الفائق في غريب الحديث المجلد 3

اشارة

سرشناسه : زمخشری، محمودبن عمر، ق ۵۳۸ - ۴۶۷
عنوان و نام پديدآور : الفائق فی غریب الحدیث/ محمودبن عمر الزمخشیری؛ ضبطه و صححه و علق حواشیه علی‌محمد البجاوی، محمد ابوالفضل ابراهیم
مشخصات نشر : قاهره : داراحیاآ الكتب العربیه ، ۱۳۶۴ق = ۱۹۴۵ م = - ۱۳۲۴.
مشخصات ظاهری : ج ۳
وضعیت فهرست نویسی : فهرستنویسی قبلی
يادداشت : ج. ۱: (چاپ اول: ۱۳۶۴ق = ۱۹۴۵م = )۱۳۲۴
يادداشت : ج. ۲: (چاپ اول: ۱۳۶۶ق = ۱۹۴۷م = )۱۳۲۶
یادداشت : كتابنامه
موضوع : حدیث -- نقد و تفسیر
موضوع : احادیث -- مسائل ادبی
شناسه افزوده : بجاوی، علی‌محمد، مصحح
شناسه افزوده : ابراهیم، محمدابوالفضل، .Ibrahim, Mohammad Adumal - Fadlمصحح
رده بندی كنگره : BP۱۰۷/۵/ز۸ف‌۲ ۱۳۲۴
رده بندی دیویی : ۲۹۷/۲۶۷
شماره كتابشناسی ملی : م‌۸۳-۲۷۰۵۸

الجزء الثالث

حرف الفاء

الفاء مع الهمزة

[فأد]

: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم عاد سعدا، فوضعَ يده بين ثَدْييه؛ و قال: إنك رجل مَفْؤود، فَأْت الحارث بن كَلَدة أخا ثَقيف، فإنه يَتَطَبّب؛ فليأخذ سبع تمرات من عَجْوَة المدينة فَلْيَجَأْهُنَّ ثم لْيلُدَّك بهنّ و يروي: أنه وَصف له الفريقة.
المَفْؤود: الذي أُصِيب فؤاده بداء، كالمَظْهور و المَصْدور؛ و يقال: فأدتُ الظبيَ؛ أي رميتُه فأصبت فؤاده؛ و رجل مفؤود و فئِيد للجبان الذاهب الفؤاد خوفاً، و قد فَأَده الخوفُ فَأْداً.
و
في حديث عطاء رحمه اللّه تعالي: أن ابن جُريج قال له: رجل مَفْؤود ينفُث دماً، أو مصدور يَنْهَزُ قيحاً أحَدثٌ هو قال: لا وُضُوءَ عليهما.
النَّهْز: الدفع؛ يقال نَهَزَ الثورُ برأسه؛ إذا دفع عن نفسه. قال ذو الرُّمة:
قِياماً تَذُبّ البَقَّ عن نُخَراتِها بِنَهْزِ كإيماء الرؤوس المواتِع
«1» و نَهز بالدلو؛ إذا ضرب بها الماء لتمتلي‌ء.
فَلْيَجَأْهُنّ؛ من الوَجيئة؛ و هي التَّمر يُدَقّ حتي يخرج نواه، ثم يُبَلُّ بلبن، أو بسمن حتي يَتَّدِن، و يلزمَ بعضُه بعضا. قال:
لِتَبْكِ الباكياتُ أبا خُبَيْبٍ لدهر أو لنائبة تَنُوبُ
و قَعْبِ وَجيئةٍ بُلَّت بماء يكون إدامها لبنٌ حليبُ
و أصل الوجْ‌ء: الدقّ و الضرب، و منه: وَجَأتُ به الأرض؛ عن أبي زيد؛ إذا ضربتها به، و كنزتُ التَّمْرَ في الجَلَّة حتي اتجأ؛ أي اكتنز و تلازم، كأنه وُجِئ وَجئاً.
اللدّ؛ من اللّدود؛ و هو الوَجُور في أحد لَدِيدَيِ الفم، و هما شِقَّاه.
______________________________
(1) البيت في ديوان ذي الرمة ص 363، و رواية صدر البيت في الديوان:
صياماً تذب البق عن نخراتها
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 4
الفريقة: تمر يُطْبَخُ بِحُلْبة. وَ فَرَقْتُ للنُّفَسَاء، و أفْرقت، إذا صنعتها لها.

[فأل]

: و كان صلي اللّه عليه و آله و سلم يَتَفاءل و لا يَتَطَيَّر.
الفَأل و الطِّيَرة قد جاءا في الخير و الشر، تقول العرب: و لا فأل عليك. و قال الكُمَيت:
و كان اسمكُم لو يَزْجُرُ الطيرَ عائف لبينكم طيراً مبينة الفال
مجي‌ء الطِّيَرة في الشرّ واسع لا يُفتقر فيه إلي شاهد، إلّا أن استعمال الفأل في الخير أكثر.
و منه
حديثه صلي اللّه عليه و آله و سلم أنه قيل: يا رسول اللّه، ما الفأل؟ فقال: الكلمة الصالحة.
و استعمال الطِّيَرة في الشر أوسع، و قد جاءت مجي‌ء الجنس في الحديث، و هو
قوله: أصْدَقُ الطِّيَرة الفأل.
[الفئام في (أخ). في فأس رأسه في (صب). الفي‌ء في (خر) و في (قص). أفئدة في (بخ)].

الفاء مع التاء

[فتح]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- كان يَسْتَفْتِحُ بصعاليك المهاجرين.
أيْ يَفْتَتِحُ بهم القتال تَيَمُّناً بهم؛ و قيل: يستنصر بهم؛ من قوله تعالي: إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جٰاءَكُمُ الْفَتْحُ [الأنفال: 19]. و كما الْتَقَي الفتحُ و النصرُ في معني الظَّفر الْتَقَيَا في معني المَطر، فقالوا: قَدْ فتح اللّه علينا فُتوحاً كثيرة؛ تتابعت الأمطار، و أرض بني فلان منصورة؛ أي مغيثة.
الصُّعْلوك: الذي لا مالَ له، وَ لا اعتمال، و قد صَعْلَكْتُه؛ إذا ذهبْتُ بماله، و منه تَصَعْلَكَتِ الإبلُ؛ إذا ذهبت أوْبَارُها.

[فتخ]

*: كان صلي اللّه عليه و آله و سلم إذا سَجَدَ جَافَي عَضُديه عن جَنْبَيْه، وَ فَتَخَ أصابع رِجْليه.
أيْ نَصَبها وَ غَمَزَ موضع المفاصل إلي بَاطن الرِّجْل؛ يقال: فَتَخها يَفْتَخُها فَتْخاً، و فَتَخ الرَّجُل [يَفْتَخ] فَتْخاً؛ فهو أفْتَخ؛ و هو اللَّيِّن مفاصل الأصابع من عرض، و منه قيل للعُقَاب فتْخاء؛ لأنها إذا انحطت كَسرت جَناحيها و غمزتهما.
______________________________
(1) (*) [فتح]: و منه الحديث: أوتيت مفاتيح الكلم. و الحديث: أوتيت مفاتيح خزائن الأرض. و الحديث:
ما سُقي بالفتح ففيه العُشْر. و في حديث الصلاة: لا يفتح علي الإمام. و الحديث: لا تفاتحوا أهل القدر. و في حديث أبي ذر: قَدْرَ حَلْبِ شاةٍ فتوح. النهاية 3/ 407، 408.
(2) (*) [فتخ]: و منه حديث عائشة في قوله تعالي: وَ لٰا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلّٰا مٰا ظَهَرَ مِنْهٰا فقالت: القلب و الفتخة. النهاية 3/ 408.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 5‌

[فتر]

*: نهي صلي اللّه عليه و آله و سلم عن كل مُسْكر و مُفْتِر.
هو الذي يُفْتِر من شُربه؛ فإمّا أن يكونَ أفتَرهُ بمعني فتّره؛ أي جعله فاتِراً، و إما أن يكون أفْتَرَ الشرابُ إذا فَتر شاربُه؛ كقولك: أقطفَ الرجل إذا قطفت دابته.
و عن ابن الأعرابي: أفْتَرَ الرَّجلُ؛ إذا ضعفت جُفونه فانكسر طَرْفُه.

[فتن]

*: قال صلي اللّه عليه و آله و سلم في فتنة القبر: «أمّا فتنة القبر فَبِي تُفْتَنُون و عَنِّي تُسْألون؛ فإذا كان الرجلُ صالحاً؛ أجْلِس في قبره غَيرَ فزعٍ و لا مشعوف «1»»
. الفَتن: أصْلُه الابتلاء و الامتحان؛ و منه فَتَنَ الفِضَّة؛ إذا أدْخَلَها النارَ ليعرف جَيِّدها من رديئها.
و منه
قوله صلي اللّه عليه و آله و سلم: «فبي تُفْتَنُون»
: تُمْتَحَنون؛ و يُتَعَرَّف إيمانكم بِنُبُوَّتي، و كما قيل في شدة النازلة بلاء و محنة، قيل فتنة، و فُتِنَ فُلان بفُلانة؛ أي بُلي بِهواها و نُكِب.
و
في حديث الحسن رحمه اللّه تعالي أنه قال في قوله تعالي: إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنٰاتِ [البروج: 10] فتَنُوهم بالنار؛ قوماً كانوا بمذارع اليمن
؛ أي عَذَّبوهم.
و المِذْراع: البلاد التي بين الرِّيف و البَرّ لأنها أطراف و نَواح؛ من مِذْراع الدابة.
المَشْعُوف: الذي أصيب شَعَفة قَلْبه؛ و هي رأسه عند مُعَلق النِّيَاطِ، بِحُبِّ أو ذُعْرٍ أو جنون؛ و أهل حِجْر و ناحيتها يقولون للمجنون مَشْعوف، و به شِعاف. و المراد هاهنا المذعور، أو الَّذي أصابه شِبْه الجنون من فَرْط الفَزَع، و القَلَق و الحسرة.

[فتو]

*: إنّ أربعة تفاتَوْا إليه.
أي تحاكموا إليه؛ من الفَتْوي. قال الطِّرِمَّاح.
أنِخْ بفِناء أشْدَقَ من عدِيِّ و مِنْ جَرْمٍ و هُمْ أهل التَّفَاتِي
«2» إنّ امرأة سألت أم سلمة أَنْ تُريها الإناء الذي كان يتوضأ منه رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم، فأخرجته، فقالت [المرأة]: هذا مَكُّوك المُفْتي.
______________________________
(3) (*) [فتر]: و منه في حديث ابن مسعود: أنه مرض فبكي فقال: إنما أبكي لأنه أصابني علي حال فترةٍ و لم يصبني في حال اجتهاد. النهاية 3/ 408.
(4) (*) [فتن]: و منه في حديث قيلة: المسلم أخو المسلم يتعاونان علي الفتان. و منه الحديث: أفتَّان أنت يا معاذ. و الحديث: المؤمن خلق مُفَتناً. النهاية 3/ 410.
(1) الشعف، شدة الفزع حتي يذهب بالقلب و يجي‌ء في معني شدة الحب (لسان العرب: شعف).
(5) (*) [فتا]: و منه الحديث: الإثم ما حكَّ في صدرك و إن أفتاك الناس عنه و أفتوك. النهاية 3/ 411.
(2) البيت في لسان العرب (فتا).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 6
قال الأصمعي: المُفْتي مِكْيال هِشام بن هُبَيْرة. و قال ابنُ الأعرابي: أفْتَي الرَّجُلُ؛ إذا شرب بالْمُفْتِي؛ و هو قَدَح الشُّطَّار. و المعني تشبيه الإناء بمَكُّوك هِشام؛ و أرادت مَكّوكَ صاحب المفْتي؛ فحذفت المضاف؛ أو بمَكّوكِ الشارب. و هو ما يُكال به الخمر؛ قال الأعشي:
و إذا مكُّوكها صادمه جانباها كَرَّ فيها فيها وَ سَبَحْ
«1»

[فتك]

: الزُّبير رضي اللّه تعالي عنه- أتاه رجل فقال: أ لَا أقْتُلُ لك علياً؟ فقال: و كيف تَقْتُله؟ قال: أفْتِك به. قال: سمعت رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم يقول: قَيَّد الإيمانُ الفَتْكَ؛ لا يَفْتِكُ مؤمن.
الفَصْل بين الفَتْك و الغِيلة: أنّ الفَتْكَ هو أَنْ تَهْتَبِل غِرَّته فتقتلَه جهاراً؛ و الغِيلة أنْ تَكْتَمِنَ في موضع فتقتلَه خِفْية. و رويت في فائه الحركات الثلاث؛ و فَتَكْتُ بفلان و أفتكتُ به- عن يعقوب.

[فتق]

: زيد بن ثابت رضي اللّه تعالي عنه- قال: في الفَتَق الدية.
صَحَّ عن الأزهري بفتح التاء؛ و هو انفتاق المَثَانة. و عن الفراء أَفْتَقَ الحيُّ؛ إذا أصاب إبلهم الفَتَق؛ و ذلك إذا انفتقت خَواصِرها سِمَنا فتموت لذلك؛ و ربما سَلِمَتْ. و أنشد قوله رؤبة:
*لم يَرْجُ رِسْلًا بعد أعوام الفَتَق «2»
* و قال الأصمعي: تَفَتَّقَ الجملُ سِمْناً، و فَتَق فَتَقاً.

[فتح]

: ابن عباس رضي اللّه تعالي عنهما- ما كنت أدري ما قوله عز و جل: رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنٰا وَ بَيْنَ قَوْمِنٰا بِالْحَقِّ [الأعراف: 89] حتي سمعت بنت ذي يزن تقول لزوجها:
تعال أفاتحك!
يقال: فَتَح بينهما؛ أي حَكم. و الفاتح: الحاكم، و فاتحه: حاكمه؛ و الفُتِاحة (بالضم و الكسر): الحكومة؛ لأن الحُكْم فصل و فتح لمَا يُسْتَغْلق.

[فتو]

: عِمران بن حُصين رضي اللّه تعالي عنه- جَذَعة أحَبُّ إلي من هَرَمة، اللّه أحَقُّ بالفَتَاء و الكَرَم.
و الفَتِيّ: الطّرِيّ السن، و مصدره الفَتاء.
الكَرَم: الحُسْن.
______________________________
(1) البيت في ديوان الأعشي ص 243.
(2) الرجز في ديوان رؤبة ص 107، و قبله: يأوي إلي سفعاء كالثوب الخلقْ.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 7
أفتق في (خي): الفتق في (جو): [يفتل في (ذر) و في (ود). مُفْتَنَّا في (في). انْفتَاق في (مغ). و فتلتها في (صح)]. فَتُوح و المُفتَتِح في (حل). الفتان في (فر). فتيق في (رس) أفْتَح في (نت). فَتْحا في (سد).

الفاء مع الثاء

[فثر]

*: عليّ بن أبي طالب عليه السلام-
قال سُويد بن غَفَلة: دخلتُ عليه يوم عيد؛ و عنْدَهُ فَاثُور عليه خُبْز السَّمْراء، و صَحْفَةٌ فيها خَطيفة و مِلبنة، فقلت: يا أمير المؤمنين، يوم عيد و خطيفة! فقال: إنما هذا عيد من غُفر له.
مرَّ ذكر الفاثور في (غر).
السّمراء: الحنطة، قال:
*سَمْراء مما دَرَسَ ابنُ مخراق «1»
* و قيل: هي الخشكار.
الخَطيفة: الكَابول، و قيل لَبَنٌ يوضع علي النَّار ثم يُذَرّ عليه دقيق و يُطبخ، و سُمِّيَتْ خَطيفة؛ لأنها تُخْتَطَفُ بالملاعق.
الملْبَنة: المِلْعقة.
فتئت في (رص). الفاثور في (خر) و في (غر).

الفاء مع الجيم

[فجر]

: * عمر رضي اللّه تعالي عنه- إنّ رجلًا استأذنه في الجِهاد فمنعه لضَعْف بدنه، فقال له: إن أطْلَقْتَنِي و إلّا فَجَرْتُك.
أي عَصَيْتُك و خالفتُك و مَضيتُ إلي الغَزْو، و أصل الفَجْر الشَّق، و به سمي الفَجْر، كما سمي قَلَقاً و فَرَقاً؛ و العاصي: شاقّ لعصا الطاعة، و منه قول المُوتر: «و نَتْرُكُ مَنْ يَفْجُرُك».

[فجو]

*: ابن مسعود رضي اللّه تعالي عنه- إذا صلّي أحدُكم فلا يُصَلِّينَ و بينه و بين القِبْلة فَجْوَة.
______________________________
(2) (*) [فثر]: و منه في حديث أشراط الساعة: و تكون الأرض كفاثور الفضة. النهاية 3/ 412.
(1) صدره:
يكفيك من بعضِ ازديار الآفاقِ
و البيت لابن ميادة في لسان العرب (سمر).
(3) (*) [فجر]: و منه الحديث: أُعرِّس إذا أفجرت و أرتحل إذا أسفرت. و في حديث دعاء الوتر: و نخلع و نترك من يفجرك. و في حديث ابن الزبير: فجَّرْتَ بنفسك. النهاية 3/ 413، 414.
(4) (*) [فجو]: و منه في حديث الحج: كان يسير العَنَقَ، فإذا وجد فجوةَ نصَّ. النهاية 3/ 414.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 8
هي المتَّسع بين الشيئين، و منها الفجأ، و هو الفَجَج، و رجل أفْجَي و امرأة فَجْواء و قَوْس فَجْواء، أي بَايَن وتَرُها عن كَبِدِها، و هو في معني
قوله صلي اللّه عليه و آله و سلم: إذا صلي أحدكم إلي الشي‌ء فَلْيَرْهَقْه.
فتفاجت في (بر). متفاج في (زه). فجوة في (دف). فجر في (نق). فتفاج في (حق) [الفجفاج في (بج). فَيْجنها في (عب) [فيفجر في (عض)].

الفاء مع الحاء

[فحل]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- دَخَل علي رجلٍ من الأنصار، و في ناحية البيت فَحْلٌ، فَأَمر بناحية منه فَرُشَّتْ، ثم صَلَّي عليه.
هو الحصير، لأنه يُرْمَل من سَعَفِ النَّخْل، و هو كقولهم: فلان يَلْبَسُ الصوف و القطن.

[فحص]

*: مَنْ بَنَي مَسْجداً و لو مثل مَفْحَص قطاة بُنِي له بَيْتٌ في الجنة.
هو مَجْثَمها؛ لأنها تَفْحَصُ عنه التُّراب.
أبو بكر رضي اللّه تعالي عنه- قال في وصيته ليزيد بن أبي سفيان حينَ وَجَّهه إلي الشام: إنَّكَ ستجد قوماً قد فَحَصُوا رُؤوسهم؛ فاضْرِبْ بالسيف ما فَحصوا عنه؛ و ستجد قوماً في الصوامع، فَدَعْهم و ما أعْمَلُوا له أنفسهم.
يعني الشَّمَامِسة الذين حَلَقوا رُؤُوسهم. و إنما نهي عن قتل الرهبان لأنه يُؤْمَن شَرُّهم علي المسلمين، لمجانبتهم القتال و الإعانة عليه.

[فحل]

: عمر رضي اللّه تعالي عنه- لما قَدِمَ الشَّامَ تَفَحَّلَ له أُمَراء الشام.
أي تَكلّفوا له الفُحولة في اللِّباس و المطعم فَخَشَّنُوهما.
عثمان رضي اللّه تعالي عنه- لا شُفْعة في بئر و لا فَحْل؛ و الأُرَفُ تقطع كلَّ شُفْعَة.
أراد فُحّال النخل.
الأُرَف: الحدود.

[فحو]

: مُعاوية رضي اللّه تعالي عنه- قال لقوم قَدِموا عليه: كلُوا من فِحَاء أرضنا؛ فقلما أكل قوم من فِحاء أرض فضرّه ماؤها.
______________________________
(1) (*) [فحل]: و منه في حديث ابن عمر: أنه بعث رجلًا يشتري له أضحية، فقال: اشتر كبشاً فحيلًا.
و الحديث: لِمَ يضرب أحدكم امرأته ضرب الفحل. النهاية 3/ 417.
(2) (*) [فحص]: و منه في حديث زواجه بزينب و وليمتها: فُحصت الأرض أفاحيص. و في حديث عمر: إن الدجاجة لتَفحصُ في الرماد. و في حديث قس: و لا سمعت له فحصاً. و في حديث الشفاعة: فأنطلق حتي آتي الفَحْصَ. النهاية 3/ 415، 416.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 9
الفِحَاء: (بالفتح و الكسر و الضم): واحد الأفحاء؛ و هي التوابل، نحو الفُلفل و الكَمّون و أشباههما. و أنشد الأصمعي:
كَأَنَّمَا يَبْرُدْنَ بالغَبُوقِ كُلَّ مدادٍ «1» من فَحاً مَدْقُوق
و قال:
*يدق لك الأَفْحَاء في كل منزل
* و يقال: فحِّ قِدْرك و أفْحها و قَزِّحْها و تَوْبِلْهَا؛ أي طَيِّها بالأبازير، و لامه واو، لقولهم للطعام الذي جعلت فيه الأفحاء: الفَحْواء؛ و كأنه مِنْ معني الفَوْح علي القلب، و منه: عرفت ذلك في فَحْوَي كلامِه و فَحْوَائه.

[فحص]

: كعب- إنّ اللّه تعالي بارك في الشام، و خص بالتقديس من فَحْص الأُرْدُنّ إلي رَفَح.
هو ما فُحص منها؛ أي كشف و نحّي بعضه من بعض؛ من قولهم: المطر يَفْحَص الحصي؛ إذا قلبه و زَيّله، و فَحص القَطا التراب؛ إذا اتخذ أفحوصاً و منه الفحصة: نقرة الذقَن.
و رَفَح: مكان في طريق مصر يُنسب إليه الكلاب العُقْر.
[فَحِيلًا في (مل). الفحش في (سأ). الفحل في (فض). فحمة في (فش)].

الفاء مع الخاء

[فخر]

: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- أنا سيد ولد آدم و لا فَخْر.
ادّعاء العظَم؛ و منه تَفَخّر فلان إذا تعظم؛ و نخلة فخور: عظيمة الجِذْع، يريد: لا أقول هذا افتخاراً و تَنَفّجا؛ و لكن شُكْراً للّه، و تَحَدُّثاً بنعمته.
يفخذ في (رض). فخيخه في (ضف). بفَخّ في (صب). الفخة في (زخ). فخماً مفخماً في (شذ).

الفاء مع الدال

[فدم]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- إنكُم مدعوُّون يوم القيامة؛ مُفَدَّمَةً أفواهكم بالفِدام؛ ثم إنّ أوّلَ ما يَبِينُ عن أحدِكم لَفَخِذُه و يَدُه.
الفِدَام: ما يُشَدُّ علي فم الإبريق لتصفية الشراب؛ و إبريق مُفَدَّم، و منه: الفَدْم من الرجال، كأنه مشدود علي فيه ما يمنعُه الكَلام لفهاهته؛ و المعني أنهم يُمْنَعون الكلامَ بأفواههم، و تُسْتَنْطَقُ أفخاذهم و أيديهم. كقوله تعالي: الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَليٰ أَفْوٰاهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنٰا
______________________________
(1) المداد: جمع مد، و هو الذي يكال به.
(2) (*) [فدم]: و منه الحديث: يحشر الناس يوم القيامة عليهم الفدام. و في حديث علي: الحلم فدام السفيه. النهاية 3/ 421.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 10
أَيْدِيهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ [يس: 65]؛ فمثل المنع من الكلام بالتَّفْديم و الخَتْم.
يَبِين عن أحدكم: يُعْرب عنه و يفصح. و منه قيل للفصيح: البَيّن. و قالوا: أبْيَن من سَحْبان وائل؛ و كان فلان من أبْيِنَاء العرب.

[فدد]

*: إنّ الجفَاء و القَسْوة في الفَدَّادِين- و روي: في الفَدَادين.
الفَدِيدَ: الجَلَبة؛ يقال فَدَّ يَفِدُّ فَدِيداً، و منه قيل للضِّفْدَع: الفَدَّادة لنَقيقِها. عن ابن الأعرابي. و فلان يَفِدّ اليوم لي و يُعِدّ؛ إذا أوعدك. و قال الأصمعي: يقال للوعيد من وراء وراء: الفَديد و الهَديد، و المراد الذين يَجْلِبُون في حُروثهم و مواشيهم من الفلاحين و الرّعاة، و يجوز أن يكونَ من قولهم: مَرَّ بي يفد؛ أي يَعْدُو، و هذه أحْمِرَة يتفادَدْن؛ أي يتعادَيْن، لأن هؤلاء دَيْدَنَهُم السعيُ الدائب و قلّة الهدوء.
و منه
قوله صلي اللّه عليه و آله و سلم: إنّ الأرض إذا دُفن فيها الإنسان قالت له: رُبما مشيت عليّ فَدَّاداً.
و منه حديث أبي هريرة رضي اللّه عنه-
إنه خرج رجلان يريدان الصلاة؛ قالا: فأدرَكْنا أبا هريرة و هو أمامنا، فقال: ما لكما تَفِدّان فَديد الجمل؟ قلنا: أردنا الصلاةَ. قال: العامد لها كالقائم فيها.
و الفَديد: عَدْوُ يسمع له صوت، و قيل: إذا مَلك أحدُهم المئين إلي الألف من الإبل قيل له الفَدّاد.
و يُعضِّد هذا التفسير
قولُه صلي اللّه عليه و آله و سلم: «هَلَكَ الفَدَّادون إلّا من أعْطي في نَجْدَتِها و رِسْلها»
. و هو فَعَّال في معني النَّسب: كَبتَّات و عَوّاج؛ من قولهم: لفلان فَدِيد من الإبل و الغنم؛ يُراد الكثرة، و مَرجعه إلي معني الجَلَبة.
النَّجْدة: المشقة؛ تقول: لَقِيَ فلانٌ نَجْدَةً. و قال طَرفة:
*تَحْسَب الطَّرْف عليها نَجْدَةً «1»
* و الرِّسْل: السهولة، و منه قولك: علي رِسْلك؛ أي علي هَيْنَتِك. و قال ربيعة بن جَحْدر الهُذَلي:
ألا إنّ خَيْرَ النَّاسِ رِسْلًا و نَجْدَةً بِعَجْلَانَ قد خَفَّتْ لَدَيْه الأكارِسُ
«2»
______________________________
(3) (*) [فدد]: و منه الحديث: هلك الفدّادون إلّا من أعطي في نجدتها و رِسْلها. النهاية 3/ 419.
(1) عجزه:
يا لقومي للشباب المبكّر
و البيت في لسان العرب (نجد).
(2) البيت في لسان العرب (كرس).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 11
أراد: إلّا مَنْ أعطي علي كُره النفس و مَشَقَّتها، و علي طيبٍ منها و سُهولة. و قيل:
معناه: أعطي الإبل في حال سِمَنها و حُسْنها، و منعها صاحبها أن يَنْحرها و يَسْمح بها نفاسةً بها، فجعل ذلك المنع نَجْدةً منها، و نحوهُ قولُهم في المثَل: أخذتْ أسلحتَها، و تتَرَّست بِتُرسها. و قالت ليلي الأَخْيَلِية:
و لا تأخذِ الكُومَ الصَّفايا سلَاحَها لتوبةَ في نَحْسِ الشتاء الصَّنَابرِ
و الرِّسْل: اللَّبن؛ أي لم يضنّ بها و هي لُبْن سِمان «1».
و من رواه في الفَدَادين، فهو جمع فَدَّان «2»، و المعني في أصحْابها.

[فدم]

: نهي صلي اللّه عليه و آله و سلم عن المُفْدَم.
هو الثوب المشبَعُ حُمْرة؛ كأنه الذي لا يُقدر علي الزيادة عليه، لتناهي حُمْرته؛ فهو كالممنوع من قبول الصِّبْغ.
و منه
حديث عليّ رضي اللّه تعالي عنه: نهاني رسولُ اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم أنْ أقرأ و أنا راكع، و أتختَّم بالذَّهب، أوْ ألبِس المُعَصْفر المُفْدَم.
و
في حديث عُرْوة رحمه اللّه تعالي: أنه كَرِه المُفْدَم للمُحْرِم، و لمْ يَرَ بالمُضَرَّجِ بَأساً.
المُضَرَّج: دون المشبع. و المُوَرَّد: دُون المُضَرَّجْ.

[فدفد]

: عن ناجِية بن جُنْدَب رضي اللّه تعالي عنه- لما كُنَّا بالغَمِيم عَدَلْتُ برسولِ اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم، فأخذْتُ به في طريقٍ لها فَدافد، فاستوتْ بي الأرضُ؛ حتي أنزلتُه بالحُدَيْبية و هي نَزَحٌ.
الفَدْفَد: المكانُ المرتفع. و منه
حديثه صلي اللّه عليه و آله و سلم: «كان إذا قَفَل مِنْ سَفَرٍ فمرَّ بِفَدْفَدٍ أو نَشَز كَبَّر ثلاثاً».
يريد: كانت الطريقُ متعادية ذات آكام فاستوتْ.
النَّزَح: التي لا ماء بها، فَعَل بمعني مفعولة؛ أي منزوحة الماء.
النَّشَز، و النَّشْز: المتن المرتفع من الأرض؛ و منه: أنشَزَه، إذا رَفعه شيئاً، و إذا تَزَحَّفَ الرَّجُلُ عن مجلسه فارتفعَ فُويْقَ ذلك قيل قد نَشَز.

[فدر]

*: عن أم سَلَمة رضي اللّه تعالي عنها: أهديت لي فِدْرة من لحم، فقلت
______________________________
(1) لبن: جمع لبونة أو لبون، و هي ما كان بها لبن.
(2) الفدّان: البقرة التي يحرث بها.
(3) (*) [فدر]: و منه في حديث جيش الخبيط: فكنا نقتطع منه الفدر كالثور. النهاية 3/ 420.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 12
للخادم: ارفَعِيها لرسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم فإذا هي قد صارتْ مَرْوَة حَجَر، فَقَصَّتِ القِصَّة علي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم، فقال: لعلّه قام علي بابِكُمْ سائل فأصْفَحْتُمُوه؛ قالت: أجل يا رسول اللّه! قال: فإنَّ ذلك لذلك.
الفِدْرة: القِطْعة، و يقال هذه حجارة تُفَدَّر؛ أي تَتَكسَّر و تصير فِدَراً، و عُود فَدِر و فَزِر:
سريع الانكسار.
الإصْفَاح: الرَّدّ؛ يقال: أتيتك فأَصْفَحْتَنِي. قال الكميت:
و لا تَلِجَن بيوتَ بني سَعيد و لو قالوا وراءك مُصْفِحينا
و قيل: صَفَحه ردّه أيضاً، و فَرَّق بعضُهم فقال: صَفَحه: أعطاه، و أصْفَحه: رَدَّه.
مُجاهد رحمه اللّه تعالي في الفَادِرِ العظيم من الأَرْوَي بقرة، و فيما دون ذلك من الأوْرَي شاة، و في الوَبْر شاة، و في كلَّ ذي كَرِشٍ شَاة.
الفادر و الفَدُور: المُسِنّ من الوُعول، سمي لِعَجْزِه عن الضِّراب و انقطاعِه منه، من قولهم: فَدَر الفحلُ فُدور إذا جَفَرَ، و يجوز أنْ يكونَ الدَّالُ في فَدَر بدلًا من تاء فَتر.
الوَبْر: دُوَيِبَّة علي قدْر السِّنَّوْر، و إنما جعل فِدْية الوَبْر الشاة و ليس بِنِدِّها، لأنه ذو كَرِش تَجْتَرّ.

[فدغ]

*: ابن سيرين رحمه اللّه تعالي- سُئِل عن الذّبيحة بالعُود، فقال: كُلْ مَا لَمْ يُفْدَغ.
الفَدْغ، و الفَلْغ، و الثَّدْغ، و الثَّلْغ: الشَّدْخ.
و منه
الحديث في الذِّبْح بالحَجر: إن لم يَفْدَغِ الحُلْقوم فكُلْ.
و
في بعض الحديث: إذَنْ تَفْدَغُ قُرَيْشٌ الرَّأْسَ.
و إنما نَهَي صلي اللّه عليه و آله و سلم عن المَشْدُوخ؛ لأنه كالموقوذ.

[فدح]

*: في الحديث: و علي المسلمين ألّا يتركوا في الإسلام مَفْدوحاً في فِداء و عَقْل.
يقال فَدَحَهُ الخطْبُ؛ إذا عَالَه و أَثْقَلَه. و أفدحته، إذا وجدته فادحاً، كأصعبته إذا وجدته صعباً.
أفيدع في (صل). ففُدِعَت في (كو). فِدْرَة في (مت). فَدْفَد في (نف). [فدي في (حم). فدغه في (ضغ). المفدم في (أو)].
______________________________
(1) (*) [فدغ]: و منه الحديث: أنه دعا علي عتيبة بن أبي لهب فضغمه الأسد ضغمة فدَغه. النهاية 3/ 420.
(2) (*) [فدح]: و منه حديث ابن ذي يزن: لكشفك الكربَ الذي فدحنا. النهاية 3/ 419.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 13‌

الفاء مع الراء

[فرج]

*: النبيّ صلي اللّه عليه و آله و سلم العَقْل علي المسلمين عامة، و لا يترك في الإسلام مُفْرَج، و روي: مُفرح.
هو المُثْقل بحَقِّ ديةٍ أو فِداء، أوْ غُرْم؛ كالمفدوح الذي مرّ في الحديث آنفاً.
و أصلُه فيمن رواه بالجِيم، من أفرج الولدُ الناقة ففرِجت، و هي أن تَضَعَ أوّلَ بطن حملتْه فتنفرجَ في الوِلادة، و ذلك مما يُجْهِدُها غايةَ الجهد. و أنشد ابنُ الأعرابي:
*أمْسَي حَبِيبٌ كالفَريج رائخا
* أي صارَ كهذه الناقة مَجْهُوداً مُعيياً. و الرائخ: المعيي، و منه قالوا للمجهود: الفَارِج، و لَمَّا كان الذي أثقلته المغارم مَجهوداً مكدوداً قيل له مُفْرج.
و مَنْ رواه بالحاء فهو من أفرحه إذا غمّه. قال ابن الأعرابي: أفرحته غممته و سررته.
و أنشد:
لما تولَّي الجيشُ قلتُ و لم أكنْ لأُفرِحَهُ أبشر بغزوٍ و مَغْنَمِ
أراد: لم أكن لأَغُمَّه. و حقيقته: أزلتُ عنه الفَرح، كأشكيته. و يجوز أن يكون المُفرَج (بالجيم) المُزال عنه الفرج، و المُثْقل بالحقوق مغموم مكروب إلي أن يخرج عنها.

[فرط]

*: أنا فَرَطكم علي الحَوْض.
يقال فَرَط يفرِط؛ إذا تقدم، و هو فارطٌ و فَرَط، و منه قيل لتباشير الصُّبح أفراطه، الواحد فَرِط، و للْعَلم المستقدم من أعلام الأرض فَرَط، و يقال في الدعاء للمُعزَّي؛ جعله اللّه لك فَرَطاً و سلفاً صالحاً؛ كأنه قال: أنا أوَّلُكُمْ قُدُوماً علي الحَوْض.

[فرع]

*: لا فَرَعة و لا عَتيرة.
الفَرَع و الفَرعة: أول ولد تنتجه الناقة.
______________________________
(1) (*) [فرج]: و منه في حديث صلاة الجمعة: و لا تذروا فرجات الشيطان. و في حديث أبي جعفر الأنصاري: فملأت ما بين فروجي. و في حديث الزبير: أنه كان أجلح فرجاً. و في حديث عقيل:
أدركوا القوم علي فرجتهم. النهاية 3/ 423، 424.
(2) (*) [فرط]: و منه الحديث: إنا و النبيون فرَّاط القاصفين. و في حديث ابن عباس قال لعائشة: تقدمين علي فَرَطِ صدق. و في حديث علي: لا يُري الجاهل إلّا مُفْرطاً أو مُفَرِّطاً. و الحديث: أنه نام عن العشاء حتي تفرطت. و في حديث توبة كعب: حتي أسرعوا و تفارط الغزو. النهاية 3/ 434، 435.
(3) (*) [فرع] و منه في حديث ابن زمل: يكاد يفرع الناس طولًا. و في حديث سودة: كانت تفرع النساء طولًا. و في حديث افتتاح الصلاة: كان يرفع يديه إلي فروع أذنيه. و في حديث علي: إن لهم فراعها. و الحديث: لا يؤُمنكم أنصر و لا أزنُّ و لا أفرع. النهاية 3/ 436، 437.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 14
و العَتيرة: الرَجَبية، و كانَ أهلُ الجاهلية يَذْبَحُونهما، و المسلمون في صدر الإسلام فَنُسِخ.
و منه
قوله عليه السلام: فَرِّعوا إن شئتم، و لكن لا تذبحوه غَراة حتي يَكْبَر.
أي اذبحوا الفَرَع، و لكن لا تذبحوه صغيراً لحمُه يِلتصق كالغَراة، و هي القطعة من الغَرا (بالفتح و القصر) لغة في الغِراء.
و
حديثُه صلي اللّه عليه و آله و سلم: أنه سُئِل عن الفَرَع، فقال: «و أَن تتركه حتي يكونَ ابنَ مَخاض و ابنَ لَبون زُخْزُبّاً خَيْرٌ من أن تكْفَأَ إناءَك، و تُوَلِّهَ ناقَتَك و تَذْبَحه يَلْصَقُ لحمُه بِوَبَرِه».
زُخْزُبّاً؛ أي غليظ الجسم؛ مشتدّ اللحم.
كَفْ‌ءُ الإناء: قطع اللبن لنحر الولد.
و
قوله صلي اللّه عليه و آله و سلم: «إن عَلَي كل مسلم في كل عام أضْحاة و عَتيرة.
فَنُسِخَ ذلك.

[فرر]

*: خرج هو صلي اللّه عليه و آله و سلم و أبو بكر رضي اللّه تعالي عنه مُهاجرين إلي المدينة من مكّة؛ فمرا بسُراقة بن مالك بن جُعْشُم؛ فقال: هذان فَرّ قريش؛ ألا أردُّ علي قريش فَرَّها!
و فيه: أنه طلبهما فرسخت قوائمُ دابته في الأرض؛ فسألهما أن يخليا عنه؛ فخرجت قوائمها و لها عُثَان.
الفَرّ: مصدر وُضِع مَوضِع اسم الفاعل؛ فاستوي فيه الواحد و ما سواه؛ كصَوْم و فِطْر و نحوهما.
العُثان: الدخان؛ و جمعهما عَواثن و دَواخن علي غير قياس، و قيل: العُثان: الذي لا لَهب معه مثل البخور و نحوه؛ و الدخان: ما له لهب؛ و قد عَثَنت النار تَعْثن عُثوناً و عُثَاناً.

[فرص]

*: إني لأكْرَهُ أن أرَي الرَّجل ثائراً فَرِيصُ رَقَبَتِه، قائماً علي مُرَيَّتِه يَضْرِبُها.
الفَريص، و الفرائص: جمع فَريصة؛ و هي لَحْمة عند نُغْضِ الكَتِف «1» في وَسَط الجَنْبِ
______________________________
(2) (*) [فرر]: و منه في صفته صلي اللّه عليه و سلم: و يفترُّ علي مثل حب الغمام. و في حديث ابن عمر: أراد أن يشتري بدنة فقال: فُرَّها. النهاية 3/ 427.
(3) (*) [فرص]: و منه في حديث الحيض: خذي فرصة ممسَّكة فتطهري بها. و الحديث: فجي‌ءَ بهما تُرعد فرائصهما. النهاية 3/ 431، 432.
(1) نغض الكتف: العظم الرقيق علي طرفها.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 15
عند مَنْبِض القَلْب؛ تُرْعَد و تثور عند الفَزْعة و الغضب. قال أمية:
*فرائصُهم من شِدّة الخَوْف تُرْعد «1»
* و جري قولهم: ثار فريصُ فلان مَجْري المثل في الغضب و ظهور علاماته و شواهده، و كَثُر حتي استعمال فيما لا فريصَ فيه؛ فكأنّ معني قوله: ثائراً فريصُ رَقَبته ظهورُ أمارات الغضب في رَقَبته؛ من انتفاخ الوَرِيدَيْن و غير ذلك؛ و إن لم يكنْ في الرقبة فَريصة؛ أو شَبَّه ثُؤُر عَصَب الرقبة و عروقها بثُؤُر الفرائص فسماها فَريصاً؛ كأنه قال: ثَائراً من رقبته ما يشبه الفَريص في الثُّؤُر عند الغضب.
تصغيرُ المرأة استضْعافٌ لها و استصغار؛ ليُرِي أن الباطشَ بمثلها في ضعفها لَئيم.

[فرر]

: قال صلي اللّه عليه و آله و سلم لعديّ بن حاتم عند إسلامه: «أما يُفِرُّك إلّا أن يقال لا إله إلّا اللّه»!.
أَفْرَرْتُه: إذا فعلت به ما يُفَرُّ منه؛ أي ما يحملك علي الفِرار إلّا هذا؛ و منه قولهم: أفرّ اللّه يَده، و أترَّها، و أطَرَّها؛ ففرَّت و تَرَّت و طَرّت؛ إذا أنْدَرَها «2».

[فرس]

*: عَرَض يوماً الخيل و عنده عُيينة بن حِصْن الفَزاريّ، فقال له: أنا أعلمُ بالخيلِ منك، فقال: و أنا أفرس بالرجال منك.
أي أبْصَر، يقال: رجل بَيّن الفِراسة (بالكسر)؛ أي ذو بصر و تأمل؛ و يقولون: اللّه أفرس؛ أي أعلم. قال البَعيث:
قد اختاره العِبادُ لدينه علي علمه و اللّه بالعبد أفْرَسُ

[فرج]

: قال عُقْبة بن عامر رضي اللّه تعالي عنه: صلي بنا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم و عليه فَرُّوجٌ من حرير.
هو القَباء الذي فيه شَقٌّ من خَلْفه.

[فرد]

*: سبق المُفَرِّدُون. قالوا: و ما المُفَرِّدُون؟ قال: الذي أُهْتِرُوا في ذِكْر اللّه؛ يضع الذكْرُ عنهم أثقالَهم، فيأتون يومَ القيامة خِفَافاً- و روي: طوبي للمُفَرّدين.
______________________________
(1) صدره:
قيامٌ علي الأقدام عانين تَحْتَهُ
و البيت في ديوان أمية ص 29.
(2) أندرها: قطعها.
(3) (*) [فرس]: و منه في حديث قيلة: و معها ابنة لها أخذتها الفرسة. و في حديث الضحاك: في آلي من امرأته ثم طلقها فقال: هما كفرسي رهان. النهاية 3/ 428.
(4) (*) [فرد]: و منه في حديث الحديبية: لأقاتلنهم حتي تنفرد سالفتي. النهاية 3/ 426.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 16
فَرَد برأيه، و أفردَ، و فَرَّد، و استفرد بمعني؛ إذا تَفَرَّد به؛ و بعثوا في حاجتهم راكباً مُفْرداً؛ و هو التَّو «1» الَّذي ليس معه غيرُ بعيره. و المعني: طُوبَي للمفرّدين بذكره المتخلّين به من الناس. و قيل: هم الهَرْمي الذين هلكت لِدَاتهم «2»، و بَقُوا يذكرون اللّه.
الإهتار: الاستهتار؛ يقال: فلان مُهْتَر بكذا و مُسْتَهتَر؛ أي مُولَع به لا يحدّث بغيره؛ أي الذين أَولِعوا بالذكر و خاضوا فيه خَوْضَ المهترين؛ و قيل: هو من أهتر الرجل إذا خَرِف؛ أي الذين هرموا و خَرِفوا في ذكر اللّه و طاعته؛ أي لم يزل ذلك ديدَنهم و همَّهم حتي بلغوا حد الشيخوخة و الخَرَف.

[فرق]

*: مَا ذِئبان عَادِيان أصابا فَريقَة غنم أضاعها رَبُّها بأفسد فيها من حُبِّ المرءِ المالَ و الشرف لدينه.
هي القطّعة من الغنم التي فارقتها، فضّلت، و أفرقها: أضَلّها. قال كُثير:
*أصابَ فَريقةَ ليلٍ فَعاثا «3»

[فرص]

: خرجتْ إليه صلي اللّه عليه و آله و سلم قَيْلَة بنت مخرمة، و كان عمّ بناتِها أراد أن يأخذ بناتِها منها؛ فلما خرجتْ بكت بُنَيّةٌ منهن هي أصغرهن، حُدَيْبَاء كانت قد أخَذَتْها الفَرْصة، و عليها سُبَيِّج لها من صوف، فرحمتْها، فحملتْها معها؛ فبيناهما تُرْتِكَان إذ انْتَفَجَتْ أرنب، فقالت الحُديباء: الْفَصْية! و اللّه لا يزال كَعْبُكِ عالياً.
قالت: و أدْرَكَنِي عَمُّهنّ بالسَّيف؛ فأصابَتْ ظُبَتُه طائفةً من قُرون رأسيَه؛ و قال: ألقي إليّ بنتَ أخي يا دَفار! فألقيتها إليه- و يروَي: فَلحِقَنا ثوبُ بن زُهير- تريد عَمَّ بناتها؛ يسعي بالسيف صُلْتاً؛ فَوَأَلْنَا إلي حِوَاء «4» ضَخْم.
ثم انطلقتُ إلي أخت لي ناكح «5» في بني شَيْبان أبتغي الصَّحابة إلي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم؛ فبينما أنا عندها ليلة تحسب عَنِّي نائمة؛ إذ دخل زوجُها من السَّامر؛ فقال:
و أبيك لقد أصبتُ لقَيْلة صاحِبَ صِدْق؛ حُرَيْث بن حسان الشّيباني. قالت: أختي: الويل
______________________________
(1) التو: الفرد، و يقال للمفرد و الزوج.
(2) لداتهم: أترابهم.
(6) (*) [فرق]: و منه الحديث: في كل عشرة أفرقِ عسل فَرَقٌ. و في حديث أبي بكر: أباللّه تفرقّني. و في صفته صلي اللّه عليه و آله و سلم: إن انفرقت عقيصته فَرَق. و في حديث ابن عمر: يفرق بالشك و يجمع باليقين.
و الحديث: محمدٌ فرقٌ بين الناس. و في حديث طهفة: بارك لهم في مَذقها و فرقها. النهاية 3/ 438، 439، 440.
(3) الشطر في لسان العرب (فرق).
(4) الحواء: المكان الذي يحوي الشي‌ء، أي يجمعه و يضمه (لسان العرب: حوي).
(5) أخت لي ناكح: أي ذات زوج.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 17
لي! لا تخبرها فتتبع أخا بَكْر بن وائل بين سَمْع الأرض و بصرِها ليس معها رجل من قومها- و يروي: أبتغي الصُّحبة فذكروا حُريث بن حسان الشيباني؛ فَنَشَدْتُ عنه، فسألته الصّحبة.
قالت: فَصَحبْتُه صاحبَ صدق، حتي قدمنا علي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم، فصليتُ معه الغَداة حتي إذا طلعت الشمس دنوتُ فكنت إذا رأيت رجلًا ذا رُواء و قِشْر طمَح بصري إليه، فجاء رجل فقال: السلام عليكَ يا رسول اللّه، فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: و عليك السلام، و هو قاعد القُرْفصاء؛ و عليه أسْمال مُلَيَّتَيْن؛ و معه عَسيب مَقْشُوٌّ غير خُوصتين من أعلاه. قالت: فتقدم صاحبي فبايعه علي الإسلام. ثم قال: يا رسولَ اللّه، اكتب لي بالدَّهناء؛ فقال: يا غلام، اكتب له. قالت: فَشُخِص بي؛ و كانت وَطني و دَاري، فقلت: يا رسولَ اللّه؛ الدَّهْنَاء مُقَيَّد الجمل و مَرْعي الغنم، و هذه نساء بني تميم وراء ذلك.
فقال النبي صلي اللّه عليه و سلم: صَدَقَت المسكينة المسلمة؛ المسلم أخو المسلم يَسعُهما الماء و الشجر، و يتعاونان علي الفُتّان- و روي: الفَتّان و قال صلي اللّه عليه و آله و سلم؛ أيلامُ ابن هذه أن يَفْصِل الخُطة و ينتصر من وراء الحَجزَة! فتمثل حُرَيث فقال: كنت أنا و أنت كما قال: حَتْفَها ضائنٌ تحمل بأظلافها.
الفَرْصَة و الفَرْسة: ريح الحَدَب؛ كأنها تَفرِس الظهر؛ أي تَدُقّه. و تفرصه؛ أي تَشقُّه؛ و أما قولهم: أنزل اللّه بك الفَرْسة، فقال أبو زيد: هي قُرحة في العين.
السُّبَيِّج: تصغير السَّبيج؛ و هو كساء أسود؛ و يقال له السَّبِيجة و السُّبجة. و عن ابن الأعرابي: السِّيبَج (بكسر السين و فتح الباء). قال: و أراه معرباً، و أنشد:
كانت به خُود صموت الدُّمْلُج لَفّاء ما تحت الثياب السِّيبَجِ
تُرْتِكان: تَحْملان بعيريْهما علي الرَّتكَان «1».
انْتَفَجَتْ: ارتفعت و ثَارَتْ من مَجْثَمها.
قال الأخفش. الْفَصْية: الفَرَج؛ يقال قد أدركتك الفَصْية؛ أي الخروج من أمرك الذي أنت فيه، و انفراجُه عنك، و قد انفصي الصيدُ من حبالته؛ أي انفصل و تخلّص. تفاءلتْ بانتفاج الأرنب أنها تَتَفَصّي من الغم الذي كانت فيه من قِبَل عَمِّ البنات.
ظُبَةُ السّيف: حَدّه مما يلي الطرف منه.
دَفَارِ: من الدَّفْر، و هو النَّتن.
الصَّلْت: المُصْلت من الغِمْد.
وأل و واءل: إذا لَجأ.
الحِواء: بيوت مُجتمعة علي ماء.
______________________________
(1) الرتكان: السير السريع. الفائق في غريب الحديث/ ج 3/ م 2
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 18
عَنّي: تميمية في أنِّي؛ و هي العَنْعَنَة.
بين سمع الأرض و بصرها تمثيل؛ أي لا يسمع كلامهما و لا يبصرهما إلّا الأرض.
نَشَدْت عنه؛ أي سألت عنه؛ من نِشدان الضالة.
القِشْر: اللباس.
القُرْفصاء: قِعْدة المحتبِي بيديه دون الثوب.
الأسْمَال: الأخلاق؛ جمع سَمَل.
مُلَيّة: تصغير مُلاءة علي الترخيم.
العَسيب: جَريد النخل.
المَقْشُوّ: المَقْشور.
فَشُخِص بي: أُزْعِجْتُ و ازدهيت.
الفُتّان: الشياطين، و الفَتّان الواحد، و التعاون علي الشيطان: أن يتناهيا عن اتباعه و الافتتان بخُدعه؛ و قيل: الفُتَّان: اللصوص.
يَفْصِل الخُطّة؛ أي إن نَزل به مُشكل فَصَله برأيه، و إن ظُلم بظُلامة ثَمّ همّ بانتصارٍ من ظالمه، فتعرض له أعوان الظالم ليحجزوه عن صاحبهم لم يثبطوه و مضي علي انتصاره، و استيفاءِ حَقِّه غير مُحْتَفِل بهم.
و الحَجَزة: جمع حاجز، أراد أن ابْنَ هذه المرأة حَقّه أن يكون علي هذه الصفة لمكان أمومتها.
المثل الذي حاضر به حُريث بن حسان أراد بضربه اعتراصَها عليه بالدَّهناء.

[فرع]

: عن ابن عباس رضي اللّه تعالي عنهما: أنه جاء علي حِمَارٍ لغلامٍ من بني هاشم، و رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم يُصَلِّي فمرَّ بين يديه، ثم نزل فدخل في الصَّفّ، و جاءت جاريتان من بني عبد المطلب تشتدّان إلي النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم، فأخذتا بِرُكْبَتِه فَفَرَع بينهما رسولُ اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم.
يقال فَرَعتُ بين القوم و فَرَّعْتُ؛ إذا حجزْت بينهم؛ كما يقال: فَرَقت بين القوم و فَرَّقت، و رجل مُفْرِع «1» من قوم مفارع، و هم الذين يكُفُّون بين الناس، و هو من فَرَع رأسه بالسيف إذا علاه به فَفَلَاه أي قطعه، و منه افتراعُ البِكْر.
و
عن أبي الطُّفيل رضي اللّه عنه قال: كنتُ عند ابن عباس يوماً، فجاءه بنو أبي لَهبٍ يختصمون في شي‌ء بينهم، فاقتتلوا عنده في البيت، فقام يُفَرِّعُ بينهم، فدفعه بعضُهم فوقع علي الفِراش، فغضب ابنُ عباس، فقال: أَخْرِجُوا عني الكسب الخبيث.
______________________________
(1) المفرع: الطويل من كل شي‌ء.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 19‌

[فرو]

*: إنّ الخَضِر عليه السلام جلس علي فَرْوَة بيضاء فاهتزت تحته خضراء.
هي القطعة من الأرض الملبسة بنبات ذَاوٍ؛ شبهت بالفَرْوَة التي تلبس، و بفروة الرأس.

[فرغ]

*: قال رجل من الأنصار: حَمَلْنا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم علي حِمارٍ لنا قَطوف «1» فنزل عنه، فإذا هو فِرَاغٌ لا يُسَاير.
قال الفراء: رجل فِرَاغُ المشي، و دابة فِراغ المشي: أي سريع واسع الخُطا، و منه قوس فِراغ؛ و هي البعيدة الرمْي؛ و هو من الفريغ الواسع؛ يقال: طعنة فَريغ و ذات فَرْغ؛ و السَّعَة مناسبة للفراغ؛ كما أن الضيق مناسب للشَّغْل.
و
في حديث آخر أنه قال عند سَعْد بن عُبادة؛ فلما أبرد جاء بحمار أعرابي قَطوف، فركب رسولُ اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم؛ فبعث بالحمار إلي سعد و هو هِمْلَاج قَريع.
و القَريع: المُختار؛ و لو رُوي: فريغ لكان مطابقاً لِفَراغ؛ و ما آمن أنْ يكون تَصْحيفاً.
و اللّه أعلم.

[فرضخ]

: ذُكِرَ الدجال فقال: أبوه رجلٌ طوال مضطرب اللّحم، طويل الأنف؛ كأن أنفَه مِنقار، و أمُّه امرأة، فِرْضَاخيّة عظيمة الثَّدْيَيْن.
يقال: رجل فِرْضاخ، و امرأة فِرضاخة، و هي صفة بالضّخم؛ و قيل بالطول؛ و الياء مزيدة للمبالغة كما في أحمريّ.

[فرد]

: عن زياد بن علاقة: كان بين رجل مِنَّا و بين رجل من الأنصار شي‌ء، فشجَّه، فأتي النبيَّ صلي اللّه عليه و آله و سلم فقال:
يا خير من يمشي بنعل فَرْدِ أَوْهَبَهُ لِنَهْدَةٍ و نَهْدِ
* لا تُسِبَينَّ سَلَبي و جِلْدي «2»
* فقال عليه السلام: لا.
أراد بالفَرْد السُّمُط «3»، و هي التي لم تُخْصَف و لم تُطَارَق «4»؛ و العرب تتمدح برِقة
______________________________
(5) (*) [فرو]: و منه في حديث الرؤيا: فلم أر عبقرياً يفري فرية. و في حديث حسَّان: لأفرينهم فَرْيَ الأديم. و في حديث وحشي: فرأيت حمزة يفري الناس فرياً. و منه في حديث عائشة: فقد أعظم الفرية علي اللّه. النهاية 3/ 442، 443.
(6) (*) [فرغ]: و منه في حديث أبي بكر: افْرُغ إلي أضيافك. النهاية 3/ 437.
(1) القطاف: تقارب الخطو في سرعة: و القطوف فعول منه (لسان العرب: قطف).
(2) الرجز بلا نسبة في لسان العرب (فرد).
(3) النعل السمط و السميط: لا رقعة فيه.
(4) طارق الرجل نعليه، إذا أطبق نعلًا علي نعل فخرزتا (لسان العرب: طرق).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 20
النعال؛ و إنما ينتعل السِّبْتِيَّة الرِّقاق الأسماط ملوكُهم و سادتهم؛ فكأنه قال: يا خير الأكابر؛ و إنما لم يقل فردة لأنه أراد بالنعل السِّبْت؛ كما تقول فلان يلبس الحَضْرميّ الملسَّن «1» فَتُذَكِّر قاصداً للسِّبْت؛ أو جعل من موصوفة كالتي في قوله:
و كفي بنا فَضْلًا علي غيرنا حبّ النبيّ محمدٍ إيانا
«2» و أجري فرداً صفة عليها؛ و التقدير: يا خير ماشٍ فرد في فضله و تقدّمه.
أوهبه: إما أن يكون بدلًا من المنادي؛ أو منادي ثانياً حذف حرفه. و نحوه قول النابغة:
يا أوهب الناس لِعَنْسِ صُلْبَه ضَرَّابةٍ بالمشْفَرِ الأذِبَّه
و كل جرْدَاء شموس شَطْبَه
و الضمير لمن.
النَّهْد في نعت الخيل: الجَسِيم المُشرف. تقول: نَهْدُ القُصَيْرَي؛ و النَّهْدَة: الأنثي؛ و هو من نَهَدَ إذا نَهَضَ.

[فرق]

: كلُّ مُسْكِرٍ حرام، و ما أسكر الفرْق منه فالحَسْوَة منه حرام.
هو إناء يأخذ ستة عَشَرَ رطلًا.
و منه
حديث عائشة رضي اللّه عنها: كنتُ أغتسل مع النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم من إناء يقال له الفَرَق
و
في الحديث: من استطاع أنْ يكون كصاحب فَرَق الأرُزّ فليكن مثله.
و فيه لغتان: تحريك الراء، و هو الفصيح. و تسكينها. قال خداش:
يأخذون الأرشَ في إخوتهم فَرْقَ السَّمْن و شاةً في الغنمْ
«3»

[فرع]

: أعطي العطايا يوم حُنين فارعة من الغنائم.
______________________________
(1) الملسن من النعال: الذي فيه طول و لطافة.
(2) البيت من الكامل، و هو لكعب بن مالك في ديوانه ص 289. و خزانة الأدب 6/ 120، 123، 128، و الدرر 3/ 7، و شرح أبيات سيبويه 1/ 535، و لبشير بن عبد الرحمن في لسان العرب 13/ 419 (منن)، و لسان بن ثابت في الأزهية ص 101، و لكعب أو لحسان أو لعبد اللّه بن رواحة في الدرر 1/ 302، و لكعب أو لحسان أو بشير بن عبد الرحمن في شرح شواهد المغني 1/ 337، و المقاصد النحوية 1/ 486، و للأنصاري في الكتاب 2/ 105، و لسان العرب 15/ 226 (كفي)، و بلا نسبة في الجني الداني ص 52، و رصف المباني ص 149، و سر صناعة الإعراب 1/ 135، و شرح المفصل 4/ 12، و مجالس ثعلب 1/ 330، و شرح شواهد المغني 1/ 109، 328، 329، 2/ 741، و المقرب 1/ 203، و همع الهوامع 1/ 92، 167.
(3) البيت في لسان العرب (فرق).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 21
صاعدة من جملتها؛ كقولهم ارتفع لفلان في القسمة كذا؛ و طارَ له سهمٌ من الغنيمة.
و هي من قولهم: فَرَع، إذا صعد؛ تقول العرب: لقيت فلاناً فارعاً مُفْرِعاً؛ أي صاعداً أنا و مُنْحَدِراً هُوَ.
و الإفراع: الانحدار.
و منه
حديث الشَّعْبي رحمه اللّه تعالي: كان شُرَيح يجعل المُدَبّر من الثلث، و كانَ مسروق يجعله فارعاً من المال.
و المعني أنه نفّلَ الأنفال من رأس الغنائم متوافرة قبل أن تُخَمَّس و تقسَّم؛ و للإمام أن يفعل ذلك؛ لأن فيه تنشيطاً للشجعان و تحريضاً علي القتال.
و
عنه صلي اللّه عليه و آله و سلم أنه أعطي سعد بن مُعاذ سيف ابن أبي الحُقَيق؛ نَفَّلَهُ إياه، و أقطع الزبيرَ مالًا من أموال بني النضير.
و التَّنْفيلُ إنما يصح بإجْمَاع من أهل العراق و الحجاز قبل القِسمة؛ فإذا أُحْرِزَت الأنصباء سقط، و أهلُ الشام يُجَوِّزونه بعد الإحراز، و أما التنفيل من الخُمْس فلا كلامَ في جَوازه.

[فرس]

: عمر رضي اللّه تعالي عنه- نَهَي عن الفَرْس في الذبيحة.
هو كسْرُ رقبتها قبل أَن تَبْرُد.
و منه
الحديث: إنّ عمر أمرَ مناديَه، فنادي أن لا تَنْخَعُوا «1» و لا تَفْرِسُوا.
و
عن عمر بن عبد العزيز: أنه نهي عن الفَرْس و النَّخْع؛ و أن يستعان علي الذبيحة بغير حَديدتها.

[فروة]

: سُئِلَ عن حَدَّ الأمَة؛ فقال: إنَّ الأمَة أَلْقَتْ فَرْوَة رأسها وراء الدَّار- و روي:
من وراء الجدار.
هي جِلْد الرأس من الشَّعر؛ و يقال للهامَة أمّ فرْوة. و عن النضر: فرْوة رأسها خِمارُها.
و قال: فَروة كسري هي التاج؛ و قال غيره: هي ما علي رأسها من خِرْقة و قناع.
أراد بروزَها من البيت مكشوفَة الرأس غير مُتَقَنِّعة و تَبَدُّلَها.

[فرق]

: فرِّقُوا عن المنيّة، و اجعلوا الرأس رأسين، و لا تُلِثُّوا بدار مَعْجزَة. و أصلِحُوا مثاوِيَكم؛ و أخيفوا الهوامَّ قبل أن تُخِيفكم، و اخشوشنوا، و اخشوشبوا، و تَمَعْدَدُوا.
أي فَرِّقوا مالَكم عن المنية، تشتروا بثمن الواحد من الحيوان اثنين، حتي إذا مات أحدُهما بقي الثاني، فإنكم إذا غاليتم بالواحد، فذلك تعريض للمال مجموعاً للتهلكة.
قوله: و اجعلوا الرأس رأسين: عطف للتفصيل و البيان علي الإجمال.
______________________________
(1) النخع: أشد القتل حتي يبلغ الذبح النخاع، و هو الخيط الأبيض في فقار الرأس (لسان العرب: نخع).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 22
و الإلثاث: الإقامة. قال:
فما روضة من رياض القَطا ألَثّ بها عارضٌ مُمْطرُ
يقال: أَلثّ بالمكان، و ألَبَّ، و أرَبّ.
المَعْجِزَة (بالفتح و الكسر): العَجْز، كالمعتَبة و المعتِبة؛ أي بدار تَعْجِزون فيها عن الطلب و الكسب، و سيحوا في أرض اللّه. و قيل: أراد الإقامة بالثَّغر مع العيال. المثاوِي:
جمع مَثْوي، و هو المنزل.
الهوام: العقارب و الحيات؛ أي اقتلوها.
الاخشِيشان و الاخشِيشاب: استعمال الخشونة في الملبس و المطعم؛ يقال شي‌ء خَشِب و أخْشَب؛ كخَشِن و أخْشَن.
التَّمعْدُد: التشبه بمعَدّ [بن عدنان] في قَشَفهم و خشونة عيشهم، و اطراح زِيّ العجم و تنعمهم و إيثارهم للَيان العيش.
و
عنه رضي اللّه عنه؛ عليكم باللُّبسة المَعَدِّية.
و بتمعددوا استدلّ النحويون علي أصالة الميم في مَعَدّ، و أنه فعلّ لا مَفعل. و قيل:
التَّمَعْدُد: الغِلظ؛ يقال للغلام إذا شَبّ و غَلُظ: قد تمعدد. قال:
*ربيته حتي إذا تَمَعْدَدَا

[فرج]

: قدم رجل من بعض الفُروج عليه، فنثر كنانة، فسقطت صحيفة، فإذا فيها:
ألا أبْلِغْ أبا حَفْصٍ رَسولا فِدي لك من أخي ثقةٍ إزاري «1»
قلائصُنا هداك اللّه إنا شُغِلنا عنكمُ زَمَن الحصار
فما قُلُصٌ و جِدْنَ معقَّلَاتٍ قَفَا سَلْع بمُخْتَلَفِ التِّجَارِ
يُعَقِّلُهُنَّ جَعْدَةُ من سِلَيْمٍ مُعِيداً يبتغي سَقَط العذارِي
[و يروي]:
يعقلهن جَعْدٌ شَيْظَمِيّ و بئس مُعَقِّل الذَّوْد الظُّؤارِ
فقال عمر: ادْعُوا لِي جَعْدَة، فأُتِيَ به، فجلد مَعْقولًا. قال: سعيد بن المسيّب: إني لَفي الأُغيْلمةِ الذين يَجُرُّون جَعْدَة إلي عمر.
الفُرُوج: الثغور، جمع فَرْج، و يقولون: إن الفَرْجين اللذين يُخاف علي الإسلام
______________________________
(1) الأبيات من الوافر، و هي لبقيلة الأكبر الأشجعي و كنيته المنهال في لسان العرب 4/ 17 (أزر)، و المؤتلف و المختلف ص 63، و عجز البيت الأول في لسان العرب 4/ 18 (أزر) منسوباً لجعدة بن عبد اللّه السلمي، و بلا نسبة في شرح اختيارات المفضّل ص 250، و شرح شواهد الإيضاح ص 162، و لسان العرب 7/ 81 (قلص).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 23
منهما: التّرك و السّواد. قال المبرّد: أراد بإزاره زوجتَه، و سماها إزاراً للدنو و الملابسة، قال اللّه تعالي: هُنَّ لِبٰاسٌ لَكُمْ وَ أَنْتُمْ لِبٰاسٌ لَهُنَّ [البقرة: 187]. و قال الجَعْدِي:
إذا ما الضَّجِيع ثَنَي عِطْفَها تَثَنَّتْ عليه فكانتْ لِباسا
«1» قلائصنا: منصوب بمضمر؛ أي احْفَظْ و حَصِّن قلائصنا؛ و هي النُّوق الشَّواب؛ كني بهن عن النِّساء.
يعني المُغِيبات الَّلاتي خرجَ أزواجُهن إلي الغزو.
يشكو إليه رجلا من بني سليم يقال له جَعْده؛ كان يتعرضُ لهن؛ و كَنّي بالعقل عن الجماع؛ لأن الناقة تعقل للضراب.
قَفَا سَلْع: أي وراءه؛ و هو موضع بالحجاز.
مختلف التّجار: موضع اختلافهم؛ و حيث يمرون جائين و ذاهبين.
مُعيداً: أي يفعل ذلك عَوْداً بعد بدء.
سقط العذارِي: زلاتهن.
الْجَعْد؛ من قولهم للبعير جَعْد؛ أي كثير الوَبَر.
الشَّيْظَميّ: الطَّويل.
الظُّؤَار: جمع ظئْر.

[فرسك]

: كتب إليه سُفْيان بن عبد اللّه الثَّقَفي و كان عامِلًا له علي الطائف: إن قِبَلَنَا حيطاناً؛ فيها من الفِرْسك ما هو أكْثَرُ غَلَّة من الكَرْم أضعافاً، و يستأمِره في العُشْر. فكتب إليه: ليس عليها عشر.
هي من العِضَاه، و الفِرْسِك و الفِرْسق: الخوخ، و في كتاب العين: هو مثل الخوخ في القَدْر، و هو أجود أملس أصفر أحمر، و طعمه كطعم الخَوْخ.
كان عمر رضي اللّه تعالي عنه لا يري في الخُضْر الزكاة.
و قال محمد: الخوخ و الكمثري و إن شُقِّقَ و جُفِّفَ فلا شي‌ء فيه لأنه لا يَعُمُّ الانتفاعُ به.

[فرع]

: و قيل له: الصُّلْعان خير أم الفُرعان؟ فقال: الفُرعان خَير.
جمع أفْرَع، و هو الوافِي الشَّعر.
قال نصر بن حَجَّاج حين حَلَق عُمَر لِمَّتَهُ:
لقد حَسد الفُرعانَ أصلعُ لم يكن إذا ما مشي بالفَرْع بالمتخائِل
و زيادة الألف و النون علي فُعْل جمع أفْعَل غير عزيزة. أراد تفضيلَ أبي بكر علي نفسه. قال الأصمعي: كان أبو بكر أفْرَع؛ و كان عمر أصْلَع له حِفَاف؛ و هو أن ينكشف الشعر عن وسط الرأس؛ و يبقي حوله كالطُّرَّة.
______________________________
(1) البيت في ديوان الجعدي ص 81.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 24‌

[فرقب]

: لما أسْلَمَ ثارتْ إليه كفارُ قريش؛ فقامتْ علي رأسه، و هو يقول: افْعَلُوا ما بَدَا لكم! فأقبل شيخ عليه حِبَرة و ثوب فُرْقُبِيّ فقال: هكذا عَنِ الرجل، فكأنما كانوا ثوباً كُشِف عنه.
الفُرْقُبيّة و الثُّرْقُبية: ثياب مصرية بيض من كَتَّان- و روي: بقافين.

[فرق]

: عثمان رضي اللّه تعالي عنه- قدم عليه خَيْفان بن عَرابة؛ فقال له: كيف تركتَ أَفاريقَ العرب في ذي اليمن؟ فقال: أما هذا الحي من بَلْحارث بن كعب فَحَسَكُ أمْرَاس، و مُسَكُ أحْمَاس؛ تَتَلَظَّي المنيةُ في رِماحهم، و أما هذا الحي من أنمار بن بَجِيلة و خثعم فَجَوبُ أبٍ و أولادُ علّة؛ ليست بهم ذِلّة، و لا قِلّة؛ صَعابيب؛ و هم أهل الأنابيب، و أما هذا الحي من هَمْدَان؛ فأنجاد بُسْل؛ مَساعير غير عُزْل، و أما هذا الحيّ من مَذْحِج فمطاعيم في الجَدْب؛ مساريع في الحَرْب.
الأفَاريق: الفِرَق؛ فكأنه جمع أفراق؛ جمع فِرْق، و الفِرْق و الفِرْقة و الفَرِيق واحد، و قد جاءَ بطرح الياء مَنْ قال:
ما فيهمُ نازع يروي أفارِقَهُ بذي رِشاء يواري دلوه لَجَف
«1» و يجوز أن يكون من باب الأباطيل؛ أي جمعاً علي غير واحد.
الحسك: جمع حَسَكة، من قولهم للرجل الخَشِن الصَّعْب مَرامُه، الممتنع علي طالبه مأتاه؛ إنه لَحَسَكة، تشبيهاً له بالحَسَكة من الشَّوْك.
الأمراس: جمع مَرِس، و هو الشديد العلاج.
المُسَك: جمع مُسَكة، و هو الذي إذا أمْسَك بشي‌ء لم يُقدر علي تخليصه منه، و نظيرُه رجل أُمَنَة، و هو الذي يَثِقُ بكل أحد و يأمنه [الناس]. و أما المُسكة (بالضم) فالبخيل.
الأحماس: جمع حُمْس، من الحماسة.
جَوْبُ أبٍ، أي جيبوا من أب واحد، يريد أنهم أبوهم واحد، و هم أولاد عَلَّة، أي من أمهات شتي.
الصِّعَابِيب: الصِّعاب، كأنه جمع صُعبوب.
الأنابيب: يريد أنابيب الرّماح، أي و هم المطاعين.
الأنجاد: جمع نَجْد أو نَجِد.
البُسْل: جمع باسل.
المَساعير: جمع مِسْعار، و هو أبلغ مِن مِسْعَر.
العُزل: الذين لا سلاح معهم.
______________________________
(1) اللجف: الناحية من الحوض أو البئر.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 25
المساريع: جمع مِسْرَاع، و هو الشديد الإسرَاع.

[فرخ]

*: عليّ رضي اللّه تعالي عنه- إنّ قوماً أتوْه فاسْتَأْمَرُوه في قتل عثمان رضي اللّه تعالي عنه، فَنَهَاهُم و قال: إن تفعلوا فَبَيْضاً فَلْتُفْرِخَنّه.
يقال: أفْرَخَتِ البَيْضَةُ، إذا خَلَتْ من الفَرْخ، أو أفْرَخَتْها أُمُّها؛ و منه المثل:
أفْرَخُوا بَيْضَتَهُمْ. و تقدير قوله فَبَيْضاً فَلْتُفْرِخَنّه: فَلْتُفرِخَنَّ بيضا فَلْتُفْرُخَنّه، فحذف الأول، و إلّا فَلَا وَجْهَ لِصحْته بدون هذا التقدير، لأن الفاء الثانية لا بُدَّ لها من معطوف و معطوف عليه، و لا تكون لجواب الشرط لكون الأولي لذلك؛ و الفاء هي الموجبة لتقدير الفعل المحذوف لاشتغال الثابت بالضمير، أ لا تري أنّك إن فرّغته كان الافتقار إلي القدر قائماً كما هو.
أراد: إن تقتلوه تُهيجوا فِتْنَةً يتولد منها شر كثير، كما قال بعضهم:
أَري فتنةً هاجت و باضت و فَرَّخَتْ و لو تُرِكَتْ طارت إليك فراخها

[فرو]

: خطب رضي اللّه تعالي عنه الناسَ بالكوفة، فقال: اللَّهُم إني قد مللتهم و مَلُّوني، و سَئِمْتُهُمْ و سَئِمُوني، فَسَلِّطْ عليهم فتي ثَقيف، الذيَّال المنّان، يلبس فَرْوتَها، و يأكل خُضْرتها.
أي يلبس الدفي‌ء اللين من ثيابها، و يأكل الطَّرِيّ الناعم من طعامها، تَنَعُّما و إترافاً، فَضَرب الفَرْوة و الخُضْرة لذلك مثلًا.
و الضَّمِير للدنيا.
يعني به الحَجّاج. و
هو الحَجَّاجُ بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيْل بن مسعود بن عامر بن مُعَتِّب بن مالك بن كعب، من الأحلاف من ثَقِيف، و قيل: إنه وُلِد في السنة التي دعا أمير المؤمنين عليٌّ فيها بهذه الدعوة، و هي من الكوائن التي أنبأ بها رسولُ اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم.

[فرخ]

: و
عن أبي عذبة الخَضْرَميّ رحمه اللّه تعالي قال: قدمتُ علي عمر بن الخطاب رابع أربعة من أهل الشام و نحن حُجَّاج، فبينا نحن عنده، أتاه خبر من العراق بأنّهم قد حَصَبُوا إمامهم، فخرج إلي الصلاة ثم قال: مَنْ هاهنا من أهل الشام، فقمت أنا و أصحابي، فقال: يأهل الشام، تجهزوا لأهل العِراق، فإنّ الشَّيْطان قد باض فيهم و فَرّخ، ثم قال: اللهم إنهم قد لَبَسُوا عليّ فالْبِسْ عليهم، اللهم عَجِّلْ لهم الغلام الثقفي الذي يحكُم فيهم بحكم الجاهلية، لا يقبل من مُحْسِنِهم، و لا يتجاوز عن مُسِيئِهِمْ.
______________________________
(1) (*) [فرخ]: و منه الحديث: أنه نهي عن بيع الفروخ بالمكيل من الطعام. و في حديث أبي هريرة: يا بني فَرُّوخ. النهاية 3/ 424، 425.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 26‌

[فرض]

*: الزُّبَير رضي اللّه تعالي عنه- قال يوم الشوري: لو لا حدودٌ للّه فُرِضَتْ، و فرائض له حُدَّتْ، تُرَاح إلي أهلها، و تَحْيا لا تموت، لكان الفِرار من الولاية عِصْمة، و لكن للّه علينا إجابة الدعوة، و إظهار السُّنّة، لئلّا نموت مِيتة عُمية، و لا نعمي عمي جاهلية.
فُرِضَتْ: قُطِعَتْ و بُيِّنَتْ.
تُراح: من إراحة المواشي، أي تُرَدُّ إليهم.
و أهلُها: الأئمة.
أو تردها الأئمة إلي أهلها من الرعية.
________________________________________
زمخشري، ابو القاسم، محمود بن عمر، الفائق في غريب الحديث، 4 جلد، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، اول، 1417 ه ق
الفائق في غريب الحديث؛ ج‌3، ص: 26
العميّة: الجهل و الفتنة، و قد مَرَّ فيها كلام في عب.

[فرق]

: أبو ذَرّ رضي اللّه تعالي عنه- سُئِلَ عن ماله، فقال: فِرْقٌ لنا و ذَوْد؛ قيل: يا أبَا ذَرّ؛ إنما سألتُك عن صامِت المال، قال: ما أُصْبِحُ لا أمْسِي، و ما أمسي لا أُصْبح.
الفرق: القِطْعَةُ من الغَنَم، و يقال أيضاً: فِرْق من الطير، و من الناس. و نظر أعرابي إلي صِبْيَان فقال: هؤلاء فِرْق سوء، و لا يقال إلّا في القليل، و هذا الحديث يدل عليه، و قول الرَّاعِي:
و لكما أجدي و أمْتَعَ جَدُّه بِفِرْقٍ يُخَشِّيه بهَجْهَجَ ناعِقُه
«1» الذَّوْد: ما دُون العَشْر من الإبل.
أصبَح و أُمْسَي: تامّتان؛ كأَظْهَرَ و أعْتَمَ.
و لا: نحوها في قوله:
*فأيّ فِعْل سيّي‌ء لا فَعَله
* يعني أنه لا يَدَّخِرُ شيئاً.

[فرك]

*: ابن مسعود رضي اللّه تعالي عنه- أتاه رجل فقال: إني تزوجت امرأة شَابَّة، و إني أخاف أن تَفْرَكَنِي، فقال: إنّ الحُبَّ من اللّه، و الفَرْكَ من الشيطان، فإذا دخلتْ عليك فصلِّ ركعتين، ثم ادْعُ بكذا و كذا.
يقال: فَركَتِ المرأة زَوْجَها فَرْكاً، إذا أَبْغَضَتْهُ و لم توافقه، من قولهم: فَارَكْتُ صاحبي، إذا فارقته و تاركته، و منه فَرَكْتُ الحَبّ، إذا دَلَكْته بِيَدك حتي يَتَقَلَّع عنه قِشرُه و يفارِقُه.
______________________________
(2) (*) [فرض]: و منه في حديث طهفة: لكم في الوظيفة الفريضة. و الحديث: لكم الفارض و الفريض.
و في صفة مريم عليها السلام: لم يفترضها وَلَدٌ. النهاية 3/ 432، 433.
(1) البيت في لسان العرب (فرق).
(3) (*) [فرك]: و منه الحديث: نهي عن بيع الحب حتي يفرك. و الحديث: لا يفرك مؤمن مؤمنة. النهاية 3/ 440، 441.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 27‌

[فرسخ]

: حُذَيفة رضي اللّه تعالي عنه- ما بينكم و بين أن يرسَل عليكم الشَّرُّ فراسخ إلّا مَوْتُ رجل، فلو قد مات صُبَّ عليكم الشر فَراسخ.
كلّ ما تطاول و امتد بلا فُرْجة فيه فهو فَرْسخ، و منه: انتظرتُك فَرْسَخاً من النهار، أي طويلًا، و فَرْسَخَتْ عنه الحُمّي: تباعدت.
و حكي النِّصْر عن بعض الأعراب: أغْضَنَتِ السماء «1» علينا أياماً بِعَيْنٍ «2» فيها فَرْسخ.
أي بمطر دائمٍ فيه امتداد و تطاوُل من غير فُرْجة و إقلاع، و منه الفَرْسَخ.
و عن أبي سعيد الضَّرِير: الفراسخ: برازخ بين سكون و فتنة، و كل فتنة بين سكون و تَحَرّك فهي فَرْسخ.
أراد بالرَّجل عُمر بن الخطاب رضي اللّه تعالي عنه.

[فرعل]

: أبو هُريرة رضي اللّه تعالي عنه سئل عن الضّبُع، فقال: الفُرْعُل! تلك نعجة من الغنم.
الفُرْعُل: ولد الضَّبُع فسماها به، و في أمثالهم: أَغْزَل من فُرْعل، و يقال للذكر من الضِّباع الفُرْعُلان، أراد أنها حلال كالشاة. و للشافعي رحمه اللّه أنْ يَتَعَلَّقَ به في إباحته لحمَ الضَّبُع؛ و هي عند أبي حَنيفة و أصحابه رحمهم اللّه سَبُع ذو نَابٍ فلا تَحِلّ.

[فري]

: ابن عباس رضي اللّه تعالي عنهما- قال في الذَّبِيحَةِ بالعود: كُلْ ما أفْرَي الأوْدَاجَ غير مُثَرِّد.
أي قَطَعها. و الفرق بين الفَرْي و الإفراء أنّ الفَرْي قَطْعٌ للإصلاح كما يَفْرِي الخرَّازُ الجِلْدَ، و الإفراء: قطع للإفساد كما يَفْرِي الذابح و نحوه.
التَّثْرِيد: أن يغمز الأوداج غَمْزاً من غير قَطْع؛ من الثَّرَد في الخِصاء، و هو أن تُدْلَكَ الخُصْيتان مكانهما في صَفَنهما «3»، حتي تَعُودَا كأنهما رطبة مَثْمُوغة «4».

[فرش]

*: أُذَيْنَة رضي اللّه تعالي عنه- كان يقول في الظفْر فَرْشٌ من الإبل.
يقال للحواشي التي لا تصلح إلَّا للذبح فَرْش؛ كأنها التي تُفْرش للذبح، قال اللّه تعالي: حَمُولَةً وَ فَرْشاً [الأنعام: 142].
______________________________
(1) أغضنت السماء: دام مطرها.
(3) الصفن: و عاء الخصية.
(2) العين: أن يدوم المطر أياماً (لسان العرب: عين).
(4) مثموغة: مشقوقة.
(5) (*) [فرش]: و منه الحديث: أنه نهي عن افتراش السبع. و الحديث: الولد للفراش و للعاهر الحجر. و في حديث طهفة: لكم العارض و الفريش. و في حديث خزيمة: و تركت الفريش مستحلكاً. النهاية 3/ 429، 430.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 28
ابن عبد العزيز رحمه اللّه تعالي- كتب في عطايا محمد بن مَرْوان لبنيه: أَنْ تُجَاز لهم؛ إلّا أنْ يكون مالًا مُفْتَرَشاً.
أيْ مُغْتَصَباً مستولًي عليه، من قولهم: لَقِيَ فلان فلاناً فافتَرَشَهُ؛ إذا غَلَبه و صَرَعه، و افتَرَشَتْنَا السماءُ بالمطر؛ أَخَذَتْنَا به، و افتَرَشَ عِرْضَ فلان؛ إذا استباحه بالوَقيعة فيه، و حقيقتُه جعلَهُ لنفسه فِراشاً يَتَوَطّؤُه.

[فرقع]

: مُجاهد رحمه اللّه تعالي- كره أنْ يُفَرْقِعَ الرجلُ أصابعَه في الصلاة.
يقال: فَقَّع، و فَرْقَعَ؛ إذا نَقَّضَ أصابعه بِغَمْزِ مَفَاصلها؛ و منه قيل للضَّرْب الشديد وَليِّ العُنُق و كسرِها فَرْقَعَةٌ؛ لما في ذلك من التَّنْقِيض.

[فرفر]

: عَوْن رحمه اللّه تعالي- ما رأيت أحداً يُفَرْفِرُ الدنيا فَرْفَرَةَ هذا الأعرج.
أي يَذُمّها و يمزق فَرْوَتها، يقال: فلان يُفَرْفِرُ فلاناً؛ إذا نال من عِرْضه و مَزَّقه، و هو من قولهم: الذئب يُفَرْفِرُ الشاة؛ قال:
ظَلَّ عليه يوماً يُفَرْفِرُه إلَّا يَلَغْ «1» في الدماء يَنْتَهسُ «2»
و منه قيل للأسد الفُرَافِرة.
أَراد بالأعرج أبا حازم سَلَمة بن دِينار، و هو من عُبَّاد المدينة، و كان يَقُصُّ في مَسْجِدِها.

[فرس]

: في الحديث: عَلموا رجالَكم العَوْم و الفَراسة.
يقال فَرُس فَراسة و فُروسة؛ إذا حذق بأَمْرِ الخيل. الفاء مفتوحة؛ فأَما (بالكسر) فَمِنَ التَّفَرُّس.

[فرطم]

: إنّ شيعةَ الدجّال شَوَابِبهم طويلة، و خِفَافهم مُفَرْطَمة.
من الفُرْطَومة، و هي مِنْقَارُ الخُفّ. و قيل: الصحيح بالقاف. و عن بعضِ الأعراب:
جاءنا فلان في نِخَافين «3» مُلَكَّمَيْن «4»، فُقَّاعَيْنِ «5»، مُقَرْطَمَين- بالقاف رواه ابن الأعرابي.
الفَرَا في (جل). تَفَرَّشُ في (حم). مفرخاً في (رب). الفريضة و الفريش في (صب).
فارِدَتكم في (ضح). الفريقة في (فا). فِرْصة في (حج). فرقا في (جل). يَفْرَع في (لح).
انفرقت في (شذ). فراعها في (نص). تفرقني في (بر). فَرْض في (كف). فُرضاً في (رب).
______________________________
(1) ولغ: شرب ماءً أو دماً.
(2) انتهس اللحم: إذا أخذه بمقدم أسنانه.
(3) النخاف: الخف.
(4) الملكم: الذي في جانبه رقاع يلكم بها الأرض.
(5) في حديث شريح: و عليهم خفاف لها فقع أي خراطيم، و هو خف مُفْقَع أي مخرطم (لسان العرب:
فقع).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 29
المستفرمة في (جز). من فراشة في (جم). يفري في (مر) و في (غر). الفارض في (نص).
و لا أفرع في (نص) عن الفُرْطة في (سد). فارقليطاً في (حم) أفرطهم في (رج).

الفاء مع الزاي

[فزع]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- كان إذا أشْرَفَ علي بني عَبْدِ الأَشْهَل قال: و اللّه ما علمتُ؛ إنّكم لَتكثرون عند الفَزَع، و تَقِلُّون عند الطمع.
وُضِعَ الفَزَع، و هو الفَرَقُ مَوْضِعَ الإغاثة و النصر؛ قال كَلْحَبة اليَرْبُوعِي:
فقلت لكأسٍ أَلْجِميها فإنما حَلَلنَا الكَثِيبَ مِنْ زَرُودٍ لِنفْزَعا
«1» و قال الشَّمَّاخ:
إذا دَعَتْ غوثَها ضَرَّاتُها فَزِعَتْ أطْباقُ نَيِّ علي الأثْبَاجِ مَنْضُودِ
«2» و ذلك أنّ مَنْ شَأْنُه الإغاثة و الدفع عن الحريم مُراقِبٌ حَذِر.
أثني علي بني عبد الأشهل؛ و هم ولد عَمْرِو بن مالك بن الأوس من الأنصار؛ و حذفَ مفعول «علمتُ» يريد ما علمتُ مُثْلَكم؛ أو مثلَ سيرتِكم؛ ثم دل عليه بما ذكره من صِفَتِهِمْ.
فَزعَ من نَوْمِه مُحْمَرّاً وجهُه. و روي: نام فَفَزِع، و هو يضحك.
أي هَبَّ مِنْ نومه؛ يقال فَزعَ من نومِه، و أفزعتُه أنا؛ إذا نَبَّهْتُه.
و منه
الحديث: أَلَا أفْزَعْتُموني!
لأنّ من نُبِّهَ لا يَخْلُو مِنْ فَزَعٍ مّا.

[فزر]

: سعد رضي اللّه عنه- أخذ رَجُلٌ من الأنصار لَحْيَ جَزُور، فضرب به أَنْفَ سعد فَفَزَرَهُ، فكانَ أَنْفُه مَفْزُوراً.
أي شَقَّه؛ يقال فَزَرْتُ الثوبَ؛ إذا فسخته، و تَفَزَّرَ الثوبُ، و الأفْزَر: الْمُنْكَسِر الظَّهْر.
مُفَزَّعة في (عز). [فإذَا فُزَّع في (لع)].

الفاء مع السين

[فسط]

: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- عليكم بالجماعة، فإن يَدَ اللّهِ علي الفُسْطاط.
هو ضَرْبٌ من الأبنية في السَّفَر، دُونَ السُّرادِق.
و منه
حديثه صلي اللّه عليه و آله و سلم: «إنه أتي علي رجُل قد قُطِعَتْ يَدُه في سَرِقة، و هو في فُسْطاط.
فقال: مَنْ آوَي هذا المصاب؟ فقالوا: فاتِك، أو خُرَيم بن فَاتِك؛ فقال: اللهم بارِك علي آل
______________________________
(3) (*) [فزع]: و منه الحديث: لقد فزع أهلُ المدينة ليلًا فركب فرساً لأبي طلحة. و في حديث الكسوف:
فافزعوا إلي الصلاة. و في صفة علي: فإذا فُزِعَ فُزِعَ إلي ضرسٍ حديد. و في حديث عمرو بن معد يكرب: قال له الأشعث: لأضرِّطنَّك فقال: كلا أنها لعزوم مفزَّعة. النهاية 3/ 443، 444.
(1) البيت للكلحبة و اسمه هبيرة بن عبد مناف، في لسان العرب (فزع).
(2) البيت في ديوان الشماخ ص 23، و لسان العرب (فزع).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 30
فَاتِك كما آوي هذا المصاب! فسمّي به المصْر؛ و سَمَّي عمرو بن العاص المدينة التي بناها الفُسطاط».
و
عن بعض بني تميم. قال: قرأت في كتاب رجلٍ من قريش: هذا ما اشتري فُلان ابن فلان؛ من عَجْلان مولي زِياد؛ اشتري منه خمسمائة جَرِيبٍ حِيَال الفُسطاط.
يريد البَصْرة.
و منه
حديث الشَّعْبي رحمه اللّه تعالي: في العَبْدِ الآبِق إذا أُخِذَ في الفُسْطاط ففيه عشرةُ دَرَاهم؛ و إذا أخذ خارج الفُسطاط ففيه أربعون.
و المعني أن الجماعة من أهل الإسلام في كَنَف اللّه، وَ وَاقِيتُه فوقهم؛ فأَقيموا بين ظَهْرانيهم و لا تفارِقُوهم.
و هذا
كحديثه الآخر: إنّ اللّه لم يَرْضَ بالوحدانية، و ما كان اللّه لِيَجْمَع أمتي علي ضلَالة؛ بل يَدُ اللّه عليهم، فمن تخلَّف عن صلاتنا، و طَعَن عن أَئمتنا، فقد خَلَع رِبْقَةَ الإسلام من عُنُقه؛ شِرار أمتي الوَحْدَانيّ المعجَب بدينِه؛ المرائي بعمله، المخاصِم بِحُجَّته.

[فسق]

*: خمس فواسِق يُقْتَلْن في الحِلّ و الحَرم. الفَأْرَة، و العَقْرب، و الحدَأَة، و الغراب الأبْقَع، و الكلب العَقُور.
الفُسُوق: أَصلُه الخروج عن الاستقامة و الجور؛ قال رْؤبة:
يَذْهَبْنَ في نَجْدٍ وَ غَوْراً غائرا فَواسِقاً عن قَصْدها جَوائرا
«1» و قيل للعاصي فاسق لذلك؛ و إنما سميت هذه الحيوانات فواسق علي سبيل الاستعارة لخُبْثهن؛ و قيل لخروجهنّ من الحرمة بقوله: خَمسٌ لا حُرْمَةَ لهنّ؛ فلا بُقْيَا عليهن، و لا فِديةَ علي المحرم فيهنّ إذا ما أصابهن.
قالوا: أراد بالكَلْبِ كل سبع يَعْقِر.
و منه
قوله صلي اللّه عليه و آله و سلم في دعائه علي عُتْبة بن أبي لَهَب: اللهم سَلِّط عليه كلباً من كلابك؛ فَفَرسَه الأسدُ في مَسِيره إلي الشام.

[فسل]

: لعن اللّه المُفَسِّلَة و المُسَوِّفَة.
هي التي تَتَعَلَّل لزَوْجها إذا هَمّ بغِشيانها بالحيض فتفتِّر نشاطه؛ من الفُسُولة و هي الفُتور في الأمر؛ أو تَقطعه و تَفطمه؛ من قولهم: فَسَلَ الصبيَّ و فَصَله؛ أو تَرْجعه علي إكداء
______________________________
(2) (*) [فسق]: و منه الحديث أنه سمّي الفأرة فويسقة. النهاية 3/ 446.
(1) الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص 190، و أساس البلاغة ص 431 (فسق)، و لسان العرب (فسق) و للعجاج في الكتاب 1/ 94، و ليس في ديوانه، و بلا نسبة في جواهر الأدب ص 33، و الخصائص 2/ 432، و شرح التصريح 1/ 288، و شرح شذور الذهب ص 431، و المحتسب 2/ 43.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 31
و إخفاق. مِنْ فُسِلَ بفلان و حُسِلَ به؛ إذا أُخِسَّ حَظُّه.
و المُسَوِّفة: التي تقول له: سَوْفَ … سوف … و تُعَلّله بالمواعيد، أو تُشِمّه طَرَفاً من المساعدة و تُطْمِعه، ثم لا تفعل، من السَّوف و هو الشّم؛ قال ابن مُقبل:
لو سَاوَفَتْنَا بِسَوْف من تَحَنُّنِهَا سَوْفَ العَيُوفِ لرَاحَ الرَّكْبُ قَدْ قَنِعُوا
«1»

[فسكل]

: عَلِيٌّ رضي اللّه تعالي عنه- إنّ أسماء بنت عُمَيْس جاءها ابنُها من جَعْفر بن أبي طالب و ابنُها من أبي بكر بن أَبي قُحافة يختصمان إليها؛ كلّ واحدٍ منهما يقول: أَبي خيرٌ من أَبيك؛ فقال عليّ: عزمتُ عليك لتقضِنَّ بينهما. فقالت لابنِ جعفر: كان أبوكَ خيرَ شبابِ الناس. و قالت لابن أبي بكر: كان أبوكَ خيرَ كُهولِ الناس، ثم التفتت إلي عليّ فقالت: إنَّ ثلاثةً أنت آخِرهم لخَيار! فقال علي لأولادها منه: قَدْ فَسْكَلَتْنِي أُمُّكم.
أي أخّرتني و جعلتني كالفِسْكل، و هو آخِرُ خَيْلِ السِّباق؛ و يقال: رجل فسْكُول [و فِسْكَوْل]، و قد فَسْكَلَ، و فُسْكِلَ، قال الأخطل:
أَ جُمَيْعُ قد فُسْكِلْتَ عَبْداً تَابِعاً فبَقِيتَ أنْتَ المُفْحَمُ المَكْعُومُ
«2» و عن ابن الأعرابي: أنها أعجيمة عرَّبَتْها العرب.

[فسل]

: حُذيفة رضي اللّه تعالي عنه- اشتري ناقَةً من رجلين من النَّخَع، و شرط لهم في النَّقْد رِضَاهما، فجاء بهما إلي منزله، فأخرج لهما كيساً، فَأفسَلا عليه، ثم أخرج آخر فَأَفْسَلا عليه، فقال: إنِّي أعوذ باللّه منكما.
أي أرْذَلا و زَيَّفَا.
يقال أفْسَل فلانٌ علي فلان دراهمَه.
و عن أبي عبيدة: فَسَله و خَسَله و رَذَله بمعني. و يقال: دِرْهم فَسْل: ردي‌ء، و دراهم فُسول. قال الفرزدق:
فلا تقْبَلُوا منهم أباعِرَ تُشْتَري بوَكْسٍ و لا سُوداً تصِيحُ فُسُولُها
«3»

[فسو]

: شُريح رحمه اللّه تعالي- سُئِل عن الرجل يُطَلِّق المرأةَ ثم يرتجعها، فيكتمها رجعتَها حتي تنقضِيَ عِدَّتها، فقال: ليس له إلّا فَسْوةُ الضَّبع «4».
______________________________
(1) البيت في لسان العرب (سوف).
(2) البيت في لسان العرب (فسكل).
(3) البيت في لسان العرب (فسل)، و روايته في اللسان:
فلا تقبلوا مني أباعر تشتري بوكسٍ و لا سوداً يصحُ فُسوُلها
(4) فسوات الضبع: ضرب من الكمأة (لسان العرب: فسو).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 32
أي لا طائلَ له في ادّعاء الرجعة بعد انقضاء العِدّة، و لا يُقْبَل قوله؛ فضرب ذلك مثلًا لعدم الطائل، و خص الضَّبع.
[أي لا طائلَ له في ادّعاء الرجعة بعد انقضاء العِدّة، و لا يُقْبَل قوله؛ فضرب ذلك مثلًا لعدم الطائل، و خص الضَّبع] لقلة خيرها، و خُبثها و حمقها. و قيل: فَسْوَةُ الضَّبعِ: شجرة تحمل الخَشْخَاش؛ ليس في ثمرتها كبيرُ طائل.
مفتسحاً في (دح). فساح في (غث). [إِفساد الصبي في (غي)].

الفاء مع الشين

[فشي]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلّم- إنّ هَوازن لما انهزموا دخَلُوا حِصْنَ ثَقِيف، فتآمروا؛ فقالوا:
الرأي أن نُدْخِل في الحِصْن ما قدرنا عليه من فَاشِيتِنا، و أن نَبْعثَ إلي ما قَرُب مِنْ سَرْحِنا و خيلنا الجَشَر؛ فقال بعضهم: إنَّا لا نأْمَنُ أَنْ يأتوا بضُبُور.
الفَاشية: الماشية؛ لأنها تَفْشُو؛ أي تنتشر، و الجمع فَواشٍ.
و منه
حديثه صلي اللّه عليه و سلم: «ضُمُّوا فَوَاشِيَكم، حتي تذهبَ فحمةُ العِشَاءِ».
أي ظلمته؛ و قال أفْشَي الرجلُ و أمْشَي و أوْشي بمعني.
الجَشَرُ: المُرسلة في الرطب؛ أيامَ الربيع، من جَشَروا الدوابَّ «1».
الضُّبُور: الدّبابات التي تقدم إلي الحصون؛ الواحد ضَبْرة.

[فشغ]

: عُمَر رضي اللّه تعالي عنه- أتاه وَفْد البَصْرة، و قد تَفَشَّغُوا، فقال: ما هذه الهيئة؟ فقالوا: تركنا الثِّياب في العِيَاب و جئناك. قال: الْبِسوا و أَمْيطُوا الخُيَلَاء.
قال شَمِر: أي لَبِسُوا أَخَسَّ لباسهم، و لم يَتهيَّئوا. و أنا لا آمن أن يكون مُصَحَّفاً من تقَشَّفُوا، و التَّقَشُّف؛ ألا يتعاهد الرجل نفسه، و منه عام أقْشَق، و هو اليابس؛ فإن صَحَّ ما رَوَوْه، فلعلَّ معناه أَنَّهُم لم يحتفلوا في الملابس، و تثاقلوا عن ذلك، لما عرفوا من خُشُونة عُمر؛ من قولهم: فَشَغَه النومُ إذا ركبه فكسَّله و فَتّره. و أجد تَفْشِيغاً في جسدي، و تَفَشَّغَ:
تَفَتَّر و تَكاسَل. أطلق لهم أَنْ يتجمّلوا باللِّباس علي أَلَّا يَخْتالوا فيه، و لا يفتخِروا به.
علي رضي اللّه تعالي عنه- قال الأشْتَر: إنَّ هذا الأمر قد تَفَشَّغ
أَيْ كَثُر و علا و ظهر. و مَدَارُ التأليف علي معني العلُو، يقال: تفَشَّغَه دَيْنٌ إذا ركبه و تَفَشَّغَ الرجلُ المرأةَ، و الجملُ الناقَةَ، و منه الفُشَاغ، و هو ما يَرْكَبُ الشَّجَر فَيَلْتَوِي عليه.
و
عن ابن عباس رضي اللّه تعالي عنهما- إنّ تَجْراً «2» من قريش قدموا علي أصْحَمَة
______________________________
(3) (*) [فشي]: و منه في حديث الخاتم: فلما رآه أصحابه قد تختم به فشت خواتيم الذهب. و الحديث:
أفشي اللّه ضيعته. و في حديث ابن مسعود: و آية ذلك أن تفشو الفاقة. النهاية 3/ 449، 450.
(1) جشروا الدواب: أخرجوها إلي المرعي.
(2) تجر: جمع تجَّار.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 33
النَّجاشي، فسألهم: هل تَفَشَّغَ فيكم الولد؟ قالوا: و ما تَفَشَّغ الوَلَد؟ قال: هل يكون للرجل منكم عشرة من الولد ذكور؟ قالوا: نعم، و أكثر من ذلك. قال: فهل ينطق فيكم الكَرَع؟
قالوا: و ما الكَرع؟ قال: الرجل الدني‌ء النَّفْسِ و المكان. قالوا: لا ينطق في أمرنا إلَّا أَهْل بيوتنا و أهلُ رأينا. قال: إنّ أمْرَكم إذَنْ لمُقْبل، فإذا نطقَ في أمركم الكَرَعُ، و قَلَّ ولدُكم أَدْبَر جَدّكم.
قيل للسِّفْلة كَرَع تشبيهاً بالكَرَع، و هي الأوظفة. [قال النَّضر: يقال: جَمَلٌ شديد الكَرَع؛ أي الأوظفة]، و لا يُوحَّد الكَرَع.
و
عن عُرْوة رحمه اللّه تعالي: أنه قال لابن عباس رضي اللّه عنهما: ما هذه الفُتْيَا التي تَفَشَّغَتْ عَنْك؟
أيْ انتشرَتْ.

[فشش]

*: أبو هريرة رضي اللّه تعالي عنه- إنَّ الشيطانَ يَفُشُّ بين أَلْيَتَيْ أَحَدِكم حتي يُخَيَّلَ إليه أنه قد أَحْدَث، فإنْ وَجَدَ رِيحاً أو سَمِع صَوْتاً فليتوضأ، و إلّا فَلَا.
أيْ يَنْفُخُ نَفْخاً يشبه خروجَ الريح؛ من فَشَّ الوَطْبَ يَفُشُّه إذا أخرج ريحَه، و منه المثل:
لأفشنّك فَشَّ الوَطْب.

[فشغ]

: قال ابن لَبِينة: جئتُه و هو جالس في المسجد الحرام، و كان رجلا آدمَ ذا ضَفِيرتين أَفْشَغَ الثّنِيَّتَيْن، فسألتُه عن الصلاة، فقال: إذا اصطفق الآفاق بالبَيَاض، فصلِّ الفَجْر إلي السَّدَفِ، و إياكَ و الحَنْوة و الإفْغَاء.
أرادَ نَاتي‌ء الثَّنِيَّتَيْن، خارجهما عن نَضَد الأسنان، و منه قولهم: ناصية، و هي المنتشرة.
الاصطفاق: الاضطراب؛ يقال اصطفقَ القومُ؛ إذا اضطربوا، و هو افتعال من الصَّفْق؛ تقول: صفقتُ رأسَه بيدي صَفْقَةً؛ إذا ضربته؛ قال:
و يومٍ كظِلِّ الرُّمْحِ قَصَّرَ طولَه دَمُ الزِّقِّ عَنّا و اصطِفاقُ المَزاهِرِ
«1» و المعني: انتشار ضوء الفَجْر في الآفاق، و انبساطه فيها؛ فجعل ذلك اصطفاقاً و اضطراباً من الآفاقِ به؛ كما تقول: اضطرب المجلس بالقوم، و تدفقت الشِّعاب بالماء.
السَّدَف: الضوء؛ و منه قولهم: أسدِفْ لنا؛ أَيْ أَضي‌ء لنا.
______________________________
(2) (*) [فشش]: و منه حديث ابن عباس: لا ينصرف حتي يسمع فشيشها. و في حديث ابن عمر مع ابن الصياد: فقلت له: اخسأ فلن تعدو قَدْرك، فكأنه كان سقاءً فُشَّ. و في حديث موسي و شعيب عليهما السلام: ليس فيها عَزوزٌ و لا فشوشٌ. النهاية 3/ 447، 448.
(1) البيت بلا نسبة في لسان العرب (صفق).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 34
قال ابو عمرو: إذا كان رجل قائم بالباب قلت له: أَسْدِفْ؛ أي تَنَحَّ حتي يُضي‌ء البيت.
قال أبو زيد: السُّدفة في لغة بني تميم: الظّلمة، و في لغة قيس: الضوء. و أنشد قول ابن مقبل:
[و ليلة قد جعلتُ الصبح موعدَها صَدْرَ المطية] حتي تعرف السُّدُفا
و قال: يعني الضّوء.
الحَنْوة: أَنْ يُطَأْطي‌ء رأسه و يقَوِّس ظهره؛ من حَنَوْت الشي‌ء و حَنَيْته، إذا عطفته، و ناقة حَنْواء: في ظهرها احْدِيداب.
فشوش في (شب). ففشجَت في (مد). [الفشفاش في (جس)].

الفاء مع الصاد

[فصد]

: النبي صلي اللّه عليه و سلم- كان إذا نزل عليه الوَحْيُ تَفصَّد عَرَقاً.
أيْ تَصَبَّبَ، يقال تَفَصَّد، و انْفَصَد. و منه: الفاصدان مَجْرَيا الدّموع. و انتصاب عَرَقاً علي التمييز.

[فصع]

: نهي صلي اللّه عليه و سلم عن فَصْع الرُّطَبة.
فصع، و فَصل، و فصي: أخَوات، يقال: فَصَع الشي‌ءَ من الشي‌ء؛ إذا خلعه و أخرجه، و فَصَع العِمامة، إذا حسرها عن رأسه، و فَصَعَتِ الدابةُ، إذا أَبْدَتْ حَيَاها مرّة، و أدخلته أخري عند البَوْل.
أرَاد إخراجَها عن قِشرها لِتَنْضج عاجلًا.

[فصل]

*: ابن عمر رضي اللّه تعالي عنهما- قال سَعِيد بن جُبير: كُنَّا نختلفُ في أشياء، فكتبتُها في كتاب، ثم أتيتُه بها أَسأَله عنها، فلو علم بها لكَانت الفَيْصَل فيما بيني و بينه.
أي القَطِيعة الفاصلة فيما بيني و بينه.

[فصم]

*: عائشة رضي اللّه تعالي عنها- قالت: رأيتُ النبيَّ صلي اللّه عليه و سلم ينْزَلُ عليه في اليوم
______________________________
(1) (*) [فصل]: و منه في صفة كلامه عليه الصلاة و السلام: فَصْلٌ لا نزرٌ و لا هَذْرٌ. و في حديث وفد عبد القيس: فمُرْنا بأمرٍ فصل. و الحديث: من فَصَل في سبيل اللّه فمات أو قتل فهو شهيد. و الحديث: لا رضاع بعد فصال. و الحديث: أن العباس كان فصيلة النبي صلي اللّه عليه و سلم. و في حديث أنس: كان علي بطنه فصيلٌ من حجر. و في حديث ابن جبير: فلو علم بها لكانت الفيصل بيني و بينه. النهاية 3/ 451، 452.
(2) (*) [فصم]: و منه في صفة الجنة: دُرَّة بيضاء ليس فيها قَصْمٌ و لا فَصْمٌ. و في حديث أبي بكر: إني-
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 35
الشديد البَرْدِ فَيفْصِمُ الوَحْيُ عنه، و إنَّ جبينَه ليتفصَّد عَرقاً.
أي يُقْلِع، يقال: أفْصَمَ المطرُ، و أَفصي: إذا أقلع. و منه قيل: كل فحل يفْصِم إلّا الإنسان؛ أي يَنْقَطِع عن الضِّراب.

[فصد]

: العُطَارديّ رحمه اللّه تعالي- لما بَلَغَنَا أن النبيّ صلي اللّه عليه و سلم قد أَخَذ في القتل هَرَبْنَا، فاسْتَثَرْنَا شِلْوَ أَرْنَبٍ دَفِيناً، و ألْقَيْنَا عليها من بُقُول الأرض، و فَصَدْنا عليها، فلا أَنْسَي تلك الأَكْلة!.
كانوا يَفْصِدون البعيرَ و يعالجون الدم، و يأكلونه عند الضرورة. و منه قولهم: لم يُحْرَم مَنْ فُصِدَ له.
يعني أنهم طرحوا الشِّلْوَ في القِدْر و البقولَ و الدم، فَطَبَخُوا من ذلك طبيخاً.

[فصفص]

: الحسن رحمه اللّه تعالي- ليس في الفَصَافِص صَدَقة.
هي جمعُ فِصْفِصة؛ و هي الرطبة؛ أي الْقتّ الرطب، و القَضْب: اليابس. قال الأعشي:
أَلم تَرَ أَنَّ العَرْضَ أَصبح بطنُه نخيلًا وَ زَرْعاً نَابِتاً و فَصافصَا
«1» و يقال: الفِسْفِسَة: بالسين أيضاً.
تفصِّياً في (كي). الفَصْية في (فر). و لا فَصْم في (قص). [فصل في (بر). كل فَصيح و أعجم في (عج). فصلًا في (شد). فَصْح في (فض)].

الفاء مع الضاد

[فضض]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- قال له العبّاس بن عبد المطلب: يا رسولَ اللّه؛ إني أُريد أن أمتدحَك. قال: قل لا يَفْضُض اللّه فَاكَ! فقال العباس رضي اللّه تعالي عنه:
مِنْ قَبْلِها طِبْتَ في الظلال و في مُسْتَوْدَعٍ حيثُ يُخْصَفُ الوَرَقُ «2»
ثم هَبَطْتَ البِلادَ لا بَشَرٌ أَنتَ و لا مُضْغَةٌ و لا عَلَقُ
______________________________
- وجدت في ظهري انفصاماً. و الحديث: استغنوا عن الناس و لو عن فصمة السواك. و الحديث:
فيفصم عني و قد وعيت. النهاية 3/ 451، 452.
(1) البيت في ديوان الأعشي ص 151، و لسان العرب (فصفص)، و رواية اللسان:
ألم تر أنَّ الأرض أصبح بطنها نخيلًا و زرعاً نابتاً و فصافصا
(3) (*) [فضض]: و منه حديث النابغة الجعدي: لما أنشده الرائية قال: لا يفضض اللّه فك. و في حديث الحديبية: ثم جئت بهم لبيضتك لتفضّها. و في حديث معاذ في عذاب القبر: حتي يفضّ كل شي‌ء منه. و في حديث غزوة هوازن: فجاء رجل بنطفة في إداوة فافتضّها. النهاية 3/ 453، 454.
(2) الأبيات في لسان العرب (خصف) و (صلب) و (نطق) و (ضاء).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 36
بَلْ نُطْفَةٌ تركبُ السَّفِينَ و قَدْ أَلْجَمَ نَسْراً و أهْلَهُ الْغَرَقُ
تُنْقَلُ مِنْ صالِبٍ إلي رَحِمٍ إذا مَضَي عَالَمٌ بدا طَبَقُ
حَتّي احْتَوَي بيتَك المُهَيْمِنُ مِنْ خِنْدِفَ عَلْيَاءَ تَحْتَهَا النُّطُقُ
و أنْتَ لَمَّا ولدت أشْرَقَتِ ال أرض و ضاءت بنورك الأفقُ
فنَحْنُ في ذلك الضِّيَاءِ و في النُّو روسُبْل الرشادِ نخترقُ
أي لا يَكسِر ثَغْرَك، و الفَمُ يُقام مَقام الأسنان؛ يقال: سَقَطَ فَمُ فلان فلم تبق له حاكَّة «1».
أراد بالظِّلال ظِلَال الجنة؛ يعني كونَه في صُلْب آدم نُطْفَةً حين كان في الجنة.
المُسْتَوْدَع: المكان الذي جُعِل فيه آدم و حواء عليهما السلام من الجنة و استودعاه.
يُخْصَفُ الورق؛ عَنَي به قوله تعالي: وَ طَفِقٰا يَخْصِفٰانِ عَلَيْهِمٰا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ* [الأعراف: 22].
و الخَصْفُ: أن تَصُمَّ الشي‌ءَ و تَشُكَّهُ معه.
أراد بالسَّفِين سفينَة نوحٍ عليه السلام.
و نَسْر: صَنَمٌ لقوم نوح.
الصَّالِب: الصُّلْب.
الطَّبَق: القَرْن من الناس. أراد ببيته شَرَفَه.
و المهيمن: نَعْته، أي حتي احتوي شرفكَ الشاهدُ علي فضلك أفضلَ مكان و أرفعه من نسب خِنْدِف.
النُّطُق: من قولِ ابنِ الأعرابي: النِّطَاقُ واحد النُّطُق، و هي أَعْرَاض من حبالٍ بعضها فوق بعض؛ أي نَوَاحٍ و أَوْسَاط.
شُبِّهَتْ بالنُّطُق التي يشدّ بها أَوْساط الأناسي؛ و أنشد:
نحن ضَرَبْنَا سَبْسَباً بعد البُرَقْ في رَهْوَةٍ ذات سِدَادٍ و نُطقْ
و حالق في رَأْسِه بَيْضُ الأُنُقْ
يعني أَنّه في الأشرف الأعلي من النَّسَب كأنه أَعْلَي الجبل، و فومُه تحته بمنزلة أَعراض الجبال «2».
يقال: ضاء القمرُ و السِّرَاجُ يضوءُ؛ نحو ساءِ يسوء. قال:
*قَرِّبْ قَلُوصَيْكَ فقدْ ضاء القَمَرْ
*______________________________
(1) الحاكة: السن، لأنها تحك صاحبتها (لسان العرب: حك).
(2) أعراض الجبال: نواحيها.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 37
أَنَّث الأفق ذهاباً إلي الناحية، كما أنّث الأعرابي الكتابَ علي تأويل الصحيفة، أو لأنه أراد أُفق السماء؛ فأُجْرِي مُجْرَي ذهَبتْ بْعضُ أصابعه؛ أو أراد الآفاق؛ أو جمع أُفُقاً علي أُفُق، كما جُمع فُلْك علي فُلْك.

[فضخ]

*: قال علي رضي اللّه تعالي عنه: كنتُ رجلًا مَذَّاءً، فسألتُ المُقْداد أن يسأل لي النبي صلي اللّه عليه و سلم، فقال: إذا رأيتَ المَذْيَ فتوضأ، و اغسل مَذاكِيرك، و إذا رأيت فَضْخَ الماء فاغتسل.
قال شمر: فَضْخُ الماءِ: دَفْقُه. و يقال للدَّلْو: المِفْضَخة «1». و قيل لبعضهم: ما الإِنَاء؟
قال: حيث تَفْضَخُ الدّلو «2».

[فضح]

: إنّ بلالًا رضي اللّه تعالي عنه أَتَي لِيُؤَذِّنَه بصلاة الصّبح، فشغلتْ عائشةُ بِلالًا حتي فَضَحه الصّبح.
أي كَشفه، و بَيَّنَهُ للأعين.
و في كلام بعضهم: قم فقد فَضَحَك الصبح. و أنشد يعقوب:
حتي إذا ما الدِّيكُ نَادَي الفَجْرا و فَضَحَ الصُّبْحُ النجومَ الزُّهْرَا
«3» أي كَشف أمرها بغلبة ضوْئه ضوءَها.
و قيل: حتي أضاء به بِفَضْحَتِه، أي ببياضه.
و روي: بالصاد بمعني بَيَّنَه، و منه قيل للبيان الفصاحة، و لضده العُجمة.
و أفضح الصُّبحُ: بَدَا.

[فضض]

: عُمر رضي اللّه تعالي عنه- رَمَي الجَمْرَة بسبع حَصَيات ثم مضي، فلما خَرَج من فَضَضِ الحصي، و عليه خَمِيصة سوداء، أقبل علي سلْمان بن ربيعة فكلَّمه بكلام.
هو المُتَفَرِّق منه، و الفَضِيض مثلُه؛ و هما فَعَل و فَعِيل بمعني مَفْعُول؛ من فَضَّ الشي‌ءَ يَفُضُّه، إذا فَرَّقه.
و في كتاب العين: الفَضّ: تفريقُ حَلْقَةٍ من الناس بعد اجتماعهم. و أنشد:
إذا اجتمعوا فَضَضْنا حَجْرَتَيْهِمْ و نجمعُهم إذا كانوا بِدَادَا
«4»
______________________________
(5) (*) [فضخ]: و منه حديث أبي هريرة: نعمد إلي الحُلقانة فنفتضخه. النهاية 3/ 453.
(1) المفضخة: الواسعة من الدلاء (القاموس المحيط: فضخ).
(2) حكي عن بعضهم أن قيل له: ما الإناء؟ فقال: حيث تفضخ الدلو، أي تدفق فتفيض في الإناء (لسان العرب: فضخ).
(3) الرجز في أساس البلاغة (فضخ).
(4) البيت في أساس البلاغة (فض).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 38
و انْفَضَّ؛ إذا تَفَرَّق.
و منه
الحديث: لو أَنَّ رجلًا انفضَّ انفضاضاً مِمّا صُنع بابن عَفّان لَحُقَّ له أن يَنْفضّ.
أي انقطعت أوصالُه، و تفرقَتْ جَزَعاً و حسرة.
الخَمِيصة: ضَرْبٌ من الأكسية.
خالد رضي اللّه تعالي عنه- كتب إلي مَرازبة فارس مَقدَمَه العِرَاق: أما بعد؛ فالحمد للّه الذي فَضَّ خَدَمتكم، و فَرَّق كلمتكم، و سَلَبِ مُلْكَكُمْ.
الخَدَمة: سَيْرٌ غليظ مُحْكَم مثل الحَلْقة يشدُّ في رُسْغ البعير، ثم يُشَدُّ إليها سرائحُ نعْله. و قيل للخلخال خَدَمة علي التشبيه؛ إذا انفضّت الخَدَمة انحلّت السرائح، و سقطت النّعل؛ فضرب ذلك مثلًا لِثَلِّ عَرْشهم، و ذهاب ما كانوا يعتمدونه، و يرجع إليه استيساقُ أمْرِهم.

[فضخ]

: ابن عمر رضي اللّه تعالي عنهما- قال في الفَضِيخ: ليس بالفَضِيخ؛ و لكنه الفَضُوح.
هو ما افْتُضِخَ من البُسْر، من غير أَنْ تَمَسّه النار.
و منه
حديثَ أَنَس رضي اللّه عنه: نَزَل تحريمُ الخمر، و ما كانت غيرَ فَضِيخكم هذا الذي تسمُّونَه الفَضِيخ.
أراد بُكِر شاربَه و يفضحه.

[فضض]

: ابن عبد العزيز رحمه اللّه تعالي- سُئِل عن رجُلٍ خطب امرأة؛ فتشاجروا في بعض الأَمْر، فقال الفَتَي: هي طالق إن نكحتُها حتي آكُلَ الفَضِيض؛ فقال: أما رأي أن لا يَنكحهَا حتي يأكل الفَضِيض! قال المنذر بن علي: فذلك الفَحْل، يسمي المُحلِّل حتي اليوم.
الفَضِيض: الطّلع أول ما يطلع، و الفَضِيض أيضاً: الماء الغَريض ساعة يخرج من العين، أو يَصُوب من السحاب.
الفَحْل: الفُحّال الذي أكل منه الحالف، و سمي مُحَلِّلًا من تَحِلَّة اليمين.
أ ما رَأي: استفهام في معني التَّقْرير، يعني أنَّ الأمْر يجب أنْ يُبنَي علي ما رَأي من تركِ نكاحها إلي وقت إطلاع النخل، و تحليل الحَلِف بأكل الطّلع لا سبيلَ له غيره.
فضفاض في (رج) و في (أط). افتضّها في (نط). يفضي في (وخ). نفتضخه في (حل). [يفتضخه في (ذن). فضُل في (زو)]. انفضاجاً في (عص. [و الفِضة في (تب)].
فتفتض به في (حف). لا يفضض و لا يفض في (ظه). [فضض في (هر)]. الفضول في (حو). فَضْا في (عق).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 39‌

الفاء مع الطاء

[فطر]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- كلُّ مولودٍ يُولَد علي الفِطْرة، حتي يكون أبواه هما اللذان يُهَوِّدَانه أو يُنَصِّرَانه، كما تُنْتَجُ الإبلُ مِنْ بَهيمةٍ جَمْعاء، هل تحسُّ من جَدْعاء!
قالوا: يا رسول اللّه: أَ فَرَأَيْتَ مَنْ يَمُوتُ هو صَغِير! قال: إنَّ اللّه أعلم بما كانوا عاملين.
بِنَاءُ الفِطْرَة تدلُّ علي النوع مِنَ الفَطْر؛ كالجِلْسة و الرِّكْبَة. و في اللام إشارة إلي أنها معهودة، و أنَّها فِطْرَةُ اللّه التي نطق بها قوله تعالي عزّ مِن قائل: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللّٰهِ الَّتِي فَطَرَ النّٰاسَ عَلَيْهٰا لٰا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللّٰهِ ذٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ [الروم: 30].
و الفَطْر: الابتداء و الاختراع.
و منه
حديث ابن عباس رضي اللّه تعالي عنهما أنه قال: ما كنتُ لأَدْرِي مَا فٰاطِرُ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ* حتي احْتَكَمَ إليَّ أعرابيَّان في بِئْرٍ؛ فقال أحدهما: أنَا فطَرْتُها؛ أي ابتدأت حَفْرَها.
و المعني أنه يُولَدُ علي نَوْع من الجِبِلة؛ و هو فِطْرة اللّه، و كونه مُتَهيِّئاً مستَهْدفاً لقبول الحَنِيفية طوعاً لا إكراماً، و طَبْعاً لا تكلُّفاً، لو خَلَّتْهُ شَيَاطينُ الجن و الإنس و ما يختاره لم يَخْتَرْ إِلّا إيّاها، و لم يلتفتْ إلي جَنبة سِوَاها.
و ضرب لذلك الجَمْعاء [و الجَدْعاء] مثلًا؛ يعني أن البهيمة تُولَدُ سوِيَّة الأعضاءِ سليمة من الجَدْع و نحوه، لو لا الناسُ و تعرّضُهم لها لبقيت كما وُلِدت، و قيل للسليمة؛ جَمْعَاء لأن جميعَ أعضائها وافرة لم يُنْتَقَصْ منها شي‌ء.
و في معناه
حديثه صلي اللّه عليه و سلم: يقول اللّه تعالي: إِنِّي خَلَقْتُ عِبادي حُنَفاء فاجْتَالتْهم الشياطين عَن دِينهِم؛ و جَعَلتُ ما نحلتهم من رِزْق فهو لهم حلال، فحرّم عليهم الشياطينُ ما أحْلَلْتُ لهم.
يعني البحائر «1» و السُّيَّب «2».
و قوله صلي اللّه عليه و سلم: بما كانوا عاملين: إشارة إلي تعلُّق المَثوية و العقوبة بالعَمل؛ و أن الصغار لا عَمل لهم؛ و قد أخْرَجَه علي سبيل التهكُّم؛ و أنَّ اللّه يجازي الصغار كِفاء ما عملوا؛ و قد عَلِم أنهم لم يعملوا عملًا يُجازون به.
______________________________
(3) (*) [فطر]: و منه الحديث: عشرٌ من الفطرة. و في حديث علي: و جبَّار القلوب علي فِطَرَاتها.
و الحديث: أفطر الحاجم و المحجوم. النهاية 3/ 457.
(1) البحائر: جمع بحيرة، و هي المشقوقة الأذن.
(2) السيب: جمع سائبة، و هي الناقة التي كانت تسيب في الجاهلية لنذر أو نحوه.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 40
هما: إما فَصْلٌ أقْحِم بين المبتدأ و خبره، و في كان ضمير الشأن، أو هو مبتدأ خبره الموصول.
و أبواه: إما مبتدأ هذه الجملة خبره، و كان بمنزلته في الوجه الأول، أو اسمٌ لكان و خبره الجملة.
[ما، في] كما ليست الكافة في نحو قولك: فعلتُ كما فعلتُ؛ و لكنها الموصولة، و صلتُها تنتج، و الراجع محذوف؛ أي كالذي تنتجه الإبل؛ أَي تتوالده.
و قوله: مِنْ بهيمة: بيان للموصول.
[فطر]:
عمر رضي اللّه تعالي عنه- سُئل عن المَذْي فقال: هو الفَطْر. وَ رُوي: الفُطر
(بالضم).
الفَطْر (بالفتح): له وجهان؛ أن يكون مصدر فَطَرْتُ الناقة أَفْطُرها، و أَفطِرها، إذا حلبتها بأَطراف الأصابع؛ يقال: ما زلت أفْطُر الناقة حتي سعدْتُ؛ أي استكيت ساعِدَيّ.
أو مصدر فَطَر نابُ البعير؛ إذا شَقَّ اللحم فَطَلَع.
شَبَّه المَذْي في قِلَّته بما يُحتلب بالفَطْر؛ أو شبَّه طُلوعه من الإِحليل بطلُوع الناب.
و الفُطْر (بالضم): اسمُ ما يظهر من اللَّبن علي إحليل الضَّرْع. قال المَرَّار:
بَازِلٌ أو أخلَفَتْ بازِلَها عاقِرٌ لم يُحْتَلَبْ منها فُطُرْ
«1»

[فطس]

* أبو هريرة رضي اللّه تعالي عنه- يُوشك أَنْ يَجِي‌ء من قِبَلِ المشرق قَوْمٌ عِرَاض الوُجوه، فُطْس الأُنُف، صِغَار الأَعْين؛ حتي يُلْحِقُوا الزَّرْعَ بالزرع، و الضرع بالضرع؛ و الراويةُ يومئذٍ يُسْتَقي عليها أَحَبُّ إلَيَّ من أَلآء و شَاء.
الفَطَس: انخفاضُ قَصَبةِ الأَنْف؛ و منه فَطَس الحديدَ؛ إذا ضربه بالفِطِّيسِ «2» حتي عَرَّضه؛ و الفَطَسة: أَنْف البقَرة لانخفاضه.
إلحاقُ الزرع بالزرع: أنْ يُعَمّ بالهلاك؛ أي إذا أهلكوا البعض لم يتركوا ما بقي غَيْرَ هالك؛ و لكنهم يُلحقونه به فلا يُبْقُونَ علي شي‌ءِ.
الراوِية: البعيرُ يُسْتقَي عليه.
اللأَي بِوَزْنِ اللَّعا: الثور؛ قال الطِّرماح:
كظهر اللأَي لو تُبْتَغي رَيَّةٌ بها لَعيَّتْ نهاراً في بُطونِ الشَّواجن
«3»
______________________________
(1) البيت في لسان: العرب (فطر).
(4) (*) [فطس]: و منه في صفة تمرة العجوة: فُطْسٌ خُنْسٌ. النهاية 3/ 458.
(2) الفطيس: المطرقة العظيمة و الفأس (القاموس المحيط: فطس).
(3) البيت في لسان العرب (لأي).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 41
و بمُصغَّره سمي لُؤَي بن غالب؛ و جمعه ألآء كألْعَاء.

[فطأ]

: ابن عُمر رضي اللّه تعالي عنهما- ذكر مَقْتَلَة مُسيلمة، و أَنه رآه أَصفر الوَجْهِ أفْطَأَ الأَنْفِ، دَقِيق الساقين.
الفَطأ و الفطَس: أَخوان.

[فطم]

*: ابن سِيرين رحمه اللّه تعالي- بلغه أنّ عمر بن عبد العزيز أَقْرَع بَيْنَ الفُطْم، فقال: ما أَرَي هذا إلّا من الاستقسام بالأزلام.
هو جمع فَطِيم، و ليس جمع فَعيل علي فُعُل في الصفات بكثير. قال سيبويه: و قد جاء شي‌ء منه؛ يَعني مِنْ فَعِيل صفة قد كُسِّر علي فُعُل، شُبِّه بالأسماء لأنَّ البناءَ واحد، و هو نَذِير و نذُر، و جَدِيد و جُدُد، و سَدِيس و سُدُس؛ أوردَ هذه الأمثلة في جمع فَعِيل بمعني فاعل، و لم يورد في فعيل بمعني مفعول، إلّا قولهم عَقيم و عُقُم. قال: فشبهوها بحديد و جُدُد؛ كما قالوا: قُتَلَاء، و فُطم نظير عُقُم.
الأزلام: القِداح.
كره الإقراع بين ذَرَاري المسلمين؛ و كان عنده التسوية بينهم في العطاء، أو زيادة مَنْ رأي زيادتَه من غير إقْراع.
الفواطم في (سي). فطس في (سن). فِطَراتها في (دج). [الفطيمة في (ثع)].

الفاء مع الظاء

[فظاظة في (هر)].

الفاء مع العين

[فعم]

*: في الحديث: لو أن امرأةً من الحُور العِين أشرفَتْ لأفْعَمَتْ ما بين السماء و الأرض رِيح المسك.
الإفعام: الملْ‌ء البَلِيغ؛ يقال: أفْعَمْتُ الرجل و أفْغَمته، و فَعَمته و فَغَمْته، إذا ملأته فرحاً أو غضباً.
و في أَمثالهم: أُفْعِمْتَ بِيَمّ، ثم غِضْتَ بِسَمّ. يُضْرَبُ للحسود؛ أي مُلِئت بمثْلِ البَحْرِ مِنَ الحَسَد؛ ثم لا غَاضَ حَسدُكَ إلّا بسَمّ منخرك، أو بسَمّ الإبرة في الضِّيق.
______________________________
(1) (*) [فطم]: و منه الحديث: أنه أعطي علياً حُلَّة سيراء و قال: شَقِّقْها خُمْراً بين الفواطم. النهاية 3/ 458.
(2) (*) [فعم]: و منه في صفته عليه الصلاة و السلام: كان فَعْمَ الأوصال. النهاية 3/ 460.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 42
فعم في (جب) و في (مغ). الأفعو في (به). [أُفعمت في (بش). الأفعوان في (ضل)].

الفاء مع الغين

[فغو]

: النبي صلي اللّه عليه و سلم- سيِّدُ ادَام أهلِ الدنيا و الآخرة اللّحْمُ، و سَيِّدُ رَيَاحين أهل الجنة الفَاغِية.
هي نَوْر الحِنَّاء.
و
عن أنس رضي اللّه تعالي عنه: كان رسولُ اللّه صلي اللّه عليه و سلم تُعْجِبه الفاغية، و أحَبُّ الطعام إليه الدُّبَّاء.
أي القَرْع.
و قيل: الفَاغِية و الفَغْو: نَوْر الريحان. و قيل: نَوْر كلّ نَبْت؛ و قيل: الفغو في كل شجرةِ هي التَّنوير؛ و قد أَفْغَي الشَّجَرُ.
و
في حديث الحَسن رضي اللّه تعالي عنه: أنّه سئل عن السَّلَف في الزَّعفران؛ فقال: إذا فَغَا.
قالوا: معناه إذا نَوّر؛ و يجوز أن يريد؛ إذا انتشرتْ رائحتُه؛ من فَغَتِ الرائحةُ فَغْواً.
و منه قولُهم: هذه الكلمةُ فاغِيةٌ فينا و فاشِيةٌ، بمعني.
فغرت في (ظه).

الفاء مع القاف

[فقر]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم-
قال أبو رُهْمٍ الغِفَاري: خرَجْنَا مع رسولِ اللّه صلي اللّه عليه و سلم في غَزْوَة تَبُوك، فسألني عن قومٍ تَخَلَّفُوا عنه، و قال: ما يمنع أحدَهم أنْ يُفْقِر البعيرَ من إِبله، فيكونَ له مثلُ أجرِ الخارج؟
الإِفْقَار: الإعارَة للرُّكوب، من الفَقار. و في بعض نُفَاثاتي «1»:
أَلَا أفْقَرَ اللّهُ عَبْداً أبَتْ عليه الدناءةُ أنْ يُفْقِرَا
[و مَنْ لا يُعِير قِرَي مَرْكَبٍ فقُلْ: كيف يَعْقِرُه لِلْقِرَي!]
______________________________
(2) (*) [فقر]: و منه في حديث الزكاة: من حقِّها إفقار ظهرها. و في حديث المزارعة: أفقرها أخاك. و في حديث عبد اللّه بن أنيس: ثم جمعنا المفاتيح و تركناها في فقير من فُقُر خيبر. و في حديث عائشة: قالت في عثمان: المركوب منه الفِقَرُ الأربع. و في حديث الإيلاء: علي فقير من خشب. و في حديث القَدَر:
قبلنا ناس يتفقرون العلم. النهاية 3/ 462، 463، 464.
(1) النفاثات: جمع نفاثة، و هو ما ينفثه المصرور من فيه.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 43
و منه
حديث عبد اللّه رضي اللّه تعالي عنه: أنه سُئِل عن رجلٍ استقرض مِنْ رجل دَراهم، ثم إن المستقرِض أفْقَر المُقْرِضَ ظَهْرَ دابّته، فقال عبد اللّه: ما أصاب مِنْ ظهْرِ دَابَّتِه فهو رِباً.

[فقم]

*: مَنْ حفظ ما بَيْنَ فُقْمَيْه و رِجْلَيْه دخل الجنة.
أي لحْيَيْه، و يقال: تَفَقَّمْتُ فلاناً؛ إذا أخذتُ بِفُقْمه، و منه الفَقَم؛ و هو رَدَّة «1» في الذَّقن؛ و رجل أفْقَم؛ ثم قيل للأمر المعوج أفْقَم، و تفاقم الأمرُ.
و
في حديث ابن عباس رضي اللّه تعالي عنهما: أنّ موسي صلوات اللّه عليه لما ألْقي عصاه صارت حَيّة؛ فوضعت فَقُماً لها أَسفل، و فَقُماً لها فَوْق، و أنّ فِرْعون كان علي فرسٍ ذَنُوبٍ حِصَانٍ، فتمثَّلَ له جبريل عليه السلام علي فَرس وَدِيق، فَتَقَحَّم خَلْفهَا.
الذَّنُوب: الوافِر الذَّنَب.
الحِصَان: الفَحْل.
الوَدِيق: التي اسْتَوْدَقَتْ، أي استدْنَت الفحل؛ من الوُدُوق و هو الدُّنُو.
أرادَ حِفْظَ اللسان و الفَرْج.

[فقر]

: كان له سيف يسمي ذا الفَقَار، و آخرُ يقال له المِخْذَم، و آخر يقال له الرَّسُوب، و آخر يقال له القَضِيب.
هو بِفَتْح الفاء، و العامةُ يكسِرونها؛ سُمِّي بذلك لأنه كانتْ في إحْدَي شَفْرتيه حُزُوز، شُبِّهت بِفَقَار الظَّهْر،
و كان هذا السيفُ لمنبِّه بن الحجاج، فتنفَّله رسولُ اللّه صلي اللّه عليه و سلم في السنة السادسة من الهجرة، في غزوة بني المُصْطلِق، و كان صِفِّيه، و هو سيفه الذي كان عليه السلام يلزمه، و يشهد به الحروب.
الْمِخْذَم و الرَّسوب؛ من الخَذْم، و هو القَطْع، و من الرُّسوب و هو المُضِي في الضّربة.
القَضِيب: الدَّقيق، و قيل القاطع، و هو أولُ سَيْفٍ تقلَّد به.

[فقر]

: عُمر رضي اللّه تعالي عنه- ثلاثٌ من الفَواقر: جار مُقامة؛ إن رأي حسنة دَفَنها، و إن رأي سَيِّئَةً أَذَاعها. و امرأةٌ إنْ دَخلْتَ لَسَنَتْكَ، و إنْ غبْتَ عنها لم تأمنها. و أمام إنْ أحْسَنْتَ لم يَرْضَ عنك، و إن أسَأْتَ قَتَلك.
الفَاقِرة الدَّاهية؛ كأنها التي تحطم الفَقار، كما يُقال قاصمة الظَّهر، و قال المُبَرّد: قولهم عَمِل به الفَاقِرة، يريدون به ما يضارع الفَقْر.
______________________________
(2) (*) [فقم]: و منه في حديث الملاعنة: فأخذت بفقميه. و في حديث المغيرة يصف امرأة: فقماء سَلْفَع.
النهاية 3/ 465.
(1) الردة: العيب.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 44
اللَّسْن: الأخْذ باللِّسان.
المُقَامة: موضع الإقامة للمقيم فيه؛ قال:
يَوْمَايَ: يومُ مقاماتٍ و أندية و يومُ سيرٍ إلَي الأعْدَاء تَأْوِيبِ
«1» «2» عثمان رضي اللّه تعالي عنه- كان يشربُ مِنْ فَقيرٍ في دارِه، فدخلتْ إليه أمّ حَبِيبة بنتُ أبي سفيان بماءٍ في إِدَاوَةٍ و قد سترتْها، فقالت: سبحان اللّه! كأنّ وَجْهَهُ مِصْحَاة.
الفقير: البِئْر، و الفُقْرة مثلها، قال الراجز:
ما ليلةُ الفقيرِ إلّا شيطانْ مجنونة تُودِي بعَقْلِ الإِنسانْ
«3» قيل: هي بئر قليلة الماء.
و الفَقْر: الحَفْر.
المِصْحَاةُ: إِناء من فضة شِبْهُ جامٍ يُشْرَبُ فيه. قال:
[بِكَأْسٍ و إِبْريقٍ كأنَّ شَرَابه] إذا صُبَّ في المِصْحاة خالط عَنْدَمَا
«4» و كأنها مِفْعَلة من الصَّحْو، علي سبيل التفاؤل، و حَقُّها أن تُسمَّي مُسْكِرة، لأن المعاقِرِين يكرَهُون إسراعَ السّكْر، و يؤثرون أن يتطاوَل لهم الصَّحْو، أو هي من الصحو، و هو انكشافُ الغَيْم؛ لأنها يُكشف بها ضَباب الهموم، أو لكونها مجلَّوة نقيةَ اللَّون ناصعةَ البياض.
و من الفَقِير
حديثُ عبد اللّه بن أُنَيس الأنصاري أنه ذكر قتلَه ابْن أبي الحُقَيق، فقال:
قَدِمْنا خَيْبر فدخلْناها ليلًا، فجعلنا نُغَلِّق أبوابَها من خارجٍ علي أهلِها، ثم جمعنا المفاتيحَ فطرحْناها في فَقِيرٍ من النَّخْل.
و ذَكَر دخولَ ابنَ أَبي عَتيك، قال: فذهبتُ لأضْرِبَه بالسيف، و لا أستطيعُ مع صِغَر المَشْرُبَة، فَوَجَرْتُه بالسيف وَجْراً، ثم دخلتُ أنا فَذَفَّفْتُ «5» عليه. و روي: أنهم خرجوا حتي جاءوا خَيْبر، فدخلوا الحِصْنَ؛ ثم أسنَدُوا إليه في مَشْرُبَةٍ في عَجَلَةٍ من نَخْل، قال: فو اللّهِ ما
______________________________
(1) التأويب: سير النهار كله إلي الليل.
(2) البيت من البسيط، و هو لسلامة بن جندل في ديوانه ص 92، و خزانة الأدب 4/ 27، و سر صناعة الإعراب ص 621، و شرح اختيارات المفضل 2/ 570، و لسان العرب 1/ 220 (أوب) و المقاصد النحوية 2/ 326، و بلا نسبة في المقتضب 3/ 82، و يروي «يومان» بدل «يوماي».
(3) الرجز بلا نسبة في لسان العرب (فقر).
(4) البيت للأعشي في ديوانه ص 293، و لسان العرب (صحا)، و روايته في الديوان و اللسان «بقما» بدل «عندما».
(5) تذفيف الجريح: الإجهاز عليه.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 45
دلَّنا عليه إِلّا بياضُه علي الفراش في سَوادِ الليل، كأنه قُبْطِيَّة «1». و تحامل ابنُ أنيس بسيفه في بطنه، فجعل يقول: قَطْنِي قَطْنِي؛ ثم نزلوا، فَزَلِق ابنُ أبي عَتيك، فاحتملوه، فأتوا مَنْهَراً فاخْتبؤوا فيه، ثم خرج رجل منهم يمشي حتي خشَّ فيهم، فسمعهم يقولون: فَاظَ و إلِه بني إسرائيل!
أرادَ البئرَ التي تُحْفَر للْفَسيلة إذا حُوِّلت، يقال: فَقَّرْنا للوَدِيَّة «2».
المشرُبَة: الغُرْفة.
يقال وَجَرْته الدوَاء، و أوجرته؛ إذا صببْته في وسط حَلْقه؛ فاستُعير للطَّعْن في الصَّدْر؛ قال:
أوجرْتُه الرمح شَزْراً ثم قُلْتُ له هذي المروءةُ لا لِعْبُ الزَّحَاليقِ
«3» و منه قولهم للغُصَّة و الخوف: في الصدْرِ وَجَر، و إنّ فلاناً من هذا الأمر لأوْجَر.
ضارِبُه بالسيف: ابن أبي عَتيك، و المُذَفِّف عليه: ابن أُنَيس.
يقال: أسْنَدَ في الجبل و سَنَدَ؛ إذا صَعَّد.
العَجَلَةُ: النَّقِير؛ و هو جِذْع نَخْلة يُنقَرُ و يُجْعَلُ فيه كالْمَرَاقِي، و يُصْعَدُ به إلي الغُرَف.
المَنْهَر: خَرْق في الحِصْن نافذ يَدْخُل فيه الماء؛ و يقال للفضاء بين بيوت الحي تُلْقَي فيه كُناستهم مَنْهَرة.
خَشَّ: دخل؛ و منه الخِشَاش «4».
فاظ: مات.
احتملوه؛ أي احتملَ المسلمون ابن أبي عَتِيكٍ لما زَلِقَ من المشرُبة.
فخرج رجل منهم: يعني من المسلمين حتي خَشَّ في اليهود.

[فقه]

*: سَلْمان رضي اللّه تعالي عنه- نزل علي نَبَطِيَّة «5» بالعراق؛ فقال لها: هَلْ هاهنا مكانٌ نظيف أُصَلِّي فيه؟ فقالت: طَهِّرْ قَلْبَك و صلِّ حيث شئت؛ فقال سلمان: فَقِهَتْ.
أي فَطِنَتْ للحقّ، و ارتأتِ الصَّوابِ. و الفقه حقيقةً: الشقّ و الفَتْح، و الفقيه: العالم الذي يَشُقّ الأحكام و يُفَتِّش عن حقائقها، و يفتحُ ما اسْتَغْلَق منها.
______________________________
(1) القبطية: ثياب كتان بيض تعمل بمصر، منسوبة إلي القبط.
(2) الودي: فسيل النخل و صغاره، واحدتها ودية.
(3) البيت بلا نسبة في لسان العرب (وجر).
(4) الخشاش: ما يدخل في أنف البعير، سمي بذلك لأنه يخش فيه، أي يدخل.
(6) (*) [فقه]: و منه في حديث ابن عباس: دعا له النبي صلي اللّه عليه و سلّم فقال اللهم فقِّهه في الدين و علمه التأْويل. النهاية 3/ 465.
(5) هم جيل كانوا ينزلون سواد العراق، منسوبة إلي النبط.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 46
و ما وقعت من العربية فاؤه فاءً و عينه قافاً جُله دالٌّ علي هذا المعني، نحو قولهم: تَفَقَّأَ شَحْماً، و فَقَحَ الجِرْو «1»؛ و فَقَّرَ للفَسيل «2»؛ و فَقَصْتُ البيضة «3» عن الفَرْخ. و تَفَقَّعَتِ الأرض عن الطُّرْثوث «4».

[فقد]

*: أَبُو الدَّرداء رضي اللّه تعالي عنه- من يَتَفَقَّدْ يَفْقِدْ؛ و من لا يُعِدّ الصبرَ لفواجعِ الأمور يَعْجِزْ؛ إنْ قارَضْتَ الناسَ قارضوك، و إنْ تركْتَهم لم يتركوك؛ و إن هَرَبْتَ منهم أَدركوك.
قال الرجل: كيف أصنع؟ قال: أَقْرِضْ من عِرْضِك ليوم فَقْرِك.
أيّ من يتفقد أحْوَال الناس، و يتعرفها عَدِمَ الرضا.
المقارضة: مُفَاعَلة من القَرْض؛ و هو القَطْع؛ وُضِعَت موضعَ المُشاتمة؛ لما في الشَّتْم من قَطْعِ الأعراض و تمزيقها؛ و لو رُوِيت بالصاد لم تبعُد عن الصواب؛ من قولهم للشتائم قَوَارص. قال الفرزدق:
قَوارِص تَأْتيني و تحتقرونَها [قد يملأُ القَطْرُ الإِناء فَيُفْعَمُ]
«5» و القَرْص نحوٌ من القَرْض؛ يقال: قَرَصَتِ المرأةُ العجينَ. و منه القُرْص. و لجام قَرّاص، و قَرُوص: يُؤذِي الدابة، عن المازني. و أنشد:
و لو لا هُذَيلٌ أَنْ أسوءَ سَراتَها لألْجمْتُ بالقَرَّاصِ بِشْر بن عائِذِ
«6» يعني إن أسأت إليهم قابلوك بنحو إساءتك، و إن تركتهم لم تسلم منهم، و إن ثَلَبك أَحد فلا تشتغل بمعارضته، و دَعْ ذلك قرضاً لك عليه ليوم الجزاء.

[فقع]

*: ابن عباس رضي اللّه تعالي عنهما- نهي عن التَّفْقِيع في الصلاة.
هو الفَرْقَعة، و منه فَقَّع الوردةَ تَفْقِيعاً، إذا أدارَها ثم ضرَبها فانشقت فصوّتت؛ و منه فَقّع به، و إنه لَفَقّاع شديد.
أم سَلَمة رضي اللّه تعالي عنها- قالت لها امرأة: زَوْجي تُوفّي، أ فأكْتَحِل؟ فقالت: لا،
______________________________
(1) فقح الجرو: أي فتح عينيه أول ما يفتح و هو صغير.
(2) فقرَّر للفسيل: أي حفر لها موضعاً تغرس به.
(3) فقصت البيضة: أي كسرتها.
(4) الطرثوث: نبت رملي طويل.
(7) (*) [فقد]: و منه في حديث الحسن: أُغليمة حَيارَي تفاقدوا. النهاية 3/ 462.
(5) البيت في ديوان الفرزدق ص 120، و لسان العرب (قرص).
(6) البيت في أساس البلاغة (قرص).
(8) (*) [فقع]: و منه في حديث عائشة: قالت لابن جرموز: يا ابن فَقْع الفَرْدَدِ. النهاية 3/ 465.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 47
و اللّه؛ لا آمرك بشي‌ء نهي اللّه و رسوله عنه و إن تَفَاقعتْ عيناك.
أي ابيضّتا؛ من قولهم: أبيض فِقِّيع «1»: و عن الجاحظ: الفَقِيع من الحمام كالصِّقْلابي من الناس «2». و الفِقْعُ من الكَمْأَة: الأبيض؛ أو انشقَّتا و هَلَكتا من التَّفَقّع؛ و هو التَّشقّق، و يقال هذا فقُوع «3» طُرْثوث و غيره؛ مما تَتَفَقَّعُ عنه الأرضُ.
شُريح رحمه اللّه- جاءه قوم من غير أهلِ المِلّة، عليهم خِفَافٌ لها فُقْع، فأجاز شهادةَ بعضهم علي بعض.
أيْ خراطيم، و يقال للخُف المخَرْطَم: مُفَقَّع.

[فقر]

: الشَّعْبي رحمه اللّه تعالي- قال في قوله عز و جل: وَ السَّلٰامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَ يَوْمَ أَمُوتُ وَ يَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا [مريم: 33]؛ فُقَرات ابن آدم ثلاث: يومَ وُلِدَ؛ و يَوْم يمُوتُ؛ و يومَ يُبْعَثُ حيّاً؛ هي التي ذكر عيسي عليه السلام.
هي الأمور العِظَام- بضم الفاء.
الوليد بن عبد الملك- أفقَرَ بعد مَسْلمة الصيدُ لمَنْ رَمَي.
أي أمكنَ مِنْ فَقَارِه، كقولهم: أكْثَب؛ أَيْ أمكن من كاثِبَتِه «4».
يريد أن أخاه مَسْلمة كان غَزَّاءً يحمي بَيْضَةَ الإسلام، و يتولّي سِدَاد الثغور، فبموتِه اختلّ ذلك، و أَمكن الإسلامُ لمن تعرّض للنكايةِ في أَهله و بلاده.
و لقد أبعد الوليدُ؛ إنّ للإِسلامِ ذابّاً يُغْنِي عَنْ مَسْلمة و نظراء مَسْلمة، وَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ.

[فقه]

: في الحديث: لعن اللّه النائحة و المُستفقهة.
هي صاحبتُها التي تجاوبها؛ لأنها تتفهّم قولها و تتلقَّفه.
الإفقار في (تب). بفقويه في (ين). فافتقر في (خس). فقّحنا في (صا). الفقَر في (سح). فقر في (هض). و أُفقر في (من). فَقْماء في (زو). [تفقأت في (ثق). مفاقرة في (حف)].
______________________________
(1) الفقع ضرب من أراد الكمأة، و جمعه أفقع وفقوع و فقعة (لسان العرب: فقع).
(2) الصقلابي من الناس: الأكول (القاموس المحيط: صقلب).
(3) الفقع: شدة البياض (لسان العرب: فقع).
(4) الكاثبة: من الفرس مقدم المنسج حيث تقع عليه يد الفارس (لسان العرب: كثب).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 48‌

الفاء مع الكاف

[فكه]

*: زيْد بن ثابت رضي اللّه تعالي عنه- كان من أفْكهِ النَّاسِ إذا خلا مع أهْلِه، و أزْمَتِهم في المجلس.
أي [من] أَمْزَحِهِمْ.
و الفُكاهة: المُزَاحة، و رجل فَكِه.
الزَّماتة: الوقار، و رجل زَمِيت، و زِمِّيت؛ و قد زَمُت و تَزَمَّت.

[فكل]

*: ابن عباس رضي اللّه تعالي عنهما- إنّ اللّه تعالي أوْحي إلي البحر: إنّ موسي يضربك فأطِعْه؛ فبات و له أَفْكَل.
هو رِعْدَةٌ تعلو الإِنسان من غير فِعْل. قال النَّمر:
أرَي أُمَّنا أَضْحَتْ علينا كأنما تجلّلها مِنْ نافِضِ الورد أَفْكَلُ
و قولهم للشِّقْراق «1»: أفْكل؛ لأنهم يتشاءمون به؛ فإذا عَرَض لهم كرهوه و فزعوا و ارتعدوا؛ و همزَتُه مزيدة لدليل تصريفي. و لقولهم رجل مفكول.
أَفكل في (عد) و في (خش). [يتفكنون في (حم)].

الفاء مع اللام

[فلت]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- إنّ رجلًا أتاه، فقال: يا رسولَ اللّه، إنّ أمي افْتُلِتَتْ نَفْسُها؛ فماتت و لم تُوصِ؛ أفأتصدَّقُ عنها؟ فقال: نعم.
أي اسْتُلِبَتْ نفسُها فَلْتة؛ أي فُجاءة. قال الأصمعي: افتلتَه و امْتَعَدَهُ: اختلسه، و افْتُلِت فلان بأمر كذا؛ إذا فوجي‌ء به قبل أَنْ يستعدَّ له و الأصل افتلتَها اللّه نفسَها؛ مُعَدًّي إلي مفعولين؛ كما تقول: اختلسه الشي‌ءَ و استلبه إياه؛ ثم بُني الفعل للضمير فتحول مستتراً و بقيت النفسُ علي حالها.

[فلق- فلم]

*: قال صلي اللّه عليه و آله و سلم: رأيت الدَّجال فإذا رجل فَيْلَق أعور؛
______________________________
(2) (*) [فكه]: و منه الحديث: أربعٌ ليس غيبتهن بغيبة، منهم المفكِّهون بالأمهات. النهاية 3/ 466.
(3) (*) [فكل]: و منه حديث عائشة: فأخذني أفكل و ارتعدت من شدة الغيرة. النهاية 3/ 466.
________________________________________
زمخشري، ابو القاسم، محمود بن عمر، الفائق في غريب الحديث، 4 جلد، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، اول، 1417 ه ق
الفائق في غريب الحديث؛ ج‌3، ص: 48
(1) الشقراق: طائر، و قد يسمي الأخيل.
(4) (*) [فلت]: و منه الحديث: تدارسوا القرآن فلهو أشدُّ ثفلتاً من الإبل من عُقُلها. و الحديث: إن عفريتاً من الجن تفلَّت عليَّ البارحة. و في صفة مجلس رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلّم: لا تُنْثي فلتاته. و في حديث ابن عمر: و عليه بُرْدةٌ فلوت. النهاية 3/ 467، 468.
(5) (*) [فلق]: و منه الحديث: فالق الحب و النوي. و في حديث عائشة: إن البكاء فالقٌ كبدي. و في حديث الدجال: فأشرف علي فَلَقٍ من أفلاق الحرَّة. النهاية 3/ 471، 472.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 49
كأَنَّ شعرَه أغصانُ الشجر. أشبه مَنْ رأيت به عبد العُزَّي بن قَطن الخُزاعي.
الفَيْلَق و الفيْلم: العظيم؛ و تَفَيْلَق الغُلام، و تفلّق و تفيْلم؛ [إذا ضَخُم]، و منه الفَليقة:
الأمر العظيم؛ يقال: يا لَلْفِليقة!

[فلذ]

*: إنَّ فتي من الأنصار دخلتْه خَشْية من النار، فحبستْه في البيت حتي مات، فقال: إنّ الفرَق من النار فَلَذَ كَبِده.
أي قَطّعَها، و منه فَلَذْنا لفلان نَصِيبَه من الجَزور، أو الطعام، إذا عزلناه، نَفْلِذُه فَلْذاً.

[فلح]

*: الخيل معقودٌ بنَواصِيها الخير إلي يوم القيامة؛ فَمَن ربطها عُدّة في سبيل اللّه؛ فإن شِبَعها و جُوعَها و رِيّها و ظَمأَها و أرواثها و أبوالها فَلَاحٌ في موازينه يوم القيامة.
الفَلاح: من أفلح كالنجاح من أنجح؛ و هو الفوزُ و الظَّفر بقسمةٍ من قسم الخير و الاستبداد بها، و مأخذه من الفَلْح؛ و هو القَطْع؛ لأنه إذا فاز بها و استبدّ فقد احْتَازَها لنفسه و اقتطعها إليه.
و مما يصدّقه
حديثُ ابن مسعود رضي اللّه تعالي عنه: إذا قال الرَّجل لامرأته استفلِحي بأمرك، أَو أَمرك لك، أَو الحقي بأهلك فَقَبِلَتْها فواحدة بائنة.
أي استبدِّي به و اقتطعيه إليك من غير أَنْ تنازعيه.

[فلغ]

: إنّ اللّه تعالي أمرني أَنْ آتيَهم فأُبيّن لهم الذي جَبَلهم عليه؛ فقلت: يا رَبّ، إني إنْ آتِهِمْ يُفْلَغُ رأسي كما تُفْلَغ العِتْرة. و روي: يُثْلَغ رأسي كما تُثْلَغُ الخبزة.
الفَلْغ: الشَّق؛ و يقال: برجله فُلوغ و فُلوح [و فُلوج]؛ أي شقوق.
و منه
حديث ابن عمر رضي اللّه تعالي عنهما: إنه كان يُخْرِج يديه في السجود و هما مُتفلّغتان قد شَرِقَ منهما الدَّمُ.
أي متشققتان من البَرْد.
الثلْغ: الهشم، و الفَلغ مثله.
شَرِق الدمُ؛ أي ظهر و لم يَسِلْ؛ من شرِق الرجل بالماء إذا بقي في حلقه لا يُسِيغه.
العِتْرة: نبت، و قيل هي شجرة العَرْفج.

[فلج]

*: عُمَر رضي اللّه تعالي عنه- بعث حُذَيفةَ و ابنَ حُنيف إلي السَّواد فَفَلَجَا الجِزْيَة علي أهله.
______________________________
(1) (*) [فلذ]: و منه حديث بدر: هذه مكة قد رمتكم بأفلاذ كبدها. النهاية 3/ 470.
(2) (*) [فلح]: و منه حديث عمر: اتَّقوا اللّه في الفلَّاحين. و في حديث كعب: المرأة إذا غاب عنها زوجها تفلَّحت و تنكبت الزينة. النهاية 3/ 469، 470.
(3) (*) [فلج]: و منه الحديث: أنه لعن المتفلجات للحُسْن. و الحديث: أيُّنا فَلَجَ فَلَجَ أصحابه. و في حديث
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 50
أي قسماها؛ من الفِلْج و الفالج، و هو مِكيال، و كان خراجُهم طعاماً.

[فلت]

: خطب رضي اللّه تعالي عنه الناس، فقال: إنّ بَيْعَةَ أبي بكر كانت فَلْتَةً وَقَي اللّه شَرَّها؛ إنه لا بيعة إلّا عن مَشُورة؛ و أيّما رجل بايَع من غير مشورة فإِنه لا يَؤمَّر واحِدٌ منهما تَغِرَّة أنْ يُقْتلا.
فَلْتة؛ أي فُجاءة، لأنه لم يُنْتَظر بها العوام، و إنما ابتدرها أكابرُ الصحابة لعلمهم أنه ليس له منازع و لا شريك في وجوب التّقدم؛ و قيل: هي آخر ليلة من الأشهر الحرم. و فيها كانوا يختلفون؛ فيقول قوم: هي من الحلّ. و قوم من الحُرم، فيسارع الموتور إلي دَرك الثأر غير متلوّم؛ فيكثر الفساد و تُسفكُ الدماء؛ قال:
سائل لَقِيطا و أَشياعَها و لا تدَعَنْ و اسأَلَنْ جعفرا
غداة العرُوبة مِنْ فَلْتَةٍ لمن تركوا الدَّار و المَحْضَرا
أي فَرَّوا لَمَّا حلّ القتالُ فتركوا محاضرهم؛ فشبّه أيامَ حياةِ رسولِ اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم بالأشهر الحُرُم؛ و يوم مَوْتِه بالفَلْتة في وقوعِ الشر، من ارتدادِ العرب، و مَنْع الزكاة، و تخلّف الأنصار عن الطاعة و الجَرْي علي عادةِ الَعرب في أَلَّا يسودَ القبيلةَ إلَّا رجل منها، و قولِهِمْ: مِنّا أَمِير و مِنْكُمْ أَمِير.
و
في الحديث، عن سَالم بن عبد اللّه بن عُمر، قال: قال عُمر: كانت إمارة أَبي بكر فَلْتة وَقَي اللّه شَرَّها. قلت: و ما الفَلْتة؟ قال: كان أهلُ الجاهلية يتحاجَزُون في الحُرُم، فإذا كانت الليلةُ التي يُشَكّ فيها أدغلوا فأغاروا.
و كذلك كان يوم مات رسولُ اللّه صلي اللّه عليه و سلم أدْغَلَ الناسُ من بين مُدَّعٍ إمارةً و جاحدٍ زكاة؛ فلولا اعتراضُ أبي بكر دونَها لكانت الفضيحة. و يجوز أن يريد بالفَلتة الخِلسة، يعني أن الإمارة يوم السَّقِيفة مالت إلي تَوَلِّيها كلّ نَفْس، و نِيطَ بها كلُّ طَمع، و لذلك كثر فيها التشاجر و التجاذب، و قاموا فيها بالخطب، و وثب غيرُ واحد يستصوبها لرجُلِ عشيرتِه، و يُبْدِي و يُعِيد، فما قُلِّدها أَبو بكر إِلّا انتزاعاً من الأيدي، و اختلاساً من المخالب، و مثلُ هذه البيعة جديرةٌ بأن تكونَ مُهيجة للشر و الفتنة، فعصم اللّه من ذلك و وقي!
التَّغِرَّة: مصدر غَرَّر به؛ إذا ألقاه في الغَرر. و الأصل خوف تَغِرَّة في أن يُقتلا؛ أي خوف إخطارٍ بهما في القتل. و انتصاب الخوف علي أنه مفعول له، فحُذف المضاف، و أقيم المضاف إليه مقَامه و حُذف حرف الجر.
و يجوز أن يكون: أن يقتلا بدلًا من تَغرّة، و كلاهما المضاف محذوف منه. و إن أضيفت التَّغِرة إلي أن يُقْتلا فمعناه خوف تغرير قَتْلهما، علي طريقة قوله تعالي: بَلْ مَكْرُ
______________________________
- معن بن زيد: بايعت رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم و خاصمت إليه فأفلجني. و حديث أبي هريرة: الفالج داء الأنبياء.
النهاية 3/ 468، 469.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 51
اللَّيْلِ وَ النَّهٰارِ [سبأ: 33]. و الضمير في منهما للمبايع و المبايَع الذي يدل عليه الكلام؛ كأنه قال: و أَيّما رجل بايَع رجلًا.
و المعني أَنَّ البيعةَ حقّها أن تَقَع صادرة عن الشوري، فإذا استبدّ رجلان دون الجماعة بمبايعة أَحدهما الآخر فذلك تظاهر منهما بشَقّ العصا، و إطراح للبناء علي أساس ما يجبُ أَنْ تكونَ عليه البيعة، فإن عُقِد لأحدٍ فلا يكونَنَّ المعقودُ له واحداً منهما، و ليكونا معزولين من الطائفة التي يُتّفَقُ علي تمييز الإمام منها؛ لأنه إن عُقد لواحدٍ منهما و هما قد ارتكبا [تلك] الفَعلة المضْغِنَة للجماعة، من التهاون بأمرها و الاستغناء عن رأيها لم يؤمَن أن يقتلوهما.

[فلفل]

: علي رضي اللّه تعالي عنه-
قال أبو عبد الرحمن السُّلَمي: خرج علينا عليّ و هو يَتَفَلْفَل، و كان كَيِّسَ الفعل- و روي: يَتَقَلْقَل
- و
روي عَبْدُ خير عَنْه أنه خرج وقت السَّحَر و هو يَتَفَلْفَل، فسألته عن الوِتْر، فقال: نِعْمَ ساعة الوِتْرِ هذه!
التَفَلْفُل (بالفاء): مقارَبَة الخُطا. قال النضر: جَعل فلان يتفلفل؛ أي يُقارب بين الخُطي. و يقال: جاء مُتَفلْفِلا، إذا جاء و المسواكُ في فيه يَشُوصه «1». و كلا التفسيرين محتمل.
و التقلقل (بالقاف): الخفة و الإسراع، من الفرس القُلْقُل «2».
كَيِّسَ الفعل؛ أي حسن شكل الفِعْل.

[فلح]

: أبو ذرّ رضي اللّه تعالي عنه، قال- و قد ذكر القيامَ في شهرِ رمضان مع النبي صلي اللّه عليه و سلّم: فلما كانت ليلةُ ثالثةٍ بقِيَتْ قام بنا حتي خِفْنا أن يفوتَنا الفَلَاح، قيل: و ما الفَلَاح؟
قال: السَّحور. و أيْقظ في تلك الليلة أهلَه و بناتِه و نساءه.
سمي السَّحور فلاحاً؛ لأنه قِسْمةُ خَيْرٍ يقتطعها المتسحِّر.

[فلك]

: ابن مسعود رضي اللّه تعالي عنه- أتي رجلٌ رجلًا جالساً عند عَبْد اللّه، فقال:
إني تركتُ فرسكَ يدور كأنه في فَلَك- و روي أنه قال له: إنّ فلاناً لَقَع فَرَسك. فقال عبد اللّه:
اذهب فافْعَلْ به كذا و كذا.
و الفَلَك: مَدَار النجوم؛ يعني أنه يَدُورُ مما أصابه من العين؛ كما يدور الكوكب في الفَلَكِ بدورانه.
و عن النضر؛ قال أعرابي: رأيتُ إبلِي تُرْعد كأنها فلَك، قلت: ما الفَلَك؟ قال: الماءُ إذا ضربَتْهُ الريح، فرأيته يجي‌ء و يذهب و يموج.
لَقَعه: رَماه بعينه. و منه اللُّقَّاعَةُ من الرجال: الداهية الذي يَرْمي بالكلام رمياً.
______________________________
(1) يشوصه: يغسله.
(2) الفرس القلقل: الفرس السريع.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 52‌

[فلذ]

: ذَكَرَ أشراطَ الساعة، فقال: و ترمِي الأرضُ بأفلاذ كَبِدها. قيل: و ما أفلاذُ كَبِدها؟ قال: أمثالُ هذه الأَوَاسِي من الذهب و الفضة.
الفِلْذ: القطعة مِنْ كَبد البعير.
الأَوَاسي: الأساطين.

[فلل]

*: معاوية رضي اللّه تعالي عنه- صَعِد المنبر و في يده فَلِيلة و طَرِيدة فقال:
سمعت رسولَ اللّه صلي اللّه عليه و سلم يقول: «هذان حرام علي ذُكُور أُمتي».
الفَلِيلة: الكُبّة من الشعر؛ و كل شَعْرٍ مجتمع، و منه قيل لما ارتكب منه علي زُبْرة «1» الأَسَدِ فَلِيل. و يقال للرجل إنه لعظيم فَلائل اللحية. قال الكُميت:
و مُطَّرِدِ الدِّماء و حيث يُلْقَي مِنَ الشَّعر المُضَفَّرِ كالفَلِيلِ
«2» و كأن المراد: الكُبّة من الدِّمَقْس، فسميت فَليلة تشبيهاً.
الطَّريدة: الشقَّة بالطول من الحرير، و منها قولهم: للطريقة من الأرض قليلةِ العَرْضِ:
طريدة و شَرِيعة و طِبابة. و يقولون: هذه طَرَائِدُ مِنْ كلأ، و طرائق؛ إذا كانت كذلك.

[فلح]

: في الحديث: كلّ قوم علي زِينةٍ من أَمرهم، و مَفْلَحة من أنفسهم.
هي مَفْعلة مِنْ الفَلَاح؛ أي هم راضون بعملهم، مُزَيَّن أمرُهم في أعينهم، معتقدون أنهم علي اقتطاع قسمة الخير، و حيازةِ السهم الأوفر من الصَّلَاح و البِرّ.
فلحَتْك في (هب). أفلج في (مغ). و أفلاذاً في (صل). [فلكة في (عص)] الفالج في (بد) و في (يس). فلج و فُلَيج في (هب). فاليه في (لي). فلاطا في (بو). فَلهمها في (وش). فيلمانياً في (بل). [المفاليق في (صع). فلتاته في (أب). فَلُوت في (جر). أَفْلاذ كبدها في (حن). فلك في (عث). فلتة في (عذ). تفلَّحت في (قل)].

الفاء مع الميم

فمها في (ست).
______________________________
(3) (*) [فلل]: و منه في حديث ابن عوف: و لا تفلَّوا المُدَي بالاختلاف بينكم. و في حديث عائشة تصف أباها: و لا فَلُّوا له صفاة. و حديث علي: يَستَزلُّ لُبَّك و يَسْتَفِلُّ غَرْبَك. النهاية 3/ 472، 473.
(1) الزبرة: مجتمع الشعر علي كاهل الاسد.
(2) البيت في لسان العرب (فل).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 53‌

الفاء مع النون

[فند]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلّم- قال له رجل: إنِّي أُريد أَنْ أُفَنِّدَ فَرَساً؛ فقال: عليك به كُميتاً، أو أدْهم أَقرَح أْرثَم مُحَجَّلًا، طَلْقَ اليُمْنَي.
أي أجعله فِنْداً، و هو الشِّمْراخ من الجَبَل، و قيل الجَبل العظيم؛ يريد أجْعَلُه مُعْتَصَماً و حصناً أَلْتَجِي‌ءُ إليه كما يُلْتَجَأُ إِلي الجَبل.
و قيل: هو من قولهم للجماعة المجتمعة فِنْد، تشبيهاً بفِنْدا الجَبَل، يقال: لقيتُ بها فِنْداً من الناس؛ لأنّ افتناءك للشي‌ء جمعُك له إِلي نفسك.
و عندي وجْه ثالث؛ و هو أن يكونَ التَّفْنِيد بمنزلة التَّضْمير مِنْ الفِنْد؛ و هو الغُصن المائل. قال:
مِنْ دونها جنّة تقرو لها ثَمَرٌ يُظِلُّه كلُّ فِنْدٍ ناعم خَضِلِ
«1» كأنه قال: أريد أَنْ أُضَمِّرَ فَرَساً حتي يصير في ضُمْرِه كغُصْنِ الشجرة، و يصلح للغزو و السباق. و قولهم للضامر من الخيل شَطْبة مما يصدقه.
القُرْحة: دون الغُرّة؛ و يقال رَوْضة قَرحاء، للتي في وسطها نَوْرٌ أبيض.
الرُّثْمة و الرَّثم: بياض في الجَحْفلة العليا.
طَلْق اليُمني: مُطْلقها لا تحجيلَ فيها.
لما توفي و غُسِّل صَلَّي عليه الناس أفْنَاداً أفناداً.
أي جماعات، بعد جماعات. و منه قولهم: مَرّ فِنْدٌ من الليل و جَوْشٌ؛ أي طائفة.
قيل: حُزِر المصلّون عليه ثلاثين ألفاً.
و
عنه صلي اللّه عليه و سلم: أ تزعمُون أَنِّي مِنْ آخركم وَفاةٌ! ألا إنّي مِنْ أَوَّلكم وفاةً تَتَّبِعُونَنِي أفناداً يُهْلِكُ بعضُكم بعضاً.
و
عنه صلي اللّه عليه و سلم: أسْرَعُ الناسِ بي لحوقاً قومي؛ تَسْتَحْلِيهم المنايا؛ و تَتَنَافَسُ عليهم أمتُهم؛ و يعيشُ الناسُ بعدَهم أَفْنَاداً، يَقْتل بعضهم بعضاً.

[فنك]

: أمرني جبريل أن أتعاهد فَنِيْكيَّ.
قيل هما العَظْمان المتحرّكان مِنَ المَاضغ دون الصُّدْغين.
و عن بعضهم: سألت أبا عمْرو الشيباني عن الفَنِيكين. فقال: أمّا الأعلي فمجتمع
______________________________
(2) (*) [فند]: و منه حديث التنوخي رسول هرقل: و كان شيخاً كبيراً قد بلغ الفند أو قرب. و حديث أم معبد: لا عابسٌ و لا مفنَّدٌ النهاية 3/ 475.
(1) البيت بلا نسبة في تاج العروس (فند).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 54
اللَّحْيَيْن عند الذَّقَن؛ و أما الأسفل فَمُجْتَمع الوَركين حيث يلتقيان؛ كأنَّه الموضع الذي فَانَكَ فيه أحدُ العَظْمين الآخر؛ أي لَازمه و لَازَقَه؛ من قولهم: فَانَكْتُ كذا حتي مَلِلته.
و منه
حديث ابن سابط رضي اللّه تعالي عنه: إذا توضأت فلا تنَس الفَنِيكين.
قالوا: يريدُ تخليلَ أصول الشَّعر.

[فند]

: ما ينتظر أحدكم إلّا هَرَماً مُفْنِداً، أوْ مَرَضاً مُفْسِداً.
الفَنَد في الأصل: الكذب، كأنهم استعظموه فاشتقّوا له الاسمَ مِن فِنْد الجبل. و أفْنَد:
تكلَّم بالفَنَد؛ ثم قالوا للشيخ إذا أنكر عَقْله من الهرم: قد أَفْنَد؛ لأنه يتكلم بالمحرّف من الكلام عن سَنَنِ الصحة؛ فَشُبِّه بالكاذب في تحريفه.
و الهَرَم المُفْند: من أخوات قولهم: نهارُه صائم؛ جعل الفَند للهَرم و هو للهَرم؛ و يقال أيضاً: أفْنَده الهرَم، و أَفند الشيخ.
و في كتاب العين: شيخ مُفْند، يعني منسوب إلي الفَنَد؛ و لا يقال: امرأة مُفْنِدة؛ لأنها لا تكون في شبيبتها ذاتَ رأي فَتُفْنَد في كِبرِها.

[فنن]

*: أَبَان بن عُثمان رحمهما اللّه تعالي- مَثَلُ اللَّحْنِ في السَّرِيِّ مَثَلُ التَّفنِينِ في الثَّوْبِ.
هو أَن يكونَ في الثوب الصَّفيق بُقْعَةٌ سَخِيفة؛ و هو تَفعِيل من الفَنّ و هو الضرب.
و عن ابن الأعرابي: فنَّنت الثوب فَتَفَنَّن، إذا مَزّقته؛ و إذا خَرَقه القَصَّار قيل: قد فَنَّنه، و كل عَيْبٍ فيه فهو تَفنِين.
و عن بعض العرب: اللَّحْنُ في الرجل ذي الهيئة كالتَّفْنين في الثَّوْب النفيس؛ و إني لأَجد للحن من الإنسان السمين وَضَراً نحو وَضَر اللحم المطبوخ و هذا نحو قول أبي الأسود؛ إني لأجد لِلَّحن غَمَرَاً كغَمَر اللحم.
[عبد الأعلي رضي اللّه تعالي عنه- خطب النبيُّ صلي اللّه عليه و سلّم خُطْبة فَقَصَّر فيها، ثم خطب أبو بكر أقْصَر من خُطْبته، ثم خطب عمر أقصرَ من خطبته، ثم قام رجل من الأنصار و فَنّ فيه فَنِيناً و عَنَّ فيه عَنيناً، فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلّم: «إنَّ من البَيَانِ لَسحْراً».
يقال عَنّ يعِنّ، و فَنّ يفن، عَنَناً و عنِيناً، و المِفَنّ و المِعَنّ، الذي يعارض كُلَّ شي‌ء يستقبلُه، و الجمع مَعَانّ؛ يقال: رجل فَنون لمن لا يستقيم علي رأيٍ و كلام واحد].
______________________________
(1) (*) [فنن]: و منه الحديث: إن أهل الجنة مكحَّلون أولو أفانين. النهاية 3/ 476.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 55‌

[فنع]

: معاوية رضي اللّه تعالي عنه- قال لابنِ أبي مِحْجن الثَّقفي: أبوك الذي يقول:
*إذا مِتّ فادفِنِّي إلي أَصْلِ كَرْمَةٍ «1»
* البيتان.
فقال أَبي الذي يقول:
و قد أَجودُ و ما مالي بذي فَنَع و أكْتُم السِّرَّ فيه ضَرْبَةُ العُنُق
«2» يقال: فَنِع فَنعاً، فهو فَنِع [و فَنيع]؛ إذا كَثُر مالُه وَ نما. و في أمثالهم: مَنْ قَنَع فَنِع.
مفنوخ في (عي). أَفانين في (سق). فنخ في (زف) [الفنيق في (جن). الفنيكين في (غف)].

الفاء مع الواو

[فوق]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلّم- قَسَّمَ الغنائمَ يوم بَدْر عن فُوَاق.
هو في الأصل رُجُوعُ اللَّبَنِ إلي الضَّرْع بعد الحَلْب؛ سمي فُواقاً لأنه نزول من فَوْق، و ذلك في الفَيْنَة، فاستُعمل في موضع الوَشْك و السُّرْعة؛ و المعني: قسّمها سريعاً. و قيل:
جعل بعضهم أفْوَق من بَعْض، و حرف المجاوزة هنا بمنزلته في أَعْطَاه عن رَغْبَة، و نَحَلَه عن طيْبَة نَفْس، و فعل كذا عن كَراهِية.
و القول فيه أَنّ الفاعل في وقت إنشاء الفعل إذا كان مُتَّصِفاً بهذه المعاني كان الفعلُ صادراً منها لا محالة، و مجاوزاً إلي جانب الثّبوت إياها.
______________________________
(1) تمام البيتين:
إذا متّ فادْفنَّي إلي أصل كرمةٍ تُروّي عظامي بعد موتي عروقها
و لا تدفننِّي في الفلاة فإنني أخاف إذا ما متٌّ أن لا أذوقها
و البيتان من الطويل، و هما لأبي محجن الثقفي في ديوانه ص 48، و الأزهية ص 67، و خزانة الأدب 8/ 398، 402، و الدرر 4/ 57، و شرح شواهد المغني 1/ 101، و الشعر و الشعراء 1/ 431، و لسان العرب 8/ 257 (فنع)، و المقاصد النحوية 4/ 381، و همع الهوامع 2/ 2، و بلا نسبة في شرح الأشموني 3/ 552، و مغني اللبيب 1/ 30.
(2) البيت في لسان العرب (كنع).
(3) (*) [فوق]: و منه الحديث: عيادة المريض قدر فواق ناقة. و في حديث علي يصف أبا بكر: كنت أخفضهم صوتاً و أعلاهم فوقاً. و في حديث علي أيضاً: و من رمي بكم فقد رمي بأفوق ناصلٍ. النهاية 3/ 479، 480.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 56‌

[فوخ]

: خرج صلي اللّه عليه و سلم يريد حاجةً فاتّبعه بعضُ أصحابِه، فقال صلي اللّه عليه و سلم: «تَنَحَّ عَنَّي، فإن كلَّ بائلة تُفِيخ».
يقالُ: فاختِ الريحُ و فاختْ فَوْخاً و فَوْخاً؛ إلَّا أنّ في الفَوْخِ صَوْتاً. و أفاخ الرجلُ؛ إذا فاختْ منه الرّيحَ. قال:
أفاخُوا مِنْ رِمَاحِ الخَطِّ لَمّا رَأَوْنَا قد شَرَعْنَاهَا نِهَالا
«1» أي خافوا فأفاخوا.
أَنَّثَ البائلَ ذهاباً إلي النفس.
و
عنه صلي اللّه عليه و سلم: أنه إذا كان أتَي الحاجةَ اسْتَبْعَدَ وَ تَوَارَي.
و
عن أبي ذَرّ رضي اللّه تعالي عنه: أنه بال و رَجُلٌ قريب منه، فقال: يابنَ أخِي، قطعتَ عليّ لذة بِيلَتِي!

[فوت]

*: مَرَّ صلي اللّه عليه و سلم بحائط مائل، فأسرع المشي؛ فقيل: يا رسول اللّه، أسْرَعْتَ المشي! فقال: «أخافِ مَوْت الفَوات».
أي مَوْت الفُجاءة؛ مِنْ فَاته بالشي‌ء، إذا سبقه به، و يقال: افْتُئِتَ فلان؛ إذا فُوجئ بالموت بالهَمْز؛ و هو من القَلْبِ الشاذ.
إنَّ رجلًا تَفَوَّت علي أبيه في ماله، فأتي النبيَّ صلي اللّه عليه و سلم فأخبره به، فقال: ارْدُدْ عَلَي ابْنِك مالَه؛ فإنما هو سَهْمٌ مِنْ كِنانتك.
يقال افْتَاتَ فلانٌ عَلَي فلان في كذا؛ و تَفَوَّت عليه فيه؛ إذا انفرد برأيه دونَه في التصرُّف فيه، و هو مِنَ الفَوْت بمعني السَّبْق؛ إلّا أنه ضُمِّنَ معني التَّغَلّب، فَعُدِّيَ بعلي لذلك.
و المعني: إنَّ الابن لم يستشر أباه و لم يستأذِنْه في هِبَةِ ماله، يعني مالَ نفسه. فأتي الأبُ رسولَ اللّه صلي اللّه عليه و سلم. فقال له: ارْتَجِعْه من الموهوب له، و ارْدُدْه علي ابنِك؛ فإنّه ما في يده في ملكتك و تَحْتَ يدك؛ فليس له أن يُسْتَبِدّ بأَمْرٍ دونك. و ضرب كونه سهماً مِنْ كِنَانَته مثلًا لكونه بعضَ كَسْبه و ذُخْرِه.

[فوع]

: احبسوا صبيانكم حتي تذهبَ فَوْعَةُ العِشاء.
يقال: فَوْرة العِشَاء و فَوْعته؛ أي أولُه و شِرَّته، و كذلك فَوْرَةُ الطِّيب و فَوْعَتُه و فَوْحَتُه.

[فوق]

: ابن مسعود رضي اللّه تعالي عنه- قال المسيّب بن رافع: سار إلينا عبد اللّه
______________________________
(1) البيت بلا نسبة في لسان العرب (فيخ).
(2) (*) [فوت]: و منه حديث عبد الرحمن بن أبي بكر: أمثلي يفتات عليه في بناته. النهاية 3/ 477.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 57
سَبْعاً من المدينة، فَصعِد المِنْبر، فقال: إنَّ أبا لُؤْلؤة قَتَل أميرَ المؤمنين عُمر؛ فبكي الناس.
ثم قال: إنّا، أصحابَ محمد، اجتمعنا فأمَّرْنا عثمان، و لم نَألُ عن خَيْرِنَا ذَا فُوقٍ.
أي عن خيرنا سَهْماً.
و من أمثالهم في الرجل التام في الخير: هو أَعلاها ذَا فُوق.
و ذِكْرُ السَّهْمِ مَثَلٌ للنصيب من الفَضْل و السابقة، شُبِّه بالسهم الذي أصيب به الخَصْل في النِّضال. و صفتُه بالفُوق من قِبَل أنه به يتم إصلاحه و تهيؤه للرمي؛ ألا تري إلي قَوْلِ عَبيد:
فأقبلْ علي إفْواقِ سَهْمِك إنما تكلَّفْتَ من أشياء ما هو ذاهِب
«1» يريد: أقْبِل علي ما تُصْلِح به شأنك.
الأشعري- تَذاكر هو و مُعاذ رضي اللّه تعالي عنهما قراءة القرآن، فقال أبو موسي: أمَّا أنَا فأَتَفَوَّقه تَفَوُّقَ اللَّقُوح.
هو أن تُحْلَبَ الناقة فُواقاً بعد فُواق، أو يَرْضَعُها الفَصِيل كذلك، و منه تَفَوَّقَ مالَه؛ إذا أنفقه شيئاً بعد شي‌ء، قال:
تَفَوَّقْتَ مَالِي مِنْ طَرِيفٍ و تَالِدٍ تَفَوُّقِي الصَّهْبَاءَ مِنْ حَلَبِ الْكَرْمِ
«2» و عن بعض طيي‌ء: خلف مِنْ تفوّق. و قد ذكر سيبويه: يتجرّعه و يتفوّقه فيما ليس معالجة للشي‌ء بمَرَّةٍ، و لكنه عمل بعد عمل في مُهلة.
و المعني: لا أقرأ وِرْدِي بمَرَّةٍ، و لكن شيئاً بعد شي‌ء في ليلي و نهاري.

[فوض]

*: معاوية رضي اللّه تعالي عنه- قال لِدَغْفَل بن حَنْظلة النسابة: بمَ ضَبَطْتَ ما أَرَي؟ قال: بمفاوضة العلماء. قال: و ما مفاوضةُ العلماء؟ قال: كنت إذا لقيتُ عالماً أخذتُ ما عندَه، و أعطيتُه ما عندي.
المُفَاوضة: المُسَاواة و المشاركة، و الفَوْضَة: الشركة، و الناسُ فَوْضَي في هذا الأمر؛ أي سواء، لا تَبَايُنَ بينهم.
تفوه في (بق). فاد و فاز وفاظ في (رج). الفَوْدَين في (عل). [مفَوّهاً في (حد). من فوقه في (صب). مُفَاحاً في (وج)].
______________________________
(1) البيت في أساس البلاغة (فوق).
(2) البيت في أساس البلاغة (فوق).
(3) (*) [فوض]: و منه في حديث الدعاء: فوَّضت أمري إليك. النهاية 3/ 479.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 58‌

الفاء مع الهاء

[فهر]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- نهي عن الفَهْر.
هو من الإفهار كالصَّدْر من الإصدار؛ يقال: أفْهَر الرجلُ إذا أكسل عن إحدي جاريتيه؛ أي خالَطها و لمْ يُنْزل؛ ثم قام إلي الأخرَي، فأنزل معها؛ و هو من تَفْهير الفَرس.
قالوا: أوّل نُقْصان حُضْرِ الفرس التَّرَادّ، ثم الفُتور، ثم التَّفْهِير؛ لأنّ المُفْهر يعتريه فُتور و قلةُ نشاط، فيتحول لتطرية نَشَاطه؛ أ لَا تري إلي قولهم أكسل في معناه؛ و كأنّ التفهير حقيقته نَفْي الصَّلَابة، كالتفزيع؛ من قولهم: ناقة فَيْهَرة صُلْبة؛ شديدة؛ من الفِهْر و هو الحَجَر.

[فهه]

: أبو عبيدة رضي اللّه تعالي عنه- قال له عمر: ابسُط يدكَ لأُبَايِعَك، فقال: ما رأيتُ منك، أو ما سمعت منك، فَهَّةً في الإسلام قبلها؛ أَ تُبَايِعُني و فيكم الصِّديق ثاني اثنين!
يقال: فَهّ الرجل يفهّ فَهاهة وفَهّاً و فهَّةً، إذا جاءت منه سقطة، أو جهلة من العيّ و غيره. قال:
الكَيْسُ و القوةُ خَيْرٌ مِنْ ال إشفاق و الفَهّةِ و الْهَاعِ
«1»

[فهق]

*: في الحديث- إنَّ رجلًا يخرج من النَّار فَيُدْنَي من الجنة فتَنْفَهقُ له.
أي تَنْفَتحُ و تَتّشع، و مُنْفَهَقُ الوادِي: مُتَّسَعُه، و انْفَهَقَتِ الطَّعْنَةُ و العَيْنُ؛ و أرْضٌ تَنْفَهِقُ مياهاً عذاباً.
كالفهدين و فهد في (غث). أفهقاه في (مد). [فهرهم في (سد). المتفيهقون في (وط)]. انفهقت في (وب).

الفاء مع الياء

[فيض]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- كان يقول في مرضه: الصلاةَ و ما ملكت أيْمانُكم، فجعل يَتَكَلَّم و ما يُفِيضُ بها لسانُه.
أي ما يقدر علي الإفصاح بها؛ يقال: كَلَّمته فما أَفَاضَ بكلمة، و فلان ذو إفَاضةٍ إذا تَكلم؛ أي ذُو بَيَان و جَرَيان؛ من قولهم: فاض الماءُ يَفِيض؛ إذا قَطَر. و أفاضَ ببولِه إفاضةً؛
______________________________
(2) (*) [فهر]: و منه الحديث: لما نزلت: تَبَّتْ يَدٰا أَبِي لَهَبٍ جاءت امرأته و في يدها فهرٌ. النهاية 3/ 481.
(1) البيت بلا نسبة في لسان العرب (هيع).
(3) (*) [فهق]: و منه الحديث: إن أبغضكم إليَّ الثرثارون المتفيهقون. و حديث علي: في هواء منفتق وجوٍ منفهق. و حديث جابر: فنزعنا في الحوض حتي أفهقناه. النهاية 3/ 482.
(4) (*) [فيض]: و منه في حديث اللقطة: ثم أفيضها في مالك. و في صفته عليه السلام: مفاض البطن النهاية 3/ 485.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 59
إذا رَمَي به. و عينُه ياء علي هذا؛ و إن صَحَّ ما رُوِيَ من المفاوضة في الحديث؛ و هي البيان، ففي عينه لغتان؛ نحو قولهم: قَاسَ يَقِيس و يَقُوس، و ضار يَضِير و يَضُور.

[فين]

*: ما من مؤمن إلَّا و له ذَنْبٌ قد اعْتَاده الفَيْنَةَ بعد الفَيْنَةِ؛ إنَّ المؤمن خُلِقَ مُفْتّناً تَوَّاباً ناسياً؛ إذا ذُكِّر ذَكَر.
أي الساعة بعد الساعة و الحينَ بعد الحين. قال الأصمعي: يقال: أقمت عنده فَيْناتٍ؛ أي ساعات. و روي: كان هذا في فَيْنَةٍ من فِيَنِ الدَّهْرِ، كبَدْرةٍ و بدَر؛ و هو أَحَدُ الأسماءِ التي يَعْتقبُ عليها التعريفان اللّامي و العَلَميّ. حكي أبو زيد: لقيته فَيْنَة و الْفَيْنة، و نظيرُها لقيته سَحراً و السَّحر، و إلاهة و الإلاهة؛ و شَعوب و الشَّعوب «1».
له ذَنْب: صفة؛ و الواو مؤكدة، و محلّ الصفة مرفوعٌ محمولٌ علي محل الجار مع المجرور؛ لأنك لا تقول: ما من أحدٍ في الدار إلّا كريم؛ كما لا تقول إلّا عبد اللّه؛ و لكنك ترفعهما علي المحل.
المُفَتَّنُ: الممْتَحَنُ الذي فُتِن كثيراً.

[فيأ]

*: دخل عليه صلي اللّه عليه و سلم عمرُ فكلّمه، ثم دخل أبو بكر علي تَفِئَة ذلك.
أَيْ علي أَثَر ذلك؛ تقول العرب: كان كَذا علي تَفِئَة كذا؛ و تَفِيئته و قفَّانِه و تَئِيفته و إفِّه و إفَّانِه، و تاؤُها لا تخلو من أَنْ تكونَ مَزيدة أو أصلية، فلا تكون مزيدة و البنْيَة كما هي من غير قلب؛ لأن الكلمة مُعَلّة؛ مع أن المثال مِنْ أمثلة الفِعْل، و الزيادة من زوائده، و الإعلال في مثلها ممتنع؛ ألَا تري أنّك لو بنَيْتَ مثال تضرب أو تكرم اسمين من البيع لقلت تَبْيع و تُبْيع من غير إعلال؛ إلّا أن تبني مثال تحلي‌ء؛ فلو كانت التَّفيئة تَفْعلة من الفَيْ‌ء لخرجَتْ علي وزن تَهيئة؛ فهي إذَنْ لو لا القلبُ فَعلية لأجل الإعلال. كما أَنّ يأحج فَعْلَل لتَرْكِ الإدغام، و لكنَّ القلب عن التَّئفَة هو القاصِي بزيادة التاء؛ و بيانُ القَلْب أنّ العين و اللام أَعْنِي الفَاءَيْن قُدِّمتا علي الفاء؛ أعني الهمزة، ثم أبدلت الثانية من الفاءين ياء؛ كقولهم: تَظَنَّيْت.
جاءت امرأةٌ من الأنصار بابنتين لها. فقالت: يا رسولَ اللّه؛ هاتان ابنتا قيس، قُتِل معك يوم أُحُد، و قد اسْتَفَاء عَمُّهما مالَهما و مِيراثَهما كلَّه. فنزلت آية المواريث.
أيْ أخذَه؛ من قولهم: استفاء فلان ما في الأوعية و اكْتَاله؛ و منه: استفاءني فلان؛ إذا ذهب بي عَنْ هَواي الذي كنْتُ عليه إلي هَوَي نفسه؛ و هو يستفي‌ء الخير و يَسْتَرِيعه، و يتفيّؤه و يتريَّعه؛ أي يجمعه إليه حتي يفي‌ء إليه [و يريع]؛ أي يرجع.
______________________________
(2) (*) [فين]: و منه حديث علي: في فينة الارتياد و راحة الأجساد. النهاية 3/ 486.
(1) الشعوب: المنيّة.
(3) (*) [في‌ء]: و منه الحديث: مَثَل المؤمن كالخامة من الزرع، من حيث أتتها الريح تفيِّئها. النهاية 3/ 483.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 60‌

[فيض]

: أبو بكر رضي اللّه تعالي عنه- أفاض و عليه السكينة؛ و أوْضَعَ في وادِي مُحَسَّر.
الإفاضة في الأصل: الصّبّ؛ فاستعيرت للدفع في السَّيْر، كما قالوا: صَبَّ في الوادي.
و منه
حديثه صلي اللّه عليه و سلّم: «ثم صَبَّ في دَقْران «1»».
و أصلُه أفاضَ نَفْسَه أو راحِلَته؛ و لذلك فسروه بدفع؛ إلّا أنهم رَفَضُوا ذِكْرَ المفعول.
و لرفضهم إياه أشْبَهَ غير المتعدي؛ فقالوا: أفاض البعير بِجرَّته؛ و أفَاض بالقِداح، إذا دفعها و ضربَ بها.
الإيضاع: حَمْلُ البعير علي الوَضْع؛ و هو سَيْرٌ سهل حَثِيث دون الدَّفْع.
طَلْحة رضي اللّه تعالي عنه- اشتري في غزوة ذي قَرَدٍ بئراً، فَتَصَدَّق بها، و نَحَر جَزُوراً فأطعمها الناس؛ فقال له رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم: يا طَلْحة، أَنْتَ الفَيّاض! فَسُمِّي فَيَّاضاً.
هو الواسع العَطاء؛ مِنْ فَاض الإناءُ، إذَا امتلأ حتي انْصَبَّ من نواحيه؛ و منه قولهم:
أعْطاني غَيْضاً مِنْ فَيْضٍ، إذا أعطاك قليلًا، و المالُ عنده كثير. قال زهير:
و أبيضَ فياضٍ يَدَاهُ غَمامةٌ علي المُعْتفِين ما تُغِبُّ نَوافِلُه
«2» و كان طلحةُ أحدَ الأجواد، قَسّم مرة في قومه أربعمائة ألف.
في الحديث في ذكر الدجال: ثم يكونُ علي أثر ذلك الفَيْض.
هو الموت؛ يقال: فاضتْ نفسُه و فَاظَتْ.

[فيأ]

: لا يَحِلُّ لامري‌ءٍ أن يُؤَمِّرَ مُفَاءً علي مُفي‌ءٍ.
أي يؤمَّر مَوْلي علي عربي؛ لأن الموالي فيئهم.
فياح في (غث). فيّلوا في (سج). تستفي‌ء في (بت). [مُفَاحاً في (وج). أفاض في (فق). الفي‌ء في (خر) و في (قص). مِنْ فيض في (غي). مفاض البس في (مغ). الإفاضة في (نس)].
[آخر الفاء]
______________________________
(1) دقران: واد.
(2) البيت في ديوان زهير ص 139.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 61‌

حرف القاف

القاف مع الباء

[قبل]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- كان لنعله قِبَالان.
القِبال: زِمام النَّعْل؛ و في كلام بعضهم: دَعْ رِجْلي و رِجْلك في نَعْلٍ ما وسعهما القِبَال. و يقال نعل مُقْبَلة و مُقَابلة؛ و هي التي جعل لها قِبَال، و قد أقْبَلْتُها و قابلتها.
و منه
حديثه صلي اللّه عليه و سلم: «قابلوا النِّعال».
و هي مقبولة إذا شددت قِبَالها و قد قَبَلتها، عن أبي زيد.

[قبص]

*: أتاه صلي اللّه عليه و سلم عمر و عنده قِبْصٌ من الناس.
هو العدد الكثير، يقال: إنها لفي قِبْصِ الحَصي. و قال الكميت:
لَكُمْ مَسْجِدَا اللّهِ المَزُوران و الحَصَي لَكُمْ قِبْصُهُ من بين أَثْرَي و أَقْتَرَا
«1» و هو فِعْل بمعني مفعول؛ من القَبْص، و إطلاقُه علي الكثير من جنس ما صَغَّروه من المُسْتَعْظَم.
______________________________
(2) (*) [قبل]: و منه الحديث: نهي أن يُضَحَّي بمقابلة أو مدابرة. و في حديث الدجال: و رأي دابة يواريها شعرها أهدب القبال. و في حديث أشراط الساعة: و أن تُري الهلال قَبَلًا. و الحديث: إن الحق بقَبَلٍ.
و في حديث صفة هارون عليه السلام: في عينيه قَبَلٌ. و الحديث: طلِّقوا النساء لقُبُل عدَّتهن. و في حديث ابن عباس: إياكم القبالات فإنها صغارٌ و فضلها رباً. و في حديث ابن عمر: ما بين المشرق و المغرب قِبْلةَ. و في الحج: لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي. و في حديث الحسن: سُئل عن مُقْبَلة من العراق. النهاية 4/ 8، 9، 10.
(3) (*) [قبص]: و منه الحديث: فتخرج عليهم قوابص. و في حديث أبي ذر: انطلقت مع أبي بكر ففتتح باباً فجعل يقبص لي من زبيب الطائف. و في حديث الإسراء و البراق: فعملت بأذنيها و قبصت. و في حديث المعتدة للوفاة: ثم تؤتي بدابة، شاةٍ أو طير فتقبص به. النهاية 4/ 5.
(1) البيت من الطويل، و هو للكميت بن زيد في لسان العرب (سجد) و (قبض) و (قرأ)، و المقاصد النحوية 4/ 84، و بلا نسبة في إصلاح المنطق ص 397، و الإنصاف 2/ 721، و شرح الأشموني 2/ 401، و شرح عمدة الحافظ ص 548، و لسان العرب (قتر).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 62‌

[قبع]

*: كانت قَبِيعةُ سيفِه صلي اللّه عليه و آله و سلم مِنْ فِضَّة.
هي التي علي رأس القائم؛ و قيل: هي ما تحت الشارِبين مما يكون فَوْق الغِمْد فَيجي‌ء مع القائم، و هو القوْبَع أيضاً.

[قبط]

*: كسا امرأة قُبْطِيَّة، فقال: مُرْها فلتتخذ تَحْتَها غِلالة لا تصِفُ حَجْم عظامها.
هي من ثياب مِصْر.
و منها
حديث عمر رضي اللّه عنه: لا تُلبسوا نساءَكم القَبَاطيّ؛ فإنه إلَّا يَشِفَّ فإنه يَصِف.
أي إن لم يُرِ ما وراءه فإنَّه يَصِفُ خَلْقها لِرِقَّته.

[قبص]

: دعا صلي اللّه عليه و سلم بلالًا بِتَمْرٍ، فجعل يجي‌ء به قُبَصَا قُبَصاً، فقال صلي اللّه عليه و آله و سلم: «أنْفِق بلالُ و لا تَخْشَ من ذي العَرْشِ إقلالًا».
جمع قَبْصَة؛ و هي ما قُبِص؛ كما أنّ الغُرْفة ما غُرِف.
و منها
قول مجاهد رحمه اللّه تعالي في تفسير قوله عز و جل: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصٰادِهِ [الأنعام: 141] يعني القُبَص التِي تُعْطي عند الحَصَاد.
و عن أبي تراب؛ أنشدني أبو الجَهْم الجَعْدِي:
قالتْ له و اقتبصتْ من أَثَرِه يا رَبّ صاحِبْ شَيخَنَا في سَفَرِه
«1» فقلت له: كيف اقتبصَتْ مِنْ أَثَره؟ فقال: أخذَتْ قُبْصةً من أثره في الأرض، فقبَّلته.
استقلّ عليه السلام ما جاء به، فَأَمَرَه بالإنفاق و الثقة برزق اللّه و ترك الخوف من الفقر.

[قبض]

*: قال سَعْد رضي اللّه تعالي عنه: قتلتُ يومَ بَدْرٍ قَتِيلًا، و أَخَذْتُ سَيْفَه، فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم: «اطْرَحْه في القَبَضِ»، فنزلتْ سورة الأنفال، فقال صلي اللّه عليه و سلم لي: «اذْهبْ و خُذْ سَيْفَك».
هو ما قُبضَ من الغَنائِم قَبْلَ أَنْ تُقْسَم.

[قبب]

*: عُمر رضي اللّه تعالي عنه- أمر بضَرْبِ رَجُلٍ؛ ثم قال: إذا قَبَّ ظَهْرُه فَرُدُّوه.
______________________________
(2) (*) [قبع]: و منه في حديث الأذان: فذكروا له القبع. النهاية 4/ 7.
(3) (*) [قبط]: و منه حديث ابن عمر: أنه كان يجلِّلُ بدنه القباطي و الأنماط. النهاية 4/ 7.
(1) الرجز في أساس البلاغة (قبص).
(4) (*) [قبض]: و منه الحديث: كان سلمان علي قَبَض من قَبَض المهاجرين. و منه حديث بلال و التمر:
فجعل يجي‌ء به قُبَضاً قُبَضاً. و الحديث: فاطمة بضعة مني يقبضني ما قبضها. النهاية 4/ 6.
(5) (*) [قبب]: و منه حديث علي في صفة امرأة: إنها جدَّاءُ قبَّاءُ. النهاية 4/ 3.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 63
أي إذا انْدَمَلَتْ آثارُ ضَرْبِه، و جَفَّتْ؛ من قولهم: قَبّ الجُرْح و التمر و نحوهما؛ إذا يبس.
علي رضي اللّه تعالي عنه- إنّ دِرْعه كانت صَدْراً لا قَبَّ لها.
أي لا ظَهْرَ لها؛ سُمِّيَ [قَبّاً كما سُمي] عموداً، و أصلُه قَبُّ البَكَرة، و هي الخشبة التي في وَسطها. قال:
*مَحَالَةٌ تركب قَبّاً رَادَا «1»
* لأنها عمودها الذي عليه مَدَارُها و به قَوامها، و منه قيل لشيخ القوم: قَبّ القومِ، و فلان القَبُّ الأكبر.

[قبل]

: عُقيل رضي اللّه عنه- قال عطاء رأيته شيخاً كبيراً يَقْبَلُ غَرْبَ زَمزم.
أي يتلقّاها إذا نزعت؛ يقال: قَبِلَ الدَّلْوَ يَقْبَلها قَبَالة.

[قبر]

*: الحجاج- قالت له بنو تميم: أَقْبِرْنا صالحاً.
أي مَكِّنَّا من أن نَقْبُرَه و لا تَمْنَعْنَا؛ يَعْنُونَ صالح بن عبد الرحمن بن عوف، و كان قَتَلَه و صَلَبَه.

[قبع]

: قُتَيبة رحمه اللّه تعالي- يأهْلَ خُراسان؛ إنْ وَلِيَكُمْ وَالٍ شديد عليكم قلتم جَبّار عَنِيد، و إن وَلِيَكُمْ والٍ رؤوفٌ بِكُمْ قلتم قُبَاع بن ضَبّة!
هو رَجُلٌ كان في الجاهلية أحمَقَ أهل زمانه، فَضُرِب به المثل.
و أما قولهم للحارث بن عبد اللّه القُبَاع؛ فإنما قيل له ذلك لأنه ولِيَ البصرة فَغَيَّر مكاييلهم، فنظر إلي مِكْيال صغير في مرآة العين أحاط بدقيقٍ كثير، فقال: إنَّ مكيالَكم هذا لَقُباع؛ فَنُبِزَ به.
و القُباع: الذي يُخْفي نفسه، و منه قيل للقنفذ قُبَاع.

[قبح]

*: في الحديث: لا تُقَبِّحُوا الوَجْهَ.
أي لا تقولوا إنَّه قبيح.

[قبي]

*: خير الناس القُبِّيُّون.
______________________________
(1) الشطر بلا نسبة في أساس البلاغة (قب).
(2) (*) [قبر]: و منه في حديث ابن عباس: إن الدجال ولد مقبوراً. النهاية 4/ 4.
(3) (*) [قبح]: و منه الحديث: أقبح الأسماء حربٌ و مرة. و في حديث أم زرع: فعنده أقول فلا أقبَّحُ. و في حديث أبي هريرة: إن منع قبَّح و كلح. النهاية 4/ 3، 4.
(4) (*) [قبي]: و منه في حديث عطاء: يُكره أن يدخل المعتكف قبواً مقبواً. النهاية 4/ 10.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 64
سُئل أبو العباس ثَعْلَب، فزعم أنهم يَسْرُدِون الصَّوْمَ حتي تَضْمُرَ بطونُهم.
فلا أقبّح في (غث). القبال في (زو). مقابلة في (شر). قبلًا في (جم). قبح في (تع). لا تستقبلوا في (هب). قبطية في (غر) و في (فق). قَبْوَمقْبو في (جو). [قبساً في (دح). من قبل اليمن في (نف). القبع في (قن). مقبوحاً في (نب). قبع قبعة في (نز).
القبضة في (بد). فتقبض في (حف)].

القاف مع التاء

[قتر]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- كان أبو طلحة رضي اللّه تعالي عنه يَرْمي و هو يُقَتِّرُ بين يديه- و كان رَامياً- و كان أبو طلحة يَشُورُ نفسَه، و يقول له إذا رفع شخصه: هكذا بأبي و أمي! لا يصيبُك سهم؛ نَحْري دون نَحْرِك يا رسول اللّه!
أيْ يَجْمَعُ له السِّهام؛ قال أبو عمرو: التقتير أن تُدْني متاعَك بعضَه إلي بعض، أوْ بعضَ ركابك إلي بعض. و يقال: قَتِّرْ بين الشيئين؛ أي قارِبْ بينهما، و يجوز أن يكون من الأَقْتار؛ و هي نِصالُ الأهداف؛ أَيْ يُسَوِّيها له و يُهَيِّئها.
يَشُور نفسه؛ أي يسعي و يَخِفّ، يُظْهرِ بذلك قُوَّته؛ من شُرْتُ الدابة؛ إذا أجريتها لتنظر إلي سيرها.

[قتن]

: قال له صلي اللّه عليه و سلم رجل: يا رسول اللّه، تزوّجت فُلانة، فقال صلي اللّه عليه و سلم؛ «بَخٍ! تزوجْتَها بكراً قَتِيناً».
هي القليلة الظُّعم؛ و قد قَتُنَتْ قَتَانَةَ.
و منه
حديثه صلي اللّه عليه و سلم في وصف المرأة أَنَّهَا وَضِيئة قَتِين.

[قتت]

: لا يدخل الجنة قتات.
هو التمام، لأنه يَقُتُّ الحديثَ؛ أي يُزَوِّرُهُ، و يهيئه قَتّاً. قال أبو مالك: القَتُّ و القَدُّ واحد، و هو التَّسْوية، قال:
*حُقَّانِ من عَاجٍ أُجِيدَا قَتّا «1»
* و منه الدُّهْن المُقَتَّت؛ و هو المهيّأ المُطَيَّبُ بالرياحين.
______________________________
(2) (*) [قتر]: و منه الحديث: تعوَّذوا باللّه من قترة ما ولد. و في حديث جابر: لا تؤذ جارك يقتار قدرك.
النهاية 4/ 12.
(1) صدره:
كأن ثديَيْها إذا ابرنْتَي
و البيت بلا نسبة في لسان العرب (قت).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 65‌

[قتر]

: سأله صلي اللّه عليه و سلم رجلٌ عن امرأة اراد نِكاحها، فقال له: بِقَدْر أيِّ النِّساء هي؟ قال: قد رأت القَتِير. قال: دَعْها.
هو المَشِيب؛ يقال: قد لهزه القَتير، و هو في الأصل رؤُوسُ المسامير؛ سمي بذلك لأنه قُتر؛ أي قُدِّر لم يغلظ فيخرم الحلْقة، و لم يدفق فيموج و يَسْلَس. و يصدِّق ذلك قول دُريد:
بيضاء لا تُرْتَدَي إلَّا لَدَي فَزَعٍ مِنْ نَسْجِ داودَ فيها السَّك مَقْتُور
«1»

[قتت]

: ادّهن صلي اللّه عليه و سلم بزيت غير مُقَتّت و هو مُحْرِم.
قد فُسِّرَ آنفاً.

[قتل]

: خالد رضي اللّه تعالي عنه- قال مالك بن نُوَيرة لامرأته يوم قَتَله خالد:
أَ قَتَلْتِنِي!
أي عَرَّضْتِنِي للقَتْل بوجوب الدفاع عنك، و المحاماة عَلَيْك، و كانت حَسْنَاء، و قد زَوَّجَها خالد بعد قَتْلِ زَوْجِها، فأُنكر ذلك عليه، و قيل فيه:
أ فِي الحق أَنا لم تجفَّ دَماؤُنا و هذا عروساً باليمامة خالِدُ

[قتم]

: عَمْرو- قال لابنه عبد اللّه رضي اللّه عنهما يوم صِفِّين: أيْ عبدَ اللّه؛ انظر أين تري عليّاً؟ قال: أراه في تلك الكَتيبة القَتْمَاء. قال: للّه دَرّ ابن عُمر، و ابن مالك! فقال له:
أي أبَتِ! فما يمنعَك إذا غَبَطْتَهُمْ أن تَرْجع؟ فقال: يا بُنَيَّ، أنا أبو عبد اللّه، إذا حكَكْتُ قَرحةً دَمَّيْتُها.
القَتْمَاء: الغَبْراء، من القَتَام، و هو الغُبَار.
ابن مالك هو سعد، و مالك اسم أبي وقاص؛ و كان هو و ابن عمر رضي اللّه عنهم مِمَّنْ تخلَّف عن الفريقين.
تدمية القَرْحة مَثل؛ أي إذا أمَمْتُ غايةً تَقَصَّيْتُهَا.

[قتب]

: عائشة رضي اللّه تعالي عنها- لا تُؤَدِّي المرأةُ حَقَّ زوجها؛ حتي لو سألها نفسَها علي ظَهْرِ قَتَبٍ لم تمنعه.
قال أبو عُبيد: كُنَّا نَري أنّ المعني أن يكون ذلك و هي تسير علي ظَهْر البَعير، فجاء التفسير في بعض الحديث: إنّ المرأة كانت إذا حَضَر نِفَاسُها أُجْلِسَتْ علي قَتَبٍ ليكونَ أسْلَسَ لولادتها.
: [في الحديث: لا صدقَة في الإِبل القَتُوبة.
هي التي تُوضَع الأقتابُ علي ظهورها.
______________________________
(1) البيت في لسان العرب (سكك).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 66‌

[قتل]

*: في المارّ بين يدي المصلي: قاتله فإنه شيطان.
أي دافعه].
قترة في (خب): أقتاب في (دل). قتِرة في (عم). قِتْر الغِلَاء في (لغ). [القتات في (جو). دة في (عص)].

القاف مع الثاء

[قثث]

: ابن عباس رضي اللّه تعالي عنهما- حَثَّ النبي صلي اللّه عليه و سلم يوماً علي الصَّدَقة، فجاء أبو بكر بمالِه كُلِّه يَقُثُّه.
أي يسوقه. يقال جاء فلان يَقُثُّ الدنيا قَثّاً؛ إذا جاء بالمال الكثير، و جاء السيل يَقُثُّ الغُثَاء. و قيل: القَثُّ و الحثّ واحد؛ إلّا أنه بالقاف أبطؤهما. و منه: انتقل القوم بقَثيثتهم؛ أي بجماعتهم. و قالوا للقَتَّات: القَثَّاث؛ لأنه يَقُثُّ الحديث؛ أي يَنْقُله.
[القثع في (قن)].

القاف مع الحاء

[قحل]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- عن رُقَيْقَة بنت أبي صَيْفِيّ- و كانت لِدَة عبد المطلب بن هاشم- قالت: تتابعتْ عَلَي قُرَيْشٍ سِنُو جدْبٍ، قَدْ أَقْحَلَتِ الظِّلْف «1»، و أرقَّت العَظْم، فبينا أنا رَاقدة- اللّهمّ أو مُهَوِّمة، و معي صِنْوي؛ إذا أنا بهاتف صَيِّت يَصْرُخ بصوت صَحِل؛ يقول: يا معشر قريش؛ إنَّ هذا النبي المبعوث منكم [قد أَظَلَّتْكُم أيامُه، و] هذا إِبَّانُ نُجومِه، فَحَيَّهَلَا بالحَيَا و الخِصْب. ألا فانظُروا منكم رجلًا طُوَالًا عُظَاماً أبْيَضَ بَضّاً أشَمَّ العِرْنين «2»، له فَخْر يَكْظِم عليه.
و يروي: رجلًا وَسِيطاً عُظاماً جُساماً أوْطَفَ الأهْداب؛ ألا فَلْيُخلُصْ هو وَ وَلَدُه، و لْيَدْلِفْ إليه من كل بطن رَجُلٌ، ألا فَلْيَشُنُّوا من الماء، و لْيَمَسُّوا من الطِّيب، و لْيَطُوفُوا بالبيت سَبْعاً؛ ألا و فيهم الطَّيِّب الطاهر لِداتُه؛ ألا فَلْيَسْتَسْقِ الرجلُ و لْيُؤَمِّن القوم؛ ألا فغِثتم إِذَنْ ما شئتم و عشتم.
قالت: فأصْبَحْتُ مَذْعُورة قد قَفَّ جِلْدِي، وَ وَلِه عَقْلي؛ فاقتصصت رُؤْياي، فو الحُرْمةِ
______________________________
(3) (*) [قتل]: و منه الحديث: أعفُّ الناس قِتْلةً أهل الإيمان. و الحديث: علي المقتتلين ان يتحجَّزوا. و في حديث زيد بن ثابت: أرسل إليَّ أبو بكر مَقْتَلَ أهل اليمامة. النهاية 4/ 13، 14، 15.
(4) (*) [قحل]: و منه في حديث الاستسقاء: قَحِل الناس علي عهد رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم. النهاية 4/ 18.
(1) أقحلت الظلف: أي أهزلت الماشية، و ألصقت جلودها بعظامها، و أراد ذات الظلف.
(2) عِرْنِين الأنف: مجتمع الحاجبين.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 67
و الحرَم؛ إن بَقِيَ أبْطَحِيٌّ إلّا قال: هذا شَيْبة الحمد!
و تَتَامَّتْ عنده قريش، و انْقَضَّ إليه من كل بَطْن رَجُل، فَشَنّوا و مَسُّوا، و اسْتَلموا و طَوَّفوا، ثم ارتقوْا أبا قُبَيْس، و طفِق القوم يَدِفُّون حوله، ما إنْ يُدْرِك سَعْيهم مَهْله، حتي فَرُّوا بِذُرْوة الجبل، و استكَفُّوا جَنَابَيْه.
فقام عبدُ المطلب، فاعتضَدَ ابنَ ابنِه محمداً فرفعه علي عاتِقه؛ و هو يومئذٍ غُلام قد أيْفَع أو كَرَب؛ ثم قال: اللهم سادّ الخُلّة؛ و كاشفَ الكُربة؛ أنت عالم غيرُ مُعَلَّم، مسؤول غيرُ مُبخَّل؛ و هذه عبدَّاؤك و إماؤك بعَذِرات حَرَمك، يَشْكُون إليك سَنَتَهم، فاسْمعَنّ اللهم و أمطِرن علينا غَيْثاً مريعاً مُغْدِقاً؛ فما راموا البيتَ حتي انفجرت السماءُ بمائها، و كَظّ الوادي بثَجِيجه، فسمعت شيخانَ قريش و جلّتها: عبد اللّه بن جُدْعان، و حَرْب بن أمية، و هشام بن المُغيرة يقولون لعبد المطلب: هَنِيئاً لك أبا البَطْحاء!
أقْحلت؛ من قَحَل قُحولًا و قَحِل قَحَلًا؛ إذا يَبِس.
الرُّقُود: النوم بالليل المستحكم الممتد؛ و منه قولهم: طريق مُرْقِدْ؛ إذا كان بَيِّناً ممتداً، و ارْقَدّ و رَقّد؛ إذا مضي علي وَجْهه و امتد لا يَلْوِي علي شي‌ء، و أرْقَدَ بأرضِ كذا إرقاداً: أقام بها.
هَوَّموا و تَهَوَّمُوا: إذا هَزُّوا هَامَهُمْ من النّعاس. قال:
*ما تُطْعَمُ العين نوماً غيرَ تَهْوِيم «1»
* و هذا أحَدْ مِصْدَاقَيْ كونِ العيْن من الهَامِ واواً، و الثاني قولُهم للعظيم الهامَة أهْوَم، كما قالوا: أرْأَس.
الصَّيِّت: فَيْعل، من صَاتَ يَصُوت، و يَصات صَوْتاً؛ كالمَيّت من مَات. و يقال في معناه: صائِت وَ صَاتٌ و مِصْوات.
الصَّحِل: الذي في صوتِه ما يذهبُ بحدته من بُحَّةٍ، و هو مُسْتَلذٌّ في السمع.
إبّان نُجُومه: وقت ظهوره، و هو فِعْلان؛ من أَبَّ الشي‌ء إذا تَهَيّأ.
مَرّ حَيَّهَلَا مشروحاً في حَيّ.
الحَيَا: المطرُ، لأنه حياة الأرض.
فُعَال مبالغة في فَعِيل، و فُعَّال أبْلغ منه؛ نحو كُرَام و كُرّام.
______________________________
(1) صدره:
عاري الأشاجع مشفوه أخو قنص
و البيت للفرزدق في لسان العرب (هوم).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 68
الكظْم و الْكَتْم و الكَعْم و الكَدْم و الكَزْم: أَخَوات في معني الإِمساك و ترك الإبداء؛ و منه كُظُوم البعير، و هو أَلَّا يَجْتَرّ.
و المعني أنه من ذوي الحَسب و الفَخْر، و هو لا يُبدي ذلك.
الوَسِيط: أفْضَلُ القوم، من الوسط، و قد وَسَطَ وَسَاطةً. قال العَرْجيّ:
كأنِّي لَمْ أكُنْ فيهم وَسِيطاً و لَمْ تَكُ نِسْبتي في آل عمْرو
«1» أوْطَفُ الأهداب: طَوِيلُها.
فَلْيَخْلُصْ أي فليتميز هو وَ وَلَدُه من الناس، من قوله تعالي: خَلَصُوا نَجِيًّا [يوسف: 80].
و لْيَدْلِف إليه؛ من الدَّليف؛ و هو المشي الرويد، و التقدم في رِفْق.
شنَّ الماء: صَبَّه علي رأسه، و قيل: الشَّنُّ صب الماء متفَرقاً؛ و منه شَنَّ الغارة. و السنّ بخلافه.
لِدَاته: علي وجَهَيْن: أن تكون جمع لِدة؛ مصدر وَلد؛ نحو عِدة وزِنة، يعني أنّ مَوْلِدَه و مَولد مَنْ مضي من آبائه كلها موصوف بالطهر و الزكاء. و أن يُرَاد أترابه؛ و ذِكْرُ الأتْراب أسلوب من أساليبهم في تثبيت الصفة و تمكينها، لأنه إذا جُعِل من جَماعةٍ و أقران ذَوِي طهارة فَذَاك أثْبَتُ لِطهارته؛ و أدل علي قدسه، و منه قولهم: مِثلك جَواد.
غُثْتُمْ: مُطِرْتم (بكسر الغين أو بضمه أو بإشمامه): يقال غاث اللّه الأرض يَغيثها غَيْثاً؛ و أرْض مَغيثَة و مَغْيُوثة. و عن الأصمعي قال: أخبرني أبو عمرو بن العَلاء قال: قال لي ذو الرُّمّة: ما رأيتُ أَفصحَ من أَمة بني فلان! قلْتُ لها: كيف كان مَطَرُكم؟ فقالت: غِثْنا ما شئنا.
قَفَّ: تقَبَّضَ و اقْشَعَرَّ. و القُفَّة: الرِّعدة.
دَلِهَ و وَلِه و تَلِه و عَلِه: أخوات في معني الحَيْرة و الدَّهش.
اسم عبد المطلب عامر، و إنما قيل له شَيْبة [الحمد] لشيبة كانت في رأسه حين وُلد، و عبد المطلب؛ لأن هاشماً تزوج سَلْمي بنت زيد النَّجّارية، فولدته، فلما تُوفي هاشم و شَبَّ الغلام انتزعه المطلبُ عمُّه من أمه؛ و أرْدَفَه علي راحلته، و قَدِمَ به مكة، فقال الناس: أرْدَف المُطَّلِب عَبْدَه؛ فلزمه هذا الاسم.
التَّتَامّ: التَّوافر.
الدَّفِيف: المَرَّ السريع.
المَهْل (بالإسكان): التُّؤَدة؛ و منه قولهم: مَهْلًا و ما مَهْل بمغنية عنكَ شيئاً؛ أي لا
______________________________
(1) البيت في لسان العرب (وسط).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 69
يُدرِك إسراعُهم إبطاءه. و المَهَل بالتحريك: التمهل. و هو التَّقَدّم. قال الأعشي:
*و إنّ في السَّفر إذ مضوا مَهَلا «1»
* أي كان يسعي و يَسْعَوْن، و هو يتقدّمهم.
استكفّوا: أحْدقوا، من الكِفّة و هي ما استدار، ككَفَّة الصاعد و كَفّة الميزان و غير ذلك.
يقال: مَرُّوا يَسيرون جَنَابَيْه و جَنَابَتَيْهِ، أي ناحيتيه. قال كعب:
يسعي الوُشاةُ جَنَابيها و قولُهُمُ إنك يا بْنَ أَبي سُلْمَي لَمَقتول
«2» كَرَب: قَرُب من الإيفَاع، و منه الكروبيّون: المقرّبون من الملائكة.
العِبِدَّاء و العِبِدَّي (بالمد و القصر): العَبيد.
العَذِرة: الفِنَاء.
كَظيظ الوادي: امتلاؤه، و منه الكِظَّة.
الثَّجِيج: المثجوج؛ أَيْ المصبوب؛ قال أبو ذُؤيب:
سقي أُمَّ عَمْرٍو كلَّ آخرِ ليلهٍ حَناتم سُودٌ ماؤهُنَّ ثَجِيجُ
«3» الشِّيخَان في جمع شيخ، كالضِّيفَان في جَمْعِ ضَيف.
قيل له أبو البطحاء، لأن أهلَها عاشوا به و انتعشوا، كما قالوا لِلْمطْعام أبو الأضْياف.

[قحم]

*: قال عمر بن الخطاب رضي اللّه تعالي عنه: دخلْتُ عليه صلي اللّه عليه و سلم و عنده غُلَيِّمٌ أسْوَد يَغْمِزُ ظَهْرَه، فقلتُ: يا رسولَ اللّه، ما هذا الغِلَيّم؟ فقال: إنّه تَقَحَّمَتْ بي الناقَةُ الليلةَ.
القُحْمة: الوَرْطة و المهلكة، و منها قالوا: اقتحمَ الأمْرَ و تَقَحَّمَهُ، إذا ركبَه علي غير
______________________________
(1) صدره:
إنَّ محلَّا و إنَّ مُرْتَحلًا
و البيت من المنسرح، و هو للأعشي في ديوانه ص 283، و خزانة الأدب 10/ 452، 459، و الخصائص 2/ 373، و الدرر 2/ 173، و سر صناعة الإعراب 2/ 517، و الشعر و الشعراء ص 75، و الكتاب 2/ 141، و لسان العرب (رحل)، و المحتسب 1/ 349، و مغني اللبيب 1/ 82، و المقتضب 4/ 130، و المقرب 1/ 109، و بلا نسبة في الأشباه و النظائر 2/ 329، و أمالي ابن الحاجب 1/ 345، و خزانة الأدب 9/ 227، و رصف المباني ص 298، و شرح شواهد المغني 1/ 328، 2/ 612، و شرح المفصل 8/ 84، و الصاحبي في فقه اللغة ص 130، و لسان العرب (جلل).
(2) البيت في أساس البلاغة (جنب).
(3) البيت في لسان العرب (ثج)، و في اللسان «حناتم سُحْمٌ» بدل «حناتم سودٌ».
(4) (*) [قحم]: و منه الحديث: أنا آخذ بحجزكم عن النار، و أنتم تقتحمون فيها. و في حديث ابن مسعود:
من لقي اللّه لا يشرك به شيئاً غفر له المقحمات. و حديث عائشة: أقبلت زينب تقحَّم لها. و في حديث أم معبد: لا تقتحمه عين من قِصَر. النهاية 4/ 18، 19.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 70
تثبُّت و رَوِيَّة، و ركب ناقَته فتقحَّمَتْ به، إذا نَدَّتْ فلم يقدِرْ علي ضَبْطها، و ربما طَوَّحَتْ به في أُهْوِيَّة.
و منه
حديث علي رضي اللّه تعالي عنه: مَنْ سَرَّه أنْ يَتَقَحَّم جراثيمَ جَهَنَّمَ فَلْيَقْضِ في الجَدّ.
أي أن يرمي بنفسه في معاظم عَذابها.
و الْجُرْثُومة: أصْلُ كل شي‌ء و مُجتمعه، و منه جُرثومة العرب و هي اصْطُمَّتُهم «1».
طباق الجواب للسؤال، من حيث أنّ عمر إنما أَهَمّه سبب الغمز، و غرضُه في أنْ سأل عن الغُليّم السؤالُ عن مُوجب فِعْله الذي هو الغَمْز، فأجيب علي حسب مُراده و مغزاه، دون لَفْظه.
ليس لقائل أن يقول: يجب أن يكونَ دخولُه عليه في ليلة التَّقَحُّم دون غَدِها، و إلّا فكان حقٌّ الكلام أن يقول البارحة، فقد روي ابن نَجْدَة عن أبي زَيْدٍ أنه قال: تقول [العرب] مُذْ غُدْوة إلي أن تزول الشمس: رأيتُ الليلةَ في منامي كذا و كذا، فإذا زالت الشمس قالت:
رأيتُ البارحة.
قال ثعلب: و منه
حديث ابن عباس رضي اللّه تعالي عنهما قال: قال النبي صلي اللّه عليه و سلم ذاتَ يوم، و قد انْفَتَلَ من الصَّلاة صلاة الغَداة: رأيت الليلةَ كأنَّ مِيزاناً دُلِّيَ من السماء، و له كَفَّتان.
فَوُضِعَت في كَفَّة، و وضعت أمّتي في الكَفَّة الأخري، فَوُزِنْتُ عليها فَرَجَحْت، ثم أخرجت من الكَفَّة و وُضع أبو بكر مكاني فَوُزن بالأمة و رَجَح عليها، ثم أُخرج أبو بكر، و وُضع عمر مكانه فوُزن بالأمة و رَجح عليها!.

[قحل]

: لأَنْ يَعْصِبَه أحدُكُم بِقِدِّ حتي يَقْحَل، خَيْرٌ من أن يسأل الناس في نِكاحٍ.
أي يَيْبَس، يعني الفَرْج.

[قحد]

: قال أبو سفيان رضي اللّه تعالي عنه في غَزْوَةِ السَّوِيق: و اللّه ما أَخَذْتُ سيفاً و لا نَبْلًا إلّا تَعَسَّرَ عليّ، و لقد قمتُ إلي بَكْرَةٍ قَحْدَةٍ أُريد أَن أُعْرِقِبهَا، فما استطعت سيفي لعُرْقُوبها «2»، فتناولتُ القَوْس و النَّبْلَ لأَرْمي ظبية عَصْماء نَرُدُّ بها قَرَمنا، فانثنَتْ عليَّ سِيتَاها «3» و امَّرَطَ قُذَذُ السَّهْمِ و انتصل، فعرفتُ أنّ القوم ليست فيهم حيلة.
القَحْدَةُ: العَظيمة القَحَدة، و هي السَّنام. و المِقْحَاد مثلُها. و قد قَحَدَت و أقْحَدَت.
العَصْماء: التي في يديها بَيَاض.
______________________________
(1) الأصطمة: معظم الشي‌ء.
(2) العرقوب: الوتر الذي خلف الكعبين بين مفصل القدم و الساق.
(3) يعني سية القوس، و سية القوس: ما عطف من طرفيها.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 71
امَّرَط: مطاوع مَرَطه، يقال: مَرَط الشعر و الريشَ، إذا نتفه فامَّرَط، و سهم أَمْرط و مُرُط و مِراط و مَارِط: ساقط الريش.
انْتَصَل: سقط نَصْله. و أنصلتُهُ أنا: نَزَعْتُ نَصْلَهُ، و نصَّلْتُه؛ جعلت له نصْلًا.

[قحط]

*: من أتي أهلَه فأقْحَط فلا يغتسل.
هو تمثيل لعدَمِ الإنزال؛ من أقْحَط القوم؛ إذا قُحِط عنهم المطر؛ أي انقطع و احتبس.
و نحوه في المعني: الماء من الماء. و ذلك منسوخ
بقوله صلي اللّه عليه و سلم: «إذا الْتقي الخِتَانَانِ»

[قحم]

: علي رضي اللّه تعالي عنه- وكَّلَ أَخاه عَقِيلًا بالخُصومة، ثم وكَّل بعده عبدَ اللّه ابن جعفر، و كان لا يحضُر الخُصومة و يقول: إنّ لها لَقُحْماً، و إنّ الشيطانَ يحضرها
أيْ مهالك و شدائد، و قُحَمُ الطريق: ما صَعُب منه و شَقَّ علي سالكه؛ قال جرير:
قد جرَّبَتْ مِصْرُ و الضَّحَّاكُ أَنهم قَومٌ إذا حارَبُوا في حَرْبهم قُحَمُ
«1»

[قحف]

*: أبو هريرة رضي اللّه تعالي عنه- قال يوم اليرموك: تَزَيَّنُوا للحُور العين، و جِوار ربكم في جنّات النعيم؛ فما رئي موطنٌ أكثر قِحْفاً ساقِطاً، و كَفّاً طائحة مِن ذلك اليوم.
هو العَظْم الذي فَوْق الدماغ من الجُمجمة، و شُبِّهَ به الإناء، فقيل له: قِحْف.
و في أمثالهم: رماه بأقحاف رأسه؛ إذا صرفه عما يريد، و دفَعه عنه.
طائحة: ساقطة هالكة؛ أي موطن ذلك اليوم؛ فحذف.

[قحز]

: شقيق رحمه اللّه تعالي- دعاه الحجاج فأتاه فقال له: أَحْسِبُنا قد رَوَّعناك! فقال: أما إنِّي بِتُّ أُقَحَّز البارِحة.
أَي أُنزَّي من الخوف؛ من قولهم: ضربه فَقَحز، أي قَفَز ثم سقط. و منه قيل للفخّ:
القَفَّازَة و القَحَّازة، لأنه يَقْفِز. و يقال للقوس التي تَنْزُو: ما هذه القَحْزَي؟ و قَحَز الظبي قَحْزاً و قُحُوزاً، إذا نَزَا.
و منه
حديث الحسن رحمه اللّه تعالي: ما زلت الليلة أُقَحّزُ كَأَنِّي علي الجَمْر؛ لشي‌ء بلغه عن الحجّاج.
لا تقتحمه في (بر). قحل في (بج). و أقحفها في (كف). [جمل قَحْر في (غث)].
______________________________
(2) (*) [قحط]: و منه في حديث الاستسقاء: يا رسول اللّه قُحِط المطر و احمرَّ الشجر. النهاية 4/ 17.
(1) البيت في ديوان جرير ص 511.
(3) (*) [قحف]: و منه في حديث يأجوج و مأجوج: تأكل العصابة يومئذٍ من الرمَّانة، و يستظلون بقحفها.
و في حديث أبي هريرة، سئل عن قبلة الصائم فقال: أقَبِّلها و أقحَفُها. النهاية 4/ 17.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 72‌

القاف مع الدال

[قدم]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- يُلْقَي في النار أَهْلُها و تقول: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ؟ حتي يأتيها رَبُّنا تبارك و تعالي، فَيَضَعُ قَدَمه عليها فتنزوي و تقول: قَطْ قَطْ.
وَضْعُ القدم علي الشي‌ء مَثَلٌ للردع و القَمْع؛ فكأنه قال: يَأْتِيها أمرُ اللّه عزّ و جلّ فيكفّها عن طلب المزيد فترتدع.
أول من اخْتَتَنَ إبراهيم عليه السلام بالقَدوم- و روي: بقَدُوم.
القَدُوم: بالتخفيف: المِنْحات؛ قال الأعشي:
يَضْرِب حَوْلَيْن فيها القُدُمْ «1»
و قد رُوي بالتَّشديد.
و قَدُوم: علم قرية الشام. و عن ابن شُميل: أنه كان يقول: ضربه بالقَدُوم فقيل له:
يقولون قَدُوم قرية بالشام، فلم يعرِفْه و ثبت علي قوله.

[قدع]

*: يُحْمل الناس علي الصِّراط يوم القيامةِ فَتَتَقَادَعُ بهم جَنَبَتَا الصِّرَاط تَقَادُعَ الفَرَاشِ في النار.
________________________________________
زمخشري، ابو القاسم، محمود بن عمر، الفائق في غريب الحديث، 4 جلد، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، اول، 1417 ه ق
الفائق في غريب الحديث؛ ج‌3، ص: 72
هو أَن يسقط بعضُها في أَثَر بعض؛ و منه تَقادع القوم؛ إذا ماتوا كذلك. و التقادع في الأصل: التَّكافّ؛ من قَدْع الفرس و هو كَفُّه باللِّجام، و إنما استعمل مكان التتابع، لأن المتقدم كأنه يكفّ ما يتلوه أنْ يَتَجَاوزَه.

[قدح]

*: كان صلي اللّه عليه و سلم يُسَوِّي الصفوفَ، حتي يَدَعها مثل القِدْح أو الرَّقيم.
______________________________
(2) (*) [قدم]: و منه الحديث: ألا إن كل دمٍ و مأثرة تحت قدمي هاتين. و في أسمائه صلي اللّه عليه و سلم: أنا الحاشر الذي يُحشر الناس علي قدمي. و منه حديث علي: غير نكلٍ في قدمٍ و لا واهناً في عزْمٍ. و في حديث بدر:
أقدم حيزوم. و في حديث شيبة بن عثمان: فقال لي النبي صلي اللّه عليه و سلم: قُدْماً، ها. و في حديث علي:: نظر قُدُماً أمامه. و في حديث ابن عباس: أن ابن أبي العاص مشي القدمية. النهاية 4/ 25، 26، 27.
(1) رواية لسان لعرب (قدم):
أقام به شاهبور الجنو د حولين تضرب فيه القُدُم
(3) (*) [قدع]: و منه حديث أبي ذر: فذهبت أقبِّل بين عينيه، فقد عني بعض أصحابه. و في حديث زواجه بخديجة: قال ورقة بن نوفل: محمد يخطب خديجة؟ هو الفحل لا يقدع أنفه. و الحديث: فإن شاء اللّه أن يقدعه بها قدعه. و حديث ابن عباس: فجعلت أجد بي قدعاً من مسألته. و حديث الحسن: اقدعوا هذه النفوس فإنها طُلَعَة. النهاية 4/ 24، 25.
(4) (*) [قدح]: و منه الحديث: لا تجعلوني كقَدَح الراكب. و في حديث أبي رافع: كنت أعمل الأقداح.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 73
إذا قُوِّم السَّهْمُ و أَنَي له أن يُرَاش و يُنَصَّل فهو قِدْح؛ و يقال لصانع القِداح: القَدَّاح؛ كالسَّهَّام و النَّبَّال.
و منه
حديثُ عمر رضي اللّه تعالي عنه أنَّه كان يُقَوِّمُهم في الصفّ كما يُقَوّم القَدَّاح القِداح.
الرَّقيم: الكتاب المَرْقوم؛ أي كان يفعل في تسوِيَة الصفوف ما يفعلُ السَّهَّام في تقويم قِدْح، أو الكاتب في تَسْوِية سُطوره.

[قدد]

*: أبو بكر رضي اللّه تعالي عنه- قال يوم سَقِيفة بني سَاعدة: مِنَّا الأمراء و منكم الوُزراء، و الأمرُ بيننا و بينكم كَقَدِّ الأُبْلُمة. فقال حُباب بن المنذر: أمَا و اللّه لا نَنْفِسُ أنْ يكون لكم هذا الأمرُ، و لكننا نكرَهُ أَنْ يلينَا بعدكم قومٌ قَتَلْنا آباءهم و أبناءهم.
و فيه:
أنّ أبا بكر رضي اللّه تعالي عنه أَتي الأنصار؛ فإذا سَعْدُ بن عُبادة علي سَريره، و إذا عنده ناسٌ من قومه فيهم الحُباب بن المنذر، فقال:
أَنَا الذِي لا يُصْطَلي بِنَارِه و لا يَنامُ الناسُ مِنْ سُعَارِه
«1» نحْن أهل الحَلْقة و الحصون.
القَدّ: القَطْع طولًا كالشّق. و في أمثالهم: المال بيني و بينكَ شَقّ الأُبْلُمة.
و منه
حديث علي رضي اللّه تعالي عنه: كانت له ضَرْبتان، كان إذا تطاوَلَ، و إذا تقاصر قَطّ.
أي قطع بالعرض.
الأُبْلُمة: خُوصة المقْل؛ و هي إذا شُقّت تَساوَي شِقّاها.
قال النضر: نَفِستَ عليه الشي‌ء، إذا لم تره يستأهله؛ و أنشد لأبي النجم:
*لم يَنْفِس اللّهُ عليهنَّ الصّوَرْ
* و يقال نَفِسْتَ به عَلَيَّ نفاسةً؛ أي بَخلت. و في كتاب العين نَفِست به عن فلان، و هو كقولهم: بَخِلت به عليه و عنه. و منه قوله تعالي: وَ مَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمٰا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ [محمد: 38].
______________________________
- و في حديث أبي هريرة: فشربت حتي استوي بطني فصار كالقدح. و في حديث أم زرع: تقدح قدراً و تنصب أخري. النهاية 4/ 20، 21.
(2) (*) [قدد]: و منه في الحديث: و موضع قِدَّه في الجنة خير من الدنيا و ما فيها. و في حديث أُحد: كان أبو طلحة شديد القدِّ. و في حديث سمرة: نهي أن يقدّ السَّيرُ بين أصبعين. و في حديث عروة: كان يتزود قديد الظباء و هو محرم. النهاية 4/ 21، 22.
(1) الرجز بلا نسبة في لسان العرب (سعر).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 74
لا يُصطَلَي بناره: مَثَلٌ فيمن لا يتعرّض لحده، و لا يقرب أحدٌ ناحيته، حتي يصطلي بناره. و السُّعار: حَرّ السعير. قال:
تنحّ سُعَار الحروب لا تصْطلي بها فإنّ لها بين القبيلين مِخْشَفا
[المِخْشَف: الجري‌ء].
الحَلْقة: السلاح.

[قدر]

*: عثمان رضي اللّه تعالي عنه- أمَرَ مُنادياً فنادي: إنَّ الذكاة في الحَلْق و اللّبة لِمَنْ قدر، و أقِرّوا الأَنْفُس حتي تزهق.
أي لِمَنْ كانت الذبيحة في يده فَقَدر علي إِيقاع الذكاة بهذين الموضعين، فأما إِذا نَدَّت البهيمةُ فَحُكْمُها حُكْم الصَّيْد في أنَّ مَذْبَحه الموضعُ الذي أصابه السهم أو السيف.
أَقرّوا: أي سَكِّنُوها حتي تفارِقَها الأَرْوَاح.

[قدع]

: ابن عمر رضي اللّه تعالي عنهما- كان قَدِعاً.
هو انسلاق العين و ضَعْفُ البصر مِنْ كثرةِ البُكاء؛ قال الهُذلي:
رأي قَدَعاً في عَيْنِها حين قُرِّبَتْ إلي غَبْغَبِ «1» العُزَّي فنصَّفَ في القَسْمِ
و هو من قَدعته؛ أي كففته و ردعته فَقدِع؛ لأن المرتدع مُنْخَزِلٌ ضعيف.

[قدح]

: عمرو رضي اللّه عنه- استشار غلامَه وَرْدان، و كان حصيفاً في أمر علي و أمْر معاوية، فأجابه وَرْدان بما في نفسه، و قال له: الآخرة مع عليّ و الدنيا مع معاوية، و ما أراك تختار علي الدنيا! فقال عمرو:
يا قاتلَ اللّهُ وَرْدَانا وَ قِدْحَتَهُ أبْدَي لَعَمْرُك ما في النفس وَرْدانُ
«2» القِدْحة: من قَدَح النارَ بالزَّنْد قَدْحاً؛ اسمٌ للضرب، و القَدْحة للمرة، ضربها مثلًا لاستخراجه بالنظر حقيقة الأمر.
و
في الحديث: لو شاء اللّه لجعل للناس قِدْحةَ ظُلْمةٍ، كما جعل لهم قِدْحة نور.

[قدد]

: ابن الزبير رضي اللّه تعالي عنهما- قال في جواب لمعاوية: ربَّ آكلِ عَبيطٍ سَيُقَدُّ عليه، و شارب صَفوٍ سَيَغَصُّ به.
من القُداد: و هو داءٌ في البطن.
______________________________
(3) (*) [قدر]: و منه في حديث الاستخارة: فاقدره لي و يسِّره. و في حديث رؤية الهلال: فإن غُمَّ عليكم فاقدروا له. النهاية 4/ 22، 23.
(1) غبغب: نصب كان يذبح عليه في الجاهلية.
(2) البيت لعمرو بن العاص في لسان العرب (قدح).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 75
الأوْزاعي- لا يُسْهَمُ للعبد و لا الأجير و لا القَدِيدِيِّين.
هم تُبَّاع العَسْكَر من الصُّنّاع. نحو الشَّعّاب و الحدَّاد و البَيْطار بلغة أهل الشام، كأنهم سُمُّوا بذلك لِتَقَدُّدِ ثِيَابهم، و يُشْتَمُ الرجلُ فيقال له: يا قَدِيدِيّ؛ و هو مبتذل في كلام الفرس أيضاً.
قِدِّه في (قو). و اقدعوا في (حد). فاقدُروا في (زف) و في (غم). اليقدمية و القدمية في (حو). و قد في (رض). [قدعا في (مت). فقد عَني في (ري). لا يقْدَعُ أَنْفُه في (بض).
مقدّمته في (اص). في قَدَم في (دح). تحت قدميّ في (اث)].

القاف مع الذال

[قذر]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- كان عليه السلام قَاذُورة لا يأكلُ الدجاج حتي يُعْلَف.
القَذَر: خِلَاف النظافة و هو مجتنب؛ فمن ثَمَّ قيل: قَذَرِ الشي‌ءَ؛ إذا اجتنبه كراهةً له.
قال العَجّاج:
*و قَذرِي ما لَيْسَ بالمَقْذُور «1»
* و منه قالوا: ناقة قَذُور؛ إذا كانت عزيزةَ النفس لا تَرْعَي مع الإبل، و رجل قَاذُورة، إذا كان متقذِّراً.
و أما
الحديث: إنه لما رجم ماعِزاً قال: اجتنبوا هذه القاذُورة التي حرّم اللّه عليكم.
فمن ألَمّ بشي‌ء فليستتر بسِتْر اللّه و لْيَتُبْ إلي اللّه.
فالمرادُ بها الفاحشة، يعني الزنا؛ لأن حقها أن تُتَقَذَّر؛ فَوُصِفَتْ بما يوصف به صاحبُها. و كذلك كل قوم أو فعل يستفحش و يحقّ بالاجتناب فهو قَاذورة.
و منه
الحديث: اتقوا هذه القاذُورات التي نَهي اللّه عنها.
و قال مُتَمّم بن نُويرة:
و إنْ تَلْقَهُ في الشَّرْبِ لا تَلْقَ فاحِشاً علي الكَأْس ذا قَاذُورَةٍ مُتَرَبِّعَا
«2» أي لا يُفْحِش في قوله و لا يُعَرْبد، و لكنه ساكنٌ وَقُور.

[قذع]

*: من قال في الإسلام شِعْراً مُقْذِعاً فلسانه هَدَر.
القَذَع: قريب من القَذَر، و هو الفُحْش، و أقذع له؛ إذا أفحش.
______________________________
(3) (*) [قذر]: و منه في حديث أبي موسي في الدجاج: رأيته يأكل شيئاً فتقذرته. و الحديث: هلك المتقذرون. النهاية 4/ 28، 29.
(1) الرجز في أساس البلاغة (قذر).
(2) البيت في لسان العرب (قذر)، و أساس البلاغة (قذر).
(4) (*) [قذع]: و منه حديث الحسن: أنه سأل عن الرجل يعطي غيره الزكاة أيخبره به؟ فقال يريد أن يقزعه به. النهاية 4/ 29.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 76
و منه:
مَنْ روي هجاء مُقْذِعاً فهو أَحد الشاتمين.
و منه
حديث الحسن رحمه اللّه تعالي: إنه سُئل عن الرّجل يُعْطي الرجلَ من الزكاة أيخبره؟ قال: يريد أن يُقْذِعه.
أي يسمعه ما يشقّ عليه، فسماه قَذَعاً و أجراه مُجْري يَشْتِمه و يُؤذيه؛ فلذلك عَدَّاه بغير لام.

[قذف]

*: ابن عمر رضي اللّه تعالي عنهما- كان لا يُصَلِّي في مسجد فيه قِذَاف.
هي جمع قُذْفة؛ و هي الشُّرْفة، نظيرها في الجمع علي فِعال نُقْرة و نِقار، و بُرْمة و بِرام، و جُفْرة و جِفَار، و بُرْقة و بِراق. ذكرهنّ سيبويه.
و عن الأصمعي: إنما هي قُذَفٌ. و إذا صحت الرواية مع وجود النظير في العربية فقد انسدَّ بابُ الرَّدّ.

[قذر]

: كعب رحمه اللّه تعالي- قال اللّه عز و جل لِرُومِيّة: إِني أُقسم بِعزَّتي لأسْلُبَنَّ تاجَك و حَلْيتَك، و لأهَبَنَّ سَبْيك لبني قَاذِر، و لأدَعَنَّك جَلْحَاء.
قاذِر: و يروي قَيْذر، ابن إسماعيل عليه السلام، و بنوه العرب.
جَلْحَاء: لا حصْنَ عليك؛ لأن الحصون تُشبَّه بالقرون، و لذلك تسمي الصَّياصي.
أقذاء في (هد). قذره في (وض). القنذُع في (شر). [إن لم تقذره في (نش)]. في القُذَذ في (مر).

القاف مع الراء

[قرد]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- صَلّي إلي بَعِيرٍ من المَغْنَم، فلما انْفَتَل تناول قَرَدَةً مِنْ وَبَر البعير، ثم أقبل، فقال: إنَّه لا يحِلّ لي من غنائمكم ما يَزِن هذه إلّا الخُمْس، و هو مردودٌ عليكم.
هي واحدة القَرَد؛ و هو مَا تَمَغَّط من الصُّوف و الوَبر، و في أمثالهم: عَثَرَتْ علي الغَزْل بِأخَرة، فلم تَدَعْ بنجد قَرَدَة.
نصب الخُمْس علي الاستثناء المنقطع؛ لأنّ الخُمْس ليس من جِنْس ما يزن القَرَدة.
______________________________
(1) (*) [قذف]: و منه في حديث الهجرة: فيتقذَّف عليه نساء المشركين. و في حديث هلال بن أمية: أنه قذف أمراته بشريك. النهاية 4/ 29.
(2) (*) [قرد]: و منه في حديث عائشة: كان لنا وحشٌ فإذا خرج رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم أسعرنا قفزاً، فإذا حضر مجيئُه أقرد. و في حديث عمر: ذُرِّي الدقيق و أنا أحِرُّ لئلا يتقرّدَ. و منه حديث قس و الجارود: قطعت قردداً. النهاية 4/ 36، 38.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 77
قال صلي اللّه عليه و سلم: «إياكم و الإقراد». قالوا: يا رسولَ اللّه؛ و ما الإقراد؟ قال: الرجلُ منكم يكون أميراً أو عاملًا فيأتيه المِسكين و الأرْملة، فيقول لهم: مكانكم حتي أَنْظُرَ في حوائجكم، و يأتيه الشريفُ و الغني فَيُدْنيه و يقول: عَجِّلوا قضاءَ حاجتِه و يُتْرَك الآخرون مُقْرِدِين.
يقال: أَخْرَدَ. سَكَت حَياء؛ و أقْرَد: سكت ذُلًّا. و أصْلُه أَنْ يقع الغرابُ علي البعير فيلقط منه القرْدان، فَيقرّ لِمَا يجِدُ من الراحة.
و يحكي أنَّ اليَزيدي قال للكِسائي: يَأْتينا مِنْ قِبَلِك أشياء من اللغة لا نعرفها. فقال الكِسائي: و ما أنْتَ و هذا! ما مَعَ الناس من هذا العلم إلّا فضلُ بُزَاق! فأَقْرَدَ اليَزيديّ.

[قرص]

*: قضي صلي اللّه عليه و آله و سلم في القَارِصَة و القَامِصة و الواقصة بالدِّية أثلاثاً.
هُنّ ثلاث جوارٍ كُنّ يلعبن فَتَرَاكَبْن، فَقَرصت السّفلي الوسطي فَقَمَصَتْ؛ فسقطت العليا فَوُقِصَتْ عُنقها، فجعل ثُلُثي الدِّية علي الثِّنْتَيْن، و أسْقَط ثُلُثَ العليا؛ لأنها أعَانَتْ علي نفسِها.

[قرم]

*: دخل صلي اللّه عليه و آله و سلم علي عائشة رضي اللّه تعالي عنها و علي الباب قِرَام ستْر.
هو ثوب من صوفٍ فيه ألْوان من العُهُون «1»، و هو صَفِيق يُتَّخَذُ سِتْراً، أوْ يُغَشَّي به هَوْدج، أو كِلَّة. و قوله: قِرَام سِتْر، كقولك ثوبُ قَميصٍ- و
يروي: كان علي باب عائشة قِرَامٌ فيه تماثيل.

[قرص]

: قال صلي اللّه عليه و سلم لأم قَيْس بنت مِحْصَن في دَمِ الحَيضِ يُصيبُ الثوبَ: حُتِّيِه بِضِلَعٍ «2» و اقْرُصِيهِ بماءٍ و سِدْر.
و
روي أن امرأة سألته عن دَمِ المَحيض، فقالَ: قَرِّصِيه بالماءِ.
القَرْص: القبضُ علي الشي‌ء بأطرافِ الأصابع مع نَتْرٍ «3». و منه: قَرَصَتِ المرأة العجينَ، و قَرَّصته، إذا شَنَّقَتْهُ لتبسطه، أي قطعته، و منه لحم مشَنَّق، أي مُقَطَّع. و الدمُ و غيرُه
______________________________
(4) (*) [قرص]: و منه في حديث ابن عمير: لَقَارصٌ قمارصٌ. النهاية 4/ 40.
(5) (*) [قرم]: و منه الحديث: أنه كان يتعوَّذ من القَرمَ. و في حديث الضحية: هذا يومٌ اللحم فيه مقروم.
و في حديث جابر: قرمنا إلي اللحم، فاشتريت بدرهم لحماً. و في حديث علي: أنا أبو حسن القَرْمُ.
النهاية 4/ 49.
(1) العهن: الصوف.
(2) الضلع: العود، و الأصل فيه ضلع الحيوان، فسمي به العود الذي يشبهه.
(3) النتر: الجذب.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 78
ما يصيب الثوبَ إذا قرِص كان أذْهَب للأثر من أن يُغْسَل باليد كلها.

[قرم]

: قَدِم عليه صلي اللّه عليه و سلم النعمان بن مُقَرِّن في أَربعمائة راكب مِن مُزَيْنَة، فقال لعمر: قُمْ فزوِّدْهم. فقام عمر، ففتح غُرفة له فيها تمر كالبعير الأقْرم- و روي: فإذا تمر كالفصيل الرابض. فقال عمر: إنما هي أَصْوعٌ ما يُقَيِّظْنَ بَنِيّ. قال: قُمْ فَزَوِّدْهم.
أثبت صاحب التكملة: قَرِم البعيرُ فهو قَرِم؛ إذا اسْتَقْرَم؛ أي صار قَرْماً و هو الفحل المتروك للفِحْلة، و قد أقْرَمه صاحبهُ فهو مُقْرَم، و كأنه من القُرْمة «1» و هي السِّمَة لأنه وَسْمٌ للفِحْلة، و علامة لها. ثم ذكر أن أفْعَل و فَعِل يلتقيان كثيراً كوَجِل و أوْجَل، و تَلِع و أتْلَع، و تَبع و أتْبَع.
و هذا الذي ذكره صحيح. قال سيبويه: وجِرَ وجَراً، و هو وَجِر. و قالوا: هو أَوْجرُ، فأدخلوا أفْعَل هنا لأن فَعِل و أفعل قد يجتمعان كما يجتمع فَعْلان و فَعِل، و ذلك قولك: شَعِث و أشْعَث، و جَرِب و أجْرَب، و قالوا: حَمِق و أحْمَق، و وَجِل و أوْجَل، و قَعِس و أقْعَس، و كَدِر و أكْدَر، و خَشِن و أخشن. و زعم أبو عُبيد أن أبا عَمْرو لم يعرف الأقْرَم، و قال: و لكنْ أعرِف المُقْرَم.
ما يُقَيِّظْنَ بَنِيّ؛ أي ما يكفيهم لِقَيْظِهِمْ. قال:
مَنْ يَكُ ذَا بَتٍّ فهذا بَتِّي مُقَيِّظٌ مُصَيِّفٌ مُشَتِّي
«2»

[قرس]

: إنَّ قوماً مَرُّوا بِشَجَرةٍ فأكلوا منها؛ فكأنما مَرَّتْ بهم رِيحٌ، فأخذتهم [فَأَذْرَتْهم] فقال صلي اللّه عليه و سلم: «قَرِّسُوا الماءَ في الشِّنان، و صُبُّوه عليهم فيما بين الأذَانَيْنِ».
أيْ بَرِّدُوه.
و القَرْسُ: البرد الشديد، و قَرَس قَرْساً؛ إذا لم يستطع أن يعملَ بيديه من شِدَّة البرد؛ و خَصّ الشِّنَان؛ و هي الخُلْقان من القِرَب و الأَسْقِية؛ لأنها أشَدُّ تبريداً.
و أَراد بالأذانين أَذَانَ الفجر و الإقامة، فَغَلَّب.

[قرر]

*: إنّ أفضلَ الأيامِ عند اللّه يوم النّحر، ثم يوم القَرّ.
______________________________
(1) القرمة: السمة، و هي تكون فوق الأنف تسلخ منه جلدة، ثم تجمع فوق أنفه.
(2) الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص 189، و جمهرة اللغة ص 62، و الدرر 2/ 33، و المقاصد النحوية 1/ 561، و بلا نسبة في الإنصاف 2/ 725، و تخليص الشواهد ص 214، و الدرر 5/ 109، و شرح أبيات سيبويه 2/ 33، و شرح الأشموني 1/ 106، و شرح ابن عقيل ص 132، و شرح المفصل 1/ 99، و الكتاب 2/ 84، و لسان العرب (تبت) و (قيظ) و (صرف) و (شتا)، و همع الهوامع 1/ 108، 2/ 67.
(3) (*) [قرر]: و منه حديث عثمان: أقِرُّوا الأنفس حتي تزهق. و في حديث أبي ذر: فلم اتقارَّ أن قمت.
و في حديث أم زرع: لا حرٌّ و لا قرٌّ. و في حديث البراق: أنه استصعب ثم ارفضَّ و أقرَّ. النهاية 4/ 37، 38.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 79
هو ثاني يوم النحر؛ لأنهم يَقِرّون فيه و يَسْتَجِمُّون مما تَعِبوا في الأيام الثلاثة.

[قرن]

*: مَسح صلي اللّه عليه و سلم رأسَ غلام و قال: عِشْ قَرْناً؛ فعاش مائة سنة.
القَرْن: الأُمَّة من الناس؛ و اختلفوا في زمانها؛ فقيل ستون سنة، و قيل ثمانون سنة.
و قيل مائة. و صاحبُ هذا القول يستشهد بهذا الخبر؛ و كأنّها سميت قَرْناً لتقدمها التي بعدها.
و
في حَديثه صلي اللّه عليه و سلم: «خَيْرُ هذه الأُمة القَرْن الذي أنا فيه، ثمّ الذي يليه، ثم الذي يليه، و القَرْن الرابع لا يَعْبَأُ اللّه بهم شيئاً»

[قرقر]

*: مَنْ كانت له إِبلٌ أو بَقَر أو غَنَم لَمْ يُؤَدِّ زكاتها بُطِحَ لها يقوم القيامة بقَاعِ قَرْقَر، ثم جاءت كأَكثر ما كانت و أغَذّه و أبشره، تطؤه بأخفافها و تنطحُه بقرونها؛ كلما نفدتْ أُخْرَاها عادت عليه أُولاها.
القَرْقَر: الأملس المستوي.
و أَغَذَّه: يحتمل أن يكون من الإغذاذ، و هو الإسراع في السَّير؛ بُني منه علي تقدير حذفِ الزوائد؛ و أَنْ يكون من غَذَّ العِرْقُ يَغِذُّ، إذا لم يَرْقأ. يريد غُزْرَ ألبانها.
و أَبْشره؛ من البِشارة، و هي الحُسْن؛ قال الأعشي:
وَ رَأَتْ بأنّ الشَّيْبَ جَا نَبَهُ البَشاشة و البُشَارَه
«1»

[قرن]

: قال صلي اللّه عليه و سلم لعلي رضي اللّه عنه: إنَّ لك بيتاً في الجَنّة، و إِنك لَذُو قَرْنَيْهَا.
الضمير للأمة؛ و تفسيره فيما
يُرْوي عن علي رضي اللّه تعالي عنه: إنه ذكر ذا القَرْنين
______________________________
(2) (*) [قرن]: و منه الحديث: فارسُ نطحةً أو نطحتين، ثم لا متفارس بعدها، و الروم ذات القرون كلما هلك قرن خلفه قرن. و في حديث غسل الميت: و مشطناها ثلاثة قرون. و في حديث علي: و ذكر قصة ذي القرنين ثم قال: و فيك مثله. و في حديث خباب: هذا قَرْنٌ قد طلع. و الحديث: أنه قرن بين الحج و العمرة. و في حديث ابن عباس: الحياء و الإيمان في قرن. و في حديث أبي موسي: فلما أتيت رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم قال: خذ هذين القرينين. و الحديث: أن أبا بكر و طلحة يقال لهما: القرينان. و الحديث:
فقاتله فإن معه القرين. وفي صفته صلي اللّه عليه و سلم: سوابغ في غير قَرَن. و في حديث المواقيت: أنه وقت لأهل نجد قَرْناً. و في حديث عمر و الأسقف: قال: أجدك قَرْناً. قال: قَرْن مَهْ؟ قال: قرن من حديد. و في حديث عمير بن الحمام: فأخرج تمراً من قرنه. و الحديث: تعاهدوا أقرانكم. و في حدث سليمان بن يسار: أما أنا فإني لهذه مقرن. النهاية 4/ 51، 52، 53، 54، 55.
(3) (*) [قرقر]: و منه الحديث: لا بأس بالتبسُّم ما لم يقرقر. و في حديث صاحب الأخدود: اذهبوا فاحملوه في قُرْقور. و في حديث موسي عليه السلام: ركبوا القراقير حتي آتوا آسية امرأة فرعون بتابوت موسي عليه السلام. النهاية 4/ 48.
(1) البيت في ديوان الأعشي ص 155.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 80
فقال: دَعَا قومَه إلي عبادة اللّه فضربوه علي قَرْنَيْه ضَرْبَتَيْن، و فيكم مثله
، يعني نفسه الطاهرة؛ لأنه ضُرب علي رأسه ضَرْبتين؛ إحداهما يوم الخَنْدق، و الثانية ضربة ابن مُلْجم.
قال صلي اللّه عليه و سلم في الضالة: «فِيهَا قَرينَتُها مِثْلُها؛ إن أدَّاها بعد ما كَتمها، أو وُجِدَتْ عنده فعليه مِثْلها».
أي من وَجَد الضالّة فلم يعرِّفها حتي وُجِدَت عنده فعليه عُقوبة له أخري مَعها يَقْرِنُها إليها، و يجب أن تكون القرينةُ مثلها في القيمة؛ لما
يُروي [عن عمر رضي اللّه تعالي عنه]:
أن عَبِيداً لحاطب سَرَقوا ناقةً من رجل من مُزَيْنة، فنحروها فقطعهم. و قال لحاطب: إني أراك تُجيعهم؛ ثم ألزمه ثمانمائة درهم و كانت قيمةُ الناقة أربعمائة؛ عقوبةً.

[قرظ]

*: أُتِيَ صلي اللّه عليه و سلم بهدية في أَدِيمٍ مَقْروظ.
هو المدبوغ بالقَرَظ، و هو ورَق السَّلَم. و قد قَرَظه يَقْرِظه. و منه تَقْرِيظ الرجل، و هو تزيينك أمره. قال الشماخ:
*عَلَي ذَاك مَقْرُوظٌ مِنَ الجِلْدِ مَاعِزُ
* «1»

[قرن]

: في حديث موادعته صلي اللّه عليه و سلم أهلَ مكة و إسلام أبي سفيان- أَن أَبا سفيان رأي المسلمين لما قام رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم إلي الصلاة قاموا، فلما كَبَّر كبروا، فلما رَكَع ركعوا، ثم سجد فسجدوا، فقال للعباس: يا أبا الفضل، ما رأيت كاليوم قَطّ طاعة قومٍ، و لا فارس الأكارِم، و لا الروم ذات القرون.
فيه ثلاثة أقاويل: أحدها أنها الشعور و هم أصحاب الجُمِم الطويلة. و الثاني أنها الحُصون، و قد مَرّ قُبيل في حديث كَعْب ما يصدقه. و الثالث ما في
قوله صلي اللّه عليه و سلم: فارسُ نَطْحَة أو نَطْحَتَيْن، ثم لا فارس بعدها أبداً، و الروم ذات القُرُون، كلما هلك قَرْن خلف مكانه قَرْن أهل صَخْر و بَحْر، هيهات آخر الدهر.
كاليوم: أي كطاعة اليوم.
و لا فارس؛ أي و لا طاعة فارس؛ فحذف المضافَ و أقامَ المضافَ إليه مقامه.

[قرب]

*: عن سعد بن أبي وَقّاص رضي اللّه عنه- قال: خرج عبدُ اللّه، يعني أبا
______________________________
(2) (*) [قرظ]: و منه الحديث: لا تقرظوني كما قرظت النصاري عيسي. و الحديث: أنّ عمراً دخل عليه و إن عند رجليه قَرَظاً مصبوراً. النهاية 4/ 43.
(1) صدره:
و بُرْدانِ من خالٍ و سبعون درهما
و البيت في لسان العرب (معز).
(3) (*) [قرب]: و منه الحديث: من تقرّب إليّ شبراً تقربت إليه ذراعاً. و الحديث: الصلاة قربان كل تقي.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 81
النبي صلي اللّه عليه و سلم، ذات يوم مُتَقَرِّباً مُتَخَصِّراً، حتي جلس في البَطْحَاء؛ فنظرت إليه لَيْلَي العدوية، فَدَعَتْهُ إلي نَفْسِها؛ فقال: أَرْجِعُ إليك، و دخل علي آمنة فَأَلَمّ بها، ثم خرج، فقالت: لقد دَخَلْتَ بِنُورٍ ما خرجت به.
أي واضعاً يديه علي قُرْبه و خَاصرته.
فالقُرْب: الموضع الرقيق أسفل من السُّرة.
و الخاصرة: ما بين القُصَيري «1» و الحُرقفة «2».

[قرف]

*: قال له صلي اللّه عليه و سلم فَرْوة بن مُسَيْك: إنّ أَرْضاً عندنا، و هي أرضُ رَيْعنا و مِيرَتنا «3» و إنها وَبِيئة. فقال: دعها فإنّ مِن القَرف التلف.
القَرَف: ملابسةُ الداء؛ يقال: لا تأكل كذا؛ فإني أخافُ عليك القَرف. و منه: قارفَ الذنب و اقترفه؛ إذا التبس به؛ و يقال لقِشْر كل شي‌ء قِرْفه؛ لأنه ملتبس به.

[قرر]

: رجز له صلي اللّه عليه و سلم البَراء بن مالك في بعض أسفاره، فلما قارب النساء قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم: «إياكم و القَوَارِير».
صَيَّرَهنّ قوارير لضعف عزائمهن، و كره أن يَسْمَعْنَ حُداءه خِيفةَ صَبْوتهن.
و
عن سليمان بن عبد الملك أنه سمع مُغَنِّياً في عَسْكره، فطلبه فاستعاده فاحتفلَ في الغناءِ، و كان سليمان مُفْرِط الغَيْرة فقال لأصحابه: و اللّه لكأنها جَرجَرة الفَحْل في الشَّوْل، و ما أحْسِب أُنْثَي تسمَعُ هذا إلّا صَبَتْ؛ ثم أمر به فَخُصِي، و قال: أ ما علمت أنّ الغناء رُقْيَةُ الزنا.

[قرب]

: إذا تقارب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب.
فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: أَنَّهُ أراد آخِرَ الزمان، و اقترابَ الساعة؛ لأنَّ الشي‌ءَ إذا قلّ و تقاصرَ تقاربتْ
______________________________
و في حديث الجمعة: من راح في الساعة الأولي فكأنما قرّب بدنة. و في حديث علي: و ما كنت إلا كقارب وَرَد، و طالب وجد. و الحديث: سدَّدوا و قاربوا. و الحديث: ثلاثٌ لعينات: رجل عوَّر طريق المقربة. و في حديث عمر: ما هذه الإبل المُقْربة. و في حديث الدجال: فجلسوا في أقْرُبِ السفينة.
النهاية 4/ 32، 33، 34، 35.
(1) القصيري: أسفل الأضلاع.
(2) الحرقفة: عظم رأس الورك.
(4) (*) [قرف]: و منه الحديث في دفن أم كلثوم: من كان منكم لم يقارف أهله الليلة فليدخل قبرها.
و الحديث: أن النبي صلي اللّه عليه و سلم كان لا يأخذ بالقَرَف. و في حديث عبد الملك: أراك أحمر قَرِفاً. النهاية 4/ 46، 47.
(3) الميرة: الطعام.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 82
أطرافُه؛ و منه قيل للقصير مُتقارب و مُتَأَزّف. و يقولون: تقاربت إبلُ فلان إذا قَلَّتْ.
و يَعْضُدُه
قوله صلي اللّه عليه و سلم: في آخر الزمان لا تكادُ رُؤْيا المؤمن تكذب، و أصدقُهم رؤيا أصدَقُهم حديثاً.
و الثاني: أنه أراد استواءَ الليل و النهار؛ يزعم العابرون أن أصْدَقَ الأزمانِ لوقوع العبارة وقتُ انفتاق الأنوار، و وقتُ إدراك الثمار، و حينئذٍ يستوي الليل و النهار.
و الثالث: أنه من
قوله صلي اللّه عليه و سلم: يتقارب الزمانُ حتي تكونَ السَّنَةُ كالشهر، و الشهر كالجمعة، و الجمعة كاليوم، و اليوم كالساعة.
قالوا: يريد زمن خروج المهدي و بَسْطِه العدلَ، و ذلك زمانٌ يُسْتَقْصَر؛ لاستلذاذه فتتقارب أطرافُه.

[قرقر]

: في قوله تعالي: بِمٰاءٍ كَالْمُهْلِ [الكهف: 29]. قال: كعكر الزيت؛ إذا قَرَّبَهُ إليه سَقَطَتْ قَرْقَرَةُ وجهه فيه.
أي ظاهر وجهه و ما بدا من مَحاسِنه، من قول بعض العرب لرجل: أ من أسْطُمّتها «1» أنْتَ أم مِنْ قَرْقَرِها؟ أي من نواحيها الظاهرة، و منه قيل للصحراء البارزة قَرْقَر، و للظهر قَرْقَر.
و
عن السُّدي في تفسير هذه الآية: إذا قَرَّبه إليه سقطتْ فيه مكارِمُ وجهه.
و قيل:
المراد البَشرة؛ استعيرت من قَرْقَر المرأة، و هو لباس لها، و لا أري القَرْقَر بمعني اللباس مسموعاً من الموثوق بعربيتهم، و لا واقعاً في كلام المأْخُوذِ بفصاحتهم، و إنما يقع في كلام المولّدين؛ نحو قول أبي نُواس:
وَ غَادَةِ هَارُوتُ في طَرْفها و الشمسُ في قَرْقَرِها جَانحه
و قيل: الصحيح هو القَرْقَل. و الوجه العربي ما قدمته، و التاء للتخصيص؛ مثلها في عَسَلة و نَبيذة.
و في كتاب العين: القَرْقَرَة: الأرضُ المَلْساء التي ليست بجد واسعة، فإذا اتَّسَعَتْ غلب عليها اسم التذكير، فقالوا: قَرْقَر.
و عن بعضهم: إنما هي رَقْرَقة وجهه؛ أي ما ترقرق من محاسنه؛ من قولهم: امرأة رَقْرَاقة؛ كأن الماء يجري في وجهها.

[قرأ]

*: قال صلي اللّه عليه و سلم فيما يحكي عن ربه عزَّ و جل: «إنما بعثتك أَبْتَلِيك و أَبْتَلِي بك،
______________________________
(1) يقال: هو في أسطمة قومه: أي في سرهم و خيارهم.
(2) (*) [قرأ]: و منه في حديث أُبيّ في ذكر سورة الأحزاب: إن كانت لتقاري سورة البقرة أو هي أطول.
النهاية 4/ 31.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 83
و أنزلتُ عليك كتاباً لا يَغْسِلُه الماء؛ تقرؤه نائماً و يَقْظَان».
قَرأ وَ قَرَي و قَرش و قَرن: أخوات في معني الجمع. يقال: ما قَرَأَت الناقة سَلًي قط.
و المعني تجمعُه في صدرك حِفْظاً في حالتي النوم و اليقظة، و الكثير من أمّتك كذلك، فهو و إِنْ مُحِيي رَسْمُه بالماء لم يذهب عن الصدور، بخلاف الكتب المتقدمة، فإنها لم تكن محفوظةً و من ثمَّ قالت اليهود الفِرْية في عُزير تَعَجُّباً منه حين استدرك التوراة حفظاً، و أملاها علي بني إسرائيل عن ظَهْر قَلْبه بعد ما دَرَسَتْ في عهد بُخْت نَصَّر.

[قرف]

: إنَّ أهلَ المدينة فَزِعوا مَرّةً، فركب صلي اللّه عليه و سلم فَرَساً كأنه مُقْرِف، فركض في آثارهم، فلما رجع قال: وجدناه بَحْراً.
قال حماد بن سَلَمة: كان هذا الفرس يُبْطِي‌ء، فلما قال صلي اللّه عليه و سلم هذا القول صار سابقاً لا يُلْحَق.
الإقْراف: أن تكون الأم عربية و الفحلُ هَجيناً. قال:
فإنْ نُتِجَتْ مُهْراً كرِيماً فبالْحَري و إنْ يَكُ إقرافٌ فمن قِبَلِ الفَحْلِ
«1» بَحْراً، أي غَزير الجَرْي.
الضمير في آثارهم للمفزوع منهم.

[قرض]

*: جاءه صلي اللّه عليه و سلم الأعراب فقالوا: يا رسول اللّه؛ هَلْ علينا حَرَجٌ في أشياء لا بَأْسَ بها؟ فقال: عباد اللّه؛ رَفَعَ اللّه الحَرج. أو قال: وضع اللّهُ الحرجَ إلّا امرأ اقترض امرأ مسلماً؛ فذلك الذي حَرِج و هَلَك.
و روي: إلّا مَنِ اقترض مِنْ عِرْض أخيه شيئاً فذلك الذي حَرِجَ.
الاقتراض: افتعال من القَرْض؛ و هو القطع؛ لأنّ المغتابَ كأنه يقتطع من عِرْض أخيه؛ و منه قولهم: لسان فلان مِقْراض الأَعْراض.

[قرف]

: ذكر صلي اللّه عليه و سلم الخوارجَ فقال: إذا رأيتموهم فاقْرِفوهم و اقْتُلُوهم.
قال المُبرّد:
قَرَفْتُ الشجرة إذا قَشَرْتُ لِحَاءَها؛ و قَرَفت جِلْد البَعِير إذا اقتلعته؛ يريد فاستأصلوهم.

[قرر]

: سئل صلي اللّه عليه و سلم عن الكهَّان فقال: ليسوا بشي‌ء؛ فقالوا: يا رسول اللّه، فإنهم يقولون كلمة تكون حقّاً. قال: تلك الكلمة من الحق يختِطفها الجنيّ فيقذفِها في أذنِ وَلِيَّه كَقَرِّ الدجاجة، و يزيدون فيها مائة كِذْبة.
______________________________
(1) البيت بلا نسبة في لسان العرب (قرف)، و أساس البلاغة (قرف).
(2) (*) [قرض]: و منه في حديث أبي الدرداء: إذا قابضْتَ الناس قارضوك. و الحديث: أقرِضْ من عرضك ليوم فقرك. النهاية 4/ 41.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 84
هو من قَرّتِ الدَّجاجة قَرَّاً و قَريراً؛ إذا قَطَّعَتْ صوتَها، و قَرْقَرَتْ قَرْقَرة و قَرْقَرِيراً إذا رَدّدته.
و يروي: كَقَرِّ الزُّجاجَة؛ و هو صَبُّها دفعة واحدة. يقال: قَررْتُ الماء في فيه أَقُرُّه.
و منه قَرَرْتُ الكلام في أُذنه، إذا وضَعْت فاك علي أُذنه فأسمعته كلامك.
و يصدقه
قوله صلي اللّه عليه و سلم: الملائكة تحدّث في العَنان، فتسمع الشياطين الكلمة؛ فتقرُّها في أُذن الكاهن [كما تقرّر القارورة، فيزيدون فيها مائة كذبة.
في أُذُنِ وَلِيِّه: أي في أُذنِ الكاهن].

[قرأ]

: طلاقُ الأمَة تطليقتان، و قَرْؤُها حيضتان.
أراد وقت عِدَّتها؛ و القَرْءُ في الأصل الجمع كما ذكِرَ؛ ثم قيل لوقت الأرض قَرْء و قارئ؛ لأن الأوقات ظروف تشتمل علي ما فيها و تجمعها، فقيل: هَبَّتِ الريح لِقَرْئها و لقارئها، و الناقةُ في قَرْئها، و هو خمسة عشر يوماً، تنتظر فيها بعد ضِراب الفَحْل، فإذا كان بها لِقاح و إلّا أعيد عليها الفَحْل.
و قيل للقوافي قروء و أقراء؛ لأنها مقاطع الأبيات و حدودها، كما قيل للتَّحْديد تَوْقيت، و من ذلك قَرْء المرأة لوقت حَيْضها أو طهرها؛ و أقرأت. و المُقَرَّأَة التي ينتظر بها انقضاءُ أقْرائها.

[قرن]

: احْتَجم صلي اللّه عليه و سلم علي رأسه بقَرْن حين طُبّ.
قيل: قَرْن اسم موضع. و قيل: هو قَرن الثور جُعِل كالمحجمة.
قال صلي اللّه عليه و سلم في أكل التّمر: «لا قِرَانَ و لا تَفْتِيش».
هو أَنْ تُقارِن بين تَمْرَتَيْنِ فتأكلهما معاً. و منه القِران في الحج، و هو أن يَقْرِن حَجّة و عُمْرة معاً. و
في الحديث: إني قرنت فاقْرِنُوا.
تطلعُ الشمسُ من جَهَنَّم بين قرني الشيطان، فما ترتفع في السماء من قَصْمة إلّا فُتح لها بابٌ من النار؛ فإذا اشتدتِ الظَّهِيرة فُتِحت الأبوابُ كلُّها.
قالوا: قَرْناه: ناحيتا رأسه؛ و هذا مثل؛ يقول: حينئذٍ يتحرّك الشيطان و يتسلط.
القَصْمَة: مِرْقاة الدَّرجة لأنها كِسْرة.
عمر رضي اللّه تعالي عنه- قال لرجل: ما لك؟ قال: أَقْرُنٌ لي، و آدِمَةٌ في المَنيئة، قال: قَوِّمها و زَكِّها.
هو في جمع القَرَن، و هو جُعَيْبَة تُضَمّ إلي الجُعبة الكبيرة، كأجبل و أَزْمُن في جَبَل و زَمَن.
و
في الحديث: النَّاسُ يوم القيامة كالنَّبْل في القَرن.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 85
و منه
حديث سلمة بن الأكْوَع رضي اللّه تعالي عنه: حين سأل رسولَ اللّه صلي اللّه عليه و سلم عن الصلاة في [القَوْسِ و] الْقَرن، فقال: صَلِّ في القَوْس و اطْرَحِ القَرَن.
كأنه كان من جلدٍ غيرِ مُذَكي و لا مَدْبُوغُ؛ فلذلك نَهي عنه.
و آدِمة في أدِيم كأطْرقة في طَرِيق.
المَنيئة: الدِّباغ هاهنا. و هو ما يُدْبَغ به الجلد، و يقال للجلد نفسه إذا كان في الدِّباغ مَنِيئة أيضاً.
و منه قول الأعرابية لجارتها: تقول لك أمي: أَعطيني نَفْساً أو نَفْسَين «1»؛ أمْعَسُ «2» به مَنِيئتي فإني أَفِدَة «3».
و مَنَأْتُ الأديم إذا عالجته في الدِّباغ.

[قرف]

: إنّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ البادية جاءه، فقال: متي تحِلّ لنا المَيْتة؟ فقال عمر: إذا وجدْتَ قِرْفَ الأرض فلا تقربْها. قال: فإني أجد قِرْف الأرض و أَجِد حشراتها، قال. كفاك، كفاك.
أراد ما يُقرِّفُ مِنَ الأرض؛ أي يُقْتلع من البَقْل و العروق، و نحوه قوله: ما لم تَجْتَفؤُوا «4» بها بَقْلًا.

[قرن]

: علي رضي اللّه تعالي عنه- أيما رجل تزوّج امرأةً مَجْنونة أو جَذْماء أو بَرْصاء أو بها قَرْن، فهي امرأتُه إن شاء أَمسك، و إن شاء طَلّق.
هو العَفْلة «5».
و منه
حديث شُريح رحمه اللّه تعالي: إنه اختصم إليه في جارية بها قَرْن: فقال:
أقعدوها فإن أصاب الأرض فهو عَيْب، و إن لم يصبها فليس بِعَيْب.

[قرر]

: سُمِع علي المنبر يقول: ما أصَبْتُ مُنْذ وُلِّيت عَمَلي إلّا هذه القُوَيْرِيرة، أهداها إليّ الدُّهْقان، ثم نزل إلي بيت المال فقال: خُذْ خذ، ثم قال:
أفلح مَنْ كانَتْ لَهُ قَوْصَرّهْ يأكل منها كل يوم مَرَّهْ
«6»
______________________________
(1) النفس: ما يدبغ به من ورق القرظ (لسان العرب: نفس).
(2) معس الأديم: لينه في الدباغ.
(3) أَفِدَة: أي عجلة.
(4) اجتفأ الشي‌ء: اقتلعه ثم رمي به.
(5) العفلة: شي‌ء يكون في فرج المرأة كالسن يمنع من الوط (لسان العرب: عفل).
(6) الرجز بلا نسبة في لسان العرب (قصر).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 86
تصغير القارورة، و هي فاعولة؛ من قَرَّ الماءَ يقرُّه؛ إذا صَبّه. قال الأسدي: القارور:
ما قَرّ فيه الشراب. و أنشد [للعجاج]:
كأنَّ عَيْنَيْه مِنْ الغُؤور قَلْتَانِ أو حَوْجَلتا قَارُورِ
«1» المتعارف في الدِّهقان الكسر. و جاءت الرواية بالضم في هذا الحديث، و نظيره قِرْطاس و قُرْطاس؛ لأن النون أصلية؛ بدليل تَدَهْقَن، و الدَّهْقَنة.
القَوْصَرَّة- و يروي فيها التخفيف؛ وِعاء من قصَبٍ للتَّمر، كأنه تمنَّي عيش الفُقراء و ذَوِي القناعة باليسير تَبَرُّماً بالإمارة.
ذكره ابن عباس رضي اللّه تعالي عنهم فأثني عليه، و قال: عِلْمي إلي عِلْمه كالقَرَارة في المُثْعَنْجِر. و روي: في علمه.
القَرَارة: المُطمَأَنّ يستقرّ فيه ماءُ المطر. قال عقيل بن بلال بن جرير:
و ما النفسُ إِلّا نطفةٌ بقَرارةٍ إذا لم تُكَدَّرْ كانَ صفواً غديرُها
المثعنجِر: أكثر موضعٍ ماءً في البحر. من اثعنجر المطرُ؛ كأنه ما ليس له مِسَاك يُمسكه و لا حِبَاس يحبسه لشدته؛ و هو مطاوع ثَعْجَره؛ إذا صبه.
الجار و المجرور في محل الحال؛ أي مَقِيساً إلي علمه؛ أو موضوعاً في جَنْبِ علمه؛ أو موضوعة في جنب المُثْعَنْجِر.
[قرر]:
ابن مسعود رضي اللّه تعالي عنه- قارُّوا الصلاة.
أي اسكنوا فيها و اتَّئدوا و لا تَعْبَثُوا و لا تَحَرَّكوا، و هو من قولك: قارَرْتُ فلاناً إذا قررت معه، و فلان لا يتقارّ في موضعه.

[قرط]

*: سلمان رضي اللّه تعالي عنه- دُخل عليه في مرضه الذي مات فيه فنظروا فإذا إكَاف «2» و قُرطاط.
______________________________
(1) الرجز للعجاج في ديوانه 1/ 364، و الشعر و الشعراء 2/ 597، و لسان العرب (حجل)، و المقتضب 1/ 103، و أراجيز العرب ص 88، و بلا نسبة في جمهرة اللغة ص 440، 1177، و الرواية في أراجيز العرب:
كأنَّ عينيه من الغؤُورِ بعد الإنَي و عَرَقِ الغرورِ
قلتان في لحدَي صفاً منقورِ
(3) (*) [قرط]: و منه في حديث النعمان بن مقرن: فلتثب الرجال إلي خيولها فيقرِّطوها أعنتها. النهاية 4/ 41.
(2) الإكاف: البرذعة.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 87
هو تحت السَّرْج، و الإكافُ كالْوَلِيَّهِ «1» تحت الرَّحْل؛ و لامُه مكررة للإلحاق بِقُرْطاس؛ و يدل علي ذلك قولهم في معناه قُرْطان بالنون. سمي بذلك استصغاراً له إلي الوِليَّة، من قولهم: ما جاد فلان بِقِرْطِيطة؛ أي بشي‌ء يسير؛ و من ذلك [القيراط، و القُرْط و] القِرَاط لشعلة السراج؛ لأنها أشياء مُسْتَصْغَرَة يسيرة.

[قرن]

: أبو أيوب الأنصاري رضي اللّه تعالي عنه- اختلف ابن عباس و المِسْوَر بن مَخْرَمة بالأبْواء فقال ابنُ عباس: يَغْسِلُ المحرمُ رأسَه؛ و قال المِسْوَر: لا يَغْسِل؛ فأرسلا إلي أبي أيوب فوجده الرسولُ يغتسل بين القَرْنَيْن و هو [يستر] بثوب.
هما قَرْنا البئر: منارتان من حَجَرٍ أو مدَر من جانبيها؛ فإن كانتا مِنْ خَشَبٍ فهما زُرْنُوقان. قال يخاطب بعيره:
تَبَيَّنِ الْقَرْنَيْنِ و انظر ما هُما أَ حجراً أَم مَدَراً تَرَاهُمَا «2»
إنك لن تزل أو تَغْشاهُمَا و تبرُك الليلَ إلي ذَرَاهُمَا

[قرقف]

: أبو الدرداء رضي اللّه تعالي عنه-
قالت أمُّ الدرداء: كان أبو الدَّرْداء يغتسل من الجنابة فيجي‌ء و هو يُقَرْقِف فأضمُّه بين فخذي. و هي جُنُب لم تغتسل.
أي يُرْعد. يقال: قُرْقِفَ الصرِدُ إذا خَصِرَ «3» حتي يُقَرْقِف ثناياه بعضها ببعض، أي يَصْدم. قال:
نِعْم ضَجيعُ الفتي إذا برد اللَّيلُ سُحَيْراً و قُرْقِفَ الصَّرِدُ
«4» و منه القَرْقف «5» لأنها تُرْعِدُ شاربَها. و ماء قَرْقَف: بارد.

[قرر]

: الأشعري رضي اللّه تعالي عنه- صَلَّي، فلما جلس في آخر الصلاة سمع قائلًا يقول: قَرَّتِ الصلاة بالبِرِّ و الزكاة. فقال: أيّكم القائل كذا؟ فأَرَمَّ القومُ، فقال: لعلك يا حِطَّان قُلْتَها! قال: ما قُلْتُها، و لقد خشيت أن تَبْكَعَنِي بها.
أي استقرّت مع الزكاة، يعني أنها مقرونة بها في القرآن كلما ذكرت، فهي معها مجاورة لها.
أرَمّ: سكت.
بَكَعْتُه: إذا استقبلته بما يكره، و هو نحو بَكَّتُّه.
______________________________
(1) الولية: البرذعة.
(2) الرجز بلا نسبة في لسان العرب (قرن).
(3) خَصِرَ: برد.
(4) البيت بلا نسبة في أساس البلاغة (صرد).
(5) القرقف: من أسماء الخمر.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 88‌

[قرق]

: أبو هريرة رضي اللّه تعالي عنه- كان ربما يراهم يَلْعَبُون بالقِرْق فلا ينهاهم.
هي لعبة. قال الشاعر:
و أَعْلاطُ النجوم مُعَلَّقات كَخَيْل القِرْق ليس لها النصاب
«1» قالوا: هذه اللعبة تُلْعَبُ بالحجارة فَخَيْلها هي الحجارة، و في القِرْق «2» البَدْرِي و البغْتِيّ، و قيل: هي الأربعة عشر، خطٌّ مربَّع في وسطه خط مربع في وسطه خط مربع، ثم يخط من كل زاوية من الخط الأول إلي الخط الثالث، و بين كل زاويتين خطٌّ فتصير أربعةً و عشرين.

[قرد]

: ابن عباس رضي اللّه تعالي عنهما- قال لعِكْرمة و هو مُحْرِم: قم فَقَرِّدْ هذا البعير. فقال: إني مُحْرم. قال: قُمْ فانْحَرْه، فَنَحره. فقال: كم تراك الآن قتلت مِنْ قُراد و من حَلَمة «3» و حَمْنانة.
التَّقْريد: نَزْع القِرْدان.
الحَمْنان: دون الحَلَم. و يقال لحبَّ العِنَب الصغار بين الحبّ العظام الحَمْنان.

[قرش]

: قال قُرَيش دَابَّةٌ تسكن البَحْرَ تأكلُ دَوَابَّ البحر، و أَنشد في ذلك:
و قُرَيْشٌ هي التي تَسْكُنُ البَحْ رَ بها سُمِّيتْ قُرَيْشٌ قُرَيْشَا
«4» هذا قول فاشٍ. و قيل: الصحيح أَنها سُمِّيت بذلك لاجتماعها، من قولهم: فلان يتقرَّش مالَ فلان؛ أي يجمعه شيئاً إلي شي‌ء. و بقيت لفلان بقيَّةٌ متفرقة فهو يَتَقَرَّشها.
و قال البكري:
إخوةٌ قَرَّشوا الذُّنُوبَ علينا في حديثٍ من عَهْدِهم و قَدِيم
و ذلك أن قصي بن كلاب- و اسمه زيد، و إنما سمي قُصَيّاً لاغترابه في أخواله بني عُذْرة- أتي مكةَ فتزوج بنت حُليل بن حُبْشية الخزاعية أم عبد مناف و إخوته. و حالف خُزاعة، ثم أتي بإخوته لأمه بني عُذْرة و مَنْ شايعهم، [فغلب] بني بكر و جمع قرَيْشاً بمكة؛
______________________________
(1) البيت لأمية بن أبي الصلت في ديواه ص 19، و لسان العرب (قرن)، و رواية صدر البيت في الديوان و اللسان:
و أعلاق الكواكب مُرْسَلاتٌ
(2) القرق، بكسر القاف: لعبة يلعب بها أهل الحجاز (لسان العرب: قرق).
(3) الحلمة: القراد الكبير.
(4) البيت من الخفيف، و هو للمشمرج بن عمرو الحميري في خزانة الأدب 1/ 204، و للهبّي في المقتضب 3/ 362، و بلا نسبة في لسان العرب (قرش).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 89
فلذلك كان يقال له مُجَمِّع؛ و في ذلك يقول مطرود الخُزاعي:
أبوكم قُصيّ كان يُدْعي مُجَمِّعاً به جَمع اللّهُ القبائلَ من فِهْرِ «1»
نزلتُم بها و الناسُ فيها قليل و ليس بها إلّا كهولُ بني عمرو
و هم مَلؤوا البَطْحَاء مَجْداً و سؤدداً و هم طردُوا عنها غُواةَ بني بكرِ
حُليل الذي أرْدَي كِنانة كُلَّها و حالف بيتَ اللّه في العُسْرِ و اليُسْر

[قرو]

*: ابن عمر رضي اللّه تعالي عنهما- قام إلي مَقْرَي بُسْتَانٍ فقعد يتوضَّأ؛ فقيل له: أ تتوضأ و فيه هذا الجلْد؟ فقال: إذا كان الماءُ قُلَّتَيْن لم يحمل خَبَثاً.
المَقْري و المَقْراة: الحوض؛ لأن الماء يُقْري فيه.
القُلَّة: ما يستطيع الرجلُ أن يُقِلّه مِنْ جَرَّة عظيمة أو حُبٍّ، و تجمع قلالًا.
قال الأخطل:
يمشون حَوْلَ مُكَدَّمٍ قد كَدّحَتْ مَتْنيْه حَمْلُ حَناتم و قِلال
«2» و قيل: هي قامة الرجل من قلّة الرأس.

[قرب]

: إنْ كنّا لنَلْتَقِي في اليوم مِرَاراً يسألُ بعضُنا بَعضاً و إن نَقْرُب بذلك إلّا أن نَحْمَد اللّه.
هو من قَرَبِ الماء و هو طَلَبه. و يقال: فلان يقرُب حاجته.
إنّ الأولي مخففة من الثقيلة، و الثانية نافية.

[قرو]

: ابن سلام رضي اللّه تعالي عنه- جاء لما حُوصر عثمان؛ فجعل يأتي تلك الجموع، فيقول: اتقوا اللّه و لا تقتلوا أَمِيرَ المؤمنينَ؛ فإنه لا يحِلّ لكم قَتْلُه؛ فما زال يَتَقَرَّاهم و يقول لهم ذلك.
أي يتتبعهم؛ من قَرَوْتُ القوم و اقتريتهم و استقريتُهم و تقريتُهم.

[قرف]

: ابن الزبير رضي اللّه تعالي عنهما- قال لرجل: ما علي أَحَدِكم إِذا أَتي المسجِدَ أَنْ يخرجَ قِرْفَة أَنْفِه.
أي قِشْرَته؛ يريد المُخاط اليابس.
______________________________
(1) البيت الأول في لسان العرب (جمع).
(3) (*) [قرا]: و منه في الحديث: فجعل يستقري الرفاق. و حديث قس: و روضة ذات قريان. و الحديث: لا ترجع هذه الأمة عن قرْواها. النهاية 4/ 56، 57.
(2) البيت في لسان العرب (قلل).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 90
عائشة رضي اللّه تعالي عنها- كان النبي صلي اللّه عليه و سلم يُصْبحُ جُنُباً في شهر رمضان من قِرَافٍ غيرِ احتلامٍ، ثم يَصُوم.
هو الخُلاط؛ يقال: قارف المرأَة؛ إذا خالطها، و قارفَ الذنبَ.
و منه
حديثها رضي اللّه عنها- حين تكلّم فيها أَهْلُ الإفك: لَئنْ قارَفْتِ ذنباً فتُوبي إلي اللّه.

[قرأ]

: علقمة رحمه اللّه تعالي- قرأتُ القرآن في سَنَتَيْن. فقال الحارث: القرآن هَيّن، و الوَحْي أشد منه.
أَي القرآن هين، و الْكَتْب أشد منه.

[قرع]

*: كان صلي اللّه عليه و سلم يُقَرِّعُ غَنَمَه و يَحلِبُ و يَعْلِفُ.
أي يُنْزِي عليها الفُحول.
مسروق رحمه اللّه تعالي- خرج إلي سَفَر، فكان آخرَ مَنْ وَدَّعه رجل من جُلسائه، فقال له: إِنَّك قَرِيعُ القُرَّاء؛ و إنّ زَيْنَك لهم زَيْن؛ و شَيْنَك لهم شَيْن، فلا تُحَدِّثَنَّ نفسك بفَقْر و لا طول عمر.
هو في الأصل فَحْلُ الإبل المقترع للفِحْلة، فاستعاره للرئيس و المقدّم؛ أراد أنك إذا خِفْتَ الفَقْر، و حدثَت نفسك بأنك إن أنفقْتَ مالَكَ افتقرت، منعك ذلك التصدّقَ و الإنفاق في سبيل الخير، و إذا نُطت أَملكَ بطول العمر قَسا قلبُك، و أخّرت ما يجب أن يُقَدّم، و لم تسارعْ إلي وجوهِ البر مُسارعةَ مَنْ قَصُر أَمله، و قَرَّب عند نفسه أجَلَه.

[قرمل]

*: تردَّي قِرْمِلٌ لبعض الأنصار علي رأسه في بئر، فلم يقدروا علي مَنْحَره، فسألوه، فقال: جُوفُوه ثم قطِّعُوه أعضاءٍ و أَخرجوه.
القِرْمل: الصغير من الإبل.
و عن النضر: القِرْمِلِيّة من ضُروب الإِبل؛ هي الصغار الكثيرة الأوبار، و هي حِرَضة البُخْت «1» و ضَاوِيَتُها.
و في كتاب العين: القِرْمِليّة إبل كلّها ذو سَنَامين.
جُوفُوه: اطعنوه في جَوْفه؛ يقال: جُفْتُه كَبطَنْتُهُ؛ جعل ذَكاة غَيْرِ المقدورِ علي ذبحه من النَّعم كذَكاة الوحْشي.
______________________________
(2) (*) [قرع]: و منه الحديث: لما أتي علي مُحَسِّر قَرَع ناقته. و الحديث: أقسم لتقرعنّ بها أبا هريرة.
و حديث هشام يصف ناقة: أنها لمقراع. و الحديث: يجي‌ء كنز أحدكم يوم القيامة شجاعاً أقرع.
و الحديث: قَرِع أهل المسجد حين أصيب أصحاب النهر. النهاية 4/ 44، 45.
(3) (*) [قرمل]: و منه الحديث: أنه رخَّص في القرامل. النهاية 4/ 51.
(1) البخت: الإبل الخراسانية.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 91‌

[قري]

: مُرّة بن شراحيل رحمه اللّه تعالي- عوقب في تَرْكِ الجمعة، فذكر أنّ به، وجعاً يَقْري و يجتمعُ، و ربما ارْفَضَّ في إزاره.
أي يجمع لِمدَّة.

[قرطف]

: النَّخعي رحمه اللّه تعالي- في قوله تعالي: يٰا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ [المدثر: 1]- قال: كان مُتَدَثِّراً في قَرْطَف.
هو القطيفة، و هو منها كَسِبَطْر من السَّبْط؛ أعني في الاشتراك في بعض الحروف.

[قرض]

: الحسن رحمه اللّه تعالي- قيل له: أَ كانَ أصحابُ رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم يَمْزَحُون؛ قال: نعم، و يتقارضون.
من القَريض و هو الشعر.
الزُّهْري رحمه اللّه تعالي- لا تصلح مُقارضة مَن طُعْمَتُه الحرام.
أهل الحجاز يسمون المضاربة القِراض و المُقارضة. و المعني فيها و في المضاربة واحد؛ و هو العَقْد علي الضَّرْب في الأرض و السَّعْيِ فيها، و قَطْعِها بالسير؛ من القَرْض في السير.
قال ذو الرمة:
إلي ظُعُنٍ يَقْرِضْنَ أجْوازَ مُشْرِفٍ [شِمالًا و عَنْ أيمانهنَّ الْفَوَارِسُ]
«1»

[قرر]

: يحيي بن يَعْمَر رحمه اللّه- كتب علي لسان يزيد بن المهلّب إلي الحجاج؛ إِنَّا لقينا هذا العدوّ، فقتلنا طائفةً، و أسرْنا طائفةً، و لحقت طائفةٌ بقَرار الأودية، و أهْضَام الغِيطان، و بِتْنَا بعُرْعُرة الجبل، و بات العدو بِحَضِيضه. فقال الحجاج: ما يَزيدُ بِأَبي عُذْر هذا الكلام؟
فقيل له: إنّ يحيي بن يَعْمَر معه. فحُمِل إليه، فقال: أينَ وُلِدْت؟ قال: بالأهْواز. قال: فَأنَّي لك هذه الفصاحة؟ قال: أخذتُها عن أَبي.
القرار: جمع قَرارة، و هي المطمئنّ الذي يُسْتَنْقَع فيه الماء. قال أبو ذؤيب:
*بقَرار قِيعَان سَقَاهَا وَابِل
* «2» الأهضام: أحضان الأودية و أسافلها؛ و الهُضوم مثلها؛ الواحد هِضْم؛ من الهَضْم و هو الكسر؛ يقال: هَضَمه حقَّه؛ لأنها أضواج و مكاسر. و الهِضْم: فِعْل بمعني مَفْعول؛ يُصَدِّقُه رواية أبي حاتم عن الأصمعي: المُهْتَضَم نحو الهِضْم.
______________________________
(1) البيت في ديوان ذي الرمة ص 313.
(2) عجزه:
واهٍ فأثجم برهة لا يُقْلِعُ
و البيت في ديوان الهذليين: 1/ 5.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 92
العُرْعُرة: القُلّة. و منها قيل لِطَرَفِ السنام عُرْعرة؛ و للرجل الشريف: عُراعر.
قال أبو سعيد السِّيرافي: تقول امرأة عَذْراء بَيِّنَة العُذْرة «1»؛ كما تقول: حمراء بينة الحمرة، و يقولون لمن افتضَّها: هذا أَبو عُذْرِها؛ يريدون أبو عُذْرَتِها؛ أي صحب عُذْرتها؛ و جري ذلك مثلًا لكل مَنْ يستخرج شيئاً أن يقال له: أبو عُذْره، و الأصل فيه عُذرة المرأَة؛ و استخفّوا بطرح الهاء حين جري في كلامهم مثلًا و كَثُرَ استعمالهم له.

[قرو]

: في الحديث: الناس قوارِي اللّه في الأرض. و روي: المسلمون. و روي:
الملائكة.
أي شهداؤه الذين يَقْرُون أعمالَ الناسِ قَرْواً؛ أي يتتبعونها و يتصفَّحونها.
قال جرير:
ماذا تعدُّ إذا عددتُ عليكم و المسلمون بما أقولُ قَوَارِي
«2» و قال غيره:
حدَّثَني الناسُ و هم قَوارِي أَنكَ مِنْ خَيْرِ بني نِزارِ
لكلِّ ضَيْفٍ نازلٍ و جَارِ
و إنما جاء علي فواعل؛ ذهاباً إلي الفِرَق و الطوائف، كقوله:
*خُضْع الرقابِ نَواكِس الأبصار
* «3»

[قرب]

: اتقوا قُرابَ المؤمن، فإنه ينظر بنور اللّه- و روي: قُرابة المؤمن.
هو من قول العرب: ما هو بعالم، و لا قُراب عَالِم، و لا قُرابة عالم؛ أي و لا قريب من عالم.
و المعني: اتقوا فِراستَه و ظَنَّه الذي هو قريب من العلم و التحقيق، لصدقِه و إِصابته.
قَرَوْت في (بر). القراب في (أب). علي قرن في (سر). أَقرع في (شج). القارص في (هن). أُم القري في (بك). أبو القري في (نس). و قري في (حو). فقرع في (ذق).
______________________________
(1) العذرة: البكارة.
(2) البيت في ديوان جرير ص 318، و رواية صدر البيت في الديوان:
ماذا تقول و قد علوت عليكم
(3) صدره:
و إذا الرجال رأوا يزيد رأيتهم
و البيت من الكامل، و هو للفرزدق في ديوانه 1/ 304، و جمهرة اللغة ص 607، و خزانة الأدب 1/ 206، 208، و شرح أبيات سيبويه 2/ 367، و شرح التصريح 2/ 313، و شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص 39، و شرح شواهد الشافية ص 142، و شرح المفصل 5/ 56، و الكتاب 3/ 633، و لسان العرب (نكس) و (خضع)، و المقتضب 1/ 121، 2/ 219.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 93
قرحانون في (سع). قربانهم في (شم). لا يُقرع في (بض). قرّظ به في (ذم). القَرْم في (صه). قرني في (بد). أقراء في (ري). القرم في (عي). تقرم في (عث). يقترع في (حب). فيقرِّطوها في (خط). قرن في (عم) و في (حذ). قرن في (شذ). لأَسْتَقْري‌ء في (خب). قارف في (دك). قارضوك في (فق). قَرِّيٍّ في (سن). القراب في (أب). قرفاً و القربة في (شن). مقراع [في (هل). المقربة في (طر). القرفصاء في (فر). قريع في (فر). اقرح في (فن). قربة من لبن في (لق). قردد في (نف). و قَارِبْ في (سد). إلّا قَرْقَرُها في (صع). لتقاري في (كي). القِرْطم في (بح)].

القاف مع الزاي

[قزع]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- نهي عن القَزَع- و روي: عن القَنَازع.
يُحْلَقُ الرأسُ و يترك شَعْرٌ متفرق في مواضع؛ فذلك، الشّعر قَزع و قَنازع، الواحد قَزَعة و قُنْزعة؛ إذا فعل به ذلك؛ و منه القَزَع من السحاب، و نون القُنْزعة مزيدة، وزنها قُنْعلة، و نحوها عُنْصوة، يقال: لم يَبْقَ مِنْ شَعْره إلّا قُنْزُعة و عُنْصُوة؛ و لا يبعد أن تكون عُنْصُوَة مشتقة من شق العصا، و هو التفريق فتكون أختاً لقُنزعة من الجهات الثلاث: الوزن و المعني و الاشتقاق.

[قزح]

: أنّ اللّه ضرب مَطْعَمَ ابن آدم للدنيا مثلًا، أو ضربَ الدُّنْيا لمطعم ابْنِ آدمَ مثلًا، و إن قَزَّحَه و مَلحه.
أيْ تَوْبَلَه، من القِزحْ و هو التابل، و مَلَحه؛ من مَلَح القِدْر بالتخفيف، إذا ألقي مِلْحاً بقَدَر، و أما مَلّحها و أمْلَحها فإذا أكثر مِلْحها حتي تفسد. و منه قالوا: رجل مَليح قَزِيح. شُبِّه بالمطعم الذي طُيِّبَ بالمِلْح و القِزْح.
و في أمثالهم: قَزِّح المجلس يَطْلع.
و المعني إنّ المطعم و إن تَكَلَّف الإنسانُ التَّنَوُّقَ في صنعته و تطييبه و تَحْسينه؛ فإنه لا محالةَ عائد إلي حالٍ تُكْرَه و تُسْتَقْذَر، فكَذلك الدنيا المحروص علي عمارتها و نظم أسبابها راجعة إلي خراب و إدْبار.
لا تقولوا قَوْس قُزَح؛ فإنّ قزَح من أسمَاء الشياطين.
قال الجاحظ: كأنّه كرِه ما كانوا عليه من عادات الجاهلية؛ و كأنه أحَبّ أنْ يقال قوس اللّه؛ فَيُرْفَع قَدرُها، كما يقال: بيت اللّه و زُوّار اللّه. و قالوا: قوس اللّه أمَانٌ من الغَرق.
______________________________
(1) (*) [قزع]: و منه في حديث الاستسقاء: و ما في السماء قزعة. و في حديث علي: فيجتمعون إليه كما يجتمع قزع الخريف. النهاية 4/ 59.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 94
و في قُزْح ثلاثة أوجه:
أحدُها: اسم شيطان، و سُمي بذلك لأنه يُسَوِّلُ للناس و يُحَسِّنُ إليهم المعاصي من التَّقْزِيح.
و عن أبي الدُّقَيْش: القُزح: الطرائق التي فيها، الواحدة قُزْحة.
و الثالث: أن تسمي بذلك لارتفاعها؛ من قَزَح الشي‌ءَ و قَحزَ؛ إذا ارتفع- عن المبرِّد.
و منه: قَزَحَ الكلبُ ببوله إِذا طَمَح به و رَفعه. قال: و حدثني الرِّياشي عن الأَصمعي، قال:
نظر رجلٌ إلي رجل معه قَوْس، فقال: ما هذه القَحْزَانة؟ يريد المرتفعة. و سِعْر قازح و قاحز:
مرتفع عال. قال:
و لا يَمْنَعُون النِّيب و السَّوْمُ قاحِزُ
* أبو بكر رضي اللّه تعالي عنه- أتي علي قُزَحٍ و هو يَخْرِشُ بعيره بمِحْجَنِه.
قُزَح: القَرْن الذي يقف عنده الإمام بالمزدَلِفة. و امتناع صرفه للعلمية و العدل كعُمر [و زُفر]، و كذلك قوس قُزح فيمن لم يجعل القُزَح الطرائق.
الخَرْش: نحو من الخَدْش. يقال: تخارشت الكِلاب و السَّنَانِير. و هو مَزْقُ بَعْضِها بعضاً، و خَرْشُ البعيرِ أنْ تَضْرِبَه بالمِحْجَن، و هو عصا مُعَوَّجَة الرأس ثم تجتذبه تريد تحريكه في السير؛ أَراد أَنه أَسرَعُ في السير في إفاضته.
ابن عباس رضي اللّه تعالي عنهما- كَرِه أن يُصلِّي الرجلُ إِلي الشجرة المُقَزَّحة.
هي التي تَشَعَّبَتْ شُعَباً كثيرة، و قد تَقَزَّح الشجرُ و النَّبَات.
و عن ابن الأعرابي: من غريب شجر البُرِّ المُقَزَّح. و هو شجر علي صورةِ التين له أَغصِنَةٌ قِصار في رؤوسها مثل بُرْثن الكلب.
و احتملتْ عند بعضهم أن يُراد بها التي قَزَحَتْ «1» عليها الكلابُ و السبَاعُ بأبوالها، فكرِه الصلاةَ إليها لذلك.

[قزز]

: ابن سلام رضي اللّه تعالي عنه- قال موسي لجبرائيل عليهما السلام؛ هل ينامُ رَبك؟ فقال اللّه عز و جل: قُلْ له: فليأخُذْ قارُورَتَيْن، أو قازوزتين، و لْيُقم علي الجبل من أول الليل حتي يُصبح.
القازوزة و القاقوزة: مَشْربة دون القارُورَة. و عن أبي مالك: القَازُوزة الجُمجمة، من القوارير.

[قزل]

: مجالد رحمه اللّه تعالي- نظر إلي الأسود بن سَريع، و كان يَقُصُّ في ناحية المسجد، فرفع الناسُ أيديهم، فأتاهم مُجَالد، و كان فيه قَزَل، فأوسعوا له، فقال: إني و اللّه
______________________________
(1) قزح الكلب ببوله: أرسله دفعاً (القاموس المحيط: قزح).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 95
ما جئتُ لأجالِسكم و إن كنتم جلساءَ صِدْقٍ، و لكني رأيتُكم صنعتم شيئاً فشَفَنَ الناس إليكم، فإياكم و ما أَنكر المسلمون!
القَزَل: أسوأ العَرَج، و قد قَزِل. و أما قَزَلَ بالفتح، فنحو عَرَج، إذا مشي مَشْيَة القزْل.
شَفَن و شَنَف؛ إذا أدام النظرَ متعجِّباً أو مُنْكراً.

[قزز]

: في الحديث- إنّ إبليس ليَقُزُّ القَزَّة من المشرق فيبلغ المَغْرِب.
أي يَثبُ الوَثْبَة.
قزع الخَريف في (حس) [و في (عس). القزم في (عي). قَنَازعك في (خض)].

القاف مع السين

[قسس]

: النبي صلي اللّه عليه و سلم- نهي عن لبس القَسِّيّ- و روي: إنّ اللّه حَرَّم علي أُمتي الخمر و المَيْسِر المِزْر و الكُوبة و القَسِّيّ.
________________________________________
زمخشري، ابو القاسم، محمود بن عمر، الفائق في غريب الحديث، 4 جلد، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، اول، 1417 ه ق
الفائق في غريب الحديث؛ ج‌3، ص: 95
هو ضرب مِنْ ثِيابٍ كَتّان مخلوط بحرير يُؤْتي به من مصر، نُسب إلي قرية علي ساحل البحر يقال لها القَسّ؛ قال أبو داود:
أقْفَر الدَّيْر فالأَجَارعُ من قَوْ مي‌فَعُوقٌ فَرَامِحٌ فَخَفِيَّهْ «1»
بَعْدَ حيٍّ تَغْدُو القِيانُ عليهم في الدِّمْقسِ القَسّي براحٍ سَبِيَّهْ
و قال ربيعة بن مَقْروم:
جَعَلْن عتيقَ أَنْماطٍ خُدُورا و أَظْهَرنَ الكَراديَ و العُهونا «2»
علي الأحْداج، و اسْتَشْعَرن رَيْطاً عِرَاقيّاً و قَسِّيّاً مَصُونا
و قيل: القسِّي القَزِّي، أبدلت الزاي سيناً، كقولهم: أَلْسَمْتُه الحُجة إذا ألزمته إياها، و قيل: هو منسوب إلي القَسِّ، و هو الصَّقِيع لبياضه.
المِزْر: نبيذ الأرز «3».
الكُوبة: الطَّبل.

[قسم]

*: استحلف صلي اللّه عليه و سلم خمسةَ نفَرٍ في قَسامة، فدخل معهم رجلٌ من غيرهم.
______________________________
(1) البيت الثاني في أساس البلاغة (قس).
(2) البيتان في لسان العرب (قس).
(3) المزر: نبيذ الذرة و الشعير (القاموس المحيط) (مزر).
(4) (*) [قسم]: و منه في حديث قراءة الفاتحة: قَسَمْتُ الصلاة بيني و بين عبدي نصفين. و في حديث أم معبد: قسيمٌ و سيمٌ. النهاية 4/ 61، 63.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 96
فقال صلي اللّه عليه و سلم: «رُدُّوا الأيمان علي أَجَالِدهم».
القَسَامة: مُخَرّجة علي بناء الغَرامة و الحَمالة لما يلزم أهل المَحِلّة إذا وُجِد قَتِيلٌ فيها، لا يُعلم قاتله من الحكومة؛ بأن يُقْسِم خمسون منهم، ليس فيهم صبي و لا مجنون و لا امرأة و لا عبد، يتخيّرهم الوليّ، و قَسَمُهُم أن يقولوا: باللّه ما قَتَلْنا و لا علمنا له قاتلًا، فإذا أقْسَموا قُضِي علي أهل المحِلّة بالدِّيَة، و إن لم يكملوا خمسين كُرِّرَتْ عليهم الأيمان حتي تبلغ خمسين يميناً.
و
في حديث عمر رضي اللّه تعالي عنه: القَسامة تُوجِبُ العَقْل، و لا تُشِيط الدَّمَ.
أي تُوجِبُ الدِّية لا القودَ، و لا تُهْلِكُ الدمَ رأساً؛ أي لا تُهْدِرُه حتي لا يجب شي‌ء من الدية.
و
عن الحسن رحمه اللّه تعالي: القَسَامة جاهلية.
أي كان أهلُ الجاهلية يتديَّنُون بها، و قد قَرَّرَها الإسلام.
يقال لجِسْمِ الرجل: أَجلادُه و أجالِيدُه و تَجاليدُه. و يقال: ما أَشْبَهَ أَجالِيدَه بأجاليدِ أَبيه، و حذف الياء اكتفاءً بالكسرة تخفيفاً.
أراد أن يردّ الأيمان عليهم أنفسهم، و ألّا يُحَلَّف مَنْ ليس منهم.
أنكر دخول ذلك الرجل معهم؛ و يجوز أن يريد بأجالِدِهم أحْمَلَهم للقسامة، و أصلَحهم لها، و يصدِّقُه أنّ للأولياء التخيّر؛ لأنهم يستحلفون صالِحي المحِلّة الذين لا يحلفون علي الكذب.
إياكم و القُسامة قيل: و ما القُسامة؟ قال: الشي‌ء يكون بين الناس فينتقصُ منه.
القِسامة: بالكسر- حرفة القَسّام، و بالضم ما أخذه، و نظيرهما الجُزْارة، و الجِزْارة و البُشارة و البِشارة.
و المعني ما يأخذه جرياً علي رَسْم السماسرة، دون الرجوع إلي أجْرِ المثل، كتواضعهم علي أنْ يأخُذوا من كل أَلْف شيئاً معلوماً، و ذلك محظور.
و
في حديث وابصة: مَثَلُ الذي يأكل القُسامة كمثل جَدْي بَطْنُه مملوء رَضْفاً «1»

[قسط]

*: إنَّ اللّه تعالي لا يَنَامُ، و لا ينبغي له أن يَنَام، يخفِضُ القِسْط و يَرْفَعُه، حجابُه النُّور لو كشف طَبَقُه أحرقت سُبُحات وجْهه كل شي‌ء أدرَكَهُ بصره، واضِعٌ يدَه لمسي‌ء الليل ليتوب بالنهار، و لمسي‌ء النهار ليتوب بالليل، حتي تطلعَ الشمس من مَغْرِبها.
______________________________
(1) الرضف: الحجارة المحماة بالنار (لسان العرب: رضف).
(2) (*) [قسط]: و منه في حديث علي: أَمرت بقتال الناكثين و القاسطين و المارقين. و الحديث: إن النساء من أسفه السفهاء الّا صاحبة القسط و السراج. و حديث علي: أنه أجري للناس المُدْيَين و القسطين. و في حديث أم عطية: لا تمس طيباً إلا نُبذة من قسط و أظفار. النهاية 4/ 60.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 97
القِسْط: القِسْم من الرِّزق؛ أي يبْسُط لمن يشاء و يقْدِره.
الطَّبَق: كل غطاء لازم.
السُّبحات: جمع سُبْحة؛ كالغُرفات و الظُّلمات في غُرْفة و ظُلْمة. و يجوز فتح العين و تسكينها. و السُّبْحَة: اسم لما يسَبَّح به، و منها سُبَح العجوز لأنها تسبّح بهن.
و المراد صفات اللّه جل ثناؤه التي يُسَبِّحُه بها المسبِّحون من جلاله و عظمته و قُدْرته و كبريائه.
وجهه: ذاته و نفسه.
النور: الآيات البَيِّنات التي نَصَبَها أعلاماً لتشهد عليه و تُطَرِّقُ إلي معرفته و الاعتراف به، شبهت بالنور في إنارتها و هِدايتها، و لَمَّا كان من عادة الملوك أن تُضْرَبَ بين أيديهم حُجُب إذا رآها الراؤون علموا أنها هي التي يَحْتَجِبُون وراءها؛ فاستدلّوا بها علي مكانهم- قيل حجابُه النور؛ أي الذي يُسْتَدَلّ به عليه كما يستدلُّ بالحجاب علي الملك المحتجب.
هذه الآيات النيرة.
و لو كُشِف طَبقه؛ أي طَبَق هذا الحجاب و ما يُغَطّي منه، و عُلِمَ جلالُه و عظمتُه علماً جلياً غير استدلالي لما أطاقت النفوسُ ذلك، و لهلك كلُّ من أدركه بصرُه؛ أي أدرَكه علمه الجليّ، فشُبّه بإدراك البصر لجلائه.
لا ينبغي له أن ينام: أي يستحيل عليه ذلك.
واضع يده: من قولهم: وضع يَدَه عَنْ فلان، إذا كَفَّ عنه؛ يعني لا يعاجل المسي‌ء بالعقوبة؛ بل يمهله ليتوب.

[قسم]

: علي رضي اللّه تعالي عنه- أَنا قَسِيمُ النار.
أي مُقاسمها و مُساهمها. يعني أن أصحابه علي شَطْرين: مُهتدون و ضالون؛ فكأنَّه قَاسَمَ النارَ إياهم فَشَطْرٌ لها و شَطْرٌ معه في الجنة.

[قسو]

*: ابن مسعود رضي اللّه تعالي عنه- بَاعَ نُفاية بيت المال، و كانت زُيُوفاً و قِسْياناً، بدون وَزْنِها، فَذَكر ذلك لعُمر، فنهاه و أمره أن يَرُدَّها.
هو جمع قَسِيّ كصِبْيان في صَبيّ، و كلاهما وَاوِيّ؛ بدليل قولهم: الصَّبْوة، و قَسَا «1» الدرهمُ يَقْسو.
و منه
حديث ابن مسعود رضي اللّه عنه: إنه قال لأصحابه: كيف يَدْرُس العلم- أو
______________________________
(2) (*) [قسا]: و منه في خطبة الصديق: فهو كالدرهم القسيّ و السراب الخادع. النهاية 4/ 63.
(1) قسا الدرهم: زاف.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 98
قال: الإسلام؟ فقالوا: كما يخلُق الثوب، أو كما تَقْسُو الدراهِم. فقال: لا؛ و لكنْ دُروسُ العلم بموت العلماء.
قال الأصمعي: و كأن القَسِيّ إعراب قَاشِيّ، و هو الردي‌ء من الدراهم الذي خالطه غشّ من نُحاس أو غيره. و قري‌ء: وَ جَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَسِيَّةً [المائدة: 13]؛ و هي التي ليست بخالصة الإيمان.
و قال أبو زُبيد الطائي؛ [يذكر المساحي]:
لها صواهل في صُمَّ السِّلامِ كما صاح القَسِيّاتُ في أيدي الصياريفِ
«1» و
عن عبد اللّه [بن مسعود]: ما يَسُرُّني دِينُ الذي يأتي العرَّاف بدرهم قَسِيّ.
و
عن الشَّعبي رحمه اللّه تعالي أنه قال لأبي الزنّاد: تأتينا بهذه الأحاديث قَسِيَّة، و تأخذها مِنَّا طَازَجة.
و قيل: هو من القَسْوة؛ أي فضة صُلبة رديئة.
الطَّازَجة: الصِّحاح النقاء، تعريب تَازَه [بالفارسية]..

[قسر]

: ابن عباس رضي اللّه تعالي عنهما- قال- في قوله تعالي عز و جل: فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ [المدثر: 51]- هو رِكْزُ الناس.
يحتمل هذا التفسير وجهين: أحدهما أَنْ يُفَسّر القَسْوَرة [نفسها با] لرِّكْز، و هو الصَّوْت الخفي. و الثاني أن يقصد أن المعني فَرّت مِنْ رِكْز القَسْوَرة، ثم يفسر رِكْز القسورة برِكْز الناس، فقد روي عنه: أن القَسْورة جماعةُ الرجال، و رُوِي: جماعة الرماة، و أية كانت فهي فَعْوَلة من القَسْر، و هو القَهْر و الغلبة، و منه قيل للأسد: قَسْورة، و للنبت المُكْتَهِل قَسْور.
و قد قَسْوَر قَسْوَرةً كما قيل استأسد. و الرماة يَقْسِرون المرمي، و الرجال إذا اجتمعوا قَوُوا و قَسَرُوا، و إذا خفض الناسُ أصواتهم فكأنهم قَسَرُوها.
ذَكَّر الضميرَ الراجع إلي القَسْورة، لأنه في معني الركز الذي هو خَبرُه، أو لأن القَسْورة في معني الرِّكْز.

[قسطل]

: في الحديث: إنّ المسلمين و المشركين لَمّا التقَوْا في وقعة نَهَاوَنْد غَشِيَتْهُمْ ريح قَسْطَلَانية.
أي ذات، قَسْطَل؛ و هو الغُبار.
قسيماً في (بر).. قاسمت في (خي). لو أقسم في (ضع). [و القِسْطين في (مد). و لا قسيس عن] قسيسيّته في (وه). [قسقاسة (في عو)].
______________________________
(1) البيت في لسان العرب (قسس).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 99‌

القاف مع الشين

[قشر]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- لعن القاشِرَة و المَقْشُورة.
القَشْر: أنْ تعالج [المرأة] وجهها بالغُمْرَة «1» حتي يَنْسَحِقَ أَعْلَي الجِلْد، و يصفو اللون.

[قشع]

*: قال سَلَمَة بن الأكوع رضي اللّه عنه: غَزَوْنَا مع أَبِي بَكْرٍ هَوَازِن علي عهد رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم، فَنَفَّلَني جارية من فَزارة عليها قَشْع لها.
قيل: هو الجِلْد اليابس. و قال أبو زيد: قال القُشَيْرِيُّون: هو الفَرْوُ الخَلَق، و منه قيل لريش النَّعَامة: قَشْع. قال:
جدَّل خَرْجَاء عليها قَشْع
* ألا تري إلي قوله:
كالعبد ذي الفَرْوِ الطَّويلِ الأصْليةِ

[قشب]

*: مَرَّ صلي اللّه عليه و آله و سلم و عليه قُشْبَانِيَّتان.
أي بُرْدَان خَلَقان؛ و القَشِيب من الأضداد، و هو من قولهم: سَيْفٌ قَشِيب ذو قَشَب و هو الصَّدأ ثم قيل: قَشَبَه؛ إذا صَقَلَه وجلا قَشَبَه؛ فهو قَشِيب. و قول مَنْ زَعَم أن القُشْبَان جمع قَشِيب و القُشْبَانية منسوبة إليه غير مرتضي من القول عند علماء الإعراب؛ لأن الجمع لا يُنْسَبُ إليه؛ و لكنه بناء مُستطرف للنّسب كالأنْبَجَانيّ.

[قشر]

: عمر رضي اللّه تعالي عنه- بَعَثَ إلي مُعاذ ابن عَفْرَاء بِحُلَّة، فباعها و اشتري بها خمسة أَرْؤُس من الرَّقيق، فأُعْتَقَهُمْ، ثم قال: إنَّ رجلًا آثَرَ قِشْرَتين يلبَسهما علي عِتْق هؤلاء لَغَبِينُ الرأي.
يقال للِّباس: القِشْر علي سبيل الاستعارة. و أراد بالقِشْرَتين الحُلّة، لأنها اسم للثوبين:
الإزار، و الرِّداء؛ و هو في هذه الاستعارةِ محتَقِرٌ لها و مستَصْغِرٌ؛ في جنب ما حَصَل له عند اللّه من الذُّخْر بالعِتْق.

[قشب]

: كان رضي اللّه تعالي عنه بمَكَّةَ، فوجد طيبَ ريح، فقال: مَنْ قَشَبَنَا؟ فقال
______________________________
(2) (*) [قشر]: و منه في حديث قيلة: فكنت إذا رأيت رجلًا ذا رواء و ذا قشر. و في حديث عبد الملك بن عمير: قرصٌ بلبن قِشري. و في حديث عمر: إذا أنا حرَّكته ثار له قُشارٌ. النهاية 4/ 64، 65.
(1) الغمرة: ما تطلي به العروس، و يتخذ من الورس.
(3) (*) [قشع]: و منه الحديث: لا أعرفن أحدكم يحمل قشعاً من أدم فينادي: يا محمد. و في حديث الاستسقاء: فتقشَّع السحاب. النهاية 4/ 65، 66.
(4) (*) [قشب]: منه في حديث عمر: اغفر للأقشاب. النهاية 4/ 64.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 100
معاوية: يا أميرَ المؤمنين؛ دخلتُ علي أم حبيبة، فَطَيَّبتني و كستني هذه الحُلّة؛ فقال عمر:
إنَّ أخا الحاج الأشْعثُ الأدْفر «1» الأَشْعَر.
القَشْب: الإصابة بما يُكره و يُسْتَقْذَر. قال النابغة:
فَبِتُّ كَأَنَّ العائدات فَرَشْنَنِي هَرَاساً به يُعْلَي فِرَاشِي و يُقْشَبُ
«2» من القَشْب و هو القذَر، و القَشِب: الذي خالطه قَذر، و ما أقْشَبَ بيتَهم، أي ما أقذره! و منه: قَشَبَه؛ إذا رماه بقبيح و لطخه به. و قَشَب الطعام: خلطه بالسّم. و قشبه الدخان؛ إذا آذاه رِيحُه و بلغ منه.
و منه
الحديث: إنَّ رجلًا يمرُّ علي جسر جهنَّم؛ فيقول: قَشَبَني رِيحُها.
و الذي له استخبث تلك الرائحة الموجودة من معاوية بن أبي سفيان حتي سمي إصابتها قَشْباً مخالفتُه السنَّة، و تَطَيّبه و هو مُحْرِم.
و
في حديثه رضي اللّه تعالي عنه: أنه قال لبعض بَنِيه: قَشَبَك المال.
أي أفسدك و خَبَلَكَ.

[قشع]

: أبو هُريرة رضي اللّه تعالي عنه- لو حدّثتُكم بكلّ ما أَعلم لرميتموني بالقِشَع.
و روي: بالقَشْع.
قيل: هي الجلود اليابسة. و قيل: المَدَر و الْحجارة؛ لأنها تُقْشع عن وجه الأرض؛ أي تُقْلَع. و منه قيل للمَدَرَة: القُلاعة. جمع قَشْعة كبِدَر و بَدْرَة. و قيل: القِشَع ما يَقْشَعُه الرجلُ من النُّخامة من صَدْره؛ أي لَبَزَقْتُمْ في وجهي. و قيل القَشْع: الأحمق؛ أي لدعوتموني بالقَشْع و حَمَّقْتُمُوني.

[قشش]

: في الحديث: كانَ يُقال: ل قُلْ يٰا أَيُّهَا الْكٰافِرُونَ. و قُلْ هُوَ اللّٰهُ أَحَدٌ المُقَشْقِشَتَان.
أي المبرئتان من النفاق و الشِّرْك. يُقَالُ للمريض إذا برأ: قد تَقَشْقَشَ، و كذلك البعير إذا بَرَأَ من الجَرَب، و قَشْقَشَه: أبرأَهُ. قال:
إِنِّي أنا القَطِرَانُ أَشْفِي ذا الجَرَبْ عندي طِلَاءٌ و هِنَاءٌ للنُّقَبْ «3»
مُقَشْقِشٌ يُبْرِي‌ءُ منهم مَنْ جَرِبْ و أكشِفُ الغُمّي إذا الريق عَصَبْ
و عن النَّضْر: أَقَشَّ من الجُدَري و المرض بَرَأ؛ و أثبت غيرُه: قَشَّ من مرضه؛ بمعني
______________________________
(1) الأدفر: النتن (القاموس المحيط: دفر).
(2) البيت في ديوان النابغة ص 16، و لسان العرب (قشب).
(3) الرجز بلا نسبة في أساس البلاغة (قش).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 101
تَقَشْقَشَ، و ما أري مِن تَكَثُّرِ الْتِقاء مضاعف الثلاثي و الرباعي يكاد يستهويني إلي الإيمان بمذهب الكوفيين فيه؛ لولا تَنَمُّر أصحابنا و تَشَدُّدهم.
قُشام في (دم). و قشر و مقشو في (فر). قُشار في (وه). مقشيّ في (لي). و قِشري في (سن). قَشبني في (وب).

[القاف مع الصاد]:

[قصب]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- أُرِيتُ عَمْرو بن لُحَيّ بن قَمْعَة بن خِندف في النار يجر قُصْبَه، علي رأسه فَرْوة؛ فقلت له: مَنْ مَعَك في النار؟ فقال: مَن بيني و بينك من الأمم.
و
روي: أن عَمْر بن لُحَيّ بن قَمْعَة أول من بَدَّل دينَ إسماعيل عليه السلام، فرأيته يجر قُصْبَه في النار.
القُصْب: واحد الأقصاب، و هي الأمعاء [كلها]. و قيل: الأمعاء يجمعها اسْمُ القُصْب، و منه اسمُ القَصَّاب، لأَنه يعالجها؛ قال الراعي:
تَكْسُو المفارقَ و اللَّبَّاتِ ذَا أَرَجٍ من قُصْبِ مُعْتَلِفِ الكافورِ دَرَّاجِ
«1» عَمْرو بن لُحَيّ: أول من بَحَرَ البَحِيرة، و سَيَّبَ السائبة، و هو أبو خُزَاعة.

[قصص]

*: نهي صلي اللّه عليه و سلم [عن تَطْيينِ القُبُور و تَقْصِيصِها- وروي]: عن تَقْصيصِ القُبور و تَكليلها.
هو تَجْصِيصُهَا. و القَصَّة: الجَصَّة؛ و ليس أحدُ الحرفين بدلًا من صاحبه لاستواء التَّصَرُّف، و لكن الفُصحاء علي القاف.
و
في حديث عائشة رضي اللّه تعالي عنها: إنها قالت للنساء لا تَغْتَسِلْن من المحيض حتي تَرَيْنَ القَصَّة البَيْضَاء.
قالوا: معناه حتي تَرَيْنَ الخِرْقةَ أو القُطْنة بيضاء كالقَصّة، لا تخالطها صُفْرَة و لا تَرِيّة «2».
______________________________
(3) (*) [قصب]: منه في صفته صلي اللّه عليه و سلم: سبط القَصَب و الحديث: الذي يتخطّي رقاب الناس يوم الجمعة كالجارِّ قُصْبَه في النار. النهاية 4/ 67.
(1) البيت في لسان العرب (قصب).
(4) (*) [قصص]: و منه في حديث الرؤيا: لا تقصّها إلا علي وادِّ. و الحديث: القاصّ ينتظر المَقْتَ.
و الحديث: إن بني إسرائيل لما قصُّوا هلكوا. و في حديث عطاء: كره أن تذبح الشاة من قَصِّها. و في حديث صفوان بن محرز: كان يبكي حتي يُري أنه قد اندقّ قَصَصُ زوره. و في حديث سلمان: و رأيته مقصِّص. و حديث أنس: و أنت يومئذ غلامٌ و لك قرنان أو قُصَّتان. النهاية 4/ 70، 71.
(2) الترية: بقية الحيض.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 102
و قيل: هي شي‌ء كالخيط الأبيض يخرج بعد انقطاع الدم كله.
و وجه ثالث: و هو أن تريد انتفاءَ اللون و ألَّا يبقي منه أَثَرٌ البتة؛ فضربت رؤية القَصَّةِ لذلك مثلًا؛ لأن رائي القَصَّة البيضاء غير راء شيئاً من سائر الألوان.
التَّكْليل: أن يحوطَها ببناء، من كَلَّلَ رأسَه بالإكليل؛ و جفنةٌ مُكَلَّلة بالسَّدِيف، و روضة مُكَلَّلة إذا حُفَّتْ بالنَّوْر. و قيل: هو أن يضرَبَ عليها كِلَل «1».

[قصم]

*: في ذكر أهل الجنة: و يُرْفع أهلُ الغُرَف إلي غُرَفهم في دُرّةٍ بيضاء لَيْسَ فيها قَصْم و لا فَصْم.
الكَسْر المُبِين بالْقاف، و غير المُبين بالفاء.
في دُرَّة: حال من أهل الغرفة؛ أي حاصلين في دُرَّة. و المعني كل واحد منهم؛ كقولهم: كسانا الأمير حُلّة.

[قصع]

*: خطبهم علي راحلته و إنها لَتَقْصَع بِجرَّتها.
أي تمضغها بشدة.

[قصف]

*: و عن مالك بن أنس رحمه اللّه تعالي: الوُقُوف علي الدوابِّ بِعرفةَ سُنَّة، و القيامُ علي الأقدام رُخْصة. أَنا و النَّبِيُّون فُرَّاطُ «2» القَاصِفين.
من القَصْفَة؛ و هي الدّفعة الشديدة و الزَّحْمة. قال العجاج:
*لِقَصْفَةِ الناسِ مِنَ المُحْرَنْجِم
* «3» و سمعتُ قَصْفَةَ الناس، و هي من القَصْف بمعني الكسر؛ كأَنَّ بعضَهم يَقْصِفُ بَعْضاً لِفَرْطِ الزِّحَام. و المرادُ بالقاصفين مَنْ يتزاحم علي آثارهم من الأمم الذين يَدْخُلون الجنة.
و
في حديثه صلي اللّه عليه و سلم: و الذي نَفْسُ محمد بيده لَمَا يُهِمُّني مِن انقصافِهم علي باب الجَنّة أَهمّ عِنْدي مِنْ تَمَام شفاعَتِي.
______________________________
(1) الكِللُ: القباب تبني علي القبور.
(4) (*) [قصم] و منه الحديث: الفاجر كالأرزة صمَّاء معتدلة حتي يقصمها اللّه. و في حديث عائشة تصف أباها: و لا قصموا له قناة. و في حديث أبي بكر: فوجدت انقصاماً في ظهري. النهاية 4/ 74.
(5) (*) [قصع] و منه في حديث عائشة: ما كان لإحدانا إلا ثوب واحد تحيض فيه، فإذا أصابه شي‌ء من دم قالت بريقها فقصعته. و الحديث: نهي أن تُقصع النملة بالنواة. و في حديث الزبرقان: أبغض صبياننا إلينا الأقيصع الكمرة. النهاية 4/ 72، 73.
(6) (*) [قصف] و منه حديث أبي بكر: كان يصلي و يقرأ القرآن فيتقصَّف عليه نساء المشركين و أبنائهم و الحديث: شيبتني هود و أخواتها، قصَّفْن عليَّ الأمم النهاية 4/ 73، 74.
(2) فرَّاط، جمع فارط: أي متقدمون.
(3) الرجز في أساس البلاغة (قصف).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 103
أي اندفاعهم؛ يعني أنّ استسعادَهم بدخول الجنة؛ و أنْ يَتِمَّ لهم ذلك أهمّ عندي من أن أبلغَ أنا منزلة الشافِعين المُشفّعين؛ لأن قبول شفاعته كرامة له و إنعام عليه؛ فوصولُهم إلي مبتغاهم آثَرُ لديه من نَيْل هذه الكرامة لِفَرْط شفَقَتِه علي أمته. رَزَقَنا اللّه شفاعته، و أتمّ له كرامته.

[قصر]

*: في المزارعة: إنَّ أحَدكم كان يشترط ثلاثةَ جداول، و القُصارة، و ما سَقي الرَّبيع؛ فنهي النبي صلي اللّه عليه و سلم.
القُصارة، و القِصْرِيّ، و القُصَرَّي، و القَصَر، و القَصَل: كَعَابِر «1» الزرع بعد الدَّيَاسةِ؛ و فيها بقية حَبّ.
الرَّبيع: النَّهْر.
كانَ يَشْتَرطُ رَبُّ الأرْضِ علي المزارع أن يَزْرَعَ له خاصة ما تسقيه الجداولُ و الرَّبيع، و أن تكون له القُصارة، فنهي عن ذلك.
قال صلي اللّه عليه و سلم فيمن شَهِدَ الجُمعة فَصَلَّي و لم يُؤْذِ أحَداً: بِقَصْرِه إن لم تُغْفر له جُمْعَتَه تلك ذنوبُه كلّها أن يكون كَفَّارته في الجمعة التي تليها.
يقال: قَصْرُكَ أنْ تَفْعَل كذا؛ أيْ حَسْبُك و غايتك؛ و هو من معني الحَبْس؛ لأنك إذا بلغت الغاية حَبَسَتْكَ، و يصدقه قولهم في معناه: ناهيك، و نحو قوله: بِقَصْره أن يكون كفارته قول الشاعر:
بِحَسْبِكَ في القوم أن يَعْلموا بأنّك فيهم غَنِيٌّ مُضر
«2» في إدخال الباء علي المبتدأ.
جُمعتَه: نَصبه علي الظرف.
و في يكون ضمير الشهود؛ أي شهودُه علي تلك الصفة يكفِّرُ عنه.
______________________________
(3) (*) [قصر] و منه حديث معاذ: فإن له ما قصر في بيته. و حديث عمر: فإذا هم رَكبت قد قصر بهم الليل، و في حديث سبيعة الأسلمية: نزلت سورة النساء القصري بعد الطولي. و في حديث السهو:
أقَصُرَتِ الصلاة أم نسيت؟ النهاية 4/ 69، 70.
(1) الكعابر، جمع كعبرة؛ و هي أنبوب السنبل.
(2) البيت من المتقارب، و هو للأشعر الرقبان في تذكرة النحاة ص 443، 444، و لسان العرب (ضرر) و (با)، و المعاني الكبير ص 496، و نوادر أبي زيد ص 73، و بلا نسبة في الإنصاف 1/ 170، و الخصائص 2/ 282، 3/ 106، و ديوان المعاني 1/ 35، و رصف المباني ص 147، و سر صناعة الإعراب 1/ 138، و شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص 1469، و شرح المفصل 2/ 115، 8/ 23، 139.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 104
مَنْ كان له بالمدينة أصْلٌ فليتمسك به، و مَنْ لم يكن له فَلْيجعل له بها أَصْلًا، و لو قَصَره.
أي و لو أصْل نخلة واحدة؛ و الجمع قَصر، و فسر قوله تعالي: بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ [المرسلات: 32]- فيمن حرّك- بأنه جمع قَصرة؛ و هو أصل الشجرة و مستغلظها، و بأعْناق النخل، و بأعناق الإبل.
و
عن الحسن رحمه اللّه تعالي: إنّ الشَّرَر يرتفع فوقهم كأعناق النّخل، ثم ينحط عليهم كالأيْنقُ السود.
و
في حديث سَلْمان رضي اللّه تعالي عنه: إنه مَرَّ به أبو سفيان فقال: لقد كان في قَصَرة هذا مواضع لسيوف المسلمين.
يعني أصل الرقبة؛ و كأنّه سمي بذلك لأنّها به تنتهي؛ من القَصَرة، و هو الغاية المنتهي إليها.
أَسر ثُمامة بن أُثال فأبي أن يُسْلِم قَصْراً فأعتقه فأسلم.
أيْ حَبْساً و إجباراً؛ من قصرتُ نفسي علي الشي‌ء؛ إذا حبستها عليه و رددتها عن أَنْ تَطْمَحَ إلي غيره.
و منه
حديث أسماء بنت عبيد الأشهلية رضي اللّه عنها: إنها أَتَتْ النبيَّ صلي اللّه عليه و آله و سلم فقالت: يا رسول اللّه؛ إنا معشرَ النساء مَحْصورات مَقْصورات، قَواعدُ بيوتكم، و حواملُ أولادكم؛ فهل نُشارِككم في الأجر؟ فقال: نعم، إذا أحْسَنْتُن تَبَعُّل «1» أزواجكن، و طلبتُن مرضاتهم.

[قصب]

: قال صلي اللّه عليه و آله و سلم لخَديجة رضي اللّه تعالي عنها: إِنَّ اللّه يبشركِ ببيت في الجنة من قَصَب؛ لا صَخَبٌ فيه و لا نَصَب. فقالت: يا رسولَ اللّه؛ ما بيتٌ في الجنة من قَصَب؟ قال: هو بيت من لُؤلؤة مُجَبَّأَة.
قال صاحب العين: القَصَب من الجوهر: ما استطال منه في تجويف.
و قالوا في المجبأة: هي المجوّفة كأنها قَلْبُ مُجَوَّبة؛ من الجَوْب. و هو القطع؛ و يجوز أن يكون من الْجَبْ‌ء؛ و هو نقِير يجتمع فيه الماء و جمعه جُبوء. قال جَنْدل بن المُثَنَّي:
يَدَعْن بالأمالس الصَّهارج مثل الجبُوءِ في الصَّفا السَّمارج
«2» شبّه تجويفها بالنّقير، فاستعير له كأنها نقُرت نقراً حتي صارت جَوْفاء؛ و حقها علي هذا أن تخرج همزتها بين بين عند المحققين إلّا علي لغة من قال: لا هَناك المَرتع.
______________________________
(1) امرأة حسنة التبعل: إذا كانت مطاوعة لزوجها محبة له.
(2) الرجز في لسان العرب (سمرج).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 105‌

[قصد]

*: إِنّ حُميد بن ثَوْر الهِلالي أتاه صلي اللّه عليه و آله و سلم حين أسلم فقال:
أصْبَحَ قَلِبي من سُلَيْمَي مُقْصَدَا إن خَطَأَ منها و إنْ تَعَمُّدا «1»
فَحَمّلَ الهِمَّ كِلازاً جَلْعَدا تَرَي العُلَيْفِيَّ عليها مُوكّدا
و بين نِسْعيه خِدَبّاً مُلْبِدا إذا السَّراب بالفَلاةِ اطّردا
و نَجَد الماءُ الذي تَوَرَّدا تَوَرُّدَ السِّيد أراد المرصدا
* حتي أرانا ربنا محمدا*
أقصدته: إذا طعنته فلم تخطئه.
الكلاز: المجتمعة الخَلْق، من كلزتُ الشي‌ء و كَلّزته؛ إِذا جمعته. و اكْلأزّ؛ إذا تجمَّع و تقبّض.
و الجَلْعد: نحوها؛ و اللام زائدة من التَّجَعّد؛ و هو التَّقَبُّض و التَّجَمُّع.
العُلَيْفِيّ: رحْل منسوب إلي عِلاف؛ و هو رَبّان أبو جَرْم، أول من عمل الرّحال، كأنه صَغَّر العِلَافِيّ تصغير التّرخيم.
المُوكّد: المُوثِّق- و يروي: مُوفِداً؛ أي مشرفاً.
خِدَباً: ضخماً؛ كأنه يريد سَنامها أو جَنْبَها المُجْفَر «2».
مُلْبِدا: عليه لبِدة من الوَبر.
نَجد الماء: سال العرق؛ و يقال للعرق النجد.
تورّد: تلوَّن؛ لأنه يسيل من الذِّفري أسود ثم يصفر، و شبهه بتلوّن الذئب.

[قصص]

: لا يَقُصّ إلّا أمير أو مأمور أو مُخْتَال.
أي لا يخطب إلّا الأمير؛ لأن الأمراء كانوا يتولوْن الخُطب بأنفسهم.
و المأمور الذي اختاره الأئمة فأمروه بذلك، و لا يختارون إلّا الرّضا الفاضل.
و المختال: الذي يَنْتَدِبُ لها رياء و خيلاء.

[قصر]

: إنّ أعرابيّاً جاءه صلي اللّه عليه و آله و سلم فقال: عَلِّمْنِي عَمَلًا يُدْخِلُنِي الْجَنَّة؛ فقال: لَئنْ كنت أَقْصَرْتَ الخُطبة لقد أَعْرَضْتَ المسأَلة؛ أعْتِق النَّسَمة، و فُكّ الرَّقَبة: قال:
أَ و لَيْسَا واحداً؟ قال: لا؛ عتق النَّسَمة: أن تُفْرَد بِعِتْقها. و فَكُّ الرقبة. أن تُعينَ في ثمنها، و المنحةُ الوَكوف، و الفي‌ءُ علي ذي الرحم الظالم.
______________________________
(3) (*) [قصد] و منه في صفته عليه الصلاة و السلام: كان أبيض مقصَّداً. و الحديث: القَصْدَ القَصْدَ تبلغوا.
و الحديث: كانت صلاته قصداً و خطبته قصداً. و الحديث: عليكم هدياً قاصداً. و الحديث: ما عال مقتصداً و لا يعيل. و في حديث علي: و أقْصَدتْ بأسهُمها. النهاية 4/ 67، 68.
(1) الرجز لحميد بن ثور في ديوانه ص 77.
(2) المجفر: العظيم البطن.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 106
أي جئت بالخُطْبة قَصيرة، و بالمسألة عَريضة واسعة. يقال: أقْصَرت فلانة؛ إذا ولدتْ أولاداً قِصاراً، و أعْرَضَتْ؛ إذا ولدتهم عِراضاً.
المنحة: شاة أو ناقةٌ يَجْعَلُها الرَّجُلُ لآخر سنة يحتلبها.
الوَكوف: التي لا يَكُفُّ دَرُّها.
الفي‌ء: العطف و الرجوع عليه بالبِرّ؛ أي و شأنك منحُ المَنيحة، و الفي‌ء علي ذي الرحم و لو رُويا منصوبين لكان أوجه؛ ليكون طباقاً للمعطوف عليه؛ لأن الفعل يُضْمَرُ قَبلَهما فيعطف الفعل علي مثله.
عمر رضي اللّه تعالي عنه- مَرَّ برجل قد قَصر الشعر في السوق فعاتبه.
أيْ جَزَّه؛ إنما كَرِهَهُ لأنّ الريحَ رُبَّما حملته فَأَوْقَعَتْهُ في المآكيل.
عَلْقمة رحمه اللّه تعالي- كان إذا خطب في نكاح قَصَّر دون أهله.
أي أمْسِكَ عَمَّنْ هو فوقه و خطب إِلي مَنْ دونه. قال الأعشي:
أَثْوَي و قَصّر ليلةً ليزوَّدَا فمضي و أخْلَف من قَتيلةَ مَوْعدا
«1» أي أقام و أمسك عن السَّفَر ليزود.

[قصل]

: الشَّعْبي رحمه اللّه تعالي- قال: أُغْمِي علي رجل من جُهينة في بدء الإِسلام فظنوا أنه قد مات، و هم جلوس حوله، و قد حَفَرُوا له إذْ أفاق، فقال: ما فعل القُصَل؟
قالوا: مَرَّ الساعة؛ فقال: أما إنه ليس عليّ بأس؛ إني أُتِيتُ حيث رأيتموني أُغْمِي علي؛ فقيل: لأمك هَبَل، أ لا تري حُفْرتك تُنْثَل! أرأيت إن حَوَّلناها عنك بمِحْول- وروي:
بمُحْول؛ و دفنا فيها قُصَل، الذي مشي فخَزِل، أتشكر لربك و تصل، و تدع سبيل من أشرك و ضل؟ قال: نعم. فبرأ. و مات القُصَل، فجعل فيها.
القُصَل: اسم رجل.
الهَبَل: النَّكَل؛ يقال: هَبِلته أمه هَبَلًا فهي هَابل؛ و الهَبول: التي لا يبقي لها ولد و رجل مُهَبَّل يقال له كثيراً: هُبلْت.
نَثَل البئر؛ إذا استخرج تُرابها.
المِحْول: مِفْعل من التحويل؛ كأنه آلة له؛ و نحوه المِجْمر لآلة التجمير؛ و بناؤهما علي تقدير حذف الزوائد.
المحوّل: موضع التَّحويل؛ أي لو حوّلنا هذه الحُفْرة عنك إلي غيرك.
خَزِل: تَفَكَّك في مِشْيته، و هي الخَيْزَلَي.
تقصع في (جر). قوصف في (صع). القصوي و القصري في (خب). تقصد في
______________________________
(1) البيت في ديوِان الأعشي ص 227، و فيه «فمضت» بدل «فمضي».
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 107
(رض). مقصداً في (مغ). تقصيتها في (نك). القواصف في (سبح). قصي في (نس).
أَقصَّ في (هو). قصر بهم في (ار). بالقصة في (دف). قصموا و قصفوا في (زف). قوصرة في (قر). أَقْصَاهُمْ في (كف). في القصي في (بر) من قصمة في (قر). قصر في بيته في (خم).

القاف مع الضاد

[قضب]

: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم-
قالت دفرة أم عبدِ اللّه بن أُذَيْنَة: كُنَّا نطوفُ مع عائشة رضي اللّه تعالي عنهما، فرأتْ ثوباً مُصَلّباً «1»، فقالت: إنَّ رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم كان إذا رآه في ثوب قَضَبه.
الضمير للتَّصْليب.
و القَضْب: القَطْع، و منه القضب للرّطبة، لأنه يُقْضب، و اقْتِضابُ الدابة: ركوبُها، قيل أن تُراض، لأنه اقتطاع لها عن حال الإهمال و التخلية، ثم استعيرَ منه اقتضابُ الكلام؛ و هو ارتجاله من غير تهيئة.

[قضأ]

: قال في الملاعنة: إنْ جاءت به سَبْطاً قضي‌ء العين فهو لهلال بن أمية.
هو الفاسد العين. يقال: قَضِئَ الثوبُ و تَقَضَّأَ إذا تفسأ، و قِرْبة قضيئة: بالية متشققة، و القَضْأَة: الْعَيْب.

[قضض]

*: يُؤْتَي بالدنيا بِقَضِّها و قَضِيضها.
أي بأجْمعها؛ من قولهم: جاؤوا بقَضِّهم و قَضِيضهم، و قَضِّهم بقضيضهم- و قد روي:
بالرفعِ. و المعني: جاؤوا مجتمعين فَيَقُضّ آخرهم علي أولهم؛ من قولهم. قضضنا عليهم الخيلَ، و نحن نَقُضُّها قضّاً فانقضت.
القضُّ في الأصل: الكسر، فاستعمل في سرعة الإرسال و الإيقاع، كما يقال: عِقاب كاسر، و تلخيصُه أنّ القَضّ وُضِع مَوْضِعَ القَاضّ كقولهم: زَوْر و صَوْم؛ بمعني زائر و صائم.
و القَضيض: موضع المقضوض؛ لأن الأول لتقدمه و حمله الآخر علي اللحاق به كأنه يَقُضّه علي نفسه، فحقيقته جاؤوا بمُسْتَلْحِقِهمْ و لا حقهم؛ أي بأولهم و آخرهم.
و عن ابن الأعرابي: القَضّ: الحَصَي الكِبار، و القَضِيض: الحصي الصغار؛ أي جاؤوا بالكبير و الصغير.
______________________________
(1) الثوب المصلّب: الذي فيه نقش أمثال الصلبان.
(2) (*) [قضض] و منه في حديث ابن الزبير و هدم الكعبة: فأخذ ابن مطيع العتلة فعتل ناحية من الرُّبْض فاقضّه. و في حديث هوازن: فاقتض الإداوة. النهاية 4/ 77.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 108
صَفْوان رضي اللّه تعالي عنه- كان إذا قرأَ هذه الآية: وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ [الشعراء: 227]- بَكَي حتي يُري لقد انْدَقَّ قَضِيضُ زَوْره.
يَحْتَمِل- إنْ لم يكن مُصَحَّفاً عن قَصص، و هو المُشَاش «1» المغروزة فيه شَراسيف «2» أطراف الأضلاع في وسط الصّدر- أن يصفه بالقَضِيض و هو المكسور لمآله إلي ذلك، و مُشَارَفَتِه له،
كقوله صلي اللّه عليه و آله و سلم: «لَقِّنُوا موتاكم شهادة أن لا إله إلّا اللّه»
، و كقوله:
أقول لهم بالشِّعب إذ يَيْسِرونني ألم تعلموا أن ابن فارس زَهْدم
و الزَّور: أعلي الصدر.
فتقضقضوا في (اط). فيقضقضها في (شج). اقتضها في (نط). القضيب في (فق).
فسنقضم في (خض). و اقض في (رف). و القضم في (عس). اقتضي مالك في (جو).

القاف مع الطاء

[قطف]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنه:
خرجت معه في بعض الغَزوات، فبينا أنا علي جَمَلي أسير، و كان جملي فيه قِطاف، فلحِق بي فضرب عُجَز الجمل بسوط، فانطلق أوسع جَمَلٍ ركبته قَطّ يُواهق ناقته مُواهقةً.
القِطاف- بوزن الحِرَان و الشِّماس: مقاربة الخُطي و الإبطاء، من القَطْف و هو القَطْع؛ لأن سيره يجي‌ء مُقَطَّعاً غير مُطّرِد.
و نقيضه الوَساعة؛ و قد وَسُع فهو وَساع، و منه قوله: أوْسع جمل.
قَطّ: اسم للزمان الماضي، كَعَوْضُ للآتي.
المُوَاهقة: المباراة في السير، و اشتقاقها من الوَهَق، و هو الحبل المغار يُرْمَي به في أُنْشُوطة فيؤخذ به الدابّة و الإنسان، و منه وَهَقه عن كذا؛ أي حَبَسَه؛ لأن كل واحد من المتباريين كأنه يُريدُ غلبةَ صاحبه و حَبْسَه عن أنْ يسبقه.

[قطع]

*: إنّ رجلًا أتاه صلي اللّه عليه و آله و سلم و عليه مُقَطَّعاتٌ له.
______________________________
(1) المشاش: رؤوس العظام.
(2) الشراسيف: جمع شرسوف: و هو الغضروف المعلق بكل ضلع.
(3) (*) [قطف] و منه الحديث: أنه ركب علي فرسٍ لأبي طلحة يقطف. و الحديث: أقطف القوم دابة أميرهم. و الحديث: يجتمع النفر علي القِطف فيشبعهم. و الحديث: تعس عبد القطيفة. النهاية 4/ 84.
(4) (*) [قطع]: و منه الحديث: لما قدم المدينة أقطع الناس الدور. و الحديث: كانوا أهل ديوان أو مقطعين.
و في حديث اليمين: أو يقتطع بها مال امري‌ء مسلم. و الحديث: و لو شئنا لاقتطعناهم. و في حديث صلة الرحم: هذا مقام العائذ بك من القطيعة. و في حديث أبي ذر: فإذا هي يقطَّع دونها السراب.-
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 109
هي الثياب القِصَار؛ لأنها قُطعَتْ عن بلوغ التمام، و منه قول جرير للعجاج: أما و اللّه لئِن سهرتُ له ليلة لأدعنَّه و قلما تغني عنه مُقَطّعاته؛ يعني أراجيزه لقصَرها.
و منه
حديث ابن عباس رضي اللّه تعالي عنهما: في وقت صلاةِ الضحي إذا تقطّعت الظلال.
أي قَصُرَت، لأنها تمتدّ في أول النهار، فكلما ارتفعت الشمس قَصُرت.
و
في حديثه صلي اللّه عليه و آله و سلم: إنه نهي عن لبس الذهب إلّا مُقَطَّعاً.
أراد الشي‌ء اليسير كالحلقة و الشَّذْرة و نحو ذلك. و عن شَمِر: إن المُقَطعات الثياب التي تقطع و تخيَّط كالجلباب و القميص و غير ذلك، دون الأردية التي يُتَعَطَّفُ بها، و المَطَارف و الأكسية و نظائرها.
و استشهد
بحديث عبد اللّه بن عباس: نخلُ الجنة سَعَفها كُسْوَةٌ لأَهْلِ الجنَّةِ منها مُقَطَّعَاتُهم و حُلَلهم.
و
عنه: إنّ المقَطَّعات بُرود عليها وَشْيٌ مُقَطَّع.

[قطن]

*: إنّ آمنة أمَّه صلي اللّه عليهما و سلم قالت: و اللّه ما وجدتُه في قَطَن و لا ثُنَّة، و لا أجده إلّا علي ظَهْر كَبدي و في ظهري، و جعلت تَوْحَم.
القَطَن: أسفل الظَّهْر.
و الثُّنَّة: أسفل البطن من السُّرّة إلي ما تحتها. الوَحَم: شَهْوَة الحُبْلي. و قد وَحِمت، و هي وَحْمي. و في أمثالهم: وَحْمَي و لا حَبَل.

[قطب]

*: قال صلي اللّه عليه و آله و سلم لرافِع بن خَدِيج- و رُمِي بسهم في ثَنْدُوَتِه- إن شِئْتَ نزعتُ السَّهْمَ، و تركتُ القُطْبَة، و شهدتُ لك يوم القيامةِ أنك شهيد.
[القُطْبَة]: هي نَصْل صغير يُرْمَي به الأغراض.

[قطع]

: أبو بكر رضي اللّه تعالي عنه- ذكره عمر فقال: و ليس فيكم من تَقَطَّع عليه الأعْنَاق مثل أَبي بكر.
______________________________
- و الحديث: إن بين يدي الساعة فتناً كقطع الليل المظلم. و في حديث وفد عبد القيس: يقذفون فيه من القطيعاء. النهاية 4/ 82، 83، 84.
(1) (*) [قطن] و منه في حديث الأفاضة: نحن قطين اللّه. و في حديث عمر: أنه كان يأخذ من القطنية العُشْر.
النهاية 4/ 85.
(2) (*) [قطب] و منه الحديث: أنه أُتي بنبيذٍ فشمَّه فقطَّب. و في حديث المغيرة: دائمة القطوب. و في حديث فاطمة: و في يدها أثر قطب الرحي. و الحديث: فيأخذ سهمه فينظر إلي قطبه فلا يري عليه دماً. و في حديث عائشة: لما قُبض رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم ارتدَّت العرب قاطبة. النهاية 4/ 79.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 110
يقال للفرس الجَواد: تقطَّعَت أعناق الخيل عليه فلم تلحَقْه. و قال:
يُقَطِّعُهنَّ بتَقْرِيبِه و يَأْوِي إلَي حُضُرٍ مُلْهِبِ
«1» يريد ليس فيكم أحد سابقٌ كأبي بكر.
من: نكرة موصوفة، و هو اسمُ ليس. و مثل أبي بكر صفة له بعد صفته التي هي منه بمنزلة الصِّلة من الموصول في عدم الانفكاك منها، و الظرفُ خبر. و يجوز أن ينصب مثلَ حملًا علي المعني؛ أي ليس فيكم سابق سبقاً مثل سبق أبي بكر. أو علي أنه خبرُ ليس، و فيكم لَغْو.

[قطر]

*: ابن مسعود رضي اللّه تعالي عنه- لا يُعْجبنَّك ما تَري من المَرْءِ حتي تنظرَ علي أيِّ قُطْرَيْهِ يَقَعُ.
أي علي أيِّ شِقَّيه يقع في خاتمةِ عمله: أ عَلي شقِّ الإسلام أَوْ غيره.

[قطرب]

: لَا أعرفنَّ أحَدَكم جيفَةَ ليلٍ، قُطرُب النهار.
هو دُوَيّبة لا تستريح نهارها سَعْياً، فشَبّه بها الإنسانَ يسعي جميعَ نهاره في حوائج دنياه، ثم يُمسي كَالًا فينام جميعَ ليله.

[قطن]

: سَلْمَان رضي اللّه تعالي عنه- كنتُ رجلًا علي دين المجوسيّة فاجتهدت فيها حتي كنتُ قَطِنَ النار الذي يُوقِدها.
يروي بكسر الطاء و فتحها بمعني القاطن «2»؛ و هو المقيمُ عندها الذي لزمها فلا يفارقُها.

[قطط]

: زيد بن ثابت رضي اللّه تعالي عنه- كان لا يَري بِبَيْع القُطوط إذا خرجَتْ بأساً.
هي الخُطوط التي فيها الأرزاق، يُكْتَب بها إِلي النواحي التي فيها حق السلطان. قال الأعشي:
و لا المَلِك النُّعْمَان يومَ لقِيتُه بأَمَّتِه يُعْطِي القُطوطَ و يَأْفِقُ
«3»
______________________________
(1) البيت للجعدي في لسان العرب (قطع).
(4) (*) [قطر] و منه: أنه عليه السلام كان متوشحاً بثوب قطري. و في حديث علي: فنفرت نَقَدَةٌ فقطَّرَت الرجل في الفرات فغرق. و في حديث عمارة: أنه مرَّت به قِطارة جمال. النهاية 4/ 80.
(2) قطن النار، بالكسر، خازنها و خادمها، و يجوز أن يكون مقيماً عليها، أراد أنه كان ملازماً لها لا يفارقها، من قطن في المكان إذا لزمه، و يروي بفتح الطاء، جمع قاطن كخدم و خادم، و يجوز أن يكون بمعني قاطن كفرط و فارط (لسان العرب: قطن).
(3) البيت في ديوان الأعشي ص 219.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 111
الواحد قِطّ. قال اللّه تعالي: عَجِّلْ لَنٰا قِطَّنٰا [ص: 16]، و هو من القطّ بمعني القَطْع، لأنه قِطْعة من القرطاس أو قِطْعة من الرزق. و المعني أنه رخّص في بيعها؛ و هو من بَيْع ما لم يُقْبض.

[قطع]

: ابن عمر رضي اللّه تعالي عنهما- أصابه قُطْع أو بُهْر، و كان يُطْبَخ له الثَّوم في الحَسَاء فيأكله.
القُطْع: انقطاع النفس، و قد قُطِع فهو مَقطوع.

[قطر]

: ابن سيرين رحمه اللّه تعالي- كان يكره القَطَر.
هو المُقاطَرة، و هي أن يزن جُلَّة من تمر أو عِدْلًا من متاع أو حبّ و يأخذ ما بقي علي حسابِ ذلك و لا يَزِنه، من قطار الإبل لإتْبَاع بعضِه بعضاً.
القطن في (رج) يقطع في (رك). القطف في (غر). القطط في (دو). قط في (حو).
قط في (شت). علي القِطْع في (ول). قطريه في (زف). أقَطّ في (كي). قط قط في (قد).
[قطقط في (وس)].

القاف مع العين

[قعد]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- بعث عشرة عَيْناً، و أمَّرَ عليهم عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح فلقيه المشركون فقال:
أَبو سليمانَ و رِيشُ المُقْعَدِ وَ وَتر مِنْ مَسْكِ ثَوْرٍ أَجْرَدِ
وَ ضَالَةٌ مِثْلُ الجَحِيمِ المُوقَدِ «1»
فرمَوْهُ بالنبل حتي قَتلوه في سَبْعَة. و بعثت قُرَيش إلي عاصم ليأتوا برأسه و شي‌ء من جسده، فبعث اللّهُ مثلَ الظُّلَّة من الدَّبْرِ فحمَتْه.
المُقْعَد: رجلٌ نَبّال، و كان مُقْعَداً.
و عن [ابن] الأعرابي المقعد: فَرْخُ النَّسر، و رِيشُه أجودُ الرِّيش. و مَنْ رَوَاه «المُعْقَد» فهوَ اسمُ رجلٍ كان يَرِيشُ السِّهام.
و قيل: الْمُقْعَد النَّسْر الذي قُشِبَ له حتي صِيدَ فأُخِذَ رِيشُه.
الأَجْرَد من الخيل و الدوابَّ كلها: القصير الشَّعر، و لعلّ جلده أَقْوَي، و الوَتر المعمول منه أجْوَد.
______________________________
(2) (*) [قعد] و منه في حديث أسماء الأشهلية: إنا معاشر النساء محصورات مقصورات، قواعد بيوتكم حوامل أولادكم.
و في حديث عبد اللّه: من الناس من يذلُّه الشيطان كما يُذِلّ الرجل قعوده. النهاية 4/ 87.
(1) الرجز في لسان العرب (قعد).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 112
الضّالَة: السِّدْرَة البعيدة من الماء، و أراد بها السهام المصنوعة منها، كما يُراد بالنّبعة و بالشِّرْيانة «1» القَوْس.
الجحيم: الجمر. قال الهُذَليّ:
أَذبُّهمُ بالسيفِ ثم أبثّها عليهم كما بَثَّ الجحيم القَوابِس
«2» الدَّبْر: النحل، يريد أنا أبو سليمان، و معي هذا السلاح العتيد؛ فما يمنعني من المقاتلة؟ كأنَّه قال: أنا الموصوفُ بفضلِ الرِّماية و آلتُها كاملةٌ عندي، فلا عِلّة. أو فاحذروني؛ و بهذا سُمِّيَ حَمِيّ الدَّبْرِ.

[قعي]

: نهي صلي اللّه عليه و آله و سلم عن الإقْعَاء في الصَّلاة
- و
روي: نهي أن يُقْعِيَ الرجلُ كما يُقْعِي السَّبُع.
و
عنه صلي اللّه عليه و آله و سلم: أنه أكل مَرَّةً مُقْعياً.
و هو أن يجلس علي أَلْيَتَيْه ناصباً فَخِذيْه.

[قعد]

: سأل النبيّ صلي اللّه عليه و آله و سلم عن سحائب مرَّت، فقال: كيف تَرَوْنَ قَوَاعِدَها و بَوَاسِقَها و رَحَاهَا؛ أجُون أم غير ذلك؟ ثم سأل عن البرقِ، فقال: أَ خَفْواً أو وَمِيضاً، أم يَشُقُّ شَقّاً؟ قالوا: يَشقُّ شَقّاً. فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: جاءِكم الحياء.
أراد بالقَوَاعد ما اعترض منها [و سفل] كقواعد البنيان، و بالبواسق ما استطال من فُرُوعها، و بالرَّحي ما استْدَار منها.
الجُون في جَوْن كالُورْد في وَرْد.
الخَفْوُ و الخَفْيُ: اعتراضُ البَرْقِ في نَواحي الغَيْم.
قال أبو عمرو: هو أن يلمع من غير أن يَسْتَطِير. و أنشد:
يبيتُ إذا ما لاحَ من نحو أَرْضِهِ سَنا البرقِ يكْلَا خَفْيَه و يُراقِبه
و الوميض: لَمْعُه ثم سكونه، و منه أَوْمض إذا أوْمي.
و الشق: اسْتِطَالَتُه إلي وسط السماء من غير أن يأخذ يميناً و شمالًا. أراد أَ يَخْفُو خَفْواً أم يمض وميضاً؟ و لذلك عطف عليه يَشُقُّ شقّاً، و إظهار الفِعْل‌ها هنا بعد إضماره فيما قبله نظيره المجي‌ء بالواو في قوله عزّ و جل: وَ ثٰامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ [الكهف: 22] بعد تركها فيما قبلها.

[قعبر]

: قال له صلي اللّه عليه و سلم رجل: يا رسول اللّه؛ مَنْ أَهْلُ النار؟ قال: كل قَعْبَري.
______________________________
(1) الشريان: شجر من عضاه الجبال يعمل منه القسي، واحدته شريانة.
(2) البيت لربيعة بن جحدر الهذلي في شرح أشعار الهذليين ص 644.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 113
قال: يا رسول اللّه؛ و ما القَعْبَرُيّ؟ قال: الشّديد علي الأَهْل، الشديدُ علي الصَّاحب.
أَري أنه قلبُ عَبْقَري، يقال: رجل عَبْقَري، و هذا عَبْقَرِيُّ قوم: إذا كانَ شَدِيداً. و ظُلْمٌ عَبْقَري؛ أي شديدٌ فَاحِش. و أنشد الأصمعي لرجل من غطفان:
أ كلّف أَن تحلّ بنو سليم جبوب الإِثم ظلم عَبْقَرِي
و قد جاء القلبُ في كلامهم مجيئاً صالحاً؛ يقولون: كَعْبَره بالسيف و بَعْكَره، و تَقَرْطب علي قفاه و تَبَرْقَط، و سحابٌ مكفهرّ و مُكْرَهِف، و اضمَحَلّ و امْضَحلّ؛ و لعمري و رَعَمْلِي، و عَصَافِير القُتَب و عَرَاصيفه.

[قعر]

: إِنَّ رجلًا انْقَعَر عن مالِه فجاءت ابنةُ أُخته رسولَ اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم تسألُه الميراثَ؛ فقال: لا شي‌ءَ لك، اللهمّ من مَنَعْت ممنوع.
انقعر: مطاوع قَعره إذا قلَعه، قال اللّه تعالي: كَأَنَّهُمْ أَعْجٰازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ [القمر:
20]. و يقال: نخل قَوَاعر، و المعني مات عن مَال له.
من مَنَعْت ممنوع؛ أي مَنْ حَرمْته الميراثَ فهو مَحْرُوم.

[قعص]

*: الزبير رضي اللّه تعالي عنه- كان يَقْعَصُ الخيلَ قَعْصاً بالرُّمْح يوم الجَمَل حتي نَوَّهَ به عليّ رضي اللّه تعالي عنه.
يقال: قعصه و أَقْعَصه: قَتله ذَريعاً- عن الأصمعي و ابن الأعرابي. و قال امرؤ القَيْس:
مُؤْنِقة حدب البَرَاجِم فَوْقَها حَرائِبَ سُمْر مُرْهَفات قَوَاعِص
«1» نوَّه به: شَهَرَه و عَرَّفَه.

[قعد]

: العُطاردي رحمه اللّه- لا تكونُ متَّقِياً حتي تكونَ أَذلَّ من قَعُود؛ كل من أتي عليه أَرْغَاه.
هو البعير الذَّلول الذي يُقْتَعَد.
الإرغاء: الحمل علي الرُّغاء. و المعني قَهَرَه بالركوب و حَمَل عليه حتي رَغَا ذلًّا و استكانة.
الاقتعاط في (لح). كقعاص في (مو). قعساً في (مل). اقعص في (دف). اقعنبيت في (جر). قعصا في (حب). قعقعة في (قي).
______________________________
(2) (*) [قعص] و منه الحديث: و من قتل قعصاً فقد استوجب المآب. و في حديث ابن سيرين: أقعص ابنا عفراء أبا جهل. و في حديث أشراط الساعة: موتانٌ كقعاص الغنم. النهاية 4/ 88.
(1) البيت ليس في ديوان امرؤ القيس.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 114‌

القاف مع الفاء

[قفو]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم: نحن بنو النضر بن كنانة لا نَنْتَفِي من أبينا، و لا نَقْفُو أُمَّنا.
أي لا نَتَّهمُها و لا نَقْذِفُها. يقال: قفا فلان فلاناً إذا قذفَه بما ليس فيه. و منه قوله تعالي: وَ لٰا تَقْفُ مٰا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ [الإسراء: 36].
و القَفِيَّة: القَذِيفة؛ كالشتيمة و العَضِيهة. و قالت امرأة في الجاهلية:
من رَجُل تَحْمِلُهُ مَطِيَّه و قِرْبَة مُوكَعَة مَقْرِيَّه
يَأْتي بني زيد علي ضَرِيَّه يخبرهم ما قلْتُ من قَفِيَّه
و هو من قَفَوْتُه: إذا اتّبعت أَثره؛ لأن المتهم متتبّع متجسّس.
و منه
حديث القاسم: لا حَدَّ إلّا في القفو البيّن.
و منه
حديث حسّان بن عطية: مَنْ قَفَا مُؤْمناً بما ليس فيه وَقَفَهُ اللّهُ في رَدْغَة الخَبَال حتي يجي‌ء بالمخرج منه.
رَدْغَة الخبال: عُصارة أهل النار.

[قفر]

*: ما أَقْفَر بيتٌ فيه خلّ.
أي ما صار ذَا قَفَار، و هو الخبْزُ بلا أُدم.

[قفز]

*: نهي صلي اللّه عليه و آله و سلم عن قَفِيز الطَّحان.
هو أن يستأجِرَ رجلًا ليَطْحَن له كُرّ «1» حِنْطة بقفيزٍ من دَقيقها.
و نحوه
حديث رَافع بن خَدِيج رضي اللّه تعالي عنه: لا تستأجرها بشي‌ءٍ منها.

[قفع]

*: عمر رضي اللّه تعالي عنه- سُئل عن الجراد. فقال: وَدِدْتُ أن عندنا منه قَفْعَة أو قَفْعَتين.
هي شي‌ء ضيِّق الأعلي وَاسِع الأسفل كالقُفّة، تُتَّخَذُ من خوص يُجْتَنَي فيه الرُّطَب؛ من
______________________________
(2) (*) [قفو] و منه في أسمائه ص: المقفَّي. و الحديبث: فلما قفّي قال كذا. و في حديث طلحة: فوضعوا اللُّجُّ علي قفيَّ. و في حديث ابن عمر: أخذ المسحاة فاستقفاه فضربه بها حتي قتله. النهاية 4/ 94.
(3) (*) [قفر] و منه حديث عمر: فإني لم أتهم ثلاثة أيام و أحسبهم مقفرين. و الحديث: أنه سئل عمَّن يرمي الصيد فيقتفر أثره. النهاية 4/ 89.
(4) (*) [قفز] و منه الحديث: لا تنتقب المحرمة و لا تلبس قفَّازاً. النهاية 4/ 90.
(1) الكر: مكيال لأهل العراق، و هو ستون قفيزاً.
(5) (*) [قفع] و منه في حديث القاسم بن مخيمرة: أن غلاماً مرَّ به فعبث به، فتناول القاسم قفعةً شديدة.
النهاية 4/ 91.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 115
قَفَّعَه إذا قَبَّضه، يقال: تقفَّعت أصابعه و قفَّعها البَرْدُ. و نظر أَعْرَابي إلي قُنْفُذَة قد تقبَّضت فقال: أ تُرَي البرد قَفَّعَها. و عن بعضهم: إنّ القَفْعَة جلّة التَّمْر- يمانية.

[قفن]

: قال له حُذَيفة رضي اللّه تعالي عنهما: إنَّك تَستَعينُ بالرَّجل الذي فيه- و روي:
بالرجل الفَاجِر، فقال: إني أستعمله لأَستَعين بقُوَّته ثم أكون علي قَفَّانِه.
يقال: أتيتُه علي قَفّان ذلك و قَافيته؛ أي علي أثر ذلك. و أنشد الأصمعي.
و ما قلَّ عندي المالُ إلَّا سترتُه بِخِيْم علي قَفَّانِ ذلِكَ وَاسِع
و هو فَعَّال، من قَوْلِهم في القَفَا القَفَن- رواه النضر.
و يقال: قَفَن الرَّجلَ قَفْناً: ضرب قَفَاه؛ يريد ثم أكون علي أثَرِه و من ورائِه أتَتَبَّعُ أُمُوره و أَبْحَثُ عن أخباره، فكِفَايته و اضطلاعه بالعمل يَنْفعُني، و لا تَدَعه مُرَاقبتي و كَلَاءَةُ عَيْني أن يَخْتان.
و قيل: هو من قولهم: فلان قَبّان علي فلان و قَفّان عليه؛ أي أَمين عليه يتحفّظ أمره و يُحَاسبه، كأنه شَبَّه اطِّلَاعه علي مجاري أحواله بالأمين المنصوب عليه؛ لإِغْنَائه مَغْنَاه و سدِّه مسدَّه.

[قفل]

*: أربع مُقْفَلَات: النَّذْرُ و الطَّلَاق و العِتَاق و النّكاحُ.
أي لا مَخْرَج منهن، كأنَّ عليهنَّ أقْفالًا؛ إذا جَرَي بهنّ القولُ وجب فيهنَّ الحكم.
و
في الحديث: ثلاث جِدّهن جِدّ و هزْلُهن جِدّ: الطَّلَاق و النِّكاح و العِتاق.

[قفي]

: العباس رضي اللّه تعالي عنه- خرج عُمر يَسْتَسْقِي به؛ فقال: اللهم إِنَّا نتقرَّب إليك بعمِّ نبيك و قَفِيَّةِ آبائه و كُبْرِ رِجاله. فإنَّك تقولُ و قولُك الحق: وَ أَمَّا الْجِدٰارُ فَكٰانَ لِغُلٰامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَ كٰانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمٰا وَ كٰانَ أَبُوهُمٰا صٰالِحاً. فحفظتهما لِصَلَاحِ أبيهما، فاحْفَظ اللهم نبيَّك في عَمِّه؛ فقد دَلَونَا به إليك مستشفعين و مُسْتَغْفِرين. ثم أَقْبَلَ علَي الناس فقال: اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كٰانَ غَفّٰاراً يُرْسِلِ السَّمٰاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرٰاراً وَ يُمْدِدْكُمْ … إِلي قوله: أَنْهٰاراً [نوح: 10- 12].
قال الراوي: و رأيت العباس و قد طَالَ عُمَر «1»، و عيناه تَنْضَحَان، و سَبَائِبه تَجُول علي صَدْرِه و هو يقول: اللهم أنتَ الرَّاعي لا تهمل الضالّة، و لا تدع الكسير بدَارِ مَضْيعة؛ فقد ضَرَع الصغير، و رقَّ الكبير، و ارتفعت الشكوي، و أَنت تعلم السِّرَّ وَ أَخْفيٰ. اللهم فأَغِثْهم بِغِيَاثك من قبل أَن يَقْنَطوا فيهلكوا؛ ف إِنَّهُ لٰا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللّٰهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكٰافِرُونَ. فنشأت
______________________________
(2) (*) [قفل] و منه حديث ابن عمر: قفلة كغزوة. النهاية 4/ 93.
(1) طال عمر: أي كان أطول منه.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 116
طَرَيرَة من سَحَاب. و قال الناس: ترون ترون؟ ثم تلامَّت و استَتَمَّت، و مشت فيها ريح، ثم هدَّت و دَرّت؛ فو اللّه ما بَرِحوا حتي اعتلقوا الحِذَاء، و قلَّصُوا المآزِر، و طَفِق الناس بالعباس يمسحون أَركانَه و يقولون: هنيئاً لك ساقي الحرمين.
قَفِيَّة آبائِه: تِلْوهم و تَابعهم. يقال: هذا قَفِيُّ الأشْيَاخ و قَفِيَّتُهم إذا كان الخَلَف منهم؛ من قَفَوْت أَثره. ذهب إلي استسقاء [أبيه] عبد المطلب لأَهل الحرم و سَقْي اللّه إياهم به.
و قيل: هو المُخْتَار من القَفِيّ. و هو ما يُؤْثَر به الضَّيْفُ من طعام. و اقْتَفاه: اختاره. و هو القِفْوة نحو الصِّفْوَة من اصطفي.
يقال: هو كُبْر قومه- بالضمّ- إذا كان أقعدهم في النَّسب، و هو أن ينتسب إلي جده الأكبر بآباء قليل. قال المَرَّار:
*وَلي الْهَامة فيهم و الكُبُرْ «1»
* و أما الكِبْر بالكسر فعُظم الشي‌ء. يقال: كِبْرُ سِيَاسةِ النَّاسِ في المال- و روي: الفرَّاء فيه الضم، كما قيل: عُظْم الشي‌ء لمُعْظمه، و زعم أن قوله تعالي: وَ الَّذِي تَوَلّٰي كِبْرَهُ مِنْهُمْ [النور: 11] قري‌ء باللغتين.
دَلَوْنَا به إليك: مَتَتْنَا و توسَّلنا، من الدَّلو؛ لأنَّه يتوصْل بها إلي الماء، كأنه قال: جعلناه الدّلو إلي رحمتك و غَيْثِك. و قيل: أَقْبلنا به و سُقْنَا؛ من الدَّلو و هو السَّوْق الرفيق. قال:
*لا تنبلاها و ادْلَواهَا دَلْوَا «2»
* يقال: طَاوَلته فطلْته؛ أي غلبتُه في الطول.
و
عن عليّ بن عبد اللّه بن عباس أنه طاف بالبيت و قد فَرَع الناسَ كأنه راكب و هم مُشَاة، و ثَمَّت عجوز قديمة فقالت: من هذا الذي فَرَع الناس؟ فأُعْلِمت، فقالت: لا إله إلّا اللّه! إنّ الناس ليَرْذُلُون، عهدي بالعباس يطوفُ بهذا البيتِ كأنَّه فسطاط أبيض.
و
يروي: إِنّ عليّاً كان
______________________________
(1) صدره:
ولي الأعظم من سلافها
و البيت في لسان العرب (كبر).
(2) الرجز بلا نسبة في تخليص الشواهد ص 180، و جمهرة اللغة ص 671، 682، 1061، 1266، و خزانة الأدب 7/ 479، و شرح شافية ابن الحاجب 3/ 215، 217، و شرح شذور الذهب ص 575، و شرح شواهد الشافية ص 449، و شرح المفصل 1/ 23، 5/ 8، و لسان العرب (دلا) و (غدا)، و المقتضب 2/ 238، 3/ 153، و الممتع في التصريف 2/ 623، و المنصف 1/ 64، 2/ 149. و رواية الرجز في لسان العرب:
لا تعلواها و ادلوها دلْوَا إنَّ مع اليوم أخاهُ غَدْوَا
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 117
إلي مَنْكِب عبدِ اللّه، و عبد اللّه إلي مَنْكِب العباس، و العباس إلي مَنْكِب عبد المطلب.
السَّبَائِب: جمع سَبِيبة، و هي خُصَل الشعر المُنْسَدرة علي الكَتفين. و السبيب: شَعْرُ الناصية الطويل المائل، قال:
*ينفضن أَفْنَان السَّبِيب و العُذَرْ «1»
* قال رحمه اللّه: و لو رُوِي و سبَّابته لكانت أوقع مما نحن بصَدَدِه من ذِكر الدعاء؛ لأن الدَّاعي من شَأنه أَنْ يُشير بالسبابة، و لذلك سُمِّيت الدَّعَّاءَة.
الرَّاعي الحسنُ الرِّعية إذا ضَلَّت من مرعيه ضالّة طلبها و ردّها. و إذا أصاب بعضه كَسْر لم يُسْلِمه للسبع، و لكنه يرفق به حتي يصلح، فضربَه مثلًا.
ضَرعَ: بالكَسر و الفتح ضراعة، إذا خضع و ذلّ.
الطرَّة: القِطْعة المستطيلة من السّحاب، شُبِّهت بطُرَّة الثوب «2».
هَدَّت من الهَدّة.
قال أبو زيد: الهَدَّة- بتشديد الدال: صوتُ ما يقعُ من السماء. و الهدأَة- مهموزة:
صوت الحبلي- وروي: هدأت علي تشبيه الرعد بصَرْخة الحبلي.
قَلص الإزار و قلَّصته. و يُقال: قميص مُقَلّص و مُتَقَلّص. سمي سَاقِي الحرمين بهذه السّقيا، و بأنه ساقِي الحَجِيج بمكة.

[قفز]

: ابن عمر رضي اللّه تعالي عنهما- كُرِه للمُحْرِمَة النِّقاب و القُفَّازَيْن.
هما شي‌ء يُعمل لليَدَيْن مَحْشُوّ بقُطْن له أَزْرَارٌ تُزَرُّ علي السَّاعِدَين، تلبسه نساءُ العرب توقّياً من البَرْد. و قيل: ضربٌ من الحلي تتَّخِذه المرأةُ في يديها و رجليها. و منه تقفَّزَتْ بالحِنَّاء: إذا نَقَشَت يديها و رِجْلَيها.
و
في حديث عائشة رضي اللّه تعالي عنها- إنها رَخَّصَتْ للمُحْرِمَة في القُفّازَيْنِ.

[قفر]

: قال له رضي اللّه تعالي عنه يَحْيي بن يَعْمر: أبا عبد الرحمن؛ إنه قد ظَهَر أُنَاسٌ يقرؤون القُرْآن، و يَتَقَفَّرُون العِلْم، و إنهم يَزْعُمُون أنْ لا قَدَر، و إنما الأمْرُ أُنُف. فقال: إذا لقيتَ أولئك فأَخْبِرْهم أني منهم بري‌ء و أنهم بَرَاء مِنّي.
أي يتطلَّبونه و يتتَبَّعونه، يقال: اقتفرت أثره و تقفَّرته. قال الفرزدق:
تَنَعَّلْنَ أطراف الرِّبَاط و ذيَّلَتْ «3» مخافةَ سهل الأَرض أن يَتَقَفَّرا
أُنُف: أي مستأنف، لم يَسْبق بد قَدر؛ من الكلأ الأُنف؛ و هو الوَافِي الذي لم يُرْعَ منه.
______________________________
(1) العذرة: الناصية أو الخصلة من الشعر، و جمعها عذر.
(2) طرة الثوب: جانبه الذي لا هدب له، و قيل: هي شبه علمين يخاطان بجانبي البرد علي حاشيته.
(3) ذيل فلان ثوبه تذييلًا: إذا طوله.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 118‌

[قفف]

*: العُطَارِدي رحمه اللّه تعالي- يأتونني فيحملونني كأنني قُفّة حتي يضَعوني في مقام الإمام، فأقرأ بهم الثلاثين و الأربعين في رَكْعة.
القُفّة: كَهَيْئَةِ القَرْعة تُتَّخذ من خُوص يُجْتَنَي فيها النّخل، و تضع فيها النساء غَزْلهن، و يُشَبَّه بها الشيخ و العجوز. فيقال: شيخ كأنه قُفَّة، و عجوز كأنها قُفّة. و في أمثالهم: صِيَامُ فُلَانٌ صِيَام القُفَّة. و قيل: هي الشجرة اليابسة. و عن الأصمعي أن القُفَّة من الرجال الصغير الجرم. قد قُفّ؛ أي انضمّ بعضُه إلي بعض حتي صار كأنه قُفّة، و هي الشجرة اليابسة. و قال الأزهري: الشجَرة بالفتح، و المِكْتَل بالضَّم.

[قفن]

: النخعي رحمه اللّه تعالي- قال فيمن ذبح فأبان الرأس: تلك القَفِينة.
أي لا بأس بها. سمِّيت المُبَانَة الرأس قَفِينة؛ لأنه يقطع قَفَنها أي قَفَاها. و قَفن الشاة و اقْتَفَنها. و القَفِيَّة مثل القَفِينة- عن أبي زيد، و عن ابن الأعرابي: القَنِيفَة.

[قفر]

: ابن سيرين رحمه اللّه تعالي- إنَّ بني إسرائيل كانوا يَجِدون محمداً صلي اللّه عليه و آله و سلم مبعوثاً عندهم، و أنه يَخْرُج من بعض هذه القُرَي العربية فكانوا يَقْتَفِرُون الأثَرَ في كل قَرْية حتي أَتَوْا يثرب فنزل بها طائفةٌ منهم.
أي يتتبَّعُونَه.

[قفش]

: البناني رحمه اللّه تعالي- قال: لم يَتْرُك عيسي ابن مريم عليهما السلام في الأَرْض إلّا مِدْرَعة صوف و قَفْشين و مِخْذَفَة.
________________________________________
زمخشري، ابو القاسم، محمود بن عمر، الفائق في غريب الحديث، 4 جلد، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، اول، 1417 ه ق
الفائق في غريب الحديث؛ ج‌3، ص: 118
أي خُفَّين قصيرين، و الكلمة مُعَرّبة، و مِقْلاعاً. و لو روي بالحاء فهي العصا.
قفّ في (قح). قائفاً في (عي). قفقفة في (خم). فاستقفاه في (حو). القائف في (ثم). علي قفي في (نش). علي قافية في (جر).

القاف مع القاف

[ققق]

: ابن عمر رضي اللّه تعالي عنهما- قيل له: أَ لَا تُبايع أميرَ المؤمنين- يعني ابنَ الزُّبير؟ فقال: و اللّه ما شبَّهْتُ بَيْعَتهم إلّا بقَقَّة. أ تعرف ما قَقَّة؟ الصبيُّ يُحْدِث فيضع يده في حَدَثه، فتقول أمه: قَقّة- وروي: قِقَة
، بوزن ثِقَة.
هو صوت يصوّت به الصبي، أو يصوَّت له به إذا فَزع من شي‌ء مكروه [أو وقع في] قذر، أو فُزِّع. و منه قولهم: إنَّ فلاناً وضع يَدَه في قَقّة، و وقع في قَقّة؛ أي في رَأْي سوء و أمر مكروه. و قال الجاحظ: القَقَّة، و هو العِقْي الذي يَخْرُج من بطن الصبي حين يُولد،
______________________________
(1) (*) [قفف] و منه حديث رقيقة: فأصبحت مذعورة و قد قفَّ جلدي. و حديث عائشة: لقد تكلمت بشي‌ءٍ قفَّ له شعري. و في حديث أبي ذر: ضعي قفَّتك. النهاية 4/ 91.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 119
و إياه
عَنَي ابنُ عُمَر حين قيل له: هلَّا بايعتَ أخاك عبد اللّه بن الزبير؟ فقال: إنّ أَخي وضع يدَه في قَقّة؛ إني لا أَنزع يدي من جماعة و أضعها في فِرْقَة.
و عن بعضهم: يقال للصبي إذا نهي عن تناول شي‌ء قَذِر: قَقّة، و إخْ، وَ يَعْ، و كِخْ، و نظيرُه من الأصوات في كون الثلاث من جنس واحد بَبّه.
وروي: القَقَقَة الغِرْبان الأهلية. و المعني أنَّ بيعتهم مُنْكَرة قد تولَّاها من لا حجة له في تولّيها.

القاف مع اللام

[قلح]

: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- ما لِي أَرَاكم تدخلون عليَّ قُلْحاً.
القَلَح: صُفْرة في الأسنانِ و وسَخ يَرْكَبُها لطُولِ العهدِ بالسِّوَاك؛ من قولهم للمتوسّخ الثِّياب: قِلْح، و للجُعَل: الأَقْلح؛ لِسَدَكه بالقذَر. و في أمثالهم: عَوْدٌ و يُقَلَّح.

[قلس]

*: عمر رضي اللّه تعالي عنه- لَمَّا قدم الشام لَقِيَه المُقَلِّسون بالسيوف و الرَّيْحان.
هم الذين يلعبون بين يَدَيِ الأَمير إِذَا دخل البلد، قال الكُمَيت:
قد استمرت تغنِّيه الذباب كما غَنَّي القُلِّسُ بِطْرِيقاً بأُسْوَارِ
«1»

[قلي]

: لما صالح رضي اللّه تعالي عنه نصاري أهل الشام كتُبوا له كتاباً: إنّا لا نُحْدِث في مَدِينتنا كَنِيسة و لا قَلِيَّةً، و لا نَخْرُج سَعَانِين و لا باعُوثاً.
القَلِيّة: شِبه الصَّوْمَعة.
السَّعَانين: عيدُهم الأول قبل الفِصْح بأسبوع، يخرجون بصُلْبَانهم.
البَاعُوث: اسْتِسْقَاؤُهم؛ يخرجون بصُلْبَانَهم إلي الصحراء فيستسقون.
وروي: و لا بَاغوتاً؛ و هو عِيدٌ لهم. صولحوا علي ألّا يُظْهِرُوا زِيَّهم للمسلمين فيفتنوهم.

[قلب]

*: بينا عمر رضي اللّه تعالي عنه لَاهٍ يُكلم إِنساناً إذ انْدَفع جرير بن عبد اللّه
______________________________
(2) (*) [قلس] و منه الحديث: من قاء أو قلس فليتوضأ. النهاية 4/ 100.
(1) البيت في لسان العرب (قلس). و رواية صدر البيت في اللسان:
فرد تغنيه ذِبَّان الرياض كما
(3) (*) [قلب] و منه الحديث: إن لكل شي‌ء قلباً، و قلب القرآن ياسين. و الحديث: كان عليٌّ قرشياً قلباً.
و في حديث دعاء السفر: أعوذ بك من كآبة المنقلب. و حديث صفية زوج النبي صلي اللّه عليه و سلم: ثم قمت لأنقلب، فقام معي ليقلبني. و حديث علي في صفة الطيور: فمنها مغموس في قالب لون لا يشوبه غير لون ما غمس فيه. و الحديث: أنه رأي في يد عائشة قُلْبَين. النهاية 4/ 96، 97، 98.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 120
يُطْرِيه و يُطْنِب؛ فأَقْبَل عليه فقال: ما تقول يا جرير؟ فعرَفَ الغضبَ في وَجْهِه. فقال: ذكرتُ أبا بكر و فَضْلَه، فقال عمر: اقْلِبْ قَلَّاب، و سَكَت.
هذا مثلٌ لمن تكونُ منه السَّقْطة يتلَافَاها بقَلْبِها إِلي غيرِ مَعناها. و إسْقَاط حرف النداء في الغرابة مثله في افْتَدِ مَخْنُوق.

[قلد]

*: قال أبو وَجْزة السعدي رحمه اللّه تعالي: شهدتُه يَسْتَسْقِي فجعل يستغفِر، فأَقول: أَلَا يَأْخُذ فيما خَرَج له، و لا أشْعُر أنَّ الاستسقاء هو الاستغفار. فقَلَدَتنَا السماءُ قِلداً كل خمس عشرةَ ليلة، حتي رأيت الأَرْنَبة يأكلها صِغَار الإبل من وراء حِقَاق العُرْفُط.
القَلِدْ من السَّقْي و من الحميّ: ما يكونُ في وَقْتٍ معلوم. يقال: قَلَد الزرعَ، و قلَدتْه الحمي؛ إذا سقاه، و أخذَتْه في يوم النوبة. و هو من قولهم: أعطيته قَلْد أمري إذا فوَّضْتُه إليه. كما تقول: قَلَّدته أمري. و ألقيتُ إليه مقاليده؛ إذا ألزمته إياه؛ لأنَّ النوبة الكائنة لوقت معلوم لا تُخطي‌ء، كأنها لازمة لوقتها لزومَ ما يقلَّد من الأمر.
و منه
حديث عبد اللّه بن عمرو رضي اللّه تعالي عنهما: إنه قال لقيّمه علي الوَهْط: إذا أقمت قِلْدَك من الماء فاسْقِ الأقرب فالأَقْرب.
الأَرْنَبَة: الأَرنب، كما يقال العقربة في العقرب. و قيل: هي نَبْت. قال أبو حاتم:
الأرنبة من النبات جمعه و واحده سَواء. و قال شمر: هي الأرِينة علي فَعِيلة؛ و هي نبات يشبه الخِطْميّ عريضُ الوَرق، و استصحَّ الأزهري هذه الرواية.
العُرْفط: شجر شاك؛ و حِقَاقه: صغارُه، مستعارة من حقَاق الإبل. و المعني فيمن جعل الأرنبة واحدة الأرانب: أنّ السيلَ حملها فتعلَّقت بالعُرفط، و مضي السيل و نَبَتَ المَرْعي، فخرجت الإبل فجعلت تأكل عِظام الأرانب إحماضاً بها. و فيمن فسّره بالنبات أنه طال و اكتمل حتي أكلتْه صغارِ الإبل و نالته من وراء شجر العُرْفط.

[قلن]

: علي رضي اللّه تعالي عنه- سأل شُرَيحاً عن امرأةٍ طُلِّقَتْ فذكرت أنّها حَاضَتْ ثلاث حَيض في شهر واحد. فقال شُرَيح: إن شَهِدَ ثلاثُ نسوة من بِطَانة أهلها أنها كانت تَحِيض قبل أن طُلّقت في كل شهر كذلك فالقولُ قولُها. فقال عليّ: قَالُون.
أي أصَبْتَ بالرومية. أو هذا جواب جيِّدٌ صالح.
و منه
حديثُ ابن عمر رضي اللّه تعالي عنهما: إنه عشِق جارية له و كان يَجد بها وَجْداً شديداً «1»؛ فوقَعتْ يوماً عن بَغلة كانت عليها فجعل يمسحُ التراب عن وجهها و يفدِّيها،
______________________________
(2) (*) [قلد] و منه الحديث: قلِّدوا الخيل و لا تقلِّدوها الأوتار. و في حديث قتل ابن أبي الحقيق: فقمت إلي الأقاليد فأخذتها. النهاية 4/ 99.
(1) وجد بفلانة وجداً شديداً: أحبها حباً شديداً.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 121
و كانت تقول: أنت قالُونُ؛ أي رجلٌ صالح. فهربت منه بعد ذلك. فقال:
قد كنتُ أَحسِبني قالُون فانطلقَتْ فاليومَ أَعْلَم أَني غَيْرُ قَالُون
«1»

[قلع]

*: سعد رضي اللّه تعالي عنه- لمَّا نودي ليخرُجَ مَنْ في المسجد إلّا آلَ رسول اللّه و آل عليّ خرجنا نَجُرُّ قِلَاعنا.
هو جمع قَلْع؛ و هو الكِنْف [يكون فيه زاد الراعي و متاعُه]. و في أمثالهم: شَحْمَتِي في قَلْعِي؛ أي خرجنا نَنْقُل أَمتِعتَنا.

[قلل]

*: ابن مسعود رضي اللّه تعالي عنه- ذكر الرِّبَا، فقال: إنه و إنْ كَثُر فهو إلي قُلّ.
القُلُّ و القِلَّةُ كالذُّل و الذِّلة، يعني أنه مَمْحُوق البَرَكة.

[قلب]

: كان الرجالُ و النساءُ في بني إسرائيل يصلُّون جميعاً، و كانت المرأةُ إذا كان لها الخيلُ تَلْبَس الْقَالِبَين تَطَاوَلُ بهما لخليلها، فألقي عليهنّ الحيض.
فسر القَالِبَان بالرّقيصين من الخَشَب؛ و الرَّقيص: النَّعْل- بلغة اليمن. و إنما أُلْقِي عليهنّ الحيض عقوبةً لئلا يَشْهدنَ الجماعة مع الرجال.

[قلي]

: أبو الدَّرْدَاء رضي اللّه تعالي عنه- وَجَدْتُ النَّاسَ اخْبُرْ تَقْلَهْ.
يقال: قَلَاه يَقْلِيه قِلًي و قَلاءً و مَقْلِية، و قَلِيَه يَقْلَاه: أَبْغَضْه، و الهاء مزيدة للسَّكْت.
و المعني: وجدتُ الناسَ، أي عَلِمْتُهم، مَقُولًا فيهم هذا القول: أي ما منهم أَحَدٌ إلّا و هو مَسْخُوط الفعل عند الخبْرَة.
ابن عمر رضي اللّه تعالي عنهما- لو رأيت ابن عمر ساجداً لرأيتَه مُقْلَوْلِياً.
أي مُتَجافِياً مستوفِزاً. و منه: فلان يتقلَّي علي فراشه؛ أي يَتَمَلْمَلُ و لا يستقرّ و الباب يدل علي الخِفَّة و القَلَق.

[قلح]

: كَعْب رحمه اللّه تعالي- سُئل هل للأرض من زَوْج؟ فقال: ألم تروْا إلي المرأة إذا غاب زوجُها تقَلَّحَتْ و تنكبت الزِّينة؛ فإذا سمِعَتْ به قد أَقبل تعطَّرت و تصنَّعت، إنّ الأرض إذا لم ينزل عليها المطر ارْبَدَّت و اقشعرَّت.
______________________________
(1) البيت في لسان العرب (قلن).
(2) (*) [قلع]: و منه في صفته صلي اللّه عليه و سلم: إذا مشي تقلَّع. و في حديث ابن أبي هالة في صفته: إذا زال زال قلعاً.
و في حديث جرير: قال: يا رسول اللّه إني رجل قِلْعٌ فادع اللّه لي. و في حديث علي: أحذِّركم الدنيا فإنها منزل قُلْعة. و الحديث: لا يدخل الجنة قلَّاع و لا ديبوب. النهاية 4/ 101، 102.
(3) (*) [قلل] و منه في حديث عمرو بن عبسة: قال له: إذا ارتفعت الشمس فالصلاة محظورة حتي يستقل الرمح بالظل. و الحديث: كأن الرجل تقالَّها. و في حديث عمر: قال لأخيه زيد لما ودَّعه و هو يريد اليمامة: ما هذا القِلُّ الذي أراه بك. النهاية 4/ 103، 104.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 122
تَقَلَّح: تفعَّل من القِلْح: الَّذي لا يتعهَّد نفسه و ثيابه- وروي: بالفاء؛ أي تشقَّقَتْ أطرافها و تشعَّثت.
اربدّت: اغبرَّت، من الرُّبْدة، و هي الرُّمْدة.

[قلت]

*: أبو مِجْلَز رحمه اللّه تعالي- قال: لو قلت لرجل و هو علي مَقْلَتَةٍ: اتَّقِ رعته و صُرِعَ غَرِمْتَه. و لو صُرع عليك رجل و أنت تقول: إليك عني، فأيّكما مات غَرِمه الحيُّ منكما.
هي المَهْلَكَة، من قَلِت «1». و أمسي فلان علي قَلَت «2».
غرمته: وَدَيْته. ذهب إلي أنه لا يضيعُ دمُ مسلم قطّ.

[قلع]

: مجاهد رحمه اللّه تعالي- في قوله تعالي: وَ لَهُ الْجَوٰارِ الْمُنْشَآتُ [الرحمن: 24].
قال: مَا رُفع قِلْعه.
القِلع و القِلَاع: الشِّرَاع- و قد روي: القِلَاعة. و أقلعتُ السفينةَ جعلته لها.

[قلل]

: في الحديث في ذكر الجنة: وَ نَبْقِها مثل قِلَال هَجَر.
جمع قُلّة، و هي حُبٌّ كبير. قال الأَزهري: و رأيتهم يسمونها الخُرُوس.

[قلس]

: لما رآه المسلمون قلَّسوا له ثم كَفروا.
التقليس: أن يضعَ يديه علي صدره و يخضع كما يفعل النصاري قبل أن تكفر؛ أي تُومي بالسجود. و هو من القَلْس بمعني القَي‌ء؛ كأنه حكي بذلك هيئةَ القالس في تطامُنِ عنقه و إطرَاقه.

[قلب]

: كان يَحْيي بن زكريا عليهما السلام يأكل الجَرَاد و قُلُوب الشجر.
في كتاب العين: يعني ما كان رَخْصاً من عُروقه التي تقوده و من أَجْوافِه. و الواحد من ذلك قُلْب، و كذلك قَلبُ النخلة شحمتها. و هي شِطْبَة بيضاء تخرجُ في وسطها كأنها قُلْب فضة رخصة لينة، سميت قلباً لبياضها.
و قُلْبان في (ظب). بقلة الحزن في (لق). و أقلقوا في (زن). يتقلقل في (فل). قلبياً و قلباً في (حو). قلاع في (دب) قالب لون في (شب). قلع في (خل). تقلع في (مغ). القل
______________________________
(3) (*) [قلت]: و منه الحديث: إن المسافر و ماله لعلي قَلَتٍ إلا ما وقي اللّه. و في حديث ابن عباس: تكون المرأة مقلاتاً. النهاية 4/ 98.
(1) قَلِتَ: أهلك (لسان العرب: قلت).
(2) أمسي علي قلت: أمسي علي خوف.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 123
في (حي). و الإِنقليس في (صل). قلتين في (قر). قلائصنا في (فر). و قلصوا في (قف).
قلصت في (نم).

القاف مع الميم

[قمص]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- قال لعثمان: إنّ اللّه سيُقَمِّصُك قميصاً و إنك سَتُلَاصُ علي خَلْعِه، فإِياك و خَلْعَه.
يقال: قمَّصته قميصاً؛ إذا ألبسته إيّاه، و قمِّص هذا الثوب؛ أي اقْطَعْه قميصاً، و كذلك قَبِّ هذا الثوب؛ أي اقطعه قَبَاءً؛ و المراد أنَّ اللّه سيُلْبِسُك لباسَ الخلافة؛ أي يشرفك بها و يزيِّنك، كما يشرف و يزيّن المخلوع عليه بخلعته.
الإلَاصة: الإدارة علي الشي‌ء؛ ليُخْدَع عنه صاحبه و يُنْتَزَع منه.

[قمن]

: إني قد نُهِيت عن القرَاءة في الركوع و السجود؛ فأمَّا الركوع فَعَظِّمُوا اللّه فيه، و أما السجود فأَكْثِرُوا فيه من الدعاء فإنه قَمِن أن يُسْتَجَاب لكم.
القَمَن و القَمِن و القَمِين: الجدير.
و منه: جئته بالحديث علي قَمَنِه.
أي علي سنَنِه و علي ما ينبغي أَن يحدث به، و أَنَا مُتَقَمِّنٌ سِرّك؛ أي مُتَحَرِّيه و مُتَوخِّيه.

[قمح]

*: فرض رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم زكاةَ الفطر صاعاً من تَمْر أَوْ صاعاً من قَمْح.
هو البرّ، سُمِّي بذلك لأنه أرفع الحبوب؛ من قَامَحَتِ الناقةُ إذا رفعت رأسَها. و أقْمَح الرجل إقماحاً إذا شَمَخ بأَنْفِه.

[قمع]

*: ويل لأَقْماع القول، ويلٌ للمُصِرِّين!
______________________________
(1) (*) [قمص]: و منه في حديث المرجوم: إنه يتقمَّص منها قَمْصاً. و في حديث علي: أنه قضي في القارصة و القامصة و الواقعة بالدية أثلاثاً. و في حديث سليمان بن يسار: فقمصت به فصرعته. النهاية 4/ 108.
(2) (*) [قمح]: و منه في حديث أم زرع: أشرب فأتقمَّح. و الحديث: أنه كان إذا اشتكي تقمَّح كفاً من شونيز. النهاية 4/ 106، 107.
(3) (*) [قمع]: و منه الحديث: أول من يساق إلي النار الأقماع. و في حديث عائشة و الجواري اللاتي كن يلعبن معها: فإذا رأين رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم انقمعن. و منه حديث الذي نظر في شق الباب: فلما أن بَصُر به انقمع. و حديث منكر و نكير: فينقمع العذاب عند ذلك. و في حديث ابن عمر: ثم لقيني مَلَكٌ في يده مقمعة من حديد. النهاية 4/ 109.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 124
شبَّه أسماع الذين لا ينجعُ فيهم الوعظ و لا يعملون به بالأَقماع التي لا تَعِي شيئاً مما يُفَرَّغ فيها.
و
في المقامات: «كم من نصيحة نصحت بها فلم يوجد لك قلبٌ وَاع، و لا سمع راع، كأنَّ أذنك بعض الأقماع، و ليست من جنس الأَسماع»

[قمس]

*: رَجَمَ صلي اللّه عليه و آله و سلم رجلًا ثم صلّي عليه، و قال: إنه الآن لَيَنْقَمِسُ في رِياض الجنَّة- وروي: في أَنْهارِ الجنَّةِ.
قَمَسْتُه في الماء؛ إذا غمسته فانْقَمس. و منه انْقَمَس النَّجم؛ إذا انحطّ في المغرب.

[قمي]

: كان صلي اللّه عليه و آله و سلم يَقْمُو إلي منزل عائشة كثيراً.
أي يدخل، و منه اقْتَمَي الشي‌ءَ و اقْتَبَاه؛ إذا جمعه.

[قمس]

: ابن عباس رضي اللّه تعالي عنهما- سُئل عن المدِّ و الجزر، فقال: مَلَك موكَّل بقَامُوس البحار، فإذا وضع قدَمه فاضَت، و إذا رفعها غاضَت.
هو وسَط البحر و مُعْظمه؛ فاعولٌ من القَمْس.

[قمط]

: شُريح رحمه اللّه تعالي- قضي بالخُصِّ للذي يَلِيه القُمُط.
جمع قِمَاط، و هي شُرُط الخُصّ التي يُقْمَط بها؛ أي يوثق من لِيف أو خوص، و كان قد احتَكَم إليه رَجُلان في خُصِّ ادَّعَيَاه، فقضي به للذي تليه معاقد الخُص دُونَ مَنْ لا تليه.
اقمر في (زه). قامساً في (عب). القمة في (سن). فقمصت به في (رز). فاتقمح في (غث). قمل في (هي). قمش في (ذم). قمراء في (ري) و في (حم). قمص منها قمصاً في (حن). انقمعن في (بن). قمارص في (سن). القامصة في (قر).

القاف مع النون

[قنت]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم: قنَت شَهْراً في صَلَاةِ الصُّبْحِ بعد الركوع يَدْعُو علي رِعْل و ذَكْوَان.
هو طولُ القيام في الصلاة.
و منه
حديثُ ابن عمر رضي اللّه عنهما: إنه سُئِل عن القُنُوت، فقال: ما أعرف القنوت إلّا طولَ القيام، ثم قرأ: أَمَّنْ هُوَ قٰانِتٌ آنٰاءَ اللَّيْلِ سٰاجِداً وَ قٰائِماً
[الزمر: 9].
و
عنه صلي اللّه عليه و آله و سلم أنه سئل: أيُّ الصلاة أفضلُ؟ طُولُ القنُوت.
______________________________
(1) (*) [قمس]: و منه حديث وفد مذحج: في مفازة تُضحي أعلامها قامساً، و يمسي سرابها طامساً. النهاية 4/ 107.
(2) (*) [قنت]: و منه الحديث: تفكُّر ساعة خير من قنوت ليلة. النهاية 4/ 111.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 125
و
عنه صلي اللّه عليه و آله و سلم أنه قنَت صبيحة خمس عشرة من شهر رمضان في صلاة الصبح، يقول: اللهم أَنْجِ الوليد بن الوليد و عَيَّاش بن أبي ربيعة و المستضعفين من المؤمنين؛ فدعا كذلك، حتي إذا كان صبيحة الفِطْر ترك الدعاء، فقال عمرُ بن الخطاب: يا رسول اللّه؛ ما لك لم تَدْعُ للنَّفَر؟ قال: أ و ما علمتَ بأنهم قَدموا؟ قال: فبينا هو يذكرُهم نَفَجَتْ بهم الطريق، يَسوقُ بهم الوليدُ بن الوليد، و سار ثلاثاً علي قدميه و قد نَكِب بالحرَّة. قال: فنَهج بين يَدَيْ رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم حتي قضي من الدنيا. فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: هذا الشهيد، و أنا عليه شَهِيد.
و
عنه صلي اللّه عليه و آله و سلم: إنه مر برجل قائم في الشمس، فسأل عنه، فقالوا:
هو قانِتٌ فقال له: اذكر اللّه.
أي مطيل للقيام فحسب، لا يقرنه بذِكْر، و كان الرجلُ قد نذَر أَنْ يقومَ في الشمس ساكتاً لا يتكلَّم، فأمره بأن يذكرَ اللّه مع قيامه.
رِعْل و ذَكْوَان: قبيلتان من قبائل سليم بن منصور بن عكرمة بن خَصَفة بن قَيْس عَيْلان.
يسوقُ بهم: أي يسوقُ رواحِلَهم و هم عليها.
نَفَجَتْ بهم الطريق: رمت بهم فَجْأَة، من نَفَجت الريح؛ إذا جاءت بغتة.
نكِبَ، أي نَكبَتْه الحجارة.
نَهَج و أَنهج: عَلَاه الرَّبو و انْقَطَع نفَسُه.

[قنع]

*: قالت الرُّبَيِّع بنت مُعَوِّذ ابن عَفْراء رضي اللّه تعالي عنهما- أَتَيته صلي اللّه عليه و آله و سلم بِقِنَاعٍ من رُطَب و أَجْرٍ زُغْبٍ فأَكل منه.
و
عنه صلي اللّه عليه و آله و سلم: أنه أتي بقِنَاع جَزْء.
القِنَاع و القِنْع و القُنْع: الطَّبق الذي يُؤكل عليه.
الأجري: صغار القِثَّاءِ، و كذلك صغار الرمان و الحنظل، و عن بعضهم: كنت أمرُّ في بعض طرقات المدينة فإذا أنا بحمّال علي رأسه طُنّ. فقال لي: أعطني ذلك الجِرْو؛ فتبصَّرت فلم أر كلباً و لا جِرْواً، فقلت: ما هاهنا جِرْو! فقال: أنت عِرَاقي! أعطني تلك القِثَّاءة.
الجَزْء: الرطب- عند أهل المدينة؛ لاجتزائهم به عن الطعام، كما سُمِّي الكَلأُ جَزْءاً و جزاء، لأن الإبل تجتزئُ به عن الماء.
______________________________
(1) (*) [قنع]: و منه الحديث: كان إذا ركع لا يصوِّب رأسه و لا يُقْنِعُه. و في حديث الدعاء: و تُقْنِع يديك.
و الحديث: لا تجوز شهادة القانع من أهل البيت لهم. و الحديث: فأكل و أطعم القانع و المعترَّ.
و الحديث: القناعة كنزٌ لا يفني. و في حديث بدر: فانكشف قناع قلبه فمات. النهاية 4/ 113، 114.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 126‌

[قني]

*: خرج صلي اللّه عليه و آله و سلم فرأي أَقْنَاء معلَّقة؛ قِنْوٌ منها حَشَف. فقال:
مَنْ صاحبُ هذا؟ لو تَصَدَّقَ بأَطْيَب منه! ثم قال: أما و اللّه ليدعنَّها مُذَلَّلَة أربعين عاماً للعَوَافِي- و يروي: حتي يدخلَ الكلبُ أو الذئب فيُغَذِّي علي بعض سواري المسجد.
القِنْو: الكِبَاسة بما عليها من التمر.
مذلَّلة: أي مَدلَّاة معرَّضة للاجتناء لا تمتنِعُ علي العَوَافي؛ و هي السباع و الطير.
غَذَّي ببوله: دفعه دفعاً. من غَذَا يَغْذُو؛ إذا سال يريد أنّ أهلَ المدينة يخرجون منها في آخر الزمان و يتركون نَخْلَهم لا يغشاها إلّا العَوَافي.

[قنع]

: اهتمَّ صلي اللّه عليه و آله و سلم للصلاة، كَيْفَ يَجْمَع الناسَ لها، فَذُكِرَ له القُنْع فلم يُعْجبْه ذلك. ثم ذكر قصة رؤيا عبد اللّه [بن زيد] في الأذان
- و روي بالباء و الثاء
هو الشَّبور «1». فمَنْ رواه بالنون فلإِقْنَاع الصوت منه، و هو رَفْعُه. قال الراعي:
زَجِلَ الحُدَاء كأنَّ في خَيْزُومِه قَصَباً و مُقْنِعَةَ الحَنِين عَجُولَا
«2» أو لأنْ أطرافَه أُقنِعت إلي داخله؛ أي عُطِفت. و من رواه بالباء فمِنْ قَبَعت الجَوَالق أو الجِرَاب؛ إذا ثنيت أطرافه إلي داخل، أو من قَبَع رأسه إذا أَدْخله في قميصه؛ لأنه يَقْبَع فم النافخ أي يُوَارِيه. و أما القُثْع فعن أبي عُمر الزاهد أنه أَثبته، و قد أباه الأزهري، و كأنَّه من قَثَع، مقلوب قَعَث. يقال: قَعَثه و اقتَعَثَه مثل غَذَمَه و اغتَذَمَه؛ إذا أخذه كلَّه و استَوْعَبَه؛ لأَخْذِه نَفِس النافخ و استيعابه له؛ لأنه ينفخِ فيه بشدة و احتشاد ليرفَعَ الصوت و ينوِّه به.

[قني]

: عمر رضي اللّه تعالي عنه- قال لابْنِ أبي العاص الثقفي: أَمَا تراني لو شئت أمرت بفَتِيَّة سمينة أو قَنِيَّة، فألقي عنها شعرها؛ ثم أمرت بدقيق فنُخِل في خِرْقة فجعل منه خبز مُرَقَّق، و أمرتُ بصاع من زبيب فجعل في سَعُن حتي يكونَ كدَمِ الغزال.
القَنِيّة: ما اقتُنِي من شاةٍ أو ناقة.
السَّعُن. شي‌ءٌ يُتَخَذُ من الأدِيم شِبْه دَلْوٍ، إلّا أنه مستطيل مستدير، و ربما جعلت له قوائم، يُنْبَذ فيه. و قيل: هو وعاء يُتَّخَذ من الخوص، و ربما قُيَّر. و جمعه أَسْعان و سُعُون.
و منه قالوا: تَسَعَّن الجمل؛ إذا امتلأ شحماً، أي صار كالسَّعُن في امتلائه.

[قنن]

*: خاصم إليه رضي اللّه عنه الأشْعث أهل نَجْران في رقابهم. فقالوا: يا أميرَ
______________________________
(3) (*) [قني]: و منه في صفته صلي اللّه عليه و سلم: كان أقني العِرْنين. و في الحديث: فاقنوهم. و الحديث: أنه نهي عن ذبح قنيِّ الغنم. و الحديث: فيما سقت السماء و القُنيُّ العشور. و في حديث وابصة: الإثم ما حك في صدرك و إن أقناك الناس عنه و أقنوك. النهاية 4/ 116، 117، 118.
(1) الشبور: البوق.
(2) البيت في لسان العرب (قنع).
(4) (*) [قنن]: و منه الحديث: أن اللّه حرَّم الكوبة و القِنِّين. النهاية 4/ 116.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 127
المؤمنين؛ إنما كنا عبيدَ مملكة و لم نكن عبيد قِنٍّ. فتغيَّظَ عليه عمر و قال: أردت أن تَتَغَفَّلَنِي- و روي: أن تُعَنِّتَني.
القِنّ:ها هنا بمعني القِنَانَة. و قولهم: عَبْدٌ قِنّ، و عَبْدَان قِنّ، و عبيد قِنّ دليلٌ علي أنَّه حدَث وُصِفَ به كفِطْر. قال الأعشي:
*و نَشَأنَ في قِنّ و في أَذْوَاد «1»
* و عن أبي عمرو: الأقنان جمع قِن. و عن أبي سعيد الضرير: الأقِنّة. و الفرق بينه و بين عَبْدِ المملكة أنه الذي مُلِك و مُلِك أبواه؛ سمي بذلك لانفراده، من قولهم للجُبَيْل المنفرد المستطيل قُنَّة. و عبد المملكة هو المسبيّ و أبواه حُرَّان.
التَّغَفُّل: تطلُّب غَفْلَة الرجل ليُختل. يقال: تغفلت فلاناً يمينه؛ إذا أحنثته علي غَفلة.
و مثله التعنت تطلُّب عنته، أي زَلَّته كالتسقّط.

[قنطر]

*: حذيفة رضي اللّه تعالي عنه- يُوشك بنو قَنْطُورَاء أن يُخْرِجُوا أهلَ البصرة منها- و يروي: أهل العراق من عِرَاقهم- كأني بهم خُنْس الأنوف، خُزْر العيُون، عِرَاض الوجوه.
قَنْطُوراء: جاريةٌ كانت لإبراهيم عليه السلام، ولدت له أولاداً، الترك منهم.
و منه
حديث ابن عمر رضي اللّه عنهما: يوشك بَنُو قَنْطُورَاء أن يخرجوكم من أَرْض البَصْرة. فقال له عبد الرحمن بن أبي بكرة: ثم مَهْ، ثم نعود؟ قال: نعم. و تكون لكم سَلْوة من عيش.

[قنذع]

: أبو أيوب رضي اللّه تعالي عنه- رأي رجلًا مَريضاً فقال له: أَبْشِر؛ ما مِنْ مسلم يمرض في سبيل اللّه إلَّا حطَّ اللّهُ عنه خَطَاياه و لو بَلَغَتْ قُنْذُعَة رَأْسه.
هي القُنْزعة، واحدة قَنَازع الرأس، و هي ما يبقي من الشَّعْرِ مُفَرَّقاً في نواحيه. و هما لغتان كالزُّعَاف و الذُّعَاف، و الزُّؤاف و الذُّؤاف، و لَذِم و لَزِم. و ليس أحدُ الحَرْفَين بدلًا من الآخر.

[قنزع]

*: و
في حديث ابن عمر رضي اللّه عنهما: إنه سُئِل عن رجلٍ أَهَلَّ بعُمْرَةٍ و قد
______________________________
(1) صدره:
و البيدُ قد عنست و طال جراؤها
و البيت في ديوان الأعشي ص 131.
(2) (*) [قنطر]: و منه الحديث: من قام بألف آية كُتب من المقنطرين. و الحديث: إن صفوان بن أمية قَنْطر في الجاهلية و قنطر أبوه، النهاية 4/ 113.
(3) (*) [قنزع]: و منه الحديث: أنه قال لأم سليم: خضلِّي قنازعك. و الحديث: أنه نهي عن القنازع. النهاية 4/ 112.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 128
لَبَّدَ، و هو يريدُ الحجَّ. فقال: خُذْ من قَنَازِع رأسك، أو مما يشرف منه- و روي: خُذْ ما تَطَايَر من شَعْرك.

[قنع]

: عائشة رضي اللّه تعالي عنها- أَخَذَت أبا بكر غَشْيَةٌ من الموت، فبكَتْ عليه ببيتٍ من الشعر، فقالت:
مَن لا يزال دَمْعُه مُقَنَّعا فلا بُدَّ يَوْماً أَنهُ مُهرَاقُ
و روي:
و من لا يَزَالُ الدَّمْعُ فيه مقنَّعاً فلا بُدَّ يوماً أنَّه مهراقُ
فأفاق أبو بكر، فقال: بل جٰاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ، ذٰلِكَ مٰا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ.
فسَّروا مُقَنَّعاً بأنه المحبوس في جَوْفه، فكأنهم أخذوه من قولهم: إدَاوَةٌ مَقْنُوعَة و مَقْمُوعة؛ إذا خُنِثَ رأسها إلي جوفها؛ و يجوز أَنْ يُرَاد من كان دَمْعُه مغطَّي في شؤونه كامِناً فيها، فلا بد له أن يُبْرِزه البكاء.
البيت علي الرواية الأولي من بحر الرَّجَز من الضرب الثاني. و علي الثانية من الضرب الثالث من الطويل.
و أَقنوك في (حك). قنازعك في (خض). أقنعه و لم يقنعه في (صب). و تقنع في (بأ). فأتقنح في (غث). و القنين في (كو). قني الغنم في (لق). أقني في (شذ) و في (جل).
القانع في (تب). قن في (قل). و مقانيها في (ظع). مِقْنَب في (كل). القنذع في (شر).
قنص بن معد في (سل)؟. بقنو في (عذ).

القاف مع الواو

[قول]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- نهي عن قِيلَ و قَالَ، و كثرةِ السُّؤِال، و إضَاعة المال؛ و نَهَي عن عقوق الأمهات، وَ وَأْدِ البَنَات، و مَنْع وهاتِ- و يروي: عن قِيلٍ و قَالٍ.
أي نهي عن فضول ما يَتَحَدَّثُ به المتجالسون، من قولهم: قِيل كذا و قال فلان كذا، و بِنَاؤهما علي كونهما فِعْلين مَحْكِيَّيْن متضمِّنَين للضمير، و الإعراب علي إِجْرَائهما مجْرَي الأسماء، خِلْوَين من الضمير. و منه قولهم: إنما الدُّنيا قَال و قيل. و إدخالُ حرف التعريف عليهما لذلك في قولهم: ما يعرف القَال و القِيل. و عن بعضهم: القال الابتداء، و القيل الجواب. و نحوه قولهم: أَعْيَيْتَنِي من شُبٍّ إلي دُبٍّ، و من شُبَّ إلي دُبَّ.
______________________________
(1) (*) [قول]: و منه الحديث: أنه كتب لوائل بن حجر: إلي الأقوال العباهلة. و الحديث: ألا أنبئكم ما العَضْه؟ هي النميمة القالة بين الناس. و الحديث: ففشت القالة بين الناس. و الحديث: فقال بالماء علي يده. و في حديث جريج: فأسرعت القوليَّة إلي صومعته. النهاية 4/ 122، 123، 124.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 129
كَثْرَةُ السؤال: مُسَاءلة الناس أموَالهم، أو السؤال عن أمورهم و كَثرَة البحث عنها.
إِضاعة المال: إنفاقُه في غير طاعة اللّه و السَّرَف، و إيتاؤه صاحبه و هو سَفِيه حقيقٌ بالحَجْرِ.

[قوب]

*: لرَوْحَةٌ في سبيل اللّه أو غَدْوَةٌ خيرٌ من الدنيا و ما فيها؛ و لَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكم من الجنَّة أو موضع قِدِّه خيرٌ من الدنيا و ما فيها.
القَابُ و القِيبُ: كالقَاد و القِيد بمعني القَدْر. و عينه واو، لِثَلاثَة أوجه: أن بنات الواو من المعتل العين أكثرُ من بنات الياء، و أَن (ق و ب) موجود دون (ت ي ب)، و أنه علامة يعلم بها المسافة بين الشَّيئين: من قولهم: قوَّبوا في هذه الأرض؛ إذا أثَّرُوا فيها بموطئهم و مَحَلَّهم، و بدت علامات ذلك.
القِدُّ: السَّوْط؛ لأنه يُتَّخذ من القِدّ، و هو سَيْرٌ يُقَدُّ من جِلْدٍ مُحَرَّم. قال طَرَفة:
فإن شئت لم تُرْقِل «1» و إن شئت أَرْقَلَتْ مخافَةَ مِلْوِيٍّ من القِدِّ مُحْصَدِ
«2»

[قوس]

: قدم عليه صلي اللّه عليه و آله و سلم وَفْدُ عبد القيس، فجعل يُسَمِّي لهم تُمْرَان بلدهم. فقالوا لِرَجل منهم: أَطْعِمْنا من بقيَّةِ القَوْسِ الذي في نَوْطِك، فأتاهم بالبَرْنِيّ «3»:
فقال النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم: أما أنه من خير تَمْرِكم لكم؛ أَما إنه دَواءٌ لا دَاءَ فيه.
و روي؛ إنه كان فيما أهدَوْه له قِرَب من تَعْضُو- و روي: قَدموا عليه فأَهْدَوْا له نَوْطاً من تَعْضُوض هَجَر.
القَوْس: بقيَّة التَّمر في أَسفل القِربة أو الجُلّة، كأنها شبِّهَتْ بقَوْس البعير، و هي جَانِحَته.
النَّوْط: الجُلّة الصغيرة.
التَّعْضُوض: ضرب من التَّمْر. قال الأزهري: أَكَلْتُ التَّعْضُوض بالبَحْرين فما علمتُنِي أكَلْتُ تمراً أَحْمَتَ حلاوةً منه «4»، و مَنْبتُه هَجَر.
و من القوس
حديث عمر رضي اللّه عنه: إنه قال له عَمْرو بن معديكرب: أَ أَبْرَامٌ «5» بنو المُغِيرة؟ قال: و ما ذَاكَ؟ قال: تَضَيَّفت خالد بن الوليد فأَتاني بقَوْس و كَعْبٍ و ثَوْرٍ. قال: إنّ في ذلك لشِبَعاً. قال: لي أو لك؟ قال: لي و لَكَ. قال: حِلًّا أَميرَ المؤمنين فيما تقول؛ إني
______________________________
(6) (*) [قوب]: و منه في حديث عمر: إن اعتمرتم في أشهر الحج رأيتموها متجزئة عن حجكم فكانت قائبةَ قوت عامها. النهاية 4/ 118.
(1) أرقلت الدابة: أسرعت في المشي.
(2) البيت ديوان طرفة ص 44، و المحصد: الشديد القتل.
(3) البرني: ضرب من التمر أصفر مدور، و هو أجود أنواع التمر، واحده برنية.
(4) أحْمَتَ حلاوة منه: أشد حلاوة منه.
(5) الأبرام: أي اللئام.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 130
لآكُلُ الجَذَعة من الإبل أَنْتَقِيها عَظْماً عَظْماً، و أَشربُ التِّبْن من اللَّبَن رَثِيئةً أَو صَرِيفاً.
الكَعْب: القِطْعَة من السَّمْن، و الثَّوْر: من الأَقِط «1».
حلَّا: أي تحلَّلْ في قولك.
التِّبْن: أعظم العِسَاس، يكاد يُرْوي العشرين، و يقال: تَبِنَ القومُ لسيِّدِهم و كبيرهم. «2»
و التَّبَانَة: الفطانة و جَزَالَة الرأي.
الرَّثِيئة: اللَّبَنُ الحامض مخلوطاً بالحلو، و ارْتَثَأَ اللبن؛ و منه ارْتَثَأَ فلان في رأيه؛ إذا خلَّط، وَ رَثَئُوا آراءهم رَثْأً «3».
الصَّرِيف: الحَلِيبُ ساعةَ يُصْرَفُ عن الضَّرْع.

[قوي]

*: وجَّه صلي اللّه عليه و آله و سلم- ابن جَحْش في أَول مَغَازِيه، فقال له المسلمون: إنا قد أَقوَيْنَا فَأَعْطِنا من الغنيمة؛ فقال: إني أَخشي عليكم الطَّلَب؛ هذِّبوا، فهَذَّبُوا يومَهم.
الإقْوَاء: فَنَاء الزَّاد، و أن يَبْقَي مِزْوَده قَواء؛ أي خالياً.
الطَّلَب: جمع طالب، أو أراد المصدر، أو حُذِف المضاف و هو الأهل.
التهذيب و الإِهْذاب: الإِسْرَاع.

[قول]

: عن بُريدة الأسلمي رضي اللّه تعالي عنه: سمع رسُول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم صوتاً بالليل، يعني رجلًا يَقرأ القرآن؛ فقال: أَتَقوله مُرَائِياً.
أي أتظنُّه؛ و هذا مختص بالاستفهام. قال:
متي تَقُول القُلُصَ الرَّوَاسِمَا يَلْحَقْنَ أمّ عَاصِم و عَاصِما
«4» و
عنه صلي اللّه عليه و آله و سلم: إنه أَراد أَنْ يعتكفَ، فلمّا انصرف إلي المكان الذي
______________________________
(1) الثور: أي قطعة من الإقط.
(2) تبن القوم لسيدهم: أي فطن القوم لسيدهم.
(3) رثئوا آراءهم رثاً: أي خلطوا آراءهم خلطاً.
(5) (*) [قوي]: و منه حديث الخدري في سرية بني فزارة: إني أقويت منذ ثلاث فخفت أن يحطمني الجوع.
و في حديث الدعاء: و إن معادن أحسانك لا تَقْوَي. و في حديث عائشة: و بي رُخِّصَ لكم في صعيد الأقواء. و الحديث: أنه قال في غزوة تبوك: لا يخرجن معنا إلا رجل مقَوٍ. النهاية 4/ 127.
(4) الرجز لهدبة بن خشرم في ديوانه ص 130، و تخليص الشواهد ص 456، و خزانة الأدب 9/ 336، و الدرر 2/ 273، و الشعر و الشعراء 2/ 695، و لسان العرب (قول) و (فغم)، و المقاصد النحوية 2/ 427، و بلا نسبة في شرح الأشموني 1/ 164، و شرح شذور الذهب ص 488، و شرح ابن عقيل ص 227، و همع الهوامع 1/ 157. و رواية الديوان:
يحمِلْنَ أم قاسمٍ و قاسما
و رواية اللسان (قول):
يدنين أمَّ عاصمٍ و عاصما
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 131
يريد أن يَعْتَكِف فيه إذا أَخْبِيَةٌ لعائشة و حَفْصَة وَ زَيْنَب؛ فقال: الْبِرَّ تَقُولُون بهنّ؟ ثم انصرف فلم يعتكف.
أراد أ تظنّون بهن البِرَّ، يعني لا بِرَّ عند النساء.

[قوم]

*: اسْتَقِيموا لِقُرَيش ما استقاموا لكم؛ فإنْ لم يفعلوا فَضَعُوا سيوفَكم علي عَوَاتقكم فأَبيدُوا خَضْرَاءهم.
أي أطيعوهم ما داموا مستقيمين علي الدين و ثَبَتُوا علي الإسلام.
خَضْرَاؤُهم: سَوَادُهم و دَهْمَاؤُهم.
إنْ نَسَّاني الشيطانُ شيئاً من صلاتي فلْيُسَبِّح القوم و ليصفَّق النساءُ.
القوم في الأصل: مصدرَ قَامَ، فوُصِفَ به، ثم غَلَبَ علي الرجال لقيامهم بأُمور النساء.
التصفيق: ضربُ أَحَدِ صَفْقَي الكَفِّيْنِ علي الآخر.

[قود]

*: أبو بكر رضي اللّه تعالي عنه: شُكِيَ إليه بعضِ عمَّاله، فقال: أَ أَنا أُقِيد من وَزَعَةَ اللّه.
أَقَادَهُ من فلان؛ إذا أَقَصَّه منه.
الوَزَعَة: جمع وازع، و هم الوُلاةُ المانعون من مَحَارِمِ اللّه.

[قوح]

*: عمر رضي اللّه تعالي عنه- مَنْ مَلأَ عينَيْهِ من قَاحَةِ بَيْتٍ قبل أَنْ يُؤْذَن لَهُ فقد فَجَرَ.
القَاحَةُ و البَاحَة و السَّاحَةُ: أَخَوَاتٌ في معني العَرْصة.

[قواء]

: سلمان رضي اللّه تعالي عنه- مَنْ صَلَّي بأرض قِيٍّ فَأَذَّنَ، و أقام الصلاة صلَّي خَلْفَه من الملائكة ما لا يُرَي قُطْرَاهُ؛ يركعون بركوعه، و يَسْجُدون بسجوده، و يؤمِّنُون علي دعائه.
هو فِعْلٌ؛ من القَوَاء و هي الخَلَاء من الأرض. قال العجَّاج:
*قِيٌّ تُنَاصِيها بِلادٌ قِيُّ «1»
*______________________________
(2) (*) [قوم]: و منه في حديث المسألة: أو لذي فقرٍ مدقعٍ حتي يصيب قواماً من العيش. و الحديث: قالوا: يا رسول اللّه لو قوَّمْت لنا، فقال: اللّه هو المقوِّم. و الحديث: لو لم تكله لقام لكم. و في حديث عمر: في العين القائمة ثلث الدية. النهاية 4/ 124، 125، 126.
(3) (*) [قود]: و منه الحديث: من قتل عمداً فهو القَوَد. و في حديث الصلاة: اقتادوا رواحلهم. و في حديث السقيفة: فانطلق أبو بكر و عمر يتقاودان حتي أتوهم. النهاية 4/ 119.
(4) (*) [قوح]: و منه الحديث: إن رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم احتجم بالقاحة و هو صائم. النهاية 4/ 119.
(1) صدره:
و بلدةٍ نياطُها نِطيُّ
و الرجز في لسان العرب (قوي).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 132‌

[قوم]

: أبو الدَّرْدَاء رضي اللّه تعالي عنه- يا رُبَّ قائم مشكور له، و يا رُبَّ نائم مغفور له.
قالوا: هو المتهجِّد يستغفرُ لأخيه و هو نائم؛ فيُشْكَرُ لهذا، و يُغْفَرُ لذاك.
ابن عباس رضي اللّه تعالي عنهما- إذا استَقَمْت بنقْد فبِعت بنَقْد فلا بأس به، و إذا استقمت بنَقْد فبِعْتَ بنَسِيئةٍ فلا خَيْرَ فيه.
الاستقامة في كلام أهل مكة: التَّقْويم؛ و معناه أن يَدْفَع الرجلُ إليك ثوباً فتقوِّمَه بثلاثين، فيقول لك: بِعْه بها، فما زِدْتَ عليها فَلَكَ؛ فإن بعته بالنقد فهو جائز، و تأخذ الزيادة، و إن بعتَه بالنسيئة فالبيع مردود.

[قوي]

الأسود بن زيد رحمه اللّه تعالي- في قوله تعالي: وَ إِنّٰا لَجَمِيعٌ حٰاذِرُونَ [الشعراء: 56]. قال: مُقْوُون مُؤْدُون.
أي أصحاب دوابّ قويّة كامِلُو أداةِ الحرب؛ يُقال: آدَيْتُ للسَّفر، فأنا مُؤْدٍ له، أي متأهِّب.

[قول]

: ابن المسيَّب رحمه اللّه تعالي- قيل له: ما تَقُولُ في عثمانَ و عليّ؟ فقال: أقولُ فيهم ما قَوَّلَنِي اللّه، ثم قَرَأَ: وَ الَّذِينَ جٰاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنٰا …
[الحشر:
10] الآية.
يقال: أَقْوَلْتني و قوَّلتني؛ أي أَنْطقتني ما أقول.

[قوو]

: ابن سِيرين رحمه اللّه تعالي- لم يكن يَري بَأساً بالشركاء يَتَقَاوَوْنَ المتاعَ بينهم فيمن يزيد.
التَّقاوي بين الشركاء: أنْ يشتروا سِلْعَةً بيعاً رخيصاً ثم يتزايدُوا هم أنفسهم، حتي يبلغوا بها غايةٍ ثمنها. و أنشد أبو عمرو:
و كيف علي زُهْدِ العَطَاءِ تَلُومُهمْ و هم يَتَقَاوَوْن الفَطِيمة في الدَّمِ
«1» و قاوَي بعضهم بعضاً مُقَاوَاةً؛ فإذا استخلصها بعضُهم لنفسه فقد اقْتَوَاهَا.
و منه
حديث مسروق رحمه اللّه: إِنَّه أَوْصَي في جارية له: أن قولوا لِبَنِيّ لا تَقْتَوُوها بينكم، و لَكِنْ بِيعوها، إني لم أغْشَها، و لكني جلست منها مَجْلِساً ما أحبُّ أَنْ يجلِسَ ولدٌ لي ذلك المَجْلِس.
و مَأْخَذُه من القوة؛ لأَنه بلوغ بالسلعة أَقْوَي ثمنها.
و أما
حديثُ عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عُتْبة رحمهما اللّه تعالي: قال عطاء: أتيتُه فقلتُ:
امرأة كان زوجها مملوكاً فاشتَرَتْهُ؟ قال: إن اقْتَوَتْه فُرِّق بينهما، و إن أعتقْته فهما علي نكاحهما.
______________________________
(1) البيت بلا نسبة في أساس البلاغة (قوي).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 133
فقد فُسِّر فيه اقتوته باستخدمته؛ و له وجهان: أحدهما: أن يكون افْتَعَل، و أصله من الاقْتِواء بمعني الاسْتِخُلَاص، فكُني به عن الاستخدام؛ لأنّ مَن اقتوي عبداً رَدِفَه أنْ يستخدمه. و الثاني أن يكون افعلّ من القَنْو و هو الخِدْمَة، كارْعَوَي من الرَّعْوَي «1»، إلَّا إن فيه نظراً؛ لأَنَّ افعلّ لم يجي‌ء متعدّياً، و الذي سمعتُه اقْتَوي؛ إذا صار خادماً. قال عمرو بن كلثوم:
تَهَدَّدْنا و أَوْعِدْنا رُوَيْداً مَتي كُنَّا لأُمِّكَ مُقْتَوِينَا
«2»! و يروي بالفتح جمع مَقْتوي، كالأَشعرين في الأَشْعَريّ. و المذهب المشهور أنَّ المرأة إذا اشترت زوجَها حَرْمَت عليه من غير اشتراط الخِدمَة؛ و لعل هذا اجتهاد قد اختصّ به عبيد اللّه.

[قوت]

*: في الحديث: كفي بالرجل إثماً أن يُضَيِّع من يَقُوتُ، أَو يَقِيتُ.
قاتَه يَقُوته؛ و عن الفراء يَقِيته أيضاً؛ إذا أطعمه قُوتاً، و رجل مَقُوت و مَقِيت. و من إقسام الأعراب: لا و قَائِتِ نَفِسِي القصير ما فعلتُ كذا. تعني اللّه الذي يقوتها. و أقات عليه إقاتة فهو مُقِيت؛ إذا حافظ عليه و هَيْمَن. و منه قوله تعالي: وَ كٰانَ اللّٰهُ عَليٰ كُلِّ شَيْ‌ءٍ مُقِيتاً [النساء: 85]. و حَذْفُ الجار و المجرور من الصلة هاهنا نظيرُ حذفهما من الصفة في قوله عز و جل: وَ اتَّقُوا يَوْماً لٰا تَجْزِي … * [البقرة: 48].

[قوه]

*: يذهب الدِّينُ سنة كما يذهبُ الحَبْل قُوّة قُوَّة.
هي الطاقة من طَاقَات الحَبْل، و الجمع قُوّي.
الأقوال في (أب). لا يقام في (دك). القوز في (ده). قور في (رك). قافة في (جو).
مع قادتها في (ود). مقورة في (أب). و القائمتين في (مس). القائف في (ثم). قائبة قوب في (ذق). فوقية في (هر). قوارة في (هي). قائفاً في (عي). و قال به في (عط). فلما قال في (أر). الأقواء في (سح). أن يقوموا في (سع).
______________________________
(1) الرعوي: الارعواء.
(2) البيت من الوافر، و هو لعمرو بن كلثوم في ديوان ص 79، و جمهرة اللغة ص 408، و خزانة الأدب 7/ 427، 429، 8/ 80، 81، و شرح شواهد الإيضاح ص 292، و لسان العرب (خصب) و (قتا) و (قوا)، و المنصف 2/ 133، و نوادر أبي زيد ص 188، و بلا نسبة في الأشباه و النظائر 1/ 289، و لسان العرب (ذنب).
(3) (*) [قوت]: و منه الحديث: اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً. و الحديث: قُوتُوا طعامكم يُبَارك لكم فيه.
النهاية 4/ 119.
(4) (*) [قوه]: و منه الحديث: ما لي عنده جاهٌ و لا لي عليه قاهٌ. النهاية 4/ 127.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 134‌

القاف مع الهاء

[قهز]

: عليّ رضي اللّه تعالي عنه- إنّ رجلًا أتاه و عليه ثوبٌ من قَهْز. فقال: إنّ بَنِي فلانٍ ضربُوا بني فلان بالكُناسة؛ فقال عليّ: صدَقَني سِنَّ بَكْرِه
. القَهْز و القِهز: ضرب من الثياب يتخذ من صوف كالمرْعِزَّي، ربما خالطه الحرير.
صدَّقه عليّ رضي اللّه عنه؛ و هو مثل يُضْرب لمن يأتي بالخبر علي وجهه، و أصله مذكور في كتاب المستقصي.
يقهق في (شر). القهقري في (حو).

القاف مع الياء

[قيه]

: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- إنَّ رجلًا من اليَمَن قال له: يا رسول اللّه؛ إنا أهلُ قَاهٍ؛ فإذا كان قاهُ أحدنا دَعَا من يُعِينه، فعملوا له فأطْعَمَهم و سقاهم من شراب يقال له المِزْر. فقال: أَ لَهُ نَشْوة؛ قال: نعم. قال: فلا تَشْربُوه.
الْقَاهُ: أن يَدْعُوَ فيُجَاب؛ و يأمر فيُطَاع. قال رُؤْبَة:
تاللّه لو لا النارُ أَنْ نَصْلَاها أَوْ يَدْعُو النَّاسُ عَلَينا اللّه
* لمَا سَمِعْنا لأَمِير قاهَا* «1»
و اسْتَيْقَه مَقْلوب منه. و فيه دليل علي أن عينَه ياء؛ قال المُخَبَّل السَّعْدي:
و رَدُّوا صُدُورَ الخَيْل حتي تَنَهْنَهتْ إلي ذِي النُّهَي و اسْتَيْقَهُوا لِلْمُحَلِّمِ
«2» و عن ابن الأعرابي: يقال: وَقِه يَقِه، و اتَّقَهَ يَتَّقِهُ؛ إذا أَطاع. و الْقَاهُ مقلوبٌ منه. كما قُلِب الجَاهُ من الوَجْهِ. وَ علي قوله الياءُ في اسْتَيْقَه مقلوبة من واو، كقولهم: أَيْنُق.
المِزْر: نبيذ الشعير.

[قين]

*: دخل أبو بكر رضي اللّه تعالي عنه و عند عائشة قَيْنَتَان تغنِّيان في أيام مِنًي، و النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم مُضْطَجع مُسَجًّي ثوبه علي وَجْهِه. فقال أبو بكر: أَ عِنْدَ رسول اللّه يُصْنَع‌ص هذا؟ فكشف النبيُّ صلي اللّه عليه و آله و سلم عن وجهه، و قال: دَعْهن فإنها أَيامُ عيد- و روي: أنه دخل و عندها جاريتان من الأنصار تُغِنِّيَان بشعرٍ قِيلَ في يوم بُعَاث.
______________________________
(1) الرجز: في لسان العرب (قيه).
(2) البيت في لسان العرب (قيه).
(3) (*) [قين]: و منه الحديث: نهي عن بيع القينات. و الحديث: أنا قيَّنْت عائشة. و في حديث العباس: إلا الإذخر فإنه لقيوننا. و في حديث خباب: كنت قيناً في الجاهلية. و في حديث الزبير: و إن في جسده أمثال القيون. النهاية 4/ 135.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 135
القَيْنَة: الأَمَة، غنَّت أم لا.
و
في حديث سلمان رضي اللّه عنه: لو بات رجل يُعْطِي البِيضَ القِيَان، و بات آخر يَقْرأ القرآن و يذكر اللّه لرأيت أن ذاكر اللّه أَفْضَل.

[قيح]

: لأَنْ يَمْتَلِئَ أحَدِكم قَيْحاً حَتَّي يَرِيَهُ خَيْرٌ له مِنْ أن يَمْتَلِي‌ءَ شِعْراً.
القَيْحُ: المِدَّة. و قاحت القرحة تَقِيح. و وَرَي الداءُ جوفَه: أفسده. قال:
*قَالَت له: وَرْياً إذا تَنَحْنَحَا «1»
* و قيل لداء الجَوْفِ: وَرْي؛ لأنه داءٌ داخل مُتَوَارٍ. و منه قيل للسمين: وارٍ؛ كأنَّ عليه ما يُوارِيه من شَحْمه. أ لَا تري إلي قول الأعرابي: عليه قطيفة من نَسْجٍ أَضْرَاسه. و وَرْي الزَّنْد؛ لأنه يروز كامن.
قال الشَّعْبي: إنه الشَّعْرُ الذي هُجِيَ به النبيُّ صلي اللّه عليه و آله و سلم- و قيل: هو كلُّ شعْر إذا شَغَل عن القرآن و ذِكْر اللّه، و كان أَغْلَبَ علي الرجل مما هو أَوْلي به.

[قيأ]

: استقاء رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم عَامِداً فَأَفْطَر.
أي تكَلَّف القَيْ‌ءٍ، و التقيُّؤُ أَبلَغُ من الاستقاءة.
و منه
الحديث: لو يعلم الشارِبُ قائماً مَا ذَا عليه لَاسْتَقَاء ما شَرِب.

[قيس]

*: أبو الدَّرْدَاء رضي اللّه عنه- خيرُ نسائكم التي تدخل قَيْساً، و تخرج مَيْساً؛ و تملأ بَيْتَها أَقِطاً و حَيْساً «2»، و شرُّ نسائكم السَّلْفَعَة البَلْقَعَة، التي تسمعُ لأَضْرَاسِها قَعْقَعة، و لا تزالُ جَارَتُها مُفَزَّعة.
أي تأتي بخُطاها مُستوية لأَناتِها، و لا تعجل كالخَرْقاءِ.
المَيْس: التبختُر.
السَّلْفَعَة: الجريئة.
البَلْقَعَة: الخالية من الخير.
قَعْقَعَة: صريفاً لِشِدَّةِ وَقْعِها في الأكل.

[قيض]

*: ابن عباس رضي اللّه تعالي عنهما- إذا كان يوم القيامة مُدَّت الأرضُ مَدَّ
______________________________
(1) العرب تقول للبغيض إذا سعل: ورْياً و قحاباً، و للحبيب إذا سعل: رعْياً و شباباً (لسان العرب: وري).
(3) (*) [قيس]: و منه الحديث: ليس ما بين فرعون من الفراعنة. و فرعون هذه الأمة قيس شبر. النهاية 4/ 131.
(2) الحيس: الأقط يخلط بالتمر و السمن.
(4) (*) [قيض]: و منه الحديث: إن شئت أقيضك به المختارة من دروع بدر. و في حديث علي: لا تكونوا كقيض بيض في أداح. النهاية 4/ 132.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 136
الأدِيم، فإذا كانت كذلك قِيضَتْ هذه السماء الدنيا عن أهلها؛ فنُثِروا علي وجه الأرْض فإذا أهلُ السماء الدنيا أكْثرُ من جميع أهل الأرض.
أي شُقّت؛ من قاض الفرخُ البيضة فانْقَاضَتْ و منه القَيْضُ «1».
معاوية رضي اللّه تعالي عنه- قال لسعيد بن عثمان بن عفان حين قال له: أَ لَسْت خيراً منه؟ يعني من يزيد: لو مُلِئَت لي غُوطة دِمَشقَ رِجَالًا مثلك قِيَاضاً بِيَزِيدَ ما قَبِلْتهم.
أي مُقَايضة، و هي المعاوضة.

[قيل]

*: ابن الزبير رضي اللّه تعالي عنهما- لما قُتل عثمان قلت: لا أَسْتَقِيلُها أبداً، فلما مات أبِي انُقُطِعَ بي؛ ثم استمرَّت مَرِيرَتي.
أي لا أُقِيل هذه العَثرة أبداً و لا أَنْسَاها.
المرِيرة: الحبل المفتول، و استمرارها: قوّتها و استحكامها، يعني تصبَّرت و تصلَّبت.

[قير]

: مجاهد رحمه اللّه تعالي- يَغْدُو الشيطانُ بقَيْرَوَانِه إلي السُّوق، فيفعل كذا و كذا.
قال صاحبُ العَيْن: القَيْروَان دخيل مستعمل، و هو مُعْظم القَافِلة، يعني أنه تعريب كَارَوان، و قد جاء في الشعر القديم. قال امرؤ القيس:
و غَارَةٍ ذَاتِ قَيْرَوان كأن أسرَابَها الرِّعالُ
«2» فيجوز أن يكون عربياً، و فَعْلَواناً من تركيب القِير، سمي به مُعْظم العسكر و القافلة، كما قيل: سوداء، و دَهْمَاء.

[قيس]

: الشعبي رحمه اللّه تعالي- قضي بشهادة القَائِس مع يمين المَشْجُوجِ.
هو الذي يَقِيس الشَّجَّةَ بالمقياس و يتعرَّف غَوْرَها [بالميل الذي يُدخله فيه ليعتبرها].
لا يقيله في (بي). أقيد في (أخ). قيد رمحين في (أي). قيد الفرس في (خر). ما يقيّظن في (قر). تقين و مقيد في (زه). إلي قينة في (أن).
[آخر القاف]
______________________________
(1) انقاضت: انشقت، و القيض: ما تغلق من قشور البيض (لسان العرب: قيض).
(3) (*) [قيل]: و منه الحديث: إلي قَيْل ذي رعين. و الحديث: كان لا يُقيل مالًا و لا يبيِّته. و الحديث: أن رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم كان بِتِعْهِن و هو قائل السُّقيا. و في حديث خزيمة: و أكتفي من حمله بالقَيْلة. و في حديث سلمان: يمنعك ابنا قيلة. و في حديث أهل البيت: و لا حامل القيلة. النهاية 4/ 132، 133.
(2) البيت ليس في ديوان امري‌ء القيس.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 137‌

حرف الكاف

الكاف مع الهمزة

[كأد]

*: أبو الدَّرْداء رضي اللّه تعالي عنه- إنَّ بين أيدينا عَقَبةً كَؤُوداً لا يجوزُها إلّا المُخِفّ.
الكَؤُود مثل الصَّعُود، و هي الصعبة، و منه تكاءَده الأمر، و تصعَّده؛ إذا شقَّ عليه و صَعُب. و كَأَدَ، و كَأَبَ، و كَأَن، ثلاثتها في معني الشدة و الصعوبة، يقال: كَأَنْتُ؛ إذا اشتدَدْت- عن أبي عبيدة.
و الكآبة: شدة الحزن.
أخَفَّ الرجل، إذا خفَّت حاله و رقَّت، و كان قليلَ الثقل في سفره أو حَضَرِه.
و
عن مالك بن دينار رحمه اللّه تعالي: إِنّه وقع الحريق في دارٍ كان فيها، فاشتغل الناس بالأَمتعة، و أَخَذَ مالك عصاه و جِرَاباً كان له و وثب، فجاوز الحريق، و قال: فاز المخِفّون.
و يقال: أَقْبَل فلان مُخِفّاً.

[كأكأ]

: الحكَم بن عُتَيْبة رحمه اللّه تعالي- خَرَجَ ذاتَ يَوْمٍ و قد تكَأْكَأ الناسُ عليه.
أي توقَّفوا عليه و عَكَفُوا مُزدَحِمين؛ من كأْكأْته، أي قدَعْتُه و كفَفْتُه، فَتَكأْكا. قال:
* إذا تَكأْكَأْنَ علي النَّضِيج*
و قال الجاحظ: مَرَّ أبو علقمة ببعض طرُق البصرة و هاجَتْ به مِرّة، فوثت عليه قومٌ فأقبلوا يعصرون إبْهَامه، و يؤَذِّنُون في أُذنه، فأَفْلَت من أيديهم، و قال: ما لكم تكأْكَأْتُم عليَّ كما تتكأكأُون علي ذي جِنَّة، افْرنْقِعُوا عني. فقال بعضهم: دَعُوه فَإِنَّ شيطانَه يتكلّم بالهِنْدِية.
و كآبة المنقلب في (وع).
______________________________
(1) (*) [كأد]: و منه في حديث الدعاء و لا يتكاءدُك عفْوٌ من مذنب. و حديث علي: و تكأْدنا ضيق المضجع.
و حديث عمر: ما تكأَّدني شي‌ء ما تكأَّدتْني خطبة النكاح. النهاية 4/ 137.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 138‌

الكاف مع الباء

[كبا]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- ما أحد من الناس عَرضْتُ عليه الإسلامَ إلَّا كانت له عنده كَبْوَة غير أَبي بكر فإِنّه لم يتلعْثَم- و يروي: ما عَكَم عنه حين ذكرتُه له، و ما تردَّدَ فيه.
الكبوة: الوَقْفَة كوَقْفَة العاثر.
و التَّلَعْثُم و العُكوم نحوها أو قريب منها. يقال: قَرأَ فلان فمَا تَلَعْثَم و ما تَلَعْذَم؛ أي ما توقف و لا تحبَّس قال القيم العبسي:
رسول من الرَّحمن يتلو كتابه فلمّا أَنارَ الحقُّ لم يَتَلَعْثَم
و ليس أحدُ الحرفين بدلًا من صاحبه.
و نحوهما حذَوْت و حَثوْت، و قَرَبٌ حَذْحَاذ و حَثْحَاث، و عَكَم و عَكَفَ و عَكَر و عَكَل و عَكَظ و عَكَا أخوات: في معني الوقوف و ما يقرب منه.
إِنَّ ناساً من الأنصار قالوا له صلي اللّه عليه و آله و سلم: إنَّا نسمع من قومك، حتي يقول القائل: إنما مَثلُ محمد مَثَل نَخْلةٍ تنبتُ في كِبَا.
و
عن العباس بن عبد المطلب رضي اللّه عنه أنه قال: يا رسول اللّه؛ إنّ قريشاً جلسوا فتذاكروا أَحْسابهم، فجعلوا مَثَلك مثَل نَخْلة في كَبوة من الأرض.
و
عنه صلي اللّه عليه و آله و سلم: أنه قيل له: يا رسول اللّه؛ أين ندفن ابْنَك؟ قال: عند فَرَطِنا عثمان بن مظعون. و كان قبرُ عثمان عند كِبَا بني عَمْرو بن عوف.
الكِبا: الكُناسة، و جمعه أَكْبَاء، و الكُبَة بوزن قُلَة و ظُبَة: نحوها.
و قال أصحاب الفراء: الكُبة المزبَلة، و جمعها كبُون كقلون. و أصلها كُبْوة؛ من كَبَوْتُ البيتَ إذا كنَسْتُه. و علي الأصل جاء الحديث، إلّا أن المحَدِّث لم يضبط الكلمة فجعلها كَبْوة بالفتح- و إن صحَّت الرواية فوجهها أن تطلق الكَبْوة، و هي الكَسْحة، علي الكُسَاحة.

[كبكب]

*: في ليلة الإسراء قال: عُرِض عليّ الأنبياء، فجعل النبي يَمُرّ و معه الثلاثة النَّفَر و الرجل و الرجلان، و النبيّ ليس معه أحدٌ حتي مرَّ موسي في كَبْكَبَة من بني إسرائيل أَعْجَبَتْنِي. فقلت: رب أُمِّتي! فقيل: انظر عن يمينك، فنظرتُ فإذا بشرٌ كثير يتهاوَشُون.
______________________________
(1) (*) [كبا]: و منه حديث أم سلمة: قالت لعثمان: لا تقدح. بزندٍ كان رسول اللّه أكباها. و الحديث: لا تشبَّهوا باليهود تجمع الأكباء في دورها. و في حديث أبي موسي: فشقَّ عليه حتي كبا وجهه. و في حديث جرير: خلق اللّه الأرض السفلي من الزبد الجُفاء و الماءِ الكُباء. النهاية 4/ 146، 147.
(2) (*) [كبكب]: و منه الحديث: أنه نظر إلي كبكبة قد أقبلت، فقال: من هذه؟ فقالوا: بكر بن وائل.
النهاية 4/ 144.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 139
فقيل: انظر عن يسارك، فنظرت فإِذا الظِّرَاب مستدَّة بوجوهِ الرِّجال! قيل: هذه أُمَّتُك.
أرضيتَ؟ قلت: ربي رضيت.
هي الجماعة المتضامَّة؛ و الكُبْكُوبة و الكُبْكُوب مثلها. من قولهم: رجل كُبَاكب؛ و هو المجتمع الخَلْق. و الكُبَابُ: الثَّرَي المتكبِّب بعضه علي بعض.
التَّهاوُش: الاختلاط و التداخل، و التهويش: الخَلْط.
الأصمعي- الحَزَاوِر: الرَّوَابي الصغار، و الظِّراب نَحْوٌ منها.
سدَّه و استدَّه بمعني.
الثلاثة النفر مما لم يثبت عند البصريين، و الصواب عندهم ثلاثة النفر، و قد تقدَّم نحوه. و عن أبي عثمان المازني: أنهم أضافوا إلي رَهْط و نَفَر، و لم يُضِيفوا إلي قومٍ و بشَر، فقالوا: ثلاثة نفر و تسعة رهط، و لم يقولوا: ثلاثة بشر و ثلاثة ثوم؛ قال: لأنَّ بشراً يكون للكثير و قوم للقليل و الكثير، و رهط و نفر لا يكونان إِلَّا للقليل؛ فلذلك أضافوا إليه ما بين الثلاثة إلي العشرة، لأنَّ ذلك في معني ما كان لأدْني العدد.

[كبث]

: قال جابر بن عبد اللّه رضي اللّه تعالي عنهما: كنا مع النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم بِمَرِّ الظَّهْرَانِ نَجْني الكَبَاثَ، فقال: عليكم بالأسود فإنه أطيَبُه.
هو النَّضيج من البَرير، و هو ثَمَرُ الأراك. و المراد الغضُّ، و أسوده أنْضَجَه. و قيل له الكَبَاث لتغيُّره و تحوُّله إلي حال النُّضْج؛ من كبثَ اللحم إذا بات مَغْمُوماً «1» فتغيَّر. و كبَّثْنَا السفينة إذا جنحت إلي الأرض فحوَّلْنَا ما فيها إلي الأخري.

[كبد]

*: الكُبَادُ من العَبِّ. «2».
أي وجع الكَبِد من جَرْعِ الماء، فارْشُفُوه رَشْفاً. يقال: كَبَده الماء إذا أضرَّ بكَبِدِه.

[كبر]

*: مات رَجُلٌ من خُزَاعة أو من الأَزْد و لم يَدَعْ وارثاً؛ فقال: ادفعوه إلي أَكْبر خُزاعة.
______________________________
(1) غمَّ الشي‌ء: غطاه.
(3) (*) [كبد]: و منه الحديث: و تُلقي الأرض أفلاد كبدها. و الحديث: في كبد الجبل. و في حديث الخندق: فعرضت كبدة شديدة. النهاية 4/ 139.
(2) العب: شرب الماء من غير مص.
(4) (*) [كبر]: و منه الحديث: الولاء للكبر. و في حديث القسامة: الكُبْرَ الكُبْرَ. و في حديث ابن الزبير و هدمه الكعبة: فلما برز عن رَبَضه دعا بكبره، فنظروا إليه. و في حديث مازن: بُعِثَ نبيٌّ من مضر يدعو بدين اللّه الكُبَرِ. و في حديث الأقرع و الأبرص: ورثته كابراً عن كابرٍ. و الحديث: لا تكابروا الصلاة بمثلها من التسبيح في مقام واحد. و في حديث الإفك: و هو الَّذِي تَوَلّٰي كِبْرَهُ. و الحديث: و لكن الكبر-
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 140
أي ادفعوا ماله إلي كبيرهم، و هو أقربُهم إلي الجدِّ الأول، و لم يُرِد به كِبَر السنِّ.

[كبد]

: قال بِلَال رضي اللّه عنه: أذنتُ في ليلة باردة فلم يأتِ أحَد؛ فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: ما لَهُمْ يا بِلَال! قلت: كَبَدهم البَرْدُ؛ فلقد رأيتُهم يتروَّحُون في الضَّحَاء.
أي شقّ عليهم و ضيَّق، من الكَبَد «1»، أو أصاب أَكبادهم؛ لأن الكَبِدَ مكانُ الحرارة فلا يخلص إليها من البرد إلّا الشديد.
الضَّحَاء: الضحي. قال البشر بن أبي خازم:
هُدُوءاً ثم لأْياً ما اسْتَقَلُّوا لِوجْهَتَهِمْ و قد تَلَعَ الضَّحَاء
«2» يريد أنه دَعَا لهم بانكشاف البرد، حتي احتاجوا إلي التروُّح.

[كبت]

: دخل صلي اللّه عليه و آله و سلم علي أبي عميرة فرآه مَكْبُوتاً.
يقال: رجل كابت و مَكْبُوت و مُكْتَبِتٌ؛ أي مُمْتَلئٌ غَمّاً. و قد كَبَته. و قيل: هو كابِت ما في نفسه إذا لم يُبْدِه أحدٍ. و إنك لتكبِتُ غَيْظَك في جوفك: لا تُخْرِجه. و قيل: الأصلُ الدال؛ أي بَلغ الهمُّ كَبده.

[كبل]

*: عثمان رضي اللّه تعالي عنه- إذا وَقَعَت السُّهْمَان فلا مُكَابَلَة.
أي فلا مُمَانَعة؛ من الكَبْل و هو القَيْد؛ يريد إذا حُدَّتِ الحدود، و وقعت القِسمة فلا يحبس أحدٌ عن حقِّه. و كان عثمانُ لا يري الشُّفْعَة إلّا للخليط دونَ الجار.
و منه
الحديث: لا مُكابَلة إذا حُدَّت الحدُود و لا شُفْعة.
و زعم بعضهم أنَّ المُكابلة التأخير. يقال: كَبَلْتُك دَيْنَك؛ أي أخّرته عنك. قال:
و المُكَابلة المنهيُّ عنها أن تُباع دارٌ إلي جَنْبِ دارك و أنت تريدُها، فتؤخرَ ذلك حتي يستوجبَها المشتري، ثم تأخذها بالشفْعة و هي مكروهة.
و عن الأصمعي أنها مقلوبة من المُباكلة أو المُلَابَكة؛ و هي المخالطة. يقال: بَكَلْت الشي‌ء و لَبَكْته؛ أي إذا حُدَّت الحدود فقد ذَهَب الاختلاط. و بِذَهَابِه ذَهَبَ حَقُّ الشفعة؛ كأنه قال: فلا عِلَّة لثبوت الشفعة.
______________________________
- من بطر الحق. و في حديث الدعاء: أعوذ بك من سوء الكِبْر. و في حديث عطاء: سئل عن التعويذ يعلَّق علي الحائض فقال: إن كان في كَبَرٍ فلا بأس به. النهاية 4/ 139، 140، 141، 142، 143.
(1) الكبَد: الشدة و الضيق.
(2) البيت في ديوان بشر ص 2، و تلع الضحاء: ارتفع و انبسط.
(3) (*) [كبل]: و منه الحديث: ضحكت من قوم يؤتي بهم إلي الجنة في كبل الحديد. و في حديث ابن عبد العزيز: أنه كان يلبس الفرو و الكبَل. النهاية 4/ 144، 145
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 141‌

[كبه]

: حُذَيفة رضي اللّه تعالي عنه- ذكر فتنة شبَّهها بفتنة الدجال، و في القوم أَعْرَابيّ، فقال: سبحان اللّه يا أصْحَابَ محمد! كيف و قد نُعِت لنا المسيح؛ و هو رجل عريض الكَبْهة، مُشْرِف الكَتِد، بعد ما بين المنكبين؛ فرُدِع لها حُذَيْفَة رَدْعة، ثم تَسايَر عن وجهه الغضب.
أراد الجَبْهة، فأَخْرَج الجيم بين مَخْرَجها و مخرج الكاف، و هو أحدُ السبعة التي ذكر سيبويه أنها غيرُ مستحسنة و لا كثيرة في لغة مَنْ تُرْتَضَي عربيَّتُه.
المكَتِد: ما بين أعلي الظهر و الكاهل.
رُدِع: تغيَّرَ لونُه ضَجَراً؛ من رَدَعْت الثوب بالزَّعْفَران «1».
تَسَايَر؛ أي سار و زَالَ.

[كبر]

: أبو هُريرة رضي اللّه تعالي عنه- سجد أحدُ الأَكْبَرين في إِذَا السَّمٰاءُ انْشَقَّتْ
[الانشقاق: 1]. أراد الشيخين أبا بكر و عمر رضي اللّه تعالي عنهما.
عند أصحابِنَا: في المفصّل ثلاث سجدات: إحداها في هذه، و الثانية و الثالثة في «و النجم» و «اقرأ». و هو مذهب أبي هريرة كما تري و ابن مسعود رضي اللّه عنهما، و عند مالك و الشافعي رحمهما اللّه تعالي لا سجودَ فيه، و هو مذهب ابنِ عباس و زيد بن ثابت رضي اللّه عنهم.

[كبس]

________________________________________
زمخشري، ابو القاسم، محمود بن عمر، الفائق في غريب الحديث، 4 جلد، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، اول، 1417 ه ق
الفائق في غريب الحديث؛ ج‌3، ص: 141
*: عَقيل رضي اللّه تعالي عنه- إنَّ قريشاً قالت لأبي طالب: إنّ ابنَ أخيك قد آذانا فانْهَهُ عنَّا. فقال: يا عَقيل؛ انطلِقْ فائْتِني بمحمد، فانطلقتُ إليه فاستخرجْتُه من كِبْس.
أي من بيت صغير؛ قيل له كِبْس لخَفَائه؛ من كبَس الرجل رأسَه في ثوبه إذا أخفاه. أو من غارٍ في أصل جبل من قولهم: إنه لفي كِبْس غِنًي، أو في كِرْس غِنًي؛ أي في أصله- حكاه أبو زيد.
الأكباء في (عذ). الكباء في (جف). اكبوا في (لح). كبة في (أر). أكباها في (زو).
و كبر رجاله في (قف). كبة في (حو). بكبره في (رف). مكبس في (مر). كبروا في (حو).
الكبر في (جل). ابن أبي كبشة في (عن).
______________________________
(1) ردعت الثوب بالزعفران: أي لطخته.
(2) (*) [كبس]: و منه في حديث القيامة: فوجدوا رجالًا قد أكلتهم النار إلا صورة أحدهم يعرف بها فاكتبسوا، فأُلقوا علي باب الجنة. النهاية 4/ 143، 144.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 142‌

الكاف مع التاء

[كتب]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- قام إليه رجل فقال: يا رسولَ اللّه؛ نشدتك باللّه إلّا قضيتَ بيننا بكِتَاب اللّه؛ فقام خَصِيمُه و كان أَفْقَه منه، فقال: صدق، اقْضِ بيننا بكتاب اللّه و ائْذَنْ لي، قال: قُل، قال: إنّ ابْنِي كان عَشِيفاً علي هذا فَزَنَي بامرأتِه، فافْتَدَيْتُ منه بمائة شاة و خادم، ثم سألت رجالًا من أهل العلم، فأخبروني أنَّ علي ابْنِي جَلْد مائة و تَغْرِيب عام، و علي امرأة هذا الرَّجْم؛ فقال: و الذي نَفْسِي بيده لأَقضِيَنَّ بينكما بكتاب اللّه؛ المائة الشاة و الخادم ردٌّ عليك، و علي ابنك جَلْد مائة و تَغْرِيب عام، و علي امرأة هذا الرَّجم. و اغْدُ يا أنيس علي امرأةِ هذا فإن اعترفَتْ فارْجُمها. فغدا عليها فاعترفت، فرَجَمها.
بكِتَاب اللّه؛ أي بما كتبه علي عباده، بمعني فَرَضه. و منه قوله تعالي: كِتٰابَ اللّٰهِ عَلَيْكُمْ؛ العسيف: الأجير. و لم يُرِد القرآن؛ لأنَّ النَّفْي و الرَّجْم لا ذِكْرَ فيه لهما.
ابن عمر رضي اللّه تعالي عنهما- من اكْتَتَب ضَمِناً بعثَه اللّهُ ضَمِناً يوم القيامة.
أي كتب نفسه زَمِناً، و أري أنه كذلك، و هو صحيح، لِيَتَخَلَّف عن الغَزْو.

[كتم]

*: أسماء رضي اللّه تعالي عنها- قالت فاطمة بنت المنذر: كنا معها نَمْتَشِط قبل الإحْرام و ندَّهِن بالمَكْتُومة.
هي دُهن من أدْهان العرب أحمر، يُجْعل فيه الزعفران. و قيل: يجعل فيه الكَتَم؛ و هو نبات يُخْلَط مع الوَسْمَة «1» للخِضَاب الأَسود.

[كتن]

: الحجاج- قال لامرأة: إنكِ كَتُون لَفُوت لَقُوف صَيُود.
هي من قولهم: كَتِن الوسخ عليه و كَلِع، إذا لَزِق.
و الكَتَن: لَطْخُ الدخان بالحائط؛ أي لَزُوق بمن يَمَسُّها أو طيِّعة دَنِسة العِرْض. و قيل:
هي من كَتِن صدره إذا دَوِي، أي دَوِيَة الصدر منطوية علي رِيبة و غِشّ.
و عن أبي حاتم: ذاكرت به الأصمعي فقال: هو حديث موضوع و لا أعرف أصل الكَتُون.
______________________________
(2) (*) [كتب]: و منه حديث أنس بن النضر: قال له: كتاب اللّه القصاص. و الحديث: من نظر في كتاب أخيه بغير إذنه فكأنما ينظر في النار. و في حديث بريرة: أنها جاءت تستعين بعائشة في كتابتها. و في حديث السقيفة: نحن أنصار اللّه و كتيبة الإسلام. و في حديث المغيرة: و قد تكتَّب يُزَفُّ في قومه.
و في حديث الزهري: الكُتَيْبَة أكثرها عَنْوة، و فيها صلح. النهاية 4/ 147، 148، 149.
(3) (*) [كتم]: و منه الحديث: إن أبا بكر كان يصبغ بالحنَّاء و الكتم. و في حديث زمزم: إن عبد المطلب رأي في المنام، قيل: احفر تُكتم بين الفرث و الَّدم. و الحديث: أنه كان اسم قوس النبي صلي اللّه عليه و سلم الكتوم.
النهاية 4/ 150، 151.
(1) الوسمة: شجرة ورقها خضاب.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 143
اللّفُوت: الكثيرة التلَفُّت.
اللَّقُوف: التي إذا مُسَّت لقفت يد الماسِّ سريعاً.
فَتَكَاتَّ في (ست). لا يكت في (حد). تكتب في (حل). اكتع في (رف). كتاب اللّه في (خف). مكتل في (دم). الكتد في (كب) و في (مغ). تكتم في (حل). كت منخره في (عف). و له كتيت في (مر).

الكاف مع الثاء

[كثر]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- لا قَطَعَ في ثَمَرٍ و لا كَثَرٍ
الكَثَر: جُمَّار النَّخْل، و هو شحْمه الذي يخرج به الكافور، و هو وعاء الطلع من جَوْفه، سمي جُمَّاراً و كَثراً؛ لأنه أصل الكوافير و حيث تجتمِعُ و تكثر.

[كثكث]

*: قال أبو سفيان رضي اللّه تعالي عنه عند الجَوْلة التي كانت من قِبَلِ المسلمين: غَلَبَتْ و اللّه هَوَازِن. فأجابه صَفْوَان: بفِيك الكِثْكِث؛ لأَن يَرُبَّنِي رجل من قريش أحب إليَّ من أن يرُبَّني رجل من هَوَازِن.
هو بالفتح و الكسر: دِقَاق الحصي و التراب.
رَبَّه: كان له ربّاً، أي مالكاً، نحو ساده؛ إذا كان له سيِّداً.
الكثر في (تب). كث منخره في (عف). بالكثبة في (نب). كثف في (زن). اكثبت في (زف).

الكاف مع الجيم

[كجج]

: ابن عباس رضي اللّه تعالي عنهما- في كلّ شي‌ء قِمَارٌ حتي في لَعِبِ الصِّبْيَان بالكُجة.
الكُجَّة، و البُكْسَة، و التُّون: لعبة يأخذ الصبيُّ خِرْقة فيدوِّرها كأنها كُرَة ثم يتقامرون بها. و كجَّ الصبيّ، إذا لَعِبَ بالكُجَّة.

الكاف مع الحاء

[يكحب في (عق).
______________________________
(1) (*) [كثر]: و منه في حديث قيس بن عاصم: نعم المال أربعون، و الكُثْرُ ستون. و الحديث: إنكم لمع خليقتين ما كانتا مع شي‌ء إلا كثرتاه. و في حديث مقتل الحسين: ما رأينا مكثوراً أجرأَ مقدماً منه.
و في حديث الإفك: و لها ضرائر إلَّا كثَّرن فيها. و في حديث قزعة: أتيت أبا سعيد و هو مكثور عليه.
النهاية 4/ 152، 153.
(2) (*) [كثكث]: و منه الحديث: و للعاهر الكِثْكث. النهاية 4/ 153.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 144‌

الكاف مع الخاء

[كخ]

: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- أكل الحسنُ أو الحسين تَمْرَةً من تَمْر الصَّدَقة. فقال له النبيُّ صلي اللّه عليه و آله و سلم: كَخْ كَخْ!
هي كلمة تقال للصبي إذا زُجِر عن تناول شي‌ء، و عند التقذّر من الشي‌ء أيضاً. و أنشد أبو عَمْرو:
*و عاد وَصْلُ الغَانِيَات كَخا

الكاف مع الدال

[كدي]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- عرضَتْ يوم الخَنْدق كُدْية؛ فأخذ رسولُ اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم المِسْحاة، ثم سَمَّي ثلاثاً و ضَرَب، فعادت كَثِيباً أَهْيَل- وروي: إنّ المسلمين وجدوا أَعْبِلة في الخَنْدَق و هم يحفِرُون، فضربوها حتي تكسَّرَت مَعَاوِلُهُم، فدعَوْا لها النبيّ صلي اللّه عليه و آله و سلم، فلما نظر إليها دعا بماء فصبَّه عليها فصارت كثيباً يَنْهال انهيَالًا.
الكُدْية: قِطْعَة صُلْبة لا تعمل فيها الفَأْس. و أَكْدَي الحافرُ إذا بَلَغها.
الأَهْيَل: المُنْهال.
الأَعْبِلة: واحدة الأعْبل؛ و هي حجارةٌ بيض صِلاب. قال:
و الضَّرْبُ في إِقْبَالِ مَلْمُومَةٍ كَأَنَّمَا لأْمَتُهَا الأَعْبَلُ
«1» و يقال: حجر أَعْبَل، و صخرة عَبْلَاء؛ و هو من قولهم: رجل عَبْل بيِّن العَبَالة، و هي الضَّخَم و الشدة.

[كدح]

: المسائل كُدُوح يَكْدَح بها الرجلُ ذا سُلْطان أو في أمرٍ لا يجدُ منه بُدّاً.
أي خدوش. سؤالُ ذي السلطان أن تسأل حقَّك من بيت المال.

[كدن]

: سالم رحمه اللّه تعالي- دخل علي هشام بن عبد الملك فقال: أَنك لحسَنُ الكِدْنَة. فلما خرج من عنده أخذته قَفْفَفَة، فقال لصاحبه: أتُري الأحْوَال لَقَعَنِي بعينه.
هي غلظ الجسم و كثرة اللحم.
و عن يعقوب: ناقة ذات كِدْنَة و كُدْنة، كقولك: حاف بيِّن الحَفوَة و الحُفْوَة.
______________________________
(2) (*) [كدي]: و منه حديث عائشة تصف أباها: سبق إذا ونيتم و نجح إذ أكديتم. و الحديث: أنه دخل مكة عام الفتح من كداء، و دخل في العمرة من كديً. النهاية 4/ 156.
(1) الرجز بلا نسبة في لسان العرب (عبل).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 145
القَفْقَفَة و القَرْقَفَة: الرِّعْدة. و تقفقف و تقرقف. قال جرير:
وَ هُمْ رَجَعُوها مُسْحِرين كأَنَّمَا بِجِعْثِنَ من حمَّي المدينةِ قَفْقَفُ
«1» لَقَعَنِي: أصابني. و كان هشام أحول. و
يحكي أنه سَهِرَ ذات ليلة فطُلِبَ له الشعراء ليُؤْنسوه بالنشيد؛ فكان فيمن أنشده أبو النجم، فلما بلغ من لاميته التي أولها:
*الحمد للّه الوهوب المُجْزِل
* إلي قوله:
*و الشمس قد صارت كَعَيْنِ الأحْوَلِ
* استشاط غضباً و قال: أَخْرِجُوا هؤلاء عني، و هذا خاصة.
الكُدَي في (كر). الكوادن في (عر). كدوحاً في (خد). اكديتم في (زف). متكادس في (كو). يكدم في (جو). ابن مكدم في (حو).

الكاف مع الذال

[كذب]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- الحِجَامة علي الرِّيقِ فيها شفاء و بَرَكة، و تزيد في العَقْل و في الحِفْظ؛ فمن احتجم فيومُ الخميس و الأحد كذَبَاك أو يوم الاثنين و الثّلاثاء، اليومُ الذي كشف اللّه تعالي فيه عن أَيُّوب البلاء، و أصابه يوم الأربعاء. و لا يبدُو بأَحدٍ شي‌ء من جُذَام أو بَرَص إلّا في يوم أربعاء أو ليلة أربعاء.
كذباك؛ أي عليك بهما.
و منه
حديث عمر رضي اللّه تعالي عنه: كذَب عليكم الحجّ- كذَبَ عليكم العُمْرةُ.
كذَبَ عليكم الجِهَاد. ثلاثةُ أَسْفار كذَبْنَ عليكم.
و
عنه رضي اللّه عنه: إنَّ رجلًا أتاه يشكو إليه النَّقْرِس. فقال: كذَبَتْك الظَّهَائِر.
أي عليك بالمَشيِ في حَرِّ الهواجر و ابتذال النَّفْس.
و
عنه رضي اللّه عنه: إنّ عَمْرو بن معديَكرب شكا إليه المَعَص «2» فقال: كذَبَ عليك العَسَل
؛ يريد العَسَلانَ.
و هذه كلمة مُشْكِلة قد اضطربت فيها الأقاويل، حتي قال بعضُ أهل اللغة: أظنّها من الكلام الذي دَرَج و دَرَج أهلُه و مَنْ كان يعلمه، و أنا لا أَذكر من ذلك إلّا قول من هِجِّيراه التحقيق.
______________________________
(1) البيت في ديوان جرير ص 377.
(3) (*) [كذب]: و منه حديث علي: كَذَبتك الحارقة. و الحديث: إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب.
و في حديث المسعودي: رأيت في بيت القلم كذَّابتين في السقف. النهاية 4/ 159، 160.
(2) المعص، بالعين المهملة: التواء في عصب الرجل (لسان العرب: معص).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 146
قال الشيخ أبو علي الفارسي رحمه اللّه: الكذب: ضَرْب من القول، و هو نُطْقٌ، كما أنَّ القول نُطْق؛ فإذا جاز في القول، الذي الكذبُ ضربٌ منه، أن يُتَّسع فيه فيُجْعَل غير نطق في نحو قوله:
*قد قالت الأَنْسَاعُ للبطن الْحَقِي
* و نحو قوله في وصف الثَّور:
*فكَّر ثم قال في التفكير
* جاز في الكذب أن يُجْعل غير نطق في نحو قوله:
*كَذَب القرَاطفُ و القرُوفُ
* «1» فيكون ذلك انتفاء لها. كما أنه إذا أخبر عن الشي‌ء علي خلاف ما هو به كان ذلك انتفاء للصدق فيه. و كذلك قوله:
*كَذَبْتُ عَلَيْكم أَوْعِدُوني
* «2» معناه لست لكم؛ و إذا لم أكُنْ لكم و لكم أُعِنْكم كنت مُنَابذاً لكم، و منتفيةً نُصْرَتي عنكم؛ ففي ذلك إغراء منه لهم به.
و قوله:
*كَذَب العَتِيق …
* «3»
______________________________
(1) تمامه:
و ذُبْيانيَّةٍ أوْصت بنيها بأنْ كَذَب القراطفُ و القروفُ
و البيت من الوافر، و هو لمعقر بن حمار البارقي في إصلاح المنطق ص 15، 66، 293، و خزانة الأدب 5/ 15، 6/ 119، و سمط اللآلي ص 484، و لسان العرب (كذب)، و بلا نسبة في خزانة الأدب 6/ 188، و لسان العرب (شمس) و (قرطف).
(2) تمامه:
كذبت عليكم أو عدوني و عللو بين الأرض و الأقوام قردان موظبا
و البيت لخداش بن زهير في لسان العرب (كذب).
(3) تمامه:
كذب العتيقُ و ماءُ شَنٍّ بردٌ إنْ كنتِ سائلتي غبوقاً فاذهبْ
و البيت من الكامل، و هو لعنترة في ديوانه ص 273، و لسان العرب (كذب)، و (عتق)، و لخزز بن لوذان في الكتاب 4/ 213، و لسان العرب (نعم)، و للاثنين معاً في خزانة الأدب 6/ 183، 185، 192، و بلا نسبة في سر صناعة الإعراب 2/ 521، و الصاحبي في فقه اللغة ص 68.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 147
أي لا وجودَ للعتيق و هو التَّمر فاطلبيه.
و قال بعضهم في قول الأعرابي و قد نظر إلي جَمَلٍ نِضْوٍ: كذَب عليك القَتّ و النَّوي.
وروي: البَزْر و النّوي.
معناه أن القتَّ و النوي ذكَرا أنك لا تسمن بهما، فقد كذبا عليك؛ فعليك بهما؛ فإنك تسمن بهما.
و قال أبو عليّ: فأمَّا مَنْ نصب البَزْر فإنَّ عليك فيه لا يتعلّق بكذب؛ و لكنه يكون اسم فعل، و فيه ضمير المخاطب. و أما كذب ففيه ضمير الفاعل كأنه قال: كذب السِّمَن؛ أي انتفي من بعيرك؛ فأَوْجِده بالبَزْرِ و النوي، فهما مفعولًا عليك: و أضمر السِّمَن لدلالة الحالِ عليه في مشاهدة عدمه.
و في المسائل القصريات؛ قال أبو بكر: في قول مَنْ نصب الحج فقال: كذبَ عليك الحجَّ أنه كلامان. كأنه قال كذب، يعني رجلًا ذمَّ إليه الحج، ثم هيَّج المخاطب علي الحج؛ فقال: عليك الحجّ.
هذا و عندي قولٌ هو القول، و هو أنها كلمةٌ جَرَتْ مَجْرَي المثلِ في كلامهم، و لذلك لم تُصَرَّف و لزِمَتْ طريقةً واحدة في كونها فعلًا ماضياً معلَّقاً بالمخاطب ليس إلَّا. و هي في معني الأمر، كقولهم في الدعاء: رَحِمك اللّه. و المُرَاد بالكَذِب الترغيب و البَعْث. من قول العرب: كذَبَتْه نفسُه إذا منَّته الأماني، و خَيَّلَت إليه من الآمال ما لا يَكَاد يَكُون. و ذلك ما يُرَغِّبُ الرجلَ في الأُمور، و يبعثُه علي التعرّض لها. و يقولون في عكس ذلك: صَدَقَتْه نفسُه، إذا ثَبَّطَتْه و خيَّلت إِليه المَعْجزَة و النَّكدَ في الطلب. و من ثمت قالوا للنَّفْسِ الكَذُوبِ.
قال أبو عمرو بن العَلَاء: يقال للرجل يتهددُ الرجل و يتوعدُه ثم يكذب و يَكُعّ «1»:
صدَقَتْه الكَذُوب، و أنشد:
فأَقْبَلَ نَحْوِي علي قُدْرَةٍ فلمَّا دَنَا صَدَّقَتْهُ الكذوب
و أنشد الفراء:
*حتي إِذَا صَدَّقَتْه كذبه
* أي نفوسه، جعل له نفوساً، لتفرُّق الرأْي و انتشاره.
فمعني قوله: كذبك الحج ليكَذِّبْك؛ أي لينشِّطْك و يَبْعَثْك علي فعله.
و أما كذبَ عليك الحجّ. فله وَجْهان: أحَدُهما: أَنْ يُضَمَّن معني فعل يتعدي بحرف الاستعلاء، أو يكون علي كلامين، كأنه قال: كذب الحج. عليك الحج، أي ليرغبك الحج؛ هو واجب عليك؛ فأضمر الأوَّل لدلالة الثاني عليه. و مَنْ نصب الحج فقد جعل
______________________________
(1) يكع: يجبن و يضعف.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 148
عليك اسم فعل، و في كذب ضمير الحجّ.
[كذب]:
الزبير رضي اللّه تعالي عنه- حمل يوم اليَرْمُوك علي الرُّوم، و قال للمسلمين:
إن شدَدْتُ عليهم فلا تُكَذِّبُوا.
التكذيب عن القتال: ضدّ الصِّدْقِ فيه، يقال: صدَقَ القتال إذا بذل فيه الجِدِّ و أَبْلَي.
و كذَّب عنه إذا جَبُن. قال زهير:
لَيْثٌ بِعَثَّرَ يَصْطَادُ الرِّجالَ إذَا مَا اللَّيْثُ كَذَّبَ عَنْ أَقْرَانِه صَدَقَا
«1»

[كذن]

: ابن غَزْوَان رضي اللّه تعالي عنه- أقبل من المدينة حتي كانوا بالمِرْبَد فوجدوا هذا الكَذَّان. فقالوا: ما هذه البَصْرَة؟ ثم نزلوا و كان يوم عِكَاك، فقال عُتْبَة: ابْغُوا لنا منزلًا أنَزْه من هذا.
الكَذَّان و البَصْرة: حجارة رِخْوة إلي البياض.
العِكَاك: جمع عَكَّة؛ و هي شدةُ الحر مع الوَمد «2». و منه قول ساجع العرب: إذا طلع السِّمَاك «3»، ذهب العِكَاك، و قلَّ علي الماء اللِّكَاك «4».
أَنْزَه: أبعد من الحرِّ و الأَذَي.
كذب بكر في (جف).

الكاف مع الراء

[كرش]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- الأنْصار كرِشي و عَيْبَتِي، و لولا الهجرةُ لكنت امرأً من الأنصار.
أراد أنهم بِطانتي و موضعِ سِرِّي و أَمانتي، فاستعار الكَرِش و العَيْبَة لذلك؛ لأنَّ المجترّ يجمع عَلَفه في كَرِشه، و الرجلَ يجعل ثيابَه في عَيْبَته.
و منه
الحديث: كانت خُزَاعة عَيْبَة رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم- مؤمنهم و كافرهم.
و أم قولهم لعِيَال الرجل كَرِش، و له كَرِش منثورة- فهو من قول العرب: تزوج فلان بفلانة فنثرت له بَطْنَها و كَرشها. و من ذلك فسر أبو عبيد كَرِشي بجماعتي.
______________________________
(1) البيت في ديوان زهير ص 54.
(2) الوَمَدُ، محركة: الحر الشديد مع سكون الريح، أو ندي يجي‌ءُ في صميم الحَرِّ من قبل البحر، ليلةٌ مَمِدٌ و ومِدةٌ، أو شدَّة حرِّ الليل، (القاموس المحيط: و مد).
(3) السماكان: نجمان نيران: السماك الأعزل، و السماك الرامح.
(4) اللكاك: الزحام.
(5) (*) [كرش]: و منه في حديث الحسن: في كلِّ ذات كرش شاة. النهاية 4/ 164.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 149‌

[كرسف]

*: عن حَمْنَة بنت جَحْش رضي اللّه تعالي عنها: إنها استُحِيضت، فسألت النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم، فقال لها: احتشي كُرْسُفاً. فقالت له: إنه أكثر من ذلك؛ إني أَثُجُّه ثَجّاً. قال: تَلَجَّمِي و تَحَيَّضِي ستاً أو سبعاً، ثم اغتسلي و صَلِّي.
الكُرْسُف و الكُرْسوف: القِطَع من القطن، من الكَرسفة؛ و هي قَطْع عُرْقوب الدابة، و الكَرْفَسة مثلها.
التلجّم: شد اللِّجام.
تحيَّضِي: أي اقعُدِي أيام حيضك، و دَعِي فيها الصلاة و الصيام.

[كركم]

: بينا هو صلي اللّه عليه و آله و سلم- و جبرائيل يتحدّثان تغيَّر وجهُ جبرائيل حتي عاد كأنه كُرْكُمة.
هي واحدة الكُرْكُم، و هو الزعفران، و قيل: شي‌ء كالوَرْس. و قيل: العُصْفر.
و منه
حديثه صلي اللّه عليه و آله و سلم حين دفن سعد بن معاذ الأنصاري فعاد لَوْنُه كالكُرْكمة؛ فقال: لقد ضمّ سعد ضمة اختلفت منها أَضْلَاعه.
و الميم زائدة لقولهم: الكَرِك للأحمر، قال أبو دُواد:
كَرِكٌ كلَوْن التِّين أَحْوي يانِعٌ مُتَراكم الأكمام غير صَوَادِي
«1» يريد النخل إذا أينع ثمره. و قالوا: الكُرْكُب أيضاً- حكاه الأزهري.

[كرم]

*: إِنَّ اللّه تعالي يقول: إذا أنا أخذت من عبدي كَرِيمتيه و هو بهما ضَنِين، فصبر لي، لم أرض له بهما ثواباً دون الجَنَّةِ- وروي: «كريمته».
أي جَارِحتيه الكريمتين عليه كالعَيْنَيْن و الأذنين. و قيل في كريمته هي عينه. و قيل:
أهلُه و كلّ شي‌ء يكرم عليك فهو كريمتك.
أَهْدَي له صلي اللّه عليه و آله و سلم رجل رَاويةَ خمر، فقال: إنَّ اللّه حرمها. قال: أَفَلَا أُكارِمُ بها يهودَ! فقال: إنّ الذي حرَّمها حَرَّم أن يُكارَم بها. قال: فما أصنَعُ بها؟ قال: سُنَّها في البطحاء.
و
يروي: أَن رجلًا كان يُهْدِي إليه كل عام رَاوِية من خمر، فجاءه بها عام حُرِّمَت، فهَتَّها في البطحاء- و يروي: فبَعَّها.
______________________________
(2) (*) [كرسف]: و منه الحديث: إنه كُفِّن في ثلاثة أثواب يمانية كُرْسُفٍ. النهاية 4/ 163.
(1) البيت في لسان العرب (كرك).
(3) (*) [كرم]: و منه الحديث: إن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب. و في حديث الزكاة: و اتَّق كرائم أموالهم. و الحديث: و غزوة تُنْفَق فيه الكريمة. و الحديث: خير الناس يومئذ مؤمنٌ بين كَريمين. و في حديث أم زرع: كريم الخل، لا تخادن أحداً في السر. و الحديث: لا يجلس علي تكرمته إلا بإذنه.
النهاية 4/ 166، 167، 168.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 150
المكارمة: أن تهدي له و يكافِئك. قال دكين في عمر بن عبد العزيز:
يا عُمَر الخيراتِ و المكارِمِ إني امرؤٌ مِنْ قَطَنِ بن دارمِ
أَطْلبُ دَينِي من أخٍ مُكارم
أي مكافي‌ء. الثلاثة في معني الصبّ إلّا أنَّ السَنَّ في سهولة، و الهَتَّ في تتابع، و البَعّ في سعة و كثرة- و روي بالثاء. أي قَذَفَها؛ من ثَعَّ يَثِعُّ إذا قَاءَ.

[كره]

*: أَلَا أُخْبِركم بما يمحو اللّه به الخطايا، و يرفعُ به الدرجات: إسباغ الوُضُوء علي المَكارِه، و كثرة الخطي إلي المساجد، و انتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرِّبَاط، فذلكم الرِّبَاط، فذلكم الرِّبَاط.
المكاره: جمع المَكْرَه، هو ضد المَنْشَط. يقال: فلان يفعل كذا علي المَكْرَه و المَنْشَط؛ أي علي كل حال. و المراد أن يتوضَّأَ مع البرد الشديد و العِلَل التي يتأذَّي معها بمسِّ الماء و مع إعوازه و الحاجة إلي طلبه، و احتمال المشقة فيه، أو ابتياعه بالثمن الغالي و ما أَشْبَه ذلك.
الرِّبَاط: المرابطة، و هي لزومُ الثَّغْر. شبه ذلك بالجهاد في سبيل اللّه.

[كري]

*: خرجت فاطمة عليها السلام في تعزية بعضِ جيرانها علي مَيِّتٍ لهم، فلما انصرفَتْ قال لها: لعلك بلغتِ معهم الكُرَي. قالت: معاذ اللّه، و قد سمعتك تذكرُ فيها ما تذكر- و روي: الكُدَي.
هي القبور، و قياسُ الواحد كُرْية أو كُرْوة؛ من كَرَيْت الأرض و كَرَوْتُها إذا حَفَرْتُها، كالأُكرة من أَكَرْت، و الحُفْرة من حفرت.
و منه:
إنّ الأنصار أتوه في نَهْرَ يَكْرُونه لهم سَيْحاً؛ فلما رآهم قال: مرحباً بالأنصار! مَرْحباً بالأنصار!
و الكُدَي: جمع كُدْية؛ و هي القطعةُ الصلبة من الأرض، و مقابرهم تحفر فيها. و منها قولهم: ما هو إلَّا ضب كُدْية؛ قال بعض الأعراب:
سقي اللّه أرضاً يعلم الضبّ أنها عَذِيَّة ترب الطين طيِّبة البَقْل
بني بيته في رأس نشز و كُدْية و كل امري‌ء في حِرْفةِ العيش ذو عقل
______________________________
(1) (*) [كره]: و منه حديث عبادة: بايعت رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم علي المنشط و المكره. و في حديث الرؤيا: رجل كريه المرآة. النهاية 4/ 169.
(2) (*) [كري]: و منه في حديث ابن عباس: أن امراة محرمة سألته فقالت: أشرت إلي أرنب فرماها الكَرِيُّ.
و في حديث أبي السليل: الناس يزعمون أن الكريَّ لا حج له. النهاية 4/ 170.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 151‌

[كرع]

*: خرج صلي اللّه عليه و آله و سلم عام الحُدَيْبية حتي إذا بلغ كُرَاع الغَمِيم إذا الناسُ يرسِمون نحوه.
الكُرَاع: جانب مستطيل من الحَرَّة، شُبِّهت بالكُرَاع من الإنسان؛ و هي ما دون الركبة، و الجمع كِرْعَان. يقال: انظر إلي كِرْعَان ذلك الحَزْن؛ أي إلي نَوَادِرِه التي تندر من معظمه.
و منه
حديث أبي بكر رضي اللّه تعالي عنه: [إنه] لما خرج مع رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم إلي المدينة لقيه رجل بكُرَاع الغَمِيم. فقال: مَنْ أنتم؟ فقال أبو بكر: باغٍ و هَادٍ! و كان يركب خَلْفَ رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم، فيقول له: تقدم علي صَدْرِ الراحلة حتي تُعْرِب عنا من لقينا. فيقول: أكون وراءك و أُعْرِب عنك.
عرَّض ببُغاء الإبل و هِدَاية الطريق، و هو يريد طلب الدِّين و الهداية من الضلالة.
عرَّبْتُ عن الرجل: إذا تكلَّمْتُ عنه و احتجَجْتُ له.
الغميم: واد.
الرسيم: عَدْوٌ شديد. يقال: رَسَمَت الناقة تَرْسِم، و هي رَسُوم؛ إذا أثَّرت في الأرض بشدة وَطْئِها؛ قال ذو الرمة:
بمائرة الضَّبْعَيْن معَوجَّة النَّسا يشجُّ الحَصَي تَخْوِيدها و رَسِيمها
«1»

[كرم]

: لا تُسَمُّوا العِنَب الكَرم؛ فإِنَّما الكَرْم الرجل المسلم.
أراد أن يقرّر و يُشَدِّدَ ما في قوله عز و جل: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللّٰهِ أَتْقٰاكُمْ [الحجرات: 13] بطريقة أنِيقة، و مَسْلَكٍ لطيف، و رَمْز خَلوب. فبصر أنّ هذا النوع من غير الأناسي المسمَّي بالاسم المشتق من الكَرَم: أنتم أَحِقَّاء بألَّا تؤهلوه لهذه التسمية، و لا تطلقوها عليه؛ و لا تُسْلِموها له؛ غَيْرَةً للمسلم التقي، و رَبْأً به أن يُشَارَك فيما سماه اللّه به، و اختصه بأن جعله صفته، فضلًا أن تُسَمُّوا بالكريم من ليس بمسلم، و تعترفوا له بذلك.
و ليس الغرضُ حقيقةَ النهي عن تسميه العِنَب كَرْماً، و لكن الرَّمْز إلي هذا المعني؛ كأنه قال:
إن تَأْتَّي لكم ألَّا تسمُّوه مثلًا باسم الكَرْم، و لكن بالجَفْنة و الحَبلَة «2»، فافعلوا.
و قوله: فإنما الكَرْم، أي فإنما المستَحِقُّ للاسم المشتق من الكَرَم المسلم. و نظيرُه في
______________________________
(3) (*) [كرع]: و منه الحديث: أنه دخل علي رجل من الأنصار في حائطه فقال: إن كان عندك ماء بات في شَنّة و إلا كرعنا. و في حديث معاوية: شربت عنفوان المَكْرَع. و في حديث النجاشي: فهل ينطق فيكم الكَرَع. و في حديث ابن مسعود: كانوا لا يحسبون إلّا الكراع و السلاح. و في حديث الحوض: فبدأ اللّه بكُراع. النهاية 4/ 164، 165.
(1) البيت في ديوان ذي الرمة ص 644، و رواية الديوان
«يشد الفلاة تجويدها»
بدل
«يشج الحصي تخويدها»
. (2) الحبلة: الأصل و القضيب من شجر الأعناب.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 152
الأسلوب قوله تعالي: صِبْغَةَ اللّٰهِ وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّٰهِ صِبْغَةً [البقرة: 138].

[كرد]

*: عثمان رضي اللّه تعالي عنه- لما أراد النَّفَرُ الذين قتلوه الدُّخولَ عليه جعل المغيرة بن الأخنس يحملُ عليهم و يَكْرُدُهم بسيفه.
الكَرْد و الطَّرْد أخَوان. و يقال: كَرَد عُنقَه: قطعها، و حَرَدها مثله. الكَرْدُ و الحَرْد:
العُنُق.

[كري]

: ابن مسعود رضي اللّه تعالي عنه- كنَّا مع رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم ذاتَ ليلة فأكْرَيْنَا في الحديث.
أي أطلنا في الحديث.

[كرد]

: معاذ رضي اللّه تعالي عنه- قدِم علي أبي موسي، و عنده رجل كان يهودِيّاً فأسلم ثم تهوَّد. فقال: و اللّه لا أَقْعُدُ حتي تَضْربوا كَرْدَه.
أي عُنقُه.

[كرزن]

*: أمّ سلَمة رضي اللّه تعالي عنها- ما صدَّقَتْ بموت رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم- حتي سَمِعْت وقْع الكَرَازين.
هي الفُؤُوس.

[كرس]

*: أبو أيوب رضي اللّه تعالي عنه- ما أدري ما أَصْنَعَ بهذه الكرايِيس، و قد نَهَي رسولُ اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم- أن تُسْتَقْبل القبلة ببولٍ أو غائط.
جمع كِرْياس، و هو الكَنِيف يكون مُشْرِفاً علي سطحٍ بقناة في الأَرْض؛ فِعيال من الكِرْس، و هو المتطابق من الأبوال و الأبْعار. و هو في كتاب العين الكِرْناس- بالنون.

[كرب]

: أبو العالية رحمه اللّه تعالي- الكَرُوبِيُّون سادة الملائكة، جبرائيل و ميكائيل و إسرَافيل.
هم المقَرّبون؛ من كَرَب إذا قَرُب، قال أميّة:
ملائكة لا يسأمون عبادة كَرُوبيَّةٌ منهم رُكُوعٌ و سُجَّدُ
«1»

[كرع]

: عِكْرِمة رحمه اللّه تعالي- كَرِه الكَرْعَ في النَّهْر.
______________________________
(2) (*) [كرد]: و منه حديث الحسن، و ذكر بيعة العقبة: كأن هذا المتكلم كَرَدَ القوم. قال: لا و اللّه. النهاية 4/ 162.
(3) (*) [كرزن]: و منه في حديث الخندق: فأخذ الكُرْزين فحفر النهاية 4/ 162.
(4) (*) [كرس]: و منه في حديث الصراط: و منهم مكروس في النار النهاية 4/ 163.
(1) البيت لأمية بن أبي الصلت في تاج العروس (كرب).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 153
يقال: كرَع في الماء يَكْرَع كَرْعاً و كُرُوعاً؛ إذا تناوله بفِيِه من موضعه فِعْلَ البهيمة.
و أَصْلُه في البهيمة، لأنها تدخل أَكارِعها.
النخعي رحمه اللّه تعالي- كانوا يكرهون الطَّلب في أكارع الأرْضِ.
أي في نواحيها و أطرافها؛ يعني الإِبْعاد في الأرْض للتجارة حِرْصاً علي المال.

[كرر]

: ابن سيرين رحمه اللّه تعالي- إذا بلغ الماءُ كُرّاً لم يحمل نَجَساً- و روي: إذا كان الماءُ قَدْرَ كُرٍّ لم يحمل القذر.
الكُرُّ: ستون قفيزاً، و القفيز: ثمانية مَكاكيك، و المَكُّوك: صاع و نصف.
كرب في (جو) و في (قح). الكرزين في (حم). و كراكر في (صل). الكرع في (فش). و الكرانيف في (غس). فاكرش في (رس). الكراديس في (شذ). بين كريمين في (لك). [الكريمة في (تب). الكرم في (فت)].

الكاف مع الزاي

[كزم]

*: عون رحمه اللّه تعالي- قال في وصيةٍ لابنه، و ذكر رجلًا يُذَمّ: إن أُفِيض في الخير كَزَم، و ضَعُف و اسْتَسْلم. و قال: الصَّمْتُ حُكْمٌ، و هذا مما ليس لي به علم. و إن أُفيضَ في الشر قال: يحسب بي عِيّ، فتكلّم؛ فجمع بين الأَروي و النَّعَام، و لاءم ما لا يتلاءم.
الكَزم، و الأَزْم «1»: أخوان، أَمْسَك عن الكلام و سكت فلم يُفِضْ في الخير و انْخَزَل، و أخذ يحسِّن عادةَ الصمت، و يضرب له الأمثال، و يتجاهلُ و يتعامي عن وَجْه الخوض فيه.
و أما في الشرِّ فنشيط للإِفاضة فيه، خائفٌ إنْ سكَتَ أن يظَنَّ فيه فَهَاهَةٌ، فهو يَحتَشد للتكلم فيه و يجمع نفسَه له، و يتكلَّمُ بالمتنافر من الكلام الذي لا يَأْخُذُ بعضُه بأَعْناق بعض. و هو راكبٌ لا يُبَالي؛ كأنه أراد ابنَه علي أَلَّا يكون من أبناء جِنْس هذا الكلام و أَشكاله، و أن يرفعَ نفسه عن طبقتِه، و نَصَحَه أن يكونَ من مفاتيح الخير و مَغَالِيق الشر حتي لا يكونَ مذموماً مِثْلَه.
الكزم في (عي).

الكاف مع السين

[كسل]

: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- ليس في الإِكْسَال إلَّا الطهور.
______________________________
(2) (*) [كزم]: و منه الحديث: أنه كان يتعوذ من الكَزَم و القَزَم. النهاية 4/ 170.
(1) كزم: ضم فاه و سكت، فإن ضم فاه عن الطعام قيل: أزم.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 154
هو أَنْ يجامع ثم يفتر فلا ينزل، يقال: أكَسَل الفَحْل؛ صار ذا كسل. و في كتاب العين: كَسل إذا فَتَر عن الضِّراب. و أنشد:
أَإِن كَسِلْتُ و الحِصَان يَكْسَل عن السِّفَادِ و هو طِرْفٌ هَيْكل
«1» و نحوه ما
روي: إنّ الماء من الماء.
و هذا كان صدر الإسلام ثم نُسِخ، أثْبَت سيبويه الطَّهور و الوَضوء و الوَقود في المصادر.

[كسي]

: إنَّ الكاسِيات العارِيات و المائلات المُمِيلات لا يَدْخُلْن الجنة.
هن اللَّواتي يَلْبَسن الرقيق الشَّفاف. و عن الأصمعي: كَسِي يَكْسَي؛ إذا صارت كُسْوة فهي كاسٍ. و أنشد:
يَكْسَي و لا يَغْرَث مملوكُها إذا تَهَرْتْ عَبْدَها الهارِيهْ
«2» و منه قوله:
*و اقْعُد فإنك أنتَ الطاعمُ الكاسِي «3»
* و يجوز أن يكون من كَسَا يكسو، كالماء الدَّافق.
المائلات: الَّلاتي يَمِلْنَ خُيَلاء. المميلات: اللاتي يُمِلْن قلوبَ الرجال إلي أنفسهن.
أو يُمِلْنَ المقانع عن رُؤوسهنّ؛ لتظهر وجوههن و شعورهن. قال أبو النَّجْم:
مائلةِ الخِمْرَةِ و الكلامِ باللَّغْوِ بين الحلِّ و الحرامِ
و من المشطة المَيْلاء، و هي مِشْطَة معروفة عندهم، كأنهم يُمِلْنَ فيها العِقَاص.
و تَعْضُدُه رواية مَنْ
رَوَي أَن امرأةً قالت: كنت أسألُ رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم- عن مَيلِ رأسي. فقال: الكاسيات …
و قال الشاعر:
تقول لي مائلة الذَّوَائِبِ كيف أخي في العُقَب النَّوائِب
______________________________
(1) الرجز للعجاج في لسان العرب (كسل).
(2) البيت بلا نسبة في لسان العرب (كسا) و تاج العروس (كسا).
(3) صدره:
دع المكارم لا ترحل لبغيتها
و البيت من البسيط، و هو للحطيئة في ديوانه ص 54، و الأزهية ص 175، و الأغاني 2/ 155، و خزانة الأدب 6/ 299، و شرح شواهد الشافية ص 120، و شرح شواهد المغني 2/ 916، و شرح المفصل 6/ 15، و الشعر و الشعراء ص 334، و لسان العرب (ذرق) و (طعم) و (كسا)، و بلا نسبة في تخليص الشواهد ص 418، و خزانة الأدب 5/ 115، و شرح الأشموني 3/ 744، و شرح شافية ابن الحاجب 2/ 88.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 155
أو أراد بالمائلات المميلات اللَّاتي يَمِلْنَ إلي الهوي و الغيِّ عن العَفَاف و صواحبهن كذلك. كقولهم: فلان خبيث مخبث.

[كسر]

*: عمر رضي اللّه تعالي عنه- ما بال رجال لا يَزَال أحدهم كاسِراً وِسادَة عند امرأةٍ مُغْزِية يتحدّث إليها و تتحدّث إليه. عليكم بالْجَنَبة فإنها عَفَاف، إنما النساء لحْمٌ علي وضَم إلّا ما ذاب عنه.
كَسْرُ الوِساد: أن يثنيه و يتَّكي‌ءَ عليه، ثم يأخذ في الحديث فِعْل الزِّير «1».
المُغْزِية: التي غَزَا زوجها.
الجَنْبَة: الناحية من كلّ شي‌ء، و رجل ذو جَنْبَةٍ: أي ذو اعتزال عن الناس متجنِّبٌ لهم.
أراد اجتنبوا النساء و لا تدخلوا عليهن.
الوَضَم: ما وقيت به اللحم من الأرض.
قال سعد بن الأخرم: كان بين الحيِّ و بين عدي بن حاتم تَشَاجر؛ فأَرسلوني إلي عمر بن الخطاب؛ فأتيتُه و هو يُطْعمُ الناس من كُسُور إبل، و هو قائم مُتَوَكِّي‌ءٌ علي عصاً مُتَّزِرٌ إلي أَنْصاف سَاقَيْهِ، خِدَبٌ من الرجال كأنه راعي غَنَم، و عَلَيَّ حلَّةٌ اْتَعْتُها بخمسمائة درهم، فسلَّمْتُ عليه؛ فنظر إليَّ بذَنَبِ عينه؛ فقال لي رجل: أَ مَا لَكَ مِعْوَز؟ قلت: بلي. قال:
فأَلْقِها؛ فأَلْقَيْتها، و أَخَذْتُ مِعْوَزاً، ثم لقيتُه فسلَّمْتُ فردَّ عليّ السلام.
الكِسْر- بالفتح و الكسر: العُضْو بلحمه.
الصواب مُؤْتزر. و المتَّزِر من تحريف الرُّوَاة.
الخِدَبّ: العظيم القوي الجافي.
كأنه راعي غنم؛ أي في بَذَاذَتِه و جفائه.
ذَنب العين: مؤخرها.
المِعْوَز: واحد المَعَاوِز؛ و هي الخُلْقَان من الثياب؛ لأنها لباسُ المعْوِزين.

[كسع]

*: طَلْحة رضي اللّه تعالي عنه- نَدِمْتُ نَدَامَة الكُسَعِيّ؛ اللهم خُذْ مني لعثمان حتي يَرْضَي.
هو مُحَارب بن قَيْس، من بني كُسَيعة، و قيل: من بني الكُسَع، و هم بَطْنٌ من حِمْيَر.
يضرب به المثلُ في النَّدَامة. و قصته مذكورة في كتاب المستقصي.
______________________________
(2) (*) [كسر]: و منه في حديث أم معبد: فنظر إلي شاة في كَسْر الخيمة و في حديث النعمان: كأنها جناح عقاب كاسر و في حديث عمر: فدعا بخبز يابس و أكسار بعير. النهاية 4/ 172، 173.
(1) الزير: المحب لمحادثة النساء.
(3) (*) [كسع]: و منه الحديث: ليس في الكسيعة صدقة. و في حديث الحديبية: و عليٌّ يكسعها بقائم السيف.
و في حديث زيد بن أرقم: أن رجلًا كسع رجلًا من الأنصار. النهاية 4/ 173.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 156
قال طلحة رضي اللّه عنه: أقبل شَيْبَة بن خالد يوم أُحُد، فقال: دُلّوني علي محمد؛ فأَضْرِب عُرْقُوب فرسه. فاكْتَسَعَتْ به؛ فما زِلْتُ واضعاً رِجْلي علي خَدِّه، حتي أَزَرْتُه شَعُوب.
أي رمَتْ به علي مؤخرها؛ من كَسَعَت الرجل إذا ضربته علي مؤخره.
أَزَرْتُه شَعُوب: أَوْرَدْتُه المنيّة.

[كسف]

*: أَبو الدَّرداء رضي اللّه تعالي عنه-
قال بعضُهم: رأيتُ أَبا الدَّرْدَاء عليه كسَاف.
أي قطعة تَوْب. من قوله تعالي: وَ يَجْعَلُهُ كِسَفاً [الروم: 48].

[كسح]

: ابن عُمَر رضي اللّه تعالي عنهما- سُئِل عن الصَّدَقة، فقال: إنها شرُّ مَالٍ؛ إنما هي مال الكُسْحَان و العُورَان.
يقال: كَسِح الرَّجل كَسَحاً، إذا ثقلت إحدي رِجليه في المَشْيِ. قال الأعشي:
*و خَذُولِ الرِّجْل من غَيْرِ كَسَحْ «1»
* و هو قريب من القعَاد؛ داء يأخذ في الأوراك فتضعف له الرِّجل؛ و هو من الكَسْح؛ لأنه إذا ثقلت رجله و ضعفت فكأَنه يجرها إذا مشي؛ فشبَّه جرّها بكَسْح «2» الأرض.
و منه حديث قَتَادة رحمه اللّه تعالي: إنه قال في قوله تعالي: وَ لَوْ نَشٰاءُ لَمَسَخْنٰاهُمْ عَليٰ مَكٰانَتِهِمْ [يس: 67]، و لو نشاء لجعلناهم كُسْحاً؛ أي مُقْعَدِين.

[كسر]

: في الحديث: لا تجوز في الأضاحي الكسِير البيَّنة الكَسْر.
هي الشاة المُنْكَسِرة الرِّجْل التي لا تَقْدِر علي المَشْيِ.
في كسر الخيمة في (بر). الكسعة في (جب). في كسره في (زن). كسكسة تميم في (لخ). كاسر في (خط). [فلا يكسب كاسب في (رب). فاكسروها في (غل). تكسب المعدوم في (عد)].

الكاف مع الشين

[كشح]

: النبيّ صلي اللّه عليه و آله و سلم- أَفْضَلُ الصدقة علي ذي الرَّحِم الكَاشِح.
______________________________
(3) (*) [كسف]: و منه الحديث: أن صفوان كسف عرقوب راحلته النهاية 4/ 174.
(1) صدره:
بين مغلوبٍ تليلٍ خدّه
و البيت في ديوان الأعشي ص 243، و رجل خذول الرِّجل: تخذله رجله من ضعف أو عاهة أو سكر.
(2) كسح الأرض: كنسها.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 157
الكاشِحُ: هو الذي يَطْوِي علي العداوة كَشْحه. و الكَبِد [في] الكَشْح، و يقال للعدوّ:
أسودُ الكبد، أو الذي يَطْوِي عنك كَشْحه و لا يَأْلَفُك.
كشية في (وض). كشكشة في (لخ). [اكشف في (جن)].

الكاف مع الظاء

[كظم]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- أتي كظَامة قوم فتوضَّأَ و مسح علي قدميه.
الكِظامة: واحدة الكظائم؛ و هي آبار تُحْفَر في بطن وادٍ متباعدة، و يُخْرَق ما بين بئرين بقناة يجري فيها الماء من بئر إلي بئر.
و منه
حديث ابن عمر رضي اللّه تعالي عنهما: إذا رأيت مكّة قد بُعِجت كَظائم و سَاوي بِناؤها رؤُوسَ الجبال فاعلم أنَّ الأمر قد أظلَّك، فخُذْ حِذْرك.

[كظظ]

*: في الحديث: في ذِكْر باب الجنة يأتي عليه زمان و له كَظِيظ.
أي امتلاء بازدحامٍ الناس. يقال: كظَّ الوادي كظيظاً، بمعني اكتظَّ، و كظَّه الماءُ كظّاً.
كظ الوادي في (قح). لها كظه في (بش). [يكْظم في (قح) و كظ في (غن)].

الكاف مع العين

[كعم]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- نهي عن المُكَاعمة و المُكَامَعة.
أي عن مُلَاثمه الرجل الرجل و مضاجعته إياه لا سِتْرَ بينهما؛ من كَعَم المرأة إذا قبَّلها مُلْتَقِماً فاها، و من الكَمِيع و الكِمْع بمعني الضجيع.
و كعب في (قو). كعبك في (فر). كالكعدبة في (عص).
______________________________
(1) (*) [كظم]: و منه الحديث: من كظم غيظاً فله كذا و كذا. و الحديث: إذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع.
و في حديث عبد المطلب: له فخر يكظم عليه. و في حديث علي: لعلَّ اللّه يصلح أمر هذه الأمة و لا يؤخذ بأكظامها. و في حديث النخعي: له التوبة ما لم يؤخذ بكظمه. النهاية 4/ 178.
(2) (*) [كظظ]: و منه حديث ابن عمر: أهدي له إنسان جوارش فقال: إذا كظَّك الطعام أخذت منه. و حديث النخعي: إلّا كِظَّة مسمنةٌ مكسلةٌ مسقمةٌ. و في حديث الحسن و ذكر الموت فقال: كظٌّ ليس كالكظِّ.
النهاية 4/ 177.
(3) (*) [كعم]: و منه الحديث: دخل إخوة يوسف عليه السلام مصر و قد كعموا أفواه إبلهم. و حديث علي:
فهم بين خائف مقموع و ساكت مكعوم. النهاية 4/ 180.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 158‌

الكاف مع الفاء

[كفل]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- قال في العاقد شَعْره في الصلاة: إنه كِفْل الشيطان.
أَيْ مَرْكَبه، و هو في الأَصل كِسَاء يُدَارُ حول سَنَام البعير ثم يركب، و اكتفلت البعير إذا ركبته كذلك.
و منه
حديث النَّخَعي رحمه اللّه: إنه كان يكره الشرب من ثُلْمَة الإناء و من عُرْوَته؛ و قال: إنها كِفْلُ الشَّيْطان

[كفت]

*: يقول اللّه تعالي لِلكِرَام الكاتبين: إذا مَرِض عَبْدِي فاكتُبُوا له مثْلَ ما كان يَعْمَلُ في صِحَّتِه حتي أُعافِيَه أَو أَكْفِتَه.
أي أَقبضه. يُقَال: اللهم اكْفِتْه إِليكَ، و أصله الضم، و قيل للأرضِ كِفَات لضمِّها مَنْ يُدْفَن فيها. و لذلك قيل لبَقِيع الغَرْقَد: كَفْتَة. و يقال: وقع في الناس كَفْتٌ؛ أي موت و ضم في القبور.

[كفح]

*: قال صلي اللّه عليه و آله و سلم لحسَّان: لا تزال مؤَيَّداً برُوحِ القُدُس ما كافَحْتَ عن رسولِ اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم- ورُوِي: «نَافَحْتَ».
أي دَافَعْتَ و قاتلت؛ و أصل المكافحة المضاربة تِلقاء الوجوه.

[كفأ]

*: المُسْلِمُون تَتَكَافَأُ دِماءُهم، و يسعي بذمَّتِهم أَدْناهم. و يردّ عليهم أَقْصَاهم، و هم يَد علي مَنْ سِوَاهم- و يروي: و يُجيرُ عليهم أقصاهم، و هم يدٌ علي مَنْ سواهم. يَرُدُّ مُشِدُّهم علي مُضْعِفِهم و مَتَسَرِّيهم علي قَاعِدِهم. لا يُقْتَل مسلم بكافر، و لا ذو عهد في عهده.
______________________________
(1) (*) [كفل]: و منه الحديث: أنا و كافل اليتيم كهاتين في الجنة، له و لغيره. و في حديث وفد هوازن: و أنت خير المكفولين. و في حديث: له كفلان من الأجر. و في حديث جابر: و عمدنا إلي أعظم كفل. النهاية 4/ 192.
(2) (*) [كفت]: و منه الحديث: اكتفوا صبيانكم و الحديث: نُهينا أن نكفت الثياب في الصلاة و حديث جابر: أُعطي رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم الكفيت، النهاية 4/ 184، 185.
(3) (*) [كفح]: و منه حديث جابر: إن اللّه كلَّم أباك مفاحاً و الحديث: أعطيت محمداً كفاحاً النهاية 4/ 185.
(4) (*) [كفأ]: و منه الحديث: كان لا يقبل الثناء إلّا من مكافي‌ء. و في حديث الهرة: أنه كان يُكفي‌ء لها الإناء. و في حديث الصراط: آخر من يمر رجل يتكفَّأ به الصراط. و في حديث دعاء الطعام: غير مُكْفي‌ءٍ و لا مودَّع ربنا. و في حديث الضحية: ثم انكفأ إلي كبشين أملحين فذبحهما. و في صفة مشية ص: كان إذا مشي تكفِّياً و في حديث أم معبد: رأي شاة في مكفاء البيت. و في حديث الأنصاري:
ما لي أري لونك منكفئاً، قال: من الجوع. النهاية 4/ 180، 181، 182، 183، 184.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 159
التكافؤ: التَّساوي؛ أي تَتَساوي في القِصاص و الدِّيات: لا فَضْلَ فيها لشريف علي وضيع.
و الذِّمَّة: الأمان؛ و منها سمي المعاهِدُ ذِمِّيّاً؛ لأنه أُومِنَ علي ماله و دَمِه للجِزْيَة؛ أي إذا أعْطَي أَدني رجل منهم أماناً فليس للباقين إخْفَاره «1».
و يردُّ عليهم أَقصاهم: أي إذا دخل العسكر دار الحرب، فوجَّه الإِمام سَرِيَّة فما غنمت جعل لها ما سُمّي لها، و رَدَّ الباقي علي العسكر؛ لأنهم رِدءٌ «2» للسرايا.
و هم يدٌ، أي يتناصرون علي المِلَلِ المحاربة لهم.
أَجَرْت فلاناً علي فلان: إذا حميتَه منه و منعته أن يتعرَّض له.
المُشِدّ: الذي دوابُّه شديدة. و المُضْعِف بخلافه.
المُتَسَرِّي: الخارج في السّرِيّة؛ أي لا يفضل في قسمة المغنم المُشِدُّ علي المُضْعِف.
و إذا بعث الإمام سَرِيّةً و هو خارج إلي بلاد العدو فغنموا شيئاً يكون ذلك بينهم و بين العسكر.

[كفر]

*: لا يُقْتَلُ مسلم بكافر
؛ أي بكافر حَرْبِي، و قيل بِذِمِّيٍّ و إن قَتَلَه عَمْداً؛ و هو مذهبُ أهل الحجاز، و ذو العهد الحربي يدخل بأمان لا يُقْتَل حتي يرجعَ إلي مَأْمَنه؛ لقوله تعالي: وَ إِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجٰارَكَ فَأَجِرْهُ حَتّٰي يَسْمَعَ كَلٰامَ اللّٰهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ [التوبة: 6]. و قيل: معناه و لا ذو عهد في عهده بكافر.

[كفف]

*: إنّ رجلًا رأي في المنام كأن ظلَّةً تَنْطُفُ «3» سَمْناً و عَسَلًا، و كان الناسُ
______________________________
(1) أخفر: نقض.
(2) الردء: العون.
(4) (*) [كفر]: و منه الحديث: ألا لا ترجعن بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض. و الحديث: من قال لأخيه يا كافر فقد باء به أحدهما. و الحديث: من أتي حائضاً فقد كفر. و في حديث الردة: و كَفَر من كفر من العرب. و في حديث سعيد: تمتعنا مع رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم و معاوية كافر بالعرش. و في حديث القنوت: و اجعل قلوبهم كقلوب نساء كوافر. و في حديث عمرو بن أمية و النجاشي: رأي الحبشة يدخلون من خوخة مكفّرين، فولّاه ظهره و دخل. و في حديث قضاء الصلاة: كفَّارتها أن تصليها إذا ذكرتها و الحديث: لا تسكن الكفور، فإن ساكن الكفور كساكن القبور. و الحديث أنه كان اسم كنانة النبي صلي اللّه عليه و سلم الكافور و في حديث الحسن: هو الطِّبِّيع في كفرَّاه. النهاية 4/ 185، 186، 187، 188، 189.
(5) (*) [كفف]: و منه في حديث الصدقة: كأنما يضعها في كف الرحمن. و الحديث: يتصدق بجميع ماله ثم يقعد يستكفُّ الناس و الحديث: المنفق علي الخيل كالمستكف بالصدقة. و الحديث: أُمرت أن لا أكفَّ شعراً و لا ثوباً و الحديث: يكفُّ ماء وجهه. و في حديث أم سلمة: كفِّي رأسي. و الحديث: طن بيننا و بينكم عيبة مكفوفة. و في حديث علي يصف السحاب: و القمع برقه في كففهِ. و في حديث عطاء:
الكِفَّة و الشبكة واحد. النهاية 4/ 189، 190، 191، 192.
(3) تنطف: تقطر قليلًا قليلًا.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 160
يتكَفّفونَه فمنهم المستكثر و منهم المستقل.
أي يأخذونه بأَكُفّهم.

[كفأ]

: لا تَسأل المرأةُ طَلاق أُخْتِها لتَكْتفِئَ ما في صَحْفَتِها، و إنما لها ما كُتِب لها؛ و لا تَنَاجَشُوا في البَيْع، و لا يَبِيع بعضكم علي بَيْع بعض.
اكْتِفَات الوعاء: إذا كَبَبْته فأَفْرَغت ما فيه إليك. و هذا مثل لاحتيازها نصيب أُخْتِها من زَوْجِها.
الصَّحْفةُ: القَصْعَةُ التي تُشْبع الخمسة.
سبق تفسير باقي الحديث.

[كفر]

: قَنَت صلي اللّه عليه و آله و سلم في صَلَاة الفجر فقال: اللهم قاتل كَفَرَة أهل الكتاب، و اجْعَلْ قلوبَهم كقُلُوب نساءٍ كَوَافر.
أي في الاختلاف و قلة الائتلاف؛ لأنّ النساء مِنْ عادتهن التَّباغُضُ و التحاسد و التَّلَاوُم، لا سيما إذا لم يكن لهنَّ رَادِع من الإِسلام. أو في الخوف و الوجيب؛ لأنَّهنَّ يُرَعْن بالصَّباح و البيات في عُقْر دارهنّ أبداً.
لا تُكَفِّرْ أهل قِبْلَتك.
أي لا تَدْعُهم كُفَّاراً. و حقيقته لا تجعلهم كفاراً بقولك و زَعْمِك.
و منه قولهم: أَكْفَر فلانٌ صاحبَه، إذا أَلْجَأَه- و هو مطيع- إلي أن يَعْصِيَه بسوءِ صُنْعٍ يُعَامله به.
و منه
حديث عمر رضي اللّه تعالي عنه: إنه قال في خطبته: أَلَا لا تَضْرِبُوا المسلمين فتُذِلّوهم، و لا تَمْنَعُوهم حقوقهم فتُكَفِّرُوهم، و لا تُجَمِّروهم فتفتنوهم.
يريد فتجعلوهم كفّاراً و توقعوهم في الكفر؛ لأنهم ربما ارتدُّوا إذا مُنِعوا الحق.
التَّجْمِير و الإِجمار: أن يُحْبَس الجيش في الغَزِيّ لا يَقْفُل.

[كفل]

: إنّ عَيَّاش بن أبي ربيعة و سلمة بن هشام و الوليد بن الوليد فرُّوا من المشركين إلي النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم و عياش و سلمة مُتَكَفّلان علي بَعِير.
تَكفَّلَ البعير و اكْتَفله بمعني.

[كفأ]

: في العَقِيقة عن الغلام شاتان متكافِئَتَان أو مُكَافأَتان، و عن الجارية شاة.
أي كل واحدة منهما مساوِيَةٌ لصاحبتها في السنّ، و لا فَرْق بين المُكافِئَتين و المُكافأَتين؛ لأن كل واحدة منهما إذا كافأت أختها فقد كُوفئت؛ فهي مكافِئَة و مكَافأة؛ و [هما] معادلتان لما يجب في الزكاة و الأضحيَّة من الأسنان.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 161
و يحتمل في رواية مَنْ روي مكَافأتان أن يُرَاد مَذْبوحتان؛ من قولهم: كافأ الرجل بين بعيرين إذا وَجَأ في لبَّةِ هذا ثم في لبَّةِ هذا فنحرهما معاً. قال الكميت- يصف ثوراً و كلاباً:
و عَاثَ في عانةٍ منها بِعَثعَثَةٍ نَحْرَ المُكَافِئِ و المَكْثُورُ يَهْتَبِلُ
«1»

[كفر]

: المؤمن مُكفَّر.
أي مرزَّأ في نفسه و ماله؛ لتُكَفَّر خَطَايَاه.

[كفت]

: حُبِّب إلي النساء و الطيب و رُزِقْتُ الكَفِيت.
أي القوّة علي الجماع، و هذا من الحديث الذي يروي
أنه قال: أتاني جبرئيل بقُدَيْرَة تسمي الكَفِيت فوجدتُ قُوّة أربعين رَجُلًا في الجِمَاع.
و قيل: ما أَكفِتُ به معيشتي؛ أي أضم و أُصْلِح.

[كفأ]

: عمر رضي اللّه تعالي عنه- انْكَفَأ لونُه في عام الرَّمادة حين قال: لا آكلُ سمناً و لا سميناً، و أنه اتَّخذَ أيام كان يُطْعِمُ الناس قِدْحاً «2» فيه فَرْض، و كان يطوف علي القِصَاع، فيغمِزُ القِدْح فإن لم تبلغ الثريدة الفَرْضَ، فتعال فانظر ماذا يفعلُ بالذي وَلِي الطعام.
أي تغيَّر و انقلب عن حاله، من كَفَأْت الإناء إذا قلبته؛ و يقال: أكْفَأَ الجهدُ لَونَه.
الرَّمادة: الهلاك و القَحْط. و أرْمَدَ الناس إذا جهدوا.
و الفَرْض: الحزّ.
يَغْمِز: أي يطعن القِدْ في الثريدة.
فتعال فانظر: إيذان بأنَّ فعله بمُتَوَلِّي الطعام إذا فرط من الإيذاء البليغ و الخشونة و الإيقاع كان جديراً بأنْ يُشَاهد و يُنْظَر إليه و يُتَعَجَّب منه.
[كفأ]:
أبو ذَرٍّ رضي اللّه تعالي عنه- لنا مولاة تصدَّقَتْ علينا بخَدَمتِها «3»، و لنا عَبَاءَتان نُكافِئُ بهما عَنَّا عَيْن الشمس، و إني لأخشي فَصْلَ الحِساب.
أي ندافع بهما، من قولهم: ما لي به قِبَل و لا كفَاء، و فلان كِفَاء لك؛ أي هو مطابق لك في المضادة و المنَاوَأَة. قال:
و جبريلٌ رسولُ اللّهِ فينَا و رُوحُ القُدْسِ لَيْسَ له كِفَاءُ
«4» يعني جبريل، لا يقومُ له أَحد من الخَلْق.
______________________________
(1) البيت في تاج العروس (كفأ)، و العثعثة: اللين من الأرض، و المكافي‌ء: الذي يذبح شاتين إحداهما مقابلة الأخري للعقيقة، و يهتبل: يفترض و يحتال.
(2) القدح: السهم قبل أن يعمل فيه الريش و النصل (لسان العرب: قدح).
(3) الخَدَمة: الخلخال.
(4) البيت لحسان بن ثابت في ديوانه ص 6.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 162‌

[كفهر]

: ابن مسعود رضي اللّه تعالي عنه- إذا لقِيت الكافر فألْقه بوجْه مُكْفَهرٍّ.
أي عابس قَطُوب.
و منه
الحديث: القَوْا المُخَالِفين بوَجْهٍ مُكْفَهِرّ.

[كفل]

: ذكر فِتْنَة فقال: إني كائن فيها كالْكِفْل؛ آخِذٌ ما أعرف و تاركٌ ما أُنْكِر.
الكِفْل: الذي يكون في مؤخر الحرب إنما هِمَّته التأخر و الفِرار. يقال: فلان كِفل بين الكفولة.

[كفر]

: الخدْرِيّ رضي اللّه تعالي عنه- إذا أَصْبَحَ ابنُ آدم فإنّ الأَعْضَاء كلَّها تُكفِّر لِلِّسَان؛ تقول:
نِشْدَك اللّه فينا؛ فإِنك إن استَقَمْتَ استقمنا، و إن اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا.
أي تتواضع و تخُضع؛ من تكفير الذّمي، و هو أن يطأطي‌ء رأسه و ينحني عند تعظيم صاحبه. قال عَمْرو بن كلثوم:
تُكَفِّرُ باليَدَيْنِ إذا الْتَقَيْنَا و تُلْقِي من مَخَافَتِنا عَصَاكا
و كأنه من الكافِرَتَيْن، و هما الكاذَتَان «1»؛ لأنه يضعُ يديه عليهما، أو ينثني عليهما، أو يَحْكِي في ذلك هيئةَ من يَكْفِر شيئاً؛ أي يُغَطِّيه.
يقال: نَشَدْتُك اللّه و الرحم نِشْدَة و نِشْداناً، و نَاشَدْتُك اللّه، أي سألتك اللّه و الرحم، و تعديتُه إلي مفعولين؛ إما لأنه بمنزلة دعوت، حيث قالوا: نَشَدْتُك باللّه و اللّه. كما قالوا:
دعوته بزيد و زَيْداً. أو لأنهم ضمَّنوه معني ذَكَّرت؛ و مِصْدَاقُ هذا قولُ حسان:
نَشَدْتُ بني النَّجَّارِ أفعالَ وَالِدِي إذا الْعَانِ لم يُوجَدْ له من يُوَارِعُهْ
«2» أي ذَكَّرْتهم إياها. و أنْشَدْتُك باللّه خَطَأ. و أما نِشْدَك اللّه ففيه شبهة؛ لقول سيبويه:
و كأنَّ قولك عَمْرَك اللّه و قِعْدَك اللّه بمنزلة نِشْدَك اللّه، و إن لم يتكلم بِنِشْدَك. و لكن زعم الخليل أنّ هذا تمثيل يُمَثِّلُه به. و لعل الراوي قد حرَّفه؛ و هو نَنْشُدُك اللّه، أو أراد سيبويه و الخليلُ قلَّةَ مجيئة في الكلام؛ أو لم يكن في علمهما؛ فإنّ العلم بحر لا يُنْكف «3». و فيه- إن صحَّ وجهان:
أحدهما: أن يكون أصله نِشْدَتك اللّه، فحذفت منها التاء استخفافاً، كما حُذِفت من أبي عُذْرها.
______________________________
(1) الكاذتان: الأليتان.
(2) البيت في ديوان حسان ص 263، و الموارعة: المناطقة و المكالمة.
(3) لا ينكف: أي لا يبلغ آخره.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 163
و الثاني- أن يكونَ بناء مقتضباً نحو قِعْدك.
و معني نِشْدك اللّه: أَنْشدك اللّه نِشْدة؛ فحذف الفعل وُ وُضِع المصدر موضعه مضافاً إلي الكاف الذي كان مفعولًا أول.

[كفح]

: أبو هُرَيرة رضي اللّه عنه- سُئل أَتُقَبِّلُ وَ أَنْتَ صائم؟ فقال: نعم، و أَكْفَحُهَا- و روي: و أَقْحَفُها.
الكَفْح: من المكافحة؛ و هي مصَادفة الوجه الوجه كَفَّةً كَفَّةً.
و القَحْف: من قَحْفِ الشارب؛ و هو استفافه ما في الإناء أَجْمَع. و مطر قَاحِفٌ:
جارف. كأنه قال: نعم، و أتمكنُ من تقبيلها تمكُّناً، و استَوْفِيه استيفاء، من غير اختلاس و رقبة.
و قيل في القَحْف: إنه بمعني شُرْبِ الريق و ترشُّفه، و ما أحقّه.

[كفر]

: لتخرجنكم الرُّومُ منها كَفْراً كَفْراً إلي سُنْبُك من الأرض. قيل: و ما ذلك السُّنْبُك؟ قال: حِسْمَي جُذَام.
الكَفْر: القرية، و أكثرُ مَنْ يتكلَّم به أهل الشام. و قولهم: كَفْر تُوثَي: قرية تُنْسب إلي رجل. و كذلك كفر طَاب، و كفر تِعْقَاب.
و منه
حديث معاوية رضي اللّه عنه: أهل الكُفُور هم أهلُ القبور.
أي هم بمنزلة الموتي لا يشاهِدُون الأمصار و الجُمَع؛ و كأنها سميت كفوراً لأنها خاملة مغمورة الاسم، ليست في شهرة المدن و نبَاهَةِ الأمصار.
قال أبو عبيد: شبه الأرض بالسُّنْبُك في غِلَظه و قلَّة خيره. و عندي أنَّ المرادَ لتخرجنكم إلي طَرَفٍ من الأرض، لأنَّ السُّنْبُك طَرَف الحافر.
و يدل عليه الحديث؛ و هو أنه كَرِهَ أن يُطْلَبَ الرزقُ في سَنَابك الأرض. كما جاءَ
في حديث إبراهيم رحمه اللّه تعالي: إنهم كانوا يكرهون الطلب في أَكارع الأرض.
حِسْمَي: بَلَد. جُذَام: هو جُذَام بن عدي بن عَمْرو بن سَبَأ بن يَشْجُب بن يَعْرُب بن قَحْطَان.
و حِسْمَي: ماءٌ معروف لكَلْب.
و يقال: إنّ آخر ما نضب من ماء الطوفان حِسْمَي، فبقيت منه هذه البقعة إلي اليوم أنشد أبو عمرو:
جَاوَزْنَ رَمْلَ أَيْلَة الدَّهَاسَا و بَطْنَ حِسْمَي بَلداً حِرْماسَا
«1»
______________________________
(1) الرجز بلا نسبة في لسان العرب (دهس)، و الدهاس: الرملة اللينة، و في اللسان «و بطن لبني» بدل «و بطن حِسمي».
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 164
أي أملس.

[كفأ]

________________________________________
زمخشري، ابو القاسم، محمود بن عمر، الفائق في غريب الحديث، 4 جلد، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، اول، 1417 ه ق
الفائق في غريب الحديث؛ ج‌3، ص: 164
: الأحنف رضي اللّه تعالي عنه- قال: لا أُقَاول من لا كِفاء له.
أي لا عَدِيل له؛ يعني السلطان. يقال: هو كفْؤُه و كَفِيئه و كِفاؤه. قال:
فأنْكَحها لَا فِي كَفاءٍ و لا غِنًي زيادٌ، أَضَلَّ اللّه سَعْيَ زِيادِ
«1»

[كفف]

: عَطَاء بن يسار رحمه اللّه تعالي- قال: قلت للوليد بن عبد الملك: قال عمر ابن الخطاب رضي اللّه تعالي عنه: وَدِدت أَني سلمتُ من الخلافة كَفافاً لا عليَّ و لا لِي.
فقال: كذبت! الخليفة يقول هذا؟ قلت: أو كُذِّبت؟ قال: فأفْلَتُّ منه بِجُرَيْعَةِ الذَّقَن.
يقال: ليتني أنجو منك كَفافاً، أي رأساً برأس؛ لا أُرْزَأُ منك و لا ترْزَأُ مني، و حقيقتُه أَكُفّ عنك و تَكُفّ عني؛ و قد يبني علي الكسر. و يقال: دعني كَفافِ. أنشد أبو زيد لرؤبة:
فليت حَظِّي من نَداكَ الضَّافِي و النَّفْعُ أن تتركَنِي كَفَافِ
«2» أفْلَتُّ بجُرَيْعَة الذَّقَن؛ مثل فيمن أَشْفَي ثم نجا.
قال أبو زيد: يريد أنه كان قريباً من الهلاك كقرب الجُرْعة «3» من الذّقن.
انتصاب كفافاً علي الحال؛ أي مكفوفاً عني شرها. و قوله: لا عليَّ و لا لِي بدل منه، أي غير ضارة و لا نافعة.
همزة الاستفهام إذا دخلت علي حرف التعريف لم تُسْقِط ألفه، و إن اجتمع ساكنان لئلّا يلتبس الاستفهام بالخبر.

[كفت]

: الشعبي رحمه اللّه تعالي-
قال بيان: كنت أمشي مع الشَّعْبي بظَهْرِ الكُوفَة فالتفَتَ إلي بيوت الكوفة فقال: هذه كِفَاتُ الأحياء؛ ثم التفت إلي المَقْبرة و قال: و هذه كِفات الأموات.
مر تفسير الكِفَات.

[كفف]

: الحسن رحمه اللّه تعالي- ابدأ بمَنْ تَعُول و لا تُلامُ علي كَفَاف.
أي إذا لم يكن عندك فضل لم تُلَمْ علي ألَّا تُعْطِي.
الكَفاف: أن يكون عندك ما تكف به الوجه عن الناس.
قال له رجل: إنَّ برجلي شُقَاقاً، فقال: اكْفُفْه بِخِرْقَةٍ.
______________________________
(1) البيت بلا نسبة في أساس البلاغة (كفأ).
(2) الرجز لرؤبة في ديوانه ص 100، و أساس البلاغة (كفف)، و خزانة الأدب 2/ 42، و شرح شواهد المغني 2/ 956، و بلا نسبة في مغني اللبيب 2/ 680.
(3) الجرعة: آخر ما يخرج من النفس عند الموت (القاموس المحيط: جرع).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 165
أي اعصِبْه بها.

[كفر]

: عبد الملك رحمه اللّه تعالي- عُرِضَ عليه رجلٌ من بني تميم؛ فاشتهي قَتْله لِمَا رأي من جسمه و هيئته. فقال: و اللّه إني لأري لا يُقِرُّ بالكُفْر. فقال: عن دَمِي تَخْدعُني! بلي عبد اللّه أَكفَر من حِمَار.
[أقرَّ بأنه كفر حين خالف بني مروان و تابع ابْنَ الأشعث].
كتب عبد الملك إلي الحجاج أن ادعُ الناس إلي البيعة؛ فمن أَقرَّ بالكفر فخلِّ سبيله؛ إلَّا رجلًا نصب رايةً أو شتم أمير المؤمنين عُثمان بن عفان، و ذلك بعد أمر ابن الأشعث.
فهو معني الإقرار بالكفر.
حِمَار: رجل عادي كَفر باللّه فأحْرق وَادِيه.

[كفل]

: في الحديث: الرَّابّ كَافِل.
أي كَفَل بنفقة اليتيم حين تزوَّج أُمَّه.
مكافي‌ء في (اب). مكفوفة في (غل). و اكفتوا في (خم). الكفيت في (سخ).
يتكففون في (شط). أن تكفأ في (فر). استكفوا في (قح). و كفأتها في (تب). ينكفت في (أو). في كفراه في (جر) [اكفره في (وط). فكفئت فأكفئت في (جف). يكفر في (دت).
كفرانك في (كن). فيكافأ بها في (حر). تكفاء في (و ك) تكفؤاً في (مغ)].

الكاف مع اللام

[كلأ]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- نهي عن بيع الكَالِئِ بالكَالِئ.
كَلأَ الدَّيْن كَلأً، فهو كالئٌ إذا تأخَّر. قال:
* و عَيْنُه كالْكَالِي‌ءِ المِضْمَارِ*
«1» و منه: بلَغ اللّه بك أَكْلأَ العُمر؛ أي أَطْوَله و أشدّه تأخّراً، و أنشد ابن الأعرابي:
تَعَفَّفْتُ عنها في العُصُور التي خَلَتْ فكيفَ التَّسَاقِي بعد ما كَلأَ العُمْر
«2» و كلأته: أنسَأْتُه، و أَكْلأت في الطعام: أسلفت. و تكلأت كُلأَة؛ أي اسْتَنْسَأْتُ نَسِيئةً، و هو أن يكون لك علي رجل دَيْن فإذا حلَّ أجلُه استباعك ما عليه إلي أَجل.
______________________________
(3) (*) [كلأ]: و منه الحديث: أنه قال لبلال و هم مسافرون: اكلأْ لنا وقتنا. و الحديث: لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ. و الحديث: من مشي علي الكلَّاءِ قذفناه في الماء. و في حديث أنس و ذكر البصرة: إياك و سباخها و كلاءها. النهاية 4/ 194.
(1) الشطر بلا نسبة في لسان العرب (كلأ).
(2) البيت بلا نسبة في لسان العرب (كلأ)، و في اللسان «فكيف التصابي» بدل «فكيف التساقي».
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 166‌

[كلل]

*: عن عائشة رضي اللّه عنها- دخل عَلَيَّ رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم تَبْرُق أكاليل وَجْهِه.
الإِكليل: شِبْه عِصَابة مزيّنة بالجوهر. قال الأعشي في هَوْذة بن علي:
له أكاليل بالياقوت فصلها صَوَّاغُها لا ترَي عَيْباً و لا طَبَعا
«1» جعلت لوجهه صلي اللّه عليه و آله و سلم- أكاليل علي سبيل الاستعارة، كما جعل لبيد للشمال يداً، في قوله:
* إذا أَصْبَحَتْ بيدِ الشَّمال زِمَامُها* «2»
و هو نوع من الاستعارة لطيف دقيقُ المسلك. و قيل: أرادت نواحي وجهه و ما أحاط به؛ من التكلّل و هو الإحاطة. و القول العربي الفَحْل ما ذَهَبْتُ إليه.

[كلم]

*: اتَّقَوا اللّه في النساء فإنما أخذتموهنَّ بأمانة اللّه، و استحللتم فُرُوجَهُنَّ بكلمة اللّه.
قيل: هي قوله تعالي: فَإِمْسٰاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسٰانٍ [النساء: 229].
و يجوز أن يُرَاد إذْنه في النكاح و التسرّي و إحلاله ذلك.

[كلب]

*: ذكر المُخْدَج «3» فقال: له ثَدْي كثَدْي المرأة، و في رأس ثَدْيِه شُعَيرات كأنها كُلْبَة كَلْب أو كُلْبَة سنَّوْرٍ.
هي الشعر النابت في جانبي خَطْمِه، و يقال للشعر الذي يَخْرُز به الإسكاف كُلْبَة- عن الفرَّاء. و من فسَّرها بالمخاطب نظراً إلي محني الكلاليب في مَخَالب البازي فقد أَبْعَد.
______________________________
(4) (*) [كلل]: و منه في حديث الاستسقاء: فنظرت إلي المدينة و إنها لفي مِثْل الإكليل. و الحديث: أنه نهي عن تقصيص القبور و تكليلها. و في حديث حنين: فما زلت أري حدَّهم كليلًا و في حديث طهفة: و لا يوكل كَلُّكم. النهاية 4/ 197، 198.
(1) البيت في ديوان الأعشي ص 107.
(2) صدره:
و غداة ريحٍ قد وزعتُ وَ قرّةٍ
و البيت في ديوان لبيد ص 315.
(5) (*) [كلم]: و منه الحديث: أعوذ بكلمات اللّه التامات. و الحديث: سبحان اللّه عدد كلماته. و الحديث:
إنا نقوم علي المرضي و نداوي الكَلْمَي. النهاية 4/ 198، 199.
(6) (*) [كلب]: و منه في حديث الصيد: إن لي كلاباً مكلَّبة فأفتني في صيدها. و في حديث الرؤيا: و إذا آخر قائمٌ بكلُّوب من حديد. و في حديث أحد: أن فرساً ذبَّ بذنبه فأصاب كُلَّاب سيفه فاستلّه. النهاية 4/ 195، 196.
(3) المخدج: السقيم الناقص الخلق.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 167
ستخرج في أُمتي أقوامٌ تَجَاري بهم الأهْوَاء كما تجاري الكلَب بصاحبه لا يبقي فيه عِرق و لا مفْصِل إلّا دخلَه.
الكَلَب: داءٌ يصيبُ الإنسان إذا عقره الكَلْب الكَلِب، و هو الذي يَضْرَي بأكْلِ لحوم النَّاسِ، فيأخذه شِبْه جنون فلا يعقر أحداً إلّا كَلِب، فهو يَعْوِي عُوَاء الكلب، و يمزّق علي نفسه و يَعْقِر من أصاب، ثم يضير آخر أمْره إلي أن يموت. و أجمعت العرب علي أنَّ دواءَه قطرة من دَمِ مَلِك، يخلط بماء فيسقاه، قال الفرزدق:
و لو شرب الكَلْبَي المِرَاضُ دماءَنا شفاها من الدَّاء الذي هو أدنف
«1» و
في الحديث: إِنَّ الحجَّاج كتب إلي أنَس ليَلْزَم بابَه، فكتب أَنَس إلي عبد الملك، فكتب عبد الملك إلي الحجاج: أن ائْتِ أَنَساً و اعْتَذِر إليه. فأَتاه فقال و أَبْلَغ. ثم قال: يا أَبا حَمْزة؛ اعذرني يَرْحَمْك اللّه، فإنَّ الناسَ قد أَكلُوا في عَدَاوتي لَحْمَ كَلْب كَلِب.
و
عن الحسن رحمه اللّه تعالي: إنّ الدنيا لما فُتِحَتْ علي أَهْلها كَلِبُوا فيها و اللّه أسوأ الكلب، و عَدَا بعضُهم علي بَعض بالسَّيف.

[كلب]

: و
قال في بعض كلامه: فأنت تَتَجَشَّأُ من الشِّبَع بَشَماً و جارُك قد دَمِيَ فوهُ من الجوعُ كَلباً.
أي حِرْصاً علي شي‌ء يصيبه.
إنَّ عَرْفَجة بن أسعد رضي اللّه عنه أُصيب أَنْفُه يوم الكُلاب في الجاهِليَّة. فاتَّخَذَ أَنْفاً من وَرِق. فأنتن عليه فأمره النبيُّ صلي اللّه عليه و آله و سلم أن يَتخذ أَنْفاً من ذَهب.
يوم الكلاب من أيّام الوقائع. و الكُلَاب: ماءٌ بين الكوفة و البَصْرة.
الوَرِق: الفضة.
استشهد به محمدٌ رحمه اللّه علي جواز شدِّ السن الناغضة «2» بالذهب. و قال: إنّ الفضَّة تُرِيح «3» دون الذهب؛ فكانت الحاجة إليه ماسة. و عن أبي حنيفة رحمه اللّه تعالي في الذهب روايتان. و عن عمر بن عبد العزيز رحمه اللّه تعالي: إنه كتب في اليد إذا قُطِعَت أن تحسم بالذهب، فإنه لا يَقِيح. و يقول أهل الخِبْرة: إنّ الفضة تصدَأ و تنتن و تبلي في الحَمْأة؛ و أمَّا الذهب فلا يُبْليه الثَّرَي، و لا يُصْدِئه الندي، و لا تنقصه الأرض، و لا تأكله النار. و عن الأصمعي: إنه كان يقول: إنما هو من وَرَق، ذهب إلي الرَّق الذي يكتب فيه. و يردّه أنه روي: فاتخذ أنفاً من فِضَّة.
______________________________
(1) البيت في ديوان الفرزدق ص 563، و رواية الديوان «و لو تشرب» بدل «و لو شرب».
(2) السن الناغضة: التي قلقت و تحركت.
(3) أراح: أنتن و تغيرت رائحته.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 168‌

[كلف]

*: عمر رضي اللّه تعالي عنه- دخل عليه ابنُ عباس حين طُعِن، فرآه مغتماً بمن يستخلف بعده، فجعل ابنُ عباس يذكر له أصحابَه؛ فذكر عثمان، فقال: كَلِفٌ بأَقارِبه- وروي: أخشي حَفْده و أَثَرَتَه. قال: فَعَلِيّ. قال: ذاك رجل فيه دُعابة. قال: فَطَلْحة. قال:
لولا بَأْوٌ فيه- وروي- أنه قال: الأكْنَعِ؛ إنَّ فيه بَأواً أو نَخْوَة. قال: فالزُّبير. قال وَعْقَة لَقِسَ- وروي: ضَرِس ضبِيس. أو قال: ضَمِيس. قال: فعبد الرحمن. قال: أوه! ذكرتَ رجلًا صالحاً لكنه ضعيف. و هذا الأمر لا يصلح له إلَّا اللَّيِّنُ من غير ضَعْف، و القويُّ من غير عُنْف- ورُوِي: لا يصلح أَنْ يَلِيَ هذا الأمر إلَّا حَصِيف العُقْدَة، قليل الغِرَّة، الشديدُ في غير عُنْف، اللَّيِّنُ في غير ضَعْف؛ الجواد في غير سَرَف، البخيل في غير وَكَف. قال: فسعد بن أبي وقَّاص؟ قال: ذلك يكون في مِقْنَب من مَقَانِبكم.
الكَلَف: الإيلاع بالشَّيْ‌ءِ مع شغل قَلْب و مَشَقَّة. يقال: كَلِف فلان بهذا الأمر و بهذه الجارية فهو بها كَلِف مُكَلّف. و منه المثل: لا يكن حبُّك كَلَفاً؛ و لا بُغْضك تَلَفاً. و هو من كَلِف الشي‌ء بمعني تكلَّفَه. و في أمثالهم: كَلِفتُ إِليك عَرَق القِرْبة.
و يروي: جَشِمت. و لكنه ضُمِّن معني أولع وسَدِك «1»؛ فعُدِّي بالباء.
و منه: أَخْذُ الكلف في الوجه للزومه، و تعذُّر ذهابه، كأنه فيه ولوعاً.
حَفْده: أي خُفُوفه في مَرْضاة أقاربه، و حقيقة الحفْد الجمع. و هو من أخوات الحَفْل و الحَفْش، و منه المَحْفِد بمعني المَحْفِل. و احْتَفَد بمعني احْتَفَل- عن الأصمعي. و قيل لمن يخف في الخدمة، و للسائر إذا خَبَّ حافِد؛ لأنه يحتشد في ذلك و يجمع له نفسه، و يأتي بخُطَاه متتابعة. و يصدِّقُه قولهم: جاء الفرس يَحْفِش؛ أي أتِي بِجرْي بعد جَرْي. و الْحَفْش:
هو الجمع.
و منه: و إليك نَسْعَي و نَحْفِد. و تقول العرب للأعوان و الخدم: الحَفَدة.
الأَثَرة: الاستئثار بالقَيْ‌ءِ و غيره.
الدُّعَابَة كالمُزَاحة. و دعَب يَدْعَب كَمَزح يَمْزَح، و رجل دَعِب و دَعَّابة.
البَأْوُ: العُجْبُ و الكِبْر. الأكْنَع: الأشَلّ. كَنَعَت أصابعه كَنْعاً إذا تَشَنَّجت. و كَنَّع يدَه:
أشلها- عن النضر.
و قد كانت أُصِيبت يدُه مع رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم، وَقاهُ بها يوم أُحد.
النَّخْوَة: العظمة و الكبر. و قد يجي‌ء كزُهِي و انْتَخَي.
______________________________
(2) (*) [كلف]: و منه الحديث: أراك كلِفْت بعلم القرآن. و الحديث: أنا و أمتي بُرآء من التكلُّف. و في حديث عمر: نُهينا عن التكلُّف. النهاية 4/ 196.
(1) سدك به: لزمه، و السدك: المولع بالشي‌ء.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 169
و رجل وَعْقَة و لَعْقَة، وَ وَعْق لَعْق؛ إذا كان فيه حرص و وقوع في الأمر بجهل و ضيق نفس و سوء خلق. قال [الأخطل]:
مَوَطَّأُ البيتِ مَحْمُود شمائِلُهُ عند الحمالةِ لا كَزّ و لَا وَعِق
«1» و يخفف، فيقال: وَعِقَة و وَعِق؛ و هو من العجلة و التسرع. يقال: أوعقْتَنِي منذ اليوم؛ أي أعجلتني. و وَعِقْتَ عليّ: عجلت عليّ. و أنت وَعِق؛ أي نَزِق. و ما أوْعَقَكَ عن كذا؛ أي ما أعجلك. و منه الوَعِيق بمعني الرَّعِيق؛ و هو ما يسمع من جُرْدَانِ «2» الفَرَس إذا تقلقل في قُنْبِه عند عَدْوِه.
لَقِست نفسه إلي الشي‌ء: إذا نازعته إليه و حَرَصَتْ عليه لَقَساً، و الرجل لَقِس. و قيل:
لقِست: خَبُثَت. و عن أبي زيد: اللَّقِس هو الذي يُلقِّب الناس، و يَسْخَر منهم.
و يقال: النَّقِس، بالنون، يَنْقَس الناس نَقْساً «3».
الضَّرِس: الشَّرِس الذعر؛ من الناقة الضَّرُوس؛ و هي التي تَعضُّ حالِبَها. و يقال: اتق الناقة فإنها بِجِنّ ضِرَاسِها؛ أي بحِدْثان نتَاجها و سوء خلقها في هذا الوقت، و ذلك لشدة عطفها علي ولدها.
الضَّبِس و الضَّمِس: قريبان من الضَّرس. يقال: فلان ضِبِس شَرِس، و جمعه أضباس.
الضَّمْس: المضغ.
الوَكَف: الوقوع في المأثم و العيب، و قد وَكِفَ فلان يَوْكَفُ وكَفاً، و أوْكَفْته أنا؛ إذا أوقعته فيه. قال:
الحافِظُو عورةَ العشيرة لا يَأ تيهِمُ من وَرَائهمْ وَكَفُ
«4» و هو من وَكَف المطر؛ إذا وقع. و منه توكّفُ الخبر، و هو توقعه.
المِقْنَب من الخيل: الأربعون و الخمسون. و في كتاب العين: زهاء ثلاثمائة، يعني أنه صاحبُ جيوش و لا يَصْلُح لِهذا الأَمْرِ.
______________________________
(1) البيت في تاج العروس (وعق).
(2) الجردان: قضيب ذوات الحوافر.
(3) النقس: العيب.
(4) يروي البيت:
الحافظو عورة العشيرة لا يأتيهم من ورائنا نَطِفُ
و البيت من المنسرح، و هو لعمرو بن امري‌ء القيس في خزانة الأدب 4/ 272، 274، 276، و الدرر 1/ 146، و شرح شواهد الإيضاح ص 127، و لقيس بن الخطيم في ديوانه ص 115، و ملحق ديوانه ص 238، و لعمرو بن امري‌ء القيس أو لقيس بن الخطيم في لسان العرب (وكف)، و لشريح بن-
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 170‌

[كلب]

: علي رضي اللّه تعالي عنه- كتب إلي ابنِ عبّاس حين أَخَذَ مِن مال البَصْرة ما أخَذَ: إني أشْرَكْتُكَ في أمانتي، و لم يكن رجل من أهلي أَوْثَق منكَ في نفسي؛ فلما رأيتَ الزمانَ علي ابن عَمِّك قد كَلِب، و العدُوّ قد حَرِب، قَلَبْتَ لابن عمِّكَ ظَهّرَ المِجَنّ بفراقه مع المفارقين، و خذلانه مع الخَاذِلين، و اختطَفْتَ ما قدرتَ عليه من أموال الأَمة اختطاف الذِّئب الأَزَلّ «1» دَامِيَةَ المِعْزَي.
و فيه: ضَحِّ رُوَيْداً، فكأن قد بلغت المدي، و عرضت عليك أعمالك بالمحل الذي يُنَادِي المغترّ بالحَسْرَة، و يتمنَّي المضيع التَّوْبة و الظالم الرَّجْعَة.
كَلِب الدهر: إذا أَلَحَّ علي أهله، و دَهْرٌ كَلِب، و هو من الكَلَب الذي تقدَّم ذكره.
يقال: حَرَب الرجل ماله إذا سلبه كلَّه فحرَب حَرَباً. ثم قيل للغضبان: حَرِب، و قد حَرِب إذا غضب. و أسد حَرِب و مِحْرَب؛ أي مغضب.
ضَحِّ رُوَيْداً: مَثَلٌ في الأمر بالرفق و الصبر، قالوا: أصلُه من تَضْحِية الإبل و هي تغديتها، و أَنْ يتقدَّمَ إلي الراعي برعي الإبل في وقت الضحي و تأخيرها عن ورود الماء إلي أن تستوفي ضَحَاءَها؛ فيكون ورودها عن عَطَش. و عَشِّ رويداً مثله؛ و هو أن يُؤخر عن الإراحة إلي المأوي بتَرْكِها تستوفي عشاءَها، ثم كثُر ذلك حتي استعمل في الرِّفْق بالأمر و التأني فيه. قال أبو زيد: ضَحَّيْت عن الشي‌ء و عَشَّيْت عنه؛ أي رفقت به.
كلارا في (قص). و لا المكْلثَم في (مغ). مُكلحاً في (مح). و تكليلها في (قص).
[بكلوب في (ثل). و كلح في (تع). الكلب العقور في (فس)].

الكاف مع الميم

[كمي]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- مرّ علي أبواب دور مُتَسَفِّلة، فقال:
اكْمُوها- وروي: أكيمُوها.
الكَمْي: الستر. يقال: كَمَي شهادته و سِرَّه. قال:
كم كاعبٍ منهم قَطَعْت لسانَها و تركتها تَكْمِي الجليَّةَ بالعِلَل
______________________________
- عمران أو لمالك بن العجلان في شرح أبيات سيبويه 1/ 205، و لرجل من الأنصار في خزانة الأدب 6/ 6، و الكتاب 1/ 186، و بلا نسبة في أدب الكاتب ص 324، و إصلاح المنطق ص 63، و جواهر الأدب ص 155، و خزانة الأدب 5/ 122، 469، 8/ 29، 209، و رصف المباني ص 341، و سر صناعة الإعراب 2/ 538، و الكتاب 1/ 202، و المحتسب 2/ 80، و المقتضب 4/ 145، و المصنف 1/ 67، و همع الهوامع 1/ 49.
(1) الذئب الأزل: الذئب الخفيف.
(2) (*) [كمي]: و منه في حديث أبي اليسر: فجئته فانكمي منه ثم ظهر. النهاية 4/ 201.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 171
و منه الكَمِيّ. و الإِكامة: الرفع؛ من الكومة و هي الرملةُ المُشْرفَة، و الكَوْم: السَّنَام، و جمعه أكْوَام، و ناقة كَوْماء. و اكْتَام الرجل؛ إذا تطاول، اكتِياماً.
و المعني استروها لئلا تقع العيون عليها، أو ارفعوها لئلَّا يَهْجُم عليها السيلُ.

[كمكم]

: عمر رضي اللّه تعالي عنه- رأي جارية مُتَكَمْكِمة فسأل عنها فقالوا: أَمَةٌ لفلان، فضربها بالدِّرَّة ضربات، و قال: يا لَكْعاء؛ أَتَشَبَّهِين بالحَرَائرِ؟
يقال: كَمْكَمْتُ الشي‌ءَ؛ إذا أَخْفَيْتُه، و تكمكم في ثوبه: تلفَّف فيه، و هو من معني الكَمّ و هو الستر، و المراد أَنَّها كانتْ مُتَقَنِّعة أو متلففة في لباسها لا يَبْدُو منها شي‌ء؛ و ذلك من شأْن الحرائر.
لَكِع الرجل لَكَعاً و لَكاعة؛ إذا لَؤُم و حَمُقَ؛ فهو أَلْكَع و هي لَكْعَاء.

[كمي]

: حُذَيفة رضي اللّه تعالي عنه- للدابة ثلاث خَرَجَات خَرجَة في بَعْضِ البَوَادِي ثم تَنْكَمِي.
انكمي: مُطَاوع كماه. و الكَمْي، و الكَمّ و الكَمْن أخوات، بمعني السَّتْر.

[كمد]

*: عائشة رضي اللّه تعالي عنها- الكِمَاد مكانُ الكيِّ، و السُّعُوط مكان النّفخ.
و اللَّدُود مكان الغَمْز.
هو أن تسخَّن خِرْقَةٌ وَسخة دسمة و يتابع وَضْعُها علي الوجع و موضع الريح حتي يَسْكن. و اسم تلك الخرفة الكِمَادة، من أَكْمَد القَصَّارُ الثوبَ؛ إذا لم يُنَقِّ غَسْله، و أصله الكُمْدَة «1».
و الكَمَد: تغيُّر اللونِ و ذهابُ مائه و صفائه، و أَكْمَدَه الحزن: غَيَّر لونه. و يقال: كَمَّدْت الوَجع تكميداً.
و النفخ: أن يَشْتَكي الحَلْقَ فينفخ فيه.
و الغَمْز: أن تَسْقُطَ اللَّهَاة فتُغْمَز باليد.
أرادت أنّ هذه الثلاثة تبدل من هذه الثلاثة و تُوضَع مكانها، فإنها تؤدي مُؤَدَّاها في النفع و الشفاء؛ و هي أسهل مأْخَذاً و أقل مَؤونَةً علي صاحبها.
[كميش لإزار في (صد)]. و لا كموش في (شب). و المكامعة في (كع). في أكمامها في (بو). [أكمَّة في (خط)].
______________________________
(2) (*) [كمد]: و منه في حديث عائشة: كانت إحدانا تأخذ الماء بيدها فتصب علي رأسها بإحدي يديها فتُكمد شقها الأيمن. و في حديث جبير بن مطعم: رأيت رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم عاد سعيد بن العاص فكمَّده بخرقة. النهاية 4/ 199.
(1) الكمدة: تغير اللون و ذهاب صفائه و بقاء أثره.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 172‌

الكاف مع النون

[كني]

: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- إنَّ للرؤيا كُنًي و لها أَسماء؛ فكَنُّوها بكُنَاها، و اعتبروها بأَسمائها، و الرؤيا لأَوَّلِ عَابِر.
قالوا في معني كَنُّوها بكُنَاها مثّلوا لها إذا عَبَّرْتُم؛ كقولك في النخل: إنها رجالٌ ذَوُو أحساب من العرب. و في الجَوْزِ: إنها رجالٌ من العَجَم؛ لأنّ النخلَ أكثر ما يكون ببلاد العرب، و الجَوْزُ ببلاد العجم.
و في معني اعتبروها بأسمائها اجعلوا أسماءَ ما يُرَي في المنام عِبْرة و قياساً. نحو أن تري في المنام رجلًا يسمي سالماً فتُؤَوِّله بالسلامة، أو فَتْحاً فتُؤَوِّله بالفَرَح.
و قوله: و الرُّؤْيا لأول عَابِر. نحو
قوله صلي اللّه عليه و آله و سلم: الرؤيا علي رِجْلِ طَائِرٍ ما لم تُعَبَّر، فإِذا عُبِّرت فلا تَقُصَّها إلَّا علي وادٍّ أو ذي رَأْي.
و قيل: ليس المعني أن كل من عبَّرها وقعت علي ما عَبَّر، و لكن إذا كان العابر الأول عالماً بشروط العبارة فاجتهدَ و أَدَّي شرائطها و وُفق للصواب فهي واقعةٌ علي ما قال دونَ غيره.

[كنف]

*: توضَّأ صلي اللّه عليه و آله و سلم فأَدْخَل يده في الإناء فكَنَفَها، فضربَ بالماءِ وَجْهَه.
أي جمعها، و جعلها كالكِنف «1» لأَخْذِ الماء.

[كنع]

*: عن أسامة بن زيد رضي اللّه تعالي عنهما: لما هبطنا بَطْنَ الرَّوْحَاء عارَضَتْ رسولَ اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم- امرأةٌ تحمل صَبِيّاً بِه جُنُون؛ فحبس الرّاحلة، ثم اكْتَنَع إليها؛ فوضعته علي يَده، فجعله بينه و بين وَاسِطَة الرَّحْل- و روي: فأخذ بنُخْرَة الصبي، فقال: اخرج باسم اللّه؛ فعُوفِي.
يقال: كَنَع كنوعاً؛ إذا قرب، و اكْتَنَع نحو اقْتَرب، و يقال: أكْنِع إليَّ الإبل؛ أي أَدْنِها.
______________________________
(2) (*) [كنف]: و منه حديث عمر: أنه أعطي عياضاً كِنْف الراعي. و في حديث ابن عمرو و زوجته: لم يفتِّش لنا كنفاً. و في حديث عمر: أنه قال لابن مسعود: كُنَيْفٌ مُلي‌ء علماً. و في حديث أبي وائل:
نشر اللّه كَنَفَه علي المسلم يوم القيامة هكذا، و تعطّف بيده و كمَّه. و في حديث جرير: قال له: أين منزلك؟ قال له: بأكناف بيشة. و في حديث الإفك: ما كشف من كنف أنثي. و في حديث علي: لا تكن للمسلمين كانفةً. و حديث يحيي بن يعمر: فاكتنفته أنا و صاحبي و الحديث: و الناس كَنَفَيْه.
و حديث عمر: فتكنَّفَه الناس. و في حديث النخعي: لا يؤخذ في الصدقة كَنُوف النهاية 4/ 204، 205، 206.
(1) الكنف: وعاء أداة الراعي.
(3) (*): و منه في حديث أبي بكر: أتت قافلة من الحجاز فلما بلغوا المدينة كنعوا بها. و في حديث عمر: أنه قال عن طلحة لما عرض عليه الخلافة: الأكنع، إن فيه نخوة و كبراً. النهاية 4/ 204.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 173
و المُكْنَع: السِّقَاء يُدْنَي فُوه من الغدير فُيُمْلأ. و المعني مال إليها مقترباً منها حتي وضعت الصبي علي يديه.
النُّخْرَة: مقدم الأنف. و نُخْرَتَاه: مَنْخِرَاه.

[كنف]

: أبو بكر رضي اللّه تعالي عنه- أَشْرَف من كَنِيف و أَسماء بنتُ عُمَيس مُمْسِكَتُه، و هي موشومة اليدين، حين استخلف عمر فكلّمهم.
أي من سُتْرة، و كل ما ستَر فهو كَنِيف، نحو الحِظِيرة و موضع الحاجة و التُّرْس و غير ذلك.

[كنع]

: خالد رضي اللّه تعالي عنه- لما انتهي إلي العُزَّي ليقطعَها قال له السَّادِنُ: يا خالدُ؛ إنها قَاتِلتك، إنها مُكَنِّعَتُك. و إنه أقبل بالسيف و هو يَقُول:
يا عُزّ كُفْرانَكِ لا سُبْحَانكِ إني رأيتُ اللّهَ قد أَهانَكِ
و ضربها فجزَّلها باثنين.
أي مُقَبِّضة يديك و مُشِلَّتهما.
كُفْرانك: أي أَكْفُرُ بِك و لا أسبِّحك.
الجَزْل و الْجَذْب و الجَزْح و الجزّ و الجَزْر و الجَزْع و الجَزْم أخوات، في معني القطع.

[كنز]

*: أبو ذَرّ رضي اللّه تعالي عنه- بشِّر الكَنَّازين برَضْفَةٍ في النَّاغِضِ.
هم الذين يكنزون و لا ينفقون في سبيل اللّه.
الرَّضْفَة: واحدة الرَّضْف، و هي الحجَرُ المُحْمَي.
النَاغِض: فرع الكَتِف لنَغضَانِه.

[كنر]

: ابن سلام رضي اللّه تعالي عنه- في التوراة: إنما [بعثتك لتمحو] الخَمْر و المَيْسِر و المزامير و الكِنَّارَات و الخمر و مَنْ طعِمها. و أقسم ربنا بيمينه و عزَّة حَيْله لا يَشْرَبها أحدٌ بعد ما حرَّمتها عليه إلَّا سقَيْتُه إياها من الحميم.
الكِنَّارة: فسرت [في «زف»].
الطَّعْم بمعني الذَّوق، يستوي فيه المأكول و المشروب. و منه قوله تعالي: وَ مَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي [البقرة: 245].
و في قول الحطيئة:
*… الطَّاعِم الكاسِي
* «1»
______________________________
(2) (*) [كنز]: و منه الحديث: كل مال لا تؤدي زكاته فهو كنز. النهاية 4/ 203.
(1) تمامه:
دع المكارم لا ترحل لبغيتها و اقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
و البيت من البسيط، و هو للحطيئة في ديوانه ص 54، و الأزهية ص 175، و الأغاني 2/ 155،-
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 174
قال بعضهم: الكاسي: الخمر؛ أراد الذائق الخمر.
الحَيْل و الحول بمعني؛ و هما الحيلة.

[كنف]

: عائشة رضي اللّه تعالي عنها- يرحم اللّه المهاجرات الأُوَل لَمَّا أنزل اللّه:
وَ لْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَليٰ جُيُوبِهِنَّ، شققن أكْنف مُرُوطهنَّ فاخْتَمَرْن بها.
أي أَسْترها.

[كنص]

: كَعْب رحمه اللّه تعالي- أولُ من لبس القَباء سُليمان بن دَاود عليهما السلام؛ فكان إذا أدخل رأسه [للُبْس] الثياب كنَّصَتِ الشياطين.
أي حرَّكت أنوفها استهزاءً به. يقال: كنَّص فلان في وَجْه صاحبه؛ [إذا استهزأ به].

[كنع]

: الأحنف رضي اللّه تعالي عنه- قال في الخطبة التي خطبها في الإصلاح بين الأَزْدِ و تميم: كان يقال كلُّ أمر ذي بالٍ لم يُحْمَد اللّه فيه فهو أَكْنَع.
أي ناقص أبتر، من كَنع قوائِم الدابة؛ إذا قطعها، و يصدِّقه
قوله صلي اللّه عليه و سلم: كلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لا يُبْدَأ فيه بالحمد للّه فهو أَقْطع- و روي: أَبْتَرُ.
في الحديث: أعوذ باللّه من الكُنُوع.
القُنُوع و الكُنُوع بمعني؛ و هما التذلَّلُ للسّؤال- و روي: قول الشماخ:
*… أَعَفُّ من القُنُوع
* «1» بالكاف أيضاً.
إنَّ المشركين لما قَربُوا من المدينة يوم أُحُد كَنَعوا عنها.
أي أجمعوا عن الدخول فيها. يقال: كَنَع يَكْنَع كنوعاً، إذا هرَب و جَبُن، و ما أكنعه و أَجْبَنه! قال:
* و بالكَهْفِ عن مَتْن الخِشَاش كنُوع*

[كني]

: رأيتُ عِلْجاً يوم القادسية قد تكنَّي و تَحَجَّي فقتلته.
أي تستّر؛ و منه كَنَّي عن الشي‌ء إذا وَرَّي عنه، و يجوز أن يكون أصلهُ تكنَّن، فقيل تكني، كتظنَّي في تظنن.
______________________________
- و خزانة الأدب 6/ 299، و شرح شواهد الشافية ص 120، و شرح شواهد المغني 2/ 916، و شرح المفصل 6/ 15، و الشعر و الشعراء ص 334، و لسان العرب (ذرق) و (طعم) و (كسا)، و بلا نسبة في تخليص الشواهد ص 418، و خزانة الأدب 5/ 115، و شرح الأشموني 3/ 744، و شرح شافية ابن الحاجب 2/ 88.
(1) تمامه:
لمَالُ المرء يُصْلحه فيُغْنِي مفاقرة أعفُّ من القُنُوعِ
و البيت بلا نسبة في تاج العروس (كنع) و لسان العرب (قنع).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 175
و الحِجَا: السِّتر، و احتجاه كتمه. و قيل: التحجِّي الزَّمْزَمة.
و لا تكنوا في (عز). و الكنيف في (هن). الأكنع في (كل). و الكنارات في (زف). ما استكن في (حب). و اكتنز في ذم). مكانس في (طر).

الكاف مع الواو

[كوب]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- إنَّ رَبِّي حَرَّمَ عَلَيَّ الخَمْرَ و الكُوبَة و القِنِّين.
مَرّ تفسيرها في عر.
القِنّين- بوزن السكِّيت: الطنْبور- عن ابن الأَعْرَابي. و قنَّن به إذا ضرب به. و يقال:
قَننْتُه بالعصا أَقُنّه قَنّاً؛ أي ضربته. و قيل: لعبة للروم يتقامَرُون بها.

[كوم]

*: أعظَمْ الصَّدَقَةِ ربَاطُ فَرَسٍ في سبيل اللّه لا يُمْنَع كَوْمُه.
يقال: كَام الفرس أنثاه كوْماً إذا علاها للسّفاد. و التركيب في معني الارتفاع و العلو.
عليّ رضي اللّه تعالي عنه- أُتي بالمال فكَوَّم كَوْمةً مِن ذَهب و كَوْمة من فضة. و قال: يا حَمْراء، و يا بَيْضَاءَ؛ احْمَرِّي و ابيضِّي و غُرِّي غيري.
هذا جناي و خِيارُه فيه إذ كلُّ جَانٍ يَدُه إلي فِيه
و روي:
… و هِجَانه فيه
. الكَوْمة: الصُّبْرةُ من الطعام و غيره، و تكويمها: رَفْعُها و إِعلاؤها.
الهِجَان: الخالص. و هذا مثل ضربه لتنزُّه من المال، و أنه لم يتلطَّخ منه بشي‌ء و لم يستَأْثر. و أصل المثل مذكور في كتاب المستقصي.

[كوث]

: قال رضي اللّه تعالي عنه: مَنْ كان سائَلًا [عَنْ نِسْبَتِنا فإِنَّا قومٌ مِنْ كُوثَي.
قال له رضي اللّه تعالي عنه رجلٌ: أخْبِرْني يا أميرَ المؤمنين عن أصلكم] مَعاشر قريش. قال: نحن قومٌ مِنْ كُوثَي.
أراد كُوثَي العِرَاق، و هي سرَّةُ السَّوَادِ، و بها وُلِد إبراهيم عليه السلام، و هذا تَبَرُّؤ من الفَخْر بالأنساب، و تحقيق قوله تعالي: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللّٰهِ أَتْقٰاكُمْ [الحجرات: 13].
و قيل: أراد كُوثَي مكة؛ و هي مَحَلَّة بني عَبْد الدّار، يعني أنا مَكِّيون. و الوجه هو الأول؛ و يَعْضده ما
يُروي عن ابن عباس رضي اللّه تعالي عنهما: نحن معاشِرَ قريش حيٌّ من النَبَط مِنْ أهل كوثَي
.______________________________
(1) (*) [كوب]: و منه حديث علي: أُمرنا بكسر الكوبة و الكِنَّارة و الشيَّاع النهاية 4/ 207.
(2) (*) [كوم]: و منه الحديث: يجي‌ء يوم القيامة علي كوم فوق الناس. و الحديث: فيأتي منه بناقتين كوماوين. النهاية 4/ 211.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 176‌

[كوع]

*: ابن عمر رضي اللّه تعالي عنهما- بعث به أَبوه إلي خَيْبَر، فقاسمهم الثمرة فسحَرَوه فتكَوَّعَتْ أَصَابِعِه؛ فغضِب عمر فَنزعها منهم.
وروي: دفعوه من فوق بيت ففُدِعت قدمه.
عن الأصمعي: كَوَّعه و كَنَّعَه بمعني واحد؛ و هو شِبْهُ الإشلال في الرِّجل و اليد. قال يعقوب: ضربه فكوَّعه، أي صيَّر أكْوَاعَه معوَّجَة.
الفَدَع: زَيْغ بين القدم و عَظْم الساق «1». الضمير في «فَنَزَعه» إلي خَيْبَر.

[كوي]

*: قال رضي اللّه تعالي عنه: إني لأَغْتَسِلُ قبل امرأتي ثم أَتكَوَّي بها؛ [أَي أَتَدفأ] فأَصْطَلِي بحرِّ جسدها.
مِنْ كوَيْته؛ و يجوز أن يكون من قولهم: تكوَّي الرجلُ إذا دخل في موضع ضَيِّق متقبِّضاً فيه؛ كأنه دخل كُوِّة؛ يريد ثم أستَدْفِي‌ء بها متقَبضاً.

[كوس]

: سالم بن عبد اللّه رحمه اللّه تعالي- كان جالساً عند الحجاج فقال: ما نَدِمْتُ علي شي‌ء نَدَمي علي أَلَّا أكونَ قتلتُ ابنَ عُمَر. فقال عبد اللّه: أما و اللّه لئن فعلت ذلك لَكَوَّسَك اللّهُ في النار، رأسُك أَسفلُك.
أي لقلبك فيها علي رأْسك. يقال: كوَّسته فكاسَ «2». و منه: كَوْس العَقِير؛ لأنه يَرْكَبُ رأْسه بعد العَرْقَبة.
رأسُك أسفَلك: نحو فاه إلي فيّ، في قولهم: كلَّمته فاهُ إلي فيّ- في وقوعه موقِعَ الحال. و معناه: لكَوَّسَك جاعلًا أعلاك أسفلك، و لو زعمت نَصْبَ الرأْس علي البدل لم يستقم لكَ.

[كون]

: [الأشعري رحمه اللّه- إنّ هذا القرآن كائِنٌ لكم أَجْراً، و كائن عليكم وِزْراً، فاتَّبعوا القرآنَ و لا يتبَعَنَّكم القرآن؛ فإن من يتَّبع القرآن هبط به علي رياض الجنة، و من يتبعه القرآن يَزُخُّ «3» في قَفَاه حتي يَقْذِف به في نار جهنم.
أي سبب أَجْرٍ إنْ عملتم به، و سبب وِزْرِ إن تركتموه. فاتَّبِعوه معي …، و لا يتبعنكم؛ أي [لا يطلبنكم] فتكونوا … ظهوركم لأنه [إذا اتبعه] كان بين يديه [و إذا خالفه] كان خَلْفه و … لا يجعل حاجتي … لا يدعها فتكون … «4» الشعبي في قوله تعالي: وَرٰاءَ ظُهُورِهِمْ*
______________________________
(5) (*) [كوع]: و منه في حديث سلمة بن الأكوع: يا ثكلته أمُّه، أكوعه بكرة النهاية 4/ 210.
(1) الفدع: هو أيضاً أن تزول المفاصل عن أماكنها و كذلك في اليد.
(6) (*) [كوي]: و منه الحديث: أنه كوي سعد بن معاذ لينقطع دم جرحه. النهاية 4/ 212.
(2) كاس البعير: مشي علي ثلاث قوائم و هو معرقب.
(3) يزخ: يدفع.
(4) موضع النقط بياض في الأصل.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 177
أما … بَيْنَ أَيْدِيهِمْ* و لاكن … الزخ: الدفع في … «1» زخ في قفاه].

[كوس]

: قَتَادة رحمه اللّه تعالي- ذكر أصحاب الأيْكَةِ؛ فقال: كانوا أصحابَ شجَرٍ مُتَكَاوِس، أو مُتَكَادِس.
أيْ ملتفّ؛ مِنْ تكاوس لَحْمُ الغلام إذا تَرَاكب. و المُتكَاوِس في ألقاب العَرُوض «2».
و المتَكَادِس من تكدّست الخيل؛ إذا تراكبت.

[كوز]

: الحسن رحمه اللّه تعالي- كان مَلِك من ملوك هذه القَرْيَة يري الغلامَ من غِلْمانه يأتي الحُبَّ فَيكْتَازُ منه، ثم يُجَرْجِرُ قائماً. فيقول: يا ليتني مِثْلُك! ثم يقول: يا لها نِعْمة! تأكل لَذَّة و تُخْرِج سُرُحاً.
أي يَغْترف بالكُوزِ.
يُجَرْجِر: يَحْدُر الماء في جَوْفه. جَرْجَر الماء، إذا شَربه مع صَوْت الجَرْع.
سُرُحاً: سهلة. و كان بهذا الملك أُسْرٌ «3» فتمني حالَ غلامه في نجاته مما كان به.
و الخِطابُ في «تأكل» للغلام؛ أي تأكل ما تلتذّ به و يخرج منك سَهْلًا من غير مشقَّة.
كوماء في (خل). بعد الكَوْن في (وع). و الكوبة في (قس). و كَوْبة في (عر). كوثي في (بك).

الكاف مع الهاء

[كهر]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم-
قال معاوية بن الحكم السلميّ: صلّيت مع رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم فَعَطَس بعضُ القوم؛ فقلت: يَرْحمك اللّه؛ فرماني القومُ بأبصارهم، و جعلوا يضربوا بأيديهم علي أفخاذهم؛ فلما رأيتهم يُصَمِّتُونني قلت: وا ثْكْلَ أُمِّيَاه؟ ما لكم تُصَمِّتُونني؟ فلما قضي النبيُّ صلي اللّه عليه و سلم صلاتَه، فبِأَبي هُوَ و أمي! ما رأيتُ مُعَلّماً قبلَه و لا بعدَه كان أحسنَ تعليماً منه؛ ما ضرَبني و لا شتمني و لا كَهَرَني؛ قال: إنّ هذه الصلاةَ لا يَصْلُح فيها شي‌ءٌ من كلام الناس؛ إنما هي للتسبيح و التكبير و قراءة القرآن.
الكَهْر، و النَّهْر، و القَهْر: أخوات، و في قراءة عبد اللّه: فأَمَّا اليتيم فلا تَكهر [الضحي: 9] يقال: كَهَرت الرَّجُل، إذا زَبَرْتُه و استقبلته بوَجْهٍ عابس، و فلان ذو كُهْرورة.
______________________________
(1) موضع النقط بياض في الأصل.
(2) المتكاوس في القوافي: نوع منها، و هو ما توالي فيه أربع متحركات بين ساكنين، سمي بذلك لكثرة الحركات فيه، كأنها التفت.
(3) الأُسر، بالضم: احتباس البول.
(4) (*) [كهر]: و منه في حديث المسعي: أنهم كانوا لا يُدَعُّون عنه و لا يُكهرون. النهاية 4/ 213.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 178
و أنشد أبو زيد لزَيْد الخيل:
و لَسْتُ بذِي كُهْرُورَةٍ «1» غيرَ أَنَّنِي أذَا طَلَعَتْ أُولَي المُغِيرةِ أعْبَسُ
«2»

[كهل]

*: سأل صلي اللّه عليه و سلم رجلًا أراد الجهادَ معه: هل في أَهْلِكَ من كَاهِل؟ قال: لا؛ ما هم إِلَّا أُصَيْبِية صِغَار! قال: ففيهم فجَاهِدْ- وروي: مَنْ كَاهَل.
أراد بالكَاهِل مَنْ يقوم بأمْرهم و لكن لهم عليه مَحْمل؛ شبهه بكاهِل البعير؛ و هو مقدَّم ظَهْره، [و هو] الثلثُ الأعلي منه، فيه سِتُّ فقرات، و هو الذي عليه المحمل، ألا تري إِلي قول الأخطل:
رأيت الوليدَ بْنَ اليزيدِ مَباركاً قِويّاً بأحْنَاءِ الخلافةِ كَاهِلُهْ
«3» كَاهَل الرجلُ و اكْتَهَل؛ إذا صار كهلًا، و هو الذي و خَطَه الشيب، و رأيت له بجَالَة «4».
و عن أبي سعيد الضَّرِير: أنه أنكر الكَاهِل، و زعم أنَّ العرب تقول للذي يَخْلُف الرجل في أهله و ماله كَاهِن، و قد كَهَنَني فلان يَكْهَنُنِي كهوناً و كَهَانَة؛ و قال: فإما أن تكون اللام مُبْدَلة من النون، أو أخطأ سَمْعُ السامِع فظنَّ أنه باللام.

[كهي]

: [ابن عباس رضي اللّه تعالي عنهما] جاءته امرأة و هو في مجلسه، فقال: ما شأنُك؟ قالت: في نفسي مسألة و أنا أَكْتهيك أَنْ أُشَافِك بها. قال: فاكتبيها في بِطَاقة- وروي: في نِطَاقة.
أي أُجِلُّك و أُعظِّمك؛ من الناقة الكَهَاة؛ و هي العظيمة السنام. أو أَحْتَشِمُكَ؛ من قولهم للجبان: أَكْهَي، و قد كَهِي يَكْهَي. و أَكْهَي عن الطعام بمعني أَقْهَي؛ إذا امتنع عنه، و لم يرده؛ لأنَّ المحتَشِم يمنعه التهيب أن يتكلَّم.
البِطَاقة و النِّطَاقة: الرقيعة؛ و قد سبقت.
______________________________
(1) الكهرورة: التعبس.
(2) البيت في تاج العروس (كهر).
(5) (*) [كهل]: و منه الحديث في فضل أبي بكر و عمر: هذان سيدا كهول أهل الجنة. و الحديث في كتابه إلي اليمن في أوقات الصلاة: و العشاء إذا غاب الشفق إلي أن تذهب كواهل الليل النهاية 4/ 213.
214.
(3) البيت من الطويل، و هو لابن ميادة في ديوانه ص 192، و خزانة الأدب 2/ 226، و الدرر 1/ 87، و سر صناعة الإعراب 2/ 451، و شرح شواهد الشافية ص 12، و شرح شواهد المغني 1/ 164، و لسان العرب (زيد) و المقاصد النحوية (1/ 218، 509، و لجرير في لسان العرب (وسع)، و ليس في ديوانه، و بلا نسبة في أمالي ابن الحاجب (1/ 322، و الأشباه، و النظائر 1/ 23، 8/ 306، و الأنصاف 1/ 317، و أوضح المسالك 1/ 73، و خزانة الأدب 7/ 247، 9/ 442، و شرح الأشموني 1/ 85، و شرح التصريح 1/ 153، و شرح شافية ابن الحاجب 1/ 36، و شرح قطر الندي ص 53، و مغني اللبيب (1/ 52، و همع الهوامع 1/ 24.
(4) رجل ذو بجالة و بجلة: الكهل الذي تري له هيئة و تبجيلًا و سناً.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 179‌

[كهكه]

: الحجاج- كانَ قصيراً أصْعَر «1» كُهَاكِهاً.
هو الذي إذا نظرت إليه [رأيته] كأنه يضحك و ليس بضاحك، من الكَهْكَهة «2».

[كهه]

: في الحديث: إنّ ملك الموت قال لموسي عليه السلام- و هو يريد قَبْضَ رُوحه: كُهَّ في وجهي.
الكَهَّة: النكهة، و قد كَهَّ و نَكَهَ، و كُهَّ يا فلان، و انْكَهّ، أي أَخْرِجْ نَفْسك. و يقال: إِبل كَهَاكه؛ و هي تُكَهْكِه؛ إذا امتلأَتْ مِنَ الرَّعي حتي تري أنفاسَها عاليتها من الشبع- و يروي:
كَهْ في وَجْهِي، بوزن خَفْ. و قد كَاهَ يَكَاهُ، كخاف يخاف.
[الكهدل في (عص)].

الكاف مع الياء

[كيل]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- إنَّ رجلًا أتاه و هو يُقَاتِلُ العدوَّ؛ فسأله سَيْفاً يُقَاتِل به؛ فقال له:
فلعلَّك إن أعطيتُك أَنْ تقوم في الكَيُّول! فقال: لا. فأعطاه سَيفاً فجعل يقاتِلُ به و هو يرتجز و يقول:
إني امْرُؤٌ عاهَدَني خَلِيلي أَنْ لا أقومَ الدَّهْرَ في الكَيُّولِ «3»
أَضْرِبْ بسيفِ للّهِ و الرسولِ [ضَرْبَ غُلَام ماجدٍ بُهْلُولِ]
فلم يزل يقاتل به حتي قُتِل.
و هو فَيْعول؛ مِنْ كال الزَّند يَكِيل كَيْلًا؛ إذا كَبَا، و لم يخرج ناراً؛ فشُبِّه مؤخر الصفوف به، لأنه مَنْ كان فيه لا يقاتل، و يقال للجبان: كَيُّول أيضاً، و قد كَيَّل. و يَعْضُد هذا الاشتقاق قولهم: صَلَد الرجل يَصْلِد إذا فَزع و نَفَر؛ شُبِّه بالزَّند إذا صَلَد.
و عن أبي سعيد: الكيُّول ما أشرف من الأرض، يريد تقوم فَوْقَه فتبصر ما يصنع غيرُك.
ذهب إلي المعني، فقال: عاهدني خليلي، و حقه أن يجي‌ء بالضمير غائباً.
ليس إِسكان الباء مثله في (فاليوم أشربْ)؛ لأنه مُدْغم، و لا كلامَ في جوازه في حال السَّعة.

[كيس]

*: قال صلي اللّه عليه و سلم لجابر في الجمل الذي اشتراه منه: أَتُري إنما كِسْتُكَ لآخذَ
______________________________
(1) الأصعر: المتكبر، لأنه يميل بخده و يعرض عن الناس بوجهه.
(2) الكهكهة: أي القهقهة.
(4) (*) [كيل]: و منه الحديث: المكيال مكيال أهل المدينة، و الميزان ميزان أهل مكة. النهاية 4/ 218.
(3) الرجز بلا نسبة في لسان العرب (بهلل).
(5) (*) [كيس]: و منه الحديث: الكيِّس من دان نفه و عمل لما بعد الموت. و الحديث: أي المؤمنين أكيس و الحديث: فإذا قَدِمْتم فالكَيْسُ الكَيْسُ. النهاية 4/ 217.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 180
جَمَلَك؛ خُذْ جملكَ و مالك، فهما لك.
هو مِنْ كَايَسته فكِسْته؛ أي كنت أَكيس منه، نحو بايضته فبِضْتُه؛ إذا كنت أشدَّ بياضاً منه-
و رُوي- إنما ماكَسْتُك، من المِكَاس «1».

[كيع]

: ما زالت قريش كَاعَةً حتي مات أبو طالب.
أي جُبَنَاء عن أَذايَ؛ جمع كائِع؛ يقال: كَعَّ الرجل يَكِع، و كَاع يَكِيع.

[كير]

: المدينة كالكِيرِ تَنْفِي خَبثَها و تُبْضِعُ طِيبَها.
الكِير: الزقّ الذي يُنفخ فيه. و الكُور المبنيّ من الطين.
أَبْضَعْتُه بضَاعتَه؛ إذا دفعتُها إليه.

[كيت]

: بئسما لأَحَدِكم أَن يقول: نسيتُ آية كَيْتَ وَ كَيْتَ، ليس هو نَسِي، و لكِنْ نُسِّيَ، فاستذكروا القرآنَ؛ فلهو أشد تَفَصِّياً من قلوب الرجال من النَّعَمِ من عُقُلِها.
يقال: كان من الأَمر كيْتَ و كَيْتَ، و ذَيْتَ و ذَيْتَ، و كَيَّة و كَيَّة، و ذَيَّة و ذَيَّة، و هي كناية نحو كَذَا و كَذَا، و التاء في كَيْت بدل مِنْ لام كَيَّة. و نحوها التاء في ثنتان و في بنائه الحركات الثلاث.

[كيل]

: عمر رضي اللّه تعالي عنه- نهي عن المكايَلَة.
هي مُفاعَلة من الكَيلِ، و المراد المكافأة بالسوء قولًا أو فعلًا و ترك الإغضاء و الاحتمال.
و قيل: معناه النهي عن المُقايَسة في الدين، و تَرْك العمل علي الأثر.

[كين]

: أبيّ رضي اللّه تعالي عنه- قال لِزَرّ بن حُبَيش: كأَيْنَ تَعُدُّون سورة الأحزاب؟
فقال: إمَّا ثلاثاً و سبعين، أو أربعاً و سبعين. فقال: أقَط! إن كانت لتُقَارِي‌ء سورةَ البقرة، أو هي أطول منها.
يعني كم تَعُدّون؟ و هي تستعمل كأختها في الخبر و الاستفهام.
يقال: كأيِّن رجلًا عندي؟ و بكأَيِّن هذا الثوب؛ و أصلها كأيٍّ، فقدِّمَت الياء علي الهمزة، ثم خُفِّفت فبقي كيِّي‌ء بوزن طيي‌ء، ثم قلبت الياء ألفاً كما فعل في طَائِي.
أَقَط: أحَسْبُ.
تُقَارِئ: تُفَاعل، من القراءة، أي تجاريها مَدَي طُولها في القراءة.

[كيد]

*: ابن عباس رضي اللّه تعالي عنهما- نظر إلي جَوَارٍ قد كِدْن في الطريق فأمر أَنْ يُنَحَّين.
______________________________
(1) المماكسة في البيع: انتقاص الثمن و استحطاطه.
(2) (*) [كيد]: و منه الحديث: أنه دخل علي سعد و هو يكيد بنفسه. و في حديث عمر: تخرج المرأة إلي-
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 181
أي حِضْنَ. يقال: كادت المرأة تَكِيدُ كَيْداً، و كل شي‌ءٍ تعالجه بجهد فأنت تَكِيده و منه كَيْد العدو. و المختصر يَكِيد بنفسه، و الكَيْد: القي‌ء.
و منه
حديث الحسن رحمه اللّه تعالي: إذا بلغ الصائم الكَيْدَ أَفطر.
فالكيس الكيس في (حد). الكير في (دور). يكيد في (شت). [كيس الفعل في (فل). أم كيسان في (رك). كيساً مكيساً في (خي)].
[آخر الكاف]
______________________________
- أبيها يكيد بنفسه و في حديث ابن عمر: أن رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم غزا غزوة كذا فرجع و لم يلق كيداً. و في حديث صلح نجران: إن عليهم عارية السلاح إن كان باليمن كَيدٌ ذات غدر. النهاية 4/ 216.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 182‌

حرف اللّام

اللام مع الهمزة

[لأم]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- لما انصرف من الخَنْدَق و وضع لأْمته أتاه جبريل فأمره بالخروج إلي بني قُرَيْظَة.
هي الدِّرع، سمِّيت لالتئامها، و جمعها لأْم و لُؤَم. و استَلأَم الرجلُ: لبسها.

[لأو]

*: في الحديث: مَنْ كانت له ثلاث بنات فصبر عَلَي لأَوَائهن كُنَّ له حِجَاباً من النار.
أَي علي شدتهن. يقال: وقع القوم في لأْوَاء و لَوْلَاء؛ و منه ألأَي الرجل، إذا أفْلَسَ.
اللؤم في (زن). فبلأي في (رب). ألآء في (قط).

اللام مع الباء

[لبط]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- رأي عامر بن ربيعة سَهلَ بن حُنَيْف يَغْتَسِل. فقال: ما رأيتُ كاليوم و لا جِلْدَ مُخَبَّأَة؛ فلُبِط به حتي ما يَعْقِل من شدَّةِ الوجَع. فقال صلي اللّه عليه و سلم: أ تتَّهمون أَحداً؟
قالوا: نعم، عامر بن ربيعة، و أخبروه بقوله، فأمر أن يَغسِل له ففعل، فَراحَ مع الرَّكْب.
لُبِجَ به و لُبِط به: أخوان، أي صرع به.
و منه
حديثه صلي اللّه عليه و آله و سلم: إنه خرج و قريش مَلْبُوطٌ بهم؛ أي سُقُوطٌ بين يديه.
رووا عن الزهري في كيفية الغَسْل: قال: يؤتي الرَّجل العَائِن «1» بقدَح فيُدْخِلُ كفَّه فيه
______________________________
(2) (*) [لام]: و منه حديث علي: كان يحرض أصحابه و يقول: تجلببوا السكينة، و أكملوا اللُّؤَم. و في حديث ابن أم مكتوم: لي قلائد لا يلائمني. و في حديث أبي ذر: من لا يمكم من مملوكيكم.
فأطعموه مما تأكلون. النهاية 4/ 220، 221.
(3) (*) [لأو]: و منه الحديث: قال له: ألست تحزن؟ ألست تصيبك اللأواء. و الحديث: من صبر علي لأواء المدينة النهاية 4/ 221.
(4) (*) [لبط]: و منه حديث أم إسماعيل: جعلت تنظر إليه يتلوي و يتلبط. النهاية 4/ 226.
(1) عانه: أصابه بالعين.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 183
فيتَمضمض، ثم يمجّه في القَدَح، ثم يغسِلُ وجْهَه في القَدَح، ثم يُدْخِلُ يده اليسري فيَصُبُّ علي كَفِّه اليمني، ثم يُدْخِلُ يده اليمني فَيَصُبُّ علي كفه اليسري، ثم يدخل يده اليسري فيصبّ علي مِرْفقه الأيمن، ثم يُدْخِلُ يده اليمني فيصُبُّ علي مِرْفقَه الأيسر، ثم يدخل يده اليسري، فيصُبُّ علي قَدَمِه اليمني، ثم يُدخِلُ يده اليمني فيصُبُّ علي قدمه اليسري؛ ثم يدخل يده اليسْري فيصُبّ علي ركبته اليمني، ثم يدخل يده اليمني فيصب علي ركبته اليسري. ثم يغسل دَاخِلَة إِزَاره، و لا يُوضَعُ القدَح بالأرض، ثم يُصَبُّ [ذلك الماء المستعمل] علي رأس الرجل الذي أصيب بالْعَيْنِ من خلفه صبَّةٌ وَاحدة.
أراد بداخلة الإزار: طرفه الداخل الذي يَلِي جسده، و هو يلي الجانب الأيمن من الرجل؛ لأن المؤتزِر إنما يبدأ إذا ائتزر بجانبه الأيمن، فذلك الطرف يباشر جسده. فراح:
أي المَعِين، يعني أنه صَحَّ وَ بَرأ.

[لبب]

*: خاصم رجل أباه عنده فأمر به فلُبَّ له.
يقال: لبَّبْتَ الرجل و لبَبْته- مثقلًا و مخففاً؛ إذا جعلت في عنقه ثوباً أو حَبْلًا و أخذتَ بتَلْبِيبه فجررته. و التَّلْبيب: مَجْمع ما في موضع اللَّبَب من ثياب الرجل. و منه لبّب الرجل:
إذا أَخذ الرجل لَبَب الوادي، أي جانبه، و فلان يَلُبُّ هذا الجبل، و لَبَّ الطريقَ،
و
في حديثه صلي اللّه عليه و آله و سلم: أنه أمر بإخْرَاج المنافقين من المسجد؛ فقام أبو أيُّوب الأنصاري إلي رَافع بن وَدِيعة فلبَّبه برِدَائه، ثم نَتَره نَتْراً شديداً. و قال له: أدرَاجَك يا مُنَافق مِنْ مسجد رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم.
النَّتْر: النفض و الجَذْب بجَفْوة.
الأدْرَاج: جمع دَرَج، و هو الطريق؛ و منه المثل: خَلّه درَجَ الضَّب.
يعني خُذْ أَدْرَاجك، أي اذهب في طريقك التي جِئْتَ منها. و لا يقال: إذا أخذ في غير وجه مجيئه. قال الراعي يصف نساءً بات عندهم ثم رجع:
لما دعا الدعوةَ الأولي فأَسمعني أخذتُ بُرديّ فاستمرَرْتُ أَدْرَاجِي
كان صلي اللّه عليه و آله و سلم يقول في تَلْبِيته: لبَّيْك اللَّهُمَّ لَبَّيْك، لَبَّيْك لا شريك لك؛ لبَّيْك! إنّ الحمدَ و النعمةَ لك و الملك، لا شريك لك لبَّيْكَ.
معني لَبَّيك دواماً علي طاعتك و إِقامةً عليها مرةً بعد أخري؛ مِنْ أَلبَّ بالمكان؛ إذا أقام به؛ و ألبَّ علي كذا، إذا لم يفارقه، و لم يُسْتَعْمل إلّا علي لفظ التثنية في معني التكرير، و لا
______________________________
(1) (*) [لبب]: و منه الحديث: إن اللّه منع مني بني مدلج لصلتهم الرحم و طعنهم في ألباب الإبل و الحديث:
إنا حيُّ من مذجح عباب سلفها و لباب شرفها. النهاية 4/ 222، 223.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 184
يكون عامِله إلَّا مضمراً، كأنه قال: أُلِبُّ إلباباً بعد إلباب. و التلبية من لبَّيك بمنزلة التهليل مِنْ لا إله إلّا اللّه.
و
في حديث سعيد بن زَيْد بن عَمْرو بن نُفَيل رحمه اللّه تعالي: قال: خرج وَرَقَةُ بن نوفل و زيد بن عمرو يطلبان الدينَ حتي مرَّا بالشام، فأمَّا وَرَقَةُ فتنصّر، و أما زيدٌ فقيل له: إنّ الذي تطلبه أمامكَ و سيظْهَرُ بأرضك؛ فأقبل و هو يقول: لبَّيك حقّاً حقّاً، تعبُّداً و رقاً؛ البِرَّ أَبْغِي لا الخَال. و هل مُهَجِّرٌ كمَنْ قالَ. أنْفِي عَانٍ رَاغِم. مَهْمَا تُجَشِّمْنِي فإني جَاشِم.
حقّاً: مصدر مؤكِّد لغيره، أعني أنه أكّد به معني الْزَمْ طاعتك الذي دل عليه لبَّيْك، كما تقول: هذا عبدُ اللّه حقاً، فتؤَكّدُ به مضمونَ جملتك، و تكريره لزيادة التأكيد.
و قوله: تعبُّداً؛ مفعول له، أي أُلبي تعبداً.
الخال: الخيلاء. قال العجاج:
* و الخالُ ثَوْبٌ مِنْ ثِيَاب الجهَّال* «1»
المُهَجِّر: الذي يسير في الهَجِير.
قالَ: من القائلة.
مَهْمَا: هي ما المضمَّنة معني الشَّرْط مزيدة عليها ما التي في أينما للتأكيد.
و المعني أي شي‌ء تجشمني فأنا جَاشِمه. يقال: جَشِمَ الشي‌ء و كُلِّفه.
و
عن ابن عمر رضي اللّه تعالي عنهما: أنه كان يزيد في تَلْبيته: لَبَّيْك و سَعْدَيك، و الخير من يديك، و الرغبةُ في العمل إليك، لَبَّيْك! لبَّيْك!
و قد سبق الكلام في سَعْدَيك في (سع).
و
في حديث عروة رحمه اللّه تعالي: أنه كان يقول في تَلْبيته: لبّيك ربَّنَا وَ حَنَانَيْك.
و هو استرحام، أي كلما كنتُ في رحمةٍ و خير فلا ينقطعن ذلك، و لْيَكُن موصولًا بآخر.
قال سيبويه: و منَ العرب منْ يقول: سبحان اللّه و حَنَانيه «2»؛ كأنه قال: سبحان اللّه و استرحاماً.
و
في حديث علقمة رحمه اللّه تعالي: قال للأسود: يا أبَا عَمْرو؛ قال: لَبَّيْك. قال:
______________________________
(1) بقيته:
و الدَّهرُ فيه غفلة للغُفَّالِ
و الرجز في لسان العرب (خيل).
(2) قالوا: سبحان اللّه و حنانيه، أي و استرحامه، كما قالوا: سبحان اللّه و ريحانه: أي استرزاقه.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 185
لبَّي يدَيْك
؛ أي أطيعك، و أتصرّف بإرادتك، و أكونِ كالشي‌ء الذي تُصَرِّفه بيديك كيف شئت.
و أنشد سيبويه.
دَعوْتُ لِمَا بَنِي مِسْوَراً فَلَبَّي فَلَبَّيْ يَدَيْ مِسْوَرِ
«1» استشهد بهذا البيت علي يونس في زَعْمه أنَّ لبيك تثنية لَبّ، و إنما هو لَبَّي بوزن جَرَّي «2» قلبت ألفه ياء عند الإضافة إلي المضمر، كما فعل في عليك و إليك.

[لبن]

*: قال صلي اللّه عليه و آله و سلم- في لَبَنِ الفحْل: إنه يُحَرِّم.
هو الرجل له امرأةُ ولدٍ له منها ولد، فاللبن الذي تُرْضِعُه به هو لَبَنُ الرجل؛ لأنه بسبب إلقاحه؛ فكلُّ مَنْ أرضَعَتْه بهذا اللبن فهو محرَّمٌ عليه و علي آبائِه و ولده من تلك المرأة و مِنْ غيرها.
و هذا مذهبُ عامة السَّلَف و الفقهاء.
و
عن سعيد بن المسيّب و إبراهيم النَّخَعي رحمه اللّه تعالي: أنه لا يُحَرِّم.
و
عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أنَّه سُئِل عن رَجُل له امرأتان أَرْضَعَت إحداهما جاريةً و الأخري غلاماً؛ أ يحلُّ للغلام أن يتزوّج الجارية؟ قال: اللِّقَاحُ واحد.
و
عن عائشة رضي اللّه تعالي عنها: إنّه استَأْذَنَ عليها أبو القُعَيْس بعد ما حُجبت؛ فأبت أَنْ تأذن له؛ فقال: أنا عَمُّكِ أرْضَعَتْكِ امرأَةُ أَخي؛ فأَبَتْ أَنْ تَأْذَنَ له، حتي جاء رسولُ اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم فذكَرَتْ ذلك له؛ فقال: هو عمُّك فلْيَلِجْ عليك.
______________________________
(1) البيت بلا نسبة في لسان العرب (لبي) و (لب).
(2) قال يونس بن حبيب: لبيك اسم مفرد، و أصله لبَّب، علي وزن معلل، فقلبت الباء التي هي اللام الثانية من لبَّبَ، ياء هرباً من التضعيف، فصار لبَّي، ثم أبدل الياء ألفاً لتحركها، و انفتاح ما قبلها، فصار لبَّي، ثم إنه لما وُصِلت في الكاف في لبيك، و بالهاء في لبَّيه، قلبت الألف ياء، كما قلبت في إلي و علي ولدي إذا وصلتها بالضمير، فقلت: إليك و عليك و لديك. و احتج سيبويه علي يونس فقال: لو كانت ياء لبيك بمنزلة ياء عليك و إليك لوجب متي أضفتها إلي المظهر أن تقرها ألفاً، كما أنك إذا أضفت عليك و أختيها إلي المُظْهَر أقررت ألفها بحالها، و لكنك تقول: لبَّي زيد، كما تقول إلي زيد و علي عمر ولدي خالد، و أنشد يقول:
فلبَّي يَدَيْ مِسْوَر
قال: فقوله لبَّي بالياء مع إضافته إلي المظهر يدل علي أنه اسم مثني بمنزلة غلامي زيد (لسان العرب: لبب).
(3) (*) [لبن]: و منه حديث أمية بن خلف: لما رآهم يوم بدر يقتلون قال: أما لكم حاجة في اللُّبَّن و الحديث: سيهلك من أمتي أهل الكتاب و أهل اللَّبن. و في حديث جرير: إذا سقط كان دريناً و إن أُكِل كان لبيناً. و الحديث: و لبنتها ديباج. النهاية 4/ 227، 228، 229، 230.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 186‌

[لبط]

: سُئِلَ صلي اللّه عليه و سلم عن الشُّهَداء فوصفهم؛ ثم قال: أولئك الذين يَتَلَبَّطُونَ في الغُرَف العُلَا من الجنة.
و
قال صلي اللّه عليه و سلم- في ماعِز بعد ما رُجِم: إنه ليتلبَّطُ في رياض الْجَنَّة.
التَّلَبُّطُ: التمرُّغ، يقال: فلان يتلبَّطُ في النعيم؛ أي يتمرَّغ فيه و يتقلَّب.
و اللَّبْط: الصَّرع و التمريغُ في الأرض.
و
عن عائشة رضي اللّه عنها: إنها كانت تضرب اليتيم و تَلْبِطُه.

[لبب]

: صَلَّي صلي اللّه عليه و آله و سلم في ثوبٍ واحدٍ مُتَلَبِّباً به.
أي متحَزِّماً به عند صَدْره، و كانوا يصلُّون في ثوب واحد، فإن كان إزَاراً تحزَّم به، و إن كان قميصاً زَرّه.
كما
روي: إنه قال: زُرَّه و لو بشوكة.
و منه
حديث عمر رضي اللّه تعالي عنه- قال زِرّ بن حُبَيش: قدمتُ المدينة فخرجتُ يوم عيد، فإذا رجلٌ مُتَلِّبب أَعْسَر أَيسر، يمشي مع الناس كأنَّه راكب، و هو يقول: هَاجِروا و لا تُهَجِّروا، و اتَّقُوا الأرنب أَنْ يَحْذِفها أحدُكم بالعصا؛ و لكن ليذكّ لكن الأَسَل الرِّمَاح و النَّبْل.
قال أبو عبيد: كلامُ العرب أَعسَرُ يَسَر، [و هو في الحديث أيْسر؛ و هو العاملُ بِكِلْتا يديه. و في كتاب العين: رجل أَعْسَرَ يَسَر و امرأةٌ عَسْرَاء يَسَرَة.
و عن أبي زيد: رجل أَعْسَر يَسَر و أَعسرُ أَيسر، و الأعسر من العُسْرَي، و هي الشِّمال؛ قيل لها ذلك؛ لأنه يتعسَّر عليها ما يتيسَّرُ علي اليمني. و أما قولهم اليُسْري فقيل: إنه علي التفاؤل.
التهجُّر: أن يتشبَّه بالمهاجرين علي غير صِحَّة و إِخلاص.
الرِّماح و النبل: بدل من الأَسلَ و تفسير له؛ قالوا: و هذا دليل علي أن الأَسَل لا ينطلق علي الرماح خاصة، و لقائل أن يقول: الرِّماح وحدها بَدَل، و النَّبْل عطف علي الأَسَل.

[لبن]

: عليكم بالتَّلْبيَنة، و الذي نفسُ محمد بيده إنه ليغسلُ بَطْنَ أَحَدِكم كما يَغْسِلُ أحدُكم وَجْهَه من الوسَخ، و كان إذا اشتكي أحدٌ من أهله لم تزل البُرْمَة علي النار حتي يأتي علي أَحَد طَرَفَيْهِ.
هي حِسَاء من دقيق أو نخالة يقال له بالفارسية السَّبُوساب، و كأنه لشبهه باللبن في بياضه سمي بالمرة من التَّلْبين، مصدر لَبَّنَ القوم؛ إذا سقاهم اللبن. حكي الزيادي عن العرب: لبَّناهم فَلَبَنُوا؛ أي سقيناهم اللبن فأصابهم منه شِبْهُ سُكْر.
و منها
حديثُ عائشة رضي اللّه تعالي عنه- عن النبي صلي اللّه عليه و سلم: التَّلْبِينَة مَجَمَّة لِفُؤَاد المريض.
أراد بالطرفين: البُرْء، و الموت؛ لأنهما غاية أَمْرِ العليل؛ و يُبين ذلك
حديثُ أم سلمة
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 187
قالت: كان النبي صلي اللّه عليه و سلم إذا اشتكي أحدٌ من أهله وَضَعْنَا القِدْر علي الأَثَافِي «1»، و جعلن لهم لُبَّ الحِنطَة بالسَّمْنِ، حتي يكونَ أحدُ الأمرين، فلا تنزل إلّا علي بُرءٍ أَموت.
و
في حديث أسماء بنت أبي بكر: إنّ [ابنَها] عبد اللّه بن الزبير دخل عليها و هي شاكية مَكْفُوفة، فقال لها: إنّ في الفَوْتِ لراحةً لمثلك. فقالت له: ما بي عَجَلَةٌ إلي الموت حتي آخُذَ علي أَحد طرفيك؛ إمَّا أن تُسْتَخْلَفَ فَتَقَرّ عيني، و إما أن تُقْتَل فأَحْتَسِبك.

[لبد]

*: عمر رضي اللّه تعالي عنه- من لَبَّد أو عَقَّصَ أو ضَفَّر فعليه الحَلْق.
التَّلبيد: أن يجعل في رأسه لَزُوقاً صَمْغاً أو عسلًا ليتلبَّدَ فلا يَقْمَل.
و العَقْص: ليّ الشعر و إدخالُ أطرافِه في أصوله.
و الضَّفْر: الفَتْل، و إنما يفعل ذلك بُقْيَا علي الشَّعْر، فأُلْزِم الحلق عقوبةً له.
قال رضي اللّه تعالي عنه للَبِيد قاتل أخيه يوم اليمامة بعد أن أَسْلَم: أَأَنْتَ قاتلُ أخي يا جُوَالِق؟ قال: نعم يا أميرَ المؤمنين!
اللَّبِيد: الجُوالق. و قال قُطْرب: المِخْلاة. و أَلْبَدْتُ القِرْبَة: صيَّرتها في لَبيد.
عليْ رضي اللّه تعالي عنه- قال لرجلين أَتَيَاهُ يَسْأَلَانِه: أَلْبِدَا بالأرض حتي تَفْهَمَا.
يقال: أَلْبدَ بالأرض إلباداً، و لَبَدَ يَلْبُد لبوداً؛ إذا أقام بها و لزمها فهو مُلْبِد و لابِد.
________________________________________
زمخشري، ابو القاسم، محمود بن عمر، الفائق في غريب الحديث، 4 جلد، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، اول، 1417 ه ق
الفائق في غريب الحديث؛ ج‌3، ص: 187
و من ذلك
حديثُ أبي بُرْدَة رحمه اللّه تعالي: إنه ذكر قوماً يعتزلون الفتنة، فقال:
عصابة مُلْبَدة، خِمَاص البطون مِنْ أموال الناس، خِفَافُ الظهور من دِمائهم.
أي لاصقة بالأرض مِنْ فَقْرهم.
و منه
حديث قَتَادة رحمه اللّه تعالي في قوله تعالي: الَّذِينَ هُمْ فِي صَلٰاتِهِمْ خٰاشِعُونَ [المؤمنون: 2]. قال: الخشوع في القلب و إلبادُ البصر في الصلاة.
أي لزُومه مَوْضِعَ السجود. و يجوز أن يكون من قولهم: ألبد رأسه إلباداً؛ إذا طأطأه عند دخول الباب. و قد لَبَدَ هو لُبُوداً، أي طَأْطأَ البصر و خَفضه.
و
عن حذيفة رضي اللّه تعالي عنه أنه ذكر الفتنة فقال: فإذا كان كذلك فالبُدُوا لُبودَ الراعي علي عصاه خَلْف غَنَمه.
أي اثبتُوا، و الزموا منازلكم، كما يعتمد الراعي علي عصاه ثابتاً لا يَبْرَح.

[لبب]

: الزبير رضي اللّه تعالي عنه- ضربته أمه صفيَّة بنت عبد المطلب. فقيل لها: لِمَ تَضْرِبينَه؟ فقالت: لكَيْ يلَبّ، و يَقُودَ الجَيْشَ ذا الجلَب.
______________________________
(1) الأثافي: الأحجار توضع عليها القدر.
(2) (*) [لبد]: و منه في حديث المحرم: لا تخمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة مُلَبِّداً. و الحديث في صفة الغيث: فلبَّدَتِ الدِّمَاثَ. و في حديث ابن عباس: كٰادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً. النهاية 4/ 224. 225.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 188
المازني عن أَبي عبيدة: لبّ يلَبّ، بوزن عَضّ يَعَضّ؛ إذا صار لبيباً؛ هذه لغة أهل الحجاز؛ و أهل نجد يقولون: لَبَّ يلِبّ بوزن فَرَّ يفر.
الجَلَب: الصوت، يقال: جَلَبَ علي فرسه جَلَباً.
ابن عمر رضي اللّه تعالي عنهما- أتي الطائف فإذا هو يري التُّيُوس تَلِبّ أو تَنِبّ علي الغنم خَافِجَةً [كثيراً]. فقال لمولًي لِعَمْرو بن العاص يقال له هرمز: يا هُرْمز؛ ما شَأْنُ ما هاهنا؟ ألم أكن أَعلم السباعَ هنا كثيراً؟ قال: نعم، و لكنها عُقِدت؛ فهي تخالطُ البهائم و لا تَهِيجُها. فقال: شَعْبٌ صغير من شَعْب كبير.
نَبّ التَّيْسُ يَنِبُّ نبيباً؛ إِذا صوّت عند السِّفاد.
و أما لَبَّ فلم أَسْمَعه في غير هذا الحديث، و لكن ابن الأعرابي قال: يقال لجلَبةِ الغنم لَبَالِب، و أنشد أبو الجرّاح:
و خَصْفَاءَ في عامٍ مَيَاسير شاؤُه لها حول أَطْنَابِ البيوتِ لبَالِبُ
«1» [الخصفاء: الغنم إذا كانت معزاً وَ ضَأْناً مختلطة.
مَيَاسير: من يَسَرَت الغنم] «2». و لمضاعفي الثلاثي و الرباعي من التوارد و الالتقاء ما لا يعز. خَافِجة: أي سافدة، و في كتاب العين: الخَفج من المباضعة، و أنشد:
أَ خَفْجاً إِذا ما كُنْتَ في الحيّ آمِناً و جُبْناً إذا ما المشرفيَّة سُلَّت
عُقِدت: أُخِّذَت كما تُؤَخِّذ الروم الهوامَّ بالطَّلَّسْم.
الشَّعب الأَول بمعني الجمع و الإصلاح، و الثاني بمعني التفريق و الإفساد. أَي صلاحٌ يسير من فساد كبير؛ كرِهَ ذلك لأَنَّه نوع من السِّحْر.

[لبن]

: خديجة رضي اللّه تعالي عنها بكَتْ، فقال لها النبي صلي اللّه عليه و سلم: ما يُبْكِيك؟ قالت:
درَّت لُبَيْنَةُ القاسم فَذَكَرْتُه. فقال النبي صلي اللّه عليه و سلم: أوَ ما تَرْضين أن تَكْفُلَه سارَة في الجنة؟ قالت:
لوَدِدْت أَني علمت ذلك! فغضِب رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم و مدّ إصْبَعه و قال: لئِن شئتِ لأدعَوّن اللّه أن يُريَكُ ذلك. قالت: بل أُصَدِّق اللّهَ و رسولَه.
هي تصغير اللَّبَنَة، و هي الطائفة القليلة من اللبن؛ و قد مرَّت لها نظائر. و اللام في «لوددت» للقسم، و الأكثرُ أن يقترن بها قد.

[لبد]

: عائشة رضي اللّه تعالي عنها- أخرجت كِسَاءً للنبي صلي اللّه عليه و سلم مُلَبَّداً.
______________________________
(1) البيت بلا نسبة في أساس البلاغة (لبب).
(2) يسرت الغنم: إذا ولدت و تهيأت للولادة، و يسرت: كثرت و كثر لبنها و نسلها، و هو من السهولة (لسان العرب: يسر).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 189
أي مرقَّعاً. يقال: لَبَدت القميص أَلْبُده و لبَّدْته و أَلْبَدْته. و قال الأزهري: القَبِيلة: الخِرْقَة التي يُرْقَع بها قَبُّ القميص، و اللِّبْدَة التي يُرْقَع بها صَدْرُه،

[لبك]

: الحسن رحمه اللّه تعالي- سأله رجل عن مَسْأَلة ثم أعادها فقلبها؛ فقال له الحسن: لَبّكْتَ عليَّ- وروي: بَكَّلْتَ عليَّ.
كلاهما بمعني خَلطت. يقال: بَكَّلَ الكلام و لَبّكَه؛ إذا أتي به مخلّطاً غير واضح.
و البَكِيلة و اللَّبِيكة: السمن و الزيت و الدقيق إذا خُلِطن.

[لبج]

*: في الحديث: تَبَاعَدَتْ شَعُوبُ من لَبَجٍ، فعاش أيَّاماً.
هو اسم رجل سمي باللَّبَج؛ و هو الشجاعة.
و لباب في (عب). لبيس في (خم). ملبداً في (وق). اللباب و اللبات في (اد). لبيناً في (دك). ألبد في (نف). لبقها في (سخ). [التلبينة في (شن)]. الملبد في (ضف). [ملب في (رب). لبتها في (عو)].

اللام مع التاء

[لتت]

: مجاهد رحمه اللّه تعالي- قال: كان رجلٌ يَلُتّ السويق لهم، و قَرَأَ: أَ فَرَأَيْتُمُ اللّٰاتَ وَ الْعُزّٰي.
[النجم: 19].
قال الفراء: أصلُ الَّلات اللاتّ- بالتشديد؛ لأَنَّ الصنم إنما سُمِّي باسم اللاتّ الذي كان يَلُتّ عند هذه الأصنامِ لها السَّوِيق؛ فخفِّفَ وَ جُعِل اسماً للصنم.
و لَتُّ السويقِ: جَدْحُه، و الذي يُجْدَح به من سَمْنٍ أو إهالة يقال له اللُّتَات..
و حكي أبو عبيدة عن بعض العرب: أصابنا مطَرٌ مِنْ صَبِير لَتَّ ثيابَنا لَتّاً، فأرْوَضَت منه الأرضُ كلُّها؛ أي بَلَّها.
في الحديث: فما أبقي مني إلَّا لُتَاتاً.
قال الأزهري: لتَاتُ الشجر: ما فُتَّ من قشره اليابس الأعلي؛ أي ما أبّقي مني المرض إلّا جِلْداً يابساً كقشر الشجرة.
و ذكر الشافعي رحمه اللّه تعالي هذه الكلمةَ في باب التيمم فيما لا يجوزُ التيمُّم به.

اللام مع الثاء

[لثق]

: النبي صلي اللّه عليه و سلم- خطب للاستسقاء فحوَّل ردَاءه ثم صلَّي ركعتين؛ فأَنشأ اللّه سحابة
______________________________
(1) (*) [لبج]: و منه في حديث سهل بن حنيف: لما أصابه عامر بن ربيعة بعينه فلبج به حتي ما يعقل.
النهاية 4/ 224.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 190
فأمْطَرَتْ؛ فلما رأي النبي صلي اللّه عليه و سلم لَثَق الثياب علي الناس ضَحِكَ حتي بدت نَوَاجِذُه.
اللَّثَق: البلل، يقال: لَثِق الطائر؛ إذا ابتلَّ جناحاه. قال [يصف الطائر]: لَثقُ الرِّيش إذا زفَّ زَقَا.
و يقال للماء و الطين: لَثَق. و يقال: اتق اللَّثَق.
الناجذ: آخرُ الأسنان. و يقال له ضرس الحلُم. و منه اشتقوا رجل مُنَجِّذ. و قد نَجَذَ نُجُوذاً؛ إذا نبت و ارتفع. و قيل: النواجذ الأَضْرَاس كلها. و قيل: هي الأربعة التي تَلي الأنياب. و استدل هذا القائل بأنّ رسولَ اللّه صلي اللّه عليه و سلم كان جُلَّ ضحكه التبسم؛ فلا يصح وصْفُه بإبداء أقْصَي الأَسنان و الاسْتغْراب، إلّا أنه رفض لمعني قول الناس: ضَحك فلان حتي بَدَتْ نَواجِذه، و قصدُهم به إلي المبالغة في الضحك، و ليس في إبداء ما ورَاءَ الناب مبالغة؛ فإنَّه يظهر بأوَّلِ مراتب الضحك؛ و لكنَّ الوَجْهَ في وصفه صلي اللّه عليه و سلم بذلك أن يُرَاد مبالغة مثله في ضحكه من غير أن يوصَف بإبداء نواجذه حقيقة. و كائِن تري ممن ضاق عَطَنُه، و جفا عن العلم بجوهر الكلام، و استخراج المعاني التي تَنْتَحِيها العرب لا تساعده اللغة علي ما يلوحُ له؛ فيهدم ما بُنِيت عليه الأوضاع، و يخترعُ مِنْ تلقاء نفسه وَضْعاً مستحدثاً لم تعرفه العربُ الموثوق بعربيتهم، و لا العلماء الأثبات الذين تلقَّوْها منهم، و احتاطوا و تأنَّقُوا في تلقِّيها و تدوينها ليستَتِبَّ له ما هو بصدده؛ فَيضِلّ و يُضِلّ، و اللّه حسِيبه؛ فإن أكثر ذلك يجري منه في القرآن الحكيم.

[لثن]

: في المَبْعَث:
بُغْضُكم عندنا مُرٌّ مَذَاقَتُه و بُغْضُنَا عِنْدَكُمْ يا قَوْمَنَا لَثِنُ
«1» زعم الأزهري- حاكياً عن بعضهم: أنّ اللَّثِن: الحلو- لغة يمانية.
و لا تلثوا في (فر).

اللام مع الجيم

[لجف]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- ذكر الدجال و فِتْنَته، ثم خرج لحاجَته، فانتحب القومُ حتي ارتفعت أصواتُهم، فأَخذ بلَجَفَتَي الباب؛ فقال: مَهْيَم؟
هما عِضَادتاه و جَانباه؛ من قولهم: أَلْجَاف البئر لجوانبها، جمع لَجَف. و منه لَجَّفَ الحافِزُ؛ إذا عدل بالحَفْر إلي أَلْجَافها.
______________________________
(1) البيت بلا نسبة في لسان العرب (لثق) و (لثن). و في لسان العرب (لثق) «فبغضكم» بدل «بغضكم».
و «لثق» بدل «لثن».
(2) (*) [لجف]: و منه: كان اسم فرسه ص اللَّجيف النهاية 4/ 234.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 191‌

[لجج]

*: إِذَا اسْتَلَجَّ أَحَدُكم بيمينه فإنه آثَمُ له عند اللّه من الكَفَّارة.
هو استفعال من اللَّجاج.
و المعني أنه إذا حلف علي شي‌ء، و رأَي غيرَه خيراً منه، ثم لجَّ في إِبرارها و تَرْك الحِنْث و الكَفَّارة كان ذلك آثَمَ له من أَنْ يحنَثَ و يكفِّر.
و نحوه
قوله صلي اللّه عليه و سلم: مَنْ حَلف علي يمين فرأَي غيرها خيراً منها فلْيَأْتِ الذي هو خير و ليكفِّر عن يمينه.
و عند أصحابنا أنَّ اليمينَ علي وجوه: يمين يَجِبُ الوفاءُ بها؛ و هي اليمين علي فِعْل الواجب و تَرْك المعصية. و يمين يجب الحِنْث فيها، و هي اليمين علي فِعْلِ المعصية و ترك الطاعة؛
لقوله صلي اللّه عليه و سلم: مَنْ حلف أنْ يُطِيعَ اللّه فَلْيُطِعْه، و من حلف أن يَعْصِيه فلا يَعْصِه.
و يمين يندب «1» إلي الحِنْث فيها؛ و هي اليمينُ علي ما كان فعله خيراً من تركه. و يمين لا يندب فيها إلي الحِنْث؛ و هو الحلف علي المُبَاحات.

[لجن]

*: و
في حديث العِرْبَاض رضي اللّه تعالي عنه- قال: بِعْتُ من النبي صلي اللّه عليه و سلم بَكْراً، فأتيتُه أَتَقَاضاهُ ثمنَه، فقال: لا أَقْضِيكَهَا إلّا لُجَيْنِيّة «2».
الضمير للدَّرَاهم، أي لا أعطيكها إلّا طوازج من اللُّجَين، و هي الفضة المضروبة؛ كأنه في أصله مُصَغّر اللَّجَن؛ من قولهم للورق المَلْجُون- و هو الذي يُخْبَط و يُدَق: لَجَن و لَجِين.

[لجلج]

*: علي رضي اللّه تعالي عنه- خُذِ الحكمة أَنَّي أَتَتْك؛ فإِن الكَلِمة من الحكمة تكون في صَدْر المنافق فتَلَجْلَجُ حتي تسكنَ إِلي صاحبها.
أي تتحرك و تقلق في صَدْره لا تستقرّ فيه حتي يسمعَها المؤمن، فيأخذها و يَعِيها؛ فحينئذٍ تأْنَس أُنْسَ الشَّكْلِ إلي السَّكْلِ.

[لجب]

*: شُريح رحمه اللّه تعالي- قال له رجلٌ: ابْتَعْتُ من هذا شاةً فلم أَجد لها لَبَناً. فقال شُرَيْح: لعلها لَجَّبَتْ؛ إِنّ الشاةَ تَحْلَبُ في رِبَابِهَا.
______________________________
(3) (*) [لجج]: و منه الحديث: من ركب البحر إذا التجَّ فقد برئت منه الذَّمة. و في حديث عكرمة: سمعت لهم لَجَّة بآمين. النهاية 4/ 233، 234.
(1) ندب القوم إلي الأمر: دعاهم إليه (القاموس المحيط: ندب).
(4) (*) [لجن]: و منه في حديث جرير: إذا أخلف كان لجيناً. النهاية 4/ 235.
(2) اللجينية: تصغير اللجين، و هي الفضة (القاموس المحيط: لجن).
(5) (*) [لجلج]: و منه في كتاب عمر إلي أبي موسي؛ الفهم الفهم فيما تلجلج في صدرك مما ليس في كتاب و لا سنة. النهاية 4/ 234.
(6) (*) [لجب]: و منه في حديث الزكاة: فقلت: ففيم حقُّك؟ قال: في الثنية و الجذعة اللَّجبة. و في قصة موسي عليه السلام و الحجر: فلَجَبه ثلاث لجبات. النهاية 4/ 232، 233.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 192
أي صارت لَجْبَة؛ و هي التي خفَّ لبنها. و قيل: إنها في المعز خاصة، و مثلها من الضأن الجَدُود؛ قال:
عَجِبت أبناؤُنَا من فِعْلِنا إذْ نَبيع الخيلَ بالمِعْزَي اللِّجَابْ
«1» و نظير لجَّبت نَيَّبت «2» و عَوَّد «3».
و في كتاب العين: لَجُبَت لجُوبة.
الرِّبَاب قبل الوِلادة؛ أي لعلك اشتريتها بعد خروجها من الرِّباب، و هو وقت الغَزْر.
في الحديث: [في الجنة] أَلنْجوجُ يتأجَّجُ من غَيْرِ وقود.
هو العودُ الذكي كأنه الذي يلجّ في تَضَوُّع رائحته. و قد ذكر سيبويه فيه ثلاث لغات:
أَلَنْجَج و أَلَنْجُوج و يَلَنْجُوج. و حكم علي الهمزة و النون بالزيادة حيث قال: و يكون علي أَفَنَعْل في الاسم و الصفة، ثم ذكر أَلَنْجَج و أَلَنْدَد.
اللجب في (ار). لجينا في (دك). تلجَّمي في (كر). اللجبة في (مح). اللج في (نشّ). إذا التج في (اج). و تلجم في (ثف).

اللام مع الحاء

[لحب]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم-
كان النبي صلي اللّه عليه و سلم إذا صلَّي الصبح قال- و هو ثَانٍ رِجْلَه: سبحانَ اللّه و بحمده، و الحمد للّه، و أَسْتَغْفِر اللّه، إِنَّ اللّٰهَ كٰانَ تَوّٰاباً- سبعين مرة. ثم يقول: سَبْعِين بسَبْعِمائة. لا خَيْر و لا طَعْم لمن كانت ذنوبُه في يوم واحدٍ أكثر من سبعمائة. ثم يستقبلُ الناسَ بوَجْهِه فيقول: هل رأي أحدٌ منكم رؤيا؛ قال ابن زِمْل الجُهَنِي. قلت: أنا يا رسول اللّه. قال: خَيْرٌ تلقّاه، و شَرٌّ تَوَقَّاه، و خير لنا و شرٌّ علي أعدائنا، وَ الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ*، اقصص.
قلت: رأيتُ جميعَ الناس علي طريق رَحْبٍ لَاحِب سَهْل، فالناسُ علي الجَادَّة مُنْطَلِقُون؛ فبينا هم كذلك أَشْفَي ذلك الطريقُ [بهم] علي مَرْج «4» لم تَرَ عَيْني مثلَه قط، يَرِفُّ رفيفاً يَقْطُر نداوةً. فيه من أنواع الكلأ؛ فكأني بالرَّعْلَة الأولي حين أَشْفَوْا علي المَرْج كَبَّروا، ثم أَكَبُّوا رواحِلَهم في الطريق فلم يَظْلِموه يميناً و لا شمالًا.
______________________________
(1) البيت للمهلهل بن ربيعة في لسان العرب (لجب).
(2) نيبت الناقة: صارت هرمة.
(3) عوَّد البعير: إذا مضت له ثلاث سنين بعد بزوله أو أربع، و لا يقال للناقة عودت.
(5) (*) [لحب]: و منه حديث أم سلمة: قالت لعثمان: لا تعفِّ سبيلًا كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم لحبها النهاية 4/ 235.
(4) المرج: الأرض الواسعة ذات نبات كثير تمرح فيه الدواب.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 193
ثم جاءت الرّعْلَة الثانية من بَعْدِهم و هم أكثرُ منهم أضعافاً؛ فلما أَشْفَوْا علي المَرْجِ كَبَّرُوا. ثم أكبُّوا رواحِلَهم في الطريق فمنهم المُرْتِع، و منهم الآخِذُ الضِّغْث «1»؛ و مضَوْا علي ذلك.
ثم جاءت الرَّعْلة الثالثة من بعدهم و هم أكثرُ منهم أضعافاً؛ فلما أَشْفَوْا علي المَرْجِ كبَّروا. ثم أكَبُّوا رواحلَهم في الطريق و قالوا: هذا خيرُ المنزل؛ فمالُوا في المَرْجِ يميناً و شِمالًا.
فلما رأيتُ ذلك لَزِمْتُ الطريقَ حتي أتيتِ أقْصَي المَرْج؛ فإذا أنا بكَ يا رسولَ اللّه علي مِنْبَر فيه سَبْعُ درجات، و أنت في أعلاها درجةً؛ و إذا عن يمينك رجلٌ طُوَال «2» آدَم أَقْنَي، إذا هو تكلَّم يَسْمُو، يَفْرَع الرجالَ طولًا؛ و إذا عن يَسَارِك رجلٌ رَبْعَة تارّ أحمر كثِيرُ خِيلَانِ «3» الوَجْه؛ إذا هو تكلَّم أصغيتُم إليه إكراماً له؛ و إذا أمام ذلك شيخٌ كأنكم تقتدون به؛ و إذا أَمَام ذلك ناقةٌ عَجْفاء شَارِف، و إذا أنتَ كأنك تبَعثْها يا رسولَ اللّه.
قال: فانْتُقع لونُ رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم ساعةً، ثم سُرِّي عنه. فقال: أمَّا ما رأيتَ من الطريق الرَّحْبِ اللَّاحِب السَّهْل فذلك ما حملتُكم عليه من الهُدي فأنتم عليه.
و أمَّا المَرجِ الذي رأيتَ فالدنيا و غَضَارة عَيْشها؛ لم نتعلق بها و لم تُرِدْنا و لم نُرِدها.
و أما الرَّعْلَة الثانية و الثالثة- و قَصَّ كلامه- ف إِنّٰا لِلّٰهِ وَ إِنّٰا إِلَيْهِ رٰاجِعُونَ.
و أما أنتَ فعلي طريقةٍ صالحة، فلن تزالَ عليها حتي تَلْقَاني.
و أما المَنْبَر فالدنيا سبعة آلاف سنة، و أنا في آخرها أَلْفاً.
و أما الرجل الطُّوَال الآدَمُ فذلك موسي، نُكْرِمه بفَضْلِ كلام اللّه إياه.
و أما الرجلُ [الرَّبْعة] التارُّ الأحْمر فذلك عيسي نكرمه بفَضْلِ منزلته مِنَ اللّه.
و أمّا الشيخ الذي رأيت كأنَّا نَقْتَدِي به فذلك إبراهيم.
و أما النَّاقَةُ العَجْفَاء الشارِف التي رأيتني أبعثها فهي الساعة، تقوم علينا، لا نبيَّ بعدي و لا أُمَّةَ بعد أُمَّتي.
قال: فما سأَلَ رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم بعد هذا أحَداً عن رؤيا إلّا أَنْ يجي‌ء الرجلُ متبرعاً فيحدِّثه بها.
اللَّاحِب: [الطريق الواسع] المنقاد الذي لا يَنْقَطِع.
أَشْفَي بهم: أشرف بهم.
______________________________
(1) الضغث: مل‌ء اليد من الحشيش المختلط، و قيل: الحزمة منه و ما أشبه من البقول.
(2) الطوال: الطويل.
(3) خيلان: جمع خال: الشامة في الجسد.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 194
الرفِيف و الوَرِيف: أن يكثر ماؤُه و نَعْمته. قال:
* يَالك من غَيْث يَرِفّ بَقْلهُ*
الرَّعْلة: القِطْعة من الفرسان.
أكبُّوا رواحِلَهم: أي أَكبُّوا بها، فحذفَ الجار و أَوْصَلَ الفعل. و المعني جعلوها مُكِبَّة علي قطع الطريق و المضيّ فيه، من قولك: أكَبَّ الرجل علي الشي‌ء يعمله، و أكبَّ فلان علي فلان يظلمه؛ إذا أقبلَ عليه غير عادلٍ عنه، و لا مشتغل بأمرٍ دونه.
يقال: رتَعتِ الإبلُ؛ إذا رعت ما شاءت، و أرتَعْناها؛ و لا يكون الرّتع إلّا في الخِصْب و السعة. و منه: رَتَعَ فلان في مال فلان.
لم يَظْلِمُوه: لم يَعْدِلُوا عنه، يقال: أخذ في طريق فما ظلم يميناً و لا شِمالًا.
هذا خَيْرُ المنزل: يعني أنهم ركبوا إلي ما في المَرْج من المَرْعي فأوطنوه و تخلَّفوا عن الرَّعْلَتَيْن المتقدِّمتين.
يَسْمُو: يعلو برأسه و يديه إذا تكلَّم.
يَفْرَع الرجال: يَطُولُهم.
التّارّ: العظيم الممتلي‌ء.
الشارف: المُسِنَّة.
انْتُقِع: تغيّر.
سُرِّيَ عنه: كُشِف؛ من سرَوْت الثوبَ عني.
سبعين بسبعمائة: أي أستغفر سبعين استغفارة بسبعمائة ذنب.

[لحن]

*: إِنَّ رَجُلَين اختصما إليه صلي اللّه عليه و آله و سلم في مواريثَ و أشياء قد دَرَسَتْ؛ فقال: لعل بعضَكم أَن يكونَ أَلْحَن بحُجَّتِهِ مِنْ بَعْض؛ فمن قَضَّيْتُ له بشي‌ءٍ مِنْ حقِّ أخيه فإنَّما أقْطَع له قِطْعَةً من النار. فقال كلُّ واحد من الرجلين: يا رسولَ اللّه؛ حَقّي هذا لصاحبي. فقال: لا، و لكن اذهبا فتوخَّيَا، ثم اسْتَهِمَا، ثم ليُحْلِلْ كلُّ واحد منكما صاحبَه.
أي أعلم بها و أَفْطَن لوجه تمشيتها. و اللَّحْن و اللَّحْد: أخوان في معني الميل عن جهة الاستقامة. يقال: لَحَنَ فلان في كلامه؛ إذا مال عن صحيح المنطق و مستقيمه بالإعراب.
و منه
قول أبي العالية رحمه اللّه تعالي: كنت أطوفُ مع ابن عبَّاس و هو يعلمني لَحْنَ الكلام.
______________________________
(1) (*) [لحن]: و منه الحديث: أنه بعث رجلين إلي بعض الثغور عيناً، فقال لهما: إذا انصرفتما فالحنا لي لحناً. و الحديث: و كان القاسم رجلًا لُحَنَةً. و الحديث: اقرأ القرآن بلحون العرب و أصواتها. النهاية 4/ 241، 242.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 195
قالوا: هو الخطأ؛ لأنه إذا بصَّرَه الصوابَ فقد بصَّرَه اللحن؛ و منه الألحان في القراءة و النشيد؛ لميل صاحبها بالمقروء و المنشد إلي خلاف جهته بالزيادة و النقْصَان الحادثين بالترنُّم و التَّرْجِيع. و لَحَنْت لفلان، إذا قلت له قولًا يفهمه هو و يَخْفَي علي غيره؛ لأنك تميله عن الواضح المفهوم بالتَّوْرِيَة. قال:
مَنْطِقٌ واضحٌ و تَلْحَنُ أحْيا ناً و خيرُ الْكَلَامُ ما كان لَحْنَا
«1» أي تارة توضِّح هذه المرأةُ الكلامَ، و تارة تُوري لتخفيَه عن الناس، و تجي‌ء به علي وَجْهٍ يفهمه هو دون غيره؛ و من هذا قالوا: لَحِن الرجل لَحَناً فهو لَحِن؛ إذا فهم و فَطِن لما لا يَفْطُن له غيرُه، و الأصلُ المرجوع إليه معني الميل.
و منه
حديثه صلي اللّه عليه و سلم: «إنكم لتَخْتَصِمُون إليّ، و عسي أن يكونَ بعضُكم أَلْحَنَ بحجَّته».
و منه
حديث عمر بن عبد العزيز رحمه اللّه تعالي: عجبت لمن لَاحَن الناسَ، كيف لا يعرفُ جوامعَ الكلم!
أي فاطنهم و جَادَلَهم.
الاسْتهام: الاقتراع، و فيه تقوية
لحديث القُرْعة في الذي أعتق ستةَ مماليك عند الموت، و لا مالَ له غيرهم؛ فأقرع النبي صلي اللّه عليه و سلم بينهم؛ فأَعْتَقَ اثْنين و أَرَقَّ أَرْبَعَة.

[لحلح]

: إنَّ ناقتَه صلي اللّه عليه و سلم أناخت عند بيت أبي أَيوب و النبيُّ صلي اللّه عليه و سلم واضعٌ زِمَامَها؛ ثم تَلَحْلَحَت و أَرْزَمَتْ و وضعت جِرَانها.
تلحلح: ضد تَحَلْحَل؛ إذا ثبت مكانه و لم يَبْرَح. و أنشد أبو عمرو لابن مُقْبل:
بِحَيٍّ إذا قِيلَ اظْعَنُوا قد أُتِيتُمُ أَقَامُوا عَلَي أَثْقَالِهِم و تَلَحْلَحُوا
و هو في المعني من لَحِحَتْ «2» عينُه. و قَتَب مِلْحَاح: لازِم للظهر.
أرْزَمت: من الرَّزَمَة «3»، و هي صوتٌ لا تَفْتَح به فاها، دون الحنين.

[لحت]

: إنّ هذا الأمرَ لا يزال فيكم و أنتمُ وُلاته ما لم تحدثوا أعْمَالًا، فإذا فعلتم ذلك بعث اللّه عليكم شَرَّ خَلْقه، فَلَحَتُوكم كما يُلْحَتُ القضيب- و روي: فالْتَحَوْكُم كما يُلْتَحَي القَضِيب.
اللَّحْت و اللَّتْحُ و الحَلْتُ نظائر؛ يقال: لَحَتّه؛ إذا أخذتَ ما عنده و لم تَدَعْ له شيئاً.
و لَتَحْتُه مثله، و حَلَت الصوفَ: نَتفَه، و حَلَتْنَاهم حَلْتاً: أفنيناهم و استَأْصَلْنَاهم. و الالتحاء من اللَّحْو، و هو القَشْر و أَخْذ اللّحاء.
______________________________
(1) البيت بلا نسبة في أساس البلاغة (لحن).
(2) لحِحَت عينه: التصقت.
(3) الرزمة: صوت الصبي و الناقة. (القاموس المحيط: رزم).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 196‌

[لحم]

*: قال صلي اللّه عليه و سلم لرجل: صُمْ يوماً في الشهر. قال: إني أَجِدُ قُوَّة. قال: فُصم يومين. قال: إني أجِدُ قوة. قال: فُصمْ ثلاثة أيام في الشهر- و ألْحَمَ عند الثَّالِثة- فما كاد حتي قال: إني أجِدُ قُوّة، و إني أُحب أن تزيدني. قال: فصُم الحُرُمَ و أفطر.
أي وقف عند الثالثة، فلم يَزِدْه عليها، من ألْحَم بالمكان إذا أقام به. و الإلحام: قيام الدابة، و يقال أيضاً: ألحمته بالمكان إذا ألْصَقْتُه به.
الحُرُم: ذو القعدة و ذو الحجة و المحرم و رجب.

[لحي]

*: أَمر صلي اللّه عليه و سلم بالتَّلَحِّي و نَهَي عن الاقْتِعَاط
. التلَحِّي: أنْ يُدير العمامة تَحتَ حَنَكِه.
و الاقْتِعَاط: ترك الإِدَارة. يقال: قَعَطت العمامَةُ وَ عَقَطْتها، و عمامة مَقْعُوطة و مَعقوطة؛ قال:
* طُهَيَّة مَقْعُوطٌ عليها العمائم*
و المِقْعَطة و المِعْقَطة: ما تُعَصِّبُ بِرأسَك. و
عن طاوس رحمه اللّه: تلك عمَّةُ الشيطان
يعني الاقتعاط.
احتجم صلي اللّه عليه و سلم بلَحْي جمل.
هو مكان بين مكَّةَ و المدينة.

[لحن]

: عمر رضي اللّه تعالي عنه- تعلَّمُوا السنَّة و الفَرَائض و اللَّحْن كما تعلَّمُون القرآن.
قال أبو زيد و الأصمعي: اللَّحْن اللغة.
و منه
حديثه رضي اللّه تعالي عنه- أُبيّ أقْرؤُنا؛ و إنَّا لنَرْغَبُ عن كَثِير من لَحْنِه.
و
عن أبي ميسرة في قوله تعالي: سَيْلَ الْعَرِمِ [سبأ: 16]: العَرِم المسنَّاة بِلَحْنِ اليمنِ.
و قال ذو الرمة:
* في لَحْنِه عن لغات العُرْب تَعْجِيمُ* «1»
______________________________
(2) (*) [لحم]: و منه في حديث جعفر الطيار: أنه أخذ الراية يوم مؤتة فقاتل بها حتي ألحمه القتال. و في حديث أسامة: أنه لحِم رجلًا من العدو. و الحديث: اليوم يوم ملحمة. و الحديث: و يجمعون للملحمة. و من أسمائه ص: نبيُّ الملحمة. و في حديث عائشة: فلما علقت اللحم سبقني. و الحديث: الولاء لحمة كلحمة النسب. النهاية 4/ 239، 230.
(3) (*) [لحي]: و منه الحديث: نُهيت عن ملاحاة الرجال. و في حديث لقمان: فَلَحْياً لصاحبنا لحياً. النهاية 4/ 243.
(1) صدره:
من الطنابير يزهي صَوْتَه ثَمِلٌ
و البيت في ديوان ذي الرمة ص 568.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 197
و حقيقته راجعةٌ إلي ما ذكر من معني الميل؛ لأنّ لَحْنَ كلِّ أمةٍ جهتُها التي تميل إليها في النطق.
و المعني تعلموا الغريبَ و النحو؛ لأنَّ في ذلك علم غريب القرآن و معانيه، و معاني الحديث و السنة، و مَنْ لم يعرفه لم يعرف أكثرَ كتاب اللّه و لمْ يُقِمه، و لم يعرف أكثرَ السنن.

[لحط]

: عليّ رضي اللّه تعالي عنه- مَرَّ بقوم لَحطوا بابَ دَارِهم.
قال ثعلب: اللَّحْط: الرَّشُّ.

[لحم]

: في الحديث: إنَّ اللّه يبغض البيت اللَّحِم و أَهْلَه- و روي: إنّ اللّه ليبغض أَهْلَ البيت اللَّحِمِين.
و يقال: رجل لَحَيم و لاحِم و مُلْحِم [و لَحِم]. فاللَّحِيم: الكثير لحم الجسد. و اللَّاحم:
الذي عنده لحم، كلَابِن و تَامِر. و المُلْحِم: الذي يَكْثُر عنده أو يُطْعِمه. و اللَّحِم: الأَكُول له.
و
عن سفيان الثوري رحمه اللّه أنه سُئِل عن اللَّحِمِين؛ هم الذين يكثرون أَكْل اللحم؟
فقال: هم الذين يكثرون أَكلَ لحومِ الناس.
لحفنا في (شع). فلحياً في (بج). فألحت في (خب). اللحيف في (سك). تلاحك في (مغ). لحادة في (مز). ألحمه في (سم). فلحج في (شت). و لحمته في (جب). لاحّ في (دح). ملحس في (هي). لحبها في (زو). [ألحن بحجته. و علي أنه يلحن في (ظر).
لحمة الكبار في (بش). و الحظوا في (زن). و لا تلحده في (صب). و لا يلحِّصُون في (نض). [حتي يلحقوا الزرع في (فط)].

اللام مع الخاء

[لخلخ]

: معاوية- قال: أيُّ الناس أفصح؟ فقام رجل فقال: قوم ارتفعوا عن فراتِيّة العِرَاق- و روي: لَخْلَخَانِيَّة العراق، و تياسَرُوا عن كَشْكَشةِ بَكْر، و تيامَنُوا عن كَسْكَسةِ تميم؛ ليست فيهم غَمْغَمة قُضَاعة، و لا طُمْطمَانِية حِمْير. قال: مَنْ هم؟ قال:
قومُك قريش. قال: صدقت؛ ممَّنْ أنت؟ قال: مِن جَرْم.
اللَّخْلَخَانِية: اللَّكْنَة في الكلام؛ و هي من معني قولهم: لَخَّ في كلامه، إذا جاء به مُلْتبساً مستعجماً. من قولهم: لَخِخَتْ عينُه بمعني لحِحت «1».
و عن الأصمعي: نظَر فلانٌ نظراً لَخْلَخَانِيّاً، و هو نظَرُ الأَعاجم.
و في كتاب العين: اللَّخْلَخَانِي: منسوب إلي لَخْلَخَان؛ يقال: قبيلة، و يقال: مَوْضع.
و
في حديث: كُنّا بموضع كذا، فأتانَا رجل فيه لَخْلَخَانية.
و قال البَعِيث:
سيَتْرُكُها إنْ سلَّم اللّهُ أَمْرها بنو اللخْلَخَانِيَّات و هْيَ رُتُوعُ
«2»
______________________________
(1) لخخت عينه و لححت: إذا التزقت من الرمص.
(2) البيت في لسان العرب (لخ).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 198
الكَشْكَشَة: أن يقول في الوقت أَكْرَمْتُكَشْ.
و الكَسْكَسَة بالسين.
الغمغمة: أَلَّا يُبَيِّنَ الكلام. و يقال لأصوات الأَبْطَال و الثيران عند الذُّعر: غَمَاغِم.
الطُّمْطَمانية: العجمة. يقال: رجل طُمْطُمَاني و طِمْطِم. و منه قالوا للعجيب: طِمْطِم.
جعل لغةٍ حمير لما فيها من الكلمات المنكرة أعجميةً.
قال الأصمعي: و جَرْم: فصحاء العرب. قيل: و كيف و هم من اليمن؟ فقال:
لجِوَارهم مُضَر.
و اللخاف في (عس). لاخٌ في (دح).

اللام مع الدال

[لدد]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- خير ما تَدَاوَيْتُمْ به اللَّدُودُ و السَّعوط و الحِجَامة و المَشِيّ.
هو الدواء المُسْقي في أحد لَدِيدَي الفَمِ؛ و هما شِقّاه، و قد لَدّه يُلدّه.
و منه
حديثه صلي اللّه عليه و سلم: إنه لُدَّ في مَرَضِه؛ و هو مْغْمًي عليه، فلما أفاق قال: لا يَبْقَي في البيت أَحدٌ إلّا لُدّ إلّا عمِّي العباسُ.
فعل ذلك عقوبةً لهم؛ لأنهم لدُّوه بغير إذْنِه.

[لدم]

*: علي رضي اللّه تعالي عنه- أقبل يُريد العراق؛ فأشار عليه الحسنُ بن عليّ أن يَرْجعَ. فقال: و اللّه لا أكون مثلَ الضَّبُع تسمع اللَّدْم حتي تخرج فتُصَاد.
هو الضَّرْب بحجَر و نحوه؛ يعني لا أُخْدَع كما يُخْدَع الضبع بأن يُلْدَم بابُ حجرها فتحسبه شيئاً تَصيده فتخرُج فتُصَاد.

[لدد]

: في الحديث: فيقتله المسيح بباب لُدّ
؛ يعني يقتل الدَّجَّال.
و لُدّ: موضع. قال أبو وَجْزَة [السعدي]:
شُدّ الوليدُ غدَاةَ لُدٍّ شدَّةً فكفي بها أهلَ البَصِيرة و اكتَفَي
ليلدَّك في (فا). تلددت في (رع). من اللدد في (اد). [بل اللدم في (حب). لداته في (قح)].

اللام مع الذال

[لذذ]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- إذا ركبَ أَحَدُكم الدَّابَّةَ فَلْيَحْمِلْها علي …
______________________________
(1) (*) [لدد]: و منه الحديث: إن أبغض الرجال إلي اللّه الألدُّ الخصم. النهاية 4/ 244.
(2) (*) [لدم]: و منه في حديث العقبة: أن أبا الهيثم بن التيهان قال له: يا رسول اللّه إن بيننا و بين القوم حبالًا و نحن قاطعوها، فنخشي إن اللّه أعزَّك و أظفرك أن ترج إلي قومك- فتبسم النبي صلي اللّه عليه و سلم و قال: بل اللَّدم اللَّدَم، و الهدم الهدم. و الحديث: جاءت أم ملدم تستأذن. النهاية 4/ 245، 246.
(3) (*) [لذذ]: و منه الحديث: لصُبَّ عليكم العذاب صبَّاً، ثم لُذَّا لذّاً. النهاية 4/ 247.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 199
جمع مَلذ؛ و هو موضع اللّذة، أي ليسيرها في المواضع التي تستلذُّ السيرَ فيها من المواطي‌ء [السهلة] غير الحَزنةِ، و المستوية غير المتعادية.
الزبير رضي اللّه تعالي عنه- كان يرقّص عبد اللّه و هو يقول:
أَبْيَضُ مِنْ آلِ أَبِي عَتِيق مُبَارَكٌ من وَلد الصِّدِّيقِ
* أَلَذُّه كما أَلَذُّ رِيقِي «1»
يقال: لَذّ الشي‌ء، و لَذَذته أنا، إذا التذذتُ به.

[لذو]

: عائشة رضي اللّه تعالي عنها- ذُكرتِ الدنيا فقالت: قد مَضَي لَذْوَاها و بَقِي بَلْوَاها.
أي لذّتها. قال ابن الأعرابي: اللَّذَّة و اللَّذْوَي و اللذاذة كلّها: الأكل و الشرب بنعمةٍ و كفاية، و كأَنَّها في الأصل لَذَّي- فَعْلَي- من اللذة؛ فقُلب أحد حَرْفَي التضعيف حرفَ لِين كَالتَّقَضِّي و لا أَمْلَاه. قالوا: كأنها أرادت باللَّذْوَي عهدَ رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم، و بالبَلْوَي ما بعد ذلك.

[لذع]

: مجاهد رحمه اللّه تعالي- في قوله تعالي: صٰافّٰاتٍ وَ يَقْبِضْنَ [الملك:
19]، قال: بَسْطها أجنحتهن و تلَذَّعُهُنَّ، و قبضهن.
هو أن يحرك جناحيه شيئاً قليلًا، و منه و قيل: تلذّع البعير تلذُّعاً؛ إذا أحسن السير.
قال:
تلذعُ تحته أُجُدٌ طَوَتْهَا نُسُوعُ الرَّحْلِ عَارِفَةٌ صَبُورُ
«2» في الحديث- خيرُ ما تَدَاويتم به كذا و كذا و لَذْعَةٌ بنار.
يعني الكيّ و اللَّذع الخفيف من الإحراق. و منه لَذَعه بلسانه، و هو أذّي يسير. و منه قيل للذكي الشَّهْم الخفيف: لَوْذَع و لَوْذَهي، قال:
و عَرْبَةُ أَرْضٌ ما يُحِلُّ حَرَامَها من الناس إلَّا اللَّوْذَعِيُّ الحُلَاحِلُ
قيل: أراد به رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم.
و عَرْبَة: يريد عَرَبة؛ و هي باحَة العرب، و بها سمِّيت العرب؛ و إنما سكَّن الراء للضرورة.

اللام مع الزاي

اللزاز في (سك). [لزبة في (صف)].
______________________________
(1) الرجز في لسان العرب (لذ).
(2) البيت بلا نسبة في أساس البلاغة (لذع)، و ناقة أجد: قوية، و العارفة: الصابرة.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 200‌

اللام مع السين

[لسع]

: النبي صلي اللّه عليه و سلم- أُسِر أبو عزَّة الجُمَحِي يوم بَدْر؛ فسأل النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم أن يَمُنَّ عليه و ذكر فَقْراً و عِيَالًا؛ فمنَّ عليه، و أخذ عليه عَهْداً ألَّا يُحَضِّضَ عليه و لا يَهْجُوه، ففعل. ثم رجع إلي مَكة، فاستهواه صَفْوَان بن أُمَيَّة، و ضَمِنَ له القيامَ بعِيَاله، فخرج مع قريش و حضّض علي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم فأُسِر. فسأل أن يَمُنَّ عليه؛ فقال صلي اللّه عليه و سلم: «لا يُلْسَع المُؤْمِنُ من جُحْرٍ مرَّتين»، لا تمسح عَارِضيك بمكة، و تقول: سَخِرْتُ من محمد مرتين. ثم أمر بقَتْلِه.
الحية و العقرب تلسعان بالحُمَةِ. و عن بعض الأعْراب: إنَّ من الحيات ما يَلسعَ بلسانه كلَسْع الحُمَة، و ليست له أسنان. و منه لسع فلان فلاناً بلسانه: أي قَرَصَه. و فلان لُسَعة؛ أي قَرَّاصة للناسِ بلسانه.
ملسنّة في (عق). و لسباً في (ضح). لسنتك في (فق). [علي لسان محمد في (ثب)].

اللام مع الصاد

[لصف]

: ابن عباس رضي اللّه تعالي عنهما- قال: لما وفَد عبدُ المطلب إلي سَيْفِ بن ذِي يَزَن استَأْذَن و معه جِلَّةُ قريش، فأذِن لهم؛ فإذا هو متضمِّخٌ بالعَبِير، يَلْصِف وَ بِيضُ المِسك من مَفْرِقه.
يقال: لَصَفَ لونه يَلْصُف لَصْفاً و لَصِيفاً إذا برق، و وَبَص وبيصاً، و بَصَّ بصيصاً مِثْله.
الصق في (تب).

اللام مع الطاء

[لطط]

*: ابن مسعود رضي اللّه تعالي عنه- هذا المِلْطاط طريقُ بَقِيَّةِ المُؤْمنين هَرَباً من الدَّجال.
هو شاطي‌ء الفُرَات. و قيل: [هو] ساحل البحر. قال رُؤْبة:
نحن جَمَعْنَا الناسَ بالمِلْطَاطِ فأصْبَحُوا في وَرْطَةِ الأوْراطِ
و قال الأصمعي يقال لكل شفير نَهْرٍ أو وادٍ مِلْطاط. و قال غيره: طريق مِلْطاط؛ أي مَنْهجٌ موطوء. و هو من قولهم: لططتُه بالعصا و مَلطته؛ أي ضربته.
و معناه طريق لُطَّ كثيراً؛ أي ضربته السَّيَّارة و وَطِئَتْه؛ كقولهم: مِيتَاء للذي أُتِي كثيراً.
______________________________
(1) (*) [لطط]: و منه في حديث طهفة: لا تلطِطْ في الزكاة. و في حديث ابن يعمر: أنشأت تلطُّها. النهاية 4/ 250.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 201‌

[لطي]

: أَنس رضي اللّه تعالي عنه- بال فمسح ذكره بِلِطّي، ثم توضأ و مسح علي العمامة و علي خُفَّيه و صَلَّي صلاة فريضة.
هو قلب لِيَطٍ جمع لِيطَة، كما قيل فُقًي بمعني فُوَق جمع فُوَقَة. قال:
وَ نَبْلِي وَ قُفَاهَا كَعَرَاقِيبِ قَظاً طُحْلِ
و المراد ما قُشِر من وَجْه الأرض مِنَ المَدَر.
لطت في (دي). لا تلطط في (صب). تلطها في (شك). [فالطه في (مح) بلطخ في (غل)].

اللام مع الظاء

[لظظ]

: النبي صلي اللّه عليه و سلم- أَلِظُّوا بِيَا ذَا الْجلالِ و الإِكرام- و رُوي: بذي الجلال و الإِكرام.
أَلَظَّ و أَلَطَّ و أَلَثّ و ألَبّ و ألَحّ: أخَوات؛ في معني اللزوم و الدَّوَام. يقال: ألَظّ المطر بمكان كذا؛ و أَتَتْنِي مُلظّتك؛ أي رسالتك التي ألَححْت فيها. قال أَبو وَجْزَة:
فبلِّغ بَنِي سَعْدِ بن بَكْرٍ مُلِظَّةً رسولَ امْرِي‌ءٍ بَادِي المودَّة نَاصِح
«1» و عن بعض بني قَيْس: فلان مُلِظٌّ بفلان؛ و ذلك إذا رأيته لا يسكت عن ذِكْره. و يُقَال للغريم المَحِك «2» اللَّزُوم: مِلَظّ، علي مِفْعَل، و مِلَزّ نحوه.
لظي لظي في (سف).

اللام مع العين

[لعب]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- لا يَأْخُذَنَّ أحدُكم متاعَ أخيه لَاعِباً جَادّاً.
هو ألَّا يريد بأَخْذه سَرِقَته، و لكن إدخالَ الغيظِ علي أخيه، فهو لاعب في مذهب السرقة، جادّ في إدخال الأذي عليه. أو هو قاصد للعب و هو يريد أنه يَجِدُّ في ذلك ليغيظَه.
و
في حديثه صلي اللّه عليه و سلم: «لا يحل للمسلم أن يَرُوعَ مسلماً».
و
عنه صلي اللّه عليه و سلم: «إذا مرَّ أحدُكم بالسهام فليمسك بنِصَالها».
و
عنه صلي اللّه عليه و سلم: «إنه مرَّ بقوم يتعاطَوْنَ سيفاً فَنَهَاهُمْ عنه»
.______________________________
(1) البيت في لسان العرب (لظ)، و في اللسان «فأبلغ» بدل «فبلِّغ».
(2) المحك: اللجوج.
(3) (*) [لعب]: و منه في حديث جابر: ما لك و للعذاري و لعابها. و في حديث الاستنجاء: إن الشيطان يلعب بمقاعد بني آدم. النهاية 4/ 252، 253.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 202‌

[لعع]

*: خطب الأنصارَ فقال: أ وَجَدْتُم «1» يا معشرَ الأنْصَار مِنْ لُعاعةٍ من الدنيا تأَلّفْتُ بها قوماً لَيُسْلِمُوا، و وَكَلْتُكم إلي إسْلَامِكم؛ فبكي القوم حتي أَخْضَلُوا لِحَاهم.
اللُّعاعة: الشي‌ء اليسير، يقال: ما بقي في الإناء إلّا لُعَاعَة و إلَّا بُرَاضَة «2» و إلّا تَلِيَّة «3»؛ و ببلاد بني فلان لَعَاعة من كَلأ، و هي الخفيف من الكلأ. و يقال: خرجنا نَتَلَعَّي؛ أي نأخذها، و الأصل نَتَلَعّع.
أَخْضَلُوا: بَلُّوا.

[لعن]

*: اتقُوا الملَاعن الثَّلاثَ: البَرَاز في المَوَارِد، و [قارِعَة] الطريق، و الظّلّ.
و
عنه صلي اللّه عليه و سلم: «اتقوا الملاعِنَ الثلاث». قيل: يا رسول اللّه، و ما المَلَاعِنُ؟ قال: يقعد أحدكم في ظِلٍّ يستظل به، أو في طريق، أو نَقْعِ ماء.
و
عنه صلي اللّه عليه و آله و سلم: «اتّقُوا الملاعن، و أعدُّوا النَّبَل».
الملاعن: جمع مَلْعَنَة؛ و هي الفعَلَة التي يُلْعن فاعلُها، كأنها قَظِنة لِلّعن، و مَعْلَم له، كما يقال: الولد مَبْخَلة مَجْبَنَة، و أرض مأسدة.
البَرَاز: الحاجة، سُميت باسم الصحراء، كما سميت بالغائط. و قيل: تبرَّز، كما قيل:
تَغَوَّط. و المراد و البَرَاز في قارِعَةِ الطريق، و البراز في الظلّ، و لذلك ثَلَّث، و لكنه اختصر الكلام اتكالًا علي تفهّم السامع. و كذلك التقدير قعودُ أحدكم في ظلّ، و قعوده، و قعوده.
و قوله: «يقعد» إما أن يكونَ علي تقدير حذفِ أن، أو علي تنزيله منزلة المصدر بنفسه، كقولهم: تَسْمَعُ بالمُعَيْدِيِّ.
الموارد: طرق الماء. قال جرير:
أمِيرُ المؤمنين علي طريقٍ إذا اعوَجَّ المواردُ مُسْتَقِيمِ
«4» النَّقْع: مستَنْقَع الماء، و منه قولهم: إنه لَشَرَّاب بأنقُع «5».
النَّبَل: حجارة الاستنجاءِ- يروي بالفتح و الضم، يقال: نَبِّلْني أحجاراً و نَبِّلني عَرَقاً؛
______________________________
(6) (*) [لعع]: و منه الحديث: إنما الدنيا لعاعة النهاية 4/ 254.
(1) أوجدتم: أغضبتم.
(2) البراضة: الشي‌ء القليل.
(3) التلية: البقية.
(7) (*) [لعن]: و منه حديث المرأة التي لعنت ناقتها في السفر فقال: ضعوا عنها فإنها ملعونة النهاية 4/ 255.
(4) البيت في ديوان جرير ص 507، و في الديوان «علي صراط» بدل «علي طريق».
(5) مثل يضرب للرجل الذي جرَّب الأمور و مارسها، (لسان العرب: نقع).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 203
أَي نَاوِلني و أَعْطِني. و كان أصله في مناولة النّبلِ للرامي؛ ثم كثر حتي استعمل في كل مُنَاولة، ثم أخذ من قول المستطيب: نَبِّلْني النَّبل لكونها مُنبّلة، و يجوز أن يقال لحجارة الاستنجاء نَبَل، لصغرها؛ من قولهم لحواشي الإبل: نَبَل، و للقصير الرَّذْل من الرجال:
تِنْبَالة، و للسهام العربية لقصرها نَبْل، ثم اشتق مه نَبِّلْني.

[لعب]

: عليّ رضي اللّه تعالي عنه- كان تِلْعَابَةً، فإذا فُزع [فُزع] إلي ضَرِس حَدِيد- و روي: إلي ضِرْس حديد.
و
في حديثه عليه السلام: زعم ابن النابغة أَني تِلْعَابة، أُعَافِسُ و أُمَارِس؛ هيهات يمنع من العِفَاس و المرَاس خوفُ الموت و ذِكرُ البعث و الحساب، و من كان له قلب ففي هذا [عن هذا] وَاعِظٌ و زَاجِر.
التِّلعابة: الكثيرُ اللعب؛ كقولهم التِّلْقَامة للكثير اللَّقم. و هذا
كقول عمر فيه: فيه دُعابة.
و
مما يحكي عنه في باب الدُّعَابة ما جري له مع عاتكة بنت زَيْد بن عمرو بن نُفَيل حين تزوَّجَها عمر بعد عبد اللّه بن أبي بكر، و قوله لها: يا عُديَّة نفسها:
فآليتُ لا تنفكُّ عيني قريرةً عليك و لا ينفكُّ جِلْدِي أَصْفَرَا
و هذا من جملة أبيات رَثَتْ بها عاتكة عبد اللّه، إلّا أنه وضع قَريرة و أَصفرا موضع حزينة و أَغْبَرا؛ توبيخاً لها.
و
ذكر الزبير بن بكار أنَّ بعضَ المجوس أَهدي له فَالُوذاً. فقال عليّ: ما هذا؟ فقيل له:
اليوم النَّيرُوز. فقال علي: ليكن كل يوم نَيْروزاً و أكل.
و
ذكر أن عَقِيلًا أخاه مرَّ عليه بعَتُود «1» يقوده. فقال كرم اللّه وجهه: أحدُ الثلاثة أحمق.
فقال عَقِيل: أما أنا و عَتُودي فلا.
و هذا و نحوه من دُعَاباته، و رسولُ اللّه صلي اللّه عليه و سلم لم يَخْلُ من أمثالِ ذلك. و
قال: إني أَمْزَح و لا أقولُ إلّا حقّاً.
فإذا فُزِع: فيه وجهان: أحدهما أن يكونَ أَصله فُزع إليه، فحذف الجار و استكنَّ الضمير. و الثاني: أن يكون من فَزع بمعني استغاث؛ أي [إن] استغيث و التجي‌ء إلي ضِرْس:
و هو الشَّرِس الصَّعب. و مكان ضَرِس: خَشِن يَعْقر القوائم.
و الحديد: ذو الحدّة.
و مَنْ رَواه إلي ضِرْس حَدِيد فالضرس واحِدُ الضروس، و هي آكام خشنة ذوات حجارة. و المراد إلي جبل مِنْ حديد.
______________________________
(1) العتود: الصغير من أولاد المعز إذا قوي و رعي و أتي عليه حول (لسان العرب: عند).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 204
أراد بالعِفَاس و المِرَاس: ملاعبةَ النساء و مصارعتهن. و العِفَاس من العَفْس، و هو أن يضرب برجله عَجِيزتها.

[لعس]

: الزبير رضي اللّه تعالي عنه- رأي فِتيةً لُعْساً، فسأل عنهم، فقيل: أُمُّهُم مَوْلاةٌ لِلْحُرَقَةِ، و أبوهم مملوك؛ فاشتري أَباهم فأَعتقه فجرَّ ولاءَهم.
اللَّعَسُ: سَوَاد في الشفة.
و المعني أن المملوك إذا كانت امرأته مولاةَ امرأةٍ فأولادُه منها مَوَاليها، فإذا أعتقه مولاه جَرَّ الولاء فكان وَلده موالي مُعْتقه.

[لعن]

: في الحديث: ثلاث لَعِينات: رجل عَوَّر الماء المَعِينَ المُنْتَاب، و رجل عَوَّر طريقَ المَقْرَبَة، و رجل تَغَوَّط تحت شجرة.
اللَّعينة: كالرهينة اسم للملعون، أو كالشتيمة بمعني اللَّعن. و لا بدَّ علي هذا الثاني من تقدير مُضَافٍ محذوف.
المَقْرَبَة: المنزل، و أصلها من القَرَب؛ و هو السير إلي الماء. قال الرّاعي:
* في كل مَقْرَبَةٍ يَدَعْنَ رَعِيلا*
لعثمة في (بج). لعطه في (ذب). لم يتلعثم في (كب). لعلع في (نص).

اللام مع الغين

[لغب]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- أَهْدَي له يَكْسُوم ابن أخي الأَشْرَم سلاحاً فيه سَهْمٌ لَغْب، و قد رُكِّبَتْ مِعْبَلَةٌ في رُعْظِه، فَقَوَّمَ فُوقَه. و قال: مستحكم الرِّصاف؛ و سماه قِتْر الغِلَاء.
اللَّغْب «1» و اللُّغَاب و اللَّغِيب: الذي قُذَذه «2» بُطْنَان، و هو ردي‌ء، و ضِدُّه اللُّؤَام.
قال تأبَّط شرّاً:
فما وَلَدَتْ أُمِّي مِنَ القوم عَاجِزاً و لا كان رِيشي من ذُنَابي و لا لَغْبِ
«3» و منه قالوا للضعيف: لَغْب، و للذي أضعفه التعب: لَاغِب.
المِعْبَلة: نَصْل عريض.
______________________________
(4) (*) [لغب]: و منه في حديث الأرنب: فسعي قوم فلغبوا و أدْركتُها. النهاية 4/ 256.
(1) اللغب و اللغاب: ريش السهم إذا لم يعتدل. فإذا اعتدل فهو لؤام (لسان العرب: لغب).
(2) القذة: ريش السهم، و جمعها: قذذ، و البطان من الريش: ما كان بطن القذة منه يلي بطن الأخري (لسان العرب: قذ).
(3) البيت في لسان العرب (لغب)، و في لسان العرب «و ما وَلَدَتْ» بدل «فما وَلَدَتْ».
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 205
الرُّعْظ: مدخل النصل في السهم.
الرِّصاف: ما يرصف به الرُّعْظ من عَقَبة تُلْوَي عليه، أي يُرَصّ و يُحْكم.
القِتْر: نَصْل الأهداف.
الغِلَاء: مصدر غالي بالسهم. قال أبو ذؤيب:
* كقِتْرِ الغِلَاء مُسْتَدِيراً صِيَابُها «1» *

[لغز]

: عُمر رضي اللّه تعالي عنه- نهي عن اللُّغَيْزَي في اليَمِين- و روي: عن اليمين اللُّغَيْزَي، و أنه مرَّ بعَلْقَمة بن الفَغْواء يُبَايع أعرابياً يُلْغِزُ له في اليمين، و يُرِي الأعرابي أنه حلف له، و يَرَي علقمة أنه لم يحلف. فقال له عمر: ما هذه اليمين اللّغَيْزي.
اللغَز و اللَّغْز و اللّغَيْزَي: جُحْر اليربوع، فضُرِبَ مثلًا للملتبس المعمَّي من الكلام.
و قيل: أَلْغَز [فلان] في كلامه. و لُغَزُ الشعر: معمّاه. و اللّغّيزي- مثقَّلة الغين- جاء بها سيبويه في أبنية كتابه مع الخُلَّيْطَي و البُقَّيْرَي.
و في كتاب الأزهري: اللُّغَيزي مخففة، و حقُّها أن تكون تخفيفاً للمثقلة، كما تقول في سُكَيْت إنه تحقير سُكيت.

[لغا]

*: ابن عباس رضي اللّه تعالي عنهما- ألْغَي طلاقَ المكره.
أي أبطله و جعله لَغْواً، و هذا مما يَعْضُد مذهب الشافعي رحمه اللّه عليه. و عند أصحابنا يقع طلاقُه، و اعتمدوا حديثَ صفوان بن عمرو الطائي و امرأته.

[لغن]

: في الحديث: إنَّ رجلًا قال لآخر: إنك لَتُفْتِي بلُغْنِ ضالٍّ مُضِل.
اللُّغْن و اللُّغْد و اللّغْنون و اللغدود وُحْدَان ألْغَان و ألغاد و لغَانين و لغاديد، و هي لحمات عند اللَّهَوات.

[لغو]

: من قال يوم الجمعة و الإمام يخطبُ لصاحبه: صَهْ، فقد لَغَا.
يقال: لَغَي يَلْغَي و لَغِيَ و لَغَا يَلْغُو؛ إذا تكلَّم بما لَا يَعْنِي؛ و هو اللَّغْو و اللّغي.
لاغية في (عم). و لغامها في (جر). و ملغاة في (حي).
______________________________
(1) صدره:
إذا نهضت فيه تَصَعَّدَ نَفْرها
و البيت في لسان العرب (صوب).
(2) (*) [لغا]: و منه الحديث: من مسَّ الحصا فقد لغا. و في الحديث: و الحمدلة المائرة لهم لاغيةٌ. النهاية 4/ 258.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 206‌

اللام مع الفاء

[لفع]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم-
كُنَّ نساءُ المؤمنين يَشْهَدْنَ مع النبي صلي اللّه عليه و سلم الصبحَ، ثم يرجِعْنَ مُتَلَفِّعَات بمُرُوطهِنّ ما يُعْرَفنَ من الغَلَس.
أي مشتملات بأكْسِيتهن متَجَلَّلات بها. و تلفَّع بالمَشِيب؛ إذا شَمِله. و اللُّفَاع: ما يُشتمل به.
النون في كُنَّ علامة، و ليست بضمير، كالواو في: «أَكَلُوني البَرَاغيث».

[لفف]

*: عمر رضي اللّه تعالي عنه- إنَّ نائلًا قال: إني سافرت مع مولاي عثمان بن عفّان و عمر في حَجّ أو عُمْرَة؛ فكان عمر و عثمان و ابن عمر لِفّاً. و كنت أنا و ابن الزبير في شَبَبَةٍ معنا لِفّاً؛ فكنا نتمازحُ و نترامي بالحَنْظَل؛ فما يزيدنا عُمر علي أن يقول: كذاك لا تَذْعَروا علينا. فقلنا لرَبَاح بن المُغْتَرِف: لو نصبتَ لنا نَصْبَ العرب. فقال: [أقول] مع عمر، فقلنا: افعلْ، فإنْ نَهَاكَ فانْتَهِ. ففعل. فما قال له عمر شيئاً، حتي إذا كان في وَجْهِ السحر ناداه، يا رباح؛ اكفف، فإنها ساعة ذِكْر.
اللِّف: الحِزْب و الطائفة من الالتفاف. و منه قوله تعالي: وَ جَنّٰاتٍ أَلْفٰافاً [النبأ:
16]؛ قالوا: هو جمع لِف.
الشَّبَبَة: جمع شاب.
كذاك: في معني حسبك؛ و حقيقته مثل ذلك؛ أي الزم مثل ما أنتَ عليه و لا تتجاوز حدّه. فالكاف منصوبة الموضع بالفعل المضمر.
لا تَذْعَرُوا علينا: أي لا تنفِّروا علينا إبلنا. قال القَطَامِيّ:
تقول و قد قربْتُ كُورِي و ناقتي إليك فلا تَذْعَرْ عليَّ ركائبي
نصَب يَنْصِب نَصْباً: إذ غَنَّي. و هو غِنَاء يُشْبِه الحُدَاء؛ إلَّا أنه أرقّ منه، و سمي بذلك لأنَّ الصوْت يُنْصَب فيه؛ أي يُرْفَع و يُعْلي.

[لفت]

*: حُذَيفة رضي اللّه تعالي عنه- إنَّ مِنْ أَقْرَأ الناس لِلْقُرْآن منافقاً لا يَدَعُ منه واواً و لا أَلِفاً، يَلْفِتُه بلِسَانه كما تَلْفِتُ البقَرَة الخَلَي «1» بلِسَانها.
______________________________
(2) (*) [لفع]: و منه حديث علي و فاطمة: و قد دخلنا في لفاعنا. و في حديث أبي: كانت ترجِّلني و لم يكن عليها إلّا لفاع. و الحديث: لفعتك النار. النهاية 4/ 261.
(3) (*) [لفف]: و منه في حديث أم زرع: إن أكل لفَّ. و الحديث: و إن رقد لفَّ. النهاية 4/ 261.
(4) (*) [لفت]: و منه في صفته ص: فإذا التفت التفت جميعاً. و الحديث: لا تتزوَّجن لفوتاً. و في حديث عمر: و أنهز اللَّفوت، و أضمَّ العنود النهاية 4/ 258، 259.
(1) الخلي: الرطب من النبات ما دام رطباً، فإذا يبس فهو حشيش.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 207
يقال: الرَّاعِي يَلْفِت الماشيةَ بالعصا؛ أي يضربُها بها، لا يبالي أَيها أَصاب. و رجل لُفَتَة رُفَتَة؛ إذا كان كذلك. و فلان يَلْفِت الريشَ علي السَّهْم؛ أي لا يضعُه متآخياً متلائماً، و لكن كيف يتفق. و من ذلك قولهم: فلان يَلْفِتُ الكلام لَفْتاً؛ أي يُرْسله علي عَوَاهنه، لا يُبَالي كيف جاء.
و المعني يقرؤوه من غير رَوِيَّة و لا تبصُّر بمخارج الحروف، و تعمّدٍ للمأمور به من الترتيل و الترسّل في التلاوة، غير مبالٍ بمتلوِّه كيف جاء؛ كما تفعل البقرة بالحشيش إذا أكلته.
و أصلُ اللَّفْت لَيُّ الشي‌ءِ عن الطريقة المستقيمة.
و منه
الحديث: إِنَّ اللّه تعالي يُبْغِضُ البليغَ من الرجال الذي يَلْفِتُ الكلام كما تَلْفِتُ البقرةُ الخَلَي بلِسَانها.
لف في (غث). اللفوت في (ذق). لفيتة في (هل). لفاع في (رج). ملفجاً في (دل). [لفوت في (كت)].

اللام مع القاف

[لقح]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- نهي عن المَلَاقيح و المَضَامين.
أي عن بَيْع ما في البطون، و ما في أَصْلاب الفُحولِ؛ جمع مَلْقُوح و مَضْمون، يقال:
لَقِحت النَّاقة، و ولدها مَلْقُوح به، إِلَّا أنهم استعملوه بحذف الجار، قال:
إنَّا وَجَدْنا طَرَدَ الهَوَامِلِ خَيْراً من التَّأْنَانِ وَ المَسَائِلِ «1»
وَعِدَة الْعَامِ و عَامٍ قَابِلِ مَلْقُوحَةً في بطن نَابٍ حَائِلِ
و ضَمِن الشي‌ء بمعني تضمَّنَه و استسرَّه. يقال: ضَمِن كتابُه كذا و هو في ضِمنِه، و كان مضمون كتابه كذا.

[لقس]

*: لا يقولَنَّ أحدكم خَبُثَتْ نَفْسِي، و لكن ليَقُلْ: لَقِسَتْ نَفْسي.
يقال: لقِسَتْ نفسُه و تَمَقَّسَتْ؛ إذا غَثَتْ؛ و إنما كَرِه خَبُثت لقُبْح لفظه، و ألَّا يَنْسُب المسلمُ الخبَثَ إلي نفسه.

[لقو]

*: مَنْ أَحَبَّ لقاءَ اللّه أحبَّ اللّهُ لِقاءَه، و من كَرِه لقاء اللّه كره اللّهُ لقاءه، و الموتُ دون لقاء اللّه.
______________________________
(2) (*) [لقح]: و منه الحديث: نعم المِنْحة اللَّقِحة و في حديث ابن عباس: اللِّقاح واحد. النهاية 4/ 262.
(1) البيتان لمالك بن الريب في أساس البلاغة (لقح).
(3) (*) [لقس]: و منه في حديث عمر: و ذكر الزبير فقال: وَعْقَةٌ لَقِسٌ. النهاية 4/ 264.
(4) (*) [لقا]: و منه الحديث: إذا التقي الختانان وجب الغسل. و في حديث حكيم بن حزام: و أُخذت ثيابها-
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 208
لقاء اللّه: هو المصيرُ إلي الآخرة و طلبُ ما عند اللّه؛ فمن كره ذلك و رَكَن إلي الدنيا و آثرها كان مَلُوماً. و ليس الغرض بلقاء اللّه الموت، لأن كلًّا يكرهه حتي الأنبياء.
و قوله: الموت دون لقاء اللّه يبين أن الموتَ غيرُ لقاء اللّه. و معناه: و هو معترض دون الغرض المطلوب؛ فيجبُ أن يُصْبَر عليه، و تحتمل مشاقُّه علي الاستسلام و الإِذعان، لما كتب اللّه و قَضَي به، حتي يتخطَّي إلي الفوز بالثواب العظيم.
نهي عن التَّلَقِّي و عن ذَبْح ذات الدَّر، و عن ذبح قَنِيِّ الغنم.
هو أن يَتَلَقَّي الأَعْرَابَ تَقْدَم بالسِّلْعة، و لا تعرف سِعْرَ السوق ليبتاعها بثمنٍ رخيص.
و تلقيهم: استقبالهم.
القَنِيّ: الذي يُقْتَنَي للولد.

[لقن]

*: مكث صلي اللّه عليه و آله و سلم في الغار و أبو بكر ثلاثَ ليال يبيتُ عندهما عبدُ اللّه بن أبي بكر، و هو غلامٌ شابّ لَقِن ثَقِف، يُدْلِج من عندهما فيُصْبح مع قريش كبائتٍ، و يَرْعَي عليهما عامر بن فُهَيْرة مِنْحَة، فيبيتان في رِسْلِها و رَضِيفِها حتي يَنْعِق بها بغَلس- و روي: و صَرِيفِها.
اللِّقِن: الحسَن التلقّن لما يَسْمَعه.
الثَّقِف: الفطن الفهم؛ قال طَرَفة:
أو ما علِمْتُ غداةَ توعدني أني بخِزْيك عَالِم ثقِفُ
الرضيف: اللبن المرضوف، و هو الذي حُقن في سقاء حتي حَزَر «1»، ثم صُبَّ في قدح و أُلقِيت فيه رَضْفَة، حتي تكسِرَ من بَرْدِه و تُذهب وَخامته.
و الصَّرِيف- [من صرف]: ما انصرف به عن الضَّرْع حارّاً.
النَّعْق: دعاء الغنم بلَحْنٍ تُزْجَر به.

[لقق]

: قال صلي اللّه عليه و آله و سلم لأبي ذَرّ: ما لي أراك لَقّا بَقّاً؟ و كيف بك إذا أخرجوك من المدينة؟
و روي: لقًي بقًي.
يقال: رجل لَقّ بَقٌّ، و لَقْلَاق بَقْبَاق: كثير الكلام مُسْهِبٌ فيه.
و كان في أبي ذَرٍّ شِدّة علي الأمراء، و إغْلَاظ لهم؛ [و كان عثمان يُبْلغ عنه إلي أن استأذَنَه في الخروج إلي الرَّبَذَة فأَخْرَجه.
______________________________
- فجعلت لقّي. و في حديث أشراط الساعة: و يُلقي الشُّحُّ و في حديث ابن عمر: أنه اكتوي من اللَّقوة النهاية 4/ 266، 267، 268.
(2) (*) [لقن]: و منه في حديث الأخدود: انظروا لي غلاماً فطناً لقناً. النهاية 4/ 266.
(1) حزر: حمض.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 209
لَقَّا: منبوذاً]، و بقاً: إِتْبَاع.
و عن ابْن الأعرابي: قلت لأبي المكارم: ما قولكم: جائِع نائِع؟ قال: إنما هو شي‌ء نَتِدُ به كلامَنا.
و يجوز أن يُراد مُبْقٍي حيث ألقِيت و نُبِذْت، لا يُلْتَفَت إليكَ بعد.
و قوله: أَرَاك، حكاية حال مترقبة، كأنه استحضرها فهو يُخْبِرُ عنها؛ يعني أنه يستعمل فيما يستقبل من الزمان، مِنْ تغلط عليه و تكثر القول فيه.
و نحوه ما
يُرْوَي عن أبي ذَرًّ رضي اللّه تعالي عنه، قال: أتاني نبيُّ اللّه صلي اللّه عليه و سلم و أنا نائم في مسجد المدينة، فضَربني برِجْلِه، و قال: لا أراكَ نائماً فيه. قلت: يا نبيَّ اللّه؛ غَلَبَتْنِي عَيْني.
قال: فقال: فكيف تصنعُ إِذا أخرجت منه؟ قلت: ما أصنع يا نبيَّ اللّه! أَضرب بسيفي فقال:
أَلَا أدلُّكَ علي ما هو خير لك مِنْ ذلك و أقربُ رُشْداً؛ تسمعُ و تطيعُ، و تنساق لهم حيث سَاقُوك.

[لقط]

________________________________________
زمخشري، ابو القاسم، محمود بن عمر، الفائق في غريب الحديث، 4 جلد، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، اول، 1417 ه ق
الفائق في غريب الحديث؛ ج‌3، ص: 209
*: عمر رضي اللّه تعالي عنه- إِنَّ رجلًا من بني تميم الْتَقَطَ شَبَكَة علي ظَهْر جَلَّال بِقُلَّة الحزْن، فأتاه، فقال: يا أميرَ المؤمنين؛ اسْقِنِي شَبَكةً علي ظهر جَلَّال بقُلَّة الحَزْن. فقال عُمَر: ما تركتَ عليهما من الشَّارِبة؟ فقال: كذا و كذا.
قال الزبير بن العوام: يا أَخا تميم؛ تسألُ خيراً قليلًا. قال عُمَر: مَهْ. ما خيرٌ قليل! قِرْبَتان: قربةٌ من ماء، و قربةٌ من لبَنٍ تغاديان أهلَ البيت مِنْ مُضَر، لا، بَلْ خيرٌ كثير قد أَسْقَاكَه اللّه.
الالتقاط: العُثور علي الشي‌ء و مصادَفَتُه من غير طلب و لا احتساب، و منه قوله:
و مَنْهَلٍ وَرَدْتُه الْتِقَاطا [لم أَلْقَ إذ لقيته فُرَاطَا
إِلَّا الحمامَ الوُرْقَ و الغَطَاطَا «1»]
الشَّبَكَة: رَكايا تُحْفَر في المكان الغليظ القامةَ و القامتين و الثلاث يَحْتَبس فيها ماءُ السماء؛ سُمِّيَتْ شبكة لتجاورها و تَشَابُكها، و لا يقال للواحدة منها شَبَكة، و إنما هي اسم للجمع؛ و تجمع الجمل منها في مواضع شَتَّي شِبَاكاً، قال جرير:
سَقَي رَبِّي شِبَاك بني كُلَيبٍ إذا ما الماءُ أُسْكِنَ في البلادِ
«2» و أَشْبَك بنو فلان، إذا حفَرُوها.
______________________________
(3) (*) [لقط]: و منه في حديث مكة: و لا تحلُّ لُقْطتها إلُّا لمنشد. النهاية 4/ 264.
(1) الرجز لنقادة الأسدي في لسان العرب (فرط) و (لقط)، و بلا نسبة في إصلاح المنطق ص 68، 96، و الحيوان 3/ 433، و الكتاب 1/ 371، و لسان العرب (لغط) و (رجم).
(2) البيت في أساس البلاغة (شبك). و ليس في ديوان جرير.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 210
جَلَّال: جبل. قال الرَّاعِي:
يُهيب بأخراها بُرَيْمَةُ بعد ما بَدَا رَمْلُ جَلالٍ لهَا و عَوَاتِقُهْ
«1» قُلَّة الحَزْن: موضع.
اسقني: أي اجعلها لي سقياً و أَقْطَعْنِيها.
و قِرْبة من لبن: يعني أنَّ الإبل تَرِدُها و ترعي بقُرْبها؛ فيأتيهم الماء و اللبن.

[لقح]

: أوصي [عمر] رضي اللّه تعالي عنه عمَّاله إذا بعثهم فقال: و أَدِرُّوا لِقْحَةَ المُسْلِمِين.
اللِّقحة و اللَّقُوح: ذات اللبن من النوق، و الجمع لِقَاح.
و منه
حديث أبي ذرّ رضي اللّه عنه: إنه خرج في لِقَاح رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم، و كانت تَرعَي البيضاء؛ فأجْدَب ما هناك، فقرَّبوها إلي الغابة تُصِيب من أَثْلِها و طَرْفائها و تَعْدُو في الشجر.
قال: فإني لَفي منزلي و اللِّقاح قد رُوِّحت و عُطِّنت و حُلِبت عَتَمَتُها و نِمْنَا، فلما كان الليل أَحْدَق بنا عُيَيْنَة بن حِصْن في أربعين فارساً، و استاقُوا اللِّقاح. و كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم قال: إني أخاف عليك من هذه الضاحية أن يُغِير عليك عُيَيْنَة.
تَعْدُو: مِن الإِبل العادِية، و هي التي ترعي العُدْوَة و هي الخُلّة، قال ابن هرمة:
و لست لأَحْنَاكِ «2» العدوِّ بعُدْوَةٍ «3» و لا حَمْضَةٍ يَنْتَابُها المُتَمَلِّحُ
«4» و كأنها سميت خُلَّة، لأنها مقيمة فيها ملازمة لرَعْيها، لا تريم منها إلّا في أحايين التفكّه و التملّح بالحَمْضِ.
و يقولون: الخُلّة خبزة الإبل و الحَمْضُ فاكهتها، فكأنَّما تخالّها [فهي خُلّتُها]؛ و من ثَمَّ قيل لها عُدْوة؛ لأنها جانبها الذي أقامت فيه.
الترويح و الإِرَاحَة بمعني.
عُطِّنت: أُنيخت في مباركها؛ و أصلُ العَطَن المناخ حَوْل البئر؛ ثم صار كلُّ مُنَاخٍ عَطَنا.
العَتَمة: الحَلْبَة وقت العَتَمة، سمِّيت باسمها.
الضاحية: الناحية البارزة التي لا حائلَ دونها.
______________________________
(1) البيت في معجم البلدان لياقوت (جلال) و في ياقوت «و عوابقه» بدل «و عواتقه».
(2) الأحناك: الجماعات من الناس ينتجعون بلداً يرعونه، و يقال: ما ترك الأحناك في أرضنا شيئاً، يعني الجماعات المارة (لسان العرب: حنك).
(3) العدوة: الخلة من النبات، و يقال: الخلة خبز الإبل، و الحمض فاكهتها.
(4) تملحت الإبل: سمنت.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 211
أراد بإدْرَارِ اللَّقْحَة أن يجعلوا ما يجي‌ء منه عطاءُ المسلمين كالْفَيْ‌ءِ و الخراج غزيراً كثيراً.
لقعني في (كد). تلقفت في (من). لقس في (كل). لقلقة في (نق). لقوف في (كت). لقي في (ثب). [لقنا في (ها). لقنها في (خل)].

اللام مع الكاف

[لكع]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- يَأْتِي علي النَّاسِ زَمَانٌ يكونُ أَسْعَدُ الناس فيه لُكَع بن لُكَع، و خير الناس يومئذٍ مؤمن بين كريمين.
هو معدول عن أَلْكع. يقال: لَكِع لَكَعاً فهو أَلْكَع. و أصله أن يقعَ في النداء، كفُسَق و غُدَر؛ و هو اللَّئيم. و قيل: الوَسِخ، من قولهم: لَكِع عليه الوسخ و لَكِث، وَ لَكِد؛ أي لَصق.
و قيل: هو الصغير.
و
عن نوح بن جَرِير: إنه سئل عنه فقال: نحن أرباب الحمير، نحن أعلم به، هو الجحْشُ الراضع.
و منه
حديثه صلي اللّه عليه و سلم: إنه طلب الحسن فقال: أَ ثَمَّ لُكَع، أ ثَمَّ لُكع؟
و منه
قول الحسن رحمه اللّه: يا لُكَع
؛ يُريد يا صغيراً في العلم.
الكريمان: الحج و الجهاد. و قيل: فَرَسان يغزو عليهما. و قيل: بعيران يستقي عليهما. و قيل: أبَوان كريمان مؤمنان.
الحسن رحمه اللّه تعالي- جاءه رجلٌ، فقال: إنَّ هذا ردَّ شهادتي- يعني إِياس بن معاوية- فقام معه فقال: يا مَلْكَعَان؛ لِمَ رددتَ شهادةَ هذا؟
هذا أيضاً مما لا يكاد يقعُ إلّا في النداء. يقال: يا مَلْكَعَان، و يا مَرْتَعان، و يا مَحْمَقَان.
أراد حداثةَ سنه أو صغره في العلم.

[لكد]

: عطاء رحمه اللّه تعالي- قال له ابن جُرَيج: إذا كان حَوْلَ الجُرْحِ قَيْحٌ و لَكَدٌ؟
قال: أَتْبِعه بصُوفَةٍ أو كُرْسُفَة فيها ماءٌ فاغْسِلْه.
المراد التزاق الدمّ و جُموده. يقال: أَكَلْتُ الصَّمْغ فلَكِدَ بفَمي.
يا لَكْعَاءَ في (كم).
______________________________
(1) (*) [لكع]: و منه في حديث عمر: أنه قال لأمة رآها: يا لكعاء أتتشبهين بالحرائر؟. و في حديث سعد بن عبادة: أرأيت إن دخل رجل بيته فرأي لكاعاً قد تفخذ امرأته. النهاية 4/ 269.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 212‌

اللام مع الميم

[لمم]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- أَنَّ امرأةً أَتَتْه فشكَتْ إليه لَمَماً بابنتها؛ فوصف لها الشُّونيز «1»، و قال: سينفع من كلِّ شي‌ء إلّا السَّامَ.
هو طَرَف من الجنون يُلِمّ بالإنسان.
السَّام: الموت.

[لملم]

: عن سُوَيد بن غَفَلة رحمه اللّه تعالي: أَتانا مُصَدِّقُ النبي صلي اللّه عليه و سلم، فأتاه رجلٌ بناقة مُلَمْلَمَة فأبي أَنْ يأخذها.
هي المستديرة سِمَناً، من قولهم: حجر مُلَمْلَم؛ إذا كان مستديراً. و هو من اللَّمِّ الذي هو الضم و الجمع. يقال: كتيبة مَلْمُومة، قال:
* لما لَمَمْنَا عِزَّنا الْمُلَمْلَمَا*
ردّها لأنه مَنْهِيٌّ عن أَخْذ الخِيار و الرُّذَال.

[لمم]

: في ذِكْرِ أهلِ الجنة: و لو لا أنه شي‌ء قضاه اللّه لأَلَمَّ أن يذهبَ بصرُه لِمَا يري فيها.
أي لكاد و قَرُب؛ و هو من الإلمام بالشي‌ء.

[لمه]

*: عمر رضي اللّه تعالي عنه- خطب الناس، فقال: يأيها الناس؛ لينكح الرجلُ لُمَتَه مِنَ النساء، و لتَنْكح المرأة لُمَتها من الرجال.
اللُّمَة: المثل في السنّ. و هي مما حذف عينه، كسَهٍ و مُذْ، فُعلة من الملاءمة [و هي الموافقة]؛ أَلَا تري إلي قولهم في معني اللّمَة اللَّئيم. يقال: هو لُمتِي و لئيمي، و منها قيل:
إنّ فيه لُمَة لك؛ أي أسْوَة. و قيل للأصحاب الملائمين: لُمة.
و
في الحديث: لا تسافروا حتي تُصِيبوا لُمَة.
و
في حديث فاطمة رضي اللّه تعالي عنها: إنها خرجت في لُمَة من نسائها تتوطَّأُ ذيْلها حتي دخلَتْ علي أبي بكر.
سببُ ما خَطَب به عُمَر أَنَّ شابة زُوِّجت شيخاً فَقتلَتْه.
______________________________
(2) (*) [لمم]: و منه في حديث الدعاء: أعوذ بكلمات اللّه التامة من شر كل سامّة، و من كل عين لامَّة. و في حديث الإفك: و إن كنت ألمَمْت بذنب فاستغفري اللّه. و في حديث المغيرة: تأكل لمَّاً و توسع ذمّاً.
النهاية 4/ 272، 273.
(1) الشونيز: الحبة السوداء.
(3) (*) [لمه]: و منه في حديث علي: إلّا و إن معاوية قاد لُمّةً من الغواة. النهاية 4/ 274.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 213‌

[لمظ]

*: علي رضي اللّه تعالي عنه- إنّ الإيمان يَبْدُو لُمْظَة في القلب، كلما ازدَاد الإيمان ازدادت اللُّمْظَة.
هي كالنّكتة من البياض؛ من الفرس الأَلْمَظ، و هو الذي يشْرَب في بِيَاض- عن أبي عُبيدة. و منه قيل: اللُّمْظة للشي‌ء اليسير من السَّمْن تَأخُذه بإصبعك.

[لمع]

*: ابن مسعود رضي اللّه تعالي عنه- رأي رجلًا شَاخِصاً بصرُه إلي السماء في الصلاة؛ فقال: ما يَدْرِي هذا! لعل بَصَره سيُلْتَمَعُ قبل أن يَرْجع إليه.
أي يُخْتَلَس، و منه التُمِع لونه و التُمِي‌ءَ؛ إذا ذهب، قال مالك بن عَمْرٍو التنوخي:
ينظر في أوجه الركاب فما يَعْرِفُ شيئاً فاللَّون مُلْتَمع
و يقال: امتَلعه و امتَعَله و التمعه بمعني اختلسه. و ألمع به مِثْلُها.

[لمم]

: في الحديث: اللهم الْمُمْ شَعَثَنَا.
أي اجمع ما تشعَّث؛ أي تشتّت من أَمْرِنا و تَفَرَّق.
تلمع في (بج). أو يلم في (زه). و الملامسة في (نب). تلمع في (وك). لما في (زو).

اللام مع الواو

[لوب]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- حرَّم ما بَيْنَ لَابتي المدينة.
اللابَة: الحرَّة، و جمعها لَابٌ و لُوب. و الإِبلُ إذا اجتمعت و كانت سُوداً سُمِّيَتْ لابَة؛ و هي من اللَّوَبَان. و هو شدّةُ الحرّ؛ كما أن الحَرَّة من الحرِّ.

[لوي]

*: لَيُّ الوَاجِدِ يُحِلُّ عقوبتَه و عِرْضَه.
يقال: لَوَيْت دَيْنه لَيّاً و لَيّاناً، و هو من اللَّيّ؛ لأنه يمنعه حقه و يَثْنِيه عنه. قال الأعشي:
يَلْوِينَنِي دَيْنِي النَّهَار وَ أَقْتَضِي دَيْنِي إذا وَقَذَ النُّعَاسُ الرُّقَّدَا
«1»
______________________________
(2) (*) [لمظ]: و منه في حديث أنس في التحنيك فجعل الصبي يتلمَّظ. النهاية 4/ 271.
(3) (*) [لمع]: و منه الحديث: إذا كان أحدكم في الصلاة فلا يرفع بصرة إلي السماء يلتمع بصره. و في حديث لقمان: إن أرَ مطمعي فحدوٌّ تَلَمَّع. النهاية 4/ 271.
(4) (*) [لوب]: و منه في حديث عائشة و وصفت أباها: بعيد ما بين اللابتين. النهاية 4/ 274.
(5) (*) [لوي]: و منه الحديث: لواء الحمد بيدي يوم القيامة. و في حديث أبي قتادة: فأنطلق الناس لا يلوي أحد علي أحدٍ. و في حديث ابن عباس: إن ابن الزبير لوي ذنبه. و في حديث الاختمار: ليَّةً لا ليتين.
و الحديث: إياك و اللَّوِّ فإن اللَّوِّ من الشيطان. النهاية 4/ 279، 280.
(1) البيت في ديوان الأعشي ص 227، و في الديوان «و أجتزي» بدل «و أقتضي».
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 214
الواجد «1»: من الوُجْد و الجِدَة.
العقوبة: الحبس و اللّز.
و العِرْضُ: أَن تأخذَه بلسانه في نفسه لا في حَسَبِه.
و
في حديثه صلي اللّه عليه و سلم: لصاحب الحق اليد و اللسان.

[لوص]

*: قال عثمان لعمَر رضي اللّه تعالي عنهما: سمعتُ رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم يقول: إني لأعلم كلمةً لا يقولُها عبدٌ حقّاً من قلبه فيموت علي ذلك إلّا حُرِّم علي النار؛ فَقُبِض و لم يبينها لنا. فقال عمر: أنا أخبرُك عنها؛ هي التي أَلَاص عليها عَمَّه عند الموت: شهادة أن لا إله إلّا اللّه.
أَي أَرَاده عليها و أَرادها منه.

[لوث]

*: و
عن أبي ذرٍّ رضي اللّه تعالي عنه: كُنَّا مع رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم إذا الْتَاثَتْ رَاحِلَة أَحَدِنا طَعَن بالسِّرْوَةِ في ضَبْعها.
أي أبطأَتْ؛ من اللُّوثة و هي الاسترخاء. و رجل ألوث: بطي‌ء، و سحابة لَوْثَاء «2».
قال:
* ليس بمُلْتَاث و لا عَمَيْثَلِ «3» *
السُّروة- بالكسر و الضم: النَّصْل المدوّر. قال النمر بن التولب:
و قد رَمَي بسُراهُ اليومَ مُعْتَمِداً في المنْكِبَيْنِ و في الساقَيْن و الرَّقَبَه
«4» الضبع: العَضد.

[لوي]

: قال صلي اللّه عليه و آله و سلم في صفة أَهل الجنة: و مَجَامِرُهم الأَلُوَّة.
و
عن ابن عمر رضي اللّه تعالي عنهما: إنه كان يستَجْمِرُ بالأُلُوَّة [غير مُطَرَّاة]، و الكافور يطرحه مع الأَلوّة، ثم يقول: هكذا رأيت النبي صلي اللّه عليه و سلم يَصْنع.
الأَلُوَّة: ضرب من خيار العود و أجوده- بفتح الهمزة و ضَمِّها؛ و لا يخلو من أن يقضَي
______________________________
(1) الواجد: الغني الذي لا يفتقر، من وجد يجد جدة، أي استغني غنيً لا فقر بعده (لسان العرب: وجد).
(5) (*) [لوص]: و منه الحديث: أنه قال لعثمان: إن اللّه سيقمصك و إنك تلاص علي خلعه. النهاية 4/ 276.
(6) (*) [لوث]: و منه الحديث: أن رجلًا كان به لوثاً فكان يغبن في البيع. و في حديث الأنبذة: و الأسقية التي تلاث علي أفواهها. النهاية 4/ 275.
(2) سحابة لوثاء: أي بها بطء.
(3) الرجز لأبي النجم في لسان العرب (عمثل)، و الملتثات: الأحمق، و العميثل: البطي‌ء.
(4) البيت في لسان العرب (سرا).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 215
علي همزتها بالأَصالة؛ فتكون فَعْلُوَة كعَرْقُوَة، أو فُعْلوة كعُنْصُوَة؛ أو بالزيادة فتكون أفْعلة كأَنملة، أو أُفعلة كأُبلُمة؛ فإن عُمِل بالأول و ذُهب إِلي أنها مشتقّة من أَلَا يَأْلُو كأنها التي لا تألو أرِيجاً و ذكاء عَرْفٍ كان ذلك من حيث أنَّ البناء موجود و الاشتقاق قريب جائز، إلّا أن مانعاً يعترض دون العمل به؛ و ذلك قولهم: لُوَّة و لِيَّة. فالوجه الثاني إذاً هو المعوَّل عليه.
فإِن قلت: فمِمّ اشتقاقها؟ قلت: من لَوْ المتمنَّي بها في قولك: لو لقِيت زيداً! بعد ما جُعِلت اسماً و صَلُحَتْ لأنْ يشتقَّ منها كما اشتق من إنّ فقيل: مِئَنّة؛ كأنها الضرب المرغوب فيه المتنَّي، و قد جمعوا الأَلوة أَلَاويَة. و الأصل إلاوٍ، كأسَاقٍ، فزيدت التاءُ زيادتها في الحزونة، قال:
بِسَاقين سَاقَيْ ذِي قِضِين تَشُبُّها بأَعْوَادِ رَنْدٍ أو ألَاوِيَة شُقْرَا
«1» و قوله: و مَجَامرهم، يريد وَ عُودُ مجامرهم.

[لوط]

*: أبو بكر رضي اللّه تعالي عنه- قال: و اللّه إنَّ عُمَر لأَحبُّ الناس إليّ. ثم قال: كيف قلت؟ قالت عائشة: قلت: و اللّه إِنّ عمر أحبُّ الناس إليّ. فقال: اللهم أَعَزّ! وَ الوَالدُ أَلْوَطُ.
أي أَلصقُ بالقلب و أحبّ، و كل شي‌ء لَصق بالشي‌ء فقد لاط به.

[لوث]

: إنَّ رجلًا وقف عليه رضي اللّه عنه فلاث لَوْثاً من كلام في دَهَش. فقال أبو بكر: قُمْ يا عُمَر إلي الرجل فانْظُر ما شَأْنه. فسأله عمر، فذكر أنه ضافة ضيف فزني بابنته.
قال بَعْضُ بني قيس: لاث فلان لسانَه بمعني لاكه؛ أي لم يبيِّن كلامه. و لاثَ كلامه إذا لم يصرِّح به إمَّا حياء و إما فَرَقاً، كأنه يلوكه و يَلْوِيه.
و الألْوَث: العَيِيّ الذي لا يُفهم منطقه. يقال: فيه لُوثة أي حُبسَة.

[لوط]

: علي بن الحسين عليه السلام: المُسْتَلَاط لا يَرِث، و يُدْعَي له و يُدْعَي به.
هو اللقيط المُسْتَلْحَق النَّسَبِ؛ من اللّوط، و هو اللصوق.
يُدْعَي له: أي ينسب إليه؛ فيقال: فلان ابن فلان.
و يُدْعَي به: أي يُكني الرجلُ باسم المستَلَاط؛ فيقال: أبو فلان.

[لون]

*: ابن عبد العزيز رحمه اللّه تعالي- كتب في صدقة التُّمْرَان يُؤْخَذ في البَرْنِيّ من البَرْنِيّ، و في اللَّوْن من اللَّوْن.
______________________________
(1) البيت بلا نسبة في لسان العرب (ألا).
(2) (*) [لوط]: و منه في حديث ابن عباس: إن كنت تلوط حوضها. و في حديث أشراط الساعة: و لتقومنَّ و هو يلوط حوضه. و في حديث عائشة في نكاح الجاهلية: فالتاط به و دُعي ابنه. النهاية 4/ 277.
(3) (*) [لون]: و منه في حديث جابر و غرمائه: اجعل اللّون علي حِدَتِه. النهاية 4/ 278.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 216
هو الدَّقَل «1»، و جمعه ألْوان. يقال: كثُرت الألوان في أرض بني فلان، يعنون الدَّقَل؛ فإذا أرادوا كثْرَة ألوان التمر من غير أن يقصدوا إلي الدَّقَل قالوا: كثر الجمع في أرض بني فلان. و أهل المدينة يسمُّون النخل كلُّه ما خلا البَرْني و العَجْوة الألْوان.
و يقال الليِّنة و اللونَة: النخلة. قال اللّه تعالي: مٰا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ [الحشر: 5]. أراد أن تُؤْخَذ صدقةُ كل صنف منه و لا تُؤْخَذ من غيره.

[لوي]

: قتادة رحمه اللّه تعالي- ذكر مَدَائِنَ قوم لوط، فقال: ذُكِر لنا أن جبرائيل أخذ بِعُرْوتها الوسطي، ثم أَلْوَي بها في جَوِّ السماء حتي سمعت الملائِكةُ ضَوَاغِي كِلَابها، ثم جَرْجَمَ بعضَها علي بعض، ثم اتبع شُذَّان القوم صَخْراً منضوداً.
أي ذهب بها.
الضَّواغِي: جمع ضَاغِية، و هي الصائحة.
جَرْجَم: أَسْقَطَ و صَرَع، قال العجَّاج:
* كأَنهُمْ من فَائِظٍ مُجَرْجَمِ «2» *
شُذَّانِهم: مَنْ شذَّ منهم، و خرج من جماعتهم. و هذا كما رُوي أنَّها لما قُلِبت عليهم رمي بقاياهم بكل مكان.

[لوط]

: كان بنو إسرائيل يَتِيهون في الأَرْض أرْبعين سنة إنما يشربون ما لَاطُوا.
من لَاط حَوْضه إذا مَدَره؛ أي لم يُصِيبوا ماء سَيْحاً، إنما كانوا ينزحون الماء من الآبار فيقْرُونَه في الحِياض.
استلطتم في (صور). ستلاص في (قم). اللاعة في (ثم). [لاح في (دح)]. لُوّق في (رف). لَوّي في (خو). تلوط في (من). اللابتين في (سح).

اللام مع الهاء

[لهق]

: النبي صلي اللّه عليه و سلم- كان خُلُقه سجيَّةً و لم يكن تَلَهْوُقاً.
أي طبيعة، و لم يكن تكلفاً.
و التَّلَهْوُق: أن يتزيّن بما ليس فيه من خُلُق و مروءة، و يَدَّعي الكرم و السخاء بغير بيّنة.
و عندي أنه تَفَعْوُل من اللَّهق، و هو الأبيض؛ فقد استعملوا الأبيض في موضع الكريم لنقاء عِرْضه مما يدنِّسه من ملامات اللِّئام.
______________________________
(1) الدقل: أردأ التمر.
(2) الرجز في لسان العرب (جرجم).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 217‌

[لهو]

*: سألت رَبِّي اللَّاهِين من ذريَّة البشر أن لا يعذِّبهم فأعطانيهم.
هم البُلْه الغَافِلون: و قيل: الذين لم يتعمدوا الذَّنْب؛ و إنما فَرَط منهم سَهْواً و غَفْلة.
يقال: لَهِيَ عن الشي‌ء؛ إذا غفل و شُغِل.
و منه
حديث ابن الزبير رضي اللّه عنه: إنه كان إذا سمع صوتَ الرعد لَهِيَ عن حديثه، و قال: سبحانَ مَنْ يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَ الْمَلٰائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ.
و منه
حديث الحسن رحمه اللّه: إنه سأله حُميد الطويل عن الرجل يجد البَلَل. فقال:
الْهَ عنه. فقال: إنه أكثر من ذلك. فقال: أتستدره لا أبا لك! الْهَ عنه.
[الأصلُ في قولهم: لا أَبَا لَكَ]، و لا أمّ لك نفيُ أن يكونَ له أبٌ حرٌّ و أمٌّ حرة؛ و هو المُقْرف و الهَجِين المذمومان عندهم. ثم استُعْمِل في موضع الاستقصار و الاستبطاء، و نحو ذلك، و الحث علي ما ينافي [حال] الهُجَنَاء و المَقَارِف «1».
عمر رضي اللّه تعالي عنه- أخذ أربعمائة دينار فجعلها في صُرَّة، ثم قال للغلام: اذهب بها إلي أبي عبيدة بن الجرَّاح ثم تَلَهَّ ساعةً في البيت، ثم انظر ما يصنعُ بها. قال: ففرَّقَها.
هو تَفَعَّل؛ من لَهَا عن الشي‌ء، و منه قوله تعالي: فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهّٰي [عبس: 10].

[لهد]

: ابن عمر رضي اللّه تعالي عنهما- لو لقيتُ قاتلَ أبي في الحَرَم ما لَهَدْتُه- و روي: ما هِدْتُه، و ما نَدَهْتُه.
لَهَدته: دَفعته؛ و رجل مُلَهَّد: مدَفَّع مذلَّل، قال طرفة:
* ذَلول بأجماع الرجال مُلَهَّدُ «2» *
و يقال: جهد القوم دوابهم و لَهَدوها.
و هِدْته: حرّكته، و هادَنِي كذا: أقلقني و شخص بي، و لا يَهِيدنَّكَ هذا الأمر.
ندَهْتُه: زَجَرته.

[لهث]

*: سعيد رحمه اللّه تعالي- قال- في الشَّيْخ الكبير و المرأة اللَّهْثي و صاحب العُطَاش: إنهم يُفْطِرون في رمضان، و يُطْعِمون.
______________________________
(3) (*) [لهو]: و منه الحديث: ليس شي‌ءٌ من اللهو إلّا في ثلاث. و في حديث سهل بن سعد: فلهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم بشي‌ء كان بين يديه. و في حديث الشاة المسمومة: فما زلت أعرفها في لهوات رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم. النهاية 4/ 282، 283، 284.
(1) المقرف من الفرس و غيره: ما يداني الهجنة أي أمة عربية لا أبوه، لأن الإقراف من قبل الفحل، و الهجنة من قبل الأم (لسان العرب: قرف).
(2) البيت في ديوان طرفة ص 40، و لسان العرب (لهد)، و في اللسان «ذليل» بدل «ذلول».
(4) (*) [لهث]: و منه في حديث علي: في سكرة ملهثة النهاية 4/ 281.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 218
من اللّهاث «1»؛ و هو شدة العَطَش؛ من لَهثَ الكلب؛ إذا أَدْلَع لسانه «2» من شدَّة الحرِّ و العطش. قال:
ثم استَقَوْا بسفارهم لِلُهَاثها كالزَّيْتِ فيه قُرُوصَةٌ و سَوَادُ
«3»

[لهز]

*: عَطَاء رحمه اللّه تعالي- سأل رجلٌ عن رجل لَهَزَ رجلًا لَهْزَةً فقطع بعضَ لسانه فعَجُم كَلَامُه، فقال: يُعْرَضُ كلامُه علي المُعْجَم، و ذلك تسعة و عشرون حرفاً، فما نقص كلامُه من هذه الحروف قسِّمَت عليه الدِّيَة.
اللَّهز: الضرب بجُمْعِ الكف في الصدر و في الحَنَك. و منه لَهزَه القتير «4».
المعجم: حروف ا ب ت ث، سمي بذلك من التَّعْجيم؛ و هو إزالة العُجْمَة بالنَّقْط، كالتَّقْريع و التَّجْلِيد «5».

[لهف]

*: في الحديث: اتقوا دَعْوَة اللَّهْفَان.
هو المكروب، من لَهِف لَهفاً فهو لَهْفَان، و لُهِف لَهَفاً فهو مَلهُوف.
لهازمها في (نس). لهبرة في (شه). [اللهوة في (خش). اللهزمة في (زو). لهجة في (خض). و لا الهب في (جد). من بني لهب في (شع)].

اللام مع الياء

[ليط]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- كتب لثَقِيف حين أسلموا كتاباً فيه: إنّ لهم ذمةَ اللّه، و إنَّ واديَهُم حرام عِضَاهه و صَيْدُه و ظلم فيه، و إنّ ما كان لهم من دَيْن إلي أجل فبلغ أَجلَه فإنه لِيَاطٌ مبَرَّأٌ من اللّه. و إن ما كان لهم من دَيْن في رَهْن وراء عُكَاظ فإنه يُقْضي إلي رأسه و يُلاط بعُكاظ و لا يُؤَخر.
______________________________
(1) اللهاث، بالفتح: حر العطش، و قد لهث، كسمع، و لهث، كمنع، لهثاً و لهاثاً، بضم اللام: أخرج لسانه عطشاً أو تعباً أو إعياء (القاموس المحيط: لهث).
(2) أدلع لسانه: أخرجه.
(3) البيت في أساس البلاغة (لهث).
(6) (*) [لهز]: و منه في حديث النوح: إذا ندب الميت و كل به ملكان يلهزانه. في حديث أبي ميمونة: لهزتُ رجلًا في صدره النهاية 4/ 281.
(4) لهذه القتير: خالطه الشيب (القاموس المحيط: لهز).
(5) التقريع: معالجة الفصيل من التقرع، و تجليد الجزور نزع جلدها.
(7) (*) [لهف]: و منه الحديث: كان يحب إغاثة اللهفان. و الحديث: تُعين ذا الحاجة الملهوف النهاية 4/ 282.
(8) (*) [ليط]: و منه في كتابه لوائل بن حجر: في التِّيعة شاة لا مُقْورَّة الألياط. النهاية 4/ 285.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 219
يقال: لاط حبُّه بقلبي يَلُوط و يَلِيط. و عن الفراء: هو أَلْيَط بالقلب منك، و ألوط، و هذا لا يَلِيط بك؛ أي لا يليق.
و اللياطُ حقُّه أن يكونَ من الياء، و لو كان من الواو لقيل لِوَاط. كما قيل: قوام، و جِوَار.
و المراد به الرِّبا لأنه شي‌ء لِيط برأس المال، و كلُّ شي‌ء أُلْصقَ بشي‌ء فهو لِيَاط، يعني ما كانوا يُرْبُون في الجاهلية أبطله صلي اللّه عليه و آله و سلم، و ردَّ الأمر إلي رأس المال. كقوله تعالي: فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوٰالِكُمْ [البقرة: 279].

[ليس]

*: ما مِنْ نبيّ إلّا و قد أَخْطَأَ أَوْ هَمّ بخطيئة ليس يحيي بن زكريا.
ليس تقع في كلمات الاستثناء، يقولون: جاءني القوم لَيْسَ زَيْداً، [كقولهم: لا يكون زيداً]، بمعني إلّا زيداً. و تقديره عند النحويين: ليس بعضُهم زيداً، و لا يكونُ بعضهم زيداً، و مؤداه مُؤَدي إلَّا. قال الهذلي:
لا شي‌ء أسرع مني لَيْسَ ذا عُذر أو ذَا سَبيب بأعلي الرَّيْدِ خَفَّاق
و منه
حديثه صلي اللّه عليه و آله و سلم: إنه قال لزيد الخيل: ما وصِف لي أَحدٌ في الجاهليَّة فرأيتُه في الإسلام إلّا رأيته من دون الصّفة لَيْسَك.
و في هذا غرابة من قِبَل أن الشائِع الكثير إيقاعُ ضمير خبر كان و أخواتها منفصلًا، نحو قوله:
لئن كان إياه لقد حال بَعْدَنا [عن العَهْدِ و الإِنسان قد يتغيَّرُ «1»]
و قوله:
ليس إيَّايَ و إيا كَ و لا نَخْشَي رَقِيبا
«2»
______________________________
(3) (*) [ليس]: و منه في حديث أبي الأسود: فإنه أهْيَسُ ألْيَسُ. النهاية 4/ 285.
(1) البيت من الطويل، و هو لعمر بن أبي ربيعة في ديوانه ص 94، و تخليص الشواهد ص 93، و خزانة الأدب 5/ 312، 313، و شرح التصريح 1/ 108، و شرح المفصل 3/ 107، و المقاصد النحوية 1/ 314، و بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 102، و شرح الأشموني 1/ 53، و المقرب 1/ 95.
(2) البيت من مجزوء الرمل، و هو لعمر بن أبي ربيعة في ديوانه ص 67، و خزانة الأدب 5/ 322، و بلا نسبة في شرح المفصل 3/ 75، 107، و الكتاب 2/ 358، و لسان العرب (ليس)، و المقتضب 3/ 98، و المنصف 3/ 62.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 220
و نحو قوله:
عهدي بقَوْمي كعَدِيد الطَّيْس «1» قد ذَهبَ القوم الكرامُ لَيْسِي
«2» و
في الحديث: كلُّ ما أَنْهَر الدَّمَ فكُل. لَيْسَ السِّنَّ و الظُّفْرَ.

[ليط]

: عمر رضي اللّه عنه- كان يَلِيط أولادَ الجاهلية بآبائهم- و روي: بمن ادَّعاهم في الإسلام؛ أي يُلْحِقهم بهم.
و أنشد الكسائي:
رأَيتُ رِجَالًا لَيَّطُوا وِلْدَةً بهم و ما بينهم قُرْبَي و لا هم لهمُ وُلْدُ
«3» ابن عباس رضي اللّه تعالي عنهما- قال له رجل: بأي شي‌ء أُذَكِّي إن لم أَجِدْ حَدِيدَة؟
قال: بليطةٍ فالية.
اللِّيط: قِشْرُ القصب اللازِق به، و كذلك لِيط القناة، و كلّ شي‌ء كانت له صلابة و متانة فالقطعة منه لِيطَة.
فَالِية: قاطعة.

[لين]

*: ابن عمر رضي اللّه تعالي عنهما- خيارُكم أَلَايُنكم مناكِبَ في الصَّلاة.
جمع أَلين، و المراد السكون و الوقار و الخشوع.

[ليي]

*: معاوية رضي اللّه تعالي عنه- دخل عليه و هو يَأْكُل لِيَاء مُقَشّي.
هو شي‌ء كالحِمْص شديد البياض. و يقال للمرأة إذا وصفت بالبياض كأنها اللِّياء.
و قيل: هو اللوبياء.
و اللِّياء أيضاً: سمكة في البحر يتَّخذ منها التِّرسَة، فلا يَحِيك فيها شي‌ء و لا يجوز.
______________________________
(1) اختلفوا في تفسير الطيس، فقال بعضهم: كل ما ظهر علي الأرض من الأنام فهو من الطيس، و قال بعضهم: بل هو كل خلق كثير النسل كالنمل و الذباب و الهوام، و قيل: يعني الكثير من الرمل (لسان العرب: طيس).
(2) الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص 175، و خزانة الأدب 5/ 324، 325، و الدرر 1/ 204، و شرح التصريح 1/ 110، و شرح شواهد المغني 2/ 488، 769، و لسان العرب (طيس)، و المقاصد النحوية 1/ 344، و بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 108، و تخليص الشواهد ص 99، و الجني الداني ص 150، و جواهر الأدب ص 15، و خزانة الأدب 5/ 396، 9/ 266، و سر صناعة الإعراب 2/ 32، و شرح الأشموني 1/ 55، و شرح ابن عقيل ص 60، و شرح المفصل 3/ 108، و لسان العرب (ليس)، و مغني اللبيب 1/ 171، 2/ 344، و همع الهوامع 1/ 64، 233.
(3) البيت بلا نسبة في أساس البلاغة (ليط).
(4) (*) [لين]: و منه الحديث: يتلون كتاب اللّه ليِّناً. النهاية 4/ 286.
(5) (*) [ليي]: و منه الحديث: أن رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم أكل لياءً ثم صلي و لم يتوضأ. و في حديث المطل: ليُّ الواجد. النهاية 4/ 286، 287.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 221
قال:
يخضِمْنَ هامَ القوم خَضْمَ الحَنْظَلِ و القرعَ من جِلْدِ اللِّيَاء المُصْمَلِ
مقَشّي: مقشَّر. يقال: قشَوْتُ الشي‌ء و قَشَرْته.

[ليث]

: ابن الزبير- كان يُوَاصل ثلاثاً ثم يُصْبح و هُو أَلْيَثُ أصْحابه.
أي أشدهم و أجلدهم، من اللِّيْث.
عن رسولَ اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: إنه كان ينهي عن صَوْمِ الوِصَال.
و
عنه أن كَان يُوَاصِل و ينهي عن الوِصال، و يقول: لستُ كأحدكم؛ إني أظلُّ عند ربي [فيُطْعِمنِي] و يَسْقِيني.
فمعناه أنه كان يُوَاصِلُ ثلاثاً من غير إفطار بفطور يسدُّ الجوع، و لكن بتمرة أو بشَرْبةِ ماءٍ. و
قرأت في بعض التواريخ أنَّ عبد اللّه كان يصوم عشرة أيام مُوَاصلة، ثم يُفْطِر بالصبر ليفتق أَمْعَاءَه.
لينة في (عر). الياط في (أب). أَلْيَس و لَيْنَة في (هي). [لية نفسه في (ال)].
[آخر اللام]
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 222‌

حرف الميم

الميم مع الهمزة

[مأق]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- كان يَكْتَحِل من قِبَل مُوقِهِ مرَّة و مِنْ قِبَل مَاقِهِ مرَّة.
قال أبو الدُّقَيْشِ: مُؤْق العين: مُؤخرها، و مَأْقُها: مُقَدَّمها. و قال: آماق العين مآخيرها، و مَآقِيها مَقادِمها. و عن أَبي خَيْرة: كل مدمع مُؤْق من مقدم العين و مُؤَخَّرها. قال اللَّيْثُ: و وافق الحديثَ قولُ أبي الدُّقَيْش.
و قال الأَصمعي: مَأقِي و مُؤْقِي، و كلاهما يصلح أن يكونَ واحد المَآقِي.
و من المأْقِي
حديثه صلي اللّه عليه و آله و سلم: إنه كان يمسح المَأْقِيَيْنِ.
و قال أبو حية النميري:
إذا قلتُ يفني مَاؤُها اليومَ أصبَحتْ غَداً و هي ريّا المأْقِيَيْنِ نضوحُ
و يقال: مَئِق مَأَقاً و مَأَقَةً فهو مَئِق؛ إذا بكي. و قدم علينا فلان فامْتَأَقْنَا إليه، و هو شِبْه التَّباكِي إليه لطول الغَيْبَة؛ أُخذ ذلك من المُؤْقِ لأنه مجري الدمع. و الياء فيما حكاه الأصمعي مَزِيدة، و في بعض نسخ الكتاب عند قوله: و ليس في الكلام فِعْليّ كما تري إلّا بالهاء، يعني زِبْنِيَة «1» و عِفْرِيَة، و لا فَعْلِي و لا فُعْلِي؛ قالوا: مَأْقي، فمَأْقِي [وزنه] فَعْلِي و مُؤْقِي [وزنه] فُعْلِي، و هما نادران لا نظير لهما، و يجوز تخفيفُ الهمزة في جميعها. و قد رُوِي المُقي في معني الآماق. قال بعض بني نُمَير:
لعَمْرِي لئِن عيني من الدَّمْعِ أَنزحت مُقَاها لقد كانَتْ سَرِيعاً جُمُومها
و ينبغي أن يكونَ مقلوباً من الموق، كالفُقَي من الفُوق. و ليس لزاعم أن يزعم أنَّ مأقي غيرَ مهموز مأخوذ من المقي، علي [وزن] فَاعِل كقاضٍ؛ لأنّهم يهمزونه في الشائع، و في
______________________________
(2) (*) [مأق]: و منه في حديث طهفة: ما لم تضمروا الإماق. النهاية 4/ 289.
(1) الزبنية: كل متمرد من الجن و الإنس.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 223
مُؤْقي هذا، و أَنه تَرْكُ مثالٍ غريب إِلي مِثْلِهِ في الغَرَابة.
الإماق في (صب). المائة البقرة في (بج).

الميم مع التاء

[متخ]

: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- أتي بأبي شُمَيْلَة و هو سَكْرَان فقبضَ قَبْضَةً من ترَاب فضرب بها وَجْهَه، ثم قال: اضربُوه، فضربوه بالثياب و النِّعَال و المَتِّيخة-
و روي: أُتِي بشارب فأمرهم بجَلْدِه؛ فمنهم مَنْ جَلده بالعَصَا، و منهم من جَلَدَه بالنَّعْل، و منهم من جَلَدَه بالمِتِّيخة.
و روي: خرج و في يده مَتْيَخة في طرفها خُوصٌ معتمداً علي ثابت بن قيس.
عن أبي زيد: المِتّيخة و المَتِّيخة. العصا. و عن بعضهم: المِتِّيخَة المطرق من سَلَم، علي مثال سِكِّينة بتشديد التاء.
و المِطْرَق: اللَّيِّن الدقيق من القَضْبان، و يكون المِتّيخ من الغُبَيْرَاء «1»؛ و هو ما لَانَ و لَطُف من المَطَارق، و كل ما ضُرِب به مِتِّيخَة من دِرَّة أو جَرِيدة أو غير ذلك؛ من مَتَخ اللّه رقبَته، و مَتَخَه بالسهم إذا ضَرَبه، و قالوا في المِتْيَخة: إنها من تَاخَ يَتُوخ، و ليس بصحيح؛ لأنها لو كانت منه لصحَّت الواو، كقولك: مِسْوَرة «2» و مِرْوَحَة و مِحْوَقة «3»، و لكنها مِنْ طَيَّخَهُ العذاب؛ إِذا ألحَّ عليه، و دَيَّخَه إذا ذَلَّلَه، لأنّ التاء أخت الطاء و الدال، كما اشتقّ سيبويه قولهم: جمل تَرَبُوت من التَّدْرِيب، و ليس لهذا الشأن إلّا الحذَّاق من أصحابنا الغَاصَةِ علي دقائق علم العربية و لَطَائِفة التي يجفو عنها و عن إدراكها أكثر الناس.

[متع]

*: عمر رضي اللّه تعالي عنه- قال مالك بن أوس بن الحَدَثَان: بينا أَنا جالس في أهلي حِينَ مَتَع النهار إذا رسولُه، فانطلقتُ حتي أَدْخُل عليه، و إذا هو جالس في رُمالِ سرير.
أي تَعَالي النهار، من الشي‌ء الماتع؛ و هو الطويل. و منه: أمتع اللّهُ بك. قال المسيَّب بن عَلَس:
و كأن غِزْلَان الصَّرَائِم إذْ مَتَع النهار و أَرْشَقَ الحَدَقُ
«4»
______________________________
(1) الغبيراء: نبات.
(2) المسورة: الوسادة.
(3) المحوقة: المكنسة.
(5) (*) [متع]: و منه الحديث: أنه نهي عن نكاح المتعة. و الحديث: أنه حرَّم المدينة و رخَّص في متاع الناضح النهاية 4/ 292، 293.
(4) البيت في لسان العرب (رشق)، و في اللسان «الصريمة» بدل «الصرائم».
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 224
و منه حديث ابن عباس رضي اللّه تعالي عنهما:
قال شيخٌ من الأَزْد: انطلقتُ حاجّاً؛ فإذا ابنُ عباس، و الزحامُ عليه، يُفْتِي الناسَ، حتي إذا مَتَعَ الضحي و سَئِم، فجعلتُ أجِدُ بي قَدْعاً عن مسألته؛ فسألتُه عن شراب كنَّا نتَّخِذه. قال: يَابْنَ أخي، مررتَ علي جَزُور ساحِّ، و الجزُور نافقة؛ أَ فَلا تقطعُ منها فِدْرَةً فَتَشْوِيها؟ قلت: لا. قال: فهذا الشراب مثلُ ذلك.
القَدْع: الجُبْنُ و الانكسار. يقال: قدعته فقُدِع و انْقَدع.
سَاحٍّ: سمينة.
نافِقَة: ميتة.
فِدْرَة: قطعة.
حتي أدخل: يجوز رفعه و نصبه، يقال: سرت حتي أدخلُها، حكاية للحال الماضية، و حتي أدخلَها بالنصب بإضمار أَنْ.
الرُّمال: الحصير المَرْمول في وجه السرير.
في: هاهنا كالتي في قوله تعالي: فِي جُذُوعِ النَّخْلِ [طه: 71].

[متح]

*: أُبيّ رضي اللّه تعالي عنه-
قال قيس بن عُبَاد: أتيتُ المدينةَ لِلِقاءِ أصحابِ محمد صلي اللّه عليه و آله و سلم، فلم يَكُنْ أَحدٌ أحبَّ إليّ لقاءً من أُبيّ بن كعب، فجاء رجل فحدَّث فلم أَر الرِّجال مَتَحَتْ أَعناقها إلي شي‌ء مُتُوحَها إليه، فإِذا الرجلُ أُبيّ بن كعب.
أي مدَّت أَعناقها؛ من متحَ الدَّلْوَ «1».
و قوله: مُتُوحَها، لا يخلو من أن يكونَ موقعه موقع قوله: وَ اللّٰهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبٰاتاً؛ [نوح 17] أي فنبتُّم نباتاً.
فمتحت مُتُوحها؛ من قولهم: متح النهار و الليل إذا امْتَدّ، و فَرْسَخٌ مَتَّاح: مُمْتَد. أو أَن يكون المتوح كالشُّكور و الكُفُور.
و إن روي أعناقُها بالرفع فوجْهُه ظاهر.
و المعني مثلُ امتدادها أو مثل مدّها إليه.
و
في حديث ابن عبَّاس: قال أبو خَيْرَة: قلت له: أَ أَقْصُرُ الصلاة إِلي الأُبُلّة؟ قال:
تذهب و ترجع من يومك؟ قلت: نعم. قال: لا، إلَّا يَوْماً مَتَّاحاً.
أي لا تقصر إلّا في مسيرة يوم طويل، و كأنه أرادَ اليوم مع ليلته. و هذه سفرة مالك.
و عن الشافعي أَرْبعة برد، و البردُ أربعة فراسخ.
و نحوه ما
روَوْا عن ابن عباس: إنه قال: يأهلَ مكة؛ لا تَقصُروا في أَدني من أربعة بُرُد
______________________________
(2) (*) [متح]: و منه في حديث جابر: لا يقام ماتحها. النهاية 4/ 291.
(1) متح الدلو: جذبها مستسقياً لها.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 225
من مكَّةَ إلي عُسْفَان.
و عند السفر مقدَّرٌ بثلاثة أيام و لياليها. و عن أبي حنيفة رحمه اللّه تعالي: يومان و أكثر [اليوم] الثالث في رواية الحسن بن زياد [اللُّؤلؤي رحمه اللّه].

[متع]

: كعْب رضي اللّه تعالي عنه- ذكر الدَّجال فقال: يُسَخَّرُ معه جَبَلٌ ماتِع، خِلاطه ثَرِيد.
أي طويل شاهق.
و المتكأ في (عق). [عن المتعة في (دل). ماتحها في (دك). ماتعاً في (هي)].

الميم مع الثاء

[مثل]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- من مَثَل بالشَّعَر فليس له خَلَاق عندَ اللّه يوم القيامة.
يقال: مَثَلْت بالرجل أَمْثُل به مَثْلًا و مُثْلة؛ إذا سوّدتَ وجهه أو قطعت أنفَه و ما أَشْبه ذلك. قيل: معناه حَلْقُه في الخدود، و قيل: نَتْفُه، و قيل: خِضَابه.
و منه
الحديث: نُهي أن يُمَثَّل بالدوابّ و أن يُؤْكَل المَمْثُولُ بِها.
و
في حديث آخر: لا تُمَثِّلوا بنَامِية اللّه.
أي بخلقه.
و قيل: هو من المَثْلِ و هو أن يقتل كفؤاً بكف‌ء و بَوَاء ببواء.
و قيل: المراد التصوير و التمثيل بخلف اللّه؛ من قولهم: مُثِل الشي‌ء [بالشي‌ء]، و مُثِّل به؛ إذا سوّي به و قدِّر تقديرَه. و أنشد ابن الأعرابي لسَلْم بن مَعْبَد الوالبي:
جزَي اللّهُ الموالي منك نَصفاً و كلّ صحابةٍ لهمُ جَزَاءُ
بفِعْلهم فإنْ خيراً فخير و إن شرّاً كما مُثِلَ الْحِذاءُ
من سرَّه أن يَمْثُل له الناسُ [قياماً] فليتبَوَّأْ مَقْعَده من النَّار.
المُثُول: الانْتِصَاب. و منه: فلان مُتَماثِلٌ و مُتَماسِك بمعنًي، و منه تَمَاثَل المريض.
و قالوا: الماثِلُ من الأضداد يكونُ المنتصب و اللَّاطي‌ء بالأرض. و منه قول الأعرابي: ماثَلْتُ القومَ في المجلس و أَنا غيرُ مُشْتَهٍ لمقاعدتهم.
فليَتَبَوَّأْ: لَفْظُه الأمر و معناه الخبر، كأنه قال: مَنْ سرَّه ذلك وجب له أن ينزلَ مَنْزِلَه من النار، و حقّ له ذاك.
______________________________
(1) (*) [مثل: و منه الحديث: نهي عن المثلة. و في حديث عائشة تصف أباها: فحنت له قسيَّها و امتثلوه غرضاً.
و الحديث: أشد الناس عذاباً ممثِّلٌ من الممثِّلين. و الحديث: رأيت الجنة و النار ممثلتين في قبلة الجدار. و في حديث عكرمة: أن رجلًا من أهل الجنة كان مستلقياً علي مثله. و في حديث صاحب النسعة: إن قتلته كنت مثله.
و في حديث السرقة: فعليه غرامة مثليه. و الحديث: أشد الناس بلاءً الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل. النهاية 4/ 294، 295، 296.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 226
ممثون في (تب). مثال في (رث). [امتثلوه في (زف). تمث في (هل)].

الميم مع الجيم

[مجر]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- نهي عن المَجْرِ.
هو ما في البطون، و هذا كنَهْيِه عن المَلَاقِيح، أي عن بَيْعها.
و يجوز أنْ يُسَمَّي بيع المَجْرِ مَجْراً اتساعاً في الكلام. و كان من بِيَاعات أهلِ الجاهلية، و كانوا يقولون: ماجرَتُ مُمَاجرة و أمْجَرت إمْجاراً.
و
في الحديث كل مَجْر حَرَام
، و أنشد الليث:
أَلَمْ يكُ مَجْراً لا يحِلُّ لمُسْلِمٍ نهاهُ أَمِيرُ المِصْرِ عَنْهُ و عامِلُهْ
«1» و لا يقال لما في البطن مَجْراً إلَّا إذا أثْقَلَت الحامل.
قال أبو زيد: ناقة مُمْجِر، إذا جازَتْ وقتها في النتاج، و حينئذٍ تكون مُثْقَلَةً لا محالة.
و منه قولهم للجيش الكثير: مَجْرٌ، و ما لفلان مَجْرٌ؛ أي عَقْل رَزِين. و أما المَجَر- محرّكاً- فَدَاءٌ في الشَّاة. يقال: شاة مِمْجَار و مُمْجِر، و غَنَم مَمَاجِير، و هي التي إذا حملت هُزِلت و عَظُم بطنُها فلا تستطيع القيامَ به، فربما رمت بولدها، و قد أمْجَرت و مَجِرَت. و عن ابنِ لسان الحُمَّرةِ: الضَّأن مالُ صِدْق إذا أفلَتَتْ من المَجَر.

[مجل]

*: شكَتْ فاطمة إلي عليّ رضي اللّه تعالي عنها مَجْلَ يَدَيْهَا من الطَّحْن، فقال لها: لو أتيت أباك. فأَتَتْه.
هو أن تَغْلُظَ اليدُ و يخرج فيها نَبْخ «2» من العمل. و قد مَجَلتْ مَجْلًا و مَجِلت مَجَلًا.
و منه
حديثه صلي اللّه عليه و سلم: إنَّ جبريل عليه السلامَ نفَر في رأس رجل من المستهزِئين فتمجَّل رأسُه قَيْحاً و دَماً.
أي امتلأَ كالمَجْل «3».
و منه قول العرب: جاءتِ الإِبلُ كأنَّها المَجْل، أي مُمْتَلِئة كامتلاء المَجْل.
______________________________
(4) (*) [مجر]: و منه في حديث الخليل عليه السلام: فيلتفت إلي أبيه و قد مسخه اللّه ضبعاناً أمجر النهاية 4/ 299.
(1) البيت بلا نسبة في لسان العرب (مجر).
(5) (*) [مجل]: و منه في حديث حذيفة: فيظل أثرها مثل أثر المَجْل. و في حديث سويد بن الصامت: معي مَجَلَّة لقمان النهاية 4/ 300.
(2) النَّبْخُ: جدري الغنم و غيره، و ما نفط من اليد عن العمل (القاموس المحيط: نبخ).
(3) المجل: أن يكون بين الجلد و اللحم ماء، و المجلة: قشرة رقيقة يجتمع فيها ماء من أثر العمل (القاموس المحيط: مجل).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 227‌

[مجج]

*: كان صلي اللّه عليه و سلم يأكل القِثَّاء و القَثَد «1» بالمُجَاج.
أي بالعَسَل؛ لأن النحلَ تمجّه، و كل ما تحلّب من شي‌ء فهو مُجَاجُه و مُجَاجته.
و عن أبي ثَرْوان العُكلي: أقويتُ فلم أطعم إلَّا لَثَي الإذْخِر «2»، و مُجاجة صمغ الشجر.
و عن بعضهم: إنه اللبن، لأن الضرع يَمجّه.

[مجع]

: ابن عبد العزيز رحمه اللّه- دخل علي سُليمان بن عبد الملك فمازحه بكلمة، فقال: إياي و كلام المِجَعَة- و روي: المَجاعَة.
المَجَاعة و المَجانة: أختان، و قد تماجَعَا و تماجَنَا، إذا تَرَافَثا «3».
قال أبو تُرَاب: سمعت ذلك من جماعة من قيس. و رجل مِجْعٌ و امرأة مِجْعَة، و أنشد الجاحظ لحنظلة بن عَرَادة:
مِجْعٌ خبيثٌ يعاطي الكَلْبَ طُعْمَته فإن رأَي غَفَلَة مِنْ جاره و لَجَا
«4» و المِجَعَة: نحو قِرَدة و فِيَلة: و لو رُوِي بالسكون فالمراد إياي و كلامَ المرأة الغزلة الماجِنَة، أو أردف المجع بالتاء للمبالغة، كقولهم في الهَجَاج هَجَاجَةٌ «5».
قولهم: إياي و كذا: معناه إياي و نَحِّ كذا عني، فاختُصِر الكلام اختصاراً، و قد لخَّصَت هذا في كتاب المُفَصَّل.

[مجج]

: في الحديث: لا تبع العِنَب حتي يَظْهر مَجَجُه.
أي نُضْجه.
امجر في (ضب). المجل في (جذ). [بمجج في «6». أمجاد في (نج)].

الميم مع الحاء

[محل]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- في حديث الشفاعة: فَيَأْتُونَ إبراهيم، فيقولون: يا أبانا، قد
______________________________
(7) (*) [مجج]: و منه في حديث أنس: فمجّه في فيه. و حديث محمود بن الربيع: علقتُ من رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم مجَّة مجَّها في بئر لنا. و في حديث الحسن: الأذن مجَّاجة و للنفس حمضة. و في حديث الدجال: يُعَقِّل الكرم ثم يُكحِّب ثم يمجِّجُ. النهاية 4/ 297، 298.
(1) القثد: نبت يشبه القثاء أو ضرب منه، أو الخيار (القاموس المحيط: قثد).
(2) اللثي: شي‌ء يسقط من شجر السمر، و ما رق من العلوك حتي يسيل، و لثيت الشجرة خرج منها اللثي، و الإذخر: الحشيش الأخضر و حشيش طيب الريح.
(3) ترافثا: تفاحشا.
(4) البيت في تاج العروس (مجع)، و في التاج «من جارم» بدل «من جاره».
(5) رجل هجاجة: رجل أحمق.
(6) بياض في الأصل.
(8) (*) [محل]: و منه في حديث الدعاء: لا تجعله ماحلًا مصدِّقاً. و الحديث: أما مررت بوادي أهلِك مَحْلًا؟.-
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 228
اشتدَّ علينا غَمُّ يومنا، فَسَلْ ربَّك أنْ يقضيَ بيننا، فيقول: إني لستُ هناكم؛ أنا الذي كذَبْتُ ثلاث كذبات. فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم: «و اللّه ما منها كِذْبة إلّا و هو يُمَاحِل بها عن الإسلام».
أي يدافع و يجادل علي سبيلِ المحال، و هو الكَيْدُ و المكر؛ من قوله تعالي: وَ هُوَ شَدِيدُ الْمِحٰالِ [الرعد: 13].
و يقال: إنه لحوّل قُلَّب دَحِل مَحِل؛ أي محتال ذو كَيد- عن الأصمعي.
و الكذبات: قوله: بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ، و كذا قوله: إِنِّي سَقِيمٌ. و قوله في امرأته: إنها أختي، و كلها تعريض و مُماحلة مع الكفَّار.

[محض]

*: عن سَعر بن دَيْسَم- و قيل سعن: كنتُ في غنم لي، فجاء رجلان علي بَعِير، فقالا: إنا رسولا رسولِ اللّه إليك لتؤدِّي صدقة غنمك. فقلت: ما عليَّ فيها؟ فقالا:
شاة، فأَعمد إلي شاة قد عرفتُ مكانها ممتلئة مَحْضاً و شحماً- و يُروي: مخاضاً و شحماً.
فأخرجتها إليهما، فقالا: هذه شاةٌ شافع، و قد نهانا رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم أن نَأْخُذَ شافعاً.
و يروي: كنتُ في غنم لي فجاء- يعني مصدّق رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم- فجئته بشاة ماخِض خير ما وجَدْت؛ فلما نظر إليها قال: ليس حقُّنا في هذه. فقلت: ففيم حقُّك؟ قال: في الثَّنِيَّة و الجَذَعَةِ اللجِبَة.
المَحْض: اللَّبن.
المخاض: مصدر مخضت الشاةُ مَخَاضاً و مِخَاضاً؛ إذا دنا نتاجها، أي امتلأت حَمْلًا.
الشافع: ذات الولد.
اللَّجبَة: التي لا لبنَ لها.

[محل]

: علي بن أبي طالب رضي اللّه تعالي عنه- إنَّ من ورائكم أموراً مُتَماحَله رُدُحاً و بلاءً مُكْلِحاً مُبْلِحاً.
و روي: رُدَّحاً.
المتماحل: البعيد الممتد. يقال: سَبْسَبٌ متماحل و أَنشد يعقوب:
بعيدٌ من الحادِي إذا ما تَرَقَّصت بَنَاتِ الصُّوَي في السَّبْسَبِ المُتَمَاحِلِ
«1» الرُّدُح: جمع رَدَاح، و الردَّح جمعُ رَادِحة، و هي العظام الثِّقال التي لا تكادُ تبرح.
______________________________
- و الحديث: حَرَّمت شجر المدينة الإ مسد محالة. و في حديث الشعبي: إن حوّلناها عنك بِمْحوَل. النهاية 4/ 303، 304.
(2) (*) [محض]: و منه في حديث الوسوسة: ذلك محض الإيمان. و في حديث عمر: لما طُعن شرب لبنا فخرج مَحْضاً. و الحديث: باركْ لهم في محضها و مخضها. النهاية 4/ 302.
(1) البيت بلا نسبة في لسان العرب (محل).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 229
مُكْلِحاً: يجعل الناس كالحِينَ لشدَّتِه.
مُبْلِحاً: من بَلَّح؛ إذا انقطع من الإعياء، و أبلحه السيرُ.
ابن مسعود رضي اللّه تعالي عنه- إنَّ هذا القرآن شافع مشفع و ماحِلٌ مصدق.
الماحل: الساعي، يقال: مَحِلتُ بفلان أَمْحَل [به] و هو من المِحَال «1». و فيه مطاولة و إفراط من المتماحل، و منه المَحْل و هو القَحْط
و المتطاول؛ الشديد؛ يعني إنَّ من اتّبعه و عمل بما فيه فهو شافع له مقبول الشفاعةِ في العَفْو عن فَرَطاتِه، و من ترك العمل به نَمَّ علي إساءته و صدق عليه فيما يرْفَع من مَساوِيه.

[محن]

*: الشعبي رحمه اللّه تعالي- المِحْنَة بِدْعَة.
هي أن يأخذ السلطان الرجل فَيَمْتَحِنه، فيقول: فعلَت كذا و فعلت كذا، فلا يزال به حتي يَتَسَقَّطه.
مجالة في (رف) فمح في (زخ) محضها في (صب). ماحَلَ في (نص). امتُحشوا في (وب). محالك في (حل).

الميم مع الخاء

[مخر]

*: سُراقة بن جُعْشَم رضي اللّه عنه- قال لقومه: إذا أتي أحدُكم الغَائِط فليكرم قِبْلَةَ اللّه و لا يَسْتدبرها؛ و ليتَّق مجالِسَ اللَّعن: الطريق و الظِّلِّ [و النهر]، و اسْتَمْخِروا الرِّيحَ، و اسْتَشِبُّوا علي أُسْوُقِكم، و أعِدُّوا النَّبَل «2».
اسْتَمْخَر الريح و تمخَّرَها، كاستعجل الشي‌ءَ و تعجَّلَه؛ إذا استقبلها [بأنفه] و تَنَسَّمَها.
و منه
الحديث: إنّ أبا الحرث بن عبد اللّه بن سائب لقي نافع بن جُبَير بن مُطْعم فقال له: من أين؟ قال: خرجتُ أتمخّرُ الريحَ. قال: إنما يتمخَّر الكَلْب. قال: فأستَنْشِي. قال:
إنما يَسْتَنْشِي الحمار. قال: فما أقول؟ قال: قل: أتَنَسَّم. قال: إنها و اللّهِ حَسَك في قلبك علينا لقَتْلِنا ابنَ الزبير. قال أبو الحارث: أَلْزَقَتْك و اللّه عَبْدُ مناف بالدَّكادِك، ذهبت هاشم بالنُّبوة، و عبدُ شمس بالخلافة، و تركُوك بين فَرْثها و الجِيَّةِ؛ أنفٌ في السماء، و سُرْمٌ في الماء. قال: إذَا ذكرتَ عبد مناف فالْطَه. قال: بل أنْت و نوفل فَالْطَوْا.
الدَّكْدَاك من الرمل: ما التبد بالأَرْضَ فلم يرتفع، من دَكَكْته و دَكدَكْته: إذا دققته.
______________________________
(1) المجال: الكيد.
(3) (*) [محن]: و منه الحديث: فذلك الشهيد الممْتحن. النهاية 4/ 304.
(4) (*) [مخر]: و منه الحديث: لتمخُرَنّ الروم الشام أربعين صباحاً. النهاية 4/ 305.
(2) النَبَل: الحجارة الصغار التي يستنجي بها، واحدتها نبلة كغرفة.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 230
الجِيَّة بوزن النِّية، و الجَيَّة بوزن المَرَّة، من المجي‌ء: مُسْتَنْقَع الماء.
لَطِئ بالأرض: لصق بها، فخفَّف الهمزة.
و منه
الحديث: إذا بال أحدُكم فليتمخَّر الريح.
و إنما أُمِر باستقبال الريح؛ لأنه إذا استدبرها وجد ريحَ البَرَاز.
و تقول العرب للأحمق: إنه و اللّه لا يتوجَّه؛ أي لا يستقبل الريح إذا قعد لحاجته.
استَشِبُّوا: انتصِبُوا؛ يريد الاتِّكاء عليها عند قضاءِ الحاجة؛ من شبوب الفرس، و هو أنْ يرفعَ يديه و يعتمد علي رجليه.
النَّبَل: حجارة الاستنجاء.
زياد- لما قدم البَصْرَة والياً عليها قال: ما هذه المَوَاخِير؛ الشرابُ عليه حرام حتي تُسَوَّي بالأرض هَدْماً و حَرْقاً.
هي بيوت الخمَّارِين جمع مَاخور، قال جرير:
فما في كتاب اللّه هَدْمُ ديارنا بتهديم مَاخُورٍ خبيثٍ مَدَاخِلُه
«1» و هو تعريب مَيْ خُور.
و قال ثعلب: قبل له الماخور لتردّد الناس فيه؛ من مَخرت السفينةُ الماءَ.
و مخضها في (صب). مخاضاً في (مح).

الميم مع الدال

[مدر]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- في حديث غَزْوَة بَطْن بُوَاط: إنّ جابر بن عبد اللّه و جَبَّار بن صَخْر تقدَّما فانْطَلَقَا إلي البئر فَنَزَعَا في الحوض سَجْلًا أو سَجْلَين ثم مَدَراه، ثم نَزَعا فيه، ثم أَفْهَقَاه، و كان رسولُ اللّه صلي اللّه عليه و سلم أولَ طالع؛ فأَشْرَعَ ناقَتَه فشرِبَتْ فَشَنَق لها، فَفَشَجَتْ و بالَتْ، ثم عدل بها فأَنَاخَها.
قال جابر: و أرادَ الحاجةَ فاتبعته بإداوة فلم يَرَ شيئاً يَسْتَتِر به، و إذا شجرتان بشاطي‌ءِ الوادي؛ فانطلق إلي إحداهما فأخذ بغُصْن من أغصانها، فقال: انْقَادِي عليَّ بإذن اللّه، فانقادت معه كالبعير المَخْشُوش، و قال: يا جابر؛ انْطَلِقُ إليهما فاقْطَعْ من كلِّ واحدةٍ منهما غُصْناً. فقمتُ فأخَذْتُ حَجَراً فكَسَرْتُه و حَسَرْتُه فانْذَلق لي، فقطعت من كلِّ واحدة منهما غصناً.
______________________________
(1) البيت في ديوان جرير ص 485، و في الديوان «تهديم» بدل «هدم».
(2) (*) [مدر]: و منه الحديث: أحبُّ من أن يكون لي أهل الوبر و المدر. و في حديث أبي ذر: أما إن العمرة من مَدَركم. و في حديث عمر و طلحة في الإحرام: إنما هو مَدَرٌ. و في حديث الخليل عليه السلام: يلتفت إلي أبيه فإذا هو ضِبْعان أمْدَرُ. النهاية 4/ 309.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 231
مَدْرُ «1» الحوض: أن يُطْلَي بالمَدَر لئَلَّا يتسرب [منه الماء].
أفْهقاهُ: ملآه.
شَنَقَ لها: عاجَها بالزِّمَام.
فَشَجَتْ: تَفَاجّت «2».
حَسَرْتُه: أكثرت حكَّه حتي نهكته و رَقَّقته؛ من حسر الرجلُ بعيرَه، إذا نهكه بالسير و ذهب ببَدَانَتِه.
و لو رُوِي بالشين؛ من حَشَرْتُ السنان فهو محشور؛ إذا دقَقْتَه و أَلْطَفْته؛ و منه الحَشْر من الآذان: ما لطف، كأنما بُرِي بَرْياً، لجادَتْ رواية.
المَخْشُوش: المقود بخِشَاشِه «3».
انذلق: صارَ له ذَلْق؛ أي حدٌّ.

[مدي]

*: في كتابٍ له صلي اللّه عليه و آله و سلم ليهود تيماء: إن لهم الذِّمَّة و عليهم الجِزْية، بلا عَدَا، النهارَ مَدًي، و الليلَ سُدًي.
و كتب خالد بن سعيد
: [المدي: الغاية]؛ أي النهار ممدوداً دائماً غيرَ منقطع؛ من قولهم: [هذا] أمر له طُول و مُدَّة و مُدْيَة و تَمَادّ و تمادٍ بمعني، و مادَيْتُ فلاناً إذا مادَدْتُه؛ و لا أفعله مَدَي الدهر، أي طوَاله. و قيل للغاية مَدًي، لامتداد المسافةِ إليها.
سُدًي: [أي] مخلّي متروكاً علي حاله في الدوام و الاتصال.
انتصبا علي الحال، و العاملُ فيهما ما في الظرف من معني الفعل، يعني أن ذلك لهم و عليهم بلا ظُلْمٍ و اعتداء، أبداً ما دام الليلُ و النهار.

[مدد]

*: كان صلي اللّه عليه و آله و سلم يقول: سبحانَ اللّهِ عددَ خلقه و زِنَة عَرْشه و مِدَاد كلماته.
______________________________
(1) المدر: الطين المتماسك.
(2) الفشج: تفريج ما بين الرجلين.
(3) الخشاش: ما يدخل في عظم أنف البعير من خشب ليقاد به.
(4) (*) [مدي]: و منه الحديث: المؤذن يغفر له مَدَي صوته. و في حديث كعب بن مالك: فلم يزل ذلك يتمادي بي. و الحديث الآخر: لو تمادي الشهر لواصلت. و الحديث: البرُّ بالبرِّ مُدْيٌ بمُدْي. و في حديث ابن عوف: و لا تفلُّوا المُدي بالاختلاف بيّنكم. النهاية 4/ 310.
(5) (*) [مدد]: و منه في حديث عمر: هم أصل العرب و مادة الإسلام. و الحديث: إن المؤذن يغفر له مَدَّ صوته. و في حديث الرمي: منبله و الممدَّ به. و الحديث: إن شاءوا ماددناهم. النهاية 4/ 307، 308، 309.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 232
مِدَاد الشي‌ء و مَدَده: ما يمدّ به أي يُكَثَّر و يُزَاد.
________________________________________
زمخشري، ابو القاسم، محمود بن عمر، الفائق في غريب الحديث، 4 جلد، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، اول، 1417 ه ق
الفائق في غريب الحديث؛ ج‌3، ص: 232
و منه
قوله صلي اللّه عليه و سلم في ذكر الحَوْض يَنْثَعِبُ فيه مِيْزَابَان من الجنة مِدَادهما الجنة.
أي تمدُّهما أنهارُها. و المراد قَدْرَ كلماته و مثلها في الكثرة.
لا تسبُّوا أصحابي فإنَّ أحدكم لو أَنْفَق ما في الأرض- و روي: مِلْ‌ءَ الأرض ذهباً- ما أدرك مُدَّ أحدِهم و لا نَصِيفه.
هو رُبع الصَّاع.
و روي: مَدّ- بالفتح، و هو الغاية، من قولهم: لا يبلغ فلانٌ مَدَّ فلان؛ أي لا يَلحق شأْوَه.
النَّصِيف: النِّصْف، كالعَشِير و الخَمِيس و السَّبِيع و الثَّمِين [و التَّسِيع] قال:
* لم يَغْذُها مُدٌّ و لا نَصِيفُ*
«1»

[مدي]

: عُمَر رضي اللّه تعالي عنه- أَجْرَي للناس المُدْيَيْنِ و القِسْطَينِ.
المُدْي: مِكيال يأخُذُ جَرِيباً من الطعام، و هو أربعة أَقْفِزَة و جمعه أَمْدَاء و أنشد أَبو زيد:
كِلْنَا عَلَيْهِنَّ بمُدْيٍ أَجْوَفا لم يَدَعِ النَّجَارُ فيه مَنْقَفا
«2» و القِسْط: نصف صاع، يُريد مُدْيَيْن من الطعام، و قِسْطَين من الزيت.

[مدد]

: علي رضي اللّه عنه- قائلُ كلمة الزُّور و الذي يَمُدّ بحبلِها في الإِثمِ سَوَاء.
أي يأخذُ بحبلها مادّاً له.
ضربه مثلًا لحكايته لها و تنميته إياها. و أصله مَدُّ المَاتِح رشاء الدلو؛ كأنه شبّه قائِلَها بالمائِح الذي يَمْلأُ الدّلو. و حاكيَها و المشيد بها بالماتِحِ الذي ينزعها.
و هذا كقولهم: الرَّاوِية أحد الكاذِبَيْن.
مدي بمدي في (تب) المدر في (وث) امدر في (ضب). مُدّ في (هن). مدركم في (عم). [مدادهما في () «3»].

الميم مع الذال

[مذي]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- الغَيْرَةُ من الإيمان، و المِذَاء من النِّفَاق- و روي: المِذَال.
______________________________
(1) الرجز لسلمة بن الأكوع في لسان العرب (نصف).
(2) الرجز بلا نسبة في لسان العرب (نقف) و في اللسان «بمد» بدل «بمُدي».
(3) بياض في الأصل.
(4) (*) [مذي]: و منه في حديث علي: كنت رجلًا مذَّاءً. و في حديث رافع بن خديج: كنا نكري الأرض بما علي الماذيانات و السواقي. النهاية 4/ 312، 313.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 233
قال ابنُ الأعرابي: المماذي: القُنْذُع؛ و هو الذي يقودُ علي أَهْلِه.
و المُمَاذل مثله. و هما من المَذْي و المَذْل. فالمَذَاء: أن يجمعَ بين الرجل و المرأة ليُمَاذِي كلُّ واحد منهما صاحِبَه. تقول العرب للمرأة: مَاذِيني و سافِحيني.
و قيل: هو أن يُخَلّي بينهما؛ من أَمذَيت فرسي و مَذَيته إذا أرسلته يَرْعي.
و قال النضر: يقال: أَمْذِ بعنَانِ فرسك. و أَمذَيْت بفرسي و مذَيْتُ به يدي إذا خلّيت عنه و تركته.
و المِذَال: أن يَمْذُل الرجل عن فراشه؛ أي يَقْلق و يَشْخَص. و المَذِل و المَاذِل: الذي تَطِيب نَفْسُه عن الشي‌ء يتركه و يسترخي عنه.
و قيل: هو أن يَقْلَق بسره فيُطْلِعَ عليه الرجال.
و عن أبي سعيد الضرير: هو المَذَاء بالفتح؛ ذهب إلي اللين و الرخاوة، من امذَيْت الشرابَ، إذا أكثرتَ مِزَاجه فذهبْتَ بشدته و جِدَّته.

[مذقر]

: عبد اللّه بن خَبّاب رحمه اللّه تعالي عليه: قتله الخوارجُ علي شاطي‌ء نَهْرٍ، فسال دمُه في الماء فما امذقَرَّ. قال: فأَتْبَعْتُه بصري كأنه شِرَاكٌ أحمر.
و روي: فما ابذقرَّ
- بالباء.
امذَقَرَّ اللَّبن: اختلط بالماء. و منه رجل مُمْذَقرّ: مخلوط النسب. و أنشد ابن الأعرابي:
إني امرؤٌ لست بمُمْذَقِرِّ مَحْضُ النجار طيّب عُنْصِري
و ابذقرَّ: مثله؛ أي لم يمتزج دَمُه بالماء، و لكنه مرَّ فيه كالطريقة، و لذلك شبَّهه بالشِّراك الأحمر.
و قيل: امذَقَرَّ و ابذَعَرَّ بمعني. قال يعقوب: ابذَقرُّوا و ابذَعَرُّوا و اشْفَتَرُّوا: تفرقوا.
و المعني لم تتفرَّق أجزاؤه في الماء فيمتزج به، و لكنه مرَّ فيه مجتمعاً متميِّزاً عنه.
و مذقها في (صب). و مذقة في (هن). امذح في (سب). [شذر مذر في (زف).
[مذحج في (عب)].

الميم مع الراء

[مرق]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم-
قيل لأبي سعيد الخُدْري: هل سمعتَ رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم يذكر الخَوارج؟ فقال: سمعتُه يذكرُ قوماً يتفقّهون في الدين، يَحْقِر أحدكم صلاتَه عند صلاتِه،
______________________________
(1) (*) [مرق]: و منه في حديث علي: أُمرت بقتال المارقين. و الحديث: أن امرأة قالت: يا رسول اللّه إن بنتاً لي عروساً تمرق شعرها. و في الحديث: مرضت فامَّرق شعرهها. و في حديث علي: إن من البيض ما يكون مارقاً. و الحديث: أنه اطَّلي حتي بلغ المراقَّ. النهاية 4/ 320، 321.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 234
و صومَه عند صَوْمِه، يَمْرُقُون من الدِّين كما يمرُق السَّهْمُ من الرميَّة، فأَخذ سَهْمَه فنظر في نَصْلِه فلم ير شيئاً، ثم نظر في رِصافِه فلم يَرَ شيئاً، ثم نظر في القُذَذ فتماري؛ أيَري شيئاً أم لا؟ قيل: يا رسول اللّه؛ أَلَهُم آيةٌ أو علامة يُعْرَفون بها؟ فقال: نعم، التَّسبِيد فيهم فاش.
و
يروي: أنه ذَكَرَ الخوارج فقال: يَمْرُقُون كما يمرق السَّهم من الرميَّه، فينظر في قُذَذه فلا يوجد فيه شي‌ء، ثم ينظر في نَضِيِّه فلا يوجد فيه شي‌ء، ثم ينظر في نَصْله فلا يوجد فيه شي‌ء، قد سبق الفَرْث و الدَّم؛ آيَتُهم رجلٌ أسودُ في إحدي يديه مثل ثدْي المرأة، و مثل البَضْعَة تدرْدَر.
المروق: الخروج، و منه المَرَق؛ و هو الماء الذي يُستخرج من اللحم عند الطَّبْخ لِلِائتدَامِ به.
الرَّمِيَّة: كل دابَّة مرمية.
مَرّ التسبيد في (سب).
النَّضِيّ: القِدْح، قبل أنْ يُنحت.
التَّدَرْدُر و التدلدل: أن يجي‌ءَ و يذهب.
الرجل الأسود: ذو الثدية.
شَبَّهَهُم في دخولهم في الإسلام ثم خروجهم منه لم يتمسَّكوا من علائقه بشي‌ء بسهم أصابَ الرَّمِيَّة و نَفَذَ منها لم يتعلق به شي‌ء من فَرْثِها و دَمِها لفَرْطِ سُرْعَةِ نفوذه.

[مرخ]

: كان صلي اللّه عليه و سلم عند عائشة رضي اللّه عنها يوماً، فدخل عليه عمر فقطّب و تَشَزَّنَ «1» له. فلما انصرفَ عاد إلي انبساطه الأول؛ فقالت له عائشة: يا رسولَ اللّه؛ كنتَ مُنْبَسطاً فلما جاء عمر انقبضتَ. فقال: يا عائشةُ؛ إنّ عمرَ ليس ممن يُمْرَخْ مَعه.
أي لا يستعمل معه اللّيان؛ من قولك: أَمْرَخْتُ العَجِين، إذا أكثرت ماءَه و مَرَّخْتُه بالدهن. و شجر مِرِّيخ و مرَخ و قَطِف؛ أي رقيق لين، و منه المَرْخ.

[مراء]

*: لا تُمَارُوا في القُرْآنِ فإنَّ مراءً فيه كُفْرٌ.
المِرَاء علي معنيين:
أحدهما من المِرْيَة «2». و قال أبو حاتم: في قوله تعالي: أَ فَتُمٰارُونَهُ [النجم: 12]:
أَ فَتُجاحدُونه.
و الثاني: من المَرْي؛ و هو مَسْحُ الحالِبِ الضَّرْعَ ليستنزل اللبن.
______________________________
(1) تشزن له: تخشن و اشتد.
(3) (*) [مراء]: و منه الحديث: أن جبريل عليه السلام لقيه عند أحجار المِرَاءِ. النهاية 4/ 323.
(2) المرية: الشك.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 235
و يقال للمناظرة مُمَاراة؛ لأن المتناظرين كلُّ واحدٍ منهما يَسْتَخْرِجُ ما عند صاحبه و يَمْتَرِيه؛ فيجب أن يوجَّه معني الحديث علي الأول.
و مَجَازُه أن يكون في لفظ الآية رِوَايتان مُشْتَهِرتان من السَّبْع، أو في معناها و جهان كلاهما صحيح مستقيم و حقٌّ نَاصِع فمناكرة الرجل صاحبَه و مُجَاحَدَتُه إياه في هذا مما يزلّ به إلي الكفر.
و التنكير في قوله: فإن مراء، إيذانٌ بأن شيئاً منه كفر فضلًا عما زادَ عليه.
و
عن ابن مسعود رضي اللّه تعالي عنه: إِياكم و الاختلاف و التَّنَطُّع: فإِنما هو كقول أحدِكم: هَلُمَّ و تَعَالَ.
و
عن عمر رضي اللّه تعالي عنه: اقْرَؤُوا القرآن ما اتفقتم فإذا اختلفتم فقوموا عنه.
و لا يجوز توجيهُه علي النهي عن المناظرة و المُبَاحَثَة، فإنَّ في ذلك سدّاً لباب الاجتهاد، و إطفاءً لنور العلم، و صَدّاً: عما تواطَأَت العقول و الآثارُ الصحيحة علي ارتِضَائه و الحثِّ عليه. و لم يَزَلْ الموثوق بهم من علماء الأُمة يستنبطون مَعَانِيَ التنزيل، و يستثيرون دفائِنَه، و يغوصون علي لطائفه، و هو الحَمَّال ذو الوُجوه؛ فيعود ذلك تسجيلًا له بِبُعْد الغَوْرِ و استحكام دليل الإِعجاز؛ و من ثم تكاثرت الأَقاويل، و اتَّسَم كل من المجتهدين بمَذْهبٍ في التأويل يُعْزَي إليه.

[مرث]

: أَتي السِّقَاية فقال: اسقُونِي. فقال العباس: إنهم قد مَرثُوه و أَفْسَدوه.
و
روي: إنه جاء عبَّاساً، فقال: اسقونا. فقال: إنّ هذا شرابٌ قد مُغِث و مُرِث؛ أفلا نسقيك لبنَا و عسلا؟ فقال: اسقونا مما تَسْقُون منه النَّاس.
أي وضَّرُوه بأيديهم الوَضِرَة. تقول العرب: أَدْرِكْ عَنَاقَك لا يُمَرِّثُوهَا. قال المُفَضّل:
التمريث أن يمسحها القومُ بأيديهم و فيها غَمَر فلا تَرْأَمَها أُمُّها من ريح الغَمَر.
و المغَث: نحو من المَرْث.

[مرر]

*: كره من الشاء سبعاً: الدّمَ، و المَرَارَة، و الحَياءَ، و الغُدَّة، و الذَّكَر، و الأُنْثَيَيْن، و المَثَانَة.
قال الليث: المَرَارة لكل ذي رُوح إلّا البعير، فإنَّه لا مَرَارَة له.
و قال القتبي: أراد المحدّث أن يقول الأَمَرّ، و هو المصارِين، فقال المرارة، و أنشد:
فلا تُهْدِي لأَمَرَّ وَ مَا يَلِيهِ و لا تُهْدِنَّ مَعْرُوق الْعِظَام
«1»
______________________________
(2) (*) [مرر]: و منه الحديث: لا تحلُّ الصدقة لغني و لا لذي مرَّة سويٍّ. و في حديث ابن عمر: أنه جرح إبهامه فألقمها مرارةً. و في حديث أبي الأسود: ما فعلت المرأة التي كانت تمارُّه و تشارُّه. و في حديث ابن الزبير: ثم استمرَّت مريرتي. النهاية 4/ 316، 317، 318.
(1) البيت بلا نسبة في لسان العرب (مرر).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 236
الحياء: الفَرْجُ من ذوات الظّلْف و الخُفّ، و جمعه أَحْيِيَة، سمي بالحياء الذي هو مصدر حَيِي إذا استحيا؛ قصداً إلي التورية و أنّه مما يُسْتَحْيَي من ذكره.

[مرج]

*: كيف أنتم إذا مَرِجَ الدين، و ظَهرت الرَّغبة، و اختلف الإخوان، و حُرِّقَ البيتُ العَتِيق.
مَرِج و جَرِح أَخَوَان في معني القلق و الاضطراب. يقال: مَرِج الخاتم في يدي، و سِكِّين جرِج النّصاب. و مَرِجت العهود و الأمانات: إذا اضطربت و فسدت. و منه المَرْجَان لأنه أخف الحبّ؛ و الخفَّةُ و القلقُ من وادٍ واحد.
الرغبة: السُّؤَال، أي يقلُّ الاسِتَعْفَاف و يكثر الاستكفاف. يقال: رغبت إلي فلان في كذا؛ إذا سألته إياه.
اختلاف الإخوان: أن يختلفوا في الفِتَن و يتحزَّبُوا في الأهواء و البِدَع حتي يتباغضوا و يتبرَّأَ بعضُهم من بعض.

[مري]

: إنَّ نَضْلَة بن عَمْرو الغفاري لقيه بمَرِيَّيْنِ و هجم علي شَوَائل له، فسقاه من أَلْبَانها.
المَرِيّ: الناقة الغزيرة؛ من المَرْي و هو الحَلْب.
و في زنتها وجهان:
أحدهما أن تكون فَعُولا، كقولهم في معناها حلوب. و نظيرها بَغِيّ علي ما ذهب إليه المازني و شايعه عليه أبو العباس.
و الثاني: أن يكون فَعِيلًا، كما قال ابنُ جِنّي. و الذي نَصَر به قولَه و ردَّ ما قالاه: أنها لو كانت فعولًا لَقِيل بَغُوّ كما قيل: نَهُوٌّ عن المنكر.
و
في حديث الأحنف: كان إِذا وفد مع أميرِ العراق علي مُعَاوِية لبس ثياباً غِلَاظاً في السَّفَر، و ساق مَرِيّاً، كان يسوقها ليَشْرَب و يسقي من لبنها.
الشوائل و الشُّوَّل: جمع شَائِلة، و هي التي شال لَبَنُها، أي قلَّ و خفَّ.
و قيل: هي التي صار لَبَنُها شَوْلًا؛ أي قليلًا، و قد شَوَّلَت، [و لا يقال: شالت؛ من قولهم الثلث القِرْبَة و نحوه من الماء: شَوْل، و قد شوَّلت] القِرْبَة، كما يقال: جَزَّعَتْ من الجِزْعَة.
و قال النضر: شَوَّلَت الإبل؛ أي قلَّت ألبانُها و كادت تضيع، فهي عند ذلك شَوْل. و أما
______________________________
(1) (*) [مرج]: و منه في حديث ابن عمر: قد مرجت عهودهم. و في حديث عائشة: خُلقت الملائكة من نور واحد، و خلق الجان مِنْ مٰارِجٍ مِنْ نٰارٍ.
النهاية 4/ 314، 315.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 237
الشُّوَّل فجمع شَائِل، و هي التي شالت ذَنَبها بعد اللِّقَاح.

[مرز]

: عمَر رضي اللّه تعالي عنه- أراد أن يشهدَ جنازة رَجُلٍ فَمرزَه حُذَيْفَة.
كأنه أراد أن يَصُدَّهُ عن الصلاة عليها؛ لأنَّ الميت كان عنده منافقاً.
و المَرْزُ: القَرْصُ الرفيق ليس بالأظفار، فإذا اشتدّ فأوجع فهو قَرْص. و منه امْرُزْ لِي من هذا العَجِين مِرْزَةً؛ و امْتَرَزَ عِرْضَه إذا نال منه.
و المَرْزَتان: الهَنَتَان النائتان فوق الشَّحْمَتَيْن.

[مرط]

*: قَدم مكة فأذّن أبو مَحْذُورَة فرفع صوتَه فقال: أما خشيتَ يا أبا مَحْذورة أن تنشقَّ مُرَيْطَاؤك.
هي ما بين الضلع إلي العَانَةِ.
و قيل: جِلْدَة رقيقة في الجوف. و هي في الأصل مصغّرةُ مَرْطاء، و هي المَلْساء؛ من قولهم للذي لا شَعْر عليه: أَمْرَط. و سهم أَمْرَط: لا قُذَذ عليه.
أُتي بمُرُوط فقسَّمَها بين المسلمين، و دفع مِرْطاً بَقِي إلي أمِّ سَلِيط الأنصارية، و كانت تَزْفِر القِرَب يومَ أُحُدِ تَسْقِي المسلمين.
هي أَكْسِيَةٌ من صُوف، و ربما كانت من خَزٍّ.

[مرحل]

: و
في حديث عائشة رضي اللّه تعالي عنها: إنها قالت- لما نزلت هذه الآية:
وَ لْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَليٰ جُيُوبِهِنَّ [النور: 31]- انقلب رجالُ الأنصار إلي نسائهم فَتَلَوْها عليهن، فقامت كلُّ امرأةٍ [تَزْفِر] إلي مِرْطِها المُرَحَّل؛ فصدَعَتْ منه صدعة فاختَمَرْنَ بها، فأصبحن في الصبح علي رؤوسهن الغِرْبان.
و
عنها: خرج رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم ذات غداة عليه مِرْط مُرَحَّل من شَعَر أسود.
تَزْفِر: تَحْمِل. و الزَّفْر: الحَمْل، قال الكميت:
تَمْشِي بها رُبْدُ النَّعَا مِ تَمَاشِي الآمِ الزَّوَافِرِ
المرَحَّل: الموشي وشْياً كالرحال.
شَبَّهت الخُمُرَ في سَوَادِها بالغِرْبان، فسمَّتْهَا غِرْباناً مجازاً، كما قال:
* كغِرْبانِ الكُرُومِ الدَّوَالِج*
يريد العَنَاقيد.
______________________________
(1) (*) [مرط]: و منه الحديث: أنه كان يصلي في مروط نسائه. و في حديث أبي سفيان: فامَّرط قُذَذُ السهم.
النهاية 4/ 320، 321.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 238‌

[مرأ]

: عليّ رضي اللّه تعالي عنه- لما تزوَّج فاطمةَ ذهب إلي يهوديّ يشتري ثِياباً، فقال له: بمَنْ تزوّجّتَ؟ فقال: بابْنَة النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم. فقال: أ نبيكم هذا؟
قال: نعم. قال: تزوجتَ امرأةً.
أي كاملة، فيما يختص بالنساءِ. كما يقالُ: فلانٌ رجل. و كقول الهُذَلِيّ:
لَعَمْرُ أَبي الطَّيرِ المِرِبَّة بالضَّحَي علي خالدٍ لقد وَقَعْت علي لَحْمِ
«1» أي علي لحم له شأن.

[مرث]

: الزبير رضي اللّه تعالي عنه- قال لابنه: لا تُخَاصم الخوارجَ بالقرآن، خاصمْهم بالسنة قال ابن الزبير: فخاصَمتُهم بها؛ فكأنهم صِبْيَان يَمْرُثون سُخُبَهم.
يقال: مَرث الصبيُّ الودَعة؛ إذا مصَّها و كَدَمها بدُرْدُرِه. و يقال لما يجعل في فيه المُراثة. قال عَبْدَة بن الطَّبِيب:
فرجَعْتُهم شَتَّي كأنَّ عَمِيدَهم في المَهْدِ يَمْرُث وَدْعَتَيْه مُرْضِعُ
«2» و المَرْثُ و المَرْذُ و المَرْدُ و المَرسُ: أخوات.
السُّخُب «3»: جمع سِخاب. و قد فسر.
يعني أنهم قد بُهِتوا و عجزوا عن الجواب. و بيتُ عبدة ملاحظ للحديث كأنّه منه.

[مرش]

: الأَشْعَري رضي اللّه عنه- إذا حَكَّ أحَدُكم فَرْجه و هو في الصَّلاة فلْيُمْرُشْه من وَرَاء الثَّوبِ.
أي فليتناوله بأَطراف الأظافير، و هو نَحْوٌ من المَرْزِ.

[مري]

: ابن مسعود رضي اللّه عنه- هما المريَّان: الإِمساك في الحياة، و التبذير في الممات.
المُرَّي: تأنيث الأمر، كالجُلي تأنيث الأَجَل؛ أي الخصلتان المفضَّلَتان في المرارة علي سائر الخصال المُرَّة: أن يكون الرجل شحيحاً بماله ما دام حيّاً صحيحاً و أن يبَذِّره فيما لا يُجْدِي عليه من الوصايا المبنِيَّة علي هَوَي النفس عند مشارفته ثَنِيَّة الوداع.

[مرر]

: ابن عباس رضي اللّه تعالي عنهما- كان الوحيُ إِذا نزَل سَمِعَت الملائكةُ صَوْت مِرَار السِّلْسِلة علي الصَّفا.
______________________________
(1) البيت من الطويل، و هو لأبي خراش الهذلي في خزانة الأدب 5/ 75، 76، 78، 81، 11/ 47، و شرح أشعار الهذليين 3/ 1226، و مجالس ثعلب ص 151، 212، و لأبي ذؤيب الهذلي في خزانة الأدب 5/ 85، و بلا نسبة في خزانة الأدب 6/ 208.
(2) البيت في لسان العرب (مرث).
(3) السخب: قلائد الخرز.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 239
أي صوت انْجِرارها و اطِّرادها علي الصَّخْر. و أنشد أبو عُبيدة قول غَيْلان الربعي:
تَكُرّ بعد الشَّوْط من مِرَارِها كَرَّ مَنِيح الخَصْلِ في قِمَارها
قال: و سألت أعرابيّاً عن مِرَارها. فقال: مِرَاحُها و اطِّرَادها. قال: و إذا اطرد الرجلان في الحرب فهما يَتَمَارَّان، و كل واحد منهما يمارّ صاحبه؛ أي يطارده.
و
قد جاء في حديثٍ آخر: كإمْرَار الحديد علي الطّسْتِ الجديد.
و هذا ظاهر.

[مرع]

: سئل عن السَّلْويٰ* فقال: هو المُرْعَة.
عن أبي حاتم، المُرْعَة: طائرة طويلة الرجلين تَقَعُ في المطر من السماء؛ و الجمع مُرَع. قال:
به مُرَعٌ يَخْرُجْنَ من خَلْفِ وَدْقِهِ مَطَافِيلُ جُونٌ رِيشُهَا مِتَصَبِّبُ
«1» و فيها لغتان سكون الراء و فتحها. و يقال في جمع المُرَع مِرْعان. و ينبغي أن يكونَ علي لغة من يقول: مُرَعَةٌ و مُرَعٌ كُرَطَبة و رُطَب. و هي من المَرَاعَةِ بمعني الخصب لخروجها في أثر الغَيْث.

[مرد]

*: معاوية رضي اللّه تعالي- تمرَّدْت عشرين؛ و جَمَعْتُ عشرين، و نتَفْتُ عشرين، و خَضَبْتُ عشرين؛ فأنا ابنُ ثمانين.
يقال: تمرد فلان زماناً، إذا مَكَثَ أمْرد.

[مرس]

*: وَحْشِيّ- قال في قصة مَقْتَل حمزة: كنتُ أطلبه يوم أُحُد، بينا أنا ألْتمِسه إذْ طَلَع عليٌّ عليه السلام فطَلع رجلٌ حَذِرٌ مَرِسٌ كثير الالتفات؛ فقلتُ: ما هذا صاحبي الذي ألتَمِس. فرأيتُ حمزةَ يَفْرِي الناس فَرْياً، فكمنتُ له إلي صَخْرَةٍ و هو مُكَبِّسٌ له كَتِيت، فاعترض له سِبَاع ابن أمِ أنمار، فقال له: هلمّ إليّ فاحتملَه، حتي إِذا برقت قَدَماه رَمَي به فَبَرَكَ عليه فسَحَطَه سَحْطَ الشّاةِ؛ ثم أقبل إليَّ مُكَبِّساً حين رآني، و ذكر مقتله لما وطي‌ء علي حرف فزلّت قدمه.
المَرِس: الشديد المِراس للحَرْب.
يَفْرِي: يشق الصُّفوف.
______________________________
(1) البيت بلا نسبة في لسان العرب (مرع)، و راوية البيت في اللسان:
له مُرَعٌ يخرجن من تحت وَدْقِه من الماء جُونٌ ريشُها يَتَصبَّبُ
(2) (*) [مرد]: و منه في حديث العرباض: و كان صاحب خيبر رجلًا مارداً منكراً. النهاية 4/ 315.
(3) (*) [مرس]: و منه الحديث: إن من اقتراب الساعة أن يتمرّس الرجل بدينه، كما يتمرّس البعير بالشجرة.
و في حديث خيفان: أما بنو فلان فحَسَكٌ أمراسٌ. و في حديث عائشة: كنت أمرسه بالماء. و في حديث علي: زعم أني كنت أعافس و أمارس. النهاية 4/ 318، 319.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 240
المُكبِّسُ: المُطْرِق المقطِّب. و قد كُبِّس، و فلان عابِس كابِس. و قيل: هو الذي يقتحم الناس فيُكبِّسهم.
الكَتيت: الهدير.
السَّحْط: الذبْح الوَحِيّ.

[مرر]

: في الحديث: لا تحل الصَّدَقَةُ لغني و لا لِذِي مِرَّة سَوِيّ.
المرة: القوّة و الشدّة.
مرجت في (حث). مريعاً مربعاً و مرتعاً في (حي). مروط في (شع). فمرش في (ضو). أمر الدم في (ظر). و انمرط في (قح). امراس في (فر). الأمرين في (خم). مارنه في (وت). استمرت مريرتي في (قي). مرهاء في (ست). [المرؤون في (مل). متمرق في (شع). يتمرس في (خر). أمارس في (لع). و تماره في (ز). و لا يماري في (شر)].

الميم مع الزاي

[مزع]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- ما تزال المسألةُ بالعبد حتي يَلْقَي اللّه و ما في وجهه مُزْعَة.
و روي: و ما في وَجْهه لحُادَةٌ من لحم.
و روي: و وجهه عَظْمٌ كلّه.
و
قال: إِن الرجل ليسألُ حتي يخْلق وجهه، فيلقي اللّه يَوْمَ القيامة و ليس له وَجْه.
المُزْعَة: القِطْعَةُ من اللحم أو الشَّحْم. يقال: ما له مُزْعَةٌ و لا جُزْعَةٌ. و يقال: للَّحْمَة التي يُضَرَّي بها البَوَازِي مَزْعَة. و المِزْعَة و المِزْقَة- بالكسر- البَتْكة «1» من الريش.
اللُّحادة: القطعة أيضاً، و ما أراها إلّا اللُّحاتةَ بالتاء، و منها اللَّحْت؛ و هو أَلَّا تَدَع عند الإِنسان شيئاً إِلَّا أخذْتَه، و اللَّتْح مثله. و إن صَحَّتْ فوجهها أن تكونَ الدَّالُ مبدلةَ من التاء كدَوْلَج في تَوْلج.

[مزر]

*: إِنَّ نفراً من أهل اليمن قَدموا عليه صلي اللّه عليه و آله و سلم فسألُوا عن المِزْر، و قالوا: إنْ أرضَنَا باردة عَشِمَة و نحن قومٌ نَحْتَرِث و لا نَقْوَي علي أعمالنا إِلَّا به. فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: كلُّ مُسْكِرٍ حرام.
المِزْر: نبيذُ الشَّعِير.
العَشِمة: اليابسة. عَشِم الخُبْزُ، و عجوز عَشِمَة.
______________________________
(2) (*) [مزع]: و منه في حديث جابر: فقال لهم: تمزَّعوه، فأوفاهم الذي لهم. النهاية 4/ 325.
(1) البتكة: القطعة.
(3) (*) [مزر]: و منه في الحديث: المزرة الواحدة تحرِّم. النهاية 4/ 324.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 241‌

[مزع]

: عن مُعَاذ بن جبل رضي اللّه تعالي عنه. اسْتَبَّ رَجُلَان عند رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم؛ فغَضِب أحدُهما غَضَباً شديداً حتي تَخَيَّل إِليَّ أَنَّ أَنْفه يتمَزَّعُ من شدَّةِ غِضَبه، فقال صلي اللّه عليه و سلم: إِني لأَعْلَمُ كلمةً لو قالها لذَهَبَ عنه ما يَجِدُ من الغضب. فقال: ما هي يا رسول اللّه؟ قال: يقول: اللَّهُمَّ إِني أعوذُ بك من الشيطان الرجيم.
التَمزُّع: التقطُّعُ و التشقق. يقال: إِنه ليكادُ يتمزَّعُ من الغَضَب، أي يتطاير شِقَقا؛ و نحوه بتميَّز و ينقدّ.
و عن الأصمعي: قَسَم المال و مَزَعه و وَزعَه بمعني. و يقال: تمزَّعته و توزعته.
قال جَرِير:
هَلَّا سأَلْتَ مجاشعا زَبَد اسْتِها أين الزُّبَيْرُ و رَحْلُه المتمزعُ
«1» و قال آخر:
بني صامتٍ هَلّا زجرتُمْ كُلابَكُم عن اللحم بالخَبْرَاءِ أن يُتَمَزَّعَا
«2» و عن أبي عبيد: أَحسَبه يَتَرَمَّع؛ أي يرعدُ من شدةِ الغَضَبِ. و منه قيل ليَافُوخ الصبي:
رَمَّاعَة.

[مزق]

: ابن عمر رضي اللّه تعالي عنهما- إِنَّ طائراً مَزَق عليه.
يقال: مَزَق الطائرُ بِسَلْحِه؛ إِذا رمي به، من قولهم: ناقة مِزَاق، و هي السريعة التي يكادُ جِلْدُها يتمزَّقُ عنها، و مصداق هذا قوله:
* حتي تَكاد تَفَرَّي عَنْهُمَا الأهَب*
و قال بعض المولّدين:
* كأنما يَخْرِجُ من إِهابِه*
«3»

[مزز]

: أبو العالية رحمه اللّه تعالي- اشرب النبيذ و لا تَمزِّز.
التمزُّز و التمصُّر: أخَوان، و في معناهما التمزر و التمصُّص. قال يَصِفُ خَمْراً:
تكونُ بَعْدَ الحَسْوِ و التَّمزُّزِ في فَمِه مِثْلَ عَصِير السُّكرِ
«4» قال أبو عبيدة: هو التَذَوُّق شيئاً بعد شي‌ء. و المعني اشْرَبْه لتسكين العَطَش دفعةً كما تشرب الماء، و لا تتلذَّذْ بمَصِّه قليلًا، كما بصنعُ المُعَاقِر إلي أَن يَسْكر.
______________________________
(1) البيت في ديوان جرير ص 344.
(2) البيت بلا نسبة في أساس البلاغة (مزع)، و الخبراء: الأرض الرخوة و موضع معروف.
(3) صدره:
تراه في الحضر إذا هاها به
و البيت لأبي نواس.
(4) البيت بلا نسبة في لسان العرب (مزز).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 242
[مزز]:
النَّخْعَي رحمه اللّه تعالي- قال: كان أصحابُنَا يقولون في الرضاع: إِذا كان المال ذا مِزٍّ فهو من نصيبه.
و
عنه: إِذا كان المال ذا مِزٍّ ففرِّقه في الأصناف الثمانية. و إِذا كان قليلًا فأعطِه صِنْفاً واحداً.
أي ذا فَضْل و كثرة. و قد مَزّ مَزَازة و هو مَزِيز. يقال: لهذا علي هذا مِزٌّ و مَزِيز؛ أَيْ فضل و زيادة.
طاوس رحمه اللّه تعالي- المَزَّة الواحدة تُحَرِّم.
هي المصَّةُ.
يقال للمَصُوص: المزوز، يعني في الرضاع.
المزة و المزتين في (عي). و مَزْمَزُوه في (تل). المزر في (قس) [و في (قي)].

الميم مع السين

[مسح]

*: النبي صلي اللّه عليه و سلم- تَمَسَّحُوا بالأرْضِ فإِنها بِكُم بِرَّةَ.
هو أَن تَباشِرَها بنفسك في الصَّلَاة من غير أَن يكونَ بَيْنَك و بينها شي‌ءٌ تُصَلِّي عليه.
و قيل: هو التيمم.
بَرَّة: يعني منها خَلِقتم و فيها معاشُكم و هي بعد الموت كَفَاتَكم «1».
وصف صلي اللّه عليه و آله و سلم مَسِيحَ الضَّلالة و هو الدّجَّال، فقال: رَجُلٌ أَجْلَي الجَبْهَةِ، مَمْسُوح العَيْنِ اليسري، عَرِيض النَّحْرِ فيه دَفاً.
قالوا: سُمَّي مَسِيحاً، من قولهم: رَجُلٌ مَمْسُوح الوجه و مَسْيح؛ و ذلك أَلَّا يَبْقَي علي أَحَد شِقَّيْ وَجْهِه عَيْنٌ و لا حاجِبٌ إِلَّا استوي؛ و الدّجَّال علي هذه الصفة.
و عن أبي الهَيثْم، هو المِسِّيح علي فَعيل كِسكِّيت، و أنه الذي مُسِحَ خَلْقُه، أي شُوّه.
و
أَمَّا المسيحُ صلاةُ اللّه عليه فعن ابن عبَّاسٍ أنه سُمّي لأنه كان لا يمسح بيده ذَا عَاهَةٍ إِلَّا بَرَأ.
و
عن عَطَاء: كان أَمْسَحَ الرَّجْلِ لا أَخُمَصَ له.
______________________________
(2) (*) [مسح]: و منه في حديث الملاعنة: إن جاءت به ممسوح الأليتين. و في حديث أبي بكر: أغِرْ عليهم بغارة مسحاء. و في حديث سليمان عليه السلام: فطفق مسحاً بالسوق و الأعناق. و في حديث عمار: أنه دخل عليه و هو يرجّل مسائح من شعره. و في حديث خيبر: فخرجوا بمساحيهم و مكاتلهم. النهاية 4/ 327، 328.
(1) الكفات: الموضع يكفت فيه الشي‌ء أي يضم و يجمع، و الأرض كفات لنا (لسان العرب: كفت).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 243
و
عنه صلي اللّه عليه و آله و سلم: خرج من البطن مَمْسُوحاً بالدّهن.
و قال ثعلب: كان يمسح الأرض؛ أي يقطعها. و قيل: هو بالعبرانية مِشَيحاً، فعُرِّب كما قيل في مُوشَي مُوسَي.
الدَّفَا: الانحناء. و شاةٌ دَفْوَاء: مال قَرْنَاهَا ممَّا يَلِي الْعِلبَاوين. قال ذو الرَمَّةِ:
يحاذِرْنَ من أَدْفَي إِذا ما هُوَ انتحي عليهن لم يَنْجُ الفَرُود المُشايِحُ
«1»

[مسد]

: أَذِنِ صلي اللّه عليه و سلم في قَطْعِ المَسد و القَائِمتَيْن و المِنْجَدة.
المَسَد: الحبل الممْسُود؛ أي المفتولُ من نباتٍ و لِحَاء شجر و نحوه.
القائمتان: قائمتا الرَّحْلِ.
المِنْجَدَة: عَصاً خفيفة يَسْتَنْجِد بها المسافر في سَوْقِ الدواب و غيره.
و قيل: شُبهت بالقَضِيب الذي يكون مع النَّجَّاد يُصْلِحُ به حَشْوَ الثياب.
و قيل: هي العود الذي يْحَشي به حَقِيبةُ الرحل لتنجَّد و تَرتفع.
و المعني أنه رخَّص في قَطْعِ هذه الاشياء من شَجَرَ الحَرَمِ؛ لأنها تُرْفِق المارَّة و المسافرين و لا تضرُّ بأُصُولِ الشجر.

[مستق]

*: كان صلي اللّه عليه و آله و سلم يلبس البَرَانِس و المَسَاتِق و يصلّي فيها.
المسْتُقَة: فَرْو طويل الكمّين، تُفْتَح التاء و تُضَمُّ. و هو تَعْرِيب مُشْتَة.
و
في حديث عمر رضي اللّه تعالي عنه: إِنه كان يصلي و يداه في مُسْتَقَه
و
عن سعد: إِنه صلّي بالناس في مُسْتُقَة، يَدَاهُ فيها.

[مسك]

*: عبد الرحمن رضي اللّه تعالي عنه- رأي و معه بلال يَوْمَ بَدْر أُمَيَّة بن خلف، فصرخ بأعلي صوته يا أنصار اللّه! أُمَيَّةُ رأسُ الكفر! قال عبد الرحمن: فأحاطوا حتي جعلونا في مثل المَسَكة؛ و أنا أذُبُّ عنه. فأَخْلَفَ رجلٌ بالسيف فضرب رَجْلَ ابْنِه فوقع، و صالح أُمَيَّة فقلت: انْجُ بنفسك و لا نجاء به، فَهَبَتُوهما حتي فَرَغُوا منهما.
المَسَكة: السِّوار؛ أي أحاطوا بنا و حَلَّقُوا حَوْلَنا، فكأننا منهم في مثل سِوَارٍ.
قال الأصمعي: يقال: لَمَّا رأَي العَدُوَّ أخلف بيده إلي السَّيْفِ؛ أَي ضرب بها إِليه من
______________________________
(1) البيت في ديوان ذي الرمة ص 106، و الأدفي: الذي طال قرناه حتي انصبا علي أذنيه من خلفه، و المشايح: الحذر.
(2) (*) [مستق]: و منهه الحديث: أنه أهدي لهه مستقة من سندس. النهاية 4/ 326.
(3) (*) [مسك]: و منه في صفته صلي اللّه عليه و سلم: بادنٌ متماسك. و الحديث: أنه رأي علي عائشة مَسَكتين من فضة. و في حديث عائشة: شي‌ءٌ ذفيف يُربط به المَسَكُ. النهاية 4/ 330، 331.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 244
الخَلْفِ، و كلما ردَّ يَدَه إلي مُؤَخَره ليأخذ شيئاً من حقيبته فقد أَخلفَ بها. و يقال لما وراء الرجل: خَلْفه.
هَبَتَه بالسيف و هَبَجه: ضَرَبه.

[مسح]

: ابن عمر رضي اللّه تعالي عنهما- لا تُمْسَحُ الأرض إِلّا مَرَّة، و تَرْكُهَا خير من مائة ناقة كلَها أَسْوَدُ المُقلَةَ.
هو أَنْ يمسحها المصلي ليُسَوِّيَ موضع سجوده، فَرَأَي تَرْكَ ذلك و احتمال المشقَّة أَوْلَي.
الضمير في تركها للمرَّة أو للمَسْحَة.
كلّ: مذكر اللفظ فلذلك قال أَسْوَدُ، و منه قولهم: كلّ أُذُن سامع، و كلُّ عينٍ ناظر، و هذا نحوُ حَمْلِه علي التوحيد و الجمع.
مسد في (رف). و مسكتان في (سف). مسكاً في (صف). مَسْحَاء في (سح). مسكة و المسكان في (عر). مسك في (فر) [و لا مستها في (جر). متماسكاً في (شذ)]. ممسّكة في (حج).

الميم مع الشين

[مشق]

*: طلحة رضي اللّه تعالي عنه- رأَي عمر عليه ثَوْبَيْن مُمَشَّقَين و هو مُحْرِم؛ فقال: ما هذا؟ ليس به بَأْسٌ يا أَميرَ المُؤْمنين، إِنما هو مِشقٌ.
هو المَغْرَة. و المُمَشَّق: المصبوغ بالمِشْقِ.
و منه
حديث جابر بن عبد اللّه رضي اللّه تعالي عنه: كُنَّا نلبس المُمَشَّق في الإحرام، و إنما هو مَدَر.
يجوز لبس المصبّغ للمحرم إذا لم يكن بالطِّيب كالوَرْسِ و الزَّعْفَرَانِ و العُصْفر، و إنما كَرِهه عمر لئلا يَرَاه الناس فيلبسوا ما لا يَجُوزُ لُبْسُه.

[مشي]

*: في الحديث؛ إِن إِسحاق أتاه إسماعيل عليهما السلام، فقال له؛ إِنَّا لم نَرِثْ من أَبينا مالًا، و قد أَثْرَيْتَ و أَمْشَيْتَ؛ فأَفِي‌ءْ عَلَيّ مما أَفَاء اللّه عليك.، فقال إسحاق: يا إسماعيل؛ أَ لَمْ تَرض أني لم أَسْتَعِبدْك حتي تجيئني فتسألني المال.
______________________________
(1) (*) [مشق]: و منه الحديث: أنه سُحِر في مشطِ و مشاقة. النهاية 4/ 334.
(2) (*) [مشي]: و منه في حديث أسماء: قال لها: بم تستمشين؟. النهاية 4/ 335.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 245
أي كُثرَتْ ماشيتُك، قال: [النابِغَة]:
و كلّ فتي و إِنْ أَثْرَي و أَمْشَي ستَخْلِجُه عن الدنيا المَنُون
قيل: كانوا يستعبدون أَولادَ الإِماء.

[مشع]

: نهي صلي اللّه عليه و آله و سلم أَنْ يُتَمشَّع برَوْث أو عَظْم.
أي يُسْتَنْجي؛ قال ابْنُ الأعرابي: تمشّع الرجل و امْتَشَع؛ إِذا أَزال الأَذَي عنه.
و هو من قولهم: امْتَشَع ما في الضرع و امْتَشَنَه، أي أَخذه أَجْمع:

[مشر]

: إنّي إذا أكلت اللحم وجدتُ في نفسي تَمْشِيراً.
أي نشاطاً للجماع، من قول الأصمعيّ: المَشَر، و الأَشَر واحد، و هو المَرَح و أمشر إِمْشَاراً إِذا انْبَسط في العَدْو.
و عن شمر: أرض مَاشِرة و نَاشِرة اهتزَّ نباتُهَا.

[مشي]

: خير ما تَدَاوَيْتُم به المَشِيّ.
يقال لدَوَاءِ المشْي: المَشوّ و المَشِيّ.
مشاطة في (طب). و أمش و امشر في (غد). المشاش في (مغ). [ذو مشرة في (خب)].

الميم مع الصاد

[مصمص]

النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- القتلُ في سبيل اللّه مُمَصْمِصَة.
أي مُطَهِّرَة من دَنَسِ الخطأ من قولهم: مَصْمَصْت الإناء بالماء إِذا رَقْرَقْتُه فيه و حَرَّكته، حتي يطهر، و منه مَصْمَصَة الفَمِ؛ و هو غَسْله بتحريك الماء فيه كالمضْمَضة.
و قيل: هي- بالصاد غير المعجمة- بطرَفِ اللسان، و بالضاد بالفم كلّه؛ كالقَبْض و القبض.
و
في حديث أبي قِلَابة: إِنه رَوي عن رَجُل من أَصحابِ رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: كنَّا نتوضَّأُ مما غَيَّرَت النارُ، و نُمَصْمِصُ من اللَّبنِ، و لا نُمَصْمِصُ من التَّمرة.
أنَّث خبر القتل لأنه في معني الشهادة، أو أراد خصلة مُمَصْمِصَة، فأقام الصفةَ مقامَ الموصوف.

[مصع]

: زيد بن ثابت رضي اللّه تعالي عنه- كتب إلي معاوية يَسْتَعْطِفه لأهل المدينة.
و في الكتاب: إنَّهُم حديث عهدُهم بالفتنة قد مَصَعَتْهُم، و طال عليهم الجَذْمُ و الجَدْب، و أَنهم قد عرفوا أنه لَيْسَ عند مَرْوَان مال يُجَادُونَه عليه إِلَّا ما جاءهم من عند أمير المؤمنين.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 246
أي ضَرَبَتْهم و حرَّكَتْهم؛ من مَصَه بالسيف؛ إِذا ضربه. و منه المُمَاصعة: المجالدة.
و
في حديث ابن عمير: إِنه قال: في المَوْقُوذة إذا طَرَفَتْ بعينها أو مَصَعت بذَنَبِها.
أي ضَرَبَتْ به و حرّكته.
و منه
حديث مجاهد: البَرْقُ مَصْعُ مَلِكٍ يَسُوق السَّحاب.
أي ضَرْبَهُ للسحاب و تحريكه له لِيَنْسَاق.
الجَذْمُ: القطع، يريدُ انقطاع الميرة عنهم.
المَجادَاة: مفاعلة، من جَدَا، إِذا سأل، أي يُسَائِلُونه.

[مصر]

*: زياد- قال علي المنبر؛ إِنَّ الرجلَ ليتكَلَّمُ بالكَلِمَةِ لا يَقْطَع بها ذَنَبَ عَنْزٍ مَصُور، لو بلغت إِمَامَه سَفَك دَمه.
هي التي انقطع لبنها إلّا قليلًا فهو يتمصَّر، و لا يكون إلّا مِنَ المعز، و جمعها مَصَائِر، و المَصْر: الحَلْبُ بإِصْبَعين. و منه قولهم: لبني فلان غَلَّةٌ يَمْتَصِرُونَها؛ أي لا تُجْدِي عليه تلك الكلمة، و هو يهلك بها إن انتُشِرَتْ عنه.

[مصخ]

: في الحديث: فلان و اللّه لو ضربك بأُمْصُوخٍ من عَيْشُومةٍ لَقَتَلَك.
هو الخوصة، يقال: ظهرت أما صيخُ الثُّمَام.
و العيشومة: واحدة العَيْشوم، و هو نَبْتٌ دقيق طويل محدَّد الأطراف، كأنه الأَسل يتخذ منه الحُصر الدِّقاق.
المصاع في (حم).

الميم مع الضاد

[مضر]

: حُذَيفْةَ رضي اللّه تعالي عنه- ذكر خروج عائشة رضي اللّه تعالي عنها فقال:
يُقَاتل معها مُضرُ مَضَّرَها اللّهُ في النار. و أَزد عُمَان سَلَت اللّه أقدامها، و إِنّ قيساً لن تنفكَّ تبغي دين اللّه شرّاً حتي يركَبها اللّه بالملائِكة، فلا يمنعوا ذَنَبَ تَلْعَة.
مَضَّرَها؛ أي جَمَعها. كما يقال: جَنَّد الجنود، و كتّب الكتائب. و قال بعضهم:
أهلكها، من قولهم؛ ذهب دَمُه خِضْراً مِضْراً؛ أي هَدَراً.
سَلَت: قَطَع؛ من سلتت المرأة حناءها.
ذنب التَّلْعَة: أَسفلها، أي يذلها اللّه حتي لا تقدر علي أن تمنع ذَيْل تَلْعَة.
______________________________
(1) (*) [مصر]: و منه في حديث عيسي عليه السلام: ينزل بين ممصَّرتين. و الحديث: أتَي عليٌّ طلحة و عليه ثوبان ممصَّران. و في حديث علي: و لا يَمْصُرُ لبنها فيضر ذلك بولدها. و في حديث الحسن: ما لم تَمْصَرْ. النهاية 4/ 336.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 247‌

[مضض]

: في الحديث: و لهم كلب يَتَمَضْمَضُ عَراقِيبَ الناسِ.
من المضّ، و هو المصّ إلّا أنه أَبّلَغُ منه.
مضضنا في (خب). المضغ في (وض).

الميم مع الطاء

[مطي]

: النبيّ صلي اللّه عليه و آله و سلم- إِذا مَشَتْ أُمَّتِي المُطَيْطَاء، و خدمتهم فارسُ و الروم، كان بَأْسُهم بينهم.
هي ممدودة و مقصورة، بمعني التمطّي؛ و هو التَّبَخْتُر و مدُّ اليدين. و أصل تمطَّي تمطط؛ تفّعل من المطِّ و هو المدّ. و هي من المصغرات التي لم يستعمل لها مكبّر، نحو كُعَيْت و جُميل و كُمِيْت «1». و المَريْطاء «2» و قياس مُكَبَّرها ممدودة مرطياء بوزن طِرْمِساء، و مقصورة مرطياً بوزن هَرْبِذَي «3»، علي أن الياء فيهما مبدلة من الطاء الثالثة.
أَبو بكر رضي اللّه تعالي عنه- أتي علي بِلَال و قد مُطِيَ به في الشمس؛ فقال لمواليه:
قد تروْنَ أَنَّ عبدكم هذا لا يُطِيقكم فبِيعُونيه. قالوا: اشْتَرِه، فاشتراه بسبع أَوَاقِي. فأعتقه؛ فأتي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم و حدَّثه؛ فقال: الشركة. فقال: يا رسول اللّه؛ إِنّي قد أعتقته.
المطُّ و المدّ و المَطْو واحد. و منه المَطْو في السير. قال امرؤ القيس.
مَطَوْتُ بهم حتي يَمِلَّ غَزِيُّهم و حتَّي الجِيَادُ ما يُقَدْنَ بأَرسَانِ
«4» و كانوا إِذا أرادوا تعذيبه بَطَحُوه علي الرَّمْضَاء.

[مطر]

: في الحديث: خَيْرٌ نسائكم العَطِرة المَطِرة.
أي المتنظِّفة بالماء.
و منه قول عامر بن الظرب لامْرَأته: مُرِي ابْنَتَك ألا تنزل مفازة إلّا و معها ماء؛ فإنه
______________________________
(1) الكعيت و الجميل و الكميت: البلبل.
(2) المريطاوان: ما عري من الشفة السفلي و السبلة فوق ذلك مما يلي الأنف (لسان العرب: مرط).
(3) الهربذي: مشية فيها اختيال.
(4) البيت من الطويل، و هو لامري‌ء القيس في ديوانه ص 93، و الدرر 6/ 141، و شرح أبيات سيبويه 2/ 420، و شرح الأشموني 2/ 420، و شرح شواهد الإيضاح ص 228، 255، و شرح شواهد المغني 1/ 374، و شرح المفصل 5/ 79، و الكتاب 3/ 27، 626، و لسان العرب (مطا) و مغني اللبيب 1/ 127، 130، و بلا نسبة في أسرار العربية ص 267، و جواهر الأدب ص 404، و رصف المباني 5/ 181، و شرح المفصل 8/ 19، و لسان العرب (غزا)، و المقتضب 2/ 72، و همع الهوامع 2/ 136.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 248
للأعلي جَلَاء، و للأسفلِ نَقاء؛ أخذ من لفظ المَطر؛ كأنها مُطِرت فهي مَطِرة؛ أي صارت مَمْطورة مَغْسولة.
[مطير في (اط)]. المطائط في (خط). فأَمطت في (غف)].

الميم مع الظاء

[مظظ]

: أبو بكر رضي اللّه تعالي عنه- مرَّ بعبد الرحمن ابنه و هو يُمَاظ جاراً له؛ فقال: لا تُمَاظَّ جَارَك؛ فإِنه يَبْقَي و يَذْهَبُ النَّاس.
أي يُنَازِعه و يُلازَه، و إنّ في فلان لَمظَاظَةً و فَظَاظَةً؛ إِذا كان شديد الخلق. و تماظَّ القوم: تَلَاحَوْا و تعاضّوا بألستنهم.
الزهري- كان بنو إسرائيل من أهل تهامة أَعْتَي الناس علي اللّه، و قالوا قولًا لا يقولُه أَحد؛ فعاقبهم اللّه، فعقوبتهم تَرَوْنَها الآن بأعينكم، فجعل رجالهم القِردة، و بُرَّهم الذرّة، و كلابهم الأسد، و رُمَّانَهم المَظّ و عِنَبهم الأَرَاك، و جَوْزَهم الضَّبر، و دجاجهم الغِرْغِر «1».
المَظّ: رُمّان البر. و هو من المُمَاظَّة، و هي ملازمة المُنَازِع لتضامِّ حَبِّهِ و تلازمه، ألا تري إلي قول الأَعْرابي.
* كأَزَز الرُّمَّانةِ المُحْتَشِيَة*
«2» و قال المولِّد:
لا يقدر الرمَّان يجمع حبه في جَوْفِه إِلّا كما نحن
و لهذا سمي رُمَّاناً؛ فُعْلان من الرّم؛ و هو إصلاحُ الشي‌ء و ضمّ ما تَشَعَّثَ منه و انتشر.
الضَّبِر: جوز البر.
الغِرْغر: دجاج الحبش، و لا يُنْتَفع بلحمه.

الميم مع العين

[معس]

: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- مرّ علي أَسْمَاءِ بنت عْمَيْس؛ و هي تَمْعَسُ إِهاباً لها.
مَعَس الأَديم و مَعَكه؛ إِذا دَلَكه.
و حدَّث الأَصمعي أَنَّ امرأة من العرب بعثتْ بنتاً لها إلي جارتها، فقالت: تقول لك أمي: أَعْطِيني نَفْساً أَو نَفْسَين [من الدّباغ] أَمْعَس به مَنِيئَتي فإِني أَفِدَة.

[معي]

: المُؤْمن يأْكل في معيً واحد، و الكافِرُ في سَبْعَةِ أَمْعَاء.
______________________________
(1) دجاج الغرغر: دجاج الحبشة، أو الدجاج البري.
(2) الشطر بلا نسبة في لسان العرب (أزز).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 249
قالوا: ذُكر له رجل أَكول قد أَسلم فقلَّ أَكْلُه، فقال ذلك.
و قيل هو تمثيل لِرضا المؤمن باليسيرِ من الدنيا و حِرْص الكافر علي التكثُّرِ منها.
و الأوْجَهُ أن يكونَ هذا تحضيضاً للمُؤمن علي قِلَّةِ الأكل و تحامي ما يجرُّه الشِّبَع من قسوة القلب و الرّين و طاعةِ الشهوة البهيمية و غير ذلك من أنواع الفساد.
و ذِكْرُ الكافر و وَصْفُه بكثرة الأكل إغلاظ علي المُؤْمن، و تأكيد لما رُسِم له و حضّه عليه؛ و ناهيك زاجراً قوله تعالي: وَ يَأْكُلُونَ كَمٰا تَأْكُلُ الْأَنْعٰامُ [محمد: 12].
أَلِفُ المِعَي منقلبة عن ياء؛ لقولهم في تثنيته: معيان. و لُمَا حكي بعضهم أنه يقال:
مَعْي و مِعَي كَأْنْي و إِنًي و ثِنْيٍ و ثِنًي.

[معط]

*: إِنَّ عائشة رضي اللّه عنها قالت له: لو آخَذْتَ ذَاتَ الذَّنْبِ منَّا بذَنْبها! قال:
إِذَنْ أَدَعهَا كأنّها شاة مَعْطَاء.
هي التي مَعَّط صوفُها لهزالٍ أو مرض. و يقال؛ أرض مَعْطَاء: لا نَبُتَ فيها. و رِمَالُ مُعْط. قفال ابن ميادة:
* من دونها المُعْطُ من نينان و الكثب*
أَعْمَلَ «إِذَنْ»، لكونها مبتدأة و كون الفعل مستقبلًا، و معني «أَدَعَها» أجعلها، كما استعمل الترك بهذا المعني، و الكاف مفعول ثان.

[معك]

ابن مسعود رضي اللّه تعالي عنه- لو كان المَعْكُ رجلًا لكان رَجُلَ سَوْء.
هو المَطْل، يقال: مَعَكَنِي دَيْنِي؛ أي مَطَلَنِيه؛ و رجل مَعِك: مَطُول.
و منه
حديث شُرَيح رحمه اللّه تعالي. المَعْكُ طرف من الظلْم.

[معمع]

*: ابن عمر رضي اللّه تعالي عنهما- كان يتبع اليومَ المَعَمعَانيَّ فيَصُومه.
منسوب إِلي المَعْمَعَانِ؛ و هو شدَّةُ الحر؛ و المَعْمَعَةُ: صوت الحريق.
و منه
حديث بكر بن عبد اللّه؛ من أراد أن ينظرَ إلي أعبدِ الناس، ما رَأَيْنَا و لا أَدْرَكنا الذي هو أعبد منه، فلينظر إلي ثابت [بن قيس]؛ إِنه ليظلّ في اليوم المَعْمَعاني، البعيدِ ما بين الطَّرفين، يُرَاوِح ما بين جبهته و قَدَمَيْه.

[معن]

*: أنس رضي اللّه عنه- بلغ مُصْعب بن الزبير عن عريف الأنصار أمر؛ فبعث إليه و هَمَّ به.
______________________________
(1) (*) [معط]: و منه في حديث حكيم بن معاوية: فأعرض عنه فقام متمعِّطاً. و في حديث ابن إسحاق: إن فلاناً وتر قوسه ثم معط فيه. النهاية 4/ 343.
(2) (*) [معمع]: و منه الحديث: لا تهلك أمتي حتي يكون بينهم التمايل و التمايز و المعامع. النهاية 4/ 343.
(3) (*) [معن]: و منه في الحديث: أمعنتم في كذا. و الحديث: و حُسْن مواساتهم بالماعون. النهاية 4/ 344.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 250
قال أنس: فقلت له: أَنْشُدُكَ اللّه في وصيَّةِ رسول اللّه؛ فنزل عن فِرَاشه و قعد علي بساطه و تمعَّنَ عليه- و روي: و تمعَّك عليه؛ و قال: أَمْرُ رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم علي الرأَس و العين، و أَطْلَقه.
هو من المعَان و هو المكان؛ يقال: موضع كذا مَعَان من فلان، و جمعه مُعْن؛ أي نوزل عن دَسْته و تمكَّن علي بِسَاطه تواضعاً.
أو من قولهم للأديم: مَعْن و مَعِين؛ أي انبطح ساجداً علي بساطه كالنّطْع الممدود.
كقولهم: رأيته كأنَّه جلس من خشية اللّه.
أو من المَعِين؛ و هو الماء الجاري علي وجه الأرض. و قد مَعَن: إِذا جري [و يروي:
تمعَّك عليه]؛ أي تقلَّبَ عليه و تمرَّغ.
أو من أمعن بحقِّه و أذعن إذا أَقَرَّ؛ أي انْقَادَ و خشع انقيادَ المعترف.
أَو مِنَ المَعْنِ؛ و هو الشي‌ء اليسير؛ أي تصاغر و تَضَاءل.

[معج]

معاوية رضي اللّه تعالي عنه- لما ركب البحر إلي قُبْرُس حمل معه بنت قَرَظَة، فلما دفعت المراكب مَعَج البَحْرُ مَعْجَةً تَفَرَّقَ لها السُّفن.
أي ماج و اضْطَرب، من مَعَج المهر؛ إِذا اشتقّ في عَدْوِه يميناً و شمالًا. و الريح تَمْعَجُ في النبات. و منه: فَعَل ذلك في مَعْجَة شَبَابِه و مَوْجَة شَبَابه.

[معر]

*: و
في الحديث: ما أَمْعَرَ حَاجٌّ قطّ.
أي ما افتقر، و أصله مِنْ مَعَرِ الرَّأس، و هو قلّة شَعْره، و أرض مَعِرة: مُجْدِبة.
و المعين في (ند). فتمعك في (وض). معوتها في (صح). و تمعددوا في (فر) و تمعززوا في (تب). [المعامع في (فر)].

الميم مع الغين

[مغط]

النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- في صفته عن باب مدينة العلم عليهما السلام:
لم يكن بالطويل المُمغَّطِ، و لا القصير المترَدّد، و لم يكن بالمُطَهَّمِ و لا المُكَلْثمُ، أَبْيَض مُشْرَب، أَدْعَج العَيْنِ، أَهْدَب الأَشْفَارِ، جَلِيل المُشَاشِ و الكَتَدِ، شَثّن الكَفّ و القدمين، دَقِيق المَسْرُبَة «1»، إِذا مشي تَقَلْع كأَنما يَمْشِي في صَبَب «2» - و روي: كأنما يَنْحَطُّ من صَبَب. و إذا الْتفَتَ التفت جميعاً، ليس بالسَّبط و لا الجَعْد القَطَط «3» - و روي: كان أَزْهَر ليس بالأبيض
______________________________
(4) (*) [معر]: و منه في حديث عمر: اللهم إني أبرأ إليك من مَعرّة الجيش. النهاية 4/ 342.
(1) دقيق المسربة: أي ما دق من شعر الصدر سائلًا إلي الجوف.
(2) كأنما يمشي في صبب: أي كأنما يمشي في موضع منحدر.
(3) اللقطط: الشديد الجعودة.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 251
الأَمْهق- و روي: شَبْح الذِّراعين- و روي: ضَرْب اللحم بين الرجلين- و يروي: إنه كانت في عَيْنِه شَكْلَة- و يروي؛ إنه كان أسجر «1» العينين. و يروي: كان في خَاصِرَتَيِه انفتاق- و يروي:
كان مُفَاضَ البَطْنِ- و يروي: كان أسمر.
و
عن بعض الصحابة رضي اللّه عنهم: رأيت رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم وافِرَ السَّبَلة.
و
عن جابر بن سمرة رضي اللّه عنه: إِنه كان أَخْضَر الشَّمَطِ- و يروي: كان أبيض مُقَصَّداً- و روي: مُعَضَّداً- و روي: لم يكن بعُطْبُول و لا بقَصِير.
و
عن عائشة رضي اللّه تعالي عنها: كان أَفْلح الأسنان أَشْنَبها؛ و كان سَهْل الخدين صَلْتَهما، فَعْم الأوصال، و كان أَكثر شَيْبِه في فَوْدي رَأسه؛ و كان إِذا رَضي و سُرَّ فكأَنَّ وَجْهه المرآة و كأنَّ الجُدُرَ تُلاحِك وَجْهه، و كان فيه شي‌ء من صَوَر؛ يخطو تَكُفُّؤاً، و يمشي الهُويْنَي، يَبُذَّ القومَ إِذا سارع إلي خير أو مَشَي إليه، و يسُوقهم إِذا لم يسارع إلي شي‌ء بمشية الهُوَيْنا- و روي: كان من أزْمَتِهم في المجلس.
المُمَغَّط: البائن الطول، يقال: مَغَطت الحبل و كل شي‌ء لين، إذا مددته فانْمَغَط، و منه: انْمَغَطَ النهارُ، إِذا امتدّ. و عن أبي تُراب بالغين و العين.
المُتَردِّد: الذي تردّد بعض خَلْقِه، علي بعض فهو مجتمع.
قيل في المُطَهَّم: هو البارع الجمال التام كلّ شي‌ء منه علي حِدَته.
و قيل: هو السَّمين الفاحش السمين.
و قيل: المنتفخ الوجه الذي فيه جَهَامة من السمن.
و قيل: النحيف الجسم الدقيقة.
و قيل: الطُّهْمَةَ و الصُّحْمة في اللون أن تجاوِز سُمْرتُه إلي السواد، و وَجْهُهُ مطهمٌ؛ إِذا كان كذلك.
المُكَلثْمَ: المستدير الوجْهِ. و قال شَمِر: القصير الحَنَك، الدَّانِي الجبهة، المستدير الوجه، و لا يكون إلَّا مع كثرة اللحم، أراد أنه كان أسيلًا مسنون الخدَّين.
مُشْرَب: أَشْرب بياضُه حُمْرة.
الدُّعْجَة: شِدَّةُ سواد العينين.
جَلِيل المُشَاش: عظيم رؤوس العظام، كالرُّكبتين و المِرْفَقين و المنكبين.
الكَتَد: الكاهل.
______________________________
(1) عين سجراء: خالطت بياضها حمرة، و هي بينة السجرة بالضم (القاموس المحيط: سجر).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 252
الشَّثْن: الغليظ، و قد شَثِنَ و شَثُن و شَنِثَ، و هو مَدْحٌ في الرجال لأنه أشَدُّ لعصبهم و أصْبَر لهم علي المِرَاس.
تَقَلَّع؛ ارْتَفَع قَدَمُه علي الأرض ارتفاعةً كما تَنْقِلُع عنها؛ و هو نَفْيٌ للاختيال في المشي.
الأمْهَق: اليَقَق الذي لا يخالِطه شي‌ء من الحمرة، و ليس بَنيِّر ملَوْنِ الجِصِّ.
الشَّبْح: العَرِيض.
الضَّرْب: الخفيف اللَّحْم.
الشكْلة: كهيئة الحمرة في بياض العين، و أما الشَّهلة فحمرةٌ في سَوَادِها.
و الشَّجْرَة: كالشَّكْلَة.
انَفتَاقٌ: استرخاء.
المُفَاض: أن يكون فيه امْتلاءِ. و العرب تقول: اندِحاق «1» البطن في الرَّجُل من علامات السودد، و هو مذموم في النساء. و قد وصف صلي اللّه عليه و آله و سلم بالخَمَص في الحديث الآخر، فالتوفيق بينهما أن يكون ضامرَ أَعْلَي البطن، مُفَاضَ أسفله، و كذلك وَصْفُه بالسُّمْرة. و ما روي أنه كان أبيض مُشْرَباً، فكأنَّ الوجهَ أن تكون السمرة فيما يبرز للشمس من بَدنِه؛ و البياض فيما تُواريه الثياب.
السَّبَلة: ما أُسْبِل من مُقَدَّم اللَّحْيَة علي الصدر.
اخْضِرَار شَمَطِه بالطيب و الدّهن المروح. و منه ما روي: إنه قد شمط مقدّم رأسه و لحيته، فإذا ادَّهن و امتشط لم يتبيَّن، و إذا شعث رأسه رَأَيْته متبيناً.
المُقَصد: الذي ليس بجسيم و لا قَصِير؛ و القَصْد مثله.
و المُعَضَّد: الموثَّق الخَلْق، و المحفوظ المُقَصَّد.
العَطْبول: الطويل.
الفَعْم: الممتلي‌ء.
المُلاحَكة و الملاحمة: أختان. يقال: لُوحِك فَقَار الناقةِ فهو ملاحك أي لُوحِمَ بينه و أُدخلْ بعضُه في بعض، و كذلك البنيان و نحوه و المعني أنّ جدرَ البيت تُرَي في وجهه كما تري في المرآة لوضَاءَتِه.
الصَّورَ: الميل.
______________________________
(1) اندحاق البطن: اتساع البطن، و رجل مندحق البطن: أي واسعها، كأن جوانبها قد بعد بعضها عن بعض فاتسعت.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 253‌

[مغر]

: إِنَّ أعرابياً جاء حتي قام عليه و هو مع أصحابه؛ فقال أيكم ابْنُ عبد اللّه؟ فقالوا هو الأمْغَر المُرْتَفِق.
هو الذي في وجهه حِمُرةٌ بياض صَاف؛ و شاة مِمْغَار: إذا خالط لبنها دم.
و
في حديثه صلي اللّه عليه و آله و سلم؛ في قصة الملاعنة: إن جاءت به أُمَيْغِر سَبْطاً فهو لزوجها، و إن جاءت به أُدَيْعِج جَعْداً فهو للذي يتهم،. فجاءت به أُدَيْعَج [جعداً].
السَّبْط: التام الخلق.
الجَعْدُ: القصير.
المُرْتَفِق: المتكي‌ء لأنه يستعمل مرفقه. و منه قيل للمُتَّكَأ: المِرْفَقة؛ كما قيل مِصْدَغة و مِخَدة من الصّدْغ و الخَدِّ لما يُوضَع تحتهما.

[مغل]

________________________________________
زمخشري، ابو القاسم، محمود بن عمر، الفائق في غريب الحديث، 4 جلد، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، اول، 1417 ه ق
الفائق في غريب الحديث؛ ج‌3، ص: 253
: صَوْم شهر الصوم و ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر و مُذْهب بمَغَلَةِ الصَّدْر.
قيل: و ما و مَغَلَةُ الصدر؛ قال: حِسّ الشيطان- و روي: مَغِلَّة.
هي النَغْلَ و الفساد، و أصلُها داءٌ يُصيب الغنم في أجوافها.
و عن أبي زيد: المَغَل القذي في العين؛ و في مَثَل أنت ابن مَغَل؛ أي تُتَّقي كما يْتَّقَي القذي أَنْ يَقَع في العين- و قد مَغِلَتْ عينه إِذا فسدت، و فلان صاحب مَغالةٍ؛ إِذا كان ذا وِشَاية؛ و مُغِل به عند السلطان و أُمْغِل، و المَغَلَّة من الغِلّ.

[مغث]

*: عثمان رضي اللّه تعالي عنه- قالت أمَ عَيَّاشٍ: كنت أمْغَثُ له الزَّبيب غُدْوَةً فيشربه عشيّة؛ و أمغَثُه عشيّة فيشربه غُدْوَةً.
هو المَرْس و الدَّلكُ بالأصابع، تريد أنَّها كانت تَنْقَع له الزبيبَ و لا تلبثه أكثرَ من هذه المدّةِ لئلا يتغيَّر.

[مغر]

عبد الملك قال لجرير: مَغِّرْناً يا جرير.
أَي أنشدنا كلمة ابن مَغْرَاء؛ و هو أوس بن مَغْراء، أحد شعراء مُضَر.

الميم مع الفاء

[مفج]

: في الحديث: قال بعضهم: أخَذَني الشُّرَاةُ؛ فرأيتُ مُساوِراً قد ارْبدَّ وَجْههُ. ثم أَوْمي بالقَضِيب إلي دَجاجةٍ كانت تَبخترُ بين يَديه و قال: تسمّعِي يا دَجاجة. ضلَّ عليٌّ و اهْتَدي مَفاجَة.
يقال: مَفَج و ثفَجَ إِذا حَمُق؛ و رجل ثَفاجَةٌ مَفاجَةٌ؛ أي أَحمق.
______________________________
(1) (*) [مغث]: و منه في حديث خيبر: فَمَغَثَتْهم الحُمي. النهاية 4/ 345.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 254‌

الميم مع القاف

[مقل]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- إذا وقع الذُّباب في الطعام- و روي:
بالشراب فامْقُلُوه؛ فإن في أحد جَناحيه سُمّاً و في الآخر شفاء، و إنه يقدّم السمّ و يؤخر الشفاء.
المَقْل و المَقْس: أَخوان، و هما الغَمْس؛ و هو يُماقِله و يُماقسه و يُقامِسه، أي يغاطه.
و منه المَقْلَة حَصَاة القَسم، لأنها تُمْقَلُ في الماء.

[مقط]

: عمر رضي اللّه تعالي عنه- قدم مكة؛ فسألَ مَنْ يَعْلَمُ موضع المقام؟ و كان السَّيْلُ احتمله من مكانه، فقال المطلب بن أبي وداعه السهمي: أنا يا أمير المؤمنين؟ قد كنتُ قدَّرْتَهُ و ذَرَعتُه بمَقَاط عندي.
هو حبل صغير يكادُ يقوم من شدة إغارَتِه، و الجمع مُقُط، قال الراعي يصف حميراً:
كأنها مُقُطٌ ظلَّت علي قَيم من ثُكْدَ و اغتمست في مائِه الكَدِرِ
«1» و منه قيل: مَقَطْتُ الإِبل و مَقْطُتها إِذا قطرتها، و شددت بعضها إلي بعض، و مَقَطَه بالإيمان إِذا حَلَّفه بها.

[مقو]

: عثمان رضي اللّه تعالي عنه- ذكرته عائشة رضي اللّه عنها فقالت: مَقَوْتُمُوه مَقَوْ الطّسْتِ ثم قَتَلْتُوه.
مَقَاه يَمْقُوه و يَمْقِيه، إِذا جَلَاه. و يقال: امْقُ هذا مَقْوَك مالك، أي صُنْه صِيانَتك مالك.

[مقل]

: ابن مسعود رضي اللّه تعالي عنه- قال في مَسْح الحَصَي في الصَّلاة مرَّةً، و تَرْكُهَا خير من مائة ناقة لمُقْلَةٍ.
أي من مائة مُخْتارة يختارها الرجل علي مُقْلته، أي علي عينه و نظره.
و
جاء في حديث ابْنِ عُمَر: من مائة ناقة كلها أَسْوَد المُقْلَة.
و قد ذُكِرَ.

الميم مع الكاف

[مكن]

: النبي صلي اللّه عليه و سلم- اقرُّوا الطيرَ علي مَكُناتها- و روي: مُكُناتها.
المَكِنات: بمعني الأمكنة، يقال: الناس علي مَكناتهم و سَكِناتهم و نَزِلاتهم و ربعاتهم؛ أي علي أمكنتهم و مَسَاكنهم و مَنَازلهم و رباعهم. و قيل المَكِنة من التمكّن كالتَّبِعة و الطَّلِبة،
______________________________
(2) (*) [مقل]: و منه في حديث عبد الرحمن و عاصم: يتماقلان في البحر. و في حديث ابن لقمان: قال لأبيه:
أرأيت الحبة تكون في مقل البحر؟. و في حديث علي: لم يبق منها إلا جرعة كجرعة المقلة. و في حديث ابن عمر: خير من مائة ناقة كلها أسودُ المقلة. النهاية 4/ 347، 347.
(1) البيت في معجم البلدان لياقوت (ثكد).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 255
من التَّتَبُّع و التطلّب. يقال: إِن بني فلان لذَوُو أمكنة من السلطان، أي ذوو تَمَكّن.
و المُكُنات: الأمكنة أيضاً جمع المكان علي مُكن ثم علي مُكُنات، كقولهم: حُمُر وَ حُمُرات، و صُعُد و صُعُدات. و المعني إِنَّ الرجلَ كان يخرج من حاجته فإن رأي طيراً طيَّره، فإن أخذَ ذاتَ اليمين ذهب، و إن أخذَ ذاتَ الشمال لم يذهب فأراد اتْرُكوها علي مَوَاضعها و مواقعها و لا تطيروها، نَهْياً عن الزَّجْرِ.
أو علي مواضعها التي وضعها اللّه بها من أنها لا تضرُّ و لا تنفع.
أو أراد لا تذعروها و لا تريبوها بشي‌ء تَنْهَضُ به عن أوكارها.
و إنكار أبي زياد الكلابي المَكِنات و قوله: يعرف للطير مَكُنات، و إنما هي الوُكُنات، و هي الأعشاش، ذَهابٌ منه إلي النهي عن التحذير.
و كذلك قول من فسَّر المَكِنات بالبَيْضِ، و هي في الأصل لَبَيضِ الضَّبَ فاستُعِير.
قال الأزهري: المَكِن لبيض الضبّ، الواحدة مَكنَة كلَبِن و لَبِنة، و كأنه الأصل، و المَكْن مخفّف منه.

[مكك]

: لا تَمَكَّكُوا غُرَماءَكم- و روي: علي غُرَمائكم.
هو من امْتِكاك الفصيل في الضَّرع، و هو امتِصاصُه و اسْتنْفاده، أي لا تستقصوا ما لهم و لا تنهكوهم، و التعديةُ بعلي لتضمينِ معني الإلحاح.

[مكس]

*: لا يدخل صاحب مَكْس الجنَّة.
هو الجباية [التي يأخذها الماكس]، و الماكِس: العَشَّار «1».

[مكن]

: العطاردي رحمه اللّه- قيل له: أَيُّما إِليك إِليك؛ ضبّة مَكُون، أم بِيَاحٌ مرببٌ؟
فقال: ضَبّة مَكُون.
يقال: أمكنت الضبة و مَكِنَتْ فهي مَكُون؛ إِذا جمعت المَكِنَ في بطنها. البِيَاح: ضَرْبٌ من السمك صغار أمثال شبر، قال يصف الضبّ:
شديد اصفرار الكليتين كأنَّما يطلي بوَرْس بطنه و شَوَاكِلُهْ
فذلك أشهي عندنا من بِيَاحِكم لَحَي اللّه شاربه و قُبِّح آكِلُهْ
ماكستك في (كي) بماكد في (وج). مكر في (عر).
______________________________
(2) (*) [مكس]: و منه حديث أنس و ابن سيرين: قال لأنس: تستعملني علي المكس- أي علي عشور الناس- فأماكسهم و يماكسوني. و في حديث جابر: قال له: أتُري إنما ماكستك لأخذ حملك. و في حديث ابن عمر: لا بأس بالمماكسة في البيع. النهاية 4/ 349.
(1) العشّار: قابض العشر، من عشرهم: أي أخذ عشر أموالهم.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 256‌

الميم مع اللام

[ملص]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم-
سُئِل عُمَرُ عن إِمْلَاص المرأة الجنينَ.
فقال المغيرة بن شعبة: قَضَي فيه رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم بِغُرَّةٍ.
الإِمْلَاص: الإِزْلاق. قال الأصمعيّ: يقال للناقة إِذا ألقت ولَدَها و لن تشعر؛ أَلقته مَلِيصاً، و قليطاً و الناقة مُمْلِص و ممْلِط؛ أراد المرأة الحامل تضرب فتُسْقِط وَلدها فعلي الضارب غُرَّة.

[ملح]

*: ضَحَّي صلي اللّه عليه و آله و سلم بكَبْشَيْن أَمْلَحين- و روي: إنه خطب في أَضْحي، فأمر مَنْ كان ذبح قبل الصلاة أن يُعيد ذبحاً، ثم انكَفأَ إلي كَبْشَين أَمْلَحَين، و تفرَّق الناس إلي غُنَيْمة فتَجَزَّعُوها.
و
عنه صلي اللّه عليه و آله و سلم: إذا دخل أهلُ الجنةُ الْجَنَّةَ و أهلُ النار النار أتي بالموت في صورة كَبْشٍ أَمْلَح، ثم نُودِي: يأهلَ الجنة! و يأهلَ النار! فَيَشْرَئِبُّون لصوته ثم يُذْبَح علي الصِّراط؟ فيقال: خلود لا موت.
الملْحة في الألوان: بياضٌ تشقّه شُعَيرات سودٌ، و هي من لون المَلَح، و منه قيل للكانُونَين شَيْبَان و مَلْحَان؛ لا بِيضَاض الأرْض من الجَليت، و هو الثَّلْجُ الدائِم و الضَّرِيب «1».
و
في حديث ابن عمر رضي اللّه عنهما: إنه بعث رجلًا يشتري له أضْحِية، فقال: اشتر كَبْشاً أَمْلح، و اجْعَله أَقْرَنَ فَحِيلا.
أي مُشْبِهاً للْفُحول في خَلْقِه. و قال المبرد: فَحْلٌ فَحِيل: مُسْتَحكِم الفِحْلَة.
فَتَجَزَّعُوها: أي تَوَزَّعُوها من الجَزْعِ و هو القَطْع.
اشرأَبَّ: رفع رأسه؛ و كان الأصلُ فيه المقَامِح؛ و هو الرافع رأسَه عند الشُّرْبِ ثم كثر حتي عَمَّ.
قدم عليه صلي اللّه عليه و آله و سلم وفْدُ هَوَازِن يكلِّمونه في سَبْي أوطاس أو حُنَين، فقال رجل من بني سعد: يا محمد، إنا لو كنا مَلَحْنا للحارث بن أبي شَمِر أو للنعمان بن المنذر، ثم نزل مَنْزِلك هذا منَّا لحفظ ذلك لَنَا، و أنتَ خيرُ المكفولين، فاحْفَظْ ذلك.
قال الأصمعي: مَلَحَت فلانة لفلان؛ إذا أرضعت له. و المِلْح و المَلْح: الرضاع- بالكسر، و الفتح. و المُمَالحة: المُرَاضعة، و هو من المِلْح بمعني الحُرْمَة و الحِلْف؛ لأنه
______________________________
(2) (*) [ملص]: و منه في حديث الدجَّال: فأملصت به أمه. و في حديث علي: فلما أقمت أملصت و مات قيمِّها. النهاية 4/ 356.
(3) (*) [ملح]: و منه في حديث ظبيان: يأكلون مُلَّاحها، و يرعون سراحها. النهاية 4/ 355.
(1) الضريب: الثلج و الجليد و الصقيع.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 257
سببٌ لثبوتها، و الأصل فيه المِلْحُ المطيب به الطعام؛ لأنَّ أَهْلَ الجاهلية كانوا يطرحونه في النار مع الكبريت، و يتحالَفُون عليه، و يسمُّون تلك النار الهُولةَ، و موقدها المُهَوِّل؛ قال أَوْس:
إذا استَقْبَلَتْهُ الشمسُ صدَّ بوجهه كما صَدَّ عن نار المُهَوِّلِ حَالِفُ
«1» و منه
حديثه: لا تُحَرِّمُ المَلْحَة و المَلْحَتان- و روي: الإِمْلَاجَة و الإِمْلَاجَتان.
أملجت بالجيم مثل أَمْلَحْت. و مَلَح الصبيّ أُمه و مَلجها. رضعها. و المَلْج النكاح أيضاً.
و يحكي أنّ أعرابياً استَعْدَي علي رجل والِيَ البصرة، فقال: إنّ هذا شتمني. قال: و ما قال لك؟ قال لي مَلَجْتَ أمك. قال الوالي: ما تقول؟ قال: كذب، إنما قلتُ: لَمَجْت أمك؛ أي رضعتها.
و منه
حديث عبد الملك: إنّ عمرو بن سعيد قال له يوم قَتْله: أذكرك مِلْح فلانة.
يعني امرأةً أرضعتهما: إنما قالوا ذلك لأنَّ ظِئْرَه حليمة كانت من سعد بن بكْر.
قال عُبَيد بن خالد: كنتُ رجلًا شابّاً بالمدينة، فخرجتُ في بُرْدَين، و أنا مُسْبِلهما، فطعنني رَجُلٌ من خَلْفِي إما بإصبعه و إما بقَضيب كان معه؛ فالتفتّ فإذا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم. فقلت: إنما هي مَلْحَاء. قال: و إن كانت مَلْحَاء، أمَا لك فيّ أسوة.
هي تأنيث الأَملح؛ و هي بُرْدَةٌ بيضاء فيها خطوط من سَواد. يقال: ثوب أملح و بُرْدَةٌ مَلْحَاء.
الصَّادِقُ يُعْطَي ثلاث خِصال: المُلْحَة و المَحبَّة و المَهابَة.
هي البركة، يقال: مَلَحَ اللّه فيه و هو مَمْلُوح فيه، و أصلها من قولهم: تملَّحَت الماشية؛ إذا بَدَا فيها السِّمن من الربيع، و إن في المال لمُلْحَةً من الربيع و تمليحاً؛ إذا كان فيه شي‌ء من بياض و شَحْمٍ.

[ملأ]

*: ضرب أصحابُه صلي اللّه عليه و آله و سلم الأعرابيّ حين بال في المسجد؛ فقال: أَحْسِنوا مَلأَكُمْ.
أي خُلُقكم.
______________________________
(1) البيت في ديوان أوس بن حجر ص 69.
(2) (*) [ملأ]: و منه الحديث: هل تدري فيم يختصم الملأُ الأعلي. و في حديث إسلام أبي ذر: قال لنا كلمة تملأُ الفم. و في الحديث الاستسقاء: فرأيت السحاب يتمزق كأنه المُلاءُ حين تطوي. و في حديث الدَّين: إذا أُتْبع أحدكم علي ملي‌ءٍ فليتبع. و في حديث عمر: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لأقدتهم. و في حديث علي: و اللّه ما قتلت عثمان و لا مالأت في قتله. النهاية 4/ 351، 352، 353.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 258
و منه
حديث الحسن رحمه اللّه: قال عبيدة بن أبي رائطة: أتيناه فازْدَحَمْنا علي مَدْرَجَتِه مدرجة رثة، فقال: أحسنوا مَلَاءَكم أيها المَرْؤون، و ما علي البناء شَفَقاً و لكن عليكم فارْبَعُوا.
المرْؤُون: جمع مَرْء.
و
عن يونس: ذهبنا إلي رُؤْبَة فلما رآنا قال: أين يريد المرؤُون؟
انتصب شَفَقاً بفعل مُضْمَر، كأنه أراد ما علي البناء أُشْفِق شَفَقاً.
ارْبَعوا: أبقوا.

[ملح]

: في قصة جُوَيرية بنت الحارث بن المصطلق: قال: و كانت امرأة مُلَاحة.
أي ذات مَلَاحة، و فُعَال مبالغة في فَعِيل، نحو كريم و كُرام [و كبير] و كُبَار، و فَعَّال مشدَّداً أبلغُ منه.

[ملس]

: بعث رجلًا إلي الجنّ، فقال له: سِرْ ثلاثاً مَلْساً، حتي إذا لم تر شمساً، فاعلف بعيراً أو أَشْبِع نفساً، حتي تأتي فتيات قُعْساً، و رجالًا طُلْساً، و نساء خُلْساً.
المُلْس: الخِفَّة و الإِسراع؛ يقال: مَلِسَ يَمْلُس مَلْساً؛ قال:
أَ تَعْرِفُ الدار كأن لم تونس يملسُ فيها الريح كل مَملَس
«1» و انتصابه علي أنه صفة للثلاث ذات مَلْس: يريد سِرْ ثلاث ليال تسرع فيهنّ؛ أو صفة لمصدر سِرْ؛ كما قال سيبويه في قولهم: ساروا رُوَيْداً، أو علي أنه ضَرْبٌ من السَّيْر فنصب نصبه، أو علي أنه حال من المأمور، أو علي إضمار فعله، كقولهم: إنما أَنْتَ سيراً.
القَعَس: نتوّ الصَّدْرِ خِلْقَةً.
الطُّلْسَة: كالغبرة.
خُلْساً: سُمْراً قد خالط بياضهن سواد، من قولهم شَعْرٌ مُخْلِسٌ و خَلِيس.
و الخِلَاسيّ: الولد بين أبوين أَسْود و أبيض، و الديك بين دجاجتين هندية و فارسية، و في واحدته ثلاثة أَوْجه: أن يكون فَعْلَاء تقديراً، و أن يكون خَلِيساً، أو خِلَاسِيَّة علي تقدير حذف الزائدتين، كأنك جمعت خِلَاساً، و القياس خُلُس، نحو نُذُر و كُنُز في جمع نَذِير و كِنَاز «2» فخُفِّف.

[ملل]

*: عمر رضي اللّه تعالي عنه- ليس علي عَرَبيٍّ مِلْك، و لَسْنا بنازِعين من يدِ
______________________________
(1) الرجز بلا نسبة في لسان العرب (ملس).
(2) الكناز: الكثير اللحم.
(3) (*) [ملل]: و منه الحديث: فإن اللّه لا يملُّ حتي تملُّوا. و في حديث أبي هريرة: كأنما تسفَّهم الملَّ. و في حديث الاستسقاء: فالَّف اللّه السحاب و ملّتنا. و في حديث المغيرة: مليلة الإرغاء. النهاية 4/ 360، 361، 362.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 259
رجل شيئاً أَسْلَم عليه، و لكِنَّا نُقَوِّمُهُم الملّةَ علي آبائهم خَمْساً من الإبل.
المِلَّة: الدِّيَّة. عن ابن الأعرابي، و جمعها مِلَل. قال: و أنشدني أبو المكارم:
غَنَائِم الفِتْيَان أيام الوَهَل و مِنَ عَطَايا الرؤساءِ و المَلل
«1» يريد هذه الإبل بعضُها غنائِم، و بعضها من الصِّلات، و بعضها من الديات؛ أي جمعت من هذه الوجوه لي. و سميت مِلة لأنها مقلوبة عن القَوَد، كما سُمِّيت غِيرَة؛ لأنها مغيرة عنه، من مَلَلْتَ الخُبْزَة في النار، و هو قَلْبُكَها حتي تنضج، و منه التملْمل علي الفِرَاش، و قد استعِيرت هنا لما يجب أَداؤه علي أبي المسبيّ من الإبل.
و كان من مذهب عمر فيمن سُبِيَ من العرب في الجاهلية فأَدْركه الإِسلام و هو عند مَنْ سَبَاهُ أن يُرَدَّ حُرّاً إلي نسبه، و تكون قيمته عليه يُؤَدِّيها إلي السابي، و ذلك خمسٌ من الإِبل.
أبو هُرَيْرَة رضي اللّه تعالي عنه- لما افْتَتَحْنا خَيْبَر إذا أناسٌ من يَهُود مُجْتَمِعُون علي خُبْزَةٍ لهم يَمُلُّونها فطَرَدْناهم عنها، فأخذناها فاقْتَسَمْنَاها، فأَصابني كِسْرَة، و قد كان بلغني أنه من أكل الخبزَ سمن، فلما أكلتُها جعلت أنْظُر في عِطْفي هل سَمنت.
يقال: مَلّ الخبْزَة في الملَّة؛ و هي الرماد و الجَمْرة؛ إذا أَنْضَجَها. و كذلك كل شي‌ء تُنْضِجه في الجَمْر. و قال في صفة الحرباء:
* كأنَّ ضَاحِيَه في النار مَمْلُول*
«2» و امْتَلَّ الرجل امتلالًا؛ إذا اختبز في المَلَّةِ.

[ملق]

*: ابن عبّاس رضي اللّه تعالي عنهما- سأَلَتْهُ امرأة: أَ أُنفق من مالي ما شئت؟
قال: نعم. أَمْلِقي مالك ما شئِت.
يقال: أَمْلَق ما معه إمْلاقاً، و مَلَقَه مَلْقاً إذا لم يَحْبِسْه، و أخرجه من يده. و هو من قولهم: أملَقَ من الأمر و أملس، أي أفلت. و أمْلَق الخضاب: امْلَاسّ و ذَهَب. و خاتم قَلِق و مَلِق. قال أوس:
و لما رأيتُ العُدْمَ قَيَّدَ نَائِلِي و أَمْلَقَ ما عندي خُطُوبٌ تَنَبَّلُ
«3»
______________________________
(1) الرجز بلا نسبة في لسان العرب (ملل)، و في اللسان «في يوم الوهل» بدل «أيام الوهل».
(2) صدره:
يوماً يظلّ به الحِرْباءُ مصطخماً
و البيت لكعب بن زهير في ديوانه ص 15.
(4) (*) [ملق]: و منه في حديث فاطمة بنت قيس: قال لها: أما معاوية فرحل أملقُ من المال. و في حديث عائشة: و يريش مملقها. و الحديث: ليس من خُلُق المؤمن المَلقَ. النهاية 4/ 357، 358.
(3) البيت في ديوان أوس بن حجر ص 94.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 260
و قولهم: أَملق، إذا افْتَقَر، جارٍ مَجْرَي الكِنَايَة؛ لأنه إذا أخرج مالَه من يده رَدِفَه الفَقْر؛ فاستعمل لفظ السبب في موضع المسبَّب.

[ملك]

*: أنس رضي اللّه تعالي عنه- البَصْرة إحدي المُؤْتَفِكات «1»، فانْزِلْ في ضواحيها، و إياك و المَمْلَكَة.
مِلْك الطريق و مَلْكه و مِلَاكُهُ و مَمْلَكَتُه؛ وَسَطه.

[ملط]

*: الأَحْنَف رضي اللّه عنه: كان أَمْلَط.
يقال: رجل أمرَط، لا شَعْر علي جسده و صَدْرِه إلّا قليل؛ فإنْ ذَهب كله إلّا الرأس و اللحية فهو أَمْلَط؛ و قد مَلِطَ مَلَطاً و مُلْطَةً. يقال: سهم أَمْرَط و أَمْلَط، و مارِط و مالط؛ إذا ذهب رِيشه.

[ملح]

: الحسَن رحمه اللّه: ذُكِرَتْ له النُّوَرة «2». فقال: أ تريدُون أن يكونَ جِلْدِي كجِلْدِ الشاة المَمْلُوحة.
هي التي حُلِقَ صوفُها. يقال: مَلَحْتُ الشاة، إذا سَمَطْتُها أيضاً.
و منه
حديث عبد الملك قال لَعَمْرو بن حُرَيث: أيّ الطعام أكلته أَحَبّ إليك؟ قال:
عَنَاق قد أُجِيد تَمْليحها، و أُحكم نضجُها. قال: ما صنعتَ شيئاً! أين أنتَ عن عُمْرُوسٍ راضعٍ، قد أُجيد سمطُه و أُحْكِم نَضْجُه، اخْتَلَجَتْ إليك رِجله فأتبعتها يده، يَجْري بشَرِيجين من لبَنٍ و سَمْن.
و هو من المُلْحَة «3»؛ لأنَّها إذا سمطت و جُرِّدَتْ من الصوف ابيضَّت، و قيل: تمليحها تسمينها، من الجزور المملّح، و هو السمين.
و العُمْرُوس: الحَمَل.
الاختلاج: الاجتذاب.
الشَّريجان: الخليطان؛ و هذا شَرِيج هذا و شَرْجه؛ أي مِثْلُه.
______________________________
(4) (*) [ملك]: و منه الحديث: املك عليك لسانك. و الحديث: لا يدخل الجنة سي‌ءُ الملكة. و في حديث عمر: أملكوا العجين، فإنه أحد السريعين. و في حديث آدم: فلما رآه عرف أن خَلْقٌ لا يتمالك. النهاية 4/ 358، 359، 360.
(1) ائتفكت البلدة بأهلها: انقلبت فهي مؤتفكة.
(5) (*) [ملط]: و منه في حديث الشجاج: في المْلطَي نصف دية الموضحة. و في حديث ابن مسعود: هذا الملطاط طريق بقية المؤمنين. و في صفة الجنة: و ملاطها مسكٌ أذفر. و الحديث: إن الإبل يمالطها الأجرب. النهاية 4/ 356، 357.
(2) النورة: الطلاء.
(3) الملحة: أشد الزرق حين يضرب إلي البياض.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 261
المختار- لما قتل عمر بن سعد جعل رأْسه في مِلَاح.
قال النضر: المِلَاح المِخْلَاة، بلغة هُذَيل. و أنشد:
ربَّ عَاتٍ أتَوْا به في وثَاق خاضع أوْ بِرَأسِه في مِلَاحِ
و قيل: هو سنان الرمح أيضاً؛ أي جعل رأسه في مخلاة و علّقها، أو نَصَبَهُ علي رَأْسِ رُمْح.

[ملط]

: في الحديث: يُقْضَي في المِلْطَي بِدَمها.
المِلْطِي و المِلْطَاة- و في كتاب العين: المِلْطَاء بوزن الحِرْبَاء.
و عن أبي عبيد: المِلْطَي لقِشْرَة بين لحم الرأس و عَظْمه؛ و هي السِّمْحاق؛ كأنَّ العظم قد مُلِطَ به كما تُمْلَطُ الحائط بالطِّين. و قيل له سِمْحَاق لرَقَّته، و يقال لِلغَيْمِ الرقيق سَمَاحِيق؛ و سَمَاحيق السَّلي. ثم إنهم قالوا للشَّجة التي تَقْطَع اللحم كلّه و تبلغ هذه القشرة مِلْطَي و سِمْحَاق؛ تسمية لها باسم القِشْرَة، و الميمُ في المِلْطَي من أصل الكلمة، بدليل قولهم:
المَلِط «1»، و الأَلِفُ إِلْحَاقِيّة كالتي في مِعْزَي و دِفْلَي «2»، و المِلْطَاة كالحِفْرَاة «3» و العِزْهَاة «4».
و المعني أن الحكومة فيها ساعة يشج لا يُسْتَأْنَي لها و لا يُنْتَظَر مصير أَمْرِها.
و قوله: بدمها في موضع الحال، و لا يتعلَّق بيَقْضِي، و لكن بعامل مُضْمَر، كأَنَّه قِيل:
يُقْضَي فيها ملتبسةٍ بدمها، و ذلك في حال الشجِّ و سيلان الدم.
الملأ في (طع) و في (ست). الأملوج في (صب). ملك الأملاك في (نخ). المل في (سف). ملي‌ء في (ذم). ملحاء في (نم). [و الاستملاق في (رف). من ملة في (خذ).
مملقها في (زف). مليلة في (ذو). يملخ في (بض). مملكة في (قن). ملأ كسائها في (غث). أملكوا العجين في (ري)].

الميم مع النون

[منح]

: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- من مَنَح مِنْحَة وَرِق، أوْ منَح لبناً كان له كعَدْلِ رَقَبة أو نَسَمة.
مِنْحة الوَرِق: القَرْض، و مِنْحة اللَّبَنِ أن يُعِير أَخاه ناقته أو شَاتَه فيحتلبها مدّة ثم يردّها.
______________________________
(1) الأملط: من لا شعر علي جسده.
(2) الدفلي: نبت مر.
(3) الحفراة: نبات.
(4) العزهاة: العازف عن اللهو و النساء، أو اللئيم الذي لا يكتم بغض صاحبه.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 262
و منه
قوله صلي اللّه عليه و آله و سلم: «العارية مؤدَّاة، و المِنْحَة مَرْدودة، و الدَّيْنُ مَقْضِيٌّ، و الزعيم غَارِم».
و منه
قوله صلي اللّه عليه و سلم: «أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ المَنِيحة تَغْدُو بعِسَاء و تَرُوح بعسَاء».
و منه
قوله صلي اللّه عليه و سلم: «من منح مِنْحَةً وَ كُوفاً فَلَهُ كَذَا و كَذَا».
و منه
قوله صلي اللّه عليه و سلم: «من مَنَحَهُ المشركون أَرْضاً فلا أَرْض له»
. و منه
قوله: هل من رجل يَمْنَحُ من إبلِه ناقةً أهلَ بَيْتٍ لا دَرَّ لهم تَغْدُو برَفْد و تروح برَفْد، إنَّ أَجْرَها لَعَظِيم.
و
في حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما: إنَّ رجلًا قال له: إنّ في حجري يتيماً، و إن له إبلًا في إبلي فأنا أمنَحُ من إبلي و أُفْقِر. فما يحلُّ لي من إبله؟ فقال: إن كنتَ تَرُدُّ نَادَّتَها، و تَهْنَأُ جَرْبَاها، و تَلُوط حَوْضَها فاشرب غيرَ مُضِرٍّ بنَسْلٍ و لا نَاهِكٍ حَلباً، أو في حَلِبٍ.
العِسَاء: العِساس: جمع عُسّ.
الوَكُوف: الغزيرة.
مِنْحَة المشركين: أن يُعِير الذميُّ المسلم أرضاً ليَزْدرعها، فخراجها علي الذِّمي لا يُسْقِطه عنه منحته المسلم، و المسلم لا شي‌ء عليه، فكأنَّه لا أرضَ له في أنه لا خراج عليه.
الرفد: القدح.
الإفْقَار: الإعادة للركوب.
النادّة: النافرة.
تلوط: تُطَيِّن.
النَّهْكُ: استيعاب ما في الضَّرْع.

[منن]

*: الْكَمْأَة من المَنِّ، و ماؤُها شِفَاءٌ للعين.
شبَّهها بالمنّ الذي كان ينزلُ علي بني إسرائيل و هو التَّرَنْجَبِين؛ لأنه كان يأتيهم عَفْواً من غير تعب، و هذه لا تحتاج إلي زَرْع و لا سقي و لا غيره، و ماؤها نافع للعين مخلوطاً بغيره من الأدوية لا مُفْرَداً.
إذا تَمَنَّي أحدُكم فلْيُكْثِر، فإنما يسأل ربه.
ليس هذا بمناقض لقوله تعالي: وَ لٰا تَتَمَنَّوْا مٰا فَضَّلَ اللّٰهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَليٰ بَعْضٍ [النساء: 22] فإنَّ ذلك نَهْيٌ عن تَمَنّي الرجل مالَ أَخيه بَغْياً و حَسَداً، و هذا تمنٍّ علي اللّه خيراً في دينه و دنياه و طلب من خزانته، فهو نظيرُ قوله: وَ سْئَلُوا اللّٰهَ مِنْ فَضْلِهِ [النساء: 32].
مَا مِنَ الناس أَحَدٌ أمنّ علينا في صُحْبَتِه و لا ذات يده من ابن أبي قُحَافة.
أي أكثر مِنَّةً، أي نعمة.
______________________________
(1) (*) [منن]: و منه الحديث: لا تتزوَّجنّ حنَّانة و لا منَّانة. النهاية 4/ 366.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 263
و أما
قوله صلي اللّه عليه و آله و سلم: «ثلاثة يَشْنَأهم اللّه: الفقير المخْتَال، و البَخِيل المنَّانُ، و البَيِّعُ المحتال»
. و
قوله صلي اللّه عليه و آله و سلم: «ثلاثة لٰا يُكَلِّمُهُمُ اللّٰهُ يَوْمَ الْقِيٰامَةِ: المَنَّان الذي لا يُعْطِي شيئاً إلّا مَنَّهُ، و المنفق سِلْعَته بالحِلْفِ الفاجرة، و المُسْبِل إزَاره
؛ فمن الاعتداد بالصنيعة.

[مني]

*: عن مسلم الخزاعي رضي اللّه عنه: كنتُ عند رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم و منشد ينشده:
لا تأمَنَنَّ و إنْ أَمْسَيْتَ في حَرَم حتي تُلَاقَي ما يَمْنِي لَكَ المَانِي
فالخيرُ و الشرُّ مَقْرُونَانِ في قَرَنٍ بكلِّ ذلك يأتيكَ الجَدِيدَانِ
فقال النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم: لو أدرك هذا الإسلام! فبكي أبي؛ فقلت: أ تَبْكي لمُشْرِكٍ مات في الجاهلية؟ قال أبي: و اللّه ما رأيت مشركة تلقَّفَت من مشرك خيراً من سويد بن عامر.
مَنَي إذا قَدَّر، و منه المنية و التَّمَنِّي.

[منح]

: جابر رضي اللّه تعالي عنه- كنتُ مَنِيحَ أصحابي يوم بَدْر.
هو أحد السِّهَام الثلاثة التي لا أَنصباء لها، و هي السَّفيح و المَنِيح و الوَغْد و من قِيلِ بعض أهل العصر:
لي في الدنيا سهام ليس فيهن رَبِيح
و أساميهنّ وَغْد و سَفِيح و مَنِيح
أراد أنه لم يُضْرَب له سَهْم لصَغْره.

[مني]

: عُرْوَة بن الزبير رضي اللّه تعالي عنهما- رآه الحجاج قَاعِداً مع عبد الملك بن مروان، فقال له: أ تُقْعِد ابنَ العَمْشاء معك علي سريرك؟ لا أمّ له! فقال عُرْوة: أنا لا أمّ لي! و أنا ابنُ عَجَائز الجنة! و لكن إن شئت أخْبَرْتُك من لا أمّ له يابنَ المُتَمَنِّيَة! فقال عبد الملك:
أقسمتُ عليك أن تفعلَ، فكفَّ عُرْوَة.
المتمنية: هي الفُرَيْعَة بنت همَّام أمّ الحجاج، و هي القائلة:
هل مِنْ سبيلٍ إلي خَمْرٍ فأشربَها أم من سبيلِ إلي نَصْرِ بنِ حَجَّاجِ
«1» و قصَّتُها مُسْتَقْصَاةٌ في كتاب المُسْتَقْصَي.
مجاهد رحمه اللّه تعالي- إنّ الحرم حَرَمٌ مَنَاهُ من السموات السَّبْع و الأَرضين السبع،
______________________________
(2) (*) [مني]: و منه الحديث: إذا تمنَّي أحدكم فليكثر، فإنما يسأل ربّه. النهاية 4/ 367.
(1) البيت من البسيط، و هو لفريعة بنت همام في خزانة الأدب 4/ 80، 84، 88، 89، و لسان العرب (مني)، و بلا نسبة في سر صناعة الإعراب ص 271، و شرح المفصل 7/ 27.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 264
و أنه رابع أربعة عشر بيتاً، في كل سماء بيت، و في كل أرض بيت، لو سقطت لسقط بعضُها علي بعض.
أي قَصْدُه و حِذَاؤه، و قد سبق.
الحسن رحمه اللّه تعالي- ليس الإِيمان بالتَّمني و لا بالترجِّي و لا بالتجَلِّي، و لكن ما وقَرَ في القلبِ و صَدَّقَتْهُ الأعمال.
قالوا: هو من تمني إذا قَرَأ، و أنشدوا لمن رثي عثمان بن عفّان رضي اللّه تعالي عنه:
تَمَنَّي كتابَ اللّه أَوَّلَ ليلةٍ و آخِرَها لاقَي حِمَام المقَادِرِ
أي ليس بالقول الذي تُظْهِره بلسانك فقط، و لكن يجب أن تُتْبعه مَعْرِفة القلب.
وقر: أثر.
و منح في (تب). من و من في (رج). منا الكعبة في (ضر). و لا تمنيت في (خب).
[من لي في (شع). المنية في (قر). منحة في (شر). المنيحة في (قص). و لا منانة في (حن). أو ليمنحها في (خب). و منحتها في (طر). من منعت ممنوع في (قع)].

الميم مع الواو

[موت]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- قال لعَوْف بن مالك: أمسك سِتّاً تكون قبل الساعة: أوَّلهن موت نبيكم، و مُوتَان يقع في الناس كقُعَاص الغنم، و هُدْنة تكون بينكم و بين بني الأصفر، فيغدرون لكم فتَسِيرون إليهم في ثمانين غَابة، تحت كل غابةٍ اثنا عشر ألفاً- و روي غاية.
المُوتان، بوزن البُطلان: المُوَات الوَاقِع. و أمَّا المَوَتان بوزن الحَيَوان فضدّه. يقال:
اشتر من المَوَتان و لا تَشْتر من الحيوان. و منه قيل للمَوَات من الأرض: المَوَتان.
و
في الحديث: مَوَتانُ الأَرْضِ للّهِ و رَسُوله، فمن أحيا منها شيئاً فهو لَهُ.
القُعَاص: داء يُقْعَص منه الغنم.
الغَابَة: الأجَمة، شَبَّهَ بها كثرة السلاح.
الغَابَة: الرَّاية.

[موه]

: عمر رضي اللّه تعالي عنه- إذا أَجْرَيْتَ الماءَ علي الماءِ جَزَي عنك.
______________________________
(1) (*) [موت]: و منه في حديث البحر: الحُّل ميتته. و في حديث بدر: أري القوم مستميتين. و الحديث: من أحيا مواتاً فهو أحق به. و الحديث: كان شعارنا: يا منصور أمت. و في حديث الثوم و البصل: من أكلهما فليمتهما طبخاً. النهاية 4/ 369، 270.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 265
عين الماء وَاوٌ و لامه هاء؛ و لذلك صُغِّر و كُسِّر بمُوَيْه و أَمْواه، و قد جاء أَمْوَاء. قال:
* و بَلْدَةٍ قَالِصة أَمْوَاؤُها «1» *
أي إذا صببتَ الماء علي البَوْلِ في الأرض فجري عليه طَهُر المكان.
جزَي: قضي.

[موت]

: اللَّبَن لَا يَمُوت.
يعني إذا فارَقَ الثَّدْي و شَرِبه الصبيّ.

[موق]

*: لما قدم صلي اللّه عليه و آله و سلم الشامَ عَرَضَتْ له مَخَاضة؛ فنزل عن بَعيره و نزع مُوقَيْهِ، و خاض الماء.
أي خُفَّيْه؛ قال النمر بن تولب:
فَتَري النِّعَاجَ العُفْر تَمْشِي خَلْفَه مَشْي العِبَادِيِّين في الأَمْوَاقِ
«2»

[ميل]

: مُصْعَب بن عُمير رضي اللّه تعالي عنه- لَمّا أسلم قالت له أمّه: و اللّه لا ألْبَس خِماراً، و لا أستَظِلُّ أبداً، و لا آكلُ و لا أَشربُ حتي تَدعَ ما أَنتَ عليه- و كانت امرأة مَيِّلَةً.
فقال أخوه أبو عزير بن عمير: يا أمّه؛ دَعيني و إيَّاه فإنه غلام عَاف، و لو أصابه بَعْضُ الجوع لترك ما هو عليه فَحَبسه.
ميِّلة: ذات مال، يقال: مَال يَمال فهو مالٌ و ميِّل علي فَعْل و فَيْعِل.
فسَّرُوا العافي بالوَافِر اللحم، من عَفَا الشي‌ء إذا كثر، و الصحيح أن يكون من العَفوَة و هي الصَّفْوَة و العفاوة، و العافي: صَفْوَة المرقة. و وجدنا مكاناً عَفْواً، أي سهلًا. و المراد ذو الصَّفْوة و السهولة من العيش، يعني أنه أَلِفَ التنعم فيعمل فيه الجُوع و يُضْجره.

[موه]

: أبو هُرَيْرَة رضي اللّه تعالي عنه- ذكر هَاجَر فقال: تلك أمكم يا بني ماء السماء! و كانت أمَةً لأمِّ إسحاق سَارّة.
قيل: يريد العرب لأنّهم ينزلون البَوَادِي فيعيشون بماء السماء فكأنهم أَولاده.
______________________________
(1) الرجز بلا نسبة في جمهرة اللغة ص 248، و رصف المباني ص 84، و سر صناعة الإعراب 1/ 100، و شرح شافية ابن الحاجب 3/ 208، و شرح شواهد الشافية ص 437، و شرح المفصل 10/ 15، و لسان العرب (موه)، و الممتع في التصريف 1/ 348، و المنصف 2/ 152.
(3) (*) [موق]: و منه الحديث؛ أنه توضأ و مسح علي موقيه. و الحديث: أنه كان يكتحل مرُّة من موقه، و مرة من ماقه. النهاية 4/ 372.
(2) البيت في لسان العرب (موق) و رواية صدر البيت في اللسان:
فتري النعاج بها تمشي خلفه
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 266‌

[مور]

*: ابن المسيّب رحمه اللّه تعالي- قال أبو حازم: إنّ ناساً انطلقوا إِليه يسأَلُونَه عن بَعير لهم فَجِئَه الموت، فلم يَجدُوا ما يذَكُّونَه به إلّا عصاً فشقُّوها فنحروه بها، فسألوه و أنا معهم؛ فقال: و إن كانت مَارَتْ فيه مَوْراً فكُلُوه، و إنْ كنتم إِنما ثَرَّدْتُمُوه فلا تَأَكلوه.
أي قطعته و مَرَّت في لحمه؛ مارَ السِّنان في المطعون. قال:
و أنتم أناسٌ تَقْمِصُون من القَنَا إذا مَارَ في أكتافكم و تأَطَّرَا
«1» و تقول: فلان لا يدري ما سائرٌ من مائِر؛ فالمائِرُ: السيفُ القاطع الذي يَمُور في الضريبة مَوْراً، و السَّائِر: بيت الشعر المرويّ المشهور.
التَّثْرِيد: أَلَّا يكونَ ما يُذكَّي به حادّاً فيتكسَّر المذبح، و يتَشَظَّي من غير قَطْع.
[ماؤنا في (دك)]. مستميتين في (ضل). فالموتة في (هم). بموقعها في (دل):
ماصوه في (غم). [ماء عذاباً في (شج)].

الميم مع الهاء

[مهن]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- خطب يوم الجمعة، فقال: ما علي أَحَدِكم لو اشتري ثَوْبَيْن ليوم جمعته سوي ثَوْبَي مَهْنَته.
أي بِذْلَتِه- و قد رُوِي الكسر، و هو عند الأَثْبَات خَطأ، قال الأصمعي: المَهْنة- بفتح الميم: الخدمة، و لا يقال مِهْنَة بكسر الميم، و كان القياس لو قيل مثلُ جِلسة و خِدْمة، إلّا أنه جاء فَعْلة واحدة.
و مَهَنَهم يَمْهَنُهُم و يمهُنهم: خَدَمهم.
و
في حديث سلمان: أكره أن أَجْمَع علي مَاهِنِي مَهْنَتَيْن.
أراد مثل الطبخ و الخَبْز في وقت واحدٍ.

[مهل]

: أبو بكر رضي اللّه تعالي عنه- أوصي في مرضه فقال: ادفنوني في ثَوْبَيَّ هَذَيْن، فإنما هما للمُهْل و التراب- و روي: للمَهْلَة- و روي: للمِهْلة
، بالكسر.
______________________________
(2) (*) [مور]: و منه في حديث عكرمة: لمَّا نُفخ في آدم الروح مار في رأسه فعطس. النهاية 4/ 371.
(1) البيت بلا نسبة في أساس البلاغة (مور)، و رواية عجز البيت في الأساس:
إذا مار في أعطافكم و تأطَّرا
(3) (*) [مهن]: و منه في حديث عائشة: كان الناس مهَّان أنفسهم. و في صفته صلي اللّه عليه و سلم: ليس بالجافي و لا المهين.
النهاية 4/ 376.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 267
ثلاثتها الصدِيد و القَيْح الذي يَذُوب فيسيلُ من الجسَد، و منه قيل للنُّحَاس الذائب:
المُهْل
و
عن ابن مسعود رضي اللّه عنه: إنه سئل عن المُهْلِ فأذاب فِضَّةً فَجَعَلَتْ تَمَيّع و تَلَوَّن؛ فقال: هذا من أَشبَهِ ما أنتم راؤون بالمُهْل.
التَّمَيُّع: تفعُّلٌ، من ماع الشي‌ء، إذا ذَابَ و سال.
علي رضي اللّه عنه: إذا سرْتم إلي العدوّ فَمَهلًا مَهَلًا، فإذا وقعت العين علي العَيْن فَمهْلًا مَهْلًا.
الساكن: الرِّفق، و المتحرك: التقدم. و منه تمهَّل: في كذا، إذا تقدَّم فيه.

[مهي]

: ابن عباس رضي اللّه عنه- قال لعُتْبَة بن سُفْيان و قد أَثْنَي عليه فأحسن: أَمْهَيْتَ يا أَبا الْوَليد.
أمهيت؛ أي بالَغْتَ في الثناء، من أَمْهَي الحَافِر إذا بلغ الماء؛ و منه أَمْهَي الفرس في جَرْيه؛ إذا بلغ الشَّأْوَ، هو قلب أَمَاهَ؛ و وزنه أفْلَع.

[مهه]

: ابن عمر رضي اللّه تعالي عنهما- قال يونس بن جُبير: سأَلْتُه عن رجل طلَّق امرأَته و هي حائض. قال: يُراجعها ثم يطلِّقها في قُبُل عِدَّتِها. قلت: فتعتدّ بها؟ قال: فَمَهْ؟
أرأيت إن عجز؛ و استحمق.
أراد فما؟ فألْحَق هاءَ السكت؛ و هي ما الاستفهامية.
اسْتَحْمَق: صار أَحْمَق و فَعَل فِعْل الحَمْقَي، كاسْتَنْوك و اسْتَنْوَقَ الجمل، و المعني: إنّ تطليقَه إيَّاها في حال الحيض عَجْزٌ و حُمْقٌ، فهل يقوم ذلك عُذْراً له حتي لا يُعْتَدّ بتطليقته.

[مهي]

: ابن عبد العزيز رحمه اللّه- قال: إنَّ رجلًا سأل ربَّه أنْ يُرِيَه مَوْقعَ الشيطان من قَلْبِ ابنِ آدم؛ فرأي فيما يري النَّائمُ جَسَدَ رَجُلٍ مُمَهَّي يُرَي دَاخِله من خارِجِه، و رأي الشيطان في صُورة ضِفْدَع له خُرطُوم كخُرْطوم البَعُوضة؛ قد أدخله من مَنْكِبه الأيسر إلي قَلبِهِ يُوَسْوِس إليه، فإذا ذكر اللّه خَنَسه.
أي صُفِّيَ فأشبه المَهَا، و هو البِلَّوْر. أو هو مقلوب من مُمَوَّه، و هو مفعَّل من أصل الماء أي مجعول ماء.
خَنَسه: أخَّره.
الممتهشة في (حل). مهاننا في (عذ). مهيم في (وض). الأمهق في (مع). ممهي الناب في (رج). مهله في (قح). و لا المهين في (شذ). مهما في (لب).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 268‌

الميم مع الياء

[ميل]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- لا تهلك أُمتي حتي يكون التَّمايُل و التَّمَايُز و المَعَامِع.
أي مَيْلُ بعضهم علي بعض، و تَظَالُهم و تَمَيُّز بعضهم عن بعض، و تحزُّبهم أحزَاباً لوقوع العصبيّة.
و المَعَامِع: الحروب و الفِتَن، من معمعة النار «1».

[ميط]

*: عمر رضي اللّه تعالي عنه- كان أبو عثمان النّهديُّ يكثر أنْ يقولَ: لو كان عُمَر مِيزاناً ما كانَ فيه مَيْطُ شَعْرَةٍ.
مالَ و مادَ و ماطَ أخوات. قال الكسائي: ماط عليَّ في حُكْمِه يَميط، و في حكمه عليَّ مَيْط: أي جَوْرٌ. و قال أبُو زَيْد مثلَ ذلك و أنشد لحميد الأرقط:
حتي شفي السّيفُ قُسُوط القَاسِطِ و ضِغْن ذي الضِّغْنِ و مَيْطَ المائط
و قال أَيمن بن خُرَيم:
إنَّ للفتنة مَيْطاً بينَنَا فرُويَد الميط منها يَعْتَدلْ

[ميث]

*: عليّ رضي اللّه تعالي عنه- أمكر الناسَ بشَي‌ءٍ و هو علي المنبر، فقام رجال؛ فقالوا: لا نَفْعَلُه، فقال: اللهمّ مِثْ قُلُوبَهم كما يُمَاثُ المِلْحُ في الماء؛ اللَّهُمَّ سلِّط عليهم غُلام ثقيف، اعلموا أنَّ مَنْ فازَ بكم فقد فازَ بالقِدْحِ الأخْيَب.
ماثه يميثه و يَمُوثه: أذابه.
و قيل لأعرابي مِنْ بَنِي عُذْرة: ما بالُ قلوبكم كأنها قلوب طيرٍ تَنْماث كما يَنْماث الملْحُ في الماءِ؟ أما تَجَلَّدُون. فقال: إنا ننظر إلي مَحَاجِر أَعْينٍ لا تنظرون إليها.
القِدْح الأخيَب: الذي لا نصيبَ له.

[ميل]

: الأشعري رضي اللّه تعالي عنه- قال لأَنَس: عُجِّلَت الدّنيا و غُيِّبَت الآخِرة، أَمَا و اللّه لو عايَنُوها ما عَدَلُوا و لا مَيّلوا.
______________________________
(2) (*) [ميل]: و منه في حديث أبي ذر: دخل عليه رجل فقرب إليه طعاماً فيه قلّه، فميَّل فيه لقلته. و في حديث الطفيل: كان رجلًا شريفاً شاعراً مَيِّلًا. و في حديث القيامة: فُتدني الشمس حتي تكون قدر ميل. النهاية 4/ 382.
(1) معمعة النار: صوت الحريق.
(3) (*) [ميط]: و منه في حديث الإيمان: أدناها إماطة الأذي عن الطريق. و في حديث بدر: فما ماط أحدهم عن موضع يد رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم. النهاية 4/ 380، 381.
(4) (*) [ميث]: و منه في حديث أبي أسيد: فلما فرغ من الطعام أماثته فسقته إياه. النهاية 4/ 378.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 269
يقال: إنّي لأميِّل بين أمرين؛ و أُمايل بينهما أيهما آتي و أيهما أُفضِّل. قال عِمْران بن حِطّان:
لما رأوا مَخْرَجاً مِنْ كُفْر قَوْمِهم مَضَوْا فما مَيَّلوا فيه و لا عَدَلوا
ابن عباس رضي اللّه تعالي عنهما- قالت له امرأةٌ إِني أَمْتَشِط المَيْلاء. فقال عِكْرمة:
رأسُك تَبعٌ لقَلْبِك، فإن استقام قلبُك استقام رأسُك؛ و إن مال قَلْبُك مال رأسك.
هي مِشطة معروفة عندهم.

[ميع]

*: ابن عمر رضي اللّه تعالي عنهما- سُئِل عن فَأْرَة وقَعَتْ في السَّمْنِ. فقال:
إنْ كان مائِعاً فأَلْقِه كلّه، و إن كان جامِساً فأَلْقِ الفَارَةَ و ما حَوْلَها و كُلْ ما بَقي.
كل ذائب جار فهو مائع، و منه ماع الفرس؛ إذا جري، و مَيْعَتُه: نشاطه و حَرَكَتُه، و ميعة الشباب: شِرَّتُه و قِلَّةُ وَقَاره.
الجامس: الجامد.

[ميسوسن]

: كان في بيته المَيْسُوسَنْ، فقال: أَخْرجوه فإنه رِجْس.
هو شراب تجعله النساء في شُعُورهن- كلمة مُعَرَّبة.

[مير]

: ابن عبد العزيز رحمه اللّه: دعا بإبل فأمارَها.
أي حملها مِيرة.

[ميز]

*: النخعي رحمه اللّه- اسْتَمازَ رجلٌ من رجل له بَلَاءُ فابْتُلي به.
أي تحاشي و تَباعد. قال النابغة:
وَ لَكِنَّنِي كنتُ امْرَأً ليَ جانِبٌ من الأرْضِ فيه مُسْتَمَازٌ و مَذْهَبُ
«1» ماحة في (ذم) يميع في (مه). و المائلات و المميلات في (كس). المائرة في (عم).
ميساً في (قي). فأَمطت عن الطريق في (غف).
[آخر الميم]
______________________________
(2) (*) [ميع]: و منه في حديث المدينة: لا يريدها أحدٌ بكيدٍ إلا انماع كما ينماع الملح في الماء. و في حديث جرير: ماؤنا يميع، و جنابنا مريع. النهاية 4/ 381.
(3) (*) [ميز]: و منه الحديث: لا تهلك أمتي حتي يكون بينهم التمايل و التمايز. و الحديث: من ماز أذّي فالحسنة بعشرة أمثالها. و في حديث ابن عمر: أنه كان إذا صلي ينماز عن مصلَّاه فيركع. النهاية 4/ 379، 380.
(1) البيت في ديوان النابغة ص 13، و في الديوان «مستراد و مذهب» بدل «مستماز و مذهب».
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 270‌

حرف النون

النون مع الهمزة

[نأنأ]

: أبو بكر رضي اللّه تعالي عنه- طُوبَي لمَنْ ماتَ في النَّأْنَأَة.
أي في بدء الإِسلام، حين كان ضعيفاً قبل أن يكثر أنْصارُه و الداخلون فيه.
يقال: نأنأت عن الأمر نَأْنَأَةً؛ إذا ضعفت عنه و عجزت، مثل كأْكأْت. و منه رجل نأنأة و نأْنَاء و نُؤْنُوء: ضعيف عاجز. و قالوا: نَأْنَأْتُه بمعني نَهْنَهته، و منه قالوا للضعيف: مُنأْنأ، لأن الضعيف مكفوف عما يُقْدِم عليه القوي، و مطاوعه تَنَأْنأَ.
و منه
حديث علي رضي اللّه عنه: إنه قال لسليمان بن صُرَد، و كان تَخَلَّفَ عن يوم الجمل ثم أتاه بعد: تَنَأْنأتَ و تربصت و تَراخَيت؛ فكيف رأيت اللّه صنع؟
و يجوز أن يُريد حين كان الناس كافِّين عن تهييج الفِتَن هادئين.

[نأج]

: في الحديث: ادْعُ رَبَّك بأَنأَج ما تَقْدر عليه.
النَّئِيج، و النَّئيم و النَّئيت أخوات في معني الصَّوْت؛ يقال: نأج إلي اللّه إذا تضرّع إليه و جأر، و نَأَجَت الريح، و ريح نَأجة و نَؤُوج؛ أراد بأَضْرَعِه و أَجّأَره.
و تنأنأت في (رح). النآئد في (عش).

النون مع الباء

[نبذ]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- نهي عن المنابذة و الملامَسة.
المنابذة: أنْ يقولَ لصاحبه انْبِذْ إليّ المتاع أو أنْبِذه إليكَ. و قد وجب البَيْعُ بكذا.
و قيل: هو أن يقول إذا أنْبَذْتُ الحَصَاةَ فقد وَجَبَ البيع.
و هو نحو حديثه صلي اللّه عليه و آله و سلم
أنه صلي اللّه عليه و سلم نهي عن بَيْع الحصاةِ.
______________________________
(1) (*) [نبذ]: و منه الحديث: فأمر بالستر أن يُقطع، و تُجعل له منه و سادتان منبوذتان. و في حديث سلمان:
و إن أبيتم نابذناكم علي سواد. و في حديث أم عطية: نُبْذَةُ قُسْطٍ و أظفار. النهاية 5/ 6، 7.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 271
و رواه النَّضر: نهي عن المنَابَذَة و الإلقاء
؛ قال: و هما واحد، و ذلك أن يأخُذَ رجل حجراً في يَدِ و يميل به نحو الأرض كأنه يمسك الميزان بيَدِه، فيقول: إذا وجب البيع فيما بينكما؛ يعني فيما بين البائع و المشتري، أَلْقَيْتُ الحجر.
و الملامسة: أن يقولَ: إذا لمست ثوبك أو لَمَسْتَ ثوبي فقد وجب البيع بكذا. و قيل:
هو أن يلمس المتاع من ورَاءِ الثوبِ و لا ينظر إليه؛ و هذه بُيُوعُ الجاهلية، و كلها غَرَر؛ فلذلك نهي عنها.
أتاه صلي اللّه عليه و آله و سلم عَدِيّ بن حاتم فأَمر له بمِنْبَذَةٍ، و قال: إذا أتاكم كَرِيمُ قوم فأكْرِموه- و روي: كريمة قَوْم.
هي الوِسَادة؛ لأنها تُنْبَذ، أي تُطْرَح للجلوس عليها، كما قيل مِسْوَرة لأنه يُسَار عليها.

[نبب]

*: لما أتاه صلي اللّه عليه و آله و سلم مَاعز بنُ مالِك فأقَرَّ عنده بالزِّنَا ردَّه صلي اللّه عليه و آله و سلم مرتين، ثم أَمر برَجْمِه؛ فلما ذهبوا به قال: يَعْمِد أحدُكم إذا غَزَا الناسُ فينِبُّ كما يَنِبّ التَّيْس، يَخْدَعُ إحداهنَّ بالكُثَبَة لا أُوتَي بأحد فَعَل ذلك إلَّا نَكَّلْتُ به.
النَّبِيبُ و الهبِيبُ: صوْتُ التَّيْس عند سِفَادِه.
و منه
حديث عمر رضي اللّه تعالي عنه: ليكلمْني بعضُكم و لا تَنِبّوا نبيبَ التُّيوس.
الكُثْبَة: القليل من اللبن، و كذلك كل شي‌ء مجتمعٍ إذا كان قليلًا. قال ذو الرمة:
* أَبْعَارُهِنَّ علي أَبْدَانِها كُثَبُ* «1»

[نبذ]

: انتهي صلي اللّه عليه و آله و سلم إلي قبرٍ منبوذٍ فصلّي عليه.
أي بعيد من القبور؛ من قولهم: فلان نَبَذُ الدَّار و مُنْتَبِذها؛ أي نازحها، و هو من النَّبْذ:
الطرْح، كما قالوا للبعيد طَرَح. قال الأعشي:
* و تُرَي نَارُك من ناءٍ طَرَحْ* «2»
و قولهم: جلس نَبْذَة. معناه مسافة نَبْذَة شي‌ء، كما يقولون غَلْوَة و رَمْيَة حجر- و روي:
______________________________
(3) (*) [نبب]: و منه في حديث عبد اللّه بن عمرو: أنه أتي الطائف فإذا هو يَري التيوس تلبُّ، أو تنبُّ علي الغنم. النهاية 5/ 4.
(1) صدره:
ميلاءُ من معدن الصِّيران قاصية
و البيت في ديوان ذي الرمة ص 19.
(2) صدره:
تبتني المجد و تجتاز النُّهيَ
و البيت في ديوان الأعشي ص 239.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 272
إلي قبرِ مَنْبُوذٍ علي الإضافة، أي إلي قبر لَقِيط.

[نبر]

*: قيل له صلي اللّه عليه و آله و سلم: يا نبي‌ء اللّه؛ فقال: إِنَّا معشر قريش لا نَنْبِرُ- وروي: إنّ رجلًا قال: يا نبي‌ء اللّه. فقال: لا تَنْبِر باسمي فإنما أنا نبيُّ اللّه.
النبي‌ء: فعيل من النَّبَأ، لأنه أَنبأ عن اللّه. و منه قول العرب: إن مسيلمة لنَبِي‌ء سوء.
و قول عباس بن مرداس:
يا خاتَم النُّبَآءِ إنك مُرْسَلٌ بالحَقِّ كلُّ هُدَي السَّبِيلِ هُدَاكا
«1» و سائغٌ في مثله التحقيق و التخفيف. كالنسي‌ء و الوَضِي‌ء، و ما أشبه ذلك، إلّا أنه غلب في استعمالهم أَنْ يخفِّفُوا النَّبي و البرية.
النَّبْر: الهَمْز.

[نبو]

*: خطب صلي اللّه عليه و آله و سلم يوماً بالنَّبَاوَةِ من الطائف.
هي موضع معروف، و أصلها الشرَف من الأرض «2».

[نبع]

: خرج صلي اللّه عليه و آله و سلم إلي يَنْبُع حين وادع بني مُدْلج و بني ضَمْرة، فأهْدَتْ له أم سليلة سُخَّلًا فقَبِله.
يَنْبُع: موضع بين مكة و المدينة.
السخَّل: الشِّيصُ «3»، و قال عيسي بن عمر: إذ اقترنت البُسْرَتان و الثلاث في مكان واحد سمي السّخَّل- الخاء شديدة. يعني بالاقتران اجتماعها و دخولُ بعضها في بعض. و قد سخَّلَت النخلة. و قيل: رجال سُخَّل؛ أي ضعفاء، من ذاك.

[نبط]

*: عمر رضي اللّه تعالي عنه- كتب إلي أهل حِمْص: لا تُنَبِّطُوا في المَدَائِن،
______________________________
(4) (*) [نبر]: و منه في حديث علي: اصعنوا النَّبْر، و انظروا الشّزْر. و في حديث عمر: إياكم و التخلل بالقصب، فإن الفم يتنبر منه. و الحديث: إن الجر ينتبر في رأس الحول. و في حديث نصل رافع بن خديج: غير أنه بقي منتبراً. النهاية 5/ 7، 8.
(1) البيت من الكامل، و هو لعباس بن مرداس في ديوانه ص 95، و الكتاب 3/ 460، و لسان العرب (نبأ)، و بلا نسبة في جمهرة اللغة ص 1028، و المقتضب 1/ 162، 2/ 210.
(5) (*) [نبو]: و منه في حديث الأحنف: قدمنا علي عمر مع وفدٍ، فنبت عيناه عنهم، و وقعت علي. و في حديث طلحة، قال لعمر: أنت وليّ ما وليت، لا ننبو في يديك. و في صفته صلي اللّه عليه و سلم: ينبو عنهما الماء.
النهاية 5/ 11.
(2) الشرف من الأرض: ما ارتفع من الأرض.
(3) الشيص: أردأ التمر.
(6) (*) [نبط]: و منه الحديث: من غدا من بيته ينبط علم فرشت له الملائكة أجنحتها. و الحديث: و رجل ارتبط فرس ليستنبطها. و في حديث ابن أبي أوفي: كنَّا نُسلف نبيط أهل الشام. النهاية 5/ 8، 9.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 273
و لا تعلِّمُوا أبكار أولادكم كتابَ النصاري، و تَمَعْزَزُوا و كونوا عَرَباً خشناً.
أي لا تشبَّهُوا بالأَنباط في سكني المدائن و النزول بالأرياف؛ أو في اتخاذ العقار و اعتقاد المزارع، و كونوا مستعدِّين للغزو، مستَوْفِزين للجهاد.
الأبكار: الأحداث.
تَمَعْزَزُوا: من المَعَزِ، و هو الشدَّةُ و الصلاة، و رجل ماعِزٌ، و ما أمعزه من رجل! و منه المَعْزَاء «1». و لا يجوز أن يكون من العزَّةِ و إن كانت بمعني الشدّة، لأن نحو تَمَسْكَنَ و تَمَدْرَع شاذ.
الخُشْن: جمع أَخْشَن.

[نبل]

*: سعد رضي اللّه تعالي عنه- لما ذهب الناسُ يوم أَحد عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم جعل سَعْدٌ يرمي بين يديه و فتي يُنَبِّله، كلما نَفِدَت نَبْله نَبَّلَه و يقول:
ارمِ أبا إسحاق، ثم طلبوا الفتي بعدُ فلم يَقْدِرُوا عليه.
يقال: استنْبَلَنِي نَبْلًا فأَنْبَلْتُه و نَبَّلْتُه، إذا أعطيته إياها، ثم استعمل في مناولة كلِّ شي‌ء.
قال:
* فلا تَجْفُوَاني و انْبُلانِي بكسوة* «2»

[نبح]

: عمار رضي اللّه عنه- سمع رجلًا يسبُّ عائشة رضي اللّه عنها، فقال له بعد ما لَكَره لكزات: أأنت تَسُبُّ حبيبةَ رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم؟ أقعد مَنْبُوحاً مَقْبُوحاً مَشْقُوحاً.
المنبوح: المشتوم، يقال: نبحتني كلابُ فلان و هرتني، إذا أتَتْكَ شتائمه و أذاه و منه قول أبي ذؤيب:
و ما هرَّها كلبي ليُبْعِدَ نَفْرَهَا و لو نَبَحَتْنِي بالشَّكَاةِ كِلَابُهَا
«3» يريد لو أسمعني قَرَابَتُهَا القولَ القبيحَ لم أُسْمِعْهُم إِلّا الجميلَ لكرامتها عليّ.
المقبوح: المطرود.
و المشقوح: إتباع. و قيل: هو من الشَّقْح بمعني الشجّ، يقال: لأشْقَحَنَّك شَقْح الجَوْزِ بالجَنْدَل.
______________________________
(1) المعزاء: الحصي الصغار.
(4) (*) [نبل]: و منه الحديث: كنت أنبِّل علي عمومتي يوم الفجار. و في الحديث: الرامي و منبله. و في حديث الاستنجاء: أعدُّوا النُّبَل. النهاية 5/ 10.
(2) الشطر بلا نسبة في لسان العرب (نبل)، و في اللسان «و انبلاني بكسرة» بدل «و انبلاني بكسوة».
(3) البيت في ديوان الهذليين 1/ 81.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 274‌

[نبس]

: ابن عمر رضي اللّه عنهما- إِن أهلَ النار ليَدْعُون يٰا مٰالِكُ، فيدعهم أربعين عاماً ثم يرد عليهم إِنَّكُمْ مٰاكِثُونَ، فيَدْعُون ربهم مِثْلَ الدنيا فيردّ عليهم: اخْسَؤُا فِيهٰا وَ لٰا تُكَلِّمُونِ. فما يَنْبِسون عند ذلك، ما هو إلّا الزَّفير و إلّا الشَّهِيق.
أي ما ينطقون.
و عن مروان بن أبي حفصة: أنشدت السّري بن عبد اللّه فلم يَنْبِس.
قال رؤبة:
* و إذا تُشَدّ بنسْعِها لا تَنْبِس*
و أصل النَّبْس الحركة، و النَّابِس المتحرِّك، و لم يُسْتَعمل إِلّا في النَّفْي.

[النبو]

: قتادة رحمه اللّه- ما كان بالبصرة رجلٌ أعلم من حُمَيْد غير أن النَّبَاوة أضَرَّتْ به.
النَّبَاوة و النَّبْوَة: الارتفاع.
و قال الأصمعي: النَّبَاوة و الرَّبَاوة و الرَّبْوة و النَّبْوة: الشَّرَف من الأرض. و قد نَبَا ينبو إذا ارتفع- عن قُطْرب؛ و منه زعم اشتقاق النبي، و هو غير متقبَّل عند محقّقة أصحابنا و لا معرَّج عليه.
و المعني غير أن طلب الشرف و الرياسة أضرَّ به و حرَمه التقدُّم في العلم.

[نبط]

الشعبي رحمه اللّه- قال في رجلٍ قال لآخر يا نَبَطِيّ: لا حَدَّ عليه؛ كلنا نَبَطٌ.
ذهب إلي ما تقدَّم من
قول ابن عباس: نحن معاشر قريش حيّ من النَّبَط من أهل كوثَي.
و سمعوا نَبَطاً، لأنهم يستنبطون المياه.

[نبأ]

: في الحديث: لا يصلي علي النَّبي‌ء.
هو المكان المرتفع المحَدْودِب، يقال: نَبَأْت أَنَبَأُ نَبْأَ و نُبُوءاً؛ إِذا ارتفعت و كل مرتفع نابي‌ء- عن أبي زيد.
منتبر في (نف). نابل في (عل). ليستنبطها في (غل). انبجائية في (سن) منتبراً في (جذ)] الأنابيب في (فر). نبغ في (سح).

النون مع التاء

[نتق]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- عليكم بالأبكار، فإنهنَّ أعذبُ أفواهاً، و أَنْتَق أَرْحاماً، و أَرْضَي باليسير.
______________________________
(1) (*) [نتق]: و منه في حديث علي: البيت المعمور عتاق الكعبة من فوقها. و الحديث في صفة مكة: و الكعبة أقل نتائق الدنيا مَدَراً. النهاية 5/ 13.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 275
و روي: فإِنهن أَفْتَحَ أرحاماً، و أعذب أفواهاً، و أَغرُّ غُرَّةً.
و روي: فإنهنَّ أغر أخلاقاً، و أرضي باليسير.
________________________________________
زمخشري، ابو القاسم، محمود بن عمر، الفائق في غريب الحديث، 4 جلد، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، اول، 1417 ه ق
الفائق في غريب الحديث؛ ج‌3، ص: 275
النَّتْق: النفض. يقال: نَتَقَ الحُربَ إِذا نَفَضَها و نثر ما فيها. و قال:
* يَنْتُقْن أقتادَ الشَّلِيل نَتقْا*
و منه: فلان لا يَنْتق و لا يَنْطِق، و قيل للكثيرة الأولاد نَاتِق. قال:
* بنو ناتقٍ كانت كثيراً عِيالها* «1»
كما قال ذو الرمة:
تَرَي كُفْأَتيْهَا تُنْفَضَانِ و لم تَجِدْ لها ثِيلَ سَقْبٍ في النَّتَاجَيْنِ لَامِسُ
«2» هكذا روي: «غُرَّة» بالضم. و قيل: هي من البياض و نصوع اللون؛ لأن الأَيْمَة «3» تحِيلُ اللَّوْن، أو من حسن الخلق و العِشْرة.
و غُرَّة كل شي‌ء خيارُه، و ما أحسب هذه الرواية إلّا تحريفاً، و الصواب أغر غَرَّة بالكسر، من الغَرَارة، و وصفهن بذلك مما لا يفتقر إلي مِصْداق.

[نتل]

*: أبو بكر رضي اللّه تعالي عنه- سُقِي لبناً فارْتَاب به أنه لم يحلّ له شَرْبه، فاسْتَنْتَل يتقيَّأ.
نَتَل و اسْتَنْتَل إِذا تقدَّم، نحو قدم و استقدم، و منه تَنَاتَل النَّبتُ؛ إِذا كان بعضُه أطول من بعض، كأنّ بعضه نَتَل بعضاً.
و
في حديث رضي اللّه عنه: إِنَّ عبد الرحمن ابنه برز يوم بَدْر، فقال: هل من مُبَارِز؟
فتركه الناس لكرامة أبيه، فَنَتَل أبو بكر و معه سَيْفُه.
و
في حديث الزهري قال سعد بن إبراهيم: ما سَبَقنا ابْنُ شِهاب من العلم بشي‌ء إلّا أنا كُنَّا نأتي المجلسَ فيَسْتَنْتِل و يشدّ ثوبه علي صَدْره، و يَدَّعِم علي عَسْرَائه «4»، و لا يبرح حتي يسأل عما يُرِيد.
______________________________
(1) صدره:
أبي لهم أن يعرفوا الضيم أنهم
و البيت بلا نسبة في أساس البلاغة (نتق).
(2) البيت في ديوان ذي الرمة ص 321.
(3) الأيم: من لا زوج لها بكراً أو ثيباً.
(5) (*) [نتل]: و منه الحديث: يُمثَّل القرآن رجلًا، فيؤتي بالرجل كان قد حمله مخالفاً له، فينتتل خصماً له.
النهاية 5/ 13.
(4) يدَّعم علي عسرائه: أي يتكي‌ء علي يده العسراء.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 276
أي يتقدّم أمامَ القوم.
ابن شهاب: هو الزهري، و هو محمد بن مسلم بن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن شهاب.
العَسْرَاء: تأنيث الأعسر، يريد علي يده العَسْرَاء، و أحسبه كان أعسر.

[نتخ]

: ابن عباس رضي اللّه عنهما- إِنّ في الجنة بِسَاطاً مَنْتُوخاً الذهب.
النَّتْخُ: النَّسْج- عن ابن الأَعرابي.

[نتر]

*: في الحديث: إن أَحَدكم يعذَّب في قَبْرِه، فيقال: إنه لم يكن يَسْتَنْتِر عند بَولِه.
و
في حديث آخر: إِذا بال أحدُكم فليَنْتُر ذَكَره ثلاث نَتَراتٍ.
النَّتْر: جَذْبٌ فيه جَفْوَة، و منه نَتَرني فلان بكلامه؛ إِذا شدَّده لك و غلظه، و استنتر:
طلب النتر، و حرص عليه، و اهْتَم به.
فاستنتل في (صب). نتره في (لب). و نتجناهما في (نو). النتر في (زن). نتاق في (ضر). [نتحوا في (تل)، تتاح في (قط)].

النون مع الثاء

[نثر]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- «إِذا توضأت فانثِرْ، و إذا استجمرت فأَوْتِر».
و
عنه صلي اللّه عليه و آله و سلم: «إِذا توضَّأَ أَحدكم فليجعل الماءَ في أَنفه ثم لَيْنثِر»
. و
عنه صلي اللّه عليه و آله و سلم: «إِذا توضأ يستنشق ثلاثاً في كل مرة يَسْتَنْثِر».
يقال: نَثَر يَنْثِر و انتثر و استَنْثر؛ إِذا استنشقَ الماء ثم استخرج ما في أنفه و نَثَره.
و قال الفراء: هو أن يستنشق و يحرك النَّثْرة. و رواه أبو عبيد: فأَنثِر؛ أي أَدخل الماء نَثْرَتكَ- بقطع الهمزة، و غيره يَصِل؛ و يستشهد بقوله: ثم ليَنْثِر- بفتح حرف المضارعة.

[نثل]

*: طَلْحَة رضي اللّه تعالي عنه- كان يَنْثُل دِرْعَه إِذْ جاء سهم فوقع في نَحْرِه، فقال: بسم اللّه، وَ كٰانَ أَمْرُ اللّٰهِ قَدَراً مَقْدُوراً.
______________________________
(1) (*) [نتر]: و منه في حديث علي: قال لأصحابه: اطعنوا النتر. النهاية 5/ 12.
(2) (*) [نثر]: و منه حديث أبي ذر: أيواقفكم العدوُّ حلب شاة نثور؟ و في حديث أم زرع: و يميس في حَلَق النثرة. النهاية 5/ 15.
(3) (*) [نثل]: و منه الحديث: أيحب أحدكم أن تؤتي مشربته فيُنْتَثَلَ ما فيها؟ و في حديث الشعبي: أما تري حفرتك تُنْثَلُ. و في حديث صهيب: و انتثل ما في كنانته. و في حديث علي: بين نثيلة و مُعتلفة. النهاية 5/ 16.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 277
نَثَل دِرْعَه: صبَّها علي نفسه، و النَّثْرَة و النَّثْلة: الدِّرْع، لأن صاحبها ينثُلها علي نفسه، و يَنْثُرها؛ أي يصبّها و يَشْنُّهَا.

[نثر]

ابن عباس رضي اللّه تعالي عنهما- الجراد نَثْرة حُوتٍ.
أي عَطْسته، يقال: نثرت الشاة تَنْثِر نثيراً إِذا عطست، و المراد أنَّ الجراد من صَيْد البحر كالسمك يحلُّ للمُحرِم أن يَصِيدَه.
لا تنثي في (اب). تنث في (هل) تنثل في (قص). نثد في (وه). نثور في (حل).
نثطها في (ثن).

النون مع الجيم

[نجف]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- ذكر الرجل الذي يدخلُ الجنةَ آخِرَ الخَلْق؛ قال: فيسألُ رَبَّه فيقول: أي ربِّ قدِّمني إلي الجنة فأكون تحت نِجَاف الجَنَّة.
النِّجاف، و الدوَّارَة. الذي يستقبل الباب من أعلي الأُسْكُفَّة «1». و في كتاب الأزهري:
يقال لأَنْفِ الباب: الرِّتَاج، وَلِدَ رَوَنْدِه: النِّجاف و النَّجْرَان، و لمِتْرَسِه: القُنَّاح.

[نجث]

*: إن قُرَيشاً لما خرجت في غَزْوَة أُحد، فنزلوا الأَبْواء قالت هند بنت عُتْبَة لأبي سفيان بن حرب: لو نَجَثْتُم قَبْرَ آمِنَة أم محمد، فإنه بالأبواء.
نَجَث و نَبَث و نَقَث أخوات، في معني النَّبْش و إثارة التراب. و النَّجِيثة و النَّبِيثة و النَّقِيثة:
تُرابُ البئر. و النَّجْثُ: استخراج الحديث.
و منه
حديث عمر: انْجُثُوا لِي ما عند المُغِيرة فإنه كَتّامَة للحديث.

[نجش]

*: لا تَنَاجَشوا و لا تَدَابروا.
النَّجْش: أن يريد الإِنسانُ أنْ يبيع بياعة فُتسَاوِمه بها بثمنٍ كثير ليَنْظر إليك ناظرٌ فيقع فيها.
و منه
الحديث: إنه نهي عن النَّجْش- وروي: لا نَجْش في الإِسلام.
______________________________
(2) (*) [نجف]: و منه في حديث عائشة: أن حسان بن ثابت دخل عليها فأكرمته و نجفته. و في حديث عمرو بن العاص: أنه جلس علي منجاف السفينة. النهاية 5/ 22.
(1) الأسكفة: خشبة الباب التي يوطأ عليها.
(3) (*) [نجث]: و منه حديث أم زرع: و لا تُنجِّث عن أخبارنا تنجيثاً. النهاية 5/ 17.
(4) (*) [نجش]: و منه في حديث ابن المسيب: لا تطلع الشمس حتي ينجشها ثلاثمائة و ستون ملكاً. النهاية 5/ 21.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 278
و
في حديث عبد اللّه بن أبي أَوْفي: النَّاجِشُ هو آكل رباً خَائن.
و أصل النَّجْشِ الإِثَارة، يقال: نَجش الصيد إِذا أثاره.
التدابر: التَّقَاطُع، و أن يُوَلي الرجلُ صاحبَه دُبَره.

[نجد]

*: رأي امرأة تطوفُ بالبيت عليها مَنَاجِدُ من ذَهَب؛ فقال: أيسرُّك أن يحُلِّيك اللّه مَنَاجدَ من نار؟ قالت: لا. قال: فأدّي زَكاتها.
هي حُلِّي مكلّلة بالفصوص مزينةٌ بالجواهر. جمع مِنْجَد، أي مزين، من قولهم: بيت منجّد؛ أيس مزين، و نجودُه: ستُوره التي تشد علي حيطانه يُزَيَّن بها.
و عن أبي سعيد الضرير: واحدها مَنْجَد. و هو من لؤلؤ أو ذهب أو قرنفل في عرض شِبْر يأخذ من العنق إِلي أَسْفَلِ الثديين. و سُمِّي بذلك، لأَنَّه يقعُ علي مَوْقِع نِجَاد السيف.

[نجم]

*: ما طلع النَّجْم قطّ و في الأرض من العاهَة شي‌ء إِلّا رُفِع.
أراد الثريا، و هو أحد الأجناس الغالبة، و هو مع نظائره ملخَّص في كتاب المفصّل.

[نجد]

: علي رضي اللّه تعالي عنه- قال له رجل: أخبرني عن قريش. قال: أما نحن بنو هاشم فأَنْجاد أمجاد، و أما إخواننا بنو أمية فقَادَةٌ أَدَبَة ذَادَة.
الأَنجاد: جمع نَجُد و نَجِد، و هو الشجاع.
الأَمجاد: جمع ماجد، كشاهد و أَشْهَاد.
قادَة: يقودون الجيوش.
يروي أن قُصَيّاً حين قَسَّم مكارمه أعْطي القيادة عبد مناف، ثم وَلِيها عبد شمس، ثم أميَّة بن عبد شمس، ثم حَرْب بن أُمية، ثم أبو سفيان.
الأَدَبة: جمع آدِب من المأْدُبَة.
الذَّادَة: الذائذون عن الحَرِيم.

[نجع]

*: دخل عليه المِقْدَاد بن الأسود بالسُّقْيَا و هو يَنْجَع بِكُرَاتٍ له دقيقاً و خَبَطاً.
النَّجُوعُ: المَدِيد. و هو ماء ببَزرٍ أو دَقِيق تُسْقَاه الإبل، و قد نَجَعْتُها به و نجعتها إِياه.
______________________________
(1) (*) [نجد]: و منه في حديث الزكاة: إلا من أعطي في نجدتها و رِسْلِها. و في حديث أم زرع: زوجي طويل النجاد. و في حديث قس: زُخْرِف و نُجِّد. النهاية 5/ 18، 19.
(2) (*) [نجم]: و منه في الحديث: هذا إبَّان نجومه. و في حديث حذيفة: سراجٌ من النار يظهر في أكتافهم حتي ينجم في صدورهم. و الحديث: إذا طلع النجم ارتفعت العاهة. و في حديث سعد: و اللّه لا أزيدك علي أربعة آلاف منجمة. النهاية 5/ 23، 24.
(3) (*) [نجع]: و منه في حديث بديل: هذه هوازن تنجعَّت أرضنا. و في حديث علي: ليست بدارِ نُجعه. النهاية 5/ 22.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 279
و منه
حديث أبي: إِنه سُئل عن النبيذ، فقال: عليك بالماء! عليك بالسَّوِيق، عليك باللبن الذي نُجِعْتَ به؛ فعاودته، فقال: كأنك تريد الخمر.
أي سُقِيتَه في الصِّغر.

[نجب]

: ابن مسعود رضي اللّه تعالي عنه- الأنْعام من نَوَاجِب القرآن أو نَجَائِب القُرْآنِ.
قال شمر: نَوَاجِب القرآن عِتَاقُه، و هو من قولهم: نَجّبْتُه إِذا قَشَرْتُ نَجَبتَه؛ أي لحاءه و تركت لُبَابَه و خالِصَه.

[نجد]

: أبو هريرة رضي اللّه تعالي عنه- ما من صاحب إِبل لا يؤدِّي حقِّها إِلّا بُعِثَتْ له يومِ القيامة أَسمن ما كانت، علي أكتافها أمثال النَّواجِدِ شَحْماً، تَدْعُونه أنتم الرَّوَادِف، مُحْلَسٌ أخفافُها شوكاً من حديد، ثم يُبْطَح لها بقاعِ قَرِق؛ فتضرب وجهه بأَخْفَافها و شوْكها.
ألَا و في وبرها حق، و سيجد أحدكم امرأته قد ملأت عِكْمَها من وبر الإِبل، فلْيُنَاهِزها فليقتطع فَلْيُرْسلْ إلي جاره لا وَبَر له. و ما من صاحب نخل لا يُؤَدِّي حقها إِلَّا بعث عليه يوم القيامة سعفها و ليفها و كرانيفها أشاجِع تَنْهَسُه فِي يَوْمٍ كٰانَ مِقْدٰارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ.
النواجِد: طرائق الشَّحْم، جمع نَاجِدة؛ من النَّجْد، و هو الارتفاع.
و الروادف: مثلها. مُحْلَس: أي أُحْلِسَتْ شوكاً بمعني طُورِقَتْ به و أُلزمته، من قولهم لَّلازم مكانه لا يبرح: مُسْتَحْلَس و حِلس، و فلان من أحْلاس الخيل.
العِكْم: العِدْل.
النَّهز: النهوض لتَنَاوِل الشي‌ء.
و المناهزة: المغالبة في ذلك، و منه ناهزته السَّبق.
الأشاجع: جمع أشَجع؛ و هو الحيَّة الذّكر.، قال جرير:
* قد عَضَّه فقَضَي عَلَيْه الأَشْجَعُ*
«1»

[نجف]

: عَمْرو رضي اللّه عنه- في قصّة خروجه إلي النَّجَاشي: إنه جلس علي مِنْجاف السفينة؛ فدفعه عمارة بن الورد في البَحْر.
قيل: هو سُكَانها؛ أي ذَنَبها الذي به تُعَدَّل، و كأنه ما تُنْجَف به السفينة، من نَجَفْتُ السهم إِذا برَيْتُه و عَدلته. قال كعب بن مالك:
و منجوفة حرمية صاعِدَيّة يَذر عليها السهم ساعَة تَصْنَع
______________________________
(1) صدره:
أيغاشون و قد رأوا حُفَّاثهم
و البيت في ديوان جرير ص 344.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 280‌

[نجد]

: الشعبي رحمه اللّه تعالي- قال: اجتمع شَرْب من أَهْل الأنْبار و بين أيديهم ناجُود، فَغَني ناخمهم: ألا فاسْقِيناني قبل خَيْل أبي بكر.
قال الأزهري: الناجود: الرَّاووق نفسه، و الناجود: كل إِناء يُجْعل فيه الشراب، و الناجود: الخمر و الزعفران و الدم.
النَّخَم: أجْوَدُ الغناء- عن ابن الأعرابي.

[نجأ]

في الحديث: رُدُّوا نَجْأَةَ السائل بلُقْمة.
نجأة بعينه إِذا لقعه نَجْأ نَجْأة. قال:
و لا تَخْشَ نَجْئِي إِنني لكَ مُبغِضُ و هل تتنجأُ العَيْنُ البغيضَ المشوَّهَا
و أنت تتنجأ أمْوَال الناس، أي تتعرَّض لتصيبَها بعينك حسداً أو حِرْصاً علي المال.
و رجل نَجِي‌ء العين، و نَجُوءٌ بالقصر و المد.
و قال النضر: النَّجْأة بوزن الفَجْأة، يقال؛ رُدَّ نَجْأَتَهُم وصِلْهُم. و فلان يَرُدّ بالفَلذِ نَجْأة السائلين.
و فيه معنيان: أحَدُهما أن ترحم السائل من مدِّ عينه إلي طعامك شهوةً له و حِرْصاً علي أن يتناول منه؛ فتدفع إِليه ما تقصر به طَرْفَه، و تَقْمَعُ به شهوته.
و الثاني: أن تَحْذَرَ إِصابَتَه نِعْمَتك بعينه؛ لفرط تَحْديقه و حِرْصِه فتدفع عينَه بشي‌ءٍ تزله إِليه.

[نجد]

: في حديث الشوري: و كانت امرأة نَجوداً.
أي ذات رأي. و هو من نَجَد نَجْداً، إِذا جَهَد جَهْداً، كأَنَّهَا التي تَجْهَد رأْيها في الأمور.
و منه قولهم: رجل مُنَجِّد، بمعني مُنَجَّذ و هو المجرّب.
استنجينا في (بح). مناجل في (خت). نجدتها في (فد). انتفخت في (فر). إِبان نجومه في (قح). نواجذه في (لث). و المنجدة في (مس). و لا منجد في (وض). النجدة في (عد). أناجيلهم في (شم). تنج في (حد). [طويل النجاد في (عث)].

النون مع الحاء

[نحص]

: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- ذكر قوماً من أصحابه قتلوا. فقال: ليتنَي غودِرْت مع أصحاب نُحْص الجبل.
هو أصْلُه و سفحه. تمنَّي أن يكون قد استشْهِد مع المستشهدين يوم أُحد.

[نحم]

: دخلت الجَنَّة فسمعت نَحْمَةً من نُعَيم.
النَّحَمة كالرَّزَمة من النَّحِيم؛ و هو نحو النَّحيط: صوت من الجَوْفَ؛ و رجلٌ نَحِم.
و بذلك سُمِّي نُعَيم النَّحَّامُ.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 281‌

[نحب]

*: لو يَعْلَمُ الناسُ ما في الصفِّ الأوَّل اقتتلوا عليه؛ و ما تقدموا إِلَّا بنُحْبَةٍ.
أي بقُرْعَةٍ من المُنَاحَبَةِ، و هي المخاطرةُ علي الشي‌ء؛ و يقال للمراهن: المُنحَّب- عن أبي عَمْرو، و المفضل.

[نحي]

*: بعث سَرِيَّة قِبلَ أرضِ بني سليم، و أميرُهم المنذرُ بن عمرو أخو بني ساعدة، فلما كان ببعض الطريقِ بعثوا حَرَام بْنِ مِلْحان بكتابٍ من رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم، فلما أتاهم انْتَحي له عامرُ بن الطُّفيل فقتله ثم قتل المنذر، فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: أَعْنَق ليَمُوتَ، و تخلّف منهم ثلاثة، فهم يتبعون السَّرِيَّة، فإذا الطريق يرميهم بالعَلَقِ. قالوا: قُتِل و اللّه أصحابنا، إِنا لنعرف ما كانوا ليقتلوا عامراً و بني سليم و هم النَّدِيّ.
انْتَحي له؛ عَرَض له. قال ذو الرمة:
نَهْوضٌ بأُخراها إِذا ما انْتحي لها من الأرْضِ نهاض الحَرَابِيّ أَغبر
«1» أَعْنَق: من العَنَق؛ و هو سَيْرٌ فسيح، أي ساقَتْهُ المنيةُ إلي مصرعه.
العَلَق: الدم الجامد قبل أنْ يَيْبَس.
النَّدِيّ: القومُ المجتمعون.

[نحب]

طلحة رضي اللّه تعالي عنه- قال لابنِ عبَّاس: هل لَكَ أَنْ أَنَاحِبَك، و ترفَع النبيّ صلي اللّه عليه و آله و سلم.
أَي أُنَافِرك و أُحاكمك علي أن ترفَع ذِكْرِ رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم و قَرَابته منك. يعني أنه لا يَقْصرُ عنه فيما عَدَا ذلك من المفاخر، فأَمَّا هذا وحده فَغامِرٌ لجميع مَكارِمه و فضائله لا يقاوِمُه إِذا عَدَّه.

[نحي]

: ابن عمر رضي اللّه تعالي عنهما- رأي رجلًا يَنْتَحي في السجود، فقال: لا تَشِنْ صُورَتك.
أي يَعْتَمِد علي جبهته حتي يؤثِّر فيه السجودُ، و كل من جدَّ في أمرٍ فقد انتحي فيه، و منه انتحي الفرس في عَدْوِه.
الحسن رحمه اللّه- طلب هذا العلم ثَلَاثةُ أصناف من الناس.
______________________________
(2) (*) [نحب]: و منه الحديث: طلحة ممن قضي نحبه. و منه في حديث أبي بكر: في مناحبة الم غُلِبَتِ الرُّومُ. و في حديث علي: فهل دفعت الأقارب، أو نفعت النواحب؟. النهاية 5/ 26، 27.
(3) (*) [نحي]: و منه حديث الخضر عليه السلام: و تنحَّي له. و في حديث عائشة: فلم أنشب حتي أنحيت عليها. النهاية 5/ 30.
(1) البيت في ديوان ذي الرمة ص 228، و في الديوان «الحزابي» بالزاي بدل «الحرابي» بالراء.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 282
فصِنف تعلموه للمِرَاءِ و الجهل.
و صِنفٌ تعلَّموه للاستطالة و الخَتْل.
و صِنف تعلَّموه للتفقّه و العقل.
فصاحب التفقه و العقل ذو كآبةٍ و حُزْن، قد تنحَّي في بُرْنُسِه، و قام الليل في حِنْدِسِه؛ قد أَوْكَدَتاه يَدَاه، و أعْمدَتاه رِجْلاه؛ فهو مُقْبِلٌ علي شَأْنه، عارفٌ بأهْلِ زمانه، قد استوحش من كلِّ ذي ثقةٍ من إخوانه، فشد اللّه من هذا أركانَه، و أعطاه يوم القيامة أمانَه- و ذكر الصنفين الآخرين.
تنحَّي: أي تعمّد للعبادة، و توجَّه لها و صار في ناحيتها قال:
تَنَحَّي له عمرٌو فشكَّ ضُلُوعَه بنافِلةٍ نَجْلاء و الخيلُ تَضْبُر
«1» أو تجنَّبَ الناس و جعل نفسه في ناحيةٍ منهم.
و وَكَده و أوكَده و وَكَّده بمعني، إِذا قَوَّاهُ.
قال أبو عبيد: عَمَدْت الشي‌ء إِذا أقمته، و أعْمَدْتَه إِذا جعلت تحته عمداً، يريد أنه لا ينفكُّ مصلِّياً معتمداً علي يديه في السجود، و علي رجليه في القيام، فوصف يَدَيْه و رجليه بذلك ليؤذن بطول إعماله لها.
و يجوزُ أن يكونَ أوْكَدتاه من الوَكد و هو العَمَل و الجهد، و أعْمَدتاه من العَمِيدِ، و هو المريض، و يريد أنَّ دوام كونه ساجداً و قائماً قد جهده و شفّه.
الألف: علامة التثنية، و ليست بضمير، و هي في اللغة الطائية.
نحلة في (بر). نحلًا في (دح). متناحرتان في (سد).

النون مع الخاء

[نخر]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- إِنَّ أَصحابَ النّجاشي كلّموا جعفر بن أبي طالب، فسألوه عن عيسي عليه السلام؛ فقال جعفر: هو عبد اللّه و كَلَمِتُهُ ألقاها إِلي العَذْرَاء البَتُول؛ فقال النّجاشيّ: و اللّه ما يزيدُ عيسي علي ما تقولُ مِثْلَ هذه النُّفاثة من سِوَاكي هذا.
و فيه: إِن عَمْرو بن العاص دخلَ علي النَّجَاشي، و هو إِذْ ذَاك مُشْرِك. فقال النَّجاشي:
نَخِّزوا- و روي: نَجِّروا
، بالجيم.
______________________________
(1) البيت بلا نسبة في لسان العرب (نحا)، و روايته في لسان العرب:
تنحَّي له عمرو فشكّ ضلوعه بمُدْرَنْفِقِ الخلجاء و النقع ساطعُ
(2) (*) [نخر]: و منه في حديث الزبرقان: الأُفيطس النَّخَرة. النهاية 5/ 32.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 283
قيل: معناه تكلّموا. فإن كانت الكلمتان عربيتين فهما من النَّخِير و هو الصوَّت. و منه قولهم: ما بها ناخِر أي مصوِّت.
و النَّجْر: هو السَّوْق؛ أي سُوقوا الكلام سَوْقاً.

[نخع]

*: إن أَنْخَع الأَسْمَاء عندَ اللّه أن يتَسَمَّي الرجلُ باسم مَلِك الأَمْلَاك. و روي:
أخْنع
. أي أقتلَها لصَاحِبه و أَهْلَكِها له، من النَّخْع في الذبيحة و هو إِصابة النّخاع.
و منه
الحديث: ألا لا تَنْخَعوا الذَّبيحَة حَتَّي تَجِب.
و أَخْنَعها؛ أي أدخلها في الخُنوع و هو الذلّ و الضّعة.
مَلِك الأملاك: نحو قولهم شاهانشاه. قيل معناه: أن يتسمَّي باسم اللّه الذي هو ملك الأَمْلاك، مثل أن يتسمَّي بالعزيز أو بالجبَّار، أو ما يدلُّ علي معني الكبرياء التي هي رداء ربِّ العزة، مَنْ نَازَعه إِيَّاها فهو هالك.

[نخب]

*: إِنَّ المؤمنَ لا تصيبه مُصِيبةٌ ذَعْرَة، و لا عَثْرَةُ قَدَم، و لا اخْتِلاجُ عِرْق، وَ لا نُخْبَةُ نَمْلَةٍ إِلَّا بذَنْبٍ. و ما يَعْفُو اللَّهُ أَكْثَر- و روي: نَخْتَة و نَجْبَة.
النُّخْبة: العَضَّة. يقال: نَخَبَته النملة و القَمْلة، و النَّخْبُ: خَرْق الجِلْد، و منه قيل لخرق الثَّفْر: النُّخْبَة.
و النَّخْتَة؛ من نَخَت الطائر بخرطومه اللحم، و فلان يَنْخَتني بالكلام؛ أي يقعُ فيَّ و ينالُ مني. و النَّخْتُ و النَّتْخُ و النَّتْف أخوات.
و النَّجْبَة: مثل الغَرْزَة و القَرْصَة، كأنها من نَجب الشجرةَ إِذا قشرها، و هو كقوله تعالي:
وَ مٰا أَصٰابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمٰا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ [الشوري: 30].
و
في الحديث: ما أَصَابَ المُؤْمِنَ مِنْ مَكْرُوهٍ فهو كَفارَةٌ لخَطَايَاهُ حَتَّي نُخْبَة النَّمْلَة.

[نخر]

: عمر رضي اللّه تعالي عنه- أُتي بَسكْرَان في شهر رمضان، فقال: لِلْمَنخِرَين لِلْمَنْخِرين، أَ صِبْيَاننا صِيَامٌ و أنت مُفْطُر!.
أي كَبَّة اللّه لَمْنخريه.

[نخب]

: [أبو الدَّرْدَاء رضي اللّه تعالي عنه- ويل للقَلْب النَّخِيب، و الجَوْف الرَّغيب، و لا يبالي بقول الطَّبيب.
هو الفاسد النَّغِل، و هو من قولهم للجبان الذي لا فُؤَاد له: نَخُيب و نَهِب، و قد نُخِب
______________________________
(1) (*) [نخع]: و منه الحديث: النخاعة في المسجد خطيئة. النهاية 5/ 33.
(2) (*) [نخب]: و منه في حديث علي: و خرجنا في النخبة. النهاية 5/ 31.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 284
قلبه و نَخِب، كأَنما نُزِع؛ لأَن أصله من نَخُبْتُ الشي‌ء و انْتخبته، و منه الانتخاب للاختيار.
و نُخْبَة الشي‌ء؛ خيارُه، كأنّك انتزعته من بين الأشياء.
رجل رَغِيب: واسع الْجَوْفِ أَكُول، و قد رَغُبَ رُغْبَاً، و منه الرّغْب شُؤْم، و أصله من الرغبة، و منه وادٍ رَغيب؛ إِذا كان كثير الأَخْذَ للماء، و في ضده زهيد. و
قول الحجاج:
ائتوني بسيف رَغِيب
؛ أي عريض الصَّفْحَتين].

[نخر]

: عَمْرو بن العاص رضي اللّه تعالي عنه- رئِي علي بَغْلَة قد شَمِط وَجهْهُا هَرَماً، فقيل له: أ تَرْكَبُ هذه و أنت علي أكْرم ناخِرة بمصر؟ فقال: لا بلل عندي لدابتي ما حملتْ رجلي.
قيل: هي الخيل، لأنها تَنْخِرُ نَخِيراً؛ و هو الصوت الخارج من الأنف. و يجوز أن يريدَ الأناسيّ؛ من قولهم: ما الدار نَاخِر؛ أي مصوِّت.

[نخش]

عائشة رضي اللّه تعالي عنها- كان لنا جيرانٌ من الأنْصار و نِعْمَ الجيرانُ؛ كانوا يَمْنَحُوننا شيئاً من ألبانهم، و شيئاً من شعير نَنْخُشُه.
أي نَقْشُره و نَعْزِل عنه قِشره، و منه: نُخِش الرجلُ إِذا هزل، كأَنَّ لحمه قد نِخُش عنه.

[نخل]

*: في الحديث: لا يقبلُ اللّه من الدعاءِ إِلّا النَّاخِلة.
أي المنخولة الخالصة، و هو من باب: سِرٌّ كَاتِم.
ناخمهم في (نج)، النخة في (جب). بنخرة في (كن). و النخة في (زخ). و نخوة في (كل)].

النون مع الدال

[ندد]

: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- هذا كتاب من محمد رسول اللّه لأُكَيْدِر؛ حين أَجابَ إِلي الإِسلام؛ و خلَع الأَنْدَاد و الأَصنام، مع خالد بن الوليد سَيْفِ اللّه في دوماء الجندل و أَكْنَافِها: إِنَّ لنا الضَّاحِيَة من الضَّحْل و البُور و المَعَامِي و أَغْفَال الأرض و الحْلُقَة و السِّلاح، و لكم الضَّامِنة من النخيل و المعين من المعمور، لا تُعْدَل سارِحَتُكم، و لا تعدُّ فَارَدَتُكم، و لا يُحْظَر عليكم النبات؛ تقيمون الصلاة لوقتها؛ و تُؤتُون الزكاة بحقِّها، عليكم بذلك عَهْدِ اللّه و ميثاقه.
النِّدُّ و النَّدِيد و النَّدِيدة: مثل الشي‌ء الذي يُضَاده في أموره و يُنَاده؛ أي يُخَالفه؛ من ندَّ البعير إِذا نَفَر و اسْتَعْصَي.
الضاحية: الخارجة من العمارة، و هي خلاف الضَّامِنة.
______________________________
(1) (*) [نخل]: و منه الحديث: لا يقبل اللّه إلا نخائل القلوب. النهاية 5/ 33.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 285
الضَّحْل: الماء القليل.
البَوْرُ- بالفتح و الضم: فمن ضمَّ فقد ذهب إلي جمع البَوَار. قال الأصمعي: أرض بَوَار؛ أي خَرَاب، و قد بارت الأرض إِذا لم تُزْرع. قال عدي بن زيد.
لم يبق منها إلَّا مراوحُ طَايا ت و بُورٌ تَضْغُو ثَعَالِبَها
و نظيره عَوَان وَ عُون.
و من فتح فقد ذهب إلي المَصْدَر، و قد يكون المصدر بالضم أيضاً؛ و يدلُّ علي ذلك قولهم: شي‌ء بَائِر و بار و بور. و قولهم: رجل بُورٌ و قوم بُور، و الوصف بالمصدر غَيْرُ عَزيز.
المعامي: الأَغْفَال، و هي الأَرَضُونَ المجهولة؛ جمع مَعْمي، و هو مَوْضِع العَمَي كقولك مَجْهَل.
الحلْقة: الدُّروع.
لا تُعْدَل: لا تُصُرَف عن مَرْعي تُرِيده.
لا يُحْظَر النبات: أي لا تمنعون من الزراعة حيث شِئْتُم.

[ندي]

*: من مات و لم يُشْرِك باللّه شيئاً و لم يَتَنَدَّ من الدَّمِ الحرام بشي‌ءٍ دخل من أيِّ أبوابِ الجنةِ شاء.
هو من قولهم: ما نَديني من فلان شي‌ء أكرهه؛ أي ما بلَّني و لا أَصابني، و ما نَدِيت كفِّي له بشر، و لا نَدِيت بشي‌ء تكرهه. قال النابغة:
ما إن نَدِيتُ بشي‌ءٍ أنت تَكرهُه إِذَنْ فلا رفعَتْ سَوْطِي إِليَّ يَدِي
«1»

[ندر]

*: ركِب فرساً أُنثي فمرّت بشجرة، فطار منها طائر، فحادَثْ فَنَدر عنها علي أرضٍ غَلِيظة. قال عبد اللّه بن مغفل: فأَتيناه نَسْعَي، فإِذا هو جالس و عُرْض رُكْبَتَيه و حَرْقَفَتَيْه و مَنْكِبَيه و عُرْضُ وَجْهِه مُنْسَحٍ، يبضّ ماءً أصفر.
نَدَر: سقط.
العُرْض: الجانب.
______________________________
(2) (*) [ندي]: و منه في حديث أم زرع: قريب البيت من النادي. و الحديث: و اجعلني في الندي الأعلي. و في حديث أبي سعيد: كنّا أنداء فخرج علينا رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم. و في حديث ابن عوف: و أَوْدَي سمعه إلا ندايا.
و في حديث الأذان: إنه أندي صوتاً. النهاية 5/ 36، 37.
(3) (*) [ندر]: و منه في حديث زواج صفية: فعثرت الناقة، و ندر رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم و ندرت. و في حديث علي: أنه أقبل و عليه أَنْدَرْوَرديَّة. النهاية 5/ 35.
(1) البيت في ديوان النابغة ص 35.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 286
الحَرْقَفَتان: مجتمع رأس الفخذ و رأس الورَك حيث يلتقيان من ظاهر؛ يقال للمريض إِذا طالت ضَجْعَتُه: قد دَبِرَتْ حَرَاقِفُه.
سَحَاه فانْسَحَي؛ إِذا قشره، و كل جلد رقيق سِحَاء.
يبض: يَقْطَر.
عمر رضي اللّه عنه- نَدَر رجل في مجلسه فأَمَرَ القومَ كُلَّهم بالتطهّر لئلا يخجل
. النادر: من النَّدْرة، و هي الخَضْفة بالعجَلَة، يقال: نَدَر بها.

[ندم]

*: إِيَّاكم و رَضَاع السوء؛ فإِنه لا بدَّ من أَن يندم يوماً ما.
أي يظهر أثره؛ و النَّدْمُ الأَثْر- عن ابن الأَعرابي. سُمِّي للزومه من النَّدْم، و هو من الغَمِّ اللازم، إِذ يَنْدَمُ صاحبهُ لما يعثُر عليه في العاقبةِ من سوء آثاره.

[ندي]

: طلحة رضي اللّه تعالي عنه- خرجتُ بفرسٍ لي أُنَدِّيهِ.
التندية: أن يُورِده الماء ثم يردّه إلي المرعي ساعةً ثم يعيده إلي الماء. يقال: نديَتُ الفرس أو البعير، و نَدَا هو يَنْدو نَدْواً. و النَّدْوة و النَّدَاوَة و المُنَدَّي: مكان التَّنْدُية. قال:
* جدب المُنَدَّي يَابِس ثمَامه*
و منه
حديث أَحَدُ الحيَّيْن اللذين تنازعا في موضع، فقال أحدُهما: مَسْرَح بَهْمِنا، و مَخْرَج نسائنا، و مُنَدَّي خيلنا.
و قال:
تُرَادَي عَلَي ماء الحِياض فَإِن تَعَفْ فإِنَّ المُنَّدي رِحْلَةٌ فرُكوب
«1» و التَّندية أيضاً: أَن يعرقه بقَدْر ما يْنَدِّي لِبْدَه و لا يستفرغه عَرَقاً.

[ندس]

: أبو هريرة رضي اللّه عنه- دخل المسجد و هو يَنْدُس الأَرْض برِجْله.
أي يضرب، قال الأصمعي: نَدَسْتُه بحجر: ضَرَبْتُهُ. و نَدَسْتُه و رَدَسْتُه: طعنته.
و قال الكميت:
و نَحْنُ صَبْحَنا آلَ نَجْرَانَ غَارَةً تَمِيمَ بَنِ مُرِّ و الرِّمَاحَ النَّوَادِسَا

[ندب]

: مُجاهَد رحمه اللّه- قال في قوله تعالي: سِيمٰاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ [الفتح: 29]: ليس بالنَّدَب، و لكنه صُفْرَة الوجوه و الخشُوع.
هو أَثر الجِراحة إِذا لم يرتفع عن الجلد.

[ندغ]

: الحجاج- كتب إلي عامِلِه بالطَّائفِ: أَرْسِلْ إلي بعَسل أَخْضَر في السِّقاء،
______________________________
(2) (*) [ندم]: و منه الحديث: مرحباً بالقوم غير خزايا و لا ندامي. النهاية 5/ 36.
(1) البيت لعلقمة بن عبدة في لسان العرب (ندي)، و في اللسان «علي دمن الحياض» بدل «علي ماء الحياض».
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 287
أَبْيضَ في الإِناءِ، مِنْ عَسَل النَّدْغِ و السِّحَاءِ، من حِدَابِ بني شَبَابَة.
هما من نبات الجبال ترعاهما النَّحل، قال أبو عمر: النَّدْغُ: شجرة خَضْرَاء لها ثمرة بيضاء، الواحدة نَدْغة. و قال القتيبي: هو السَّعْتَر البزيّ، و زعم الأطباء أن عسلَ السَّعْتَر أمتنُ العسل و أشد حرارة، و أنشد الجاحظ لخلف الأحْمر:
هاتيك أو عصماء في أعلي الشرف تظل في الظَّيَّانِ و النَّدْغِ الأَلفِ
و عن أَبي خَيْرَة: السِّحَاء: شجرة صغيرة مثل الكفِّ لها شوك و زهرةٌ حمراء في بياضٍ، تسمي زهرتها البَهْرَمَة.
و عن يعقوب: الضبّ يَأْلَفه و يُوصَف به، فيقال: ضبٌّ ساح حَابل؛ أي يرعي السِّحَاء و الحُبْلَة.
بنو شَبَابَة: قوم بالطائف يُنْسَبُ إِليهم العسل، فيقال. عسل شَبَابي.
و ندر في (زل). ندا في (رم) النادي في (غث). الندي في (نح). نادح في (بش).
الندوة في (حك). نادتها في (من). ندهته في (له). لمندوحة في (عر). تندحيه في (سد).

النون مع الزاي

[نزع]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- قال: طوبي للغرباء. فقيل: مَنْ هم يا رسول اللّه؟ قال: النُّزَّاع من القبائل.
هو جمع نَازِع، يقال للغريب: نازع و نَزِيع، و أصله في الإِبل. قال:
فقلتُ لهم لا تَعْذِلُوني و انْظُرُوا إِلي النازِعِ المَقْصُور كيف يكونُ
«1» قيل له نازع؛ لأنه يَنْزعُ إلي وطنه، و نزيع لأنه نَزَع عن الآفة، و المراد المهاجرون،
صَلَّي- صلَّي اللّه عليه و آله و سلم يوماً- فلمَّا سلَّم من صلاته قال: ما لي أُنَازَعُ القرآن؟ أي أجاذبه؛ و ذلك أنَّ بعض المأمومين قرأ خَلْفه.

[نزه]

*: كان صلي اللّه عليه و آله و سلم يصلَّي من الليل فإِذا مرَّ بآيةٍ فيها ذِكْرُ الجنة سأل، و إذا مرّ بآية فيها ذكر النار تعوَّذ، و إذا مرّ بآية فيها تَنْزيه اللّه سبَّح.
______________________________
(2) (*) [نزع]: و منه الحديث: رأيتني أنزع علي قليب. و في حديث ظبيان: أن قبائل من الأزد نتَّجوا فيها النزائع. و في حديث القذف: إنما هو عرق نزعه. و الحديث: لقد نزعت بمثل ما في التوراة. النهاية 5/ 41.
(1) البيت لجميل بثينة في ديوانه ص 199.
(3) (*) [نزه]: و منه في حديث أبي هريرة: الإيمان نَزِهٌ. و حديث عمر: الجابية أرض نَزِهةٌ. و في حديث المعذب في قبره: كان لا يستنزه من البول. النهاية 5/ 43.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 288
أصل النَّزْه: البُعْد، و تنزيه اللّه: تبعيده عمالًا يجوز عليه [النقائص].

[نزر]

*: إِنَّ عمر بن الخطاب رضي اللّه تعالي عنه سار معه صلَّي اللّه عليه و آله و سلم ليلًا، فسأله عن شي‌ء فلم يُجبْه، ثم سأله فلم يُجِبه، ثم سأله فلم يُجِبْه. فقال عمر: ثكلتك أمُّك يا عُمَر! نَزَرْت رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم مِراراً لا يُجيبك.
يقال: نَزَرْت الرجل إِذا كَدَدْتُه في السؤال، و طلبت ما عنده جميعاً من النَّزْر و هو القليل، كأنك أرَدْت أخذَ نَزْرِه و اشِتفَافه، قال:
فخُذْ عَفْوَ من آتاك لا تَنْزُرَنَّهُ فعندَ بُلُوغِ الْكَدِّ رَنْق المَشَارِبِ
«1» ثم استعمل في كل إلحاح و إحْفَاء؛ يريدُ ألححت عليه مراراً.

[نزك]

: أبو الدرداء رضي اللّه تعالي عنه- ذكر الأبدال «2» فقال: ليسوا بَنَزَّاكِين و لا مَعْجبين و لا مَتِماوِتين.
أي طعَّانين في الناس عيّابين؛ من النَّيْزَك و هو دون الرمح.
و منه
حديث ابن عون رحمه اللّه تعالي: إِنه ذُكِرَ عنده شَهْرُ بن حَوْشَب، فقال إِن شَهْراً نَزَكوه.
أي طعنوا عليه، و منه قيل للمرأة المعيبة: نَزِيكَة.

[نزغ]

: ابن الزبير رضي اللّه تعالي عنه- حضّ علي الزُّهد، و ذكر أن ما يكفي الإِنسان قليل؛ فنزغَه إِنسان من أَهْل المسجد بنزيَغةٍ؛ ثم خبأ رأسه؛ فقال: أين هذا؟ فلم يتكلم.
فقال: قاتله اللّه ضَبَحَ ضَبْحَةَ الثعلب و قَبَعَ قَبْعَةَ القُنْفُذ.
نَزَغَه و نَسَغَهَ. رمَاه بكلمةٍ سيِّئَةٍ- عن الأصمعي. و أنشد:
إِنِّي عَلَي نَسْعِ الرِّجَال النُّسَّغِ أَعْلُو وَ عِرْضِي لَيْسَ بالمُمشَّغِ
«3»

[نزر]

: سعيد رضي اللّه عنه- كانت المرأة من الأنصار إِذا كانت نَزْرَةً أو مِقْلاتاً تنذر لئن وُلِدَ لها لتجعلنَّه في اليهود، تلتمس بذلك طولَ بقائه.
و هي النَّزُور، أي القليلة الأولاد.
المقلات: التي لا يعيشُ لها ولد- كان ذلك قبل الإِسلام.
نزح في (قد). ينزع و ينزو في (خو). نزهة في (غم). و نزله في (دح). [النيزك عن (عن). أنزه في (كذ). بنزاع في (دي)].
______________________________
(4) (*) [نزر]: و منه في حديث أم معبد: لا نَزْرٌ و لا هَذَر. النهاية 5/ 40.
(1) البيت بلا نسبة في أساس البلاغة (نزر)، و لسان العرب (نزر)، و في اللسان
«فخذ عفو ما آناك …»
بدل
«فخذ عفو من آتاك …»
، و «
فعند بلوغ الكدْرِ …»
بدل
«فعند بلوغ الكدِّ …»
. (2) الأبدال: قوم بهم يقيم اللّه عز و جل الأرض و هم سبعون: أربعون في الشام، و ثلاثون بغيرها، لا يموت أحدهم إلا قام مكانه آخر من سائر الناس (القاموس المحيط: بدل).
(3) الرجز لرؤبة في لسان العرب (مشغ).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 289‌

النون مع السين

[نسل]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- شَكَوْا إِليه صلي اللّه عليه و آله و سلم الضَّعْفَ، فقال: عليكم بالنَّسْل.
هو مقاربة الخَطْو من الإِسراع.
و منه
أنه صلي اللّه عليه و سلم مرَّ بأصحابه يَمْشُون فشَكوْا الإِعياء، فأمرهم أن يَنْسِلوا.

[نسم]

*: بعثت في نَسَمِ الساعة إِن كادَتْ لتسبقني.
أي حين ابتدأَتْ و أقبلَتْ أَوَائِلِها، و أصلُه نَسَم الريح، هو أولها حين تقبل بلين قبل أن تشتدَّ.
قال أبو زيد: نَسَمَت الريح تَنْسِم نَسِيماً و نَسَمَاناً، إِذا جاءت بَنَفسِ ضعيف.
و قيل: هو جمع نَسَمَة، أي بعثت في أناس يَلُونَ الساعة، فأضاف النَّسَم إلي الساعة لأنها تَلِيها.

[نسأ]

*: كانت زَيْنَبُ بنتُ رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم تحتَ أبي العاص بن الربيع، فلما خَرج رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم إِلي المدينة أرسلها إِلي أَبيها و هي نَسُوء؛ فأَنْفَر بها المشركون بعيَرها حتي سقطت، فَنَفَثَتِ الدِّمَاء مكانها، و أَلْقَت ما في بطنها، فلم تزل ضَمِنة حتي ماتت عند رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم.
النَّسُوء علي فَعول، و النس‌ء علي فَعْل. و قد روي قطرب: النُّس‌ء- بالضم: المرأة المَظْنون بها الحمل لتأخّر حَيْضها عن وقته، و قد نُسِئت تُنْسَأ نَسْأَ، من نسأ اللّه في أجلك، فالنَّسُوء كالحْلُوب و الضَّبُوث، و النسْ‌ءُ- بالضم و الفتح تسميةٌ بالمصدر.
الإِنفار؛ التنفير.
الضَّمِنَة: الزَّمِنَة.

[نسج]

*: كَان يعرض خَيْلًا، فقال رجل: خيرُ الرجال رجال جاعلو أَرْمَاحِهم علي
______________________________
(1) (*) [نسل]: و منه في حديث لقمان: و إذا سعي القوم نَسَل. النهاية 5/ 49.
(2) (*) [نسم]: و منه حديث علي: و الذي فلق الحبة، و برأ النسمة. و الحديث: لمَّا تنسَّموا روح الحياة.
و الحديث: علي كل منسمٍ من الإنسان صدقة. النهاية 5/ 49، 50.
(3) (*) [نسأ]: و منه الحديث: من أحب أن يُنْسأ في أجله فليَصِل رحمه. و الحديث: صلة الرحم مثراة في المال، منسأة في الأثر. و الحديث: إنما الربا في النسيئة. و في حديث ابن عباس: كانت النُّسْأة في كندة. النهاية 5/ 44، 45.
(4) (*) [نسج]: و منه في حديث عائشة تصف عمر: كان و اللّه أحوذيّاً نسيج وحده. و في حديث جابر: فقام في نساجةٍ ملتحفاً بها. و في حديث تفسير النقير: هي النخلة تُنْسَج نسجاً. النهاية 5/ 46.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 290
مَناسِج خيولهم، لابسو البرود من أهل نَجْد. فقال: كذبت، بل خير الرجال رجال أَهْلِ اليمن، الإِيمان يمانٍ، آل لْخَم و جذام و عاملة.
المِنْسَج: الكاهل. و المَنْسِج مثله؛ كأنه شبه بالمِنْسَج؛ و هو الآلة التي يمد عليها الثوب للنَّسْج.
لَخْم و جُذَام: أخوان ابنا عَدِيّ بن عمرو بن سَبَأ بن يشجب بن يَعْرُب بن قَحْطَان، و يقول بعض النَّسابين: إنهما من ولد أَرَاشَة بن مرّ بن أُد بن طَابِخَة بن إلياس، و أَرَاشَة لحق باليمن، و عاملة أخو عمرو، و كَهْلانِ و حِمْير و الأَشْعَر و أنمار و مُرّ أَبْنَاء سَبَأَ. و نساب مضر علي أَنَّ عاملة من ولد قَاسِط بن وائل. و كأن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم إنما اختص بذكره هؤلاء لمَكَانِ عرقهم من مُضَر.

[نسب]

: أبو بكر رضي اللّه تعالي عنه- كان رجلًا نَسَّابَةً، فوقف علي قوم من ربيعة.
فقال: ممن القوم؟ فقالوا: من ربيعة. فقال؛ و أَي ربيعة أنتم؛ أَ مِنْ هَامِها أَوْ مِنْ لَهَازِمها؟
قالوا: بل من هَامِها العظمي. قال أبو بكر: و من أَيَّها؟ قالوا: من ذُهْل الأكبر. قال أبو بكر:
فمنكم عَوْف الذي يُقَال: لا حُرَّ بَوادي عَوْف. قالوا: لا، قال: فمنكم المُزْدَلِف الحُرُّ صاحب العمامة الفَرْدَة قالوا: لا. قال: فمنكم بِسْطَام بن قيس أبو القِرَي و منتهي الأَحياء؟
قالوا: لا. قال: فمنكم جَسَّاس بن مُرَّة مانع الجار؟ قالوا: لا. قال فمنكم الحَوْفَزَان قاتل الملوك و سَالبها أنفسها؟ قالوا؛ لا. قال: فمنكم أخوال الملوك من كِنْدَة. قالوا: لا. قال:
فمنكم أَصهار الملوك من لْخَم؟ قالوا: لا. قال أبو بكر: فلستم بذَهْل الأَكبر؛ إِنما أنتم ذُهُل الأصغر.
فقام إليه غلام من بني شَيْبَان يقال له دَغَفْل حين بَقَل وَجهْهُ. فقال:
إِنَّ علي سائلنا أَنْ نَسْأَلَه و العب‌ء لا تعرفُه أو تَحْمِلَه
يا هذا، إِنَّكَ قد سألتَنا فأَخْبَرْنَاك و لم نكتمك شيئاً، فممّن الرجل؟ قال أبو بكر: أنا من قريش. فقال بَخٍ بَخٍ! أهل الشرف و الرياسة، فمن أي القرشيين؟ قال: من ولد تَيْم بن مُرَّة.
فقال الفتي: أَمْكَنْتَ و اللّه من سَوَاءِ الثُّغْرَة. فمنكم قُصَيُّ الذي جَمَّع القبائلَ من فِهْر، و كان يُدْعَي في قريش مُجَمِّعاً؟ قال: لا. قال: فمنكم هاشم الذي هَشَم الثَّرِيد لقومه و رجالُ مكة مُسْنِتُون عِجاف؟ قال: لا، قال: فمنكم شَيْبَة الحمد مِطْعِمُ طير السماء؟ قال: لا. قال: فمن أهل الإِفاضَةِ بالناس أنت؟ قال: لا. قال: فمن أهل النَّدْوَة؟ قال: لا. قال: فمن أهْلِ السِّقاية؟ قال: لا. قال: فمن أهل الحِجَابة؟ قال: لا. فاجتذب أبو بكر زِمام الناقة؛ فقال الفتي:
صادَفَ دَرْءَ السيل دَرْءٌ يَدْفَعه يَهِيضُه حِيناً و حيناً يَصْدَعُهْ
و في الحديث: إِن علياً رضي اللّه تعالي عنه قال له: لقد وَقَعْتَ يا أبا بكر من الأعرابي
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 291
علي باقِعة. فقال: أجَلْ يا أبا حسن، ما من طامَّةٍ إِلّا و فوقها طامّة.
النَّسَّابة: البليغ العلم بالأنْسَاب.
اللَّهازِم: أُصُول الحنكين؛ الواحد لِهْزُمة. يريد، أَمِنْ أشرافِها أن من أوساطها؟ و يقول النسابون: بَكْرُ بن واثل علي جِذْمَين: جِذْمٌ يقال له الذُّهْلَان؛ و جِذْم يقال له اللَّهازم؛ فالذُّهْلان بنو شَيْبَان بن ثعلبة، و بنو ذهل بن ثعلبة. و اللهازم: بنو قَيْس بن ثعلبة، و بنو تَيْم اللَّات بن ثعلبة. قال الفرزدق:
و أرضي بحكم الحيِّ بكر بن وائل إِذا كان في الذُّهَليْن أو في اللّهازِم
عوف بن مُحَلِّم بن ذُهْل، و كان عزيزاً شريفاً فقيل فيه: لا حُرّ بَوادِي عوف، أي الناس له كالعبيد و الخَوَل. و لهم القُبَّة التي يقال لها المَعَاذة، مَن لجأ إليها أعاذُوه.
أبو القِرَي: متولِّيه و صاحبه.
مانع الجار: لَمْنعِه خَالتَه البَسُوس. و قَتْلِه كُلَيباً في سببها.
الحَوْفَزَان: هو الحارث بن شَريك بن مطر، و لُقِّبَ بذلك لأن بِسْطَاماً حَفَزه بالرُّمْح فاقتلعه عن سَرْجه؛ و كان أحد الشجعان.
المُزْدَلِف: كان يسمَّي الخصيب، و يكني بأبي ربيعة، و لُقب بذلك لأنه قال في حرب كليب، ازْدَلِفوا قَوْسي أَوْ قَدْرَها: أي تقدَّموا في الحرب [بقدر قوسي]. و كان إِذا ركب لم يعتمّ مع غيره.
سَوَاءِ الثُّغْرَة: يريد وسط ثُغْرَةِ النحر. و سَواء كل شي‌ء: وسطه- و روي: منَ صَفاة الثغْرَة.
قُصَيُّ: هو زيد بن كلاب بن مُرَّة؛ و لقب بذلك لأنه قصا قومه أي تقَصَّاهم و هم بالشام فنقلهم إلي مكة. و كان يدعي أيضاً مُجَمِّعاً. قال:
أبُوكُمْ قُصَيٌّ كان يُدْعي مُجَمِّعاً بِهِ جَمَع اللّهُ القبائل من فِهْر
«1» هاشم: هو عمرو بن عبد مناف، و لُقِّب بذلك لأن قومَ أصابتهم مَجَاعَةٌ، فبعث عيراً إلي الشام و حمَّلها كعكاً؛ و نحر جُزُراً و طبخها و أطعم الناس الثرِيد.
شَيْبَة الحمد: هو عبد المطلب بن هاشم و لُقِّب بذلك لأنه لما وُلِدَ كانت في رأسه شَعْرة بيضاء، و سُمِّي مُطْعم طير السماءِ؛ لأنه حين أخذ في حَفْرِ زمزم- و كانت قد اندفنت- جعلت قريش تَهْزَأ به، فقال: اللهم إن سقيت الحجيج ذبحت لك بعضَ ولدي؛ فأسقي الحجيج منها؛ فأقرع بين ولده، فخرجت القُرْعة علي ابنه عبد اللّه. فقالت أخواله بَنُو
______________________________
(1) البيت بلا نسبة في لسان العرب (جمع).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 292
مخزوم: أرْضِ ربك و افْدِ ابْنك، فجاء بعشرٍ من الإبل فخرجت القُرْعَة علي ابنه، فلم يزل يزيد عَشْراً عَشْراً، و كانت القُرْعَة تخرج علي ابنِه، إلي أن بلغها المائة فخرجت علي الإبِل، فنحرها بمكة في رؤُوسِ الجبال؛ فسُمِّي مُطْعِم الطير، و جرت السُّنَّة في الدِّية بمائة من الإبل. كانت الإِفاضة في الجاهلية إلي الأخزم بن العاص المُلَقَّب بصُوفَة، و لم تَزَلْ في ولده حتي انقرضوا فصارت في عَدْوَان يتوارثونها حتي كان الذي قام عليه الإسلام أبو سيارة العدواني صاحب الحمار. و قيل: كان قُصَيٌّ قد حازها إلي ما حاز من سائر المكارم. و قد قسَّم مكارمَه بين ولده فأعطي عبد مناف السِّقَاية و النَّدْوَة، و عَبد الدار الحِجَابة و اللِّواء، و عَبْدَ العُزَّي الرِّفَادة، و عَبْدَ قصي جَلْهة «1» الوادي.
دَرْءُ السيل- بفتح الدال و ضمها: هجومُه. يقال: سال الوادي دَرْءاً و دُرْءاً إذا سال من مطر غير أَرْضِه، و سال ظَهْراً و ظُهْراً، إذا سال من مَطَرِ أرضه.
البَاقِعَة: الداهية.
الطامة: الداهية العظيمة، من طمَّ الماء؛ إذا ارتفع.

[نسس]

*: عمر رضي اللّه عنه- كان يَنِسّ الناس بعد العشاء بالدِّرَّة. و يقول: انصرفُوا إلي بيوتكم.
أثبته أبو عبيد هكذا بالسين غير المعجمة، و قال في رواية المحدثين إياه بالشين: لعله يَنوش، أي يتناول. و عن ابن الأعرابي: النشّ: السَّوْقُ الرفيق. و عن شمر: نَسَّ و نسنس، و نَشَّ و نشنش، بمعني ساق و طرد.

[نسج]

: قال رضي اللّه عنه: من يَدُلُّني عَلَي نَسِيج وَحْدِه؟ فقال له أَبو موسي: ما نعلمه غَيْرُك. فقال: ما هي إلّا إبلٌ مُوَقَّعٌ ظُهُورُها.
الثوب إذا كان نفيساً لا يُنْسج علي مِنْواله غيره، فقيل ذلك لكل من أرادوا المبالغة في مَدْحه. أراد من يدلّني علي رجل لا يُضَاهَي في دينه.
المُوَقَّع: الذي يكثر آثار الدَّبَرِ عليه، ضرب ذلك مثلًا لعُيوبِه.

[نسأ]

: أتي قوماً و هم يرمون، فقال: ارتموا، فإنّ الرَّمْي جَلَادة، و انْتَسِئوا عن البيوت، لا تُطَمّ امرأة أو صبي يسمع كلامكم؛ فإن القومَ إذا خَلَوْا تكلموا- و روي: و بَنِّسُوا.
الانتساء: افتعال من النَّسَاء، و هو التأخير؛ نَسَأه فانْتَسأ؛ أي تأخّر؛ قال ابن زُغْبَة:
إذا انتسئوا فَوْتَ الرِّماحِ أتَتْهُم عَوَائِرُ نَبْلٍ كالْجَرَادِ نظيرها
«2»
______________________________
(1) الجلهة: الناحية:
(3) (*) [نسس]: و منه في حديث عمر: شنقتها بجبوبة حتي سكن نسيسها. النهاية 5/ 48.
(2) البيت لمالك بن زغبة في لسان العرب (نسأ).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 293
و بَنَّسوا بمعناه، قال ابنُ أحمر:
مَاوِيَّةٌ لُؤْلُؤَانُ اللَّوْنِ أَيَّدَهَا طَلٌّ و بَنس عَنْها فَرْقَدٌ خَصِر
«1» لا تُطَمّ امرأةٌ: أي لا تغلب بكلمة تسمعها من الكلم التي فيها رَفَث و لا يُمْلأ صدرها بها؛ من طَمَّه و طَمَّ عليه إذا غلبه، و طَمَّ الإناء إذا مَلأه. أو لا تشخيص بها و لا تقلق و لا تستفز؛ من أَطَمَّ الشي‌ء إذا رفعه و شَالَه. و البحر المُطِمّ الذي يُطِمُّ كلَّ شي‌ء؛ أي يرفعه. أو لا تضل؛ من قول أبي زيد: دعه يَتَرَمَّع في طمَّتِه؛ أي يتسكع في ضلالته. و لو روي: لا تطِم امرأة، من طَمَتِ المرأةُ بزَوْجها إذا نشزت لكان وَجْهاً.

[نسم]

: خالد رضي اللّه تعالي عنه-
انصرف عمرو بن العاص عن بلادِ الحبشة يريدُ رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم ليسلمَ، فلقيه خالد و هو مُقْبِلٌ من مكَّة، فقال: أين يا أبا سليمان؟ فقال: و اللّه لقد استقام المَنْسِم، و إنّ الرجل لَنَبي، اذْهَبْ فأَسْلِم.
أصل هذا من قول الناشد: إذا عثر علي أَثر مَنْسِم بَعِيره فاتَّبعه: استقام المَنْسِم. ثم صار مثلًا في استقامةِ كلِّ أَمرٍ، و يجوز أن يكون بمعني المَذْهَب و المُتَوَجَّه الواضح، من نَسَم لي أثر، أي تبيَّن. قال الأحوص:
و إن أَظْلَمَتْ يوماً علي الناسِ طَخْيَة أضاءَ بكُم يا آلَ مَرْوَان مَنسِمُ
«2»

[نسنس]

: أبو هُرَيْرَة رضي اللّه تعالي عنه- ذهب الناس و بقي النِّسْنَاس.
هم يأجوج و مأجوجُ- عن ابن الأعرابي؛ و النون مكسورة. و قيل: خَلْقٌ علي صورة الناس أشبهوهم في شي‌ء و خالفوهم في شي‌ء، و ليسوا من بني آدم، و يقال: بل هم من بني آدم.
و
في الحديث: إن حيّاً من عاد عَصَوْا رسولَهم فمسخَهم اللّه نَسْنَاساً لكل إنسان منهم يَدٌ و رِجْل من شِقِّ واحد يَنْقُزُون كما ينقز الطائِر، و يَرْعَوْن كما ترعي البهائم. و يقال: إن أولئك انقرضوا، و الذين هم علي تلك الخِلْقَة ليسوا من نَسْلِ أولئك، و لكنهم خَلْق علي حِدَة.
و قال الجاحظ: زعم بعضُهم أنهم ثلاثة أجناس: ناس و نِسْنَاس و نَسَانس. و عن أبي سعيد الضرير: النَّسَانس: الإناث منهم. و أنشد قول الكميت:
* و إن جمعوا نسْنَاسَهم و النَّسَانِسَا*
و قد تُفْتَح النون. و قيل: النسنسة الضعف. و بها سمي النَّسْنَاس لضعف خلقهم.

[نسم]

: في الحديث: تنكبُوا الغُبَارَ فمنه يكون النَّسَمَة.
______________________________
(1) البيت في لسان العرب (بنس)، و صدر البيت في اللسان:
ماوية لؤلؤان اللون أوردها
(2) البيت في لسان العرب (نسم).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 294
أي الرَّبْو؛ لأنه ريح تخرج من الجوف، و نَسَمُ الشي‌ء رِيحه.

[نسأ]

: لا تَسْتَنْسِئُوا الشيطانَ.
يعني إذا أردتم خيراً فعجِّلوه و لا تُؤَخِّروه، و لا تستَمْهِلُوا الشيطان فيه؛ لأنَّ مريدَ الخير إذا تباطَأَ في فِعْلِه فكأنَّ تلك مهلة مطلوبة من الشيطان.
نسل في (يج). و نسلناها في (زو). و نس في (ضم). نسراً في (فض). ينس في (شذ). الناسة في (بك). ينسب في (جر). نساء في (سن) [نسيسها في (عك). و النس في (رس)].

النون مع الشين

[نشق]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- إنّ للشيطان نَشُوقاً و لَعُوقاً و دِسَاماً.
أي ما يُنْشِقه الإنسان إنْشاقاً، و هو جعله في أنفه، و يُلْعِقه إياه، و يَدْسُمُ به أُذنيه، أي يسدُّ؛ يعني أَنَّ وساوسه ما وجَدَتْ منفذاً دخَلَتْ فيه.

[نشي]

*: دخل صلي اللّه عليه و آله و سلم إلي خديجة رضي اللّه عنها يخطبها، و دخلَتْ عليها مُسْتَنْشِيَةٌ من مولَّدَات قريش، فقالت: أ محمدٌ هذا؟ و الذي يُحْلَفُ به إنْ جاء لخَاطِباً.
هي الكاهنة؛ لأنها تتعاطي عِلْمَ الأكوانِ و الأحداث و تستحثّها؛ من قولك: فلان يستنشي الأخبار. و يروي بالهمز؛ من أنشأَ الشي‌ء إذا ابتدأه. و المستَنْشَأ: المرفوع المجدَّد من الأعلامِ و الصُّوَي. و كل مجدد مُنْشأ، و الكاهنة تستحدث الأمور و تجدد الأخبار.

[نشش]

*: لم يُصْدِق امرأةً من نسائِه أكثرَ من اثنتي عشرة أوقية و نَشّ.
هو نصف الأوقية، [و هو] عشرون درهماً، كأنه سُمِّي لقلته و خِفَّته من النشنشة، و هي التحريك، و الخفةُ و الحركةُ من وادٍ واحد.

[نشأ]

*: إذا نَشَأَتْ بَحْرِيَّةً ثم تَشاءمت فتلك عَيْنٌ غُدَيْقَةٌ.
هو من قولهم: من أين نَشَأْتُ و أَنْشَأْت؛ أي خرجت و ابتدأتُ.
و أنشأ يفعل كذا؛ أي أخذَ يفعلُ، نسب السحابة إلي البَحْرِ لأنه أراد كونها من
______________________________
(1) (*) [نشق]: و منه الحديث: أنه كان يستنشق في وضوئه ثلاثاً. النهاية 5/ 59.
(2) (*) [نشي]: و منه في حديث شرب الخمر: إن انتشي لم تقبل له صلاة أربعين يوماً. النهاية 5/ 60.
(3) (*) [نش]: و منه في حديث الشافعي في صفة الأدهان: مثل البان المنشوش بالطيب. و في حديث عمر: أنه كان ينش الناس بعد العشار بالدرة. و في حديث الأحنف: نزلنا سبخةً نشَّاشة. النهاية 5/ 56، 57.
(4) (*) [نشأ]: و منه الحديث: كان إذا رأي ناشئاً في أفق السماء. و الحديث: ضمُّوا نواشئكم في ثورة العشاء.
النهاية 5/ 51، 52.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 295
جهته، و البحرُ من المدينة في جانب اليمن، و هو الجانب الذي منه تهبّ الجنوب، فإذا نشأت منه السحابة ثم تشاءمت؛ أي أخذت نحو الشام، و هو الجانب الذي منه تهبّ الشمال، كانت غزيرة.
غُدَيقَة: أي كثيرة الماء.
و قوله: عَيْن: تشبيه لها بالعَيْن التي ينبع منها الماء.

[نشل]

*: مرَّ صلي اللّه عليه و آله و سلم علي قِدْر فانْتَشَل عَظْماً منها و صَلّي و لم يتوضأ.
أي أخرجه قبل النُّضج، و النَّشِيل: لحم يُطْبَخ بلا تَوَابل فيُنْشَل فيُؤْكل. و يقال للحديدة العَقْفَاء التي يُنْشَل بها: مِنْشل و مِنْشال. و الانتشال: إخراجه لنفسه كالاشْتِوَاء و الاقتداد.
ذكر له صلي اللّه عليه و آله و سلم رجلٌ بالمدينة. فقيل: يا رسول اللّه؛ هو من أطول أهل المدينة صلاة، فأتاه فأخذ بعَضُدِه فَنَشَله نَشَلاتٍ. و قال: إنَّ هذا أَخذ بالعُسْر و ترك اليُسْر- ثلاثاً، ثم دفعه فخرج من باب المسجد.
أي جذَبه جذبات كما يفعل من يَنْشِل اللحمَ من القِدْر.

[نشف]

*: كان لرسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم نَشَّافَةٌ يُنَشِّفُ بها غُسَالة وَجْهه.
أي مِنْدِيل يمسحُ به عند وضوئه.

[نشج]

*: عمر رضي اللّه تعالي عنه-
عن ابن عبَّاس رضي اللّه عنهما: كان عمر إِذا صلّي جلس للناس، فمن كانت له حاجةٌ كلَّمه، و إن لم يكن لأحدٍ حاجةٌ قام فدخل. فصلي صلواتٍ لا يجلسُ للناس فيهن، قال: فحضرتُ الباب، فقلت: يا يَرْفَأ أ بِأَميرِ المؤمنين شَكاة؟ فقال: ما بأمير المؤمنين من شَكْوَي. فجلست فجاء عثمانُ بن عفان، فجاء يَرْفَأ.
فقال: قم يا ابْنَ عفّان. قم يا ابن عباس. فدخلنا علي عمر فإذا بين يديه صُبر من مالٍ علي كل صُبْرَة منها كَتِف. فقال عمر: إني نظرت في أهل المدينة فوجَدْتكما مِنْ أكثرِ أهْلها عشيرة، فخُذَا هذا المال فاقْتَسِماه، فما كان من فَضْل فرُدَّا. فأما عثمان فجَثا و أما أنا فجَثَوْتُ لرُكْبَتي.
قلت: و إن كان نُقْصَان رَدَدْتَ علينا. فقال عمر: نِشْنَشَةٌ من أَخْشَن- يعني حجر من جَبَل- أَمَا كان هذا عند اللّه إذ محمد و أصحابه يأكلون القَدّ؟ قلت: بلي و اللّه، لقد كان عند اللّه و محمد حيٌّ، و لو عليه كان فتح لصَنَع فيه غيرَ الذي تَصْنعُ.
قال: فغضب عمر، و قال: إذن صَنَع ماذا؟ قلت: إذَنْ لأكل و أَطْعَمنا. قال فَنَشَج عمر
______________________________
(1) (*) [نشل]: و منه في حديث أبي بكر: قال لرجل في وضوئه: عليك بالمنشلة. النهاية 5/ 59.
(2) (*) [نشف]: و منه في حديث حذيفة: أظلَّتكم الفتن، ترمي بالنَّشَف. النهاية 4/ 59.
(3) (*) [نشج]: و منه في حديث وفاة النبي صلي اللّه عليه و سلم: فنشج الناس يبكون. النهاية 5/ 52.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 296
حتي اختلفت أضلاعُه. ثم قال: وددت أني خرجت منها كَفَافا لا لي و لا عليَّ.
هكذا جاء في الحديث مع التفسير. و كأنّ الحجر سمي نِشْنَشة من نَشْنَشَه و نَصْنَصَه إذا حرّكه.
و الأَخْشَن: الجبل الغليظ كالأخشب، و الخشونة و الخشوبة أُخْتان.
و فيه معنيان: أحدهما أن يشبِّهَه بأبيه العباس في شهامته و رَمْيِه بالجوابات المصيبة، و لم يكن لقريش مثلُ رأي العباس.
و الثاني أن يريد أن كلمته هذه مِنْهُ حَجَرٌ من جَبل، يعني أن مثلها يجي‌ء من مثْله، و أنه كالجبل في الرأي و العلم و هذه قطعة منه.
نَشَج نشيجاً إِذا بَكَي. و هو مثلُ بكاء الصبي إذا ضُرِب فلم يخرج بكاؤه و ردَّدَه في صدره.
و منه
حديثه رضي اللّه عنه: إنه صلي الفجر بالناس- وروي: العَتَمة، و قرأ سورة يوسف، حتي إذا جاء ذِكرُ يوسف سُمِع نَشِيجُه خَلْفَ الصفوف- وروي: فلما انتهي إلي قوله: قٰالَ إِنَّمٰا أَشْكُوا بَثِّي وَ حُزْنِي إِلَي اللّٰهِ [يوسف: 86]. نشَجَ.
فيه دليل علي أن البكاء و إن ارتفع لا يَقْطَعُ الصلاة إذا كان علي سبيل الأذكار.

[نشم]

: عثمان رضي اللّه تعالي عنه- لما نشَّمَ الناسُ في أَمره جاء عبد الرحمن بن أَبْزَي إلي أبيّ بن كعب فقال: يا أبا المنذر، ما المَخْرَج؟
يقال: نَشَّبَ في الأمر و نشَّمَ فيه إذا ابتدأ فيه و نال منه، عاقَبَت الميم الباء، و منه قالوا:
النّشم و النَّشَب: للشجر الذي يُتَّخذ منه القسيّ؛ لأنه من آلات النشوب في الشي‌ء، و الباء الأصل فيه، لأنه أذهب في التصرف.

[نشد]

*: طلحة رضي اللّه تعالي عنه- قام إليه رجلٌ بالبَصْرَة، فقال: إنا أناس بهذه الامْصَار، و إنه أتانا قَتْلُ أمير و تأْمِيرُ آخر، و أَتَتْنَا بَيْعَتُك و بيعة أصحابك، فأَنْشُدك اللّه لا تكن أولَ مَنْ غدر. فقال طلحة: أَنْصِتُوني. ثم قال: إني أخذت فأدخلت في الحَشِّ و قرّبوا فوضعوا اللُّجَّ علي قَفَيَّ و قالوا: لتُبَايِعَنَّ أو لنقتلنّك؛ فبايعت و أنا مُكْرَه.
أنشدُك اللّه: أسألك به. و قد مرَّ فيه كلام.
و منه
حديث أَبي ذَرّ رضي اللّه عنه: إنه قال للقوم الذين حضروا وَفاته: أَنشدُكم اللّه و الإسلام، أنْ يُكَفِّنَني رجل كان أميراً أو عَرِيفاً أو بَرِيداً أو نَقِيباً.
أَنْصِتُوني: من الإنصات و هو السكوت للاستماع، و تعدّيه بإلي و حذَفَه.
الحَشُّ: البستان.
________________________________________
زمخشري، ابو القاسم، محمود بن عمر، الفائق في غريب الحديث، 4 جلد، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، اول، 1417 ه ق
الفائق في غريب الحديث؛ ج‌3، ص: 296
______________________________
(1) (*) [نشد]: و منه الحديث: قال لرجل ينشد ضالة في المسجد: أيها الناشد، غيرك الواجد. النهاية 5/ 53.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 297
شبه السيف بلُجِّ البحر في كثرة مائه.
قَفَيَّ: أي قفاي- لغةٌ طائية، و كانت عند طلحة امرأة من طَيّ. و يقال: إن طيّاً لا تأخذ من لغة، و يُؤْخذ من لغاتها.
البريد: الرسول.
النقيب: الأمير علي القوم، و قد نَقَبَ نِقَابةً.

[نشغ]

*: أبو هريرة رضي اللّه تعالي عنه- ذكر النبيّ صلي اللّه عليه و آله و سلم فَنَشَغَ.
أي شهق شهيقاً يبلغ به الغَشْيُ شوقاً إليه. قال رُؤْبَة:
عَرَفْتُ أَنِّي نَاشِغٌ في النُّشَغِ إلَيْكَ أَرْجُو مِنْ نَدَاكَ الأسْبَغِ
أي شديد الشوق إليك.
و منه
الحديث: لا تعجلوا بتغطية وجه الميت حتي يَنْشَغ أو يَتَنَشَّغ.
و عن الأصمعي: النَّشغات عند المَوْتِ [فوقات] خَفِيَّاتٌ جِدّاً.

[نشط]

*: عَوْف بن مالك رضي اللّه تعالي عنه- رأيت فيما يري النائم كأنَّ سَبَباً دُلي من السماء فانْتُشِط رسولُ اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم ثم أُعيد؛ فانتُشط أبو بكر.
أي نُزِع؛ من نَشَطْتُ الدّلو من البئر إذا نزعتها بغير قائمة.

[نشر]

*: مُعَاوية رضي اللّه تعالي عنه- خرج و نَشْرُه أمامه.
هو ما يَسْطع و ينشر بكرة من الريح الطيِّبة خاصة. قال المرقش:
الريح نَشْر و الوُجُوه دَنَا نِيرٌ و أَطْرَاف الأكُفِّ عَنَمْ
«1» و منه قولهم: سمعت منه نَشْراً حسناً، أي ثناء طيباً.
الحسن رحمه اللّه: قال له رجل: إني أتوضَّأ فيَنْتضح الماءُ في إنائي. فقال: ويلك و من يملك نَشَرَ الماء!
______________________________
(2) (*) [نشغ]: و منه في حديث أم إسماعيل: فإذا الصبيُّ ينشغ للموت. و في حديث النجاشي: هل تنشَّجغ فيكم الولد؟ النهاية 5/ 58.
(3) (*) [نشط]: و منه في حديث السحر: فكأنما أُنشط من عقال. و في حديث عبادة: بايعت رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم علي المنشط و المكره. النهاية 5/ 57.
(4) (*) [نشر]: و منه الحديث: أنه سُئل عن النُّشْرة، فقال: هو من عمل الشيطان. و في حديث الدعاء: لك المحيا و الممات و إليك النشور. و في حديث ابن عمر: فهلَّا إلي الشام أرض المنشر و الحديث: لا رضاع إلا ما أنشر اللحم و أنبت العظم. النهاية 5/ 54.
(1) البيت في لسان العرب (نشر)، و رواية البيت في اللسان:
النشر مسك و الوجوه دنا نير و أطراف الأكفِّ عنمْ
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 298
هو فَعَل بمعني مفعول، من قولهم: اللهم اضْمُمْ لي نُشَري، أي ما نَشَرَتْه حوادثُ الأيام من أَمْرِي. و جاء الجيش نَشَراً، يعني ما يَنْتَضِح من رشاش الماء و نفيانه.

[نشش]

: عطاء رحمه اللّه تعالي-
قال ابن جريج: قلت لعطاء: الفأرة تموت في السَّمْن الذائب أو الدهن. قال: أما الدهن فيُنَشّ و يدَّهَنُ به إن لم تَقْذَرْه. قلتُ: ليس في نفسك من أن تأثم إذا نشّ! قال: لا. قلت: فالسَّمن يُنَشّ ثم يُؤْكل به؟ قال: ليس ما يؤكل به كهيئة شي‌ء في الرأس يدَّهَن به.
النَّشّ و المَشّ: الدّوْف؛ من قولهم: زعفران مَنْشوش. و عن أم الهيثم: ما زلتُ أَمُشَّ له الأدْوِية فأَلدُّه تارةً و أُوجِره أخري. و هو خَلْطِ بالماء، و منه: نَشْنَشَهَا و مَشْمَشَها، إذا خالطها.
قَذِرْت الشي‌ء: إذا كرهته. قال العجاج:
* و قذري ما ليس بالمَقْذُورِ*

[نشر]

: في الحديث- إذا دخل أحدكم الحمَّام فعليه بالنَّشِير و لا يَخْصف.
و هو الإِزَار لأنه ينشر فيُؤْتَزَر به.
الخَصْف: أن يضع يده علي فَرْجه، من خَصف النعل إذا أطبق عليها قطعة.

[نشش]

: قال اللّه تعالي: وَ طَفِقٰا يَخْصِفٰانِ عَلَيْهِمٰا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ* [الأعراف: 22].
إذا نشّ فلا تشربه.
يقال: الخمر تَنِش، إذا أخذت في الغَلَيَان.
بالمناشير في (از). نش في (حن). و استنشيت و استنشرت في (سم). نشره و انشط في (طب). فنشدت عنه في (فر)، النشيج في (ذف). فانتشط في (صب). بالنشف في (ده) بنشبة في (عص). و المنشلة في (غف) نشر أرض في (خم). نشاشة في (جد). نشبوا في (اف). و أنشدها في (طب).

النون مع الصاد

[نصف]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- قال في الحُور العين: و لَنَصِيف إحْدَاهُنَّ علي رأْسها خيرٌ من الدُّنْيَا و ما فيها.
هو الخِمار. قال النابغة:
سَقَطَ النَّصيفُ و لم تُرِدْ إسْقَاطه فتناوَلَتْه و اتَّقَتْنا باليَد
«1»
______________________________
(2) (*) [نصف]: و منه الحديث: حتي إذا كان بالمنصف. و في حديث التائب: حتي إذا أنصف الطريق أتاه الموت. و في حديث ابن سلام: فجاءني منصف فرفع ثيابي من خلفي. النهاية 5/ 66.
(1) البيت من الكامل، و هو للنابغة الذبياني في ديوانه ص 93، و الشعر و الشعراء 1/ 176. و المقاصد النحوية 3/ 201، و بلا نسبة في شرح الأشموني 1/ 259.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 299
و يقال أيضاً للعمامة و كل ما غَطَّي الرأس: نصِيف، و نصَّف رأسه عمَّمه؛ و منه تنصَّفَه الشيب.

[نصي]

*: إنّ وفد هَمْدان قدموا فلَقُوهُ مُقْبِلًا من تَبُوك فقال ذو المِشْعَار مالك بن نَمَط: يا رسولَ اللّه؛ نَصْيَّة مِنْ همدان؛ من كل حاضِرٍ و بَادٍ، أتَوْك علي قُلُص نَوَاح متصلة بحبائل الإسلام، لا تَأْخُذهم في اللّه لَوْمَةُ لائم، من مِخْلاف خارف و يَام، و عهدُهم لا ينقض عن شِيَة ماحِل و لا سَوْداء عَنْقفير، ما قامت لَعْلَع و ما جري اليَعْفُور بصُلَّع.
فكتب لهم النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم: هذا كتابٌ من محمد رسول اللّه لمِخْلاف خارف و أهل جِنَاب الهِضَب و حِقَاف الرمل، مع وافدها ذي المشعار مالك بن نَمَط، و مَنْ أَسلم من قومه، علي أنّ لهم فِرَاعها و وِهَاطها و عَزَازها ما أقاموا الصَّلاة و آتوا الزكاة، يأكلون عِلَافها، و يَرْعَوْن عِفَاءها، لنا من دِفْئهم و صِرَامهم ما سَلمُوا بالميثاق و الأمانة، و لهم من الصَّدَقة الثِّلْب و النّابُ و الفَصِيل و الفارض و الدَّاجِن و الكَبْشُ الحَوَرِيّ، و عليهم فيه الصَّالِغُ و القَارحُ.
النَّصِية: لمن يُنْتَصَي من القوم، أي يُخْتَار من نواصيهم، كالسرية لمن يُسْتَري من العسكر، أي يُخْتَار من سَرَاتهم، و يقال للرؤساء نَوَاصٍ، كما يقال لهم: ذَوائب و رؤوس وهَامٌ و جَمَاجمٌ و وُجوه. قال:
و مشهد قد كفَيتُ الغائِبِينَ به في مَحْفِلٍ من نَواصِي الناسِ مَشْهُود
«1» خارِف و يَام: قبيلتان.
المِخْلاف لليمن كالرّسْتَاق لغيرهم.
الشِّيَة: الوشاية.
المَاحِل: الساعي، و ما أشبه رواية مَنْ رواه: عن سُنَّةِ ماحل، و قال: سنَّته طريقته، كما يقال: أنا لا أفسد ما بيني و بينك بمذاهب الأشرار، أي بطرقهم في الوشاية بالتصحيف.
العَنْقَفِير: الداهية. و يقال: غول عَنْقَفِير، و قال الكميت:
شَذَّبَتْه عنقفير سِلْتِم فَبَرَتْ جسمانه حتي انْحَسَر
و عَقْفَرَتُها: دهاؤها و مكرها، و عَقْفَرَتْه الدواهي فَتَعَقْفَر؛ إذا صرعَتْه و أهلكته، و اعْقَنْفَرت عليه. يعني أن هذا العهد مَرْعِي غير منكوث علي ما خيلت كنحو ما كانوا
______________________________
(2) (*) [نصي]: و منه في حديث ابن عباس: قال للحسين لما أراد العراق: لولا أني أكره لنصوتك. النهاية 5/ 68.
(1) البيت بلا نسبة في أساس البلاغة نص.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 300
يكتبونه، لكم الوفاء منا بما أعطيناكم في العُسْر و اليسر، و علي المَنْشَطِ و المَكْرَه. لَعْلَع:
جبل. قال الأخطل:
سقي لَعْلَعاً و القَرْيَتَين فلم يَكَدْ بأثقالِه عن لَعْلَعٍ يتحمّل
و من أيامهم يَوْمَ لعلع، و فيه التذكير و التأنيث.
الصُّلَّع: الصحراء التي لا نبت فيها.
جِنَاب الهِضَب: موضع.
الفِرَاع: جمع فَرَعَة، و هي القُلَّة.
الوِهَاط: الأراضي المطمئنة، جمع وَهْط و به سمي الوَهْط: مالٌ لعمرو بن العاص بالطائف.
العَزَاز: الأرض الصلبة.
العِلَاف: جمع عَلف، كجمال في جَمَل، و تسميةُ الطعام علفاً كنحو بيت الحماسة:
إذا كنتَ في قومٍ عِدًي لستَ منهمُ فكُلْ ما عُلِفْتَ من خبيثٍ و طيِّبِ
قالوا: العَفَاءُ: الأرض التي ليس فيها مِلْكٌ لأحد. و أصحّ منه معني أن يراد به الكلأ، سمي بالعَفَاء الذي هو المطر كما يسمي بالسماء، قال:
و أضحت سماء اللّه نزراً عَفَاؤها فلا هي تعفينا و لا تَتَغَيَّم
و لو روي بالكسر علي أن يُسْتَعار اسم الشعر للنبات كان وجهاً قوياً، أ لا تري إلي قولهم: رَوْضة شَعْرَاء: كثيرة النبت؛ و أرض كثيرة الشَّعَار، و إلي إشراكهم بين ما ينبت حول ساق الشجرة و ما رقّ من الشعر في اسم الشَّكِير «1». قال:
* و الرأس قد شاع له شَكِير*
و قولهم: نبات فيهما.
الدِّفْ‌ء: اسم ما يُدْفِي‌ء، قال اللّه تعالي: لَكُمْ فِيهٰا دِفْ‌ءٌ وَ مَنٰافِعُ [النحل: 5]. يعني ما يتخذ من أصوافها و أوبارها مما يُتَدَفَّأُ به.
و قال ذو الرمة:
و باتَ في دِفْ‌ءٍ أرطاة و يُشْئِزُه ندواب الريح و الوَسْوَاس و الهِضَبُ
«2» و يقال: فلان في كنَفِه و ذَرَاه و دِفْئِه. و قيل للعطية: دِفْ‌ء. قال:
فدِفْ‌ءُ ابن مروانٍ و دِف‌ءُ ابن أمّه يعيشُ به شرقُ البلادِ و غَرْبُها
______________________________
(1) الشكير: الزغب من الفرخ و ما ينبت من الشعر بين الضفائر، و ما ينبت حول الشجرة من أصلها (لسان العرب: شكر).
(2) البيت في ديوان ذي الرمة ص 22، و لسان العرب (شأذ).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 301
و المراد به هنا الإبل و الغنم، لأنها ذوات الدف‌ء؛ و كذلك المراد بالصِّرَام النخل؛ لأنها التي تصرم لنا من ذلك.
ما سَلَّمُوا بالميثاق؛ أي أنهم مَأْمونون علي صدقات أموالهم لما أخذ عليهم من الميثاق، و لا يُبْعَثُ إليهم عاشِر و لا مُصَدق.
الثِّلْبُ: الجمل الهَرم الذي تكسّرت أسنانه.
الفارض: المسنَّة.
قالوا في الحَوَرِي: منسوب إلي الحَور؛ و هي جلود تُتَّخَذ من جلود بعض الضّأن مصبوغة بحمرة. و خُفّ مُحَوَّر مبطَّن بحَور. قال أبو النجم:
* كأنما برقع خَدّيه الحِوَر*
الصَّالِغ: من الغنم و البقر الذي دخل في السنة السادسة، و القارح من الخيل مِثْلُه.

[نصل]

*: خرج معه صلي اللّه عليه و آله و سلم خَوَّات بن جُبَير حتي بلغ الصفراء فأَصاب ساقَه نَصِيل حَجَر، فرجع فضرب له صلي اللّه عليه و آله و سلم بسَهِمْه.
النَّصِيل و المِنْصِيل و المِنْصَال: البِرْطِيل؛ و هو حَجَرٌ مستطيل شبراً و ذراعاً، و يُجْمَع نُصُلًا و أَنْصِلَة، و يقال للفأس: النَّصِيل.
مرَّت به صلي اللّه عليه و آله و سلم سحابة، فقال: تَنَصَّلَتْ هذه- و تَنْصَلِتُ هذه- بنصر بَنِي كعب.
أي خرجت و أقبلت؛ من نصل علينا فلان إذا خرج عليك من طريق أو ظهَر مِنْ حجاب، و منه تَنَصَّل منه ذَنْبِه. و يقال: تَنَصَّلْتُه و اسْتَنْصَلْتُه: أخرجته.
تَنْصَلِت: تَنْحْو و تقصد، و يقال لمن تشمَّر للأمر: قد انْصَلَتَ له.
بنَصْر بني كعب: أي بسَقْيِهم، يقال: نصر المطر الأرض؛ إذا عمَّها بالجود.

[نصنص]

: أبو بكر رضي اللّه تعالي عنه- دخل عليه و هو يُنَصْنِصُ لسانَه و يقول: إنّ هذا أوْرَدَني المَوَارِد.
عن الأصمعي: نَصْنَص لسانه و نَضْنَضَه: حرَّكه. و عن أبي سعيد: حية نَصْنَاص نَصْنَاص و نَضْنَاض يحرِّك لسانَه.

[نصص]

*: علي رضي اللّه تعالي عنه- إذا بلغَ النساءُ نَصَّ الحقائق- و روي: نصّ الحقَاق فالعَصَبة أَوْلي.
______________________________
(1) (*) [نصل]: و منه في حديث علي: و من رمي بكم فقد رمي بأفوق ناصلٍ. النهاية 5/ 67.
(2) (*) [نصص]: و منه في حديث أم سلمة لعائشة: ما كنت قائلةً لو أن رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم عارضك ببعض الفلوات ناصةً قلوصاً من منهلٍ إلي منهلٍ. النهاية 5/ 64.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 302
نصُّ كل شي‌ء: مُنْتَهَاه؛ من نَصَصْت الدابةَ إذا استخَرَجتَ أقصي ما عنده من السير، يعني إذا بلَغْنَ الغاية التي عَقَلْنَ فيها، و عرَفْن حقائق الأمور أَوْ قَدَرْن فيها علي الحِقَاق و هو الخِصَام، أو حُوقَّ فيهن؛ فقال بعض الأولياء: أنا أحقُّ بها، و بعضهم أنا أحقُّ. و يجوز أن يُرِيد إذا بَلَغْنَ نهايةَ الصِّغار؛ أي الوقت الذي ينتهي فيه صِغْرُهن و يدخُلْنَ في الكِبَر. استعار لهنَّ اسم الحِقَاق من الإبل، و هذا و نحوه مما يتمسَّك به أبو يوسف و محمد و الشافعي رحمهم اللّه في اشتراط الوَلِيِّ في نكاحِ الكَبِيرة.

[نصل]

: الأشعري رضي اللّه تعالي عنه- قال زيد بن وَهْب: أتيته لما قُتِل عثمان فاسْتَشَرْتُه، فقال: ارجع فإن كان لقوسك وَتر فاقْطَعْه، و إن كان لرُمْحك سنانٌ فأَنْصِله.
أي انزعه، يقال: نَصَل الرمحَ، جعل له نَصلًا، و أنصله: نزع نَصْله، و قيل نَصَله و أَنْصله في معني النزع، و نصَّلَه: ركَّب نَصْله.

[نصف]

: ابن عباس رضي اللّه تعالي عنهما- ذكر داود صلاة اللّه عليه يوم فِتنته، فقال:
دخل المِحْرَاب و أَقْعَد مِنْصفاً علي الباب.
المِنصَف: الخادم- بكسر الميم- عن الأصمعي، و بفتحها عن أبي عبيدة- و مؤنثه مِنْصَفة، و الجمع مناصف. قال عمر بن أبي ربيعة:
قالت لها و لأُخْرَي من مَنَاصِفِها لقد وجدْتُ به فوقَ الذي وجَدا
و قد نَصَفه يَنْصِفه نَصَافة، و تنصَّفَه: خدَمَه و استخدمه؛ و أصله من تنصفت فلاناً، إذا خضعتَ له و تضرَّعت تَطْلُب منه النصفة، ثم كثر حتي استُعْمل في موضع الخضوع و الخدْمَة.

[نصي]

: عائشة رضي اللّه تعالي عنها- سُئِلت عن الميِّت يُسَرَّح رأسه، فقالت: علام تَنْصُون ميِّتَكم.
أي تسرحونه، يقال: نَصَتْ الماشطة المرأة و نَصَّتْها فتنصَّت، أُخذ من الناصية.
عائشة رضي اللّه تعالي عنها- لم تكُنْ واحدة من نساء النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم تُنَاصِيني في حُسنِ المنزلة عنده، غير زينب بنت جَحْش.
أي تُنازِعني و تُبَاريني، من مناصاة الرجل صاحبه، و هي أخذ كل واحد منهما ناصيةَ الآخر.

[نصع]

*: في حديث أهل الإِفْك: و كان مُتَبَرَّز النساءِ بالمدينة قبل أن سُوِّيت الكنُف في الدُّورِ المنَاصِع.
قالوا: جاء في الحديث أنَّ المنَاصِع صَعِيدٌ أفيح خارجَ المدينة.
و قال أبو سعيد: هي
______________________________
(1) (*) [نصع]: و منه الحديث: إن المناصع صعيدٌ أفيحُ خارج المدينة. النهاية 5/ 65.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 303
المواضع التي يَتَبَرَّز إليها الإنسان إذا أراد أن يخدث. واحِدها مَنْصَع، لأنه ينصع إليه؛ أي يَبْرُز و يخلو لحاجَتِه فيه.

[نصص]

: كعب رضي اللّه تعالي عنه- يقول الجبارُ: احْذَرُوي فإني لا أُنَاصُ عبْداً إلَّا عذَّبته.
المناصّة: المناقشة، يقال: ناص غَرِيمه و نصَّصَه، كبَاعَدَه و بعّده، و نَاعَمه و نعّمه؛ إذا استقصي عليه.
و منه
حديث عون رحمه اللّه: إنّ اللّه تعالي أوحي إلي نبيٍّ من الأنبياء: من أناصُّه الحساب يحقّ عليه العذاب.

[نصر]

*: في الحديث- لا يَؤُمَّنَّكم أَنْصر و لا أَزَنّ و لا أَفْرَع.
تفسيره في الحديث: الأَنْصَر الأَقْلَف.
و الأَزَنّ: الحاقن.
و الأفْرع: المُوسْوس.
نصيران في (خل). تفصي في (صل). و انتصل في (قح). نصيفه في (مد). نص في (دف). نصيف في (هن). ناصة في (سد). لو نصبت في (لف). فتناصيا في (صل).

النون مع الضاد

[نضل]

: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- قال عبد اللّه بن عمر: كنَّا في سَفَرٍ معه، فنزلنا منزلًا، فمنا من يَنْتَضِلُ، و مِنَّا مَنْ هو في جَشْرِه، فنادي مُناديه: الصلاةُ جَامِعة.
انْتَضل القوم: تَناضلوا؛ أي ترامَوْا.
الجَشْر: المال الراعي.

[نضر]

*: نضَّر اللّه عبداً سَمِع مقالتي فوَعاها ثم أدَّاها إلي مَنْ لم يسمعها.
نَضَره و نَضَّره و أَنْضَره: نَعَّمَه فَنضر يَنْضُر و نَضُر يَنْضُر، و في شعر جرير:
* و الوَجْه لا حَسَناً و لا مَنْضُورا «1» *
و منه
حديثه صلي اللّه عليه و آله و سلم: يا معشر مُحَارب؛ نَضَّرَكم اللّه لا تُسْقُوني حَلَب امرأة.
______________________________
(2) (*) [نصر]: و منه الحديث: إن هذه السحابة تنصر أرض بني كعب. النهاية 5/ 64.
(3) (*) [نضر]: و منه في حديث عاصم الأحول: رأيت قدح رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم عند أنس، و هو قدح عريض من نضار. النهاية 5/ 71.
(1) صدره:
من كل جنكلةٍ تري جلبابَها
و البيت في ديوان جرير ص 293.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 304
الحَلَب: في النساء عَيْبٌ عندهم يَتَعايرون به. قال الفرزدق:
كم عمةٍ لك يا جريرُ و خالة فَدْعَاءُ قد حَلَبَتْ عليَّ عِشَارِي
«1» و منه المثل: يحلب بني و أَضبّ علي يَدِه. و هو مذكور في كتاب المستَقْصَي؛ فكأنه سَلَك فيه طريقَ العَرب.

[نضد]

*: قال صلي اللّه عليه و آله و سلم: قال لي جبرائيل: لم يمنعني من الدُّخول عليك البارحة إلّا أنه كان علي باب بيتك ستر فيه تَصَاوِير، و كان في بيتك كلْب فمُرْ بِهِ فليخرج، و كان الكلب جرْواً للحسن و الحُسَيْن من تحت نَضَدٍ لهم.!!
هو سرير، و قيل: مشجب تُنْضَدُ عليه الثياب.

[نضح]

*: أتاه صلي اللّه عليه و آله و سلم رجل فقال: إنَّ ناضِحَ آل فُلَانٍ قد أَبَدَ عليهم. فنهض رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم، فلما رآه البعير سَجَد له فوضَع يده علي رأس البعير. ثم قال: هات السِّفَار، فجِي‌ءَ بالسِّفَارِ، فوضعه علي رأسه.
النّاضِح: السانية.
أبَدَ: غلب و استصعب.
الشِّفَار: حبل يُشَدُّ طرفه علي خِطَام البعير مداراً عليه و يجعل بقيته زِمامَا، و ربما كان السِّفَارُ حديدة، سمي بذلك لأنه يزيل الصعوبة و يكشفها.

[نضض]

: عمر رضي اللّه تعالي عنه- كان يأخذ الزّكاةَ من نَاضِّ المالِ.
هو ما نضَّ منه، أي صار وَرِقاً و عَيْناً بعد أن كان متاعاً. و هو من قول العرب: أخذ من ناضِّ ماله، أي من أصلِه و خالصه.
و منه قولهم: فلان من نُضَاض القوم و مُضَاضهم و مُصَاصهم؛ أي من خالصتهم؛ لأنّ الذهب و الفضة هما أصلُ المال و خالِصُه.
______________________________
(1) البيت من الكامل، و هو للفرزدق في ديوانه ص 1/ 361، و الأشباه و النظائر 8/ 123، و أوضح المسالك 4/ 271، و خزانة الأدب 6/ 458، 489، 492، 493، 495، 498، و الدرر 4/ 45، و شرح التصريح 2/ 280، و شرح شواهد المغني 1/ 511، و شرح عمدة الحافظ ص 536، و شرح المفصل 4/ 133، و الكتاب 2/ 72، 162، 166، و لسان العرب (عشر)، و اللمع ص 228، و مغني اللبيب 1/ 185، و المقاصد النحوية 4/ 489، و بلا نسبة في سر صناعة الإعراب 1/ 331، و شرح الأشموني 1/ 98، و شرح ابن عقيل بص 116، و لسان العرب (كمم)، و المقتضب 3/ 58، و المقرب 1/ 312، و همع الهوامع 1/ 254.
(2) (*) [نضد]: و منه في حديث أبي بكر: لتتخذون نضائد الديباج. النهاية 5/ 71.
(3) (*) [نضح]: و منه الحديث: أعلفه نضاحك. و الحديث: من السنن العشر الانتضاح بالماء. و في حديث هجاء المشركين: كما ترمون نضح النبل. و في حديث علي: وجد فاطمة و قد نضحت البيت بنضوح.
و في حديث ماء الوضوء: فمن نائل و ناضح النهاية 5/ 69، 70.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 305
و منه
حديث عِكْرمة: إنه قال في شريكين: إذا أرادا أن يتفرَّقا يقتسمان ما نضّ بينهما من العين، و لا يَقْتَسِمَان الدّين، فإن أخذ أحدُهما و لم يأخذ الآخر فهو رِباً.
كره أن يقتسما الدين؛ لأنه ربما استوفاه أحدُهما و لم يستوفِه الآخر، فيكون رِباً، و لَكِنْ يقتسمانه بعد القبْضِ.
و منه
الحديث: خذوا صدقة ما نَضَّ من أموالهم.

[نضح]

: قتادة رحمه اللّه: النَّضَحُ من النَّضْحِ.
أي ما أَصابه نَضْح من البول كرُؤوس الإبر، فلْيَنْضَحه بالماء؛ و ليس عليه أن يغسله، و كان أبو حنيفة رحمه اللّه لا يري فيه نَضْحاً و لا غَسْلًا.

[نضر]

: النَّخعِي رحمه اللّه- لا بَأْس أن يشرب في قَدح النُّضار.
هو شجر الأثْل الوَرْسي اللّون، و قال ابن الأعرابي: هو النَّبْع. و قيل: الخلاف يُدْفَن خَشَبُه حتي ينضر، ثم يعمل فيكون أمكن لعامله في ترقيقه. و قيل: أقداح النُّضَار هذه الأقداح الحمر الجِيشانيَّة. و قيل: النضار الخالصة من جَوْهر التِّبْر؛ و من الخشب. و أنشد لذِي الرُّمة:
نُقِّحَ جِسْمِي عن نُضَار العُودِ بَعْدَ اضطِراب العُنُق الأمْلود
«1»

[نضح]

: عَطَاء رحمة اللّه عليه: سُئل عن نَضَحِ الوَضوء، قال: اسْمَحْ يُسْمَح لك؛ كان مَن مضي لا يفتِّشون عن هذا و لا يُلَحِّصُون.
النَّضْح «2»: كالنّشرِ سواء بناءً و معني.
الوَضوء: ماء الوضوء.
اسْمَحْ: من أسمحت قَرُونَته «3» إذا أسهلت و انْقَادَتْ.
التَّلحيص: التشديد و التضييق؛ من اللحيص و هو الضيق، و الْتَحَص خَرْتُ «4» مسلّتك؛ إذا انْسَدّ.
و لَحَاصِ: علم للضِّيق و الشدة.
في الحديث: ما سُقِي من الزَّرَع نَضْحاً ففيه نِصْفُ العُشر.
______________________________
(1) البيت في ديوان ذي الرمة ص 156، و رواية البيت في الديوان:
نقِّحْنَ جسمي عن نضار العودِ بعد اهتزاز الغصن الأملودِ
(2) النضح: ما يترشش منه عند الوضوء.
(3) أسمحت قرونته: ذلت نفسه.
(4) الخرت: الثقب.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 306
أي ما سُقِي بالنّاضِح، و هو السانِيَة، و المراد ما لم يسق فتحاً.

[نضنض]

: و لم أَزَل أُنَضْنِض سهمي الآخر في جبهته حتي نَزَعته، و بقي النَّصل في جبهته مثبتاً ما قدرْتُ علي نَزْعِه.
أي أُقَلْقِلُه.
نضيته في (مر). نضب في (وج). ناضحاً في (هل). و ما يستنضح في (نت).
نواضحكم في (ظه). تنضية في (حج). نضائد في (بر). من نضيج في (بج).

النون مع الطاء

[نطنط]

: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- عن أبي رُهْمٍ الغِفَاري: كنت معه في غَزْوَة تَبُوك فسِرْتُ معه ذات ليلة فقَرُبْت منه، فجعل يسألني عَمَّنْ تخلَّف من بني غِفار. فقال- و هو يسألني: ما فعل النَّفَر الحُمْرُ الطّوالُ النَّطانط؟ فحدثته بتَخلُّفهم. فقال: ما فعل النفر السودُ القِصار الجِعاد؟ فقلت: و اللّه ما أعرف- و روي: الثِّطاط.
النَّطْناطُ: الطويل المَديد القامَة، من النَّطّ و هو المَطّ. يقال: نَطَطْتُه و مَطَطْتُه، إذا مددته.
الثَّطّ: الكَوْسَج.
الجَعْد: القصير المتردِّد.

[نطي]

: قال صلي اللّه عليه و آله و سلم لعطية السَّعْدي: ما أعناك اللّه فلا تسأل الناسَ شيئاً، فإن اليدَ العليا هي المُنْطِية، و إنّ اليد السفلي هي المُنْطاة، و إنّ مال اللّه مسؤول و مُنْطًي.
هذه لغة بني سعد، يقولون: أنْطِني، أي أعْطني.
و منه
قوله صلي اللّه عليه و آله و سلم لرجل: أنْطِه كذا.
قال زيد بن ثابت رضي اللّه تعالي عنه: كنت مع النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم و هو يُمْلِي عليَّ كتاباً، و أنا أستفهمه، فاستَأذن رجل عليه، فقال لي: انْطُ.
أي اسكت. قال ابنُ الأعرابيّ: فقد شرَّف النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم هذه اللغة و هي حِمْيَرِية.
و قال المفضل: زَجْرٌ للعرب، تقول للبعير تسكيناً له إذا نَفَر: انْطُ، فيَسْكن، و هو أيضاً إشْلاء للكلب.

[نطف]

*: لا يزال الإسلامُ يزيد و أهله، و ينقص الشِّرك و أهله، حتي يسيرَ الراكبُ بين النُّطفَتين لا يَخشَي إلّا جَوْراً.
______________________________
(1) (*) [نطف]: و منه الحديث: تخيَّروا لنطفكم. و في صفة المسيح عليه السلام: ينطف رأسه ماء. النهاية 5/ 75.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 307
يريد البَحْرَين؛ بحر المشرق و بحر المغرب؛ و يقال للماء قليلًا كان أو كثيراً نُطْفَة. قال الهذلي:
و إنهما لجوَّابَا خُرُوق و شَرَّابَان للنّطَف الطوامي
«1» و منه
الحديث: إِنا نَقْطَعُ إِليكم هذه النُّطْفة.
أي هذا البَحْر.
و
في حديثه صلي اللّه عليه و سلم: إنه كان في غَزْوَة هَوَازن، فقال لأصحابه يوماً: هل من وَضوء؟ فجاء رجل بنُطْفَة في إِدَاوة فاقْتَضَّها، فأمر بها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم فصُبَّتْ في قدح، فتوضَّأْنا كلنا و نحن أربع عشرة مائة نُدَغَفقُها دَغْفَقة.
يريد الماء القليل.
اقْتَضَّها: فتح رأس الإداوَةِ، من اقتضاض البِكْرِ، أو ابتدأ فشرب منها أو تمسَّح و روي بالفاء؛ من فَضَّ الماء و افتضَّه، إذا صبّه بعد شي‌ء، و انفض الماء.
دَغْفَقَ الماء و دَغْرقه: إِذا دَفَقه، و هو أن يصبَّه صبّاً كصيراً واسعاً. و منه عام دَغْفَق و دغرق و دَغْفَل: مُخْصِب واسع. و أنشد ابنُ الأعرابي لرُؤبة:
أرَّقَنِي طارقُ هَمٍّ أرَّقَا و قد أَرَي بالدار عيشاً دَغْفَقا

[نطو]

: غَدَا إِلي النَّطَاة و قد دَلَّه اللّه علي مَشَارِبَ كانوا يستقون منها، دُبُول كانوا ينزلون إِليها باللَّيل فيتَروَّوْن من الماء فَقَطَعها، فلم يلبثوا إلّا قليلًا حتي أعطوا بأيديهم.
نَطَاة: علم لخيبر. و قيل: حصن بها، و اشتقاقها من النَّطو، و هو البعد.
و
في المغازي: حاز رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم خَيْبر كلها الشقّ و نَطَاة، و الكتيبة.
قال:
خزيت لي بحزم فيدة تحدي كاليهودي من نَطَاة الرِّقَالِ
«2» و إدخال اللام عليها كإِدخالها علي حارث و حسن و عباس، كأنَّ النَّطَاة وصْفٌ لها غَلَب عليها.
الدَّبْل: الجدول؛ لأنه يَدْبَل أي يَدْمُل، و كل شي‌ء أصلحته فقد دَبَلْتَه و دَمَلْتَه و أرض
______________________________
(1) البيت لمعقل بن خويلد الهذلي في ديوان الهذليين 3/ 67، و رواية البيت في الديوان:
فإنكما لجوّابا خروقٍ و شرَّابان بالنطف الدَّوامي
(2) البيت من الخفيف، و هو لكثير عزة في ديوانه ص 396، و شرح المفصل 3/ 25 و لسان العرب (رضب) و (رقل) و (نطا).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 308
مَدْمُولة: و مَدْبُولة: مُصْلَحة بالدَّمَال و هو السِّرْجين «1»، أو لأنه صلاح للمزرعة، سمي بالمصدر.
دبُول: خبر مبتدأ محذوف، و لا محلَّ للجملة لأنها مستأنفة.

[نطس]

: عمر رضي اللّه عنه- خرج من الخلاء قديماً فدعا بطعام فقيل له: أَ لَا تتوضَأ؟
فقال: لو لا التَّنَطُّس ما باليتُ أن أغْسِل يَدَي.
هو التأنّق في الطَّهارة و التقذّر، يقال: تَنطَّس فلان في الكلام إِذا تأَنَّق فيه، و إِنه ليَتَنَطَّس في اللبس و الطعمة، أي لا يلبس إِلّا حَسَناً؛ و لا يطعم إِلّا نظيفاً؛ و تنطَّس عن الأخبار و تَنَدَّس عنها: تأنَّق في الاستخبار. و رجل نَطِس و نَدِس، و منه النّطَاسِيّ لتأنقه: قال العجاج:
* و لَهْوَةِ اللاهي و إنْ تَنَطَّسا*

[نطع]

*: ابن مسعود رضي اللّه عنه- إِياكم و الاختلاف و التَّنَطُّع، فإنما هو كقول أحدكم: هلمّ و تعال.
هو التعمُّق و الغُلُو، و أصلُه التقعُّر في الكلام من النِّطَع، و هو الغَارُ الأعلي، ثم اسْتُعْمِل في كل تعميق، فقيل: تنطَّع الرجلُ في عمله إِذا تنطَّس فيه. قال أوّس:
و حشْو جَفِير من فروع غرائب تنطَّع فيها صانعٌ و تأمَّلا
«2» و منه
الحديث: هلك المُتَنَطِّعُون.
أي الغَالُون. أراد النهي عن التَّمَاري و التَّلَاج في القراءات المختلفة و أنَّ مرجِعَها كلها إلي وجه واحد من الحُسْنِ و الصَّوَاب.

[نطق]

*: ابن الزُّبير رضي اللّه عنه- إن أهل الشام نادوه يابن ذات النِّطَاقَيْن فقال: إِيِه و الإِله- أَوْ إِيهاً و الإِلَه.
* و تِلْكَ شَكَاةٌ ظاهرٌ عنك عارها*
مرَّ ذِكْرُ ذات النطاقين في (حو).
يقال إيهِ و هيهِ- بالكسر- في الاستزادة و الاستنطاق. قال:
* و وقفنا فقُلْنا إيهِ عن أمّ سالم*
و إيهَ و هيهَ- بالفتح، في الزَّجر و النهي، كقولك: إِيهَ حسبك يا رَجُل. و يقال؛ إِيهٍ و إِيهاً
______________________________
(1) السرجين: السماد.
(3) (*) [نطع]: و منه في حديث عمر: لن تزالوا بخير ما عجلتم الفطر و لم تنطَّعوا تنطَّع أهل العراق. النهاية 5/ 74.
(2) البيت في ديوان أوس بن حجر ص 91.
(4) (*) [نطق]: و منه في حديث عائشة: فعمدن إلي حُجَزِ مناطقهن فشققنها و اختمرن بها. النهاية 5/ 76.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 309
بالتنوين للتنكير؛ أراد زيدوا في ندَايَ بذلك زيادةً، فإِن لكم مما يَزِيدُني فخراً و يُكْسِبني ذكراً جميلًا.
أو زَجرهم عما بَنَوْا عليه نداءهم من إرادة الإزْراء به جَهْلًا و سفهاً، فكأنه قال: كُفُّوا عن جَهْلِكم كَفّاً.
و عن بعضهم: إِن إِيهاً يقال أَيضاً في موضع التصديق و الارتضاء، و لم يمرّ بي في موضع أَثِقُ به.
و الإِلهِ: يحتمل أن يكون قسماً، أراد و اللّه إِنَّ الأمر كما تزعمون. و أن يكونَ استعطافاً كقولك: باللّه أخبرني، و إن كانت الباء لذلك.
و إبقاءُ همزة إله مع حرف التعريف لا يكادُ يسمع إلّا في الشعر، كقوله:
* معاذَ الإِله أن تكونَ كَظَبْيَةٍ*
الذي تمثل به من بيت أبي ذُؤَيب:
و عيّرها الواشون أني أحبها و تلك شَكاةٌ ظاهرٌ عنك عَارُها
«1» الشَّكاة: القالة؛ لأنها تُشْكَي و تكره.
ظاهرٌ عنك: أي زائل غائب. قال الأصمعي: ظهر عنه العار إِذا ذهب و زال.

[نطل]

*: ابن المسيب رحمه اللّه- كرِه أن يجعل نَطْل النبيذ في النبيذ ليشتدَّ بالنَّطْل.
قيل: هو الثَّجِير «2»، سمي بذلك لقلته؛ من قولهم: ما في الدّنّ نَطْلة مَاطِل؛ أي جُرْعَة من شراب، و انتطل من الزِّق [نَطْلَةً] إِذا اصطبَّ منه شيئاً يسيراً؛ و منه قيل للقدح الصغير الذي يُرِي فيه الخمار النموذج: نَاطِل.
الثطا في (صب). النطق في (فض). و انطوا في (اب). ينتطق في (اي). النطاقين في (حو).

النون مع الظاء

[نظر]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- إِنَ عبدَ اللّه بن عبد المطلب مرَّ بامرأة كانت تَنْظر و تَعْتَافُ، فَدَعَتْه إِلي أَن يَسْتَبْضِعَ منها.
______________________________
(1) البيت في ديوان الهذليين 1/ 21.
(3) (*) [نطل]: و منه في حديث ظبيان: و سقوهم بصبير النيطل. النهاية 5/ 76.
(2) الثجير: الثفل.
(4) (*) [نظر]: و منه الحديث: إن اللّه لا ينظر إلي صوركم و أموالكم، و لكن إلي قلوبكم و أعمالكم.
و الحديث: من ابتاع مصرَّاة فهو بخير النظرين. و الحديث: كنت أبايع الناس فكنت أُنظر المعسر. و في حديث أنس: نَظَرْنا النبي صلي اللّه عليه و سلم ذات ليلة حتي كان شطر الليل. و في حديث الحج: فإني أنظر كما. النهاية 5/ 77، 78.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 310
تَنْظُر: أَي تَتَكهَّن، و هو نَظَرٌ بِعِلْمٍ و فِرَاسة.
تَعْتَافُ: من العِيَافة.
الاسِتْبضَاع: كان في الجاهلية و هو أنَّ الرجل المرغوبَ في بُضْعه كان يقعُ علي المرأة و يأخذ منها شيئاً. و المرأة هي كاظمة بنت مرّة مشهورة قد قرأت الكُتُب، مرْ به عليها عبد المطلب بعد انصرافه من نَحْر الإِبل التي فَدَّي بها فرأَتْ في وجهه نُوراً، فقالت: يا فتي؛ هل لك أن تقَع عليَّ و أُعطيك مائة من الإِبل. فقال عبد اللّه:
أَمّا الحَرَامِ فالحِمامُ دوَنَهُ و الحلُّ لا حلّ فَاستَبينهُ
فكيف بالأمر الذي تَبْغِينَهُ «1»
و قيل: هي أم قتال بنت نَوْفل أخت ورقة.
النَّظر إلي وجه عليّ عِبادة.
قال ابن الأعرابي: إِنَّ تأويله أن عليّاً كان إذا برز قال الناس: لا إله إِلّا اللّه، ما أَشْرَفَ هذا الفتي! لا إِله إِلّا اللّه، ما أَشْجَع هذا الفَتَي! لا إِله إِلّا اللّه، ما أَعْلَمَ هذا الفتي! لا إِله إِلّا اللّه، ما أَكرم هذا الفتي! لا إِله إِلّا اللّه.
ابن مسعود رضي اللّه تعالي عنه- لقد عرفتُ النَّظَائِر؛ كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم يَقُومُ بها: عشرين سورة من المفصّل.
سُمِّيت نَظَائر؛ لأنها مشتبهة في الطول، جمع نَظِيرة، أو لفضلها جمع نَظُورة، و هي الخِيار. و يقال: نظائر الجيش لأفاضلهم و أَمَاثِلِهم. و أنشد الكسائي:
لنا البَأْوُ في حَيَّيْ نِزَار إِذا ارتدوا نَظُورَتُهُمْ أَكفاؤُنا و لنا الفَضْلُ
الزهري رحمه اللّه- لا تُنَاظِرْ بكتاب اللّه و لا بكلامِ رسول اللّه.
هو من قولهم. ناظرتُ فلاناً؛ أي صِرتُ له نظيراً في المخاطبة، و ناظَرْتُ فلاناً بفلان؛ أي جعلته نظيراً له، أي لا تَجْعَل لهما نظيراً شيئاً فَتَدنيهما و تأخذ به، أو لا تجعلهما مثلًا؛ كقول القائل: إِذا جاء في الوقت الذي يريد صاحبه: جِئْتَ عَليٰ قَدَرٍ يٰا مُوسيٰ و ما أشبه ذلك مما يَتَمَثَّل به الجَهَلة من أمور الدنيا و خَسَائِس الأعمال بكتاب اللّه، و في ذلك ابْتِذالٌ و امتِهَان.
و حدثني جَدِّي عن بعض مشيخة بغداد أن صاحباً له تمثل بقوله تعالي: فَابْعَثُوا
______________________________
(1) الرجز في الروض الأنف 1/ 105.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 311
أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هٰذِهِ إِلَي الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهٰا أَزْكيٰ طَعٰاماً [الكهف: 19]. و كان من أخص الناس به و أقربهم إِليه فلم يَزَلْ بعد ذلك عنده مَهْجُوراً.
نظرة في (سف). و ينظر في سواد في (سو).

النون مع العين

[نعم]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- من توضَّأَ للجمعة فبِهَا و نِعْمت، و من اغتسل فالغسلُ أفضل.
الباء متعلقة بفعل مضمر، أي فبهذه الخصلة أو الفَعْلة، يعني بالوضوء يُنَالُ الفَضْل.
و نِعْمَت، أي نعمت الخَصْلَة هي، فحذف المخصوص بالمدح.
و سُئِل عنه الأصمعي فقال: أظنُّه يريد فبالسنّة أخذَ، و أَضمر ذلك إن شاء اللّه.

[نعل]

*: إذا ابتلَّت النِّعَال فالصلاة في الرِّحال.
هي الأراضي الصلبة، قال ابنُ الأعرابي: النَّعْل من الحَرَّةِ شبيهة بالنَّعْل فيها طولٌ و صلابة.
و من الحِرَار الخُفُّ، و هو أطول من النعل و الضِّلَع أطول من الكُرَاع، و الكُرَاع أطْوَل من الخفّ. و قال الشاعر في تصغيرها:
حَوَي خَبْت ابن بت الليلَهْ بت قريباً أحتذي نُعَيْلَه
خصَّ النعال لأن أدني ندوة يبلّها بخلاف الرّخْوَة فإنها تنشف.
الرِّحَال: جمع رَحْل، و هو منزله و مسكنه.
كان صلي اللّه عليه و آله و سلم نَعْل سيفه من فِضّة.
هي الحديدة التي في أسفل قِرابه. قال:
إلي مَلِكٍ لا يَنْصُفُ السَّاقَ نَعْلُه أجَلْ لَا و إنْ كانَتْ طِوالًا حَمَائِلُه
«1»
______________________________
(2) (*) [نعم]: و منه الحديث: إنها لطير ناعمة. و الحديث: و إن أبا بكر و عمر منهم و أنعما. و الحديث: نِعِمَّا للمال. و الحديث: نِعْم المال الصالح للرجل الصالح. النهاية 5/ 83، 84.
(3) (*) [نعل]: و منه الحديث: إن غسان تنعل خيلها. النهاية 5/ 83.
(1) البيت لذي الرمة في لسان العرب (نعل)، و في اللسان «و إن كان طوالًا محاملُه» بدل «و إن كانت طوالًا حمائلُه».
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 312‌

[نعر]

: عمر رضي اللّه تعالي عنه- لا أُقْلِع عنه حتي أُطِير نُعَرَتَه- و روي: حتي أنْزعَ النُّعَرَة التي في أَنْفِه.
هي ذُبَاب أَزْرق له إبرة يَلْسَع بها يَتَوَلَّعُ بالبعير و يَدْخُل أَنفه، فيركب رأسَه؛ سُمِّيت نُعَرة لنَعِيرها، و هو صَوْتُها و قد نَعِر البعير فهو نَعِر؛ فاستُعِيرت للوَصْفِ بالنخوة و الكِبْر؛ لأنَّ المنخوَّ راكب رأسه. فقيل: لأُطَيِّرَن نُعَرتك، أي لأُذْهِبَنَّ كِبْرك. و قالوا: أنوف نَوَاعِر؛ أي شَوَامخ.
و نحوها من الاستعارة قولهم للحديد من الرِّجَال: إنَّ فيه شَذَاةً، و للجائِع: ضَرِمَ شَذَاهُ، و الشَّذاةُ ذُبَاب الكَلْب.
و منها قولهم: حُمُر شَوَاذٍ. كما قالوا: نَوَاعر من النُّعَرة.
و
في حديث أبي الدَّرْداء رضي اللّه تعالي عنه: إذا رأَيتَ الناسِ و لا تستطيع تَغْيِيرها فدَعْها حتي يكونَ اللّه يغيرها.
أي كِبْرَهم و جَهْلَهم.

[نعي]

*: شدّاد بن أوس رضي اللّه تعالي عنه- يا نَعَايَا العرب؛ إنّ أخوفَ ما أخاف عليكم الرِّياء و الشّهوة الخَفِيّة.
و روي: يا نُعْيَانَ العرب.
و قال الأصمعي: إنما هو يا نَعَاء العرب.
في نَعَايا ثلاثة أوجه:
أحدها: أن تكونَ جمع نَعِيّ، و هو مصدر؛ يقال: نعي الميتَ نَعِيًّا، نحو: صأَي الفَرْخ صَئيّاً. و نظيره في جمع فعيل من غير المؤنث علي فعائل ما ذكره سيبويه من قولهم في جمع أَفِيل و لفيف: أَفَائل «1» و لَفَائِف.
و الثاني: أن يكونَ اسم جمع؛ كما جاء أَخَايا في جمع أَخِيَّة، و أحاديث في جمع حديث.
و الثالث: أن تكون جمع نَعَاء التي هي اسم للفعل، و هي فعال مؤنثة؛ ألا تري إلي قول زهير:
* دُعيت نَزَالِ و لُجَّ في الذُّعْرِ «2» *
______________________________
(3) (*) [نعي]: و منه في حديث عمر: إن اللّه نعي علي قوم شهواتهم. النهاية 5/ 85.
(1) الأفيل: ابن المخاض فما فوقه.
(2) صدره:
و لنعم حَشْوُ الدِّرع أنت إذْ
-الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 313
و أخواتها و هنّ: فَجَار و قَطَامِ و فَسَاق مؤنثات، كما جُمع شمَال علي شمائل.
و المعني يا نَعَايا العرب؛ جِئْنَ، فهذا وقتكُنّ و زمانُكُنّ؛ يريد أن العربَ قد هلكت.
و النُّعْيَان مصدر بمعني النَّعي. و أما نَعَاء العرب فمعناه انْعَ العرب؛ و المنادي محذوف.
الشّهْوَة الخفية: قيل: هي كل شي‌ء من المعاصي يُضْمِره صاحبه و يُصِرُّ عليه.
و قيل: أن يَرَي جاريةً حسناء فيغضّ طرفه، ثم ينظر بقلبه و يمثلها لنفسه فيفتنها.

[نعر]

: ابن عباس رضي اللّه تعالي عنه- كان يقول في الأوجاع: بسم اللّه الكبير؛ أعوذ باللّه العظيم، مِنْ شَرِّ عِرْقٍ نَعّارٍ، و من شرّ حَرِّ النار.
يقال: جُرْح نَعُور و نَعّار، إذا صوّت دَمُه عند خروجه. و فلان نَعّار في الفِتن؛ إذا كان يسعي فيها و يُصَوِّت بالناس.

[نعم]

: معاوية رضي اللّه تعالي عنه- قال أبو مريم الأزدي: دخلتُ عليه فقال: ما أنْعَمنا بك يا فلان!
أي ما الخطبُ الذي أقدمك علينا فسرَّنا بلقائك و أقرَّ أعيننا، من نُعْمَةِ العَيْنِ.

[نعف]

: الأسْوَد بن يزيد رحمه اللّه تعالي- قال عطاء بن السّائب: رأيتُه قد تلفَّفَ في قطيفة له، ثم عقد هُدْبَة القَطيفةِ بنَعَفةِ الرَّحل، و هو مُحْرِم.
قال الأصمعي: النَّعَفَة: الجلْدَة التي تَعْلُو علي آخِرَةِ الرَّحْل و هي العَذَبة و الذُّؤابة.
و قال أبو سَعِيد: هي فَضْلَة من غشاء الرَّحْلِ تصيرُ أطرافها سيوراً، فهي تخفِقُ علي آخِرَةِ الرَّحل. و أنشد لابن هَرْمة:
ما أنس لا أنس يوم ذي بَقَرٍ إذ تتَّقينا الأكفُّ منصرِفَهْ
ما ذَبْذَبَتْ ناقةٌ براكبها يوم فضول الأنساعِ و النّعَفَهْ

[نعم]

: الحسن رحمه اللّه تعالي- إذا سمِعْت قولًا حسناً فرُوَيْداً بصاحبه، فإن وافق قولٌ عَمَلًا فقل له: نعم و نعْمَة عَيْن؛ آخِه و أوْدِدْه.
يقال: نَعَمْ و نُعَمْة عَيْن، و نَعَام عَيْن، و نَعْم عَيْن، و نُعْمَي عَيْن، و نَعامة عَيْن كلها بمعني. و أَنعم عينك إنعاماً؛ أَي أَقرَّ عينك بطَاعَتِك و اتِّباعِ أمرك.
______________________________
- و البيت من الكامل، و هو لزهير بن أبي سلمي في ديوانه ص 89، و إصلاح المنطق ص 336، و الإنصاف 2/ 535، و خزانة الأدب 6/ 317، 318، 319، و الدرر 5/ 300، و شرح أبيات سيبويه 2/ 231، و شرح التصريح 1/ 50، و شرح شواهد الشافية ص 230، و شرح المفصل 4/ 26، و الشعر و الشعراء 1/ 145، و الكتاب 3/ 271، و لسان العرب (نزل) و (اسم)، و ما ينصرف و ما لا ينصرف ص 75، و المقتضب 3/ 370، و همع الهوامع 2/ 105، و بلا نسبة في خزانة الأدب 7/ 247، و رصف المباني ص 232، و شرح المفصل 4/ 50، 52.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 314
و المعني إذا سمعت رجلًا يتكلَّم في العلم بما يونقك فهو كالدَّاعي لك إلي مودّته و مُؤَاخاته فلا تَعْجَلْ بإجابته إلي ذلك حتي تذوقَه و تطّلع طِلْعَ أَمْرِه؛ فإنْ رأيتَه يُحْسِن العمل كما أحسنَ القولَ فأَجِبْه و قل له: نَعْم و نعْمَة عَيْن، و عليك بمؤاخاته و موادّته.
فقوله: آخِه بدل من قوله فقل له: نعم. و يجوز أن يكونَ قوله: نَعَمْ و نعْمَة عَيْن في موضع الحال؛ كأنه قال: فآخِه مُجِيباً له قائلًا [له]: نَعَم و نَعْمَةَ عَيْنٍ.
تقول وُدّه و أَوْدده، نحو: عضّه و أَعْضِضه؛ أي أَحْبِبْه.
الإِدغام تميمي، و الإِظهار حجازي.

[نعر]

: قال في هزيمة يَزِيد بن المهلب: كلما نَعَر بِهِمْ نَاعِر اتَّبَعوه.
أي صاح بهم صائح و دعاهم دَاع؛ يريد أنهم سِراعٌ إلي الفِتَن و السَّعْي فيها.

[نعم]

: مُطَرّف رحمه اللّه تعالي- لا تَقُلْ: نعِمِ اللّهُ بك عيناً؛ فإنّ اللّه لا يَنْعَم بأحدٍ عيناً؛ و لكن قل: أَنْعَمَ اللّهُ بكَ عيناً.
هو صحيحٌ فصيح في كلامهم، و عيناً نُصِبَ علي التمييز من الكاف، و الباء للتعدية.
و المعني نَعِمَك اللّهُ عيناً؛ أي نَعْم عينَك و أقَرَّها. و قد يَحْذِفُون الجار و يوصلون الفعل فيقولون: نَعِمك اللّه عيناً؛ و منه بيت الحماسة:
ألَا رُدِّي جمالَك يا رُدَيْنَا نَعِمْنَا كم مع الإِصباحِ عَيْنا
و أنشد يعقوب:
* وكُوم تُنْعِم الأَضياف عَيْناً «1» *
و أما أنعم اللّه بك عيناً، فالباءُ فيه مَزِيدة؛ لأنَّ الهمزةَ كافية في التعدية. تقول: نعِم زيد عيناً و أَنعمه اللّهُ عيناً و نظيرها الباء في أَقَرَّ اللّهُ بعينه.
و يجوز أن يكونَ من أَنْعم الرجل؛ إذا دخل في النَّعِيم؛ فيُعَدّي بالباء، و لعل مُطَرِّفاً خُيِّل إليه أن انتصابَ المميز في هذا الكلام عن الفاعل فاستعظم ذلك، تعالي اللّهُ عن أن يُوصَفَ بالحواس علوًّا كبيراً، و الذي خيّلَ إليه ذلك أنْ سَمِعهم يقولون: نعمْت بهذا الأمر عيناً، و قَرِرْتُ به عَيْناً. و المميز فيه عن الفاعل، و الباء بمنزلتها في سُرِرت به و فَرِحت به، فحسب أَنَّ الأمر في نَعِمَ اللّه بكَ عيناً علي هيئته في نعمْتُ بهذا الأمر عَيْناً، فمن ثمَّ أَتي في إنكارة [ما أتاه] من الانحراف عن الصواب و دَفَع ما ليس بمَدْفُوع.
______________________________
(1) عجزه:
و تصبحُ في مباركها ثقالا
و البيت من الوافر، و هو للفرزدق في ديوانه 2/ 69، و الكتاب 4/ 39، و لسان العرب (نعم).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 315
ينعق في (لق). و أنعما في (را) بنعشه في (زف). بنعمان في (دح). ناعق في (رب).
و الناعجات في (جد). أنعمت في (هب). نعثلا في (وذ). نعما في [رع].

النون مع الغين

[نغش]

: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- مرَّ برَجلٍ نُغَاش، فخرَّ ساجداً، ثم قال:
أسألُ اللّهَ العافية.
و روي: نعَاشِيّ.
هو أقصر ما يكون من الرجال، و الدِّرْحَاية نحوه.
قال صلي اللّه عليه و آله و سلم: من يَأْتيني بخبر سَعْدِ بن الرَّبيع؟ قال محمدُ بن سلمة الأَنصاري: فمررتُ به وَسَط القَتْلَي صريعاً في الوادي، فناديتُه فلم يُجِبْ، فقلت: إنَّ رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم أرسلني إليك، فتنَغَّش كما يتنَغَّش الطير.
كل هَامَّة أو طائر تحرَّك في مكانه فقد تنغّش. قال ذو الرمة يصف القِرْدَان:
إذا سَمِعَتْ وَطْءَ المَطيِّ تنغَّشَتْ حشاشاتُها في غَيرِ لَحمٍ و لا دَمِ
«1» يريد القِرْدَان، و منه النُّغَاشِيّ لضَعْف حَرَكتِه.

[نغف]

*: ذكر يَأْجُوج و مَأْجُوج، و إنّ نبيّ اللّه عيسي عليه السلام يحضر و أصحابه فيرغب إلي اللّهِ فيرسل عليهم النَّغَف في رِقَابهم، فيصبحون فَرْسَي كموتِ نفسٍ واحدة، ثم يرسلُ اللّهُ مطراً فيغسل الأَرض حتي يتركَها كالزَّلَفَة.
النَّغَف: دودٌ تكون في أنوف الإِبل و الغنم، و أَنْغَف البعير: كَثُر نَغَفُه. و يقال لكل رأس نغفَتَان و من تَحَرُّكِهما يكونُ العُطَاس. و يقال للذي يُحْتَقر: إنما أنت نَغفَة.
و أصحابَه: عطف علي اسم إن، أو هو مفعول معه. و لا يجوز أن يرتفع عطفاً علي الضمير في يحضر، لأنه غير مؤَكّد بالمنفصل.
فَرْسَي: جمع فَرِيس و هو القتيل، و أصل الفَرْس دَقّ العنق، ثم سُمِّيَ به كلُّ قتل.
الزَّلَفَة: المِرآة. قال الكسائي: كذا تسميها العرب، و جمعها زَلَف، و أنشد لطَرَفة:
يقذِفُ بالطلح و القَتَادِ علي مُتُون رَوْضٍ كأنّها زَلَفُ
«2»
______________________________
(1) البيت في ديوان ذي الرمة ص 630، و لسان العرب (نغش)، و في الديوان و اللسان «الركاب» بدل «المطيِّ».
(3) (*) [نغف]: و منه في حديث الحديبية: دعوا محمداً و أصحابه حتي يموتوا موت النغف. النهاية 5/ 87.
(2) البيت في تاج العروس (زلف).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 316
و قيل: هي الإِجَّانة الخضراء. و عن الأصمعي: إنّهُ فسر الزَّلَف في بيت لبيد:
حتي تَحَيَّرت الدِّيَار كأَنّها زَلَف و أُلْقِي قِتْبُها المَحْزُومُ
«1» بالمصانع.
و قال أبو حاتم: لم يَدْرِ الأصمعي ما الزَّلَف، و لكن بلغني عن غيره أن الزَّلَف الأَجَاجِين الخُضْر.

[نغر]

: إن ابناً لأمّ سُليم كان يقال له أَبو عمَير، و كان له نُغَر، فقيل: يا رسول اللّه؛ مات نُغَر؛ فجعل يقول: يا أَبا عُمَير؛ ما فعل النُّغَيْر.
هو طائر صغير أحمر المِنْقَار، و يُجْمَع علي نِغْران، و يقولون: حنطة كأنها مناقير النِّغْرَان.

[نغض]

*: عليّ رضي اللّه تعالي عنه- وصف رسولَ اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم فقال: و كان نَغَّاضَ البطن. فقال له عمر: ما نَغّاضُ البَطْن؟ فقال: مُعَكّن البَطْنِ؛ و كان عُكَنُه أحسنَ من سبائك الذهب و الفِضَّة.
النَّغْض النَّهْضُ: أخوان، يقولون: نغضنا إلي القَوْم و نَهَضْنَا، و لَمّا كان في العُكَن نُهوض و نُتُوء عن مستوي البَطْنِ قيل للمعكَّن: نَغّاض البَطن.
و يحتمل أن يبني فَعّالًا من الغضون، و هي المكاسِرُ في البطن المعكَّن علي القلب.

[نغر]

: جاءته رضي اللّه تعالي عنه امرأةٌ فذكرت أن زوجَها يأتي جاريتَها، فقال: إن كنتِ صادقةً رَجمْناه، و إن كنتِ كاذبةً جلَدْنَاك، فقالت: ردُّوني إلي أهلي غَيْرَي نَغِرَة.
أي مغتاظة يَغْلِي جَوْفي غَلَيان القِدْر.
يقال: نَغَرت القِدْر تَنْغِر و نَغِرت تَنْغَر، و فلان يتَنغَّر علي فلان، أي يَغْلِي عليه غَيْظاً.

[نغض]

: ابن الزبير رضي اللّه تعالي عنه- لما احترقت الكعبة نَغَضَتْ و أخافت. فأَمر بصَوَارٍ فنُصِبَتْ حولها، ثم ستر عليها، فكان الناسُ يطوفون مِنْ ورَائِها، و هم يبنون في جَوْفِها.
أي تحرّكت. يقال: نَغَضَ يَنْغِضُ نَغْضاً و نُغُوضاً و نَغَضاناً.
الصَّارِي: دَقَل السفينة بلغة أهل الشام، و الجمع صَوَارٍ. و الصَّارِي: المَلَّاح أيضاً.
______________________________
(1) البيت في ديوان لبيد ص 123.
(2) (*) [نغض]: و منه في حديث سلمان في خاتم النبوة: و إذا الخاتم في ناغض كتفه الأيسر. و في حديث عبد اللّه بن سرجس: نظرت إلي ناغض كتف رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم. و الحديث: و أخذ ينغض رأسه كأنه يستفهم ما يقال له. النهاية 5/ 87.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 317
و قيل: الصاري: الخَشَبةُ التي في وسط الفخِّ، و هو المدعوم به في وسطه، و مأخذها من الصَّرَي و هو المَنْع.
نغض كتفه في (سر). الناغض في (كن).

النون مع الفاء

[نفث]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- إنَّ رُوحَ القُدُسِ نَفَث في رُوعِي أن نَفْساً لن تموتَ حتي تستكملَ رِزْقها، فاتَّقُوا اللّه و أَجْمِلوا في الطلب.
النَّفْث بالفم: شبيه بالنَّفْخ، و يقال: نَفَث الراقي رِيقَه؛ و هو أقلّ من التَّفْل، و الساحرة تَنْفُثُ رِيقها في العُقَد، و الحية تَنْفُث السُّمّ. و منه: لا بد للمَصْدُور أن ينفُث.
و عن أبي زيد: يقال: أراد فلان أن يُقِرَّ بحقِّي، فنَفَثَ في ذُؤابَتِه إنسان حتي أفسده.
و منه
حديثه صلي اللّه عليه و آله و سلم: إِنه كان إذا مرض يقرأُ علي نفسه بالمعوِّذات و يَنْفُث.

[نفر]

*: عن حمزة بن عَمْرو الأسلمي رضي اللّه تعالي عنه: أُنْفِر بِنا في سَفَرٍ مع رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم في ليلة ظَلْماء دَحْمَسَة، فأضاءت أصبعي حتي جمعوا عليها ظهورهم.
قال أبو عبيدة: يقال: لَمّا أمسينا أنْفَرْنا، أي نَفرت إِبلُنا. و منه أُنْفِر بنا، أي جُعِلْنا مُنْفِرين.
يقال: ليل دَحْمَس و دُحْمِس: أسود مُظلم، و قد دَحْمس دَحْمسة، و أنشد أبو عمرو لأبي نُخَيْلَة:
فادَّرِعي جِلْبَابَ لَيْلٍ دَحْمَسِ أسْوَدَ دَاجٍ مِثْلَ لَوْنِ السُّنْدُسِ
«1»

[نفس]

*: أَجِدُ نَفَس ربكم من قِبَل اليَمَن.
______________________________
(2) (*) [نفث]: و منه في حديث المغيرة: مِئناث كأنها نفاثٌ. النهاية 5/ 88.
(3) (*) [نفر]: و منه الحديث: بشِّروا و لا تنفِّروا. و الحديث: إن منكم مُنَفِّرين. و في حديث عمر: لا تنفِّر الناس. و في حديث الحج: يوم النَّفْر الأول. و الحديث: و إذا استنفرتم فانفروا. و في حديث أبي ذر:
لو كان هاهنا أحد من أنفارنا. و الحديث: و نفرنا خلوف. و الحديث: إن اللّه يبغض العفريَّة النفريَّة.
النهاية 5/ 92، 93.
(1) الرجز في لسان العرب (دحمس)، و في اللسان «و ادَّرعي» بدل «فادَّرعي».
(4) (*) [نفس]: و منه الحديث: من نفَّس عن مؤمن كربة. و الحديث: ثم يمشي أنفس منه. و الحديث: بُعِثْتُ في نَفَس الساعة. و الحديث: أنه نهي عن التنفّس في الإناء. و في حديث أبي هريرة: أنه صلي اللّه عليه و سلم صلي علي-
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 318
هو مستعارٌ من نَفَسِ الهواء الذي يردّه المتنفِّس إلي جَوْفه فيبرد من حَرَارَتِهِ و يُعَدِّلُها.
أو من نَفَسِ الريح الذي يتنَسَّمه، فيستَرْوح إليه و ينفّس عنه.
أو من نَفَس الرَّوضة، و هو طِيبُ روائحه الذي يتشمَّمه فيتفرّج به لما أنعم به ربّ العزة، من التنفيس و الفَرَج و إزالة الكربة.
و منه
قوله صلي اللّه عليه و آله و سلم: «لا تَسُبُّوا الريحَ فإنها من نَفَس الرَّحمن».
و قوله: من قِبَلِ اليمن: أراد [به] ما تيسَّر له من أهل المدينة من النُّصْرة و الإِيواء، و المدينةُ يمانية.
قالت أمّ سلمة رضي اللّه تعالي عنها: كنتُ معه في لِحاف فحِضْت، فخرجتُ فشددتُ عليَّ ثيابي؛ ثم رجعت فقال: أ نَفِسْتِ.
يقال: نَفِسَت المرأة، بوزن ضَحِكت- إذا حاضت و نَفِست من النِّفَاس. و عن الكسائي: نُفِسَت أيضاً، و هما من النَّفْس و هي الدّم، و إنما سُمِّيَ نَفْساً باسم النَّفْس؛ لأنَّ قوامَها به.
و منه
حديثه صلي اللّه عليه و آله و سلم: إن أسماء بنت عُميس نَفِسَت بالشجرة، فأمر النبي صلي اللّه عليه و سلم أبا بكر بأن يأمرَها بأنْ تَغتَسِل و تُهِلّ.

[نفق]

*: أكْثر مُنَافِقي هذه الأمَّة قُرَّاؤها.
أراد بالنِّفاق الرّياء؛ لأنّ كليهما إراءَة في الظاهر غيرَ ما في الباطن.

[نفل]

*: في حديث القَسَامَة: إنّه قال لأولياء المقتول: أ تَرْضَون بنَفْلِ خمسين من اليهود ما قَتَلُوه. فقالوا: يا رسولَ اللّه، ما يُبَالون أن يقتلونا جميعاً ثم يُنَفِّلون.
يقال: نفَّلْتُه فنَفَل، أي حلَّفته، و أصل النَّفْل النَّفْي. يقال: نَفَلْتُ الرجل عن نسَبه و انتفل هو؛ و انْفُل عن نفسك إن كنتَ صادقاً؛ أي كذِّب عنها و انْفِ ما قيل فيك.
و منه
حديث عليّ رضي اللّه تعالي عنه: لوَدِدْت أنّ بني أُميَّة رَضُوا و نفَّلناهم خمسين رجلًا من بني هاشم، يَحْلِفُون ما قَتَلْنا عثمانَ و لا نعلمُ له قاتلًا.
يريد نفّلنا لهم، و نحوه: الحريص يَصِيدك لا الجَواد.
______________________________
- منفوس. و في حديث ابن المسيب: لا يرث المنفوس حتي يستهل صارخاً. و في حديث السقيفة: لم ننفس عليك. و في حديث المغيرة: سقيم النفاس. النهاية 5/ 94، 95، 96.
(1) (*) [نفق]: و منه في الحديث: المنفق سلعته بالحلف الكاذب. و في حديث ابن عباس: لا يُنَفِّق بعضكم لبعض. و في حديث عمر: من حظِّ المرء نفاق أيِّمِه. النهاية 5/ 98، 99.
(2) (*) [نفل]: و منه في حديث الجهاد: أنه نفَّل في البَدْأة الربع، و في القفلة الثلث. و في حديث ابن عمر: أن فلاناً انتفل من ولده. النهاية 5/ 99، 100.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 319
و
يحكي أنّ الجُمَيْح لقيه يزيد بن الصّعق، فقال له يزيد: أَهَجَوْتَني؟ فقال: لا و اللّه، قال: فانْفُل، قال: لا أنفل، فضرَبَه يزيد.

[نفر]

: بعث صلي اللّه عليه و آله و سلم عاصمَ بن أبي الأقلح و خُبيب بن عدِيّ في أصحابٍ لهما إلي أهل مكة، فنَفَرَتْ لهم هُذَيل، فلما أحسَّ بهم عاصم لجؤوا إلي قَرْدَدٍ.
و روي: فلما آنَسَهُم عاصم لجؤوا إلي فَدْفَد.
أي خرجوا لقتالهم، يقال: نَفَرُوا نفيراً، و هؤلاء نَفَرُ قومك، و نَفِير قومك. و هم الذين إذا حزَ بهم أمرٌ اجتمعوا و نَفَروا إلي عدوِّهم فحاربوه.
القَرْدَد: الرابية المُشْرفة علي وَهْدَة.
و الفَدْفَد: المرتفع من الأرض.
آنسهم: أبْصَرهم.

[نفج]

*: أبو بكر رضي اللّه تعالي عنه: تزوّج بنتَ خارجة بن أبي زُهير و هم بالسُّنْحِ في بني الحارث بن الخَزْرَج، فكان إذا أتاهم تَأْتِيه النساء بأغنامهم فيحلب لهنَّ، فيقول:
أُنْفِجُ أم أُلْبِد؟ فإن قالت: أنْفِجْ، باعَدَ الإِناء من الضرْع حتي تشتد الرَّغْوَة. و إن قالت: أَلْبِد أدْني الإِناء من الضرع حتي لا تكون له رغْوَة.
هو من قولهم: نَفَج الثَّدْيُ النّاهدُ الدِّرْعَ عن الجسد؛ إذا باعده عنه. و قَوْس مُنَفَّجَة و مُنْفَجة بمعني. و يقال: نفَّجوا عنك طرقاً؛ أي فرَّجُوا عنك مراراً.
أَلْبَد: تعدية لَبعد بالمكان يَلْبُد لبوداً، إذا لصق. و يقال أيضاً: ألْبَد بمكان كذا: أقام به و لَزِم.

[نفر]

: عمر رضي اللّه تعالي عنه- إن رجلًا تخللَ بالقصب فَنفرَ فُوه، فنهي عن التخلُّل بالقصب.
أي وَرِم؛ و أصله من النِّفَار؛ لأن الجلد ينفر عن اللحم لِلدَّاء الحادث بينهما.

[نفس]

: أَجْبَرَ بني عمٍّ علي مَنْفُوسٍ.
نَفِسَت المرأة و نُفست؛ إذا ولدت. و الولد منفوس. قال عبد مناف بن الهذلي:
فيا لَهْفتا علي ابنِ أُختي لَهْفَةً كما سَقَط المَنْفُوس بين القَوَابِل
«1» يعني أكرههم علي رضاعه.
______________________________
(2) (*) [نفج]: و منه في حديث أشراط الساعة: انتفاج الأهلّة. و في حديث علي: نافجاً حضنيه. النهاية 5/ 89.
________________________________________
زمخشري، ابو القاسم، محمود بن عمر، الفائق في غريب الحديث، 4 جلد، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، اول، 1417 ه ق
الفائق في غريب الحديث؛ ج‌3، ص: 319
(1) البيت في أساس البلاغة (نعش)، و ديوان الهذليين ص 45.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 320‌

[نفذ]

*: طاف رضي اللّه تعالي عنه بالبيت مع فلان، فلما انْتَهَي إلي الرُّكْنِ الغربيّ الذي يَلي [الحجر] الأسود. قال له: ألا تَستلم؟ فقال له: انْفُذْ عَنْك؛ فإِنَّ النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم لم يستلمه.
فرَّقُوا بين نَفَذ و أنْفَذ، فقالوا: أنْفَذْت القوم، إذا خرقتهم و مشَيْتُ في وسطهم، فإن جُزْتهم حتي تخلّفهم قلت: نَفَذتهم.
و معني قوله: انفُذْ عنك: امْضِ عن مكانك و جُزْه.
و منه
حديث ابن مسعود رضي اللّه تعالي عنه: إنكم مجموعون في صعيد واحد يسمعكم الدَّاعي و يَنْفُذُكم البَصَر.

[نفل]

: ابن عباس رضي اللّه تعالي عنهما- لا نَفَل في غنيمة حتي تُقْسَم جفَّة كلَّها.
النَّفَل: ما نَفَّله الإِمامُ أو صاحبُ الجيش بعضَ أهلِ العسكر من شي‌ء زائداً علي ما يُصيبه من قسمة الغنائم؛ ترغيباً له في القتال، و لا ينفَّل إلا في وقت القتال؛ أو بعد القسمة من الخُمْس، أو مما أفاء اللّه عليه. فأمّا إذا أراد التنفيل بَعْدَ وضع الحَرْب أوْزَارَها من رأس الغنيمة فليس له ذلك.
و هذا معني
قوله: لا نَفَل في غنيمة حتي تقسم.
جَفَّةً: أي جملة و جميعاً. يقال: دُعيت في جَفّةِ الناس، أي في جماعتهم. و جفَّ القومُ أموالَ بني فلان جفّاً؛ أي جمعوها، و ذهبوا بها، و قد ضَمَّ بعضُهم الجيم.

[نفي]

*: ابن عمر رضي اللّه تعالي عنهما- قال زيد بن أَسْلَم: أرسلني أَبي إليه، و كان لنا غنم، فأَرَدْنا نَفِيَّتَيْن نجفِّفُ عليهما الأَقِط، فكتب إلي قَيِّمه بخَيْبَر: اجعل له نَفِيَّتَيْن عَرِيضتين طويلتين.
قال النضر: النَّفِيَّة: سُفْرة تُتَّخَذُ من خوص مدوَّرة. و عن أبي تراب: النَّثِيَّة أيضاً بالثاء.
و عنه أنه سمع نُفْيَة بوزن نُهْيَة، و جمعها نُفًي كنُهًي؛ و قال: هي شي‌ء يُعْمَل من الخوص مدوَّر يُخْبَط عليه الخَبَط، و يشرّ عليه الأَقِط.

[نفش]

*: ابن عمرو رضي اللّه تعالي عنهما- الحَبَّةُ في الجنَّةِ مثل كَرِش البعيرِ يبيت نَافِشاً.
أي راعياً باللّيل، من قوله تعالي: إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ [الأنبياء: 78]؛ أي
______________________________
(1) (*) [نفذ]: و منه في حديث المحرم: إذا أصاب أهله ينفذان لوجههما. و في حديث عبد الرحمن بن الأزرق: ألا رجل ينفذ بيننا. النهاية 5/ 91، 92.
(2) (*) [نفي]: و منه الحديث: المدينة كالكير تنفي خبثها. النهاية 5/ 101.
(3) (*) [نفش]: و منه في حديث ابن عباس: و إن أتاك منتفش المنخرين. النهاية 5/ 96.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 321
انتشرت بلا راعٍ. و منه نَفْشُ الصوف، و هو طَرْقُه حتي ينتفش؛ أي ينتشر بعد تلبّد؛ و نَفْشُ الطائِر جناحيه.

[نفج]

: أَنس رضي اللّه تعالي عنه- أنفجْنَا أَرْنباً بمرِّ الظّهْرَان، فسعي عليها الغِلْمان حتي لَغِبُوا «1» فأَدْرَكْتها، فأتيتُ بها أبَا طَلْحَة فذبحها، ثم بعث بِوَرِكها معي إلي النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم فقبِلها.
أي أَثَرْنَاها و أَعَدَيْنَاها.
مرّ الظّهران: قريب من عَرَفة.

[نفح]

*: شُرَيح رحمه اللّه تعالي- أبطل النَّفْحَ إلَّا أن تَضْرِبَ فتُعَاقِب.
هو أن ترميه الدابة برجلها فتضربه، أي كان لا يُلْزِم صاحبها شيئاً، إلا أن تُضْرَب فتُتْبِع ذلك رَمْحاً؛ من عاقبت كذا بكذا إِذا أَتْبعته إياه.
و يجوز أن يريد أنها إذا تناولته تناولًا يسيراً فلا شي‌ءَ فيه، ما لم تؤثر فيه برَمْحِها أثراً يجري مجري العِقَابِ في الشدة و الضِّرار.

[نفس]

: سعيد رحمه اللّه تعالي- ذكر قصة إسماعيل و ما كان من إبراهيم في شأنه حين تَرْكه بمكة مع أمه، و أن جُرْهماً زوَّجوه لما شبَّ و تعلَّم العربية و أَنْفَسَهم. ثم إن إبراهيم جاء يطالع تَرْكَته.
أَنْفَسهم: أعجبهم بنَفسه، و رغَّبهم فيها. و منه مال مُنْفِس. قال:
لا تَجْزَعِي إن مُنْفِساً أَهْلَكْتُهُ [و إذَا هَلَكتُ فعِنْد ذلك فاجْزَعِي]
«2» تَرْكَته- بسكون الراء؛ أي ولده، و هي في الأصل بيضة النعامة فاستعارها، و قيل لها تَرْكة و تَرِيكة؛ لأن النعامة لا تَبيض إلا واحدة في كل سنة ثم تَتْركُها و تذهب.
______________________________
(1) اللغب: التعب و الإعياء.
(3) (*) [نفح]: و منه في حديث أسماء: قالت: قال لي رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم: أنفقي، أو انضحي، أو انفحي، و لا تحصي فيُحصي اللّه عليك. و الحديث: إن جبريل مع حسان ما نافح عني. و في الحديث: تعرَّضوا لنفحات رحمه اللّه تعالي. النهاية 5/ 89، 90.
(2) البيت من الكامل، و هو للنمر بن تولب في ديوانه ص 72، و تخليص الشواهد ص 499، و خزانة الأدب 1/ 314، 321، 11/ 36، و سمط اللآلي ص 468، و شرح أبيات سيبويه 1/ 160، و شرح شواهد المغني 1/ 472، 2/ 829، و شرح المفصل 2/ 38، و الكتاب 1/ 134، و لسان العرب (نفس) و (خلل)، و المقاصد النحوية 2/ 535، و بلا نسبة في الأزهية ص 248، و الأشباه و النظائر 2/ 151، و الجني الداني ص 72، و جواهر الأدب ص 57، و خزانة الأدب 3/ 32، 9/ 41، 43، 44، و الرد علي النحاة ص 114، و شرح الأشموني 1/ 188، و شرح ابن عقيل ص 264، و شرح قطر الندي ص 195، و لسان العرب (عمر)، و مغني اللبيب 1/ 166، 403، و المقتضب 2/ 76.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 322
و لو رُوي: تَرِكَتَه لكان وجهاً. و التَّرِكة. اسم للمتروك، كما أن الطَّلِبة اسم للمطلوب، و منها تركة الميت.
النخعي رحمه اللّه تعالي: كل شي‌ء ليست له نَفْسٌ سائلة فإنه لا يُنَجِّسُ الماءَ إذا سقط فيه.
أي دم سائل.

[نفي]

: القرَظي رحمه اللّه تعالي- قال لعمر بن عبد العزيز حينَ استُخلف فرآهُ شَعِثاً؛ فقال له عُمر: ما لك تُدِيم إليّ النظر؟ فقال: أَنظر إلي ما نَفَي من شَعرِك و حالَ من لَوْنك.
قالوا نَفَيْتُه فنَفَي، نحو عُجْتُ بالمكان و عُجْتُ ناقتي و أنشدوا:
* و أصبح جَارَاكُمْ قتيلًا و نَافِياً «1» *
و معني نَفَي: ذهب و تساقط، و انْتَفَي مثله. يقال: نَفَي شَعرُ الرجل و انْتَفَي، و كان بهذا الوادي شجر ثم انْتَفَي. و منه النافية، و هي الهِبْرِية «2» تسقط من الشعرُ.
حال: تغيَّر.
كان عمرُ رضي اللّه تعالي عنه قبل الخلافة منعماً مُتْرَفاً فَيْنَان الشَّعْرِ، فلما استخلف تقشّف و شَعِث، فلذلك نَظر إليه نظرة متعجِّب من شَأْنه.

[نفج]

: في الحديث- في ذكر فِتْنَتَين: ما الأُولي عند الآخرة إِلا كنَفْجَة أرنب.
هي وثْبَتُها من مَجْثَمِها، يعني تَقْليل المدة؛ يقال: أَنْفَجت الأرنب فنَفَجَتْ.

[نفر]

: غَلَبت نُفُورتنا نُفُورَتَهم.
يقال لصحابة الرجل و قَرَابته الذين ينفرون معه إذا حزَبه أمرٌ: نَفْرَتُه و نُفْرَته و نَافِرَته و نَفْرُه و نُفُورَته.
و انتفاض في (حد). منفوسة في (خص) النِّفْرِية في (دح). و لا ينفر في (عق).
انتفجت في (ضا). نفجت في (قن). فانفر بها في (نس). و نفهت في (هج) و نفثه و نفخه في (هم). نافح فنافحوا في (خط). لا ننفس في (قد). النفاج في (بج). نفج في (خض).
انفارنا في (ري). منتفش في (هد). النفضة في (وط). نفاث في (زو) [تنفضهم في (ضر)].
______________________________
(1) عجزه:
أصمّ فزادوا في مسامعه وقرا
و البيت للقطامي في لسان العرب (نفي).
(2) الهبرية: ما طار من الريش، و ما يتعلق بأسفل الشعر، مثل النخالة من وسخ الرأس (القاموس المحيط:
هبر).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 323‌

النون مع القاف

[نقش]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- مَنْ نُوقِش الحساب عُذّب.
يقال: ناقشه الحساب: إذا عاسَرَهُ فيه و استقصي، فلم يَتْرُكْ قليلًا و لا كثيراً، و
أنشد ابنُ الأعرابي للحجاج:
إن تُنَاقِشْ يكن نِقَاشُك يا ر ب عذاباً لا طَوْقَ لي بالعذَابِ
أو تجاوِزْ فأنتَ ربُّ عفوٌّ عن مُسِي‌ءٍ ذُنوبُه كالترابِ
و رواهما ابنُ الأَنباري لمعاوية.
و
في حديث عائشة رضي اللّه تعالي عنها: من نُوقش الحساب فقد هَلَك.
و أصلُ المناقشة من نَقشِ الشوكة و هو استخراجُها كلّها، و منه انْتَقَشْتُ منه جميعَ حَقيّ.

[نقي]

*: نهي صلي اللّه عليه و آله و سلم عن العَجْفَاء التي لا تُنْقِي في الأضاحي.
أي لا نِقْيَ بها من هُزَالها.

[نقب]

*: قال صلي اللّه عليه و آله و سلم: «لا يُعدِي شي‌ء شيئاً». فقال أعرابيّ: يا رسولَ اللّه؛ إنَّ النُّقْبَة تكون بمِشْفَرِ البَعِير أوْ بذَنَبه في الإِبل العظيمة فتجرَبُ كلّها، فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: فما أَجْرَب الأول؟
النُّقبة: أول الجَرَب حين يَبْدُو، و جمعها نُقْب؛ و هي من النَّقْب لأنها تَنْقُب الجلد.

[نقع]

*: نهي صلي اللّه عليه و آله و سلم أن يُمْنَع نَقْعُ البئر.
______________________________
(1) (*) [نقش]: و منه في حديث علي: يوم يجمع اللّه فيه الأولين و الآخرين لنقاش الحساب. و في حديث أبي هريرة: و إذا شيك فلا انتقش. النهاية 5/ 106.
(2) (*) [نقي]: و منه في حديث أم زرع لا سمين فينتقي. و في حديث عمرو بن العاص يصف عمر: و نَقَتْ له مخَّتها. و الحديث: المدينة كالكير تُنقي خَبَثها. و في حديث أم زرع: و دائس و مُنَقٍ. و الحديث: يُحْشر الناس يوم القيامة علي أرضٍ بيضاء عفراء كقرصة النَّقيّ. النهاية 5/ 111، 112.
(3) (*) [نقب]: و منه في حديث عبادة بن الصامت: و كان من النقباء. و الحديث: إني لم أؤمر أن أنقِّب عن قلوب الناس. و الحديث: من سأل عن شي‌ء فنقَّب عنه. و في الحديث: أنه قال لامرأة حاجَّة: أنقبت و أدبرت. و في حديث أبي موسي: فنقبت أقدامنا. و الحديث: علي أنقاب المدينة ملائكة. و في حديث مجدي بن عمرو: أنه ميمون المنقبة. و في حديث عمر: ألبستنا أمنا نقبتها. و في حديث ابن سيرين:
النِّقاب محدث. النهاية 5/ 101، 102، 103.
(4) (*) [نقع]: و منه الحديث: أول جمعة جمعت في الإسلام في نقيع الخضمات. و في حديث المولد:
فاستقبلوه في الطريق منتقعاً لونه. النهاية 5/ 108، 109.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 324
أي ماؤها، و كل ماء مُسْتَنْقِع فهو نَاقع و نَقْع.
و قيل: سُمِّي لأنه يُنْقَع به، أي يُرْوَي.
و
عنه صلي اللّه عليه و سلم: «لا يباع نَقْعُ البئر و لا رَهوُ الماءِ».
الرَّهو: الجَوْبَة.
و
في حديث الحجاج: إنكم يأهْلَ العراق شَرّابُون عليَّ بأنقُع.
و
عن ابن جريج: إنه ذكر مَعْمَر بن راشد فقال: إنه لشرَّابٌ بأَنْقُع.
هذا مثل للدَّاهي المنكر. و أَصْلُه الطائر الذي لا يَرِد المشارعَ لأنه يفزَعُ من القُنّاص، فيعمد إلي مستنقعات المياه في الفَلَوات، فأراد الحجاج أنهم يَتَجَرْبَزُون عليه و يتَناكرون، و ابنُ جريج أنّ معمراً دَاهٍ في علم الحديث ماهر.

[نقب]

: قضي صلي اللّه عليه و آله و سلم أن لا شُفْعَة في فِنَاء و لا طريق، و لا مَنْقَبَةٍ و لا رُكْح و لا رَهْو.
المنقبة- عن النضر: هي الطريق الظاهر الذي يَعْلُو أَنْشَاز الأرض، و أنشد:
* أسفلَ مِنْ أُخري ثنايا المَنْقَبَهْ*
و عن أبي عبيدة: هي الطريقُ الضيق يكونُ بين الدَّارَيْن.
الرُّكْح: ناحية البيت. و رُكْح الجبل: جانبه، و منه رَكَح إليه و أَرْكح و ارْتَكح، إذا لجأ إليه و استند. و رَحْل مِرْكَاح «1»: عظيم، كأنه رُكْح جبل.

[نقخ]

: شرب من رُومة؛ فقال: هذا النُّقَاخ.
هو البارد الذي يَنْقَخُ العطش ببرده؛ أي يقرعه و يكسره. من النَّقْخ و هو نقف الرأس عن الدماغ، و يقال: هذا نُقاخ العربية؛ أي مخُّها و خالصها.

[نقل]

*: كان علي قبره صلي اللّه عليه و سلم النقَل.
هي صغار الحجارةِ أشباه الأثافِي، لأنها تُنْقَل، فَعَل بمعني مفعول.

[نقق]

: أبو بكر رضي اللّه تعالي عنه- لما قدم وَفْد اليمامة بعد قتل مُسَيْلِمة قال لهم:
ما كان صاحبكم يقول؟ فاستَعْفَوْه من ذلك، فقال: لتقولُنّ. فقالوا: كان يقول: يا ضِفْدَع نَقِّي كم تَنقِّين، لا الشرابَ تمنعين، و لا الماء تكدّرين … في كلام من هذا كثير. قال أبو بكر: وَيْحَكم! إن هذا الكلام لم يخرج من إلّ و لا بِرّ، فأين ذُهب بكم؟
______________________________
(1) المركاح من الرحال و السروج: الذي يتأخر مركب الرجل علي آخرة الرحل.
(2) (*) [نقل]: و منه في حديث أم زرع: لا سمين فينتقل. النهاية 5/ 110.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 325
النقيق: صوتُ الضفدع، فإذا مدّ و رَجَّع فهو نقنقة. و الدجاجة تنقنق و لا تنقّ؛ لأنها تُرَجِّع.
قالوا: الإِلّ: الربوبية.
و عن المؤرج: الإِلّ: الأصلُ الجيد و المعدنُ الصحيح؛ أي لم يَجي‌ءْ من الأصلِ الذي جاء منه القرآن.
و يجوز أن يكونَ بمعني السبب و القَرَابة؛ من قوله عز و جل: لٰا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَ لٰا ذِمَّةً [التوبة: 10]. و قول حسّان:
لَعَمْرُكَ إنَّ إِلَّكَ مِنْ قُرَيش كإلِّ السَّقْبِ من رَأَلِ النَّعَامِ
«1» و البِرّ: الصدق. من قولهم: صَدَقتَ و بَرَرْتَ. و برَّ الحالف في يمينه، و هو من العامِّ الذي أَدْرَكه تخصيص.
و المعني: إنّ هذا كلام غير صادر عن مناسبة الحق و مقاربته و الإِدلاء بسبب بينه و بين الصِّدْق.

[نقب]

: عمر رضي اللّه تعالي عنه- أتاه أعرابي فقال: إنَّ أهلي بعيد، و إني علي ناقة دَبْرَاء عَجْفَاء نَقْبَاء؛ و اسْتَحْمَله؛ فظنَّه كاذباً فلم يَحْمله. فانطلق الأعرابيّ فحمل بَعِيره، ثم استقبل البَطْحَاء، و جعل يقول و هو يمشي خَلْفَ بعيره:
أَقسمَ باللّه أبو حَفص عُمَرْ ما إنْ بها من نَقَب و لا دَبَرْ
* اغفر له اللهم إنْ كان فَجَرْ «2» *
[نقب]: و عُمرٌ مقبلٌ من أعلي الوادي، فجعل إذا قال:
اغفر له اللهم إن كان فَجَر
. قال: اللهم صدِّق. حتي التقيا فأخذ بيده فقال: ضَعْ عن راحلتك فوضع. فإذا هي نَقِبَة عَجْفَاء، فحمله علي بَعيرٍ و زوَّده وَ كَسَاه.
النَّقَب: رِقَّةُ الأخفاف و تَثَقبُّها.
فجَر: مال عن الحقِّ و كذب.
______________________________
(1) البيت في ديوان حسان ص 407.
(2) الرجز لرؤبة في شرح المفصل 3/ 71، و ليس في ديوانه، و لا يمكن أن يكون رؤبة هو قائله، ذلك أن رؤبة غير معدود في التابعين، و ليس هو من هذه الطبقة، و قد مات سنة 145 ه، و هو لعبد اللّه بن كيسبة أو لأعرابي في خزانة الأدب 5/ 154، 156، و لأعرابي في شرح التصريح 1/ 121، و المقاصد النحوية 4/ 115، و بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 128، و شرح الأشموني 1/ 59، و شرح شذور الذهب ص 561، و شرح ابن عقيل ص 489، و لسان العرب (نقب) و (فجر)، و معاهد التنصيص 1/ 279.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 326‌

[نقر]

*: متي ما يَكْثُر حَمَلةُ القُرْآنِ يُنَقِّرُوا، و متي ما يُنَقِّرُوا يختلفوا.
التنقير: التَّفْتِيش، و رجل نَقَّار و مُنَقِّرٌ.

[نقع]

: قيل [له] رضي اللّه تعالي عنه: إن النساءَ قد اجتمعنَ يَبْكِينَ علي خالد بن الوليد، فقال: و ما علي نساءِ بني المغيرة أن يسفكنَ دُمُوعهنَّ علي أبي سُلَيمان و هنَّ جلوسٌ ما لم يكن نَقْعٌ و لا لَقْلَقَةٌ.
النَّقْع: رَفع الصوت، و نَقع الصوتُ و اسْتَنْقَع؛ إذا ارتفع، قال لبيد:
* فمَتَي يَنْقَعْ صُرَاخٌ صَادِقٌ «1» *
و اللَّقْلَقَة: نحوه. و قيل: هو وَضْع التراب علي الرَّأْس، ذُهِب إلي النَّقْع، و هو الغُبَار الساطع المرتفع؛ و قيل: هو شق الجيوب، قال المرَّار:
نَقَعْنَ جُيُوبَهُنَّ عليَّ حَيًّا و أَعْدَدْنَ المَرَاثي و العَوِيلَا
«2» و منه النقيعة، و قد نَقَعوها؛ إذَا نحروها.

[نقد]

*: عليّ رضي اللّه تعالي عنه- إن مُكاتباً لبعض بني أسد قال: جئت بنَقَدٍ أَجْلِبه إلي المدينة، فانتهيتُ به إلي الجَسْر؛ فإني لأُسَرِّبُهُ عليه إذ أَقبل مولي لبكر بن وائل يتخلّل الغنم ليقطعه، فنفرت نَقَدَةٌ فقَطَّرَتِ الرجلَ «3» في الفُرَات فغَرِق، فأُخِذْتُ فارتفعنا إلي عليّ فقصصنا عليه القصة، فقال: انطلقوا، فإن عرفتم النَّقَدة بعينها فادفعوها إليهم، و إن اختلطتِ عليكمْ فادفعوا شَرْوَاها من الغنم.
النَّقد: غنمٌ صِغَار، و يقال للقَمي‌ء من الصبيان الذي لا يكاد يَشِبّ: نَقَد و نِقْد، كَشَبهٍ و شِبْه، و هذا كما قيل له قَصِيع «4»؛ من نَقَده، إذا نقره و قَصَعه: ضربَه. و منه النُّقْد و هو شجر صغير- عن ابن الأعرابي.
______________________________
(5) (*) [نقر]: و منه الحديث: أنه نهي عن نقرة الغراب. و الحديث: أنه نهي عن النقير و المزفَّت. و في حديث الإفك: فنقَّرت لي الحديث. النهاية 5/ 104، 105.
(1) عجزه:
يجلبوه ذات جَرْسٍ و زَجَلْ
و البيت في ديوان لبيد ص 191، و لسان العرب (نقع).
(2) البيت في لسان العرب (نقع).
(6) (*) [نقد]: و منه في حديث أبي الدرداء: إن نَقَدْت الناس نقدوك. و في حديث خزيمة: و عاد النِّقَاد مُجْرَنْثِماً. النهاية 5/ 104.
(3) قطرت الرجل: ألقته علي أحد قطريه، أي شقيه.
(4) صبي قصيع: قمي‌ء لا يشب.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 327
التَّسريب: أن يُرْسِلَها سِرْباً سرباً.
الشَّرْوَي: المثل.
أبو ذرّ رضي اللّه تعالي عنه- كان في سَفر فقرَّب أصحابُه السُّفْرة و دعَوْه إليها فقال:
إني صائم، فلما فرغُوا جعل يَنْقُد شيئاً من طعامهم- و روي: يَنْقر، فقالوا: ألم تقل: إني صائم؟ فقال: صدقتُ، سمعتُ رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم يقول: من صام ثلاثة أيام من كلّ شهر فقد تمَّ له صَوْمُ الشهر.
يقال: نقد الطائرُ الحبَّ إذا نَقَره؛ فاستعاره للنَّيْلِ من الطعام.

[نقز]

*: ابن مسعود رضي اللّه تعالي عنه- كان يصلي الظهرَ و الجَنادِبُ تَنْقُزُ من الرَّمْضَاءِ
أي تَقْفِز؛ و نَقَز و نَفَر أخوان قال:
* و نَقَزَ الظَّهائرُ الجَنَادِبا*
و يقال: نَقَّزَتْ ولدها؛ إذا رَقَّصَتْه.
ابن عباس رضي اللّه تعالي عنهما- ما كان اللّه ليُنْقِزَ عن قاتل المُؤْمِن.
أي ليقلع، قال:
* و ما أنا مِنْ أَعداء قومي بمُنْقِزِ*
و هو من نَقَز، كأضرب من ضَرَب.

[نقب]

: ابن عمر رضي اللّه تعالي عنهما- جاءَته مولاةٌ لامرأته، و كانت قد اخْتَلَعَتْ من كلّ شي‌ء لها و من كل ثوب عليها حتي نُقْبَتِها فَلَمْ يُنْكِر ذلك.
هي إزار جُعلت له حُجْزَة من غير نَيفَق و لا ساقَيْن، كأنّ مُدْخَل التّكَّةِ، شبِّه بالنقب فقيل له نُقْبة.

[نقف]

*: ابن عمرو رضي اللّه تعالي عنه- اعدُدِ اثْني عشرَ من بني كَعْب بن لؤيّ ثم يكون النَّقْفُ و النِّقَاف.
أي القتل و القتال، كما قال:
كتب القَتْلُ و القِتَالُ علينا و علي الغانيات جَرُّ الذُّيُول
و أصل النَّقْف: هَشْم الرأس؛ أي تهييج الفتن و الحروب [بعدهم].

[نقر]

: ابن المسيَّب رحمه اللّه تعالي- بلغه قولُ عِكْرمة في الحين: إنه ستة أشهر، فقال: انْتَقَرها عِكْرمة.
______________________________
(1) (*) [نقز]: و منه الحديث: ينقزان القِرَبُ علي متونهما. النهاية 5/ 106.
(2) (*) [نقف]: و منه في حديث مسلم بن عقبة المرِّي: لا يكون إلا الوقاف، ثم النقاف، ثم الانصراف.
النهاية 5/ 109.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 328
أي استنبط هذه المقالة و ابْتَحثها باجتهاده، ناظراً في قوله تعالي: تُؤْتِي أُكُلَهٰا كُلَّ حِينٍ [إبراهيم: 25]، من قولهم: انتقرت الدَّابة بحوافرها نُقَراً في الأرض إذا احتفرت، و إذا جرت السيول انتقرت في الأرض نُقَراً، و اختصَّها بالذهاب إليها من الانْتِقَار في الدعوة و هو الاختصاص. يقال: نَقَر باسْمِ فلان و انْتَقَر، إذا سمَّاه من بين الجماعة، و هو من قولهم: نَقَر بلسانه: إذا صوّت به، أو اكتتبها و أخذها من عالم؛ من قول ابن الأعرابيّ؛ قال: سمعتُ أعرابياً من بني عُقيل يقول: ما ترك عندي نُقَارَةً إلا انْتَقَرها؛ أي ما تركَ عندي شيئاً إلا كتبه.
و النُّقَارة من قولهم: ما أَغني عنه نَقْرَةً و نُقَارة؛ أي شيئاً قَدْرَ ما يَنْقُرُ الطير.
ابن سيرين رحمه اللّه تعالي-
قال عثمان البَتِّيّ: ما رأيتُ أحداً بهذه النُّقْرَة أعلم بالقَضَاء من ابن سيرين.
هي مستنقَع الماء، و أَراد البصرة؛ لأنها بطنٌ من الأرض.

[نقع]

: القرظيّ رحمه اللّه تعالي- إذا اسْتَنْقَعَتْ نَفْسُ المؤمن جاءه مَلَك فقال: السلام عليك وَلِيَّ اللّه. ثم نزع هذه الآية: الَّذِينَ تَتَوَفّٰاهُمُ الْمَلٰائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلٰامٌ عَلَيْكُمْ
[النحل: 32].
أي اجتمعت نفسه في فيه كاستنقاع الماء في مكان.

[نقب]

: الحجاج- سأل الشعبي عن فريضةٍ من الجَدّ، فأخبره بقول الصحابة رضي اللّه تعالي عنهم حتي ذكر ابن عباس رضي اللّه تعالي عنهما فقال: إن كانَ لنِقَاباً! فما قال فيها [النِّقَاب].
و روي: إن كان لمِنْقَاباً.
هو العالم بالأشياء المنقّب عنها. قال أوس:
[جوادٌ كَرِيمٌ أخو مَأْقِطٍ] نِقَابٌ يُحَدِّثُ بالغَائِبِ
«1»

[نقو]

: في الحديث: خلق اللّه جؤجؤ آدم من نَقَا ضَرِيَّة.
أي من رَمْلها. يقال: نقا و نَقَيان و نَقَوَان.
ضَرِيَّة: بنت ربيعة بن نزَار، و إليها ينسب حِمَي ضَرِيّة. و قيل: هي اسم بئر. قال:
سقاني من ضَرِيَّة خَيْرَ بئر تمجُّ الماءَ و الحَبّ التُّؤَامَا
«2»
______________________________
(1) البيت في لسان العرب (نقب)، و صدر البيت في اللسان:
نجيحٌ مليح أخو مأْقط
(2) البيت بلا نسبة في لسان العرب (ضري)، و معجم البلدان لياقوت (ضرية). و في اللسان و معجم البلدان
«فأسقاني ضرية …»
بدل
«سقاني من ضرية»
.الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 329
في النقير في (دب). النقي في (عف). فينقي. و منق. و تنقيثاً في (غث). النقيع في (عب). فانتقع في (لح). أو نقع ماء في (لع). نقبتها في (هل). نقير في (نك). منقلة في (جو). انتقش في (تع). فقد نقد في (هد). نقاب في (زو). [و انتقي في (حنا). و انتقشوا في (ضد)].

النون مع الكاف

[نكف]

*: النبيّ صلي اللّه عليه و آله و سلم- سُئِلَ عن قَوْل: سُبْحٰانَ اللّٰهِ*، فقال:
إنْكَافُ اللّهِ من كلِّ سوء.
أَي تنزيهه و تَقْدِيسه. يقال: نَكِفتُ من الأمر؛ إذا اسْتنْكَفْتُ منه، وَ أَنْكَفْتُ غيري؛ و هو من النَّكْف، و هو تَنْحِيَة الدَّمْع عن خَدِّك بإصبعك، و رأَيْنا غَيْثاً ما نَكَفَهُ أحد: سار يوماً و يومين، و بحر لا يُنْكف.

[نكل]

*: إن اللّه يُحبُّ النَّكَل علي النَّكَل، قيل: و ما النَّكَل؟ فقال صلي اللّه عليه و آله و سلم: الرجل القويّ المجرّب المُبْدِي‌ءُ المعيد علي الفرس القويِّ المجرّب.
المبدي‌ء المعيد، أي الذي أَبْدَأ في الغَزْوِ و أعاد حتي عاد مُجَرِّباً مُرْتَاضاً في ذلك. و هو من التنكيل.
قال أبو زيد: رجل نَكَل لأعدائه، و نِكْل بوزن شَبَه و شِبْه؛ أي يُنَكَّل به أعداؤه. قال رُؤْبة:
قد جرَّبَ الأعداءُ منيَ نِكْلَا نَطْحاً مع الصَّكِّ و مَضْغاً أكلا
و يقال: إنه لنِكْلُ شر و نَكَل شر. و التَّنْكِيل: المَنْع و التنحية عما يُرِيد، و منه النِّكْل:
القَيْد.

[نكب]

*: عن وَحْشِيّ قاتل حمزة: أتيتُ النبيّ صلي اللّه عليه و آله و سلم فأَسْلَمْتُ فقال: كيف قتلتَ حمزة؟ فأخبرته، قال: فتَنكبْ وَجْهي. فكنتُ إذا رأيتُه في الطريق تقصّيتها.
و روي: قال: فتَنَكبْ عن وَجْهي.
______________________________
(1) (*) [نكف]: و منه في حديث علي: جعل يضرب بالمعول حتي عرق جبينه و انتكف العرق عن جبينه.
النهاية 5/ 116.
(2) (*) [نكل]: و منه في حديث ماعز: لأَنْكُلَنَّه عنهن. و في حديث علي: غير نكل في قدم. و في حديث وصال الصوم: لو تأخّر لزدتكم، كالتنكيل لهم. النهاية 5/ 117.
(3) (*) [نكب]: و منه في حديث حجة الوداع: قال بأصبعه السبابة يرفعها إلي السماء و ينكبها إلي الناس. و في حديث الزكاة: نَكِّبوا عن الطعام. و في حديث عمر: نكِّب عنا ابن أم عبد. و في الحديث: أنه نكِبَتْ أصبعه. و في حديث النخعي: كان يتوسط العرفاء و المناكب. النهاية 5/ 112، 113.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 330
يقال: تنكَّبْتُه و عنه؛ إذا أعرضت عنه.
تقصَّيْتُها: صِرْتُ في أقصاها كتوسَّطْتُهَا: صرتُ في وسطها. و منه تقصَّيت الأمر و استَقْصَيْتُه؛ بلغتُ أقصاه في التفحّص.

[نكر]

: قال أبو سفيان بن حَرْب: إنَّ محمداً لم يُنَاكِر أَحَداً إلّا كانت معه الأَهْوَال.
أي لم يُحَارِب. و هو من النُّكْر؛ لأنّ كلَّ واحد من المتحاربين يُدَاهِي الآخر و يُخَادِعه.
الأهوال: المخاوف؛ و هو
قوله صلي اللّه عليه و آله و سلم: نُصِرْتُ بالرُّعْبِ
، أي لم يتعرّض لقتال أحد إِلا كان ذلك العدو خائفاً منه مَهُولًا، لقذف اللّه الرعب في قلوب أَعدائه.

[نكل]

: مُضَر صَخْرَة اللّه التي لا تُنْكَل.
أي لا تمنع و لا تُغْلَب.

[نكت]

*: عمر رضي اللّه تعالي عنه- لما اعتزل رسولُ اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم نساءه دخلتُ المسجد و إذا الناس يَنْكُتُون بالحصَي، و يقولون: طلَّقَ و اللّه نساءه. فقلت:
لأعلمنَّ ذلك اليوم. فدخلتُ فإذا أنا برَباح غلام رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم قاعداً علي باب المَشْرَبة مُدَلِّياً رجليه علي نَقِيرٍ من خَشَب.
النَّكْتُ: الضَّرْبُ و الأَثر اليسير، كما ينكت الرجل بقضيبه الأرض فيخطّ فيها.
و النكتُ بالحصي فِعْلُ المهموم المفكّر في أمره.
المَشْرَبة: الغُرْفة. و روي بالسين، و هي الصُّفَّة أمام الغرفة.
النَّقِير: جِذْع يُنْقَرُ، و يُجْعَل فيه كالمَراقِي يُصْعَدُ عليه إلي الغُرَفِ.

[نكش] [نكف]

: عليّ رضي اللّه تعالي عنه- ذكره رجل فقال: عنده شجاعة ما تُنْكَش.
النَّكْف و النَّكْش أَخوان، يقال: بحر لا يُنْكَف و لا يُنْكش، أي لا يُنْزَف.
لما أخرج عين أبي نَيْزَر- و هي ضيعة له- جعل يَضْرِبُ بالمِعْوَل حتي عَرِقَ جَبِينُه فانتكفَ العَرَق عن جَبِينه.
أي مَسحه و نحَّاه، يقال: نكفْتُ الغَيْث، و انْتَكَفْتُه، بمعني، إذا قَطَعْته.

[نكس]

*: ابن مسعود رضي اللّه تعالي عنه- قيل له: إنَّ فلاناً يقرأُ القرآن مَنْكُوساً، فقال: ذلك مَنْكُوس القلب.
______________________________
(1) (*) [نكت]: و منه الحديث: فجعل ينكت بقضيب. و في حديث أبي هريرة: ثم لأنكتَنَّ بك الأرض. و في حديث الجمعة: فإن فيها نكتةٌ سوداء. النهاية 5/ 113، 114.
(2) (*) [نكس]: و منه في حديث أبي هريرة: تعس عبد الدينار و انتكس. و في حديث جعفر الصادق: لا يحبنا ذو رحمٍ منكوسة. النهاية 5/ 115.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 331
قيل: هو أن يبدأ من آخر السورة حتي يقرأَها إلي أوّلها. و قيل: هو أن يأخذَ من المعوّذتين، ثم يرتفع إلي البَقَرة.

[نكر]

: الأشعريّ رضي اللّه تعالي عنه- ذكره أبو وائل فقال: ما كان أَنْكَره.
من النَّكْر، و هو الدَّهَاء و الفِطْنَة بالفتح. و هو النَّكارَة.
و منه
حديث معاوية رضي اللّه تعالي عنه: إني لأكره النَّكَارَة في الرجل، و أُحِبُّ أن يكونَ عاقلًا.

[نكس]

: الشعبي رحمه اللّه تعالي- قال في السِّقطِ إذَا نُكِسَ في الخَلْقِ الرَّابعِ، و كان مُخَلّقاً: عَتَقَت به الأمَة، و انقضَتْ به عدّة الحُرَّة.
أي إذا قُلِب و ردَّ.
في الخلق الرابع: و هو المُضْغَة؛ لأنه تراب ثم نُطْفَة ثم عَلَقة ثم مُضغة.
المُخَلَّق: الذي يتبيَّن خلقه.
و لا ينكف في (حر). ناكح في (فر). نكل في (دح). نكبت في (بد). ناكد في (وج). فنكته في (سق). النكث في (نو) [نكب في (قن)].

النون مع الميم

[نمل]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- قال للشَّفاء: عَلّمي حَفْصة رُقْيَة النَّمْلَة.
و رُقْيَتُها: العروس تَحْتَفل و تَقْتَال «1» و تَكْتَحل. و كل شي‌ء تَفْتَعل. غير أن لا تُعَاصي الرجل.
النملة- بالفتح: قروح تخرجُ في الجنب. و بالضم النميمة و الإِفساد بين الناس.
و بالكسر مِشْيَة مُقَاربة؛ و كأنها سميت نملة لتفشّيها و انتشارها؛ شُبّه ذلك بالنملة و دَبِيبها.
و
في حديث ابن سيرين رحمه اللّه تعالي: أنه نهي عن الرُّقَي إلا في ثلاث: رقية النَّمْلة و الحُمَة و النَّفْس.
الحُمَة: السمّ؛ يريد لدغ العقرب و أشباهها.
و النَّفْس: العين.

[نمص]

: لعن اللّه النَّامِصَة و المُتَنَمِّصَة و الوَاشِرَة و المُوتشِرَة و الواصلة و المُسْتَوْصلة و الواشمة و المستوشمة.
______________________________
(2) (*) [نمل]: و منه في الحديث: نَمِلٌ بالأصابع. النهاية 5/ 120.
(1) تقتال: تحتكم علي زوجها (لسان العرب: قول).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 332
النمص: نَتْف الشعر، و المِنْماص: المِنْقَاش.
و الأشر: تحديد الأسنان «1».
و الوَصْلُ: أن تصل الشعر بالشعر، و لا بَأْسَ بالقراميل.
الوَشْمُ: الغَرْزُ بالإِبرة في الجلد أو ذرّ النَّؤُور عليه.
لعن الفاعلةَ أولًا و المفعول بها ثانياً.

[نمي]

*: ليس بالكاذب من أَصْلَح بين الناس، فقال خيراً و نَمَي خَيْراً.
أي أبلغه و رفعه، يقال: نمَّيتُ الحديث و نَمَيْتُه- المخفف في الإِصلاح و المثقَّل في الإِفساد.

[نمر]

*: أقبل مُصعب بن عُمَير رضي اللّه تعالي عنه ذاتَ يوم إلي النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم و عليه قِطْعةٌ نَمِرةٌ قد وصلها بإهابٍ قد وَدَنَه.
هي بُرْدة تلبسها الإِمَاء فيها تخطيط، أخذت من لون النمر لِمَا فيها من السَّوَادِ و البياض، و هي من الصفات الغالبة، ألَا تري إلي قولهم: أَرينَها نَمِرَة أُرِكْها مَطِرة.
و
في حديث خبّاب بن الأرت رضي اللّه عنه: أنه أُتي بكفنه فلما رآه بكي و قال: لكن حمزة لم يكن له إلا نَمِرةٌ مَلْحَاء، إذا غُطّي بها رأسُه قَلَّصت عن قدميه، و إذا غطي بها قدمه قلصت عن رأسه.
المُلْحَة: سَوَاد و بياض.
قلَصت: ارتفعت.
وَدَنَه: بلّه و رطبه وِدَاناً، و وَدَن الأدَم، و هو مقلوب نَدَّاها.

[نمط]

*: عليّ رضي اللّه تعالي عنه: خيرُ هذه الأمة النَّمَطُ الأوسط يلحق بهم التَّالي، و يرجع إليهم الغَالي.
عن الليث: النَّمط: الجماعةُ من الناس أمرُهم واحد.
و عن النضر: الطريقة في قول عليّ. و النمط أيضاً. نوع من الأنواع؛ يقال: ليس من هذا النَّمَط. مَنْ نمط لك هذا؟ أي من ذلّك عليه؟
______________________________
(1) و الواشرة: المرأة التي تحدد أسنانها و ترقق أطرافها، تفعله المرأة الكبيرة لتتشبه بالشواب، و الموتشرة:
التي تأمر من يفعل بها ذلك، و كأنها من و شرت الخشبة بالميشار (لسان العرب: وشر).
(2) (*) [نمي]: و منه في الحديث: ينمي صُعُداً. و الحديث: كُلْ ما أصميت و دع ما أنميت. النهاية 5/ 121.
(3) (*) [نمر]: و منه في الحديث: نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم عن ركوب النمار. و في حديث الحج: حتي أتي نمرة.
و في حديث أبي ذر: الحمد للّه الذي أطعمنا الخمير و سقانا النمير. النهاية 5/ 117، 118.
(4) (*) [نمط]: و منه في حديث عمر: أنه كان يجلِّل بدنه الأنماط. النهاية 5/ 119.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 333‌

[نمي]

: ابن عبد العزيز رحمه اللّه- طلب من فاطمة امرأته نميَّة أو نَمَامِيّ يشتري عِنباً فلم يجدها.
النُّمِّية: الفَلْس و جمعها نَمَامِي، كذُرِّيّة و ذَرَاري. و يقال النُّمِّيُّ؛ سمي بذلك لأنه من جوهر الأرض، و هو الصُّفْر أو النحاس أو الرصاص. يقال لجوهر الرجل نُمّيَّة، قال أبو وجزة:
و لو لا غَيْرُه لكشفتُ عنه و عن نُمِّيةِ الطَّبْع اللَّعِين
و قيل لجوهر الرجل نُمِّيّة؛ لأنه ينمّ عليه في أفعاله و مخايله.
و روي بعضهم عن أبي زَيْد أنها كلمة رومية.
و عن ميمون بن مهران أنّ الفلوس كانت تُبَاع حينئذ ستين بدرهم، و العنب رطلين بفَلْس، و إنما رَخُص العنَبُ لأن عُمَر منعهم العَصِير.
في الحديث: إن رجلًا أراد الخروج إلي تَبُوك. فقالت له أمُّه- أو امرأته: كيف بالوَدِيّ؟ فقال: الغزو أَنْمَي للوَدِيّ؛ فما بقيتْ منه وَدِيّة إلا نفذت؛ ما مَاتَتْ و لا حَشَّتْ.
أي يُنْمِيه اللّهُ للغازي و يُحْسِنُ خلافَتَه عليه.
ما حَشَّتْ: ما يَبِسَتْ.
الناموس في (جا). [ناموسته] نمرته في (حب). و انمي في (سم). النمار في (جو).
[نامية و النمو في (بج)].

النون مع الواو

[نول]

: النبيّ صلي اللّه عليه و آله و سلم- ذكر قصَّة موسي مع الخَضْر، و أنّهما لما ركبا السفينةَ حملوهما بغير نَوْل.
أي بغير جُعْل، و هو مصدر نَالَه يَنُوله؛ إذا أعطاه. و منه قولهم: ما نَوْلُك أن تفعلَ كذا؛ أي ما ينبغي لك و ما حظُّك أن تفعَله.
و
في الحديث: ما نَوْلُ امري‌ء مسلم أن يقولَ غيرَ الصواب، أو أن يقولَ ما لا يَعْلَم.

[نوأ]

*: ثلاثٌ من أمر الجاهلية: الطعنُ في الأنساب، و النِّياحَة، و الأَنْوَاء.
هي ثمانية و عشرون نجماً معروفة المَطَالع في أَزمنة السنة كلَّها، يسقط منها في كلِّ ثلاث عشرة ليلة نَجْمٌ في المغرب مع طلوعِ الفجر، و يطلع آخرُ يقابله في المشرق من
______________________________
(1) (*) [نوء]: و منه في حديث ابن عباس: خطَّأ اللّه نوءَها. و الحديث: لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين علي من ناوأهم. النهاية 5/ 122، 123.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 334
ساعته؛ و انقضاء هذه النجوم مع انقضاء السنة؛ فكانوا إذا سقط منها نجمٌ و طلع آخر قالوا:
لا بدّ من مطرٍ و رياح؛ فينسبون كل غَيْثٍ يكون عند ذلك إلي النجم الساقط فيقولون: مُطِرْنا بنَوْء الثريا و الدَّبران و السِّماك.
و النَّوْء من الأضداد: النهوض و السقوط؛ فسمِّيَ به النجم إما الطالع و إمَّا الساقط.

[نور]

*: لعنَ اللّه مَنْ غيَّر مَنَارَ الأرض.
جمع مَنارة؛ و هي العلامةُ تجعل بين الحدَّيْنِ للجار و الجار.
و تغييرها: هو أن يدخلها في أرضه. و منه مَنَار الحرم؛ و هي أَعْلَامُه التي ضربها إبراهيم عليه السلام علي أقطاره. و قيل لملِكٍ من ملوك اليمن: ذو المنار؛ لأنه أوّل من ضرب المنار علي الطريق ليهتديَ به إذا رجع.
إن صعصعة بن ناجية المجاشعيّ رضي اللّه عنه جدّ الفرزدق قدم عليه فأسلم. و قال:
إني كنتُ أعمل أعمالًا في الجاهلية، فهل لي فيها من أَجْر؟ فقال: ما عملتَ؟ قال: إني أضللت ناقتين عَشْرَاوَيْنِ، فخرجتُ أَبغِيهما، فرُفِع لي بيتان في فضاءٍ من الأرض، فقصدتُ قَصْدَهما، فوجدت في أحدهما شيخاً كبيراً، فقلت: هل أحسست من ناقتين عَشْرَاوَين؟
قال: و ما نَارُهُما؟ قلت: مِيسم بني دَارِم. قال: قد أصبنا ناقَتَيْك و نَتَجْناهما، فَظَأَرْناهما علي أولادهما؛ و ذكر حديث المَوْءُودة و إحيائه إياها.
قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: هذا من باب البر، لكَ أجرُه إذ منّ اللّه عليك بالإِسلام.
النار: السِّمَة بالمكوي، سميت باسم النار. قال:
حتّي سَقَوْا آبَالهُمْ بالنَّارِ و النارُ قَدْ تَشْفِي مِنَ الأُوَارِ
«1» يقال: نَتَجْتُ الناقة فَنُتِجَتْ. فالناتج الذي ولدت عنده و هي المَنْتُوجة.
الظَّأْر: العطف؛ أراد لم نعطفهما علي غير أولادهما.

[نوب]

*: احتاطوا لأَهْلِ الأَمْوَالِ في النّائِبة و الواطِئةِ و ما يجب في الثمر مِنْ حق.
______________________________
(2) (*) [نور]: و منه في صفته صلي اللّه عليه و سلم: أنور المتجرَّد. و في حديث علي: نائرات الأحكام، و منيرات الإسلام.
و الحديث: لا تستضيئوا بنار المشركين. و في حديث سجن جهنم: فتعلوهم نار الأنيار. و في صفة ناقة صالح عليه السلام: هي أنور من أن تحلب. و في حديث خزيمة: لما نزل تحت الشجرة أنورت. النهاية 5/ 124، 125، 126، 127.
(1) الرجز بلا نسبة في شرح شواهد المغني 1/ 309، 316، و لسان العرب (أور) و (نور)، و مغني اللبيب، و في اللسان «قد سقيت آبالهم» بدل «حتي سقوا آبالهم».
(3) (*) [نوب]: و منه في حديث الدعاء: يا أرحم من انتابه المسترحمون. و حديث صلاة الجمعة: كان الناس ينتابون الجمعة من منازلهم. و في حديث الدعاء: و إليك أنبت. النهاية 5/ 123.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 335
هم الضيوف الذي يَنُوبونهم و ينزلون بهم؛ و السابلة الذين يطئونهم. يقال: بنو فلان يَطَؤُهم الطريق؛ إذا نزلوا قريباً منه.
و ما يجب في الثمر: هو ما يُعْطَاه مَنْ حَضَر مِنَ المساكين عند الجِدَاد «1».
و قيل في الوَاطِئة هي سُقَاطة الثمَرِ، لأنّها تُوطَأُ و تُدَاس، فاعلة بمعني مفعولة.
و المعني حابوهم و اسْتَظْهِرُوا لهم بالخَرْص «2» من أَجْلِ هذه الأسباب.

[نوق]

*: إنّ رجلًا سار معه علي جمل قد نَوَّقَه و خَيَّسَه، فهو يختال عليه، فيتقدّم القومَ ثم يَعْنِجُه حتي يكونَ في آخِر القوم.
المنوَّق: المذَلَّل، و هو من لفظ الناقة.
العَنْج: أن يرده علي رجليه، و يكون أنْ يجذب خِطامه حتي يُلزق ذِفْرَاه «3» بقادِمَة الرَّحْل.

[نوط]

*: عمر رضي اللّه تعالي عنه- أُتي بمال كثير فقال: إني لأحسبكم قد أَهْلَكتُم الناسَ. فقالوا: و اللّه ما أخذناه إلا عَفْواً بلا سَوْطٍ و لا نَوْط.
أي بلا ضَرْبٍ و لا تعليق.

[نوي]

*: [و
عنه رضي اللّه تعالي عنه: إنه] لقط نَوَيَاتٍ من الطريق فأمسكها بيده حتي مَرَّ بدَار قوم فألْقَاها فيها، و قال: تأكلها دَاجِنتُهم.
و
عنه رضي اللّه تعالي عنه: إنه كان يأخذُ النَّوَي و يلقط النِّكْثَ من الطريق؛ فإذا مرَّ بدار قومٍ رمي بها فيها؛ و قال: انتفعوا بهذا.
النَّوَيَات: جمع قِلَّة، و النَّوَي جمع كثرة.
و النِّكْث: واحد الأَنْكاث؛ و هو الخيط الخَلَق من صوف أو شَعر أو وبَر؛ لأنه يُنْكَثُ ثم يُعَاد فَتْله.
______________________________
(1) أجد النخل: أي حان أوان إدراكه (القاموس المحيط: جد).
(2) الخرص: تقدير ما علي النخل من الرطب تمراً.
(4) (*) [نوق]: و منه في حديث عمران بن حصين: و هي ناقة منوَّقة. و في حديث أبي هريرة: فوجد أينقه.
النهاية 5/ 129.
(3) الذفري من جميع الحيوان: العظم الشاخص خلف الأذن.
(5) (*) [نوط]: و منه في حديث وفد عبد القيس: أطعمنا من بقية القوس الذي في نوطك. و في حديث علي:
المتعلِّق بها كالنوط المذبذب. النهاية 5/ 128.
(6) (*) [نوي]: و منه في حديث عبد الرحمن بن عوف: تزوجت امرأة من الأنصار علي نواة من ذهب. و في حديث الخيل: و رجل ربطها رياءً و نواءً. و في حديث ابن مسعود: من ينوي الدنيا تعجزه. النهاية 5/ 131، 132.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 336‌

[نوم]

*: عليّ رضي اللّه تعالي عنه- ذكر آخر الزمان و الفِتَن، فقال: خيرُ أهلِ ذلك الزمان كل نُوَمَة، أولئك مَصَابيحُ الهدي؛ ليسوا بالمَسَايِيح و لا المَذَاييع البُذُر.
النُّومَة: الخامل الذِّكْر الذي لا يُؤْبَه له، علي وزن هُمزَة- عن يعقوب، و هو أيضاً الكثيرُ النوم.
و
في حديث ابن عباس رضي اللّه تعالي عنهما: إنه قال لعليّ: ما النُّوَمَة؟ فقال: الذي يَسْكُنُ في الفِتْنَة فلا يبدو منه شي‌ء.
أولئِك: إشارة إلي معني كل.
المَسَايِيح و المَذَاييع: و احدهما مِفْعال؛ أي لا يسيحون بالنميمة و الشر و لا يُذِيعون الأسرار.
و البُذُور: جمع بَذُور، و هو الذي يَبْذُر الأحاديثَ و النمائم و يفرِّقها في الناس.

[نوش]

*: سُئل رضي اللّه تعالي عنه عن الوصيَّة فقال: نَوْشٌ بالمَعْرُوفِ.
يعني أن يَتناول الميت الموصَي له بشي‌ءٍ و لا يُجْحِفَ بماله.
و منه
حديث عبد الملك: إنه لما أراد الخروجَ إلي مُصْعَب بن الزبير ناشَتْ امرأَتُه فبكتْ جَوارٍ لها.
أي تناولَتْه متعلقةً به.
و منه
حديث قيس بن عاصم رضي اللّه تعالي عنه: إنه قال لبنيه: إياكم و المسألة، فإِنها آخرُ كَسْبِ المرء، و إذا مُتّ فغيِّبُوا قَبْرِي من بكر بن وائل، فإني كنتُ أُناوِشهم في الجاهليّة- ورُوي: أُهَاوِشُهم- ورُوي: أُغاوِلُهم- وروي: فإِنه كانت بيننا و بينهم خُمَاشات في الجاهلية، و عليكم بالمال و احْتِجَانِه.
تناوش القوم: إذا تناول بعضُهم بعضاً في القتال. و ناوش الرجل القومَ: تناولهم فيه.
المُهَاوَشَة: المخالطةُ علي وَجْهِ الإِفساد من الهوش. و قالوا في قول العامة: شَوَّشْتَ عليّ إنما هو هَوَّشت، أي خلّطت و أفسدت.
المغاولة: المبادرة، يريد معالجته إياهم بالشرِّ و الغَارة.
أو هي مفاعلة من غاله؛ إذا أهلكه؛ وضعَها موضِعَ المقاتلة. و عن أبي عبيد: أري أن المحفوظ أُغاوِرهم.
______________________________
(1) (*) [نوم]: و منه في حديث حذيفة و غزوة الخندق: فلما أصبحت قال: قم يا نومان. و في حديث علي:
حثَّ علي قتال الخوارج فقال: إذا رأيتموهم فأينموهم. النهاية 5/ 130، 131.
(2) (*) [نوش]: و منه في حديث عائشة تصف أباها: فانتاش الدِّين بنعشه. النهاية 5/ 128.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 337
الخُماشات: الجنايات و الجراحات.
احتجانه: إمساكه و ضمّه إلي نفسه. من المِحْجَن الذي تَجْتَذِبُ به الشي‌ءَ إليك.

[نوم]

: قال رضي اللّه تعالي عنه: دخل عليَّ رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم و أنا علي المَنَامة، فقام إلي شاةٍ بَكِيّ‌ء، فاحتلبها.
هي الدَّكّة التي يُنَام عليها. و يقال للقطيفة المَنَامة.
البكيّ: القليلة اللبن.

[نور]

: زيد بن ثابت- فرض عُمَر رضي اللّه تعالي عنه للجَدِّ، ثم أنارَها زيدُ بنُ ثابت.
أي نَوَّرَها و أوضحها، و الضمير للفريضة.

[نوي]

: عُروة رحمه اللّه- قال في المرأة البَدَوِيَّة يُتوفي عنها زَوْجُها: إنها تَنْتَوِي حيثُ انْتَوَي أهلها.
أي تتحول و تنتقل.
و نواء في (حب). أنواط في (دف). فنوّموا في (سر). النواء في (شر). أناس في (غث). نيطا في (شج). انتاطت في (خض). نوبته في (وس). و نائرات في (دح). نوه في (قع). [نوي في (جب)] ينوس في (ذو).

النون مع الهاء

[نهر]

*: النبيّ صلي اللّه عليه و آله و سلم- قيل: يا رسول اللّه، إنا نلقي العدوَّ غداً، و ليسَتْ لنا مُدًي «1»، فبأيِّ شي‌ءٍ نذبح؟ فقال. أنْهِرُوا الدَّمَ بما شئتم إلا الظُّفْر و السِّن، أما السِّن فعَظْم، و أما الظفْر فمُدَي الحَبَش.
أَنْهَرَ الدَّم: سَيَّلَه؛ و منه النَّهْر، أراد السنَّ و الظفر المركَّبَيْن في الإِنسان؛ فإنّ المنزوع لا يمكن الذبحُ به.
و إنما نهي عنهما لأنه خنْقٌ و ليس بذَبْح.

[نهم]

*: وفد عليه صلي اللّه عليه و سلم حَيٌّ من العرب؛ فقال: بنو مَن أنتم؟ قالوا: بنو نُهِمْ. فقال نُهْمٌ شيطان، أنتم بنو عَبْد اللّه.
______________________________
(2) (*) [نهر]: و منه الحديث: ما أنهر الدم فكل. و في حديث أُنيس: فأَتوا منهراً فاختبأوا فيه. النهاية 5/ 135.
(1) المدي: جمع مدية و هي السكين و الشفرة.
(3) (*) [نهم]: و منه الحديث: منهومان لا يشبعان: طالب علم و طالب دين. النهاية 5/ 138.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 338
قال عمر بن الخطاب رضي اللّه تعالي عنه. تَبِعْتُه صلي اللّه عليه و آله و سلم حتي أدركتُه فلما سمع حِسِّي قام و عَرَفني، و ظنَّ أني إنما تَبِعْتُه لأُوذِيَه فَنَهَمَنِي، ثم قال: ما جاء بك هذه الساعة؟ قلت: إني أُومِن باللّه و رسوله.
أي زجرني مع الصِّيَاح بي.
يقال: نَهَم الإِبلَ، إذا زَجَرَها وصاح بها لِتَمضي؛ و النَّهْم و النَّهْر و النَّهي: أخَوات.

[نهش]

*: كان صلي اللّه عليه و آله و سلم مَنْهُوش الكَعْبَين- وروي مَنْهوس و مَبْخُوص.
الثلاثة في معني المَعْرُوق، و فُرِّق بين النَّهْس و النّهْش؛ فقيل: النّهس بأطراف الأسنان، و النهش بالأضراس. و يقال: رجل منهوش، إذا كان مجهوداً سَيِّي‌ء الحال. قال رؤبة:
كَمْ من خليلٍ و أَخٍ مَنْهوشِ مُنْتَعِشٍ بفَضْلِكم مَنْعُوشِ
«1» و هو الذي تعرَّقَتْه السنون؛ ألا تري إلي قول جرير:
إذا بعضُ السنين تعرَّقَتْنا كفَي الأيتام فقدُ أَبِي اليتيمِ
«2» و المَبْخُوص: الذي أخذت بَخصته، و هي لحم أسفل القدمين. و لو روي: مَنْحوض؛ من نَحَضْت العضو، إذا أخذت نَحَضه لكان وجهاً.

[نهز]

*: إنّ رجلًا كان في يده مالُ يتامي، فاشتري به خمراً، فلما نزل تحريمها انطلقَ إلي النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم فقَصَّ عليه؛ فقال: أهْرِقْهَا، و كان المال نَهْزَ عشرة آلاف.
أي قريباً من هذا المبلغ. قال:
تُرْضِع شِبْلَيْن في مَغارِهما قد نَهَزَا لِلْفِطَام أو فُطِمَا
«3» و حقيقته ذات نَهْز، و منه ناهَزَ الحُلم، إذا قاربه.
______________________________
(4) (*) [نهش]: و منه الحديث: لعن رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم المنتهشة و الحالقة. النهاية 5/ 137.
(1) الرجز في لسان العرب (نهش).
(2) البيت من الوافر، و هو لجرير في ديوانه ص 219، و خزانة الأدب 4/ 220، 221، و شرح أبيات سيبويه 1/ 56، و الكتاب 1/ 52، 64، و بلا نسبة في الأشباه و النظائر 3/ 197، و شرح المفصل 5/ 96، و لسان العرب (صوت) و (عرق)، و المقتضب 4/ 198.
(5) (*) [نهز]: و منه في حديث أبي الأسود: و إن دُعي انتهز. و في حديث عطاء: أو مصدور ينهز قيحاً. النهاية 5/ 136.
(3) الرجز بلا نسبة في لسان العرب (نهز) و في اللسان «قد ناهزا» بدل «قد نهزا».
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 339‌

[نهج]

*: عمر رضي اللّه تعالي عنه- أتاه سلمان بن ربيعة الباهليّ، يشكو إليه عاملًا من عمَّاله؛ فأخذ الدِّرّة فضربه بها حتي أُنْهِجَ.
أي وقع عليه البُهْر؛ يعني علي عُمَر.

[نهز]

: قال في خُطْبَةٍ له رضي اللّه تعالي عنه: مَنْ أتي هذا البيت لا يَنْهَزُه إليه غيرُه رجع و قد غُفِرَ له.
نَهزه و لَهَزه و وهَزَه: دفعه؛ أي مَنْ حجَّ لا يَنْوِي في حجته غير الحَجِّ تجارةً أو غيرها من حوائج الدنيا رجع مغفوراً له.

[نهج]

: العباس رضي اللّه تعالي عنه- مانَعَهُم عمر في دَفْنِ رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم؛ و قال: إنه لم يَمُتْ؛ و لكنه صَعِق كما صَعِق موسي، فقال العباس إنّ رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم لم يَمُتْ حتي ترككم علي طريق ناهِجة، و إن نَريكُ ما تقولُ: يابْن الخطاب [حقًّا] فإِنَّه لن يَعْجِزَ أن يَحْثُوَ عنه، فخلِّ بيننا و بين صاحبنا؛ فإنه يأسِنُ كما يأسِنُ الناس.
الناهجة: البيِّنة، يقال: نهج الأمر و أنهج، إذا تبيَّنَ و وَضَح.
أنْ يَحْثُو عنه، أي يرمي عن نفسه بتراب القبر و يَقُوم.
يأسِنُ: تتغير رائحته.

[نهي]

: ابن مسعود رضي اللّه تعالي عنه- قال: لو مررتُ علي نِهْي نصفُه ماء و نصفُه دم لشربتُ منه و توضَّأت.
هو الغدير- بالفتح و الكسر، و قد أنكر ابن الأعرابيّ الكسر.

[نهك]

*: محمد بن مَسْلَمة رضي اللّه تعالي عنه- كان يقال: إنّه مِنْ أَنْهَكِ أصحابِ رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم.
أي من أشجعهم. رجل نَهِيك بيِّن النَّهاكة، و الأصل في النَّهْك المبالغة في العمل.

[نهبر]

*: عمرو رضي اللّه عنه- قال لعثمان و هو علي المنبر: يا عثمانُ؛ إنك قد ركبتَ بهذه الأمة نَهَابِيرَ من الأمْرِ، فتُبْ.
هي في الأصل جمع نُهْبُور، و هو ما أشرفَ من الرمل و شقَّ علي الراكب قَطْعه؛
______________________________
(1) (*) [نهج]: في حديث قدوم المستضعفين بمكة: فنهج بين يدي رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم حتي قضي. النهاية 5/ 134.
(2) (*) [نهك]: و منه الحديث: لينهك الرجل ما بين أصابعه أو لتنهكنَّه النار. و في حديث الخافضة: أشمِّي و لا تنهكي. النهاية 5/ 137.
(3) (*) [نهبر]: و منه الحديث: لا تتزوّجنَّ نهبرة. النهاية 5/ 133.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 340
فاستعير للمهالك. قال نافع بن لَقِيط:
و لأَحْمِلَنْكَ علي نَهَابِرَ إن تَثِبْ فيها و إِن كنْتَ المنَهِّتَ تَعْطبِ
«1» و المنتهشة في (حل). [كالنهل في (حف)]: و لا تنهكي في (خف). نهابر في (هو).
و نهد في (فر). و نهج في (قن). ناهله في (هض). [نهزها في (زف)]. انهج في (عذ).
نهبرة في (شه). و نهر [الرعية] في (ذق). فنهد في (عف). اناهك في (من). نهسا في (سو). منهراً في (فق). [لنهدة و نهد في (فر)].

النون مع الياء

[نير]

*: عمر رضي اللّه تعالي عنه- كره النِّير.
هو العلَم [في الثوب]. يقال: نِرْتُ الثوبَ نَيْراً و أَنَرْتُهُ و نَيَّرْتُه.
و
عن ابن عمر رضي اللّه تعالي عنه: إنه كان يقطع عَلَم الحرير من عِمَامته، و كان يقول: لولا أنَّ عُمَر كره النيِّر لم نَرَ بالعَلَم بَأْساً.
[ثلاثة أنياب في (جز). من اني في (بج)].
[آخر النون]
______________________________
(1) البيت في لسان العرب (نهبر).
(2) (*) [نير]: و منه حديث ابن عمر: لولا أن عمر كره النيِّرَ لم نر بالعَلَم بأساً. النهاية 5/ 140.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 341‌

حرف الواو

الواو مع الهمزة

[وأل]

*: عليّ رضي اللّه تعالي عنه- إن دِرْعَه كانت صَدْراً بلا مُؤَخّر، فقيل له: لو احترزتَ من ظَهْرِك؟ فقال: إذا أمكنت من ظَهْري فلا وَأَلْتُ.
أي لا نجوت.
قال فلان: أَ أَنتَ من بني فلان؟ قال: نعم. قال: فأنت من وَأْلَة إذَن؟ قُمْ فلا تَقْرَبني.
قال ابنُ الأعرابي: هذه قبيلة خسيسة سُمِّيَتْ بالوَأْلَة و هي البَعْرَة لخِسَّتِهَا.

[وأد]

*: عائشة رضي اللّه تعالي عنها- خرجت أَقْفُو آثارَ الناس يوم الخَنْدَق، فسمعتُ وَئِيدَ الأرض من خَلْفِي، فالتفتُّ فإِذا أنا بسعد بن معاذ.
هو صوتُ شدةِ وَطْئِه علي الأرض، يقال للإِبل إذا مشت بثقلها: لها وَئيد.

[وأي]

*: وَهْب رحمه اللّه تعالي- قال: قرأت في الحكمة إنّ اللّه يقول: إني قد وَأَيْتُ علي نفسي أن أَذْكُرَ من ذكرني.
الوَأْيُ: الوَعْد الذي يُوثقه الرجل علي نفسه، و يَعْزِمُ علي الوَفاء به، و فلان صادقُ الوَأْيُ؛ و منه فرس وَأَي- بوزن وَعًي: قوي موثق الخَلْقِ.
فوألنا في (فر). [وأد البنات في (قي)]. لا وألت في (جي).
______________________________
(1) (*) [وأل]: و منه في حديث البراء بن مالك: فكأن نفسي جاشت فقلت: لا وألْتِ، أفِراراً أوَّل النهار وجبناً آخره؟ و منه في حديث قيلة: فوألنا إلي حِواء. النهاية 5/ 143، 144.
(2) (*) [وأد]: و منه الحديث: أنه نهي عن وأد البنات. و في حديث العزل: ذلك الوأد الخفي. و الحديث:
الوئيد في الجنة. و الحديث: و للأرض منك وئيدٌ. النهاية 5/ 143.
(3) (*) [وأي]: و منه في حديث عبد الرحمن بن عوف: كان لي عند رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم وأْيٌ. و في حديث أبي بكر:
من كان له عند رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم وأْيٌ فليحضر. و في حديث عمر: من وَأَي لامري‌ءٍ بوأْيٍ فليفِ به. النهاية 5/ 144.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 342‌

الواو مع الألف

[واه]

: أبو الدرداء رضي اللّه تعالي عنه- ما أنكرتُم من زمانكم فيما غَيَّرتُم من أعمالكم، إن يَك خيراً فوَاهَاً وَاهاً، و إن يك شرًّا فآها آها.
واها: إعجاب بالشي‌ء قال:
________________________________________
زمخشري، ابو القاسم، محمود بن عمر، الفائق في غريب الحديث، 4 جلد، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، اول، 1417 ه ق
الفائق في غريب الحديث؛ ج‌3، ص: 342
* وَاهاً لرَيَّا ثم وَاهاً وَاهَا «1» *
واها: تَوَجُّع.

الواو مع الباء

[وبش]

: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- حين قال: اهْتِف بالأنصار. قال: فهتفت بهم فجاءوا حتي أطافوا به و قد وَبَّشَتْ قريش أَوْباشاً و أَتْباعاً.
أي جمَّعت أخلاطاً من الناس.
يقال: أوباش من الناس و أَوْشَاب.

[وبق]

*: ذكر صلي اللّه عليه و آله و سلم جسْراً علي جهنَّم فقال: و به كَلَالِيب مثلُ شَوْكِ السَّعْدَان غيرَ أنه لا يَعلمُ قَدْرَ عِظَمها إلّا اللّه، فتختَطِفُ الناسَ بأعمالهم؛ فمنهم المُوبَق بعَمَلِه، و منهم المُخَرْدَل، ثم ينجو. و حرّم اللّه علي النار أن تأكلَ من ابنِ آدم أَثرَ السجود.
فيخرجونهم و قد امْتَحَشُوا، و يبقي رجل مُقْبِلٌ بوجهه علي النار، فيقول: يا ربّ؛ قد قَشَبَنِي ريحُها، و أحرقني ذَكاؤُها، فيقرِّبه إلي باب الجنة، فإذا دنا منها انْفَهَقَتْ له الجنة.
المُوبَق: المهلك.
المُخَرْدَل: المقطَّع قطعاً صِغَاراً، و هي الخَراذيل و الخَرَاذِل بالدال و الذال؛ أي تقطعهم الكَلَاليب.
مَحَشَتْه النار: إذا أحرقته فامْتَحَش، و انْمَحَش.
مَرَّ قشب في (قش).
______________________________
(1) الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص 168، و له أو لأبي النجم في المقاصد النحوية 1/ 123، 3/ 636، و لأبي النجم في شرح التصريح 1/ 197، و شرح شواهد المغني 1/ 129، و شرح المفصل 4/ 72، و لسان العرب. (ويه) و (روي)، و له أو لرجل من بني الحارث في خزانة الأدب 7/ 455، و بلا نسبة في شرح الأشموني 2/ 363، 486، و شرح شواهد المغني 2/ 786، و شرح عمدة الحافظ ص 967، و شرح قطر الندي ص 257، و اللامات ص 125، و مجالس ثعلب ص 275، و مغني اللبيب 2/ 369، و المقاصد النحوية 4/ 311.
(2) (*) [وبق]: و منه في حديث علي: فمنهم الغرق الوبق. و في الحديث: و لو فعل الموبقات. النهاية 5/ 146.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 343
ذكت النار ذَكاءً: اشتعلت.
انْفَهَقَتْ له: اتَّسعت.

[وبل]

*: عليّ رضي اللّه تعالي عنه- أَهْدَي رجل للحسَن و الحسين و لم يُهْدِ لابْن الحنفية، فأوْمأَ عليّ إلي وابِلةِ محمد ثم تمثّل:
و ما شَرُّ الثَّلَاثَةِ أمَّ عَمْرٍو بصاحِبك الذي لا تُصْبِحينَا
هي طَرَف العضُد في الكَتِف، و طرف الفَخذ في الورك، و الجمع الأَوَابل.

[وبص]

: عائشة رضي اللّه تعالي عنها- كأني أنظُر إلي وَبِيصِ الطِّيبِ في مفارقِ رسولِ اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم و هو مُحْرم.
هو البَرِيق.
و منه
حديث الحسن رحمه اللّه تعالي: لا تَلْقَي المؤمنَ إلا شاحباً و لا تَلْقَي المنافِقَ إلَّا وَبَّاصاً.

[وبش]

: كعب رحمه اللّه تعالي- أَجِد في التَّوْرَاة أنَّ رجلًا من قُريش أَوْبَش الثَّنايا يَحْجِلُ في الفتنة.
قيل: معناه ظاهر الثنايا.
و عن ابن شُمَيل: الوبَش: البياض الذي يكونُ في الأظفار، يقال: بِظُفْرِه وَبَش؛ و هو نقط فيه. و منه الوَبَش من الجَرَب كالرّقط يتفشّي في الجِلْد، و جمل وَبِش، و قد وَبِش جلده وبَشاً.
موبي في (حب). الوبر في (رث). و لا توبروا في (حب). وبله في (عم). [لا يؤبه له في (صع). وبيص في (بص)].

الواو مع التاء

[وتر]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- من فاتته صلاةُ العَصْر فكأنما وُتِرَ أهْلَهُ و مالُه.
أي حُرِب أهله و مَالَه و سُلب؛ من وترت فلاناً إذا قَتَلْتَ حميمَه. أو نُقِص و قُلِّلَ من
______________________________
(1) (*) [وبل]: و منه الحديث: كل وبال وبالٌ علي صاحبه. و في حديث العرنيين: فاستوبلوا المدينة. و في الحديث: إن بني قريظة نزلوا أرضاً غملةً وَبِلَة. و في حديث يحيي بن يعمر: كل مالٍ أُديت زكاته فقد ذهبت وَبَلته. النهاية 5/ 146.
(2) (*) [وتر]: و منه الحديث: إن اللّه وترٌ يحب الوتر فأوتروا. و الحديث: إذا استجمرت فأوتر. و في حديث محمد بن مسلمة: أنا الموتور الثائر. النهاية 5/ 147، 148.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 344
الوِتْر، و هو الفَرْد، و منه قوله تعالي: وَ لَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمٰالَكُمْ [محمد: 35].
و منه
حديثه صلي اللّه عليه و آله و سلم: إن أعرابياً سأله عن الهجْرة فقال: وَيْحَك! إن شأْنَ الهِجْرَةِ شديد؛ فهل لك من إِبل؟ قال: نعم. قال: فهل تُؤَدِّي صَدَقَتها؟ قال: نعم.
قال: فاعمل مِنْ وراء البحر، فإنَّ اللّه تعالي لن يَترَك من عَمَلِك شيئاً.
قَلِّدوا الخيلَ و لا تُقَلِّدُوها الأَوْتَارَ.
هي أوتار القِسِيّ، كانوا يقلِّدونها مخافةَ العين. و قيل: كانت تَخْتَنِق بها، فلذلك نَهَي عنها.
و
في حديث آخر: أَمَر أن تُقْطَع الأَوْتَار من أعْنَاق الخيل.
و قيل: هي الدُّخُول؛ أي لا تطلبوا عليها الأوتار التي وُتِرْتُمْ بها في الجاهلية.
و منه ما
يُرْوي: إنه عُرضت الخيل علي عُبيد اللّه بن زياد، فمرَّت به خَيْل بني مازن.
فقال عُبيد اللّه: إن هذه لَخَيْل. فقال الأحنف: إنها لخيلٌ لو كانوا يضربونها علي الأوتار.
فقال ابن مشجعةَ أو ابن الهِلْقم المازني: أمَّا يوم قتلوا أباك فقد ضَرَبوها علي الأوْتَار؛ [فقال ابن مشجعة]: و لم يُسْمَع للأحنف سَقْطَةٌ غيرها.

[وتغ]

: ما مِنْ أَميرِ عشرةٍ إلا و هو يجي‌ء يوم القيامة مغلولةً يَداه إلي عُنُقه، حتي يكونَ عملُه هو الذي يُطْلقه أو يُوتِغُه.
وَتِغَ وَتَغاً إذا هلك، و أَوْتَغه غيره.

[وتر]

: العباس رضي اللّه تعالي عنه- قال: كان لي عُمَرُ جاراً، فكان يصومُ النهارَ وَ يقُومُ الليلَ، فلما وَلِيَ قلت: لأنظرنَّ الآن إلي عمله، فلم يزل علي وَتِيرَةٍ واحدة حتي مات.
أي علي طريقةٍ واحدة مطَّرِدة، من قولهم للقطعة من الأرض المطردة: وَتِيرَة- عن اللحيانيّ.
و عن أبي عَمْرو: الوَتيرة الجَبَل الحريد من الجبال و بينه و بينها وَصْلٌ لا يَنْقَطِع.
زيد بن ثابت رضي اللّه تعالي عنه- في الوَتَرَة ثلثُ الدّية، فإذا استُوعب قَارِنُه ففيه الدية كاملةً.
الوَتَرة و الوَتِيرة: الحاجز بين المَنْخَرَيْن.
المَارِن: ما لَان مما انْحَدر عن قَصبة الأنف.
و استيعابه: استِقْصَاء جَدْعِه.
هشام [بن عبد الملك]- كتب إلي عامل أُضَاخ: أَنْ أَصِبْ لي ناقةً مُوَاتِرةً- و كان بهشام
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 345
فَتْق. قال: فما وجَدُوا أحداً يعرف الناقةَ المُواتِرة إلا رجلًا من بني أَوْد من بني عُلَيم.
هي التي تضع قَوَائِمها وِتْراً وِتْراً، و لا تزجّ بنَفسِها فتَشُقُّ علي الرَّاكبِ.
و منه
قول أبي هريرة رضي اللّه عنه في قضاءِ شهرِ رمضان: يُوَاتره.
أي يقضيه وِتْراً وِتْراً، و يصوم يوماً و يُفْطِر يوماً، و لو قضاه تِباعاً لم تكن مُوَاترة؛ لأنه قد شَفَع اليوم باليوم، و هذا ترخيص منه، لأنَّ المتابعةَ أفضل.
و
عنه رضي اللّه تعالي عنه: لا بأس بأَنْ يُوَاتِرَ في قضاءِ شهرِ رمضان إن شاء.
[وتراً في (عق)]. لا يوتغ في (رب). فتوتروا في (حب) موتن في (ثد). فأوتر في (نث).

الواو مع الثاء

[وثب]

: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- أتاه عامر بن الطُّفَيل فوثَّبَه وِسَادة. و قال له: أسْلِم يا عامر، فقال: عَلَي أنَّ لي الوَبَر، و لك المَدَر. فأبي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم، فقام عامر مُغْضَباً و قال: و اللّه لأملأَنَّها عليك خَيْلًا جُرْداً، و رجالًا مُرْداً، و لأربطَنَّ بكل نخلة فرساً.
أي فرَّشَه إِياها و أَقْعَده عليها.
و الوِثَاب: الفِراش، و هي حِمْيرية، و يسمُّون الملك إذا قعد عن الغزو مُوثَبَاناً.
و
وفد زيد بن عبيد اللّه بن دارم علي قَيْل و هو في متصيَّد علي جَبل. فقال له: ثِبْ، فظنَّ أنه أَمرَه بالوثوب من الجبل. فقال: لتجدنِّي أيها الملك مِطْوَاعاً اليوم. فوثب من الجبل؛ فقال القَيْل: مَنْ دخل ظَفَارِ حَمَّر.
و
في حديثه صلي اللّه عليه و آله و سلم: إن فارِعَة بنت أبي الصلت الثقفي جاءته فسألها عن قِصَّة أخيها. فقالت: قَدم أخي من سفر فأتاني فوثَب علي سريري. فأقبل طائران فسقط أحدهما علي صَدْره فشقَّ ما بين صدره إلي ثنّتِه فأيقظتُه. فقلت: يا أخي، هل تَجِدُ شيئاً؟
قال: لا و اللّه إلا تَوْصِيباً.
و ذكرت القصةَ في مَوْتِه.
الثُّنَّةُ: ما بين العانة إلي السُّرة.
التَّوْصِيب: فيه وجهان: أن يكون معاقباً للتَّوصيم كالدائِم و الدائِب؛ و اللازم و اللازب، و أن يكون تفعيلًا من الوَصَب.
أبو بكر رضي اللّه تعالي عنه-
قال هذيل بن شُرَحبيل: أ أبو بكر يتوثَّب علي وصيِّ رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم؟ ودَّ أبو بكر أنه وَجَد عهداً من رسول اللّه، و أنه خزِم أَنْفُه بخِزَامَةٍ.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 346
يقال: تَوَثَّبَ عليه في كذا إذا استولي عليه ظُلْماً؛ أَي لو كان عليّ بن أبي طالب مُوصًي له بالخلافة و معهوداً إليه فيها لكان في أبي بكر وَازعٌ يَزَعُه من دينه و تقدُّمه في الإِسلام و طاعةِ أمر اللّه و رسوله أن يغتصبَه حقّه، و بوُدِّ أبي بكر لو ظفر بوصيَّةٍ و عهدٍ من رسول اللّه، و أن يكونَ هو أول من ينقاد للمعهود إليه و يُسْلِسُ قياده، و لا يَأْلُو في اتِّبَاعه [إياه]، و يكون في ذلك كالجمل الذَّلُول [في خزامته].

الواو مع الجيم

[وجب]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- قيل له: إنَّ صاحباً لنا أَوْجَبَ فقال:
مُرُوه فليُعْتِق رَقَبة.
هو من أوجب الرجل، إذا ركب كبيرة و وَجَبَتْ له النار. و يقال أيضاً: أوجب؛ إذا عَمِلَ حسنة تَجِبُ له بها الجنةُ. و هو من باب أقطَفَ و أَرْكب «1»، و يقال للحسنة و السيئة مُوجِبة.
و
في حديثه صلي اللّه عليه و آله و سلم: اللهمّ إني أسألك مُوجبات رحْمَتِك.
و
عن إبراهيم رحمه اللّه تعالي: كانوا يروْن أن المَشْيَ إلي المسجد في الليلة المُظْلِمَة ذات المطر و الريح أنها مُوجِبة.
[أي خصلة موجبة].
و
في حديث آخر: أَوْجَبَ ذُو الثَّلَاثَةِ و الاثنين.
أي الذي أفرط من أولاده ثلاثة أو اثنين.
عاد صلي اللّه عليه و آله و سلم عبدَ اللّه بن ثابت رضي اللّه تعالي عنه، فوَجده قد غُلِب؛ فاسْتَرْجَع و قال: غُلِبنا عليكَ يا أبا الرّبيع! فصاح النساءُ يبكين، فجعل ابنُ عَتِيك يُسكِّتُهن، فقال رسول اللّه: دَعْهُنَّ، فإذا وَجبَ فلا تبكِيَنَّ باكيةٌ. فقالوا: ما الوُجُوب؟ قال: إذا مات.
أصل الوجوب: الوقوع و السقوط، قال اللّه تعالي: فَإِذٰا وَجَبَتْ جُنُوبُهٰا [الحج: 36]. و منه قول الشاعر:
أطَاعَتْ بَنُو عَوْفٍ أَميراً نَهَاهُمُ عن السِّلْم حتَّي كَانَ أوَّلَ وَاجِبِ
«2»
______________________________
(3) (*) [وجب]: و منه في الحديث: أَوْجَب طلحة. و في حديث عمر: أنه أوجب نجيباً. و في حديث علي:
سَمِعتُ لها وجْبَةَ قلبه. النهاية 5/ 153، 154.
(1) أقطف: صار له دابة قطوف: يضيق مشيها، و أركبت الرجل: جعلت له ما يركبه، و أركب المهر: حان له أن يركب.
(2) البيت لقيس بن الخطيم في لسان العرب (وجب).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 347
و منه
حديث أبي بكر رضي اللّه تعالي عنه: إنه قال في خطبة له: أَلَا إنّ أَشْقَي الناس في الدنيا و الآخرة الملوك؛ الملِك إذا ملك زهَّده اللّه فيما عنده، و رَغَّبَه فيما في يدي غيره، و انتقصه شطْرَ أجَله، و أشرب قلبَه الإِشفاقَ، فإذا وَجَب، و نَضَب عُمْرُه، وضَحَا ظِلُّه حاسبه اللّه فأشَدَّ حسابه و أقلَّ عَفْوَه. ثم قال: و سَتَرَوْنَ بعدي مُلْكاً عَضُوضاً. و أُمّة شَعَاعاً، و دَماً مفَاحاً. فإن كانت للباطل نَزْوَة، و لأهل الحق جَوْلَة يَعْفُو لها الأثر و تموتُ السُّنَن، فالْزَمُوا المساجد، و استَشِيرُوا القرآن، و لْيَكُن الإِبْرَامُ بعد التشاور، و الصَّفْقَةُ بعد التناظر.
نَضَب: من نضُوب الماء، و هو ذَهَابه.
ضَحَا ظِلُّه: أي صار ضِحًّا، و إذا صار الظل ضِحًّا فقد بَطل صاحبه.
الشَّعَاع: المتفرق.
فَاح الدم: جري جَرْياً متسعاً، و أفاحه أَجْرَاه.
جَوْلة، أي حيرة، لا يستقرون علي أمرٍ يعرفونه.
الصَّفْقَة: ما أجمعوا عليه و تبايعوا.

[وجه]

*: ذكر صلي اللّه عليه و آله و سلم فِتَناً كقطع الليل تَأتي كوجُوه البَقَر.
قالوا: يريد أنَّها متشابهة لا يُدْرَي أنَّي يُؤْتَي لها؛ ذهبوا إلي قوله تعالي: إِنَّ الْبَقَرَ تَشٰابَهَ عَلَيْنٰا [البقرة: 40]. و عندي أنّ المراد تأتي نواطِحَ للناس؛ و مِنْ ثمّ قالوا: نَوَاطِح الدهر لنوائبه.

[وجس]

*: نهي صلي اللّه عليه و آله و سلم عن الوَجْس.
هو أن يلامِسَ امرأةً و الأخري تسمع؛ من التوجّس و هو التسمّع.

[وجم]

: أبو بكر رضي اللّه تعالي عنه- لقيَ طلحة بن عبيد اللّه، فقال: ما لي أَراك وَاجِماً؟ قال: كلمة سمعتُها من رسول اللّه مُوجِبَة لم أسأله عنها؛ فقال أبو بكر: أنا أعلم ما هي، لا إله إلا اللّه.
______________________________
(1) (*) [وجه]: و منه في حديث أبي الدرداء: ألا تَفْقَهُ حتي تري للقرآن وجوهاً. و منه في حديث صلاة الخوف: و طائفة وجاه العدو. و في حديث عائشة: و كان لعلي وجهٌ من الناس حياة فاطمة. النهاية 5/ 158، 159.
(2) (*) [وجس]: و منه الحديث: دخلت الجنة فسمعت في جانبها وجساً. النهاية 5/ 156.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 348
الواجم: الذي أسكته الهم وَ عَلَتْه الكآبة، و قد وَجَم وُجُوماً.

[وجح]

: عمر رضي اللّه تعالي عنه-
قال عَمْرُو بن معديكرب: صلَّي بنا عمرُ صلاة الصبح فقال: من اسْتطَاع منكم فلا يُصَلِّيَنَّ و هو مُوجَح. قلنا: يا أميرَ المؤمنين؛ و ما الموجَح؟ قال: [المُرْهَقُ] من خَلَاء أَو بَوْل.
الموجَح: الذي أوجَحته حاجته؛ أي كظَّتْه و ضيَّقَتْ عليه. و منه: ثوب موجَح و مستوجح، إذا كان صفيقاً مُلْتَحماً. و عن شمر: الموجِح- بالكسر: الذي يُوجِح الشي‌ء أي يُخْفيه؟ من الوِجَاح و هو أيضاً الذي يوجِّحُ الشي‌ء أو يُمْسِكه و يَمْنعه؛ من الوَجَح و هو المَلْجأ؛ هكذا الرواية عنه. و الذي أحفظه أنا الوَحَج المَلْجأ- الحاء مقدمة. قال حميد بن ثور:
نَضْح السُّقَاةِ بِصُباباتِ الدِّلَا ساعةَ لا ينفعها منه وحَجْ «1»
تفاديا مَنْ فلتان عابسٍ قد كُدِّحَ اللِّحْيَان منه و الوَدَجْ
و قد وَحِج وحَجاً؛ إذا التجأ؛ و أَوْحجته إلي كذا، فإنْ صحت الرواية عن شمر، و هو ثِقَة، فلعل الوَجَح لغة في الوحَج. قال شمر: و سألت أعرابياً عنه فقال: هو المُجِحُّ، ذهب به إلي الحامل.
و فيه وجه آخر: و هو أن يكون قولهم: أَوْجَح، أي أوضح؛ قد جاء في معني أحدث كما جاء أبدي في معناه. ثم يقال للحاقن أو الحاقب مُوجَح لمشارفته أن يبدي‌ءَ، و الهمزة في الإِيجاح بمعني الإِيضاح للسلب، و حقيقتُه إزالة الوَجَاح و هو الستر.
الخَلَاء: كناية عن النَّجْو.

[وجد]

*: ابن عمر رضي اللّه تعالي عنهما- قال: إن عُيَيْنَة بن حِصْن أخَذ عجوزاً من هَوَازن، فلما ردَّ رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم السبايَا بستّ قَلَائِص أبي أن يردَّها.
فقال له أبو صُرَد: خُذْها إليك، فو اللّه ما فُوهَا بِبارِد، و لا ثَدْيُها بنَاهِد، و لا بَطْنُها بوالِد، و لا زَوْجُها بوَاجِد، و لا دَرُّها بمَاكِد- أو نَاكِد. فردّها و شكا إلي الأقرع بن حابس، فقال: إنك ما أخذتها بيضاء غزيرة، و لا نصفاءَ وثيرة.
الواجد: المحب، من وَجَد فلان بالمرأة وَجْداً شديداً.
______________________________
(1) البيت في ديوان حميد بن ثور ص 64، و في الديوان «فلتات» بدل «فلتان».
(2) (*) [وجد]: و منه الحديث: ليُّ الواجدُ يحلُّ عقوبته و عرضه. و في حديث الإيمان: إني سائلك فلا تَجِدْ عليَّ. النهاية 5/ 155.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 349
المَاكِد: الذي يدوم و لا ينقطع. و أنشد الأصمعي للحارث بن مُضَرِّب:
و اللحز «1» الضبَّ إذا ما عَامَا «2» هل أَمْنَحُ المَاكِدَة «3» الكِرَاما
أي النوق الدائِمة الدرّ. و هو من مَكَد بالمكان و رَكَد: أقام به و لم يبرح.
و الناكد: الغَزيرة، و إبل نُكْد.
وثيرة: وطيئة. و منها قول الأعرابية: النساءُ فرش فخيرها أَوْثَرُها.

[وجب]

: الحسن رحمه اللّه تعالي- قال في إطعام المساكين للكفارة: يطعمهم وَجْبَةً واحدة.
هي الأَكْلَة في اليوم مرَّةً. يقال: فلان يأْكُل الوَجْبَة، و وَجَّب؛ إذا أكلها.

[وجه]

: في الحديث: لا يُحِبُّنا اْلأَحْدَب المُوَجَّه.
هو صاحب الحدَبَتين من خَلْف و قدّام، و هذا في حديث أهل البيت.
[و جاء في (بو)]. موجع في (دق). فليجأهن في (فا). الواجد في (لو). فوجرته في (فق). وجبة في (جش). وجن في (دج). المواجن في (بج). [وجبة الشمس في (سف):
بوج في (جب)]. نوجف في (رض). [وجهت في (سد)].

الواو مع الحاء

[وحر]

: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- في المُلَاعنة: إن جاءت به أحمر قصيراً مثل الوحَرَة- و يروي: أُحَيمر مثل العنبة- فقد كُذِب عليها، و إن جاءت به أَسْحَم أَعْيَن ذا أَلْيَتَيْنِ فقد صدق عليها، فجاءت به علي الأمْرِ المكروه.
هي دويَّبة كالعِظَاءة تَلْزِق بالأرض.
[وحر]:
مَنْ سرَّه أن يذهبَ كثير من وَحَرِ صَدْرِه فلْيَصُمْ شهر الصَّبْرِ و ثلاثة أيام من كلِّ شهر.
هو الغِلّ، يقال: وَحَرَ صدرُه و وَغَرَ، و أصله من الوَحَرة. و نظيره تسميتُهم الحِقْد بالضَّبِّ.

[وحش]

*: عن أنس بن مالك رضي اللّه تعالي عنه: أتي النبي صلي اللّه عليه و آله
______________________________
(1) اللحز: البخيل.
(2) إذا ما اشتهي الرجل اللبن قيل: قد اشتهي فلان اللبن، فإذا أفرطت جداً قيل: قد عام إلي اللبن.
(3) ناقة ماكد و مكود: دائمة الغزر.
(4) (*) [وحش]: و منه الحديث: لا تحقرنَّ شيئاً من المعروف، و لو أن تؤْنس الوَحَشَان. و في حديث عبد اللّه:
أنه كان يمشي مع رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم في الأرض وَحْشاً. النهاية 5/ 161.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 350
و سلم سائلٌ يسأله، فأعطاه تَمْرَةً فوَحَّشَ بها، ثم أتاه آخرُ فأعطاه تمرة فأخذها و قال: تمْرَة من رسول اللّه! فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: مَنْ هاهُنا يأتي أمّ سلَمة فيقول لها: ابعثي إليّ بصُرَّة الدراهم؟ فجاء بها فدفعها إليه. قال أنس: حَزَرْتُها نحو أربعين درهماً.
وحَّش بها: رمي بها؛ و منه بيت الحماسة:
* فذرُوا السِّلَاح و وَحِّشُوا بالأبْرَقِ «1» *
و منه
حديثه صلي اللّه عليه و آله و سلم: إنه كان بين الأوس و الخزرج قِتال، فجاء صلي اللّه عليه و آله و سلم، فلما رآهم نادي: يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّٰهَ حَقَّ تُقٰاتِهِ …
[آل عمران: 102] حتي فَرغ من الآيات؛ فوَحَّشوا بأسلحتهم و اعتنق بعضُهم بعضاً.
و منه
حديث عليّ رضي اللّه تعالي عنه: إنه لقي الخوارج و عليهم عبدُ اللّه بن وَهْب الراسبي فوَحّشُوا برِماحهم، و استلُّوا السيوف، و شَجَرهم الناسُ برماحهم، فقُتِلُوا بعضهم علي بعض.
شجَرَهم الناس: أي شبكوهم برماحهم. قال الهذليّ:
* رأيت الخيلَ تُشْجَرُ «2» بالرِّماح*

[وحوح]

*: في شعر أبي طالب:
حتي يُجَالِدَكُمْ عنه وَحَاوِحَة شِيبٌ صَنَاديدُ لا يَذْعَرْهُمُ الأَسَلُ
الوَحْوَح: السيد، و الجمع وَحاوحة، و التاء لتأْنِيث الجمع.

[وحش]

: قال صلي اللّه عليه و آله و سلم لسلمة بن صخر و قد ظاهر من امْرَأته: أَطْعِمْ وَسْقاً من تَمْرٍ ستين مِسكيناً، فقال: و الذي بعثك بالحق لقد بتْنَا وَحْشَيْن ما لَنَا طعام.
و يروي: و الذي نفسي بيده ما بين طُنُبَيِ المدينة أحد أحْوج مني.
الوَحْش و المُوحِش: الجائع. و بات فلان وَحْشاً، و جمعه أوحاش. و قال الأعشي:
* بات الوَحْشَ و العَزبَا «3» *
______________________________
(1) صدره:
إن أنتم لم تطلبوا بأخيكمُ
و البيت لأم عمرو بنت و قدان في لسان العرب (وحش).
(2) تشجر بالرماح: تطعن بالرماح.
(4) (*) [وحوح]: و منه حديث الذي يعبر الصراط حبواً: و هم أصحاب وَحْوَح. و في حديث علي: لقد شفي و حاوح صدري حَسُّكم إيَّاهم بالنصال. النهاية 5/ 162.
(3) تمامه:
حتَّي إذا ذرَّ قرنُ الشمس صبَّحه أضري ابن قرَّان بات الوحش و العزَبَا
-الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 351
و منه تَوَحَّش للدَّواء: احتمي له «1».
أراد بِطُنُبَيِ المدينة: طَرَفَيْها؛ شبَّه حَوْزَةَ المدينة بالفُسْطاطِ و جعل لها أطْنَاباً.

[وحن]

: معاوية رضي اللّه تعالي عنه- رأي يزيد يضرب غلاماً له، فقال: يا يزيد؛ سوءةً لك، تضربُ مَنْ لا يستطيعُ أنْ يمتنع، و اللّه لقد منعتني القدرة من ذوي الحِنَات.
جمع حِنَة، و هي الإِحْنَة «2».
و قد مرّ الكلام فيها في (اخ).

[وحي]

*: في الحديث: إذا أردتَ أمراً فتدبَّر عاقبته، فإن كانت شرًّا فانْتَهِ، و إن كانت خيراً فتوَحَّهْ.
أي تسرَّع إليه؛ من الوَحَاء؛ و هو السرعة. يقال: الوَحَاءَ الوَحَاء. و سُمٌّ وَحِيّ: سريع القتل. و استوحيتُه: استعجلتُه؛ و توحَّيْت تَوَحِّياً: تسرعت. و الهاءُ ضمير الأمر أو للسكت.
توحّم في (قط). الوحاء في (ضع). في الوحل في (حب). أو حدث به في (ذف).
الوحي في (قر). وحداناً في (تب). وحشي في (ثن).

الواو مع الخاء

[وخف]

*: سلمان رضي اللّه تعالي عنه- لما حَضَرَتْه الوفاةُ دعا امرأته بقيرة، فقال لها: إن لي اليوم زُوّاراً؛ ثم دعا بمِسْك، فقال: أَوْخِفِيهِ في تَوْرٍ «3» ففعلَتْ فقال: انْضَحِيه حول فراشي.
أي اضربيه بالماء، و يقال للإِناء المُوخَف فيه: مِيخَف.

[وخط]

: معاذ رضي اللّه تعالي عنه- كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم في جنازة، فلما دُفِن الميتُ قال: ما أنتم ببارِحين حتي يَسْمَعَ وَخْطَ نعالكم؛ و ذكر سؤال القبر، و أنّ الميت إن كان من أهل الشكّ ضرب بمِرْصافة وسط رأسه حتي يفْضي كلُّ شي‌ء منه.
______________________________
- و البيت من البسيط، و هو لابن أحمر في ديوانه ص 43، و الأشباه و النظائر 8/ 15، و لسان العرب (ضرا).
(1) يقال: توحش للدواء: أي أخل جوفك له من الطعام، و توحش فلان للدواء: إذا أخلي معدته ليكون أسهل لخروج الفضول.
(2) الإحنة: الحقد.
(4) (*) [وحي]: و منه في حديث أبي بكر: الوحا الوحا. النهاية 5/ 163.
(5) (*) [وخف]: و منه في حديث النخعي: يوْخَفُ للميت سدرٌ فيُغسل به. النهاية 5/ 164.
(3) التور: إناء من صفر أو حجارة يتوضأ منه.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 352
وَخْطَ نِعالكم: أي خَفْقَها؛ و هو من وَخَط في السير يَخِط؛ مثل وَخَد يَخِد، إذا أسرع وَخْطاً و وخوطاً.
المِرْصافة: المِطْرَقة من الرَّصْف، لأنه يُرْصَف بها المطروق، أي يضَمُّ و يلزقُ- و روي بالضاد؛ و هي الحجر الذي يُرْضَف به، من رَضَفْنَا الكيَّة نَرْضِفها رضفاً، و هو أن تأخذ رَضْفة، و هي حجر يُوقِدُون عليه حتي يَحْمَي ثم يُكْوَي به.
يجوز أن يروي «كلّ شي‌ء» بالنصب و الرفع.
يقال: أفْضَاه جعله كالفضاء، و منه لا يُفْضِي اللّه فاكَ؛ قال: و أفضَي: صار كالفضاء.
و المعني حتي يصيرَ كله فضاءً لا يبقي منه شي‌ء.

[وخش]

: ابن عباس رضي اللّه تعالي عنهما- ذكر الكَبْشَ الذي فُدِيَ به إسماعيل فقال: إنّ رأسه مُعَلَّق بقَرْنيه في الكعبة، قد وَخُشَ.
أي يَبِس و ضعف، من الوَخْش؛ و هو الرَّذل من الناس، يستوي فيه المذكر و المؤنث و الواحد و الجمع.
وخز في (رج).

الواو مع الدال

[ودع]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- إذا لم يُنْكِر الناسُ المُنْكَر فقد تُوُدِّع منهم.
أي استُريح منهم و خُذِلوا و خلِّي بينهم و بين ما يرتكبون من المعاصي.
و هو من المجاز، لأنّ المعتني بإصلاح شأنِ الرجل إذا يَئِس من صلاحه تركه و نفضَ منه يده، و استراح من مُعاناة النَّصَب في استصلاحه.
و يجوز أن يكون من قولهم: تودَّعْتُ الشي‌ءَ؛ أي صنتُه في مِيدَع، قال الراعي:
ثَنَاءٌ تُشْرِقُ الأحْسَابُ مِنْهُ به نَتَوَدَّعُ الحسَبَ المَصُونَا
«1» أي فقد صارُوا بحيث يتحفَّظُ منهم، و يُتصَوَّن كما يُتوقَّي شِرَار الناس.
أتي حُيَيّ بن أخطب النضيري كَعْب بن أَسَد القُرَظي- و كان كعب مُوَادِعاً لرسول اللّه
______________________________
(2) (*) [ودع]: و منه الحديث: لينتهين أقوامٌ عن وَدْعهم الجمعات، أو ليختمن علي قلوبهم. و الحديث:
اركبوا هذه الدواب سالمة، و ايتدعوها سالمة. و الحديث: دع داعي اللبن. و الحديث: من تعلَّق ودعةً لا ودع اللّه له. النهاية 5/ 165، 166، 167، 168.
(1) البيت في لسان العرب (ودع)، و في اللسان «تتودع» بالتاء بدل «نتودع» بالباء.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 353
صلي اللّه عليه و آله و سلم- فقال له: جئتك بعِزِّ الدهر، جئتُك بقريش مع قادَتِها و سادَتِها حتي أنْزَلْتُهُم موضعَ كذا؛ و بغَطفَان مع قادَتِها و سادَتِها حتي أنزلتُهم موضع كذا؛ و قد عاهدُوني و عاقَدُوني ألا يَبْرَحُوا حتي نستأصِل محمداً و من معه.
قال له كعب: جئتني و اللّه بذُلّ الدهر. و بجَهَام قد هَرَاق ماءَه، يُرْعِدُ و يبرق، فلم يَزَلْ به حُيَيّ يَفْتلُ في الذِّرْوَة و الغارِب حتي نَقَض عهده.
المَوَادَعَةُ: المصالحة، و حقيقتها المتاركة؛ أي أن يَدَع كلُّ واحد من المتعادِيَيْن ما هو فيه.
القادة: قواد الجيوش.
الجَهَام: السحاب الذي هَرَاق ماءَه؛ و ضرب البَرْق و الرعد مثلًا لتَنَفُّجِه.
الفَتْلُ في الذِّرْوَة و الغَارِب: مَثَلٌ في المخادعة.
ليَنْتَهِيَنَّ أقوام عن وَدْعِهم الجمُعَات، أو ليُختَمَنَّ علي قلوبهم؛ ثم ليُكْتَبُنَّ من الغافلين.
أي عن تركهم؛ مصدر يَدَع.
صَلَّي معه عبد اللّه بن أُنَيْس؛ و عليه ثوبٌ متَمزِّق؛ فلما انصرف دعا بثَوْب و قال: تَوَدَّعْه بخَلَقِك.
أي تصوّنه به؛ يريد الْبَس هذا الثوب الذي دفعته إليك في أوقات الحفلة و الزينة، و الذي عليك من الخَلَق في آوِنة البذلة.
و منه
قول عائشة رضي اللّه تعالي عنها: لا جديدَ لمن لا خَلَقَ له.

[ودي]

*: أبو هريرة رضي اللّه تعالي عنه- لم يكن يشغلني عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم غَرْسُ الوَدِيّ، و لا صَفْق بالأسْوَاق.
هي صغار النخل؛ الواحدة وَدِيَّة.
الصَّفْق: الضرب باليدِ عند البيع؛ يريد لم يَشْغَلْني عنه فِلاحَة و لا تجارة.

[ودد]

*: في الحديث: عليكم بتعلّم العربية؛ فإنها تدلّ علي المروءة و تزيد في المودّة.
يريدُ مودَّةَ المُشَاكلة.
ودائع و الودي في (صب). مستودع في (فض). ودنه في (نم). وديقه في (رص).
الوادعي في (عر). مودن و مودون في (ثد). وديق في (فق).
______________________________
(1) (*) [ودي]: و منه الحديث: إن أحبُّوا قادوا، و إن أحبُّوا وادوا. النهاية 5/ 169.
(2) (*) [ودد]: و في حديث ابن عمر: إن أبا هذا كان وُدًّا لعمر. النهاية 5/ 165.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 354‌

الواو مع الذال

[وذر]

*: عثمان رضي اللّه تعالي عنه- رُفع إليه رجلٌ قال لرجل: يابن شامَّةِ الوَذْرِ، فحدَّه.
هي قِطَع اللَّحْم التي لا عَظْمَ فيها؛ الواحدة وَذَرَة. و هي كناية عن المذاكير، و هو قَذْف.

[وذأ]

: بَيْنَا هو رضي اللّه تعالي عنه يخطبُ ذات يوم، فقام رجل فنال منه، فَوَذأَه ابنُ سَلَام فاتَّذَأَ، فقال له رجل: لا يمنعنَّك مكانُ ابنِ سلام أن تسبَّ نَعْثَلًا فإنه من شيعتِه. فقال ابن سلام: فقلتُ له: لقد قلتَ القولَ العظيم يوم القيامة في الخليفة من بَعْدِ نُوح.
وَذَأَه: زجره، و اتّذَأَ مُطاوِعُه.
كان يُشَبَّه برجل من أهل مصر اسمه نَعْثَل لطولِ لحيته. و قيل: من أهل أصْبهان.
و النَّعْثَل: الضَّبْعان و الشيْخُ الأحمق، و منه النَّعْثَلَة، و هي مِشْيَة الشيخ؛ و النّقْثلة مثلها.
العظيم يوم القيامة: أي الذي يعظم عِقابُه يوم القيامة. و قيل: يوم القيامة يوم الجمعة؛ و كانت الخطبة فيه.
و
عن كَعْب: إنه رأي رجلًا يَظْلِمُ رجلًا يوم جمعة، فقال: ويحك! أَ تَظْلم رجلًا يوم القيامة؟
نوح: عُمر؛ لما
يُرْوَي أنّ النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم استشار أبا بكر و عمر في أساري بَدْر، فأشار إليه أبو بكر بالمنِّ عليهم، و أشار عمرُ بقتلهم. فقال النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- و أقبل علي أبي بكر: إنّ إبراهيم كان أَلْيَن في اللّه من الدّهن باللَّبَنِ. ثم أقبل علي عمر فقال: إن نُوحاً كان أشدَّ في اللّه من الحَجَر.
يريد قول إبراهيم: فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَ مَنْ عَصٰانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. و قول نوح:
رَبِّ لٰا تَذَرْ عَلَي الْأَرْضِ مِنَ الْكٰافِرِينَ دَيّٰاراً.

[وذم]

*: أبو هُريرة رضي اللّه عنه: سُئِل عن كَلْب الصيد، فقال: إذا وذَّمْتَه و أرْسَلته و ذكرتَ اسم اللّه فكُلْ ما أمسك عليك ما لم يأْكُل.
قال النضر: الوَذَمة الحِرْج في عنق الكلب؛ و هو شبه سَيْرٍ كالعَذَبَة يقُدُّ طولًا.
و هي مأخوذة من وَذَمة الدَّلو؛ و وَذَّمْت الكلب تَوْذيماً؛ إذا شددتها في عنقه، و لا يُوذَّم
______________________________
(1) (*) [وذر]: و منه الحديث: شرُّ النساء الوذرة المذرة. النهاية 5/ 171.
(2) (*) [وذم]: و منه الحديث: أُريتُ الشيطان، فوضعت يدي علي وَذَمَتِه. و في حديث عمر: فَرَبَط كُمَّيْه بوذمةٍ. النهاية 5/ 171، 172.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 355
إلا المعلَّم، فكأنه قال: إذا كان كلبك مُعَلَّماً و كان مُضِيُّه نحو الصيد بإرسالك مسمِّياً فَكُلْ.

[وذف]

: الحجاج- قتل ابن الزبير فأرْسل إلي أمه أسماء يَدْعُوها، فأَبَتْ أن تَأْتيَه، فقام يتوذَّفُ حتي دخل عليها.
يقال: جاء يتوذَّف و يتقذَّف، إذا مشي في اختيال و تَمَايل من الكبر؛ و قيل: هو الإِسراع. قال بِشر:
يُعْطِي النَّجَائِبَ بالرِّحال كأَنَّها بَقَرُ الصَّرَائم و الجِيادَ تَوَذَّفُ
«1»

[وذح]

: إن خُنفساءَةً مرَّتْ به فقال: قاتل اللّه قوماً يَزْعمون أنّ هذه من خلق اللّه.
فقيل: مِمّ هي؟ قال: مِن وَذَح إِبليس.
هو ما يتعلق بألية الشاةِ من ثَلْطِها «2».
وذفان في (بر). و الوذر في (عر). بوذمة في (حر). بوذائله في (عص). و أوذم في (سح). الوذمة في (تر).

الواو مع الراء

[وري]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- كان إذا أرادَ سفَراً وَرَّي بغيره.
أي كَنَي عنه و سَتَره.

[ورع]

*: عمر رضي اللّه تعالي عنه- وَرِّع اللص و لا تُرَاعِه.
أي ادْفَعْه و اكْفُفْه و لا تنتظره.
و منه
حديثه، [أنه] قال للسائب: ورِّع عني بالدِّرْهم و الدِّرْهمين.
أي كُفَّ عني المتخاصمين في قَدْرِ الدِّرهم و الدرهمين، و اكْفِنِي الحكومةَ بينهم، و نُبْ عَنِّي في ذلك.

[وري]

: جاءته امرأةٌ جليلة فَحَسَرَتْ عن ذراعها فإذا كُدُوح، و قالت: هذا من احْتِراش
______________________________
(1) البيت لبشر بن أبي خازم في لسان العرب (وذف).
(2) ثلطها: سلحها.
(3) (*) [وري]: و منه في حديث الشفاعة: يقول إبراهيم: إني كنت خليلًا من وراءَ وراءَ. و في حديث تزويج خديجة: نَفَخْتَ فأوريت. و في حديث علي: حتي أوري قَبَساً لقابس. و في حديث الصدقة: و في الشَّويِّ الوريِّ مُسِنَّة. النهاية 5/ 178، 179.
(4) (*) [ورع]: و منه الحديث: ملاكُ الدِّين الورع. و في الحديث: إذا أشفي وَرع. و في حديث قيس عاصم:
فلا يُورَّع رجلٌ عن جمل يختطمه. النهاية 5/ 174، 175.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 356
الضباب «1»، فقال: لو أخذتِ الضَّبَّ فورَّيْتِه؛ ثم دعوتِ بمِكْثَفَة [فثَمَلْتِه] كانَ أشْبَع.
قال شمر: ورَّيْته، أي روَّغته في الدَّسَم؛ من قولك: لَحْمٌ وارٍ، أيْ سَمِين.
الثَّمْل: الإِصْلاح.

[ورك]

*: كان ينهي أن يجعل في وِرَاكٍ صَلِيب.
هو ثوب مُزَيّن يغطي المَوْرِكة، و هي رِفادة قُدّام الرَّحْلِ، يضع الراكبُ رِجْلَه عليها إذا أَعْيا.

[ورد]

*: عليٌّ رضي اللّه تعالي عنه- سافر رجلٌ مع أصحابٍ له فلم يَرْجِع حين رجعوا، فاتَّهم أهلُه أصحابَه، فرفعوهم إلي شريح؛ فسأَلهم البيِّنَة علي قَتْله؛ فارتفعوا إلي عليّ فأخبروه بقول شريح؛ فقال علي:
أوْرَدَها سَعْدٌ و سعد مُشْتَمِلْ يا سعد لا تُرْوَي بَهذَاك الإِبلْ
«2» ثم قال: إنَّ أَهْوَنَ السَّقي التَّشْريع؛ ثم فرَّق بينهم؛ و سألهم فاختلفوا؛ ثم أقرُّوا بقَتْلِه فقتلهم به.
المثَلان مشروحان في كتَاب المستقصي.
و المعني كان ينبغي لشريح أن يستقصِيَ في النظر و الاستكشاف عن خَبَر الرجل؛ و لا يقتصر علي طلب البيِّنة.

[ورع]

: كان أبو بكر و عُمَر رضي اللّه تعالي عنهما يوَارِعانِه.
أي يُشَاوِرَانِه في الأمور. قال أبو العباس: المُوَارَعة المناطقة. و أنشد لحسان:
نَشَدْتُ بَنِي النَّجَّار أفْعَالَ وَالدي إذَا لم يَجِدْ عانٍ لَهُ مَنْ يُوَارِعُهْ
«3»

[ورق]

*: [ابن مسعود حين ذكر الفتنة قال: الزم بيتك. قيل: و إن دُخل عليّ بيتي.
______________________________
(1) احتراش الضب: صيده.
(4) (*) [ورك]: و منه الحديث: لعلك من الذين يُصلُّون علي أوراكهم. و في الحديث: حتي إن رأس ناقته ليصيب مورك رحله. النهاية 5/ 176.
(5) (*) [ورد]: و منه الحديث: اتقوا البراز في الموارد. و في حديث المغيرة: منتفخة الوريد. النهاية 5/ 173.
(2) الرجز في جمهرة الأمثال 1/ 93، و روايته في جمهرة الأمثال:
ما هكذا تورد يا سعد الإبلْ
(3) البيت في ديوان حسان ص 263.
(6) (*) [ورق]: و منه في حديث الملاعنة: إن جاءت به أورق جعداً. و الحديث: أنه قال لعمار: أنت طيب الوَرَق. و في حديث عرفجة: لما قطع أنفه يوم الكلاب اتَّخذ أنفاً من وَرِقٍ فأنتن، فاتَّخذ أنفاً من ذهب.
النهاية 5/ 175.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 357
قال: فكن مثل الحمار الأورق الثَّفَال الذي لا ينبعث إلا كرهاً و لا يمشي إلا كرهاً.
هو الذي في لونه ورقة و هي بياض إلي سوادٍ. و منه الأورق للرماد و الورقاء للحمامة؛ و هي أطيب الإِبل لحماً إلا أنه ليس بمحمود عند العرب في عمله و سيره لضعفه، و لهذا أكّده بالثِّفال، و هو الثقيل البطي‌ء، و إنما أراد بذلك التثبيط عن الفتنة و الحركة فيها].

[وره]

: الأحنف رضي اللّه تعالي عنه- قال له الحُبَاب: و اللّه إنك لضئيل، و إن أمَّك لوَرْهاء.
الوَرَهُ: الخُرْق في العمل. و قد تَوَرَّه فلان. و من ذلك قيل للمتساقطة حُمْقاً، و للريح التي فيها عَجْرَفة و خُرْق: وَرْهاء، كقولهم: هَوْجاء.

[ورك]

: مجاهد رحمه اللّه تعالي- كان لا يري بأساً أنْ يتَورَّكَ الرجلُ علي رِجْلِه اليمني في الأرض المُسْتَحِيلة في الصلاة.
أي يَضَع وَرِكَه عليها، و الوَرِكان فوق الفَخِذَين، كالكَتِفَين فَوْقَ العَضُدين.
يقال: ورَّك علي دابته و تورَّكَ عليها.
المستحيلة: غير المستوية، لاستحالتها إلي العِوَج.
و
في حديث النَّخعي: كان يكره التورُّك في الصلاة.
النخعي رحمه اللّه تعالي- في الرجل يُسْتَحْلف إن كان مظلوماً فَورّك إلي شي‌ء جَزَي عنه، و إن كان ظالماً لم يَجْز عنه التَّوْرِيك.
أَيْ ذهبَ في يمينه إلي معني غير معني المستَحْلِف؛ من ورَّكْت في الوادي، إذا عدلت فيه و ذهبت. قال زهير:
و وَرَّكْنَ في السُوبان يَعْلُون مَتْنَه عليهنَّ دَلُّ النَّاعِم المتَنَعِّمِ
«1»

[ورد]

: الحسن رحمه اللّه تعالي- كان الحسنُ و ابنُ سيرين يقرآن القرآن من أوَّله إلي آخره و يكرهان الأَوْرَاد.
كانوا قد أَحْدَثوا أَنْ جعلوا القرآنَ أَجْزَاء، كلُّ جُزْء منها فيه سُوَر مختلفة علي غير التأليف، و جعلوا السورةَ الطويلةَ مع أُخري دونها في الطول، ثم يزيدون كذلك حتي يتمَّ الجزء، و كانوا يسمُّونها الأَوراد.

[ورع]

: ازْدَحَمُوا عليه فرأي مِنْهم رِعةً سيِّئةً؛ فقال: اللهم إليكَ هذا الغُثَاء الذي كنا نُحَدَّثُ عنه، إن أَجَبْنَاهم لم يفقهوا، و إن سكتنا عنهم وُكِلْنا إلي عِيِّ شديد، ما لي أسمع صَوْتاً و لا أري أَنيساً أُغَيْلِمَة حَيَارَي تفاقدوا ما نَالَ لهم أنْ يَفْقَهُوا.
______________________________
(1) البيت في ديوان زهير ص 12.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 358
يقال: وَرِع يَرِع رِعَةً، مثل وَثِق يَثِق ثقة؛ إذا كفَّ عما لا ينبغي.
و المراد هاهنا الاحتشام و الكفّ عن سوء الأَدَب، أي لم يحسنوا ذلك.
إليك: أي اقبضني إليك، أو أشكوهم إليك.
الغُثَاء: الرّعَاع.
ابن الأعرابي: نال له أن يفعل كذا نولًا و أنال له إنالة. و قال الفراء نحو ذلك و أنشد:
يا مالك بن مالك يا مالا أَنالَ أَنْ أَشتِمَكم أَنَالا
أَيْ آن أَنْ أشتمكم و انْبَغَي.
و منه: نَوْلك أن تفعل كذا، و نَوالكَ و منوَالك أن تَفْعَله.

[ورق]

: في الحديث: ضِرْس الكافر مِثْل وَرِقَان.
هو جبل بوزن قَطِران.
و منه
الحديث: إنه ذكر غَافِلي هذه الأمة، فقال: رجلان من مُزَينَة، ينزلان جَبَلًا من جبالِ العرب يقال له وَرِقان، فيُحْشَر الناسُ و لا يَعْلَمان.
لا وراط في (اب). الورِيّ في (عم). كورك في (حل). أورق في (صه). تورداً في (قص). يريه في (قي). يرعون في (حب). ورم أنفه في (بر). من ورق في (كل). التوراه في (شر). [ورقة بن نوفل في (حن)]. الموارد في (لع).

الواو مع الزاي

[وزع]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- كان مُوزَعاً بالسِّوَاك.
أي مُولَعاً به، و منه قوله تعالي: قٰالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ* [الأحقاف: 15].
أي أَلْهِمْنيه، و أَوْلِعْني به، و الوَزُوع و الوَلُوع واحد.

[وزن]

: نهي عن بَيْع الثِّمار حتي تُوزَن.
أي تُخْرَص.
و في حديث ابن عباس رضي اللّه تعالي عنهما:
قال أبو البَخْتَرِي: سألتُ ابنَ عباسٍ عن السَّلَف في النَّخْل؛ فقال: نَهَي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم عن بَيْع النخل حتي يُؤْكَل منه، و حتي يُوزَن. قلت: و ما يُوزَن؟ فقال رجل عنده: حتي يُخْرَص.
______________________________
(1) (*) [وزع]: و منه الحديث: من يزع الشيطان أكثر ممن يزع القرآن. و في حديث أبي بكر: إن المغيرة رجل وازعٌ. و في حديث قيس بن عاصم: لا يوزع رجلٌ عن جمل يخطمه. النهاية 5/ 180.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 359
و إنما سُمِّي الخَرْص وزناً لأنه تقدير. و وجْهُ النهي أن الثمار لا تَأْمَن العاهة إلا بعد الإِدْرَاك، و ذلك أوانُ الخَرْص.
و الثاني: أنّ حقوقَ الفقراء تسقُط عنه إذا باعها قبل الخَرْصِ؛ لأن اللّه تعالي أوجب إخْرَاجَها وقتَ الحصاد.

[وزغ]

*: مرَّ بالحكم بن مَرْوان؛ فجعل الحكم يَغْمِزُ بالنبي صلي اللّه عليه و آله و سلم و يشير بإصبَعِه. فالتفت إليه فقال: اللَّهم اجعل به وَزْغاً، فرَجَف مكانه- و روي: أنه قال:
كذلك فلْتَكُن، فأصابه مكانه وَزَغٌ لم يفارِقْه.
يقال: بفلان وَزَغ؛ أي رِعْشة، و هو من وزّغَ الجنينُ في البطن توزيغاً؛ إذا تحرك، و أَوْزَغَت الناقة ببولها و وَزَغت وَزْغاً؛ إذا رَمَتْ به و قطعته دُفْعةً دفعة. و قيل لسامّ أَبْرَص:
وَزَغ، لخفّته و سُرْعَة حركته.
رَجَف: اضْطَرَب.

[وزع]

: عمر رضي اللّه تعالي عنه- خرج ليلة في شهر رمضان، و الناسُ أوْزَاع؛ فقال:
إني لأظنُّ أنْ لو جمعناهم علي قاري‌ء كان أَفضل. فأمر أُبيّ بن كعب فأمَّهم، ثم خرج ليلةً أخري و هم يُصَلُّون بصَلَاتِه. فقال: نعم البِدْعَةُ هذه! و التي ينامون عنها أَفْضَل من التي يقومون فيها.
أي فِرَق، يريد أنهم كانوا يتنقلون بعد صلاة العشاء فرَقاً؛ قال المسيب بن عَلَس:
أَحْلَلْتَ بَيْتَكَ بالجميعِ و بَعْضُهُم مُتَفَرِّقُ لِيَحلَّ في الأَوْزَاعِ
«1» التي ينامون عنها، يعني صلاة آخر الليل خير من التي يقومون فيها، يعني صلاة أوّله.
الحسن رحمه اللّه تعالي- لا بدَّ للناسِ مِنْ وَزَعَةٍ.
أي من كَفَفة عن الشرّ، يعني السلطان.
فلا يوزع في (تب). وازع في (شو). وزعة في (قو). [يزع في (دح)].

الواو مع السين

[وسم]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- تُنْكَح المرأة لمِيسمِها و لمالها و لحَسَبِها؛
______________________________
(2) (*) [وزغ]: و منه الحديث: أنه أمر بقتل الوزغ. و الحديث: أن الحكم بن أبي العاص أبا مروان حاكي رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم فعلم بذلك فقال: كذا فلتكن، فأصابه مكانه وزغٌ لم يفارقه. النهاية 5/ 181.
(1) البيت في لسان العرب (وزع).
(3) (*) [وسم]: و منه في صفته صلي اللّه عليه و سلم: وسيمٌ قسيمٌ. و في حديث الحسن و الحسين: أنهما كانا يخضبان بالوسمة. و الحديث: أنه كان يسم إبل الصدقة. النهاية 5/ 185، 186.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 360
عليك بذات الدّين، تَرِبَتْ يَداك!
المِيسَم: مِفْعَل من الوَسَامة، و هي الجمال.
تَرِبَ: التصق بالتراب فَقْراً.
و قد مرَّ الكلام فيما يقصد بمثل هذه الأدعية.

[وسد]

*: ذكر عنده شُريح الحضرميّ فقال: ذلك رجل لا يتوسَّدُ القرآن.
يُحْتَمل أنْ يكونَ مَدْحاً له و وصفاً بأنه يعظّم القرآن و يُجِلُّه و يُدَاوِمُ علي قراءته، لا كَمَنْ يمتَهِنُه و يتهاونُ به و يخلّ بالواجب من تلاوته.
و ضربَ توسُّدَه مثلًا للجَمْع بين امتهانه و الاطّراح له و نِسْيَانه. و أن يكون ذمًّا و وصفاً بأنه لا يُلَازم تلاوةَ القرآن و لا يواظبُ عليها و لا يكِبُّ ملازمةَ نائمٍ لوسادِه و إكبابه عليها.
فمن الأوَّلِ
قوله صلي اللّه عليه و سلم: «لا توسَّدُوا القرآنَ، و اتْلُوه حقَّ تِلَاوته، و لا تستَعْجِلُوا ثوابَه، فإنَّ له ثواباً».
و
قوله: من قرأ ثلاث آياتٍ في ليلة لم يبِتْ متوسِّداً للقرآن.
و من الثاني: ما
يروي أن رجلًا قال لأبي الدَّرْدَاء: إني أريدُ أن أطلبَ العلم فأخشي أن أضيِّعه. فقال: لأنْ تتوسَّدَ العِلْم خيرٌ لكَ مِنْ أَنْ تتوسَّدَ الجَهْلَ.

[وسم]

: إنَّ رجلًا من الجن أتاه في صورة شيخ، فقال: إني كنتُ آمرُ بإفساد الطعام و قَطْعِ الأرحام، و إنِّي تائبٌ إلي اللّه. فقال: بِئْسَ- لعَمْرُ اللّهِ- عَمَلُ الشيخ المُتَوَسّم، و الشاب المُتَلَوّم.
قالوا: المتوسّم المتحلّي بسِمَة الشيوخ.
و المتَلَوِّمُ: المتعرِّضُ للَّائمة بالفعل القبيح.
و يجوز أن يكون المتوسّم: المتفرّس، يقال: توسَّمْتُ فيه الخير، إذا تفرَّسْتُه فيه، و رأيتُ فيه وَسْمَه؛ أي أثره و علامتَه. و المتلوِّم: المُنتظر لقضاءِ اللُّوَمة، و هي الحَاجَةُ، و اللُّؤامَة مثلها؛ و نظيره المتحوِّجُ من الحاجة، قال عنترة:
فوقَفْتُ فيها ناقتي و كأنّها فَدَنٌ لأقضِيَ حاجةَ المتلوِّمِ
«1» و قال العجَّاج:
* إِلَّا انْتِظَارَ الحَاج مَنْ تَحَوَّجَا «2» *
______________________________
(3) (*) [وسد]: و منه الحديث: إذا وُسِّد الأَمرُ إلي غير أهله فانتظر الساعة. النهاية 5/ 183.
(1) البيت في ديوان عنترة ص 122.
(2) الرجز في لسان العرب (حوج)، و في اللسان «إلا اختصار الحاج من تحوَّجا».
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 361
أو المسرع المتهافت؛ من قول الأَصْمَعِيّ: أَسْرَع و أَغَذَّ و تلَوَّمَ بمعني. و أنشد:
تَلَوَّمَ يَهْيَاهٍ بِيَاهٍ و قَدْ مَضَي من اللّيل جَوْزٌ و اسْبَطَرَّتْ كَوَاكِبه
«1»

[وسد]

: عن عَدِيّ بن حاتم رضي اللّه تعالي عنه- لما نزلتْ هذه الآية: حَتّٰي يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ [البقرة: 187]، أخذتُ عِقالًا أسود و عِقَالًا أَبيض، فوضعتُهما تحت وِسَادي، فنظرت فلم أتبيَّن. فذكرتُ ذلك للنبي صلي اللّه عليه و آله و سلم فقال: إن وِسَادَك إِذَنْ لطويلٌ عَريض؛ إنما هو الليلُ و النهار.
كَنَي بذلك عن عَرْض قَفَاه و عِظَم رأسه، و ذلك دليلُ الغَبَاوة، أَ لَا تَري إلي قول طرَفة:
* خشَاشٌ كرأْسِ الحيَّةِ المتوقِّد «2» *
و يلخّصه ما جاء
في حديث آخر: قلت: يا رسول اللّه، ما الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ؛ أ هما الخيطان؟ قال: إنك لعريض القَفَا إنْ أَبْصَرت الخَيْطَين.

[وسن]

*: عمر رضي اللّه تعالي عنه- رُفِع إليه شيخ توسَّنَ جاريةً فَجَلده، و همَّ بجَلْدِها، فشهدُوا أنها مقهورة فتركها و لم يَجْلِدْها.
أي تغشَّاها- و هي وَسْنَي- علي القسر.
قال المُؤَلّف: حدَّثني الأستاذ الأمين أبو الحسن علي بن الحسين بن بردك بالريّ.
قال: أخبرنا الشيخ الزاهد الحافظ أبو سعيد إسماعيل بن علي بن الحسين السمان، قال:
حدَّثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن الحسين بن أحمد بن يحيي بن إِياس البزاز- و يعرف بجميلة ابن إياس بدِير عَاقُول بقراءتي عليه، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن نيطر القاضي. قال: حدثنا محمد بن الحسين بن حفص الأشنائي. قال: حدثنا أبو كُرَيب. قال:
حدثنا ابن إدريس. قال: حدثنا عاصم بن كليب، عن أبيه، عن أبي موسي قال: أُتيت و أنا باليمن بامْرَأةٍ فسألتُها. فقالت: ما تسألُ عن امرأة حُبْلَي من غير بَعْل! أَمَا و اللّه ما خَالَلْتُ خليلًا، و لا خَادَنْتُ خديناً مُذْ أسلمت؛ و لكن بينا أنا نائمةٌ بفِنَاء بيتي فو اللّه ما أيقظَني إلا الرّجل حتي رَفَضَنِي «3» و أَلْقَي في بَطْنِي مثل الشهاب.
______________________________
(1) البيت لذي الرمة في أساس البلاغة (سبط)، و لسان العرب (يهيه).
(2) صدره:
أنا الرجل الضَّرْبُ الذي تعرفونَه
و البيت من الطويل، و هو لطرفة بن العبد في ديوانه ص 37، و الدرر 1/ 281، و سر صناعة الإعراب 1/ 358، و لسان العرب (ضرب) و (جعد) و (خشش) و (أصل) و بلا نسبة في همع الهوامع 1/ 86.
(4) (*) [وسن]: و منه في الحديث: و توقظ الوسنان. النهاية 5/ 186.
(3) رفض الشي‌ء: تركه. و الرافض: الرامي (لسان العرب: رفض).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 362
قال: فكتب فيها إلي عمر، فكتب إليه عمر أَنْ وَافِني بها و بِنَاسٍ من قَوْمِها بالمَوسِم.
قال: فوافيتُه بها، فلما رآني قال: لعلَّك سبقتني بشي‌ء في أمر المرأة. قلت: لا؛ها هي هذه. قال: فدعاها فسألها فأخبَرَتْهُ كما أخبرتني، فسأل عنها قومَها. قال: فأَثْنَوا عليها خيراً. قال عُمَرُ: شابة تهاميّة قد تنوّمت، قد كان ذلك يفعل، فأَمَارَهَا و كَسَاها و أَوْصَي بها قومَها خيراً.
تَنَوَّمَهَا: أتاها و هي نَائِمةٌ.
[و سيما في (بر)]. استوسقوا في (حو). وسيطاً في (قح). ميساع في (هل). [للوسن في (رج)]. أوسع جمل في (قط).

الواو مع الشين

[وشق]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- أُتِي بوَشِيقَةٍ يابسة من لَحْمِ صَيْد، فقال:
إني حَرَام.
و
عن عائشة رضي اللّه عنها: أُهْدِيَتْ له وَشِيقة قَدِيد ظَبْيٍ فردَّها.
قال الليث: الوَشِيقُ: لحم يُقَدَّدُ حتي يُقِبّ؛ أَيْ ييبس و تَذْهَب نُدُوَّتُه.
و قد وَشَقْت اللحم أَشِقُه وَشْقاً؛ و قيل: هو الذي يُغْلَي إغلاءةً للسفر، و أيهما كان فهو من التَّوْشيق، و هو التقطيع و التفريق؛ لأنه يُقْطَع و يُفَرَّضُ و تُفَرَّقُ أجزاؤه.
و منه الوَشْق: الرعي المتفرق. يقال: ليس في أرضنا غير وَشْق.
و منه
حديث حذيفة رضي اللّه تعالي عنه: إن المسلمين أَخْطَؤوا باليمان، فجعلوا يَضْرِبُونه بأسيافهم و حُذَيْفةُ يقول: أبي أبي. فلم يَفْهَمُوه حتي انتهي إليهم، و قد تَوَاشَقه القوم.
أي قطعوه وَشَائق.

[وشع]

: دخل المسجد و إِذا فِتْيَةٌ من الأنصار يَذْرَعُون المسجدَ بقَصَبة، فقال: ما تَصْنَعُون؟ قالوا: نريدُ أن نعمر مسجدك، و هو يومئذ وَشِيعٌ بسَعَفٍ و خَشَبٍ، فإِذا كان المطرُ وَكَف؛ فأخذ القَصَبة فَهَجل بها. ثم قال: خَشَبَات و ثُمَامَات و عَرِيش كعريش مُوسَي، و الشأن أَقْرَبُ مِنْ ذلك.
الوَشِيع: السَّقْف يُعْلَي خشَبُه بسعَفٍ و ثُمَام كما يُفْعل بالعريش، و الخُصّ يسد خَصَاصه بذلك.
______________________________
(1) (*) [وشق]: و منه في حديث أبي سعيد: كنا نتزود من وشيق الحج. و في حديث جيش الخبط: و تزودنا من لحمه وشائقَ. النهاية 5/ 189.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 363
و أصلُ الوَشْع و التَّوشِيع النسج غير المتلاحم. و منه قيل: الوشع لبيت العنكبوت، و وَشَائع الغبار لطرائقه. و وشَّعْتُ المال بينهم إذا وَزَّعْتُه.
هَجَل به و نَجَل و زَجَل أخوات، بمعني رَمَي به.

[وشظ]

: الشعبيّ رحمه اللّه- كانت الأوائلُ تقول: إياكم و الوَشَائِظ.
هم السَّفِلَة، الواحدُ وَشِيظ «1». قال:
و حافظ صَدْرٌ من ربيعة صالحٌ و طار لوَشِيظُ عنهم و الزَّعَانِفُ
[الزَّعَانِفُ: أَجْنِحَةُ السمك و أطْراف الأدِيم التي تلقي منه].

[وشي]

*: الزهري رحمه اللّه تعالي- كان يَسْتَوْشِي الحديث.
أي يستخرجه بالبَحْثِ و المسألةِ؛ من إيشاء الفرس و اسْتِيشَائِه، و هو أن يستميح جَرْيَ الدابَّةِ بتحريك الرِّجْلِ. قال الأغْلب:
بل قد أقود تَئِقاً ذا شَغْبِ يُرْضِيكَ بالإِيشَاءِ قَبْلَ الضّرب
و قال جندب أخو بني سعد بن بكر:
* و استُوشيَتْ آباطُهُنَّ بالجِذَمْ «2» *

[وشح]

*: في الحديث: إن امرأة كانت تدخل علي أزواج النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم فَكانت تكثر أن تتمثلَ بهذا البيت:
و يومَ الوِشَاحِ من تَعَاجِيب رَبِّنَا علي أنّه من بَلْدَةِ الكُفْر نَجَّانِي
«3» فسألوها عن ذلك، فقالت: كان عُرس و فُقِد وِشَاح فاتَّهمُوها ففتّشوها، فقالت عجوز:
فتشوا فَلْهَمَها فجاءت الحدأة بالوِشَاح فألقتْه.
الوُشاح: ضرب من الحلي، و جمعه وُشح، و منه توشَّح بالثوب و اتشح به.
فَلْهَم المرأة: فرجها.
______________________________
(1) الوشيظ: الخسيس من الناس و التابع.
(4) (*) [وشي]: و منه في حديث عفيف: خرجنا نشي بسعد إلي عمر. و في حديث الإفك: كان يستوشيه و يجمعه. و الحديث: فدقَّ عنقه إلي عَجْبِ ذنبه فائتشي محدودباً. النهاية 5/ 190.
(2) الجذم: السوط لأنه يتقطع مما يضرب به، و الجذمة من السوط: ما يقطع طرفه الدقيق و يبقي أصله (لسان العرب: جذم).
(5) (*) [وشح]: و منه الحديث: أنه كان يتوشح بثوبه. و الحديث: كانت للنبي صلي اللّه عليه و سلم درع تُسمَّي ذات الوشاح.
النهاية 5/ 187، 188.
(3) البيت بلا نسبة في لسان العرب (وشح).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 364
أوشاباً في (خب). و الواشمة في (نم). إلي استيشاء في (عش). يتوشحن في (عر).
أوشلت في (شج).

الواو مع الصاد

[وصم]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- إنَّ الرجل إذا قام يصلّي بالليل أصبح طيِّبَ النفس؛ و إنْ نامَ حتي يُصبح أصبح ثقيلًا مُوَصّماً.
التَّوْصِيم: الفَتْرَة و الكسل.

[وصل]

*: من اتَّصَل فأَعِضُّوه.
أي دعا دَعْوي الجاهلية. و هي قولهم: يا لَفُلان. قال الأعشي:
إذا اتَّصَلَت قالت أَبَكْرَ بنَ وائلٍ و بَكْرٌ سَبَتْهَا و الأنُوفُ رَوَاغِمُ
«1» و
عن أبيّ بن كعب: إنه أَعَضَّ إنساناً اتَّصَل.
و يقال: وَصَل إليه و اتَّصَل إذا انْتَمَي. قال اللّه تعالي: إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِليٰ قَوْمٍ [النساء: 90].

[وصف]

*: نهي عن بَيْع الموَاصَفَة.
و هي أَنْ يبيع ما ليس عنده، ثم يَبْتاعه فيدفعه إلي المشتري؛ لأنه باع بالصِّفَةِ من غير نَظَرِ و لا حيازة مِلْك.

[وصل]

: ابن مسعود رضي اللّه تعالي عنه- قال رجل: إني أردتُ السفرَ فأَوْصِنِي.
فقال له: إذا كنت في الوَصِيلة فأعْطِ رَاحِلَتك حَظَّها، و إذا كنتَ في الجَدْبِ فأَسْرع السيرَ و لا تُهَوِّد؛ و إياك و المُنَاخَ علي ظَهْر الطريق فإنه مَنْزِلٌ للوالِجة.
الوَصِيلة، و الوَصْلَة: الأرض المُكْلِئَة تَتَّصِل بمثلها.
التَّهْوِيد: المشي الرُّوَيْد، من الهَوَادَة.
______________________________
(2) (*) [وصم]: و منه في كتاب وائل بن حجر: لا توصيم في الدين. النهاية 5/ 194.
(3) (*) [وصل]: و منه الحديث: من أراد أن يطول عمره فليصل رحمه. و الحديث: أنه لعن الواصلة و المستوصلة. و الحديث: أنه نهي عن الوصال في الصوم. و في حديث علي: صِلُوا السيوف بالخُطا، و الرماح بالنبل. و في صفته صلي اللّه عليه و سلم: أنه كان نَعْمَ الأوصال. النهاية 5/ 191، 192، 193، 194.
(1) البيت في ديوان الأعشي ص 81.
(4) (*) [وصف]: و منه في حديث عمر: إن لا يشف فإنَّه يَصِفُ. و في حديث أم أيمن: أنها كانت وصيفةً لعبد المطلب. النهاية 5/ 191.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 365
الوالجة: الحيات و السِّبَاع؛ لاستتارها بالأَوْلَاج، و هي المَغَارات.

[وصر]

: شريح رحمه اللّه تعالي- إنَّ رجلين اختصما إليه؛ فقال أحدهما: إنَّ هذا اشتري مني أرضاً من أَرْضِ الحيرة و قبض مني وِصْرها، فلا هو يردُّ إليَّ الوِصْر و لا يعطيني الثَّمَنَ، فلم يُجْبِهما بشي‌ء حتي قامَا من عنده.
و روي: إن أحدهما قال: اشتريت من هذا أرضاً، فقلت: ادفع إليَّ الإِصْرَ؛ و إنه يَأْبي. فقال الآخر: إنها أرض جِزْيَة؛ فسكت شريح.
الوِصْر و الإِصْر و الأَوْصَر و الوَصَرَّة: الصكّ. قال عديّ:
فأيُّكُم لم يَنَلْهْ عُرْفُ نائِله دَثْراً سَواماً و في الأرْياف أَوْصارَا
«1» أي أقطعكم و كتب لكم السّجلات.
و قال آخر:
و ما اتَّخَذْتُ صَرَاماً لِلمُكُوثِ بها و لا انْتَقَثْتُكَ إلا لِلْوَصَرَّاتِ
«2» الجِزْيَة: الخَرَاج.
قالوا: و إنما سكت، لأنها أرضُ خَرَاج، و قد اختُلف في جَوَازِ بَيْعها [فتوقَّف].

[وصل]

: في الحديث: إنّ أول مَنْ كسا الكعبة كسوة كاملة تُبَّع، كساها الأنطاع ثم كساها الوَصَائل.
و هي ثياب حَبِرة من عَصْب اليمن، الواحدة وَصِيلة، و يقال لِثياب الغَزْل: الوَصائل.
توصيم في (اب). الوضع في (ضا) الواصلة و المستوصلة في (نم). توصيباً في (وث). بوصائله في (عص). [(صوم الوصال في (لي)].

الواو مع الضاد

[وضر]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- رأي علي عبد الرحمن وَضَراً مِنْ صُفْرَةٍ.
فقال: مَهْيَم؟ فقال: تزوجت امرأةً من الأنصار علي نَوَاةٍ من ذهب. فقال: أَوْلِمْ و لَوْ بِشاة.
أي لَطْخاً من زَعْفَران أو خَلُوق أو طيب له لَوْنٌ و رَدْع.
______________________________
(1) البيت في لسان العرب (وصر).
(2) البيت في لسان العرب (وصر).
(3) (*) [وضر]: و منه في حديث أم هاني‌ء: فسكبت له في صحفة إني لأري فيها وَضَر العجين. النهاية 5/ 196.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 366
مَهْيَم: كقولك: ما وراءك؟ و هي كلمة يمانية.
النواة: وزن خمسة دراهم، أي علي ذهب يُسَاوي خمسةَ دراهم؛ و ذلك نصفُ مثقال.
هذا التفسيرُ مطابِقٌ لمذهب الشافعي رحمه اللّه تعالي، لأنَّ عنده أنَّ ما جاز أن يَقَع عِوَضاً في البيع جاز أن يكونَ مهراً.
و عندنا لا ينقص عن عشرة دراهم أو عن مثقال،
لقوله صلي اللّه عليه و آله و سلم: لا تُنْكَحُ النساءُ إلّا من الأكفاء؛ و لا مهرَ أقل من عشرة دراهم.
و فيه وجهان آخران أنْ يُرِيد علي قَدْرِ نواة من نوي التَّمْرِ ذهباً في الحَجْمِ، أو علي ذَهَبٍ يوازنُ خمسة دراهم.
الوليمة: من الوَلْمِ، و هو خَيْطٌ يُرْبَط به؛ لأنها تعقَد عند الموَاصَلة.

[وضح]

*: أَقادَ رسولُ اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم مِن يهوديٍّ قتل جُوَيرية علي أَوْضاح لها.
هي حَلْي فِضَّة؛ جمع وضَح؛ سُمِّيَ باسم الوضَح الذي هو البَياض؛ كما سمِّيَ به الشيبُ و البَرَص.
فمن الشيب
قوله صلي اللّه عليه و آله و سلم: غيِّرُوا الوَضَح.
أي خضِّبوهُ.
و من البَرَص؛
حديثُه صلي اللّه عليه و آله و سلم: إنَّ رجلًا جاءَهُ و بكفِّهِ وَضَح، فقال له: انظر بَطْنَ واد لا مُنْجِدٍ و لا مُتْهِمٍ فتمَعَّكْ فيه؛ ففعل فلم يزد شيئاً حتي مات.
أي لم يخلص ذلك الوادي لنَجْد و لا لتهامة و لكنه حدٌّ بينهما.
التمعُّكُ: التمرُّغ.
فلم يزد: أي لم ينتشر الوَضَح، و إنما بقيَ علي حاله.
أمر صلي اللّه عليه و آله و سلم بصِيام الأَوَاضح ثلاث عشرة و أربع عشرة و خمس عشرة.
أي بصيام أيام الأَوَاضح، و هي الليالي البِيض؛ جمع وَاضِحة. و الأصل وَوَاضِح، فقلبت الواو الأولي همزة، كقولهم في جمع واسطة وَ وَاصلة: أَوَاسط و أوَاصل.
و المعني ثالثة ثلاثَ عشرة، فحذف المضاف لعدم الالتباس و كذلك الباقِيتان.
في المُوضِحة خمسٌ من الإِبل.
هي الشَّجَّة التي تُوضح عن العَظْمِ، و فيها إذا وقعت عمداً القِصَاصُ، لإِمكان استيفائه، و إذا وقعَتْ خطأً ففيها خمسٌ من الإِبل.
______________________________
(1) (*) [وضح]: و منه في حديث عمر: صوموا من الوضح إلي الوضح. النهاية 5/ 195.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 367
و
عن عُمَرَ رضي اللّه تعالي عنه: إنّ رجلًا أتاه فقال: إنَّ ابنُ عمي شُجَّ مُوضِحَة. فقال:
من أَهْلِ القُرَي أم أهل البادية؟ فقال: من أهلِ البادية. فقال عمر: إِنا لا نَتَعاقل المُضغَ بيننا.
التّعَاقُل: تفاعل من العقل و هو الدِّيَة.
سُمِّيَ ما لا يُعْتَدُّ به في إيجاب الدية مُضَغاً تقليلًا و تصغيراً.
و
كان عمر يقول: أهلُ القري لا تَعْقِل المُوضِحَة؛ و يَعْقِلها أهل البادية.
و
عن عمر بن عبد العزيز: ما دون الموضِحة خُدُوش فيها صُلْح.
و
عن الشعبيّ: ما دون المُوضِحة فيه أُجْرَة الطبيب.

[وضع]

*: عمر رضي اللّه تعالي عنه-
قال الأسود: أفَضْنا مع عُمَر و هو علي جمل أحمر، و نحن نُوضِع حوله- و روي: نُوجِف.
أَوْضَع بعيره و أَوْجَفه: حمله علي الوَضْعِ و الوَجِيف؛ و هما ضربان من السير الحثيث.
و
عنه رضي اللّه تعالي عنه: وجَدْنا الإِفاضة هي الإِيضَاع.
وَضَع يده في كُشْيَةِ ضَبٍّ، و قال: إنّ النبيّ صلي اللّه عليه و آله و سلم لم يُحَرِّمْه و لكِنْ قَذِرَه.
وَضْع اليد في الطعام: عبارة عن الأخذ في أَكله.
الكُشْيَة و الكُشَّة: شَحْمُ الضَّبّ، قال:
و أنت لو ذُقْتَ الكُشَي بالأكْبَادْ لما تركْتَ الضَّبَّ يَعْدُو بالوَادْ
«1» قِذَره: تَقَذَّرَ منه.

[وضن]

*: ابن عمر رضي اللّه تعالي عنهما- دفع من جَمْع، و هو يقول:
إليك تَعْدُو قَلِقاً وَضِينها مُخَالِفاً دينَ النَّصَاري دِينُها
إن تغفر اللهُمَّ تغفر جَمّا و أي عَبْدٍ لك لا أَلَمّا
«2»
______________________________
(3) (*) [وضع]: و منه في حديث الحج: و أوضع في وادي محسر. و في حديث حذيفة بن أسيد: شرُّ الناس في الفتنة الراكب الموضع. و الحديث: ينزل عيسي ابن مريم عليه السلام فيضع الجزية. و الحديث: إنه نبيٌّ، و إن اسمه و صورته في الوضائع. النهاية 5/ 197، 198.
(1) الرجز بلا نسبة في لسان العرب (كشي).
(4) (*) [وضن]: و منه في حديث علي: إنك لقلقُ الوضين. النهاية 5/ 199.
(2) الرجز لأبي خراش في الأزهية ص 158، و خزانة الأدب 7/ 190، و شرح أشعار الهذليين 3/ 1346، و شرح شواهد المغني ص 625، و لسان العرب (جمم)، و المقاصد النحوية 4/ 216، و لأمية بن أبي الصلت في الأغاني 4/ 131، 135، و خزانة الأدب 4/ 4، و لسان العرب (لمم)، و لأمية أو لأبي-
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 368
الوَضِين: بطَان مَوْضُون، أي منسوج و إنما قلق لضُمْرها.
دِينُها: أي دين مُصَاحبها.
لا أَلَمّا: أي لم يلم بالذنوب؛ و أكثر ما تجي‌ء (لَا) هَذِه مُكَرَّرة.
بالميضاة في (ست). وضائع في (صب). واضع يده في (قس). واضع في (به).
وضم في (كس). الموضع في (صق). الوضح في (هل). [أضع العمامة في (ين).
موضحات الأعلام في (دح)]. و أوضعت في (سق). ما أوضحوا في (اش). و أوضع في (في).

الواو مع الطاء

[وطأ]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- ألا أخبركم بأحبِّكم إليَّ و أَقْرَبِكم مني مَجَالِسَ يوم القيامة: أَحاسِنكم أخلاقاً، الموطَّؤون أَكْنَافاً، الذين يَأْلَفُون و يُؤْلَفُون؛ أَلَا أُخْبِرُكم بِأَبْغَضِكم إليَّ و أَبْعَدِكم مني مجالس يوم القيامة؛ الثَّرْثَارُونَ المُتَفَيْهِقُون. قيل: يا رسول اللّه و ما المتَفَيْهِقُون؟ قال: المتَكبِّرُون.
قال المبرِّد: قولهم فلان مُوَطَّأ الأَكْنَاف، أي أنَّ ناحيته يتمكن فيها صاحبُها غير مُؤْذًي و لا نَابٍ به مَوْضِعُه؛ من التوطئة و هي التمهيد و التذليل.
الثَّرْثَار: الكثير الكلام، و منه قيل الثَّرْثَار للنهر، عَلَمٌ له؛ و هو من قولهم: عين ثَرَّة؛ كثيرة الماء.
المتَفَيْهِق: من الفَهَقِ، و هو الامتلاء، يقال: فَهِق الحوض فَهَقاً و أَفْهَقْتُه؛ و هو الذي يتوسَّع في كلامه و يملأُ به فاه، و هذا من التكبُّر و الرُّعونة.
إن رِعَاء الإِبل و رِعَاء الغنم تفاخروا عنده صلي اللّه عليه و آله و سلم، فأوطأهم رِعاءَ الإِبل غَلَبَةً. فقالوا: و ما أنتم يا رِعَاء النَّقَد «1»! هل تَخُبُّون أو تصيدون؟ فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: بُعِث موسي و هو رَاعِي غَنَم، و بُعِث داودُ و هو رَاعِي غنم، و بُعِثْت و أنا رَاعِي غنم أهلي بأَجْيَاد «2». فغلبهم رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم.
______________________________
- خراش في خزانة الأدب 2/ 295، و لسان العرب (لمم)، و بلا نسبة في الإنصاف ص 76، و جمهرة اللغة ص 92، و الجني الداني ص 298، و لسان العرب (لا)، و مغني اللبيب 1/ 244.
(3) (*) [وطأ]: و منه في حديث القدر: و آثارٍ موطوءة. و في حديث ليلة القدر: أري رؤياكم و قد تواطت في العشر الأواخر. و في حديث عبد اللّه: لا نتوضأ من مَوْطَأ. النهاية 5/ 201، 202.
(1) النَقَد: صغار الغنم.
(2) أجياد: موضع بأسفل مكة.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 369
أي جعلوهم يوطَؤون قَهْراً و غلبةً عليهم.
تَخُبّون: من الخَبَب، لأنّ رِعَاء الإِبل في سوقها إلي الماءِ يخبُّون خلفها- و ليس كذلك رِعَاء الغنم- و يَعزبون بها في المَرْعَي، فيصيدونَ الظباء و الرِّئال، و أولئك لا يَبْعُدُون عن المياه و الناس فلا يَصِيدون.
إنَّ جبرئيل عليه السلام صلي به صلي اللّه عليه و آله و سلم العشاء حين غاب الشَّفق و ائْتَطَي العِشَاء.
هو من قول بني قَيْس: لم يَأْتَطِ السِّعْرُ بعدُ، أي لم يطمئنّ و لم يبلغ نُهَاه و لم يستقم.
و لم يَأتِط الجِدَادُ بعد. و معناه لم يَحِنْ، و قد ائْتَطَي يَأتِطي كائْتَلَي يأْتَلِي، و هؤلاء يقولون: ما آطاني علي كذا؛ أي ما ساعفني. و لو آطَاني لفعلت كذا. و روي قول كثيّر عزة:
فأنت التي حَبَّبْتِ شَغْبَي إلَي بَدا إليَّ و أوطاني بلادٌ سِوَاهُما
«1» و آطاني بلاد، بمعني و وافقني بلاد، و كأنه من المواطأة و التَّوْطِئة، فلما قيل إطاء في وَطَاء، نحو إعَاء في وِعَاء، و آطاني في وَاطَاني نحو أحد و أَنَاة في وَحَد و وَنَاة، شيَّعوا ذلك بقولهم ايتطأ، و إلا فالقياس اتَّطَأَ كاتَّدَأ، من ودأ، و أما قَلْبُهُم الهمزة التي هي لام ألفاً فنحو قوله: لا هَنَاك المرتع، و ليس بقياس.
و فيه وجه آخر؛ و هو أن الأصل ائتطّ افْتَعل من الأطِيط؛ لأن العَتمَة وَقْتُ حلب الإِبل، و هي حينئذ تَئِطُّ؛ أي تحِنّ و ترقّ لأوْلَادها، و جعل الفعل للعِشاء و هُوَ لها اتساعاً نحو قولهم:
صيد عليه يَوْمَان، و وُلِدَ له ستون عاماً، و صِدْنَا قنوين.
عمار رضي اللّه تعالي عنه- وَشَي به رَجُلٌ إلي عُمَر؛ فقال: اللهمّ إنْ كان كذب عليَّ فاجعله مُوَطأ العَقب.
أي سلطاناً يُتَّبَع و يُوطَأُ عَقِبه.

[وطد]

: ابن مسعود رضي اللّه تعالي عنه- أتاه زِيَاد بن عَدِيّ فوَطَدَه إلي الأرْضِ- و روي: فأَطَرَه- و كان رجلًا مَجْبُولًا عظيماً. فقال عبد اللّه: أَعْلِ عَنِّجْ، فقال: لا حتي تخبرني متي يهلك الرجل و هو يَعْلَم؛ قال: إذا كان عليه إمام إن أطاعه أَكْفَره و إن عصاه قتله.
______________________________
(1) البيت من الطويل، و هو لكثير عزة في ديوانه ص 363، و خزانة الأدب 9/ 462، 464، و الدرر 6/ 83، و شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص 1288، و لسان العرب (بلا)، و معجم ما استعجم ص 230، و لجميل بثينة في ملحق ديوانه ص 245، و ديوان المعاني 1/ 260، و لكثير أو لجميل في شرح شواهد المغني 1/ 464، و بلا نسبة في مغني اللبيب 1/ 262، و همع الهوامع 2/ 131. و شغبي:
قرية، و بدا: موضع (معجم البلدان 5/ 277).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 370
أي وَطِئَه و غمره إلي الأرض، من قولهم: وَطَدْتُ الأرض أَطِدُها طِدَة؛ إذا وطئتها أو رَدَسْتها حتي تتصَلَّب. و المِيطَدة ما يُوطَد به من خشبة أو غيرها.
و منه
حديث البَرَاء بن مالك رضي اللّه تعالي عنه: قال يوم اليمامة لخالد بن الوليد:
طِدْني إليك، و كانت تصيبه عُرَوَاء مثل النفضة حتي يقطر.
أي ضمّني إليك و اغمرني.
أَطَرَه: عطفه.
مجبول: عظيم الجِبِلّة؛ أي الخِلْقَة.
أَعْلِ: من أَعْلِ عَنِ الوسادة و عَالِ عنها، ارتفِعْ و تنحَّ.
عَنِّجْ: يريد عَنّي.
أَكفَره: نسبه إلي الكفر و حَكَم به عليه.

[وطوط]

: عطاء رحمه اللّه تعالي: في الوَطْوَاط يُصِيبه المُحْرِم. قال: ثُلثا درهم.
هو الخُفَّاش و قيل: هو الخُطَّاف.
وطيئة في (اك). وطأة في (جب). أوطف في (قح). و الواطئة في (نو). وطف في (بر). وطفاء في (به). [وطف في (ير)].

الواو مع العين

[وعث]

*: النبيّ صلي اللّه عليه و آله و سلم- كان إذا سافر سَفَراً قال: اللهمّ إنا نَعُوذ بك من وَعْثَاء السفر و كآبةِ المُنْقَلب، و الحَوْر بعد الكَوْن، و سوء المنظر في الأهل و المال.
و يروي: كان يَتَعَوَّذ باللّه من وَعْثَاءِ السفر، و كآبةِ الشِّطَّة، و سُوءِ المنقلب.
يقال: رمل أَوْعَث، و رَمْلة وَعْثَاء لما يشتدُّ فيه السير لِلينِهِ و رسوخ الأقدام فيه، ثم قيل للشدة و المشقة: وَعْثَاء علي التمثيل.
كآبة المنْقَلب: أن يَنْقَلِبَ إلي وطنه ملاقياً ما يكتَئِبُ منه من أمر أصابَه في سفره، أو فيما يقدم عليه.
الحَوْر: الرجوع.
و الكَوْن: الحصول علي حالة جميلة، يريد التراجعَ بعد الإِقبال.
و هو في غير الحديث بالراءِ من كورِ العِمامة و هو لفُّها، و فُسِّر بالنقصان بعد الزيادة و بالنقض بعد الشدّ و التَّسْوِية.
______________________________
(1) (*) [وعث]: و منه في حديث أم زرع: علي رأس قورٍ وَعْتٍ. النهاية 5/ 206.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 371
الشِّطَّة: بعد المسافة، من شَطت الدار.

[وعب]

: في الأنف إذا اسْتُوعِبَ جَدْعُه الدِّيةُ- و روي: أُوعب.
الإِيعاب و الاستيعاب: الاستئصال و الاستقصاء في كلّ شي‌ء. و منه قولهم: أتي الفرس برَكْضٍ وَعِيبٍ؛ إذا جاء بأقْصَي ما عنده.
و منه
الحديث: إن النّعمة الواحدة تَسْتَوْعب جميع عمل العبد يوم القيامة.
و
في حديث حذيفة رضي اللّه عنه: نومة بعد الجماع أَوْعَبُ للماء.
أي أَحْرَي أن تُخْرِج كلَّ ما بَقِي من ماء الرجل و تَسْتَقْصيه.
و
في حديث عائشة رضي اللّه تعالي عنها قالت: كان الناس يُوعِبون في النَّفِير مع رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم فيدفعون مفاتيحهم إلي ضُمنَائهم. و يقولون: إن احتجتم فكُلُوا. فقالوا: إنما أَحَلوه لنا من غير طيبِ نفس فنزلت: لَيْسَ عَلَي الْأَعْميٰ … إلي قوله تعالي: أَوْ مٰا مَلَكْتُمْ مَفٰاتِحَهُ
[النور: 61].
من أوعب القوم، إذا خرجوا كلهم إلي الغزو، قال أوس:
نُبِّئْتُ أن بني جَدِيلَةَ أَوْعَبُوا نُفَرَاءَ مِنْ سَلْمَي لَنَا و تَكَتَّبُوا
«1» و منه
الحديث: أَوْعَبَ الأَنْصَار مع عليٍّ إلي صِفِّين.
فوعك في (هض). الوعول في (تح). و عرا في (سح). وعق في (كل). [استوعب في (ور)].

الواو مع الغين

[وغل]

*: النبيّ صلي اللّه عليه و آله و سلم- إنَّ هذا الدينَ متين فأَوْغل فيه برِفْق، و لا تبغِّضْ إلي نَفْسِك عبادةَ اللّه؛ فإنَّ المُنبَتَّ لا أرضاً قطع و لا ظَهْراً أَبقَي.
يقال: أوغل القوم و توَغَّلوا و تغلغلوا؛ إذا أمعنوا في سيرهم.
و المعني أَمْعِن فيه و ابْلغ منه الغاية القُصْوي و الطبقةَ العُلْيَا، و لا يكن ذلك منك علي سبيل الخُرْق و التَّهافت و التّسرّع؛ و لكن بالرفق و الرِّسْل، و تألّف النفس شيئاً فشيئاً، و رياضتها فَيْنَةً بعد فينة، حتي تبلغ المَبْلَغ الذي تَرُومه، و أنتَ مستقيمٌ ثابتُ القَدَم ثَبْتُ الجَنَان، و لا تَحْمِل علي نفسك فيكون مثَلُك مثلَ من أَغَذَّ السيرَ فبقي مُنْبَتًّا؛ أي منقطعاً به لم يقض سفره و أَهْلَك رَاحِلَته.
______________________________
(1) البيت في ديوان أوس ص 9.
(2) (*) [وغل]: و منه في حديث علي: المتعلِّق بها كالواغل المدفَّع. و في حديث المقداد: فلما أن وَغَلَت في بطني. النهاية 5/ 209.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 372
و
عن تميم الداري: خُذْ من دينك لنفسك و من نَفْسِك لدِينك حتي يستقيمَ بك الأمرُ علي عبادةٍ تُطِيقها.
و
عن بريدة قال: بينما أنا ماشٍ في طريق إذا أنا برجل خَلْفي فالتفتُّ فإذا رسولُ اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم فأخذَ بيدي فانطلقنا، فإذا نحن برجل يُصَلِّي يُكْثِرُ الركوع و السجود، فقال لي: يا بريدة، أتراه يُرَائي! ثم أرسل يَدَه من يدي و جمع يَدَيْه و جعل يقول:
عليكم هَدْياً قاصِداً، عليكم هَدْياً قاصداً. إنه من يُشادّ هذا الدِّينَ يَغْلبه.

[وغر]

*: عائشة رضي اللّه تعالي عنها- في قصَّةِ الإِفْكِ: إنها قالت: أتينا الجيشَ بعد ما نزلوا مُوغِرين في حَرِّ الظَّهيرة.
و فيها: إن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم أَخَذه ما كان يأخذه من البُرَحَاء عند الوحي.
أي داخلين في الوَغْرَة و هي فَوْرَة القيظ و شدَّتُه، و منها وَغر صدره، و الوَغير: اللحم المشويّ علي الرّمضاء.
و مُغَوِّرين من التَّغْوير، و هو النزول للقائلة شديد الطباق لهذا الموضع لو لا الرِّوَاية.
علي أن تحريف النَّقَلَة غير مأمون لترجل كثير منهم في علم العربية، و الإِتقان في ضبط الكلم مربوط بالفروسية فيه.
البُرَحَاء: شدة الكرب.

[وغل]

: عِكْرمة رحمه اللّه تعالي- من لم يغتسل يوم الجمعة فَلْيَسْتَوْغِلْ.
أَيْ فليغسل المَغَابن و الأَرْفَاغ ليزولَ صُنَانُهَا و نَتنها؛ لأن القوم كانوا يعملون الأعمال الشاقّة فتعرق منهم مَغَابِنهم، و يستنجون بالأحجار فأراد أن ينظِّفوا هذه المواضع بالغَسْل إن لم يكن الغُسْل.
و الاستيغال: استفعال من الوُغُول في الشي‌ء، و هو الدُّخُول في أَقْصَاه.
الأوغاب في (سخ). لا يغل في (غل). واغرة في (زو).

الواو مع الفاء

[وفض]

: النبيّ صلي اللّه عليه و آله و سلم- أَمَر بصَدَقةٍ أَن تُوضَع في الأوْفَاضِ.
هم الفِرَق من الناس، من قولهم: وَفَضَتِ الإِبلُ تَفِضُ وَفْضاً إذا تفرَّقت، أَو الذين معهم أوفاض؛ جمع وَفْضَة؛ و هي كالكِنانة يُلْقِي الراعي فيها طعامه، أو الفقراءِ الضِّعَاف
______________________________
(1) (*) [وغر]: و منه الحديث: الهدية تذهب وَغَرَ الصدر. النهاية 5/ 208.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 373
الذين لا دِفَاعَ بهم؛ من قولهم للوضم وَفْضٌ، و الجمع أوْفَاض. قال الطرماح:
كم عَدُوٍّ لَنَا قُرَاسِيةِ المج د تَرَكْنَا لَحْماً عَلَي أَوْفَاضِ
«1» أو الذين يسيحون في الأرض، من قولهم: لقيته علي أوفازٍ و علي أَوْفاض، الواحد وَفْز و وَفْض، و هو العجلة. قال:
* يَمْشي بنا الجِدَّ علي أوفاضِ*
و منه استوفض؛ إذا استَوْفَزَ.

[وفي]

*: أتيتُ ليلةَ أُسريَ بي علي قومٍ تُقْرَضُ شِفَاهُهُمْ كلما قُرِضَتْ وَفَتْ، فقال جبريل: هؤلاء خطباء أُمَّتِك الذين يقولون ما لا يفعلون.
أي نَمَتْ و طالت؛ يقال: وَفَي شعره و أوفيته أنا.
و استوفضوه في (اب). موفداً في (قص). [وفي في (غث). وفره في (شذ). وافه في (وه)].

الواو مع القاف

[وقص]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- إنَّ رجلًا كان وَاقِفاً معه و هو مُحْرِم فوقَصَتْ به ناقَتُه في أَخَاقِيق جِرْذَانٍ فمات. فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم:
اغْسِلُوه و كَفِّنوه و لا تخمِّروا وجهه، فإنه يُبْعَثُ يوم القيامة ملبّياً، أو قال ملبّداً.
الوَقْصُ: كَسْرُ العُنُقِ.
الأُخْقُوق و اللُّخْقُوق: الخَدُّ و الصَّدْع في الأرض كالخَقِّ و اللَّقّ.

[وقي]

*: من سأل وَ له أوقية فقد سأل النّٰاسَ إِلْحٰافاً.
و هي أربعون درهماً، و هي أُفْعُولة من وَقيت؛ لأنَّ المال مخزون مصون، أو لأنه يَقِي البُؤْسَ و الضّرّ.

[وقش]

: دخلت الجنةَ فسمعت وَقْشاً خَلْفِي فإذا بِلَال.
______________________________
(1) البيت في لسان العرب (وفض).
(2) (*) [وفي]: و منه الحديث: إنكم وفَّيتم سبعين أمة أنتم خيرها. و الحديث: أوفي اللّه ذمتك. النهاية 5/ 211.
(3) (*) [وقص]: و منه في حديث علي: قضي في القارصة و القامصة و الواقصة بالدية أثلاثاً. النهاية 5/ 214.
(4) (*) [وقي]: و منه في حديث معاذ: و توقَّ كرائم أموالهم. و الحديث: من عصي اللّه لم تَقِه من اللّه واقية.
النهاية 5/ 217.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 374
أي حركة، قال:
لأِخْفَافِها بالليْلِ وَقْشٌ كَأَنَّهُ علي الأَرْض تَرْشَافُ الظِّبَاءِ السَّوانح

[وقع]

*: قَدِمتْ عليه صلي اللّه عليه و آله و سلم حليمة، فشكَتْ إليه جَدْبَ البلاد، فكلَّم لها خديجة، فأَعْطَتْهَا أربعين شاة و بعيراً مُوَقَّعاً للظّعينة فانصرفت بخير.
هو الذي بظَهْرِه وَبَرٌ كثير لكَثْرَةِ ما رُكِبَ و حُمل عليه.
الظعينة: الهَوْدَج.

[وقب]

: لمَّا رأي صلي اللّه عليه و آله و سلم الشمس قد وَقَبَتْ. قال: هذا حِينُ حِلِّها.
أي غابت. و منه قوله تعالي: إِذٰا وَقَبَ [الفلق: 2]. يقال: وَقَبَتْ عيناه إذا غارتا، و قيل للنقرة: الوَقْبَة لأنها مكان غَائِر.
حِينُ حِلّها: أي الحين الذي يحلُّ فيه أَداؤها، يعني صلاة المغرب.

[وقص]

: صلي علي أبي الدحداح ثم أُتِيَ بفَرَسٍ عُرْي فركِبه و جعل يتَوَقَّصُ به و نحن مُشَاةٌ حوله.
و فيه إنه قال: ربّ عَذْق له مذلّل في الجنّة.
التوقص: سير بين العَنَق و الخَببِ.
العَذْق: النخلة.
المُذَلَّل: الذي سُوِّيَتْ عذوقه عند الإِبار.
و قيل: هو الذي يقرب من القاطف فلا يتطاول إليه، من قولهم للحائط القصير:
ذَليل.

[وقت]

: لم يقِتْ صلي اللّه عليه و آله و سلم في الخمر حدًّا.
أي لم يحد، يقال: وَقَت الشي‌ءَ و وقَّته، إِذا بيَّن حده. و منه قوله تعالي: كِتٰاباً مَوْقُوتاً [النساء: 103].

[وقط]

: كان صلي اللّه عليه و آله و سلم إذا نزل به الوحي وُقِط في رأسه، و اربدَّ وَجْهُه، و وَجَدَ بَرْداً في أسنانه.
يقال: وَقَطَه؛ إذا ضربه حتي أثقله فهو وقيط و موْقوط.
و قيل: الوَقِيط الذي طار نَوْمُه فأمسي متكسِّراً ثقيلًا. قال الأسود:
وجهمان وكلنا بذكرة وَائِل يَبِيتُ إذا نامَ الخَلِيُّ وَقِيطا
______________________________
(1) (*) [وقع]: و منه الحديث: ابن أخي وقِعٌ. و في حديث طارق: ذهب رجل ليقع في خالد. و في حديث ابن عباس: نزل مع آدم عليه السلام الميقعة و السندان و الكلبتان. النهاية 5/ 215، 216.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 375
فدًي لك أمي يوم تضرب وَائِلًا و قد بلَّ ثوبيه النَّجِيعُ عَبِيطا
و روي بالظاء. يقال: وَقَذه و وَقَظه، و وُقِظ في رأسه. نحو قولك: ضُرِب فلانٌ في رأسه و صُدِع في رأسه؛ تسند الفعل إِليه، ثم تَذْكُر مكانَ مباشرة الفعل و ملاقاته، مُدْخِلًا عليه الحَرْف الذي هو للوعاء.

[وقل]

*: عمر رضي اللّه تعالي عنه- لما كان يوم أُحُد كنت أتوقَّل كما تَتَوقَّل الأرْوِيَّة، فانتهيتُ إلي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم؛ و هو في نفرٍ من أصحابه و هو يُوحَي إليه: وَ مٰا مُحَمَّدٌ إِلّٰا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ
[آل عمران: 144].
و قل في الجبل و تَوقّل، إذا رقي.
الأرْوِيَّة: أنثي الوُعُول.

[وقذ]

*: إني لأعلم مَتي تَهْلِك العربُ؛ إذا سَاسَها مَن لم يُدْرِك الجاهليةَ فيأخذ بأخلاقها، و لم يُدْرِكْه الإِسلام فَيَقِذُه الوَرع.
أي يسكّنه و يقرّه عن التخفّف إلي انتهاك ما لا يحلّ.
قال أبو سعيد: الوَقْذُ: الضَّرْب علي فأْس القَفَا، فتصيرُ هَدَّتُه إلي الدماغ فيذهب العقل.

[وقص]

: معاذ رضي اللّه تعالي عنه- أتي بوَقَصٍ و هو باليمن، فقال: لم يأمرني فيه رسولُ اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم بشي‌ء.
هو ما بين الفَريضَتَيْن.

[وقع]

: أبيّ رضي اللّه تعالي عنه- قال لرجل كان لا تُخْطِئُه الصلاة مع النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم و بَيْتُه في أقصي المدينة: لو اشتريتَ دابَّة تَقِيك الوَقَع؟ فقال له: ما أحبّ أنّ بيتي مُطَنَّبٌ ببيت محمد صلي اللّه عليه و آله و سلم.
وَقِعَت القدم تَوْقَع وَقَعا، إذا مشتْ في الوَقَعِ، و هي الحجارة المحدّدة. من وقع السكين إذا حدَّده؛ فوَهَنَتْ. قال:
يا ليتَ لي نَعْلَيْنِ من جِلْدِ الضَّبُعْ و شُرُكاً مِنَ اسْتِها لا تَنْقَطِعْ
* كلَّ الحِذَاء يَحْتَذي الحافي الوَقِعْ «1» *
______________________________
(2) (*) [وقل]: و منه في حديث ظبيان: فتوقَّلت بنا القلاص. النهاية 5/ 216.
(3) (*) [وقذ]: و منه في حديث عائشة: فَوَقَذ النفاق. و في حديثها أيضاً: و كان و قيذ الجوانح. النهاية 5/ 213.
(1) الرجز لأبي المقدام جساس بن قطيب في لسان العرب (وقع).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 376
و وقير في (صب). وقب في (غس) الوقير في (عش). موقع في (نس). وقر في (من). تواقصت في (ذب). و وقاعة في (سد). وقيذ الجوانح في (زف). الواقصة في (قر).
تاج الوقار في (يم). اتّقينا برسول اللّه في (حم). [واقفاً من دقيقه في (ثم)].

الواو مع الكاف

[وكي]

*: النبيّ صلي اللّه عليه و آله و سلم- إنَّ العين وكاء السَّهِ؛ فإذا نامت العينان استطلق الوِكاء، فإذا نام أحدُكم فلْيَتَوَضأ.
جعل اليقظة للاست كالوِكاء للقِرْبَة، و هو الخيط الذي يُشَدُّ به فُوها.
السَّه: الاسْتُ أصلها سَتَهٌ، فحذفت العين كما حُذِفت من مُذْ، و إذا صغرت رُدَّت فقيل: سُتَيْهَة.

[وكف]

*: خيارُ الشهداء عند اللّه أصْحاب الوَكَف. قيل: يا رسولَ اللّه: و من أصحاب الوَكَف؟ قال: قوم تُكْفَأَ عليهم مَراكِبهم في البحر.
الوَكَف: من قولهم: وَكَف البيت، و هو مثل الجَناح يكون عليه الكنيف.
و منه قولهم: اجتنحوا «1» و تَوَاكَفُوا بمعني. و قيل للنطع: الوَكَف، كما قيل له الميناة، لأنهم كانوا يتخذون القِبَاب من الأنْطاع.
و المعني أنّ مراكبهم قد اجْتَنَحَتْ عليهم و تكَفَّأَت؛ فصارت فوقَهم مثل أَوْكاف البيوت.
توضأ صلي اللّه عليه و آله و سلم فاسْتَوْكَف ثلاثاً.
أي اسْتَقْطَر الماء؛ و المعني اصْطَبَّهُ علي يديه ثلاث مرات فغسلهما قبل إدخالهما في الإِناء.

[وكل]

*: أتاه صلي اللّه عليه و آله و سلم الفضل بن العباس و عبدُ المطلب بن
______________________________
(2) (*) [وكي]: و منه في حديث اللقطة: اعرف وكاءها و عفاصها. و في حديث أسماء: قال لها: أعطي و لا توكي فيوكي عليك. النهاية 5/ 222، 223.
(3) (*) [وكف]: و منه في الحديث: من منح منحة و كوفاً. و في حديث عمر: البخيل في غير و كف. النهاية 5/ 220، 221.
(1) اجتنح: مال.
(4) (*) [وكل]: و منه في حديث الدعاء: لا تكلني إلي نفسي طرفة عين فأهلك. و في حديث ابن يعمر: فظننت أنه سيكل الكلام إليَّ. و في حديث لقمان: و إذا كان الشأن اتَّكل. و الحديث: أنه نهي عن المواكلة.
النهاية 5/ 221، 222.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 377
ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب يَسْألانه عن أبويهما السِّعاية، فتواكلا الكلامَ فأخذ بآذانهما؛ و قال: أخْرِجَا ما تُصَرِّران، قال: فكلّمناه فسكت- قال: و رأينا زينب تَلْمَعُ من وراء الحجاب ألا تعجل- و روي: أنْ لا تَفْعل.
التَّوَاكل: أن يَكِل كلُّ واحد أمره إلي صاحبه و يتَّكل عليه فيه.
تُصَرِّرَان: تجمعان في صدوركما. و منه قيل للأسير: مصرور لصرّ يديه و عنقه بالغلّ و رجليه بالقيد.
تَلْمَع: تشير بيديها.
و إنما سكت لأنَّ الصدَقة محرَّمة علي بني هاشم عملوا فيها أو لم يعملوا.

[وكت]

: و الذي نفسُ محمد صلي اللّه عليه و آله و سلم بيَدِه لا يَحْلِفُ أحَدٌ و إنْ عَلَي مثْلِ جَنَاح البَعوضة إلا كانت وَكْتَةً في قلب.
هي الأثر كالنُّكتة، و منها قولهم: وكَتَت البُسرة إذا وقع فيها شي‌ءٌ من الإِرْطابِ.

[وكي]

: الزبير رضي اللّه تعالي عنه- كان يُوكِي بين الصَّفا و المَرْوَة.
أي لا يَنْبِس في الطواف بهما، كأنه أَوْكَي فاه كما يُوكَي السِّقَاء.
قال الأعرابيّ لرجل يتكلم: أَوْكِ حَلْقَك.
أي يسرع و لا يمشي علي هِينتِه، كأنه يملأ ما بينهما سَعْياً، لأنَّ السِّقَاء لا يُوكي إلا بعد المل‌ء؛ فعبر عن المَلْ‌ءِ بالإِيكاء.

[وكس]

*: معاوية رضي اللّه تعالي عنه- كَتَبَ إلي الحُسَيْنِ بن عليٍّ رضي اللّه عنهما:
إني لم أَكِسْكَ و لم أَخِسْكَ.
من وَكَس يَكِس وَكْساً، إذا نقص، يقال: لا تَكِس الثمن.
و خاسَ فلان وَعْده، إذا أخْلَف و خان، أي لم أنقصك حقّك و لم أخنك. و يجوز أن يكونَ من قولهم؛ يُخَاسُ أَنْفُه فيما كره، أي يُذَلّ، أي و لم أذلّك و لم أهنك.

[وكف]

: ابن عمير رضي اللّه تعالي عنه- أهْلُ الجنة يتوكَّفون الأخْبَارَ، فإِذا مات الميِّتُ سألوه ما فعل فلان؟ و ما فعل فلان؟
يقال: توكَّف الخبر و توقَّعَه و تسقّطه، إذا انتظر وَكْفه و وُقُوعه و سُقُوطه؛ من وكفَ المطر، إذا وقع و يدل علي أنه منه ما رواه الأصمعي من قولهم: اسْتَقْطَر الخبر و اسْتَوْدَقَه.
______________________________
(1) (*) [وكس]: و منه في حديث ابن مسعود: لا وَكْسَ و لا شطط. النهاية 5/ 219.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 378
اتكل في (بج). و وكاءها في (عف). الموكي في () «1». و أوكوا في () «1» و كل في (غر). الوكوف و موكداً في (قص). أوكدتاه في () «1». وكف في (كل) غير وكل في (دس). وكيع في (هو). الوكت في (جذ).

الواو مع اللام

[وله]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- لا تُوَلَّه والدةٌ عن وَلَدِها، و لا تُوطَأُ حاملٌ حتي تَضَع، و لا حائِلٌ حتي تستبرأ بحَيْضة.
أي لا تعزل عنه، من الوَالِه، و هي التي فَقَدَتْ وَلَدَها.
و منه:
إنَّه نهي عن التَّوْلِيهِ و التَّبْرِيح.
قالوا: التَّبْرِيحُ: قَتْلُ السوء، كإِلقاء السمكة حيَّةً علي النار، و إلقاء القَمْلِ فيها.

[ولي]

*: كان صلي اللّه عليه و آله و سلم يقول: اللهم إني أسأَلُك غِنَاي و غني مولاي.
و هو كلّ وليٍّ كالأب، و الأخ و ابن الأخ، و العم و ابن العم و العُصْبَة كلّهم.
و منه
حديثه صلي اللّه عليه و آله و سلم: أيما امرأةٍ نَكَحَتْ بغير أَمر مَوْلَاها فنِكَاحُها باطل.
نهي صلي اللّه عليه و آله و سلم أن يُجْلَس علي الوَلَايَا و يُضْطَجَع عليها.
هي البَراذِع، لأنها تَلِي ظُهور الدواب، الواحدة وَلِيَّة.
و
في حديث ابن الزبير رضي اللّه تعالي عنهما: إنَّه خرج فبات بقَفْر، فلما قام ليرحل وجدَ رَجُلًا طوله شِبْرَان، عظيم اللحية علي الوَلِيَّة، فنفضها فوقع، ثم وضعها علي الرَّاحلة، و جاء و هو علي القِطْعِ فنَفَضه فوقع، فوضعه علي الراحلة و جاء و هو بين الشَّرْخَيْن، فنفض الرَّحْلَ، ثم شده و أخذَ السوط ثم أَتاه. و قال: من أنت؟ فقال: أنا أزَبّ. فقال: و ما أَزَبّ؟
قال: رجل من الجن. قال: افْتَحْ فاك أنظره. ففتح فاه. قال: أَهكذا خَلُوقُكم؟ و روي:
حلوقكم، ثم قلب السوط فوضعه في رأس أَزَبّ حتي بَاصَ.
القِطْع: الطِّنْفِسَة.
______________________________
(1) بياض في الأصل.
(2) (*) [وله]: و منه في حديث الفَرَعة: تُكفي‌ء إناءك و تُولِهُ ناقتك. النهاية 5/ 227.
(3) (*) [ولي]: و منه الحديث: أنه نهي عن بيع الولاء و هبته. و في حديث الزكاة: مولي القوم منهم.
و الحديث: من كنت مولاه فعلي مولاه. و في حديث مطرف الباهلي: تسقيه الأوليةُ. النهاية 5/ 227، 229، 230.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 379
الشَّرْخَان: جانبا الرَّحْل.
الخلوق: جمع خلق.
باص: هرب.
كره ذلك لئلا تقمل فتَضُرَّ بالدواب، و ألَّا يعلق بها الشوك و الحَصَي فتعقر ظهورها، و ألا توسِّخ ثوبَ القاعِدِ و المضطجع.

[ولق]

: عليّ رضي اللّه تعالي عنه-
قال أبو الجناب: جاء عَمِّي من البصرة يذهب بي، فقالت أمي: و اللّه لا أتركك تَذْهَب به، ثم ذكرت ذلك لعليّ، فقال عمي: و اللّه لأذْهبَنَّ به، و إن رَغِم أنْفُك! فقال عليّ: كذبت و اللّه وَ وَلَقْتَ، ثم ضرب بين أذنيه بالدِّرَّة.
الوَلْق و الأَلْق: الاستمرار في الكذب؛ من وَلق يَلِق و ألق يأْلِق، إذا أسرع في مرِّه، و منه ناقة أَلَقَي و وَلَقي؛ أي سريعة.

[ولغ]

*: بعثَه رسولُ اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم لِيَدِيَ قوماً قتلهم خَالِدُ بن الوليد فأَعْطَاهم مِيلَغَةَ الكلب و علبة الحَالِب، ثم قال: هل بَقِيَ لكم شي‌ء؟ ثم أعطاهم بِرَوْعَةِ الخيل، ثم بقيت معه بقيَّة فدفعها إليهم.
أي أعطاهم قيمة ما ذهب لهم حَتَّي المِيلغة؛ و هي الظرف الذي يلغ فيه الكلب، و العُلْبَة، و هي مِحْلب من خَشَب.
ثم أَعطاهم أيضاً بسبب رَوْعَةٍ أصابت نساءهم و صِبْيَانَهم حين وردت عليهم الخيل.
و
روي: بقِيتْ معه بقيةٌ فأَعطاهم إياها، و قال: هذا لكم برَوْعَةِ صبيانكم و نسائكم.

[ولول]

*: ابن أَسِيد رضي اللّه تعالي عنه- كان يقال لسيفه وَلْوَل و ابنه القائل فيه يوم الجمل:
أَنَا ابنُ عَتَّابٍ و سَيْفي وَلْوَلْ و المَوْتُ دون الجَمَل المُجَلَّلْ
«1» كأنه سُمِّي وَلْولا؛ لأنه كان يقتلُ به الرجال فتولول نساؤهم.
و ابن عتاب: هو عبد الرحمن يعسوب قريش، شَهِد الجمل مع عائشة رضي اللّه عنها فقتِل، فاحتملت عُقَابٌ كَفَّه فأصيبت ذلك اليوم باليمامة فعرفت بخاتمه.

[ولي]

: ابن الحنفيّة رحمه اللّه تعالي- كان يقول: إذا مات بعض أهله أَوْلَي لي! كِدْتُ أن أَكونَ السَّوَاد المُخْتَرَم.
______________________________
(2) (*) [ولغ]: و منه الحديث: إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم. النهاية 5/ 226.
(3) (*) [ولول]: و منه في حديث فاطمة: فسمع تولولها تنادي: يا حسنان، يا حسينان. و في حديث أسماء:
جاءت أم جميل، و في يدها فِهْرٌ و لها ولولة. النهاية 5/ 226.
(1) الرجز لعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد في لسان العرب (ولول).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 380
أَوْلَي: كلمةُ تَلَهُّف و وعيد. و منه قوله تعالي: أَوْليٰ لَكَ فَأَوْليٰ* [القيامة: 35]؛ شَبَّه كادَ بعَسي، فأدخل أَنْ علي خبره كقول أَبي النَّجم:
* قد كادَ من طُولِ البِلَي أَنْ يَمْصَحَا «1» *

[ولد]

*: شُريح رحمه اللّه تعالي: إنَّ رجلًا اشتري جاريةً و شرطوا أَنّها مولّدة فوجدوها تَلِيدة فردّها.
المُولَّدَة: التي ولدت من العرب و نشأت مع أولادهم، و غَذَوْها غذَاء الوليد و علّموها تعليم الولد و أدّبوها.
و التليدة: التي ولدت ببلاد العجم و حُمِلت فنَشأت في بلاد العرب.

[ولث]

*: ابن سيرين رحمه اللّه تعالي- كان يكره شِرَاء سَبْي زَابِل «2»، و قال: إنَّ عُثْمَان وَلَث لهم وَلْثاً.
أي أَعْطَاهم شيئاً من العَهْد. [و منه] وَلْثُ السحابِ، و هو النَّدي اليسيرُ.

[ولد]

: في الحديث: كان بعضُ الأَنبياء يقول: اللهم احفظني حِفْظَ الوليد.
هو الصبيّ الصغير؛ لأنه لا يبصر المَعاطِب، و هو يتعرَّض لها و يحفظه، أو لأنّ القلم مرفوع عنه فهو محفوظ من الآثام.
إن مسافعاً قال: حدَّثَتْنِي امرأةٌ من بني سليم ولَّدتْ عامة أهل دَارِنا.
أي قبَلَتْهُمْ.
و المولِّدة: الْقَابلة.
لا توله في (غف). أولم في (وض). الولدان في (أم). للوالجة في (وص). ولاهم في (بج). أولي به في (اس).
______________________________
(1) الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص 172، و الدرر 2/ 142، و شرح شواهد الإيضاح ص 99، و شرح المفصل 7/ 121، و الكتاب 3/ 160، و لسان العرب 3/ 383، و المقاصد النحوية 2/ 215، و بلا نسبة في أدب الكاتب ص 419، و أسرار العربية ص 5، و تخليص الشواهد ص 329، و لسان العرب (مصح)، و المقتضب 3/ 75، و همع الهوامع 1/ 130.
(3) (*) [ولد]: و منه الحديث: الوليد في الجنة. النهاية 5/ 225.
(4) (*) [ولث]: و منه في حديث عمر: أنه قال للجاثليق: لولا وَلْثُ عَقْدٍ لك لأمرت بضرب عنقك. النهاية 5/ 223.
(2) زابل بوزن هاجر: بلد بالسند (القاموس المحيط: زبل).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 381‌

الواو مع الميم

وميضاً في (قع).

الواو مع النون

[وني]

*: العوّام بن حوشب رحمه اللّه تعالي- قال: حدثني شيخ كان مُرَابِطاً قال:
خرجت ليلة محرسي إلي المِينَاء.
هو مَرْفأ السفن و هو مفعال من الوني، و هو الفتور لأنَّ الريح تَنِي فيه، كما سُمِّيَ الكَلَّاء و المُكَلأ؛ لأنها تُكلأ فيه. و قد يُقْصَر فيقال مِينا. و وزنه مَفْعل.
قال نصيب:
تيممن منها خارجات كأنها بدجلة في الميناء فلك مُقَيَّرُ

الواو مع الهاء

[وهم]

*: النبيّ صلي اللّه عليه و آله و سلم- صَلي فأَوْهَمَ في صَلَاتِه. فقيل له: يا رسولَ اللّه؛ كأَنّك أَوْهَمت في صلاتك! فقال: و كيف لا أُوهِم و رُفْغُ أَحَدِكم بين ظُفُره و أنمُلته؟
أَوْهم في كلامه و كتابه؛ إذا أسقط منه شيئاً؛ و وَهِم يَوْهَم وَهَماً: غَلِط.
و هذا
كحديثه صلي اللّه عليه و آله و سلم- و قد استبطؤوا الوَحْيَ: و كيف لا يَحْتَبِس الوحي و أنتم لا تقلِّمون أظفاركم، و لا تقصُّون شواربَكم، و لا تنقّون بَرَاجِمَكم «1»؟

[وهب]

: أَهْدَي له صلي اللّه عليه و آله و سلم عبد اللّه بن جداعة القيسي شاةً فأَتَاه، فقال: يا رسول اللّه؛ أَثِبْنِي، فأمر له بحقّ «2»، فقال: زِدْنِي يا رسولَ اللّه. فأمر له بحقّ. ثم عاد فقال: زِدْنِي فزادَه، فقال رسولُ اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: لقد هممتُ أَلّا أَتَّهِبَ إلا من قُرَشيّ أَوْ أَنْصَارِي أو ثَقفي. فقال في ذلك حسان كلمةً فيها:
إنَّ الهدايا تجارَاتُ اللِّئامِ و ما يَبْغِي الكرامُ لما يُهْدُون من ثَمَنِ
«3»
______________________________
(4) (*) [وني]: و منه في حديث عائشة تصف أباها: سبق إذ ونيتم. و في حديث علي: لا تنقطع أسباب النفقة منهم فينوا في جدهم. النهاية 5/ 231.
(5) (*) [وهم]: و منه الحديث: أنه سجد للوهم و هو جالس. النهاية 5/ 234.
(1) البراجم: العقد التي في ظهور الأصابع يجتمع فيها الوسخ.
(2) الحق، بالكسر: ما كان من الإبل ابن ثلاث سنين و قد دخل في الرابعة.
(3) البيت ليس في ديوان حسان بن ثابت.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 382
الاتِّهَاب: قبول الهبة، و كان ابن جداعة بَدَوِيًّا، و قريش و الأنصار و ثقيف أهل حَضَر، و هم أَعْرَف بمكارم الأَخلاق.

[وهز]

*: قال مُجَمّع بن جارية رضي اللّه عنه: شَهِدْنا الحُدَيْبِيَة مع النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم، فلما انْصَرَفْنَا عنها إذا الناس يَهِزُون الأَبَاعر. فقال بعضُهم لبعض: ما لهم؟
قالوا: أوحي إلَي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم، فخرجنا مع الناس نُوجِف «1».
أي يحثّونها و يَدْفعونها.
و منه
حديث عمر رضي اللّه تعالي عنه: إنه نَدَبَ الناسَ مع سَلَمة بن قَيْس الأشْجَعيّ إلي بعض أرض فارس، ففتح اللّه عليهم، فأصابوا سَفَطين مملوءَيْن جَوْهراً فرَأَوا أَنْ يكونا لعُمَر خاصة دونَ المسلمين، فدعا سلمةُ رجلًا و أمره بحَمْلِ السَّفَطَيْن إلي عمر.
قال: فانطلقنا بالسَّفَطين نَهِز بهِما، حتي قَدمْنَا المدينة. فذكر أنه دخل علي عمر و حضر طعامه، فجاءَتْ جاريةٌ بسَوِيق، فناولته إِيَّاه.
قال: فجعلت إذا حرّكته ثار له قُشَار، و إذا تركته نَثَد.
قال: ثم جئت إلي ذِكْرِ السَّفَطِين فلَكأنَّما أَرْسلتُ عليه الأفاعي و الأساوِد و الأرَاقِم.
و قال: لا حاجةَ لي فيه، ثم حملني و صاحبي علي نَاقَتَين ظَهِيرتين من إبلِ الصدقة.
نَهِزُ: أي نسرع بهما و ندفع.
القُشَار: القِشْر.
نثَدَ: أي سكن و ركد، و منه نَثَدت الكَمْأة؛ إذا نبتت، و النبات و الثبات من وادٍ واحد.
و يصدِّق ذلك قولهم: نَثَطَتِ الكمأة، و نَثَطَ اللّه الأرض بالآكام: أَثْبَتها و أركدها.
و جاء في قلب نَثَد ثَدِن الرجل؛ إذا كثر لحمُه، فهو ثَادِن، و الثدين قليل الحركة متثاقل عن النهضة ساكنُ الطَّائر، و كذلك دَثَّنَ الطائرُ في الشجرة؛ إذا عشَّش فيها و أقام: و الإِقامةُ من باب الركود و الثبات.
الظهير: القويّ الظهر.

[وهف]

: لا يغيّر وَاهِف عن وهْفِيَّتِهِ- و يروي: وَهَافَتِه، و لا قسّيس عن قسيسيّته- و روي: وَافِهٌ عن وَفْهِيَّتِه.
الوَاهِف و الوافِه: القيّم علي بَيْتِ النصاري الذي فيه صَلِيبُهم.
و عن قطرب: الوَافِه: الحَكَم. و قد وَفَهَ يَفَهُ علي وزن وَضَعَ يَضَعُ.
______________________________
(2) (*) [وهز]: و منه في حديث أم سلمة: حماديات النساءِ غض الأطراف و قصر الوهازة. النهاية 5/ 232.
(1) الإيجاف: سرعة السير.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 383‌

[وهل]

*: عائشة رضي اللّه تعالي عنها- ذكر لها قول ابن عمر في قَتْلَي بَدْر، فقالت:
وَهِل ابنُ عمر.
أي سها و غلط، يقال: وَهِلَ يَهِلُ مثل وَهِمَ يَهِمُ؛ إذا ذهب وَهْمه إلي الشي‌ء و ليس كذلك.

[وهف]

: قتادة رحمه اللّه تعالي- في قوله تعالي: يَأْخُذُونَ عَرَضَ هٰذَا الْأَدْنيٰ وَ يَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنٰا [الأعراف: 169].
قال نبذُوا الإِسلام وراء ظهورهم و تمنّوْا علي اللّه الأَمانيَ، كلما وهَف لهم شي‌ءٌ من الدنيا أكلوه و لا يبالون حَلَالًا كان أَو حراماً.
أي بدا لهم و عَرض. يقال: وهَف لي كذا وهْفاً، و أوهفَ إيهافاً؛ أي طَفَّ لي.
و منه
حديثه رحمه اللّه: كانوا إذا وَهَف لهم شي‌ءٌ من الدنيا أخَذوه و إلَّا لم يتقطَّعوا عليها حَسْرَةً.

[وهي]

*: في الحديث: المؤمن وَاهٍ رَاقِع.
أي مذنب تائب، شُبِّه بمن يَهِي ثوبُه فَيَرْقَعه؛ و المراد بالوَاهِي ذو الوهْي في ثوبه.
وهلين في (ست). يواهق مواهقة في (قط). و وهاطها في (نص). و هرصه في (حك). وهف في (سح). الوهازة في (سد).

الواو مع الياء

[ويح]

: النبيّ صلي اللّه عليه و آله و سلم- قال لعمار: وَيْحَ ابن سُمَيَّةَ تقتله الفِئَةُ البَاغِيَةُ.
وَيْحَ وَ وَيْبَ و وَيْسَ، ثلاثتها في معني الترحّم.
و قيل: وَيْحَ رحمة لنازلٍ به بليَّة، و وَيْس رأفة و استملاح، كقولك للصبيّ: وَيْسَه ما أملحه! و وَيْبَ مثل وَيْحَ. و أمّا وَيْل فشَتْمٌ و دعاء بالهلكة.
و عن الفرَّاء: إن الوَيْل كلمة شتم و دعاء سوء؛ و قد استعملتها العرب استعمال «قاتله اللّه» في موضع الاستعجاب. ثم استعظموها فكنوا عنها بوَيْح و وَيْبَ و وَيْس، كما كنوا عن
______________________________
(1) (*) [وهل]: و منه الحديث: كيف أنت إذا أتاك ملكان فتوهَّلاك في قبرك. و في حديث قضاء الصلاة و النوم عنها: فقمنا وهلين. النهاية 5/ 233.
(2) (*) [وهي]: و منه في حديث علي: و لا واهياً في عزم. النهاية 5/ 235.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 384
قولهم: قاتله اللّه بقولهم: قاتَعَهُ اللّه و كاتَعَه، و كما كنوا عن جُوعاً له بجُوساً له وجوداً. و قال حُمَيْد بن ثور:
أَلَا هَيَّمَا مِمَّا لَقِيت وَهَيّمَا وَ وَيْحٌ لمن لم يَدْرِ ما هُنَّ وَيْحَمَا
و انتصابُه بفعل مضمر، كأنه قيل: ترحم ابن سمية، أي أترحمه ترحماً.
سُمَيّة: كَانت أَمَةَ أبي حذيفة بن المغيرة المخزومي، زوّجها ياسراً، و كان حليفه، فَوَلَدَتْ له عماراً، فأعتقه أبو حذيفة.

[ويل]

: عليٌّ رضي اللّه تعالي عنه- وَيْلُمِّه كَيْلًا بغير ثمن لو أن له وعاء.
أصله وي لأمه، و هو تعجّب. يريد أنه يَكِيلُ العلومَ الجمَّةَ و هو لا يأخذُ ثمناً بذلك الكيل، إلا أنه لا يُصَادفُ واعياً للعلم و حاملًا له بحق.
ويلمه في (حش).
[آخر الواو]
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 385‌

حرف الهاء

الهاء مع الألف

[هوأ]

: عمر رضي اللّه تعالي عنه- لا تشتروا الذهب بالفضة إلا يداً بيد، هَاء و هَاء، إني أخاف عليكم الرَّمَاءَ- وروي: الإِرماء.
هاء: صوت بمعني خُذْ. و منه قوله تعالي: هٰاؤُمُ اقْرَؤُا كِتٰابِيَهْ [الحاقة: 19].
و
قول علي رضي اللّه تعالي عنه:
أفاطم هَائِي السيف غير ذميم فلستُ برِعْدِيدٍ و لا بلئيمِ
«1» أي كل واحد من متولي عقد الصرف يقول لصاحبه: هاء، فيتقابضان قبل تفرُّقهما عن المجلس.
الرَّمَاء: الزيادة؛ من أَرْمَي الشي‌ء إذا زاد إِرْمَاء. قال حاتم:
* قد أَرْمَي ذِرَاعاً علي العَشْر «2» *
يعني الربا في كون أحدهما كالئاً. فأمَّا التفاضل في بيع الذهب بالفضة فلا كلامَ فيه.
عليّ رضي اللّه عنه: قال: ها، إن هاهنا- و أومي بيده إلي صدره- عِلماً لو أَصَبْتُ له حَملة! بلي أُصِيبُ لَقِناً غير مَأْمُون.
______________________________
(1) البيت من الطويل، و هو لعلي بن أبي طالب في ديوانه ص 174، و جمهرة اللغة ص 251، و شرح المفصل 4/ 44، و بلا نسبة في سر صناعة الإعراب 1/ 319، و المحتسب 1/ 337، و في الديوان
… «غير مذمَّم»
بدل
… «غير ذميم»
. (2) تمامه:
و أسمر خطِّيّاً كأن كعوبه نوي القسب قد أري ذراعاً علي العشر
و البيت في ديوان حاتم ص 131.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 386
ها: كلمةُ تنبيه للمخاطب ينبّه بها علي ما يساقُ إليه من الكلام.
اللقِن: الفَهِم، أي أصيب من يفهمه، إلَّا أَني لا آمن أن يحرِّف ما يتلقَّنه فيحدّث به علي غير جِهته.

الهاء مع الباء

[هبو]

: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- صومُوا لرؤيته و أَفْطِرُوا لرؤيته، فإنْ حال بينكم و بينه سحاب أو ظلمة أو هَبْوَة فأَكْمِلُوا العِدَّة ثلاثين، لا تستقبلوا الشهرَ استقبالًا، و لا تَصِلُوا شهر رمضان بيومٍ من شعبان.
الهَبْوَة: الغَبَرَة، يقال: الدُقَاق التراب إذا ارتفع: هَبَا يَهْبُو هُبُوًّا فهو هَابٍ.
لا تستقبلوا: أي لا تقدِّموا صيامَ شهر رمضان، فإِذا ما تطوَّع فلا بأس، و هو من الاستقبال الذي في قوله:
و خيرُ الأمر ما استقبلتَ منه و ليس بأنْ تتبعه اتِّبَاعا
«1» و منه قولُ العرب: خذ الأمر بقَوَابِله.
أقبل سُهَيْل بن عمرو رضي اللّه تعالي عنه يتهبَّي كأنه جَمَل آدم، فَلقِيَه رجل، فقال: ما منعك أَنْ تعجِّلَ الغُدُوّ علي رسولِ اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم إلَّا النِّفاق، و الذي بعثه بالحقِّ لولا شي‌ءٌ يسوءُه لضربت بهذا السيف فَلَحَتَك- و كان رجلًا أَعْلَم.
يقال: مَرَّ يَتَهَبَّي و يتهَفَّل؛ و هو مَشْيُ المختال؛ تفعّل من هَبَا يَهْبُو هُبُوًّا؛ إذا مشي مَشْياً بطيئاً، كَأنَّهُ يُثِيرُ الهَبْوَةَ بجرِّه قدمه. و يقال للضعيف البصر الذي لا يدري أَيْنَ يطأ: مُتَهَبٍّ، قال الأغلب:
كأنه إذ جال في التهبّي جنّيّ قَفْرٍ طَالِب لنَهْب
الآدَم: الأبْيَض الأسْوَدُ المُقْلَتَيْن.
الفَلَحَة: موضع الشق في الشَّفَة السُّفْلَي كالشَّتَرَةِ و الخَرَمَة، و قد سمي بها موضع العَلْم، و هو الشّقُّ في الشَّفَةِ العُلْيَا، لالتقائهما في معني الشقِّ في الشفة.
عمر رضي اللّه تعالي عنه- قال: لمّا مات عُثْمان بن مَظْعُون علي فِرَاشه، هَبَتَه الموتُ عندي منزلةً حين لم يَمُتْ شهيداً، فلما مات رسولُ اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم علي فراشه
______________________________
(1) البيت من الوافر، و هو للقطامي في ديوانه ص 35، و شرح أبيات سيبويه 2/ 332، و الشعر و الشعراء 2/ 728، و الكتاب 4/ 82، و لسان العرب (بتع)، و بلا نسبة في أدب الكاتب ص 630، و الأشباه و النظائر 1/ 245، و جمهرة الأمثال 1/ 419، و شرح المفصل 1/ 111، و المقتضب 3/ 205.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 387
و أبو بكر علي فراشه علمتُ أن مَوْتَ الأخيار علي فُرُشهم.
أي طأطَأه و حطَّ من قَدْرِه، و هبَته و هَبَطَه أَخوان.
________________________________________
زمخشري، ابو القاسم، محمود بن عمر، الفائق في غريب الحديث، 4 جلد، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، اول، 1417 ه ق
الفائق في غريب الحديث؛ ج‌3، ص: 387

[هبل]

*: لما جري علي المسلمين يوم أُحُد ما جري من القَتْل أقبل أبو سفيان و هو يقول: اعْلُ هُبَل! فقال عمر: اللّه أعلي و أجلّ! فقال أبو سفيان: أَنْعَمَتْ فَعَالِ عنها.
كان أبو سفيان حين أراد الخروج إلي أُحُد امتنعت عليه رجاله فأخذ سَهْمَيْنِ مر سِهَامه، فكتب علي أحدِهما نعم، و علي الآخر: لا. ثم أجالهما عند هُبَل فخرج سَهْم الإِنعام فاستجرَّهم بذلك.
فمعني أَنْعَمَتْ جاءت بنعم، من قولك أَنْعَمَ له؛ إذا قال له: نعم.
فَعَال عنها: أي تجافَ عنها و لا تَذْكُرْها بسوء فقد صدقت في فَتْوَاها، و الضمير في أَنْعَمَتْ و عنها للأَصنام، يعني هُبَل و ما يليه من أصنام أُخَر.
أبو ذرّ رضي اللّه تعالي عنه- قال: ذكر رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم لَيْلَةَ القَدْرِ.
فقال: هي في شهر رمضان في العشر الأَوَاخر فاهْتَبَلْتُ غَفْلَته؛ فقلت: أيّ ليلة هي؟
أي تحيَّنتُهَا و اغتنمتُها، من الهَبَالة و هي الغنيمة.
و قال الجاحظ: الهَبَالة الطلب، و أنشد:
و لأحشَأَنَّكَ مِشْقَصاً أوْساً أُوَيسُ من الهَبَالَهْ
«1» أي لأحشَأَنَّك مِشْقَصاً عصا بدل ما تطلبه. كقوله: من ماء زمزم في قوله:
فليتَ لنا من زَمْزَمَ شَرْبَةً مبَرَّدَةً باتَتْ علي الطَهَيانِ
«2»

[هبج]

: الأشعري رضي اللّه تعالي عنه- قال: دَلُّوني علي مَكانٍ أقطع به هذه الفَلَاة.
فقالوا: هَوْبَجَة تُنْبِتُ الأرْطَي بين فَلَج و فُلَيْج. فحفرَ الحَفرَ و لم يكن بالمَنْجَشَانِيَّة و مَاوِية قطرة إلَّا ثماد أيام المطر، ثم استعمل سَمْرَة العَنْبَرِي علي الطريق فأذِنَ لمنْ شاء أن يحفر.
فابتدءُوا في يوم السبعين فماً من أفواه البِئَار.
______________________________
(3) (*) [هبل]: و منه الحديث: من اهتبل جوعة مؤمن كان له كيت و كيت. و في حديث الشعبي: فقيل لي:
لأُمِّك الهَبَلُ. و في حديث أم حارثة بن سراقة: ويحكِ أوهبلت؟ و في حديث علي: هبلتهم الهبول.
النهاية 5/ 239، 240.
(1) البيت لأوس بن حجر في لسان العرب (هبل).
(2) البيت من الطويل، و هو للأحول الأزدي أو الكندي (يعلي بن مسلم بن قيس) في خزانة الأدب 5/ 276، 9/ 453، و لسان العرب (حمن) و (طها) و (ها)، و معجم البلدان 3/ 329 (شدوان)، 4/ 52 (طهيان)، و لأعرابية في جمهرة اللغة ص 1313، و بلا نسبة في جمهرة اللّه ص 1237، و شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص 300، 605، و معجم ما استعجم ص 399، و يروي «شدوان» بدل «طهيان».
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 388
الهَوْبَجة: المطمئنّ من الأرض، و قيل: منتهي الوادي حيث تدفع دوافعه. قال:
إذا شرِبَتْ ماءَ الرِّجامِ «1» و برّكت بهَوْبَجةِ الريان قرَّت عيونُها
فَلْج: بين البصرة و ضَريّة، و فُلَيْج قريب منه.
الأحْفَار المعروفة في بلاد العرب ثلاثة:
منها حَفَر أبي موسي الأشْعَري، و هي رَكَايا احْتَفَرَها علي جادّة البصرة بين ماوية و المَنْجَشَانِيَّات.
و حَفَرُ ضَبَّةَ؛ و هي ركايا بناحية الشَّوَاجن.
و حَفَرُ سَعْد بن زيد بن مَنَاة و هي بحذاء العَرَمَة وراء الدَّهْنَاء عند جَبلٍ من جبالها يسمي جبل الحاضِر.
البِئَار: جمع بئر. قال [أبو العتاهية]:
فإنْ حَفَرُوا بِئْرِي حفَرْتُ بِئَارَهم و إنْ بَحَثُوا عني ففيهمْ مَبَاحِثُ

[هبر]

*: ابن عباس رضي اللّه تعالي عنهما- قال في قوله تعالي: كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ [الفيل: 5]: هو الهَبُّور.
عُصَافة الزَّرْع الذي يُؤْكَل، يعني حطام التبن و ما تفتَّت من ورق الزَّرع، و كأنه من الهَبْرِ و هو القطع، و منه هِبْرِية الرَّأْس، و هي قِطَعٌ صغار في الشعر كالنُّخالَة.
المأْكُول: ما أُكِلَ حبُّه فبقي صِفْراً.

[هبل]

: عائشة رضي اللّه تعالي عنها- قالت في حديث الإِفْكِ: و النساء يومئذ لم يُهَبِّلْهُنّ اللحم.
أي لم يثقلهن و لم يَكْثُرْ عليهن. يقال: رجل مُهَبَّل كثيرُ اللحم. قال:
مِمَّنْ حَمَلْنَ به و هُنَّ عَوَاقِدٌ حُبُك النِّطَاقِ فشبَّ غير مُهَبَّل
«2»
______________________________
(1) الرجام: الهضاب.
(3) (*) [هبر]: و منه في حديث علي: انظروا شزراً و اضربوا هبراً. و في حديث الشراة: فهبرناهم بالسيوف.
النهاية 5/ 239.
(2) البيت من الكامل، و هو لأبي كبير الهذلي في الإنصاف 2/ 489، و خزانة الأدب 8/ 192، 193، 194، و شرح أشعار الهذليين 3/ 1072، و شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص 85، و شرح شواهد المغني 1/ 227، 2/ 963، و شرح المفصل 6/ 74، و الشعر و الشعراء 2/ 675، و الكتاب 1/ 109، و لسان العرب (هبل)، و المقاصد النحوية 3/ 558، و بلا نسبة في رصف المباني ص 356، و شرح الأشموني 2/ 343، و مغني اللبيب 2/ 686.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 389
و أصبح فلان مُهَبَّلًا، أي مُهَبَّجاً مورَّماً.
و
في الحديث: إنَّ الخيرَ و الشرَّ قد خطَّا لابْنِ آدم و هو في المَهْبِل.
هو الرَّحم، و عن أبي زياد الأعرابي: المَهْبِل هو الموضعُ الذي ينطف أبو عُمَيْر هبت فيه بأروته.
أي يقطر فيه الذكَر بمَنيه.
الهبيد في (هل) الهبنقعة في (ذا). هبة في (دس). هبل في (قص). فهبتوهما في (مس). هبات في (ثم). و هبرته هبراً في (دس). [هباء في () «1»]. هبلت في (عر). لا هبط في (غب). هبة في (عس).

الهاء مع التاء

[هتك]

: علي رضي اللّه تعالي عنه- عن نَوْف البِكَالِيّ قال: كنتُ أبيتُ علي باب دارِ عَليِّ فلما مضت هُتْكَةٌ من الليل قلت كذا.
يقال: سرنا هُتْكَةً من الليل، أي طائفة و هاتكناها: سِرْنا في دُجَاها.

[هتم]

*: أبو عبيدة رضي اللّه تعالي عنه- كان أَهْتَمَ الثَّنَايَا. و كان قد انْحَازَ علي حَلْقَةٍ قد نَشَبَتْ في جِرَاحَةِ رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم يوم أُحُد، فأزَم عليها فنَزَعَها- وروي: إن زَرَدَتين من زَرَدِ التَّسْبِغة قد نشَبتا في خدِّه. فعَكر أبو عبيدة علي إحداهما فنزعها فسقطت ثَنِيَّتُه، ثم عَكَر علي الأخري فنزعها فسقطت ثَنِيَّتُه الأخري.
الهَتْم: انكسار الثنايا عن أصلها.
انْحَازَ عليها: انْكَبَّ جامعاً نفسه.
أَزَمَ: عَضّ.
عكَرَ: عطف.
التَّسْبِغة: زَرَدٌ يتصل بالبَيْضَة يستُرُ العُنُق.

[هتر]

: ابن عمر رضي اللّه تعالي عنهما- أعوذُ بك أن أكونَ من المسْتَهْتَرِين.
هم السقاط الذين لا يُبَالُون ما قيل لهم و ما شُتِموا به. و الهَتْرُ: مَزْقُ العِرْض. و يقال:
استُهْتِر فلان؛ إذا ذهب عَقْلُه بالشي‌ء و انصرفتْ هِمَّته إليه حتي أكثر القول فيه وَ أُولع به؛ أَرَاد المستهتَرِين بالدنيا.
______________________________
(1) بياض في الأصل.
(2) (*) [هتم]: و منه الحديث: أنه نهي أن يُضحَّي بهتماء. النهاية 5/ 243.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 390‌

[هتت]

: الحسن رحمه اللّه تعالي- قال: و اللّه ما كانوا بالهتَّاتِين، و لكنهم كانوا يَجْمَعون الكلام ليُعْقَل عنهم.
الهتَّاتُ: المِهْذَار. و ظَلّ يهُتُّ الحديث «1». و المرأةُ تَهُتّ الغَزْلَ يومها أَجْمع؛ أي تغزل بعضَه فَوْق بعض و تُتَابع. و باتت السماء تهُتّ المطر هتًّا «2».
في الحديث: أَقْلِعُوا عن المعاصي قبل أنْ يأْخُذَكم اللّه فيدعَكُم هَتًّا بتًّا.
يقال: هتّ ورقَ الشجرة و حَتّه؛ أي يدعكم هَلْكي مَطْرُوحين مَقْطُوعين.

[هتر]

: المُسْتَبَّانِ شَيْطَانَانِ، يَتَهَاتَرَان و يتَكاذبان.
أي كلُّ واحد منهما يتسقَّطُ صاحبَه و يتنقَّصه؛ من الهِتْر و هو الباطل من القول.
اهتروا في (فر). فهتها في (كر).

الهاء مع الجيم

[هجم]

: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- قال لعبد اللّه بن عَمْرو بن العاص- و ذَكَر قيامَ الليل و صيامَ النَّهار: إنك إذا فعلتَ ذاك هَجَمْتْ عيناك و نَفِهَتْ نَفْسُك «3».
أي غَارَتَا و أَعْيَتْ.

[هجر]

*: لَقِيَ في مُهَاجَرِه الزُّبير بن العوَّام في رَكْبٍ من المسلمين كانوا تجَّاراً بالشام قَافِلين إلي مكّة، فعَرَّضُوا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم و أبا بكر ثياباً بِيضاً.
المُهَاجَر: يكون مَصْدَراً و زماناً و مكاناً.
و عَرَّضوا: من العُرَاضَة، و هي هَدِيّة القادم.
في رَكْب: حال من اللقي.
إني كُنْتُ نهيتُكم عن زيارةِ القبور فزُورُوها، و لا تقولوا هُجْراً.
______________________________
(1) هتَّ الحديث: سرده و تابعه.
(2) إذا تابعت صبَّه.
(3) نفهت نفسك: أي أعيت وكلت.
(4) (*) [هجر]: و منه الحديث: لا هجرة بعد الفتح. و الحديث: لا تنقطع الهجرة حتي تنقطع التوبة.
و الحديث: ستكون هجرة بعد هجرة، فخيار أهل الأرض ألزمهم مُهَاجَرَ إبراهيم. و في حديث عمر:
هاجروا و لا تَهَجَّروا. و في حديث أبي الدرداء: و لا يسمعون القرآن إلا هجراً. و الحديث: لو يعلم الناس ما في التهجير لاستبقوا إليه. و الحديث: أنه كان يصلي الهجير حين تدحض الشمس. و في حديث معاوية: ماءٌ نميرٌ و لبنٌ هجيرٌ. و في حديث زيد بن عمرو: و هل مُهَجِّرٌ كمن قال؟ النهاية 5/ 244، 245، 246.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 391
أي فُحْشاً، و قد أهجر: إذا أَفحش.

[هجو]

: اللَّهُمَّ إنَّ عَمْرو بن العاص هجاني و هو يعلم أني لستُ بشاعر فاهْجُه اللهم، و الْعَنْه عدد ما هجاني- أو قال: مكانَ مَا هجَانِي.
أَيْ فجازِهِ علي الهجاء.

[هجن]

: لما خرج صلي اللّه عليه و آله و سلم هو و أبو بكر إلي الغار مرَّا بعَبْدٍ يرعي غنماً، فاستَسْقَيَاه من اللبن فقال: و اللّه ما لِي شاةٌ تُحْلَب غيرَ عَنَاق حملت أوَّل الشتاء؛ فما بها لَبَنٌ، و قد اهتُجِنت. فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: ائْتنا بها؛ فدعا عليها بالبركة ثم حلب عُسًّا.
أي تبيَّن حَمْلُها.
و الهاجِنُ: التي حملت قبل وقت حَمْلِها.
و قال يعقوب: اهتجن الفحلُ بنت اللَّبُون؛ إذا ضربها فألقحها قبل أن تستحقّ؛ و قد هَجَنَتْ هي تَهْجُن هجوناً فهي هَاجِن.

[هجد]

: كان صلي اللّه عليه و آله و سلم إذا قام للتَّهَجُّد يَشُوصُ فَاهُ بالسِّوَاك.
هو تَرْك الهجوع للصَّلاة بالليل.
يَشُوص فَاه: أي يُنَقِّي أسنانَه و يغسلها. يقال: شاصَهُ و مَاصَهُ «1».

[هجر]

: قال صلي اللّه عليه و آله و سلم في مرضِه: «ائْتُونِي أكتب لكم كِتاباً لا تضلُّون بعده أبداً». فقالوا: ما شَأْنُه؟ أَ هَجَرَ «2».
أي أَهذي، يقال: هَجَر يَهْجر هُجْراً إذا هَذي، و أهجر: أَفْحَش.

[هجرس]

: قال أسيد لعُيَيْنَة بن حصْنِ و هو مادّ رجليه بين يَدَيْ رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: يا عَيْن الهِجْرِس؛ أتمدُّ رِجْلَيك بين يَدَي النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم!
شبَّه عينيه بعَيْنِ الهِجْرِس؛ و هو وَلَد الثعلب.
قال أبو زيد: الهِجْرِس القِرْد، و بنو تميم تجعلُه الثعلب.

[هجر]

: عمر رضي اللّه تعالي عنه- كان يطوفُ بالبيت و هو يقول: رَبَّنٰا آتِنٰا فِي الدُّنْيٰا حَسَنَةً وَ فِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنٰا عَذٰابَ النّٰارِ [البقرة: 1، 2]، ما له هِجِّيرَي غيرها.
الأصل في الهِجِّيري، من قولهم: الهُجْر لهَذَيان المبَرْسَم «3» و دَأْبه و شأنه. تقول: رأيته
______________________________
(1) الموص: الغسل اللين و الدلك باليد.
(2) أهجر: أي اختلف كلامه بسبب المرض.
(3) البرسام: علة يهذي فيها.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 392
يهجر هُجْراً و هجّيري و إجِّيرَي قال ذو الرمة:
رَمَي فأَخْطَأَ و الأَقْدَارُ غَالِبةٌ فانْصَعْنَ و الْوَيْلُ هِجِّيرَاه و الحَرَبُ
«1» ثم كَثُرَت، ثم استعملت في كلّ فعل يجعله المرء دَأْبه و دَيْدَنَه. و يجوز أن يكون اسماً للفعلة التي يلزمُها الرجل و يَهْجُرُ إليها ما سِوَاها.
عجبت لتَاجِر هَجَر و رَاكِبِ البَحْرِ.
خصَّ هَجَر لكثرة وَبَائِها، أراد أنهما يُخَاطِران بأنفسهما.

[هجس]

*: إنّ السائب بن الأقرع قال: حضرت طعامَه فدعا بلَحْمٍ غَليظ و خبز مُتَهَجّس.
أي فَطِير، من الهَجِيسة و هي الغَرِيض من اللبن.

[هجع]

: عبد الرحمن رضي اللّه عنه- قال المِسْوَر بن مَخْرَمَة: طرقني عبد الرحمن بعد هَجْعِ من الليل، فأرسلني إلي عليّ رضي اللّه تعالي عنه- فدعوته؛ فنَاجَاه حتي ابْهارَّ الليل و انْثَال الناسُ عليه.
هو الطائفة منه.
ابْهَارَّ: انتصف.
انثال: مطاوع ثَالَه يَثُوله، يقال: ثُلْتُ الوِعاء ثولًا مثل هِلْتُه هَيْلًا؛ إذا صبَبْت ما فيه.
و قال الأصمعيّ: الثولة الجماعة من القوم، و قد انثالوا عليه و تَثَوَّلوا، أي اجتمعوا.
هجان في () «2». فهجل في (وش). مهجر و لا تهجروا في (لب). هجرا في (دب). و هجانه في (كو). يهجرون في (حم). إلا مهاجراً في (شع).

الهاء مع الدال

[هدف]

: النبيّ صلي اللّه عليه و آله و سلم- كان إذا مرَّ بهَدَفٍ مائلٍ أو صَدَف مائلٍ أسرع في المشي.
هما كل شي‌ء عظيمٌ مُشْرفٌ كالحَيْد من الجبل و غَيْرِه.

[هدي]

*: بعث صلي اللّه عليه و آله و سلم- إِلي ضُبَاعَة، و ذبحت شاة، فطلب منها
______________________________
(1) البيت في ديوان ذي الرمة ص 16.
(3) (*) [هجس]: و منه في حديث قباث: و ما هو إلا شي‌ء هجس في نفسي. النهاية 5/ 247.
(2) بياض في الأصل.
(4) (*) [هدي]: و منه الحديث: الهَدْيُ الصالح و السمت الصالح جزءٌ من خمسة و عشرين جزءاً من النبوة.-
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 393
فقالت: ما بقي إلّا الرَّقَبة، و إني لأسْتَحْيي أَنْ أَبعث إلي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم بالرَّقَبة، فبعث إليها أَنْ أَرسلي بها، فإنَّها هادِيَةُ الشاة و هي أبعدُ الشاةُ من الأذي.
أي جارحتها التي هَدَتْ جَسدَها، أي تقدَّمته.
و منها قولهم: أَقْبَلَتْ هَوادِي الخيل؛ أي أعناقها، و قد تكون رِعَالَها المتقدّمة.
خرج صلي اللّه عليه و آله و سلم في مرضه الذي مات فيه يُهَادِي بين اثنين حتي أُدْخِل المسجد.
أي يمشي بينهما معتمداً عليهما، و هو من التهادي، و هو مَشْيُ النساء، و مَشْي الإِبلِ الثقال في تمايل يميناً و شمالًا. تَفَاعل من الهدي و هو السكون.

[هدن]

*: ذكر صلي اللّه عليه و آله و سلم الفِتَن فقال حذيفة بن اليمان: أبَعد هذا الشرِّ خير؟ فقال: هُدْنَة علي دَخَن، و جماعة علي أَقْذَاء.
هَدن و هَدَأ أخوان، بمعني سكن. يقال: هَدَن يَهْدِن هدوناً و مَهْدَنة، و منه قيل للسكون ما بين المتعاديين بالصلح و المُوَادعةِ هُدْنة.
الدَّخَن: مصدر دَخِنت النار إذا أُلقي عليها حَطَبٌ رطْب فكَثُر دخانها و فَسَدت؛ ضربه مثلًا لما بينهم من الفساد الباطن تحت الصَّلاح الظاهر.
و كذلك الأقذاء مثل لكدورة نياتهم و فقد تَصَافيهم.

[هدد]

: كان صلي اللّه عليه و آله و سلم يقول: اللهم إني أعوذ بك من الهدِّ و الهدَّة.
الهدّ الهَدْم الشديد كحائط يَنْهَدِم. و الهدة: الخسوف.

[هدهد]

: جاءَ شيطانٌ فحمل بِلَالًا فجعل يُهَدْهدُه كما يُهَدْهَدُ الصبيُّ.
يقال: هَدْهَدَتِ الأمّ ولدها؛ أي حرّكته لينام.
قال صلي اللّه عليه و آله و سلم ذلك حين نام بلال عن إيقاظه القومَ للصَّلَاة.

[هدب]

*: لا يمرض مؤمن إلا حطَّ اللّه هُدْبَةً من خَطاياه.
هيَ مثلُ الهِدْفَة؛ و هي القطعة؛ و هَدَب الشي‌ء إذا قطعه. و هَدَّب الثمرةَ، إذا قَطفها.
و منه
حديث خبّاب رضي اللّه تعالي عنه قال: هاجَرْنا مع رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله
______________________________
- و الحديث: و اهدوا هَدْي عمار. و الحديث: كنا ننظر إلي هديه و دلِّه. و في حديث طهفة: هلك الهديُّ و مات الوديُّ. النهاية 5/ 253، 254.
(1) (*) [هدن]: و منه في حديث علي: عمياناً في غيب الهدنة. النهاية 5/ 252.
(2) (*) [هدب]: و منه في صفته صلي اللّه عليه و سلم: كان أهدب الشفار. و في حديث وفد مذحج: إن لنا هُدَّابها. و في حديث امرأة رفاعة: إن ما معه مثل هدبة الثوب. و في حديث المغيرة: له أذن هدباء. النهاية 5/ 249.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 394
و سلم فوقع أَجْرُنا عَلَي اللّه؛ فمنَّا من خرج من الدنيا لم يُصِبْ منها شيئاً، و منا من أيْنَعَت له ثمرتُه فهو يَهْدِبُها.

[هدي]

: قال صلي اللّه عليه و آله و سلم لعليّ رضي اللّه تعالي عنه: سَلِ اللّه الهُدَي؛ و أنت تعني بهُدَاك هِدَاية الطريق، و سَلِ اللّه السَّدَادَ و أنت تَعْني بذلك سَداد السَّهْم- و يروي:
و أنت تَذْكُر مكان تعني.
يريد ليَكُنْ ما تسألُ اللّهَ من الهدي و السَّدادِ في الاستقامة و الاعتدال بمنزلة الطريق الناهج الذي لا يضلُّ سالِكه، و السهمِ السديد الماضي نحو الغَرَضِ لا يَعْدِل.

[هدد]

: قال أبو لهب: لهَدَّ ما سَحَركم صاحبُكم.
أي لنِعْمَ ما سحركم.
قال الأصمعي: يقال إنه لَهَدَّ الرجل، أي لنِعْمَ الرجل. و ذلك إذا أُثْني عليه بجَلَدٍ و شدَّةٍ. قال العجّاج:
* و عصف جارٍ هَدَّ جارُ المُعْتَصَرْ*

[هدف]

: أبو بكر رضي اللّه تعالي عنه- قال له ابنُه عبد الرحمن: لقد أَهْدَفتَ لي يوم بَدْر فضِفْتُ عنك. فقال له أبو بكر: لكنَّك لو أهْدَفْتَ لي لم أضِفْ عنك.
يقال: أَهْدفَ له الشي‌ءُ و استهدف، إذا أعرض و أشرف كالهدف للرامي.
و منه
حديث الزبير رضي اللّه تعالي عنه: إنه اجتمع هو و عَمْرو بن العاص في الحجر.
فقال الزبير: أَمَا و اللّه لقد كنت أَهْدَفتَ لي يوم بَدْر و لكني استبقيتُك لمثل هذا اليوم. فقال عمرو: و أنت و اللّه لقد كنتَ أَهْدفتَ لي و ما يسرُّني أن لي مثل ذلك بفرَّتي منك.
كان عبد الرحمن و عمرو بن العاص مع المشركين يوم بَدْر.

[هدل]

: ابن عباس رضي اللّه تعالي عنهما- قال: أعْطِهمْ صدَقَتك و إن أتاك أَهْدَل الشفَتَين مُنْتَفِشُ المِنْخَرَيْنِ.
أي و إن أتاك زِنْجِيٌّ أو حبشي غليظ الشفتين مسترخيهما منتفخ المِنْخَرَين مع قصورِ المارِن و انْبِطَاحه.
قال النضر: المُنْتَفِش من الأنوف: القصير المارِن. و قد انتفش كأنه أنفُ الزنجي؛ و
تأويله صلي اللّه عليه و آله و سلم: اسْمَعُوا وَ أَطِيعُوا و لو أُمِّر عليكم عَبْدٌ حبشي مُجَدَّع.
و الضمير في أَعْطِهم للولاة و أُولِي الأمر.

[هدي]

: القرظي رحمه اللّه تعالي- قال: بلغني أنّ عبد اللّه بن أبي سُلَيْط الأنصاري شهد الظهرْ بقباء و عبد الرحمن بن زيد بن حارثة يصلِّي بهم، فأخَّر الصلاة شيئاً، فنادي ابنُ
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 395
أبي سليط عبد الرحمن حين صلّي: يا عبد الرحمن؛ أكنتَ أدْرَكت عثمان و صلَّيت في زمانه؟
قال: نعم. قال: و كنتَ أدركتَ عمر و صلَّيت في زمانه؟ قال: نعم. قال: فكانوا يصلُّون هذه الصلاة الساعة؟ قال: لا و اللّه، فما هَدَي مما رَجَع.
لغة أهل الغَوْرِ أن يقولوا في معني بيَّنْتُ لك: هَدَيْتُ لك. و يقال: بِلُغَتِهم نزلَتْ: أَ وَ لَمْ يَهْدِ لَهُمْ.
و قوله: فما هَدَي من هذا، أي فما بيَّن. و ما جاء بالحجة.
ممَّا رَجَع: أي مما أجاب، و المرجوع: الجواب. أي إنما قال: لا و اللّه، و سكت فلم يجي‌ء بجوابٍ فيه بيانٌ و حجة لما فعل من تَأْخير الصلاة.
الهدم في (حب). هدباء في (زو). الهدي في (صب). الهدبة في (عس). و هدابها في (عب). اهدب و اهدل في (هو) الهدنة في (ذم). باهدام في (عش). هدت في (قف) هدنة في (حي). متهدلة في (حد). و هديه في (سم).

الهاء مع الذال

[هذذ]

: ابن مسعود رضي اللّه تعالي عنه- لا تَهُذّوا القرآن كهَذّ الشِّعْر، و لا تنثروه نَثرَ الدَّقَل «1».
هو سُرْعَة القِراءة، و أصلُه سرعة القطع.
الدَّقَل إذا نثر تفرَّق؛ لأنه لا يَلصق بعضه ببعض.

[هذر]

*: أبو هُرَيرة رضي اللّه تعالي عنه- ما شَبع رسولُ اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم من الكِسَر اليابسة حتي فارَق الدنيا. و قد أَصبحتم تَهْذِرُون الدنيا. و نَقَد بإصبعه، فَعَل ذلك تعجُّباً.
أي تُفَرِّقونها و تُبَذِّرونها في كَثْرَةٍ وسَعَةٍ. من قولهم: هَذَر فلان في منطقه يَهْذِر و يَهْذر هَذْراً. و فلان هُذرَة بُذَرَة و مِهْذَارَةٌ مبذارة.
وروي: تَهُذّون، أي تقتطعونها إلي أنفسكم و تجمعونها و تسرعون إنفاقها، من هذّ القراءة.
نقد: نقر. يقال: نقد الطائر الفخّ إذا نقره.

[هذرم]

: ابن عباس رضي اللّه تعالي عنهما- قيل له: اقْرَأ القرآن في ثلاث، فقال: لأن
______________________________
(1) الدقل: أردأ أنواع التمر.
(2) (*) [هذر]: و منه في حديث أم معبد: لا نَزْرٌ و لا هذرٌ. و الحديث: لا تتزوَّجنَّ هيذرة. النهاية 5/ 256.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 396
أقرأ البَقرة في لَيْلة فأدَّبَّرَها أحبُّ إليّ من أن أقرأَ كما تقول هَذْرَمَةً.
هي السُّرْعَةُ في الكلام و المَشي.
و الهَذْرَبَة و الهَرْبَدَة نحوها. و قال أبو النجم [يذم رجلًا]:
* و كانَ في المجلس جَمَّ الهَذْرَمَة «1» *
هذبوا فهذبوا في (قو). يهذب في (عو). مهذرة في (حي). هيذرة في (شه).

الهاء مع الراء

[هرف]

: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- إن رُفْقَةً جاءَتْ و هم يَهْرِفون لصاحبٍ لهم، و يقولون: يا رسول اللّه؛ ما رأينا مثلَ فلان: ما سِرْنا إلا كان في قِرَاءة، و لا نزلنا إلا كان في صَلاة.
الهَرْف: الإِطناب في المَدْح؛ و منه المثل: لا تَهْرِفْ بما لا تعرِف.

[هرب]

: قال له صلي اللّه عليه و آله و سلم رَجُل: يا رسولَ اللّه؛ ما لي و لعيالي هارِب و لا قارِب غيرها.
أي صادِرٌ عن الماء و لا وَارِد عنه غيرها، يعني لا شي‌ء لنا سواها.

[هرت]

: أَكَل صلي اللّه عليه و آله و سلم كَتِفاً مُهَرَّتَةً ثم مسح يده بمسح ثم صلّي.
هَرَت اللحم و هَرَده و هَراه بمعني.

[هرو]

*: إن حنيفة النَّعَم أتاه صلي اللّه عليه و آله و سلم فأَشْهَدَه ليتيم في حِجْرِه بأربعين من الإِبل التي كانت تسمي المطيبة في الجاهلية. فقال النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم: فأَيْنَ يتيمك يا أبا جذيم و كان قد حمله معه؟ قال: هو ذاك النائم و كان يشبه المحتلم. فقال صلي اللّه عليه و آله و سلم: لعَظُمَتْ هذه هِرَاوَةُ يَتِيم.
يريد شخص اليتيم و شِطَاطه «2»؛ شبَّهه بالهِرَاوَة و هي العصا.

[هرد]

: في ذكر نزول المسيح صلوات اللّه عليه: ينزل عند المَنَارَةِ البيضاء شرقي
______________________________
(1) تمامه:
ليناً علي الداهية المكتمة
و الرجز في لسان العرب (هذر).
(3) (*) [هرا]: و منه في حديث أبي سلمة: أنه صلي اللّه عليه و سلم قال: ذاك الهراء شيطان وكِّل بالنفوس. و في حديث سطيح:
و خرج صاحب الهراوة. النهاية 5/ 261.
(2) الشطاط، كسحاب و كتاب: الطول و حسن القوام.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 397
دمشق في مَهْرُودَتَين. قال: و تقع الأَمَنَة في الأرض.
أي في حلتين مصبوغتين بالهُرْد، و هو صبغ شبه العُرُوق.
قال الأسدي: الهُرْد صبغ أصفر؛ يقال إنه الكركم، و جاء في الحديث يعني في ممشَّقَتَيْن.
و نحوه ما
روي: إنه ينزل بين ممصَّرتين.
و قال أبو عدنان: أخبرني العالم من أعْرَاب باهلة أن الثوب يُصْبَغ بالوَرْس ثم بالزعفران فيجي‌ءُ لونه مثل لون زَهْرَة الحَوْذالة فذلك الثوب المَهْرُود.
وروي بالدال و الذال؛ و المعني واحد.
و قد رأي القتيبي أن المراد في شقتين؛ من الهَرْد و هو الشقّ، و منه هَرَد عرضه و هَرَته و هَرَطه: مزَّقه.
أو أن يكون الصواب مَهْرُوّتَيْنِ علي بناء هَرَوْت، من هرّيت العمامة إذا صفرتها.
و أنشد:
رأيتك هرَّيْتَ العمامةَ بَعْدَما أراكَ زماناً حاسِراً لم تَعَصَّب
و الصواب ألّا يعرج علي رَأْيَيْهِ.

[هرم]

*: تعشّوا و لو بكفّ من حَشَف، فإِنَّ تَرْكَ العَشاء مَهْرَمَة.
أي مظِنَّة للضَّعْف و الهرم، و كانت العرب تقول: تَرْكُ العشاء يُذْهِب بلَحْمِ الكاذَة.

[هرج]

*: عمر رضي اللّه تعالي عنه- في حديث القتيل الذي اشترك فيه سبعة نفر:
إنه كاد يشكّ في القَوَد: فقال له عليّ: يا أمير المؤمنين؛ أرأَيت لو أنّ نفراً اشتركوا في سَرِقَة جَزُور، فأخذَ هذا عُضْواً و هذا عُضْواً، أ كنت قاطعهم؟ قال: نعم؛ فذلك حين اسْتَهْرَج له الرأيُ.
أي اتَّسَع و انفرج، من قولهم للفرس الواسع الجري: مِهْرَج و هَرَّاج. قال:
طراباً له كل طوال أهرجا غَمْرُ الأَجَارِيِّ مِسَحًّا مِهْرَجَا
و يقال للقوسِ الفجواء: الهِرْجَة.
ابن مسعود رضي اللّه تعالي عنه- لا تقومُ الساعةُ إلا علي شِرَارِ الناس؛ مَنْ لا يعرفُ معروفاً، و لا يُنْكِرُ منكراً، يَتَهَارجُونَ تَهَارُج البهائم كرِجْرَاجَةِ الماءِ الخبيث التي لا تطَّعم.
______________________________
(1) (*) [هرم]: و منه الحديث: اللهم إني أعوذ بك من الأهرمين. و الحديث: إن اللّه لم يضع داءً إلا وضع له دواء إلا الهرم. النهاية 5/ 261.
(2) (*) [هرج]: و منه في صفة أهل الجنة: إنما هم هرجاً مرجاً. النهاية 5/ 257.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 398
أي يتسافدون؛ يقال لبقيَّةِ الماء المختلطة بالطين في أسْفَلِ الحَوْضِ رِجْرِجَة، و أما الرِّجْرَاجة فهي المُتَرَجْرِجة؛ يقال: جارية رَجْرَاجة يترَجْرَجُ كَفَلُها، و كتيبة رَجْرَاجة: تموج من كثرتها، و كأنه إن صحَّت الرواية قصد الرِّجْرِجة، فجاء بوصفها لأنها طِينَة رقيقة تَتَرَجْرَج.
لا تطَّعِم: أي لا يكونُ لها طعم، و هو تَفْتَعِل من الطَّعم كَتَطرِد من الطَّرْد.
وروي: لا تُطْعِم، من أطعَمَت الثَّمَرَةُ؛ إذا صار لها طَعْم، كقولهم: شاة لا تنقي. و لو روي: لا تطَّعم من البعير المُطَعِّم؛ و هو الذي يوجد في مُخِّه طَعْم الشّحم. أنشد أبو سعيد الضرير:
بكي بين ظَهْرَي قومِه بعد ما دَعَا ذوي المخّ من أحسابهم و المطَعّم
لكان وَجْهاً.

[هرس]

*: أبو هُرَيْرَة رضي اللّه تعالي عنه- إذا قام أحدُكم من النوم فليُفْرِغ علي يديه قبل أنْ يدخلهما في الإِناء. فقال له قَيْنٌ الأشجعي: فإِذا جئْنَا مِهْرَاسَكم هذا كيفَ نَصْنَع به؟
فقال: أعوذ باللّه من شرّك.
هو حَجَرٌ منقور كالحَوْض يُتوَضّأ منه لا يقدر علي تَحْرِيكه.

[هرقل]

: عبد الرحمن بن أبي بكر رضي اللّه تعالي عنهما- كتب معاوية إلي مروان ليُبَايِعَ الناس ليزيد بن معاوية، فقال عبدُ الرحمن: أ جئتم بها هِرْقلِيةً قُوقِية، تُبايعون لأبنائكم؟ فقال مروان: أيّها الناس، هذا الذي قال اللّه عز و جلَّ: وَ الَّذِي قٰالَ لِوٰالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمٰا … [الأحقاف: 17].
فغضبت عائشة فقالت: و اللّه ما هُوَ به! و لو شئتُ أن أسمِّيَه لسمَّيْتُه، و لكنَّ اللّه لَعنَ أباك و أَنْتَ في صُلْبه. فأنْتَ فَضَض من لعنة اللّه- وروي: فَضِيض- وروي: فُضُض- وروي:
فأنت فُظَاظَة لَعْنَةِ اللّه و لعنةِ رسوله.
هِرَقْل: كان من ملوك الروم، و هو أول من ضرَب الدَّنانير، و أولُ من أَحدث البَيْعَة.
وقُوق: أيضاً اسم ملك من ملوكهم، و يقال: الدنانير الهِرَقْلِيّة و القُوقِيَّة؛ يريد أن البيعة للأولاد من عادتهم.
الفَضَض: فَعَل بمعني مفعول، من فَضَّ إذا كسر؛ أي أنت طائفة من اللعْنِة فضضت منها.
______________________________
(1) (*) [هرس]: و منه الحديث: أنه مر بمهراس يتجاذونه. و في حديث عمرو بن العاص: كأن في جوفه شوكة الهراس. النهاية 5/ 259، 260.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 399
و الفُضُض: جمع فَضِيض و هو الماء الغريض، و افتضضت الماء: أخذته ساعة يخرج.
و هو كقولهم: وَرْدٌ جَنِيّ و صَبيٌّ وَليد، للقريبي العَهْد من الجَنْي و الولادة؛ أي لستَ من اللعنة حَدِيثَ عَهْدٍ بها.
و الفُظَاظة: من الفظ. و هو ماء الكَرِش و افتَظْظْتُ الكَرِش إذا اعتصرتُ ماءَها؛ كأنه عصارة قَذِرة من اللعنة. أو هي فُعَالة من الفظيظ؛ و هو ماء الفحل، أي نُطْفَةٌ من اللعْنِة.

[هرت]

: رَجَاء بن حَيْوَة رحمه اللّه تعالي- قال لرجل: يا فلان؛ حَدّثنا و لا تحدِّثْنَا عن مُتَهارِتٍ و لا طَعَّان.
هو المُتَشادق، من هَرَتِ الشّدْقِ و هو سَعَتُه.
طَعَّان: يطعن علي الأئِمَّة.

[هرج]

: في الحديث: قدام الساعة هَرْج.
أي قتال و اختلاط، و قد هَرَج القومُ يَهْرِجُون. قال ابنُ قَيْس الرُّقَيَّات:
ليتَ شِعْرِي أأَوَّلُ الهَرْجِ هَذَا أَمْ زَمانٌ مِنْ فِتْنَةٍ غيرِ هَرْجِ
«1» مهراساً في (رب). و تهاره في (زر). يهرول في (ار). يهريقوا في (سح). مهراق في (قن). فيهرج في (رد). فاهريقوا في (عق).

الهاء مع الزاي

[هزم]

: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- إذا عرَّسْتُم فاجتنبوا هَزْمَ الأرض، فإنها مأوَي الهوَامّ- وروي: هَوْم الأرض، و هُوِيَّ الأرض.
هو ما تَهزَّم من الأرض؛ أي تشقَّق. و يجوز أن يكونَ جمع هَزْمَة و هي المتَطَامِنُ من الأرض.
و منه
حديث أسعد بن زُرارة رضي اللّه تعالي عنه: إن أول جُمة جُمِّعَتْ في الإِسلام بالمدينة في هَزْم بني بَيَاضةَ.
و
في الحديث: إن زمزم هَزْمَة جبرائيل.
مِنْ هَزم في الأرض هَزْمَة؛ إذا شق شقة.
الهوْم- بلغة اليمن: بُطّنَان الأرض.
و الهُوِي: جمع هُوَّة، و هي الحفرة تشرف عليها أسناد غِلَاظ.

[هزر]

: قضي صلي اللّه عليه و آله و سلم في سيل مَهْزُور أنْ يَحْبِسه حتي يبلغَ الماءُ
______________________________
(1) البيت في ديوان ابن قيس الرقيات ص 9/ 10.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 400
الكَعْبَيْن، ثم يرسله ليس له أن يحبسه أكثرَ من ذلك.
مَهْزُور: وَادِي بني قُرَيْظَة بالحِجاز- بتقديم الزاي علي الراء.
و
مَهْرُوز- علي العكس: مَوْضع سُوقِ المدينة، كان تصدَّق به رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم علي المسلمين
؛ و أما مهزول باللام فواد إلي أصل جبل يقال له ينوف.

[هزل]

: في الحديث: كان تحت الهَيْزَلَة.
هي الرَّاية- عن أبي سعيد الضرير، و هي فَيْعَلة من الهَزْل، إِمّا لأن الريح تلعب بها و تغازل عذَباتها، و إما لأنها تخفُقُ و تَضْطَرِبُ، و الهَزْلُ و اللعب من وادي الاضطراب و الخِفّة، كما أن الجدّ من وادِي الرزانة و التماسك؛ ألا تري إلي قولهم: زمام سفيه، و تسفَّهت أعالِيَها مَرُّ الرِّياح «1».

[هزع]

: و مِصْدَاقُ ذلك قولهم في معناها: الهَيْزَعَة. قال لبيد:
* الضَّارِبيْنَ الهامَ تحت الهَيْزَعَة «2» *
و الاهتزاع و التهزّع: الارتعاض و الاضْطِرَاب.
الهزمة في (زو) هزمة في (سن). هزيزاً في (سم).

الهاء مع الشين

[هشش]

*: عمر رضي اللّه تعالي عنه- هششت يوماً فقبّلت و أنا صَائِم.
يقال: هَشِشت أهَشّ و هشِشت أهِش و هِشْتُ أَهِيش؛ إذا فَرِحت و ارْتَحْت للأمر. قال الراعي:
فكَبَّر للرُّؤُيَا وهَاشَ فُؤَادُه و بَشَّرَ نَفْساً كان قَبْلُ يَلُومُهَا
______________________________
(1) من بيت لذي الرمة و تمامه:
مشين كما اهتزَّت رياح تسفَّهت أعاليها مرُّ الرياح النواسم
و البيت من الطويل، و هو في ديوان ذي الرمة ص 754، و خزانة الأَدب 4/ 225، و شرح أبيات سيبويه 1/ 58، و الكتاب 1/ 52، 65، و المحتسب 1/ 237، و المقاصد النحوية 3/ 367، و بلا نسبة في الأشباه و النظائر 5/ 239، و الخصائص 2/ 417، و شرح الأشموني 2/ 310، و شرح ابن عقيل ص 380، و شرح عمدة الحافظ ص 838، و لسان العرب (عرد) و (صدر) و (قبل) و (سفه) و المقتضب 4/ 197.
(2) البيت في ديوان لبيد ص 342.
(3) (*) [هشش]: و منه في حديث جابر: لا يُخْبط و لا يُعضد حمي رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم و لكن هُشُّوا هشًّا. النهاية 5/ 264.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 401
الهشيم في (ذم) هاشم و هشم في (نس).

الهاء مع الصاد

[هصر]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- لما بني مسجد قُبَاء رفع حجراً ثقيلًا فهَصَره إلي بَطْنه.
أي أَضافه و أَماله. قال اللَّيث: الهَصْر أن تأخذ برأس شي‌ء ثم تكسره إليك من غير بَيْنُونَة.
المهاصير في (رج).

الهاء مع الضاد

[هضب]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- ذكر الصَيْحَة و السَّاعةَ. قال: فلَعَمْرُ إلهكَ ما يَدَعُ علي ظهرها من شي‌ء إلّا مات، و الملائكة الذين مَعَ ربِّك، فأصبح يَطُوفُ في الأرض قد خَلَتْ له البلادُ، فأَرْسَل السماء تَهْضِبُ من عند العرش. فلعمر إلهك ما يَدَعُ علي ظَهْرِها من مَصْرَعِ قتيل و لا مَدْفَنِ ميِّت إلا شُقَّت الأرضُ عنه حتي يخلقه من قبل رأسه.
و سأله لقيط بن عامر وَافِدُ بني المنتفق فقال: كيف يجمعنا اللّه بعد ما مَزَّقَتْنَا الرياح و البلي و السِّباع؟ قال: أنبئك بمثل ذلك إلّ اللّه الأرض، أشرفت عليها مَدَرَة بالية فقلت: لا تحيا. ثم أرسل ربّك عليها السماء فلم تلبث عليك أياماً ثم أشرفتُ عليها و هي شَرْبَةٌ واحدة- و روي: شَرْية. و لَعَمْرُ إلهك لهو أَقْدَر علي أن يجمعَكم من الماء علي أن يجمعَ نباتَ الأرض، فتخرجون من الأصْوَاء فتنظرون إليه ساعة و ينظر إليكم.
قال: يا رسول اللّه، فما يفعل ربُّنا إذا لقيناه؟ قال: تُعْرَضُون عليه بادياً له صفحاتكم لٰا تَخْفيٰ مِنْكُمْ عليه خٰافِيَةٌ. فيأخذ ربك بيده غَرْفَةً من الماء فينضح عليكم، فأمّا المسلم فيَدَع وجهه مثل الرَّيْطَةِ البيضاء، و أمّا الكافر فَتَخْطِمُه بمثل الحُمَم الأسْوَد ألا ثم ينصرف من عندكم و يفترق علي أثره الصالحون. ألا فتسلكون جسراً من النار، يَطأ أحَدُكم الجمرة ثم يقول: حسِّ، يقول ربك: و إنّه. ألا فتطّلعون علي حوض رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم لا يَظْمَأ و اللّه نَاهِلُه. فلعمر اللّه ما يَبْسُطُ أحدٌ منكم يدَه إِلَّا وقع عليها قَدَحٌ مُطَهَّرَةٌ من
______________________________
(1) (*) [هصر]: و منه الحديث: كان إذا ركع هَصَرَ ظهرة. و في حديث ابن أنيس: كأنه الرئبال الهصور. النهاية 5/ 264.
(2) (*) [هضب]: و منه في حديث علي: تمريه الجنوب دِرَرَ أهاضيبه. و في حديث قس: ماذا لنا بهضبة. و في حديث ذي المشعار: و أهل جناب الهِضَب. و في وصف بني تميم: هضبة حمراء. النهاية 5/ 265.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 402
الطَّوْفِ و الأذَي. و تُحْبَسُ الشمس و القمر فلا ترون منهما واحداً.
قال: فبم نُبْصِرُ؟ قال: بمثل بصر ساعتك هذه. قالوا: يا رسول اللّه؛ فَعَلَامَ نطَّلع من الجنة؟ قال: علي أَنْهٰارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّي و أنهار من كأس ما بها صداع و لا ندامة. ثم بايعه علي أن يحل حيث شاء و لا يَجُرّ عليه إلَّا نفسه.
الهَضْب: المطر، هَضَبَتْ السماءُ تَهْضِبُ هَضْباً.
الأصْوَاء: القبور؛ شبهها بالصُّوَي و هي منار الطريق. قال رؤبة:
إذا جري بين الفلا رهاؤُه و خشعت من بعده أصْوَاؤُه
و هي شَرْبة: أي يكثر الماء فمن حيث أردت أن تَشْرَب شَرِبت. و لو روي: شَرَبَة فهي حوض في أصل النخلة.
و الشَّرْيَة: الحنظلة، أي أنّ الأرض تخضرُّ بالنبات فتصير في اخضِرَار الحنظلة و نَضَارَتها.
حسِّ: كلمة يقولها المتوجع مما يُرْمِضه. و قد قالها طلحة حين أُصِيبت يَدُه يوم أُحد.
فقال صلي اللّه عليه و آله و سلم: لو كان ذكر اللّه لدخلت الجنة، أو لدخل الجنة و الناس ينظرون.
و إنه: أي نعم، و الهاء للسكت. أو اختصر الكلام بحذف الخبر. و المعني إنه كذلك.
ناهله: أي الذي روي منه.
قوله: مُطَهَّرَة: محمول علي المعني؛ لأنه إذا وقع علي يد كل واحد منهم قدح فهي أقْدَاح كثيرة.
الطّوْف: الحدَث.
الأذي: الحيض.
لا يجرّ عليه: أي لا يجني عليه من الجَريرة.

[هضم]

*: سَعْد رضي اللّه تعالي عنه- رأته امرأة متجرّداً و هو أمير علي الكوفة.
فقالت: إنّ أميرَكم هذا لأَهْضَمُ الكَشْحَيْنِ، فوَعَك سعد فقيل له: إنّ امرأة قالت كذا. فقال:
ما لها ويحها! أَمَا رأَتْ هذا- و أشار إلي فَقْرٍ في أَنْفِه، ثم أمرها فتوضَّأَت فصبَّت عليه.
الهَضْم: انضمام الخصر.
وَعَك: حم.
______________________________
(1) (*) [هضم]: و منه حديث علي: صَرْعي بأثناء هذا النهر، و أهضام هذا الغائط. النهاية 5/ 266.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 403
الفَقْر: الشق، فقرت أنف البعير.
فصبَّت: يعني الوَضوء.
اهضبوا في (ده).

الهاء مع الطاء

[هطم]

: أبو هريرة رضي اللّه تعالي عنه- كان يقول: إن آخر شراب يشربُه أهل الجنة علي أثر طعامِهم شَرَابٌ يقال له طهور؛ إذا شَرِبَ منه هَطَمَ طَعَامَهم.
حَطَم و هَطَم و هضم أخوات.

[هطل]

: الأحْنَف رضي اللّه عنه- إن الهَيَاطِلة لما نزلت به بَعل بالأمر.
هم قوم من الهِند.
بَعِلَ بالأمر، أي عَيِيَ به فلم يَدْرِ كيف يصنع.
في الحديث: اللهم ارزقني عينين هَطالتين بذُرُوف الدموع.
يقال: هَطَلت السماء و هَتلت و هَتَنَت بمعني.

الهاء مع الفاء

[هفو]

*: عُثمان رضي اللّه تعالي عنه- ولي أبا غاضرَة الهَوَافِي.
قال الأسدي: هَوَافِي الإِبل هَوَامِيها، و هيَ ضَوالُّها؛ من هفا الشي‌ء في الهواء إذا ذهب. و هفا الظَّلِيمُ عَدَا، و هفا القلب في أثر الشي‌ء.

[هفف]

*: الحسن رحمه اللّه تعالي- ذكر الحجاج، فقال: ما كان إلا حماراً هَفافاً.
أي طيّاشاً، من الريح الهفافَةِ و هي السريعةُ المرِّ.
في الحديث: كان بعض العباد يفطر علي هَفّة يَشْويها.
قال المبرد: الهفّ: الدعاميص الكبار.
______________________________
(1) (*) [هفو]: و منه في حديث علي: إلي منابت الشيح و مهافي الريح. النهاية 5/ 267.
(2) (*) [هفف]: و منه في حديث علي في تفسير السكينة: و هي ريح هفَّافة. و في حديث كعب: كانت الأرض هِفًّا علي الماء. النهاية 5/ 266، 267.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 404‌

الهاء مع الكاف

[هكم]

: عبد اللّه بن أبي حدرد رضي اللّه تعالي عنه- قال: فإذا برجل طويل قد جرَّد سيفه صلتاً، و هو يمشي القَهْقَرَي. و يقول: هلم إلي الجنة- يتهكّم بنا.
التهكم: الاستهزاء و الاستخفاف. و أنشد:
تَهَكَّمْتُما حَوْلَيْنِ ثُمَّ نَزَعْتُما فلا إن عَلَا كَعْبَاكُمَا بالتَّهَكمِ
«1» و منه الأُهْكُومَة كالأعجوبة من التعجب.
قال عمرو بن جرموز قاتل الزُّبير:
فلما رأيت أَهاكِيمه زحفت إلي حجتي زحفه
فقلت له إن قتل الزبي ر لو لا رضاك من الكلفه
و قالت سكينة رحمها اللّه لهشام: يا أَحْوَل؛ لقد أصبحتَ تتهكَّم بنا.
هكران في (عش) يتهكم في (جب).

الهاء مع اللام

[هلع]

: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم: من شَرِّ ما أُعْطِي العبدُ شُحٌّ هَالِعٌ و جُبْنٌ خَالِع.
الهالع: من الهَلَع، و هو أشدُّ الجَزَعِ و الضَّجَرِ.
و الخالع: الذي يخلع قَلْبه.

[هلك]

*: إذا قال الرجلُ هلَكَ الناسُ فهو أَهْلَكُهُم.
هو الرجل يُولَع بعَيْبِ الناس و يذهب بنفسه عجباً، و يري له عليهم فَضْلًا، فهو أشدُّ هلاكاً منهم في ذلك.

[هلم]

: ليُذَادَنَّ عن حَوْضي رجالٌ فأناديهم ألَا هَلُمَّ.
أي تعالوا. و هي اللغَة الحجازية، أَعْني تَرْكَ إلْحَاقِ علامة الجمع؛ و بنو تميم يقولون:
هلمّوا و كذلك سَائر العلامات.

[هلل]

*: عن سعيد بن جُبَير رحمه اللّه تعالي- قال: قلت لابْن عبَّاس: كيف اختلف
______________________________
(1) البيت لنهيك بن قعنب في لسان العرب (هكم).
(2) (*) [هلك]: و منه في حديث الدجَّال و ذكر صفته. ثم قال و لكنّ الهُلْكَ كل الهلك أن ربكم ليس بأعور.
و الحديث: ما خالطت الصدقة مالًا إلا أهلكته. و في حديث أم زرع: و هو أمَام القوم في المهالك.
النهاية 5/ 270، 271.
(3) (*) [هلل]: و منه في حديث الجنين: كيف نَدِي من لا أكل و لا شرب و لا استهلَّ. و في حديث النابغة
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 405
أصحابُ رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم في إهْلاله؟ فقال أَنَا أَعْلَم بذلك؛ صلي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم ركعتين بالحج، فرآه قوم فقالوا: أَهَلَّ عُقَيْبَ الصلاة، ثم استوي علي راحلته فأهَلَّ، فكان الناس يأتونه أَرْسَالًا فأدركه قوم، فقالوا: إنما أَهَلَّ حين اسْتَوَي علي راحلته. ثم ارتفع علي البَيْدَاء فأهلَّ فأدركه قوم فقالوا: إنما أَهَلَّ حين ارتفع علي البيداء، و أيْمُ اللّه لقد أوجبه في مصلاه.
و الإِهلال: رفع الصوت بالتَّلْبِية، و منه إهلال الهِلَال و اسْتِهْلَالُه، إذا رفع الصوت بالتكبير عند رُؤْيَتِه، و استهلالُ الصبيّ تَصْوِيتُه عند وِلادَته.
و منه
الحديث: في الصبي إذا وُلد لم يَرِثْ و لم يُورِثْ حتي يَسْتَهِلّ صَارِخاً.
و قيل: إنما جري هذا علي ألسنتهم، لأنهم أكثر ما كانوا يُحْرِمُون إذا أهلّوا الهِلَال، و الأفضل هو أن يهلّ عُقَيْبَ الصلاة، و هو مذهب ابن عباس.
عن جابر رضي اللّه عنه: إن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم أهَلّ حين استوي علي البَيْدَاء.
و
عن ابن عمر رضي اللّه تعالي عنهما: صلَّي رسولُ اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم ثم استوي علي رَاحِلته فلما قامت أهَلَّ.

[هلك]

: عمر رضي اللّه تعالي عنه- أتاه سائل فقال له: هَلَكْتُ و أَهْلَكْتُ، فقال عمر رضي اللّه تعالي عنه: أهلكتَ و أنت تَنِثُّ نَثِيثَ الحَمِيت- و روي: تَمُثُّ. ثم قال: أعطوه رَبَعةً من الصَّدَقَة، فخرجت يَتْبَعُها ظِئْرَاها؛ ثم أنشأ يحدِّث أصحابه عن نفسه، فقال: لقد رأيتني و أنا و أختاً لي نرعي علي أَبَوَينا ناضِحاً لنا قد ألْبَسَتْنا أمّنا نُقْبَتَها، و زوَّدَتنا يُمَيْنَتَيْهَا من الهَبِيد، فنخرج بنَاضِحَتِنا؛ فإذا اطلعت الشمسُ أَلْقَيْتُ النُّقْبَة إلي أختي و خرجت أَسعي عُرْيَاناً؛ فنرجع إلي أمّنا، و قد جعلت لنا لَفِيتَةً من ذلك الهَبِيد، فيا خصباه!
أهلكتُ: أي هَلَك عيالي، كأقطف و أعطش.
النَّثِيث: أن يرشح من سمنه، و بالميم مثله.
الحَمِيت: زِقّ السمن.
الرَّبَعَة: التي ولدت في رِبْعَيَّة النِّتَاج؛ و هي أَوَّله.
النَّاضِحُ: الذي يسني عليه.
النُّقْبَة: قِطْعةُ ثوب يُؤْتَزَر بها لها حُجْزَة.
اليُمَيْنَة: تَصْغِير اليَمِين علي التَّرْخيم، أو تصغير يَمْنَة، من قولهم: أعطاه يَمنة من الطعام إذا أهوي بيده مبسوطة فأعطاه ما حملت، فإنْ أَعْطَاه بها مقبوضة قيل: أَعْطَاه قَبْضَة؛
______________________________
الجعدي: فنيَّف علي المائة، و كأنَّ فاهخ البَرَد المنْهَلِّ. النهاية 5/ 271، 272.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 406
و المعني: أعطت كلّ واحد كفًّا واحدة بيمينها، فهما يمينان، أو أراد اليدين فغلّب.
الهَبِيد: حبّ الحنظلة.
اللَّفِيتَة: العَصِيدة.

[هلب]

*: قال رضي اللّه تعالي عنه: رَحِم اللّه الهَلُوب و لَعَن الهَلُوب.
الهَلُوب: التي تحبّ زوجها و تَنْفِر من غيره و تعصيه، و التي تحبُّ خِدْنَها و تعصي زَوْجَها و تقصيه؛ فعول من هَلَبْتُه بلساني و أَلَبْتُه، إذا نلت منه نَيْلًا شديداً؛ لأنّها نيالة إمّا من زوجها و إما من خِدْنِها، أو من هَلَب يَهْلُب إذا تابع؛ يقال: هَلَبت الريح؛ إذا تابعت الهبوب، و هَلَب الفرس؛ إذا تابع الجَرْي؛ لأنها تتابع أَمْرَين محبةً و نفاراً.

[هلل]

: إنَّ نَاساً كانوا بين الجبال فأتَوْه فقالوا: يا أَمير المؤمنين؛ إنَّا نَاسٌ بين الجبال لا نُهِلُّ الهلالَ إذا أهله الناس فبِمَ تأمرنا؟ قال: الوَضَح إلي الوَضَح، فإنْ خَفِي عليكم فأتمُّوا العدَّة ثلاثين يوماً ثم انسكوه.
أهلّ الهلال: إذا طلع. و أهلّ و استهل إذا أبصر- عن أبي زيد.
الوَضَح: الهلال، و هو في الأصْلِ البياض.

[هلب]

: خالد رضي اللّه تعالي عنه- قال- لما حضَرَتْه الوفاة: لقد طَلَبت القَتْلَ من مَظَانِّه، فلم يُقَدَّر لي إلا أن أَمُوتَ علي فِرَاشي و ما من عملي شي‌ء أَرْجَي عندي بَعْدَ لَا إِله إلا اللّه من ليلةٍ بتُّها و أنا مُتَتَرِّسٌ بتُرْسي و السماء تَهْلُبُني.
أي تُمْطِرُني مطراً مُتَتَابعاً شديداً، و منه قولهم: ليلة هَالِبةٌ و هَلَّابَة.

[هلع]

: هشام بن عبد الملك- أهدي إليه الرعيل من الكعب ناقةً فلم يَقْبَلْها: فقال له:
يا أمير المؤمنين؛ لمه ردَدْتَ ناقتي، و هي هِلْوَاع مِرْيَاع مِرْبَاع مِقْرَاع مِسْياع مِيساع حَلْبَانة رَكْبَانَة! فقبِلَها و أَمر له بألف درهم.
الهِلْوَاع: الخفيفة الحدِيدَة، و منها قيل الهِلّع و الهِلَّعة للجَدْي و العَنَاق في قولهم: ما له هِلَّع و لا هِلَّعة لنَزَقِهما، و الأصلُ الهلع، و هو شدَّة الضجر و الجَزَع.
و المِرْيَاع: الكثيرة الأولاد، من الرّيْع و هو السماءُ؛ يُقال: أَرَاعت الإِبل و رَاعَتِ الإِبل.
و عن أبي خيرة الأعرابي: المِرْيَاع من الإِبل التي تَسْبِقُها في انطلاقها، ثم ترجع إليها بعد تقدُّمِها إياها. وَ قال القتيبي: هي التي يُسَافر عليها و يُعَاد؛ من رَاعَ يَرِيع؛ إذا رجع.
المِرْبَاع: التي تُبَكِّر بالحمل، و قيل: هي التي تَضَعُ في أَوَّلِ النتاج، و كذلك النخلة
______________________________
(1) (*) [هلب]: و منه الحديث: لأن يمتلي‌ء ما بين عانتي و هلبتي. و في حديث تميم الداري: فلقيهم دابَّةٌ أهلب. و في حديث المغيرة: و رقبةٌ هلباء. و في حديث أنس: لا تَهْلبوا أذناب الخيل. النهاية 5/ 268، 269.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 407
المِرْبَاع التي تطعم قبل النَّخل.
المِقْرَاع: التي تلقح في أَوّل قَرْعَةٍ يَقْرُعُها الفحل.
المِسْياع: التي تَحتمل الضَّيْعة و سُوءَ القِيَام عليها، من قولهم: ضَائع سائع، و أساعَ ماله: أضاعه، أو السمينة من السياع. قال القطامي:
فلمَّا أَنْ جَرَي سِمَنٌ عليها كما طيَّنْتَ بالفَدَنِ السِّيَاعَا
«1» أو الذاهبة في الرَّعْيِ- عن أبي عمرو- و روي بالنون، و هي الحسنة الخَلْقِ. و السَّنَع:
الجمال، و السَّنِيع: الجميل.
المِيْسَاع: الواسعة الخطو.
الهلك كل الهلك و هلك في (زه). بالاستهلال في (خل). هلباء في (زو). المنهل في (ظه). هوالك في (غث).

الهاء مع الميم

[همي]

: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- قال له رجل: يا رسولَ اللّه؛ إِنا نصيب هَوَامِي الإِبل. فقال: ضَالّة المؤمن حَرَق النار.
هي التي همت علي وجوهها لرَعْيٍ أو غيره، أي هَمَتْ تَهْمِي هَمْياً، و منه هَمَي المطر.
الحَرَق: اسم من الإِحراق كالشَّفَقِ من الإِشفاق؛ و عن ثعلب: الحَرَق اللّهب.
و يقال للنار نفسها حَرَق. يقولون: هو في حَرَق اللّه. و قال:
* شَدًّا سَرِيعاً مِثْلَ إضْرَامِ الحَرَق*
يعني أن تملكها سَبَتُ العقابِ بالنّار.
قال لكَعب بن عُجْرة: أيُؤْذِيك هوامّ رأسك.
أراد القمل؛ لأنها تَهِمّ هَمِيماً؛ أَي تدبّ دبيباً.

[همز]

: كان صلي اللّه عليه و آله و سلم إذا استفتح القراءةَ في الصلاة قال: أعوذُ باللّه من الشيطان الرجيم، من هَمْزِه و نَفْثِه و نَفْخِه [قيل: يا رسول اللّه: ما هَمْزُه و نَفْثُه و نَفخه؟
فقال صلي اللّه عليه و آله و سلم: أما هَمْزه فالمُوتَة. و أما نَفْثُه فالشِّعْر. و أما نَفْخه فالكِبْر.
المُوتَة: الجنون: و إنَّما سماه هَمْزاً، لأنه جعله من النَّخْسِ و الغَمْز، و سمي الشعر نَفْثاً؛ لأنه كالشي‌ء ينفث من الفم كالرُّقْية، و إنما سمي الكِبْر نفخاً لما يوسوس إليه الشيطان
______________________________
(1) البيت من الوافر، و هو للقطامي في ديوانه ص 40، و أساس البلاغة (فدن)، و جمهرة اللغة ص 845، و شرح شواهد المغني 2/ 972، و لسان العرب (سيع)، و مغني اللبيب 2/ 696.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 408
في نفسه فيعظِّمها عنده و يحقّر الناس في عينه حتي يدخلَه الزَّهْو.

[همل]

*: عن سراقة: أتيتُه صلي اللّه عليه و آله و سلم يوم حُنَين فسألتُه عن الهَمَل.
هي ضوالّ الإِبل، الواحد هَامِل كطالب و طَلَب.

[همن]

*: عمر رضي اللّه تعالي عنه- حين استخلف خطب فقال: إني متكلم بكلمات فهَيْمِنُوا عليهنَّ.
أي اشهدوا عليهنَّ؛ من قوله تعالي: وَ مُهَيْمِناً عَلَيْهِ [المائدة: 48].
و قيل: رَاعُوهنَّ و حافظوا عليهنَّ، من هَيْمَنَ الطائر إذا رفرف علي فِراخه.
و قيل: أراد آمنوا، فقلب الهمزة هاء و الميم المدغمة ياء، كقولهم: أَيْما في أمَّا.
و
عن عِكْرِمة رحمه اللّه تعالي: كان ابنُ عبَّاس أعلم بالقرآن و كان عليّ أعلم بالمُهَيْمِنَات.
أي بالقضاء؛ من الهيمنة، و هي القيام علي الشي‌ء؛ جعل الفعل لها و هو لأَرْبَابِها القوامين بالأمور.
و قيل: إنما هي من المهَيِّمَاتِ و هي المسائِل الدقيقة التي تُهَيّم، أي تحير.

[همم]

*: كان صلي اللّه عليه و آله و سلم إذا بعث الجيوش أوْصَاهم بتَقْوَي اللّه و أمرهم ألَّا يقتلوا هِمًّا و لا امرأةً و لا وَلداً و أن يتقوا قتلهم إذا التقي الزَّحْفَان و عِنْدَ حُمَّة النَّهَضَاتِ.
الهِمّ: الشيخُ الفاني، لأنّ بَدَنَه هُمّ أي أذيب و أضني.
عند حُمَّة النَّهضَاتِ: أي عند شدتها و معظمها؛ من قول أبي زيد: حُمَّة الغضب:
مُعْظمه. يقال: جعلت به حُمَّتِي و أكَّتِي. و هو أن يَحْتَمَّ الإِنسانُ و يحتدم؛ و أصلها من الحمِّ:
الحرارة. أو عند فَوْرَتِها وحدَّتِها، من قولهم حُمَّة السنان و حُمَته- بالتخفيف: لحدَّتِه و شَبَاتِه. أو عند قدر النهضات؛ من قول الأصمعي: عجلَتْ بِنَا و بكم حُمَّةُ الفِرَاقِ. و أنشد:
ينفكُّ قَلْبي ما حييت أُحِبّكم حتي أُصادِفَ حُمَّةً تَلْقَاني
______________________________
(1) (*) [همل]: و منه في حديث الحوض: فلا يخلص منهم إلا مثل همل النعم. و في حديث طهفة: و لنا نعم هَمَلٌ. و في حديث قطن بن حارثة: عليهم في الهمولة الراعية في كل خمسين ناقةٌ. النهاية 5/ 274.
(2) (*) [همن]: و منه في حديث النعمان يوم نهاوند: تعاهدوا هماينكم في أحقيكم. و في حديث يوسف عليه السلام: حلَّ الهميان. النهاية 5/ 276.
(3) (*) [همم]: و منه الحديث: أصدق الأسماء حارث و همام. و في الحديث: كان يعوّذ الحسن و الحسين فيقول: أعيذكما بكلمات اللّه التامة، من كل سامة و هامَّة. و في حديث كعب بن عجرة: أتؤذيك هوامُّ رأسك. النهاية 5/ 274، 275.
________________________________________
زمخشري، ابو القاسم، محمود بن عمر، الفائق في غريب الحديث، 4 جلد، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، اول، 1417 ه ق
الفائق في غريب الحديث؛ ج‌3، ص: 409
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 409‌

[همس]

*: ابن عباس رضي اللّه تعالي عنهما- كان مُحْرِماً فأخذ بذنَبِ ناقةٍ من الركاب و هو يقول:
و هُنَّ يَمْشِين بنا هَمِيسَا إنْ تَصْدُق الطَّيرُ نَنكْ لَمِيسا
فقيل له: يا أبا عباس؛ أ تقولُ الرَّفَث و أنت محرم؟ فقال: إنما الرَّفَث ما رُوجع به النساء.
الهَمِيس: صوت نقل أخفاف الإِبل. كان يكني أبا عباس بابنه العباس.
أراد أنّ الرَّفَثَ المنهي عنه ما خُوطِبت به المرأة؛ فأمّا إذا تكلم بشي‌ء و لا امرأة ثَمَّ تسمع فلا رَفث.

[همط]

: النخعي رحمه اللّه تعالي- كان العمّال يَهْمِطون ثم يَدْعُون فيُجَابون.
أي يظلمون؛ يقال: هَمطه، و اهْتَمَطه؛ أي كانوا مع ظلمهم و أَخْذِهم الأموال من غير جهتها إذا دعَوا إلي الطعام أُجيبوا.
و
عنه: إنه سئل عن العمال ينهضون إلي القري فيَهْمِطُون أهلها فإِذا رجعوا إلي أهاليهم أَهْدَوْا لجيرانهم و دَعَوْهم إلي طعامهم. فقال النخعي: لك المَهْنَأ و عليهم الوزْر.
و مثله ترخيص ابن مسعود رضي اللّه تعالي عنه في إجابة صاحب الرِّبا إذا هو دَعَا و أَكْلِ طعامه.
و قوله: لك المَهْنَأ و عليه الوزر [أي يكون أكلك له هنيئاً لا تؤاخذ به، و وزره علي من كسبه].
الهمولة في (عم). همايينها في (خط) و هج في (رب). يهمد في (ظل).

الهاء مع النون

[هنأ]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- كان في مسيرٍ له، فقال لابْنِ الأكْوَع: أَلَا تنزل فتقول مِنْ هَنَاتِك؟ فنزل سلمة يرتجز و يقول:
لم يَغْذُها مُدٌّ و لا نَصِيفُ و لا تُمَيْرَات و لا رغِيفُ
لكن غَذَاها اللَّبَنُ الخَرِيفُ و المَحْض و القَارِصُ و الصَّرِيف
______________________________
(1) (*) [همس]: و منه الحديث: كان إذا صلي العصر همس. و الحديث: أنه كان يتعوذ من همز الشيطان و همسه. النهاية 5/ 273.
(2) (*) [هنأ]: و منه في حديث سجود السهو: فهنَّاه و منَّاه. و في حديث النخعي في طعام العمال الظلمة: لهم المهنأ و عليهم الوزر. النهاية 5/ 277.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 410
فلما سمعته الأنصارُ يذكر التُميْرَات و الرَّغيف علموا أنه يُعَرِّضُ بهم، فاستنزلوا كعْبَ بن مالك فقالوا: يا كعب؛ انزل فأجِبْه؛ فنزل كَعْب يَرْتَجِزُ، و يقول:
لم يَغْذُها مُدٌّ و لا نَصِيفُ و لا تُمَيْرَاتٌ و لا رَغيفُ
لكِنْ غَذَاها حَنْظَلٌ نَقيفُ و مَذْقَه كطُرّة الحَيفِ
تَبيتُ بين الزَّرْبِ و الكَنِيفِ
الهنة: تأنيث الهَنِ، و هو كناية عن كلِّ اسم جنس. و المراد: من كلماتك أو من أراجِيزك.
النَّصيف: كالثَّليث إلي العشير، إلّا الربيع فإنَّه لم يَرِدْ فيما أعلم.
اللبن الخريف: فيه ثلاثة أوجه: أن يُرَاد اللّبنُ لبن الخريف علي البدل، ثم يُحْذف المضاف و يقام المضاف إليه مقامه؛ و أن يُحْذَف ياءُ النسب لتقييد القافية، و إنما خَصَّ الخريف لأنه فيه أَدْسَم. و أن يراد الطرِيُّ الحديث العهد بالحَلْبِ علي الاستعارة من التَّمر الخريف و هو الجَنِي.
القارصُ: الذي يقرص اللسان لفَرْطِ حموضَتِه.
الصَّرِيف: الذي يُصْرَف عن الضَّرْعِ حارّاً.
النَّقِيف: المنقوف؛ و كانت قريش و ثَقِيف تتَّخذُ من الحنظل أَطبخة فعيَّرهم بذلك.
المَذْقة: الشَّرْبة من اللبن الممذوق؛ و شبَّهها بحاشية الكتان الرَّدِي‌ء لتغيُّر لونُها و ذهاب نُصُوعِه بالمَزْج. و نحوه قوله:
و يَشْرَبُه مَحْضاً و يَسْقِي ابن عَمّه سَجَاجاً كأقْرَابِ الثَّعَالِبِ أَوْرَقا
بين الزَّرْب و الكَنِيف: يعني أن دور تلك المَذْقَة و تولدها مما تعْلَفه الشاء و الإِبل في الزروب و الحظائر لا بالكَلأ و المَرْعَي، لأن مكة لا رَعْيَ بها.

[هنم]

: عمر رضي اللّه تعالي عنه في حديث إسلامه: إنه أتي منزلَ أُخْتِه فاطمة امرأة سعيد بن زيد، و عندها خَبَّاب و هو يعلِّمُها سورة طه، فاستمع علي الباب فلما دخل قال: ما هذه الهَيْنَمة التي سمعت؟
هي الصَّوت الخفي، و الهَيْنَمان و الهَيْنُوم و الهَنَم مثلها. قال رؤبة:
لا يَسمع الرَّكْبُ بها رَجْعَ الكَلِم إلا وَسَاوِيسَ هَيانِيم الهَنَمْ

[هنع]

: إن رَجُلًا من بني جذيمة جاءه فأخبره بما صنع بهم خالدُ بن الوليد، و أنهم كانوا مسلمين. فقال عمر: هل يعلم ذلك أَحد من أصحاب خالد؟ فقال: نعم، رجل طويل فيه هَنَع خَفِيف العارضين.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 411
أي انحناء، و قيل: تَطَامن في العُنُق، قال الراعي:
* ملس المناكب في أَعْناقها هَنَع*

[هنأ]

*: ابن مسعود رضي اللّه تعالي عنه- لأَنْ أزاحِمَ عَمْداً جملًا قد هُنئ بالقَطِران أحب إليّ من أن أُزاحِمَ امرأة عَطِرة.
أي طلي بالهِناء؛ و هو القطران.

[هنبث]

: فاطمة عليها السلام- قالت بعد موت أَبيها صلي اللّه عليه و آله و سلم:
قد كانَ بَعْدَك أَنْبَاءٌ و هَنْبَثَةٌ لو كنتَ شاهِدَها لم تكثر الخُطب «1»
إنا فَقَدْنَاك فَقْدَ الأرْض وَابِلها فاخْتَلَّ قَوْمُك فاشْهَدهم و لا تَغِب
مرت الهنبثة في (او).

[هنبر]

: كعب رضي اللّه تعالي عنه- ذكر الجنَّة؛ فقال: فيها هَنَابير مِسْك يبعث اللّه عليها ريحاً تسمي المُثِيرة؛ فتثير ذلك المسك في وجوههم.
جمع هُنْبُورة؛ و هي الرملة المشرفة، أو أراد أنابير جمع أنبار، فأبدل من الهمزة هاء.
هانئاً في (عذ).

الهاء مع الواو

[هوك]

: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- قال له عمر: إنا نسمع أحاديث من يَهُود تُعْجبنا؛ أَ فَتَرَي أن نكتبَ بعضَها؟ فقال: أَ مُتَهَوِّكُون أَنْتُم كما تهوَّكَت اليهود و النصاري؟ لقد جئتكم بها بيضاء نَقِية لو كان موسي حيَّا ما وَسِعَه إلا اتِّباعي.
تَهَوَّك و تهوَّر أخوان في معني وَقَع في الأمر بغير رَوِيَّة.
و قال الأصمعي: المتهوِّك الذي يقع في كل أمر. و أنشد الكسائي:
رآنِي امْرَأً لا هذرة مُتَهَوِّكاً و لا وَاهِناً شَرَّاب ماءِ المظالم
و قيل: التهوّك و التَّهَفّك: الاضطراب في القَوْل، و أن يكون علي غير استقامة.
الضمير في بها للحنيفية.
______________________________
(2) (*) [هني]: و منه الحديث: ستكون هَنَاتٌ و هناتٌ. و في حديث ابن الأكوع: قال له: ألا تُسمعنا من هناتك. و في حديث الإفك: قلت لها: يا هنتاه. النهاية 5/ 279.
(1) البيت في لسان العرب (هنبث).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 412‌

[هول]

*: رأي جبرئيل يَنْتَثِر من جناحه الدّر و التَّهَاويل.
هي الزين و الألوان المختلفة، و قد هَوَّلت المرأة بحليها و زينتها إذا رَاعَت الناظر إليها.

[هوي]

*: أتاني جبرئيل بدَابَّة فوق الحمار دون البَغْل فحملني عليه، ثم انطلق يَهْوِي بي؛ كلما صعد عقبةً استَوتْ رِجلَاه مع يديه؛ و إذا هبط استوت يداه مع رِجليه.
أي يصعد بي.
يقال: هَوَي في الجبل هُوياً- بالضم.
[هوي]:
من قام إلي الصلاة فكان هَوْءُهُ و قَلْبُه إلي اللّه انصرفَ كما وَلَدَتْهُ أمه.
فلان بَعيدُ الشَّأْوِ و الهَوْء؛ أي الهِمّة. و هو يَهُوء بنفسه إلي المعالي؛ أي يَرْفعها. قال رُؤْبة:
* فَلَسْتِ مِنْ هَوْئي و لا ما أَشْتَهِي*

[هول]

: في ذكر اعْتِكافِه صلي اللّه عليه و آله و سلم بحِرَاء فقال: فإذا أنا بجبرئيل علي الشمس و له جَنَاح بالمغرب فهُلْتُ … و ذكر كَلَاماً. ثم قال: أخَذَني فسَلَقَنِي لِحَلَاوَةِ القَفَا، ثم شقَّ بطني فاستخرج القَلْبَ … و ذكر كلاماً- وروي: بينا أنا نائم في بيتي أتاني مَلَكان، فانْطَلقا بي إلي ما بين المقام و زَمْزَم، فسَلَقاني علي قَفَاي، ثم شقَّا بطني فأخرجا حُشْوَتي.
فقال أحدُهما لصاحبه: شُقّ قلبه؛ فشقَّ قلبي فأَخْرَج عَلَقةً سوداء فألقاها، ثم أدخل البَرَهْرَهَة، ثم ذرَّ عليه من ذَرُورٍ معه، و قال: قَلْبٌ وَكِيعٌ وَاع- وروي: فدعا بسكِّينة كأنها دَرَهْرَهَة بَيْضَاء- وروي: شقَّ عن قلبي و جي‌ء بطست رَهْرَهَةٍ.
هُلت: فعلت؛ من هاله إذا خَوَّفَه.
السَّلْق و الصَّلْق: الضرب؛ أي ضرب بي الأرض.
حَلَاوَةِ القَفَا: حاقه.
البَرَهْرَهَة: السِّكِّينَةُ البيضاء الصافية الجديدة؛ من المرأة البَرَهْرَهة.
الدَّهْرَهَة: الرَّحْرُحة، أي الواسعة.
وكيع: متين صُلْب، و يقال: سِقَاء وكيع، أُحْكِمَ خَرْزُه؛ و قد استوكع.

[هوش]

: من أصاب مالًا من مَهَاوِش أَذهبه اللّه في نَهَابِر.
أي من غير وجوه الحلّ، من التَّهويش و هو التخليط، كأنه جمع مَهْوَش.
______________________________
(1) (*) [هول]: و منه في حديث أبي سفيان: إن محمداً لم يناكر أحداً قط إلا كانت معه الأهوال. و في حديث أبي ذر: لا أهولنَّك. النهاية 5/ 282، 283.
(2) (*) [هوي]: و منه في صفته صلي اللّه عليه و سلم: كأنما يهوي في صبب. و منه في حديث بيع الخيار: يأخذ كلُّ واحد من البيع ما هوي. النهاية 5/ 284، 285.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 413
وروي: تَهَاوش- بالتاء- جمع تَهْوَاش، قال:
* تأكل ما جمعت من تَهْوَاش*
و هو من هشت مالًا حراماً؛ أي جَمَعْتُه. و الهُوَاش بالضم: ما جمع من مالٍ حَلَالٍ و حرام.
وروي: تَهَاوش بالنون، فإنْ صحتْ فهي المظالم، و الإِجحافات بالناس من قولهم:
نهشه إذا جَهَده. و المنهوش المجهود. قال رؤبة:
كَمْ مِنْ خَلِيلٍ و أخٍ مَنْهُوشٍ مُنْتَعِشٍ بفَضْلِكم مَنْعُوش
و يجوز أن يكونَ من الهوش، و يقضي بزيادة النون فيكون نظيره قولهم: نَفَاطِير و نَبَاذِير و نَخَارِيب، من الفطر و التَّبْذِير و الخَرَابِ، و رَجلٌ نِفْرِجة في معني فرج، و هو الذي لا يَكْتُم السر.
النَّهابر: المهالك. يقال: غَشِيَتْ بي النَّهَابِير؛ أي حملتني علي أمرٍ شديد، و الأصل جمع نُهْبُورة؛ هو الرجلُ المُشْرِف، و قيل: الهوة.

[هوي]

: عن ربيعة بن كعب الأسلمي رضي اللّه تعالي عنه- قال: كنت أبِيتُ عند حجرة النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم، و كنتُ أَسْمَعُه إذا قام من الليل يقول: سُبْحٰانَ اللّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ الهَوِيَّ، ثم يقولُ: سبحان اللّه و بحمده الهَوِيَّ.
الهَوِيّ: طائفةٌ من الليل، يقال: مضَي هَوِيٌّ من الليل و هَزِيع، كأنه سُمِّي بالمصدر؛ لأن الليل يَهْوِي كلَّ ساعة، ألا تري إلي قولهم: انْهَار الليل و تَقوَّضَ؛ و انتصابُه علي الظرف.

[هود]

*: عمر رضي اللّه تعالي عنه- أُتيَ بشارب فقال: لأبْعَثَنَّك إلي رجل لا تَأْخُذُه فيك هَوَادَةٌ، فبعث به إلي مطيع بن الأسود العَبْدي فقال: إذا أصبحت غداً فاضْرِبْه الحدّ، فجاء عمرُ و هو يضربُه ضرباً شديداً، فقال: قتلتَ الرجل! كَمْ ضَرَبْتَه؟ قال: ستين. قال:
أَقِصَّ عنه بِعِشْرِين.
الهَوادة: اللين.
أَقِصَّ عنه بعِشرين: أي اجعل شدَّةَ الضَّرْبِ الذي ضربته قِصَاصاً بالعشرين التي بقِيَتْ فلا تَضْرِبْه العشرين.

[هوت]

: عثمان رضي اللّه تعالي عنه- وددت أنَّ بيننا و بين العدوّ هَوْتة لا يُدْرَك قَعرُها إلي يوم القيامة.
الهَوْتَة و الهُوتَة: الهُوَّة.
______________________________
(1) (*) [هود]: و منه في حديث ابن مسعود: إذا كنت في الجدب فأسرع السير و لا تهوِّد. النهاية 5/ 281.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 414
قال ذلك حِرْصاً علي سلامة المسلمين، و حذَراً عليهم من الهلاك في قتال الكُفَّار.

[هوش]

: ابن مسعود رضي اللّه تعالي عنه- إياكم و هَوَشات اللَّيْلِ و هَوَشات الأسواق- و روي: هَيَشات.
هي الفِتَن؛ من الهَوْش و هو الخَلْط و الجمع. و هشت إلي فلان إذا خَفَفْتَ إليه و تقدمت هَوْشاً. و هَاشَ بعضهم إلي بعض: وَثَبُوا للقتال هَيْشاً- قاله الكسائي.
و قرأت في بعض كتب عبد الحميد الكاتب إلي جند أرْمِينيَّة و قد انْتَقَضُوا علي وَالِيهم و أفسدوا: فقد بلغ أمِير المؤمنين الهَيْشَة التي كانت و خُفُوف أهل المَعْصِيَة فيها
، و قال: يعني بالهَيْشَةِ الفِتْنة.
قال: و أنشدني الحكم بن بلال سليمان الطيار شعوذي الحجاج شِعْراً قاله عمرو بن سعيد بن العاص في عبد الملك حين نَافَرَه:
أغَرّ أَبا الذبان هيْشَة مَعْشر فدلوه في جَمْرٍ من النار جاحِم
و قال الأسدي: هاش يهيش هيشاً؛ إذا عاثَ فيهم و أَفْسَد.

[هود]

: عمران رضي اللّه تعالي عنه- أوصي عند موته: إذا متّ فخرجتُم بي فأسْرِعُوا المَشْيَ و لا تُهَوِّدُوا كما تُهَوِّدُ اليهودُ و النَّصَارَي.
هو المَشْيُ الرُّوَيْدُ؛ من الهَوَادة.

[هوع]

: عَلْقَمة رحمه اللّه تعالي- الصائم إذا ذَرعه القَيْ‌ءُ فليتمّ صَوْمه، و إذا تهوَّعَ فعليه القضاء.
أي اسْتَقَاء.

[هوم]

*: زياد- لما أرادَ أهلَ الكوفة علي البَرَاءَةِ من عليِّ رضي اللّه عنه جمعهم فملأَ منهم المسجد و الرَّحبة. قال عبد الرحمن بن السائب: فإني لَمَعَ نفرٍ من الأنصار و الناسُ في أمرٍ عظيم، إذ هوَّمت تَهْوِيمة؛ فزَنَح شي‌ءٌ أقبلَ طويلُ العنق أهدبُ أهدلُ فقلت: ما أَنْتَ؟
فقال: أنا النقادُ ذُو الرَّقَبَةِ، بُعِثْت إلي صاحب القَصْرِ، فاستيقظتُ فإِذا الفالج قد ضربه.
التهويم: دون النوم الشديد.
زَنَحَ و سَنَح بمعني. و تَزنَّح علي فلان أي تسنَّح و تطَاوَل. قال الغريب النصري:
تَزَنَّحُ بالكلامِ عليّ جَهْلًا كأنَّك مَاجِدٌ من آل بَدْرِ
أهدب: طويل الهدب.
أَهْدَل: مُتَدَلِّي الشفة.
______________________________
(1) (*) [هوم]: و منه الحديث: اجتنبوا هَوْمَ الأرض فإنها مأوي الهوامِّ. و الحديث: لا عدوي و لا هامة. و في حديث أبي بكر و النسابة: أمن هامها أم من لهازمها. النهاية 5/ 283.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 415‌

[هوج]

*: مكحول رحمه اللّه تعالي- قال لرجل: ما فعلتَ في تلك الهَاجَة؟
أراد الحاجة، فلَكَنها، لأنه كان أعجميَّ الأصل من سَبْيِ كابل، أو نَحَا بها نحو لغة من يَقْلبُ الحاء هاء.
قال الكسائي: سمعتهم يقولون بَاقِلي هَار؛ فقلت: تجعلونه من التَّهَرِّي! قالوا: لا، و لكن من الحرارة، و مثله قوله:
* تمدهي مَا شِئْتِ أن تَمَدَّهِي «1» *

[هور]

*: في الحديث: من أطاع ربه فلا هَوَارَة عليه.
هو من قولهم اهْتَوَر الرجل: إذا هَلَك، و هار البناء.
و
يروي: من اتقي اللّه وُقِي الهَوْرَات.
أي المهالك، الواحدة هَوْرَة.
هوم و هوي في (عز). تهور في (به) يهوت في (رض). و لا هامة في (عد). يتهاوشون في (كَب). الأهوال في (نك). أهاوشهم في (نو). مهومة في (قح). المهواة في (سح).
و لا أهولنك في (عو). من يهود في (تن). لا تهود في (وص). هونا في (شذ).

الهاء مع الياء

[هيع]

: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- خيرُ الناسِ رجلٌ مُمْسِكٌ بعِنان فرسه في سبيل اللّه كلما سَمِع هَيْعَةً طار إليها، أو رجلٌ في شَعَفَةٍ في غُنَيْمَةٍ حتي يأْتيَه الموت- و روي:
من خَيْرِ مَعَاش رَجُل- و روي: خيرُ ما عاش الناسُ به رجل مُمْسك بعِنَان فرسه في سبيل اللّه كلما سمع هَيْعَةً أو فَزْعَة طار علي مَتْنِ فرسه، فالتمس الموتَ أو القتل في مَظَانّه، أو رجل في شَعَفَةٍ من هذه الشَّعَفَات أو بَطْنِ وادٍ من هذه الأَوْدِيَة في غُنَيْمَةٍ له يقيمُ الصلاة و يُؤْتي الزكاة يَعْبُدُ اللّه حتي يأتيه اليقين، ليس من الناس إلا في خير.
الهيْعَة: الصَّيْحَة التي يفزع منها، و أصلها من هَاعَ يَهيعُ إذا جَبُن.
الشَّعَفَة: رأسُ الجبل.
من خير معاش رجل: أي ما يُعَاشُ به رجل.
______________________________
(2) (*) [هوج]: و منه في حديث عثمان: هذا الأهوج البجباج. النهاية 5/ 280.
(1) بقيته:
فلست من هوئي و لا ما أشتهي
و الرجز لرؤبة كما سبق.
(3) (*) [هور]: و منه في حديث ابن الصبغاء: فتهوَّر القليب بمن عليه. و في حديث خزيمة: تَرَكَتِ المخَّ راراً و المطي هاراً. النهاية 5/ 281.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 416‌

[هيل]

: إنَّ قوماً شكَوْا إليه صلي اللّه عليه و آله و سلم سُرْعَةَ فناء طعامهم. فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: أَتكِيلون أم تَهيلون؛ فقالوا: نَهيل. قال: فكيلوا و لا كلُّ شي‌ءٍ أَرْسَلْتَه إرسالًا مِنْ طعام أو رمل أو تراب فقد هِلْتَهُ هَيْلًا.
و منه
حديث العلاء بن الحضرمي رضي اللّه تعالي عنه: إنه أوصاهم عند مَوْته- و كان مات في سفر: هِيلُوا عليَّ هذا الكثيبَ و لا تَحْفِرُوا لي فأحبسكم.

[هيت]

: نَفَي صلي اللّه عليه و آله و سلم مخنَّثيْن يسمَّي أحدُهما هِيتاً و الآخر مَاتِعاً.
قال ابنُ الأعرابي: إنما هو هِنْب فصحَّفَهُ أصحابُ الحديث. قال الأزهري: رواه الشافعيُّ و غيره رحمهم اللّه، و أظنه الصواب.

[هيد]

*: قيل له صلي اللّه عليه و آله و سلم في المسجد: يا رسولَ اللّه؛ هِدْه. فقال:
بَلْ عَرِيش كَعرِيش موسي.
أي أصَلِحْه، و قيل: معناه اهْدمه ثم أصْلِحْ بناءَه، من هَادَ السَّقْف.

[هيق]

: لما انْتَهَي صلي اللّه عليه و آله و سلم إلي أُحد، فصلَّي بأصحابه انْخَزَل عبد اللّه بن أُبيّ من ذلك المكان في كَتيبة كَأَنه هَيْق يَقْدُمُهم.
أي ظَليم.

[هين]

*: عمر رضي اللّه تعالي عنه- النساءُ ثلاث فهَيْنَة لَيْنَةٌ عفيفة مسلمة تعين أهْلَها علي العيش و لا تُعينُ العيش علي أهلها؛ و أُخري وِعاءٌ للولد؛ و أخري غُلٌّ قَمِل، يضَعُه اللّه في عُنُق من يشاء، و يَفُكُّه عمن يشاء.
و الرجال ثلاثة: رجلٌ ذو رأي و عقل، و رجلٌ إذا حَزَبه أمرٌ أتي ذَا رأيٍ فاستشاره؛ و رجلٌ حائِرٌ بائِرٌ لا يَأْتَمر رَشَداً و لا يُطيعُ مُرْشِداً.
أي هَيِّنَةٌ لَيِّنَةٌ؛ فخفف.
كانوا يغلون بالقِدِّ و عليه الشعر فيقمل علي الأسير.
حَزَبَه: أصابَه.
بائِر: هالك.
الائتمار: الاستبداد، و هو افتعال من الأمر، كأنَّ نَفْسَه أَمَرَتْه فائتمر، أي امتثل.
______________________________
(1) (*) [هيد]: و منه الحديث: كلوا و اشربوا و لا يهيدنكم الطالع المصعد. و في حديث ابن عمر: لو لقيت قاتل أبي في الحرم ما هِدته. النهاية 5/ 286، 287.
(2) (*) [هين]: و منه الحديث: المسلمون هينون لينون. و في صفته صلي اللّه عليه و سلم: ليس بالجافي و لا المهين. النهاية 5/ 289، 290.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 417
أي لا يأتي برَشَد من قِبَل نَفْسِه و لا يقبل قَوْل غيره.

[هيم]

*: ابن عباس رضي اللّه تعالي عنهما- قال في قوله تعالي: فَشٰارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ [الواقعة: 55].
هَيام الأرض و هو ترابٌ يخالطه رَمْل يُنَشِّفُ الماء نَشْفاً.
يحتمل تفسيرُه وجهين: أحدهما أن يريد أن الهِيم جمع هَيام جُمِع علي فُعُل، ثم خفّف و كُسرت الفاء محافظةً علي الياء.
و الثاني: أن يذهبَ إلي المعني، و أنَّ المراد الرّمال الهِيمُ، يقال: رمل أهيم و رِمَال، و هو الذي لا يُرْوَي.

[هيعة]

: مُعَاوِيةُ رضي اللّه تعالي عنه- قال لسلمة بن الخَطَل: كأَنِّي أَنْظُر إلي بيتِ أبيك بمَهْيَعَةٍ بطُنُبِه تَيْسٌ مَرْبُوط، و بفِنَائه أَعْنُزٌ دَرُّهُنَّ غُبْرٌ يُحْلَبْنَ في مِثْلِ قُوَارَةِ حافر العَيْر، تَهْفُو منه الريح بجانب، كأنَّه جناح نَسْر.
مَهْيَعَة: هي الجُحْفَةُ ميقات أهل الشام؛ مَفْعَلة من التهيّع و هو الانبساط؛ و منه طريق مَهْيَع: واسع. قال:
* بالغُورِ يَهْدِيها طريقٌ مَهْيَعُ*
الغُبْرُ: بقية اللبن، يريد لبنهنَّ قليل كالغبر.
قُوَارة الحافر: ما تقوَّر من باطنه، يصف محلبه بالصِّغَر لِلُؤْمِه.
تَهْفُو منه: أي من البيت.
بجانب: أي بكسر، و هو في صِغَره كَجَناح النَّسْر.

[هيب]

*: ابن عباس رضي اللّه تعالي عنه- الإِيمانُ هَيُوب.
أي يُهَاب أَهله، و قيل: يهاب المؤمن الذنوب و يَتَّقِيها.

[هيس]

: أبو الأسود الدؤلي رحمه اللّه تعالي- عليكم فلاناً فإنه أَهْيَس أَلْيَس أَلَدُّ مِلْحَس، إن سئل أرَزَ، و إن دُعِي انتهز- و يروي: إِنْ سُئِل ارْتَزَّ، و إِن دُعِي اهتزَّ.
الأهيس: الذي يَدُور.
الأَلْيَس: الذي لا يَبْرَح، يقال: إِبلٌ لِيسٌ علي الحوض.
أي يدور في طَلَبِ شي‌ء يأكله و يَقْعُد عما سوي ذلك.
______________________________
(1) (*) [هيم]: و منه في حديث الاستسقاء: اغبرَّت أرضنا و هامت دوابنا. و في حديث ابن عمر: أن رجلًا باعه إبلًا هيماً. و في الحديث: فدفن في هَيام من الأرض. النهاية 5/ 289.
(2) (*) [هيب]: و منه في حديث ابن الزبير في بناء الكعبة: و أهاب الناس إلي لطحة. النهاية 5/ 286.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 418
المِلْحَس: الحريصُ الذي يأخذ كل شي‌ء؛ من لحَسْت.
أَرَزَ: انقبض.
انتهز: افْتَرَص.
ارْتَزَّ: ثبت مكانه و لم يَهشّ.

[هيج]

*: مجاهد رحمه اللّه تعالي- ذَكرَ داود عليه السلام و بُكَاءَه علي خطيئته. قال:
فنَحَب نَحْبَة، هَاجَ ما ثمَّ من البَقْل.
أي يَبِس.

[هيد]

: الحسن رحمه اللّه تعالي- ما مِنْ أَحَدٍ عَمِل للّهِ عملًا إِلا سارَ في قَلْبِه سَوْرَتَان؛ فإذا كانت الأُولَي منهما لِلّه فلا تَهِيدَنَّه الآخرةُ.
أي لا تُحَرِّكَنّه و لا تُزِيلَنَّه؛ من قولهم: لا يَهِيدنَّك هذا الأمر؛ أي لا يُزْعِجَنَّك و لا تُبَال به.
و المعني إذا أرادَ بِرًّا و صَحَّتْ نِيّتُه في فعلِه، فعرض له الشيطان، فقال: إنك تُرِيدُ بهذا الرِّياء فلا يمنعنَّه ذلك. و نحوه إذا أَتاك الشيطان و أنتَ تصلِّي فقال: إنك تُرَائي فَزِدْها طولًا.
هامت في (ضح). الهائعة في (غد). هدته في (له).
[آخر الهاء]
______________________________
(1) (*) [هيج]: و منه في حديث الاعتكاف: هاجت السماء فمطرنا. و في حديث الملاعنة: رأي مع امرأته رجلًا، فلم يَهِجْه. و في حديث علي: لا يهيج علي التقوي زرع قومٍ. النهاية 5/ 286.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 419‌

حرف الياء

الياء مع الهمزة

لا يائس من طول في (بر).

الياء مع التاء

[يتم]

*: عمر رضي اللّه تعالي عنه- خرج إلي ناحية السوق، فتعلَّقت امرأةٌ بثِيابه، و قالت: يا أَميرَ المؤمنين؛ فقال: ما شَأْنُك؟ قالت: إني مُوتِمة توفِّي زوجي، و تركهم ما لهمْ من زَرْع و لا ضَرْع، و ما يَسْتَنْضِجُ أكبرُهم الكُراع، و أَخافُ أن يَأْكُلَهم الضَّبُع، و أنا بِنْتُ خُفَاف ابن أيْمَاءَ الغِفَاري فانصرف معها فعَمد إلي بعيرٍ ظَهِير فأَمر به فرُحِل، و دعا بغِرارتين فملأَهما طعاماً و وَدَكاً «1»، و وضع فيهما صُرَّة نفقة؛ ثم قال لها: قُودِي. فقال رجل: أكْثَرْتَ لها يا أمير المؤمنين. فقال عمر: ثَكِلَتْكَ أمك! إني أري أبا هذه! ما كان يُحَاصِرُ الحِصْنَ من الحُصُون حتي افتتحه، فأَصْبَحْنَا نَسْتَفِي‌ءُ سُهْمَانَه من ذلك الحِصْنُ.
أيْتَمَت المرأة فهي مُوتم و مُوتِمة؛ أي ذات يتامي. و اليَتْم و اليُتم: الانفراد؛ و منه صَبِيٌّ يَتيم، و قد يَتِمَ يَتْماً و يَتَم يُتْماً.
و أنشد ابنُ الأعرابي بيتاً فقلنا له: زِدْنا. فقال: البَيْتُ يتيم؛ أي منفرد؛ لَيْس قَبْلَه و لا بعده شي‌ء.
و
في حديث الشعبي رحمه اللّه تعالي: إنّ امرأة جاءت إليه فقالت: يا أبا عمرو؛ إني امرأةٌ يَتِيمة. فضَحك أصحابُه فقال: لا تَضْحَكوا؛ النساءُ كلُّهُنّ يَتَامي.
أي ضعائف، قالوا: و يلزم المرأة اسم اليتيم ما لم تتزوّج، فإِذا تزوَّجت ذهب اسمُ اليتيم عنها.
______________________________
(2) (*) [يتم]: و منه الحديث: تستأمر اليتيمة في نفسها. النهاية 5/ 292.
(1) الودك: دسم اللحم و دهنه الذي يستخرج منه.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 420
يقال: فلان ما يُنْضِجُ كُرَاعاً و ما يَسْتَنْضِج: إذا كان عاجزاً لا كِفَاية فيه و لا غَنَاء. قال الجعدي:
بالأرض استاهُهُمُ عَجْزاً و أنفهم عند الكَوَاكِب بَغْياً يَا لِذَا عَجَبَا «1»
و لو أصابوا كُراعاً لا طعام بها لم يُنْضِجُوها و لو أُعْطُوا لَها حَطَبَا
و قال اللِّحياني: يقال للضعيف: فلان لا يُفَقِّي‌ءُ البيض و لا يَرُدّ الرَّاوِيَة، و لا يُنْضِجُ الكُرَاع.
الضَّبُع: مثل للشدة و القَحْط.
الظَّهِير: القويُّ الظَّهْرِ.
نَسْتَفِي‌ء سُهْمَانه: أي نسترجعها غُنْماً.

الياء مع الدال

[يدي]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- قال في مُنَاجَاتِه ربَّه: و هذه يَدِي لك.
يقولون: هذه يَدِي لك؛ أي انْقَدْتُ لك، فاحتكم عليّ بما شِئْتَ.
و يقال في خلافه: خَرَج فلان نازع يد؛ أي عصي و نَزَع يَدَه من الطاعة.
علي رضي اللّه تعالي عنه- مَرَّ قَوْمٌ من الشُّراة بقومٍ من أصحابه و هم يَدْعُونَ عليهم.
فقال: بِكُمُ اليَدَان.
أَيْ حَاقَ بالدَّاعِي منكم ما يَبْسُط به يَدَيْه من الدَّعْوَة، و فَعَلَ اللّه به ما يَقُولُه. أو هو من قولهم: لا تَكُنْ بك اليَدَان، أي لا تكن بك طَاقَةٌ لرَيْبِ الزمان؛ فيؤثِّر فيك بآفاتِه و بَلَايَاهُ؛ من قولهم: يد لِي به، و ليس لِي به يَدَان؛ أي طَاقةٌ، كأنه قِيل: كانت بكم طاقَةُ الزمان فهلكتم و غلبْتُم.
طلحة رضي اللّه تعالي عنه-
قال قبيصة: ما رأيتُ أحداً أَعْطَي للجزيل عن ظَهْرِ يَدٍ من طَلْحَة بن عبيد اللّه.
اليَدُ: النعمة؛ أي عن ظَهْرِ إنعام مبتدأ من غير أن يكون مكافأةً علي صَنِيع.
و كان طلحةُ من الأجْوَادِ الأسْخِيَاء، و كان يُقَال له طَلْحَة الخير، و طَلْحَة الفياض، و طَلْحَة
______________________________
(1) البيتان في ديوان الجعدي ص 212.
(2) (*) [يد]: و منه الحديث: عليكم بالجماعة، فإن يد اللّه علي الفسطاط. و الحديث: اليد العليا خير من اليد السفلي. و الحديث: المسلمون تتكافأ دماؤهم و هم يَدٌ علي من سواهم. و في حديث سلمان: و أعطوا الجزية عن يدٍ. و الحديث: أنه قال لنسائه: أسرعكن لحوقاً بي أطولكن يداً. و في حديث الهجرة: فأخذ بهم يد البحر. النهاية 5/ 293، 294.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 421
الطَّلَحات. و كانت غَلَّتُه كلَّ يوم أَلْفَ دِرْهَم وَافٍ.
في الحديثِ: اجعل الفُسَّاقَ يَداً يَداً و رَجُلًا رَجُلًا، فإنهم إذا اجتمعوا وَسْوَسَ الشيطانُ بينهم بالشَّرِّ.
أي فرِّق بينهم، و ذلك إذا كان بين القبائل نَائِرة؛ أي حَرْبٌ و شَرٌّ.
يدي لعمار في (شز). يد علي من سواهم في (كف). يد بحر في (خر).

الياء مع الراء

يار في (شب).

الياء مع السين

[يسر]

*: النبيّ صلي اللّه عليه و آله و سلم- تَيَاسَرُوا في الصَّدَاق؛ إن الرجلَ ليُعْطِي المرأة حتي يُبْقَي ذلك في نَفْسِه عليها حَسِيكَةً.
أي تساهلوا فيه و تَرَاضَوْا بما اسْتَيْسَر منه، و لا تُغَالوا به.
الحَسِيكَة: العداوة، و فلان حَسِيكُ الصَّدْرِ علي فلان.
[ياسر]:
ذَكَر صلي اللّه عليه و آله و سلم الغَزْوَ فقال: من أطاع الإِمامَ، و أنفق الكريمة، و يَاسَر الشَّريك؛ فإن نَوْمَه و نُبْهَه أَجْرٌ كله، و مَنْ غَزَا فَخْراً و رِيَاءً فإنه لا يَرْجِع بالكَفَاف.
أي ساهله و سَاعَده، و رَجُل يَسر و يَسْر؛ لَيِّنٌ منقاد. قال:
أَعْسَرُ إِنْ مارَسْتَنِي بعُسْرِ و يَسَرٌ لمَنْ أرَادَ يُسْرِي
«1» عمر رضي اللّه تعالي عنه- كتب إلي أبي عُبَيْدَة بن الجرّاح و هو محصور: إنه مهما تنزل بأَمْرِي من شَدِيدة يجعل اللّه بعدَها فَرجاً؛ فإِنه لن يغلب عُسْرٌ يُسْرَين.
ذهب إلي قوله تعالي: فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً [الشرح: 6].
العُسْر: واحد؛ لأنَّه كرِّر معرفة، و اليُسْر اثْنَانِ لأنه كُرِّرَ نكرة. فهو كقولك: كسب درهماً فأنفق درهماً؛ فالثاني غير الأوَّل، و إذا قلت: فأنْفَقَ الدِّرْهم فهو واحد.
______________________________
(2) (*) [يسر]: و منه الحديث: يسِّروا و لا تعسِّروا. و في حديث علي: اصعنوا اليَسْرَ. و في الحديث: الشطرنج ميسر العجم. و في حديث الشعبي: لا بأس أن يعلق اليسر علي الدابة. النهاية 5/ 295، 296، 297.
(1) قبله:
إني علي تحفظي و نزري
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 422
علي رضي اللّه تعالي عنه- إن المرءَ المسلم- ما لم يَغْشَ دَنَاءَةً يَخْشَعُ لها إذا ذكرت، و تُغْرِي به لِئَامَ النَّاس- كالْيَاسِرِ الْفَالج يَنْتَظِر فَوْزَةً من قِدَاحه، أو دَاعِيَ اللّه ف مٰا عِنْدَ اللّٰهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرٰارِ.
اليَاسر: اللَّاعب بالقِداح.
الفَالِجُ: الفائز، يقال: فلج علي أصحابه و فَلجهم.
داعي اللّه: الموت، يعني إن حُرَم الفَوْزَة في الدنيا فما عِنْدَه اللّه خَيْرٌ له.
اليسر في (زن). تيسرت في (عذ). فإِنه أيسر في (خم).

الياء مع العين

الياعرة في (رب).

الياء مع الفاء

أيفع في (قح).

الياء مع الميم

[يمن]

*: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- لما قدم عليه أهلُ اليمن قال: أتاكم أهلُ اليمن هم أَلْين قُلوباً، و أرقُّ أفْئِدةً؛ الإِيمانُ يَمَانٍ و الحِكمةُ يمانية.
قيل: الأنصار هم نَصَرُوا الإِيمان و هم يَمَانُون، فنسب الإِيمان إلي اليمن لذلك.
ذكر القرآن و صاحبه يوم القيَامة فقال: يُعْطَي المُلْكَ بيمينه و الخُلْد بشماله، و يُوضَع علي رأسِه تاجُ الوَقَار.
يريدُ أنه يملك الملك و الخلد و يجعلان في مَلكَتِه، فاستعار اليمين و الشمال لذلك؛ لأنَّ القَبْض و الأخْذَ بهما.
الوَقَار: الكرامة و التَّوْقير.
عليّ رضي اللّه تعالي عنه- لما غلب علي البَصْرَة قال أصحابه: بم تحلُّ لنا دِمَاؤُهم، و لا تَحلّ لنا نساؤهم و أموالهم؟ فسَمِع بذلك الأحنف فدخل عليه؛ فقال: إنّ أصحابَك قالوا كذا و كذا، فقال: لَايْمُ اللّه لأَتْيِسَنَّهم عن ذلك.
______________________________
(1) (*) [يمن]: و منه الحديث: الحجر الأسود يمين الأرض. و الحديث: وكلتا يديه يمين. و الحديث: فأمرهم أن يتيامنوا عن الغميم. النهاية 5/ 300، 301، 302.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 423
ايْم اللّهِ: قَسَم. و أصله أيمن اللّه فحذفت النون للاستخفاف و هَمْزَته موصولة، و لذلك لم تثبت مع لام الابتداء.
و
في حديث عُروة رحمه اللّه تعالي: لَيْمُنُكَ لئن كنت ابْتَلَيْتَ لقد عافَيْتَ، و لئن كنت أخذت فلقد أبقَيْتَ.
الكاف للّه عزَّ و علا؟ قال ذلك حين أصابته الأَكِلَة «1» في رِجْله، فقطعت رجله فلم يتحرك.
لأتْيِسَنَّهم عن ذلك: أي لأرُدَّنَّهُمْ، و لأبْطِلَنَّ قولَهم، و كأنه من قولهم: تِيسِي جَعَار.
لمن أتي بكلمة حمق، أي كُوني كالتَّيس في حُمْقِه. و المعني لأَتَمَثَّلَنَّ لهم بهذا المثل، و لأقولَنَّ لهم هذا بعينه. كما يقال: فدَيْتُه و سقَيْتُه؛ إذا قلت له فديتك و سَقَاك اللّه و تَعْدِيَتُه بعَنْ لتَضْمِين معني الرَّد.
يمينتيها في (هل). يمنة اليمن في (طل) و في (ذي). أن يتيامنوا في (خب).

الياء مع النون

[ينع]

: النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم- قال لعاصم بن عديّ في قصة المُلَاعنة: إن ولدته أُحَيْمِر مِثْل اليَنَعَة فهو لأبيه الذي انْتَفي منه. و إن تَلِدْه قَطَطَ الشعر «2» أَسْوَد اللسان فهو لابْنِ السَّحْمَاء.
قال عاصم: فما وقع أخذت بفَقْويه، فاستقبلني لسانه أسود مثل التمرة.
اليَنَع: ضربٌ من العقيق، الواحدة يَنَعة. سُمِّيت بذلك لحُمْرَتها، من قول الأعرابي ينع الشي‌ء إذا احْمَرّ. و دم يانع. قال سُوَيْد بن كراع:
و أَبْلَجَ مختالٍ صبغنا ثيابَه بأحمرَ مثل الأَرْجُوَانيِّ يانِع
«3» قيل: بفَقَوَيْه غلط. و الصواب بفُقْمَيْه؛ أي بحنكيه.
الحجاج- خطب حين دخل العراق، فقال في خُطبته: إني أَرَي رؤوساً قد أَيْنعَت، و حَانَ قِطَافها، كأني أنظر إلي الدِّماء بين اللّحي و العمائم، ليس أوان عشّك فادْرجي. ليس أَوَان يَكْثُر الخِلَاط:
قَدْ لَفَّها اللَّيْلُ بعَصْلَبيِّ أرْوَعَ خَرَّاجٍ من الدَّويِّ
* مُهَاجِرٍ لَيْسَ بأَعْرَابيِّ*
______________________________
(1) الأكلة: داء في العضو يأتكل منه (القاموس المحيط: أكل).
(2) قطط الشعر: شديد الجعودة.
(3) البيت لسويد بن كرام في أساس البلاغة (ينع).
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 424
[هذا أوانُ الشدِّ فاشتدِّي زِيَمْ] قد لفَّهَا اللَّيْلُ بِسوَّاقٍ حُطَمْ «1»
لَيْسَ بِرَاعِي إبلٍ و لا غَنَمْ و لا بجزَّارٍ عَلَي ظَهْرِ وَضَمْ
وروي:
.. حَشهَا اللَّيلُ …
:أَنَا ابْنُ جَلَا و طَلَّاعُ الثَّتَايَا متي أُضعِ العِمَامةَ تَعْرِفُوني
«2» إنَّ أمير المؤمنين نَكَبَ كنانته بين يديه فعَجم عِيْدَانها؛ فوجدني أمرَّهَا عوداً و أَصْلَبَها مَكسِراً؛ فوجهني إليكم؛ ألَا فو اللّه لأَعْصِبَنَّكْمْ عَصْبَ السِّلمَة، و لأُلْحوَنكم لَحْوَ العُودِ:
و لأضْرِبَنَّكُمْ ضَرْبَ غَرَائِب الإِبل، و لآخذنَ الوَلِيَّ بالمَوْلي، حتي تستقيمَ قناتكم، و حتي يَلْقَي أَحدُكم أخاه؛ فيقول: انْجُ سَعْدٌ فقد قُتِلَ سعيد. ألا و إياي و هذه السقفاء و الزَّرافات؛ فإني لا آخذ أحداً من الجالسين في زرافة إلا ضربت عنقه.
أينعت: أَدْركت. يريد استحاقها للقَطْع.
ادْرُجِي: اذهبي و طِيري. يضرب للمقيم المطمئن و قد أظَلَّه ما يزعجه، يحضُّهم علي اللّحوق بالمهلّب.
الخِلَاط: السِّفَاد؛ أي ليس وقت السفاد و التَّعْشِيش.
العَصْلَبيّ: القوي، يمثل به لنفسه و رَعِيَّته، فجعلهم كالإِبل و إياه كرَاعِيها.
حَشّها: من الحَشِّ و هو إيقاد النار.
الدَّاوِيّ: جمع دَاوِيَّة. و هي الفَلَاة، أراد أنه مِسْفَار أو دليل.
الحُطَم: العنيف.
لَيْسَ براعي إبل: يعني أنه عظيم القدر، مكفيّ لا يَبْتَذِلُ نَفْسَه.
جَلَا: فَعل، أي أنا ابنُ رَجُلٍ أَوْضَح و كشف.
الثَّنَايا: العِقَاب.
______________________________
(1) الرجز لرشيد بن رميض في الأغاني 15/ 199، و لسان العرب (شدد)، و للأغلب العجلي في الحماسة الشجرية 1/ 144، و بلا نسبة في جمهرة اللغة ص 830، و سر صناعة الإعراب 2/ 509، و شرح المفصل 9/ 32، و لسان العرب (زيم).
(2) البيت من الوافر، و هو لسحيم بن وثيل الرياحي في الاشتقاق ص 224، و الأصمعيات ص 17، و جمهرة اللغة ص 495، 1044، و خزانة الأدب 1/ 255، 257، 266، و الدرر 1/ 99، و شرح شواهد المغني 1/ 459، و شرح المفصل 3/ 62، و الشعر و الشعراء 2/ 647، و الكتاب 3/ 207، و المقاصد النحوية 4/ 356، و بلا نسبة في الاشتقاق ص 314، و أمالي ابن الحاجب ص 456، و أوضح المسالك 4/ 127، و خزانة الأدب 9/ 402، و شرح الأشموني 2/ 531، و شرح شواهد المغني 2/ 749، و شرح قطر الندي ص 86، و شرح المفصل 1/ 61، 4/ 105، و لسان العرب (ثني) و (جلا)، و ما ينصرف و ما لا ينصرف ص 20، و مجالس ثعلب 1/ 212، و مغني اللبيب 1/ 160، و المقرب 1/ 283، و همع الهوامع 1/ 30.
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 425
طلوعها: صعودُها، و الإِشراف عليها: يريدُ مُزَاوَلَتَه لصِعَاب الأمور.
متي أَضَع العِمَامَة، أي متي أُكاشِفْكم تَعْرفوني حقَّ معرفتي؛ من قولهم: فلانٌ أَلْقي القِنَاع؛ إذا كشف بالعداوة. و يروي أنه دخل و قد غطَّي بعمامته أَكْثَرَ وَجْهِه كالمتنكر.
عجم العِيدَان: مثَل لنفسه و لرجال السلطان.
عَصْب السَّلَمة: أن يشدَّها بحَبْل إذا أراد خَبْطها؛ و هذا وَعيد.
الإِبل إذا وَرَدَت الماءَ فدخلت بينها ناقة غريبة من غيرها ذِيدَتْ و ضربت حتي تخرج.
الزَّرافة: الجماعة.
قالوا في السقفاء: إنه تصحيف. و الصواب الشّفعاء جمع شَفِيع، و كانوا يجتمعون إلي السلطان يشفعون في المُرِيب؛ فنهاهم من ذلك.
بيانع في (صب).

الياء مع الواو

ليومها في (سي). يوم القيامة في (وذ).

الياء مع الهاء

[يهم]

: النبيّ صلي اللّه عليه و آله و سلم- كان يَتَعَوَّذُ من الأيْهمَين.
هما السَّيْل و الحَرِيق؛ لأنه لا يُهْتَدي لدَفْعِهما؛ من الفَلَاة الْيَهْمَاء. و هي التي لا يُهْتَدي فيها؛ لأنه لا أثر يستدل به.
و قال ابنُ الأعرابي: رجل أَيْهم أَعْمَي، و امرأة يَهْمَاء؛ و منه قالوا: أرضٌ يَهْمَاء.
و يقال للجبل الذي لا يُرْتَقَي: أَيْهم.
و قيل: اليَهم الجنون، و منه الأيهم: الفَحْلُ المغتلم.
[آخر الياء]
الفائق في غريب الحديث، ج‌3، ص: 426‌

خاتمة

قال الشيخ الإِمام الأجلّ العلامة رئيس الأفاضل فخر خوارزم أبو القاسم جار اللّه محمود بن عمر الزمخشري رحمه اللّه تعالي:
قد انْتَهَي بي ما استوهبت اللّه فيه فَضْل المَعُونَة، و استمددت منه مزيد التوفيق، من إتمام كتاب الفائق، و هو كتاب جليل جمُّ الفوائد، غزير المنافع، مَنْ أَتْقن ما فيه رواية.
و علقه بفَهْمِه حفظاً و دراية، نَبغ في أصناف من العلم، و بَرَع في فنون من الأدب، و تهيَّأ انتهاؤه في أوائل شهر ربيع الآخر، الواقع في سنة ست عشرة و خمسمائة، و هي السنة الرابعة من العام المنذرة، و قد شافَهتُ في هذا الوقت المعزوم عليه من أداء حجة الإِسلام مجاورةً البيت الحرام. و أنا أَستوفق في أن يتم لي ذلك العزيز الحكيم الرؤوف الرحيم، و أرغب إلي خِلاني و خُلَصائي من أفاضل المسلمين، أن يشيعوني بصالح الدعاء و يشكروا لي ما عانَيْتُ في هذا المصنف من الكدِّ و العناء. و أحمد اللّه علي ما أَوْلَي من منحه، و أفاض من نعمه، و أصلِّي علي محمد سيد الأوَّلين و الآخرين و علي آله الطيبين الطاهرين وَ الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ*.
تمَّ الكتاب بعون اللّه و توفيقه و سيلي ذلك الفهارس العامة في المجلد الرابع‌

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.