الشيعة 7- 279، تنقيح المقال 2- 45، الذريعة إلي تصانيف الشيعة 1- 332، الغدير 1- 44 و 11- 126، معجم رجال الحديث 8- 186 برقم 5338.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 118

إسلامه ذكره كثير من المحدّثين.

آخي رسول

اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بينه و بين أبي الدرداء و قيل بينه و بين أبي ذر، و أوّل مشاهده الخندق، و هو الذي أشار بحفره، ثمّ شهد بقية المشاهد.

رُوي أنّ رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لما أمر المسلمين بحفر الخندق احتج المهاجرون و الانصار في سلمان، فقال المهاجرون: سلمان منّا، و قالت الانصار: سلمان منّا، فقال رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: «سلمان منّا أهل البيت».

و إلي ذلك أشار أبو فراس الحمداني (ت 357 ه):

هيهات لا قَرَّبت قربي و لا رحمٌ يوماً إذا أقصت الاخلاق و الشِّيَمُ

كانت مودّة سلمان لهم رَحِماً و لم يكن بين نوحٍ و ابنه رَحِمُ

روي عن أنس، قال: قال رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: «اشتاقت الجنة إلي ثلاثة: عليّ و عمار و سلمان ««1» و عن أبي عبد اللّه الصادق- عليه السّلام-، قال: «قال رسول اللّه ص: إنّ اللّه تعالي أمرني بحب أربعة، ثمّ قال: علي بن أبي طالب، و المقداد بن الاسود، و أبو ذر الغفاري، و سلمان الفارسي ««2» حدّث سلمان عن النبيّ- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و عليّ- عليه السّلام.

حدّث عنه: أبو سعيد الخدري، و أنس، و ابن عباس، و أبو عثمان النَّهدي و غيرهم.

و كان فقيهاً، عالماً بالشرائع، لبيباً، زاهداً، متقشّفاً.

______________________________

(1)- و في حلية الاولياء: اشتاقت الجنة إلي أربعة: علي و المقداد و عمار و سلمان.

(2) و أخرجه الترمذي و حسّنه عن ابن بريدة عن أبيه.

المناقب (3720).

و أخرجه أبو نعيم في الحلية في ترجمة سلمان.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 119

روي عن النبيّ- صلّي اللّه عليه و

آله و سلّم أنّه قال لَابي الدرداء: «سلمان أفقه منك».

و روي عن أبي البختري عن عليّ أنّه سُئل عن سلمان فقال: علم العلم الاوّل و العلم الآخر، ذاك بحر لا يُنزف، و هو منّا أهل البيت.

و في رواية زاذان عن عليّ- عليه السّلام: سلمان الفارسي كلقمان الحكيم.

و عن أُمّ المؤمنين عائشة، قالت: كان لسلمان مجلس من رسول اللّه بالليل حتي كاد يغلبنا علي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

ولّاه عمر بن الخطاب المدائن، فأقام بها إلي أن توفّي.

و كان إذا خرج عطاؤه تصدّق به.

ينسج الخوص و يأكل خبز الشعير من كسب يده.

أخرج أبو نعيم بسنده عن أبي البختري، قال: جاء الاشعث بن قيس و جرير بن عبد اللّه، فدخلا علي سلمان في خصٍّ، فسلّما و حيّياه، ثم قالا: أنت صاحب رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم؟ قال: لا أدري، فارتابا، قال: إنّما صاحبه من دخل معه الجنة..

و كان سلمان من شيعة عليّ- عليه السّلام و خاصته، شديدَ التحقّق بولائه، و هو أحد رواة حديث الغدير «1» و قد كتب إليه أمير المؤمنين قبل أيام خلافته كتاباً جاء فيه: أمّا بعد، فانّما مَثَلُ الدنيا مَثَلُ الحيّة، ليّنٌ مَسُّها، قاتلٌ سُمُّها، فاعرض عمّا يعجبك فيها، لقلّة ما يصحبك منها، و ضع عنك همومها لما أيقنت به من فراقها، و تصرّف حالاتها، و كن آنَسَ ما تكون بها، أحذَر ما تكون منها، فانّ صاحبها كلما اطمأنّ فيها إلي سرور، أشخصته عنه إلي محذور، أو إلي إيناسٍ أزالته عنه إلي إيحاش «2».

______________________________

(1)- قال العلّامة الاميني: أخرج الحديث بطريقة الحافظ ابن عقدة في حديث الولاية، و الجعابي في نخبه، و الحمويني الشافعي في الباب

الثامن و الخمسين من فرائد السمطين، و عدّه شمس الدين الجزري الشافعي في أسني المطالب: ص 4 من رواة حديث الغدير.

الغدير: 1- 44.

(2) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 18- 34.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 120

عُدّ سلمان من المتوسطين في الفتيا من الصحابة، و له في مسألة الصيد فتوي واحدة ذكرها الشيخ الطوسي في كتاب «الخلاف» و جاءت أيضاً في السنن الكبري و كتاب المغني و الشرح الكبير.

و قيل: هو أوّل من صنّف في الآثار، صنّف كتاب حديث الجاثليق الرومي الذي بعثه ملك الروم إلي النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

روي أنّ أبا الدرداء و كان يسكن الشام كتب إلي سلمان: أمّا بعد فانّ اللّه رزقني بعدك مالًا و نزلت الارض المقدسة.

فكتب إليه سلمان: أمّا بعد فانّك كتبت إليّ أنّ اللّه رزقك مالًا و ولداً فاعلم أنّ الخير ليس بكثرة المال و الولد و لكن الخير أن يكثر حلمك و أن ينفعك علمك و كتبت إليّ أنّك نزلت الارض المقدسة و أنّ الارض لا تعمل لَاحد، اعمل كأنّك تُري، و اعدد نفسك من الموتي.

رُوي أنّ سلمان خطب فقال: الحمد للّٰه الذي هداني لدينه بعد جحودي.

ألا أنّ لكم منايا تتبعها بلايا فانّ عند عليّ- عليه السّلام علم المنايا و علم الوصايا و فصل الخطاب، علي منهاج هارون بن عمران، قال له رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: أنت وصيي و خليفتي في أهلي بمنزلة هارون من موسي.. ثمّ قال: أمّا و اللّه لو وليتموها عليّا لَاكلتم من فوقكم و من تحت أرجلكم.. أنزلوا آل محمد منكم منزلة الرأس من الجسد بل منزلة العينين من الرأس.

توفّي بالمدائن- سنة خمس و ثلاثين و

قيل: - أربع و ثلاثين، و قيل: - ثلاث و ثلاثين، و قبره معروف يُزار إلي اليوم، و أنّ البلدة المسماة اليوم سلمان پاك في جوار المدائن بالعراق منسوبة إلي صاحب الترجمة و إنّ كلمة (پاك) بالپاء المثلثة فارسية معناها (الطاهر) «1»

______________________________

(1)- جاء في معجم البلدان- مادة مدائن: فأمّا في وقتنا هذا فالمسمّي بهذا الاسم بليدة شبيهة بالقرية بينها و بين بغداد ستة فراسخ و أهلها فلاحون يزرعون و يحصدون، و الغالب علي أهلها التشيع علي مذهب الامامية، و بالمدينة الشرقية قرب الايوان قبر سلمان الفارسي رضي اللّه عنه.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 121

35 سَلَمة بن الاكوع «1»

(..- 74 ه) سلمة بن عمرو بن الاكوع الاسلمي، أبو إياس، و قيل: أبو مسلم.

و اسم الاكوع: سنان بن عبد اللّه، و يقول جماعة أهل الحديث سلمة بن الاكوع، ينسبونه إلي جده.

شهد الحديبية- (سنة 6 ه) و بايع رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم تحت الشجرة، و غزا معه سبع غزوات علي ما رُوي عنه، و كان شجاعاً رامياً عدّاءً.

روي عن النبيّ- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم عدة أحاديث.

روي عنه: ابنه إياس، و الحسن بن محمد بن الحنفية، و مولاه يزيد بن أبي عبيد

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 4- 305، التأريخ الكبير 4- 69، مشاهير علماء الامصار 42 برقم 80، الثقات لابن حبّان 1- 168، المعجم الكبير للطبراني 7- 6، المستدرك للحاكم 3- 562، جمهرة أنساب العرب 240، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 103 برقم 115، الخلاف للطوسي 1- 377، رجال الطوسي 20 و 43، الإستيعاب 2- 86، المنتظم 6- 145، أُسد الغابة 2- 333، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 229، تهذيب الكمال 11-

301، سير أعلام النبلاء 3- 326، العبر 1- 62، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 74 ه) ص 317، دول الإسلام 1- 54، الوافي بالوفيات 15- 321، مرآة الجنان 1- 155، البداية و النهاية 9- 7، الجواهر المضيئة 2- 416، الاصابة 2- 65، تهذيب التهذيب 4- 150، شذرات الذهب 1- 81، أعيان الشيعة 7- 290.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 122

و آخرون.

و هو أحد رواة حديث الغدير (من كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه) من الصحابة «1» رُوي أنّ النبيّ- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بعثه يوم خيبر إلي الامام عليّ- عليه السّلام و كان رمِداً، فجاء به يقوده، فمسح النبيّ- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم عينيه فبرأ، ثمّ رفع إليه اللواء ففتح اللّه علي يديه «2» عُدّ من المقلّين في الفتيا من الصحابة، و نقل عنه الشيخ الطوسي في «الخلاف» فتوي واحدة، و عدّه في «رجاله» من أصحاب عليّ- عليه السّلام.

و قد ذكروا أنّه خرج إلي الربذة بعد قتل عثمان، و إذا صحّ أنّه استوطنها بعد قتل عثمان، فانّه يدل كما قيل علي أنّه لم يصحب علياً- عليه السّلام بعد قتل عثمان، و لم يقاتل معه و هو ينافي كونه من أصحابه.

روي الطبراني بإسناده عن سعيد المقبري أنّ ابن عباس و عروة بن الزبير اختلفا في المتعة، فقال عروة: هي زني، و قال ابن عباس: و ما يدريك يا عُريّة؟ فمر بهما سلمة بن الاكوع، فسأله ابن عباس، فقال: غرب بنا رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم

______________________________

(1)- الغدير: للعلّامة الاميني: 1- 44.

قال: يروي عنه ابن عقدة بإسناده في حديث الولاية.

(2) انظر السنن الكبري للبيهقي: 9- 131.

قال البيهقي: أخرجه مسلم في صحيحه من

وجه آخر عن عكرمة بن عمار.

و أخرج البخاري حديث الراية عن سلمة بن الاكوع و سهل بن سعد، و إليك نص حديثه: عن سهل أنّ رسول اللّه ص قال يوم خيبر: «لَاعطينَ هذه الراية غداً رجلًا يفتح اللّه علي يديه يحب اللّه و رسوله، و يحبه اللّه و رسوله» قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم أيّهم يعطاها فلما أصبح الناس غدَوا علي رسول اللّه ص كلهم يرجو أن يعطاها فقال: أين علي بن أبي طالب؟ فقيل: هو يشتكي عينيه، قال: فأرسلوا إليه فأتي فبصق رسول اللّه ص في عينيه و دعا له فبرأ حتي لم يكن به وجع فأعطاه الراية، فقال عليّ: يا رسول اللّه أقاتلهم حتي يكونوا مثلنا؟ فقال: انفذ علي رسلك حتي تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلي الإسلام و أخبرهم بما يجب عليهم فو اللّه لَان يهدي اللّه بك رجلًا خير لك من أن يكون لك حمر النعم.

صحيح البخاري: 5- 171 مطابع الشعب.

و أخرج أحمد بن حنبل (المسند: 1- 99): عن عبد الرحمن بن أبي ليلي عن أبيه عن علي- عليه السّلام-: لَاعطين الراية رجلًا يحب اللّه و رسوله و يحبه اللّه و رسوله ليس بفرّار، فتشرف لها أصحاب النبي، فأعطانيها.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 123

ثلاثة أشهر، كنت أخرج مع الجيش، فأُقيم حيث يقيمون و أُمسي حين يمسون، فقال النبيّ- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: «من شاء فليستمتع من هذه النساء».

و أخرج البخاري في صحيحه (3- 51) برقم (5117، 5118) عن جابر ابن عبد اللّه و سلمة ابن الاكوع قالا: خرج علينا منادي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فنادي إنّ رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و

سلّم قد أذن لكم فاستمتعوا يعني متعة النساء.

وقد عدّ محمد بن حبيب البغدادي (ت 245 ه) سلمة بن الاكوع ممن كان يري المتعة من أصحاب النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم «1» أقول: الروايتان الآنفتان، و ما ذكره محمد بن حبيب، يثبت أنَّ سلمة بن الاكوع كان ممن يقول بحلّية المتعة و عدم نسخها، و بذلك يظهر عدم صحّة ما روي عنه من أنّ رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم رخّص في متعة النساء عام أوطاس ثلاثة أيام ثم نهي عنها «2» ثمّ إنّ عبد الواحد بن زياد قد وقع في اسناد هذه الرواية، و عبد الواحد هذا له مناكير، و ضعّفه يحيي في رواية «3» عن يزيد عن سلمة أنّه كان يسخن له الماء فيتوضأ.

و أنّه أكل حيْساً ثمّ جاءت الصلاة فقام إلي الصلاة و لم يتوضأ.

توفّي بالمدينة- سنة أربع و سبعين، و قيل: - سنة أربع و ستين، و قد رُوي أنّه عاد إلي المدينة قبل أن يموت بليالٍ.

______________________________

(1)- المحبّر: ص 289.

(2) مسند أحمد بن حنبل: 4- 55.

(3) ميزان الاعتدال: 2- 672 برقم 5287.

قال الذهبي: احتجّا به في الصحيحين، و تجنّبا تلك المناكير التي نقمت عليه.

قال القطان: ما رأيته يطلب حديثاً بالبصرة و لا بالكوفة قط، و كنت أجلس علي بابة يوم الجمعة بعد الصلاة أُذاكره حديث الاعمش لا يعرف منه حرفاً، و قال الفلّاس: سمعت أبا داود يقول: عمد عبد الواحد إلي أحاديث كان يرسلها الاعمش فوصلها بقول: حدثنا الاعمش، حدثنا مجاهد كذا و كذا.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 124

36 سَهْل بن حُنيف «1»

(..- 38 ه) ابن واهب بن العُكيم الانصاريّ الاوسيّ، أبو ثابت «2» المدنيّ، والي المدينة المنوّرة.

شهد بدراً

و المشاهد كلها، و ثبت يوم أحد حين انكشف الناس، و بايع يومئذ علي الموت «3» و جعل ينضح بالنبل عن رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، فقال رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: نبِّلوا سهلًا فإنّه سهل.

______________________________

(1) تاريخ خليفة 135، 144، 149، 152، طبقات خليفة 153 برقم 547 و 228 برقم 926، الطبقات الكبري لابن سعد 3- 471 و 6- 15، المحبّر 290، التأريخ الكبير 4- 97 برقم 2090، رجال البرقي 4، المعارف 165، الثقات لابن حبان 3- 169، الجرح و التعديل 4- 195 برقم 839، رجال الكشي 38 برقم 5، رجال الطوسي 43 برقم 3، و 20 برقم 4، أُسد الغابة 2- 364، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 227، رجال ابن داود 180 برقم 733، تهذيب الكمال 12- 184 برقم 2610، تاريخ الإسلام 595) عهد الخلفاء الراشدين)، سير أعلام النبلاء 2- 325، الوافي بالوفيات 16- 7 برقم 5، تهذيب التهذيب 4- 251، الاصابة 2- 86 برقم 3527، نقد الرجال 165 برقم 5، شذرات الذهب 1- 48، جامع الرواة 1- 392، بهجة الآمال 4- 510، تنقيح المقال 2- 74 برقم 5393، أعيان الشيعة 7- 320، معجم رجال الحديث 8- 335 برقم 5626، قاموس الرجال 5- 23، الاعلام للزركلي 3- 142.

(2) و قيل أبو سعد، و أبو سعيد، و أبو عبد اللّه، و غير ذلك.

(3) بايع رسول اللّه ص علي الموت ثمانية، هم: عليّ، و الزبير، و طلحة، و أبو دُجانة، و الحارث بن الصمّة، و حباب بن المنذر، و عاصم بن ثابت، و سهل بن حنيف.

الغدير: 7- 205 نقلًا عن الامتاع للمقريزي: ص 132.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص:

125

له عدة أحاديث.

حدّث عنه ابناه: أبو أمامة، و عبد اللّه، و عبد الرحمن بن أبي ليلي، و يُسيْر بن عمرو، و عُبَيْد بن السّبّاق، و آخرون.

و كان من المخلصين في محبّة أمير المؤمنين- عليه السّلام، و من المقدِّمين له «1» ذا علم و عقل و رئاسة و فضل.

و هو أحد رواة حديث الغدير من الصحابة «2» ولّاه عليّ- عليه السّلام المدينة «3» حين خرج منها إلي البصرة لقتال أصحاب الجمل، ثم كتب إليه أن يلحق به، فلحق به، ثم شهد معه وقعة صفين، فكان من أمرائها.

ذكر نصر بن مزاحم أنّ علياً- عليه السّلام بعث سهل بن حنيف علي خيل البصرة، و قال ابن الاثير: علي جند البصرة.

و قيل: إنّه- عليه السّلام- ولّاه أيضاً بلاد فارس.

توفّي بالكوفة بعد مرجعه من صفين- سنة ثمان و ثلاثين، و صلّي عليه الامام عليّ- عليه السّلام، و تألّم لفقده، و قال فيه كلمته المشهورة: لو أحبّني جبل لتهافت.

قال الشريف الرضي: و معني ذلك أنّ المحبة تغلظ عليه فتسرع المصائب إليه، و لا يفعل ذلك إلّا بالاتقياء الابرار المصطفين الاخيار، و هذا مثل قوله- عليه السّلام-: مَن أحبّنا فليستعد للفقر جلباباً.

______________________________

(1)- لا يصحّ ما ذُكر من أنّ النبيّ ص آخي بين عليّ و سهل بن حنيف، فإنّ النبيّ ص كما هو متواتر اصطفي علياً أخاً له في حادثتي المؤاخاة كلتيهما.

راجع المؤاخاة بين النبي ص و علي- عليه السّلام- في «الغدير «: 3- 111.

(2) انظر حديثه في أُسد الغابة: 3- 307.

(3) و أخطأ الزركلي في «الاعلام» حين قال: استخلفه عليّ علي البصرة في وقعة الجمل.

و الصواب أنّه استخلف أخاه عثمان بن حنيف بعد أن بويع له- عليه السّلام- بالخلافة، و قد ذكر

الزركلي نفسه في ترجمة عثمان أنّ أنصار عائشة حين قدموا البصرة دعوا عثمان إلي الخروج معهم، فامتنع فنتفوا شعر رأسه و لحيته و حاجبيه، ثم لحق بعلي- عليه السّلام- و حضر وقعة الجمل.

الاعلام: 4- 205.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 126

37 سهل بن سعد «1»

(..- 91 ه) ابن مالك الساعدي الخزرجي الانصاري، أبو العباس.

رأي النبيّ- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و سمع منه، و ذُكر أنّه شهد المتلاعنَين عند رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و هو ابن خمس عشرة سنة، و كان أبوه من الصحابة الذين توفّوا في حياة النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، و طال عمر سهل حتي أدرك الحجاج بن يوسف الثقفي، و في سنة أربع و سبعين أرسل إليه الحجاج و قال له: ما منعك من نصر أمير المؤمنين عثمان؟ قال: قد فعلت.

قال: كذبت.

ثمّ أمر به فختم في عنقه بالرصاص، و ختم أيضاً في عنق أنس بن مالك، حتي ورد عليه كتاب عبد الملك فيه، و ختم في يد جابر بن عبد اللّه الانصاري، يريد إذلالهم بذلك و أن يجتنبهم الناس و لا يسمعوا منهم.

و قال الامام الحسين- عليه السّلام يوم كربلاء لما احتجّ علي جيش عمر بن سعد

______________________________

(1) تاريخ خليفة 23 و 24، الطبقات لخليفة 167 برقم 606، الكني للدولابي 1- 82، الجرح و التعديل 4- 198، مشاهير علماء الامصار 48 برقم 114، الثقات لابن حبّان 3- 168، المستدرك للحاكم 3- 571، جمهرة أنساب العرب 366، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 82 برقم 75، الخلاف للطوسي 1- 665، رجال الطوسي 20 و 43، الإستيعاب 2- 94، المنتظم 6- 302، أُسد الغابة 2- 366، تهذيب الاسماء

و اللغات 1- 238، تهذيب الكمال 12- 188، سير أعلام النبلاء 3- 422، العبر للذهبي 1- 79، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 91 ه (383، الوافي بالوفيات 16- 11، مرآة الجنان 1- 180، البداية و النهاية 9- 88، الاصابة 2- 87، تهذيب التهذيب 4- 252، شذرات الذهب 1- 99، تنقيح المقال 2- 76 برقم 5397، الغدير 1، 176- 45 و 2- 185، 40.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 127

بقول رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: «الحسن و الحسين سيّدا شباب أهل الجنة» فإن صدقتموني بما أقول و هو الحق، و إن كذبتموني فإنّ فيكم من إذا سألتموه عن ذلك أخبركم، و عدّ جماعة من الصحابة فيهم سهل بن سعد الساعدي «1» روي سهل عن النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم عدة أحاديث، و روي عن أُبي بن كعب.

روي عنه: أبو هريرة، و سعيد بن المسيب، و ابنه عباس بن سهل، و ابن شهاب الزهري، و غيرهم.

و هو أحد رواة حديث الغدير من الصحابة، حيث شهد لعلي- عليه السّلام بحديث الغدير يوم المناشدة «2» عُدّ سهل من المقلّين في الفتيا من الصحابة.

و من فتاواه: يكره التنفّل يوم العيد قبل صلاة العيد و بعدها إلي الزوال للِامام.

و أمّا المأموم فلا يكره له ذلك إذا لم يقصد التنفّل لصلاة العيد.

توفّي بالمدينة- سنة إحدي و تسعين، و هو من أبناء المائة، و قيل: توفّي- سنة ثمان و ثمانين.

و هو آخر من مات بالمدينة من الصحابة.

______________________________

(1)- الكامل في التأريخ: لابن الاثير: 4- 62 ذكر مقتل الحسين في سنة 61 ه.

(2) تاريخ هذه المناشدة كان في أوّل خلافة الامام علي- عليه السّلام-.

روي أحمد بن حنبل في مسنده: 4-

370 عن أبي الطفيل، قال: جمع علي رضي اللّه تعالي عنه الناس في الرحبة ثم قال لهم: أنشد اللّه كل امرئ سمع رسول اللّه ص يقول يوم غدير خم ما سمع لما قام، فقام ثلاثون من الناس و قال أبو نعيم: فقام ناس كثير فشهدوا حين أخذه بيده فقال للناس: أ تعلمون أنّي أولي بالموَمنين من أنفسهم؟ قالوا: نعم يا رسول اللّه، قال: من كنت مولاه فهذا مولاه، اللّهمّ والِ من والاه و عاد من عاداه.. قال ابن حجر الهيثمي في مجمع الزوائد: 9- 104: رواه أحمد و رجاله رجال الصحيح غير فطر ابن خليفة و هو ثقة.

و جاء في ص 106: و عن زياد بن أبي زياد قال: سمعت علي بن أبي طالب ينشد الناس فقال: أنشد اللّه رجلًا مسلماً سمع رسول اللّه ص يقول يوم غدير خم ما قال لما قام، فقام اثنا عشر بدرياً فشهدوا.

قال الهيثمي بعد ذكر هذا الحديث: رواه أحمد و رجاله ثقات.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 128

38 شدّاد بن أوس

«1» (17 ق ه- 58 ه) ابن ثابت الانصاري الخزرجي النجاري، أبو يعلي، و قيل: أبو عبد الرحمن.

هو ابن أخي حسان بن ثابت شاعر رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

قيل: لم يصحّ أنّه شهد بدراً، و قيل: إنّ أباه كان بدرياً و استشهد في أُحد.

قدم شداد دمشق و الجابية، و سكن بيت المقدس، و روي عنه أهل الشام، و كان شهد اليرموك.

روي عن رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

روي عنه: أبو إدريس الخولاني، و عبد الرحمن بن غَنْم، و ابنه يعلي، و آخرون.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 7- 401، التأريخ الكبير 4- 224، المعرفة و التاريخ

1- 356، الجرح و التعديل 4- 328، مشاهير علماء الامصار 85 برقم 325، الثقات لابن حبّان 3- 385، المستدرك للحاكم 3- 506، حلية الاولياء 1- 264، الخلاف للطوسي 1- 263، رجال الطوسي 21، الإستيعاب 2- 134، المغني و الشرح الكبير 1- 392، معجم البلدان 2- 763، الكامل في التأريخ 1- 462، أُسد الغابة 2- 387، تهذيب الكمال 12- 389، العبر للذهبي 1- 45، سير أعلام النبلاء 2- 460، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 58 ه (164، الاصابة 2- 138، تهذيب التهذيب 4- 315، تقريب التهذيب 1- 347، شذرات الذهب 1- 64، ذخائر المواريث 1- 266، أعيان الشيعة 7- 333.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 129

عن أبي الدرداء، قال: إنّ لكل أُمّة فقيهاً، و إنّ فقيه هذه الأُمّة شداد بن أوس.

قال الذهبي في (سيره): لا يصحّ [أي ما روي عن أبي الدرداء].

عدّه أبو إسحاق الشيرازي فيمن نُقل عنه الفقه من الصحابة «1» و أورد له الشيخ الطوسي في «الخلاف» فتوي واحدة و هي: الشفق: الحمرة، فإذا غابت بأجمعها فقد دخل وقت العشاء الآخرة.

و أخرج ابن ماجة عن شداد و غيره أنّ رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال: المرأة إذا قتلت عمداً لا تُقتل حتي تضع ما في بطنها إن كانت حاملًا و حتي تكفل ولدها، و إن زنت لم تُرجم حتي تضع ما في بطنها و حتي تكفل ولدها.

ذكر ابن عساكر أنّ معاوية قال لشداد: أنا أفضل أم عليّ؟ و أيّنا أحب إليك؟ قال: عليٌّ أقدم منك هجرة، و أكثر مع رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم إلي الخير سابقة، و أشجع منك نفساً، و أسلم منك قلباً، و أمّا الحبّ

فقد مضي عليٌّ، و أنت اليوم أرجي منه «2».

توفّي بفلسطين- سنة ثمان و خمسين و هو- ابن خمس و سبعين سنة، و قيل: مات- سنة إحدي و أربعين، و قيل غير ذلك.

______________________________

(1)- طبقات الفقهاء ص 52.

(2) مختصر تاريخ دمشق لابن منظور: 10- 280.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 130

39 أبو أمامة الباهلي «1»

(..- 86 ه) صُدَي بن عَجلان، غلبت عليه كنيته.

رُوي أنّه بايع تحت الشجرة.

سكن مصر ثم انتقل إلي حمص من الشام فسكنها و مات بها.

روي عن النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، و أكثر حديثه عند الشاميين.

روي عنه: خالد بن معدان، و محمد بن زياد الالهاني، و أبو غالب حزوّر، و سليمان بن حبيب المحاربي، و آخرون.

______________________________

(1)- الطبقات الكبري لابن سعد 7- 411، المحبر 291، التأريخ الكبير 4- 326 برقم 3001، المعارف 174، الجرح و التعديل 4- 454 برقم 2004، مشاهير علماء الامصار 86 برقم 327، الثقات لابن حبّان 3- 195، المعجم الكبير للطبراني 8- 105، المستدرك للحاكم 3- 641، جمهرة أنساب العرب 1- 247، رجال الطوسي 65 برقم 44، الإستيعاب 2- 191 ذيل الاصابة، صفة الصفوة 1- 733 برقم 113، أُسد الغابة 3- 16 و 5- 138، مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 11- 76، تهذيب الكمال 13- 158، العبر للذهبي 1- 74، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 86 ه (25، سير أعلام النبلاء 3- 359، مرآة الجنان 1- 177، البداية و النهاية 9- 66 و 78، الجواهر المضيئة 2- 416، النجوم الزاهرة 1- 213، الاصابة 2- 175 برقم 4059، تهذيب التهذيب 4- 420، تقريب التهذيب 1- 366 برقم 93، مجمع الرجال للقهبائي 3- 212، شذرات الذهب 1- 96، تنقيح المقال 2- 98 برقم 5761، الاعلام 3-

203، معجم رجال الحديث 9- 103 برقم 5910.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 131

و هو أحد رواة حديث الغدير (من كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه) من الصحابة «1» عدّه الشيخ الطوسي من أصحاب الامام عليّ- عليه السّلام و قال: وضع عليه معاوية الحرس ليلًا لئلّا يهرب إلي عليّ.

ذكر نصر بن مزاحم «2») ت 212) أنّ أبا أمامة و أبا الدرداء دخلا علي معاوية و كانا معه فقالا: يا معاوية علام تقاتل هذا الرجل؟ فو اللّه لهو أقدم منك سلماً و أحقّ بهذا الامر منك و أقرب من النبيّ- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فعلام تقاتله؟ فقال: أقاتله علي دم عثمان «3».. ثمّ ذكر قدومهما إلي الامام عليّ- عليه السّلام ثم قال: فرجع أبو أمامة، و أبو الدرداء فلم يشهدا شيئاً من القتال.

عُدّ أبو أمامة من المقلّين في الفتيا من الصحابة.

سئل عن كتاب العلم، فقال: لا بأس بذلك.

______________________________

(1)- الغدير للعلّامة الاميني: 1- 45.

(2) وقعة صفين: ص 190. مطبعة المدني.

و ذكر ابن عبد البر في الإستيعاب (رقم الترجمة 1449) أنّ أبا هريرة و أبا الدرداء كانا رسولي معاوية إلي عليّ- عليه السّلام-.

انظر ترجمة عبد الرحمن بن غنم في كتابنا هذا- قسم التابعين، فلنا هناك كلام حول ذلك.

(3) لقد خذله معاوية في أثناء الحصار، و تربّص به الدوائر، و لم يكن الطلب بدمه إلّا وسيلة للوثوب إلي الخلافة، وقد أشار الامام علي- عليه السّلام- إلي ذلك فكتب إليه: فأمّا إكثارك الحِجاج في عثمان و قتلته فانّك انّما نصرتَ عثمان حيث كان النصر لك، و خذلتَه حيث كان النصر له.

شرح نهج البلاغة لمحمد عبده: 2- 62.

و ذكر ابن عبد البر في الإستيعاب- باب الكني- الترجمة (3054).

محاورة بين الصحابي أبي

الطفيل الكناني و معاوية، قال له معاوية: كنتَ فيمن حصر عثمان؟ قال: لا، و لكنّي كنتُ فيمن حضر.

قال: فما منعك من نصره؟ قال: و أنت فما منعك من نصره إذ تربّصتَ به ريب المنون، و كنت مع أهل الشام و كلهم تابع لك فيما تريد؟ فقال له معاوية: أ وَ ما تري طلبي لدمه نصرة له؟ قال: بلي و لكنّك كما قال أخو جعف:

لا ألفينَّك بعد الموت تندبُني و في حياتي ما زوّدتني زاداً

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 132

رُوي عن أبي أمامة أنّ النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال: كل صلاة لا يُقرأ فيها بأُمّ الكتاب فهي خِداج «1» و جاء في كفاية الطالب- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- 190 للكنجي الشافعي: عن أبي أمامة أنّ النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال: أعلم أُمّتي بالسنّة و القضاء بعدي عليّ بن أبي طالب «2» قال أبو أمامة: المؤمن في الدنيا بين أربعة: بين مؤمن يحسده، و منافق يُبغضه، و كافر يقاتله، و شيطان قد يوكَل به.

توفّي- سنة ست و ثمانين، و قيل: - إحدي و ثمانين.

______________________________

(1)- كنز العمال: 7- 437 الحديث (19663) للمتقي الهندي (ت 975).

و (الخِداج): النقصان.

(2) نقلناه من «الغدير» للعلّامة الاميني: 2- 44.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 133

40 طلحة بن عبيد اللّه

«1» (26 ق ه- 36 ه) ابن عثمان بن عمرو القرشي التيمي، أبو محمد.

كان من السابقين إلي الإسلام، و من المهاجرين الاوّلين.

شهد المشاهد مع رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، ما عدا بدراً فإنّه غاب عنها في تجارة له بالشام.

وقد شلّت إصبعه يوم أُحد.

آخي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم

بينه و بين سعيد بن زيد، و قيل: بينه و بين أُبي بن كعب، و قيل: بينه و بين كعب بن مالك.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 3- 214، المحبّر 355، التأريخ الكبير 4- 344، المعارف 133، المعرفة و التاريخ 1- 276، الكني و الأَسماء للدولابي 52 و 86، الجرح و التعديل 4- 471، مشاهير علماء الامصار 25 برقم 8، المعجم الكبير للطبراني 1- 109، المستدرك للحاكم 3- 368، حلية الاولياء 1- 87، الاحكام لابن حزم 2- 88، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 57 برقم 29، الخلاف للطوسي 2- 63، رجال الطوسي 22، الإستيعاب 2- 210، صفة الصفوة 1- 130، المغني و الشرح الكبير 2- 550، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 251، الرياض النضرة 2- 249، تهذيب الكمال 13- 412، سير أعلام النبلاء 1- 23، العبر للذهبي 1- 27، تاريخ الإسلام للذهبي (عهد الخلفاء) 522، الوافي بالوفيات 16- 472، مرآة الجنان 1- 97، البداية و النهاية 7- 258، الجواهر المضيئة 2- 415، غاية النهاية 1- 342، الاصابة 2- 220، تهذيب التهذيب 5- 20، تقريب التهذيب 1- 379، كنز العمال 13- 198، شذرات الذهب 1- 43، تنقيح المقال 2- 109، معجم رجال الحديث 9- 167، برقم 6015.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 134

و هو أحد الستة الذين رشحهم عمر بن الخطاب للخلافة بعده.

و كان ميّالًا إلي عثمان، فانحاز إليه، و اختاره للخلافة.

و أغدق عليه عثمان الاموال حتي بلغت غلّته بالعراق أربعمائة ألف و بالسّراة عشرة آلاف ديناراً.

ثم أخذ يؤلب الناس علي عثمان، و كان من أشدّ المحرّضين عليه.

و كان أوّل من بايع الامام علياً بعد مقتل عثمان طائعاً.

قال الذهبي في سيره: و كان طلحة أوّل من بايع

علياً، أرهقه قتلة عثمان، و أحضروه حتي بايع.

أقول: هذا غير صحيح، و لم يرو لنا التأريخ أنّ أحداً أُكره علي بيعة أمير المؤمنين- عليه السّلام و قد تخلّف عن بيعته جماعة منهم: سعد بن أبي وقاص، و عبد اللّه ابن عمر، و محمّد بن مسلمة، بَيْد أنّهم لم يجبروا علي البيعة بالقوّة و الاكراه.

وقد نكث طلحة بيعته، و التحق بعائشة في مكة، و أخرجها هو و الزبير صوب البصرة، بحجة الطلب بدم عثمان!!! قُتل في معركة الجمل، قتله مروان بن الحكم فيما قيل.

رُوي عن مروان، أنّه قال حين رمي طلحة بسهم: هذا أعان علي عثمان و لا أطلب بثأري بعد اليوم.

حدّث عن طلحة: بنوه يحيي و موسي و عيسي، و السائب بن يزيد، و غيرهم.

له في مسند بقيّ بن مخلد بالمكرر ثمانية و ثلاثون حديثاً.

عدّ من المتوسطين في الفتيا من الصحابة.

وله في «الخلاف» فتوي واحدة: لا تجب الزكاة في شي ء مما يخرج من الارض إلّا الاجناس الأَربعة.. و ليس في الخضروات صدقة.

قتل في- سنة ست و ثلاثين عن اثنتين و ستين سنة.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 135

41 عائشة بنت أبي بكر «1»

(..- 58 ه) ابن أبي قحافة، أُمّ المؤمنين، زوج النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، تزوّجها- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- في السنة الثانية بعد الهجرة.

و فيها و في حفصة نزل قوله تعالي: " إِنْ تَتُوبٰا إِلَي اللّٰهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمٰا وَ إِنْ تَظٰاهَرٰا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللّٰهَ هُوَ مَوْلٰاهُ وَ جِبْرِيلُ وَ صٰالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمَلٰائِكَةُ بَعْدَ ذٰلِكَ ظَهِيرٌ" «2» «3».

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 2- 374، اختيار معرفة الرجال 57 و 67 و 70 و 91 و 141، المستدرك للحاكم 4- 3، حلية

الاولياء 2- 43، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 40 برقم 1، الخلاف للطوسي 1- 609 طبع جامعة المدرسين.

رجال الطوسي 32، الإستيعاب 4- 345، طبقات الفقهاء للشيرازي 47، أُسد الغابة 5- 501، وفيات الاعيان 3- 16، تهذيب الكمال 35- 227 برقم 7885، سير أعلام النبلاء 2- 135، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 41 60 ه (244، الاعلام بوفيات الاعلام 1- 38 برقم 137، البداية و النهاية 8- 95، الجواهر المضيئة 2- 415، الاصابة 4- 349، تهذيب التهذيب 12- 433، كنز العمال 13- 693، شذرات الذهب 1- 9 و 61.

(2) التحريم: 4.

(3) قال الفخر الرازي في تفسير قوله تعالي: (إِنْ تَتُوبٰا إِلَي اللّٰهِ): خطاب لعائشة و حفصة علي طريقة الالتفات ليكون أبلغ في معاتبتهما و التوبة من التعاون علي رسول اللّه ص بالايذاء.

(فقد صغت قلوبكما) أي عدلت و مالت عن الحق، و هو حق الرسول عليه الصلاة و السلام.

و انظر تفسير الطبري في تفسير سورة التحريم.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 136

روت عن النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أحاديث كثيرة، و روت عن: أبيها، و سعد، و عمر، و غيرهم.

روي عنها: ابنا أُختها عبد اللّه و عروة ابنا الزبير بن العوام، و زيد بن خالد الجهني، و عكرمة، و الحسن البصري، و أبو بردة بن أبي موسي الاشعري، و سعيد بن المسيب، و طائفة.

و كان لعائشة دور متميز في الحياة السياسية في زمن عثمان و ما بعده، و كانت قطب الرحي في معركة الجمل.

قال أصحاب السير و الاخبار: إنّها أرجفت بعثمان، و أنكرت عليه كثيراً من أفعاله، و كانت تثير الناس عليه بإخراج شعر رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و ثوبه

«1» و تحثّهم علي مقته، و لم تعدل عن رأيها هذا حتي بعد الاجهاز عليه، و لكنّها غيّرت رأيها، لما انفلت الامر عن طلحة و كانت تحرص علي تأميره و بويع أمير المؤمنين- عليه السّلام الذي لم يكن لها معه هوي، فبكت علي عثمان، و أظهرت الاسف علي قتله، و رجعت إلي مكة بعد ما خرجت منها، و نهضت ثائرة تطلب بدمه، و لحق بها طلحة و الزبير و مروان بن الحكم، و توجهوا نحو البصرة.

قالوا: إنّ عائشة لما أرادت المضي إلي البصرة مرت بالحوأب فسمعت نباح الكلاب، فقالت: إنّا للّٰه ما أراني إلّا صاحبة القصة؛ و كان رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قد أنذرها و حذّرها عن خصوص واقعة الجمل.

فقد أخرج أحمد بن حنبل في «مسنده «6، 97- 52 من طريق قيس قال: لما

______________________________

(1)- قال أبو الفدا في «تاريخه»: كانت عائشة تنكر علي عثمان مع من ينكر عليه و كانت تخرج قميص رسول اللّه ص و شعره و تقول: هذا قميصه لم يبل وقد بُلي دينه.

نقلناه من «الغدير «: 9- 79، و انظر «الكامل» لابن الاثير: 3- 206 تجد المحاورة بينها و بين ابن أُمّ كلاب بشأن قتل عثمان، و قوله لها: و اللّه إنّ أوّل من أمال حرفه لَانت، و لقد كنتِ تقولين: اقتلوا نعثلًا فقد كفر.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 137

أقبلت عائشة بلغت مياه بني عامر ليلًا نبحت الكلاب، قالت: أي ماء هذا؟ قالوا: ماء الحوأب، قالت: ما أظنني إلّا أنّي راجعة، فقال بعض من كان معها: بل تقدمين فيراك المسلمون فيصلح اللّه عزّ و جلّ ذات بينهم.

قالت: إنّ رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم

قال لها ذات يوم: كيف بإحداكنّ تنبح عليها كلاب الحوأب «1» و لما قدم طلحة و الزبير و عائشة البصرة كتبت عائشة إلي زيد بن صوحان: من عائشة أُمّ المؤمنين، حبيبة رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم إلي ابنها الخالص زيد بن صوحان: أمّا بعد؛ فإذا أتاك كتابي هذا فاقدم فانصرنا، فإن لم تفعل فخذّل الناس عن عليّ.

فكتب إليها: أمّا بعد فأنا ابنك الخالص لئن اعتزلت و رجعت إلي بيتك، و إلّا فأنا أوّل من نابذك «2» و قال زيد: رحم اللّه أُمّ المؤمنين! أُمرت أن تلتزم بيتها و أُمرنا أن نقاتل، فتركت ما أُمرت به و أمرتنا به، و صنعت ما أُمرنا به و نهتنا عنه.

قال ابن خلكان: فتوجهوا إليها أي إلي البصرة فأخذوا عثمان بن حنيف عامل عليّ بها، فهمّوا بقتله، فناشدهم اللّه و ذكّرهم صحبته لرسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، فأُشير بضربة أسواطاً، فضربوه و نتفوا لحيته و رأسه حتي حاجبيه و أشفار عينيه ثمّ حبسوه، و قتلوا خمسين رجلًا كانوا معه علي بيت المال و غير ذلك من

______________________________

(1)- و أخرجه الحاكم في «مستدركه «: 3- 120.

(2) الكامل لابن الاثير: 3- 216.

وزيد بن صوحان العبدي: من خواص عليّ من الصلحاء الاتقياء (شذرات الذهب: 1- 44).

و هو أحد الشجعان الرؤَساء من أهل الكوفة، قُطعت شماله يوم نهاوند.

و قاتل مع أمير المؤمنين- عليه السّلام- يوم الجمل حتي استشهد، و هو أخو صعصعة بن صوحان الخطيب المشهور الذي وصفه أمير المؤمنين- عليه السّلام- بالخطيب الشحشح.

و الشحشح: الماهر في خطبته، الماضي فيها.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 138

أعماله، فلما بلغ عليا مسيرهم خرج مبادراً إليهم و استنفر أهل الكوفة ثمّ

سار بهم نحو البصرة.

و لما انتهت المعركة بمقتل طلحة و الزبير و هزيمة أصحاب الجمل، جهز أمير المؤمنين- عليه السّلام عائشة و أمر أخاها محمد بن أبي بكر و كان من أصحابه (عليه السّلام) بالخروج معها، فكان وجهها إلي مكة، فأقامت إلي الحج ثم رجعت إلي المدينة.

عُدّت عائشة من المكثرين من الصحابة فيما رُوي عنها من الفتيا.

و نقل عنها الشيخ الطوسي في «الخلاف» خمساً و خمسين فتوي منها: من طلع الفجر عليه يوم الجمعة و هو مقيم لا يجوز له أن يسافر إلّا بعد أن يصلّي الجمعة.

و أخرج مالك بن أنس أنّ عائشة كانت تبعث بالرجال إلي أُختها أُمّ كلثوم و إلي بنات أخيها، فيرضعوا منهن «1».

و بهذا تستبيح أُمّ المؤمنين بعد تلك الرضاعة مقابلتهم بدون حجاب، لَانّهم علي رأيها أصبحوا من محارمها.

توفّيت بالمدينة- سنة ثمان و خمسين و صلّي عليها أبو هريرة.

______________________________

(1)-» الموطأ «: 2- 605.

و ذكر أنّ نساء النبي ص أنكرن عليها ذلك، كما روي في الباب نفسه عن عبد اللّه بن مسعود قوله: لا رضاعة إلّا ما كان في الحولين.

و عن عبد اللّه بن عمر: لا رضاعة إلّا لمن أرضع في الصغر و لا رضاعة لكبير.

و عن سعيد بن المسيب: لا رضاعة إلّا ما كان في المهد و إلّا ما أنبت اللحم و الدم.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 139

42 أبو عُبيدة ابن الجَرّاح «1»

(40 ق.

ه- 18 ه) عامر بن عبد اللّه بن الجراح بن هلال القرشي الفهري المكي، اشتهر بكنيته و النسبة إلي جَدِّه.

شهد بدراً و ما بعدها من المشاهد مع رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، و ذكره بعضهم فيمن هاجر إلي الحبشة.

آخي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم

بينه و بين سعد بن معاذ.

روي عن النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أحاديث معدودة.

______________________________

(1) الأُم 1- 189، الطبقات الكبري لابن سعد 7- 384، تاريخ خليفة 28، الطبقات لخليفة 65 برقم 159، التأريخ الكبير 6- 444، الجرح و التعديل 6- 325، مشاهير علماء الامصار 27 برقم 13، الثقات لابن حبّان 2- 217، المعجم الكبير للطبراني 1- 154، المستدرك للحاكم 3- 262، حلية الاولياء 1- 100، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 61 برقم 37، رجال الطوسي 26، الخلاف للطوسي 1- 609، الإستيعاب 4- 120، صفة الصفوة 1- 365، المنتظم 4- 261، أُسد الغابة 3- 84 و 5- 249، الكامل في التأريخ 2- 325، تهذيب الاسماء و اللغات 2- 259، تهذيب الكمال 14- 52، سير أعلام النبلاء 1- 5، العبر للذهبي 1- 16، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 18 ه (171، الوافي بالوفيات 16- 575، البداية و النهاية 7- 96، الجواهر المضيئة 2- 415، الاصابة 2- 243، تهذيب التهذيب 5- 73، تقريب التهذيب 1- 388، كنز العمال 13- 214، شذرات الذهب 1- 29، ذخائر المواريث 3- 206، تنقيح المقال 2- 114، معجم رجال الحديث 9- 199 برقم 6093.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 140

حدّث عنه: أبو أُمامة الباهلي، و العِرباض بن سارية، و عبد الرحمن بن غَنْم و آخرون.

و كان أحد أركان يوم السقيفة في بيعة أبي بكر، و قال فيه أبو بكر لما احتدم الجدال بين الانصار و جماعة من المهاجرين حول أمر الخلافة: قد رضيتُ لكم أحد الرجلين فبايعوا أيهما شئتم: عمر، و أبا عبيدة بن الجرّاح.

أخرج الطبري بإسناده عن عمرو بن ميمون الاودي أنّ عمر بن الخطاب لما طُعن، قيل له: يا أمير

المؤمنين لو استخلفت؟ قال: من استخلف؟ لو كان أبو عبيدة بن الجراح حياً استخلفته فإن سألني ربّي، قلت: سمعت نبيّك يقول: إنّه أمين هذه الأُمة، و لو كان سالم مولي أبي حذيفة حياً استخلفته فإن سألني ربّي، قلت: سمعت نبيّك يقول: إنّ سالماً شديد الحب للّٰه.. ثمّ قال: فخرجوا ثمّ راحوا فقالوا: يا أمير المؤمنين لو عهدتَ عهداً فقال: قد كنت أجمعتُ بعد مقالتي لكم أن أنظر فأولّي رجلًا أمْرَكم هو أحراكم أن يحملكم علي الحق و أشار إلي عليّ، و رهقتني غشية فرأيت رجلًا دخل جنة قد غرسها فجعل يقطف كل غضّة و يانعة فيضمّه إليه و يصيّره تحته فعلمتُ أنّ اللّه غالب أمره و متوفٍّ عمر، فما أريد أن أتحملها حياً و ميّتاً، عليكم هؤلاء الرهط «1» يُلاحظ أنّ الخليفة يري الحديثين في فضل الرجلين حجة لاستخلافهما، مع أنّه ورد في الكتاب و السنّة الكثير من المناقب في عليّ- عليه السّلام التي توَهّله للاستخلاف، فقد نطق القرآن بعصمته، و نزلت فيه آية التطهير، «2» عدّه الكتاب

______________________________

(1)- تاريخ الطبري: 3- 292 في حوادث سنة 23، قصة الشوري.

(2) قال أبو عمر في الإستيعاب في ترجمة علي- عليه السّلام-: لما نزلت (إِنَّمٰا يُرِيدُ اللّٰهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (الاحزاب- 33) دعا رسول اللّه ص فاطمة و علياً و حسناً و حسيناً رضي اللّه عنهم في بيت أُمّ سلمة و قال: اللّهمّ إنّ هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 141

نفسَ النبي الاقدس- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- «1» لقد تمنّي الخليفة حياة سالم بن معقل مولي أبي حذيفة و كان من عجم الفرس، و

يراه أهلًا للاستخلاف في حين أنّ الخليفة نفسه احتجّ يوم السقيفة علي الانصار بقول النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: الأَئمّة من قريش.

فكيف يكون لمولي أبي حذيفة قسطاً من الخلافة؟! «2» ذكر المؤرّخون أنّ أبا بكر حين جهّز أُمراء الاجناد، بعث أبا عبيدة و غيره لفتح الشام، و لما رأي المسلمون مطاولة الروم استمدوا أبا بكر، فكتب إلي خالد و كان قد سيّره لغزو العراق ليُنجدَ مَن بالشام، و أمّره علي الأُمراء كلّهم، و حاصروا دمشق، و توفّي أبو بكر، فبادر عمر بعزل خالد و استعمل علي الكل أبا عبيدة.

عُدّ أبو عبيدة من المقلّين في الفتيا من الصحابة، و نقل عنه الشيخ الطوسي في «الخلاف» فتوي واحدة، و هي: من طلع الفجر عليه يوم الجمعة و هو مقيم يجوز له أن يسافر قبل أن يصلّي الجمعة.

توفّي في طاعون عَمَواس، و كان طاعون عمواس بأرض الأُردن و فلسطين- سنة ثمان عشرة، و يقال إنّ عمواس قرية بين الرملة و بيت المقدس.

______________________________

(1)- قال تعالي: (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مٰا جٰاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعٰالَوْا نَدْعُ أَبْنٰاءَنٰا وَ أَبْنٰاءَكُمْ وَ نِسٰاءَنٰا وَ نِسٰاءَكُمْ وَ أَنْفُسَنٰا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّٰهِ عَلَي الْكٰاذِبِينَ) (آل عمران- 61).

(2) انظر «الغدير «: 5- 361.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 142

43 أبو الطُّفَيْل

«1» (3- 100 ه، بعد المائة) عامر بن واثلة الكناني.

أدرك من حياة رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ثماني سنين.

نزل الكوفة، و صحِبَ الامام عليّا- عليه السّلام و كان متشيعاً فيه و يفضّله.

ثمّ أقام بمكة.

و كان فاضلًا عاقلًا، فصيحاً شاعراً، حاضر الجواب.

شهد المشاهد مع علي- عليه السّلام و كان من مخلصي أنصاره.

روي أنّه تقدم أمام

الخيل يوم صفّين و هو يقول: طاعنوا و ضاربوا، ثمّ حمل و هو يقول:

______________________________

(1) الموطأ 347، الأُم 7- 130، الطبقات الكبري لابن سعد 5- 457، التأريخ الكبير 6- 446، المعرفة و التاريخ 1- 295، الجرح و التعديل 6- 328، اختيار معرفة الرجال 94 و 123، مشاهير علماء الامصار 64 برقم 214، الثقات لابن حبّان 3- 291، المستدرك للحاكم 3- 618، رجال الطوسي 25 و 69 و 98، الخلاف للطوسي 1- 305، تاريخ بغداد 1- 198، الإستيعاب 4- 115، أُسد الغابة 5- 233، رجال ابن داود 113، رجال العلّامة الحلي 242، تهذيب الكمال 14- 79، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 100 ه) ص 526، العبر للذهبي 1- 89، سير أعلام النبلاء 3- 467، الوافي بالوفيات 16- 584، مرآة الجنان 1- 207، البداية و النهاية 9- 199، الجواهر المضيئة 2- 426، النجوم الزاهرة 1- 243، الاصابة 4- 113، تهذيب التهذيب 5- 82، تقريب التهذيب 1- 389، شذرات الذهب 1- 118، مجمع الرجال للقهبائي 3- 241، جامع الرواة 1- 428، تنقيح المقال 2- 117، تأسيس الشيعة 186، أعيان الشيعة 7- 408، الكني و الأَلقاب للقمي 1- 111، الذريعة 1- 317، معجم رجال الحديث 9- 203 برقم 6108.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 143

قد صابرتْ في حربها كنانه «1» و اللّه يَجزيها به جنانه

من أُفرغَ الصبرُ عليه زانه أو غلب الجبنُ عليه شانه

أو كفَر اللّه فقد أهانه غداً يَعَضّ من عصي بنانه

و قدم أبو الطفيل يوماً علي معاوية، فقال له: كيف وَجْدُك علي خلِيكَ أبي الحسن؟ قال: كوجْد أُمّ موسي علي موسي، و أشكو إلي اللّه التقصير.

و قال له معاوية: كنتَ فيمن حصر عثمان؟ قال: لا، و

لكنّي كنت فيمن حضرهُ.

قال: فما منعك من نصره؟ قال: و أنت فما منعك من نصره إذ تربصت به ريب المنون، و كنت مع أهل الشام، و كلّهم تابع لك فيما تريد.

فقال له معاوية: أ و ما تري طلبي لدمه نصرة له؟ قال: بلي، و لكنّك كما قال أخو جعف:

لا أُلفينك بعد الموت تندبني و في حياتي ما زودتني زادا

و كان أبو الطفيل قد خرج مع المختار و حارب قتلة الامام الحسين- عليه السّلام ثمّ أفلت بعد مقتل المختار.

عُدّ من أصحاب الامامين الحسن و عليّ بن الحسين زين العابدين «عليهما السلام».

حدّث عن: الامام عليّ، و معاذ بن جبل، و أبي بكر، و ابن مسعود، و عمر، و غيرهم.

حدّث عنه: حبيب بن أبي ثابت، و الزهري، و أبو الزبير المكي، و آخرون.

و له في «الخلاف» فتوي واحدة و هي: الجدة ترث و ابنها (ابن الميت) حي.

توفّي- سنة مائة.

و قيل: - بعد المائة.

و هو آخر من مات ممن رأي النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

______________________________

(1)- و في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 5- 244: قد ضاربت في حربها كنانه.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 144

44 عُبادة بن الصامت

«1» (38 ق ه- 34 ه) ابن قيس الانصاري الخزرجي، أبو الوليد.

شهد العقبة الاولي و الثانية، و كان أحد النقباء.

آخي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بينه و بين أبي مرثد الغنوي.

و شهد بدراً و سائر المشاهد مع رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

و كان يُعلّم أهل الصُّفّة القرآن.

و هو ممّن جمع القرآن في زمن النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

استعمله رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم علي

بعض الصدقات، و وجّهه عمر بن الخطاب إلي الشام ليعلّم أهلها القرآن و يفقّههم في الدين، فأقام بحمص، ثم انتقل

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 3- 546، المحبر 71 و 270، التأريخ الكبير 6- 92، الجرح و التعديل 6- 96، اختيار معرفة الرجال 38، الثقات لابن حبّان 3- 302، مشاهير علماء الامصار 87 برقم 334، المستدرك للحاكم 3- 354، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 55 برقم 26، الخلاف للطوسي 1- 263 م 6، رجال الطوسي 23 برقم 24، الإستيعاب 2- 441، أسد الغابة 3- 106، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 256، مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 11- 301، تهذيب الكمال 14- 183، سير أعلام النبلاء 2- 5، العبر للذهبي 1- 26، تاريخ الإسلام للذهبي (عهد الخلفاء (422، الوافي بالوفيات 16- 618، الجواهر المضيئة 2- 415، الاصابة 2- 260، تهذيب التهذيب 5- 111، تقريب التهذيب 1- 395، شذرات الذهب 1- 40، كنز العمال 13- 554، الدرجات الرفيعة 362، ذخائر المواريث 1- 270، تنقيح المقال 2- 125 برقم 6192، الغدير 7- 264 و 265، معجم رجال الحديث 9- 222 برقم 6157.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 145

إلي فلسطين.

و كان عُبادة يُنكر علي معاوية أيام ولايته علي الشام أحداثاً و أُموراً عَمِل فيها بخلاف السنّة النبوية الشريفة، و له في ذلك معه مواقف مشهورة.

روي أنّ معاوية خالف في شي ء أنكره عليه عبادة في الصرف، فأغلظ له معاوية في القول، فقال عبادة: لا أساكنك بأرض واحدة أبداً، و رحل إلي المدينة، فقال له عمر: ما أقدمك؟ فأخبره، فقال: ارجع إلي مكانك فقبّح اللّه أرضاً لست فيها و لا أمثالك.

و كتب إلي معاوية: لا إمرة لك عليه.

و عن عبيدة بن رفاعة،

قال: إنّ عبادة بن الصامت مرت عليه قِطارة و هو بالشام، تحمل الخمر فقال: ما هذه؟ أ زيت؟ قيل: لا، بل خمر يباع لفلان.

فأخذ شفرة من السوق فقام إليها فلم يذر فيها راوية إلّا بقرها، و أبو هريرة إذ ذاك بالشام، فأرسل فلان إلي أبي هريرة فقال: أ لا تمسك عنّا أخاك عبادة بن الصامت؟ أمّا بالغدوات فيغدو إلي السوق فيفسد علي أهل الذمة متاجرهم، و أمّا بالعشيّ فيقعد بالمسجد ليس له عمل إلّا شتم أعراضنا و عيبنا، فأمسك عنّا أخاك.. فقال أبو هريرة: يا عبادة ما لك و لمعاوية؟ ذره و ما حُمِّل فانّ اللّه تعالي يقول: " تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهٰا مٰا كَسَبَتْ وَ لَكُمْ مٰا كَسَبْتُمْ*" «1» قال: يا أبا هريرة، لم تكن معنا إذ بايعنا رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم علي السمع و الطاعة.. و علي الامر بالمعروف و النهي عن المنكر، و أن نقول في اللّه لا تأخذنا في اللّه لومة لائم.. فلم يكلّمه أبو هريرة بشي ء، فكتب فلان إلي عثمان بالمدينة: إنّ عبادة بن الصامت قد أفسد عليّ الشام و أهله، فإمّا أن يكفّ عبادة و إمّا أن أخلّي بينه و بين الشام، فكتب عثمان إلي فلان أن أرحِلْه إلي داره من المدينة.. فلم يُفجأ عثمان به إلّا و هو قاعد في جانب الدار،

______________________________

(1)- البقرة: 141.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 146

فالتفت إليه، فقال: ما لنا و لك يا عبادة؟ فقام عبادة.. فقال: إني سمعت رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أبا القاسم يقول: سيلي أُموركم بعدي رجال يعرّفونكم ما تنكرون، و ينكرون عليكم ما يعرفون، فلا طاعة لمن عصي اللّه فلا

تضلّوا بربكم فو الذي نفس عبادة بيده إنّ فلاناً لمن أُولئك، فو الذي نفس عبادة بيده إنّ فلاناً لمن أولئك.

فما راجعة عثمان بحرف.

و روي أنّ عبادة كان مع معاوية، فأذّن يوماً، فقام خطيب يمدح معاوية، و يُثني عليه، فقام عبادة بتراب في يده، فحثاه في فم الخطيب، فغضب معاوية، فقال له عبادة: إنّك لم تكن معنا حين بايعنا رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بالعقبة.. أن نقوم بالحق حيث كنّا، لا نخاف في اللّه لومة لائم، و قال رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: «إذا رأيتم المدّاحين، فأحثوا في أفواههم التراب».

حدّث عن عبادة: أبو أُمامة الباهلي، و أنس بن مالك، و أبو مسلم الخولاني و جبير بن نفير، و كثير بن مرّة، و آخرون.

عُدّ من المتوسطين في الفتيا من الصحابة، و نقل عنه الشيخ الطوسي في كتاب «الخلاف» ثلاث فتاوي، منها: الشفق الحمرة، فإذا غابت بأجمعها فقد دخل وقت العشاء الآخرة.

مات بفلسطين- سنة أربع و ثلاثين و هو ابن اثنتين و سبعين سنة.

قيل: و دفن بالقدس، و قبره بها إلي اليوم معروف.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 147

45 العباس بن عبد المطلب «1»

(3، 2 قبل عام الفيل- 32 ه) ابن هاشم بن عبد مناف، أبو الفضل، عمّ رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-، من أكابر قريش في الجاهلية و الإسلام.

ولد قبل عام الفيل بثلاث سنين، و قيل: بسنتين.

سئل العباس: أنت أكبر أو رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم؟ قال: رسول اللّه أكبر منّي، و وُلدتُ قبله.

و كان ممن خرج مع المشركين يوم بدر مكرهاً، و أُسر يومئذ فيمن أُسر، ثمّ

______________________________

(1) الطبقات الكبري 334- 5، المحبر 16 و 46

و 63، التأريخ الكبير 7- 2، المعارف 70 و 72، المعرفة و التاريخ 1- 295، الكني و الأَسماء للدولابي 48، الجرح و التعديل 6- 210، اختيار معرفة الرجال 112 برقم 179، مشاهير علماء الامصار 27 برقم 16، الثقات لابن حبّان 3- 288، المستدرك للحاكم 3 334- 321، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 72 برقم 56، رجال الطوسي 23، الإستيعاب 3- 94، المنتظم 5- 35، أُسد الغابة 3- 109، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 257، رجال ابن داود 114، رجال العلّامة الحلي 118، تهذيب الكمال 14- 225، تاريخ الإسلام للذهبي (عهد الخلفاء) 373، سير أعلام النبلاء 2- 78، الوافي بالوفيات 16- 629، مرآة الجنان 1- 85، البداية و النهاية 7- 168، الجواهر المضيئة 2- 417، الاصابة 2- 263، تهذيب التهذيب 5- 122، تقريب التهذيب 1- 397، كنز العمال 13- 502، شذرات الذهب 1- 38، جامع الرواة 1- 432، الدرجات الرفيعة 79، تنقيح المقال 2- 126، أعيان الشيعة 7- 418.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 148

فدي نفسه و ابني أخويه عقيل بن أبي طالب و نوفل بن الحارث «1» و ذُكر أنّه أسلم عُقيب ذلك.

و قيل: أسلم قبل فتح خيبر و كان يكتم إسلامه، و ذلك بيِّن في حديث الحجاج بن علاط أنّه كان مسلماً يسرّه ما يفتح اللّه علي المسلمين، ثمّ أظهر إسلامه يوم فتح مكة.

و قيل: إنّ إسلامه قبل بدر.

و كان يكتب إلي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أخبار المشركين.

قال العلّامة جعفر السبحاني: إنّ مسألة اشتراك العباس في غزوة بدر من مشكلات التأريخ و غوامضه فهو من الذين أسرهم المسلمون في بدر.

فهو من جانب يشارك في الحرب، و من جانب آخر

يحضر في بيعة العقبة، و يدعو أهل المدينة إلي حماية النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و نصرته.

فكيف يكون هذا؟ إنّ الحلّ يكمن في ما قاله أبو رافع «2» غلام العباس نفسه: كان العباس قد

______________________________

(1)- ذكر المفسرون أنّ الآية الكريمة: (يٰا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْريٰ إِنْ يَعْلَمِ اللّٰهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمّٰا أُخِذَ مِنْكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ) (الانفال: 70) نزلت في العباس و أصحابه.

روي الطبري في تفسيره: أنّ العباس قال: فيّ نزلت (ما كان النبي أن يكون له أسري..) فأخبرت النبي بإسلامي و سألته أن يحاسبني بالعشرين أوقية التي أخذها منّي فأبي فأبدلني اللّه بها عشرين عبداً كلهم تاجر، مالي في يديه.

و قالوا في تفسير: (إِنْ يَعْلَمِ اللّٰهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً) أي إسلاماً و إخلاصاً أو رغبة في الإِيمان و صحة نية.

راجع «مجمع البيان في تفسير القرآن» لَابي علي الفضل بن الحسن الطبرسي (ت 458 ه) و هو من أكابر علماء الامامية.

و «جامع البيان في تفسير القرآن» لَابي جعفر محمد بن جرير الطبري (ت 310 ه).

(2) إشارة إلي ما روي عنه: كنتُ غلاماً للعباس و كان الإسلام قد دخلنا فأسلم العباس و أسلمت أُمّ الفضل و أسلمت و كان العباس يكتم إسلامه، و كان ذا مال كثير متفرّق في قومه، و كان أبو لهب قد تخلّف عن بدر.. فلما جاءه الخبر عن مصاب أصحاب بدر من قريش كبته اللّه و أخزاه، و وجدنا في أنفسنا قوة و عزة.. إلي آخر الرواية.

سيرة ابن هشام ص 646.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 149

أسلم و لكنّه كان يهاب قومه و يكره خلافهم، و يكتم إسلامه مثل أخيه أبي طالب لاقتضاء المصالح

الإسلامية ذلك.

و من هذا الطريق كان يساعد النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و يخبره بمخططات العدو و نواياه و تحرّكاته و استعداداته كما فعل ذلك في معركة «أُحد» أيضاً فقد كان أوّل من أخبر رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بتحرّك قريش و خططهم و استعداداتهم «1» و كان العباس كما قال واصفوه من أطول الرجال و أحسنهم صورة و أبهاهم و أجهرهم صوتاً، و كان محسناً إلي قومه، سديد الرأي، واسع العقل.

و قد ولي السقاية بعد أبي طالب رضوان اللّه تعالي عليه «2» شهد وقعة حُنين، و كان ممن ثبت فيها حين حمي الوطيس و انهزم الناس، و أمره رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بأن يهتف: يا أصحاب بيعة الشجرة.

روي عن النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم عدة أحاديث.

و هو أحد رواة حديث الغدير (من كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه) من الصحابة «3» روي عنه: عبد اللّه، و عبيد اللّه، و كثير، و هم أبناؤه، و مالك بن أوس بن الحدثان، و جابر بن عبد اللّه الانصاري، و آخرون.

______________________________

(1)- سيد المرسلين: 2- 89.

(2) ذكر المفسرون أنّ العباس افتخر بالسقاية، و شيبة بن عثمان بالعمارة، و الامام علي- عليه السّلام- بالاسلام و الجهاد، فنزل قوله تعالي: (أَ جَعَلْتُمْ سِقٰايَةَ الْحٰاجِّ وَ عِمٰارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرٰامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّٰهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جٰاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّٰهِ لٰا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللّٰهِ وَ اللّٰهُ لٰا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّٰالِمِينَ) (التوبة- 19).

راجع تفسير الطبري (ت 310): 10- 68، و تفسير الفخر الرازي (ت 606): 16- 11، و تفسير القرطبي (ت 671): 4- 91.

(3) أخرج الحديث بطريقة ابن عقده، و

عدّه الجزري في «أسني المطالب» من رواة حديث الغدير.

و الجزري هو شمس الدين الجزري الشافعي (ت 823) روي في «أسني المطالب» حديث الغدير بثمانين طريقاً.

راجع كتاب الغدير: 1، 298- 48.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 150

عُدّ من المقلّين في الفتيا من الصحابة، و نقل عنه الشيخ الطوسي في «الخلاف» فتوي واحدة.

رُوي أنّه قال لَامير المؤمنين علي- عليه السّلام لما قُبض النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: أبسط يدك أبُايعك فيقال: عمّ رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بايع ابن عمّ رسول اللّه ص و يبايعك أهل بيتك، فانّ هذا الامر إذا كان لم يُقل.

فقال له عليّ: و من يطلب هذا الامر غيرنا؟ «1» توفّي بالمدينة- سنة اثنتين و ثلاثين، و قيل غير ذلك، و كان قد كُفّ بصره في آخر عمره.

______________________________

(1)- الامامة و السياسة: لابن قتيبة: 1- 4.

و (لم يُقل): من الاقالة لا من القول.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 151

46 عبد الرحمن بن أبْزَي الخزاعي «1»

(..- حدود 80 ه) قيل: له صحبة و رواية و فقه.

و هو مولي نافع بن عبد الحارث الخزاعي، و كان كاتباً له.

رُوي أنّ عمر بن الخطاب قدم مكة فاستقبله نافع و كان عامله عليها و استخلف علي أهل مكة عبد الرحمن بن أبزي، فغضب عمر حتي قام في الغرز و قال: استخلفت علي آل اللّه عبد الرحمن بن أبزي؟ قال: إنّي وجدته أقرأهم لكتاب اللّه و أفقههم في دين اللّه فتواضع لها عمر و قال: لقد سمعت رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول: إنّ اللّه سيرفع بالقرآن أقواماً و يضع به آخرين.

و حدث عبد الرحمن عن: أُبي بن كعب، و عمر بن الخطاب، و عمار بن ياسر،

و آخرين.

______________________________

(1) الام 1- 110، الطبقات الكبري لابن سعد 5- 462، المحبر 379، مسند أحمد 3- 406 و 407، التأريخ الكبير 5- 245، المعرفة و التاريخ 1- 291، الجرح و التعديل 5- 209، الثقات لابن حبّان 5- 98، الإستيعاب 2- 409، المغني و الشرح الكبير 1- 539، أُسد الغابة 3- 278، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 293، تهذيب الكمال 16- 501، سير أعلام النبلاء 3- 201، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 80 ه (471، الوافي بالوفيات 18- 99، غاية النهاية 1- 361، تقريب التهذيب 1- 472، الاصابة 2- 381، تهذيب التهذيب 6- 132، ذخائر المواريث 2- 222.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 152

حدّث عنه: ابناه عبد اللّه و سعيد، و أبو إسحاق السبيعي، و عبد الرحمن بن أبي ليلي، و آخرون.

سكن الكوفة، و كان عامل أمير المؤمنين علي- عليه السّلام علي خراسان في قول بعضهم «1».

رُوي عن عبد الرحمن أنّه قال: أ لا أُريكم صلاة رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-؟ فقلنا: بلي، فقام فكبّر، ثمّ قرأ، ثمّ ركع فوضع يديه علي ركبتيه حتي أخذ كل عضو مأخذه، ثمّ رفع حتي أخذ كل عضو مأخذه، ثمّ سجد حتي أخذ كل عضو مأخذه، ثمّ رفع حتي أخذ كل عضو مأخذه، ثمّ سجد حتي أخذ كل عضو مأخذه، ثمّ رفع فصنع في الركعة الثانية كما صنع في الركعة الأُولي، ثمّ قال: هكذا صلاة رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

قيل: توفّي في- حدود الثمانين.

______________________________

(1)- الكامل في التأريخ: لابن الاثير: 3- 374، في حوادث سنة 38 ه.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 153

47 عبد الرحمن بن عوف «1»

(10 بعد الفيل- 32 ه) ابن عبد عوف القرشي الزهري، أبو محمد.

كان اسمه

في الجاهلية عبد عمرو فسماه رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم عبد الرحمن، و هو ابن عم سعد بن أبي وقاص، و صهر عثمان بن عفان لَانّه تزوّج أُمّ كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط و هي أُخت عثمان لأُمّه.

ولد بعد الفيل بعشر سنين، و هاجر إلي أرض الحبشة في رواية محمّد بن إسحاق و محمّد بن عمر، و آخي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بينه و بين سعد بن الربيع الانصاري حين هاجر إلي المدينة.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 3- 124، تاريخ خليفة 123، المحبر 65، التأريخ الكبير 5- 240، الكني و الأَسماء للدولابي 10، الجرح و التعديل 5- 247، مشاهير علماء الامصار 26 برقم 12، الثقات لابن حبان 2- 253، المعجم الكبير للطبراني 1- 126، المستدرك للحاكم 3- 306، حلية الاولياء 1- 98، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 60 برقم 35، السنن الكبري للبيهقي 7- 176، رجال الطوسي 22، الخلاف للطوسي 3- 338، الإستيعاب 2- 385، صفة الصفوة 1- 349، أُسد الغابة 3- 313، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 300، الرياض النضرة 4- 307، تهذيب الكمال 17- 324، سير أعلام النبلاء 1- 68، العبر للذهبي 1- 24، تاريخ الإسلام للذهبي (عهد الخلفاء (390، الوافي بالوفيات 18- 210، مرآة الجنان 1- 86، البداية و النهاية 7- 170، الجواهر المضيئة 2- 415، الاصابة 2- 408، تهذيب التهذيب 6- 244، تقريب التهذيب 1- 494، شذرات الذهب 1- 38، ذخائر المواريث 2- 225، تنقيح المقال 2- 146 برقم 6407، الغدير 8- 284، معجم رجال الحديث: 9- 341 برقم 6421.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 154

شهد بدراً و ما بعدها من

المشاهد مع رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

روي عن النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم عدة أحاديث.

روي عنه: أنس بن مالك، و المِسْوَر بن مخرمة و هو ابن أُخته، و بنوه إبراهيم و حميد و عمرو و مصعب و أبو سلمة، و آخرون.

و قدم «الجابية» مع عمر بن الخطاب فكان علي الميمنة.

و هو أحد الستة الذين رشحهم عمر بن الخطاب للخلافة، بل جعله رئيساً علي مجلس الشوري و المقدَّم عليهم جميعاً إذ قال: و إذا اختلفتم فكونوا في الشق الذي فيه عبد الرحمن ابن عوف.

وقد لعب عبد الرحمن دوراً كبيراً في إقصاء الامام عليّ- عليه السّلام عن الخلافة بشرطه الذي اشترطه عليه بالاخذ بسنّة الشيخين، فلم يقبل- عليه السّلام- هذا الشرط و قبله عثمان، فبايعه.

ذكر ابن عبد ربّه الاندلسي «1» في حديث بيعة عثمان أنّ عمار بن ياسر قال لعبد الرحمن بن عوف: إن أردت أن لا يختلف المسلمون فبايع عليّا.

فقال المقداد ابن الاسود: صدق عمار إن بايعت عليّا قلنا: سمعنا و أطعنا، قال ابن أبي سرح «2»: إن أردت أن لا تختلف قريش فبايع عثمان.. فشتم عمار ابن أبي سرح، و قال: متي

______________________________

(1)- العِقد الفريد: 4- 279.

طبع دار الكتاب العربي.

و أخرج نحوه الطبري في «تاريخه» في قصة الشوري: 3- 294 طبع مؤسسة الاعلمي.

(2) عبد اللّه بن سعد بن أبي سرح و هو أخو عثمان من الرضاعة.

أسلم قبل الفتح و هاجر ثم ارتدّ مشركاً، فلما كان يوم الفتح أمر رسول اللّه ص بقتله و لو وجد تحت أستار الكعبة، ففرّ إلي عثمان فغيّبه حتي أتي به إلي رسول اللّه ص فاستأمنه فصمت رسول اللّه ص طويلًا ثم قال: نعم، فلما

انصرف عثمان قال رسول اللّه لمن حوله: ما صمتُّ إلّا ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه.

توفّي سنة 37 أو 36.

انظر «أسد الغابة «: 3- 173.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 155

كنت تنصح المسلمين؟ فتكلّم بنو هاشم و بنو أمية فقال عمار: أيها الناس إنّ اللّه أكرمنا بنبيّنا و أعزّنا بدينه، فأنّي تصرفون هذا الامر عن بيت نبيّكم؟ ثمّ ذكر ابن عبد ربّه قول علي- عليه السّلام لعبد الرحمن لما بايع عثمان: حبوته محاباة، ليس ذا بأول يوم تظاهرتم فيه علينا، أما و اللّه ما وليتَ عثمان إلّا ليردّ الامر إليك، و اللّه كل يوم هو في شأن، فقال عبد الرحمن: يا عليّ لا تجعل علي نفسك سبيلًا! فإنّي قد نظرت و شاورت الناس فإذا هم لا يعدلون بعثمان أحداً، فخرج علي و هو يقول: سيبلغ الكتاب أجله، قال المقداد: أما و اللّه لقد تركته من الذين يقضون بالحق و به يعدلون، فقال: يا مقداد و اللّه لقد اجتهدت للمسلمين.

قال: لئن كنت أردت بذلك اللّه فأثابك اللّه ثواب المحسنين، ثمّ قال المقداد: ما رأيت مثل ما أُوتي «1» أهل هذا البيت بعد نبيّهم، إنّي لَاعجب من قريش أنّهم تركوا رجلًا ما أقول أنّ أحداً أعلم منه و لا أقضي بالعدل و لا أعرف بالحق، أما و اللّه لو أجد أعواناً.

قال عبد الرحمن: يا مقداد اتق اللّه فإنّي أخشي عليك الفتنة.

يقول المؤرّخون: إنّ عبد الرحمن ندم أشد الندم لما رأي عثمان أعطي المناصب و الولايات إلي أقاربه و حاباهم بالاموال الطائلة فدخل عليه و عاتبه، و بالغ في الانكار عليه، و هجره و حلف أن لا يكلمه أبداً حتي أنّه حوّل وجهه إلي الحائط لما جاءه عثمان عائداً له

في مرضه، و أوصي أن لا يصلّي عليه عند وفاته، فصلّي عليه الزبير «2»

______________________________

(1)- و في لفظ المسعودي: و قام المقداد فقال: «ما رأيت مثل ما أوذي به أهل هذا البيت بعد نبيهم» فقال له عبد الرحمن بن عوف: «و ما أنت و ذلك يا مقداد» فقال: «إنّي و اللّه لَاحبهم لحب رسول اللّه ص إياهم و إنّ الحق معهم و فيهم..» انظر مروج الذهب: 3- 86 برقم 1599.

طبع المطبعة الكاثوليكية في بيروت.

(2) انظر العقد الفريد لابن عبد ربه: 4- 350، و شرح نهج البلاغة: للشيخ محمد عبده: 1- 30، و تاريخ أبي الفدا: 1- 166 كما ذكر ذلك صاحب «الغدير «: 9- 86.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 156

عُدّ عبد الرحمن بن عوف من المتوسطين من الصحابة فيما روي عنه من الفتيا.

و نقل عنه الشيخ الطوسي في «الخلاف» خمس فتاوي منها: قال قبيصة بن جابر الاسدي: كنت محرماً فرأيت ظبياً فرميته فأصبته فمات، فوقع في نفسي من ذلك، فأتيت عمر بن الخطاب أسأله فوجدتُ إلي جنبه عبد الرحمن بن عوف فسألت عمر فالتفت إلي عبد الرحمن فقال: تري شاة تكفيه؟ قال: نعم، فأمرني أن أذبح شاة.

كلما جاز أن يستباح بالعارية جاز أن يستباح بعقد الاجارة.

الأَيمان تغلظ بالمكان و الزمان و هو مشروع.

أخرج أحمد بن حنبل في المسند 1- 190 عن ابن عباس أنّه قال له عمر: يا غلام هل سمعت من رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أو من أحد من أصحابه إذا شك الرجل في صلاته ما ذا يصنع، قال: فبينا هو كذلك إذ أقبل عبد الرحمن بن عوف فقال: فيم أنتما، فقال عمر: سألت هذا الغلام هل سمعت من

رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أو أحد من أصحابه إذا شك الرجل في صلاته ما ذا يصنع.

فقال عبد الرحمن: سمعت رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول: إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر أ واحدة صلّي أم ثنتين فليجعلها واحدة، و إذا لم يدر ثنتين صلّي أم ثلاثاً فليجعلها ثنتين، و إذا لم يدر أ ثلاثاً صلّي أم أربعاً فليجعلها ثلاثاً ثمّ يسجد إذا فرغ من صلاته و هو جالس قبل أن يسلم سجدتين.

توفّي عبد الرحمن بن عوف- سنة اثنتين و ثلاثين، و قيل: - سنة إحدي و ثلاثين، و دفن بالبقيع.

و ترك ثروة ضخمة و أموالًا طائلة.

قال ابن سعد: ترك عبد الرحمن بن عوف ألف بعير و ثلاثة آلاف شاة بالبقيع، و مائة فرس ترعي بالبقيع، و كان يزرع بالجُرف علي عشرين ناضحاً.

و قال: أصاب «تُماضر بنت الاصبغ» ربع الثمن فأُخرجت بمائة ألف، و هي إحدي الاربع [أي من زوجاته].

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 157

48 أبو حُمَيْد الساعدي الانصاري المدني «1»

(..- 60، 59 ه) اختلف في اسمه، فقيل: عبد الرحمن بن سعد بن المنذر، و قيل: عبد الرحمن ابن عمرو بن سعد، و قيل: المنذر بن سعد بن المنذر.

قيل: إنّه شهد أُحداً و ما بعدها من المشاهد.

روي عنه: جابر بن عبد اللّه الانصاري، و عباس بن سهل بن سعد الساعدي، و خارجة بن زيد بن ثابت، و غيرهم.

و ذكر الذهبي أنّه من فقهاء أصحاب النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

رُوي أنّ أبا حميد الساعدي كان في عشرة من أصحاب رسول- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم منهم أبو قتادة.

فقال أبو حميد: أنا أعلمكم بصلاة رسول اللّه- صلّي اللّه

عليه و آله و سلّم، كان رسول اللّه إذا قام إلي الصلاة رفع يديه حتي يحاذي بهما منكبيه، ثمّ يقرأ حتي يقرّ كلُّ عظم في موضعه معتدلًا ثم يقرأ ثم يكبّر فيرفع يديه حتي يحاذي بهما منكبيه ثم يركع (ثمّ ذكر كيفية الركوع و السجدتين) فقال: ثمّ يصنع في الركعة الأُخري مثل ذلك «2» توفّي- سنة ستين، و قيل: - تسع و خمسين.

______________________________

(1) الجرح و التعديل 5- 237، مشاهير علماء الامصار 41 برقم 77، الثقات لابن حبّان 3- 249، السنن الكبري للبيهقي 2- 137، الخلاف للطوسي 1- 367 م 125، الإستيعاب 4- 42 ذيل الاصابة، طبقات الفقهاء للشيرازي 52، المغني و الشرح الكبير 1- 577، أُسد الغابة 5- 174، تهذيب الكمال 33- 264، سير أعلام النبلاء 2- 481، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 60 ه (337، مرآة الجنان 1- 131، الاصابة 4- 47، تهذيب التهذيب 6- 184، شذرات الذهب 1- 65.

(2) و ليس فيما يرويه أبو حُميد أنّ النبيّ «صلي اللّٰه عليه و آله و سلم» وضع يده اليمني علي اليسري.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 158

49 عبد اللّه بن جعفر الطيّار «1»

(1- 80 ه) ابن أبي طالب عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم، أبو جعفر القرشيّ، الهاشميّ، المدنيّ، ابن أخي الامام عليّ- عليه السّلام، و صهره علي ابنته زينب «عليها السّلام».

ولد بأرض الحبشة لما هاجر أبواه إليها، و كفله النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بعد استشهاد أبيه جعفر في غزوة مؤتة (8 ه).

روي عن: النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، و عن الامام علي- عليه السّلام، و عن أمّه أسماء بنت عميس.

روي عنه: ابناه: إسحاق، و إسماعيل، و الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي

طالب، و سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، و عامر الشَّعبي، و ابن خالته عبد اللّه بن شدّاد بن الهاد، و القاسم بن محمد بن أبي بكر، و آخرون.

______________________________

(1) تاريخ خليفة 184، التأريخ الكبير 5- 7 برقم 11، المعارف 119، الثقات لابن حبان 3- 207، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 71 برقم 54، رجال الطوسي 23 برقم 9، تهذيب الكمال 14- 367، الكامل في التأريخ 4- 456، أُسد الغابة 3- 133، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 263 برقم 292، رجال ابن داود 200 برقم 830، مختصر تاريخ دمشق 12- 72 برقم 62، رجال العلامة الحلي 103 برقم 2، سير أعلام النبلاء 3- 456، تاريخ الإسلام (حوادث 80) 61 428 برقم 187، الوافي بالوفيات 17- 107 برقم 93، مرآة الجنان 1- 161، البداية و النهاية 9- 35، تهذيب التهذيب 5- 170، نقد الرجال 196 برقم 65، مجمع الرجال 3- 271، جامع الرواة 1- 478، تنقيح المقال 2- 173 برقم 6784، معجم رجال الحديث 10، 148- 137، قاموس الرجال 5- 408، الاعلام للزركلي 4- 74، و غيرها من المصادر و هي كثيرة.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 159

و كان كبير الشأن جليل القدر، لسناً بليغاً، جواداً كريماً، و أخباره في الجود كثيرة مشهورة، و كان يسمّي بحر الجود، و يقال: إنّه لم يكن في الإسلام أسخي منه.

عدّه ابن حزم في أصحاب الفتيا، و وصفه الذهبي بالسيّد العالم.

رُوي أنّ أسماء بنت عميس ذكرت للنبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يُتم أولاد جعفر، فقال- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-: العَيْلة تخافين عليهم، و أنا وليُّهم في الدنيا و الآخرة؟ و كان عبد اللّه

بن جعفر فيمن شهد صفّين مع الامام- عليه السّلام-، و كان أحد الأُمراء فيها، و كان عليّ- عليه السّلام ينهاه و الحسنَ و الحسينَ و العباسَ بن ربيعة و عبدَ اللّه ابن العباس عن مباشرة الحرب، ضنّا بهم علي القتل.

و كان شديد التعظيم للِامامين الحسن و الحسين «عليهما السلام»، و له مواقف في الذبِّ عنهما أمام محاولات معاوية للنيل منهما، يوم كان يمهّد للبيعة لابنه يزيد «1».

و لما عزم الامام الحسين- عليه السّلام علي النهوض لمقارعة الظالمين، و خرج من مكة قاصداً الكوفة، بعث عبد اللّه بن جعفر إليه كتاباً مع ابنيه عون و محمد، أعرب فيه عن حبِّه له و اعتزازه به، و قال فيه: إن هلكتَ اليوم طُفيَ نور الارض، فإنّك علم المهتدين، و رجاء المؤمنين «2» فكان عون و محمد من المستشهدين بين يدي الحسين- عليه السّلام بكربلاء.

قال إبراهيم بن صالح: عوتب عبد اللّه بن جعفر علي السخاء، فقال: يا هؤلاء إنّي عوّدت اللّه عادةً، و عوّدني عادة، و إني أخاف إن قطعتها قطعني.

توفّي- سنة ثمانين، و قيل: - أربع و ثمانين، و قيل غير ذلك.

______________________________

(1)- راجع الامامة و السياسة لابن قتيبة: 158، 164.

(2) تاريخ الطبري: 4- 291، و الكامل لابن الاثير: 4- 40.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 160

50 عبد اللّه بن الزبير «1»

(1، 2- 73 ه) ابن العوام القرشي الاسدي، أبو خُبيب، و قيل: أبو بكر.

ولد في السنة الأُولي أو الثانية من الهجرة، و هو أوّل مولود في الإسلام للمهاجرين.

روي عن النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و عن: أبيه و أبي بكر و عائشة و عمر و غيرهم.

روي عنه: أخوه عروة، و ابناه عامر و عباد، و عمرو بن دينار، و آخرون.

______________________________

(1)

الطبقات الكبري لابن سعد 2- 294، تاريخ خليفة 39، الطبقات لخليفة 406 برقم 1987، التأريخ الكبير 5- 6، المعرفة و التاريخ 1- 243، تاريخ الطبري 5- 29، الجرح و التعديل 5- 56، مروج الذهب 3- 272، مشاهير الاعلام و الأَمصار 55 برقم 154، الثقات لابن حبّان 3- 212، المستدرك للحاكم 3- 547، حلية الاولياء 1- 329، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 49 برقم 16، رجال الطوسي 23- 10، الخلاف للطوسي 1- 403 و 377 و 319 طبع جامعة المدرسين، الإستيعاب 2- 291 ذيل الاصابة، طبقات الفقهاء للشيرازي 50، صفة الصفوة 1- 764، المنتظم 6- 124، أُسد الغابة 3- 161، الكامل في التأريخ 4- 348، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 266، وفيات الاعيان 3- 71، تهذيب الكمال 14- 508، سير أعلام النبلاء 3- 363، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 75 ه (435، العبر للذهبي 1- 60، الوافي بالوفيات 17- 172، فوات الوفيات 2- 171، البداية و النهاية 8- 337، الجواهر المضيئة 2- 415، غاية النهاية 1- 419، النجوم الزاهرة 1- 189، الاصابة 2- 301، تهذيب التهذيب 5- 213، تقريب التهذيب 1- 415، شذرات الذهب 1- 79، مجمع الرجال 3- 282، جامع الرواة 1- 484، تنقيح المقال 2- 181، الاعلام 4- 87، معجم رجال الحديث 10- 186 برقم 6859، بغية الطلب 1- 253.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 161

و قد عُدّ من المتوسطين في الفتيا من الصحابة، و نقل عنه الشيخ الطوسي في كتاب «الخلاف» ثماني فتاوي.

شهد فتح افريقية في زمن عثمان، و شهد وقعة الجمل مع أبيه و خالته عائشة، و هو الذي زيّن لها المسير إلي البصرة.

و لما تراءي الجمعان في الجمل، قال الامام عليّ- عليه

السّلام للزبير: قد كنّا نعدّك من بني عبد المطلب حتي بلغ ابنك ابن السوء ففرّق بيننا «1» و ذكّره أشياء، و لما عزم الزبير علي اعتزال المعركة بعد ما ذكّره الامام عليّ- عليه السّلام بحديث النبي ص و إعلامه بأنّه سيقاتل عليّا و هو له ظالم، عيّره ابنه بالجبن و اتهمه بالخوف و قال له: و لكنّك خشيت رايات ابن أبي طالب و علمتَ أنّها تحملها فتية أنجاد و أنّ تحتها الموت الاحمر فجبنتَ، فاحفظه ذلك و قال: إنّي حلفتُ أن لا أُقاتله، قال: كفِّر عن يمينك و قاتله، فأعتق غلامه مكحولًا و قيل سرجس «2» و يذكر المؤرخون أنّ ابن الزبير كان يبغض بني هاشم، وقد بلغ من بغضه لهم أنّه ترك الصلاة علي محمّد- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أربعين جمعة و يقول: إنّه لا يمنعني من ذكره إلّا أن تشمخَ رجال بآنافها.

و لما مات معاوية بن أبي سفيان (سنة 60 ه) و تولّي يزيد الامر، كتب إلي والي المدينة أن يأخذ الامام الحسين- عليه السّلام و ابن الزبير و ابن عمر أخذاً ليس فيه رخصة، فخرج الامام الحسين- عليه السّلام و ابن الزبير إلي مكة، و امتنعا أن يبايعا ليزيد.

و كان ابن الزبير يأتي الحسين- عليه السّلام فيمن يأتيه بمكة، و لا يزال يشير عليه

______________________________

(1)- و جاء في شرح نهج البلاغة: 20- 103 أنّ أمير المؤمنين- عليه السّلام- قال: ما زال الزبير رجلًا منّا أهل البيت حتي نشأ ابنه المشئوم عبد اللّه.

و ذكر ابن عبد ربه في الإستيعاب- ترجمة ابن الزبير، هذا القول للِامام علي- عليه السّلام- إلّا أنّه لم يذكر لفظة المشئوم.

(2) انظر الكامل في التأريخ لابن الاثير: 3-

240.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 162

بالرأي و هو أثقل خلق اللّه علي ابن الزبير، لَانّ أهل الحجاز لا يبايعونه ما دام الحسين باقياً بالبلد.

و لما عزم الامام الحسين- عليه السّلام علي المسير إلي الكوفة، قال له عبد اللّه بن العباس: لقد أقررتَ عين ابن الزبير بتخليتك إياه و الحجاز، ثمّ خرج ابن عباس من عنده فمرّ بابن الزبير فقال: قرّت عينك يا ابن الزبير ثم قال:

يا لكِ من قنبرة بمعمرِ خلا لكِ الجو فبيضي و اصفري

و نقّري ما شئتِ أن تنقّري

هذا حسين يخرج إلي العراق و عليك بالحجاز «1» و في سنة (63 ه) وجّه يزيد بن معاوية مسلمَ بن عقبة المُرّي في جيش من أهل الشام و أمره بقتال أهل المدينة، فإذا فرغ سار إلي مكة، فدخل مسلم المدينة و عبث فيها و أسرف في القتل، ثمّ خرج فلما كان في بعض الطريق مات، فاستخلف حُصين بن نُمير الكندي، فمضي إلي مكة فقاتل بها ابن الزبير أياماً، ثمّ بلغه موت يزيد، فرحل هو و أصحابه نحو دمشق.

و عقيب موت يزيد بن معاوية دعا ابن الزبير لنفسه بالخلافة، فحكم الحجاز و العراق و اليمن و خراسان.

ثمّ دعا ابنَ عباس و محمد بن عليّ بن أبي طالب المعروف بابن الحنفية و مَن معه من أهل بيته و شيعته ليبايعوه فامتنعوا، فأكثر الوقيعة في محمّد بن الحنفية و ذمَّه.

فلما ظهر المختار الثقفي بالكوفي عام (66 ه) خاف ابن الزبير أن يتداعي

______________________________

(1)- انظر تاريخ الطبري: 4- 288 حوادث سنة (60 ه).

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 163

الناس إلي الرضا بابن الحنفية، فألحّ عليه و علي أصحابه في البيعة له، فحبسهم في الشِّعب و توعدهم بالقتل و

الإحراق و أعطي اللّه عهداً إن لم يبايعوا أن ينفّذ فيهم ما توعّدهم، و ضرب لهم في ذلك أجلًا.

فأرسل المختار أبا عبد اللّه الجدلي في أربعة آلاف، فلما كانوا ببعض الطريق تعجّل منهم ثمانمائة حتي دخلوا مكة، فكبّروا تكبيرة سمعها ابن الزبير فهرب إلي دار الندوة، و يقال تعلّق بأستار الكعبة و قال: أنا عائذ اللّه، ثمّ استخلصوا محمّد بن الحنفية و من كان معه و كان ابن الزبير قد أعدّ لهم الحطب ليحرقهم ثمّ استأذنوه في قتل ابن الزبير فقال رحمه اللّه تعالي: إنّي لا استحلّ القتال في الحرم «1» ذكر ابن عبد البرّ أنّ عبد اللّه بن الزبير: كان كثير الصلاة، كثير الصيام، شديد البأس، كريم الجدات و الأُمّهات و الخالات إلّا أنّه كانت فيه خلال لا تصلح معها الخلافة، لَانّه كان بخيلًا ضيّق العطن، سيّئَ الخلق، حسوداً كثير الخلاف، أخرج محمد بن الحنفية من مكة و المدينة و نفي عبد اللّه بن عباس إلي الطائف «2».

و في سنة (65 ه) توفّي مروان بن الحكم، فقام بأمر الشام ابنه عبد الملك، فسار إلي العراق في سنة (71 ه) لقتال مصعب ابن الزبير، فاستولي عبد الملك علي العراق.

و لما قتل عبد الملك مصعباً و أتي الكوفة، وجّه منها الحجاج بن يوسف الثقفي في جيش من أهل الشام لقتال عبد اللّه بن الزبير، فحاصره ثمانية أشهر و قيل غير ذلك، و لم تزل الحرب بينهما إلي أن انتهت بمقتل ابن الزبير في مكة بعد أن تفرّق عنه عامة أصحابه و ذلك في- سنة ثلاث و سبعين.

______________________________

(1)- انظر الكامل في التأريخ: 4 251- 249.

و سير أعلام النبلاء: 4- 118 ترجمة محمد بن الحنفية، و فيه: فانتدب

منهم ثمانمائة رأسهم عطية بن سعد العوفي.

و جاء في مروج الذهب: 3- 275 أنّ أبا عبد اللّه الجدلي نفسه كان قائد هذه المجموعة.

(2) الإستيعاب: 3- 906 ترجمة عبد اللّه بن الزبير.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 164

51 عبد اللّه بن العباس «1»

(3 ق ه- 68 ه) ابن عبد المطلب القرشي الهاشمي، أبو العباس المدني، ابن عم رسول اللّه.

- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم وُلد في الشِّعب بمكة و بنو هاشم محصورون، و ذلك قبل الهجرة بثلاث سنين.

روي عن النبيّ- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و عن عليّ- عليه السّلام و أُبي بن كعب، و عمار بن ياسر و أبي ذر الغفاري، و عمر بن الخطاب، و بُريدة بن الحصيب الاسلمي، و طائفة.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 2- 365، التأريخ الكبير 5- 2، المعارف 73، المعرفة و التاريخ 1- 217، رجال البرقي 2، الجرح و التعديل 5- 116، الثقات لابن حبّان 3- 248، مشاهير علماء الامصار 28 برقم 17، المعجم الكبير للطبراني 10- 232، المستدرك للحاكم 3- 533، حلية الاولياء 1- 314، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 43 برقم 7، رجال الطوسي 22 برقم 6، تاريخ بغداد 1- 173، الإستيعاب 2 349- 342، طبقات الفقهاء للشيرازي 39 و 42 و 46 و 48 و 49، صفة الصفوة 1- 314، أُسد الغابة 3- 192، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 274، رجال ابن داود 121 برقم 880، رجال العلّامة الحلي 103، تهذيب الكمال 15- 154، سير أعلام النبلاء 3- 331، العبر 1- 56، تذكرة الحفّاظ 1- 40، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 68 ه) 148، نكت الهميان 180، الوافي بالوفيات 17- 231، مرآة الجنان 1- 143، البداية و النهاية

8- 298، الجواهر المضيئة 2- 415، تهذيب التهذيب 5- 276، تقريب التهذيب 1- 425، الاصابة 2 326- 322، شذرات الذهب 1- 25، مجمع الرجال للقهبائي 4- 24، جامع الرواة 1- 494، تنقيح المقال 2- 191 برقم 6921، أعيان الشيعة 8 57- 55، الاعلام 4- 95، معجم رجال الحديث 10- 229 برقم 6943، قاموس الرجال 6- 3.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 165

روي عنه: سعيد بن جُبير، و أبو أُمامة أسعد بن سهل بن حنيف، و أبو الطفيل عامر بن واثلة، و عطاء بن أبي رباح، و عمرو بن دينار، و أبو الشعثاء جابر ابن زيد، و عكرمة، و آخرون.

و كان فقيهاً مفتياً محدثاً عالماً بالتفسير، و هو أوّل من أملي في تفسير القرآن عن الامام عليّ- عليه السّلام و كان يسمّي البحر و الحَبْر لغزارة علمه.

رُوي عنه أنّه قال: دعاني رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، فمسح علي ناصيتي و قال: اللّهمّ علّمه الحكمة و تأويل الكتاب.

و كان خطيباً مصقعاً و مناظراً قديراً، و كان عمر يدنيه و يشاوره مع كبار الصحابة، و كان يفتي في عهد عمر و عثمان إلي يوم مات.

عُدّ من المكثرين في الفتيا من الصحابة، و نقل عنه الشيخ الطوسي في كتاب «الخلاف «201 فتوي، و كان ممن ثبت علي القول بإباحة المتعة و عدم نسخها.

قال عطاء: ما رأيت مجلساً قط كان أكرم من مجلس ابن عباس، و إنّ أصحاب القرآن عنده يسألونه، و أصحاب الشعر عنده يسألونه، و أصحاب الفقه عنده يسألونه، كلّهم يصدرهم في واد واسع.

و كان ابن عباس محباً لعليّ- عليه السّلام ملازماً لطاعته في حياته و بعد مماته، و كان تلميذه و خرّيجه، قيل له:

أين علمك من علم ابن عمّك؟ فقال: كنسبة قطرة من المطر إلي البحر المحيط «1» و إلي هذا المعني أشار محمود البغدادي، فقال:

و أفصحَ عبد اللّه عن كُنهِ موقفٍ و ذلك حبْر ثاقبُ الفكر عَيْلَمُ

ألا إنّ علمي للوصي كقطرةٍ إلي البحر ما لابن الفواطم توأمُ

«2»

______________________________

(1)- مقدمة شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 1- 19.

(2) من قصيدة طويلة له، مطلعها:

احبُّ و إنّ الحبّ صابٌ و علقمُ و أيقنت أنّي منذ أحببتُ أُظلَمُ

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 166

و قد شهد ابن عباس مع الامام علي- عليه السّلام حروبه كلّها الجمل و صفين و النهروان، و ولّاه أمير المؤمنين البصرة بعد ظفره بأصحاب الجمل، و كان يُعدّه لمهام الأُمور فقد أرسله إلي أُمّ المؤمنين بعد حرب الجمل فكان له في ذلك المقام المشهود، و أراده للحكومة يوم صفّين، فأبي أهل الجباة السود العمي القلوب، و بعثه إلي الخوارج يوم النهروان فاحتجّ عليهم بأبلغ الحجج، و له في نصرة علي- عليه السّلام و أبنائه مواقف مشهورة.

جاء في شرح نهج البلاغة 5- 179: و أمّا اليوم الخامس أي من أيام صفّين فانّه خرج فيه عبد اللّه بن عباس، فخرج إليه الوليد بن عقبة.. فأرسل إليه عبد اللّه بن العباس أن ابرز إلي، فأبي أن يفعل، و قاتل ابن عباس ذلك اليوم قتالًا شديداً.

و من شعره في أمير المؤمنين- عليه السّلام-:

وصي رسول اللّه من دون أهله و فارسُه إن قيل هل من مُنازلِ

فدونكه إن كنت تبغي مهاجراً أشمَّ كنصل السيف عَيْر حَلاحلِ

«1»

______________________________

(1)- عَيْر القوم: سيدهم، و الحَلاحل بالفتح جمع حُلاحل بالضم، و هو الشجاع.

و روي الحاكم في مستدركه (3- 132) بسنده

عن عمرو بن ميمون في حديث طويل، قال: إنّي لجالس عند ابن عباس إذ أتاه تسعة رهط فقالوا: يا ابن عباس إمّا أن تقوم معنا و إمّا أن تخلو بنا من بين هؤلاء، قال فقال ابن عباس: بل أنا أقوم معكم.

قال و هو يومئذ صحيح قبل أن يعمي قال: فابتدءوا فتحدثوا فلا ندري ما قالوا فجاء ينفض ثوبه و يقول: أف و تف وقعوا في رجل له بضع عشرة فضائل ليست لَاحد غيره، وقعوا في رجل قال له النبي ص: لَابعثن رجلًا لا يخزيه اللّه أبداً يحب اللّه و رسوله و يحبه اللّه و رسوله، ثم قال: قال ابن عباس: و قال له رسول اللّه ص: أنت ولي كل مؤمن بعدي و مؤمنة، ثم قال: قال ابن عباس: و قال رسول اللّه ص: من كنت مولاه فانّ مولاه عليّ.. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الاسناد و لم يخرجاه بهذه السياقة، و صححه الذهبي في تلخيصه.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 167

و كان يلقي معاوية بقوارع الكلم، قال له يوماً معاوية: ما بالكم تصابون بأبصاركم يا بني هاشم؟ فقال له: كما تصابون في بصائركم يا بني أُمية.

و عمي هو و أبوه و جده.

و كان يمسك بركاب الحسن و الحسين «عليهما السلام» إذا ركبا.

و لما أبي الحسين- عليه السّلام أن يبايع ليزيد، و أراد أن يسير من مكة إلي العراق، قال له ابن عباس: أقم بهذا البلد فانّك سيد أهل الحجاز، فإنْ أبيتَ فسر إلي اليمن.. فقال له الحسين- عليه السّلام: يا ابن عم إنّي و اللّه لَاعلم أنّك ناصح مشفق و لكنّني قد أزمعت و أجمعت علي المسير «1».

و لما خرج الحسين- عليه السّلام إلي الكوفة اجتمع

ابن عباس و عبد اللّه بن الزبير بمكة، فضرب ابن عباس جنب ابن الزبير و تمثّل:

يا لكِ من قُبَّرة بمَعْمَرِ خلا لكِ الجو فبيضي و اصفري

و نقّري ما شئت أن تُنقّري

خلا لك و اللّه يا ابن الزبير الحجاز، فقال ابن الزبير: و اللّه ما ترون إلّا أنّكم أحقُّ بهذا الامر من سائر الناس، فقال له ابن عباس: إنّما يري من كان في شك، فأمّا نحن من ذلك فعلي يقين «2» و من كلام ابن عباس:

______________________________

(1)- تاريخ الطبري: 4- 288 حوادث سنة (60 ه).

(2) مختصر تاريخ دمشق لابن منظور: 12- 325 ترجمة عبد اللّه بن عباس.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 168

لو أنّ العلماء أخذوا العلم بحقّه لَاحبهم اللّه عزّ و جلّ و الملائكة و الصالحون من عباده، و لَهابَهم الناس لفضل العلم و شرفه.

و قال: ما بلغني عن أخ لي مكروه قط إلّا أنزلته أحد ثلاثة منازل: إن كان فوقي عرفتُ له قدره، و إن كان نظيري تفضّلتُ عليه، و ان كان دوني لم أحفِل به.

و قال: أكرم الناس عليَّ جليسي، إنّ الذباب ليقع عليه فيؤذيني.

و كان بين ابن عباس و بين ابن الزبير منافرات شديدة، رواها المؤرخون في كتبهم.

و لما دعا ابن الزبير لنفسه بالخلافة، أبي ابن عباس أن يبايعه، فأخرجه من مكة إلي الطائف فتوفّي بها- سنة ثمان و ستين.

و لما دُفن قال محمّد بن الحنفية: اليوم مات ربّانيّ هذه الأُمّة.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 169

52 أبو بكر بن أبي قحافة «1»

(2، 3 بعد عام الفيل- 13 ه) عبد اللّه بن عثمان بن عامر القرشي التّيمي.

ولد بمكة بعد عام الفيل بسنتين أو ثلاث.

و كان من السابقين إلي الإسلام، و آخي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه

و آله و سلّم بينه و بين عمر بن الخطاب، و هاجر مع رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و صحبه في الغار.

شهد بدراً و سائر المشاهد مع رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

______________________________

(1) طبقات ابن سعد 3- 169، المحبر 278، التأريخ الكبير 3- 1، تاريخ المدينة المنورة 2- 665، المعارف 98 و 104، الامامة و السياسة 1- 20، تاريخ اليعقوبي 1- 113 و 128، تاريخ الطبري 2- 613 و 623، الجرح و التعديل 5- 111، حلية الاولياء 1- 28، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 45 برقم 10، الاحكام في أُصول الاحكام لابن حزم 2- 88، الإستيعاب 2- 234 و 249، طبقات الفقهاء للشيرازي 36، المنتظم 4- 115، أُسد الغابة 3- 205 و 224، الكامل في التأريخ 2- 58 و 325 و 425، تهذيب الاسماء و اللغات 2- 181 و 191، وفيات الاعيان 3- 64، الرياض النضرة 1- 73 و 268، العبر 1- 13، تذكرة الحفّاظ 1- 2، تاريخ الإسلام للذهبي السيرة النبوية 136 و عهد الخلفاء الراشدين 21، أعلام الموقعين 1- 12، الوافي بالوفيات 17- 305، مرآة الجنان 1- 65، البداية و النهاية 5- 214 و 223 و 6- 305 و 7- 18، الجواهر المضيئة 2- 415، الاصابة 2- 333، تهذيب التهذيب 5- 315، تقريب التهذيب 1- 432، طبقات الحفّاظ 13، شذرات الذهب 1- 24، سيرة الحلبي 3- 455 و 496، أعيان الشيعة 1- 429، الغدير 7- 87 و 329 و 8- 30 و 60، الاعلام للزركلي 4- 102.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 170

و لما نزلت سورة براءة في سنة تسع للهجرة، دفعها النبي- صلّي اللّه عليه

و آله و سلّم إلي أبي بكر، حتي إذا كان ببعض الطريق، أرسل علياً رضي اللّه عنه فأخذها منه ثم سار بها، فوجد أبو بكر في نفسه، فقال رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: لا يؤدي عنّي إلّا أنا أو رجل منّي «1» و في سنة احدي عشرة أمر النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم الناس بالتهيوَ لغزو الروم، فلم يبق أحد من وجوه المهاجرين و الانصار إلّا عبّأه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- بالجيش، و أجمع أهل السير و الاخبار علي أنّ أبا بكر و عمر و عبد الرحمن بن عوف و طلحة و الزبير و غيرهم كانوا في الجيش، ثم مرض- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- فلما أصبح و وجدهم متثاقلين، خرج إليهم فحضّهم علي السير و عقد اللواء لاسامة بيده الشريفة، فجعلوا يودعونه و يخرجون إلي العسكر بالجرف، ثم ثقل- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- في مرضه فجعل يقول: جهزوا جيش اسامة، انفذوا جيش اسامة، يكرر ذلك، ثم رجع اسامة و عمرو أبو عبيدة، فانتهوا إليه و هو يجود بنفسه، فتوفّي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- في ذلك اليوم، فرجع الجيش إلي المدينة، و لما تمّ الامر لَابي بكر سيّر الجيش بقيادة أُسامة بن زيد و تخلّف عنه جماعة ممن عبّأهم رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في جيشه فشنّ الغارة علي أهل أُبني.

و لما توفّي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم اجتمع الانصار في سقيفة بني ساعدة ليبايعوا سعد ابن عبادة، فبلغ ذلك أبا بكر فأتاهم و معه عمر و أبو عبيدة

بن الجراح، و حدث بين الطرفين خلاف طويل و عريض، ثم قال أبو بكر: إنّي قد رضيتُ لكم أحد هذين الرجلين: عمر أو أبا عبيدة، فقام عمر فبايع أبا بكر، فقالت الانصار أو

______________________________

(1)- أخرجه النسائي في «الخصائص» ص 91 بسنده عن سعد.

و أخرجه أيضاً عن أنس، و جابر، و عن الامام علي- عليه السّلام- و فيه: أنّ رسول اللّه ص بعث ب «براءة» إلي أهل مكة مع أبي بكر.

ثم اتبعه بعلي.

فقال له: خذ الكتاب فامضِ به إلي أهل مكة، قال: فلحقته و أخذت الكتاب منه، فانصرف أبو بكر كئيباً، فقال: يا رسول اللّه ص أنزل فيّ شي ء؟ قال: لا إلّا أنّي أُمرتُ أن أُبلّغه أنا أو رجل من أهل بيتي.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 171

بعض الانصار لا نبايع إلّا علياً «1» ثم تمت البيعة لَابي بكر، و التي قال عنها عمر: كانت بيعة أبي بكر فلتة وقي اللّه المسلمين شرها فمن عاد إلي مثلها فاقتلوه.

و لم يشهد الامام علي- عليه السّلام و سائر أوليائه من بني هاشم و غيرهم البيعة، و لم يدخلوا السقيفة، بل كانوا منصرفين إلي خطبهم الفادح برسول اللّه و قيامهم بالواجب من تجهيزه.

قال ابن الاثير في «أسد الغابة»: و تخلّف عن بيعته [أي بيعة أبي بكر] علي و بنو هاشم و الزبير بن العوام و خالد بن سعيد بن العاص و سعد بن عبادة الانصاري «2».

و كان لَابي بكر مع الزهراء البتول «عليها السّلام» في قضية فدك و غيرها مواقف أدّت إلي غضبها و هجرانها له، حتي توفيت «عليها السّلام» و هي غاضبة عليه كما أخرج ذلك البخاري «3» و غيره.

______________________________

(1)- تاريخ الطبري: 2- 443 ذكر الاخبار الواردة باليوم الذي توفّي

فيه رسول اللّه ص.

(2) إنّ الذين وقفوا إلي جانب الامام علي- عليه السّلام- كانوا من أعيان المهاجرين و الأَنصار كعمار بن ياسر، و أبي ذر الغفاري، و المقداد بن الاسود، و سلمان الفارسي، و العباس بن عبد المطلب، و حذيفة ابن اليمان، و غيرهم، و كانوا يعتقدون بحقه- عليه السّلام- في الخلافة من خلال مواقف النبي ص و تصريحاته العديدة فيه في مختلف المناسبات، و التي ختمها بقوله ص في حجة الوداع، وقد أخذ بيد علي- عليه السّلام-: من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه، اللّهمّ والِ من والاه و عادِ من عاداه.. وقد رُوي هذا الحديث بطرق كثيرة جداً تجدها مبثوثة في تراجم الصحابة.

(3) روي ذلك في صحيحه عن عائشة في باب فرض الخمس، و رواه أيضاً في كتاب المغازي في غزوة خيبر، قال: فوجدت فاطمة علي أبي بكر فهجرته فلم تكلمه حتي توفّيت و عاشت بعد النبي ص ستة أشهر فلما توفّيت دفنها زوجها عليّ ليلًا و لم يؤذِن بها أبا بكر و صلّي عليها.. وقد روي البخاري في باب مناقب فاطمة «عليها السّلام» بسنده عن المسور بن مخرمة أنّ رسول اللّه ص قال: فاطمة بضعة منّي فمن أغضبها أغضبني.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 172

و في أيام أبي بكر افتُتحت بلاد الشام و قسم كبير من العراق.

و كان قليل الرواية عن النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم «1» فاتفق له الشيخان علي ستة، و انفرد البخاري بأحد عشر و مسلم بواحد.

روي عنه: عمر بن الخطاب، و زيد بن ثابت، و عثمان، و ابن عمر، و غيرهم.

و عُدّ من المتوسطين من الصحابة فيما روي عنه من الفتيا، و نقل عنه الشيخ الطوسي في

«الخلاف» أربعاً و أربعين فتوي منها: انّه كان يري جواز تولية المفضول علي من هو أفضل منه.

و كان أبو بكر يقول برأيه في العديد من المسائل و الاحكام، فقد سئل عن الكلالة التي نزل بحكمها القرآن فقال: إنّي سأقول فيها برأيي، فان يك صواباً فمن اللّه، و ان يك خطأ فهو منّي و من الشيطان «2».

و جاء في «سنن البيهقي «: 6- 246 عن أبي سعيد الخدري، قال: إنّ أبا بكر رضي اللّه عنه كان ينزل الجد بمنزلة الاب.

(يعني أنّه كان يحجب الاخوة بالجد كما أنّ الاب يحجب الاخوة و الاخوات).

توفّي أبو بكر بالمدينة في- سنة ثلاث عشرة، و لما حضره الموت استخلف عمر ابن الخطاب.

______________________________

(1)- و جمع ابن كثير حديث أبي بكر في اثنين و سبعين حديثاً و سمي مجموعة «مسند الصدّيق» و استدرك ما جمعه ابن كثير جلال الدين السيوطي فأنهي أحاديثه إلي مائة و أربعة، علماً أنّ جملة منها ما ليس بحديث و إنّما هو قول، كقوله: شاور رسول اللّه في أمر الحرب.. و قوله: إنّ رسول اللّه ص أهدي جملًا لَابي جهل.

و منها ما هو محكوم عليه بالوضع كقوله: إنّما حرّ جهنم علي أُمّتي مثل الحمّام.

انظر الغدير: 7- 108.

(2) سنن البيهقي: 6- 234.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 173

53 عبد اللّه بن عمر «1»

(10، 11 ق ه- 73، 74 ه) ابن الخطاب القرشي العدوي، أبو عبد الرحمن.

أسلم بمكة مع إسلام أبيه، و هاجر مع أبيه و أُمّه إلي المدينة، و هو ابن عشر، أو إحدي عشرة سنة، و ردّه رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم عن القتال يوم أُحد لصغر سنّه، و أجازه يوم الخندق كما روي عنه، و شهد فتح مكة.

و مولده

و وفاته فيها.

قال الخطيب: خرج إلي العراق، فشهد يوم القادسية، و يوم جلولاء، و ما بينهما من وقائع الفرس، و ورد المدائن غير مرّة.

______________________________

(1) الموطأ لمالك 1- 149، الطبقات الكبري لابن سعد 4- 142، المحبر 24، التأريخ الكبير 5- 2، المعرفة و التاريخ 1- 249، الكني و الأَسماء للدولابي 80، الجرح و التعديل 5- 107، مشاهير علماء الامصار 37 برقم 55، الثقات لابن حبان 3- 209، المعجم الكبير للطبراني 1- 342، المستدرك للحاكم 3- 556، حلية الاولياء 1- 292، الاحكام لابن حزم 2- 87، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 42 برقم 5، تاريخ بغداد 1- 171، الإستيعاب 2- 333، طبقات الفقهاء للشيرازي 50، المنتظم 6- 133، أُسد الغابة 3- 227، الكامل في التأريخ 4- 363، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 278، وفيات الاعيان 3- 28، الرياض النضرة 2- 423، تهذيب الكمال 15- 332، سير أعلام النبلاء 3- 203، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 73 ه) 453، العبر للذهبي 1- 61، الوافي بالوفيات 17- 362، مرآة الجنان 1- 154، البداية و النهاية 9- 5، غاية النهاية 1- 437، النجوم الزاهرة 1- 192، تهذيب التهذيب 5- 328، تقريب التهذيب 1- 435، الاصابة 2- 338، كنز العمال 13- 475، شذرات الذهب 1- 81، الغدير 10- 3، الاعلام 4- 108.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 174

روي عن النبيّ- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و عن: أبيه، و أُخته حفصة أُمّ المؤمنين، و سعد بن أبي وقاص، و أبي بكر، و آخرين.

روي عنه: الحسن البصري، و السائب والد عطاء، و سعيد بن المسيب، و نافع، و عروة بن الزبير، و عمرو بن دينار، و غيرهم.

و هو أحد أكثر الصحابة

رواية عن النبيّ- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، و قد نقل عنه مالك بن أنس في «الموطإ» كثيراً من أحاديثه، و اعتمد عليه في أكثر أحكامه.

روي عن مالك أنّ أبا جعفر المنصور قال له: خذ بقوله يعني ابن عمر و إنْ خالف علياً و ابن عباس!! و كان ابن عمر ممّن امتنع عن بيعة أمير المؤمنين علي- عليه السّلام، و كان رأيه كما يقول ابن حجر انّه لا يبايع لمن لم يجتمع عليه الناس «1».. ثم بايع لمعاوية لما اصطلح مع الحسن بن علي، و بايع لابنه يزيد بعد موت معاوية لاجتماع الناس «2» عليه.

لقد امتنع ابن عمر عن بيعة علي- عليه السّلام التي أجمع عليها المسلمون، (و بلغ من سرور الناس ببيعتهم إياه أن ابتهج بها الصغير، و هدج إليها الكبير، و تحامل نحوها العليل، و حسرت إليها الكعاب («3» فأي اجماع حصل في التأريخ علي خليفة كالذي حصل لعلي- عليه السّلام، و هذا ابن حجر نفسه يقول: (كانت بيعة علي

______________________________

(1)- فتح الباري لابن حجر: 5- 19.

(2) نفس المصدر: 13- 165.

و ذكر الآبي (ت 421) في نثر الدر: 2- 90 أنّ ابن عمر استأذن علي الحجاج ليلًا، فقال له الحجاج: ما جاء بك؟ قال: ذكرتُ قول النبي ص: «من مات و ليس في عنقه بيعة لِامام مات ميتة جاهلية» فمدّ إليه رجله، فقال: خذ فبايع، أراد بذلك الغضّ منه.

(3) من خطبة للِامام علي- عليه السّلام- وصفَ فيها بيعة الناس له.

شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 13- 3.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 175

بالخلافة عقب قتل عثمان في أوائل ذي الحجة سنة خمس و ثلاثين، فبايعه المهاجرون و الانصار و كل من حضر و

كتب ببيعته إلي الآفاق فأذعنوا كلهم إلّا معاوية في أهل الشام («1» ثمّ ما الذي يبرر بيعته لمعاوية الذي شق عصا الطاعة، و نازع الامام في أمر لا يحلّ له «2»، و تسبب في حرب ضروس راح ضحيتها عدد كبير من الصحابة الكرام و التابعين لهم بإحسان «3» ثمّ أي إجماع وقع علي بيعة يزيد المعروف بالخلاعة و المجون، و قد نبذه صلحاء الأُمّة و بقية المهاجرين و الانصار، و منهم سيد شباب أهل الجنة الحسين- عليه السّلام، و عبد اللّه بن عباس، و عبد اللّه بن الزبير، و كل من سار معهم و رأي رأيهم.

عُدّ ابن عمر في المكثرين من الفتيا من الصحابة.

و نقل عنه الشيخ الطوسي في «الخلاف «167 فتوي.

قال مروان بن الحكم لما طلب الخلافة و ذكروا له ابن عمر: ليس ابن عمر

______________________________

(1)- فتح الباري: 7- 586.

(2) تحدث عمر بن الخطاب عن الخلافة فقال: ليس فيها لطليق و لا لولد طليق و لا لمسلمة الفتح شي ء.

أسد الغابة: 4- 387 ترجمة معاوية بن أبي سفيان.

و كتب الامام علي- عليه السّلام- إلي معاوية: و اعلم أنّك من الطلقاء الذين لا تحل لهم الخلافة، و لا تعقد معهم الامامة، و لا يدخلون في الشوري.

الامامة و السياسة ص 87، و العقد الفريد 4- 136 أخبار علي و معاوية.

(3) قُتل في هذه الحرب المعروفة بصفين سبعون ألفاً، منهم من أصحاب عليّ خمسة و عشرون ألفاً، و من أصحاب معاوية خمسة و أربعون ألفاً، معجم البلدان: 3- 414 مادة (صفين).

و من الصحابة الذين استشهدوا مع علي- عليه السّلام- بصفين: عمار بن ياسر، خزيمة بن ثابت الانصاري (ذو الشهادتين)، عبد اللّه بن بُديل بن ورقاء الخزاعي، عبد اللّه بن

كعب المرادي، أبو الهيثم مالك بن التيهان، هاشم بن عتبة بن أبي وقاص المعروف بالمرقال و غيرهم كثير.

الغدير: 9- 362.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 176

بأفقه منّي.

و لكنه أسنّ، و كانت له صحبة.

و قال الشعبي: كان ابن عمر جيد الحديث و لم يكن جيد الفقه.

روي المحدّثون موارد عديدة من أوهام و أغلاط ابن عمر في الحديث، حتي أنّ عائشة استدركت عليه عدة أحاديث، كما عارضته في عدّة فتاوي.

قال ابن عمر: إنّ رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم مرّ بقبر فقال: إنّ هذا ليعذّب الآن ببكاء أهله عليه، فقالت عائشة: غفر اللّه لَابي عبد الرحمن إنّه و هل، إنّ اللّه تعالي يقول: " وَ لٰا تَزِرُ وٰازِرَةٌ وِزْرَ أُخْريٰ*" «1» إنّما قال رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم إنّ هذا ليعذّب الآن و أهله يبكون عليه.

و قال: قال رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم الشهر تسع و عشرون و صفق بيديه مرتين ثمّ صفق الثالثة و قبض إبهامه.

فقالت عائشة: غفر اللّه لَابي عبد الرحمن انّه و هل، إنّما هجر رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم نساءه شهراً، فنزل لتسع و عشرين، فقالوا: يا رسول اللّه نزلت لتسع و عشرين؟ فقال: إنّ الشهر يكون تسعاً و عشرين «2» و أخرج مُسلم من طريق نافع انّ ابن عمر كان يكري مزارعه علي عهد رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

و في امارة أبي بكر و عمر و عثمان و صدراً من خلافة معاوية حتي بلغه في آخر خلافة معاوية انّ رافع بن خديج يحدث فيها بنهي عن النبيّ- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم

فدخل عليه و أنّا معه فسأله فقال: كان رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ينهي عن كراء المزارع.

فتركها ابن عمر بعد، و كان إذا سئل عنها بعد قال: زعم رافع بن خديج إنّ رسول اللّه نهي عنها «3» و كان ابن عمر يفتي النساء إذا أحرمن أن

______________________________

(1)- الانعام: 164، الاسراء: 15، و فاطر: 18.

(2) مسند أحمد بن حنبل: 2- 31.

(3) صحيح مسلم: 10- 202 باب كراء الارض ط 30، دار احياء التراث العربي، و أخرجه ابن ماجة: 2- 87، و أبو داود في سننه: 2- 259 الحديث 3394.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 177

يقطعن الخفّين حتي أخبرته عائشة [بنت أبي عبيد] عن عائشة إنّها تفتي النساء أن لا يقطعن فانتهي عنه «1» توفّي ابن عمر- سنة ثلاث أو أربع و سبعين.

و قيل في سبب موته أنّ عبد الملك لما أرسل إلي الحجاج أن لا يخالف ابن عمر شقّ عليه ذلك فأمر رجلًا معه حربة كانت مسمومة فلما دفع الناس من عرفة لصق ذلك الرجل به فأمرّ الحربة علي قدمه فمرض منها ثم مات.

روي أنّه قال لمّا احتُضر: ما أجد في نفسي شيئاً إلّا أنّي لم أُقاتل الفئة الباغية مع علي بن أبي طالب.

و في لفظ: ما آسي علي شي ء، إلّا أنّي لم أُقاتل الفئة الباغية «2»

______________________________

(1)- السنن الكبري للبيهقي: 5- 52.

(2) روي الحاكم في مستدركه: 3- 115 بسنده عن حمزة بن عبد اللّه بن عمر أنّه بينما هو جالس مع عبد اللّه بن عمر إذ جاءه رجل من أهل العراق فقال: يا أبا عبد الرحمن إنّي و اللّه لقد حرصت أن أتسم بسمتك و أقتدي بك في أمر فُرقة الناس، و اعتزل

الشرّ ما استطعت و إنّي أقرأ آية محكمة قد أخذت بقلبي فأخبرني عنها.

أ رأيت قول اللّه عزّ و جلّ: (وَ إِنْ طٰائِفَتٰانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمٰا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدٰاهُمٰا عَلَي الْأُخْريٰ فَقٰاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتّٰي تَفِي ءَ إِليٰ أَمْرِ اللّٰهِ فَإِنْ فٰاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمٰا بِالْعَدْلِ وَ أَقْسِطُوا إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) أخبرني عن هذه الآية، فقال عبد اللّه: ما لك و لذلك انصرف عنّي.

فانطق حتي تواري عنّا سواده، و أقبل علينا عبد اللّه بن عمر، فقال: ما وجدت في نفسي من شي ء في أمر هذه الآية، و ما وجدت في نفسي أنّي لم أقاتل هذه الفئة الباغية كما أمرني اللّه عزّ و جلّ.

قال الحاكم: هذا باب كبير قد رواه عن عبد اللّه بن عمر جماعة من كبار التابعين و إنّما قدمت حديث شعيب بن أبي حمزة عن الزهري و اقتصرت عليه لَانّه صحيح علي شرط الشيخين.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 178

54 عبد اللّه بن عمرو بن العاص «1»

(..- 65، 63 ه) ابن وائل السهميّ القرشي، أبو محمد، و قيل: أبو عبد الرحمن.

أسلم قبل أبيه فيما ذُكر، و هاجر إلي المدينة بعد سنة سبع، و يقال: كان اسمه العاص فسمّاه رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم عبد اللّه.

روي عن النبي، و عن: معاذ بن جبل، و عمر بن الخطاب، و عبد الرحمن بن عوف، و آخرين.

و روي عن أهل الكتاب، و أدمن النظر في كتبهم، و اعتني بذلك.

قال ابن حجر: إنّ عبد اللّه بن عمرو كان قد ظفر في الشام بحمل جمل من كتب أهل الكتاب، فكان ينظر فيها و يحدّث منها فتجنّب الاخذ عنه لذلك كثير من

______________________________

(1) الطبقات لابن سعد 2- 373، تاريخ خليفة 115، الطبقات لخليفة 6

برقم 149، المحبر 293، التأريخ الكبير 5- 5، المعارف 163، المعرفة و التاريخ 1- 251، الجرح و التعديل 5- 116، رجال الكشي 35 برقم 71، الثقات لابن حبّان 3- 210، المستدرك للحاكم 3- 526، حلية الاولياء 1- 283، جمهرة أنساب العرب 163، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 52 برقم 22، رجال الطوسي 23، الخلاف للطوسي 3- 701- 345 2- 88) طبع جماعة المدرسين)، الإستيعاب بذيل الاصابة 2- 338، طبقات الفقهاء للشيرازي 50، أُسد الغابة 3- 233، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 281، مختصر تاريخ ابن عساكر 13- 194 برقم 47، تهذيب الكمال 15- 357 برقم 3450، تاريخ الإسلام (سنة 61 80 ه (41، سير أعلام النبلاء 3- 79، تذكرة الحفاظ 1- 41، العبر 1- 53، غاية النهاية 2- 439 برقم 1835، الاصابة 2- 343 برقم 4847، تهذيب التهذيب 5- 337، تقريب التهذيب 1- 436، شذرات الذهب 1- 73، جامع الرواة 1- 498، تنقيح المقال 2- 226، معجم رجال الحديث 10- 271 برقم 7038.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 179

أئمّة التابعين «1» و كان يكتب عن رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أقواله فنهته قريش عن ذلك.

روي أحمد بن حنبل عنه قال: كنت أكتب كل شي ء أسمعه من رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أُريد حفظه، فنهتني قريش، فقالوا: إنّك تكتب كلّ شي ء تسمعه من رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و رسول اللّٰه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بشر يتكلّم في الغضب و الرضا، فأمسكتُ عن الكتابة، فذكرت ذلك لرسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فقال: «اكتب فو الذي نفسي بيده

ما خرج منّي إلّا حقّ ««2» و قد شهد عبد اللّه مع أبيه فتح الشام، و شهد معه وقعة صفّين، فكان علي ميمنة جيش معاوية.

عن حنظلة بن خويلد العنزي، قال: بينما أنا عند معاوية إذ جاءه رجلان يختصمان في رأس عمار رضي اللّه عنه، فقال كل واحد منهما: أنا قتلته، فقال عبد اللّه ابن عمرو: ليطب به أحدُكما نفساً لصاحبه، فانّي سمعت رسول اللّه يقول: «تقتله الفئة الباغية» فقال معاوية: يا عمرو ألا تغني عنّا مجنونك، فما بالك معنا؟ قال: إنّ أبي شكاني إلي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فقال: «أطع أباك ما دام حياً» فأنا معكم و لست أُقاتل.

و قد ذُكر أنّه ندم ندامة شديدة علي قتاله مع معاوية و أنّه كان يقول: ما لي و لصفّين؟ ما لي و لقتال المسلمين؟ و اللّه لوددتُ أنّي متُّ قبل هذا بعشر سنين.

و جاء في: «أُسد الغابة» عن إسماعيل بن رجاء عن أبيه أنّه كان في مسجد رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في حلقة فيها أبو سعيد الخدري و عبد اللّه بن عمرو بن العاص فمرّ الحسين بن عليّ فسلّم، فردّ القوم السلام، فسكت عبد اللّه حتي فرغوا فرفع صوته، و قال: عليكم السلام و رحمة اللّه و بركاته ثمّ أقبل علي القوم فقال: أ لا أُخبركم بأحب أهل الارض إلي أهل السماء، قالوا: بلي، قال: هو هذا

______________________________

(1)- فتح الباري: 1- 167.

(2) المسند: 2- 162 و أخرجه أبو داود في سننه برقم (3646) من كتاب العلم.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 180

الماشي، ما كلّمني منذ ليالي صفّين و لَان يرضي عنّي أحب إليّ من أن يكون لي حمر النعم..،

ثمّ قال: إنّ عبد اللّه دخل علي الحسين ليعتذر إليه فقال الحسين: أ علمت يا عبد اللّه أنّي أحب أهل الارض إلي أهل السماء؟ قال: أي و ربّ الكعبة، قال: فما حملك علي أن قاتلتني و أبي يوم صفّين فو اللّه لَابي كان خيراً منّي، قال: أجل.. ثمّ ذكر بأنّه اعتذر بأنّ رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال له: أطع عمرواً.

أقول: ليت ابن عمرو التزم بكلمته هو، و أخذ بما ينصح به الآخرين، ذلك أنّ رجلًا سأله عن تكليفه تجاه معاوية و هو يخالف أحكام الكتاب، فقال: أطعه في طاعة اللّه و اعصه في معصية اللّه «1» و إذا كان يطيع رسول اللّه في قوله: «أطع أباك» فلم لا يطيعه في قوله- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق».

عُدّ من فقهاء الصحابة.

و قيل: كان يفتي في الصحابة.

نقل عنه الشيخ أبو جعفر الطوسي في كتاب «الخلاف» ثلاث عشرة فتوي، منها: يجب الغسل علي من غسّل ميتاً، و به قال الشافعي في البويطي، و هو قول علي- عليه السّلام و أبي هريرة، و ذهب ابن عمرو و ابن عباس و.. إلي أنّ ذلك مستحبّ.

توفّي عبد اللّه في- سنة خمس و ستين، و قيل: - ثلاث و ستين، و قيل غير ذلك.

______________________________

(1)- روي مسلم عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة، قال: دخلت المسجد فإذا عبد اللّه بن عمرو بن العاص جالس في ظل الكعبة و الناس مجتمعون عليه فأتيتهم فجلست إليه فقال: كنّا مع رسول اللّه ص في سفر.. فاجتمعنا إلي رسول اللّه ص فقال:.. و من بايع إماماً فأعطاه صفقة يده و ثمرة قلبه فليطعه إن

استطاع، فان جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر.

فدنوتُ منه فقلت له: أنشدك اللّه أنت سمعت هذا من رسول اللّه ص؟ فأهوي إلي اذنيه و قلبه بيديه، و قال: سمعته اذناي و وعاه قلبي.

فقلت له: هذا ابن عمك معاوية يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل و نقتل أنفسنا و اللّه يقول: (يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ إِلّٰا أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ مِنْكُمْ وَ لٰا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللّٰهَ كٰانَ بِكُمْ رَحِيماً) قال: فسكت ساعة ثم قال: اطعه في طاعة اللّه و أعصه في معصية اللّه.

صحيح مسلم: 12- 474 باب كتاب الامارة (الحديث 1844).

و رواه البيهقي في سننه: 8- 169.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 181

55 أبو موسي الاشعري «1»

(..- 44 ه) عبد اللّه بن قيس بن سليم بن حضّار التميمي، أبو موسي الاشعري.

ولد في زبيد (باليمن)، و قدم هو و أُناس من الاشعريين علي رسول اللّه بعد فتح خيبر، و لم يكن من مهاجرة الحبشة علي قول الاكثر، و انّما وافق قدومهم قدوم جعفر الطيار و أصحابه من أرض الحبشة.

روي عن النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، و عن: أبي بكر، و معاذ بن جبل، و أُبيّ بن كعب، و عمر ابن الخطاب، و ابن مسعود، و آخرين.

روي عنه: بُريدة بن الحُصيب، و أبو سعيد الخدري، و الاسود بن يزيد، و أبو وائل شقيق بن سَلَمة، و غيرهم.

______________________________

(1)- وقعة صفين 533 538، الطبقات الكبري لابن سعد 2- 344، المحبّر 124، التأريخ الكبير 5- 22، المعارف 151، المعرفة و التاريخ 1- 267، الجرح و التعديل 5- 138، مشاهير علماء الامصار 65 برقم 216، الثقات لابن حبّان 3- 221، المستدرك للحاكم 3- 464، حلية الاولياء

1- 256، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 48 برقم 15، الخلاف للطوسي 1- 108، الإستيعاب 2- 363، طبقات الفقهاء للشيرازي 44، المنتظم 5- 251، أُسد الغابة 3- 245، رجال ابن داود 122، تهذيب الكمال 15- 446، سير أعلام النبلاء 2- 380، تذكرة الحفّاظ 1- 23، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 41 60 ه) 139، العبر للذهبي 1- 37، الوافي بالوفيات 17- 407، مرآة الجنان 1- 120، الجواهر المضيئة 2- 415، النجوم الزاهرة 1- 126، تهذيب التهذيب 5- 362، الاصابة 2- 351، شذرات الذهب 1- 29، تنقيح المقال 2- 203.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 182

و قد عُدّ في الفقهاء المقرءين.

ولّاه عمر بن الخطاب البصرة، و هو الذي فتح تُستَر، و لما ولي عثمان أقرّه علي البصرة، ثمّ عزله، فانتقل إلي الكوفة، ثمّ ولّاه عثمان الكوفة، و لم يزل عليها إلي أن قُتل عثمان، فأقرّه الامام علي- عليه السّلام.

و لما كانت وقعة الجمل، و أرسل علي- عليه السّلام إلي أهل الكوفة لينصروه، كان أبو موسي يخذّل الناس عن نصرة أمير المؤمنين- عليه السّلام، و يأمرهم بوضع السلاح و الكفّ عن القتال، فعزله الامام- عليه السّلام-، فأقام بالكوفة إلي أن كان التحكيم، و قصته في أمر التحكيم و اجتماعه بعمرو بن العاص مشهورة.

روي الطبري أنّ عمرو بن العاص لما رأي أمر أهل العراق قد اشتد في وقعة صفّين، و خاف في ذلك الهلاك، قال: نرفع المصاحف ثمّ نقول ما فيها حكم بيننا.. فرفع أهل الشام المصاحف بالرماح، فلما رأي الناس المصاحف قد رُفعت قالوا: نجيب إلي كتاب اللّه عزّ و جلّ.. فقال علي [عليه السّلام]: عباد اللّه امضوا علي حقّكم و صدقكم في قتال عدوّكم، فانّ معاوية و

عمرو بن العاص ليسوا بأصحاب دين و لا قرآن، أنا أعرَفُ بهم منكم قد صحبتهم أطفالًا و صحبتهم رجالًا، فكانوا شرّ أطفال و شر رجال.. فقال له مسعر بن فدكي التميمي و زيد بن حصين الطائي في عصابة معهما من القرّاء الذين صاروا خوارج بعد ذلك: يا عليّ أجب إلي كتاب اللّه عزّ و جلّ إذا دُعيت إليه.. و لما اختار أهل الشام عمرو بن العاص، قال الاشعث بن قيس: قد رضينا بأبي موسي الاشعري.

فقال علي [- عليه السّلام-]: فانّكم قد عصيتموني في أوّل الامر فلا تعصوني الآن، إنّي لا أري أن أُوليه، و لكن هذا ابن عباس، فلم يقبلوا، فقال: إنّي أجعل الأَشتر، فرفضوا.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 183

فقال- عليه السّلام-: اصنعوا ما أردتم، فبعثوا إلي أبي موسي و قد اعتزل القتال «1» و لما اجتمع بعمرو بن العاص و اتفقا، تقدّم أبو موسي فقال: إنّي قد خلعت علياً و معاوية، فولّوا من رأيتموه لهذا الامر أهلًا، فقال عمرو: إنّ هذا خلع صاحبه، و أنا أخلع صاحبه كما خلعه، و أثبت صاحبي معاوية.. فقال أبو موسي: ما لك لا وفقك اللّه غدرتَ و فجرتَ إنّما مثلك كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث، فقال عمرو: إنّما مثلك كمثل الحمار يحمل أسفاراً.. «2» و هرب أبو موسي بعد ذلك إلي مكة.

و لما رجع الامام علي- عليه السّلام إلي الكوفة، قام في الناس خطيباً حيث اجتمع الخوارج و نزلوا حروراء فقال: الحمد للّٰه و إن أتي الدهر بالخطب الفادح و الحدثان الجليل، و أشهد أن لا إله إلّا اللّه، و أنّ محمّداً رسول اللّه، أمّا بعد فانّ المعصية تورث الحسرة و تعقب الندم، و

قد كنت أمرتكم في هذين الرجلين و في هذه الحكومة أمري و نحلتكم رأيي لو كان لقصير أمر، و لكن أبيتم إلّا ما أردتم فكنت أنا و أنتم كما قال أخو هوازن:

______________________________

(1)- هكذا جاء في الرواية.

و لكن رُوي أنّ أبا موسي حضر صفين مع الامام عليٌّ- عليه السّلام-، و ممّا يؤكد صحة هذه الرواية قول الامام- عليه السّلام- في شأن الحكمين: «ألا و إنّ القوم اختاروا لَانفسهم أقربَ القوم ممّا يُحبّون، و إنّكم اخترتم لَانفسكم أقرب القوم ممّا تكرهون و إنّما عهدكم بعبد اللّه بن قيس بالامس، يقول: إنّها فتنة فقطّعوا أوتاركم، و شيّموا سيوفكم، فإن كان صادقاً فقد أخطأ بمسيره غيرَ مُستكرَه، و إن كان كاذباً فقد لَزِمَتْهُ التُّهمة، فادفعوا في صدر عمرو بن العاص بعبد اللّه ابن عباس، و خذوا مَهلَ الايام، و حوطوا قواصيَ الإسلام» قال ابن أبي الحديد: و ما طلبه اليمانيون من أصحاب علي- عليه السّلام- ليجعلوه حكماً كالاشعث بن قيس و غيره إلّا و هو حاضر معهم في الصف، و لم يكن منهم علي مسافة، و لو كان علي مسافة لما طلبوه، و لكان لهم فيمن حضر غناء عنه، و لو كان علي مسافة لما وافق عليّ- عليه السّلام- علي تحكيمه، و لا كان علي- عليه السّلام- ممّن يحكّم من لم يحضر معه.

انظر شرح النهج: 13- 309.

(2) تاريخ الطبري: 5- 51 حوادث سنة 37.

باختصار.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 184

أمرتهم أمري بمنعرج اللِّوي فلم يستبينوا الرّشدَ إلّا ضُحي الغَدِ

ألا إنّ هذين الرجليْن اللذَيْن اخترتموهما حكمين قد نبذا حكم القرآن وراء ظهورهما و أحيا ما أمات القرآن، و اتّبع كل واحد منهما هواه بغير هدي من اللّه، فحكما بغير

حجة بيّنة، و لا سنّة ماضية، و اختلفا في حكمها، و كلاهما لم يُرشد، فبرئ اللّه منهما و رسوله و صالح المؤمنين «1» أخرج الفسوي من طريق محمد بن عبد اللّه بن نمير، حدثني أبي، عن الاعمش، عن شقيق، قال: كنّا مع حذيفة جلوساً، فدخل عبد اللّه و أبو موسي المسجد فقال: أحدهما منافق، ثمّ قال: إنّ أشبه الناس هدياً و دَلًا و سمتاً برسول اللّه ص عبد اللّه.

و ذكره الذهبي في «سيره» أيضاً.

عُدّ أبو موسي من المتوسطين من الصحابة فيما رُوي عنه من الفتيا.

و نقل عنه الشيخ الطوسي في «الخلاف» ثلاث عشرة فتوي.

توفّي- سنة أربع و أربعين، و قيل: - سنة اثنتين و أربعين، و قيل: - سنة اثنتين و خمسين.

______________________________

(1)- المصدر السابق: 56.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 185

56 عبد اللّه بن مسعود «1»

(..- 32، 33 ه) ابن غافل الهُذَلي المكي، أبو عبد الرحمن، حليف بني زُهرة.

كان أبوه مسعود قد حالف في الجاهلية عبد بن الحارث ابن زهرة.

أسلم ابن مسعود قديماً.

و هو أوّل من جهر بالقرآن بمكة فيما قيل.

هاجر إلي الحبشة الهجرة الأُولي، و قدم إلي مكة علي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ثمّ هاجر إلي المدينة.

آخي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بينه و بين الزبير بن العوام بمكة في المؤاخاة الأُولي، و آخي بينه و بين معاذ بن جبل بالمدينة بعد الهجرة في المؤاخاة الثانية.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 3- 150، المعارف 144، الجرح و التعديل 5- 149، اختيار معرفة الرجال 38 برقم 78، مشاهير علماء الامصار 29 برقم 21، الثقات لابن حبّان 3 209- 208، المستدرك للحاكم 3- 312، حلية الاولياء 1- 144، أصحاب الفتيا من الصحابة و

التابعين 42 برقم 4، رجال الطوسي 23 برقم 8، الخلاف للطوسي 96، و 110 و 112 و..، الشافي للسيد المرتضي 4- 212، تاريخ بغداد 1- 147، الإستيعاب 2- 308، طبقات الفقهاء للشيرازي 43، أسد الغابة 3- 256، الكامل في التأريخ 3- 136، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 288، رجال ابن داود 123 برقم 906، تهذيب الكمال 16- 121، العبر للذهبي 1- 24، سير أعلام النبلاء 1- 461، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 32 ه) 379، الوافي بالوفيات 17- 604، مرآة الجنان 1- 87، الجواهر المضيئة 2- 415، غاية النهاية 1- 458 برقم 1914، النجوم الزاهرة 1- 89، الاصابة 2- 360، تهذيب التهذيب 6- 27، طبقات الحفّاظ 14، كنز العمال 13- 460، شذرات الذهب 1- 38، مجمع الرجال 4- 51، جامع الرواة 1- 507، تنقيح المقال 2- 215 برقم 7072، الغدير 8- 99 و 117، معجم رجال الحديث 10- 322 برقم 7160.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 186

شهد بدراً و أُحداً و بيعة الرضوان و سائر المشاهد مع رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، و هو الذي أجهز علي أبي جهل في وقعة بدر.

روي عن رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

روي عنه: أبو سعيد الخدري، و عمران بن حُصين، و أبو هريرة، و جابر بن عبد اللّه الانصاري، و زرّ بن حُبيش، و آخرون.

و هو أحد رواة حديث الغدير من الصحابة، و قد أخرج الحافظ ابن مردويه «1» بإسناده عنه نزول آية التبليغ في علي- عليه السّلام يوم الغدير «2» و رواه عنه السيوطي في «الدر المنثور» ج 2 ص 298 «3» روي أنّ ابن مسعود شهد الصلاة علي فاطمة سيدة النساء-

عليه السّلام و دفنها.

بعثه عمر بن الخطاب إلي الكوفة ليعلمهم أُمور دينهم و بعث عمار بن ياسر أميراً، و كتب إليهم: انّهما من النجباء من أصحاب محمّد- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم من أهل بدر فاقتدوا بهما و أطيعوا و اسمعوا قولهما.

روي انّ رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال: «من سرّه أن يقرأ القرآن غضّاً كما أُنزل فليقرأ علي قراءة ابن أُمّ عبد».

______________________________

(1)- و هو أحمد بن موسي بن مردويه الأصبهاني المتوفّي 410 ه.

قال فيه الذهبي في «تذكرة الحفاظ «: 3- 1050: الحافظ الثبت العلامة، و عمل المستخرج علي صحيح البخاري و كان قيماً بمعرفة هذا الشأن بصيراً بالرجال طويل الباع مليح التصانيف.

(2) و آية التبليغ هي قوله تعالي: (يٰا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مٰا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمٰا بَلَّغْتَ رِسٰالَتَهُ وَ اللّٰهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّٰاسِ إِنَّ اللّٰهَ لٰا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكٰافِرِينَ) (المائدة- 67).

فعن ابن مسعود: بلّغ ما أُنزل إليك من ربّك إنّ علياً مولي المؤمنين.

و أخرج ابن مردويه أيضاً عن أبي سعيد الخدري.

و ابن عباس نزول هذه الآية في الامام علي- عليه السّلام-.

قال: فأخذ أي النبي ص بعضد عليّ ثم خرج إلي الناس فقال: أيها الناس أ لستُ أولي بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلي يا رسول اللّه، قال: اللّهمّ من كنتُ مولاه فعليّ مولاه، اللّهمّ والِ من والاه، و عاد من عاداه..

(3) انظر «الغدير «: 1، 216- 53.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 187

و كان ابن مسعود يُعرف باسم أُمّه أُمّ عبد بنت عبد ودّ.

أخرج الحاكم عن حَبّة العُرني أنّ ناساً أتوْا علياً فأثنوا علي عبد اللّه بن مسعود فقال: أقول فيه مثل ما قالوا

و أفضل: مَن قرأ القرآن، و أحلّ حلاله و حرّم حرامه، فقيه في الدين، عالم بالسنّة.

و أخرج ابن سعد عن زيد بن وهب أنّ عمر بن الخطاب قال فيه: كُنَيف مُلئَ علماً «1».

عن أبي وائل قال: خطبنا ابن مسعود، فقال: كيف تأمروني أقرأ علي قراءة زيد بن ثابت بعد ما قرأت من فيّ رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بضعاً و سبعين سورة، و إنّ زيداً مع الغلمان له ذوَابتان؟! و كان ابن مسعود من الناقمين علي عثمان، و قد امتنع أن يمنح للوليد بن عقبة من بيت مال الكوفة يوم كان عليه، و ألقي مفاتيح بيت المال، و كان يتكلّم بكلام لا يدعه و هو: إنّ أصدق القول كتاب اللّه و أحسن الهدي هدي محمّد- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، و شرّ الأُمور محدثاتها و كل محدَث بدعة و كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار.

فكتب الوليد في حقه إلي عثمان، فكتب إليه يأمره بإشخاصه، فأخذه عثمان أخذاً شديداً و هجره و منعه عطاءه، و أَمر به فأُخرج من مسجد رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم إخراجاً عنيفاً «2»

______________________________

(1)- و في رواية الحاكم: كيف ملئ علماً؟ و «كُنَيْف»: تصغير كنف، و هو الوعاء، و هو تصغير تعظيم كقول الحُباب بن المنذر: انا جُذيْلها المُحكّك، و عُذيْقها المُرَجَّب.

(2) انظر «أنساب الاشراف» للبلاذري: 5- 36.

وقد نقلناه من «الغدير «: 9- 3.

و ذكر ابن عبد ربّه الاندلسي في رواية عن عبد اللّه بن سنان، قال: خرج علينا ابن مسعود و نحن في المسجد، و كان علي بيت مال الكوفة و أمير الكوفة عقبة بن أبي مُعيط فقال:

يا أهل الكوفة فقدت من بيت مالكم الليلة مائة ألف لم يأتني بها كتاب من أمير المؤمنين و لم يكتب لي بها براءة.

قال: فكتب الوليد بن عقبة إلي عثمان في ذلك، فنزعه عن بيت المال.

ثم قال ابن عبد ربه: و كان الوليد بن عقبة أخا عثمان لأُمّه و كان عامله علي الكوفة، فصلّي بهم الصبح ثلاث ركعات و هو سكران، ثم التفت إليهم فقال: إن شئتم زدتكم.

العقد الفريد: 4، 307- 306 طبع دار الكتاب العربي.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 188

و قد شهد ابن مسعود في رهط من أهل العراق عُمّاراً جنازة أبي ذر الغفاري بالربذة و كان عثمان قد نفاه إليها فاستهل عبد اللّه يبكي و يقول: صدق رسول اللّه: تمشي وحدك و تموت وحدك و تبعث وحدك «1» عُدّ من المكثرين من الصحابة فيما روي عنه من الفتيا.

و نقل عنه الشيخ الطوسي في «الخلاف» خمساً و أربعين و مائة فتوي.

و هو من القائلين ببقاء المتعة علي إباحتها «2» و كان هو و عمر يوجبان الوضوء بمسّ المرأة و لا يريان للجنب أن يتيمّم «3» روي ابن سعد بإسناده عن زرّ عن عبد اللّه انّه كان يصوم الإثنين و الخميس.

______________________________

(1)- انظر الطبقات الكبري لابن سعد: 4- 234 في ترجمة أبي ذر.

و روي في ص 233 بإسناده عن مالك الأَشتر أنّه مع النفر الذين كانوا معه شهدوا موته، و أن أبا ذرّ حدّثهم بقول رسول اللّه ص: ليموتن منكم رجل بفلاة من الارض تشهده عصابة من المؤمنين.

كما ذكر السيد المرتضي شهود ابن مسعود لجنازة أبي ذر.

(2) انظر شرح الموطإ للزرقاني: 3- 154.

(3) قال أبو بكر الجصاص الحنفي (ت 370) ما ملخّصه: أمّا قوله تعالي: (أَوْ لٰامَسْتُمُ

النِّسٰاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مٰاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً)* فإنّ السلف قد تنازعوا في معني الملامسة، قال عليٌّ و ابن عباس و أبو موسي و الحسن.. هي كناية عن الجماع و كانوا لا يوجبون الوضوء لمن مسّ امرأته، و قال عمر و عبد اللّه بن مسعود: المراد اللمس باليد و كانا يوجبان الوضوء بمسّ المرأة و لا يريان للجنب أن يتيمّم.

ثمّ أثبتَ عدم نقض الوضوء بمسّ المرأة بالسنة النبوية.

ثم قال: و وجه آخر يدل علي أنّ المراد منه الجماع و هو أنّ اللمس و إن كان حقيقة للمسّ باليد فانّه لما كان مضافاً إلي النساء وجب أن يكون المراد منه الوطء كما أنّ الوطء حقيقته المشي بالاقدام فإذا أُضيف إلي النساء لم يعقل منه غير الجماع.

كذلك هذا و نظيره قوله تعالي: وَ إِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ.

يعني من قبل أن تجامعوهن.

و أيضاً فإنّ النبيّ ص أمر الجنب بالتيمم في أخبار مستفيضة، و متي ورد عن النبي ص حكم ينتظمه لفظ الآية وجب أن يكون فعله إنّما صدر عن الكتاب كما أنّه قطع السارق و كان في الكتاب لفظ يقتضيه كان قطعه معقولًا بالآية و كسائر الشرائع التي فعلها النبي ص ممّا ينطوي عليه ظاهر الكتاب.

«أحكام القرآن «: 2- 369 طبع دار الكتاب العربي بيروت.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 189

و عن ابن سيرين انّ ابن مسعود كان يقرأ في الظهر و العصر في الركعتين الأُوليين بفاتحة الكتاب و سورة في كل ركعة و في الأُخريين فاتحة الكتاب «1» و من كلمات ابن مسعود قال: إنّكم في ممرّ الليل و النهار في آجال منقوصة، و أعمال محفوظة، و الموت يأتي بغتة، من زرع خيراً يوشِكُ أن يحصُدَ رغبة، و

من زرع شرًّا يوشك أن يحصدَ ندامة، و لكل زارع مِثلُ ما زرع، لا يُسبقُ بطي ء بحظّه، و لا يُدرِكُ حريصٌ ما لم يُقدَّرْ له، فمن أُعطي خيراً فاللّه أعطاه، و من وُقي شرًّا، فاللّه وقاه، المتقون سادة، و الفقهاء قادة، و مجالستهم زيادة.

و قال: جاهدوا المنافقين بأيديكم، فإن لم تستطيعوا فبألسنتكم، فإن لم تستطيعوا إلّا أن تكفهرّوا في وجوههم، فافعلوا.

قال ابن كثير: ثمّ قدم أي ابن مسعود إلي المدينة فمرض بها فجاءه عثمان بن عفان عائداً، فيروي أنّه قال له: ما تشتكي؟ قال: ذنوبي، قال: فما تشتهي؟ قال: رحمة ربّي، قال: ألا آمر لك بطبيب؟ فقال: الطبيب أمرضني، قال: ألا آمر لك بعطائك؟ و كان قد تركه سنتين فقال: لا حاجة لي فيه، فقال: يكون لبناتك من بعدك، فقال: أ تخشي علي بناتي الفقر؟ إنّي أمرت بناتي أن يقرأن كل ليلة سورة الواقعة، و إنّي سمعت رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول: «من قرأ الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة أبداً ««2» توفّي- سنة اثنتين و ثلاثين، و قيل: - ثلاث و ثلاثين، و كان أوصي إلي الزبير بن العوام فصلّي عليه، و قد قيل إنّ عمار بن ياسر صلّي عليه، و دُفن بالبقيع ليلًا.

.

______________________________

(1)- مجمع الزوائد للهيثمي: 2- 117.

(2) البداية و النهاية: 7- 170، ذكر من توفّي من الاعيان سنة (32 ه).

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 190

57 عبد اللّه بن مُغَفَّل المُزني «1»

(..- 60 ه) عبد اللّه بن مُغَفَّل المُزني، أبو سعيد، و قيل: أبو زياد.

شهد بيعة الرضوان «2» و هو أحد البكاءين «3» في غزوة تبوك فيما قيل.

سكن المدينة، ثمّ البصرة، و له عدة أحاديث.

روي عنه: سعيد بن جبير، و الحسن البصري، و

ثابت البُناني، و غيرهم.

______________________________

(1) المحبّر 124 و 281، التأريخ الكبير 5- 23، المعارف 168، المعرفة و التاريخ 1- 256، الجرح و التعديل 5- 149، مشاهير علماء الامصار 67 برقم 221، الثقات لابن حبّان 3- 236، المستدرك للحاكم 3- 578، السنن الكبري للبيهقي 1- 98، رجال الطوسي 23، الإستيعاب 2- 316، طبقات الفقهاء للشيرازي 51، المغني و الشرح الكبير 1- 157، أُسد الغابة 3- 264، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 290، تهذيب الكمال 16- 173، سير أعلام النبلاء 2- 483، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 60 ه (261، الاعلام بوفيات الاعلام 1- 40 برقم 147، الوافي بالوفيات 17- 632، مرآة الجنان 1- 131، البداية و النهاية 8- 62، تهذيب التهذيب 6- 42، تقريب التهذيب 1- 453، الاصابة 2- 364، شذرات الذهب 1- 65، تنقيح المقال 2- 218.

(2) و هي عُمرة الحديبية، و كانت سنة ست، و الحديبية: قرية متوسطة علي تسعة أميال من مكة، و فيها دعا رسول اللّه ص أصحابه إلي البيعة، فبايعوه تحت الشجر انظر الكامل في التأريخ لابن الاثير: 2- 100 ذكر عمرة الحديبية.

(3) و هم الذين كانوا سألوا النبي ص أن يحملهم في غزوة تبوك (سنة 9 ه) فلم يجد لهم محملًا و نزلت الآية الشريفة: (وَ لٰا عَلَي الَّذِينَ إِذٰا مٰا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لٰا أَجِدُ مٰا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ) (التوبة- 93).

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 191

و عدّه أبو إسحاق الشيرازي ممّن نُقل عنه الفقه من الصحابة.

قال الحسن البصري: كان عبد اللّه بن مغفّل أحد العشرة الذين بعثهم إلينا عمر بن الخطاب يفقّهون الناس.

و قيل: إنّه أوّل من دخل من باب مدينة تُستَر يومَ فتحِها «1» روي عن عبد اللّه أنّ رسول اللّه-

صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال: لا يبولنّ أحدكم في مستحمّه.

توفّي بالبصرة- سنة ستين، و قيل: - تسع و خمسين، و أوصي أن لا يصلّي عليه عبيد اللّه بن زياد «2» و أن يصلّي عليه أبو برزة الاسلمي.

______________________________

(1)- تُسْتَر: مدينة بخوزستان، فتحت سنة (17) و قيل (16) و قيل (19)، و فيها أُسر الهرمزان، انظر الكامل في التأريخ: 2- 546 في حوادث سنة (17).

(2) عبيد اللّه بن زياد بن أبيه: ولي البصرة لمعاوية سنة (55) و أقرّه يزيد سنة (60) ثم جمع له يزيد البصرة و الكوفة.

وقد جهّز جيشاً لمقاتلة الامام الحسين- عليه السّلام- فكانت فاجعة كربلاء التي استشهد فيها ريحانة الرسول ص و أهل بيته و أصحابه الميامين في عاشوراء سنة (61)، و لما مات يزيد و اضطربت الأُمور ثار أهل البصرة بعبيد اللّه، ففرّ هارباً و لحق بالشام، ثم قُتل في معركة «الخازر» من أرض الموصل سنة (67)، قتله إبراهيم بن مالك الأَشتر الذي بعثه المختار الثقفي علي رأس جيش للطلب بثأر الامام الحسين- عليه السّلام-.

انظر تاريخ الطبري- حوادث سنة 61، و الأَعلام: 4- 193.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 192

58 عَتّاب بن أَسيد «1»

(13، 15 ق. ه- 13 ه) ابن أبي العيص الأُموي، أبو عبد الرحمن، أبو محمّد المكيّ.

أسلم يوم فتح مكة، و استعمله رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم علي مكة بعد الفتح لمّا سار إلي حنين، و قيل: إنّ النبيّ- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ترك معاذ بن جبل بمكة يفقّه أهلها، و استعمل عتّاباً بعد عوده من حصن الطائف، و كان عمره حين استعمل نيفاً و عشرين سنة، فأقام للناس الحج تلك السنة و هي سنة

ثمان، و حجّ المشركون علي ما كانوا عليه.

أخرج في الدر المنثور ج 1- ص 366 عن ابن جرير و ابن جريج في قوله تعالي: " يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّٰهَ وَ ذَرُوا.." «2» قال: كانت ثقيف قد صالحت النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم علي أنّ مالهم من ربا علي الناس، و ما كان للناس عليهم من ربا فهو موضوع، فلمّا كان الفتح استعمل عتّاب بن أسيد علي مكة، و كانت بنو عمرو

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 5- 446، التأريخ الكبير 7- 54، تفسير الامام العسكري- عليه السّلام- 555، المعرفة و التاريخ 3- 286، مشاهير علماء الامصار 56 برقم 155، الثقات لابن حبّان 3- 304، المستدرك للحاكم 3- 594، الاحكام لابن حزم 2- 88، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 86 برقم 82، تاريخ بغداد 14- 199، الإستيعاب 3- 153، المنتظم 4- 157، أُسد الغابة 3- 358، وفيات الاعيان 6- 149، تهذيب الكمال 19- 282، العبر للذهبي 1- 13، تاريخ الإسلام للذهبي (عهد الخلفاء (97، الجواهر المضيئة 2- 417، الاصابة 2- 444، تهذيب التهذيب 7- 89، تقريب التهذيب 2- 3.

(2) البقرة: 278.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 193

بن عمير بن عوف يأخذون الربا من بني المغيرة، و كانت بنو المغيرة يربون لهم في الجاهلية، فجاء الإسلام و لهم مال كثير، فأتاهم بنو عمرو يطلبون رباهم، فأبي بنو المغيرة أن يعطوهم في الإسلام، و رفعوا ذلك إلي عتّاب بن أسيد، فكتب عتّاب إلي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فنزلت: " يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّٰهَ وَ ذَرُوا مٰا بَقِيَ مِنَ الرِّبٰا" إلي قوله: " وَ لٰا تُظْلَمُونَ" فكتب بها

رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم إلي عتّاب و قال: إن رضوا و إلّا فأْذنهم بحرب «1» روي عتّاب عن رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

روي عنه: عطاء بن أبي رباح، و سعيد بن المسيب.

قيل: و لم يدركاه.

و عُدّ من المقلّين في الفتيا من الصحابة.

عن سعيد بن المسيب عن عتاب، قال: أمر رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أن يخرص العنب كما يخرص النخل، تؤخذ زكاته زبيباً كما تؤخذ صدقة النخل تمراً.

توفّي عتاب- يوم وفاة أبي بكر، و قيل: جاء نعي أبي بكر يوم دفن عتّاب.

______________________________

(1)- مكاتيب الرسول: للَاحمدي: 3- 615.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 194

59 عثمان بن حُنيف

«1» (..- بعد 40 ه) ابن واهب بن العُكيم الانصاري، الاوسي، أبو عمرو، و قيل: أبو عبد اللّه المدنيّ، والي البصرة، أخو سهل بن حنيف.

شهد مع النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أُحُداً «2» و ما بعدها من المشاهد، و كان من الموالين لَامير المؤمنين- عليه السّلام مُقدّماً له.

و قد عدّه البرقي من شرطة الخميس من أصحاب عليّ- عليه السّلام الذين كانوا يبايعون علي الموت.

ولّاه عمر بن الخطاب مساحة الارض و جبايتها بالعراق، و ضَرْبَ الخراج و الجزية علي أهلها.

و كتب إليه: أن افرض الخراج علي كلّ جَريب، عامر أو غامر درهماً و قَفيزاً،

______________________________

(1) رجال البرقي 4، ثقات ابن حبان 3- 261، رجال الطوسي 47 برقم 11، تاريخ بغداد 1- 179، الإستيعاب 3- 89) هامش الاصابة)، الكامل في التأريخ 3- 320) حوادث سنة 36 ه)، تهذيب الاسماء و اللغات 2- 320 برقم 390، رجال العلامة الحلي 125 برقم 1، تهذيب الكمال 19- 358 برقم 3805، رجال ابن داود

233 برقم 970، سير أعلام النبلاء 2- 320، تهذيب التهذيب 7- 112 برقم 241، الاصابة 2- 452 برقم 5437، مجمع الرجال 4- 130، بهجة الآمال 5- 332، تنقيح المقال 2- 145 برقم 7770، أعيان الشيعة 8- 129، الغدير 9، 106، 107- 100، معجم رجال الحديث 11- 106 برقم 7575، قاموس الرجال 6- 243.

(2) و في تهذيب التهذيب: و تفرّد الترمذي بقوله شهد بدراً.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 195

و افرض علي الكَرْم علي كل جريب عشرة دراهم..

و كان عمر كما ذكر العلماء بالاثر و الخبر قد استشار الصحابة في رجل يوجّهه إلي العراق فأجمعوا جميعاً علي عثمان بن حنيف، و قالوا: إنْ تبعثه علي أهمّ من ذلك، فإنّه له بصراً و عقلًا و تجربة.

و لما بويع عليّ- عليه السّلام بالخلافة بعث عثمان بن حنيف والياً علي البصرة، فلم يزل حتي قدم عليه طلحة و الزبير و عائشة، فجرت بين الفريقين وقائع، ثم تنادوا إلي الصلح و توادعوا ريثما يقدم عليهم أمير المؤمنين- عليه السّلام، فكتبوا بينهم كتاباً: إنّ لعثمان بن حنيف دار الامارة و الرحبة و المسجد و بيت المال و المنبر..

فلم يلبث إلّا يومين أو ثلاثة حتي وثبوا علي عثمان، فظفروا به، و أصابوه بأذي، ثم خلّوا سبيله، فلحق بعلي- عليه السّلام، و حضر معه وقعة الجمل.

ثم سكن الكوفة بعد استشهاد أمير المؤمنين- عليه السّلام، و مات بها في زمن معاوية.

روي عثمان عن النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

و روي عنه: ابن أخيه أبو أمامة بن سهل، و عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة، و عمارة بن خزيمة بن ثابت، و نوفل بن مساحق، و هانيَ بن معاوية الصَّدفي.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1،

ص: 196

60 عثمان بن عفان «1»

(..- 35 ه) ابن أبي العاص بن أميّة القُرشي الأُموي، أبو عبد اللّه و أبو عمرو.

ولد بمكة، و أسلم بعد البعثة بقليل.

هاجر إلي أرض الحبشة الهجرتين، ثم عاد إلي مكة و هاجر إلي المدينة.

شهد أُحداً «2» و ما بعدها من المشاهد، و كان قد تخلّف عن بدر، و يقال انّه

______________________________

(1) الطبقات الكبري 3 84- 53 و 4- 168، المحبّر 14، التأريخ الكبير 6- 208، تاريخ المدينة المنورة 3 1147- 952، المعارف 110 117 و 84، الامامة و السياسة 25 46، المعرفة و التاريخ 3- 395 و 398 و 399، تاريخ اليعقوبي 2 177- 162، اختيار معرفة الرجال 25 و 27 و 32 و 91 و 142، العقد الفريد 5 60- 26، المستدرك علي الصحيحين 3 107- 95، حلية الاولياء 1 61- 55، الاحكام في أُصول الاحكام لابن حزم الاندلسي 2- 88، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 44 برقم 8، الإستيعاب 3- 69، أُسد الغابة 3- 376، الكامل في التأريخ 3- 153 و 154 و 79، العبر 1- 26، تذكرة الحفّاظ 1 10- 8، مرآة الجنان 1- 90، النجوم الزاهرة 1- 92، تهذيب التهذيب 7- 139، الاصابة 2- 455، السير للشماخي 1 49- 29، طبقات الحفّاظ 13، كنز العمال 13 104- 27، الصواعق المحرقة 104 115، شذرات الذهب 1- 40، بحار الانوار طبع كمپاني 8 323- 301، تاريخ التمدن الإسلامي 2- 318 و 1- 76 و 1- 270، أعيان الشيعة 1 443- 437 و 4- 237، تتمة المنتهي في تاريخ الخلفاء ص 12، الاعلام للزركلي 4- 210.

(2) قال ابن الاثير: و انتهت الهزيمة بجماعة المسلمين، فيهم عثمان بن عفان و غيره إلي الاعوص،

فأقاموا به ثلاثاً ثم أتوا النبي ص فقال لهم حين رآهم: لقد ذهبتم فيها عريضة.

الكامل في التأريخ: 2- 158.

و انظر تاريخ الطبري: 2- 203 حوادث سنة 3 ه.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 197

تخلّف عنها لتمريض زوجته رقية بنت رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

و هو أحد الستة الذين رشحهم عمر بن الخطاب للخلافة، ففاز بها لقبوله بالشرط الذي اشترطه عبد الرحمن بن عوف في تحكيم سنّة الشيخين أبي بكر و عمر «1».

و في أيامه افتتحت أرمينية و القفقاز و خراسان و كرمان و سجستان و قبرس و غيرها.

رُوي له عن رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم مائة و ستة و أربعون حديثاً.

روي عنه: زيد بن ثابت و أنس بن مالك و زيد بن خالد الجهني و عبد اللّه بن عمر و أبو هريرة، و أبان بن عثمان، و آخرون.

وقد عُدّ من المتوسطين في الفتيا من الصحابة، و ذكر له الشيخ الطوسي في «الخلاف» ستين فتوي.

و كان يحكم برأيه و يجتهد في مقابل النص في كثير من الاحكام.

و لمّا دحض عبد الرحمن بن عوف حججه في الإتمام بالسفر، قال عثمان: هذا رأي رأيته «2».

روي البخاري و البيهقي و أحمد بن حنبل عن عبد اللّه بن عمر قال (و اللفظ لَاحمد): صلّيت مع رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ركعتين بمني و مع أبي بكر ركعتين و مع عمر ركعتين، و مع عثمان صدراً من خلافته ثم صلّاها أربعاً «3»

______________________________

(1)- و كان عبد الرحمن بن عوف قد أخذ بيد الامام علي- عليه السّلام- و اشترط عليه هذا الشرط، فأبي (عليه السّلام) أن يقبله، فأرسل يده.

(2) الكامل لابن

الاثير: 3- 103 في حوادث سنة تسع و عشرين.

(3) صحيح البخاري: 2- 161 كتاب الحج، باب الصلاة بمني، السنن الكبري: 3- 126 باب الامام المسافر يؤم المقيمين، المسند: 2- 148.

و ذكر (ابن التركماني) في ذيل السنن الكبري للبيهقي: 3- 144 من طريق سفيان بن عيينة عن جعفر بن محمد عن أبيه، قال: اعتلّ عثمان و هو بمني، فأتي علي فقيل له: صلّ بالناس، فقال: إنّ شئتم صلّيت بكم صلاة رسول اللّه ص، قالوا: لا، إلّا صلاة أمير المؤمنين يعنون عثمان أربعاً، فأبي.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 198

و روي البيهقي بإسناده عن مروان بن الحكم قال: شهدت عثمان و علياً رضي اللّه عنهما بين مكة «1» و عثمان رضي اللّه عنه ينهي عن المتعة، و أن يُجمع بينهما [أي بين الحج و العمرة]، فلما رأي ذلك علي رضي اللّه عنه أهلّ بهما جميعاً، فقال: لبيك بعمرة و حجّة، فقال عثمان رضي اللّه عنه: تراني أنهي الناس عن شي ء و أنت تفعله، قال: ما كنت لَادع رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لقول أحد من الناس «2» و كان عثمان قد اختص أقاربه من بني أُمية بالمناصب و الولايات «3» و أعطاهم الاموال الطائلة، ممّا أثار نقمة الناس عليه.

قال ابن قتيبة في «المعارف»: و كان ممّا نقموا علي عثمان أنّه آوي الحكم بن أبي العاص و أعطاه مائة ألف درهم، و قد سيّره رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ثم لم يؤْوه أبو بكر و لا عمر.

قالوا: و تصدّق رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بمهروز موضع سوق المدينة علي المسلمين فأقطعه عثمان الحارث بن الحكم أخا مروان،

و أقطع فدك «4» مروان، و هي صدقة رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فوهبه كلّه لمروان.

و من الاحداث التي نقمت علي عثمان أنّه نفي الصحابي الكبير أبا ذر الغفاري إلي الشام ثمّ استقدمه إلي المدينة لمّا شكي منه معاوية، ثم نفاه إلي الربذة،

______________________________

(1)- كذا.

(2) السنن الكبري: 4- 352 كتاب الحج، باب جواز القران، صحيح البخاري: 2- 142 كتاب الحج، باب التمتع و القران.

(3) فكان بالشام كلّها معاوية و بالبصرة سعيد بن العاص، و بمصر عبد اللّه بن سعد بن أبي سرح، و بخراسان عبد اللّه بن عامر بن كريز، و بالكوفة الوليد بن عقبة بن أبي معيط.

وقد ولي عبد اللّه بن عامر البصرة، و ولي سعيد بن العاص الكوفة أيضاً.

(4) و في تعليق للعلّامة الاميني أنّ فدك إن كانت في ء للمسلمين كما ادّعاه أبو بكر، فما وجه تخصيصها بمروان، و إن كانت نحلة من رسول اللّه ص لبضعته الزهراء «عليها السّلام» كما ادّعته و شهد لها أمير المؤمنين و ابناها الامامان السبطان و أُمّ أيمن، فأي مساس بها لمروان؟ انظر الغدير: 8- 237.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 199

و كان أبو ذر ينكر علي الولاة و بطانة عثمان استئثارهم بالاموال و عدم إنفاقها في وجوهها، و كان رحمه اللّه تعالي يقول: و اللّه لقد حدثت أعمال ما أعرفها، و اللّه ما هي في كتاب اللّه و لا سنّة نبيّه «1» فسارت إليه الوفود من مصر و البصرة و الكوفة و معهم أهل المدينة، يطلبون منه أن يردّ المظالم و يعزل كل عامل كرهوه، فأعطاهم الرضي، فانصرف القوم، فلمّا كان المصريون ببعض الطريق وجدوا كتاباً مع غلام عثمان إلي عامله علي مصر أن

يضرب أعناق رؤَساء المصريين، فرجعوا إلي المدينة و حصروه مدة ثم قتلوه و ذلك في- ذي الحجة سنة خمس و ثلاثين، و دفن في حشّ كوكب «2»

______________________________

(1)- انظر ترجمته في كتابنا هذا.

كما أنّ عثمان سيّر نفراً من أشراف أهل الكوفة إلي الشام منهم: صعصعة ابن صوحان و مالك الأَشتر و عمرو بن الحمق الخزاعي وزيد بن صوحان و جندب بن زهير الغامدي و كميل بن زياد النخعي، انظر الكامل لابن الاثير: 3- 137.

(2) تاريخ الطبري: 3- 400، ط. مؤسسة الاعلمي، بيروت.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 200

61 عَدِيّ بن حاتِم «1»

(..- 67 ه) ابن عبد اللّه بن سعد، أبو طريف، و يقال: أبو وهب الطائيّ، ابن حاتم الطائيّ الذي يُضرب بجوده المثل.

وفد علي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فأكرمه، و نزع وسادة كانت تحته فألقاها له حتي جلس عليها، فسأل النبيَّ- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم عن أشياء، فأجابه عنها، فما كان منه إلّا أن أسلم و حسن إسلامه.

______________________________

(1) المصنّف لعبد الرزاق 8458، 8502، 8530، 8531، 8621، وقعة صفين 100، 117، 137، 143، 197، 205، 359، 360، 379، 380، 381، 402، 403، 405، 408، 426، 427، 430، 431، 455، 467، 482، تاريخ خليفة 57، 62، 146، 203، طبقات خليفة 127 برقم 463 و 225 برقم 904، الطبقات الكبري لابن سعد 6- 22، التأريخ الكبير 7- 43 برقم 189، المعارف 177، المعرفة و التاريخ 2- 429، ثقات ابن حبان 3- 316، الجرح و التعديل 7- 2 برقم 1، حلية الاولياء 4- 124، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 82 برقم 74، الكافي 7 باب 18 الحديث 1، تهذيب الاحكام للطوسي 6- الحديث 299،

322، تاريخ بغداد 1- 189 برقم 29، الإستيعاب 3- 1057 برقم 1781، الكامل في التأريخ 1- 631 و 2، 286، 301، 345، 347، 385، 386- 258، و 3، 232- 230، 235، 250، 289، 293، 340، 348، 429، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 327، تهذيب الكمال 19- 524 برقم 3884، تاريخ الإسلام 181 برقم 69) حوادث 61 80)، العبر 1- 55، الاعلام بوفيات الاعلام 1- 45 برقم 178، سير أعلام النبلاء 3- 162، تهذيب التهذيب 7- 166 برقم 330، تقريب التهذيب 2- 16، الاصابة 2- 460 برقم 5477، شذرات الذهب 1- 74، تنقيح المقال 2- 250 برقم 7833، معجم رجال الحديث 11- 134.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 201

و بعثه النبيّ- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم سنة عشر علي صدقات طيّ ء و أسد «1» قال عديّ: ما دخلت علي النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم إلّا توسّع لي، فدخلت عليه ذات يوم، و هو في بيت مملوء من أصحابه، فلما رآني توسّع لي حتي جلستُ إلي جانبه.

روي عن النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، و عن علي- عليه السّلام، و عمر بن الخطاب.

روي عنه: عبد اللّه بن معقل المزني، و تميم بن طرفة الطائي، و مُحلّ بن خليفة الطائي، و أبو عبيدة بن حذيفة بن اليمان، و عبد اللّه بن عمرو مولي الحسن بن علي «عليهما السلام»، و عبّاد بن حبيش الكوفي، و سعيد بن جبير، و الشّعبيّ، و خيثمة بن عبد الرحمن الجعفي، و محمد بن سيرين، و همّام بن الحارث، و قيس بن أبي حازم، و ثابت البناني، و عبد الملك بن عمير، و مرّي بن قَطَري، و آخرون.

قال

فيه ابن عبد البرّ: كان سيداً شريفاً في قومه، خطيباً، حاضر الجواب، فاضلًا كريماً.

و قال محمود البغدادي و هو معاصر: الجواد الفذّ بن الجواد الفذّ عدي بن حاتم: صحابي عظيم، و قائد بارع، و فقيه، يمتاز بقوة المناظرة، و سرعة البديهة، و قوة الفكرة، و بعد النظرة، و كان من الحكماء «2» شهد عدي فتوح العراق و الشام و بلاد فارس آمراً علي بعض الكتائب، و نزل الكوفة، فسكنها.

و كان من خيار أصحاب الامام علي- عليه السّلام، و من مخلصي أنصاره، و من أشدِّ الناس جهاداً بين يديه، شهد معه وقعة الجمل، و فقئت عينه يومئذ، ثم شهد وقعة صفين، فكان من فرسانها الشجعان، و قادتها الابطال، و هو القائل فيها:

تفدي علياً مهجتي و مالي و أُسرتي يتبعها عيالي

______________________________

(1)- الكامل في التأريخ: 2- 301.

(2) أعلام الثقات: 61.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 202

و شهد أيضاً وقعة النهروان.

و لما تهيّأ الامام الحسن- عليه السّلام لقتال معاوية و جمع الناس فخطبهم و حثّهم علي الجهاد فسكتوا، قام عديّ بن حاتم فقال: أنا ابن حاتم، سبحان اللّه ما أقبح هذا المقام، أ لا تجيبون إمامكم، و ابن بنت نبيكم، أين خطباء المصر الذين ألسنتهم كالمخاريق في الدعة، فإذا جدّ الجد فروّاغون كالثعالب، أما تخافون مقت اللّه، و لا عيبها و لا عارها؟.. ثم مضي لوجهه فخرج من المسجد، و دابته بالباب فركبها، و مضي إلي النخيلة، و أمر غلامه أن يلحقه بما يصلحه، و كان أوّل الناس عسكراً.

قال عدي: ما جاء وقت صلاة قطّ إلّا و قد أخذت لها أهبتها، و ما جاءت إلّا و أنا إليها مشتاق.

و قال و قد سئل عن تعريف الشريف: هو الاحمق

في ماله، الذليل في عرضه، الطارح لحقده، المعنيّ بأمر عامته.

و قال: الطريق مشترك، و الناس في الحقّ سواء، فمن اجتهد رأيه في نصيحة العامة، فقد قضي الذي عليه.

روي عبد الرزاق الصنعاني بسنده عن الشعبي عن عدي بن حاتم، قال: قلت: يا رسول اللّه أرمي الصيد فيغيب عني ليلة، فقال: إذا وجدت فيه سهمك، و لم تجد فيه أثراً غيره فكله «1» توفي عدي بن حاتم بالكوفة- سنة سبع و ستين، و قيل: - ثمان و ستين، و الأَوّل أصحّ، و شذّ من جعل وفاته- سنة ست و ستين أو- تسع و ستين «2»

______________________________

(1)- المصنف: ج 4، الحديث 8458.

(2) أعلام الثقات: 64.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 203

62 عروة بن أبي الجعد البارقيّ الازدي «1»

(..- بعد 61 ه) و يقال: عروة بن الجعد.

و بارق: جبل نزله قومه.

له صحبة و رواية.

روي عنه: شبيب بن غَرْقَدة، و شريح بن هانئ الحارثي، و أبو إسحاق السبيعي، و عامر الشعبي، و آخرون.

وقد أعطاه النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ديناراً ليشتري له أُضحية، فاشتري له شاتين، فباع إحداهما بدينار، فدعا له النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

و ذكر الشيخ الطوسي دعاء النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: «اللّهمّ بارك له في صفقته»، في حق عرفة المدني.

و رواه البرقي في حق عرفة الازدي.

و جاء في «تنقيح المقال» أنّ نسبة ذلك إليهما اشتباه، و أنّ القضية لعروة البارقي.

______________________________

(1) الطبقات لابن سعد 6- 34، التأريخ الكبير 7- 31 برقم 137، المعرفة و التاريخ 2- 707، الجرح و التعديل 6- 395، مشاهير علماء الامصار 82 برقم 316، رجال الطوسي 32، الكامل في التأريخ 3- 144، أُسد الغابة 3- 403، تهذيب الكمال 20- 5، تاريخ

الإسلام (سنة 61 80 ه (185 برقم 70، تهذيب التهذيب 7- 178 برقم 348، تقريب التهذيب 2- 18 برقم 154، الاصابة 2- 468، جامع الرواة 1- 537، تنقيح المقال 2- 251، معجم رجال الحديث 11- 137 برقم 7660.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 204

استعمله عمر بن الخطاب علي قضاء الكوفة و ضمَّ إليه سليمان بن ربيعة قبل أن يستقضي شريحاً.

قال الشعبي: أوّل من قضي علي الكوفة عروة بن الجعد البارقي.

و هو أحد الذين سيّرهم عثمان إلي الشام من أهل الكوفة «1» لم نعثر علي تاريخ وفاته، غير أنّ الذهبي ذكره في وفيات- سنة (61 80 ه).

______________________________

(1)- اجتمع نفر بالكوفة يطعنون علي عثمان من أشراف أهل العراق: مالك بن الحارث الأَشتر و ثابت بن قيس النخعي و كُميل بن زياد النخعي وزيد بن صوحان العبدي و جندب بن زهير الغامدي و جندب بن كعب الازدي و عروة بن الجعد و عمرو بن الحَمق الخزاعي، فكتب سعيد بن العاص] والي الكوفة [يخبره بأمرهم فكتب إليه أن سيّرهم إلي الشام و ألزمهم الدروب.

تاريخ الطبري: 3- 367 حوادث سنة 33 ه.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 205

63 عقبة بن عامر «1»

(..- 58 ه) ابن عبس الجُهني، أبو حماد، أبو عمرو، و قيل غير ذلك.

أسلم بعد هجرة النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- إلي المدينة، و شهد فتوح الشام، و هو كان البريد إلي عمر بفتح دمشق، و ولي إمرة مصر نيابة عام (35 ه).

ذكر أبو عمر الكندي في أمراء مصر: أنّ عبد اللّه بن سعد أمير مصر كان توجّه إلي عثمان لمّا قام الناس عليه، فطلب أمراء الامصار، فتوجه إليه في رجب سنة 35 و استناب عقبة بن عامر، فوثب محمّد بن

أبي حذيفة علي عقبة و كان يوم ذاك بمصر فأخرجه من مصر و غلب عليها و ذلك في شوال منها، و دعا إلي

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 7- 498، تاريخ خليفة بن خياط 171، المحبّر 295، التأريخ الكبير 6- 430، المعارف 159، الجرح و التعديل 3- 313، مشاهير علماء الامصار 94، الثقات لابن حبّان 3- 280، المعجم الكبير للطبراني 17- 267، المستدرك للحاكم 3- 467، رجال الطوسي 32، الإستيعاب 3- 106، الأنساب للسمعاني 2- 134، أُسد الغابة 3- 417، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 336، تهذيب الكمال 20- 202، سير أعلام النبلاء 2- 467، العبر للذهبي 1- 44، تذكرة الحفّاظ 1- 42، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 58 ه (271، النجوم الزاهرة 1- 126، تهذيب التهذيب 7- 242، الاصابة 2- 482، تقريب التهذيب 2- 27، كنز العمال 13- 495، شذرات الذهب 1- 64، تنقيح المقال 2- 254، معجم رجال الحديث 11- 155.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 206

خلع عثمان «1».

شهد وقعة صفّين مع معاوية، ثمّ ولي مصر له سنة (44 ه)، ثمّ عزله سنة (47 ه) بمسلمة بن مُخلد، و ولي غزو البحر.

قال ابن سعد: و زعم بعض الناس أنّ عقبة بن عامر هو الذي قتل عمّاراً، و هو الذي كان ضربه حين أمره عثمان بن عفان، و يقال بل الذي قتله عمر بن الحارث الخولاني «2» روي عقبة عن النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و عن عمر بن الخطاب، و عُدّ من الفقهاء، و كان شاعراً كاتباً.

روي عنه: أبو أُمامة الباهلي، و مسلمة بن مُخلّد، و أبو إدريس الخولاني، و عبد اللّه بن مالك اليحصبي، و آخرون.

روي النسائي بسنده عن عبد اللّه بن

مالك أنّ عقبة بن عامر أخبره أنّه سأل النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم عن أُخت له نذرت أن تمشي حافية غير مختمرة، فقال له النبي ص: مُرها فلتختمر و لتركب و لتصم ثلاثة أيام «3» توفّي بمصر- سنة ثمان و خمسين و قبره بالمقطّم.

______________________________

(1)- نقلناه من كتاب الغدير للعلّامة الاميني: 9- 145.

(2) الطبقات الكبري: 3- 259.

و روي فيه أنّه أقبل إلي عمار بن ياسر ثلاثة نفر: عقبة بن عامر الجهني و عمر بن الحارث الخولاني و شريك بن سلمة المرادي، فانتهوا إليه جميعاً و هو يقول: و اللّه لو ضربتمونا حتي تبلغوا بنا سَعَفَاتِ هَجَر لعلمتُ أنّا علي حق و أنتم علي باطل، فحملوا عليه جميعاً فقتلوه.

(3) السنن: 7- 19.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 207

64 أبو مسعود البدري الانصاري «1»

(..- 39، 40 ه) عُقبة بن عمرو بن ثَعلبة الخزرجي، و هو مشهور بكنيته.

شهد بيعة العقبة الثانية و أُحداً و ما بعدها من المشاهد، و اختلفوا في شهوده بدراً.

و قيل لم يشهد بدراً و إنّما عُرف بالبدري لَانّه نزل ماءً ببدر فنُسب إليه.

و جزم البخاري بأنّه شهدها و استدل بأحاديث أخرجها في «صحيحه»، في بعضها التصريح بأنّه شهدها.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 16، تاريخ خليفة 136، الطبقات لخليفة 166 برقم 601 و 229 برقم 933، المحبّر 29، التأريخ الكبير 6- 429 برقم 2884، المعرفة و التاريخ 3- 270، الكني و الأَسماء للدولابي 54، الجرح و التعديل 6- 313، الثقات لابن حبّان 3- 179، مشاهير علماء الامصار 75 برقم 270، المعجم الكبير للطبراني 17- 194، أمالي المرتضي 1- 75، جمهرة أنساب العرب 2- 1 362، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 64 برقم 41، رجال الطوسي 53،

الإستيعاب 4 172- 171، تاريخ بغداد 1- 157، أُسد الغابة 5- 296، الكامل لابن الاثير 3- 382، تهذيب الاسماء و اللغات 2- 267 برقم 424، رجال العلّامة الحلّي 126، تهذيب الكمال 20- 215، العبر للذهبي 1- 33، سير أعلام النبلاء 2- 493، البداية و النهاية 7- 333، تهذيب التهذيب 7- 247، تقريب التهذيب 2- 27، الاصابة 2- 484، شذرات الذهب 1- 49، تنقيح المقال 2- 254، أعيان الشيعة 8- 147، الاعلام 4 241- 240، معجم رجال الحديث 11- 155 برقم 7731.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 208

روي عن النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أحاديث كثيرة.

روي عنه: عبد اللّه بن يزيد الخطمي، و علقمة، و مسروق، و عمرو بن ميمون و آخرون.

وقد نقل عنه الشيخ الطوسي في كتاب «الخلاف» فتويين.

قال له عمر بن الخطاب: نُبِّئتُ أنّكَ تفتي الناس و لست بأمير «1» سكن أبو مسعود الكوفة و ابتني بها داراً، و كان من أصحاب الامام علي (عليه السّلام) و استخلفه علي الكوفة لما سار إلي صفّين.

توفّي- سنة تسع و ثلاثين، و قيل: - سنة أربعين، و قيل: - سنة احدي أو اثنتين و أربعين.

65 عليّ بن أبي طالب- عليه السّلام

انظر ترجمته في ص 5

______________________________

(1)- و كأنَّ الإفتاء كان من شئون الامارة، و لو صح ذلك للزم عدّ كل أمير في تلك العصور مفتياً، و هذا ما لا يثبته التأريخ.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 209

66 عمّار بن ياسر «1»

(57 ق ه- 37 ه) ابن عامر بن مالك العنسيّ المكّيّ، أبو اليقظان، مولي بني مخزوم.

كان أحد السابقين الاوّلين و الاعيان البدريين، و أُمّه سميّة مولاة بني مخزوم من كبار الصحابيات، و كان أبواه أوّل شهيدين في الإسلام.

و كانت بنو مخزوم يخرجون بعمار و بأبيه و أُمّه إذا حميت الظهيرة يعذبونهم برمضاء مكة، فيمرّ بهم رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فيقول: صبراً آل ياسر، موعدكم الجنّة.

______________________________

(1) وقعة صفين 340، الطبقات الكبري لابن سعد 3- 246، التأريخ الكبير 7- 25، المعارف 147، أنساب الاشراف 2- 314، تاريخ الطبري 4- 26، الجرح و التعديل 6- 389، اختيار معرفة الرجال رقم الحديث 13 و 14، مشاهير علماء الامصار 74 برقم 266، المستدرك للحاكم 3- 383، حلية الاولياء 1- 139، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 75 برقم 62، رجال الطوسي 32، الخلاف للطوسي 1- 112، تاريخ بغداد 1- 150، الإستيعاب ذيل الاصابة 2- 469، المنتظم 5- 119، أُسد الغابة 4- 43، الكامل في التأريخ 3- 308، تهذيب الاسماء و اللغات 2- 37، تهذيب الكمال 21- 215، العبر للذهبي 1- 27، سير أعلام النبلاء 1- 406، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 37 ه (569، الوافي بالوفيات 22- 376، مرآة الجنان 1- 100، البداية و النهاية 6- 220، الجواهر المضيئة 2- 416، الاصابة 2- 505، تقريب التهذيب 2- 48، تهذيب التهذيب 7- 408، شذرات الذهب 1- 45، تنقيح المقال 2- 320، أعيان

الشيعة 8- 372، الغدير 9- 15، معجم رجال الحديث 12- 265 برقم 8650.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 210

و اتفقوا علي أنّه نزلت فيه: " إِلّٰا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمٰانِ" «1» و تضافر الثناء عليه من رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم مشفوعاً بالنهي المؤكد عن بغضه و معاداته و سبّه و انتقاصه.

روي عن النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال: ثلاثة تشتاق إليهم الجنّة: علي و سلمان و عمار.

و عنه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-: من عادي عماراً عاداه اللّه، و من أبغض عماراً أبغضه اللّه.

و عنه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-: إنّ عماراً مُلئَ إيماناً إلي مُشاشه.

و عنه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-: إذا اختلف الناس كان ابن سُميّة مع الحق.

وقد بعثه عمر إلي الكوفة أميراً، و بعث ابن مسعود معلماً و وزيراً، و كتب إليهم: إنّهما من النجباء من أصحاب محمّد- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم من أهل بدر، فاقتدوا بهما و اسمعوا من قولهما.

و لم يؤثر عن عمّار إلّا الرضا بما يرضي اللّه و رسوله، و الغضب لهما و الهتاف بالحق و التجهّم أمام الباطل.

وقد كان ينكر علي عثمان أُموراً و أحداثاً، و قد نال غلمان عثمان من عمار ما نالوا من الضرب حتي انفتق له فتق في بطنه و كسروا ضلعاً من أضلاعه.

و كان مع أمير المؤمنين عليّ- عليه السّلام في وقعتي الجمل وصفين، و كان يهتف في صفين: و اللّه لو قاتلونا حتي يبلغوا بنا سعفات هَجَر، لعرفت أنّنا علي الحق، و أنّهم علي الباطل.

و لما قُتل في صفين، قال معاوية: إنّما قتله عليّ

و أصحابه الذين ألقوه بين رماحنا (سيوفنا)!!.

وقد ردّ عليه الامام عليّ- عليه السّلام: بأنّ رسول اللّه إذاً قتل حمزة

______________________________

(1)- النحل: 106.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 211

حين أخرجه.

قال القرطبي المالكي: و تواترت الآثار عن النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال: «تقتل عماراً الفئة الباغية» و هذا من إخباره بالغيب و إعلام بنبوّته- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-، و هو من أصح الاحاديث.

روي عن عمار أنّه قال: كنت تِرباً لرسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لسنّه.

له في مسند بقيّ اثنان و ستون حديثاً.

روي عنه: ابن عباس، و أبو موسي الاشعري، و أبو أُمامة الباهلي، و جابر بن عبد اللّه، و محمد بن الحنفية، و غيرهم.

عُدّ من المقلّين في الفتيا من الصحابة.

نقل عنه في «الخلاف» ست فتاوي.

عاش ثلاثاً أو أربعاً و تسعين سنة، و قُتل في صفين- سنة سبع و ثلاثين، و صلّي عليه أمير المؤمنين- عليه السّلام و لم يغسّله.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 212

67 عمر بن الخطاب «1»

(..- 23 ه) ابن نفيل بن عبد العزي القرشي العدوي، أبو حفص.

أسلم في السنة السادسة أو التاسعة بعد البعثة، و هاجر إلي المدينة، و شهد بدراً و سائر المشاهد مع رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

و لما توفّي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و اجتمع الانصار و جماعة من المهاجرين في السقيفة «2» و احتدم بينهم الخلاف، بادر عمر إلي بيعة أبي بكر،

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 2 244- 243 و 3- حياة عمر بن الخطاب، المعارف 104، 160، تاريخ اليعقوبي 2، 150، 114، 115- 116، تاريخ الطبري 3، 294- 267، الجرح و التعديل 6- 105،

مروج الذهب 3- 48، حلية الاولياء 1- 52، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 40 برقم 2، الإستيعاب 4- 283 في ترجمة خولة بنت ثعلبة، مناقب الخوارزمي 156، أُسد الغابة 4- 52، الكامل في التأريخ 3- 31، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 3- 122، تفسير القرطبي 5- 99 ضمن آية (و إن آتيتم) إلخ، الرياض النضرة 2، 355، 357- 232، و ج 3، 232- 164، تاريخ الإسلام للذهبي (السيرة النبوية (173، تذكرة الحفاظ 1- 7، الوافي بالوفيات 22- 460، تفسير ابن كثير 1- 467 ضمن آية (و إن آتيتم إحديهن قنطاراً) إلخ، الجواهر المضيئة 2- 415، الخطط المقريزية 1- 388، فتح الباري 12- 101 و ج 7- 361، تهذيب التهذيب 7- 438، تقريب التهذيب 2- 415، الاصابة 2- 511، أعيان الشيعة 1، 463، 431- 435، الغدير 1- 270، 283.

(2) و أمّا الامام علي- عليه السّلام- و سائر بني هاشم و جماعة من الصحابة فلم يشهدوا السقيفة و الحديث عن السقيفة و ما جري فيها و بعدها و الحديث ذو شجون، فمن أراد فليرجع إلي «تاريخ الطبري «: 2- 443 ط مؤسسة الاعلمي، في حوادث سنة 11.

و «الامامة و السياسة» لابن قتيبة: ص 12، و تاريخ أبي الفداء: 2- 64.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 213

فكان لَابي بكر بمنزلة الوزير، ثم ولي الخلافة بعد أبي بكر بعهد منه و ذلك في سنة ثلاث عشرة.

وقد نهي عن كتابة السنّة و أمر الصحابة بأن يقلّوا الرواية عن رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، و رُوي أنّه حبس ابن مسعود، و أبا الدرداء، و أبا مسعود الانصاري، فقال: قد أكثرتم الحديث عن رسول اللّه- صلّي اللّه

عليه و آله و سلّم، و لما قدم قرظة بن كعب إلي الكوفة قالوا: حدثنا، فقال: نهانا عمر «1» روي عنه: عثمان بن عفان، و طلحة بن عبيد اللّه، و عبد الرحمن بن عوف، و أبو موسي الاشعري، و أبو هريرة، و آخرون.

و في أيامه كانت الفتوحات في الشام و العراق، فافتتحت القدس و المدائن و مصر و غيرها، و ولّي عمرو بن العاص فلسطين و الأُردن، و ولي معاوية بن أبي سفيان دمشق و بعلبك و البلقاء، ثمّ جمع الشام كلّها لمعاوية.

قيل: هو أوّل من دوّن الدواوين في الإسلام، جعلها علي الطريقة الفارسية لِاحصاء أصحاب الاعطيات و توزيع المرتبات عليهم.

عُدّ عمر بن الخطاب من المكثرين في الفتيا من الصحابة.

و أورد له الشيخ الطوسي في «الخلاف» مائة و ثماني و تسعين فتوي.

و كان يقول في كثير من المسائل برأيه، و يحكم في القضايا باجتهاده، كما أنّه كان يأخذ عن الصحابة و يستفتيهم في الاحكام.

قال ابن الاثير: و هو أوّل من جمع الناس في صلاة الجنازة علي أربع تكبيرات، و كانوا قبل ذلك يصلّون أربعاً و خمساً و ستاً، و هو أوّل من جمع الناس علي إمام يصلّي بهم التراويح في شهر رمضان، و كتب به إلي البلدان

______________________________

(1)-» تذكرة الحفاظ» للذهبي: 1- 5.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 214

و أمرهم به «1» و روي مسلم بسنده عن أبي نضرة، قال: كنت عند جابر بن عبد اللّه فأتاه آت فقال: ابن عباس و ابن الزبير اختلفا في المتعتين، فقال جابر: فعلناهما مع رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ثمّ نهانا عنهما عمر فلم نعد لهما «2» و روي أيضاً بسنده عن عمران بن حصين، قال:

اعلم أنّ رسول اللّه جمع بين حج و عمرة ثم لم ينزل فيها كتاب و لم ينهنا عنهما رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، قال فيها رجل برأيه ما شاء «3» و روي البيهقي بسنده عن الحكم بن مسعود الثقفي، قال: شهدت عمر ابن الخطاب رضي اللّه عنه أشرك الاخوة من الاب و الأُمّ مع الاخوة من الأُمّ في الثلث.

فقال له رجل: قضيت في هذا عام أوّل بغير هذا، قال: كيف قضيت؟ قال: جعلته للِاخوة من الأُمّ و لم تجعل للِاخوة من الاب و الأُمّ شيئاً، قال: تلك علي ما

______________________________

(1) الكامل: 3- 59 ذكر بعض سيرته (أي سيرة عمر).

قال العلامة الاميني: الذي ثبت في السنّة و عمل الصحابة اختلاف العدد في التكبير علي الجنازة المحمول علي مراتب الفضل في الميت أو الصلاة نفسها، و ذلك يكشف عن إجزاء كل تلك الاعداد، فاختيار الواحد منها و الجمع عليه و المنع من البقية كما يمنع عن البدع، رأي غير مدعوم بشاهد، و اجتهاد تجاه السنّة و العمل «الغدير «: 1- 190.

روي أحمد في «مسنده»: 4- 370 عن عبد الاعلي قال: صلّيت خلف زيد بن أرقم علي جنازة فكبّر خمساً، فقام إليه أبو عيسي عبد الرحمن بن أبي ليلي، فأخذ بيده فقال: نسيت؟ قال: لا، و لكن صلّيت خلف أبي القاسم خليلي ص فكبّر خمساً فلا أتركها أبداً.

(2)-» صحيح مسلم» كتاب النكاح، باب 3، الحديث 17. و المقصود بالمتعتين: متعة الحج و متعة النساء.

(3)» صحيح مسلم» كتاب الحج، باب 23 حديث 169 و «السنن الكبري» للبيهقي: 7- 206، و في رواية لمسلم في نفس الباب الحديث 166: و قال ابن حاتم في روايته ارتأي رجل

برأيه ما شاء يعني عمر.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 215

قضينا و هذا علي ما قضينا «1» و روي أحمد بن حنبل بسنده عن ابن عباس، قال: لمّا مات عثمان بن مظعون إلي أن قال: حتي ماتت رقية ابنة رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فقال: الحقي بسلفنا الخير عثمان بن مظعون، قال: و بكت النساء فجعل عمر يضربهن بسوط، فقال النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: دعهنّ يبكين، و إيّاكنّ و نعيق الشيطان، ثمّ قال رسول اللّه ص: مهما يكون من القلب و العين فمن اللّه و الرحمة، و مهما كان من اليد و اللسان فمن الشيطان، و قعد رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم علي شفير القبر و فاطمة إلي جنبه تبكي، فجعل النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يمسح عين فاطمة بثوبه رحمة لها «2» و روي أيضاً بسنده عن ابن عباس أنّه قال له عمر: يا غلام هل سمعت من رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أو من أحد من أصحابه، إذا شك الرجل في صلاته ما ذا يصنع، قال: فبينا هو كذلك إذ أقبل عبد الرحمن بن عوف.. إلي آخر الرواية «3» قُتل عمر بن الخطاب في- سنة ثلاث و عشرين، طعنه أبو لؤلؤة فيروز غلام المغيرة بن شعبة، فمات منها بعد ثلاث ليال، و صلّي عليه صهيب، و اختلف في سن عمر يوم مات، فقيل: توفّي و هو ابن ثلاث و ستين سنة، و قيل: توفّي و هو ابن ستين سنة، و قيل: توفّي و هو ابن بضع و خمسين.

______________________________

(1) «السنن الكبري»: 6- 255.

(2) «المسند»: 1- 335،

و رواه أيضاً في ص 237 و لكنّه ذكر (زينب) ابنة رسول اللّه بدل (رقية).

(3) «المسند»: 1- 190.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 216

68 عمران بن حُصَين «1»

(..- 52 ه) ابن عبيد الخزاعي الكعبي، أبو نُجَيْد.

أسلم عام خيبر (7 ه) و غزا مع رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم غزوات.

بعثه عمر بن الخطاب إلي البصرة ليفقّه أهلها، فأقام بها إلي أن مات.

استقضاه عبد اللّه بن عامر علي البصرة، فأقام قاضياً يسيراً ثمّ استعفي فأعفاه.

ذكر ابن قتيبة أنّ طلحة و الزبير لما نزلا البصرة، قال عثمان بن حُنيف: نعذر

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 4- 287، التأريخ الكبير 6- 408، الجرح و التعديل 6- 296، اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي (94 برقم 148، مشاهير علماء الامصار 66 برقم 218، الثقات لابن حبّان 3- 287، المستدرك للحاكم 3- 470، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 69 برقم 52، رجال الطوسي 32 برقم 34، الخلاف للطوسي 3- 258، طبع إسماعيليان، الإستيعاب ذيل الاصابة 3- 22، مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب 3- 53، صفة الصفوة 1- 681، المنتظم 5- 253، أُسد الغابة 4- 137، تهذيب الكمال 22- 319، سير أعلام النبلاء 2- 508، العبر للذهبي 1- 40، تذكرة الحفّاظ 1- 29، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 52 ه (153، البداية و النهاية 8- 62، الجواهر المضيئة 2- 415، النجوم الزاهرة 1- 143، تهذيب التهذيب 8- 125، الاصابة 3- 27، تقريب التهذيب 2- 82، طبقات الحفّاظ 17، شذرات الذهب 1- 58، مجمع الرجال 4- 269، جامع الرواة 1- 641، تنقيح المقال 2- 350، الاعلام 5- 70، الغدير 1- 57 معجم رجال الحديث 13- 139 برقم 9033.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 217

إليهما

برجلين فدعا عمران بن حصين صاحب رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، و أبا الاسود الدوَلي.

فأرسلهما إلي الرجلين فذهبا إليهما.. فتكلم أبو الاسود الدوَلي.. ثمّ تكلم عمران ابن حصين فقال: يا طلحة، إنّكم قتلتم عثمان و لم نغضب له إذ لم تغضبوا، ثمّ بايعتم عليّا و بايعنا من بايعتم، فإن كان قتل عثمان صواباً فمسيركم لما ذا؟ و إن كان خطأ، فحظكم منه الاوفر، و نصيبكم منه الاوفي.

فقال طلحة: يا هذا إنّ صاحبكما لا يري أنّ معه في هذا الامر غيره، و ليس علي هذا بايعناه، و ايم اللّه ليسفكنّ دمه.

فقال أبو الاسود: يا عمران! أمّا هذا فقد صرّح أنّه إنّما غضب للملك.. «1».

روي عمران عن النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم عدة أحاديث.

روي عنه: أبو الاسود الدوَلي، و مُطرّف بن عبد اللّه بن الشِّخِّير، و الحسن البصري، و أبو رجاء العُطاردي، و ابنه نُجيد بن عمران، و محمد بن سيرين، و آخرون.

و هو أحد رواة حديث الغدير من الصحابة «2» و روي في فضائل عليّ (عليه السّلام) جملة أحاديث.

روي أبو نعيم بسنده عنه قال: بعث رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم سريّة و استعمل عليهم عليّا كرم اللّه وجهه، فأصاب عليّ جارية، فأنكروا ذلك عليه، فتعاقد أربعة من أصحاب رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قالوا: إذا لقينا رسول اللّه أخبرناه بما صنع عليّ، قال عمران: و كان المسلمون إذا قدموا من سفر بدأوا برسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فسلّموا عليه ثم انصرفوا، فلما قدمت السرية سلّموا علي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فقام أحد

الأَربعة فقال: يا رسول اللّه أ لم ترَ أنّ عليّا صنع كذا و كذا، فأعرض عنه ثمّ قام آخر منهم فقال: يا رسول اللّه أ لم تر أنّ عليّا

______________________________

(1)- الامامة و السياسة: 1- 60.

(2)- راجع «الغدير» للعلّامة الاميني: 1- 57 برقم 91.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 218

صنع كذا و كذا، فأعرض عنه حتي قام الرابع، فقال: يا رسول اللّه أ لم تر أنّ عليّا صنع كذا و كذا، فأقبل عليه رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يُعرف الغضب في وجهه فقال: ما تريدون من عليّ؟ ثلاث مرات، ثمّ قال: إنّ علياً منّي و أنا منه، و هو وليُّ كل مؤمن بعدي «1».

و روي محب الدين الطبري أنّ عمران بن الحصين قال، قال رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: النظر إلي وجه عليّ عبادة «2» و كان عمران ممن ثبت مع جمع من الصحابة علي القول بإباحة المتعة و عدم نسخها، فقد ذكر الفخر الرازي في تفسيره 3- 200 أنّ عمران بن حصين قال: نزلت آية المتعة في كتاب اللّه تعالي و لم ينزل بعدها آية تنسخها، و أمرنا بها رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و تمتعنا بها و مات و لم ينهنا عنه ثم قال رجل برأيه ما شاء «3» عُدّ من المتوسطين في الفتيا من الصحابة، و نقل عنه الشيخ الطوسي في «الخلاف» فتوي واحدة.

توفّي- سنة اثنتين و خمسين، و كان به استسقاء، فطال به سنين كثيرة، قيل: و شق بطنه و أخذ منه شحم و ثقب له سرير فبقي عليه ثلاثين سنة.

______________________________

(1)- حلية الاولياء: 1- 294 ترجمة جعفر الضبيعي.

و أخرجه الحاكم في مستدركه:

3- 110 ثم قال: هذا حديث صحيح علي شرط مسلم و لم يخرجاه، و ذكره الذهبي في تلخيصه.

(2) الرياض النضرة: 3- 219.

و روي الحديث أيضاً عن عبد اللّه بن مسعود، ثم قال: أخرجه أبو الحسن الحربي.

(3) يريد أنّ عمر بن الخطاب نهي عنها.

و روي أبو نعيم بسنده عن عمران بن حصين قال: تمتعنا مع رسول اللّه ص مرتين، فقال رجل برأيه ما شاء.

قال أبو نعيم: هذا حديث صحيح ثابت أخرجه مسلم في صحيحه.

حلية الاولياء: 2- 355 ترجمة محمد بن واسع.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 219

69 عمرو بن حزم «1»

(10، 7 ق ه- 54، 53 ه) ابن زيد بن لوذان الانصاري، أبو الضحاك.

شهد الخندق و ما بعدها من المشاهد، و استعمله النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم علي نجران، و هو ابن سبع عشرة سنة فيما قيل «2» ليفقّههم في الدين و يعلّمهم القرآن، و ذلك سنة عشر، و كتب إليه عهداً مطوّلًا فيه توجيه و تشريع.

و ممّا جاء في هذا الكتاب: يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، عهد من رسول اللّه لعمرو بن حزم حين بعثه إلي اليمن، أمره بتقوي اللّه في أمره كله، فانّ اللّه مع الذين اتقوا و الذين هم محسنون، و أمره أن يأخذ الحق كما أمره، أن يبشّر الناس

______________________________

(1) التأريخ الكبير 6- 305، المعرفة و التاريخ 1- 331، سنن النسائي 8- 56، الجرح و التعديل 6- 224، مشاهير علماء الامصار 45 برقم 96، الثقات لابن حبّان 3- 267، المستدرك للحاكم 3- 386، السنن الكبري للبيهقي 8- 45 و 69، رجال الطوسي 50، الإستيعاب 2- 510، المغني و الشرح الكبير 9- 337، الكامل في التأريخ 3- 496، تهذيب الكمال 21- 585، تاريخ الإسلام

للذهبي (سنة 53 ه (278، الاصابة 2- 525، تهذيب التهذيب 8- 20، ذخائر المواريث 3- 64، تنقيح المقال 2- 328.

(2) و نقل صاحب تهذيب الكمال أنّ (عمرو بن حزم وزيد بن ثابت شهدا الخندق مع رسول اللّه ص و هما ابنا خمس عشرة سنة) و إذا صح ذلك فانّ عمره يوم استعمله رسول اللّه ص كان عشرين سنة.

لَانّ الخندق كانت في سنة خمس.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 220

بالخير و يأمرهم به، و يعلّم الناس القرآن و يفقّههم فيه.. يخبر الناس بالذي لهم و الذي عليهم، و يلين لهم في الحق، و يشتد عليهم في الظلم، فانّ اللّه كره الظلم و نهي عنه، قال: " أَلٰا لَعْنَةُ اللّٰهِ عَلَي الظّٰالِمِينَ.." «1» و يعلّم الناس معالم الحج و سننه و فرائضه، و أمره أن يأخذ من الغنائم خمس اللّه، و ما كتب علي المؤمنين في الصدقة.. «2».

و كان عمرو بن حزم قد خرج إلي المصريين بذي خشب لما ثار الناس بعثمان، و ذلك حين مضت الايام الثلاثة و هو علي حاله لم يغيّر شيئاً مما كرهوه و لم يعزل عاملًا، فأخبرهم الخبر و سار معهم حتي قدموا المدينة، و لما أبي عثمان أن يستجيب لمطالبهم في عزل عمّاله و ردّ المظالم حصروه أربعين ليلة «3» ثم قتلوه.

روي ابن حزم عن النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

روي عنه: ابنه محمّد، و النضر بن عبد اللّه السلمي، و امرأته سودة بنت حارثة، و غيرهم.

عُدّ من أصحاب الامام عليّ- عليه السّلام.

رُوي أنّه لما قُتل عمّار بن ياسر دخل عمرو بن حزم علي عمرو بن العاص فقال: قُتل عمار و قد سمعت رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله

و سلّم يقول: «تقتله الفئة الباغية» فقام عمرو فزعاً حتي دخل علي معاوية فقال له معاوية: ما شأنك؟ فقال: قتل عمار بن ياسر.

فقال: قُتل عمار فما ذا؟ فقال عمرو: سمعت رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم

______________________________

(1)- هود: 18.

(2) مكاتيب الرسول للَاحمدي: 1- 197.

(3) انظر تاريخ الطبري: 3- 404 حوادث سنة 35 ه، و فيه أنّ عثمان كتب كتاباً أجله ثلاثاً علي أن يردّ كل مظلمة و يعزل كل عامل كرهوه، و خرج علي- عليه السّلام- إلي الناس بالكتاب، فكفّ المسلمون عنه و رجعوا إلي أن يفيَ لهم بما أعطاهم من نفسه.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 221

يقول: «تقتله الفئة الباغية» فقال له معاوية: أ نحن قتلناه إنّما قتله عليٌّ و أصحابه جاءوا به حتي ألقوه بين رماحنا: أو قال: سيوفنا «1»! و عن محمد بن سيرين أنّ عمرو بن حزم «2» كلّم معاوية بكلام شديد لما أراد البيعة ليزيد.

ذكر الشيخ الطوسي في «الخلاف» في مسألة دية الخطاء شبيه العمد أنّ عمرو بن حزم روي عن النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال: ألا إنّ دية الخطاء شبيه العمد ما كان بالسوط و العصا مائة من الإبل منها أربعون خلفة.

توفّي بالمدينة- سنة أربع و خمسين، و قيل: - سنة ثلاث و خمسين، و قيل: - إحدي أو اثنتين و خمسين.

______________________________

(1)- قال الحاكم بعد ذكر الحديث: صحيح علي شرطهما و لم يخرجاه بهذه السياقة.

(2) و كان ابنه محمد بن عمرو بن حزم أحد فرسان أهل المدينة في وقعة الحَرّة (سنة 63 ه) و ذلك حين أرسل يزيد بن معاوية جيشاً بقيادة مسلم بن عُقبة المُرّي للانتقام من أهل المدينة الذين خلعوه لفجوره،

و أخرجوا عامله، فأسرف مسلم في المدينة قتلًا و نهباً حتي سُمّي (مسرفاً).

انظر ترجمة محمد بن عمرو بن حزم في قسم التابعين من كتابنا هذا.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 222

70 أبو الدرداء

«1» (..- 32 ه) عويمر بن مالك بن قيس الانصاري الخزرجي، و يقال: عويمر بن زيد، و يقال: عويمر بن عامر، و قيل: اسمه عامر، و عويمر لقبه، و قيل غير ذلك.

و هو مشهور بكنيته.

تأخّر إسلامه، و كان من آخر الانصار إسلاماً.

آخي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بينه و بين سلمان الفارسي.

قال علي بن برهان الدين الحلبي في «السيرة الحلبية- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- 293»: و لعل هذه المؤاخاة بين سلمان و أبي الدرداء كانت قبل عتق سلمان لَانّه تأخّر عتقه

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 7- 391، التأريخ الكبير 7- 76، المعارف 153، الجرح و التعديل 7- 26، مشاهير علماء الامصار 84 برقم 322، الثقات لابن حبّان 3- 285، المستدرك للحاكم 3 337- 336، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 85 برقم 80، جمهرة أنساب العرب 362، الخلاف للطوسي 1- 380، الإستيعاب 4- 59 هامش الاصابة، طبقات الفقهاء للشيرازي 47، المنتظم 5- 18، صفة الصفوة 1- 627، تهذيب الاسماء و اللغات، أُسد الغابة 5- 185، تهذيب الكمال 22- 469 برقم 4558، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 32 ه (398، العبر للذهبي 1- 33، تذكرة الحفّاظ 1- 240، سير أعلام النبلاء 2- 335، الجواهر المضيئة 2- 415، مرآة الجنان 1- 88، غاية النهاية 1- 606، النجوم الزاهرة 1- 88، الاصابة 4- 60 و 3- 46، تهذيب التهذيب 8- 175، تقريب التهذيب 2- 91، كنز العمال 13- 550، شذرات الذهب 1-

39، تنقيح المقال 3- 16) فصل الكني).

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 223

عن أُحد، لَانّ أوّل مشاهده الخندق.

أقول: و لا مانع من وقوع المؤاخاة بعد عتق سلمان و ذلك لتأخّر إسلام أبي الدرداء كما تقدم.

شهد أبو الدرداء ما بعد أُحد من المشاهد، و اختُلف في شهوده أُحداً.

قال الذهبي: و هو معدود فيمن تلا علي النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، و هو معدود فيمن جمع القرآن في حياة رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

روي عن رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم عدة أحاديث.

روي عنه: أنس بن مالك، و فضالة بن عُبيد، و زوجته أُمّ الدرداء، و ابنه بلال ابن أبي الدرداء، و جماعة.

وقد ولي القضاء بدمشق في أيام عثمان بن عفان.

روي عن يحيي بن سعيد، قال: كان أبو الدرداء إذا قضي بين اثنين ثمّ أدبرا عنه نظر إليهما فقال: ارجعا إليّ، أعيدا عليّ قضيتكما.

عُدّ من الفقهاء، و هو من المقلّين من الصحابة فيما روي عنهم من الفتيا.

و نقل عنه الشيخ الطوسي في كتابه «الخلاف» إحدي عشرة فتوي.

و هو ممّن روي عنه الرُّخصة في التطوّع بعد العصر «1» و لَابي الدرداء كلمات مأثورة منها:

______________________________

(1)- الغدير للعلّامة الاميني: 6- 186.

أخرج أحمد بن حنبل في مسنده: 4- 115 عن زيد بن خالد أنّه رآه ابن الخطاب و هو خليفة ركع بعد العصر ركعتين فمشي إليه فضربه بالدرّة و هو يصلّي، فلما انصرف قال زيد: يا أمير المؤمنين فو اللّه لا أدعهما أبداً بعد أن رأيت رسول اللّه ص يصليهما، قال: فجلس إليه عمر، و قال: يا زيد بن خالد لو لا أنّي أخشي أن يتخذها الناس سلماً إلي الصلاة حتي

الليل لم أضرب فيهما.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 224

ما لي أري علماءكم يذهبون و جهّالكم لا يتعلمون، تعلّموا فانّ العالم و المتعلّم شريكان في الاجر.

و قال: من أكثر ذكر الموت قلّ فرحه، و قلّ حسده.

و قال: لو لا ثلاث لم أُبالِ متي متُّ، لو لا أن أظمأ بالهواجر، و لو لا أن أعفِّر وجهي بالتراب، و لو لا أن آمر بالمعروف و أنهي عن المنكر.

و قال في وصف الدنيا: الدنيا دار كَدَر، لا ينجو منها إلّا أهل الحذر، و للّٰه فيها علامات يسمعها الجاهلون، و يعتبر بها العالمون، و من علاماته فيها أن حفّها بالشهوات، فارتطم فيها أهل الشهوات، ثم أعقبها بالآفات، فانتفع بذلك أهل العظات.

توفّي أبو الدرداء بالشام- سنة اثنتين و ثلاثين، و قيل- ثلاث و ثلاثين.

قال ابن عبد البر: و قالت طائفة من أهل الاخبار إنّه مات بعد صفّين- سنة ثمان أو تسع و ثلاثين «1».

71 فاطمة الزهراء «عليها السّلام»

انظر ترجمتها في ص 16

______________________________

(1)- رُوي أنّ معاوية بعث أبا الدرداء و أبا هريرة رسولين إلي الامام علي- عليه السّلام-، وقد عاتبهما عبد الرحمن بن غنم علي ذلك.

و جاء في رواية أُخري أنّ أبا أمامة الباهلي و أبا الدرداء كانا رسولي معاوية إلي أمير المؤمنين- عليه السّلام- في صفّين، انظر «الإستيعاب- ترجمة عبد الرحمن بن غنم» لابن عبد البر، و الترجمة نفسها من كتابنا هذا- قسم التابعين.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 225

72 فَضالة بن عُبيد «1»

(..- 53 ه) ابن نافذ بن قيس الانصاري الاوسي، أبو محمد.

شهد أُحداً و الخندق و المشاهد كلّها مع رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و كان من أهل بيعة الرضوان.

و شهد فتح الشام و مصر ثمّ سكن الشام، و ولّاه معاوية قضاء دمشق، ثمّ أمّره معاوية علي جيش فغزا الروم في البحر، و كان ينوب عن معاوية في الامرة إذا غاب.

روي عن النبيّ- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و عن أبي الدرداء.

______________________________

(1) الام 2- 251، الطبقات الكبري لابن سعد 7- 401، المحبّر 294، التأريخ الكبير 7- 124، المعرفة و التاريخ 1- 341، الكني و الأَسماء للدولابي 87، الجرح و التعديل 7- 77، مشاهير علماء الامصار 88 برقم 339، الثقات لابن حبّان 3- 330، المعجم الكبير للطبراني 18- 298، المستدرك للحاكم 3- 473، حلية الاولياء 2- 17، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 78 برقم 67، رجال الطوسي 26، المغني و الشرح الكبير 6 296- 295، أُسد الغابة 4- 182، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 50، تهذيب الكمال 23- 186، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 53 ه (285، سير أعلام النبلاء 3- 113، العبر للذهبي 1- 41، مرآة الجنان 1-

136، البداية و النهاية 8- 81، الجواهر المضيئة 2- 417، تهذيب التهذيب 8- 267، تقريب التهذيب 2- 109، الاصابة 3- 201، ذخائر المواريث 3- 79، تنقيح المقال 2- 6.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 226

روي عنه: عمرو بن مالك الجَنْبي، و حنش الصنعاني، و عبد الرحمن بن جُبير، و طائفة.

وقد عُدّ من المقلّين في الفتيا من الصحابة.

نقل عنه الشيخ الطوسي في كتاب «الخلاف» فتويين: 1 إذا وهب الاجنبي و قبضه أو لذي رحم غير الولد كان له الرجوع فيه.. و روي عن عليّ- عليه السّلام أنّه قال: الرجل أحق بهبته ما لم يثب منها.

و روي مثل ذلك عن.. و فضالة بن عبيد.

2 أكل لحم الخيل حلال عراباً كانت أو براذين أو مقاريف.

توفّي فضالة- سنة ثلاث و خمسين.

و قيل: - سنة تسع و خمسين و قيل غير ذلك.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 227

73 قَرَظة بن كَعْب «1»

(..- قبل 40 ه) ابن ثعلبة الانصاري الخزرجيّ، أبو عمرو.

شهد مع النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم معركة أُحد و ما بعدها، ثم فتح الرّي في زمن عمر بن الخطاب سنة ثلاث و عشرين «2» و كان ممن وجّهه عمر إلي الكوفة يفقّه الناس «3».

وقد شهد قرظة وقعة صفين مع الامام عليّ- عليه السّلام.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 17، تاريخ خليفة 113، 152، الطبقات لخليفة 164 برقم 596، و 229 برقم 932، التأريخ الكبير 7 برقم 858، الجرح و التعديل 7- 144، الثقات لابن حبان 3- 347، رجال الطوسي 65، تاريخ بغداد 1- 185، أُسد الغابة 4- 202، تهذيب الكمال 23- 563، الاصابة 3- 223، تهذيب التهذيب 8- 368، تقريب التهذيب 2- 124، معجم رجال الحديث 14- 82، قاموس الرجال 7-

386.

(2) و قيل: افتتح الري حذيفة ثم انتقضوا فغزاهم أبو موسي، و قيل: افتتحها البراء بن عازب سنة أربع و عشرين، و قيل: افتتح بعضها أبو موسي و بعضها قرظة بن كعب.

انظر تاريخ خليفة: 113.

(3) رُوي عن قرظة أنّه قال: بعثنا عمر رضي اللّه عنه إلي الكوفة فشيّعنا علي مَثلَين، فقال: أ تدرون لِمَ شيعتكم؟ قالوا: نحن أصحاب رسول اللّه ص.

قال: إنكم تأتون أهل قرية لهم دويٌّ بالقرآن كدويّ النحل، فلا تُحدّثوهم فتشغلوهم، جَرّدوا القرآن و أقلُّوا الرواية عن رسول اللّه ص.

قال قرظة: فأتوْني بعد، فقلت: إنّ عمر قد نهانا أن نُحدّث، تهذيب الكمال: 23- 565.

قال العلّامة الاميني بعد ذكر هذه الرواية و غيرها عن نهي الخليفة عن الحديث أو عن إكثاره: إنّ ظاهر الكتاب لا يُغني الأُمّة عن السنّة، و هي لا تفارقه حتي يردا علي النبيّ الحوض، و حاجة الأُمّة إلي السنّة لا تقتصر عن حاجتها إلي ظاهر الكتاب، و الكتاب كما قال الاوزاعي و مكحول] جامع بيان العلم: 2- 191 ج أحوج إلي السنّة من السنة إلي الكتاب.

انظر الغدير: 6- 296.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 228

قال الخطيب البغدادي: و كان علي راية الانصار يومئذ.

روي قرظة عن النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، و عن عمر بن الخطاب.

روي عنه: عامر بن سعد البجلي، و عامر بن شراحيل الشعبي.

و كان قد وليَ الكوفة للِامام علي- عليه السّلام، ولّاه عليها لما سار إلي الجمل.

و ذكر نصر بن مزاحم أنّ علياً عليه السّلام (بعد إقامته بالكوفة عقب وقعة الجمل) بعث قرظة بن كعب إلي البِهْقُباذات «1» رُوي أنّه لما مات سهل بن حُنيف، صلي عليه أمير المؤمنين علي- عليه السّلام بالرُّحبة، فلما أتوْا به

الجبّانة، لحقه قرظة بن كعب في ناس من قومه أو في ناس من الانصار فقالوا: يا أمير المؤمنين لم نشهد الصلاة عليه، فقال: صلّوا عليه، فكان إمامهم قرظة بن كعب «2» توفّي قرظة بالكوفة في خلافة الامام علي- عليه السّلام، و هو صلّي عليه، و قيل: مات في إمارة المغيرة بن شعبة في أوّل أيام معاوية، و قال ابن حجر: مات في حدود- الخمسين علي الصحيح.

______________________________

(1)- كتاب صفين: ص 14.

و بِهْقُباذ: بالكسر ثم السكون، و ضم القاف، وباء موحّدة، و ألف و ذال معجمة: اسم لثلاث كور ببغداد من أعمال سَقْي الفرات، منسوبة إلي قُباذ بن فيروز والد أنوشروان بن قباذ العادل.

معجم البلدان: 1- 516.

(2) انظر المعرفة و التاريخ: 1- 220.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 229

74 قيس بن سعد بن عبادة «1»

(..- 59، 60 ه) ابن دليم بن حارثة الانصاري الخزرجي، أبو عبد اللّه المدني «2» خدم النبيّ- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، فكان منه بمنزلة صاحب الشرطة من الامير، و حمل راية الانصار في بعض الغزوات، و استعمله- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- علي الصدقة، و كان يطعم الناس في أسفاره مع النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم «3» قال جابر الانصاري: خرجنا في بعث كان عليهم قيس بن سعد، و نحر لهم تسع ركائب، فلما قدموا علي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ذكروا له من أمر قيس،

______________________________

(1) طبقات خليفة 235 برقم 973 و 494 برقم 2556، تاريخ خليفة 149، 152، 172، 275، الطبقات الكبري لابن سعد 6- 52، التأريخ الكبير 7- 141 برقم 636، رجال البرقي 65، المعرفة و التاريخ 1- 299، ثقات ابن حبان 3- 339، الجرح

و التعديل 7- 99 برقم 560، رجال الكشي 102 برقم 49، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 101 برقم 111، رجال الطوسي 26 برقم 1 و 54 برقم 1، تاريخ بغداد 1- 177، أُسد الغابة 4- 215، الكامل في التأريخ 3- 268، تهذيب الاسماء و اللغات 61 برقم 75، رجال ابن داود 279 برقم 1210، مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 21- 102، تهذيب الكمال 24- 40 برقم 4906، سير أعلام النبلاء 3- 102، تهذيب التهذيب 8- 395، الاصابة 3- 239 برقم 7179، شذرات الذهب 1- 52، جامع الرواة 2- 25، بهجة الآمال 6- 89، تنقيح المقال 2- 31 برقم 9712، أعيان الشيعة 8- 452، الغدير 2- 67، معجم رجال الحديث 14- 93 برقم 9652، قاموس الرجال 7- 396.

(2) و قيل: أبو عبد الملك.

(3) مختصر تاريخ دمشق.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 230

فقال: إنّ الجود من شيمة أهل ذلك البيت «1» و كان قيس من كبار شيعة أمير المؤمنين- عليه السّلام و مناصحيه، ولّاه- عليه السّلام مصر في صفر سنة ست و ثلاثين، فبايعه الناس و استقامت له مصر، و جبي الخراج، ثم عُزل بمحمد بن أبي بكر، و شهد وقعتي صفين «2» و النهروان، و جعله علي (عليه السّلام) علي شرطة الخميس الذين كانوا يبايعون علي الموت.

و لما استُخلف الامام الحسن بعد استشهاد أبيه «عليهما السلام» وجه قيساً علي مقدّمته لقتال معاوية، فلمّا عُقد الصلح بين الحسن- عليه السّلام و بين معاوية، رجع قيس إلي المدينة، فلم يزل بها حتي توفي في آخر زمن معاوية.

حدّث قيس بالكوفة و الشام و مصر و المدينة.

روي عنه: أنس بن مالك، و عبد اللّه بن مالك الجيشاني، و عبد الرحمن

بن أبي ليلي، و الشعبي، و الوليد بن عَبَدة، و عريب بن حُميد الهمداني، و أبو ميسرة عمرو بن شرحبيل الهمداني، و ميمون بن أبي شبيب الرّبعي، و عروة بن الزبير، و غيرهم.

و كان فارساً مغواراً، جواداً كريماً، داهية باقعة، محاججاً قديراً، خطيباً مفوّهاً، عالماً بالكتاب و السنّة، وافر العقل، راسخ العقيدة، متهالكاً في ولاء أهل البيت، متفانياً في نصرتهم.

قال فيه الامام علي- عليه السّلام (لما ولّاه مصر): و هو ممن أرضي هدْيَه، و أرجو صلاحه و نصحه «3».

و قال إبراهيم الثقفي: كان شيخاً شجاعاً مجرّباً، مناصحاً لعلي و لولده، و لم

______________________________

(1)- تهذيب التهذيب: 8- 396.

(2) قال ابن الاثير في أُسد الغابة: 4- 216: و هو القائل يوم صفّين:

هذا اللواء الذي كنّا نحفّ به مع النبي و جبريل لنا مدد

ما ضرّ من كانت الانصار عيْبته أن لا يكون له من غيرهم أحد

قوم إذا حاربوا طالت أكفُّهمُ بالمشرفية حتي يفتح البلد

(3)- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 6- 59 (ولاية قيس بن سعد علي مصر ثم عزله).

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 231

يزل علي ذلك إلي أن مات.

و قال المسعودي: كان من الزهد و الديانة و الميل إلي عليّ بالموضع العظيم.

و قال ابن عبد البرّ: كان أحد الفضلاء الجلّة من دهاة العرب من أهل الرأي و المكيدة في الحرب مع النجدة و السخاء و الشجاعة و كان شريف قومه، و كان أبوه و جدّه كذلك.

و قال الذهبي في سيره: و جود قيس يُضرب به المثل، و كذلك دهاؤه.

و قال الحلبي في سيرته: من وقف علي ما وقع بين قيس بن سعد و بين معاوية لرأي العجب من وفور عقله.

رُوي أنّ قيساً كان في

سريّة فيها أبو بكر و عمر فكان يستدين و يطعم الناس فقالا: إن تركناه أهلكَ مال أبيه فهمّا بمنعه، فسمع سعد فقال للنبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: من يعذرني منهما يبخّلان عليّ ابني «1» و كان قيس يقول في دعائه: اللّهمّ هب لي حمداً و مجداً، فإنّه لا مجد إلّا بفعال، و لا فعال إلّا بمال، اللهم لا يُصلحني القليل، و لا أصلح عليه.

و كان يقول: لو لا اني سمعت رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول: «المكر و الخديعة في النار» لكنتُ من أمكر هذه الأُمّة.

و يقول: لو لا الإسلام لمكرتُ مكراً لا تطيقه العرب «2»

______________________________

(1)- سير أعلام النبلاء: 3- 106.

(2) ذكر العلّامة الاميني في «الغدير «2- 73 انّ شهرة قيس بالدهاء مع تقيّده المعروف بالدين، و كلاءته حمي الشريعة، و كفِّه نفسه عما يُخالف ربّه، تُثبت له الاولوية و التقدم و البروز بين دهاة العرب، و لا يعادله من الدهاة الخمسة الشهيرة أحد إلّا عبد اللّه بن بُديل، و ذلك لاشتراكهما في المبدأ، و التزامهما بالدين الحنيف، و الكفِّ عن الهوي.

و بقية الدهاة الخمسة هم: معاوية، و عمرو بن العاص، و المغيرة بن شعبة.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 232

75 محمد بن مَسْلَمة «1»

(..- 43 ه) ابن سَلَمة بن خالد الانصاري الاوسي، أبو عبد الرحمن، و قيل: أبو عبد اللّه.

آخي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بينه و بين أبي عبيدة بن الجراح في قولٍ «2» و شهد بدراً و ما بعدها من المشاهد.

و ذُكر أنّه أحد الذين قتلوا كعب بن الاشرف «3»

______________________________

(1) الطبقات لابن سعد 3- 443، التأريخ الكبير 1- 11 برقم 1، المعارف 153،

المعرفة و التاريخ 1- 282، الجرح و التعديل 8- 71 برقم 316، الثقات لابن حبان 3- 362، المعجم الكبير للطبراني 19- 222، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 59 برقم 33، الكامل في التأريخ 2- 143، أُسد الغابة 4- 330، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 92، تهذيب الكمال 26- 456، سير أعلام النبلاء 2- 369، العبر 1- 37، تاريخ الإسلام (سنة 41 60 ه (112، الجواهر المضيئة 2- 416، تهذيب التهذيب 9- 454، تقريب التهذيب 2- 208، الاصابة 3- 363، شذرات الذهب 1- 45.

(2) المعروف المشهور أنّ المؤاخاة إنّما وقعت مرتين بين المهاجرين قبل الهجرة، و مرّة بين المهاجرين و الأَنصار بعد الهجرة بخمسة أشهر، و في كلتا المرتين يصطفي رسول اللّه ص لنفسه منهم أمير المؤمنين علياً- عليه السّلام- فيتخذه من دونهم أخاً.

انظر السيرة الحلبية: 2- 292.

و قال ابن عبد البر (الإستيعاب- ترجمة علي- عليه السّلام-): آخي رسول اللّه بين المهاجرين بمكة ثم آخي بين المهاجرين و الأَنصار بالمدينة و قال في كل واحدة منهما لعلي: «أنت أخي في الدنيا و الآخرة».

(3) كعب بن الاشرف الطائي، من بني نبهان، شاعر جاهلي.

كانت أُمّه من «بني النضير» فدان باليهودية، و كان يقيم في حصن له قريب من المدينة، أدرك الإسلام و لم يسلم، و أكثر من هجو النبي ص و أصحابه، و تحريض القبائل عليهم.

و خرج إلي مكة بعد وقعة «بدر» فندب قتلي قريش فيها، و حرّض علي الاخذ بثأرهم.

و عاد إلي المدينة.

و أمر النبي ص بقتله، فقُتل في سنة ثلاث من الهجرة.

انظر الاعلام: 5- 225.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 233

قال الذهبي: و قيل: إنّ النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم استخلفه مرّة علي

المدينة.

و قيل: إنّه استُخلف في غزوة قرقرة الكدر، و قيل: عام تبوك.

و القول بأنّه استُخلف عام تبوك لا يصحّ، لَانّ النبيّ- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم استخلف الامام عليّا- عليه السّلام في هذه الغزوة، فقد أخرج ابن سعد «1» بسنده عن البراء بن عازب و زيد بن أرقم، قالا: لما كان عند غزوة جيش العسرة، و هي تبوك، قال رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لعليّ بن أبي طالب: إنّه لا بدّ من أن أُقيم أو تقيم فخلّفه، فلما فصل رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم غازياً، قال ناس: ما خلّف علياً إلّا لشي ء كرهه منه، بلغ علياً، فاتبع رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم حتي انتهي إليه، فقال له: ما جاء بك يا علي؟ قال: لا يا رسول اللّه إلّا أنّي سمعتُ ناساً يزعمون أنّك إنّما خلفتني لشي ء كرهته منّي، فتضاحك رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و قال: يا عليّ! أ ما ترضي أن تكون منّي كهارون من موسي إلّا أنّك لست بنبي؟ «2» ثمّ إنّ الطبري لم يذكر محمد بن مسلمة في هذه الغزوة.

أمّا ابن هشام فذكر أنّ المستخلف محمد بن مسلمة، ثمّ روي أنّه سباع بن عرفطة، و ذكر ثالثة أنّه خلّف علياً علي أهله و استخلف علي المدينة سباع بن عرفطة، فأرجف المنافقون بعلي بن أبي طالب، ثم ذكر قول رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: «أ فلا ترضي يا عليّ أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسي إلّا أنّه لا نبيّ بعدي ««3»

______________________________

(1)- الطبقات الكبري: 3- 24.

(2) و جاء في «الإستيعاب»

لابن عبد البر في ترجمة علي- عليه السّلام-: و لم يتخلف عن مشهد شهده رسول اللّه ص مذ قدم المدينة، إلّا تبوك فانّه خلفه رسول اللّه ص علي المدينة و علي عياله بعده في غزوة تبوك و قال له: أنت منّي بمنزلة هارون من موسي إلّا أنّه لا نبي بعدي.

(3) قال أبو عمر في ترجمة عليّ- عليه السّلام- من الإستيعاب: و روي قوله: (أنت منّي بمنزلة هارون من موسي) جماعة من الصحابة و هو من أثبت الآثار و أصحها، رواه عن النبي ص سعد بن أبي وقاص، و طرق حديث سعد فيه كثيرة جداً، قد ذكرها ابن أبي خيثمة و غيره، و رواه ابن عباس و أبو سعيد الخدري، و أُمّ سلمة، و أسماء بنت عميس، و جابر بن عبد اللّه، و جماعة يطول ذكرهم.

و قال السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي بعد ذكر حديث المنزلة: لا يخفي ما فيه من الادلة القطعة و البراهين الساطعة علي أنّ علياً وليّ عهده و خليفته من بعده.

آثره بذلك علي سائر أرحامه، و كيف أنزله منه منزلة هارون من موسي، و لم يستثن من جميع المنازل إلّا النبوّة، و استثناؤها دليل العموم، و أنت تعلم أنّ أظهر المنازل التي كانت لهارون من موسي وزارته له و شدة أزره به و اشتراكه معه في أمره و خلافته عنه، و فرض طاعته علي جميع أُمّته بدليل قوله تعالي: (وَ اجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هٰارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَ أَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) و قوله: (اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَ أَصْلِحْ وَ لٰا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ) (انظر المراجعات- المراجعة: 26، 27).

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 234

و أمّا ابن حجر فذكر في

«الاصابة» أنّ محمّد بن مسلمة تخلّف بإذن النبيّ له- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- أن يقيم بالمدينة.

وقد قيل: شتان بين التخلّف و الاستخلاف «1» و كان عمر بن الخطاب قد استعمل محمد بن مسلمة علي صدقات جهينة، و كان عمر إذا شُكي إليه عامل أرسل محمداً ليكشف أمره.

و هو كان رسوله إلي سعد بن أبي وقاص حين بني القصر بالكوفة و غير ذلك، و قدم الجابية فكان علي مقدمة جيش عمر.

وقد تخلّف ابن مسلمة عن بيعة أمير المؤمنين عليّ- عليه السّلام بعد أن تدافع إليها المسلمون، و في طليعتهم بقايا المهاجرين و جموع الانصار.

و قعد عن نصرة الامام- عليه السّلام- في معارك الجمل و صفّين و النهروان و بقي في المدينة.

روي عن رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أحاديث يسيرة.

روي عنه: المسور بن مخرمة، و عبد الرحمن الاعرج، و عروة بن الزبير، و غيرهم.

عُدّ من المقلّين من الصحابة فيما روي عنهم من الفتيا.

عن المسور بن مخرمة، قال: استشار عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه الناس في املاص المرأة فقال المغيرة بن شعبة: سمعت رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قضي فيه بغُرّة عبد أو أمة، فقال: ائتني بمن يشهد معك فشهد محمّد بن مسلمة «2»

______________________________

(1)- انظر كتاب «الامام علي بن أبي طالب- عليه السّلام-» للشيخ محمد حسن آل ياسين.

(2) سنن البيهقي: 8- 114، صحيح البخاري: 8- 14 كتاب الديات باب جنين المرأة.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 235

و أخرج أحمد بن حنبل في (مسنده: 4- 225) عن سهل بن أبي حثمة قال: رأيت محمّد بن مسلمة يطارد امرأة من الانصار يريد أن ينظر إليها.. فقلت: أنت صاحب

رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و تفعل هذا، قال: سمعت رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول: إذا ألقي اللّه عزّ و جلّ في قلب امرئ خطبة امرأة فلا بأس أن ينظر إليها.

توفّي محمّد بن مسلمة بالمدينة- سنة ثلاث و أربعين، و قيل: - ست و أربعين، و كان قد سكن الربذة مُديدة فيما قيل.

قال ابن شاهين عن أبي داود: قتله أهل الشام و لم يعيّن السنة لكونه اعتزل عن معاوية في حروبه، و روي يعقوب بن سفيان في تاريخه أنّ شامياً من أهل الأُردن دخل عليه داره فقتله.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 236

76 المِسْوَر بن مَخْرَمة

«1» (2- 64 ه) ابن نوفل بن أهيب القرشي الزهري، أبو عبد الرحمن، و قيل: أبو عثمان.

وُلد بمكة بعد الهجرة بسنتين، و قدم به أبوه المدينة بعد الفتح سنة ثمان.

روي عن النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و عن خاله عبد الرحمن بن عوف، و عمر بن الخطاب، و محمّد بن مسلمة، و غيرهم.

روي عنه: عمرو بن دينار، و ابنته أُمّ بكر، و عروة بن الزبير، و آخرون.

قدم دمشق بريداً من عثمان يستصرخ بمعاوية، و كان مع خاله عبد الرحمن مقبلًا و مدبراً في أمر الشوري، و كان هواه فيها كما جاء في أُسد الغابة مع

______________________________

(1) الام 1- 207، تاريخ خليفة بن الخياط 196، المحبّر 68، التأريخ الكبير 7- 410، المعرفة و التاريخ 1- 358، الكني و الأَسماء للدولابي 79، الجرح و التعديل 8- 297، مشاهير علماء الامصار 43 برقم 87، الثقات لابن حبّان 3- 394، المستدرك للحاكم 3- 523، جمهرة أنساب العرب 129، الخلاف للطوسي 1- 409، رجال الطوسي 27، الإستيعاب

3- 396) ذيل الاصابة)، المنتظم 6- 32، أُسد الغابة 4- 365، تهذيب الاسماء و اللغات 2- 94، رجال ابن داود 189، رجال العلّامة الحلّي 170، تهذيب الكمال 27- 581، سير أعلام النبلاء 3- 390، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 4 ه) 244، مرآة الجنان 1- 140، الاصابة 3- 399، تهذيب التهذيب 10- 151، تقريب التهذيب 2- 43، شذرات الذهب 1- 72، جامع الرواة للَاردبيلي 2- 231، تنقيح المقال 3- 217، معجم رجال الحديث 18- 161 برقم 12359.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 237

عليّ- عليه السّلام «1».

و أقام بالمدينة إلي أن قُتل عثمان ثم سار إلي مكة.

و جاء في «المنتظم» أنّه انحاز إلي مكة حين توفّي معاوية.

وقد سخط المسور إمرة يزيد، و أقام مع ابن الزبير بمكة.

و قال البلاذري في «أنساب الاشراف: 1) 5- 21) «2» إنّه كان ممن وفد إلي يزيد، فلما قدم شهد عليه بالفسق و شرب الخمر، فكُتب إلي يزيد بذلك، فكتب إلي عامله يأمره أن يضرب مسوراً الحدّ، فقال أبو حرّة:

أ يشربها صهباء كالمسك ريحُها أبو خالد و الحدّ يضرب مِسْوَرُ

عُدّ المسور من فقهاء الصحابة، و نقل عنه الشيخ الطوسي في «الخلاف» فتوي واحدة و هي: من سبقه الحدث أي و هو في الصلاة من بول أو ريح أو غير ذلك فانّه يتوضّأ و يستأنف الصلاة.

و كان المسور لا يشرب من الماء الذي يوضع في المسجد و يكرهه و يري أنّه صدقة.

قُتل بمكة في الحصار الاوّل «3» أصابه حجر منجنيق و هو يصلّي فقتله، و ذلك في- سنة أربع و ستين.

______________________________

(1) و عدّ الشيخ الطوسي المسور من أصحاب أمير المؤمنين علي- عليه السّلام-.

و قال: كان رسوله- عليه السّلام- إلي معاوية.

(2)- نقلناه من

«الغدير: 10- 33» للعلّامة الاميني.

(3) الحصار الاوّل (64 ه) لابن الزبير كان من جيش الحصين بن نمير في زمن يزيد بن معاوية، و الحصار الثاني (73 ه) كان من جيش الحجّاج الثقفي في زمن عبد الملك بن مروان، و فيه قُتل ابن الزبير.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 238

77 معاذ بن جبل «1»

(20 ق. ه- 18 ه) ابن عمرو بن أوس الانصاري الخزرجي، أبو عبد الرحمن.

شهد بيعة العقبة الثانية مع السبعين، و شهد بدراً و أُحداً و المشاهد كلها مع رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

آخي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بينه و بين عبد اللّه بن مسعود.

ذُكر أنّ رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم استخلف عتّاب بن أُسيد بمكة بعد الفتح، و خلّف معه معاذاً يفقّه الناس في الدين و يعلمهم القرآن، و كان ذلك حين خرج

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 2- 347، المحبر ص 72، التأريخ الكبير 7- 359، المعرفة و التاريخ 1- 691، الرجال للبرقي 66، الجرح و التعديل 8- 244، مشاهير علماء الامصار 84 برقم 321، الثقات لابن حبان 3- 368، المعجم الكبير للطبراني 20- 28، المستدرك للحاكم 3- 268، حلية الاولياء 1- 228، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 63 برقم 40، رجال الطوسي 27، الخلاف للطوسي 2- 251، الإستيعاب 3- 335 ذيل الاصابة، طبقات الفقهاء للشيرازي 45، المنتظم 4- 264 برقم 210، أسد الغابة 4- 376، تهذيب الكمال 28- 105، سير أعلام النبلاء 1- 443، العبر للذهبي 1- 17، تذكرة الحفّاظ 1- 19، تاريخ الإسلام للذهبي (عهد الخلفاء (175، مرآة الجنان 1- 73، الجواهر المضيئة 2- 415، البداية و النهاية 7- 97، غاية

النهاية 2- 301، الاصابة 3- 406، تهذيب التهذيب 10- 186، تقريب التهذيب 2- 55، طبقات الحفاظ ص 15 برقم 9، شذرات الذهب 1- 29، تنقيح المقال 3- 220، الاعلام 7- 258، معجم رجال الحديث 18- 183 برقم 12415.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 239

- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- إلي حُنين، و قيل: بعد وقعة حنين حين اعتمر من الجِعرانة «1» و قد بعثه رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بعد غزوة تبوك (سنة تسع) قاضياً و مرشداً إلي الجَنَد من اليمن، و جاء في وصيته- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- معاذاً: إنّك ستأتي قوماً أهل كتاب، فإذا جئتهم فادعهم إلي أن يشهدوا أن لا إله إلّا اللّه و أنّ محمّداً رسول اللّه، فإن أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أنّ اللّه فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد علي فقرائهم، فإن هم أطاعوا لك بذلك، فإياك و كرائم أموالهم، و اتق دعوة المظلوم فانّه ليس بينها و بين اللّه حجاب «2» روي ابن سعد بسنده عن أبي عون محمد بن عبيد اللّه عن الحارث بن عمرو الثقفي عن رجال، عن معاذ بن جبل، قال: لما بعثني رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم إلي اليمن قال لي: بم تقضي إنْ عَرض قضاء؟ قال: قلتُ: أقضي بما في كتاب اللّه، قال: فإن لم يكن في كتاب اللّه؟ قال: قلتُ: أقضي بما قضي به الرسول.

قال: فإن لم يكن فيما قضي به الرسول؟ قال: قُلت: أجتهد رأيي و لا آلو قال: فضرب صدري و قال: الحمد للّٰه الذي وفق رسولَ رسولِ اللّه لِما يُرضي رسول اللّه.

قال الذهبي عن حديث الاجتهاد «3»

هذا: تفرّد به أبو عون محمد بن عبيد اللّه الثقفي،

______________________________

(1)- سيرة ابن هشام: القسم الثاني: ص 500.

(2) مكاتيب الرسول: 1- 226 للَاحمدي.

(3) استعملت كلمة الاجتهاد من قبل كثير من المدارس الفقهية و منها مدرسة أبي حنيفة للتعبير بها عن القاعدة القائلة: إنّ الفقيه إذا أراد أن يستنبط حكماً شرعياً و لم يجد نصاً يدل عليه في الكتاب و السنّة رجع إلي الاجتهاد بدلًا عن النص.

و الاجتهاد هنا يعني التفكير الشخصي، وقد يُعبر عنه بالرأي أيضاً.

أي أنّ الاجتهاد بهذا المعني كان مصدراً للفقيه يصدر عنه و دليلًا يستدل به كما يصدر عن آية أو رواية، و لقي هذا المعني معارضة من أئمة أهل البيت- عليهم السلام- و الفقهاء الذين ينتسبون إلي مدرستهم.

وقد استخدم فقهاء مدرسة أهل البيت مصطلح الاجتهاد منذ القرن السابع و أُريد به الجهد الذي يبذله الفقيه في استخراج الحكم الشرعي من أدلته و مصادره.

و لم يكن عندهم مصدراً من مصادر الاستنباط بل هو عملية استنباط الحكم من مصادره التي يمارسها الفقيه.

و الفرق بين المعنيين جوهري للغاية، إذ كان الفقيه علي أساس المصطلح الاوّل للاجتهاد أن يستنبط من تفكيره الشخصي و ذوقه الخاص في حالة عدم توفر النص، و أمّا المصطلح الجديد فهو لا يسمح للفقيه أن يبرر أي حكم من الاحكام بالاجتهاد لَانّ الاجتهاد بالمعني الثاني ليس مصدراً للحكم، بل هو عملية استنباط الاحكام من مصادرها.

نقلناه باختصار مع بعض التصرف من مقدمة كتاب «دروس في علم الأُصول» للشهيد السيد محمّد باقر الصدر.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 240

عن الحارث بن عمرو الثقفي ابن أخي المغيرة، و ما روي عن الحارث غير أبي عون، فهو مجهول.

ثم نقل قول الترمذي: ليس اسناده عندي بمتصل، و قول

البخاري: لا يصح حديثه «1») يعني حديث الحارث بن عمرو).

قيل: إنّ معاذاً بقي في اليمن إلي أن توفي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و ولي أبو بكر، فعاد إلي المدينة، و قيل: انّه لم يزل بالجَنَد حتي مات النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و أبو بكر «2»، و قد أمّره أبو بكر علي عمله، ثم هاجر إلي الشام، و يقال: انّه كان مع أبي عبيدة بن الجراح حين غزا الشام في زمن أبي بكر.

و لما أُصيب أبو عبيدة (في طاعون عمواس) استخلف معاذاً علي الشام، ثم طُعن بعده في هذه السنة.

روي معاذ عن رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم عدة أحاديث.

روي عنه: أبو قتادة الانصاري، و أبو ليلي الانصاري، و أبو أمامة الباهلي، و عبد الرحمن بن غنم، و آخرون.

و عدّ من المتوسطين من الصحابة فيما رُوي عنه من الفتيا.

قال عمر بن الخطاب حين خطب الناس بالجابية: من أراد الفقه فليأت معاذ بن جبل.

______________________________

(1)-» ميزان الاعتدال «: 1- 439، الترجمة 1635.

(2) انظر كتاب «الاموال»: ص 549 لَابي عبيد القاسم بن سلّام (ت 224).

طبع دار الحداثة.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 241

و قد نقل عنه الشيخ في «الخلاف» أربع فتاوي.

و من المسائل الفقهية التي نُقلت عنه: إنّ وقت صلاة الجمعة إذا زالت الشمس.

قال البيهقي: و يذكر هذا القول عن عمر و علي و معاذ بن جبل «1».

و أخرج أحمد بن حنبل في مسنده 5- 237 بسنده عن معاذ: انّ النبي جمع بين الظهر و العصر و المغرب و العشاء في غزوة تبوك.

توفي معاذ بناحية الأُردن، و دفن بالقصير المعيني (بالغور) و ذلك في- سنة ثماني عشرة، عن

ثمان و ثلاثين سنة علي المشهور، و قيل: ثلاث، و قيل: أربع و ثلاثين سنة.

______________________________

(1)- السنن الكبري: 3- 191.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 242

78 المقداد بن الاسود «1»

(37 ق. ه- 33 ه) المقداد بن عمرو بن ثَعْلَبة بن مالك البَهراني الكندي، أبو معبد، و قيل: أبو عمرو.

و يقال: المقداد الكندي لَانّه فيما قيل أصاب دماً في بهراء «2» فهرب منهم

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 3- 161، تاريخ خليفة 124، التأريخ الكبير 8- 54 برقم 2126، المعارف 150، المعرفة و التاريخ 2- 161، الرجال للبرقي 1، 3، 63، 64، الجرح و التعديل 8- 426 برقم 1942 الثقات لابن حبان 3- 371، حلية الاولياء 1- 172، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 81 برقم 73، رجال الطوسي 27 برقم 8 و 57 برقم 1، الإستيعاب 4- 409، اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي) بأرقام 12، 13، 17، 24، 18، 210، 19، 20، 21، 22، 24، 23، 148، 750، أُسد الغابة 4- 409، تهذيب الأسماء و اللغات 2- 111 برقم 163، تهذيب الكمال 28- 452 برقم 6162، سير أعلام النبلاء 1- 385، تاريخ الإسلام للذهبي (عهد الخلفاء الراشدين (417، تهذيب التهذيب 10- 285، تقريب التهذيب 2- 272، الاصابة 3- 433 برقم 8185، صفة الصفوة 1- 423 برقم 20، مرآة الجنان 1- 89، التحرير الطاووسي 272 برقم 406، رجال ابن داود 351 برقم 1565، مجمع الرجال 6- 137، جامع الرواة 2- 262، رجال العلّامة 169 برقم 1، نقد الرجال 353، تنقيح المقال 2- 244 برقم 12096، بهجة الآمال 7- 86، معجم رجال الحديث 18- 314 برقم 12607، قاموس الرجال 9- 111، الاعلام للزركلي 7- 282.

(2) بَهْراء: قبيلة من قضاعة، و هو بهراء بن

عمرو بن الحاف بن قضاعة أخو بلي بن عمرو.

«اللباب» لابن الاثير: 1- 191.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 243

إلي كندة فحالفهم، ثم أصاب بينهم دماً فهرب إلي مكة فحالف الاسود بن عبد يغوث الزهري فعرف ب «المقداد بن الاسود».

و هو زوج ضُباعة بنت الزبير بن عبد المطلب بنت عم النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

و كان من السابقين إلي الإسلام، و هاجر إلي أرض الحبشة ثمّ عاد إلي مكة فلم يقدر علي الهجرة إلي المدينة لما هاجر إليها رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فبقي إلي أن بعث رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم عبيدة بن الحارث في سرية فلقوا جمعاً من المشركين عليهم عكرمة ابن أبي جهل، و كان المقداد و عتبة بن غزوان قد خرجا مع المشركين ليتوصلا إلي المسلمين فتواقفت الطائفتان و لم يكن قتال، فانحاز المقداد و عتبة إلي المسلمين.

و شهد المقداد بدراً و له فيها مقام مشهور، و ذُكر أنّه أوّل من قاتل فارساً في الإسلام، و شهد سائر المشاهد مع رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

و كان رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لما خرج إلي بدر استشار أصحابه فقام المقداد فقال: يا رسول اللّه امض لما أُمرتَ به فنحن معك و اللّه لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسي: " فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقٰاتِلٰا إِنّٰا هٰاهُنٰا قٰاعِدُونَ" «1» و لكن اذهب أنت و ربّك فقاتلا إنّا معكما مقاتلون، فو الذي بعثك بالحق نبياً لو سرت بنا إلي برك الغماد «2» لجالدنا معك من دونه حتي تبلغه، فقال له رسول اللّه خيراً و دعا

له.

روي المقداد عن رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

و روي عنه: ابن عباس و المستورد بن شداد، و عبد الرحمن بن أبي ليلي، و جبير ابن نفير، و غيرهم.

و كان من الفضلاء النجباء الكبار الخيار.

______________________________

(1)- المائدة: 24.

(2) بِرك الغِماد: بكسر الغين المعجمة، و قال ابن دريد: بالضم و الكسر أشهر: و هو موضع وراء مكة بخمس ليال مما يلي البحر، و قيل: بلد باليمن، و في كتاب عياض: بَرْك الغمار، بفتح الباب، عن الاكثرين، وقد كسرها بعضهم و قال: هو موضع في أقاصي أرض هَجَر.

معجم البلدان: 1- 399.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 244

روي الصدوق «1» قدّس سرّه بإسناده عن ابن بريدة عن أبيه أنّ رسول اللّه ص قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ أمرني بحب أربعة.

فقلنا: يا رسول اللّه! من هم، سمّهم لنا؟ فقال: عليّ منهم، و سلمان، و أبو ذر و المقداد «2» و بإسناده عن الامام عليّ- عليه السّلام قال: قال النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: الجنة تشتاق إليك و إلي عمار و سلمان و أبي ذر و المقداد «3» و يُعد المقداد من المقرّبين من أمير المؤمنين- عليه السّلام و من الاصفياء من أصحابه، و هو أحد الذين مالوا مع الامام عليّ- عليه السّلام و لم يشهدوا السقيفة إيماناً بحقّه- عليه السّلام- في الخلافة.

و هو أحد رواة حديث الغدير من الصحابة «4» روي المؤرخون أنّه اجتمع الرهط الذين عيّنهم عمر بن الخطاب للشوري في المسجد و معهم حشد من المهاجرين و الأَنصار.

فقال عمار بن ياسر لعبد الرحمن ابن عوف: إن أردت أن لا يختلف المسلمون فبايع عليّا.

فقال المقداد بن الاسود: صدق عمار إن بايعت عليّا قلنا:

سمعنا و أطعنا.

و لما أرسل عبد الرحمن بن عوف يد الامام عليّ- عليه السّلام و صفق علي يد عثمان، قال المقداد: يا عبد الرحمن! أما و اللّه لقد تركته من الذين يقضون بالحق و به يعدلون.

ثم قال: ما رأيت مثل ما أوتي إلي أهل هذا البيت بعد نبيهم، إنّي لَاعجب من قريش أنّهم تركوا رجلًا ما أقول إنّ أحداً أعلم و لا أقضي منه بالعدل.

أما و اللّه لو أجد عليه أعواناً «5»

______________________________

(1)- الخصال: باب الأَربعة، أمر النبي ص بحب أربعة، الحديث 126.

(2) رواه أحمد في مسنده: 5، 356- 351، و ابن ماجة في سننه: الحديث 149، في المقدمة.

و فيه: قال رسول اللّه ص: «إنّ اللّه أمرني بحب أربعة و أخبرني أنّه يحبهم» قيل: يا رسول اللّه من هم؟ قال: «عليّ منهم» يقول ذلك ثلاثاً «و أبو ذر، و سلمان، و المقداد».

(3) الخصال: باب الخمسة، الجنة تشتاق إلي خمسة.

الحديث 80.

(4) قال العلّامة الاميني في «الغدير «: 1- 59: أخرج الحديث عنه ابن عقدة في حديث الولاية، و الحافظ الحمويني في فرائده.

(5)- انظر تاريخ الطبري: 3- 297 قصة الشوري، و الكامل لابن الاثير: 3- 71 ذكر قصة الشوري.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 245

روي مسلم بإسناده عن همّام بن الحارث أنّ رجلًا جعل يمدح عثمان فعمد المقداد فجثا علي ركبتيه و كان رجلًا ضخماً فجعل يحثو في وجهه الحصباء، فقال له عثمان: ما شأنك؟ فقال: إنّ رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال: إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب «1» و قال اليعقوبي في تاريخه 2- 163: و أكثر الناس في دم الهرمزان و إمساك عثمان عبيدَ اللّه بن عمر، فصعد عثمان المنبر

فخطب الناس ثم قال: ألا إنّي وليّ دم الهرمزان و قد وهبته للّٰه و لعمر، و تركته لدم عمر، فقام المقداد بن عمرو فقال: إنّ الهرمزان مولي للّٰه و لرسوله، و ليس لك أن تهب ما كان للّٰه و لرسوله.

قال: فننظر و تنظرون.

قال ابن الاثير في «أُسد الغابة»: و شهد المقداد فتح مصر.

و جاء في «سير أعلام النبلاء» أنّ راشد الحُبراني، قال: وافيت المقداد بن الاسود فارس رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بحمص علي تابوت من توابيت الصيارفة قد أفضل عليها من عِظَمه، يريد الغزو، فقلت له: قد أعذر اللّه إليك.

فقال: أبت علينا سورة البحوث «2») انْفِرُوا خِفٰافاً وَ ثِقٰالًا" «3» توفّي المقداد بالجُرف «4» فحُمل علي رقاب الرجال حتي دفن بالمدينة- سنة ثلاث و ثلاثين و هو ابن سبعين سنة أو نحوها «5»

______________________________

(1)-» صحيح» مسلم: 8- 228 في الزهد و الرقائق، باب النهي عن المدح.

(2) و في «حلية الاولياء»: سورة البعوث.

(3) التوبة: 41.

(4) الجُرف: موضع علي ثلاثة أميال من المدينة نحو الشام.

معجم البلدان: 2- 128.

(5)- إنّ أصحاب المعاجم و إن لم يذكروا المقداد في جملة من أُخذ منه الفتيا إلّا أنّنا نجده يتمسك بالآية في موضع الاحتجاج.

و يقول: أبت علينا سورة البحوث، كما أنّه يحتج بالحديث الشريف في مقام ذم المداح، و يقول: إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب.

و يستدل ثالثة بالآية الكريمة علي ما يلزم الصحابة من موقف تجاه نبيهم ص في غزوة بدر.

كل ذلك يعرب عن كون الرجل ذا موهبة جميلة و إحاطة بالكتاب و السنّة يعتمد عليهما في مقام الاحتجاج.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 246

79 النعمان بن بشير «1»

(2- 64 ه) ابن سعد الخزرجي الانصاري، أبو عبد اللّه.

ولد

عام اثنين من الهجرة، و قيل غير ذلك، و هو أوّل مولود ولد للَانصار بعد الهجرة فيما قيل.

روي عن النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، و عن: خاله عبد اللّه «2» بن رَوَاحَة، و عمر، و عائشة.

قال يحيي بن معين: أهل المدينة يقولون: لم يسمع من النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم،

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 53 و 7- 322، الطبقات لخليفة 164 برقم 564، المحبّر 276، التأريخ الكبير 8- 75 برقم 2223، المعارف 167، المعرفة و التاريخ 1- 381، تاريخ اليعقوبي 2- 184، الجرح و التعديل 8- 444 برقم 2033، مروج الذهب 3- 97 برقم 1621، مشاهير علماء الامصار 87 برقم 332، الثقات لابن حبّان 3- 409، أسماء الصحابة الرواة لابن حزم الاندلسي ص 62 برقم 36، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 64 برقم 42، الإستيعاب 3- 522، أُسد الغابة 5- 22، الكامل في التأريخ 1- 684 و 2- 110، تهذيب الاسماء و اللغات 2- 129، مختصر تاريخ دمشق 26- 161، تهذيب الكمال 29- 411 برقم 6438، تاريخ الإسلام (المغازي (496 و عهد الخلفاء الراشدين (سنة 64) 260، سير أعلام النبلاء 3- 411، دول الإسلام 1- 49، مرآة الجنان 1- 140، البداية و النهاية 8- 247، الجواهر المضيئة 2- 415، تهذيب التهذيب 10- 447، الاصابة 3- 529، شذرات الذهب 1- 72، الاعلام للزركلي 8- 36.

(2) استشهد في وقعة مؤتة في زمن النبي ص سنة 8 ه، و كان أحد الأُمراء فيها.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 247

و أهل العراق يصحّحون سماعه منه.

روي عنه: ابنه محمّد، و الشعبي، و سماك بن حرب، و غيرهم.

و عدّ من المقلّين في الفتيا من

الصحابة.

و كان النعمان منحرفاً عن الامام عليّ «1» - عليه السّلام، وقد وجّهته نائلة (زوجة عثمان) بقميص عثمان الذي قُتل فيه إلي معاوية، فنزل الشام، و شهد صفّين مع معاوية.

قال ابن الاثير: و في سنة تسع و ثلاثين فرّق معاوية جيوشه في العراق في أطراف عليّ، فوجّه النعمان بن بشير في ألف رجل إلي عين التمر، و فيها مالك بن كعب الارحبي، و كان مالك قد أذن لَاصحابه فأتوا الكوفة و لم يبق معه إلّا مائة رجل، فكتب مالك إلي مخنف بن سُليم و كان قريباً منه يستعينه، و اقتتل مالك و النعمان أشد قتال، فوجّه مخنف ابنه عبد الرحمن في خمسين رجلًا، فلما رآهم أهل الشام انهزموا عند المساء، و ظنوا أنّ لهم مدداً، و تبعهم مالك فقتل منهم ثلاثة نفر «2».

و ولي النعمان قضاء دمشق لمعاوية بعد فَضالة بن عُبيد (سنة 53 ه)، و ولي اليمن، ثمّ ولي الكوفة في سنة تسع و خمسين، و في آخر سنة ستين عزله يزيد بن معاوية، و ذلك أنّ بعض أهل الكوفة من أعوان بني أُمية، كتب إلي يزيد يخبره بقدوم مسلم بن عقيل مبعوثاً من الامام الحسين- عليه السّلام، و اجتماع الناس إليه، و طلبوا من يزيد أن يبعث رجلًا قوياً، فانّ النعمان ضعيف أو هو يتضعّف، فجمع يزيد الكوفة و البصرة لعبيد اللّه بن زياد و كتب إليه بعهده «3» ثمّ ولّاه يزيد حمص، و استمر فيها إلي أن مات يزيد، و كان هواه مع معاوية

______________________________

(1)- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 4- 77.

(2) الكامل في التأريخ: 3- 375.

(3) المصدر السابق: 4- 22.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 248

و ميله إليه و إلي ابنه يزيد،

فلما مات معاوية بن يزيد، بايع النعمان عبد اللّه بن الزبير ممالئاً للضحاك بن قيس الفهري، و لما بلغه قتل الضحاك و هزيمة الزبيريين أمام جيش مروان بن الحكم في وقعة مَرج راهط، خرج عن حمص هارباً، فسار ليلته متحيّراً لا يدري أين يأخذ، فاتّبعه خالد بن خَلي الكلابي فيمن خفّ معه من أهل حمص، فلحقه و قتله و بعث برأسه إلي مروان، و ذلك في- آخر سنة أربع و ستين.

و كان النعمان شاعراً، و له ديوان شعر، و هو الذي تُنسب إليه «معرّة النعمان» بلد أبي العلاء المعري.

كانت تُعرف بالمعرّة و مرّ بها النعمان فمات له ولد، فدفنه فيها، فنسبت إليه.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 249

80 أُمّ سَلَمة «1»

(..- 61 ه) هند بنت أبي أمية القرشية المخزوميّة، زوج النبيّ- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، و كان أبوها يُعرف بزاد الركب، و كانت قبل النبيّ- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم عند أبي سلمة بن عبد الاسد المخزومي، فولدت له سلمة و عمر و دُرّة و زينب، و توفّي فخلف عليها رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

و كانت من المهاجرات إلي الحبشة و إلي المدينة، و كانت من أعقل النساء و أشرفهن، ذات أدب بارع في مخاطبة النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و طلب الحوائج منه.

و كانت فقيهة عارفة بغوامض الاحكام الشرعية حتي أنّ جابر بن عبد اللّه الانصاري كان يستشيرها و يرجع إلي رأيها، فقد ذكر ابن الاثير في حوادث سنة (40 ه) أنّه لما أرسل معاوية بسر بن أبي أرطاة في ثلاثة آلاف حتي قدم المدينة

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 8- 86، المعارف 81، الجرح و

التعديل 9- 464، المستدرك للحاكم 4- 16، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 52 برقم 21، جمهرة أنساب العرب 119، السنن الكبري للبيهقي 1- 332، رجال الطوسي 32، الإستيعاب 4- 436، الكامل في التأريخ 4- 93، المغني و الشرح الكبير 1- 329، أسد الغابة 5- 588، تهذيب الكمال 35- 365، سير أعلام النبلاء 2- 201، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 61 ه) 382، العبر 1- 48، مرآة الجنان 1- 137، البداية و النهاية 8- 217، الجواهر المضيئة 2- 415، الاصابة 2- 407 و 4- 440، تهذيب التهذيب 12- 455، تقريب التهذيب 2- 617، كنز العمال 13- 699، شذرات الذهب 1- 69، أعيان الشيعة 3- 479.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 250

أرسل إلي بني سلمة: و اللّه ما لكم عندي أمان حتي تأتوني بجابر بن عبد اللّه، فانطلق جابر إلي أُمّ سلمة زوج النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فقال لها: ما ذا ترين أنّ هذه بيعة ضلالة و قد خشيت أن أُقتل؟ قالت: أري أن تبايع.

عُدّت من المتوسطين في الفتيا من الصحابة، و نقل عنها الشيخ الطوسي في «الخلاف» فتاوي ثلاث.

حدّثت عن النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، و فاطمة الزهراء «عليها السّلام»، و زوجها أبي سلمة.

حدّث عنها: ابناها عمر و زينب، و ابن عباس، و عائشة، و أبو سعيد الخدري، و آخرون.

روت جملة أحاديث في فضائل علي- عليه السّلام و مناقب أهل البيت «عليهم السلام».

قال أبو عبد اللّه الجدلي: دخلت علي أُمّ سلمة فقالت لي: أ يسب رسول اللّه ص فيكم؟! قلت: سبحان اللّه أو معاذ اللّه.

قالت: سمعت رسول اللّه يقول: من سبّ عليّا فقد سبّني «1» و عن أبي ثابت مولي

أبي ذر قال: دخلت علي أُمّ سلمة فرأيتها تبكي و تذكر عليّا، و قالت: سمعت رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول: «عليّ مع الحق و الحق مع عليّ، و لن يفترقا حتي يردا عليَّ الحوض ««2» و عن عطاء بن يسار عن أمّ سلمة قالت: في بيتي نزلت" إِنَّمٰا يُرِيدُ اللّٰهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ" «3» قالت: فأرسل رسول اللّه إلي عليّ و فاطمة

______________________________

(1)- خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب للنسائي ص 24.

و أخرجه الحاكم في مستدركه: 3- 121 و قال: هذا حديث صحيح الاسناد و لم يخرجاه.

و صححه الذهبي في تلخيصه.

(2) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي: 14- 321 ترجمة يوسف بن محمد المؤدب.

و رواه الحاكم في مستدركه: 3- 124 و لكن بصيغة «علي مع القرآن و القرآن مع علي لن يتفرقا حتي يردا عليَّ الحوض».

(3) الاحزاب: 33.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 251

و الحسن و الحسين فقال: هؤلاء أهل بيتي.

و لما أراد عليّ- عليه السّلام المسير إلي البصرة، دخل علي أُمّ سلمة زوج النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يودعها فقالت: سر في حفظ اللّه و في كنفه فو اللّه إنّك لعلي الحق و الحق معك و لو لا أنّي أكره أن أعصي اللّه و رسوله فإنّه أمرنا- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- أن نقرّ في بيوتنا لسرت معك، و لكن و اللّه لَارسلنّ معك من هو أفضل عندي و أعزّ عليَّ من نفسي: ابني عمر «1» و كانت أُمّ سلمة آخر من مات من أُمهات المؤمنين، و كانت قد وجمت لمقتل الامام الحسين- عليه السّلام و غُشي عليها، و حزنت عليه حزناً كثيراً.

لم تلبث بعده

إلّا يسيراً، و انتقلت إلي رحمة اللّه تعالي، و ذلك في- سنة إحدي و ستين.

رُوي أنّ النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أعطي أُمّ سلمة تراباً من تربة الحسين حمله إليه جبرائيل فقال النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لأُمّ سلمة: إذا صار هذا التراب دماً فقد قتل الحسين، فحفظت أُمّ سلمة ذلك التراب في قارورة عندها، فلما قُتل الحسين صار التراب دماً، فأعلمت الناس بقتله «2» و عن شهر بن حوشب قال: أتيت أُمّ سلمة أُعزيها بقتل الحسين بن عليّ، ثم روي عنها حديثاً بشأن قتل الحسين- عليه السّلام.

الحمد للّٰه رب العالمين

______________________________

(1)- عمر بن أبي سلمة: من الصحابة، ولد بالحبشة في سنة 2 ه، و ربّاه النبي ص، و شهد مع علي (عليه السّلام) الجمل، و ولي له البحرين، ثم استقدمه و شهد معه صفين، و توفّي بالمدينة في سنة 83 ه.

(2) الكامل في التأريخ: لابن الاثير: 4- 93 حوادث سنة (61 ه).

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 253

القسم الثاني في أصحاب الفتيا من التابعين

اشارة

و هم مائتان

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 255

الامام الرابع «1» علي زين العابدين- عليه السّلام

«2» (38- 94 ه) ابن الحسين بن علي بن أبي طالب، رابع أئمة أهل البيت الطاهر، أبو محمد القرشي، الهاشمي، العلوي.

ولد بالمدينة المنورة في الخامس من شعبان، و قيل غير ذلك، سنة ثمان و ثلاثين و قيل سبع و ثلاثين، و كان له من العمر حين قام بأعباء الامامة بعد استشهاد أبيه الحسين- عليه السّلام-، اثنان و عشرون عاماً أو ثلاثة و عشرون.

و من ألقابه: زين العابدين، و السّجاد، و ذو الثفنات، و أشهرها زين العابدين،

______________________________

(1)- تقدمت ترجمة الأَئمّة الثلاث السابقين (عليهم السلام) في قسم الصحابة من هذا الجزء.

(2): الطبقات الكبري لابن سعد 5- 211، المحبّر 450، التأريخ الكبير 6- 266، المعارف 125، المعرفة و التاريخ 1- 360، تاريخ أهل البيت (عليهم السلام) لابن أبي الثلج 77 و 103 و 137، مروج الذهب 3- 369 برقم 2120، مشاهير علماء الامصار 104 برقم 423، الكافي للكليني 2 494- 491، الاغاني 15- 325، الإرشاد للمفيد 253 261، حلية الاولياء 3- 133، الرجال للطوسي 81، طبقات الفقهاء للشيرازي 63، اعلام الوري بأعلام الهدي 256 264، تهذيب الكمال 20- 383، مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب 4- 129، المنتظم لابن الجوزي 6- 326، الكامل في التأريخ 4- 82، تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي 291، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 343، وفيات الاعيان 3- 266، كشف الغمة في معرفة الأَئمّة 2- 285، مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 17- 230، تاريخ الإسلام (سنة 100) 81 352، سير أعلام النبلاء 4- 386، تذكرة الحفاظ 1- 74، فوات الوفيات 4- 332، مرآة الجنان 1- 189، البداية و النهاية 1- 534، فتح الباري 14- 412،

تهذيب التهذيب 7- 304، النجوم الزاهرة 1- 229، الفصول المهمة 201، طبقات الحفاظ 37 برقم 69، بحار الانوار الجزء 46، شذرات الذهب 1- 104، نور الابصار للشبلنجي، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي 499، سيرة الأَئمّة الاثني عشر 2- 117، حياة الامام زين العابدين لباقر شريف القرشي ج 1 و 2، قاموس الرجال 11- 29.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 256

و به كان يُعرف.

قال أبو الزبير: كنّا عند جابر، فدخل عليه علي بن الحسين، فقال: كنت عند رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، فدخل عليه الحسين بن عليّ، فضمه إليه، و قبّله، و أقعده إلي جنبه، ثم قال: يولد لابني هذا ابن يقال له علي، إذا كان يوم القيامة، نادي منادٍ من بُطنان العرش: ليقم سيد العابدين، فيقوم هو.

و جاء في تذكرة الخواص لابن الجوزي إن رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم سمّاه بهذا الاسم.

و جاء في تسميته بذي الثفنات عن الباقر- عليه السّلام قال: «كان لَابي في موضع سجوده آثار ثابتة يقطعها في كل سنة من طول سجوده، و كثرته».

لقد نشأ زين العابدين في بيت النبوة، الذي توالت عليه المصائب، و النكبات، و كان- عليه السّلام- علي صلة وثيقة بالاحداث التي أعقبت تربع يزيد بن معاوية علي كرسي الحكم، و الذي اعتبر تحدّياً للِاسلام و إهانة للمسلمين، ممّا دعا الامام الحسين إلي الثورة لمواجهة الخطر، فقاد- عليه السّلام- موكب الثائرين ضد الفساد و الطغيان، و كان زين العابدين في ذلك الموكب الحسيني الثائر، و رأي بأُم عينيه حيث أقعده المرض في تلك الايام عن القتال مصارع أبيه و إخوته، و أعمامه، و أنصارهم علي صعيد كربلاء، و شهد تلك الجرائم البشعة

التي ارتكبت بحقّهم.

إنّ الامام الحسين- عليه السّلام سجّل موقفاً بطولياً، بإراقة دمه، و دماء أهل بيته، و أصحابه، من أجل إحياء مفاهيم الرسالة، و إيقاظ إرادة الأُمّة، فجاءت الثورة دامية، باعتبارها الأسلوب الانجع في تحريك الارادة المهزومة، و إيقاظ الضمائر الميتة.

و يأتي دور زين العابدين لِاكمال عملية التغيير الثورية، فاتخذ المواقف التي تملأ النفوس غضباً مقدّساً علي الحكم الظالم، و لم يترك مناسبة دون أن يذكّر بالمصائب التي حلّت بأهل البيت، حملة الإسلام المخلصين، ممّا أدّي إلي تحفيز و إلهاب الشعور بالاثم الذي أحسّه المسلمون عقب مقتل الحسين- عليه السّلام،

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 257

لتقاعسهم عن نصرته، و موقفهم المتخاذل منه.

و بدافع هذا الشعور، انطلقت الثورات، فكانت ثورة المدينة، و ثورة التوابين بالكوفة، و توالت الثورات حتي زعزعت أركان الحكم الأُموي، و أسقطته في نهاية المطاف.

و لجأ زين العابدين- عليه السّلام إلي أسلوب آخر لِاصلاح المجتمع، و هو أسلوب الدعاء، فترك لنا ثروة زاخرة من الادعية المعروفة ب «الصحيفة السجادية»، التي عالجت مختلف أدواء النفس البشرية، و تضمنت حلًا لكثير من المشاكل الاجتماعية، و زخرت بالعديد من الاساليب التربوية، كل ذلك في أسلوب رائع يشدّ الانسان إلي خالقه، و يعمّق ارتباطه الروحي به.

و قد أرسل أحد الاعلام نسخة من الصحيفة مع رسالة إلي العلامة الشيخ الطنطاوي (المتوفي عام 1358 ه) صاحب التفسير المعروف، فكتب في جواب رسالته: «و من الشقاوة إنّا إلي الآن لم نقف علي هذا الاثر القيّم الخالد في مواريث النبوة، و أهل البيت، و إنّي كلّما تأملتها رأيتها فوق كلام المخلوق، و دون كلام الخالق).

قال محمود البغدادي:

و صحيفة كانت طليعة ثورةٍ كبري، و دربَ سياسةٍ و حلولِ

و صحيفة كانت لآل

محمّدٍ إنجيلهم.. للّٰه من إنجيلِ

و صحيفة مل ءَ الهدايةِ صاغها ظلُّ النبوّة لانتشالِ الجيلِ

كالشمس في إعطائها و السيف في ضرباته لملفّق و دخيلِ

كالروض إلّا أنّها قد أورقت حرًّا و قرّا دونما تعطيلِ

«1» و للِامام- عليه السّلام- أيضاً «رسالة الحقوق»، التي تشتمل علي خمسين مادة، بيّن فيها حقّ اللّه تعالي، و حق الوالد، و حق الولد، و حق المعلم، و حق اللسان،

______________________________

(1)- محمود البغدادي، النظرية السياسية لدي الامام زين العابدين- عليه السّلام-: 379.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 258

و حق السمع، و غيرها من الحقوق.

كما أنّه أسّس مدرسة للفقه و الحديث، و قد أُحصي أكثر من مائة و ستين من التابعين و الموالي ممن كانوا ينهلون من معينه، و يروون عنه.

حدث عنه: سعيد بن المسيب، و سعيد بن جبير، و القاسم بن محمد بن أبي بكر، و أبو الزناد، و يحيي بن أم الطويل، و عمرو بن دينار، و الزهري، و زيد بن أسلم، و يحيي بن سعيد الانصاري، و طائفة.

روي عن الزهري، قال: ما رأيت أحداً كان أفقه منه.

و ذُكر أنّ رجلًا قال لابن المسيّب: ما رأيت أورع من فلان، قال: هل رأيت علي بن الحسين؟ قال: لا، قال: ما رأيت أورع منه.

و كان- عليه السّلام- إذا قام إلي الصلاة أخذته رعدة، فقيل له، فقال: «تدرون بين يدي من أقوم، و من أُناجي».

عن أبي حازم الاعرج، قال: ما رأيت هاشمياً أفضل منه.

و عن أبي حمزة الثمالي، قال: كان علي بن الحسين يحمل جراب الخبز علي ظهره، فيتصدق به، و يقول: «إنّ صدقة السر تطفئ غضب الرب عزّ و جلّ».

و عن عمرو بن دينار، قال: دخل علي بن الحسين علي محمد بن أُسامة بن

زيد في مرضه، فجعل محمد يبكي، فقال: «ما شأنك».

قال: عليّ دين.

قال: «و كم هو»؟ قال: خمسة عشر ألف دينار.

قال: «فهو عليَّ».

و عن يزيد بن عياض، قال: أصاب الزهري دماً خطأ، فخرج، و ترك أهله، و ضرب فسطاطاً، و قال: لا يظلّني سقف بيت، فمرّ به علي بن الحسين- عليه السّلام، فقال: «يا ابن شهاب، قنوطك أشد من ذنبك، فاتق اللّه، و استغفره، و ابعث إلي أهله بالدية، و ارجع إلي أهلك» فكان الزهري يقول: علي بن الحسين أعظم الناس عليّ منّة.

قال الذهبي في وصف زين العابدين- عليه السّلام: كان له جلالة عجيبة، و حقّ له و اللّه ذلك، فقد كان أهلًا للِامامة العظمي لشرفه، و سؤدده، و علمه، و تألهّه،

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 259

و كمال عقله.

و قال الحافظ أبو نعيم: فمن هذه الطبقة [أي طبقة تابعي المدينة] علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب- عليه السّلام، زين العابدين، و منار المتقين، و كان عابداً وفياً، و جواداً حفياً.

و قال الشيخ محمد أبو زهرة: فعلي زين العابدين كان إمام المدينة نبلًا و علماً، و قال: كان مل ء الابصار و القلوب في بلاد الحجاز كلّها، و الذي كانت الجموع تنزاح بين يديه، من غير سلطان، و لا حكم إلّا الشرف و الفضيلة و كريم الخصال «1».

قال علماء السير: حج هشام بن عبد الملك، و لم يل الخلافة بعد، فطاف بالبيت، فجهد أن يصل إلي الحجر فيستلمه، فلم يقدر عليه، فنصب له منبر، و جلس عليه ينظر إلي الناس، فأقبل علي بن الحسين، فطاف بالبيت، فلما بلغ إلي الحجر، تنحّي له الناس حتي استلمه، فقال رجل من أهل الشام: من هذا الذي قد هابه الناس هذه

الهيبة؟! فقال هشام: لا أعرفه، مخافة أن يرغب فيه أهل الشام، و كان الفرزدق حاضراً، فقال الفرزدق: و لكنني أعرفه، فقال الشامي: من هذا يا أبا فراس؟ فقال:

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته و البيتُ يعرفه و الحلُّ و الحرمُ

هذا ابن خير عباد اللّه كلهمُ هذا التقيُّ النقيّ الطاهر العلمُ

إذا رأته قريشٌ قال قائلها إلي مكارم هذا ينتهي الكرمُ

يُنمي إلي ذروة العزّ التي قصرت عن نيلها عرَبُ الإسلام و العجمُ

يكاد يمسكه عرفان راحته ركن الحطيم إذا ما جاء يستلمُ

يغضي حياءً و يُغضي من مهابته فما يكلّمُ إلّا حين يبتسمُ

______________________________

(1) تاريخ المذاهب الإسلامية: 639 و 642.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 260

هذا ابن فاطمة إنْ كنتَ جاهلهُ بجدِّه أنبياء اللّه قد ختموا

من معشر حبّهم دين و بغضُهُمُ كفر و قربُهُم منجًي و معتصمُ

إنْ عدَّ أهل التقي كانوا أئمتهم أو قيل من خير أهل الارض قيل همُ

إلي آخر القصيدة التي تبلغ نحواً من ثلاثين بيتاً كما في رواية ابن الجوزي، و السبكي في طبقات الشافعية.

و ممّا جاء في أدعية الصحيفة السجادية، دعاؤه لَاهل الثغور، نقتطف منه ما يلي: «اللّهم صلّ علي محمّد و آل محمّد، و حصِّن ثغور المسلمين بعزَّتك، و أيِّد حُماتها بقوتك، و أسْبغ عطاياهم من جِدَتك، اللّهم صلّ علي محمّد و آله، و كثّر عدّتهم، و اشحذ أسلحتهم، و احرس حوزتهم، و امنع حومتهم، و ألّف جمعهم، و دبّر أمرهم، و واتِر بينِ ميَرِهم، و توحّد بكفاية مؤنِهِم، و اعضدهم بالنصر، و أعنْهم بالصبر، و الطف لهم في المكر..، و أنْسِهم عند لقائهم العدو ذكرَ دنياهم الخدّاعة الغرور، و امحُ عن قلوبهم خطرات المال الفتون، و

اجعل الجنة نصبَ أعينهم، و لوّح منها لَابصارهم ما أعددت فيها من مساكن الخلد، و منازل الكرامة.. و قال- عليه السّلام- في حق الولد: «فإن تعلم أنّه منك، و مضاف إليك، في عاجل الدنيا، بخيره و شرّه، و أنّك مسئول عمّا وليته من حسن الادب، و الدلالة علي ربّه عزّ و جلّ، و المعونة له علي طاعته، فاعمل في أمره عمل من يعلم أنّه مثاب علي الاحسان إليه، معاقب علي الاساءة إليه».

و في حق الناصح قال- عليه السّلام-: «أن تلين له جناحك، و تصغي إليه بسمعك، فإن أتي بالصواب حمدت اللّه عزّ و جلّ، و إن لم يوفّق رحمته، و لم تتهمه».

توفي زين العابدين- عليه السّلام في- الخامس و العشرين من شهر محرم، و قيل غير ذلك- سنة أربع و تسعين، و قيل: - خمس و تسعين، و دفن في مقبرة البقيع بالمدينة إلي جوار عمه الامام الحسن بن علي- عليهما السّلام.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 261

الامام الخامس محمّد الباقر- عليه السّلام «1»

(57- 114 ه) ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب القرشي، الهاشمي، خامس أئمة أهل البيت الطاهر، أبو جعفر المعروف بالباقر.

ولد بالمدينة المنورة في مطلع رجب، و قيل في الثالث من صفر سنة سبع و خمسين، و قيل: ست و خمسين.

قال محيي الدين بن شرف النووي: سمّي بالباقر، لَانّه بقر العلم، أي شقّه،

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 5- 320، التأريخ الكبير 1- 183 برقم 564، المعارف 125، المعرفة و التاريخ 1- 360، تاريخ أهل البيت (عليهم السلام) لابن أبي الثلج 131، مروج الذهب 4- 41 و 57 و 67، الكافي للكليني 2 500- 495، مشاهير علماء الامصار 103 برقم 420، الثقات لابن حبان 5- 348، الفهرست

لابن النديم 56، الإرشاد للمفيد 265، حلية الاولياء 3- 180، الرجال للطوسي 102، طبقات الفقهاء للشيرازي 64، اعلام الوري بأعلام الهدي 264، تهذيب الكمال 26- 136، مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب 4- 178، الكامل في التأريخ 5- 62، تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي 302، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 87 برقم 18، كشف الغمة في معرفة الأَئمّة 2- 328، مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 23- 77، تاريخ الإسلام (سنة 101 120) 462، سير أعلام النبلاء 4- 401، تذكرة الحفاظ 1- 124، الوافي بالوفيات 4- 102 برقم 1583، مرآة الجنان 1- 247، البداية و النهاية 9- 321، تهذيب التهذيب 9- 250، النجوم الزاهرة 1- 273، الفصول المهمة 210، طبقات الحفاظ 56 برقم 107، طبقات المفسّرين للداودي 2- 200، شذرات الذهب 1- 149، جامع الرواة 1- 9، بحار الانوار 46- 212، أعيان الشيعة 1- 650، الذريعة إلي تصانيف الشيعة 1- 315، الصواعق المحرقة 201، سيرة الأَئمّة الاثني عشر 2- 195، حياة الامام محمد الباقر- عليه السّلام- لباقر شريف القرشي ج 1 و 2.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 262

فعرف أصله و خفاياه.

و جاء عن جابر بن عبد اللّه الانصاري.

أنّه قال: لقد أخبرني رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- بأنّي سأبقي حتي أري رجلًا من ولده، أشبه الناس به، و أمرني أن أُقرئه السلام، و اسمه محمد يبقي العلم بقرا.

و ذكر أن جابر كان يصيح في مسجد رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-: يا باقر علم آل بيت محمّد.

و قال فيه القرظي:

يا باقر العلم لَاهل التقي و خيرَ من لبّي علي الاجبل

و مدحه مالك بن أعين الجهني (ت 148

ه) بالابيات التالية:

إذا طلب الناس علم القرآن كانت قريش عليه عيالا

و إن قيل: اين ابن بنت الرسول نلتَ بذاك فروعاً طوالًا

نجومٌ تهلّلُ للمدلجين جبال تورّث علماً جبالا

و قد عاش الباقر- عليه السّلام في مطلع صباه، المحنة الكبري التي مرّت علي أهل البيت في كربلاء، و قتل فيها جده الامام الحسين- عليه السّلام، و إخوته و أنصاره، و شاهد بعدها المصائب التي حلّت بأهل البيت، و محبيهم من الحكام الطغاة الذين اتّبعوا الشهوات، و استباحوا الحرمات، و علَوْا في الارض، و أفسدوا فيها، فاتجه الامام في ذلك الجو المشحون بالظلم إلي الدفاع عن مبادئ الإسلام، و نشر تعاليمه، فالتفّ حول الامام الآلاف من العلماء، و طلاب العلم لدراسة الفقه، و الحديث، و التفسير، و الفلسفة، و الكلام، و غير ذلك من العلوم حتي أُطلق علي تلك الحلقات التي كانت تجتمع في مسجد المدينة اسم الجامعة، التي نمت و تكاملت في عهد ولده الامام جعفر الصادق- عليه السّلام و قيل: شاء اللّه لمذهب

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 263

أهل البيت و فقههم، فقه علي بن أبي طالب- عليه السّلام- الذي أخذه عن الرسول بلا واسطة، أن ينسبا إلي حفيده جعفر بن محمد الصادق، الذي اشترك مع أبيه في تأسيسها، و استقل بها بعد وفاته، لا لَانّ له رأياً في أُصول المذهب أو فقهه، يختلف فيهما عن آبائه و أحفاده، و هو القائل: «حديثي حديث أبي، و حديث أبي حديث جدي، و حديث جدي حديث رسول اللّه» و حديث رسول اللّه هو قول اللّه، لا لذلك، بل لَانّه و أباه تهيأ لهما ما لم يتهيأ لغيرهما، و استطاعا في تلك الفترة القصيرة المشحونة بالاحداث التي

كانت كلّها لصالحهما، أن يملآ شرق الارض و غربها، بآثار أهل البيت و فقههم، و يحقّقا ما لم يتيسر تحقّقه لمن سبقهما، و من جاء بعدهما، لذلك نُسبا إلي الامام الصادق، كما يبدو ذلك لكل من تتبع آراء أهل البيت في فقههم و معتقداتهم.

و قد أُخذ معظم فقه أهل البيت (عليهم السلام) من الامامين الباقر و ولده الصادق (عليهما السلام)، و جهد الامام الباقر- عليه السّلام علي تربية جماعة، فغذّاهم بفقهه، و علومه، فكانوا من مراجع الفتيا في العالم الإسلامي و من مفاخر هذه الأُمة، و ذكر أنّ الشيعة هي أوّل من سبق إلي تدوين الفقه.

يقول مصطفي عبد الرزاق في كتابه «تمهيد لتاريخ الفلسفة ص 302»: و من المعقول أن يكون النزوع إلي تدوين الفقه، كان أسرع إلي الشيعة، لَانّ اعتقادهم العصمة في أئمتهم أو ما يشبه العصمة، كان حرياً إلي تدوين أقضيتهم، و فتاواهم.

و كان الامام الباقر- عليه السّلام مقصد العلماء من كل بلاد العالم الإسلامي.

قال الشيخ محمد أبو زهرة: و ما زار أحد المدينة إلّا عرّج علي بيت محمد الباقر يأخذ عنه، و كان ممّن يزوره من يتشيّعون لآل البيت في السر، و من نبتت في نفوسهم نابتة الانحراف، إذا فرخت في خلايا الكتمان الذي ادرعوا به، آراء خارجة عن الدين، فكان يصدّهم، و يردّهم منبوذين، مذمومين.

و كان يقصده أئمة الفقه

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 264

الإسلامي، كسفيان الثوري، و سفيان بن عيينة «1» و أبي حنيفة شيخ فقهاء العراق.

و كان يرشد من يجي ء إليه «2» و قد أحصي الشيخ الطوسي في رجاله ستاً و ستين و أربعمائة ممّن روي عن الباقر- عليه السّلام.

حدّث عنه: أبان بن تغلب الكوفي، و أبو حمزة ثابت بن

أبي صفية الثمالي، و الحكم بن عُتيبة، و ربيعة الرأي، و الاعمش، و زرارة بن أعين، و عبد اللّه بن عطاء، و عبد الرحمن الاعرج، و الاوزاعي، و محمد بن علي بن النعمان الملقب بموَمن الطاق، و خلق كثير.

و من أجوبة الامام- عليه السّلام- و مناظراته، ما روي من أنّ نافع بن الازرق «3» جاءه يوماً يسأله عن مسائل في الحلال و الحرام، فقال له الامام أبو جعفر الباقر و هو يحدّثه: «قل لهذه المارقة بم استحللتم فراق أمير المؤمنين، و قد سفكتم دماءكم بين يديه في طاعته، و التقرّب إلي اللّه بنصرته؟ و إذا قالوا لك لَانّه حكّم الرجال في دين اللّه، فقل لهم: قد حكّم اللّه تعالي في الشريعة رجلين من خلقه، فقال: " فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِهٰا إِنْ يُرِيدٰا إِصْلٰاحاً يُوَفِّقِ اللّٰهُ بَيْنَهُمٰا" (النساء- 35)، و حكّم رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- سعد بن معاذ في بني قريظة، فحكم فيهم بما أمضاه اللّه، أ و ما علمتم أن أمير المؤمنين، إنّما أمر الحكمين أن يحكما بالقرآن و لا يتعدّياه، و اشترط ردّ ما خالف القرآن من أحكام الرجال، و قال حين قالوا له حكّمت علي نفسك من حكم عليك، قال: ما حكّمت مخلوقاً، و إنّما حكّمت كتاب اللّه، فأين تجد المارقة تضليل من أمر بالحكم

______________________________

(1) ولد ابن عيينة عام (107 ه) فلا يتم ما ذكره أبو زهرة.

(2) تاريخ المذاهب الإسلامية: 639.

(3) قال آية اللّه الشيخ السبحاني: و لعل المناظر هو عبد اللّه بن نافع الازرق، لَانّ نافعاً قُتل عام (65 ه) و للإِمام عندئذ من العمر دون العشرة، و قد نقل ابن شهر آشوب

بعض مناظرات الامام مع عبد اللّه ابن نافع، فلاحظ.

بحوث في الملل و النحل: 4- 201.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 265

بالقرآن، و اشترط ردّ ما خالفه لو لا ارتكابهم في بدعتهم البهتان؟» فقال نافع [عبد اللّه بن نافع]: هذا و اللّه كلام ما مرّ بمسمعي قط، و لا خطر مني علي بال و هو الحق إن شاء اللّه.

و روي أنّ اعرابياً أتي أبا جعفر- عليه السّلام فقال: أ رأيت ربك حين عبدته؟ فقال: «لم أكن لَاعبد شيئاً لم أره» فقال: كيف رأيته؟ فقال: «لم تره الابصار بالمشاهدة و العيان، بل رأته القلوب بحقائق الإِيمان، لا يدرك بالحواس، و لا يقاس بالناس، معروف بالآيات، منعوت بالعلامات، لا يجوز في القضية، هو اللّه الذي لا إله إلّا هو».

فقال الاعرابي: اللّه أعلم حيث يجعل رسالته.

و أمّا ما قيل في حقّ الامام- عليه السّلام- من كلمات فهي كثيرة ننقل منها ما يلي: عن عبد اللّه بن عطاء، قال: ما رأيت العلماء عند أحد أصغر علماً منهم عند أبي جعفر الباقر، لقد رأيت الحكم عنده كأنّه متعلّم.

و يعني الحكم بن عتيبة.

و عن سلمة بن كهيل: في قوله" لَآيٰاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ" (الحجر- 75)، قال: كان أبو جعفر منهم.

و قال ابن سعد: كان عالماً عابداً ثقة، و روي عنه الأَئمّة أبو حنيفة و غيره.

و قال ابن كثير: كان ذاكراً خاشعاً صابراً، و كان من سلالة النبوة، رفيع النسب، عالي الحسب، و كان عارفاً بالخطرات، كثير البكاء و العبرات، معرضاً عند الجدال و الخصومات.

و قال الذهبي: و كان أحد من جمع العلم و الفقه و الشرف و الديانة و الثقة و السؤدَد، و كان يصلح للخلافة.

و قال كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي: هو باقر

العلم و جامعه، و شاهر علمه و رافعة، متفوق درّه و راضعه، و منمق دُرّه و واضعه، صفا قلبه، و زكا عمله، و طهرت نفسه، و شرفت أخلاقه، و عمرت بطاعة اللّه أوقاته، و رسخت في مقام

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 266

التقوي قدمه، فالمناقب تسبق إليه، و الصفات تشرف به.

و ممّا أثر عن الامام- عليه السّلام- من الحكم و المواعظ، قال: «عالم ينتفع بعلمه أفضل من ألف عابد».

و قال: «إنّ اللّه خبأ ثلاثة أشياء في ثلاثة أشياء: خبأ رضاه في طاعته، فلا تحقرنّ من الطاعة شيئاً، فلعل رضاه فيه، و خبأ سخطه في معصيته، فلا تحقرنّ من المعصية شيئاً، فلعل سخطه فيه، و خبأ أولياءه في خلقه، فلا تحقرنّ أحداً فلعلّه ذلك الولي».

و قال- عليه السّلام- في وصف شيعته: إنّما شيعة علي- عليه السّلام- المتباذلون في ولايتنا، المتحابّون في مودتنا، المتزاورون لِاحياء الدين، إذا غضبوا لم يظلموا، و إذا رضوا لم يُسرفوا، بركة علي من جاوروا، و سلم لمن خالطوا».

و قال: «إنّ أسرع الخير ثواباً البرّ، و أسرع الشر عقوبة البغي، و كفي بالمرء عيباً أن يبصر من الناس ما يعمي عليه من نفسه، و أن يأمر الناس بما لا يستطيع أن يفعله، و ينهي الناس بما لا يستطيع أن يتحول عنه، و أن يؤذي جليسه بما لا يعنيه».

قال ابن كثير الدمشقي: هذه كلمات جوامع موانع، لا ينبغي لعاقل أن يغفلها.

توفي- عليه السّلام بالمدينة في- سابع ذي الحجة، و قيل في- ربيع الاوّل أو الآخر سنة أربع عشرة و مائة، و قيل غير ذلك.

و دفن بالبقيع مع أبيه زين العابدين و عم أبيه الحسن بن علي (عليهم السلام).

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 267

81 أبان بن عثمان «1»

(..- 105

ه) ابن عفان، أبو سعد، الأُمويّ المدنيّ.

سمع: أباه، و زيد بن ثابت.

و حدّث عنه: عمرو بن دينار، و الزهري، و أبو الزناد، و طائفة، و له أحاديث قليلة.

عدّه يحيي القطان من فقهاء المدينة العشرة، و قال مالك أنّ عبد اللّه بن أبي بكر حدّثه ان والده أبا بكر بن حزم كان يتعلم من أبان القضاء.

ولي امارة المدينة سبع سنين، و حجّ بالناس أثناء ولايته مرتين، ثم عزله عبد الملك عن المدينة و ولّاها هشام بن إسماعيل، و أُصيب بالفالج قبل وفاته بسنة، و كان به صمم و وضح كثير.

توفي- سنة مائة و خمس.

نقل عنه الشيخ الطوسي في كتاب «الخلاف» فتوي واحدة.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 5- 151، تاريخ خليفة 263، المحبّر 25، 235، التأريخ الكبير 1- 450، المعارف 115 و 320، الجرح و التعديل 2- 29، مشاهير علماء الامصار ص 111 برقم 454، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 135 برقم 176، الخلاف للطوسي 3- 366 طبع اسماعيليان، طبقات الفقهاء للشيرازي 47، الكامل في التأريخ 5- 126، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 97، تهذيب الكمال 2- 16، سير أعلام النبلاء 4- 351، تاريخ الإسلام للذهبي سنة 105 ص 22، دول الإسلام 1- 51، الوافي بالوفيات 5- 301، البداية و النهاية 9- 243، النجوم الزاهرة 1- 253، تهذيب التهذيب 1- 97، تقريب التهذيب 1- 31، شذرات الذهب 1- 130.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 268

82 أبان بن أبي عياش «1»

(..- 138 ه) و اسم أبي عياش: فيروز، و قيل: دينار، أبو اسماعيل العبدي بالولاء، البصري.

روي عن: أنس بن مالك، و سعيد بن جبير، و خُليد العَصَري، و إبراهيم النخعي، و الحسن البصري، و مسلم بن يسار، و مسلم البطين، و مُوَرِّق

العجلي، و غيرهم.

و هو الذي روي كتاب سُليم بن قيس الهلالي «2» روي عنه: الحسن بن صالح بن حيّ، و حمّاد بن سَلَمة، و سفيان الثوري، و أبو حنيفة النعمان بن ثابت، و فُضيل بن عياض، و مَعْمَر بن راشد، و يزيد بن هارون، و آخرون.

وقد عُدّ من أصحاب الأَئمّة: السجاد و الباقر و الصادق (عليهم السلام)، و وقع في اسناد بعض الروايات عن أئمة أهل البيت، حيث روي فيها عن سليم بن قيس الهلالي، و روي عنه إبراهيم بن عمر اليماني، و عمر بن أُذينة.

______________________________

(1) المعارف لابن قتيبة 239، الكامل في ضعف الرجال لابن عدي 1- 381، تهذيب الكمال 2- 19 برقم 142، ميزان الاعتدال 1- 10، تهذيب التهذيب 1- 97، تقريب التهذيب 1- 31، نقد الرجال 4، مجمع الرجال 1- 15، جامع الرواة 1- 9، بهجة الآمال 1- 484، تنقيح المقال 1- 3 برقم 14، معجم رجال الحديث 1- 141 برقم 22، قاموس الرجال 1- 71.

(2) رُوي أنّ سليم بن قيس كان من أصحاب أمير المؤمنين- عليه السّلام-، و طلبه الحجاج ليقتله، فهرب و أوي إلي أبان بن أبي عياش، فلما حضرته الوفاة قال لَابان: إنّ لك عليّ حقاً، وقد حضرني الموت يا ابن أخي انّه كان من الامر بعد رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- كيت وكيت، و أعطاه كتاباً.

معجم رجال الحديث: 8- 220.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 269

قال مالك بن دينار: أبان بن أبي عياش طاوس القرّاء.

و قال ابن حبّان: كان من العباد الذي يسهر الليل بالقيام، و يطوي النهار بالصيام.

وقد ضعّف أبان جماعة.

رُوي عن أبان، عن أنس قال: كان النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-

لا يصلّي يوم الفطر و لا يوم النحر قبلها و لا بعدها «1» و روي عنه بإسناده إلي أم عبد اللّه بن مسعود قالت: رأيت رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- قنت في الوتر قبل الركوع.

توفي- سنة ثمان و ثلاثين و مائة، و قيل غير ذلك.

83 إبراهيم بن سعد

«2» (..-..)

ابن أبي وقاص بن أُهيب القرشيّ الزهريّ، المدنيّ.

______________________________

(1) قال الشيخ الطوسي يكره التنفل يوم العيد قبل صلاة العيد و بعدها إلي بعد الزوال للِامام و المأموم و هو المروي عن علي- عليه السّلام-، و قال الشافعي: يكره قبل ذلك للِامام، و أمّا المأموم فلا يكره له ذلك إذا لم يقصد التنفّل لصلاة العيد، و به قال سهل بن سعد الساعدي، و رافع بن خديج، و قال الاوزاعي و الثوري و أبو حنيفة يكره قبلها و لا يكره بعدها، روي سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: خرج النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- يوم فطر صلّي ركعتين و لم يتنفل قبلها و لا بعدها.

انظر الخلاف: 1- 665، مسألة 438.

و رواية ابن عباس: أخرجها مسلم في الصحيح: 3- 21، كتاب صلاة العيدين، و البخاري في الصحيح: 2- 23، ط دار الجيل بيروت.

(2) الطبقات الكبري لابن سعد 5- 169، التأريخ الكبير 1- 288 برقم 927) ق 1 ج 1)، الجرح و التعديل 2- 101 برقم 282) ج 1 ق 1)، الثقات لابن حبّان 4- 4، المعجم الكبير للطبراني 4- 90، تهذيب الكمال 2- 94 برقم 175، تاريخ الإسلام (حوادث 61 80) 194 ذيل ترجمة عمر بن سعد، سير أعلام النبلاء 4- 350 برقم 126، تهذيب التهذيب 1- 123 برقم 217، تقريب التهذيب 1- 35 برقم

203.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 270

روي عن: علي- عليه السّلام، و أبيه، و أُسامة بن زيد، و خزيمة بن ثابت.

روي عنه: ابن اخته سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، و حبيب بن أبي ثابت، و غيرهم.

و كان كثير الحديث.

عُدّ من الطبقة الثانية من فقهاء أهل المدينة بعد الصحابة.

أخرج عبد الرزاق بن همّام في «المصنّف ««1» أنّ ابن عباس سأله إبراهيم بن سعد و كان إبراهيم عاملًا بعدن فقال لابن عباس: ما في أموال أهل الذمّة؟ قال: العفو، قال: قلت: إنّهم يأمروننا بكذا و كذا، قال: فلا تعمل لهم، قال: فما في العنبر؟ قال: إن كان فيه شي ء فالخمس.

84 إبراهيم بن عبد الرحمن «2»

(..- 96، 97 ه) ابن عوف، الفقيه، أبو إسحاق الزهريّ العوفيّ، و أُمّه أُمّ كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، أُخت عثمان بن عفان لأُمّهِ.

______________________________

(1) الجزء 6، باب صدقة أهل الكتاب، برقم 10122.

(2) الطبقات الكبري لابن سعد 5- 55، المحبر 439، التأريخ الكبير 1- 295، المعارف 138، المعرفة و التاريخ 1- 367، الجرح و التعديل 2- 111، مشاهير علماء الامصار 110 برقم 450، الثقات لابن حبّان 4- 4، أسد الغابة 1- 42، تهذيب الكمال 2- 134، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 96) ص 278، العبر 1- 84، سير أعلام النبلاء 4- 292، الوافي بالوفيات 6- 41، مرآة الجنان 1- 198، تهذيب التهذيب 1- 139، تقريب التهذيب 1- 38، الاصابة 1- 106، شذرات الذهب 1- 111.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 271

حدّث عن: أبيه، و عمر، و عثمان، و علي- عليه السّلام، و سعد، و عمار بن ياسر، و جبير بن مطعم، و طائفة.

روي عنه: ابناه: سعد قاضي المدينة، و صالح، و عطاء بن أبي رباح، و ابن

شهاب الزهري، و محمد بن عمرو بن علقمة، و غيرهم.

قيل: إنّه شهد حصار الدار مع عثمان.

و قيل: إنّه ولد في حياة النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و لذلك ذكره بعضهم في الصحابة منهم أبو نعيم، و أبو إسحاق الامين، و ذكره ابن حبّان، و العجلي في التابعين.

توفي- سنة ست و تسعين، و قيل: - سبع و تسعين، و هو ابن خمس و سبعين سنة، و قيل: عن سنٍّ عالية.

85 إبراهيم بن ميسرة «1»

(..- حدود 132 ه) الطائفي، الفقيه، نزيل مكّة.

حدّث عن: أنس بن مالك و كان صاحبه، و عمرو بن دينار، و طاوس،

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 5- 484، التأريخ الكبير 1- 328، الجرح و التعديل 2- 133، مشاهير علماء الامصار 141 برقم 639، تهذيب الكمال 2- 221، سير أعلام النبلاء 6- 123، العبر 1- 135، تقريب التهذيب 1- 44، تهذيب التهذيب 1- 172.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 272

و غيرهم.

و حدّث عنه: شعبة، و ابن جُريج، و سفيان الثوري، و سفيان بن عُيينة.

و كان يحدّث كما سمع، كما عن ابن عيينة، و له نحو من ستين حديثاً.

روي عبد الرزاق الصنعاني بسنده عن إبراهيم بن ميسرة قال: رأيت طاوساً.. قال: و كان بمني إذا صلي المغرب ركع ركعتين ثم صلّي العشاء الآخرة ثم انقلب، قال: و لا أعلم ذلك إلّا قبل غروب الشفق «1» توفي- قريباً من سنة اثنتين و ثلاثين و مائة.

86 إبراهيم النّخعي «2»

(..- 96، 95 ه) إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الاسود النخعي، اليماني، أبو عمران الكوفي،

______________________________

(1) المصنّف: 1- 559 برقم 2123.

(2) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 27، معرفة الرجال لابن معين 1- 12 برقم 588، التأريخ الكبير 1- 133، المعارف 324، الجرح و التعديل 2- 144، مشاهير علماء الامصار 163 برقم 748، الثقات لابن حبان 4- 8، حلية الاولياء 4- 219، جمهرة أنساب العرب 415، الخلاف للطوسي 102 و 121 و 172) طبع جامعة المدرسين)، رجال الطوسي 35 برقم 9، 83 برقم 16، صفة الصفوة 3- 86، وفيات الاعيان 1- 25، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 104، تهذيب الكمال 2- 233، سير أعلام النبلاء 4- 520، العبر 1- 85، تذكرة الحفاظ 1- 73، ميزان الاعتدال

1- 74، تاريخ الإسلام (سنة 95) ص 269، دول الإسلام 1- 44، الوافي بالوفيات 6- 169، مرآة الجنان 1- 180، البداية و النهاية 9- 146، غاية النهاية 29، تهذيب التهذيب 1- 177، تقريب التهذيب 1- 46، طبقات الحفاظ 36 برقم 68، مجمع الرجال للقهبائي 1- 81، شذرات الذهب 1- 111، جامع الرواة 1- 39، تنقيح المقال 1- 43، أعيان الشيعة 2- 248، معجم رجال الحديث 1- 356.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 273

أحد الاعلام، و هو ابن مليكة أُخت الاسود بن يزيد.

روي عن: خاله، و مسروق، و علقمة بن قيس، و الربيع بن خُثَيم، و سُوَيْد بن غفلة، و خلقٍ سواهم، و دخل علي عائشة و هو صبي، و لم يثبت له منها سماع فيما قيل.

روي عنه: الحكم بن عُتيبة، و حماد بن أبي سليمان، و أبان بن تغلب، و زُبيد اليامي، و آخرون.

و كان مفتي أهل الكوفة في زمانه، فقيهاً، قليل التكلّف، و كان مختفياً من الحجاج، و كان يصوم يوماً و يفطر يوماً فيما قيل.

روي أبو نعيم بسنده عن إسماعيل بن أبي خالد قال: كان الشعبي و أبو الضحي و إبراهيم و أصحابنا يجتمعون في المسجد فيتذاكرون الحديث، فإذا جاءتهم فتيا ليس عندهم منها شي ء رموا بأبصارهم إلي إبراهيم النخعي.

و روي أيضاً بسنده عن عبد الملك بن أبي سليمان قال: سمعت سعيد بن جبير يُسأل، فقال: تستفتوني و فيكم إبراهيم النخعي؟! و عن الاعمش قال: ما رأيت إبراهيم يقول برأيه في شي ء قطّ.

عُدّ من أصحاب أمير المؤمنين «1» و من أصحاب الامام علي بن الحسين (السجاد).

و عدّه ابن قتيبة في المعارف من الشيعة.

و كان يفتي بالمسح علي القدمين دون الغسل، و هو مذهب الامامية.

و

كان يلعن الحجاج، و يقول: كفي بالرجل عمي أن يعمي عن أمر الحجاج.

______________________________

(1) إنّ عدّ الشيخ الطوسي إيّاه من أصحاب أمير المؤمنين من سهو القلم كما يظهر، لَانّ وفاة إبراهيم سنة 96 و عاش 46 أو 58 سنة علي أبعد الاقوال، فتكون ولادته في أواخر حياة الامام أو بعد استشهاده- عليه السّلام-.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 274

و عن منصور، قال: ذكرت لِابراهيم لعن الحجاج أو بعض الجبابرة.

فقال: أ ليس اللّه يقول: " أَلٰا لَعْنَةُ اللّٰهِ عَلَي الظّٰالِمِينَ" «1».

و كان ينابذ المرجئة.

لزم بيته يوم الزاوية و يوم الجماجم.

و هما وقعتان بين الحجاج و عبد الرحمن بن محمد بن الاشعث.

فقيل له: إن علقمة شهد صفين مع عليّ.

فقال: بخٍ بخٍ، مَن لنا مثل علي ابن أبي طالب و رجاله.

نقل عنه الشيخ الطوسي في كتاب الخلاف ثمانين فتوي.

توفّي بالكوفة- سنة ست و تسعين أو خمس و تسعين.

و عاش ستاً أو تسعاً و أربعين سنة، و قيل: ثمانياً و خمسين «2»

87 إبراهيم بن يزيد «3»

(..- 92، 94 ه) ابن شريك التّيميّ: تيم الرباب، أبو أسماء الكوفيّ.

______________________________

(1) هود: 18.

(2) قد ذكرنا النخعي في عداد التابعين، مع أنّ الميزان لهم هو سماعهم عن الصحابة مضافاً إلي رؤيتهم و ليس للرجل أي سماع منهم، و لمّا كان من فقهاء القرن الاوّل، و كان فقهاء هذا القرن كلّهم من التابعين ألحقناه بهم و إلّا كان اللازم فتح فصل خاص، لَانّه الفقيه المنحصر في القرن الاوّل، و ليس بتابعي.

(3) الطبقات الكبري لابن سعد 6، 286- 285، التأريخ الكبير 1- 334 برقم 1053، المعرفة و التاريخ 2، 549، 563، 573، 576، 709- 548 و 3، 146، 234- 76، الجرح و التعديل 2- 145 برقم 474، الثقات لابن حبّان

4- 7، مشاهير علماء الامصار ص 163 برقم 749، حلية الاولياء 4- 210 برقم 272، المنتظم في تاريخ الملوك و الأُمم 6- 305 برقم 523، صفة الصفوة 3- 90 برقم 413، اللباب 1- 233، تهذيب الكمال 2- 232 برقم 264، تاريخ الإسلام (81 100) ص 283 برقم 207، العبر 1- 79، سير أعلام النبلاء 5- 60 برقم 19، تذكرة الحفّاظ 1- 73، ميزان الاعتدال 1- 74 برقم 251، الوافي بالوفيات 6- 168 برقم 2621، مرآة الجنان 1- 180، غاية النهاية في طبقات القرّاء 1- 29 برقم 124، النجوم الزاهرة 1- 225، تقريب التهذيب 1- 45 برقم 300، تهذيب التهذيب 1- 176 برقم 324، طبقات الحفّاظ للسيوطي 36 برقم 67، شذرات الذهب 1- 100.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 275

حدّث عن: أبيه، و الحارث بن سويد، و أنس و عمرو بن ميمون الاودي، و جماعة.

حدّث عنه: الاعمش، و بيان بن بشر، و الحكم بن عتيبة، و مسلم البطين و جماعة.

و كان شاباً عالماً فقيهاً عابداً، حبسه الحجّاج في الديماس حيث لا ظلّ من الشمس، و لا كنّ من البرد، فمات في الحبس.

و يروي انّ الحجاج طلب إبراهيم النخعي، فجاء الذي طلبه فقال: أُريد إبراهيم، فقال التيمي: أنا إبراهيم، فأخذه و هو يعلم أنّه يريد إبراهيم النخعي، فلم يستحل أن يدلّه عليه، و يقال: قتله الحجاج- سنة اثنتين و تسعين.

و قيل- أربع و تسعين.

و لم يبلغ الاربعين.

رُوي عنه أنّه قال: إذا رأيت الرجل يتهاون في التكبيرة الأُولي، فاغسل يدك منه.

و قال: ما عرضتُ عملي علي قولي إلّا خشيت أن أكون مكذّباً.

و كان يدعو يقول: اللّهمّ اعصمني بكتابك و سنّة نبيك من اختلاف في الحق، و من اتّباع الهوي

بغير هديً منك، و من سبل الضلالة، و من شبهات الأُمور، و من الزيغ و اللبس و الخصومات.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 276

88 أبو بكر بن عبد الرحمن «1»

(..- 94، 93 ه) ابن الحارث بن هشام بن المغيرة القرشي المخزومي، و اسمه كنيته، كان يسمي راهب قريش لكثرة صلاته فيما قيل، و كان قد ذهب بصره.

ولد في خلافة عمر بن الخطاب.

و خرج في جيش عائشة يوم الجمل، فاستُصغر و رُدّ هو و عروة بن الزبير.

روي عن: أبي مسعود الانصاري، و عائشة، و أُم سلمة، و أبي هريرة، و نوفل ابن معاوية، و طائفة.

روي عنه: ابناه: عبد اللّه و عبد الملك، و مجاهد و عمر بن عبد العزيز، و الشعبي، و الزهري، و عكرمة بن خالد، و آخرون.

و كان أحد فقهاء المدينة السبعة الذين كان أبو الزناد يذكرهم.

قال أبو نعيم الأَصفهاني: أكثر حديثه في الاقضية و الاحكام.

مات- سنة أربع و تسعين، و قيل: - سنة ثلاث و تسعين.

______________________________

(1) الطبقات لابن سعد 5- 207، المحبر 297، التأريخ الكبير 9- 9، المعارف ص 330، المعرفة و التاريخ 1- 233، مشاهير علماء الامصار ص 107 برقم 434، الثقات لابن حبّان 5- 560، حلية الاولياء 2- 187، الخلاف للطوسي 1- 394 و 652 طبع جامعة المدرسين.

طبقات الفقهاء للشيرازي 59، المنتظم 6- 334، تهذيب الكمال 33- 112، سير أعلام النبلاء 4- 416، تذكرة الحفاظ 1- 63، العبر 1- 83، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 94) ص 512، تهذيب التهذيب 12- 30، تقريب التهذيب 2- 398، طبقات الحفّاظ 30 برقم 51، شذرات الذهب 1- 104.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 277

89 أبو بكر بن أبي موسي الاشعري «1»

(..- 106 ه) و اسم أبي موسي عبد اللّه بن قيس، يقال: إنّ اسم أبي بكر، عمرو، و يقال: عامر، و قيل: إنّ اسمه كنيته، و من زعم أنّ اسمه عامر فقد وهم، عامر اسم أبي بردة بن أبي موسي.

روي عن:

أبيه، و البراء بن عازب، و جابر بن سمرة، و ابن عبّاس، و الاسود ابن هلال.

روي عنه: أبو حمزة الضبعي، و أبو عمران الجوني، و بدر بن عثمان، و عبد اللّه ابن أبي السفر، و آخرون.

ولّاه الحجّاج قضاء الكوفة.

و كان يذهب مذهب أهل الشام، جاءه أبو غادية الجهني قاتل عمار فأجلسه إلي جانبه و قال: مرحباً بأخي!!.

وثّقه ابن حبّان و العجلي، و قال ابن سعد: كان قليل الحديث يستضعف.

______________________________

(1) التأريخ الكبير 8- 12، المعارف 152، الجرح و التعديل 9- 340، الثقات لابن حبّان 5- 592، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 204 برقم 329، الاحكام في أُصول الاحكام 2- 94، تهذيب الكمال 33- 144، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 101 120) ص 285، العبر 1- 93، سير أعلام النبلاء 5- 6 في ترجمة أخيه أبي بردة، البداية و النهاية 9- 240، تهذيب التهذيب 12- 40، تقريب التهذيب 2- 396، شذرات الذهب 1- 124.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 278

أقول: العجب من هذا الذي يوسّع لقاتل عمار، و يرحب به، و يصطفيه أخاً، و كأنّ في أُذنيه وقراً عن أحاديث رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- في عمّار، التي ملأت الخافقين، و التي لم يتردّد حتي ألدُّ أعدائه في روايتها، قال- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-: «إنّ قاتله و سالبه في النار ««1» و قال- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-: «عمار مُلئ إيماناً إلي مشاشه ««2»، و العجب أكثر ممّن يوثّق مثل أبي بكر هذا.

مات في ولاية خالد بن عبد اللّه- سنة ست و مائة، و كان أكبر من أخيه أبي بردة.

90 أبو بكر بن محمّد «3»

(..- 120، 117 ه) ابن عمرو بن حزم، الانصاري،

الخزرجي، النجّاري، المدني، اسمه و كنيته واحد، و قيل: كنيته أبو محمد، أمير المدينة ثم قاضيها.

روي عن: أبيه، و السائب بن يزيد الصحابي، و عباد بن تميم، و سلمان الاغر، و عمرو بن سليم الزُّرقي، و خالته عمرة، و طائفة.

______________________________

(1) انظر سير أعلام النبلاء 4، 413- 425.

أخرج الحديث الاوّل أحمد 4- 198، و ابن سعد 3- 1- 186، و أخرج الحديث الثاني ابن ماجة (147) في المقدمة.

و أبو نعيم في «الحلية «1- 139، و رواه البزار.

(2) انظر سير أعلام النبلاء 4، 413- 425.

أخرج الحديث الاوّل أحمد 4- 198، و ابن سعد 3- 1- 186، و أخرج الحديث الثاني ابن ماجة (147) في المقدمة.

و أبو نعيم في «الحلية «1- 139، و رواه البزار.

(3) التأريخ الكبير 8- 10، المعرفة و التاريخ 1- 643، المعارف ص 264، الجرح و التعديل 9- 337، مشاهير علماء الامصار ص 125 الرقم 544، الثقات لابن حبّان 5- 561، المنتظم 7- 206، تهذيب الاسماء و اللغات 2- 195، تهذيب الكمال 33- 137، سير أعلام النبلاء 5- 313، العبر 1- 117، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 120) ص 511، الوافي بالوفيات 10- 247، النجوم الزاهرة 1- 285، تهذيب التهذيب 12- 38، تقريب التهذيب 2- 399.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 279

حدّث عنه: ابناه عبد اللّه و محمد، و الاوزاعي، و أفلح بن حميد، و المسعودي و آخرون.

قيل: كان أعلم أهل زمانه بالقضاء، و كان كثير العبادة و التهجّد.

روي عن أبي بكر بن محمد، قال: كان النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- إذا بعث خارصاً أمره أن لا يخرص العرايا «1» توفي- سنة عشرين و مائة، و قيل: - سنة سبع عشرة.

91 أبو سلمة بن عبد الرحمن «2»

(22- 94 ه)

ابن عوف بن عبد عوف القُرشيّ، الزُّهري، قيل: اسمه كنيته، و قيل: اسمه عبد اللّه، و قيل: إسماعيل.

حدّث عن: أبيه، و يقال: إنّه مرسل، و عن أُسامة بن زيد، و عبد اللّه بن سلام، و حسان بن ثابت، و رافع بن خديج، و أُمّ سلمة، و ابنتها زينب، و عروة، و عطاء بن

______________________________

(1) المصنف لعبد الرزاق بن همام الصنعاني: 4- 126 برقم 7210.

(2) الطبقات لابن سعد 5- 155، المعارف 139، المعرفة و التأريخ 1- 558، مشاهير علماء الامصار 106 رقم 430، الثقات لابن حبّان 5- 1، الاحكام في أُصول الاحكام 2- 90، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 136 برقم 177، السنن الكبري 6- 102، الخلاف للطوسي 3- 441 م 16 طبع اسماعيليان و 1- 140 طبع جماعة المدرسين، طبقات الفقهاء للشيرازي 61، المغني و الشرح الكبير 5- 462، تهذيب الاسماء و اللغات 2- 240، تهذيب الكمال 33- 370، سير أعلام النبلاء 4- 287، تذكرة الحفّاظ 1- 62، العبر للذهبي 1- 83، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 94) ص 522، دول الإسلام 1- 44، البداية و النهاية 9- 122، تهذيب التهذيب 12- 115، تقريب التهذيب 2- 430، طبقات الحفّاظ 30، شذرات الذهب 1- 105.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 280

يسار، و خلق كثير من الصحابة و التابعين.

حدّث عنه: ابنه عمر بن أبي سلمة، و ابن أخيه سعد بن إبراهيم، و ابن أخيه زُرارة بن مصعب، و الشعبي، و الزهري، و سعيد المقبري، و خلق كثير.

تولّي القضاء بالمدينة حين وليها سعيد ابن العاص في- سنة ثمان و أربعين، فلم يزل قاضياً حتي عُزل سعيد- سنة أربع و خمسين.

و كان فقيهاً، كثير الحديث.

أقول: و يظهر من أخباره أنّه كان

معجباً بنفسه، فعن عائشة أنّها قالت له: إنّما مثلك مثل الفرّوج يسمع الدِّيَكة تصيح فيصيح. و عن عمرو بن دينار قال: قال أبو سلمة: أنا أفقه من بالَ، فقال ابن عباس: في المبارِك.

و عن الشعبي، قال: قدم أبو سلمة الكوفة، فكان يمشي بيني و بين رجل، فسُئل عن أعلم من بقي، فتمنّع ساعة ثم قال: رجل بينكما.

روي عن المنذر بن علي بن أبي الحكم: أنّ ابن أخيه خطب ابنة عم له، فتشاجروا في بعض الامر، فقال الفتي: هي طالق إن نكحتها حتي آكل الغضيض (و الغضيض: طلع النخل الذكر) ثمّ ندموا علي ما كان من الامر فقال المنذر: أنا آتيكم من ذلك بالبيان.

قال: فانطلقت إلي سعيد بن المسيب.. ثم سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن عن ذلك فقال: ليس عليه شي ء طلّق ما لا يملك.

روي عبد الرزاق الصنعاني بسنده عن عبد الحميد بن جبير بن شيبة انّ أبا سلمة بن عبد الرحمن قال: إذا كنت جنباً فتمسّح، ثمّ إذا وجدتَ الماء فلا تغتسل من جنابتك إن شئت، قال عبد الحميد: فذكرت ذلك لابن المسيب فقال: و ما يدريه؟ إذا وجدتَ الماء فاغتسل «1» توفي بالمدينة في- سنة أربع و تسعين، و قيل: - أربع و مائة.

نقل عنه الشيخ الطوسي في «الخلاف» أربع فتاوي.

______________________________

(1) المصنف: 1- 229 برقم 885.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 281

92 أبو قرّة الكندي «1» (..-..)

قال ابن قتيبة: اسمه كنيته، و قال ابن سعد: اسمه فلان بن سلمة.

عدّه الشيخ الطوسي من أصحاب أمير المؤمنين- عليه السّلام.

و روي عن: حذيفة بن اليمان، و عمر بن الخطاب، و سلمان الفارسيّ.

و كان معروفاً، قليل الحديث.

ولّاه عمر بن الخطاب القضاء بالكوفة، و هو أوّل قاضٍ قضي بها.

و لم نظفر بتاريخ وفاته.

93 الاحنف بن قيس

«2» (..- 67 ه) ابن معاوية بن حُصين، الامير الكبير، العالم النبيل، أبو بحر التميميّ، اسمه

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 148، المعارف لابن قتيبة 230، رجال الطوسي 63 برقم 7، تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين)، تاريخ الكوفة 235، تنقيح المقال 3- 31، أعيان الشيعة 2- 419، قاموس الرجال 10- 167.

(2) وقعة صفين 24، المحبر 254، التأريخ الكبير 2- 50، المعارف 240، الجرح و التعديل 2- 322، اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي (90 برقم 145، مشاهير علماء الامصار 142 برقم 641، ذكر أسماء التابعين و من بعدهم 33، المستدرك للحاكم 3- 614، ذكر أخبار أصبهان 1- 224، رجال الطوسي 7 برقم 64 و 66 برقم 1، الإستيعاب 1- 135) ذيل الاصابة)، أسد الغابة 1- 55، وفيات الاعيان 2- 499، الرجال لابن داود 46 برقم 147، تهذيب الكمال 2- 282، العبر للذهبي 1- 58، سير أعلام النبلاء 4- 86، تاريخ الإسلام للذهبي سنة 61 80 ص 345، دول الإسلام 1- 35، مرآة الجنان 1- 145، النجوم الزاهرة 1- 184، البداية و النهاية 8- 331، تهذيب التهذيب 1- 191، تقريب التهذيب 1- 49، الاصابة 1- 110، مجمع الرجال 1- 175، شذرات الذهب 1- 78، جامع الرواة 1- 76، تنقيح المقال 1- 103، أعيان الشيعة 3- 222، معجم رجال الحديث 2- 370.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص:

282

الضحّاك، و قيل: صخر.

روي عن: عمر، و علي- عليه السّلام، و ابن مسعود، و أبي ذر، و آخرين.

روي عنه: الحسن البصري، و عمرو بن جاوان، و طلق بن حبيب، و خُليد العصري، و آخرون.

و هو قليل الرواية.

أدرك النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و أسلم، و لم يجتمع به، و وفد علي عمر، و شهد بعض الفتوحات منها قاسان و التيمرة، و كان من جلّة التابعين و أكابرهم، و كان سيّد قومه، و أحد من يُضربُ بحلمه و سؤدده المثل.

شهد مع الامام عليّ- عليه السّلام وقعة صفين، و كان من قوّاد جيشه فيها.

عُدّ من أصحاب عليّ و من أصحاب الحسن (عليهما السلام).

وثّقه العجلي، و ابن سعد.

روي أنّ معاوية بن أبي سفيان بينا هو جالس و عنده وجوه الناس إذ دخل رجل من أهل الشام فقام خطيباً فكان آخر كلامه أن لعن علياً، فأطرق الناس و تكلّم الاحنف فقال: يا أمير المؤمنين إنّ هذا القائل لو يعلم أنّ رضاك في لعن المرسلين لعنهم، فاتق اللّه و دع عنك علياً، فقد لقي ربّه و أُفرد في قبره و خلا بعمله، و كان و اللّه المبرّز سيفه، الطاهر ثوبه، الميمون نقيبته، العظيم مصيبته.

فقال له معاوية: يا

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 283

أحنف لقد أغضيت العين علي القذي و قلت ما تري، و ايم اللّه لتصعدن في المنبر فتلعنه طوعاً أو كرهاً.

فقال له الاحنف: يا أمير المؤمنين إن تعفني فهو خير لك و إن تجبرني علي ذلك فو اللّه لا تجري فيه شفتاي أبداً.

قال: قم فاصعد المنبر.

قال الاحنف: أما و اللّه مع ذلك لَانصفنّك في القول و الفعل، قال: و ما أنت قائل يا أحنف إن انصفتني؟ قال:

اصعد المنبر فأحمد اللّه بما هو أهله و أصلّي علي نبيّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- ثم أقول: أيها الناس إنّ أمير المؤمنين معاوية أمرني أن ألعن علياً و إنّ علياً و معاوية اختلفا فاقتتلا و ادّعي كل واحد منهما أنّه بغي عليه و علي فئته، فإذا دعوت فأمّنوا رحمكم اللّه، ثم أقول: اللّهمّ العن أنت و ملائكتك و أنبياؤك و جميع خلقك الباغي منهما علي صاحبه، و العن الفئة الباغية، اللّهمّ العنهم لعناً كثيراً، أمّنوا رحمكم اللّه.

يا معاوية لا أزيد علي هذا و لا أنقص منه حرفاً و لو كان فيه ذهاب نفسي.

فقال معاوية: إذاً نعفيك يا أبا بحر «1» قال ابن المبارك: قيل للَاحنف: بِمَ سَوّدوك؟ قال: لو عاب الناس الماء لم أشْرَبْهُ.

و قيل له: إنّك كبير، و الصوم يُضعفُك.

قال: إنّي أُعدُّه لسفرٍ طويل.

روي عن هشام بن عُقبة أخي ذي الرُّمّة الشاعر المشهور، قال: شهدت الاحنف بن قيس و قد جاء إلي قومٍ في دم، فتكلّم فيه، و قال: احتكِموا.

قالوا: نحتكم دِيَتَيْن، قال: ذاك لكم.

فلمّا سكتوا قال: أنا أُعطيكم ما سألتم، فاسمعوا: إنّ اللّه قضي بديةٍ واحدةٍ، و إنّ النبيّ- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قضي بديةٍ واحدة، و إنّ العرب تعاطي بينها ديةً واحدة، و أنتم اليوم تطالبون، و أخشي أن تكونوا غداً مطلوبين، فلا ترضي الناس منكم إلّا بمثل ما سننتم، قالوا: رُدَّها إلي دية.

______________________________

(1) العقد الفريد: 3- 215، مجاوبة الأُمراء و الردّ عليهم.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 284

و من كلام الاحنف: مَن أسرع إلي الناس بما يكرهون، قالوا فيه ما لا يعلمون.

و قال: رأس الادب آلةُ المنطق، لا خير في قولٍ بلا فعل، و لا في

منظر بلا مَخْبر، و لا في مال بلا جودٍ، و لا في صديق بلا وفاء، و لا في فقْه بلا وَرع، و لا في صَدقة إلّا بنيّة، و لا في حياة إلّا بصحةٍ و أمن.

و سئل: ما المروءة؟ قال: كتمان السِّرِّ، و البعدُ من الشّرِّ.

و كان للَاحنف دور كبير في صفّين و قد نصر الامام علي- عليه السّلام بسيفه و قومه و لسانه، يقف عليه مَنْ قرأ كتاب «وقعة صفين» لابن مزاحم.

توفّي- سنة سبع و ستين، و مشي مصعب بن الزبير في جنازته و قال يوم موته: ذهب اليوم الحزم و الرأي.

94 إسحاق بن عبد اللّه «1»

(..- 132، 134 ه) ابن أبي طلحة زيد بن سهل، الفقيه أبو يحيي، و قيل: أبو نجيح الانصاري

______________________________

(1) التأريخ الكبير 1- 393، الجرح و التعديل 2- 226، الثقات لابن حبّان 3- 7، مشاهير علماء الامصار 111 الرقم 456، رجال الطوسي 83 برقم 12 و 107 برقم 43، الكامل في التأريخ 5- 445، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 116، تهذيب الكمال 2- 444، تاريخ الإسلام للذهبي سنة 133 ص 372، سير أعلام النبلاء 6- 33، الوافي بالوفيات 8- 416، تهذيب التهذيب 1- 239، تقريب التهذيب 1- 59، مجمع الرجال 1- 187، شذرات الذهب 1- 189، جامع الرواة 1- 82، تنقيح المقال 1- 114، أعيان الشيعة 3- 271، الجامع في الرجال 1- 221، معجم رجال الحديث 3- 50.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 285

الخزرجي النجّاريّ، المدنيّ.

سمع من: عمّه أنس بن مالك، و أبي مرة مولي عقيل، و الطفيل بن أُبيّ بن كعب، و سعيد بن يسار، و جماعة.

و عنه: عكرمة بن عمّار، و همام بن يحيي، و مالك، و ابن عُيينة، و جماعة.

و كان مالك يُثني

عليه، لا يقدّم عليه في الحديث أحداً.

عُدّ من أصحاب علي بن الحسين و ولده محمد الباقر (عليهما السلام).

مات- سنة اثنتين و ثلاثين، و قيل: - سنة أربع و ثلاثين و مائة، عن نحو من ثمانين سنة.

95 أسعد بن سهل «1»

(قبل 10- 100 ه) ابن حنيف، الفقيه المعمَّر أبو أُمامة الانصاري الاوسي.

قيل: إنّه ولد في حياة النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و رآه، و انّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- هو الذي سمّاه باسم جدِّه لُامّه أسعد بن زرارة، و كنّاه بكنيته، و لذلك ذكره

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 5- 82، التأريخ الكبير 2- 63، المعارف 175، المعرفة و التاريخ 1- 376، الكني و الأَسماء للدولابي 14، مشاهير علماء الامصار ص 52 برقم 139، رجال الطوسي ص 7 برقم 58، الإستيعاب 1- 60 هامش الاصابة، أُسد الغابة 1- 72، مختصر تاريخ دمشق 4- 327، تهذيب الكمال 2- 525، سير أعلام النبلاء 3- 517، العبر 1- 89، تاريخ الإسلام للذهبي سنة (100) ص 510، الوافي بالوفيات 9- 27، البداية و النهاية 9- 198، تهذيب التهذيب 1- 263، تقريب التهذيب 1- 64، الاصابة 4- 9، مجمع الرجال 1- 200، شذرات الذهب 1- 118، جامع الرواة 1- 90، تنقيح المقال 1- 124، أعيان الشيعة 3- 297، معجم الرجال: 3- 84.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 286

بعضهم في الصحابة.

و كان من أكابر الانصار و علمائهم.

حدّث عن: أبيه، و عمر، و عثمان، و زيد بن ثابت، و ابن عباس، و طائفة.

حدّث عنه: الزهري و سعد بن إبراهيم، و أبو حازم الاعرج، و محمد بن المنكدر، و يعقوب بن عبد اللّه بن الاشج، و يحيي بن سعيد الانصاري، و ابناه: محمّد

و سهل؛ و آخرون.

و كان كثير الحديث.

و هو الذي صلّي بالناس حين حُصب عثمان بن عفان بالمسجد، و حيل بينه و بين الصلاة.

توفي- سنة مائة و هو ابن نيف و تسعين سنة.

96 إسماعيل بن عبد الرحمن «1»

(..- قبل 148 ه) ابن أبي سَبْرة يزيد بن مالك الجعفي، الكوفي، لَابيه و جدّه صحبة، و هو أخو خَيْثَمة بن عبد الرحمن، و عمّ بسطام «2» بن الحصين بن عبد الرحمن.

______________________________

(1) رجال البرقي 12، رجال النجاشي، 1- 276 برقم 279) ضمن ترجمة بسطام بن الحصين)، رجال الطوسي 104 برقم 15 و 147 برقم 84، رجال ابن داود 57 برقم 185، رجال العلّامة الحلي 8 برقم 3، نقد الرجال 44 برقم 41، مجمع الرجال 1- 216، جامع الرواة 1- 98، بهجة الآمال 2- 296، تنقيح المقال 1- 137 برقم 835، أعيان الشيعة 3- 380، معجم رجال الحديث 3- 149 برقم 1366 و 201 برقم 1447، قاموس الرجال 2- 46.

(2) قال النجاشي في ترجمته: كان وجهاً في أصحابنا و أبوه و عمومته، و كان أوجههم إسماعيل، و هم بيت بالكوفة من جعفي يقال لهم (بنو أبي سبرة) منهم خيثمة بن عبد الرحمن صاحب عبد اللّه بن مسعود.

رجال النجاشي: 1- 276 برقم 279.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 287

سمع أبا الطفيل عامر بن واثلة، و صحب الامامين محمد الباقر و جعفر الصادق (عليهما السلام) و روي عنهما.

روي عنه: جميل بن درّاج النخعي، و أبان بن عثمان البجلي، و حماد بن عثمان.

و كان أحد وجوه رجال الشيعة، فقيهاً، قليل الحديث.

روي له الشيخ الكليني في «الكافي» و الشيخ الطوسي في «تهذيب الاحكام» و «الإستبصار» في عدة موارد «1» و قد نقل ابن عقدة ترحّم الامام الصادق- عليه السّلام

عليه، و حكي عن ابن نمير أنّه قال: إنّه ثقه.

روي عن محمد بن إسماعيل بن عبد الرحمن الجعفي، قال: دخلت أنا و عمّي الحصين بن عبد الرحمن علي أبي عبد اللّه- عليه السّلام، فسلّم عليه فأدناه، و قال: ابن مَن هذا معك؟ قال: ابن أخي اسماعيل، قال: رحم اللّه إسماعيل و تجاوز عن سيّئ عمله، كيف تخلفوه؟ قال: نحن جميعاً بخير ما بقي لنا مودتكم.

قال: يا حصين لا تستصغرن مودّتنا فإنّها من الباقيات الصالحات.

قال: يا بن رسول اللّه ما أستصغرها و لكن أحمد اللّه عليها.

عن إسماعيل بن عبد الرحمن عن أبي جعفر [الباقر] عليه السّلام في زوج

______________________________

(1) و وقع بعنوان (إسماعيل الجعفي) في اسناد تسع و ثمانين رواية، إلّا انّ هذا مشترك بين المترجم له و بين إسماعيل بن جابر الجعفي، و لكن إذا علم أنّ الراوي عنه لم يدرك الصادق- عليه السّلام-، تعيّن أنّه ليس ابن عبد الرحمن، لَانّ إسماعيل بن عبد الرحمن مات في حياة الامام الصادق (عليه السّلام)، ثمّ إنّ إسماعيل بن جابر أشهر و أعرف و أكثر رواية، فانّه ذو كتاب، و أمّا ابن عبد الرحمن فرواياته قليلة، و لم يُذكر له كتاب، و لهذا فإنّ اسماعيل الجعفي ينصرف إلي إسماعيل بن جابر إذا لم تكن قرينة علي الخلاف.

انظر معجم رجال الحديث 3- 202.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 288

و أبوين، قال: للزوج النصف و للأُم الثلث و ما بقي للَاب «1» توفي إسماعيل في حياة أبي عبد اللّه الصادق- عليه السّلام.

97 إسماعيل بن عبيد اللّه «2»

(61- 131، 132 ه) ا بن أبي المهاجر المخزومي بالولاء، أبو عبد الحميد الدمشقي.

ولد سنة إحدي و ستين.

حدّث عن: السائب بن يزيد، و أنس، و أم الدرداء و جماعة.

روي عنه:

الاوزاعي، و سعيد بن عبد العزيز.

عُدّ من الفقهاء.

و كان مؤدب أولاد عبد الملك بن مروان، و ولاه عمر بن عبد العزيز إمرة المغرب، فأقام بها سنة، و يقال أنّ عامّة البربر أسلم في ولايته.

و كان يقول لبنيه: يا بَنيّ أكرموا من أكرمكم و إن كان عبداً حبشياً، و أهينوا مَن أهانكم و إن كان رجلًا قُرشياً.

توفي- سنة احدي و ثلاثين و مائة.

و قيل: - اثنتين و ثلاثين.

______________________________

(1) الكافي: ج 7، كتاب المواريث، باب ميراث الابوين مع الزوج و الزوجة، الحديث 2.

(2) الطبقات الكبري لابن سعد 5- 341، التأريخ الكبير للبخاري 1- 366 برقم 1158، الجرح و التعديل 2- 182 برقم 621، مشاهير علماء الامصار 284 برقم 1418، الثقات لابن حبان 6- 40، حلية الاولياء 6- 85 برقم 340، الاحكام في أُصول الاحكام 2- 95، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 229 برقم 380، مختصر تاريخ دمشق 4- 358 برقم 376، تاريخ الإسلام للذهبي (حوادث 121 140 ه (374، العبر 1- 132، سير أعلام النبلاء 5- 213 برقم 84، الوافي بالوفيات 9- 154 برقم 4062، البداية و النهاية 9- 166، تهذيب التهذيب 1- 317 برقم 576، تقريب التهذيب 1- 72 برقم 534، شذرات الذهب 1- 181.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 289

98 إسماعيل بن محمّد «1»

(..- 134 ه) ابن سعد بن أبي وقاص، أبو محمّد الزُّهري، المدني.

عدّ من صغار التابعين.

حدّث عن: أبيه، و عمَّيه: عامر و مصعب، و أنس بن مالك، و طائفة.

حدّث عنه: صالح بن كيسان، و مالك، و سفيان بن عُيينة، و جماعة.

عدّه يعقوب بن شيبة من فقهاء المدينة.

توفي- سنة أربع و ثلاثين و مائة.

99 الاسود بن يزيد «2» (.. 75 ه)

ابن قيس النخعي الكوفي، كنيته: أبو عمرو، و قيل: أبو عبد الرحمن.

______________________________

(1) التأريخ الكبير 1- 371، المعرفة و التاريخ 1- 369، الجرح و التعديل 2- 194، تهذيب الكمال 3- 189، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 134) ص 346 و 377، سير أعلام النبلاء 6- 128، تهذيب التهذيب 1- 329، تقريب التهذيب 1- 73.

(2) التأريخ الكبير 1- 449، المعرفة و التاريخ 2- 559، الكني و الأَسماء للدولابي 43، الجرح و التعديل 2- 291، مشاهير علماء الامصار 161 برقم 742، الثقات لابن حبّان 4- 31، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 187 برقم 287، رجال الطوسي ص 35 برقم 16، الإستيعاب 1- 75) هامش الاصابة)، طبقات الفقهاء للشيرازي 79، أسد الغابة 1- 88، اللباب 3- 304، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 122، تهذيب الكمال 3- 233، سير أعلام النبلاء 4- 50، العبر 1- 63، تاريخ الإسلام للذهبي سنة 75، ص 359، تذكرة الحفّاظ 1- 50، دول الإسلام 1- 36، الوافي بالوفيات 9- 256، مرآة الجنان 1- 156، البداية و النهاية 9- 13، تهذيب التهذيب 1- 343، تقريب التهذيب 1- 77، الاصابة 1- 114، طبقات الحفّاظ 22، مجمع الرجال 1- 229، تنقيح المقال 1- 147، أعيان الشيعة 3- 443، الجامع في الرجال 1- 275.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 290

كان هو و عدّة من أهل بيته من رءوس

العلم، و كان الاسود مخضرماً أدرك الجاهلية و الإسلام، و كان صوّاماً قوّاماً فقيهاً.

حدّث عن: معاذ بن جبل، و بلال، و ابن مسعود، و عائشة، و حذيفة بن اليمان، و طائفة سواهم.

حدّث عنه: ابنه عبد الرحمن و أخوه عبد الرحمن، و ابن اخته إبراهيم النخعي، و أبو إسحاق السبيعي، و الشعبي، و آخرون.

و قد ورد انّه كان يصلي في اليوم و الليلة سبعمائة ركعة، و كان يصوم في الحر الشديد.

وثّقه أحمد و العجلي و ابن حبّان.

ذكر أنّه من أصحاب علي- عليه السّلام و عدّه ابن أبي الحديد في شرحه من المنحرفين عنه- عليه السّلام-.

عن سلمة بن كهيل، قال: دخلت أنا و زُبيد اليامي علي امرأة مسروق بعد موته فحدثتنا، قالت: كان مسروق و الاسود بن يزيد يفرطان في سب علي بن أبي طالب، ثمّ ما مات مسروق حتي سمعته يصلّي عليه، و أمّا الاسود فمضي لشأنه.

فسألناها لمَ ذلك؟ قالت: شي ء سمعه من عائشة ترويه عن النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فيمن أصاب الخوارج.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 291

قيل: و ما يفيده صوم الدهر و محافظته علي الصلاة في وقتها.. و هو يُكثر الوقيعة في أخي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و يُفرط في سبّه، و يموت مُصرّاً علي ذلك غير تائب منه، و إنّما يتقبّل اللّه من المتقين، و مسبّة عليّ مسبّة رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و لا يُبغضه إلّا منافق بنص الرسول- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، كما لا ينفع الخوارج كثرة صومهم و صلاتهم و اسوداد جباههم من السجود..

أقول: هذا إذا صحّت الرواية عن سبّ الاسود لعليّ- عليه السّلام.

نُقل

في وفاته أقوال، أرجحها- سنة خمس و سبعين.

له في «الخلاف» خمس فتاوي.

100 الاصبغ بن نُباتة «1»

(..- بعد 101 ه) ابن الحارث بن عمرو التميميّ، الحنظلي، الدارميّ، المجاشعي، أبو القاسم

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 225، التأريخ الكبير 2- 35 برقم 1495، رجال البرقي 5، المعارف 341، الجرح و التعديل 2- 319 برقم 1213، اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي (103 برقم 164 و 165، رجال النجاشي 1- 69 برقم 4، رجال الطوسي 34 برقم 2، الفهرست للطوسي 62 برقم 119، معالم العلماء 27 برقم 138، الرجال لابن داود الحلي 52 برقم 204، رجال العلامة الحلي 24 برقم 9، تهذيب الكمال 3- 308 برقم 537، ميزان الاعتدال 1- 271 برقم 1014، تاريخ الإسلام 28 برقم 11) حوادث 101 120)، تهذيب التهذيب 1- 362 برقم 658، تقريب التهذيب 1- 81 برقم 613، مجمع الرجال 1 233- 231، جامع الرواة 1- 106، رجال السيد بحر العلوم 1- 266، تنقيح المقال 1- 150 برقم 1008، أعيان الشيعة 3 466- 464، معجم رجال الحديث 3- 219 برقم 1509.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 292

الكوفي.

كان من كبار التابعين، و له روايات كثيرة في الفقه و التفسير و الحكم، أكثرها عن الامام علي- عليه السّلام حديث وقع في اسناد اثنتين و ستين رواية «1» في الكتب الأَربعة عدا ما روي في غيرها، كما روي عنه عهده إلي مالك الأَشتر لما ولّاه مصر، و وصيته- عليه السّلام- إلي ابنه محمد المعروف بابن الحنفية «2» روي عن الاصبغ: سعد بن طريف، و أبو حمزة الثمالي، و أبو الصباح الكناني، و خالد النوفلي، و أبو مريم، و عبد اللّه بن جرير العبدي، و علي بن الحزوّر الغنوي، و الحارث بن

المغيرة، و عبد الحميد الطائي، و غيرهم.

و روي عنه كما في تهذيب التهذيب: سعد بن طريف، و الاجلح، و ثابت، و فِطر بن خليفة، و محمد بن السائب الكلبي، و غيرهم، و روي له ابن ماجة حديثاً واحداً.

و كان شيخاً ناسكاً عابداً، من خواص أصحاب أمير المؤمنين علي- عليه السّلام و عمّر بعده، و قد شهد معه وقعة الجمل و صفين، و كان علي شرطة الخميس، و كان شاعراً و له كتاب مقتل الحسين.

______________________________

(1) وقع بعنوان (الاصبغ بن نباتة) في اسناد ست و خمسين رواية، و بعنوان (الاصبغ) في اسناد خمس روايات، و بعنوان (أصبغ بن نباتة الحنظلي) في اسناد رواية واحدة، روي في جميع ذلك عن أمير المؤمنين- عليه السّلام- إلّا في موردين روي فيهما عن أمير المؤمنين و الحسن بن علي (عليهما السلام).

علماً انّه روي هو أو حبة العرني عن أمير المؤمنين كما في «تهذيب الاحكام» للشيخ الطوسي.

انظر «معجم رجال الحديث «: 3، 219، 223- 218.

(2) قال السيد محسن العاملي: و للأَصبغ كتاب عجائب أحكام أمير المؤمنين، رواية محمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه علي بن إبراهيم عن أبيه إبراهيم بن هاشم عن محمد بن الوليد عن محمّد ابن الفرات عن أصبغ بن نباتة، عندنا نسخة منه كتبت في أوائل المائة الخامسة.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 293

قال نصر بن مزاحم: و كان من ذخائر علي- عليه السّلام ممّن قد بايعه علي الموت، و كان من فرسان أهل العراق، و كان علي يضنّ به علي الحرب و القتال.

وثّقه العجلي.

و قال ابن معين، و النسائي: ليس بثقة.

و قيل: إنّ القدح فيه ليس إلّا لشدة تشيّعه بدليل قول ابن حبّان: «فُتن بحبّ علي،

فأتي بالطامات فاستحق الترك» فدلّ علي أنّ تركه و ترك حديثه ليس إلّا لشدة حبّه علياً و روايته فضائله العجيبة.. [و إنّ الطامة الكبري ترك الرواية عن المتفاني في حبّ الامام علي الذي فرضه سبحانه في كتابه علي المسلمين عامّة]، فالصواب ما قاله العجلي من انّه ثقة، و أشار إليه ابن عديّ بقوله: لا بأس بروايته، و جعل الإنكار من جهة من روي عنه، و لا يُلتفت إلي قدْح من قَدَحَ فيه لَانّ الجرح إنّما يُقدّم علي التعديل إذا لم يكن الجرح مستنداً إلي سبب عُلم فساده.

روي عن علي بن الحزوّر عن الاصبغ بن نباتة، عن أبي أيوب، عن النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- انّه أمرنا بقتال الناكثين و القاسطين و المارقين.

قلت: يا رسول اللّه! مع مَن؟ قال: مع علي بن أبي طالب «1» لم نظفر بتاريخ وفاة الاصبغ، إلّا أنّ الذهبي ذكره في «تاريخه» في وفيات سنة (- 101- 120 ه).

______________________________

(1) روي الخطيب في «تاريخ بغداد «8- 340 بسنده عن خليد العَصَري قال: سمعت أمير المؤمنين علياً يقول يوم النهروان: أمرني رسول اللّه ص بقتال الناكثين، و المارقين، و القاسطين.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 294

101 إياس بن معاوية «1»

(46- 122، 121 ه) ابن قُرّة بن إياس المُزَني، أبو واثلة البصري، قاضيها.

روي عن: أبيه، و أنس بن مالك، و سعيد بن جبير، و آخرين.

روي عنه: خالد الحذّاء، و شعبة، و حماد بن سَلمة، و معاوية بن عبد الكريم الضائع، و غيرهم.

و كان فقيهاً، بليغاً، عجيب الفراسة، و به يُضرب المثل في الذكاء و الفطنة، و أخباره في ذلك كثيرة.

ولّاه عمر بن عبد العزيز قضاء البصرة.

رُوي عنه أنّه قضي بشهادة رجل واحد، و يمين الطالب، و

انّه قضي لذمي بشفعة، و انّه كان لا يجيز شهادة الغلمان.

و عنه أيضاً: إذا قيل للمضارب: لا تذهب إلي واسط، فذهب، فهو ضامن،

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 7- 234، التأريخ الكبير 1- 442، المعارف 264، المعرفة و التاريخ 1- 311، الجرح و التعديل 2- 282، مشاهير علماء الامصار 241 برقم 1204، الثقات لابن حبّان 6- 64، حلية الاولياء 3- 123، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 174 برقم 255، الخلاف للطوسي 2- 262 طبع إسماعيليان، المنتظم 7- 220، وفيات الاعيان 1- 247، تهذيب الكمال 3- 407، سير أعلام النبلاء 5- 155، ميزان الاعتدال 1- 283، العبر 1- 119، دول الإسلام 1- 59، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 121) ص 41، الوافي بالوفيات 9- 465، البداية و النهاية 9- 347، النجوم الزاهرة 1- 288، تهذيب التهذيب 1- 390، تقريب التهذيب 1- 87، مجمع الرجال 1- 244، شذرات الذهب 1- 160، تنقيح المقال 1- 158، الأعلام 2- 23، معجم رجال الحديث 3- 249.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 295

و الربح بينهما علي ما اشتُرط.

و إذا قيل له: اشترِ بُرّاً، فاشتري شعيراً، فهو ضامن، و الربح بينهما علي ما اشتُرط.

و من كلام إياس: كلُّ ما بُني علي غير أساس فهو هباء، و كل ديانة أُسست علي غير ورع فهي هباء.

و قال: امتحنتُ خصال الرجال، فوجدتُ أشرفها صدقَ اللسان، و مَن عُدم فضيلة الصدق، فقد فُجع بأكرم أخلاقه.

و قال: لا تنظر إلي ما يصنع العالم، فإنّ العالم قد يصنع الشي ء يكرهه، و لكن سَلْهُ حتي يخبرك بالحق.

توفي إياس- سنة اثنتين و عشرين و مائة، و قيل: - احدي و عشرين.

و عمره ست و سبعون سنة.

و للمدائني كتاب سمّاه «زكن إياس ««1»،

كما ألف عبد العزيز بن يحيي الجَلُودي «2» كتاباً في أخبار إياس.

102 بُرد بن سنان

«3» (..- 135 ه) الفقيه أبو العلاء الدمشقي، نزيل البصرة، من كبار العلماء، هرب من مروان

______________________________

(1) يقال: أذكي من إياس، و أزكن من إياس.

و الزكن: التفرُّس في الشي ء بالظن الصائب.

(2) عبد العزيز بن أحمد بن عيسي، أبو أحمد الجلودي الازدي البصري: مؤرخ أديب، كان شيخ الامامية بالبصرة، له كتب كثيرة أورد النجاشي أسماءها، تقارب المائتين.

توفي سنة (332 ه). الاعلام للزركلي: 4- 29.

(3) التأريخ الكبير 2- 134، الجرح و التعديل 2- 422، المعرفة و التاريخ 2- 339، مشاهير علماء الامصار ص 245 برقم 1228، تهذيب الكمال 4- 43، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 135) ص 386، سير أعلام النبلاء 6- 151، العبر 1- 140، ميزان الاعتدال 1- 302، الوافي بالوفيات 10- 111، مرآة الجنان 1- 281، تهذيب التهذيب 1- 428، تقريب التهذيب 1- 95، لسان الميزان 2- 6، شذرات الذهب 1- 192.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 296

الحمار إلي البصرة.

حدّث عن: واثلة بن الأسقع الصحابي، و عطاء بن أبي رباح، و عُبادة بن نُسيّ، و عمرو بن شعيب، و مكحول.

حدّث عنه: السفيانان، و الحمادان، و يزيد بن زُريع، و ابن عُليّة، و علي بن عاصم، و آخرون.

توفي في- سنة خمس و ثلاثين و مائة.

103 بُسر بن سعيد «1»

(22- 100 ه) المدني، مولي الحضرميّين.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 5- 281، التأريخ الكبير 2- 123 برقم 1914، المعرفة و التاريخ 1- 422، الجرح و التعديل 2- 523 برقم 1680، الثقات لابن حبّان 4- 78، مشاهير علماء الامصار 125 برقم 545، الكامل في التأريخ 5- 55، تهذيب الكمال 4- 72، سير أعلام النبلاء 4- 594، تاريخ الإسلام (سنة 81 100) ص 302، العبر 1- 89، دول الإسلام 1- 48، تهذيب التهذيب 1- 437، تقريب

التهذيب 1- 97، مرآة الجنان 1- 208، البداية و النهاية 9- 98.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 297

حدّث عن: سعد بن أبي وقاص، و أبي سعيد الخدري، و زيد بن ثابت، و طائفة.

حدّث عنه: بُكير و يعقوب ابنا عبد اللّه بن الاشجّ، و أبو سلمة بن عبد الرحمن، و آخرون.

و كان فقيهاً زاهداً كثير الحديث.

توفي بالمدينة- سنة مائة، و هو ابن ثمان و سبعين.

104 بُشير بن يسار «1»

(..- بضع و مائة) مولي بني حارثة، و كنيته فيما قيل أبو كيسان المدني.

روي عن: سويد بن النعمان، و أنس بن مالك، و مُحيّصة بن مسعود، و سهل بن أبي حثمة، و جابر، و أنس، و رافع بن خديج، و آخرين.

روي عنه: يحيي بن سعيد، و ربيعة الرأي، و الوليد بن كثير، و ابن إسحاق، و آخرون.

______________________________

(1) الطبقات لابن سعد 5- 303، التأريخ الكبير 2- 132، المعرفة و التاريخ 2- 772، الجرح و التعديل 2- 394، أسماء التابعين (للدارقطني (1- 432، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 134، تهذيب الكمال 4- 187، سير أعلام النبلاء 4- 591، العبر 1- 92، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 101 120) ص 32، تهذيب التهذيب 1- 472، تقريب التهذيب 1- 104.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 298

قال ابن سعد: كان شيخاً كبيراً فقيهاً و كان قد أدرك عامّة أصحاب رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-.

توفي- سنة بضع و مائة.

105 بُكير بن عبد اللّه بن الأشج «1»

(..- 127، 122 ه) أبو عبد اللّه، و يقال: أبو يوسف، القرشي، المدني، ثم المصري، و هو والد المحدّث مخرمة بن بُكير و أخو يعقوب و عمر.

و هو معدود في صغار التابعين لَانّه روي عن: السائب بن يزيد الصحابي، و أبي امامة بن سهل، و روي عن: سليمان بن يسار، و محمود بن لبيد، و كريب و آخرين.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 9- 212، التأريخ الكبير 2- 113، الكني و الأَسماء للدولابي 96، الجرح و التعديل 2- 403، مشاهير علماء الامصار 299 برقم 1507، الثقات لابن حبّان 6- 105، الاحكام في أُصول الاحكام 2- 95، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 166 برقم 238، رجال الطوسي ص 84 برقم 3،

طبقات الفقهاء للشيرازي ص 78، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 135، تهذيب الكمال 4- 242، سير أعلام النبلاء 6- 170، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 127) ص 48، الوافي بالوفيات 10- 272، تهذيب التهذيب 1- 491، تقريب التهذيب 1- 108، مجمع الرجال 1- 280، شذرات الذهب 1- 160، جامع الرواة 1- 130، تنقيح المقال 1- 182، أعيان الشيعة 3- 600، الجامع في الرجال 1- 328، معجم رجال الحديث 3- 363.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 299

روي عنه: يزيد بن أبي حبيب، و أيوب بن موسي، و ابن عجلان، و ابن إسحاق، و ابنه مخرمة، و آخرون.

قال ابن وهب: ما ذكر مالك بُكيراً إلّا قال: كان من العلماء.

عُدّ من أصحاب الامام علي بن الحسين (عليهما السلام).

و عدّه ابن حزم من الفقهاء.

مات- سنة سبع و عشرين و مائة، و قيل: اثنتين و عشرين.

106 بلال بن أبي بردة «1»

(..- 125 ه) ابن أبي موسي عبد اللّه بن قيس بن حضّار الاشعري، أبو عمرو، و يقال أبو عبد اللّه، أمير البصرة و قاضيها.

روي عن: أنس، و أبيه أبي بردة، و عمّه أبي بكر.

روي عنه: قتادة، و ثابت البناني، و معاوية بن عبد الكريم الضال، و آخرون.

______________________________

(1) التأريخ الكبير 2- 28، المعارف 325، المعرفة و التاريخ 2- 63، الجرح و التعديل 2- 397، مشاهير علماء الامصار ص 242 برقم 1207، الثقات لابن حبّان 6- 91، الاحكام في أُصول الاحكام 2- 92، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 175 برقم 259، مختصر تاريخ ابن عساكر 5- 270، تهذيب الكمال 4- 266، سير أعلام النبلاء 5- 6، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 121 140) ص 49، الوافي بالوفيات 10- 278، تهذيب التهذيب 1- 500، تقريب التهذيب 1- 109.

موسوعة طبقات

الفقهاء، ج 1، ص: 300

وفد علي عمر بن عبد العزيز و هنّأه لما ولي الامر، ثمّ لزم المسجد يصلّي و يقرأ ليله و نهاره، فهمّ عمر أن يولّيه العراق فدسّ إليه ثقة له، فقال له: إن عملتُ لك في ولاية العراق ما تعطيني؟ فضمن له بلال مالًا جزيلًا، فأخبر بذلك عمر، فنفاه و كتب إلي عامله علي الكوفة: إنّ بلالًا غرّنا باللّه فكدنا أن نغتر به، ثمّ سبكناه فوجدناه خبثاً كلّه.

ثمّ ولّاه خالد القسري القضاء سنة (109 ه) فأظهر الجور.

قال أبو العباس المبرّد: أوّل من أظهر الجور من القضاة في الحكم بلال و كان يقول: إنّ الرجلين ليختصمان إليّ فأجد أحدهما أخف علي قلبي فأقضي له.

و لما ولي يوسف بن عمر العراق أخذ بلالًا و عذّبه حتي مات- سنة (125 ه).

عدّه ابن حزم من الفقهاء.

وثّقه ابن حبّان!!، و ذكره أبو العرب الصقلي في كتاب الضعفاء.

و حكي عن مالك بن دينار انّه قال لما ولي بلال القضاء: يا لك أمة هلكت ضياعا.

و كان خالد بن صفوان التميمي المشهور بالبلاغة بعد ما كُفّ بصره إذا مرّ به موكب بلال يقول: من هذا؟ فيقال: الامير، فيقول: سحابة صيف عن قليل تقشّع، فقيل ذلك لبلال فقال: «لا تقشّعُ و اللّه حتّي تصيبك منها بشوَبوب» و أمر به فضُرب مائتي سوط.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 301

107 ثابت بن أسلم «1»

(..- 127 ه) أبو محمد البُناني، و بُنانة هم بنو سعد بن لؤي بن غالب.

حدّث عن: عبد اللّه بن عمر، و عبد اللّه بن مُغفّل المزني، و عبد اللّه بن الزبير، و أبي برزة الاسلمي، و عمر بن أبي سلمة المخزومي، و أنس بن مالك، و مُطرِّف بن عبد اللّه، و آخرين.

حدّث عنه: عطاء بن

أبي رَباح مع تقدمه، و قتادة، و ابن جُدعان، و يونس ابن عُبيد، و آخرون.

روي عن أنس أنّه قال: إنّ لكل شي ء مفتاحاً و إنّ ثابتاً من مفاتيح الخير.

عُدّ من أصحاب الامام السجاد- عليه السّلام.

______________________________

(1) الطبقات لابن سعد 7- 232، التأريخ الكبير 2- 159، المعرفة و التاريخ 2- 98، الجرح و التعديل 2- 449، مشاهير علماء الامصار ص 145 برقم 650، الثقات لابن حبّان 4- 89، حلية الاولياء 3- 180، رجال الطوسي ص 85 برقم 4، اكمال ابن مأكولا 1- 439، رجال ابن داود ص 59 برقم 275، تهذيب الكمال 4- 342، العبر 1- 120، سير أعلام النبلاء 5- 220، تذكرة الحفّاظ 1- 125، ميزان الاعتدال 1- 362، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 127) ص 54، دول الإسلام 1- 58، النجوم الزاهرة 1- 362، تهذيب التهذيب 2- 2، تقريب التهذيب 1- 115، طبقات الحفّاظ ص 56 برقم 108، مجمع الرجال للقهبائي 1- 295، شذرات الذهب 1- 161، جامع الرواة 1- 134، تنقيح المقال 1- 188، أعيان الشيعة 4- 6، الجامع في الرجال 1- 339، معجم رجال الحديث 3- 384.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 302

روي عبد الرزاق بن همّام بسنده عن ثابت قال: صلّيتُ مع أنس بن مالك فأقامني عن يمينه، و قامت جميلة أُمّ ولده خلفنا «1» رُوي عن ثابت أنّه قال: الصلاة خدمة اللّه في الارض، لو علم اللّه عزّ و جلّ شيئاً أفضل من الصلاة لما قال: " فَنٰادَتْهُ الْمَلٰائِكَةُ وَ هُوَ قٰائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرٰابِ" «2».

و قال: ما علي أحدكم أن يذكر اللّه كل يوم ساعة فيريح يومه.

توفي بالبصرة- سنة سبع و عشرين و مائة، و قيل سنة ثلاث و عشرين.

108 أبو حمزة الثُّمالي «3»

(..- 150

ه) ثابت بن أبي صفية دينار، أبو حمزة الثمالي الازدي بالولاء، الكوفي.

استشهد ثلاثة من أولاده مع الثائر العظيم زيد بن علي بن الحسين، و هم: نوح، و منصور، و حمزة.

______________________________

(1) المصنف: 2- 407 برقم 3871.

(2) آل عمران: 39.

(3) التأريخ الكبير 2- 165 برقم 2073، الجرح و التعديل 2- 450، فهرست ابن النديم 56، رجال النجاشي 1- 134، فهرست الطوسي 41 برقم 127، رجال ابن داود 77 برقم 273، الرجال للعلّامة الحلي 29 برقم 5، تهذيب الكمال 4- 357 برقم 819، ميزان الاعتدال 1- 363، تاريخ الإسلام (حوادث 141 160 ه (84، تهذيب التهذيب 2- 7، تقريب التهذيب 1- 116، نقد الرجال 62، مجمع الرجال 1- 289، كشف الظنون 1- 444، جامع الرواة 1- 134، بهجة الآمال 2- 458، تنقيح المقال 1- 189 برقم 1494، أعيان الشيعة 4- 9، تأسيس الشيعة 327، الذريعة إلي تصانيف الشيعة 4- 252، الاعلام للزركلي 2- 97، معجم رجال الحديث الترجمة 1953، 14190، 14192، 15234، قاموس الرجال 2- 270.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 303

روي أبو حمزة عن: جابر بن عبد اللّه الانصاري، و شهر بن حوشب، و عبد اللّه بن الحسن، و أبي رزين الاسدي.

روي عنه: أبان بن تغلب، و أبو أيوب الخزاز، و علي بن رئاب، و الحسن بن محبوب، و عاصم بن حُميد الحناط، و أبان بن عثمان، و ابن مُسكان، و أسد بن أبي العلاء، و حكم الحناط، و داود الرقّي، و سيف بن عميرة، و عائذ الاحمسي، و عبد اللّه ابن سنان، و شعيب العقرقوفي، و صفوان الجمال، و عيسي بن بشير، و محمد بن مسلم، و معاوية بن عمار، و مالك بن عطية الاحمسي، و هشام

بن سالم، و محمد بن الفضيل، و جميل بن درّاج، و عبد اللّه بن أبي يعفور، و طائفة «1» و كان من كبار علماء عصره في الفقه و الحديث و علوم اللغة و غيرها.

أخذ العلم عن الأَئمّة الأَربعة: زين العابدين و الباقر و الصادق و الكاظم (عليهم السلام) و روي عنهم، و كان منقطعاً إليهم مقرباً عندهم.

روي عن الامام الصادق- عليه السّلام أنّه قال: أبو حمزة في زمانه مثل سلمان في زمانه.

و هو من خيار رجال الشيعة و ثقاتهم و معتمديهم في الرواية و الحديث، و قد وقع في اسناد كثير من الروايات عن أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) تبلغ ثلاثمائة و واحداً و ستين مورداً «2»

______________________________

(1) و روي أبو حمزة كما في تهذيب الكمال عن: أنس، و الشعبي، و أبي إسحاق، و زاذان أبي عمر، و سالم ابن أبي الجعد، و أبي جعفر الباقر، و غيرهم.

و عنه: الثوري، و شريك، و حفص بن غياث، و أبو أُسامة، و عبد الملك بن أبي سليمان، و أبو نعيم، و وكيع، و عبيد اللّه بن موسي و عدّة.

(2) وقع بعنوان (أبي حمزة الثمالي) في اسناد مائة و سبع روايات، و بعنوان (أبي حمزة) في اسناد مائتين و ثلاث و أربعين رواية، و بعنوان (الثمالي) في اسناد ثماني روايات، و بعنوان (ثابت بن دينار) و (ثابت الثمالي) و (ثابت بن دينار أبي حمزة الثمالي) في اسناد رواية واحدة لكل عنوان.

انظر معجم رجال الحديث.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 304

و روي له أيضاً الترمذي، و النسائي في «مسند علي ««1» وله حديث عند ابن ماجة في كتاب الطهارة «2» و قد ألّف أبو حمزة الثمالي كتباً منها: كتاب «النوادر»

و كتاب «الزهد» و كتاب «تفسير القرآن» الذي نقل عنه الامام الطبرسي في تفسيره «مجمع البيان» و ذكره الثعلبي أيضاً في تفسيره و أخرج الكثير من رواياته.

و روي أبو حمزة «رسالة الحقوق ««3» عن الامام علي بن الحسين زين العابدين- عليه السّلام، و روي عنه أيضاً دعاء السحر الكبير «4» في شهر رمضان المبارك و المعروف بدعاء أبي حمزة الثمالي.

توفي- سنة خمسين و مائة.

______________________________

(1) تهذيب الكمال.

(2) تهذيب التهذيب.

(3) لقد نظر الامام زين العابدين- عليه السّلام- بعمق و شمول للِانسان و درس جميع أبعاد حياته و علاقاته مع خالقه و نفسه و أُسرته و مجتمعه و حكومته و معلمه و غير ذلك، فوضع له هذه الحقوق و الواجبات و جعله مسئولًا عن رعايتها و صيانتها ليتم بذلك إنشاء مجتمع إسلامي تسوده العدالة الاجتماعية و العلاقات الوثيقة بين أبنائه من الثقة و المحبّة.

وقد روي المحدث الصَّدوق هذه الرسالة بسنده عن أبي حمزة في «من لا يحضره الفقيه» و «الخصال» و رواها أيضاً ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني، كما في «فلاح السائل» للسيد علي بن طاوس، و ابن شعبة الحراني في «تحف العقول».

انظر «حياة الامام زين العابدين «2- 259 للقرشي.

(4) امتاز هذا الدعاء بجمال الأسلوب و روعة البيان و بلاغة العرض، و فيه من التذلّل و الخشوع و الخضوع أمام اللّه تعالي ما يوجب صرف النفس عن غرورها و شهواتها.

انظر «حياة الامام زين العابدين- عليه السّلام- «1- 211.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 305

109 جابر بن زيد «1»

(..- 93 ه) الازدي، اليَحْمَديّ، أبو الشعثاء الجوفي البصري.

ولد في عُمان في الفترة ما بين (18 و 22 ه)، ثم رحل إلي البصرة في طلب العلم.

روي عن: ابن عباس، و عُدّ من كبار تلامذته،

و عن ابن عمر، و غيرهما.

روي عنه: عمرو بن دينار، و قتادة، و آخرون.

و كان فقيهاً، مفتياً، و له حلقة بجامع البصرة يفتي فيها فيما قيل.

______________________________

(1) الطبقات لابن سعد 7- 179، التأريخ الكبير 2- 204، المعارف ص 269، المعرفة و التأريخ 2- 12، الكني و الأَسماء للدولابي 5، الجرح و التعديل 2- 494، مشاهير علماء الامصار ص 144 برقم 646، الثقات لابن حبّان 4- 101، ذكر أسماء التابعين و من بعدهم 2- 47، حلية الاولياء 2- 85، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 163 برقم 232، الخلاف للطوسي 2- 283 و 42 و 54 طبع جامعة المدرسين، طبقات الفقهاء للشيرازي 88، المنتظم 7- 84، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 141، الكامل في التأريخ 4- 578، معجم البلدان 2- 187، تهذيب الكمال 4- 434، سير أعلام النبلاء 4- 481، تذكرة الحفّاظ 1- 72، العبر 1- 80، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 93) ص 524، دول الإسلام للذهبي 1- 43، الوافي بالوفيات 11- 32، البداية و النهاية 9- 99، النجوم الزاهرة 1- 252، تهذيب التهذيب 2- 38، تقريب التهذيب 1- 122، السير للشماخي 1- 67، طبقات الحفّاظ ص 35، شذرات الذهب 1- 101، الاعلام 2- 104، فقه الامام جابر بن زيد، الامام جابر بن زيد العماني و آثاره في الدعوة، إزالة الوعثاء عن اتباع أبي الشعثاء، ندوة الفقه الإسلامي 255، بحوث في الملل و النحل 5- 320.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 306

و هو الشخصية الثانية التي تتبنّاها الاباضية زعيماً و مؤسساً لمذهبهم، و وصفه الشماخي (و هو من علماء الاباضية) بأنّه أصل المذهب و أُسه الذي قامت عليه آطامه.

وقد روي عن عزرة الكوفي انّه قال: قلت لجابر بن

زيد إنّ الاباضية يزعمون أنّك منهم، قال: أبرأ إلي اللّه منهم.

قيل: لم يكن جابر بن زيد ممن عُرف عنهم الميل إلي التمرد أو الثورة، و لم يعرف عنه انّه كان ضمن الذين خرجوا علي الامام علي بن أبي طالب أو اعتزلوه أو تمرّدوا عليه.. و لم يسمع أحد شيئاً عنه إلّا بعد انتهاء هذه الاحداث [أي أحداث تمرّد الخوارج بعد التحكيم، و معركة النهروان] لحوالي أربعين عاماً عند ما أتي الحجاج الثقفي إلي العراق والياً عليه من قبل عبد الملك في عام (75 ه).

و قيل: و لم يكن ضمن هؤلاء الذين رفعوا السيف في وجه الدولة.. بل كان يأتلف معها، فقد كان يأخذ عطاءه من الحجاج و يحضر مجلسه و يصلّي خلفه، و عرض عليه الحجاج أن يولّيه القضاء، فرفض.

نقل عنه الشيخ الطوسي في كتاب «الخلاف» أربعين فتوي في مختلف الابواب.

و اشتهر عن جابر انّه لا يُماكس في ثلاث: في كراء إلي مكة، و في عبد يشتري ليعتق، و في شاة التضحية، و كان يقول: لا نماكس في شي ء نتقرب إليه.

توفي- سنة ثلاث و تسعين.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 307

110 جابر الجُعفي «1»

(..- 128، 127 ه) جابر بن يزيد بن الحارث الجعفي، أبو عبد اللّه، و قيل أبو محمد الكوفي، أحد كبار علماء المسلمين، و أحد أوعية العلم.

روي عن: جابر بن عبد اللّه الانصاري، و أبي الطفيل عامر بن واثلة، و عمار الدهني، و سويد بن غَفلة، و طاوس بن كيسان، و جماعة.

روي عنه: الحسن بن صالح بن حيّ، و شعبة بن الحجّاج، و سفيان الثوري، و سفيان بن عُيينة، و شريك، و إبراهيم بن عمر اليماني، و الحسن بن سري، و هشام

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد

6- 345، تاريخ خليفة 302) سنة 127)، الطبقات لخليفة 276 برقم 1221، التأريخ الكبير 2- 210 برقم 2223، رجال البرقي 9، 16، الضعفاء الكبير للعقيلي 1- 191 برقم 240، الجرح و التعديل 2- 497 برقم 2043، اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي (191 بأرقام 335، 336، 338 348، و 373 برقم 699، و 485 برقم 917، الكامل لابن عدي 2- 113 برقم 1- 326، رجال النجاشي 1- 313 برقم 330، فهرست الطوسي 70 برقم 158، رجال الطوسي 111 برقم 6 و 163 برقم 30، معالم العلماء 32، المنتظم لابن الجوزي 7- 267 برقم 691، رجال ابن داود 80 برقم 286، التحرير الطاووسي 68 برقم 78، رجال العلّامة الحلي 35 برقم 2، تهذيب الكمال 4- 465 برقم 879، ميزان الاعتدال 1- 379، تاريخ الإسلام (سنة 128) ص 59، تهذيب التهذيب 2- 46، تقريب التهذيب 1- 123، نقد الرجال 65، مجمع الرجال 2- 7، جامع الرواة 1- 144، إيضاح المكنون 1- 304 و 2- 309، و 319، 348، بهجة الآمال 2- 487، تنقيح المقال 1- 201 برقم 1621، أعيان الشيعة 4- 51 و 1- 141، الذريعة 4- 269، الاعلام للزركلي 2- 105، الامام الصادق و المذاهب الأَربعة 2- 1 447، معجم رجال الحديث 4- 17 برقم 2025، قاموس الرجال 2- 323، معجم المؤلفين 3- 106.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 308

ابن سالم، و عمرو بن شمر، و زكريا بن الحر، و محمد بن فرات خال أبي عمار الصيرفي، و مرازم، و المفضل بن عمر، و العرزمي، و عمر بن أبان، و عبد اللّه بن غالب، و آخرون.

و كان من أجلّة فقهاء الشيعة من أصحاب الامامين: أبي جعفر الباقر و

أبي عبد اللّه الصادق (عليهما السلام)، كثير الرواية، و كان إذا حدّث عن أبي جعفر (عليه السّلام) يقول: كما في ترجمته من ميزان الذهبي: حدثني وصيُّ الاوصياء.

و قد وقع جابر في اسناد جملة من الروايات عن أهل البيت (عليهم السلام) في الكتب الأَربعة «1» و روي له أبو داود و الترمذي و ابن ماجة.

وثقه ابن قولويه و الشيخ المفيد، و ابن الغضائري، و غيرهم.

و قال وكيع: مهما شككتم في شي ء، فلا تشكّوا أنّ جابراً ثقة.

و عن شعبة قال: جابر صدوق في الحديث، و قال: لا تنظروا إلي هؤلاء المجانين الذين يقعون في جابر هل جاءكم بأحد لم يلقه و قال ابن مهدي: سمعت سفيان (الثوري) يقول: ما رأيت أورع في الحديث من جابر الجعفي.

و سئل شريك عن جابر فقال: ما لَهُ! العدل الرضا، و مدّ بها صوته.

و قال عبد الرحمن بن شريك: كان عند أبي عن جابر الجعفي عشرة آلاف مسألة.

و كان لجابر الجعفي منزلة في الكوفة، و انتشر حديثه، و أخذ عنه العلماء، و بعد أن تطور الزمن و ظهرت الآراء، و بدأ في أُفق السياسية عامل التفرقة، تركه جماعة، و قدحوا فيه، إلّا أنّ كلماتهم فيه مشوشة، و أدلّتهم علي تكذيبه واهية لم

______________________________

(1) وقع بعنوان (جابر بن يزيد) في اسناد سبعة عشر مورداً، و بعنوان (جابر بن يزيد الجعفي) و (جابر الجعفي) في اسناد تسعة موارد لكل عنوان، علماً أنّه وقع بعنوان (جابر) في اسناد مائتين و واحد و سبعين مورداً، إلّا أنّ هذا العنوان مشترك بين جماعة و التمييز إنّما هو بالراوي و المروي عنه.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 309

يدعموها بحجة، و ما قدح فيه مَن قدح إلّا لتشيّعه «1» و روايته

فضائل أهل البيت (عليهم السَّلام) «2» و نسبة القول بالرجعة إليه، كما صرّح به ابن عَديّ بقوله: و عامة ما قذفوه أنّه كان يؤمن بالرجعة.

ذُكر أنّ لجابر الجعفي كتاباً في التفسير، و كتاب مقتل الحسين- عليه السّلام، و كتاب الجمل، و كتاب صفين، و كتاب النهروان، و كتاب الفضائل، و كتاب مقتل أمير المؤمنين- عليه السّلام، و كتاب النوادر، و رسالة أبي جعفر- عليه السّلام إلي أهل البصرة.

و فيما يلي نذكر بعض ما جاء في وصية الامام الباقر- عليه السّلام لجابر: قال: و فكّر فيما قيل فيك، فإن عرفت من نفسك ما قيل فيك، فسقوطك من عين اللّه جلّ و عزّ عند غضبك من الحق، أعظم عليك مصيبة ممّا خفت من سقوطك من أعين الناس، و إن كنت علي خلاف ما قيل فيك، فثواب اكتسبته من غير أن يتعب بدنك.

و اعلم بأنّك لا تكون لنا وليّا حتي لو اجتمع عليك أهل مصرك، و قالوا: إنّك رجل سوء لم يحزنك ذلك، و لو قالوا: إنّك رجل صالح لم يسرك ذلك، و لكن أعرض نفسك علي كتاب اللّه، فإن كنتَ سالكاً سبيله زاهداً في تزهيده، راغباً في ترغيبه، خائفاً من تخويفه فاثبت و أبشر، فانّه لا يضرك ما قيل فيك، و إن كنت مبايناً للقرآن فما ذا الذي يغرك من نفسك «3» توفي جابر الجعفي بالكوفة في- سنة ثمان أو سبع و عشرين و مائة.

______________________________

(1) قال الميموني: قلت لخلف: قعد أحد عن جابر؟ فقال: لا أعلمه، كان ابن عيينة من أشدهم قولًا فيه وقد حدّث عنه، و إنّما كانت عنده ثلاثة أحاديث، قلت: صحّ عنه بشي ء انّه كان يؤمن بالرجعة؟ قال: لا، و لكنّه من شيعة عليّ..

انظر هامش «تهذيب الكمال».

(2) نقل الذهبي في «ميزانه» انّ سفيان، قال: سمعت جابراً الجعفي يقول: انتقل العلم الذي كان في النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- إلي عليّ، ثم انتقل من عليّ إلي الحسن، ثم لم يزل حتي بلغ جعفر يعني الصادق- عليه السّلام- و كان في عصره.

(3) ابن شعبة الحرّاني، تحف العقول: ص 291.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 310

111 جُبَيْر بن نُفَير «1»

(..- 75، 80 ه) ابن مالك بن عامر، أبو عبد الرحمن الحضرمي الحمصيّ.

أدرك حياة النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و حدّث عن: أبي بكر فيحتمل أنّه لقيه و عمر، و المقداد، و أبي ذر، و أبي الدرداء، و عبادة بن الصامت، و عائشة، و أبي هريرة، و غيرهم.

روي عنه: ولده عبد الرحمن، و مكحول، و خالد بن معدان، و أبو الزاهريّة حُدير بن كُرَيب، و آخرون.

كان من علماء أهل الشام، و كان هو و كثير بن مرّة من كبار التابعين بحمص، و بدمشق.

عدّ من فقهاء التابعين.

توفي- سنة خمس و سبعين، و قيل: سنة ثمانين.

______________________________

(1) الطبقات لابن سعد 7- 440، التأريخ الكبير 2- 223، المعرفة و التاريخ 2- 307، الجرح و التعديل 2- 512، مشاهير علماء الامصار ص 181 برقم 854، حلية الاولياء 5- 133، الاحكام في أُصول الاحكام 2- 94، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 225 برقم 370، الإستيعاب 1- 234) ذيل الاصابة).

أسد الغابة 1- 272، الكامل في التأريخ 4- 456، سير أعلام النبلاء 4- 76، تذكرة الحفاظ 1- 52، العبر 1- 67، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 80) ص 381، دول الإسلام للذهبي 1- 38، الوافي بالوفيات 11- 59، مرآة الجنان 1- 162، البداية و النهاية 9- 35، النجوم

الزاهرة 1- 200، تهذيب التهذيب 2- 64، تقريب التهذيب 1- 126، الاصابة 1- 260 برقم 1274، طبقات الحفاظ ص 23 برقم 32، شذرات الذهب 1- 88، جامع الرواة 1- 147، تنقيح المقال 1- 208، الجامع في الرجال 1- 358.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 311

112 جَعْدَة بن هُبَيْرة «1»

(قبل 8 ه- قبل 60 ه) ابن أبي وهب بن عمرو القرشي المخزومي، ابن أُخت أمير المؤمنين علي- عليه السّلام، و أُمّه أُمّ هانيَ بنت أبي طالب.

ولد في عهد النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، و له رؤية، و اختُلف في صحبته، و قال الاكثر: ليست له صحبة.

قال ابن حجر: أما كونه له رؤية فحق، لَانّه وُلد علي عهد النبيّ- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، و هو ابن بنت عمّه و خصوصية أُمّ هانيَ بالنبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم شهيرة.

وقد سكن جعدة بن هبيرة الكوفة، و نزل عليه الامام علي- عليه السّلام لما دخل الكوفة بعد وقعة الجمل.

روي عن: خاله علي- عليه السّلام.

______________________________

(1) التأريخ الكبير للبخاري 2- 239 برقم 2315، الجرح و التعديل 2- 526 برقم 2187، الثقات لابن حبّان 4- 115، المعجم الكبير للطبراني 2- 284 برقم 220، الإستيعاب لابن عبد البر 1- 240 برقم 324، رجال الطوسي 14، 37، الإستيعاب (ذيل الاصابة) 1- 242، أُسد الغابة 1- 285، تهذيب الكمال 4- 563 برقم 929، تهذيب التهذيب 2- 81، تقريب التهذيب 1- 129 برقم 67، الاصابة 1- 258 برقم 1265) القسم الثاني)، جامع الرواة 1- 148، تنقيح المقال 1- 211، أعيان الشيعة 4- 77، معجم رجال الحديث 4- 43 برقم 2097، قاموس الرجال 2- 362.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 312

روي عنه: أبو فاختة

سعيد بن علاقة، و مجاهد بن جبر، و أبو الضحي مسلم ابن صُبيح.

و كان فقيهاً «1» خطيباً، ذا لسان و عارضة قوية.

وثقه العجلي، و ذكره ابن حبّان في «الثقات».

قال أبو عمر بن عبد البر: ولّاه خاله علي بن أبي طالب علي خراسان، قالوا: كان فقيهاً.

و كان جعدة فارساً شجاعاً، شديداً، ذا بأس.

وقد شهد وقعة صفين مع الامام علي- عليه السّلام.

روي نصر بن مزاحم محاورة جرت بين جعدة و عتبة بن أبي سفيان في أحد أيام صفّين.

قال له عتبة: و اللّه ما أخرجك علينا إلّا حبّ خالك، و عمّك ابن أبي سلمة عامل البحرين، و إنّا و اللّه ما نزعم أنّ معاوية أحق بالخلافة من عليّ، لو لا أمره في عثمان و لكن معاوية أحق بالشام لرضا أهلها به، فاعفوا لنا عنها، فو اللّه ما بالشام رجلٌ به طرق، إلّا و هو أجدّ من معاوية في القتال، و ليس بالعراق رجل له مثل جدّ عليّ في الحرب.. فقال جعدة: أمّا حبي لخالي، فلو كان لك خال مثله لنسيتَ أباك.. و أمّا فضل عليّ علي معاوية فهذا ما لا يختلف فيه اثنان.

و أمّا رضاكم اليوم بالشام، فقد رضيتم بها أمس فلم نقبل، و أمّا قولك: ليس بالشام أحد إلّا و هو أجدّ من معاوية، و ليس بالعراق رجل مثل جدّ عليّ، فهكذا ينبغي أن يكون، مضي بعليّ يقينه، و قصّر بمعاوية شكه، و قصد أهل الحقّ خيرٌ من جهد أهل الباطل.. فغضب عُتبة و فحش علي جعدة، فلم يجبه و أعرض عنه.. ثم ذكر

______________________________

(1) قال ابن أبي الحديد: و كان فارساً، شجاعاً، فقيهاً.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 313

ابن مزاحم تقاتل الفريقين و مباشرة جعدة القتال بنفسه و

هَرب عتبة إلي معاوية «1» قال الزبير بن بكار: و جعدة بن هبيرة، هو الذي يقول:

أبي من بني مخزوم إنْ كنتَ سائلًا و من هاشم أُمّي لخير قبيلِ

فمن ذا الذي يَبْأي «2» عليّ بخاله كخالي عليٍّ ذي الندي و عقيلِ

توفي جعدة في زمن معاوية بن أبي سفيان.

______________________________

(1) كتاب صفين. ط المدني بمصر: ص 463، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 8- 98، و فيهما أنّ النجاشي] شاعر أهل العراق [قال فيما كان من فحش عتبة علي جعدة:

إنّ شتمَ الكريم يا عُتْبَ خطبٌ فاعلَمَنْهُ من الخطوب عظيم

أُمُّهُ أُمُّ هانئٍ و أبوه من معدٍّ و من لوَيٍّ صميم

ثم قال:

كل شي ء تريده فهو فيه حَسبٌ ثاقبٌ و دين قويمُ

و خطيب إذا تمعّرت الأَوْجُه يشجي به الأَلدّ الخصيمُ

و حليمٌ إذا الحُبي حلّها الجهلُ و خفّت من الرجال حلوم

و قال الاعور الشّنّيّ في ذلك، يخاطب عتبة بن أبي سفيان: (الابيات)

ما زلتَ تظهرُ في عِطْفَيْكَ أُبَّهةً لا يَرفُع الطرفَ منك التّيهُ و الصَّلَفُ

ثم قال:

أشجاك جعدة إذ نادي فوارسه حاموا عن الدّين و الدّنيا فما وقفوا

هلّا عطفتَ علي قومٍ بمصرعةٍ فيها السَّكون و فيها الازد و الصَّدِف

(2) يَبْأي: يفخر.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 314

113 الحارث بن سُويد «1»

(..- 72 ه) ابن قلاص التيمي، أبو عائشة الكوفي، من أصحاب عبد اللّه بن مسعود.

روي عن: الامام علي- عليه السّلام، و عبد اللّه بن مسعود، و حذيفة، و سلمان، و عمرو بن ميمون.

روي عنه: إبراهيم التيمي، و أشعث بن أبي الشعثاء، و عمارة بن عُمير، و جماعة.

وقد عُدّ من الفقهاء أيام عبد الملك بن مروان.

روي له البخاري، و مسلم، و أبو داود، و النسائي،

و ابن ماجة.

توفّي- سنة اثنتين و سبعين.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 167، تاريخ البخاري 2- 269 برقم 2426، تاريخ اليعقوبي 3- 28) فقهاء أيام عبد الملك بن مروان)، الجرح و التعديل 3- 75 برقم 350، ثقات ابن حبان 4- 127، مشاهير علماء الامصار 168 برقم 779، حلية الاولياء 4- 126 برقم 261، أسد الغابة 1- 331، تهذيب الكمال 5- 235 برقم 1022، تاريخ الإسلام 302) الحوادث 61 80) و ص: 39 برقم 154، سير أعلام النبلاء 4- 156 برقم 55، الاصابة 1- 369 برقم 1920، الوافي بالوفيات 11- 254 برقم 372، تهذيب التهذيب 2- 143 برقم 244، تقريب التهذيب 1- 141 برقم 35، تنقيح المقال 1- 245.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 315

114 الحارث بن عبد اللّه الهَمْداني «1»

(..- 65 ه) الفقيه التابعي أبو زهير الكوفي، المعروف بالحارث الاعور، صاحب أمير المؤمنين علي- عليه السّلام، و المتفاني في ولائه، و الفقيه الاكبر في شيعته «2» روي عن: الامام علي- عليه السّلام و ابن مسعود، و بقيرة امرأة سلمان، و غيرهم.

روي عنه: أبو إسحاق السَّبيعي، و الشعبي، و عطاء بن أبي رباح، و الضحاك ابن مزاحم، و سعيد بن يُحْمِد الهمداني، و آخرون.

قال الذهبي: كان الحارث من أوعية العلم، و من الشيعة الاوَل.

و قال أبو بكر بن أبي داود: كان أفقه الناس، و أحسب الناس، تعلّم الفرائض

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 168، التأريخ الكبير 2- 273، المعارف 324، الجرح و التعديل 3- 78، اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي) ص 88 برقم 159، تاريخ أسماء الثقات ص 108 برقم 269، رجال الطوسي 67 برقم 3، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 80، رجال ابن داود ق 1 ص 67 برقم 357، تهذيب الكمال

5- 244، سير أعلام النبلاء 4- 152، ميزان الاعتدال 1- 435، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 65) ص 89، الوافي بالوفيات 11- 253، مرآة الجنان 1- 141، غاية النهاية 1- 201، النجوم الزاهرة 1- 185، تهذيب التهذيب 2- 145، تقريب التهذيب 1- 141، مجمع الرجال 2- 68، شذرات الذهب 1- 73، جامع الرواة 1- 171، تنقيح المقال 1- 242، أعيان الشيعة 4- 301 و 365، الجامع في الرجال 1- 430، معجم رجال الحديث 4، 187، 196، 210.

(2) انظر الغدير للعلّامة الاميني: 11- 222.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 316

من علي رضي اللّه عنه.

و نقل الذهبي في الميزان عن ابن حبّان القول: بكونه غالياً في التشيّع، ثمّ أورد من التحامل عليه بسبب ذلك شيئاً كثيراً، ثم روي عن ابن سيرين انّه قال: كان من أصحاب ابن مسعود خمسة يؤخذ عنهم، أدركت منهم أربعة و فاتني الحارث فلم أره و كان يفضّل عليهم، و كان أحسنهم.

وثقه يحيي بن معين.

و قال النسائي: ليس به بأس.

و قال أحمد بن صالح المصري: ثقة، ما أحفظه، و أحسن ما روي عن عليّ و أثني عليه.

و كان الشعبي يكذبه، ثم يروي عنه.

وقد أورد ابن عبد البر كلمة إبراهيم النخعي في تكذيب الشعبي، ثم قال: و أظن الشعبي عوقب لقوله في الحارث الهمداني: «حدثني الحارث و كان أحد الكذابين» قال ابن عبد البر: لم يبنْ من الحارث كذب، و إنّما نقم عليه إفراطه في حبّ عليّ، و تفضيله له علي غيره.

عُدّ الحارث من أصحاب الامام الحسن- عليه السّلام أيضاً.

و حديثه موجود في السنن الأَربعة.

و روي له الشيخ الكليني في «الكافي» خمس روايات عن الامام علي «1» - عليه السّلام.

توفّي بالكوفة في- سنة خمس و ستين

و قيل غير ذلك.

______________________________

(1) كما روي له الشيخ الطوسي في «تهذيب الاحكام» و «الإستبصار»، و الشيخ الصدوق في «مَن لا يحضره الفقيه» انظر معجم رجال الحديث: 4- 187.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 317

115 الحارث بن قيس «1»

(..- بعد 40 ه) الجعفيّ، الكوفيّ، العابد الفقيه، صحب الامام علياً- عليه السّلام، و ابن مسعود، و قلّما روي.

روي عنه: خيثمة بن عبد الرحمن، و يحيي بن هانيَ بن عروة المرادي، و أبو داود الاعمي.

عُدّ من أصحاب علي- عليه السّلام.

روي أبو نعيم الأصفهاني بسنده عن الحارث بن قيس قال: إذا كنت في أمر الآخرة فتمكث، و إذا كنت في أمر الدنيا فتوخ، و إذا هممت بأمر خير فلا تؤخّره، و إذا أتاك الشيطان و أنت تصلي، فقال إنّك مراءٍ فزدها طولًا.

توفي زمن معاوية و صلّي أبو موسي الاشعري علي قبره بعد ما دُفن، و قيل قتل مع علي- عليه السّلام «2»

______________________________

(1) الطبقات لابن سعد 6- 167، التأريخ الكبير 2- 279، الجرح و التعديل 3- 86، مشاهير علماء الامصار 173 برقم 816، حلية الاولياء 4- 132، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 191 برقم 295، رجال الطوسي 38، تاريخ بغداد 8- 206، تهذيب الكمال 5- 272، سير أعلام النبلاء 4- 75، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 48) ص 30، الوافي بالوفيات 11- 241، غاية النهاية 1- 201، النجوم الزاهرة 1- 237، تهذيب التهذيب 2- 154، تقريب التهذيب 2- 127، بهجة الآمال في شرح زبدة المقال 3- 9، تنقيح المقال 1- 246، أعيان الشيعة 4- 372، معجم رجال الحديث 4- 201.

(2) يعني في صفّين.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 318

116 حَبَّة بن جُوَيْن «1»

(..- 76، 77 ه) ابن علي بن عبد نُهم العُرَني، البجلي، الشيخ العابد أبو قُدامة الكوفي، التابعي، و ذكره بعضهم في الصحابة، و قال الطبراني: يقال إنّه رأي النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

روي له الشيخ الكليني، و الشيخ الطوسي في موارد، روي فيها عن أمير

المؤمنين- عليه السّلام، و رواها عنه أبو المقدام، و أبو البلاد، و عباية الاسدي.

و روي كما في تهذيب الكمال و تاريخ بغداد و غيرهما عن: علي بن أبي طالب- عليه السّلام، و حذيفة بن اليمان، و عبد اللّه بن مسعود، و عمار بن ياسر.

روي عنه: أبو المقدام ثابت بن هرمز الحداد، و الحكم بن عتيبة، و رُشَيد الهَجَري، و سَلَمة بن كهيل، و أبو السابغة النهدي، و آخرون.

و كان من شيعة علي و شهد معه المشاهد كلها «2» و عُدّ من أصحاب الامام

______________________________

(1) طبقات ابن سعد 6- 177، الطبقات لخليفة 254 برقم 1088، المعارف 341، المعجم الكبير للطبراني 4- 8 برقم 313، رجال الطوسي 38 و 67، تاريخ بغداد 8- 276، أُسد الغابة 1- 367، تهذيب الكمال 5- 351 برقم 1076، ميزان الاعتدال 1- 450 برقم 1688، الوافي بالوافيات 11- 289، النجوم الزاهرة 1- 195، تهذيب التهذيب 2- 176، الاصابة 1- 372، جامع الرواة 1- 177، تنقيح المقال 1- 250، أعيان الشيعة 4- 387، معجم رجال الحديث 4- 214 برقم 2546، قاموس الرجال 3- 49.

(2) تهذيب الكمال.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 319

الحسن- عليه السّلام، و كان قد ورد المدائن في حياة حذيفة بن اليمان.

روي الخطيب البغدادي بسنده عن حبّة، قال: انطلقت أنا و أبو مسعود إلي حذيفة بالمدائن، فدخلنا عليه فقلنا: يا أبا عبد اللّه حدثنا فإنّا نخاف الفتن.

فقال: عليكم بالفئة التي فيها ابن سميّة «1» فإني سمعت رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- يقول: «تقتله الفئة الباغية عن الطريق و إن آخر رزقه ضياح «2» لبن».

وثّقه العجلي، و أحمد بن حنبل «3» و حكي الخطيب توثيقه عن أبي مسلم صالح بن

أحمد عن أبيه.

و قال ابن حجر: صدوق له أغلاط «4» قال سلمة بن كهيل: ما رأيت حبة العرني قطّ إلّا يقول سبحان اللّه، و الحمد للّٰه، و لا إله إلّا اللّه، و اللّه أكبر، إلّا أن يكون يصلّي أو يحدثنا.

روي عن حبّة أنّه قال: قال علي- عليه السّلام-: «إنّ اللّه عزّ و جلّ أخذ ميثاق كل مؤمن علي حبّي و ميثاق كل منافق علي بغضي، فلو ضربت وجه المؤمن بالسيف

______________________________

(1) هو الصحابي الجليل عمار بن ياسر، استشهد مع الامام علي- عليه السّلام- في معركة صفّين.

(2) الضيح و الضياح: اللبن الرقيق الممزوج بالماء. عن القاموس.

(3) قال ابن حجر في «تهذيب التهذيب: 2- 167» في ترجمة حارثة بن مضرب: قال أبو جعفر محمد ابن الحسين البغدادي: سألت أبا عبد اللّه عن الثبت عن علي، فذكر جماعة و عدّ منهم حبّة بن جوين.

(4) و قد ضعّف حبّة جماعة منهم: الدارقطني، و الجوزجاني، و الساجي و غيرهم.

و عن يحيي بن معين: قد رأي الشعبي رُشَيْد الهَجري و حبّة العرني، و الأَصبغ بن نباتة و ليس يساوون كلهم شيئاً.

قيل: و الشعبي من المنحرفين عن أمير المؤمنين- عليه السّلام- و شيعته فلا يقبل قوله في هؤلاء الثلاثة الذين هم من خيار الشيعة، أمّا الجوزجاني فهو معلوم حاله في نصبه و تحامله كما ذكروه في ترجمته، و عليه فالرجل لا ذنب له إلّا تشيّعه.

انظر أعيان الشيعة: 4- 387.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 320

ما أبغضني، و لو صببت الدنيا علي المنافق ما أحبّني ««1» روي الشيخ الطوسي بسنده عن حبّة، قال: قال أمير المؤمنين- عليه السّلام-: «من ائتمن رجلًا علي دمه ثم خاس به فأنا من القاتل بري ء، و إن كان المقتول في

النار ««2».

و روي أيضاً بسنده عنه أو عن الاصبغ قال: قال أمير المؤمنين- عليه السّلام- علي منبر الكوفة: «من شرب شربة خمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد فاقتلوه» «3».

117 حبيب بن أبي ثابت

«4» (..- 119 ه) فقيه الكوفة أبو يحيي القُرشي، الاسدي، و اسم أبي ثابت قيس بن دينار، و قيل: قيس بن هند.

______________________________

(1) هذا تذكير بما قاله فيه رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-، فعن ابن عباس قال: نظر رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- إلي عليّ فقال: لا يحبك إلّا مؤمن و لا يبغضك إلّا منافق.

مجمع الزوائد 9- 123.

و عن عليّ- عليه السّلام- قال: «و اللّه إنّه ممّا عهد إليّ رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- أنّه لا يبغضني إلّا منافق و لا يحبّني إلّا مؤمن»، مسند أحمد 1- 84.

و في لفظٍ: «عهد إليّ النبيّ- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- أنّه لا يحبني إلّا مؤمن و لا يبغضني إلّا منافق».

سنن ابن ماجة: 1- 42.

و عن أبي سعيد الخدري، قال: كنّا نعرف المنافقين نحن معشر الانصار ببغضهم عليّا.

حليّة الاولياء: 6- 294.

(2) تهذيب الاحكام: 6- 175، باب النوادر، الحديث 349.

(3) المصدر السابق: 10- 95 باب الحد في السكر، الحديث 363.

(4): الطبقات لابن سعد 6- 320، التأريخ الكبير 2- 313، المعارف ص 254 و 268، رجال البرقي ص 9، المعرفة و التاريخ 2- 204، الجرح و التعديل 3- 107، مشاهير علماء الامصار 174 برقم 823، الثقات لابن حبّان 4- 137، تاريخ أسماء الثقات ص 98 برقم 218، حلية الاولياء 5- 60، رجال الطوسي 116 و 172 و 87 و 39، طبقات الفقهاء للشيرازي 83، صفة الصفوة 3-

107، تهذيب الكمال 5- 358، تذكرة الحفّاظ 1- 116، ميزان الاعتدال 1- 451، سير أعلام النبلاء 5- 288، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 119) ص 341، دول الإسلام 1- 57، العبر للذهبي 1- 115، الوافي بالوفيات 11- 290، مرآة الجنان 1- 256، النجوم الزاهرة 1- 283، تهذيب التهذيب 2- 178، تقريب التهذيب 1- 148، طبقات الحفّاظ ص 51، شذرات الذهب 1- 156، جامع الرواة 1- 177، تنقيح المقال 1- 251، أعيان الشيعة 4- 551، معجم رجال الحديث 4- 216، المراجعات ص 60 المراجعة 16.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 321

عدّه في رجال الشيعة كل من ابن قتيبة في معارفه، و الشهرستاني في «الملل و النحل».

حدّث عن: ابن عباس، و أُمّ سلمة، و قيل: لم يسمع منهما، و حدّث عن: أنس بن مالك، و زيد بن أرقم، و أبي وائل، و آخرين.

روي عنه: عطاء بن أبي رباح، و حُصين، و الاعمش، و أبو الزبير، و ابن جُريج، و شعبة، و الثوري، و المسعودي، و حمزة الزيات، و آخرون.

رُوي عن أبي بكر بن عياش، قال: و كان بالكوفة ثلاثة ليس لهم رابع: حبيب بن أبي ثابت و.. و كان هؤلاء أصحاب الفتيا.

عُدّ من أصحاب الامام علي بن الحسين، و الباقر، و الصادق (عليهم السلام («1».

وثّقه ابن معين، و العجلي، و النسائي.

له نحو مائتي حديث كما ذكر البخاري.

و حديثه موجود في الكتب الستة.

و روي له الكليني قدّس سرّه في «الكافي» ثلاث روايات «2» توفي- سنة تسع عشرة و مائة، و قيل: اثنتين و عشرين، و قيل: سبع عشرة.

و كان من أبناء الثمانين.

______________________________

(1) و عدّه الشيخ الطوسي أيضاً من أصحاب أمير المؤمنين- عليه السّلام-.

و هو محلّ نظر كما ذكر محمود البغدادي

في ثقات الإسلام: ص 40، و ذلك لَانّ وفاة حبيب عام تسع عشرة أو اثنين و عشرين و مائة و كان آن ذاك من أبناء الثمانين، و علي أي تقدير من سنوات عمره الشريف فإنّ ولادته تكون إمّا في أواخر حياة الامام علي أو بعد شهادته- عليه السّلام-، و علي هذا الاساس لا يصحّ أن يكون حبيب من أصحاب عليّ- عليه السّلام-.

(2) انظر معجم رجال الحديث: 4- 216.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 322

118 الحسن بن محمد بن الحنفية «1»

(..- 99، 100 ه) الحسن بن محمّد بن علي بن أبي طالب، المعروف أبوه بابن الحنفية، الفقيه أبو محمد الهاشمي، المدني.

حدّث عن: أبيه، و عبد اللّه بن عباس، و جابر بن عبد اللّه الانصاري، و سلمة ابن الاكوع، و غيرهم.

و عُدّ من أصحاب علي بن الحسين السجاد- عليه السّلام.

روي عنه: الزهري، و عمرو بن دينار، و موسي بن عُبيدة، و آخرون.

و كان من علماء بني هاشم.

قال عمرو بن دينار: ما رأيت أحداً أعلم بما اختلف فيه الناس من الحسن بن محمد، ما كان زهريُّكم إلّا غلاماً من غلمانه.

و قد نسب بعضهم الارجاء إليه «2» و روي أنّه صنف كتاباً فيه ثم ندم عليه.

توفي- سنة تسع و تسعين أو مائة، و قيل غير ذلك.

و لم يكن له عقب.

______________________________

(1) الطبقات لابن سعد 5- 328، التأريخ الكبير 2- 305، المعارف 126، المعرفة و التاريخ 1- 543، الجرح و التعديل 3- 35، مشاهير علماء الامصار ص 103 برقم 421، الثقات لابن حبّان 4- 122، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 146 برقم 196، رجال الطوسي ص 86 برقم 3، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 63، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 160، تهذيب الكمال 6- 316، سير أعلام

النبلاء 4- 130، العبر 1- 92، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 95) ص 331، الوافي بالوفيات 12- 213، مرآة الجنان 1- 211، البداية و النهاية 9- 193، النجوم الزاهرة 1- 227، تهذيب التهذيب 2- 320، تقريب التهذيب 1- 171، مجمع الرجال 2- 149، جامع الرواة 1- 225، تنقيح المقال 1- 307، أعيان الشيعة 5- 262، معجم رجال الحديث 5- 115.

(2) غير انّ الارجاء المنسوب إليه، يختلف عن الارجاء الذي تعتنقه المرجئة، تجد شرح ذلك في «بحوث في الملل و النحل» لشيخنا السبحاني 3- 71.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 323

119 الحسن البصري

«1» (..- 110 ه) الحسن بن أبي الحسن يسار، أبو سعيد البصري، و أبوه مولي زيد بن ثابت الانصاري، و أُمّه خيرة مولاة أُمّ المؤمنين أُمّ سلمة.

ولد بالمدينة، و استكتبه الربيع بن زياد والي خراسان في زمن معاوية، و سكن البصرة.

روي عن: عمران بن حصين، و المغيرة بن شعبة، و عبد الرحمن بن سمرة، و النعمان بن بشير، و غيرهم.

روي عنه: أيوب، و شيْبان النحوي، و يونس بن عبيد، و ابن عون، و ثابت البُناني، و مالك بن دينار، و آخرون.

______________________________

(1) الطبقات لابن سعد 7- 156، التأريخ الكبير 2- 289، المعارف 250، المعرفة و التاريخ 2- 32، الجرح و التعديل 3- 40، مشاهير علماء الامصار 142 برقم 642، الثقات لابن حبان 4- 122، فهرست ابن نديم 202، ذكر أخبار أصبهان 1- 254، حلية الاولياء 2- 131، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 163 برقم 231، طبقات الفقهاء للشيرازي 87، المنتظم 7- 136، صفة الصفوة 3- 233، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 161، وفيات الاعيان 2- 69، تهذيب الكمال 6- 95، تذكرة الحفّاظ 1- 71، سير أعلام النبلاء

4- 563، ميزان الاعتدال 1- 527، العبر للذهبي 1- 103، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 110) ص 48، دول الإسلام 1- 53، مرآة الجنان 1- 229، البداية و النهاية 9- 278، غاية النهاية 1- 235، النجوم الزاهرة 1- 267، تهذيب التهذيب 2- 263، تقريب التهذيب 1- 165، طبقات الحفّاظ 35، طبقات المفسرين للداوري 1- 150، شذرات الذهب 1- 136.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 324

و كان عالماً، فقيهاً، فصيحاً.

له تفسير رواه عنه جماعة، و كتاب في فضائل مكة.

نقل عنه الشيخ الطوسي في كتاب «الخلاف» احدي و ستين فتوي.

عن أبي سلمة التبوذكي، قال: حفظت عن الحسن ثمانية آلاف مسألة.

و عن عمران القصير، قال: سألت الحسن عن شي ء، فقلتُ: إنّ الفقهاء يقولون كذا و كذا، فقال: و هل رأيت فقيهاً بعينك! إنّما الفقيه: الزاهد في الدنيا، البصير بدينه، المداوم علي عبادة ربّه.

و أخبار الحسن كثيرة، و له مع الحجاج الثقفي مواقف، و قد سلم من أذاه، و كان تكلّم في القدر بالمعني الذي خالف ما اعتمده و فرضه حكام بني أُميّة، و لمّا خوّفه بعض أصدقائه من السلطان وعد أن لا يعود.

عن أيوب، قال: نازلتُ الحسن في القدر غير مرة حتي خوّفته السلطان، فقال: لا أعود فيه بعد اليوم «1» و كان الأُمويون يتخذون من مسألة القدر (المستلزم للجبر) أداة تبريرية لَاعمالهم السيئة، و كانوا ينسبون وضعهم بما فيه من شتي ضروب العيث و الفساد إلي القدر.

و قد بعث الحسن برسالة إلي عبد الملك بن مروان يصف فيها القدر، و كان الاخير كتب إليه يسأله عنه.

و ممّا جاء في هذه الرسالة: فلو كان الكفر من قضائه و قدره لرضي به ممّن عمله و قال تعالي: " وَ قَضيٰ رَبُّكَ

أَلّٰا تَعْبُدُوا إِلّٰا إِيّٰاهُ" «2» و قال: " وَ الَّذِي قَدَّرَ فَهَديٰ" «3»

______________________________

(1) طبقات ابن سعد 7- 167، ترجمة الحسن بن أبي الحسن.

(2) الاسراء: 23.

(3) الاعلي: 3.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 325

و لم يقل و الذي قدّر فأضلّ.. و قال: " إِنَّ عَلَيْنٰا لَلْهُديٰ" «1» و لم يقل إنّ علينا للضلال، و لا يجوز أن ينهي العباد عن شي ء في العلانية، و يقدره عليهم في السر، ربُّنا أكرم و أرحم، و لو كان الامر كما يقول الجاهلون ما كان تعالي يقول: " اعْمَلُوا مٰا شِئْتُمْ" «2» و لقال: اعملوا ما قدرت عليكم.. و قال تعالي: " فَأَلْهَمَهٰا فُجُورَهٰا وَ تَقْوٰاهٰا" «3» أي بيّن لها ما تأتي و ما تذر، ثم قال: " قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكّٰاهٰا. وَ قَدْ خٰابَ مَنْ دَسّٰاهٰا «4» " فلو كان هو الذي دسَّاها ما كان ليخيب نفسه، تعالي عمّا يقول الظالمون علواً كبيراً.

و قال في رسالته: و اعلم أيّها الامير: إنّ المخالفين لكتاب اللّه تعالي و عدله يحيلون في أمر دينهم بزعمهم علي القضاء و القدر ثم لا يرضون في أمر دنياهم إلّا بالاجتهاد و التعب و الطلب و الاخذ بالجزم فيه، و ذلك لثقل الحق عليهم، و لا يعوّلون في أمر دنياهم و في سائر تصرّفهم علي القضاء و القدر، فلو قيل لَاحدهم: لا تستوثق في أُمورك، و لا تقفل حانوتك احترازاً لمالك و اتّكل علي القضاء و القدر لم يقبل ذلك، ثم يعولون عليه في الذي قال «5» روي عبد الرزاق بن همّام عن معمر قال: أخبرني من سمع الحسن يقول: يكفيك أن تمسح رأسك بما في يديك من الوضوء «6»

______________________________

(1) الليل: 12.

(2) فصلت: 4.

(3) الشمس:

7 8.

(4) الشمس: 9 10.

(5) راجع بحوث في الملل و النحل للشيخ السبحاني: ج 1، تجد فيه بحثاً وافياً عن القدرية، و فيه أيضاً نص رسالة الحسن البصري.

(6) المصنّف: 1- 9 برقم 17.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 326

و روي أيضاً بسنده عن عكرمة و الحسن قالا في هذه الآية" يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذٰا قُمْتُمْ إِلَي الصَّلٰاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَي الْمَرٰافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَي الْكَعْبَيْنِ" «1» قالا: تمسح الرجلين «2» و من كلام الحسن: ما أعزّ أحد الدرهم إلّا أذلّه اللّه.

و قال: فضح الموت الدنيا، فلم يترك فيها لذي لبٍّ فرحاً.

و قال: فضل الفَعال علي المقال مكرمة، و فضل المقال علي الفعال منقصة.

و كان إذا دخل المقبرة قال: اللّهمّ ربّ هذه الاجساد البالية، و العظام النخرة التي خرجت من الدنيا و هي بك مؤمنة، أدخل عليها روْحاً مِنك و سلاماً منّا «3» توفي بالبصرة- سنة عشر و مائة.

120 الحُصين بن جندب «4»

(..- 89، 90 ه) ابن عمرو، أبو ظَبيان الجَنبي، الكوفي، من علماء الكوفة.

______________________________

(1) المائدة: 6.

(2) المصنّف: 1- 18 برقم 53.

(3) العقد الفريد: 3- 11، القول عند المقابر.

(4) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 224، التأريخ الكبير 3- 3 برقم 6، رجال البرقي 6، تاريخ اليعقوبي 3- 28، الجرح و التعديل 3- 190، ثقات ابن حبّان 4- 156، ذكر أسماء التابعين و من بعدهم 2- 65 برقم 276، رجال الطوسي 38 برقم 10، مختصر تاريخ دمشق 7- 187، تهذيب الكمال 6- 514، العبر 1- 78، تاريخ الإسلام (81 100) ص 528 و 239، سير أعلام النبلاء 4- 362، الوافي بالوفيات 13- 91، تهذيب التهذيب 2- 379، تقريب التهذيب 1- 182، مجمع الرجال للقهبائي 2-

201، شذرات الذهب 1- 99، جامع الرواة 1- 259، تنقيح المقال 1- 349 برقم 3111، أعيان الشيعة 6- 193، الجامع في الرجال 1- 644، معجم رجال الحديث 6- 123، قاموس الرجال 3- 345.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 327

روي عن: عمر، و حذيفة، و سلمان، و جرير بن عبد اللّه، و أُسامة بن زيد، و ابن عباس، و طائفة.

و عدّ من أصحاب الامام عليّ- عليه السّلام.

روي عنه: ابنه قابوس، و حُصين بن عبد الرحمن، و عطاء بن السائب، و سليمان الاعمش، و جماعة.

وقد عُدّ من الفقهاء أيام عبد الملك بن مروان، و كان ممّن غزا القسطنطينية مع يزيد بن معاوية سنة خمسين.

روي البيهقي بسنده عن أبي ظبيان عن ابن عباس، قال: أُتي عمر رضي اللّه عنه بمبتلاة قد فجرت فأمر برجمها، فمرّ بها عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه و الصبيان يتبعونها، فقال: ما هذا؟ قالوا: امرأة أمر عمر أن ترجم، قال: فردّها و ذهب معها إلي عمر رضي اللّه عنه فقال: أ لم تعلم أنّ القلم رفع عن ثلاثة: عن المبتلي حتي يفيق، و النائم حتي يستيقظ، و الصبيّ حتي يعقل «1» توفي- سنة تسع و ثمانين، و قيل: - سنة تسعين.

______________________________

(1) السنن الكبري: 8- 264. و رواه الحاكم في مستدركه: 2- 59 و 4- 389.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 328

121 حفصة بنت سيرين «1»

(..- بعد المائة) أُمّ الهذيل، الفقيهة، الانصارية.

روت عن: أُمّ عطية، و أُمّ الرائح، و مولاها أنس بن مالك، و أبي العالية.

روي عنها: أخوها محمد، و قتادة، و أيوب، و خالد الحذّاء، و ابن عون، و هشام ابن حسان.

روي عن إياس بن معاوية قال: ما أدركت أحداً أفضِّله عليها، قرأت القرآن و هي بنت

اثنتي عشرة سنة، و عاشت سبعين سنة.

توفيت- بعد المائة.

نقل الشيخ الطوسي عنها في كتاب «الخلاف» فتوي واحدة.

قال الذهبي: كانت عديمة النظير في نساء وقتها، فقيهةً، صادقةً، فاضلة.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 7- 484، المعرفة و التاريخ: 3- 512، الثقات لابن حبّان 4- 194، تهذيب الكمال 35- 151، العبر 1- 93، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 101 120) ص 64، سير أعلام النبلاء 4- 507، الوافي بالوفيات 13- 106، مرآة الجنان 1- 211، النجوم الزاهرة: 1- 275، تهذيب التهذيب 12- 409، تقريب التهذيب 2- 594، شذرات الذهب 1- 122، أعلام النساء: 1- 272.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 329

122 حماد بن أبي سليمان «1»

(..- 120 ه) الفقيه أبو إسماعيل بن مسلم الكوفي، مولي الاشعريين، أصله من أصبهان.

روي عن: أنس بن مالك، و تفقّه بإبراهيم النخعي، و حدّث أيضاً عن أبي وائل، و زيد بن وهب، و سعيد بن المسيِّب، و عامر الشعبي، و جماعة.

و أكبر شيخ له أنس بن مالك، فهو في عداد صغار التابعين.

روي عنه: تلميذه أبو حنيفة، و ابنه إسماعيل بن حماد، و الحكم بن عُتيبة و هو أكبر منه، و الاعمش، و مغيرة، و هشام الدَّستوائي، و سفيان الثوري، و شعبة بن الحجاج، و آخرون.

و قد عدّ من أصحاب الامام الصادق- عليه السّلام.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 332، التأريخ الكبير 3- 18، المعارف 268، الجرح و التعديل 3- 146، مشاهير علماء الامصار 178 برقم 844، الثقات لابن حبّان 4- 301، ذكر أخبار أصبهان 1- 288، الخلاف للطوسي 1- 402 و 3- 52 طبع جامعة المدرسين، رجال الطوسي 172، طبقات الفقهاء للشيرازي 83، تهذيب الكمال 7- 269، سير أعلام النبلاء 5- 231، العبر للذهبي 1- 116، ميزان الاعتدال 1-

595، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 120) ص 347، دول الإسلام 1- 57، الوافي بالوفيات 13- 136، شرح علل الترمذي 325، تهذيب التهذيب 3- 16، تقريب التهذيب 1- 197، مجمع الرجال 2- 223، شذرات الذهب 1- 157، جامع الرواة 1- 269، تنقيح المقال 1- 362، الجامع في الرجال 1- 669، معجم رجال الحديث 6- 199.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 330

قيل: و كان أحد العلماء الاذكياء، و الكرام الاسخياء، له ثروة و حشمة و تجمّل.

عن شعبة، قال: سألت حماد بن أبي سليمان عن عين الأُضحية يكون فيها البياض، فلم يكرهها.

و سألته عن الرجل يسرق من بيت المال، فقال: يقطع.

توفي- سنة عشرين و مائة، في زمن هشام بن عبد الملك.

نقل الشيخ الطوسي عنه في «الخلاف» إحدي و عشرين فتوي.

123 حُمران بن أعْيَن «1»

(..- حدود 130 ه) الشيباني بالولاء، أبو الحسن، و قيل: أبو حمزة الكوفي، أخو عبد الملك

______________________________

(1) التأريخ الكبير 3- 80 برقم 289، رجال البرقي 16 و 14، الضعفاء الكبير للعقيلي 1- 286 برقم 348، الجرح و التعديل 3- 265 برقم 1185، اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي) بأرقام 20، 235، 270، 271، 303، 307، 304، 314، 305 و غيرها، الثقات لابن حبان 4- 179، الكامل لابن عدي 2- 436 برقم 179- 548، فهرست ابن النديم 403، رسالة أبي غالب الزراري 129، 130، رجال الطوسي 117 برقم 41 و 181 برقم 274، رجال ابن داود 134 برقم 518، رجال العلامة الحلي 63 برقم 5 و 59) مع حجر بن زائدة)، تهذيب الكمال 7- 306 برقم 1497، ميزان الاعتدال 1- 604 برقم 2292، تاريخ الإسلام (حوادث 140) 121 402، غاية النهاية في طبقات القراء 1- 261 برقم 1189، تهذيب التهذيب 3- 25

برقم 32، تقريب التهذيب 1- 198 برقم 560، نقد الرجال 118، جامع الرواة 1- 278، وسائل الشيعة 20- 182 و 183 برقم 418، الوجيزة 151، بهجة الآمال 3- 382، تنقيح المقال 1- 370 برقم 3351، أعيان الشيعة 6- 234، معجم رجال الحديث 6- 255 برقم 4017، قاموس الرجال 3- 412.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 331

و بُكير و زرارة أبناء أعين، و هم بيت معروف بالفقه و العلم و الولاء لَاهل البيت (عليهم السلام)، و لهم روايات كثيرة و أُصول و تصانيف.

أدرك حُمران الامام علي بن الحسين السجاد- عليه السّلام، و صحب الامامين أبا جعفر الباقر، و أبا عبد اللّه الصادق (عليهما السلام)، و لازمهما حتي صار من خواصّهما، و أخذ عنهم علماً جمّاً، و فقهاً كثيراً.

و قرأ علي: عبيد بن نضيلة، و أبي حرب بن أبي الاسود، و أبيه أبي الاسود، و يحيي بن وثاب، و محمد بن علي الباقر «1» روي عنه: أبو أيوب الخزاز، و أبو ولّاد الحناط، و أبان بن عثمان الاحمر، و بشير النبّال، و ثعلبة بن ميمون، و زرارة أخوه، و جميل بن درّاج، و عبد اللّه بن سنان، و عبد اللّه بن مسكان، و عمر بن أُذينة، و عمر بن حنظلة، و محمّد بن مسلم الطائفي، و نشيب اللفائفي، و النضر بن سويد، و يونس بن يعقوب، و آخرون.

و أخذ عنه القراءة حمزة الزيات، أحد القرّاء السَّبعة.

و قد وقع في اسناد كثير من الروايات عن أهل البيت (عليهم السلام)، تبلغ مائة و تسعة عشر مورداً «2» في الكتب الأَربعة.

و روي حُمران كما في تهذيب الكمال و غيره عن أبي الطفيل عامر بن واثلة الليثي، و عُبيد بن نُضيْلَة، و

أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين، و أبي حرب بن أبي الاسود، و روي عنه حمزة الزيات، و سفيان الثوري، و أبو خالد القمّاط، و إسرائيل.

و كان من أكابر مشايخ الشيعة المفضلين، محدثاً، فقيهاً، مقرئاً، كبيراً، ثبتاً في القراءة، فكان من حملة القرآن، و مَن يُعدّ اسمه في كتب القرّاء.

______________________________

(1) طبقات القرّاء لابن الجزَري: 1- 261 برقم 1189.

(2) وقع بعنوان (حمران) في اسناد واحد و ثمانين مورداً، و بعنوان (حمران بن أعين) في إسناد ثمانية و ثلاثين مورداً.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 332

و هو مع جلالته في الفقه و الحديث عالم بالنحو و اللغة، و له باع في الكلام و المناظرة، و كان مختصاً بمذهب أهل البيت- عليهم السلام-، آخذاً بأقوالهم، فكان يجلس مع أصحابه للمناظرة و المذاكرة بأمر آل محمّد- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- حتي إذا خلطوا به حديثاً آخر ردّهم إليه فإنْ أصرّوا علي تركه قام عنهم و تركهم.

رُوي عن يونس بن يعقوب أنّه ورد علي الصادق- عليه السّلام رجل من أهل الشام و قال له: إنّي رجل صاحب كلام و فقه و فرائض، و قد جئت لمناظرة أصحابك إلي أن قال: ثم قال: اخرج إلي الباب و انظر من تري من المتكلّمين فادخله، فخرجت، فوجدت حُمران بن أعين و كان يحسن الكلام، و عدّ جماعة معه، قال فأدخلتهم عليه إلي أن قال: ثم قال لحمران: كلّم الرجل يعني الشامي فكلّمه حمران فظهر عليه إلي أن قال: و أقبل أبو عبد اللّه- عليه السّلام علي حمران بن أعين فقال: «يا حمران تجري الكلام علي الاثر فتصيب».

و كان حمران ذا منزلة رفيعة عند الامامين الباقر و الصادق- عليهما السلام، و

قد أثنيا عليه و رفعا من شأنه.

روي عن الباقر- عليه السّلام أنّه قال لحمران: «أنت من شيعتنا في الدنيا و الآخرة»، و قال: «حمران من المؤمنين حقاً لا يرجع أبداً».

و روي أنّه جري ذكر حمران عند أبي عبد اللّه- عليه السّلام فقال: «مات و اللّه مؤمناً».

وثّقه ابن حبان، و قال أبو حاتم: شيخ صالح، و قال أحمد بن حنبل: كان يتشيع هو و أخوه «1» و روي له ابن ماجة حديثين.

______________________________

(1) و ذكره البخاري في التأريخ الكبير (3- 80 برقم 289) فلم يذكر فيه جرحاً، و عن ابن معين: ضعيف، و عن أبي داود: كان رافضياً.

الظاهر أنّ القدح فيه إنّما هو لتشيّعه: انظر أعيان الشيعة: 6- 234.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 333

روي الشيخ الصّدوق بسنده عن حمران عن أبي جعفر الباقر- عليه السّلام قال: لا يكون ظهار في يمين و لا في إضرار و لا في غضب و لا يكون ظهار إلّا علي طهر بغير جماع بشهادة رجلين مسلمين «1» توفي- حدود سنة ثلاثين و مائة أو قبلها.

124 حُمَيْد بن عبد الرحمن بن عوف «2»

- (22 95 ه) الزُّهريّ أبو عثمان، و يقال: أبو عبد الرحمن، المدني.

حدّث عن: أبويه، و عن خاله عثمان، و سعيد بن زيد، و أبي هريرة، و عبد اللّه ابن عباس، و آخرين.

روي عنه: سعد بن إبراهيم القاضي، و ابن أبي مُليكة، و الزهري، و صفوان بن سليم، و قتادة، و آخرون.

و كان فقيهاً، مشهوراً.

______________________________

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 3، باب الظهار، الحديث 1657.

(2) الطبقات الكبري لابن سعد 5- 153، التأريخ الكبير 2- 345، المحبر 378، المعارف 139، المعرفة و التاريخ 1- 367، الجرح و التعديل 3- 225، مشاهير علماء الامصار 113 برقم 464، الثقات لابن

حبّان 4- 146، الاحكام في أُصول الاحكام 2- 92، جمهرة أنساب العرب 115، أسد الغابة 2- 54، تهذيب الكمال 7- 378، سير أعلام النبلاء 4- 293، العبر 1- 84، ميزان الاعتدال 1- 616، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 95) ص 337، الوافي بالوفيات 13- 195، مرآة الجنان 1- 199، البداية و النهاية 9- 147، تهذيب التهذيب 3- 45، تقريب التهذيب 1- 203، شذرات الذهب 1- 111.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 334

روي عبد الرزاق بن همّام بسنده عن حُميد بن عبد الرحمن أنّ عمر و عثمان كانا يصلّيان المغرب في رمضان قبل أن يُفطرا «1» توفي- سنة خمس و تسعين و هو ابن ثلاث و سبعين سنة، و قيل توفي- سنة خمس و مائة.

قال الذهبي: و من قال: إنّه مات في- سنة 105 فقد وهم.

125 حُمَيْد بن عبد الرحمن «2»

(..- 90-، 100 ه) الحِمْيري، البصري.

روي عن: أبي هريرة، و أبي بكرة الثقفي، و ابن عمر، و سعد بن هشام، و ذُكر أنّه روي عن علي بن أبي طالب- عليه السّلام.

حدّث عنه: عبد اللّه بن بُريدة، و محمد بن سيرين، و قتادة بن دِعامة، و آخرون.

عن ابن سيرين، قال: كان حميد بن عبد الرحمن أفقه أهل البصرة قبل أن

______________________________

(1) المصنف: 4- 225 برقم 7588.

(2) الطبقات الكبري لابن سعد 7- 147، التأريخ الكبير 2- 342، المعرفة و التاريخ 2- 67.

الجرح و التعديل 3- 225، مشاهير علماء الامصار 113 برقم 464، الثقات لابن حبّان 4- 146، ذكر أخبار أصبهان 1- 290، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 167 برقم 239، جمهرة أنساب العرب ص 115، طبقات الفقهاء للشيرازي 88، أسد الغابة 2- 54، تهذيب الكمال 7- 378، سير أعلام النبلاء 4- 293، العبر للذهبي

1- 84، ميزان الاعتدال 1- 613، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 95) ص 337، الوافي بالوفيات 13- 194، مرآة الجنان 1- 199، تهذيب التهذيب 3- 46، تقريب التهذيب 1- 203، شذرات الذهب 1- 111.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 335

يموت بعشر سنين.

روي عبد الرزاق بن همّام بسنده عن حميد الحميري انّ ابن مسعود سلّم علي النبيّ- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بمكة و النبيّ- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يصلّي، فرَدَّ عليه السلام «1».

توفي- سنة تسعين أو في- سنة مائة أو في حدودها.

126 حُمَيد بن هلال «2»

(..- حدود 120 ه) ابن سُويد، الحافظ الفقيه أبو نصر العَدَوي عديّ تميم، البصري.

______________________________

(1) المصنف: 2- 334 برقم 3588، باب السلام في الصلاة.

و روي في هذا الباب أيضاً أنّ النبيّ ص ردّ السلام علي عمار بن ياسر، و علي عثمان بن مظعون، كما روي أنّ الحسن و قتادة قالا: يردُّ السلام و هو في الصلاة.

قال الامامية: يجب علي المصلّي أن يردّ التحية بمثلها إذا كانت بصفة السلام، و اشترطوا أن تكون بهيئة السلام تماماً دون تغيير، فجواب سلام عليكم مثلها بدون الالف و اللام و جواب السلام عليكم يكون بالالف و اللام.

و قال الشافعية و المالكية و الحنبلية و الحنفية: من الكلام المبطل للصلاة ردّ السلام، فلو سلّم عليه رجل و هو في الصلاة فردّ عليه السلام بلسانه بطلت صلاته و لا بأس بالردّ مشيراً.

انظر الفقه علي المذاهب الخمسة: ص 145.

(2) الطبقات الكبري لابن سعد 7- 231، التأريخ الكبير 2- 346، الجرح و التعديل 3- 230، مشاهير علماء الامصار ص 150 برقم 682، الثقات لابن حبّان 4- 147، حلية الاولياء 2- 251، تهذيب الكمال 7- 403، سير أعلام النبلاء 5-

309، ميزان الاعتدال 1- 616، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 101 120) ص 351، الوافي بالوفيات 13- 195، تهذيب التهذيب 3- 51، تقريب التهذيب 1- 204.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 336

روي عن: عبد اللّه بن معقل المزني، و عبد الرحمن بن سمرة، و أنس بن مالك، و أبي قتادة العدوي، و هِصّان بن كاهل، و بشر بن عاصم الليثي، و عدّة.

روي عنه: أيوب، و عاصم الاحول، و خالد الحذّاء، و عمرو بن مرّة، و ابن عون، و حبيب بن الشهيد، و حجاج الصواف، و أبو هلال الراسبي، و خلق سواهم.

روي أنّ ابن سيرين كان لا يرضاه.

قيل: دخل في شي ء من عمل السلطان، فلهذا كان لا يرضاه.

عن قتادة قال: كان حُميد بن هلال من العلماء الفقهاء.

مات في ولاية خالد بن عبد اللّه علي العراق، و الظاهر أنّه بقي إلي- قريب سنة عشرين و مائة.

127 حنش بن عبد اللّه «1»

- (.. 100 ه) و يقال ابن علي بن عمرو بن حنظلة السَّبائي «2» أبو رِشْدين الصنعاني من صنعاء دمشق، ثمّ تحوّل فنزل مصر.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 5- 536، التأريخ الكبير 3- 99، المعرفة و التاريخ 2- 530، الجرح و التعديل 3- 291، الثقات لابن حبّان 4- 184، طبقات الفقهاء للشيرازي 74، تهذيب الكمال 7- 429، سير أعلام النبلاء 4- 492، العبر 1- 90، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 100) ص 339، ميزان الاعتدال 1- 620، الوافي بالوفيات 13- 206، البداية و النهاية 9- 187، تهذيب التهذيب 3- 57، تقريب التهذيب 1- 205، شذرات الذهب 1- 119.

(2) السّبائي: بفتح السين المهملة و الباء الموحدة: نسبة إلي سبإ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.

اللباب: 2- 98.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 337

روي عن: فضالة بن

عبيد، و ابن عبّاس، و رويفع بن ثابت، و آخرين.

روي عنه: ابنه الحارث و قيس بن الحجاج، و خالد بن عمران و غيرهم.

عُدّ من الثالثة، و هي الطبقة الوسطي من التابعين، و ذكره أبو اسحاق الشيرازي في فقهاء التابعين باليمن.

قيل: و حنش الذي روي عن فضالة هو حنش بن علي الصنعاني و ليس هو حنش بن المعتمر الكناني صاحب علي- عليه السّلام- و لا حنش بن ربيعة «1» الذي صلي خلف علي- عليه السّلام-.

توفي في- سنة مائة.

128 خارجة بن زيد «2»

(..- 100،- 99 ه) ابن ثابت، أبو زيد الانصاري، النجّاري، المدني.

______________________________

(1) قال ابن حجر في تهذيب التهذيب: و أمّا ابن حبان فقال: حنش بن المعتمر هو الذي يقال له حنش ابن ربيعة، و المعتمر كان جدّه.

(2) الطبقات الكبري لابن سعد 5- 262، التأريخ الكبير 3- 204، المعرفة و التاريخ 1- 376، تاريخ الطبري 6- 555، الجرح و التعديل 3- 374، مشاهير علماء الامصار 106 برقم 431، الثقات لابن حبان 4- 211، حلية الاولياء 2- 189، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 133 برقم 173، الخلاف للطوسي 3- 367 و 186) طبع إسماعيليان)، رجال الطوسي 40، طبقات الفقهاء للشيرازي 60، المنتظم 7- 58، صفة الصفوة 2- 189، وفيات الاعيان 2- 223، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 172، تهذيب الكمال 8- 8، تذكرة الحفّاظ 1- 91، العبر للذهبي 1- 90، سير أعلام النبلاء 4- 437، دول الإسلام 1- 48، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 100) ص 342، الوافي بالوفيات 13- 241، مرآة الجنان 1- 208، البداية و النهاية 9- 195، النجوم الزاهرة 1- 242، الاصابة 1- 400، تهذيب التهذيب 3- 74، تقريب التهذيب 1- 210، طبقات الحفّاظ ص 42 برقم 80،

شذرات الذهب 1- 118، روضات الجنات 3- 275، الاعلام 2- 293.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 338

روي عن: أبيه، و عمّه يزيد، و أُسامة بن زيد، و آخرين.

روي عنه: ابنه سليمان، و ابن أخيه سعيد بن سليمان، و أبو الزناد، و عبد اللّه ابن عمرو بن عثمان، و أبو بكر بن حزم، و آخرون.

و هو أحد الفقهاء السبعة بالمدينة الذين كان أبو الزناد يذكرهم.

و كان هو و طلحة بن عبد اللّه بن عوف يقسمان المواريث و يكتبان الوثائق للناس فيما قيل.

مات- سنة مائة و قيل: - تسع و تسعين.

نقل الشيخ الطوسي عنه في كتاب «الخلاف» فتوي واحدة.

129 خالد بن معدان «1»

(..- 103 ه) ابن أبي كَرِب، شيخ أهل الشام، أبو عبد اللّه الكلاعي، الحمصي.

حدّث عن خلق من الصحابة و أكثر ذلك مرسل روي عن: ثوبان، و أبي أُمامة الباهلي، و معاوية، و أبي هريرة، و المقدام بن معديكرب، و ابن عمر، و طائفة.

و أرسل عن: معاذ بن جبل، و أبي الدرداء، و عائشة، و غيرهم.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 7- 455، التأريخ الكبير 3- 176، المعارف ص 342، المعرفة و التاريخ 2- 332، المنتخب من ذيل المذيل ص 121، الجرح و التعديل 3- 351، مشاهير علماء الامصار ص 183 برقم 865، حلية الاولياء 5- 210، الاحكام في أُصول الاحكام 2- 94، اللباب في تهذيب الأنساب 3- 123، تهذيب الكمال 8- 167، تذكرة الحفاظ 1- 93، سير أعلام النبلاء 4- 536، العبر 1- 96، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 104) ص 71، دول الإسلام 1- 50، الوافي بالوفيات 13- 263، مرآة الجنان 1- 219، البداية و النهاية 9- 239 و فيه: خالد ابن سعدان، النجوم الزاهرة 1- 252، تهذيب التهذيب 3-

118، تقريب التهذيب 1- 218، طبقات الحفاظ 43 برقم 82، شذرات الذهب 1- 126، الجامع في الرجال 1- 715.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 339

روي عنه: محمد بن إبراهيم التيمي، و حسان بن عطية، و ابنته عبدة بنت خالد، و آخرون.

عُدّ من فقهاء الشام.

و كان يتولّي شرطة يزيد بن معاوية.

و من كلام خالد: إذا فتح أحدُكم باب خيرٍ فليُسرع إليه، فانّه لا يدري متي يُغلق عنه.

و قال: من التمس المحامد في مخالفة الحق ردّ اللّه تلك المحامد عليه ذماً، و من اجترأ علي الملاوِم في موافقة الحقّ ردّ اللّه تلك الملاوم عليه حمداً.

أقول: و العجب أنّه مع هذه المكانة يتولّي شرطة يزيد بن معاوية!.

مات- سنة ثلاث و مائة، و قيل غير ذلك.

130 خَيْثَمة بن عبد الرحمن «1»

(..- بعد 80 ه) ابن أبي سبرة يزيد بن مالك الجعفي، الكوفي الفقيه، و لَابيه و لجدّه صحبة.

و هو عم بسطام بن الحصين، المعدود في وجوه الشيعة.

حدّث عن: أبيه، و علي بن أبي طالب- عليه السّلام، و عائشة، و عبد اللّه بن

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 286، التأريخ الكبير 3- 215، رجال البرقي 15، المعرفة و التاريخ 3- 141، الجرح و التعديل 3- 393، مشاهير علماء الامصار 166 برقم 768، الثقات لابن حبّان 4- 213، تاريخ أسماء الثقات 120 برقم 321، حلية الاولياء 4- 113، جمهرة أنساب العرب 410، رجال الطوسي 120 برقم 3 و 187، تهذيب الكمال 8- 370، المنتظم 6- 213، صفة الصفوة 3- 92، رجال العلّامة الحلي ق 1 ص 66، رجال النجاشي 1- 276) في ترجمة بسطام بن الحصين)، نقد الرجال 126، سير أعلام النبلاء 4- 320، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 81 100) ص 58، تهذيب التهذيب 3- 178،

تقريب التهذيب 1- 230، جامع الرواة 1- 299، تنقيح المقال 1- 404، أعيان الشيعة 6- 361، معجم رجال الحديث 7- 82.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 340

عمرو، و عدي بن حاتم، و ابن عباس، و طائفة.

حدّث عنه: عمرو بن مُرّة، و طلحة بن مُصرِّف، و منصور بن المعتمر، و الاعمش، و آخرون.

روي عن خيثمة انّه أدرك ثلاثة عشر صحابياً ما منهم من غيّر شيئاً.

و كان عالماً عابداً زاهداً، ورث مائتي ألف درهم فأنفقها علي الفقهاء و القرّاء.

عدّ من أصحاب الامام الباقر- عليه السّلام.

وثّقه ابن معين و النسائي و العجلي.

روي عن خيثمة انّه قال في الرجل يشتري الشي ء للرجل بدرهم ثم يستزيد شيئاً، قال: الزيادة لصاحب الدرهم «1» قيل: توفي- بعد سنة ثمانين.

و قال خليفة: - سنة تسع و ثمانين.

131 أبو صالح السمّان «2»

(..- 101 ه) و اسمه ذكوان بن عبد اللّه مولي أُمّ المؤمنين جويريّة.

من كبار العلماء بالمدينة، و كان يجلب الزيت و السمن إلي الكوفة، فينزل في بني كاهل فيؤمهم.

______________________________

(1) المصنف لعبد الرزاق بن همّام الصنعاني: 8- 293 برقم 15268.

(2) الطبقات الكبري لابن سعد 5- 301، التأريخ الكبير 3- 260، المعرفة و التاريخ 1- 415، الجرح و التعديل 3- 450، مشاهير علماء الامصار 122 برقم 530، تاريخ أسماء الثقات ص 125 برقم 338، المنتظم 7- 69، تهذيب الكمال 8- 513، سير أعلام النبلاء 5- 36، العبر 1- 91، تذكرة الحفّاظ 1- 89، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 101) ص 290، الوافي بالوفيات 14- 40، تهذيب التهذيب 3- 219، تقريب التهذيب 1- 238.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 341

قيل: إنّه شهد يوم الحصار لعثمان.

روي عن: الامام علي- عليه السّلام، و سعد بن أبي وقاص، و عقيل بن أبي طالب، و عائشة،

و أبي هريرة، و ابن عباس، و طائفة سواهم.

حدّث عنه: ابنه سُهيل بن أبي صالح، و الاعمش، و سُميّ، و زيد بن أسلم، و الزهري، و خلقٌ سواهم، و لازم أبا هريرة مدّة.

روي عنه أنّه قال: ما أحد يحدّث عن أبي هريرة إلّا و أنا أعلم صادقاً هو أم كاذباً.

روي عن الاعمش، قال: سمعت من أبي صالح السمّان ألف حديث.

توفي- سنة إحدي و مائة.

132 الربيع بن خُثيم «1»

(..- 61،- 62 ه) ابن عائذ، أبو يزيد الثوري، الكوفي، أدرك زمان النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و أرسل عنه.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 182، التأريخ الكبير 3- 269، المعرفة و التاريخ 2- 563، الكني و الأَسماء للدولابي ص 162، الجرح و التعديل 3- 459، اختيار معرفة الرجال ص 97 برقم 154، مشاهير علماء الامصار ص 160 برقم 737، الثقات لابن حبّان 4- 224، تاريخ أسماء الثقات ص 126 برقم 339، حلية الاولياء 2- 105، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 196 برقم 308، الانساب للسمعاني 1- 517، صفة الصفوة 3- 191، المنتظم 6- 8، رجال ابن داود ص 93، رجال العلّامة الحلي ص 171 و 316، تهذيب الكمال 9- 70، تذكرة الحفّاظ 1- 57، سير أعلام النبلاء 4- 258، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 61 80) ص 115، البداية و النهاية 8- 219، غاية النهاية 1- 283، تهذيب التهذيب 3- 242، تقريب التهذيب 1- 244، جامع الرواة 1- 316، روضات الجنات 3- 332، تنقيح المقال 1- 424، أعيان الشيعة 6- 453، معجم رجال الحديث 7- 169 برقم 4515.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 342

روي عن: عبد اللّه بن مسعود، و أبي أيوب الانصاري، و عمرو بن ميمون.

حدّث عنه:

الشعبي، و إبراهيم النخعي، و هلال بن يساف، و منذر الثوري، و آخرون.

قال له ابن مسعود: يا أبا يزيد، لو رآك رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لَاحبّك و ما رأيتك إلّا ذكرت المخبتين.

و كان ابن مسعود يجلّه كثيراً.

عُدّ من التابعين الثمانية الذين انتهي إليهم الزهد، و قد غلبت عليه العبادة، و لم يكن له كثير فتوي.

قيل: إنّ الربيع شهد مع الامام علي- عليه السّلام صفين.

و قيل لم يشهدها، بل طلب هو و جماعة من أصحاب عبد اللّه بن مسعود من الامام علي- عليه السّلام أن يولّهم بعض الثغور، فوجّه- عليه السّلام بالربيع بن خُثيم إلي ثغر الري «1» و من كلام الربيع، قال: كلّ ما لا يراد به وجه اللّه يضمحلّ.

و قال: قولوا خيراً و افعلوا خيراً و دوموا علي صالح ذلك و استكثروا من الخير، و استقلّوا من الشرّ، لا تقسوا قلوبكم و لا يطول عليكم الامد، و لا تكونوا كالذين قالوا سمعنا و هم لا يسمعون.

و قال: إنّ من الحديث حديثاً له ضوء كضوء النهار تعرفه، و إنّ من الحديث حديثاً له ظلمة كظلمة الليل تُنكِرُه.

مات بعد استشهاد الحسين- عليه السّلام- سنة احدي و ستين، و قيل: - اثنتين و ستين، و قيل: - ثلاث و ستين.

روي عن الربيع انّه قال: لا تشعروا بي أحداً، و سُلّوني إلي ربّي سلًا «2»

______________________________

(1) انظر كتاب صفين لنصر بن مزاحم المنقري ص 115 إنّ تشكيك جماعة في أنّ معاوية باغٍ، قلّة فقه منهم و جمود، وقد غاب عنهم قوله تعالي: (وَ إِنْ طٰائِفَتٰانِ) الآية.

و قوله ص: علي مع الحق (الحديث).

ثمّ إنّه لا ملازمة بين صحة الاعتقاد و المواظبة علي العبادات البدنية

كما لا يخفي علي من استحضر عبادات خوارج النهروان.

انظر أعيان الشيعة.

(2) المصنف لعبد الرزاق الصنعاني: 3- 498.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 343

133 ربيعة بن سُمَيْع «1» «2»

( … )

أحد السلف الصالحين المتقدمين في التصنيف.

له كتاب في زكاة النّعم.

روي النجاشي بسنده عن مقرن عن جدّه ربيعة بن سميع عن أمير المؤمنين- عليه السّلام، أنّه كتب له في صدقات النعم و ما يؤخذ من ذلك، و ذكر الكتاب.

في الوقت الذي كان تأليف الحديث و تدوينه، أمراً مرغوباً عنه، قامت ثلّة من أجلاء شيعة الامام علي- عليه السّلام بالتدوين و التأليف، غير مكترثين بالنهي و لا بمضاعفاته، و منهم مترجمنا الجليل، أحد الصالحين.

وقد نبّهنا علي أسماء هؤلاء الذين خدموا علم الحديث بأقلامهم عند تراجمهم.

______________________________

(1) رجال النجاشي 1- 67 برقم 2، ايضاح الاشتباه 184 برقم 281، نقد الرجال 133 برقم 2، مجمع الرجال 3- 11، جامع الرواة 1- 318، تنقيح المقال 1- 428 برقم 4033، الذريعة 12- 42 برقم 253، معجم رجال الحديث 7- 178 برقم 4545، قاموس الرجال 4- 118.

(2) بالسين المهملة المضمومة و الياء المثناة من تحت الساكنة و العين المهملة.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 344

134 ربيعة بن عمرو «1»

(..- 64 ه) الجُرشي، أبو الغاز، يُعدُّ في أهل الشام، اختلفوا في صحبته،.

و ذكره بعضهم في الطبقة الثانية من التابعين.

قال يعقوب بن شيبة: كان أحد الفقهاء.

له رواية عن: النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و عن سعد بن أبي وقاص، و أبي هريرة، و عائشة.

روي عنه: خالد بن معدان، و علي بن رباح، و أبو هشام الغاز بن ربيعة ولده.

و كان يفقّه الناس زمن معاوية، و كانت عينه قد فقئت يوم صفين مع معاوية، و قتل يوم مرج راهط زُبَيْريّاً مع الضحاك بن قيس الفهري- سنة أربع و ستين.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 7- 438، التأريخ الكبير 3- 281 برقم 963، المعرفة و التأريخ 2-

318، الجرح و التعديل 3- 472 برقم 2116، الثقات لابن حبّان 4- 230، مشاهير علماء الامصار 115 برقم 884، حلية الاولياء 6- 105 برقم 349، الإكمال لابن مأكولا 7- 3، الانساب 2- 45، أسد الغابة 2- 170، تهذيب الكمال 9- 137 برقم 1885، تاريخ الإسلام سنة (61 80) ص 113، الوافي بالوفيات 14- 89، مرآة الجنان 1- 140، تهذيب التهذيب 2- 261 برقم 495، تقريب التهذيب 1- 247 برقم 64، الاصابة 1- 497 برقم 2618، شذرات الذهب 1- 72.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 345

135 ربيعة الرأي «1»

(..- 136 ه) ربيعة بن أبي عبد الرحمن فرّوخ التّيميّ بالولاء، أبو عثمان المدني.

حدّث عن: أنس، و السائب بن يزيد، و ابن المسيّب، و القاسم بن محمد بن أبي بكر، و آخرين.

حدّث عنه: يحيي بن سعيد الانصاري، و سليمان التيمي، و سفيان الثوري، و الليث بن سعد، و مالك و عدّة.

عُدّ من أصحاب الامامين السجاد و الباقر- عليهما السّلام.

و في الخلاصة: ربيعة الرأي من أصحاب الباقر- عليه السّلام عامي.

و كان فقيهاً مجتهداً بصيراً بالرأي فلقّب (ربيعة الرأي)، و كان يفتي بالمدينة، و له فيها حلقة، و به تفقّه مالك.

روي عنه أنّه قال: رأيت الرأي أهون عليّ من تبعة الحديث.

______________________________

(1) التأريخ الكبير 3- 286، المعارف ص 278، مشاهير علماء الامصار ص 131 برقم 588، حلية الاولياء 3- 259، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 154 برقم 213، الخلاف للطوسي 1- 94 و 2- 40 و 3- 46 طبع جامعة المدرسين، رجال الطوسي 89 و 121، تاريخ بغداد 8- 420، الإكمال لابن مأكولا 4- 131، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 65، المنتظم 7- 349، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 189، وفيات الاعيان 2- 288،

رجال العلّامة الحلي 222، تهذيب الكمال 9- 123، تذكرة الحفّاظ 1- 157، ميزان الاعتدال 2- 44، العبر 1- 141، سير أعلام النبلاء 6- 89، تاريخ الإسلام للذهبي سنة 136 ص 417، دول الإسلام 1- 59، الوافي بالوفيات 14- 94، مجمع الرجال للقهبائي 3- 11، شذرات الذهب 1- 194، روضات الجنات 3- 330، تنقيح المقال 1- 427 برقم 4031، أعيان الشيعة 6- 462، معجم رجال الحديث 7- 177، قاموس الرجال 4- 116، تاريخ التراث العربي 1- الجزء الثالث في الفقه ص 23.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 346

و يقال: كان حافظاً للفقه و الحديث.

نقل عنه الشيخ الطوسي في كتاب «الخلاف» إحدي و سبعين فتوي.

و هو ممّن فسّر القروء في قوله سبحانه: " وَ الْمُطَلَّقٰاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلٰاثَةَ قُرُوءٍ" «1» بالاطهار خلافاً لسائر فقهاء أهل السنّة، فانّهم فسّروها بالدماء، و عن الامام أبي عبد اللّه- عليه السّلام- أنّه أخذه من عليّ «2» - عليه السّلام.

توفي بالانبار و قيل بالمدينة في- سنة ست و ثلاثين و مائة.

136 رجاء بن حَيْوَة «3»

(..- 112 ه) ابن جرول، أبو نصر، و يقال: أبو المقدام الكندي، شيخ أهل الشام في عصره.

روي عن: أبي أُمامة الباهلي، و عبادة الصامت، و أبي الدرداء، و غيرهم.

______________________________

(1) البقرة: 228.

(2) وسائل الشيعة: 22- 201، كتاب الطلاق و اللعان، الباب 14، الحديث 28384.

(3) الطبقات الكبري لابن سعد 7- 454، المعارف 267، المعرفة و التاريخ 2- 329، الجرح و التعديل 3- 501، مشاهير علماء الامصار 189 برقم 901، الثقات لابن حبّان 4- 237، تاريخ أسماء الثقات ص 131 برقم 361، حلية الأَولياء 5- 170، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 226 برقم 374، الخلاف للطوسي 3- 266) طبع اسماعيليان)، طبقات الفقهاء للشيرازي 75،

الكامل في التأريخ 5- 172، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 191، وفيات الاعيان 2- 301، تهذيب الكمال 9- 151، سير أعلام النبلاء 4- 557، تذكرة الحفّاظ 1- 118، العبر للذهبي 1- 106، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 112) ص 360، الوافي بالوفيات 14- 103، البداية و النهاية 9- 315، شرح علل الترمذي 111، النجوم الزاهرة 1- 271، تهذيب التهذيب 3- 265، تقريب التهذيب 1- 248، طبقات الحفّاظ 52، شذرات الذهب 1- 145، الاعلام 3- 17.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 347

روي عنه: إبراهيم بن أبي عبلة، و ثور بن يزيد، و مطر الورّاق، و آخرون.

و كان فقيهاً فصيحاً واعظاً، و كان ملازماً لعمر بن عبد العزيز، و استكتبه سليمان بن عبد الملك.

و هو الذي أشار علي سليمان باستخلاف عمر.

قال مطر الوراق: ما لقيتُ شامياً أفقه من رجاء بن حيوة، و لكن كنت إذا حركته وجدته شامياً يقول: قضي عبد الملك فيها بكذا و كذا.

يُروي عنه أنّه قال: من لم يؤاخِ إلّا من لا عَيْبَ فيه قلَّ صديقه، وَ مَن لم يرضَ من صديقه إلّا بالإخلاص له دام سخطُهُ، و مَن عاتب إخوانه علي كل ذنب كثُرَ عدوُّه.

و قال: قليل من الفقه خير من كثير من العبادة.

توفي- سنة اثنتي عشرة و مائة.

و له في «الخلاف» مورد واحد في الفتاوي.

137 رِفاعة بن شدّاد «1»

(..- 66 ه) ابن عبد اللّه بن قيس البَجَلي، أبو عاصم الكوفي.

______________________________

(1) الطبقات لخليفة 254 برقم 1089، التأريخ الكبير 3- 322 برقم 1093، المعرفة و التاريخ 3- 73، الجرح و التعديل 3- 493 برقم 2238، الثقات لابن حبان 4- 240، مشاهير علماء الامصار 172 برقم 807، جمهرة أنساب العرب 389، رجال الطوسي 41، 68، الانساب للسمعاني 4- 346) الفتياني)،

الكامل في التأريخ 4- 183) حوادث سنة 65)، تهذيب التهذيب 3- 281، تقريب التهذيب 1- 251 برقم 97، تنقيح المقال 1- 432 برقم 4125، أعيان الشيعة 7- 30، معجم رجال الحديث 7- 196 برقم 4607، الاعلام 3- 29.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 348

روي عن: عمرو بن الحَمِق الخزاعي، و هو صحابي.

روي عنه: السُّدّي، و عبد الملك بن عُمير.

و كان فقيهاً قارئاً شاعراً، من خيار أصحاب الامام علي- عليه السّلام، و من الشجعان المقدمين.

و هو من الرهط الذين تولّوا تجهيز أبي ذر بعد وفاته بالرَّبذة «1» و ذكره يزيد بن محمد بن إياس الازدي في كتاب طبقات محدثي أهل الموصل و فقهائهم.

شهد مع أمير المؤمنين- عليه السّلام صفين، و كان أميراً علي بَجيلة.

و عد من أصحاب الامام الحسن- عليه السّلام.

و لما حَبَسَ زياد بن سُميَّة والي الكوفة حُجرَ بن عدي الكندي «2» و أخذ يطلب رءوس أصحاب حُجر، خرج عمرو بن الحمق و رِفاعة حتي نزلا المدائن، ثم ارتحلا إلي الموصل، فاختفيا بجبل هناك، فرُفع خبرهما إلي عامل الموصل، فسار إليهما فخرجا، فأما عمرو فكان مريضاً، و أمّا رفاعة فركب فرسه يقاتل عن عمرو، فقال له عمرو: و ما ينفعني قتالك، انج بنفسك، فحمل عليهم فأفرجوا فنجا، و أُخذ عمرو أسيراً ثم قُتل و بُعث برأسه إلي معاوية، و كان أوّل رأس حُمل في الإسلام.

______________________________

(1) روي ابن عبد البر عن أبي ذر الغفاري، قال: سمعت رسول اللّه ص يقول لنفر أنا فيهم: ليموتن رجل منكم بفلاة من الارض تشهده عصابة من المؤمنين.

و ليس من أُولئك النفر أحد إلّا وقد مات في قرية و جماعة، فأنا ذلك الرجل و اللّه ما كَذبت و لا كُذبت.

الإستيعاب- ترجمة جندب

(أبي ذر).

و كان مالك الأَشتر و حجر بن عدي في ذلك الرهط.

(2) حجر بن عدي و يسمي حجر الخير: صحابي شجاع، من أصفياء علي- عليه السّلام- و شهد معه وقعتي الجمل وصفين، و سكن الكوفة، ثم جي ء به إلي دمشق فأمر معاوية بقتله فَقُتِلَ في مرج عذراء (من قري دمشق) مع أصحاب له، و ذلك في سنة 51 ه.

قالت عائشة: لو لا أنا لم نُغيّر شيئاً إلّا صارت بنا الأُمور إلي ما هو أشد منه لغيّرنا قتل حجر، أما و اللّه إن كان ما علمت لمسلماً حجّاجاً معتمراً.

الكامل لابن الاثير- حوادث سنة 51.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 349

و كان رفاعة من رؤَساء التوابين، شهد عين الوردة و لم يُقتل، و ذلك انّه لمّا قُتل الامام الحسين- عليه السّلام تلاقت الشيعة بالتلاوم و التندم حيث لم ينصروه، و رأوا انّه لا يُغسل عارهم و الاثم عنهم في مقتله- عليه السّلام- إلّا بقتل من قتله أو القتل فيه، ففزعوا إلي خمسة نفر من رءوسهم منهم رِفاعة بن شداد، و لقوا أهل الشام في عين الوردة سنة (65 ه).

و لما استحرّ القتل في التوابين و قُتل زعيمهم سليمان بن صرد الخزاعي، و غيره من الزعماء، علم مَن بقيَ منهم انّهم لا طاقة لهم بمن بازائهم من أهل الشام، فارتحلوا و عليهم رِفاعة، فساروا إلي قرقيسياء ثم عادوا إلي الكوفة.

قُتل رفاعة- سنة (66 ه) مع المختار الثقفي طلباً بثأر الامام الحسين (عليه السّلام).

138 رُفيع بن مهران «1»

(..- 90، 93 ه) أبو العالية الرياحي، البصري، المقرئ الفقيه.

كان موليً لامرأة من بني رياح.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 7- 112، التأريخ الكبير 3- 326، المعارف 258، الجرح و التعديل 3- 510، مشاهير علماء الامصار ص

153 برقم 697، الثقات لابن حبّان 4- 239، حلية الاولياء 2- 217، تاريخ أصبهان 1- 314، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 166 برقم 237، الخلاف للطوسي 1- 91 طبع جماعة المدرسين، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 88، تهذيب الاسماء و اللغات 2- 251، تهذيب الكمال 9- 314، سير أعلام النبلاء 4- 207، تذكرة الحفّاظ 1- 61، العبر للذهبي 1- 81، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 93) ص 241، الوافي بالوفيات 14- 138، غاية النهاية 1- 284، شرح علل الترمذي 187، لسان الميزان 7- 472، تقريب التهذيب 1- 252، تهذيب التهذيب 3- 284، طبقات الحفّاظ 29 برقم 48، طبقات المفسرين 1- 178، شذرات الذهب 1- 102.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 350

أدرك الجاهلية، و أسلم بعد وفاة النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بسنتين.

روي عن: عمر، و علي- عليه السّلام، و أُبيّ، و أبي ذر، و ابن مسعود، و عائشة، و ابن عباس، و عدّة.

روي عنه: خالد الحذّاء، و داود بن أبي هند، و محمد بن سيرين، و الربيع بن أنس، و آخرون.

و له تفسير رواه عنه الربيع بن أنس البكري.

روي عن مغيرة قال: كان أشبه أهل البصرة علماً بإبراهيم النخعي أبو العالية.

عن أبي خلدة، قال: كان أبو العالية يبعث بصدقة ماله إلي المدينة فيدفع إلي أهل بيت النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-، فيضعونها مواضعها.

و عن أبي العالية، قال: ما أدري أيّ النعمتين أفضل عليّ، أن هداني للِاسلام، أو لم يجعلني حَروريًّا.

روي عبد الرزاق بسنده عن أبي العالية أنّ رجلًا أعمي تردّي في بئر، و النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- يصلّي بأصحابه، فضحك بعض من كان يصلي مع النبي- صلّي

اللّه عليه و آله و سلّم-، فأمر النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- من ضحك منكم فليعد الصلاة «1» و روي هذا الحديث من طرق أُخري و فيه الامر بإعادة الوضوء و الصلاة علي من ضحك في الصلاة «2»

______________________________

(1) المصنف لعبد الرزاق بن همّام الصنعاني (ت 211 ه (: 2- 376 برقم 3761، 3762.

(2) نفس المصدر برقم 3760، 3763.

قال الشيخ محمد جواد مغنية: القهقهة تبطل الصلاة بإجماع المسلمين كافة، و لا تنقض الوضوء في داخل الصلاة، و لا في خارجها إلّا عند الحنفية، حيث قالوا: بنقض الوضوء إذا حصلت القهقهة أثناء الصلاة، و لا تنقضه إذا حصلت خارجها.

الفقه علي المذاهب الخمسة: ص 32.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 351

توفي- سنة تسعين، و قيل- ثلاث و تسعين، و قيل غير ذلك.

وله في «الخلاف» ثلاثون مورداً في الفتاوي.

139 زاذان «1»

(..- 82 ه) أبو عمر، و يقال: أبو عمرة الكندي بالولاء، الفارسي، الكوفي.

ولد في حياة النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

و روي عن: عمر، و الامام علي- عليه السّلام، و سلمان، و ابن مسعود، و حذيفة، و عائشة، و جرير البجلي، و ابن عمر، و غيرهم.

و كان من علماء الكوفة، و من فقهاء التابعين.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 178، التأريخ الكبير 3- 437، رجال البرقي 4، الجرح و التعديل 3- 614، مشاهير علماء الامصار 167 برقم 775، الثقات لابن حبّان 4- 265، تاريخ أسماء الثقات ص 140 برقم 400، حلية الاولياء 4- 199، الاحكام في أصول الاحكام 2- 93، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 201 برقم 321، رجال الطوسي ص 42 برقم 3، تاريخ بغداد 8- 487، صفة الصفوة 3- 59، رجال العلّامة

الحلّي ص 192 ق 1) باب الكني)، تهذيب الكمال 9- 263، سير أعلام النبلاء 4- 280، العبر للذهبي 1- 69، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 82) ص 64، الوافي بالوفيات 14- 162، البداية و النهاية 9- 50، شرح علل الترمذي ص 311، النجوم الزاهرة 1- 206، تهذيب التهذيب 3- 302، تقريب التهذيب 1- 256، نقد الرجال 136، مجمع الرجال 3- 24، شذرات الذهب 1- 90، جامع الرواة 1- 324، تنقيح المقال 1- 436، أعيان الشيعة 7- 40، معجم رجال الحديث 7- 212.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 352

حدّث عنه: أبو صالح السمّان، و عمرو بن مُرّة، و حبيب بن أبي ثابت، و المنهال بن عمرو، و آخرون.

عُدّ من أصحاب الامام علي- عليه السّلام.

وثّقه العجلي، و ابن سعد.

روي أحمد بن حنبل بسنده عن زاذان بن عمر، قال: سمعت علياً في الرحبة و هو ينشد الناس من شهد رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- يوم غدير خمّ و هو يقول ما قال، فقام ثلاثة عشر رجلًا فشهدوا انّهم سمعوا رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- و هو يقول: «من كنت مولاه فعلي مولاه ««1» توفي- سنة اثنتين و ثمانين.

140 زِرّ بن حُبيش «2»

(..- 81، 82 ه) ابن حُباشة، أبو مريم الاسدي، الكوفي، و يكنّي أيضاً أبا مُطرِّف.

______________________________

(1) المسند: 1- 84.

(2) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 104، التأريخ الكبير 3- 447، المعارف 242، الجرح و التعديل 3- 622، مشاهير علماء الامصار 161 برقم 740، الثقات لابن حبّان 4- 269، حلية الاولياء 4- 181، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 194 برقم 302، الإستيعاب 1- 570، رجال ابن داود 97، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 196، رجال العلّامة

الحلي 76، تهذيب الكمال 9- 335، سير أعلام النبلاء 4- 166، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 81) ص 66، العبر للذهبي 1- 70، تذكرة الحفاظ 1- 57، دول الإسلام للذهبي 1- 38، الوافي بالوفيات 14- 190، شرح علل الترمذي 340، غاية النهاية 1- 294، تهذيب التهذيب 3- 321، تقريب التهذيب 1- 259، الاصابة 1- 56 برقم 2971، طبقات الحفّاظ 26 برقم 39، شذرات الذهب 1- 91، تنقيح المقال 438 برقم 4212، أعيان الشيعة 7- 56، معجم رجال الحديث 7- 217.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 353

أدرك الجاهلية، و لم ير النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- و هو من كبار أصحاب ابن مسعود.

قرأ علي الامام علي- عليه السّلام، و ابن مسعود.

و روي عن: علي- عليه السّلام، و عمر، و أُبيّ بن كعب، و عثمان بن عفان، و عمّار بن ياسر، و العباس بن عبد المطلب، و صفوان بن عسال، و حذيفة بن اليمان، و آخرين.

روي عنه: المنهال بن عمرو، و أبو إسحاق الشيباني، و أبو بردة بن أبي موسي الاشعري، و عدي بن ثابت الانصاري، و حبيب بن أبي ثابت، و زُبيد بن الحارث اليمامي، و عيسي بن عبد الرحمن بن أبي ليلي، و آخرون.

و كان عالماً بالقرآن.

أخذ عنه عاصم القراءة.

روي عن عاصم، قال: كان أبو وائل عثمانياً، و كان زر بن حبيش علوياً، و ما رأيت واحداً منهما قط تكلّم في صاحبه حتي ماتا.

روي عدّة أحاديث في فضائل أهل البيت ع ففي حلية الاولياء بسنده عن زر بن حبيش، قال: سمعت عليّ بن أبي طالب يقول: و الذي فلق الحبة و برأ النسمة و تردي بالعظمة إنّه لعهد النبي الاميّ- صلّي اللّه عليه و

آله و سلّم- إليّ أنّه لا يحبك إلّا مؤمن

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 354

و لا يبغضك إلّا منافق.

قال أبو نعيم: هذا حديث صحيح متّفق عليه «1» قال ابن سعد: كان ثقة، كثير الحديث.

و عن ابن معين قال: زر ثقة.

روي زكريا بن حكيم الحَبَطي عن الشعبي: أنّ زرّا كتب إلي عبد الملك بن مروان كتاباً يعظُه.

توفي- سنة إحدي و ثمانين، و قيل: - اثنتين و ثمانين، و قيل: - ثلاث و ثمانين.

141 زُرارة بن أوفي «2»

(..- 93 ه) قاضي البصرة، أبو حاجب العامري، البصري.

______________________________

(1) و اخرج أحمد بن حنبل في مسنده: 1- 84 بسنده عن زر بن حبيش، قال: قال علي رضي اللّه عنه: «و اللّه إنّه ممّا عهد إليّ رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- انّه لا يبغضني إلّا منافق، و لا يحبّني إلّا مؤمن».

(2) الطبقات الكبري لابن سعد 7- 150، التأريخ الكبير 3- 438، المعرفة و التاريخ 1- 217، الجرح و التعديل 3- 603، مشاهير علماء الامصار 153 برقم 701، الثقات لابن حبّان 4- 266، حلية الاولياء 2- 258، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 168 برقم 241، تهذيب الكمال 9- 339، سير أعلام النبلاء 4- 515، العبر للذهبي 1- 81، تاريخ الإسلام للذهبي «سنة 95» ص 358، الوافي بالوفيات 14- 192، مرآة الجنان 1- 185، البداية و النهاية 9- 98، شرح علل الترمذي 110، تقريب التهذيب 1- 259، تهذيب التهذيب 3- 322، شذرات الذهب 1- 102

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 355

روي عن: عمران بن حُصين، و أبي هريرة، و ابن عباس، و عبد اللّه بن سلام، و عائشة.

روي عنه: أيوب السِّختياني، و قتادة، و بهز بن حكيم، و عوف الاعرابي، و آخرون.

و كان

يقصّ في داره، و قدم الحَجّاج البصرة و هو يقصّ في داره.

و كان يصلّي في منزله الظهر و العصر ثم يأتي الحجّاج للجمعة.

رُوي عن بهز بن حكيم، قال: أنّ زرارة بن أوفي أمّهم في مسجد بني قُشير فقرأ حتي إذا بلغ: " فَإِذٰا نُقِرَ فِي النّٰاقُورِ فَذٰلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَي الْكٰافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ" «1» خرّ ميِّتاً.

و كان ذلك في- سنة ثلاث و تسعين.

و قيل: توفي- سنة خمس و تسعين.

______________________________

(1) المدثر: 8.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 356

142 زيد بن أسلم «1»

(..- 136 ه) أبو عبد اللّه العدوي بالولاء، المدني، الفقيه.

حدّث عن: والده أسلم مولي عمر، و عن: عبد اللّه بن عمر، و جابر بن عبد اللّه، و سلمة بن الاكوع، و علي بن الحسين- عليهما السّلام و ابن المسيب، و خلق.

حدّث عنه: مالك بن أنس، و سفيان الثوري، و الاوزاعي، و هشام بن سعد، و أولاده: أُسامة، و عبد اللّه، و عبد الرحمن، و آخرون.

و كان له حلقة في مسجد رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- قال أبو حازم

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 9- 216، التأريخ الكبير 3- 387، المعرفة و التاريخ 1- 675، الجرح و التعديل 3- 555، مشاهير علماء الامصار 130 برقم 579، الثقات لابن حبّان 4- 246، حلية الاولياء 3- 221، الخلاف للطوسي 1- 514 و 652) طبع جماعة المدرسين)، رجال الطوسي ص 90 برقم 5 و ص 197 برقم 22، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 200، رجال ابن داود ق 1 ص 99 برقم 656 و ق 2 ص 242 برقم 195، رجال العلّامة الحلّي ق 2 ص 222 برقم 2، تهذيب الكمال 10- 12، سير أعلام النبلاء 5- 316، تذكرة

الحفّاظ 1- 132، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 136) ص 428، ميزان الاعتدال 2- 98، دول الإسلام 1- 65، الوافي بالوفيات 15- 23، تهذيب التهذيب 3- 395، تقريب التهذيب 1- 272، طبقات الحفّاظ ص 60 برقم 116، مجمع الرجال للقهبائي 3- 76 و 77، شذرات الذهب 1- 194، جامع الرواة 1- 340، تنقيح المقال 1- 461، أعيان الشيعة 7- 91، الجامع في الرجال 1- 816، معجم رجال الحديث 7- 335.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 357

الاعرج: لقد رأيتنا في مجلس زيد بن أسلم أربعين فقيهاً أدني خصلة فينا التواسي بما في أيدينا.

و كان عمر بن عبد العزيز لما ولي الامر قد أدني زيد بن أسلم و جفا الاحوص فقال الاحوص:

أ لستَ أبا حفص هُديتَ مُخبِّري أ في الحق أن أُقصي و تدني ابن أسلما

فقال عمر: ذلك الحق.

ظهر له من المسند أكثر من مائتي حديث، و له تفسير رواه عنه ابنه عبد الرحمن.

قال يعقوب بن شيبة: ثقة من أهل الفقه و العلم و كان عالماً بتفسير القرآن.

عُدّ من أصحاب الامام السجاد- عليه السّلام.

و كان يجالسه كثيراً.

كما عُدّ من أصحاب الامام الصادق- عليه السّلام.

و من كلام زيد: ابن آدم، اتق اللّه يحبّك الناس و إن كرهوا.

و قال: إكرامك نفسك بطاعة اللّه، و الكف عن معاصي اللّه.

و قال: استعن باللّه عمّن سواه، و لا يكونن أحد أغني باللّه منك، و لا يكن أحد أفقر إليه منك.

و لا تشغلنك نعم اللّه علي العباد عن نعمه عليك.

و لا تشغلنك ذنوب العباد عن ذنوبك، و لا تقنط العباد من رحمة اللّه و ترجوها أنت لنفسك.

توفي- سنة ست و ثلاثين و مائة.

و قيل غير ذلك.

وله في «الخلاف» ثلاثة موارد في الفتاوي.

موسوعة طبقات

الفقهاء، ج 1، ص: 358

143 زيد بن وَهْب

«1» (..- بعد 83-، 96 ه) الجُهَني، أبو سليمان الكوفي.

أدرك الجاهلية و أسلم في حياة النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و هاجر إليه، فقُبض- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- و زيدٌ في الطريق.

روي عن: أبي ذر الغفاري، و علي- عليه السّلام، و عبد اللّه بن مسعود، و حذيفة بن اليمان، و عمر بن الخطاب، و البراء بن عازب، و زيد بن أرقم، و غيرهم.

و قرأ القرآن علي ابن مسعود.

روي عنه: حبيب بن أبي ثابت، و سليمان الاعمش، و منصور بن المعتمر، و عدي بن ثابت الانصاري، و أبو إسحاق السَّبيعي، و مالك بن أعين، و عبد العزيز

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 102، التأريخ الكبير 3- 407 برقم 1352، طبقات خليفة 267 برقم 1149، تاريخ خليفة 222، المعرفة و التاريخ 2- 768، رجال البرقي 6، الجرح و التعديل 3- 574 برقم 2600، حلية الاولياء 4- 171 برقم 270، فهرست الطوسي 97 برقم 303، رجال الطوسي 42 برقم 6، الإستيعاب (ذيل الاصابة (1- 544، معالم العلماء 51 برقم 340، أُسد الغابة 2- 243، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 205 برقم 193، رجال ابن داود 164 برقم 656، تهذيب الكمال 10- 111 برقم 2131، سير أعلام النبلاء 4- 196 برقم 78، تذكرة الحفاظ 1- 66 برقم 58، تاريخ الإسلام حوادث (81 100 ه (70 برقم 34 و 360 برقم 269، غاية النهاية 1- 299 برقم 1309، الاصابة 1- 567 برقم 3001 و 71 برقم 3031، تهذيب التهذيب 3- 427 برقم 781، تقريب التهذيب 1- 277 برقم 210، طبقات الحفاظ 32 برقم 56، نقد الرجال 145 برقم 42، مجمع

الرجال 3- 85، جامع الرواة 1- 344، تنقيح المقال 1- 471 برقم 4457، أعيان الشيعة 7- 130، الذريعة 7- 189 برقم 965، معجم رجال الحديث 7- 360 برقم 4888، قاموس الرجال 4- 281.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 359

ابن رُفيع، و آخرون.

و كان محدثاً صدوقاً و مؤرخاً و فقيهاً «1» ذكره أبو نعيم في أصحاب ابن مسعود المشهورين بالتبحّر في علم القرآن و الاحكام «2».

و عدّه الشيخ الطوسي من أصحاب الامام علي- عليه السّلام، و قد شهد معه مشاهده.

و غزا في أيام عمر أذربيجان.

قال الخطيب البغدادي: و كان قد نزل الكوفة و حضر مع علي بن أبي طالب الحرب بالنهروان، ثم روي بسنده عن زيد بن وهب قال: كنت مع علي بن أبي طالب يوم النهروان، فنظر إلي بيت و قنطرة، فقال: هذا بيت بوران بنت كسري و هذه قنطرة الديزجان.

قال: حدثني رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- أنّي أسير هذا المسير، و أنزل هذا المنزل.

قال سليمان الاعمش: إذا حدثك زيد بن وهب عن أحد فكأنك سمعته من الذي حدّثك عنه.

و ذكره ابن حبان في الثقات، و كذا العجلي.

روي عبد الرزاق الصنعاني بسنده عن زيد بن وهب قال: كنا جلوساً مع حذيفة في المسجد، فرأي رجلًا يصلّي صلاة لا يتم ركوعها و لا سجودها، فلما انصرف دعاه، فقال له: منذ كم صليت هذه الصلاة؟ قال: منذ أربعين سنة، قال حذيفة: ما صليتَ منذ كنت، و لو مُتّ و أنت علي هذا لَمُتّ علي غير فطرة محمد النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- الذي فُطر عليها «3»

______________________________

(1) محمود البغدادي، ثقات الإسلام: ص 44.

(2) حلية الاولياء: 4- 169.

(3) المصنّف: 2- 368 برقم

3732.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 360

و لزيد بن وهب كتاب خطب أمير المؤمنين علي- عليه السّلام- في الجمع و الأَعياد، و غيرها.

و الظاهر أنّ هذا الكتاب أوّل كتاب جُمع في كلامه- عليه السّلام-، و زيد بن وهب أوّل من ألّف في خطب الامام لا أوّل من دوّنها، فقد اهتمّ بتدوين خطبه و كلماته و وصاياه- عليه السّلام- جماعة منهم الاصبغ بن نباتة المجاشعي، و كان من خاصة أمير المؤمنين- عليه السّلام، فقد روي عهده للَاشتر النخعي لمّا ولاه مصر، و وصيته لولده محمد بن الحنفية، كما روي الحارث الاعور بعض خطبه «1») عليه السّلام).

توفي زيد في ولاية الحجّاج بعد الجماجم، و قيل: مات- سنة ست و تسعين.

______________________________

(1) مصادر نهج البلاغة و أسانيده للسيد عبد الزهراء الحسيني: 1- 51، و من كلمات الامام- عليه السّلام- التي رواها عنه زيد بن وهب ما ذكره ابن الاثير في أُسد الغابة 2- 100، قال زيد: سرنا مع علي حين رجع من صفين حتي إذا كان عند باب الكوفة إذا نحن بقبور سبعة عن أيماننا فقال: ما هذه القبور؟ فقالوا: يا أمير المؤمنين إنّ خبّاب بن الارت قد توفي.. فقال علي رضي اللّه عنه: «رحم اللّه خبّاباً، أسلم راغباً، و هاجر طائعاً، و عاش مجاهداً، و ابتلي في جسمه، و لن يضيع اللّه أجر من أحسن عملًا..» كما روي ابن قتيبة (المتوفي 276 ه) في عيون الاخبار: 1- 164 عن زيد بن وهب كلام أمير المؤمنين- عليه السّلام- في عمرو بن العاص: «عجباً لابن النابغة يزعم أني تَلعابة، أُعافس، و أُمارس، أما و شرّ القول أكذبُه، إنّه يسأل فيُلحِف، و يُسأل فيبخل، فإذا كان عند البأس فإنّه امرؤ زاجر ما

لم تأخذ السيوف مآخذها من هام القوم، فإذا كان كذلك، كان أكبر همّه أن يُبرقِط و يمنح الناس استه، قبّحه اللّه و تَرَحه».

إنّ خطب الامام- عليه السّلام- كانت موضع اهتمام و عناية الكثيرين، و كانت مدوّنة محفوظة مشهورة كما يقول الجاحظ، و لم يكن الشريف الرضي (المتوفي 406 ه) هو السابق إلي جمع كلامه- عليه السّلام-، فقد نقل المحدّثون و المؤرخون كثيراً منه، وقد روي ابن أبي الحديد في آخر الخطبة الشقشقية من شرح نهج البلاغة عن ابن الخشاب (المتوفي 568 ه) قوله: و اللّه لقد وقفت علي هذه الخطبة في كتب وُضعت قبل أن يُخلق الرضي بمائتي سنة، و لقد وجدتها مسطورة بخطوط أعرفها و أعرف خطوط من هو من العلماء و أهل الادب قبل أن يُخلق النقيب أبو أحمد والد الرضيّ.

و من أراد الاحاطة بهذا الموضوع فليراجع «مصادر نهج البلاغة و أسانيده».

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 361

144 زينب الكبري «1»

(5- 62 ه) زينب بنت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب و اسمه عبد مناف بن عبد المطلب، القرشية الهاشمية، تُعرف بعقيلة بني هاشم، و أُمها فاطمة الزهراء بنت رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

ولدت بالمدينة في الخامس من شهر جمادي الاولي من السنة الخامسة للهجرة «2»، في بيتٍ تُتلي فيه آيات اللّه و الحكمة جدّها المصطفي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، و عاشت في كنف والديها المطهّريْن،

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 212 و 8- 463 و 465، أخبار الزينبات ليحيي بن الحسن 111، 122، مقاتل الطالبيين 91، 116، 119، 120، الارشاد 186، 243، 246، الاحتجاج للطبرسي 2 305- 303، مقتل الحسين للخوارزمي 2، 64- 62، الكامل في التأريخ 4،

86- 81، أُسد الغابة 5- 469، مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 9- 177 برقم 77، الاصابة في تمييز الصحابة 4- 314 برقم 510، مجمع الرجال 7- 175، جامع الرواة 2- 457، بحار الانوار 45- 108، عوالم العلوم للبحراني 11- 2، نور الابصار للشبلنجي 376 381، ناسخ التواريخ (زينب الكبري)، تنقيح المقال 3- 79، أعيان الشيعة 7- 137، سفينة البحار 3- 496) زينب)، نفس المهموم 208، عقيلة الوحي للسيد عبد الحسين شرف الدين، زينب الكبري للنقدي، الاعلام 3، 67- 66، أدب الطف للسيد جواد شبر 1- 236، بطلة كربلاء لبنت الشاطي.

(2) و قيل: في السنة السادسة.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 362

و شملها كما شمل أخويها الحسن و الحسين من قبل عطف جدِّها و حنانه، و لما توفي المصطفي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، و أُمَّها التي كانت أوّل أهل بيته لحوقاً به، حظيت برعاية أبيها- عليه السّلام، فتنسَمت عَرفَه، و سمعت حديثه و كلِمَه، و وعت مواقفه و بأسه، فانعكس ذلك كله علي شخصيتها، فكان منها ما كان في طفّ كربلاء، و في الكوفة و الشام.

روت عن: أبيها الامام علي، و أُمها فاطمة الزهراء، و عن أُمّ أيمن، و أُم سلمة، و آخرين «1».

روي عنها: ابن أخيها زين العابدين، و جابر بن عبد اللّه الانصاري، و ابن عباس، و كان يقول: حدثتني عقيلتنا، زينب بنت علي «2» و كانت عالمة، خطيبة، فصيحة، جليلة الشأن، موصوفة بالصبر الجميل و الثبات و التسليم إلي اللّه تعالي، و كانت ذات عبادة و تهجّد.

و كانت لها نيابة خاصة عن الامام الحسين- عليه السّلام، و كان يُرجع إليها في الحلال و الحرام في وقت مرض الامام زين العابدين «3»

- عليه السّلام، و لها خطب و كلمات تتجلي فيها بلاغتها و رجاحة عقلها، و قوة حجتها، و وعيها للقرآن الكريم و السنّة الشريفة.

قال الامام زين العابدين- عليه السّلام و هو يخاطب عمته زينب: أنت بحمد اللّه عالمة غير معلَّمة، و فهمة غير مفهَّمة.

______________________________

(1) انظر روايتها عن علي- عليه السّلام- و عن أُم أيمن و رواية زين العابدين عنها: كامل الزيارات: باب 88، ص 261، 266.

(2) مقاتل الطالبيين: 91.

(3) كمال الدين: 501، الباب 45، الحديث 27، و تنقيح المقال: 3- 79.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 363

و قال ابن الاثير: كانت زينب امرأة عاقلة لبيبة جزلة.

ثم قال: و كلامها ليزيد حين طلب الشامي أُختها فاطمة بنت علي من يزيد مشهور مذكور في التواريخ، و هو يدلّ علي عقل و قوة جنان «1» و كان لزينب (عليها السلام) في نهضة الامام الحسين- عليه السّلام مواقف بطولية في مجابهة الظالمين و فضحهم، و في تذكير المسلمين و تعريفهم بمقام أهل البيت و مظلوميتهم، حتي عُرفت بأنّها حاملة لواء الثورة بعد استشهاد أخيها الحسين (عليه السّلام).

قالت و هي تخاطب الجموع المحتشدة حول ركب الاساري من آل محمّد- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- في الكوفة: لقد ذهبتم بعارها و شنارها، و لن ترحضوها بغسل بعدها أبداً، و أني ترحضون قتل سليل خاتم النبوة، و معدن الرسالة، و سيد شباب أهل الجنّة، و ملاذ حيرتكم، و مفزع نازلتكم، و منار حجّتكم و مِدْرَه ألسنتكم، ألا ساء ما تزرون، و بُعداً لكم و سحقا.. أ تدرون أيّ كبد لرسول اللّه فريتم؟! و أيّ كريمة له أبرزتم؟! و أيّ دم له سفكتم؟! و أي حرمة له انتهكتم؟!..

و كان لمواقف العقيلة زينب

و خطبتها بالكوفة المارة الذكرة و احتجاجها علي ابن زياد «2» و علي يزيد «3» و خطبتها بالشام «4» كان لكل ذلك مع ما قام به

______________________________

(1) أُسد الغابة: 5- 469.

(2) الإرشاد: 243 244، و تاريخ ابن الاثير: 4- 81.

(3) الإرشاد 246، و تاريخ ابن الاثير: 4- 86.

(4) رواها ابن طاوس في كتاب «الملهوف علي قتلي الطفوف» منها: أ ظننتَ يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الارض و آفاق السماء فأصبحنا نُساق كما تُساق الاساري أنّ بنا هواناً علي اللّه و بك عليه كرامة!!.. فمهلًا مهلًا لا تطش جهلًا، أنسيت قول اللّه تعالي: (لٰا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمٰا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمٰا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدٰادُوا إِثْماً وَ لَهُمْ عَذٰابٌ مُهِينٌ) «آل عمران- 178».

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 364

زين العابدين أكبر الاثر في إحداث هزة في الضمائر، و إثارة الرأي العام، الامر الذي اضطر معه يزيد إلي التظاهر بالندم، و استنكار ما فعله ابن زياد من جرائم بحق آل الرسول- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-.

قال السيوطي: و لما قُتل الحسين و بنو أبيه بعث ابن زياد بروَوسهم إلي يزيد، فسُرَّ بقتلهم أوّلًا، ثم ندم لما مقته المسلمون علي ذلك، و أبغضه الناس، و حُقّ لهم أن يبغضوه «1» قالت الدكتورة بنت الشاطي في كتابها «بطلة كربلاء»: لقد أفسدت زينب أُخت الحسين علي ابن زياد و بني أُمية لذة النصر، و سكبت قطرات من السم الزعاف في كئوس الظافرين.

و كانت زينب قد تزوجت من ابن عمّها عبد اللّه بن جعفر الطيار، فولدت له علياً، و عون الاكبر، و عباساً، و محمداً، و أُم كلثوم «2» و قد استشهد عون و محمد «3» مع خالهما الحسين-

عليه السّلام في معركة الطف في العاشر من المحرم سنة إحدي و ستين.

اختُلف في مكان وفاة زينب و مدفنها، فقيل: إنّها توفيت و دفنت بالمدينة، و قيل: توفيت بالشام.

و قال النسابة العبيدلي: توفيت بمصر- عشية يوم الاحد لخمسة عشر يوماً مضت من رجب سنة اثنتين و ستين.

______________________________

(1) تاريخ الخلفاء: 208 ترجمة يزيد بن معاوية.

(2) أسد الغابة: 5- 469.

(3) و في مقاتل الطالبيين (ص 91) أنّ أُمّ محمد بن عبد اللّه بن جعفر هي الخوصا بنت حفصة بن ثقيف.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 365

145 سالم بن أبي الجعد «1»

(..- 97،- 98 ه) الاشجعي، الغطفاني مولاهم، الكوفي، الفقيه.

روي عن: ثوبان مولي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و جابر، و ابن عباس، و آخرين.

و قيل: روي عن عمر، و علي، قيل: و ذلك منقطع، علي أنّ ذلك في سنن النسائي.

روي عنه: الحكم، و قتادة، و منصور، و الاعمش، و حُصين بن عبد الرحمن، و آخرون.

و كان طلّابة للعلم، و حديثه مُخرّج في الكتب الستة.

عُدّ من أصحاب الامام علي- عليه السّلام و أُخري من أصحاب علي بن الحسين- عليهما السّلام و ذُكر أنّه كان لَابي الجعد ستة بنين: فاثنان شيعيان، و هما: سالم و عبيد، و اثنان مرجئان، و اثنان خارجيان، فكان أبوهم يقول: قد خالف اللّه بينكم.

توفي- سنة سبع أو ثمان و تسعين، و قيل: - مائة، و قيل: - إحدي و مائة، و له مائة و خمس عشرة سنة، و قيل: لم يثبت أنّه جاوز المائة.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 291، التأريخ الكبير 4- 107، المعارف 257، المعرفة و التاريخ 1- 490، رجال البرقي 33 و 5، الجرح و التعديل 4- 181، مشاهير علماء الامصار ص

172 برقم 809، الثقات لابن حبّان 4- 305، رجال الطوسي 43، رجال العلّامة الحلي 227، تهذيب الكمال 10- 130، سير أعلام النبلاء 5- 108، العبر للذهبي 1- 90، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 99) ص 361، ميزان الاعتدال 2- 109، دول الإسلام 1- 48، الوافي بالوفيات 15- 95، البداية و النهاية 9- 198، شرح علل الترمذي 116، تهذيب التهذيب 3- 432، تقريب التهذيب 1- 279، مجمع الرجال للقهبائي 3- 89، تنقيح المقال 2- 2، أعيان الشيعة 7- 174، معجم رجال الحديث 8- 13، قاموس الرجال 4- 282.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 366

146 سالم بن عبد اللّه «1»

(..- 106،- 107 ه) ابن عمر بن الخطاب، أبو عمر، و يقال: أبو عبد اللّه القُرشيّ، العدويّ، المدنيّ.

حدّث عن: أبيه، و عائشة، و أبي هريرة، و زيد بن الخطاب، و رافع بن خديج، و سفينة، و آخرين.

حدّث عنه: ابنه أبو بكر، و سالم بن أبي الجعد، و عمرو بن دينار، و محمد بن واسع، و أبو بكر بن حزم، و الزهري، و كثير بن زيد، و عكرمة بن عمار، و آخرون.

عُدّ في فقهاء المدينة.

و كان كثير الحديث.

روي أبو نعيم «2» بسنده عن سالم بن عبد اللّه بن عمر عن أبيه، قال: رأيت

______________________________

(1) الطبقات لابن سعد 5- 195، التأريخ الكبير 4- 115، المعرفة و التاريخ 1- 554، الجرح و التعديل 4- 184، مشاهير علماء الامصار 108 برقم 438، الثقات لابن حبّان 4- 305، المعجم الكبير للطبراني 4- 243، حلية الاولياء 2- 193، الخلاف للطوسي 3- 473) طبع جماعة المدرسين)، طبقات الفقهاء للشيرازي 62، المنتظم 7- 113، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 207، وفيات الاعيان 2- 349، تهذيب الكمال 10- 145، سير أعلام النبلاء 4- 457،

تذكرة الحفّاظ 1- 88، العبر للذهبي 1- 99، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 106) ص 88، دول الإسلام 1- 52، الوافي بالوفيات 15- 83، مرآة الجنان 1- 227، البداية و النهاية 9- 244، شرح علل الترمذي 259، غاية النهاية 1- 301، النجوم الزاهرة 1- 256، تهذيب التهذيب 3- 436، طبقات الحفّاظ 40 برقم 75، شذرات الذهب 1- 133.

(2) حلية الاولياء: 3- 163، الترجمة 237.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 367

رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- يرفع يديه إذا افتتح الصلاة، و إذا ركع، و إذا رفع رأسه من الركوع.

توفي- سنة ستٍ و مائة، فصلّي عليه هشام بن عبد الملك بعد انصرافه من الحج.

و قيل: مات- سنة سبع و مائة.

نقل عنه الشيخ الطوسي في كتاب «الخلاف» فتوي واحدة.

147 سعد بن إبراهيم «1»

(..- 125،- 127 ه) ابن عبد الرحمن بن عوف، الفقيه، أبو إسحاق، و يقال: أبو إبراهيم القُرشيّ الزُّهريّ، المدنيّ.

حدّث عن: عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب، و أنس، و أبي أُمامة بن سهل بن حنيف، و عمر بن أبي سلمة، و القاسم بن محمد بن أبي بكر، و جماعة.

______________________________

(1) الطبقات لابن سعد 9- 179، التأريخ الكبير 4- 51، المعرفة و التاريخ 1- 411، الجرح و التعديل 4- 79، مشاهير علماء الامصار ص 217 برقم 1072، الثقات لابن حبّان 6- 375، تاريخ الطبري 5- 535، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 151 برقم 208، رجال الطوسي 202 برقم 1، تهذيب الكمال 10- 240، العبر 1- 126، سير أعلام النبلاء 5- 418، دول الإسلام 1- 62، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 127) ص 111، الوافي بالوفيات 15- 148، تذكرة الحفّاظ 1- 136، تهذيب التهذيب 3- 463، تقريب التهذيب 1-

286، مجمع الرجال 3- 99، شذرات الذهب 1- 173، جامع الرواة 1- 352، تنقيح المقال 2- 10، أعيان الشيعة 7- 219، الجامع في الرجال 1- 842، معجم رجال الحديث 8- 48.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 368

حدّث عنه: ولده إبراهيم، و ابن عجلان، و أيوب، و مسعَر، و الزهري، و ابن إسحاق، و السفيانان، و آخرون.

ولي قضاء المدينة ثم عزل، قال: ابن عيينة: لما عزل سعد عن القضاء كان يُتقي كما كان يُتقي و هو قاض.

روي عنه أهل العلم إلّا مالك بن أنس.

و قيل: إنّ سعداً وعظ مالكاً فوجد عليه فلم يرو عنه و قيل: إنّما ترك مالك الرواية عنه لَانّ سعداً تكلم في نسبه.

روي انّ المعيطي قال لابن معين: كان مالك يتكلم في سعد سيد من سادات قريش و يروي عن ثور و داود بن الحصين خارجيين.

عُدّ من أصحاب الامام الصادق- عليه السّلام.

توفي- سنة خمس و عشرين و مائة، و قيل سبع و عشرين و قيل غير ذلك.

148 سعد بن طارق «1»

(..- حدود 140 ه) ابن أَشْيَم، أبو مالك الاشجعي، الكوفي.

روي عن: أبيه، و عبد اللّه بن أوفي، و أنس بن مالك، و رِبعيّ بن حراش،

______________________________

(1) الطبقات لابن سعد 4- 284، التأريخ الكبير 4- 58، المعرفة و التاريخ 2- 146، الجرح و التعديل 4- 86، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 211، تهذيب الكمال 10- 269، سير أعلام النبلاء 6- 184، ميزان الاعتدال 2- 122، تهذيب التهذيب 3- 472، تقريب التهذيب 1- 287.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 369

و آخرين.

روي عنه: الثوري، و أبو عوانة، و حفص بن غياث، و عبيدة بن حميد، و آخرون.

روي عن فضيل بن عياض، قال: سألت سفيان (الثوري) عن أبي مالك (سعد بن طارق الاشجعي)

قال: كان من الفقهاء.

بقي إلي- حدود سنة أربعين و مائة.

149 سعد بن عُبيد «1»

(..- 98 ه) المدني الزهري بالولاء، أبو عبيد، مولي عبد الرحمن بن أزهر.

روي عن: علي- عليه السّلام و عمر، و عثمان، و ابن أزهر.

روي عنه: الزهري، و سعيد بن خالد القارظيّ.

و كان فقيهاً مقرئاً، و يُعدّ من قدماء التابعين.

روي أنّ سعد بن عبيد خطب في القادسية، فقال: إنّا لاقو العدوّ إن شاء اللّه

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 5- 86، المعرفة و التاريخ 1- 414، الكني و الأَسماء (للدولابي (2- 75، الجرح و التعديل 4- 90، الثقات لابن حبّان 1- 153، تهذيب الكمال 10- 288، تاريخ الإسلام (81 100) ص 534، الوافي بالوفيات 15- 181 برقم 250، تهذيب التهذيب 3- 477 برقم 888، تقريب التهذيب 1- 288 برقم 95.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 370

غداً، و إنّا مستشهدون، لا تغسلوا عنا دماءَنا، و لا نكفّن إلّا في ثوب كان علينا «1» توفي بالمدينة- سنة ثمان و تسعين.

150 سعد بن عبيدة «2»

(..- سنة بضع و مائة) السُّلمي، أبو حمزة و قيل أبو ضَمرة الكوفي.

حدّث عن: البراء بن عازب، و المستورد بن الاحنف، و أبي عبد الرحمن السلمي، و كان ختنه علي ابنته، و غيرهم.

حدّث عنه: الاعمش، و منصور، و الحكم بن عتيبة، و علقمة بن مرثد، و آخرون.

توفي في ولاية عمرو بن هبيرة علي العراق.

و قيل: كان يري رأي الخوارج ثمّ تركه.

______________________________

(1) المصنّف لعبد الرزاق بن همّام الصنعاني: 5- 274 برقم 9588.

(2) الطبقات لابن سعد 6- 298، التأريخ الكبير 4- 60، المعرفة و التاريخ 2- 229، الجرح و التعديل 4- 89، تهذيب الكمال 10- 290، سير أعلام النبلاء 5- 9، العبر 1- 15، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 94)، تهذيب التهذيب 3- 478، تقريب التهذيب 1- 288، الاصابة 2- 28، الأعلام 3-

86.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 371

151 سعيد بن جُبير «1»

(45- 95 ه) ابن هشام، الحافظ المقرئ المفسّر الشهيد، أبو محمد، و يقال: أبو عبد اللّه الاسدي، الوالبي مولاهم، الكوفي.

قال أبو نعيم الأصفهاني: الفقيه البكّاء، و العالم الدّعّاء، السعيد الشهيد، السّديد الحميد.

عُدّ من أصحاب عليّ بن الحسين زين العابدين- عليهما السّلام.

و روي عن: ابن عباس، و عبد اللّه بن مغفَّل، و عائشة، و عديّ بن حاتم، و أبي سعيد الخُدري، و آخرين.

و روي عن التابعين مثل: أبي عبد الرحمن السُّلمي.

______________________________

(1) الطبقات لابن سعد 6- 256، التأريخ الكبير 3- 461، المعارف 253، المعرفة و التاريخ 1- 712، الجرح و التعديل 4- 9، اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي (110 برقم 55، مشاهير علماء الامصار 133 رقم 591، الثقات لابن حبّان 4- 275، اخبار أصبهان 1- 324، حلية الاولياء 4- 272، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 203 برقم 326، رجال الطوسي 90، طبقات الفقهاء للشيرازي 82، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 216، وفيات الاعيان 2- 371، رجال العلّامة الحلي 79، تهذيب الكمال 10- 358، سير أعلام النبلاء 4- 321، تذكرة الحفّاظ 1- 71، العبر للذهبي 1- 84 و 123، تاريخ الإسلام للذهبي سنة 95 ص 366، دول الإسلام 1- 44، مرآة الجنان 1- 196، البداية و النهاية 9- 101، غاية النهاية 1- 305، النجوم الزاهرة 1- 228، تهذيب التهذيب 4- 11، تقريب التهذيب 1- 292، طبقات المفسرين للداوري 1- 188، نقد الرجال ص 115، مجمع الرجال للقهبائي 3- 113، شذرات الذهب 1- 108، جامع الرواة 1- 359، روضات الجنات 4- 39، تنقيح المقال 2- 25، أعيان الشيعة 7- 234، معجم رجال الحديث 8- 113، قاموس الرجال 4- 354.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1،

ص: 372

روي عنه: أبو صالح السمّان، و أيوب السَّختياني، و ثابت بن عجلان، و أبو المقدام ثابت بن هُرمز، و حبيب بن أبي ثابت، و حمّاد، و سالم الافطس، و سلمة بن كُهيل، و خلق كثير.

و كان ابن عباس، إذا أتاه أهل الكوفة يستفتونه، يقول: أ ليس فيكم ابن أُمّ الدهماء؟ يعني سعيداً.

و كان من كبار العلماء، فقيهاً ورعاً، عابداً فاضلًا و كان فيمن خرج من القرّاء علي الحجاج بن يوسف، و شهد دير الجماجم.

فلما هُزم ابن الاشعث، هرب سعيد بن جبير إلي مكة، فأخذه خالد القسري بعد مدّة، و بعث به إلي الحجاج فقتله- سنة خمس و تسعين «1» و لم يكمل الخمسين، ثم مات الحجاج بعده بأيام.

ذُكر انّ الحجاج في مدة مرضه كان إذا نام رأي سعيد بن جبير آخذاً بمجامع ثوبه و يقول له: يا عدو اللّه فيم قتلتني؟ فيستيقظ مذعوراً و يقول: ما لي و لسعيد بن جبير.

روي هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه الصادق- عليه السّلام-: انّ سعيد بن جبير كان يأتم بعلي بن الحسين، و كان علي- عليه السّلام يثني عليه.

و من كلام سعيد: التوكّل علي اللّه جِماعُ الإِيمان.

و كان يدعو: اللهم إنّي أسألك صدق التوكل عليك، و حُسن الظنِّ بك.

و قال: إنّ الخشية أن تخشي اللّه حتي تَحُولَ خشيتُكَ بينك و بين معصيتكَ، فتلك الخشية، و الذّكرُ طاعة اللّه، فمن أطاع اللّه فقد ذكره، و من لم يُطعه فليس بذاكر و إن أكثر التسبيح و تلاوة القرآن.

له في «الخلاف» ثلاثون مورداً في الفتاوي.

______________________________

(1) و ذكر الطبري مقتله في سنة (94 ه): 5- 260.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 373

152 سعيد بن الحارث «1»

(..- 120 ه) ابن أبي سعيد بن المُعلّي، الانصاري،

الفقيه، قاضي المدينة.

حدّث عن: أبي هريرة، و أبي سعيد الخدري، و جابر بن عبد اللّه، و ابن عمر، و غيرهم.

حدّث عنه: زيد بن أبي أُنيسة، و عمارة بن غزيّة، و فُليح بن سليمان، و آخرون.

عُدّ من أصحاب علي بن الحسين السجاد- عليه السّلام.

مات في- حدود سنة عشرين و مائة.

______________________________

(1) التأريخ الكبير 3- 464، المعرفة و التاريخ 3- 55، الجرح و التعديل 4- 12، الثقات لابن حبّان 4- 282، رجال الطوسي 93، تهذيب الكمال 10- 379، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 140121) ص 113، سير أعلام النبلاء 5- 164، تهذيب التهذيب 4- 15، تقريب التهذيب 1- 292، الاصابة 2- 2، مجمع الرجال للقهبائي 3- 114، جامع الرواة 1- 359، تنقيح المقال 2- 26، أعيان الشيعة 7- 236، الجامع في الرجال 862، معجم رجال الحديث 8- 116.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 374

153 سعيد بن فيروز «1»

(..- 83 ه) الطائي بالولاء، أبو البَخْتَريّ الكوفي.

عُدّ من أصحاب الامام علي- عليه السّلام، و حدّث عنه.

و حدّث عن: الحارث الاعور، و ابن عباس، و أبي سعيد الخُدري، و آخرين.

حدّث عنه: حبيب بن أبي ثابت، و سلمة بن كهيل، و عطاء بن السائب، و عبد الاعلي بن عامر، و غيرهم.

و كان من كبار فقهاء الكوفة و عبّادها، و كان مقدّم الصالحين القرّاء الذين ثاروا علي الحجاج مع ابن الاشعث، فقتل في وقعة الجماجم- سنة ثلاث و ثمانين.

عن حبيب بن أبي ثابت قال: اجتمعت أنا و سعيد بن جبير و أبو البختري فكان الطائي أعلمنا و أفقهنا.

وثّقه يحيي بن معين، و قال العجلي: تابعي ثقة فيه تشيع.

______________________________

(1): الطبقات لابن سعد 6- 292، معرفة- الرجال لابن معين 2- 90 برقم 226، التأريخ الكبير 3- 506، المعرفة و التاريخ

1- 500، رجال البرقي 6، الكني و الأَسماء للدولابي 1- 125، الجرح و التعديل 4- 54 برقم 241، الثقات لابن حبّان 4- 286، مشاهير علماء الامصار 170 برقم 790، حلية الاولياء 4- 379، رجال الطوسي ص 43 برقم 10) سعد بن عمران و يقال سعد بن فيروز)، طبقات الفقهاء للشيرازي 43، تهذيب الكمال 11- 32، سير أعلام النبلاء 4- 279، العبر 1- 70، تاريخ الإسلام (سنة 81 100) ص 231، تهذيب التهذيب 4- 72، تقريب التهذيب 1- 303، شذرات الذهب 1- 92، جامع الرواة 1- 361، تنقيح المقال 2- 29 برقم 4858، أعيان الشيعة 7- 242، معجم رجال الحديث 8- 129، قاموس الرجال 4- 371.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 375

154 سعيد بن المُسيِّب «1»

(13- 94 ه) ابن حزن، أبو محمد القرشي، المخزومي.

ولد بالمدينة سنة ثلاث عشرة، و قيل: خمس عشرة.

روي عن: عثمان، و زيد بن ثابت، و أبي هريرة، و كان زوج ابنته، و عائشة، و أُمّ سلمة، و أسماء بنت عميس، و ابن عباس، و آخرين، و قيل: إنّه سمع من عمر.

روي عنه: ابنه محمّد، و الزهري، و قتادة، و شريك، و إدريس بن صبيح، و عبد الكريم الجزري، و علي بن جدعان، و آخرون.

______________________________

(1) الطبقات لابن سعد 5- 119، التأريخ الكبير 3- 510، المعارف ص 248، المعرفة و التأريخ 1- 468، رجال البرقي ص 8، الجرح و التعديل 3- 59، اختيار معرفة الرجال ص 115 برقم 184، مشاهير علماء الامصار 105 برقم 426، ثقات ابن حبّان 1- 162، المعجم الكبير للطبراني 4- 244، حلية الاولياء 2- 162، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 131 برقم 169، رجال الطوسي ص 90، الخلاف للطوسي 1- 51 و 2-

18) طبع جماعة المدرسين)، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 57، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 219، وفيات الاعيان 2- 375، الرجال لابن داود ص 103 برقم 695، تهذيب الكمال 11- 66، سير أعلام النبلاء 4- 217، العبر للذهبي 1- 82، دول الإسلام 1- 44، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 74) ص 371، تذكرة الحفّاظ 1- 54، البداية و النهاية 9- 105، النجوم الزاهرة 1- 228، تهذيب التهذيب 4- 84، تقريب التهذيب 1- 305، طبقات الحفّاظ 25، مجمع الرجال للقهبائي 3- 124، جامع الرواة 1- 362، روضات الجنات 4- 43، رجال الخاقاني 78، أعيان الشيعة 7- 249، الاعلام 3- 102، معجم رجال الحديث 8- 132.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 376

و قد جمع بين الحديث و الفقه.

قال ابن عمر لرجل سأله عن مسألة: ائت ذاك فسَلْه يعني سعيداً ثم ارجع إليّ فأخبرني، ففعل ذلك، فأخبره فقال: أ لم أخبرك أنّه أحد العلماء؟ روي عن الفضل بن شاذان، قال: لم يكن في زمن علي بن الحسين (عليهما السّلام) في أوّل أمره إلّا خمسة أنفس.. و ذكر منهم سعيد بن المسيب، ثم قال: سعيد بن المسيب ربّاه أمير المؤمنين- عليه السّلام و كان حزْن جد سعيد أوصي إلي أمير المؤمنين.

و روي عن علي بن الحسين- عليهما السّلام قال: سعيد بن المسيب أعلم الناس بما تقدمه من الآثار، و أفهمهم في زمانه.

و كان عنده أمر عظيم من بني أُمية و سوء سيرتهم، و كان لا يقبل عطاءهم، فلما عقد عبد الملك لابنيه الوليد و سليمان بالعهد، أبي سعيد ذلك، فضربه هشام ابن إسماعيل المخزومي عامل المدينة ستين سوطاً، و ألبسه تبّاناً من شعر و أمر به، فطيف به ثمّ سجن.

قيل له: ادعُ

علي بني أُميّة، فقال: اللّهمّ أعزَّ دينك، و أظهر أولياءك و أخزِ أعداءك في عافية لُامّة محمد- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-.

نقل عنه الشيخ الطوسي احدي و سبعين فتوي في «الخلاف».

كما وقع سعيد ابن المسيب في اسناد جملة من الروايات في الكتب الأَربعة عن أئمة أهل البيت- عليهم السّلام-، تبلغ أربعة عشر مورداً، فقد روي عن الامام علي بن الحسين- عليه السّلام و عن جابر بن عبد اللّه، و سلمان، و علي بن أبي رافع، و روي عنه أبان بن تغلب، و غالب الاسدي، و أبو حمزة الثمالي.

توفي بالمدينة- سنة أربع و تسعين، و كان يقال لهذه السنة سنة الفقهاء لكثرة من مات منهم فيها.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 377

155 سعيد بن أبي هلال «1»

(70- 135 ه) الحافظ الفقيه، أبو العلاء الليثي مولاهم المصري.

قيل: إنّه نشأ بالمدينة ثمّ قدم مصر، و قد حدّث عنه سعيد المقبريّ، و هو أحد شيوخه.

روي عن: أبي أُميّة الانصاري، و نعيم المُجمِر، و القامس بن أبي بزّة، و قتادة، و زيد بن أسلم، و أرسل عن جابر و غيره.

روي عنه: خالد بن يزيد، و عمرو بن الحارث، و هشام بن سعد، و الليث بن سعد.

عُدّ من أصحاب الامام جعفر الصادق- عليه السّلام.

توفي- سنة خمس و ثلاثين و مائة و قيل: - سنة أربع و ثلاثين، و قيل غير ذلك.

______________________________

(1) الطبقات لابن سعد 7- 514، التأريخ الكبير 3- 519، المعرفة و التاريخ 1- 121 و 247، الجرح و التعديل 4- 71، الثقات لابن حبّان 6- 374، مشاهير علماء الامصار 301 برقم 1525، رجال الطوسي 209 برقم 20، تهذيب الكمال 11- 94، سير أعلام النبلاء 6- 303، ميزان الاعتدال 2- 162، العبر للذهبي 1-

138، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 135) ص 439.

الوافي بالوفيات 15- 269، تهذيب التهذيب 4- 94، تقريب التهذيب 1- 307، مجمع الرجال للقهبائي 3- 112، شذرات الذهب 1- 192، تنقيح المقال 2- 24، أعيان الشيعة 7- 233، الجامع في الرجال 859، معجم رجال الحديث 8- 111.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 378

156 سعيد بن يُحمِد «1»

(..- 113 ه) أبو السَّفَر الهمداني، الكوفي، الفقيه.

حدّث عن: ابن عبّاس، و البراء بن عازب، و عبد اللّه بن عمرو، و ابن عمر، و ناجية بن كعب.

حدّث عنه: الاعمش، و إسماعيل بن أبي خالد، و مالك بن مِغْوَل، و يونس ابن أبي إسحاق، و آخرون.

توفي- سنة ثلاث عشرة و مائة.

157 أبو حازم «2»

(..- 133،- 135 ه) سَلَمة بن دينار المخزومي بالولاء، المدني، القاصّ الزاهد أبو حازم الاعرج، و قيل ولاؤه لبني ليث.

______________________________

(1) الطبقات لابن سعد 6- 299، التأريخ الكبير 3- 519، المعرفة و التاريخ 2- 657، الكني و الأَسماء للدولابي 20، الجرح و التعديل 4- 73، تهذيب الكمال 11- 101، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 113) ص 369، سير أعلام النبلاء 5- 70، الوافي بالوفيات 15- 273، تهذيب التهذيب 4- 96، تقريب التهذيب 1- 307.

(2) الطبقات الكبري لابن سعد 5- 424، التأريخ الكبير 4- 78، المعرفة و التأريخ 1- 676، تاريخ اليعقوبي 3- 73، الجرح و التعديل 4- 159، الثقات لابن حبان 4- 316، حلية الاولياء 3- 229، رجال الطوسي 142 برقم 26) باب الكني) و 91 برقم 11، مختصر تاريخ دمشق 10- 65، تهذيب الكمال 11- 272، سير أعلام النبلاء 6- 96، تاريخ الإسلام (حوادث 140) 121 441، تذكرة الحفّاظ 1- 133، الوافي بالوفيات 15- 319، تهذيب التهذيب 4- 143، تقريب التهذيب 1- 316، شذرات الذهب 1- 208، جامع الرواة 1- 372، معجم رجال الحديث 8- 206 برقم 5356 و 21- 104 برقم 14062، قاموس الرجال 4- 437.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 379

روي عن: سهل بن سعد الساعدي، و سعيد بن المسيّب، و عطاء بن أبي رَباح، و عطاء بن يسار، و أبي أُمامة بن سهل بن

حنيف، و آخرين.

وقد عُد من أصحاب الامامين السجاد، و ابنه محمد الباقر- عليهما السّلام.

روي عنه: حماد بن زيد، و حماد بن سلمة، و سفيان الثوري، و سفيان بن عُيَينة، و ابنه عبد العزيز بن أبي حازم، و مالك بن أنس، و محمد بن مسلم بن شهاب الزهري و هو أكبر منه و عدّة.

و كان فقيهاً «1»، كثير الحديث، و كان يقصّ و كلمات في الوعظ و التذكير، و أخباره كثيرة.

و مما روي عنه من الكلمات: ينبغي للمؤمن أن يكون أشدَّ حفظاً للسانه منه لموضع قدميه.

و قال له سليمان بن عبد الملك: يا أبا حازم ما لنا نكره الموت؟ فقال: عمّرتم الدنيا و خرّبتم الآخرة، فتكرهون الخروج من العمران إلي الخراب.

و قال سفيان بن عيينة عن أبي حازم: ليس للملوك صديق، و لا للحسود راحة، و النظر في العواقب تلقيح للعقول.

قال سفيان: فذاكرت الزهريّ هذه الكلمات، فقال: كان أبو حازم جاري، و ما ظننتُ أنّه يُحسن مثل هذه الكلمات.

أقول: إنّ كثيراً من الكلمات التي رويت عن أبي حازم، قد رويت عن أهل البيت، و يظهر أنّه أخذها عنهم- عليهم السّلام- أو أنّه اقتبس معانيها من كلماتهم فراح

______________________________

(1) عدّ اليعقوبي أبا حازم من الفقهاء أيام هشام بن عبد الملك.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 380

ينطق بها بأسلوب آخر حسب ما تقتضيه المناسبة، أو أنّ قسوة الظروف حالت دون التصريح باسم الامام- عليه السّلام- «1» توفي أبو حازم- سنة ثلاث و ثلاثين و مائة، و قيل: خمس و ثلاثين، و قيل مات- سنة أربعين و مائة، و قيل غير ذلك.

158 سَلَمة بن كُهَيْل «2»

(47- 121،- 122 ه) ابن حصين الحضرمي التِّنْعيّ، المحدث أبو يحيي الكوفي.

و تِنعة بطن من حضرموت.

______________________________

(1) و من أمثلة

ذلك:

أ قال أبو حازم: إذا رأيت ربّك يُتابع نعمه عليك و أنت تعصيه فاحذره (سير أعلام النبلاء: 6- 101).

و هذه الكلمة وردت عن الامام علي- عليه السّلام- حيث قال: «يا ابن آدم، إذا رأيت ربّك سبحانه يتابع عليك نعمه و أنت تعصيه فاحذره» (شرح النهج لمحمد عبده: 3- 156 برقم 24).

ب قال أبو حازم: يا بني لا تقتد بمن لا يخاف اللّه بظهر الغيب، و لا يعفّ عن العيب، و لا يصلح عند الشيب (الحلية: 3- 230).

قال الامام علي- عليه السّلام- من خطبة له: «فيا عجبي و ما لي لا أعجب من خطأ هذه الفرق علي اختلاف حججها في دينها، لا يقتصّون أثر نبي، و لا يقتدون بعمل وصيّ، و لا يؤمنون بغيب، و لا يعفّون عن عيب..» (المصدر السابق: 1- 155 الخطبة 84).

ج قال أبو حازم: لا يحسن عبد فيما بينه و بين اللّه تعالي إلّا أحسن اللّه فيما بينه و بين العباد.

قال الامام علي- عليه السّلام-: «من أصلح سريرته أصلح اللّه علانيته، و من عمل لدينه كفاه] اللّه [أمر دنياه، و من أحسن فيما بينه و بين اللّه أحسن اللّه ما بينه و بين الناس» (المصدر السابق: 3- 254).

(2) بقات ابن سعد 6- 316، التأريخ الكبير 4- 74 برقم 1997، المعرفة و التاريخ 2- 648، رجال البرقي 4 و 8 و 9، تاريخ اليعقوبي 3- 88) فقهاء أيام مروان بن محمد)، الجرح و التعديل 4- 170 برقم 742، مشاهير علماء الامصار 777 برقم 839، رجال الطوسي 43 برقم 8، 91 برقم 9، 124 برقم 2، 211 برقم 146، رجال ابن داود 105 برقم 721 و 722، مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 10-

91 برقم 47، تهذيب الكمال 11- 313 برقم 2467، سير أعلام النبلاء 5- 298 برقم 142، تاريخ الإسلام للذهبي (121 140 ه (120، العبر 1- 118، الوافي بالوفيات 15- 322 برقم 454، تهذيب التهذيب 4- 155 برقم 269، تقريب التهذيب 1- 318 برقم 381، شذرات الذهب 1- 159، جامع الرواة 1- 373، تنقيح المقال 2- 50 برقم 5098، أعيان الشيعة 7- 291، معجم رجال الحديث 8- 208 برقم 5371، قاموس الرجال 4- 439.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 381

مولده سنة سبع و أربعين.

روي عن: أبي الطفيل عامر بن واثلة، و عبد اللّه بن أبي أوفي، و جندب بن عبد اللّه البجلي، و حَبَّة بن جُوين العُرَني، و زيد بن وهب الجُهَني، و سعيد بن جبير، و عامر الشعبي، و علقمة بن قيس النخعي، و مسلم البطين، و أبي جُحيفة السُّوائي، و غيرهم.

روي عنه: الاجلح بن عبد اللّه الكندي، و إسماعيل بن أبي خالد، و الحسن ابن صالح بن حيّ، و حماد بن سلمة، و سفيان الثوري، و سليمان الاعمش، و شعبة ابن الحجاج، و علي بن صالح بن حيّ، و ابنه محمد بن سلمة بن كهيل، و مِسعَر بن كِدام، و ابنه يحيي بن سلمة بن كهيل، و آخرون.

وقد عُدّ من أصحاب الأَئمّة السجاد و الباقر و الصادق «1» عليهم السّلام-، و روي له المشايخ: الكليني «2» و الصدوق «3» و الطوسي «4» حيث وقع في كتبهم في

______________________________

(1) و عدّ البرقي و الشيخ الطوسي سلمة بن كهيل في أصحاب علي- عليه السّلام-، و لهذا السبب و غيره استدل بعضهم علي تعدده، غير أنّ العلّامة التستري قال: لكن في النفس منه شي ء، ثم استدل علي وحدته بجملة

أُمور، و حَمل رواية سلمة عن الامام علي- عليه السّلام- علي أنّها أخبار مرفوعة.

قاموس الرجال 4- 441.

(2) في «الكافي».

(3) في «من لا يحضره الفقيه».

(4) في «تهذيب الاحكام» و «الإستبصار».

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 382

اسناد عدد من الروايات عن أهل البيت- عليهم السّلام-.

و كان سلمة محدثاً، حافظاً، فقيهاً.

روي أبو الفرج الأصفهاني بسنده عن الفضيل بن الزبير قال: قال أبو حنيفة من يأتي زيداً في هذا الشأن من فقهاء الناس؟ قال: قلت: سلمة بن كهيل الخبر «1» قال ابن سعد: كان ثقة، كثير الحديث.

و قال يعقوب بن شيبة: ثقة ثبت علي تشيّعه.

و عدّه ابن قتيبة في رجال الشيعة «2» روي أبو العباس النجاشي بسنده عن عذافر الصيرفي، قال: كنت مع الحكم بن عتيبة عند أبي جعفر (يعني الباقر)- عليه السّلام، فجعل يسأله، و كان أبو جعفر- عليه السّلام له مكرماً، فاختلفا في شي ء، فقال أبو جعفر- عليه السّلام: «يا بني قم فاخرج كتاب علي- عليه السّلام-»، فأخرج كتاباً مدروجاً عظيماً، ففتحه و جعل ينظر، حتي أخرج المسألة، فقال أبو جعفر- عليه السّلام: «هذا خطّ علي (عليه السّلام) و إملاء رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-».

و أقبل علي الحكم و قال: «يا أبا محمد اذهب أنت و سلمة و أبو المقدام حيث شئتم يميناً و شمالًا فو اللّه لا تجدون العلم أوثق منه عند قوم كان ينزل عليهم جبرئيل- عليه السّلام- ««3».

توفي سلمة سنة- إحدي، و قيل: اثنتين و عشرين و مائة.

______________________________

(1) مقاتل الطالبيين: 146. ط دار المعرفة. و زيد هو زيد بن علي بن الحسين- عليه السّلام-.

(2) المعارف: 341. لم يكن سلمة شيعياً إمامياً، و إنّما كان زيدياً.

انظر معجم رجال الحديث: 8- 208.

(3) رجال

النجاشي: 2- 261، برقم 967 في ترجمة محمد بن عذافر.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 383

159 سُليم بن عِتْر

«1» (..- 75 ه) القاضي الفقيه أبو سلمة التُّجيبي المصري.

شهد خطبة عمر بالجابية، و حدّث عنه، و عن علي- عليه السّلام و أبي الدرداء، و حفصة.

حدّث عنه: علي بن رباح، و أبو قَبيل، و عقبة بن مسلم، و آخرون.

و كان قاصاً يقصّ و هو قائم.

و ولّاه معاوية قضاء مصر سنة أربعين، و هو أوّل من أسجل بمصر سجلًا في مواريث.

أقول: و رويت عنه أشياء غريبة، منها انّه قال: لما قفلتُ من البحر تعبّدتُ في غارٍ سبعة أيام لا أكلتُ و لا شربتُ، و لو لا اني خشيت أن أضعف لَاتممتها.

و روي عنه أنّه كان يقرأ القرآن كل ليلة ثلاث مرات!!.

توفي- سنة خمس و سبعين.

______________________________

(1) الجرح و التعديل 4- 211، تاريخ ولاة مصر و قضاتها 229، تاريخ الإسلام (سنة 61 80) ص 409، العبر 1- 63، سير أعلام النبلاء 4- 131، الوافي بالوفيات 15- 335، مرآة الجنان 1- 156، النجوم الزاهرة 1- 194، شذرات الذهب 1- 83.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 384

160 سُليم بن قيس «1»

(4 ق. ه- حدود 90 ه) الهلالي العامري، أبو صادق الكوفي.

ولد في السنة الرابعة قبل الهجرة «2» و دخل المدينة في عهد عمر بن الخطاب، و بقي فيها إلي زمن عثمان «3» و التقي خلال هذه المدة بالعديد من الصحابة، و حمل عنهم الاحاديث.

روي عن: أمير المؤمنين، و الحسن و الحسين عليهم السّلام-، و عن سلمان الفارسي، و أبي ذر الغفاري، و أبي سعيد الخدري، و البراء بن عازب، و آخرين.

روي عنه: أبان بن أبي عياش، و إبراهيم بن عمر اليماني، و غيرهما.

و كان متكلماً فقيهاً كثير السماع «4»

______________________________

(1) رجال البرقي 4، 5، 8، 9، اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي (105 برقم 167،

رجال النجاشي 1- 68 برقم 3، فهرست الطوسي 107 برقم 348، رجال الطوسي 43 برقم 5 و 68 برقم 1 و 74 برقم 1، رجال العلّامة الحلي 82 برقم 2، مجمع الرجال 1- 155، جامع الرواة 1- 374، بهجة الآمال في شرح زبدة المقال 4- 448، تنقيح المقال 2- 52 برقم 5157، أعيان الشيعة 7- 293، معجم رجال الحديث 8- 216 برقم 5391، قاموس الرجال 4- 445.

(2) استناداً إلي ما ورد في كتاب سليم، حين سأل أبان سليماً عن عمره في وقعة صفين فأجاب سليم بأنّ عمره حينذاك كان أربعين سنة.

(3) اختار السيد علاء الموسوي تواجد سليم بن قيس في المدينة في زمن عمر و استدل علي ذلك بعدم وجود شي ء في رواياته يدل و لو من بعيد علي التقائه بالخليفة الاول أو وجوده في المدينة في عهده.

مقدمة كتاب سليم بن قيس.

(4) قاله السيد حسن الصدر في «تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام «: 357.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 385

و قد صحب سليم الامام علياً- عليه السّلام، و انتقل معه إلي الكوفة بعد أن بويع له- عليه السّلام- بالخلافة.

رُوي أنّ الحجاج الثقفي طلب سليماً، فهرب و أوي إلي أبان بن أبي عياش ب (النوبندجان) فلما حضرته الوفاة قال لَابان: إنّ لك عليّ حقاً، و قد حضرني الموت يا ابن أخي إنّه كان من الامر بعد رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم كيت و كيت، و أعطاه كتاباً، و ذكر أبان في حديثه قال: كان شيخاً متعبّداً له نور يعلوه.

قال الشيخ النعماني في «الغَيبة» عن كتاب سليم: و هو من الأُصول التي ترجع الشيعة إليها و تعوّل عليها.

و قال القاضي بدر الدين السبكي في «محاسن

الرسائل في معرفة الاوائل»: إنّ أوّل كتاب صنف للشيعة هو كتاب سليم بن قيس.

وقد ذُكر أنّ الاصل كان صحيحاً، و نَقل عنه الاجلة المشايخ الثلاثة «1» و النعماني «2» و الصفار «3» و غيرهم «4» إلّا أنّه حصلت فيه زي أو غيرهم، و لا يضير الكتاب اشتماله علي أمر غير صحيح في مورد واحد أو موردين.

روي الشيخ الطوسي بسنده عن سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين

______________________________

(1) نقل عنه الشيخ الكليني في «أُصول الكافي» و في «فروع الكافي» و الشيخ الصدوق في «من لا يحضره الفقيه» و «اكمال الدين و إتمام النعمة» و غيرها، و الشيخ الطوسي في «التهذيب» و «الامالي».

مقدمة كتاب سليم بن قيس.

(2) الشيخ أبو عبد اللّه محمد بن إبراهيم بن جعفر النعماني المعروف بابن أبي زينب.

كان شيخ الكليني و تلميذه.

نقل عن كتاب سليم في «الغيبة».

(3) محمد بن الحسن الصفار، نقل عنه في «بصائر الدرجات».

(4) مثل الحاكم الحسكاني في «شواهد التنزيل لقواعد التفضيل» و الحمويني في «فرائد السمطين» و القندوزي الحنفي في «ينابيع المودة» انظر هامش «الغدير»: 1- 195.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 386

- عليه السّلام قال: سمعته يقول كلاماً كثيراً، ثم قال: و أعطهم من ذلك كله سهم ذي القربي الذين قال اللّه تعالي: " إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللّٰهِ وَ مٰا أَنْزَلْنٰا عَليٰ عَبْدِنٰا يَوْمَ الْفُرْقٰانِ يَوْمَ الْتَقَي الْجَمْعٰانِ" «1» نحن و اللّه عني بذي القربي و هم الذين قرنهم اللّه بنفسه و نبيه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- فقال: " فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبيٰ وَ الْيَتٰاميٰ وَ الْمَسٰاكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ «2» " منا خاصة، و لم يجعل لنا في سهم الصدقة نصيباً أكرم اللّه

نبيه و أكرمنا أن يطعمنا أوساخ أيدي الناس «3».

توفي سليم بن قيس في- حدود سنة تسعين.

161 سليمان بن بُريدة «4»

(15- 105 ه) ابن الحصيب الاسلمي.

ولد هو و أخوه عبد اللّه في بطن واحد- سنة خمس عشرة.

روي عن: أبيه، و عائشة، و عمران بن حُصين.

روي عنه: عَلقمة بن مَرْثَد، و محارب بن دثار، و محمد بن جُحادة، و جماعة.

مات بمرو، و هو علي القضاء بها- سنة خمس و مائة.

______________________________

(1) الانفال: 41.

(2) الانفال: 41.

(3) تهذيب الاحكام: 4- 126، باب تمييز أهل الخمس و مستحقه، الحديث 362.

(4) الطبقات لابن سعد 7- 221، التأريخ الكبير 4- 4، الجرح و التعديل 4- 102، الثقات لابن حبّان 4- 303، تهذيب الكمال 11- 370، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 105) ص 97، ميزان الاعتدال 2- 197، العبر للذهبي 1- 98، سير أعلام النبلاء 5- 52، الوافي بالوفيات 15- 355، تهذيب التهذيب 4- 174، تقريب التهذيب 1- 321، شذرات الذهب 1- 131.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 387

162 سليمان بن حبيب «1»

(..- 126 ه) أبو أيوب، و قيل: أبو ثابت المحاربي الدمشقيّ الدارانيّ.

حدّث عن: أبي أُمامة الباهلي، و أبي هريرة، و الوليد بن عبادة بن الصامت، و غيرهم.

حدّث عنه: الزهري، و عمر بن عبد العزيز، و هما من أقرانه، و عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، و عبد الوهاب بن بخت، و آخرون.

عُد من الفقهاء أيام عمر بن عبد العزيز، و قضي بدمشق ثلاثين سنة، و قيل: أربعين.

توفي- سنة ست و عشرين و مائة، و قيل: غير ذلك.

______________________________

(1) الطبقات لابن سعد 7- 456، التأريخ الكبير 4- 6 برقم 1771) ق 2 ج 2)، المعرفة و التاريخ 2- 291، تاريخ اليعقوبي 3- 53) فقهاء أيام عمر بن عبد العزيز)، تاريخ الطبري 5- 263 و 305، الجرح و التعديل 4- 105 برقم 470) ج 2 ق 1)، الثقات

لابن حبّان 4- 313، مشاهير علماء الامصار 186 برقم 888، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 222 برقم 364، مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر لابن منظور 10- 112 برقم 65، تهذيب الكمال 11- 382 برقم 2501، تاريخ الإسلام 121) حوادث 121 140)، سير أعلام النبلاء 5- 309 برقم 146، الوافي بالوفيات 15- 359 برقم 506، تهذيب التهذيب 4- 177 برقم 310، تقريب التهذيب 1- 322 برقم 422، شذرات الذهب 1- 171.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 388

163 سليمان بن طَرْخان «1»

(46- 143 ه) أبو المعتمر التيمي، البصريّ، نزل في بني تيم فقيل التيمي.

روي عن: أنس بن مالك، و أبي عثمان النهدي، و يزيد بن عبد اللّه بن الشِّخّير، و طاوس، و الحسن، و طلق بن حبيب، و آخرين.

روي عنه: أبو إسحاق السبيعي أحد شيوخه، و ابنه المعتمر، و شعبة، و سفيان، و حماد بن سلمة، و ابن عُيينة، و زهير الجُعفيّ، و يحيي القطّان، و طائفة.

قال عنه ابن سعد: كان مائلًا إلي علي- عليه السّلام- و كان كثير العبادة و كثير الحديث.

و كان مخالفاً للقدرية «2»، قال المعتمر بن سليمان، قال أبي: أمّا و اللّه لو كشف الغطاء لَعَلِمَت القدريّة أنّ اللّه ليس بظلّام للعبيد.

روي عن سفيان الثوري، قال: حفّاظ البصريين ثلاثة: سليمان التيمي و عاصم الاحول، و داود بن أبي هند، و كان عاصم أحفظهم.

له نحو من مائتي حديث كما ذكر علي بن المديني، و كان إذا حدّث عن

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 7- 252، التأريخ الكبير 4- 20، المعرفة و التاريخ 1- 125، الجرح و التعديل 4- 124، مشاهير علماء الامصار 151 برقم 685، الثقات لابن حبّان 4- 300، حلية الاولياء 3- 27، أصحاب الفتيا من الصحابة

و التابعين 173 برقم 253، الكامل في التأريخ 5- 512، تهذيب الكمال 12- 5، سير أعلام النبلاء 6- 195، ميزان الاعتدال 2- 212، تذكرة الحفاظ 1- 150، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 144) ص 156، العبر للذهبي 1- 150، الوافي بالوفيات 15- 393، شرح علل الترمذي 58، تهذيب التهذيب 4- 201، تقريب التهذيب 1- 332، شذرات الذهب 1- 212.

(2) يريد من القدرية: الجبرية علي خلاف ما هو المعروف بين الأَشاعرة.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 389

رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- تغيّر لونه.

روي أبو نعيم الأَصفهاني بسنده عن يحيي بن سعيد القطان، قال: خرج سليمان التيميّ إلي مكة فكان يصلّي الصبح بوضوء عشاء الآخرة، و كان يأخذ بقول الحسن أنّه إذا غلب النوم علي قلبه توضّأ «1» و من كلام سليمان: إنّ الرجل لَيُذنب الذنبَ فيُصبح و عليه مَذَلَّتُه.

و قال: الحسنة نور في القلب و قوة في العمل، و السيئة ظلمة في القلب و ضعف في العمل.

توفي بالبصرة- سنة ثلاث و أربعين و مائة و له سبع و تسعون سنة.

164 سليمان بن موسي «2»

(..- 119،- 115 ه) الأُموي بالولاء، أبو الربيع، و يقال: أبو أيوب الدمشقي الاشدق، مولي آل أبي

______________________________

(1) قال فقهاء الامامية: ينقض الوضوء إذا غلب علي السمع و البصر و القلب بحيث لا يسمع النائم كلام الحاضرين، و لا يفهمه، و لا يري أحداً منهم.

انظر الفقه علي المذاهب الخمسة: ص 30.

(2) الطبقات الكبري 7- 457، التأريخ الكبير 4- 38 برقم 1888، الضعفاء و المتروكين للنسائي 116 برقم 252، الجرح و التعديل 4- 141 برقم 615، الثقات لابن حبان 6- 379، مشاهير علماء الامصار 284 برقم 1415، الكامل في الضعفاء لابن عدي 2- 363 برقم 9-

741، حلية الاولياء 6- 87 برقم 341، الاحكام في أُصول الاحكام 2- 95، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 230 برقم 383، الكامل في التأريخ 5- 215، مختصر تاريخ ابن عساكر لابن منظور 10- 189 برقم 92، تهذيب الكمال 12- 92 برقم 2571، تاريخ الإسلام 373 برقم 411) حوادث 101 120)، العبر 1- 115 (119)، ميزان الاعتدال 2- 225 برقم 3518، سير أعلام النبلاء 5- 433 برقم 193، الوافي بالوفيات 15- 436 برقم 586، البداية و النهاية 9- 166، النجوم الزاهرة 1- 284، تهذيب التهذيب 4- 226 برقم 377، تقريب التهذيب 1- 331 برقم 501، شذرات الذهب 1- 156 (119)، تهذيب تاريخ ابن عساكر لابن بدران 6- 286.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 390

سفيان بن حرب.

روي عن: أبي أُمامة صُدَيّ بن عَجلان الباهلي، و عطاء بن أبي رَباح، و عمرو ابن شعيب، و القاسم بن محمد بن أبي بكر، و محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، و نافع مولي ابن عمر، و آخرين.

روي عنه: عبد اللّه بن لَهِيعَة، و عبد الملك بن جريج، و عبد الرحمن الاوزاعي، و هشام بن الغاز.

و كان فقيهاً راوياً.

قال أبو حاتم: اختار من أهل الشام بعد الزهريّ، و مكحول للفقه سليمان ابن موسي.

و قال النسائي: أحد الفقهاء، و ليس بالقويّ في الحديث.

روي عبد الرزاق الصنعاني بسنده عن سليمان بن موسي أنّ رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- و أبا بكر و عمر و عثمان كانوا يخطبون يوم الجمعة قياماً، لا يقعدون إلّا في الفصل بين الخطبتين، و أوّل من جلس معاوية.. «1» و روي أيضاً عن ابن جريج قال: سألنا سليمان بن موسي كيف الصلاة علي الشهيد عندهم؟

فقال: كهيئتها علي غيره، قال: و سألنا عن دفن الشهيد، فقال: أمّا إذا كان في المعركة فانّا ندفنه كما هو، و لا نغسّله، و لا نكفّنه، و لا نحنّطه، و أمّا إذا انقلبنا به و به رمق فإنّا نغسله، و نكفّنه، و نحنّطه، وجدنا الناس علي ذلك، و كان عليه من مضي قبلنا من الناس «2» توفي- سنة تسع عشرة و مائة، و قيل: - سنة خمس عشرة.

______________________________

(1) المصنّف: 3- 187 برقم 5259.

(2) المصنّف: 3- 544 برقم 6643.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 391

165 سليمان بن يسار «1»

(34- 107 ه) الفقيه المفتي، أبو أيوب، و قيل: أبو عبد الرحمن، و أبو عبد اللّه المدني، مولي أُمّ المؤمنين ميمونة الهلاليّة، و أخو عطاء بن يسار.

حدّث عن: زيد بن ثابت، و ابن عباس، و أبي هريرة، و حسان بن ثابت، و جابر بن عبد اللّه، و أُمّ سلمة، و ميمونة، و آخرين.

حدّث عنه: أخوه عطاء، و الزهري، و بُكير الاشجّ، و ربيعة الرأي، و يعلي بن حكيم، و عمرو بن شعيب، و خلق سواهم.

و هو أحد الفقهاء السبعة بالمدينة الذين كان أبو الزناد يذكرهم.

عن الحسن بن محمد بن الحنفيّة، قال: سليمان بن يسار عندنا أفهم من سعيد بن المسيّب.

مات- سنة سبع و مائة و قيل: - ثلاث و مائة.

و قيل غير ذلك.

وله في كتاب «الخلاف» للشيخ الطوسي ثلاثة عشر مورداً في الفتاوي.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 5- 174 و 2- 384، التأريخ الكبير 4- 41، المعرفة و التاريخ 1- 471، الكني و الأَسماء للدولابي 102، الجرح و التعديل 4- 149، مشاهير علماء الامصار 106 برقم 432، الثقات لابن حبّان 4- 301، تاريخ أسماء الثقات 148، حلية الاولياء 2- 190، أصحاب الفتيا

من الصحابة و التابعين 135 برقم 175، الخلاف للطوسي 1- 112) طبع جماعة المدرسين)، طبقات الفقهاء للشيرازي 60، المنتظم 7- 120، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 234، وفيات الاعيان 2- 399، تهذيب الكمال 12- 100، العبر للذهبي 1- 100، سير أعلام النبلاء 4- 444، تذكرة الحفّاظ 1- 91، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 107) ص 100، دول الإسلام 1- 52، الوافي بالوفيات 15- 443، البداية و النهاية 9- 254، شرح علل الترمذي 213، غاية النهاية 1- 331، النجوم الزاهرة 1- 252، تهذيب التهذيب 4- 228.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 392

166 سماك بن حرب «1»

(..- 123 ه) ابن أوس الذهلي البكري، أبو المغيرة الكوفي.

حدّث عن: ثعلبة بن الحكم الليثي و له صحبة، و النعمان بن بشير، و عَبيدة السلماني، و أنس بن مالك، و سعيد بن جبير، و طائفة.

و قد عدَّ من أصحاب السجاد- عليه السّلام.

حدّث عنه: زكريا بن أبي زائدة، و مالك بن مِغول، و شعبة، و الثوري، و شيبان النحوي، و شريك، و أسباط بن نصر، و آخرون.

روي عنه أنّه قال: أدركت ثمانين من أصحاب النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- و كان قد ذهب بصري فدعوت اللّه تعالي فردّ عليّ بصري.

عدّ من الفقهاء أيّام عمر بن عبد العزيز.

و له نحو مائتي حديث.

روي أبو طالب الانباري بسنده عن سماك عن عبيدة السلماني قال: كان

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 323، التأريخ الكبير 4- 173 برقم 2382، المعرفة و التاريخ 1- 306 و 514 و ج 2- 638 و 802، تاريخ اليعقوبي 3- 53) فقهاء أيام عمر بن عبد العزيز)، الجرح و التعديل 4- 279 برقم 1203، مشاهير علماء الامصار 177 برقم 840، الثقات لابن حبّان 4-

339، رجال الطوسي 92 برقم 13، تاريخ بغداد 9- 214 برقم 4792، الانساب للسمعاني 3- 18) الذهبي)، الكامل لابن الاثير 5- 275، تهذيب الكمال 12- 115 برقم 2579، سير أعلام النبلاء 5- 245 برقم 109، تاريخ الإسلام 124) حوادث 121 140)، العبر 1- 120، ميزان الاعتدال 2- 232 برقم 3548، دول الإسلام 1- 59، الوافي بالوفيات 15- 447 برقم 600، تهذيب التهذيب 4- 232 برقم 395، تقريب التهذيب 1- 332 برقم 519، مجمع الرجال للقهبائي 3- 171، شذرات الذهب 1- 161، تنقيح المقال 2- 68 برقم 5272، معجم رجال الحديث 8- 303، قاموس الرجال 5- 5.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 393

علي- عليه السّلام- علي المنبر فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين رجل مات و ترك ابنتيه و أبويه و زوجة.

فقال علي- عليه السّلام-: «صار ثُمن المرأة تسعاً» «1» و هذه المسألة هي التي تسمّي المسألة المنبريّة.

و الحديث لا يدل علي انّ الامام- عليه السّلام- قائل بالعول، فليرجع إلي تفسيره في المصادر.

توفي- سنة ثلاث و عشرين و مائة.

167 سُوَيد بن غَفَلة «2»

(..- 80،- 81 ه) ابن عوسجة بن عامر، أبو أُميّة الجُعفي، الكوفي.

مولده عام الفيل فيما قيل.

______________________________

(1) تهذيب الاحكام للشيخ الطوسي: 9- 259، باب في إبطال العول و العصبة، الحديث 971.

(2) الطبقات لابن سعد 6- 68، التأريخ الكبير 4- 142، المعارف 243، المعرفة و التاريخ 1- 226، رجال البرقي 4، الجرح و التعديل 4- 234، مشاهير علماء الامصار 161، الثقات لابن حبّان 4- 321، المعجم الكبير للطبراني 7- 91، حلية الاولياء 4- 174، الاحكام في أُصول الاحكام 2- 93، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 190 برقم 294، الخلاف للطوسي 3- 266 و 388) طبع اسماعيليان)، رجال الطوسي

43 و 69 الإستيعاب 2- 115) ذيل الاصابة)، المنتظم 6- 227، صفة الصفوة 3- 21، أسد الغابة 2- 379، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 240، رجال ابن داود 107، رجال العلّامة الحلي 84 برقم 1، تهذيب الكمال 12- 265، سير أعلام النبلاء 4- 69، تذكرة الحفّاظ 1- 53، العبر 1- 68، دول الإسلام 1- 38، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 81) ص 75، الوافي بالوفيات 16- 46، مرآة الجنان 1- 165، البداية و النهاية 9- 40، النجوم الزاهرة 1- 203، تهذيب التهذيب 4- 278، تقريب التهذيب 1- 341، الاصابة 2- 99، طبقات الحفّاظ 24، شذرات الذهب 1- 90، جامع الرواة 1- 392، تنقيح المقال 2- 72، أعيان الشيعة 7- 325، معجم رجال الحديث 8- 325، قاموس الرجال 5- 27.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 394

أدرك رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و وفد عليه، فوجده قد قبض، و أدرك دفنه و هم ينفضون أيديهم من التراب، و كان مسلماً في حياته.

روي عن: أبي بكر، و عمر، و عثمان، و قيل لم يسمع منه، و عن أُبي بن كعب، و ابن مسعود، و أبي ذر، و طائفة.

و عُدّ من أصحاب الامام علي و الحسن عليهما السّلام.

روي عنه: أبو ليلي الكندي، و الشعبي، و إبراهيم النخعي، و عَبْدة بن لُبابة، و عبد العزيز بن رُفيع، و جابر الجعفي، و حنان، و جماعة.

و هو من الطبقة الاولي من تابعي أهل الكوفة، و كان فقيهاً عابداً قانعاً كبير القدر، و كان من أولياء الامام علي- عليه السّلام، و شهد معه وقعة صفّين.

وثقه العجلي، و ابن معين.

عن عمران بن مسلم، قال: كان سويد بن غفلة إذا قيل له: أُعطي

فلان و وُلِّيَ فلان قال: حسبي كِسْرتي و مِلْحي.

روي الفضل بن شاذان قال: روي عن حنان، قال: كنت جالساً عند سويد بن غفلة فجاءه رجل فسأله عن بنت و امرأة و موالي، فقال: أخبرك فيها بقضاء علي بن أبي طالب- عليه السّلام جعل للبنت النصف و للمرأة الثمن و ما بقي رد علي البنت و لم يعط الموالي شيئاً «1» توفّي- سنة ثمانين، و قيل: - إحدي و ثمانين، و قيل: - اثنتين و ثمانين، و قيل غير ذلك.

وله في كتاب «الخلاف» للشيخ الطوسي فَتْوَيان.

______________________________

(1) تهذيب الاحكام: 9- 331، باب ميراث الموالي مع ذوي الرحم، الحديث 1192.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 395

168 أبو الاشعث الصنعاني «1»

(..- بعد 100 ه) شَراحيل بن شُرَحْبيل بن كليب بن آدة، و قيل: اسمه شراحيل بن ادة، أبو الاشعث الصنعاني.

حدّث عن: عُبادة بن الصامت، و ثوبان، و شدّاد بن أوس، و أوس بن أوس، و طائفة.

حدّث عنه: أبو قلابة الجرمي، و حسّان بن عطية، و يحيي الذّماري، و جماعة.

ذكره أبو اسحاق الشيرازي في فقهاء التابعين باليمن.

توفّي- بعد المائة.

و قال ابن سعد: توفي قديماً في ولاية معاوية بن أبي سفيان.

______________________________

(1) الطبقات لابن سعد 5- 536، التأريخ الكبير 4- 255، الكني و الأَسماء للدولابي 1- 109، الجرح و التعديل 4- 373، مشاهير علماء الامصار ص 183 برقم 866، الثقات لابن حبّان 4- 365، طبقات الفقهاء للشيرازي 74، تهذيب الكمال 12- 408، سير أعلام النبلاء 4- 357، العبر للذهبي 1- 93، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 81 100) ص 509، تهذيب التهذيب 4- 319، تقريب التهذيب 1- 348، شذرات الذهب 1- 123.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 396

169 شريح القاضي «1»

(..- 78،- 79 ه) شريح بن الحارث بن قيس الكندي، أبو أمية الكوفي.

أصله من اليمن.

و هو ممن أسلم في حياة النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و لم يره.

و انتقل من اليمن زمن أبي بكر.

حدث عن: عمر، و الامام علي- عليه السّلام و عبد اللّه بن مسعود، و عبد الرحمن بن أبي بكر.

حدّث عنه: قيس بن أبي حازم، و إبراهيم النخعي، و الشعبي، و آخرون.

و قد ولي قضاء الكوفة زمن عمر و عثمان و علي- عليه السّلام و معاوية.

و يقال: انّه استعفي في أيام الحجاج قبل موته بسنة فأعفاه.

و كان خفيف الروح مزّاحاً، فقدم إليه رجلان فأقرّ أحدهما بما ادّعي به

______________________________

(1) الطبقات لابن سعد 6- 138 و 145، التأريخ الكبير

4- 228، المعارف 246، المعرفة و التأريخ 2- 586، الجرح و التعديل 4- 332، الثقات لابن حبّان 4- 352، مشاهير علماء الامصار 160 برقم 736، حلية الاولياء 4- 132، الاحكام في أُصول الاحكام 2- 93، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 189 برقم 292، السنن الكبري 6- 226 و 10- 141، الخلاف للطوسي 1- 207 و 383، اكمال ابن مأكولا 4- 277، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 80، المغني و الشرح الكبير 7- 43 و 12- 153، أسد الغابة 2- 394، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 243، وفيات الاعيان 2- 460، تهذيب الكمال 12- 435، سير أعلام النبلاء 4- 100، تذكرة الحفّاظ 1- 59، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 78) ص 419، دول الإسلام للذهبي 1- 37، البداية و النهاية 9- 24، تهذيب التهذيب 4- 326، تقريب التهذيب 1- 349، الاصابة 2- 144، شذرات الذهب 1- 85.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 397

خصمه و هو لا يعلم فقضي عليه.

فقال لشريح: من شهد عندك بهذا؟ قال: ابن أُخت خالك.

و عن الشعبي، قال: شهدت شريحاً و جاءته امرأة تخاصم رجلًا فأرسلت عينيها فبكت.

فقلت: ما أظن هذه البائسة إلّا مظلومة.

فقال: يا شعبي إنّ إخوة يوسف- عليه السّلام جاءوا أباهم عشاء يبكون.

و سئل شريح عن الحجّاج الثقفي: أ كان مؤمناً؟ فقال: نعم، بالطاغوت، كافراً باللّه تعالي.

قال ابن أبي الحديد: و أقرّ عليّ- عليه السّلام شريحاً علي القضاء مع مخالفته له في مسائل كثيرة في الفقه مذكورة في كتب الفقهاء «1» و قال أيضاً: و سخط علي- عليه السّلام مرّة عليه فطرده من الكوفة و لم يعزله عن القضاء، و أمره بالمقام ببانقيا و كانت قرية قريبة من الكوفة أكثر ساكنها اليهود فأقام

بها مدة، حتي رضي عنه و أعاده إلي الكوفة «2» روي عن أبي عبد اللّه الصادق- عليه السّلام- انّه قال: لما ولّي أمير المؤمنين- عليه السّلام شريحاً القضاء اشترط عليه أن لا ينفذ القضاء حتي يعرضه عليه «3».

و روي عنه أيضاً أنّه قال: قال أمير المؤمنين- عليه السّلام لشريح: يا شريح قد جلست مجلساً لا يجلسه إلّا نبي أو وصي نبي أو شقيّ «4» روي أنّ شريحاً اشتري علي عهد أمير المؤمنين- عليه السّلام داراً بثمانين ديناراً، فبلغه ذلك، فاستدعي شريحاً، و قال له: بلغني أنّك ابتعتَ داراً بثمانين ديناراً، و كتبتَ لها كتاباً، و أشهدتَ فيه شهوداً.

فقال له شريح: قد كان ذلك يا أمير المؤمنين، قال: فنظر إليه نظر المغضب، ثمّ قال له:

______________________________

(1) شرح نهج البلاغة: 14- 28.

(2) شرح نهج البلاغة: 14- 28.

(3) وسائل الشيعة: للحر العاملي: ج 18- 6 كتاب القضاء.

(4) وسائل الشيعة: للحر العاملي: ج 18- 6 كتاب القضاء.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 398

يا شريح، أما إنّه سيأتيك من لا ينظرُ في كتابك، و لا يسألُكَ عن بيِّنتِك، حتي يخرجَكَ منها شاخصاً، و يُسلمك إلي قبرك خالصاً، فانظر يا شريح لا تكون ابتعتَ هذه الدار من غير مالك، أو نَقَدْتَ الثمن من غير حلالك، فإذاً أنت قد خَسِرتَ دار الدنيا و دار الآخرة «1» نقل عنه الشيخ الطوسي في كتاب «الخلاف» ثماني عشرة فتوي منها: أُمّ الاب ترث مع الاب.

توفي شريح- سنة ثمان و سبعين، و قيل: - سنة تسع و سبعين، و قيل: - سنة سبع و ثمانين، و قيل غير ذلك.

170 شقيق بن سلَمة «2»

(..- بعد 82 ه) أبو وائل الاسدي، أسد خزيمة الكوفي، مخضرم أدرك النبي- صلّي اللّه عليه و آله

و سلّم و ما رآه.

______________________________

(1) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج 14- 27.

(2) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 96، التأريخ الكبير 4- 245، المعارف ص 255، المعرفة و التاريخ 2- 574، الكني و الأَسماء للدولابي 2- 645، الجرح و التعديل 4- 371، مشاهير علماء الامصار ص 159 برقم 732، الثقات لابن حبّان 4- 354، حلية الاولياء 4- 101، الاحكام في أُصول الاحكام 2- 93، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 199 برقم 316، تاريخ بغداد 9- 268، الإستيعاب 2- 166) ذيل الاصابة)، المنتظم 6- 253، صفة الصفوة 3- 28، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 247، أسد الغابة 3- 4، وفيات الاعيان 2- 476، تهذيب الكمال 12- 548، سير أعلام النبلاء 4- 161، تذكرة الحفّاظ 1- 60، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 80 100) ص 82، الوافي بالوفيات 16- 172، غاية النهاية 1- 328، النجوم الزاهرة 1- 201، تهذيب التهذيب 4- 361، تقريب التهذيب 1- 354، الاصابة 2- 162، طبقات الحفاظ ص 28 برقم 44.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 399

روي عن: عمر، و عثمان، و عمار، و معاذ، و ابن مسعود، و حذيفة، و عائشة، و خبّاب، و سهل بن حنيف، و آخرين.

و يروي عن أقرانه: كمسروق، و علقمة، و حُمران بن أبان.

روي عنه: عمرو بن مُرّة، و حبيب بن أبي ثابت، و الحكم بن عُتيبة، و واصل الاحدب، و عاصم بن بَهدَلة، و خلق كثير.

عُدّ من الفقهاء.

روي عن شقيق: أنّ ابن مسعود كان يكبّر كلّما خفض و رفع «1» مات في زمان الحجاج بعد الجماجم.

قيل: مات بعد الجماجم- سنة اثنتين و ثمانين، و قيل غير ذلك.

171 شهر بن حوشب «2»

(20- 100،- 111،- 112 ه) الاشعري، أبو سعيد و

يقال أبو عبد اللّه و يقال أبو عبد الرحمن: شامي

______________________________

(1) المصنّف لعبد الرزاق الصنعاني: 2- 63 برقم 2500.

(2) الطبقات الكبري لابن سعد 7- 449، التأريخ الكبير 4- 258، المعارف 254، المعرفة و التاريخ 2- 97، الجرح و التعديل 4- 343، ذكر أخبار أصبهان 1- 343، حلية الاولياء 6- 59، رجال الطوسي 45، تهذيب الكمال 12- 578، سير أعلام النبلاء 4- 372، العبر 1- 90، ميزان الاعتدال 2- 283، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 100) ص 385، دول الإسلام 1- 48، الوافي بالوفيات 16- 192، مرآة الجنان 1- 208، البداية و النهاية 9- 315، شرح علل الترمذي ص 89، غاية النهاية 1- 329، النجوم الزاهرة 1- 271، تهذيب التهذيب 4- 369، تقريب التهذيب 1- 355، شذرات الذهب 1- 119، جامع الرواة 1- 403، تنقيح المقال 2- 89، الأعلام 3- 178، معجم رجال الحديث 9- 46.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 400

الاصل، سكن العراق.

حدّث عن: مولاته أسماء بنت يزيد بن السكن الانصارية، و ابن عباس، و أُمّ سلمة، و محمد بن علي الباقر- عليه السّلام و أبي سعيد الخدري، و آخرين.

حدّث عنه: قتادة، و الحكم بن عتيبة، و داود بن أبي هند، و أبو حمزة الثمالي، و عبد الحميد بن بهرام، و آخرون.

و كان فقيهاً عالماً قارئاً، قرأ القرآن علي ابن عباس، و ولي بيت المال مدّة.

اختلفوا في توثيقه، و تكلّم فيه جماعة بسبب ما يقال عن أخذه خريطة من بيت المال بغير إذن ولي الامر، قال بعضهم: لا يقدح في روايته ما أخذه من بيت المال إن صحّ عنه، وقد كان والياً عليه متصرّفاً فيه.

قال أبو بكر البزار: لا نعلم أحداً ترك الرواية عنه غير شعبة.

روي عنه أنّه

قال: كنت عند أُمّ سلمة (رض) فسلّم رجل فقيل: من أنت؟ فقال: أبو ثابت مولي أبي ذر، قالت: مرحباً إلي أن نقلت قول النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-: «علي مع القرآن و القرآن معه لن يفترقا».

روي عبد الرزاق عن ابن جريج، قال: حُدِّثتُ عن شهر بن حوشب أنّ النبيّ- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- رفع وبرة من الارض بين إصبعيه، فقال: «إنّ الصدقة لا تحلّ لي، و لا لَاحد من أهل بيتي، و لا مثل هذه الوبرة ««1» توفّي- سنة مائة، و قيل- إحدي عشرة و مائة، و قيل اثنتي عشرة.

______________________________

(1) المصنّف: 4- 52.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 401

172 صالح بن كيسان «1»

(..- بعد 140 ه) المدني، التابعي المشهور أبو محمد، و يقال: أبو الحارث، مؤدب ولد عمر بن عبد العزيز.

حدّث عن: عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة، و عبد الرحمن الاعرج، و عروة بن الزبير، و ابن شهاب رفيقه، و سليمان بن أبي خيثمة، و عدّة.

حدّث عنه: عمرو بن دينار، و هو أكبر منه، و ابن عجلان، و ابن إسحاق، و الدراوردي، و خلق سواهم.

عُدّ من أصحاب علي بن الحسين زين العابدين- عليه السّلام.

قال الذهبي: و كان صالح جامعاً من الحديث و الفقه و المروءة.

مات- بعد الاربعين و المائة، و قيل: مات في زمن مروان بن محمد، و لهذا عُدّ من فقهاء أيام مروان بن محمد.

قيل: عاش نيفاً و ثمانين سنة.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 9- 219، التأريخ الكبير 4- 288، المعارف ص 273، المعرفة و التاريخ 1- 401 و 641، تاريخ اليعقوبي 3- 88، الجرح و التعديل 4- 410، الثقات لابن حبّان 6- 454، مشاهير علماء الامصار ص 216 برقم

1069، رجال الطوسي 93 برقم 1، الكامل في التأريخ 3- 454، مختصر تاريخ دمشق 11- 36، تهذيب الكمال 13- 79، سير أعلام النبلاء 5- 454، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 141 160) ص 178، تذكرة الحفاظ 1- 148، ميزان الاعتدال 2- 299، الوافي بالوفيات 16- 268، شرح علل الترمذي ص 57، النجوم الزاهرة 1- 342، تهذيب التهذيب 4- 399، تقريب التهذيب 1- 362، الاصابة 2- 190، مجمع الرجال 3- 207، شذرات الذهب 1- 208، معجم رجال الحديث 9- 81.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 402

173 صَفْوان بن سُليم «1»

(..- 132 ه) الفقيه، أبو عبد اللّه، و قيل: أبو الحارث القرشي، الزهري، المدني.

حدّث عن: جابر بن عبد اللّه، و أنس، و عطاء بن يسار، و طاوس، و سعيد ابن المسيّب، و سلمان الاغر، و خلق سواهم.

حدّث عنه: يزيد بن أبي حبيب، و ابن جُريج، و ابن عجلان، و مالك، و الليث، و عبد العزيز الدراوردي، و خلق كثير.

و كان من عُبّاد أهل المدينة و زهّادهم، كثير الحديث.

عُدّ من أصحاب الامام السجاد- عليه السّلام.

عن محمد بن صالح التمار قال: كان صفوان بن سُليم يأتي البقيع في الايام فيمرّ بي، فاتبعتُه ذات يوم.

و قلت: لَانظرن ما يصنع، فقنع رأسه، و جلس إلي قبر منها، فلم يزل يبكي حتي رحمتُه، و ظننتُ انّه قبر بعض أهله، و مرّ بي مرة أُخري..

______________________________

(1) التأريخ الكبير 4- 307، المعرفة و التاريخ 1- 661، الجرح و التعديل 4- 423، ثقات ابن حبّان 6- 468، مشاهير علماء الامصار ص 216 برقم 1069، حلية الاولياء 3- 158، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 153 برقم 211،، تاريخ أسماء الثقات ص 176 برقم 557، رجال الطوسي 93، المنتظم 7- 316، تهذيب

الكمال 13- 184، تذكرة الحفّاظ 1- 134، سير أعلام النبلاء 5- 364، العبر للذهبي 1- 135، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 132) ص 452، الوافي بالوفيات 16- 317، مرآة الجنان 1- 277، تهذيب التهذيب 4- 425، تقريب التهذيب 1- 368، طبقات الحفّاظ ص 61، نقد الرجال ص 172، شذرات الذهب 1- 189، جامع الرواة 1- 412، تنقيح المقال 2- 99، معجم رجال الحديث 9- 120.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 403

فذكرتُ ذلك لمحمد بن المنكدر، و قلتُ: إنّما ظننتُ أنّه قبر بعض أهله، فقال محمد: كلّهم أهله و إخوته، إنّما هو رجل يحرّك قلبه بذكر الاموات كلّما عرضت له قسوة.

روي أبو نعيم الأَصفهاني بسنده عن صفوان عن أنس، قال: قال رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-: «اتّقوا النار و لو بشقّ تمرة».

و روي أيضاً بسنده عن ابن عُيينة، قال: حجّ صفوان بن سليم و معه سبعة دنانير فاشتري بها بُدنة، فقيل له: ليس معك إلّا سبعة دنانير تشتري بها بدنة، قال: إنّي سمعت اللّه عزّ و جلّ يقول: " لَكُمْ فِيهٰا خَيْرٌ «1» ".

توفي سنة اثنتين و ثلاثين و مائة.

174 صَفيّة بنت شَيبة «2»

(..- حدود 90 ه) ابن عثمان بن أبي طلحة، الفقيهة العالمة، أُم منصور، و يقال: أُم حجير القرشية، العبدرية.

______________________________

(1) الحج: 36.

(2) الطبقات الكبري لابن سعد 8- 419، الخلاف الطوسي 2- 399،) اسماعيليان)، الإستيعاب 4- 339) ذيل الاصابة)، أسد الغابة 5- 492، تهذيب الاسماء و اللغات 2- 349، تهذيب الكمال 35- 400، العبر للذهبي 1- 121، سير أعلام النبلاء 3- 507، تاريخ الإسلام للذهبي السيرة النبوية ص 494، الوافي بالوفيات 16- 327، تهذيب التهذيب 12- 430، تقريب التهذيب 2- 603، موسوعة حياة الصحابيات ص 507.

موسوعة

طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 404

روت عن: النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: قيل: و هذا من أقوي المراسيل، و عن أُمّ سلمة، و عائشة، و أُمّ حبيبة، أُمّهات المؤمنين.

روي عنها: ابنها منصور بن عبد الرحمن الحَجبي، و سبطها محمد بن عمران الحجبي، و الحسن بن مسلم بن ينّاق، و إبراهيم بن مُهاجر، و عدّة.

توفيت في- حدود التسعين للهجرة.

نقل عنها الشيخ الطوسي في «الخلاف» فتوي واحدة.

175 الضحّاك بن مزاحم «1»

(..- 105،- 106 ه) الهلالي، أبو محمّد، و قيل: أبو القاسم البَلْخيّ، صاحب التفسير.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 300 و 7- 369، المحبر ص 475، التأريخ الكبير 4- 332، المعارف ص 259، المعرفة و التاريخ 2، 108، 143- 103، الجرح و التعديل 4- 458، الثقات لابن حبّان 6- 480، مشاهير علماء الامصار ص 308 برقم 1562، الخلاف للطوسي 2- 308) اسماعيليان)، رجال الطوسي 94 برقم 1، تاريخ بغداد 13- 165) في ترجمة مقاتل بن سليمان)، معجم الأُدباء 12- 15، تهذيب الكمال 13- 291، ميزان الاعتدال 2- 325، العبر للذهبي 1- 94، سير أعلام النبلاء 4- 598، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 102) ص 112، الوافي بالوفيات 16- 359، مرآة الجنان 1- 213، البداية و النهاية 9- 231، غاية النهاية 1- 337، النجوم الزاهرة 1- 248، تهذيب التهذيب 4- 453، تقريب التهذيب 1- 373، طبقات المفسرين للداودي 1- 222، مجمع الرجال 3- 226، شذرات الذهب 1- 124، جامع الرواة 1- 418، تنقيح المقال 2- 105، معجم رجال الحديث 9- 145، قاموس الرجال 5- 148.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 405

حدّث عن: ابن عباس، و أبي سعيد الخدري، و ابن عمر، و سعيد بن جُبير و طاوس، و طائفة.

و يقال: لم

يلقَ ابن عباس، و إنّما لقي سعيد بن جبير بالريّ فأخذ عنه التفسير.

حدّث عنه: عُمارة بن أبي حفصة، و جُويبر بن سعيد، و مقاتل، و نهشل بن سعيد، و قُرّة بن خالد، و آخرون.

و كان محدّثاً مفسّراً نحوياً.

و كان فقيه مكتبٍ كبير إلي الغاية، فيه ثلاثة آلاف صبي فيما قيل.

عُدّ من أصحاب الامام السجاد- عليه السّلام.

روي الحمويني الشافعي نقلًا عن أبي القاسم الطبراني بإسناده عن الضحّاك عن ابن عباس، قال: قال رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- يوم غدير خمّ: «اللّهم أعنه و أعن به، و ارحمه و ارحم به، و انصره و انصر به، اللّهم وال من والاه، و عادِ من عاداه ««1».

روي عبد الرزاق الصنعاني عن الثوري عن الزبير عن الضحّاك بن مزاحم، قال: صلّي مع إمامٍ لم يخطب يوم الجمعة، فصلي الامام ركعتين، قال: فقام الضحّاك فصلي ركعتين بعد ما قضي الصلاة، جعلهنّ أربعاً، قال سفيان و قال غيره: استقبل الصلاة أربعاً، و لا يعتدُّ بما صلّي مع الامام «2» توفّي الضحّاك- سنة خمس و مائة، و قيل: - ست و مائة، و قيل غير ذلك.

وله في «الخلاف» مورد واحد في الفتاوي.

______________________________

(1) فرائد السّمطين: ص 67 الباب العاشر، و روي الحمويني هذا الحديث بإسناد آخر عن عمرو ذي مرّ عن أمير المؤمنين- عليه السّلام-.

(2) المصنف: 3- 171.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 406

176 طاوس بن كيْسان اليماني «1»

(..- 106 ه) أبو عبد الرحمن الحميري الجَنَدي.

روي عن: زيد بن ثابت، و زيد بن أرقم، و ابن عباس، و لازم ابن عباس مدّة، و هو معدود في كُبراء أصحابه.

و روي عن: جابر، و سُراقة بن مالك، و ابن عمر، و زياد الاعجم، و طائفة.

روي عنه: عطاء،

و مجاهد و ابنه عبد اللّه، و سليمان التيمي، و ابن شهاب، و عكرمة بن عمّار، و خلق سواهم.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 5- 537، التأريخ الكبير 4- 365، المعرفة و التاريخ 1- 705، الجرح و التعديل 4- 500، اختيار معرفة الرجال ص 55، مشاهير علماء الامصار ص 198 برقم 955، الثقات لابن حبّان 4- 391، حلية الاولياء 4- 3، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 118 برقم 148، الخلاف للطوسي 1- 142) طبع جماعة المدرسين)، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 73، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 251، وفيات الاعيان 2- 509، المنتظم 7- 115، الرجال لابن داود ص 112، تهذيب الكمال: 13- 357، سير أعلام النبلاء 5- 38، العبر للذهبي 1- 99، تذكرة الحفّاظ 1- 90، دول الإسلام 1- 52، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 106) ص 116، الوافي بالوفيات 16- 412، مرآة الجنان 1- 227، البداية و النهاية 9- 244، النجوم الزاهرة 1- 260، تهذيب التهذيب 5- 8، طبقات الحفاظ ص 41، نقد الرجال ص 175، مجمع الرجال 3- 227، شذرات الذهب 1- 133، جامع الرواة 1- 420، روضات الجنات 4- 140، تنقيح المقال 2- 107، أعيان الشيعة 7- 395، معجم رجال الحديث 9- 155، قاموس الرجال 5- 156.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 407

و كان من عبّاد الخاصة و زهّادهم، و أقام بمكة مجاوراً متعبّداً.

قال ابن عيينة: متجنبو السلطان ثلاثة: أبو ذر في زمانه، و طاوس في زمانه، و الثوري في زمانه.

و كان فقيهاً جليلًا.

قال خصيف: أعلمهم بالحلال و الحرام طاوس.

عُدّ من أصحاب الامام السجاد- عليه السّلام.

و قال سفيان الثوري: كان طاوس يتشيّع.

روي أبو نعيم الأَصفهاني بسنده عن طاوس عن بُريدة عن النبيّ- صلّي اللّه

عليه و آله و سلّم- قال: «من كنت مولاه فعليٌّ مولاه».

وثّقه ابن معين و أبو زُرعة، و قال ابن حبّان: كان من عبّاد أهل اليمن، و من سادات التابعين، مستجاب الدعوة، حجّ أربعين حجّة.

عن عطاء قال: جاءني طاوس فقال لي: يا عطاء إياك أن ترفع حوائجك إلي من أغلق دونك بابة و جعل دونك حجاباً، و عليك بطلب حوائجك إلي من بابة مفتوح لك إلي يوم القيامة، طلَبَ منك أن تدعوه و وَعَدَكَ الاجابة.

و قال طاوس: من قال و اتقي اللّه خيرٌ ممّن صَمَتَ و اتّقي اللّه.

مات بمكة في- سنة ست و مائة، و قيل غير ذلك.

نقل عنه الشيخ الطوسي في كتاب «الخلاف» أربعاً و أربعين فتوي.

روي عبد الرزاق بن همّام بسنده عن طاوس قال: إذا مرض الرجل في رمضان فلم يزل مريضاً حتي يموت، أُطعم عنه مكان كل يوم مسكينٌ مُدّاً من حنطة «1».

______________________________

(1) المصنّف: 4- 238 برقم 7636.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 408

177 طلحة بن عبد اللّه «1»

(25- 97 ه) ابن عوف القُرَشي الزُّهري، يُكني أبا عبد اللّه، و قيل: أبا محمد.

روي عن: عمه عبد الرحمن بن عوف، و عثمان، و ابن عباس، و آخرين.

روي عنه: أبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر، و الزهري، و أبو الزناد، و جماعة.

و كان فقيهاً جواداً يقال له طلحة الندي.

ولي قضاء المدينة في زمن يزيد بن معاوية، و كان هو و خارجة بن زيد بن ثابت في زمانهما يُستفتيان و ينتهي الناس إلي قولهما فيما قيل.

توفّي- سنة سبع و تسعين، و هو ابن اثنتين و سبعين.

و نقل عنه الشيخ الطوسي في كتاب «الخلاف» فتوي واحدة.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 5- 160، طبقات خليفة 242، 249، المحبر لابن حبيب 150،

التأريخ الكبير للبخاري 4- 345 برقم 3074، المعرفة و التاريخ 1- 368، الجرح و التعديل 4- 472، مشاهير علماء الامصار 112 برقم 458، الثقات لابن حبّان 4- 392، الخلاف للطوسي 2- 382) اسماعيليان).

تهذيب تاريخ ابن عساكر 11- 189 برقم 116، تهذيب الكمال 13- 418، سير أعلام النبلاء 4- 174، تاريخ الإسلام (سنة 81 100) ص 394، دول الإسلام 1- 46، الوافي بالوفيات 16- 482، تهذيب التهذيب 5- 19، تقريب التهذيب 1- 379 برقم 32، شذرات الذهب 1- 112.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 409

178 أبو الاسود الدوَلي «1»

(16 ق. ه- 69 ه) ظالم بن عمرو، و يقال: عمرو بن ظالم، و يقال: عمرو بن سفيان، أبو الاسود الدُّوَلي، و يقال: الدِّيلي، البصري.

كان من كبار التابعين، و ذكره ابن شاهين في الصحابة و كان ممّن أسلم علي عهد النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، و هاجر إلي البصرة علي عهد عمر ابن الخطاب.

روي عن: عمر، و علي- عليه السّلام، و أبي ذر، و ابن مسعود، و أُبيّ بن كعب، و الزبير بن العوام، و طائفة.

روي عنه: ابنه أبو حرب، و يحيي بن يعمر، و عبد اللّه بن بُريدة، و آخرون.

و كان أحد سادات المحدّثين و الفقهاء و الشعراء و الدهاة و النحاة، و كان من

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 7- 99، طبقات خليفة 328، تاريخ خليفة 151، المحبر ص 235، التأريخ الكبير 6- 334، المعارف ص 247، الجرح و التعديل 4- 503، مشاهير علماء الامصار ص 152 برقم 694، فهرست ابن النديم 44، جمهرة أنساب العرب 185، رجال الطوسي 46 برقم 1 و 69 برقم 1، الانساب 2- 508، المنتظم 6- 96، معجم الا دباء 12- 34، أسد

الغابة 3- 69، الكامل في التأريخ 4- 305، اللباب 1- 514، رجال ابن داود ق 1 ص 112 برقم 794، وفيات الاعيان 2- 535، تهذيب الكمال 33- 37، سير أعلام النبلاء 4- 81، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 69 ه) 276 (الكني)، العبر للذهبي 1- 7، الوافي بالوفيات 16- 533، مرآة الجنان 1- 144، البداية و النهاية 8- 315، النجوم الزاهرة 1- 184، تهذيب التهذيب 12- 10، تقريب التهذيب 1- 382، الاصابة 2- 232، مجمع الرجال 3- 232، جامع الرواة 1- 423، روضات الجنات 4- 162، تنقيح المقال 2- 111، الكني و الأَلقاب للقمي 1- 9، أعيان الشيعة 7- 403، معجم رجال الحديث 9- 171، قاموس الرجال 5- 171.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 410

وجوه الشيعة، و من أكملهم عقلًا و رأياً، و قد أمره الامام علي- عليه السّلام بوضع شي ء في النحو لمّا سمع اللحن، فأراه أبو الاسود ما وضع، فقال عليّ (عليه السّلام): «ما أحسن هذا النحو الذي نحوْتَ»، فمن ثمَّ سمِّي نحواً.

قال أبو عُبيدة: أخذ أبو الاسود عن عليّ العربية، و هو أوّل من نقط المصاحف.

عُدّ من أصحاب الأَئمّة: علي و الحسن و الحسين و السجاد- عليهم السّلام، و شهد مع أمير المؤمنين- عليه السّلام وقعة صفّين.

قال ابن خلكان: و كان ينزل البصرة في بني قشير، و كانوا يرجمونه بالليل لمحبته عليّا كرم اللّه وجهه، فإذا ذكر رجمهم قالوا: إنّ اللّه يرجمك، فيقول لهم: تكذبون، لو رجمني اللّه لَاصابني و لكنّكم ترجمون و لا تصيبون.

وله أشعار كثيرة، منها:

و ما طَلَبُ المعيشة بالتمنّي و لكن ألقِ دلوَكَ في الدِّلاءِ

تجي ء بملئها طوراً و طوراً تجي ء بحمْأةٍ و قليل ماء

و قال:

صَبغَتْ أُميَّةُ بالدماء

أكفَّنا و طَوَتْ أُميَّةُ دوننا دنياها

و قال:

ذَهَبَ الرجال المُقتدي بفعالهم و المُنكرون لكل أمر منكَرِ

و بقيتُ في خَلَف يُزكّي بعضُهم بعضاً ليدفَعَ مُعْوِرٌ عن مُعْورِ

فَطِنٍ لكل مصيبةٍ في مالهِ و إذا أُصيبَ بعِرضِهِ لم يشعُرِ

وثّقه ابن سعد، و ابن حبّان، و العجلي، و ابن معين.

توفّي في طاعون الجارف- سنة تسع و ستين، و هو ابن خمس و ثمانين سنة، و قيل: مات قبل الطاعون.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 411

179 أبو إدريس الخولاني

«1» (8- 80 ه) عائذ اللّه بن عبد اللّه، و يقال: عيِّذ اللّه بن إدريس بن عائذ.

وُلد عام حُنين.

و حدّث عن: أبي ذر، و أبي الدرداء، و حذيفة، و عُبادة بن الصامت، و ابن عباس، و أبي هريرة، و عدّة.

حدّث عنه: أبو سلام الاسود، و مكحول، و ابن شهاب، و يحيي بن يحيي الغسّاني، و يزيد بن أبي مريم، و ربيعة القصير، و آخرون.

و كان من فقهاء أهل الشام، و كان يقصُّ في مسجد دمشق.

ولّاه عبد الملك بن مروان القضاء بعد عزل بلال بن أبي الدرداء.

توفّي- سنة ثمانين.

______________________________

(1) الطبقات لابن سعد 7- 448، طبقات خليفة 563، تاريخ خليفة 215، التأريخ الكبير 7- 83، المعرفة و التاريخ 2- 319، الجرح و التعديل 7- 37، مشاهير علماء الامصار ص 180 برقم 852، حلية الاولياء 5- 122، الإستيعاب (ذيل الاصابة (4- 16، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 74، أسد الغابة 5- 134، تهذيب الكمال 33- 20، سير أعلام النبلاء 4- 272، تذكرة الحفّاظ 1- 56، العبر للذهبي 1- 67، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 80) ص 542) الكني)، الوافي بالوفيات 16- 595، مرآة الجنان 1- 161، البداية و النهاية 9- 36، النجوم الزاهرة 1- 201، تهذيب

التهذيب 5- 85، تقريب التهذيب 1- 390، الاصابة 3- 57، طبقات الحفاظ 26 برقم 38، شذرات الذهب 1- 88.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 412

180 عاصم بن عمر «1»

(..- 120،- 119 ه) ابن قتادة بن النعمان الظَّفَري، أبو عمر، و يقال: أبو عمرو المدني.

حدّث عن: أبيه، و جابر بن عبد اللّه، و محمود بن لبيد، و رُميثة الصحابية، و هي جدته، و أنس بن مالك، و علي بن الحسين- عليهما السّلام، و غيرهم.

حدّث عنه: بُكير بن الاشجع، و ابن عجلان، و ابن إسحاق، و جماعة.

و كان من الفقهاء أيام عمر بن عبد العزيز، و كان عارفاً بالمغازي، يعتمد عليه ابن إسحاق كثيراً.

وقد أمره عمر بن عبد العزيز أن يجلس في مسجد دمشق فيحدّث الناس

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 3- 452، طبقات خليفة 448 برقم 2259، تاريخ خليفة 275، التأريخ الكبير 6- 478 برقم 3040، المعارف 264، المعرفة و التاريخ 1- 422، تاريخ اليعقوبي 3- 53) فقهاء أيام عمر بن عبد العزيز)، الجرح و التعديل 6- 346 برقم 1943، مشاهير علماء الامصار 115 برقم 479، الثقات لابن حبّان 5- 234، جمهرة أنساب العرب لابن حزم ص 343، المنتظم 7- 203 برقم 650، الكامل لابن الاثير 5- 228 (120)، مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر لابن منظور 11- 239 برقم 138، تهذيب الكمال 13- 528 برقم 3020، سير أعلام النبلاء 5- 240 برقم 102، ميزان الاعتدال 2- 355 برقم 4059، تاريخ الإسلام 389 برقم 440) حوادث 120)، الوافي بالوفيات 16- 571 برقم 605، مرآة الجنان 1- 256، النجوم الزاهرة 1- 285، تهذيب التهذيب 5- 53 برقم 85، تقريب التهذيب 1- 385 برقم 21، لسان الميزان 7- 253 برقم 3423، شذرات الذهب 1-

157.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 413

بمغازي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- و مناقب أصحابه، و قال: إنّ بني مروان كانوا يكرهون هذا، و ينهون عنه، فاجلس فحدث الناس بذلك، ففعل.

توفّي- سنة تسع عشرة و مائة، و قيل: سنة عشرين، و قيل غير ذلك.

181 الشَّعبيّ «1»

(19، 21- 104،- 103 ه) عامر بن شراحيل بن عبد، و يقال: عامر بن عبد اللّه، أبو عمرو الهمْداني ثم الشعبي.

ولد بالكوفة سنة تسع عشرة، و قيل: سنة إحدي و عشرين، و قيل غير ذلك.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 246، التأريخ الكبير 6- 450، المعارف 255، المعرفة و التاريخ 2- 592، الجرح و التعديل 6- 322، الثقات لابن حبّان 5- 185، حلية الاولياء 4- 310، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 203 برقم 325، الخلاف للطوسي 1- 87) طبع جماعة المدرسين)، تاريخ بغداد 12- 227، الإكمال لابن مأكولا 5- 119، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 81، الانساب للسمعاني 3- 432، المنتظم 7- 92، معجم البلدان 3- 348) مادة شعب)، اللباب 2- 198) الشعبي)، وفيات الاعيان 3- 12، الرجال لابن داود ص 113 برقم 803، تهذيب الكمال 14- 28، سير أعلام النبلاء 4- 294، تذكرة الحفاظ 1- 79، دول الإسلام 1- 50، العبر للذهبي 1- 96، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 104) ص 124، الوافي بالوفيات 16- 587، البداية و النهاية 9- 239، طبقات المعتزلة ص 130، النجوم الزاهرة 1- 253، تقريب التهذيب 1- 387، تهذيب التهذيب 5- 65، طبقات الحفّاظ ص 40، نقد الرجال ص 177 برقم 13، شذرات الذهب 1- 126، جامع الرواة 1- 427، تنقيح المقال 2- 115، الاعلام 3- 251، معجم رجال الحديث 9- 193.

موسوعة طبقات

الفقهاء، ج 1، ص: 414

رأي الامام عليّا- عليه السّلام و صلّي خلفه.

حدّث عن: سعد بن أبي وقاص، و سعيد بن زيد، و عدي بن حاتم، و أُمّ سلمة، و عائشة، و ابن عباس، و الحسن بن علي- عليهما السّلام، و الحارث الاعور، و الاسود، و طائفة.

حدّث عنه: الحكم، و حمّاد، و داود بن أبي هند، و عاصم الاحول، و مكحول الشامي، و أبو حنيفة، و أبو بكر الهُذلي، و آخرون.

و كان فقيهاً، شاعراً، يُضرب المثل بحفظه.

اتصل بعبد الملك بن مروان، فكان نديمه و سميره، و رسولَه إلي ملك الروم، وقد ولي قضاء الكوفة زمن عمر بن عبد العزيز.

و كان ممّن خرج من القرّاء علي الحجاج، و شهد دير الجماجم، و لما تمزق جمع عبد الرحمن بن الاشعث، اختفي الشعبي زماناً، و كان يكتب إلي يزيد بن أبي مسلم أن يُكلّم فيه الحجّاج.

و لما أُحضر بين يدي الحجّاج، قال: أصلح اللّه الامير، خَبَطتْنا فتنة فما كنا فيها بأبرار أتقياء، و لا فجّار أقوياء.

فعفا عنه الحجّاج.

و كان الشعبي معروفاً بولائه لبني أُميّة، و انحرافه عن أهل البيت- عليهم السّلام- و كان يكذّب الحارث الهمداني، لا لشي ء إلّا لكونه شيعياً.

قال ابن عبد البر.

و لم يبن من الحارث كذب، و إنّما نقم عليه إفراطه في حب علي، و تفضيله له علي غيره.

نقل عنه الشيخ الطوسي في «الخلاف» خمسين مورداً في الفتاوي.

روي عبد الرزاق الصنعاني بسنده عن الشعبي قال: أمّا جبريل (عليه السّلام) فقد نزل بالمسح علي القدمين «1» توفي الشعبي في- سنة أربع و مائة، و قيل: - ثلاث و مائة، و قيل غير ذلك.

______________________________

(1) المصنّف 1- 19 برقم 56.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 415

182 أبو بُردة بن أبي موسي «1»

(..- 104،- 103 ه) الاشعري،

و اسمه عامر بن عبد اللّه بن قيس، الفقيه، قاضي الكوفة.

روي عن: أبيه، و حذيفة بن اليمان، و علي بن أبي طالب- عليه السّلام، و عبد اللّه بن سلام، و أبي هريرة، و آخرين.

روي عنه: حفيده أبو بردة يزيد بن عبد اللّه بن أبي بُردة، و ابنه بلال بن أبي بُردة، و ثابت البُناني، و حميد بن هلال، و خلق سواهم.

ولي قضاء الكوفة بعد شُريح القاضي، ثمّ عزله الحجاج و ولّي أخاه أبا بكر ابن أبي موسي.

و هو أحد رؤَساء الارباع الذين دعاهم زياد بن أبيه، فشهدوا أنّ حجر بن عدي جمع إليه الجموع، و أظهر شتم الخليفة (يعني معاوية)، و أظهر عذر أبي تراب و الترحّم عليه و البراءة من عدوه، و أنّ هؤلاء النفر الذين معه هم رءوس

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 268، التأريخ الكبير 6- 447، المعارف ص 325، الجرح و التعديل 6- 325، مشاهير علماء الامصار ص 167 برقم 776، الثقات لابن حبّان 5- 187، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 168 برقم 242، المنتظم 7- 84، وفيات الاعيان 3- 710، تهذيب الكمال 33- 66، سير أعلام النبلاء 5- 5، العبر للذهبي 1- 97، تذكرة الحفّاظ 1- 95، دول الإسلام 1- 51، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 104) ص 284، الوافي بالوفيات 16- 590، مرآة الجنان 1- 220، البداية و النهاية 9- 240، النجوم الزاهرة 1- 199، تهذيب التهذيب 12- 18، تقريب التهذيب 2- 393، طبقات الحفّاظ ص 43 برقم 84، شذرات الذهب 1- 126، الاعلام 3- 253.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 416

أصحابه علي مثل رأيه و أمره، ثم بعث بهم زياد إلي معاوية، فأمر بقتلهم، فقتلوا بمرج عذراء «1»، و

كان حجر هو الذي افتتحها فقدّر أن قُتل بها «2» قيل: إنّ أبا بُردة افتخر يوماً بأبيه و بصحبته، فقال الفرزدق: لو لم يكن لَابي موسي منقبة إلّا أنّه حجمَ النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- لكفي، فامتعض لها أبو بردة، و قال: أما إنّه ما حجم أحداً غيره، فقال الفرزدق: كان أبو موسي أورع من أن يجرّب الحجامة في رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-، فسكت أبو بُردة علي حَنَق.

مات- سنة أربع و مائة، و قيل: - ثلاث و مائة، و قيل غير ذلك.

183 عبد الرحمن بن حاطب «3»

(..- 68 ه) ابن أبي بلتعة، أبو يحيي اللَّخْميّ، المدني. يقال: إنّه رأي النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

______________________________

(1) انظر الكامل لابن الاثير: 3- 472) سنة 51 ه).

(2) الاصابة: 1- 313.

و كان لحجر صحبة و وفادة و جهاد و عبادة «الشذرات: 1- 57»، و كان مستجاب الدعوة «الإستيعاب: 1- 231».

قالت عائشة: أما و اللّه إن كان ما علمت لمسلماً حجّاجاً معتمراً «الكامل: 3- 487».

و ممّا كتب به الامام الحسين- عليه السّلام- إلي معاوية: أ لستَ قاتل حجر و أصحابه العابدين المخبتين؟ الذين كانوا يستفظعون البدع و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر، فقتلتهم ظلماً و عدواناً من بعد ما أعطيتهم المواثيق الغليظة و العهود المؤكدة جراءة علي اللّه و استخفافاً بعهده «الامامة و السياسة: 1- 164».

(3): الطبقات الكبري لابن سعد 2- 383، التأريخ الكبير 5- 271 برقم 876، المعرفة و التاريخ 1- 410، تاريخ اليعقوبي 2- 228) فقهاء أيام معاوية)، الجرح و التعديل 5- 222 برقم 1050، الثقات لابن حبّان 5- 76، مشاهير علماء الامصار 137 برقم 609، الإستيعاب 2- 419) ذيل الاصابة)،

أسد الغابة 3- 284، الاصابة 3- 67 برقم 6202، تهذيب التهذيب 6- 158 برقم 321، تقريب التهذيب 1- 476 برقم 903.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 417

روي عن: أبيه، و عمر، و عثمان، و عبد الرحمن بن عوف، و صهيب بن سنان، و آخرين.

روي عنه: ابنه يحيي، و عروة بن الزبير.

و كان من الفقهاء أيام معاوية، و ذكره الزهري في الذين كانوا يتفقّهون بالمدينة كما رُوي عنه.

روي عبد الرزاق الصنعاني بسنده إلي عبد الرحمن بن حاطب أنّه اعتمر مع عثمان في ركب، فلمّا كانوا بالروحاء قُدِّم إليهم لحم طير، قال عثمان: كلوا، و كره أن يأكل منه، فقال عمرو بن العاص: أ نأكل ممّا لست منه آكلًا؟ قال: إنّي لستُ في ذلكم مثلكم، إنّما صيدت لي، و أُميتت باسمي أو قال: من أجلي «1» توفّي- سنة ثمان و ستين، و قيل: قُتل يوم الحرّة.

______________________________

(1) المصنّف: 4- 433 برقم 8345، و روي الطبري في تفسيره: 7- 45: انّه أُتي بلحم طير صاده حلالٌ فأكل منه عثمان و لم يأكله عليٌّ فقال عثمان: و اللّه ما صدنا و لا أمرنا و لا أشرنا، فقال عليٌّ: (وَ حُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مٰا دُمْتُمْ حُرُماً) (المائدة: 96).

قال القرطبي في تفسيره للآية الكريمة: التحريم ليس صفة للَاعيان و إنّما يتعلق بالافعال، فمعني قوله: (وَ حُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ) أي فعل الصيد، و هو المنع من الاصطياد، أو يكون الصيد بمعني المصيد علي معني تسمية المفعول بالفعل، و هو الاظهر لِاجماع العلماء علي أنّه لا يجوز للمحرم قبول صيد وُهبَ له، و لا يجوز له شراءه و لا اصطياده و لا استحداث ملكه بوجه من الوجوه، و لا خلاف بين علماء المسلمين

في ذلك لعموم قوله تعالي: (وَ حُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مٰا دُمْتُمْ حُرُماً)، و لحديث الصعب بن جثامة.

ثم قال: و روي عن علي بن أبي طالب و ابن عباس و ابن عمر: أنّه لا يجوز للمحرم أكل صيد علي حال من الاحوال، سواء صيد من أجله أو لم يُصد لعموم قوله تعالي: (وَ حُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مٰا دُمْتُمْ حُرُماً).

الجامع لَاحكام القرآن: 6- 321.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 418

184 عبد الرحمن بن عُسَيلة «1»

(..- حدود 80 ه) المراديّ، أبو عبد اللّه الصُّنابِحيّ، الفقيه.

رحل إلي النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فوجده قد مات قبل قدومه بخمس ليال أو ست، ثم نزل الشام.

روي عن: النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم مرسلًا، و عن أبي بكر، و عمر، و علي- عليه السّلام، و بلال، و سعد ابن عبادة، و شداد بن أوس، و آخرين.

روي عنه: أسلم مولي عمر، و ربيعة بن يزيد الدمشقي، و مرثَد اليَزني، و أبو عبد الرحمن الحُبُلي، و سُوَيْد بن غفلة، و عدّة.

و قد عدّه أبو إسحاق الشيرازي في فقهاء التابعين بمصر.

توفي في- حدود الثمانين للهجرة.

______________________________

(1) المصنّف 2- 109 برقم 2698، الطبقات الكبري لابن سعد 7- 443، التأريخ الكبير 5- 321، المعرفة و التاريخ 2، 314، 361- 306، الجرح و التعديل 5- 262، مسند أحمد 4- 351، مشاهير علماء الامصار ص 180 برقم 850، الثقات لابن حبّان 5- 74، الإستيعاب ذيل الاصابة 2- 418، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 77، الإكمال لابن مأكولا 5- 199، أسد الغابة 3- 310، تهذيب الكمال 17- 282، سير أعلام النبلاء 3- 505، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 80) ص 473، الوافي بالوفيات 18- 185، البداية و النهاية 8- 327،

تهذيب التهذيب 6- 229، تقريب التهذيب 1- 491، الاصابة 3- 97، تنقيح المقال 2- 149.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 419

185 عبد الرحمن بن غَنم «1» «2»

(..- 78 ه) الاشعري، الفقيه، شيخ أهل فلسطين.

كان رأس التابعين، و قد أسلم علي عهد رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و لم يره، و قيل: له رؤية.

و يُعرف بصاحب معاذ لملازمته له.

روي عن: مُعاذ بن جبل و تفقه به، و عمر بن الخطاب، و أبي ذر الغفاري، و أبي الدرداء، و غيرهم.

روي عنه: ولده محمد، و رجاء بن حيوة، و أبو إدريس الخولاني، و شهر بن حوشب، و آخرون.

بعثه عمر إلي الشام يفقّه الناس، و كان من العباد الصالحين.

______________________________

(1) بفتح الغين المعجمة و سكون النون بعدها ميم.

(2) الطبقات لابن سعد 7- 441، طبقات خليفة 561 برقم 2883، تاريخ خليفة 213، التأريخ الكبير 5- 247، المعرفة و التاريخ 2- 309، الجرح و التعديل 5- 274، الثقات لابن حبّان 5- 78، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 223 برقم 367، مشاهير علماء الامصار ص 180 برقم 851، الاحكام في أُصول الاحكام 2- 94، رجال الطوسي 52 برقم 89، الإستيعاب (ذيل الاصابة (2- 416، أسد الغابة 3- 318، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 30، تهذيب الكمال 17- 339، تذكرة الحفّاظ 1- 51، سير أعلام النبلاء 4- 45، العبر للذهبي 1- 65، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 78) ص 476، دول الإسلام للذهبي 1- 37، الوافي بالوفيات 18- 217، مرآة الجنان 1- 158، البداية و النهاية 9- 28، النجوم الزاهرة 1- 198، تهذيب التهذيب 6- 250، تقريب التهذيب 1- 494، الاصابة 2- 5113، طبقات الحفّاظ ص 23 برقم 30، مجمع الرجال للقهبائي 4- 82، شذرات الذهب

1- 84، تنقيح المقال 2- 147 برقم 6408، معجم رجال الحديث 9- 342، قاموس الرجال 5- 308.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 420

قال ابن عبد البر: و هو الذي عاتب أبا هريرة و أبا الدرداء بحمص إذ انصرفا من عند علي رضي اللّه عنه رسولين لمعاوية، و كان ممّا قال لهما: عجباً منكما كيف جاز عليكما ما جئتما به تدعوان علياً إلي أن يجعلها شوري و قد علمتما أنّه قد بايعه المهاجرون و الانصار و أهل الحجاز و العراق، و أن من رضيه خير ممّن كرهه، و من بايعه خير ممّن لم يبايعه، و أي مدخل لمعاوية في الشوري و هو من الطلقاء الذين لا تجوز لهما الخلافة، و هو و أبوه من رءوس الاحزاب، فندما علي مسيرهما و تابا منه بين يديه رضي اللّه تعالي عنهم «1» قال ابن الاثير: الذي ذكره أبو عمر يعني صاحب الإستيعاب من معاتبة عبد الرحمن أبا الدرداء و أبا هريرة عندي فيه نظر «2» معللًا ذلك بوفاة أبي الدرداء قبل قتل عثمان.

أقول: يصح قول ابن الاثير هذا إذا ثبت انّ أبا الدرداء توفي قبل قتل عثمان، غير انّه ورد قولان آخران في وفاته، فقيل: في- سنة ثمان، و قيل في- سنة تسع و ثلاثين.

ثمّ إنّ المؤرخين ذكروا قدوم رسولين من معاوية إلي علي- عليه السّلام، و لكن اختلفوا فيهما، فابن عبد البر و ابن قتيبة ذكرا أبا الدرداء و أبا هريرة، و أمّا نصر بن مزاحم فذكر أبا الدرداء و أبا أُمامة الباهلي «3» فإذا لم يكن أبو الدرداء أحد الرسولين، فانّ أبا أمامة و أبا هريرة علي الاظهر كانا رسولي معاوية، و تكون المعاتبة قد حصلت لهما.

وثّقه العجلي،

و ابن حبّان، و ابن سعد.

و عدّ من أصحاب علي- عليه السّلام.

توفّي في- سنة ثمان و سبعين.

______________________________

(1) الإستيعاب: 2- 850 برقم 1449، و ذكر قريباً منه ابن قتيبة في تاريخ الخلفاء 1- 100، و لكنّه نسب المعاتبة إلي عبد الرحمن بن عثمان.

(2) أسد الغابة: 3- 318، ترجمة عبد الرحمن بن غنم.

(3) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 4- 17) من أخبار صفين).

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 421

186 عبد الرحمن بن المِسْوَر «1»

(..- 90 ه) ابن مَخْرَمة الزهري، الفقيه أبو المِسْوَر المدني.

سمع أباه و سعد بن أبي وقاص، و أبا رافع مولي النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

سمع منه: ابنه جعفر، و الزهري، و حبيب بن أبي ثابت، و جعفر بن عبد اللّه ابن الحكم.

و كان قليل الحديث.

أخرج البيهقي بسنده عن عبد الرحمن بن المسور قال: خرجت مع أبي و سعد بن أبي وقاص و عبد الرحمن بن الاسود بن عبد يغوث الزّهري عام أذرح فوقع الوجع بالشام فأقمنا بالسرغ (قرية بوادي تبوك) خمسين ليلة و دخل علينا رمضان فصام المسور و عبد الرحمن بن الاسود و أفطر سعد بن أبي وقاص، و أبي أن يصوم، فقلت لسعد: يا أبا إسحاق: أنت صاحب رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- و شهدت بدراً، و المسور يصوم و عبد الرحمن و أنت تفطر؟! قال سعد: إنّي أنا أفقه منهم «2» توفّي بالمدينة- سنة تسعين.

______________________________

(1) التأريخ الكبير 5- 347 برقم 1103، المعرفة و التاريخ 1- 369، الجرح و التعديل 5- 283، مشاهير علماء الامصار 120 برقم 511، الثقات لابن حبّان 5- 101، تهذيب الكمال 17- 402 برقم 395، تاريخ الإسلام سنة (81 100) ص 131، مرآة الجنان 1-

180، تهذيب التهذيب 6- 269 برقم 533، تقريب التهذيب 1- 498 برقم 1110.

(2) السنن الكبري: 3- 153، باب من قال يقصر أبداً ما لم يجمع مكثاً.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 422

187 عبد الرحمن بن مِلّ «1»

(..- 100،- 95 ه) ابن عمرو، أبو عثمان النَّهدي، أدرك الجاهلية، و أسلم علي عهد رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، و لم يره، لكنّه أدي إلي عمّاله الزكاة.

روي عن: علي- عليه السّلام، و عمر، و ابن مسعود، و أُبي بن كعب، و بلال، و سعد بن أبي وقاص، و سلمان الفارسي، و حذيفة، و طائفة سواهم.

روي عنه: قتادة، و عاصم الاحول، و حميد الطويل، و سليمان التيمي، و عمران ابن حُدير، و حجاج بن أبي زينب، و آخرون.

رُوي أنّه شهد وقعة اليرموك و القادسية و جلولاء و غيرها.

و أنّه صحب سلمان الفارسي ثنتي عشرة سنة.

و كان كثير العبادة، حسن القراءة، كثير الصلاة يصلّي حتي يُغشي عليه.

و كان قد سكن الكوفة، فلما قتل الامام الحسين- عليه السّلام تحوّل إلي البصرة، و قال: لا أسكن بلداً قُتل فيه ابن بنت رسول اللّه.

روي عبد الرزاق الصنعاني بسنده عن أبي عثمان النهدي قال: اصطحبت أنا

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 7- 97، المعارف ص 242، الجرح و التعديل 5- 283، الثقات لابن حبّان 5- 75، الخلاف للطوسي 1- 382) طبع جماعة المدرسين)، تاريخ بغداد 10- 202، الإستيعاب (ذيل الاصابة (2- 419، المنتظم 7- 60، أسد الغابة 5- 251 (الكني)، تهذيب الكمال 17- 424، سير أعلام النبلاء 4- 175، تذكرة الحفّاظ 1- 65، العبر للذهبي 1- 90، الوافي بالوفيات 18- 281، مرآة الجنان 1- 208، البداية و النهاية 9- 17، شرح علل الترمذي ص 213، تهذيب

التهذيب 6- 277، تقريب التهذيب 1- 499، الاصابة 3- 98، طبقات الحفّاظ ص 31 برقم 54، شذرات الذهب 1- 118، تنقيح المقال 2- 148.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 423

و سعد بن أبي وقاص من الكوفة إلي مكة، و خرجنا موافدين، فجعل سعد يجمع بين الظهر و العصر، و المغرب و العشاء، يُقدِّم من هذه قليلًا و يؤخِّر من هذه قليلًا، حتي جئنا مكة «1» توفّي- سنة مائة، و قيل: - سنة خمس و تسعين، و قيل غير ذلك و هو ابن ثلاثين و مائة، و قيل غير ذلك.

و نقل الشيخ الطوسي عنه في كتاب «الخلاف» فتوي واحدة.

188 عبد الرحمن بن يزيد «2»

(..- 83،- 73 ه) ابن قيس النَخَعيّ، الفقيه، أبو بكر الكوفيّ، أخو الاسود بن يزيد.

______________________________

(1) المصنّف: 2- 549 برقم 4406. يجوز الجمع بين الصلاتين تقديماً و تأخيراً بعذر السفر عند مالك و الشافعي و أحمد، و قال أبو حنيفة: لا يجوز الجمع بين الصلاتين بعذر السفر بحال.

و قال الامامية: يجوز الجمع بين الصلاتين في الحضر أيضاً، و من علماء المذاهب من يوافق الامامية علي الجمع في الحضر، وقد ألّف الشيخ أحمد الصديق الغماري كتاباً في ذلك أسماه «إزالة الحظر عمّن جمع بين الصلاتين في الحضر».

انظر الفقه علي المذاهب الخمسة: ص 142، 79.

وقد أخرج عبد الرزاق الصنعاني عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: جمع رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- بين الظهر و العصر بالمدينة في غير سفر و لا خوف، قال: قلت لابن عباس: وَ لِمَ تَراه فعل ذلك؟ قال: أراد أن لا يُخرج أحداً من أُمّته.

و أخرج في رواية أُخري أنّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- جمع بين الظهر و

العصر و المغرب و العشاء بالمدينة في غير سفر و لا مطر.

قال صالح مولي التوأمة: قلت لابن عباس: لِمَ تَراه فعل ذلك؟ قال: أراه (أراد) للتوسعة (التوسعة) علي أُمّته.

المصنف: 2- 555 برقم 4435، 4434.

(2) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 121، التأريخ الكبير 5- 363، المعارف ص 245، الجرح و التعديل 5- 299، الثقات لابن حبّان 5- 86، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 79، تهذيب الكمال 18- 12، سير أعلام النبلاء 4- 78، الوافي بالوفيات 18- 304، النجوم الزاهرة 1- 204، تهذيب التهذيب 6- 299، تقريب التهذيب 1- 502.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 424

روي عن: أخيه الاسود، و عمّه علقمة، و عن حذيفة، و سلمان الفارسي، و عثمان، و ابن مسعود، و الأَشتر النخعيّ، و غيرهم.

روي عنه: ابنه محمد، و إبراهيم النخعي، و أبو إسحاق السبيعي، و سلمة بن كُهيل، و منصور بن المعتمر، و آخرون.

و هو من الطبقة الاولي من تابعي أهل الكوفة، قيل: و كان يسجد علي كور عمامته قد حالت بين جبهته و الارض.

] و لعلّ السجود عليه كان اضطراراً [.

روي أحمد في «مسنده «1- 378 بسنده عن عبد الرحمن بن يزيد قال: صلّي عثمان بمني أربعاً فقال عبد اللّه بن مسعود صلّيت مع النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- بمني ركعتين و مع أبي بكر ركعتين و مع عمر ركعتين.

توفّي في ولاية الحجاج قبل الجماجم، و قيل: في الجماجم سنة- ثلاث و ثمانين، و قيل: مات- سنة ثلاث و سبعين.

189 عبد الرحمن بن أبي ليلي «1»

(نحو 18- 83 ه) الانصاري، المدني، الفقيه المقرئ أبو عيسي، و يقال: أبو محمد الكوفي،

______________________________

(1) المصنف 2- 279 برقم 3362 و 8- 175 برقم 14773، الطبقات الكبري لابن سعد 6- 109،

التأريخ الكبير 5- 368، المعرفة و التأريخ 2- 617، الجرح و التعديل 2- 301، مشاهير علماء الامصار ص 164 برقم 758، الثقات لابن حبّان 5- 100، حلية الاولياء 4- 350، الخلاف للطوسي 1- 74) طبع جامعة المدرسين)، رجال الطوسي ص 48 برقم 28 و 51 برقم 83، تاريخ بغداد 10- 199، المنتظم 6- 252، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 303، وفيات الاعيان 3- 126، تهذيب الكمال 17- 372، العبر للذهبي 1- 71، تذكرة الحفّاظ 1- 58، سير أعلام النبلاء 4- 262، ميزان الاعتدال 2- 584، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 81 100) ص 127، دول الإسلام للذهبي 1- 38، الوافي بالوفيات 18- 308، النجوم الزاهرة 1- 206، تهذيب التهذيب 6- 260، تقريب التهذيب 1- 496، الاصابة 2- 413، طبقات الحفّاظ ص 26 برقم 40، طبقات المفسرين للداودي 1- 275، مجمع الرجال للقهبائي 4- 80، شذرات الذهب 1- 92، تنقيح المقال 2- 148، معجم رجال الحديث 9- 298.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 425

و اسم أبي ليلي يسار، و قيل: بلال، و قيل: داود بن بلال.

ولد نحو سنة ثمان عشرة.

و روي عن: الامام علي- عليه السّلام، و عن أبيه، و حذيفة بن اليمان، و عبد اللّه بن مسعود، و أبي ذر الغفاري، و أُمّ هانيَ بنت أبي طالب، و غيرهم.

روي عنه: ابنه عيسي، و ابن ابنه عبد اللّه بن عيسي، و عمرو بن ميمون الاودي، و يحيي بن الجزّار، و المنهال بن عمرو، و الشعبي، و آخرون.

و قرأ القرآن علي الامام علي- عليه السّلام.

قال عبد الملك بن عمير: أدركت ابن أبي ليلي في حلقة فيها نفر من الصحابة منهم البراء بن عازب يستمعون لحديثه، و ينصتون له.

و روي

عطاء بن السائب عن ابن أبي ليلي قال: أدركت مائة و عشرين من الانصار من أصحاب رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- ما فيهم أحد يسأل عن شي ء إلّا أحبّ أن يكفيه صاحبه الفتيا، و أنّهم هاهنا يتوثّبون علي الأُمور توثّباً.

و من هنا يُعلم أنّه كان يدعو إلي التأمّل في الفتيا و عدم التسرّع إلي الجواب، و أنّه كان ينتقد ظاهرة التسرّع في الفتيا التي كانت في عصره «1»

______________________________

(1) محمود البغدادي، ثقات الإسلام: ص 67.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 426

و كان عبد الرحمن يسكن الكوفة، و قدم المدائن في حياة حذيفة بن اليمان، و قدمها أيضاً بعد ذلك في صحبة الامام علي- عليه السّلام، و شهد حرب الخوارج بالنهروان، و كان قد شهد معه- عليه السّلام- وقعة صفين أيضاً.

روي الخطيب البغدادي بسنده عن عبد اللّه بن عيسي قال: كان عبد الرحمن بن أبي ليلي علوياً، و كان عبد اللّه بن عكيم عثمانياً، و كانا في مسجد واحد، و ما رأيت أحداً يكلم صاحبه.

قال الخطيب: يعني كلام مخاصمة، و مناظرة في عثمان و علي.

لقد كان عبد الرحمن بن أبي ليلي علوي الرأي، إلّا أنّه كان يبتعد عن الخصومات المذهبية، لا سيما تلك التي تثير الاحقاد، و تؤجج سعير الشغب «1» روي أحمد بن حنبل بسنده عن سماك بن عبيد بن الوليد العبسي قال: دخلت علي عبد الرحمن بن أبي ليلي فحدثني أنّه شهد علياً رضي اللّه عنه في الرحبة قال: أنشد اللّه رجلًا سمع رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- و شهد يوم غدير خم إلّا قام، و لا يقوم إلّا من قد رآه، فقام اثنا عشر رجلًا فقالوا

قد رأيناه و سمعناه حيث أخذ بيده يقول: اللّهم والِ من والاه و عاد من عاداه و انصر من نصره و اخذل من خذله، فقام إلّا ثلاثة لم يقوموا فدعا عليهم فأصابتهم دعوته «2» و كان الحجاج قد جلد ابن أبي ليلي أربعمائة سوط علي رأيه العلوي «3»

______________________________

(1) المصدر السابق: 67 68.

(2) المسند: 1- 119. و روي حديث الرحبة ابن الاثير في أُسد الغابة: 4- 28 بسنده عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلي، و قال بعد أن ذكر الحديث: وقد رُوي مثل هذا عن البراء بن عازب و زاد فقال عمر بن الخطاب: يا ابن أبي طالب أصبحت اليوم وليّ كل مؤمن.

(3) ثقات الإسلام: 68.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 427

روي عن أبي حصين، أنّ الحجاج استعمل عبد الرحمن بن أبي ليلي علي القضاء، ثم عزله، ثم ضربه ليسبّ أبا تراب رضي اللّه عنه، و كان قد شهد النهروان مع عليّ.

روي أبو نعيم بسنده عن عبد الرحمن بن أبي ليلي عن كعب بن عجرة قال: لما نزلت" يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً" «1» جاء رجل إلي النبيّ- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- فقال: يا رسول اللّه هذا السلام عليك قد عرفناه، فكيف الصلاة عليك؟ قال: قولوا: اللّهمّ صلّ علي محمد و علي آل محمد كما صلّيت علي إبراهيم و آل إبراهيم إنّك حميد مجيد، و بارك علي محمّد و علي آل محمّد كما باركت علي إبراهيم و آل إبراهيم إنّك حميد مجيد.

قُتل ابن أبي ليلي في معركة الجماجم- سنة 83 ه، و كان أحد الشخصيات البارزة في كتيبة القرّاء، حيث وقف فيهم خطيباً قائلًا:

يا معشر القرّاء: إنّ الفرار ليس بأحد من الناس بأقبح منه بكم، إنّي سمعت علياً رفع اللّه درجته في الصالحين و أثابه ثواب الشهداء و الصديقين يقول يوم لقينا أهل الشام: أيّها المؤمنون إنّه من رأي عدواناً يُعمل به و منكراً يُدعي إليه فأنكره بقلبه فقد سلم و بريَ و من أنكر بلسانه فله أجر و هو أفضل من صاحبه، و مَن أنكر بالسيف لتكون كلمة اللّه العليا و كلمة الظالمين السفلي فذلك الذي أصاب سبيل الهدي و نوّر في قلبه باليقين.

فقاتلوا هؤلاء المحلّين المحدثين المبتدعين الذين قد جهلوا الحقّ فلا يعرفونه و عملوا بالعدوان فليس ينكرونه «2»

______________________________

(1) الاحزاب: 56.

(2) تاريخ الطبري: 5- 163، أحداث سنة 83.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 428

190 عبد اللّه بن إباض «1»

(..- حدود 86 ه) المقاعسي المري التميمي، رأس الاباضية التي تنتشر في عمان و زنجبار، و في شرق و شمال افريقية.

و المعروف انّ اسم الاباضية اسم للتمييز و ليس للتشريع، إذ انّ مؤسس المذهب و الفكر الاباضي هو جابر بن زيد العماني كما يدّعي الاباضيون، و لعل السبب في تسميته هذه الجماعة بالاباضية يرجع إلي أنّ عبد اللّه بن اباض استطاع أن يدافع عن آراء جماعته علناً.

و لقد اختلف المؤرخون في تاريخ مولده و وفاته إلّا أنّ سيرته تدل علي أنّه كان معاصراً لمعاوية بن أبي سفيان و لعبد الملك بن مروان، حيث كتب رسالة إلي عبد الملك يُبدي فيها النصائح له، و يذكر فيها انّه أدرك معاوية و رأي عمله و سيرته «2».

______________________________

(1) طبقات المشايخ بالمغرب 2- 214، السير للشماخي 1- 72، شذرات الذهب 1- 177، الأعلام 4- 61، السير و الجوابات لعلماء و أئمّة عمان 2- 325، ازالة الوعثاء عن

اتباع أبي الشعثاء ص 49، بحوث في الملل و النحل للسبحاني 5- 187.

(2) و ممّا جاء في هذه الرسالة:.. و أما قولك في شأن معاوية بن أبي سفيان: إنّ اللّه قام معه و عجل نصره، و بلج و أظهره علي عدوه بالطلب بدم عثمان، فإن كنت تعتبر الدين من قِبَل الدولة و الغلبة في الدنيا، فانّا لا نعتبره من قبل ذلك، فقد ظهر المسلمون علي الكافرين لينظر كيف يعلمون، و ظهر المشركون علي المؤمنين ليبلي المؤمنين و يملي للكافرين، و قال: (وَ تِلْكَ الْأَيّٰامُ نُدٰاوِلُهٰا بَيْنَ النّٰاسِ وَ لِيَعْلَمَ اللّٰهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ يَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدٰاءَ وَ اللّٰهُ لٰا يُحِبُّ الظّٰالِمِينَ. وَ لِيُمَحِّصَ اللّٰهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ يَمْحَقَ الْكٰافِرِينَ) (آل عمران: 140 141).

و انظر ما ذا أصاب المؤمنين من المشركين يوم أُحد.. فلا تعتبر الدين من قبل الدولة، فقد يظهر الناس بعضهم علي بعض، وقد أعطي اللّه فرعون ملكاً و ظهر في الارض.. فلا تسأل عن معاوية و عن صناعته غيري، لَانّي قد أدركته و رأيت عمله و سيرته، و لا أعلم أحداً من الناس أترك للقسمة التي قسمها اللّه، و لا لحكم حكمه اللّه، و لا أسفك لدم حرّمه اللّه منه.. ثم استخلف ابنه يزيد فاسقاً لعيناً كافراً شارباً للخمر فيكفيه من الشر فلا يخفي عمل معاوية و يزيد علي كل عاقل.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 429

و كان عبد اللّه بن اباض اتّفق مع نافع بن الازرق و أصحابه علي أن يسألا عبد اللّه بن الزبير عن رأيه في عثمان، لَانّ الخوارج كانوا ملتفين حول عبد اللّه بن الزبير، فلما سألوه و وجدوه مخالفاً للعقيدة، تفرقوا من حوله، و ذهب عبد اللّه بن اباض

إلي البصرة، و لما خرج ابن الازرق عند وثوب الناس بعبيد اللّه بن زياد، تخلّف عنه ابن اباض، و خالفه في مسألة تكفير المسلمين كفر ملة و دين.

قال بعض المعتزلة: إنّ عبد اللّه بن اباض لم يمت حتي ترك قوله أجمع، و رجع إلي الاعتزال.

قيل: و لكن ليس في كتب الاباضية ما يؤيد هذا.

و قال المبرد: إنّ قوله أقرب الاقوال إلي السنّة.

أمّا كتّاب الاباضية في العصر الحاضر و ما قبله فانّهم يتحرّجون من أن يُعدّوا من فرق الخوارج، و إن كانوا يتفقون معهم في بعض المباديَ، و يعتقدون انّ الخوارج هم المتطرفون كالازارقة و النجدات و الصفرية الذين استحلوا استعراض المسلمين بالسيف، و كفّروا أهل القبلة الذين لا يذهبون مذهبهم، و انّهم لم يجمعهم بالصفرية و غيرها جامع إلّا انكار الحكومة بين عليّ و معاوية، إلّا أنّهم يوالون المحكمة الا ولي و علي رأسهم عبد اللّه بن وهب الراسبي.

و يقول بعض هؤلاء الكتّاب: إنّ تسمية الخوارج لم تكن معهودة في أوّل الامر، و انّما هي انتشرت بعد استشراء آراء الازارقة، و لم تُعرف هذه التسمية في أصحاب عليّ المنكرين للتحكيم.

قال العلّامة الشيخ السبحاني ما ملخّصه: إنّ تخصيص التطرّف بالازارقة

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 430

و النجدات و الصفرية بزعم انّهم كانوا يستعرضون المسلمين، و يكفّرون أهل القبلة، كلام فارغ عن الحجة، بل الحجة علي خلافه.

فإنّ المحكّمة الاولي و علي رأسهم عبد اللّه بن وهب الراسبي كانوا من المتطرفين و يظهر ذلك من خطب هذا الراسبي و كلماته التي ألقاها في حروراء.

فالمحكّمة الاولي هم الذين بقروا بطن زوجة عبد اللّه بن خبّاب بن الارت، و لم يكتفوا بذلك، بل ذبحوا زوجها بعد ما أعطوه الامان، و هم

الذين قتلوا ثلاث نسوة من طيّ.. و أي دليل علي تطرفهم أتقن من وصف الامام إيّاهم بقوله: «سيوفكم علي عواتقكم تضعونها مواضع البرء و السقم و تخلطون من أذنب بمن لم يذنب».

كما انّ تخصيص اسم الخوارج بالمتطرّفين تخصيص بلا وجه، فقد أُطلق هذا اللفظ في عصر عليّ- عليه السّلام علي من قُتل في وقعة النهروان كعبد اللّه بن وهب الراسبي و ذي الخويصرة و من قُتل معهما، و هذا هو الامام علي (عليه السّلام) يقول: «لا تقاتلوا الخوارج بعدي، فليس من طلب الحق فأخطأه، كمن طلب الباطل فأدركه».

و قال الشيخ السبحاني: لم يظهر لنا من كتب الاباضية المنتشرة اليوم إلّا تخطئة التحكيم و تصويب المحكّمة الاولي من دون نصب عداء للوصيّ، و لكن لا يمكننا التجاهل بأنّهم يحبون المحكمة الاولي و يعتبرونهم أئمة، و هم قُتلوا بسيف عليّ، و هل يمكن الجمع بين الحبين «1» " مٰا جَعَلَ اللّٰهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ" «2»، كيف و هؤلاء هم الذين قلبوا له ظهر المجن و ضعّفوا أركان حكومته الراشدة.

عاش عبد اللّه بن اباض إلي أواخر أيام عبد الملك بن مروان.

______________________________

(1) إشارة إلي أبيات من الشعر لبعض الاباضية في مدح العترة الطاهرة.

(2) الاحزاب: 4.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 431

191 عبد اللّه بن أبي بكر «1»

(..- 135 ه) ابن محمد بن عمرو بن حزم، الفقيه أبو محمد الانصاري.

حدّث عن: أنس بن مالك، و عبّاد بن تميم، و محمد بن علي بن الحسين الباقر- عليه السّلام، و عمرة بنت عبد الرحمن، و طائفة.

و عدّ من أصحاب السجاد و الصادق- عليهما السّلام.

حدّث عنه: الزهري، و هو أكبر منه، و ابن جريج، و ابن إسحاق، و فُليح بن سليمان، و آخرون.

تولّي القضاء و الامرة و

الموسم في زمن سليمان بن عبد الملك، و عمر بن عبد العزيز.

و هو صاحب المغازي، و شيخ ابن إسحاق.

توفّي- سنة خمس و ثلاثين و مائة، و قيل: سنة ثلاثين.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 8- 480، التأريخ الكبير 5- 54 برقم 119، تاريخ اليعقوبي 3- 53) فقهاء أيام عمر بن عبد العزيز)، الجرح و التعديل 5- 17 برقم 77، الثقات لابن حبّان 7- 10، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 144 برقم 192، مشاهير علماء الامصار 113 برقم 468، رجال الطوسي 96 برقم 9 و 224 برقم 30، تهذيب الاسماء و اللغات 2- 195 برقم 299، الكامل لابن الاثير 5- 463، تهذيب الكمال 14- 349 برقم 3190، سير أعلام النبلاء 5- 314 برقم 151، تاريخ الإسلام 459) حوادث 121 140)، العبر 1- 140، تهذيب التهذيب 5- 164 برقم 281، تقريب التهذيب 1- 405 برقم 215، مجمع الرجال للقهبائي 3- 257، شذرات الذهب 1- 192، جامع الرواة 1- 466، تنقيح المقال 2- 162، معجم رجال الحديث 10- 85، قاموس الرجال 5- 363.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 432

192 عبد اللّه بن حبيب «1»

(..- 74،- 73 ه) ابن رُبيعة، مقرئ الكوفة، أبو عبد الرحمن السُّلَمي.

مولده في حياة النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، و لَابيه صحبة.

أخذ القراءة عن الامام علي- عليه السّلام و روي عنه.

و روي أيضاً عن: ابن مسعود، و حذيفة، و عثمان، و يقال: لم يسمع منه.

روي عنه: علقمة بن مرثد، و أبو إسحاق السبيعي، و سعيد بن جُبير، و أبو الحصين الاسدي، و آخرون.

و كان قد أقرأ القرآن في المسجد أربعين سنة.

و عن عطاء بن السائب، قال: دخلت علي عبد اللّه بن حبيب و هو يقضي في مسجده،

فقلت: يرحمك اللّه لو تحوّلت إلي فراشك، فقال: حدّثني من سمع النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-.

يقول: لا يزال العبد في صلاة ما كان في مصلّاه ينتظر الصلاة، و الملائكة تقول: اللّهمّ اغفر له، اللّهمّ ارحمه، قال: فأريد أن أموت و أنا في مسجدي.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 172، التأريخ الكبير 5- 72، المعارف ص 294، المعرفة و التاريخ 2- 589، رجال البرقي 5، الجرح و التعديل 5- 37، الثقات لابن حبّان 5- 9، حلية الاولياء 4- 191، رجال الطوسي 48، تاريخ بغداد 9- 430، المنتظم 7- 101، الرجال لابن داود ص 118، سير أعلام النبلاء 4- 267، تذكرة الحفّاظ 1- 58، البداية و النهاية 9- 7، غاية النهاية 1- 413، تهذيب التهذيب 5- 183، تقريب التهذيب 1- 408، طبقات الحفّاظ ص 27، نقد الرجال ص 196، جامع الرواة 1- 481، تنقيح المقال 2- 176، أعيان الشيعة 8- 50، معجم رجال الحديث 10- 155.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 433

روي عبد الرزاق الصنعاني بسنده عن عبد اللّه بن حبيب أنّ علياً كان يقنت في صلاة الغداة قبل الركوع و في الوتر قبل الركوع، قال و أخبرني عوف أنّ علياً كان يقنت قبل الركوع «1» توفّي- سنة أربع و سبعين، و قيل: - ثلاث و سبعين، و قيل: مات في إمرة بِشر بن مروان علي العراق، و قيل غير ذلك.

193 عبد اللّه بن دينار «2»

(..- 127 ه) أبو عبد الرحمن العدوي، العُمري مولاهم، المدني.

______________________________

(1) المصنّف: 3- 113 برقم 4974.

يستحب القنوت في الصلوات الخمس كلّها عند الامامية، و مكانه في الركعة الثانية بعد قراءة السورة و قبل الركوع، و قال الشافعية: يستحب القنوت في صلاة الصبح خاصة و بعد

رفع الرأس من ركوع الركعة الثانية، و قال المالكية: يستحب في صلاة الصبح فقط.

و قال الحنفية و الحنابلة: القنوت يكون في الوتر لا في غيرها.

الفقه علي المذاهب الخمسة: ص 109 110.

(2) الطبقات الكبري لابن سعد 5- 301 و 6- 226، التأريخ الكبير 5- 81 برقم 221، رجال البرقي 10، تاريخ اليعقوبي 3- 53) فقهاء أيام عمر بن عبد العزيز)، الجرح و التعديل 5- 46 برقم 217، الثقات لابن حبّان 5- 10، مشاهير علماء الامصار 129 برقم 577، رجال الطوسي ص 127 برقم 9 و 95 برقم 4، تهذيب الكمال 14- 471 برقم 3251، سير أعلام النبلاء 5- 253 برقم 117، تاريخ الإسلام 147) حوادث 121 140)، تذكرة الحفّاظ 1- 125 برقم 111، ميزان الاعتدال 2- 417 برقم 4297، تهذيب التهذيب 5- 201 برقم 349، تقريب التهذيب 1- 413 برقم 284، طبقات الحفّاظ 57 برقم 109، مجمع الرجال للقهبائي 3- 281، شذرات الذهب 1- 173، جامع الرواة 1- 483، تنقيح المقال 2- 180، معجم رجال الحديث 10- 184، قاموس الرجال 5- 442.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 434

حدّث عن: ابن عمر، و أنس بن مالك، و سليمان بن يسار، و أبي صالح السمّان، و آخرين.

و عُدّ من أصحاب الامامين السجاد و الباقر- عليهما السّلام.

حدّث عنه: شعبة، و مالك، و سفيان الثوري، و ورقاء بن عمر، و خلق كثير.

عُدّ من الفقهاء أيام عمر بن عبد العزيز، و حديثه نحو مائتي حديث.

توفّي- سنة سبع و عشرين و مائة.

194 عبد اللّه بن ذكوان «1»

(65- 130،- 131 ه) الفقيه المفتي، أبو عبد الرحمن القُرشي بالولاء، المدني، و يُلقب بأبي الزناد.

مولده في نحو سنة خمس و ستين.

يقال إنّه ابن أخي أبي لؤلؤة قاتل عمر بن الخطاب.

حدّث

عن: أنس بن مالك، و علي بن الحسين- عليه السّلام، و أبان بن

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 5- 415، التأريخ الكبير 5- 83، المعارف ص 263، الجرح و التعديل 5- 49، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 150 برقم 205، رجال الطوسي ص 96، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 65، المنتظم 9- 4، تهذيب الكمال 14- 476، ميزان الاعتدال 2- 418، العبر للذهبي 1- 133، سير أعلام النبلاء 5- 445، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 131) ص 461، الوافي بالوفيات 17- 162، تهذيب التهذيب 5- 203، تقريب التهذيب 1- 413، طبقات الحفّاظ ص 61 برقم 119، مجمع الرجال للقهبائي 3- 281، شذرات الذهب 1- 182، جامع الرواة 1- 483، تنقيح المقال 2- 181، الاعلام 4- 85، معجم رجال الحديث 10- 185، قاموس الرجال 5- 442.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 435

عثمان، و عبد الرحمن الاعرج، و عائشة بنت سعد، و مجالد بن عوف، و غيرهم.

حدّث عنه: ابنه عبد الرحمن، و ابن أبي مُليكة مع تقدّمه، و محمد بن عبد اللّه ابن الحسن، و ابن عجلان، و الليث بن سعد، و مالك، و خلقٌ سواهم.

قال الذهبي: و كان من علماء الإسلام، و من أئمّة الاجتهاد.

رُوي عن الليث ابن سعد، قال: رأيت أبا الزناد، و خلفه ثلاثمائة تابع من طالب فقه، و علم، و شعر، و صنوف، ثم لم يلبث أن بقي وحده، و أقبلوا علي ربيعة.

و قال أبو حنيفة: كان أبو الزناد أفقه من ربيعة [الرأي].

عُدّ من أصحاب الامام علي بن الحسين السجاد.

توفّي في- رمضان سنة ثلاثين و مائة، و قيل: إحدي و ثلاثين.

195 عبد اللّه بن زيد «1»

(..- 104،- 105 ه) ابن عمرو أو عامر، الفقيه أبو قِلابة الجَرمي، البصري.

قَدِم الشام فنزل

داريّا،

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 7- 183، التأريخ الكبير 5- 92، المعارف ص 254، الجرح و التعديل 5- 57، الثقات لابن حبّان 5- 2، حلية الاولياء 2- 282، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 165 برقم 236، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 89، الانساب للسمعاني 2- 48، المنتظم 7- 91، صفة الصفوة 3- 159، اللباب 1- 274، تهذيب الكمال 14- 542، العبر للذهبي ص 97، سير أعلام النبلاء 4- 468، تذكرة الحفّاظ 1- 94، ميزان الاعتدال 2- 425، دول الإسلام 1- 51، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 104 ه) ص 295، الوافي بالوفيات 17- 185، البداية و النهاية 9- 240، النجوم الزاهرة 1- 254، تهذيب التهذيب 5- 224، تقريب التهذيب 1- 417، طبقات الحفاظ ص 43، شذرات الذهب 1- 126، الاعلام 4- 88.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 436

و سكن بها عند ابن عمّه بَيْهس بن صُهيب.

حدّث عن: ثابت بن الضحاك، و أنس، و مالك بن الحُويْرث، و حذيفة، و سمرة بن جندب، و أبي هريرة، و معاذة العدوية، و غيرهم.

حدّث عنه: مولاه أبو رجاء سلمان، و يحيي بن أبي كثير، و ثابت البُناني، و قتادة، و غيلان بن جرير، و خلقٌ سواهم.

و كان قد طُلب للقضاء فهرب و قدم الشام.

ناظر علماء عصره في القسامة بحضرة عمر بن عبد العزيز.

و من كلام أبي قلابة: مثل العلماء كمثل النجوم التي يهتدي بها، و الاعلام التي يقتدي بها، فإذا تغيبت تحيروا، و إذا تركوها ضلّوا.

و قال: لا تجالسوا أهل الاهواء و لا تجادلوهم فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم أو يلبسوا عليكم ما كنتم تعرفون.

قال أيوب: كنت مع أبي قلابة في جنازة فسمعنا صوت قاصّ قد ارتفع صوته و

صوت أصحابه، فقال أبو قلابة: إن كانوا ليعظمون الموت بالسكينة.

روي أبو نعيم بسنده عن أبي قلابة عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-: «للبكر سبع و للثيب ثلاث».

توفّي- سنة أربع أو خمس و مائة و قيل: - ست أو سبع و مائة.

و له في «الخلاف» فتوي واحدة.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 437

196 عبد اللّه بن شُبرُمة «1»

(72- 144 ه) ابن الطفيل الضَّبّي، أبو شُبرُمة الكوفي القاضي.

وُلد سنة اثنتين و سبعين.

و حدّث عن: أنس بن مالك، و أبي الطفيل عامر بن واثلة، و أبي وائل شقيق، و الشعبي، و طائفة.

و تفقّه بالشَّعبي.

و قد عدّ من أصحاب الامامين السجاد و الصادق عليهما السّلام.

حدّث عنه: الحسن بن صالح، و الثوري، و هشيم، و وُهيب بن خالد، و آخرون.

______________________________

(1) الطبقات لابن سعد 6- 350، التأريخ الكبير 5- 117، المعارف ص 266، المعرفة و التاريخ 2- 610، الجرح و التعديل 5- 82، مشاهير علماء الامصار ص 265 برقم 1333، ثقات ابن حبّان 7- 5، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 209 برقم 339، الخلاف للطوسي 2- 40) طبع جماعة المدرسين)، رجال الطوسي ص 97، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 84، معالم العلماء ص 152، الكامل في التأريخ 5- 528، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 271، الرجال لابن داود ص 120، الرجال للعلّامة الحلي ص 236، تهذيب الكمال 15- 76، ميزان الاعتدال 2- 438، سير أعلام النبلاء 6- 347، العبر للذهبي 1- 152، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 144) ص 193، دول الإسلام 1- 69، الوافي بالوفيات 17- 207، نقد الرجال ص 200، شذرات الذهب 1- 215، جامع الرواة 1- 491، تنقيح المقال 2- 187، أعيان الشيعة 8- 53،

معجم رجال الحديث 10- 215.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 438

و كان فقيهاً، شاعراً، كريماً جواداً.

ولي القضاء لَابي جعفر المنصور علي سواد الكوفة و ضياعها.

روي أنّ ابن شُبرُمة و مغيرة و الحارث العكلي كانوا يسهارون في الفقه، فربّما لم يقوموا حتي يُنادي بالفجر.

و كان الامام الصادق- عليه السّلام يُنكر علي ابن شبرمة العمل بالقياس في فتواه و أحكامه.

و يقول: «إنّ دين اللّه لا يصاب بالقياس ««1» و قال- عليه السّلام- في ردّه عليه: «لو علم ابن شبرمة من أين هلك الناس ما دان بالمقاييس و لا عمل بها ««2» قال أحمد العجلي: كان عيسي بن موسي ولي العهد لا يقطع أمراً دون ابن شبرمة، فبعث أبو جعفر المنصور إلي عيسي بعمه عبد اللّه بن علي ليحبسه، ثم كتب إليه: اقتله، فاستشار ابنَ شبرمة، فقال له: لم يُرِد المنصور غيرك! فقال: ما تري؟ قال: احبسه و اكتب إليه انّك قتلته، ففعل فجاء إخوته إلي عيسي فقال لهم: كتب إليّ أمير المؤمنين أن أقتله و قد قتلته، فرجعوا إلي أبي جعفر، فقال: كذب لَاقيدَنَّهُ به، فارتفعوا إلي القاضي، فلما حقّقوا عليه أخرجه إليهم، فقال أبو جعفر: قتلني اللّه إن لم أقتل الاعرابي يريد ابن شبرمة فإنّ عيسي لا يعرف هذا.

فما زال ابن شبرمة مختفياً حتي مات بخراسان، سيّره إليها عيسي بن موسي.

و سأله رجل أن يكلم له رجلًا آخر في صلة يصله بها و لازمه فأعطاه من ماله و قال:

و ما شي ء بأثقل و هو خف علي الاعناق من منن الرجال

فلا تفرح بمال تشتريه بوجهك إنّه بالوجه غالي

______________________________

(1) انظر الكافي للشيخ الكليني: الجزء 1، باب البدع و الرأي و المقاييس 19، الحديث 14.

(2) الامام الصادق

و المذاهب الأَربعة: 2- 1 529.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 439

نقل عنه الشيخ الطوسي في كتاب «الخلاف» فتوي واحدة.

روي عبد الرزاق الصنعاني أنّ ابن شبرمة و آخرين قالوا: إن اكتحل الصائم فعليه أن يقضي يوماً مكانه «1» توفّي- سنة أربع و أربعين و مائة.

197 عبد اللّه بن عبد الرحمن بن مَعْمر «2»

(..- 134 ه) ابن حزم الانصاري النّجّاري، أبو طُوالة المدني، كان قاضي المدينة في زمن عمر بن عبد العزيز.

______________________________

(1) المصنّف: 4- 208. الاكتحال لا يفسد الصوم عند الامامية و بقية المذاهب إلّا عند المالكية فانّه يفسده بشرط أن يكتحل بالنهار، و يجد طعم الكحل في حلقه.

انظر الفقه علي المذاهب الخمسة: ص 155.

(2) التأريخ الكبير 5- 130 برقم 383، المعرفة و التاريخ 1- 426، تاريخ اليعقوبي 3- 103 (فقهاء أيام السفّاح) و 129 (فقهاء أيام أبو جعفر المنصور)، الكني و الاسماء للدولابي 2- 18، الجرح و التعديل 5- 94 برقم 436، الثقات لابن حبّان 5- 32، مشاهير علماء الامصار 129 برقم 576، رجال الطوسي 224 برقم 28، مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر لابن منظور 13- 14 برقم 5، تهذيب الكمال 15- 217 برقم 3385، سير أعلام النبلاء 5- 251 برقم 114، تاريخ الإسلام للذهبي 464) حوادث 121 140)، الوافي بالوفيات 17- 241 برقم 223، تهذيب التهذيب 5- 297 برقم 504، تقريب التهذيب 1- 429 برقم 433، مجمع الرجال للقهبائي 4- 25، جامع الرواة 1- 495، تنقيح المقال 2- 196، معجم رجال الحديث 10- 243، قاموس الرجال 6- 67.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 440

روي عن: أنس، و أبي الحباب سعيد بن يسار، و يحيي بن عمارة، و الربيع بن البراء بن عازب.

روي عنه: مالك، و سليمان بن بلال، و ورقاء بن عمر، و

خالد بن عبد اللّه الواسطي، و آخرون.

و كان فقيهاً، كثير الحديث و كان يسرد الصوم فيما قيل.

عُدّ من أصحاب الامام أبي عبد اللّه الصادق- عليه السّلام.

مات- سنة أربع و ثلاثين و مائة و قيل: مات في- آخر سلطان بني أُمية، و قد عدّه اليعقوبي من فقهاء أيام السفّاح تارة و من فقهاء أيام المنصور تارة أُخري.

198 عبد اللّه بن عبيد اللّه «1»

(حدود 35 ه- 117 ه) ابن أبي مُليكة زهير بن عبد اللّه، أبو بكر، و يقال: أبو محمد القرشي، التيمي، المكي.

______________________________

(1) المصنّف لعبد الرزاق الصنعاني 2- 440 برقم 4005 و 3- 408 برقم 6117، الطبقات الكبري لابن سعد 5- 473، تاريخ خليفة 140، طبقات خليفة 492، التأريخ الكبير 5- 137، المعارف ص 268، الثقات لابن حبّان 5- 2، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 121 برقم 153، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 69، المنتظم 7- 180، تهذيب الكمال 15- 256، سير أعلام النبلاء 5- 88، العبر للذهبي 1- 111، تذكرة الحفّاظ 1- 101، دول الإسلام 1- 56، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 101 120) ص 401، الوافي بالوفيات 17- 304، مرآة الجنان 1- 25، البداية و النهاية 9- 326، غاية النهاية 1- 430، النجوم الزاهرة 1- 276، تهذيب التهذيب 5- 306، طبقات الحفاظ ص 48 برقم 93، شذرات الذهب 1- 153.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 441

ولد في خلافة الامام علي- عليه السّلام أو قبلها.

حدّث عن: ابن عباس، و ابن عمر، و عبد اللّه بن عمرو السّهميّ، و المِسْور بن مخرمة، و أُمّ سلمة، و أسماء بنت أبي بكر، و عائشة، و علقمة بن وقاص، و طائفة.

حدّث عنه: رفيقُه عطاء بن أبي رباح، و عمرو بن دينار، و عبد العزيز بن رُفيع،

و أيوب السَّختياني، و حُميْد الطويل، و الليث، و ابن لهيعة، و أبو عامر الخزّاز، و عدّة.

و كان عالماً مفتياً، ولي قضاء الطائف لابن الزبير.

قيل: و كان من كبار أصحاب ابن عباس.

توفّي- سنة سبع عشرة و مائة، و قيل: ثمان عشرة.

199 عبد اللّه بن قيس «1»

(..- 77 ه) الكندي السكوني، الفقيه، أبو بحريَّة التراغمِيّ، الحِمصي.

حدّث عن: معاذ بن جبل، و أبي هريرة، و مالك بن يسار، و آخرين.

حدّث عنه: ابنه بحرية، و خالد بن معدان، و يزيد بن قُطب، و غيرهم.

و كان فيمن غزا مع عُمير بن سعد الصائفة، و هي أول صائفة قطعت درب

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 7- 442، التأريخ الكبير 5- 171 برقم 543، المعرفة و التاريخ 2- 313، الكني و الأَسماء للدولابي 1- 125، الجرح و التعديل 5- 138 برقم 645، الثقات لابن حبّان 5- 25، مشاهير علماء الامصار 192، تهذيب الكمال 15- 456، سير أعلام النبلاء 4- 594 برقم 332، تاريخ الإسلام (سنة 61 80) ص 544، غاية النهاية 1- 442، تهذيب التهذيب 5- 364، تقريب التهذيب 1- 441، الاصابة 4- 24.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 442

الروم علي عهد عمر، كما عقد له معاوية في زمن عثمان لغزو الصائفة.

قيل: و كان عثمانيّ الهوي، معظّماً عند بني أُميّة.

توفّي- سنة سبع و سبعين.

وله في «الخلاف» ثلاثة عشر مورداً في الفتاوي.

200 عبد اللّه بن مالك «1»

(..- 77،- 78 ه) ابن أبي الاسحم، أبو تميم الجيْشاني، المصري، أصله من اليمن، و هو أخو سيف، وُلدا في حياة النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و قدما المدينة زمن عمر.

حدّث عن: أبي ذر، و علي- عليه السّلام، و عمر، و معاذ بن جبل.

و قرأ القرآن علي معاذ.

روي عنه: عبد اللّه بن هبيرة، و كعب بن علقمة، و مَرثَد اليَزنيّ، و بكر بن سوادة، و غيرهم.

و كان أحد فقهاء التابعين بمصر.

توفّي- سنة سبع و سبعين و قيل: ثمان.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 7- 510، التأريخ الكبير 5- 203، المعرفة و التأريخ 2- 487، الجرح

و التعديل 5- 171، الثقات لابن حبّان 5- 14، مشاهير علماء الامصار 194 برقم 928، الإستيعاب 4- 27، طبقات الشيرازي ص 77، أسد الغابة 5- 152، تهذيب الكمال 15- 503، العبر للذهبي 1- 65، سير أعلام النبلاء 4- 73، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 77) ص 545، مرآة الجنان 1- 158، الاصابة 4- 27، تهذيب التهذيب 5- 379، تقريب التهذيب 1- 444، شذرات الذهب 1- 84.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 443

201 أبو بكر الحضرميّ «1»

( … )

المحدّث عبد اللّه بن محمد الكوفيّ، أبو بكر الحضرميّ، أحد التابعين.

سمع من الصحابيّ أبي الطفيل عامر بن واثلة «2» و صحب الامامين أبا جعفر الباقر و أبا عبد اللّه الصادق عليهما السّلام-، و أخذ عنهما الفقه و الحديث، و روي عنهما كثيراً.

و روي أيضاً عن: الحارث بن المغيرة النصريّ، و سلمة بن كهيل، و عبد الملك ابن أعين الشيباني، و تميم بن حاتم، و غيرهم.

روي عنه: أبو إسحاق ثعلبة بن ميمون، و أيوب بن الحرّ، و سيف بن عميرة النخعيّ، و عثمان بن عيسي، و عليّ بن إسماعيل بن عمّار، و الحسين بن المختار، و يعقوب بن سالم، و غيرهم.

و كان قويَّ الإِيمان، شديد الاعتقاد بأمر الولاء لأَئمة أهل البيت- عليهم السّلام-، جريئاً في الدفاع عنه.

______________________________

(1) اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي (416 برقم 788 و 789 و 790، رجال الطوسي 224 برقم 25، رجال ابن داود 211 برقم 881 و 393 برقم 12، التحرير الطاووسي 333 برقم 474، رجال العلامة الحلي 110، نقد الرجال 205، مجمع الرجال 4- 43، جامع الرواة 2- 501، وسائل الشيعة 20- 242 برقم 699، هداية المحدثين 273، بهجة الآمال 5- 271، تنقيح المقال 2- 204 برقم 7027، معجم

رجال الحديث 10- 296 برقم 7091 و 21- 68 برقم 13979، قاموس الرجال 6- 114.

(2) ذكر ذلك الشيخ الطوسي في رجاله.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 444

و كان من خواص أصحاب أبي عبد اللّه- عليه السّلام.

وقد وقع أبو بكر الحضرميّ «1» في اسناد كثير من الروايات عن أئمّة أهل البيت- عليهم السّلام- تبلغ مائة و ستة و خمسين مورداً في الكتب الأَربعة.

202 عبد اللّه بن مَعْقِل «2»

(..- 88 ه) ابن مُقَرِّن المُزَنيّ، أبو الوليد الكوفي.

لَابيه صحبة.

حدّث عن: أبيه، و علي- عليه السّلام و ابن مسعود، و كعب بن عُجرة، و عدي بن حاتم، و جماعة.

حدّث عنه: أبو إسحاق السبيعي، و يزيد بن أبي زياد، و عبد اللّه بن السائب الكندي، و أبو إسحاق الشيباني، و آخرون.

______________________________

(1) ذكر السيد الخوئي في معجمه أنّ المكني بأبي بكر الحضرمي ثلاثة أحدهم المترجَم و هو المعروف.

و أنّ أبا بكر الحضرمي متي ما أُطلق فالمراد به المترجم.

وقع بعنوان (أبي بكر الحضرمي) في اسناد مائة و اثنين و أربعين مورداً، و بعنوان (أبي بكر) في اسناد أربعة عشر مورداً.

(2) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 175، التأريخ الكبير 5- 195، الجرح و التعديل 5- 169، الثقات لابن حبّان 5- 35، مشاهير علماء الامصار ص 167 برقم 771، طبقات الشيرازي ص 51، تهذيب الكمال 16- 169، سير أعلام النبلاء 4- 206، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 81 100) ص 122، الوافي بالوفيات 17- 628، تهذيب التهذيب 6- 40، تقريب التهذيب 1- 453، الاصابة 3- 142) و فيه: ابن مغفل).

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 445

و هو ممّن نُقل عنه الفقه من التابعين «1» روي عبد الرزاق الصنعاني بسنده عن عبد اللّه بن معقل: أنّ علياً قنت في المغرب، فدعا علي

ناس، و علي أشياعهم، و قنت قبل الركوع «2» توفّي- سنة ثمان و ثمانين.

203 عبد الملك بن أبي سليمان «3»

(..- 145 ه) الفقيه، الحافظ، أبو محمد، و قيل أبو عبد اللّه، و أبو سليمان العرزَميّ الكوفي، و اسم أبي سليمان ميسرة.

حدّث عن: أنس بن مالك، و سعيد بن جبير، و عطاء، و عبد الملك بن أعين،

______________________________

(1) ذكره بعضهم في الصحابة، وقد قال ابن قتيبة: ليست له صحبة و لا إدراك.

راجع الاصابة.

(2) المصنف: 3- 113 برقم 4976.

و هؤلاء الذين لعنهم أمير المؤمنين (عليه السّلام) هم: معاوية و عمرو ابن العاص، و أبا الاعور السّلمي، و حبيب بن مسلمة الفهري، و عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، و الضحاك بن قيس الفهري، و الوليد بن عقبة بن أبي معيط.

انظر الكامل في التأريخ لابن الاثير: 3- 333.

(3) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 350، التأريخ الكبير 5- 417، الثقات لابن حبّان 7- 97، مشاهير علماء الامصار ص 263 برقم 1323، رجال الطوسي 233 برقم 163، تاريخ بغداد 10- 393، الانساب للسمعاني 4- 178، المنتظم 8- 93، اللباب 2- 334، تهذيب الكمال 18- 322، العبر للذهبي 1- 157، سير أعلام النبلاء 6- 107، تذكرة الحفّاظ 1- 155، ميزان الاعتدال 2- 656، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 145) ص 209، دول الإسلام 1- 71، برقم شرح علل الترمذي ص 198، تهذيب التهذيب 6- 396، تقريب التهذيب 1- 519، مجمع الرجال 4- 102، شذرات الذهب 1- 216، جامع الرواة 1- 519، تنقيح المقال 2- 227، معجم رجال الحديث 11- 14.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 446

و أبي حمزة الثُّمالي، و غيرهم.

حدّث عنه: الثوري، و زائدة، و ابن المبارك، و حفص بن غياث، و يحيي القطّان، و ابن نُمير، و

يعلي بن عُبيد، و آخرون.

و كان محدّثاً حافظاً فقيهاً.

عُدّ من أصحاب الامام الصادق- عليه السّلام.

و هو أحد رواة حديث الغدير (من كنت مولاه فعليٌّ مولاه) من العلماء «1» قال عبد الرزاق الصنعاني: أخبرنا عبد الملك بن أبي سليمان قال: رأيت سعيد بن جبير و هو يطوف بالبيت، فإذا حاذي الركن و لم يستلمه استقبله و كبّر «2» توفّي- سنة خمس و أربعين و مائة.

204 عبد الملك بن ميسرة «3»

(..- قبل 120 ه) الهلالي العامري، أبو زيد الكوفي، الزرّاد.

______________________________

(1) انظر الغدير للعلّامة الاميني: 1- 74 برقم 11.

(2) المصنف: 5- 31 برقم 8886.

(3) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 319، التأريخ الكبير 5- 430 برقم 1400، المعرفة و التاريخ 2- 112، تاريخ اليعقوبي 3- 53) فقهاء أيام عمر بن عبد العزيز)، الكني و الأَسماء للدولابي 1- 180، الجرح و التعديل 5- 365 برقم 1717، الثقات لابن حبّان 5- 118، مشاهير علماء الامصار 175 برقم 826، تهذيب الكمال 18- 421 برقم 3566، تاريخ الإسلام 416 برقم 482) حوادث 120)، تهذيب التهذيب 6- 426 برقم 886، تقريب التهذيب 1- 524 برقم 1357.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 447

روي عن: أبي الطفيل، و طاوس، و سعيد بن جبير، و مجاهد، و آخرين.

روي عنه: شعبة، و مسعر بن كدام، و منصور بن المعتمر، و زيد بن أبي أنيسة، و آخرون.

و كان من الفقهاء أيام عمر بن عبد العزيز.

توفّي في ولاية خالد القسري «1» بالكوفة، و ذكره البخاري- فيمن مات في العشر الثاني من المائة الثانية.

205 عبد الملك بن يعلي «2»

(..- 100،- بعد 100 ه) الليثي البصري.

روي عن: النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- مرسلًا، و عن أبيه، و عمران بن حصين و آخرين.

روي عنه: حميد الطويل، و يونس بن عبيد، و أيوب السختياني، و إياس بن معاوية، و آخرون.

ولي قضاء البصرة قبل الحسن البصري و قيل بعده و لم يزل قاضياً حتي توفّي، و يقال: إنّ عمر بن هبيرة هو الذي عزله، و يقال: بل عزله خالد القسري.

______________________________

(1) ولّاه هشام بن عبد الملك العراقين (الكوفة و البصرة) سنة 105 ه، و عزله سنة 120 ه.

الاعلام: 2- 297.

(2) الطبقات الكبري لابن سعد 7- 217،

التأريخ الكبير 5- 437، المعرفة و التاريخ 2- 244، تاريخ اليعقوبي 3- 53، الجرح و التعديل 5- 375، الثقات لابن حبّان 5- 122، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 170 برقم 247، الخلاف للطوسي 3- 388) طبع اسماعيليان)، الكامل في التأريخ 5- 105، تهذيب الكمال 18- 434، تهذيب التهذيب 6- 429، تقريب التهذيب 1- 524.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 448

توفّي- سنة مائة في زمن عمر بن عبد العزيز، و قيل: في أوّل زمن خالد القسري و ذلك- بعد المائة بسنوات.

وله في «الخلاف» فتوي واحدة.

206 عَبيدَة بن عمرو «1»

(..- 72 ه) و يقال: ابن قيس بن عمرو السّلمانيّ، المراديّ، أبو مسلم، و أبو عمرو الكوفي.

أسلم قبل وفاة النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بسنتين، و لكنّه لم يَرَه.

روي عن: علي- عليه السّلام و عبد اللّه بن مسعود، و غيرهما.

روي عنه: إبراهيم النخعي، و الشعبي، و محمد بن سيرين، و أبو إسحاق

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 93، التأريخ الكبير 6- 82، رجال البرقي ص 4، الجرح و التعديل 6- 91، الثقات لابن حبّان 5- 139، مشاهير علماء الامصار 160 برقم 735، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 189 برقم 291، الخلاف للطوسي 2- 251) طبع إسماعيليان)، رجال الطوسي ص 47 برقم 15، تاريخ بغداد 11- 117، الإستيعاب 2- 436 (ذيل الاصابة)، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 80، الانساب للسمعاني 3- 276، المنتظم 6- 122، اللباب 2- 27، أسد الغابة 3- 356، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 317، رجال ابن داود ص 132، تهذيب الكمال 19- 266، العبر 1- 58، سير أعلام النبلاء 4- 40، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 72) ص 482، تذكرة الحفّاظ 1- 50، البداية و النهاية

8- 333، النجوم الزاهرة 1- 189، تهذيب التهذيب 7- 84، تقريب التهذيب 1- 547، الاصابة 3- 103 برقم 6407، طبقات الحفّاظ 22 برقم 27، شذرات الذهب 1- 78، جامع الرواة 1- 531، تنقيح المقال 2- 242 برقم 7701، الاعلام 4- 199، معجم رجال الحديث 11- 94.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 449

السبيعي، و أبو حسان الاعرج، و آخرون.

و كان فقيهاً قارئاً، صحب عبد اللّه بن مسعود، ثمّ صحب علياً- عليه السّلام، و شهد معه وقعة الخوارج بالنهروان.

عن عَبيدة، قال: إنّ علياً ذكر أهل النهروان فقال: فيهم رجل مُودَن اليد أو مُخدَج اليد أو مثدون اليد، لو لا أن تَبطروا، لَانبأتكم ما وعد اللّه الذين يقتلونهم علي لسان محمّد- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

قال: قلت: أنت سمعت هذا منه؟ قال: أي و رب الكعبة «1» و كان عبيدة من الذين يُقرئون و يفتون، و كان شُريح (القاضي) إذا أشكل عليه شي ء أرسل إلي عبيدة.

روي عن ابن سيرين، قال: أدركتُ الكوفة و بها أربعة ممّن يُعدُّ في الفقه، فمن بدأ بالحارث ثني بعبيدة، أو العكس، ثمّ علقمة الثالث و شريح الرابع.

نقل عنه الشيخ الطوسي في كتاب «الخلاف» فتويين.

روي عبد الرزاق الصنعاني بسنده عن عبيدة السلماني في قوله تعالي: " فَكٰاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً" «2» قال: إن علمتم عندهم أمانة «3» مات في سنة اثنتين و سبعين، و قيل: غير ذلك.

______________________________

(1) أخرجه أبو داود في سننه: (الحديث 4763)، و مسلم في صحيحه: (1066) (155) في الزكاة باب التحريض علي قتل الخوارج، و ابن ماجة: (167).

و مُخدج اليد، و مودن اليد: أي يده ناقصة الخلق قصيرة، و مثدون اليد: صغير اليد مجتمعها.

(2) سورة النور: 33.

(3) المصنف: 8-

370 برقم 15572. قال الشيخ الطوسي: و (الخير) الذي يُعلم منه هو القوة علي التكسب، و تحصيل ما يؤدي به مال الكتابة.

و قال الحسن: معناه إن علمتم منهم صدقاً، و قال ابن عباس و عطاء: إن علمتم لهم مالًا.

و قال ابن عمر: إن علمتم فيهم قدرة علي التكسب.

انظر التبيان في تفسير القرآن.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 450

207 عبيد اللّه بن أبي رافع مولي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- «1»

(..- قبل 100 ه) و اسم أبي رافع «2» إبراهيم، و قيل: أسلم، و قيل غير ذلك.

روي عن: أبيه، و أُمّه سلمي، و غيرهما.

روي عنه: الحسن بن محمد ابن الحنفية، و الحكم بن عُتيبة، و عبد الرحمن بن هُرمز الاعرج، و عبد اللّه بن الفضل الهاشمي، و عبد الرحمن بن يسار عمّ محمد بن إسحاق بن يسار، و أولاده عبد اللّه و إبراهيم و محمّد و المعتمر، و آخرون.

و كان كاتب أمير المؤمنين- عليه السّلام و من خواص أصحابه، و شهد معه وقعة الخوارج بالنهروان.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 5- 282، الطبقات لخليفة 436 برقم 2181، تاريخ خليفة 151، التأريخ الكبير 5- 381 برقم 1217، المعرفة و التاريخ 1- 360، رجال البرقي 4، الجرح و التعديل 5- 1460، الثقات لابن حبان 5- 68، الثقات لابن شاهين 238 برقم 905، رجال النجاشي 1- 304، فهرست الطوسي 133، رجال الطوسي 47، تاريخ بغداد 10- 304، معالم العلماء لابن شهر آشوب 77، الكامل في التأريخ 2- 311، تهذيب الكمال 19- 34 برقم 3632، تهذيب التهذيب 7- 10، تقريب التهذيب 1- 532 برقم 1441، تنقيح المقال 2- 238، تأسيس الشيعة 232 و 281، أعيان الشيعة 2- 258، الكني و الأَلقاب للقمي 1- 77، الذريعة 17- 153، معجم رجال الحديث 11- 62 برقم

7433.

(2) أسلم أبو رافع بمكة، فكتم إسلامه، و شهد أُحداً و الخندق، ثم لزم الامام علياً (عليه السّلام)، و كان صاحب بيت ماله بالكوفة.

راجع ترجمته في قسم الصحابة.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 451

و هو أوّل من صنّف في المغازي و السير.

له كتاب تسمية من شهد مع أمير المؤمنين- عليه السّلام- الجمل و صفين و النهروان من الصحابة رضي اللّه عنهم، و كتاب قضايا أمير المؤمنين (عليه السّلام).

وثّقه أبو حاتم و ابن حبان، و غيرهما.

و قال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث.

أخرج الخطيب البغدادي بسنده عنه: إنّ الحَروريّة لما خرجت و هم مع عليّ ابن أبي طالب فقالوا: لا حكم إلّا للّٰه، قال عليّ: كلمة حق يراد بها باطل، إنّ رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- وصف لي ناساً، إنّي لَاعرف صفتهم في هؤلاء، يقولون الحق بألسنتهم، لا يجاوز هذا منهم و أشار إلي حلقه من أبغض خلق اللّه إليه، فيهم أسود إحدي يديه كأنّها طَبي شاة، أو حلمة ثدي، فلما قتلهم علي، قال: انظروا فنظروا فلم يجدوا شيئاً.

فقال: ارجعوا فو اللّه ما كَذَبتُ و لا كُذِبْت، مرتين أو ثلاثاً، ثم وجدوه في خربة، فأتوا به حتي وضعوه بين يديه، قال عبيد اللّه و أنا حاضر ذلك من أمرهم، و قول عليٍّ فيهم.

و مما نُقل عن عبيد اللّه من المسائل الفقهية ما أخرجه النجاشي بسنده قال:.. حدثني أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن عبيد اللّه بن أبي رافع «1» و كان كاتب أمير المؤمنين- عليه السّلام، انّه كان يقول: إذا توضأ أحدكم للصلاة فليبدأ باليمين قبل الشمال من جسده، و ذكر الكتاب.

لم يُعرف تاريخ وفاته و لعلّه توفّي- قبل المائة كما قوّاه

في «التأسيس» أو- بعد المائة كما في «التقريب» لَانّه عدّه من الثالثة.

______________________________

(1) جاء في هامش «رجال النجاشي»: يحتمل سقوط الواسطة بين عبد الرحمن بن محمد بن عبيد اللّه و بين صاحب الكتاب عبيد اللّه بن أبي رافع، و لعل الساقط جملة (عن أبيه عن جده).

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 452

208 عُبيد اللّه بن عبد اللّه «1»

(..- 94،- 98 ه) ابن عتبة بن مسعود الهُذلي، أبو عبد اللّه المدني.

روي عن: سهل بن حُنيف، و عثمان بن حُنيف، و ابن عباس، و أبي سعيد الخُدري، و عائشة، و فاطمة بنت قيس، و أبي طلحة الانصاري، و طائفة.

روي عنه: أخوه عون، و الزهري، و عراك بن مالك، و أبو الزناد، و ضمرة بن سعيد، و خُصيف الجزري، و آخرون.

و كان فقيهاً كثير الحديث و العلم.

و هو معلّم عمر بن عبد العزيز.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 5- 250، طبقات خليفة 424 برقم 2087، تاريخ خليفة 249، التأريخ الكبير 5- 385، المعرفة و التاريخ 1- 560، الجرح و التعديل 5- 319، الثقات لابن حبّان 5- 163، مشاهير علماء الامصار ص 106 برقم 429، حلية الاولياء 2- 188، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 133 برقم 172، الخلاف للطوسي 1- 598، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 60، المنتظم 7- 29، صفة الصفوة 2- 102، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 312، وفيات الاعيان 3- 115، تهذيب الكمال 19- 73، العبر للذهبي 1- 87، تذكرة الحفّاظ 1- 78، دول الإسلام 1- 46، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 98) ص 421، سير أعلام النبلاء 4- 475، نكت الهميان ص 197، مرآة الجنان 1- 203، البداية و النهاية 9- 184، النجوم الزاهرة 1- 236، تهذيب التهذيب 7- 23، تقريب التهذيب 1- 535،

طبقات الحفّاظ ص 39 برقم 73، شذرات الذهب 1- 114، جامع الرواة 1- 529، تنقيح المقال 2- 240، معجم رجال الحديث 11- 74.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 453

و له شعر.

و هو القائل: لا بد للمصدور من أن ينفث.

قال الزهري: سمعت من العلم شيئاً كثيراً فظننتُ أني قد اكتفيتُ حتي لقيت عبيد اللّه فإذا كأنّي ليس في يدي شي ء.

قال عمر بن عبد العزيز: كنت غلاماً أقرأ القرآن علي بعض ولد عتبة بن مسعود، فمرّ بي يوماً و أنا ألعب مع الصبيان و نحن نلعن علياً، فكره ذلك و دخل المسجد، فتركت الصبيان و جئت إليه لَادرس عليه وردي، فلما رآني قام فصلي و أطال في الصلاة شبه المعرض عني حتي أحسست منه بذلك، فلما انفتل من صلاته كلح في وجهي، فقلت له: ما بال الشيخ؟ فقال لي: يا بني أنت اللّاعن علياً منذ اليوم؟ قلت: نعم، قال: فمتي علمت انّ اللّه سخط علي أهل بدر بعد أن رضي عنهم، فقلت: يا أبت، و هل كان عليّ من أهل بدر؟ فقال: ويحك، و هل كانت بدر كلّها إلّا له، فقلت: لا أعود، فقال: اللّهَ انّ لا تعود.

قلت: نعم، فلم ألعنه بعدها «1» توفّي قبل علي بن الحسين السجاد- عليه السّلام- سنة أربع و تسعين، و قيل: سنة ثمان، و قيل غير ذلك.

له في «الخلاف» مورد واحد في الفتاوي، و هو أنّ صلاة الجمعة لا تنعقد بأقلّ من أربعين «2» و روي له الشيخ الكليني رواية واحدة في إبطال العَوْل «3»

______________________________

(1) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 4- 58.

أقول: و أكبر الظن أنّ هذه المحاورة جرت مع عبيد اللّه هذا لَانّه كان معلماً لعمر بن عبد العزيز.

(2)

اختُلف في العدد الذي تنعقد به الجمعة، فقال المالكية: أقلّه (12) ما عدا الامام، و قال الامامية: (4) غير الامام، و قال الشافعية و الحنابلة: (40) مع الامام، و قال الحنفية: 5 و قال بعضهم: 7.

الفقه علي المذاهب الخمسة: ص 121.

(3) الكافي: 3- 79، كتاب المواريث، الحديث 3.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 454

209 عُبيد بن نَضْلة «1»

(..- 74 ه) الخُزاعي، أبو معاوية الكوفي، أدرك النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، و لم يَلْقه، و قيل: مختلف في صحبته.

روي عن: ابن مسعود، و علقمة، و سليمان بن صُرَد الخزاعي، و روي عن علي- عليه السّلام في الفريضة.

روي عنه: حمران بن أعين، و إبراهيم النخعي، و الحسن العرني، و أشعث بن سليم.

و كان مقرئ أهل الكوفة في زمانه، و قد قرأ القرآن علي علقمة، و قيل: قرأ علي ابن مسعود ثمّ قرأ علي علقمة بعد ذلك.

قال ابن الاعمش لَابيه: علي من قرأتَ؟ قال: علي يحيي بن وثاب و قرأ يحيي ابن وثاب علي عبيد بن نضلة.

عُدَّ في الفقهاء من أصحاب ابن مسعود، و من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السّلام).

روي عبد الرزاق الصنعاني بسنده عن عبيد بن نضلة قال: نحر رجل جزوراً

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 117، تاريخ خليفة 210، طبقات خليفة 252 برقم 1081، التأريخ الكبير 6- 5، المعرفة و التاريخ 2- 556، الجرح و التعديل 6- 3، مشاهير علماء الامصار ص 171 برقم 801، الثقات لابن حبّان 5- 138، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 199 برقم 317، رجال الطوسي ص 48 برقم 24، أسد الغابة 3- 354، تهذيب الكمال 19- 239، تاريخ الإسلام للذهبي سنة 8061 ص 480، غاية النهاية 1- 497، تهذيب التهذيب 7-

75، تقريب التهذيب 1- 545، الاصابة 3- 159، مجمع الرجال 4- 117، جامع الرواة 1- 526، تنقيح المقال 2- 237، معجم رجال الحديث 11- 59.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 455

فأخذ منها رجل عُشرين بحقة من نتاج نتاج، فأمره النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بردِّه «1».

مات في ولاية بشر بن مروان علي العراق- سنة أربع و سبعين و قيل: ثلاث.

210 عثمان البَتّي «2»

(..- 143 ه) فقيه البصرة، أبو عمرو، اسم أبيه مسلم، و قيل: أسلم، و قيل: سليمان.

كان من أهل الكوفة فانتقل إلي البصرة فنزلها، و كان يبيع البُتوت [الاكسية الغليظة] فقيل البَتّي.

حدّث عن: أنس بن مالك، و الشعبي، و نعيم بن أبي هند، و عبد الحميد بن سلمة، و الحسن.

حدّث عنه: شعبة، و الثوري، و حمّاد بن سلمة، و هُشيم، و ابن عُليّة، و يزيد ابن زُريع، و عيسي بن يونس.

قال ابن سعد: كان صاحب رأي و فقه.

توفّي- سنة ثلاث و أربعين و مائة، أو- احدي و أربعين و مائة.

وله في «الخلاف» تسعة عشر مورداً في الفتاوي.

______________________________

(1) المصنف: 8- 28 برقم 14166.

(2) الطبقات الكبري لابن سعد 7- 257، طبقات خليفة 375 برقم 1829، تاريخ خليفة 324، التأريخ الكبير 6- 215، الجرح و التعديل 6- 12، الخلاف للطوسي 3- 108 و 121 (طبع جماعة المدرسين)، تهذيب الكمال 19- 492، سير أعلام النبلاء 6- 148، ميزان الاعتدال 3- 59، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 141) ص 523، تهذيب التهذيب 7- 153، تقريب التهذيب 2- 14.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 456

211 عِراك بن مالك «1»

(..- 104 ه) الغفاري، المدني.

روي عن: أبي سلمة بن عبد الرحمن، و ابن عمر، و زينب بنت أبي سلمة، و عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة، و عائشة، و قيل: لم يسمع منها.

روي عنه: ولده خُثيم، و يزيد بن أبي حبيب، و بُكير بن الاشجّ، و جعفر بن ربيعة، و عدّة.

قيل: و كان من خيار التابعين، يصوم الدهر، و كان يحرِّض عمر بن عبد العزيز علي انتزاع ما بأيدي بني أُميّة من الاموال و الفي ءَ، فلما ولي يزيد بن عبد الملك، نفاه إلي جزيرة دهلك، و هي جزيرة

في بحر اليمن ضيقة حرجة حارة.

فمات هناك في- سنة أربع و مائة أو قبلها.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 5- 253، التأريخ الكبير 7- 88، المعرفة و التاريخ 1- 396، الجرح و التعديل 7- 38، الثقات لابن حبّان 5- 281، مشاهير علماء الامصار ص 187 برقم 891، تهذيب الكمال 19- 545، سير أعلام النبلاء 5- 63، العبر للذهبي 1- 92، ميزان الاعتدال 3- 63، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 120) ص 168، شرح علل الترمذي ص 188، تهذيب التهذيب 7- 173، تقريب التهذيب 2- 17، شذرات الذهب 1- 122.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 457

212 عُروة بن رُويم «1»

(..- 140،- 135 ه) اللّخميّ، الفقيه المحدّث، أبو القاسم الأُردُنيّ.

روي عن: أنس بن مالك، و أبي إدريس الخوْلاني، و عبد الرحمن بن قرط، و رجاء بن حيوة، و أرسل عن أبي ذر و غيره.

روي عنه: محمد بن مهاجر، و هشام بن سعد، و الاوزاعي، و محمد بن سعيد المصلوب، و يحيي بن حمزة الحضرمي، و آخرون.

قال ابن أبي حاتم عن أبيه: عامّة أحاديثه مُرسلة.

توفّي- سنة أربعين و مائة، و قيل خمس و ثلاثين، و قيل غير ذلك.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 7- 460، التأريخ الكبير 7- 33، المعرفة و التاريخ 1- 122، الجرح و التعديل 6- 396، الثقات لابن حبّان 5- 198، مشاهير علماء الامصار ص 182 برقم 862، حلية الاولياء 6- 120، الكامل في التأريخ 5- 463، تهذيب الكمال 20- 8، سير أعلام النبلاء 6- 137، العبر للذهبي 1- 222 و 258، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 135) ص 486.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 458

213 عُروة بن الزبير «1»

(23- 94،- 93 ه) ابن العوام القُرشي، الاسدي، الفقيه أبو عبد اللّه المدني.

مولده سنة ثلاث و عشرين و قيل بعد ذلك.

روي عن: أبيه، و أُمّه أسماء بنت أبي بكر، و علي بن أبي طالب- عليه السّلام.

قال ابن أبي حاتم عن أبيه: عروة عن علي مرسل، و عن الحسن و الحسين (عليهما السّلام) و زيد بن ثابت، و معاوية، و عمرو بن العاص، و المُغيرة بن شعبة، و طائفة.

روي عنه: بنوه: يحيي و عثمان و هشام و محمد، و سليمان بن يسار، و الزهري، و محمد بن المنكدِر، و صالح بن كيسان، و أبو الزناد، و آخرون.

روي عن هشام بن عروة عن أبيه، قال: رُددت أنا و أبو بكر بن عبد

الرحمن يوم الجمل، و استُصغرنا.

قيل: هو من أعداء أمير المؤمنين- عليه السّلام و شديد

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 5- 178، طبقات خليفة 420 برقم 2066، تاريخ خليفة 112، 237، التأريخ الكبير 7- 31، المعارف ص 130، المعرفة و التاريخ 1- 364، الجرح و التعديل 6- 395، الثقات لابن حبّان 5- 194، مشاهير علماء الامصار ص 105 برقم 428، حلية الاولياء 2- 176، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 131 برقم 170، الخلاف للطوسي 1- 102 و 176) طبع جماعة المدرسين)، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 58، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 331، وفيات الاعيان 3- 255، تهذيب الكمال 20- 11، تذكرة الحفّاظ 1- 62، العبر للذهبي 1- 82، سير أعلام النبلاء 4- 421، تاريخ الإسلام للذهبي سنة (81 100 ه (424، دول الإسلام 1- 44، مرآة الجنان 1- 187، البداية و النهاية 9- 197، غاية النهاية 1- 511، النجوم الزاهرة 1- 228، تهذيب التهذيب 7- 180، تقريب التهذيب 2- 19، طبقات الحفّاظ ص 29 برقم 49، شذرات الذهب 1- 103، تنقيح المقال 2- 251.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 459

البغض له، و الكذب عليه علي ما ذكره ابن أبي الحديد.

و كان فقيهاً كثير الحديث، انتقل إلي البصرة ثم إلي مصر، فتزوّج و أقام بها سبع سنين، ثمّ عاد إلي المدينة، و روي أنّه أَحرَق يوم الحرّة كتبَ فقهٍ كانت له، فكان يقول: لَوَددتُ أنّي كُنت فديتُها بأهلي و مالي.

و كان يقول: يا بنيَّ تعلّموا فانّكم إن تكونوا صغراء قوم عسي أن تكونوا كبراءهم، وا سوأتاه ما ذا أقبح من شيخ جاهل.

روي أنّ ابن عباس قال: تمتع النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-، فقال عروة بن

الزبير: نهي أبو بكر و عمر عن المتعة، فقال ابن عباس: ما يقول عُريّة؟ قال: يقول: نهي أبو بكر و عمر عن المتعة، فقال ابن عباس: أراهم سيهلكون أقول قال النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-، و يقول: نهي أبو بكر و عمر «1» روي عبد الرزاق الصنعاني بسنده عن خلاد بن عبد الرحمن قال: سألت عروة بن الزبير و سعيد بن جبير عن إطعام الفطر، فقالا: صاع من تمر، أو صاع من شعير أو مدّ من قمح «2» توفّي- سنة أربع و تسعين و قيل: ثلاث.

و قيل غير ذلك.

وقد نقل عنه الشيخ الطوسي في كتاب «الخلاف» تسع فتاوي.

______________________________

(1) مسند أحمد بن حنبل: 1- 337، زاد المعاد لابن القيم الجوزي: 1- 212، ط دار الفكر.

وقد أخرج الترمذي بسنده عن سالم بن عبد اللّه أنّه سمع رجلًا من أهل الشام، و هو يسأل عبد اللّه بن عمر عن التمتع بالعمرة إلي الحجّ، فقال عبد اللّه بن عمر: هي حلال، فقال الشامي: إنّ أباك قد نهي عنها.

فقال عبد اللّه بن عمر: أ رأيت إن كان أبي نهي عنها و صنعها رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- أ أمر أبي نتّبع أم رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-؟ فقال الرجل: بل أمر رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-، فقال: لقد صنعها رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-.

سنن الترمذي: ج 3 كتاب الحج، باب ما جاء في التمتّع، الحديث 824.

(2) المصنّف: 3- 318 برقم 5784.

اتفق الجميع علي أنّ مقدار زكاة الفطر عن كل شخص صاع من الحنطة أو الشعير أو التمر أو الزبيب أو الارز

أو الذرة، و ما إلي ذلك من القوت الغالب، ما عدا الحنفية فانّهم قالوا: يكفي نصف صاع من الحنطة عن الفرد الواحد.

و الصاع أربعة أمداد أي حوالي ثلاث كيلو غرامات.

انظر الفقه علي المذاهب الخمسة: ص 183.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 460

214 عطاء بن أبي رباح «1»

(27- 114،- 115 ه) و اسم أبي رباح أسلم، الفقيه المفتي أبو محمد القُرشي بالولاء، المكي، يقال: ولاؤه لبني جُمح.

روي عن: أُمّ سلمة، و أُم هانيَ، و عائشة، و ابن عباس، و زيد ابن أرقم، و ابن الزبير، و أبي هريرة، و جابر بن عبد اللّه الانصاري، و ابن الحنفية، و مجاهد.

و أرسل عن النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-، و عن أبي بكر و الفضل بن العباس، و طائفة.

روي عنه: مجاهد بن جَبْر، و أبو إسحاق السبيعي، و أبو الزبير، و مالك بن دينار، و الاعمش، و أيوب السّختياني، و أيوب بن موسي، و بُديل ابن مَيسرة، و بُرد بن سنان، و عِسل بن سفيان، و مسلم البطين، و آخرون.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 5- 467، تاريخ خليفة 273، طبقات خليفة 491 برقم 2536، التأريخ الكبير 6- 463، المعارف ص 252، المعرفة و التاريخ 1- 701، الجرح و التعديل 6- 330، اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي (215 برقم 385 و 386، مشاهير علماء الامصار ص 133 برقم 589، الثقات لابن حبّان 5- 198، حلية الاولياء 3- 310، رجال الطوسي ص 51 برقم 79، الخلاف للطوسي 2- 25 و 36 و 3- 8) طبع جماعة المدرسين)، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 69، صفة الصفوة 2- 211، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 333، وفيات الاعيان 3- 261، الرجال لابن داود ص 258، الرجال للعلّامة

الحلي ق 2 ص 243 برقم 1، تهذيب الكمال 20- 69، العبر للذهبي 1- 108، ميزان الاعتدال 3- 70، سير أعلام النبلاء 5- 78، تذكرة الحفّاظ 1- 98، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 114) ص 420، دول الإسلام 1- 55، مرآة الجنان 1- 244، البداية و النهاية 9- 317، غاية النهاية 1- 518، النجوم الزاهرة 1- 273، تهذيب التهذيب 7- 199، تقريب التهذيب 2- 22، طبقات الحفاظ ص 45 برقم 88، مجمع الرجال 4- 140، شذرات الذهب 1- 147، تنقيح المقال 2- 252، الجامع في الرجال 1- 538، معجم رجال الحديث 11- 144.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 461

و كان فقيهاً عالماً كثير الحديث.

قال أبو حازم الاعرج: فاق عطاء أهل مكّة في الفتوي.

و قال محمد بن عبد اللّه الديباج: ما رأيت مفتياً خيراً من عطاء، إنّما كان مجلسه ذكر اللّه لا يفتُر، و هم يخوضون، فإن تكلّم و سئل عن شي ء أحسن الجواب.

نقل عنه الشيخ الطوسي في كتاب «الخلاف» أربعاً و ثمانين فتوي.

قال عبد العزيز بن رُفَيْع: سُئل عطاء عن شي ء، فقال: لا أدري، قيل: ألا تقول برأيك؟ قال: إني استحيي من اللّه أن يُدان في الارض برأيي.

روي عبد الرزاق الصنعاني عن زهير بن نافع قال: سألت عطاء بن أبي رباح عن المزر؟ فقال: ما المزر؟ فقال رجل إلي جنبه: الغُبيراء.

فقال: كل مسكر حرام «1» توفّي- سنة أربع عشرة و مائة، و قيل: خمس عشرة.

215 عَطاء بن مَرْكَبوذ «2»

( … )

من أبناء فارس الذين وجّههم كسري مع سيف بن ذي يزن، و يقال: إنّه أسلم في حياة النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

عُدّ من فقهاء التابعين باليمن.

روي عن وهب بن منبّه، و قد رُوي عنه أيضاً.

و قيل: هو

أوّل من جمع القرآن باليمن و وهب بن منبّه ظاهراً.

______________________________

(1) المصنّف: 9- 227 برقم 17025.

و الغبيراء: شراب من الذّرة.

(2) الطبقات الكبري لابن سعد 5- 544، طبقات الفقهاء للشيرازي 73.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 462

216 عطية بن سعد العوفي «1»

(بعد 35- 111 ه) ابن جُنادة العوفي الجدلي القيسي، أبو الحسن الكوفي، من مشاهير التابعين.

وُلد في خلافة الامام علي- عليه السّلام.

و روي عن: أبي سعيد الخدري، و زيد بن أرقم، و عبد اللّه بن عباس، و أبي هريرة، و عدي بن ثابت الانصاري، و آخرين.

روي عنه: أبان بن تغلب، و الحجاج بن أرطاة، و سليمان الاعمش، و عمار الدُّهني، و مالك بن مِغْوَل، و محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلي، و محمد بن عبيد اللّه العَرْزَميّ، و مِسْعَر بن كِدام، و ابنه الحسن بن عطية، و آخرون.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 304، طبقات خليفة 272 برقم 1185، تاريخ خليفة 277، التأريخ الكبير 7- 7 برقم 35، المعارف 289، المعرفة و التاريخ 2- 659، الضعفاء و المتروكين للنسائي 193 برقم 505، الضعفاء الكبير للعقيلي 3- 359 برقم 1392، الجرح و التعديل 6- 382 برقم 2125، المجروحين لابن حبان 1- 176، الكامل لابن عدي 5- 369 برقم 562- 1530، تاريخ أسماء الثقات 247 برقم 970، سنن الدارقطني 4- 39، رجال الطوسي 129 برقم 32، تهذيب الكمال 20- 145، سير أعلام النبلاء 5- 325، ميزان الاعتدال 3- 79 برقم 5667، تاريخ الإسلام (حوادث 120) 101 424 برقم 467، تهذيب التهذيب 7- 224، تقريب التهذيب 2- 24، شذرات الذهب 1- 144، تنقيح المقال 2- 253 برقم 7941، الذريعة إلي تصانيف الشيعة 4- 282 برقم 1293، معجم رجال الحديث 11- 149، قاموس الرجال 6-

309، معجم المفسّرين لعادل نويهض 1- 347، تاريخ التراث العربي (علوم القرآن (73.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 463

و كان محدثاً، فقيهاً، مفسّراً، شيعياً جَلداً.

عُدّ من أصحاب الامام محمد الباقر- عليه السّلام، و أخذ عنه أبان بن تغلب، و خالد ابن طهمان، و زياد بن المنذر، كما ذكره النجاشي في تراجم هؤلاء.

قال ابن قتيبة: كان عطية بن سعد فقيهاً في زمن الحجاج، و كان يتشيع.

وثّقه ابن سعد، و ابن مُعين «1» و قال عباس الدوري عن يحيي بن معين: صالح.

و قد ضعّف عطية جماعة، منهم: النسائي و أبو حاتم.

أقول: يظهر أنّ تضعيفه، انّما هو من جهة المذهب، فقد أكدوا أنّه كان يُعدّ من شيعة أهل الكوفة، و أنّه كان يتشيع، و ممّا يُعضد ما ذهبنا إليه قول الساجي فيه: ليس بحجة و كان يقدّم علياً علي الكل «2» و قول الجوزجاني: مائل.

و عليه فإنّ تضعيفهم إياه لا يُعبأ به، فقد روي عنه جلّة الناس، كما قال البزار «3»، أو جماعة من الثقات في قول ابن عدي، و روي له البخاري في «الادب» و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة.

و وثّقه ابن سعد و ابن معين كما تقدم، ثم إنّ الرجل معروف بجهاده و ثباته، و قد نُكّل به و عُذّب لحبّه و موالاته لَامير المؤمنين- عليه السّلام.

روي أنّ عبد اللّه بن الزبير دعا محمد بن الحنفية إلي بيعته فأبي، فحصره و من معه من بني هاشم في الشِّعب، و توعّدهم بالاحراق، فبعث المختار أبا عبد اللّه الجدلي في أربعة آلاف، فسار القوم حتي أشرفوا علي مكة، فجاء المستغيث:

______________________________

(1) مجمع الزوائد للهيثمي 9- 109.

(2) هامش تهذيب الكمال 20- 149.

(3) هامش تهذيب الكمال 20- 149.

موسوعة طبقات

الفقهاء، ج 1، ص: 464

اعجلوا فما أراكم تدركونهم، فانتدب منهم ثمانمائة رأسهم عطية بن سعد العوفي، حتي دخلوا مكة فكبّروا تكبيرة سمعها ابن الزبير فانطلق هارباً، فأخرجوا ابن الحنفية و من معه و أنزلوهم مِني «1» ثم خرج عطية مع ابن الاشعث علي الحجاج، فلما انهزم جيش ابن الأشعث هرب عطية إلي فارس فكتب الحجاج إلي محمد بن القاسم الثقفي أن: ادعُ عطية فإن لعن علي بن أبي طالب، و إلّا فاضربه أربعمائة سوط، و احلق رأسه و لحيته، فأبي عطية أن يفعل، فضربه ابن القاسم السّياط و حلق رأسه و لحيته، و استقر بخراسان بقية أيام الحجاج، فلما ولي العراق عمر بن هُبيرة أذن له في القدوم فعاد إلي الكوفة.

روي الواحدي (المتوفي 468 ه) من طريق عطية عن أبي سعيد الخدري قال: نزلت هذه الآية" يٰا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مٰا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ" «2» يوم غدير خمّ في علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه «3» و لعطية العوفي تفسير القرآن الكريم، و قيل إنّ تفسيره في خمسة أجزاء «4».

توفّي بالكوفة- سنة احدي عشرة و مائة، و قيل: - سنة سبع و عشرين و مائة.

______________________________

(1) انظر طبقات ابن سعد 5- 100، و سير أعلام النبلاء 4- 118، كلاهما في ترجمة محمد بن الحنفية، و الخبر طويل.

(2) المائدة: 67.

(3) أسباب النزول: 115، و قال الشيخ محمد عبده في تفسيره للآية الكريمة: روي ابن أبي حاتم و ابن مردويه و ابن عساكر عن أبي سعيد الخدري أنّها نزلت يوم غدير خمّ في علي بن أبي طالب.

المنار: 6- 463.

(4) انظر الذريعة إلي تصانيف الشيعة 283.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 465

217 عِكْرِمة، مولي ابن عباس «1»

(..- 104،- 105 ه) أبو عبد اللّه

القُرشي، مولاهم المدني، البربريّ الاصل، كان لحُصين بن أبي الحر العنبري فوهبه لابن عباس.

روي عن: ابن عباس، و أبي هريرة، و أبي سعيد الخُدري، و أبي قتادة، و ابن عمر، و الحجاج بن عمرو الانصاري، و يحيي بن يَعمر، و طائفة.

روي عنه: إبراهيم النّخعي، و الشَّعبي، و حبيب بن أبي ثابت، و الحكم بن عُتيبة، و عبد الكريم الجزري، و علي بن الاقمر، و مطر الورّاق، و آخرون.

روي عن عكرمة أنّه كان يقول: طلبت العلم أربعين سنة، و كنت أُفتي بالباب، و ابن عباس بالدار.

روي عن أيوب، قال: حدثني من مشي بين سعيد بن المسيب و عكرمة في

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 5- 287، التأريخ الكبير 7- 49، المعرفة و التاريخ 2- 5، الجرح و التعديل 7- 7، اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي) ص 216 برقم 387، مشاهير علماء الامصار ص 134 برقم 593، الثقات لابن حبّان 5- 229، حلية الاولياء 3- 326، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 123 برقم 157، الخلاف للطوسي 1- 90) طبع جماعة المدرسين)، طبقات الفقهاء للشيرازي، ص 70، صفة الصفوة 2- 103، المنتظم 7- 102، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 340، وفيات الاعيان 3- 265، رجال العلّامة الحلي ق 2 ص 245 برقم 13، تهذيب الكمال 20- 264، ميزان الاعتدال 3- 93، سير أعلام النبلاء 5- 12، العبر للذهبي 1- 100، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 107) ص 174، تذكرة الحفّاظ 1- 95، مرآة الجنان 1- 225، البداية و النهاية 9- 244، النجوم الزاهرة 1- 263، تهذيب التهذيب 7- 263، تقريب التهذيب 2- 30، طبقات المفسرين 1- 386، مجمع الرجال للقهبائي 4- 145، شذرات الذهب 1- 130، جامع الرواة 1-

540، تنقيح المقال 2- 256، معجم رجال الحديث 11- 161.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 466

رجل نذر نذراً في معصية، فقال سعيد: يوفي به، و قال عكرمة: لا يوفي به.

قال فذهب رجل إلي سعيد فأخبره بقول عكرمة، فقال: سعيد: لا ينتهي عبد ابن عباس حتي يُلقي في عنقه حبل و يطاف به.

قال فجاء الرجل إلي عكرمة فأخبره، فقال له عكرمة: أنت رجل سوء، قال: لِمَ؟ قال: فكما بلّغتني فبلّغه، قل له: هذا النذر للّٰه أم للشيطان؟ فو اللّه إن زعم أنّه للّٰه ليكذبنّ، و لئن زعم أنّه للشيطان ليكفرنّ.

و ذُكر أنّه كان يري رأي الخوارج، فقد روي عن عطاء، قال: كان عكرمة إباضياً.

و قال أحمد بن زهير: سمعت يحيي بن معين يقول: إنّما لم يذكر مالك عكرمة يعني في الموطإ لَانّ عكرمة كان ينتحل رأي الصفرية.

و روي عن أحمد ابن حنبل، قال: إنّما أخذ أهل إفريقية رأي الصفرية من عكرمة لمّا قَدِم عليهم، و كان يأتي الامراء يطلب جوائزهم.

و كان يكذب علي ابن عباس، فقد روي عن سعيد بن المسيب أنّه كان يقول لغلام له: يا بُرْد لا تكذب عليّ كما يكذب عكرمة علي ابن عباس.

و في رواية عن الصلت بن دينار، قال: سألت ابن سيرين عن عكرمة فقال: ما يسوؤني أن يكون من أهل الجنّة، و لكنّه كذّاب.

و قال عبد اللّه بن الحارث: دخلت علي عليّ بن عبد اللّه بن عباس و عكرمة موثق علي باب كنيف، فقلت: أ تفعلون هذا لمولاكم؟ فقال: إنّ هذا يكذب علي أبي.

وثّقه النسائي، و العجلي، و قال ابن سعد: قالوا: و كان عكرمة كثير العلم و الحديث، بحراً من البحور، و ليس يُحتجّ بحديثه، و يتكلّم الناس فيه.

و قال

ابن حنبل: مضطرب الحديث يختلف عنه، و ما أدري.

و روي عن الشافعي، قال: لا أري لَاحد أن يقبل حديثه.

نقل عنه الشيخ الطوسي في كتاب «الخلاف» تسع فتاوي.

و ذكروا له أخباراً كثيرة في التفسير و المغازي.

توفّي- سنة أربع و مائة و قيل: خمس و قيل: سبع، و قيل غير ذلك.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 467

218 العلاء بن زياد «1»

(..- 94 ه) ابن مَطَر بن شُريح العدوي، أبو نصر البصري.

أرسل عن النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-، و حدّث عن: عمران بن حُصين، و عياض بن حمار، و أبي هريرة، و غيرهم.

حدّث عنه: الحسن، و أَسيد بن عبد الرحمن الخثعمي، و أوفي بن دِلْهم، و إسحاق بن سُوَيد، و آخرون.

و كان من الفقهاء أيام الوليد بن عبد الملك، قيل: و كان ربّانياً بكّاءً من خشية اللّه.

رُوي أنّ العلاء كان يذكّر النار، فقال رجل: لم تقنّط الناس؟ قال: و أنا أقدر أن أُقنّط الناس! و اللّه عزّ و جلّ يقول: " يٰا عِبٰادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَليٰ أَنْفُسِهِمْ لٰا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّٰهِ" «2» و يقول: " وَ أَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحٰابُ النّٰارِ" «3» و لكنّكم

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 7- 213، التأريخ الكبير 6- 507 برقم 3133، المعرفة و التاريخ 2- 93، تاريخ اليعقوبي 3- 38) فقهاء أيام الوليد بن عبد الملك)، الجرح و التعديل 5- 355، مشاهير علماء الامصار 146 برقم 653، الثقات لابن حبّان 5- 246، حلية الاولياء 2- 242 برقم 187، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 342 برقم 423، تهذيب الكمال 22- 497 برقم 4568، تاريخ الإسلام 444 برقم 367) حوادث 81 100)، سير أعلام النبلاء 4- 202 برقم 82، البداية و النهاية 9- 28، النجوم

الزاهرة 1- 202، تهذيب التهذيب 8- 181 برقم 326، تقريب التهذيب 2- 92 برقم 817.

(2) الزمر: 53. 2 غافر: 43.

(3) غافر: 43.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 468

تحبّون أن تُبشروا بالجنّة علي مساوئ أعمالكم، و إنّما بعث اللّه محمّداً- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- مبشراً بالجنة لمن أطاعه، و منذراً بالنار لمن عصاه.

توفي- سنة أربع و تسعين.

219 علقمة بن قيس «1»

(..- 61،- 62 ه) ابن عبد اللّه بن مالك النخعي الهمداني، أبو شبل الكوفي.

ولد في أيام الرسالة المحمدية و عداده في المخضرمين.

حدّث عن: علي- عليه السّلام، و حذيفة، و سلمان الفارسي، و عمار بن ياسر، و عمر، و معقل بن سنان، و طائفة سواهم.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 86، التأريخ الكبير 7- 41، المعارف ص 245، المعرفة و التاريخ 2- 552، الجرح و التعديل 6- 404، اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي) ص 100 برقم 159، الثقات لابن حبّان 5- 207، مشاهير علماء الامصار ص 161 برقم 741، حلية الاولياء 2- 98، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 187 برقم 286، رجال الطوسي ص 50 برقم 5، الخلاف للطوسي 3- 253 و 186) طبع اسماعيليان)، تاريخ بغداد 12- 296، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 79، الانساب للسمعاني 5- 473، المنتظم 6- 9، اللباب 3- 304) مادة النخعي)، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 342، رجال ابن داود ص 134 برقم 1007، رجال العلامة الحلّي ص 129 برقم 5، تهذيب الكمال 20- 300، سير أعلام النبلاء 4- 53، تذكرة الحفاظ 1- 48، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 62) ص 190، العبر 1- 49، مرآة الجنان 1- 137، البداية و النهاية 8- 219، النجوم الزاهرة 1- 157، تهذيب التهذيب 7- 276، تقريب

التهذيب 2- 31، طبقات الحفّاظ ص 20 برقم 24، مجمع الرجال للقهبائي 4- 150، شذرات الذهب 1- 70، جامع الرواة 1- 545، تنقيح المقال 2- 258 برقم 8071، أعيان الشيعة 8- 149، معجم رجال الحديث 11- 181، الاعلام 4- 248، قاموس الرجال 6- 335.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 469

حدّث عنه: إبراهيم النخعي، و أبو وائل، و إبراهيم بن سويد النخعي، و سلمة بن كهيل، و أبو إسحاق السبيعي، و الشعبي، و آخرون.

و كان فقيهاً قارئاً عالماً بالفرائض، و كان قد هاجر في طلب العلم و الجهاد، فسكن الكوفة و لازم ابن مسعود، و تفقّه به العلماء، و تصدّي للفتيا بعد علي (عليه السّلام) و ابن مسعود، فعن قابوس بن أبي ظبيان، قال: قلتُ لَابي: لَاي شي ء كنت تأتي علقمة و تدع أصحاب النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم؟ قال: أدركت ناساً من أصحاب النبي يسألون علقمة و يستفتونه.

و عن ابن سيرين قال: أدركتُ الكوفة و بها أربعة ممّن يعدّ بالفقه.. ثم علقمة الثالث.

الرواية.

و يُعدّ علقمة من أصحاب أمير المؤمنين علي- عليه السّلام و من ثقاته، و شهد معه صفّين فأُصيبت إحدي رجليه فيها فعرج منها.

و ورد المدائن مع عليّ، و شهد معه حرب الخوارج بالنهروان، كما قال الخطيب البغدادي.

قال إبراهيم: كتب أبو بُردة علقمةَ في الوفد إلي معاوية فقال له علقمة: امحُني امحُني.

روي عبد الرزاق الصنعاني عن معمر عن أبي إسحاق أنّ علقمة بن قيس قال: وددتُ أنّ الذي يقرأ خلف الامام مُلئَ فوه قال: أحسبه قال: تراباً أو رضفاً «1» توفّي- سنة إحدي و ستين و قيل اثنتين و ستين و قيل غير ذلك.

و نقل عنه الشيخ الطوسي في كتاب «الخلاف» ست

فتاوي.

______________________________

(1) المصنّف: 1- 139 برقم 2808. و الرّضف: الحجارة المحماة. واحدته: رضفة.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 470

220 علي بن أبي رافع مولي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- «1»

( … )

و اسم أبي رافع: إبراهيم، و قيل: أسلم، و قيل غير ذلك.

و آل أبي رافع من أرفع بيوت الشيعة، و أعلاها شأناً، و أقدمها إسلاماً و إيماناً.

و كان علي بن أبي رافع حافظاً، فقيهاً.

صحب أمير المؤمنين- عليه السّلام، و كان كاتباً له، و حفظ كثيراً.

و هو تابعي من خيار الشيعة، و جمع كتاباً في فنون من الفقه: الوضوء، و الصلاة، و سائر الابواب.

ذكر ذلك النجاشي «2»

221 علي بن الحسين، زين العابدين- عليه السّلام

انظر ترجمته في ص 255

______________________________

(1) رجال النجاشي 1- 65، رجال العلّامة الحلي 102 برقم 68، نقد الرجال 225، مجمع الرجال 4- 159، جامع الرواة 1- 551، تنقيح المقال 2- 263 برقم 8116، معجم رجال الحديث 11- 233 برقم 7838، قاموس الرجال 6- 352.

(2) و هو أبو العباس أحمد بن علي بن أحمد الاسدي الكوفي المشهور بالنجاشي (272 450 ه) أحد تلامذة المفيد رحمه اللّه تعالي.

كان بصيراً بالاخبار و الرجال.

له كتب منها: كتاب «الجمعة و ما ورد فيه من الاعمال» و كتاب «الكوفة و ما ورد فيها من الآثار و الفضائل» و «مواضع النجوم التي سمتها العرب».

و ستأتي ترجمته في القرن الخامس من كتابنا هذا.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 471

222 عمر بن حسين «1»

( … )

ابن عبد اللّه الجُمحي بالولاء، أبو قدامة المكي.

حدّث عن: عبد اللّه بن أبي سلمة الماجشون، و ابن عمر، و عائشة بنت قدامة بن مظعون، و هي مولاته في قولٍ.

حدّث عنه: محمد بن إسحاق، و محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، و مالك ابن أنس، و آخرون.

و كان قاضي المدينة، و عُدّ في فقهائها، و كانت القضاة تستشيره فيما قيل.

روي يعقوب بن سفيان بسنده عن عمر بن حسين عن عائشة بنت قدامة ابن مظعون عن أبيها عن أخيه عثمان بن مظعون أنّه قال: يا رسول اللّه إنّي رجل يشقّ عليّ هذه العُزبة في المغازي فتأذن لي يا رسول اللّه في الخصاء فأختصي؟ قال: لا، و لكن عليك يا ابن مظعون بالصيام فإنّه محصن.

______________________________

(1) التأريخ الكبير: 6- 148 برقم 1983، التأريخ الصغير: 1- 322، المعرفة و التاريخ: 1- 664 و 272 و 665، الجرح و التعديل: 6- 104 برقم 545، الثقات لابن حبان: 7- 170،

أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 151 برقم 207، تهذيب الكمال: 21- 298، تهذيب التهذيب: 7- 433 برقم 709، تقريب التهذيب: 2- 53 برقم 400.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 472

223 عمر بن عبد العزيز «1»

(61، 63- 101 ه) ابن مروان بن الحكم القرشي، الأُموي، أبو حفص المدني ثم الدمشقي.

ولد سنة إحدي و قيل: ثلاث و ستين.

حدّث عن: عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب، و سهل بن سعد، و ابن المسيب، و طائفة.

حدّث عنه: أبو سلمة بن عبد الرحمن و هو من شيوخه، و أبو بكر بن حزم، و الزهري، و رجاء بن حيوة، و آخرون.

و كان له فقه و علم و روي حديثاً كثيراً، و له رسالة إلي بعض الذين نُسب إليهم إنكار علم اللّه الازلي في أفعال العباد و مصايرهم، و جاء في هذه الرسالة: إلي النفر الذين كتبوا إليّ بما لم يكن لهم بحق في رَدّ كتاب اللّه، و تكذيبهم

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 5- 330، المحبر ص 27، التأريخ الكبير 6- 174، المعرفة و التاريخ 1- 568، الجرح و التعديل 6- 122، مشاهير علماء الامصار ص 283 برقم 1411، الثقات لابن حبّان 6- 85، الاغاني 9- 254، حلية الاولياء 5- 253، جمهرة أنساب العرب ص 105، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 226 برقم 373، الخلاف للطوسي 1- 264) طبع جماعة المدرسين)، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 64، المنتظم 7- 69، صفة الصفوة 2- 113، تهذيب الاسماء و اللغات 2- 17، الكامل في التأريخ 5- 58، تهذيب الكمال 21- 432، تذكرة الحفاظ 1- 118، العبر 1- 91، سير أعلام النبلاء 5- 114، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 101) ص 187، الوافي بالوفيات 22- 506، فوات الوفيات 3-

133، مرآة الجنان 1- 208، البداية و النهاية 9- 200، طبقات المعتزلة ص 120، النجوم الزاهرة 1- 245، تهذيب التهذيب 7- 475، تقريب التهذيب 2- 59، شذرات الذهب 1- 119، تنقيح المقال 2- 345، معجم رجال الحديث 13- 42.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 473

بأقداره النافذة في علمه السابق.. و انّكم ذكرتم أنّه بلغكم أنّي أقول: إنّ اللّه قد علم ما العباد عاملون، و إلي ما هم صائرون، فأنكرتم ذلك عليّ، و قلتم إنّه ليس يكون ذلك من اللّه في علم حتي يكون ذلك من الخلق عملًا، فكيف ذلك كما قلتم؟ و اللّه تعالي يقول: " إِنّٰا كٰاشِفُوا الْعَذٰابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عٰائِدُونَ" «1» يعني: عائدين في الكفر، و قال تعالي: " وَ لَوْ رُدُّوا لَعٰادُوا لِمٰا نُهُوا عَنْهُ وَ إِنَّهُمْ لَكٰاذِبُونَ" «2».

فزعمتم بجهلكم في قول اللّه تعالي: " فَمَنْ شٰاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَ مَنْ شٰاءَ فَلْيَكْفُرْ" «3» إنّ المشيئة في أي ذلك أحببتم فعلتم من ضلالة أو هدي و اللّه تعالي يقول: " وَ مٰا تَشٰاؤُنَ إِلّٰا أَنْ يَشٰاءَ اللّٰهُ رَبُّ الْعٰالَمِينَ" «4» فبمشيئة اللّه لهم شاءوا و لو لم يشأ لم ينالوا بمشيئتهم من طاعته شيئاً قولًا و لا عملًا.

لَانّ اللّه تعالي لم يملك العباد ما بيده، و لم يفوض إليهم ما يمنعه من رسله، فقد حرصت الرسل علي هدي الناس جميعاً، فما اهتدي منهم إلّا من هدي اللّه، و لقد حرص إبليس علي ضلالتهم جميعاً فما ضل منهم إلّا من كان في علم اللّه ضالًا.. «5» و كان عمر بن عبد العزيز قد ولي الخلافة بعهد من سليمان بن عبد الملك سنة (99 ه) فبويع في مسجد دمشق، و سكن الناس في أيامه، فمنع سبَّ

الامام علي- عليه السّلام- و كان مَن تقدّمه من الأُمويين يسبّونه علي المنابر.

______________________________

(1) الدخان: 15.

(2) الانعام: 28.

(3) الكهف: 29.

(4) التكوير: 29.

(5) قال العلّامة السبحاني بعد إيراد نص الرسالة في كتابه بحوث في الملل و النحل: 1- 27: و نحن نتبرأ ممّن ينكر علمه الوسيع المحيط بكل شي ء و نؤمن بما قاله سبحانه: (وَ لٰا رَطْبٍ وَ لٰا يٰابِسٍ إِلّٰا فِي كِتٰابٍ مُبِينٍ) (الانعام: 59) و قوله سبحانه: (مٰا أَصٰابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لٰا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلّٰا فِي كِتٰابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهٰا إِنَّ ذٰلِكَ عَلَي اللّٰهِ يَسِيرٌ) (الحديد: 22).

و لكن نتبرأ] أيضاً [ممن جعل علمه السابق ذريعة إلي نسبة الجبر إلي اللّه سبحانه، و نؤمن بأنّ علمه السابق المحيط لا يكون مصدراً لكون العباد مجبورين في مصايرهم و انّهم يعملون و يفعلون و يختارون بمشيئتهم التي منحها اللّه لهم في حياتهم، ليهلك من هلك عن بيّنة و يحيي من حيّ عن بيّنة، فمنكر علمه السابق المحيط بكل شي ء ضال مضل، و مَن استنتج منه الجبر مثله في الضلالة و الغواية.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 474

قال عمر بن عبد العزيز: كنت أحضر تحت منبر المدينة، و أبي يخطب يوم الجمعة، و هو حينئذ أمير المدينة، فكنت أسمع أبي يمر في خطبه تهدر شقاشقه، حتي يأتي إلي لعن علي- عليه السّلام- فيجمجم، و يعرض له من الفهاهة و الحَصَر ما اللّه عالم به، فكنت أعجب من ذلك، فقلت له يوماً: يا أبت أنت أفصح الناس و أخطبهم، فما بالي أراك أفصحَ خطيب يوم حَفلك، حتي إذا مررت بلعن هذا الرجل، صرت ألكن عييا! فقال: يا بني انّ من تري تحت منبرنا من أهل الشام و

غيرهم، لو علموا من فضل هذا الرجل ما يعلمه أبوك لم يتبعنا منهم أحد، فوقرت كلمته في صدري مع ما كان قاله لي معلمي أيام صِغَري «1» فأعطيت اللّه عهداً لئن كان لي في هذا الامر نصيب لاغيّرنّه «2» عن عبد اللّه بن شوذب، قال: حجّ سليمان و معه عمر بن عبد العزيز فخرج سليمان إلي الطائف، فأصابه رعد و برق ففزع سليمان فقال لعمر: أ لا تري ما هذا يا أبا حفص؟ قال: هذا عند نزول رحمته، فكيف لو كان عند نزول نقمته.

و عن جعونة، قال: استعمل عمر عاملًا، فبلغه أنّه عمل للحجّاج فعزله، فأتاه يعتذر إليه، فقال: لم أعمل له إلّا قليلًا.

فقال: حسبك من صحبة شر يوم أو بعض يوم.

قال أيوب: كتب عمر بن عبد العزيز: لا يؤخذ من الارباح صدقة إذا كان أصل المال قد زُكّي حتي يحول عليه الحول «3» توفي عمر بدير سمعان من أرض المعرة في- سنة إحدي و مائة، و قيل: سقاه بنو أُميّة السم لما شدّد عليهم و انتزع كثيراً مما في أيديهم.

وقد نقل عنه الشيخ الطوسي في «الخلاف» ستاً و ثلاثين فتوي.

______________________________

(1) تجد الحكاية في ترجمة عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة بن مسعود.

(2) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 4- 58.

(3) المصنّف، لعبد الرزاق الصنعاني: 4- 80 برقم 7043.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 475

224 عَمْرة بنت عبد الرحمن «1»

(.. 98،- 106 ه) ابن سعد بن زُرارة، الانصاريّة النَّجّاريّة المدنية، الفقيهة، صحبت عائشة و أخذت الحديث عنها.

حدّثت عن: عائشة، و أُمّ سلمة، و رافع بن خديج، و أُختها أُمّ هشام بنت حارثة.

حدّث عنها: ولدها أبو الرّجال محمد بن عبد الرحمن، و ابناه: حارثة و مالك، و ابن أُختها القاضي

أبو بكر بن حزم، و الزهري، و آخرون.

و كانت فقيهة، كثيرة العلم.

كتب عمر بن عبد العزيز إلي أبي بكر بن محمد ابن عمرو بن حزم: انظر ما كان من حديث رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- أو سنّة ماضية أو حديث عمرة فاكتبه فانّي خشيت دروس العلم و ذهاب أهله.

روي عبد الرزاق الصنعاني بسنده عن عمرة بنت عبد الرحمن أنّها سألت عائشة عن حُليّ لها عليها فيه صدقة؟ قالت: لا «2» توفّيت- سنة ثمان و تسعين، و قيل: توفّيت في- سنة ستٍ و مائة.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 8- 480، الثقات لابن حبّان 5- 288، تهذيب الكمال 35- 241، دول الإسلام 1- 46، سير أعلام النبلاء 4- 506، العبر للذهبي 1- 88، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 98) ص 443، تهذيب التهذيب 12- 438، تقريب التهذيب 2- 607، الاعلام 5- 72.

(2) المصنّف: 4- 82 برقم 7051.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 476

225 عمرو بن أوس «1»

(..- قبل 95 ه) ابن أبي أوس، و اسمه حذيفة، الثقفي، الطائفي.

روي عن: أبيه أوس، و عبد اللّه بن عمرو بن العاص، و عروة بن الزبير، و آخرين.

روي عنه: سالم بن منقذ، و عمرو بن دينار، و محمد بن سيرين، و أبو إسحاق السبيعي، و جماعة.

و كان من الفقهاء، و عدّ في الطبقة الاولي من التابعين.

روي عن عبد الرحمن بن نافع الطائفي، قال: سألت أبا هريرة عن شي ء، فقال: ممّن أنت؟ فقلت: من ثقيف، قال: تسألوني و فيكم عمرو بن أوس.

توفي- قبل سعيد بن جبير «2»

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 5- 519، التأريخ الكبير 6- 314 برقم 2500، الجرح و التعديل 6- 220 برقم 1219، الثقات لابن حبان 5- 73 و

75، ذكر أسماء التابعين و من بعدهم ج 2 ص 174 برقم 853، تهذيب الكمال 21- 547 برقم 4329، تاريخ الإسلام (81 100) ص 440، تهذيب التهذيب 8- 6 برقم 7، تقريب التهذيب 2- 66 برقم 538.

(2) استشهد سعد سنة خمس أو أربع و تسعين.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 477

226 عمرو بن دينار «1»

(45، 46- 126 ه) المكّي، أبو محمد الاثرم الجُمَحي بالولاء، المحدّث، الفقيه، مفتي مكة.

و هو فارسي الاصل، من الابناء.

مولده بصنعاء سنة خمس أو ست و أربعين.

روي عن: جابر بن عبد اللّه، و أنس، و عبد اللّه بن جعفر، و أبي الطفيل، و غيرهم من الصحابة، كما روي عن الباقر محمد بن علي بن الحسين (عليهم السّلام)، و أبي الشعثاء جابر بن زيد، و طاوس، و طائفة.

روي عنه: قتادة بن دعامة، و الزهري، و عبد اللّه بن أبي نجيح، و شعبة، و الثوري، و محمد بن مسلم الطائفي، و هُشيم، و آخرون.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 5- 479، التأريخ الكبير 6- 328، المعارف ص 265، المعرفة و التاريخ 2- 18، الجرح و التعديل 6- 231، مشاهير علماء الامصار ص 137 برقم 613، الثقات لابن حبّان 5- 167، حلية الاولياء 3- 347، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 120 برقم 152، رجال الطوسي 131 برقم 58، الخلاف للطوسي 1- 108 (طبعة جماعة المدرسين)، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 70، الرجال لابن داود ص 145 برقم 1120، تهذيب الكمال 22- 5، العبر للذهبي 1- 125، سير أعلام النبلاء 5- 300، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 126) ص 189، دول الإسلام 1- 60، تذكرة الحفّاظ 1- 113، البداية و النهاية 10- 23، غاية النهاية 1- 600، طبقات المعتزلة ص 127 و

135، النجوم الزاهرة 1- 300، تهذيب التهذيب 8- 28، تقريب التهذيب 2- 69، طبقات الحفاظ ص 50 برقم 96، نقد الرجال ص 251، شذرات الذهب 1- 171، جامع الرواة 1- 621، بهجة الآمال 5- 594، تنقيح المقال 2- 330، معجم رجال الحديث 13- 97.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 478

روي عنه أنّه قال: يسألوننا عن رأينا فنخبرهم فيكتبونه كأنّه نقرٌ في حجر، و لعلّنا نرجع عنه غداً.

و كان هشام قد عرض عليه أن يجري عليه رزقاً و يجلس يفتي الناس، فرفض.

عُدّ من أصحاب الامامين: محمد الباقر و جعفر الصادق عليهما السّلام-.

عن عمرو بن دينار قال: إذا ماتت الفأرة في الودك الجامد، قال: بلغنا إن كان جامداً أُخذ ما حوله فأُلقي و أُكل ما بقي «1» و قال: يغسل الاناء إذا ولغ فيه الكلب سبع مرات «2» قيل: مات- سنة ست و عشرين و مائة، و كان يفتي بالبلد.

نقل عنه الشيخ الطوسي في كتاب «الخلاف» ست فتاوي.

227 عمرو بن شرحبيل «3»

(..- 63 ه) أبو ميسرة الهَمْداني، الكوفي.

______________________________

(1) المصنّف: 1- 85 برقم 285.

(2) المصدر السابق: 1- 97 برقم 334.

(3) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 106، التأريخ الكبير 6- 341 برقم 2576، المعرفة و التاريخ 1- 217 و 223، تاريخ اليعقوبي 2- 228) فقهاء أيام معاوية)، الكني و الاسماء للدولابي 2- 135، الجرح و التعديل 6- 237 برقم 1319، الثقات لابن حبّان 5- 168، مشاهير علماء الامصار ص 168، حلية الاولياء 4- 141 برقم 264، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 188 برقم 289، تاريخ الإسلام للذهبي 200 برقم 79 (حوادث 61 80)، سير أعلام النبلاء 4- 135 برقم 42، غاية النهاية في طبقات القراء 1- 601 برقم 2453، الاصابة 3- 114

برقم 6490، تهذيب التهذيب 8- 47 برقم 78، تقريب التهذيب 2- 72 برقم 605، تنقيح المقال 2- 332 برقم 8713 و ص 344 برقم 9010.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 479

حدّث عن: عمر، و علي- عليه السّلام، و ابن مسعود، و حذيفة، و سلمان، و آخرين.

حدّث عنه: أبو وائل، و أبو إسحاق السبيعي، و أبو عمار الهمداني، و مسروق و هو من أقرانه، و آخرون.

عُدّ من الفقهاء أيام معاوية، و شهد صفّين مع الامام علي- عليه السّلام و كان من العبّاد الاولياء، و كانت ركبته كركبة البعير من كثرة الصلاة فيما قيل.

روي عبد الرزاق الصنعاني بسنده عن عمرو بن شرحبيل قال: لا تسوّك بسواك رطب و أنت صائم، فإنّه يدخل في حلقك من طعمه «1» مات في الطاعون- سنة ثلاث و ستين، قال أبو إسحاق: رأيت أبا جُحيفة في جنازة أبي ميسرة.

228 أبو إسحاق السَّبيعي «2»

(33- 127 ه) عمرو بن عبد اللّه بن عليّ الهمْداني أبو إسحاق السَّبيعي، الكوفي.

شيخ

______________________________

(1) المصنّف: 4- 203 برقم 7493.

(2) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 313، التأريخ الكبير 6- 347، المعرفة و التاريخ 2- 621، الكني و الأَسماء للدولابي 1- 100، الجرح و التعديل 6- 242، الثقات لابن حبّان 5- 177، حلية الاولياء 4- 338، رجال الطوسي 246 برقم 375، الكامل في التأريخ 5- 340، ميزان الاعتدال 3- 270، تذكرة الحفّاظ 1- 114، سير أعلام النبلاء 5- 392، العبر للذهبي 1- 127، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 127) ص 17، البداية و النهاية 10- 28، غاية النهاية ص 602، النجوم الزاهرة 1- 304، تهذيب التهذيب 8- 63، تقريب التهذيب 2- 73، مجمع الرجال للقهبائي 4- 288، شذرات الذهب 1- 174، جامع الرواة 1- 635، تنقيح المقال

2- 333، معجم رجال الحديث 13- 111، قاموس الرجال 7- 157.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 480

الكوفة و عالمها و محدّثها.

وُلِد في زمن عثمان، و رأي علياً- عليه السّلام يخطب.

روي عن: ابن عباس، و عدي بن حاتم الطائي، و البراء بن عازب، و زيد بن أرقم، و سليمان بن صُرد الخزاعي، و غيرهم من أصحاب رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-.

و روي أيضاً عن: علقمة بن قيس، و صِلة بن زفر العبسي، و الاسود بن هلال، و كُميل بن زياد النخعي، و خلق كثير.

روي عنه: محمد بن سيرين و هو من شيوخه، و الزهري، و قتادة، و منصور، و الاعمش، و شعبة بن الحجاج، و الحسين بن واقد، و شريك القاضي، و آخرون.

قيل لشعبة: أَ سَمِعَ أبو إسحاق من مجاهد؟ قال: و ما كان يصنع به، هو أحسن حديثاً من مجاهد، و من الحسن، و ابن سيرين.

عُدّ من أصحاب الامام الصادق- عليه السّلام.

وثّقه ابن معين و النسائي، و العجلي، و قال ابن المديني: أحصينا مشيخته نحواً من ثلاثمائة شيخ و قال مرّة أربعمائة و قد روي عن سبعين أو ثمانين لم يرو عنهم غيره.

و قال العلّامة المامقاني:.. فالرجل في أعلي الحسن بل ثقة علي الاظهر.

عدّه ابن قتيبة في «معارفه» و الشهرستاني في «الملل و النحل» في رجال الشيعة.

و احتج به أصحاب الصحاح الستة و غيرهم «1» روي الطبراني بسنده عن أبي إسحاق عن حُبشي بن جُنادة، قال: سمعت رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- يقول: «عليٌّ مني و أنا منه، و لا يؤدي عني إلّا أنا و عليّ ««2».

و روي أيضاً بسنده عنه عن حُبشي بن جنادة، قال: سمعت رسول

اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-

______________________________

(1)» المراجعات» للسيد عبد الحسين شرف الدين. المراجعة 16- 90 برقم 71.

(2) المعجم الكبير: ج 4- 16، الحديث 3511.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 481

يقول يوم غدير خم: «اللّهمّ من كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه، اللّهمّ والِ من والاه، و عادِ مَن عاداه و انصر من نصر و أعِنْ من أعانه ««1» روي أبو نعيم الأَصفهاني بسنده عن أبي إسحاق قال: رأيت علي بن أبي طالب، و كان يصلّي الجمعة إذا زالت الشمس.

و روي أيضاً عن أبي إسحاق قال: قد كبرت و ضعفت، ما أصوم إلّا ثلاثة من الشهر، و الإثنين و الخميس، و شهور الحرم.

توفّي أبو إسحاق- سنة سبع و عشرين و مائة، و قيل غير ذلك.

229 عمرو بن قيس بن ثور «2»

(40- 140 ه) الكندي السكوني، أبو ثور الشامي، الحمصي.

______________________________

(1) المصدر السابق، الحديث 3514.

(2) الطبقات الكبري لابن سعد 7- 459، التأريخ الكبير 6- 362 برقم 2645) ق 2 ج 3)، المعرفة و التاريخ 1- 122 و 2- 329 و 350 و 384 و 404، تاريخ اليعقوبي 3- 129 (فقهاء أيام أبي جعفر المنصور)، الجرح و التعديل 6- 254 برقم 1405) ج 3)، الثقات لابن حبّان 5- 180، مشاهير علماء الامصار 188 برقم 898، تاريخ الثقات لابن شاهين 222 برقم 804، تاريخ دمشق لابن عساكر (مختصره لابن منظور (19- 280 برقم 180، الكامل لابن الاثير 5- 28 و 55، تهذيب الكمال 22- 195 برقم 4435، سير أعلام النبلاء 5- 322 برقم 156، تاريخ الإسلام 507) حوادث 121 140)، ميزان الاعتدال 3- 284 برقم 6426، العبر 1- 147، تهذيب التهذيب 8- 91 برقم 142، تقريب التهذيب 2- 77 برقم 659، شذرات الذهب 1- 209.

موسوعة طبقات

الفقهاء، ج 1، ص: 482

ولد سنة أربعين.

حدّث عن: عبد اللّه بن عمرو، و واثلة بن الاسقع، و النعمان بن بشير، و عاصم ابن حميد، و طائفة.

حدّث عنه: ثوابة بن عون، و معاوية بن صالح، و سعيد بن عبد العزيز، و آخرون.

روي أنّ عمر بن عبد العزيز كتب إلي والي حمص: انظر إلي الذين نصبوا أنفسهم للفقه و حبسوها عن طلب الدنيا، فأعط كل رجل منهم مائة دينار، فكان عمرو بن قيس، و أسد بن وداعة فيمن أخذها.

و قيل: كان ممّن سار للطلب بدم الوليد بن يزيد الفاسق.

توفّي- سنة أربعين و مائة، و قيل غير ذلك.

و قد عدّه اليعقوبي من فقهاء أيام أبي جعفر المنصور.

230 عمرو بن أبي عمرو «1»

(..- 144 ه) الفقيه أبو عثمان المدني، مولي المطّلب بن عبد اللّه المخزومي.

و اسم أبي عمرو: ميسرة.

______________________________

(1) طبقات خليفة بن خيّاط 463، التأريخ الكبير 6- 359، المعرفة و التاريخ 1- 246، الجرح و التعديل 6- 252، الثقات لابن حبّان 5- 185، تهذيب الكمال 22- 168 برقم 4418، ميزان الاعتدال 3- 281، سير أعلام النبلاء 6- 118، شرح علل الترمذي ص 345، تهذيب التهذيب 8- 82، تقريب التهذيب 2- 75.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 483

حدّث عن: أنس، و عكرمة، و أبي سعيد المقبري، و عاصم بن عمر بن قتادة، و الاعرج، و غيرهم.

حدّث عنه: مالك بن أنس، و عبد العزيز الدراوردي، و عبد الرحمن بن أبي الزناد، و فُضيل بن سليمان، و آخرون.

قال أبو حاتم: لا بأس به، و قال النسائي: ليس بالقوي، و قال ابن القطان: مستضعف، و أحاديثه تدلُّ علي حاله.

توفّي- سنة أربع و أربعين و مائة.

231 عمرو بن ميمون الاودي «1»

(..- 74،- 75 ه) أبو عبد اللّه، و يقال أبو يحيي الكوفي، أدرك الجاهلية، و لم يلق النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

صحب ابن مسعود، و معاذ بن جبل، و روي عنهما و تفقّه بهما، و روي عن: أبي ذر الغفاري، و عمر، و ابن عباس، و غيرهم.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 117، المعارف ص 242، أنساب الاشراف 1- 167، الجرح و التعديل 6- 258، الثقات لابن حبّان 5- 166، مشاهير علماء الامصار ص 159 برقم 733، حلية الاولياء 4- 148، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 194 برقم 303، الاحكام في أُصول الاحكام 2- 93، المنتظم 6- 146، أسد الغابة 4- 134، تهذيب الكمال 22- 261، سير أعلام النبلاء 4- 158، تذكرة الحفّاظ

1- 61، العبر للذهبي 1- 85، تاريخ الإسلام (سنة 61 80 ه) ص 496، مرآة الجنان 1- 156، غاية النهاية 1- 603، النجوم الزاهرة 1- 195، الاصابة 3- 118 برقم 6517، تهذيب التهذيب 8- 109، تقريب التهذيب 2- 80، طبقات الحفاظ ص 31 برقم 53، شذرات الذهب 1- 82.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 484

روي عنه: سعيد بن جبير، و الربيع بن خثيم، و أبو إسحاق السبيعي، و الشعبي، و هلال بن يساف، و آخرون.

و عُدّ من فقهاء التابعين.

روي عبد الرزاق الصنعاني بسنده عن عمرو بن ميمون الاودي قال: لو أن رجلًا أخذ شاة عزوزاً لم يفرغ من لبنها حتي أُصلّي الصلوات الخمس، أُتم ركوعها و سجودها «1» توفّي- سنة أربع و سبعين، أو خمس، أو ست.

232 عون بن عبد اللّه بن عتبة «2»

(..- بعد 110 ه) ابن مسعود الهُذلي، أبو عبد اللّه الكوفي.

حدّث عن: أبيه، و أخيه عبيد اللّه، و عبد اللّه بن عباس، و سعيد بن المسيّب، و أُم الدرداء، و غيرهم.

______________________________

(1) المصنّف: 2- 367، باب تخفيف الامام، برقم 3731.

و «العزوز»: الشاة القليلة اللبن، الضيّقة الاحليل.

(2) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 313، التأريخ الكبير 7- 13، المعرفة و التاريخ 1- 550، تاريخ اليعقوبي 3- 168، الجرح و التعديل 6- 384، الثقات لابن حبّان 5- 263، حلية الاولياء 4- 240، تهذيب الاسماء و اللغات 2- 41، تهذيب الكمال 22- 453، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 101 120) ص 437 و (سنة 191 200) ص 328، سير أعلام النبلاء 5- 103، تهذيب التهذيب 8- 171، تقريب التهذيب 2- 90، شذرات الذهب 1- 140.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 485

حدّث عنه: أخوهُ حمزة، و مالك بن مِغوَل، و محمد بن عجلان، و قتادة، و آخرون.

و

كان فقيهاً، قارئاً، و كان يقول بالارجاء ثم رجع عنه فيما قيل.

و خرج مع ابن الاشعث، ثم هرب إلي نصيبين، فأمّنه محمد بن مروان، و ألزمه ابنه مروان الذي ولي الامر فيما بعد ثم تركه و لزم عمر بن عبد العزيز، فكانت له منه مكانة، و طال مقام جرير الشاعر بباب عمر، فقال لعون:

يا أيها القاريَ المُرخي عمامَتَهُ هذا زمانك إني قد مضي زَمَني

أبلغ خليفَتنا إن كنت لاقيه أنّي لدي الباب كالمصفود في قَرَنِ

و من كلام عون: ذاكر اللّه في الغافلين، كالمقاتل عن الفارّين، و الغافل في الذاكرين كالفارّ عن المقاتلين.

و قال: إنّ من أعظم الخير أن تري ما أُوتيت من الإسلام عظيماً، عند ما زُوي عنك من الدنيا.

و قال: لا أحسب الرجل ينظر في عيوب الناس إلّا من غفلة قد غفلها عن نفسه «1».

و جاء في «حلية الاولياء» انّه قال لابنه: يا بُنيّ كن ممن نأيُه عمن نأي عنه يقين و نزاهة، و دنوُّه ممن دنا منه لين و رحمة، ليس نأيه بكبر و عظمة و لا دنوه خداع و خلابة.. و الخير منه مأمول، و الشر منه مأمون، إن كان مع الغافلين كُتب في الذاكرين و إن كان مع الذاكرين لم يكتب من الغافلين.. إن زُكّيَ خاف ما يقولون، و استغفر لما لا يعلمون، يقول أنا أعلم بي من غيري، و ربّي أعلم بي من نفسي.. مجالس الذكر مع الفقراء أحب إليه من مجالس اللهو مع الاغنياء.. يحب

______________________________

(1) ورد هذا المعني عن الامام علي.

قال- عليه السّلام-: من نظر في عيب نفسه اشتغل عن عيْب غيره.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 486

الصالحين فلا يعمل أعمالهم، و يبغض المسيئين و هو أحدهم.. يقول

في الدنيا قول الزاهدين، و يعمل فيها عمل الراغبين.. يخشي الخلق في ربّه، و لا يخشي الربّ في خلقه.. فهو للقول مُدلّ، و يستصعب عليه العمل..

أقول: جلُّ ما جاء في هذه الوصية المرويّة عن عون، إنّما ورد عن الامام علي- عليه السّلام- في كلام له مشهور، و قد نُقلت فيها نصوص كلام الامام بألفاظها تارة، أو بألفاظ قريبة جداً منها تارة أُخري.

و لعلّ هذا الفقيه وصّي ابنه بما حفظه من كلام الامام- عليه السّلام-، فحسبه الرواة من كلامه هو، و اللّه العالم.

و فيما يلي ننقل بعض ما جاء في كلام عليّ- عليه السّلام- من خطبة له- عليه السّلام- في وصف المتقين: «أمّا بعد فإنّ اللّه سبحانه خلق الخلق حين خَلَقهم غنيّاً عن طاعتهم، آمناً من معصيتهم.. فالمتقون فيها هم أهل الفضائل، منطقهم الصواب، و ملبسهم الاقتصاد، و مشيهم التواضع إن زُكّيَ أحدهم خاف مما يُقال له فيقول: أنا أعلم بنفسي من غيري، و ربّي أعلم بي من نفسي، اللّهمّ لا تؤاخذني بما يقولون، و اجعلني أفضل مما يظنّون، و اغفر لي ما لا يعلمون.

فمن علامة أحدهم أنّك تري له قوة في دين، و حزماً في لين، و إيماناً في يقين.. الخير منه مأمول و الشر منه مأمون.. بُعده عمن تباعد عنه زهد و نزاهة، و دنوّه ممن دنا منه لين و رحمة، ليس تباعده بكبر و عظمة، و لا دنوّه بمكر و خديعة ««1».

و قال- عليه السّلام- لرجل سأله أن يعظه: «لا تكن ممن يرجو الآخرة بغير

______________________________

(1) شرح نهج البلاغة لمحمد عبده ج 1- 395.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 487

العمل، و يُرجّي التوبة بطول الامل، يقول في الدنيا بقول الزاهدين، و يعمل فيها بعمل الراغبين.

يصف

العبرة و لا يعتبر، و يبالغ في الموعظة و لا يتّعظ، فهو بالقول مُدلّ، و من العمل مقلّ..

اللغو مع الاغنياء أحبُّ إليه من الذكر مع الفقراء.. و يخشي الخلق في غير ربّه و لا يخشي ربّه في خلقه ««1» توفي عون- سنة بضع عشرة و مائة.

233 القاسم بن عبد الرحمن «2»

(..- 116 ه) ابن عبد اللّه بن مسعود الهُذلي، أبو عبد الرحمن الكوفي.

حدّث عن: أبيه، و جابر بن سمرة، و مسروق بن الاجدع، و غيرهم.

و أرسل عن جدّه عبد اللّه، و عن أبي ذر الغفاري.

حدّث عنه: أشعث بن سوّار، و جابر الجُعفي، و سليمان الاعمش، و أبو إسحاق السبيعي، و مِسعَر بن كِدام، و عدّة.

______________________________

(1) المصدر نفسه: ج 2- 174، قال الشيخ محمد عبدة في تفسير (و يخشي الخلق..): أي يخشي الخلق فيعمل لغير اللّه خوفاً منه، و لكنه لا يخاف اللّه فيضرّ عباده و لا ينفع خلقه.

(2) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 303، التأريخ الكبير 7- 158 برقم 710، المعرفة و التاريخ 2- 584، الكني و الأَسماء للدولابي 2- 68، الجرح و التعديل 7- 112 برقم 647، مشاهير علماء الامصار 171 برقم 803، الاحكام في أصول الاحكام 2- 93، تهذيب الاسماء و اللغات 2- 54 برقم 60، تهذيب الكمال 23- 379 برقم 4799، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 116) 448، سير أعلام النبلاء 5- 195، ميزان الاعتدال 3- 374، تهذيب التهذيب 8- 321، تقريب التهذيب 2- 118.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 488

و كان كثير الحديث، فقيهاً، و قد ولي قضاء الكوفة، و كان لا يأخذ علي القضاء و الفتيا أجراً.

قال مُحارب بن دثار: صحبنا القاسم بن عبد الرحمن إلي بيت المقدس ففضلَنا بثلاث: بكثرة الصلاة، و طول الصمت، و

سخاء النفس.

توفي- سنة ست عشرة و مائة.

234 القاسم بن محمد بن أبي بكر «1»

(37- 108،- 107 ه) ابن أبي قحافة القُرَشي التَّيمي، أبو محمد، و يقال: أبو عبد الرحمن المدني.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 5- 187، التأريخ الكبير 7- 44، المعرفة و التاريخ 1- 545، الجرح و التعديل 7- 118 برقم 675، الثقات لابن حبّان 5- 302، مشاهير علماء الامصار ص 105 برقم 427، حلية الاولياء 2- 183، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 132 برقم 171، الخلاف للطوسي 1- 119 و 219) طبع جماعة المدرسين)، رجال الطوسي ص 133 و 100 برقم 2، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 59، المنتظم 7- 123، وفيات الاعيان 4- 59، تهذيب الاسماء و اللغات 2- 55، تهذيب الكمال 23- 427، تذكرة الحفاظ 1- 96، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 107) ص 217، العبر 1- 100، سير أعلام النبلاء 5- 53، دول الإسلام 1- 52، مرآة الجنان 1- 228، البداية و النهاية 9- 260، النجوم الزاهرة 1- 271، تهذيب التهذيب 8- 333، تقريب التهذيب 2- 120، مجمع الرجال للقهبائي 5- 49، شذرات الذهب 1- 135، جامع الرواة 2- 19،، تنقيح المقال 2- 23 برقم 9597، أعيان الشيعة: 8- 446، الاعلام 5- 181، معجم رجال الحديث 14- 45.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 489

ولد في خلافة الامام علي- عليه السّلام، و قُتل أبوه و بقي القاسم في حجر عائشة.

و كان أبوه محمد قد نشأ في حجر الامام علي (و كان قد تزوج أُمّه أسماء بنت عُميس بعد وفاة أبيه).

و ولّاه علي- عليه السّلام إمارة مصر، فبعث معاوية عمرو بن العاص بجيش من أهل الشام إلي مصر، فدخلها بعد معارك شديدة، و قُتل محمد و أُحرق.

و ذلك في- سنة (38

ه («1» روي القاسم عن: عائشة، و ابن عباس، و ابن عمر، و عبد اللّه بن خباب و طائفة.

روي عنه: ابنه عبد الرحمن، و الشعبي، و الزهري، و أبو بكر بن حزم، و آخرون.

و كان أحد فقهاء المدينة، و عدّ من أصحاب السجاد- عليه السّلام، و من أصحاب الباقر- عليه السّلام.

و هو جدّ الامام جعفر الصادق- عليه السّلام لُامّه أُمّ فروة، و أُمّها أسماء، و قيل قريبة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر.

قال مالك: كان القاسم قليل الحديث، قليل الفُتيا.

و قال ابن سعد: كان كثير الحديث، قيل: فلعل المراد بقلة الحديث قلة الكلام.

و نقل عنه الشيخ الطوسي في كتاب «الخلاف» فتويين.

روي عبد الرزاق الصنعاني بسنده عن القاسم بن محمد أنّه أمر أصحابه من الضحك بإعادة الصلاة و لا يعيد الوضوء «2»

______________________________

(1) راجع تاريخ الطبري: ج 4 حوادث سنة (38 ه).

قال عليّ- عليه السّلام- لما بلغه قتل محمد بن أبي بكر: إنّ حزننا عليه علي قدر سرورهم به، إلّا أنّهم نقصوا بغيضاً و نقصنا حبيباً.

شرح نهج البلاغة لمحمد عبده ج 2- 213.

(2) المصنّف: 2- 377 برقم 3769.

و روي بسند آخر عنه أنّه رأي رجلًا يضحك فأمره أن يعيد الصلاة.

الحديث 3768.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 490

و من كلام القاسم: لَان يعيش الرجل جاهلًا بعد أن يعرفَ حقّ اللّه عليه خيرٌ له من أن يقول ما لا يعلم.

و قال: قد جعل اللّه في الصَّديق البارّ المُقبل عوضاً من ذي الرَّحِم العاقّ المُدبر.

توفي بقُديد (بين مكة و المدينة) حاجاً أو معتمراً في- سنة ثمان و مائة، و قيل: سبع و قيل غير ذلك.

و كان ذهب بصره في أواخر أيامه.

235 قَبيصة بن جابر «1»

(..- 69 ه) ابن وهب بن مالك الاسدي، أبو

العلاء الكوفي.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 145، الطبقات لخليفة 238 برقم 989، تاريخ خليفة 206، المحبر ص 235 و 379، التأريخ الكبير 7- 175 برقم 785) ج 4 ق 1)، المعرفة و التاريخ 3- 403، تاريخ اليعقوبي 3- 28) فقهاء أيام عبد الملك بن مروان)، الكني و الأَسماء للدولابي 2- 49، الجرح و التعديل 7- 145 برقم 714) ق 2 ج 3)، الثقات لابن حبّان 5- 318، مشاهير علماء الامصار 171 برقم 800، أسد الغابة 4- 191، تهذيب الاسماء و اللغات 2- 55 برقم 63، تهذيب الكمال 23- 472 برقم 4840، تاريخ الإسلام 66 و في ص 208 برقم 84) حوادث 61 80)، العبر 1- 57، تهذيب التهذيب 8- 344 برقم 626، تقريب التهذيب 2- 122 برقم 72، تنقيح المقال 2- 27) في ضمن ترجمة قبيصة بن المخارق)، أعيان الشيعة 8- 448، معجم رجال الحديث 14- 72.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 491

روي عن: ابن مسعود، و علي- عليه السّلام، و عمر، و عبد الرحمن بن عوف، و غيرهم.

روي عنه: عبد الملك بن عمير، و العريان بن الهيثم، و الشعبي.

و شهد خطبة عمر بالجابية، و كان من فقهاء أهل الكوفة، و يُعدُّ من الفصحاء، و شهد مع الامام علي- عليه السّلام معركتي الجمل وصفين.

روي أنّه تقدّم برايته في أحد أيام صفين و هو يقول:

قد حافظت في حربها بنو أسد ما مثلُها تحت العجاج من أَحدْ

أقرب من يُمن و أنأي من نكد كأننا ركن ثَبيرٍ أو أُحد

لسنا بأوباش و لا بيض البلد «1» لكننا المُحَّةُ من وُلد مَعد

كنت ترانا في العجاج كالاسد يا ليت روحي قد نأي عن الجسد

فقاتل القوم فظفر،

ثم أتي علياً فقال: يا أمير المؤمنين إنّ استهانة النفوس في الحرب أبقي لها، و القتل خير لها في الآخرة.

توفي قبيصة- سنة تسع و ستين، و قيل غير ذلك.

______________________________

(1) بيضة البلد: مثل في الذلة و القلة، و هي بيضة النعام التي يتركها.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 492

236 قبيصة بن ذوَيب بن حلحلة «1»

(8- 86 ه) الخزاعي، أبو سعيد، و يقال: أبو إسحاق المدنيّ.

ولد عام الفتح، و سكن الشام.

أرسل عن أبي بكر، و روي عن عمر و يقال مرسل، و عن بلال، و عثمان، و زيد ابن ثابت، و محمد بن مسلمة، و طائفة.

روي عنه: ابنه إسحاق، و مكحول، و أبو الشعثاء جابر بن زيد، و الزهري، و آخرون.

و كان علي الختم و البريد لعبد الملك بن مروان.

و عدّه أبو الزناد في الفقهاء.

روي عنه أنّه سمع أبا هريرة يقول: نهي رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- ان يجمع الرجل بين المرأة و عمتها و بين المرأة و خالتها.

توفّي- سنة ست و ثمانين و قيل غير ذلك.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 5- 176 و 7- 447، الطبقات لخليفة 565 برقم 2916، تاريخ خليفة 232، التأريخ الكبير 7- 174، المعارف 254، المعرفة و التاريخ 1- 404 و 557، الكني و الأَسماء للدولابي 187، الجرح و التعديل 7- 125، مشاهير علماء الامصار 106 برقم 433، الثقات لابن حبّان 5- 317، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 221 برقم 362، السنن الكبري 8- 314 و 7- 165 و 166، الإستيعاب 3- 245، طبقات الفقهاء للشيرازي 62، أسد الغابة 4- 191، تهذيب الاسماء و اللغات 2- 56، تهذيب الكمال 23- 477، تذكرة الحفاظ 1- 60، العبر 1- 75، سير أعلام النبلاء 4- 282،

تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 86) 170، البداية و النهاية 8- 316، النجوم الزاهرة 1- 214، الاصابة 3- 254، تهذيب التهذيب 8- 346، تقريب التهذيب 2- 122، طبقات الحفاظ 28، شذرات الذهب 1- 97، تنقيح المقال 2- 27) في ضمن ترجمة قبيصة بن مخارق)، معجم رجال الحديث 14- 72.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 493

237 قَتادة بن دِعامة «1»

(60- 117 ه) أبو الخطاب السَّدوسي، البصري، الاكمه.

مولده في سنة ستين.

روي عن: أنس بن مالك و عبد اللّه بن سَرْجِس، و أبي الطفيل، و زُرارة بن أوفي، و عكرمة، و الحسن البصري، و خالد بن عُرفطة، و صفية بنت شيبة، و مُعاذة العدوية، و قيل لم يسمع منها، و خلق كثير.

روي عنه: أيوب السختياني، و ابن أبي عروبة، و الاوزاعي، و مِسْعَر بن كِدام، و شعبة، و أبان العطار، و الصّعق بن حزن، و شهاب بن خراش، و آخرون.

و كان فقيهاً محدثا مفسرا، و كان رأسا في العربية و أيام العرب و أنسابها.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 7- 229، التأريخ الكبير للبخاري 7- 185، المعارف 262، المعرفة و التاريخ 2- 277، الجرح و التعديل 7- 133، مشاهير علماء الامصار 154 برقم 2، 7، الثقات لابن حبّان 5- 321، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 176 برقم 261، الخلاف للطوسي، 1- 95 (طبع جماعة المدرسين)، طبقات الفقهاء للشيرازي، ص 89، معجم الأدباء 17- 9، اللباب 2- 109، وفيات الأعيان 4- 85، تهذيب الكمال 23- 453، سير أعلام النبلاء 5- 269، العبر للذهبي (سنة 117) ص 453، تذكرة الحفاظ 1- 122، دول الإسلام 1- 56، البداية و النهاية 1- 325، النجوم الزاهرة 1- 276، تهذيب التهذيب 8- 351، تقريب التهذيب 2- 123، طبقات الحفاظ

ص 54، طبقات المفسرين 2- 47، شذرات الذهب 1- 153، الاعلام 5- 189، معجم رجال الحديث 14- 72 برقم 9590، قاموس الرجال 7- 381.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 494

قال أبو عبيدة: ما كنّا نفقد في كل يوم راكباً من ناحية بني أُمية ينيخ علي باب قتادة فيسأله عن خبر أو نسب أو شعر، و كان قتادة أجمع الناس.

عن قتادة، قال: ما أفتيتُ برأي منذ ثلاثين سنة.

نقل عنه الشيخ الطوسي في كتاب «الخلاف» أربع عشرة فتوي.

روي عبد الرزاق الصنعاني عن معمر عن قتادة في رجل سرق و شرب ثم قَتل، تُقام عليه الحدود ثم يُقتل «1» و روي أيضاً عن معمر عن قتادة و عطاء الخراساني و الكلبي قالوا في هذه الآية: " إِنَّمٰا جَزٰاءُ الَّذِينَ يُحٰارِبُونَ اللّٰهَ وَ رَسُولَهُ" «2» قالوا: هذه في اللّص الذي يقطع الطريق، فهو محارب، فإن قَتل و أَخذ مالًا صُلب، و إنْ قتل و لم يأخذ مالًا قُتل، و إن أخذ مالًا و لم يقتل قُطعت يده و رجله، فإن أُخذ قبل أن يفعل شيئاً من ذلك نُفي «3» و من كلام قتادة: تكرير الحديث في المجلس يُذهب نوره، و ما قلتُ لَاحد قط: أعِدْ عليَّ.

و قال: إنّ الرجل ليشبع من الكلام كما يشبع من الطعام.

و في قوله تعالي: " إِنَّمٰا يَخْشَي اللّٰهَ مِنْ عِبٰادِهِ الْعُلَمٰاءُ" «4» قال قتادة: كفي بالرهبة علماً، اجتنبوا نقض الميثاق، فانّ اللّه قدّم فيه و أوعد، و ذكره في آيٍ من القرآن تقدمةً و نصيحة و حجة، إياكم و التكلّف و التنطّع و الغلوَّ و الاعجاب بالانفس، تواضعوا للّٰه، لعل اللّه يرفعكم.

توفي بواسط- سنة سبع عشرة و مائة، و قيل: - ثماني عشرة.

______________________________

(1) المصنّف: 10-

20 برقم 18224.

(2) المائدة: 33.

(3) المصدر نفسه: 108 برقم 18542.

(4) فاطر: 28.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 495

238 قيس بن أبي حازم «1»

(..- 97،- 98 ه) أبو عبد اللّه البَجَلي الاحمسيّ الكوفي.

و اسم أبي حازم حُصين بن عوف، و قيل: عبد عوف بن الحارث.

أدرك الجاهلية و رحل إلي النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ليبايعه فوجده قد قُبض، و قد نزل الكوفة، و شهد حرب الخوارج بالنهروان مع الامام علي (عليه السّلام).

روي عن: حذيفة، و ابن مسعود، و أبي بكر، و علي- عليه السّلام، و عمر، و عثمان، و خبّاب بن الأرت، و عديّ بن عُميرة، و خلقٍ.

روي عنه: أبو إسحاق السبيعي، و بيان بن بشر، و إسماعيل بن أبي خالد، و سليمان الاعمش، و الحكم بن عُتيبة، و المسيّب بن رافع، و آخرون.

قال ابن عيينة: ما كان بالكوفة أحد أروي عن الصحابة منه.

قال إسماعيل بن أبي خالد: سمعت قيس بن أبي حازم.

قال: قال عمار بن

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 67، التأريخ الكبير 7- 145، الجرح و التعديل 7- 102، اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي) ص 33، مشاهير علماء الامصار ص 164 برقم 756، الثقات لابن حبّان 5- 307، تاريخ بغداد 12- 452، أسد الغابة 4- 211، تهذيب الاسماء و اللغات 2- 61، تهذيب الكمال 24- 10، ميزان الاعتدال 3- 393، تذكرة الحفّاظ 1- 61، العبر للذهبي 1- 86، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 97) ص 457، سير أعلام النبلاء 4- 198، دول الإسلام 1- 45، الاصابة 3- 255، النجوم الزاهرة 1- 241، تهذيب التهذيب 8- 386، تقريب التهذيب 2- 127، طبقات الحفاظ ص 29 برقم 47، شذرات الذهب 1- 112، تنقيح المقال 2- 30 برقم 9705.

موسوعة طبقات

الفقهاء، ج 1، ص: 496

ياسر: ادفنوني في ثيابي، فإنّي مخاصم «1» روي عبد الرزاق الصنعاني بسنده عن قيس أنّه كان يرفع يديه في التكبيرات كلّهن «2» توفّي- سنة سبع و تسعين، و قيل: ثمان.

239 كثير بن العباس «3»

(10- قبل 86 ه) ابن عبد المطلب بن هاشم، أبو تمام المدني، ابن عمّ رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

مولده قبل وفاة النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بأشهر.

روي عن: أبيه، و أخيه عبد اللّه، و أبي بكر، و الحجاج بن عمرو بن غزية، و عمر، و عثمان.

روي عنه: الزهري، و أبو الاصبغ السلمي، و الاعرج.

و كان فقيهاً فاضلًا لا عقب له.

مات بالمدينة في أيام عبد الملك بن مروان.

______________________________

(1) و ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء: 1- 426، و رواه ابن سعد في طبقاته: 3- 262 من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن يحيي بن عابس.

(2) المصنّف: 3- 469 برقم 6359.

(3) الطبقات الكبري لابن سعد 4- 6، المحبر ص 56، التأريخ الكبير 7- 207، المعرفة و التاريخ 1- 361، الجرح و التعديل 7- 153، الثقات لابن حبّان 5- 329، معجم الطبراني الكبير 19- 188، جمهرة أنساب العرب ص 18 و 38، الإستيعاب (ذيل الاصابة (3- 299، أسد الغابة 4- 232، تهذيب الكمال 24- 131، سير أعلام النبلاء 3- 443، تهذيب التهذيب 8- 420، تقريب التهذيب 2- 132، الاصابة 3- 293، تنقيح المقال 2- 37.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 497

240 كعب بن سُور الازدي «1»

(..- 36 ه) قيل: أسلم علي عهد النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و لم يره.

روي عنه: يزيد بن عبد اللّه بن الشخير، و محمد بن سيرين، و أبو لبيد.

ولي قضاء البصرة لعمر بن الخطاب، ثم لعثمان.

و شهد وقعة الجمل مع عائشة، و كان خطام الجمل في يده و قد تقلد بالمصحف و الازد و بنو ضبّة قد أحاطوا بالجمل، فكان أوّل قتيل من القوم كعب بن سور بعد

أن قطعت يمينه التي كان فيها الخطام، فأخذه بشماله، و قُتل بعد ذلك.

و قال ابن أبي الحديد: و قُتل كعب بن سور قاضي البصرة، جاء سهم غَرْب فقتله و خِطام الجمل في يده، و قال: و من الرجز المشهور المقول يوم الجمل، قاله أهل البصرة:

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 7- 91، التأريخ الكبير 7- 223، المعارف 244، المعرفة و التاريخ 3- 389، الجرح و التعديل 7- 162، مشاهير علماء الامصار 162 برقم 744، الجمل و النصرة في حرب البصرة للمفيد 108، 209، الاحكام في أُصول الاحكام 2- 92، الإستيعاب (ذيل الاصابة (3- 285، المنتظم 5- 115، أُسد الغابة 4- 242، سير أعلام النبلاء 3- 524، تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء (533، الاصابة 3- 297، تنقيح المقال 2- 39 برقم 9892) ضمن ترجمة كعب اليماني).

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 498

يا أُمنا عائش لا تُراعي كل بنيك بطل المِصاعِ «1»

ينعي ابن عفان إليك الناعي كعب بن سور كاشف القناع

فارضيْ بنصر السيد المطاع و الازد فيها كرم الطباع «2»

رُوي انّه لما انجلت الحرب بالبصرة، خرج أمير المؤمنين عليّ (عليه السّلام) إلي القتلي يطوف عليهم، حتي وقف علي كعب بن سور و هو مجدّل بين القتلي و في عنقه المصحف، فقال: نحّوا المصحف و ضعوه في مواضع الطهارة، ثمّ قال: اجلسوا لي كعباً، و قال: يا كعب بن سور قد وجدت ما وعدني ربي حقاً، فهل وجدت ما وعدك ربك حقاً.

روي عبد الرزاق الصنعاني بسنده عن محمد بن سيرين قال: كان كعب بن سُور يُحلِّف أهل الكتاب، يضع علي رأسه الانجيل، ثم يأتي به إلي المذبح، فيُحلِّف باللّه «3»

241 كُمَيل بن زياد «4»

(12- 82 ه) ابن نهيك بن

الهيثم النَّخعي، الكوفي، صاحب أمير المؤمنين- عليه السّلام-.

______________________________

(1) المصاع: الجلاد و الضراب.

(2) شرح نهج البلاغة: ج 1- 255، من أخبار يوم الجمل أيضاً.

(3) المصنّف: 6- 130 برقم 10235.

(4) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 179، تاريخ خليفة 222، الطبقات لخليفة 249 برقم 1058، التأريخ الكبير 7- 243 برقم 1036، المعرفة و التاريخ 2- 481، رجال البرقي 6، الجرح و التعديل 7- 174 برقم 995، المجروحين لابن حبان 2- 221، الثقات لابن حبان 5- 341، حلية الاولياء 1- 79، رجال الطوسي 56 برقم 6 و 69 برقم 1، تهذيب الكمال 24- 218 برقم 4996، تاريخ الإسلام (حوادث 81 100 ه (176 برقم 133، ميزان الاعتدال 3- 415 برقم 6978، البداية و النهاية 9- 50، الاصابة 3- 300 برقم 7503، نقد الرجال 277، مجمع الرجال 5- 75، جامع الرواة 2- 31، بهجة الآمال 6- 128، تنقيح المقال 2- 42 برقم 9938) ملحقات)، معجم رجال الحديث 14- 128 برقم 9753.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 499

روي عن: علي- عليه السّلام، و عبد اللّه بن مسعود، و عمر، و أبي مسعود الانصاري، و غيرهم.

روي عنه: سليمان الاعمش، و العباس بن ذريح، و عبد اللّه بن يزيد الصُّهباني، و عبد الرحمن بن جندب الفزاري، و أبو إسحاق السَّبيعي، و آخرون.

و كان من رؤَساء الشيعة، و ثقاتهم، و عبّادهم.

وثّقه: ابن معين، و العجلي، و ابن عمار، و ابن حجر، و ذكره ابن حبان في «الثقات».

قال ابن سعد: و كان شريفاً مطاعاً في قومه.. و كان ثقة، قليل الحديث «1» و كان كميل من أصحاب الامام علي- عليه السّلام و شيعته و خاصته.

شهد معه وقعة صفين، و كان عامله علي هيت، كما عُدّ من

أصحاب الامام الحسين (عليه السّلام).

و هو أحد المنفيّين من أهل الكوفة إلي دمشق، حيث شكاهم سعيد بن العاص والي الكوفة إلي عثمان لِانكارهم عليه قوله: (انّما هذا السواد بستان لقريش («2»، و طعنهم عليه و علي عثمان في أُمور وصفها ابن حجر بالامور

______________________________

(1) كذا نقل المزي في «تهذيب الكمال» و الذهبي في «تاريخ الإسلام» عن ابن سعد، و لكن ليس في المطبوع من الطبقات عبارة: «و كان ثقة قليل الحديث».

(2) تاريخ الطبري: 3- 365 ذكر تسيير من سُيّر من أهل الكوفة إليها (سنة 33 ه).

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 500

الاجتهادية التي لا يُعترض فيها علي الخليفة «1» و هي في واقعها اجتهادات «2» مخالفة للنصوص، مناقضة للشريعة، فأمر عثمان بتسييرهم إلي الشام.

وقد وُصف هؤلاء المنفيّون «3» بأنّهم: قرّاء المصر، و زعماؤه، و نسّاكه، و فقهاؤه، و هم القدوة في التقوي و النسك، و بهم الأُسوة في الفقه و الاخلاق «4» و شهد كميل بن زياد وقعة الجماجم، و كان رجلًا ركيناً «5» في إحدي كتائبها المعروفة بكتيبة القرّاء، التي صمدت لحملات ثلاث كتائب عبّأها الحجّاج لها.

و لما انتهت المعركة بهزيمة ابن الاشعث، دعا الحجاج الثقفي بكميل بن زياد، و جري بينهما كلام، ثم قال كميل: أيها الرجل من ثقيف لا تصرف عليّ أنيابك، و لا تكشر عليّ كالذئب، و اللّه ما بقي من عمري إلّا ظم ء الحمار، اقض ما أنت قاض، فإنّ الموعد اللّه و بعد القتل الحساب، [و لقد خبّرني أمير المؤمنين- عليه السّلام أنّك قاتلي].

فقال الحجّاج: فإنّ الحجة عليك.

قال: ذلك إذا كان القضاء إليك.

فأمر به فقُتل، و كان خصيصاً بأمير المؤمنين «6» - عليه السّلام.

______________________________

(1) الصواعق المحرقة: 113.

(2) منها: إتمامه الصلاة بمني لما

حجّ بالناس، و نفي أبي ذر إلي الربذة، و حبس عطاء ابن مسعود، و ضرب عمار بن ياسر، و ردّ الحكم للمدينة و كان النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- نفاه عنها، و إعطاء مروان بن الحكم خمس إفريقية إلي غير ذلك مما ذكره المؤرخون و المحدثون و نقلنا بعضه في ترجمتنا لعثمان.

(3) منهم: زيد بن صوحان العبدي، و صعصعة بن صوحان، و مالك الأَشتر، و عروة بن الجعد البارقي، و جندب بن زهير الغامدي، و ثابت بن قيس النخعي.

انظر تاريخ الطبري، و الكامل لابن الاثير في ذكرهما لهذه الحادثة.

(4) انظر الغدير للعلّامة الاميني: 9- 37.

(5) الكامل لابن الاثير: 4- 472، ذكر وقعة الجماجم.

(6) المصدر السابق: 4- 481، و ما بين القوسين نقلناه من «الإرشاد» للشيخ المفيد: فصل في كيفية قتل كميل بن زياد، و انّما أدرجناه لوروده في رواية جرير عن المغيرة، و لملائمته للسياق.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 501

قال كميل: أخذ بيدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب- عليه السّلام، فأخرجني إلي الجبّان «1»، فلما أصحر تنفّس الصعداء، ثم قال: يا كميل إنّ هذه القلوب أوعية، فخيرها أوعاها، فاحفظ عنّي ما أقول لك: الناس ثلاثة: فعالم رَبّاني، و متعلّم علي سبيل نجاة، و هَمَج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، و لم يلجئوا إلي ركن وثيق..

يا كميل هلك خزّان الاموال و هم أحياء، و العلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، و أمثالهم في القلوب موجودة،ها إنّ هاهنا لعلماً جمّاً و أشار بيده إلي صدره لو أصبتُ له حَمَلة، بلي أصبت لَقِناً غير مأمون عليه، مستعملًا آلة الدين للدنيا، و مستظهراً بنعم اللّه علي عباده،

و بحججه علي أوليائه، أو منقاداً لحَمَلَة الحقّ، لا بصيرة له في أحنائه، ينقدح الشّكّ في قلبه لَاوّل عارض من شبهة، ألا لا ذا و لا ذاك، أو منهوماً بلذة سلس القياد للشهوة، أو مُغرماً بالجمع و الادّخار، ليسا من رُعاة الدين في شي ء، أقرب شي ء شبهاً بهما الانعام السائمة، كذلك يموت العلم بموت حامليه، بلي لا تخلو الارض من قائم للّٰه بحجة: إمّا ظاهراً مشهوراً، أو خائفاً مغموراً، لئلا تبطل حجج اللّه و بيّناته، و كم ذا و أين أُولئك؟ أُولئك الاقلّون عدداً، الاعظمون عند اللّه قدراً «2».. روي ابن طاوس (المتوفي 664 أو 668 ه) الدعاء المعروف بدعاء كميل، و هو دعاء طويل، سمعه كميل من أمير المؤمنين- عليه السّلام، و أوّله: اللّهمّ إنّي أسألك برحمتك التي وسعت كل شي ء، و بقوّتك التي قهرتَ بها كلّ شي ء، و خضع لها كلُّ شي ء..

______________________________

(1) الجبّان، كالجبّانة: المقبرة.

(2) شرح نهج البلاغة لمحمد عبده: 3- 186، حلية الاولياء: 1- 79، وصيته- عليه السّلام- لكميل، و ذكر ابن قتيبة مقطعين من هذه الوصية في عيون الاخبار: 2- 120، 355.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 502

و منه: إلهي و سيدي و مولاي أ تراكَ مُعذِّبي بنارك بعد توحيدك، و بعد ما انطوي عليه قلبي من معرفتك، و لَهِجَ به لساني من ذكرك، و اعتقده ضميري من حبّك.. يا سيدي يا مَن عليه مُعَوّلي: يا مَن شكوتُ إليه أحوالي، يا ربِّ يا ربِّ يا ربِّ، قوِّ علي خدمتك جوارحي، و اشدد علي العزيمة جوانحي، و هب لي الجِدّ في خشيتك، و الدّوامَ في الاتصال بخدمتك.. «1» استشهد كميل بن زياد في- سنة اثنتين و ثمانين، و قيل غير ذلك.

قال ابن أبي

الحديد: قتله الحجّاج علي المذهب فيمن قتل من الشيعة «2»

242 لاحق بن حُمَيد «3»

(..- 110،- 106 ه) السَّدوسيّ، أبو مِجلَز البصريّ.

______________________________

(1) إقبال الاعمال: 706.

وقد شرح السيد عز الدين بحر العلوم هذا الدعاء في كتابه «أضواء علي دعاء كميل».

(2) شرح نهج البلاغة: 17- 149.

(3) الطبقات الكبري لابن سعد 7- 216، التأريخ الكبير 8- 258، المعرفة و التاريخ 1- 445، المعارف 1- 264، مشاهير علماء الامصار ص 147 برقم 661، الثقات لابن حبّان 5- 518، حلية الاولياء 3- 112، الخلاف للطوسي 1- 108) طبع جماعة المدرسين)، تهذيب الكمال 34- 255، دول الإسلام 1- 52، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 106) ص 299، العبر 1- 99، تهذيب التهذيب 12- 222، تقريب التهذيب 2- 340، شذرات الذهب 1- 134.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 503

سمع: ابن عباس، و أنس بن مالك، و الحسن بن علي- عليهما السّلام، و ابن عمر، و غيرهم.

روي عنه: سليمان التيمي، و قتادة، و ابنه رُديني بن أبي مجلز، و آخرون.

كان أحد علماء البصرة، و له أحاديث، و كان ينزل خراسان و عقبه بها، و كان عمر بن عبد العزيز بعث إليه فأشخصه ليسأله عنها.

و كان أبو مجلز عاملًا علي بيت المال و علي ضرب السكة.

روي أبو نعيم الأَصفهاني أنّ رجلًا قال لَابي مجلز و هم يتذاكرون الفقه و السنّة: لو قرأت سورة أو قرأتم سورة فقال: ما أري أنّ قراءة السورة أفضل ممّا نحن فيه.

و عن الرديني، قال: كان أبي يقول: إنّ أكيس المؤمنين أشدهم حذراً.

توفّي أبو مجلز بالكوفة- سنة عشر و مائة.

و قيل: ست، و قيل: - تسع و مائة.

و له في «الخلاف» ثلاثة موارد في الفتاوي، منها: ما روي عنه أنّه قال: لا ينتقض الوضوء بالنوم

بحال، إلّا أن يتيقّن خروج حدث «1»

______________________________

(1) ذهب فقهاء الامامية إلي أنّ النوم الغالب علي السمع و البصر المزيل للعقل، ينقض الوضوء سواء كان قائماً أو قاعداً أو مستنداً أو مضطجعاً، و علي كل حال.

و به قال المزني.

و قال الشافعي: إذا نام مضطجعاً، أو مستلقياً، أو مستنداً، انتقض الوضوء.

انظر «الخلاف «1- 107 لمعرفة أقوال باقي الفقهاء.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 504

243 مالك بن أوس «1»

(..- 92 ه) ابن الحدَثان، الفقيه أبو سعيد، و يقال: أبو سعد النَّصْري، الحجازي المدني، أدرك حياة النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و روي عنه مرسلًا.

عُدّ من تابعي أهل المدينة، قيل: و من زعم أنّ له صحبة فقد وهم.

روي عن: علي- عليه السّلام، و أبي ذر، و عمر، و العباس، و عبد الرحمن بن عوف، و آخرين.

روي عنه: عكرمة بن خالد، و محمد بن المنكدر، و الزهري، و سلمة بن وردان، و آخرون.

و شهد الجابية و فتح بيت المقدس مع عمر، و كان مذكوراً بالبلاغة و الفصاحة.

توفّي بالمدينة- سنة اثنتين و تسعين، و قيل: احدي و تسعين.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 5- 56، الطبقات لخليفة 412 برقم 2020، تاريخ خليفة 74، التأريخ الكبير 7- 305، المعرفة و التاريخ 1- 397، الجرح و التعديل 8- 203، الإستيعاب (ذيل الاصابة (3- 362، أسد الغابة 4- 272، تهذيب الاسماء و اللغات 2- 79، العبر للذهبي 1- 79، سير أعلام النبلاء 4- 171، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 92) ص 464، تذكرة الحفاظ 1- 68، الاصابة 3- 319، النجوم الزاهرة 1- 190، تهذيب التهذيب 10- 10، تقريب التهذيب 2- 223، طبقات الحفّاظ 33 برقم 59، شذرات الذهب 1- 99.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 505

244 مالك الأَشتر «1»

(..- 39،- 38)

مالك بن الحارث بن عبد يغوث النَّخعي، التابعي الكبير أبو إبراهيم الكوفي، المعروف بالاشتر، كما يُعرف بكبش العراق.

ولد قبل الإسلام، و عاصر النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و لكنّه لم يره و لم يسمع حديثه.

و كان فارساً شجاعاً رئيساً، من أكابر الشيعة و عظمائها، شديد التحقّق بولاء أمير المؤمنين- عليه السّلام و نصره.

شهد اليرموك و نزل الكوفة، و

سيّره عثمان مع جماعة من قراء أهل الكوفة إلي دمشق لإنكارهم علي سعيد بن العاص والي الكوفة.

و شهد الأشتر حصر عثمان.

و كان من خواص الإمام علي ع و أخلص المنتجبين من أصحابه، و شهد

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 213، الطبقات لخليفة 249 برقم 1057، تاريخ خليفة 129، التأريخ الكبير للبخاري 7- 311 برقم 1325، رجال البرقي 6، الجرح و التعديل 8- 207 برقم 910، الثقات لابن حبان 5- 389، الإرشاد للمفيد 365، رجال الطوسي 58 برقم 5، الإستيعاب 1- 301، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 15- 98، رجال ابن داود 283 برقم 1232، رجال العلّامة الحلي 169 برقم 1، تهذيب الكمال 27- 126، سير أعلام النبلاء 4- 34 برقم 6، تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين (593، تهذيب التهذيب 10- 11، تقريب التهذيب 2- 224، الاصابة 3- 459، مجمع الرجال 5- 89، جامع الرواة 2- 37، بهجة الآمال 6- 207، تنقيح المقال 2- 48 برقم 10025، أعيان الشيعة 9- 38، الغدير 9- 31 برقم 43، معجم رجال الحديث 14- 161 برقم 9796، قاموس الرجال 7- 463، قائد القوات العلوية للشيخ عبد الواحد المظفري.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 506

أصحابه، و شهد معه وقعتي الجمل و صفين، و كان قائداً حربياً مظفراً، و تميز يوم صفين، و أشرف يومئذ علي معسكر معاوية ليدخله، و كاد أن يهزمَ معاوية، فحمل عليه جماعة من أصحاب الامام- عليه السّلام- الذين صاروا خوارج فيما بعد لما رأوا مصاحف أهل الشام قد رُفعت خديعة و مكيدة يدعون إلي كتاب اللّه، و ما أمكنه مخالفة أمير المؤمنين لما اضطرّ للتحكيم فكفّ.

و كان للَاشتر في العلم الحظ الاوفر و النصيب الاوفي فقهاً و

حديثاً، و كان شاعراً حماسياً مُجيداً، و خطيباً مِصقعاً، و لكن غطّي علي صفاته صفة البطولة و الشجاعة التي أدهشت العقول و حيّرت الافكار «1» قال ابن حجر: روي عن: عمر و علي و خالد بن الوليد و أبي و أُم ذر.

و عنه: ابنه إبراهيم و أبو حسان الاعرج و كنانة مولي صفية و عبد الرحمن بن يزيد و علقمة بن قيس و مخرمة بن ربيعة النخعيون، و عمرو بن غالب الهمداني.

و قال أيضاً: و قد وقع له ذكر ضمن أثر علّقه البخاري في صلاة الخوف، قال: قال الوليد: ذكرت للَاوزاعي صلاة شرحبيل بن السمط و أصحابه علي ظهر الدابة فقال كذلك الامر عندنا إذا تخوّف الفوت.

و هذا الاثر رواه عمرو بن أبي سلمة عن الاوزاعي، قال: قال شرحبيل بن السمط لَاصحابه: لا تصلّوا صلاة الصبح علي ظهر، فنزل الأَشتر فصلّي علي الارض، فأنكر عليه شرحبيل، و كان الاوزاعي يأخذ بهذا في طلب العدو. «2»

______________________________

(1) انظر «قائد القوات العلوية مالك الأَشتر النخعي» ص 3.

(2) تهذيب التهذيب 10- 12.

لقد اشتبه الامر علي شرحبيل فقد ذُكر أنّ صلاة الخوف لا تصلّي إلّا علي الارض، إنّما تصلي علي ظهر الدابة صلاة شدة الخوف و تعرف بصلاة المطاردة.

و ذلك إذا أحاط العدو بهم من جميع الجهات و اشتغل كل فرد بالدفاع عن نفسه تُصلّي حينئذ علي ظهر الدابة، إمّا إذا كان العدو في جهة أو جهتين و لم يكن مختلطاً بهم تصلّي علي الارض فرادي و تصحّ جماعة إذا قام بعضهم بحراسة بعض.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 507

و كان أمير المؤمنين- عليه السّلام حين رجع من صفّين ردّ الأَشتر إلي عمله بالجزيرة، فلما اضطربت مصر علي محمد بن

أبي بكر، استدعي (عليه السّلام) الأَشتر و كتب إليه كتاباً بولاية مصر «1» و كان الأَشتر سخياً حليماً، و كان صاحب دين، و كان علي جانب كبير من التقشّف و الزّهد.

قال ابن أبي الحديد: و قد روي المحدثون حديثاً يدل علي فضيلة عظيمة للَاشتر رحمه اللّه و هي شهادة قاطعة من النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بأنّه مؤمن، روي هذا الحديث أبو عمر بن عبد البر في كتاب «الإستيعاب ««2» و للِامام علي- عليه السّلام كلمات في الثناء عليه في حياته و بعد وفاته.

فمن كتاب له- عليه السّلام- إلي أميرين من أُمراء جيشه: و قد أمّرت عليكما و علي من في حيّزكما مالك بن الحارث الأَشتر، فاسمعا له و أطيعا و اجعلاه درعاً و مجناً، فإنّه ممن لا يخاف وهنُه و لا سقطته، و لا بطوَه عمّا الاسراع إليه أحزم، و لا إسراعه إلي ما البطءُ عنه أمثل.

و من كتاب له- عليه السّلام- كتبه إلي أهل مصر لما ولّي عليهم الأَشتر:

______________________________

(1) قال عبد الواحد المظفري: إنّ أمير المؤمنين- عليه السّلام- لم يبعث مع الأَشتر قاضياً و لا مفتياً و لا رجلًا ادارياً و لا شخصاً سياسياً فعلمنا أنّه ولّاه كل هذه المناصب و رآه أهلًا لها.. و إلّا فقد كانت الخلفاء قبله تولي الفتيا من غير من تولّيه الحرب و تولّي القضاء غير من تولّي الجباية، فهذا عمر بن الخطاب ولي عمار بن ياسر علي الحرب و عبد اللّه بن مسعود علي الصلاة، و سلمان بن ربيعة الباهلي علي القضاء و قرظة بن كعب الانصاري علي الجباية، و عثمان بن حنيف علي المساحة.

قائد القوات العلوية: ص 5.

(2) رواه في ج 1

من «الإستيعاب» برقم 339 في ترجمة جندب بن جنادة.

و جاء فيه انّ أبا ذر بشّر الرهط الذين شهدوا دفنه بالرّبذة، و قال: سمعت رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- يقول: ليموتن أحدكم بفلاة من الارض تشهده عصابة من المؤمنين.

و قد دفنه مالك الأَشتر و أصحابه الكوفيون.

و رواه أيضاً الحاكم في «مستدركه «3- 337، و أبو نعيم في «حلية الاولياء «1- 17.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 508

أمّا بعد؛ فقد بعثت إليكم عبداً من عباد اللّه لا ينام أيام الخوف، و لا ينكل عن الاعداء ساعات الروع، أشدّ علي الفجّار من حريق النار، و هو: مالك بن الحارث أخو مذحج فاسمعوا له و أطيعوا أمره فيما طابق الحق فانّه سيف من سيوف اللّه، لا كليل الظبة، و لا نابي الضريبة.. إلي أن قال- عليه السّلام-: و قد آثرتكم به علي نفسي لنصيحته لكم، و شدة شكيمته علي عدوّكم.

وثقه العجلي، و ذكره ابن حبان في «الثقات».

توفّي الأَشتر- سنة تسع و ثلاثين، و قيل: - سنة ثمان و ثلاثين متوجهاً إلي مصر والياً عليها للِامام علي- عليه السّلام، و اختلف المؤرخون في موته، فقيل: مات حتف أنفه فجأة، و قيل: مات مسموماً و هو المشهور.

قيل: إنّ معاوية دس إليه سمّا علي يد مولي له، و يقال مولي عثمان، و قال آخرون: إنّ معاوية كتب إلي عامل الخراج بالقلزم أن يسمّه.

و لما بلغ معاوية موته قام خطيباً، فقال: أمّا بعد، فانّه كانت لعلي بن أبي طالب يدان يمينان قطعت إحداهما يوم صفّين و هو عمار بن ياسر و قطعت الأُخري اليوم و هو مالك الأَشتر.

أمّا أمير المؤمنين- عليه السّلام فقد تأسّف لموته، و قال: لقد كان لي

كما كنت لرسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-.

و قال- عليه السّلام-: رحم اللّه مالكاً فقد كان وفي بعهده، و قضي نحبه، و لقي ربّه، مع أنّا قد وطّنا أنفسنا أن نصبر علي كل مصيبة بعد مصابنا برسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- فانّها من أعظم المصائب.

و قال- عليه السّلام-: للّٰه درُّ مالك، و ما مالك؟ لو كان من جبل لكان فِندا، و لو كان من حجر لكان صلدا «1»

______________________________

(1) الفِند بالكسر: القطعة العظيمة من الجبل.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 509

245 مجاهد بن جَبْر «1»

(..- 104،- 103 ه) و يقال: ابن جُبير المخزومي بالولاء، الفقيه أبو الحجاج المكي.

روي عن: علي- عليه السّلام و قيل لم يسمع منه، و عن سعد، و أُمّ سلمة، و عائشة، و جويرية بنت الحارث، و ابن عباس، و آخرين.

روي عنه: أيوب، و عطاء، و عكرمة، و عمرو بن دينار، و أبو إسحاق السبيعي، و العوام بن حوشب، و الاعمش، و خلق كثير.

و كان مفسّراً محدّثاً فقيهاً.

روي عنه أنّه قال: عرضت القرآن علي ابن عباس ثلاثين عرضة.

و رُوي: ثلاث عرضات.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 5- 466، الطبقات لخليفة 491 برقم 2535، تاريخ خليفة 258، التأريخ الكبير 7- 411، المعارف 253، المعرفة و التاريخ 1- 711، الجرح و التعديل 8- 319، مشاهير علماء الامصار ص 133 برقم 590، الثقات لابن حبّان 5- 419، حلية الاولياء 3- 279، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 119 برقم 149، الخلاف للطوسي 1- 54 و 192) طبع جماعة المدرسين)، طبقات الفقهاء للشيرازي 69، المنتظم 7- 94، تهذيب الاسماء و اللغات 2- 83، تهذيب الكمال 27- 228، العبر للذهبي 1- 94، سير أعلام النبلاء

4- 449، تذكرة الحفاظ 1- 92، ميزان الاعتدال 3- 439، دول الإسلام 1- 49، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 102) ص 235، البداية و النهاية 9- 232، تهذيب التهذيب 10- 42، تقريب التهذيب 2- 229، الاصابة 3- 462، طبقات المفسرين 2- 305، الاعلام 5- 278، آلاء الرحمن في تفسير القرآن لمحمد جواد البلاغي النجفي 1- 46.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 510

و كان المفسّرون يتّقون تفسيره، و سئل الاعمش عن ذلك؟ فقال: كانوا يرون أنّه يسأل أهل الكتاب.

و يقال له أقوال و غرائب في العلم و التفسير تُستنكر.

و ممّا جاء عنه من المنكرات في قوله تعالي: " عَسيٰ أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقٰاماً مَحْمُوداً" «1» قال: يجلسه معه علي العرش.

توفّي- سنة أربع و مائة و قيل ثلاث، و قيل غير ذلك.

نقل عنه الشيخ الطوسي في كتاب «الخلاف» أربعاً و ثلاثين فتوي، منها: الماء المسخّن بالنار يجوز التوضؤَ به.

و به قال جميع الفقهاء إلّا مجاهداً فانّه كرهه.

246 مُحارِب بن دِثار «2»

(..- 116 ه) ابن كُرْدوس السَّدوسي الشيباني، أبو المطرّف الكوفي.

حدّث عن: جابر بن عبد اللّه، و الاسود بن يزيد، و عبد اللّه بن يزيد

______________________________

(1) الاسراء: 79.

(2) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 307، الطبقات لخليفة 272 برقم 1192، تاريخ خليفة 286، التأريخ الكبير 8- 28، المعارف ص 275، المعرفة و التاريخ 2- 674، الجرح و التعديل 8- 416، الثقات لابن حبّان 5- 452، مشاهير علماء الامصار ص 176 برقم 837، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 205 برقم 330، تاريخ أسماء الثقات ص 313، إكمال ابن مأكولا 7- 345، تهذيب الكمال 27- 255، ميزان الاعتدال 3- 441، سير أعلام النبلاء 5- 217، العبر 1- 111، دول الإسلام 1- 56، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة

116) ص 458، النجوم الزاهرة 1- 287 و فيه: وفاته سنة 122، تهذيب التهذيب 10- 49، تقريب التهذيب 2- 230، شذرات الذهب 1- 152.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 511

الخطمي، و آخرين.

حدّث عنه: الثوري، و مسعَر، و قيس بن الربيع، و عدّة.

و كان فقيهاً شجاعاً، ولي قضاء الكوفة لخالد بن عبد اللّه القسري، و كان من المرجئة في علي و عثمان «1» فيما قيل.

توفّي- سنة ست عشرة و مائة.

247 محمد بن سيرين «2»

(33- 110 ه) الانصاري بالولاء، أبو بكر البصري، أصله من سبي عين التمر.

و كان أبوه

______________________________

(1) لا يقضي في حقّهما بشي ء و إنّما يرجَي أمرهما إلي اللّه سبحانه.

(2) الطبقات الكبري لابن سعد 7- 193، الطبقات لخليفة 360 برقم 1728، تاريخ خليفة 25، التأريخ الكبير 1- 90، المعارف ص 251، المعرفة و التاريخ 2- 754 الجرح و التعديل 7- 280، الثقات لابن حبّان 5- 348، مشاهير علماء الامصار ص 143 برقم 643، حلية الاولياء 2- 263، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 164 برقم 233، الخلاف للطوسي 1- 79) طبع جماعة المدرسين)، تاريخ بغداد 5- 331، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 88، المنتظم 7- 138، الكامل في التأريخ 5- 155، وفيات الاعيان 4- 181، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 82، تهذيب الكمال 25- 344، تذكرة الحفّاظ 1- 77، العبر 1- 103، سير أعلام النبلاء 4- 606، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 110) ص 339، دول الإسلام للذهبي 1- 53، الوافي بالوفيات 3- 146، مرآة الجنان 1- 232، البداية و النهاية 9- 279، شرح علل الترمذي ص 63، النجوم الزاهرة 1- 268، تهذيب التهذيب 9- 214، شذرات الذهب 1- 7138 طبقات الحفّاظ ص 38 برقم 72، تنقيح المقال 3- 130، الاعلام 6-

154.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 512

مولي لَانس بن مالك.

روي عن: أنس بن مالك، و الحسن بن علي بن أبي طالب- عليه السّلام، و عمران بن حصين، و عديّ بن حاتم، و أبي هريرة، و طائفة.

روي عنه: الشعبي، و ابن عون، و خالد الحذّاء، و داود بن أبي هند، و عاصم الاحول، و مالك بن دينار، و سليمان التيمي، و آخرون.

و كان أحد فقهاء البصرة.

نشأ بزازاً، و تفقّه و روي الحديث.

و كانت له اليد الطولي في تعبير الرؤيا.

قال ابن شبرمة: دخلت علي محمد بن سيرين بواسط، فلم أرَ أجبنَ من فتوي منه، و لا أجرأ علي رؤيا منه.

و عن الاشعث قال: كان محمد بن سيرين إذا سئل عن شي ء من الفقه الحلال و الحرام تغيّر لونه و تبدّل، حتي كأنه ليس بالذي كان.

و كان ابن سيرين صاحب الحسن البصري، ثم تهاجرا في آخر الامر فيما قيل، فلما مات الحسن لم يشهد جنازته.

و من كلام ابن سيرين: إنّ هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم.

نقل عنه الشيخ الطوسي في كتاب «الخلاف» أربعاً و تسعين فتوي، منها: يمسح الرأس في الوضوء دفعتين «1» توفّي- سنة عشر و مائة.

______________________________

(1) قال فقهاء الامامية: مسح الرأس دفعة واحدة، و تكراره بدعة.

و قال أبو حنيفة: ترك التكرار أولي.

و قال الشافعي: المسنون ثلاث مرات و به قال الاوزاعي و الثوري.

الخلاف: 1- 79.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 513

248 محمد بن أبي بكر «1»

(10- 38 ه) محمد بن عبد اللّه (أبي بكر) بن عثمان بن عامر القرشيّ، التيميّ، أبو القاسم المدنيّ، ربيبُ الامام عليّ، و أمير مصر من قِبله.

ولد بين مكة و المدينة في حجة الوداع (سنة 10 ه)، و نشأ بالمدينة في حجر أمير المؤمنين، و كان- عليه

السّلام- قد تزوج أمّه أسماء بنت عُميس بعد وفاة أبيه.

روي عن: أبيه مرسلًا، و عن أمّه أسماء.

روي عنه: ابنه القاسم بن محمد الفقيه، و محمد بن عمارة.

و كان من أصفياء أصحاب الامام عليّ- عليه السّلام، جريئاً في الحقّ، موصوفاً بالعبادة، و الاجتهاد، فكان يدعي (عابد قريش («2» قال ابن عبد البرّ: كان علي بن أبي طالب يثني عليه و يفضّله لَانّه كان له عبادة و اجتهاد.

______________________________

(1) المصنف لعبد الرزاق 8- 87 برقم 14427، التأريخ الكبير 1- 124، رجال الكشي 60، الجرح و التعديل 7- 301، مروج الذهب 3- 160، تاريخ الولاة و القضاة 260، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 144 برقم 191، جمهرة أنساب العرب 138، الإستيعاب 4- 328، احتجاج الطبرسي 183، الكامل في التأريخ 3- 352، شرح نهج البلاغة (لابن أبي الحديد (6 100- 65، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 85، رجال العلامة الحلي 138، تهذيب الكمال 24- 541 برقم 5097، سير أعلام النبلاء 3- 481، العبر 1- 32، البداية و النهاية 7- 331، النجوم الزاهرة 1- 106، الاصابة 3- 451، تهذيب التهذيب 9- 80، تنقيح المقال 2- 57، سفينة البحار 1- 312، معجم رجال الحديث 14- 230 برقم 9965، قاموس الرجال 7- 495.

(2) الزركلي، الاعلام: 6- 220.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 514

و كان ابن أبي بكر ممن وثب علي عثمان بن عفان، و شهد وقعة الجمل مع عليّ- عليه السّلام، ثم ولي إمارة مصر في سنة سبع، و قيل: ثمان و ثلاثين.

وقد كتب- عليه السّلام- له كتاباً جاء فيه: هذا ما عهد به عبد اللّه علي أمير المؤمنين إلي محمد بن أبي بكر حين ولّاه مصر، أمره بتقوي اللّه بالسر و العلانية،

و خوف اللّه تعالي في المغيب و المشهد، و أمره باللين علي المسلم، و الغلظ علي الفاجر، و بالعدل علي أهل الذمة.. و أمره أن يجبي خراج الارض، و أمره أن يحكم بين الناس بالحقّ، و أن يقوم بالقسط و لا يتبع الهوي، و لا يخاف في اللّه لومة لائم، فإنّ اللّه مع من اتقاه، و آثر طاعته علي مَن سواه.

و روي أنه كتب إليه: ثم اعلم يا محمد أني قد وليتك أعظم أجنادي، أهل مصر، و ولّيتك ما ولّيتك من أمر الناس، فأنت محقوق أن تخاف فيه علي نفسك و تحذر فيه علي دينك و لو كان ساعة من نهار.

و انظر يا محمد صلاتك كيف تصلّيها، فانّما أنت إمام ينبغي لك أن تتمّها و أن تخفّفها، و أن تصليها لوقتها..

و اعلم يا محمد أنّ أفضل الفقه الورع في دين اللّه، و العمل بطاعته، فعليك بالتقوي في سرّ أمرك و علنيته «1» و لما عاد الامام علي- عليه السّلام بعد التحكيم إلي العراق، بعث معاوية عمرو بن العاص بجيش من أهل الشام إلي مصر، فالتقي هو و عسكر محمد بن أبي بكر و دارت معارك شديدة انتهت بدخول ابن العاص مصر، فاختفي ابن أبي بكر، فعرف «معاوية بن خُديج السكوني» مكانه، فقبض عليه، و قتله، و دسّه في بطن حمار ميت و أحرقه، و ذلك في- سنة ثمان و ثلاثين.

فلما بلغ ذلك علياً- عليه السّلام حزن عليه حتي رُئي ذلك فيه، و تبيّن في وجهه، و قام في الناس خطيباً، فقال:

______________________________

(1) انظر كتب أمير المؤمنين إلي ابن أبي بكر في شرح نهج البلاغة: 6- 65.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 515

ألا و إنّ محمد بن

أبي بكر قد استشهد رحمة اللّه عليه، و عند اللّه نحتسبه، أما و اللّه لقد كان ما علمت ينتظر القضاء، و يعمل للجزاء، و يبغض شكل الفاجر، و يحبّ سمت المؤمن.

قال المدائني: و قيل لعلي- عليه السّلام، لقد جزعت علي محمد بن أبي بكر يا أمير المؤمنين؟ فقال: و ما يمنعني.

إنّه كان لي ربيباً، و كان لبَنيّ أخاً، و كنت له والداً، أعدّه ولداً.

و كانت عائشة لما بلغها مقتل أخيها قد جزعت جزعاً شديداً، و قنتت في دبر الصلاة تدعو علي معاوية بن أبي سفيان، و عمرو بن العاص، و معاوية بن خديج، و لم تأكل من ذلك الوقت شواءً حتي توفيت.

روي له النسائي، و ابن ماجة حديثاً واحداً.

وله في المصنف لعبد الرزاق الصنعاني حديث أيضاً.

249 محمد بن عجلان «1»

(..- 148 ه) أبو عبد اللّه القرشي، المدني.

______________________________

(1) التأريخ الكبير 1- 196، رجال البرقي ص 9، الجرح و التعديل 8- 49، الثقات لابن حبّان 7- 386، مشاهير علماء الامصار ص 222 برقم 1106، رجال الطوسي ص 136 برقم 33، الكامل في التأريخ 5- 589، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 87، تهذيب الكمال 26- 101، سير أعلام النبلاء 6- 317 برقم 135، العبر 1- 162، تذكرة الحفاظ 1- 165، ميزان الاعتدال 3- 644، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 148) ص 280، الوافي بالوفيات 4- 92، مرآة الجنان 1- 306، شرح علل الترمذي ص 99، تهذيب التهذيب 9- 341، تقريب التهذيب 2- 190، مجمع الرجال للقهبائي 5- 259، شذرات الذهب 1- 224، جامع الرواة 2- 148، تنقيح المقال 3- 150، معجم رجال الحديث 16- 278 و 279.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 516

ولد في زمن عبد الملك بن مروان.

و حدّث عن: أبيه، و

أنس بن مالك، و أبي جعفر الباقر- عليه السّلام، و عبد الرحمن بن هرمز الاعرج، و أبي حازم الاشجعي، و زيد بن أسلم، و أبي إسحاق السبيعي، و طائفة.

حدّث عنه: صالح بن كيسان و هو أكبر منه، و إبراهيم بن أبي عبلة، و ابن فضال، و مالك، و منصور، و شعبة، و السفيانان، و الليث بن سعد، و آخرون.

و كان فقيهاً مفتياً عابداً، له حلقة كبيرة في مسجد رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- و قد خرج علي المنصور مع محمد بن عبد اللّه بن الحسن بن الامام الحسن- عليه السّلام، فلما قُتل ابن الحسن همّ والي المدينة جعفر بن سليمان أن يجلده فقالوا له: أصلحك اللّه لو رأيت الحسن البصري فعل مثل هذا أ كنت تضربه؟ قال: لا، قيل: فابن عجلان في أهل المدينة كالحسن في أهل البصرة، فعفا عنه.

عُدّ من أصحاب الامام محمد الباقر- عليه السّلام، و الامام جعفر الصادق- عليه السّلام.

توفّي- سنة ثمان و أربعين و مائة.

250 محمد بن علي بن الحسين، الباقر- عليه السّلام

- انظر ترجمته في ص 261

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 517

251 محمد بن الحَنَفيّة

«1» (13، 21- 73،- 81 ه) أبو القاسم محمد بن علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي، المعروف بابن الحنفية، و هي خولة بنت جعفر بن قيس الحنفية.

ولد سنة ثلاث عشرة، و قيل: احدي و عشرين.

روي عن: أبيه- عليه السّلام، و عمار بن ياسر، و ابن عباس، و آخرين.

روي عنه: أولاده إبراهيم و الحسن و عبد اللّه و عمر و عون، و ابن أُخته عبد اللّه ابن محمد بن عقيل، و المنهال بن عمرو، و عطاء بن أبي رباح، و طائفة.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 5- 91، المحبر ص 454 و ص 490، التأريخ الكبير 1- 182، المعرفة و التاريخ 1- 544، الجرح و التعديل 8- 26، الثقات لابن حبّان 5- 347، مشاهير علماء الامصار ص 103 برقم 419، حلية الاولياء 3- 174، الخلاف للطوسي 2- 259 طبع اسماعيليان، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 62، المنتظم 6- 228، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 88، وفيات الاعيان 4- 169، تهذيب الكمال 26- 147، سير أعلام النبلاء 4- 110، العبر 1- 68، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 81) ص 181، الوافي بالوفيات 4- 99، مرآة الجنان 1- 162، البداية و النهاية 9- 40، غاية النهاية 2- 204، النجوم الزاهرة 1- 202، تهذيب التهذيب 9- 354، تقريب التهذيب 2- 192، مجمع الرجال للقهبائي 5- 160، شذرات الذهب 1- 88، جامع الرواة 2- 78 و 45، تنقيح المقال 3- 111 برقم 10649، معجم رجال الحديث 16- 48، قاموس الرجال 8- 157.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 518

شهد مع أبيه مشاهده، و كان يحمل رايته يوم الجمل «1» و كان شديد القوة و

له في ذلك أخبار عجيبة.

و لما دعا ابن الزبير إلي نفسه، و حكم الحجاز، دعا عبدَ اللّه بن العباس و محمّد ابن الحنفية إلي البيعة، فأبيا ذلك، فكان مرة يكاشرهما و مرة يلين لهما، ثم غلظ عليهما، و أساء جوارهما، و حصرهما مع بني هاشم في الشِّعب، و جعل عليهم الرقباء، و قال فيما قال: و اللّه لتبايعنّ أو لُاحرقنّكم.

فبعث المختار الثقفي أربعة آلاف رجل و عقد لَابي عبد اللّه الجَدَلي عليهم، و ساروا حتي أشرفوا علي مكة، فجاء المستغيث: عجّلوا فما أراكم تدركونهم، فانتدب منهم ثمانمائة رأسُهم عطية بن سعد العوفي حتي دخلوا مكة فكبّروا تكبيرة سمعها ابن الزبير، فهرب إلي دار الندوة و قيل: تعلّق بأستار الكعبة.

قال عطية: ثم ملنا إلي ابن عباس و ابن الحنفية و أصحابهما في دور قد جُمع لهم الحطب، فخرجوا بهم، فأنزلوهم مني فأقاموا ثم خرجوا إلي الطائف «2» روي ابن سعد بسنده عن مسلم الطائي قال: كتب عبد الملك بن مروان: من عبد الملك أمير المؤمنين إلي محمد بن عليّ.

فلما نظر إلي عنوان الصحيفة قال: إنّا للّٰه و إنّا إليه راجعون، الطلقاء و لعناء رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- علي منابر الناس، و الذي نفسي بيده إنّها لأُمور لم يقرّ قرارها.

______________________________

(1) و من كلام الامام علي- عليه السّلام- له لما أعطاه الراية: «تزول الجبال و لا تزُل، عَضّ علي ناجذك، أعِر اللّه جمجمتك، تِدْ في الارض قدمك، ارم ببصرك أقصي القوم، و غضّ بصرك، و اعلم أنّ النصر من عند اللّه سبحانه».

قيل لمحمد: لِمَ يغرر بك أبوك في الحرب و لا يغرر بالحسن و الحسين (عليهما السّلام)؟ قال: إنّهما عيناه و أنا يمينه،

فهو يدفع عن عينيه بيمينه.

و من كلام عليّ (عليه السّلام) في يوم صفين: «أملكوا عنّي هذين الفتيَين، أخاف أن ينقطع بهما نسل رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-».

انظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 1، 244- 241.

(2) انظر سير أعلام النبلاء: 4- 119.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 519

و كان ابن الحنفية فقيهاً كثير العلم، ورعاً.

عن أبي جَمْرة [نصر بن عمران الضبعي] قال: كانوا يسلّموا علي محمد بن علي: السلام عليك يا مهدي، فيقول: أجل أنا مهدي أهدي إلي الخير، و لكن إذا سلّم أحدكم فليقل: السلام عليك يا محمد.

و عن ربيع بن منذر عن أبيه، قال: كنّا مع ابن الحنفية فأراد أن يتوضأ و عليه خُفّان فنزع خُفّيه و مسح علي قدميه.

روي عبد الرزاق الصنعاني بسنده عن محمد بن الحنفية قال: المؤذن المحتسب كالشاهر سيفه في سبيل اللّه «1» نقل عنه الشيخ الطوسي في كتاب «الخلاف» فتويين.

توفي- سنة ثلاث و سبعين، و قيل: - احدي أو اثنتين و ثمانين: و قيل غير ذلك.

252 محمد بن عمرو بن حزم «2»

(10- 63 ه) الانصاري النجّاري، أبو عبد الملك المدني.

______________________________

(1) المصنّف: 1- 485 برقم 1867.

(2): الطبقات الكبري لابن سعد 5- 69، التأريخ الكبير 1- 189، الجرح و التعديل 8- 29، الثقات لابن حبّان 5- 347، رجال الطوسي ص 29 برقم 37، الإستيعاب 3- 333، أسد الغابة 4- 327، الكامل في التأريخ 4- 121، رجال ابن داود ص 180، رجال العلّامة الحلي ص 137، تهذيب الكمال 26- 201، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 61 80) ص 223، العبر 1- 50، الوافي بالوفيات 5- 288، الاصابة 3- 354، تهذيب التهذيب 9- 370، تقريب التهذيب 2- 195، مجمع الرجال للقهبائي 6- 14، شذرات الذهب

1- 71، جامع الرواة 2- 161، تنقيح المقال 3- 164 برقم 1168، معجم رجال الحديث 17- 76، قاموس الرجال 8- 315.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 520

ولد سنة عشر بنجران و أبوه عامل لرسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- فيها.

و قيل: إنّ النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم هو الذي كنّاه أبا عبد الملك.

روي عن: أبيه و غيره من الصحابة.

روي عنه: ابنه أبو بكر بن محمد بن حزم، و غيره.

و كان فقيهاً فاضلًا من فقهاء المسلمين «1» و كان من أشدّ الناس علي عثمان، و يقال: كان أشد الناس علي عثمان المحمدون: محمّد بن أبي بكر، و محمد بن أبي حذيفة، و محمد بن عمرو بن حزم.

قتل يوم الحرّة- سنة ثلاث و ستين.

و ذلك أنّ أهل المدينة أخرجوا عامل يزيد بن معاوية عثمان بن محمد بن أبي سفيان من المدينة، و أظهروا خلع يزيد لقلّة دينه و فجوره.

فجنّد لحربهم جيشاً عليه مسلم بن عُقبة، فالتقوا بظاهر المدينة.

رُوي انّ محمد بن عمرو أكثر القتل يوم الحرّة، كان يحمل علي الكردوس فيفضّه، و كان فارساً، ثم حملوا عليه حتي نظموه بالرماح، فلما وقع انهزم الناس.

و كان محمد المذكور يرفع صوته: يا معشر الانصار أصدقوهم الضرب، فانّهم يقاتلون علي طمع دنياهم، و أنتم تقاتلون علي الآخرة.

و لما دخل مسلم بن عقبة المدينة بعد وقعة الحرَّة، دعا الناس للبيعة علي أنّهم خَول ليزيد بن معاوية يحكم في دمائهم و أموالهم و أهليهم ما شاء!! و أباح المدينة ثلاثاً يقتلون الناس و يأخذون المتاع و الاموال «2»

______________________________

(1) قاله ابن الاثير في أُسد الغابة.

(2) انظر تايخ الطبري: 4- 370، أحداث سنة (63 ه).

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1،

ص: 521

253 محمد بن كعب القُرَظيّ «1»

(..- 108،- 120 ه) أبو حمزة، و يقال: أبو عبد اللّه المدني، من حلفاء الاوس، سكن الكوفة، ثمّ المدينة.

ذُكر أنّه وُلد في عهد النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، و قيل: لا حقيقة لذلك، و إنّما الذي وُلد في عهده هو أبوه فقد ذكروا أنّه كان من سبي بني قريظة ممن لم يحتلم فخلّوا سبيله.

روي عن: العباس بن عبد المطلب، و علي بن أبي طالب- عليه السّلام، و ابن مسعود، و أبي ذر، و يقال: إنّ الجميع مرسل، و عن فضالة بن عبيد، و زيد بن أرقم، و أبي هريرة، و آخرين.

روي عنه: أخوه عثمان، و الحكم بن عُتيبة، و ابن عجلان، و أبو معشر،

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 5- 370 و 371 و ج 7 ص 501، التأريخ الكبير 1- 216 برقم 679) ق 1 ج 1)، المعارف 260، المعرفة و التاريخ 1- 563، تاريخ اليعقوبي 3- 53) فقهاء أيام عمر بن عبد العزيز)، الجرح و التعديل 8- 67 برقم 303) ج 4 ق 1)، الثقات لابن حبّان 5- 351، مشاهير علماء الامصار 107 برقم 436، حلية الاولياء 3- 212 برقم 244، الإستيعاب 3- 335) ذيل الاصابة)، الانساب للسمعاني 4- 475، المنتظم 7- 124 برقم 595، الكامل لابن الاثير 5- 141، تهذيب الكمال 26- 340 برقم 5573، العبر 1- 102، سير أعلام النبلاء 5- 65 برقم 23، تاريخ الإسلام 250 برقم 228 و 465 برقم 552، البداية و النهاية 9- 268، غاية النهاية في طبقات القرّاء لابن الجزري 2- 233 برقم 3383، تهذيب التهذيب 9- 420 برقم 689، تقريب التهذيب 2- 203 برقم 659، شذرات الذهب 1- 136، معجم المفسرين

لعادل نويهض 2- 608.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 522

و محمد بن المنكدر، و آخرون.

عُدّ من الفقهاء أيام عمر بن عبد العزيز، و من كبار المفسرين.

و كان يقص في المسجد فسقط عليه و علي أصحابه سقف فمات هو و جماعة معه تحت الهدم- سنة ثمان و مائة، و قيل: سنة عشرين، و قيل غير ذلك.

روي عبد الرزاق الصنعاني بسنده عن محمد بن كعب القرظي قال: قال رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-: ليس علي النساء و العبيد جمعة «1» و من كلام القرظي: إذا أراد اللّه بعبد خيراً، زهّده في الدنيا، و فقّهه في الدين، و بصّره عيوبَهُ، و من أُوتيهنّ أُوتي خير الدنيا و الآخرة.

254 محمد بن مسلم «2»

(..- 128،- 126 ه) ابن تَدرُس، أبو الزبير القرشي الاسدي بالولاء، المكّي.

______________________________

(1) المصنف: 3- 174 برقم 5207.

(2) الطبقات الكبري لابن سعد 5- 481، التأريخ الكبير 1- 221، المعرفة و التاريخ 2- 22، الجرح و التعديل 8- 74، الثقات لابن حبّان 5- 351، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 123 برقم 158، تهذيب الكمال 26- 402، ميزان الاعتدال 4- 34، تذكرة الحفّاظ 1- 126، العبر 1- 129، سير أعلام النبلاء 5- 380، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 121 140) ص 249، شرح علل الترمذي ص 200، تهذيب التهذيب 9- 440، تقريب التهذيب 2- 207، شذرات الذهب 1- 175.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 523

حدّث عن: جابر بن عبد اللّه الانصاري، و ابن عباس، و ابن عمر، و طاوس، و سعيد بن جبير، و أبي صالح ذكوان، و غيرهم.

حدّث عنه: عطاء بن أبي رباح شيخه، و إسماعيل بن أُمية، و عمار الدُّهني، و خصيف، و الزهري، و السفيانان، و الليث، و

مالك، و آخرون.

و كان حافظاً محدثاً، روي عنه أنّه قال: كان عطاء يقدمني إلي جابر أحفظ لهم الحديث.

اختلف المحدّثون في توثيقه و يقال: كان مدلّساً.

روي عبد الرزاق الصنعاني بسنده عن أبي الزبير أنّه سمع جابر بن عبد اللّه يُسأل عن الرجل يَرمي في الحل، أو يُرسل كلبه أو طائره و الصيد في الحرم، فقال: لا «1».

توفّي- سنة ثمان و عشرين و مائة، و قيل: ست و عشرين.

255 الزُّهري «2»

(52- 124 ه) محمد بن مسلم بن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن شهاب القرشي، الزّهري، أبو بكر المدني.

______________________________

(1) المصنّف: 4- 441 برقم 8372.

و في المطبوع منه «لحايره» قال محقّق «المصنف»: و لعل الصواب «طائره».

(2) الطبقات الكبري لابن سعد 4- 126، التأريخ الكبير 1- 220، رجال البرقي ص 8، المعرفة و التاريخ 1- 424، الجرح و التعديل 8- 71، الثقات لابن حبّان 5- 349، مشاهير علماء الامصار ص 109 برقم 444، حلية الاولياء 3- 360، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 149 برقم 204، الخلاف للطوسي 1- 70) طبع جماعة المدرسين)، رجال الطوسي ص 101 و 299 برقم 316، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 63، المناقب لابن شهر آشوب: باب إمامة أبي محمد علي بن الحسن- عليهما السّلام- فصل في علمه و حلمه و تواضعه، المنتظم 7- 231، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 90، وفيات الاعيان 4- 177، رجال ابن داود ص 184 برقم 1506، تهذيب الكمال 26- 419، العبر 1- 121، سير أعلام النبلاء 5- 326، تذكرة الحفّاظ 1- 108، ميزان الاعتدال 4- 40، دول الإسلام للذهبي 1- 59، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 124) ص 227، الوافي بالوفيات 5- 24 برقم 1990، مرآة الجنان 1- 260، البداية و

النهاية 9- 354، غاية النهاية 2- 262، النجوم الزاهرة 1- 294، تهذيب التهذيب 9- 445، تقريب التهذيب 2- 207، طبقات الحفاظ ص 49 برقم 95، نقد الرجال ص 334، مجمع الرجال 6- 54، شذرات الذهب 1- 142، جامع الرواة 2- 201، تنقيح المقال 3- 186، معجم رجال الحديث 16- 181 و 17- 256 و 257.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 524

ولد سنة اثنتين و خمسين، و قيل غير ذلك.

روي عن: جابر الانصاري، و أنس، و سهل بن سعد، و أبي الطفيل عامر، و علي بن الحسين زين العابدين- عليه السّلام، و سعيد بن المسيب، و طائفة.

حدّث عنه: عطاء بن أبي رباح، و عمر بن عبد العزيز، و عمرو بن دينار، و قتادة بن دعامة، و آخرون.

و كان أحد كبار الفقهاء و الحفّاظ و المحدثين، نزل الشام و استقر بها، و لزم عبد الملك بن مروان، و هشام بن عبد الملك، و كان يزيد بن عبد الملك قد استقضاه.

ذُكر أنّ محمد بن نوح جمع فتاويه في ثلاثة أسفار ضخمة مرتّبة علي أبواب الفقه.

وله في «الخلاف» مائة و عشرة موارد في الفتاوي.

و قيل: إنّه حفظ علم الفقهاء السبعة، و كان يقول: من سُنّة الصلاة أن يُقرأ فيها بسم اللّه الرحمن الرحيم، ثمّ فاتحة الكتاب، ثمّ تُقرأ سورة، و يقول: أوّل من قرأ

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 525

بسم اللّه الرحمن الرحيم سرّا بالمدينة عمرو بن العاص.

و روي أنّه كان يحفظ ألفين و مائتي حديث نصفها مسند.

عُدّ من أصحاب الامام علي بن الحسين، و الامام جعفر الصادق (عليهما السّلام).

و له عدّة روايات مذكورة في «الكافي» و «من لا يحضره الفقيه» و «تهذيب الاحكام».

أخرج الشيخ الطوسي بسنده عن الزهري قال: سمعت

علي بن الحسين- عليهما السّلام يقول: يوم الشك أُمرنا بصيامه و نهينا عنه، أمرنا أن يصومه الانسان علي أنّه من شعبان و نهينا علي أنّه من شهر رمضان و هو لم يرَ الهلال «1» و من كلام الزهري: إنّما يُذهب العلمَ النسيانُ، و تركُ المذاكرة.

و قال: كنا نأتي العالم فما نتعلم من أدبه أحبّ إلينا من علمه.

توفّي- سنة أربع و عشرين و مائة، و قيل ثلاث، و قيل غير ذلك.

256 مرثد بن عبد اللّه «2»

(..- 90 ه) اليزني، أبو الخير المصري، الفقيه.

و يَزَن بطن من حِمْير.

______________________________

(1) تهذيب الاحكام: 4- 164، باب علامة أوّل شهر رمضان و آخره، الحديث 463.

(2) الطبقات الكبري لابن سعد 7- 511، التأريخ الكبير 7- 416، المعرفة و التاريخ 2- 491، الجرح و التعديل 8- 299، الثقات لابن حبّان 5- 439، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 78، إكمال ابن مأكولا 7- 229، اللباب 3- 411، تهذيب الكمال 27- 357، تذكرة الحفّاظ 1- 73، سير أعلام النبلاء 4- 284، العبر 1- 78، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 90) ص 195، النجوم الزاهرة 1- 221، تهذيب التهذيب 10- 82، تقريب التهذيب 2- 236، طبقات الحفاظ ص 36، شذرات الذهب 1- 99.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 526

روي عن: عُقبة بن عامر الجهني، و أبي أيوب الانصاري، و حذيفة البارقي، و زيد بن ثابت، و غيرهم، و لزم عُقبة مدة و تفقّه به.

روي عنه: يزيد بن أبي حبيب، و جعفر بن ربيعة، و عبد الرحمن بن شماسة، و آخرون.

و كان مفتي أهل مصر في زمانه، و كان عبد العزيز بن مروان يُحضره فيجلسه للفتيا.

قال ابن معين: كان عند أهل مصر مثل علقمة عند أهل الكوفة.

توفّي- سنة تسعين.

257 مسروق بن الاجدع «1»

(..- 63،- 62 ه) ابن مالك بن أُميّة الهمداني، أبو عائشة الوادعي الكوفي.

حدّث عن: أُبي بن كعب، و علي- عليه السّلام، و عمر، و معاذ بن جبل،

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 76، الطبقات لخليفة 250 برقم 1066، تاريخ خليفة 193، التأريخ الكبير 8- 35، المعارف ص 246، الجرح و التعديل 8- 396، الثقات لابن حبّان 5- 456، مشاهير علماء الامصار 162 برقم 746، حلية الاولياء 2- 95، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 188

برقم 290، الخلاف للطوسي 3- 367 و 387) طبع اسماعيليان)، تاريخ بغداد 13- 232، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 79، المنتظم 6- 19، أسد الغابة 4- 354، تهذيب الاسماء و اللغات 2- 88، تهذيب الكمال 27- 451، سير أعلام النبلاء 4- 63، العبر 1- 50، تذكرة الحفاظ 1- 49، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 63) ص 235، دول الإسلام 1- 30، البداية و النهاية 8- 227، النجوم الزاهرة 1- 161، الاصابة 3- 469، تهذيب التهذيب 10- 109، تقريب التهذيب 2- 242، طبقات الحفاظ ص 21 برقم 26، تنقيح المقال 3- 211، الاعلام 7- 215.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 527

و خبّاب بن الأرت، و عائشة، و معقل بن سنان و غيرهم.

حدّث عنه: إبراهيم النخعي، و عُبيد بن نُضْيلة، و الشعبي، و أبو وائل، و أبو الشعثاء المحاربي، و آخرون.

و عداده في كبار التابعين و في المخضرمين الذين أسلموا في حياة النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و قد جرح في القادسية فشلّت يده و أصابته آمّة، و لم يشهد مع الامام علي- عليه السّلام صفّين، و قيل: شهد صفّين فوعظ و خوّف و لم يقاتل.

ثمّ شهد قتال الحرورية مع الامام علي- عليه السّلام و استغفر اللّه من تأخّره عن علي- عليه السّلام.

و كان مسروق أحد أصحاب عبد اللّه بن مسعود الذين يقرأون و يفتون.

عن الشعبي قال: كان أعلم بالفتوي من شريح.

و عن محمد بن المنتشر قال: كان مسروق إذا خرج يخرج بِلَبِنة يسجد عليها في السفينة.

مجالد: عن الشعبي، عن مسروق، قالت عائشة: يا مسروق إنّك من ولدي، و إنّك لمن أحبّهم إليّ، فهل لك علمٌ بالمُخْدَج «1» توفّي- سنة ثلاث و ستين، و قيل- اثنتين و

ستين و يقال: إنّ قبره بالسلسلة بواسط.

و نقل عنه الشيخ الطوسي في «الخلاف» أربع فتاوي، منها:

______________________________

(1) خبر المُخدج أخرجه مسلم في صحيحه (1066) (155)، و ابن ماجة (167) و أبو داود (4763) في سننه.

و فيه: ذكر عليٌّ رضي اللّه عنه أهل النهروان فقال: فيهم رجل مُودن اليد أو مُثدَن اليد أو مُخدج اليد، لو لا أن تبطروا لَانبأتكم ما وعد اللّه الذين يقتلونهم.

و قال الثعالبي في ثمار القلوب ص 232 كما نقله صاحب الغدير: 1- 217: ذو الثُديَّة شيخ الخوارج و كبيرهم الذي علّمهم الضلال، و كان النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- أمر بقتله و هو في الصلاة فكعّ عنه أبو بكر و عمر رضي اللّه عنهما، فلما قصده عليّ رضي اللّه عنه لم يره، فقال له النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-: أما إنّك لو قتلته لكان أوّل فتنة و آخرها.

و لما كان يوم النهروان وجد بين القتلي، فقال عليّ رضي اللّه عنه: ائتوني بيده المخدجة، فأُتي بها فأمر بنصبها.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 528

لا يرث الكافر المسلم بلا خلاف، و عندنا انّ المسلم يرث الكافر قريباً كان أو بعيداً، و به قال في الصحابة علي رواية أصحابنا عليّ- عليه السّلام.

ثمّ قال الشيخ الطوسي: و به قال مسروق و..

258 مسلم بن يسار «1»

(..- 100 ه) أبو عبد اللّه البصري، الأُموي بالولاء و قيل مولي بني تيم من موالي طلحة.

روي عن: ابن عباس، و أبيه يسار، و أبي الاشعث الصنعاني، و غيرهم.

حدّث عنه: محمّد بن سيرين، و قتادة، و محمد بن واسع، و آخرون.

شهد الجماجم مع ابن الاشعث، و كان خامس خمسة من فقهاء البصرة كما روي ذلك عن قتادة.

و قالوا: كان

من عُبّاد البصرة و فقهائها.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 7- 186، الطبقات لخليفة 353 برقم 1672، تاريخ خليفة 250، التأريخ الكبير 7- 275، المعرفة و التاريخ 2- 85، الجرح و التعديل 8- 198، مشاهير علماء الامصار 143 برقم 644، الثقات لابن حبّان 5- 390، حلية الاولياء 2- 290، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 162 برقم 230، الخلاف للطوسي 1- 560 (طبع جماعة المدرسين)، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 88، المنتظم 7- 62، تهذيب الاسماء و اللغات 2- 93، تهذيب الكمال 27- 551، سير أعلام النبلاء 4- 510، العبر 1- 90، دول الإسلام 1- 48، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 101 120) ص 258، البداية و النهاية 9- 195 و فيه: مات سنة 99، تهذيب التهذيب 10- 140، تقريب التهذيب 2- 247، شذرات الذهب 1- 119، الاعلام 7- 223 و فيه: مات سنة 108.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 529

روي عبد الرزاق الصنعاني بسنده عن أبي قلابة عن مسلم بن يسار قال: قلنا له: أين منتهي البصر في الصلاة؟ قال: إن حيث يسجد فحسن «1» و من كلام مسلم: إياكم و المراء فإنّها ساعة جهل العالم، و بها يبتغي الشيطان زلته.

و قال: ما تلذّذ المتلذّذون بمثل الخلوة بمناجاة اللّه عزّ و جلّ.

توفّي في زمن عمر بن عبد العزيز- سنة مائة و قيل: - سنة إحدي و مائة.

و له في «الخلاف» موردان في الفتاوي.

259 مُطرِّف بن عبد اللّه «2»

(..- 95،- 87 ه) ابن الشِّخِّير الحَرَشيّ العامري، أبو عبد اللّه البصري.

______________________________

(1) المصنّف: 2- 254 برقم 3260.

و المعني: إن كان منتهي بصره مكان سجوده فحسن.

(2) الطبقات الكبري لابن سعد 7- 141، التأريخ الكبير 7- 396 برقم 1730، المعارف 248، المعرفة و التاريخ 2- 80، تاريخ

اليعقوبي 2- 228) فقهاء أيام معاوية)، الجرح و التعديل 8- 312 برقم 1446، مشاهير علماء الامصار ص 143، الثقات لابن حبّان 5- 429، حلية الاولياء 2- 198 برقم 179، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 167 برقم 240، مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر لابن منظور 24- 343 برقم 296، تاريخ الإسلام للذهبي 262) حوادث 81 100)، سير أعلام النبلاء 4- 187 برقم 77، تذكرة الحفاظ 1- 64 برقم 54، العبر 1- 84، دول الإسلام 1- 44، مرآة الجنان 1- 198، البداية و النهاية 9- 74 و 147، النجوم الزاهرة 1- 214، الاصابة 3- 456 برقم 8326، تهذيب التهذيب 10- 173 برقم 324، تقريب التهذيب 2- 253 برقم 1171، طبقات الحفاظ 31 برقم 52، شذرات الذهب 1- 110، الاعلام للزركلي 7- 250.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 530

ولد في حياة النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فيما قيل، ثم كانت إقامته و وفاته بالبصرة، و قدم الشام و لقي بها أبا ذر.

حدث عن: أبيه، و أبي ذر، و عمار بن ياسر، و عثمان، و عمران بن حُصين، و غيرهم.

حدث عنه: أخوه يزيد بن عبد اللّه، و ثابت البُناني، و الحسن البصري، و سعيد بن أبي هند، و آخرون.

و كان فقيهاً محدثاً، و له كلمات مأثورة و أخبار.

و من كلماته المروية عنه: ما مَدَحني أحد قط إلّا تصاغرت عليّ نفسي.

و قال: ما يسرّني أني كذبتُ كذبةً واحدة و أنّ ليَ الدنيا و ما فيها.

و قال و ذُكر له أهل الدنيا: لا تنظروا إلي خفض عيشهم و لين رياشهم و لكن انظروا إلي سرعة ظعنهم و سوء منقلبهم.

و قال: لَان أبيتَ نائماً و أصبحَ نادماً أحبُّ إليّ

من أن أبيتَ قائماً و أصبح مُعْجَباً.

روي عبد الرزاق الصنعاني بسنده عن مطرّف قال: صلّيتُ أنا و عمران بن حصين بالكوفة خلف علي بن أبي طالب يكبّر هذا التكبير حين يركع، و حين يسجد فيكبره كله، فلما انصرفنا قال لي عمران: ما صلّيت منذ حينٍ، أو منذ كذا و كذا أشبه بصلاة رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم من هذه الصلاة، يعني صلاة عليّ «1» توفي- سنة خمس و تسعين، و قيل: - سبع و ثمانين.

______________________________

(1) المصنّف: 2- 62 برقم 2498.

و أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده: 4- 429، و أخرج نحوه في ص 440 من طريق آخر عن مطرّف.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 531

260 معروف بن خرّبوذ «1»

(..- بعد 141 ه) القُرشي بالولاء، المكي.

مولي آل عثمان بن عفان.

روي عن: أبي الطفيل عامر بن واثلة، و بشير بن تيم «2» الصحابي، و عن الحكم بن المستورد، و محمد بن عمرو بن عتبة بن أبي لهب، و غيرهم.

روي عنه: أبو داود الطيالسي، و عُبيد بن معاذ الحنفي، و حنان بن سدير، و وكيع بن الجراح، و عبد اللّه بن سنان، و مالك بن عطية الاحمسي، و الربيع المسلي، و عثمان بن رشيد، و آخرون.

و عُدّ في أصحاب السجاد و الباقر- عليهما السّلام، و روي عنهما، و في أصحاب الصادق- عليه السّلام.

و ذكر الكشي اجماع علماء الشيعة علي تصديق

______________________________

(1) التأريخ الكبير للبخاري 7- 414 برقم 1816، اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي) 238، الجرح و التعديل 8- 321 برقم 1481، الثقات لابن حبان 5- 439، رجال الطوسي 101 برقم 12 و 135 برقم 13 و 32 برقم 64، التحرير الطاووسي 276 برقم 411، رجال ابن داود 348، رجال

العلّامة الحلي 170 برقم 10) ق 1)، تهذيب الكمال 28- 263، ميزان الاعتدال 4- 144 برقم 8655، تاريخ الإسلام (سنة 141 160) ص 624، تهذيب التهذيب 10- 230، تقريب التهذيب 2- 264، مجمع الرجال للقهبائي 6- 103، جامع الرواة 2- 246، بهجة الآمال 7- 45، تنقيح المقال 3- 227، معجم رجال الحديث 18- 228 برقم 1247، قاموس الرجال 9- 51.

(2) أُسد الغابة: 1- 192 ترجمة بشير بن تيم.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 532

جماعة من أصحاب أبي جعفر الباقر و أبي عبد اللّه الصادق- عليهما السّلام، و انقيادهم لهم بالفقه، و عدّ منهم معروف بن خرّبوذ.

ذكره ابن حبان في الثقات.

و قال الذهبي في «ميزانه»: صدوق شيعي.

و قال أبو عاصم: كان معروف شيعياً.

وقد وقع معروف بن خرّبوذ في اسناد جملة من الروايات المرويّة عن أئمة أهل البيت- عليهم السّلام-، تبلغ أحد عشر مورداً.

فروي عن: أبي الطفيل، و الحكم بن المستورد.

و روي عنه: حنان بن سدير الصيرفي، و عبد اللّه بن سنان، و مالك بن عطيّة، و غيرهم.

و روي له أبو داود و مسلم و ابن ماجة و البخاري.

أخرج أبو الحجاج المزي في «تهذيبه» بسنده عن معروف.

قال: حدثني أبو الطفيل، قال: «رأيت النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم علي راحلته يستلم الاركان بمِحْجَنِهِ ثم خرج فطاف بين الصفا و المروة علي راحلته».

لم تذكر مصادر الترجمة سنة وفاة معروف، إلّا أنّ الذهبي ذكره في وفيات سنة (141 160 ه).

261 مكحول «1»

(..- 112،- 113 ه) ابن أبي مسلم شهراب بن شاذل، يكنّي أبا عبد اللّه و قيل: أبو مسلم الهذلي بالولاء، يقال: إنّ أصله من فارس و مولده بكابل ترعرع بها و سبي، و صار مولي

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن

سعد 7- 453، التأريخ الكبير 8- 21، المعارف ص 257، المعرفة و التاريخ 2، 399، 410- 389، الجرح و التعديل 8- 407، الثقات لابن حبّان 5- 446، مشاهير علماء الامصار ص 183 برقم 870، حلية الاولياء 5- 177، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 225 برقم 372، الخلاف للطوسي 1- 463) طبع جماعة المدرسين)، طبقات الفقهاء للشيرازي، المنتظم 7- 284، وفيات الاعيان 5- 280، تهذيب الاسماء و اللغات 2- 113، تهذيب الكمال 28- 464، العبر 1- 107، سير أعلام النبلاء 5- 155، تذكرة الحفّاظ 1- 107، ميزان الاعتدال 4- 177، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 113) ص 478، البداية و النهاية 9- 317، مرآة الجنان 1- 243، النجوم الزاهرة 1- 272، تهذيب التهذيب 10- 289، تقريب التهذيب 2- 273، طبقات الحفّاظ ص 49 برقم 94، شذرات الذهب 1- 146، الاعلام 7- 284.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 533

لامرأة بمصر، من هذيل، فنسب إليها و أُعتق.

أرسل عن: النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- و عن عدّة من الصحابة كأُبيّ بن كعب، و عبادة بن الصامت، و أبي جندل بن سهيل.

و روي عن: واثلة بن الاسقع، و أنس، و أُم الدرداء، و طاوس، و كُريب، و عدّة.

حدّث عنه: الزهري، و ربيعة الرأي، و ابن عجلان، و ثابت بن ثوبان، و عامر الاحول و آخرون.

و كان فقيهاً مفتياً عالماً، رحل في طلب الحديث إلي العراق، فالمدينة، و طاف كثيراً من البلدان و استقر في دمشق، و بها توفّي.

و من أخباره: قال ابن جابر: أقبل يزيد بن عبد الملك إلي مكحول في أصحابه فهممنا بالتوسعة له، فقال مكحول: مكانكم، دعوه يجلس حيث أدرك.

روي عبد الرزاق الصنعاني بسنده عن مكحول

أنّه كان يقرأ بفاتحة الكتاب فيما يجهر فيه الامام و فيما لا يجهر «1» توفّي- سنة اثنتي عشرة و مائة، و قيل: ثلاث عشرة، و قيل غير ذلك.

وله في «الخلاف» ثلاثة موارد في الفتاوي.

______________________________

(1) المصنّف: 2- 129 برقم 2769.

اختلف الفقهاء في وجوب متابعة الامام بالقراءة.

قال الشافعية: يتابعه في الصلاة السرية لا الجهرية، و تجب قراءة الفاتحة علي المأموم في جميع الركعات.

و قال الحنفية: لا يتابعه في السرية و لا في الجهرية، بل نقل عن الامام أبي حنيفة انّ قراءة المأموم خلف الامام معصية (النووي شرح المهذب ج 3 ص 365).

و قال المالكية: أن يقرأ المأموم في السرية، و لا يقرأ في الجهرية.

و قال الامامية: إنّ القراءة لا تجب في الركعتين الأُوليين، و تجب في ثالثة المغرب و الأَخيرتين من الظهرين و العشاء.

الفقه علي المذاهب الخمسة: ص 136.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 534

262 مُوَرِّق العِجلي «1»

(..- بعد 100 ه) أبو المعتمر البصري، و يقال الكوفي.

أرسل عن: عمر، و أبي ذر، و أبي الدرداء، و طائفة، و روي عن: ابن عمر، و عبد اللّه بن جعفر، و عدّة.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 7- 213، التأريخ الكبير 8- 51 برقم 2117، المعارف ص 266، حلية الاولياء 2- 234 برقم 185، تاريخ اليعقوبي 3- 38) فقهاء أيام الوليد بن عبد الملك)، الجرح و التعديل 8- 403 برقم 1851، مشاهير علماء الامصار 146 برقم 654، الثقات لابن حبّان 5- 446، الأنساب للسمعاني 4- 160) العجلي)، تهذيب الكمال 29- 16 برقم 6232، العبر 1- 92) بعد المائة)، سير أعلام النبلاء 4- 353 برقم 135، تاريخ الإسلام 264 برقم 254) حوادث 101 102)، تهذيب التهذيب 10- 331 برقم 581، تقريب التهذيب 2- 280 برقم

1428، شذرات الذهب 1- 122.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 535

روي عنه: توبة العَنْبَري، و قتادة بن دعامة، و عاصم الاحول، و حميد الطويل، و جماعة.

و عُدّ من الفقهاء أيام الوليد بن عبد الملك، و قيل: كان حليماً، كثير العبادة.

روي عنه أنّه قال: إنّي قليل الغضب و ربّما أتت عليّ السنة لا أغضب، و لقلّ ما قلت في غضبي شيئاً فأندم عليه إذا رضيت.

روي أبو نعيم بسنده عن مورّق: أنّ سلمان (الفارسي) لمّا حضرته الوفاة بكي، فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: عهد عهده إلينا رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- قال: «ليكن بلاغ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب».

قال: فلما مات نظروا في بيته فلم يجدوا إلّا إكافاً و وطاء و متاعاً قُوِّم نحواً من عشرين درهماً.

توفّي- بعد المائة.

263 موسي بن عقبة «1»

(..- 141 ه) ابن أبي عياش الاسدي بالولاء، أبو محمد المدني، مولي آل الزبير، و يقال: مولي أُمّ خالد بنت سعيد بن العاص.

و هو أخو إبراهيم بن عقبة، و محمد بن عقبة.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 9- 223، الطبقات لخليفة 464 برقم 2375، تاريخ خليفة 27، التأريخ الكبير 7- 292، المعرفة و التاريخ 1، 328- 324، الجرح و التعديل 8- 154، الثقات لابن حبّان 5- 404، مشاهير علماء الامصار ص 131 برقم 584، رجال الطوسي ص 307 برقم 430، تهذيب الكمال 29- 115، تذكرة الحفّاظ 1- 148، العبر 1- 148، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 141) ص 299، سير أعلام النبلاء 6- 114، تهذيب التهذيب 10- 360، تقريب التهذيب 2- 286، نقد الرجال ص 358 برقم 46، مجمع الرجال للقهبائي 6- 158، شذرات الذهب 1- 209، جامع الرواة 2- 278، تنقيح المقال 3- 257، معجم رجال

الحديث 19- 53.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 536

روي عن: أُم خالد بنت خالد الأُموية و هي صحابية و علقمة بن وقاص، و كُريب و عكرمة، و ابن المنكدر، و عبد اللّه بن دينار، و آخرين.

و عنه: بُكير بن عبد اللّه بن الاشجّ، و شعبة، و وهيب، و السفيانان، و محمد بن فُليح، و أبو بدر السكوني، و خلق كثير.

و كان فقيهاً مفتياً مؤرخاً، صنّف في المغازي النبوية، ألّفها في مجلّد.

قال الواقدي: كان لِابراهيم و موسي و محمد بني عقبة حلقة في مسجد رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- و كانوا كلّهم فقهاء، محدثين، و كان موسي يُفتي.

عُدّ من أصحاب أبي عبد اللّه الصادق- عليه السّلام.

توفّي- سنة إحدي و أربعين و مائة.

264 مِيثَم التّمّار «1»

(..- 60 ه) ميثم بن يحيي التّمّار، الاسديّ بالولاء، أبو صالح الكوفي، من أعاظم

______________________________

(1) رجال البرقي 4، اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي (79 87، الاختصاص للشيخ المفيد 3، 7، 8، 61، 75، 76، الإرشاد للمفيد 323، 324، 325، رجال الطوسي 58 برقم 6 و 70 برقم 3 و 79 برقم 1، فهرست الطوسي 113 برقم 376) ضمن ترجمة علي بن إسماعيل بن ميثم) و 173 برقم 25، روضة الواعظين للفتال النيشابوري 288، المناقب لابن شهر آشوب 4- 28، رجال العلّامة الحلي 88 برقم 3) ضمن ترجمة صالح بن ميثم)، الاصابة في تمييز الصحابة 3- 479 برقم 8474، نقد الرجال 359، جامع الرواة 2- 284، وسائل الشيعة 20- 356 برقم 1198، بهجة الآمال 7- 123، تنقيح المقال 3- 262 برقم 12344، تأسيس الشيعة 283، 355، أعيان الشيعة 10- 198، الذريعة إلي تصانيف الشيعة 4- 317 برقم 1339، ميثم التمار محمد حسين المظفر،

الاعلام للزركلي 7- 336، معجم رجال الحديث 19- 93 برقم 12914 و 94 برقم 12916، قاموس الرجال 9- 164.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 537

الشهداء في التشيّع، كان عبداً لامرأة من بني أسد، و اشتراه علي- عليه السّلام منها، و أعتقه، ثم كان أثيراً عنده.

و كان أمير المؤمنين- عليه السّلام يمير ميثماً بنفيس العلوم و يطلعه علي الاسرار حتي أنّه كان يذكر له دوماً ما يصنعه به ابن زياد من فظيع الاعمال و هو يقول: «هذا في اللّه قليل»، و كان يصحبه أحياناً عند المناجاة في الخلوات، و عند خروجه في الليل إلي الصحراء فيستمع ميثم منه الادعية و المناجاة.

وقد عدّ ميثم أيضاً من أصحاب الامامين الحسن و الحسين (عليهما السّلام).

و كان خطيباً، متكلّماً، مفسّراً، و له كتاب في الحديث ينقل عنه الشيخ أبو جعفر الطوسي (المتوفي 460 ه) في أماليه، و أبو عمرو الكشّي «1» في كتاب الرجال، و صاحب كتاب بشارة المصطفي، و كثيراً ما يقول وجدت في كتاب ميثم التمار كذا.

روي أنّ ميثم قال لابن عباس و كان ميثم خرج من الكوفة إلي العمرة: سلني ما شئت من تفسير القرآن فإنّي قرأت تنزيله علي أمير المؤمنين (عليه السّلام) و علّمني تأويله، فأقبل ابن عباس يكتب.

و كان ميثم من المجاهرين في حب أهل البيت- عليهم السّلام- و بيان فضائلهم، و لما استشهد مسلم بن عقيل بن أبي طالب سفير الامام الحسين (عليه السّلام) إلي الكوفة، حبس عبيد اللّه بن زياد والي الكوفة ميثماً ثم أمر به فصلب علي خشبة، فجعل يحدّث بفضائل بني هاشم و مخازي بني أمية، فقيل لابن زياد: قد فضحكم هذا العبد، فقال: الجموه، فكان أوّل من أُلجم في الإسلام، ثم

طُعن في اليوم الثالث بحربة فمات، و كان استشهاده- قبل قدوم الامام الحسين- عليه السّلام- العراق بعشرة أيام.

______________________________

(1) محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي من أعلام الامامية في النصف الاوّل من القرن الرابع.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 538

265 ميمون بن مهران «1»

(40- 117،- 116 ه) الرَّقي، أبو أيوب الجزَري، كان مولي لامرأة بالكوفة، و أعتقته، فنشأ فيها، ثمّ سكن الرقة.

قيل: كان مولده عام شهادة علي- عليه السّلام.

حدّث عن: أبي هريرة، و عائشة، و ابن عباس، و أُم الدرداء، و عمر بن عبد العزيز، و يزيد بن الاصم و عدّة.

و أرسل عن عمر و الزبير.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 7- 477، الطبقات لخليفة 585 برقم 3066، تاريخ خليفة 25، المحبر 478، التأريخ الكبير 7- 338، رجال البرقي 4، المعرفة و التاريخ 2- 404، الجرح و التعديل 8- 233، اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي) ص 89 برقم 143، مشاهير علماء الامصار ص 190 برقم 908، الثقات لابن حبّان 5- 417، حلية الاولياء 4- 82، رجال الطوسي ص 58 برقم 9، الخلاف للطوسي 1- 630) طبع جماعة المدرسين)، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 77، المنتظم 7- 184، الكامل في التأريخ 5- 195، رجال العلّامة الحلي ص 192، تهذيب الكمال 29- 210، تذكرة الحفّاظ 1- 98، سير أعلام النبلاء 5- 71، العبر 1- 112، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 117) ص 485، دول الإسلام 1- 56، البداية و النهاية 9- 326، النجوم الزاهرة 7- 277، تهذيب التهذيب 10- 390، تقريب التهذيب 2- 292، طبقات الحفاظ ص 46 برقم 89، مجمع الرجال 6- 172، شذرات الذهب 1- 154، جامع الرواة 2- 287، تنقيح المقال 3- 265، الاعلام 7- 342، معجم رجال الحديث 19- 114،

قاموس الرجال 9- 178.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 539

حدّث عنه: ابنه عمرو، و حميد الطويل، و الاعمش، و خصيف، و آخرون.

استعمله عمر بن عبد العزيز علي خراج الجزيرة و قضائها، قيل: و كان غالباً علي أهل الجزيرة في الفتوي و الفقه.

روي عنه أنّه قال: وددت أنّ احدي عينيّ ذهبت و أنّي لم آل عملًا قط، لا خير في العمل لعمر بن عبد العزيز و لا لغيره.

قال أبو المليح: جاء رجل إلي ميمون بن مهران يخطب بنته، فقال: لا أرضاها لك، قال: وَ لِمَ؟ قال: لَانّها تحبُّ الحُلِيَّ و الحُلل، قال: فعندي من هذا ما تريد، قال: الآن لا أرضاك لها.

و قال: سمعت ميمون بن مهران، و أتاه رجل فقال: إنّ زوجة هشام ماتت، و أعتقت كل مملوك لها، فقال: يعصون اللّه مرتين، يبخلون به و قد أُمروا أن ينفقوه، فإذا صار لغيرهم أسرفوا فيه.

و من كلام ميمون قال: اتق اللّه.

و لا يغيّرك طمع و لا غضب.

و قال: العلماء هم ضالتي في كل بلدة و هم بغيتي، و وجدت صلاح قلبي في مجالسة العلماء.

توفّي- سنة سبع عشرة و مائة، و قيل: ست عشرة.

وله في «الخلاف» مورد واحد في الفتاوي، و هو: قال ميمون بن مهران: كان إذا جلس الامام علي المنبر و أخذ المؤذن في الاذان نودي في أسواق المدينة حرم البيع حرم البيع.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 540

266 ناعم بن أُجيل

«1» (..- 80 ه) الهمداني، أبو عبد اللّه المصري، مولي أُم سلمة زوج النبي- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-.

حدّث عن: أُم سلمة، و علي- عليه السّلام، و ابن عباس، و غيرهم.

و كان قليل الحديث.

حدّث عنه: عبيد للّٰه بن المغيرة، و الاعرج، و كعب بن علقمة،

و يزيد بن أبي حبيب، و آخرون.

و كان أحد الفقهاء بمصر، و عدَّ في الطبقة الثالثة من التابعين، روي عنه أنّه قال: حضرت عليّا [- عليه السّلام-] بالكوفة أو بالبصرة فخطب علي بعير ثمّ نزل و دعي بكبش أقرن فذبحه و قال: هذا عن علي و آل علي.

توفّي- سنة ثمانين.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 5- 298، التأريخ الكبير 8- 125، المعرفة و التاريخ 2- 520، الجرح و التعديل 8- 508، الثقات لابن حبّان 5- 470، أسد الغابة 5- 7، تهذيب الكمال 29- 267، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 61 80) ص 530، تهذيب التهذيب 10- 403 برقم 724، تقريب التهذيب 2- 295 برقم 12، الاصابة 3- 513 برقم 8650، تنقيح المقال 3- 266 برقم 12390.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 541

267 نافع بن مالك «1»

(..- قبل 136 ه) ابن أبي عامر الاصبحي، أبو سُهيل المدني، الفقيه.

حدّث عن: أبيه، و أنس، و سهل بن سعد، و القاسم بن محمد بن أبي بكر، و غيرهم.

حدّث عنه: ابن أخيه مالك بن أنس، و محمد بن طلحة التيمي، و الزهري، و عبد العزيز الدراوردي، و آخرون.

قال الواقدي: كان يؤخذ عنه القراءة بالمدينة.

توفّي في امارة أبي العباس السفّاح.

و له في «الخلاف» مورد واحد في الفتاوي.

268 نافع «2»

(..- 117 ه) المدني، أبو عبد اللّه، مولي عبد اللّه بن عمر، أصابه صغيراً في بعض مغازيه،

______________________________

(1) التأريخ الكبير 8- 86، المعرفة و التاريخ 1- 406، الجرح و التعديل 8- 453، الثقات لابن حبّان 5- 471، تاريخ أسماء الثقات ص 323، الخلاف للطوسي 2- 393) طبع اسماعيليان)، تهذيب الكمال 29- 290، سير أعلام النبلاء 5- 283، تهذيب التهذيب 10- 409، تقريب التهذيب 2- 296.

(2) الطبقات الكبري لابن سعد 9- 162، التأريخ الكبير 8- 84، المعارف 261، المعرفة و التاريخ 1- 645، الجرح و التعديل 8- 451، مشاهير علماء الامصار 129 برقم 578، الثقات لابن حبّان 5- 467، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 140 برقم 182، المنتظم 7- 185، تهذيب الاسماء و اللغات 2- 123، وفيات الاعيان 5- 367، تهذيب الكمال 29- 298، سير أعلام النبلاء 5- 95، تذكرة الحفاظ 1- 99، العبر 1- 113، دول الإسلام 1- 57، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 117) ص 488، مرآة الجنان 1- 251، البداية و النهاية 9- 332، النجوم الزاهرة 1- 275، تهذيب التهذيب 10- 412، تقريب التهذيب 2- 296، طبقات الحفاظ ص 47 برقم 90، شذرات الذهب 1- 154، الاعلام 8- 5، معجم رجال الحديث 19- 124.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص:

542

و هو ديلمي الاصل، مجهول النسب.

روي عن: عبد اللّه بن عمر، و رافع بن خَديج، و أبي سعيد الخدري، و أُم سلمة، و أبي هريرة، و طائفة.

روي عنه: حميد الطويل، و ابن جريج، و الزهري، و أيوب، و إسماعيل بن أُمية، و هشام بن الغاز، و مالك، و الليث، و خلق سواهم.

و كان فقيهاً كثير الرواية للحديث، أرسله عمر بن عبد العزيز إلي مصر ليعلّم أهلها السنن.

و قال الشيخ المفيد [: هو من شهود وصية الباقر- عليه السّلام إلي ابنه جعفر بن محمد عليهما السّلام-.

توفي- سنة سبع عشرة و مائة و قيل تسع عشرة و قيل غير ذلك.

269 نُعيم بن عبد اللّه «1»

(..- حدود 120 ه) المُجمر المدني، الفقيه، مولي آل عمر بن الخطاب.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 5- 309، التأريخ الكبير 8- 96، المعرفة و التاريخ 1- 317، الجرح و التعديل 8- 460، مشاهير علماء الامصار ص 128 برقم 569، الثقات لابن حبّان 5- 476، تهذيب الكمال 29- 487، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 101 120) ص 491، سير أعلام النبلاء 5- 227، تهذيب التهذيب 10- 465، تقريب التهذيب 2- 305.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 543

حدّث عن: جابر الانصاري، و أنس، و أبي هريرة، و ربيعة بن كعب الاسلمي، و سالم مولي شداد، و جماعة.

حدّث عنه: ابنه محمد، و محمد بن عجلان، و عمارة بن غزية، و مالك، و آخرون.

روي عنه أنّه قال: جالست أبا هريرة عشرين سنة.

عاش إلي قريب- سنة عشرين و مائة.

270 نوفل بن مساحق «1»

(..- 94،- بعد 90 ه) ابن عبد اللّه القرشي، العامري، أبو سعد، و يقال: أبو سعيد المدني.

روي عن: أُم سلمة، و عثمان بن حنيف، و سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، و غيرهم.

روي عنه: ابنه عبد الملك، و صالح بن كيسان، و عمر بن عبد العزيز، و آخرون.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 5- 242، التأريخ الكبير 8- 108 برقم 2374، المعرفة و التأريخ 1- 292، الجرح و التعديل 8- 488 برقم 2234، العقد الفريد 3- 70 و 2- 32، الثقات لابن حبّان 5- 478، مشاهير علماء الامصار 64 برقم 208، الكامل في التأريخ 4- 476، مختصر تاريخ دمشق 26- 219 برقم 141، تهذيب الكمال 30- 67، تاريخ الإسلام (سنة 81 100) ص 211، تهذيب التهذيب 10- 491، تقريب التهذيب 2- 309 برقم 177.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 544

و كان علي صدقات المدينة،

و كان أحد الفقهاء، ولي القضاء ثم عزل سنة اثنتين و ثمانين.

قيل: و كان يلي المساعي و لا يرفع إلي الامراء شيئاً، يقسمها و يطعمها.

كانت لنوفل ناحية من الوليد بن عبد الملك، و كان الوليد يعجبه الحمام و يتخذ له، فأدخل نوفل عليه و هو عند الحمام، فقال له الوليد: إني خصصتك هذا المدخل لانسي بك، فقال: يا أمير المؤمنين ما خصصتني و لكنّك خسستني، إنّما هذه عورة، و ليس مثلي يدخل علي مثل هذا.

فسيّره إلي المدينة، و غضب عليه.

توفّي- سنة أربع و سبعين، و قيل: بعد التسعين.

271 وهب بن كيسان «1»

(..- 127 ه) القرشي، مولي آل الزبير، أبو نعيم المدني.

حدّث عن: جابر، و أنس، و ابن عباس، و أسماء بنت أبي بكر، و أبي سعيد الخدري، و عمر بن أبي سلمة، و غيرهم.

حدّث عنه: أيوب، و ابن عجلان، و هشام بن عروة، و زيد بن أبي أنيسة، و آخرون.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 9- 215، التأريخ الكبير 8- 163، المعرفة و التاريخ 3- 300، الكني للدولابي 138، الجرح و التعديل 9- 23، الثقات لابن حبّان 5- 490، مشاهير علماء الامصار ص 130 برقم 582، اكمال ابن مأكولا 7- 277، تهذيب الكمال 31- 137، سير أعلام النبلاء 5- 226، العبر 1- 126، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 127) ص 295، دول الإسلام 1- 62، تهذيب التهذيب 11- 166، تقريب التهذيب 2- 339، شذرات الذهب 1- 173.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 545

و كان فقيهاً محدّثاً مؤدِّباً، و عن محمد بن عمر: لم يكن له فتوي.

أخرج الشافعي بسنده عن وهب بن كيسان قال: رأيت ابن الزبير يبدأ بالصلاة قبل الخطبة [في العيد]، ثم قال: كلُّ سنن رسول اللّه- صلّي اللّه عليه

و آله و سلّم- قد غُيّرت حتي الصلاة «1» قال الشوكاني: و قد ثبت في صحيح مسلم.. أوّل من بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة مروان، و قيل أوّل من فعل ذلك معاوية..، و روي ابن المنذر عن ابن سيرين أنّ أوّل من فعل ذلك زياد بالبصرة، قال و لا مخالفة بين هذين الاثرين و أثر مروان لَانّ كلًا من مروان و زياد كان عاملًا لمعاوية فيحمل علي أنّه ابتدأ ذلك و تبعه عمّاله «2» توفّي- سنة سبع و عشرين و مائة و قيل: تسع.

272 وهب بن منبّه «3»

(34- 110 ه) الابناوي الصنعاني، أبو عبد اللّه الذماري، أصله من أبناء الفرس الذين بعث

______________________________

(1) كتاب الأُم: 1- 235.

(2) نيل الاوطار: 3- 294.

قال ابن حزم في المحلّي: 5- 86: و اعتلوا بأنّ الناس كانوا إذا صلّوا تركوهم و لم يشهدوا الخطبة، و ذلك لَانّهم كانوا يلعنون عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه، فكان المسلمون يفرّون، و حقّ لهم، فكيف و ليس الجلوس للخطبة واجباً.

(3) الطبقات الكبري لابن سعد 5- 543، التأريخ الكبير 8- 164، الجرح و التعديل 9- 24، الثقات لابن حبّان 5- 487، مشاهير علماء الامصار ص 198 برقم 956، حلية الاولياء 4- 23، رجال النجاشي 2- 242، فهرست الطوسي ص 171، اكمال ابن مأكولا 5- 99، طبقات الفقهاء للشيرازي 74، معجم الأُدباء 19- 259، تهذيب الاسماء و اللغات 2- 149، وفيات الاعيان 6- 35، تهذيب الكمال 31- 140، تذكرة الحفاظ 1- 100، ميزان الاعتدال 4- 352، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 114) ص 497، دول الإسلام 1- 55، العبر 1- 109، مرآة الجنان 1- 248، البداية و النهاية 9- 288، تهذيب التهذيب 11- 166، تقريب التهذيب 2- 339،

طبقات الحفاظ ص 48 برقم 92، نقد الرجال 365، مجمع الرجال للقهبائي 6- 197، شذرات الذهب 1- 150، جامع الرواة 2- 302، تنقيح المقال 3- 281، الاعلام 8- 125، معجم رجال الحديث 19- 209، قاموس الرجال 9- 266.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 546

بهم كسري إلي اليمن، و يقال: إنّه من أصل يهودي.

و هو أحد فقهاء التابعين باليمن.

ولد سنة أربع و ثلاثين.

روي عن: أبي هريرة، و النعمان بن بشير، و ابن عباس، و ابن عمر، و غيرهم.

حدّث عنه: ولداه عبد اللّه و عبد الرحمن، و ابنا أخيه عبد الصمد و عقيل، و عمرو بن دينار، و آخرون.

و كان كثير الاخبار عن الكتب القديمة، و التحدّث بأساطير الاوّلين و لا سيما الاسرائيليات، و كان يزعم أنّه قرأ اثنين و تسعين كتاباً كلها أُنزلت من السماء، اثنان و سبعون منها في الكنائس و في أيدي الناس، و عشرون لا يعلمها إلّا قليل.

و له «قصص الانبياء» و «قصص الاخبار».

قال ابن كثير في تفسير سورة النمل، بعد أن ذكر ما جاء في قصة ملكة سبأ مع سليمان من الاسرائيليات: و الأَقرب في مثل هذه السياقات انّها متلقّاة عن أهل الكتاب ممّا وجد في صحفهم كروايات كعب و وهب سامحهما اللّه تعالي فيما نقلاه إلي هذه الامّة من أخبار بني إسرائيل من الاوابد و الغرائب و العجائب ممّا كان و ممّا لم يكن و ممّا

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 547

حرّف و بدّل و نسخ، و قد أغنانا اللّه بما هو أصحّ منه و أنفع و أوضح و أبلغ و للّٰه الحمد و المنّة.

و قال محمد رشيد رضا في كل من كعب الاحبار و وهب: إنّ شَرّ رواة هذه الاسرائيليات، أو أشدهم

تلبيساً و خداعاً للمسلمين هذان الرجلان، فلا تجد خرافة دخلت في كتب التفسير و التأريخ الإسلامي في أُمور الخلق و التكوين و الانبياء و أقوامهم، و الفتن و الساعة و الآخرة، إلّا و هي منهما مضرب المثل «1» ولّاه عمر بن عبد العزيز قضاء صنعاء و بها توفّي- سنة عشر و مائة، و قيل ثلاث عشرة، و قيل غير ذلك.

273 أُم الدرداء «2»

(..- بعد 81 ه) هُجَيْمة بنت حييّ الاوصابية الحِميرية الدمشقية، و هي أُم الدرداء الصغري، و أُم الدرداء الكبري هي: خَيرة بنت أبي حَدْرَد، لها صحبة.

روت عن: زوجها أبي الدرداء، و سلمان الفارسي، و كعب بن عاصم الاشعري، و عائشة، و غيرهم.

روي عنها: جُبير بن نُضير، و أبو قِلابة الجرمي، و سالم بن أبي الجعد،

______________________________

(1) أضواء علي السنّة المحمدية لمحمود أبو رَيّة ص 174.

(2) المعرفة و التاريخ 2- 327، الجرح و التعديل 9- 463، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 224 برقم 369، اللباب 1- 94، تهذيب الكمال 35- 352، سير أعلام النبلاء 4- 277، العبر 1- 69، تذكرة الحفاظ 1- 53، الوافي بالوفيات 14- 7، البداية و النهاية 9- 50، تهذيب التهذيب 12- 465، تقريب التهذيب 2- 617، طبقات الحفاظ 25، شذرات الذهب 1- 90، الاعلام 2- 338.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 548

و مكحول، و زيد بن أسلم، و عثمان بن حيان المُرّي، و آخرون.

و كانت فقيهة عالمة، و كان عبد الملك بن مروان كثيراً ما يجلس إليها في مؤخّر المسجد بدمشق.

و كانت تقيم ستة أشهر ببيت المقدس و ستة أشهر بدمشق فيما قيل.

روي عبد الرزاق الصنعاني بسنده عن أُمّ الدرداء أنّ أبا الدرداء كان إذا أصبح سأل أهله الغداء فإن لم يكن قال:

إنّا صائمون «1» ماتت- بعد سنة احدي و ثمانين.

274 يحيي بن الجَزّار (الجرّار («2»

(..- بعد 81 ه) العُرَني الكوفي، مولي بَجيلة.

روي عن: أُبي بن كعب، و عبد اللّه بن عباس، و عبد الرحمن بن أبي ليلي، و مسروق الاجدع، و غيرهم.

______________________________

(1) المصنّف: 4- 272، باب إفطار التطوع و صومه إذا لم يبيّته.

(2) الطبقات الكبري لابن سعد 6- 294، الطبقات لخليفة 255 برقم 1090، التأريخ الكبير 8- 265 برقم 2943، الضعفاء الكبير للعقيلي 4- 394 برقم 2016، الجرح و التعديل 9- 133 برقم 561، الثقات لابن حبّان 5- 519، الكامل لابن عدي 7- 222، رجال الطوسي 62 برقم 1، الاكمال لابن مأكولا 4- 113، رجال ابن داود 373) القسم الثاني)، رجال العلّامة الحلي 181، تهذيب الكمال 31- 251، تاريخ الإسلام (سنة 81 100) ص 220، ميزان الاعتدال 4- 367 برقم 9477، تهذيب التهذيب 11- 191، تقريب التهذيب 2- 344، نقد الرجال 371، مجمع الرجال (للقهبائي (6- 253، جامع الرواة 2- 329، تنقيح المقال 3- 313 برقم 12994، معجم رجال الحديث 20- 37 برقم 13466، قاموس الرجال 9- 401.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 549

روي عنه: سليمان الاعمش، و الحكم بن عُتيْبة، و الحسن العُرني، و حبيب بن أبي ثابت، و جماعة.

و عُدّ من أصحاب الامام علي- عليه السّلام، و أكد غير واحد علي تشيّعه.

وثّقه أبو حاتم و النسائي، و ذكره ابن حبّان في كتاب «الثقات».

و قال العجلي: كوفي ثقة، و كان يتشيّع.

روي له مسلم و أصحاب السنن.

أخرج له مسلم (في باب الدليل لمن قال الصلاة الوسطي هي صلاة العصر) عن علي [- عليه السّلام-] قال قال رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- يوم الاحزاب و هو قاعد علي

فرضة من فرض الخندق: شغلونا عن الصلاة الوسطي حتي غربت الشمس، ملأ اللّه قبورهم و بيوتهم أو قال: قبورهم و بطونهم ناراً «1» ذكره الذهبي في وفيات سنة (- 81- 100).

275 يحيي بن سعيد «2»

(قبل 70- 143 ه) ابن قيس الانصاري الخزرجي، أبو سعيد: قاض، محدّث، فقيه، من أهل المدينة.

______________________________

(1) صحيح مسلم، كتاب 5 باب 36 حديث 204، و (الفرضة): هي المدخل من مداخل الخندق و المنفذ إليه.

(2) التأريخ الكبير 8- 275، المعارف 270، المعرفة و التاريخ 1- 127، الجرح و التعديل 9- 147، الثقات لابن حبّان 5- 521، مشاهير علماء الامصار 130 برقم 581، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 149 برقم 203، الخلاف للطوسي 3- 427) طبع جماعة المدرسين)، رجال الطوسي ص 333 برقم 4، تاريخ بغداد 14- 101، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 66، المنتظم 8- 42، تهذيب الاسماء و اللغات 11- 221، رجال ابن داود ص 203 برقم 1705، رجال العلّامة ص 364 برقم 1، تهذيب الكمال 31- 346، سير أعلام النبلاء 5- 468، تذكرة الحفاظ 1- 137، العبر 1- 151، ميزان الاعتدال 4- 380، تاريخ الإسلام (سنة 143) ص 331، البداية و النهاية 10- 83، النجوم الزاهرة 1- 351، تهذيب التهذيب 11- 221، تقريب التهذيب 2- 348، طبقات الحفاظ 64 برقم 122، نقد الرجال 373 برقم 45، مجمع الرجال 6- 259، شذرات الذهب 1- 212، جامع الرواة 2- 329، تنقيح المقال 3- 317، الاعلام 8- 147.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 550

مولده قبل السبعين.

روي عن: أنس بن مالك، و علي بن الحسين زين العابدين- عليه السّلام، و القاسم ابن محمد بن أبي بكر، و أبي أُمامة بن سهل، و عُبيد بن حنين، و طائفة.

روي عنه:

الزهري، و سفيان الثوري، و الليث بن سعد، و مالك، و شعبة، و يحيي القطان، و آخرون.

و عُدّ من أصحاب الامام جعفر الصادق- عليه السّلام.

ولي القضاء بالمدينة في زمن بني أُمية، ثم رحل إلي العراق حيث ولّاه المنصور العباسي قضاء الحيرة، و قيل: قضاء الهاشمية من الانبار.

نقل عنه الشيخ الطوسي في «الخلاف» فتوي واحدة، و هي: لا تثبت الشفعة بالجوار، و إنّما تثبت للشريك المخالط «1» توفّي بالهاشمية- سنة ثلاث، و قيل أربع و أربعين و مائة.

______________________________

(1) و هو ما ذهب إليه فقهاء الامامية، و به قال عمر و عثمان و عمر بن عبد العزيز و سعيد بن المسيب و ربيعة و مالك و الشافعي و الأَوزاعي، و غيرهم.

و ذهب أهل الكوفة إلي أنّها تثبت بالشركة و الجواز لكن الشريك أحق، فإن ترك فالجار أحق.

ذهب إليه ابن شبرمة، و الثوري، و أبو حنيفة و أصحابه، و عبد اللّه بن مبارك.

انظر «الخلاف» 3- 427.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 551

276 يحيي بن عبد الرحمن «1»

(32- 104 ه) ابن حاطب بن أبي بلتعة اللَّخْمي، أبو محمد، و يقال: أبو بكر المدني.

وُلد سنة اثنتين و ثلاثين.

و روي عن: أبيه، و أُسامة بن زيد، و حسان بن ثابت، و ابن عمر، و ابن الزبير، و أبي سعيد الخُدري، و طائفة.

روي عنه: عروة بن الزبير، و يحيي بن سعيد الانصاري، و خالد بن إلياس، و بكير بن عبد اللّه بن الاشج، و آخرون.

و عُدّ من الفقهاء أيام عمر بن عبد العزيز.

توفّي بالمدينة- سنة أربع و مائة.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 5- 250، التأريخ الكبير 8- 289 برقم 3031، تاريخ اليعقوبي 3- 53) فقهاء أيام عمر بن عبد العزيز)، الجرح و التعديل 9- 165 برقم 685،

الثقات لابن حبّان 5- 523، مشاهير علماء الامصار 139 برقم 625، تهذيب الكمال 31- 435 برقم 6869، تاريخ الإسلام 273 برقم 264) حوادث 120101)، تهذيب التهذيب 11- 249 برقم 399، تقريب التهذيب 2- 352 برقم 117.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 552

277 يحيي بن يَعْمر العَدْواني «1»

(..- 89 ه) الوَشْقيّ، أبو سليمان، و قيل: أبو سعيد البصري النحوي، و هو حليف بني ليث.

ولد بالاهواز و سكن البصرة، و قيل: ولد بالبصرة و نشأ بخراسان.

حدث عن: جابر بن عبد اللّه الانصاري، و سليمان بن صُرد الخزاعي، و أبي سعيد الخدري، و ابن عباس، و غيرهم.

حدث عنه: قتادة، و سليمان التيميّ، و عكرمة، و عطاء الخراساني، و آخرون.

و كان فقيهاً، لغوياً نحوياً، عالماً بالقرآن الكريم و الحديث، و كان ذا لسَن و فصاحة، أخذ ذلك عن أبي الاسود الدوَلي صاحب علي- عليه السّلام.

و هو أوّل

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 7- 368، التأريخ الكبير 8- 311، الكني للدولابي 194، الجرح و التعديل 9- 196، الثقات لابن حبّان 5- 523، مشاهير علماء الامصار 203 برقم 990، فهرست ابن نديم 68، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 164 برقم 234، معجم الأُدباء 20- 42، وفيات الاعيان 6- 173، تهذيب الكمال 32- 53، سير أعلام النبلاء 4- 441، تذكرة الحفاظ 1- 71، تاريخ الإسلام للذهبي سنة 80 100 ص 502، مرآة الجنان 1- 271، البداية و النهاية 9- 78، غاية النهاية 2- 381، النجوم الزاهرة 1- 217، تهذيب التهذيب 7- 305، تقريب التهذيب 2- 361، طبقات الحفاظ 37، بغية الوعاة 2- 345، شذرات الذهب 1- 175، الاعلام 8- 177.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 553

من نقّط المصحف في قولٍ «1» وقد روي القراءة عنه عرضاً عبد اللّه

بن أبي إسحاق، و أبو عمرو بن العلاء.

عُدّ من الشيعة القائلين بتفضيل أهل البيت- عليهم السّلام- علي غيرهم.

قال ابن الجوزي: في سنة أربع و ثمانين للهجرة نفي الحجاج يحيي بن يعمر لَانّه قال له: هل ألحن؟ فقال: تلحن لحناً خفياً، فقال: أجّلتك ثلاثاً، فإن وجدتك بعد بأرض العراق قتلتُك، فخرج.

و يقال انّه ولي القضاء بمرو، ولّاه قتيبة بن مسلم.

وثّقه أبو حاتم و النسائي، و غيرهما.

روي أنّ الحجاج بن يوسف الثقفي بلغه أنّ يحيي بن يعمر يقول: إنّ الحسن و الحسين- عليهما السّلام من ذرية رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-، فبعث إليه.

و قال: أنت الذي تزعم أنّ الحسن و الحسين من ذرية رسول اللّه- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-؟ و اللّه لَالقين الاكثر منك شعراً أو لتخرجنّ من ذلك، قال: فهو أماني إن خرجت؟ قال: نعم، قال يحيي: فإنّ اللّه جل ثناؤه يقول: " وَ وَهَبْنٰا لَهُ إِسْحٰاقَ وَ يَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنٰا وَ نُوحاً هَدَيْنٰا مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ دٰاوُدَ وَ سُلَيْمٰانَ وَ أَيُّوبَ وَ يُوسُفَ وَ مُوسيٰ وَ هٰارُونَ وَ كَذٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَ زَكَرِيّٰا وَ يَحْييٰ وَ عِيسيٰ" «2» قال و ما بين عيسي و إبراهيم أكثر مما بين الحسن و الحسين و محمّد- صلّي اللّه عليه و آله و سلّم-، فقال له الحجاج: ما أراك إلّا قد خرجت، و اللّه لقد قرأتها و ما علمت بها قط.

قال عاصم بن أبي النجود المقرئ: و هذا من الاستنباطات البديعة الغريبة العجيبة، فللّه دَرّه، ما أحسن ما استخرج و أدقّ ما استنبط.

توفي يحيي- سنة تسع و ثمانين، و قيل: - سنة تسع و عشرين و مائة.

______________________________

(1) قال أبو عبيدة:

و أوّل من نقط المصاحف أبو الاسود الدوَلي.

(2) الانعام: 84 85.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 554

278 يزيد بن الاصم «1»

(..- 101،- 103 ه) أبو عوف العامري، البكّائي، الكوفي، نزيل الرَّقّة.

حدّث عن: خالته أُم المؤمنين ميمونة بنت الحارث، و عائشة، و ابن خالته ابن عباس، و أبي هريرة، و غيرهم.

حدّث عنه: ابن أخيه عبد اللّه بن عبد اللّه بن الاصم، و ميمون بن مهران، و راشد بن كيْسان، و أجلح الكندي، و آخرون.

و عُدّ من الفقهاء أيام عمر بن عبد العزيز.

توفّي- سنة إحدي و مائة، و قيل: - ثلاث و مائة.

قال الواقدي: و هو ابن ثلاث و سبعين سنة.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 7- 479، التأريخ الكبير 8- 318 برقم 3157، المعرفة و التاريخ 1- 396، تاريخ اليعقوبي 3- 53) فقهاء أيام عمر بن عبد العزيز)، الجرح و التعديل 9- 252 برقم 1055، الثقات لابن حبّان 5- 531، مشاهير علماء الامصار 121 برقم 524، حلية الاولياء 4- 97 برقم 258، أسد الغابة 5- 104، تهذيب الاسماء و اللغات 2- 161 برقم 253، الكامل في التأريخ لابن الاثير 5- 105، تهذيب الكمال 32- 83 برقم 6961، سير أعلام النبلاء 4- 517 برقم 211، تاريخ الإسلام 275 برقم 267) حوادث 101 120)، العبر 1- 95 (103)، الاصابة 3- 632 برقم 9383، تهذيب التهذيب 11- 313 برقم 600، تقريب التهذيب 2- 362 برقم 222، شذرات الذهب 1- 125.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 555

279 يزيد بن أبي حبيب «1»

(بعد 50- 128 ه) و اسم أبي حبيب سويد، الازدي بالولاء، أبو رجاء المصري، أحد صغار التابعين، و كان نوبياً أسود.

ولد بعد سنة خمسين.

حدّث عن: عبد اللّه بن الحارث بن جزء الصحابي، و سعيد بن أبي هند، و عطاء، و عراك بن مالك، و عمرو بن شعيب، و خلق.

حدّث عنه: سليمان التيمي، و زيد بن

أبي أُنيسة، و الليث، و آخرون.

و كان فقيهاً مفتياً، قيل: و كان أوّلَ من أظهر العلم بمصر و الكلام في الحلال و الحرام و مسائل.

توفّي- سنة ثمان و عشرين و مائة.

______________________________

(1) الطبقات الكبري لابن سعد 7- 513، التأريخ الكبير 8- 324، المعرفة و التاريخ 1- 215، الجرح و التعديل 9- 267، الثقات لابن حبّان 5- 546، مشاهير علماء الامصار 197 برقم 953، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 235 برقم 391، طبقات الفقهاء للشيرازي 78، المنتظم 7- 268، تهذيب الكمال 32- 102، سير أعلام النبلاء 6- 31، العبر 1- 129، تذكرة الحفاظ 1- 129، تاريخ الإسلام للذهبي سنة 128 ص 304، البداية و النهاية 10- 30، شرح علل الترمذي ص 307، تهذيب التهذيب 11- 318، تقريب التهذيب 2- 363، طبقات الحفاظ 59 برقم 114، شذرات الذهب 1- 175، الاعلام 8- 183.

موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص: 556

280 يزيد بن عبد اللّه «1»

(..- 122 ه) ابن قُسيط الليثي، أبو عبد اللّه المدني، الاعرج.

روي عن: أبي هريرة، و ابن المسيب، و عروة بن الزبير، و غيرهم.

روي عنه: أبو صخر حُميد بن زياد، و ابن إسحاق، و الليث، و مالك، و آخرون.

قال ابن إسحاق: كان ثقة فقيهاً يُستعان به في الاعمال لَامانته و فقهه.

مات- سنة اثنتين و عشرين و مائة، و يقال: بلغ تسعين سنة.

(نجز الكلام في الجزء الاوّل و يليه الجزء الثاني في فقهاء القرن الثاني) و الحمد للّٰه رب العالمين

______________________________

(1) التأريخ الكبير 8- 273، المعرفة و التاريخ 1- 448، الجرح و التعديل 9- 273، مشاهير علماء الامصار 122 برقم 525، الثقات لابن حبّان 5- 543، تهذيب الكمال 32- 177، دول الإسلام 1- 58، تاريخ الإسلام للذهبي سنة 122 ص 308، سير

أعلام النبلاء 5- 266، العبر 1- 119، ميزان الاعتدال 4- 430، تهذيب التهذيب 11- 342، تقريب التهذيب 1- 367، شذرات الذهب 1- 160.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.